الكتاب: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) الناشر: المكتبة التوفيقية عدد الأجزاء: 37   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- تاريخ الإسلام ط التوفيقية الذهبي، شمس الدين الكتاب: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) الناشر: المكتبة التوفيقية عدد الأجزاء: 37   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ـ[تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام]ـ المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) الناشر: المكتبة التوفيقية عدد الأجزاء: 37 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] المجلد الأول مقدمات تقديم ... بسم الله الرحمن الرحيم مقدمات: تقديم: إن الحمد لله ... نحمد، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هادي له. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} 2. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} 3. أما بعد.. فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فهذه صفحات من تاريخنا الإسلامي، نحن أحوج ما نكون إليها في زماننا، لنستلهم منها العبرة، ونأخذ منها العظة.   1 سور آل عمران: 102. 2 سورة النساء: 1. 3 سورة الأحزاب: 70، 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 بين يدي الكتاب : الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد.. فمن المعالم التربوية التي صارت حقيقة في الأذهان، أن وجود عنصر القدوة الحسنة مؤثر جدًّا في عملية إعداد الفرد المثالي، النافع لنفسه ولغيره، وبالتالي بناء الجيل المثالي، ونشأ الأمة القوية الفتية. وعندما يتأمل المرء المسلم فيما تركه السلف الصالح من تصانيف نافعة يجد فيها تلك القدوة الحسنة التي يبحث عنها. ولا شك أن من أسباب الركود الحضاري، بل من أهم أسبابه هو جهل أبناء الأمة بما تركه السلف الصالح من كنوز عملية تعرض لها الأسوة الحسنة، والقدوة الطيبة. وفي هذا الكتاب نسير في روضة "تاريخ الإسلام والمسلمين" فنحيا مع العلماء والفقهاء والأدباء والبلغاء والأمراء والسلاطين والزهاد والعابدين، فيا لها من مسيرة مباركة نتأسى بأفعالهم، ونهتدي بأقوالهم، ونسير على دربهم، ونتعرف على أحداث العالم الإ سلامي في تلك القرون الخالية. فإنه من الجدير بكل مسلم ومسلمة الوقوف على سير ممالك الإسلام، والتعرف على أحداث عصورهم، والوقوف على أقوالهم، وأفعالهم، والاطلاع على مناقبهم وفضائلهم، ومعرفة الإيجابيات والسلبيات في أدوار حياتهم لتكون لنا نبراسًا نهتدي به في حياتنا. وبعد.. فتلك موسوعة "تاريخ الإسلام" للإمام الحافظ العلامة الذهبي تضم تاريخ الإسلام في قرون خلت هدية مهداة إلى العالم الإسلامي بأسره في حُلة قشيبة. فالحمد لله على توفيقه أولًا وآخرًا، وأسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به سائر المسلمين. وجزى الله مؤلفه، ومحققه، وناشره خير الجزاء في الدنيا والآخرة. وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين. وكتبه أبو مريم/ مجدي فتحي السيد طنطا، مصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 ترجمة الإمام الذهبي "673-748هـ": 1- اسمه ونسبه: هو الإمام محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله، شمس الدين، المكنى بأبي عبد الله، والملقب بالذهبي. وسر تلقيبه بالذهبي أن والده شهاب الدين أحمد اشتغل بصنعة الذهب المدقوق، فبرع بها وتميز، فنسب إليها. 2- مولده ونشأته العلمية: في أسرة تحب العلم والعلماء، كان مولد العلامة الذهبي في مدينة ميافارقين من أشهر مدن ديار بكر، في أسرة تركمانية الأصل، وتنتهي بالولاء إلى بني تميم. وفي شهر ربيع الآخر من سنة 673هـ، وذلك في الثالث من الشهر المذكور. ونشأ في أسرة تحب العلم، فوالده شهاب الدين طلب العلم، وسمع "صحيح البخاري" في سنة 666هـ، من المقداد القيسي. وكانت مرضعته وعمته ست الأهل بنت عثمان، الحاجة أم محمد، قد حصلت على الإجازة من ابن أبي اليسر، وجمال الدين بن مالك، وزهير بن عمر الزرعي، وغيرهم. وكان خاله علي من طلبة العلم، فسمع من أبي بكر ابن الأنماطي، وبهاء الدين أيوب الحنفي وست العرب الكندية، والتاج عبد الخالق. وكان زوج خالته فاطمة، أحمد بن عبد الغني بن عبد الكافي الأنصاري، الذهبي، المعروف بابن الحرستاني، قد سمع الحديث، ورواه، وكان حافظًا للقرآن الكريم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 وكان أخاه من الرضاعة علاء الدين، أبا الحسن علي بن إبراهيم بن داود العطار الشافعي، من طلبة العلم وحصل الكثير من الإجازات من علماء زمانه. وقد بدأ الذهبي حفظ القرآن الكريم، وإتقانه على يد شيخه مسعود بن عبد الله الصالحي، بدأ مبكرًا في إتقان علم القراءات والحديث الشريف. وكانت نشأته العلمية في مدينة دمشق، فأخذ مختلف العلوم عن شيوخها، وأكثر الأحكام عن كبار علماء زمانه، كالحافظ ابن عساكر، والحافظ اليونيني. وسمع بدمشق من عمر بن القواس، ويوسف بن أحمد القمولي، وببعلبك من عبد الخالق بن علي وبمصر من الأبرقوهي، وابن دقيق العيد، والدمياطي. وسمع بالإسكندرية من أبي الحسن الغرافي، وأبي الحسن الصواف، وبمكة من التوني وبحلب من سنقر الزيني، وبنابلس من العماد بن بدران، وغيرهم كثير. وتمكن العلامة الذهبي -رحمه الله- من علوم عصره الأساسية كالتفسير والحديث، والعقيدة، والفقه، والتاريخ، وانصرف بآخره في علمي الحديث والتاريخ فبرع فليهما، وفاق شيوخه في ذلك. 3- رحلاته العلمية: ارتحل العلامة الذهبي إلى الكثير من البلدان، معرفة منه بأهمية الرحلة في طلب العلم، فرحل في البدء إلى بلدان ديار الشام، ومنها: بعلبك، وحمص، وحماة، وطرابلس، والكرك، والمعرة، ونابلس، والرملة، والقدس وغيرها. ورحل إلى الديار المصرية، فسمع بالقاهرة، وبالإسكندرية، ومنها رحل إلى فلسطين، ومنها رحل إلى بلاد الحرمين، فسمع بمكة المكرمة، وعرفة، ومنى، والمدينة. 4- شيوخه الذين تعلم منهم: ذكر الإمام الذهبي -رحمه الله- في نهاية تذكرته للحفاظ بعض الشيوخ والحفاظ الذين تتلمذ عليهم، وأخذ عنهم العلم، فذكر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 1- أبا الحسن علي بن مسعود الموصلي. 2- نصفي الدين محمود بن أبي بكر الأرموي. 3- شرف الدين أحمد بن إبراهيم الفزاري. 4- القاسم بن محمد بن يوسف. 5- محمد بن أبي الفتح البعلبكي. 6- عبد الكريم بن عبد النور. 7- محمود بن أبي بكر الحنفي. 8- محمد بن إبراهيم بن غنائم. 9- عثمان بن محمد التوزري. 10- محمد بن محمد بن سيد الناس. 11- أحمد بن مظفر بن النابلسي. 12- علي بن مظفر بن إبراهيم الكندي. 13- إسماعيل بن إبراهيم بن سالم الأنصاري. 14- أحمد بن النضر الدقوقي. 15- عيسى بن يحيى السبتي. 16- حسن بن علي اللخمي. 17- علي بن إبراهيم بن داود. 18- موسى بن إبراهيم الشعراوي. 19- يعقوب بن أحمد الصابوني. 20- محمد بن مسلم بن مالك. 21- عبد الله بن أحمد المقدسي. 22- عمر بن حسن الدمشقي. 23- محمد بن أحمد بن عبد الهادي، وغيرهم كثير وعلى رأسهم ابن تيمية رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 ومن ذلك يتبين لنا أن الحافظ الذهبي -رحمه الله- قد سعى في طلب العلم سعيًا حميدًا، وقد ذكر أنه أخذ العلم عن ثلاثمائة وألف شيخ، فيهم كثير من علماء عصره، فمشايخ زمانه. 5- صفاته الشخصية: ذُكر عنه -رحمه الله- أنه كان حاد الذهن، يتمتع بذاكرة نادرة، وحافظة قوية، فقيل عنه: كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد، ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها. وقد ذكروا أن الحافظ ابن حجر، قال: شربت ماء زمزم بنية أن أصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ. وكان السيوطي خاتمة الحفاظ، يقول: إن المحدثين عيال الآن -يعني زمن السيوطي- في الردود وغيرها في فنون الحديث على أربعة: المزي، والذهبي، والعراقي، وابن حجر. 6- مناصبه العلمية: تولى العلامة الذهبي في سنة 703هـ الخطابة بمسجد كفر بطنان وهي قرية بغوطة دمشق، وظل مقيمًا بها إلى سنة 718هـ. وفي يوم الاثنين العشرين من ذي الحجة باشر الشيخ الذهبي شياخة دار الحديث بتربة أم الصالح وذلك في سنة 718هـ. وفي يوم الأربعاء السابع عشر من جمادى الآخرة سنة 729هـ ولي شمس الدين الذهبي دار الحديث بالظاهرية. ولما توفي العلامة الحافظ البرزالي -شيخ الذهبي- سنة 739هـ، تولى الذهبي تدريس الحديث بالمدرسة النفيسية، وإمامتها عوضًا عنه. وفي نفس السنة باشر الذهبي مشيخة الحديث بالتنكزية، وتُعرف بدار القرآن والحديث. وقد تولى الذهبي كذلك دار الحديث الفاضلية بالكلاسة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 7- مؤلفاته العلمية: له الكثير من التصانيف التي تشهد بتبحره، ولقد خلف لنا ثروة علمية ضخمة، فلقد ألف في فنون كثيرة، وكلها جم النفع، عظيم الفضل، غزير الفائدة، منها الموسعات الضخمة في الحديث والتاريخ، ومنها الكتب المتوسطة، ومنها الرسائل الصغيرة، والتي يطلق عليها الأجزاء الحديثية، وبعض مؤلفاته من تصنيفه ابتداء، وبعضها الآخر ردود، أو مستدركة على كتب، أو مختصرات. وتمتاز كتبه بالوضوح في العبارة، ودقة التحقيق العلمي، والبعد عن التقليد والجمود. وقد اخترت لك من كتبه ما يلي: أولًا: في القراءات 1- معرفة كبار القراء. 2- التلويحات في علم القراءات. ثانيًا: في علم الحديث 3- الأربعون البلدانية. 4 - الكلام على حديث الطير. 5- المستدرك على مستدرك الحاكم. ثالثًا: في علم مصطلح الحديث 6- الموقظة في علم مصطلح الحديث. 7- طرق أحاديث النزول. 8- العذب السلسل في الحديث المسلسل. 9- منية الطالب لأعز المطالب. 10- كتاب الزيادة المضطربة. رابعًا: في علم العقائد 11- العلو للعلي الغفار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 12- ما بعد الموت. 13- مسألة دوام النار. 14- الردع والأوجال في نبأ المسيح الدجال. 15- جزء في الشفاعة. 16- الأربعين في صفات رب العالمين. 17- أحاديث الصفات. 18- رؤية الباري. 19- العرش. خامسًا: في أعلم أصول الفقه 20- مسألة الاجتهاد. 21- مسألة خبر الواحد. سادسًا: في علم الفقه 22- تحريم أدبار النساء. 23- جزء من صلاة التسبيح. 24- حقوق الجار. 25- الوتر. 26- اللباس. 27- مسألة السماع. سابعًا: في علم الرقائق 28- الكبائر. 29- جزء في محبة الصالحين. 30- دعاء الكرب. 31- ذكر الوالدان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 32- كشف الكربة عند فقد الأحبة. 33- التعزية الحسنة بالأعزة. ثامنًا: في التاريخ والتراجم 34- أخبار قضاة دمشق. 35- سير أعلام النبلاء. 36- تاريخ الإسلام، وهو الكتاب الذي بين أيدينا. 37- تذكرة الحفاظ. 38- العبر في خبر مَنْ غبر. 39- الإعلام بوفيات الأعلام. 40- أهل المائة فصاعدًا. 41- تقييد الإسلام. 42- دول الإسلام. 43- ذيل سير أعلام النبلاء. 44- معجم الشيوخ الأوسط. 45- المعين في طبقات المحدثين. 46- من تكلم فيه وهو موثق. 47- ميزان الاعتدال في نقد الرجال. 48- المغني في الضعفاء. تاسعًا: في السير والتراجم المفردة 49- أخبار أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها. 50- التبيان في مناقب عثمان -رضي الله عنه. 51- ترجمة أبي حنيفة. 52- ترجمة أحمد بن حنبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 53- ترجمة مالك بن أنس. 54- ترجمة الشافعي. 55- الدرة اليتيمية في سيرة التيمية. 56- سيرة أبي القاسم الطبراني. 57- قض نهارك بأخبار ابن المبارك. 8- مناقب البخاري. عاشرًا: المنوعات 59- بيان زغل العلم. 60- جزء في فضل آية الكرسي. 61- الطب النبوي. أخيرًا: المختصرات من الكتب 62- "تجريد أسماء الصحابة" مختصر "أسد الغابة" لابن الأثير. 63- تلخيص "العلل المتناهية" لابن الجوزي. 64- تهذيب "تاريخ علم الدين البرزالي". 65- "الكاشف" في معرفة من له رواية في الكتب الستة مختصر "تهذيب الكمال". 66- مختصر "تاريخ دمشق" لابن عساكر. 67- مختصر "تاريخ بغداد "للخطيب. 68- مختصر "تاريخ نيسابور" للحاكم. 69- مختصر "جامع بين العلم وفضله" لابن عبد البر. 70- مختصر "الروضتين" لأبي شامة. 71- مختصر "وفيات الأعيان" لابن خلكان. 72- "المستحلي في اختصرا المحلي" لابن حزم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 73- المقتنى في سرد الكنى. 74- مختصر "السنن الكبرى" للبيهقي. 8- ثناء العلماء والمؤرخين عليه: قال ابن ناصر الدين: ناقد المحدثين، وإمام المعدلين والمجرحين، وكان إمامًا في القراءات وكان آية في نقد الرجال، عمدة في الجرح والتعديل. وقال شمس الدين السخاوي: هو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال. وقال تلميذه تقي الدين بن رافع السلامي: كان خيرًا، صالحًا، متواضعًا، حسن الخلق، حلو المحاضرة، غالب أوقاته في الجمع والاختصار، والاشتغال في العبادة، له ورد بالليل، وعنده مروءة وكرم. وقال الزركشي: كان على الزهد التام والإيثار العام، والسبق إلى الخيرات، والرغبة بما هو آت. وقال تلميذه الحسيني: سار بجملة منها الركبان في أقطار البلدان. وقال صلاح الدين الصفدي: الشيخ، الإمام، العلامة، الحافظ، شمس الدين، أبو عبد الله الذهبي حافظ لا يجارى، ولافظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرف تراجم الناس، وأزال الإبهام في تواريخهم والإلباس. ذهن يتوقد ذكاؤه، ويصح إلى الذهب نسبته وانتماؤه، جمع الكثير، ونفع الجم والغفير وأكثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مؤونة التطويل في التأليف. وقال تاج الدين السبكي: شيخنا، وأستاذنا، الإمام الحافظ، محدث العصر، واشتمل عصره على أربعة من الحفاظ، بينهم عموم وخصوص: المزي، والبرزالي، والذهبي، والشيخ الإمام الوالد، لا خامس لهؤلاء في عصرهم. وأما أستاذنا أبو عبد الله، فبصر لا نظير له، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، ورجل الرجال في كل سبيل، وهو الذي خرجنا في هذه الصناعة، وأدخلنا في عداد الجماعة. وسمع منه الجمع الكثير، وما زال يخدم هذا الفن إلى أن رسخت فيه قدمه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه وقلمه، وضربت باسمه الأمثال، وسار اسمه مسير لقببه الشمس إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر، ولا يدبر إذا أقبلت الليالي. وقال العلامة الحسيني: الإمام الذهبي، العلامة، شيخ المحدثين، قدوة الحفاظ والقراء، محدث الشام، ومؤرخه، ومفيده. وكان أحد الأذكياء المعدودين، والحفاظ المبرزين. وقال ابن كثير: الشيخ، الحافظ، الكبير، مؤرخ الإسلام، وشيخ المحدثين، وقد ختم به شيوخ الحديث وحفظه. وقال البدر النابلسي: كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم، حديد الفهم، ثاقب الذهن وشهرته تغني عن الإطناب فيه. وقال بدر الدين العيني: الشيخ الإمام العالم، العلامة، الحافظ، المؤرخ، شيخ المحدثين. وقال سبط ابن حجر: الإمام، العالم، العلامة، حافظ الوقت الذي صار هذا اللقب علمًا عليه. فلله دره من إمام محدث! فكم دخل في جميع الفنون، وخرج وصحح، وعدل وجرح، وأتقن هذه الصناعة، فهو الإمام سيد الحفاظ، إمام المحدثين، قدوة الناقدين. 9- تلاميذه الذين تعلموا منه: سمع منه العلم الكثيرون، ورحلت إليه أمم، ومن أشهرهم: صلاح الدين الصفدي، وتاد الدين السبكي، والبرزالي، والعلائي، وابن كثير، وابن رافع السلامي، والحسيني، وغيرهم. وأخيرًا ... وفاته: ظل العلامة، الإمام الذهبي -رحمه الله- يصنف ويدرس، ويؤلف، ويختصر، ويسعى في نشر لعلم، حتى كف بصره سنة 741هـ، فتوقف عن التأليف، وظل يدرس حتى وافته المنية في سنة 748هـ رحمه الله رحمة واسعة، ودفن بمقبرة باب الصغير بدمشق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 ولمزيد من التفصيل والإيضاح يمكنك الرجوع إلى المراجع والمصادر التالية: 1- فوات الوفيات "2/ 183". 2- نكت الهيمان "241". 3- ذيل تذكرة الحفاظ "34"، "347". 4- طبقات الشافعية "5/ 216". 5- شذرات الذهب "6/ 153". 6- غاية النهاية "2/ 71". 7- الدرر الكامنة "3/ 336". 8- النجوم الزاهرة "10/ 182". 9- الإعلام بالتوبيخ "84". 10- مفتاح السعادة "1/ 212"، "2/ 216". 11- تاريخ النعيمي "1/ 78". 12- مجلة المجمع العلمي "16/ 387". 13- مقدمة المختصر المحتاج إليه. 14- دائرة المعارف الإسلامية "9/ 431-434". 15- الأعلام للزركلي "5/ 326". والحمد لله رب العالمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 منهج التحقيق: 1- تخريج الآيات القرآنية. 2- تخريج الأحاديث وبعض الآثار. 3- تحقيق الأحاديث وبيان صحتها أو ضعفها مسندًا ذلك إلى أهل العلم بهذا الفن، وأذكر ذلك في أول التعليق. 4- تحقيق بعض الآثار. 5- تحقيق القول في الأعلام المجروحين مع نقل ما قيل فيهم في غير هذا الكتاب من مصادر الجرح والتعديل المتيسرة لدي. 6- تفسير بعض الأنساب. 7- التعريف ببعض الأماكن والبلدان. 8- تفسير بعض الكلمات الغربية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 بسم الله الرحمن الرحيم السيرة النبوية قبل الهجرة : ذِكْرُ نَسَبِ سَيِّدِ الْبَشَرِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَبُو الْقَاسِمِ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ، وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ، وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ، وَعَدْنَانُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا وَسَلَّمَ، بِإِجْمَاعِ النَّاسِ1. لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَ عَدْنَانَ وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الآباء، فقيل بينهما تسعة آباء. وقيل: بينهما سبعة آبَاءٍ، وَقِيلَ: سَبْعَةٌ، وَقِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ. لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَسْمَاءِ بَعْضِ الْآبَاءِ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَبًا، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ أَبًا وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَرَبِ ذَلِكَ. وَأَمَّا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: مَا وَجَدْنَا مَنْ يَعْرِفُ مَا وراء عدنان ولا قحطان إلا تخرّصًا2.   1 وقد ذكر الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 684" نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عدنان، ثم قال: وهذا النسب بهذه الصفة لا خلاف فيه بين العلماء. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 611"، وأما من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عدنان فمتفق عليه. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 25"، وإسناده حسن، فيه ابن لهيعة، وهو وإن كان سيئ الحفظ فقد روى عنه هذا الأثر عبد الله بن وهب، وروايته عنه قوية كما في "التقريب" "3563"، وفيه أيضًا خالد بن خداش، فيه مقال لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، فانظر "الميزان" للمصنف "2418". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ ثَلَاثُونَ1، أَبًا قَالَهُ: هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ النَّسَّابَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَكِنْ هِشَامٌ وَأَبُوهُ مَتْرُوكَانِ2. وَجَاءَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "كَانَ إِذَا انْتَهَى إِلَى عَدْنَانَ أَمْسَكَ وَيَقُولُ: "كَذَبَ النَّسَّابُونَ" 3 قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} 4. وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا وَأَشْعَارِهَا يَقُولُ: مَا وَجَدْنَا أَحَدًا يَعْلَمُ مَا وَرَاءَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ فِي شِعْرِ شَاعِرٍ وَلَا عِلْمِ عَالِمٍ5. قَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ مَعَدًّا كَانَ عَلَى عَهْدِ عِيسَى بْنِ مريم -عليه السلام6.   1 لم أجده عن ابن عباس -رضي الله عنه- وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 24" عن محمد بن السائب الكلبي قال: بين معد وإسماعيل -صلى الله عليه وسلم- نيف وثلاثون أبا. والكلبي متروك إذا أسند، فكيف إذا لم يسند، والراوي عنه هو هشام ابنه، وهو مثله في الضعف. 2 أما هشام فقد قال الدارقطني وغيره: متروك، وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة. وقال الحافظ الذهبي: لا يوثق به، انظر ترجمته في "الميزان" "9237". وأما أبوه محمد بن السائب فهو مفسر نسابة، معروف، ولكنه متروك ومتهم بالكذب، خاصة عن أبي صالح، فقد صرح نفسه بهذا، حيث قال لسفيان: كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب. ولذلك تركه أئمة الجرح والتعديل. وانظر "الميزان" "7574". 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 24"، من طريق هشام عن أبيه عن أبي صالح به، وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء، أما أبو صالح فهو باذام، ضعيف كما في "الميزان "1032"، وهشام وأبوه كلاهما متروك، وقد صرح أبوه بالكذب في روايته عن أبي صالح كما تقدم. 4 سورة الفرقان: 38. 5 إسناده حسن: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 25"، وفي إسناده ابن لهيعة وقد رواه عنه عبد الله بن وهب، وروايته عنه قوية كما تقدم، وفيه خالد بن خداش، حسن الحديث كما تقدم، وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، ثقة كما في "التهذيب" "3/ 630"، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة تابعي ثقة كما في "التهذيب "4/ 488". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 24"، وهشام متروك كما تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونَ الْأَوْدِيُّ إِذَا تَلَوْا: {وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ} 1 قَالُوا: كَذَبَ النَّسَّابُونَ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَعْنَى هَذَا عِنْدَنَا عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ: تَكْذِيبُ مَنِ ادَّعَى إِحْصَاءَ بَنِي آدَمَ. وَأَمَّا أَنْسَابُ الْعَرَبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِأَيَّامِهَا وَأَنْسَابِهَا قَدْ وَعَوْا وَحَفِظُوا جَمَاهِيرَهَا وَأُمَّهَاتِ قَبَائِلِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ فُرُوعِ ذَلِكَ. وَالَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ أَنَّهُ: عَدْنَانُ بْنُ أُدَدِ بْنِ مُقَوِّمِ بْنِ نَاحُورَ بْنِ تَيْرَحِ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ بْنِ آزَرَ، وَاسْمُهُ تَارَحُ بْنُ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ رَاغُو بْنِ فَالَخَ بْنِ عَيْبَرَ بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نُوحٍ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بْنِ لَمَّكِ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بن خنوخ، وهو إدريس -عليه السلام- بن يَرْدَ بْنِ مِهْلِيلَ بْنِ قَيْنَنَ بْنِ يَانِشَ بْنِ شِيثَ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ: وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ ابْنِ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَسْمَاءِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا الْإِمْسَاكُ عَمَّا وَرَاءَ عَدْنَانَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ. وَرَوَى سَلَمَةُ الْأَبْرَشُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذَا النَّسَبَ إِلَى يَشْجُبَ سَوَاءً، ثُمَّ خَالَفَهُ فَقَالَ: يَشْجُبُ بْنُ يَانِشَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ قِيذَارَ بْنِ نَبْتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: يَذْكُرُونَ أَنَّ عُمُرَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَأَنَّهُ دُفِنَ فِي الْحِجْرِ مَعَ أُمِّهِ هَاجَرَ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي خَلَّادُ بْنُ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ تَارَحَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ أَشْرَعَ بْنِ أَرْغُو بْنِ فَالَخَ بْنِ عَابِرِ بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نُوحِ بْنِ لَامَكَ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بْنِ خَنُوخَ بْنِ يَرْدَ بْنِ مِهْلَايِيلَ بْنِ قَايَنَ بْنِ أنوش بن شيث بن آدم2.   1 سورة إبراهيم: 9. 2 في إسناده من لم أجد لهم تراجم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 وَرَوَى عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ وَجَدَ نَسَبَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي التَّوْرَاةِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ تَارَحَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ شَرْوَغَ بْنِ أَرْغُو بْنِ فَالَغَ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ لَمَّكَ بن متشالخ بن خنوخ -وهو إرديس- بْنُ يَارَدَ بْنِ مِهْلَايِيلَ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيثَ بْنِ آدَمَ1. وَقَالَ ابْنُ سعد: حدثنا هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ قَالَ: عَلَّمَنِي أَبِي وَأَنَا غُلَامٌ نَسَبَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحَمَّدٍ، الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاسْمُهُ شَيْبَةُ الْحَمْدِ بْنُ هِشَامٍ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ، وَاسْمُهُ: زَيْدُ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ2. قَالَ أَبِي: وَبَيْنَ مَعَدٍّ وَإِسْمَاعِيلَ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ أَبًا، وَكَانَ لَا يُسَمِّيهِمْ وَلَا يُنْفِذُهُمْ3. قُلْتُ: وَسَائِرُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ أَعْجَمِيَّةٌ، وَبَعْضُهَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالْخَطِّ إِلَّا تَقْرِيبًا. وَقَدْ قِيلَ في قوله تعالى: {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} 4: فَصِيلَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَعْمَامُهُ وَبَنُو أَعْمَامِهِ، وَأَمَّا فَخِذُهُ فَبَنُو هَاشِمٍ قَالَ: وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ بَطْنُهُ، وَقُرَيْشٌ عِمَارَتُهُ، وَبَنُو كِنَانَةَ قَبِيلَتُهُ. وَمُضَرُ شَعْبُهُ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اصْطَفَى اللَّهُ كِنَانَةَ مَنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى هَاشِمًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هاشم" 5 رواه مسلم. وأمّه آمنة وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ، فَهِيَ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى كِلَابٍ مِنْ زوجها عبد الله برجل.   1 إسناده ضعيف جدًّا: عبد المنعم بن إدريس متروك، ومتهم بالكذب، كما في "الميزان" "5270". 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""1/ 23، 24". 3 إسناده ضعيف جدًّا: انظر المصدر السابق. 4 سورة المعارج: 13. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2276" في كتاب الفضائل، باب: فضل نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- والترمذي "3626" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في فضل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "4/ 107"، وابن حبان "6242"، والبغوي في "شرح السنة" "3613". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 مَوْلِدُهُ الْمُبَارَكُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، أنا عَلِيُّ بن عرم الْحَرْبِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلِدَ يَوْمَ الْفِيلِ"1 صَحِيحٌ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: "وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفِيلِ. كنا لدين"3 أخرجه الترمذي، وإسناده حسن.   1 أخرجه الحاكم في "مستدرك" "4180"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 75"، من طريق حجاج بن محمد به. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/ 96": رواه البزار والطبراني ورجاله موثقون. وانظر التعليق الآتي. 2 قلت: في هذا التصحيح بحث، فإن أبا إسحاق مدلس كما في "طبقات المدلسين" "ص31" للحافظ ابن حجر، وكذلك كان قد اختلط كما في "التقريب" "5065"، ولعل تصحيح الحافظ الذهبي له لأنه ورد من طريق آخر، فقد أخرجه ابن أبي شيبةكما في "البداية" "1/ 691"، عن عفان بن سعيد بن مينا عن جابر وابن عباس به، وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه منقطع بين عفان وسعيد بن جبير، فهو يصلح لمتابعة الطريق الأول، وبذلك يتقوى الحديث، والله أعلم. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي "3639"، في كتاب المناقب، باب: ما جاء في ميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 165"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 47" والطبري في تاريخه "1/ 453" والحاكم في "مستدركه" "4183" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 76-77" وأبو نعيم في "الدلائل" "ص91" وابن حبان في "الثقات" "1/ 14"، وقال الألباني: ضعيف الإسناد. قلت: وأما تحسين الحافظ الذهبي لإسناده ففيه نظر، فإن المطلب بن عبد الله مقبول كما في "التقريب" "6711"، ومعنى ذلك أنه إذا توبع فتقبل روايته، وإلا فإسناده لين، وقد تفرد بالرواية عنه ابن إسحاق كما في "التهذيب" "4/ 93-94" ووثقه ابن حبان، وابن حبان معروف عند أهل العلم بتساهله في التوثيق، حيث إنه يوثق من لم يعرف بجرح أو تعديل، ومثل هذا الموثق، إذا تُفرد عنه فلا نستطيع عندئذ أن نقبل روايته، والله أعلم بالصواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ: ثنا سُلَيْمَانُ النَّوْفَلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفِيلِ، وَكَانَتْ عُكَاظُ بَعْدَ الْفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ، وَبُنِيَ الْبَيْتُ عَلَى رَأْسِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ. وَتَنَبَّأَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ1. قَالَ شَبَّابٌ الْعُصْفُرِيُّ: ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، سَمِعْتُ قِبَاثَ بْنَ أَشْيَمَ يَقُولُ: أَنَا أَسَنُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَقَفَتْ بِي أُمِّي عَلَى رَوَثِ الْفِيلِ مُحِيلًا2 أَعْقِلُهُ، وَوُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفيل3. يحيى أَبُو زُكَيْرٍ، وَشَيْخُهُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ4. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَبْعَثِهِ وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْفِيلِ سَبْعُونَ سَنَةً5. كَذَا قَالَ. وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ: هَذَا وَهْمٌ لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَائِنَا. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ وَبُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جعفر بن أبي المغيرة، عن ابن أبزى قَالَ: كَانَ بَيْنَ الْفِيلِ وَبَيْنَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرُ سِنِينَ6. وهذا قول منقطع7.   1 مرسل: ولم أميز سليمان النوفلي والأثر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 78". 2 محيلًا: أي متغيرًا. 3 إسناده ضعيف جدًّا، انظر التعليق الآتي. 4 أما يحيى فهو ابن محمد بن قيس، في حديثه ضعيف كما في "الميزان" "9616" وأما شيخه عبد العزيز بن عمران فهو الزهري المدني، متروك كما في "الميزان" "5119". 5 مرسل. 6 مرسل: وابن أبزى هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وجعفر ويعقوب كلاهما فيه مقال. 7 يريد مقطوع، أي موقوف على هذا التابعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وَأَضْعَفُ مِنْهُ مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ1 قَالَ: ثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثنا الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: حُمِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَاشُورَاءَ الْمُحَرَّمِ، وَوُلِدَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ غَزْوَةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ2 وهذا حديث ساقط كما نرى. وَأَوْهَى مِنْهُ مَا يُرْوَى عَنِ الْكَلْبِيِّ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ سَاقِطٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ بَاذَامَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الْفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً3. قَدْ تَقَدَّمَ مَا يُبَيِّنُ كَذِبَ هَذَا الْقَوْلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفِيلِ، وَسُمِّيَتْ قُرَيْشٌ آلَ اللَّهِ وَعَظُمَتْ فِي الْعَرَبِ، وُلِدَ لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول4 وَقِيلَ: مِنْ رَمَضَانَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ. وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ: سَأَلَ أَعْرَابِيٌّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ - قَالَ: "ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَفِيهِ أُوحِيَ إِلَيَّ" 5. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلِدَ فِي لَيْلَةِ الاثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعٍ الأول عند أبهرار النّهار6.   1 محمد بن عثمان بن أبي شيبة على سعة علمه فقد تكلم فيه أهل العلم، بل رماه البعض بالكذب، والوضع، فانظر "الميزن" "7934". 2 إسناده ضعيف جدًّا: المسيب بن شريك متروك كما في "الميزان" "8544"، وتقدم ما قيل في محمد بن عثمان بن أبي شيبة. 3 إسناده ضعيف جدًّا. 4 مرسل: ومعروف بن خربوذ فيه مقال كما في "الميزان" "8655". 5 صحيح: أخرجه مسلم "1162/ 197" في كتاب الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر. 6 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ شِئْتُ مِنْ رِجَالِ قَوْمِي، عَنْ حَسَّانِ بْنِ ثابت، قال: "إني لغلام يفعة"1، إذا سَمِعْتُ يَهُودِيًّا وَهُوَ عَلَى أَطَمَةِ2 يَثْرِبَ يَصْرُخُ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ قَالُوا: وَيْلَكَ مَا لَكَ؟ قَالَ: طَلَعَ نَجْمُ أَحْمَدَ الَّذِي يُبعث بِهِ اللَّيْلَةَ3. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ -صَلَّى الله عليه وسلم- يوم الإثنين ونبئ يوم الْإِثْنَيْنِ. وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَفَتَحَ مَكَّةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَنَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ4. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَأَخْرَجَهُ الْفَسَوِيُّ فِي "تَارِيخِهِ". وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ فِي "السِّيرَةِ" مِنْ تَأْلِيفِهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: "وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ قُدُومُ أَصْحَابِ الْفِيلِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ"5. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ: "وُلِدَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ"6. قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ نَيْسَانَ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: وُلِدَ بَعْدَ الْفِيلِ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا. قَالَهُ بَعْضُهُمْ: قَالَ: وَقِيلَ بَعْدَهُ بِأَرْبَعِينَ يومًا.   1 أي قوي. 2 مكان مرتفع. 3 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 165" وليس في الإسناد سوى جهالة هؤلاء الرجال، والظاهر أنهم من التابعين، وجهالتهم تُجبر بكونهم جمعًا كما في "الصحيحة" "3/ 361". 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 277"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 47"، وابن لهيعة سيئ الحفظ، وحديثه قوي إذا روى عنه العبادلة الذين أشار إليهم العلامة ناصر الدين الألباني في "الصحيحة" "1/ 67" وهذا الحديث من رواية موسى بن داود عن ابن لهيعة. 5 مرسل: أبو جعفر هو الباقر، محمد بن علي بن الحسين. 6 معضل: وأبو معشر هذا ضعيف كما في "التقريب" "7100". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 قُلْتُ: لَا أُبْعِدُ أَنَّ الْغَلَطَ وَقَعَ مِنْ هُنَا عَلَى مَنْ قَالَ ثَلَاثِينَ عَامًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ يَوْمًا فَقَالَ عَامًا. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ سَابِعِهِ، وَصَنَعَ لَهُ مَأْدُبَةً وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا1. وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَ يُونُسُ بْنُ عَطَاءٍ الْمَكِّيُّ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ الْعَدَنِيُّ، ثنا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ قَالَ: وُلِدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَخْتُونًا مَسْرُورًا، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ وَقَالَ: لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ2. تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ، عَنْ يُونُسَ، لَكِنْ أَدْخَلَ فِيهِ بَيْنَ يُونُسَ وَالْحَكَمِ: عُثْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ الصُّدَائِيَّ. قَالَ شَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيُّ: وَيُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: خَتَنَ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا طَهَّرَ قَلْبَهُ3. قُلْتُ: هذا منكر.   1 إسناده ضعيف: الوليد بن مسلم مدلس كما في "التقريب" "7456" وقد عنعنه. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 48"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 697": هذا الحديث في صحته نظر. وقال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" "1/ 25": إنه لا يصح. 3 ضعيف: عزاه الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 697-368"، لابن عساكر، وقال: وهذا غريب جدًّا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 أَسْمَاءُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكُنْيَتُهُ: الزُّهْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ لِي أَسْمَاءً: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ، وَأَنَا الْعَاقِبُ" 1. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ رَءُوفًا رَحِيمًا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْحَاشِرُ، وَأَنَا الْمَاحِي، وَالْخَاتَمُ، وَالْعَاقِبُ" 2. وَهَذَا إِسْنَادٌ قَوِيٌّ حَسَنٌ. وَجَاءَ بِلَفْظٍ آخَرَ قَالَ: "أَنَا أَحْمَدُ، وَمُحَمَّدٌ، وَالْمُقَفِّي، وَالْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ" 3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: ثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُقْبَةَ4 بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ: أَتُحْصِي أَسْمَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي كَانَ جُبَيْرٌ يَعُدُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، هِيَ سِتَّةٌ: مُحَمَّدٌ، وأحمد، وخاتم، وحاشر، وعاقب، وماحي5.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3533" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في أَسْمَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومسلم "2354/ 124" في كتاب الفضائل، باب: في أسمائه -صلى الله عليه وسلم- والترمذي "2849"، في كتاب الأدب، باب ما جاء في أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي "الشمائل له" "365"، وأحمد "4/ 80"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 49"، والطبراني في "الكبرى" "1520-1530" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 152". 2 أخرجه أحمد "4/ 81، 84". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2355"، في المصدر السابق، وأحمد "4/ 404"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 156، 157"، من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه. 4 في "المطبوعة" "عقبة، والتصحيح من المصدر الآتي. 5 عبد الله بن صالح هو كاتب الليث ضعيف، ولكنه توبع، فقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 49" من طريق حجبين بن المثني عن الليث بن سعد به، وهو إسناد حسن عتبة بن مسلم وثقه ابن حبان وروى عنه جمع من الثقات كما في "التهذيب" "3/ 54"، ومثله يحسن حديثه على أقل تقدير، ولذا قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" "4442"، ثقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 فَأَمَّا حَاشِرٌ فَبُعِثَ مَعَ السَّاعَةِ نَذِيرًا لَكُمْ، وأمّا عاقب فإنّه عقّب الأنبياء، وأمّا ماحي فَإِنَّ اللَّهَ مَحَا بِهِ سَيِّئَاتِ مَنِ اتَّبَعَهُ. فَأَمَّا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَمِّي لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً فَقَالَ: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْحَاشِرُ، وَالْمُقَفِّي، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَالْمَلْحَمَةِ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْسَلًا قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ" 2. وَرَوَاهُ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الحَسَّانِيُّ، عَنْ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْصُولًا. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} 3. وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْأَزْرَقِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: يس مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْقُرْآنِ خَمْسَةُ أَسْمَاءَ: مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَيس، وَطه. وَقِيلَ: طه، لُغَةٌ لِعَكٍّ، أَيْ يَا رَجُلُ، فَإِذَا قُلْتَ لِعَكِّيٍّ: يَا رَجُلُ، لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا قُلْتَ لَهُ: طه، الْتَفَتَ إِلَيْكَ. نَقَلَ هَذَا الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْكَلْبِيُّ مَتْرُوكٌ. فَعَلَى هَذَا القول لا يكون طه من أسمائه.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2355"، في كتاب الفضائل، باب: في أسمائه -صلى الله عليه وسلم- وفيه "نبي الرحمة" بدلًا من "والملحمة"، وأما هذه الرواية فأخرجها أحمد "4/ 404"، وصححها الألباني في "صحيح الجامع" "1473" والحديث أخرجه أيضا ابن سعد في "الطبقات" "1/ 49"، والطبراني في "الأوسط" "2716". 2 صحيح: أخرجه الطبراني في "الأوسط" "2981"، موصولًا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ "إنما بعثت رحمة مهداة" وقال الألباني في "صحيح الجامع" "2345"، صحيح. 3 سورة الأنبياء: 107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وَقَدْ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: رَسُولًا، وَنَبِيًّا أُمِّيًّا، وَشَاهِدًا، وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إلى الله بإذنه، وسراجًا منيرًا، ورءوفًا رَحِيمًا، وَمُذَكِّرًا، وَمُدَّثِّرًا وَمُزَّمِّلًا، وَهَادِيًا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ: الضَّحُوكُ، وَالْقَتَّالُ. جَاءَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "أَنَا الضَّحُوكُ أَنَا الْقَتَّالُ"1. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ2، وَفِي التَّوْرَاةِ فِيمَا بَلَغَنَا أَنَّهُ حِرْزٌ لِلْأُمِّيِّينَ، وَأَنَّ اسْمَهُ الْمُتَوَكِّلُ3. وَمِنْ أَسْمَائِهِ: الْأَمِينُ. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَدْعُوهُ بِهِ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْفَاتِحُ، وَقُثَمُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: تَذَاكَرُوا أَحْسَنَ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ فَقَالُوا: قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ4 قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَالْمُقَفِّي، وَأَنَا الْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ" 5 قَالَ: المقفيّ الذي   1 لم أجده. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6594" في كتاب القدر، باب: في القدر، ومسلم "2643" في كتاب القدر، باب: كيفية الخلق الآدمي، وأبو داود "4718"، في كتاب السنة، باب: في القدر، والترمذي "2144"، في كتاب القدر، باب: ما جاء أن الأعمال بالخواتيم، وابن ماجه "76" في المقدمة، باب: في القدر، وأبو نعيم في "الحلية" "8617" وابن حبان في "صحيحه" "6174"، وهو طرف من حديث خلق الإنسان في الرحم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "2125"، في كتاب البيوع، باب: كراهية السخب في الأسواق، وأحمد "2/ 174"، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه. وأخرجه الدارمي "6" من حديث ابن سلام -رضي الله عنه. 4 في المصدر الآتى "حذيفة" ويأتي تنبيه المصنف على ذلك. 5 حسن: أخرجه الترمذي في "الشمائل" "366"، وأحمد "5/ 405"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 49"، من حديث حذيفة -رضي الله عنه- وقال الألباني في "مختصر الشمائل": حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ1، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "الشَّمَائِلِ" وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، فَقَالَ عَنْ زِرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ نَحْوَهُ. وَيُرْوَى بِإِسْنَادٍ وَاهٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِي عَشْرَةُ أَسْمَاءَ، فَذَكَرَ مِنْهَا الْفَاتِحَ، وَالْخَاتَمَ"2. قُلْتُ: وَأَكْثَرُ مَا سُقْنَا مِنْ أَسْمَائِهِ صِفَاتٌ لَهُ لَا أَسْمَاءُ أَعْلَامٍ. وَقَدْ تَوَاتَرَ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو الْقَاسِمِ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي" 3 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا تَجْمَعُوا اسْمِي وَكُنْيَتِي، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي وَأَنَا أُقَسِّمُ" 4. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا ولد إبراهيم ابن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَارِيَةَ كَادَ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ مِنْهُ، حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ5. ابْنُ لَهِيعَةَ ضعيف.   1 لم أجد هذه الزيادة في المصادر السابقة، وإنما أخرجها مسلم "2354/ 125"، من قول الزهري بلفظ "قال: قلت للزهري: وما العاقب؟ قال: الذي ليس بعده نبي". 2 إسناده ضعيف جدًّا، أخرجه أبو نعيم في "الدلائل" "ص31" وفي إسناده سيف بن وهب متروك، ونقل الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين" "7/ 163" عن ابن دحية قال: هذا السند لا يساوي شيئًا. 3 صحيح: أخرجه البخاري "6188" في كتاب الأدب، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تكنوا بكنيتي"، ومسلم "2134" في كتاب الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم، وأبو داود "4965"، في كتاب الأدب، باب: في الرجل يتكنى بأبي القاسم وابن ماجه "3735" في كتاب الأدب، باب: الجمع بين اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وكنيته، وأحمد "3/ 248، 260، 270، 312، 395، 455، 457، 470، 478، 491، 519"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 50"، والبغوي في "شرح السنة" "3363". 4 صحيح: أخرجه الترمذي "2580" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في كراهية الجمع بين اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وكنيته، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 50"، وأحمد "2/ 433" وأبو نعيم في "الحلية" "9784" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 163"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 إسناده ضعيف: ابن لهيعة ضعيف الحفظ، ولا يصح من حديثه إلا ما كان من رواية العبادلة عنه كما تقدم، ولا أعلم من روى عنه هذا الحديث، وفي تعقيب المصنف على الحديث ما يشعر بأنه من طريق آخر، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ سَطِيحٍ وَخُمُودِ النِّيرَانِ لَيْلَةَ الْمَوْلِدِ وَانْشِقَاقِ الْإِيوَانِ: قَالَ ابْنُ أبي الدّنيا وغيره: حدثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، أنا أَبُو يَعْلَى أَيُّوبُ بْنُ عِمْرَانَ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنِي مَخْزُومُ بْنُ هَانِئٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً قَالَ: لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ارْتَجَسَ1 إِيوَانُ كِسْرَى، وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً، وَغَاضَتْ2 بُحَيْرَةُ سَاوَةَ3، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسٍ، وَلَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ، وَرَأَى الْمُوبَذَانُ4 إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ كِسْرَى أَفْزَعَهُ مَا رَأَى مِنْ شَأْنِ إِيوَانِهِ فَصَبَرَ عَلَيْهِ تَشَجُّعًا، ثُمَّ رَأَى أَنْ لَا يَسْتُرَ ذَلِكَ عَنْ وُزَرَائِهِ وَمَرَازِبَتِهِ5، فَلَبِسَ تَاجَهُ وَقَعَدَ عَلَى سَرِيرِهِ وَجَمَعَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ قَالَ: أَتَدْرُونَ فِيمَ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ - قَالُوا: لَا إِلَّا أَنْ يُخْبِرَنَا الْمَلِكُ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ بِخُمُودِ النَّارِ، فَازْدَادَ غَمًّا إِلَى غَمِّهِ، فَقَالَ الْمُوبَذَانُ: وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ -أَصْلَحَ اللَّهُ الملك- في هذه اللّيلة، ثم قصّ على رُؤْيَاهُ فَقَالَ: أَيَّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا يَا مُوبَذَانُ؟ قَالَ: حَدَثٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْعَرَبِ، وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَكَتَبَ كِسْرَى عِنْدَ ذَلِكَ: "مِنْ كِسْرَى مَلِكِ الْمُلُوكِ إِلَى النُّعْمَانِ بن المنذر، أما بعد، فوجّه إليّ رجل عَالِمٍ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ. فَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِعَبْدِ الْمَسِيحِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ بُقَيْلَةَ الغسانيّ،   1 ارتجس: رجف. 2 غاضت: جف أو نقص ماؤها. 3 ساوة: مدينة بين الري وهمذان. 4 الموبذان: القاضي. 5 مرازبته: جمع مرزبان، وهو الرئيسي من الفرس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: أَلَكَ عِلْمٌ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ - قَالَ: لِيَسْأَلْنِي الملك فإن كان عندي علم إلا أَخْبَرْتُهُ بِمَنْ يُعْلِمُهُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى، فَقَالَ: عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ خَالٍ لِي يَسْكُنُ مَشَارِفَ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ قَالَ: فَائْتِهِ فَسَلْهُ عَمَّا سَأَلْتُكَ وَائْتِنِي بِجَوَابِهِ، فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى عَلَى سَطِيحٍ وَقَدْ أَشْفَى عَلَى الْمَوْتِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ فَلَمْ يُحِرْ سَطِيحٌ جَوَابًا، فَأَنْشَأَ عَبْدُ الْمَسِيحِ يَقُولُ: أَصَمُّ أَمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ الْيَمَنْ ... أَمْ فَادَ فَازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنْ1 يَا فَاصِلَ الْخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ وَمَنْ ... أَتَاكَ شَيْخُ الْحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنْ2 وَأُمُّهُ مِنْ آلِ ذِئْبِ بْنِ حَجَنْ ... أَزْرَقُ نَهْمُ النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ3 أَبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاءِ وَالْبَدَنْ ... رَسُولُ قَيْلِ الْعُجْمِ يَسْرِي لِلْوَسَنْ4 تَجُوبُ بِي الْأَرْضَ عَلَنْدَاةٌ شَزَنْ ... تَرْفَعُنِي وَجَنًا وَتَهْوِي بِي وَجَنْ5 لَا يَرْهَبُ الرَّعْدَ وَلَا رَيْبَ الزَّمَنْ ... كَأَنَّمَا أُخْرِجَ مِنْ جَوْفٍ ثَكَنْ6 حَتَّى أَتَى عَارِيَ الْجَآجِي وَالْقَطَنْ ... تَلُفُّهُ فِي الرِّيحِ بَوْغَاءُ الدِّمَنْ7 فَقَالَ سَطِيحٌ: عَبْدُ الْمَسِيحِ، جَاءَ إِلَى سَطِيحٍ، وَقَدْ أَوْفَى عَلَى الضِّرِيحِ، بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانَ، لِارْتِجَاسِ الْإِيوَانِ، وَخُمُودِ النِّيرَانِ، وَرُؤْيَا الَمُوبَذَانِ، رَأَى إِبِلًا صِعَابًا، تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا، قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا، يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ إِذَا كَثُرَتِ التِّلَاوَةُ، وَظَهَرَ صَاحِبُ الْهِرَاوَةِ، وَفَاضَ وَادِي السَّمَاوَةِ8، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ، فَلَيْسَ الشَّامُ لِسَطِيحٍ شَامًا، يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلُوكٌ وَمَلِكَاتٌ، عَلَى عَدَدِ الشُّرُفَاتِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت. ثم قضى شطيح مَكَانَهُ، وَسَارَ عَبْدُ الْمَسِيحِ إِلَى رَحْلِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: شَمِّرْ فَإِنَّكَ مَاضِي الْهَمِّ شِمِّيرُ ... لَا يُفْزِعَنَّكَ تَفْرِيقٌ وَتَغْيِيرُ إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي سَاسَانَ أَفْرَطَهُمْ ... فَإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوَارٌ دَهَارِيرُ   1 غطريف: سيد. وفاد: مات. وأزلم: قبض. 2 الخطة: الحالة والطريقة. 3 الصرار: الشديد السمع. 4 قيل: ملك. 5 علنداة: ناقة قوية. وشزن: والوجن: الأرض الصلبة. 6 ثكن: جبل بالبادية. 7 القطن: جزء من أسفل ظهر الإنسان. وبوغاء: تراب ناعم، والدمن: الزبل والبعر. 8 وادي السماوة: يقع بين الكوفة والشام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 فَرُبَّمَا رُبَّمَا أَضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ ... تَهَابُ صَوْلَهُمُ الأُسْدُ الْمَهَاصِيرُ1 مِنْهُمْ أَخُو الصَّرْحِ بَهْرَامٌ وَإِخْوَتُهُ ... وَالْهُرْمُزَانِ وَسَابُورٌ وَسَابُورُ وَالنَّاسُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ فَمَنْ عَلِمُوا ... أَنْ قَدْ أَقَلَّ فَمَحْقُورٌ وَمَهْجُورُ وَهُمْ بَنُو الْأُمِّ إِمَّا إِنْ رَأَوْا نَشَبًا ... فَذَاكَ بِالْغَيْبِ مَحْفُوظٌ وَمَنْصُورُ وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَصْفُودَانِ فِي قَرَنٍ ... فَالْخَيْرُ مُتَّبَعٌ وَالشَّرُّ مَحْذُورُ2 فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى كِسْرَى أَخْبَرَهُ بِقَوْلِ سَطِيحٍ فَقَالَ كِسْرَى: إِلَى مَتَى يَمْلِكُ مِنَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَلِكًا تَكُونُ أُمُورٌ، فَمَلَكَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَمَلَكَ الْبَاقُونَ إِلَى آخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-3. هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ غَرِيبٌ. وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى الْبَكَّائِيِّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ مَلِكُ الْيَمَنِ بَيْنَ أَضْعَافِ مُلُوكِ التّبابعة، فرأى رؤيا وَفَظِعَ مِنْهَا، فَلَمْ يَدَعْ كَاهِنًا وَلَا سَاحِرًا وَلَا عَائِفًا وَلَا مُنَجِّمًا مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ إِلَّا جَمَعَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي فَأَخْبِرُونِي بِهَا وَبِتَأْوِيلِهَا، قَالُوا: اقْصُصْهَا عَلَيْنَا نُخْبِرْكَ بِتَأْوِيلِهَا، قَالَ: إِنِّي إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ عَنْهَا لَمْ أَطْمَئِنَّ إِلَى خَبَرِكُمْ عَنْ تَأْوِيلِهَا، إِنَّهُ لَا يَعْرِفُ تَأْوِيلَهَا إِلَّا مَنْ عَرَفَهَا، فَقِيلَ لَهُ: إِنْ كَانَ الْمَلِكُ يُرِيدُ هَذَا فَلْيَبْعَثْ إِلَى سَطِيحٍ وَشِقٍّ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْهُمَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا فَقَدِمَ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ، فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُ حُمَمَةً4 خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمَةٍ، فَوَقَعَتْ بِأَرْضٍ، تِهَمَةٍ، فَأَكَلْتُ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَةٍ. قَالَ: مَا أَخْطَأْتُ مِنْهَا شيئًا، فما تأويلها؟ فقال: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ5 مِنْ حَنَشٍ6، لَيَهْبِطَنَّ أَرْضَكُمُ الْحَبَشُ، فَلَيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ7 إِلَى جرش8.   1 المهاصير: المفترسة. 2 مصفودان: موثقان ومقيدان. 3 أخرجه البيهقي في الدلائل "1/ 126-129"، وقد بحثت كثيرًا عن ترجمة لمخزوم بن هانئ وأبيه فلم أعثر عليها، والحديث كما ترى ضعفه المصنف. 4 حممة: جمرة. 5 الحرتين: تثنية حرة، وهي الأرض ذات الحجارة السود. 6 حنش: حية. 7 أبين: موضع في جبل عدن. 8 جرش: مدينة باليمن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 فَقَالَ الْمَلِكُ: وَأَبِيكَ يَا سَطِيحُ إِنَّ هَذَا لنا لغائط مُوجِعٌ، فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ أَفِي زَمَانِي أَمْ بعده؟ قال: بل بعده بحين، أكثر ن سِتِّينَ أَوْ سَبْعِينَ مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ يَقْتُلُونَ وَيَخْرُجُونَ هَارِبِينَ. قَالَ: مَنْ يَلِي ذَلِكَ مِنْ إِخْرَاجِهِمْ؟ قَالَ: يَلِيهِ إِرَمُ ذِي يَزَنَ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدَنٍ فَلَا يَتْرُكُ أَحَدًا بِالْيَمَنِ. قَالَ: أَفَيَدُومُ ذَلِكَ؟ قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ بِنَبِيٍّ زَكِيٍّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ الْعَلِيِّ. قَالَ: وَمِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: مِنْ وَلَدِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ. قَالَ: وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَوْمٌ يُجْمَعُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، يَسْعَدُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ، وَيَشْقَى فِيهِ الْمُسِيئُونَ. قَالَ: أَحَقٌّ مَا تُخْبِرُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ وَالشَّفَقِ1 وَالْغَسَقِ2، وَالْفَلَقِ3 إِذَا اتَّسَقَ4، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ لَحَقٌّ. ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ شِقٌّ، فَقَالَ لَهُ كَقَوْلِهِ لِسَطِيحٍ، وَكَتَمَهُ مَا قَالَ لِسَطِيحٍ لينظر أيتفقان قال: نعم حُمَمَةً خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمَةٍ، فَوَقَعَتْ بَيْنَ رَوْضَةٍ وَأَكَمَةٍ، فَأَكَلْتُ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ نَسَمَةٍ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُمَا قَدِ اتَّفَقَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ، فَجَهَّزَ أَهْلَ بَيْتِهِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَكَتَبَ لَهُمْ إِلَى مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ يقال له سابور   1 الشفق: الحرمة في السماء بعد غروب الشمس. 2 الغسق: ظلمة الليل. 3 الفلق: الصبح. 4 اتسق: اجتمع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 ابن خُرَّزَاذَ، فَأَسْكَنَهُمُ الْحِيرَةَ، فَمِنْ بَقِيَّةِ وَلَدِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ: النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَهُوَ فِي نَسَبِ الْيَمَنِ: النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ1. بَابٌ مِنْهُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَرَجْتُ مِنْ لَدُنْ آدَمَ مِنْ نِكَاحٍ غير سفاح" 2. هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، فِيهِ مَتْرُوكَانِ: الْوَاقِدِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ3. وَوَرَدَ مِثْلُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ إِنْ صَحَّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ4. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْجَدْعَاءَ قال: قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا قَالَ: "وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ" 5. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَاللَّفْظُ لَهُ: ثنا بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: "وَآدَمُ بين الروح والجسد" 6.   1 معضل: ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 21-25". 2 حسن: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 26" وفي إسناده كما يأتي، ولكن للحديث طرق وشواهد أخرى، فقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 26"، من حديث عائشة -رضي الله عنها- وأخرجه الطبراني في "الأوسط" "4728" من حديث عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- ولذلك حسنه أبو عبد الرحمن الألباني في "صحيح الجامع" "3232-3225". 3 أما الواقدي فهو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي أحد أوعية العلم، ومع ذلك فترك أهل العلم حديثه، بل واتهمه البعض بالكذب والوضع كما يأتي في ترجمته "1486". 4 انظر تخريج الحديث السابق. 5 صحيح: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 70"، وصححه الألباني في "الصحيحة" "1856". 6 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 59" وصححه شيخ الإسلام ابن تيمة في "مجموع الفتاوى" "2/ 147" والحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 767" والألباني في "الصحيحة" "1856". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 متى وجبت له النبوة: وقال التّرمذيّ: حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟ قَالَ: "بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ" 1. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ2. قُلْتُ: لَوْلَا لِينٌ فِي الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ لَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ3. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ قَالَ: "أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي كَأَنَّ نُورًا خَرَجَ مِنْهَا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ" 4. وَرُوِّينَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى لِي، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ" 5. وَإِنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَتْ حِينَ وضعته نورًا أضاءت منه قصور الشام.   1 صحيح: أخرجه الترمذي "3629" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في فضل النبي -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "2/ 130"، والخطيب البغدادي في "تاريخه" "3/ 70" و"5/ 83" وصححه الألباني في "صحيح سن الترمذي". 2 في نسخة "السنن" عندي قال: حسن صحيح غريب. 3 انظر التعليق السابق، وقد اختلف أهل العلم في معنى قول الترمذي: حسن صحيح غريب. وعليه يترتب هذا الاستنتاج، والله أعلم. 4 صحيح: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 172، 173" وابن سعد في "الطبقات" "1/ 71". وأخرجه أحمد "4/ 127، 184، 185" والدرامي "13" من طريق خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عمرو السلمي عن عتبة بن عبد السلمي ببعضه، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 71": إسناده جيد قوي. وصححه الألباني في "الصحيحة" "1545". 5 أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" "4/ 127، 128"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 71" وأبو نعيم في "الحلية" "7924". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 رَوَاهُ اللَّيْثُ، وَابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ سُوَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيِّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ نَفْسِهِ. وَقَالَ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ: ثنا لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكَ - قَالَ: "دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ" 1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ فَرَجٍ. قَوْلُهُ: "لَمُنْجَدِلٌ" أَيْ مُلْقًى، وَأَمَّا دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ فقوله: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} 2 وَبِشَارَةُ عِيسَى قَوْلُهُ: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} 3. وقال أبو ضمرة: حدثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "قَسَمَ اللَّهُ الْأَرْضَ نِصْفَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا، ثُمَّ قَسَمَ النّصف على ثلاثة فكنت في خير ثلت مِنْهَا، ثُمَّ اخْتَارَ الْعَرَبَ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ اخْتَارَ قُرَيْشًا مِنَ الْعَرَبِ، ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ اخْتَارَنِي مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ"4 هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ. وَرَوَى زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مَنْهَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي خُرَيْمِ بْنَ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ يَقُولُ: هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكٍ، فسمعت العبّاس، يقول: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ. قَالَ: "قُلْ لَا يفض اللَّهُ فَاكَ". فَقَالَ: مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظّلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق   1 إسناده حسن: أخرجه أحمد "5/ 262" وابن سعد في "الطبقات" "1/ 71" وقال الألباني في "الصحيحة" "4/ 62": إسناده حسن. 2 سورة البقرة: 129. 3 سورة الصف: 6. 4 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 5". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ ... أَنْتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ ... أَلْجَمَ نَسْرًا وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمِنُ مِنْ ... خِنْدِفٍ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأ ... رض وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وفي النّو ... ر وَسُبُلِ الرَّشَادِ تَخْتَرِقُ1 الظِّلَالُ: ظِلَالُ الْجَنَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ} 2. وَالْمُسْتَوْدَعُ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَ فِيهِ آدَمُ وَحَوَّاءُ يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنَ الْوَرَقِ، أَيْ يَضُمَّانِ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ يَتَسَتَّرَانِ بِهِ، ثُمَّ هَبَطْتَ إِلَى الدُّنْيَا فِي صُلْبِ آدَمَ، وَأَنْتَ لَا بَشَرٌ وَلَا مُضْغَةٌ. وَقَوْلُهُ: "تَرْكَبُ السَّفِينَ" يَعْنِي فِي صُلْبِ نُوحٍ. وَصَالِبُ لُغَةٌ غَرِيبَةٌ فِي الصُّلْبِ، وَيَجُوزُ فِي الصُّلْبِ الْفَتْحَتَانِ كَسَقَمٍ وَسُقْمٍ. وَالطَّبَقُ: الْقَرْنُ، كُلَّمَا مَضَى عَالَمٌ وَقَرْنٌ جَاءَ قَرْنٌ، وَلِأَنَّ الْقَرْنَ يُطْبِقُ الْأَرْضَ بِسُكْنَاهُ بِهَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي الِاسْتِسْقَاءِ: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا طَبَقًا غَدَقًا"3 أَيْ يُطْبِقُ الْأَرْضَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} 4 أَيْ حَالًا بَعْدَ حَالٍ. وَالنُّطُقُ: جَمْعُ نِطَاقٍ وَهُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوِسْطُ وَمِنْهُ الْمِنْطَقَةُ. أَيْ أَنْتَ أَوْسَطُ قَوْمِكَ نَسَبًا. وَجَعَلَهُ فِي عَلْيَاءَ وَجَعَلَهُمْ تَحْتَهُ نِطَاقًا. وَضَاءَتْ: لُغَةٌ فِي أضاءت.   1 أخرجه الحاكم في "مستدركه" "5417". 2 سورة المرسلات: 41. 3 أخرجه أبو داود "1169" في كتاب الصلاة، باب: رفع اليدين في الاستسقاء، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- دون "غدقا" وقال النووي في "الأذكار" "ص160"، إسناده صحيح على شرط مسلم وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". وأخرجه ابن ماجه "1270" في كتاب الإقامة، باب: ما جاء في الدعاء في الاستسقاء، من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- وفيه ذكر "غدقًا"، وضعفه الألباني. وأخرجه أيضًا "1269" في المصدر السابق، وأحمد "4/ 236" من حديث كعب بن مرة -رضي الله عنه. 4 سورة الانشقاق: 19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 وَأَرْضَعَتْهُ "ثُوَيْبَةُ" جَارِيَةُ أَبِي لَهَبٍ، مَعَ عَمِّهِ حمزة، ومع أبي سلمة ابن عبد الأسد المخزوميّ -رضي الله عنه-1. رضاعه صلى الله عليه وسلم: قَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ وَأُمَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ أَخْبَرَتْهُمَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انكح أختي بنت أبي سفيان. قال: "أوتحبين ذَلِكَ" قُلْتُ: لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ2 وَأَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ يُشْرِكُنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، قَالَ: "إِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِي"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: "وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِيَ، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ" 3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عُرْوَةُ فِي سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ: ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ، أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَآهُ بَعْضُ أَهْلِهِ فِي النَّوْمِ بِشَرِّ حِيبَةٍ، يَعْنِي حَالَةً. فَقَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ رَخَاءً، غَيْرَ أَنِّي أُسْقِيتُ فِي هَذِهِ مِنِّي بِعِتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ. وَأَشَارَ إِلَى النُّقْرَةِ الَّتِي بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا4. ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ السَّعْدِيَّةُ وَأَخَذَتْهُ مَعَهَا إِلَى أَرْضِهَا، فَأَقَامَ مَعَهَا فِي بَنِي سَعْدٍ نَحْوَ أَرْبَعِ سِنِينَ، ثُمَّ ردّته إلى أمّه. رضاعه: قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ،   1 انظر الحديث الآتي. 2 مخلية: منفردة. 3 صحيح: أخرجه البخاري "5101" في كتاب النكاح، باب: قوله تعالى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} ، ومسلم "1449" في كتاب الرضاع، باب: تحريم الربيبة، وأبو داود "2056" في كتاب النكاح، باب: يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، والنسائي "6/ 94" في كتاب النكاح، باب: تحريم الربيبة التي في حجره، وابن ماجه "1939" في كتاب النكاح، باب: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وأحمد "6/ 428" وابن سعد في "الطبقات" "1/ 52" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 148، 149". 4 مرسل: انظر التخريج السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّعْدِيَّةِ قَالَتْ: خَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ عَلَى أَتَانٍ1، لِي قَمْرَاءَ2 قَدْ أَذَمَّتْ3 بِالرَّكْبِ، وَخَرَجْنَا فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ4 لَمْ تُبْقِ شَيْئًا، وَمَعَنَا شَارِفٌ5 لَنَا، وَاللَّهِ إِنْ تَبِضَّ عَلَيْنَا بِقَطْرَةٍ، وَمَعِي صَبِيٌّ لِي لَا نَنَامُ لَيْلَنَا مَعَ بُكَائِهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مكة لم يبق منّا امرأة عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَأْبَاهُ، وَإِنَّمَا كُنَّا نَرْجُو كَرَامَةَ رِضَاعَةٍ مِنْ أَبِيهِ، وَكَانَ يَتِيمًا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ صَوَاحِبِي امْرَأَةٌ إِلَّا أَخَذَتْ صَبِيًّا، غَيْرِي. فَقُلْتُ لِزَوْجِي: لَأَرْجِعَنَّ إِلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلَآخُذَنَّهُ، فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، فَقَالَ زَوْجِي: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ خَيْرًا. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ جَعَلْتُهُ فِي حِجْرِي فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيِي بِمَا شَاءَ مِنَ اللَّبَنِ، فَشَرِبَ وَشَرِبَ أَخُوهُ رَوِيَا، وَقَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا بِهَا حَافِلٌ، فَحَلَبَ وَشَرِبْنَا حَتَّى رَوِينَا، فَبِتْنَا شِبَاعًا رِوَاءً، وَقَدْ نَامَ صِبْيَانُنَا، قَالَ أَبُوهُ: وَاللَّهِ يَا حَلِيمَةُ مَا أَرَاكِ إِلَّا قَدْ أَصَبْتِ نَسْمَةً مُبَارَكَةً، ثُمَّ خَرَجْنَا، فَوَاللَّهِ لَخَرَجَتْ أَتَانِي أَمَامَ الرَّكْبِ قَدْ قَطَعَتْهُنَّ حَتَّى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا أَحَدٌ، فَقَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ حَاضِرِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَقَدِمْنَا عَلَى أَجْدَبِ أَرْضِ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ كَانُوا لَيُسَرِّحُونَ أَغْنَامَهُمْ وَيُسَرِّحُ رَاعِيَّ غَنَمِي، فَتَرُوحُ غَنَمِي بِطَانًا لُبَّنًا حُفَّلًا، وَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا، فيقولون لرعاتهم: ويلكم ألا تسرحون حيث تسرح رَاعِي حَلِيمَةَ - فَيَسْرَحُونَ فِي الشِّعْبِ الَّذِي يَسْرَحُ فِيهِ رَاعِينَا، فَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا بِهَا من لبن، وتروح غنمي لبّنًا حفّلًا. شق صدره الشريف -صلى الله عليه وسلم: فَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَشِبُّ فِي يَوْمِهِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي الشَّهْرِ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي سَنَةٍ، قَالَتْ: فَقَدِمْنَا عَلَى أُمِّهِ فَقُلْنَا لَهَا: رُدِّي عَلَيْنَا ابْنِي فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ، قَالَتْ: وَنَحْنُ أَضَنُّ شَيْءٍ بِهِ مِمَّا رَأَيْنَا مِنْ بَرَكَتِهِ، قَالَتْ: ارْجِعَا بِهِ، فَمَكَثَ عِنْدَنَا شَهْرَيْنِ فَبَيْنَا هُوَ يَلْعَبُ وَأَخُوهُ خَلْفَ الْبُيُوتِ يَرْعَيَانِ بُهْمًا   1 أتان: أنثى الحمار. 2 قمراء: يميل لونها إلى الخضرة. 3 أذمت: حبست. 4 شهباء: قحط. 5 شارف: ناقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 لَنَا؛ إِذْ جَاءَ أَخُوهُ يَشْتَدُّ قَالَ: أَدْرِكَا أَخِي قَدْ جَاءَهُ رَجُلَانِ فَشَقَّا بَطْنَهُ، فَخَرَجْنَا نَشْتَدُّ، فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ قَائِمٌ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ، فَاعْتَنَقَهُ أَبُوهُ وَأَنَا، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ يَا بُنَيَّ؟ قَالَ: أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَضْجَعَانِي ثُمَّ شَقَّا بَطْنِي فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا، فَرَجَعْنَا بِهِ. قَالَتْ: يَقُولُ أَبُوهُ: يَا حَلِيمَةُ مَا أرى هذا الغلام إلاّ أنه أضيب، فَانْطَلِقِي فَلْنَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ. فَرَجَعْنَا بِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: مَا رَدَّكُمَا بِهِ؟ فَقُلْتُ: كَفَلْنَاهُ وَأَدَّيْنَا الْحَقَّ، ثُمَّ تَخَوَّفْنَا عَلَيْهِ الْأَحْدَاثَ. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا، فَأَخْبِرَانِي خَبَرَكُمَا، فَمَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا، قَالَتْ: فَتَخَوَّفْتُمَا عَلَيْهِ - كَلَّا وَاللَّهِ إِنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنًا، إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ فَلَمْ أَحْمِلْ حَمْلًا قَطُّ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ وَلَا أَعْظَمَ بَرَكَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ نُورًا كَأَنَّهُ شِهَابٌ خَرَجَ مِنِّي حِينَ وَضَعْتُهُ أَضَاءَتْ لِيَ أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى، ثُمَّ وَضَعْتُهُ فَمَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ، وَقَعَ وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، دَعَاهُ وَالْحَقَا شَأْنَكُمَا1. هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ2. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى، أنا عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ حَتَّى دَنَتْ مِنْهُ، فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ3. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ مسلم: حدثنا شَيْبَانُ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فصرعه فشق قلبه، فاستخرج منه علقةً،   1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 168-172" وجهم بن أبي جهم قال في "الميزان" "1583": لا يعرف، له قصة حليمة السعدية. 2 قلت: وقد تقدم أن في إسناده جهم بن أبي جهم وهو لا يعرف كما في "الميزان" "1583" للمصنف، وعند الحافظ الذهبي يمكن قبول رواية مثل هذا بقيود فقد قال في "الميزان" "1/ 211": ما كل من لا يعرف ليس بحجة، لكن هذا الأصل. وقال في نفس المصدر "4/ 346": الجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح. وقال "6/ 161" عن أحد الرواة: روى عنه غير صفوان فهو شيخ محله الصدق وحديثه جيد. وبالتالي فإذا كان الراوي غير معروف بجرح أو تعديل فالأصل أن حديثه مردود إلا بقيود ومحل بسط ذلك كتب المصطلح. 3 إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود "5144" في كتاب الأدب، باب: في بر الوالدين وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "1102": ضعيف الإسناد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأمه1، وثم أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ، يَعْنِي مُرْضِعَتَهُ، فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ2. قَالَ أَنَسٌ: قَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ3. وَقَالَ بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ. وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا وَزَادَ فِيهِ: "فَرَحَّلَتْ -يَعْنِي ظِئْرَهُ- بَعِيرًا، فَحَمَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ، وَرَكِبَتْ خَلْفِي حَتَّى بَلَغْنَا إِلَى أُمِّي فَقَالَتْ: أَدَّيْتُ أَمَانَتِي وَذِمَّتِي، وَحَدَّثْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُ، فَلَمْ يَرُعْهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ"4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُتِيتُ وَأَنَا فِي أَهْلِي، فَانْطُلِقَ بِي إِلَى زَمْزَمَ فَشُرِحَ صَدْرِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَحُشِيَ بِهَا صَدْرِي" قَالَ أَنَسٌ: وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِينَا أَثَرَهُ "فَعَرَجَ بِي الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا". وَذَكَرَ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ5. وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا. وَأَمَّا قَتَادَةُ فَرَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ بِنَحْوِهِ. وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا لِيُعْرَفَ أَنَّ جِبْرِيلَ شَرَحَ صَدْرَهُ مَرَّتَيْنِ: فِي صِغَرِهِ ووقت الإسراء به.   1 لأمه: جمعه. 2 صحيح: أخرجه مسلم "162/ 261" في كتاب الإيمان، باب: الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "3/ 288". 3 هو تمام الحديث السابق. 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 184" وبقية مدلس، وقد عنعنه. 5 صحيح: أخرجه مسلم "162/ 260" في كتاب الإيمان، باب: الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأخرجه البخاري "3887" في كتاب مناقب الأنصار، باب: المعراج، ومسلم "164" في المصدر السابق، والترمذي "3357" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ} ، والنسائي "1/ 217" في كتاب الصلاة، باب: فرض الصلاة، من طريق أنس عن مالك بن صعصعة -رضي الله عنه. وأخرجه مسلم "163" في المصدر السابق، من طريق أنس عن أبي ذر -رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 ذكر وفاة والده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عبد المطلب ... ذكر وفاة والده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عبد لمطلب: وَتُوُفِّيَ "عَبْدُ اللَّهِ" أَبُوهُ وَلِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا. وَقِيلَ: أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: وَهُوَ حَمْلٌ. تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ غَرِيبًا، وَكَانَ قَدِمَهَا لِيَمْتَارَ تَمْرًا، وَقِيلَ: بَلْ مَرَّ بِهَا مَرِيضًا رَاجِعًا مِنَ الشَّامِ، فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَغَيْرُهُ1: "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ إِلَى غَزَّةَ فِي عِيرٍ تَحْمِلُ تِجَارَاتٍ، فَلَمَّا قَفَلُوا مَرُّوا بِالْمَدِينَةِ وَعَبْدُ اللَّهِ مَرِيضٌ فَقَالَ: أَتَخَلَّفُ عِنْدَ أَخْوَالِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيضًا مُدَّةَ شَهْرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَارِثَ وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؛ فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ؛ وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ أَحَدِ بَنِي النَّجَّارِ؛ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ حَمْلٌ، عَلَى الصَّحِيحِ". وَعَاشَ عَبْدُ اللَّهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَذَلِكَ أَثْبَتُ الْأَقَاوِيلِ فِي سِنِّهِ وَوَفَاتِهِ. وَتَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الْمِيرَاثِ أُمَّ أَيْمَنَ وَخَمْسَةَ أَجْمَالٍ وَغَنَمًا، فَوَرِثَ ذَلِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. وفاة آمنة: وَتُوُفِّيَتْ أُمُّهُ "آمِنَةُ" بِالْأَبْوَاءِ2 وَهِيَ رَاجِعَةٌ بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَكَّةَ مِنْ زيارة أخوال أبيه بن عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سِتِّ سِنِينَ وَمِائَةِ يَوْمٍ. وَقِيلَ: ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ. فَلَمَّا مَاتَتْ وَدُفِنَتْ، حَمَلَتْهُ أُمُّ أَيْمَنَ مَوْلَاتُهُ إِلَى مَكَّةَ إِلَى جَدِّهِ، فَكَانَ فِي كِفَالَتِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ جَدُّهُ، وَلِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِ سِنِينَ، فَأَوْصَى بِهِ إِلَى عمّه أبي طالب.   1 مرسل. 2 الأبواء: من أعمال الفرع من المدينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 قال عمرو بن عون: أنبأنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ كِنْدِيرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَجَجْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِذَا رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَرْتَجِزُ يَقُولُ: رَبِّ رُدَّ إِلَيَّ رَاكِبِي مُحَمَّدَا ... يَا رَبُّ رُدَّهُ وَاصْطَنِعْ عِنْدِي يَدَا قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ذَهَبَ إِبِلٌ لَهُ فَأَرْسَلَ ابْنَ ابْنِهِ فِي طَلَبِهَا، وَلَمْ يُرْسِلْهُ فِي حَاجَةٍ قَطُّ إِلَّا جَاءَ بِهَا، وقد احتبس عليه، فما برحت حتى أتى مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَاءَ الْإِبِلُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ لَقَدْ حَزِنْتُ عَلَيْكَ حُزْنًا؛ لَا تُفَارِقْنِي أَبَدًا1. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ حَيْدَةَ بْنَ مُعَاوِيَةَ اعْتَمَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ كِنْدِيرَ عَنْ أَبِيهِ2. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، حَدَّثَنِي جُلْهُمَةُ بْنُ عُرْفُطَةَ قَالَ: إِنِّي لَبِالْقَاعِ مِنْ نمرة، إذا أَقْبَلَتْ عِيرٌ مِنْ أَعْلَى نَجْدٍ، فَلَمَّا حَاذَتِ الْكَعْبَةَ إِذَا غُلَامٌ قَدْ رَمَى بِنَفْسِهِ عَنْ عَجُزِ بَعِيرٍ، فَجَاءَ حَتَّى تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ نَادَى يَا رَبَّ البِنَيَّةِ أَجِرْنِي؛ وَإِذَا شَيْخٌ وَسِيمٌ قَسِيمٌ عَلَيْهِ بَهَاءُ الْمُلْكِ وَوَقَارُ الْحُكَمَاءِ. فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ يَا غُلَامُ، فَأَنَا مِنْ آلِ اللَّهِ وَأُجِيرُ مَنِ اسْتَجَارَ بِهِ؟ قَالَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَأَنَا صَغِيرٌ، وَإِنَّ هَذَا اسْتَعْبَدَنِي، وَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ لِلَّهِ بَيْتًا يَمْنَعُ مِنَ الظُّلْمِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ اسْتَجَرْتُ بِهِ. فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ: قَدْ أَجَرْتُكَ يَا غُلَامُ، قَالَ: وَحَبَسَ اللَّهُ يَدَ الْجُنْدَعِيِّ إِلَى عُنُقِهِ. قَالَ جُلْهُمَةُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَمْرَو بْنَ خَارِجَةَ وَكَانَ قُعْدُدَ3 الْحَيِّ فَقَالَ: إِنَّ لهذا الشيخ ابنًا يعني أبا طالب.   1 في سنده من لم أجد لهم ترجمة. 2إسناده ضعيف جدًّا: خارجة بن مصعب ضعيف جدًّا كما في "التهذيب" "1/ 512". 3 قعدد: جبان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 قَالَ فَهَوَيْتُ رَحْلِي نَحْوَ تِهَامَةَ، أَكْسَعُ بِهَا الحدود، وأعلوا بِهَا الكُدَانَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِذَا قُرَيْشٌ عِزِينٌ1، قَدِ ارْتَفَعَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ يستسقون، فقائل منهم يقول: اعتمدوا اللات والعزّى؛ وقائل يَقُولُ: اعْتَمِدُوا مَنْاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى. وَقَالَ شَيْخٌ وَسِيمٌ قَسِيمٌ حَسَنُ الْوَجْهِ جَيِّدُ الرَّأْيِ: أَنَّى تُؤْفَكُونَ وَفِيكُمْ بَاقِيَةُ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَسُلَالَةُ إِسْمَاعِيلَ؟ قَالُوا لَهُ: كَأَنَّكَ عَنَيْتَ أَبَا طَالِبٍ. قَالَ: إِيهًا. فَقَامُوا بِأَجْمَعِهِمْ، وَقُمْتُ مَعَهُمْ فَدَقَقْنَا عَلَيْهِ بَابَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ مصفّر، عَلَيْهِ إِزَارٌ قَدِ اتَّشَحَ بِهِ، فَثَارُوا إِلَيْهِ فقالوا: الاستسقاء بالنبي -صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا طَالِبٍ قَحَطَ الْوَادِي، وَأَجْدَبَ الْعِبَادُ فَهَلُمَّ فَاسْتَسْقِ؛ فَقَالَ: رُوَيْدَكُمْ زَوَالَ الشَّمْسِ وَهُبُوبَ الرِّيحِ؛ فَلَمَّا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ، خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ مَعَهُ غُلَامٌ كَأَنَّهُ دُجُنٌّ تَجَلَّتْ عَنْهُ سَحَابَةٌ قَتْمَاءُ، وَحَوْلَهُ أُغَيْلِمَةٌ؛ فَأَخَذَهُ أَبُو طَالِبٍ فَأَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِالْكَعْبَةِ، وَلَاذَ بِأُضْبَعِهِ الْغُلَامُ، وَبَصْبَصَتِ الْأُغَيْلِمَةُ حَوْلَهُ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، فأقبل السّحاب من ههنا وههنا وَأَغْدَقَ2 وَاغْدَوْدَقَ وَانْفَجَرَ لَهُ الْوَادِي، وَأَخْصَبَ النَّادِي وَالْبَادِي؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ: وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ تَطِيفُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ وَمِيزَانُ عَدْلٍ لَا يَخِيسُ شُعَيْرَةً ... وَوَزَّانُ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ3 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْرَقِيُّ، حَدَّثَهُمْ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، نا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَطَاءٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَطْوَلَ النَّاسِ قَامَةً، وَأَحْسَنَهُمْ وَجْهًا، مَا رَآهُ أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا أَحَبَّهُ، وَكَانَ لَهُ مَفْرَشٌ فِي الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا   1 عزين: جماعات. 2 قزعة: سحابة. 3 في سنده من لم أجد له ترجمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 يُجْلِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ أَحَدٌ، وَكَانَ النَّدِيُّ مِنْ قُرَيْشٍ حَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ فَمَنْ دُونَهُ يَجْلِسُونَ حَوْلَهُ دُونَ الْمَفْرَشِ؛ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ فَجَلَسَ عَلَى الْمَفْرَشِ، فَجَبَذَهُ1 رَجُلٌ فَبَكَى؛ فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا كُفَّ بَصَرُهُ، مَا لِابْنِي يَبْكِي قَالُوا لَهُ: إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى الْمَفْرَشِ فَمَنَعُوهُ، فَقَالَ: دَعُوا ابْنِي يَجْلِسْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُحِسُّ مِنْ نَفْسِهِ شَرَفًا، وَأَرْجُو أَنْ يَبْلُغَ مِنَ الشَّرَفِ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَرَبِيٌّ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ2. قَالَ: وَمَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَالنَّبِيُّ، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَكَانَ خَلْفَ جِنَازَةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَبْكِي حَتَّى دُفِنَ بِالْحَجُونِ3. وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ: فَرَوَى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ" قَالُوا: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ" 4. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْتَنِي الْكَبَاثَ5 فَقَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أطيب" قلنا: أوكنت تَرْعَى الْغَنَمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ وهل من نبيّ إلاّ وقد رَعَاهَا" 6. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. سَفَرُهُ مَعَ عَمِّهِ -إِنْ صحّ- وخبر بحيرى الراهب: قال قراد أبو نوح: حدثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-   1 جبذه: جذبه. 2 إسناده ضعيف: عبد الله بن شبيب ضعيف جدًّا كما في "الميزان" "4376". 3 الحجون: جبل بمكة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "2262" في كتاب الإجازة، باب: رعى الغنم على قراريط، وابن ماجه "2149" في كتاب التجارات، باب: الصناعات. 5 الكباث: ثمر الأراك. 6 صحيح: أخرجه البخاري "3406" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قوله تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} ، ومسلم "2050" في كتاب الأشربة، باب: فضيلة الأسود من الكباث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 وَأَشْيَاخٌ مِنْ قُرَيْشٍ؛ فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ بَحِيرَى نَزَلُوا فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمْ وَهُمْ يَحِلُّونَ رِحَالَهُمْ؛ حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ هَذَا يَبْعَثُهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ؛ فَقَالَ أَشْيَاخُ قُرَيْشٍ: وَمَا عِلْمُكَ بِهَذَا قَالَ: إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلَا حَجَرٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلَا يَسْجُدُونَ إِلَّا لِنَبِيٍّ لَأَعْرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، أَسْفَلَ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلَ التُّفَّاحَةِ. ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا؛ فَلَمَّا أَتَاهُمْ بِهِ وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رِعْيَةِ الْإِبِلِ قَالَ: فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ وَجَدَهُمْ قَدْ سَبَقُوهُ، يَعْنِي إِلَى فَيْءِ شَجَرَةٍ، فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ يُنَاشِدُهُمْ أَنْ لا يَذْهَبُوا بِهِ إِلَى الرُّومِ، فَإِنَّ الرُّومَ لَوْ رَأَوْهُ عَرَفُوهُ بِصِفَتِهِ فَقَتَلُوهُ؛ فَالْتَفَتَ فَإِذَا بِسَبْعَةِ نَفَرٍ قَدْ أَقْبَلُوا مِنَ الرُّومِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ الرَّاهِبُ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جِئْنَا إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ، فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إِلَّا قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ نَاسٌ، وَإِنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا فَبُعِثْنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا، فَقَالَ لَهُمْ: هَلْ خَلَّفْتُمْ خَلْفَكُمْ أَحَدًا هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ قَالُوا: لَا. إِنَّمَا أُخْبِرْنَا خَبَرَهُ بِطَرِيقِكَ هَذَا؛ قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَهُ، هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ؟ قَالُوا: لَا. قال: فتابعوه وأقاموا معه، فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: أُنْشِدُكُمُ اللَّهَ أَيُّكُمْ وَلِيُّهُ قَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَنَا؛ فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِلَالًا، وَزَوَّدَهُ الرَّاهِبُ مِنَ الْكَعْكِ وَالزَّيْتِ1. تَفَرَّدَ بِهِ قُرَادٌ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ، ثِقَةٌ، احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ2؛ وَرَوَاهُ النَّاسُ عن قراد، وحسّنه التّرمذي.   1 صحيح: دون ذكر "بلال" فإنه منكر: أخرجه الترمذي "3640" في كتاب المناقب: باب: ما جاء في بدء نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وابن جرير الطبري في "تفسيره" "1/ 519"، والحاكم في "مستدركه" "4229" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 722": فيه غرابة. قلت: يقصد ذكر "بلال" ويأتي تفصيل وجه الغرابة في ذكره، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "8/ 587": إسناده قوي. وقال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" "1/ 24": أن بعث بلال من الغلط الواضح، فإن بلالًا إذ ذاك لعله لم يكن موجودًا. وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "745": صحيح لكن ذكر "بلال" فيه منكر كما قيل. 2 تأتي ترجمته "1515". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا؛ وَأَيْنَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ؟ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ، فَإِنَّهُ أَصْغَرُ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ؛ وَأَيْنَ كَانَ بِلَالٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَشْتَرِهِ إِلَّا بَعْدَ الْمَبْعَثِ، وَلَمْ يَكُنْ وُلِدَ بَعْدُ؛ وَأَيْضًا، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمِيلَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ؟ لِأَنَّ ظِلَّ الْغَمَامَةِ يُعْدِمُ فَيْءَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَزَلَ تَحْتَهَا، وَلَمْ نَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ أَبَا طَالِبٍ قَطُّ بِقَوْلِ الرَّاهِبِ، وَلَا تَذَاكَرَتْهُ قُرَيْشٌ، وَلَا حَكَتْهُ أُولَئِكَ الْأَشْيَاخُ، مَعَ تَوَفُّرِ هِمَمِهِمْ وَدَوَاعِيهِمْ عَلَى حِكَايَةِ مِثْلِ ذَلِكَ، فَلَوْ وَقَعَ لَاشْتَهَرَ بَيْنَهُمْ أَيَّمَا اشْتِهَارٍ، وَلَبَقِيَ عِنْدَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِسٌّ مِنَ النُّبُوَّةِ؛ وَلَمَا أَنْكَرَ مَجِيءَ الْوَحْيِ إِلَيْهِ، أَوَّلًا بِغَارِ حِرَاءٍ وَأَتَى خَدِيجَةَ خَائِفًا عَلَى عَقْلِهِ، وَلَمَا ذَهَبَ إِلَى شَوَاهِقِ الْجِبَالِ لِيَرْمِيَ نَفْسَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَيْضًا فَلَوْ أَثَّرَ هَذَا الْخَوْفُ فِي أَبِي طَالِبٍ وَرَدَّهُ، كَيْفَ كَانَتْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ السَّفَرِ إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا لِخَدِيجَةَ؟ وَفِي الْحَدِيثِ أَلْفَاظٌ مُنْكَرَةٌ، تشبه ألفاظ الطّرقيّة، مع أنّ ابن عائد قَدْ رَوَى مَعْنَاهُ فِي مَغَازِيهِ دُونَ قَوْلِهِ: "وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِلَالًا" إِلَى آخِرِهِ، فَقَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "السِّيرَةِ"1: إِنَّ أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا فِي رَكْبٍ، وَمَعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ غُلَامٌ، فلما نزلوا بصرى، وبها بحيرى الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ، وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ؛ وَلَمْ يَزَلْ فِي تِلْكَ الصَّوْمَعَةِ قَطُّ رَاهِبٌ يَصِيرُ إِلَيْهِ عِلْمُهُمْ عَنْ كِتَابٍ فِيهِمْ فِيمَا يَزْعُمُونَ، يَتَوَارَثُونَهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ؛ قَالَ: فَنَزَلُوا قريبًا من الصّومعة، فصنع بحيرى طَعَامًا، وَذَلِكَ فِيمَا يَزْعُمُونَ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ حِينَ أَقْبَلُوا، وَغَمَامَةٍ تُظِلُّهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ، فنزل بظلّ شجرة، فنزل بحيرى مِنْ صَوْمَعَتِهِ، وَقَدْ أَمَرَ بِذَلِكَ الطَّعَامِ فَصُنِعَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَجَاءُوهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: يا بحيرى مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا، فَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنَّكُمْ ضَيْفٌ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أُكْرِمَكُمْ، فَاجْتَمَعُوا، وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لصغره في رحالهم. فلما نظر بحيرى فِيهِمْ وَلَمْ يَرَهُ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَا يَتَخَلَّفْ عَنْ طَعَامِي هَذَا أَحَدٌ. قَالُوا: مَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ إلَّا غُلَامٌ هُوَ أَحْدَثُ القوم سنًّا.   1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 186-188". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا، ادْعُوهُ. فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى إِنَّ هَذَا لَلُؤْمٌ بِنَا، يَتَخَلَّفُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الطَّعَامِ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ قَامَ وَاحْتَضَنَهُ، وَأَقْبَلَ بِهِ فَلَمَّا رَآهُ بَحِيرَا جَعَلَ يَلْحَظُهُ لَحْظًا شَدِيدًا، وَيَنْظُرُ إِلَى أَشْيَاءَ مِنْ جَسَدِهِ، قَدْ كَانَ يَجِدُهَا عِنْدَهُ مِنْ صِفَتِهِ، حَتَّى إِذَا شَبِعُوا وتفرّقوا قام بحيرى فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَسْأَلُكَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى إِلَّا أَخْبَرْتَنيِ عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسْأَلْنِي بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَوَاللَّهِ مَا أَبْغَضْتُ بُغْضَهُمَا شَيْئًا قَطُّ. فَقَالَ لَهُ: فَبِاللَّهِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ حَالِهِ، فَتَوَافَقَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الصِّفَةِ. ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ أَثَرَ خَاتَمِ النّبوّة، فأقبل على أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: مَا هُوَ مِنْكَ - قَالَ: ابْنِي. قَالَ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَيًّا. قَالَ: فَإِنَّهُ ابْنُ أَخِي. قَالَ: ارْجِعْ بِهِ وَاحْذَرْ عَلَيْهِ الْيَهُودَ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ رَأَوْهُ وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا عَرَفْتُهُ لَيَبْغُنَّهُ شَرًّا، فَإِنَّهُ كَائِنٌ لِابْنِ أَخِيكَ شَأْنٌ، فَخَرَجَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ سَرِيعًا حَتَّى أَقْدَمَهُ مَكَّةَ حِينَ فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: أَنَّ أَبَا طَالِبٍ سَافَرَ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ مُحَمَّدٌ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا، فَأَتَاهُ رَاهِبٌ فَقَالَ: فِيكُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ أَبُو هَذَا الْغُلَامِ؟ قَالَ: أَبُو طَالِبٍ: هَأَنَذَا وَلِيُّهُ. قَالَ: احْتَفِظْ بِهِ وَلَا تَذْهَبْ بِهِ إِلَى الشَّامِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ حُسَّدٌ، وَإِنِّي أَخْشَاهُمْ عَلَيْهِ. فَرَدَّهُ1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ تاجرًا إلى الشام، ومعه محمد، فنزلوا ببحيرى، الحديث2.   1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 57". 2 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 57" ومحمد بن عمر هو الواقدي متروك كما تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 روى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ: فَلَمَّا نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ، ارْتَحَلَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ تَاجِرًا، فَنَزَلَ تَيْمَاءَ، فَرَآهُ حَبْرٌ مِنْ يَهُودِ تَيْمَاءَ، فَقَالَ لِأَبِي طَالِبٍ: مَا هَذَا الْغُلَامُ قَالَ: هُوَ ابْنُ أَخِي، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ قدمت به الشّام لا تصل له إلى أَهْلَكَ أَبَدًا، لَيَقْتُلَنَّهُ الْيَهُودُ إِنَّهُ عَدُوُّهُمْ، فَرَجَعَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ مِنْ تَيْمَاءَ إِلَى مَكَّةَ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا ذُكِرَ لِي، يُحَدِّثُ عمّا كان الله تعالى يحفظه به فِي صِغَرِهِ، قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي غِلْمَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ نَنْقُلُ حِجَارَةً لِبَعْضِ مَا يَلْعَبُ الْغِلْمَانُ بِهِ، كُلُّنَا قَدْ تَعَرَّى وَجَعَلَ إِزَارَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ، فَإِنِّي لَأُقْبِلُ مَعَهُمْ كَذَلِكَ وَأُدْبِرُ، إِذْ لَكَمَنِي لَاكِمٌ مَا أَرَاهَا، لَكْمَةً وَجِيعَةً، وَقَالَ: شُدَّ عَلَيْكَ إِزَارَكَ، فَأَخَذْتُهُ فَشَدَدْتُهُ ثُمَّ جَعَلْتُ أَحْمِلُ الْحِجَارَةَ عَلَى رقبتي"2.   1 مرسل. 2 معضل: ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 189". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 حَرْبُ الْفِجَارِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: وَهَاجَتْ حَرْبُ الْفِجَارِ وَلِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِشْرُونَ سَنَةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَمَّا اسْتَحَلَّتْ كِنَانَةُ وَقَيْسٌ عَيْلَانَ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْمَحَارِمِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُنْتُ أُنَبِّلُ عَلَى أَعْمَامِي"2 أَيْ أَرُدُّ عَنْهُمْ نَبْلَ عَدُوِّهِمْ إِذَا رَمَوْهُمْ. وَكَانَ قَائِدُ قُرَيْشٍ حرب بن أميّة.   1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 189-191". 2 معضل: ذكره ابن هشام في "سيرته" "1/ 191" بدون إسناد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 شَأْنُ خَدِيجَةَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: ثُمَّ إِنَّ "خديجة بنت خويلد بْن أسد بْن عَبْد الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ" وَهِيَ أَقْرَبُ مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قُصَيٍّ بِرَجُلٍ، كَانَتِ امْرَأَةً تَاجِرَةً ذَاتَ شَرَفٍ وَمَالٍ، وَكَانَتْ تَسْتَأْجِرُ الرِّجَالَ فِي مَالِهَا، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُجَّارًا فَعَرَضَتْ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَخْرُجَ فِي مَالٍ لَهَا إِلَى الشَّامِ، وَمَعَهُ غلام لها اسْمُهُ "مَيْسَرَةُ"، فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَنَزَلَ تَحْتَ   1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 193". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 شَجَرَةٍ بِقُرْبِ صَوْمَعَةٍ، فَأَطَلَّ الرَّاهِبُ إِلَى "مَيْسَرَةَ" فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا نَبِيٌّ. ثُمَّ بَاعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِجَارَتَهُ وَتَعَوَّضَ وَرَجَعَ، فَكَانَ "مَيْسَرَةُ" -فِيمَا يَزْعُمُونَ- إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَرَى مَلَكَيْنِ يُظِلَّانِهِ مِنَ الشَّمْسِ وَهُوَ يَسِيرُ1. وَرَوَى قِصَّةَ خُرُوجِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا، المحاملي، عن عبد الله ابن شَبِيبٍ وَهُوَ وَاهٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرُ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرِ الْعَدَوِيُّ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَتْنِي عُمَيْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُمِّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ أُخْتِ يَعْلَى قَالَتْ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ2، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ بَاعَتْ خَدِيجَةُ مَا جَاءَ بِهِ فَأَضْعَفَ أَوْ قَرِيبًا. وَحَدَّثَهَا "مَيْسَرَةُ" عَنْ قَوْلِ الرَّاهِبِ، وَعَنِ الْمَلَكَيْنِ، وكانت لبيبةً حازمةً، فبعثت إليه تقول: يابن عمّي، إنّي رَغِبْتُ فِيكَ لِقَرَابَتِكَ وَأَمَانَتِكَ وَصِدْقِكَ وَحُسْنِ خُلُقِكَ، ثُمَّ عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، فَقَالَ ذَلِكَ لِأَعْمَامِهِ، فَجَاءَ مَعَهُ حَمْزَةُ عَمُّهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خُوَيْلِدٍ فَخَطَبَهَا مِنْهُ، وَأَصْدَقَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِشْرِينَ بَكْرَةً، فَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ. وَتَزَوَّجَهَا وَعُمْرُهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً3. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَا يَحْسَبُ حَمَّادٌ،: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر خَدِيجَةَ، وَكَانَ أَبُوهَا يَرْغَبُ عَنْ أَنْ يُزَوِّجَهُ، فَصَنَعَتْ هِيَ طَعَامًا وَشَرَابًا، فَدَعَتْ أَبَاهَا وَزُمَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَطَعِمُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا، فَقَالَتْ لِأَبِيهَا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَخْطُبُنِي فَزَوِّجْنِي إِيَّاهُ، فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، فَخَلَّقَتْهُ4 وَأَلْبَسَتْهُ حُلَّةً كَعَادَتِهِمْ، فَلَمَّا صَحَا نَظَرَ، فَإِذَا هُوَ مُخَلَّقٌ فَقَالَ: مَا شَأْنِي؟ فَقَالَتْ: زَوَّجْتَنِي مُحَمَّدًا، فَقَالَ: وَأَنَا أُزَوِّجُ يَتِيمَ أبي طالب! لا لعمري، فقالت: أما تستحيي؟ تُرِيدُ أَنْ تُسَفِّهَ نَفْسَكَ مَعِي عِنْدَ قُرَيْشٍ بِأَنَّكَ كُنْتَ سَكْرَانَ، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى رضي5.   1 معضل: انظر المصدر السابق. 2 إسناده ضعيف جدًّا: عبد الله بن شبيب ضعيف جدًّا كما تقدم. 3 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 194-195". 4 خلقته: طيبته بالخلوق. 5 أخرجه أحمد "1/ 312"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 73". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وَقَدْ رَوَى طَرَفًا مِنْهُ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَوْ غيره. أولاده -صلي الله عليه وسلم- من خديجة: وَأَوْلَادُهُ كُلُّهُمْ مِنْ خَدِيجَةَ سِوَى إِبْرَاهِيمَ، وَهُمُ: الْقَاسِمُ، وَالطَّيِّبُ، وَالطَّاهِرُ، وَمَاتُوا صِغَارًا رُضَّعًا قَبْلَ الْمَبْعَثِ، وَرُقَيَّةُ، وَزَيْنَبُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ، وَفَاطِمَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-1 فَرُقَيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ تَزَوَّجَتَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَزَيْنَبُ زَوْجَةُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَفَاطِمَةُ زَوْجَةُ عَلِيٍّ -رضي الله عنهم أجمعين.   1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 195-196". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 حَدِيثُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ قُرَيْشٍ فِي وَضْعِ الحجر الأسود: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: فَلَمَّا بَلَغَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ لِبُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَكَانُوا يَهُمُّونَ بِذَلِكَ لِيَسَقَفُوهَا وَيَهَابُونَ هَدْمَهَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ رَضْمًا2 فَوْقَ الْقَامَةِ، فَأَرَادُوا رَفْعَهَا وَتَسْقِيفَهَا. وَكَانَ الْبَحْرُ قَدْ رَمَى بِسَفِينَةٍ إِلَى جُدَّةٍ فَتَحَطَّمَتْ، فَأَخَذُوا خَشَبَهَا وَأَعَدُّوهُ لِتَسْقِيفِهَا، وَكَانَ بِمَكَّةَ نَجَّارٌ قِبْطِيٌّ، فتَهَّيَأَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ بَعْضُ ما يُصْلِحُهَا، وَكَانَتْ حَيَّةٌ تَخْرُجُ مِنْ بِئْرِ الْكَعْبَةِ الَّتِي كَانَتْ يُطْرَحُ فِيهَا مَا يُهدى لَهَا كُلَّ يَوْمٍ، فَتُشْرِفُ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ، فَكَانَتْ مِمَّا يَهَابُونَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَدْنُو مِنْهَا أَحَدٌ إِلّا احْزَأَلَّتْ3 وَكَشَّتْ4 وَفَتَحَتْ فَاهَا، فَكَانُوا يَهَابُونَهَا، فَبَيْنَا هِيَ يَوْمًا تُشْرِفُ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا طَائِرًا فَاخْتَطَفَهَا، فَذَهَبَ بِهَا، قَالَ: فَاسْتَبْشَرُوا بِذَلِكَ، ثُمَّ هَابُوا هَدْمَهَا. فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَنَا أَبْدَؤُكُمْ فِي هَدْمِهَا، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَمْ تُرَعْ، اللَّهُمَّ لَمْ نُرِدْ إِلَّا خَيْرًا. ثُمَّ هَدَمَ مِنْ نَاحِيَةِ الرُّكْنَيْنِ، وَهَدَمُوا حَتَّى بَلَغُوا أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَإِذَا حِجَارَةٌ خُضْرٌ آخِذٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.   1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 198-199". 2 الرضم أن تنضد الحجارة بعضها على بعض من غير ملاط. 3 احزألت: رفعت ذنبها. 4 كشت: صوتت باحتكاك بعض جلدها ببعض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 ثُمَّ بَنَوْا، فَلَمَّا بَلَغَ الْبُنْيَانُ مَوْضِعَ الرُّكْنِ، يَعْنِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، اخْتَصَمُوا فِيمَنْ يَضَعُهُ، وَحَرَصَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَحَارَبُوا وَمَكَثُوا أَرْبَعَ لَيَالٍ. ثُمَّ إِنَّهُمُ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ وَتَنَاصَفُوا فَزَعَمُوا أَنَّ أَبَا أُمَيَّةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ أَسَنَّ قُرَيْشٍ، قَالَ: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ فِيمَا تَخْتَلِفُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَفَعَلُوا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا رأوهو قَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ رَضِينَا بِهِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: "هَاتُوا لِي ثَوْبًا" فَأَتَوْا بِهِ، فَأَخَذَ الرُّكْنَ بِيَدِهِ فَوَضَعَهُ فِي الثَّوْبِ، ثُمَّ قَالَ: "لِتَأْخُذْ كُلُّ قَبِيلَةٍ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْفَعُوهُ جَمِيعًا"، فَفَعَلُوا، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا بِهِ مَوْضِعَهُ وَضَعَهُ هُوَ -صَلَّى الله عليه وسلم- بيده وبني عليه1. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحُلُمَ أَجْمَرَتِ2 امْرَأَةٌ الْكَعْبَةَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ مَجْمَرَتِهَا فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ فَاحْتَرَقَتْ، فَهَدَمُوهَا حَتَّى إِذَا بَنَوْهَا فَبَلَغُوا مَوْضِعَ الرُّكْنِ اخْتَصَمَتْ قُرَيْشٌ فِي الرُّكْنِ أَيُّ الْقَبَائِلِ تَضَعُهُ قَالُوا: تَعَالَوْا نُحَكِّمُ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْنَا فَطَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ غُلَامٌ عَلَيْهِ وِشَاحُ نَمِرَةَ فَحَكَّمُوهُ فَأَمَرَ بِالرُّكْنِ فَوُضِعَ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَيِّدُ كُلِّ قَبِيلَةٍ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْتَقَى هُوَ فَرَفَعُوا إِلَيْهِ الرُّكْنَ، فَكَانَ هُوَ يَضَعُهُ، ثُمَّ طَفِقَ لَا يَزْدَادُ عَلَى السِّنِّ إِلَّا رِضًا حَتَّى دَعَوْهُ الْأَمِينَ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ وَحْيٌ، فَطَفِقُوا لَا يَنْحَرُونَ جَزُورًا إِلَّا الْتَمَسُوهُ فَيَدْعُو لَهُمْ فِيهَا3. وَيُرْوَى عَنْ عُرْوَةَ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ الْبَيْتَ بُنِيَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً4. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عبد الرحمن العطّار، حدثنا ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ: لَهُ يَا خَالُ، حَدِّثْنِي عَنْ شَأْنِ الْكَعْبَةِ قبل أن تبنيها قريش قال: كان   1 معضل: ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 203". 2 يريد بخرت. 3 مرسل: وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 740": هذا سياق حسن، وهو من سير الزهري، وفيه من الغرابة قوله "لما بلغ الحلم"، والمشهور أن هذا كان ورسوله الله -صلى الله عليه وسلم- عمره خمس وثلاثون سنه، وهو الذي نص عليه محمد بن إسحاق بن يسار -رحمه الله. ا. هـ. 4 مرسل: انظر "البداية" "1/ 740". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 بِرَضْمٍ1 يَابِسٍ لَيْسَ بِمَدَرٍ2 تَنْزُوهُ3 الْعَنَاقُ4 وَتُوضَعُ الْكِسْوَةُ عَلَى الْجُدُرِ ثُمَّ تُدَلَّى، ثُمَّ إِنَّ سَفِينَةً لِلرُّومِ أَقْبَلَتْ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِالشُّعَيْبَةِ5 انْكَسَرَتْ، فَسَمِعَتْ بِهَا قُرَيْشٌ فَرَكِبُوا إِلَيْهَا وَأَخَذُوا خَشَبَهَا، وَرُومِيٌّ يُقَالُ لَهُ "بَاقُومُ" نَجَّارٌ بَانٍ فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ قَالُوا: لَوْ بَنَيْنَا بَيْتَ رَبِّنَا، عَزَّ وَجَلَّ، وَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ وَنَقَلُوا الْحِجَارَةَ مِنْ أَجْيَادِ الضَّوَاحِي، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْقُلُ إِذِ انْكَشَفَتْ نَمِرَتُهُ، فَنُودِيَ: يَا مُحَمَّدُ عَوْرَتَكَ، فَذَلِكَ أَوَّلُ مَا نُودِيَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَمَا رُؤِيَتْ لَهُ عَوْرَةٌ بَعْدُ6. وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنَى الْبَيْتَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ، فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ، فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ، فَبَنَتْهُ جُرْهُمٌ، فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ فَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ. وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ وَضْعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ مَكَانَهُ7. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بكر بن حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا زِلْنَا نَسْمَعُ أَنَّ إِسَافًا وَنَائِلَةَ، رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مِنْ جُرْهُمٍ، زَنَيَا فِي الْكَعْبَةِ فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ"8. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: إِنَّمَا حَمَلَ قُرَيْشًا عَلَى بِنَاءِ الْكَعْبَةِ أَنَّ السَّيْلَ كَانَ يَأْتِي مِنْ فَوْقِهَا مِنْ فَوْقِ الرَّدْمِ الَّذِي صَنَعُوهُ فَأَخْرَبَهُ، فَخَافُوا أَنْ يَدْخُلَهَا الْمَاءُ، وَكَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُلَيْحٌ سَرَقَ طِيبَ الْكَعْبَةِ، فَأَرَادُوا أَنْ يُشَيِّدُوا بِنَاءَهَا وَأَنْ يَرْفَعُوا بَابَهَا حَتَّى لَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ شَاءُوا، فَأَعَدُّوا لِذَلِكَ نَفَقَةً وَعُمَّالًا. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ: ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْقُلُ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ مَعَ قُرَيْشٍ وَعَلَيْهِ إزار، فقال له عمه   1 الرضم: الحجارة. 2 المدر: قطع الطين اليابس. 3 تنزوه: تثب عليه. 4 العناق: الأنثى من أولاد المعز التي لم تكمل سنة. 5 الشعبية: مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز. 6 لم أجده من هذا الطريق، وقد أخرجه أحمد "4/ 454، 455"، من طريق آخر عن ابن خثيم مختصرًا ويأتي لفظه. 7 مرسل. 8 إسناده حسن: أخرجه إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 88". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 العبّاس: يابن أَخِي لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَهُ عَلَى مَنْكِبِكَ دُونَ الْحِجَارَةِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَمَا رُؤِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ عُرْيَانًا"1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ. مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَتَذَاكَرُوا بُنْيَانَ الْكَعْبَةِ فَقَالُوا: كَانَتْ مَبْنِيَّةً بِرَضْمٍ يَابِسٍ، وَكَانَ بَابُهَا بِالْأَرْضِ، وَلَمْ يُكَنْ لَهَا سَقْفٌ، وَإِنَّمَا تُدَلَّى الكِسْوَةُ عَلَى الْجُدُرِ، وَتُرْبَطُ مِنْ أَعْلَى الْجُدُرِ مِنْ بَطْنِهَا، وَكَانَ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ جُبٌّ يَكُونُ فِيهِ مَا يُهْدَى لِلْكَعْبَةِ بِنَذْرٍ مِنْ جُرْهُمٍ، وَذَلِكَ أنّه عدا على ذلك الْجُبِّ قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمٍ فَسَرَقُوا مَا بِهِ فَبَعَثَ اللَّهُ تِلْكَ الْحَيَّةَ فَحَرَسَتِ الْكَعْبَةَ وَمَا فِيهَا خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ إِلَى أَنْ بَنَتْهَا قُرَيْشٌ، وَكَانَ قَرْنَا الْكَبْشِ مُعَلَّقَيْنِ فِي بَطْنِهَا مَعَ مَعَالِيقَ مِنْ حِلْيَةٍ. إِلَى أَنْ قَالَ: حَتَّى بَلَغُوا الأَسَاسَ الَّذِي رَفَعَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَوَاعِدَ، فَرَأَوْا حِجَارَةً كَأَنَّهَا الْإِبِلُ الْخَلِفُ2 لَا يُطِيقُ الْحَجَرَ مِنْهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا يُحَرِّكُ الْحَجَرَ مِنْهَا، فَتَرْتَجُّ جَوَانِبُهَا، قَدْ تَشَبَّكَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، فَأَدْخَلَ الوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَتَلَةً بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَانْفَلَقَتْ مِنْهُ فَلْقَةٌ، فَأَخَذَهَا رَجُلٌ فَنَزَّتْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى عَادَتْ فِي مَكَانِهَا، وَطَارَتْ مِنْ تَحْتِهَا بَرْقَةٌ كَادَتْ أَنْ تَخْطَفَ أَبْصَارَهُمْ، وَرَجَفَتْ مَكَّةُ بِأَسْرِهَا، فَأَمْسَكُوا. إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَلَّتِ النَّفَقَةُ عَنْ عِمَارَةِ الْبَيْتِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يُقَصِّرُوا عَنِ الْقَوَاعِدِ وَيُحَجِّرُوا مَا يَقْدِرُونَ وَيَتْرُكُوا بَقِيِّتَهُ فِي الْحَجَرِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَتَرَكُوا سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا، وَرَفَعُوا بَابَهَا وَكَسَوْهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى لَا يَدْخُلَهَا السَّيْلُ وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ أَرَادُوا، وَبَنَوْهَا بِسَافٍ مِنْ حِجَارَةٍ وَسَافٍ مِنْ خَشَبٍ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الرُّكْنِ فَتَنَافَسُوا فِي وَضْعِهِ. إِلَى أَنْ قَالَ: فَرَفَعُوهَا بِمِدْمَاكِ حِجَارَةٍ وَمِدْمَاكِ خَشَبٍ، حَتَّى بَلَغُوا السَّقْفَ، فَقَالَ لَهُمْ "بَاقُومُ" النَجَّارُ الرُّومِيُّ: أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْعَلُوا سقفها مكبّسًا أو مسطّحًا؟   1 صحيح: أخرجه البخاري "1582" في كتاب الحج، باب: فضل مكة وبنيانها، ومسلم "340/ 77" في كتاب الحيض، باب: الاعتناء بحفظ العورة، وأحمد "3/ 295-380"، وعبد الرزاق في "مصنفه" "1103"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 31". 2 يريد أنها صخور عظيمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 قَالُوا: بَلْ مُسَطَّحًا، وَجَعَلُوا فيِهِ سِتَّ دَعَائِمَ فِي صَفَّيْنِ، وَجَعَلُوا ارْتِفَاعَهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَقَدْ كَانَتْ قَبْلُ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ، وَجَعَلُوا دَرَجَةً مِنْ خَشَبٍ فِي بَطْنِهَا يُصْعَدُ مِنْهَا إِلَى ظَهْرِهَا، وَزَوَّقُوا سَقْفَهَا وَحِيطَانَهَا مِنْ بَطْنِهَا وَدَعَائِمِهَا، وَصَوَّرُوا فِيهَا الْأَنْبِيَاءَ وَالْمَلَائِكَةَ وَالشَّجَرَ، وَصَوَّرُوا إِبْرَاهِيمَ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ1، وَصَوَّرُوا عِيسَى وَأُمَّهُ، وَكَانُوا أَخْرَجُوا مَا فِي جُبِّ الْكَعْبَةِ مِنْ حِلْيَةٍ وَمَالٍ وَقَرْنَيِ الْكَبْشِ، وَجَعَلُوهُ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيِّ، وَأَخْرَجُوا مِنْهَا هُبَلَ، فَنُصِبَ عِنْدَ الْمَقَامِ حَتَّى فَرَغُوا فَأَعَادُوا جَمِيعَ ذَلِكَ، ثُمَّ ستروها بحيرات يَمَانِيَّةٍ2. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَغَيْرِهِ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْبَيْتِ، فَأَمَرَ بِثَوْبٍ فَبُلَّ بِمَاءٍ وَأَمَرَ بِطَمْسِ تِلْكَ الصُّوَرِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى وَأُمِّهِ وَقَالَ: "امْحُوا الْجَمِيعَ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدِي" 3. رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ. ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الشَّامِيُّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَنَا أَسْمَعُ: أَدْرَكْتُ فِي الْبَيْتِ تِمْثَالَ مَرْيَمَ وَعِيسَى؟ قَالَ: نَعَمْ أَدْرَكْتُ تِمْثَالَ مَرْيَمَ مُزَوَّقًا فِي حِجْرِهَا عِيسَى قَاعِدٌ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ سِتَّةُ أَعْمِدَةٍ سَوَارِي، وَكَانَ تِمْثَالُ عِيسَى وَمَرْيَمَ فِي الْعَمُودِ الَّذِي يَلِي الْبَابَ، فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَتَى هَلَكَ - قَالَ فِي الْحَرِيقِ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قُلْتُ: أَعَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَعْنِي كَانَ قَالَ: لَا أَدْرِي، وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ قَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِهِ. قَالَ دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ثُمَّ عَاوَدْتُ عَطَاءً بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: تِمْثَالُ عِيسَى وَأُمِّهِ فِي الْوُسْطَى مِنَ السَّوَارِي. قَالَ الْأَزْرَقِيُّ: ثَنَا دَاوُدُ الْعَطَّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ فِي الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ تُهْدَمَ تِمْثَالَ عِيسَى وَأُمِّهِ، قَالَ دَاوُدُ: فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ الْحَجَبَةِ عَنْ مُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا شَيْبَةُ امْحُ كُلَّ صُورَةٍ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدِي" قَالَ: فَرَفَعَ يَدَهُ عَنْ عِيسَى ابن مريم وأمّه4.   1 الأزلام: سهام يستقسم بها. 2 مرسل. 3 ابن أبي نجيح وأبوه كلاهما ثقة، إلا أن ابن أبي نجيح يدلس. 4 إسناده ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 قَالَ الْأَزْرَقِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَفِيهَا صُوَرُ الْمَلَائِكَةِ، فَرَأَى صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: "قَاتَلَهُمُ اللَّهُ جَعَلُوهُ شَيْخًا يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ"، ثُمَّ رَأَى صُورَةَ مَرْيَمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَقَالَ: "امْحُوا مَا فِيهَا إِلَّا صُورَةَ مَرْيَمَ"1. ثُمَّ سَاقَهُ الْأَزْرَقِيُّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ بِنَحْوِهِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَلَكِنَّ قَوْلَ عَطَاءٍ وَعَمْرٍو ثَابِتٌ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ نَسْمَعْ بِهِ إِلَى الْيَوْمِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: لَمَّا بُنِيَ الْبَيْتُ كَانَ النَّاسُ يَنْقُلُونَ الْحِجَارَةَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ، فَأَخَذَ الثَّوْبَ فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَنُودِيَ: "لَا تَكْشِفْ عَوْرَتَكَ" فَأَلْقَى الْحَجَرَ وَلَبِسَ ثَوْبَهُ2. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّشْتَكِيُّ: ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كُنْتُ أَنَا وَابْنُ أَخِي نَنْقُلُ الْحِجَارَةَ عَلَى رِقَابِنَا وَأُزُرُنَا تَحْتَ الْحِجَارَةِ، فَإِذَا غَشِيَنَا النَّاسُ ائْتَزَرْنَا، فَبَيْنَا هُوَ أَمَامِي خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ مُنْبَطِحًا، فَجِئْتُ أَسْعَى وَأَلْقَيْتُ حَجَرِي، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ - فَقَامَ وَأَخَذَ إِزَارَهُ وَقَالَ: "نُهِيتُ أَنْ أَمْشِيَ عُرْيَانًا" فَكُنْتُ أَكْتُمُهَا النَّاسَ مَخَافَةَ أَنْ يَقُولُوا مَجْنُونٌ3. رَوَاهُ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ بِنَحْوِهِ، عَنْ سِمَاكٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بن أبي هند، عن سماك بن حرب، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا تَشَاجَرُوا فِي الْحَجَرِ أَنْ يَضَعَهُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: قَدْ جَاءَ الْأَمِينُ4. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الواحد، أنا محمد بن أحمد،   1 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: يزيد بن عياض بن جعدبة ضعيف جدًّا، ومتهم بالكذب، كما في "الميزان" "9740". 2 أخرجه أحمد "9740". 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 32، 33"، وسماك صدوق إلا أن روايته عن عكرمة مضطربة كما في "التقريب" "2624". 4 أخرجه الطيالسي في "مسنده" "113" والطبري في "تفسيره" "3/ 69-71". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَتْهُمْ، أَنْبَأَ ابْنُ بُرَيْدَةَ، أَنْبَأَ الطَّبَرَانِيُّ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابن خيثم، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: كَانَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَبْنِيَّةً بِالرَّضْمِ، لَيْسَ فِيهَا مَدَرٌ1، وَكَانَتْ قَدْرَ مَا نَقْتَحِمُهَا، وَكَانَتْ غَيْرَ مَسْقُوفَةٍ، إِنَّمَا تُوضَعُ ثِيَابُهَا عَلَيْهَا، ثُمَّ تُسْدَلُ عَلَيْهَا سَدْلًا، وَكَانَ الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ مَوْضُوعًا عَلَى سُورِهَا بَادِيًا، وَكَانَتْ ذَاتَ رُكْنَيْنِ كَهَيْئَةِ الْحَلْقَةِ، فَأَقْبَلَتْ سَفِينَةٌ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَانْكَسَرَتْ بِقُرْبِ جُدَّةَ، فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ لِيَأْخُذُوا خَشَبَهَا، فَوَجَدُوا رَجُلًا رُومِيًّا عِنْدَهَا، فَأَخَذُوا الْخَشَبَ، وَكَانَتِ السَّفِينَةُ تُرِيدُ الْحَبَشَةَ، وَكَانَ الرُّومِيُّ الَّذِي فِي السَّفِينَةِ نَجَّارًا، فَقَدِمُوا بِهِ وَبِالْخَشَبِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: نَبْنِي بِهَذَا الَّذِي فِي السَّفِينَةِ بَيْتَ رَبِّنَا، فَلَمَّا أَرَادُوا هَدْمَهُ إِذَا هُمْ بِحَيَّةٍ عَلَى سُورِ الْبَيْتِ، مِثْلَ قِطْعَةِ الْجَائِزِ سَوْدَاءِ الظَّهْرِ، بَيْضَاءِ الْبَطْنِ، فَجَعَلَتْ كُلَّمَا دَنَا أَحَدٌ إِلَى الْبَيْتِ لِيَهْدِمَ أَوْ يَأْخُذَ مِنْ حِجَارَتِهِ، سَعَتْ إِلَيْهِ فَاتِحَةً فَاهَا، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ: عِنْدَ الْمَقَامِ فَعَجُّوا2 إِلَى اللَّهِ وَقَالُوا: رَبَّنَا لَمْ نُرَعْ، أَرَدْنَا تَشْرِيفَ بَيْتِكَ وَتَزْيِينَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَرْضَى بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَمَا بَدَا لَكَ فَافْعَلْ، فَسَمِعُوا خِوَارًا فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا هُمْ بِطَائِرٍ أَسْوَدِ الظَّهْرِ، أَبْيَضِ الْبَطْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، أَعْظَمَ مِنَ النِّسْرِ، فَغَرَزَ مِخْلَابَهُ فِي رَأْسِ الْحَيَّةِ، حَتَّى انْطَلَقَ بِهَا يَجُرُّهَا، ذَنَبُهَا أَعْظَمُ مِنْ كَذَا وَكَذَا سَاقِطًا، فَانْطَلَقَ بِهَا نَحْوَ أَجْيَادٍ، فَهَدَمَتْهَا قُرَيْشٌ، وَجَعَلُوا يَبْنُونَهَا بِحِجَارَةِ الْوَادِي، تَحْمِلُهَا قُرَيْشٌ عَلَى رِقَابِهَا، فَرَفَعُوهَا فِي السَّمَاءِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، فَبَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْمِلُ حِجَارَةً مِنْ أَجْيَادٍ، وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ النَّمِرَةُ، فَذَهَبَ يَضَعُهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَبَرَزَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ صِغَرِ النَّمِرَةِ، فَنُودِيَ: يَا مُحَمَّدُ، خَمِّرْ عَوْرَتَكَ، فَلَمْ يُرَ عُرْيَانًا بَعْدَ ذَلِكَ. وَكَانَ بَيْنَ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَبَيْنَ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ خَمْسُ سِنِينَ3. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ دَاوُدُ الْعَطَّارُ، عَنِ ابْنِ خثيم4.   1 المدر: الطين اليابس. 2 عجوا: صاحوا. 3 في إسناده مقال: إسحاق بن إبراهيم هو الدبري، راوي المصنف عن الإمام عبد الرزاق، فيه مقال، ومحله الصدق، إلا أن في روايته عن عبد الرزاق مقال، ويترجح فيها الضعف، انظر "الميزان" "731" و"لسانه" وتأتي ترجمته "2421". 4 تقدم لفظه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بن واقد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثنا هِلالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مَوْلَاهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ يَبْنِي الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: وَلِي حَجَرٌ أَنَا نَحَتُّهُ بِيَدِي أعبده من دون الله، فأجئ بِاللَّبَنِ الْخَاثِرِ1 الَّذِي أَنْفَسُهُ2 عَلَى نَفْسِي فَأَصُبُّهُ عليه، فيجئ الْكَلْبُ فَيَلْحَسُهُ، ثُمَّ يَشْغَرُ3 فَيَبُولُ، فَبَنَيْنَا حَتَّى بَلَغْنَا الْحَجَرَ، وَمَا يَرَى الْحَجَرَ مِنَّا أَحَدٌ، فَإِذَا هُوَ وَسْطَ حِجَارَتِنَا، مِثْلَ رَأْسِ الرَّجُلِ، يَكَادُ يَتَرَاءَى مَنْهُ وَجْهُ الرَّجُلِ، فَقَالَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ: نَحْنُ نَضَعُهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: "بَلْ" نَحْنُ نَضَعُهُ. فَقَالُوا: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ حَكَمًا. قَالُوا: أَوَّلُ رَجُلٍ يَطْلُعُ مِنَ الْفَجِّ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الْأَمِينُ، فَقَالُوا لَهُ، فَوَضَعَهُ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ دَعَا بُطُونَهُمْ، فَأَخَذُوا بِنَوَاحِيهِ مَعَهُ، فَوَضَعَهُ4 هُوَ. اسْمُ مَوْلَى مُجَاهِدٍ: السَّائِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ الْبَيْتُ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ} 5 قَالَ: مِنْ تَحْتِهِ مَدًّا6. وَرَوَى نَحْوَهُ عَنْ منصور، عن مجاهد.   1 الخاثر: الغليظ. 2 أنفسه: أبخل به. 3 يشغر: يختلي. 4 إسناده حسن: أخرجه أحمد "3/ 425"، وأخرجه الدارمي "3" من طريق آخر عن مجاهد مختصرًا، وقال الألباني في "تحقيق فقه السيرة" "ص94": إن إسناد أحمد حسن. 5 سورة الانشقاق: 3. 6 إسناده ضعيف: أبو يحيى القتات ضعيف وأجود رواياته ما رواه عنه سفيان وليست هذه منها. وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": لين الحديث، وانظر "الميزان" "10729". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وَمِمَّا عَصَمَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ: إِنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، يَعْنِي الْأَشِدَّاءَ الْأَقْوِيَاءَ، وَكَانُوا يَقِفُونَ فِي الْحَرَمِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَلَا يَقِفُونَ مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، يَفْعَلُونَ ذَلِكَ رِيَاسَةً وَبَأْوًا1، وَخَالَفُوا بِذَلِكَ شَعَائِرَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي جُمْلَةِ مَا خَالَفُوا. فَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: "أَضْلَلَتُ بَعِيرًا لِي يَوْمَ عَرَفَةَ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ بِعَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاقِفًا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ: هَذَا مِنَ الْحُمْسِ، فَمَا شَأْنُهُ ههنا"2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَا هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا يَهُمُّ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مَرَّتَيْنِ، عَصَمَنِي اللَّهُ فِيهِمَا، قُلْتُ لَيْلَةً لِفَتًى مِنْ قُرَيْشٍ: أَبْصِرْ لِي غَنَمِي حَتَّى أَسْمُرَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِمَكَّةَ كَمَا تَسْمُرُ الْفِتْيَانُ. قَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ أَدْنَى دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ، فَسَمِعْتُ غِنَاءً وَصَوْتَ دُفُوفٍ وَمَزَامِيرَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: فُلَانٌ تَزَوَّجَ، فَلَهَوْتُ بِذَلِكَ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَنِمْتُ، فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ، فَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي، ثُمَّ فَعَلْتُ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ مَا هَمَمْتُ بَعْدَهَا بِسُوءٍ مِمَّا يَعْمَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِنُبُوَّتَهِ" 3. وَرَوَى مِسْعَرٌ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ ذَرِيحٍ، عَنْ زياد النّخعي، ثنا عمّار بن ياسر   1 كبرًا. 2 صحيح: أخرجه البخاري "1664" في كتاب الحج، باب: الوقوف بعرفة، ومسلم "1220" في كتاب الحج، باب: في الوقوف، والنسائي "5/ 255" في كتاب الحج، باب: رفع اليدين في الدعاء بعرفة، وأحمد "4/ 80". 3 أخرجه الحاكم في "مستدركه" "7619"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 33، 34" وقال أخرجه الهيثمي في "مجمع الزوائد" "8/ 226" بعد أن عزاه للبزار، رجاله ثقات. وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 725": وهذا حديث غريب جدًّا، وقد يكون عن علي نفسه، ويكون قوله في آخره "حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته" مقحمًا، والله أعلم. ا. هـ. قلت: وهذا الاحتمال بعيد إلا أن يعضده ضعف السند، وهذا ما لا أعلمه بل هو قريب من الحسن، والله أعلم بالصواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 أَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَتَيْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شَيْئًا حَرَامًا؟ قَالَ: "لَا، وَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ عَلَى مِيعَادَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سَامِرُ قَوْمِي، والآخر غلبتني عيني" 1 أو كما قال. إباء النبي -صلى الله عليه وسلم- حضورب عبد تعظيمن فيه الأصنام: وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ حسين بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ قَالَتْ: كَانَ بُوَانَةُ صَنَمًا تَحْضُرُهُ قُرَيْشٌ، تُعَظِّمُهُ وَتُنَسِّكُ لَهُ النُّسَّاكُ، وَيَحْلِقُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَهُ، وَيَعْكُفُونَ عِنْدَهُ يَوْمًا فِي السَّنَةِ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَحْضُرَ ذَلِكَ الْعِيدَ، فَيَأْبَى، حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا طَالِبٍ غَضِبَ، وَرَأَيْتُ عَمَّاتِهِ غَضِبْنَ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ الْغَضَبِ، وَجَعَلْنَ يَقُلْنَ: إِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ مِمَّا تَصْنَعُ مِنِ اجْتِنَابِ آلِهَتِنَا، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى ذَهَبَ فَغَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا مَرْعُوبًا، فَقُلْنَ: مَا دَهَاكَ؟ قَالَ: "إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ لِي لَمَمٌ"، فَقُلْنَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَبْتَلِيكَ بِالشَّيْطَانِ، وَفِيكَ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ مَا فِيكَ، فَمَا الَّذِي رَأَيْتَ؟ قَالَ: إِنِّي كُلَّمَا دَنَوْتُ مِنْ صَنَمٍ مِنْهَا تَمَثَّلَ لِي رَجُلٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ يَصِيحُ: وَرَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ لَا تَمَسَّهُ قَالَتْ: فَمَا عَادَ إِلَى عيد لهم حتى نبّئ2. نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- مس الأصنام قبل بعثته: وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ يُقَالُ لَهُ إِسَافٌ أَوْ نَائِلَةُ يَتَمَسَّحُ الْمُشْرِكُونَ بِهِ إِذَا طَافُوا، فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَطُفْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا مَرَرْتُ مَسَحْتُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَمَسَّهُ"، قَالَ زَيْدٌ: فَطُفْنَا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَأَمَسَّنَّهُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَكُونُ، فَمَسَحْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألم تنه" 3.   1 أخرجه الطبراني في "الصغير" "903". 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 75": ومحمد بن عمر هو الواقدي متروك كماتقدم، وأبو بكر بن أبي سيرة كذلك. 3 إسناده صحيح: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "4956" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 34" إسناده صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَدْ زَادَ فِيهِ بَعْضُهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِإِسْنَادِهِ: قَالَ زَيْدٌ فَوَاللَّهِ مَا اسْتَلَمَ صَنَمًا حَتَّى أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ1 وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِدَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ مَشَاهِدَهُمْ2. فَسَمِعَ مَلَكَيْنِ خَلْفَهُ، وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا حَتَّى نَقُومَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَيْفَ نَقُومُ خَلْفَهُ، وَإِنَّمَا عَهْدُهُ بِاسْتِلَامِ الأَصْنَامِ قُبَيْلُ؟ قَالَ: فَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ مَشَاهِدَهُمْ. تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرٌ، وَمَا أَتَى بِهِ عَنْهُ سِوَى شَيْخُ الْبُخَارِيِّ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَهُوَ مُنْكَرٌ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، ثنا بُدَيْلُ بْنُ "مَيْسَرَةَ"، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَمْسَاءِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْعًا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ، فَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ، فَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا فِي مَكَانِهِ ذَلِكَ. قَالَ: فَنَسِيتُ يَوْمِي وَالْغَدَ، فَأَتَيْتُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَوَجَدْتُهُ فِي مَكَانِهِ، فَقَالَ: "يَا فَتًى لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ، أَنَا ههنا مُنْذُ ثَلَاثٍ أَنْتَظِرُكَ"3.أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَأَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْبُنِّ، أنا جَدِّي، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ أبي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامِ الْأَسْوَدِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بَيْنَا أَنَا بِأَعْلَى مَكَّةَ، إِذَا بِرَاكِبٍ عَلَيْهِ سَوَادٌ فَقَالَ: هَلْ بِهَذِهِ القرية   1 قاله البيهقي في المصدر السابق. 2 أخرجه أبو يعلى في "مسنده" "1877" وابن عدي في "الكامل" "4/ 128" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 726": هو حديث أنكره غير واحد من الأئمة على عثمان بن أبي شيبة، حتى قال الإمام أحمد فيه: لم يكن أخوه -يقصد أبا بكر بن أبي شيب- يتلفظ بشيء من هذا. ا. هـ. قلت: وعثمان بن أبي شيبة من أئمة الحديث، وهو ثقة ربما أخطأ، انظر "الميزان" "5518" وقد ذكر فيه هذا الحديث من مناكيره، وتأتي ترجمة عثمان بن أبي شيبة "1856". 3 إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود "4996" في كتاب الأدب، باب: في العدة، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "1062": ضعيف الإسناد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ؟ فَقُلْتُ مَا بِهَا أَحْمَدُ وَلَا مُحَمَّدٌ غَيْرِي، فَضَرَبَ ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ فَاسْتَنَاخَتْ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى كَشَفَ عَنْ كَتِفِي حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْخَاتَمِ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيَّ فَقَالَ: أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ؟ قُلْتُ: وَنَبِيٌّ أَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: بِمَ أُبْعَثُ؟ قَالَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِ قَوْمِكَ، قَالَ: فَهَلْ مِنْ زَادٍ؟ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَأَخْبَرْتُهَا، فَقَالَتْ: حَرِيًّا أَوْ خَلِيقًا أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ، فَهِيَ أَكْبَرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَتْ بِهَا فِي أَمْرِي، فَأَتَيْتُهُ بِالزَّادِ، فَأَخَذَهُ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى زَوَّدَنِي نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- طعامًا، وحمله لي في ثوبه "1.   1 الظاهر أنه من مغازي ابن عائذ، ولم أقف على تراجم لمن فوقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 ذِكْرُ مَبْعَثِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءَ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، أَيْ يَتَعَبَّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتَ الْعَدَدِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجَأَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءَ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: فَقُلْتُ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ"، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي1 حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُلْتُ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ"، فَأَخَذَنِي الثَّانِيَةَ فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُلْتُ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ"، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} حتى بلغ إلى قوله: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} 2 قَالَتْ: فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ3 حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: "زَمِّلُونِي" 4، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ: يَا خَدِيجَةُ مَا لِي! وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ: "قَدْ خَشِيتِ عَلَيَّ"، فَقَالَتْ لَهُ: كَلَّا فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ5، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ إِلَى ابْنِ عَمِّهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْخَطَّ الْعَرَبِيَّ، فَكَتَبَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَمِيَ. فَقَالَتِ: اسْمَعْ من ابن أخيك، فقال: يابن أَخِي مَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ6 الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَالَ: "أَوَمُخْرِجِيَّ هم؟ ".   1 غطني: ضمني. 2 سورة العلق: 1-5. 3 بوادره: البوادر اللحمة التي بين المنكب والعنق. 4 زملوني: غطوني ولفوني. 5 الكل: من لا يستقل بأمره. 6 الناموس: هو جبريل -صلى الله عليه وسلم- والناموس لغة صاحب الخير، وعكسه الجاسوس، وهو صاحب الشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمَا جِئْتَ به إلاّ عودي وأوذي، ونّ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا1. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ2 وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ3. فَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ وَرَقَةَ، فَقَالَتْ لَهُ خديجة: إنّه يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ صَدَّقَكَ، وَإِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ، فَقَالَ: "رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَكَانَ عَلَيْهِ لِبَاسٌ غَيْرُ ذَلِكَ" 4. وَجَاءَ مِنْ مَرَاسِيلِ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رَأَيْتُ لِوَرَقَةَ جَنَّةً أَوْ جَنَّتَيْنِ" 5. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً، حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُزْنًا شَدِيدًا، وَغَدَا مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى6 مِنْ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، وَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةٍ لِيُلْقِيَ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقَرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ7. رَوَاهُ أَحْمَدُ في "مسنده"، والبخاري.   1 مؤزرًا: قويًَّا. 2 لم ينشب: لم يلبث. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3" في كتاب بدء الواحي، باب: رقم "3"، ومسلم "160" في كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وانظر شرح الغريب في "شرح مسلم للنووي" "2/ 161-166"، و"الفتح" "1/ 31-37". 4 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" "9719" في آخر حديث بدء الوحي. 5 صحيح: أخرجه البزار موصولًا لا بذكر عائشة -رضي الله عنها- كما في "البداية" "2/ 13" وقال الحافظ ابن كثير: هذا إسناد جيد، وروي مرسلًا وهو أشبه. وصححه الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص112". 6 يتردي: يهلك. 7 مرسل: أخرجه أحمد "6/ 223"، والبخاري "6982" في كتاب التعبير، باب: أول ما بدئ به رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الوحي الرؤيا الصالحة، وهو من مراسيل الزهري على الراجح، فلفظه في المصدرين السابقين "وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما بلغنا ... " الحديث قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "12/ 376" القائل "فيما بلغنا" هو الزهري، ومعنى الكلام: أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري، وليس موصولًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ، فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ1، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقَرَنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلَ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ، وَلَمْ يَنْزِلِ الْقُرْآنُ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثُ سِنِينَ قَرَنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلَ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ3. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الْأَبَرْقُوهِيُّ، أنا عَبْدُ الْقَوِيِّ بْنُ الْجَبَّابِ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْخُلَعِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ النَّحَّاسِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَرْدِ، أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، ثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَتِ الأَحْبَارُ وَالرُّهْبَانُ وَكُهَّانُ الْعَرَبِ قَدْ تَحَدَّثُوا بَأَمْرِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ مَبْعَثِهِ لَمَّا تَقَارَبَ مِنْ زَمَانِهِ، أَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَعَمَّا وَجَدُوا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ صِفَتِهِ وَصِفَةِ زَمَانِهِ، وَمَا كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاؤُهُمْ مِنْ شَأْنِهِ، وَأَمَّا الْكُهَّانُ فَأَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ بِمَا اسْتَرَقَتْ مِنَ السَّمْعِ، وَأَنَّهَا قَدْ حُجِبَتْ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَرُمِيَتْ بِالشُّهُبِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} 4 فَلَمَّا سَمِعَتِ الْجِنُّ الْقُرْآنَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- عرفت أنّها منعب مِنَ السَّمْعِ قَبْلَ ذَلِكَ، لِئَلا يُشْكَلَ الْوَحِيُ   1 صحيح: أخرجه البخاري "3851" في كتاب مناقب الأنصار، باب: مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم. 2 مرسل. 3 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 912". 4 سورة الجن: 9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 بشيء من خير السَّمَاءِ فَيَلْتَبِسَ الْأَمْرُ، فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَوَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ1. وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ فَزِعَ لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ ثَقِيفٌ، فَجَاءُوا إِلَى عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ وَكَانَ أَدْهَى الْعَرَبِ، فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا حَدَثَ؟ قَالَ: بَلَى، فَانْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمُ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا وَتُعْرَفُ بِهَا الْأَنْوَاءُ هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا، فَهِيَ وَاللَّهِ طَيُّ الدُّنْيَا وَهَلَاكُ أَهْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا غَيْرَهَا، وَهِيَ ثَابِتَةٌ عَلَى حَالِهَا، فَهَذَا أَمْرٌ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ هَذَا الْخَلْقَ فَمَا هُوَ2. قُلْتُ: رَوَى حَدِيثَ يَعْقُوبَ بِنَحْوِهِ حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، لَكِنْ قال: فأتوا عبد ياليل بْنَ عَمْرٍو الثَّقَفِيُّ، وَكَانَ قَدْ عَمِيَ3. وَقَدْ جَاءَ غَيْرُ حَدِيثٍ بِأَسَانِيدَ وَاهِيَةٍ أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْكُهَّانِ أَخْبَرَهُ رِئْيَةً مِنَ الْجِنِّ بِأَسْجَاعٍ وَرَجَزٍ، فِيهَا ذِكْرُ مَبْعَثِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ. وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عَمْرِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: إِنَّ مِمَّا دَعَانَا إِلَى الْإِسْلَامِ مَعَ رَحْمَةِ اللَّهِ وَهُدَاهُ لَنَا، أَنَّا كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ يَهُودَ، وَكُنَّا أَصْحَابَ أَوْثَانٍ، وَهُمْ أَهْلُ كتاب، وَكَانَ لَا يَزَالُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ شُرُورٌ، فَإِذَا نِلْنَا مِنْهُمْ قَالُوا إِنَّهُ قَدْ تَقَارَبَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ الآنَ نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، وَكُنَّا كَثِيرًا مَا نَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فلمّا بعث الله رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجَبْنَاهُ حِينَ دَعَانَا، وَعَرَفْنَا مَا كَانُوا يَتَوَعَّدُونَنَا بِهِ، فَبَادَرْنَاهُمْ إِلَيْهِ، فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرُوا بِهِ، فَفِي ذَلِكَ نَزَلَ {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} 4. الْآيَاتِ5. حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ،   1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 209-211". 2 معضل: انظر المصدر السابق "1/ 212". 3 مرسل. 4 انظر "البداية" "1/ 781-810" باب: في هواتف الجان. 5 سورة البقرة: 89. والخبر أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 216، 217". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ يَهُودِيٌّ، فَخَرَجَ يَوْمًا حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، وَأَنَا أَحْدَثُهُمْ سِنًّا، فَذَكَرَ الْقِيَامَةَ وَالْحِسَابَ وَالْمِيزَانَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، قَالَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَصْحَابِ أَوْثَانٍ لا يَرَوْنَ بَعْثًا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ، أَوَ تَرَى هَذَا كَائِنًا أَنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ! قَالَ: نَعَمْ قَالُوا: فَمَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ مَبْعُوثٌ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلادِ، وَأَشَارَ إِلَى مَكَّةَ وَالْيَمَنِ، قَالُوا: وَمَتَى نَرَاهُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا حَدَثٌ فَقَالَ: إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمْرَهُ يُدْرِكْهُ، قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاللَّهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا، فَقُلْنَا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ، أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ! قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ بِهِ1. حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي عَمَّ كَانَ الْإِسْلَامُ لِثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْيَةَ، وَأَسِيدِ بْنِ سَعْيَةَ، وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدٍ، نَفَرٍ مِنْ إِخْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، كَانُوا مَعَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ، ثُمَّ كَانُوا سَادَتَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ؟ قلت: لا بد وَاللَّهِ، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ يَهُودِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْهَيْبَانِ قَدِمَ عَلَيْنَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِسِنِينَ، فَحَلَّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا قَطُّ لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَفْضَلَ مِنْهُ، فَأَقَامَ عِنْدَنَا فَكَانَ إِذَا قَحَطَ عَنَّا المطر يأمرنا بالصّدقة وَيَسْتَسْقِي لَنَا، فَوَاللَّهِ مَا يَبْرَحُ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى نُسْقَى، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَيِّتٌ قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ مَا تَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ، إِلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ؟ قُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ: إِنَّمَا قَدِمْتُ أَتَوَكَّفُ2 خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، وَهَذِهِ الْبَلْدَةُ مُهَاجَرُهُ، فَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُبْعَثَ فأبتعه، وقد أظلّكم زمانه، فلا تسبقنّ غليه يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ وَسَبْيِ الذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ مِمَّنْ خَالَفَهُ، فَلَا يَمْنَعَنَّكُمْ ذلك منه. فلمّا بعث مُحَمَّد رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَاصَرَ خَيْبَرَ قَالَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةُ، وَكَانُوا شُبَّانًا أَحْدَاثًا: يَا بَنِي قُرَيْظَةَ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي كَانَ عَهِدَ إِلَيْكُمْ فِيهِ ابْنُ الْهَيْبَانِ، قَالُوا: لَيْسَ بِهِ، فَنَزَلَ هَؤُلاءِ وَأَسْلَمُوا وَأَحْرَزُوا دماءهم وأموالهم وأهاليهم3.   1 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 217-218". 2 أتوكف: أنتظر. 3 أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 218-219" والظاهر من السياق أن هذا الشيخ من بني قريظة أدرك الجاهلية لقوله "قدم علينا قبل الإسلام بسنين" إلا أن يريد بقوله "علينا" قومه لا هو، وقد يفعل البعض، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وَبِهِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَتْ خَدِيجَةُ قَدْ ذَكَرَتْ لِعَمِّهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ وَتَنَصَّرَ، مَا حَدَّثَهَا "مَيْسَرَةُ" مِنْ قَوْلِ الرَّاهِبِ وَإِظْلَالِ الْمَلَكَيْنِ، فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ هَذَا حَقًّا يَا خَدِيجَةُ إِنَّ مُحَمَّدًا لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقَدْ عَرَفَ أَنَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيًّا يُنْتَظَرُ زَمَانُهُ، قَالَ: وَجَعَلَ وَرَقَةُ يَسْتَبْطِئُ الْأَمْرَ وَيَقُولُ: حَتَّى مَتَى، وَقَالَ: لَجِجْتُ وَكُنْتُ فِي الذِّكْرَى لَجُوجًا ... لِهَمٍّ طَالَمَا بَعَثَ النَّشِيجَا وَوَصْفٍ مِنْ خَدِيجَةَ بَعْدَ وَصْفٍ ... فَقَدْ طَالَ انْتِظَارِيَ يَا خَدِيجَا بِبَطْنِ الْمَكَّتَيْنِ عَلَى رَجَائِي ... حَدِيثُكِ أَنْ أَرَى مِنْهُ خُرُوجَا1 بِمَا خَبَّرْتِنَا مِنْ قَوْلِ قَسٍّ ... مِنَ الرُّهْبَانِ أَكْرَهُ أَنْ يَعُوجَا بِأَنَّ مُحَمَّدًا سَيَسُودُ قَوْمًا ... وَيَخْصِمُ مَنْ يَكُونُ لَهُ حَجِيجَا وَيُظْهِرُ فِي الْبِلَادِ ضِيَاءَ نُورٍ ... يُقِيمُ بِهِ الْبَرِيَّةَ أَنْ تَمُوجَا فَيَلْقَى مَنْ يُحَارِبُهُ خَسَارًا ... وَيَلْقَى مَنْ يُسَالِمُهُ فُلُوجَا2 فَيَا لَيْتَنِي إِذَا مَا كَانَ ذَاكُمْ ... شَهِدْتُ فَكُنْتُ أَوَّلَهُمْ وُلُوجَا فَإِنْ يَبْقَوْا وَأَبْقَ تَكُنْ أُمُورٌ ... يَضِجُّ الْكَافِرُونَ لَهَا ضَجِيجَا3 وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّبِّيُّ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"إِنَّ بِمَكَّةَ لَحَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ لَيَالِيَ بُعِثْتُ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ"4 رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كثير: حدثنا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا أَيُّ الْقُرْآنِ أنزل   1 المكتين: تثنية مكة. 2 الفلوج: الظهور. 3 معضل: ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 196-197". 4 صحيح: عزاه المصنف لأبي داود ولم أجده فيه، فلعله أراد الترمذي فسبقه القلم، فقد أخرجه الترمذي "3644" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في آيات إثبات نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- من طريق سليمان بن معاذ به، وأخرجه أيضًا مسلم "2277" في كتاب الفضائل باب: نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "5/ 89، 95، 105"، الدارمي "20"، والطبراني في "الأوسط" "2012"، وابن حبان في "صحيحه" "6482" والبغوي في "شرح السنة" "3709". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 أوّل {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} 1 أَوِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} 2 فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "إِنِّي جَاوَرْتُ بِحِرَاءَ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي نَزَلْتُ، فَاسْتَبْطَنْتُ الْوَادِي فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا هُوَ عَلَى عَرْشٍ فِي الْهَوَاءِ، يَعْنِي الْمَلَكَ، فَأَخَذَنِي رَجْفَةٌ فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَأَمَرَتْهُمْ فَدَثَّرُونِي، ثم صبّوا عليّ الماء، فأنزل الله {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ} " 3. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ، قَالَ: "بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءَ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَجُئِثْتُ 4 مِنْهُ رُعْبًا، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي فدثّروني، ونزلت: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} إلى قوله {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} 5 وَهِيَ الْأَوْثَانُ"6. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهُوَ نَصٌّ فِي أنّ {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فَكَانَ الْوَحْيُ الْأَوَّلُ لِلنُّبُوَّةِ والثّاني للرسالة.   1 سورة المدثر: 1. 2 سورة العلق: 2. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4924" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} ، وأحمد "3/ 392". 4 جئثت: فزعت. 5 سورة المدثر: 1-5. 6 صحيح: أخرجه البخاري "4" في كتاب بدء الوحي، باب: رقم "3"، ومسلم "161/ 255" في كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ خَدِيجَةُ "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَ عِزُّ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الأثير: خديجة أوّل خلق الله أسلمت بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَتَقَدَّمْهَا رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ: خَدِيجَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَلِيٌّ. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَجَمَاعَةٌ: أَبُو بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: بَلْ عَلِيٌّ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِيهِمَا قَوْلَانِ، لَكِنْ أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ أو نحوها على الصحيح، وقيل: وله ثمان سِنِينَ، وَقِيلَ: تِسْعٌ، وَقِيلَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ، وَقِيلَ: خَمْسَ عَشْرَةَ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ، فَإِنَّ ابْنَهُ مُحَمَّدًا، وَأَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ، وَأَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيعِيَّ وَغَيْرَهُمْ قَالُوا: تُوُفِّيَ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. فَهَذَا يَقْضِي بِأَنَّهُ أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ، حَتَّى إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ رَوَى عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُتِلَ عَلِيٌّ وَلَهُ ثَمَانٍ وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: أَوَّلُ ذَكَرٍ آمَنَ بِاللَّهِ عِلَيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ أَسْلَمَ زَيْدٌ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَتْ خَدِيجَةُ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَقَبِلَ الرَّسُولُ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَانْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ، وَجَعَلَ لَا يَمُرُّ عَلَى شَجَرَةٍ وَلَا صَخْرَةٍ إِلَّا سَلَّمَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ قَالَ: أَرَأَيْتُكِ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكِ أَنِّي رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ، فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ اسْتَعْلَنَ لِي، أَرْسَلَهُ إِلَيَّ رَبِّي، وَأَخْبَرَهَا بِالْوَحْيِ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِكَ إِلَّا خَيْرًا، فَاقْبَلِ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ اللَّهِ فَإِنَّهُ حَقٌّ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عَدَّاسٍ غُلَامِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا مِنْ أَهْلِ نِينَوَى فَقَالَتْ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ إِلَّا ما   1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 248". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 أَخْبَرْتَنِي، هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِنْ جِبْرِيلَ؟ فَقَالَ عَدَّاسٌ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ. قَالَتْ: أَخْبِرْنِي بِعِلْمِكَ فِيهِ، قَالَ: فَإِنَّهُ أَمِينُ اللَّهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّينَ، وَهُوَ صَاحِبُ مُوسَى، وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. فَرَجَعَتْ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى وَرَقَةَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بِنَحْوٍ مِنْهُ، وَزَادَ: فَفَتَحَ جِبْرِيلُ عَيْنًا مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ، وَمُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَوَضَّأَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ نَضَحَ فَرْجَهُ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مُوَاجِهَ الْبَيْتِ، فَفَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما رأى جبريل يفعل2.   1 مرسل: أخرجه موسى بن عقبة كما في "البداية" "12/ 17-18". 2 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ بعض أهل العلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ وَابْتَدَأَهُ بِالنُّبُوَّةِ، كَانَ لَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ وَسَمِعَ مِنْهُ1، وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى حِرَاءَ فِي كُلِّ عَامٍ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ يَنْسُكُ فِيهِ. وَقَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إني لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ" 2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ، فَخَرَجَ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا، فَمَا اسْتَقْبَلَهُ شَجَرٌ وَلَا جَبَلٌ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ3. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ القاضي: حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: جاء جبريل إلى النّبيّ   1 إسناده ضغيف: انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 238". 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 3 ضعيف: أخرجه الترمذي "3646" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في آيات إثبات نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- والدارمي "21" وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "747": ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مَكَّةَ، قَدْ خَضَبَهُ أَهْلُ مَكَّةَ بِالدِّمَاءِ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: "خَضَبَنِي هَؤُلَاءِ بِالدِّمَاءِ وَفَعَلُوا وَفَعَلُوا"، قَالَ: تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: ادْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ، فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَتْ تَخُطُّ الْأَرْضَ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: مُرْهَا فَلْتَرْجِعْ إِلَى مَكَانِهَا، قَالَ: "ارْجِعِي إِلَى مَكَانِكِ" فَرَجَعَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَسْبِي" 1. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ إسحاق: حدّثني وهب بن كيسان، سمعت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ قَتَادَةَ اللَّيْثِيِّ، حَدَّثْتُ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ مَا ابْتَدَأَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النُّبُوَّةِ حِينَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجَاوِرُ فِي حِرَاءَ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَتَحَنَّثُ بِهِ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ2. وَالتَّحَنُّثُ التَّبَرُّرُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: فَكَانَ يُجَاوِرُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، يُطْعِمُ مَنْ جَاءَهُ مِنَ الْمَسَاكِينِ، فَإِذَا قَضَى جِوَارَهُ مِنْ شَهْرِهِ، كَانَ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ الْكَعْبَةَ، فَيَطُوفُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ، وَذَلِكَ الشَّهْرُ رَمَضَانُ، خَرَجَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حِرَاءَ وَمَعَهُ أَهْلُهُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِيهَا بِرِسَالَتِهِ، جَاءَهُ جِبْرِيلُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جَاءَنِي وَأَنَا نَائِمٌ بِنَمَطٍ 4 مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ كِتَابٌ، فَقَالَ: اقْرَأْ، قلت: ما أَقْرَأُ؟ قَالَ: فَغَتَّنِي بِهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الموت، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: وَمَا أَقْرَأُ؟ فَغَتَّنِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْمَوْتُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: وَمَا أَقْرَأُ؟ مَا أَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا افْتِدَاءً مِنْهُ أَنْ يعود لي بمثل ما   1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4028" في كتاب الفتن، باب: الصبر على البلاء، وابن أبي شيبة في "مصنفه" "7/ 430"، والدارمي "23"، وأبو نعيم في "الحلية" "9854" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 611": إسناده على شرط مسلم. وقال البوصيري في "الزوائد": هذا إسناد صحيح. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3254": صحيح. 2 رجاله موثقون: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 238" وعبيد الله بن عمير مختلف في صحبته. 3 انظر المصدر السابق "1/ 239، 240" فقد أخرجه ابن إسحاق بالسند السابق. 4 النمط: نوع من البسط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 صنع بي، فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} إلى قوله: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} 1، فَقَرَأْتُهَا ثُمَّ انْتَهَى عَنِّي، وَهَبَبْتُ مِنْ نَوْمِي، فَكَأَنَّمَا كَتَبْتُ فِي قَلْبِي كِتَابًا" 2. فِي هَذَا الْمَكَانِ زِيَادَةٌ، زَادَهَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَهِيَ: وَلَمْ يَكُنْ فِي خَلْقِ اللَّهِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ شَاعِرٍ أَوْ مجنون فكنت لا أطيق أن أنظر إليهما، فَقُلْتُ: إِنَّ الأَبْعَدَ، يَعْنِي نَفْسَهُ، لَشَاعِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، ثُمَّ قُلْتُ: لَا تُحَدِّثْ عَنِّي قُرَيْشٌ بِهَذَا أَبَدًا، لَأَعْمِدَنَّ إِلَى حَالِقٍ مِنَ الْجَبَلِ، فَلَأَطْرَحَنَّ نَفْسِي فَلَأَسْتَرِيحَنَّ، فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي وَسَطٍ مِنَ الْجَبَلِ، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا جِبْرِيلُ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ صَافٍّ قَدَمَيْهِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا جِبْرِيلُ، فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَمَا أَتَقَدَّمُ وَلَا أَتَأَخَّرُ، وَجَعَلْتُ أَصْرِفُ وَجْهِي عَنْهُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ، فَلَا أَنْظُرُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا إِلَّا رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ، فَمَا زِلْتُ وَاقِفًا حَتَّى بَعَثَتْ خَدِيجَةُ رُسُلَهَا فِي طَلَبِي، فَبَلَغُوا أَعْلَى مَكَّةَ وَرَجَعُوا إِلَيْهَا، وَأَنَا وَاقِفٌ فِي مَكَانِي ذَلِكَ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّي، فَانْصَرَفْتُ إِلَى أَهْلِي، حَتَّى أَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَى فَخِذِهَا مُضِيفًا إِلَيْهَا فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَيْنَ كُنْتَ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثْتُ رُسُلِي فِي طَلَبِكَ حَتَّى بَلَغُوا أَعْلَى مَكَّةَ وَرَجَعُوا، ثُمَّ حَدَّثْتُهَا بِالَّذِي رأيت، فقالت: أبشر يابن عَمِّي وَاثْبُتْ فَوَالَّذِي نَفْسُ خَدِيجَةَ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ. ثُمَّ قَامَتْ فَجَمَعَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَتْ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا، وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَقَرَأَ الْكُتُبَ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا رَأَى وَسَمِعَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ كُنْتِ صَدَقْتِ يَا خَدِيجَةُ، لَقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي يَأْتِي مُوسَى، وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَقُولِي لَهُ فَلْيَثْبُتْ، فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ وَرَقَةَ، فَلَمَّا قَضَى جِوَارَهُ طَافَ بِالْكَعْبَةِ، فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ وَهُوَ يَطُوفُ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ مُوسَى وَلَتُكَذَّبَنَّهُ   1 سورة العلق: 1-5. 2 أخرجه ابن إسحاق السابق، كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 239، 240" ورجاله موثقون إلا أن عبيد الله بن عمير مختلف في صحبته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وَلَتُؤْذَنَّهُ وَلَتُخْرَجَنَّهُ وَلَتُقَاتَلَنَّهُ، وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ، ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ مِنْهُ فَقَبَّلَ يَافُوخَهُ1. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنَا أَوَّلَ مَا رَأَى أَنَّ اللَّهَ أَرَاهُ رُؤْيَا فِي الْمَنَامِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَذَكَرَهَا لِخَدِيجَةَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ وَشَرَحَ صَدْرَهَا بِالتَّصْدِيقِ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ، ثُمَّ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ رَأَى بَطْنَهُ شُقَّ ثُمَّ طُهِّرَ وَغُسِّلَ ثُمَّ أُعِيدَ كَمَا كَانَ، قَالَتْ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ فَأَبْشِرْ، ثُمَّ اسْتَعْلَنَ لَهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فأجلسه في مجلس كَرِيمٍ مُعْجِبٍ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يقول: أجلسني على بساط طهيئة الدُّرْنَوَكِ2 فِيهِ الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ، فَبَشَّرَهُ بِرِسَالَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى اطْمَأَنَّ3. الَّذِي فِيهَا مِنْ شَقِّ بَطْنِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَهَا بِمَا تَمَّ لَهُ فِي صِغَرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شُقَّ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ شُقَّ مَرَّةً ثَالِثَةً حِينَ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَأَنْشَدَ وَرَقَةُ: إِنْ يَكُ حَقًّا يَا خَدِيجَةُ فَاعْلَمِي ... حَدِيثُكِ إِيَّانَا فَأَحْمَدُ مُرْسَلُ وَجِبْرِيلُ يَأْتِيهِ وَمِيكَالُ مَعَهُمَا ... مِنَ اللَّهِ وَحْيٌ يَشْرَحُ الصَّدْرَ مُنْزَلُ يَفُوزُ بِهِ من فار فِيهَا بِتَوْبَةٍ ... وَيَشْقَى بِهِ الْعَانِي الْغَوِيُّ الْمُضَلَّلُ فَسُبْحَانَ مَنْ تَهْوِي الرِّيَاحُ بِأَمْرِهِ ... وَمَنْ هُوَ فِي الْأَيَّامِ مَا شَاءَ يَفْعَلُ وَمَنْ عَرْشُهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا ... وَأَقْضَاؤُهُ فِي خَلْقِهِ لَا تبدّل طمأنة السيدة خديجة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بشأن الوحي: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حكيمٍ أَنَّ خَدِيجَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيِ ابْنَ عَمٍّ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِكَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ إِذَا جَاءَكَ، قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ، فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ: "يَا خَدِيجَةُ هَذَا جِبْرِيلُ" هَلْ تَرَاهُ؟ قالت: يابن عَمٍّ قُمْ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِي الْيُسْرَى، فَقَامَ فجلس عليها، قالت: هل   1 انظر المصدر السابق. 2 الدرنوك: كل ما له خمل قصير. 3 مرسل: أجرجه موسى بن عقبة بن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلًا، كما في "البداية" "2/ 17". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 تَرَاهُ: قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَتْ: فَتَحَوَّلْ فَاقْعُدْ عَلَى فَخِذِي الْيُمْنَى، فَتَحَوَّلَ فَقَعَدَ عَلَى فَخِذِهَا، قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَتْ: فَاجْلِسْ فِي حِجْرِي، فَفَعَلَ، قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ: قَالَ: "نَعَمْ"، فَتَحَسَّرَتْ فَأَلْقَتْ خِمَارَهَا، ثُمَّ قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: "لَا" قَالَتِ: اثْبُتْ وَأَبْشِرْ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَلَكٌ وَمَا هَذَا بِشَيْطَانٍ1. قَالَ: وَحَدَّثْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُ أُمِّيَ فَاطِمَةَ بِنْتَ حُسَيْنٍ تُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ خَدِيجَةَ، إِلِّا أَنِّي سَمِعْتُهَا تَقُولُ: أَدْخَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهَا وَبَيْنَ دِرْعِهَا فَذَهَبَ عِنْدَ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَقَالَتْ: إِنَّ هَذَا لَمَلَكٌ وَمَا هُوَ بِشَيْطَانٍ2. وقال أبو صالح: أخبرنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ عُلَمَائِهِمْ يَقُولُ: كَانَ أَوَّلُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى قوله {مَا لَمْ يَعْلَمْ} 3 فَقَالُوا: هَذَا صَدْرُهَا الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حِرَاءَ، ثُمَّ أُنْزِلَ آخِرُهَا بَعْدُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ4. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ابْتُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالتَّنْزِيلِ فِي رَمَضَانَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} 5، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 6 وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} 7. صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع خديجة وإسلام علي وزيد بن حارثة: قال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قَالَ: هَمَزَ جِبْرِيلُ بِعَقِبِهِ فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي، فَانْفَجَرَتْ عَيْنٌ، فَتَوَضَّأَ جِبْرِيلُ وَمُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَرَجَعَ، وَقَدْ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ، وَطَابَتْ نَفْسُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِ خديجة، حتى أتى بها العين   1 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 242"، فقال: حدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير: أنه حدث عن خديجة -رضي الله عنها. 2 أخرجه ابن إسحاق كما في المصدر السابق "1/ 242-243". 3 سورة العلق: 1-5. 4 إسناده ضعيف: أبو صالح هو كاتب الليث ضعيف كما في "التقريب" "3388". 5 سورة البقرة: 185. 6 سورة القدر: 1. 7 سورة الدخان: 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 فَتَوَضَّأَ كَمَا تَوَضَّأَ جِبْرِيلُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ هو وخديجة، ثُمَّ كَانَ هُوَ وَخَدِيجَةُ يُصَلِّيَانِ سِرًّا، ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ فَوَجَدَهُمَا يُصَلِّيَانِ فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا هَذَا يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ: دِينٌ اصْطَفَاهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ وَبَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ فَأَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ، وَكُفْرٍ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى. فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَسْمَعْ بِهِ قَبْلَ الْيَوْمِ، فَلَسْتُ بِقَاضٍ أَمْرًا حَتَّى أُحَدِّثَ بِهِ أَبَا طَالِبٍ، وَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُفْشِي عَلَيْهِ سِرَّهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْلِنَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ إِنْ لَمْ تُسْلِمْ فَاكْتُمْ، فَمَكَثَ عَلِيٌّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أَوْقَعَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ الْإِسْلَامَ، فَأَصْبَحَ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَقِيَ يَأْتِيهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ أَبِي طَالِبٍ، وَكَتَمَ إِسْلامَهُ. وَأَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَمَكَثَا قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ يَخْتَلِفُ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ مِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَصَابَتْ قُرَيْشًا أَزْمَةٌ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ ذَا عِيَالٍ كَثِيرَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ، وَكَانَ مُوسِرًا، إِنَّ أَخَاكَ أَبَا طَالِبٍ كَثِيرُ الْعِيَالِ، وَقَدْ أَصَابَ النَّاسَ، مَا تَرَى، فَانْطَلِقْ لِنُخَفِّفَ عَنْهُ مِنْ عِيَالِهِ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا، وَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ نَبِيًّا فَاتَّبَعَهُ عَلِيٌّ وَآمَنَ بِهِ1. وَقَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ خَدِيجَةُ، وَأَوَّلُ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، وَإِنَّ عَلِيًّا كَانَ يَكْتُمُ الْإِسْلَامَ فَرَقًا مِنْ أَبِيهِ، حَتَّى لَقِيَهُ أَبُوهُ فَقَالَ: أَسْلَمْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: آزِرِ ابْنَ عَمِّكَ وَانْصُرْهُ2. وَقَالَ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ قبل أبي بكر.   1 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 149". 2 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وقال يونس: عن ابن إسحاق: حدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا كَانَتْ عِنْدَهُ كَبْوَةٌ وَتَرَدَّدَ وَنَظَرَ، إِلَّا أَبَا بَكْرٍ، مَا عَتَمَ عَنْهُ حِينَ ذَكَرْتُهُ وَمَا تَرَدَّدَ فِيهِ"1. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي "مَيْسَرَةَ" أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا بَرَزَ، سَمِعَ مَنْ يُنَادِيهِ، يَا مُحَمَّدُ، فَإِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ انْطَلَقَ هَارِبًا، فَأَسَرَّ ذَلِكَ إِلَى أَبِي بكر، وكان نديمًا له في الجاهلية2.   1 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "البداية" "2/ 34" ولم أجد ترجمة لمحمد بن عبد الرحمن، والإسناد مرسل، فإن ابن إسحاق لم يدرك أحدًا من الصحابة. 2 مرسل إسناده ضعيف: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 إِسْلامُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: ذَكَرَ بعض أهل العلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، خَرَجَ إِلَى شِعَابِ مَكَّةَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ فَيُصَلِّيَانِ فَإِذَا أَمْسَيَا رَجَعَا، ثُمَّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ عَبَرَ عَلَيْهِمَا وَهُمَا يُصَلِّيَانِ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم: يابن أَخِي مَا هَذَا؟ قَالَ: "أَيْ عَمِّ هَذَا دِينُ اللَّهِ وَدِينُ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَدِينُ إِبْرَاهِيمَ، بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ رَسُولًا إِلَى الْعِبَادِ وَأَنْتَ أَيْ عَمِّ أَحَقُّ مَنْ بَذَلْتُ لَهُ النَّصِيحَةَ وَدَعَوْتُهُ إِلَى الْهُدَى وَأَحَقُّ مَنْ أَجَابَنِي وَأَعَانَنِي"، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَيِ ابْنَ أَخِي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُفَارِقَ دِينَ آبَائِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا يخلص إليك شيء تكره مَا بَقِيتُ، وَلَمْ يُكَلِّمْ عَلِيًّا بِشَيْءٍ يَكْرَهُ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَدْعُكَ إِلَّا إِلَى خَيْرٍ فَاتَّبِعْهُ2. ثُمَّ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ أَوَّلَ ذَكَرٍ أَسْلَمَ، وَصَلَّى بَعْدَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ بِرَقِيقٍ، فَدَخَلَتْ عمّته خديجة بنت خويلد فقال: أَيَّ هَؤُلَاءِ الْغِلْمَانِ شِئْتِ فَهُوَ لَكِ، فَاخْتَارَتْ زَيْدًا، فَأَخَذَتْهُ، فَرَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَوْهَبَهُ، فَوَهَبَتْهُ لَهُ، فَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ قَبْلَ الوحي، ثم قدم أبوه   1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 249، 250". 2 معضل: انظر المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 حَارِثَةُ لِمَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِ وَجَزَعِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ عِنْدِي، وَإِنْ شِئْتَ فَانْطَلِقْ مَعَ أَبِيكَ". قَالَ: بَلْ أُقِيمُ عِنْدَكَ، وَكَانَ يُدْعَى زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فلمّا نزل {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} 1 قَالَ: أَنَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مَأْلَفًا لِقَوْمِهِ مُحَبَّبًا سَهْلًا، وَكَانَ أَنْسَبَ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ، وَكَانَ تَاجِرًا ذَا خُلُقٍ وَمَعْرُوفٍ، فَجَعَلَ لَمَّا أَسْلَمَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ مَنْ وَثِقَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ، مِمَّنْ يَغْشَاهُ، وَيَجْلِسُ إِلَيْهِ، فَأَسْلَمَ بِدُعَائِهِ: عُثْمَانُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَجَاءَ بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَسْلَمُوا وَصَلُّوا، فَكَانَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الثَّمَانِيَةُ أَوَّلَ مَنْ سَبَقَ بِالإِسْلامِ وَصَلُّوا وَصَدَّقُوا. ثُمَّ أَسْلَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ الْفِهْرِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ، وَالأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ. وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ، وَأَخَوَاهُ قُدَامَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ المطّلب بن عبد مناف المطّلبيّ، وسعيد ابن زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ الْعَدَوِيُّ، وَامْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ أُخْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَخَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَعُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَخُو سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَسُلَيْطُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْعَامِرِيُّ، وَأَخُوهُ حَاطِبٌ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَامْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ، وَخُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ آلِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو أَحْمَدَ ابْنَا جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيِّ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَامْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَحَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ الْجُمَحِيُّ، وَامْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُجَلَّلِ، وَأَخُوهُ خَطَّابٌ، وَامْرَأَتُهُ فُكَيْهَةُ بِنْتُ يَسَارٍ، وَمَعْمَرُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُوهُمَا، وَالسَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ الْعَدَوِيُّ الزُّهْرِيُّ، وَامْرَأَتُهُ رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي عَوْفٍ، وَالنَّحَّامُ وَهُوَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَسَدٍ الْعَدَوِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَامْرَأَتُهُ أُمَيْنَةُ بِنْتُ خَلَفٍ، وَحَاطِبُ بن عمرو، وأبو حذيفة مهشم   1 سورة الأحزاب: 5. 2 ذكره ابن هشام في "سيرته" "1/ 250-251". 3 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 252". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ، وَخَالِدُ، وَعَامِرُ، وَعَاقِلُ وَإِيَاسُ بَنُو الْبُكَيْرِ حُلَفَاءُ بَنِي عَدِيٍّ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ، وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ النَّمَرِيُّ حَلِيفُ بَنِي تَيْمٍ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: حَضَرْتُ سُوقَ بُصْرَى، فَإِذَا رَاهِبٌ فِي صَوْمَعَتِهِ يَقُولُ: سَلُوا أَهْلَ الْمَوْسِمِ، أَفِيهِمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ؟ قَالَ طَلْحَةُ: قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا، فَقَالَ: هَلْ ظَهَرَ أَحْمَدُ بَعْدُ؟ قُلْتُ: وَمَنْ أَحْمَدُ؟ قَالَ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، هَذَا شَهْرُهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ، وَهُوَ آخِرُ الأَنْبِيَاءِ، مَخْرَجُهُ مِنَ الْحَرَمِ وَمُهَاجَرُهُ إِلَى نَخْلٍ وَحَرَّةٍ وَسِبَاخٍ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُسْبَقَ إِلَيْهِ قَالَ طَلْحَةُ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِي، فَأَسْرَعْتُ إِلَى مَكَّةَ، فَقُلْتُ: هَلْ مِنْ حَدَثٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَمِينُ تَنَبَّأَ، وَقَدْ تَبِعَهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: اتَّبَعْتَ هَذَا الرَّجُلَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَانْطَلِقْ فَاتَّبِعْهُ، فَأَخْبَرَهُ طَلْحَةُ بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ، فَخَرَجَ بِهِ حَتَّى دَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ طَلْحَةُ، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ وَطَلْحَةُ أَخَذَهُمَا نَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدِ بْنِ الْعَدَوِيَّةِ فَشَدَّهُمَا فِي حَبْلٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمَا بَنُو تَيْمٍ، وَكَانَ نَوْفَلُ يُدْعَى أَسَدَ قُرَيْشٍ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَطَلْحَةُ: الْقَرِينَيْنِ2. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما معه إلا خمسة أبعد وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. قُلْتُ: وَلَمْ يَذْكُرْ عَلِيًّا لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ سَالِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِمَكَّةَ مُسْتَخْفِيًا، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: "نَبِيٌّ" قُلْتُ: وَمَا النَّبِيُّ؟ قَالَ: "رَسُولُ اللَّهِ" قُلْتُ: اللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: "نعم"،   1 انظر "المصدر السابق" "1/ 253، 254". 2 إسناده ضعيف جدًّا: محمد بن عمر الواقدي متروك كما تقدم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3660" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلًا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 قُلْتُ بِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: "بِأَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَتُكَسَّرَ الْأَوْثَانُ وَتُوصَلَ الأَرْحَامُ"، قُلْتُ: نِعْمَ مَا أُرْسِلْتَ بِهِ، فَمَنْ تَبِعَكَ؟ قَالَ: "حُرٌّ وَعَبْدٌ"، يعني أَبَا بَكْرٍ وَبِلالا، فَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا رَابِعُ أَرْبَعَةٍ، فَأَسْلَمْتُ وَقُلْتُ: أَتَّبِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا وَلَكِنِ الحقْ بِقَوْمِكَ، فَإِذَا أُخْبِرْتَ بِأَنِّي قَدْ خَرَجْتُ فَاتَّبِعْنِي" 1 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: لَقَدْ مَكَثْتُ سَبَعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلامَهُ سَبْعَةٌ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ وَأُمُّهُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلالٌ وَالْمِقْدَادُ3. تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ لَمُوثِقِي وَأُخْتَهُ عَلَى الإِسْلامِ، قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدًا ارْفَضَّ لِلَّذِي صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ لَكَانَ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ يَافِعًا5 أَرْعَى غَنَمًا لعقبة بن أبي معيط بمكة   1 صحيح: أخرجه مسلم "832" في كتاب صلاة المسافرين، باب: إسلام عمرو بن عبسة، وأحمد "4/ 111، 112"، وأخرجه النسائي "1/ 283-284"، في كتاب المواقيت باب: إباحة الصلاة إلى أن يصلى الصبح، وابن ماجه "1364" في كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في أي ساعات الليل أفضل، وأحمد "4/ 113، 114"، وأبو نعيم في "الحلية" "1377" من طريق آخر عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3727" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص وأبو نعيم في "الحلية" "290". 3 حسن: أخرجه ابن ماجه "150" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "1/ 404"، وأبو نعيم في "الحلية" "487" وقال البوصيري في "الزوائد": إسناده ثقات. وقال المصنف في "تاريخ الإسلام" "1/ 97". حديث صحيح. وقال الإلباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "122": حسن. 4 صحيح: أخرجه البخاري "38602" في كتاب مناقب الأنصار، باب: إسلام سعيد بن زيد -رضي الله عنه. 5 يافعًا: قويًّا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 فَأَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وَقَدْ فَرَّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَا: يَا غُلَامُ هَلْ عِنْدَكَ لَبَنٌ تَسْقِينَا؟ قُلْتُ: إِنِّي مُؤْتَمَنٌ وَلَسْتُ بِسَاقِيكُمَا، فَقَالَا: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ جَذْعَةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَتَيْتُهُمَا بِهَا، فَاعْتَقَلَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الضَّرْعَ فَدَعَا، فَحَفَلَ الضَّرْعُ، وَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصَخْرَةٍ مُنْقَعِرَةٍ، فَحَلَبَ فِيهَا، ثُمَّ شَرِبَا وَسَقَيَانِي، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: "اقْلُصْ"، فَقَلَصَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الطَّيِّبِ، يَعْنِي الْقُرْآنَ فَقَالَ: "إِنَّكَ غُلَامٌ معلَّم"، فَأَخَذْتُ مِنْ فِيهِ سَبْعِينَ سُورَةً مَا يُنَازِعُنِي فِيهَا أَحَدٌ1.   1 إسناده حسن: أخرجه أحمد "1/ 379، 462"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 171"، والطبراني في "الكبير" "8456" وإسناده حسن من أجل عاصم هو ابن بهدلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 فَصْلٌ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيرَتَهُ إِلَى اللَّهِ وَمَا لَقِيَ مِنْ قومه ... فصل في دعوته النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشِيرَتَهُ إِلَى اللَّهِ وَمَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ: قَالَ جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بن طلحة، عن أبي هريرة: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} 1 دَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُرَيْشًا، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ: "يَا بَنِي كَعْبِ بْنَ لُؤَيٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبِلالِهَا" 2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ وَزُهَيْرٌ عَنْ جَرِيرٍ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ، وَزُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَا: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى رَضْمَةٍ3 مِنْ جَبَلٍ، فَعَلَاهَا ثُمَّ نَادَى: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، إِنِّي نَذِيرٌ، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَرَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ فَانْطَلَقَ يَرْبَأُ أَهْلَهُ، فَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقُوهُ فَهَتَفَ: يَا صَبَاحَاهُ" 4 أخرجه مسلم.   1 سورة الشعراء: 214. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4771" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ، ومسلم "204" في كتاب الإيمان، باب: في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ، والترمذي "3196" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الشعراء، والنسائي "6/ 248، 249" في كتاب الوصايا، باب: إذا أوصى لعشيرته الأقربين، وأحمد "2/ 360، 519"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 177، 178"، وابن حبان في "صحيحه" "646". 3 الرضمة: دون الهضبة. 4 صحيح: أخرجه مسلم "207" في المصدر السابق، والطبراني في "الكبير" "18/ 374"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 178". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بن نوفل، واستكتمني اسمه، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَرَفْتُ أَنِّي إِنْ بَادَأْتُ قَوْمِي رَأَيْتُ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ عَلَيْهَا، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ عَذَّبَكَ"، قَالَ عَلِيٌّ: فَدَعَانِي فَقَالَ: "يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الأَقْرَبِينَ، فَعَرَفْتُ أَنِّي إِنْ بَادَأْتُهُمْ بِذَلِكَ رَأَيْتُ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ، ثُمَّ جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ عَذَّبَكَ رَبُّكَ، فَاصْنَعْ لَنَا يَا عَلِيُّ رِجْلَ شَاةٍ عَلَى صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ وَأَعِدَّ لَنَا عُسَّ1 لَبَنٍ، ثُمَّ اجْمَعْ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ"، فَفَعَلْتُ، فَاجْتَمَعُوا لَهُ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلا يَزِيدُونَ رَجُلا أَوْ يَنْقُصُونَ، فِيهِمْ أَعْمَامُهُ أَبُو طَالِبٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو لَهَبٍ، فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِمْ تِلْكَ الْجَفْنَةَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا حذية2، فشقّها بأسنانه، ثم رمى بها ي نَوَاحِيهَا وَقَالَ: "كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ" فَأَكَلَ الْقَوْمُ حَتَّى نَهِلُوا عَنْهُ مَا نَرَى إِلَّا آثَارَ أَصَابِعِهِمْ، وَاللَّهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَيَأْكُلُ مثلها، ثم قال رسول اله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْقِهِمْ يَا عَلِيُّ"، فَجِئْتُ بِذَلِكَ الْقَعْبِ3، فَشَرِبُوا مِنْهُ حَتَّى نَهِلُوا جَمِيعًا، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَيَشْرَبُ مِثْلَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَكَلَّمَ بَدَرَهُ أَبُو لَهَبٍ فَقَالَ: لَهَدَّمَا4 سَحَرَكُمْ صَاحِبُكُمْ، فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ، فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الْغَدِ: "عُدْ لَنَا يَا عَلِيُّ بِمِثْلِ مَا صَنَعْتَ بِالْأَمْسِ"، فَفَعَلْتُ وَجَمَعْتُهُمْ، فَصَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ، فَأَكَلُوا حَتَّى نَهِلُوا، وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْقَعْبِ حَتَّى نَهِلُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي والله قد ما أعلم شابًّا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِأَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"5. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عمرو، عن عبد الله بن الحارث.   1 العس: القدح الضخم. 2 الحذية: ما قطع من اللحم طولًا. 3 القعب: القدح الضخم. 4 لهد: كلمة تعجب. 5 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 179" وفي إسناده جهالة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَكَانَ بَيْنَ مَا أَخْفَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمْرَهُ إِلَى أَنْ أُمِرَ بِإِظْهَارِهِ ثَلَاثُ سِنِينَ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} 1 خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ؛ "يَا صَبَاحَاهُ"، قَالُوا: مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِفُ؟ قَالُوا: مُحَمَّدٌ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: "أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ " قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا، قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ"، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا، ثُمَّ قَامَ، فَنَزَلَتْ: "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ"2 كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَشُ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إِلَّا "وَقَدْ تَبَّ" فَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ، وَهِيَ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ". وَقَالَ ابْنُ عُيَيَنْةَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ تَدْرُسَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} أَقْبَلَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ حَرْبٍ، وَلَهَا وَلْوَلَةٌ، وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ4 وَهِيَ تَقُولُ: مُذَمَّمًا أَبَيْنَا وَدِينَهُ قَلَيْنَا وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَقْبَلَتْ وَأَخَافُ أَنْ تَرَاكَ، قَالَ: "إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي"، وَقَرَأَ قُرْآنًا فَاعْتَصَمَ بِهِ وَقَرَأَ {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} 5 فَوَقَفَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَمْ تَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي، فَقَالَ: لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ، فَوَلَّتْ وَهِيَ تَقُولُ: قَدْ علمت قريش أنّي ابنة سيّدها6.   1 سورة الشعراء: 214. 2 سورة المسد: 1. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4971" في كتاب التفسير، باب: سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ، ومسلم "208/ 355" في كتاب الإيمان، باب: في قوله تعالى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَْ} . 4 الفهر: الحجر. 5 سورة الإسراء: 45. 6 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 195، 196". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 رَوَى نَحْوَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "انْظُرُوا قُرَيْشًا كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَهُمْ وَلَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ" 1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَفَشَا الْإِسْلَامُ بِمَكَّةَ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَقَالَ {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} 2 وقال {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ} 3 قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَلَّوْا ذَهَبُوا فِي الشِّعَابِ وَاسْتَخْفَوْا بِصَلاتِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَبَيْنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي نَفَرٍ بِشِعْبٍ، إِذْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ نَفَرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَنَاكَرُوهُمْ وَعَابُوا عَلَيْهِمْ وَقَاتَلُوهُمْ فَضَرَبَ سَعْدٌ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِلَحْيِ4 بَعِيرٍ فَشَجَّهُ، فَكَانَ أَوَّلَ دَمٍ فِي الْإِسْلامِ، فَلَمَّا بَادَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْمَهُ وَصَدَعَ بِالْإِسْلامِ، لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ قَوْمُهُ وَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ، فِيمَا بَلَغَنِي، حَتَّى عَابَ آلِهَتَهُمْ، فَأَعْظَمُوهُ وَنَاكَرُوهُ وَأَجْمَعُوا خلافه وعداواته، فَحَدَبَ عَلَيْهِ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَمَنَعَهُ وَقَامَ دُونَهُ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَعْتِبُهُمْ مِنْ شَيْءٍ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ، وَرَأَوْا أَنَّ عَمَّهُ يَمْنَعُهُ مَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَكَلَّمُوهُ، وَقَالُوا: إِمَّا أَنْ تَكُفَّهُ عَنْ آلِهَتِنَا وَعَنِ الْكَلامِ فِي دِينِنَا، وَإِمَّا أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَقَالَ لَهُمْ قَوْلًا رَفِيقًا، وَرَدَّهُمْ رَدًّا جَمِيلا، فَانْصَرَفُوا. ثُمَّ بعد ذلك تباعد الرجال وتضاغنوا، أكثرت قُرَيْشٌ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَضَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَيْهِ، وَمَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالُوا: إِنَّ لَكَ نَسَبًا وَشَرَفًا فِينَا، وَإِنَّا اسْتَنْهَيْنَاكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ فَلَمْ تَنْهَهُ وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَصْبِرُ عَلَى شَتْمِ آلِهَتِنَا وَتَسْفِيهِ أَحْلامِنَا حَتَّى تَكُفَّهُ أو تنازله وَإِيَّاكَ فِي ذَلِكَ، حَتَّى يَهْلِكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، فَعَظُمَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ فراق قومه وعداواته لَهُمْ، وَلَمْ يَطِبْ نَفْسًا أَنْ يُسَلِّمَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لهم ولا أن يخذله5.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3533" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في أَسْمَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "سننه" "8/ 252" وفي "الدلائل" "1/ 152". 2 سورة الحجر: 94. 3 سورة الحجر: 89. 4 اللحى: العظم الذي على الفخذ. 5 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 258-261". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: جَاءَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا: إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ هَذَا قَدْ آذَانَا فِي نَادِينَا وَمَسْجِدِنَا، فَانْهَهُ عَنَّا، فَقَالَ: يَا عَقِيلُ انْطَلِقْ فَائْتِنِي بِمُحَمَّدٍ، فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ حِفْشٍ أَوْ كِبْسٍ، يَقُولُ بَيْتٌ صَغِيرٌ،، فَلَمَّا أَتَاهُمْ قَالَ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّ بَنِي عَمِّكَ هَؤُلَاءِ قَدْ زَعَمُوا أَنَّكَ تُؤْذِيهِمْ فِي نَادِيهِمْ وَمَسْجِدِهِمْ فَانْتَهِ عَنْ أَذَاهُمْ، فَحَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: "أَتَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فَمَا أَنَا بِأَقْدَرَ عَلَى أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا مِنْهَا شُعْلَةً"، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَاللَّهِ مَا كَذَبَنَا ابْنُ أَخِي قَطُّ فَارْجِعُوا1. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ" عَنْ أبي كريب، عن يونس. "غيرة أبي طالب عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ قُرَيْشًا حِينَ قَالَتْ لِأَبِي طَالِبٍ مَا قَالُوا، بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يابن أَخِي إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَاءُوا إِلَيَّ فَقَالُوا: كَذَا وَكَذَا، فَابْقِ عَلَيَّ وَعَلَى نَفْسِكَ، وَلا تُحَمِّلْنِي مِنَ الأَمْرِ مَا لا أُطِيقُ، فَظَنَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ بَدَا لِعَمِّهِ بَدَاءٌ وَأَنَّهُ خَاذِلُهُ وَمُسْلِمُهُ، فَقَالَ: "يَا عَمِّ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِي يَمِينِي وَالْقَمَرَ فِي شِمَالِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ مَا تَرَكْتُهُ"، ثُمَّ اسْتَعْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَامَ، فَلَمَّا ولّى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يابن أخي، فأقبلت إليه فقال: فَقُلْ مَا أَحْبَبْتَ فَوَاللَّهِ لَا أُسْلِمُكَ أَبَدًا2. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ يُونُسُ ثُمَّ قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي ذَلِكَ شِعْرًا. وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ ... حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا فَامْضِ لِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ3 ... أَبْشِرْ وَقَرَّ بِذَاكَ مِنْكَ عُيُونَا وَدَعَوْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّكَ نَاصِحِي ... فَلَقَدْ صَدَقْتَ، وَكُنْتَ قِدْمًا أَمِينَا وَعَرَضْتَ دِينًا قَدْ عَرَفْتُ بِأَنَّهُ ... مِنْ خير أديان البريّة دينا   1 أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "7/ 51"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 187". 2 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 261-262" وهو على شهرته ضعيف لإرساله. 3 غضاضة: عيب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 لَوْلَا الْمَلَامَةُ أَوْ حَذَارِي سُبَّةً ... لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ مُبِينَا وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ: ثنا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} 1 وَأَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنَ الْقُبَّةِ فَقَالَ لَهُمْ: "أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ" 2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ الدُّؤَلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ3 يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ يَدْعُوهُمْ إلى الله، ووراءه رَجُلٌ أَحْوَلُ تُقَدُّ وَجْنَتَاهُ، وَهُوَ يَقُولُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ عَنْ دِينِكُمْ وَدِينِ آبَائِكُمْ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو لَهَبٍ4. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ مِنْ بَنِي الدُّئِلِ، وَكَانَ جَاهِلِيًّا فَأَسْلَمَ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذِي الْمَجَازِ، وَهُوَ يَمْشِي بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا". وَوَرَاءَهُ أَبُو لَهَبٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ رَبِيعَةُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أُزْفِرُ5 الْقِرْبَةَ لِأَهْلِي6. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ كِنَانَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ، وَهُوَ يَقُولُ: "قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا". وَإِذَا خَلْفَهُ رَجُلٌ يَسْفِي عَلَيْهِ التُّرَابَ، فَإِذَا هُوَ أَبُو جَهْلٍ وَيَقُولُ: لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ تَتْرُكُوا عِبَادَةَ اللاتِ وَالْعُزَّى7. إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. "رد أبي جهل عن أذى النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعجزة نبوته": وَقَالَ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي نعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن أبي   1 سورة المائدة: 76. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3057" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة المائدة، وابن جرير الطبري في "تفسيره" "6/ 199"، وأبو نعيم في "الحلية" "8375" وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 96". إسناده حسن، واختلف في وصله وإرساله. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 ذو المجاز: سوق بعرفة. 4 أخرجه أحمد "3/ 492"، والبيهفي في "الدلائل" "2/ 185". 5 أزفر: أحمل. 6 أخرجه أحمد "3/ 492"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 1486". 7 أخرجه البيهفي في "الدلائل" "2/ 186". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 حازم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ قِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ وَلَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصَلِّي لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَمَا فَجَأَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وبينه لخندقًا من نار، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَأَطَأَنَّ عُنُقَهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الملائكة عيانًا" 2. أخرجه البخاريّ. "إغراء قريش لأبي طالب ليسلم لهم النبي -صلى الله عليه وسلم": وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا أَتَوْا أَبَا طَالِبٍ فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ هَذَا عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنْهَدُ3 فَتًى فِي قُرَيْشٍ وَأَجْمَلُهُ، فَخُذْهُ فَلَكَ عَقْلُهُ وَنُصْرَتُهُ وَاتَّخِذْهُ وَلَدًا فَهُوَ لَكَ، وَأَسْلِمْ إِلَيْنَا ابْنَ أَخِيكَ هَذَا الَّذِي قَدْ خَالَفَ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ نَقْتُلْهُ، فَإِنَّمَا رَجُلٌ كَرَجُلٍ، فَقَالَ: بِئْسَ وَاللَّهِ مَا تَسُومُونَنِي، أَتُعْطُونِي ابْنَكُمْ أَغْذُوهُ لَكُمْ، وَأُعْطِيكُمُ ابْنِي تَقْتُلُونَهُ! هَذَا وَاللَّهِ مَا لَا يَكُونُ أَبَدًا. فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: وَاللَّهِ يَا أَبَا طَالِبٍ لَقَدْ أَنْصَفَكَ قَوْمُكَ وَجُهِدُوا عَلَى التَّخَلُّصِ مِمَّا تَكْرَهُ، فَمَا أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنْصَفُونِي لَكِنَّكَ قَدْ أَجْمَعْتَ خِذْلَانِي وَمُظَاهَرَةَ الْقَوْمِ عَلَيَّ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَحَقَبَ4 الْأَمْرُ، وَحَمِيَتِ الْحَرْبُ، وَتَنَابَذَ القوم، فقال أبو طالب.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2797" في كتاب القيامة، باب: قوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} ، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 189". 2 صحيح: أخرجه البخاري "4958" في كتاب التفسير، باب: قوله: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} ، والترمذي "3359" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، والنسائي في "الكبرى" "11685"، وأحمد "1/ 248، 368". 3 أنهد: أقوى. 4 حقب: اشتد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 أَلَا قُلْ لِعَمْرٍو وَالْوَلِيدِ وَمُطْعِمٍ ... أَلَا لَيْتَ حَظِّي مِنْ حِيَاطَتِكُمْ بَكْرُ مِنَ الْخُورِ حَبْحَابٌ كَثِيرٌ رُغَاؤُهُ ... يُرَشُّ عَلَى السَّاقَيْنِ مِنْ بَوْلِهِ قَطْرُ1 أَرَى أَخَوَيْنَا مِنْ أَبِينَا وَأُمِّنَا ... إِذَا سُئِلَا قَالَا إِلَى غَيْرِنَا الْأَمْرُ أَخُصُّ خُصُوصًا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلا ... هُمَا نَبَذَانَا مِثْلَمَا يُنْبَذُ الْجَمْرُ وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، مُنْذُ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ جَرَتْ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَامَ عَنْهُمْ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ أَبَى إِلَّا مَا تَرَوْنَ مِنْ عَيْبِ دِينِنَا، وَشَتْمِ آبَائِنَا، وَتَسْفِيهِ أَحْلامِنَا، وَسَبِّ آلِهَتِنَا، وَإِنِّي أُعَاهِدُ اللَّهَ لَأَجْلِسَنَّ له غدًا بحجر، فإذا سجد فضحت بِهِ رَأْسَهُ فَلْيَصْنَعْ بَعْدَ ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ مَا بَدَا لَهُمْ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو جَهْلٍ أَخَذَ حَجَرًا وَجَلَسَ، وَأَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ يُصَلِّي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْأَسْوَدِ وَالْيَمَانِيِّ، وَكَانَ يُصَلِّي إِلَى الشَّامِ، وَجَلَسَتْ قُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهَا يَنْظُرُونَ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَمَلَ أَبُو جَهْلٍ الْحَجَرَ ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُ رَجَعَ مَرْعُوبًا مُنْتَقِعًا لَوْنُهُ، قَدْ يَبِسَتْ يَدَاهُ عَلَى حَجَرِهِ، حَتَّى قَذَفَ بِهِ مِنْ يَدِهِ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ رِجَالُ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ فَقَالَ: قُمْتُ إِلَيْهِ لِأَفْعَلَ مَا قُلْتُ لَكُمْ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ عَرَضَ لِي دُونَهُ فَحْلٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَامَتِهِ وَلَا قَصَرَتِهِ وَلَا أَنْيَابِهِ لِفَحْلٍ قَطُّ، فَهَمَّ أَنْ يَأْكُلَنِي2. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ذَاكَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَوْ دَنَا مِنِّي لأَخَذَهُ"3. وَقَالَ الْمُحَارِبِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ أَبُو جَهْلٍ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ أَنْ تُصَلِّيَ يَا مُحَمَّدُ؟ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا بِهَا أَحَدٌ أَكْثَرَ نَادِيًا مِنِّي، فَانْتَهَرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقال   1 الخور: الضعاف، والحبحاب: القصير. 2 إسناده ضعيف: لجهالة هذا الشيخ من مصر، وانظر "سيرة ابن هشام" "1/ 288-289". 3 معضل: انظر المصدر السابق "1/ 289". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 جبريل: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ، سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} 1. وَاللَّهِ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لَأَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ الْعَذَابِ2. "خضوع الوليد بن المغيرة للقرآن العظيم": وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أنا الْحَاكِمُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ بِمَكَّةَ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَكَأَنَّهُ رَقَّ لَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَهْلٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا عَمِّ إِنَّ قَوْمَكَ يَرَوْنَ أَنْ يَجْمَعُوا لَكَ مَالًا. قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لِيُعْطُوكَ فَإِنَّكَ أَتَيْتَ مُحَمَّدًا لِتَعْرِضَ لِمَا قِبَلَهُ، قَالَ: قَدْ علمت أنّي من أكثرها مالًا، قال: فقيل فِيهِ قَوْلًا يَبْلُغُ قَوْمَكَ أَنَّكَ مُنْكِرٌ لَهَا، أَوْ أَنَّكَ كَارِهٌ لَهُ، قَالَ: وَمَاذَا أَقُولُ؟ فَوَاللَّهِ مَا فِيكُمْ رَجُلٌ أَعْلَمَ بِالْأَشْعَارِ مِنِّي، وَلَا أَعْلَمَ بِرَجَزِهِ وَلَا بِقَصِيدِهِ مِنِّي، وَلَا بِأَشْعَارِ الْجِنِّ، وَاللَّهِ مَا يُشْبِهُ الَّذِي يَقُولُ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَوَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُ حَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَإِنَّهُ لَمُثْمِرٌ أَعْلَاهُ، مُغْدِقٌ أَسْفَلُهُ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَمَا يُعْلَى، وَإِنَّهُ لَيَحْطِمُ مَا تَحْتَهُ، قَالَ: لَا يَرْضَى عَنْكَ قَوْمُكَ حَتَّى تَقُولَ فِيهِ، قَالَ: فَدَعْنِي حَتَّى أُفَكِّرَ فِيهِ، فَلَمَّا فَكَّرَ قَالَ: هَذَا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، بِأَثْرِهِ عَنْ غَيْرِهِ، فَنَزَلَتْ {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} 3 يَعْنِي الْآيَاتِ4. هَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مَوْصُولًا. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا. وَرَوَاهُ مُخْتَصَرًا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا. قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعَ وَنَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ ذَا سِنٍّ فِيهِمْ، وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمَ، فَقَالَ: إِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ سَتُقْدِمُ عَلَيْكُمْ فِيهِ، وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا وَاحِدًا وَلا تَخْتَلِفُوا فَيُكَذِّبَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، قَالُوا: فَأَنْتَ فَقُلْ وَأَقِمْ لَنَا رَأْيًا، قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ فَقُولُوا وأنا   1 سورة العلق: 17-18. 2 تقدم تخريجه قريبًا. 3 سورة المدثر: 11. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 198" والحاكم في "مستدركه" "3872" وإسحاق بن إبراهيم هو الدبري، فيه مقال خاصة في روايته عن عبد الرزاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 أَسْمَعُ، قَالُوا: نَقُولُ كَاهِنٌ، فَقَالَ: مَا هُوَ بِكَاهِنٍ، لَقَدْ رَأَيْتُ الْكُهَّانَ، فَمَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ1 الْكَاهِنِ وَسَجْعِهِ. فقَالُوا: نَقُولُ مَجْنُونٌ، فَقَالَ: مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ، وَلَقَدْ رَأَيْنَا الْجُنُونَ وَعَرَفْنَاهُ فَمَا هو بخنقه وَلَا تَخَالُجِهِ وَلَا وَسْوَسَتِهِ. قَالُوا: فَنَقُولُ شَاعِرٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِشَاعِرٍ، قَدْ عَرَفْنَا الشِّعْرَ بِرَجَزِهِ وَهَزَجِهِ وَقَرِيضِهِ وَمَقْبُوضِهِ وَمَبْسُوطِهِ فَمَا هُوَ بِالشِّعْرِ. قَالُوا: فَنَقُولُ سَاحِرٌ؟ قَالَ: مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، قَدْ رَأَيْنَا السُّحَّارَ وَسِحْرَهُمْ، فَمَا هُوَ بِنَفْثِهِ وَلا عُقَدِهِ. فَقَالُوا: مَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ؟ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ حَلاوَةً وَإِنَّ أَصْلَهُ لَغَدِقٌ وَإِنَّ فَرْعَهُ لَجَنِيٌّ، فَمَا أَنْتُمْ بِقَائِلِينَ مِنْ هَذَا شَيْئًا إِلا عُرِفَ أَنَّهُ بَاطِلٌ. وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ أَنْ نَقُولَ سِاحِرٌ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ ابْنِهِ وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ أَخِيهِ وَبَيْنَ عَشِيرَتِهِ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ بِذَلِكَ، فَجَعَلُوا يَجْلِسُونَ لِلنَّاسِ حِينَ قَدِمُوا الْمَوْسِمُ، لَا يَمُرُّ بِهِمْ أَحَدٌ إِلَّا حَذَّرُوهُ. فَأُنْزِلَ فِي الْوَلِيدِ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} . إلى قوله: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} 2 وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي الَّذِي كَانُوا مَعَهُ {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} 3 أي أصنافًا، {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} 4. "شهادة النضر بن الحارث لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ الْعَبْدَرِيُّ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّهُ وَاللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمْرٌ مَا ابْتُلِيتُمْ بِمِثْلِهِ، لَقَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ فِيكُمْ غُلَامًا حَدَثًا، أَرْضَاكُمْ فِيكُمْ، وَأَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَأَعْظَمُكُمْ أَمَانَةً، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُمْ فِي صدغيه الشّيب، وجاءكم   1 الزمزمة: الكلام الخفي. 2 سورة المدثر: 11-26. 3 سورة الحجر: 91. 4 سورة الحجر: 92. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "4/ 199-201" وإسناده ضعيف، محمد بن أبي محمد مجهول كما في "التقريب" "6276". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 بِمَا جَاءَكُمْ، قُلْتُمْ سَاحِرٌ، لَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، وَلَا بِكَاهِنٍ وَلَا بِشَاعِرٍ، قَدْ رَأْيَنا هَؤُلَاءِ وَسَمِعْنَا كَلَامَهُ، فَانْظُرُوا فِي شَأْنِكُمْ1. وكان النّضر من شياطين قريش، مّن يؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَيَنْصِبُ لَهُ الْعَدَاوَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: حدثنا الْأَجْلَحُ عَنِ الذَّيَّالِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَالْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ: لَقَدِ انْتَشَرَ عَلَيْنَا أَمْرُ مُحَمَّدٍ، فَلَوِ الْتَمَسْتُمْ رَجُلًا عَالِمًا بِالسِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالشِّعْرِ، فَكَلَّمَهُ ثُمَّ أَتَانَا بِبَيَانٍ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ عُتْبَةُ: لَقَدْ سَمِعْتُ بِقَوْلِ السِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالشِّعْرِ، وَعَلِمْتُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمًا، وَمَا يَخْفَى عليّ إن كان لذلك، فَأَتَاهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ عُتْبَةُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ هَاشِمٌ، أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ اللَّهِ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ، قَالَ: فِيمَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَتُضَلِّلُ آبَاءَنَا، فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا بِكَ الرِّيَاسَةُ عَقَدْنَا لَكَ أَلْوِيَتَنَا، فَكُنْتَ رَأْسَنَا مَا بَقِيتَ، وَإِنْ كَانَ بِكَ الْبَاءَةُ زَوَّجْنَاكَ عَشْرَ نَسْوَةٍ تَخْتَارُ مِنْ أَيِّ أَبْيَاتِ قُرَيْشٍ شِئْتَ، وَإِنْ كَانَ بِكَ الْمَالُ جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا تَسْتَغْنِي بِهِ أَنْتَ وَعَقِبُكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاكِتٌ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} 2 فَأَمْسَكَ عُتْبَةُ عَلَى فِيهِ، وَنَاشَدَهُ الرَّحِمَ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ، وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى أَهْلِهِ وَاحْتَبَسَ عَنْهُمْ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ مَا نَرَى عُتْبَةَ إِلَّا قَدْ صَبَأَ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَأَعْجَبَهُ طَعَامُهُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ أَصَابَتْهُ، انْطَلِقُوا بِنَا إِلَيْهِ، فَأَتَوْهُ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ يَا عُتْبَةُ مَا حَسِبْنَا إِلَّا أَنَّكَ صَبَأْتَ، فَإِنْ كَانَتْ بِكَ حَاجَةٌ جَمَعْنَا لَكَ مَا يُغْنِيكَ عَنْ طَعَامِ مُحَمَّدٍ، فَغَضِبَ وَأَقْسَمَ بِاللَّهِ لَا يُكَلِّمُ مُحَمَّدًا أَبَدًا، وَقَالَ: لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا وَلَكِنِّي أَتَيْتُهُ، فَقَصَّ عَلَيْهِمُ الْقِصَّةَ، فَأَجَابَنِي بِشَيْءٍ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِسِحْرٍ وَلَا شِعْرٍ وَلَا كَهَانَةٍ، قَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} حَتَّى بَلَغَ {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فأمسكت بفيه، وناسدته الرحم أن   1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 2 سورة فصلت: 1-13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 يَكُفَّ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا إِذَا قَالَ شَيْئًا لَمْ يَكْذِبْ، فَخِفْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمُ الْعَذَابُ1. رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْهُ. وَقَالَ داود بن عمرو الضّبيّ: حدثنا الْمُثَنَّى بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لما قَرَأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ {حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 2 أَتَى أَصْحَابَهُ فَقَالَ لَهُمْ: يَا قَوْمُ أَطِيعُونِي فِي هَذَا الْيَوْمِ وَاعْصُونِي فِيمَا بَعْدَهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَلَامًا مَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ قَطُّ كَلَامًا مِثْلَهُ، وَمَا دَرَيْتُ ما أردّ عليه3. "محاولة عتبة بن ربيعة إغراء النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم خضوعه للحق": قال ابن إسحاق: حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ ربيعة، لما أسلم حمزة قالوا به: يَا أَبَا الْوَلِيدِ كَلِّمْ مُحَمَّدًا، فَأَتَاهُ فَقَالَ: يابن أَخِي إِنَّكَ مِنَّا حَيْثُ عَلِمْتَ مِنَ الْبَسْطَةِ وَالْمَكَانِ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّكَ أَتَيْتَ قَوْمَكَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، فَرَّقْتَ بِهِ بَيْنَهُمْ، وَسَفَّهْتَ أَحْلَامَهُمْ، وَعِبْتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ، فَاسْمَعْ مِنِّي، قَالَ: قُلْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ قَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ، حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ شَرَفًا سَوَّدْنَاكَ وَمَلَّكْنَاكَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِيكَ رَئِيًّا طَلَبْنَا لَكَ الطِّبَّ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَالَ: فَاسْمَعْ مِنِّي، قَالَ: افْعَلْ، قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 4. وَمَضَى فَأَنْصَتَ عُتْبَةُ، وَأَلْقَى يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ، فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى السَّجْدَةِ سَجَدَ، ثُمَّ قَالَ: "قَدْ سَمِعْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ فَأَنْتَ وَذَاكَ"، فَقَامَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَحْلِفُ وَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أَبُو الْوَلِيدِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ، فَلَمَّا جَلَسَ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: وَرَائِي أَنِّي سَمِعْتُ   1 صحيح: أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" "1123" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 202-204" وصححه الألباني في تحقيق "فقه السيرة". 2 سورة فصلت: 1. 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 205" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 77": وهذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه. قلت: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. 4 سورة فصلت: 1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 قَوْلًا، وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ وَلَا بِالسِّحْرِ وَلَا بِالْكَهَانَةِ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَطِيعُونِي، وَاجْعَلُوهَا بِي، خَلُّوا بَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ وَبَيْنَ مَا هُوَ فِيهِ فَاعْتَزِلُوهُ، فَوَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ لِقَوْلِهِ نَبَأٌ، فَإِنْ تُصِبْهُ الْعَرَبُ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُ بِغَيْرِكُمْ، وَإِنْ يَظْهَرْ عَلَى الْعَرَبِ، فَمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ، وَعِزُّهُ عِزُّكُمْ، وَكُنْتُمْ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ، قَالُوا: سَحَرَكَ وَاللَّهِ بِلِسَانِهِ، قَالَ: هَذَا رَأْيِي فِيهِ فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ1. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ، وَأَبَا سُفْيَانَ، وَالْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ خَرَجُوا لَيْلَةً يَتَسَمَّعُونَ مِنْ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ، وَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا، وَكُلٌّ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا تَفَرَّقُوا فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ، فَتَلَاوَمُوا وَقَالُوا: لَا نَعُودُ فَلَوْ رَآنَا بَعْضُ السُّفَهَاءِ لَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ، ثُمَّ عَادُوا لِمِثْلِ لَيْلَتِهِمْ، فَلَمَّا تَفَرَّقُوا تَلَاقَوْا فَتَلاوَمُوا لِذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَأَصْبَحُوا جَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ فَتَعَاهَدُوا أَنْ لا يَعُودُوا، ثُمَّ إِنَّ الأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ أَتَى أَبَا سُفْيَانَ فِي بَيْتِهِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ رَأْيِكَ فِيمَا سَمِعْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ أَشْيَاءَ أَعْرِفُهَا، وَأَعْرِفُ مَا يُرَادُ بِهَا، فَقَالَ الْأَخْنَسُ: وَأَنَا وَالَّذِي حَلَفْتَ بِهِ، ثُمَّ أَتَى أَبَا جَهْلٍ فَقَالَ: مَا رَأْيُكَ؟ فَقَالَ: مَاذَا سَمِعْتَ؟ تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ، أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا، وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا، وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا، حتى إذا يجاثينا عَلَى الرُّكَبِ، وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ. قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ، فَمَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ، وَاللَّهِ لَا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا وَلَا نُصَدِّقُهُ، فَقَامَ الْأَخْنَسُ عَنْهُ2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ يَوْمٍ عَرَفْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَمْشِي أَنَا وَأَبُو جَهْلٍ، إِذْ لَقِيَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لِأَبِي جَهْلٍ: يَا أَبَا الْحَكَمِ هَلُمَّ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ أَنْتَ مُنْتَهٍ عَنْ سَبِّ آلِهَتِنَا، هَلْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ نَشْهَدَ أَنْ قَدْ بَلَّغْتَ، فَوَاللَّهِ لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ مَا تَقُولُ حَقٌّ مَا اتَّبَعْتُكَ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- صلى اله عليه وسلم، وأقبل عليّ فقال: والله إنّ لَأَعْلَمُ أَنَّ مَا يَقُولُ حَقٌّ، وَلَكِنْ بَنُو قُصَيٍّ قَالُوا: فِينَا الْحِجَابَةُ، فَقُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالُوا: فينا النّدوة،   1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 204-205 وفي إسناده جهالة. 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 206". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 قُلْنَا، نَعَمْ، ثُمَّ قَالُوا: فِينَا اللِّوَاءُ، فَقُلْنَا: نَعَمْ، وَقَالُوا: فِينَا السِّقَايَةُ، فَقُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَطْعَمُوا وَأَطْعَمْنَا حَتَّى إِذَا تَحَاكَّتِ الرُّكَبُ قَالُوا: منّا نبيّ، واله لا أفعل1.   1 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 207" وفي إسناده أحمد بن عبد الجبار، قال في "التقريب" "64": ضعيف وسماعه للسيرة صحيح: وفي "التهذيب" "1/ 32، 33" ما يفهم منه أن سبب ضعفعه أنه روى عن القدماء ولم يثبت لقاءه لبعضهم، فإذا صح سماعه للسيرة فالإسناد حسن أو صحيح، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 "شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي مُعَادَاةِ خُصُومِهِ": وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا وَثَّبَتْ كُلَّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ يُعَذِّبُونَهُمْ وَيَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، فَمَنَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَامَ أَبُو طَالِبٍ فَدَعَا بَنِي هَاشِمَ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مَنْعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْقِيَامِ دُونَهُ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَقَامُوا مَعَهُ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْخَاسِرِ أَبِي لَهَبٍ، فَجَعَلَ أَبُو طَالِبٍ يَمْدَحُهُمْ ويذكر قديمهم، ويذكر فضل محمد صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ أَشْعَارًا، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا خَشِيَ دَهْمَاءَ الْعَرَبِ أَنْ يُرْكِبُوهُ مَعَ قَوْمِهِ، لَمَّا انْتَشَرَ ذِكْرُهُ قَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي مِنْهَا: وَلَمَّا رَأَيْتُ الْقَوْمَ لَا وُدَّ فِيهِمُ ... وَقَدْ قَطَّعُوا كُلَّ الْعُرَى وَالْوَسَائِلِ وَقَدْ صَارَحُونَا بِالْعَدَاوَةِ وَالْأَذَى ... وَقَدْ طَاوَعُوا أَمْرَ الْعَدُوِّ الْمُزَايِلِ صَبَرْتُ لَهُمْ نَفْسِي بِسَمْرَاءَ سَمْحَةٍ ... وَأَبْيَضَ عَضْبٍ مِنْ تُرَاثِ الْمَقَاوِلِ2 وَأَحْضَرْتُ عِنْدَ الْبَيْتِ رَهْطِي وَإِخْوَتِي ... وَأَمْسَكْتُ مِنْ أَثْوَابِهِ بِالْوَصَائِلِ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مِنْ كُلِّ طَاعِنٍ ... عَلَيْنَا بِسُوءٍ أَوْ مُلِحٍّ بِبَاطِلِ وَفِيهَا يَقُولُ: كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نُبْزَى مُحَمَّدًا ... وَلَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَنُنَاضِلِ ونسلمه حتى مصرّع حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ وَيَنْهَضَ قَوْمٌ نحوكم غير عزل ... يبيض حَدِيثٍ عَهْدُهَا بِالصَّيَاقِلِ وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ3 يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي رَحْمَةٍ وَفَوَاضِلِ لَعَمْرِي لَقَدْ كُلِّفْتُ وَجْدًا بِأَحْمَدَ ... وَإِخْوَتِهِ دأب المحبّ المواصل   1 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 207" وفي إسناده أحمد بن عبد الجبار، قال في "التقريب" "64": ضعيف وسماعه للسيرة صحيح: وفي "التهذيب" "1/ 32، 33" ما يفهم منه أن سبب ضعفعه أنه روى عن القدماء ولم يثبت لقاءه لبعضهم، فإذا صح سماعه للسيرة فالإسناد حسن أو صحيح، والله أعلم. 2 عضب: سيف قاطع، والمقاول: الملوك. 3 ثمال اليتامى: مطعمهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 فَمَنْ مِثْلُهُ فِي النَّاسِ أَيُّ مُؤَمَّلٍ ... إِذَا قَاسَهُ الْحُكَّامُ عِنْدَ التَّفَاضُلِ حَلِيمٌ رَشِيدٌ عَادِلٌ غَيْرُ طَائِشٍ ... يُوَالِي إِلَهًا لَيْسَ عَنْهُ بِغَافِلِ فَوَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ أَجِيءَ بِسُبَّةٍ ... تُجَرُّ عَلَى أَشْيَاخِنَا فِي الْمَحَافِلِ لَكُنَّا اتَّبَعْنَاهُ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ ... مِنَ الدَّهْرِ جِدًّا غَيْرَ قَوْلِ التَّهَازُلِ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ ابْنَنَا لا مُكَذَّبٌ ... لَدَيْنَا وَلَا يُعْنَى بِقَوْلِ الْأَبَاطِلِ فَأَصْبَحَ فِينَا أَحْمَدُ ذو أَرُومَةٍ ... يُقَصِّرُ عَنْهَا سَوْرَةُ الْمُتَطَاوِلِ1 حَدِبْتُ بِنَفْسِي دُونَهُ وَفَدَيْتُهُ ... وَدَافَعْتُ عَنْهُ بِالذُّرَى وَالْكَلَاكِلِ2 جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلا ... عُقُوبَةَ شَرٍّ عَاجِلا غَيْرَ آجِلِ فَلَمَّا انْتَشَرَ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الْعَرَبِ ذُكِرَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ أَعْلَمَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ ذُكِرَ، وَقَبْلَ أَنْ يُذْكَرَ مِنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنَ الأحبار، وكانوا حلفاء، يعني اليهود في بالدهم، وَكَانَ أَبُو قَيْسِ بْنُ الأَسْلَتِ يُحِبُّ قُرَيْشًا، وَكَانَ لَهُمْ صِهْرًا، وَعِنْدَهُ أَرْنَبُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَكَانَ يُقِيمُ بِمَكَّةَ السِّنِينَ بِزَوْجَتِهِ، فَقَالَ: أَيَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَا ... مُغَلْغَلَةً عَنِّي لُؤَيَّ بْنَ غَالِبٍ3 رَسُولُ امْرِئٍ قد راعه ذات بينكم ... على الناي مخزون بِذَلِكَ نَاصِبِ أُعِيذُكُمْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ صُنْعِكُمْ ... وَشَرِّ تَبَاغِيكُمْ وَدَسِّ الْعَقَارِبِ4 مَتَى تَبْعَثُوهَا، تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً ... هِيَ الْغُولُ لِلْأَقْصَيْنِ أَوْ لِلْأَقَارِبِ5 أَقِيمُوا لَنَا دِينًا حَنِيفًا، فَأَنْتُمُ ... لَنَا غَايَةٌ قَدْ نَهْتَدِي بِالذَّوَائِبِ6 فَقُومُوا، فَصَلُّوا رَبَّكُمْ، وَتَمَسَّحُوا ... بِأَرْكَانِ هَذَا الْبَيْتِ بَيْنَ الأَخَاشِبِ فِعْنَدَكُمْ مِنْهُ بَلاءُ وَمُصَدَّقٌ ... غَدَاةَ أَبِي يَكْسُومَ هَادِي الْكَتَائِبِ فَلَمَّا أَتَاكُمْ نَصْرُ ذِي الْعَرْشِ رَدَّهُمْ ... جُنُودُ الْمَلِيكِ بَيْنَ سَافٍ وَحَاصِبِ7 فَوَلَّوْا سِرَاعًا هَارِبِينَ وَلَمْ يؤب ... إلى أهله ملجيش غير عصائب   1 الأرومة: الأصل من كل شيء. 2 الذرا: الخلق. والكلاكل: مفرد الكلكل، وهو الصدر. 3 مغلغلة: رسالة. 4 بتاغيكم: ظلمكم. 5 الغول: الهلاك. 6 الذوائب: الأعالي. 7 السافي: الذي أصابته الغبار. والحاصب: الريح المحملة بالتراب والحصى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 أَبُو يَكْسُومَ مَلِكُ أَصْحَابِ الْفِيلِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا أَكْثَرُ مَا رَأَيْتَ، أَصَابَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا كَانُوا يُظْهِرُونَ مِنْ عَدَاوَتِهِ؟ قَالَ: حَضَرْتُهُمْ وَقَدِ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْمًا فِي الْحِجْرِ، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ، قَدْ سَفَّهَ أَحْلامَنَا، وَسَبَّ آلِهَتَنَا، وَفَعَلَ وَفَعَلَ، فَطَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا مَرَّ غَمَزُوهُ بِبَعْضِ الْقَوْلِ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَلَمَّا مَرَّ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ، فَلَمَّا مَرَّ الثَّالِثَةَ غَمَزُوهُ، فَوَقَفَ فَقَالَ: "أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ"، قَالَ: فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ حَتَّى مَا فِيهِمْ رَجُلٌ إِلا كَأَنَّ عَلَى رَأْسِهِ طَائِرًا وَاقِعٌ، حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَطْأَةً لَيُرَفِّؤُهُ بِأَحْسَنَ مَا يَجِدُ مِنَ الْقَوْلِ، حَتَّى إِنَّهُ يَقُولُ: انْصَرِفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ جَهُولا، فَانْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ، وَأَنَا مَعَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ، حَتَّى إِذَا بادأكم بما تكرهون تركتموه، فبيناهم فِي ذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَأَحَاطُوا بِهِ يَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ دُونَهُمْ يَبْكِي وَيَقُولُ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} 1 ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ2، فَحَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ أبي بَكْرٍ، أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَقَدْ رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ وَقَدْ صَدَعُوا فِرْقَ رَأْسِهِ مِمَّا جَذَبُوهُ بِلِحْيَتِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعْرِ3. إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: نا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ، وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، فَخَرَجْتُ أَنَا   1 سورة غافر: 28. 2 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 275-276" وفي إسناده أحمد بن عبد الجبار فيه مقال كما تقدم. 3 إسناده ضعيف: للجهالة فيه، والظاهر أن قال: فحدثني. هو ابن إسحاق، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا ذِي مَالٍ وَهَيْئَةٍ فَأَكْرَمَنَا، فَحَسَدَنَا قومه، فقالوا: إنّك إذا خرجت عَنْ أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ، فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَا1 عَلَيْنَا مَا قِيلَ لَهُ فَقُلْتُ لَهُ: أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ، فَقَدْ كَدَّرْتَهُ وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ، فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا2 فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا، وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي، فَانْطَلَقْنَا فَنَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ، فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا، فَأَتَيَا الْكَاهِنَ فَخَيَّرَ أُنَيْسًا فَأَتَانَا بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا. قَالَ: وَقَدْ صَلَّيْتُ يا بن أخي قبل أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بثلاث سنين، فقلت: لمن؟ قال الله، قُلْتُ: فَأَيْنَ تَوَجَّهُ؟ قَالَ: أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي اللَّهُ أُصَلِّي عِشَاءً، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أَلْقَيْتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ -يَعْنِي الثَّوْبَ- حَتَّى تَعْلُونِي الشَّمْسُ. فَقَالَ أُنَيْسٌ: إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ، فَأَتَى مَكَّةَ فَرَاثَ، أَيْ أَبْطَأَ، عَلَيَّ، ثُمَّ أَتَانِي فَقُلْتُ مات حَبَسَكَ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ عَلَى دِينِكَ، قُلْتُ: مَا يَقُولُ النَّاسُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّهُ شَاعِرٌ وَسَاحِرٌ، وَكَاهِنٌ، وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ. فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ3، فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي أَنَّهُ شِعْرٌ، وَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَلْ أَنْتَ كَافِينِي حَتَّى أَنْطَلِقَ فَأَنْظُرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ، فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنِفُوا4 لَهُ وَتَجَهَّمُوا، فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَقُلْتُ: أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصّابئ؟ قال: فأشار إلى الصّابئ، قال: فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ، حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ، كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا، وَغَسَلْتُ عَنِّي الدَّمَ، وَدَخَلْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، وَلَقَدْ لَبِثْتُ يَابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ مِنْ بين ليلة   1 ثنا: نشر. 2 صرمتنا: أي القطيع من الإبل. 3 أقراء الشعر: طرقه. 4 شنفوا: أبغضوا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وَيَوْمٍ، وَمَا لِيَ طَعَامٌ إِلا مَاءُ زَمْزَمَ، فسمنت حتى تكسّرت عقف بَطْنِي، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخْفَةَ جُوعِ1. فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانٍ، قَدْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَةِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرُ امْرَأَتَيْنِ، فَأَتَتَا عَلَيَّ، وَهُمَا تُدْعَوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ، فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوَافِهِمَا، فَقُلْتُ: أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الْأَخْرَى، قَالَ: فَمَا تَنَاهَتَا عَنْ قَوْلِهِمَا، وَفِي لَفْظٍ: فَمَا حدثناهما ذَلِكَ عَمَّا قَالَتَا، فَأَتَتَا عَلِيَّ فَقُلْتُ: هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَكْنِي. فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ، وَتَقُولَانِ: لَوْ كَانَ هَهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا. فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ، فَقَالَا لَهُمَا: مَا لَكُمَا؟ قَالَتَا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا. قَالَا: مَا قَالَ لَكُمَا؟ قَالَتَا: قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الْفَمَ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ، فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ طَافَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ أَتَيْتُهُ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ. فَقَالَ: "وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". ثُمَّ قَالَ: "مِمَّنْ أَنْتَ؟ " قُلْتُ: مِنْ غِفَارٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَهَا عَلَى جَبِينِهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كَرِهَ أَنِّي انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ، فَأَهْوَيْتُ لِآخُذَ بِيَدِهِ، فَقَدَعَنِي2 صَاحِبُهُ، وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: مَتَى كُنْتَ هَهُنَا؟ قُلْتُ: قُدْ كُنْتُ هَهُنَا مُنْذَ ثَلاثِينَ، بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ. قَالَ: فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟ قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ فَقَالَ: "إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ، فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَا، وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، حَتَّى فَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا، فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا. قَالَ فَغَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:   1 سخفة الجوع: رقة الجوع. 2 قدعني: كفني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 إِنِّي قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ لَا أَحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ؟ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أَخِي أُنْيَسًا فَقَالَ لِي: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: صَنَعْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، ثُمَّ أَتَيْنَا أُمَّنَا فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا، فَأَسْلَمَتْ، ثُمَّ احْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَارَ، فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ خِفَافُ بْنُ إِيماءَ بْنِ رَحْضَةَ الْغِفَارِيُّ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ: إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْلَمْنَا، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ. وجاءت أسلم، فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِخْوَانُنَا، نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، فَأَسْلَمُوا فَقَالَ: "غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ" 1 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ هُدْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُمْ بِإِسْلامِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَرْسَلْتُ أَخِي فَرَجَعَ وَقَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ، فَلَمْ يَشْفِنِي، فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَجَعَلْتُ لَا أَعْرِفُهُ، وَأَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ، فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقَالَ: كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَلَمْ أَسْأَلْهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، جِئْتُ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ مَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقَالَ: أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تَعُودَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: مَا أَمْرُكَ؟ قُلْتُ: إِنْ كَتَمْتَ عَلَيَّ أَخْبَرْتُكَ، ثُمَّ قُلْتُ: بَلَغَنَا أَنَّهُ خَرَجَ نَبِيٌّ، قَالَ: قَدْ رَشَدْتَ فَاتْبَعْنِي، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: اعْرِضْ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ، فَعَرَضَهُ عَلَيَّ، فَأَسْلَمْتُ، فَقَالَ: اكْتُمْ إِسْلامَكَ وَارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ، قُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا معاشر قُرَيْشٍ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالُوا: قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ، فَقَامُوا، فَضُرِبْتُ لِأَمُوتَ، فَأَدْرَكَنِي الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيَّ وَقَالَ: تَقْتُلُونَ، وَيْلَكُمْ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ، وَمَتْجَرُكُمْ وَمَمَرُّكُمْ عَلَى غِفَارٍ، فَأَطْلَقُوا عَنِّي. ثُمَّ فَعَلْتُ مِنَ الْغَدِ كَذَلِكَ، وَأَدْرَكَنِي العبّاس أيضًا2.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2473" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي ذر -رضي الله عنه- وأحمد "4/ 174-175". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3861" في كتاب المناقب الأنصار، باب: إسلام أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- ومسلم "2474" في المصدر السابق، والطبراني في "الأوسط" "2633"، وأبو نعيم في "الحلية" "516". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وقال النّضر بن محمد اليماميّ: حدثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ سِمَاكِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كُنْتُ رُبُعَ الْإِسْلَامِ، أَسْلَمَ قَبْلِي ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَرَأَيْتُ الِاسْتِبْشَارَ فِي وَجْهِهِ1.   1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "1617" والحاكم في "مستدركه" "5459". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 إِسْلَامُ حَمْزَةَ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ، وَكَانَ وَاعِيَةً، أَنَّ أَبَا جَهْلٍ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الصَّفَا، فَآذَاهُ وَشَتَمَهُ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَوْلَاةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ، تَسْمَعُ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَعَمَدَ إِلَى نَادِي قُرَيْشٍ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ، فَلَمْ يَلْبَثْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ أَقْبَلَ مُتَوَشِّحًا قَوْسَهُ، رَاجِعًا مِنْ قَنَصٍ1 لَهُ، وَكَانَ صَاحِبَ قَنَصٍ وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ قَنَصِهِ بَدَأَ بِالطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ، وَكَانَ أَعَزَّ فَتًى فِي قُرَيْشٍ، وَأَشَدَّهُ شَكِيمَةً، فَلَمَّا مَرَّ بِالْمَوْلَاةِ قَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا عُمَارَةَ لَوْ رَأَيْتَ مَا لَقِيَ ابْنُ أَخِيكَ آنِفًا مِنْ أَبِي الحكم، وجده ها هنا جَالِسًا فَآذَاهُ وَسَبَّهُ وَبَلَغَ مِنْهُ، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ مُحَمَّدٌ، فَاحْتَمَلَ حَمْزَةُ الْغَضَبَ، لِمَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتَهُ، فَخَرَجَ يَسْعَى مُغِذًّا لِأَبِي جَهْلٍ، فَلَمَّا رَآهُ جَالِسًا فِي الْقَوْمِ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى رَأْسِهِ رَفَعَ الْقَوْسَ، فَضَرَبَهُ بِهَا، فَشَجَّهُ شَجَّةً مُنْكَرَةً، ثُمَّ قال: أتشتمه! فأنا على دينه أقوم مَا يَقُولُ، فَرُدَّ عَلَي ذَلِكَ إِنِ اسْتَطَعْتَ، فقامت رجلا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ إِلَى حَمْزَةَ لِيَنْصُرُوا أَبَا جَهْلٍ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: دَعُوا أَبَا عُمَارَةَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَبَبْتُ ابْنَ أَخِيهِ سَبًّا قَبِيحًا، وَتَمَّ حَمْزَةُ عَلَى إِسْلَامِهِ فَلَمَّا أَسْلَمَ، عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ عَزَّ وَامْتَنَعَ، وَأَنَّ حَمْزَةَ -رَضِيَ الله عنه- سيمنعه، فكفّوا بعض الشّيء2.   1 القنص: الصيد. 2 مرسل: إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 283". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 "إِسْلَامُ عُمَرَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ": وَقَالَ عَبْدُ بن حميد وغيره: حدثنا أبو عامر العقديّ، حدثنا خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَوْ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ" 1. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الدِّينَ بِعُمَرَ"2. وَقَالَ عبد العزيز الأوسي: حدثنا الْمَاجُشُونَ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً" 3. قَالَ إسماعيل بن أبي خالد: حدثنا قَيْسٌ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَحْمَدُ في "مسنده": أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ فَجَعَلْتُ أُعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ، كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ، فَقَرَأَ {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} 5 الْآيَاتِ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي الإِسْلامُ كُلَّ مَوْقِعٍ6.   1 صحيح: أخرجه الترمذي "3701" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي حفص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأحمد "2/ 95" وابن سعد في "الطبقات" "2/ 142"، وأبو نعيم في "الحلية" "7502" وزاد الراوي فيه "قال: وكان أحبهما إليه عمر"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 انظر الآتي، وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 142" عن الحسن مرسلًا. 3 صحيح دون قوله "خاصة": أخرجه ابن ماجه "105" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "85": صحيح دون قوله "خاصة". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3684" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وابن سعد في "الطبقات" "2/ 143" وأبو نعيم في "الحلية" "11977". 5 سورة الحاقة: 40، 41. 6 إسناده منقطع: أخرجه أحمد "1/ 17" وقال الهيثمي في "المجمع" "9/ 62": شريح بن عبيد لم يدرك عمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وقال أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الأَسْلَمِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الْمُؤَمَّلِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ إِسْلَامِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: ضَرَبَ أُخْتِي الْمَخَاضُ لَيْلا، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ، فَدَخَلْتُ فِي أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فِي لَيْلَةٍ قَرَّةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ الْحِجْرَ، وَعَلَيْهِ تُبَّانٌ1، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَسَمِعْتُ شَيْئًا لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهُ، فَخَرَجَ، فَاتَّبَعْتُهُ فَقَالَ: "مَنْ هَذَا؟ " قُلْتُ: عُمَرُ، قَالَ: "يَا عُمَرُ مَا تَدَعُنِي لَيْلًا وَلَا نَهَارًا"، فَخَشِيتُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيَّ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله، وأنك رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يا عُمَرُ أَسِرَّهُ". قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأُعْلِنَنَّهُ، كَمَا أَعْلَنْتُ الشِّرْكَ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عبيد الله بن المنادي: حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا القاسم ابن عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مُتَقَلِّدًا السَّيْفَ، فلقيه رجل من بين زُهْرَةَ فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تَعْمِدُ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ مُحَمَّدًا، قَالَ: وَكَيْفَ تَأْمَنُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي زُهْرَةَ، وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا؟ فَقَالَ: مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ صَبَأْتَ3، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى الْعَجَبِ، إِنَّ ختنك4 وأختك قد صبآ وَتَرَكَا دِينَكَ. فَمَشَى عُمَرُ فَأَتَاهُمَا، وَعِنْدَهُمَا خَبَّابٌ، فَلَمَّا سَمِعَ بِحِسِّ عُمَرَ تَوَارَى فِي الْبَيْتِ، فدخل فقال: ما هذه الهيمنة؟ 5 وَكَانُوا يَقْرَءُونَ {طه} ، قَالَا: مَا عَدَا حَدِيثًا تحدّحدثناه بَيْنَنَا، قَالَ فَلَعَلَّكُمَا قَدْ صَبَأْتُمَا؟ فَقَالَ لَهُ: خَتَنُهُ: يَا عُمَرُ إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي غير دينك؟ فوثب عليه فوطئه وَطْئًا شَدِيدًا، فَجَاءَتْ أُخْتُهُ لِتَدْفَعَهُ عَنْ زَوْجِهَا، فَنَفَحَهَا نَفْحَةً بِيَدِهِ فَدَمَّى وَجْهُهَا، فَقَالَتْ وَهِيَ غضبى: وغن كَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَعْطُونِي الْكِتَابَ الَّذِي هو عندكم فأقرؤه، وَكَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ الْكِتَابَ، فَقَالَتْ أُخْتُهُ: إِنَّكَ رجس، وإنّه لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فَقُمْ فَاغْتَسِلْ أَوْ توضأ، فقام فتوضأ، ثم أخذ   1 التبان: سروال صغير. 2 إسناده ضعيف: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه، ويحيى بن يعلى ضعفه البخاري، وأبو حاتم كما في "الميزان" "9657". 3 صبأت: أي خرجت من دين إلى دين آخر. 4 ختنك: زوج أختك. 5 الهينمة: الضجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 الْكِتَابَ، فَقَرَأَ {طه} حَتَّى انْتَهَى إِلَى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} 1 فَقَالَ عُمَرُ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابٌ قَوْلَ عُمَرَ خَرَجَ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا عُمَرُ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَكَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَصْلِ الدَّارِ الَّتِي فِي أَصْلِ الصَّفَا. فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى أَتَى الدَّارَ وَعَلَى بَابِهَا حَمْزَةُ، وَطَلْحَةُ، وَنَاسٌ، فَقَالَ حَمْزَةُ: هَذَا عُمَرُ، إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُسْلِمْ وَإِنْ يُرِدْ غَيْرَ ذَلِكَ يَكُنْ قَتْلُهُ عَلَيْنَا هَيِّنًا، قَالَ: وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَاخِلٌ يُوحَى إِلَيْهَ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى عُمَرَ، فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ وَحَمَائِلِ السَّيْفِ فَقَالَ: "مَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ يَا عُمَرُ حتى نزل الله لك مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ مَا أَنْزَلَ بِالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ"؟ فَهَذَا عُمَرُ "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلامَ بِعُمَرَ" فَقَالَ عُمَرُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ2. وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ فِيهِ: زَوْجُ أُخْتِهِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنِّي لَعَلَى سَطْحٍ، فَرَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى رَجُلٍ وَهُمْ يَقُولُونَ: صَبَأَ عُمَرُ، فَجَاءَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ عَلَيْهِ قَبَاءُ دِيبَاجٍ فَقَالَ: إِنْ كَانَ عُمَرُ قَدْ صَبَأَ فَمَهْ أَنَا لَهُ جَارٌ، قَالَ: فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ قَالَ: فَعَجِبْتُ مِنْ عِزِّهِ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْهُ. قَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَالَ: أَيُّ قُرَيْشٍ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟ قِيلَ: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرَ الْجُمَحِيُّ، فَغَدَا عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَغَدَوْتُ أَتْبَعُ أَثَرَهُ وَأَنَا غُلامٌ أَعْقِلُ، حَتَّى جَاءَهُ فَقَالَ: أعلمت أنّي   1 سورة طه: 1-14. 2 منكر: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 142-143"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 219-220"، والقاسم بن عثمان فيه مقال كما في "الميزان" "6825"، وقال الحافظ الذهبي: حدث عنه إسحاق الأزرق بمتن محفوظ، وبقصة إسلام عمر، وهي منكرة جدًّا. قلت: يقصد بالمتن المحفوظ "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب.." الحديث. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3865" في كتاب مناقب الأنصار، باب: إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 أَسْلَمْتُ؟ فَوَاللَّهِ مَا رَاجَعَهُ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، حَتَّى قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَلَا إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ، قَالَ يَقُولُ عُمَرُ مِنْ خَلْفِهِ: كَذَبَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ، وَثَارُوا إِلَيْهِ فَمَا بَرِحَ يُقَاتِلُهُمْ، وَيُقَاتِلُونَهُ حَتَّى قَامَتِ الشَّمْسُ على رؤوسهم، قال وطلح1 فقعد وقاموا على رأسه وهوي قول: افْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، فَأَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنْ لَوْ كُنَّا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ لَقَدْ تَرَكْنَاهَا لَكُمْ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا لَنَا، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حِبْرَةٌ، وَقَمِيصٌ مُوَشًّى2، حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: صَبَأَ عُمَرُ، قَالَ: فَمَهْ! رَجُلٌ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَمْرًا فَمَاذَا تُرِيدُونَ! أَتَرَوْنَ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ يُسْلِمُونَهُ! خَلُّوا عَنْهُ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّمَا كَانُوا ثَوْبًا كُشِطَ3 عَنْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ: يَا أَبَهْ، مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي زَجَرَ الْقَوْمَ عَنْكَ؟ قَالَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ4. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ لَنَا عُمَرُ: كُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَيْنَا أَنَا فِي يَوْمٍ حَارٍّ بِالْهَاجِرَةِ، فِي بَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ؛ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: عَجَبًا لك يابن الْخَطَّابِ، إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ وَأَنَّكَ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكَ هَذَا الْأَمْرُ فِي بَيْتِكَ، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أُخْتُكَ قَدْ أَسْلَمَتْ، فَرَجَعْتُ مُغْضَبًا حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ والرجلان ممّن لا شيء له ضمّهما إلى مَنْ فِي يَدِهِ سِعَةً فَيَنَالَانِ مِنْ فَضْلِ طعامه، وقد كان ضمّ إلى زَوْجِ أُخْتِي رَجُلَيْنِ، فَلَمَّا قَرَعْتُ الْبَابَ قِيلَ: "مَنْ هَذَا؟ " قِيلَ: عُمَرُ، فَتَبَادَرُوا فَاخْتَفَوْا مِنِّي، وقد كانوا يقرؤون صَحِيفَةً بَيْنَ أَيْدِيهِمْ تَرَكُوهَا أَوْ نَسَوْهَا، فَقَامَتْ أُخْتِي تَفْتَحُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا، أَصَبَأْتِ، وَضَرَبْتُهَا بِشَيْءٍ فِي يَدِي عَلَى رَأْسِهَا، فسال الدم وبكت، وقالت: يا بن الْخَطَّابِ مَا كُنْتَ فَاعِلا فَافْعَلْ فَقَدْ صَبَأْتُ، قَالَ: وَدَخَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى السَّرِيرِ، فَنَظَرْتُ إِلَى الصَّحِيفَةِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا نَاوِلِينِهَا، قَالَتْ: لست   1 طلح: فسد، والمراد هنا أعيا. 2 موشى: مزخرف. 3 كشط: زال. 4 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 330"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 98": هذا إسناد جيد قوي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 مِنْ أَهْلِهَا، أَنْتَ لا تَطَهِّرُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَهَذَا كِتَابٌ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ، فَمَا زِلْتُ بِهَا حَتَّى نَاوَلَتْنِيهَا، فَفَتَحْتُهَا، فَإِذَا فِيهَا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَكُلَّمَا مَرَرْتُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُعِرْتُ مِنْهُ، فَأَلْقَيْتُ الصَّحِيفَةَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي فَتَنَاوَلْتُهَا، فإذا فيها {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 1 فذعرت، فقرأت إلى {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} 2 فقلت: أشهد ن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَخَرَجُوا إِلَيَّ مُتَبَادِرِينَ وَكَبَّرُوا، وَقَالُوا: أَبْشِرْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ دِينَكَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ إِمَّا أَبُو جَهْلٍ وَإِمَّا عُمَرُ"، وَدَلُّونِي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتٍ بِأَسْفَلِ الصَّفَا، فَخَرَجْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، فَقَالُوا: مَنْ؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، وَقَدْ عَلِمُوا شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فما اجْتَرَأَ أَحَدٌ أَنْ يَفْتَحَ الْبَابَ، حَتَّى قَالَ: "افْتَحُوا لَهُ" فَفَتَحُوا لِي، فَأَخَذَ رَجُلانِ بِعَضُدِي، حَتَّى أَتَيَا بِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: خَلُّوا عَنْهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِمَجَامِعِ قَمِيصِي وَجَذَبَنِي إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَسْلِمْ يَابْنَ الْخَطَّابِ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ" فَتَشَهَّدْتُ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ بِفِجَاجِ مَكَّةَ، وَكَانُوا مُسْتَخْفِينَ، فَلَمْ أَشَأْ أَنْ أَرَى رَجُلًا يضرِب ويُضرب إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا يُصِيبُنِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَجِئْتُ خَالِي وَكَانَ شَرِيفًا، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ وَقَدْ صَبَأْتُ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، ثُمَّ دَخَلَ وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي. فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ، فَذَهَبْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ، فَنَادَيْتُهُ، فَخَرَجَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ مثل ما قال لِخَالِي، وَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ خَالِي، فَدَخَلَ وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي فَقُلْتُ: مَا هَذَا بشيء، إنّ المسلمين ويضربون وَأَنَا لَا أُضْرَبُ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: أَتُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ بِإِسْلَامِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ فَأْتِ فُلَانًا، لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ يَكْتُمُ السِّرَّ، فَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ إِنِّي قَدْ صَبَأْتُ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَكْتُمُ السِّرَّ، فَجِئْتُ، وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ، فَقُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ: إِنِّي قَدْ صَبَأْتُ، قَالَ: أَوَقَدْ فَعَلْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ، فَبَادَرُوا إِلَيَّ، فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُهُمْ وَيَضْرِبُونَنِي، وَاجْتَمَعَ عَلَيَّ النَّاسُ، قَالَ خَالِي: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ قِيلَ: عُمَرُ قَدْ صَبَأَ، فَقَامَ عَلَى الْحِجْرِ، فَأَشَارَ بِكُمِّهِ: أَلَا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أُخْتِي، فَتَكَشَّفُوا عَنِّي، فَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَضْرِبُ وَيُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ حَتَّى يُصِيبَنِي ما   1 سورة الحديد: 1. 2 سورة الحديد: 7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ، فَأَتَيْتُ خَالِي فَقُلْتُ: جِوَارُكَ رُدَّ عَلَيْكَ، فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُ وَأُضْرَبُ حَتَّى أَعَزَّ الله الإسلام1. "سبب تسمية عمر بن الخطاب بالفاروق": وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ، لِأَيِّ شَيْءٍ سُمِّيتَ الْفَارُوقَ؟ فَقَالَ: أَسْلَمَ حَمْزَةُ قَبْلِي بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَأَسْرَعَ أَبُو جَهْلٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسُبُّهُ، فَأُخْبِرَ حَمْزَةُ، فَأَخَذَ قَوْسَهُ وَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ، إِلَى حَلْقَةِ قُرَيْشٍ الَّتِي فِيهَا أَبُو جَهْلٍ، فَاتَّكَأَ عَلَى قَوْسِهِ مُقَابِلَ أَبِي جَهْلٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَعَرَفَ أَبُو جَهْلٍ الشَّرَّ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا عُمَارَةَ؟ فَرَفَعَ الْقَوْسَ فَضَرَبَ بِهَا أَخْدَعَيْهِ2، فَقَطَعَهُ فَسَالَتِ الدِّمَاءُ، فَأَصْلَحَتْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ مَخَافَةَ الشَّرِّ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُخْتَفٍ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيِّ، فَانْطَلَقَ حَمْزَةُ فَأَسْلَمَ، وَخَرَجْتُ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِذَا فُلَانٌ الْمَخْزُومِيُّ فَقُلْتُ: أَرَغِبْتَ عَنْ دِينِ آبَائِكَ وَاتَّبَعْتَ دِينَ مُحَمَّدٍ؟ قال: إن فعلت فقد فعله من وأعظم عَلَيْكَ حَقًّا مِنِّي، قُلْتُ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: أُخْتُكَ وَخَتَنُكَ، فَانْطَلَقْتُ فَوَجَدْتُ هَمْهَمَةً3، فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَمَا زَالَ الْكَلَامُ بَيْنَنَا حَتَّى أَخَذْتُ بِرَأْسِ خَتَنِي فَضَرَبْتُهُ وَأَدْمَيْتُهُ، فَقَامَتْ إِلَيَّ أُخْتِي فَأَخَذَتْ بِرَأْسِي وَقَالَتْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِكَ، فَاسْتَحْيَيْتُ حِينَ رَأَيْتُ الدِّمَاءَ، فَجَلَسْتُ وَقُلْتُ: أَرُونِي هَذَا الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فَقُمْتُ فَاغْتَسَلْتُ، فَأَخْرَجُوا إِلَيَّ صَحِيفَةً فِيهَا "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" قُلْتُ: أَسْمَاءُ طَيِّبَةٌ طَاهِرَةٌ {طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} إلى قوله {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 4 فَتَعَظَّمْتُ فِي صَدْرِي، وَقُلْتُ: مِنْ هَذَا فَرَّتْ قُرَيْشٌ، فَأَسْلَمْتُ، وَقُلْتُ: أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: فَإِنَّهُ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ، فَأَتَيْتُ فَضَرَبْتُ الْبَابَ، فَاسْتَجْمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالَ لَهُمْ حَمْزَةُ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: عُمَرُ، قَالَ: وَعُمَرُ! افْتَحُوا لَهُ الْبَابَ، فَإِنْ أَقْبَلَ قَبِلْنَا منه، وإن أدبر قتلناه،   1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 216"، وأسامة بن زيد بن أسلم ضعيف الحفظ كما في "التقريب" "315". 2 الأخدع: عرق في العنق.: 3 الهمهمة: الكلام الخفي. 4 سورة طه: 1-8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَخَرَجَ فَتَشَهَّدَ عُمَرُ، فَكَبَّرَ أَهْلُ الدَّارِ تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السنا على الحقّ؟ قال: "بلى"، فقلت: فيم الِاخْتِفَاءُ، فَخَرَجْنَا صَفَّيْنِ أَنَا فِي أَحَدِهِمَا، وَحَمْزَةُ فِي الْآخَرِ، حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَنَظَرَتْ قُرَيْشٌ إِلَيَّ وَإِلَى حَمْزَةَ، فَأَصَابَتْهُمْ كَآبَةٌ شَدِيدَةٌ، فَسَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الْفَارُوقَ" يَوْمَئِذٍ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أَسْلَمَ عُمَرُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَعَشْرِ نِسْوَةٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ ظَهَرَ الْإِسْلَامُ بمكة1. وقال الواقديّ: حدثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عُمَرَ أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الْأَرْقَمِ، وَبَعْدَ أَرْبَعِينَ أَوْ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أُنْزِلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اسْتَبْشَرَ أَهْلُ السَّمَاءِ بِإِسْلَامِ عُمَرَ2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ بَعْدَ خُرُوجِ مَنْ خَرَجَ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ. فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمن بن الإرث، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّهِ لَيْلَى قَالَتْ: كَانَ عُمَرُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَيْنَا فِي إِسْلامِنَا، فَلَمَّا تَهَيَّأْنَا لِلْخُرُوجِ إِلَى الْحَبَشَةِ، جَاءَنِي عُمَرُ، وَأَنَا عَلَى بَعِيرٍ، نُرِيدُ أَنْ نَتَوَجَّهَ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقُلْتُ: قَدْ آذَيْتُمُونَا فِي دِينِنَا، فَنَذْهَبَ فِي أَرْضِ اللَّهِ حَيْثُ لَا نُؤْذَى فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، فَقَالَ: صَحِبَكُمُ اللَّهُ، ثُمَّ ذَهَبَ، فَجَاءَ زَوْجِي عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ مِنْ رِقَّةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: تَرْجِينَ أَنْ يُسْلِمَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَا يُسْلِمُ حَتَّى يُسْلِمَ حِمَارُ الْخَطَّابِ. يَعْنِي مِنْ شِدَّتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ بِضْعٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلا، وَإِحْدَى عشرة امرأة3.   1 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 143" والواقدي متروك. 2 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في المصدر السابق. 3 معضل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 "الْهِجْرَةُ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ": قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ فِي "تَارِيخِهِ": حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنِي بَشَّارُ بْنُ مُوسَى الْخَفَّافُ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ الْبُرْجُمِيُّ، إِمَامُ مَسْجِدِ مُحَمَّدِ بن واسع، حدثنا قَتَادَةُ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَهْلِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ يَعْنِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: خَرَجَ عُثْمَانُ بِرُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْحَبَشَةِ، فَأَبْطَأَ خَبَرُهُمْ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ رَأَيْتُ خَتَنَكَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ: "عَلَى أَيِّ حَالٍ رَأَيْتِهِمَا"؟ قَالَتْ: رَأَيْتُهُ حَمَلَ امْرَأَتَهُ عَلَى حِمَارٍ مِنْ هَذِهِ الدَّبَّابَةِ، وَهُوَ يَسُوقُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَحِبَهُمَا اللَّهُ، إِنَّ عُثْمَانَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بِأَهْلِهِ بَعْدَ لُوطٍ"1. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ بَشَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن إدريس، حدثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَلْتُ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا أُمِرْنَا بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحَبَشَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ رَأَى مَا يُصِيبُنَا مِنَ الْبَلَاءِ: "الْحَقُوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّ بِهَا مَلِكَهَا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، فَأَقِيمُوا بِبِلَادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ"، فَقَدِمْنَا عَلَيْهِ فَاطْمَأْنَنَّا فِي بِلَادِهِ2 الْحَدِيثَ. قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي تَاسِعِ "الْمُخَلَّصِيَّاتِ": وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يُصِيبُ أَصْحَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعَافِيَةِ بِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ عَمِّهِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ   1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 297". 2 إسناده صحيح: أخرجه أحمد "1/ 201-203"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 301-306"، وأبو نعيم في "الحلية" "357" مطولًا، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص135": سنده صحيح. 3 ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 308-218". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ، قَالَ لَهُمْ: "لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ" فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ، وَفِرَارًا بِدِينِهِمْ إِلَى اللَّهِ. فَخَرَجَ عُثْمَانُ بِزَوْجَتِهِ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ وَلَدُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عبد شمس بزوجته سهلة سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَوَلَدَتْ لَهُ بِالْحَبَشَةِ مُحَمَّدًا، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ، وَزَوْجَتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ آلِ الْخَطَّابِ، وَامْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حُثْمَةَ الْعَدَوِيَّةُ، وَأَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيُّ، وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ، وَهُوَ سُهَيْلُ بْنُ وَهْبٍ الْحَارِثِيُّ، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَتَتَابَعَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْحَبَشَةِ. ثُمَّ سَمَّى ابْنُ إِسْحَاقَ جَمَاعَتَهُمْ وَقَالَ: فَكَانَ جَمِيعُ مَنْ لَحِقَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، أَوْ وُلِدَ بِهَا، ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا فَعَبَدُوا اللَّهَ وَحَمِدُوا جِوَارَ النَّجَاشِيِّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيُّ: يَا رَاكِبًا بَلِّغَا عَنِّي مُغَلْغَلَةً ... مَنْ كَانَ يَرْجُو بَلَاغَ اللَّهِ وَالدِّينِ1 كُلَّ امْرِئٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ مُضْطَهَدٍ ... بِبَطْنِ مَكَّةَ مَقْهُورٍ وَمَفْتُونِ أَنَّا وَجَدْنَا بِلَادَ اللَّهِ وَاسِعَةً ... تُنْجِي مِنَ الذُّلِّ وَالْمَخْزَاةِ والهون فلا تقيموا على ذلّ الحياة وخز ... ي فِي الْمَمَاتِ وَعَيْبٍ غَيْرِ مَأْمُونِ إِنَّا تَبِعْنَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَاطَّرَحُوا ... قَوْلَ النَّبِيِّ وَعَالَوْا فِي الْمَوَازِينِ2 فَاجْعَلْ عَذَابَكَ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ بَغَوْا ... وَعَائِذٌ بِكَ أَنْ يَعْلُوا فَيَطْغُونِي وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ يُعَاتِبُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ابْنَ عَمِّهِ، وَكَانَ يُؤْذِيهِ: أَتَيْمَ بْنَ عَوْفٍ وَالَّذِي جاء بغضةً ... ومن دونه الشرّ مان وَالْبَرْكُ أَكْتَعُ3 أَأَخْرَجْتَنِي مِنْ بَطْنِ مَكَّةَ آثِمًا ... وأسكنتني في صرح بيضاء تقذع4   1 مغلغلة: رسالة. 2 عالوا: خانوا. 3 الشرمان: تثنية شرم، وهو الخليج من البحر. والبرك: الإبل الباركة. 4 صرح بيضاء: مدينة الحبشة، وتقذع: تكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 تَرِيشُ نِبَالًا لَا يُوَاتِيكَ رِيشُهَا ... وَتَبْرِي نِبَالًا رِيشَهَا لَكَ أَجْمَعُ وَحَارَبْتَ أَقْوَامًا كِرَامًا أَعِزَّةً ... وَأَهْلَكْتَ أَقْوَامًا بِهِمْ كُنْتَ تَفْزَعُ سَتَعْلَمُ إِنْ نَابَتْكَ يَوْمًا مُلِمَّةٌ ... وَأَسْلَمَكَ الْأَوْبَاشُ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا وَاشْتَدَّ مَكْرُهُمْ، وَهَمُّوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ إِخْرَاجِهِ، فَعَرَضُوا عَلَى قَوْمِهِ أَنْ يُعْطُوهُمْ دِيَتَهُ وَيَقْتُلُوهُ، فأبوا حميّةً. "عدم ثبوت قصة الغرانيق": وَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِعْبَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحَبَشَةِ فَخَرَجُوا مَرَّتَيْنِ؛ رَجَعَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى حِينَ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النَّجْمِ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ قَرَرْنَاهُ وَأَصْحَابَهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يذكر من حالفه من اليهود والنّصارى بمصل مَا يَذْكُرُ بِهِ آلِهَتَنَا مِنَ الشَّتْمِ، وَالشَّرِّ. وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَمَنَّى هُدَاهُمْ، فَأُنْزِلَتْ {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} 1، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ عِنْدَهَا كَلِمَاتٍ "وَإِنَّهُنَّ الْغَرَانِيقُ الْعُلَا، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى" فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِ كُلِّ مُشْرِكٍ بِمَكَّةَ، وَدَالَتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ وَتَبَاشَرُوا بِهَا. وقالوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ رَجَعَ إِلَى دِينِنَا، فَلَمَّا بلغ آخر النّجم سجد النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَجَدَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مُشْرِكٍ، غَيْرَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا رَفَعَ مِلْءَ كَفَّيْهِ تُرَابًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَعَجِبَ الْفَرِيقَانِ كِلَاهُمَا مِنْ جَمَاعَتِهِمْ فِي السُّجُودِ، بِسُجُودِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَجِبَ الْمُسْلِمُونَ بِسُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُسْلِمُونَ سَمِعُوا مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَاطْمَأَنُّوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، لما أَلْقَى الشَّيْطَانُ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَاطْمَأَنُّوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، لِمَا أُلْقِيَ فِي أُمْنِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَدَّثَهُمُ الشَّيْطَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَرَأَهَا فِي السَّجْدَةِ، فَسَجَدُوا تَعْظِيمًا لِآلِهَتِهِمْ. وَفَشَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي النَّاسِ، وَأَظْهَرَهَا الشَّيْطَانُ، حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ وَمَنْ بِهَا مِنَ المسلمين عثمان ين مَظْعُونٍ وَأَصْحَابِهِ، وَحَدَّثُوا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَدْ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ وَصَلُّوا، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَمِنُوا بِمَكَّةَ، فَأَقْبَلُوا سِرَاعًا، وَقَدْ نَسَخَ اللَّهُ مَا ألقى   1 سورة النجم: 19-20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الشَّيْطَانُ، وَأُنْزِلَتْ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} 1 الْآيَاتِ. فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ قَضَاءَهُ وَبَرَّأَهُ مِنْ سَجْعِ الشَّيْطَانِ انْقَلَبَ الْمُشْرِكُونَ بِضَلَالَتِهِمْ وَعَدَاوَتِهِمْ2. وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابُهُ، فِيمَنْ رَجَعَ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ إِلَّا بِجِوَارٍ، فَأَجَارَ الوليد بن المغيرة عثمان ين مَظْعُونٍ، فَلَمَّا رَأَى عُثْمَانُ مَا يَلْقَى أَصْحَابُهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَعَذَّبَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِالسِّيَاطِ وَالنَّارِ، وَعُثْمَانُ مُعَافًى لَا يُعْرَضُ لَهُ، اسْتَحَبَّ الْبَلَاءَ، فَقَالَ لِلْوَلِيدِ: يَا عَمُّ قَدْ أَجَرْتَنِي، وَأُحِبُّ أَنْ تُخْرِجَنِي إِلَى عَشِيرَتِكَ فَتَبَرَّأَ مِنِّي، فَقَالَ: يابن أَخِي لَعَلَّ أَحَدًا آذَاكَ أَوْ شَتَمَكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا اعْتَرَضَ لِي أَحَدٌ وَلَا آذَانِي، فَلَمَّا أَبَى إِلَّا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْهُ أَخْرَجَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقُرَيْشٌ فِيهِ، كَأَحْفَلِ مَا كَانُوا، وَلَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الشَّاعِرُ يُنْشِدُهُمْ، فَأَخَذَ الْوَلِيدُ بِيَدِ عُثْمَانَ وَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ حَمَلَنِي عَلَى أَنْ أَتَبَرَّأَ مِنْ جِوَارِهِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: صَدَقَ، أَنَا وَاللَّهِ أَكْرَهْتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مِنِّي بَرِيءٌ، ثُمَّ جَلَسَ مَعَ القوم فنالوا منه. "الهجرة الثانية إلى الحشبة": قَالَ مُوسَى: وَخَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهُ فِرَارًا بِدِينِهِمْ إِلَى الْحَبَشَةِ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَمَرُوهُمَا أَنْ يُسْرِعَا فَفَعَلَا، وَأَهْدَوْا لِلنَّجَاشِيِّ فَرَسًا وَجُبَّةَ دِيبَاجٍ3، وَأَهْدَوْا لِعُظَمَاءِ الْحَبَشَةِ هَدَايَا، فَقَبِلَ النَّجَاشِيُّ هَدِيَّتَهُمْ، وَأَجْلَسَ عَمْرًا عَلَى سَرِيرِهِ، فَقَالَ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رِجَالًا مِنَّا سُفَهَاءَ لَيْسُوا عَلَى دِينِكَ وَلَا دِينِنَا، فَادْفَعْهُمْ إِلَيْنَا، فَقَالَ: حتى أكلّمهم وأعلم على أيّ   1 سورة الحج: 52. 2 حديث الغرانيف هذا ورد من عدة طرق مرسلة، وقد مال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "8/ 293" إلى تقوية الحديث لكثرة طرقه، وله في ذلك بحث مطول، وخالفه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 229-230" فذكر أن طرق هذه القصة كلها مرسلة، ولم يرها مسندة من وجه صحيح، وكذلك ضعيف حديث الغرانيق العلامة ناصر الدين الألباني في بحث قيم ذكر فيه طرق الحديث المسندة والمرسلة، وسبب اختلاف أهل العلم في تصحيح هذا الحديث وتضعيفه هو أن الحديث إذا ورد من طرق مرسلة هل يتقوى بها أم لا؟ فالثاني هو الراجح. ومحل بسط ذلك كتب المصطلح. 3 الديباج: نوع من الحرير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 شَيْءٍ هُمْ، فَقَالَ عَمْرٌو: هُمْ أَصْحَابُ الرَّجُلِ الَّذِي خَرَجَ فِينَا، وَإِنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ أَنَّ عِيسَى ابْنُ اللَّهِ، وَلَا يَسْجُدُونَ لَكَ إِذَا دَخَلُوا، فَأَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَسْجُدْ لَهُ وَلَا أَصْحَابُهُ وَحَيَّوْهُ بِالسَّلَامِ، فَقَالَ عَمْروٌ: أَلَمْ نُخْبِرْكَ بِخَبَرِ الْقَوْمِ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: حَدِّثُونِي أَيُّهَا الرَّهْطُ، مَا لَكُمْ لَا تُحَيُّونِي كما يحيّيني مَنْ أَتَانِي مِنْ قَوْمِكُمْ، وَأَخْبِرُونِي مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى وَمَا دِينُكُمْ؟ أَنَصَارَى أَنْتُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: أَفَيَهُودٌ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَعَلَى دِينِ قَوْمِكُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَمَا دِينُكُمْ؟ قَالُوا: الْإِسْلَامُ، قَالَ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالُوا: نَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، قَالَ: مَنْ جَاءَكُمْ بِهَذَا؟ قَالُوا: جَاءَنَا بِهِ رَجُلٌ مِنَّا قَدْ عَرَفْنَا وَجْهَهُ وَنَسَبَهُ، بَعَثَهُ الله كما بعث الرسل إلى مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَأَمَرَنَا بِالْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَفَاءِ وَالْأَمَانَةِ، وَنَهَانَا أَنْ نَعْبُدَ الْأَوْثَانَ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ، فَصَدَّقْنَاهُ، وَعَرَفْنَا كَلَامَ اللَّهِ، فَعَادَانَا قَوْمُنَا وَعَادَوْهُ وَكَذَّبُوهُ، وَأَرَادُونَا عَلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، فَفَرَرْنَا إِلَيْكَ بِدِينِنَا وَدِمَائِنَا مِنْ قَوْمِنَا، فَقَالَ النّجاشيّ: والله إن خرج هذا الأمر مِنَ الْمِشْكَاةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا أَمْرُ عِيسَى، قال: وأمّا التحيّة فإنّ رسولنا خبرنا أَنَّ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلَامُ، فَحَيَّيْنَاكَ بِهَا، وَأَمَّا عِيسَى فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ وَابْنُ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ. فَخَفَضَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ، وَأَخَذَ عُودًا فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زَادَ ابْنُ مَرْيَمَ عَلَى هَذَا وَزْنَ هَذَا الْعُودِ، فَقَالَ عُظَمَاءُ الْحَبَشَةِ: وَاللَّهِ لَئِنْ سَمِعَتْ هَذَا الْحَبَشَةُ لَتَخْلَعَنَّكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَقُولُ فِي عِيسَى غَيْرَ هَذَا أَبَدًا، وَمَا أَطَاعَ اللَّهَ النَّاسُ فِيَّ حِينَ رَدَّ إِلَيَّ مُلْكِي، فَأَنَا أُطِيعُ النَّاسَ فِي دِينِ اللَهِ! مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ أَبُو النَّجَاشِيِّ مَلِكَ الْحَبَشَةَ، فَمَاتَ وَالنَّجَاشِيُّ صَبِيٌّ، فَأَوْصَى إِلَى أَخِيهِ أَنَّ إِلَيْكَ مُلْكَ قَوْمِكَ حَتَّى يَبْلُغَ ابْنِي، فَإِذَا بَلَغَ فَلَهُ الْمُلْكُ، فَرَغِبَ أَخُوهُ فِي الْمُلْكِ، فَبَاعَ النَّجَاشِيَّ لِتَاجِرٍ، وَبَادَرَ بِإِخْرَاجِهِ إِلَى السَّفِينَةِ، فَأَخَذَ اللَّهُ عَمَّهُ قَعْصًا1 فَمَاتَ، فَجَاءَتِ الْحَبَشَةُ بِالتَّاجِ، وَأَخَذُوا النَّجَاشِيَّ فَمَلَّكُوهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ التَّاجِرَ قَالَ: مَا لِي بُدٌّ مِنْ غُلَامِي أَوْ مَالِي، قَالَ النَّجَاشِيُّ: صَدَقَ، ادْفَعُوا إِلَيْهِ مَالَهُ. قَالَ: فَقَالَ النَّجَاشِيُّ حِينَ كَلَّمَهُ جَعْفَرٌ: رُدُّوا إِلَى هَذَا هديّته -يعني عمرًا-   1 القعص: الطعن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وَاللَّهِ لَوْ رَشَوْنِي عَلَى هَذَا دَبْرَ ذَهَبٍ -وَالدَّبْرُ بِلُغَتِهِ الْجَبْلُ- مَا قَبِلْتُهُ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ: امْكُثُوا آمِنِينَ، وَأَمَرَ لَهُمْ بِمَا يُصْلِحُهُمْ مِنَ الرِّزْقِ. وَأَلْقَى اللَّهُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ عَمْرٍو وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ فِي مَسِيرِهِمَا، فَمَكَرَ بِهِ عَمْرٌو وَقَالَ: إِنَّكَ رَجُلٌ جَمِيلٌ، فَاذْهَبْ إِلَى امْرَأَةِ النَّجَاشِيِّ فَتَحَدَّثْ عِنْدَهَا إِذَا خَرَجَ زَوْجُهَا، فإنّ ذلك عون لنا فِي حَاجَتِنَا، فَرَاسَلَهَا عُمَارَةُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا انْطَلَقَ عَمْرٌو إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبِي هَذَا صَاحِبُ نِسَاءٍ، وَإِنَّهُ يُرِيدُ أَهْلَكَ فَاعْلَمْ عِلْمَ ذَلِكَ، فَبَعَثَ النَّجَاشِيُّ، فَإِذَا عُمَارَةُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنَفَخَ فِي إِحْلِيلِهِ1 سَحَرَةٌ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي جَزِيرَةٍ مِنَ الْبَحْرِ، فَجُنَّ، وَصَارَ مَعَ الْوَحْشِ، وَرَجَعَ عَمْرٌو خَائِبَ السَّعْيِ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ، أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَعَبَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى، لَا نُؤذَى، وَلَا نَسْمَعُ مَا نَكْرَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النّجاشيّ رجلين جلدين، وأن يعدوا لِلنَّجَاشِيِّ، فَبَعَثُوا بِالْهَدَايَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا2، وَسَتَأْتِي -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- رَوَاهَا جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْمَبْعَثِ. وَقَالَ حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَعَثَنا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَنَحْنُ ثَمَانُونَ رَجُلًا، وَمَعَنَا جَعْفَرٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُمَارَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَبَعَثُوا مَعَهُمَا بِهَدِيَّةٍ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَلَمَّا دَخَلَا عَلَيْهِ سَجَدَا لَهُ، وَبَعَثَا إِلَيْهِ بِالْهَدِيَّةِ، وَقَالَا: إِنَّ نَاسًا مِنْ قَوْمِنَا رَغِبُوا عَنْ دِينِنَا، وَقَدْ نَزَلُوا أَرْضَكَ، فَبَعَثَ إليهم، فقال لنا جعفر: أنا خطيبكم، قَالَ: فَاتَّبَعُوهُ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَلَمْ يَسْجُدُوا لَهُ، فَقَالَ: وَمَا لَكُمْ لَمْ تَسْجُدُوا لِلْمَلِكِ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْنَا نبيّه، فأمرنا أن لا يسجد إلاّ الله، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ عَمْرٌو: إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى، قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ؟ قَالَ: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ، وهو روح الله   1 الإحليل: القبل من الرجل. 2 تقدم تخريجه قريبًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ، وَلَمْ يَفْرِضْهَا وَلَدٌ، فَتَنَاوَلَ النَّجَاشِيُّ عُودًا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانَ، مَا تَزِيدُونَ عَلَى مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ مَا يَزِنُ هَذَا، فَمَرْحَبًا بِكُمْ وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي عِنْدَهُ فَأَحْمِلَ نَعْلَيْهِ، أَوْ قَالَ أَخْدُمَهُ، فَانْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ مِنْ أَرْضِي، فَجَاءَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَشَهِدَ بَدْرًا1. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ حُدَيْجٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: أنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَنْطَلِقَ مَعَ جَعْفَرٍ إِلَى الْحَبَشَةِ. وَسَاقَ كَحَدِيثِ حُدَيْجٍ2. وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ إِسْرَائِيلَ وَهَمَ فِيهِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ، وَإِلَّا أَيْنَ كَانَ أَبُو موسى الأشعريّ ذلك الوقت. رجعنا إلى تَمَامِ الْحَدِيثِ الَّذِي سُقْنَاهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: فَلَمْ يَبْقَ بِطْرِيقٌ مِنْ بَطَارِقَةِ النَّجَاشِيِّ إِلَّا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّةً، قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ وَأَخْبَرَا ذَلِكَ الْبِطْرِيقَ بِقَصْدِهِمَا، لِيُشِيرَ عَلَى الْمَلِكِ بِدَفْعِ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ قَرَّبَا هَدَايَا النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا، ثُمَّ كَلَّمَاهُ فَقَالَا: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُ قَدِمَ إِلَى بِلَادِكَ مِنِّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ، جَاءُوا بِدِينٍ ابْتَدَعُوهُ، لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ، وَلَا أنت، فقد بعحدثنا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافَ قَوْمِهِمْ مِنْ أَقَارِبِهِمْ لِتَرُدَّهُمْ عَلَيْهِمْ، فَهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، قَالَتْ: وَلَمْ يَكُنْ أَبْغَضَ إِلَى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَهُمُ النَّجَاشِيُّ، فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ: صِدْقًا أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَوْمُهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ مِنْ دِينِهِمْ، فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا، فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ: لَاهَا اللَّهِ إِذَنْ لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْهِمَا، وَلَا يَكَادُ قَوْمٌ جَاوَرُونِي، وَنَزَلُوا بِلَادِي، وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سواي، حتى أدعوهم فأسألهم عمّا يقولان،   1 أخرجه أحمد "1/ 461"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 67"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 84": إسناد جيد قوي وسياقه حسن. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 228": إسناده حسن. قلت: أبو إسحاق مدلس، وقد عنعنه، وكان قد اختلط، فالله أعلم بالصواب. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "356" وفي إسناد محمد بن زكريا الغلابي، متهم بالوضع كما في "الميزان" "7537" ويدل على نكارة في إسناده ما يأتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 فَأَرْسَلَ إِلَى الصَّحَابَةِ فَدَعَاهُمْ، فَلَمَّا جَاءُوا وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ، سَأَلَهُمْ فَقَالَ: مَا دِينُكُمْ؟ فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرٌ فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعُ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا مِنَ الْحِجَارَةِ، وَأَمَرَنَا بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ، فَصَدَّقْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ، فعدا علينا قومنا فعذّبونا، وفتنونان عَنْ دِينِنَا، وَضَيَّقُوا عَلَيْنَا، فَخَرَجْنَا إِلَى بِلَادِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَالَتْ: قَالَ: وَهَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ جَعْفَرٌ: نَعَمْ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ {كهيعص} 1 فَبَكَى وَاللَّهِ النَّجَاشِيُّ، حَتَّى اخْضَلَّ لِحْيَتُهُ2، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ، حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا، وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، انْطَلِقَا، فَلَا وَاللَّهِ لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْكُمَا وَلَا يُكَادُ. قَالَتْ: فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عَمْرٌو: وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُمْ غَدًا بِمَا أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا، قَالَ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ، ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَطَلَبَنَا، قَالَتْ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا، فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ فِي عيسى بن مَرْيَمَ إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ، وَاللَّهِ، مَا قَالَ اللَّهُ كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا كَانَ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَرُوحُهُ، وَكَلِمَتُهُ، أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، فَأَخَذَ النَّجَاشِيُّ عُودًا ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيسَى مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ، فتناحرت بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ، وَاللَّهِ، اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي، وَالسُّيُومُ: الْآمِنُونَ، مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا مِنْ ذَهَبٍ، وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ، رُدُّوا هَدَايَاهُمَا فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فَأُطِيعُهُمْ فِيهِ، قَالَتْ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مردودًا عليهما ما جاءا به.   1 سورة مريم: 1. 2 أخضل لحيته: ابتلت بالدموع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 قَالَتْ: فَإِنَّا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ نَزَلَ بِهِ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَدْ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْنَا مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ، تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَيَأْتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ. فَسَارَ إِلَيْهِ النَّجَاشِيُّ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا عَرْضُ النِّيلِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ الْوَقْعَةَ، ثُمَّ يَأْتِيَنَا بِالْخَبَرِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً، فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا يَلْتَقِي الْقَوْمُ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ، وَدَعَوْنَا اللَّهَ تَعَالَى لِلنَّجَاشِيِّ، فَإِنَّا لَعَلَى ذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ الزُّبَيْرُ يَسْعَى فَلَمَعَ بِثَوْبِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَلَا أَبْشِرُوا، فَقَدْ ظَهَرَ النَّجَاشِيُّ، وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ عَدُوَّهُ وَمَكَّنَ لَهُ فِي بِلَادِهِ1. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَوْلُهُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ إِلَى آخِرِهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْنِي أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَلِكَ قَوْمِهِ، ولم يكن له ولد إلا النجاشي، وكان لِلنَّجَاشِيِّ عَمٌّ مِنْ صُلْبِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فقَالَتِ الْحَبَشَةُ: لَوْ أَنَّا قَتَلْنَا هَذَا وَمَلَّكْنَا أَخَاهُ، فَإِنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ غَيْرَ هَذَا الْغُلَامِ، وَلِأَخِيهِ اثْنَا عَشَرَ وَلَدًا، فَتَوَارَثُوا مُلْكَهُ مِنْ بَعْدِهِ بَقِيَتِ الْحَبَشَةُ بَعْدَهُ دَهْرًا، فَعَدَوْا عَلَى أَبِي النَّجَاشِيِّ فَقَتَلُوهُ، وَمَلَّكُوا أَخَاهُ. فَمَكَثُوا حِينًا، وَنَشَأَ النَّجَاشِيُّ مَعَ عَمِّهِ، فَكَانَ لَبِيبًا حَازِمًا، فَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ عَمِّهِ، وَنَزَلَ مِنْهُ بِكُلِّ مَنْزِلَةٍ، فَلَمَّا رَأَتِ الْحَبَشَةُ مَكَانَهُ مِنْهُ قَالَتْ بَيْنَهَا: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبَ هَذَا عَلَى عَمِّهِ، وَإِنَّا لَنَتَخَوَّفُ أَنْ يُمَلِّكَهُ عَلَيْنَا، وَإِنْ مَلَكَ لَيَقْتُلُنَا بِأَبِيهِ، فَكَلَّمُوا الْمَلِكَ، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ، قَتَلْتُ أَبَاهُ بِالْأَمْسِ، وَأَقْتُلُهُ الْيَوْمَ! بَلْ أُخْرِجُهُ مِنْ بِلَادِكُمْ، قَالَتْ: فَخَرَجُوا بِهِ فَبَاعُوهُ لِتَاجِرٍ بستّمائة ردهم، فَقَذَفَهُ فِي سَفِينَةٍ وَانْطَلَقَ بِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ، هَاجَتْ سَحَابَةٌ، فَخَرَجَ عَمُّهُ يَسْتَمْطِرُ تَحْتَهَا، فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَقَتَلَتْهُ، فَفَزِعَتِ الْحَبَشَةُ إلى ولده، فإذا هو محمق ليس في ولده خير، فمرج2 الأَمْرُ، فَقَالُوا: تَعَلَّمُوا، وَاللَّهِ إِنَّ مَلِكَكُمُ الَّذِي لَا يُقِيمُ أَمْرَكُمْ غَيْرُهُ لَلَّذِي بِعْتُمُوهُ غَدْوَةً،   1 صحيح: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 319"، وأحمد "1/ 301-203"، وأبو نعيم في "الحلية" "357"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 301-306"، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص135": سنده صحيح. 2 مرج: اختلط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ فَأَدْرَكُوهُ، وَأَخَذُوهُ مِنَ التَّاجِرِ، ثُمَّ جَاءُوا بِهِ فَعَقَدُوا عَلَيْهِ التَّاجَ، وَأَقْعَدُوهُ على سرير ملكه، فجاء التّاجر فقال: ما لي، قَالُوا: لَا نُعْطِيكَ شَيْئًا، فَكَلَّمَهُ، فَأَمَرَهُمْ فَقَالَ: أَعْطُوهُ دَرَاهِمَهُ أَوْ عَبْدَهُ، قَالُوا: بَلْ نُعْطِيهِ دَرَاهِمَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا خُبِرَ مِنْ عَدْلِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1. وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يُكَلِّمُ النَّجَاشِيَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2. "إسلام النجاشي": أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَدٍ، وَجَمَاعَةٌ، أنا ابْنُ ملاعب، حدثنا الأموي، أنا جَابِرُ بْنُ يَاسِينَ، أنا الْمُخَلِّصُ، أنا البغويّ، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرًا وَعُمَارَةَ بِهَدِيَّةٍ إِلَى النَّجَاشِيِّ لِيُؤْذُوا الْمُهَاجِرِينَ. فَخَلُّوهُمْ، فَقَالَ عَمْرٌو: وَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى غَيْرَ مَا تَقُولُ، فَأَرْسِلْ إِلَيْنَا، وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ الثَّانِيَةُ أَشَدَّ عَلَيْنَا، فَقَالَ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فِي عِيسَى؟ قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: أَعَبِيدٌ هُمْ لَكُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَلَكُمْ عَلَيْهِمْ دَيْن؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: يَقُولُ: هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى عَذْرَاءَ بَتُولٍ، فَقَالَ: ادْعُوا لِي فُلَانًا الْقَسَّ، وَفُلَانًا الرَّاهِبَ، فَأَتَاهُ أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى؟ قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُنَا، قَالَ: وَأَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ: مَا عَدَا عِيسَى مَا قَالَ هَؤُلَاءِ مِثْلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُؤْذِيكُمْ أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَنَادَى مَنْ آذَى مِنْهُمْ فَأَغْرَمُوهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ: أَيَكْفِيكُمْ؟ قُلْنَا: لَا، فَأَضْعِفْهَا، قَالَ: فلما ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرْنَاهُ، قَالَ فَزَوَّدَنَا وَحَمَلْنَا، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ بِمَا صَنَعْتُ إِلَيْكُمْ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي، فَأَتَيْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَلَقَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاعْتَنَقَنِي وَقَالَ: مَا أَدْرِي أَنَا بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَفْرَحُ أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلنَّجَاشِيِّ" ثَلَاثَ مرّات، وقال المسلمون: آمين3.   1 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق في "سيرة ابن هشام" "10/ 322-223". 2 مرسل. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "1478" ومجالد هو ابن سعيد، قال في "التقريب" "6478": ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 "إِسْلَامُ ضِمَادٍ": دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ ضِمَادٌ مَكَّةَ، وَهُوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ سُفَهَاءِ النَّاسِ يَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ، فَقَالَ: آتِي هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَهُ عَلَى يَدَيَّ، قَالَ: فَلَقِيتُ مُحَمَّدًا فَقُلْتُ: إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ، وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدَيَّ مَنْ يَشَاءُ، فَهَلُمَّ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِي اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ "ثَلَاثَ مَرَّاتٍ"، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لقد سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، فَهَلُمَّ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَبَايَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ لَهُ: "وَعَلَى قَوْمِكَ" فَقَالَ: وَعَلَى قَوْمِي. فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً، فَمَرُّوا بِقَوْمِ ضِمَادٍ. فَقَالَ صَاحِبُ الْجَيْشِ لِلسَّرِيَّةِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً، فَقَالَ: رُدُّوهَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ قَوْمُ ضِمَادٍ1. أَخْرَجَهُ مسلم.   1 صحيح: أخرجه مسلم "868" في كتاب الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 223-224". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 "إِسْلَامُ الْجِنِّ": قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} 1 الْآيَاتِ، وَقَالَ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} 2 وَأَنْزَلَ فِيهِمْ سُورَةَ الْجِنِّ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْجِنِّ وَلَا رَآهُمْ، انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ3، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأرسلت   1 سورة الأحقاف: 29. 2 سورة الأنعام: 130. 3 عكاظ: سوق بين نخلة والطائف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بينكم وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. قَالَ: فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ النَّفَرُ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِنَخْلَةَ، عَامِدًا إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بربّنا أحدًا، فأنزلت {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا قَرَأَ عَلَى الْجِنِّ وَلَا رَآهُمْ، يَعْنِي أَوَّلَ مَا سَمِعَتِ الْجِنُّ الْقُرْآنَ، ثُمَّ إِنَّ دَاعِيَ الْجِنِّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا فِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ حَفِظَ الْقِصَّتَيْنِ، فَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ، فَلَمَّا سَمِعُوهُ أَنْصَتُوا قَالُوا: صَهْ، وَكَانُوا سَبْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} 2 الآيات. وقال مسعر، عن معن، حدثنا أَبِي، سَأَلْتُ مَسْرُوقًا: مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ، يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ أَنَّهُ آذَنَتْهُ بِهِمْ شَجَرَةٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قال: قلت لابن مسعود:   1 سورة الجن: 1. والخبر أخرجه البخاري "773" في كتاب الأذان: باب: الجهر بقراءة صلاة الفجر، ومسلم "449" في كتاب الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح، والترمذي "3334" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الجن، والنسائي في "الكبرى" "11624، 11625"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 226"، وابن حبان في "صحيحه" "6526". 2 سورة الأحقاف: 29. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3859" في كتاب مناقب الأنصار، باب: ذكر الجن، ومسلم "450/ 153": في كتاب الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 هَلْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْجِنِّ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِمَكَّةَ، فَقُلْنَا اغْتِيلَ، اسْتُطِيرَ، مَا فَعَلَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ، أَوْ قَالَ فِي السَّحَرِ، إِذَا نَحْنُ بِهِ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرُوا الَّذِي كَانُوا فِيهِ، فَقَالَ: "إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَأَتَيْتُهُمْ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ"، فَانْطَلَقَ فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَدْ جَاءَ مَا يُخَالِفُ هَذَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِأَصْحَابِهِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ: "مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَحْضُرَ اللَّيْلَةَ أَمْرَ الْجِنِّ فَلْيَفْعَلْ"، فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ خَطَّ لِي بِرِجْلِهِ خَطًّا، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ، فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ فَغَشِيَتْهُ أَسْوَدَةٌ2 كَثِيرَةٌ، حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ انْطَلَقُوا وَطَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ، ذَاهِبِينَ، حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ، وَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ الْفَجْرِ، فَانْطَلَقَ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ أَتَانِي فَقَالَ: "مَا فَعَلَ الرَّهْطُ؟ " فَقُلْتُ: هُمْ أُولَئِكَ يَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَخَذَ عَظْمًا وَرَوْثًا فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ زَادًا، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ أَحَدٌ بِعَظْمٍ أَوْ بِرَوْثٍ3. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَبْصَرَ زُطًّا4 فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا هَؤُلَاءِ الزُّطُّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شبههم إلاّ الْجِنِّ، وَكَانُوا مُسْتَنْفِرِينَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا5. صَحِيحٌ. يُقَالُ: اسْتَنْفَرَ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ، إِذَا أَخَذَ ذَيْلَهُ مِنْ بَيْنِ فَخِذَيْهِ إِلَى حُجْزَتِهِ فَغَرَزَهُ. وَكَذَا يقال في الكلب، إذ جَعَلَ ذَنَبَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ لِلْحَائِضِ: استنفري.   1 صحيح: أخرجه مسلم "450/ 150" في المصدر السابق، وأبو داود "85" في كتاب الطهارة، باب: الوضوء بالنبيذ، والترمذي "3269" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الأحقاف. 2 أسودة: أي جماعة من الناس. 3 أخرجه ابن جرير في "تفسيره" "26/ 21". 4 الزط: قوم من الهند أو السند. 5 أخرجه ابن جرير في "تفسيره" "26/ 21" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 231". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، عَنْ مُسْتَمِرِّ بْنِ الرَّيَّانِ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْجِنِّ، حَتَّى أَتَى الْحَجُونَ1 فَخَطَّ عَلَيَّ خَطًّا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ، فَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ سَيِّدٌ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ وَرْدَانُ: إِنِّي أَنَا أُرَحِّلُهُمْ عَنْكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ2. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُورَةَ الرَّحْمَنُ، ثُمَّ قَالَ: "مَا لِي أَرَاكُمْ سُكُوتًا، لَلْجِنُّ كَانُوا أَحْسَنَ رَدًّا مِنْكُمْ، مَا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ من مرّة {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ، إِلَّا قَالُوا: وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ"3. زُهَيْرٌ ضَعِيفٌ4. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ جَدِّهِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِدَاوَةٍ لِوُضُوئِهِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "أَتَانِي جِنُّ نَصِيبِينَ فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِرَوْثَةٍ وَلَا بِعَظْمٍ إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا" 5. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَيَدْخُلُ هَذَا الْبَابُ فِي بَابِ شَجَاعَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقُوَّةِ قَلْبِهِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} 6 فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا". وَفِي لَفْظٍ: "فَأَخَذْتُهُ فَفَدَغْتُهُ"، يَعْنِي خنقته7. متفق عليه.   1 الحجون: جبل بمكة. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 231، 232". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 232". 4 كذا جزم الحافظ الذهبي بضعفه، وما يترجح عندي أنه صدوق، وضعفه في رواية الشاميين عنه خاصة رواية عمر بن أبي سلمة عنه فمنكرة، وانظر "الميزان" "2918"، وتأتي ترجمته "1197". 5 صحيح: أخرجه البخاري "3860" في كتاب مناقب الأنصار، باب: ذكر الجن: والبيهقي في "الدلائل "2/ 223". 6 سورة ص: 35. 7 صحيح: أخرجه البخاري "4808" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} ، ومسلم "541" في كتاب المساجد، باب: جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة، وأحمد "2/ 298". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ وَأَقْوَالِ الكهّان: قال ابن وهب: أخبرنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا، إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ، فَبَيْنَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي، أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي أَوْ أَنَّكَ عَلَى دِينِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كُنْتَ كَاهِنَهُمْ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَالَ فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي، فَقَالَ: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ؟ قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ قَالَتْ: أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا ... وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا1 وَلُحُوقَهَا بِالْقَلاصِ وَأَحْلَاسِهَا2 قَالَ عُمَرُ: صَدَقَ، بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ مِنْهُ صَارِخٌ لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ: يَا جَلِيحُ، أَمْرٌ نَجِيحٌ، رَجُلٌ فَصِيحٌ، يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَوَثَبَ الْقَوْمُ، قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى: يَا جَلِيحُ، أَمْرٌ نَجِيحٌ، رَجُلٌ فَصِيحٌ، يَقُولُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهِ، قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، فَأَعَادَ قَوْلَهُ، قَالَ: فَقُمْتُ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ قِيلَ هَذَا نَبِيٌّ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّ عُمَرَ بِنَفْسِهِ سَمِعَ الصَّارِخَ مِنَ الْعِجْلِ، وَسَائِرِ الرِّوَايَاتِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَاهِنَ هُوَ الَّذِي سمع.   1 إبلاسها: المراد به اليأس. وإنكاسها: انقلابها. 2 القلاص: جمع قلص، وهو جمع قلوص، وهي الفتية من الإبل، وأحلاسها: جمع حلس: وهو ما يوضع على ظهر الإبل. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3866" في كتاب مناقب الأنصار، باب: إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 فَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مَارٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ كُنْتُ مَرَّةً ذَا فَرَاسَةٍ، وَلَيْسَ لِي رَئِيٌّ، أَلَمْ يَكُنْ قَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ يَنْظُرُ وَيَقُولُ فِي الْكَهَانَةِ، ادْعُوهُ لِي، فَدَعَوْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ؟ قَالَ: مِنَ الشَّامِ، قَالَ: فَأَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أردت هذا الْبَيْتَ، وَلَمْ أَكُنْ أَخْرُجُ حَتَّى آتِيَكَ، قَالَ: هَلْ كُنْتَ تَنْظُرُ فِي الْكَهَانَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَدِّثْنِي، قَالَ: إِنِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ بِوَادٍ، إِذْ سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ: يَا جَلِيحُ، خَبَرٌ نجيح، رجل يصيح، يقول: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، الْجِنَّ وَإِيَاسَهَا، وَالإِنْسَ وَإِبْلاسَهَا، وَالْخَيْلَ وَأَحْلَاسَهَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ إِنَّ هَذَا لَخَبَرٌ يَئِسَتْ مِنْهُ الْجِنُّ، وَأَبْلَسَتْ مِنْهُ الإنس، وأعلمت فِيهِ الْخَيْلُ، فَمَا حَالَ الْحَوْلُ حَتَّى بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَرَوَاهُ الْوَليِدُ بْنُ مَزْيَدَ الْعُذْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ مِسْكِينٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ جَالِسٌ. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ. وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَحَدِ الْقُرَّاءِ، عَنْ مُجَاهِدٍ مَوْقُوفًا. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَاهِنُ هُوَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ بن موسى الحمّار الكوفي، حدثنا زياد بن يزيد القصري، حدثنا محمد بن تراس الكوفي، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ يَخْطُبُ إِذْ قَالَ: أَفِيكُمْ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ تِلْكَ السَّنَةَ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّنَةُ الْمُقْبِلَةُ قَالَ: أَفِيكُمْ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالُوا: وَمَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالَ: كَانَ بَدْءُ إِسْلَامِهِ شَيْئًا عَجَبًا، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ سواد بن قارب، فقال له: حدّحدثنا بِبَدْءِ إِسْلَامِكَ يَا سَوَادُ، قَالَ: كُنْتُ نَازِلا بِالْهِنْدِ، وَكَانَ لِي رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمٌ إِذْ جَاءَنِي فِي مَنَامِي ذَلِكَ قَالَ: قُمْ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وأنجاسها ... وشدّها العيس بأحلاسها نهوي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا مُؤْمِنُوهَا مِثْلُ أَرْجَاسِهَا فَانْهَضْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... وَاسْمُ بعينيك إلى راسها   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 245-246". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 يَا سَوَادُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ نَبِيًّا فَانْهَضْ إِلَيْهِ تَهْتَدِ وَتَرْشُدْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ أَتَانِي فَأَنْبَهَنِي، ثُمَّ قَالَ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطْلَابِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... لَيْسَ فَدَامَاهَا كَأَذْنَابِهَا فَانْهَضْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى نَابِهَا فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي فَأَنْبَهَنِي، ثم قال: عجبت لجنّ وَتَخْبَارِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَكْوَارِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... لَيْسَ ذَوُو الشَّرِّ كَأَخْيَارِهَا فَانْهَضْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا فَوَقَعَ فِي قَلْبِي حُبُّ الْإِسْلَامِ، وَشَدَدْتُ رَحْلِي، حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا هُوَ بِالْمَدِينَةِ، وَالنَّاسُ عَلَيْهِ كَعُرْفِ الْفَرَسِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: "مَرْحَبًا بِسَوَادِ بْنِ قَارِبٍ، قَدْ عَلِمْنَا مَا جَاءَ بِكَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قُلْتُ شِعْرًا فَاسْمَعْهُ مِنِّي: أَتَانِي رَئِيِّي بَعْدَ لَيْلٍ وَهَجْعَةٍ ... وَلَمْ يَكُ فِيمَا قَدْ بَلَوْتُ بِكَاذِبٍ1 ثَلَاثَ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ... أَتَاكَ نَبِيٌّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ فَشَمَّرْتُ عَنْ سَاقِي الْإِزَارَ وَوَسَّطَتْ ... بِيَ الذِّعْلِبُ الْوَجْنَاءُ عِنْدَ السَّبَاسِبِ2 فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَائِبِ وَأَنَّكَ أدنى المرسلين شفاعةً ... إلى الله يا بن الأَكْرَمِينَ الأَطَايِبِ فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيكَ يَا خَيْرَ مَنْ مَشَى ... وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ فَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ ... سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ لِي: "أَفْلَحْتَ يَا سَوَادُ"، فَقَالَ لَهُ عمر: هل يأتيك رأيك الآنَ؟ قَالَ: مُنْذُ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ لَمْ يَأْتِنِي، ونعم العوض كتاب الله من الجنّ3.   1 هجعة: نوم خفيف. 2 الذعلب: السرية من النوق. الناقة الشديدة. والسباسب: أيام الشعانين عند النصارى. 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 248-253" وفيه جهالة محمد بن تراس وزياد بن يزيد كما يأتي، وفيه أيضًا عنعنه أبي إسحاق وهو مدلس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بِالْمَرَّةِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ تَرَاسٍ وَزِيَادٌ مَجْهُولانِ لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمَا، وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَلَكِنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ مَشْهُورٌ. وَقَدْ قَالَ أَبُو يعلى الموصليّ، وعليّ بن شيبان: حدثنا يحيى بن حجر الشاميّ، حدثنا عليّ بن منصور الأبناوي، حدثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ قَائِلٌ: أَتَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ: أَنْتَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَنْتَ الَّذِي أَتَاهُ رَئِيُّهُ بِظُهُورِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْتَ عَلَى كَهَانَتِكَ. فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهَذَا أَحَدٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ. قَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ من الشّرك أعظم، قال: فأخبرني بإتيانك رأيك بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: بَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، إِذْ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ اسْمَعْ مَقَالَتِي وَاعْقِلْ، إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الشِّعْرَ قَرِيبًا مِمَّا تَقَدَّمَ، ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ يَقُولُ: كُنَّا يَوْمًا فِي حَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُمْ آلُ ذَرِيحٍ، وَقَدْ ذَبَحُوا عِجْلا، وَالْجَزَّارُ يُعَالِجُهُ إِذْ سَمِعْنَا صَوْتًا مِنْ جَوْفِ الْعِجْلِ وَلَا نَرَى شَيْئًا وَهُوَ يَقُولُ: يَا آلَ ذَرِيحٍ، أَمْرٌ نَجِيحٌ، صَائِحٌ يَصِيحُ، بِلِسَانٍ فَصِيحٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلاّ الله1. أبو عبد الرحمن عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مُتَّفَقٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَعَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ فِيهِ جَهَالَةٌ، مَعَ أَنَّ الحديث منقطع.   1 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أبو عبد الرحمن الوقاحي هو عثمان بن عبد الرحمن، متروك، وكذبه البعض كما في "الميزان" "5531". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ، عَنْ بِشْرِ بْنِ حَجَرٍ أَخِي يَحْيَى بْنِ حَجَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِنَحْوِهِ. وقال ابن عديّ في كامله: حدثنا الوليد بن حمّاد، بالرملة، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، حدثنا الحكم بن يعلى المحاربيّ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ قَالَ: كُنْتُ نَائِمًا عَلَى جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الشَّرَاةِ، فَأَتَانِي آتٍ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ أَتَى رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. كَذَا فِيهِ سَعِيدٌ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي سَوَادٌ، وَعَبَّادٌ لَيْسَ بِثِقَةٍ يَأْتِي بِالطَّامَّاتِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَوَّلُ مَا سُمِعَ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ تُدْعَى فَطِيمَةَ، كَانَ لَهَا تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ، فَجَاءَ يَوْمًا فَوَقَعَ عَلَى جِدَارِهَا، فَقَالَتْ: مَا لَكَ لَا تَدْخُلُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ نَبِيٌّ يُحَرِّمُ الزِّنَى، فَحَدَّثَتْ بِذَاكَ الْمَرْأَةُ عَنْ تَابِعِهَا مِنَ الْجِنِّ، فَكَانَ أَوَّلَ خَبَرٍ تُحَدِّثُ بِهِ بِالْمَدِينَةِ2. وقال يحيى بن يوسف الزّمي: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَوَّلُ خَبَرٍ قَدِمَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ لَهَا تَابِعٌ، فَجَاءَ فِي صُورَةِ طَائِرٍ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَائِطِ دَارِهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: انْزِلْ، قَالَ: لَا، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ بِمَكَّةَ نَبِيٌّ يُحَرِّمُ الزِّنَى، قَدْ مَنَعَ مِنَّا الْقَرَارَ3. وَفِي الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ عَامَّتُهَا واهية الأسانيد.   1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 253-254"، وعباد بن عبد الصمد ضعيف جدًّا كما في "الميزان" "4128". 2 مرسل. 3 عزاه الحافظ ابن كثير في "البداية" لأبي نعيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} 1. قَالَ شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ2. أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شَيْبَانَ، لَكِنْ لَمْ يَقُلِ الْبُخَارِيُّ "مَرَّتَيْنِ". وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ، وَزَادَ "فَانْشَقَّ فِرْقَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ"3. وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوٌ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ أبي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْقَمَرَ مُنْشَقًّا شِقَّتَيْنِ بِمَكَّةَ، قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِقَّةٌ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَشِقَّةٌ عَلَى السُّوَيْدَاءِ، فَقَالُوا: سُحِرَ الْقَمَرِ4. لَفْظُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَرَادَ "قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" يَعْنِي إِلَى الْمَدِينَةِ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَلَفْظُهُ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَقَّتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشهدوا" 5.   1 سورة القمر: 1-3. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4867" في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ، ومسلم "2802" في كتاب صفة القيامة، باب: انشقاق القمر، والترمذي "3297" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة القمر، وأحمد "3/ 65، 207، 220، 275، 278"، والطبري في "تفسيره" "27/ 50"، والنسائي في "الكبرى" "11554"، وأبو يعلى في "مسنده" "2929، 2930، 3113، 3141، 3187"، والحاكم في "مستدركه" "3761" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 262، 263، 264"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "708" والبغوي في "تفسيره" "4/ 235". 3 صحيح: انظر التخريج السابق. 4 لم أجده بهذا اللفظ. 5 صحيح: أخرجه البخاري "4864، 4865" في المصدر السابق، ومسلم "2800" في المصدر السابق، والترمذي "3296، 3298" في المصدر السابق، والنسائي في "الكبرى" "11552، 11553" والطيالسي في "مسنده" "ص37، 38" والطبري في "تفسيره" "27/ 50، 51" والطبراني في "الكبير" "9996، 9997، 10009"، وأبو نعيم في "الدلائل" "ص200، 201، 202"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 264-266"، والحاكم في "مستدركه" "3756، 3757" وابن حبان في "صحيحه" "6495" والبزار كما في "مختصر زائد البزار" "1801، 1802، 1971"، والطحاوي في "المشكل" "697، 698، 700، 701، 702، 703"، والبغوي في "تفسيره" "4/ 235". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وَأَخْرَجَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن الأعمش، حدثنا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْفَلَقَ الْقَمَرُ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَارَتْ فِلْقَةٌ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ دُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْهَدُوا" 1. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطّيالسيّ في "مسنده": حدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: هَذَا سِحْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ فَقَالُوا: انْظُرُوا مَا يَأْتِيكُمْ بِهِ السُّفَّارُ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْحَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، فَجَاءَ السُّفَّارُ فَقَالُوا: ذَلِكَ صَحِيحٌ2. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ نَحْوَهُ. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. متفق عَلَيْهِ مَنْ حَدِيثِ بَكْرٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي قوله {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} 4 قَالَ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْشَقَّ فِلْقَتَيْنِ، فِلْقَةٌ مِنْ دُونِ الْجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ مِنْ خَلْفِ الْجَبَلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اللهمّ اشهد" 5. أخرجه مسلم.   1 صحيح: انظر التخريج السابق. 2 تقدم تخريجه من "مسند الطيالسي". 3 صحيح: أخرجها البخاري "4866" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ، ومسلم "2803" في كتاب صفة القيامة، باب: انشقاق القمر، والطبري في "تفسيره" "27/ 51" والطبراني في "الكبير" "10734، 10735"، وأبو نعيم في "الدلائل" "ص201، 202"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 267" والطحاوي في "مشكل الآثار "704، 705". 4 سورة القمر: 1. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2801" في المصدر السابق، والترمذي "3299" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة القمر، والطيالسي في "مسنده" "ص257" والطبري في "تفسيره" "27/ 50"، والطبراني في "الكبير" "13473"، أبو نعيم في "الدلائل" "ص201"، والحاكم في "مستدركه" "3759"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 267"، وابن حبان في "صحيحه" "6496". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَهُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ، وَنَحْنُ بِمَكَّةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو كُدَيْنَةَ، وَالْمُفَضَّلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ حُصَيْنٍ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن أبيه. والأول أصحّ.   1 صحيح: أخرجه الترمذي "3300" في المصدر السابق، وأحمد "4/ 82"، والطبري في "تفسيره" "27/ 51"، والطبراني في "الكبير" "1559، 1560، 10561"، والحاكم في "مستدركه" "3760" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 268"، وابن حبان في "صحيحه" "6497" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". وفي الباب عن حذيفة -رضي الله عنه- وأخرجه الطبري في "تفسيره" "27/ 51" والطحاوي في "مشكل الآثار" "706، 707". وعن علي -رضي الله عنه- أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" "696". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 بَابُ: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْيَهُودِ: أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ عَنْهُ هَذَا الرَّجُلَ، فَقَالُوا: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَنَزَلَتْ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} 2، قَالُوا: نَحْنُ لَمْ نُؤْتَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قليلًا، وقد أوتينا التّوارة فيها حكم الله، ومن أوتي التّوارة فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، قَالَ: فَنَزَلَتْ {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الْآيَةَ3. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، بَعَثُوا النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى أَحْبَارِ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالُوا لَهُمْ: سَلُوهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَصِفُوا لهم   1 صحيح: أخرجه الترمذي "3300" في المصدر السابق، وأحمد "4/ 82"، والطبري في "تفسيره" "27/ 51"، والطبراني في "الكبير" "1559، 1560، 10561"، والحاكم في "مستدركه" "3760" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 268"، وابن حبان في "صحيحه" "6497" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". وفي الباب عن حذيفة -رضي الله عنه- وأخرجه الطبري في "تفسيره" "27/ 51" والطحاوي في "مشكل الآثار" "706، 707". وعن علي -رضي الله عنه- أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" "696". 2 سورة الإسراء: 85. 3 سورة الكهف: 109. والخبر صحيح، أخرجه الترمذي "3151" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "8/ 2531": رجاله رجال مسلم. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 صِفَتَهُ، وَأَخْبِرُوهُمْ بِقَوْلِهِ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، وَعِنْدَهُمْ عِلْمُ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا، فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَسَأَلُوا أَحْبَارَ الْيَهُودِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَصَفُوا لَهُمْ أَمْرَهُ بِبَعْضِ قَوْلِهِ، فَقَالَتْ لَهُمْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ: سَلُوهُ عَنْ ثلاث نَأْمُرُكُمْ بِهِنَّ، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِنَّ فَهُوَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ. سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الْأَوَّلِ، مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، فَإِنَّهُ كَانَ لَهُمْ حَدِيثٌ عَجَبٌ. وَسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوَّافٍ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَمَا كَانَ نَبَؤُهُ. وَسَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ مَا هُوَ، فَقَدِمَا مَكَّةَ فَقَالَا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، قَدْ أَمَرَنَا أَحْبَارُ يَهُودَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ أُمُورٍ، فَجَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنَا، وَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: "أُخْبِرُكُمْ غَدًا"، وَلَمْ يَسْتَثْنِ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ، فَمَكَثَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُحْدِث اللَّهُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًا، وَلَمْ يَأْتِهِ جِبْرِيلُ، حَتَّى أَرْجَفَ أَهْلُ مَكَّةَ، وَقَالُوا: وَعَدَنَا غَدًا وَالْيَوْمُ خَمْسَ عَشَرَ، وَأَحْزَنَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُكْثَ الْوَحْيِ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ بِسُورَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ فِيهَا مُعَاتَبَتُهُ إِيَّاهُ عَلَى حُزْنِهِ، وَخَبَرُ الْفِتْيَةِ وَالرَّجُلُ الطَّوَّافُ وَقَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} 1. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُؤَالَ الْيَهُودِ عَنِ الرُّوحِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَلَعَلَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ مَرَّتَيْنِ2. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا، وَأَنْ يُنَحِّيَ عَنْهُمُ الْجِبَالَ فَيَزْرَعُوا فِيهَا. فَقَالَ اللَّهُ: إِنْ شِئْتَ آتَيْنَاهُمْ مَا سَأَلُوا، فَإِنْ كَفَرُوا أُهْلِكُوا كَمَا أهلك من كان   1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه، وأخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 270". 2 حديث ابن مسعود بنحو حديث ابن عباس: وقد أخرجه البخاري "4721" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} ، ومسلم "2794" في كتاب صفة القيامة، باب: سؤال اليهود النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الروح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 قَبْلَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أَسْتَأْنِيَ بِهِمْ. قَالَ: "بَلْ تَسْتَأْنِي بِهِمْ". وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} 1. حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ، عن سعيد بن جبير.   1 سورة الإسراء: 59. والخبر إسناده صحيح، أخرجه أحمد "1/ 258"، والنسائي في "الكبرى" "11290" وهو كما قال الشيخ أحمد شاكر في "المسند" "2333": إسناده صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 ذكر أذية المشتركين للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين ... ذِكْرُ أَذِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِلْمُسْلِمِينَ: الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قُلْتَ: حَدِّثْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: أَقْبَلَ عقبة بن أبي معيط والنّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ، فَدَفَعَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} 1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَعُبَيْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَهَذِهِ عِلَّةٌ ظَاهِرَةٌ، لَكِنْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَهَذَا تَرْجِيحٌ لِلأَوَّلِ. وقال سفيان، وشعبة، واللّفظ له: حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَثَمَّ سَلَى2 بَعِيرٍ، فَقَالُوا: مَنْ يَأْخُذُ سَلَى هَذَا الْجَزُورِ فَيَقْذِفُهُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَجَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَخَذَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا عَلَيْهِمْ إِلَّا يَوْمَئِذٍ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ" -أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، شَكَّ شُعْبَةُ، وَلَمْ يَشُكَّ سفيان بن أميّة- قال عبد الله: فقد رأيتهم   1 سورة غافر: 28. والخبر أخرجه البخاري "4815" في كتاب التفسير، باب: سورة المؤمن، وأحمد "2/ 204"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 274". 2 السلى: الجلدة الرقيقة التي يخرج فيها الجنين من بطن أمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَأُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ، غَيْرَ أَنَّ أُمَيَّةَ كَانَ رَجُلا بَادِنًا، فَتَقَطَّعَ قَبْلَ أَنْ يُبْلَغَ بِهِ الْبِئْرُ1. أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شعبة، ومن حديث سفيان. وقال "م"2: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ، عن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالْأَمْسِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلَى جَزُورٍ فَيَضَعُهُ عَلَى كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ، فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فضحكوا وجعل بعضكم يَمِيلُ إِلَى بَعْضٍ، وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ، وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ وَسَبَّتْهُمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ، وَكَانَ إذا دَعَا ثَلَاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ" ثَلَاثًا، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمُ الضَّحِكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ" وَذَكَرَ السَّابِعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ. فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ3. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إسلام سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ، وَالْمِقْدَادُ. فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ. وَأَمَّا أبو بكر فمنعه الله بقومه.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3854" في كتاب مناقب الأنصار، باب: ما لقي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ مِنَ المشركين بمكة، ومسلم "1794" في كتاب الجهاد، باب: ما لقي النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أذى المشركين والمنافقين، وأحمد "1/ 417"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 278". 2 إشارة إلى "مسلم". 3 صحيح: أخرجه مسلم "1794/ 107" في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ، وأوقفوهم في الشمس، فما ن أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وَاتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا غَيْرَ بِلَالٍ، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَعْطُوهُ الْوِلْدَانَ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ1. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِعَمَّارٍ وَأَهْلِهِ، وَهُمْ يُعَذَّبُونَ، فَقَالَ: "أَبْشِرُوا آلَ يَاسِرَ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ" 2. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ شَهِيدٍ فِي الْإِسْلَامِ أُمَّ عَمَّارٍ سُمَيَّةُ، طَعَنَهَا أَبُو جَهْلٍ بحربة في قبلها3. وقال يونس بن بكير، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْتَقَ مِمَّنْ كَانَ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ سَبْعَةً، فَذَكَرَ مِنْهُمُ الزِّنِّيرَةَ، قَالَ: فَذَهَبَ بَصَرُهَا، وَكَانَتْ مِمَّنْ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَتَأْبَى إِلَّا الْإِسْلَامَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: مَا أَصَابَ بَصَرَهَا إِلَّا اللَّاتُ وَالْعُزَّى، فَقَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا هُوَ كَذَلِكَ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهَا بَصَرَهَا4. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بن أبي خالد وغيره: حدثنا قَيْسٌ قَالَ: سَمِعْتُ خَبَّابًا يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً شَدِيدَةً فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلا تدعو اللَّهَ، فَقَعَدَ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ فَقَالَ: "إِنْ كان من قَبْلَكُمْ لَيُمَشِّطُ أَحَدَهُمْ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عَظْمِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتَمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا   1 حسن: أخرجه ابن ماجه "150" في المقدمة، باب: في فصائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "1/ 404"، وأبو نعيم في "الحلية" "487"، وحسنه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "122". 2 صحيح: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "5666" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 282"، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص122": حديث حسن صحيح، رواه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 203" بلاغًا، ووصله الحاكم والطبراني في "الأوسط" "كما في "المجمع" "9/ 293" عن جابر، وأخرجه أبو أحمد الحاكم في "الإصابة". ا. هـ. 3 مرسل: ذكره الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 71" وعزاه للإمام أحمد، وقال: مرسل. 4 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 اللَّهَ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ2. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَبْلُغُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْعَذَابِ مَا يُعْذَرُونَ بِهِ فِي تَرْكِ دِينِهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، إِنْ كَانُوا لَيَضْرِبُونَ أَحَدَهُمْ يُجِيعُونَهُ وَيُعَطِّشُونَهُ، حَتَّى مَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَسْتَوِي جالسًا من شدّة الضّرّ الذي نزل له، حَتَّى يُعْطِيَهُمْ مَا سَأَلُوهُ مِنَ الْفِتْنَةِ، حَتَّى يَقُولُوا لَهُ: آللَّاتُ وَالْعُزَّى إِلَهُكَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، حَتَّى إِنَّ الْجُعْلَ لَيَمُرُّ بهم فيقولون له: أهذا الْجُعْلُ إِلَهُكَ مِنْ دُونَ اللَّهِ، فَيَقُولُ: نَعَمْ، افْتِدَاءً مِنْهُمْ مِمَّا يَبْلُغُونَ مِنْ جَهْدِهِ3. وَحَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ عُكَّاشَةَ، أَنَّهُ حُدِّثَ، أَنَّ رِجَالًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ مَشَوْا إِلَى هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ، حِينَ أَسْلَمَ أَخُوهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَانُوا قَدْ أَجْمَعُوا أَنْ يَأْخُذُوا فِتْيَةً مِنْهُمْ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا، مِنْهُمْ سَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، قَالَ: فَقَالُوا لَهُ وَخَشَوْا شَرَّهُ: إِنَّا قَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُعَاتِبَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةِ عَلَى هَذَا الدِّينِ الَّذِي قَدْ أحدثوا فإنّا بِذَلِكَ فِي غَيْرِهِ، قَالَ: هَذَا فَعَلَيْكُمْ بِهِ فَعَاتِبُوهُ، يَعْنِي أَخَاهُ الْوَلِيدَ، ثُمَّ إِيَّاكُمْ وَنَفْسَهُ، وَقَالَ: أَلَا لَا تَقْتُلُنَّ أَخِي عُيَيْشًا ... فَيَبْقَى بَيْنَنَا أَبَدًا تَلَاحِي احْذَرُوا عَلَى نَفْسِهِ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ لَأَقْتُلَنَّ أَشْرَفَكُمْ رَجُلا، قَالَ: فَتَرَكُوهُ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا دَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ4. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ العاص من   1 صحيح: أخرجه البخاري "3852" في كتاب مناقب الأنصار، باب: ما لقي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ مِنَ المشركين بمكة، وأبو داود "2649" في كتاب الجهاد، باب: في الأسير يكره على الكفر، وأحمد "5/ 109، 110، 111" وأبو نعيم في "الحلية" "473"، ولم يروه مسلم كما يدل عليه خاتمة كتاب المناقب في "الفتح" "6/ 735". 2 صحيح: انظر التخريج السابق. 3 إسناده ضعيف: حكيم بن جبير ضعيف كما في "التقريب" "1468". 4 إسناده ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 الْحَبَشَةِ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ، لا لَهُ لَا يَخْرُجُ؟ فَقَالَ: إِنَّ أَصْحَمَةَ يَزْعُمُ أنّ صاحبكم نبيّ1. كتاب النجاشي للنبي -صلى الله عليه وسلم- بإسلامه: وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، مَنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، وَأَنَّ النَّجَاشِيَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّجَاشِيِّ أَصْحَمَةَ بْنِ أَبْحَرَ، سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ ابْنَ عَمِّكَ، وَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْهِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ أَرِيحَا ابْنِي، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي، وَإِنْ شِئْتَ، أَنْ آتِيَكَ فَعَلْتُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ اسْمُ النَّجَاشِيِّ مَصْحَمَةَ، وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّةٌ، وَإِنَّمَا النَّجَاشِيُّ اسْمُ الْمَلِكِ، كَقَوْلِكَ كِسْرَى وَهِرَقْلُ3. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ4، وَأَمَّا قَوْلُهُ مَصْحَمَةُ فلفظ غريب.   1 مرسل. 2 معضل إسناده ضعيف جدًّا: محمد بن حميد الرازي متهم كما يأتي في ترجمته "1935". 3 معضل. 4 صحيح: أخرجه البخاري "1334" في كتاب الجنائز، باب: التكبير على الجنازة أربعًا، ومسلم "952": في كتاب الجنائز، باب: في التكبير على الجنائز، والنسائي "4/ 69" في كتاب الجنائز، باب: الصفوف على الجنازة، وأحمد "3/ 295-319". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 ذِكْرُ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ وَالصَّحِيفَةِ: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُمُ اشْتَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَأَشَدِّ مَا كَانُوا، حَتَّى بَلَغَ الْمُسْلِمِينَ الْجَهْدُ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْبَلاءُ، وَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فِي مَكْرِهَا أَنْ يَقْتُلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَانِيَةً، فَلَمَّا رَأَى أَبُو طَالِبٍ عَمَلَهُمْ جَمَعَ بَنِي هَاشِمٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِعْبَهُمْ وَيَمْنَعُوهُ مِمَّنْ أَرَادَ قَتْلَهُ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَعَلَهُ حَمِيَّةً، وَمِنْهُمْ مَنْ فَعَلَهُ إِيمَانًا، فَلَمَّا عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ مَنَعُوهُ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ أَنْ لَا يُجَالِسُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، حَتَّى يُسْلِمُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْقَتْلِ، وَكَتَبُوا فِي مَكْرِهِمْ صَحِيفَةً وَعُهُودًا وَمَوَاثِيقَ، لَا يَقْبَلُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَبَدًا صُلْحًا، وَلَا تَأْخُذُهُمْ بِهِمْ رَأْفَةٌ حَتَّى يُسْلِمُوهُ لِلْقَتْلِ. فَلَبِثَ بَنُو هَاشِمٍ فِي شِعْبِهِمْ، يَعْنِي ثَلاثَ سِنِينَ، واشتدّ عليهم البلاء، وقطعوا عنهم الأصواق، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ إِذَا نَامَ النَّاسُ أَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَرَى ذَلِكَ مَنْ أَرَادَ مَكْرًا بِهِ وَاغْتِيَالَهُ، فَإِذَا نَامَ النَّاسُ أَمَرَ أَحَدَ بَنِيهِ أَوْ إِخْوَتِهِ فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَأْتِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِرَاشَ ذَلِكَ فَيَنَامُ عَلَيْهِ، فَمَا كَانَ رَأْسُ ثَلَاثِ سِنِينَ، تَلَاوَمَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَمِنْ بَنِي قُصَيٍّ، وَرِجَالٌ أُمَّهَاتُهُمْ مِنْ نِسَاءِ بَنِي هَاشِمٍ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ قَطَّعُوا الرَّحِمَ وَاسْتَخَفُّوا بِالْحَقِّ، وَاجْتَمَعَ أَمْرُهُمْ مِنْ لَيْلَتِهِمْ عَلَى نَقْضِ مَا تَعَاهَدُوا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدْرِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ. وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَى صَحِيفَتِهِمُ الْأَرَضَةَ1، فَلَحَسَتْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، وَيُقَالُ كَانَتْ مُعَلَّقَةً فِي سَقْفِ الْبَيْتِ، فَلَمْ تَتْرُكِ اسْمًا لِلَّهِ إِلا لَحَسَتْهُ، وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ شَرْكٍ أَوْ ظُلْمٍ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ بِهِ أَبَا طَالِبٍ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: لَا وَالثَّوَاقِبِ2 مَا كَذَبَنِي، فَانْطَلَقَ يَمْشِي بِعِصَابَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَهُوَ حَافِلٌ مِنْ قُرَيْشٌ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: قَدْ حَدَثَتْ أُمُورٌ بَيْنَكُمْ لَمْ نَذْكُرْهَا لَكُمْ، فَائْتُوا بِصَحِيفَتِكُمُ الَّتِي تَعَاهَدْتُمْ عَلَيْهَا، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ صُلْحٌ، فَأَتَوْا بِهَا وَقَالُوا: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَقْبَلُوا وَتَرْجِعُوا إِلَى أَمْرٍ يَجْمَعُ قَوْمَكُمْ، فَإِنَّمَا قَطَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَجَعَلْتُمُوهُ خَطَرًا لِلْهَلَكَةِ، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ لِأُعْطِيكُمْ أَمْرًا لَكُمْ فِيهِ نِصْفٌ3، إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي وَلَمْ يَكْذِبْنِي، أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، وَمَحَا كُلَّ اسْمٍ هُوَ لَهُ فِيهَا، وَتَرَكَ فِيهَا غَدْرَكُمْ وَقَطِيعَتَكُمْ، فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، فأفيقوا، فوالله لا   1 الأرضة: دوبية تأكل الخشب. 2 الثواقب: الكواكب المضيئة. 3 نصف: إنصاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 نُسْلِمُهُ أَبَدًا حَتَّى نَمُوتَ مِنْ عِنْدِ آخِرِنَا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالَ بَاطِلًا، دَفَعْنَاهُ إِلَيْكُمْ، فَرَضُوا وَفَتَحُوا الصَّحِيفَةَ، فَلَمَّا رَأَتْهَا قُرَيْشٌ كَالَّذِي قَالَ أَبُو طَالِبٍ، قَالُوا: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ هَذَا قَطُّ إِلَّا سِحْرًا مِنْ صَاحِبِكُمْ، فَارْتَكَسُوا1 وَعَادُوا لِكُفْرِهِمْ، فَقَالَ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِنَّ أَوْلَى بِالْكَذِبِ وَالسَّحْرِ غَيْرَنَا، فَكَيْفَ تَرَوْنَ، وَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ قَطِيعَتِنِا أَقْرَبُ إِلَى الْجِبْتِ وَالسِّحْرِ مِنْ أَمْرِنَا، وَلَوْلا أَنَّكُمُ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى السِّحْرِ لَمْ تَفْسُدِ الصَّحِيفَةُ، وَهِيَ فِي أَيْدِيكُمْ، أَفَنَحْنُ السَّحَرَةُ أَمْ أَنْتُمْ؟ فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَهِشَامُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَتِ الصَّحِيفَةُ عِنْدَهُ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ: نَحْنُ بَرَاءٌ مِمَّا فِي هذه الصَّحِيفَةِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَذَا أَمْرٌ قُضِيَ بِلَيْلٍ2. وَذَكَرَ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ نَحْوًا مِنْ هَذَا، وَقَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ، يَعْنِي حين فارق قومه من الشعب، لقي هندًا بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَ لَهَا: هَلْ نَصَرْتِ اللاتَ وَالْعُزَّى وَفَارَقْتِ مَنْ فَارَقَهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا أَبَا عُتْبَةَ3. وَأَقَامَ بَنُو هَاشِمٍ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا حَتَّى جُهِدُوا، لَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ إِلا سِرًّا مُسْتَخْفًى بِهِ. وَقَدْ كَانَ أَبُو جَهْلٍ فِيمَا يَذْكُرُونَ لَقِيَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ، وَمَعَهُ غُلَامٌ يَحْمِلُ قَمْحًا، يُرِيدُ بِهِ عَمَّتَهُ خَدِيجَةَ، وَهِيَ فِي الشِّعْبِ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَقَالَ: أَتَذْهَبُ بِالطَّعَامِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَاللَّهِ لَا تَبْرَحُ أَنْتَ وَطَعَامُكَ حَتَّى أَفْضَحَكَ بِمَكَّةَ، فَجَاءَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهُ! قَالَ: يَحْمِلُ الطَّعَامَ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ! قَالَ: طَعَامٌ كَانَ لِعَمَّتِهِ عِنْدَهُ أَفَتَمْنَعُهُ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامِهَا، خَلِّ سَبِيلَ الرَّجُلِ، فَأَبَى أَبُو جَهْلٍ حَتَّى نَالَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَخَذَ لَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لِحَى بَعِيرٍ، فَضَرَبَهُ فَشَجَّهُ وَوَطِئَهُ وَطْئًا شَدِيدًا، وَحَمْزَةُ يَرَى ذَلِكَ، وَيَكْرَهُونَ أن يبلغ ذلك   1 ارتكسوا: انتكسوا. 2 مرسل: انظر "البداية" "2/ 101، 102". 3 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 332". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، فيشتموا بهم. قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ذَلِكَ يَدْعُو قَوْمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجَهْرًا1. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: فَلَمَّا أَفْسَدَ اللَّهُ الصَّحِيفَةَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورهطه، فعاشوا وخالطوا النّاس.   1 ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "السيرة" "1/ 333، 334". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 بَابُ: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} 1 قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ: الْمُسْتَهْزِئُونَ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عبد يغوث الزّهري، وأبو زمعة السود بن المطّلب من بني أسد ين عبد العزّى، والحارث بن عيطل، السَّهْمِيُّ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَشَكَاهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِ، فَأَرَاهُ الْوَلِيدَ، وَأَوْمَأَ جِبْرِيلُ إِلَى أَبْجَلِهِ2 فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: كُفِيتَهُ، ثُمَّ أَرَاهُ الْأَسْوَدَ، فَأَوْمَأَ جِبْرِيلُ إِلَى عَيْنَيْهِ فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: كُفِيتَهُ، ثُمَّ أَرَاهُ أَبَا زَمْعَةَ، فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ كُفِيتَهُ، ثُمَّ أَرَاهُ الْحَارِثَ، فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ أَوْ بَطْنِهِ وَقَالَ: كُفِيتَهُ، فَأَمَّا الْوَلِيدُ، فَمَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ، وَهُوَ يَرِيشُ نِبَالًا، فَأَصَابَ أَبْجَلَهُ فَقَطَعَهَا، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ فَعَمِيَ. وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ يَغُوثَ فخرج في رأسه قروح فمات مِنْهَا، وَأَمَّا الْحَارِثُ فَأَخَذَهُ الْمَاءُ الأَصْفَرُ فِي بَطْنِهِ، حَتَّى خَرَجَ خُرْؤُهُ مِنْ فِيهِ فَمَاتَ مِنْهَا، وَأَمَّا الْعَاصُ فَدَخَلَ فِي رَأْسِهِ شِبْرَقَةٌ3، حَتَّى امْتَلَأَتْ فَمَاتَ مِنْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّهُ رَكِبَ إِلَى الطَّائِفِ حِمَارًا فَرَبَضَ بِهِ عَلَى شَوْكَةٍ، فَدَخَلَتْ فِي أَخْمَصِهِ4 فَمَاتَ مِنْهَا5. حَدِيثٌ صحيح.   1 سورة الحجر: 95. 2 الأبجل: عرق في ذراع البعير والفرس. 3 الشبرقة: نبات حجازي له شوك. 4 الأخمص: باطن القدم المرفوع عن الأرض. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 316-318". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قُرَيْشٍ بِالسَّنَةِ 1: قَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ قَالَ فِيمَا يَقُولُ: يَوْمَ تأتي السّماء بدخان مبين، قَالَ: دُخَانٌ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكْمَةِ، فَقُمْنَا فَدَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عِلْمًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ الْعَالِمُ لِمَا لَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} 2. وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنِ الدُّخَانِ: إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبْطَئُوا عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ"، فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ فَحَصَّتْ3 كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْجِيَفَ وَالْمَيْتَةَ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجُوعِ، ثُمَّ دَعَوْا فَكُشِفَ عَنْهُمْ، يَعْنِي قَوْلَهُمْ {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} 4. ثم قرأ عبد الله {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} 5 قَالَ: فَعَادُوا فَكَفَرُوا فَأُخِّرُوا إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} 6. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ بَدْرٍ فَانْتُقِمَ مِنْهُمْ7. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الدَّهَّانُ، وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ: أَنْبَأَ أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا قَالَ: "اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ" فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ وَالْعِظَامَ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ فَقَالَ: إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ، فَدَعَا فَسُقُوا الغيث8.   1 السنة: القحط. 2 سورة ص: 86. 3 فحصت: المراد أهلكت. 4 سورة الدخان: 12. 5 سورة الدخان: 15. 6 سورة الدخان: 16. 7 صحيح: أخرجه البخاري "4822" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} ، ومسلم "2798" في كتاب صفة القيامة، باب: الدخان، والترمذي "3265" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الدخان، وأحمد "1/ 431، 441"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 326، 327". 8 انظر التخريج السابق، وهو لفظ البيهقي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَضَتْ آيَةُ الدُّخَانِ، وَهُوَ الْجُوعُ الَّذِي أَصَابَهُمْ، وَآيَةُ الرُّومِ، وَالْبَطْشَةُ الْكُبْرَى، وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ1. وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: اللِّزَامُ، وَالرُّومُ، وَالدُّخَانُ، وَالْقَمَرُ، وَالْبَطْشَةُ2. وَقَالَ أَيُّوبُ وَغَيْرُهُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَغِيثُ مِنَ الْجُوعِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، حَتَّى أَكَلُوا الْعِلْهِزَ3. بِالدَّمِ، فَنَزَلَتْ: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} 4.   1 صحيح: انظر التخريج المتقدم. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2798/ 41" في المصدر السابق. 3 العلهز: الوبر المختلط بالدم. 4 سورة المؤمنون: 76. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 329". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 ذِكْرُ الرُّومِ: وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسٍ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسٌ عَلَى الرُّومِ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ سَيَظْهَرُونَ"، فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ ذَلِكَ، فقالوا: اجعل بيننا وبينكم أَجَلًا، فَجَعَلَ بَيْنَهُمْ أَجَلَ خَمْسِ سِنِينَ فَلَمْ يَظْهَرُوا، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَلَا جَعَلْتَهُ -أَرَاهُ قَالَ- دُونَ الْعَشْرِ"، قَالَ: فَظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ} 1.   1 سورةالروم: 2-4. والخبر صحيح، أخرجه الترمذي "3204" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الروم، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: وَسَمِعْتُ أَنَّهُمْ ظَهَرُوا يَوْمَ بَدْرٍ1. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنِ ابْنِ عبّاس: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} 2 قَالَ: قَدْ مَضَى ذَلِكَ وَغَلَبَتْهُمْ فَارِسٌ، ثُمَّ غَلَبَتْهُمُ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَقِيَ نَبِيُّ اللَّهِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَالْتَقَتِ الرُّومُ وَفَارِسُ، فَنَصَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَنُصِرَ الرُّومُ عَلَى مُشْرِكِي الْعَجَمِ، فَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، وَنَصْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ3. قَالَ عَطِيَّةُ: فَسَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْتَقَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْنُ وَمُشْرِكُو الْعَرَبِ، وَالْتَقَتِ الرُّومُ وَفَارِسُ، فَنَصَرَنَا اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَنَصَرَ اللَّهُ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْمَجُوسِ، فَفَرِحْنَا بِنَصْرِنَا وَنَصْرِهِمْ4. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ -يَعْنِي أَوَّلَ الرُّومِ- نَاحَبَ أَبُو بَكْرٍ بَعْضَ الْمُشْرِكِينَ، يَعْنِي رَاهَنَ قَبْلَ أَنْ يُحَرَّمَ الْقِمَارُ، عَلَى شَيْءٍ، إِنْ لَمْ تُغْلَبْ فَارِسُ فِي سبع سنين، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِمَ فَعَلْتَ، فَكُلُّ مَا دُونَ الْعَشْرِ بِضْعٌ"، فَكَانَ ظُهُورُ فَارِسِ عَلَى الرُّومِ فِي سَبْعِ سِنِينَ، وَظُهُورُ الرُّومِ عَلَى فَارِسٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ. ثُمَّ أَظْهَرَ اللَّهُ الرُّومَ عَلَيْهِمْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ5. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عروبة، عن قتادة {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} 6 قَالَ: غَلَبَهُمْ أَهْلُ فَارِسٍ عَلَى أَدْنَى الشَّامِ، قَالَ: فَصَدَّقَ الْمُسْلِمُونَ رَبَّهُمْ، وَعَرَفُوا أَنَّ الرُّومَ سيظهرون بعد، فاقتمروا هم المشركون عَلَى خَمْسِ قَلَائِصَ7، وَأَجَّلُوا بَيْنَهُمْ خَمْسَ سِنِينَ، فَوَلِيَ قِمَارَ الْمُسْلِمِينَ أَبُو بَكْرٍ، وَوَلِيَ قِمَارَ الْمُشْرِكِينَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ   1 صحيح: ذكره الترمذي عقب الرواية السابقة، ويأتي موصولًا عن أبي سعيد الخدري. 2 سورة الروم: 1، 2. 3 إسناده ضعيف: عطية العوفي ضعيف,. 4 صحيح: أخرجه بنحوه الترمذي "3203" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الروم، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 مرسل. 6 سورة الروم: 3. 7 قلائص: الإبل الفتية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 يُنْهَى عَنِ الْقِمَارِ، فَجَاءَ الْأَجَلُ، وَلَمْ تَظْهَرِ الرُّومُ، فَسَأَلَ الْمُشْرِكُونَ قِمَارَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَمْ تَكُونُوا أَحِقَّاءَ أَنْ تُؤَجِّلُوا أَجَلًا دُونَ الْعَشْرِ، فَإِنَّ الْبِضْعَ ما بين الثلاث إلى العشر، فزايدوهم مادّوهم فِي الْأَجَلِ" فَفَعَلُوا، فَأَظْهَرَ اللَّهُ الرُّومَ عِنْدَ رَأْسِ السَّبْعِ مِنْ قِمَارِهِمُ الْأَوَّلِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَرْجِعَهُمْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ1. وَقَالَ الوليد بن مسلم: حدثنا أُسَيْدٌ الْكِلَابِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْعَلَاءَ بْنَ الزُّبَيْرِ الْكِلَابِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ غَلَبَةَ فَارِسٍ الرُّومَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الرُّومِ فَارِسَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الْمُسْلِمِينَ فَارِسَ وَالرُّومَ، وَظُهُورَهُمْ عَلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، كُلُّ ذَلِكَ فِي خَمْسَ عشرة سنة.   1 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ: يُقَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} 1. أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ وَنَزَلَ فِيهِ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} 2. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَمَّنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَنْأَى عَنْهُ3. وَرَوَاهُ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ حَبِيبٍ، فَقَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فوجد أَبَا جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَمُّ قُلْ لَا إِلَهَ إلا الله أحاجّ لك بها   1 سورة الأنعام: 26. 2 سورة القصص: 56. 3 إسناده ضعيف: للجهالة فيه، وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 58" من طريق الواقدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 عند الله" فقالا: أيا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! قَالَ: فَكَانَ آخِرُ كَلِمَةٍ أَنْ قَالَ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ" فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} 1 الْآيَتَيْنِ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} 2 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ. وَقَدْ حَكَى عَنْ أَبِي طَالِبٍ، وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ، ابْنُهُ عَلِيٌّ، وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَ: كُنْتُ بِذِي الْمَجَازِ مَعَ ابْنِ أَخِي، فَعَطِشْتُ، فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ، فَأَهْوَى بِعَقِبِهِ إلى الأرض، فَشَرِبْتُ3. وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَسُودُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بِمَالٍ، إِلَّا أَبَا طَالِبٍ وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ. قُلْتُ: وَلِأَبِي طَالِبٍ شِعْرٌ جِيِّدٌ مُدَوَّنٌ فِي السِّيرَةِ وَغَيْرِهَا. وَفِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ" مَنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا ضَحِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي طَالِبٍ، ظَهَرَ عَلَيْنَا أَبُو طَالِبٍ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُصَلِّي ببطن نخلة فقال: ماذا تصنعان يابن أَخِي؟ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: مَا بِالَّذِي تَصْنَعَانِ مِنْ بَأْسٍ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا يَعْلُونِي اسْتِي أَبَدًا، فَضَحِكْتُ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِ أَبِي4. وَرَوَى مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ قُرَيْشًا أَظْهَرُوا لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْعَدَاوَةَ وَالشَّتْمَ، فَجَمَعَ أَبُو طَالِبٍ رَهْطَهُ، فَقَامُوا بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ يدعون الله على   1 سورة التوبة: 113. 2 سورة القصص: 56. والخبر صحيح، أخرجه مسلم "24" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، وأخرجه البخاري "4675" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} ، والنسائي "4/ 90، 91" في كتاب الجنائز، باب: "25/ 433". 3 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 72". 4 إسناده، ضعيف جدًّا: يحيى بن سلمة بن كهيل متروك كما في "التقريب" "7561". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 مَنْ ظَلَمَهُمْ، وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ أَبَى قَوْمُنَا إِلا الْبَغْيَ عَلَيْنَا فَعَجِّلْ نَصْرَنَا، وَخَلِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الَّذِي يُرِيدُونَ مِنْ قَتْلِ ابْنِ أَخِي، ثُمَّ دَخَلَ بِآلِهِ الشِّعْبَ1. ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا طَالِبٍ قَالَ: "أَيْ عَمُّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَسْتَحِلُّ لَكَ بِهَا الشَّفَاعَةَ"، قال: يابن أَخِي، وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُبَّةً عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ، يَرَوْنَ أَنِّي قُلْتُهَا جَزَعًا مِنَ الموت، لقلتها، لا أقولها إلا لأسرك بها، فَلَمَّا ثَقُلَ أَبُو طَالِبٍ رُؤِيَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَأَصْغَى إِلَيْهِ أَخُوهُ الْعَبَّاسُ ثُمَّ رَفَعَ عَنْهُ فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ وَاللَّهِ قَالَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ أَسْمَعْ"2. قُلْتُ: هَذَا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ سَمِعَهُ الْعَبَّاسُ يَقُولُهَا لَمَا سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: هَلْ نَفَعْتَ عَمَّكَ بِشَيْءٍ3، وَلَمَا قَالَ عليّ بعد موته: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ4. صَحَّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، رَوَى عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنُ عُمَرَ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} 5 نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ6. زَيْدُ بن الحباب، حدثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْعَبَّاسِ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا تَرْجُو لِأَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: "كُلَّ الْخَيْرِ مِنْ رَبِّي" 7.   1 مرسل. 2 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 383" وفي إسناده جهالة. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3883" في كتاب مناقب الأنصار، باب: قصة أبي طالب، ومسلم "209" في كتاب الإيمان، باب: شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي طالب، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 59". 4 صحيح: أخرجه أبو داود "3214" في كتاب الجنائز، باب: الرجل يموت له قرابة مشرك، والنسائي "4/ 79" في كتاب الجنائز، باب: مواراة المشرك، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 59" وقال ابن الملقن في "تحفة المحتاج" "686": إسناده حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 5 سورة القصص: 56. 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/8 58" من طريق الواقدي. 7 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 59" عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ مرسلًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ أَبُو طَالِبٍ دَعَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فقال: يابن أَخِي إِذَا أَنَا مُتُّ فَأْتِ أَخْوَالَكَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَإِنَّهُمْ أَمْنَعُ النَّاسِ لِمَا فِي بُيُوتِهِمْ1. قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا زَالَتْ قُرَيْشٌ كَاعَّةً عَنِّي حَتَّى مَاتَ عَمِّي"2. كَاعَّةٌ: جَمْعُ كَائِعٍ، وَهُوَ الْجَبَانُ، يُقَالُ: كَعَّ إِذَا جَبُنَ وَانْقَبَضَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَمِّهِ: "قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ، يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْجَزَعُ لأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} 3 الْآيَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ، وَلَوْلا أَنا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" 4. أَخْرَجَاهُ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ السُّفْيَانَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: "لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ" 5. أَخْرَجَاهُ.   1 مرسل. 2 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 59" وأخرجه الحاكم "4243"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 349، 350"، موصولًا، ومرسلًا. 3 سورة القصص: 56. والخبر صحيح، أخرجه مسلم "25" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، والترمذي "3199" في كتاب التفسير باب: ومن سورة القصص، وأحمد "2/ 434، 441". 4 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3885" في كتاب مناقب الأنصار، باب: قصة أبي طالب، ومسلم "210" في كتاب الإيمان، باب: شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي طالب، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 347". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ" 1. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: "اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ وَلَا تُحْدِثْنَ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي"، فَأَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ دَعَا لِيَ بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهِنَّ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ2. وَرَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَزَادَ بَعْدُ: اذْهَبْ فَوَارِهِ: "فَقُلْتُ: إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا " قَالَ: "اذْهَبْ فَوَارِهِ" 3. وَفِي حَدِيثِهِ تصريح السّماع من ناحية قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا يَقُولُ. وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ متّصل. وقال عبد الله بن إدريس: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَفِيهٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَلْقَى عَلَيْهِ تُرَابًا، فَرَجَعَ إِلَى بيته، فأتت بنته تمسح عن وجهه التراب وتبكي فجعل يَقُولُ: " "أَيْ بُنَيَّةَ لَا تَبْكِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ مَانِعٌ أَبَاكِ"، وَيَقُولُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ: "مَا نَالَتْ مِنِّي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ"4. غَرِيبٌ مُرْسَلٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَارَضَ جِنَازَةَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: "وَصَلَتْكَ رَحِمٌ يَا عَمُّ وَجُزِيتَ خَيْرًا"5. تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُوَارَزْمِيُّ. وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ يَرْوِي عَنْهُ عيسى غنجار، والفضل الشيبانيّ.   1 صحيح: أخرجه مسلم "212" في كتاب الإيمان، باب: أهون أهل النار عذابًا، وأحمد "1/ 290" والحاكم في "مستدركه" "78325"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 348". 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 3 أخرجه الطيالسي في "مسنده" "120". 4 مرسل إسناده ضيعف: للجهالة فيه. 5 منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 260" وفي إسناده إبراهيم بن عبد الرحمن الخوارزمي، ضعيف كما في "الميزان" "136" وذكر له المصنف هذا الحديث ثم قال: وهذا خبر منكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا طَالِبٍ فِي مَرَضِهِ قَالَ: "أَيْ عَمُّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَسْتَحِلُّ لك بها الشفاعة يوم القيامة"، فقال: يابن أَخِي وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُبَّةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ مِنْ بَعْدِي يَرَوْنَ أَنِّي قُلْتُهَا جَزَعًا حِينَ نَزَلَ بِيَ الْمَوْتُ لَقُلْتُهَا، لَا أَقُولُهَا إِلَّا لِأَسُرَّكَ بِهَا، فَلَمَّا ثَقُلَ أَبُو طَالِبٍ رُؤِيَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَأَصْغَى إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ لِيَسْتَمِعَ قَوْلَهُ، فَرَفَعَ الْعَبَّاسُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ وَاللَّهِ قَالَ الْكَلِمَةَ الَّتِي سَأَلْتَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ أَسْمَعْ"1. إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ فِيهِ مَجْهُولًا، وَأَيْضًا، فَكَانَ الْعَبَّاسُ ذَلِكَ الْوَقْتَ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِ، وَلِهَذَا إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَمْ يَقْبَلِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رِوَايَتَهُ وَقَالَ لَهُ: لَمْ أَسْمَعْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هل نفعت أبا طالب بشيء، فإنّه يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ، فَلَوْ كَانَ الْعَبَّاسُ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ إِسْلَامِ أَخِيهِ أَبِي طَالِبٍ لَمَا قَالَ هَذَا، وَلَمَا سَكَتَ عِنْدَ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ" 2، وَلَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَكِنَّ الرَّافِضَةَ قَوْمٌ بُهْتٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: ثُمَّ إِنَّ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ وَأَبَا طَالِبٍ مَاتَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ فتتابعت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَصَائِبُ بِمَوْتِهِمَا. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ وَزِيرَةَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلامِ، كَانَ يَسْكُنُ إِلَيْهَا. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وأنّهما توفّيا في ذلك العام، وتوفّيت قَبْلَ أَبِي طَالِبٍ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ أَنَّ مَوْتَهَا كَانَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَهِيَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ الْأَسَدِيَّةُ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَتْ تُدْعَى فِي الجاهليّة الطاهرة، وأمّها فاطمة بنت   1 إسناده ضعيف: وقد تقدم. 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 3 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 382". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 زَائِدَةَ بْنِ الْأَصَمِّ الْعَامِرِيَّةُ. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ تَحْتَ أَبِي هَالَةَ بْنِ زُرَارَةَ التَّمِيمِيِّ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي هَالَةَ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ عَتِيقُ بْنُ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، ثُمَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَلْ تَزَوَّجَهَا أَبُو هَالَةَ بَعْدَ عَتِيقٍ. وَكَانَتْ وَزِيرَةَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ1، وَقِيلَ: كَانَ مَوْتُهَا فِي رَمَضَانَ، وَدُفِنَتْ بِالْحَجُونِ2، وَقِيلَ: إِنَّهَا عَاشَتْ خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً. وَقَالَ الزُّبَيْرُ: تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً3، وَأَقَامَتْ مَعَهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ لَمْ يَكَدْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا، وَاسْتِغْفَارٍ لَهَا، فَذَكَرَهَا يَوْمًا، فَاحْتَمَلَتْنِي الْغِيرَةُ، فَقُلْتُ: لَقَدْ عَوَّضَكَ اللَّهُ مِنْ كَبِيرَةِ السِّنِّ، فَرَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَبًا أَسْقَطْتُ فِي خَلَدِي، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ أَذْهَبْتَ غَضَبَ رَسُولِكَ عَنِّي لَمْ أَعُدْ إِلَى ذِكْرِهَا بِسُوءٍ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَقِيتُ قَالَ: "كَيْفَ قُلْتِ، وَاللَّهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَآوَتْنِي إِذَا رَفَضَنِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَرُزِقْتُ مِنْهَا الْوَلَدَ، وحُرِمْتُمُوه مِنِّي"، قَالَتْ: فَغَدَا وَرَاحَ عَلَيَّ بِهَا شَهْرًا4. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ عَائِشَةَ قالت: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا، وَمَا تزوّجني   1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 251" وفي إسناده الواقدي، وهو متروك. 2 الحجون: جبل بمكة. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 250-251" عن حكيم بن حزام بإسناد ضعيف جدًّا. 4 أخرجه الطبراني في "الكبير" "21"، وقال الهيثمي في "المجمع" "9/ 224": أسانيده حسنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ"1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ2. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "هَذِهِ خَدِيجَةُ، أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ"3 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "خَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ" 4 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3816" في كتاب مناقب الأنصار، تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- خديجة، ومسلم "2435" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة -رضي الله عنها- والترمذي "3901" في كتاب المناقب، باب: فضل خديجة -رضي الله عنها. 2 مرسل: وقد تقدم عن عائشة -رضي الله عنها- وإسناده ضعيف جدًّا. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3820" في المصدر السابق، ومسلم "2432" في المصدر السابق. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3815" في المصدر السابق، ومسلم "2430" في المصدر السابق، والترمذي "3903" في كتاب المناقب، فضل خديجة -رضي الله عنها- والنسائي في "الكبرى" "8354"، وأحمد "1/ 84، 116، 132، 143". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ1. وَكَذَا قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ التّرمذيّ: حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ الضَّحَّاكِ الزُّبَيْدِيُّ بْنِ زريق، حدثنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سالم، عن الزّبيديّ محمد بن الوليد، حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نفير قال: حدثنا شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَيْفَ أُسري بِكَ؟ قَالَ: "صَلَّيْتُ لِأَصْحَابِي صَلَاةَ الْعَتْمَةِ بِمَكَّةَ مُعَتَّمًا، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ بَيْضَاءَ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَقَالَ: ارْكَبْ، فَاسْتَصْعَبَ عَلَيَّ، فَرَازَهَا بِأُذُنِهَا، ثُمَّ حَمَلَنِي عَلَيْهَا، فَانْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنَا، يَقَعُ حَافِرُهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا، حَتَّى بَلَغْنَا أَرْضًا ذَاتَ نَخْلٍ، فَأَنْزَلَنِي فَقَالَ: صَلِّ، فَصَلَّيْتُ. ثُمَّ رَكِبْنَا فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتُ بِيَثْرِبَ، صَلَّيْتُ بِطِيبَةَ، فَانْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنَا، يَقَعُ حَافِرُهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا، ثُمَّ بَلَغْنَا أَرْضًا، فَقَالَ: انْزِلْ، فَصَلِّ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ رَكِبْنَا. قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: صَلَّيْتُ بِمَدْيَنَ عِنْدَ شَجَرَةِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ انْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنَا، يَقَعُ حَافِرُهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا، ثُمَّ بَلَغْنَا أَرْضًا بَدَتْ لَنَا قُصُورٌ فَقَالَ: انْزِلْ، فَصَلَّيْتُ وَرَكِبْنَا. فَقَالَ لِي: صَلَّيْتَ بِبَيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عيسى، ثم انطلق بي حتى دخلنا   1 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 الْمَدِينَةَ مِنْ بَابِهَا الْيَمَانِيِّ، فَأَتَى قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ فَرَبَطَ فِيهِ دَابَّتَهُ، وَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ مِنْ بَابٍ فِيهِ تَمِيلُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَصَلَّيْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ وَأَخَذَنِي مِنَ الْعَطَشِ أَشَدُّ مَا أَخَذَنِي، فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ لَبَنٍ وَعَسَلٍ، أَرْسَلَ إِلَيَّ بِهِمَا جَمِيعًا، فَعَدَلْتُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ هَدَانِي الله فأخذت البن، فَشَرِبْتُ حَتَّى قَرَعْتُ بِهِ جَبِينِي، وَبَيْنَ يَدَيَّ شَيْخٌ مُتَّكِئٌ عَلَى مِثْرَاةٍ لَهُ، فَقَالَ: أَخَذَ صَاحِبُكَ الْفِطْرَةَ إِنَّهُ ليُهدى. ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْنَا الْوَادِيَ الَّذِي فِي الْمَدِينَةِ، فَإِذَا جَهَنَّمُ تَنْكَشِفُ عَنْ مِثْلِ الزَّرَابِيِّ1. قُلْتُ: يَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَيْفَ وَجَدْتَهَا؟ قَالَ: مِثْلَ الْحَمْأَةِ2 السُّخْنَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ بِي، فَمَرَرْنَا بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ، بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، قَدْ ضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ، قَدْ جَمَعَهُ فُلَانٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا صَوْتُ مُحَمَّدٍ. ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ، فَأَتَانِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ اللَّيْلَةَ فَقَدِ الْتَمَسْتُكَ فِي مَظَانِّكَ؟ قُلْتُ: عَلِمْتَ أَنِّي أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، فَصِفْهُ لِي، قَالَ: فَفُتِحَ لِي صِرَاطٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، لَا يَسْأَلْنِي عن شيء إلا أبنته عنه، قال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: انْظُرُوا إِلَى ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لَكُمْ، بِمَكَانِ كَذَا، وَقَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ، فَجَمَعَهُ فُلَانٌ، وَإِنَّ مَسِيرَهُمْ يَنْزِلُونَ بِكَذَا، ثُمَّ كَذَا، وَيَأْتُونَكُمْ يَوْمَ كَذَا، يَقْدَمُهُمْ جَمَلٌ آدَمٌ، عَلَيْهِ مِسْحٌ أَسْوَدُ، وَغَرَارَتَانِ سَوْدَاوَانِ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ، أَشْرَفَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ حَتَّى كَانَ قَرِيبٌ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، حين أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل"3.   1 الزرابي: جمع الزربية، وهي البساط. 2الحمأة: الطين الأسود المنتن. 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 355-357" وإسحاق بن إبراهيم ضعيف كما في "الميزان" "730" وفي سنده من لم أجد لهم ترجمة، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 14" بعد أن ساق الحديث: ولا شك أن هذا الحديث مشتمل على أشياء منها ما هو صحيح كما ذكره البيهقي، ومنها ما هو منكر كالصلاة في بيت لحم، وسؤال الصديق عن نعت المقدس وغير ذلك، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. قُلْتُ: ابْنُ زِبْرِيقَ تَكَلَّمَ فِيهِ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ1. قال حمّاد بن سلمة: حدثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهُ خَلْفَ جِبْرِيلَ، فَسَارَ بِنَا، فَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ، فَسَارَ بِنَا فِي أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي، فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَخُوكَ مُحَمَّدٌ، فَرَحَّبَ ودعا لي بِالْبَرَكَةِ، وَقَالَ: سَلْ لِأُمَّتِكَ الْيُسْرَ، ثُمَّ سَارَ فَذَكَرَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى مُوسَى وَعِيسَى، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْنَا عَلَى مَصَابِيحَ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذِهِ شَجَرَةُ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ، تُحِبُّ أَنْ تَدْنُوَ مِنْهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَنَوْنَا مِنْهَا، فَرُحِّبَ بِي، ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَنُشِرَ لِي الْأَنْبِيَاءُ مَنْ سَمَّى اللَّهُ وَمَنْ لَمْ يُسَمِّ، وَصَلَّيْتُ بِهِمْ إِلَّا هَؤُلَاءِ النَّفَرَ الثَّلَاثَةَ: مُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمُ، فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي تَرْبِطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَقُرِّبَتْ لِيَ الْأَنْبِيَاءُ، مَنْ سَمَّى اللَّهُ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُسَمِّ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ2. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَأَبُو حَمْزَةَ هُوَ مَيْمُونُ. ضُعِّفَ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلْيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، فَأَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَرَأْتُ عَلَى الْقَاضِي سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ، أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ، أنا الْفَضْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْمَوَازِينِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنا يُوسُفُ الْقَاضِي، أنا أَبُو يَعْلَى التَّمِيمِيُّ، حدثنا محمد بن إسماعيل   1 وقال في "الميزان" "730": قال أبو حاتم: لا بأس به. 2 إسناده ضعيف: أبو حمزة هو ميمون القصاب، ضعيف كما في "الميزان" "8969". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3394" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} ، ومسلم "168" في كتاب الإيمان، باب: الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والترمذي "3414" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، والنسائي "8/ 312" في كتاب الأشربة، باب: منزلة الخمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 الْوَسَاوِسِيُّ، ثنا ضَمْرَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هانئ، عن أمّ هانئ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِغَلَسٍ1 وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي فَقَالَ: "شَعَرْتُ أَنِّي نِمْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَتَى جِبْرِيلُ فَذَهَبَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا دَابَّةٌ أَبْيَضُ، فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، مُضْطَرِبُ الْأُذُنَيْنِ، فَرَكِبْتُهُ، وَكَانَ يَضَعُ حَافِرَهُ مَدَّ بَصَرِهِ، إِذَا أَخَذَ بِي فِي هُبُوطٍ طَالَتْ يَدَاهُ، وَقَصُرَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا أَخَذَ بِي فِي صُعُودٍ طَالَتْ رِجْلَاهُ وَقَصُرَتْ يَدَاهُ، وَجِبْرِيلُ لَا يَفُوتُنِي، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَوْثَقْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَكَلَّمْتُهُمْ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ، فَشَرِبْتُ الْأَبْيَضَ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ: شَرِبْتَ اللَّبَنَ وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ رَكِبْتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ". قَالَتْ: فَتَعَلَّقْتُ بِرِدَائِهِ وَقُلْتُ: أُنْشِدُكَ الله يابن عَمٍّ أَلَا تُحَدِّثُ بِهَذَا قُرَيْشًا فَيُكَذِّبُكَ مَنْ صَدَّقَكَ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رِدَائِهِ فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِي، فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى عُكْنِهِ2 فَوْقَ إِزَارِهِ وَكَأَنَّهُ طَيٌّ الْقَرَاطِيسِ، وَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عِنْدَ فُؤَادِهِ، يَكَادُ يَخْتَطِفُ بَصَرِي، فَخَرَرْتُ ساجدةً، فلمّا رفعت رأسي إذا وهو قَدْ خَرَجَ، فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ: وَيْحَكِ اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي، فَلَمَّا رَجَعَتْ أَخْبَرَتْنِي أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ3، فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَقَصَّ عَلَيْهِمْ مَسْرَاهُ، فَقَالَ عَمْروٌ كَالْمُسْتَهْزِئِ: صِفْهُمْ لِي، قَالَ: أَمَّا عِيسَى فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ4، عَرِيضُ الصَّدْرِ، ظَاهِرُ الدَّمِ، جَعْدُ الشَّعْرِ، تَعْلُوهُ صَهْبَةٌ5، كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَمَّا مُوسَى فَضَخْمٌ، آدَمٌ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، كَثِيرُ الشَّعْرِ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ، مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ، خَارِجُ اللَّثَةِ، عَابِسٌ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ، فَوَاللَّهِ لَأَشْبَهُ النَّاسِ بِي خَلقًا وخُلقًا، فَضَجُّوا وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ، فَقَالَ الْمُطْعِمُ: كُلُّ أَمْرِكَ كَانَ قَبْلَ الْيَوْمِ أممًا، غير قولك اليوم، أنا   1 الغلس: ظلمة الليل. 2 عكنه: ما انطوى وتثنى من لحم البطن. 3 الحطيم: الحجر. 4 الربعة: المتوسط القامة. 5 الصهبة: حمرة أو شقرة في الشعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 أَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ! نَحْنُ نَضْرِبُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إلى بَيْتِ الْمَقْدِسِ شَهْرًا، أَتَيْتَهُ فِي لَيْلَةٍ! 1. وَذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، الْوَسَاوِسِيُّ ضَعِيفٌ تفرّد به. "م" حدثنا محمد بن رافع، حدثنا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلُونِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثَبِّتْهَا، فَكُرِبْتُ كَرْبًا مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي، أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ، كأنّه من رجال شنوءة، وإذا عيسى بن مَرْيَمَ قَائِمٌ يُصَلِّي، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَائِمٌ يُصَلِّي أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي نَفْسَهُ، فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ لِي قَائِلٌ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ" 2. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ أَيْضًا، عَنْ جَابِرٍ مُخْتَصَرًا. قَالَ اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلا الله لي بيت المقدس، فطففت أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ" 3. أَخْرَجَاهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كيسان، عن ابن شهاب: سمعت ابن   1 إسناده ضعيف جدًّا: أبو صالح ضعيف، ومحمد بن إسماعيل الوساوسي متهم بالوضع كما في "الميزان" "7222". 2 صحيح: أخرجه مسلم "172/ 278" في كتاب الإيمان، باب: ذكر المسيح ابن مريم، عن زهير بن حرب عن حجين بن المثنى به، ولم أجده عن محمد بن رافع، وقد ذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 21" عن محمد بن رافع، فالله أعلم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3886" في كتاب مناقب الأنصار، باب: حديث الإسراء، ومسلم "170" في المصدر السابق، والترمذي "3144" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، والنسائي في "الكبرى" "11282". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ انْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَقِيَ فِيهِ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ، فَافْتُتِنَ نَاسٌ كَثِيرٌ كَانُوا قَدْ صَلُّوا مَعَهُ1. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهَذَا مُرْسَلٌ. وقال محمد بن كثير المصّيصيّ: حدثنا مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، أَصْبَحَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِذَلِكَ، فَارْتَدَّ نَاسٌ مِمَّنْ آمَنَ، وَسَعَوْا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: هَلْ لَكَ فِي صَاحِبِكَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسري بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ المقدس! قال: أوقال ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: لَئِنْ قَالَ ذَلِكَ لقد صدق، قالوا: وتصدّقه! قال: نعم إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غُدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ. فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ2. وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى مُوسَى وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ3. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مِقْلَاصٍ الْفَقِيهُ، وَيُونُسُ، وَغَيْرُهُمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ- بِالْبُرَاقِ، فَكَأَنَّهَا أَمَرَّتْ ذَنَبَهَا، فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ: مَهْ يَا بُرَاقُ، فَوَاللَّهِ إِنْ رَكِبَكِ مِثْلُهُ، وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ عَلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: "مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ؟ " قَالَ لَهُ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ، فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ. فَإِذَا شَيْءٌ يَدْعُوهُ مُتَنَحِّيًا عَنِ الطَّرِيقِ يَقُولُ: هَلُمَّ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ، فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، قَالَ: فَلَقِيَهُ خَلْقٌ مِنَ الْخَلْقِ، فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آخِرُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يا حاشر، فردّ السلام،   1 مرسل. 2 صحيح: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "4407"، وصححه الألباني في "الصحيحة" "306". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2375" في كتاب الفضائل، باب: من فضائل موسى -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "3/ 120". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 فَانْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَالْخَمْرَ، وَاللَّبَنَ، فَتَنَاوَلَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، وَلَوْ شَرِبْتَ الْمَاءَ لَغَرِقَتْ أُمَّتُكَ وَغَرِقْتَ، وَلَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَغَوَيْتَ وَغَوَتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ بُعِثَ لَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَمَّا الْعَجُوزُ فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِ تِلْكَ الْعَجُوزِ، وَأَمَّا الَّذِي أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، فَذَاكَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ، أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ سَلَّمُوا عَلَيْكَ فَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى وَعِيسَى1. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَرَوْحٌ، وَغُنْدَرٌ: أنا عَوْفٌ، حدثنا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي، ثُمَّ أَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، فَظِعْتُ بِأَمْرِي، وَعَلِمْتُ بِأَنَّ النَّاسَ يُكَذِّبُونِي"، قال: فقعد معتزلًا حزينًا، فمرّ به أَبُو جَهْلٍ، فَجَاءَ فَجَلَسَ فَقَالَ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَعَمْ"، قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: "إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ"، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ"، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا! قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: فَلَمْ يُرَ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ إِلَيْكَ قَوْمَكَ أَتُحَدِّثُهُمْ بِمَا حَدَّثْتَنِي؟ قَالَ: "نَعَمْ"، فَدَعَا قَوْمَهُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنَ لُؤَيٍّ هَلُمَّ، فَانْتَقَضَتِ الْمَجَالِسُ، فَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ: حَدِّثْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي أُسري بِي اللَّيْلَةَ"، قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ"، قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَيْنَا! قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ وَوَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مُسْتَعْجِبٌ لِلْكَذِبِ زَعْمٍ، قَالَ: وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فذهبت أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النّعت"، قال: "فجئ بِالْمَسْجِدِ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عُقَيْلٍ أَوْ عُقَالٍ". قَالَ: "فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ"، فَقَالُوا: أَمَّا النَّعْتُ فَقَدْ وَاللَّهِ أَصَابَ2. وَرَوَاهُ هَوْذَةُ عن عوف. مسلم بن إبراهيم: حدثنا الحارث بن عبيد، حدثنا أبو عمران، عن أنس قال:   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 362". 2 إسناده حسن: أخرجه أحمد "1/ 309"، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 239": إسناده حسن وكذلك قال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص163". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا أَنَا قَاعِدٌ ذَاتَ يَوْمٍ؛ إِذْ دَخَلَ جِبْرِيلُ، فَوَكَزَ 1 بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَقُمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا مِثْلُ وَكْرَيِ الطَّائِرِ، فَقَعَدَ فِي وَاحِدَةٍ، وَقَعَدْتُ فِي أُخْرَى، فَارْتَفَعْتُ حَتَّى سُدَّتِ الْخَافِقَيْنِ 2، فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَمَسَّ السَّمَاءَ لَمَسَسْتُ، وَأَنَا أُقَلِّبُ طَرْفِي فَالْتَفَتُّ إِلَى جِبْرِيلَ، فَإِذَا هُوَ لَاطِئٌ 3، فَعَرَفْتُ فَضْلَ عِلْمِهِ بِاللَّهِ، وَفَتَحَ لِي بَابَ السَّمَاءِ وَرَأَيْتُ النُّورَ الْأَعْظَمَ، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا شَاءَ أَنْ يُوحِي" 4. إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ حَسَنٌ، وَالْحَارِثُ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ. سَعِيدُ بن منصور: حدثنا أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ قال: "يا جيريل إِنَّ قَوْمِي لَا يُصَدِّقُونِي؟ "، قَالَ: يُصَدِّقُكَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ الصِّدِّيقُ. رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، أنا مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَحَدَّثَهُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَارْتَدُّوا كُفَّارًا، فَضَرَبَ اللَّهُ رِقَابَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ. وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ، هَاتُوا تَمْرًا وَزُبْدًا، فَتَزَقَّمُوا. وَرَأَى الدَّجَّالَ فِي صُورَتِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ، لَيْسَ بِرُؤْيَا مَنَامٍ، وَعِيسَى، وَمُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ5. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتِيَ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَلَمْ يُزَايِلَا ظَهْرَهُ هُوَ وَجِبْرِيلُ، حَتَّى انْتَهَيَا بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَصَعِدَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَأَرَاهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، ثُمَّ قَالَ لِي: هَلْ صَلَّى فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اسْمُكَ يَا أَصْلَعُ، قُلْتُ: زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، قَالَ: فَأَيْنَ تَجِدُهُ صلاّها؟ فتأوّلت   1 ركز: دفع وضرب. 2 الخافقين: المشرق والمغرب. 3 لاطئ: لاصق بالأرض. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 369"، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح "7/ 238": رجاله لا بأس بهم إلا أن الدارقطني ذكر له علة تقتضي إرساله. 5 أخرجه أحمد "1/ 374". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 الآية: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} 1 قَالَ: فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى لَصَلَّيْتُمْ كَمَا تُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قُلْتُ لِحُذَيْفَةَ: أَرَبَطَ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرْبِطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: أَكَانَ يَخَافُ أَنْ تَذْهَبَ مِنْهُ وَقَدْ أَتَاهُ اللَّهُ بِهَا، كَأَنَّ حُذَيْفَةَ لَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَلَا رَبَطَ الْبُرَاقَ بالحلقة2. وقال ابن عيينة، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} 3 قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُريها رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسري بِهِ. {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} 4 قال: هي شجرة الزّقّوم5 أخرجه البخاري.   1 سورة الإسراء: 1. 2 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 392، 394" وأخرجه "5/ 387" من طريق آخر عن عاصم به، وأخرجه أيضًا الترمذي "3158" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". قلت: وقد أخرج الترمذي "3143" عن بريدة مرفوعًا "لما انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرئيل بأصبعه فخرق به الحجر وشد به البراق"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"، ففي هذا الحديث إثبات أنه ربط البراق، فهو مقدم على نفي حذيفة -رضي الله عنه- المتقدم، وأما إنكاره لربطه بقوله "وإنما سخره له عالم الغيب والشهادة" فهذا لا ينافي الأخذ بالأسباب، والله أعلم. 3 سورة الإسراء: 60. 4 سورة الإسراء: 60. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3888" في كتاب مناقب الأنصار، باب: المعراج، والترمذي "3145" في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 ذِكْرُ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى السماء ... ذكر المعراج النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى السَّمَاءِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى، مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} 1 وَقَالَ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} 2. تَفْسِيرُ ذَلِكَ: قَالَ زَائِدَةُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي   1 سورة النجم: 5-11. 2 سورة النجم: 13، 14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 إسحاق الشّيبانيّ قال: سألت زرّين حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} 1 فقال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سُتُّمِائَةُ جَنَاحٍ2. أَخْرَجَاهُ. وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ هَذَا، لَكِنْ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} 3 فَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ4. وقال "خ" قبيصة: حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} 5 قَالَ: رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ6. وقال حمّاد بن سلمة: حدثنا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} 7 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةٍ، عَلَيْهِ سِتُّمِائَةُ جَنَاحٍ، يَنْفُضُ مِنْ رِيشِهِ التَّهَاوِيلَ الدُّرَّ وَالْيَاقُوتَ" 8. عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ الْقَارِئُ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ9. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ -كَذَا قَالَ- وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُصْعَدُ بِهِ، حَتَّى يُقْبَضَ منها، وإليها مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا، حَتَّى يُقْبَضَ منها {إِذْ يَغْشَى   1 سورة النجم: 9. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3232" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: إذا قال أحدكم "آمين"، ومسلم"174" في كتاب الإيمان، باب: ذكر سدرة المنتهى، والترمذي "3288" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة النجم. 3 سورة النجم: 18. 4 صحيح: أخرجه مسلم "174/ 282" في المصدر السابق. 5 سورة النجم: 18. 6 صحيح: أخرجه البخاري "4858" في كتاب التفسير، باب: قَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} . 7 سورة النجم: 13. 8 إسناده حسن: أخرجه أحمد "1/ 412" وعاصم هو ابن بهدلة فيه مقال: والراجح أنه حسن الحديث. 9 تأتي ترجمته "733". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} 1 قَالَ: غَشِيَهَا فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَخَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَا يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ الْمُقْحِمَاتِ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} 3 قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِبْرِيلَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ مِنْ رَفْرَفٍ قَدْ مَلأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ4. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أبي هريرة: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} 5 قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ6. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لعائشة: فأين قوله تعالى: {دَنَا فَتَدَلَّى} 7؟ قَالَتْ: إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ، كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ، فَسَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ8. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَوَّلَ شَأْنِهِ يَرَى الْمَنَامَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا رَأَى جِبْرِيلَ بِأَجْيَادَ9، أَنَّهُ خَرَجَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فصرخ به: يا محمّد يا محمد، نظر يَمِينًا وَشِمَالا، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، ثُمَّ نَظَرَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَرَفَعَ بَصَرَهُ، فَإِذَا هُوَ ثانيًا إحدى رجليه على الأخرى في   1 سورة النجم: 16. 2 صحيح: أخرجه مسلم "173" في كتاب الإيمان، باب: ذكر سدرة المنتهى، والترمذي "3287"، في كتاب التفسير، باب: ومن سورة النجم. 3 سورة النجم: 11. 4 أخرجه أحمد "11/ 394". 5 سورة النجم: 13. 6 صحيح: أخرجه مسلم "175" في كتاب الإيمان باب: معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً} . 7 سورة النجم: 8. 8 صحيح: أخرجه البخاري "4855" في كتاب التفسير، باب: سورة "النجم"، ومسلم "177/ 290" في المصدر السابق، والترمذي "3079" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الأنعام، واللفظ لمسلم. 9 أجياد: موضع بمكة يلي الصفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 الأفق، فقال: يا محمّد جبريل جِبْرِيلُ، يُسَكِّنُهُ، فَهَرَبَ حَتَّى دَخَلَ فِي النَّاسِ، فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، ثُمَّ رَجَعَ فَنَظَرَ فَرَآهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} 1. مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} 2 قال: دنا ربّه منه فتدلّ، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ رَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. أَخْبَرَنَا التَّاجُ عَبْدُ الْخَالِقِ، أنا ابْنُ قُدَامَةَ، أنا أَبُو زُرْعَةَ، أنا الْمُقَدِّمِيُّ، أنا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْمُنْذِرِ، أنا ابْنُ سَلَمَةَ، أنا ابن ماجه، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الصَّلْتَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ، بُطُونُهُمْ كَالْبُيُوتِ، فِيهَا الْحَيَّاتُ، تُرَى مِنْ خَارِجِ بُطُونِهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ الرِّبَا"4. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنِ الْحَسَنِ، وَعَفَّانَ، عَنْ حَمَّادٍ وَزَادَ فِيهِ: رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي لَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ. أَبُو الصَّلْتِ مَجْهُولٌ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْدَاوِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هِلَالٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زكريا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنْبَأَ أَبُو جَعْفَرٍ محمد بن عمرو، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عون قال:   1 سورة النجم: 1. والخبر إسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة سيئ الحفظ. 2 سورة النجم: 13، 14. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3291" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة النجم، وقال حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن ماجه "2273" في كتاب التجارات، باب: التغليظ في الربا، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". قلت: في إسناده الصلت مجهول كما يأتي، وقال في "الميزان" "10320" لا يعرف وعلي بن زيد سيئ الحفظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ فِي صُورَتِهِ وَخَلْقِهِ، سَادًّا مَا بَيْنَ الْأُفُقِ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ، عَنِ الْأَنْصَارِيِّ. قُلْتُ: قَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي رُؤْيَةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبَّهُ، فَأَنْكَرَتْهَا عَائِشَةُ، وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَإِنَّمَا فِيهَا تَفْسِيرُ مَا فِي النَّجْمِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الرُّؤْيَةِ لِلَّهِ. وَذَكَرَهَا فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ. قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "فُرِج سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَّلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، ثُمَّ أَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ مُحَمَّدٌ، قَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَفَتَحَ، فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ2، وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: آدَمُ، وَهَذِهِ الْأَسْوِدَةُ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَالَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا. مِثْلَ مَا قَالَ خَازِنُ السَّمَاءِ، الدُّنْيَا، فَفَتَحَ". فَقَالَ أنس: فذكر أنّه وجد في السّماوات: آدَمَ، وَإِدْرِيسَ، وَعِيسَى، وَمُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُثْبِتْ -يَعْنِي أَبَا ذَرٍّ- كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ، فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِدْرِيسَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قَالَ: "ثُمَّ مَرَّ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: إِدْرِيسُ، قَالَ: ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ   1 صحيح: أخرجه البخاري "4855" في كتاب التفسير، باب: سورة "والنجم"، ومسلم "177/ 287" في كتاب الإيمان، باب: معنى قول الله عز وجل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، والترمذي "3079" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الأنعام. 2 أسودة: جماعة من الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 الصَّالِحِ، وَالْأَخِ الصَّالِحِ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مُوسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ" 1. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الْأَنْصَارِيُّ كَانَا يقولان: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثمّ عرج بي حتّى ظهرت لمستوى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ" 2. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أمُرّ بِمُوسَى، فَقَالَ: مَاذَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ مُوسَى: فَرَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّيَ، فَوَضَعَ عَنِّي شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ رَبِّيَ فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَى سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ3 اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا المسك" 4. أخبرنا بهذا الحديث يحيى بن أحمد المقري بالإسكندرية، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْفَوِّيُّ بِمِصْرَ، قَالَا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمَادٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بن الحسن الشافعي، أنا عبد الرحمن بن عمر البّزار، حدثنا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو المديني، حدثنا أبو موسى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، نا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَرْمَلَةَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ شَطْرَهُ الثَّانِي مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا حَبَّةَ، إِلَى آخره عن يونس5، فوافقناه بعلّو.   1 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 2 صحيح: أخرجه مسلم "163/ 263" في كتاب الإيمان، باب: الإسراء. 3 الجنابذ: القباب. 4 صحيح: انظر التخريج السابق. 5 أخرجه النسائي "1/ 221" في كتاب الصلاة، باب: فرض الصلاة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، وَتَابَعَهُ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ هَمَّامٌ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ صَعْصَعَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ قَالَ: "بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ" -وَرُبَّمَا قَالَ قَتَادَةُ فِي الْحِجْرِ- "مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ" فَجَعَلَ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ الْأَوْسَطِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ قَالَ: فَأَتَانِي وَقَدْ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ "فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ"، قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِلْجَارُودِ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِي: مَا يَعْنِي؟ قَالَ: مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ؟ قَالَ: "فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتيت بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ، ثُمَّ أُعِيدَ، ثُمَّ أُتيت بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ، وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ"، فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، "يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا آدَمُ فِيهَا، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمَا، فردّ السَّلامَ، ثُمَّ قَالَا: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يُوسُفُ قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِدْرِيسُ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ وَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ؟ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّهُ غُلَامٌ بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي، ثُمَّ صعد بي حتّى السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لِيَ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى. وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ. ثُمَّ رُفِعَ لِيَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ. فَقَالَ: هَذِهِ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ. قَالَ: ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ، خَمْسُونَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: بِخَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ. قُلْتُ: قَدْ سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، ولكن أرضى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وَأُسَلِّمُ، فَلَمَّا نَفَرْتُ نَادَانِي مُنَادٍ، قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي"1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ هُدْبَةَ عَنْهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، حدثنا أَنَسٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ فِيهِ: "فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشَقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ، فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا" 2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِطُولِهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ، بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، قَالَ: فَأُتِيتُ فَانْطَلَقَ بِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَشُرِحَ صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا"، قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِصَاحِبِي: مَا يَعْنِي؟ قَالَ: إِلَى أَسْفَلَ بَطْنِي، "فَاسْتُخْرِجَ قَلْبِي فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أُعِيدَ مَكَانَهُ، وَحُشِيَ، أَوْ قَالَ: كُنِزَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً -شَكَّ سَعِيدٌ- ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ يُقَالُ لَهُ الْبُرَاقُ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَقَعُ خَطْوُهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ وَمَعِي صَاحِبِي لَا يُفَارِقُنِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا". وَسَاقَ الْحَدِيثَ كَحَدِيثِ هَمَّامٍ، إِلَى قَوْلِهِ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فَزَادَ "يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا فِيهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ" 3. قُلْتُ: وَهَذِهِ زِيَادَةٌ رَوَاهَا هَمَّامٌ فِي حَدِيثِهِ، وَهُوَ أَتْقَنُ مِنَ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، فَقَالَ: قَالَ قَتَادَةُ، فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى الْبَيْتَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ، وفي حديث ابن أبي عروبة زيادة: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} 4 إِنَّ وَرَقَهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، وَلَفْظُهُ: "ثُمَّ أُتِيتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: بِخَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: إِنِّي قَدْ بَلَوْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ، فَحَطَّ عنّي خمس   1 صحيح: أخرجه البخاري "3887" في كتاب مناقب الأنصار، باب: المعراج. 2 صحيح: أخرجه مسلم "164/ 265" في كتاب الإيمان، باب: الإسراء. 3 صحيح: أخرجه مسلم "164/ 264" في المصدر السابق. 4 سورة النجم: 14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 صَلَوَاتٍ، فَمَا زِلْتُ أَخْتَلِفُ بَيْنَ رَبِّي وَبَيْنَ مُوسَى كُلَّمَا أُتِيتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَتِهِ، حَتَّى رَجَعْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ، كُلَّ يَوْمٍ، فَلَمَّا أُتِيتُ عَلَى مُوسَى قَالَ كَمَقَالَتِهِ، قُلْتُ: لَقَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ فَنُودِيتُ أَنْ قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي، وَجَعَلْتُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَدْ رَوَاهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وشريك ين أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَلَمْ يُسْنِدْهُ لَهُمَا، لَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَلَا عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَلَا بَأْسَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِنَّ مُرْسَلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ، فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي تَرْبِطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَأَتَانِي بِإِنَاءَيْنِ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ أُرْسِلَ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا بِآدَمَ". فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ، "فَإِذَا بِيُوسُفَ، وَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ، فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لي بخير"، إِلَى أَنْ قَالَ: لَمَّا فُتِحَ لَهُ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ: "فَإِذَا بِإِبْرَاهِيمَ، وَإِذَا هُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، فَرَحَّبَ بِي، وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، فَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ"، قَالَ: "فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ. فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا"، قَالَ: فَدَنَا فَتَدَلَّى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى، "وَفُرِضَ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسُونَ صَلَاةً، فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى قَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَجَرَّبْتُهُمْ وَخَبَرْتُهُمْ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: أَيْ رَبِّ خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا فعلت؟   1 صحيح: أخرجه البخاري "3887" في كتاب مناقب الأنصار، باب: المعراج، ومسلم "162/ 259" في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 قُلْتُ: قَدْ حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي وَبَيْنَ مُوسَى حَتَّى قَالَ: هِيَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ دُونَ قَوْلِهِ: فَدَنَا فَتَدَلَّى، وَذَلِكَ ثَابِتٌ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، وَهُوَ ثَبْتٌ فِي حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ شريك بن عبد اله بْنِ أَبِي نَمِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الْإِسْرَاءِ، وَفِيهِ: ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ، فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ شَيْبَانُ، عن قتادة، عن أبي العالية، حدثنا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- رَجُلًا طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ سَبِطَ الرَّأْسِ"، قَالَ: وأُري مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ قَالَ: {فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} 3. فَكَانَ قَتَادَةُ يُفَسِّرُهَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ لَقِيَ مُوسَى4. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أُسْرِيَ بِهِ، "لَقِيتُ مُوسَى وَعِيسَى، -ثُمَّ نَعَتَهُمَا- وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ" 5. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ قَنَانٍ النّهميّ، حدثنا أبو ظبيان الجنبي   1 صحيح: أخرجه مسلم "162/ 259" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه البخاري "7517" في كتاب التوحيد، باب: ماجاء في قوله عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} . 3 سورة السجدة: 33. 4 صحيح: أخرجه مسلم "165/ 267" في كتاب الإيمان، باب: الإسراء. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3394" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} ومسلم "168" في كتاب الإيمان، باب: الإسراء، وقد تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِيكَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَا، بَلْ حَدِّثْنَا أَنْتَ عَنْ أَبِيكَ، قَالَ: لَوْ سَأَلْتَنِي قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَكَ لَفَعَلْتُ، فَأَنْشَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ يَهْوِي بِنَا، كُلَّمَا صَعِدَ عَقَبَةً اسْتَوَتْ رِجْلَاهُ مَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا هَبَطَ اسْتَوَتْ يَدَاهُ مَعَ رِجْلَيْهِ، حَتَّى مَرَرْنَا بِرَجُلٍ طُوَالٍ سَبِطٍ آدَمٍ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَهُوَ يَقُولُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ وَيَقُولُ: أَكْرَمْتَهُ وَفَضَّلْتَهُ فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَحْمَدُ. قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ. قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: مُوسَى، قُلْتُ: وَمَنْ يُعَاتِبُ؟ قَالَ: يُعَاتِبُ رَبَّهُ فِيكَ، قُلْتُ: وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى رَبِّهِ! قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَرَفَ لَهُ حِدَّتَهُ. قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى مَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ كَأَنَّ ثَمَرَهَا السِّرْجُ وَتَحْتَهَا شَيْخٌ وَعِيَالُهُ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ: اعْمِدْ إِلَى أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ وَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: ابْنُكَ أَحْمَدُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَاقٍ رَبَّكَ اللَّيْلَةَ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ حَاجَتُكَ أَوْ جُلُّهَا فِي أُمَّتِكَ فَافْعَلْ. قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَنَزَلْتُ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي فِي بَابِ الْمَسْجِدِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْبِطُ بِهَا، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَعَرَفْتُ النَّبِيِّينَ مَا بَيْنَ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، ثُمَّ أُتِيتُ بِكَأْسَيْنِ مِنْ عَسَلٍ وَلَبَنٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَضَرَبَ جِبْرِيلُ مَنْكِبِي وَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَأَمَمْتُهُمْ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا فأقبلنا1 ... هذا حديث حسن غريب.   1 إسناده ضعيف: أخرجه الحسن بن عرفة في "جزئه" كما في "تفسير ابن كثير" "3/ 16" وقال الحافظ ابن كثير: إسناد غريب ولم يخرجوه، فيه من الغرائب سؤال الأنبياء عنه -عليه السلام- ابتداء، ثم سؤاله عنهم بعد انصرافه. قلت: وإسناده منقطع، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لم يسمع من أبيه كما في "التقريب" "8231". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ صَحَّ عَنْ ثَابِتٍ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "أتيت عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ" 1، وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى يُصَلِّي"، وَذَكَرَ إِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى قَالَ: "فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ" 2. وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ لَقِيَهُمْ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ. فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ، مِنْ أَنَّهُ رَأَى هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَأَنَّهُ رَاجَعَ مُوسَى؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُمْ مُثِّلُوا لَهُ، فَرَآهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَرَأَى مُوسَى فِي مَسِيرِهِ قَائِمًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ رَآهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ رَآهُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ هُوَ وَغَيْرَهُ، فَعُرِجَ بِهِمْ، كَمَا عُرِجَ بِنَبِيِّنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى الْجَمِيعِ وَسَلَامُهُ، وَالْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ كَحَيَاةِ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وَلَيْسَتْ حَيَاتُهُمْ كَحَيَاةِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَلَا حَيَاةِ أَهْلِ الْآخِرَةِ، بَلْ لَوْنٌ آخَرُ، كَمَا وَرَدَ أَنَّ حَيَاةَ الشُّهَدَاءِ بِأَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَمَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَجْسَادُهُمْ فِي قُبُورِهِمْ. وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ أَكْبَرُ مِنْ عُقُولِ الْبَشَرِ، وَالْإِيمَانُ بِهَا وَاجِبٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} 3. أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، أنا رَوْحٍ عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ مُحَمَّدٍ كِتَابَةً، أَنَّ تَمِيمَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْجُرْجَانِيَّ أَخْبَرَهُمْ، أَنْبَأَ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنا أَبُو عَمْرُو بْنُ حِمْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عليّ بن المثنّى، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ هَذِهِ مَاشِطَةُ بِنْتِ فِرْعَوْنَ، كَانَتْ تَمْشُطُهَا، فَوَقَعَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا، فَقَالَتْ: بِاسْمِ اللَّهِ، قَالَتْ بنت فرعون: أبي، قالت: ربّي وربّ   1 صحيح: وقد تقدم من رواية مسلم. 2 صحيح: وقد تقدم من رواية مسلم. 3 سورة البقرة: 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 أَبِيكَ، قَالَتْ: أَقُولُ لَهُ إِذًا، قَالَتْ: قُولِي لَهُ: قَالَ لَهَا: أَوَ لَكِ رَبٌّ غَيْرِي! قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّكَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، قَالَ: فَاحْمِي لَهَا بَقَرَةً مِنْ نُحَاسٍ، فَقَالَتْ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَتْ: أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي، قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا لِمَا لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ. فألقي ولدها في البقرة وَاحِدًا وَاحِدًا، فَكَانَ آخِرَهُمْ صَبِيٌّ، فَقَالَ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ". قَالَ ابْنُ عبّاس: فأربعة تكلّموا وهم صبيان مَاشِطَةِ بِنْتِ فِرْعَوْنَ، وَصَبِيُّ جُرَيْجٍ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَالرَّابِعُ لَا أَحْفَظُهُ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عن أبي بكر أَبِي سَبْرَةَ وَغَيْرِهِ قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ السَّبْتِ لِسَبْعِ عَشْرَةٍ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِيَةِ عَشَرَ شَهْرًا، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَائِمٌ فِي بَيْتِهِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِالْمِعْرَاجِ، فَإِذَا هُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ مَنْظَرًا فَعَرَجَ به إلى السماوات سَمَاءً سَمَاءً، فَلَقِيَ فِيهَا الْأَنْبِيَاءَ، وَانْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى2. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جدّه. قال محمد بن عمر: وحدثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ قَالُوا: أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مِنْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ: فَتَفَرَّقَتْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَطْلُبُونَهُ حِينَ فُقِدَ يَلْتَمِسُونَهُ، حَتَّى بَلَغَ الْعَبَّاسُ ذَا طُوَى، فَجَعَلَ يَصْرُخُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: "لبّيك" فقال: يابن أَخِي عَنَّيْتَ قَوْمَكَ مُنْذُ اللَّيْلَةَ، فَأَيْنَ كُنْتَ.   1 من أجل عطاء بن السائب صدوق وقد اختلط، ولكن رواية حماد بن سلمة عنه قبل الاختلاط كما في "الصحيحة" "2/ 267-268". 2 معضل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 102" وأبو بكر بن أبي سبرة ومحمد بن عمر كلاهما متروك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 قَالَ: "أَتَيْتُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ". قَالَ: فِي لَيْلَتِكَ! قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: هَلْ أَصَابَكَ إِلَّا خَيْرٌ؟ قَالَ: "مَا أَصَابَنِي إِلَّا خَيْرٌ". وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: مَا أُسْرِيَ بِهِ إِلَّا مِنْ بَيْتِنَا: نَامَ عِنْدَنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَعْدَ مَا صَلَّى الْعِشَاءَ، فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَنْبَهْنَاهُ لِلصُّبْحِ، فَقَامَ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ قَالَ: يَا أُمَّ هَانِئٍ جِئْتُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ، ثُمَّ صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ مَعَكُمْ. فَقَالَتْ: لَا تُحَدِّثُ النَّاسَ فَيُكَذِّبُونَكَ، قَالَ: وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّهُمْ، فَأَخْبَرَهُمْ فَتَعَجَّبُوا، وَسَاقَ الْحَدِيثَ1. فَرَّقَ الْوَاقِدِيُّ، كَمَا رَأَيْتَ، بَيْنَ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، وَجَعَلَهُمَا فِي تَارِيخَيْنِ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ: أَنْبَأَ رَاشِدٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبِرْنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِكَ فِيهَا، فَقَرَأَ أوّل {سبحان} 2 وَقَالَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ عِشَاءً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، إِذْ أَتَانِي آتٍ فَأَيْقَظَنِي، فَاسْتَيْقَظْتُ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، ثُمَّ عُدْتُ فِي النَّوْمِ، ثُمَّ أَيْقَظَنِي، فَاسْتَيْقَظْتُ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، ثُمَّ نِمْتُ، فَأَيْقَظَنِي، فَاسْتَيْقَظْتُ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَإِذَا أَنَا بِهَيْئَةِ خَيَالٍ فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، حَتَّى خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا أَنَا بِدَابَّةٍ أَدْنَى شَبَهِهِ بِدَوَابِّكُمْ هَذِهِ بِغَالُكُمْ، مُضْطَرِبَ الْأُذُنَيْنِ، يُقَالَ لَهُ الْبُرَاقُ، وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْكَبُهُ قَبْلِي، يَقَعُ حَافِرُهُ مَدَّ بَصَرِهِ، فَرَكِبْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ عَلَيْهِ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَمِينِي: يَا مُحَمَّدُ أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ، فَلَمْ أُجِبْهُ، فَسِرْتُ، ثُمَّ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَسَارِي: يَا مُحَمَّدُ أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ، فَلَمْ أُجِبْهُ، ثُمَّ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَةٍ عَنْ ذِرَاعَيْهَا، وَعَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ، فَقَالَتْ: يَا محمد أنظرني فأسألك، فَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأَوْثَقْتُ دَابَّتِي بِالْحَلْقَةِ، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ بِإِنَاءَيْنِ: خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَشَرِبْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، فَحَدَّثْتُ جِبْرِيلَ عَنِ الدَّاعِي الَّذِي عَنْ يَمِينِي، قَالَ: ذَاكَ دَاعِي الْيَهُودِ، لَوْ أَجَبْتَهُ لَتَهَوَّدَتْ أُمَّتُكَ، والآخر   1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 103" ومحمد بن عمر هو الواقدي، متروك كما تقدم. 2 أي سورة الإسراء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 دَاعِي النَّصَارَى، لَوْ أَجَبْتَهُ لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتُكَ، وَتِلْكَ الْمَرْأَةُ الدُّنْيَا، لَوْ أَجَبْتَهَا لَاخْتَارَتْ أُمَّتُكَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، ثُمَّ دَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أُتِيتُ بِالْمِعْرَاجِ الَّذِي تَعْرُجُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ، فَلَمْ تَرَ الْخَلَائِقُ أَحْسَنَ مِنَ الْمِعْرَاجِ، أَمَا رَأَيْتُمُ الْمَيِّتَ حِينَ يُشَقُّ بَصَرُهُ طَامِحًا إِلَى السَّمَاءِ، فَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ عَجَبُهُ بِهِ، فَصَعِدْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ، فَإِذَا أَنَا بِمَلَكٍ يُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ، وَهُوَ صَاحِبُ سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ يَدَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} 1. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَى صُورَتِهِ، تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُ: رَوْحٌ طَيِّبَةٌ وَنَفْسٌ طَيِّبَةٌ اجْعَلُوهَا فِي عِلِّيِّينَ، ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْفُجَّارِ، فَيَقُولُ: رُوحٌ خَبِيثَةٌ وَنَفْسٌ خَبِيثَةٌ، اجْعَلُوهَا فِي سِجِّينَ. ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ -يَعْنِي بِالْخُوَانِ الْمَائِدَةَ- عَلَيْهَا لَحْمٌ مُشَرَّحٌ، لَيْسَ بِقُرْبِهَا أَحَدٌ، وَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ أُخْرَى، عَلَيْهَا لَحْمٌ قَدْ أَرْوَحَ وَنَتِنَ، وَعِنْدَهَا أُنَاسٌ يَأْكُلُونَ مِنْهَا. قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ يَتْرُكُونَ الْحَلَالَ وَيَأْتُونَ الْحَرَامَ، قَالَ: ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ بُطُونُهُمْ أَمْثَالُ الْبُيُوتِ، كُلَّمَا نَهَضَ أَحَدُهُمْ خَرَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ، وَهُمْ عَلَى سَابِلَةِ2 آلِ فِرْعَوْنَ، فَتَجِيءُ السَّابِلَةُ فَتُطَارِدُهُمْ، فَسَمِعْتُهُمْ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا، ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ مَشَافِرُهُمْ كَمَشَافِرِ3 الْإِبِلِ، فَتُفْتَحُ أَفْوَاهُهُمْ وَيُلْقَمُونَ الْجَمْرَ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ فَيَضِجُّونَ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا، ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بنساء يعلّقن بثديهنّ، فسمعتهنّ يضجن إِلَى اللَّهِ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الزُّنَاةُ مِنْ أُمَّتِكَ، ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ يُقَطَّعُ مِنْ جُنُوبِهِمُ اللَّحْمُ، فَيُلَقَّمُونَ، فَيُقَالُ لَهُ: كُلُّ مَا كُنْتَ تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أَخِيكَ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْهَمَّازُونَ مِنْ أُمَّتِكَ اللَّمَّازُونَ. ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، قَدْ فَضُلَ عَلَى النَّاسِ بِالْحُسْنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، قلت:   1 سورة المدثر: 31. 2 سابلة: طريقة. 3 المشافر: جمع مشفر، وهو شفة البعير الغليظة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ يُوسُفُ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَإِذَا أَنَا بِيَحْيَى وَعِيسَى وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِمَا. ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى الرَّابِعَةِ، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ، ثُمَّ صَعَدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ، وَنِصْفُ لِحْيَتِهِ بَيْضَاءُ وَنِصْفُهَا سَوْدَاءُ، تَكَادُ لِحْيَتُهُ تُصِيبُ سُرَّتَهُ مِنْ طُولِهَا، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْمُحَبَّبُ فِي قَوْمِهِ، هَذَا هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى رَجُلٌ آدَمٌ كَثِيرُ الشَّعْرِ، لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ لَنَفَذَ شَعْرُهُ دُونَ الْقَمِيصِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: يَزْعُمُ النَّاسُ أَنِّي أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا، بَلْ هَذَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنِّي، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مُوسَى. ثُمَّ صَعِدْتُ السَّابِعَةَ، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ، سَانِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، فَدَخَلْتُهُ وَدَخَلَ مَعِي طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ، ثُمَّ دُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا كُلُّ وَرَقَةٍ مِنْهَا تَكَادُ أَنْ تُغَطِّي هَذِهِ الْأُمَّةَ، وَإِذَا فِيهَا عَيْنٌ تَجْرِي، يُقَالُ لَهَا سَلْسَبِيلٌ، فَيُشَقُّ مِنْهَا نَهْرَانِ، أَحَدُهُمَا الْكَوْثَرُ وَالْآخَرُ نَهْرُ الرَّحْمَةِ، فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ، فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ، ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، ثُمَّ أُغْلِقَتْ، ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَتَغَشَّى لِي، وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، قَالَ: وَنَزَلَ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَفُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ خَمْسِينَ، ثُمَّ دُفِعْتُ إِلَى مُوسَى، فَذَكَرَ مُرَاجَعَتَهُ فِي التَّخْفِيفِ. أَنَا اخْتَصَرْتُ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ إِلَى أَنْ قَالَ: فَقُلْتُ: رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُهُ". ثُمَّ أَصْبَحَ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِالْعَجَائِبِ، فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُ الْبَارِحَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَعُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، وَرَأَيْتُ كَذَا، وَرَأَيْتُ كَذَا، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَلَا تُعْجَبُونَ مِمَّا يَقُولُ مُحَمَّدٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ عَجِيبٌ حَذَفْتُ نَحْوَ النِّصْفِ منه. رواه نجيّ بن أبي   1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 390-396" وأبو هارون العبدي متروك كما في "التقريب" "4840" وقد ساقه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 11-13" ثم قال: ورواه ابن أبي حاتم بسياق طويل حسن أنيق أجود مما ساقه غيره علي غرابته وما فيه من النكارة. ا. هـ. باختصار ثم بين ضعف أبي هارون العبدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 طَالِبٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَهُوَ صَدُوقٌ، عَنْ رَاشِدٍ الْحِمَّانِيِّ، وَهُوَ مَشْهُورٌ، رَوَى عَنْهُ حَمَّادُ بن زيد، وابن الْمُبَارَكِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ عُمَارَةُ بْنُ جُوَيْنٍ الْعَبْدِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ شِيعِيٌّ. وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هَارُونَ أَيْضًا هُشَيْمٌ، وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْحَدَّانِيُّ بِطُولِهِ نَحْوَهُ، حَدَّثَ بِهِ عَنْهُمَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَرَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ العبدي بطوله. ورواه أسد بن موسى، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هَارُونَ، وَبِسِيَاقِ مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ صَارَ أَبُو هَارُونَ مَتْرُوكًا. وقال إبراهيم بن حمزة الزّبيريّ: حدثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مَاهَانَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. "ح" وَقَالَ هَاشِمُ بْنُ القاسم، ويونس بن بكير، وحجّاج الأعور، حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَهُوَ عِيسَى بْنُ مَاهَانَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ غَيْرِهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} 1 قَالَ: أُتى بِفَرَسٍ فَحُمِلَ عَلَيْهِ، خَطْوُهُ مُنْتَهَى بَصَرِهِ، فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيلُ، فَأَتَى عَلَى قَوْمٍ يَزْرَعُونَ فِي يَوْمٍ وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْمٍ، كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِسُبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} 2. ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ3 رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ، كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ! قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَلُ رُءُوسُهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ، وَعَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ، يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الْأَنْعَامُ عَنِ الضَّرِيعِ وَالزَّقُّومِ، وَرَضْفِ جَهَنَّمَ، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ، ثُمَّ أَتَى عَلَى خَشَبَةٍ عَلَى الطَّرِيقِ، لَا يَمُرُّ بِهَا شَيْءٌ إِلَّا قَصَعَتْهُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} 4. ثُمَّ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حِزْمَةً عَظِيمَةً لَا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يزيد عليها،   1 سورة الإسراء: 1. 2 سورة سبأ: 39. 3 ترضخ: تكسر. 4 سورة الأعراف: 86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَيْهِ أَمَانَةٌ، لَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ أَلْسِنَتُهُمْ وَشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ. قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ. ثُمَّ نَعَتَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَدَخَلَ وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى أَرْوَاحَ الْأَنْبِيَاءِ فَأَثْنَوْا عَلَى رَبِّهِمْ1. وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي ثَلَاثِ وَرَقَاتٍ كِبَارٍ. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَلَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ، وَالْحَدِيثُ مُنْكَرٌ يُشْبِهُ كَلَامَ الْقُصَّاصِ، إِنَّمَا أَوْرَدْتُهُ لِلْمَعْرِفَةِ لَا لِلْحُجَّةِ. وَرَوَى فِي الْمِعْرَاجِ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ حَدِيثًا، وَلَيْسَ بِثِقَةٍ2، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ فُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. آخِرُ الْإِسْرَاءِ.   1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل""2/ 397-403" وأبو جعفر الرازي سيئ الحفظ كما في "التقريب" "8019" وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 21": في بعض ألفاظه غرابة ونكارة شديدة. 2 فهو متهم بالكذب كما يأتي في ترجمته "1491". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3935" في كتاب مناقب الأنصار، باب: التاريخ، وأبو نعيم في "الحلية" "9002". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 زَوَاجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ وَسَوْدَةَ أمي المؤمنين: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَفَّى خَدِيجَةَ، قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَأَنَا ابْنَةُ سِتٍّ، وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ جَاءَنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ1، فَهَيَّأْنَنِي وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَيْهِ. قَالَ عُرْوَةُ: وَمَكَثْتُ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِينَ2. وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا مُرْسَلًا. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّ رَجُلا يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَأَكْشِفُ فَأَرَاكِ فَأَقُولُ: إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ" 4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: لَمَّا مَاتَتْ خَدِيجَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- جَاءَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: أَلَا تُزَوَّجُ؟ قَالَ: "وَمَنْ؟ " قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بكرًا وإن شئت ثيبًا.   1 مجممة: الجمة هي مجتمع الشعر. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3894" في كتاب مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة، ومسلم "1422" في كتاب النكاح، باب: تزويج الأب البكر الصغيرة، وأبو داود "4933-4937" في كتاب الأدب، باب: في الأرجوحة. 3 أخرجه البخاري "3896" في المصدر السابق، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 265": وهو في الجملة صحيح. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3895" في المصدر السابق، ومسلم "2438" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عائشة -رضي الله عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 قَالَ: "مَنِ الْبِكْرُ وَمَنِ الثَّيِّبُ" ?. فَقَالَتْ: أَمَّا الْبِكْرُ فَعَائِشَةُ بِنْتُ أَحَبِّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْكَ. وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، قَدْ آمَنَتْ بِكَ وَاتَّبَعَتْكَ، قَالَ: "اذْكُرِيهِمَا عَلَيَّ". قَالَتْ: فَأَتَيْتُ أُمَّ رُومَانَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ رُومَانَ مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، قَالَتْ: مَاذَا؟ قَالَتْ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ عَائِشَةَ. قَالَتِ: انْتَظِرِي فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ آتٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: أَوَتَصْلُحُ لَهُ وَهِيَ ابْنَةُ أَخِيهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا أَخُوهُ وَهُوَ أَخِي وَابْنَتُهُ تَصْلُحُ لِي". قَالَتْ: وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ رومان: إنّ المطعم ين عَدِيٍّ قَدْ كَانَ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، وَوَاللَّهِ مَا أُخلف وَعْدًا قَطُّ، تَعْنِي أَبَا بَكْرٍ. قَالَتْ: فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ الْمُطْعِمَ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي أَمْرِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهَا: مَا تَقُولِينَ؟ فَأَقْبَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ: لَعَلَّنَا إِنْ أَنْكَحْنَا هَذَا الْفَتَى إِلَيْكَ تُصْبِئْهُ وَتُدْخِلْهُ فِي دِينِكَ. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا لَتَقُولُ مَا تَسْمَعُ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْمَوْعِدِ شَيْءٌ، فَقَالَ لَهَا: قُولِي لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْيَأْتِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَلَكَهَا، قَالَتْ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، وَأَبُوهَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ جَلَسَ عَنِ الْمَوْسِمِ فَحَيَّيْتُهُ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقُلْتُ: أَنْعِمْ صَبَاحًا، قَالَ: مَنْ أَنْتِ؟ قُلْتُ: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ، فَرَحَّبَ بِي وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، قُلْتُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَذْكُرُ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، قَالَ: كُفْؤٌ كَرِيمٌ مَاذَا تَقُولُ صَاحِبَتُكِ؟ قُلْتُ: تُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: قُولِي لَهُ فَلْيَأْتِ، قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَلَكَهَا. قَالَتْ: وَقَدِمَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَجَعَلَ يَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ: إِنِّي لَسَفِيهٌ يَوْمَ أَحْثُو عَلَى رَأْسِي التُّرَابَ أَنْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْدَةَ1. إسناده حسن.   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 411، 412"، وأخرجه أحمد "6/ 210، 211" مرسلًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 عَرْضُ نَفْسِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْقَبَائِلِ: قَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ فَيَقُولُ: "هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي" 1. أخرجه دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تِلْكَ السِّنِينِ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ، وَيُكَلِّمُ كُلَّ شَرِيفِ قَوْمٍ، لَا يَسْأَلُهُمْ مَعَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُؤْوُوهُ وَيَمْنَعُوهُ، وَيَقُولُ: لَا أُكره أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى شَيْءٍ، مَنْ رَضِيَ مِنْكُمْ بِالَّذِي أَدْعُوهُ إِلَيْهِ فَذَاكَ، ومن كره لم أكرهه، إنّما أُرِيدُ أَنْ تُحْرِزُونِي مِمَّا يُرَادُ بِي مِنَ الْقَتْلِ، حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي، وَحَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ لِي وَلِمَنْ صَحِبَنِي بِمَا شَاءَ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَحَدٌ وَيَقُولُونَ: قَوْمُهُ أَعْلَمُ بِهِ، أَتَرَوْنَ أَنَّ رَجُلًا يُصْلِحُنَا وَقَدْ أَفْسَدَ قَوْمَهُ، وَلَفَظُوهُ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا ذَخَّرَ اللَّهُ لِلْأَنْصَارِ. وَتُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ، وَابْتُلِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَدَّ مَا كَانَ، فَعَمَدَ لِثَقِيفٍ بِالطَّائِفِ، رَجَاءَ أَنْ يُؤْوُوهُ، فَوَجَدَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ، هُمْ سَادَةُ ثَقِيفٍ: عَبْدُ يَالِيلَ، وَحَبِيبٌ، وَمَسْعُودُ بَنُو عَمْرٍو، فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، وَشَكَا إِلَيْهِمُ الْبَلَاءَ، وَمَا انْتَهَكَ مِنْهُ قَوْمُهُ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا أَسْرِقُ أَسْتَارَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ اللَّهُ بَعَثَكَ قَطُّ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَعْجَزَ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُرْسِلَ غَيْرَكَ. وَقَالَ الْآخَرُ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ بَعْدَ مَجْلِسِكَ هَذَا، وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَعْظَمُ شَرَفًا وَحَقًّا مِنْ أَنْ أُكَلِّمَكَ، وَلَئِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ، لَأَنْتَ أَشَرُّ مِنْ أَنْ أُكَلِّمَكَ وَتَهَزَّءُوا بِهِ، وَأَفْشَوْا فِي قَوْمِهِمُ الَّذِي رَاجَعُوهُ بِهِ، وقعدوا له صفّين   1 صحيح: أخرجه أبو داود "3734" وفي كتاب السنة، باب: في القرآن، والترمذي "2934" في كتاب فضائل القرآن، باب: رقم "24"، وابن ماجه "201" في المقدمة، باب: فيما أنكرت الجهمية، وأحمد "3/ 390"، وابن أبي شيبة في "مصنفه" "8/ 447". وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 عَلَى طَرِيقِهِ، فَلَمَّا مَرَّ جَعَلُوا لَا يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ وَلَا يَضَعُهُمَا إِلَّا رَضَخُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ وَأَدْمَوْا رِجْلَيْهِ، فَخَلُصَ مِنْهُمْ وَهُمَا تَسِيلَانِ الدِّمَاءَ، فَعَمَدَ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِهِمْ، وَاسْتَظَلَّ فِي ظِلِّ حَبَلَةٍ1 مِنْهُ، وَهُوَ مَكْرُوبٌ مُوجَعٌ، فَإِذَا فِي الْحَائِطِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ أَخُوهُ، فَلَمَّا رَآهُمَا كَرِهَ مَكَانَهُمَا لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَدَاوَتِهِمَا، فَلَمَّا رَأَيَاهُ أَرْسَلَا إِلَيْهِ غُلَامًا لَهُمَا يُدْعَى عَدَّاسًا، وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ نِينَوَى، مَعَهُ عِنَبٌ، فَلَمَّا جَاءَ عَدَّاسٌ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أَيِّ أَرْضٍ أَنْتَ يَا عَدَّاسُ"؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ نِينَوَى2، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ مَدِينَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يُونُسَ بْنِ متّى"؟ فقال: ما يُدْرِيكَ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى؟ قَالَ: "أَنَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاللَّهُ أخبرني خبر يونس"، فَلَمَّا أَبْصَرَ عُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ مَا يَصْنَعُ غُلَامُهُمَا سَكَتَا، فَلَمَّا أَتَاهُمَا قَالا: مَا شَأْنُكَ سَجَدْتَ لِمُحَمَّدٍ وَقَبَّلْتَ قَدَمَيْهِ؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ صَالِحٌ، أَخْبَرَنِي بِشَيْءٍ عَرَفْتُهُ مِنْ شَأْنِ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْنَا يُدْعَى يُونُسَ بْنَ مَتَّى، فَضَحِكَا بِهِ، وَقَالَا: لَا يَفْتِنْكَ عَنْ نَصْرَانِيَّتِكَ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ خَدَّاعٌ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَكَّةَ3. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: "مَا لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ كَانَ أَشَدَّ مِنْهُ، يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ 4، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، ثُمَّ نَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، قَدْ بَعَثَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ لِتَأْمُرَنِي بِمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ"، فَقَالَ لَهُ   1 الحبلة: شجرة العنب. 2 نينوى: مدينة بالعراق. 3 مرسل. 4 قرن الثعالب: موضع على مسافة يوم وليلة من مكة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَشْرَارِهِمْ -أَوْ قَالَ: مِنْ أَصْلَابِهِمْ- مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا" 1. أَخْرَجَاهُ. وَقَالَ البكّائيّ، عن ابن إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: لَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الطَّائِفِ، عَمَدَ إِلَى نَفَرٍ مِنْ ثَقِيفٍ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَادَتُهُمْ، وَهُمْ إِخْوَةٌ ثَلَاثَةٌ: عَبْدُ يَالِيلَ بْنُ عَمْرٍو، وَأَخَوَاهُ مَسْعُودٌ وَحَبِيبٌ، وَعِنْدَ أَحَدِهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ جُمَحٍ، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: هُوَ يَمْرُطُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ اللَّهُ أَرْسَلَكَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَا وَجَدَ اللَّهُ مَنْ يُرْسِلُهُ غَيْرَكَ؟ وَقَالَ الْآخَرُ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ2. وَذَكَرَهُ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ وَهِيَ: فَلَمَّا اطْمَأَنَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِيمَا ذُكِرَ لِي: "اللَّهُمُّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي، إِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي، أَوْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ"3. وَحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ عَبَّادٍ يُحَدِّثُ أَبِي قَالَ: إِنِّي لَغُلَامٌ شَابٌّ مَعَ أَبِي بِمِنًى، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقِفُ عَلَى الْقَبَائِلِ مِنَ الْعَرَبِ، يَقُولُ: يَا بَنِي فُلَانٍ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَخْلَعُوا مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ، وَأَنْ تُؤْمِنُوا وَتُصَدِّقُونِي وَتَمْنَعُونِي حَتَّى أُبَيِّنَ عَنِ اللَّهِ مَا بَعَثَنِي بِهِ، قَالَ: وَخَلْفَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ وَضِيءٌ، لَهُ غَدِيرَتَانِ، عَلَيْهِ حُلَّةٌ عَدَنِيَّةٌ، فَإِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ قَوْلِهِ قَالَ: يَا بَنِي فُلَانٍ إِنَّ هَذَا إِنَّمَا يَدْعُوكُمْ إِلَى أَنْ تَسْلَخُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَحُلَفَاءَكُمْ من الحيّ من بني مالك بن   1 صحيح: أخرجه البخاري "3231" في كتاب بدء الخلق، ومسلم "1795" في كتاب الجهاد، باب: ما لقي النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أذى المشركين. 2 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "السيرة" "1/ 384، 385". 3 معضل: ذكره ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 385، 386" بدون إسناد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 أُقَيْشٍ، إِلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، فَلَا تُطِيعُوهُ وَلَا تَسْمَعُوا مِنْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عَمُّهُ عَبْدُ الْعُزَّى أَبُو لَهَبٍ1. وَحَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى كِنْدَةَ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَفِيهِمْ سَيِّدٌ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ مُلَيْحٌ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ2. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ أَتَى كَلْبًا فِي مَنَازِلِهِمْ، إِلَى بَطْنٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ اسْمَ أَبِيكُمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَلَمْ يَقْبَلُوا3. وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ أَتَى بَنِي حَنِيفَةَ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ أَقْبَحَ رَدًّا مِنْهُمْ4. وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّهُ أَتَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسٍ: وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي أَخَذْتُ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ لَأَكَلْتُ بِهِ الْعَرَبَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ تَابَعْنَاكَ عَلَى أَمْرِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ عَلَى مَنْ خَالَفَكَ، أَيَكُونُ لَنَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: "الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ"، قَالَ: أَفَتُهْدَفُ5 نُحُورُنَا لِلْعَرَبِ دُونَكَ، فَإِذَا أَظْهَرَكَ اللَّهُ كَانَ الْأَمْرُ لِغَيْرِنَا، لَا حَاجَةَ لَنَا بِأَمْرِكَ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ6.   1 إسناده صعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 387-388"، وحسين بن عبد الله ضعيف. 2 مرسل: انظر المصدر السابق "1/ 388". 3 مرسل: انظر المصدر السابق. 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 388" عن بعض أصحابه، عَنْ عبد الله بْن كعب بْن مالك. 5 أي تصير هدفًا. 6 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 388-389". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِت: وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني عاصم بن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: قَدِمَ سُوَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَكَانَ سُوَيْدٌ يُسَمِّيهِ قَوْمُهُ فِيهِمُ "الْكَامِلَ" لِسِنِّهِ وَجَلَدِهِ وَشِعْرِهِ، فَتَصَدَّى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَعَاهُ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ سُوَيْدٌ: فَلَعَلَّ الَّذِي مَعَكَ مِثْلُ الَّذِي مَعِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا الَّذِي مَعَكَ"؟ قَالَ: مِجَلَّةُ لُقْمَانَ، يَعْنِي حِكْمَةَ لُقْمَانَ، قَالَ: "اعْرِضْهَا"، فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ حَسَنٌ، وَالَّذِي مَعِي أَفْضَلُ مِنْهُ، قُرْآنٌ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيَّ"، فَتَلَا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَقَوْلٌ حَسَنٌ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى قَوْمِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَتَلَتْهُ الْخَزْرَجُ، فَكَانَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ يَقُولُونَ: إِنَّا لَنَرَى أَنَّهُ قُتِلَ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَكَانَ قَتْلُهُ يَوْمَ بُعَاثٍ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وَسُوَيْدٌ الَّذِي يَقُولُ: أَلَا رُبَّ مَنْ تَدْعُو صَدِيقًا وَلَوْ تَرَى ... مَقَالَتَهُ بِالْغَيْبِ سَاءَكَ مَا يَفْرِي مَقَالَتُهُ كَالشَّهْدِ مَا كان شاهدًا ... وبالغيب مأثور على يغرة النَّحْرِ يَسُرُّكَ بَادِيهِ وَتَحْتَ أَدِيمِهِ ... تَمِيمَةُ غِشٍّ تَبْتَرِي عَقَبَ الظَّهْرِ2 تُبَيِّنُ لَكَ الْعَيْنَانِ مَا هُوَ كَاتِمٌ ... مِنَ الْغِلِّ وَالْبَغْضَاءِ بِالنَّظَرِ الشَّزْرِ3 فَرِشْنِي بِخَيْرٍ طَالَمَا قَدْ بَرَيْتَنِي ... وَخَيْرُ الْمَوَالِي يريش ولا يبري4   1 أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 389، 390". 2 تبتري: تقطع. وعقب الظهر: عصبه. 3 الشزر: نظرة الإعراض. 4 رشني: قواني. وبريتني: أضعفتني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 حَدِيثُ يَوْمِ بُعَاثٍ: قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْحُصَيْنِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ مَكَّةَ، وَمَعَهُ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فِيهِمْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ، يَلْتَمِسُونَ الْحِلْفَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَوْمِهِمْ مِنَ الْخَزْرَجِ، سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: "هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ؟ " قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: "أَنَا رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى الْعِبَادِ"، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمُ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ إِيَاسٌ، وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا: يَا قَوْمُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ، فَيَأْخُذُ أَبُو الْحَيْسَرِ حِفْنَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ، فَيَضْرِبَ بِهَا وَجْهَ إِيَاسٍ، وَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا، فَسَكَتَ، وَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُمْ وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ. قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَهُ يُهَلِّلُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ وَيُسَبِّحُهُ حَتَّى مَاتَ، وَكَانُوا لَا يَشُكُّونَ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا. وَقَدْ كَانَ اسْتُشْعِرَ مِنْهُ الْإِسْلَامُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، حِينَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا سَمِعَ1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، وقد افترق ملؤهم وَقُتِلَتْ سَرَاتُهُمْ -يَعْنِي وَجُرِّحُوا- قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ في دخولهم في الإسلام2. أخرجه البخاري.   1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 391" والحصين قال في "التقريب": مقبول أي إذا توبع، وإلا فلين. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3777" في كتاب مناقب الأنصار، باب: رقم "1". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 ذكر مبدأ خبرالأنصار وَالْعَقَبَةِ الْأُولَى: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ: حدثنا هشام بن محمد الكلبيّ، حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَتْ قُرَيْشٌ قَائِلًا يَقُولُ فِي اللَّيْلِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ: فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ ... بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ الْمُخَالِفِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنِ السَّعْدَانِ؟ سَعْدُ بْنُ بَكْرٍ، أَوْ سَعْدُ بْنُ تَمِيمٍ؟ فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ سَمِعُوا الْهَاتِفَ يَقُولُ: أَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْأَوْسِ كُنْ أَنْتَ نَاصِرًا ... وَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْخَزْرَجَيْنِ الْغَطَارِفِ1 أَجِيبَا إِلَى دَاعِي الْهُدَى وَتَمَنَّيَا ... عَلَى اللَّهِ فِي الْفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ2 فَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ لِلطَّالِبِ الْهُدَى ... جِنَانٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ ذَاتُ رَفَارِفِ3   1 الغطارف: جمع الغطريف، وهو السيد. 2 المنية: الأمنية. 3 الرفارف: جمع الرفرف، وهي الوسادة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هُوَ وَاللَّهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ2: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ إِظْهَارَ دِينِهِ، وَإِعْزَازَ نَبِيِّهِ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَوْسِمِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ الْأَنْصَارُ، فَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ لَقِيَ رَهْطًا مِنَ الْخَزْرَجِ، فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا لَقِيَهُمْ قَالَ: "مَنْ أَنْتُمْ؟ " قَالُوا: نَفَرٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، قَالَ: "أَمِنْ مَوَالِي يَهُودَ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "أَفَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلِّمُكُمْ؟ " قَالُوا: بَلَى، فَجَلَسُوا مَعَهُ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ يَهُودَ كَانُوا مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ، وَكَانُوا هُمْ أَهْلَ شِرْكٍ وَأَوْثَانٍ، وَكَانُوا قَدْ غَزَوْهُمْ بِبِلادِهِمْ، فكانوا إذا كان بهم شَيْءٌ قَالُوا: إِنَّ نَبِيًّا مَبْعُوثٌ الْآنَ، قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، نَتَّبِعُهُ، فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، فَلَمَّا كَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُولَئِكَ النَّفَرَ، وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَا قَوْمُ تَعَلَّمُوا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي تَوَعَّدَكُمْ بِهِ يَهُودُ، فَلَا تَسْبِقَنَّكُمْ إِلَيْهِ، فَأَجَابُوهُ وَأَسْلَمُوا وَقَالُوا: إِنَّا تَرَكْنَا قَوْمَنَا، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالشَّرِّ مَا بَيْنَهُمْ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ بِكَ فَسَنُقْدِمُ عَلَيْهِمْ فَنَدْعُوهُمْ إِلَى أَمْرِكَ، وَنَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَجَبْنَاكَ بِهِ، فَإِنْ يَجْمَعْهُمُ اللَّهُ عَلَيْكَ فَلَا رَجُلَ أَعَزُّ مِنْكَ، ثُمَّ انْصَرَفُوا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: وَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ سِتَّةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَعَوْفُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ الزُّرَقِيُّ، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ السُّلَمِيُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ. رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ بَدَلَ عُقْبَةَ: مُعَوَّذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ غُنْمٍ، فَلَمَّا قَدِمُوا المدينة ذكروا لقومهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَدَعَوْهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَفَشَا فِيهِمْ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، وَافَى الْمَوْسِمَ مِنَ الْأَنْصَارِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَلَقُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْعَقَبَةِ، وَهِيَ "الْعَقَبَةُ الْأُولَى"، فَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بيعة النّساء، وذك قَبْلَ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْهِمُ الْحَرْبُ، وَهُمْ أَسْعَدُ بن زرارة، وعوف، ومعوّذ ابنا الحارث   1 إسناده ضعيف جدًّا: هشام الكلبي متروك كما تقدم. 2 ذكره في "السيرة" "1/ 391-392". 3 ذكره في "السيرة" "1/ 392-393". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ، وَذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَيَزِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْبَلَوِيُّ، وَعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَهُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ، وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، وَهُمَا مِنَ الْأَوْسِ. وَقَالَ يُونُسُ وَجَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ، حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ الْأُولَى، وَنَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَبَايَعْنَاهُ بَيْعَةَ النِّسَاءِ، عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلَا نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَرَضَ الْحَرْبُ، فَإِنْ وَفَّيْتُمْ بِذَلِكَ فَلَكُمُ الْجَنَّةُ، وَإِنْ غَشِيتُمْ شَيْئًا فَأَمْرُكُمْ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَ1. أَخْرَجَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ. أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْبُنِّ، أنا جَدِّي أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْمُعَدَّلُ، أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَعَلَى أَنْ نقول في الله عزّ وجل، ولا تَأْخُذُنَا فِيهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ نَنْصُرَهُ إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا يَثْرِبَ، فَنَمْنَعَهُ مِمَّا نَمْنَعُ أَنْفُسَنَا وَأَزْوَاجَنَا وَأَبْنَاءَنَا، وَلَنَا الْجَنَّةُ2. رَوَاهُ زُهَيْرُ بن معاوية، عن ابن   1 صحيح: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 394" والبخاري "3892" في كتاب مناقب الأنصار، باب: وفود الأنصار، ومسلم "1709" في كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها. 2 في إسناده مقال، أخرجه أحمد "5/ 325"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 451-452"، وإسماعيل بن عبيد الله قال في "التقريب": مقبول، أي إذا توبع وإلا فلين، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 193": هذا إسناد جيد قوي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُبَادَةَ قَالَ نَحْوَهُ. "خَالَفَهُ دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، فَرَوَيَا عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ هَذَا الْمَتْنَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، وَهُوَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ. وَسَيَأْتِي". وَقَالَ الْبَكَّائِيّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ1: فَلَمَّا انْصَرَفَ الْقَوْمُ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيَّ يُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ، فَنَزَلَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَؤُمَّهُ بَعْضٌ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ يُسَمَّى مُصْعَبٌ بِالْمَدِينَةِ الْمُقْرِئَ. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنُ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَسَمِعَ الْأَذَانَ صَلَّى عَلَى أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ مَا لَكَ إِذَا سَمِعْتَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ صَلَّيْتَ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ! قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَّعَ بِنَا بِالْمَدِينَةِ فِي هَزْمٍ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ يُقَالُ لَهُ نَقِيعُ الْخَضَمَاتِ2، قُلْتُ: وَكَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رَجُلًا3. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: فَلَمَّا حَضَرَ الْمَوْسِمُ حَجَّ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْهُمْ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَذَكْوَانُ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ تَغْلِبَ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ، وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَأَيْقَنُوا بِهِ وَاطْمَأَنُّوا وَعَرَفُوا مَا كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَصَدَّقُوهُ، ثُمَّ قَالُوا: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ، وَنَحْنُ حِرَاصٌ عَلَى مَا أَرْشَدَكَ اللَّهُ بِهِ، مُجْتَهِدُونَ لَكَ بِالنَّصِيحَةِ، وَإِنَّا نُشِيرُ عَلَيْكَ بِرَأْيِنَا، فَامْكُثْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى قَوْمِنَا فَنَذْكُرَ لَهُمْ شَأْنَكَ، وَنَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَلَعَلَّ اللَّهُ يُصْلِحُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ فَنُوَاعِدُكَ الْمَوْسِمَ مِنْ قابل، فرضي بذلك   1 ذكره في "السيرة" "1/ 395". 2 نقيع الخضمات: من أودية الحجاز. 3 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 395-396". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَدَعَوْهُمْ سِرًّا وَتَلَوْا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، حَتَّى قَلَّ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا قَدْ أَسْلَمَ فِيهَا نَاسٌ، ثُمَّ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ، وَرَافِعَ بْنَ مَالِكٍ أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلًا مِنْ قِبَلِكَ يُفَقِّهْنَا، فَبَعَثَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، فَنَزَلَ فِي بَنِي تَمِيمٍ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ يَدْعُو النَّاسَ سِرًّا، وَيَفْشُو فِيهِمُ الْإِسْلَامُ وَيَكْثُرُ، ثُمَّ أَقْبَلَ مُصْعَبٌ وَأَسْعَدُ، فَجَلَسَا عِنْدَ بِئْرِ بَنِي مَرْقٍ1، وَبَعَثَا إِلَى رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَتَوْهُمَا مُسْتَخْفِينَ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ويَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: بَلْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَأَتَاهُمْ فِي لأْمَتِهِ2 مَعَهُ الرُّمْحُ، حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ: عَلَامَ أَتَيْتَنَا فِي دُورِنَا بِهَذَا الْوَحِيدِ الْغَرِيبِ الطَّرِيدِ، يُسَفِّهُ ضُعَفَاءَنَا بِالْبَاطِلِ وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، لَا أَرَاكَ بَعْدَهَا تُسِيءُ مِنْ جِوَارِنَا، فَقَامُوا، ثُمَّ إِنَّهُمْ عَادُوا مَرَّةً أُخْرَى لِبِئْرِ بَنِي مَرْقٍ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الثَّانِيَةَ فَجَاءَهُمْ، فَتَوَاعَدَهُمْ وَعِيدًا دُونَ وَعِيدِهِ الأول، فقال له أسعد: يابن خَالَةٍ، اسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنْ سَمِعْتَ حَقًّا فَأَجِبْ إِلَيْهِ، وَإِنْ سَمِعْتَ مُنْكَرًا فَارْدُدْهُ بِأَهْدَى مِنْهُ، فَقَالَ: مَاذَا يَقُولُ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ مُصْعَبٌ: {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} 3 فَقَالَ سَعْدٌ: مَا أَسْمَعُ مِنْكُمْ إِلَّا مَا أَعْرِفُهُ، فَرَجَعَ سَعْدٌ وَقَدْ هَدَاهُ اللَّهُ، وَلَمْ يُظْهِرْ لَهُمَا إِسْلَامَهُ، حَتَّى رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَدَعَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَظْهَرَ لَهُمْ إِسْلَامَهُ وَقَالَ: مَنْ شَكَّ مِنْهُمْ فِيهِ فَلْيَأْتِ بِأَهْدَى مِنْهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ أَمْرٌ لَتُحَزَّنَّ مِنْهُ الرِّقَابُ، فَأَسْلَمَتْ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ عِنْدَ إِسْلَامِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، إِلَّا مَنْ لَا يُذْكَرُ. ثُمَّ إِنَّ بَنِي النَّجَّارِ أَخْرَجُوا مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، وَاشْتَدُّوا عَلَى أَسْعَدَ، فَانْتَقَلَ مُصْعَبٌ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَدْعُو آمِنًا وَيَهْدِي اللَّهُ بِهِ. وَأَسْلَمَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَكُسِرَتْ أَصْنَامُهُمْ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ أَعَزَّ مَنْ بِالْمَدِينَةِ، وكان مصعب أوّل من جمّع بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَكَذَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إِنَّ مُصْعَبًا أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِالْمَدِينَةِ4. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بن المغيرة بن معيقيب،   1 بئر في المدينة. 2 لأمته: أداة الحرب. 3 سورة الزخرف: 1-3. 4 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ خَرَجَ بِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، يُرِيدُ بِهِ دَارَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَدَارَ بَنِي ظَفَرٍ، وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ ابن خَالَةِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَدَخَلَ بِهِ حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِ بَنِي ظَفَرٍ، وَقَالَا عَلَى بِئْرِ مَرْقٍ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِمَا نَاسٌ، وَكَانَ سَعْدٌ وَأَسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ سَيِّدَيْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَلَمَّا سَمِعَا بِهِ قَالَ سَعْدٌ لِأُسَيْدٍ: انْطَلِقْ إِلَى هَذَيْنِ فَازْجُرْهُمَا وَانْهَهُمَا عَنْ أَنْ يَأْتِيَا دَارَيْنَا، فلولا أسعد بن زرارة ابن خَالَتِي كَفَيْتُكَ ذَلِكَ، فَأَخَذَ أُسَيْدٌ حَرْبَتَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَآهُ أَسْعَدُ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ قَوْمِهِ قَدْ جَاءَكَ فَاصْدُقِ اللَّهَ فِيهِ، قَالَ مُصْعَبٌ: إِنْ يَجْلِسْ أُكَلِّمْهُ، قَالَ: فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمَا إِلَيْنَا تُسَفِّهَانِ ضُعَفَاءَنَا، وَاعْتَزِلَانَا إِنْ كَانَ لَكُمَا بِأَنْفُسِكُمَا حَاجَةٌ، فقال له مصعب: أوتجلس فَتَسْمَعُ، فَإِنْ رَضِيتَ أَمْرًا قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْتَهُ كُفَّ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ، قَالَ: أَنْصَفْتَ، ثُمَّ رَكَّزَ حَرْبَتَهُ وَجَلَسَ إِلَيْهِمَا، فَكَلَّمَهُ مُصْعَبٌ بِالْإِسْلَامِ، وقرأ عليه القرآن، فقالا فما بَلَغَنَا: وَاللَّهِ لَعَرَفْنَا فِي وَجْهِهِ الْإِسْلَامَ، قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي إِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ! كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا فِي هَذَا الدِّينِ؟ قَالَا: تَغْتَسِلُ وَتَتَطَهَّرُ وَتُطَهِّرُ ثَوْبَيْكَ، ثُمَّ تَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، ثُمَّ تُصَلِّي، فَقَامَ فَاغْتَسَلَ وَأَسْلَمَ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: إِنَّ وَرَائِي رَجُلًا إِنِ اتَّبَعَكُمَا لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنْ قَوْمِهِ أَحَدٌ، وَسَأُرْسِلُهُ إِلَيْكُمَا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَوْمِهِ، وَهُمْ جُلُوسٌ فِي نَادِيهِمْ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ مُقْبِلًا قَالَ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أُسَيْدٌ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي وَلَّى له، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: كَلَّمْتُ الرَّجُلَيْنِ، فَمَا رَأَيْتُ بِهِمَا بَأْسًا، وَقَدْ نَهَيْتُهُمَا فَقَالَا: نَفْعَلُ مَا أَحْبَبْتَ، وَقَدْ حُدِّثْتُ أَنَّ بَنِي حَارِثَةَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى أَسْعَدَ لِيَقْتُلُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ ابْنُ خَالَتِكَ لِيَخْفِرُونَكَ، فَقَامَ سَعْدٌ مُغْضَبًا مُبَادِرًا مُتَخَوِّفًا، فَأَخَذَ الْحَرْبَةَ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ أَغْنَيْتَ عَنَّا شَيْئًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَآهُمَا سَعْدٌ مُطْمَئِنَّيْنِ عَرَفَ أَنَّ أُسَيْدًا إِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمَا، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا. ثُمَّ قَالَ لِأَسْعَدَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، وَاللَّهِ لَوْلَا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنَ الْقَرَابَةِ مَا رُمْتَ مِنِّي هَذَا، أَتَغْشَانَا فِي دَارَيْنَا بِمَا نَكْرَهُ! وَقَدْ قَالَ أَسْعَدُ لِمُصْعَبٍ: أَيْ مُصْعَبُ جَاءَكَ وَاللَّهِ سَيِّدُ مَنْ وَرَاءِهِ، إِنْ يَتْبَعْكَ لَا يَتَخَلَّفْ عنك منهم اثنان، فقال: أو تقعد فَتَسْمَعُ، فَإِنْ رَضِيتَ أَمْرًا وَرَغِبْتَ فِيهِ قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْتَ عَزَلْنَا عَنْكَ مَا تَكْرَهُ، قَالَ: أَنْصَفْتَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَعَرَفْنَا فِي وَجْهِهِ وَاللَّهِ الْإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، لِإِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 ثُمَّ فَعَلَ كَمَا عَمِلَ أُسَيْدٌ، وَأَسْلَمَ، وَأَخَذَ حَرْبَتَهُ، وَأَقْبَلَ عَائِدًا إِلَى نَادِي قَوْمِهِ، وَمَعَهُ أُسَيْدٌ، فَلَمَّا رَآهُ قَوْمُهُ قَالُوا: نَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَجَعَ سَعْدٌ إِلَيْكُمْ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذهب به من عندكم، فقال: يا نبي عَبْدِ الْأَشْهَلِ كَيْفَ تَعْرِفُونَ أَمْرِي فِيكُمْ؟ قَالُوا: سَيِّدُنَا وَأَفْضَلُنَا رَأْيًا وَأَيْمَنُنَا نَقِيبَةً قَالَ: فَإِنَّ كلام رجال وَنِسَائِكُمْ عَلَيَّ حَرَامٌ حَتَّى تُؤْمِنُوا، فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إِلَّا مُسْلِمًا وَمُسْلِمَةً، وَرَجَعَ مُصْعَبٌ وَأَسْعَدُ إِلَى مَنْزِلِهِمَا، وَلَمْ تَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ مُسْلِمُونَ، إلا مَا كَانَ مِنْ دَارِ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَخَطْمَةَ، وَوَائِلٍ، وَوَاقِفٍ، وَتِلْكَ أَوْسُ اللَّهِ وَهُمْ مِنَ الْأَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ أَبُو قَيْسِ بْنُ الأَسْلَتِ، وَهُوَ صَيْفِيٌّ، وَكَانَ شَاعِرًا لَهُمْ وَقَائِدًا، يَسْتَمِعُونَ مِنْهُ وَيُطِيعُونَهُ، فَوَقَفَ بِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ أُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، وداود العطّار وهذا لفظه: حدثنا ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ الْحَاجَّ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوَاسِمِ: مِجَنَّةُ1، وَعُكَاظٌ، وَمِنًى، يَقُولُ: مَنْ يُؤْوِينِي وَيَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ فَلَا يَجِدُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَرْحَلُ صَاحِبُهُ مِنْ مُضَرَ أَوِ الْيَمَنِ، فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ أَوْ ذُو رَحِمِهِ يَقُولُونَ: احْذَرْ فَتَى قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنْكَ، يَمْشِي بَيْنَ رِحَالِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِأَصَابِعِهِمْ، حَتَّى بَعَثَنَا اللَّهُ لَهُ مِنْ يَثْرِبَ، فَيَأْتِيهِ الرَّجُلُ مِنَّا فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ، فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ يَثْرِبَ إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ يظهرون الإسلام، ثم ائتمرنا واجتمعنا سبعين رَجُلًا مِنَّا، فَقُلْنَا: حَتَّى مَتَى نَذَرُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَطُوفُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ، فَرَحَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ، فَوَاعَدَنَا شِعْبَ الْعَقَبَةِ، فَاجْتَمَعْنَا فِيهِ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ، حَتَّى تَوَافَيْنَا عِنْدَهُ، فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: "عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَعَلَى أن تقولوا في الله، لا   1 مجنة: سوق من أسواق العرب في الجاهلية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 تَأْخُذْكُمْ فِيهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ يَثْرِبَ، تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، وَلَكُمُ الْجَنَّةُ" فَقُلْنَا نُبَايِعُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَهُوَ أَصْغَرُ السَّبْعِينَ، إِلَّا أَنَا، فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، إِنَّا لَمْ نَضْرِبْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْمَطِيِّ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ، وَأَنْ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى عَضِّ السُّيُوفِ إِذَا مَسَّتْكُمْ، وَعَلَى قَتْلِ خِيَارِكُمْ، وَعَلَى مُفَارَقَةِ الْعَرَبِ كَافَّةً، فَخُذُوهُ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ، وَإِمَّا أَنْتُمْ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِيفَةً، فَذَرُوهُ فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ. فَقُلْنَا: أَمِطْ يَدَكَ يَا أَسْعَدُ، فَوَاللَّهِ لَا نَذَرُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ وَلَا نَسْتَقِيلُهَا، فَقُمْنَا إِلَيْهِ نُبَايِعُهُ رَجُلًا رَجُلًا، يَأْخُذُ عَلَيْنَا شَرْطَهُ، وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ1. زَادَ فِي وَسَطِهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ: فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ يابن أَخِي لَا أَدْرِي مَا هَذَا الْقَوْمُ الَّذِينَ جَاءُوكَ، إِنِّي ذُو مَعْرِفَةٍ بِأَهْلِ يَثْرِبَ، قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ، فَلَمَّا نَظَرَ الْعَبَّاسُ فِي وُجُوهِنَا، قَالَ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا أَعْرِفُهُمْ هَؤُلَاءِ أَحْدَاثٌ، فَقُلْنَا: عَلَامَ نُبَايِعُكَ. وَقَالَ أبو نعيم: حدثنا زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ، إِلَى السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ، عِنْدَ الْعَقَبَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُمْ وَلَا يُطِيلُ الْخُطْبَةَ، فَإِنَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَيْنًا، فَقَالَ أَسْعَدُ: سَلْ يَا مُحَمَّدُ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ، ثُمَّ سَلْ لِنَفْسِكَ، ثُمَّ أَخْبِرْنَا مَا لَنَا عَلَى اللَّهِ، قَالَ: "أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي وَلِأَصْحَابِي أَنْ تُؤْوُونَا وَتَنْصُرُونَا وَتَمْنَعُونَا مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ"، قَالُوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ، قَالَ: "لَكُمُ الْجَنَّةُ"، قَالُوا: فَلَكَ ذَلِكَ2. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زائدة، نا مجالد، عن   1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 322-323" من طريق آخر عن ابن خثيم، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 263": إسناده حسن. وقال الألباني في "الصحيحة" "63": إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بالتحديث في بعض الطرق عنه. 2 مرسل: أخرجه أحمد "4/ 119-120" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 450" وانظر ما يأتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ بِنَحْوِهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو مَسْعُودٍ أَصْغَرَهُمْ سِنًّا1. وَقَالَ ابْنُ بكير، عن ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ أَخَا بَنِي سَالِمٍ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ هَلْ تَدْرُونَ عَلَى مَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّهَا إِذَا أَنْهَكَتْ أَمْوَالَكُمْ مُصِيبَةٌ وَأَشْرَافَكُمْ قَتْلًا، تَرَكْتُمُوهُ وَأَسْلَمْتُمُوهُ، فَمِنَ الْآنَ، فَهُوَ وَاللَّهِ إِنْ فَعَلْتُمْ خِزْيُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ مُسْتَعْلِنُونَ بِهِ وَافُونَ لَهُ، فَهُوَ وَاللَّهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَ عَاصِمٌ: فَوَاللَّهِ مَا قَالَ الْعَبَّاسُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِلَّا لِيَشِدَّ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا الْعِقْدَ2. وَقَالَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ: مَا قَالَهَا إِلَّا لِيُؤَخِّرَ بِهَا أَمْرَ الْقَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، لِيَشْهَدَ أَمْرَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بن أبيّ، فيكون أقوى، قالوا: فما بالنا بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الْجَنَّةُ"، قَالُوا: ابْسُطْ يَدَكَ، وَبَايَعُوهُ، فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ: إِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَيْهِمْ غَدًا بِأَسْيَافِنَا، فَقَالَ: "لَمْ أُؤْمَرْ بِذَلِكَ"3. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: وَرَوَاهُ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، وقاله مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَهَذَا لَفْظُهُ: إِنَّ الْعَامَ الْمُقْبِلَ حَجَّ مِنَ الْأَنْصَارِ سَبْعُونَ رَجُلًا، أَرْبَعُونَ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمْ وَثَلَاثُونَ مِنْ شَبَابِهِمْ، أَصْغَرُهُمْ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَقُوهُ بِالْعَقَبَةِ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمُّهُ الْعَبَّاسُ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْكَرَامَةِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَى الْبَيْعَةِ أَجَابُوهُ وَقَالُوا: اشْتَرِطْ عَلَيْنَا لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ، فَقَالَ: "أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَشْتَرِطُ لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ". فَلَمَّا طَابَتْ بِذَلِكَ أَنْفُسُهُمْ مِنَ الشَّرْطِ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَبَّاسُ الْمَوَاثِيقَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْوَفَاءِ، وَعَظَّمَ الْعَبَّاسُ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَذَكَرَ أَنَّ أُمَّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سُلْمَى بِنْتَ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بطوله4.   1 إسناده ضعيف.: أخرجه أحمد "4/ 120" ومجالد ضعيف. 2 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 404". 3 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في المصدر السابق. 4 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 قَالَ عُرْوَةُ: فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ سَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أُمُّ عُمَارَةَ وَزَوْجُهَا وَابْنَاهُمَا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْقَيْنِ، عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي الْحَجَّةِ الَّتِي بَايَعْنَا فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْعَقَبَةِ مَعَ مُشْرِكِي قَوْمِنَا، وَمَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: يَا هَؤُلَاءِ تَعَلَّمُوا إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي تُوَافِقُونَنِي عليه أم لا، فقلنا: ومات هُوَ يَا أَبَا بِشْرٍ؟ قَالَ: إِنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ إِلَى هَذِهِ الْبَنِيَّةِ وَلَا أَجْعَلَهَا مِنِّي بِظَهْرٍ، فَقُلْنَا: لَا وَاللَّهِ لَا تَفْعَلْ، وَاللَّهِ مَا بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا -صَلَّى الله عليه وسلم- يصلّ إِلَّا إِلَى الشَّامِ، قَالَ: فَإِنِّي وَاللَّهِ لَمُصَلٍّ إِلَيْهَا، فَكَانَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ تَوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَتَوَجَّهْنَا إِلَى الشَّامِ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، فقال لي البراء: يابن أَخِي انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَسْأَلَهُ عَمَّا صَنَعْتُ، فَلَقَدْ وَجَدْتُ فِي نَفْسِي بِخِلَافِكُمْ إِيَّايَ، قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَقِيَنَا رَجُلٌ بِالْأَبْطَحِ، فَقُلْنَا: هَلْ تَدُلُّنَا عَلَى مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: وَهَلْ تَعْرِفَانِهِ إِنْ رَأَيْتُمَاهُ؟ قُلْنَا: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، وَقَدْ كُنَّا نَعْرِفُهُ، كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْنَا بِالتِّجَارَةِ، فَقَالَ: إِذَا دَخَلْتُمَا الْمَسْجِدَ فَانْظُرُوا الْعَبَّاسَ، قَالَ: فَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي مَعَهُ، قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْعَبَّاسُ نَاحِيَةَ الْمَسْجِدِ جَالِسَيْنِ، فَسَلَّمْنَا، ثُمَّ جَلَسْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ " قَالَ: نَعَمْ، هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وفوالله مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشَّاعِرُ؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ البراء: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي قَدْ كُنْتُ رَأَيْتُ فِي سَفَرِي هَذَا رَأْيًا، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ، قَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟ " قَالَ: رَأَيْتُ أَنْ لَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا"، فَرَجَعَ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْلُهُ يَقُولُونَ: قَدْ مَاتَ عَلَيْهَا، وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ، قَدْ رَجَعَ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ. ثُمَّ وَاعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعَقَبَةَ، أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا لِلْبَيْعَةِ، وَمَعَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ وَالِدُ جَابِرٍ، وَإِنَّهُ لَعَلَى شِرْكِهِ، فَأَخَذْنَاهُ فَقُلْنَا: يَا أَبَا جَابِرٍ وَاللَّهِ إِنَّا لَنَرْغَبُ بِكَ أَنْ تَمُوتَ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ. فَتَكُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 لِهَذِهِ النَّارِ غَدًا حَطَبًا، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بعث رسولًا يأمر بِتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ. وَقَدْ أَسْلَمَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِكَ، وَقَدْ وَاعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْبَيْعَةِ، فَأَسْلَمَ وَطَهَّرَ ثِيَابَهُ، وَحَضَرَهَا مَعَنَا فَكَانَ نَقِيبًا، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَعَدْنَا فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِمِنًّى أَوَّلَ اللَّيْلِ مَعَ قَوْمِنَا، فَلَمَّا اسْتَثْقَلَ النَّاسُ مِنَ النَّوْمِ تَسَلَّلْنَا مِنْ فُرُشِنَا تَسَلُّلَ الْقَطَا، حَتَّى اجْتَمَعْنَا بِالْعَقَبَةِ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَمُّهُ الْعَبَّاسُ، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، أَحَبَّ أنَ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَهُوَ فِي مَنْعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَبِلَادِهِ، قَدْ مَنَعْنَاهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِنَا مِنْهُ، وَقَدْ أَبَى إِلَّا الِانْقِطَاعَ إِلَيْكُمْ، وَإِلَى مَا دَعَوْتُمُوهُ إِلَيْهِ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ وَافُونَ لَهُ بِمَا وَعَدْتُمُوهُ، فَأَنْتُمْ وَمَا تَحَمَّلْتُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَخْشَوْنَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِذْلَانًا فَاتْرُكُوهُ فِي قَوْمِهِ، فَإِنَّهُ فِي مَنْعَةٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ، فَقُلْنَا: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، تَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَتَكَلَّمَ وَدَعَا إِلَى اللَّهِ، وَتَلَا الْقُرْآنَ وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ، فَأَجَبْنَاهُ بِالْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ لَهُ، وَقُلْنَا لَهُ: خُذْ لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِكَ، فَقَالَ: "إِنِّي أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَكُمْ"، فَأَجَابَهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ فَقَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَحْنُ وَاللَّهِ أَهْلُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلَقَةِ، وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، فَعَرَضَ فِي الْحَدِيثِ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَقْوَامٍ حِبَالًا، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا، فَهَلْ عَسَيْتَ إِنِ اللَّهُ أَظْهَرَكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ وَتَدَعَنَا؟ فَقَالَ: "بَلِ الدَّمَ الدَّمَ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ، أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ وَأُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ"، فَقَالَ لَهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نُبَايِعْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا"، فَأَخْرَجُوهُمْ لَهُ، فَكَانَ نَقِيبَ بَنِي النَّجَّارِ. أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَنَقِيبَ بَنِي سَلَمَةَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَنَقِيبَ بَنِي سَاعِدَةَ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، وَنَقِيبَ بَنِي زُرَيْقٍ: رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَنَقِيبَ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَنَقِيبَ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ -وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ بَدَلَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ- وَنَقِيبَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَنَقِيبَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ -وَهُمْ مِنَ الْأَوْسِ- أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ، قَالَ: فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَرَبَ عَلَيْهَا، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ، وَتَتَابَعَ النَّاسُ فَبَايَعُوا، فَصَرَخَ الشَّيْطَانُ عَلَى الْعَقَبَةِ بِأَنْفَذِ صَوْتٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْجَبَاجِبِ هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصَّبَأَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 مَعَهُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا أَزَبُّ الْعَقَبَةِ، هَذَا ابْنُ أُزَيْبٍ، أَمَا وَاللَّهِ لَأَفْرُغَنَّ لَكَ، ارْفَضُّوا إِلَى رِحَالِكُمْ". فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ أَخُو بَنِي سَالِمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَئِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا، فَقَالَ: "إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ بِذَلِكَ" فَرُحْنَا إِلَى رِحَالِنَا فَاضْطَجَعْنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، أَقْبَلَتْ جِلَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، فَتًى شَابٌّ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ لَهُ جَدِيدَتَانِ، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ جِئْتُمْ إِلَى صَاحِبِنَا لِتَسْتَخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِنْكُمْ، فَانْبَعَثَ مَنْ هُنَاكَ مِنْ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ هَذَا مِنْ شَيْءٍ، وَمَا فَعَلْنَا، فَلَمَّا تَثَوَّرَ الْقَوْمُ لِيَنْطَلِقُوا قُلْتُ كَلِمَةً كَأَنِّي أُشْرِكُهُمْ فِي الْكَلَامِ: يَا أَبَا جَابِرٍ -يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو- أَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا وَكَهْلٌ مِنْ كُهُولِنَا، لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَّخِذَ مِثْلَ نَعْلَيْ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَمِعَهُ الْحَارِثُ، فَرَمَى بِهِمَا إِلَيَّ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَتَلْبَسَنَّهُمَا، فَقَالَ أَبُو جَابِرٍ: مَهْلًا أَحْفَظْتَ لَعَمْرِ اللَّهِ الرَّجُلَ -يَقُولُ: أَخْجَلْتَهُ- ارْدُدْ عَلَيْهِ نَعْلَيْهِ، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَرَدُّهُمَا، فَأْلٌ صَالِحٌ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَسْلِبَهُ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُمْ فَأَتَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ يَعْنِي ابْنَ سَلُولٍ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ جَسِيمٌ وَمَا كَانَ قَوْمِي لِيَتَفَوَّتُوا عَلَيَّ بِمِثْلِهِ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ2. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بكر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُمْ: "ابْعَثُوا مِنْكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نقيبًا كفلا عَلَى قَوْمِهِمْ، كَكَفَالَةِ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ"، فَقَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَأَنْتَ نَقِيبٌ عَلَى قَوْمِكَ، ثُمَّ سَمَّى النُّقَبَاءَ كَرِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ مَالِكٍ3. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنَ الأنصار أنّ جبريل   1 صحيح: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 399-400"، وأحمد "3/ 460-462"، وابن جرير الطبري في "تاريخه" "2/ 90-93"، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص177": هذا سند صحيح. 2 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 406". 3 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 403-404". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 -عَلَيْهِ السَّلَامُ- كَانَ يُشِيرُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَنْ يَجْعَلُهُ نَقِيبًا، قَالَ مَالِكٌ: كُنْتُ أَعْجَبُ كَيْفَ جَاءَ مِنْ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، وَمِنْ قَبِيلَةٍ رَجُلَانِ، حَتَّى حَدَّثَنِي هَذَا الشَّيْخُ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُشِيرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْبَيْعَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَهُمْ تِسْعَةُ نُقَبَاءَ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ1. وَقَالَ: ابْنُ إِسْحَاقَ2.   1 إسناده ضعيف: وهو مرسل. 2 ذكره في "السيرة" "1/ 409-417". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 تسمية من شهداء العقبة ... تَسْمِيَةُ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ: قُلْتُ: تَرَكْتُ النُّقَبَاءَ لِأَنَّهُمْ قَدْ تَقَدَّمُوا. فَمِنَ الْأَوْسِ: سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ. وَمِنْ بَنِي حَارِثَةَ: ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، وَبُهَيْرُ بْنُ الْهَيْثَمِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: رفعة بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ -وَعَدَّهُ ابْنُ إِسْحَاقَ نَقِيبًا عِوَضَ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ النُّعْمَانِ أَمِيرُ الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ وَيَوْمَئِذٍ اسْتُشْهِدَ، وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ. فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَوْسِ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا. وَمِنَ الْخَزْرَجِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ، وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ وَأَخُوهُ عَوْفٌ، وَعُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ، وَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ: سَهْلُ بْنُ عتيك، بدريّ. ومن بني عمر بْنِ النَّجَّارِ، وَهُمْ بَنُو حُدَيْلَةَ: أَوْسُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ. وَمِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ: قَيْسُ بْنُ أَبِي صَعْصَعَةَ، وَعَمْرُو بْنُ غَزِيَّةَ. وَمِنْ بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَبَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ صَاحِبُ النِّدَاءِ، وَخَلادُ بْنُ سُوَيْدٍ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، وَأَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وَمِنْ بَنِي بَيَاضَةَ: زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ، وَفَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَخَالِدُ بْنُ قَيْسٍ. وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَكَانَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مُهَاجِرِيٌّ أَنْصَارِيٌّ، وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَعَبَّادُ بْنُ قَيْسٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ. وَمِنْ بَنِي سَلَمَةَ: بِشْرُ بن البراء بن معرور ابن أحد النّقياء، وَسِنَانُ بْنُ صَيْفِيٍّ، وَالطُّفَيْلُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَمَعْقِلُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَمَسْعُودُ بْنُ يَزِيدَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ حَارِثَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ حَرَامٍ، وَجَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، وَالطُّفَيْلُ بْنُ مَالِكٍ. وَمِنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ سَوَادٍ: سُلَيْمُ بْنُ عَمْرٍو، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو البسر كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو، وَصَيْفِيُّ بْنُ سَوَادٍ. وَمِنْ بَنِي نَابِي بْنِ عَمْرٍو: ثَعْلَبَةُ بْنُ غَنَمَةَ، وَقُتِلَ بِالْخَنْدَقِ، وَأَخُوهُ عَمْرٌو، وَعَبْسُ بْنُ عَامِرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَدِيٍّ. وَمِنْ بَنِي حَرَامٍ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَمُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَثَابِتُ بْنُ الْجَذْعِ، اسْتُشْهِدَ بِالطَّائِفِ، وَعُمَيْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَخُدَيْجُ بْنُ سَلَامَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. وَمِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَزِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْبَلَوِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. وَمِنْ بَنِي سَالِمِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفٍ: رِفَاعَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَعُقْبَةُ بْنُ وَهْبٍ. وَمِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: النَّقِيبَانِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو الَّذِي كَانَ أَمِيرًا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ فَاسْتُشْهِدَ. وَأَمَّا الْمَرْأَتَانِ فَأُمُّ مَنِيعٍ أَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيٍّ، وَأُمُّ عُمَارَةَ نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ، حَضَرَتْ وَمَعَهَا زَوْجُهَا زَيْدُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنَاهَا حَبِيبٌ وَعَبْدُ اللَّهِ، وَحَبِيبٌ هُوَ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ وَقَطَّعَهُ عُضْوًا عُضْوًا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنِ الْبَيْعَةِ، فَتَّشَتْ قُرَيْشٌ مِنَ الْغَدِ عَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 الْخَبَرِ وَالْبَيْعَةِ، فَوَجَدُوهُ حَقًّا، فَانْطَلَقُوا فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، فَأَدْرَكُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَهَرَبَ مُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، فَشَدُّوا يَدَيْ سَعْدٍ إِلَى عُنُقِهِ بتسعة1، وكان ذا شعر كثير، فطفقوا يحبذونه بِجُمَّتِهِ وَيَصُكُّونَهُ وَيَلْكِزُونَهُ، إِلَى أَنْ جَاءَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْحَارِثُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَكَانَ سَعْدٌ يُجِيرُهُمَا إِذَا قَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَأَطْلَقَاهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَخَلَّيَا سَبِيلَهُ. قَالَ: وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ قَدْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ سَادَةِ بَنِي سَلَمَةَ، وَقَدِ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ صَنَمًا مِنْ خَشَبٍ يُقَالُ لَهُ مَنَافٌ فَلَمَّا أَسْلَمَ فِتْيَانُ بَنِي سَلَمَةَ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَابْنُهُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُمَا، كَانُوا يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ عَلَى صَنَمِهِ فَيَأْخُذُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي بَعْضِ الْحُفَرِ، وَفِيهَا عُذْرُ النَّاسِ، مُنَكَّسًا عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا أَصْبَحَ عَمْرٌو قَالَ: وَيْلَكُمْ مَنْ عَدَا عَلَى آلِهَتِنَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ! ثُمَّ يَلْتَمِسُهُ حَتَّى إِذَا وَجَدَهُ غَسَّلَهُ وَطَهَّرَهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ مَنْ يَصْنَعُ بِكَ هَذَا لَأَخْزَيْتُهُ. فَإِذَا أَمْسَى وَنَامَ فَعَلُوا بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَفَعَلَ مَرَّاتٍ، وَفِي الْآخِرِ عَلَّقَ عَلَيْهِ سَيْفَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ مَنْ يَصْنَعُ بِكَ مَا تَرَى، فَإِنْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ فَامْتَنِعْ، وَهَذَا السَّيْفُ مَعَكَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَخَذُوا السَّيْفَ مِنْ عُنُقِهِ، ثُمَّ أَخَذُوا كَلْبًا مَيِّتًا فَعَلَّقُوهُ وربطوه به وألقوه في جبّ عذرة، فإذا عَمْرٌو فَلَمْ يَجِدْهُ، فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ حَتَّى وَجَدَهُ فِي الْبِئْرِ مُنَكَّسًا مَقْرُونًا بِالْكَلْبِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبْصَرَ شَأْنَهُ، وَكَلَّمَهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَقَالَ: تَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ إِلَهًا لَمْ تَكُنْ ... أَنْتَ وَكَلْبٌ وَسْطَ بِئْرٍ فِي قَرَنْ أُفٍّ لِمَصْرَعِكَ إِلَهًا مُسْتَدَنْ ... الْآنَ فَتَشْنَاكَ عَنْ سُوءِ الْغَبَنْ2 الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ ذِي الْمِنَنْ ... الْوَاهِبِ الرَّزَّاقِ وَدَيَّانِ الدِّيَنْ هُوَ الَّذِي أَنْقَذَنِي مِنْ قَبْلِ أَنْ ... أَكُونَ فِي ظلمة قبر مرتهن3   1 النسعة: سير مضفور تشد به الحقائب. 2 مستدن: دنيء ذليل. والغبن: السفه. 3 ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 408-409". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 ذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ: عُقَيْلٌ وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ: "قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، أُرِيتُ سَبْخَةً 1 ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ. وَهُمَا الْحَرَّتَانِ"، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ عِنْدَ ذَلِكَ، وَرَجَعَ إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَتَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قَالَ: "نَعَمْ"، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَلَمَّا أَذِنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ فِي الْحَرْبِ وَبَايَعَهُ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالنُّصْرَةِ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْمَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا وَاللُّحُوقِ بِالْأَنْصَارِ، فَخَرَجُوا أَرْسَالًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عبد الأسد إلى الْمَدِينَةِ، هَاجَرَ إِلَيْهَا قَبْلَ الْعَقَبَةِ الْكُبْرَى بِسَنَةٍ، وَقَدْ كَانَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ مَكَّةَ، فَآذَتْهُ قُرَيْشٌ، وَبَلَغَهُ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ أَسْلَمُوا، فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ3. فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا أَجْمَعَ أَبُو سَلَمَةَ الْخُرُوجَ رَحَّلَ لِي بَعِيرَهُ، ثُمَّ حَمَلَنِي وَابْنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ بِي يَقُودُنِي. فَلَمَّا رَأَتْهُ رِجَالُ بَنِي الْمُغِيرَةِ قَامُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: هَذِهِ نَفْسُكَ غَلَبْتَنَا عَلَيْهَا، هَذِهِ، عَلَامَ نَتْرُكُكَ تَسِيرُ بِهَا فِي الْبِلَادِ! فَنَزَعُوا خِطَامَ الْبَعِيرِ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذُونِي مِنْهُ، وَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ رَهْطُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَتْرُكُ ابْنَنَا عِنْدَهَا إِذْ نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا ابني سَلَمَةَ حَتَّى خَلَعُوا يَدَهُ، وَانْطَلَقَ بِهِ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ، وَحَبَسَنِي بَنُو الْمُغِيرَةِ عِنْدَهُمْ، فَانْطَلَقَ زوجي إذ   1 سبخة: أرض ذات ملح. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3905" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، وأحمد "6/ 198"، وأبو نعيم في "الحلية" "64". 3 ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "السيرة" "1/ 418". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 فَرَّقُوا بَيْنَنَا، فَكُنْتُ أَخْرُجُ كُلَّ غَدَاةٍ فَأَجْلِسُ بِالْأَبْطَحِ، فَلَا أَزَالُ أَبْكِي حَتَّى أُمْسِي، سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا. حَتَّى مَرَّ بِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمِّي فَرَحِمَنِي، فَقَالَ: أَلَا تَخْرُجُونَ مِنْ هَذِهِ الْمِسْكِينَةِ، فَرَّقْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا؟ فَقَالُوا لِي: الْحَقِي بِزَوْجِكِ، قَالَتْ: وَرَدَّ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ إِلَيَّ عِنْدَ ذَلِكَ ابْنِي. فَارْتَحَلْتُ بَعِيرِي، ثُمَّ وَضَعْتُ سَلَمَةَ فِي حِجْرِي، وَخَرَجْتُ أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ، وَمَا مَعِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. قُلْتُ: أَتَبَلَّغُ بِمَنْ لَقِيتُ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى زَوْجِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالتَّنْعِيمِ1 لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيَّ، فَقَالَ: إِلَى أين يابنة أَبِي أُمَيَّةَ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: أوما مَعَكِ أَحَدٌ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا اللَّهُ وَبُنَيَّ هَذَا، قَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ مِنْ مَتْرَكٍ. فَأَخَذَ بِخِطَامِ2 الْبَعِيرِ، فَانْطَلَقَ مَعِي يَهْوِي بِي، فَوَاللَّهِ مَا صَحِبْتُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ، أَرَى أَنَّهُ أَكْرَمُ مِنْهُ، كَانَ أَبَدًا إِذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَنَاخَ بِي، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عنّي حتى نَزَلْتُ اسْتَأْخَرَ بِبَعِيرِي، فَحَطَّ عَنْهُ، ثُمَّ قَيَّدَهُ فِي الشَّجَرِ، ثُمَّ تَنَحَّى إِلَى شَجَرَةٍ، فَاضْطَجَعَ تَحْتَهَا، فَإِذَا دَنَا الرَّوَاحُ قَامَ إِلَى بَعِيرِي فَرَحَّلَهُ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي وَقَالَ: ارْكَبِي، فَإِذَا رَكِبْتُ وَاسْتَوَيْتُ عَلَى بَعِيرِي أَتَى فَأَخَذَ بِخِطَامِهِ، فَقَادَنِي حَتَّى يَنْزِلَ بِي، فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ حَتَّى أَقْدَمَنِي الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى قَرْيَةِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءٍ قَالَ: زَوْجُكِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا3. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَهَا بَعْدَ أَبِي سَلَمَةَ: عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ مَعَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ، مَعَ امْرَأَتِهِ وَأَخِيهِ أَبِي أَحْمَدَ، وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، وَكَانَ يَمْشِي بِمَكَّةَ بِغَيْرِ قَائِدٍ، وَكَانَ شَاعِرًا، وَكَانَتْ عِنْدَهُ الْفَارِعَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَكَانَتْ أُمَّهُ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَنَزَلَ هَؤُلاءِ بِقُبَاءٍ عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ4. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: فَلَمَّا اشْتَدُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ أَصْحَابَهُ بِالْهِجْرَةِ، فَخَرَجُوا رَسَلًا رَسَلًا5،   1 التنعيم: موضع بمكة، بينها وبين سرف. 2 الخطام: الزمام الذي يقاد البعير به. 3 في إسناده مقال: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 418-420" وفي إسناده سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سلمة، قال في "التقريب": مقبول. أي إذا توبع وإلا فلين. 4 قاله ابن إسحاق بدون إسناد كما في "السيرة" "1/ 420". 5 المراد متتابعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 فَخَرَجَ مِنْهُمْ قَبْلَ مَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَبُو سَلَمَةَ وَامْرَأَتُهُ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَامْرَأَتُهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ الشَّرِيدِ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ خَرَجَ عُمَرُ وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَجَمَاعَةٌ، فَطَلَبَ أَبُو جَهْلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ عَيَّاشًا، وَهُوَ أَخُوهُمْ لِأُمِّهِمْ، فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَذَكَرُوا لَهُ حُزْنَ أُمِّهِ، وَأَنَّهَا حَلَفَتْ لَا يُظِلُّهَا سَقْفٌ، وَكَانَ بِهَا بَرًّا، فَرَقَّ لَهَا وَصَدَقَهُمْ، فَلَمَّا خَرَجَا بِهِ أَوْثَقَاهُ وَقَدِمَا بِهِ مَكَّةَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إِلَى قَبْلِ الْفَتْحِ1. قُلْتُ: وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَدْعُو لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْقُنُوتِ: "اللَّهُمُّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ". الْحَدِيثَ2. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَنَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَخَرَجَ عُثْمَانُ، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَطَائِفَةٌ، وَمَكَثَ نَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِمَكَّةَ، حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ بَعْدَ مَقْدَمِهِ، مَنْهُمْ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، عَلَى اخْتِلافٍ فِيهِ3. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعْنَا لِلْهِجْرَةِ اتَّعَدْتُ أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَقُلْنَا: الْمِيعَادُ بَيْنَنَا التَّنَاضِبِ مِنْ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ، فَمَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ لَمْ يَأْتِهَا فَقَدْ حُبِسَ، فَأَصْبَحْتُ عِنْدَهَا أَنَا وعيّاش، وحبس هشام وفتن فافتتن، وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَكُنَّا نَقُولُ: مَا اللَّهُ بِقَابِلٍ مِنْ هَؤُلاءِ تَوْبَةً، قَوْمٌ عَرَفُوا اللَّهَ وَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوا رَسُولَهُ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ لِبَلَاءٍ أَصَابَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَأُنْزِلَتْ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} 4، فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي كِتَابًا، ثُمَّ بَعَثْتُ بِهَا إِلَى هِشَامٍ، فَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ: فَلَمَّا قَدِمَتْ عَلَيَّ خَرَجْتُ بِهَا إِلَى ذِي طُوًى أُصْعِدُ فيها النّظر وأصوّبه لأفهمها، فقلت: اللهمّ   1 مرسل. 2 صحيح: أخرجه البخاري "2932" في كتاب الجهاد: باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، وأحمد "2/ 470، 521" من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه. 3 مرسل: والظاهر أن قوله "على اختلاف فيه" من قول المصنف. 4 سورة الزمر: 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 فَهِّمْنِيهَا، فَعَرَفْتُ أَنَّمَا أُنْزِلَتْ فِينَا لِمَا كُنَّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا، وَيُقَالُ فِينَا، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي، فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَقُتِلَ هِشَامٌ بِأَجْنَادِينَ1. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَدِمْنَا مِنْ مَكَّةَ فَنَزَلْنَا الْعُصْبَةَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هُوَ مَكَانُهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ أَتَى بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَخُو بَنِي فِهْرٍ، ثُمَّ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَبِلَالُ، ثُمَّ أَتَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، فلم يقدم عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ قَالَ: وَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ الْحَجِّ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمَ، وَصَفَرَ، وَإِنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَمَكْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوْ يَحْبِسُوهُ أَوْ يُخْرِجُوهُ، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ بِمَكْرِهِمْ فِي قوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} 4 الْآيَةَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ تَحْتَ اللَّيْلِ قِبَلَ الْغَارِ بِثَوْرٍ، وَعَمَدَ عَلَيٌّ فَرَقَدَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوَارِي عَنْهُ الْعُيُونَ5. وَكَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَزَادَ: فباتت قريش يختلفون ويأتمرون أيّهم   1 إسناده حسن: أخرجه البزار كما في "زوائد مختصر البزار" "1345" وقال الحافظ ابن حجر في التعليق عليه: حسن. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 62": رجاله ثقات. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 463". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3924-3925" في كتاب مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المدينة، ولم يخرجه مسلم كما يدل على ذلك خاتمة مناقب الأنصار في "الفتح" "7/ 325" والغريب أن الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 203" عزاه لمسلم والله أعلم. 4 سورة الأنفال: 30. 5 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 يَجْثِمُ عَلَى صَاحِبِ الْفِرَاشِ فَيُوثِقُهُ، إِلَى أَنْ أَصْبَحُوا، فَإِذَا هُمْ بِعَلِيٍّ، فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، فَعَلِمُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ فَارًّا مِنْهُمْ، فَرَكِبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَهُ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا أَيْقَنَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ بُويِعَ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ يَلْحَقُوا بِإِخْوَانِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، تَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَقَالُوا: الْآنَ، فَأَجْمِعُوا فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّهُ قَدْ كَرَّ عَلَيْكُمْ بِالرِّجَالِ، فَأَثْبِتُوهُ أَوِ اقْتُلُوهُ أَوْ أَخْرِجُوهُ. فَاجْتَمَعُوا لَهُ فِي دَارِ النَّدْوَةِ لِيَقْتُلُوهُ. فَلَمَّا دَخَلُوا الدَّارَ اعْتَرَضَهُمُ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ جَمِيلٍ فِي بَتٍّ1 لَهُ فَقَالَ: أَأَدْخُلُ؟ قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، سَمِعَ بِالَّذِي اجْتَمَعْتُمْ لَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْضُرَهُ مَعَكُمْ، فَعَسَى أَنْ لا يَعْدِمَكُمْ مِنْهُ نُصْحٌ وَرَأْيٌ، قَالُوا: أَجَلْ فَادْخُلْ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قد كان من الأمر أم قَدْ عَلِمْتُمْ، فَأَجْمِعُوا رَأْيًا فِي هَذَا الرَّجُلِ، فَقَالَ قَائِلٌ: أَرَى أَنْ تَحْبِسُوهُ، فَقَالَ النَّجْدِيُّ: مَا هَذَا بِرَأْيٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَيَخْرُجَنَّ رَأْيُهُ وَحَدِيثُهُ إِلَى مَنْ وَرَاءِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَوْشَكَ أَنْ يَنْتَزِعُوهُ مِنْ أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ يَغْلِبُوكُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: بَلْ نُخْرِجُهُ فَنَنْفِيهِ، فَإِذَا غَيَّبَ عَنَّا وَجْهَهُ وَحَدِيثَهُ مَا نُبَالِي أَيْنَ وَقَعَ، قال النجديّ: ماذا بِرَأْيٍ، أَمَا رَأَيْتُمْ حَلَاوَةَ مَنْطِقِهِ، وَحُسْنَ حَدِيثِهِ، وَغَلَبَتَهُ عَلَى مَنْ يَلْقَاهُ، وَلَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَيَدْخُلُ عَلَى قَبِيلَةٍ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَأَصْفَقَتْ2 مَعَهُ عَلَى رَأْيِهِ، ثُمَّ سَارَ بِهِمْ إِلَيْكُمْ حَتَّى يَطَأَكُمْ بِهِمْ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ إِنَّ لِي فِيهِ رَأْيًا، مَا أَرَاكُمْ وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ غُلَامًا جَلْدًا نَهْدًا نَسِيبًا وَسِيطًا3، ثُمَّ تُعْطُوهُ شِفَارًا4 صَارِمَةً، فَيَضْرِبُوهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمُوهُ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ، فَلَمْ تَدْرِ عَبْدُ مَنْافٍ بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَصْنَعُ، وَلَمْ يَقْوَوْا عَلَى حَرْبِ قَوْمِهِمْ، وَإِنَّمَا غَايَتُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ فَتَدُونَهُ لَهُمْ، قَالَ النَّجْدِيُّ: لِلَّهِ دَرُّ هَذَا الْفَتَى، هَذَا الرَّأْيُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ، فَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَاجْتَمَعُوا لَهُ، وأتى رسول الله   1 البت: الكساء الغليظ. 2 أصفقت: اجمتعت. 3 وسيطًا: شريفًا. 4 شفارًا: جمع شفرة، وهي السكين أو السيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْخَبَرُ وَأُمِرَ أَنْ لا ينام على فراشه تلك الّيلة، فَلَمْ يَبِتْ مَوْضِعَهُ، بَلْ بَيَّتَ عَلِيًّا فِي مَضْجَعِهِ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأموي عن أبيه. حدثنا ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. "ح". قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ عَنْ بَاذَامَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَزَادَ فِيهِ: وَأَذِنَ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ "الْأَنْفَالَ" يَذْكُرُ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ وَبَلَاءَهُ عِنْدَهُ {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ} الآية1.   1 سورة الأنفال: 30. والخبر أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 428-430". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 سِيَاقُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة مهاجرا ... سياق خروح النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة مُهَاجِرًا: قَالَ عُقَيْلٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا وَيَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ1، لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ2، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ: إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخرج وَلَا يُخرج، وإنك تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٍ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلَادِكَ، وَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخرج مِثْلُهُ وَلَا يُخرج، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ! فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةَ، وَقَالُوا لَهُ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَقَالَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَيُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ3 عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يُعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ،   1 برك الغماد: موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن. 2 القارة: قبيلة مشهورة. 3 يتقصف: يزدحم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةَ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ، وَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ جِوَارَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ الله. والنّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بِمَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُسْلِمِينَ: "قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، أُرِيتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ. هُمَا الْحَرَّتَانِ"، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجَعَ إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أَرْضِ الْحَبَشَةِ. وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا فَقَالَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي، قَالَ: هَلْ تَرْجُو بِأَبِي أَنْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. فبينا نحن جلوس في بيتنا في نحر الظَّهِيرَةِ، قِيلَ لِأَبِي بِكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هذه السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ، قَالَتْ: فَجَاءَ وَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: "أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ"، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: "اخْرُجْ فَقَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ"، قَالَ: فَخُذْ مِنِّي إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ قَالَ: "بِالثَّمَنِ"، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْتُهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ، فَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ، فَبِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ، ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ "ثَوْرُ" فَمَكَثَا فِيهِ ثَلاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِفٌ1، فَيُدْلِجُ2 مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ فِي قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يَكِيدُونَ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظّلام، ويرعى عليها عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منيحةً3، وَيُرِيحُ عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلِ4 مِنْحَتِهِمَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهِمَا عامر بن فهيرة بغلس، ويفعل ذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي الثَّلاثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بَكْرٍ رَجُلا مِنْ بَنِي الدُّئِلِ هَادِيًا خِرِّيتًا5، قد غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ ثَلَاثٍ، فَارْتَحَلَا، وَانْطَلَقَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّئْلِيُّ، فَأَخَذَ بِهِمَا فِي طَرِيقِ السَّاحِلِ6. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَارِبًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ لَيْلًا، فَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ يَمْشِي مَرَّةً أَمَامَهُ، وَمَرَّةً خَلْفَهُ يَحْرُسُهُ، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَتَهُ حَتَّى حَفِيَتْ رِجْلَاهُ، فَلَمَّا رَآهُمَا أَبُو بَكْرٍ حَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ، حَتَّى أَتَى بِهِ فَمَ الْغَارِ، وَكَانَ فِيهِ خَرْقٌ فِيهِ حَيَّاتٌ، فَخَشِيَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَلْقَمَهُ قَدَمَهُ، فَجَعَلْنَ يَضْرِبْنَهُ وَيَلْسَعْنَهُ الْحَيَّاتُ وَالْأَفَاعِي وَدُمُوعُهُ تَتَحَدَّرُ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} 7، وَأَمَّا يَوْمُهُ، فَلَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ قُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَأَلَّفِ النَّاسَ وَارْفُقْ بِهِمْ، فَقَالَ: جَبَّارٌ فِي الجاهلية خوّار في الإسلام، بم أتألّفهم بشعر مفتعل أم بقول مفترى! وذكر الحديث8.   1 أي حسن الاستماع لما يقال. 2 الدلجة: السير أو الليل. 3 المنيحة: الناقة. 4 رسل: لبن. 5 خريتا: دليلًا. 6 صحيح: أخرجه البخاري، "3905" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، وأحمد "6/ 198"، وأبو نعيم في "الحلية" "64". 7 سورة التوبة: 40 8 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 476" من طريق محمد بن سيرين عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهذا إسناد منقطع، وأخرجه البيهقي "2/ 477" من وجه آخر ضعيف كما يأتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 وَهُوَ مُنْكَرٌ، سَكَتَ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَسَاقَهُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّاسِبِيُّ، حَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونَ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مُحَصَّنٍ، عَنْ عُمَرَ. وَآفَتُهُ مِنْ هَذَا الرَّاسِبِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ، مَعَ كَوْنِهِ مَجْهُولًا، ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ فَغَمَزَهُ1. وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ: حدثنا إِسْرَائِيلُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْغَارِ، فَأَصَابَ يَدَهُ حَجَرٌ فَقَالَ: إِنْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ2 الْأَسْوَدُ: هُوَ ابْنُ قَيْسٍ، سَمِعَ مِنْ جُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ، وَاحْتَجَّا بِهِ في الصّحيحين. وقال همّام: حدثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى تَحْتِ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا" 3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُمْ رَكِبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَعَثُوا إِلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ يَأْمُرُونَهُمْ بِهِ، وَيَجْعَلُونَ لَهُمُ الْجُعْلَ الْعَظِيمَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَجَازَ بِهِمَا الدَّلِيلُ أَسْفَلَ مَكَّةَ، ثُمَّ مَضَى بِهِمَا حَتَّى جَاءَ بِهِمَا السَّاحِلَ أَسْفَلَ مِنْ "عُسْفَانَ" ثُمَّ سَلَكَ فِي "أَمَجٍ"، ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا حَتَّى عَارَضَ الطَّرِيقَ بَعْدَ أَنْ أَجَازَ "قُدَيْدًا"، ثُمَّ سَلَكَ فِي "الْخَرَّارِ"، ثُمَّ أَجَازَ عَلَى "ثَنِيَّةِ الْمَرَةِ"، ثُمَّ سَلَكَ "مَدْلَجَةَ لَقْفٍ"، ثُمَّ اسْتَبْطَنَ "مَدْلَجَةَ مَجَاحٍ"، ثُمَّ "بَطْنَ مرجح   1 ذكره الحافظ الذهبي في "الميزان" "4804" وقال: أتى بخبر باطل طويل وهو المتهم به ثم ذكر طرق، وقال: وهو يشبه وضع الطرقية. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 480". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3653" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب المهاجرين وفضلهم، ومسلم "2381" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر -رضي الله عنه- والترمذي "3107" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة التوبة، وأحمد "1/ 4" وابن جرير الطبري في "تفسيره" "10/ 96". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 ذِي الْعَصَوَيْنِ"، ثُمَّ أَجَازَ "الْقَاحَةَ"، ثُمَّ هَبَطَ "الْعَرَجَ"، ثُمَّ أَجَازَ فِي "ثَنِيَّةِ الْغَائِرِ" عَنْ يَمِينِ رَكُوبَةٍ، ثُمَّ هَبَطَ "بَطْنَ رِيمٍ" ثُمَّ قَدِمَ "قُبَاءَ" مِنْ قِبَلِ "الْعَالِيَةِ"1. وَقَالَ مُسْلِمُ بن إبراهيم: حدثنا عَوْنُ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ الْمَكِّيَّ قَالَ: أَدْرَكْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ؛ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، فَسَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْغَارِ أَمَرَ اللَّهُ بِشَجَرَةٍ فَنَبَتَتْ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَتَرَتْهُ، وَأَمَرَ اللَّهُ الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ فَسَتَرَتْهُ، وَأَمَرَ اللَّهُ حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَعَتَا بِفَمِ الْغَارِ، وَأَقْبَلَ فِتْيَانُ قُرَيْشٍ بِعِصِيِّهِمْ وَسُيُوفِهِمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَاقِينَ فَقَالَ: رَأَيْتُ حَمَامَتَيْنِ بِفَمِ الْغَارِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بكر من عازب رحلًا بثلاثة عشر دِرْهَمًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى رَحْلِي، فَقَالَ لَهُ عَازِبٌ: لَا حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجْتُمَا، وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمَا. قَالَ: أَدْلَجْنَا مِنْ مَكَّةَ لَيْلًا، فَأَحْيَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا، وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ نَأْوِي إِلَيْهِ، فَإِذَا صَخْرَةٌ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهَا، فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرْوَةً، ثُمَّ قُلْتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاضْطَجَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أحدًا، فإذا براعي يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أُرِيدُ، يَعْنِي الظِّلَّ، فَسَأَلْتُهُ: لِمَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ، فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، وَأَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ التُّرَابِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا، فَضَرَبَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً3 مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ رَوَّأْتُ4 معي   1 مرسل. 2 منكر: أخرجه البيهقي في "الدائل" "2/ 481-482"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" 2/ 214": هذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه. وقال الألباني في "الضعيفة" "1128": منكر. 3 الكثبة: القليل. 4 روأت: صفيت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِدَاوَةً، عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَافَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يا رسول الله فشرب حتى رضي، ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ آنَ الرَّحِيلُ، قَالَ: فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رسول الله قال: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} 1، فَلَمَّا أَنْ دَنَا مِنَّا، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَيْدُ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قد لحقنا يا رسول الله وَبَكَيْتُ، فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكَ؟ " قُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَبْكِي عَلَيْكَ، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اللهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ"، فَسَاخَتْ2 بِهِ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا، فَوَثَبَ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنْجِيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَعْمِيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ بِإِبِلِي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ"، فَدَعَا لَهُ، فَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا3. أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ. أخرج الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رجاء، عنه. وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ يَقُولُ: جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَتْلِهِ أَوْ أسْرِهِ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ؛ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوَدَةً4 بِالسَّاحِلِ، أَرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا، انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا، ثُمَّ قَلَّمَا لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى قُمْتُ فَدَخَلْتُ بيتي،   1 سورة التوبة: 40. 2 ساخت: غاصت. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3615" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام ومسلم "3014" في كتاب الزهد، باب: في حديث الهجرة، وأحمد "1/ 2". 4 أسودة: أشخاص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي فَتُهْبِطَهَا مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، فَأَخَذْتُ رُمْحِي وَخَرَجْتُ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَخَطَطْتُ بِزُجَّهِ1الْأَرْضَ، وَخَفَضْتُ علية الرُّمْحِ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تَقْرُبُ بِي، حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْهُمْ عَثَرَتْ بِي فَرَسِي فَخَرَرْتُ، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي إِلَى كِنَانَتِي، وَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَوْ لَا أَضُرُّهُمْ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ: "لَا أَضُرُّهُمْ"، فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ، فَرَفَعْتُهَا تَقْرُبُ بِي، حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ التَّلَفُّتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ، حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجْ يَدَاهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا غُبَارٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ "لَا أَضُرُّهُمْ"، فَنَادَيْتُهُمَا بِالْأَمَانِ، فَوَقَفَا لِي وَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمَا، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكُمَا الدِّيَةَ، وَأَخْبَرْتُهُمَا أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي شَيْئًا، وَلَمْ يَسْأَلَانِي، إِلَّا أَنْ قَالَ: أَخْفِ عَنَّا، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ مُوَادَعَةٍ آمَنُ بِهِ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ2، ثُمَّ مضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم3. أخرجه البخاري. وقال موسى بن عقبة: أخبرنا ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَخَاهُ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ أَخْبَرَهُ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ، وَزَادَ فِيهِ: وَأَخْرَجْتُ سِلَاحِي ثُمَّ لَبِسْتُ لَامَتِي4، وَفِيهِ: فَكَتَبَ لِي أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ أَلْقَاهُ إِلَيَّ فَرَجَعْتُ فَسَكَتُّ، فَلَمْ أَذْكُرْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ مَكَّةَ، وَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حُنَيْنٍ خَرَجْتُ لِأَلْقَاهُ وَمَعِي الْكِتَابُ، فَدَخَلْتُ بَيْنَ كَتِيبَةٍ مِنْ كَتَائِبِ الْأَنْصَارِ، فَطَفِقُوا يَقْرَعُونَنِي بِالرِّمَاحِ وَيَقُولُونَ: إِلَيْكَ إِلَيْكَ، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو عَلَى نَاقَتِهِ، أَنْظُرُ إِلَى سَاقِهِ فِي غَرْزَةٍ كأنّها   1 الزج: الطعن. 2 الأدم: الجلد. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3906" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة. 4 اللأمة: أداة الحرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 جمارة1، فرفعت يَدِي بِالْكِتَابِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كتابك، فقال: "يوم وفاء وبرّ ادن ادن"، قَالَ: فَأَسْلَمْتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ شَيْئًا أَسْأَلُ عَنْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: سَأَلَهُ عَنِ الضَّالَّةِ وَشَيْءٍ آخَرَ، قال: فانصرفت وسقت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَدَقَتِي2. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، أَتَى نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ، فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: أَيْنَ أَبُوكَ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي وَاللَّهِ أَيْنَ أَبِي، فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ وَكَانَ فَاحِشًا خَبِيثًا فَلَطَمَنِي عَلَى خَدِّي لَطْمَةً طُرِحَ مِنْهَا قُرْطِي3. وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَدَّتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، احْتَمَلَ أَبُو بَكْرٍ مَالَهُ كُلَّهُ مَعَهُ، خَمْسَةُ آلَافٍ أَوْ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَانْطَلَقَ بِهِ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ وقد ذهب بصره فقال: والله إنّي لا أراه فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ، قَالَتْ: كَلَّا يَا أبت، قد ترك لنا خيرً كَثِيرًا، قَالَتْ: فَأَخَذْتُ أَحْجَارًا فَوَضَعْتُهَا فِي كُوَّةٍ مِنَ الْبَيْتِ كَانَ أَبِي يَضَعُ فِيهَا مَالَهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ عَلَيْهَا ثَوْبًا، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقَالَتْ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى هَذَا الْمَالِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ قَدْ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنَ، فِي هَذَا بَلَاغٌ لَكُمْ، قَالَتْ: وَلَا وَاللَّهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئًا، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُسَكِّنَ الشَّيْخَ4. وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا، جَعَلَتْ قُرَيْشٌ فِيهِ مِائَةَ نَاقَةٍ لِمَنْ رَدَّهُ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَّا فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَكْبًا ثَلَاثَةً مَرُّوا عَلَيَّ آنِفًا، إِنِّي لأراهم محمدًا وأصحابه،   1 الجمارة: قلب النخلة. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 487-489". 3 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 434". 4 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 435". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 فَأَوْمَأْتُ إِلَيْهِ، يَعْنِي أَنِ اسْكُتْ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّمَا هُمْ بَنُو فُلَانٍ يَبْتَغُونَ ضَالَّةً لَهُمْ، قَالَ: لَعَلَّهُ، قَالَ: فَمَكَثْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ بَيْتِي، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ1. قَالَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: فَمَكَثْنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ مَا نَدْرِي أَيْنَ وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ يَتَغَنَّى بِأَبْيَاتٍ مِنْ شِعْرِ غِنَاءِ الْعَرَبِ، وَإِنَّ النَّاسَ لَيَتْبَعُونَهُ، وَيَسْمَعُونَ صَوْتَهُ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ: جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسٍ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حَلَّا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلَا بِالْبِرِّ ثُمَّ تَرَوَّحَا ... فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ ... وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ قَالَتْ: فَعَرَفْنَا حَيْثُ وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَّ وَجْهَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ2. قُلْتُ: قَدْ سُقْتُ خَبَرَ أُمِّ مَعْبَدٍ بِطُولِهِ فِي صِفَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا يَأْتِي -إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بن أبي زائدة: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مكة، فانتهينا إلى حي من أحياء العرب، فنظر النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَيْتٍ مُنْتَحِيًا، فَقَصَدَ إِلَيْهِ فَلَمَّا نَزَلْنَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا عَبْدَيِ اللَّهِ إِنَّمَا أَنَا امْرَأَةٌ وليس مَعِي أَحَدٌ، فَعَلَيْكُمَا بِعَظِيمِ الْحَيِّ إِنْ أَرَدْتُمُ الْقِرَى3، قَالَ: فَلَمْ يُجِبْهَا، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَسَاءِ، فَجَاءَ ابْنٌ لَهَا بِأَعْنُزٍ لَهُ يَسُوقُهَا، فَقَالَتْ له: يا بنيّ انطلق بهذه العنز والسّفرة إِلَيْهِمَا فَقُلْ: اذْبَحَا هَذِهِ وَكُلَا وَأَطْعِمَانَا، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْطَلِقْ بِالشَّفْرَةِ وَجِئْنِي بِالْقَدَحِ"، قَالَ: إِنَّهَا قَدْ عزبت وليس بها لَبَنٌ، قَالَ: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِقَدَحٍ، فَمَسَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَرْعَهَا، ثُمَّ حَلَبَ حَتَّى مَلَأَ الْقَدَحَ، ثُمَّ قَالَ: انْطَلِقْ بِهِ إِلَى أُمِّكَ، فَشَرِبَتْ حَتَّى رَوِيَتْ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَقَالَ: انْطَلِقْ بِهَذِهِ وَجِئْنِي بِأُخْرَى، ففعل بها   1 أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 435-436". 2 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 434-435". 3 القرى: ما يقدم للضيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 كَذَلِكَ، ثُمَّ سَقَى أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ بِأُخْرَى، فَفَعَلَ بِهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ شَرِبَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَبِتْنَا لَيْلَتَنَا ثُمَّ انْطَلَقْنَا، فَكَانَتْ تُسَمِّيهِ "الْمُبَارَكَ"، وَكَثُرَ غَنَمُهَا حَتَّى جَلَبَتْ جَلْبًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَرَآهُ ابْنُهَا فَعَرَفَهُ فَقَالَ: يَا أُمَّهُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْمُبَارَكِ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنِ الرَّجُلُ الذي كان معك؟ قال: وما تدرن مَنْ هُوَ؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: هُوَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: فَأَدْخِلْنِي عَلَيْهِ، فَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهَا وَأَعْطَاهَا1. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ يَحْيَى، وَإِسْنَادُهُ نَظِيفٌ لَكِنْ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. أوس بن عبد الله بن بريدة: أنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَتَفَاءَلُ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ جَعَلَتْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ لِمَنْ يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ، فَرَكِبَ بُرَيْدَةُ فِي سَبْعِينَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، فَلَقِيَ نَبِيَّ الله -صلى الله عليه وسلم- لَيْلًا فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: بُرَيْدَةُ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: بَرَدَ أَمْرُنَا وَصَلُحَ، ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّنْ؟ قَالَ: مَنْ أَسْلَمَ، قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: سَلِمْنَا، ثُمَّ قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مِنْ بَنِي سَهْمٍ، قَالَ: خَرَجَ سَهْمُكَ. فَأَسْلَمَ بُرَيْدَةُ وَالَّذِينَ مَعَهُ جَمِيعًا، فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ بُرَيْدَةُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَدْخُلِ الْمَدِينَةَ إِلَّا وَمَعَكَ لِوَاءٌ، فَحَلَّ عِمَامَتَهُ ثُمَّ شَدَّهَا فِي رُمْحٍ، ثُمَّ مَشَى بَيْنَ يدي النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ تَنْزِلُ عَلَيَّ، قَالَ: إِنَّ نَاقَتِي مَأْمُورَةٌ. فَسَارَ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى بَابِ أَبِي أَيُّوبَ فَبَرَكَتْ2. قُلْتُ: أَوْسٌ مَتْرُوكٌ. وقال الحافظ أبو الوليد الطّيالسيّ: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، ثنا أَبِي، عَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: لَمَّا انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ مُسْتَخْفِيَيْنِ مَرَّا بِعَبْدٍ يَرْعَى غَنَمًا فَاسْتَسْقَيَاهُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَاةٌ تَحْلِبُ، غَيْرَ أنّ ههنا عناقًا   1 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 491"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 224-225" إسناد حسن. وقد أعله المصنف بالانقطاع بين عبد الرحمن بن أبي ليلى وأبي بكر الصديق، والظاهر أن هذا هو الراجح، فقد اختلفوا في سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر، ولم يذكر الحافظ ابن حجر في "التهذيب" "2/ 548" أبا بكر في شيوخ عبد الرحمن، مع تنبيهه في المقدمة أنه يبدأ بذكر أكبر شيوخ الراوي، مما يدل على أنه لم يثبت له سماع منه، والله أعلم. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أوس متروك كما يأتي، وانظر "الميزان" "1046". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 حَمَلَتْ أَوَّلَ الشَّاءِ، وَقَدْ أَخْدَجَتْ وَمَا بَقِيَ لَهَا لَبَنٌ، فَقَالَ: ادْعُ بِهَا، فَدَعَا بِهَا، فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَسَحَ ضَرْعَهَا وَدَعَا حَتَّى أَنْزَلَتْ، وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِمَجْنٍ فَحَلَبَ فَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ حَلَبَ فَسَقَى الرَّاعِيَ، ثُمَّ حَلَبَ فَشَرِبَ، فَقَالَ الرَّاعِي: بِاللَّهِ مَنْ أَنْتَ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ قَطُّ؟ قَالَ: "أَتَكْتُمُ عَلَيَّ حَتَّى أُخْبِرَكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَإِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ"، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّهُ صَابِئٌ، قَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ ذَلِكَ"، قَالَ: فَأَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مَا فَعَلْتَ إِلَّا نَبِيٌّ، وَأَنَا مُتَّبِعُكَ، قَالَ: "إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ يَوْمَكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ أَنِّي قَدْ ظَهَرْتُ فَائْتِنَا" 1. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قال: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالُوا: لَمَّا بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ، كُنَّا نَخْرُجُ كُلَّ غَدَاةٍ فَنَجْلِسُ لَهُ بِظَاهِرِ الْحَرَّةِ، نَلْجَأُ إِلَى ظِلُّ الْجُدُرِ حَتَّى تَغْلِبَنَا عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى رِحَالِنَا، حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَسْنَا كَمَا كُنَّا نَجْلِسُ، حتى إذا رجعنا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَآهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ، فَنَادَى: يَا بُنَيَّ قَيْلَةُ هَذَا جَدُّكُمْ قَدْ جَاءَ، فَخَرَجْنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَنَاخَ إِلَى ظِلٍّ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَيُّهُمَا أَسَنُّ، هُمَا فِي سِنٍّ وَاحِدَةٍ، حَتَّى رَأَيْنَا أَبَا بَكْرٍ يَنْحَازُ لَهُ عَنِ الظِّلِّ، فَعَرَفْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَامَ فَأَظَلَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرِدَائِهِ، فَعَرَفْنَاهُ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ: حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ وَسَّاجٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ، يَعْنِي الْمَدِينَةَ، وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ3 غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتْمِ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حديث محمد بن حمير.   1 أخرجه البزار كما في "زوائد مسند البزار" "1342". 2 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 438" وعبد الرحمن بن عويم بن ساعدة ذكر ابن حبان في "الثقات" "5/ 75" إِنَّهُ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3 أشمط: اختلط سواد شعره ببياضه. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3919" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وَقَالَ شُعْبَةُ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَا يُقْرِئَانِ الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ، وَبِلَالٌ، وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ قَطُّ فَرَحَهُمْ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلَائِدَ وَالصِّبْيَانَ يَسْعَوْنَ فِي الطُّرُقِ يَقُولُونَ: "جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ حَتَّى تَعَلَّمْتُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} 1 في مثلها من المفصّل2. خ3 وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، فِي حَدِيثِ الرَّحْلِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَضَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ بذلك"، وقدم النّاس حين قدمنا المدينة، في الطَّرِيقِ وَعَلَى الْبُيُوتِ، وَالْغِلْمَانُ وَالْخَدَمُ يَقُولُونَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّهُ أكبر جاء محمد، الله أَكْبَرُ جَاءَ مُحَمَّدٌ، فَلَمَّا أَصْبَحَ انْطَلَقَ فَنَزَلَ حَيْثُ أَمَرَ4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هَاشِمُ بْنُ القاسم: حدثنا سُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: إِنِّي لَأَسْعَى فِي الْغِلْمَانِ يَقُولُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ، وَأَسْعَى وَلَا أَرَى شَيْئًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: "جَاءَ مُحَمَّدٌ"، فَأَسْعَى، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ فَكَمِنَّا فِي بَعْضِ جُدُرِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ بَعَثَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِيُؤْذِنَ بِهِمَا الْأَنْصَارَ قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءَ خُمْسُمِائَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَيْهِمَا، فَقَالُوا: انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِنَّ الْعَوَاتِقَ لَفَوْقَ الْبُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَهُ يَقُلْنَ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ قَالَ: فَمَا رَأَيْنَا مَنْظَرًا شَبِيهًا بِهِ يَوْمَئِذٍ5. صَحِيحٌ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُوَقِّرِيُّ وَغَيْرُهُ، عن الزّهري قال: فأخبرني عروة أنّ   1 سورة الأعلى: 1. 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 3 رمز للبخاري. 4 أخرجه بهذا اللفظ ابن سعد في "الطبقات" "4/ 271" وأصله عند البخاري "3925" في كتاب مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المدينة. 5 إسناده صحيح: أخرجه أحمد "3/ 222". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 الزُّبَيْرَ كَانَ فِي رَكْبِ تُجَّارٍ بِالشَّامِ، فَقَفَلُوا إِلَى مَكَّةَ، فَعَارَضُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْرٍ بِثِيَابِ بَيَاضٍ، وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ نَحْرُ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَمَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ، أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ أَطْمًا1 مِنْ آطَامِهِمْ لِشَأْنِهِ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ2 يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمُ3 الَّذِي تَنْتَظِرُونَ، فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السَّلَامِ، فَلَقُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ الْيَمِينِ، حَتَّى نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْسَبُهُ أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فعرفوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَبِثَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَأَسَّسَ الْمَسْجِدَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ، فَمَشَى مَعَهُ النَّاسُ، حَتَّى بَرَكَتْ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ مَسْجِدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا4 لِلتَّمْرِ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ، غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ أَخَوَيْنِ فِي حِجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَقَالَ حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: "هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ". ثُمَّ دَعَا الْغُلَامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا الْمِرْبَدَ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَا: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ، فَأَبَى حَتَّى ابْتَاعَهُ وَبَنَاهُ5. وَقَالَ عَبْدُ الوارث بن سعيد وغيره: حدثنا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ نَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاءُوا متقلّدين سيوفهم، فكأنّي   1 الأطم: الحصن. 2 مبيضين: عليهم ثياب بيض. 3 جدكم: حظكم. 4 مربدًا: موضع لتجفيف التمر. 5 أخرجه البخاري "3906" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ، وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْتَظِرُ أَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى الْمَنْزِلِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ "أَهْلِ الْمَدِينَةِ" فِي أَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: انْظُرِ الَّذِينَ دَعَوْكَ فَأْتِهِمْ، فَعَمَدَ إِلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَاتَّخَذَ مَكَانَهُ مَسْجِدًا فَكَانَ يصلّي فيه، ثم بناه عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَهُوَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى وَالرِّضْوَانِ. ثُمَّ إِنَّهُ رَكِبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَمَرَّ عَلَى بَنِي سَالِمٍ، فَجَمَعَ فِيهِمْ، وَكَانَتْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلَّاهَا حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَاسْتَقْبَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا أَبْصَرَتْهُ الْيَهُودُ صَلَّى إِلَى قِبْلَتِهِمْ طَمِعُوا فِيهِ لِلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ، ثُمَّ ارْتَحَلَ فَاجْتَمَعَتْ لَهُ الْأَنْصَارُ يُعَظِّمُونَ دِينَ اللَّهِ بِذَلِكَ، يَمْشُونَ حَوْلَ نَاقَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- لا يَزَالُ أَحَدُهُمْ يُنَازِعُ صَاحِبَهُ زِمَامَ النَّاقَةِ، فَقَالَ: خَلُّوا سَبِيلَ النَّاقَةِ، فَإِنَّمَا أَنْزِلُ حَيْثُ أَنْزَلَنِي اللَّهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارِ أَبِي أَيُّوبَ فِي بَنِي غَنْمٍ، فَبَرَكَتْ عَلَى الْبَابِ، فَنَزَلَ، ثُمَّ دَخَلَ دَارَ أَبِي أَيُّوبَ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ حَتَّى ابْتَنَى مَسْجِدَهُ وَمَسْكَنَهُ فِي بَنِي غَنْمٍ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ مَوْضِعًا لِلتَّمْرِ لِابْنَيْ أَخِي أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْطَى ابْنَيْ أَخِيهِ مَكَانَهُ نَخْلا لَهُ فِي بَنِي بَيَاضَةَ، فَقَالُوا: نُعْطِيهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا نَأْخُذُ لَهُ ثَمَنًا، وَبَنَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحَمْزَةَ وَلِعَلِيٍّ وَلِجَعْفَرَ، وَهُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَجَعَلَ مَسْكَنَهُمْ فِي مَسْكَنِهِ، وَجَعَلَ أَبْوَابَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ بَابِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لَهُ، فَصَرَفَ بَابَ حَمْزَةَ وَجَعْفَرَ. كَذَا قَالَ: وَهُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلِيٌّ بِمَكَّةَ2. رَوَاهُ ابْنُ عَائِذٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: لَمَّا دَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأَبُو بكر من المدينة،   1 صحيح: أخرجه البخاري "3932" في المصدر السابق، ومسلم "524" في كتاب المساجد، باب: ابتناء مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو داود "453" في كتاب الصلاة، باب: في بناء المساجد، أبو نعيم في "الحلية" "3316". 2 إسناده ضعيف: عثمان بن عطاء الخراساني ضعيف كما في "التقريب" "4502". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وَقَدِمَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنَ الشَّامِ، خَرَجَ طَلْحَةُ عَامِدًا إِلَى مَكَّةَ، لَمَّا ذُكِرَ له النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ إِمَّا مُتَلَقِّيًا لَهُمَا، وَإِمَّا عَامِدًا عَمْدَهُ بِمَكَّةَ، وَمَعَهُ ثِيَابٌ أَهْدَاهَا لِأَبِي بَكْرٍ مِنْ ثِيَابِ الشَّامِ، فَلَمَّا لَقِيَهُ أَعْطَاهُ الثِّيَابَ، فَلَبِسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ مِنْهَا. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ يوم الإثنين، لاثنتي عشرة ليلةً خَلَت من ربيع الأوّل، فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لِلَيْلَتَيْنِ مَضَتَا مِنْهُ. رَوَاهُ يُونُسُ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ عَبْدُ الله بن إدريس: حدثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمٍ، أَخْبَرَنِي بَعْضُ قَوْمِي قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَأَقَامَ بِقُبَاءَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَخَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءَ. وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَبِثَ فِيهِمْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً2. وَقَالَ زكريّا بن إسحاق: حدثنا عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: مكث النّبيّ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ وَهُو ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عيينة: حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَجُوزٍ لَهُمْ، قَالَتْ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَخْتَلِفُ إِلَى صِرْمَةِ أَبِي قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ يَرْوِي هَذِهِ الْأَبْيَاتَ:   1 الوليد بن مسلم مدلس، وقد عنعنه، والحديث أخرجه البيهفي في "الدلائل" 2/ 511". 2 ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه، والحديث أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 512". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3902" في كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، ومسلم "2351/ 118" في كتاب الفضائل، باب: كم أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة والمدينة؟ وأحمد "1/ 371". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 ثَوَى فِي قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْرَةَ حِجَّةً ... يُذَكِّرُ لَوْ أَلْفَى صَدِيقًا مُوَاتِيَا1 وَيَعْرِضُ فِي أَهْلِ الْمَوَاسِمِ نَفْسَهُ ... فَلَمْ يَرَ مَنْ يُؤْوِي وَلَمْ يَرَ دَاعِيَا فَلَمَّا أَتَانَا وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ النَّوَى ... وَأَصْبَحَ مَسْرُورًا بِطِيبَةَ رَاضِيَا وَأَصْبَحَ مَا يَخْشَى ظَلَامَةَ ظَالِمٍ ... بَعِيدٍ وَلَا يَخْشَى مِنَ النَّاسِ بَاغِيَا بَذَلْنَا الْأَمْوَالَ مِنْ جُلِّ مَالِنَا ... وَأَنْفُسَنَا عِنْدَ الْوَغَى وَالتَّآسِيَا نُعَادِي الَّذِي عَادَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ... جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُوَاسِيَا وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... وَأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ أَصْبَحَ هَادِيَا2 وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَنَبِيُّ اللَّهِ شَابٌّ لَا يُعْرَفُ -يُرِيدُ دُخُولَ الشَّيْبِ فِي لِحْيَتِهِ دُونَهُ لَا فِي السِّنِّ- قَالَ أَنَسٌ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ يَهْدِينِي السَّبِيلَ، فَيَحْسَبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي طَرِيقَ الْخَيْرِ. فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ"، فَصَرَعَهُ فَرَسُهُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ3. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، قَالَ: "تَقِفُ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا"، قَالَ: فَكَانَ أَوَّلُ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى النَّبِيِّ وَآخِرُ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَانِبَ الْحَرَّةِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْأَنْصَارِ، فَجَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا فَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ، فَرَكِبَا وَحَفُّوا حَوْلَهُمَا بِالسِّلَاحِ، فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ "جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" وأقبل حَتَّى نَزَلَ إِلَى جَانِبِ بَيْتِ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ فِي نَخْلٍ لِأَهْلِهِ، يَخْتَرِفُ4 لَهُمْ مِنْهُ، فَعَجَّلَ أَنْ يَضَعَ الَّتِي يَخْتَرِفُ فِيهَا فَجَاءَهُ وَهِيَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ"؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذِهِ دَارِي، قَالَ: "اذْهَبْ فَهَيِّئْ لَنَا مقيلًا"، فذهب فهيأ   1 ثوى: أقام. 2 إسناده ضعيف: لجهالة هذه العجوز، وقد عزاه الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 238" للحميدي. 3 الحمحمة: صوت دون الصهيل. 4 يخترف: يجتني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 لَهُمَا مَقِيلًا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ هَيَّأْتُ لَكُمَا مَقِيلًا، قَالَ: "قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ فَقِيلَا". فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَلَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ سِيرَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَغَازِيهِ فِي الْعَشْرِ السِّنِينِ الَّتِي لَبِثَ فِيهَا بِالْمَدِينَةِ مَا فِيهِ مَغْنًى إِنْ شَاءَ الله تعالى.   1 صحيح: أخرجه البخاري في "3911" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 فَصْلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِوَى مَا مَضَى فِي غُضُونِ الْمَغَازِي 1: قَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِيَنَا أَبُو الْيَسَرِ صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ: حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي مَسْجِدِهِ فَقَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ2 فَذَهَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْضِي حاجته واتّبعته بإداوة نم مَاءٍ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ، وَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِي، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى إِحْدَاهُمَا، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: "انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ"، فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ3 الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: "انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ"، فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ4، فِيمَا بَيْنَهُمَا، لَأَمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: "الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ"، فَالْتَأَمَتَا، قَالَ جَابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحَضِّرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقري -يَعْنِي فَيَبْتَعِدَ- فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي، فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلٌ، وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ وَقْفَةً فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا، يَمِينًا وَشِمَالًا، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ: "يَا جَابِرُ هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي"؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ غُصْنًا فَأَقْبِلْ بِهِمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَسَارِكَ، قال: فقمت فأخذت حجرًا فكسرته وجشرته5 فاندلق لِي، فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ، فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ منهما غصنًا، ثم أقبلت   1 أي في الأصل في كتاب "تاريخ الإسلام" حيث ساق المغازي، وحذفها المحقق هنا. 2 أفيح: واسعًا. 3 المخشوش: الخشاش عود يجعل في أنف البعير يشد به الزمام. 4 المنصف: وسط الطريق. 5 جشرته: قطعته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 أَجُرُّهُمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتُ مَقَامَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُ فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: "إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ". ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، وَفِيهِ إِعْوَازُ النَّاسِ الْمَاءَ، وَأَنَّهُ أَتَاهُ بِيَسِيرِ مَاءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فِي قَصْعَةٍ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَوَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَاسْتَقَى مِنْهُ النَّاسُ حَتَّى رُوُوا1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ إِلَّا يَسِيرٌ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَصَبَّهُ فِي صَحْفَةٍ، وَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ فَتَوَضَّئُوا وَشَرِبُوا، قَالَ الْأَعْمَشُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ فَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ جَابِرٌ، فَقُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً2. أَخْرَجَهُ "خ". وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَنَا عَطَشٌ، فَجَهَشْنَا3 إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَضَعَ يَدَهُ فِي تَوْرٍ4 مِنْ مَاءٍ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ الْعُيُونُ، فَقَالَ: "خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ"، فَشَرِبْنَا فَوَسِعَنَا وَكَفَانَا، وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: أَلْفًا وَخُمْسُمِائَةً5. صَحِيحٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى الْحَجُونِ لَمَّا آذَاهُ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَرِنِي الْيَوْمَ آيَةً لَا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا"، قَالَ: فَأَمَرَ فَنَادَى شَجَرَةً، فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ الْأَرْضَ، حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَهَا فرجعت6.   1 صحيح: أخرجه مسلم "3006" في كتاب الزهد، باب: حديث جابر الطويل. 2 صحيح: أخرجه البخاري. 3 جهشنا: فزعنا. 4 التور: إناء من نحاس أو حجارة. 5 صحيح: أخرجه البخاري "4152" في كتاب المغازي، باب: غزوة الحديبية. 6 إسناده ضعيف: علي بن زيد ضعيف الحفظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وَرَوَى الْأَعْمَشُ نَحْوَهُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَى الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ نَحْوًا مِنْهُ، عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر بْن أبان: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ: "أَيْنَ تُرِيدُ"؟ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: إِلَى أَهْلِي، قَالَ: "هَلْ لَكَ إِلَى خَيْرٍ"؟ قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: "تُسْلِمُ"، قَالَ: هَلْ مِنْ شَاهِدٍ؟ قَالَ: "هَذِهِ الشَّجَرَةُ"، فَدَعَاهَا فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ1 الْأَرْضَ خَدًّا، فَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاسْتَشْهَدَهَا ثَلَاثًا، فَشَهِدَتْ لَهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا، وَرَجَعَ الْأَعْرَابِيُّ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: إِنْ يَتَّبِعُونِي آتِكَ بِهِمْ، وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَيْكَ فَكُنْتُ مَعَكَ2. غَرِيبٌ جِدًّا، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"3 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: بِمَ أَعْرِفُ إنك رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "أَرَأَيْتَ لَوْ دَعَوْتُ هَذَا الْعِذْقَ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"؟ قَالَ: نَعَمْ، فَدَعَاهُ، فَجَعَلَ يَنْزِلُ مِنَ النَّخْلَةِ حَتَّى سَقَطَ فِي الأَرْضِ، فَجَعَلَ يَنْقِزُ4، حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ لَهُ: "ارْجِعْ"، فَرَجَعَ حَتَّى عَادَ إِلَى مَكَانِهِ، فقال: أشهد أنّك رسول الله وَآمَنَ5. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْهُ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحَاجَتِهِ، وَتَبِعْتُهُ بالإداوة، فإذا شجرتان بينهما أذرع   1 تخد: تشق. 2 أخرجه الدارمي "16". 3 هكذا أطلق عليه الحافظ الذهبي مسندًا، والصحيح أنه "سنن" فتصنيفه على الكتاب والأبواب الفقهية لا على مسانيد الصحابة، ولكن إطلاق "المسند" على "سنن الدارمي" اشتهر عند المحدثين، قال السيوطي: مسند الدارمي ليس بمسند بل هو مرتب على الأبواب. وقال العراقي: اشتهر تسميته بالمسند كما سمى البخاري كتاب بالمسند، لكون أحاديثه مسنده. انظر مقدمة محقق "سنن الدارمي". 4 ينقز: يقفز. 5 صحيح: أخرجه الترمذي "3648" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في آيات إثبات نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "1/ 223"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 فَقَالَ: "انْطَلِقْ فَقُلْ لِهَذِهِ الشَّجَرَةِ الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَهُمَا" فَفَعَلْتُ، فَرَجَعَتْ حَتَّى لَحِقَتْ بِصَاحِبَتِهَا، فَجَلَسَ خَلْفَهُمَا حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ رَجَعَتَا1. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَقَالَ: إِنِّي أُطِبُّ النَّاسَ، فَإِنْ كَانَ بِكَ جُنُونٌ دَاوَيْتُكَ، فَقَالَ: "أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً"؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَادْعُ ذَاكَ العذق"، فدعاه، فجاءه ينقز علة ذَنَبِهِ، حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "ارْجِعْ" فَرَجَعَ، فَقَالَ: يَا لَعَامِرٍ، مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَسْحَرَ مِنْ هَذَا2. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أنا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُدِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّوَيْهِ، أنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِسَمَرْقَنْدَ، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، وَكَانَ لَا يَأْتِي الْبَرَازَ حَتَّى يَتَغَيَّبَ فَلَا يُرَى، فَنَزَلْنَا بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا عَلَمٌ، فَقَالَ: "يَا جَابِرُ اجْعَلْ فِي إِدَاوَتِكَ مَاءً ثُمَّ انْطَلِقْ بِنَا"، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى لَا نُرَى، فإذا هو بشجرتين بينهما أربعة أَذْرُعٍ، فَقَالَ: "انْطَلِقْ إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَقُلْ: يَقُولُ لَكِ: الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَكُمَا" فَرَجَعَتُ إِلَيْهَا، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلْفَهُمَا، ثُمَّ رَجَعَتَا إِلَى مَكَانِهِمَا. فَرَكِبْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بَيْنَنَا كَأَنَّمَا عَلَيْنَا الطَّيْرُ تُظِلُّنَا، فَعَرَضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيٌّ فَقَالَتْ: يَا رسول الله إِنَّ ابْنِي هَذَا يَأْخُذُهُ الشَّيْطَانُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَتَنَاوَلَهُ فَجَعَلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُقَدَّمِ الرَّحْلِ ثُمَّ قَالَ: "اخْسَ عَدُوَّ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، اخْسَ عَدُوَّ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ الله" ثَلَاثًا، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا قَضَيْنَا سَفَرَنَا مررنا بذلك الملكان، فَعَرَضَتْ لَنَا الْمَرْأَةُ مَعَهَا صَبِيُّهَا وَمَعَهَا كَبْشَانِ تَسُوقُهُمَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اقْبَلْ مِنِّي هَدِيَّتِي، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَادَ إِلَيْهِ بَعْدُ، فَقَالَ: "خُذُوا منها وَاحِدًا وَرُدُّوا عَلَيْهَا الْآخَرَ". قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَنَا كأنّما علينا الطّير تظلّنا، فإذا جمل   1 إسناده ضعيف: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. 2 تقدم تخريجه قبل السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 نادٌّ حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ1 خَرَّ سَاجِدًا، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ عَلَى النَّاسِ: "مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ"؟ فَإِذَا فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: هُوَ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "فَمَا شَأْنُهُ" قَالُوا: اسْتَنَيْنَا2 عَلَيْهِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ لَهُ شَحِيمَةٌ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْحَرَهُ فَنُقَسِّمَهُ بَيْنَ غِلْمَانِنَا فَانْفَلَتَ مِنَّا، قَالَ: "بِيعُونِيهِ"، قَالُوا: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "أَمَّا لِي فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ"، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ ذلك: يا رسول الله نَحْنُ أَحَقُّ بِالسُّجُودِ لَكَ مِنَ الْبَهَائِمِ، قَالَ: "لَا يَنْبَغِي لِشَيْءٍ أَنْ يَسْجُدَ لِشَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَانَ النِّسَاءُ لِأَزْوَاجِهِنَّ"3. رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَعِنْدَهُ: "لَا يَنْبَغِي لبشر أن يسجد لبشر" وهو أصلح. وَقَدْ رَوَاهُ بِمَعْنَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَأَيْتُ مِنْهُ أَشْيَاءَ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَقَالَ: "انْطَلِقْ إِلَى هاتين الأشاءتين4 فقل: إن رسول الله يَقُولُ لَكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ5. مُرَّةُ: هُوَ ابْنُ أَبِي مُرَّةَ. وَقَدْ رَوَاهُ وَكِيعٌ مَرَّةً، فَقَالَ فِيهِ: عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَجَبًا. الْحَدِيثَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ يَعْلَى نَفْسِهِ. قُلْتُ: وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، كِلَاهُمَا عَنْ يَعْلَى نَفْسِهِ. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونَ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا، وَكَانَ أَحَبَّ ما استتر   1 السماط: الصف. 2 استنينا: استقينا. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الدارمي "17"، وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. 4 الأشاءتين: النخلتين الصغيرتين. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 20-24". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 بِهِ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ1، فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حَنَّ إِلَيْهِ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم- ذِفْرَيْهِ2 فَسَكَنَ، فَقَالَ: "مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ"؟ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: هُوَ لِي، فَقَالَ: "أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ" 3. أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْهُ إِلَى قَوْلِهِ "حَائِشُ نَخْلٍ"، وَبَاقِيهِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وقال إسماعيل بن جعفر: حدثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ ثِقَةٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ نَاضِحًا لِبَعْضِ بَنِي سَلَمَةَ اغْتَلَمَ، فَصَالَ عَلَيْهِمْ وَامْتَنَعَ حَتَّى عَطِشَتْ نَخْلُهُ، فَانْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاشْتَكَى ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْطَلِقْ، وَذَهَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ النَّخْلِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا تَدْخُلْ، قَالَ: "ادْخُلُوا لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ"، فَلَمَّا رَآهُ الْجَمَلُ أَقْبَلَ يَمْشِي وَاضِعًا رَأْسَهُ حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَجَدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْتُوا جَمَلَكُمْ فَاخْطِمُوهُ وَارْتَحِلُوهُ"، فَفَعَلُوا وَقَالُوا: سَجَدَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ رَآكَ، قَالَ: "لَا تَقُولُوا ذَلِكَ لِي، لَا تَقُولُوا مَا لَمْ أَبْلُغْ فَلَعَمْرِي مَا سَجَدَ لِي وَلَكِنْ سَخَّرَهُ اللَّهُ لِي"4. وَقَالَ عَفَّانُ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ قَيْسٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَنَا بَكْرَةٌ صَعْبَةٌ لَا نَقْدِرُ عَلَيْهَا، فَدَنَا مِنْهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَسَحَ ضَرْعَهَا، فَحَفَلَ فاحتلب وشرب5.   1 حائش: نخل: نخل ملتف. 2 الذفري: العظم خلف الأذن. 3 صحيح: أخرجه مسلم "342/ 79" في كتاب الحيض، باب: التستر عند البول، إلى قوله "حائش نخل" ولفظه عنده "حائظ نخل" وأخرجه أبو داود "2549" في كتاب الجهاد، باب: ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم، وأحمد "1/ 204"، والدارمي "663"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 26-27"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 28" وفيه جهالة هذا الرجل من بني سلمة، وهو وإن وثقه الراوي فلا يعني هذا أنه ثقة، فكم من راوٍ اختلف أهل العلم في توثيقه وتضعيفه، فإذا لم يذكر لنا الراوي اسم هذا الثقة ليتبين لنا هل ضعفه آخرون أم لا؛ فلا نستطيع عنذئذ أن نعتمد توثيقه، والله أعلم. 5 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 29". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى، تفرّد به فَائِدٍ أَبُو الْوَرْقَاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَحَدِيثٌ لِجَابِرٍ آخَرُ تَفَرَّدَ بِهِ الْأَجْلَحُ، عَنِ الذَّيَّالِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ. أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لِأَهْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحْشٌ، فَإِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعِبَ وَذَهَبَ وَجَاءَ. فَإِذَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبَضَ فَلَمْ يَتَرَمْرَمْ1، مَا دَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْبَيْتِ2. صَحِيحٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حدثنا الْمَسْعُودِيُّ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ غَيْضَةً فَأَخْرَجَ بَيْضَةً حَمْرَةً3، فَجَاءَتِ الْحَمْرَةُ تُرَفْرِفُ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ: "أَيُّكُمْ فَجَعَ هَذِهِ"، فَقَالَ رَجُلٌ: أنا أخذت بيضتها. فقال: "ردّه رُدَّهُ رَحْمَةً لَهَا"4. عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أبي غُرْزَةِ الغِفاري: حدثنا عَلَيُّ بْنُ قَادِمٍ، أنا أَبُو الْعَلَاءِ خَالِدُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِظَبْيَةٍ مَرْبُوطَةٍ إِلَى خِبَاءٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حُلَّنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأُرْضِعَ خِشْفِي، ثُمَّ أَرْجِعَ، فَتَرْبِطَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَيْدُ قَوْمٍ وَرَبِيطَةُ قَوْمٍ"، قَالَ: فَأَخَذَ عَلَيْهَا فَحَلَفَتْ لَهُ، فَحَلَّهَا، فَمَا مَكَثَتْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَتْ وَقَدْ نَفَضَتْ مَا فِي ضَرْعِهَا، فَرَبَطَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ اسْتَوْهَبَهَا مِنْهُمْ، فَوَهَبُوهَا لَهُ، فَحَلَّهَا، ثُمَّ قَالَ: "لَوْ تَعْلَمُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِينًا أَبَدًا"5. عَلَيٌّ، وَأَبُو الْعَلَاءِ صَدُوقَانِ، وَعَطِيَّةُ فِيهِ ضَعْفٌ. وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ عَنْ زَيْدِ بن أرقم.   1 يترمرم: يحرك فاه. 2 أخرجه أحمد "6/ 112-113، 150" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 31". 3 حمرة: طير كالعصفور. 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 404"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 32"، والمسعودي اختلط، وانظر تعقيب المصنف. 5 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 34" وعطية هو العوفي ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَاعٍ يَرْعَى بِالْحَرَّةِ؛ إِذْ عَرَضَ ذِئْبٌ لِشَاةٍ، فَحَالَ الرَّاعِي بَيْنَ الذِّئْبِ وَبَيْنَ الشَّاةِ، فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّاعِي: أَلَا تَتَّقِي اللَّهِ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ رِزْقٍ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ الرَّاعِي: الْعَجَبُ مِنْ ذِئْبٍ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الْإِنْسِ! فَقَالَ الذِّئْبُ: أَلَا أُحَدِّثُكَ بِأَعْجَبَ مِنِّي: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ، فَسَاقَ الرَّاعِي شَاةً حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَزَوَاهَا1 زَاوِيَةً، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثِ الذِّئْبِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى النَّاسِ فَقَالَ لِلرَّاعِي: "قُمْ فَأَخْبِرْهُمْ"، قَالَ: فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا قَالَ الذِّئْبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ الرَّاعِي، أَلَا إِنَّهُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَلَامُ السِّبَاعِ لِلْإِنْسِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَيُكَلِّمُ الرَّجُلَ شِرَاكُ نَعْلِهِ وَعَذَبَةُ سَوْطِهِ، وَيُخْبِرُهُ، فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ" 2. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، وَمَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ نَحْوَهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح الإسناد. وقال سفيان بن حمزة: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ عن أَوْسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أُهْبَانَ بْنِ أَوْسٍ، أَنَّهُ كَانَ فِي غَنَمٍ لَهُ، فَكَلَّمَهُ الذِّئْبُ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ3. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ. وقال يوسف بن عديّ: حدثنا جعفر بن جسر، أخبرني أبي، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَانَ رَاعٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَنَمٍ لَهُ؛ إِذْ جَاءَ الذِّئْبُ فأخذ شاةً، ووثب الراعي حتى   1 زواها: نحاها. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 41-42" وأخرجه مختصرًا الترمذي "2188" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في كلام السباع، وأحمد "3/ 83-84"، وأبو نعيم في "الحلية" "12765"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 636": إسناده على شرط الصحيح. وصحح الألباني في رواية الترمذي في "صحيح سنن الترمذي". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 43-44". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 انْتَزَعَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ أَنْ تَمْنَعَنِي طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا اللَّهُ تَنْزِعُهَا مِنِّي! وَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ2. "خ"   1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "2/ 150-151" وجعفر بن جسر ضعيف كما في "الميزان" "1493". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3579" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، وأحمد "1/ 460"، والدارمي "29". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 فَصْلٌ فِي تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي يَدِهِ -صَلَّى الله عليه وسلم: قال قريش بن أنس: حدثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: لَا أَذْكُرُ عُثْمَانَ إِلَّا بِخَيْرٍ بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ: كُنْتُ رَجُلًا أَتَتَبَّعُ خَلَوَاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَأَيْتُهُ وَحْدَهُ، فَجَلَسْتُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ، ثُمَّ عثمان، وبين عُثْمَانُ وَبَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعُ حَصَيَاتٍ، فَأَخَذْهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي كَفِّهِ، فَسَبَّحْنَ، حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ. ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُمَرَ فَسَبَّحْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذِهِ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ" 1. صَالِحٌ لَمْ يَكُنْ حَافِظًا، وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: ذَكَرَ الْوَلِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ كَبِيرَ السِّنِّ، كَانَ مِمَّنْ أَدْرَكَ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ ذَكَرٌ لَهُ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ2. وَيَرْوِي مِثْلُهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. وَجَاءَ مثله عن أنس من وجهين منكرين. "أنين الشجرة والغصن الذي كان يخطب إليهما -صلى الله عليه وسلم-": وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 64، 65". 2 إلى هنا كلام الحافظ البيهقي في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ إِلَى نَخْلَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتُمْ"، فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ذَهَبَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، فَنَزَلَ فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، كَانَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ قَالَ: "كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذّكر عندها" 1. "خ". رواه جَمَاعَةٌ عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَلَاءِ الْمَازِنِيُّ وَاسْمُهُ عُمَرُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا وُضِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ حَنَّ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ فَمَسَحَهُ، فَسَكَنَ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ مُثَنَّى، عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ، عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِلَى جِذْعٍ وَيَخْطُبُ إِلَيْهِ، فَصُنِعَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمِنْبَرُ، فَلَمَّا جَاوَزَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ الْجِذْعَ خَارَ حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا سَمِعَ صَوْتَ الْجِذْعِ، فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَ ذَلِكَ الْجِذْعَ أَبِي فَكَانَ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى بَلِيَ وَأَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ وَعَادَ رُفَاتًا3. رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنِ ابْنِ عُقَيْلٍ. مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "هل ترون قبلتي ههنا، فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا سُجُودُكُمْ، إنّي لأراكم وراء ظهري" 4. متّفق عليه.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3584" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 66". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3583" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 66-67". 3 حسن: أخرجه ابن ماجه "1414" في كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في بدء شأن المنبر، والدارمي "36"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 67-68"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": حسن. 4 صحيح: أخرجه البخاري "418" في كتاب الصلاة، باب: عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة، ومسلم "424" في كتاب الصلاة، باب: الأمر بتحسين الصلاة، وأحمد "2/ 303، 365، 375"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 73". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذِهِ كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ أَبَانَهُ بِهَا مِنْ خَلْقِهِ. وَقَالَ الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ، وَفِيهِ: "فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ أَمَامِي وَمِنْ خَلْفِي، وَايْمُ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كثيرًا"، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: "رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ" 1. أَخْرَجَهُ مسلم. وقال بشر بن بكر: حدثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ2 فِيهِ صُورَةٌ، فَهَتَكَهُ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ" 3. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: قَالَتْ عَائِشَةُ: أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبُرْنُسٍ فِيهِ تِمْثَالُ عُقَابٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ عَلَيْهِ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ4. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُنْقَطِعَةٌ. وَقَالَ عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا يَافِعًا فِي غَنَمٍ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَرْعَاهَا، فَأَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: "يَا غُلَامُ هَلْ عِنْدَكَ لَبَنٌ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ وَلَكِنْ مُؤْتَمَنٌ، قَالَ: "فَائْتِنِي بِشَاةٍ لَمْ يَنْزُ 5 عَلَيْهَا الْفَحْلُ"، فَأَتَيْتُهُ بِعَنَاقٍ جَذَعَةٍ، فَاعْتَقَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ دَعَا وَمَسَحَ ضَرْعَهَا حَتَّى أَنْزَلَتْ، فَاحْتَلَبَ فِي صَحْفَةٍ، وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، وَشَرِبَ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: اقْلُصْ، فَقَلَصَ فَعَادَ كَمَا كَانَ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ: "إِنَّكَ غُلَامٌ مُعَلَّمٌ"، فَأَخَذْتُ عَنْهُ سَبْعِينَ سُورَةً مَا نَازَعَنِيهَا بَشَرٌ6. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ قَوِيٌّ. مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- ضعيفًا، أعرف فيه الجوع، فهل   1 صحيح: أخرجه مسلم "426" في كتاب الصلاة، باب: تحريم سبق الإمام، وأحمد "3/ 154"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 74". 2 القرام: ثوب من الصوف. 3 أخرجه أحمد "6/ 85-86"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 81". 4 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 81". 5 ينز: يثب. 6 أخرجه أحمد "1/ 379"، 462" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 84-85". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتْهُ فِيهِ، وَدَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي، وَأَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا في المسجد ومعه النَّاسِ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ: "قُومُوا" قَالَ: فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالناس وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ، فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمِّي مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ"، فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً1 لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثم قال: "ائذن لعشرة"، فأذن لهم، فأكلوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: "ائْذَنْ لِعَشْرَةٍ"، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، فَأَكَلَ الْقَوْمُ وَشَبِعُوا، وَهُمْ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَدْ مَرَّ مِثْلُ هَذَا فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جندب، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى بِقَصْعَةٍ، فِيهَا طَعَامٌ، فَتَعَاقَبُوهَا إِلَى الظُّهْرِ مُنْذُ غُدْوَةٍ، يَقُومُ قَوْمُ وَيَقْعُدُ آخَرُونَ، فَقَالَ رَجُلٌ لِسَمُرَةَ: هَلْ كَانَتْ تُمَدُّ؟ قَالَ: فَمِنْ أَيْشٍ تَعْجَبُ؟ مَا كَانَتْ تُمَدُّ إِلَّا من ههنا، وَأَشَارَ إِلَى السَّمَاءِ3، وَأَشَارَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ إِلَى السَّمَاءِ. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عن أبيه، أن سَلْمَانَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَدِيَّةٍ فَقَالَ: "لِمَنْ أَنْتَ"؟ قَالَ لِقَوْمٍ، قَالَ: "فَاطْلُبْ إِلَيْهِمْ أَنْ يُكَاتِبُوكَ"، قَالَ: فَكَاتَبُونِي عَلَى كذا وكذا نخلة أغرسها لهم،   1 العكة: السمن. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3587" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2040" في كتاب الأشربة، باب: جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 88-89". 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3645" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في آيات إثبات نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- "5/ 12-18"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 93"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وَيَقُومُ عَلَيْهَا سَلْمَانُ حَتَّى تُطْعِمَ، قَالَ فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَرَسَ النَّخْلَ كُلَّهُ، إِلَّا نَخْلَةً وَاحِدَةً غَرَسَهَا عُمَرُ، فَأَطْعَمَ نَخْلُهُ مِنْ سَنَتِهِ إِلَّا تِلْكَ النَّخْلَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ غَرَسَهَا"؟ قَالُوا: عُمَرُ، فَغَرَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ، فَحَمَلَتْ مِنْ عَامِهَا1. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي الْخَيْرِ كِتَابَةً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَتْهُمْ، أَنَا ابن ريذة، أنا الطّبرانيّ، حدثنا الوليد بن حمّاد الرّملي، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْسٌ، فَدَفَعَهَا إِلَيَّ يَوْمَ أُحُدٍ، فَرَمَيْتُ بِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى انْدَقَّتْ عَنْ سِيَتِهَا2، وَلَمْ أَزَلْ عَنْ مَقَامِي نَصْبَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْقَى السِّهَامَ بِوَجْهِي، كُلَّمَا مال سهم منها إلى وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَيَّلْتُ رَأْسِي لِأَقِيَ وَجْهَهُ، فَكَانَ آخِرُ سَهْمٍ نَدَرَتْ مِنْهُ حَدَقَتِي عَلَى خَدِّي، وَافْتَرَقَ الْجَمْعُ، فَأَخَذْتُ حَدَقَتِي بِكَفِّي، فَسَعَيْتُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَآهَا فِي كَفِّي دَمِعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّ قتادة قدى وَجْهَ نَبِيِّكَ بِوَجْهِهِ، فَاجْعَلْهَا أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأَحَدَّهُمَا نَظَرًا"، فَكَانَتْ أَحَدَّ عَيْنَيْهِ نَظَرًا3. حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ذَكَرْنَاهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بن زيد: حدثنا الْمُهَاجِرُ مَوْلَى آلِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَمَرَاتٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: فَقَبَضَهُنَّ ثُمَّ دَعَا فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: "خُذْهُنَّ فَاجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدٍ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُنَّ، فَأَدْخِلْ يَدَكَ، فَخُذْ وَلَا تَنْثُرُهُنَّ نَثْرًا" قَالَ: فَحَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكُنَّا نَأْكُلُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ الْمِزْوَدُ مُعَلَّقًا بِحَقْوِي لا يُفَارِقُ حَقْوِي، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ انْقَطَعَ4. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غريب.   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 97". 2 السية: ما انحنى من طرفي القوس. 3 أخرجه الطبراني في "الكبير" "19/ 8"، وقال الهيثمي في "المجمع" "6/ 113": فيه من لم أعرفه. 4 صحيح: أخرجه الترمذي "3865" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي هريرة -رضي الله عنه- والبيهقي في "الدلائل" "6/ 109"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 وَرُوِيَ فِي "جُزْءِ الْحَفَّارِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ: فَأَخَذْتُ مِنْهُ خَمْسِينَ وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ مُعَلَّقًا خَلْفَ رَحْلِي، فَوَقَعَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ فَذَهَبَ1. وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى غَرِيبَةٌ. وَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلا أَتَى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ، فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَمَنْ ضَيَّفَاهُ حَتَّى كَالَهُ، فأتى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: "لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ" 2. وَكَانَتْ أُمُّ مَالِكٍ تُهْدِي لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عُكَّةٍ لَهَا سَمْنًا، فَيَأْتِيهَا بَنُوهَا فَيَسْأَلُونَ الْأُدْمَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ، فَتَعْمِدُ إِلَى الَّذِي كَانَتْ تُهْدِي فِيهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَجِدُ فِيهِ سَمْنًا، فَمَا زَالَ يُقِيمُ لَها أُدْمَ بَيْتِهَا حَتَّى عَصَرَتْهُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَعَصَرْتِيهَا"؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "لَوْ تَرَكْتِيهَا مَا زَالَ قَائِمًا" 3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيرٍ. فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، حَتَّى هَمَّ أَحَدُهُمْ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَزْوَادِ فَدَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَفَعَلَ، فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ، فَدَعَا حَتَّى إِنَّهُمْ مَلَئُوا أَزْوَادَهُمْ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: "أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ الله، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ" 4. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى نَحْوَهُ وَأَطْوَلَ مِنْهُ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَزَادَ: فَمَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وِعَاءٌ إِلَّا مَلَئُوهُ وَبَقِيَ مِثْلُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَقَالَ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 110". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2281" في كتاب الفضائل، باب: في معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "6/ 114". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2280" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 114". 4 صحيح: أخرجه مسلم "27" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا، وأحمد "3/ 11"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 120". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَا يَلْقَى اللَّهَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ بِهَا إِلَّا حُجِبَ عَنِ النَّارِ" 1. رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْهُ. وَقَالَ سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءَ الْعُطَارِدِيَّ يقول: حدثنا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيرٍ فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ عَرَّسُوا فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ أَبُو بَكْرٍ، فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ بَعْدَهُ، فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ، حَتَّى يَسْتَيْقِظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ وَالشَّمْسُ قَدْ بَزَغَتْ قَالَ: "ارْتَحِلُوا"، فَسَارَ بِنَا حَتَّى ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى بِنَا، وَاعْتَزَلَ رَجُلٌ فَلَمْ يُصَلِّ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "يَا فُلَانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا"؟ قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، ثُمَّ صَلَّى، وَجَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ أَطْلُبُ الْمَاءَ، وَكُنَّا قَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا، فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ، قُلْنَا لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ قَالَتْ: أَيْهَاتَ فَقُلْنَا: كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ؟ قَالَتْ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَقُلْنَا: انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ2، فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَجَّ3 فِي الْعَزْلَاوَيْنِ4 الْعُلْيَاوَيْنِ، فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أربعين رجلًا حتّى روينا وملأنا كلّ قرية معنا وكلّ إدواة. وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا، وَهِيَ تَكَادُ تَضَرَّجُ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا: "هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ"، فَجَمَعْنَا لَهَا مِنَ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ، حَتَّى صَرَّ لَهَا صُرَّةً فَقَالَ: "اذْهَبِي فَأَطْعِمِي عِيَالَكِ، وَاعْلَمِي أَنَّا لَمْ نَرْزَأْ مِنْ مَائِكِ شَيْئًا"، فَلَمَّا أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ: لَقَدْ أَتَيْتُ أَسْحَرَ النَّاسِ، أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا، فَهَدَى اللَّهُ ذَلِكَ الصِّرْمَ5 بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا6. اتَّفَقَا عَلَيْهِ.   1 أخرجه أحمد "3/ 417-418"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 121". 2 مؤتمة: عندها أيتام. 3 مج: لفظ. 4 العزلاوين: فمي المزادة الأسفلين. 5 الصرم: القطعة من الشيء. 6 صحيح: أخرجه البخاري "3571" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "682" في كتاب المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ تَعْطَشُوا"، فَانْطَلَقَ سَرَعَانُ النَّاسِ تُرِيدُ الْمَاءَ، وَلَزِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَمَالَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَنَعَسَ، قَالَ: فَمَالَ فَدَعَمْتُهُ فَأَدْعَمَ وَمَالَ، فَدَعَمْتُهُ فَأَدْعَمَ، ثُمَّ مَالَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَنْقَلِبَ، فَدَعَمْتُهُ فَانْتَبَهَ، فَقَالَ: "مَنِ الرَّجُلُ"؟ قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ: "حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ"، ثُمَّ قَالَ: "لَوْ عَرَّسْنَا"، فَمَالَ إِلَى شَجَرَةٍ، فَنَزَلَ فَقَالَ: "انْظُرْ هَلْ تَرَى أَحَدًا"؟ فَقُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ، هَذَانِ رَاكِبَانِ، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةً فَقَالَ: "احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا"، قَالَ: فَنِمْنَا فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَانْتَبَهْنَا فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَارَ وَسِرْنَا هُنْيَةً، ثُمَّ نَزَلْنَا فَقَالَ: "أَمَعَكُمْ مَاءٌ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ مَيْضَأَةٌ1 فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، قَالَ: "فَأْتِنِي بِهَا" 2، فَتَوَضَّئُوا وَبَقِيَ فِي الْمَيْضَأَةِ جُرْعَةٌ فَقَالَ: "ازْدَهِرْ بِهَا يَا أَبَا قَتَادَةَ، فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهَا شَأْنٌ"، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا، فَقَالَ بَعْضٌ لِبَعْضٍ: فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَقُولُونَ؟ إِنْ كَانَ أَمْرَ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ، وَإِنْ كَانَ أَمْرَ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ"، قُلْنَا: فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا، قَالَ: "لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَصَلُّوهَا مِنَ الْغَدِ لِوَقْتِهَا". ثُمَّ قَالَ: "ظُنُّوا بِالْقَوْمِ"، فَقُلْنَا: إِنَّكَ قُلْتَ بِالْأَمْسِ إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ غَدًا تَعْطَشُوا، فَأَتَى النَّاسُ الْمَاءَ فَقَالَ: "أَصْبَحَ النَّاسُ وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ"، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالماء، وفي القوم أبا بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَا: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ الله لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويحلّفكم، وَإِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا، قَالَهَا ثَلَاثًا، فَلَمَّا اشْتَدَّتِ الظَّهِيرَةُ رُفِعَ لَهُمْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْنَا عَطَشًا انْقَطَعَتِ الْأَعْنَاقُ، قَالَ: "لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ"، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا قَتَادَةَ ائْتِنِي بِالْمَيْضَأَةِ"، فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ: "حُلَّ لِي غُمَرِي" -يَعْنِي قَدَحَهُ- فَحَلَلْتُهُ، فَجَعَلَ يَصُبُّ فِيهِ وَيَسْقِي النَّاسَ، فَقَالَ: "أَحْسِنُوا الْمِلْءَ، فَكُلُّكُمْ سَيَصْدُرُ عَنْ رِيٍّ" فَشَرِبَ الْقَوْمُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَبَّ لِي فَقَالَ: "اشْرَبْ"، قلت: اشرب أنت يا رسول الله، قَالَ: "إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا"، فَشَرِبْتُ ثُمَّ شَرِبَ بَعْدِي، وَبَقِيَ مِنَ الْمَيْضَأَةِ نَحْوٌ ممّا كان فيها، وهم يومئذ ثلاثمائة.   1 الميضأة: الإناء الذي يتوضأ منه. 2 ازدهر بها: احتفظ بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَسَمِعَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَنَا أُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رياح الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: الْقَوْمُ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِمْ، انْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ فَإِنِّي أَحَدُ السَّبْعَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ أَحَدًا يَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرِي1. وَرَوَاهُ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فبينا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَأَتَاهُ أعرابيّ فقال: يا رسول الله هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءَ قَزْعَةً2، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهُمَا حَتَّى ثَارَتْ سَحَابَةٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنِ الْمِنْبَرِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَنْ لِحْيَتِهِ، فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الْغَدِ، وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ، حَتَّى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا"، فَمَا يُشِيرُ بِيَدَيْهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ، حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ3، وَسَالَ الْوَادِي، وَادِي قُبَاءٍ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ مِنَ النَّوَاحِي إِلَّا حَدَّثَ بِالْجُودِ4. اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَرَوَاهُ ثَابِتٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وروح بن عبادة: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ، سَمِعَ عُمَارَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عُثْمَانَ بن حنيف، أنّ   1 صحيح: أخرجه مسلم "681" في كتاب المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 132-133". 2 قزعة: سحابة. 3 الجوبة: الفرجة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "1033" في كتاب الاستسقاء، باب: من تمطر في المطر، ومسلم "897/ 9" في كتاب الاستسقاء، باب: الدعاء في الاستسقاء، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 139-140". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 رَجُلًا ضَرِيرًا أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي، قَالَ: "فَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ اللَّهَ"، قَالَ: فَادْعُهُ، قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ الْوُضُوءَ، وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ، فَتَقْضِيهَا لِي، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي". فَفَعَلَ الرجل فبرأ1. قال البيهقيّ: وكذلك رواه حمّاد ين سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ الْخَطْمِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَاءَهُ رَجُلٌ ضَرِيرٌ فَشَكَا إِلَيْهِ ذِهَابَ بَصَرِهِ فَقَالَ: "ائْتِ الْمَيْضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ صَلِّ ركعتين ثم قل: اللهمّ إنّ أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فَيُجْلِي لِي عَنْ بَصَرِي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ وشفّعني في نفسي"، قال عُثْمَانُ: فَوَاللَّهِ مَا تَفَرَّقْنَا وَلَا طَالَ الْحَدِيثُ حَتَّى دَخَلَ الرَّجُلُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضَرَرٌ قَطُّ2. رَوَاهُ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَلَبَ يَهُودِيٌّ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ"، قَالَ فَاسْوَدَّ شَعْرُهُ حَتَّى صَارَ أَشَدَّ سَوَادًا مِنْ كذا وكذا3.   1 أخرجه الترمذي "3589" في كتاب الدعوات، باب: رقم "118" وابن ماجه "1385" في كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الحاجة، وأحمد "4/ 138"، والبيهقي في "الدلائل: " "6/ 166" واللفظ له. ورواية الباقي دون قوله $"وشفعني في نفسي"، وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" "1/ 323"، وقال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" "974": صحيح. وكذلك صححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 176". 3 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 210". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَفِيهِ: "فَاسْوَدَّتْ لِحْيَتُهُ بَعْدَ مَا كَانَتْ بَيْضَاءَ"1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: كَانَتْ لَيْلَةً شَدِيدَةَ الظُّلْمَةِ وَالْمَطَرِ فَقُلْتُ: لَوْ أَنِّي اغْتَنَمْتُ الْعَتْمَةَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبْصَرَنِي وَمَعَهُ عُرْجُونٌ2 يَمْشِي عَلَيْهِ، فَقَالَ: "يا قتادة اخرج هَذِهِ السَّاعَةَ؟ " قُلْتُ: اغْتَنَمْتُ شُهُودَ الصَّلَاةِ مَعَكَ، فَأَعْطَانِي الْعُرْجُونَ فَقَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ خَلَفَكَ فِي أَهْلِكَ فَاذْهَبْ بِهَذَا الْعُرْجُونِ فَاسْتَعِنْ بِهِ حَتَّى تَأْتِيَ بَيْتَكَ، فَتَجِدَهُ فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ فاضربه بالعرحون"، فَخَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَضَاءَ الْعُرْجُونُ مِثْلَ الشَّمْعَةِ نُورًا، فَاسْتَضَأْتُ بِهِ فَأَتَيْتُ أَهْلِي فَوَجَدْتُهُمْ رُقُودًا، فَنَظَرْتُ فِي الزَّاوِيَةِ فَإِذَا فِيهَا قُنْفُذٌ، فَلَمْ أَزَلْ أَضْرِبُهُ بِهِ، حَتَّى خَرَجَ3. عَاصِمٌ عَنْ جَدِّهِ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ4، لَكِنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ حَدِيثٌ قَوِيٌّ. وَقَالَ حرميّ بن عمارة: حدثنا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ، حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادْنُ مِنِّي". قَالَ: فَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِي وَلِحْيَتِي ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ وَأَدِمْ جَمَالَهُ"، قَالَ: فَبَلَغَ بِضْعًا وَمِائَةِ سَنَةٍ وَمَا فِي لِحْيَتِهِ إِلَّا نَبْذٌ يَسِيرٌ، وَلَقَدْ كَانَ مُنْبَسِطَ الْوَجْهِ لَمْ يَنْقَبِضْ وَجْهُهُ حَتَّى مَاتَ5. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَوْصُولٌ، وَأَبُو زَيْدٍ هُوَ عمرو بن أخطب. وقال عليّ بن الحسن بن شقيق: حدثنا الحسين بن واقد، حدثنا أبو نهيك   1 منكر: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 210"، وفي إسناده محمد بن إبراهيم بن عزرة، قال المصنف في "الميزان" "7109": روى عنه محمد بن سليمان المنقري خبرًا منكرًا. ا. هـ، يقصد الحديث. 2 العرجون: العذق. 3 إسناده منقطع: أخرجه الطبراني في "الكبير" "19/ 5-6"، وهو منقطع كما يأتي. 4 وذلك أن قتادة بن النعمان مات "23" أو قبلها بعام، وعاصم مات "106"، أبو بعدها. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 211". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 الأزديّ عن عمرو بن أخطب وهو أَبُو زَيْدٍ قَالَ: اسْتَسْقَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ، وَفِيهِ شَعْرَةٌ فَرَفَعْتُهَا ثُمَّ نَاوَلْتُهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ"، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ ابْنَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَمَا فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ طَاقَةٌ بَيْضَاءُ1. وَقَالَ مُعْتَمِرُ بن سليمان: أخبرنا أَبِي، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ فِي مَرَضِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ فِي مُؤَخَّرِ الدَّارِ، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ فِي وَجْهِهِ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسَحَ وَجْهَهَ، قَالَ: وَكُنْتُ قَلَّمَا رَأَيْتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ كَأَنَّ عَلَى وَجْهِهِ الدِّهَانُ2. رَوَاهُ عارم، ويحيى بن معين، عن معتمر. وقال عكرمة بن عمّار: حدثنا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِمَالِهِ فَقَالَ: "كُلْ بِيَمِينِكَ"، قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: "لَا اسْتَطَعْتَ"، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ بَعْدُ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالْوَلَدُ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ وَيَنْزِعُ إِلَى أُمِّهِ. قَالَ: "أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا " -قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ- "أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَأَمَّا الْوَلَدُ، فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ نَزَعَهُ إِلَى أَبِيهِ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَهُ إِلَى أُمِّهِ". فَأَسْلَمَ ابن سَلَامٍ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرَ الْمَدَنِيِّ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ مُرْسَلًا، فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْهُ، وَفِيهِ: "فَأَمَّا الشَّبَهُ فَأَيُّ النُّطْفَتَيْنِ سَبَقَتْ إِلَى الرَّحِمِ فَالْوَلَدُ له أشبه" 5.   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 211-212". 2 أخرجه أحمد "5/ 27-28"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 217". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2021" في كتاب الأشربة، باب: آداب الطعام والشراب، وأحمد "4/ 46"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 238". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3938" في كتاب مناقب الأنصار، باب: رقم "51" وأحمد "3/ 108، 189، 271" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 528، 529"، و"6/ 260، 261". 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل": "6/ 261-262". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وقال معاوية بن سلام، عن زيد بن سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَلَامٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ أَنَّ ثَوْبَانَ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَ حَبْرٌ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا، فَقَالَ: لِمَ تَدْفَعُنِي؟ قُلْتُ: أَلَا تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّمَا سَمَّيْتُهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اسْمِي الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أهَلْيِ محمد" فقال اليهوديّ: إن النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ؟ قَالَ: "فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ"، قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟ قَالَ: "فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ" قَالَ: مِمَّا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: "زِيَادَةُ كَبِدِ نُونٍ" 1 قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى أَثَرِهِ؟ قَالَ: "يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا"، قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: "مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا"، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ، قَالَ: "يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ" قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، قَالَ: "سَلْ"، قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الْوَلَدِ، قَالَ: "مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرجل منيّ المرأة أذكرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرجل آنثا بِإِذْنِ اللَّهِ"، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ سَأَلَنِي هَذَا الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ، وَمَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنْهُ حَتَّى أَتَانِي اللَّهُ بِهِ" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ يَوْمًا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهَا لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ، قَالَ: "سَلُوا عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَى بَنِيهِ، إِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ بِشَيْءٍ تَعْرِفُونَهُ أَتُبَايِعُنِّي عَلَى الْإِسْلَامِ"؟ قَالُوا: لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: "فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ"، قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهَا: أَخْبِرْنَا عَنِ الطَّعَامِ الَّذِي حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ، وَأَخْبِرْنَا عَنْ مَاءِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ، حَتَّى يَكُونَ ذَكَرًا، وَكَيْفَ تَكُونُ الْأُنْثَى منه حتى   1 النون: الحوت. 2 صحيح: أخرجه مسلم "315" في كتاب الحيض، باب: بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 263-264". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 تَكُونَ أُنْثَى، وَمَنْ وَلِيُّكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ: "فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللَّهِ لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ لَتُبَايِعُنِّي"، فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، قال: "أنشدكم عَهْدُ اللَّهِ لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ لَتُبَايِعُنِّي"، فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، قَالَ: "أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا طَالَ سَقَمُهُ مِنْهُ، فَنَذَرَ لِلَّهِ لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ: أَلْبَانُ الْإِبِلِ، وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، لَحْمَانُهَا"؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ"، قَالَ: "أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلَا كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَإِنْ عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِنْ عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ كَانَتْ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ"؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: "اللَّهُمَّ اشهد"، قَالَ: "أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ"؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ". قَالُوا: أَنْتَ الْآنَ حَدِّثْنَا مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ، قَالَ: "وَلِيِّي جِبْرِيلُ، وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ وَلِيُّهُ"، قَالُوا: فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ، لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ غَيْرَهُ مِنَ الملائكة لبايعناك وصدّقناك، قال: "وَلِمَ"؟ قَالُوا: إِنَّهُ عَدُوُّنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} 1الآية. ونزلت {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} 2. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنْبَأَ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ فَنَسْأَلْهُ، فَقَالَ الْآخَرُ: لَا تَقُلْ نَبِيٌّ، فَإِنَّهُ إِنْ سَمِعَكَ تَقُولُ نَبِيٌّ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ، فَانْطَلَقَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَاهُ عَنْ قَوْلِهِ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، قَالَ: "لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تزنوا، لا تسحروا، ولا   1 سورة البقرة: 97. 2 سورة البقرة: 90. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 266-267"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 83-84" وشهر بن حوشب ضعيف الحفظ كما في "التقريب" "2830" ولكن رواية عبد الحميد عنه أصلح حالا من غيرها، قال أحمد: لا بأس لحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر. نقله في "الصحيحة" "4/ 350". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فَيَقْتُلَهُ، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَفِرُّوا مِنَ الزَّحْفِ، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً -شَكَّ شُعْبَةُ- وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَنْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ". فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، قَالَ: "فَمَا يَمْنَعُكُمَا أَنْ تُسْلِمَا"؟ قَالَا: إِنَّ دَاوُدَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَنَحْنُ نَخَافُ إِنْ أَسْلَمْنَا أَنْ تقتلنا اليهود1. وقال عفّان: أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ ابْتَعَثَ نَبِيَّهُ لِإِدْخَالِ رِجَالٍ الْجَنَّةَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَنِيسَةً فَإِذَا هُوَ بِيَهُودَ، وَإِذَا يَهُودِيٌّ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى صِفَتِهِ أَمْسَكَ، وَفِي نَاحِيَتِهَا رَجُلٌ مَرِيضٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لكم أَمْسَكْتُمْ"؟ فَقَالَ الْمَرِيضُ: إِنَّهُمْ أَتَوْا عَلَى صِفَةِ نَبِيٍّ فَأَمْسَكُوا، ثُمَّ جَاءَ الْمَرِيضُ يَحْبُو حَتَّى أَخَذَ التَّوْرَاةَ وَقَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَقَرَأَ، حَتَّى أَتَى عَلَى صِفَتِهِ، فَقَالَ: هَذِهِ صِفَتُكَ وَصِفَةُ أُمَّتِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لُوا أَخَاكُمْ"2. وَقَالَ يزيد بن هارون: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْرَزِ، عَنْ وَابِصَةَ -هُوَ الْأَسَدِيُّ- قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنَ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَجَعَلْتُ أَتَخَطَّى النَّاسَ، فَقَالُوا: إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: دَعُونِي أَدْنُو مِنْهُ، فَإِنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ. فَقَالَ: "ادْنُ يَا وَابِصَةُ"، فَدَنَوْتُ حتى مسّت   1 ضعيف: أخرجه الترمذي "2742" في كتاب الاستئذان، باب: ما جاء في قبلة اليد والرجل، والنسائي "7/ 111" في كتاب تحريم الدم، باب: السحر، وابن ماجه مختصرًا "3705" في كتاب الأدب، باب: الرجل يقبل يد الرجل، وأحمد "4/ 239"، وأبو نعيم في "الحلية" "6528" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 286"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 674": في رجاله من تكلم فيه، وقال في "تفسيره" "3/ 67": هو حديث مشكل وعبد الله بن سلمة، في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع آيات بالعشر كلمات ... إلى أن قال. وما جاءهم هذا الوهم إلا من قبل ابن سلمة فإن له بعض ما ينكر، والله أعلم. وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "517": ضعيف. 2 إسناده منقطع: أخرجه أحمد "1/ 416" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 273"، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه كما تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَقَالَ: "يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ بِمَا جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْهُ"؟ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهَا فِي صَدْرِي وَيَقُولُ: "يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، الْبِرُّ: مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وأفتوك" 1. وقال ابن وهب: حدّثني معاوية عن أبي عبد الله محمد الْأَسَدِيِّ، سَمِعَ وَابِصَةَ الأَسَدِيَّ قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْأَلُهُ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ، فَقَالَ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَسْأَلَهُ: "جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ"؟ قُلْتُ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنَّهُ لَلَّذِي جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَقَالَ: "الْبِرُّ مَا انْشَرَحَ لَهُ صَدْرُكَ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ عَنْهُ النَّاسُ" 2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ، سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجْنَا إِلَى الطَّائِفِ، فَمَرَرْنَا بِقَبْرٍ، فَقَالَ: "هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ، وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ، وَكَانَ مِنْ قَوْمِ ثَمُودَ، فَلَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَهُ مَنَعَهُ مَكَانُهُ مِنَ الْحَرَمِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهُ أَصَابَتْهُ النَّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ، فَدُفِنَ فِيهِ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ، إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ". قَالَ: فابتدرناه فاستخرجنا الغصن3.   1 أخرجه أحمد "4/ 228" وأبو نعيم في "الحلية" "1400"، وقال النووي في "رياض الصالحين "ص178": حديث حسن. وقد ذكر في إسناد أحمد أن الزبير لم يسمع من أيوب بن عبد الله. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 292". 3 ضعيف: أخرجه أبو داود "3088" في كتاب الخراج، باب: نبش القبور، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 297" وأخرجه أيضًا المصنف بسنده في "الميزان" "1124" وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "678": ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 بَابٌ: مِنْ أَخْبَارِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالكوائن بعده فوقعت كما أخبر شعبة بن عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: لَقَدْ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا يَكُونُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْهَا1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقَامًا مَا تَرَكَ فِيهِ شَيْئًا إلى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا ذَكَرَهُ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ وَفِي لَفْظٍ: "حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ" وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ2. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ بِمَعْنَاهُ. وقال عزرة بن ثابت: حدثنا علباء بن أحمر، حدثنا أَبُو زَيْدٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفَجْرَ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى أَظُنَّهُ قَالَ: حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ: فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَحْفَظُنَا أَعْلَمُنَا3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا، أَلَا تَسْتَنْصِرُ اللَّهَ لَنَا؟ فَجَلَسَ مُحْمَارًّا وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: "وَاللَّهِ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَيُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَتُحْفَرُ لَهُ الحفرة، فيوضع المنشار على رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، أَوْ يُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا بَيْنَ عَصَبِهِ وَلَحْمِهِ، مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ الله   1 صحيح: أخرجه مسلم "2891/ 24" في كتاب الفتن، باب: إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يكون إلى قيام الساعة. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6604" في كتاب القدر، باب: وكان أمر الله قدرًا مقدورًا، ومسلم "2891/ 23" في المصدر السابق. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2892" في المصدر السابق، وأحمد "5/ 341". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 هَذَا الْأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْكُمْ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخْشَى إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ لَكَ مِنْ أَنْمَاطٍ" 2، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَّى يَكُونُ لِي أَنْمَاطٌ؟ قَالَ: "أَمَا إِنَّهَا سَتَكُونُ"، قَالَ: فَأَنَا أَقُولُ الْيَوْمَ لِامْرَأَتِي: نَحِّي عَنِّي أَنْمَاطَكِ، فَتَقُولُ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمْ أَنْمَاطٌ بَعْدِي، فَأَتْرُكُهَا3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "تُفْتَحُ الْيَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ تُفْتَحُ الشَّامُ، فَيَأْتِي فَيَبُسُّونَ4 فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ تُفْتَحُ الْعِرَاقُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ فَيَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" 5. أَخْرَجَاهُ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن العلاء بن زبر، حدثنا بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ لِي: "يَا عَوْفُ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مَوْتَانُ 6، يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ 7 الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ فِيكُمْ، حَتَّى يعطى الرجل مائة دينار فيظلّ   1 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 2 أنماط: جموع نمط، وهو ثوب من صوف يطرح على الهودج. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3631" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2083" في كتاب اللباس، باب: جواز اتخاذ الأنماط، والبيهقي في "الدلائل: " "6/ 319". 4 يبسون: يسوقون دوابهم. 5 صحيح: أخرجه البخاري "1875" في كتاب فضائل المدينة، باب: من رغب عن المدينة ومسلم "1388" في كتاب الحج: باب: الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار، وأحمد "5/ 219-220"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 320". 6 موتان: وباء. 7 قعاص: داء يأخذ الدواب فتموت فجأة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً 1، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا" 2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ، سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا" 3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مالك، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا فَتَحْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا"4. مُرْسَلٌ مَلِيحُ الْإِسْنَادِ. وَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ مُتَّصِلًا5. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ كَانَتْ قِبْطِيَّةً، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: مَارِيَةُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ قِبْطِيَّةٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَهْلِكُ كِسْرَى، ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرُ لَيَهْلِكَنَّ، ثُمَّ لَا يَكُونُ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، وَلَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ" 6. متّفق عليه.   1 غاية: راية. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3176" في كتاب الجزية، باب: ما يحذر من الغدر، وابن ماجه "4042" في كتاب الفتن، باب: أشراط الساعة، وأحمد "5/ 228"، وأبو نعيم في "الحلية" "6641"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 320-321". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2543" في كتاب فضائل الصحابة، باب: وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بأهل مصر، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 321". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 322". 5 أخرجه البيهقي في المصدر السابق. 6 صحيح: أخرجه البخاري "3618" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2918"، في كتاب الفتن، باب: رقم "18"، وأحمد "2/ 233، 240، 256، 272، 313، 501"، والترمذي "2223" في كتاب الفتن، باب: ما جاء إذا ذهب كسرى فلا كسرى بعده، وعبد الرزاق في "مصنفه" "20814"، والبيهقي في "سننه" "9/ 177"، وفي "الدلائل" "4/ 393"، وابن حبان في "صحيحه" "6689"، والبغوي في "شرح السنة" "3728، 3729". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 أَمَّا كِسْرَى وَقَيْصَرُ الْمَوْجُودَانِ عِنْدَ مَقَالَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُمَا هَلَكَا، وَلَمْ يَكُنْ بعد كسرى كسرى آخر، ولا بعد قيصر بالشام قيصر آخر، وانفقت كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْرِ عُمَرَ -رَضِيَ الله عنه- وبقي للقياصرة ملك بالروم وقسطنطينية، لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَبُتَ مُلْكُهُ"1 حِينَ أَكْرَمَ كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ تَعَالَى فتح القسطنطينة، وَلَمْ يَبْقَ لِلْأَكَاسِرَةِ مُلْكٌ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَزَّقَ اللَّهُ مُلْكَهُ" حِينَ مَزَّقَ كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِفَرْوَةِ كِسْرَى فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَفِي الْقَوْمِ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمَ، قَالَ فَأَلْقَى إِلَيْهِ سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، فَجَعَلَهُمَا فِي يَدَيْهِ فَبَلَغَا مَنْكِبَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُمَا عُمَرُ فِي يَدَيْ سُرَاقَةَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ سِوَارَا كِسْرَى فِي يَدِ سُرَاقَةَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ عَنْ عديّ بن حاتم قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُثِّلَتْ لِيَ الْحِيرَةُ كَأَنْيَابِ الْكِلَابِ وَإِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا"، فقام رجل فقال: يا رسول الله هَبْ لِي ابْنَةَ بُقَيْلَةَ، قَالَ: "هِيَ لَكَ" فَأَعْطَوْهُ إِيَّاهَا، فَجَاءَ أَبُوهَا فَقَالَ: أَتَبِيعُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بِكَمْ؟ احْكُمْ مَا شِئْتَ، قَالَ: أَلْفُ دِرْهَمٍ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهَا، قَالُوا لَهُ: لَوْ قُلْتَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا لَأَخَذَهَا، قَالَ: وَهَلْ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ4. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَمَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ الْأَزْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتُجَنِّدُونَ أَجْنَادًا، جُنْدًا بِالشَّامِ، وَجُنْدًا بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدًا بِالْيَمَنِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خِرْ لِي، قَالَ: "عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ وَلْيَسْقِ مِنْ غدره، فإنّ الله   1 أخرجه البيهقي في "سننه" "9/ 177" عند الشافعي معضلًا. 2 مرسل: أخرجه البخاري "4424" في كتاب المغازي، باب: كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى كسرى وقيصر، عن سعيد بن المسيب مرسلًا. 3 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 325"، والحسن ولد في آخر خلافة عمر -رضي الله عنه. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 326". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ"، قَالَ أَبُو إِدْرِيسَ: مَنْ تَكَفَّلَ اللَّهُ بِهِ فَلَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِ1. صَحِيحٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكِرْمَانَ -قَوْمًا مِنَ الْأَعَاجِمِ- حُمْرُ الْوُجُوهِ، فُطْسُ الْأُنُوفِ، صِغَارُ الْأَعْيُنِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ 2 الْمُطْرَقَةُ" 3، قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ" 4. "خ"5. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ سَيَّارِ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ جَبْرِ بْنِ عَبِيدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَعَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزْوَةَ الْهِنْدِ، فَإِنْ أدركتها أنفق فيها ما لي وَنَفْسِي، فَإِنِ اسْتُشْهِدْتُ كُنْتُ مِنْ أَفْضَلِ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ رَجَعْتُ فَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُحَرِّرُ6. غَرِيبٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ، وَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طالب، فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا وَالْعَاقِبَةَ فِي الآخر وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ" 7. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم   1 صحيح: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 326-327" من هذا الوجه، وأخرجه أبو داود ""2483" في كتاب الجهاد، باب: في سكنى الشام، وأحمد "4/ 110"، وأبو نعيم في "الحلية" "1341"، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "3659": صحيح. 2 المجان: جمع مجن، وهو الترس. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3590" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، من حديث أبي هريرة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3587" في المصدر السابق، ومسلم "2912" في كتاب الفتن، باب: رقم "18" من حديث أبي هريرة. 5 كذا رمز له بهذا الرمز الذي يعني أن البخاري أخرجه وليس كذلك فانظر التعليق الآتي. 6 إسناده ضعيف: أخرجه النسائي "6/ 42" في كتاب الجهاد، باب: غزوة الهند، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 336"، وقال المصنف في "الميزان" "1437": خبر منكر، وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": ضعيف الإسناد. 7 صحيح: أخرجه مسلم "2270" في كتاب الرؤيا، باب: رؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "6/ 337". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ"، قَالُوا: فما تأمرنا؟ قال: "فوا ببيعة الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ" 1. اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخَشْنِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إن اللَّهَ بَدَأَ هَذَا الْأَمْرَ نُبُوَّةً وَرَحْمَةً، وَكَائِنًا خِلَافَةً وَرَحْمَةً، وَكَائِنًا مُلْكًا عَضُوضًا، وَكَائِنًا عُتُوًّا وَجَبْرِيَّةً وَفَسَادًا فِي الْأُمَّةِ، يَسْتَحِلُّونَ الْفُرُوجَ وَالْخُمُورَ وَالْحَرِيرَ وَيُنْصَرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيُرْزَقُونَ أَبَدًا حَتَّى يَلْقَوُا اللَّهَ"2. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ وَغَيْرُهُ، عَنْ سعيد بن جهمان، عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ". قَالَ لِي سَفِينَةُ: أَمْسَكَ أَبُو بَكْرٍ سَنَتَيْنِ، وَعُمَرُ عشرًا، وعثمان اثنتي عشرة، وَعَلِيٌّ سِتًّا. قُلْتُ لِسَفِينَةَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً، قَالَ: كَذَبَتْ أَسْتَاهُ بَنِي الزَّرْقَاءِ، يَعْنِي بَنِي مَرْوَانَ3. كَذَا قَالَ فِي عَلِيٍّ "سِتًّا"، وَإِنَّمَا كَانَتْ خِلَافَةُ عَلِيٍّ خَمْسَ سِنِينَ إِلَّا شَهْرَيْنِ، وَإِنَّمَا تَكْمُلُ الثَّلَاثُونَ سَنَةً بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ زَائِدَةٍ عَمَّا ذُكِرَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ صالح بن كيسان، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قال: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْيَوْمِ الَّذِي بُدِئَ فِيهِ، فَقُلْتُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ: "وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ، فَهَيَّأْتُكِ وَدَفَنْتُكِ"، فَقُلْتُ غَيْرَى: كَأَنِّي بِكَ في   1 صحيح: أخرجه البخاري "3455" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، ومسلم "1842" في كتاب الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 338". 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 340" وليث هو ابن أبي سليم، ضعيف الحفظ. 3 صحيح: أخرجه أبو داود "6464" في كتاب السنة، باب: في الخلفاء، والترمذي "2233" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في الخلافة، وأحمد "2/ 220-221" والطبراني في "الكبير" "6442"، وأبو نعيم في "الحلية" "1280"، والحاكم في "مستدركه" "4438" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 341" وابن حبان في "صحيحه" "6657" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 ذَلِكَ الْيَوْمِ عَرُوسًا بِبَعْضِ نِسَائِكَ، فَقَالَ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يقول قائل ويتمنّى ممتنّ: أَنَّى وَلَا، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعِنْدَهُ: فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولَ قَائِلٌ: أَنَّى، وَلَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُحُدًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وَقَالَ: "اثْبُتْ عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ" 2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ نَحْوَهُ، لَكِنَّهُ قَالَ "حِرَاءَ" بَدَلَ "أُحُدٍ" وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءٍ، هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ" 3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. أَبُو بَكْرٍ صِدِّيقٌ، وَالْبَاقُونَ قَدِ اسْتُشْهِدُوا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقد خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ قَدْ هَلَكْتُ، قَالَ: "وَلِمَ"؟ قَالَ: نَهَانَا اللَّهُ أَنْ نُحِبَّ أَنْ نُحْمَدَ بِمَا لَمْ نَفْعَلْ، وَأَجِدُنِي أُحِبُّ الْحَمْدَ، وَنَهَانَا عَنِ الْخُيَلَاءِ، وَأَجِدُنِي أُحِبُّ الْجَمَالَ، وَنَهَانَا أَنْ نرفع أصواتنا، وَأَنَا جَهِيرُ الصَّوْتِ، فَقَالَ: "يَا ثَابِتُ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَعِيشَ حَمِيدًا، وَتُقْتَلَ شَهِيدًا، وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ " قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَعَاشَ حَمِيدًا، وَقُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ4. مرسل، وثبت أنّه قتل يوم اليمامة.   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 343"، وأخرجه مسلم "2387" في كتاب الفضائل، باب: من فضائل أبي بكر، من قول "ادعى لي أبا بكر وأخاك ... " الحديث. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3686" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2417" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 355". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وقال الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكن التَّحْرِيشُ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسَرَّ إِلَيَّ: "إِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لُحُوقًا بِي وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ" 2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنه كَانَ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ" 3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ عُمَرَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ مَلَكٍ4. وَمِنْ وُجُوهٍ، عَنْ عَلِيٍّ: مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ5. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَصْرِيُّ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا يُدْعَى سَارِيَةَ، فَبَيْنَمَا عُمَرُ يَخْطُبُ، فَجَعَلَ يَصِيحُ "يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ"، فَقَدِمَ رَسُولٌ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقِينَا عَدُوَّنَا فَهَزَمُونَا، فَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ "يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ"، فَأَسْنَدْنَا ظُهُورَنَا إِلَى الْجَبَلِ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، فقلنا لعمر: كنت تصيح بذلك6.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2812" في كتاب صفة القيامة، باب: تحريش الشيطان، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 363". 2 صحيح: أخرجه البخاري "6285، 6286" في كتاب الاستئذان، باب: من ناجي بين يدي الناس، ومسلم "2450/ 99" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل فاطمة -رضي الله عنها. 3 صحيح: أخرجه مسلم "23987" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر -رضي الله عنه. وأخرجه البخاري "3689" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 370". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 369، 370". 6 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 370". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وَقَالَ ابْنُ عَجْلَانَ: وَحَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بِذَلِكَ. وَقَالَ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: فَوَفَدَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى عُمَرَ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ يُدْعَى أُوَيْسًا، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا ههنا مِنَ الْقَرَنِيِّينَ أَحَدٌ؟ قَالَ: فَدُعِيَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَنَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ، وَلَا يَدَعُ بِهَا إِلَّا أمًّا له، قد كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ، فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلَّا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ، يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَأْمُرْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا عَنْ رِجَالِهِ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مُخْتَصَرًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَهْلُ الْيَمَنِ جَعَلَ عُمَرُ يَسْتَقْرِئُ الرِّفَاقَ فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ قَرَنٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى قَرَنٍ، قَالَ: فَوَقَعَ زِمَامُ عُمَرَ أَوْ زِمَامُ أُوَيْسٍ، فَتَنَاوَلَهُ عُمَرُ، فَعَرَفَهُ بِالنَّعْتِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أُوَيْسٌ، قَالَ: هَلْ كَانَتْ لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ كَانَ بِكَ مِنَ الْبَيَاضِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، دَعَوْتُ اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنِّي إِلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ مِنْ سُرَّتِي لِأَذْكُرَ بِهِ رَبِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي، أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ، وَلَهُ وَالِدَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ" 2. الْحَدِيثَ. وَقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ إِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ أَمْدَادُ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَلَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كان به برص فبرأ منه إلا   1 صحيح: أخرجه مسلم "2543/ 223" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أويس القرني -رضي الله عنه- والبيهقي في "الدلائل" "6/ 375". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 376"، وأخرجه مسلم مختصرًا "2542/ 224" في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 موضع درهم له والدة هو بها بر، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ" فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الْكُوفَةَ، قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عامله فَيَسْتَوْصُوا بِكَ خَيْرًا؟ فَقَالَ: لَأَنْ أَكُونَ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إليَّ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ أُوَيْسٍ، كَيْفَ تَرَكْتَهُ؟ قَالَ: رَثَّ الْبَيْتِ قَلِيلَ الْمَتَاعِ، قَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسٌ مَعَ أَمْدَادِ الْيَمَنِ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ والدة هو بها بر، لو أقسم على اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ" فَلَمَّا قَدِمَ الرَّجُلُ أَتَى أُوَيْسًا فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي، وَقَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاسْتَغْفِرْ لَهُ، قَالَ فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ. قَالَ أُسَيْرُ بْنُ جَابِرٍ: فَكَسَوْتُهُ بُرْدًا، فَكَانَ إِذَا رَآهُ إِنْسَانٌ قَالَ: مِنْ أَيْنَ لِأُوَيْسٍ هَذَا1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِطُولِهِ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ، نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ أَصْحَابَ عَلِيٍّ: "أَفِيكُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ"؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَضَرَبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ مَعَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "خَيْرُ التَّابِعِينَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ"2. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عن حُذَيْفَة، كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا، قَالَ: هَاتِ إِنَّكَ لجرئ، فَقُلْتُ: ذِكْرُ فِتْنَةِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ: لَيْسَ هَذَا أَعْنِي، إِنَّمَا أَعْنِي الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ يَنَالُكَ مِنْ تِلْكَ شَيْءٌ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أَرَأَيْتَ الْبَابَ يُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقُ أَبَدًا، قُلْتُ: أَجَلْ، فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ من الباب؟ قَالَ: نعم،   1 صحيح: أخرجه مسلم "2542/ 225" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 376-377". 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 378" ويزيد، وشريك كلاهما في حفظه ضعف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا دُونَهُ اللَّيْلَةَ، وَذَلِكَ إنّي حدّثته حديثًا ليس بالأغاليط، فَسَأَلَهُ مَسْرُوقٌ: مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: عُمَرُ1. أَخْرَجَاهُ. وَقَالَ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي حَدِيثِ الْقُفِّ: فَجَاءَ عُثْمَانُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى -أَوْ بَلَاءٍ- يُصِيبُهُ" 2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ادْعِي لِي -أَوْ لَيْتَ عِنْدِي- رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي"، قَالَتْ: قُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: عُمَرُ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: ابْنُ عَمِّكَ عَلِيٌّ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: فَعُثْمَانُ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَتْ: فَجَاءَ عُثْمَانُ فَقَالَ: قُومِي، قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسِرُّ إِلَى عُثْمَانَ، وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ قُلْنَا: أَلَا تُقَاتِلُ؟ قَالَ: لَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَ إِلَيَّ أَمْرًا، فَأَنَا صَابِرٌ نَفْسِي عَلَيْهِ3. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ وَغَيْرُهُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ الْكَاهِلِيِّ -فِيهِ جَهَالَةٌ- عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ عِنْدَ رَأْسِ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فَإِنْ يَهْلِكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإِلَّا تروخي عنهم سعين سنة"، فقال عمر: يا رسول الله من أمن هذا أو من مستقبله؟ قال: "من مستقبله" 4.   1 صحيح: أخرجه البخاري "525" في كتاب مواقيت الصلاة، باب: الصلاة كفارة، ومسلم "144" في كتاب الفتن، باب: الفتنة التي تموج موج البحر. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3674" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لوكنت متخذا خليلًا" ومسلم "2403" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عثمان بن عفان، والترمذي "3730" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، وأحمد "4/ 393، 406، 407" وأبو نعيم في "الحلية" "166"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 388، 389". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 391". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 393" بهذا اللفظ، وأخرجه أبو داود "4254" في كتاب الفتن، باب: ذكر الفتن، ولفظه "قلت: أمما بقي أو مما مضى، قال: مما مضى". وأخرجه أحمد "1/ 390، 3939-394، 451" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 وَقَالَ إِسْمَاعِيلَ بْن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: لَمَّا بَلَغَتْ عَائِشَةُ بَعْضَ دِيَارِ بَنِي عَامِرٍ، نَبَحَتْ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْءَبِ، فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟ قَالُوا: الْحَوْءَبُ، قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلَّا رَاجِعَةً، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ إِذَا نَبَحَتْهَا كِلَابُ الْحَوْءَبِ". فَقَالَ الزُّبَيْرُ: تَقَدَّمِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِكِ بَيْنَ النَّاسِ1. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ" 2. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: كَانَ أَهْلُ الشَّامِ سِتِّينَ أَلْفًا، فقتل منهم عشرون ألفًا، وكان العراق مائة ألف وعشرين ألفا، فقتل منهم أربعون ألفا، وذلك يوم صفين. وقال شعبة: حَدَّثَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي -يَعْنِي أَبَا قَتَادَةَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَمَّارٍ: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" 3. وَقَالَ الْحَسَنُ، عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ. رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا نَقْرَأُ: جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ كَمَا جَاهَدْتُمْ فِي أَوَّلِهِ! قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَمَتَى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: إِذَا كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ الْأُمَرَاءَ وَبَنُو الْمُغِيرَةِ الْوُزَرَاءَ. رواه الرماديّ عنه4.   1 أخرجه أحمد "6/ 52، 97"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 410". 2 صحيح: أخرجه البخاري "7121" في كتاب الفتن، باب: رقم "25"، ومسلم "157" في كتاب الفتن، باب: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2916" في كتاب الفتن، باب: رقم "18". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 422". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فِرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني وهو بِالْيَمَنِ بِذَهَبٍ فِي تُرْبَتِهَا فَقَسَمَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَرْبَعَةٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْكِلَابِيِّ، وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ وَقَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا أُعْطِيهِمْ أَتَأَلَّفُهُمْ"، فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ2 الْجَبِينِ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِنْ عَصَيْتُهُ أَيَأْمَنُنِي أَهْلُ السَّمَاءِ وَلَا تَأْمَنُونِي"؟ فَاسْتَأْذَنَهُ رَجُلٌ فِي قَتْلِهِ، فَأَبَى ثُمَّ قَالَ: "يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ 3 هَذَا قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ" 4. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِلْبُخَارِيِّ بِمَعْنَاهُ. الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، وَالضَّحَّاكُ، يَعْنِي الْمشرفي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْسِمُ ذَاتَ يَوْمٍ قَسْمًا، فَقَالَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ مِنْ بَنِي تميم: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعْدِلْ، فَقَالَ: "وَيْحَكَ وَمَنْ يَعْدِلْ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ". فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ: "لَا، إِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثم ينظر إلى   1 صحيح: أخرجه مسلم "1065/ 150" في كتاب الزكاة، باب: ذكر الخوارج، وأبو داود "4667" في كتاب السنة، باب: ما يدل على ترك الكلام في الفتنة، وأحمد "3/ 5، 32، 45، 48، 79" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 424". 2 ناتئ: بارز. 3 الضئضئ: أصل الشيء. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3344" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} ومسلم "1064/ 143" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 426، 427". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 رِصَافِهِ 1 فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ 2 فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ3 فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَدْعَجُ 4 إِحْدَى يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ" 5. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَشْهَدُ أَنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ قَتَلَهُمْ، فَالْتُمِسَ فِي الْقَتْلَى وأُتيّ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم6. أخرجه البخاريّ. وقال أيّوب، عن أن سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ: ذَكَرَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَهْلَ النَّهْرَوَانِ فَقَالَ: فِيهِمْ رَجُلٌ مُودَنُ7 الْيَدِ أَوْ مَثْدُونُ8 الْيَدِ أَوْ مُخْدَجُ9 الْيَدِ، لَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَنَبَّأْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ10. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْوَضِيِّ السُّحَيْمِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ بِالنَّهْرَوَانِ، فَقَالَ لَنَا: الْتَمِسُوا الْمُخْدَجَ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأَتَوْهُ فَقَالَ: ارْجِعُوا فَالْتَمِسُوا الْمُخْدَجَ، فَوَاللَّهِ مَا كُذِبْتُ وَلَا كَذَبْتُ، حَتَّى قَالَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَرَجَعُوا فَقَالُوا: قَدْ وَجَدْنَاهُ تَحْتَ الْقَتْلَى فِي الطِّينِ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَبَشِيًّا، لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، عَلَيْهِ شُعَيْرَاتٌ كَالشُّعَيْرَاتِ الَّتِي عَلَى ذَنَبِ الْيَرْبُوعِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ عَلِيٌّ11. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ". وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: جَاءَ رَأْسُ الْخَوَارِجِ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، فقال: لا والذي فلق الحبّة وبرأ   1 الرصاف: عقب يلوى على مدخل النصل فيه. 2 النضي: نصل السيف. 3 القذذ: آذان السهم. 4 الأدعج: متسع العين مع شدة سوادها وبياضها. 5 تدردر: تضطرب. 6 صحيح: أخرجه البخاري "3610" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. 7 مودن: ناقص. 8 مثدون اليد: صغير اليد. 9 مخدج: ناقص. 10 صحيح: أخرجه مسلم "1066/ 155" في المصدر السابق، وأحمد "1/ 155"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 431". 11 أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" "169"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 433". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 النَّسْمَةَ، وَلَكِنِّي مَقْتُولٌ مِنْ ضَرْبَةٍ عَلَى هَذِهِ تَخْضِبُ هَذِهِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ- عَهْدٌ وَقَضَاءٌ مَقْضِيٌّ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى1. وَقَالَ أبو النّضر: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ أَبُوهُ بَدْرِيًّا قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي عَائِدًا لِعَلِيٍّ مِنْ مَرَضٍ أَصَابَهُ ثقل به، فَقَالَ لَهُ أَبِي: مَا يُقِيمُكَ بِمَنْزِلِكَ هَذَا؟ لَوْ أَصَابَكَ أَجَلُكَ لَمْ يَلِكَ إِلَّا أَعْرَابُ جُهَيْنَةَ! تُحْمَلُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَإِنْ أَصَابَكَ أَجَلُكَ وَلِيَكَ أَصْحَابُكَ وَصَلُّوا عَلَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَ إِلَيَّ أَنِّي لَا أَمُوتُ حَتَّى أُؤَمَّرَ، ثُمَّ تُخْضَبُ هَذِهِ مِنْ دَمِ هَذِهِ -يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ دَمِ هَامَتِهِ- فَقُتِلَ، وَقُتِلَ أَبُو فَضَالَةَ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ2. وَقَالَ الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ" 3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ دُونَ "عَظِيمَتَيْنِ". وَقَالَ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، وَهُوَ بِسَاحِلِ حِمْصٍ، وَهُوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَرَامٍ، قَالَ: فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا". قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا فِيهِمْ؟ قَالَ: "أَنْتِ فِيهِمْ"، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ"، قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "لا" 4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. فِيهِ إِخْبَارُهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّ أُمَّتَهُ يَغْزُونَ الْبَحْرَ، وَيَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ. وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 438-439". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 438". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3629" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 442". 4 صحيح: أخرجه البخاري "2924" في كتاب الجهاد، باب: ما قيل في قتال الروم، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 452". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ ثَلَاثِينَ كَذَّابًا دَجَّالًا كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2. وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَنَا أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا3، فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَقَدْ رَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلَا إِخَالُكَ إِلَّا إِيَّاهُ4. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، تعني بالكذّاب المختار بن أبي عُبَيْدٍ5. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْن سالم الجزريّ، حدثنا الْأَحْوَصُ بْنُ الْحَكِيمِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ وَهْبٌ، يَهَبُ اللَّهُ لَهُ الْحِكْمَةَ، وَرَجُلٌ يُقَالُ لَهُ غَيْلَانُ، هُوَ أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ"6. مَرْوَانُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابن جريج: أخبرنا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ يَقُولُ: "تَسْأَلُونَ عَنِ السَّاعَةِ، وَإِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ، مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ الْيَوْمَ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ" 7. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثَمَةَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ العشاء ليلةً   1 صحيح: أخرجه مسلم "2923" في كتاب الفتن، باب: رقم "18"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 480". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3609" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "157/ 84" في كتاب الفتن، باب: رقم "18". 3 المبير: المهلك. 4 صحيح: أخرجه مسلم "2545" في كتاب فضائل الصحابة، باب: ذكر كذاب ثقيف ومبيرها، وأحمد "6/ 351"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 481". 5 تأتي ترجمته "366". 6 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 496"، ومروان بن سالم متروك، ومتهم بالوضع كما في "الميزان" "8425"، وقد ذكر له المصنف هذا الحديث من مناكيره. 7 صحيح: أخرحه مسلم "2538" في كتاب فضائل الصحابة، باب: بيان معنى قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة"، وأحمد "3/ 326، 345، 385"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 501". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ: "أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ على ظهر أَحَدٌ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَقَالَ الْجُرَيْرِيُّ: كُنْتُ أَطُوفُ مَعَ أَبِي الطُّفَيْلِ فَقَالَ: لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ ممّن لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرِي، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحًا مُقَصَّدًا2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ تُوُفِّيَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ3. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "يَعِيشُ هَذَا الْغُلَامُ قَرْنًا"، قَالَ: فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ4. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: عن الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وُلِدَ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّوْهُ الْوَلِيدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُسَمُّونَ بِأَسْمَاءِ فَرَاعِنَتِكُمْ، غَيِّرُوا اسْمَهُ فَسَمُّوهُ عَبْدَ اللَّهِ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رجل يقال الْوَلِيدُ، هُوَ شَرٌّ لِأُمَّتِي مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ"5. هَذَا ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَرَاسِيلُهُ حُجَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ6. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا 7، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا 8، وَمَالَ اللَّهِ دُوَلًا" 9. غَرِيبٌ، وَرُوَاتُهُ ثقات.   1 صحيح: أخرجه البخاري "116" في كتاب العلم، باب: السمر في العلم، ومسلم "2537" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2340" في كتاب الفضائل، باب: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أبيض مليح الوجه، وأبو داود "4864" في كتاب الأدب، في هدي الرجل، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 204، 205" والمقصد: الذي ليس بجسيم ولا نحيف، ولا طويل ولا قصير. 3 تأتي ترجمته "319". 4 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 503" وفي إسناده الواقدي، وهو متروك. 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 505"، وقال: هذا مرسل حسن. 6 تأتي ترجمته "455". 7 الدغل: الفساد. 8 الخول: الأتباع والخدم. 9 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 508". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ، لَكِنَّهُ قَالَ: "ثَلَاثِينَ رَجُلًا"1. وقال سليمان بن حيّان الأحمر: أنبأنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ النَّصْرِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَرِيفٌ نَزَلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرِيفٌ نَزَلَ الصُّفَّةَ، فَنَزَلْتُ الصُّفَّةَ، وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرَافِقُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمْ مُدًّا مِنْ تَمْرٍ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ فِي صَلَاتِهِ؛ إِذْ نَادَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحْرَقَ بُطُونَنَا التَّمْرُ، وَتَخَرَّقَتْ عَنَّا الْخُنُفُ2 قَالَ: وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ، ثُمَّ قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَصَاحِبِي، مَكَثْنَا بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَا لَنَا طَعَامٌ غَيْرُ الْبَرِيرِ 3 -وَهُوَ ثَمَرُ الْأَرَاكِ- حَتَّى أَتَيْنَا إِخْوَانَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَآسَوْنَا مِنْ طَعَامِهِمْ، وَكَانَ جُلَّ طَعَامِهِمُ التَّمْرُ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ قَدِرْتُ لَكُمْ عَلَى الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ لَأَطْعَمْتُكُمُوهُ، وَسَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ أَوْ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، تَلْبَسُونَ أَمْثَالَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَيُغْدَى وَيُرَاحُ عَلَيْكُمْ بِالْجِفَانِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ أَمِ الْيَوْمَ؟ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ، أَنْتُمُ الْيَوْمَ إِخْوَانٌ، وَأَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" 4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ: ذَكَرَ سُفْيَانُ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى يُحَنِّسَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إِذَا مَشَتْ أُمَّتِي الْمُطَيْطَاءَ5 وَخَدَمَتْهُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ، سُلِّطَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ"6. حَدِيثٌ مُرْسَلٌ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى مَرَرْنَا عَلَى مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ، فَدَخَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، فَنَاجَى رَبَّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: "سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثَةً: سَأَلْتُهُ أَنْ لا   1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 507"، وعطية هو العوفي، ضعيف الحفظ. 2 الخنف: من الثياب الرديء. 3 البرير: ثمر الأراك. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 524". 5 المطيطاء: الخيلاء. 6 مرسل: أخرجه البخاري في "الدلائل" "6/ 525". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ1 فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ زَوَى 3 لِيَ الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ 4، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع مِنْ بَيْنِ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَسْبِي بَعْضًا، وَبَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا" 5. وَقَالَ: "إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ" 6. "وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي لَمْ يُرْفَعْ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 7. "وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ من أمّتي بالمشركين حتى يعبدوا   1 السنة: القحط. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2890" في كتاب الفتن، باب: هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، وأحمد "1/ 1825"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 526". 3 زوى: جمع. 4 بيضتهم: أصلهم. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2889" في المصدر السابق، وأبو داود "4252" في كتاب الفتن، باب: ذكر الفتن، باب: رقم "14"، وابن ماجه "3952" في كتاب الفتن، باب: ما يكون من الفتن، وأحمد "5/ 278-284"، وأبو نعيم في "الحلية" "2435" والبيهفي في "الدلائل" "6/ 526-527"، والبغوي في "شرح السنة" "4015". 6 صحيح: أخرجه الترمذي "2236" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في الأئمة المضلين، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 5274" من حديث ثوبان، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 7 صحيح: أخرجه أبو داود "4252" في كتاب الفتن، باب: ذكر الفتن، والترمذي "2209" في كتاب الفتن، باب: رقم "32" وابن ماجه "3952" في كتاب الفتن، باب: ما يكون من الفتن، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 527" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 الْأَوْثَانَ 1، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلَاثُونَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَإِنِّي خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي" 2. "وَلَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى" 3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ يُونُسُ وَغَيْرُهُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الهَرْج". قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: "الْقَتْلُ"، قَالُوا: أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ؟ قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ بِقَتْلِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا". قَالُوا: ومعنا يومئذ عقولنا؟ قال: "إنّه ينزع عُقُولُ أَكْثَرِ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُمْ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ، يَحْسَبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ" 4. وَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ معهم سياط كأذناب البقر، يضربون النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ5 الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يجدن ريحها وإن رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا"6. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ، كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا"، فَقَالَ قَائِلٌ: أَمِنْ قِلَّةٍ نحن   1 صحيح: أخرجه أبو داود "4252" في المصدر السابق، والترمذي "2226" في كتاب الفتن، باب: ما جاء لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون، والبيهفي في "الدلائل" "6/ 527" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 صحيح: هو بقية الحديث السابق. 3 صحيح: أخرجه مسلم "1920" في كتاب الإمارة، باب: رقم "53"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 527". 4 أخرجه أحمد "4/ 405، 406"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 529". 5 البخت: الإبل الخراسانية. 6 صحيح: أخرجه مسلم "2128" في كتاب اللباس، باب: النساء الكاسيات العاريات، وأحمد "2/ 356، 440" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 532، 533". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ"، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: "حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ" 1. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بن جابر، حدثنا أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ لَأَنْ يَرَانِي، ثُمَّ لَأَنْ يَرَانِي، أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مِثْلِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ مَعَهُمْ" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَازِيُّ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ على اثنتين وسبعين ملّة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة، كلّها فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ" 3. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَتُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا" 4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:   1 صحيح: أخرجه أبو داود "4297" في كتاب الملاحم، باب: في تداعي الأمم على الإسلام، وأحمد "5/ 278" وأبو نعيم في "الحلية" "591" والبيهفي في "الدلائل" "6/ 534"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2364" في كتاب الفضائل: باب: فضل النظر إليه -صلى الله عليه وسلم- وأخرجه أيضًا البخاري "3589" في كتاب المناقب، باب: النبوة في الإسلام، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 536". 3 صحيح: أخرجه أبو داود "4597" في كتاب السنة، باب: شرح السنة، وأحمد "4/ 102" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "8/ 21": إسناده حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 صحيح: أخرجه البخاري "80" في كتاب العلم، باب: رفع العلم، ومسلم "2671" في كتاب العلم، باب: رفع العلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ كَثِيرُ النَّوَاءِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي قَوْمٌ يُسَمَّوْنَ الرَّافِضَةَ، هُمْ بَرَاءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ"2. كَثِيرٌ ضَعِيفٌ تَفَرَّدَ بِهِ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَمْزَةَ، أنا زَهْدَمٌ، أَنَّهُ سَمِعَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَكُونُ قَوْمٌ بَعْدَهُمْ يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوَفُّونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ" 3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَالضَّعِيفَةُ فِي إِخْبَارِهِ بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ كَثِيرَةٌ إِلَى الْغَايَةِ، اقْتَصَرْنَا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنْهَا4، وَمَنْ لم يجعل الله نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِنَا، وَأَنْ يؤيدنا بروحٍ منه.   1 صحيح: أخرجه البخاري "100" في كتاب العلم، باب: كيف يقبض العلم، ومسلم "3673" في المصدر السابق. 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 547"، وكثير النواء ضعيف كما في "الميزان" "6930". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3651" في كتاب فضائل الصحابة، باب: رقم "1"، ومسلم "2535" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل الصحابة. 4 وقد استوعب غالبها الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 536-776". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 بَابٌ: جَامِعٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ: فَرَفَعُوهُ: قَالُوا: هَذَا كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ، فَأُعْجِبُوا بِهِ، فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ، فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، وَكَانَ يَقُولُ: مَا أَرَى يُحْسِنُ مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ. فَأَمَاتَهُ اللَّهُ، فَأَقْبَرُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، قَالُوا: هَذَا عَمَلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ: فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قُلْتُ: هَذِهِ هِيَ الْمُعْجِزَةُ الْعُظْمَى، وَهِيَ "الْقُرْآنُ" فَإِنَّ النَّبِيَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- كَانَ يَأْتِي بِالْآيَةِ وَتَنْقَضِي بِمَوْتِهِ، فَقَلَّ لِذَلِكَ مَنْ يَتْبَعُهُ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَوْنِ مُعْجِزَتِهِ الْكُبْرَى بَاقِيَةً بَعْدَهُ، فَيُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَسْمَعُ الْقُرْآنَ عَلَى مَمَرِّ الْأَزْمَانِ، وَلِهَذَا قَالَ: فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا صُدِّقَ نَبِيُّ مَا صُدِّقْتُ، إِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَا يُصَدِّقُهُ مِنْ أمّته إلا الرجل الواحد" 4. رواه مسلم.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2781" في كتاب صفات المنافقين، باب: رقم "1"، وأحمد "3/ 222"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 126". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3617" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 127". 3 صحيح: اخرجه البخاري "4981" في كتاب فضائل القرآن، باب: كيف نزل الوحي، ومسلم "152" في كتاب الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "7/ 129"، وأبو نعيم في "الحلية" "15112". 4 صحيح: أخرجه مسلم "196/ 332" في كتاب الإيمان، باب: رقم "85"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 130". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 1 قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ جملةً واحدةً إلى سماء الدُّنْيَا، وَكَانَ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، فَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى ينزله عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْضَهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ. قَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} 2.   1 سورة القدر: 2. 2 سورة الفرقان: 32. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 131". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 بَابُ: آخِرِ سُورَةٍ نُزِّلَتْ قَالَ أَبُو الْعُمَيْسِ، عن عبد المجيد ين سُهَيْلٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: تَعْلَمُ آخِرَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ نَزَلَتْ جَمِيعًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} 1 قَالَ: صَدَقْتَ2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، إِذَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَذَاكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ، قَالَ ذَلِكَ لِعُمَرَ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مِثْلَ مَا تَعْلَمُ يابن عَبَّاسٍ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ: آخِرُ سُورَةٍ نزلت براءة، وآخر آية نزلت "يستفتونك"4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آخِرُ آية أنزلها الله آية الرّبا5.   1 سورة النصر: 1. 2 صحيح: أخرجه مسلم "3024" في كتاب التفسير، باب: رقم "1". 3 صحيح: أخرجه البخاري "4970" في كتاب التفسير، باب: قوله {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} ، والبيهفي في "الدلائل" "5/ 446"، "7/ 134، 135". 4 صحيح: أخرجه البخاري "4654" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، ومسلم "1618" في كتاب الفرائض، باب: آخر آية أنزلت آية الكلالة، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 136". 5 صحيح: أخرجه البخاري "4544" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} ، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 138". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وقال الحسين بن واقد، عن زيد النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آخِرُ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} 1. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: آخِرُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرِّبَا، فَدَعُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ2. صَحِيحٌ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيٍّ قَالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} 3. فَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّا مِنْهُمْ أَخْبَرَ بِمُقْتَضَى مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَا: نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالْمَدِينَةِ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ، والبقرة، وآل عمران، والأنفال، والمائدة، والممتحنة، والنّساء، {إِذَا زُلْزِلَتِ} ، والحديد، ومحمد، والرّعد، والرحمن، {هَلْ أَتَى} ، والطّلاق، ولم يكن، والحشر، و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} ، وَالنُّورُ، وَالْحَجُّ، وَالْمُنَافِقُونَ، وَالْمُجَادَلَةُ، وَالْحُجُرَاتُ، وَالتَّحْرِيمُ، وَالصَّفُّ، وَالْجُمُعَةُ، وَالتَّغَابُنُ، وَالْفَتْحُ، وَبَرَاءَةٌ، قالا: ونزل بمكة، فذكرا ما بقي من سور القرآن4.   1 سورة البقرة: 281". والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 137". 2 أخرجه أحمد "1/ 36، 50" والبيهقي في "الدلائل" "7/ 138". 3 سورة التوبة: 129. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 138-139". 4 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 142-143". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 باب: في النسخ والمحور من الصدور ... بَابٌ: فِي النَّسْخِ وَالْمَحْوِ مِنَ الصُّدُورِ وَقَالَ أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُهَا فِي الطُّولِ وَالشِّدَّةِ بِبَرَاءَةٍ، فَأُنْسِيتُهَا، غَيْرَ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْهَا: لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ. وَكُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُهَا بِإِحْدَى الْمُسَبِّحَاتِ فَأُنْسِيتُهَا، غَيْرَ أنّي حفظت منها: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} 1، فَتُكْتَبُ شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ، فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، أَنَّ رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرُوهُ، أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُرِيدُ أَنْ يَفْتَتِحَ سُورَةً كَانَتْ قَدْ وَعَاهَا. فَلَمْ يَقْدِرْ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ إِلَّا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَأَتَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَصْبَحَ لِيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مَا جَمَعَهُمْ؟ فَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَأْنِ تِلْكَ السُّورَةِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُمْ، وَسَأَلُوهُ عَنِ السُّورَةِ، فَسَكَتَ سَاعَةً لَا يُرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: "نُسِخَتِ الْبَارِحَةَ"، فَنُسِخَتْ مِنْ صُدُورِهِمْ، وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ كَانَتْ فِيهِ3. رَوَاهُ عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ فِيهِ: وَابْنُ الْمُسَيِّبِ جَالِسٌ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ. نَسْخُ هَذِهِ السُّورَةِ وَمَحْوُهَا مِنْ صُدُورِهِمْ مِنْ بَرَاهِينِ النُّبُوَّةِ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ.   1 سورة الصف: 2. 2 صحيح: أخرجه مسلم "1050" في كتاب الزكاة، باب: لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثًا. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 157". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 ذكر صفة النبي -صلى الله عليه وسلم: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحسن الناس وجهًا: وأحسنه خَلْقًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الذَّاهِبِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ1. اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: نا أَبُو نُعَيْمٍ، نا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قال رجل لبراء: أَكَانَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: "لَا، مِثْلَ الْقَمَرِ"2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بن سمرة، قال له رجل: أكان   1 صحيح: أخرجه البخاري "3549" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2337/ 93" في كتاب الفضائل، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3552" في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وجه النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مُسْتَدِيرًا1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْمُحَارِبِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي لَيْلَةٍ إِضْحِيَانَ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَإِلَى الْقَمَرِ، فَلَهُوَ كَانَ أَحْسَنَ فِي عَيْنِي مِنَ الْقَمَرِ2. وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ ابن شهاب، أخبرني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا أَنْ سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يَبْرُقُ وَجْهُهُ، وَكَانَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ3، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهَا يَوْمًا مَسْرُورًا وَأَسَارِيرُ وَجْهِهِ تَبْرُقُ، وَذَكَرَ الحديث4. متّفق عليه. وقال يعقوب الفسوي: حدثنا سعيد، حدثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورَ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ هَمْدَانَ سَمَّاهَا قَالَتْ: حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَأَيْتُهُ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةَ، بِيَدِهِ مِحْجَنٌ، فَقُلْتُ لَهَا: شَبِّهِيهِ، قَالَتْ: كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مثله5. وقال يعقوب بن محمد الزّهريّ: حدثنا عبد الله بن موسى التّيميّ، حدثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: قُلْنَا لِلرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ: صِفِي لَنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: لَوْ رَأَيْتِهِ لقلت، الشمس طالعة6.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2344/ 109" في كتاب الفضائل، باب: شيبه -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "1/ 195، 196". 2 ضعيف: أخرجه الترمذي "2820" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في الرخصة في لبس الحمرة للرجال، وفي "الشمائل" له "10"، والدارمي "57"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 196"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "532": ضعيف. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3556" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3555" في المصدر السابق، ومسلم "1459" في كتاب الرضاع، باب: العمل بإلحاق القائف الولد. 5 إسناده ضعيف: أبو إسحاق مدلس، وقد عنعنه، ويونس بن أبي يعفور ضعيف الحفظ كما في "التقريب" "7920". 6 إسناده ضعيف: أخرجه الدارمي "60" وقال شيخنا أبو محمد خالد بن عبد الرحمن في تحقيقه لسنن الدارمي: إسناده ضعيف، أبو عبيد مقبول، وأسامة صدوق يهم وابن موسى صدوق كثير الخطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَنَسًا وَهُوَ يَصِفُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ، ليس بأبيض أمهق1، ولا آدم بِجَعْدٍ2 قَطَطٍ3، وَلَا بِالسَّبْطِ4، بُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ5، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْمَرَ اللَّوْنِ6. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ7. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: أنا حُمَيْدٌ، سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبْيَضَ، بَيَاضُهُ إِلَى السُّمْرَةِ8. وَقَالَ سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ: كُنْتُ أَنَا وَأَبُو الطُّفَيْلِ نَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرِي، قُلْتُ: صِفْهُ لِي، قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحًا مُقَصَّدًا9. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ: كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحَ الْوَجْهِ. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى اله عليه وسلم قَدْ شَابَ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُشْبِهُهُ10. متّفق عليه.   1 الأمهق: الأبيض الكريه البياض. 2 الجعد: من الشعر المتلوي. 3 القطط: شديد الجعودة. 4 السبط: المسترسل. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3547" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2347" في كتاب الفضائل، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 6 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 203". 7 صحيح: وقد تقدم في "الدلائل" "1/ 204". 8 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 204". 9 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 10 صحيح: أخرجه البخاري في "3543" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2343" في كتاب الفضائل، باب: شيبه -صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَزْهَرَ اللَّوْنِ1. رَوَاهُ عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُشْرَبًا وَجْهُهُ حُمْرَةً2. رَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ مِثْلَهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن إدريس وغيره: أنبأنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ، أَنْظُرُ إِلَى سَاقِهِ كَأَنَّهَا جُمَّارَةٌ3. وقال ابن عيينة: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ أَبِي مُزَاحِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، عَنْ مُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْجِعْرَانَةِ لَيْلًا، فَنَظَرْتُ إِلَى ظَهْرِهِ كأنّه سبيكة فضّة4. وقال يعقوب الفسويّ: أنبأنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَصِفُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ شَدِيدَ الْبَيَاضِ5. وَقَالَ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى لَهُ، إِنَّا لَنَجْتَهِدُ، وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مكترث6. رواه ابن لهيعة، عن أبي يونس.   1 تقدم. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 206". 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي "1/ 207" وابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. 4 أخرجه أحمد "3/ 426". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 208"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 468": إسناده حسن. 6 ضعيف: أخرجه الترمذي "3668" في كتاب المناقب، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي "الشمائل" "122"، وأحمد "2/ 350-380"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 209"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "750": ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كان النّبيّ ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْكَلَ الْعَيْنَيْنِ، مَنْهُوسَ الْكَعْبَيْنِ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ: أَشْهَلَ الْعَيْنَيْنِ، مَنْهُوسَ الْعَقِبِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الشَّكْلَةُ: كَهَيْئَةِ الْحُمْرَةِ، تَكُونُ فِي بَيَاضِ الْعَيْنِ، وَالشَّهْلَةُ: حُمْرَةٌ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ. قُلْتُ: وَمَنْهُوسُ الْكَعْبِ: قَلِيلُ لَحْمِ الْعَقِبِ. كَذَا فَسَّرَهُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ لِشُعْبَةَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة: أنبأنا عَبَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كُنْتُ إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ قُلْتُ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، وَلَيْسَ بِأَكْحَلَ، وَكَانَ فِي سَاقَيْهِ حُمُوشَةٌ، وَكَانَ لا يَضْحَكُ إِلَّا تَبَسُّمًا2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ، أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ، مُشْرَبَ الْعَيْنِ بِحُمْرَةٍ، كَثَّ اللِّحْيَةِ3. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ: انْعَتْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا بَيَاضُهُ حُمْرَةً، وَكَانَ أَسْوَدَ الْحَدَقَةِ، أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ4. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَصِفُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ مُفَاضَ الْجبينِ، أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ، أَسْوَدَ اللِّحْيَةِ، حَسَنَ الثَّغْرِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، يطأ بقدميه جميعًا، ليس له أخمص5.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2339" في كتاب الفضائل، باب: في صفة فم النبي -صلى الله عليه وسلم- والترمذي "3666" في المصدر السابق، وفي "الشمائل" "9"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 210، 211". 2 ضعيف: أخرجه الترمذي "3665" في المصدر السابق، وفي "الشمائل" له "225"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "749": ضعيف. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 212": دون قوله "كث اللحية" فأخرجه "1/ 217". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 212-213". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 214" بعضه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ الزُّهْرِيُّ: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْلَجَ1 الثَّنِيَّتَيْنِ، إِذَا تَكَلَّمَ رُؤِيَ كَالنُّورِ بَيْنَ ثَنَايَاهُ2. عَبْدُ الْعَزِيزِ مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَخْمَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ3. رَوَى مِثْلَهُ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الملك بن عمير، عن نافع بن جبير بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَلَفْظُهُ: كَانَ ضَخْمَ الْهَامَةِ، عَظِيمَ اللِّحْيَةِ4. قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: أنبأنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ خَالِدٍ التَّمِيمِيُّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَازِنٍ الرَّاسِبِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَلِيٍّ: انْعَتْ لَنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً، ضَخْمَ الْهَامَةِ، أَغَرَّ أَبْلَجَ أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ5. وقال جرير بن حازم: حدثنا قَتَادَةُ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ لَا سَبْطَ وَلَا جَعْدَ بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ6. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَضْرِبُ منكبيه7 "خ".   1 الفلج: التباعد بين الأسنان. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 215" وعبد العزيز هو ابن عمران الزهري، متروك كما في "الميزان" "5119". 3 قوله شثن: أي غليظ. والكراديس، رءوس العظام: والمسربة: الشعر من أعلى الصدر إلى أسفل العانة. 4 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 216" وشريك في حفظه ضعف. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 216-217" وقوله: أغر: الغرة بياض في جبهة الفرس، والمراد به الحسن، وقوله: أبلج: مشرق الوجه. وأهدب الأشفار طويل شعر الأجفان. 6 صحيح: أخرجه البخاري "5905" في كتاب اللباس، باب: الجعد، ومسلم "2338/ 94" في كتاب الفضائل، باب: صفة شعر النبي -صلى الله عليه وسلم. 7 صحيح: أخرجه البخاري "5903" في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وَقَالَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، كَانَ إِلَى أَنْصَافِ أذنيه1."م". قُلْتُ: وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ2."د"3 في "السّنن". وقال شعبة: أنا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، يَبْلُغُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ، عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أحسن منه4. متّفق عليه. وأخرجه "خ" مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ، وَلَفْظُهُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، أَحْسَنَ مِنْهُ، وَإِنَّ جُمَّتَهُ تَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ5. وأخرجه "م" من حديث الثّوريّ، ولفظه: له شَعْرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ، وَفِيهِ: لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ6. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: وَصَفَ لَنَا عَلِيٌّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ رَجِلَهُ7. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ شَعْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوْقَ الْوَفْرَةِ، وَدُونَ الْجُمَّةِ8. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وإسناده حسن.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2338/ 96" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4185" في كتاب الترجل، باب: ما جاء في الشعر، والترمذي في "الشمائل" "29" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 3 رمز لأبي داود. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3551" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2337/ 91" في كتاب الفضائل، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "الدلائل" "1/ 240". 5 صحيح: أخرجه البخاري "5901" في كتاب اللباس، باب: الجعد. 6 صحيح: أخرجه مسلم "2337/ 92" في المصدر السابق. 7 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "223". 8 حسن: أخرجه أبو داود "4187" في كتاب الترجل، باب: ما جاء في الشعر، والترمذي، "1761" في كتاب اللباس، باب: ما جاء في الجمة واتخاذ الشعر، وفي "الشمائل" له "25"، وابن ماجه "3635" في كتاب اللباس، باب: اتخاذ الجمة، وأحمد "6/ 108، 118"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 224"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2930" حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 وقال ابن عيينة، عن ابن أبي نجي، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ قَدْمَةً، وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ، تَعْنِي ضَفَائِرَ1. لَمْ يُدْرِكْ مُجَاهِدٌ أُمَّ هَانِئٍ. وَقِيلَ: سَمِعَ مِنْهَا، وَذَلِكَ ممكن. وقال إبراهيم بن سعد: أنبأنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ. وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يُسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُفَرِّقُونَ رُءُوسَهُمْ، فَسَدَلَ ناصيته ثم فرّق بعد2. خ م. وَقَالَ رَبِيعَةُ الرَّأْيِ: رَأَيْتُ شَعْرًا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا هُوَ أَحْمَرُ، فَسَأَلْتُ فَقِيلَ: مِنَ الطِّيبِ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: أَخَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: لَمْ يَرَ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا قَلِيلًا4. أَخْرَجَاهُ، وَلَهُ طُرُقٌ فِي الصَّحِيحِ بِمَعْنَاهُ عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يختصب، إِنَّمَا كَانَ شَمِطَ5 عِنْدَ الْعَنْفَقَةِ6 يَسِيرًا، وَفِي الصُّدْغَيْنِ يَسِيرًا، وَفِي الرَّأْسِ يَسِيرًا7. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.   1 صحيح: أخرجه أبو داود "4191" في كتاب الترجل، باب: في الرجل يعقص شعره، والترمذي "1788" في كتاب اللباس، باب: دُخُولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، وفي "الشمائل" "28، 31"، وابن ماجه "3631" في المصدر السابق، وأحمد "6/ 341، 425"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 224"، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 662": رجاله ثقات. وقال في نفس المصدر "10/ 372": سنده حسن. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2926": صحيح. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3558" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومسلم "2336" في كتاب الفضائل، باب: في سدل النبي -صلى الله عليه وسلم- شعره، وفرقه. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3547" في المصدر السابق وأخرج مسلم "2347" أصل الحديث دون هذه الزيادة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "5894" في كتاب اللباس، باب: ما يذكر في الشيب، ومسلم "2341/ 102" في كتاب الفضائل، باب: شيبه -صلى الله عليه وسلم. 5 شمط: مختلط سواد الشعر ببياضه. 6 العنفقة: الشعر أسفل الشفة السفلى. 7 صحيح: أخرجه مسلم "2341/ 104" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 232". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ مِنْهُ بَيْضَاءُ، وَوَضَعَ زُهَيْرٌ بَعْضَ أَصَابِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وأخرجه مسلم2 من حديث إسرائيل. وقال: "خ": أنبأنا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، نا حَرِيزِ بْنُ عُثْمَانَ، قلت لعبد الله بن بشر: أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْخًا؟ قَالَ: كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ3. وَقَالَ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَذَكَرَ شَمْطَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يُرَ، وإذا لم يدهن تبين4. أخرجه "م". وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَإِذَا ادَّهَنَ وَمَشَّطَهُ لَمْ يَسْتَبِنْ5. أَخْرَجَهُ "م". وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا مِنْ شِعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ مَصْبُوغٌ بِالْحِنَّاءِ، وَالْكَتَمِ6. صَحِيحٌ أخرجه "خ" وَلَمْ يَقُلْ "بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ" مِنْ حَدِيثِ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ عُثْمَانَ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهِبٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ جُلْجُلٌ7 مِنْ فِضَّةٍ ضَخْمٌ، فِيهِ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ إِذَا أَصَابَ إِنْسَانًا الْحُمَّى، بَعَثَ إِلَيْهَا فخضخضته8 فيه، ثم ينضحه الرَّجُلُ عَلَى وَجْهِهِ، قَالَ: بَعَثَنِي أَهْلِي إِلَيْهَا   1 صحيح: أخرجه البخاري "3545" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2342" في المصدر السابق، وأبو نعيم في "الحلية" "5941" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 233". 2 كذا في المطبوعة، ولعله أراد البخاري، فقد أخرجه من الطريق المذكور دون مسلم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3546" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 232، 234". 4 صحيح: أخرجه مسلم "2344/ 108" في المصدر السابق. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2344/ 109" في المصدر السابق. 6 صحيح: أخرجه البخاري "5897" في كتاب اللباس، باب: ما يذكر في الشيب، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 236". 7 الجلجل: الجرس الصغير. 8 خضخضته: حركته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 فَأَخْرَجَتْهُ، فَإِذَا هُوَ هَكَذَا وَأَشَارَ إِسْرَائِيلُ بِثَلَاثِ أصابع وكان فيه شعرات حمر1. "خ". محمد بن أبان المستملي: حدثنا بشر بن السّريّ، حدثنا أَبَانٌ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنْحَرِ، هُوَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَسَمَ ضَحَايَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ هُوَ وَصَاحِبُهُ، فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ، وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ. وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ، فَأَعْطَاهُ صَاحِبَهُ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَمَخْضُوبٌ عِنْدَنَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، يَعْنِي: الشَّعَرَ2. هَذَا خَبَرٌ مُرْسَلٌ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر قَالَ: كَانَ شَيْبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ شَعْرَةً3، رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْهُ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ برقان: حدثنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عقيل قَالَ: قَدِمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِينَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالٍ عَلَيْهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: سَلْهُ هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ شَعْرًا مِنْ شَعْرِهِ قَدْ لُوِّنَ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- كَانَ قَدْ مُتِّعَ بِالسَّوَادِ، وَلَوْ عَدَدْتُ مَا أَقْبَلَ عَلَيَّ مِنْ شَيْبِهِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، مَا كُنْتُ أَزِيدُهُنَّ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ شَيْبَةً، وَإِنَّمَا هَذَا الَّذِي لُوِّنَ مِنَ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ يُطَيَّبُ بِهِ شَعْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الَّذِي غَيَّرَ لَوْنَهُ4. وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، وَلَهُ شَعْرٌ قَدْ علاه الشّيب، وشيبه أحمر مخضوب بالحنّاء5.   1 صحيح: أخرجه البخاري "5896" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل": "1/ 235-236". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "5/ 441". 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "3630" في كتاب اللباس، باب: من ترك الخضاب، وقال البوصيري في "الزوائد": هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2925". صحيح. 4 أخرحه البيهقي في "الدلائل" "1/ 239". 5 أخرجه أبو داود "4206" في كتاب الترجل، باب: في الخضاب، والترمذي "2821" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في الثوب الأخضر، وفي "الشمائل"، والنسائي "3/ 185" في كتاب العيدين، باب: الزينة للخطبة للعيدين، وأحمد "2/ 227-228"، و"4/ 163"، وأبو نعيم في "الحلية" "13022"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 237". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وقال أبو نعيم: أنبأنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: إِنَّ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاقْشَعْرَرْتُ حِينَ قَالَ ذَلِكَ، وَكُنْتُ أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا لَا يُشْبِهُ النَّاسَ، فَإِذَا هُوَ بَشَرٌ ذُو وَفْرَةٍ بِهَا رَدْعٌ1 مِنْ حِنَّاءٍ، وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ2. وَقَالَ عمرو بن محمد العنقزي: أنبأنا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ3، وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ والزّعفران4. وقال النّضر بن شميل: أنبأنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّمَا صِيغَ مِنْ فِضَّةٍ، رَجِلَ الشَّعْرِ، مُفَاضَ الْبَطْنِ5، عظيم مشاش6 المنكبين، يطأ بقدميه جَمِيعًا، إِذَا أَقْبَلَ أَقْبَلَ جَمِيعًا، وَإِذَا أَدْبَرَ أَدْبَرَ جَمِيعًا7. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَخْمَ الْيَدَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَفِي لَفْظٍ: كَانَ ضَخْمَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِلَ العرق8. أخرج البخاريّ بعضه.   1 الردع: الصبغ. 2 أخرجه أحمد "2/ 227-228" من طريق آخر عن عبيد الله بن إياد. 3 النعال السبتية: نوع من النعال لا شعر لها. 4 صحيح: أخرجه أبو داود "4210" في كتاب الترجل، باب: ما جاء في خضاب الصفرة، والنسائي "8/ 186" في كتاب الزينة، تصفير اللحية، وأبو نعيم في "الحلية" "9021"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 238"، وأشار الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" "1/ 120" إلى أنه صحيح. وكذلك صححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 5 مفاض البطن: مستوى البطن مع الصدر. 6 المشاش: العظم لا مخ فيه. 7 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 241". 8 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 242" وأخرجه البخاري "5907" في كتاب اللباس، باب: الجعد، دون قوله "سائل العرق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وقال معمر وغيره، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ1. وَقَالَ أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ -أَوْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، شَكَّ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِيهِ- عَنْ أَبِي هِلَالٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-2 كَانَ ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ والكفيّن، لم أَرَ بَعْدَهُ شَبِيهًا بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَهُمَا صَحِيحَانِ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْكَلَ الْعَيْنَيْنِ، مَنْهُوسَ الْعَقِبَيْنِ. قُلْتُ لِسِمَاكٍ: مَا ضَلِيعُ الْفَمِ؟ قَالَ: عَظِيمُ الْفَمِ، قُلْتُ: مَا أَشْكَلُ الْعَيْنَيْنِ؟ قَالَ: طَوِيلُ شِقِّ الْعَيْنِ، قُلْتُ: مَا مَنْهُوسُ الْعَقِبِ؟ قَالَ: قَلِيلُ لَحْمِ الْعَقِبِ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ يَزِيدُ بن هارون: أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مِقْسَمِ بْنِ ضَبَّةَ: حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي سَارَةٌ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ، وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ، وَأَنَا مَعَ أَبِي، وَبِيَدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- درّة كدرّة الكباث4، فَدَنَا مِنْهُ أَبِي، فَأَخَذَ بِقَدَمِهِ، فَأَقَرَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت: فَمَا نَسِيتُ طُولَ إِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ عَلَى سَائِرِ أَصَابِعِهِ5. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ: أنبأنا حَرْبُ بْنُ سُرَيْجٍ الْخَلْقَانِيُّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَلْعَدَوِيَّةِ، حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا رَجُلٌ حَسَنُ الْجِسْمِ، عَظِيمُ الْجَبْهَةِ، دَقِيقُ الْأَنْفِ، دَقِيقُ الْحَاجِبَيْنِ، وَإِذَا مِنْ لَدُنْ نَحْرِهِ إِلَى سُرَّتِهِ كَالْخَيْطِ الْمَمْدُودِ شَعْرُهُ، وَرَأَيْتُهُ بَيْنَ طِمْرَيْنِ6. فَدَنَا مِنِّي فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكَ"7. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ، وقاله شريك،   1 تقدم. 2 علقه البخاري "5911-5912" في المصدر السابق. 3 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 4 في المصدر الآتي "الكتاب". 5 أخرجه أحمد "6/ 366". 6 الطمر: الثوب البالي. 7 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَاللَّفْظُ لِشَرِيكٍ قَالَ: وَصَفَ لَنَا عَلِيٌّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ لَا قَصِيرَ وَلَا طَوِيلَ وَكَانَ يَتَكَفَّأُ فِي مِشْيَتِهِ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ وَلَفْظُ الْمَسْعُودِيُّ: كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ1. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبَطْحَاءِ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهِمَا وُجُوهَهُمْ، فَأَخَذْتُ يَدَهُ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ انْعَتْ لَنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ لَا قَصِيرَ وَلَا طَوِيلَ، وَهُوَ إِلَى الطُّولِ أَقْرَبُ، وَكَانَ شَثْنَ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ، فِي صَدْرِهِ مَسْرُبَةٌ، كَأَنَّ عَرَقَهُ لُؤْلُؤٌ، إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ3. وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا مَسَسْتُ بِيَدِي دِيبَاجًا وَلا حَرِيرًا، وَلَا شَيْئًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ثَابِتٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَ مثله وَزَادَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَزْهَرَ اللَّوْنِ، كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ، إذا مشى تكفأ5. أخرجه مسلم.   1 صحيح: أخرجه الترمذي "3657" في كتاب المناقب، باب: ما جاء فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي "الشمائل" "5، 6، 124"، وأحمد "1/ 134" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3553" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم. 3 تقدم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3561" في المصدر السابق، ومسلم "2330/ 81" في كتاب الفضائل، باب: طيب رائحة النبي -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "1/ 254". 5 صحيح: أخرجه مسلم "2330/ 82" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 255". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو بمنى فقلت: ناولني يدك، فناولينها، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ1. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ عِنْدَنَا، فَعَرِقَ وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ، فَجَعَلَتْ تُسْلِتُ الْعَرَقَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ"؟ قَالَتْ: هَذَا عَرَقٌ نَجْعَلُهُ لِطِيبِنَا، وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ: وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَثِيرَ الْعَرَقِ3. رواه مسلم.   1 أخرجه أحمد "4/ 161". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2331/ 83" في كتاب الفضائل، باب: طيب عرق النبي -صلى الله عليه وسلم. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2332/ 85" في المصدر السابق، وأحمد "3/ 146، 239، 287"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 2587". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم ... فَأَخْرَجَتْهُ، فَإِذَا هُوَ هَكَذَا وَأَشَارَ إِسْرَائِيلُ بِثَلَاثِ أصابع وكان فيه شعرات حمر1. "خ". محمد بن أبان المستملي: حدثنا بشر بن السّريّ، حدثنا أَبَانٌ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنْحَرِ، هُوَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَسَمَ ضَحَايَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ هُوَ وَصَاحِبُهُ، فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ، وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ. وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ، فَأَعْطَاهُ صَاحِبَهُ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَمَخْضُوبٌ عِنْدَنَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، يَعْنِي: الشَّعَرَ2. هَذَا خَبَرٌ مُرْسَلٌ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر قَالَ: كَانَ شَيْبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ شَعْرَةً3، رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْهُ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ برقان: حدثنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عقيل قَالَ: قَدِمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِينَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالٍ عَلَيْهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: سَلْهُ هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ شَعْرًا مِنْ شَعْرِهِ قَدْ لُوِّنَ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- كَانَ قَدْ مُتِّعَ بِالسَّوَادِ، وَلَوْ عَدَدْتُ مَا أَقْبَلَ عَلَيَّ مِنْ شَيْبِهِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، مَا كُنْتُ أَزِيدُهُنَّ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ شَيْبَةً، وَإِنَّمَا هَذَا الَّذِي لُوِّنَ مِنَ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ يُطَيَّبُ بِهِ شَعْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الَّذِي غَيَّرَ لَوْنَهُ4. وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، وَلَهُ شَعْرٌ قَدْ علاه الشّيب، وشيبه أحمر مخضوب بالحنّاء5.   1 صحيح: أخرجه البخاري "5896" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل": "1/ 235-236". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "5/ 441". 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "3630" في كتاب اللباس، باب: من ترك الخضاب، وقال البوصيري في "الزوائد": هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2925". صحيح. 4 أخرحه البيهقي في "الدلائل" "1/ 239". 5 أخرجه أبو داود "4206" في كتاب الترجل، باب: في الخضاب، والترمذي "2821" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في الثوب الأخضر، وفي "الشمائل"، والنسائي= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 خاتم النّبوّة: قال حاتم بن إسماعيل: أنبأنا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وُضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلِ زِرِّ الْحَجَلَةِ1. أَخْرَجَاهُ، وَوَهِمَ من قال: زر الْحَجَلَةِ، وَهُوَ بَيْضُهَا. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجْهُهُ مُسْتَدِيرًا مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَرَأَيْتُ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ، يُشْبِهُ جَسَدَهُ2. أَخْرَجَهُ مسلم. وقال حمّاد بن زيد وغيره: أخبرنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسٍ قَالَ: دُرْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عِنْدَ نُغْضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى. جُمْعًا، عَلَيْهِ خِيلَانٌ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَطْوَلَ مِنْ هَذَا. وقال أبو داود الطيّالسيّ: حدثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرِنِي الْخَاتَمَ: قَالَ: "أَدْخِلْ يَدَكَ"، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي جِرِبَّانِهِ4، فَجَعَلْتُ أَلْمِسُ أَنْظُرُ إِلَى الْخَاتَمِ، فَإِذَا هو على نغض   1 صحيح: أخرجه البخاري "3541" في كتاب المناقب، باب: خاتم النبوة ، ومسلم "2345" في كتاب الفضائل، باب: إثبات خاتم النبوة. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2344/ 109" في كتاب الفضائل، باب: شيبه -صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 195-196". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2346/ 112" في كتاب الفضائل، باب: إثبات خاتم النبوة، وأحمد "5/ 82-83"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 263". وقوله "نغض كتفه: أعلاه. وخيلان: جمع خال، وهو الشامة. والثآليل. جمع ثؤلول، وهي حبيبات تعلو الجسد. 4 الجربان: ما يحيط بالرقبة من الثوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 كَتِفِهِ مِثْلُ الْبَيْضَةِ، فَمَا مَنَعَهُ ذَاكَ أَنْ جَعَلَ يَدْعُو لِي، وَإِنَّ يَدِي لَفِي جِرِبَّانِهِ1. رواه يحيى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، لَكِنْ قَالَ: "مِثْلُ السِّلْعَةِ"2. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى مِثْلِ السِّلْعَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي لَأُطِبُّ الرِّجَالَ، أَفَأُعَالِجُهَا لَكَ؟ قَالَ: "لَا طيّبها الَّذِي خَلَقَهَا". رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، وَقَالَ: "مِثْلُ التُّفَّاحَةِ"3. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ مسلم بن إبراهيم: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ، ثنا عَتَّابٍ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: الْخَاتَمُ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَحْمَةٌ نَابِتَةٌ4. وقال قيس بن حفص الدّارميّ: حدثنا مسلمة بن علقمة، حدثنا داود بن أبي هند، عن سماك بن حَرْبٍ، عَنْ سَلَامَةَ الْعِجْلِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَلْقَى إِلَيَّ رِدَاءَهُ وَقَالَ: انْظُرْ إِلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامِ5. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حدثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ قَالَ: لَقِيتُ التَّنُوخِيَّ رَسُولَ هِرَقْلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحِمْصٍ، وَكَانَ جَارًا لِي شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ بَلَغَ الْفَنَدَ6 أَوْ قَرِيبًا، فَقُلْتُ: أَلَا تُخْبِرُنِي؟ قَالَ: بَلَى، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبُوكَ، فَانْطَلَقْتُ بِكِتَابِ هِرَقْلَ، حَتَّى جِئْتُ تَبُوكَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ مُحْتَبٍ عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ: "يَا أَخَا تَنُوخٍ"، فَأَقْبَلْتُ أَهْوِي حَتَّى قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَحَلَّ حَبْوَتَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، ثمّ قال: "ههنا امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ" فَجُلْتُ فِي ظَهْرِهِ، فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمٍ فِي مَوْضِعِ غُضْرُوفِ الْكَتِفِ مثل المحجمة الضّخمة7.   1 أخرجه أحمد "3/ 434-435"، "5/ 35". 2 السلعة: زيادة في الجسم كالغدة. 3 أخرجه أحمد "2/ 266، 288" بنحوه. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 265" ولفظه "لحمة ناتئة". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 266". 6 الفند: ضعف العقل. 7 أخرجه البيقهي في "الدلائل" "1/ 266". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 بَابٌ: جَامِعٌ مِنْ صِفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال عيسى بن يونس: حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى عَفْرَةَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِذَا نَعَتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْمُمَغَّطِ وَلَا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ، كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبْطِ، كَانَ جَعْدًا رَجِلًا، وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهَّمِ وَلَا الْمُكَلْثَمِ، وَكَانَ فِي وَجْهِهِ تَدْوِيرٌ، أَبْيَضُ مُشْرَبًا حُمْرَةً، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ، أَهْدَبُ الْأَشْفَارِ، جَلِيلُ الْمُشَاشِ وَالْكَتِفِ -أَوْ قَالَ الْكَتَدِ- أَجْرَدُ ذَا مَسْرُبَةٍ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، أَجْوَدُ النَّاسِ كَفًّا وَأَجْرَأُ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقُهُمْ لَهْجَةً، وَأَوْفَاهُمْ بِذِمَّةٍ، وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً، وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ، يَقُولُ نَاعِتُهُ: لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "الْغَرِيبِ": حَدَّثَنِيهِ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى عُفْرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ إذ نَعَتَ، فَذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْمُمَغَّطِ: يَقُولُ لَيْسَ بِالْبَائِنِ الطُّولِ. وَلَا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ: يَعْنِي الَّذِي تَرَدَّدَ خَلْقُهُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ مُجْتَمِعٌ لَيْسَ بِسَبَطِ الْخَلْقِ، يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ رَبْعَةٌ. وَالْمُطَهَّمُ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: التَّامُّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ، فَهُوَ بَارِعُ الْجَمَالِ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُكَلْثَمُ: الْمُدَوَّرُ الْوَجْهِ، يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ مَسْنُونٌ. وَالدَّعَجُ: شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ. وَالْجَلِيلُ الْمُشَاشِ: الْعَظِيمُ رُءُوسِ الْعِظَامِ مِثْلَ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ. وَالْكَتَدُ: الْكَاهِلُ وَمَا يَلِيهِ مِنَ الْجَسَدِ. وَشَثْنُ الْكَفَّيْنِ: يَعْنِي أَنَّهَا إلى الغلظ.   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 269-270". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وَالصَّبَبُ: الِانْحِدَارُ. وَالْقَطَطُ: مِثْلُ شَعْرِ الْحَبَشَةِ. وَالْأَزْهَرُ: الَّذِي يُخَالِطُ بَيَاضَهُ شَيْءٌ مِنَ الْحُمْرَةِ. وَالْأَمْهَقُ: الشَّدِيدُ الْبَيَاضِ. وَشَبْحُ الذِّرَاعَيْنِ: يَعْنِي عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ عَرِيضَهُمَا. وَالْمَسْرُبَةُ: الشَّعْرُ الْمُسْتَدَقُّ مَا بَيْنَ اللُّبَّةِ إلى السّرّة. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: التَّقَلُّعُ. الْمَشْيُ بِقُوَّةٍ. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَلِيًّا، عَنْ نَعْتِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: كان أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً، أَدْعَجَ، سَبِطَ الشَّعْرِ، ذَا وَفْرَةٍ، دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ، كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ، مِنْ لَبَّتِهِ إِلَى سُرَّتِهِ شَعْرٌ، يَجْرِي كَالْقَضِيبِ، لَيْسَ فِي بَطْنِهِ وَلَا صَدْرِهِ شَعْرٌ غَيْرُهُ، شَثْنُ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ، إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ، وَإِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَتَقَلَّعُ مِنْ صَخْرٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا، كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ، وَلَرِيحُ عَرَقِهِ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، وَلَا بِالْعَاجِزِ وَلَا اللَّئِيمِ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ1. قَالَ البيهقيّ: أنبأنا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذَبَارِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ، أنا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّرِيفِينِيُّ عَنْهُ، وَقَالَ حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْآدَمِ، وَلَا الْأَبْيَضِ الشَّدِيدِ الْبَيَاضِ، فَوْقَ الرَّبْعَةِ وَدُونَ الطَّوِيلِ، كَانَ مِنْ أَحْسَنِ مَنْ رَأَيْتُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَطْيَبِهِ رِيحًا وَأَلْيَنِهِ كَفًّا، كَانَ يُرْسِلُ شَعْرَهُ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ، وَكَانَ يَتَوَكَّأُ إِذَا مَشَى2. وَقَالَ مَعْمَرُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ صِفَةً وَأَجْمَلَهَا، كَانَ رَبْعَةً إِلَى الطُّولِ مَا هُوَ، بَعِيدَ ما بين   1 تقدم. 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 الْمَنْكِبَيْنِ، أَسِيلَ الْخَدَّيْنِ، شَدِيدَ سَوَادِ الشَّعْرِ، أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، أَهْدَبَ، إِذَا وَطِئَ بِقَدَمِهِ وَطِئَ بِكُلِّهَا، لَيْسَ أَخْمَصَ، إِذَا وَضَعَ رِدَاءَهُ عَنْ مَنْكِبِهِ فَكَأَنَّهُ سَبِيكَةُ فِضَّةٍ، وَإِذَا ضَحِكَ يَتَلَأْلَأُ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ1. رَوَاهُ عَبْدُ الرزاق عنه.   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 273-273". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَالَ أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكَعْبِيُّ الْخُزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي عَمِّي أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ الَّذِي قُتِلَ بِالْبَطْحَاءِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهُوَ أَخُو عَاتِكَةَ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج مِنْ مَكَّةَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَمَوْلًى لِأَبِي بِكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَدَلِيلُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأُريقط اللَّيْثِيُّ، فَمَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ، وَكَانَتْ بَرْزَةً1 جَلْدَةً2 تَحْتَبِي بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ، فَسَأَلُوهَا تَمْرًا وَلَحْمًا يَشْتَرُونَهُ مِنْهَا، فَلَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ3، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ، فَقَالَ: "مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ"؟ قَالَتْ: شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: "هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ"؟ قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلُبَهَا"؟ قَالَتْ: نَعَمْ بِأَبِي وَأُمِّي، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلُبْهَا، فَدَعَا بِهَا، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا، وَسَمَّى اللَّهَ، وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا، فَتَفَاجَّتْ4 عَلَيْهِ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطَ، فَحَلَبَ ثَجًّا5 حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رُوِيَتْ، ثُمَّ سَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا، ثُمَّ شَرِبَ آخِرُهُمْ. ثُمَّ حَلَبَ ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ، حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا وَبَايَعَهَا، وَارْتَحَلُوا عَنْهَا. فَقَلَّمَا لَبِثَتْ، حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ، يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزَالًا مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا أمّ معبد؟   1 برزة: عفيفة. 2 جلدة: شديدة. 3 أي نفد زادهم. 4 تفاجت: فتحت بين رجليها. 5 ثجًّا: منصبًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 وَالشَّاءُ عَازِبٌ حِيَالٌ، وَلَا حَلُوبَ فِي الْبَيْتِ؟ قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: صِفِيهِ لِي. قَالَتْ: رَجُلٌ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ، أَبْلَجُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الْخَلْقِ، لَمْ تُعِبْهُ ثَجْلَةٌ، لَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةُ، وَسِيمٌ قَسِيمٌ، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ، وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَافَةٌ، أَزَجُّ أَقْرَنُ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَأَحْسَنُهُ وَأَحْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ، فَصْلٌ لَا نَزْرٌ وَلَا هَذَرٌ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ، رَبْعَةٌ لَا يَائُسٌ مِنْ طُولٍ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ، فَهُوَ أَنْظَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ، لَا عَابِسٌ وَلَا مُفَنَّدٌ. قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ: فَهَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ، الَّذِي ذكر لنا من أمره، ولقد هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ، وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا. وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالٍ، يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ، وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ، وَهُوَ يَقُولُ: جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلَاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ ... فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ، فَيَالَ قُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ ... بِهِ مِنْ فِعَالٍ لَا يُجَارَى وَسُؤْدُدِ لِيَهْنِ بني كعب مكان فتاتهم ... مقعدها لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا ... فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ ... عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةِ الشَّاةِ مُزْبِد فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ ... يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ شَبَّبَ يُجَاوِبُ الْهَاتِفَ، فَقَالَ: لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ ... وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ ... وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ رَبُّهُمْ ... وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُرْشَدِ وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَّالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا ... عَمَايَتُهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبٍ ... رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعَدِ نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ ... وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ ... فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ ... بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ1 قَوْلُهُ: "إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ" يُرِيدُ أَنَّهُ يَمِيدُ فِي مِشْيَتِهِ، وَيَمْشِي فِي رِفْقٍ غَيْرَ مُخْتَالٍ. وَقَوْلُهُ: "فَخْمًا مُفَخَّمًا" قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْفَخَامَةُ فِي الْوَجْهِ نُبْلُهُ وَامْتِلَاؤُهُ، مَعَ الْجَمَالِ وَالْمَهَابَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا مُعَظَّمًا فِي الصُّدُورِ وَالْعُيُونِ، وَلَمْ يَكُنْ خَلْقُهُ فِي جِسْمِهِ ضخمًا. و"أقنى الْعِرْنَيْنِ": مُرْتَفِعُ الْأَنْفِ قَلِيلًا مَعَ تَحَدُّبٍ، وَهُوَ قريب من الشّمم. و"الشنب": ماء ورقة في الثّغر. و"الفلج": تباعد ما بين الأسنان. و"الدمية": الصُّورَةُ الْمُصَوَّرَةُ. وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أُمِّ مَعْبَدٍ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ: أنا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنِ مَطَرٍ، حدثنا أبو جعفر بن موسى بن عيسى الحلواني، حدثنا مكرم بن محرز بن مهديّ، حدثنا أبي، عن حزام بن هشام. فذكره نَحْوَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ الْحَكَمِ الْخُزَاعِيُّ بِقُدَيْدٍ، إِمْلَاءً عَلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: حدثنا عَمِّي سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ. وَسَمِعَهُ ابْنُ مَطَرٍ بِقُدَيْدٍ أَيْضًا، مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ. وَرَوَاهُ عَنْ مُكْرَمِ بْنِ مُحْرِزٍ الْخُزَاعِيِّ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ، مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنُ خزيمة، وجماعة آخرهم القطيعيّ.   1 أخرجه البيقهي في "الدلائل" "1/ 277-280". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 قَالَ الْحَاكِمُ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ الصَّالِحَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزٍ عَنْ آبَائِهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ لَهُ: سَمِعْتُهُ مِنْ مُكْرِمٍ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ، حج أبي بي، وأنا ابن سبع سنين، فأدخلني على مكرم1. ورواه البيهقي أيضا في اجتياز النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ، مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ مُكْرِمٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَيْسِيِّ، قالا: حدثنا أَبُو أَحْمَدَ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ السُّكَّرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ الْمَذْحِجِيُّ، ثنا الْحُرُّ بْنُ الصَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا خَرَجَ هُوَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَدَلِيلُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطَ اللَّيْثِيُّ كَذَا قَالَ: اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ الدِّيلِيُّ مَرُّوا بِخَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَقَوْلُهُمَا ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ: أَيْ ظَاهِرُ الْجَمَالِ. وَمُرْمِلِينَ: أَيْ قَدْ نَفَدَ زَادُهُمْ. وَمُسْنِتِينَ: أَيْ دَاخِلِينَ فِي السَّنَةِ وَالْجَدْبِ. وَكِسْرُ الْخَيْمَةِ: جَانِبُهَا. وَتَفَاجَّتْ: فَتَحَتْ مَا بين رجليها. وبربض الرَّهْطَ: يَرْوِيهِمْ حَتَّى يُثْقِلُوا فَيَرْبِضُوا، وَالرَّهْطُ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ. وَالثَّجُّ: السَّيْلُ. وَالْبَهَاءُ: وَبِيضُ رَغْوَةِ اللَّبَنِ، فَشَرِبُوا حَتَّى أَرَاضُوا، أَيْ رَوَوْا. كَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ. وَتَسَاوَكْنَ: تَمَايَلْنَ مِنَ الضَّعْفِ، وَيُرْوَى: تَشَارَكْنَ، أَيْ عَمَّهُنَّ الْهُزَالُ. وَالشَّاءُ عَازِبٌ: بَعِيدٌ فِي الْمَرْعَى. وَأَبْلَجُ الْوَجْهِ: مُشْرِقُ الْوَجْهِ مُضِيئُهُ. وَالثَّجْلَةُ: عِظَمُ الْبَطْنِ مَعَ اسْتِرْخَاءِ أَسْفَلِهِ. وَالصَّعْلَةُ: صِغَرُ الرَّأْسِ، وَيُرْوَى صَقْلَةٌ وَهِيَ الدِّقَّةُ وَالضَّمْرَةُ، وَالصَّقْلُ: مُنْقَطِعُ الْأَضْلَاعِ مِنَ الخاصرة.   1 أخرجه الحاكم في "مستدركه" "4276"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 281". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 وَالْوَسِيمُ: الْمَشْهُورُ بِالْحُسْنِ، كَأَنَّهُ صَارَ الْحُسْنُ لَهُ سِمَةً. وَالْقَسِيمُ: الْحَسَنُ قِسْمَةِ الْوَجْهِ. وَالْوَطْفُ: الطُّولُ. وَالصَّحْلُ: شِبْهُ الْبَحَّةِ. وَالسَّطْعُ: طُولُ الْعُنُقِ. لَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ: أَيْ لَا تَزْدَرِيهِ لِقِصَرِهِ فَتُجَاوِزُهُ إِلَى غَيْرِهِ، بَلْ تَهَابُهُ وَتَقْبَلُهُ. وَالْمَحْفُودُ: الْمَخْدُومُ. وَالْمَحْشُودُ: الَّذِي يَجْتَمِعُ النَّاسُ حَوْلَهُ. وَالْمُفَنَّدُ: الْمَنْسُوبُ إِلَى الْجَهْلِ وَقِلَّةِ الْعَقْلِ. وَالضَّرَّةُ: أَصْلُ الضَّرْعِ. وَمُزْبِدُ خُفِضَ عَلَى الْمُجَاوَرَةِ. وَقَوْلُهُ: "فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لَحِالِبٍ". أَيْ خَلَّفَ الشَّاةَ عِنْدَهَا مُرْتَهِنَةً بِأَنْ تَدُرَّ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ وكيع بن الجرّاح: حدثنا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ الْعِجْلِيُّ إِمْلَاءً، ثنا رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ زَوْجِ خَدِيجَةَ، يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ وَكَانَ وَصَّافًا عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ، أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعْرِ، إِذَا انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ، وَإِلَّا فَلَا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفَّرَهُ، أَزْهَرُ اللَّوْنِ، وَاسِعُ الْجَبِينِ. أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ: سَوَابِغُ فِي غَيْرِ قَرَنٍ، بَيْنَهُمَا عِرْقُ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ. أَقْنَى الْعِرْنَيْنِ، لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسِبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، سَهْلُ الْخَدَّيْنِ، ضَلِيعُ الْفَمِ، أَشْنَبُ مُفَلَّجُ الْأَسْنَانِ، دَقِيقُ الْمَسْرُبَةِ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صفاء الفضّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 مُعْتَدِلُ الْخَلْقِ، بَادِنٌ، مُتَمَاسِكٌ، سَوَاءُ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، عَرِيضُ الصَّدْرِ، بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ، أَنْوَرُ الْمُتَجَرَّدِ، مَوْصُولُ مَا بَيْنَ اللُّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ، عَارِي الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ، أَشْعَرُ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ، طَوِيلُ الزَّنْدَيْنِ، رَحْبُ الرَّاحَةِ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِلُ -أَوْ سَائِرُ- الْأَطْرَافِ، خُمْصَانُ الْأَخْمَصَيْنِ، مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ، يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ، إِذَا زَالَ قَلْعًا، يَخْطُو تَكَفِّيًا، وَيَمْشِي هَوْنًا، ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ، إذا مشى كأنّما ينحطّ من صبب، وإذا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا، خَافِضُ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلَاحَظَةُ، يَسُوقُ أَصْحَابَهُ، وَيَبْدُرُ مَنْ لَقِيَهُ بالسلام. قَالَ: قُلْتُ: صِفْ لِي مَنْطِقَهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ، طَوِيلَ السَّكْتِ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، يَفْتَتِحُ الْكَلَامَ، بِأَشْدَاقِهِ، وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَصْلٌ لَا فُضُولَ وَلَا تَقْصِيرَ، دَمِثٌ لَيْسَ بالجافي ولا المهين، يعظّم بالنّعمة وَإِنْ دَقَّتْ، لَا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلَا يَمْدَحُهُ، وَلَا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا وَمَا كَانَ لَهَا، فَإِذَا تعدّى الحقّ، لم يعرفه أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، وَلَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا، إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا، يَضْرِبُ بِرَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ رَاحَتِهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وأشاح، وإذا فرح غضّ طرفه، جلّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ، وَيَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَكَتَمْتُهَا الْحُسَيْنَ زَمَانًا، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ، يَعْنِي إِلَى هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ، فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مُدْخَلِهِ وَمُخْرَجِهِ وَشَكْلِهِ، فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ الْحُسَيْنُ: فَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءًا لِلَّهِ، وَجُزْءًا لِأَهْلِهِ، وَجُزْءًا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَزَّأَ جُزْأَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَرَدَّ ذَلِكَ بِالْخَاصَّةِ عَلَى الْعَامَّةِ، وَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الْأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ، وَقَسْمُهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ، فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ وَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ وَالْأُمَّةَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ عَنْهُمْ، وَإِخْبَارُهُمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، يَقُولُ: "لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا، ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، وَلَا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا ذَلِكَ وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهِ، يَدْخُلُونَ رُوَّادًا، وَلَا يَفْتَرِقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً، يَعْنِي عَلَى الْخَيْرِ. فَسَأَلْتُهُ عَنْ مُخْرَجِهِ، كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ قال: كان يخزن لِسَانَهُ إِلَّا مِمَّا يَعْنِيهِ، وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلَا يُنفّرهم، ويُكرم كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ، وَيَحْذَرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِي عَنْ أَحَدٍ بِشْرَهُ وَلَا خُلُقَهُ، وَيَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ، وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ، وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوَهِّيهِ، مُعْتَدِلُ الْأَمْرِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، لا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا أَوْ يَمَلُّوا، لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ، لَا يُقَصِّرُ عَنِ الْحَقِّ، وَلَا يُجَاوِزُهُ، الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النّاس خيارهم، وأفضلم عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً. فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَقُومُ وَلَا يَجْلِسُ إِلَّا عَلَى ذكر، ولا بوطن الْأَمَاكِنَ وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا، وَإِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بذلك، يعطي كُلَّ جُلَسَائِهِ نَصِيبَهُ، وَلَا يَحْسِبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْهُ، مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ لِحَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرِفَ، وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلَّا بِهَا، أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ، قَدْ وَسِعَ النَّاسَ منه بسطه وخلفه، فَصَارَ لَهُمْ أَبًا، وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً، مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ، لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ، وَلَا تُؤَبَّنُ فِيهِ الحرم، ولا تثنى فَلَتَاتُهُ، مُتَعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى، مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمُونَ فِيهِ الصَّغِيرَ، وَيُؤْثِرُونَ ذَا الْحَاجَةِ، وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ1. أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ أَكْثَرَهُ مُقَطَّعًا فِي "كِتَابِ الشَّمَائِلِ". وَرَوَاهُ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ. وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبي الخصيب، عن عمرو بن   1 ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 285-292"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 204-206" وبعضه عند الترمذي في "الشمائل" "8، 224، 335، 350"، وقال: الألباني في "مختصر الشمائل" "6": ضعيف جدًّا. قلت: سفيان بن وكيع ضعيف الحديث جدًّا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 محمد العنقزيّ، حدثنا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ الْعِجْلِيِّ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيِّ مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. وَفِيهِ زَائِدٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ: فسألته عَنْ سِيرَتِهِ فِي جُلَسَائِهِ فَقَالَ: كَانَ دَائِمَ الْبِشْرِ، سَهْلَ الْخُلُقِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ، وَلَا فَحَّاشٍ، وَلَا عَيَّابٍ، وَلَا مَزَّاحٍ، يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِيهِ، وَلَا يُؤْيَسُ مِنْهُ، وَلَا يُحَبَّبُ فِيهِ، قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: مِنَ الْمِرَاءِ، وَالْإِكْثَارِ، وَمَا لَا يَعْنِيهِ، وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا وَلَا يُعَيِّرُهُ، وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ، إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ، كَأَنَّمَا عَلَى رءوسهم الطّير، فإذا سكت تكلّموا، ولا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ، مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ، وَكَانَ يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ ومسألته، حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: "إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فارفدوه"، وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا عَنْ مُكَافِئٍ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ. فسألته: وكيف كَانَ سُكُوتُهُ؟ قَالَ: عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ، وَالْحَذَرِ، وَالتَّدَبُّرِ، وَالتَّفَكُّرِ، فَأَمَّا تَدَبُّرُهُ، فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَفَكُّرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى، وَجُمِعَ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ، فَكَانَ لَا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسْتَفِزُّهُ. وَجُمِعَ لَهُ الحذر في أربع: أخذه بِالْخَيْرِ لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكِهِ الْقَبِيحَ لِيُنْتَهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادِهِ الرَّأْيَ فِيمَا يُصْلِحُ أُمَّتَهُ وَالْقِيَامِ بِهِمْ، وَالْقِيَامِ فِيمَا جَمَعَ لَهُمْ أَمْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَرَوَاهُ بِطُولِهِ كُلِّهِ يعقوب الفسويّ: حدثنا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَصْرِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِمَكَّةَ، عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ، فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ: قَرَأْتُ2 عَلَى أَبِي الْهُدَى عِيسَى بْنِ يَحْيَى السَّبْتِيِّ، أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ الرحيم بن يوسف   1 إسناده ضعيف جدًّا: جميع بن عمر العجلي ضعيف جدًّا كما في "الميزان" "1550". 2 قائل "قرأت" هو المصنف، فإن عيسى البستي في طبقة شيوخ المصنف لا شيوخ أبي غسان النهدي، وتأتي ترجمته "6213". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 الدِّمَشْقِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أنا أَبُو سَعْدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الفانيدي، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ السَّمْنَانِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيُّ، قالوا: أنا أبو عليّ الحسن بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّاجِرُ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْعَلَوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَخِي أبي طاهر، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عليّ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين قال: قال الحسن بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ، عَنْ حِلْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ وَصَّافًا، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهُ شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ، فَقَالَ: كَانَ فَخْمًا مُفَخَّمًا1. فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ جُمَيْعِ بْنِ عُمَرَ بِطُولِهِ، إِلَّا فِي أَلْفَاظٍ: فَقَالَ فِي "عَرِيضِ الصَّدْرِ" "فَسِيحِ الصَّدْرِ"، وَقَالَ "رَحْبَ الْجَبْهَةِ" بَدَلَ "رَحْبِ الرَّاحَةِ"، وَقَالَ "يَبْدَأُ" بَدَلَ "يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلَامِ"، وَقَالَ "طَوِيلَ السُّكُوتِ" بَدَلَ "السَّكْتِ"، وَقَالَ "لَمْ يكن ذواقًا ولا مدحة" بَدَلَ "لَا يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلَا يَمْدَحُهُ" وَأَشْيَاءَ سِوَى هَذَا بِالْمَعْنَى. قَوْلُهُ مُتَمَاسِكٌ: أَيْ مُمْتَلِئُ الْبَدَنِ غَيْرُ مُسْتَرْخٍ وَلَا رَهْلٍ، وَالْمُتَجَرِّدُ: الْمُتَعَرِّي، واللّبة: النّخر، وَالسَّائِرُ وَالسَّائِلُ: هُوَ الطَّوِيلُ السَّابِغُ، وَالْأَخْمَصُ: مَا يُلْصَقُ مِنَ الْقَدَمِ بِالْأَرْضِ، وَالْمَمْسُوحُ: الْأَمْلَسُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شُقُوقٌ، وَلَا وَسَخٌ، وَلَا تَكَسُّرٌ، فَالْمَاءُ يَنْبُو عَنْهُمَا لِذَلِكَ إِذَا أَصَابَهُمَا، وَقَوْلُهُ: زَالَ قَلْعًا، الْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ رَفْعًا بِقُوَّةٍ لَا كَمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالًا وَيَشْحَطُ مَدَاسَهُ دَلْكًا بِالْأَرْضِ، وَيُرْوَى: زَالَ قَلْعًا. وَمَعْنَاهُ التَّثَبُّتُ، وَالذَّرِيعُ: السَّرِيعُ، يَسُوقُ أَصْحَابَهُ: أَيْ يُقَدِّمُهُمْ أَمَامَهُ، وَالْجَافِي: الْمُتَكَبِّرُ، وَالْمَهِينُ: الْوَضِيعُ، وَالذَّوَاقُ: الطَّعَامُ، وَأَشَاحَ: أَيِ اجْتَنَبَ ذَاكَ وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَحَبُّ الْغَمَامِ: الْبَرَدُ، وَالشَّكْلُ: النَّحْوُ وَالْمَذْهَبُ، وَالْعَتَادُ: مَا يُعَدُّ لِلْأَمْرِ مِثْلَ السِّلَاحِ وَغَيْرِهِ، وقوله لا توءبّن فِيهِ الْحُرَمُ: أَيْ لَا تُذْكَرُ بِقَبِيحٍ، وَلَا تثنى فَلَتَاتُهُ: أَيْ لَا تُذَاعُ، أَيْ لَمْ يَكُنْ لِمَجْلِسِهِ فَلَتَاتٌ فَتُذَاعَ، وَالنَّثَا فِي الْكَلَامِ: الْقَبِيحُ والحسن.   1 إسناده ضعيف: علي بن جعفر فيه جهالة كما في "الميزان" "5799". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 وَقَدْ مَرَّ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَإِذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي نَفْسَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا1. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ قُرَيْشًا أَتَوْا كَاهِنَةً فَقَالُوا لَهَا: أَخْبِرِينَا بِأَقْرَبِنَا شَبَهًا بِصَاحِبِ هَذَا الْمَقَامِ، قَالَتْ: إِنْ جَرَرْتُمْ كِسَاءً عَلَى هَذِهِ السَّهْلَةِ، ثُمَّ مَشَيْتُمْ عَلَيْهَا أَنْبَأَتْكُمْ، فَفَعَلُوا، فَأَبْصَرَتْ أَثَرَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: هَذَا أَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِهِ، فَمَكَثُوا بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ بُعِثَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ2. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: صَلَّى بِنَا أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ هُوَ وَعَلِيٌّ يَمْشِيَانِ، فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ ... لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِيِّ وَعَلِيٌّ يَتَبَسَّمُ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: الْحَسَنُ أَشْبَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرأس، والحسين أَشْبَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا كان أسفل من ذلك4.   1 تقدم. 2 إسناده ضعيف: رواية سماك عن عكرمة ضعيفة كما في "التقريب" "2624". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3750" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ولفظه "وعلي يضحك". 4 ضعيف: أخرجه الترمذي "3804" في كتاب المناقب، باب: مناقب الحسن والحسين -رضي الله عنهما- والبيهقي في "الدلائل" "1/ 307"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "789": ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 بَابُ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} 1 قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا" 2. وَقَالَ "خ م": مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِذَا كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا3. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ، لَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ ينتهك من محارم الله، فينتقم لله4. م. وَقَالَ أَنَسٌ: خَدَمْتُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ سِنِينَ، فَوَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَلَا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ: أَلَا فَعَلْتَ كَذَا؟ 5 وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا6. أَخْرَجَهُ م. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْمَلَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ7. مُتَّفَقٌ عليه.   1 سورة القلم: 4. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4682" في كتاب السنة، باب: الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، والترمذي "1165" في كتاب الرضاع، باب: ما جاء في حق المرأة على زوجها، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3560" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2327" في كتاب الفضائل، باب: مباعدته -صلى الله عليه وسلم- للآثام. 4 صحيح: أخرجه مسلم "3560/ 78" في المصدر السابق. 5 صحيح: أخرجه البخاري "6038" في كتاب الأدب، باب: حسن الخلق، ومسلم "2309" في كتاب الفضائل، باب: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحسن الناس خلقًا. 6 صحيح: أخرجه مسلم "3150" في كتاب الأدب، باب: جواز تكنية من لم يولد له. 7 صحيح: أخرجه البخاري "2908" في كتاب الجهاد، باب: الحمائل، ومسلم "2307/ 48" في كتاب الفضائل، باب: في شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وَقَالَ فُلَيْحٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبَّابًا وَلَا فَاحِشًا، وَلَا لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عَنْدَ الْمَعْتِبَةِ: مَا لَهُ تَرِبَ جبينه1. أخرجه خ. وقال الأعمش، عن شفيق، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا" 2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ أبو داود: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ يَقُولُ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا، وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَلَا سَخَّابًا فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ3. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ" 5. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذًا شَدِيدًا، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِهِ قَدْ أَثَّرَتْ بها حاشية البرد، ثمّ قال: يا   1 صحيح: أخرجه البخاري "6031" في كتاب الأدب، باب: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاحشًا ولا متفاحشًا. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6029" في المصدر السابق، ومسلم "2321" في كتاب الفضائل، باب: كثرة حيائه -صلى الله عليه وسلم. 3 أخرجه الطيالسي في "مسنده" "1520". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3562" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2320" في كتاب الفضائل، باب: كثرة حيائه -صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 316". 5 صحيح: أخرجه البخاري "24" في كتاب الإيمان، باب: الحياء من الإيمان، ومسلم "36" في كتاب الإيمان، باب: بيان عدد شعب الإيمان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَأْمَنُهُ، وَأَنَّهُ عَقَدَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَقْدًا، فَأَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ فَصَرَعَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُ مَلَكَانِ يَعُودَانِهِ، فَأَخْبَرَاهُ أَنَّ فُلَانًا عَقَدَ لَهُ عَقْدًا، وَهِيَ فِي بِئْرِ فُلَانٍ، وَلَقَدِ اصْفَرَّ الْمَاءُ مِنْ شِدَّةِ عَقْدِهِ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَخْرَجَ الْعَقْدَ، فَوَجَدَ الْمَاءَ قَدِ اصْفَرَّ، فَحَلَّ الْعَقْدَ، وَنَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُهُ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى مَاتَ2. وَقَالَ أبو نعيم: حدثنا عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو يَحْيَى الْمُلائِيُّ، حَدَّثَنِي زَيْدٌ الْعَمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَافَحَهُ الرَّجُلُ لَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ يَنْزِعُ، وَإِنِ اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ، لَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ يَنْصَرِفُ، وَلَمْ يُرَ مُقَدِّمًا رُكْبَتَهُ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ3. أَخْرَجَهُمَا الْفَسَوِيُّ عَنْهُمَا فِي تَارِيخِهِ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا الْتَقَمَ أُذُنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُنَحِّي رَأْسَهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يُنَحِّي رَأْسَهُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَتَرَكَ يَدَهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَدَعُ يَدَهُ4. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا، حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يتبسم5، متّفق عليه.   1 صحيح: أخرجه البخاري "6088" في كتاب الأدب، باب: التبسم والضحك، ومسلم "1057" في كتاب الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم. 2 أخرجه أحمد "4/ 367". 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 320"، وزيد العمي ضعيف كما في "التقريب" "2131". 4 صحيح: أخرجه أبو داود "4794" في كتاب الأدب، باب: في حسن العشرة، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 320-321"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 5 صحيح: أخرجه البخاري "6092" في كتاب الأدب، باب: التبسم والضحك، ومسلم "16/ 899" في كتاب الاستسقاء، باب: التعوذ عند رؤية الريح والغيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 وَقَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيرًا، كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ خَارِجَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ نَفَرًا دَخَلُوا عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بَيْتَهُ فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ بَعْضِ أَخْلَاقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كُنْتُ جَارَهُ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ بَعَثَ إِلَيَّ فَآتِيهِ، فَأَكْتُبُ الْوَحْيَ، وَكُنَّا إِذَا ذَكَرْنَا الدُّنْيَا ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الْآخِرَةَ ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الطَّعَامَ ذَكَرَهُ مَعَنَا2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، اتَّقَيْنَا الْمُشْرِكِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ بَأْسًا، وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْهُ3. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: لَمْ يُسْأَلِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ: "لَا"4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ5. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَسَأَلَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِغَنَمٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ: أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ من لا يخاف الفاقة6. أخرجه مسلم.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2322" في كتاب الفضائل، باب: تبسمه -صلى الله عليه وسلم. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 324". 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 324"، وأبو إسحاق مدلس، وقد عنعنه. 4 صحيح: أخرجه البخاري "6034" في كتاب الأدب، باب: حسن الخلق والسخاء، ومسلم "2311" في كتاب الفضائل، باب: رقم "14". 5 صحيح: أخرجه البخاري "3554" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2308" في كتاب الفضائل، باب: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس. 6 صحيح: أخرجه مسلم "2312" في كتاب الفضائل، باب: رقم "14". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 وقال مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَانَ فِي بَيْتِهِ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، ويخيط ثوبه، وعمل فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ1. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، قِيلَ لِعَائِشَةَ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ، يُفَلِّي ثَوْبَهُ، وَيَحْلِبُ شَاتَهُ، وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ2. وَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْأَعْوَرُ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ، سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْكَبُ الحمار، ويليس الصُّوفَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ، خِطَامُهُ مِنْ لِيفٍ3. وَقَالَ مروان بن محمد الطّاطريّ: أنبأنا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ غَزِيَّةَ، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ مَعَ صبيّ4. وفي الصحيح أنّ النّبيّ صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النّغير"5. وقال حمّاد بن سلمة: أنبأنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: "يَا أُمَّ فلان، انظري أيّ طرق شِئْتِ قُومِي فِيهِ، حَتَّى أَقُومَ مَعَكِ"، فَخَلَا مَعَهَا يُنَاجِيهَا، حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا6. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.   1 أخرجه أحمد "6/ 121، 137، 260". 2 صحيح: أخرجه الترمذي في "الشمائل" "341"، وقال الألباني في "مختصر الشمائل": صحيح. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 330". 4 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 331"، وابن لهيعة ضعيف الحفظ. 5 صحيح: أخرجه البخاري "6129" في كتاب الأدب، باب: الانبساط إلى الناس، من حديث أنس -رضي الله عنه. 6 صحيح: أخرجه مسلم "2326" في كتاب الفضائل، باب: قربه -صلى الله عليه وسلم- من الناس، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 332". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 بَابُ: هَيْبَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَلَالِهِ وحبّه وشجاعته وقوّته وفصاحته قال جيري بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: إِنِّي لَأَضْرِبُ غُلَامًا لِي، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي: "اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ"، قَالَ: فَجَعَلْتُ لَا أَلْتَفِتُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَضَبِ، حَتَّى غَشِيَنِي، فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَقَعَ السَّوْطُ مِنْ يَدِي مِنْ هَيْبَتِهِ، فَقَالَ لِي: "وَاللَّهِ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا"، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا أَضْرِبُ غُلَامًا لِي أَبَدًا1. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" 2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} 3. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ: لَا نُكَلِّمُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا كَأَخِي السِّرَارِ. وَقَالَ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 4. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} 5. وَعَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "نُصرت بِالرُّعْبِ، يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيَّ مَسِيرَةَ شَهْرٍ" 6. وقال زهير بن معاوية، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عن علي   1 صحيح: أخرجه مسلم "1659/ 34" في كتاب الإيمان، باب: صحبة المماليك. 2 صحيح: أخرجه البخاري "13" في كتاب الإيمان، باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومسلم "44" في كتاب الإيمان، باب: وجوب محبة رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3 سُورَةَ الحجرات: 2. 4 سورة النور: 63. 5 سورة التوبة: 73. 6 صحيح: أخرجه البخاري "438" في كتاب الصلاة، باب: رقم "56"، ومسلم "521/ 3" في أول كتاب المساجد، والنسائي "1/ 209-211" في كتاب الغسل، باب: التيمم بالصعيد، وأحمد "3/ 304" من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ، وَلَقِيَ القومُ القومَ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْقَوْمِ مِنْهُ1، وَقَدْ ثَبُتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ، كَمَا أَتَى فِي غَزَوَاتِهِ. قَالَ زُهَيْرٌ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنْ يَوْمِ حُنَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَقِيَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِلِجَامِهَا، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتَنْصَرَ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ2. وَقَدْ أَتَى ذَلِكَ مُطَوَّلًا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْمَلَ الناس وجهًا، وأجودهم كفًّا، وأشجعهم قلبًا، خرج وَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَرَكِبَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيًا، ثُمَّ رَجَعَ، وَهُوَ يَقُولُ: لَنْ تُراعوا، لَنْ تُراعوا3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ حَاتِمُ بن اللّيث الجوهريّ: حدثنا حمّاد بن أبي حمزة السّكريّ، أنا عليّ بن الحسين بن واقد، حدثنا أبي، عن عبد الله بن بريد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لك أَفْصَحُنَا وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا؟ قَالَ: "كَانَتْ لُغَةُ إِسْمَاعِيلَ قَدْ دَرَسَتْ، فَجَاءَ بِهَا جِبْرِيلُ فَحَفَّظَنِيهَا". هَذَا مِنْ جُزْءِ الْغِطْرِيفِ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْصَحَكَ، مَا رَأَيْتُ الَّذِي هُوَ أَعْرَبُ مِنْكَ، قَالَ: "حُقَّ لِي، وإنّما أُنزل القرآن بلسان عربيّ مبين"4.   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 324-325"، وأبو إسحاق مدلس، وقد عنعنه. 2 صحيح: أخرجه البخاري "2930" في كتاب الجهاد، باب: من صف أصحابه عند الهزيمة، ومسلم "1776/ 80" في كتاب الجهاد، باب: في غزوة حنين. 3 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 4 مرسل إسناده ضعيف: موسى بن محمد بن منكر الحديث كما في "التقريب" "7006". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 وَقَالَ هُشَيْمٌ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيتُ فَوَاتِحَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ وَجَوَامِعَهُ"، قُلْنَا: عَلِّمْنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَعَلَّمَنَا التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ1.   1 إسناده ضعيف: عبد الرحمن بن إسحاق قال في "التقريب" "3799": ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 بَابُ: زُهْدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِذَلِكَ يُوزن الزُّهْدُ وَبِهِ يُحدّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} 1. قَالَ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ: عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ إِلَى نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ الْمَلَكُ: إِنَّ اللَّهَ يُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا، وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَلَكًا نَبِيًّا، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جِبْرِيلَ كَالْمُسْتَشِيرِ لَهُ، فَأَشَارَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ تَوَاضَعْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ أَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا" قَالَ: فَمَا أَكَلَ بَعْدَ تِلْكَ الْكَلِمَةِ طَعَامًا مُتَّكِئًا حَتَّى لَقِيَ رَبَّهُ تَعَالَى2. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خِزَانَتِهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ، فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ وَجَلَسَ، وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ، فَقَلَّبْتُ عَيْنِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا غَيْرُ قَبْضَتَيْنِ أَوْ قَالَ قَبْضَةً مِنْ شَعِيرٍ، وَقَبْضَةً مِنْ قُرْظٍ، نَحْوَ الصَّاعَيْنِ، وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ أَوْ أَفِيقَانِ، قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يبكيك يابن الْخَطَّابِ"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لِيَ لَا أَبْكِي وَأَنْتَ صَفْوَةُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَخِيرَتُهُ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ! وَكِسْرَى وَقَيْصَرُ فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ، وَأَنْتَ هَكَذَا، فَقَالَ: "يَابْنَ الْخَطَّابِ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا"؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "فَاحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى" 3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. قَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْد الله بْن أَبِي ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ فِي البيت شيئًا يردّ البصر إلاّ   1 سورة طه: 131. 2 إسناده ضعيف: وبقية مدلس، وقد عنعنه. 3 صحيح: أخرجه مسلم "1479/ 30" في كتاب الطلاق، باب: في الإيلاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 أُهُبٌ ثَلَاثَةٌ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ، فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِسٍ وَالرُّومِ، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ: "أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا". فَقُلْتُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَكَانَ أَقْسَمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى نِسَائِهِ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى1. اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَدَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ، أَخْبَرَكُمُ الْعَلَّامَةُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، أَنَّ شَهْدَةَ بِنْتَ أَبِي نَصْرٍ أَخْبَرَتْهُمْ، أنا أَبُو غَالِبٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ، أنا أَبُو سهل بن زياد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ مَرْمُولٍ بِشَرِيطٍ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَاعْوَجَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعْوِجَاجَةً، فَرَأَى عُمَرُ أَثَرَ الشَّرِيطِ فِي جَنْبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَكَى، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يُبْكِيكَ"؟ فَقَالَ: كِسْرَى وَقَيْصَرُ يَعِيثَانِ فِيمَا يَعِيثَانِ فِيهِ، وَأَنْتَ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ! فَقَالَ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ"؟ قَالَ: بلى، فقال: "فهو الله كَذَلِكَ". إِسْنَادُهُ حَسَنٌ2. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اضْطَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا لي وللدنيا، إنّما أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا" 3. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ قَرِيبٌ مِنَ الصِّحَّةِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَوْ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ تَأْتِيَ عَلَيَّ ثَلَاثُ لَيَالٍ، وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ، إلا شيء أرصده لديني" 4. أخرجه البخاريّ.   1 صحيح: أخرجه البخاري "5191" في كتاب النكاح، باب: موعطة الرجل ابنته لحال زوجها، ومسلم "1479/ 34" في المصدر السابق. 2 قلت: الحسن مدلس، وقد عنعنه، ومبارك بن فضالة مثله مدلس، وقد عنعنه. 3 صحيح بنحوه: أخرجه الترمذي "2384" في كتاب الزهد، باب: رقم "44"، وابن ماجه "4109" في كتاب الزهد، باب: مثل الدنيا، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه". 4 صحيح: أخرجه البخاري "6445" في كتاب الرقاق، باب: رقم "14"، والبيهقي في الدلائل "1/ 338". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اللهم اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ بُرٍّ حَتَّى تُوُفِّيَ2. أخرجه مسلم. وقال الثّوريّ: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نُخْرِجُ الْكُرَاعَ3 بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَنَأْكُلُهُ، فَقُلْتُ: وَلِمَ تَفْعَلُونَ؟ فَضَحِكَتْ وَقَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خُبْزٍ مَأْدُومٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كُنَّا يَمُرُّ بِنَا الْهِلَالُ وَالْهِلَالُ، وَالْهِلَالُ، مَا نُوقِدُ بِنَارٍ لِطَعَامٍ، إِلَّا أَنَّهُ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّ حَوْلَنَا أَهْلَ دُورٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَيَبْعَثُونَ بِغَزِيرَةِ الشَّاءِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ذلك اللّبن5. متّفق عليه. وقال همّام: حدثنا قَتَادَةُ: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، فَقَالَ: كُلُوا، فَمَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى رغيفًا مرفقًا، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلَا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ6. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا أَكَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى خُوَانٍ، وَلَا فِي سُكُرُّجَةٍ وَلَا خُبِزَ له مرقّق، فَقُلْتُ لِأَنَسٍ: عَلَامَ كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: عَلَى السّفر7. أخرجه البخاريّ.   1 صحيح: أخرجه البخاري "6460" في كتاب الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ومسلم "1055" في كتاب الزكاة، باب: في الكفاف والقناعة. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2970" في أول كتاب الزهد، وأحمد "6/ 42". 3 الكراع: مستدق الساق العاري من اللحم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "5423" في كتاب الأطعمة، باب: ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام، وأحمد "6/ 128". 5 صحيح: أخرجه البخاري "6458" في كتاب الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ومسلم "2972" في أول كتاب الزهد. 6 صحيح: أخرجه البخاري "6457" في المصدر السابق. 7 صحيح: أخرجه البخاري "5386" في كتاب الأطعمة، باب: الخبز المرقق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرحمن بن يزيد يُحَدِّثُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، حَتَّى قُبِضَ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ2 سَنِخَةٍ3. وَلَقَدْ رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، فَأَخَذَ لِأَهْلِهِ شَعِيرًا، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ ذَاتَ يَوْمٍ يَقُولُ: مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ تَمْرٍ وَلَا صَاعُ حَبٍّ، وَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ أَبْيَاتٍ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ فِرَاشُ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ أَدَمٍ حَشْوُهُ لِيفٌ5. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ، كِتَابَةً، أَنَّ عَبْدَ الْمُنْعِمِ بْنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ كُلَيْبٍ أَجَازَ لَهُمْ، قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ بَنَانٍ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنا أَبُو عليّ الصّفّار سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَرَأَتْ فِرَاشَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- عَبَاءَةً مَثْنِيَّةً، فَانْطَلَقَتْ فَبَعَثَتْ إِلَيَّ بِفِرَاشٍ حَشْوُهُ الصُّوفُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ"? قُلْتُ: فُلَانَةٌ رَأَتْ فِرَاشَكَ، فَبَعَثَتْ إِلَيَّ بِهَذَا، فَقَالَ: "رُدِّيهِ يَا عَائِشَةُ"، قَالَتْ: فَلَمْ أَرُدَّهُ، وَأَعْجَبَنِي أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِي، حَتَّى قَالَ ذلك ثلاث مرات، قَالَتْ: فَقَالَ: "رُدِّيهِ فَوَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ لَأَجْرَى اللَّهُ مَعِي جِبَالَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ" 6. أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "الزُّهْدِ"، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ -وَهُوَ ثِقَةٌ- عَنْ مجالد، وليس بالقويّ.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2970/ 22" في أول كتاب الزهد، والترمذي "2364" في كتاب الزهد، باب: رقم "38"، وفي "الشمائل" "142، 148". 2 الإهالة: الشحم. 3 سمنة: منتنة الريح. 4 صحيح: أخرجه البخاري "2069" في كتاب البيوع، باب: شراء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنسيئة. 5 صحيح: أخرجه البخاري "6456" في كتاب الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ومسلم "2082" في كتاب اللباس، باب: التواضع في اللباس. 6 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد في "الزهد" "ص20"، ومجالد ضعيف كما تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ. وَقَالَ زَائِدَةُ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ سَاهِمُ الْوَجْهِ، حَسِبْتُ ذَلِكَ من وجع، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لِي أَرَاكَ سَاهِمَ الْوَجْهِ؟ فَقَالَ: "مِنْ أَجْلِ الدَّنَانِيرِ السَّبْعَةِ الَّتِي أَتَتْنَا أَمْسِ، وَأَمْسَيْنَا وَلَمْ نُنْفِقْهُنَّ، فَكُنَّ فِي خَمْلِ الْفِرَاشِ" 1. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ بَكْرِ بْنُ مُضَرَ، عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَا وَعُرْوَةُ، فَقَالَتْ: لَوْ رَأَيْتُمَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضٍ لَهُ، وَكَانَتْ عِنْدِي سِتَّةُ دَنَانِيرَ أَوْ سَبَعَةٌ، فَأَمَرَنِي أَنْ أُفَرِّقَهَا، فَشَغَلَنِي وَجَعُهُ حَتَّى عَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْهَا، ثُمَّ دَعَا بِهَا فَوَضَعَهَا فِي كَفِّهِ فَقَالَ: "مَا ظَنُّ نَبِيِّ اللَّهِ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وَهَذِهِ عِنْدَهُ" 2. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ3. وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ السِّيرِينِيُّ: نا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى بِلَالٍ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ صُبَرًا4 مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا بِلَالُ"؟ فَقَالَ: تَمْرٌ أَدَّخِرُهُ، قَالَ: "وَيْحَكَ يَا بِلَالُ، أَوَمَا تَخَافُ أَنْ يَكُونَ لَكَ بُخَارٌ فِي النَّارِ، أَنْفِقْ بِلَالُ وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا"5. بَكَّارٌ ضَعِيفٌ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ أَبُو عَامِرٍ الْهَوْزَنِيُّ قَالَ: لَقِيتُ بِلَالًا مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَلَبٍ، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي   1 أخرجه أحمد "9/ 314". 2 أخرجه أحمد "6/ 104". 3 أخرجه الترمذي في "الشمائل" "190". 4 الصبرة: الكومة. 5 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "1024" وبكار بن محمد ضعيف كما في "الميزان" "1263"، وقد أخرجه الترمذي "1025" من طريق آخر عن محمد بن سيرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَلِي ذَلِكَ مِنْهُ، مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الْإِنْسَانُ الْمُسْلِمُ، فَرَآهُ عَارِيًا يَأْمُرُنِي فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَقْرِضُ فَأَشْتَرِي الْبُرْدَةَ وَالشَّيْءَ فَأَكْسُوهُ وَأُطْعِمُهُ، حَتَّى اعْتَرَضَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: يَا بِلَالُ إِنَّ عِنْدِي سَعَةً فَلَا تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مِنِّي، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَ ذات يوم، توضأت، ثمّ قمت لئؤذّن بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ فِي عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا حَبَشِيُّ، قُلْتُ يَا لَبَّيْهِ، فَتَجَهَّمَنِي، وَقَالَ قَوْلًا غَلِيظًا، فَقَالَ: أَتَدْرِي كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قُلْتُ: قَرِيبٌ. قَالَ: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعُ لَيَالٍ، فَآخُذُكَ بِالَّذِي لِي عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَمْ أُعْطِكَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ مِنْ كَرَامَتِكَ، وَلَا مِنْ كَرَامَةِ صَاحِبِكَ، وَلَكِنْ أَعْطَيْتُكَ لِتَصِيرَ لِي عَبْدًا، فَأَرُدَّكَ تَرْعَى الْغَنَمَ، كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَأَخَذَنِي فِي نَفْسِي مَا يَأْخُذُ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ، فَانْطَلَقْتُ ثُمَّ أَذَّنْتُ بِالصَّلَاةِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتْمَةَ رَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنَّ الْمُشْرِكَ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِي عَنِّي، وَلَا عِنْدِي، وَهُوَ فَاضِحِي، فَأْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ بَعْضَ هَؤُلَاءِ الْأَحْيَاءِ الَّذِينَ قَدْ أَسْلَمُوا، حَتَّى يَرْزُقَ اللَّهُ رَسُولَهُ مَا يَقْضِي عَنِّي، فَخَرَجْتُ، حَتَّى أَتَيْتُ مَنْزِلِي، فَجَعَلْتُ سَيْفِي وَجِرَابِي وَرُمْحِي وَنَعْلِي عِنْدَ رَأْسِي، وَاسْتَقْبَلْتُ بِوَجْهِي الْأُفُقَ، فَكُلَّمَا نِمْتُ انْتَبَهْتُ، فَإِذَا رَأَيْتُ عَلَيَّ لَيْلًا نِمْتُ، حَتَّى انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ الْأَوَّلِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى، يَدْعُو: يَا بِلَالُ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنْتُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْشِرْ، فَقَدْ جَاءَكَ اللَّهُ بِقَضَائِكَ"، فَحَمِدْتُ اللَّهَ، قَالَ: "أَلَمْ تَمُرَّ عَلَى الرَّكَائِبِ الْمُنَاخَاتِ الْأَرْبَعِ"؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "فَإِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ"، فَإِذَا عَلَيْهِنَّ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ أَهْدَاهُنَّ لَهُ عَظِيمُ فَدَكٍ، فَحَطَطْتُ عَنْهُنَّ، ثُمَّ عَقَلْتُهُنَّ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى تَأْذِينِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجْتُ إِلَى الْبَقِيعِ، فَجَعَلْتُ إِصْبَعِي فِي أُذُنِي، وَنَادَيْتُ وَقُلْتُ: مَنْ كَانَ يَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَيْنًا فَلْيَحْضُرْ، فَمَا زِلْتُ أَبِيعُ وَأَقْضِي حَتَّى لَمْ يَبْقَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَيْنٌ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى فَضَلَ عِنْدِي أُوقِيَّتَانِ، أَوْ أُوقِيَّةٌ وَنِصْفٌ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ النَّهَارِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ، فَسَلَّمْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: "مَا فَعَلَ مَا قِبَلُكَ"؟ قُلْتُ: قَدْ قَضَى اللَّهُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، فَقَالَ: "فَضَلَ شَيْءٌ" ? قُلْتُ: نَعَمْ دِينَارَانِ، قَالَ: "انْظُرْ أَنْ تُرِيحَنِي مِنْهُمَا، فَلَسْتُ بِدَاخِلٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِي حَتَّى تُرِيحَنِي مِنْهُمَا". فَلَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فَبَاتَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَصْبَحَ، وَظَلَّ فِي الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ الثَّانِي، حَتَّى كَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ جَاءَ رَاكِبَانِ، فَانْطَلَقْتُ بِهِمَا، فَكَسَوْتُهُمَا وَأَطْعَمْتُهُمَا، حَتَّى إِذَا صَلَّى الْعَتْمَةَ دَعَانِي، فَقَالَ: "مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلُكَ"؟ قُلْتُ: قَدْ أَرَاحَكَ اللَّهُ مِنْهُ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ شَفَقًا مِنْ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ، وَعِنْدَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ، حَتَّى جَاءَ أَزْوَاجَهُ، فسلّم على امْرَأَةٍ، حَتَّى أَتَى مَبِيتَهُ1. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ تَوْبَةَ الْحَلَبِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ أَبُو داود الطّيالسيّ: حدثنا أبو هاشم الزّعفرانيّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- جَاءَتْ بِكِسْرَةِ خُبْزٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا هَذِهِ"؟ قَالَتْ: قُرْصٌ خَبَزْتُهُ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَتَيْتُكَ بِهَذِهِ الْكِسْرَةِ، فَقَالَ: "أَمَا إِنَّهُ أَوَّلُ طَعَامٍ دَخَلَ فَمَ أَبِيكِ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ" 2. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي طَلِيقٍ قَالَتْ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ جَزْءٍ أَبُو بَحْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَشُدُّ صُلْبَهُ بِالْحَجَرِ مِنَ الْغَرَثِ3. وَقَالَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ: نا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: بَيْنَمَا عَائِشَةُ تُحَدِّثُنِي ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ بَكَتْ، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: مَا مَلَأْتُ بَطْنِي مِنْ طَعَامٍ فَشِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ إِلَّا بَكَيْتُ أَذْكُرُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْجَهْدِ4. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ خداش: حدثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "وَاللَّهِ مَا أمسى في آل   1 صحيح: أخرجه أبو داود "3055" في كتاب الخراج، باب: في الإمام يقبل هدايا المشركين، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 193". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 193". 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 194" ومجالد ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 مُحَمَّدٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ، وَإِنَّهُنَّ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ"، وَاللَّهِ مَا قَالَهَا اسْتِقْلَالًا لِرِزْقِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَتَأَسَّى بِهِ أُمَّتُهُ1. رَوَى الْأَرْبَعَةُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ هَؤُلَاءِ. وَقَالَ أَبَانٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ فَأَجَابَهُ2. وَقَالَ أَنَسٌ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمْرٌ، فَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ منه مقيعًا3 مِنَ الْجُوعِ4. وَقَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عند يهوديّ على شعير5.   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 194". 2 أخرجه أحمد "3/ 210-211". 3 الإقعاء: الجلوس على الإليتين ونصب الساقين والفخذين. 4 صحيح بنحوه: أخرجه مسلم "2044/ 148" في كتاب الأشرب، باب: استحباب تواضع الآكل، بنحوه. 5 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 453"، وفي الباب عن عائشة، أخرجه البخاري "2916" في كتاب الجهاد، باب: ما قيل في درع النبي -صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 فَصْلٌ مِنْ شَمَائِلِهِ وَأَفْعَالِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا ثَبُتَ عَنْهُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ" 1. وَكَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ2 وَاللَّحْمَ، وَلَا سِيَّمَا الذِّرَاعَ3. وَكَانَ يَأْتِي النِّسَاءَ، وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ، وَيَصُومُ، وَيُفْطِرُ، وَيَنَامُ، وَيَتَطَيَّبُ إِذَا أَحْرَمَ وَإِذَا حَلَّ، وَإِذَا أتى الجمعة، وغير ذلك، ويقبل الهديّة، ويثيب عَلَيْهَا وَيَأْمُرُ بِهَا، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ مَنْ دَعَاهُ، وَيَأْكُلُ مَا وَجَدَ، وَيَلْبَسُ مَا وَجَدَ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ لِقَصْدِ ذَا وَلَا ذَا، وَيَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ4، وَالْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ5، وَإِذَا رَكِبَ أَرْدَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ الصَّغِيرَ أَوْ يُرْدِفُ وَرَاءَهُ عَبْدَهُ أَوْ مَنِ اتَّفَقَ، وَيَلْبَسُ الصُّوفَ وَيَلْبَسُ الْبُرُودَ الحبرة، وكانت أَحَبَّ اللِّبَاسِ إِلَيْهِ، وَهِيَ بُرُودٌ يَمَنِيَّةٌ فِيهَا حُمْرَةٌ وَبَيَاضٌ، وَيَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ بِخَاتَمِ فِضَّةٍ نقشه "محمد رسول الله"6 وربّما تختّم في يساره7.   1 حسن: أخرجه ابن ماجه "3354" في كتاب الأطعمة، باب: التعوذ من الجوع، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه، وقال الألباني "في صحيح سنن ابن ماجه" "2707": حسن. 2 صحيح: أخرجه البخاري "5599"، في كتاب الأشربة، باب: الباذق من حديث عائشة -رضي الله عنها. 3 صحيح: أخرجه أبو داود "3781" في كتاب الأطعمة، باب: في أكل اللحم، عن ابن مسعود قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعجبه الذراع"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 صحيح: أخرجه البخاري "5440" في كتاب الأطعمة، باب: القثاء بالرطب، ومسلم "2043" في كتاب الأشربة، باب: أكل القثاء بالرطب، من حديث عبد الله بن جعفر -رضي الله عنه. 5 صحيح: أخرجه أبو داود "3836" في كتاب الأطعمة، باب: الجمع بين لونين في الأكل، والترمذي "1850" في كتاب الأطعمة، باب: ما جاء في أكل البطيخ بالرطب، وفي "الشمائل" "197"، وأبو نعيم في "الحلية" "11094" من حديث عائشة وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "9/ 486": سنده صحيح، وصححه أيضًا الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 6 صحيح: أخرجه مسلم "2091/ 55" في كتاب اللباس، باب: لبس النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتمًا من حديث أنس -رضي الله عنه. 7 شاذ: أخرجه أبو داود "4227" في كتاب الخاتم، باب: ما جاء في التختم في اليمين أو اليسار، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "908" شاذ والمحفوظ "في يمينه". قلت: وقد أخرجه أبو داود "4228" في المصدر السابق، موقوفًا على ابن عمر، وصححه الألباني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وَكَانَ يُوَاصِلُ فِي صَوْمِهِ، وَيَبْقَى أَيَّامًا لَا يَأْكُلُ، وَيَنْهَى عَنِ الْوِصَالِ، وَيَقُولُ: "إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي" 1. وَكَانَ يَعْصِبُ عَلَى بَطْنِهِ الْحَجَرَ مِنَ الْجُوعِ2، وَقَدْ أُتي بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ كُلِّهَا3، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَاخْتَارَ الْآخِرَةَ عَلَيْهَا، وَكَانَ كَثِيرَ التَّبَسُّمِ، يُحِبُّ الرَّوَائِحَ الطَّيِّبَةَ. وَكَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ4، يَرْضَى لِرِضَاهُ، وَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِ. وَكَانَ لَا يَكْتُبُ وَلَا يَقْرَأُ وَلَا مُعَلِّمَ لَهُ مِنَ الْبَشَرِ، نشأ فِي بِلَادٍ جَاهِلِيَّةٍ، وَعِبَادَةِ وَثَنٍ، لَيْسُوا بِأَصْحَابِ عِلْمٍ وَلَا كُتُبٍ، فَآتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّهِ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} 5. وَكُلُّ هَذِهِ الْأَطْرَافِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَصِحَاحٌ مَشْهُورَةٌ. وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ" 6.   1 صحيح: أخرجه البخاري "1962" في كتاب الصوم، باب: الوصال، ومسلم "1002" في كتاب الصيام، باب: النهي عن الوصال، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4101" في كتاب المغازي، باب: غزوة الخندق، وأحمد "3/ 300"، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 415-417" من حديث جابر الطويل في حفر الخندق. 3 صحيح: أخرجه البخاري "1344" في كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد، من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه. 4 قالته عائشة -رضي الله عنها- فيما أخرجه مسلم "746/ 139" في كتاب صلاة المسافرين، باب: جامع صلاة الليل. 5 سورة النجم: 3-4. 6 صحيح: أخرجه النسائي "7/ 61" في كتاب: عشرة النساء، باب: حب النساء، وأحمد "3/ 128، 199، 285"، وصححه الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" "1/ 55"، والحافظ العراقي في تخريج "الإحياء" "2/ 35"، والحافظ ابن حجر في "الفتح" "3/ 20، 467"، والألباني في "صحيح الجامع" "3124". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 وَقَالَ أَنَسٌ: طَافَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- على نسائه في صحوة بِغُسْلٍ وَاحِدٍ1. وَكَانَ يُحِبُّ مِنَ النِّسَاءِ عَائِشَةَ، وَمِنَ الرِّجَالِ أَبَاهَا أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا2، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَابْنَهُ أُسَامَةَ، وَيَقُولُ: "آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ" 3. وَيُحِبُّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سِبْطَيْهِ، وَيَقُولُ: "هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا" 4 وَيُحِبُّ أَنْ يَلِيَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ5، وَيُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي تَرَجُّلِهِ وتنعّله، وفي شأنه كلّه6. وكان يقول: "إنّ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِمَا أَتَّقِي" 7. وَقَالَ: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا" 8.   1 صحيح بنحوه: أخرجه البخاري "5215" في كتاب النكاح، باب: من طاف على نسائه في غسل واحد، بلفظ "في الليلة الواحدة". 2 صحيح: أخرجه البخاري "4358" في كتاب المغازي، باب: غزوة ذات السلاسل، من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه. 3 صحيح: أخرجه البخاري "17" في كتاب الإيمان، باب: علامة الإيمان حب الأنصار، ومسلم "74" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على أن حب الأنصار وعلي -رضي الله عنه- من الإيمان، من حديث أنس -رضي الله عنه. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3753" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الحسن والحسين -رضي الله عنهما- من حديث ابن عمر -رضي الله عنه. 5 صحيح: أخرجه ابن ماجه "977" في كتاب الإقامة، باب: من يستحب أن يلي الإمام، من حديث أنس، وقال البوصيري: رجال إسناده ثقات. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": صحيح. 6 صحيح: أخرجه البخاري "168" في كتاب الوضوء، باب: التيمن في الوضوء، ومسلم "268" في كتاب الطهارة، باب: التيمن في الطهور، من حديث عائشة. 7 صحيح: أخرجه مسلم "1108" في كتاب الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة. ومن حديث عمر بن أبي سلمة. 8 صحيح: أخرجه البخاري "6485" في كتاب الرقاق، باب: رقم "27" من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 وَقَالَ: "شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا" 1. وَكُلُّ هَذَا فِي الصّحاح2.   1 صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير" "7/ 287" من حديث عقبة بن عامر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" "3720". وأخرجه الترمذي "3308" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الواقعة، وفي "الشمائل" "41"، وأبو نعيم في "الحلية" "5964" من حديث أبي بكر الصديق بنحوه، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 كذا قال والأخير منهم لم أجده في أحد الصحيحين، ولعله يقصد كل ما أطلق عليه "صحيح" كصحيح ابن حبان وابن خزيمة والحاكم وغير ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 بَابٌ: مِنَ اجْتِهَادِهِ وَعِبَادَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تورّمت قدماه، فقيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: "أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: كَيْفَ كَانَ عمل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَطِيعُ؟ 2 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، حدثنا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ". قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي، فَاكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا لَكُمْ بِهِ طَاقَةٌ" 3. وَفِي الصَّحِيحِ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ وَأَنَسٍ، بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة، قال رسول الله   1 صحيح: أخرجه البخاري "4836" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الآية، ومسلم "2819/ 80" في كتاب صفة القيامة، باب: إكثار الأعمال. 2 صحيح: أخرجه البخاري "1987" في كتاب الصوم، باب: هل يخص شيئًا من الأيام؟ 3 صحيح: أخرجه البخاري "1966" في كتاب الصوم، باب: التنكيل لمن أكثر الوصال، ومسلم "1103" في كتاب الصيام، باب: النهي عن الوصال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إنّي لأستغفر الله وأتوب فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ" 1. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عن مطرّف بن عبد الله بن الشّيخر، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي، وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المرجل من البكاء"2. وقال أبو كريب: حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قال أبو بكر: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرَاكَ شِبْتَ، قَالَ: "شَيَّبَتْنِي هُودٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ" 3. وَأَمَّا تَهَجُّدُهُ وَتِلَاوَتُهُ وَتَسْبِيحُهُ وَذِكْرُهُ وَصَوْمُهُ وَحَجُّهُ وَجِهَادُهُ وَخَوْفُهُ وَبُكَاؤُهُ وَتَوَاضُعُهُ وَرِقَّتُهُ، وَرَحْمَتُهُ لِلْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ، وَصِلَتُهُ لِلرَّحِمِ، وَتَبْلِيغُهُ الرِّسَالَةَ، وَنُصْحُهُ الْأُمَّةَ، فَمَسْطُورٌ فِي السُّنَنِ عَلَى أَبْوَابِ الْعِلْمِ. بَابٌ فِي مُزَاحِهِ وَدَمَاثَةِ أَخْلَاقِهِ الزَّكِيَّةِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قال   1 حسن صحيح: أخرجه ابن ماجه "3815" في كتاب الأدب، باب: الاستغفار، وقال البوصيري، في "الزوائد": إسناده صحيح، ورجاله ثقات. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3076": حسن صحيح. وأخرجه مسلم "2702" في كتاب الذكر والدعاء، باب: استحباب الاستغفار، من حديث الأغر المزني. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "904" في كتاب الصلاة، باب: البكاء في الصلاة، والترمذي في "الشمائل" "321"، والنسائي "3/ 13" في كتاب السهو، باب: البكاء في الصلاة، وأحمد "4/ 25"، وابن حبان "753"، وأبو نعيم في "الحلية" "2083"، وقال الإمام النووي في "رياض الصالحين" "ص141": إسناده صحيح. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "2/ 242": إسناده قوي. وقال الألباني في "صحيح سنن النسائي" "1156": صحيح. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3308" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الواقعة، وفي "الشمائل" "41"، وأبو نعيم في "الحلية" "5964"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَمْزَحُ، وَمَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا" 1. إِسْنَادُهُ قَرِيبٌ مِنَ الْحَسَنِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ: حدثنا عُثْمَانُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بن الحسين، ثنا آدم بن أبي غياس، ثنا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا، قَالَ: "إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا" 2. تَابَعَهُ أَبُو مَعْشَرَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، وَهُوَ صحيح. وقال الزّبير بن بكّار: حدّثني بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا مَزَحَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَعْضُ دُعَابَاتِ هَذَا الْحَيِّ مِنْ بَنِي كنانة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ بَعْضُ مَزْحِنَا هَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ"3. حَمْزَةُ لَا أَعْرِفُهُ، وَالْمَتْنُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ4. تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَضَعْفُهُ مَعْرُوفٌ. وَجَاءَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ مَعَ صَبِيٍّ5. وَقَالَ أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، عَنْ أَبِي طِيبَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَثَقُلَ عَلَى الْقَوْمِ بَعْضُ مَتَاعِهِمْ، فَجَعَلُوا يَطْرَحُونَهُ عَلَيَّ، فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَنْتَ زَامِلَةٌ" 6. وقال خشرج بْنُ نُبَاتَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ: سَمِعْتُ سفينة يقول: ثقل   1 صحيح: في إسناده ضعف، مبارك بن فضالة مدلس، وقد عنعنه، ولكنه قد ورد من حديث أبي هريرة فانظر الآتي. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "1997" في كتاب البر والصلة، باب: في المزاح، وفي "الشمائل" "له "236"، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "2509": صحيح. 3 لم أجده. 4 إسناده ضعيف: وابن لهيعة ضعيف الحفظ. 5 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 331". 6 لم أجده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 عَلَى الْقَوْمِ مَتَاعُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْسُطْ كِسَاءَكَ"، فَجَعَلُوا فِيهِ متاعهم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْمِلْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ سَفِينَةٌ"، قَالَ: فَلَوْ حَمَلْتُ مِنْ يَوْمِئِذٍ وِقْرَ بَعِيرٍ أَوْ بَعِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةً مَا ثَقُلَ عَلَيَّ1. وَهَذَا يَدْخُلُ فِي مُعْجِزَاتِهِ. وَقَالَ عَلِيُّ بن عاصم، وخالد بن عبد الله: حدثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: اسْتَحْمَلَ أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَنَا أَحْمِلُكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ"، فَقَالَ: وَمَا أَصْنَعُ بولد ناقة يا رسول الله؟ فَقَالَ: "وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلُ إِلَّا النُّوقَ" ?2 صَحِيحٌ غريب. وقال الأنصاريّ: حدثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ ابْنٌ لِأُمِّ سُلَيْمٍ، يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ، كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُمَازِحُهُ الْحَدِيثَ3. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ له: "يا ذَا الْأُذُنَيْنِ" 4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَزِيرَةٍ5 طَبَخْتُهَا، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنِي وَبَيْنَهَا: كُلِي، فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِي أَوْ لَأُلَطِّخَنَّ وَجْهَكِ، فَأَبَتْ، فَوَضَعْتُ يَدِي فِيهَا فَلَطَّخْتُهَا وَطَلَيْتُ وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ عُمَرُ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَظَنَّ النّبيّ صلى الله عليه سلم أَنَّهُ سَيَدْخُلُ، فَقَالَ: "قُومَا فَاغْسِلَا وُجُوهَكُمَا". فَمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمَرَ لِهَيْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ6.   1 أخرجه أحمد "5/ 221"، وأبو نعيم في "الحلية" "1280". 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4998" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في المزاح، والترمذي "1999" في كتاب البر والصلة، باب: في المزاح، وفي "الشمائل" "237"، وصححه الألباني في "سنن الترمذي". 3 صحيح: وقد تقدم. 4 صحيح: أخرجه أبو داود "5002" في المصدر السابق، والترمذي "1998" في المصدر السابق، وفي "الشمائل" "234"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 الخزيرة: لحم منضوج مع الدقيق. 6 لم أجده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، وَقَدْ رَشَّ فِنَاءَ أُطْمِهِ1، وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ سِمَاطَيْنِ2، وَجَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا سِيرِينُ، مَعَهَا مِزْهَرُهَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ تُغَنِّيهِمْ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَأْمُرْهُمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ، وَهِيَ تقول في غنائها: هل عليّ ريحكم ... إِنْ لَهَوْتُ مِنْ حَرَجٍ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "لَا حَرَجَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"3. حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هَذَا مَدَنِيٌّ، تَرَكَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتِ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِمْ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: "تَعَالَيْ"، فَقَامَ بِالْبَابِ، وَجِئْتُ فَوَضَعْتُ ذَقْنِي عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إِلَى خَدِّهِ، قَالَتْ: وَمِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ "وَأَبُو الْقَاسِمِ طَيِّبٌ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَسْبُكِ". قُلْتُ: لَا تَعْجَلْ يا رسول الله، قال: وَمَا بِيَ حُبُّ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْلُغَ النِّسَاءَ مَقَامُهُ لِي وَمَكَانِي مِنْهُ4. وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَالْحَبَشَةُ فِي الْمَسْجِدِ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ وَيَزْفِنُونَ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة قالت: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسمعنا لغطًا وصوت   1 الأطم: الحصن. 2 السماط: الصف. 3 إسناده ضعيف: حسين بن عبد الله ضعيف كما في "الميزان" "2012". 4 صحيح: أخرجه البخاري "950" في كتاب العيدين، باب: الحراب والدرق يوم العيد، ومسلم "892/ 18" في كتاب صلاة العيدين، والرخصة في اللعب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 الصِّبْيَانِ، فَقَامَ، فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَرْقُصُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي"، فَجِئْتُ فَوَضَعْتُ ذقني على منكبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ، فَقَالَ: "مَا شَبِعْتِ"؟ فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَا، لِأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ، إِذْ طَلَعَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَارْفَضَّ1 النَّاسُ عَنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَدْ فَرِقُوا مِنْ عُمَرَ" 2. خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ "س": هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَابَقَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَبَقْتُهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، حَتَّى إِذَا رَهَقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: "هَذِهِ بِتِلْكَ" 3. صَحِيحٌ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهَا، وَقِيلَ فِي إِسْنَادِهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -وَغَيْرُ خَالِدٍ أَسْقَطَ مِنْهُ أَبَا هُرَيْرَةَ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُدْلِعُ لِسَانَهُ4 لِلْحُسَيْنِ، فَيَرَى الصَّبِيُّ حُمْرَةَ لِسَانِهِ فَيَهَشُّ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: أَلَا أَرَاكَ تَصْنَعُ هَذَا، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَيَكُونُ لِي الْوَلَدُ قَدْ خَرَجَ وَجْهُهُ مَا قَبَّلْتُهُ قَطُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَا يَرحم لَا يُرحم" 5. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَهُوَ يَقُولُ: "تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّهْ" فَيَضَعُ الْغُلَامُ قَدَمَهُ عَلَى قَدَمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْفَعُهُ إِلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ قَبَّلَ فَاهُ وَقَالَ: "اللهمّ إنّي أحبّه فأحبّه" 6.   1 ارفض: تفرق. 2 أخرجه الترمذي "3711" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 صحيح: أخرجه أبو داود "2578" في كتاب الجهاد، باب: في السبق على الرجل، وابن ماجه "1979" في كتاب النكاح، باب: حسن معاشرة النساء، وأحمد "5/ 39، 129، 182، 261، 264، 280"، وأبو نعيم في "الحلية" "10010"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 يدلع لسانه: يخرجه. 5 عزاه العراقي لأبي يعلى مختصرًا، وقال: بسند جيد. "إتحاف السادة المتقين" "7/ 501". 6 أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" "421". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 وَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُسْتَلْقٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى ظَهْرِهِ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَهُ الْحَسَنُ فَأَقْبَلَ يَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقَدَّمَ قَمِيصِهِ، فَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ2. وقال أبو أحمد الزّبيريّ: حدثنا زُمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بن وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ تَاجِرًا إِلَى بُصْرَى قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَامٍ أَوْ عَامَيْنِ، وَمَعَهُ نُعَيْمَانُ وَسُوَيْبِطُ بْنُ حَرْمَلَةَ، وَهُمَا بَدْرِيَّانِ، وَكَانَ سُوَيْبِطُ عَلَى زَادِهِمْ، فَجَاءَ نُعَيْمَانُ فَقَالَ: أَطْعِمْنِي، فَقَالَ: لَا، حَتَّى يَأْتِيَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ نُعَيْمَانُ مَزَّاحًا، فَقَالَ: لَأَبِيعَنَّكَ، ثُمَّ قَالَ لِأُنَاسٍ: ابْتَاعُوا مِنِّي غُلَامًا، وَهُوَ رَجُلٌ ذُو لِسَانٍ، وَلَعَلَّهُ يَقُولُ: أَنَا حُرٌّ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَارِكِيهِ إِذَا قَالَ ذَلِكَ، فَدَعُونِي وَلَا تُفْسِدُوا عَلَيَّ غُلَامِي، قَالُوا: لَا، بَلْ نَبْتَاعُهُ. فَبَاعَهُ بِعَشْرِ قَلَائِصَ3، ثُمَّ جَاءَهُمْ فَقَالَ: هُوَ هَذَا، فَقَالَ سُوَيْبِطُ: هُوَ كَاذِبٌ، وَأَنَا رَجُلٌ حُرٌّ، قَالُوا: قَدْ أُخْبِرْنَا بِخَبَرِكَ. وَطَرَحُوا الْحَبْلَ وَالْعِمَامَةَ فِي رَقَبَتِهِ، وَذَهَبُوا بِهِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخْبَرُوهُ، فَذَهَبَ وَأَصْحَابٌ لَهُ فَرَدُّوا الْقَلائِصَ، وَأَخَذُوهُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ4. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وقال الأسود بن عامر: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُكْنَى أَبَا عَمْرَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ عَمْرَةَ"، فَضَرَبَ الرَّجُلُ بِيَدِهِ إِلَى مَذَاكِيرِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْ"، قَالَ: وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ إِلَّا أَنِّي امْرَأَةٌ لَمَّا قُلْتَ لِي يَا أُمَّ عَمْرَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا أنا بشر مثلكم أمازحك"5. حديث مرسل.   1 إسناده ضعيف: الحسن مدلس، وقد عنعنه. 2 عمران قال في "التقريب"، مقبول. أي إذا توبع وإلا فلين. 3 القلائص: الإبل الفتية. 4 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "3719" في كتاب الأدب، باب: المزاح، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". 5 معضل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 وقال عبد الرزّق: نا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهر، فَكَانَ يُهْدِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً مِنَ الْبَادِيَةِ فَيُجَهِّزُهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرَتُهُ". وَكَانَ دَمِيمًا، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا، وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ وَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي الْعَبْدَ" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ: "لَكِنَّ أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ" 1. صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَحَدَّثُ، وَكَانَ فِيهِ مُزَاحٌ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ وَيَضْحَكُونَ، فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَاصِرَتِهِ، فَقَالَ: اصْبِرْ لِي، قَالَ: "أَصْطَبِرْ"، قَالَ: لِأَنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ قَمِيصٌ. فَرَفَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَمِيصَهُ، فَاحْتَضَنَهُ وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ وَيَقُولُ: إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ الله2. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْذُ أسلمت، ولا رآني إلا تبسّم3.   1 صحيح: أخرجه الترمذي في "الشمائل" "238"، وأحمد "3/ 161" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 511": إسناده رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين. وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" "1/ 542" حديث صحيح. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "5224" في كتاب الأدب، باب: في قبلة الجسد، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3035" في كتاب الجهاد، باب: من لا يثبت على الخيل، ومسلم "2475" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل جرير بْن عَبْد اللَّه -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 باب: في ملابسه -صلى الله عليه وسلم قال خالد بن يزيد: حدثنا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ الْبِيضَ وَالْمُزَرْوَرَاتِ، وَذَوَاتِ الْآذَانِ1. عَاصِمٌ هَذَا بَصْرِيُّ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ. وَعَنْ جَابِرٍ: كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ يَلْبَسُهَا فِي الْعِيدَيْنِ وَيُرْخِيهَا خَلْفَهُ. تَفَرَّدَ بِهِ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْغَسِيلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- خطب النّاس وعليه عصابة دَسْمَاءُ2. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ رُكَانَةَ أَنَّهُ صَارَعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمَ عَلَى الْقَلَانِسِ"3. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُمَّةٌ4 بَيْضَاءُ. وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ5 رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. قُلْتُ: لَعَلَّ تَحْتَ الْخَوْذَةِ، فَإِنَّهُ دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ6. وَعَنْ بَعْضِهِمْ بِإِسْنَادٍ وَاهٍ: كَانَتْ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عمامة تسمّى السّحاب، يلبس تحتها القلانس اللَّاطِئَةَ7، وَيَرْتَدِي. وَقَالَ مُسَاوِرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، وَعَلَيْهِ، عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا بَيْنَ كتفيه8.   1 إسناده ضعيف جدًّا: عاصم بن سليمان متروك يضع الحديث كما في "الميزان" "4047". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3800" في كتاب مناقب الأنصار، باب: رقم "11"، والترمذي في "الشمائل" "117". وقوله: "دسماء: أي سوداء". 3 ضعيف: أخرجه أبو داود "4078" في كتاب اللباس، باب: في العمائم، والترمذي "1791" في كتاب اللباس، باب: العمائم على القلانس، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "300": ضعيف. 4 الكمة: القلنسوة الصغيرة. 5 صحيح: أخرجه مسلم "1358" في كتاب الحج، باب: جواز دخول مكة بغير إحرام. 6 صحيح: أخرجه البخاري "1846" في كتاب جزاء الصيد، باب: دخول الحرم ومكة بغير إحرام، ومسلم "1357" في المصدر السابق. 7 اللاطئة: الملتصقة بالرأس. 8 صحيح: أخرجه مسلم "1359/ 453" في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 وَعَنِ الْحَسَنِ: كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْدَاءَ1، تُسَمَّى الْعُقَابَ، وَعِمَامَتُهُ سَوْدَاءَ، وَكَانَ إِذَا اعْتَمَّ يُرْخِي عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ2. مُرْسَلٌ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا اعْتَمَّ يُسْدِلُ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ3. وَقَالَ عُرْوَةُ: أُهدي لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِمَامَةٌ مُعَلَّمَةٌ، فَقَطَعَ عَلَمَهَا وَلَبِسَهَا4. مُرْسَلٌ. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ5. وَقَالَ: لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ6. وَيُرْوَى عَنْ أَنَسٍ: كَانَ قَمِيصُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُطْنًا، قَصِيرَ الطُّولِ، قَصِيرَ الْكُمَّيْنِ7. وَعَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: كَانَ كُمُّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الرسغ8.   1 حسن: أخرجه الترمذي "2687" في كتاب الجهاد، باب: في الروايات، وابن ماجه "2818"، في كتاب الجهاد، باب: الرايات والألوية، من حديث ابن عباس -رضي الله عنه، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2274": حسن. 2 مرسل: وقد تقدم بعضه موصولًا، وأخرج بعضه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 222". 3 صحيح: أخرجه الترمذي "1742" في كتاب اللباس، باب: في سدل العمامة بين الكتفين، وفي "الشمائل" "116"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 223". 5 صحيح: أخرجه مسلم "274/ 81" في كتاب الطهارة، باب: المسح على الناصية والعمامة. 6 صحيح: أخرجه البخاري "5798" في كتاب اللباس، باب: من لبس جبة ضيقة الكمين، ومسلم "274/ 77" في المصدر السابق. 7 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224". 8 إسناده ضعيف: شهر سيئ الحفظ، وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224" عن بديل من قوله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُ قَمِيصًا قَصِيرَ الْيَدَيْنِ وَالطُّولِ1. وَعَنْ عُرْوَةَ وَهُوَ مُرْسَلٌ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ طُولُ ردائه أربعة أذرع، وعرضه ذراعان وشبر2. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةِ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ3. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ بُرْدَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ طُولَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فِي ثَلَاثَةٍ وَشِبْرٍ، وَإِزَارُهُ مِنْ نَسْجِ عُمَانَ، طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ فِي ذراعين وشبر، وكان يَلْبَسُهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ ثُمَّ يُطْوَيَانِ4. حَدِيثٌ مُعْضِلٌ. وَقَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ ثَوْبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ فِيهِ إِلَى الْوَفْدِ رِدَاءٌ حَضْرَمِيٌّ طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعَانِ وَشِبْرٌ، فَهُوَ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ قَدْ خَلِقَ، فَطَوَوْهُ بِثَوْبٍ، يَلْبَسُونَهُ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ5. رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ مَعْنُ بن عيسى: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بُرْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حِبَرَةٍ لَهُ حَاشِيَتَانِ6. قُلْتُ: هَذَا الْبُرْدُ غَيْرُ بُرْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي يَتَدَاوَلُهُ الْخُلَفَاءُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ، ذَاكَ الْبُرْدُ اشْتَرَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّفَّاحُ بثلاثمائة دينار من صاحب أيلة7.   1 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "3577" في كتاب اللباس، باب: كم القميص كم يكون؟ وابن سعد في "الطبقات" "1/ 224" وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". 2 مرسل: إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224"، وفي إسناده ابن لهيعة، ضعيف الحفظ. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2081" في كتاب اللباس، باب: التواضع في اللباس، وأبو داود "4032" في كتاب اللباس، باب: في لبس الصوف والشعر، والترمذي "2822" في كتاب الأدب، باب: في الثوب الأسود، وفي "الشمائل" "70". 4 الواقدي متروك كما تقدم. 5 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 223". 7 أيلة: مدينة بين الفسطاط ومكة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ بُرْدٌ كَسَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِصَاحِبِ أَيْلَةَ. وَاللَّهُ أعلم. وقال حميد الطّويل: حدثنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَخَلَّفْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ أَتَيْتُهُ بِمِطْهَرَةٍ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسِرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَضَاقَ كُمُّ الْجُبَّةِ، فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهَا، وَأَلْقَى الْجُبَّةَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ نَاصِيَتَهُ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ، ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا، وَفِي لَفْظٍ: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ، وَفِي لَفْظٍ: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ1. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ إِزَارٌ يَتَقَعْقَعُ2. عَنْ عِكْرِمَةَ: رَأَيْتُ ابنَ عَبَّاسٍ، إِذَا ائْتَزَرَ أَرْخَى مُقَدَّمَ إِزَارِهِ حَتَّى تَقَعَ حَاشِيَتَاهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ، وَيَرْفَعَ الْإِزَارَ مِمَّا وَرَاءَهُ، وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْتَزِرُ هَذِهِ الْإِزْرَةَ3. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْتَزِرُ تَحْتَ سُرَّتِهِ، وَتَبْدُو سُرَّتُهُ4، وَرَأَيْتُ عُمَرَ يَأْتَزِرُ فَوْقَ سُرَّتِهِ، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ" 5. وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَرَى حُلَّةً بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ نَاقَةً6.   1 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 2 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 141، 147"، وقال الألباني في "الصحيحة" "1568": إسناده صحيح على شرط الشيخين. 3 صحيح: أخرجه أبو داود "4096" في كتاب اللباس، باب: في قدر موضع الإزار، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224" بإسناد فيه رجل مجهول. 5 صحيح: أخرجه أبو داود "4093" في كتاب اللباس، باب: في قدر موضع الإزار، وابن ماجه "3573" في كتاب اللباس، باب: موضع الإزار أين هو؟ من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه، وقال الإمام النووي في "رياض الصالحين" "ص312": إسناده صحيح. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "10/ 268": رجاله رجال مسلم. وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2875". 6 مرسل إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 225" وفي إسناده علي بن زيد وهو سيئ الحفظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَرَى حُلَّةً بِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ ناقة1. وهذان ضعيفان لإرسالهما. وقال "د"2: حدثنا عمرو بن عون، أنا عمارة بن زاذان، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ مَلِكَ ذِي يَزَنَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُلَّةً أَخَذَهَا بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا فَقَبِلَهَا3. وَقَالَ الْحَمَّادَانِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ فَلْيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ" 4. زَادَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ: فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ5. وَرَوَى مِثْلَهُ الثَّوْرِيُّ، وَالْمَسْعُودِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونَ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ نَحْوَهُ. وَرَوَاهُ الْمَسْعُودِيُّ مَرَّةً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: "الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ" 6. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، فَأَرْسَلَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رواد: حدثنا ابن سالم، حدثنا صفوان   1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 225". 2 رمز لأبي داود. 3 ضعيف: أخرجه أبو داود "4034" في كتاب اللباس، باب: في لبس الصوف والشعر، وأحمد "3/ 221"، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "781": ضعيف. 4 صحيح: أخرجه النسائي "8/ 205" في كتاب الزينة، باب: الأمر بلبس البياض من الثياب، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 219"، وأبو نعيم في "الحلية" "6067"، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي". 5 صحيح: أخرجه النسائي "8/ 205" في الموضع السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي". 6 صحيح: أخرجه أبو داود "3878" في كتاب الطب، باب: في الأمر بالكحل، والترمذي "996" في كتاب الجنائز، باب: ما يستحب من الأكفان، وفي "الشمائل" "68"، وابن ماجه "1472" في كتاب الجنائز، باب: ما يستحب من الكفن، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 219" وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "2/ 210": هذا حديث جيد الإسناد رجاله على شرط مسلم. وقال الألباني في "صحيح الجامع" "1236": صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 بْنُ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ خَيْرَ مَا زُرْتُمُ اللَّهَ بِهِ فِي مُصَلَّاكُمْ وَقُبُورِكُمُ الْبَيَاضُ"1 رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السُّبَيْعِيُّ، عَنِ الْبَرَاءِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَفِي لَفْظٍ: لَقَدْ رَأَيْتُ عَلَيْهِ حُلَّةً حَمْرَاءَ فذكره. عبد الله بن صالح: حدثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَبَّ رَجُلٍ إِلَيَّ، فَلَمَّا نُبِّئَ وَخَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ، شَهِدَ حَكِيمٌ الْمَوْسِمَ، فَوَجَدَ حُلَّةً لِذِي يَزَنَ فَاشْتَرَاهَا، ثُمَّ قَدِمَ بِهَا لِيُهْدِيَهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: لا نَقْبَلُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَيْئًا، وَلَكِنْ بِالثَّمَنِ، قَالَ: فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا حِينَ أَبَى الْهَدِيَّةَ، فَلَبِسَهَا، فَرَأَيْتُهَا عَلَيْهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ فِيهَا، ثُمَّ أَعْطَاهَا أُسَامَةَ، فَرَآهَا حَكِيمٌ عَلَى أُسَامَةَ فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ أَتَلْبَسُ حُلَّةَ ذِي يَزَنَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ لأَنَّا خَيْرٌ مِنْ ذِي يَزَنَ، وَلأَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِيهِ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى مَكَّةَ فَأَعْجَبْتُهُمْ بِقَوْلِ أُسَامَةَ3. وَقَالَ عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْأَبْطَحِ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ4. صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُ بُرْدَهُ الْأَحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ5. رَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَأَرْسَلَهُ.   1 ضعيف أخرجه ابن ماجه "3568" في كتاب اللباس، باب: البياض من الثياب، ولفظه: "إن أحسن ... " إلخ، وقال البوصيري في "الزوائد": إسناده ضعيف، وكذلك ضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". 2 صحيح: أخرجه البخاري "5848" في كتاب اللباس، باب: الثوب الأحمر. وفي الباب عن جابر أخرجه الطبراني في "الأوسط" "680". 3 صحيح أخرجه أحمد "3/ 402، 403" وصححه الألباني في "الصحيحة" "1707". 4 أخرجه أحمد "4/ 308-309" وابن سعد في "الطبقات" "1/ 220". 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 220". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ1. إِسْنَادُهُ صحيح. باب منه: وقال وكيع: أنبأنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَتَانَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعْنَا لَهُ غُسْلًا فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِمِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ، فَاشْتَمَلَ بِهَا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ أَثَرَ الْوَرْسِ عَلَى عُكَنِهِ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ قَمِيصَهُ وَرِدَاءَهُ وَعِمَامَتَهُ3. مُرْسَلٌ. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يُخْبِرُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِ رِدَاءٌ وَعِمَامَةٌ مَصْبُوغَيْنِ بِالْعَبِيرِ. قَالَ مصعب: العبير عندنا: الزّعفران4. مصعب فيه لبن5. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: رُبَّمَا صُبِغَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَمِيصُهُ وَرِدَاؤُهُ بِزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ6. أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إِبْرَاهِيمَ،   1 صحيح: أخرجه أبو داود "4206" في كتاب الترجل، باب: في الخضاب، والترمذي "2821" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في الثوب الأخضر، وفي "الشمائل" "43، 45"، والنسائي "3/ 185" في كتاب العيدين، باب: الزينة للخطبة للعيدين، وأحمد "2/ 227-228"، وابن سعد "1/ 221"، وأبو نعيم في "الحلية" "13022"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 237"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 220"، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن، ضعيف الحفظ. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 221" وفيه: "عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 221". 5 قلت: والراجح أنه حسن الحديث، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب". صدوق وانظر "الميزان" "8564". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 220". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 عَنْ رُكَيْحِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُمْعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَهَذَا إِسْنَادٌ عَجِيبٌ مُدَنِّي. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْبُغُ ثِيَابَهُ حَتَّى الْعِمَامَةَ بِالزَّعْفَرَانِ1. وَهَذِهِ الْمَرَاسِيلُ لَا تُقَاوِمُ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ التَّزَعْفُرِ2، وَفِي لَفْظٍ: "نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ"3 وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا، ثُمَّ نَهَى عَنْهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَهْدَى مَلِكُ الرُّومِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْتَقَةً4 مِنْ سُنْدُسٍ5، فَلَبِسَهَا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يَدَيْهَا تَذَبْذَبَانِ مِنْ طُولِهِمَا، فَجَعَلَ القوم يقولون: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَزَلَتْ عَلَيْكَ مِنَ السَّمَاءِ! فَقَالَ: "وَمَا تَعْجَبُونَ مِنْهَا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مِنْدِيلًا مِنْ مَنَادِيلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا"، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَبِسَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبِسَهَا"، قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: "ابْعَثْ بِهَا إِلَى أَخِيكَ النَّجَاشِيِّ"6. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: أُهدي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرُّوجٌ7 -يَعْنِي قِبَاءَ حَرِيرٍ- فَلَبِسَهُ، ثُمَّ صَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ، ثمّ قال: "لا ينبغي هذا للمتّقين" 8.   1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 221". 2 صحيح: أخرجه مسلم "1201/ 77" في كتاب اللباس، باب: نهي الرجل عن التزعفر. 3 صحيح: انظر التخريج السابق. 4 المستقة: فرو طويل الكمين. 5 سندس: نوع من الحرير. 6 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 251"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 223"، وفي إسناده علي بن زيد وهو ضعيف الحفظ. 7 الفروج: القباء وقد يكون فيه شق من الخلف. 8 صحيح: أخرجه البخاري "375" في كتاب الصلاة، باب: من صلى في فروج حرير، ومسلم "2075" في كتاب اللباس، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 223". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَهْدَى أَبُو الْجَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمِيصَةً شَامِيَّةً لَهَا عَلَمٌ، فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "رُدُّوا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ عَلَى أَبِي جَهْمٍ، فَإِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا في الصّلاة فكاد يَفْتِنَنِي" 1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي بيت أمّ سلمة مشتملًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ2. وَصَحَّ مِثْلُهُ عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفَضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ مُؤْتَزِرًا بِهِ، لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ4. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ الْحَارِثِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ5. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- كان يَلْبَسُ الصُّوفَ6. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الْمُلَبَّدَةِ7. فَأَقْسَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُبِضَ فِيهِمَا8. أَخْرَجَهُ مسلم.   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 223". 2 صحيح: أخرجه البخاري "354" في كتاب الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الواحد. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 226". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 227". 5 ضعيف: أخرجه أبو داود "659" في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "131". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 222". 7 المبلدة: المرقعة. 8 صحيح: أخرجه مسلم "2080" في كتاب اللباس، باب: التواضع في اللباس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قال: كَانَ ضِجَاعُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أُدُمٍ مَحْشُوًّا لِيفًا"1. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي زُهْدِهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ" 2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ "عَلَى عَاتِقَيْهِ" 3. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةً طَيَالِسَةً كِسْرَوَانِيَّةً لَهَا لِبْنَةُ4 دِيبَاجٍ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ، فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرِيضِ يَسْتَشْفِي بِهَا5. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" وَفِيهِ: جُبَّةٌ طَيَالِسَةٌ عَلَيْهَا لِبْنَةُ شِبْرٍ مِنْ دِيبَاجٍ كِسْرَوَانِيٍّ6.   1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4151" في كتاب الزهد، باب: ضجاع آل محمد -صلى الله عليه وسلم، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 227"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3348": صحيح. 2 صحيح: أخرجه البخاري "359" في كتاب الصلاة، باب: إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، ومسلم "516" في كتاب الصلاة، باب: الصلاة في ثوب واحد، ولفظهما "على عاتيقه". 3 صحيح: انظر التخريج السابق. 4 اللبنة: رقعة في جيب القميص. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2069" في كتاب اللباس، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة. 6 أخرجه أحمد "6/ 348". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 بَابُ: خَوَاتِيمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَغَيْرُهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى، فَصَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَنَزَعَهُ وَرَمَى بِهِ وَقَالَ: "وَاللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا". فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ1. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مُرْسَلَيْنِ. وَكَانَ هَذَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الذَّهَبِ. وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ2. وَصَحَّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قَيْصَرَ وَلَمْ يَخْتِمْهُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ كِتَابَكَ لَا يُقْرَأُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَنَقَشَهُ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ" فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يد رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3، وَكَانَ مِنْ فِضَّةٍ4، وَنَهَى أَنْ يَنْقُشَ النَّاسُ عَلَى خَوَاتِيمِهِمْ نَقْشَتَهُ5، وَقَالَ: "كَانَ مِنْ فِضَّةٍ، فَصُّهُ مِنْهُ"6. وَصَحَّ عَنْهُ قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، فَصُّهُ حَبَشِيٌّ، وَنَقْشُهُ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ"7. وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، فَكَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُمَرَ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ، حَتَّى وَقَعَ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ، نَقْشُهُ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله"8.   1 صحيح: أخرجه البخاري "5866" في كتاب اللباس، باب: خاتم الفضة. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2078" في كتاب اللباس، باب: النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر، من حديث علي -رضي الله عنه- وأخرجه البخاري "5863" في كتاب اللباس، باب: خواتيم الذهب، من حديث البراء بن عازب. وأخرجه "5864" في المصدر السابق، من حديث أبي هريرة. 3 صحيح: أخرجه البخاري "5872" في كتاب اللباس، باب: نقش الخاتم، ومسلم "2092/ 56" في كتاب اللباس، باب: في اتخاذ النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتمًا. 4 صحيح: انظر التخريج السابق. 5 صحيح: أخرحه البخاري "5784" في كتاب اللباس، باب: الخاتم في الخنصر، ومسلم "2092" في المصدر السابق. 6 صحيح: أخرجه البخاري "5870" في كتاب اللباس، باب: فص الخاتم. 7 صحيح: أخرجه مسلم "2094" في كتاب اللباس، باب: في خاتم الورق فصه حبشي، من حديث أنس -رضي الله عنه. 8 صحيح: أخرجه البخاري "5873" في كتاب اللباس، باب: نقش الخاتم، ومسلم "2091/ 54" في كتاب اللباس، باب: لبس النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ ورق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: فَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ1. وَعَنْ مَكْحُولٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ من ووجهين عَنْهُمَا أَنَّ خَاتَمَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ حَدِيدًا مَلْوِيًّا عَلَيْهِ فِضَّةٌ2. وَرَوَى مِثْلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ3، وَلَمْ يُدْرِكْ سَعِيدٌ خالدًا. وقال أحمد بن محمد الأزرقيّ: حدثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ جدّه قال: دخل عمرو ين سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، حِينَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا هَذَا الْخَاتَمُ فِي يَدِكَ يَا عَمْرُو"؟ قَالَ: هَذِهِ حَلْقَةٌ، قَالَ: "فَمَا نَقْشُهَا"؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فتختّمه، فَبَيْنَا هُوَ يَحْفِرُ بِئْرًا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، يُقَالُ لَهَا بِئْرُ أَرِيسٍ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى شَفَتِهَا، يَأْمُرُ بِحَفْرِهَا، سَقَطَ الْخَاتَمُ فِي الْبِئْرِ، وَكَانَ عُثْمَانُ يُخْرِجُ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ كَثِيرًا، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ4. وَقَالَ أَنَسٌ: كَانَ نَقْشُ خاتم النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: "مُحَمَّدٌ" سَطْرٌ، وَ"رَسُولٌ" سَطْرٌ، وَ"اللَّهُ" سَطْرٌ5. قَالَ: فَكَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ سِتَّ سِنِينَ، فَكُنَّا مَعَهُ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ، وَهُوَ يُحَوِّلُ الْخَاتَمَ فِي يَدِهِ، فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ، فَطَلَبْنَاهُ مَعَ عُثْمَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ6. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَتَخَتَّمُ في يمينه7.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2091/ 55" في المصدر السابق. 2 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 231-232"، وفي إسناد رواية إبراهيم فرقد، وهو ضعيف. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 232". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 232". 5 صحيح: أخرجه البخاري "5878" في كتاب اللباس، باب: هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر. 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 223" وتقدم عن ابن عمر بنحوه. 7 صحيح: وقد تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَسَارِهِ1. عن ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ. وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كان يتختّم في يساره2.   1 شاذ: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 234" وقد تقدم عن ابن عمر. 2 شاذ: وقد تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 بَابُ: نَعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخفه ... باب: نعله النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخُفِّهِ قَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ لِنَعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِبَالَانِ1 صَحِيحٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَتْ نعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَهَا زِمَامَانِ شِرَاكُهُمَا مَثْنِيٌّ فِي الْعَقْدِ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: رَأَيْتُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُخَصَّرَةً3 مُعَقَّبَةً4 مُلَسَّنَةً لَهَا قِبَالَانِ5. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، سَأَلْتُ أَنَسًا: أَكَانَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ6. وَرَوَى مِثْلَهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي   1 صحيح: أخرجه البخاري "5857" في كتاب اللباس، باب: قبالان في نعل. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 234". وأخرجه الترمذي في "الشمائل" "75"، وابن ماجه "3614" في كتاب اللباس، باب: صفة النعال، وأبو نعيم في "الحلية" "12757" عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عباس بلفظ "كَانَ لِنَعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبالان، مثنى شراكهما". وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "10/ 325": سنده قوي. وقال الوصيري في "الزوائد": إسناده صحيح رجاله ثقات، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2911". 3 مخصرة: قطع خصراها. 4 معقبة: لها عقب. 5 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 234". 6 صحيح: أخرجه البخاري "5850" في كتاب اللباس، باب: النعال السبتية، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 235". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِذْ وَضَعَ نَعْلَهُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَلْقَى النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: "مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ"؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ فَأَلْقَيْنَا، فَقَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ أَذًى فَمَنْ رأى ذلك فليمسحهما، ثمّ يصلّي فِيهِمَا" 1. وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَرَاكَ تَسْتَحِبُّ هَذِهِ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُهَا وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا2. السِّبْتُ: بِالْكَسْرِ، جُلُودُ الْبَقَرِ الْمَدْبُوغَةِ بِالْقَرَظِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بريدة أنّ النّجاشيّ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خفّين أسودين ساذجين، فلبسهما ومسح عليهما3.   1 أخرجه أبو داود "650" في كتاب الصلاة، باب: الصلاة في النعل، والدارمي "1378"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 235"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 صحيح: أخرجه البخاري "5851" في كتاب اللباس، باب: النعال السبتية. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 236". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 بَابُ: مُشْطِهِ وَمِكْحَلَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمِرْآتِهِ وَقَدَحِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حدثنا مَنْدَلٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَافِرُ بِالْمُشْطِ، وَالْمِرْآةِ، وَالْمُدْهُنِ، وَالسِّوَاكِ، وَالْكُحْلِ1. مُرْسَلٌ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِكْحَلَةُ يَكْتَحِلُ بِهَا عِنْدَ النَّوْمِ ثَلَاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ2. وَقَالَ حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ3 وَهُوَ صائم4. إسناده ليّن.   1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 237". 2 ضعيف: أخرجه الترمذي "1763" في كتاب اللباس، باب: ما جاء في الاكتحال، وفي "الشمائل" "50-51"، وابن ماجه "3499" في كتاب الطب، باب: الكحل بالإثمد، وأحمد "1/ 354"، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن الترمذي". 3 الإثمد: حجر يكتحل به. 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 237"، ومحمد بن عبد الله وحبان بن علي كلاهما ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ الْمُقَوْقِسَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدَحَ زُجَاجٍ كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ1. وَقَالَ حُمَيْدٌ: رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ أَنَسٍ، فِيهِ فِضَّةٌ قَدْ شَدَّهُ بِهَا2. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ: رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ أَنَسٍ، وَكَانَ قَدِ انْصَدَعَ، فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ3. قَالَ عَاصِمٌ: وَهُوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ مِنْ نُضَارٍ4، فَقَالَ أَنَسٌ: قَدْ سَقَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هذا القدح أكثر من كذا وكذ5ا، قال: وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلَقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا أَنَسٌ حَلْقَةً مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ: لَا تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَرَكَهُ6. أَخْرَجَهُ البخاري.   1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 227". 2 صحيح: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 237". 3 أخرجه البخاري "5638" في كتاب الأشربة، باب: الشربة من قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- وآنيته. 4 صحيح: انظر التخريج السابق. 5 صحيح: انظر التخريج السابق. 6 صحيح: انظر التخريج السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 بَابُ: سِلَاحِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَوَابِّهِ وَعُدَّتِهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ قِرَاءَةً، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ محمد الحافظ، أنا سليمان إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النِّيلِيُّ قَالَا: أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ الْمُقْرِي، أنا أبو الحسين أحمد بن فارس اللُّغَوِيُّ قَالَ: كَانَ سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَا الْفَقَارِ، وَكَانَ سَيْفًا أَصَابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ. وَكَانَ لَهُ سَيْفٌ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ. وَأَعْطَاهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ سَيْفًا يُقَالُ لَهُ الْعَضْبُ1. وَأَصَابَ مِنْ سِلَاحِ بَنِي قينقاع سيفًا قلعيًّا2، وفي رواية   1 العضب: القاطع. 2 قلعيًّا: منسوب إلى مرج القلعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 يُقَالُ لَهُ الْبَتَّارُ1 وَالْحَتْفُ، وَكَانَ لَهُ الْمِخْذَمُ2، وَالرَّسُوبُ3، وَكَانَتْ ثَمَانِيَةَ أَسْيَافٍ4. وَقَالَ شَيْخُنَا شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ: أَوَّلُ سَيْفٍ مَلَكَهُ يُقَالُ لَهُ: الْمَأْثُورُ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ إِنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجِنِّ، وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ، فَقَدِمَ بِهِ فِي هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بِسَيْفٍ يُدْعَى "الْعَضْبُ" حِينَ سَارَ إِلَى بَدْرٍ. وَكَانَ لَهُ ذُو الْفَقَارِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي وَسَطِهِ مِثْلُ فِقَرَاتِ الظَّهْرِ، صَارَ إِلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ لِلْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَخِي نُبَيْهِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَامِرٍ السَّهْمِيِّ -قُتِلَ الْعَاصُ، وَأَبُوهُ، وَعَمُّهُ كُفَّارًا يَوْمَ بَدْرٍ- وَكَانَتْ قَبِيعَتُهُ، وَقَائِمَتُهُ وَحَلَقَتُهُ، وَذُؤَابَتُهُ، وَبَكَرَاتُهُ، وَنَصْلُهُ، مِنْ فِضَّةٍ، وَالْقَائِمَةُ هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُمْسَكُ بِهَا، وَهِيَ الْقَبْضَةُ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ هُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَزِيدَةَ، عَنْ جَدِّهِ مَزِيدَةَ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ، وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ5. وَهُوَ ذُو الْفَقَارِ بِالْكَسْرِ، جَمْعُ فِقْرَةٍ وَبِالْفَتْحِ، جَمْعُ فَقَارَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِفِقْرَاتٍ كَانَتْ فِيهِ، وَهِيَ حُفَرٌ كَانَتْ فِي مَتْنِهِ حَسَنَةٌ. وَيُقَالُ: كَانَ أَصْلُهُ مِنْ حَدِيدَةٍ وُجِدَتْ مَدْفُونَةً عِنْدَ الْكَعْبَةِ مِنْ دَفْنِ جُرْهُمٍ، فَصُنِعَ مِنْهَا ذُو الْفَقَارِ وَصَمْصَامَةُ6 عَمْرِو بْنِ معديكرب الزُّبَيْدِيِّ، الَّتِي وَهَبَهَا لِخَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. وَأَخَذَ مِنْ سِلَاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ ثَلَاثَةَ أَسْيَافٍ: سَيْفًا قَلَعِيًّا، مَنْسُوبٌ إِلَى مَرْجِ الْقَلْعَةِ بالفتح موضع بالبادية، والبتّار، والحنيف، وَكَانَ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرَّسُوبُ مِنْ رَسَبَ فِي الْمَاءِ إِذَا سَفُلَ وَالْمِخْذَمُ، وَهُوَ الْقَاطِعُ، أَصَابَهُمَا مِنَ الْفُلْسِ: صَنَمٌ كَانَ لِطَيْءٍ، وَسَيْفٌ يُقَالُ لَهُ الْقَضِيبُ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، والقضب: القطع.   1 البتار: القاطع. 2 المخذم: السريع القطع. 3 الرسوب: الذي تغوص ضربته في المضروب. 4 معضل: أحمد بن فارس من علماء القرن الرابع: تأتي ترجمته "3679". 5 ضعيف: أخرجه الترمذي "1696" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في السيوف وحليتها، وفي "الشمائل" "106" وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "284": ضعيف. 6 الصمصامة: السيف القاطع الذي لا ينثني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: صَنَعْتُ سَيْفِي عَلَى سَيْفِ سَمُرَةَ، وَزَعَمَ سَمُرَةُ أَنَّهُ صَنَعَهُ عَلَى سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ حَنَفِيًّا1. رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ2، وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ3. وَالْحَنْفُ: الِاعْوِجَاجُ. قَالَ شَيْخُنَا4: وَكَانَتْ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِرْعٌ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ الْفُضُولِ، لِطُولِهَا، أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ سَعْدُ بن عبادة حين سار إلى بدر. وذات الْوِشَاحِ وَهِيَ الْمُوَشَّحَةُ، وَ"ذَاتُ الْحَوَاشِي"، وَدِرْعَانِ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمَا "السُّغْدِيَّةُ" وَ"فِضَّةٌ"5، وَكَانَتِ السُّغْدِيَّةُ دِرْعَ عُكْيَرٍ الْقَيْنُقَاعِيِّ، وَهِيَ دِرْعُ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- الَّتِي لَبِسَهَا حِينَ قَتَلَ جَالُوتَ. وَدِرْعٌ يُقَالُ لَهَا الْبَتْرَاءُ، وَدِرْعٌ يُقَالُ لَهَا الْخَرْنَقُ، وَالْخَرْنَقُ وَلَدُ الْأَرْنَبِ. وَلَبِسَ يَوْمَ أحد درعين ذات الفضول وفضّة. وَكَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ خَيْبَرَ: "ذَاتُ الْفُضُولِ" وَ"السُّغْدِيَّةُ". وَقَدْ تُوُفِّيَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَخَذَهَا قوتًا لأهله6.   1 ضعيف: أخرجه الترمذي "1689" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في صفة سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي "الشمائل" "107-108" وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "283": ضعيف. 2 وهو عثمان بن سعد الكاتب، لين الحديث، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": ضعيف، وانظر "الميزان" "5511". 3 صحيح: أخرجه أبو داود "2583 و2585" في كتاب الجهاد، باب: في السيف يحلى، والترمذي "1697" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في السيوف وحليتها، وفي "الشمائل" "104"، والنسائي "8/ 219" في كتاب الزينة، باب: حلية السيف، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 238" من طريق عثمان بن سعد وقتادة عن أنس -رضي الله عنه- وقال الحافظ ابن حجر في "التخليص" "1/ 52": إسناده صحيح. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 يقصد شرف الدين الدمياطي. 5 إسناده ضعيف جدًّا. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 239"، وفي إسناده أبو بكر بن أبي سبرة والواقدي وكلاهما متروك. 6 صحيح: وقد تقدم تخريجه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 وقال عبيس بن مرحوم العطّار: حدثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ فِي دِرْعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَلَقَتَانِ مِنْ فِضَّةٍ فِي مَوْضِعِ الصَّدْرِ، وَحَلَقَتَانِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: فَلَبِسْتُهَا فَجَعَلْتُ أَخُطُّهَا فِي الْأَرْضِ1. قَالَ شَيْخُنَا: وَكَانَ لَهُ خَمْسُ أَقْوَاسٍ: ثَلَاثٌ مِنْ سِلَاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَقَوْسٌ تُدْعَى "الزَّوْرَاءَ"، وَقَوْسٌ تُدْعَى "الْكَتُومَ"، وَكَانَتْ جَعْبَتُهُ تُدْعَى "الْكَافُورَ". وَكَانَتْ لَهُ مِنْطَقَةٌ2 مِنْ أَدِيمٍ مَبْشُورٍ3، فِيهَا ثَلَاثُ حِلَقٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَتُرْسٌ يُقَالُ لَهُ "الزَّلُوقُ"، يَزْلَقُ عَنْهُ السِّلَاحُ، وَتُرْسٌ يُقَالُ لَهُ "الْعُنُقُ"، وَأُهْدِيَ لَهُ تُرْسٌ فِيهِ تِمْثَالُ عُقَابٍ أَوْ كَبْشٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَأَذْهَبَ اللَّهُ ذَلِكَ التِّمْثَالَ4. وَأَصَابَ ثَلَاثَةَ أَرْمَاحٍ مِنْ سِلَاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ5. وَكَانَ لَهُ رُمْحٌ يُقَالُ لَهُ "الْمُثْوِي"، وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ "الْمُتَثَنِّي"، وَحَرْبَةٌ اسْمُهَا "الْبَيْضَاءُ"6، وَأُخْرَى صَغِيرَةٌ كَالْعُكَّازِ. وَكَانَ لَهُ مِغْفَرٌ7 مِنْ سِلَاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ "السَّبُوغُ". وَكَانَتْ لَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ مُرَبَّعَةٌ مِنْ نَمِرَةٍ مُخْمَلَةٍ8، تُدْعَى "الْعُقَابَ"9.   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 239" من طريق آخر عن حاتم بن إسماعيل. 2 المنقطة: ما يشد به الوسط. 3 الأديم المبشور: الجلد المقشور. 4 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 239" عن مكحول مرسلًا. 5 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، وفي إسناده أبو بكر بن أبي سبرة، والواقدي، وكلاهما متروك. 6 إسناده ضعيف جدًّا: انظر التخريج السابق. 7 تقدم بنحوه. 8 صحيح دون قول "مربعة ... ": أخرجه أبو داود "2591" في كتاب الجهاد، باب: في الرايات والألوية، والترمذي "1686" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في الرايات، من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- دون قوله: "مخملة"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "282": صحيح دون قوله "مربعة". 9 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 238" عن علقمة بن أبي علقمة، وأخرجه "1/ 222" عن الحسن مرسلًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ آخَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَفْرَاءَ1، وَكَانَتْ أَلْوِيَتُهُ بِيضًا2. وَرُبَّمَا جَعَلَ فِيهَا الْأَسْوَدَ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مِنْ خُمُرِ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ. وَكَانَ فُسْطَاطُهُ يُسَمَّى "الْكِنَّ". وَكَانَ لَهُ مِحْجَنٌ3 قَدْرَ ذِرَاعٍ أَوْ أَكْثَرَ، يَمْشِي وَيَرْكَبُ بِهِ، وَيُعَلِّقُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى بَعِيرِهِ. وَكَانَتْ لَهُ مِخْصَرَةٌ4 تُسَمَّى "الْعُرْجُونَ"، وَقَضِيبٌ يُسَمَّى "الْمَمْشُوقَ". وَاسْمُ قَدَحِهِ "الرَّيَّانُ". وَكَانَ لَهُ قَدَحٌ مُضَبَّبٌ غَيْرُ "الرَّيَّانِ"، يُقَدَّرُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْمُدِّ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْكَسَرَ، وَاتَّخَذَ مَكَانَ الشِّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ5. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَكَانَ لَهُ قَدَحٌ مِنْ زُجَاجٍ6، وَتَوْرٌ مِنْ حِجَارَةٍ، يَتَوَضَّأُ مِنْهُ كَثِيرًا، وَمِخْضَبٌ مِنْ شِبْهٍ7. وَرَكْوَةٌ8 تُسَمَّى "الصَّادِرَةَ"، وَمِغْسَلٌ مِنْ صُفْرٍ9، وربعة أهداها له   1 ضعيف: أخرجه أبو داود "2593" في كتاب الجهاد، باب: في الرايات والألوية، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "557": ضعيف. 2 حسن: أخرجه الترمذي "1687" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في الرايات، وابن ماجه "2818" في كتاب الجهاد، باب: في الرايات والألوية، من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2274": حسن. 3 المحجن: العود معوج الرأس. 4 المخصرة: العصا ونحوها. 5 صحيح: أخرجه البخاري "5638" في كتاب الأشربة، باب: الشرب من قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- وآنيته، من طريق عاصم الأحول عن أنس. 6 مرسل: أخرجه ابن سعد في الطبقات "1/ 2387" عَن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبَة مرسلًا. 7 الشبه: النحاس. 8 الركوة: الإناء الصغير. 9 الصفر: النحاس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 الْمُقَوْقِسُ، يَجْعَلُ فِيهَا الْمِرْآةَ وَمُشْطًا مِنْ عَاجٍ1، وَالْمِكْحَلَةَ، وَالْمِقَصَّ، وَالسِّوَاكَ. وَكَانَتْ لَهُ نَعْلَانِ سِبْتِيَّتَانِ2، وَقَصْعَةٌ، وَسَرِيرٌ، وَقَطِيفَةٌ. وَكَانَ يَتَبَخَّرُ بِالْعُودِ وَالْكَافُورِ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ بِإِسْنَادِي الْمَاضِي إِلَيْهِ: يُقَالُ تَرَكَ يَوْمَ تُوُفِّيَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَوْبَيْ حِبَرَةٍ3، وَإِزَارًا عُمَانِيًّا، وَثَوْبَيْنِ صُحَارِيَّيْنِ4، وَقَمِيصًا صُحَارِيًا وَقَمِيصًا سَحُولِيًا5، وَجُبَّةً يَمَنِيَّةً، وَخَمِيصَةً6، وَكِسَاءً أَبْيَضَ، وَقَلَانِسَ صِغَارًا ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، وَإِزَارًا طُولُهُ خَمْسَةُ أَشْبَارٍ، وَمِلْحَفَةً يَمَنِيَّةً مُوَرَّسَةً. وَأَكْثَرُ هَذَا الْبَابِ كَمَا تَرَى بِلَا إِسْنَادٍ، نَقَلَهُ هَكَذَا ابْنُ فَارِسٍ، وَشَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ . وَأَمَّا دَوَابُّهُ فَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَائِطِنَا فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ اللَّحِيفُ7. وَرَوَى عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -وَهُوَ ضَعِيفٌ-8 عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةُ أَفْرَاسٍ، يَعْلِفُهُنَّ عند أبي سعد بن سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ. فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يسمّيهنّ: "اللزاز"، "والظّرب"، و"اللّحيف"9. رواه الواقدي عنه. وزاد في الحديث بالسّنن: فَأَمَّا "اللِّزَازُ" فَأَهْدَاهُ لَهُ الْمُقَوْقِسُ، وَأَمَّا اللَّحِيفُ فَأَهْدَاهُ لَهُ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي الْبَرَاءِ، فَأَثَابَهُ عَلَيْهِ فَرَائِضَ مِنْ نَعَمِ بَنِي كِلَابٍ، وَأَمَّا الظَّرِبُ فَأَهْدَاهُ لَهُ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجُذَامِيُّ10.   1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 237" عن ابن جريج مرسلًا. 2 صحيح: وقد تقدم من حديث ابن عمر. 3 الحبرة: نوع من الثياب اليمنية. 4 صحاريين: نسبة إلى صحار، وهي قرية في اليمن. 5 نسبة إلى سحول، قرية باليمن. 6 الخميصة: ثوب خز معلم. 7 صحيح: أخرجه البخاري "2855" في كتاب الجهاد، باب: اسم الفرس والحمار. 8 وكذلك ضعفه ابن حجر في "التقريب"، وانظر "الميزان" "5279". 9 إسناه ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" وفي إسناده الواقدي، وهو متروك، وفي النسخة عندي "أبي بن عباس بن سهل" وهو ضعيف أيضًا. 10 إسناده ضعيف جدًّا: انظر التخريج السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 وَ"اللِّزَازُ" مِنْ قَوْلِهِمْ: لَازَزْتُهُ أَيْ لَاصَقْتُهُ، وَالْمُلَزَّزُ: الْمُجْتَمِعُ الْخَلْقِ. وَ"الظَّرِبُ": وَاحِدُ الظِّرَابِ، وَهِيَ الرَّوَابِي الصِّغَارُ، سُمِّيَ بِهِ لِكِبَرِهِ وَسِمْنِهِ، وَقِيلَ لِقُوَّتِهِ، وَقَالَهُ الْوَاقِدِيُّ بِطَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَقَالَ: سُمِّيَ الطَّرِبَ لِتَشَوُّفِهِ أَوْ لِحُسْنِ صَهِيلِهِ. وَ"اللَّحِيفُ": بِمَعْنَى لَاحِفٍ، كَأَنَّهُ يَلْحَفُ الْأَرْضَ بِذَنَبِهِ لِطُولِهِ، وَقِيلَ: اللُّحَيْفُ، مُصَغَّرٌ. وَأَوَّلُ فَرَسٍ مَلَكَهُ: "السَّكْبُ"، وَكَانَ اسْمُهُ عِنْدَ الْأَعْرَابِيِّ: "الضَّرِسَ"، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِعَشْرِ أَوَاقِي، أَوَّلُ مَا غَزَا عَلَيْهِ أحد، لَيْسَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُهُ، وَفَرَسٌ لِأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ1. وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ يُدْعَى: "الْمُرْتَجِزَ"2، سُمِّيَ بِهِ لِحُسْنِ صَهِيلِهِ، وَكَانَ أَبْيَضَ. وَالْفَرَسُ إِذَا كَانَ خَفِيفَ الْجَرْيِ فَهُوَ سَكْبٌ وَفَيِّضٌ كَانْسِكَابِ الْمَاءِ. وَأَهْدَى لَهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ فَرَسًا يُدْعَى الْوَرْدَ، فَأَعْطَاهُ عُمَرَ3. وَالْوَرْدُ: بَيْنَ الْكُمَيْتِ وَالْأَشْقَرِ. وَكَانَتْ لَهُ فَرَسٌ تُدْعَى "سَبْحَةً"4، مِنْ قَوْلِهِمْ: طِرْفٌ سَابِحٌ، إِذَا كَانَ حَسَنَ مَدِّ الْيَدَيْنِ فِي الْجَرْيِ. قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَفْرَاسٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَذَكَرَ بَعْدَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَرَسًا مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَقَالَ: قَدْ شَرَحْنَاهَا فِي "كِتَابِ الْخَيْلِ". قَالَ: وَكَانَ سَرْجُهُ دَفَّتَاهُ مِنْ لِيفٍ. وَكَانَتْ لَهُ بَغْلَةٌ أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ، شهباء يقال لها: "دلّدل". مع حمار   1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عن سهل بن أبي حثمة، وفي إسناده الواقدي، متروك كما تقدم. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عن ابن عباس، وفي إسناده الواقدي. 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عن سهل بن سعد، وفي إسناده أبي بن عباس وهو ضعيف، والواقدي وهو متروك. 4 كذا في المطبوعة، وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عن أنس، ولفظه "سيحة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 يُقَالُ لَهُ: "عُفَيْرٌ"1، وَبَغْلَةٌ يُقَالُ لَهَا: "فِضَّةٌ"، أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ الْجُذَامِيُّ، مَعَ حِمَارٍ يُقَالَ لَهُ "يَعْفُورُ"، فَوَهَبَ الْبَغْلَةَ لِأَبِي بَكْرٍ2، وَبَغْلَةً أُخْرَى. قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: غَزَوْنَا تَبُوكَ، فَجَاءَ رَسُولُ ابْنِ الْعَلْمَاءِ صَاحِبِ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابٍ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْدَى لَهُ بُرْدَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ3، وَالْحَدِيثُ فِي الصِّحَاحِ. وقال ابن سعد: وبعث صَاحِبُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَغْلَةٍ وَجُبَّةِ سُنْدُسٍ4. وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونَ الْقَدَّاحُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ5. وَيُقَالُ إِنَّ كِسْرَى أَهْدَى لَهُ بَغْلَةً، وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ -لَعَنَهُ اللَّهُ- مَزَّقَ كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَتْ لَهُ النَّاقَةُ الَّتِي هَاجَرَ عَلَيْهَا مِنْ مَكَّةَ، تُسَمَّى "القصواء"، و"العضباء" و"الجدعاء"6، وَكَانَتْ شَهْبَاءَ. وَقَالَ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ، لَا ضَرْبَ وَطَرْدَ، وَلَا إِلَيْكَ إليك7. حديث حسن.   1 مرسل إسناده ضعيف جدا: أخرجه البخاري ابن سعد في "الطبقات" "1/ 241" مرسلا، وفي إسناده الواقدي. 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 241" عن زامل بن عمرو، وفي إسناده أبو بكر بن أبي سبرة والواقدي، وكلاهما متروك. 3 صحيح: أخرجه البخاري "1481" في كتاب الزكاة باب: خرص التمر، ومسلم "1392" في كتاب الحج، باب: أحد جبل يحبنا ونحبه، وأحمد "4/ 424، 425". 4 تقدم بنحوه من حديث أنس. 5 قلت: وهو متروك، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": منكر الحديث متروك. 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 241" مرسلا، وفي إسناده الواقدي متروك، وبعض هذه الأسماء ورد في الصحيح، أما العضباء فأخرجه البخاري "2871" في كتاب الجهاد، باب: ناقة النبي -صلى الله عليه وسلم، من حديث أنس -رضي الله عنه. وأما القصواء فأخرجه البخاري "2731، 2732" في كتاب الشروط، باب: الشروط في الجهاد، من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، في قصة الحديبية. 7 صحيح: أخرجه النسائي "5/ 270" في كتاب الحج، باب: الركوب إلى الجمار، وابن ماجه "3035" في كتاب المناسك، باب: رمي الجمار راكبا، وأحمد "3/ 413"، والدارمي "1901"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2461": صحيح، وأخرجه الترمذي "904" في كتاب الحج، باب: كراهية طرد الناس عند رمي الجمار، دون قوله "صهباء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 الصَّهْبَاءُ: الشَّقْرَاءُ. وَكَانَتْ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِقَاحٌ1 أَغَارَتْ عَلَيْهَا غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ، فَاسْتَنْقَذَهَا سَلَمَةُ ابْنُ الْأَكْوَعِ وَجَاءَ بِهَا يَسُوقُهَا2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَهُوَ مِنَ الثُّلَاثِيَّاتِ. وَجَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْدَى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ جَمَلًا فِي أَنْفِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ، كَانَ غَنِمَهُ مِنْ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ، أَهْدَاهُ لِيَغِيظَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا رَأَوْهُ، وَكَانَ مَهْرِيًّا3 يَغْزُو عَلَيْهِ وَيَضْرِبُ فِي لِقَاحِهِ4. وَقِيلَ: كَانَ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِشْرُونَ لِقْحَةً بالغابة، يراح إليه منها كلّ ليلة يقربتين مِنْ لَبَنٍ5. وَكَانَتْ لَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ لِقْحَةً، يَرْعَاهَا يَسَارُ مَوْلَاهُ الَّذِي قَتَلَهُ الْعَرْنِيُّونَ وَاسْتَاقُوا اللِّقَاحَ، فَجِيءَ بِهِمْ فَسَمَلَهُمْ6. وَكَانَ لَهُ مِنَ الْغَنَمِ مِائَةُ شَاةٍ، لَا يُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ، كُلَّمَا وَلَّدَ الرَّاعِي بُهْمَةً7 ذَبَحَ مَكَانَهَا شَاةً.   1 اللقاح: النوق ذوات الألبان. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3041" في كتاب الجهاد، باب: من رأي العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، ومسلم "1806" في كتاب الجهاد، باب: غزوة ذي قرد وغيرها، من حديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه. 3 مهريا: من كرائم الإبل. 4 حسن: أخرجه أبو داود "1749" في كتاب الحج، باب: في الهدي، وابن إسحاق في "السيرة" "2/ 209"، وأبو نعيم في "الحلية" "9815" من حديث ابن عباس، وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 5 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 242" عن معاوية بن عبد الله بن عبيد الله معضلا، وفي إسناده الواقدي متروك. 6 أصل القصة عند البخاري "233" في كتاب الوضوء، باب: أبوال الإبل، ومسلم "1671" في كتاب القسامة، باب: حكم المحاربين، من حديث أنس -رضي الله عنه، دون ذكر عدد اللقاح واسم الراعي. 7 البهمة: ولد الضأن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شواء ... وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسُمَّ فِي شِوَاءٍ: قَالَ وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَصْنَعُ الشَّيْءَ وَلَمْ يَصْنَعْهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ رَأَيْتُهُ يَدْعُو، فَقَالَ: "أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ: أَتَانِي رَجُلَانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ الْآخَرُ: مَطْبُوبٌ 1، قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ: فِيمَ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ 2 وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ 3، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذِي أَرْوَانَ"، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَجَعَ أَخْبَرَ عَائِشَةَ فَقَالَ: "كَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْرِجْهُ لِلنَّاسِ، قَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا" 4. فِي لَفْظٍ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ5. رَوَى عُمَرُ مَوْلَى عَفْرَةَ -وَهُوَ تَابِعِيٌّ- أَنَّ لَبِيدَ بْنَ أَعْصَمَ سَحَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى الْتَبَسَ بَصَرُهُ وَعَادَهُ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ إِنَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ أَخْبَرَاهُ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاعْتَرَفَ، فَاسْتَخْرَجَ السِّحْرَ مِنَ الْجُبِّ، ثُمَّ نَزَعَهُ فَحَلَّهُ، فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَفَا عَنْهُ6. وَرَوَى يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ فِي سَاحِرِ أَهْلِ الْعَهْدِ: لا يقتل، وقد سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَهُودِيٌّ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ7. وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَفَا عَنْهُ8.   1 مطبوب: مسحور. 2 مشاطة: في رواية "مشاقة" وصوبها الحافظ ابن حجر في "الفتح" "10/ 242" والمشاطة: ما يخرج من الشعر الذي سقط من الرأس إذا سرح بالمشط، قاله ابن قتيبة. 3 جف طلعة ذكر: في رواية "جف طلعة نخلة ذكر"، وهو الغشاء الذي يكون على الطلع. 4 صحيح: أخرجه البخاري "5863" في كتاب الطب، باب: السحر، ومسلم "2189" في كتاب السلام، باب: السحر. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2189/ 43" في المصدر السابق. 6 مرسل: إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 348" وفي إسناده ابن لهيعة، ضعيف الحفظ. 7 إسناده حسن إلى الزهري: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 349، 350" وفي رواية يونس عن الزهري مقال لا ينزل حديثه عن الحسن، وهو إلى الصحة أقرب، وفي إسناده عتاب بن زياد صدوق. 8 مرسل إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 350" وفي إسناده الواقدي، متروك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِمَّنْ رَوَى أنّه قتله1. وقال أبو معاوية: حدثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الْيَهُودَ سَمَّتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَمَّتْ أَبَا بَكْرٍ2. وَفِي "الصَّحِيحِ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً مَسْمُومَةً3. وَعَنْ جَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَاطْمَأَنَّ جَعَلَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَهِيَ بِنْتُ أَخِي مَرْحَبٍ وَامْرَأَةُ سَلامِ بْنِ مِشْكَمٍ سُمًّا قَاتِلًا فِي عَنْزٍ لَهَا ذَبَحَتْهَا وَصَلَتْهَا4، وَأَكْثَرَتِ السُّمَّ فِي الذِّرَاعَيْنِ وَالْكَتِفِ، فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَغْرِبَ انْصَرَفَ وَهِيَ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَحْلِهِ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ هَدِيَّةٌ أَهْدَيْتُهَا لَكَ، فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأُخِذَتْ مِنْهَا، ثُمَّ وُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَصْحَابُهُ حُضُورٌ، مِنْهُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَتَنَاوَلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَانْتَهَشَ مِنَ الذِّرَاعِ، وَتَنَاوَلَ بِشْرٌ عَظْمًا آخَرَ، فَانْتَهَشَ مِنْهُ، وَأَكَلَ الْقَوْمُ مِنْهَا. فَلَمَّا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لُقْمَةً قَالَ: "ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّ هَذِهِ الذِّرَاعَ تُخْبِرُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ" فَقَالَ بِشْرٌ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لَقَدْ وَجَدْتُ ذَلِكَ مِنْ أَكْلَتِي، فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَلْفُظَهَا إِلَّا أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُبْغِضَ إِلَيْكَ طَعَامَكَ، فَلَمَّا أَكَلْتَ مَا فِي فِيكَ لَمْ أَرْغَبْ بِنَفْسِي عَنْ نَفْسِكَ، وَرَجَوْتُ أَنْ لَا تَكُونَ ازْدَرَدْتَهَا وَفِيهَا بَغْيٌ، فَلَمْ يَقُمْ بِشْرٌ حَتَّى تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَمَاطَلَهُ وَجَعُهُ سَنَةً وَمَاتَ5.   1 نقله في "الطبقات" "1/ 350". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 350". 3 صحيح: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 350"، وأخرجه البخاري "2617" في كتاب الهبة، باب: قبول الهدية من المشركين، ومسلم "2190" في كتاب السلام، باب: السم، من حديث أنس. 4 صلتها: شوتها. 5 صحيح بنحوه: أخرجه أبو داود "4512" في كتاب الديات، باب: فيمن سقى رجلا سما، الدارمي "69" من حديث أبي هريرة، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". وأما رواية جابر فأخرجها أبو داود "4510" في المصدر السابق، والدارمي "68" وضعفها الحافظ العراقي في تخريج "الإحياء" "1/ 368" بالانقطاع، وكذلك ضعفها الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 569"، والألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "973". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَرِمْ بِشْرٌ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ، فَدَعَاهَا فَقَالَ: "مَا حَمَلَكِ"؟ قَالَتْ: نِلْتَ مِنْ قَوْمِي، وَقَتَلْتَ أَبِي وَعَمِّي وَزَوْجِي، فَقُلْتُ: إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَتُخْبِرُهُ الذِّرَاعُ، وَإِنْ كان ملكًا أسرحنا مِنْهُ، فَدَفَعَهَا إِلَى أَوْلِيَاءِ بِشْرٍ يَقْتُلُونَهَا1. وَهُوَ الثَّبْتُ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ يَعْرِضْ لَهَا وَاحْتَجَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى كَاهِلِهِ. حَجَمَهُ أَبُو هِنْدٍ بِقَرْنٍ وَشَفْرَةٍ2، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَاحْتَجَمُوا أَوْسَاطَ رُءُوسِهِمْ، وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ سِنِينَ. وَكَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يَقُولُ: "مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُهَا بِخَيْبَرَ، وَهَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي"، وَفِي لَفْظٍ: "مَا زَالَتْ أَكْلَةُ خَيْبَرَ يُعَاوِدُنِي أَلَمُ سُمِّهَا" وَالْأَبْهَرُ عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ3 -وَهَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ. وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي "الصَّحِيحِ". وَرَوَى أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ تِسْعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُتِلَ قَتْلًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً، يَعْنِي أَنَّهُ مَاتَ مَوْتًا، وَذَلِكَ فإنّ الله اتّخذه نبيًّا وجعله شهيدًا4.   1 أخرجه أبو داود "4512، 4514" في المصدر السابق عن أبي هريرة وكعب بن مالك -رضي الله عنهما، دون قوله "قَالَتْ: نِلْتَ مِنْ قَوْمِي، وَقَتَلْتَ أَبِي وَعَمِّي وزوجي"، وصحح كلا الحديثين الألباني في "صحيح سنن أبي داود". وأما هذه الزيادة فقد أخرجها ابن سعد في "الطبقات" "1/ 351" من حديث ابن عباس، وإسنادها ضعيف جدا. 2 ضعيف: أخرجه أبو داود "4510" في المصدر السابق، من حديث جابر، وضعفه الألباني وغيره كما تقدم، ولو صح لكان المثبت لقتلها مقدم على النافي. 3 ذكره ابن سعد في "الطبقات" "1/ 351" عقب حديث ابن عباس. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 172". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 بَابُ: مَا وُجِدَ مِنْ صُورَةِ نَبِيِّنَا وَصُوَرِ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالشَّامِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ الرَّبْعِيُّ وهو ضعيف بمرّة1: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ عُثْمَانَ عَمَّتِي، عَنْ أَبِيهَا سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ يَقُولُ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَظَهَرَ أَمْرُهُ بِمَكَّةَ، خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا كُنْتُ بِبُصْرَى أَتَتْنِي جَمَاعَةٌ مِنَ النَّصَارَى فَقَالُوا لِي: أَمِنَ الْحَرَمِ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالُوا: فَتَعْرِفُ هَذَا الَّذِي تَنَبَّأَ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فأدخلوني ديرًا لهم فيه صور فقالوا: انظر هَلْ تَرَى صُورَتَهُ؟ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ صُورَتَهُ، قُلْتُ: لَا أَرَى صُورَتَهُ، فَأَدْخَلُونِي دَيْرًا أَكْبَرَ مِنْ ذَاكَ فَنَظَرْتُ، وَإِذَا بِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصُورَتِهِ وَبِصِفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصُورَتِهِ، وَهُوَ آخِذٌ بِعَقِبِ2 رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا لِي: هَلْ ترى صورته؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالُوا: هُوَ هَذَا؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، أَشْهَدُ أَنَّهُ هُوَ، قَالُوا، أَتَعْرِفُ هَذَا الَّذِي أَخَذَ بِعَقِبِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا صَاحِبُكُمْ وَأَنَّ هَذَا الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ3. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ"، عَنْ مُحَمَّدٍ، غَيْرَ مَنْسُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، أَخْصَرَ مِنْ هَذَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ إِدْرِيسَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ الْأُمَوِيِّ قَالَ: بُعِثْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى هِرَقْلَ نَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَنَزَلْنَا عَلَى جَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيِّ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ عَلَى سرير له، فأرسل إلينا برسول نُكَلِّمُهُ، فَقُلْنَا: وَاللَّهِ لَا نُكَلِّمُ رَسُولًا، إِنَّمَا بعثنا إلى الملك، فأذن لنا وقال:   1 تقدم أنه ضعيف جدًّا. 2 العقب: عظم مؤخر القدم. 3 إسناده ضعيف جدًّا: عبد الله بن شبيب ضعيف جدًّا كما تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 تَكَلَّمُوا، فَكَلَّمْتُهُ وَدَعَوْتُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَإِذَا عَلَيْهِ ثِيَابٌ سَوَادٌ، قُلْنَا: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: لَبِسْتُهَا وَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَنْزَعِهَا حَتَّى أُخْرِجَكُمْ مِنَ الشَّامِ، قُلْنَا: وَمَجْلِسُكَ هَذَا، فَوَاللَّهِ لَنَأْخُذَنَّهُ مِنْكَ، وَلَنَأْخُذَنَّ مِنْكَ الْمُلْكَ الْأَعْظَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ نَبِيُّنَا، قَالَ: لَسْتُمْ بِهِمْ، بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَصُومُونَ بِالنَّهَارِ فَكَيْفَ صَوْمُكُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَمَلَأَ وَجْهَهُ سَوَادًا وَقَالَ: قُومُوا، وَبَعَثَ مَعَنَا رَسُولًا إِلَى الْمَلِكِ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ الَّذِي مَعَنَا: إِنَّ دوابّكم هذه لَا تَدْخُلُ مَدِينَةَ الْمَلِكِ، فَإِنْ شِئْتُمْ حَمَلْنَاكُمْ عَلَى بَرَاذِينَ1 وَبِغَالٍ؟ قُلْنَا: وَاللَّهِ لَا نَدْخُلُ إِلَّا عَلَيْهَا، فَأَرْسَلُوا إِلَى الْمَلِكِ أَنَّهُمْ يَأْبَوْنَ، فدخلنا على رَوَاحِلَنَا مُتَقَلِّدِينَ سُيُوفَنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى غُرْفَةٍ له، فأنحنا فِي أَصْلِهَا، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْنَا، فَقُلْنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ لَقَدْ تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهَا عَذْقٌ تُصَفِّقُهُ الرِّيَاحُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا عَلَيْنَا بِدِينِكُمْ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا أَنِ ادْخُلُوا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى فِرَاشٍ لَهُ، عِنْدَهُ بَطَارِقَتُهُ مِنَ الرُّومِ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِي مَجْلِسِهِ أَحْمَرُ، وَمَا حَوْلَهُ حُمْرَةٌ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مِنَ الْحُمْرَةِ، فَدَنَوْنَا مِنْهُ، فَضَحِكَ وَقَالَ: مَا كَانَ عَلَيْكُمْ لَوْ حَيَّيْتُمُونِي بِتَحِيَّتِكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ فَصِيحٌ بِالْعَرَبِيَّةِ، كَثِيرُ الْكَلَامِ، فَقُلْنَا: إِنَّ تَحِيَّتَنَا فِيمَا بَيْنَنَا لَا تَحِلُّ لَكَ، وَتَحِيَّتُكَ الَّتِي تُحَيَّا بِهَا لَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نُحَيِّيكَ بِهَا، قَالَ: كَيْفَ تَحِيَّتُكُمْ فِيمَا بينكم؟ قلنا: السلام عليك، قال: فيم تُحَيُّونَ مَلِكَكُمْ؟ قُلْنَا: بِهَا، قَالَ: وَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْكُمْ؟ قُلْنَا: بِهَا، قَالَ: فَمَا أَعْظَمَ كَلامَكُمْ؟ قُلْنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَلَمَّا تَكَلَّمْنَا بِهَا قَالَ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ لَقَدْ تَنَقَّضَتِ2 الْغُرْفَةُ، حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْنَا فَقَالَ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ الَّتِي قُلْتُمُوهَا حَيْثُ تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ كُلَّمَا قُلْتُمُوهَا فِي بُيُوتِكُمْ تَنْقَضُّ بُيُوتُكُمْ عَلَيْكُمْ؟ قُلْنَا: لَا، مَا رَأَيْنَاهَا فَعَلَتْ هَذَا قَطُّ إِلَّا عِنْدَكَ، قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنَّكُمْ كُلَّمَا قُلْتُمْ يَنْقُضُ كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي خَرَجْتُ مِنْ نِصْفِ مُلْكِي، قُلْنَا: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ كَانَ أَيْسَرَ لِشَأْنِهَا، وَأَجْدَرَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ حِيَلِ النَّاسِ. ثُمَّ سَأَلَنَا عَمَّا أَرَادَ، فَأَخْبَرْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: كيف صلاتكم وصومكم؟ فأخبرناه، فقال: قوموا، فقمنا، فَأَمَرَ بِنَا بِمَنْزِلٍ حَسَنٍ وَنُزُلٍ كَثِيرٍ، فَأَقَمْنَا ثلاثًا، فأرسل إلينا   1 جمع برذون: يطلق على غير العربي من الخيل والبغال. 2 تنقضب: تهدمت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 لَيْلًا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَاسْتَعَادَ قَوْلَنَا، ثُمَّ دَعَا بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الرَّبْعَةِ1 الْعَظِيمَةِ، مُذَهَّبَةً فِيهَا بُيُوتٌ صِغَارٌ، عَلَيْهَا أَبْوَابٌ، فَفَتَحَ بَيْتًا وَقُفْلًا، وَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ حَمْرَاءُ، وَإِذَا فِيهَا رَجُلٌ ضَخْمُ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمُ الْإِلْيَتَيْنِ، لَمْ أَرَ مِثْلَ طُولِ عُنُقِهِ، وَإِذَا لَيْسَتْ له لحية، وإذا ضَفِيرَتَانِ أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، قَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا آدَمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ لَنَا بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، وَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ بيضاء، وإذا له شعر كشعر القطط، أحمر العينين ضَخْمُ الْهَامَةِ حَسَنُ اللِّحْيَةِ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا نُوحٌ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، وَإِذَا فِيهَا رَجُلٌ شَدِيدُ الْبَيَاضِ حَسَنُ الْعَيْنَيْنِ صَلْتُ الْجَبِينِ2، طَوِيلُ الْخَدَّيْنِ أَبْيَضُ اللِّحْيَةِ كَأَنَّهُ يَتَبَسَّمُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ وَإِذَا وَاللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَتَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَكَيْنَا، قَالَ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَامَ قَائِمًا ثُمَّ جَلَسَ وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَهُوَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ إِنَّهُ لَهُوَ، كَأَنَّمَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَأَمْسَكَ سَاعَةً يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ آخِرَ الْبُيُوتِ، وَلَكِنِّي عَجَّلْتُهُ لَكُمْ لِأَنْظُرَ مَا عِنْدَكُمْ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ أَدْمَاءُ3 سَحْمَاءُ4 وَإِذَا رَجُلٌ جَعْدٌ قَطَطٌ5، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، حَدِيدُ النَّظَرِ، عَابِسٌ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ، مُقَلَّصُ الشَّفَةِ، كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِلَى جَنْبِهِ صُورَةٌ تُشْبِهُهُ، إِلَّا أَنَّهُ مُدْهَانُّ الرَّأْسِ، عَرِيضُ الْجَبِينِ، فِي عَيْنِهِ قَبَلٌ6، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ. هَذَا هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ آدَمَ سَبْطٍ رَبْعَةٍ كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا لُوطٌ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فَإِذَا فيها   1 الربعة: المتوسطة. 2 الصلت: الشديد. 3 أدماء: سمراء شديدة السمرة. 4 سحماء: سوداء. 5 القطط: المقطوع. 6 قبل: إقبال سوادها على الأنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 صُورَةُ رَجُلٍ أَبْيَضَ مُشْرَبٍ حُمْرَةً، أَقْنَى، خَفِيفِ الْعَارِضَيْنِ، حَسَنِ الْوَجْهِ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا إِسْحَاقُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ تُشْبِهُ إِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّهُ عَلَى شَفَتِهِ السُّفْلَى خَالٍ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا يَعْقُوبُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ أَبْيَضَ حَسَنِ الْوَجْهِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، حَسَنِ الْقَامَةِ، يَعْلُو وَجْهَهُ نُورٌ، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْخُشُوعُ، يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لا، قال: هَذَا إِسْمَاعِيلُ جَدُّ نَبِيِّكُمْ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فِيهَا صُورَةٌ كَأَنَّهَا صُورَةُ آدَمَ، كَأَنَّ وَجْهَهُ الشَّمْسُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ أَحْمَرَ، حَمْشِ السَّاقَيْنِ1، أَخْفَشَ2 الْعَيْنَيْنِ، ضَخْمِ الْبَطْنِ، مُتَقَلِّدٍ سَيْفًا، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا دَاوُدُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ ضخم الإليتين، طويل الرّجلين، راكب فرس، فَقَالَ: هَذَا سُلَيْمَانُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ صُورَةً، وَإِذَا شَابٌّ أَبْيَضُ، شَدِيدُ سَوَادِ اللِّحْيَةِ، كَثِيرُ الشَّعْرِ، حَسَنُ الْعَيْنَيْنِ، حَسَنُ الْوَجْهِ، فَقَالَ: هَذَا عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ. فقلنا: من أين لك هذه الصّور؟ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهَا عَلَى مَا صُوِّرَتْ، لِأَنَّا رَأَيْنَا نَبِيَّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصُورَتَهُ مثل، فَقَالَ: إِنَّ آدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ تَعَالَى أَنْ يُرِيَهُ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ وَلَدِهِ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ صُوَرَهُمْ، وَكَانَتْ فِي خِزَانَةِ آدَمَ عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَاسْتَخْرَجَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَدَفَعَهَا إِلَى دَانْيَالَ، يَعْنِي فَصَوَّرَهَا دَانْيَالُ فِي خِرَقٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَهَذِهِ بِأَعْيَانِهَا الَّتِي صَوَّرَهَا دَانْيَالُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ نَفْسِي طَابَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مُلْكِي، وَأَنِّي كُنْتُ عَبْدًا لِشَرِّكُمْ مِلْكَةً حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ أَجَازَنَا بِأَحْسَنِ جَائِزَةٍ وَسَرَّحَنَا. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثْنَاهُ بِمَا رَأَيْنَاهُ، وَمَا قال لنا، فبكى أبو بكر وَقَالَ: مِسْكِينٌ، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنّهم واليهود يَجِدُونَ نَعْتَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندهم.   1 حمش الساقين: دقيق الساقين. 2 الخفش: ضعف الإبصار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَعْقُوبَ. وَرَوَاهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيِّ، كِلَاهُمَا عَنِ الْبَلَدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ كَمَا ذَكَرْتُ مِنَ السّند، وعند ابن منده قال: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شُرَحْبِيلَ، وَهُوَ سَنَدٌ غَرِيبٌ. وَهَذِهِ الْقِصَّةُ قَدْ رَوَاهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ مُصْعَبٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّومِ لندعوه إلى الإسلام، فخرجنا عَلَى رَوَاحِلِنَا حَتَّى قَدِمْنَا دِمَشْقَ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ. وَقَدْ رَوَاهُ بِطُولِهِ: عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ فقال: حدثنا دلّهم بن يزيد، حدثنا القاسم بن سويد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَالَ: كَانَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ يُحَدِّثُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. أَنْبَأَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ عبد الرحمن بن أبي عمر وَجَمَاعَةٌ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَلِيٍّ الصُّوفِيِّ، أنبأ فاطمة بنت أبي حكيم الخبري، أنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَاتِبُ قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْكَاتِبُ مِنْ لَفْظِهِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ لِأَدْعُوَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَخَرَجْنَا نَسِيرُ عَلَى رَوَاحِلِنَا حَتَّى قَدِمْنَا دِمَشْقَ، فَإِذَا عَلَى الشَّامِ لِهِرَقْلَ جَبَلَةُ، فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَنَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْنَا كَرِهَ مَكَانَنَا وَأَمَرَ بِنَا فَأُجْلِسْنَا نَاحِيَةً، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى فُرُشٍ لَهُ مَعَ السُّقُفِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولًا يُكَلِّمُنَا وَيُبَلِّغُهُ عَنَّا، فَقُلْنَا: وَاللَّهِ لَا نُكَلِّمُهُ بِرَسُولٍ أَبَدًا، فَانْطَلِقْ فَأَعْلِمْهُ ذَلِكَ، فَنَزَلَ عَنْ تِلْكَ الْفُرُشِ إِلَى فُرُشٍ دُونَهَا، فَأَذِنَ لَنَا فَدَنَوْنَا مِنْهُ، فَدَعَوْنَاهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يُجِبْ إِلَى خَيْرٍ، وَإِذَا عَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ، فَقُلْنَا: مَا هَذِهِ الْمُسُوحُ1؟ قَالَ: لَبِسْتُهَا نَذْرًا لَا أَنْزَعُهَا حَتَّى أُخْرِجَكُمْ مِنْ بِلَادِي، قَالَ: قُلْنَا له: تيدك2 لا تعجل، أتمنع   1 المسوح: جمع مسح، وهو كساء من شعر. 2 تيدك: بمعنى رفقًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 مِنَّا مَجْلِسَكَ هَذَا! فَوَاللَّهِ لَنَأْخُذَنَّهُ وَمُلْكَ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ، خَبَّرَنَا بِذَلِكَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَنْتُمْ إِذًا السَّمْرَاءُ، قُلْنَا: وَمَا السَّمْرَاءُ؟ قَالَ: لَسْتُمْ بِهِمْ، قُلْنَا: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَقُومُونَ اللَّيْلَ وَيَصُومُونَ النَّهَارَ، قُلْنَا: فَنَحْنُ وَاللَّهِ نَصُومُ النَّهَارَ وَنَقُومُ اللَّيْلَ، قَالَ: فَكَيْفَ صَلَاتُكُمْ؟ فَوَصَفْنَاهَا لَهُ، قَالَ: فَكَيْفَ صَوْمُكُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ بِهِ. وَسَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَيَعْلَمُ اللَّهُ لَعَلَا وَجْهَهُ سَوَادٌ حَتَّى كَأَنَّهُ مَسْحٌ أَسْوَدُ، فَانْتَهَرَنَا وَقَالَ لَنَا: قُومُوا، فَخَرَجْنَا وَبَعَثَ مَعَنَا أَدِلَّاءَ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، فَسِرْنَا، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ قَالَتِ الرُّسُلُ الَّذِينَ مَعَنَا: إِنَّ دَوَابَّكُمْ هَذِهِ لَا تَدْخُلُ مَدِينَةَ الْمَلِكِ، فَأَقِيمُوا حَتَّى نَأْتِيَكُمْ بِبِغَالٍ وَبَرَاذِينَ، قُلْنَا: وَاللَّهِ لا ندخل إلا على دوابّنا، فأرسلوا إليه يُعْلِمُونَهُ، فَأَرْسَلَ: أَنْ خَلُّوا عَنْهُمْ، فَتَقَلَّدْنَا سُيُوفَنَا وَرَكِبْنَا رَوَاحِلَنَا، فَاسْتَشْرَفَ أَهْلُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ لَنَا وَتَعَجَّبُوا، فَلَمَّا دَنَوْنَا إِذَا الْمَلِكُ فِي غُرْفَةٍ لَهُ، وَمَعَهُ بَطَارِقَةُ الرُّومِ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى أَصْلِ الْغُرْفَةِ أَنَخْنَا وَنَزَلْنَا وَقُلْنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَيَعْلَمُ اللَّهُ تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ حتى كأنّها عذق تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ، فَإِذَا رَسُولٌ يَسْعَى إِلَيْنَا يَقُولُ: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا بِدِينِكُمْ عَلَى بَابِي، فَصعِدْنَا فَإِذَا رَجُلٌ شَابُّ قَدْ وَخَطَهُ الشَّيْبُ، وَإِذَا هُوَ فَصِيحٌ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ حُمْرٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَيْتِ أَحْمَرُ، فَدَخَلْنَا وَلَمْ نُسَلِّمْ، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُحَيُّونِي بِتَحِيَّتِكُمْ؟ قُلْنَا: إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَكُمْ، قَالَ: فَكَيْفَ هِيَ؟ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، قَالَ: فَمَا تُحَيُّونَ بِهِ مَلِكَكُمْ؟ قُلْنَا: بِهَا، قَالَ: فَمَا كُنْتُمْ تُحَيُّونَ بِهِ نَبِيَّكُمْ؟ قُلْنَا: بِهَا، قَالَ: فَمَاذَا كَانَ يُحَيِّيكُمْ بِهِ؟ قُلْنَا: كَذَلِكَ، قَالَ: فَهَلْ كَانَ نَبِيُّكُمْ يَرِثُ مِنْكُمْ شَيْئًا؟ قُلْنَا: لَا، يَمُوتُ الرَّجُلُ فَيَدَعُ وَارِثًا أَوْ قَرِيبًا فَيَرِثُهُ الْقَرِيبُ، وَأَمَّا نَبِيُّنَا فَلَمْ يَكُنْ يَرِثْ مِنَّا شَيْئًا، قَالَ: فَكَذَلِكَ مَلِكُكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا أَعْظَمُ كَلَامِكُمْ عِنْدَكُمْ؟ قُلْنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَانْتَفَضَ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَقَالَ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ الَّتِي قُلْتُمُوهَا فَنَقَّضَتْ لَهَا الْغُرْفَةُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتُمُوهَا فِي بِلَادِكُمْ نَقَّضَتْ لَهَا سُقُوفُكُمْ؟ قُلْنَا: لَا، وَمَا رَأَيْنَاهَا صَنَعَتْ هَذَا قَطُّ، وَمَا هُوَ إِلَّا شَيْءٌ وُعِظْتَ بِهِ، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ الصِّدْقَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ نِصْفِ مُلْكِي وَأَنَّكُمْ لَا تَقُولُونَهَا عَلَى شيء إلا نقض لها، قلنا: ولِمَ ذاك؟ قَالَ: ذَلِكَ أَيْسَرُ لِشَأْنِهَا وَأَحْرَى أَنْ لَا تَكُونَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَأَنْ تَكُونَ مِنْ حِيلَةِ النّاس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 ثُمَّ قَالَ لَنَا: فَمَا كَلَامُكُمُ الَّذِي تَقُولُونَهُ حِينَ تَفْتَتِحُونَ الْمَدَائِنَ؟ قُلْنَا: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ"؛ قَالَ: تَقُولُونَ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" لَيْسَ مَعَهُ شَرِيكٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: وَتَقُولُونَ "اللَّهُ أَكْبَرُ" أَيْ لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، لَيْسَ فِي الْعَرْضِ وَالطُّولِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَسَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَأَمَرَ لَنَا بِنُزُلٍ كَثِيرٍ وَمَنْزِلٍ، فَقُمْنَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَأَتَيْنَاهُ، وَهُوَ جَالِسٌ وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، فَأَمَرَنَا فَجَلَسْنَا، فَاسْتَعَادَنَا كَلَامَنَا، فَأَعَدْنَاهُ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الرّبعة العظيمة مُذَهَّبَةً، فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا بُيُوتٌ مُقْفَلَةٌ، فَفَتَحَ بَيْتًا مِنْهَا، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ خرقَةَ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ. وَفِيهِ: فَاسْتَخْرَجَ صُورَةً بَيْضَاءَ، وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّمَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ حَيًّا، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلْنَا: هَذِهِ صُورَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهَ بِدِينِكُمْ إِنَّهُ لَهُوَ هُوَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، اللَّهَ بِدِينِنَا إِنَّهُ لَهُوَ هُوَ، فَوَثَبَ قَائِمًا، فَلَبِثَ مَلِيًّا قَائِمًا، ثُمَّ جَلَسَ مُطْرِقًا طَوِيلًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ فِي آخِرِ الْبُيُوتِ، وَلَكِنِّي عَجَّلْتُهُ لِأُخْبِرَكُمْ وَأَنْظُرَ مَا عِنْدَكُمْ، ثُمَّ فَتَحَ بَيْتًا، فَاسْتَخْرَجَ خِرْقَةً مِنْ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ سَوْدَاءُ شَدِيدَةُ السَّوَادِ، وَإِذَا رَجُلٌ جَعْدٌ قَطَطٌ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ، مُخْتَلِفُ الْأَسْنَانِ، حَدِيدُ النَّظَرِ كَالْغَضْبَانِ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذِهِ صُورَةُ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَذَكَرَ الصُّوَرَ، إِلَى أَنْ قَالَ: قُلْنَا: أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الصُّوَرِ، قَالَ: إِنَّ آدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ أَنْبِيَاءَ وَلَدِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ صُوَرَهُمْ، فَاسْتَخْرَجَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ خِزَانَةِ آدَمَ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَصَوَّرَهَا دَانْيَالُ فِي خِرَقِ الْحَرِيرِ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَوَارَثُهَا مَلِكٌ بَعْدَ مَلِكٍ، حَتَّى وَصَلَتْ إِلَيَّ، فَهَذِهِ هِيَ بِعَيْنِهَا. فَدَعَوْنَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ نَفْسِي سَخَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مُلْكِي وَاتِّبَاعِكُمْ، وَأَنِّي مَمْلُوكٌ لِأَسْوَأِ رَجُلٍ مِنْكُمْ خَلْقًا وَأَشَدِّهِ مِلْكَةً، وَلَكِنَّ نَفْسِي لَا تَسْخُو بِذَلِكَ. فَوَصَلَنَا وَأَجَازَنَا، وَانْصَرَفْنَا1.   1 إسناده ضعيف: عبد الله بن مصعب ضعيف كما في "الميزان" "4609". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 بَابٌ: فِي خَصَائِصِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَحْدِيثِهِ أُمَّتَهُ بِهَا امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تعالى {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} 1. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيِّ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بِبَغْدَادَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْقَسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْأَزْهَرِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ مَنْ مَرَّ مِنَ النَّاسِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فأنا اللّبنة، وأنا خاتم النبيّين" 2. خ. عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيَّ" 3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ" 4. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عن مرّة الهمداني، عن عبد الله   1 سورة الضحى: 11. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3535" في كتاب المناقب، باب: خاتم النبيين -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2286" في كتاب المناقب، باب: ذكر كونه -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين. 3 صحيح: أخرجه البخاري "2977" في كتاب الجهاد، باب: رقم "122"، ومسلم "6/ 523" في أول كتاب المساجد، والنسائي "6/ 3-4" في كتاب الجهاد، باب: وجوب الجهاد، وأحمد "2/ 214، 264، 396، 455، 501". 4 صحيح: أخرجه مسلم "523/ 5" في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 قال: لمّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَانْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى أُعْطِيَ ثَلَاثًا: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ كَانَ مِنْ أُمَّتِهِ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ الْمُقْحِمَاتِ1. تُقْحِمُ: أَيْ تُلْقِي فِي النَّارِ. والحديث صحيح. وقال أبو عوانة: حدثنا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتِ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، وَجُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَأُوتِيتُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ، مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ" 2 صَحِيحٌ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ" 3. اسْمُ أَبِي عَمَّارٍ: شَدَّادٌ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَحْمٍ، فَرَفَعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعَ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا، فَقَالَ: "أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّانِي وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ" -فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ بِطُولِهِ4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا فَخْرَ، وَأُعْطِيتُ لِوَاءَ الْحَمْدِ، وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا فَخْرَ" -وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي الشفاعة5.   1 صحيح: أخرجه مسلم "173" في كتاب الإيمان، باب: في ذكر سدرة المنتهى. 2 صحيح: أخرجه مسلم "522" في أول كتاب المساجد، وأحمد "5/ 373". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2278" في كتاب الفضائل، باب: تفضيل نبينا -صلى الله عليه وسلم- على جميع الخلائق، من طريق آخر عن الأوزاعي. 4 صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم "194/ 327" في كتاب الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها. 5 صحيح: أخرجه الترمذي "3159" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، وابن ماجه "4308" في كتاب الزهد، باب: ذكر الشفاعة، وأحمد "3/ 2" من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3477": صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَفِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا سَمِعْتُ اللَّهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ إِلَّا بِحَيَاتِهِ فَقَالَ: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} 1. وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنِّي أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا أَنَا بِنَهْرٍ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَضَرَبَ الْمَلَكُ بِيَدِهِ فَإِذَا طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ" 2. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "حَوْضِي كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وأيلة، وفيه من الْأَبَارِيقُ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ" 3. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أبي حبيب: حدثنا أبو الْخَيْرُ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ، ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ وَقَالَ: "إِنِّي لَكُمْ فَرَطٌ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ، وَأَنَا فِي مَقَامِي هَذَا، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أُرِيتُ أَنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَأَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا" 4. وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ، كَأَنَّ الْأَبَارِيقَ فِيهِ النُّجُومُ" 5. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عن النّبيّ   1 سورة الحجر: 72. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6581" في كتاب الرقاق، باب: في الحوض. 3 صحيح: أخرجه البخاري "6580" في المصدر السابق، ومسلم "2303" في كتاب الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا -صلى الله عليه وسلم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "6590" في المصدر السابق، ومسلم "2296" في المصدر السابق. 5 صحيح: أخرجه البخاري "6589" في المصدر السابق، ومسلم "2289"، في المصدر السابق، دون قوله "وإن بعد ... " إلخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا سِعَةُ حَوْضِكَ؟ قَالَ: "مَا بَيْنَ عَدَنٍ وَعَمَّانَ وَأَوْسَعُ، وَفِيهِ مِثْعَبَانِ مِنْ ذَهَبٍ وفضة، شرابه أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَلَنْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ أَبَدًا" 1. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَطِيَّةَ -وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لِي حَوْضٌ طُولُهُ مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، وَإِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءَ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 2. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ الذَّهَبُ، مَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ" 3. وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ4. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَالَ: النَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ5. وَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ أُعْطِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَاطِئُهُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ6. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ خَرِيرَ الْكَوْثَرِ فليضع إصبعيه في أذنيه7.   1 عزاه الحافظ ابن كثير في "البداية" "8/ 244" لأبي بكر بن أبي عاصم بنحوه: 2 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4301" في كتاب الزهد، باب: ذكر الحوض، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3470": صحيح. 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4334" في كتاب الزهد، باب: صفة الجنة، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "11/ 478": سنده صحيح. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3498": صحيح. 4 صحيح: أخرجه البخاري "4966" في كتاب التفسير، باب: سورة "إن أعطيناك الكوثر". 5 صحيح: انظر التخريج السابق. 6 صحيح: أخرجه البخاري "4965" في المصدر السابق. 7 إسناده منقطع: أخرجه ابن جرير في "تفسيره" "30/ 207" من طريق ابن أبي نجيح عن عائشة، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "4/ 557": منقطع بين ابن أبي نجيح وعائشة. قلت: وفيه كذلك أبو جعفر الرازي ضعيف الحفظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 وَصَحَّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءَ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ" 1. وَصَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ، وَكَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 2. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ قَالَ: أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ بِأَرْبَعٍ: أَرْسَلَنِي إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَجَعَلَ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِي وَلِأُمَّتِي مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيْنَمَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةَ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيَّ مَسِيرَةَ شَهْرٍ يُقْذَفُ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِي، وَأُحِلَّتْ لَنَا الْغَنَائِمُ" 3. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَسَيَّارٌ صَدُوقٌ4. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ بِأَرْبَعٍ: بِالشَّجَاعَةِ، والسّماحة، وكثرة الجماع، وشدّة البطش"5.   1 صحيح: أخرجه مسلم "196" في كتاب الإيمان، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "أنا أول الناس يشفع يوم القيامة". 2 صحيح: وقد تقدم. 3 أخرجه أحمد "5/ 248"، وأخرجه الترمذي "1558" مختصرا، في كتاب السير، باب: ما جاء في الغنيمة. 4 هو سيار بن سلامة الرياحي، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وابن حبان وابن سعد، وقال أبو حاتم صدوق صالح الحديث. ومثل هذا يقال فيه ثقة، والله أعلم. 5 إسناده ضعيف: أخرجه، وسعيد بن بشير فيه ضعف كما في "التهذيب" "2/ 8، 9". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 بَابُ: مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: نَبَّهَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: "يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَقِيعِ"، فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: "لِيَهْنِ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ، أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ آخِرَهَا أَوَّلُهَا، لَلْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى، يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدِ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةِ، فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ"، فَقُلْتُ: يَا رسول الله بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَخُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدِ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةِ، فَقَالَ: "وَاللَّهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ"، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ابْتُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ1. رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَوْلَى الحكم بن أبي العاص. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُيِّرْتُ بَيْنَ أَنْ أَبْقَى حَتَّى أَرَى مَا يُفْتَحُ عَلَى أُمَّتِي وَبَيْنَ التَّعْجِيلِ، فَاخْتَرْتُ التَّعْجِيلَ"2. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اجْتَمَعَ نِسَاءُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ تُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِشْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَرْحَبًا بِابْنَتِي"، فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ، فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ، فَبَكَتْ، ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسِّرَارِ وَتَبْكِينَ! فَلَمَّا أَنْ قَامَ قُلْتُ لَهَا: أَخْبِرِينِي بِمَا سَارَّكِ،   1 أخرجه أحمد "3/ 488، 489"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 162، 163". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 163" وقال: هذا مرسل، وهو شاهد لحديث أبي مويهبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 قَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قُلْتُ لَهَا: أَسْأَلُكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ لِمَا أَخْبَرْتِينِي، قَالَتْ: أَمَّا الْآنَ فَنَعَمْ، سَارَّنِي فَقَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ إِلَّا اقْتِرَابَ أَجَلِي، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي فَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ"، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَقَالَ: "أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ" يَعْنِي فَضَحِكْتُ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى نَحْوَهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ أَنَّهَا ضَحِكَتْ لِأَنَّهُ أَخْبَرَهَا أَنَّهَا أَوَّلُ أَهْلِهِ يَتْبَعُهُ2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} 3 دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ فَقَالَ: "إِنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي"، فَبَكَتْ ثُمَّ ضَحِكَتْ، قَالَتْ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ نُعِيَ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ لِي: "اصْبِرِي فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لَاحِقًا بِي"، فَضَحِكْتُ4. وَقَالَ سليمان بْن بلال، عَنْ يحيى بْن سعيد، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَاكَ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ"، فَقَالَتْ: وَاثُكْلَاهُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَظَلَلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ لَقَدْ هَمَمْتُ -أَوْ أَرَدْتُ- أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ فَأَعْهَدَ أَنْ يقول القائلون أو يتمنّى المتمنّون، ثم قلت يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ" 5. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بن عتبة، عن   1 صحيح: أخرجه البخاري "6285" في كتاب الاستئذان، باب: من ناجى بين يدي الناس، ومسلم "2450/ 99" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل فاطمة -رضي الله عنها. 2 صحيح: انظر التخريج السابق. 3 سورة النصر: 1. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 167". 5 صحيح: أخرجه البخاري "5666" في كتاب المرضى، باب: ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، وأبو نعيم في "الحلية" "1974"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 168". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصْدَعُ وَأَنَا أَشْتَكِي رَأْسِي، فَقُلْتُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ: "بَلْ أَنَا وَاللَّهِ وَارَأْسَاهُ، وَمَا عَلَيْكِ لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَوَلِيتُ أَمْرَكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَوَارَيْتُكِ"، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ، لَقَدْ خلوت ببعض نسائك إلى بَيْتِي فِي آخِرِ النَّهَارِ فَأَعْرَسْتَ بِهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم تمادى به وجعه، فاستعزّ1 بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاجْتَمَعَ، إِلَيْهِ أَهْلُهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّا لَنَرَى بِرَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ الْجَنْبِ2 فَهَلُمُّوا فَلْنَلُدَّهُ، فَلَدُّوهُ3، وَأَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَنْ فَعَلَ هَذَا"؟ قَالُوا: عَمُّكَ الْعَبَّاسُ، تَخَوَّفَ أَنْ يَكُونَ بِكَ ذَاتُ الْجَنْبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى لِيُسَلِّطَهُ عَلَيَّ، لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا لَدَدْتُمُوهُ إِلَّا عَمِّيَ الْعَبَّاسَ"، فَلُدَّ أَهْلُ الْبَيْتِ كُلُّهُمْ، حَتَّى مَيْمُونَةُ، وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ يَوْمَئِذٍ، وَذَلِكَ بِعَيْنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَهُوَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ، تَخُطُّ قَدَمَاهُ الْأَرْضَ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّهِ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ -رَضِيَ الله عنه4. وقال "خ" قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: "يَا عَائِشَةُ لَمْ أَزَلْ أَجِدُ أَلَمَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ" 5. وَقَالَ اللَّيْثُ: عَنْ عقيل، عن ابن شهاب: أخبرني عُبَيْد الله بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاشْتَدَّ بِهِ الْوَجَعُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي   1 استعز: اشتد به المرض. 2 ذات الجنب: التهاب في الغشاء المحيط بالرئة. 3 لدوه: جعلوا الدواء في أحد جانبي الفم. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 168، 169" وهو عند البخاري "4458" في كتاب المغازي، بَابُ: مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووفاته، مختصرا. 5 علقه البخاري "4428" في المصدر السابق، ووصله البيهقي في "الدلائل" "7/ 172". وقد أخرجه أبو داود "4512" في كتاب الديات، باب: فيمن سقى رجلا سما، والدارمي "69" من حديث أبي هريرة بنحوه، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 بَيْتِ عَائِشَةَ، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ، قَالَتْ: لَمَّا أُدْخِلَ بَيْتِي اشْتَدَّ وَجَعُهُ فَقَالَ: "أَهْرِقْنَ عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ 1 لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ"، فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى بِهِمْ ثُمَّ خَطَبَهُمْ2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَالِمُ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ فَقَالَ: "إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ"، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ، فَكَانَ الْمُخَيَّرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ، فَقَالَ: "لَا تَبْكِ يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ في صحبته وماله أبو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتَهُ، لَا يَبْقَى فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ" 3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِيهِ أَحَدِ الْأَنْصَارِ، فَذَكَرَ قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي قَبْلَهُ4. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حُكَيْمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بكر   1 أوكيتهن: جمع وكاء، وهو ما يشد به فم القربة. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4442" في المصدر السابق، ومسلم "418/ 90" في كتاب الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 173، 174". 3 صحيح: أخرجه البخاري "466" في كتاب الصلاة، باب: الخوخة والممر في المسجد، ومسلم "2382" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق -رضي الله عنه. 4 أخرجه الترمذي "3679" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي بكر الصديق -رضي الله عنه، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 175"، وروايته ضعفها الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "753". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 خَلِيلًا، وَلَكِنَّ خِلَّةَ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ" 1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي جُنْدَبٌ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل أن يُتَوَفَّى بِخَمْسٍ يَقُولُ: "قَدْ كَانَ لِي مِنْكُمْ إِخْوَةٌ وَأَصْدِقَاءُ وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَإِنَّ رَبِّي اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَإِنَّ قَوْمًا مِمَّنْ كَانُوا قَبْلَكُمْ يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ مَسَاجِدَ، فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَضَهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: "ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ فَلَأَكْتُبُ لَهُ لَا يَطْمَعُ طَامِعٌ فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ"، ثُمَّ قَالَ: يَأْبَى اللَّهُ ذلك والمؤمنونؤ"ثَلَاثًا" قَالَتْ: فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أبي3. قال أبو حاتم: حدثنا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ مُرْسَلًا، وَهُوَ أَشْبَهُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ مُلْتَحِفًا بِمِلْحَفَةٍ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَوْصَى بِالْأَنْصَارِ، فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ4. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. ودسماء: سوداء.   1 صحيح: أخرجه البخاري "467" في كتاب الصلاة، باب: الخوخة والممر في المسجد، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 176". 2 صحيح: أخرجه مسلم "532" في كتاب المساجد، باب: النهي عن بناء المسجد على القبور، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 176، 177". 3 صحيح بنحوه: أخرجه مسلم "2387" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق -رضي الله عنه، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 343" من طريق عروة عن عائشة بنحوه. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3800" في كتاب مناقب الأنصار، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ: "اقبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهم"، والترمذي في "الشمائل" "117"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 177". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ يَذْكُرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى، قُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ: وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعُهُ فَقَالَ: "ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا"، قَالَ: فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ، أَهَجَرَ! اسْتَفْهِمُوهُ، قَالَ: فَذَهَبُوا يُعِيدُونَ عَلَيْهِ، قَالَ: "دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ"، قَالَ: وَأَوْصَاهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ فَقَالَ: "أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ"، قَالَ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمَّ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا"، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا". فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ لِاخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ التَّخْفِيفَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ رَآهُ شَدِيدَ الْوَجَعِ، لِعِلْمِهِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْمَلَ دِينَنَا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْكِتَابُ وَاجِبًا لَكَتَبَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم، وَلَمَا أَخَلَّ بِهِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعُهُ قَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فليصلّ بالنّاس"، فقالت عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ،   1 صحيح: أخرجه البخاري "4431" في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، ومسلم "1637" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4432" في المصدر السابق، ومسلم "1637/ 22" في المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَعَاوَدَتْهُ مِثْلَ مَقَالَتِهَا فَقَالَ: "أَنْتُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفُ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" 1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ فِي مَرَضِهِ، وَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ، فَمَا صَلَّى بَعْدَهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى، يَعْنِي فَمَا صَلَّى بَعْدَهَا بِالنَّاسِ2. وإسناده حَسَنٌ. وَرَوَاهُ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَفْظُهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْمُرْسَلَاتِ، ثُمَّ مَا صَلَّى لنا بعدها3. "خ". وَقَالَ مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ: ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ"؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، قَالَ: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ" 4، فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ"؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ ينتظرونك يا رسول الله فَقَالَ: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ"، قَالَتْ: فَفَعَلْنَا، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ"؟ فَقُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَالنَّاسُ عُكُوفٌ5 فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ، قَالَتْ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَبِي بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنِّي، قَالَتْ: فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- أن لا يتأخّر، وقال   1 صحيح: أخرجه البخاري "713" في كتاب الأذان، باب: الرجل يأتم بالإمام، ومسلم "418/ 94" في كتاب الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 186". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 189، 190" وانظر الآتي. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4429" في كتاب المغازي، باب: مرضه -رضي الله عنه- ووفاته، ومسلم "462" في كتاب الصلاة، باب: القراءة في الصبح. 4 المخضب: إناء لغسل الثياب. 5 عكوف: مقيمون بالمكان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 لَهُمَا: أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ، فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ. فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ قائم بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاعِدٌ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَعَرَضْتُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ حَرْفًا1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَعُرْوَةُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَلَّقَ صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَكَذَلِكَ رَوَى الْأَرْقَمُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَكَذَلِكَ رَوَى غَيْرُهُمْ. وَأَمَّا صَلَاتُهُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ قَاعِدًا3. وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ4. وَرَوَى هُشَيْمٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَاللَّفْظُ لِهُشَيْمٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ فِي بُرْدَةٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ5. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ ثَابِتٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ برد، مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ: "ادْعُوا لِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ"، فَجَاءَ، فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى نَحْرِهِ، فَكَانَتْ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا6. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ بِزِيَادَةِ ثابت البناني فيه.   1 صحيح: أخرجه البخاري "687" في كتاب الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به، ومسلم "418/ 90" في كتاب الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، وأحمد "6/ 251" والبيهقي في "الدلائل" "7/ 186، 190، 191". 2 صحيح: أخرجه البخاري "683" في كتاب الأذان، باب: من قام إلى جنب الإمام لعلة. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 191". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 192". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 192". 6 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 192". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 وَفِي هَذَا دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ كَانَتِ الصُّبْحَ، فَإِنَّهَا آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا، وَهِيَ الَّتِي دَعَا أُسَامَةَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا، فَأَوْصَاهُ فِي مَسِيرِهِ بِمَا ذَكَرَ أَهْلُ الْمَغَازِي. وَهَذِهِ الصَّلَاةُ غَيْرُ تِلْكَ الصَّلَاةِ الَّتِي ائْتَمَّ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ بِهِ، وَتِلْكَ كَانَتْ صَلَاةَ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ أَوْ يَوْمِ الْأَحَدِ. وَعَلَى هَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَقَدِ اسْتَوْفَاهَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْحَبْرُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: اشْتَكَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَفَرٍ، فَوُعِكَ أَشَدَّ الْوَعْكِ؛ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ يُمَرِّضْنَهُ أَيَّامًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَنْحَازُ إِلَى الصَّلَوَاتِ حَتَّى غُلِبَ، فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَنَهَضَ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنَ الضَّعْفِ، فَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ: "اذْهَبْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَمُرْهُ فَلْيُصَلِّ"، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، وَإِنَّهُ إِنْ قَامَ مَقَامَكَ بَكَى، فَأْمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ"، فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ"، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ حَتَّى كَانَ لَيْلَةُ الْإِثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَأَقْلَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْوَعْكُ وَأَصْبَحَ مُفِيقًا، فَغَدَا إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ يَتَوَكَّأُ عَلَى الْفَضْلِ وَغُلَامٍ لَهُ يُدْعَى ثَوْبَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُمَا، وَقَدْ سَجَدَ النَّاسُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي الْأُخْرَى، فَتَخَلَّصَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصُّفُوفَ يُفَرِّجُونَ لَهُ، حَتَّى قَامَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثَوْبِهِ فَقَدَّمَهُ فِي مُصَلَّاهُ فَصَفَّا جَمِيعًا، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ يَقْرَأُ، فَلَمَّا قَضَى قِرَاءَتَهُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَكَعَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ جلس أبو بكر يتشهّد والنّاس معه، فلمّا سلّم أتّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى جِذْعٍ مِنْ جُذُوعِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ يَوْمَئِذٍ سَقْفُهُ مِنْ جَرِيدٍ وَخُوصٍ، لَيْسَ عَلَى السَّقْفِ كَثِيرُ طِينٍ، إِذَا كَانَ الْمَطَرُ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ طِينًا، إِنَّمَا هُوَ كَهَيْئَةِ الْعَرِيشِ، وَكَانَ أُسَامَةُ قَدْ تَجَهَّزَ لِلْغَزْوِ1. بَابُ حَالِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا احْتَضَرَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ قَالَا: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وجهه، فإذا اغتمّ كشفها عن   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 198-200" عن موسى بن عقبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: "لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أنا عُمَرُ بْنُ كَرْمٍ بِبَغْدَادَ، أنا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ مِنْ لَفْظِهِ سَنَةَ سبعين وأربعمائة، حدثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ السُّلَمِيُّ إِمْلَاءً، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ يَقُولُ: "أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" 2. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنَ الْعَوَالِي. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: "الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ"، حَتَّى جَعَلَ يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ3. كَذَا قَالَ سُلَيْمَانُ. وَقَالَ همّام: حدثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ سَفِينَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: "اللَّهَ اللَّهَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" قَالَتْ: فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَمَا يَكَادُ يَفِيضُ4. وَهَذَا أَصَحُّ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَرْجِسَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يموت وعنده قدح فيه ماء، يدخل   1 صحيح: أخرجه البخاري "425، 436" في كتاب الصلاة، باب: رقم "55"، ومسلم "531/ 22" في كتاب المساجد، باب: النهي عن بناء المسجد على القبور، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 203". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2877" في كتاب الجنة، باب: الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت. 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "2697" في كتاب الوصايا، باب: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، وأحمد "3/ 117"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 205"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2183": صحيح. 4 صحيح: أخرجه ابن ماجه "1625" في كتاب الجنائز، باب: ما جاء في ذكر مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 205"، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "5/ 427": سنده جيد. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 يَدَهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكْرَةِ الْمَوْتِ"1. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَمَّا مَرِضَ عُرِضَتْ لَهُ بُحَّةٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} 2 فظننا أنّه كان يُخَيَّرُ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ نَحْوَهُ الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَفِيهِ زِيَادَةٌ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرفيق الأعلى" 4. خ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: "وَاكَرْبَاهُ" قَالَ لَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ مِنْ أَبِيكَ مَا لَيْسَ بِتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا لِمُوَافَاةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 5. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَيُرْسِلُهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- لَمَّا ثَقُلَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ يَعْنِي الْكَرْبَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: "وَاكَرْبَ أَبَتَاهُ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بعد اليوم" 6. أخرجه البخاري.   1 ضعيف: أخرجه الترمذي "980" في كتاب الجنائز، باب: ما جاء في التشديد عند الموت، وفي "الشمائل" "7/ 207"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "164": ضعيف: 2 سورة النساء: 69. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4435" في كتاب المغازي: باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، ومسلم "2444/ 86" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عائشة -رضي الله عنها. 4 صحيح: أخرجه البخاري "4436" في المصدر السابق. 5 صحيح بنحوه: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 211، 212"، من هذا الطريق، وأخرجه ابن ماجه "1629"، في كتاب الجنائز، باب: ذكر وفاته -صلى الله عليه وسلم- بنحوه، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": حسن صحيح. 6 صحيح: أخرجه البخاري "4462"، في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 بَابُ: وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّوبُ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي وَيَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَ جِبْرِيلُ يُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أَدْعُو بِهِ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: "فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى" وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَبِيَدِهِ جَرِيدَةٌ رِطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً، فَأَخَذْتُهَا فَنَفَضْتُهَا وَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا أَحْسَنَ مَا كَانَ مُسْتَنًّا، ثُمَّ ذَهَبَ يُنَاوِلُنِيهَا، فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا1. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا. لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، مِنْ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّ عِيسَى بْنَ يُونُسَ قَالَ: عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، دَخَلَ عَلَيَّ أَخِي بِسِوَاكٍ وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى صَدْرِي، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ السِّوَاكُ وَيَأْلَفُهُ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ لَهُ، فَأَمَرَّهُ عَلَى فِيهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ -أو علبة- فيها مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ"، ثُمَّ نَصَبَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى فَجَعَلَ يَقُولُ: "فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى" حَتَّى قُبِضَ، وَمَالَتْ يَدُهُ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وقال حمّاد بن يزيد، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَتْ فَاطِمَةُ: لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي تبكي:   1 صحيح: أخرجه البخاري "4450" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 206". 2 صحيح: أخرجه البخاري "4449"، في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 206، 207". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ ... يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ ... يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ قَالَ: وَقَالَتْ: يَا أَنَسُ، كَيْفَ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- التراب؟ 1 "خ". وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بين سحري ونحري، وفي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي، لَمْ أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا، فَمِنْ سَفَاهَةِ رَأْيِي وَحَدَاثَةِ سِنِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاتَ فِي حِجْرِي، فَأَخَذْتُ وِسَادَةً فَوَسَّدْتُهَا رَأْسَهُ وَوَضَعْتُهُ مِنْ حِجْرِي، ثُمَّ قُمْتُ مَعَ النِّسَاءِ أَبْكِي وَأَلْتَدِمُ2. الِالْتِدَامُ: اللَّطْمُ. وَقَالَ مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ العطّار: حدثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَرَّ بِحُجْرَتِي أَلْقَى إِلَيَّ الْكَلِمَةَ يُقِرُّ بِهَا عَيْنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، فَعَصَبْتُ رَأْسِي وَنِمْتُ عَلَى فِرَاشِي، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "ما لك"؟ قُلْتُ: رَأْسِي، فَقَالَ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، أَنَا الَّذِي أَشْتَكِي رَأْسِي"، وَذَلِكَ حِينَ أَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ أَنَّهُ مَقْبُوضٌ، فَلَبِثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِيءَ بِهِ يُحْمَلُ فِي كِسَاءٍ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، فَأُدْخِلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَرْسِلِي إِلَى النِّسْوَةِ"، فَلَمَّا جِئْنَ قَالَ: "إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَخْتَلِفَ بَيْنَكُنَّ، فأذنَّ لِي فَأَكُونُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ"، قُلْنَ: نَعَمْ، فَرَأَيْتُهُ يَحْمَرُّ وَجْهُهُ وَيَعْرَقُ، وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ مَيِّتًا قَطُّ، فَقَالَ: "أَقْعِدِينِي"، فَأَسْنَدْتُهُ إِلَيَّ، وَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ، فَقَلَّبَ رَأْسَهُ، فَرَفَعْتُ يَدِي، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ مِنْ رَأْسِي، فَوَقَعَتْ مِنْ فِيهِ نُقْطَةٌ بَارِدَةٌ عَلَى تُرْقُوَتِي أَوْ صَدْرِي، ثُمَّ مَالَ فَسَقَطَ عَلَى الْفِرَاشِ، فَسَجَّيْتُهُ بِثَوْبٍ، وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ مَيِّتًا قَطُّ، فَأَعْرِفُ الْمَوْتَ بِغَيْرِهِ، فَجَاءَ عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ، وَمَعَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَأَذِنْتُ لَهُمَا، وَمَدَدْتُ الْحِجَابَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَائِشَةَ مَا لِنَبِيِّ اللَّهِ؟ قُلْتُ: غُشِيَ عَلَيْهِ مُنْذُ سَاعَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: وَاغَمَّاهُ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الغمّ، ثمّ غطّاه، ولم يتكلّم   1 صحيح: أخرجه البخاري "4462" في المصدر السابق. 2 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "2/ 482"، وعنه أحمد "6/ 274"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 213". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 الْمُغِيرَةُ، فَلَمَّا بَلَغَ عَتَبَةَ الْبَابِ، قَالَ الْمُغِيرَةُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَا عُمَرُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ، مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَأْمُرَ بِقِتَالِ الْمُنَافِقِينَ، بَلْ أَنْتَ تَحُوشُكَ فِتْنَةٌ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: مَا لِرَسُولِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: غُشي عَلَيْهِ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صِدْغَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَانَبِيَّاهُ وَاصَفِيَّاهُ وَاخَلِيلَاهُ، صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 1. {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} 2، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} 3، ثُمَّ غَطَّاهُ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ مِنْ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالوا: لَا، قَالَ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} الآيات. فَقَالَ عُمَرُ: أَفِي كِتَابِ اللَّهِ هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ عُمَرُ: هَذَا أبو بَكْرٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْغَارِ، وَثَانِيَ اثْنَيْنِ فَبَايِعُوهُ، فَحِينَئِذٍ بَايَعُوهُ4. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ عَنْهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" بِطُولِهِ عَنْ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، أنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أنّ أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بِالسُّنْحِ5 حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ، فَتَيَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُغَشًّى بِبُرْدٍ حِبْرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ يُقَبِّلُهُ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهُ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا. وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ   1 سورة الزمر: 30. 2 سورة الأنبياء: 34. 3 سورة آل عمران: 185. 4 أخرجه أحمد "6/ 219، 220"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 213-215". 5 السنح: من محال المدينة، وبه مسكن زوجة أبي بكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} 1 الآية، فَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النّاس إلا يتلوها. وأخبرني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَفَرِقْتُ، أَوْ قَالَ فَعَقَرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلايَ، وَحَتَّى إِنِّي أَهْوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ، وَعَرَفْتُ حِينَ تَلَاهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ مَاتَ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ حَاقِنَتِي3 وَذَاقِنَتِي، فَلَا أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأحد أبدًا، بعد ما رأيت من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ تَجَهَّزَ لِلْغَزْوِ وَخَرَجَ ثَقَلُهُ إِلَى الْجُرْفِ5 فَأَقَامَ تِلْكَ الْأَيَّامَ لِوَجَعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قَدْ أَمَّرَهُ عَلَى جَيْشٍ عَامَّتُهُمُ الْمُهَاجِرُونَ، وَفِيهِمْ عُمَرُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغير عَلَى أَهْلِ مُؤْتَةَ، وَعَلَى جَانِبِ فِلِسْطِينَ، حَيْثُ أُصِيبَ أَبُوهُ زَيْدٌ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جِذْعٍ فِي الْمَسْجِدِ، يَعْنِي صَبِيحَةَ الْإِثْنَيْنِ، وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ بِالْعَافِيَةِ، فَدَعَا أُسَامَةَ فَقَالَ: "اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَالنَّصْرِ وَالْعَافِيَةِ"، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَصْبَحْتَ مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ شَفَاكَ، فَأْذَنْ لِي أَنْ أَمْكُثَ حَتَّى يَشْفِيَكَ اللَّهُ فَإِنْ أَنَا خَرَجْتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ خَرَجْتُ وَفِي قَلْبِي قُرْحَةٌ مِنْ شَأْنِكَ، وَأَكْرَهُ أَنْ أسأل عنك النّاس، فسكت رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فلم يُرَاجِعْهُ، وَقَامَ فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ، وَهُوَ يَوْمُهَا، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ابْنَتِهِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: قد أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ شَفَاهُ، ثم ركب أبو بكر فلحق بِأَهْلِهِ بِالسُّنْحِ، وَهُنَالِكَ امْرَأَتُهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَانْقَلَبَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بيتها، وذلك يوم الاثنين.   1 سورة آل عمران: 144. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4453، 4454" في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 215، 216". 3 الحاقنة: قيل هو المطمئن من الترقوة والحلق، وقيل: ما دون الترقوة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "4446" في المصدر السابق. 5 الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة جهة الشام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 وَلَمَّا اسْتَقَرَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَيْتِ عَائِشَةَ وُعِكَ أَشَدَّ الْوَعْكِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ، واشتد وجعه، فلم يزل حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُغْشَى عَلَيّهِ، ثُمَّ شَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَقُولُ: "نَعَمْ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى"، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَأَرْسَلَتْ حَفْصَةُ إِلَى عُمَرَ، وَأَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى عَلِيٍّ، فَلَمْ يَجْتَمِعُوا حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى صَدْرِ عَائِشَةَ، وَفِي يَوْمِهَا يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ، وَجَزِعَ النَّاسُ، وَظَنَّ عَامَّتُهُمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَيِّتٍ، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كيف يكون علينا شهيدًا وَنَحْنُ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ، فَيَمُوتُ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنَّهُ رُفِعَ كَمَا فُعِلَ بِعِيسَى بن مَرْيَمَ، فَأَوْعَدُوا مَنْ سَمِعُوا يَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَنَادَوْا عَلَى الْبَابِ "لَا تَدْفِنُوهُ فَإِنَّهُ حَيٌّ"، وَقَامَ عُمَرُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيُوعِدُ بِالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَتَوَعَّدَ الْمُنَافِقِينَ، وَالنَّاسُ قَدْ مَلَئُوا الْمَسْجِدَ يَبْكُونَ وَيَمُوجُونَ، حَتَّى أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ السُّنْحِ1. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: وَضَعْتُ يَدِي عَلَى صَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ مَاتَ، فَمَرَّ بِي جُمَعٌ آكُلُ وَأَتَوَضَّأُ، مَا يَذْهَبُ رِيحُ الْمِسْكِ مِنْ يَدِي2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ هُوَ التَّيْمِيُّ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ دَعَا بِطَسْتٍ لِيَبُولَ فِيهَا، وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، فَانْحَنَثَ فَمَاتَ، وَلَمْ أَشْعُرْ فِيمَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ إِنَّهُ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. تَارِيخُ وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: أَيُّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، قَالَ: إِنِّي أرجو أن أموت فيه، فمات فيه4.   1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 217-219"، وأوله أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 200" عن موسى بن عقبة، وقد تقدم. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 219". 3 صحيح: أخرجه البخاري "4459" في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، ومسلم "1636" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية. 4 أخرجه البخاري "1387"، في كتاب الجنائز، باب: موت الاثنين، من طريق آخر عن هشام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الإثنين، ونبئ يوم الإثنين، وخرج من مكة يوم الإثنين، وفتح مكة يوم الإثنين، ونزلت سُورَةُ الْمَائِدَةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} 1. وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ2. قَدْ خُولِفَ فِي بَعْضِهِ، فَإِنَّ عُمَرَ قَالَ: نَزَلَتْ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} يَوْمَ عَرَفَةَ، يَوْمَ جُمُعَةٍ3. وَكَذَلِكَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ لِهِلَالِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْيَوْمَ الْعَاشِرَ مِنْ مَرَضِهِ، وَذَلِكَ يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول5. رواه معتمر، عن أبيه. وقال الواقديّ: حدثنا أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: اشْتَكَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا من ربيع الأول سنة إحدى عشرة6. وذكر الطّبريّ، عن ابن الكلبيّ، وأبي محنف وَفَاتَهُ فِي ثَانِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا، فَاسْتَكْمَلَ فِي هِجْرَتِهِ عَشْرَ سِنِينَ كَوَامِلَ7. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عن جدّه   1 سورة المائدة: 3. 2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 277"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 233"، واللفظ له، وابن لهيعة ضعيف الحفظ. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4606" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} . 4 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 234" عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب به. 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 234". 6 مرسل إسناده ضعيف جدا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 234، 235"، والواقدي متروك. 7 معضل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 235". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ، وتوفّي يوم الاثنين لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ1. وَيُرْوَى نَحْوُ هَذَا فِي وَفَاتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ صَحَّ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ سَعِيدُ بْنُ عفير، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ، وَغَيْرُهُمَا. أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْبُنِّ، أنا جَدِّي، أنا عَلِيُّ بْنُ محمد الفقيه، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنا عَلِيُّ بن أبي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن عائذ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي النُّعْمَانُ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَأُوحِيَ إِلَيْهِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَهَاجَرَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً وَأَشْهُرٍ، وَكَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَاسْتَخْفَى عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ يُقَاتِلُ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا، وَكَانَ الْوَحْيُ إِلَيْهِ عِشْرِينَ سَنَةً وَنِصْفًا، وَتُوُفِّيَ، فَمَكَثَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُدْفَنُ، يَدْخُلُ النَّاسُ عَلَيْهِ رَسَلًا رَسَلًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَالنِّسَاءُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَطَهَّرَهُ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ يُنَاوِلُهُمُ الْعَبَّاسُ الْمَاءَ، وَكُفِّنَ في ثلاثة رياط2 بِيضٍ يَمَانِيَّةٍ، فَلَمَّا طُهِّرَ وَكُفِّنَ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ عُصَبًا عُصَبًا، تَدْخُلُ الْعُصْبَةُ فَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُونَ، لا يُصَفُّونَ وَلَا يُصَلِّي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مُصَلٍّ، حَتَّى فَرَغَ مَنْ يُرِيدُ ذَلِكَ، ثُمَّ دُفِنَ، فَأَنْزَلَهُ فِي الْقَبْرِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ، وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَشْرِكُونَا فِي مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ قَدْ أَشْرَكَنَا فِي حَيَاتِهِ، فَنَزَلَ مَعَهُمْ فِي الْقَبْرِ وَوَلِيَ ذَلِكَ مَعَهُمْ3. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، عَنِ النُّعْمَانِ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ حِينَ زاغت الشمس، ودفن يوم الأربعاء4.   1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 385". 2 الرياط: مع ريطة، وهي الملاءة تكون قطعة واحدة. 3 مرسل. 4 معضل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 386" وفي إسناده ابن سعد الواقدي، وهو متروك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَدُفِنَ مِنْ آخِرِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ1. وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ مَوْتُهُ فِي شَهْرِ أَيْلُولَ2. قُلْتُ: إِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ دَوْرٍ فِي ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً كَانَ فِي سِتُّمِائَةٍ وَسِتِّينَ عَامًا عِشْرُونَ دَوْرًا، فَإِلَى سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسُبْعُمِائَةٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَوْرًا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا كَانَ وُقُوعُ تِشْرِينَ الْأَوَّلِ وَبَعْضِ أَيْلُولَ فِي صَفَرٍ، وَكَانَ آبُ فِي الْمُحَرَّمِ، وَكَانَ أَكْثَرُ تَمُّوزَ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَحَجَّةُ الْوَدَاعِ كَانَتْ فِي تَمُّوزَ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَنِ بْنُ عَسَاكِرَ وَغَيْرُهُ: لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَّا يَوْمَ ثَانِي الشَّهْرِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يَتَهَيَّأُ أَنْ يَكُونَ ثَانِي عَشَرَ الشَّهْرِ لِلْإِجْمَاعِ أَنَّ عَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَالْمُحَرَّمُ بِيَقِينٍ أَوَّلُهُ الْجُمُعَةُ أَوِ السَّبْتُ، وَصَفَرُ أَوَّلُهُ عَلَى هَذَا السَّبْتُ أَوِ الْأَحَدُ أَوِ الْاثْنَيْنِ، فَدَخَلَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ الْأَحَدَ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ إِذْ يَنْدُرُ وُقُوعُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ نَواقِصَ، فَتَرَجَّحَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ الْإِثْنَيْنِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ الثُّلَاثَاءَ، فَإِنْ كَانَ اسْتَهَلَّ الْإِثْنَيْنِ فَهُوَ مَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِنْ وَفَاتِهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْإِثْنَيْنِ الثَّانِي مِنْهُ ثَامِنَهُ، وَإِنْ جَوَّزْنَا أَنَّ أَوَّلَهُ الثُّلَاثَاءُ فَيَوْمُ الْإِثْنَيْنِ سَابِعُهُ أَوْ رَابِعَ عَشْرَهُ، وَلَكِنْ بَقِيَ بَحْثٌ آخَرُ: كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ الْجُمُعَةَ بِمَكَّةَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ مَثَلًا أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ، فَيُبْنَى عَلَى حِسَابِ ذَلِكَ. وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ3. بَابُ: عُمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْخُلْفِ فِيهِ قَالَ رَبِيعَةُ، عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا، وَتُوُفِّيَ على رأس ستّين سنة4. "خ. م". وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ زَائِدَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عدّي، عن أنس قال: قبض النّبيّ   1 مرسل. 2 مرسل. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 386". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3547" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2347" في كتاب الفضائل، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَقُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُبِضَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً، عَلَى سَبِيلِ حَذْفِ الْكُسُورِ الْقَلِيلَةِ، لَا عَلَى سَبِيلِ التَّحْرِيرِ، وَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً2. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حمزة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ هشيم قال: حدثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً4. فَعَلِيٌّ ضَعِيفٌ الْحَدِيثِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ خالفه غيره. وقد قال شبابة: أبنأنا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ5. وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَكِنْ تُقَوِّيهِ رِوَايَةُ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عن الحسن، عن دعفل بْنِ حَنْظَلَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قبض وهو ابن خمس وستّين6.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2348" في كتاب الفضائل، باب: كم سن النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قبض. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3536" في كتاب المناقب، باب: وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2349" في المصدر السابق. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3903" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2351" في كتاب الفضائل، باب: كم أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة والمدينة، وأحمد "1/ 371". 4 أخرجه مسلم "2353/ 122" في المصدر السابق، وأحمد "1/ 359". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 240". 6 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 241"، والحسن مدلس، وقد عنعنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ دَغْفَلٍ بَلْ قَالَ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. قَالَهُ أَشْعَثُ عَنْهُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْهُ: تُوُفِّيَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً. بَابُ: غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ وَدَفْنِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَمَّا أَرَادُوا غُسْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمْ نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنِ اغْسِلُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ، يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيَدْلُكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ، فَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ2. صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ أَبُو داود. وقال أبو معاوية: حدثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَخَذُوا فِي غُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ الدَّاخِلِ "لَا تُخرجوا عَنْ رَسُولِ الله قميصه"3.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2352" في كتاب الفضائل، باب: كم أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة والمدينة، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 239". 2 صحيح: أخرجه أبو داود "3141" في كتاب الجنائز، باب: في ستر الميت عند غسله، وقال ابن الملقن في "تحفة المحتاج" "764": إسناده حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 243". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: غسْل رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيٌّ، وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، وَعَلَى يَدِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خِرْقَةٌ يُغَسِّلُهُ بِهَا، فَأَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ الْقَمِيصِ وَغَسَّلَهُ وَالْقَمِيصُ عَلَيْهِ1. فِيهِ ضَعْفٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَسَّلَهُ عَلِيٌّ، وَأُسَامَةُ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَأَدْخَلُوهُ قَبْرَهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ وَهُوَ يُغَسِّلُهُ: بِأَبِي وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا2. مُرْسلٌ جَيِّدٌ. وَقَالَ عَبْدُ الواحد بن زياد: حدثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قال: قَالَ عَلِيٌّ: غَسَّلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَكَانَ طَيِّبًا حَيًّا وميّتًا3. وولي دفنه وإجنابه دُونَ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ: عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ، وَالْفَضْلُ، وَصَالِحٌ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلُحِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَحْدًا، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا4. وَقَالَ عَبْدُ الصّمد بن النّعمان: حدثنا أَبُو عُمَرَ كَيْسَانُ، عَنْ مَوْلَاهُ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: أَوْصَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَإِنَّهُ "لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إِلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ" قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ الْعَبَّاسُ، وَأُسَامَةُ، يُنَاوِلَانِي الْمَاءَ، وَرَاءَ السِّتْرِ، وَمَا تَنَاوَلْتُ عُضْوًا إِلَّا كَأَنَّمَا يُقَلِّبُهُ مَعِي ثَلَاثُونَ رَجُلًا، حَتَّى فَرَغْتُ مِنْ غُسْلِهِ5. كَيْسَانُ الْقَصَّارُ يَرْوِي عَنْهُ أَيْضًا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَسْبَاطٌ، وَمَوْلَاهُ كَأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي غَسَّلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ، قَالَ: فَمَا كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نَرْفَعَ منه عضوًا   1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 243" ويزيد بن أبي زياد ضعيف الحفظ. 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 243". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 243-244". 4 انظر المصدر السابق. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 244". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 لِنُغَسِّلَهُ إِلَّا رُفِعَ لَنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى عَوْرَتِهِ فَسَمِعْنَا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ صَوْتًا: "لَا تَكْشِفُوا عَنْ عَوْرَةِ نَبِيِّكُمْ"1. مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: غُسِّلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثًا بِالسِّدْرِ، وَغُسِّلَ مِنْ بِئْرٍ بِقُبَاءٍ كَانَ يَشْرَبُ مِنْهَا2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ فِيهِ زِيَادَةٌ وَهِيَ: سَحُولِيَّةٌ مِنْ كُرْسُفٍ4. فَأَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشْتُرِيَتْ لَهُ حُلَّةٌ لِيُكَفَّنَ فِيهَا، فَتُرِكَتِ الْحُلَّةُ، فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: لَأَحْبِسَنَّهَا لِنَفْسِي حَتَّى أُكَفَّنَ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَضِيَهَا اللَّهُ لِنَبِيِّهِ لَكَفَّنَهُ فِيهَا، فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا5. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُدْرِجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ عَنْهُ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ6. وَرَوَى نَحْوَهُ الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ. وَأَمَّا مَا رَوَى شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا بُرْدٌ حِبَرَةٌ7. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَا عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَعَلَّهُ قَدِ اشْتُبِهَ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ، لِكَوْنِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُدْرِجَ فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ عنه8.   1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 244". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 245". 3 صحيح: أخرجه البخاري "1264" في كتاب الجنائز، باب: الثياب البيض للكفن، ومسلم "941" في كتاب الجنائز، باب: في كفن الميت. 4 صحيح: وهي زيادة للبخاري أيضًا، انظر التخريج السابق. 5 صحيح: أخرجه مسلم "941/ 45" في المصدر السابق. 6 صحيح: أخرجه مسلم "941/ 46" في المصدر السابق. 7 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 248". 8 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 392" بنحوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 وَقَالَ زَكَرِيَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ بُرُودٍ يَمَنِيَّةٍ غِلَاظٍ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَلِفَافَةٌ1. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِسْكٌ فَأَوْصَى أَنْ يُحَنَّطَ بِهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُدْخِلَ الرِّجَالُ فَصَلُّوا عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِمَامٍ أَرْسَالًا حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ أُدْخِلَ النِّسَاءُ فَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُدْخِلَ الصِّبْيَانُ فَصَلُّوا عَلَيْهِ ثُمَّ أُدْخِلَ الْعَبِيدُ، لَمْ يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ3. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي قَالَ: لَمَّا كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَنَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ كَذَلِكَ، ثُمَّ صَفُّوا صُفُوفًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَهُمَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَّغَ مَا أُنزل إِلَيْهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ دِينَهُ، وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ، وَأُومِنَ بِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَاجْعَلْنَا إِلَهَنَا مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَتَّى تُعَرِّفَهُ بِنَا وَتُعَرِّفَنَا بِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا رَحِيمًا، لَا نَبْغِي بِالْإِيمَانِ بَدَلًا، وَلَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا أَبَدًا، فَيَقُولُ النَّاسُ: آمِينَ آمِينَ، فَيَخْرُجُونَ وَيَدْخُلُ آخَرُونَ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ: الرِّجَالُ، ثُمَّ النِّسَاءُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ4. مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ حَسَنُ المتن.   1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 249". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 249". 3 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "1628" في كتاب الجنائز، باب: ذكر وفاته -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "1/ 292"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 250" وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه". 4 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 394" والواقدي متروك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، عَنْ أبيه، عن سالم بن عبيد وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ قَالَ: قَالُوا: هَلْ نَدْفِنُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَيْنَ يُدْفَنُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَيْثُ قَبَضَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ1. زَادَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ سَلَمَةَ نُعَيْمَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يَضْرَحُ2 لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَلْحَدُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَأَرْسَلَ الْعَبَّاسُ خَلْفَهُمَا رَجُلَيْنِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ خِرْ لِرَسُولِكَ، أَيُّهُمَا جَاءَ حَفَرَ لَهُ، فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم3. وقال الواقديّ: حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ قَبْرِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: فِي الْبَقِيعِ، فَقَدْ كَانَ يُكْثِرُ الِاسْتِغْفَارَ لَهُمْ. وَقَالَ قَائِلٌ: عِنْدَ مِنْبَرِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: فِي مُصَلَّاهُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا خَبَرًا وَعِلْمًا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ تُوُفِّيَ"4. وَقَالَ ابن عيينة، عَنْ يحيى بْن سعيد، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: عَرَضَتْ عَائِشَةُ عَلَى أَبِيهَا رُؤْيَا وَكَانَ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ قَالَتْ: رَأَيْتُ: ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ وَقَعْنَ فِي حُجْرَتِي، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ دُفِنَ فِي بَيْتِكَ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ ثَلَاثَةٌ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَا عَائِشَةُ هذا خير أقمارك5.   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 259". 2 أي يحفر القبر. 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 252"، والحسين بن عبد الله ضعيف كما في "التقريب" 1326". 4 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 261" والواقدي متروك. 5 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 262" ورواية سعيد بن المسيب عن أبي بكر منقطعة كما في "التهذيب" "2/ 43". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 وقال الواقدي: حدثني ابن أبي سبرة، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَوْضُوعًا على سريره من حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ يُصَلِّي النَّاسُ عَلَيْهِ، وَسَرِيرُهُ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهِ، فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُقْبِرُوهُ، نَحَّوُا السَّرِيرَ قِبَلَ رِجْلَيْهِ، فَأُدْخِلَ مِنْ هُنَاكَ، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ، وَقُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسَ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَشُقْرَانُ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِينَ نَزَلُوا الْقَبْرَ، فَذَكَرَهُمْ سِوَى الْعَبَّاسِ، وَقَدْ كَانَ شُقْرَانُ حِينَ وُضِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُفْرَتِهِ أَخَذَ قَطِيفَةً قَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُهَا وَيَفْتَرِشُهَا، فَدَفَنَهَا مَعَهُ فِي الْقَبْرِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ، فَدُفِنَتْ مَعَهُ2. وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا تُوُفِّيَ أُلْقِيَ فِي قَبْرِهِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حدّثني أَبُو مَرْحَبٍ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَةٌ أَحَدُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: لَمَّا فَرَغُوا مِنْ غُسْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَكْفِينِهِ، صَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ، وَدُفنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ5. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: لَبِثَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ6.   1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 253-254"، وابن أبي سبرة والواقدي كلاهما متروك. 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 254"، والحسين بن عبد الله ضعيف كما تقدم. 3 صحيح: أخرجه مسلم "967" في كتاب الجنائز، باب: جعل القطيفة في القبر، والترمذي "1050" في كتاب الجنائر، باب: في الثوب الواحد يلقى تحت الميت في القبر، والنسائي "4/ 81" في كتاب الجنائز، باب: وضع الثوب في اللحد، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 399"، وأبو نعيم في "الحلية" "10344" والبيهقي في "الدلائل" "7/ 254". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 399"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 255". 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 255-256". 6 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 256". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَاتَ فِي الضُّحَى يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ. وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ فِي الضُّحَى1. هَذَا قول شاذّ. وإسناده صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي2 فِي جَوْفِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ3. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَدَّعِي "أَنَّهُ أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" قَالَ: أَخَذْتُ خَاتَمِي فَأَلْقَيْتُهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُلْتُ حِينَ خَرَجَ الْقَوْمُ: إِنَّ خَاتَمِي قَدْ سَقَطَ فِي الْقَبْرِ، وَإِنَّمَا طَرَحْتُهُ عَمْدًا لِأَمُسَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَكُونَ آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِهِ4. هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" أنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَتِ التَّعْزِيَةُ، وَسَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ: "إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْجُوا، فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ"5. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" لِأَبِي ضَمْرَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَزَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَسْمَعُونَ الْحِسّ، وَلَا يَرَوْنَ الشَّخْصِ6، فَذَكَرَهُ نَحْوَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ صَلَاتُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ وَاللَّهُ تعالى أعلم.   1 معضل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 256". 2 المساحي، جمع مسحاة، وهي المجرفة. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 256". 4 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 257" وهو منقطع بين ابن إسحاق والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنه. 5 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه الشافعي في "مسنده" "ص361"، وإسناده ضعيف جدًّا، القاسم متروك كما في "التقريب" "5468". 6 إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "4391"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 269" وضعف إسناده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 صِفَةُ قَبْرِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ، لَا مُشْرِفَةَ1 وَلَا لَاطِئَةَ2، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرَصَةِ3 الْحَمْرَاءِ4. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ هَكَذَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسَنَّمًا5. أَخْرَجَهُ البخاريّ. وقال الواقديّ: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جُعِلَ قَبْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسْطُوحًا. هَذَا ضَعِيفٌ. وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: "لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ". قَالَتْ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَافَ أَوْ خيف أنّه يتّخذ مسجدًا6. أخرجه البخاريّ.   1 مشرفة: مرتفعة. 2 لاطئة: لاصقة بالأرض. 3 العرضة: الساحة. 4 ضعيف: أخرجه أبو داود "3220" في كتاب الجنائز، باب: في تسوية القبر، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 263" وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "705". 5 صحيح: أخرجه البخاري "1390" في كتاب الجنائز، باب: ما جاء فِي قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "الدلائل" "7/ 264". 6 صحيح: أخرجه البخاري "1390" في المصدر السابق، والنسائي "4/ 95" في كتاب الجنائز، باب: اتخاذ القبور مساجد، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 264". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 بَابُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يُوصِ إِلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ بَلْ نَبَّهَ عَلَى الْخِلَافَةِ بِأَمْرِ الصَّلَاةِ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَالَ: رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ. قَالُوا: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ: أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا، لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْكُمُ الْكَفَافُ لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتُخْلِفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا فِي هَذِهِ الْإِمَارَةِ شَيْئًا حَتَّى رَأَيْنَا مِنَ الرَّأْيِ أَنْ نَسْتَخْلِفَ أَبَا بَكْرٍ، فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَأَى مِنَ الرَّأْيِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عُمَرَ، فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ حَتَّى ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ، ثُمَّ إِنَّ أَقْوَامًا طَلَبُوا الدُّنْيَا فَكَانَتْ أُمُورٌ يَقْضِي اللَّهُ فِيهَا2. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بكر القرشي، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: ائْتِنِي بِكَتِفٍ أَوْ لَوْحٍ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا ذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَقُومَ قَالَ: أَبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ أن يختلف عليك يا أبا بكر3.   1 صحيح: أخرجه البخاري "7218" في كتاب الأحكام، باب: الاستخلاف، ومسلم "1823" في كتاب الإمارة، باب: الاستخلاف وتركه، وأبو نعيم في "الحلية" "104"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 221-222". 2 أخرجه أحمد "1/ 114"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 223" واللفظ له. 3 أخرجه أحمد "6/ 47". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 وَيُرْوَى عَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ أَلَا تَسْتَخْلِفُ1 عَلَيْنَا؟ قَالَ: مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْتَخْلِفَ. تَفَرَّدَ بِهِ شُعَيْبٌ، وَلَهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَلِيًّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْفَ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي أَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ، فَإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا كَلَّمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا، قَالَ عَلِيٌّ: إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لا أسألها رسول الله2 -صلى الله عليه وسلم. أخرجه الْبُخَارِيُّ. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنِّي أَكَادُ أَعْرِفُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَوْتَ، فَانْطَلِقْ بِنَا نَسْأَلْهُ، فَإِنْ يَسْتَخْلِفْ مِنَّا فَذَاكَ، وَإِلَّا أَوْصَى بِنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْعَبَّاسِ كَلِمَةً فِيهَا جَفَاءٌ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سلم قَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ: ابْسُطْ يَدَكَ فَلْنُبَايِعْكَ، قَالَ: فقبض يده، قال الشّعبيّ: لو أنّ عليًّا أَطَاعَ الْعَبَّاسَ فِي أَحَدِ الرَّأْيَيْنِ كَانَ خَيْرًا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَقَالَ: لَوْ أَنَّ الْعَبَّاسَ شَهِدَ بَدْرًا مَا فَضَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رأيًا ولا عقلًا3. وقال أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- ولم يوص4.   1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 223" وشعيب بن ميمون كما في "الميزان" "3728". 2 صحيح: أخرجه البخاري "6266" في كتاب الاستئذان، باب: المعانقة، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 234-234". 3 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 225". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 226-227" مطولًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَلِمَ أَمَرَ بِالْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ طَلْحَةُ: قَالَ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ: أَبُو بَكْرٍ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ عَهْدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامٍ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ إِنَّ عَلِيًّا قَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا خَاصَّةً دُونَ النَّاسِ إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. الْحَدِيثُ2. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَلِيٍّ: يَا عَلِيُّ إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ: الصَّلَاةُ، وَالصِّيَامُ، وَالزَّكَاةُ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا3، فَهُوَ مَوْضُوعٌ، تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ يَكْذِبُ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ، وَعِنْدَ الرَّافِضَةِ أَبَاطِيلُ فِي أَنَّ عَلِيًّا عُهِدَ إِلَيْهِ4. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمْ يُوصِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا بِثَلَاثٍ: أَوْصَى لِلرَّهَاوِيِّينَ بِجَادِّ مِائَةِ وَسْقٍ، وَلِلدَّارِيِّينَ بِجَادِّ مائة وسق، وللشيبيين بجادّ مائة وسق، وللأشعريّين بِجَادِّ مِائَةِ وَسْقٍ مِنْ خَيْبَرَ، وَأَوْصَى بِتَنْفِيذِ بَعْثِ أُسَامَةَ، وَأَوْصَى أَنْ لَا يُتْرَكَ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ5. مُرْسَلٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَا كَلَاعٍ وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَا لِي: إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا مَضَى صَاحِبُكَ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلَاثٍ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ وَأَقْبَلَا مَعِي، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ   1 صحيح: أخرجه البخاري "2740" في كتاب الوصايا، باب: الوصايا، ومسلم "1633" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية، وابن ماجه "2696" في كتاب الوصية، باب: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وأبو نعيم في "الحلية" "6178"، والبيهقي في "الدلائل: " "7/ 227"، ورواية الشيخين دون قوله "قال طلحة ... " إلخ. 2 صحيح: أخرجه البخاري "1870" في كتاب فضل المدينة، باب: حرم المدينة، ومسلم "1370" في كتاب الحج، باب: فضل المدينة. 3 إسناده موضوع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 229-230". 4 موضوع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 229" وقال: وهو حديث موضوع. 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 230". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 قِبَلِ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقَالَا لِي: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ سَنَعُودُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. بَابُ: تَرِكَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ أَخِي جُوَيْرِيَةَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ3. "مُسْلِمٌ". وَقَالَ مِسْعَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: تَسْأَلُونِي عَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا وَلِيدَةً4. وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا فِي بَيْتِي إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى ضَجِرْتُ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ، وَلَيْتَنِي لَمْ أَكِلْهُ5. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ6. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَمَّا الْبُرْدُ الَّذِي عِنْدَ الْخُلَفَاءِ آلِ الْعَبَّاسِ، فَقَدْ قَالَ يُونُسُ بن بكير، عن ابن   1 صحيح: أخرجه البخاري "4359" في كتاب المغازي، باب: ذهاب جرير إلى اليمن، وأحمد "4/ 363-364" والبيهقي في "الدلائل" "7/ 270". 2 صحيح: أخرجه البخاري "2739" في كتاب الدلائل "7/ 270". 3 صحيح: أخرجه مسلم "1635/ 18" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 274". 5 صحيح: أخرجه البخاري "6451" في كتاب الرقاق، باب: فضل الفقر، ومسلم "2973" في أول كتاب الزهد، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 274". 6 صحيح: وقد تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ غَزْوَةِ تَبُوكَ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى أَهْلَ أَيْلَةَ بُرْدَهُ مَعَ كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَ لَهُمْ أَمَانًا لَهُمْ، فَاشْتَرَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي السَّفَّاحَ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُبِضَ وَلَهُ برذان في الحفّ يعملان1. هذان مرسلان، والحفّ هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَلُفُّ عَلَيْهَا الْحَائِكُ وَتُسَمَّى الْمِطْوَاةَ. وَقَالَ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ جُبَّةُ صُوفٍ فِي الْحِيَاكَةِ2. إِسْنَادُهُ صَالِحٌ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَفَاطِمَةُ حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ -يَعْنِي مَالَ اللَّهِ- لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ"، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، وَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ3. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْمُلَبَّدَةَ، فَأَقْسَمَتْ بِاللَّهِ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أنّهم حين قدموا المدينة مقتل الحسين   1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 279". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 279". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3092، 3093، 3094" في كتاب فرض الخمس، باب: رقم "1"، ومسلم "1759" في كتاب الجهاد، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة". 4 صحيح: وقد تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَقَالَ لَهُ: هَلْ لك ليّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هل أنت معطيّ سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِ أَحَدٌ حَتَّى يَبْلُغَ نَفْسِي1. اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ2 لَهُمَا قِبَالَانِ، فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. عَدَدُ أَزْوَاجِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، وَدَخَلَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنْهُنَّ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَقُبِضَ عَنْ تِسْعٍ. فَأَمَّا اللَّتَانِ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ فَأَفْسَدَتْهُمَا النِّسَاءُ فَطَلَّقَهُمَا، وَذَلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِإِحْدَاهُمَا: إِذَا دَنَا مِنْكِ فَتَمَنَّعِي، فَتَمَنَّعَتْ، فَطَلَّقَهَا، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَلَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ قَالَتْ: لَوْ كَانَ نَبِيًّا مَا مَاتَ ابْنُهُ، فَطَلَّقَهَا. وَخَمْسٌ مِنْهُنَّ مِنْ قُرَيْشٍ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ. وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ، وَجُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّةُ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ الْخَيْبَرِيَّةُ. قُبِضَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ هَؤُلَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ4. رَوَى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ أُخْتَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهَا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ منه.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3110" في كتاب فرض الخمس، باب: ما ذكر في درع النبي -صلى الله عليه وسلم- "2449/ 95" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة -رضي الله عنها. 2 جرداوين: أي لا شعر عليهما. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3107" في كتاب فرض الخمس، باب: ما ذكر في درع النبي -صلى الله عليه وسلم- والترمذي في "الشمائل" "76". 4 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 289". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 وقال إبراهيم بن الفضل: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَعْرِضْ لَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَارْتَدَّتْ مَعَ أَخِيهَا فَبَرِئَتْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ1. وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَرَوَى عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ: هَلْ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُتَيْلَةَ أُخْتَ الْأَشْعَثِ؟ فَقَالَ: مَا تَزَوَّجَهَا قَطُّ، وَلَا تَزَوَّجَ كِنْدِيَّةً إِلَّا أُخْتَ بَنِي الْجَوْنِ، فَلَمَّا أَتَى بِهَا وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ نَظَرَ إِلَيْهَا فَطَلَّقَهَا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا2. وَيُقَالُ إِنَّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ، اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ تَلْقُطُ الْبَعْرَ وَتَقُولُ: أَنَا الشَّقِيَّةُ. تَزَوَّجَهَا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ سِتِّينَ3. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْمَاءَ بِنْتَ كَعْبٍ الْجَوْنِيَّةَ، فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا. وَتَزَوَّجَ عَمْرَةَ بِنْتَ يَزِيدَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. كَذَا قَالَ، وَهَذَا شَيْءٌ مُنْكَرٌ. فَإِنَّ الْفَضْلَ يَصْغُرُ عَنْ ذَلِكَ. وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْيَمَنِ أَسْمَاءَ بِنْتَ النُّعْمَانِ الْجَوْنِيَّةَ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا دَعَاهَا، فَقَالَتْ: تَعَالَ أَنْتَ، فَطَلَّقَهَا4. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: اسْتَعَاذَتِ الْجَوْنِيَّةُ مِنْهُ، وَقِيلَ لَهَا: "هُوَ أَحْظَى لَكِ   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320" عن داود بن أبي هند معضلًا. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320" بنحوه، والواقدي متروك. 3 إسناده ضعيف جدًّا. 4 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 عِنْدَهُ" وَإِنَّمَا خُدِعَتْ لِمَا رُوِيَ مِنْ جَمَالِهَا وَهَيْئَتِهَا، وَلَقَدْ ذُكِرَ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا قَالَتْ لَهُ، فقال: "إِنَّهُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ". وَذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اسْتَعَاذَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مُغْضَبًا، فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: لَا يَسُوءُكَ اللَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلَا أُزَوِّجُكَ مَنْ لَيْسَ دُونَهَا فِي الْجَمَالِ وَالْحَسَبِ؟ فَقَالَ: "مَنْ"? قَالَ: أُخْتِي قُتَيْلَةُ، قَالَ: "قَدْ تَزَوَّجْتُهَا"، فَانْصَرَفَ الْأَشْعَثُ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ثُمَّ حَمَلَهَا، فَبَلَغَهُ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّهَا وَارْتَدَّتْ مَعَهُ2. وَيُرْوَى عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ سَنَاءَ بِنْتَ الصَّلْتِ السَّلَمِيَّةَ، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا3. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ لَا يَصِحُّ قَالَ: كَانَ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَاءُ بِنْتُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيَّةُ4. وَبَعَثَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَخْطُبُ عَلَيْهِ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ، يُقَالُ لَهَا عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ، فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ بِهَا بَيَاضًا فَطَلَّقَهَا5. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ مُلَيْكَةَ بِنْتَ كَعْبٍ، وَكَانَتْ تُذْكَرُ بِجَمَالٍ بَارِعٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا عَائِشَةُ فَقَالَتْ: أَمَا تَسْتَحِينَ أَنْ تَنْكِحِي قَاتِلَ أَبِيكِ، فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ، فَطَلَّقَهَا، فجاء قومها فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهَا صَغِيرَةٌ، وَلَا رَأْيَ لَهَا، وَإِنَّهَا خُدِعَتْ فَارْتَجِعْهَا، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَاسْتَأْذَنُوهُ أَنْ يُزَوِّجُوهَا، فَأَذِنَ لَهُمْ. وَأَبُوهَا قَتَلَهُ خَالِدٌ يَوْمَ الْفَتْحِ6. وَهَذَا حديث ساقط كالذي   1 مرسل: إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 318". 2 إسناده ضيعف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320"، وأبو صالح ضعيف، وهشام وأبوه كلاهما متروك. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 321" عن رجل من رهط عبد الله بن خازم السلمي، وفي إسناده هشام الكلبي، وهو متروك. 4 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 317". 5 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 317". 6 معضل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 قَبْلَهُ. وَأَوْهَى مِنْهُمَا مَا رَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجُنْدَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ الْجُنْدَعِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُلَيْكَةَ بِنْتَ كَعْبٍ اللَّيْثِيِّ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَدَخَلَ بِهَا، فَمَاتَتْ عِنْدَهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَصْحَابُنَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ1. وَقَالَ عُقَيْلٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي كِلَابٍ، ثُمَّ فَارَقَهَا2. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: هِيَ الْعَالِيَةُ بِنْتُ ظَبْيَانَ فِيمَا بَلَغَنِي. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: تَزَوَّجَ بِالْعَالِيَةِ بِنْتِ ظَبْيَانَ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ دَهْرًا ثُمَّ طَلَّقَهَا، حَدَّثَنِي ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلَابٍ. رَوَى الْمُفَضَّلُ الْغَلابِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ قَالَ: نَكَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَوْلَةَ بِنْتَ هُذَيْلٍ الثَّعْلَبِيَّةَ، فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ، فَمَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ، فَنَكَحَ خَالَتَهَا شَرَافَ بِنْتَ فَضَالَةَ، فَمَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ أَيْضًا3. وَيُرْوَى عَنْ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَدَخَلَ بِهَا، فَرَأَى بِهَا بَيَاضًا مِنْ بَرَصٍ، فَقَالَ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَأَكْمَلَ لَهَا صَدَاقَهَا4. هَذَا وَنَحْوُهُ إِنَّمَا أَوْرَدْتُهُ لِلتَّعَجُّبِ لَا لِلتَّقْرِيرِ. وَمِنْ سَرَارِيِّهِ: مَارِيَةُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَكَانَتْ تَحْتَجِبُ فِي أَهْلِهَا، وَتَقُولُ: لَا يَرَانِي أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَهَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا وَكَانَ زَوْجَ رَيْحَانَةَ قَبْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَكَمُ. وَهِيَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَحَدَّثَهَا عَاصِمُ بْنُ عبد الله بن   1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 286" بنحوه. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 326" عن الشرقي بن القطامي بنحوه، وفي إسناده هشام الكلبي، وهو متروك. 4 أخرجه أحمد "3/ 493" من حديث كعب بن زيد أبو زيد بن كعب بنحوه، وإسناده ضعيف. وأما حديث سهل بن سعد فأصله عند البخاري "5256-5257" في كتاب الطلاق، باب: من طلق، دون قول "فرأى بها بياضًا من برص". 5 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في"الطبقات" "4/ 311". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 الْحَكَمِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَيْحَانَةَ بنت زيد بن عمرو بن خناقة، وَكَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، قَالَتْ: فَتَزَوَّجَنِي وَأَصْدَقَنِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا1 وَأَعْرَسَ بِي وَقَسَمَ لِي. وَكَانَ مُعْجَبًا بِهَا، تُوُفِّيَتْ مَرْجِعَهُ مِنْ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ تَزْوِيجُهُ بِهَا فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ2. وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَسَبَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَمَاتَتْ عِنْدَهُ3. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَسَرَّ رَيْحَانَةَ ثُمَّ أَعْتَقَهَا، فَلَحِقَتْ بِأَهْلِهَا4. قُلْتُ: هَذَا أَشْبَهُ وَأَصَحُّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعُ وَلَائِدَ: مَارِيَةُ، وَرَيْحَانَةُ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَجَمِيلَةُ فَكَادَهَا نِسَاؤُهُ، وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ نَفِيسَةٌ وَهَبَتْهَا لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} 5 قَالَ: كَانَ نِسَاءٌ وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ وَأَرْجَى بَعْضَهُنَّ، فَلَمْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ، مِنْهُنَّ أُمُّ شَرِيكٍ، يَعْنِي الدَّوْسِيَّةَ6. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ كَانَتْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً7. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَقْبَلَتْ لَيْلَى بِنْتُ الْخَطِيمِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، قال: قد فعلت، فرجعت   1 النش: نصف الأوقية، والأوقية أربعون درهمًا، فالنش عشرون درهمًا. 2 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 310". 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 310". 4 مرسل. 5 سورة الأحزاب: 51. 6 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 323". 7 مرسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 إِلَى قَوْمِهَا فَقَالَتْ: قَدْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: أَنْتِ امْرَأَةٌ غَيْرَى تَغَارِينَ مِنْ نِسَائِهِ فَيَدْعُو عَلَيْكِ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: أَقِلْنِي، قَالَ: "قَدْ أَقَلْتُكِ"1. وَقَدْ خَطَبَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، وَضُبَاعَةَ بِنْتَ عَامِرٍ، وَصَفِيَّةَ بِنْتَ بَشَامَةَ وَلَمْ يُقْضَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهِنَّ. والله سبحانه وتعالى أعلم.   1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 321"، وأبو صالح هو باذام ضعيف، وهشام وأبوه كلاهما متروك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 محتوى الجزء الأول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من تاريخ الإسلام : الموضوع: 3 مقدمة المحقق. 7 ترجمة الإمام الذهبي. 13 ثناء أهل العلم عليه. 14 ذكر ما أخذ عليه. 15 ابتلاؤه بفقد بصره. 16 وفاته -رحمه الله. 17 رثائه. 18 منهج التحقيق. السيرة النبوية: 19 ذكر نسب سيد البشر. 23 مولده المبارك -صلى الله عليه وسلم. 28 أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- وكنتيه. 32 ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ سَطِيحٍ وَخُمُودِ النيران ليلة المولد وانشقاق الإيوان 36 باب منه. 44 ذكر وفاة والده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عبد المطلب. 47 وقد رعى الغنم. 47 سفره مع عمه -إن صح وخبر بحيرى الراهب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 51 حرب الفجار. 51 شأن جديجة. 53 حَدِيثُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ قُرَيْشٍ فِي وَضْعِ الحجر الأسود. 61 ومما عصم الله به محمدًا من أمر الجاهلية. 65 ذكر مبعثه -صلى الله عليه وسلم. 72 فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ خَدِيجَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عنها. 73 ومن معجزاته -صلى الله عليه وسلم. 79 إسلام السابقين الأولين. 84 فَصْلٌ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشِيرَتَهُ إِلَى اللَّهِ وَمَا لَقِيَ مِنْ قومه. 97 شعر أبي طالب في معاداة خصومة. 99 إسلام أبي ذر -رضي الله عنه. 103 إسلام حمزة. 103 إسلام عمر -رضي الله عنه. 111 الهجرة الأولى إلى الحبشة ثم الثانية. 121 إسلام ضماد. 121 إسلام الجن. 125 فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ وَأَقْوَالِ الكهان. 129 انشقاق القمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 132 باب ويسألونك عن الروح. 135 ذِكْرُ أَذِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وللمسلمين. 139 ذكر شعب أبي طالب والصحيفة. 142 باب {إنا كفيناك المستهزئين} . 142 دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قريش بالسنة. 144 ذكر الروم. 146 ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ. 154 ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- إلى المسجد الأقصى. 162 ذِكْرُ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى السماء. 181 زَوَاجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ وَسَوْدَةَ أمي المؤمنين. 183 عَرْضُ نَفْسِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى القبائل. 186 حديث سويد بن الصامت. 187 حديث يوم بعاث. 188 ذكر مبدأ خبر الأنصار والعقبة الأولى. 194 العقبة الثانية. 200 تسمية من شهد العقبة. 203 ذكر أول من هاجر إلى المدينة. 208 سِيَاقُ خُرُوجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى المدينة مهاجرًا. 225 فَصْلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سوى ما مضى في غضون المغازي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 233 فَصْلٌ فِي تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي يَدِهِ -صَلَّى الله عليه وسلم. 249 بَابٌ مِنْ أَخْبَارِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالكوائن بعد فوقعت كما أخبر. 270 باب جامع منه دلائل النبوة. 272 باب آخر سورة نزلت. 273 باب في النسخ والمحو من الصدور. 274 ذكر صفة النبي -صلى الله عليه وسلم. 288 خاتم النبوة. 290 بَابٌ جَامِعٌ مِنْ صِفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 292 حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 302 بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} . 307 باب هيبته وجلاله وحبه وشجاته وقوته وفصاحته. 310 بَابُ زُهْدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِذَلِكَ يوزن الزهد وبه يحد. 318 فَصْلٌ مِنْ شَمَائِلِهِ وَأَفْعَالِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 321 بَابٌ مِنَ اجْتِهَادِهِ وَعِبَادَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 322 باب من مُزَاحِهِ وَدَمَاثَةِ أَخْلَاقِهِ الزَّكِيَّةِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 328 باب في ملابسه -صلى الله عليه وسلم. 338 بَابُ خَوَاتِيمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 341 بَابُ نَعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخفه. 342 بَابُ مُشْطِهِ وَمِكْحَلَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومرآته وقدحه وغير ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 343 بَابُ سِلَاحِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودوابه وعدته. 351 وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسم في شواء. 355 بَابُ مَا وُجِدَ مِنْ صُورَةِ نَبِيِّنَا وَصُوَرِ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ بالشام. 362 بَابٌ فِي خَصَائِصِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتحديثه أمته بها امتثالًا لأمر الله تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث} . 367 بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 407 فهرس الجزء الأول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 المجلد الثاني أحداث السنة الأولى من الهجرة مدخل ... بسم الله الرحمن الرحيم: أحداث السَّنَةُ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ: رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَدِينَةِ سَمِعُوا بِمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكَانُوا يَغْدُونَ إِلَى الْحَرَّةِ يَنْتَظِرُونَهُ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا، فَأَوْفَى يَهُودِيٌّ عَلَى أُطُمٍ1 فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَ الزُّبَيْرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا تُجَّارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّامِ فَكَسَا الزُّبَيْرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأبا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ. قَالَ: فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِيُّ أَنْ صَاحَ، يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ. فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ. فَتَلَقَّوْهُ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ. فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ فَطَفِقَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ يُظِلُّهُ بِرِدَائِهِ، فَعَرِفَ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَبِثَ فِي بَنِي عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس مَسْجِدَهُمْ. ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَسَارَ حَوْلَهُ النَّاسُ يَمْشُونَ، حَتَّى بَرَكَتْ بِهِ مَكَانَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ مِرْبَدًا لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ2. فَدَعَاهُمَا فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَا: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَكَانَ يَنْقِلُ اللَّبِنَ مَعَهُمْ3 وَيَقُولُ: هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ4 خَيْبَرْ ... هذا أبر ربنا وأطهر   1 أطم: بضم أوله وثانيه هو الحصن. 2 مربدا: بكسر الميم وسكون الراء وفتح الموحدة: هو الموضع الذي يجفف فيه التمر. وسهل وسهيل: هما ابنا عمرو كانا يتيمين. 3 اللبن: الطوب المعمول من الطين الذي لم يحرق. 4 في "فتح الباري" "7/ 290": هذا حمال -بالحاء: أي المحمول من اللبن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَهْ ... فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ1 وَخَرَّجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ حَدِيثَ الْهِجْرَةِ بِطُولِهِ. وَخَرَّجَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ أَنَّ أَنَسَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ. وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَابُّ لَا يُعْرَفُ، فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: مَنْ هَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ, فَيَقُولُ: رَجُلٌ يَهْدِينِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي طَرِيقَ الْخَيْرِ2. إِلَى أَنْ قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَانِبَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الْأَنْصَارِ، فَجَاءُوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، فسلموا عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. فَرَكِبَا، وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلَاحِ. فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ إِلَى جَانِبِ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَرَوَيْنَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، عن أبي البداح بن عاصم بن عدي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلةً خَلَت من ربيع الأوّل، فأقام فِي الْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ إِسْحَاقَ: فَقَدِمَ ضُحَى يَوْمِ الإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَأَقَامَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ؛ فِيمَا قِيلَ؛ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ، ثُمَّ ظَعَنَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، فَصَلَّاهَا بِمَنْ مَعَهُ. وَكَانَ مَكَانُ الْمَسْجِدِ؛ فِيمَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِرْبَدًا لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ، وَهُمَا سَهْلٌ وَسُهَيْلٌ ابْنَا رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَكَانَا فِي حِجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ الْمِرْبَدُ لِسَهْلٍ وَسُهيَلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو، وَكَانَا فِي حِجْرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ. وَغَلَطَ ابْنُ مَنْدَهْ فَقَالَ: كَانَ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ بَيْضَاءَ، وَإِنَّمَا ابنا بيضاء من المهاجرين.   1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "3906" في كتاب: "مناقب الأنصار". 2 وهذا من باب التورية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 وَأَسَّسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي إِقَامَتِهِ بِبَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مَسْجِدَ قُبَاءَ. وَصَلَّى الْجُمُعَةَ فِي بَنِي سَالِمٍ فِي بَطْنِ الْوَادِي. فَخَرَجَ مَعَهُ رِجَالٌ مِنْهُمْ: وَهُمُ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَنْزِلَ عِنْدَهُمْ وَيُقِيمَ فِيهِمْ، فَقَالَ: "خَلُّوا النَّاقَةَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ". وَسَارَ وَالْأَنْصَارُ حَوْلَهُ حَتَّى أَتَى بَنِي بَيَاضَةَ1، فَتَلَقَّاهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ، وَفَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو، فَدَعُوهُ إِلَى النُّزُولِ فِيهِمْ، فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ". فَأَتَى دُورَ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ؛ وَهُمْ أَخْوَالُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَتَلَقَّاهُ سَلِيطُ بْنُ قَيْسٍ، وَرِجَالٌ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، فَدَعُوهُ إِلَى النُّزُولِ وَالْبَقَاءِ عِنْدَهُمْ، فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ". وَمَشَى حَتَّى أَتَى دُورَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَبَرَكَتِ النَّاقَةُ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مِرْبَدُ تَمْرٍ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ. وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ وَحَرْثٌ وَخِرَبٌ، وَقُبُورٌ لِلْمُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَنْزِلْ عَنْ ظَهْرِهَا، فَقَامَتْ وَمَشَتْ قَلِيلًا، وَهُوَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يُهَيِّجُهَا، ثُمَّ الْتَفَتَتْ فَكَرَّتْ إِلَى مَكَانِهَا وَبَرَكتْ فِيهِ، فَنَزَلَ عَنْهَا. فَأَخَذَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَحْلَهَا فَحَمَلَهُ إِلَى دَارِهِ. وَنَزَلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ. فَلَمْ يَزَلْ سَاكِنًا عِنْدَ أَبِي أَيُّوبَ حَتَّى بَنَى مَسْجِدَهُ وحُجَرَهُ فِي الْمِرْبَدِ. وَكَانَ قَدْ طَلَبَ شِرَاءَهُ فَأَبَتْ بَنُو النَّجَّارِ مِنْ بَيْعِهِ، وَبَذَلُوهُ لِلَّهِ وَعَوَّضُوا الْيَتِيمَيْنِ. فَأَمَرَ بِالْقُبُورِ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ. وَبَنَى عِضَادَتَيْهِ بِالْحِجَارَةِ، وَجَعَلَ سَوَارِيهِ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ، وَسَقَفَهُ بِالْجَرِيدِ. وَعَمِلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ حِسْبَةً. فَمَاتَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيُّ تِلْكَ الْأَيَّامَ بِالذُّبَحَةِ. وَكَانَ مِنْ سَادَةِ الْأَنْصَارِ وَمِنْ نُقَبَائِهِمُ الْأَبْرَارِ. وَوَجَدَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجْدًا لِمَوْتِهِ2، وَكَانَ قَدْ كَوَاهُ. وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ بَعْدَهُ نَقِيبًا وَقَالَ: "أَنَا نَقِيبُكُمْ". فَكَانُوا يَفْخَرُونَ بِذَلِكَ. وَكَانَتْ يَثْرِبُ لَمْ تُمَصَّرْ، وَإِنَّمَا كَانَتْ قُرًى مُفَرَّقَةً: بَنُو مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ فِي قَرْيَةٍ، وَهِيَ مِثْلُ الْمَحِلَّةِ، وَهِيَ دَارُ بَنِي فُلَانٍ. كَمَا فِي الْحَدِيثِ: "خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ" 3. وَكَانَ بَنُو عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ لَهُمْ دَارٌ، وَبَنُو مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ كَذَلِكَ، وَبَنُو سَالِمٍ كَذَلِكَ، وَبَنُو سَاعِدَةَ كَذَلِكَ، وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ كَذَلِكَ، وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كذَلَكِ، وَبَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ كَذَلِكَ، وَسَائِرُ بُطُونِ الْأَنْصَارِ كَذَلِكَ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ" 4. وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ تُبْنَى الْمَسَاجِدُ فِي الدُّورِ. فَالدَّارُ -كَمَا قُلْنَا- هِيَ الْقَرْيَةُ. وَدَارُ بَنِي عَوْفٍ هِيَ قُبَاءٌ. فَوَقَعَ بِنَاءُ مَسْجِدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَكَانَتْ قَرْيَةً صَغِيرَةً. وَخَرَّجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ فيهم أربع عشرة ليلة. ثم أرسل إلى بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا. وَآخَى فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. ثُمَّ فُرِضَتِ الزَّكَاةُ. وَأَسْلَمَ الْحَبْرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ5، وَأُنَاسٌ مِنَ اليهود، وكفر سائر اليهود.   1 بنو بياضة: بطن من الخزرج من الأزد من القحطانية وهم بنو بياضة بن عامر بن زريق بن عبد الحارثة بن مالك بن غضب من جشم بن الخزرج. "معجم قبائل العرب" "1/ 112". 2 وجد: حزن. 3 أخرجه البخاري في "مناقب الأنصار" "3791". 4 السابق. 5 من كبار علماء اليهود، أسلم وحسن إسلامه، وأنزل الله تعالى فيه: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف: 10] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 قِصَّةُ إِسْلَامِ ابْنِ سَلامٍ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. وَلَقَدْ عَلِمَتْ يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي أَسْلَمْتُ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَتَوْا، فَقَالَ لَهُمْ: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، وَيْلَكُمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَأَسْلِمُوا". قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ، فَأَعَادَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ: "فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ"؟ قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا. قَالَ: "أَفَرَأَيْتُمْ إن أسلم"؟ قالوا: حاش الله، ما كان ليسلم. قال: "يا بن سَلَّامٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ". فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: وَيْلَكُمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، قَالُوا: كَذَبْتَ. فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِأَطْوَلَ مِنْهُ1. وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ بِقُدُومِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي أَرْضٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 530، 531"، كما أخرجه البخاري بأطول منه كما قال "المصنف" في كتاب "الأنبياء" "3329". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الجَّنَةِ؟ وَمَا يَنْزَعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ: "أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا". قَالَ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} [البقرة: 97] . "أمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَخْرُجُ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ, وَأَمَّا أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حُوتٍ, وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَ إِلَى أُمِّهِ". فَتَشَهَّدَ وَقَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ عَنِّي بَهَتُونِي. فَجَاءُوا، فَقَالَ: "أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ فِيكُمْ"؟ قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا. قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ"؟ قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَخَرَجَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَتَنَقَّصُوهُ. قَالَ: هَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَقَالَ عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ1، قَالُوا: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَجِئْتُ لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ. فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ أَنْ قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَّنَّةَ بِسَلَامٍ". صَحِيحٌ2. وَرَوَى أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89] ؛ قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَمُرُّ بِالْيَهُودِ فَيُؤْذُونَهُمْ. وَكَانُوا يَجِدُونَ مُحَمَّدًا فِي التَّوْرَاةِ، فَيَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ يَبْعَثَهُ فَيُقَاتِلُونَ مَعَهُ الْعَرَبَ. فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ حِينَ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إسرائيل.   1 انجفل الناس؛ أي: أسرعوا ومضوا كلهم. 2 "صحيح": رواه الترمذي، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" "611".   1 انجفل الناس؛ أي: أسرعوا ومضوا كلهم. 2 "صحيح": رواه الترمذي، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" "611". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 قِصَّةُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ: قَالَ أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاءُوا فَقَالَ: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا". قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ. فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ: كَانَ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ فِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ. فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ ذَاكَ الصَّخْرَ، وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ، وَيَقُولُونَ: اللهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ فَانْصُرِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فِي قِصَّةِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ: فَطَفِقَ1 هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَنْقِلُونَ اللَّبِنَ، وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقِلُ اللَّبِنَ مَعَهُمْ: هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ خَيْبَرْ ... هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَه ... فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ2 قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتَمَثَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ فِي الْحَدِيثِ. وَلَمْ يَبْلُغْنِي فِي الْحَدِيثِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ غير هذه الأبيات. ذكره الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ3. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ: ثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ. فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا. وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ، وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا. وَغَيَّرَهُ عُثْمَانُ، فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَبِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقْفَهُ بِالسَّاجِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عُبَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ الْأَنْصَارَ جَمَعُوا مَالًا، فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: ابْنِ بهذا المسجد وزينه، إلى متى   1 طفق: أخذ. 2 تقدم تخريجه قبل قليل. 3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "3906". قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 291": "وفي الحديث: جواز قول الشعر وأنواعه -يعني: الحسن منه- خصوصا الرجز في الحرب. والتعاون على سائر الأعمال الشاقة، لما فيه من تحريك الهمم وتشجيع النفوس". ا. هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 نُصَلِّي تَحْتَ هَذَا الْجَرِيدِ؟ فَقَالَ: "مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ أَخِي مُوسَى، عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى". وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: "كَعَرِيشِ مُوسَى"؛ قَالَ: إِذَا رَفَعَ يَدَهُ بَلَغَ الْعَرِيشَ، يَعْنِي السَّقْفَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَنَيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَقُولُ: "قَرِّبُوا الْيَمَامِيَّ مِنَ الطِّينِ، فَإِنَّهُ مِنْ أَحْسَنِكُمْ لَهُ بِنَاءً". وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مَسْجِدِي هَذَا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِأَطْوَلَ مِنْهُ1. وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ". صَحِيحٌ2. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ3 يَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ؛ يَعْنِي فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ. فَرَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَنْفُضُ عَنْهُ التُّرَابَ وَيَقُولُ: "وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ دُونَ قَوْلِهِ: "تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ"، وَهِيَ زِيَادَةٌ ثَابِتَةُ الْإِسْنَادِ4. وَنَافَقَ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَأَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ مُدَارَاةً لِقَوْمِهِمْ. فَمِمَّنْ ذُكِرَ مِنْهُمْ: مِنْ أَهْلِ قُبَاءَ: الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدِ بْنُ الصَّامِتِ. وَكَانَ أَخُوهُ خَلَّادُ رَجُلًا صَالِحًا، وَأَخُوهُ الْجَلَّاسُ دُونَ خَلَّادٍ فِي الصَّلَاحِ. وَمِنَ الْمُنَافِقِينَ: نَبْتَلُ بْنُ الحارث. وبجاد بن عثمان. وأبو حبيبة ابن الْأَزْعَرِ أَحَدُ مَنْ بَنَى مَسْجِدَ الضِّرَارِ. وَجَارِيَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَابْنَاهُ: زَيْدٌ وَمُجَمِّعٌ. وَقِيلَ لَمْ يَصِحَّ عَنْ مُجَمِّعٍ النفاق، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِيهِمْ لِأَنَّ قَوْمَهُ جَعَلُوهُ إِمَامَ مَسْجِدِ الضِّرَارِ. وَعَبَّادُ بن   1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1398" كتاب "الحج" بلفظ: عن أبي سعيد، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله! أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ فأخذ كفا من حصباء، فضرب به الأرض، ثم قال: "هو مسجدكم هذا" لمسجد المدينة. 2 أخرجه البخاري "1190" في كتاب "فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة"، ومسلم في "صحيحه" "1394" كتاب "الحج". 3 يعني: عمار بن ياسر -رضي الله عنه. 4 أخرجه البخاري "447"، ومسلم "2236"، وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 حُنَيْفٍ. وَأَخَوَاهُ سَهْلٌ وَعُثْمَانُ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ. وَمِنْهُمْ: بِشْرٌ، وَرَافِعٌ، ابْنَا زَيْدٍ. وَمِرْبَعٌ، وَأَوْسٌ، ابْنَا قَيْظِيٍّ. وَحَاطِبُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَرَافِعُ بْنُ وَدِيعةَ، وَزَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ؛ ثَلَاثَتُهُمْ مِنْ بَنِي النَّجَارِ، وَالْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ الْخَزْرَجِيُّ؛ مِنْ بَنِي جُشَمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنُ سَلُولٍ، مِنْ بَنِي عَوْفٍ بْنُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ رَئِيسَ الْقَوْمِ. وَمِمَّنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ مِنَ الْيَهُودِ وَنَافَقَ بَعْدُ: أَسْعَدُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَزَيْدُ بْنُ اللُّصَيْتِ، وَرَافِعُ بْنُ حَرْمَلةَ، وَرِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنُ التَّابُوتِ، وَكِنَانَةُ بْنُ صُورِيَا. وَمَاتَ فِيهَا: الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ السُّلَمِيُّ أَحَدُ نُقَبَاءِ الْعَقَبَةِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ. وَتَلَاحَقَ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تَأَخَّرُوا بِمَكَّةَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَحْبُوسٌ أَوْ مَفْتُونٌ. وَلَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا أَسْلَمَ أَهْلُهَا، إِلَّا أَوْسُ اللَّهِ، وَهُمْ حَيٌّ مِنَ الْأَوْسِ؛ فَإِنَّهُمْ أَقَامُوا عَلَى شِرْكِهِمْ. وَمَاتَ فِيهَا: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَالِدُ خَالِدٍ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلِ السَّهْميُّ وَالِدُ عَمْرٍو بِمَكَّةَ عَلَى الْكُفْرِ. وَكَذَلِكَ: أَبُو أُحَيْحةَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْأُمَوِيُّ تُوُفِّيَ بِمَالِهِ بِالطَّائِفِ. وَفِيهَا: أُرِيَ الْأَذَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَشُرِعَ الْأَذَانُ عَلَى مَا رَأَيَا. وَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَقَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِوَاءً لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَعْتَرِضُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ. وَهُوَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عُقِدَ فِي الْإِسْلَامِ. وَفِيهَا: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَأَبَا رَافِعٍ إِلَى مَكَّةِ لِيَنْقُلَا بَنَاتَهُ وَسَوْدَةَ1 أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. وَفِي ذِي الْقِعْدَةِ عَقَدَ لِوَاءً لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، لِيُغِيرَ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ أَوْ بَنِي جُهَيْنَةَ. ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق، عن يزيد بن رومان،   1 هي: سودة بنت زمعة، أم المؤمنين -رضي الله عنها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، فَكَانَ أَوَّلُ رَايَةٍ عَقَدَهَا رَايَةَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ1. وَفِيهَا: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَالْحَقِّ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ الله عنه- قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَوَرَّثَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَى نَزَلَتْ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} 2. وَالسَّبَبُ فِي قِلَّةِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذَا الْعَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ السِّنِينَ، أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا قَلِيلِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ. فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِبَعْضِ الْحِجَازِ، أَوْ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ. وَفِي خِلَافَةِ عُمَرَ -بَلْ وَقَبْلَهَا- انْتَشَرَ الْإِسْلَامُ فِي الْأَقَالِيمِ. فَبِهَذَا يَظْهَرُ لَكَ سَبَبُ قِلَّةِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، وَسَبَبُ كَثْرَةِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي زَمَانِ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَكَانَ فِي هَذَا الْقُرْبِ أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ بْنُ جُشَمِ بْنُ وَائِلٍ الْأَوْسِيُّ الشَّاعِرُ. وَكَانَ يُعْدَلُ بِقَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ فِي الشَّجَاعَةِ وَالشِّعْرِ. وَكَانَ يَحُضُّ الْأَوْسَ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَكَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ يَتَأَلَّهُ وَيَدَّعِي الْحَنِيفِيَّةَ، وَيَحُضُّ قُرَيْشًا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ قَصِيدَتَهُ الْمَشْهُورَةَ الَّتِي أَوَّلُهَا: أَيَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ ... مُغَلْغَلَةً عَنِّي لُؤَيَّ بْنَ غَالِبِ أَقِيمُوا لَنَا دِينًا حَنِيفًا فَأَنْتُمُو ... لَنَا قَادَةٌ قَدْ يُقْتَدَى بِالذَّوَائِبِ رَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ رِجَالِهِ قَالُوا: خَرَجَ ابْنُ الْأَسْلَتِ إِلَى الشَّامِ، فَتَعَرَّضَ آلَ جَفْنَةَ فَوَصَلُوهُ. وَسَأَلَ الرُّهْبَانَ فَدَعُوهُ إِلَى دِينِهِمْ فَلَمْ يُرِدْهُ. فَقَالَ لَهُ رَاهِبٌ: أَنْتَ تُرِيدُ دِينَ الْحَنِيفِيَّةِ، وَهَذَا وَرَاءَكَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ. ثُمَّ إِنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، فَلَقِي زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ3، فَقَصَّ عَلَيْهِ أَمْرَهُ. فَكَانَ أَبُو قَيْسٍ بَعْدُ يَقُولُ: لَيْسَ أحد على دين   1 استشهد -رضي الله عنه- متأثرا بجراحه عقب غزوة بدر الكبرى. 2 "إسناده صحيح": "مسند الطيالسي" "2676"، والطبراني في "الكبير" "11748"، والبيهقي في "السنن" "6/ 262"، وقال الهيثمي في "المجمع" "7/ 28": رجاله رجال الصحيح. والآية: من سورة الأنفال: 75. 3 والد الصحابي الجليل: سعيد بن زيد, أحد العشرة المبشرين بالجنة -رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 إِبْرَاهِيمَ إِلَّا أَنَا وَزَيْدٌ. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ؛ وقد أَسْلَمَتِ الْخَزْرَجُ وَالْأَوْسُ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَوْسِ اللَّهِ فَإِنَّهَا وَقَفَتْ مَعَ ابْنِ الْأَسْلَتِ؛ وَكَانَ فَارِسُهَا وَخَطِيبُهَا، وَشَهِدَ يَوْمَ بُعَاثٍ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا قَيْسٍ، هَذَا صَاحِبُكَ الَّذِي كُنْتَ تَصِفُ. قَالَ: رَجُلٌ قَدْ بُعِثَ بِالْحَقِّ. ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ، أَنْظُرُ فِي أَمْرِي. وَكَادَ أَنْ يُسْلِمَ. فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ1، فَأَخْبَرَهُ بِشَأْنِهِ فَقَالَ: كَرِهْتَ وَاللَّهِ حَرْبَ الْخَزْرَجِ. فَغَضِبَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُسْلِمُ سَنَةً. فَمَاتَ قَبْلَ السَّنَةِ. فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَقَدْ سُمِعَ يُوَحِّدُ عِنْدَ الموت.   1 ابن سلول -زعيم المنافقين- قبحه الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 أحداث السنة الثانية : غزوة الأبواء، بعث حمزة، بعث عبيدة بن الحارث : غزوة الأبواء: في صفرها: فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ غَازِيًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ سَعْدَ بْنَ عُبْادَةَ حَتَّى بَلَغَ وَدَّانَ يُرِيدُ قُرَيْشًا وَبَنِي ضَمْرَةَ. فَوَادَعَ بَنِي ضَمْرَةَ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، وَعَقَدَ ذَلِكَ مَعَهُ سَيِّدُهُمْ مَخْشِيُّ بْنُ عَمْرٍو. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ1. وَوَدَّانُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ. بَعْثُ حَمْزَةَ: ثُمَّ فِي أَحَدِ الرَّبِيعَيْنِ: بَعَثَ عَمَّهُ حَمْزَةَ فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِيصِ. فَلَقِيَ أَبَا جَهْلٍ فِي ثَلَاثِمَائَةٍ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: فِي مَائَةٍ وَثَلَاثِينَ رَاكِبًا. وَكَانَ مَجْدِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ وَقَوْمُهُ حُلَفَاءَ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا، فَحَجَزَ بَيْنَهُمْ مَجْدِيَّ بْنَ عَمْرِو الْجُهَنِيَّ. بَعْثُ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ: وَبُعِثَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنُ عَبْدِ مَنْافٍ، فِي سِتِّينَ رَاكِبًا أَوْ نَحْوِهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. فَنَهَضَ حَتَّى بَلَغَ مَاءً بِالْحِجَازِ بِأَسْفَلِ ثَنِيَّةِ الْمِرَّةِ. فَلَقِيَ بِهَا جَمْعًا مِنْ قُرَيْشٍ، عَلَيْهِمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَقِيلَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ. فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ. إِلَّا أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ فِي ذَلِكَ الْبَعْثِ، فَرَمَى بِسَهْمٍ، فَكَانَ أَوَّلُ سَهْمٍ رُمِيَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ2. وَفَرَّ الْكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ إِلَى الْمُسْلِمِينَ: الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو الْبَهْرَانِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ الْمَازِنِيِّ حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ مَنَافَ. وَكَانَا مُسْلِمَيْنِ، ولكنهما خرجا ليتوصلا بالمشركين.   1 ذكرها ابن سعد في "الطبقات الكبرى" "2/ 8"، والواقدي في "المغازي" "1/ 11، 12"، والطبري في "تاريخه" "2/ 14". 2 ذكرها ابن سعد في "الطبقات" "2/ 7"، والواقدي في "المغازي" "1/ 12"، وابن حجر في "الفتح" "7/ 327". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 غزوة بواط، غزوة العشيرة : غَزْوَةُ بُوَاطٍ: وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ غَازِيًا. فَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ السَّائِبَ بْنَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ. حَتَّى بَلَغَ بُوَاطٍ مِنْ نَاحِيَةِ رَضْوَى1 ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ حَرْبًا2. غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ: وَخَرَجَ غَازِيًا فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ، حَتَّى بَلَغَ الْعُشَيْرَةَ، فَأَقَامَ هُنَاكَ أَيَّامًا، وَوَادَعَ بَنِي مُدْلَجٍ. ثُمَّ رَجَعَ فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ أَيَّامًا. وَالْعُشَيْرَةُ مِنْ بَطْنِ يَنْبُعَ3. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ خُثَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ مُحَمَّدُ بْنُ خُثَيْمٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَفِيقَيْنِ فِي غَزْوَةِ الْعشيرة مِنْ بَطْنِ يَنْبُعَ. فَلَمَّا نَزَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقَامَ بِهَا شَهْرًا، فَصَالَحَ بِهَا بَنِي مُدْلِجٍ. فَقَالَ لِي عَلِيٌّ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ أَنْ نَأْتِيَ هَؤُلَاءِ؛ نَفَرٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يَعْمَلُونَ فِي عَيْنٍ لَهُمْ؛ نَنْظُرُ كَيْفَ يَعْمَلُونَ؟ فَأَتَيْنَاهُمْ فَنَظَرْنَا إِلَيْهِمْ سَاعَةً، ثُمَّ غَشِيَنَا النَّوْمُ فَنِمْنَا. فَوَاللَّهِ مَا أَهَبَّنَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَدَمِهِ، فَجَلَسْنَا. فَيَوْمَئِذٍ قَالَ لِعَلِيٍّ: "يَا أَبَا تُرَابٍ"، لما عليه من التراب4.   1 رضوى: اسم جبل مشهور بالمدينة على أربعة برد بالمدينة. وبواط: جبل من جبال جهينة بقرب ينبع على أربعة برد من المدينة. 2 انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد "2/ 8" و"البداية والنهاية" لابن كثير "3/ 246". 3 أخرج البخاري في "صحيحه" "3949" في كتاب "المغازي" عن أبي إسحاق: كنت إلى جنب زيد بن أرقم فقيل له: كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة؟ قال: تسع عشرة. قال: كم غزوة أنت معه؟ قال سبع عشرة. قلت: فأيهم كانت أول؟ قال: العشير. أو العشيرة. 4 أخرجه الحاكم في "المستدرك" "3/ 140" وإسناده ضعيف، لكن تكنية علي -رضي الله عنه- بأبي تراب في "الصحيحين". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 غزوة بدر الأولى، سرية سعد بن أبي وقاص، بعث عبد الله بن جحش : غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى: وَخَرَجَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فِي طَلَبِ كُرْزِ بْنِ جَابِرِ الْفِهْرِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ. فَبَلَغَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَادِيَ سَفَوَانَ مِنْ نَاحِيَةِ بَدْرٍ، فَلَمْ يَلْقَ حَرْبًا. وَسُمِّيَتْ بَدْرًا الْأُولَى. وَلَمْ يُدْرِكْ كُرْزًا1. سَرِيَّةُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: وَبُعِثَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي ثَمَانِيَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَبَلَغَ الْخَرَّارَ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ2. بَعْثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ: قَالَ عُرْوَةُ: ثُمَّ بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَجَبٍ عَبْدَ اللَّهِ بنَ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّ، وَمَعَهُ ثَمَانِيَةٌ. وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ حَتَّى يَسِيرَ يَوْمَيْنِ. فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ وَجَدَهُ: "إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا فَامْضِ حَتَّى تَنْزِلَ بَيْنَ نَخْلَةَ وَالطَّائِفِ، فَتَرْصُدَ لَنَا قُرَيْشًا، وَتَعْلَمَ لَنَا مِنْ أَخْبَارِهِمْ". فَلَمَّا نَظَرَ عَبْدُ اللَّهِ فِي الْكِتَابِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَمْضِيَ إِلَى نَخْلَةَ، وَنَهَانِي أَنْ أَسْتَكْرِهَ أَحَدًا مِنْكُمْ. فَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الشَّهَادَةَ فَلْيَنْطَلِقْ، وَمَنْ كَرِهَ الْمَوْتَ فَلْيَرْجِعْ. فَأَمَّا أَنَا فَمَاضٍ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَمَضَى وَمَضَى مَعَهُ الثَّمَانِيَةُ، وَهُمْ: أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ، وَعُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ3، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَوَاقِدُ بْنُ عبد الله   1 ذكرها ابن سعد في "الطبقات" "2/ 9"، والواقدي في "المغازي" "1/ 12". 2 انظر: ابن سعد في "الطبقات" "2/ 7"، وابن كثير في "البداية" "3/ 248". 3 أحد السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب كما جاء في "الصحيحين". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 التَّمِيمِيُّ، وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ الْفِهْرِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ. فَسَلَكَ بِهِمْ عَلَى الْحِجَازِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِمَعْدِنٍ فَوْقَ الْفُرُعِ يُقَالُ لَهُ: بُحْرَانُ، أَضَلَّ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بَعِيرًا لَهُمَا، فَتَخَلَّفَا فِي طَلَبِهِ, وَمَضَى عَبْدُ اللَّهُ بِمَنْ بَقِيَ حَتَّى نَزَلَ بِنَخْلةَ, فَمَرَّتْ بِهِمْ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ تَحْمِلُ زَبِيبًا وَأُدْمًا، وَفِيهَا عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَجَمَاعَةٌ, فَلَمَّا رَآهُمُ الْقَوْمُ هَابُوهُمْ, فَأَشْرَفَ لَهُمْ عُكَّاشَةُ؛ وَكَانَ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ؛ فَلَمَّا رَأَوْهُ أَمِنُوا، وَقَالُوا: عُمَّارٌ لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ. وَتَشَاوَرَ الْقَوْمُ فِيهِمْ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ رَجَبٍ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتُمُوهُمْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَيَدْخُلُنَّ الْحَرَمَ فَلَيَمْتَنِعُنَّ مِنْكُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ لَتَقْتُلُنَّهُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ. وَتَرَدَّدُوا، ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِمْ وَأَخْذِ تِجَارَتِهِمْ، فَرَمَى وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَأْسَرُوا عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَكَمَ بْنَ كَيْسَانَ. وَأَفْلَتَ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَقْبَلَ ابْنُ جَحْشٍ وَأَصْحَابُهُ بِالْعِيرِ وَالْأَسِيرَيْنِ، حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِيَنَةَ. وَعَزَلُوا خُمْسَ مَا غَنِمُوا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ كَذَلِكَ. وَأَنْكَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتْلَ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217] الْآيَةَ، وَقبِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفِدَاءَ فِي الْأَسِيرَيْنِ. فَأَمَّا عُثْمَانُ فَمَاتَ بِمَكَّةَ كَافِرًا، وَأَمَّا الْحَكَمُ فَأَسْلَمَ وَاسْتُشْهِدَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ1. وَصُرِفَتِ الْقِبْلَةُ فِي رَجَبٍ، أَوْ قَرِيبًا منه.   1 "إسناده صحيح": أخرجه أبو يعلى في "مسنده" "1534"، والطبراني في "المعجم الكبير" "1670" وحسنه الهيثمي في "المجمع" "6/ 198"، وأورده ابن كثير في "تفسيره" "1/ 368"، وعزاه لابن أبي حاتم، وقال الشيخ أحمد شاكر في "عمدة التفسير" "2/ 88": إسناده إلى ابن أبي حاتم إسناد صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى: مِنَ السِّيرَةِ لِابْنِ إِسْحَاقَ، رِوَايَةُ الْبَكَّائِيِّ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَمِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ قَدْ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فِي عِيرٍ وَتِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فِيهَا ثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ؛ مِنْهُمْ: مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ فِيهَا أَمْوَالُهُمْ، فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّهَ يُنْفِلُكُمُوهَا". فَانْتَدَبَ النَّاسَ، فَخَفَّ بَعْضُهُمْ، وَثَقُلَ بَعْضٌ، ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَلْقَى حَرْبًا1. وَاسْتَشْعَرَ أَبُو سُفْيَانَ فَجَهَّزَ مُنْذِرًا إِلَى قُرَيْشٍ يَسْتَنْفِرُهُمْ إِلَى أَمْوَالِهِمْ. فَأَسْرَعُوا الْخُرُوجَ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْ أَشْرَافِهِمْ أَحَدٌ، إِلَّا أَنَّ أَبَا لَهَبٍ قَدْ بَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصَ أَخَا أَبِي جَهْلٍ. وَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَكَانَ أُمَّيَةُ بْنُ خَلَفٍ شَيْخًا جَسِيمًا فَأَجْمَعَ الْقُعُودَ. فَأَتَاهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ -وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ- بِمِجْمَرَةٍ وَبُخُورٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: أَبَا عَلِيٍّ، اسْتَجْمِرْ! فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنَ النِّسَاءَ. قَالَ: قَبَّحَكَ اللَّهُ. فَتَجَهَّزَ وَخَرَجَ مَعَهُمْ. وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَامِنِ رَمَضَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَمْرَو بْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الصَّلَاةِ. ثُمَّ رَدَّ أَبَا لُبَابَةَ مِنَ الرَّوْحَاءِ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَدَفَعَ اللِّوَاءَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَكَانَ أَمَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَايَتَانِ سودوان؛ إِحْدَاهُمَا مَعَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالْأُخْرَى مَعَ رَجُلٍ أَنْصَارِيٍّ. وَكَانَتْ رَايَةُ الْأَنْصَارِ مَعَ سَعْدِ بْنُ مُعَاذٍ. فَكَانَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ سَبْعُونَ بَعِيرًا يَعْتَقِبُونَهَا، وَكَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثُمَائَةَ وَتِسْعَةَ عَشْرَ رَجُلًا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ، وَمَرْثدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا2. فَلَمَّا قَرُبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الصَّفْرَاءِ بَعَثَ اثْنَيْنِ يَتَجَسَّسَانِ أَمْرَ أَبِي سُفْيَانَ. وَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِخُرُوجِ نَفِيرِ قُرَيْشٍ، فَاسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالُوا خَيْرًا. وَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! امْضِ لِمَا أَرَاكَ اللَّهُ فَنَحْنُ مَعَكَ، وَاللَّهِ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لموسى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ3 لَجَالَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ حَتَّى تَبْلُغَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهُ خَيْرًا وَدَعَا لَهُ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! والله لَوِ استعرضت بنا هذا البحر لخضناه مَعَكَ. فَسَرَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلُهُ، وَقَالَ: "سِيرُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّ رَبِّي قد وعدني   1 "إسناده صحيح": أخرجه الطبري في "تفسيره" "9/ 122"، وغيره. 2 وفي رواية إسنادها حسن: كان رسول الله وعلي وأبو لبابة يعتقبون بعيرا. 3 برك الغماد: من وراء مكة بخمس ليال من وراء الساحل مما يلي البحر. وهو على ثمان ليال من مكة إلى اليمن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا الْعِيرُ وإمّا النَّفِيرُ" 1. وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ بَدْرٍ. فَلَمَّا أَمْسَى بَعَثَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَسَعْدًا فِي نَفَرٍ إِلَى بَدْرٍ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ. فَأَصَابُوا رَاوِيَةً لِقُرَيْشٍ فِيهَا أَسْلَمُ وَأَبُو يَسَارٍ مِنْ مَوَالِيهِمْ، فَأَتَوْا بِهِمَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسَأَلُوهُمَا فَقَالَا: نَحْنُ سُقَاةٌ لِقُرَيْشٍ. فَكَرِهَ الصَّحَابَةُ هَذَا الْخَبَرَ، وَرَجَوْا أَنْ يَكُونُوا سُقَاةً لِلْعِيرِ. فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُمَا، فَإِذَا آلَمَهُمَا الضَّرْبُ قَالَا: نَحْنَ مِنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ. وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: "إِذَا صَدَقَا ضربتموها، وَإِذَا كَذَبَا تَرَكْتُمُوهُمَا". ثُمَّ قَالَ: "أَخْبِرَانِي أَيْنَ قُرَيْشٌ"؟ قَالَا: هُمْ وَرَاءَ هَذَا الْكَثِيبِ. فَسَأَلَهُمَا: "كَمْ يَنْحَرُونَ كُلَّ يَوْمٍ"؟ قَالَا: عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ أَوْ تِسْعًا. فَقَالَ: "الْقَوْمُ مَا بَيْنَ التِّسْعُمَائَةِ إِلَى الْأَلْفِ". وَأَمَّا اللَّذَانِ بَعَثَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَجَسَّسَانِ، فَأَنَاخَا بِقُرْبِ مَاءِ بَدْرٍ وَاسْتَقَيَا فِي شَنِّهِمَا. وَمَجْدِيُّ بْنُ عَمْرٍو بِقُرْبِهِمَا لَمْ يَفْطِنَا بِهِ. فَسَمِعَا جَارِيَتَيْنِ مِنْ جَوَارِي الْحَيِّ تَقُولُ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى: إِنَّمَا نأتي الْعِيرُ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ، فَأَعْمَلُ لَهُمْ ثُمَّ أَقْضِيكِ. فَصَرَفَهُمَا مَجْدِيُّ، وَكَانَ عَيْنًا لِأَبِي سُفْيَانَ. فَرَجَعَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فأخبراه. وَلَمَّا قَرُبَ أَبُو سُفْيَانَ مِنْ بَدْرٍ تَقَدَّمَ وَحْدَهُ حَتَّى أَتَى مَاءَ بَدْرٍ فَقَال لِمَجْدِيٍّ: هَلْ أَحْسَسْتَ أَحَدًا, فَذَكَرَ لَهُ الرَّاكِبَيْنِ. فَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ مَنَاخَهُمَا، فَأَخَذَ مِنْ أَبْعَارِ بَعِيرَيْهِمَا فَفَتَّهُ2، فَإِذَا فِيهِ النَّوَى، فَقَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ عَلَائِفُ يَثْرِبَ. فَرَجَعَ سَرِيعًا فَصَرَفَ الْعِيرَ عَنْ طَرِيقِهَا، وَأَخَذَ طَرِيقَ السَّاحِلِ، وَأَرْسَلَ يُخْبِرُ قُرَيْشًا أَنَّهُ قَدْ نَجَا فَارْجِعُوا. فَأَبَى أَبُو جَهْلٍ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ مَاءَ بَدْرٍ، وَنُقِيمَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَتَهَابُنَا الْعَرَبُ أَبَدًا. وَرَجَعَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ بِبَنِي زُهْرَةَ كُلِّهِمْ، وَكَانَ فِيهِمْ مُطَاعًا. ثُمَّ نَزَلَتْ قُرَيْشٌ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى مِنَ الْوَادِي. وَسَبَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَاءِ بَدْرٍ. وَمَنَعَ قُرَيْشًا مِنَ السَّبَقِ إِلَى الْمَاءِ مَطَرٌ عَظِيمٌ لَمْ يُصِبِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ إِلَّا مَا لَبَّدَ لَهُمُ الْأَرْضَ. فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَدْنَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ بَدْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَنْزِلَ، أَمَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللَّهُ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَمَهُ أَوْ نَتَأَخَّرَ عنه، أم هو الرأي والحرب   1 رواه ابن هشام في "السيرة" "2/ 63، 64" عن ابن إسحاق بدون إسناد، وله شواهد في "الصحيحين" وغيرهما، انظر: تخريج الشيخ الألباني لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي "241". 2 فته: فركه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 وَالْمَكِيدَةُ؟ فَقَالَ: "بَلِ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ هَذَا لَيْسَ لَكَ بِمَنْزِلٍ، فَانْهَضْ بِنَا حَتَّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَاءٍ مِنَ الْقَوْمِ فَنَنْزِلَهُ وَنُغَوِّرَ مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْقُلُبِ، ثُمَّ نَبْنِيَ عَلَيْهِ حَوْضًا فَنَمْلَأَهُ مَاءً، فَنَشْرَبَ وَلَا يَشْرَبُونَ. فَاسْتَحْسَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِ، وَفَعَلَ مَا أَشَارَ بِهِ، وَأَمَرَ بِالْقُلُبِ فَغُوِّرَتْ، وَبَنَى حَوْضًا وَمَلَأَهُ مَاءً1. وَبُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَرِيشٌ يَكُونُ فِيهِ2، وَمَشَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَوْضِعِ الْوَقْعَةِ، فَأَرَى أَصْحَابَهُ مَصَارِعَ قُرَيْشٍ، يَقُولُ: "هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ". قَالَ: فَمَا عَدَا وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَصْرَعُهُ ذَلِكَ3. ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فَحَزَرُوا الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ فِيهِمْ فَارِسَانِ: الْمِقْدَادُ وَالزُّبَيْرُ. وَأَرَادَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قُرَيْشًا عَلَى الرُّجُوعِ فَأَبَوْا. وَكَانَ الَّذِي صَمَّمَ عَلَى الْقِتَالِ أَبُو جَهْلٍ. فَارْتَحَلُوا مِنَ الْغَدِ قَاصِدِينَ نَحْوَ الْمَاءِ. فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلِينَ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرِهَا تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ، اللَّهُمَ فَنَصْرُكَ الَّذِي وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ أحنهم الغداة" 4. وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَأَى عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ فِي الْقَوْمِ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ: "إِنْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ خَيْرٌ فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، إِنْ يُطِيعُوه يَرْشُدُوا" 5. وَكَانَ خُفَافُ بْنُ إِيمَاءِ بْنِ رَحْضَةَ الْغِفَارِيُّ بَعَثَ إِلَى قُرَيْشٍ، حِينَ مَرُّوا بِهِ، بِجَزَائِرَ هَدِيَّةٍ، وَقَالَ: إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ نُمِدَّكُمْ بِسِلَاحٍ وَرِجَالٍ فَعَلْنَا. فأَرَسْلَوُا إِلَيْهِ: أَنْ وَصَلَتْكَ رَحِمٌ، قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي يَنْبَغِي، فَلَعَمْرِي لَئِنْ كُنَّا إِنَّمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ فَمَا بِنَا ضَعْفٌ، وَإِنْ كُنَّا إنما نُقَاتِلُ اللَّهَ، كَمَا يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ، مَا لِأَحَدٍ بِاللَّهِ مِنْ طَاقَةٍ. فَلَمَّا نَزَل النَّاسُ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى وَرَدُوا حَوْضَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ   1 "ضعيف": رواه ابن هشام "2/ 66" عن ابن إسحاق، قال: "فحدثت عن رجال من بني سلمة أنهم ذكروا أن الحباب" ... قال الشيخ الألباني -رحمه الله- في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي "241": "وهذا سند ضعيف لجهالة الواسطة بين ابن إسحاق والرجال من بني سلمة". 2 قصة العريش لها أصل. 3 رواه مسلم من حديث أنس، وفيه: قال: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني بعد استشارة أصحابه في القتال: $"هذا مصرع فلان". قال: ويضع يده على الأرض ههنا وههنا. قال: فما ماط أحدهم مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 4 أخرجه البخاري في "المغازي" "3953", ومسلم في "الجهاد والسير" "1383". 5 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "1/ 117". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهُمْ". فَمَا شَرِبَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ إِلَّا قُتِلَ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ. ثُمَّ إِنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدُ، وَكَانَ إِذَا اجْتَهَدَ فِي يَمِينِهِ قَالَ: لَا وَالَّذِي نَجَّانِي يَوْمَ بَدْرٍ. ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ الْجُمَحِيَّ لِيَحْزَرَ الْمُسْلِمِينَ. فَجَالَ بِفَرَسِهِ حَوْلَ الْعَسْكَرِ، ثُمَّ رجع إِلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا, وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْتُ -يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ- الْبَلَايَا تَحْمِلُ الْمَنَايَا، نَوَاضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ, قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلَا مَلْجَأٌ إِلَّا سُيُوفُهُمْ، وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يُقتل رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَقتل رَجُلًا مِنْكُمْ، فَإِذَا أَصَابُوا مِنْكُمْ أَعْدَادَهُمْ، فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَرُوا رَأْيَكُمْ. فَلَمَّا سَمِعَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ذَلِكَ مَشَى فِي النَّاسِ، فَأَتَى عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِنَّكَ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وَسيدها وَالْمُطَاعُ فِيهَا، هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ لَا تزال تذكر بخير إلى آخِرِ الدَّهْرِ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا حَكِيمُ؟ قَالَ: تَرْجِعُ بِالنَّاسِ، وَتَحْمِلُ أَمْرَ حَلِيفِكَ عَامِرِ بْنِ الْحَضْرَميِّ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ, أَنْتَ عَلَيَّ بِذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ حَلِيفِي فَعَلَيَّ عَقْلُهُ وَمَا أُصِيبُ مِنْ مَالِهِ. فَائْتِ ابْنَ الْحَنْظَلِيَّةِ -وَالْحَنْظَلِيَّةُ أُمُّ أَبِي جَهْلٍ- فَإِنِّي لَا أَخْشَى أَنْ يَشْجُرَ أَمْرَ النَّاسِ غَيْرُهُ, ثُمَّ قَامَ عُتْبَةُ خَطِيبًا, فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ وَاللَّهِ مَا تَصْنَعُونَ بِأَنْ تَلْقَوْا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ شَيْئًا, وَاللَّهِ لَئِنْ أَصَبْتُمُوهُ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَنْظُرُ فِي وَجْهِ الرَّجُلِ يَكْرَهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، قَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ خَالِهِ أَوْ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِهِ, فَارْجِعُوا وَخَلُّوا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَبَيْنَ سَائِرِ الْعَرَبِ، فَإِنْ أَصَابُوُه فَذَاكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ أَكْفَاكُمْ وَلَمْ تَعَرَّضُوا مِنْهُ مَا تُرِيدُونَ. قَالَ حَكِيمٌ: فَأَتَيْتُ أَبَا جَهْلٍ فَوَجَدْتُهُ قَدْ شَدَّ دِرْعًا مِن جِرَابِهَا فَهُوَ يُهَيِّؤُهَا, قُلْتُ: يَا أَبَا الْحَكَمِ! إِنَّ عُتْبَةَ قَدْ أَرْسَلَنِي بِكَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ حِينَ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ, كَلَّا، وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ, وَمَا بِعُتْبَةَ مَا قَالَ، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ أَكَلَةَ جَزُورٍ، وَفِيهِمُ ابْنُهُ قَدْ تَخَوَّفَكُمْ عَلَيْهِ, ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَامِرِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ: هَذَا حَلِيفُكَ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنَّاسِ، وَقَدْ رَأَيْتَ ثَأْرَكَ بِعَيْنِكَ، فَقُمْ فَانْشُدْ خُفْرَتَكَ وَمَقْتَلَ أَخِيكَ. فَقَامَ عَامِرٌ فَكَشَفَ رَأْسَهُ وَصَرَخَ: وَاعَمْرَاهُ، وَاعَمْرَاهُ. فَحَمِيَتِ الْحَرْبُ وَحَقِبَ أَمْرُ النَّاسِ وَاسْتَوْسَقُوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ. وَأَفْسَدَ عَلَى النَّاسِ رَأْيَ عُتْبَةَ الَّذِي دَعَاهُمْ إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 فَلَمَّا بَلَغَ عُتبَةَ قَوْلُ أَبِي جَهْلٍ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ. قَالَ: سَيَعْلَمُ مُصَفِّرٌ أُسْتَهُ1 مَنِ انْتَفَخَ سَحْرُهُ. ثُمَّ الْتَمَسَ عُتْبَةُ بَيْضَةً لِرَأْسِهِ، فَمَا وَجَدَ فِي الْجَيْشِ بَيْضَةً تَسَعُهُ مِنْ عِظَمِ هَامَتِهِ، فَاعْتَجَرَ عَلَى رَأْسِهِ بِبُرْدٍ لَهُ. وَخَرَجَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ -وَكَانَ شَرِسًا سَيِّئَ الْخُلُقِ- فَقَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ لأشربن مِنْ حَوْضِهِمْ أَوْ لَأَهْدِمَنَّهُ أَوْ لَأَمُوتَنَّ دُونَهُ. وَأَتَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَالْتَقَيَا فَضَرَبَهُ حَمْزَةُ فَقَطَعَ سَاقَهُ، وَهُوَ دُونَ الْحَوْضِ، فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ تَشْخَبُ رِجْلُهُ دَمًا, ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْحَوْضِ حَتَّى اقْتَحَمَ فِيهِ لِيَبِرَّ يَمِينَهُ، وَاتَّبَعَهُ حَمْزَةُ فَقَتَلَهُ فِي الْحَوْضِ. ثُمَّ إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ خَرَجَ لِلْمُبَارَزَةِ بَيْنَ أَخِيهِ شَيْبَةَ، وَابْنِهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَدَعَوْا لِلْمُبَارَزَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَوْفٌ وَمُعَوَّذٌ ابْنَا عَفْرَاءَ وَآخَرُ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالُوا: مَا لَنَا بِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ، لِيَخْرُجْ إِلَيْنَا أَكَفَّاؤُنَا مِنْ قَوْمِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ، وَيَا حَمْزَةُ، وَيَا عَلِيُّ". فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُمْ، قَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ. فَتَسَمَّوْا لَهُمْ, فَقَالَ: أَكْفَاءٌ كِرَامٌ. فَبَارَزَ عُبَيْدَةُ -وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ- عُتْبَةُ، وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبَةَ، وَبَارَزَ عَلِيٌّ الْوَلِيدَ. فَأَمَّا حَمْزَةُ فَلَمْ يُمْهِلْ شَيْبَةَ أَنْ قَتَلَهُ, وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ يُمْهِلِ الْوَلِيدَ أَنْ قَتَلَهُ, وَاخْتَلَفَ عُتْبَةُ وَعُبَيْدَةُ بَيْنَهُمَا ضَرْبَتَيْنِ: كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ, وَكَرَّ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ عَلَى عُتْبَةَ فَدَفَّفَا عَلَيْهِ2, وَاحْتَمَلَا عُبَيْدَةَ إِلَى أَصْحَابِهِمَا. ثُمَّ تَزَاحَفَ الْجَمْعَانِ, وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ أَنْ لَا يَحْمِلُوا حَتَّى يَأْمُرَهُمْ وَقَالَ: "انْضَحُوهُمْ عَنْكُمْ بِالنَّبْلِ". وَهُوَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي العريش، معه أَبُو بَكْرٍ. وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَبِيحَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ, ثُمَّ عَدَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصُّفُوفَ بِنَفْسِهِ، وَرَجَعَ إِلَى الْعَرِيشِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَطْ. فَجَعَلَ يناشد ربه ويقول: "يا رب إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ الْيَوْمَ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ". وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! بَعْضُ مُنَاشَدَتِكَ رَبِّكَ, فَإِنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ لك ما وعدك. ثم خفق -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَبَهَ وَقَالَ: "أَبْشِرْ يا أبا بكر!   1 است الإنسان: مقعدته. 2 دف الطائر: دفًّا، ودفيفًا: ضرب جنبيه بجناحيه، أو حرك جناحيه ورجلاه في الأرض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 أَتَاكَ النَّصْرُ، هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِعَنَانِ فَرَسِهِ يَقُودُهُ، عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ" 1. فَرُمِيَ مِهْجَعٌ -مَوْلَى عُمَرَ- بِسَهْمٍ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, ثُمَّ رُمِيَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ النَّجَّارِيُّ بِسَهْمٍ وَهُوَ يَشْرَبُ مِنَ الْحَوْضِ، فَقُتِلَ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى النَّاسِ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ, فَقَاتَلَ عُمَيْرُ بن الْحُمَامِ حَتَّى قُتِلَ, ثُمَّ قَاتَلَ عَوْفُ بْنُ عَفْرَاءَ -وَهِيَ أُمُّهُ- حَتَّى قُتِلَ2. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَى الْمُشْرِكيِنَ بِحَفْنَةٍ مِنَ الْحَصْبَاءِ, وَقَالَ: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ" 3. وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: "شُدُّوا عَلَيْهِمْ". فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ، وَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفْرِ: فَقُتِلَ سَبْعُونَ وَأُسِرَ مِثْلُهُمْ. وَرَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْعَرِيشِ, وَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلَى الْبَابِ بِالسَّيْفِ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، يَخَافُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَرَّةَ الْعَدُوِّ. ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ: "إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا، فَمَنْ لَقِيَ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ بْنَ هَاشِمِ بْنِ الْحَارِثِ فَلَا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ الْعَبَّاسُ فَلَا يَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ مُسْتَكْرَهًا". فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ: أَنَقْتُلُ آبَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ؟ والله لئن لقيته لألجمنه بالسيف. فبلغت رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لِعُمَرَ: "يَا أَبَا حَفْصٍ! أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ"؟ فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي فَلْأَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ يَقُولُ: مَا أَنَا آمِنٌ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ يَوْمَئِذٍ، وَلَا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا، إِلَّا أَنْ تُكَفِّرَهَا عَنِّي الشَّهَادَةُ. فَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ4. وَكَانَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ أَكَفَّ الْقَوْمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَامَ فِي نَقْضِ الْصَحِيفَةِ. فَلَقِيَهُ الْمُجَذَّرُ بْنُ زِيَادٍ الْبَلَوِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ نَهَانَا عَنْ قَتْلِكَ. فَقَالَ: وَزَمِيلِي جُنَادَةُ اللَّيْثِيُّ؟ فَقَالَ الْمجذَّرُ: لَا وَاللَّهِ مَا أَمَرَنَا إِلَّا بِكَ وَحْدَكَ. فقال: لأموتن أنا وهو، ولا يَتَحَدَّثُ عَنِّي نِسَاءُ مَكَّةَ أَنِّي تَرَكْتُ زَمِيلِي حرصًا   1 "إسناده حسن": رواه الأموي، وحسنه الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" "237". 2 قصة عمير في "الصحيحين". 3 "حديث حسن": قال الهيثمي في "المجمع" "6/ 84": رواه الطبري وإسناده حسن, وهو كما قال. 4 اليمامة: موقعة دارات رحاها بين جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد وبين جيش مسيلمة الكذاب، وكان النصر حليفًا للمسلمين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 عَلَى الْحَيَاةِ. فَاقْتَتَلَا، فَقَتَلَهُ الْمُجَذَّرُ. ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ جَهَدْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْسِرَ، فَآتِيكَ بِهِ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يُقَاتِلَنِي. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ صَدِيقًا لِي بِمَكَّةَ. قَالَ فَمَرَرْتُ بِهِ وَمَعِي أَدْرَاعٌ قَدِ اسْتَلَبْتُهَا، فَقَالَ لِي: هَلْ لَكَ فيَّ، فَأَنَا خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأدراع. قُلْتُ: نَعَمْ، هَا الله إذن. وَطَرَحْتُ الأدراع، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَيَدِ ابْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، أَمَا لَكُمْ حَاجَةٌ فِي اللَّبَنِ؟ يَعْنِي: مَن أَسَرَنِي افْتَدَيْتُ مِنْهُ بِإِبلٍ كَثِيرَةِ اللَّبَنِ. ثُمَّ جِئْتُ أَمْشِي بِهِمَا1، فَقَالَ لِي أُمَّيَةُ: مَنِ الرَّجُلُ الْمُعَلَّمُ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ فِي صَدْرِهِ؟ قُلْتُ: حَمْزَةُ. قَالَ: ذَاكَ الَّذِي فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِيلَ. فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَقُودَهُمَا، إِذْ رَآهُ بِلَالٌ؛ وَكَانَ يُعَذِّبُ بِلَالًا بِمَكَّةَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: رَأْسُ الْكُفْرِ أُمَيَّةُ بن خلف, لا نجوت إن نجا. قال: أَتَسْمَعُ يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ مَا يَقُولُ. ثُمَّ صَرَخَ بِلَالٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَنْصَارَ اللَّهِ! رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إِنْ نَجَا. قَالَ: فَأَحَاطُوا بِنَا، وَأَنَا أَذُبُّ عَنْهُ. فَأَخْلَفَ رَجُلٌ السَّيْفَ، فَضَرَبَ رِجْلَ ابْنِهِ فَوَقَعَ، فَصَاحَ أُمَيَّةُ صَيْحَةً عَظِيمَةً، فَقُلْتُ: انْجُ بِنَفْسِكَ، وَلَا نَجَاءَ، فَوَاللَّهِ مَا أُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا. فَهَبَرُوهُمَا بِأَسْيَافِهِمْ. فَكَانَ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ بِلَالًا، ذَهَبَتْ أَدْرُاعِي، وَفَجَعَنِي بِأَسِيرَيَّ2. وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَجُلٍ مِنْ غِفَارٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي حَتَّى أَصْعَدْنَا فِي جَبَلٍ يُشْرِفُ بِنَا عَلَى بدر، ونحن مشركان، ننتظر الدَّائِرَةَ عَلَى مَنْ تَكُونُ، فَنَنْتَهِبُ. فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْجَبَلِ، إِذْ دَنَتْ مِنَّا سَحَابَةٌ، فَسَمِعْتُ فِيهَا حَمْحَمَةَ الْخَيْلِ، فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ. فَأَمَّا ابْنُ عَمِّي فَانْكَشَفَ قِنَاعُ قَلْبِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ، وَأَمَّا أَنَا فَكِدْتُ أَهْلَكَ، ثُمَّ تَمَاسَكْتُ. رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى الَّذِي بَعْدَهُ ابْنُ حَزْمٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بن   1 "إسناده صحيح": أخرجه ابن سيد الناس في "عيون الأثر" "1/ 399"، والطبري في "تاريخه" "2/ 35". 2 أخرجه البخاري في كتاب "الوكالة" "2301". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 رَبِيعَةَ قَالَ: لَوْ كَانَ مَعِي بَصَرِي وَكُنْتُ بِبَدْرٍ لَأَرَيْتُكُمُ الشِّعْبَ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رِجَالٍ، عن أبي داود المازني قال: إِنِّي لَأَتْبَعُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ لِأَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ، إِذْ وَقَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ سَيْفِي، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَتَلَهُ غَيْرِي. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا يَوْمَ بَدْرٍ2. وَأَمَّا أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فَاحْتَمَى فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ -وَهُوَ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ- وَبَقِيَ أَصْحَابُهُ يَقُولُونَ: أَبُو الْحَكَمِ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ. قَالَ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوح: فَلَمَّا سَمِعْتُهَا جَعَلْتُهُ مِنْ شَأْنِي، فَصَمَدْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ فَضَرَبْتُ ضَرْبَةً أَطَنَّتْ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ. فَوَاللَّهِ مَا أُشَبِّهُهَا حِينَ طَارَتْ إِلَّا بِالنَّوَاةِ تَطِيحُ مِنْ تَحْتِ مِرْضَخَةِ النَّوَى حِينَ تُضْرَبُ بِهَا, فَضَرَبَنِي ابْنُهُ عِكْرَمَةَ عَلَى عَاتِقِي فَطَرَحَ يَدِي، فَتَعَلَّقْتُ بِجِلْدَةٍ مِنْ جَنْبِي، وَأَجْهَضَنِي الْقِتَالُ عَنْهُ, فَلَقَدْ قَاتَلْتُ عَامَّةَ يَوْمِي، وَإِنِّي لَأَسْحبُها خَلْفِي. فَلَمَّا آذَتْنِي وَضَعْتُ عَلَيْهَا قَدَمِي, ثُمَّ تَمَطَّيْتُ بِهَا عَلَيْهَا حَتَّى طَرَحْتُهَا. قَالَ: ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى زَمَنِ عُثْمَانَ. ثُمَّ مَرَّ بِأَبِي جَهْلٍ مُعَوِّذُ بْنُ عَفْرَاءَ، فَضَرَبَهُ حَتَّى أَثْبَتَهُ، وَتَرَكَهُ وَبِهِ رَمَقٌ. وَقَاتَلَ مُعَوِّذٌ حَتَّى قُتِلَ. وَقُتِلَ أَخُوهُ عَوْفٌ قَبْلَهُ. وَاسْمُ أَبِيهِمَا: الْحَارِثُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الزُّرَقِيُّ. ثُمَّ مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِأَبِي جَهْلٍ حِينَ أَمَر النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْتِمَاسِهِ، وَقَالَ فِيمَا بَلَغَنَا: "إِنْ خَفِيَ عَلَيْكُمْ فِي الْقَتْلَى فَانْظُرُوا إِلَى أَثَرِ جُرْحٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَإِنِّي ازْدَحَمْتُ أَنَا وَهُوَ يَوْمًا عَلَى مَأْدُبَةٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ، وَنَحْنُ غُلامَانِ؛ وَكُنْتُ أَشَفَّ مِنْهُ بِيَسِيرٍ، فَدَفَعْتُهُ، فَوَقَعَ عَلَى رُكْبَتِهِ فَجُحِشَ فِيهَا". قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَوَجَدْتُهُ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي عَلَى عُنُقِهِ. وَقَدْ كَانَ ضَبَثَ بِي مَرَّةً بِمَكَّةَ، فَآذَانِي وَلَكَزَنِي3. فَقُلْتُ لَهُ: هل أخزاك الله يا   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "3/ 81" بإسناده فيه مجهولون، ولكن له شاهد عنده يتقوى به. 2 قتال الملائكة يوم بدر ثابت في "صحيح مسلم". انظر: كتاب "الجهاد" باب: "الإمداد بالملائكة يوم بدر". 3 لكزه: ضربه بجمع كفه في صدره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 عَدُوَّ اللَّهِ؟ قَالَ: وَبِمَاذَا أَخْزَانِي، وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ, أَخْبِرْنِي لِمَنِ الدَّائِرَةُ الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: لله ولرسوله1. قَالَ: لَقَدِ ارْتَقَيْتَ يَا رُوَيْعِيِّ الْغَنَمِ مُرْتَقًى صعبًا. قال فَاحْتَزَزْتُ رَأْسَهُ وَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلتُ: يا رسول الله! هَذَا رَأْسُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَهْلٍ. قَالَ: "آللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ2. وَأَلْقَيْتُ الرَّأْسَ بَيْنَ يَدَيَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى أَنْ يُطْرَحُوا فِي قَلِيبٍ هُنَاكَ. فَطُرِحُوا فِيهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَإِنَّهُ انْتَفَخَ فِي دِرْعِهِ فَمَلَأَهَا، فَذَهَبُوا لِيُخْرِجُوهُ فَتَزَايَلَ، فَأَقَرُّوهُ بِهِ، وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ فَغَيَّبُوهُ. فَلَمَّا أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ، وَقَفَ عَلَيْهِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُنَادِي أَقْوَامًا قَدْ جَيَّفُوا؟ فَقَالَ: "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لَا يستطيعون أَنْ يُجِيبُوا". وَفِي رِوَايَةٍ: فَنَادَاهُمْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ: "يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، وَيَا أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ". فَعَدَّدَ مَنْ كَانَ فِي الْقَلِيبِ3. زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، بِئْسَ عَشِيرَةُ النَّبِيِّ كُنْتُمْ لِنَبِيِّكُمْ؛ كَذَّبْتُمُونِي وَصَدَّقَنِي النَّاسُ، وَأَخْرَجْتُمُونِي وَآوَانِي النَّاسُ, وَقَاتَلْتُمُونِي وَنَصَرَنِي النَّاسُ". وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا سُحِبَ عُتبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ إِلَى الْقَلِيبِ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ ابْنِهِ، فَإِذَا هُوَ كَئِيبٌ مُتَغَيِّرٌ. فَقَالَ: "لَعَلَّكَ قَدْ دَخَلَكَ مِنْ شَأْنِ أَبِيكَ شَيْءٌ". قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا شَكَكْتُ فِي أَبِي وَلَا فِي مَصْرَعِهِ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَعْرِفُ مِنْهُ رَأْيًا وَحِلْمًا، فَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا أَصَابَهُ وَمَا مَاتَ عَلَيْهِ أَحْزَنَنِي ذَلِكَ. فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ لَهُ خَيْرًا. وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ، وَأَبُو قَيْسِ بْنُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وأبو قيس بن   1 "إسناده صحيح": أخرجه الحاكم في "المستدرك"، وذكره الحافظ في "الفتح" "7/ 345". 2 هذه القصة ذكرها ابن إسحاق بدون إسناد، وأصلها في "الصحيحين". 3 "حديث صحيح": أخرجه ابن إسحاق "2/ 74"، وصححه الألباني، والحديث له شواهد في "الصحيح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَعَلِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَالْعَاصُ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَدْ أَسْلَمُوا. فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حبسهم آباؤهم وَعَشَائِرُهُمْ، وَفَتَنُوهُمْ عَنِ الدِّينِ فَافْتَتَنُوا -نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدِّينِ- ثُمَّ سَارُوا مَعَ قَوْمِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقُتِلُوا جَمِيعًا. وَفِيهِمْ نَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] الْآيَةَ1. وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامَتِ -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- قَالَ: فِينَا أَهْلُ بَدْرٍ نَزَلَتِ الْأَنْفَالُ حِينَ تَنَازَعْنَا فِي الْغَنِيمَةِ وَسَاءَتْ فِيهَا أَخْلَاقُنَا. فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا وَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِهِ. فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى السَّوَاءِ2. ثُمَّ بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، بَشِيرَيْنِ إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ أُسَامَةُ: أَتَانَا الْخَبَرُ حِينَ سَوَّيْنَا عَلَى رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْرَهَا. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلَّفَنِي عَلَيْهَا مَعَ عُثْمَانَ. ثُمَّ قفل رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ الْأُسَارَى؛ فِيهِمْ: عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ مَضِيقِ الصَّفْرَاءِ قَسَّمَ النَّفْلِ. فَلَمَّا أَتَى الرَّوْحَاءَ لَقِيَهُ الْمُسْلِمُونَ يُهَنِّئُونَهُ بِالْفَتْحِ. فَقَالَ لَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ: مَا الَّذِي تُهَنِّئُونَنَا بِهِ؟ فَوَاللَّهِ إِنْ لَقِينَا إِلَّا عَجَائِزَ صُلْعًا كَالبُدْنِ الْمُعْقَلَةِ فَنَحَرْنَاهَا. فَتَبَسَّمَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "أَيِ ابْنَ أَخِي، أُولَئِكَ الْمَلَأُ". يَعْنِي الْأَشْرَافَ وَالرُّؤَسَاءَ. ثُمَّ قُتِلَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْعَبْدَرِيُّ بِالصَّفْرَاءِ. وَقُتِلَ بِعِرْقِ الظُّبْيَةِ3 عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. فَقَالَ عُقْبَةُ حِينَ أَمَر النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَتْلِهِ: مَنْ لِلصِّبْيَةِ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: "النَّارُ". فَقَتَلَهُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ. وَقِيلَ: عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَتْلِ عُقْبَةَ قَالَ: أَتَقْتُلُنِي يَا مُحَمَّدُ مِنْ بَيْنِ قُرَيْشٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ، أَتَدْرُونَ مَا صَنَعَ هَذَا   1 "حديث حسن": رواه ابن جرير "5/ 148"، وابن أبي حاتم في "تفسيره" "5865"، وأورده الحافظ في "الفتح" "8/ 112"، وحسنه الدكتور: أبو عمر نادي الأزهري في "المقبول من أسباب النزول" "249". 2 "إسناده منقطع": أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 323"، ومكحول لم ير أبا أمامة، وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، أخرجه أبو داود "2/ 737" وإسناده صحيح. 3 عرق الظبية: مكان بين مكة والمدينة، وبه مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 بِي؟ جَاءَ وَأَنَا سَاجِدٌ خَلْفَ الْمُقَامِ فَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي وَغَمَزَهَا، فَمَا رَفَعَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ عَيْنَيَّ سَتَنْدُرَانِ, وَجَاءَ مَرَّةً أُخْرَى بِسَلَى شَاةٍ فَأَلْقَاهُ عَلَى رَأْسِي وَأَنَا سَاجِدٌ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَغَسَلَتْهُ عَنْ رَأْسِي" 1. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ: مِهْجَعٌ، وَذُو الشِّمَالَيْنِ عُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيُّ، وَعَاقِلُ بْنُ الْبُكَيْرِ، وَصَفْوَانُ بْنُ بَيْضَاءَ، وَعُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَخُو سَعْدٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ الْمُطَّلِبِيُّ الَّذِي قَطَعَ رِجْلَهُ عُتْبَةُ، مَاتَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ بِالصَّفْرَاءِ2. وَهَؤُلاءِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. وَعُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ، وَابْنَا عَفْرَاءَ، وَحَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ الْحَارِثِ فُسْحُمُ، وَرَافِعُ بْنُ الْمُعَلَّى الزُّرَقِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ الْأَوْسِيُّ، وَمُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخُو أَبِي لُبَابَةَ. فَالْجُمْلَةُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا. وَقُتِلَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَهُمَا ابْنَا أَرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ. وَكَانَ شَيْبَةُ أَكْبَرَ بِثَلَاثِ سَنَوَاتٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ بِمُصَابِ قُرَيشٍ: الْحَيْسُمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ. فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: قُتِلَ عُقْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَأُمَّيَةُ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَنُبَيْهٌ، ومُنَبِّهٌ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ. فَلَمَّا جَعَلَ يُعَدِّدُ أَشْرَافَ قُرَيشٍ, قَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الْحِجْرِ: وَاللَّهِ إِنْ يَعْقِلْ هَذَا فَاسْأَلُوهُ عَنِّي. فقالوا: ما فعل صفوان؟ قال: ها هو ذَاكَ جَالِسٌ، قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْتُ أَبَاهُ وَأَخَاهُ حِينَ قُتِلَا. وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا للعباس وكان الإسلام قد دخلنا   1 عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: نادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسارى بدر, وكان فداء كل رجل منهم أربعة آلاف وقتل عقبة بن أبي معيط قبل الفداء قام إليه علي فقتله صبرًا. قال: من للعين يا رسول الله؟ قال: $"النار". رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله رجال الصحيح. 2 "إسناده حسن": رواه الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي والألباني من حديث ابن عباس، وفيه: فدفنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هناك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 أَهْلَ الْبَيْتِ، فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمْتُ, وَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ الْخِلَافَ وَيَكْتُمُ إِسْلَامَهُ، وَكَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ, وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، فَلَمَّا جَاءَهُ الْخَبَرَ بِمُصَابِ قُرَيْشٍ كَبَتَهُ اللَّهُ وَأَخْزَاهُ، وَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسَنَا قُوَّةً وَعِزًّا، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا، وَكُنْتُ أَنْحَتُ الْأَقْدَاحَ فِي حُجْرَةِ زَمْزَمَ, فَإِنِّي لَجَالِسٌ أَنْحَتُ أَقْدَاحِي، وَعِنْدِي أُمُّ الْفَضْلِ، وَقَدْ سَرَّنَا الْخَبَرُ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو لَهَبٍ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ بِشَرٍّ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى طُنُبِ الْحُجْرَةِ1، فَكَانَ ظَهْرُهُ إِلَى ظَهْرِي. فبَيْنَا هُوَ جَالِسٌ إِذْ قَالَ النَّاسُ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ قَدِمَ. فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: إِلَيَّ، فَعِنْدَكَ الْخَبَرُ. قَالَ: فَجَلَسَ إِلَيْهِ، وَالنَّاسُ قِيَامٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابن أَخِي، أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ لَقِينَا الْقَوْمَ فَمَنَحْنَاهُمْ أَكْتَافَنَا يَقْتُلُونَنَا كَيْف شَاءُوا وَيَأْسِرُونَنَا، وَايْمُ اللَّهِ مَا لُمْتُ النَّاسَ، لَقِينَا رِجَالًا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَاللَّهِ مَا تَلِيقُ شَيْئًا وَلَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَرَفَعْتُ طُنُبَ الْحُجْرَةِ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قُلْتُ: تِلْكَ وَاللَّهِ الْمَلَائِكَةُ. فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ فَضَرَبَ وَجْهِي ضَرْبَةً شَدِيدَةً. قَالَ: وَثَاوَرْتُهُ2، فَحَمَلَنِي وَضَرَبَ بِيَ الْأَرْضَ. ثُمَّ بَرَكَ عَلَيَّ يَضْرِبُنِي، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا. فَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِ الْحُجْرَةِ، فَأَخَذَتْهُ فضربته به ضربة، فلقيت فِي رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً، وَقَالَتْ: اسْتَضْعَفْتَهُ أَنْ غَابَ عَنْهُ سَيِّدُهُ؟ فَقَامَ مُوَلِّيًا ذَلِيلًا. فَوَاللَّهِ مَا عَاشَ إِلَّا سَبْعَ لَيَالٍ، حَتَّى رَمَاهُ اللَّهُ بِالْعَدَسَةِ3 فَقَتَلَتْهُ4. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَتَّقِي هَذِهِ الْعَدَسَةَ كَمَا يُتَّقَى الطَّاعُونُ. حَتَّى قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِابْنَيْهِ: وَيْحَكُمَا! أَمَا تَسْتَحِيَانِ أَنَّ أَبَاكُمَا قَدْ أَنْتَنَ فِي بَيْتِهِ لَا تَدْفِنَانَهُ؟ فَقَالَا: نَخْشَى عَدْوَى هَذِهِ الْقُرْحَةِ. فَقَالَ: انْطَلِقَا فَأَنَا أُعِينُكُمَا فَوَاللَّهِ مَا غَسَّلُوهُ إِلَّا قَذْفًا بِالْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ. ثُمَّ احْتَمَلُوهُ إِلَى أَعْلَى مَكَّةَ، فَأَسْنَدُوهُ إِلَى جِدَارٍ، ثُمَّ رَضَمُوا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْهُ بِمَعْنَاهُ. قَالَ: حدثني الحسين   1 طنب الحجرة: طرفها. 2 ثاورته: وثبت عليه. 3 العدسة: قرحة معدية وقاتلة كالطاعون. 4 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 89"، وقال: "رواه الطبراني في إسناده "حسين بن عبيد الله" وثقه أبو حاتم وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَاحَتْ قُرَيْشٌ عَلَى قَتْلَاهَا ثُمَّ قَالُوا: لَا تَفْعَلُوا فَيُبَلِّغَ مُحَمَّدًا وأصحابه فَيَشْمَتُوا بِكُمْ. وَكَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ قَدْ أُصِيبَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ وَلَدِهِ: زَمْعَةُ، وَعَقِيلٌ، وَالْحَارِثُ. فَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَبْكِيَ عَلَيْهِمْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى. فَقَدِمَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ فِي فِدَاءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو. فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْزَعُ ثَنِيَّتَيْ سُهَيْلٍ فَلَا يَقُومُ عَلَيْكَ خَطِيبًا فِي مَوْطِنٍ أَبَدًا فَقَالَ: "لَا أُمَثِّلُ بِهِ فَيُمَثِّلُ اللَّهُ بِي، وَعَسَى أَنْ يَقُومَ مَقَامًا لَا تَذُمَّهُ" 1. فَقَامَ فِي أَهْلِ مَكَّةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوٍ مِنْ خُطْبَةِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَانْسَلَّ الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ، فَفَدَى أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَانْطَلَقَ بِهِ. وَبَعَثَتْ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِدَاءِ زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الربيع ابن عَبْدِ شَمْسٍ بِمَالٍ. وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ, فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَقَّ لَهَا، وَقَالَ: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا مَالَهَا". قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَأَطْلَقُوهُ2. فَأَخَذَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُخَلِّي سَبِيلَ زَيْنَبَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ النِّسَاءِ. وَاسْتَكْتَمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ. وَبَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فقال: "كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زَيْنَبُ فَتَصْحَبَانَهَا حَتَّى تَأْتِيَانِي بِهَا". وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ. فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكَّةَ أَمَرَهَا بِاللُّحُوقِ بِأَبِيهَا، فَتَجَهَّزَتْ. فَقَدَّمَ أَخُو زَوْجِهَا كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بَعِيرًا، فَرَكِبَتْهُ وَأَخَذَ قَوْسَهُ وَكِنَانَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ بِهَا نَهَارًا يَقُودُهَا. فَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ رِجَالٌ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا. فَبَرَكَ كِنَانَةُ ونثر كنانته لما أدركوها بذي طوى،   1 قال الحافظ -رحمه الله- في "الإصابة" "3/ 146": "هذا الحديث موصول في "المحامليات" من طريق سعيد بن أبي هند عن عمرة عن عائشة -رضي الله عنها- به، ورجاله ثقات". ا. هـ. 2 "حسن": أخرجه أبو داود في "سننه" في كتاب "الجهاد" "2692"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2341": حسن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 فَرَوَّعَهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ بِالرُّمْحِ. فَقَالَ كِنَانَةُ: وَاللَّهِ لَا يَدْنُو مِنِّي رَجُلٌ إِلَّا وَضَعْتُ فِيهِ سَهْمًا. فَتَكَرْكَرَ النَّاسُ عَنْهُ. وَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ فِي أَجِلَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ كُفَّ عَنَّا نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ. فَكَفَّ. فَوَقَفَ عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ. خَرَجْتَ بْالْمَرْأَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ عَلَانِيَةً، وَقَدْ عَرَفْتَ مُصِيبَتَنَا وَنَكْبَتَنَا وَمَا دَخَلَ عَلَيْنَا مِنْ مُحَمَّدٍ، فَيَظُنُّ النَّاسُ إِذَا خَرَجْتَ بِابْنَتِهِ إِلَيْهِ عَلَانِيَةً أَنَّ ذَلِكَ عَلَى ذُلٍّ أَصَابَنَا، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَّا وَهْنٌ وَضَعْفٌ، وَلَعَمْرِي مَا بِنَا بِحَبْسِهَا عَنْ أَبِيهَا مِنْ حَاجَةٍ، وَلَكِنِ ارْجَعْ بِالْمَرْأَةِ، حَتَّى إِذَا هَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّا رَدَدْنَاهَا، فَسُلَّها سِرًّا وَأَلْحِقْهَا بِأَبِيهَا. قَالَ: فَفَعَلَ. ثُمَّ خَرَجَ بِهَا لَيْلًا، بَعْدَ ليال، فسلمها إلى زيد وصاحبه. فقدم بِهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ. فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الْفَتْحِ، خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ بِمَالِهِ، وَبِمَالٍ كَثِيرٍ لِقُرَيْشٍ, فَلَمَّا رَجَعَ لَقِيَتْهُ سَرِيَّةٌ فَأَصَابُوا مَا مَعَهُ، وَأَعْجَزَهُمْ هَارِبًا، فَقَدِمُوا بِمَا أَصَابُوا, وَأَقْبَلَ أَبُو الْعَاصِ فِي اللَّيْلِ، حَتَّى دَخَل عَلَى زَيْنَبَ، فَاسْتَجَارَ بِهَا فَأَجَارَتْهُ، وَجَاءَ فِي طَلَبِ مَالِهِ, فَلَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الصُّبْحِ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ، صَرَخَتْ زَيْنَبُ مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ. وَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى السَّرِيَّةِ الَّذِينَ أَصَابُوا مَالَهُ فَقَالَ: "إِنَّ هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أَصَبْتُمْ لَهُ مَالًا، فَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَرُدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي لَهُ، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ, وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَهُوَ فَيْءُ اللَّهِ الَّذِي أَفَاءَ عَلَيْكُمْ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ". قَالُوا: بَلْ نَرُدُّهُ. فَرَدُّوهُ كُلَّهُ, ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ، فَأَدَّى إِلَى كُلِّ ذِي مَالٍ مَالَهُ, ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ بَقِيَ لِأحَدٍ عِنْدِي مِنْكُمْ مَالٌ؟ قَالُوا: لَا، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ وَجَدْنَاهُ وَفِيًّا كَرِيمًا. قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده وَرَسُولُهُ, وَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي مِنَ الْإِسْلَامِ عِنْدَهُ إِلَّا تَخَوُّفُ أَنْ تَظُنُّوا أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ أَكْلَ أَمْوَالَكُمْ1. ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: رَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- زينب على النكاح الأول، لم يحدث شيئًا2.   1 "إسناده صحيح": أخرجه الحاكم في "مستدركه" "3/ 237"، وغيره. 2 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" في كتاب "الطلاق" "2240"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "1957": صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وَمِنَ الْأُسَارَى: الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ المخزومي، أسره عبد الله ابن جَحْشٍ، وَقِيلَ: سَلِيطُ الْمَازِنِيُّ. وَقَدِمَ فِي فِدَائِهِ أَخَوَاهُ: خَالِدُ بْنُ الْوَليِدِ، وَهِشَامُ بْنُ الْوَليِدِ، فَافْتَكَّاهُ بُأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَذَهَبَا بِهِ. فَلَمَّا افُتَدِيَ أَسْلَمَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: كَرِهْتُ أَنْ تَظُنُّوا بِي أَنِّي جَزِعْتُ مِنَ الْأَسْرِ. فَحَبَسُوهُ بِمَكَّةَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو لَهُ فِي الْقُنُوتِ، ثُمَّ هَرَبَ وَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ. وَتُوُفِّيَ قَدِيمًا؛ لَعَلَّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَكَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ: يَا عين فابكي للوليـ ... ـد بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَهْ قَدْ كَانَ غَيْثًا في السنيـ ... ـن وَرَحْمَةً فِينَا وَمِيرَهْ ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ مَاجِدًا ... يَسْمُو إِلَى طَلَبِ الْوَتِيرَهْ مِثْلُ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ ... أَبِي الْوَلِيدِ كَفَى الْعَشِيرَهْ وَمِنَ الْأَسْرَى: أَبُو عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيُّ. كَانَ مُحْتَاجًا ذَا بَنَاتٍ. قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ عَرَفْتَ أَنِّي لَا مَالَ لِي، وَأَنِّي ذُو حَاجَةٍ وَعِيَالٍ، فَامْنُنْ عَلَيَّ. فَمَنَّ عَلَيْهِ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُظَاهِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا. وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: جَلَسَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، بَعْدَ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ بِيَسِيرٍ، فِي الْحِجْرِ, وَكَانَ عُمَيْرُ مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيْشٍ، وَمِمَّنْ يُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ ابْنُهُ وُهَيْبٌ فِي الْأَسْرَى, فَذَكَرَ أَصْحَابَ الْقَلِيبِ وَمُصَابَهُمْ, فَقَالَ صَفْوَانُ: وَاللَّهِ إنْ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُم لَخَيْرٌ. فَقَالَ عُمَيْرٌ: صَدَقْتَ، وَاللَّهِ لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَيْسَ عِنْدِي لَهُ قَضَاءٌ، وَعِيَالٌ أَخْشَى عَلَيْهِمْ، لَرَكِبْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَإِنَّ لِي فِيهِمْ عِلَّةً؛ ابْنِي أَسِيرٌ فِي أَيْدِيهِمْ. فَاغْتَنَمَهَا صَفْوَانُ, فَقَالَ: علي دينك وعيالك. فال: فَاكْتُمْ عَلَيَّ. ثُمَّ شَحَذَ سَيْفَهُ1 وَسَمَّهُ، وَمَضَى إلى المدينة. فبينا عُمَرُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ يَوْمِ بَدْرٍ، إِذْ نَظَرَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِلَى عُمَيْرٍ حِينَ أَنَاخَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مُتَوَشِّحًا بِالسَّيْفِ. فَقَالَ: هَذَا الْكَلْبُ عَدُوُّ الله   1 شحذ سفيه: أحده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 عُمَيْرٌ، وَهُوَ الَّذِي حَزَرَنَا يَوْمَ بَدْرٍ1. ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذَا عُمَيْرٌ. قَالَ: "أَدْخِلْهُ عَلَيَّ". فَأَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى أَخَذَ بِحَمَّالَةِ سَيْفِهِ فِي عُنُقِهِ، فَلَبَّبَهُ بِهِ، وَقَالَ لِرِجَالٍ مِمَّنْ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ: ادْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاجْلِسُوا عِنْدَهُ وَاحْذَرُوا عَلَيْهِ هَذَا الْخَبِيثَ. ثُمَّ دَخَلَ بِهِ فَقَالَ: "أَرْسِلْه يَا عُمَرَ، أُدْنُ يَا عُمَيْرُ". فَدَنَا، ثُمَّ قَالَ: أَنْعِمُوا صَبَاحًا، قَالَ: "فَمَا جَاءَ بِكَ"؟ قَالَ: جِئْتُ لِهَذَا الْأَسِيرِ الَّذِي فِي أَيْدِيكُمْ. قال: "فما بال السيف فِي عُنُقِكَ"؟ قَالَ: قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ، وَهَلْ أَغْنَتْ شَيْئًا؟ قَالَ: "اصْدُقْنِي مَا الَّذِي جِئْتَ لَهُ"؟ قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَلِكَ. قَالَ: "بَلَى، قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ فِي الْحِجْرِ". وَقَصَّ لَهُ مَا قَالَا. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ وَأنَّكَ رَسُولُهُ, قَدْ كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبُكَ بِمَا تَأْتِينَا بِهِ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَحْضُرْهُ إِلَّا أَنَا وَصَفْوَانُ, فَوَاللَّهِ إنِّي لَأَعْلَمُ مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ، فَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ، وَأَقْرِئُوهُ الْقُرْآنَ, وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ". فَفَعَلُوا. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ جَاهِدًا عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ، شَدِيدَ الْأَذَى لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ اللَّهِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَأذَنَ لي فأقدم مكة فأدعو إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ. وَإِلا آذَيْتُهُمْ فِي دِينِهِمْ. فَأَذِنَ لَهُ وَلَحِقَ بِمَكَّةَ. وَكَانَ صَفْوَانُ يَعِدُ قُرَيْشًا يَقُولُ: أَبْشِرُوا بِوَقْعَةٍ تَأْتِيكُمُ الْآنَ تُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ. وَكَانَ صَفْوَانُ يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّكْبَانُ، حَتَّى قَدِمَ رَاكِبًا فَأَخْبَرَهُ عَنِ إِسْلَامِهِ، فَحَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَبَدًا وَلَا يَنْفَعُهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا. ثُمَّ أَقَامَ يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَامِ، وَيُؤْذِيهِمْ. فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ نَاسٌ كثير2.   1 حزرنا: قدر عددنا. 2 "إسناده حسن": أخرجه الطبري في "تاريخه" "2/ 44"، والواقدي في "المغازي "1/ 125"، وقال السيوطي في "الخصائص الكبرى "1/ 344": أخرجه الطبراني وأبو نعيم من طريق أبي عمران الجوني عن أنس -رضي الله عنه- موصولا بسند صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ غَزْوَةِ بَدْرٍ: وَهِيَ كَالشَّرْحِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِيهَا: قَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ، عن عبد الله بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا, فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ, وَكَانَ أُمَيَّةُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ إِذَا سَافَرَ إِلَى الشَّامِ, فَقَالَ لِسَعْدٍ: انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَغَفَلَ النَّاسُ فَطُفْ. قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ يَطُوفُ إِذْ أَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَتَطَوَّفُ آمِنًا وَقَدْ أَوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، وَتَلَاحِيَا1. فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لأُقَطِّعَنَّ عَلَيْكَ مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ. وَجَعَلَ أُمَيَّةَ يَقُولُ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ. فَغَضِبَ وقال: دعنا منك، فإني سمعت محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ. قَالَ: إِيَّايَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ. فَكَادَ أَنْ يُحْدِثَ. فَرَجَعَ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَتَعْلَمِينَ مَا قَالَ أَخِي الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَزْعَمُ أنه قاتلي. قالت: فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ. فَلَمَّا خَرَجُوا لِبَدْرٍ وَجَاءَ الصَّرِيخُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَمَا عَلِمْتَ مَا قَالَ الْيَثْرِبِيُّ. قَالَ: فَإِنِّي إِذَنْ لَا أَخْرُجُ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْوَادِي فَسِرْ مَعَنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ. فَسَارَ مَعَهُمْ، فَقُتِلَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ. وَفِيهِ، فَلَمَّا اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ وَقَالَ: أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ. كَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ. فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ إِنَّكَ مَتَى يَرَاكَ النَّاسُ تَخَلَّفْتَ, وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي, تَخَلَّفُوا مَعَكَ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَالَ: أَمَا إِذْ غَلَبْتَنِي فَوَاللَّهِ لَأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ. ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ جَهِّزِينِي فَمَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلَّا قَرِيبًا. فَلَمَّا خَرَجَ أَخَذَ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا عَقَلَ بَعِيرَهُ. فَلَمْ يَزَلْ بِذَاكَ حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ بِبَدْرٍ. وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ قَالَ: إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْ خَرَجَ مِنْ أَصْحَابِهِ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيشٍ الَّتِي قَدِمَ بِهَا أَبُو سُفْيَانَ مِنَ الشَّامِ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ مِيعَادٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} [الأنفال: 42] .   1 تلاحى الرجلان: تنازعا وتشاتما: "المعجم الوجيز" "554". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 رُؤْيَا عَاتِكَةَ: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "ح". قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَبْلَ مَقْدِمِ ضَمْضَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ عَلَى قُرَيْشِ مَكَّةَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ رُؤْيَا، فَأَصْبَحَتْ عَاتِكَةُ فَأَعْظَمَتْهَا، فَبَعَثَتْ إِلَى أَخِيهَا الْعَبَّاسَ فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَخِي لَقَدْ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا لَيَدْخُلَنَّ مِنْهَا عَلَى قَوْمِكَ شَرٌّ وَبَلَاءٌ. فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَتْ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ رَجُلًا أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ فَوَقَفَ بِالْأَبْطَحِ, فَقَالَ: انْفِرُوا يَا آلَ غُدُرٍ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلَاثٍ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ أُرِيَ بَعِيرَهُ دَخَلَ بِهِ الْمَسْجِدَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ. ثُمَّ مَثَلَ بِهِ بَعِيرُهُ فَإِذَا هُوَ عَلَى رَأْسِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: انْفِرُوا يَا آلَ غُدُرٍ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلَاثٍ. ثُمَّ أُرِيَ بَعِيرَهُ مَثَلَ بِهِ عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ، فَقَالَ: انْفِرُوا يَا آلَ غَدْرٍ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلاثٍ. ثُمَّ أَخَذَ صَخْرَةً فَأَرْسَلَهَا مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ فَأَقْبَلَتْ تَهْوِي، حَتَّى إِذَا كَانَتْ فِي أَسْفَلِهِ ارْفَضَّتْ فَمَا بَقِيَتْ دَارٌ مِنْ دُورِ مَكَّةَ وَلَا بَيْتٌ إِلَّا دَخَلَ فِيهِ بَعْضُهَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا، فَاكْتُمِيهَا. فَقَالَتْ: وَأَنْتَ فَاكْتُمْهَا، لَئِنْ بَلَغَتْ هَذِهِ قُرَيْشًا لَيُؤْذُنَّنَا. فَخَرَجَ الْعَبَّاسُ مِنْ عِنْدِهَا، فَلَقِيَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ -وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا- فَذَكَرَهَا لَهُ وَاسْتَكْتَمَهُ. فَذَكَرَهَا الْوَلِيدُ لِأَبِيهِ، فَتَحَدَّثَ بِهَا، فَفَشَا الْحَدِيثُ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَغَادٍ إِلَى مَكَّةَ لِأَطُوفَ بِهَا، فَإِذَا أَبُو جَهْلٍ فِي نَفَرٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا أَبَا الْفَضْلِ تَعَالَ. فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ, فَقَالَ: مَتَى حَدَّثَتْ هَذِهِ النَّبِيَّةُ فِيكُمْ؟ مَا رَضِيتُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ تَنَبَّأَ رِجَالُكُمْ حَتَّى تَتَنَبَّأَ نِسَاؤُكُمْ، سَنَتَرَبَّصُ بِكُمْ هَذِهِ الثَّلَاثَ الَّتِي ذَكَرَتْ عاتكة، فإن كان حقًّا فسيكون، وإلا كتبنا عَلَيْكُمْ كِتَابًا أَنَّكُمْ أَكْذَبُ أَهْلِ بَيْتٍ فِي الْعَرَبِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا كَانَ مِنِّي إِلَيْهِ مِنْ كَبِيرٍ، إِلَّا أَنِّي أَنْكَرْتُ مَا قَالَتْ، وقلت: ما رأت شيئًا ولا سمعت بِهَذَا، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ لَمْ تَبْقَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَّا أَتَتْنِي, فَقُلْنَ: صَبَرْتُمْ لِهَذَا الْفَاسِقِ الْخَبِيثِ أَنْ يَقَعَ فِي رِجَالِكُمْ، ثُمَّ قَدْ تَنَاوَلَ النِّسَاءَ وَأَنْتَ تَسْمَعُ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ غِيَرٌ. فَقُلْتُ: قَدْ وَاللَّهِ صَدَقْتُنَّ وَمَا كَانَ عِنْدِي فِي ذَلِكَ مِنْ غِيَرٍ إِلَّا أَنِّي أَنْكَرْتُ. وَلَأَتَعَرَّضَنَّ لَهُ، فَإِنْ عَادَ لَأَكْفِيكَنَّهُ. فَغَدَوْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَتَعَرَّضُ لَهُ لِيَقُولَ شَيْئًا فُأَشَاتِمَهُ. فَوَاللَّهِ إِنِّي لمقبل نحوه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 وَكَانَ رَجُلًا حَدِيدَ الْوَجْهِ، حَدِيدَ النَّظَرِ، حَدِيدَ اللِّسَانِ، إِذْ وَلَّى نَحْوَ بَابِ الْمَسْجِدِ يَشْتَدَّ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، كُلُّ هَذَا فَرَقًا1 أَنْ أُشَاتِمَهُ. وَإِذَا هُوَ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ أَسْمَعْ، صَوْتَ ضَمْضَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِالْأَبْطَحِ2؛ قَدْ حَوَّلَ رَحْلَهُ وَشَقَّ قَمِيصَهُ وَجَدَّعَ بَعِيرَهُ3؛ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اللَّطِيمَةَ اللَّطِيمَةَ4! أَمْوَالُكُمْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، قَدْ عَرَضَ لَهَا مُحَمَّدٌ، فَالْغَوْثَ الْغَوْثَ! فَشَغَلَهُ ذَلِكَ عَنِّي، وَشَغَلَنِي عَنْهُ. فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا الْجِهَازُ حَتَّى خَرَجْنَا، فَأَصَابَ قُرَيْشًا مَا أَصَابَهَا يَوْمَ بَدْرٍ. فَقَالَتْ عَاتِكَةُ: أَلَمْ تَكُنِ الرُّؤْيَا بِحَقٍّ وَجَاءَكُمْ ... بِتَصْدِيقِهَا فَلٌّ مِنَ الْقَوْمِ هَارِبُ فَقُلْتُمْ وَلَمْ أَكْذِبْ كَذَبْتِ وَإِنَّمَا ... يُكَذِّبُنَا بِالّصِّدْقِ مَنْ هُوَ كَاذِبُ5 وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَكُنَّا -أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ- نَتَحَدَّثُ أَنْ عِدَّةَ أَهْلِ بَدْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، كَعِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهْرَ، وما جازه إلا مؤمن. أخرجه البخاري. وقال: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَوْمَ بَدْرٍ نَيِّفًا وَثَمَانِينَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: حدثني يزيد بن أبي حَبِيبٍ، حَدَّثَنِي أَسْلَمُ أَبُو عِمْرَانَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ: هَلْ لَكُمْ أَنْ نَخْرُجَ فَنَلْقَى الْعِيرَ لَعَلَّ اللَّهَ يَغْنِمُنَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ. فَخَرَجْنَا، فَلَمَّا سِرْنَا يومًا أو يومين أمرنا أن نتعاد، ففعلا، فَإِذَا نَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلا، فَأَخْبَرْنَاهُ بِعِدَّتِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ وَحَمِدَ اللَّهَ، وَقَالَ: عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عشر من   1 الفرق: الخوف. 2 الأبطح: يضاف إلى مكة وإلى منى، وقيل: هو أقرب إلى منى. "معجم البلدان" "1/ 74". 3 جدع بعيره: قطع أنفه. 4 اللطيمة اللطيمة: الإبل التي تحمل البز والطيب. 5 قال الهيثمي في "المجمع" "6/ 72": رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 الْمُقَاتِلَةِ كَمَا خَرَجَ طَالُوتَ فَدَعَا لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجَ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمْ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمْ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ جِياعٌ فَأَشْبِعْهُمْ". فَفَتَحَ الله لهم، فانقلبوا وما منهم رجل إلى وَقَدْ رَجَعَ بِجَمَلٍ أَوْ جَمَلَيْنِ، وَاكْتَسَوْا وَشَبِعُوا1. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَوْمَ بَدْرٍ فَارِسٌ غَيْرَ الْمِقْدَادَ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ: إِنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ وَمَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ نَائِمٌ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا مِنَّا أَحَدٌ فَارِسٌ يومئذ إلا المقداد. رواه شعبة عنه2. وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: مَا كَانَ مَعَنَا إِلا فَرَسَانِ: فَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الْبَهِيِّ قَالَ: كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَارِسَانِ، الزُّبَيْرُ عَلَى الْمَيْمَنَةِ، وَالْمِقْدَادُ عَلَى الْمَيْسَرَةِ. وَقَالَ عُرْوَةُ: كَانَ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى سِيمَا الزُّبَيْرِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا يَوْمَ بَدْرٍ نَتَعَاقَبُ ثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، فَكَانَ عَلِيُّ وَأَبُو لُبَابَةَ زَمِيلَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. فكانت إذا حانت عُقْبَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولَانِ لَهُ: ارْكَبْ حَتَّى نَمْشِيَ. فَيَقُولُ: "إِنِّي لَسْتُ بِأَغْنَى عَنِ الْأَجْرِ مِنْكُمَا، وَلَا أَنْتُمَا بأقوى عَلَى الْمَشْيِ مِنِّي" 3. الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَغَازِي: مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ بَدَلُ أَبِي لُبَابَةَ. فَإِنَّ أَبَا لُبَابَةَ رَدَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا إلا قرشي أو أنصاري أو حليف لهما.   1 "حديث حسن": أخرجه أبو داود "1/ 131"، والحاكم "2/ 145"، وصححه على شرط مسلم، وقال الحافظ في "الفتح" "7/ 223": إسناده حسن. 2 رواه ابن خزيمة في "صحيحه": وصدره المنذري في "الترغيب" بلفظة "عن" فهو مقبول عنده. 3 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "3901"، والحاكم "3/ 20"، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، وقال الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي: "سنده حسن". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 وَعَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ مِنَ الْمَوَالِي. وَقَالَ عَمْرٌو الْعَنْقَزِيُّ، أَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَخَذْنَا رَجُلَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ: أَحَدُهُمَا عَرَبِيٌّ وَالْآخَرُ مَوْلًى، فَأَفْلَتَ الْعَرَبِيُّ وَأَخَذْنَا الْمَوْلَى؛ مَوْلًى لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ؛ فَقُلْنَا: كَمْ هُمْ؟ قَالَ: كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ. فَجَعَلْنَا نَضْرِبُهُ. حَتَّى انْتَهَيْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَمْ يَنْحَرُونَ مِنَ الْجَزُورِ"؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "القوم أَلْفٌ، لِكُلِّ جَزُورٍ مِائَةٌ" 1. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي بَكْرٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا نَبْنِي لَكَ عَرِيشًا، فَتَكُونَ فِيهِ، وَنُنِيخُ لَكَ رَكَائِبِكَ وَنَلْقَى عَدُوَّنَا، فَإِذَا أَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَذَاكَ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَتَجْلِسُ عَلَى رَكَائِبِكَ وَتَلْحَقُ بِمَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا؟ فَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْكَ أَقْوَامٌ مَا نَحْنُ بِأَشَدَّ لَكَ حُبًّا مِنْهُمْ، وَلَوْ عَلِمُوا أَنَّكَ تَلْقَى حَرْبًا مَا تَخَلَّفُوا عَنْكَ، وَيُوَادُّونَكَ وَيَنْصُرُونَكَ. فَأَثْنَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْرًا وَدَعَا لَهُ. فَبُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَرِيشٌ، فَكَانَ فِيهِ وَأَبُو بَكْرٍ مَا مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا. وَقَالَ خ: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ مَشْهَدًا لَأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ به: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ قوم موسى لموسى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ، وَلَكِنْ نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ وَمِنْ بَيْنَ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشْرَقَ وَجْهُهُ لِذَلِكَ، وَسَرَّهُ2. وَقَالَ م د حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَدَبَ أَصْحَابَهُ فَانْطَلَقَ إِلَى بَدْرٍ، فَإِذَا هُمْ بِرَوَايَا قُرَيْشٍ3، فِيهَا عَبْدٌ أَسْوَدُ لِبَنِي الْحَجَّاجِ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ: أَيْنَ أَبُو سفيان؟ فيقول: والله ما لي بشيء   1 "إسناده صحيح". 2 تقدم قريبًا. 3 روايا قريش: هي الإبل التي يسقى الماء عليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 مِنْ أَمْرِهِ عِلْمٌ، وَلَكِنْ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ جَاءَتْ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. قَالَ: فَإِذَا قَالَ لهم ذلك ضربوه. فيقول: دعوني دَعُونِي أُخْبِرْكُمْ. فَإِذَا تَرَكُوهُ قَالَ كَقَوْلِهِ سَوَاءً. والنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي وَهُوَ يَسْمَعُ ذَلِكَ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَتَضْرِبُونَهُ إِذَا صَدَقَكُمْ وَتَدَعُونَهُ إِذَا كَذَبَكُمْ". هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ لِتَمْنَعَ أَبَا سُفْيَانَ. قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وقال رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم: "هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا"؛ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الأرض. "وهذا مصرع فلان"؛ ووضع يده على الأرض، "وهذا مصرع فلان"؛ ووضع يده على الْأَرْضِ. قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا جَاوَزَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِأَرْجُلِهِمْ، فَسُحِبُوا فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ. صَحِيحٌ. وَقَالَ حَمَّادٌ أَيْضًا، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ -كَذَا قَالَ، وَالْمَعْرُوفُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ- فَقَالَ: إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لأَخَضْنَاهَا. وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا. قَالَ: فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا. وَسَاقَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ هَذَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَخْصَرَ مِنْهُ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَدَّثَنَا عُمَرُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيُخْبِرُنَا عَنْ مَصَارِعِ الْقَوْمِ بِالْأَمْسِ: "هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا". فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، مَا أَخْطَئُوا تِلْكَ الْحُدُودَ، وَجَعَلُوا يُصْرَعُونَ حَوْلَهَا. ثُمَّ أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ2. وَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا؟ فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لما أقول منهم، ولكنهم   1 تقدم قبل قليل. 2 تقدم قبل قليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ". وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: مَا كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرُ الْمِقْدَادِ عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِمٌ إِلا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَحْتَ سَمُرَةٍ يُصَلِّي وَيَبْكِي، حَتَّى أَصْبَحَ1. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مَوْهِبٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَوْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَاتَلْتُ شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ، ثُمَّ جِئْتُ لِأَنْظُرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا فَعَلَ؟ فَجِئْتُ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ". لَا يُزِيدُ عَلَيْهَا. فَرَجَعْتُ إِلَى الْقِتَالِ، ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ أَيْضًا. غَرِيبٌ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مُنَاشِدًا يَنْشُدُ حَقًّا أَشَدَّ مِنْ مُنَاشَدَةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ؛ جَعَلَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدْ". ثُمَّ الْتَفَتَ وَكَأَنَّ شَقَّ وَجْهَهُ الْقَمَرُ؛ فَقَالَ: "كَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى مَصَارِعَ الْقَوْمِ عَشِيَّةَ بَدْرٍ". وَقَالَ خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ وَهُوَ في قبته يَوْمَ بَدْرٍ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا". فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: حَسْبُكَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ؛ وَهُوَ فِي الدِّرْعِ. فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ، بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 45-46] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عِكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ سِمَاكُ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَتَسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا. فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبِّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لك ما وعدك.   1 تقدم قبل قليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ1. فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتُ الْفَارِسِ يَقُولُ: أقدِمْ حَيْزومَ. إِذْ نَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعَ. فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ ذَاكَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "صَدَقْتَ، ذَاكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ". فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ بَعْدَمَا ذَهَبَ بَصَرُهُ: يَا ابْنَ أَخِي، وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ بِبَدْرٍ، ثُمَّ أَطْلَقَ اللَّهُ لِي بَصَرِي لَأَرَيْتُكَ الشِّعْبَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْنَا مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ، غَيْرُ شَكٍّ وَلَا تَمَارٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثَنَا ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ أَبْشِرْ هَذَا جِبْرِيلُ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَةٍ 2 صَفْرَاءَ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ, فَلَمَّا نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، تَغَيَّبَ عَنِّي سَاعَةً ثُمَّ طَلَعَ، عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ يَقُولُ: أَتَاكَ نَصْرُ اللَّهِ إِذْ دَعَوْتُهُ". وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: "هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ رَأْسَ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمَعِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحُوَيْرِثِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْتَحُ مَنْ قَلِيبِ بَدْرٍ إِذْ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا ثُمَّ ذَهَبَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ كَالَّتِي قَبْلَهَا. فَكَانَتِ الريح الأولى جبريل نزل في ألف   1 أخرجه مسلم "5/ 156, 157"، وأحمد برقم "208". 2 الاعتجار: لف العمامة دون التلحي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَكَانَتِ الثَّانِيَةُ مِيكَائِيلَ نَزَلَ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَجَاءَتْ رِيحٌ ثَالِثَةٌ كَانَ فِيهَا إِسْرَائِيلُ فِي أَلْفٍ. فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ أَعْدَاءَهُ حَمَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَرَسِهِ، فَجَرَتْ بِي، فَوَقَعْتُ عَلَى عَقِبَيَّ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ فَأَمْسَكْتُ. فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ عَلَيْهَا طَعَنْتُ بِيَدِي هَذِهِ فِي الْقَوْمِ حَتَّى اخْتَضَبَ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى إِبِطِهِ. غَرِيبٌ. وَمُوسَى فِيهِ ضَعْفٌ. وَقَوْلُهُ: "حَمَلَنِي عَلَى فَرَسِهِ" لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْحِمْيَرِيُّ، ثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: قَالَ أَبِي: يَا بُنَيَّ لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيُشِيرُ بِسَيْفِهِ إِلَى رَأْسِ الْمُشْرِكِ فَيَقَعُ رَأْسُهُ عَنْ جَسَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ السَّيْفُ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ مُقْسِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَتْ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ عَمَائِمَ بِيضًا قَدْ أَرْسَلُوهَا فِي ظُهُورِهِمْ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عَمَائِمَ حُمْرًا. وَلَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ فِي يَوْمٍ سِوَى يَوْمِ بَدْرٍ. وَكَانُوا يَكُونُونَ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَيَّامِ عَدَدًا وَمَدَدًا. وَجَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأنفال: 12] ؛ وذكر الْوَاقِدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ؛ حَدَّثَهُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ الْمَلَكُ يُتَصَوَّرُ فِي صُورَةِ مَنْ يُعْرَفُونَ مِنَ النَّاسِ، يُثَبِّتُونَهُمْ، فَيَقُولُ: إِنِّي قَدْ دَنَوْتُ مِنْهُمْ فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: لَوْ حَمَلُوا عَلَيْنَا مَا ثَبَتْنَا. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، أَصَبْنَا مِنْ ثِمَارِهَا فَاجْتَوَيْنَاهَا وَأَصَابَنَا بِهَا وَعْكٌ. فَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَبَّرُ عَنْ بَدْرٍ. فَلَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَقْبَلُوا، سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بدر -وهي بئر-   1 أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 405"، وإسناده ضعيف، ورواه مسلم في "صحيحه" في "كتاب الجهاد" عن ابن عباس في حديث طويل وفيه: "بينما رجل من المسلمين يومئ أشد فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ، وَصَوْتُ الْفَارِسِ يَقُولُ: أقدم حيزوم. فنظر إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كضربة السوط". الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 فَسَبَقْنَا الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهَا. فَوَجَدْنَا فِيهَا رَجُلَيْنِ: رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَمَوْلَى لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. فَأَمَّا الْقُرَشِيُّ فَانْفَلَتَ، وَأَمَّا مَوْلَى عُقْبَةَ فَأَخَذْنَاهُ فَجَعَلْنَا نَقُولُ لَهْ: كَمِ الْقَوْمُ؟ فَيَقُولُ: هُمْ وَاللَّهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ. فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ. حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: "كَمِ الْقَوْمُ"؟ قَالَ: هُمْ وَاللَّهِ كَثِيرٌ عددهم شديد بأسهم. فجهد أن يخبره كَمْ هُمْ فَأَبَى, ثُمَّ سَأَلَهُ: "كَمْ يَنْحَرُونَ كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الْجَزُورِ"؟ فَقَالَ: عَشَرَةَ. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْقَوْمُ أَلْفٌ، كُلُّ جَزُورٍ لِمِائَةٍ وَتَبِعَهَا" 1. ثُمَّ إِنَّهُ أَصَابَنَا مِنَ اللَّيْلِ طَشٌّ مِنْ مَطَرٍ، فَانْطَلَقْنَا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا. وَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو رَبَّهُ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكَ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ". فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ". فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَضَّ عَلَى الْقِتَالِ. ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ جَمْعُ قُرَيْشٍ عِنْدَ هَذِهِ الضِّلْعِ الْحَمْرَاءِ مِنَ الْجَبَلِ". فَلَمَّا دَنَا الْقَوْمُ مِنَّا وَصَافَفْنَاهُمْ إِذَا رجل منهم يسير فِي الْقَوْمِ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَلِيُّ نَادِ لِي حَمْزَةَ" -وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ- مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ؟ وَمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ؟ ثم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ يَكُ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ يَأْمُرُ بِخَيْرٍ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ". فَجَاءَ حَمْزَةُ فَقَالَ: هُوَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُوَ يَنْهَى عَنِ الْقِتَالِ وَيَقُولُ: يَا قَوْمُ إِنِّي أَرَى أَقْوَامًا مُسْتَمِيتِينَ لَا تَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَفِيكُمْ خَيْرٌ. يَا قَوْمُ اعْصِبُوهَا الْيَوْمَ بِرَأْسِي وَقُولُوا جَبُنَ عُتْبَةُ، وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي لَسْتُ بِأَجْبَنِكُمْ. فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: أَنْتَ تَقُولُ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا لَأْعَضَضْتُهُ, قَدْ مَلَأَتْ رِئَتُكَ جَوْفَكَ رُعْبًا، فَقَالَ: إياي تعني يا مصفر اسْتَهُ! سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أيُّنَا أَجْبَنُ؟ فَبَرَزَ عُتْبَةُ وَابْنُهُ الْوَلِيدُ وَأَخُوهُ شَيْبَةُ. فَقَالَ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَخَرَجَ مِنَ الْأَنْصَارِ شَبَبَةُ، فَقَالَ عُتْبَةُ: لَا نُرِيدُ هَؤُلَاءِ، وَلَكِنْ يُبَارِزُنَا مِنْ بَنِي عَمِّنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ". فَقَتَلَ اللَّهُ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ؛ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ. وَجُرِحَ عُبَيْدَةُ. فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَصِيرٌ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَسِيرًا فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ مَا أَسَرَنِي، وَلَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ مِنْ أحسن الناس وجهًا، على فرس أبلق،   1 تقدم تخريجه قبل قليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 مَا أَرَاهُ فِي الْقَوْمِ. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: "اسْكُتْ، فَقَدْ أَيَّدَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ". قَالَ: فَأُسِرَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: الْعَبَّاسُ، وَعَقِيلٌ، وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ قَلُّوا فِي أَعْيُنِنَا يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قُلْتُ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِي: أَتَرَاهُمْ سَبْعِينَ؟ قَالَ: أَرَاهُمْ مِائَةً. فَأَسَرْنَا رَجُلًا فَقُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: أَلْفًا. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: "قُومُوا إلى جنة عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ". قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: بَخٍ بَخٍ! قَالَ: "مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ"؟ 1 قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءٌ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ: "فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا". فَأَخْرَجَ تُمَيْرَاتٍ مِنْ قَرْنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ. فَرَمَى بِهِنَّ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حين اصْطَفَفْنَا يَوْمَ بَدْرٍ: " إِذَا أَكْثَبُوكُمْ -يَعْنِي: غَشَوْكُمْ- فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ، وَاسْتَبِقُوا نَبْلَكُمْ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِعَارَ الْمُهَاجِرِينَ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَشِعَارَ الْخَزْرَجِ: يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ. وَشِعَارَ الْأَوْسِ: يَا بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ. وَسَمَّى خَيْلَهُ: خَيْلَ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَابْنَةُ عَمِّهِ سِتُّ الْأَهْلِ بِنْتُ عُلْوَانَ -سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ- وَآخَرُونَ, قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَتْنَا شَهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ طَلْحَةَ، أَنَا أَبُو عمر عبد الواحد بن مهدي، ثنا   1 بخ بخ: كلمة تقال عند الرضا، والإعجاب بالشيء. "المعجم الوجيز" "38". 2 أخرجه مسلم في كتاب "الإمارة" "3/ 145، 1905-1906" بنحوه، وأحمد في "المسند" "3/ 136" وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 الْحُسَيْنُ بْنُ إٍسماعيل، ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ، ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو هَاشِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يُقْسِمُ قَسَمًا: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] ؛ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ؛ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1 عَنْ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ وَغَيْرِهِ. وَمُسْلِمٌ2 عَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ يَحْيَى بْنِ دِينَارٍ الرُّمَّانِيِّ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّدُوسِيِّ الْبَصْرِيِّ. وَهُوَ مِنَ الْأَبْدَالِ الْعَوَالِي. وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ الْمُطَّلِبِيُّ، أُمَّهُ ثَقَفِيَّةٌ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَشْرِ سِنِينَ، أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِي وَقْتٍ. وَهَاجَرَ هُوَ وَأَخَوَاهُ الطُّفَيْلُ وَالْحُصَيْنُ. وَكَانَ عُبَيْدَةُ كَبِيرَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مربوعًا مَلِيحًا، تُوُفِّيَ بِالصَّفْرَاءِ. وَهُوَ الَّذِي بَارَزَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ جَهَّزَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سِتِّينَ رَاكِبًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَمَّرَهُ عَلَيْهِمِ؛ فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِوَاءَ عُبَيْدَةَ. فَالْتَقَى بِقُرَيْشٍ وَعَلَيْهِمْ أَبُو سُفْيَانَ عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْمَرَةِ، فَكَانَ أَوَّلَ قِتَالٍ فِي الْإِسْلَامِ. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ عَنِ الزهري، عن عبد الله بن ثأقطعنا لِلرَّحِمِ وَآتَانَا بِمَا لَا يَعْرِفُ، فَأَحْنِهِ الْغَدَاةَ. فَقُتِلَ فَفِيهِ أُنْزِلَتْ: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} علبة بْنِ صُعَيْرٍ أَنَّ الْمُسْتَفْتِحَ يَوْمَ بَدْرٍ أَبُو جهل. قال لما التقى الجمعان: اللهم [الأنفال: 19] 3. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32] ، فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ   1 في كتاب "المغازي". باب: "قتل أبي جهل". 2 في "صحيحه" "3033". 3 "صحيح": أخرجه النسائي في "الكبرى" في كتاب "التفسير" "6/ 350، 11201"، وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} [الأنفال: 34] ، قال: يوم بدر بالسيف. قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْهُ. وَبِهِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: 7] قَالَ: أَقْبَلَتْ عِيرُ أَهْلِ مَكَّةَ تُرِيدُ الشَّامَ -كَذَا قَالَ- فَبَلَغَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ذَلِكَ، فَخَرَجُوا وَمَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُونَ الْعِيرَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ مَكَّةَ فَأَسْرَعُوا السَّيْرَ، فَسَبَقَتِ الْعِيرُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ اللَّهُ وَعَدَهُمْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ. وَكَانُوا أَنْ يَلْقَوْا الْعِيرَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ، وَأَيْسَرَ شَوْكَةً وَأَحْضَرَ مَغْنَمًا. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ الْقَوْمَ، فَكَرِهَ الْمُسْلِمُونَ مَسِيرَهُمْ لِشَوْكَةِ الْقَوْمِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَاءِ رَمْلَةٌ دِعْصَةٌ، فَأَصَابَ الْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ شَدِيدٌ، وَأَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِهِمُ الْقَنَطَ يُوَسْوِسُهُمْ: تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ، وَقَدْ غَلَبَكُمُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمَاءِ، وَأَنْتُمْ كَذَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا شَدِيدًا، فَشَرِبَ الْمُسْلِمُونَ وَتَطَهَّرُوا. فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ. وَصَارَ الرَّمْلُ؛ يَعْنِي مُلَبَّدًا. وَأَمدَّهُمُ اللَّهُ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَجَاءَ إِبْلِيسُ فِي جُنْدٍ مِنَ الشَّيَاطِينِ، مَعَهُ رَايَتُهُ فِي صُورَةِ رِجَالٍ مِنَ بَنِي مُدْلِجٍ، وَالشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ لِلْمُشْرِكِينَ: {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: 48] فَلَمَّا اصْطَفَّ الْقَوْمُ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: اللَّهُمَّ أَوْلَانَا بِالْحَقِّ فَانْصُرْهُ. وَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- يده فقال: "يا رب إِنَّكَ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ فَلَنْ تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا". فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: خُذْ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ. فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِهِمْ. فَمَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا أَصَابَ عَيْنَيْهِ وَمِنْخَرَيْهِ وَفَمَهُ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ. وَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ إِلَى إِبْلِيسَ، فَلَمَّا رَآهُ وَكَانَتْ يَدُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ نَزَعَ يَدَهُ وَوَلَّى مُدْبرًا وشيعته. فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا سُرَاقَةُ، أَمَا زَعَمْتَ أَنَّكَ لَنَا جَارٌ؟ قَالَ: {إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} [الأنفال: 48] .   1 رواه البخاري في كتاب "التفسير" سورة الأنفال، ومسلم في كتاب "التوبة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، أَنَا صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: إِنِّي لَوَاقفٌ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الصّفِّ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمَا. فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلُعٍ مِنْهُمَا. فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمَّ أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا. فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ. فَغَمَزَنِي الْآخَرُ فَقَالَ لِي مِثْلَهَا. فَلَمْ أنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ يَجُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ: أَلَا تَرَيَانِ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ. فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلَاهُ. ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَاهُ. فَقَالَ: "أَيُّكُمَا قَتَلَهُ"؟ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ. فَقَالَ: "هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا"؟ قَالَا: لَا. قَالَ: فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ: "كِلَاهُمَا قَتَلَهُ". وَقَضَى بِسَلْبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْآخَرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ"؟ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرُدَ2. قَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ؟ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ. فَقَالَ: هَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ أَخْرَجَهُ خ م. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَتَى أَبَا جَهْلٍ فَقَالَ: قَدْ أَخْزَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ: هَلْ أَعْمَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ: ثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيعٌ، وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ، وَمَعَهُ سَيْفٌ جَيِّدٌ، وَمَعِي سَيْفٌ رَثٌّ. فَجَعَلْتُ أَنْقُفُ رَأْسَهُ بِسَيْفِي، وَأَذْكُرُ نَقفًا كَانَ يَنْقُفُ رَأْسِي بِمَكَّةَ، حَتَّى ضَعُفَتْ يَدِي، فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: عَلَى مَنْ كَانَتِ الدَّبَرَةُ، لَنَا أَوْ عَلَيْنَا؟ أَلَسْتَ رُوَيْعِينَا بِمَكَّةَ؟ قَالَ: فَقَتَلْتُهُ. ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: قَتَلْتُ أَبَا جَهْلٍ. فَقَالَ: "آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ"؟ فَاسْتَحْلَفَنِي ثَلَاثَ مِرَارٍ. ثُمَّ قَامَ مَعِي إِلَيْهِمْ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عن أبي إسحاق. وفيه: فَاسْتَحْلَفَنِي وَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، انطلق   1 أخرجه البخاري "3141"، ومسلم "42" "1752". 2 برد الشيء بردًا وبرودًا: هبطت حرارته. فهو بارد، وبرود. "المعجم الوجيز" "43". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 فَأَرِنِيهِ". فَانْطَلَقْتُ فَأَرَيْتُهُ. فَقَالَ: "هَذَا فِرْعَوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ" 1. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُهُ خَرَّ سَاجِدًا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَصْرَعِ ابْنَيْ عَفْرَاءَ فَقَالَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَي عَفْرَاءَ، فَهُمَا شُرَكَاءُ فِي قَتْلِ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَرَأْسِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَنْ قَتَلَهُ مَعَهُمَا؟ قَالَ: "الْمَلَائِكَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ شُرِكَ فِي قَتْلِهِ". وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ، عَنِ الشَّعْثَاءِ؛ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، فَرَأَيْتُهُ صَلَّى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنَّكَ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالْفَتْحِ، وَحِينَ جِيءَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِبَدْرٍ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ، فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ بِمِقْمَعَةٍ حَتَّى يَغِيبَ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ يَخْرُجُ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ مِرَارًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَاكَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ يُعَذَّبُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 2. وَقَالَ خ م مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَسٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ. وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ. فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشَدَّ عَلَيْهَا، ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: مَا نَرَاهُ إِلَّا يَنْطَلِقُ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ3 فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ: "يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا"؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا؟ فقال: "الذي نفسي بيده ما أنت بأسمع لما أقول منهم".   1 جمع الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 345" بين الروايات المختلفة فيمن قتل أبا جهل، فقال: "يحتمل أن يكون معاذ بن عفراء شد عليه مع معاذ بن عمرو كما في "الصحيح" وضربه بعد ذلك معوذ حتى أثبته ثم حز رأسه ابن مسعود فتجمع الأقوال كلها". ا. هـ. 2 ذكره القرطبي في "التذكرة" "138"، وعزاه للوائلي الحافظ في كتاب "الإبانة". 3 الركي: البئر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنِقْمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَامَةً. صَحِيحٌ1. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ". قَالَ عُرْوَةُ: فَبَلَغَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: لَيْسَ هَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا قَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ". إِنَّهُمْ قَدْ تَبَوَّءُوا مَقَاعِدَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ. إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 8] , {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ، إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر: 22] . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. مَا رَوَتْ عَائِشَةُ لَا يُنَافِي مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ، فَإِنَّ عِلْمَهُمْ لَا يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِهِمْ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَمَّا أَنْ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى، فَحَقٌّ لأَنَّ اللَّهَ أَحْيَاهُمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ كَمَا يُحْيِي الْمَيِّتَ لِسُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله: {بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا} ؛ قَالَ: هُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ. {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28] ؛ قَالَ: النَّارُ يَوْمَ بَدْرٍ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْقَتْلَى قيل له: عليك العير ليس دونها شَيْءٌ. فَنَادَاهُ الْعَبَّاسُ وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ: إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَكَ. قَالَ: "لِمَ"؟ قَالَ: لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَدْ أَنْجَزَ لَكَ مَا وَعَدَكَ. هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، ورواه جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْهُ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: ضُرِبَ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ يَوْمَ بَدْرٍ فَمَالَ شِقُّهُ، فَتَفَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَمَهُ وَرَدَّهُ، فَانْطَبَقَ. أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: شَهِدَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ بَدْرًا كَافِرًا، وَكَانَ فِي الْقَتْلَى. فمر به رجل فوضع سيفا فِي بَطْنِهِ، فَخَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ, فَلَمَّا بَرُدَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ لَحِقَ بِمَكَّةَ فَصَحَّ. فَاجْتَمَعَ هُوَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَالَ: لَوْلَا عِيَالِي وَدَيْنِي لكنت أقتل   1 تقدم قبل قليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 مُحَمَّدًا. فَقَالَ صَفْوَانُ: وَكَيْفَ تَقْتُلُهُ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ جَرِيءُ الصَّدْرِ جَوَادٌ لَا أُلْحَقُ، فَأَضْرِبُهُ وَأَلْحَقُ بِالْجَبَلِ فَلَا أُدْرَكُ. قَالَ: عِيالُكَ فِي عِيالِي وَدَيْنَكُ عَلِيَّ. فَانْطَلَقَ فَشَحَذَ سَيْفَهُ وَسَمَّهُ. وَأَتَى الْمَدِينَةَ، فَرَآهُ عُمَرُ فَقَالَ لِلصَّحَابَةِ: احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنِّي أَخَافُ عُمَيْرًا إِنَّهُ رَجُلٌ فَاتِكٌ، وَلَا أَدْرِي مَا جَاءَ بِهِ. فَأَطَافَ الْمُسْلِمُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاءَ عُمَيْرٌ، مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ، إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَنْعِمْ صَبَاحًا. قَالَ: "مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ"؟ قَالَ: حَاجَةٌ. قَالَ: "فَمَا بَالُ السَّيْفِ"؟ قَالَ: قَدْ حَمَلْنَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ فَمَا أَفْلَحَتْ وَلَا أَنْجَحَتْ. قَالَ: "فَمَا قَوْلُكَ لِصَفْوَانَ وَأَنْتَ فِي الْحِجْرِ"؟ وَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ. فَقَالَ عُمَيْرٌ: قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ فَنُكَذِّبُكَ، وَأَرَاكَ تَعْلَمُ خَبَرَ الْأَرْضِ. أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله1 وأنك رسول اللَّهِ. بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَعْطِنِي مِنْكَ عِلْمًا تَعْلَمْ أَهْلُ مَكَّةَ أَنِّي أَسْلَمْتُ. فَأَعْطَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ جَاءَ عُمَيْرٌ وَإِنَّهُ لَأَضَلُّ مِنْ خِنْزِيرٍ، ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: عُكَّاشَةُ الَّذِي قَاتَلَ بِسَيْفِهِ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى انْقَطَعَ فِي يَدِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَاهُ جِذْلًا مِنْ حَطَبٍ، فَقَالَ: "قَاتِلْ بِهَذَا". فَلَمَّا أَخَذَهُ هَزَّهُ فَعَادَ سَيْفًا فِي يَدِهِ، طَوِيلَ الْقَامَةِ شَدِيدَ الْمَتْنِ أَبْيَضَ الْحَدِيدَةِ. فَقَاتَلَ بِهِ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ يَشْهَدُ بِهِ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قُتِلَ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَةِ وَهُوَ عِنْدَهُ. وَكَانَ ذَلِكَ السَّيْفُ يُسَمَّى الْعَوْنَ. هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بِلَا سَنَدٍ2. وَقَدْ رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّتِهِ قَالَتْ: قَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ: انْقَطَعَ سَيْفِي يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُودًا، فَإِذَا هُوَ سَيْفٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ. فَقَاتَلْتُ بِهِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ جَمَاعَةٍ قَالُوا: انْكَسَرَ سَيْفُ سَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَقِيَ أَعْزَلَ لَا سِلَاحَ مَعَهُ، فأعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَضِيبًا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ عَرَاجِينَ، فَقَالَ: "اضْرِبْ بِهِ". فَإِذَا هُوَ سَيْفٌ جَيِّدٌ. فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ جِسْرِ أَبِي عبيد.   1 تقدم تخريجه قريبًا. 2 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" "3/ 98، 99" من طريق ابن إسحاق من غير إسناد، وأخرجه من طريق الواقدي، وانظر "المغازي" "1/ 93"، والواقدي متروك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: فِإنَّهَا مِنْ أَصَحِّ الْمَغَازِي قَدْ قَالَ إبراهيم بن المنذر الجزامي: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ وَمَعْنٌ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ مَالِكًا كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَغَازِي قَالَ: عَلَيْكَ بِمَغَازِي الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَإِنَّهُ أَصَحُّ الْمَغَازِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، ح. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ -وَهَذَا لَفْظُهُ- عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: مَكَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ شَهْرَيْنِ. ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ، وَمَعَهُ سَبْعُونَ رَاكِبًا مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ؛ منهم: مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ، وَمَعَهُمْ خَزَائِنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَيُقَالُ كَانَتْ عِيرُهُمْ أَلْفَ بَعِيرٍ. وَلَمْ يَكُنْ لِقُرَيْشٍ أُوقِيَّةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا بَعَثُوا بِهَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ؛ إِلَّا حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، فَلِذَلِكَ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ فلم يشهده. فذكروا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ قَبْلَ ذَاكَ، فَبَعَثَ عَدِيَّ بْنَ أَبِي الزَّغْبَاءِ الْأَنْصَارِيَّ، وبَسْبَسَ بْنَ عمرو إلى العير عينًا له، فسار، حَتَّى أَتَيَا حَيًّا مِنْ جُهَيْنَةَ، قَرِيبًا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَسَأَلُوهُمْ عَنِ الْعِيرِ، فَأَخْبَرُوهُمَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ. فَرَجَعَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبراه. فَاسْتَنْفَرَ الْمُسْلِمِينَ لِلْعِيرِ. وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. وَقَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى الْجُهَنِيِّينَ وَهُوَ مُتَخَوِّفٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَ الرَّاكِبَيْنِ، فَقَالَ أَبُو سفيان: خذوا من بعر بعيريهما. ففته فَوَجَدَ النَّوَى فَقَالَ: هَذِهِ عَلَائِفُ أَهْلِ يَثْرِبَ. فَأَسْرَعَ وَبَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ يُقَالُ لَهُ: ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قُرَيْشٍ أَنِ انْفِرُوا فَاحْمُوا عِيرَكُمْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ. وَكَانَتْ عَاتِكَةُ قَدْ رَأَتْ قَبْلَ قُدُومِ ضَمْضَمٍ؛ فَذَكَرَ رُؤْيَاهَا، إِلَى أَنْ قَالَ: فقدم ضَمْضَمُ فَصَاحَ: يَا آلَ غَالِبِ بْنَ فِهْرٍ انْفِرُوا فَقَدْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ وَأَهْلُ يَثْرِبَ يَعْتَرِضُونَ لِأَبِي سُفْيَانَ. فَفَزِعُوا، وَأَشْفَقُوا مِنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ، وَنَفَرُوا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ. وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيَظُنُّ مُحَمَّدٌ أَنْ يُصِيبَ مِثْلَ مَا أَصَابَ بِنَخْلَةَ؟ سيعلم أنمنع عِيرُنَا أَمْ لَا. فَخَرَجُوا بِخَمْسِينَ وَتَسِعِمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَسَاقُوا مِائَةَ فَرَسٍ، وَلَمْ يَتْرُكُوا كَارِهًا لِلْخُرُوجِ. فَأَشْخَصُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَنَوْفَلُ بْنَ الْحَارِثِ، وَطَالِبَ بْنَ أَبِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 طَالِبٍ، وَأَخَاهُ عَقِيلًا، إِلَى أَنْ نَزَلُوا الْجُحْفَةَ. فَوَضَعَ جُهَيْمُ بْنُ الصَّلْتِ بْنِ مَخْرَمَةَ الْمُطَّلِبِيُّ رَأْسَهُ فَأَغْفَى، ثُمَّ فَزِعَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ رَأَيْتُمُ الْفَارِسَ الَّذِي وَقَفَ عَلِيَّ آنِفًا. قَالُوا: لا، إنك مجنون. قال: قَدْ وَقَفَ عَلِيَّ فَارِسٌ فَقَالَ: قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ, وَشَيْبَةُ، وَزَمْعَةُ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فَعَدَّ جَمَاعَةً. فَقَالُوا: إِنَّمَا لَعِبَ بِكَ الشَّيْطَانُ. فَرُفِعَ حَدِيثُهُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ, فَقَالَ: قَدْ جِئْتُمُونَا بِكَذِبِ بَنِي الْمُطَّلِبِ مَعَ كَذِبِ بَنِي هَاشِمٍ، سَتَرَوْنَ غَدًا مَنْ يُقْتَلُ. وخرج رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَلَبِ الْعِيرِ، فَسَلَكَ عَلَى نَقْبِ بَنِي دِينَارٍ، وَرَجَعَ حِينَ رَجَعَ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ. فَنَفَر فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا. وَأَبْطَأَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَتَرَبَّصُوا. وَكَانَتْ أَوَّلُ وَقْعَةٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهَا الْإِسْلَامَ. فَخَرَجَ فِي رَمَضَانَ وَمَعَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى النَّوَاضِحِ يَعْتَقِبُ النَّفَرُ مِنْهُمْ عَلَى الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ. وَكَانَ زَمِيلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَمَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ حَلِيفَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَيْسَ مَعَ الثَّلاثَةِ إِلَّا بَعِيرٌ وَاحِدٌ1. فَسَارُوا، حَتَّى إِذَا كانوا بعرق الظبية2 لقيهم راكب مِنْ قِبَلَ تِهَامَةَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهِ. فَقَالُوا: سَلِّمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَفِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. وَأَشَارُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: إِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فَحَدِّثْنِي بِمَا فِي بَطْنِ نَاقَتِي هَذِهِ, فَغَضِبَ سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: وَقَعْتَ عَلَى نَاقَتِكَ فَحَمَلَتْ مِنْكَ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا قَالَ سَلَمَةُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ. ثُمَّ سَارَ لَا يَلْقَاهُ خَبَرٌ وَلَا يَعْلَمُ بِنَفْرَةِ قُرَيْشٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشِيرُوا عَلَيْنَا". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا أَعْلَمُ بِمَسَافَةِ الْأَرْضِ. أَخْبَرَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي الزَّغْبَاءِ: أَنَّ الْعِيرَ كَانَتْ بِوَادِي كَذَا. وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قُرَيْشٌ وَعِزُّهَا، وَاللَّهِ مَا ذلَّتْ مُنْذُ عَزَّتْ وَلَا آمَنَتْ مُنْذُ كَفَرَتْ. وَاللَّهِ لَتُقَاتِلَنَّكَ، فَتَأَهَّبَ لِذَلِكَ. فَقَالَ: "أَشِيرُوا عَلِيَّ". قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو: إِنَّا لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قال أصحاب موسى {اذْهَبْ أَنْتَ   1 تقدم تخريج هذه الرواية قبل قليل. 2 عرق الظبية: هو من الروحاء على ميلين كما ذكر الواقدي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إنا معكما مُتَّبِعُونَ. فَقَالَ: "أَشِيرُوا عَلِيَّ". فَلَمَّا رَأَى سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ كَثْرَةَ اسْتِشَارَتِهِ ظَنَّ سَعْدٌ أَنَّهُ يَسْتَنْطِقُ الْأَنْصَارَ شَفَقًا أَنْ لَا يَسْتَحْوِذُوا معه، أَوْ قَالَ: أَنْ لَا يَسْتَجْلِبُوا مَعَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخْشَى أَنْ لَا يَكُونَ الْأَنْصَارُ يُرِيدُونَ مُوَاسَاتَكَ. وَلَا يَرَوْنَهَا حَقًّا عَلَيْهِمْ، إِلَّا بِأَنْ يَرَوْا عَدُوًّا فِي بُيُوتِهِمْ وَأَوْلادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ. وَإِنِّي أَقُولُ عَنِ الْأَنْصَارِ وَأُجِيبُ عَنْهُمْ: فَاظْعِنْ حَيْثُ شِئْتَ، وَصِلْ حبل من شئت، وخذ من أموالنا مَا شئت، وأعطنا مَا شئت، وما أخذته منا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا تَرَكْتَهُ عَلَيْنَا. فَوَاللَّهِ لَوْ سِرْتَ حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غِمْدِ ذِي يَمَنٍ لَسِرْنَا مَعَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنِّي قَدْ أُرِيتُ مَصَارِعَ الْقَوْمِ". فَعَمْدٌ لِبَدْرٍ1. وَخَفَضَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَصَقَ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، وَأَحْرَزَ مَا مَعَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ بِالْجُحْفَةِ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَقْدَمَ بَدْرًا فَنُقِيمَ بِهَا. فَكَرِهَ ذَلِكَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ وَأَشَارَ بِالرَّجْعَةِ، فَأَبَوْا وَعَصَوْهُ. فَرَجَعَ بِبَنِي زُهْرَةَ فَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مُنْهُمْ بَدْرًا. وَأَرَادَتْ بَنُو هَاشِمٍ الرُّجُوعَ فَمَنَعَهُمْ أَبُو جَهْلٍ. وَنَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ بَدْرٍ. ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَجَمَاعَةً يَكْشِفُونَ الْخَبَرَ. فَوَجَدُوا وَارِدَ قُرَيْشٍ عِنْدَ الْقَلِيبِ، فَوَجَدُوا غُلامَيْنِ فَأَخَذُوهُمَا فَسَأَلُوهُمَا عَنِ الْعِيرِ، فَطَفِقَا يُحَدِّثَانِهِمْ عَنْ قُرَيْشٍ، فَضَرَبُوهُمَا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْمَنْزِلِ". فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ السَّلْمِيُّ: أَنَا يَا رسول الله علام بِهَا وَبِقُلْبِهَا؛ إِنْ رَأَيْتُ أَنْ نَسِيرَ إِلَى قَلِيبٍ مِنْهَا قَدْ عَرَفْتُهَا كَثِيرَةَ الْمَاءِ عَذْبَةً، فَنَنْزِلَ عَلَيْهَا وَنَسْبِقُ الْقَوْمَ إِلَيْهَا وَنُغَوِّرُ مَا سِوَاهَا. فَقَالَ: "سِيرُوا, فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَكُمْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ". فَوَقَعَ فِي قُلُوبِ نَاسٍ كَثِيرُ الْخَوْفِ. فَتَسَارَعَ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ إِلَى الْمَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَطَرًا وَاحِدًا؛ فَكَانَ عَلَى المشركين بلاء شديدًا منعهم أن يسيروا، وكان على المسلمين ديمة خفيفة لبد لهم   1 تقدم تخريجه قبل قليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 الْأَرْضَ، فَسَبَقُوا إِلَى الْمَاءَ فَنَزَلُوا عَلَيْهِ شَطْرَ اللَّيْلِ. فَاقْتَحَمَ الْقَوْمُ فِي الْقَلِيبِ فَمَاحُوهَا حَتَّى كثر ماؤها. وصنعوا حوضًا عظيمًا ثم غوروا مَا سِوَاهُ مِنَ الْمِيَاهِ1. وَيُقَالُ: كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَسَانِ، عَلَى أَحَدِهِمَا: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَلَى الْآخَرِ سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ. وَمَرَّةً الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَالْمِقْدَادُ. ثُمَّ صَفَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْحِيَاضِ. فَلَمَّا طَلَعَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَعَمُوا- "اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْشٍ قَدْ جَاءَتْ بِخُيَلائِهَا وَفَخْرِهَا تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ" 2. وَاسْتَنْصَرَ الْمُسْلِمُونَ اللَّهَ وَاسْتَغَاثُوهُ، فَاسْتَجَابَ اللَّهَ لَهُمْ. فَنَزَلَ الْمُشْرِكُونَ وَتَعَبَّئُوا لِلْقِتَالِ، وَمَعَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ الْمُدْلِجِيِّ يُحَدِّثُهُمْ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ وَرَاءَهُ قَدْ أَقْبَلُوا لِنَصْرِهِمْ. قَالَ: فَسَعَى حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تَكُونَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ مَا عِشْتَ؟ قَالَ عُتْبَةُ: فَأَفْعَلُ مَاذَا؟ قَالَ: تُجِيُر بَيْنَ النَّاسِ وَتَحْمِلُ دِيَةَ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَبِمَا أَصَابَ مُحَمَّدٌ فِي تِلْكَ الْعِيرِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَطْلُبُونَ مِنْ مُحَمِّدٍ غَيْرَهَا. قَالَ عُتْبَةُ: نَعَمْ قَدْ فَعَلْتُ، وَنِعْمَ مَا قُلْتَ، فَاسْعَ فِي عَشِيرَتِكَ فَأَنا أَتَحَمَّلُ بِهَا. فَسَعَى حَكِيمٌ فِي أَشْرَافِ قُرَيشٍ بِذَلِكَ. وَرَكِبَ عُتبَةُ جَمَلًا لَهُ، فَسَارَ عَلَيْهِ فِي صُفُوفِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: يَا قَوْمُ أَطِيعُونِي وَدَعُوا هَذَا الرَّجُلَ؛ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا وَلِيَ قَتْلَهُ غَيْرُكُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَإِنَّ فِيهِمْ رِجَالًا لَكُمْ فِيهِمْ قَرَابَةً قَرِيبَةً، وَإِنَّكُمْ إِنْ تَقْتُلُوهُمْ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى قَاتِلِ أَخِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوِ ابْنِ أَخِيهِ أَوِ ابْنِ عَمِّهِ، فَيُورِثُ ذَلِكَ فِيكُمْ إِحَنًا3 وَضَغَائِنَ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مَلِكًا كُنْتُمْ فِي مُلْكِ أَخِيكُمْ. وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ تَقْتُلُوا النَّبِيَّ فَتُسَبُّوا بِهِ. وَلَنْ تَخْلُصُوا إِلَيْهِمْ حَتَّى يُصِيبُوا أَعْدَادَهُمْ مِنْكُمْ، وَلَا آمَنُ أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدَّبَرَةُ عليكم.   1 تقدم تخريجه قبل قليل. 2 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "1/ 117"، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 75-76": رواه أحد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح -غير حارثة بن مضارب- وهو ثقة. 3 إحنًا: حقدًا. "المعجم الوجيز" "8". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 فَحَسَدَهُ أَبُو جَهْلٍ عَلَى مَقَالَتِهِ. وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُنَفِّذَ أَمْرَهُ. وَعُتْبَةُ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْمُشْرِكِينَ. فَعَمَدَ أَبُو جَهْلٍ إِلَى ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ -وَهُوَ أَخُو الْمَقْتُولِ- فَقَالَ: هَذَا عُتبَةُ يَخْذُلُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ تَحَمَّلَ بِدِيَةِ أَخِيكَ، يَزْعُمُ أَنَّكَ قَابِلُهَا. أَفَلَا تَسْتَحْيُونَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَقْبَلُوا الدِّيَةَ؟ وَقَالَ لِقُرَيْشٍ: إِنَّ عُتْبَةَ قَدْ عَلِمَ أَنَّكُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَمَنْ مَعَهُ، وَفِيهِمُ ابْنُهُ وَبَنُو عَمِّهِ، وَهُوَ يَكْرَهُ صَلَاحَكَمْ. وَقَالَ لِعُتْبَةَ: انْتَفَخَ سَحْرُكَ. وَأَمَرَ النِّسَاءَ أن يعولن عمرًا، فقمن يصحن: وا عمراه وا عمراه؛ تحريضًا على القتال. وقام رجل فَتَكَشَّفُوا؛ يُعَيِّرُونَ بِذَلِكَ قُرَيْشًا. فَأَخَذَتْ قُرَيْشٌ مَصَافَّهَا لِلْقِتَالِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأُسِرَ نَفَرٌ مِمَّنْ أَوْصَى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا يَقْتُلُوهُمْ إِلَّا أَبَا الْبَخْتَرِيِّ، فَإِنَّهُ أَبَى أَنْ يُسْتَأْسَرَ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَقْتُلُوهُ إِنِ اسْتَأْسَرَ، فَأَبَى. وَيَزْعُمُ نَاسٌ أَنَّ أَبَا الْيسرِ قَتَلَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ. وَيَأْبَى عُظْمُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّ الْمُجَذَّرَ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ. بَلْ قَتَلَهُ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ. قَالَ: وَوَجَدَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَبَا جَهْلٍ مَصْرُوعًا، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْرَكَةِ غَيْرُ كَثِيرٍ، مُقَنَّعًا فِي الْحَدِيدِ وَاضِعًا سَيْفَهُ عَلَى فَخِذَيْهِ لَيْسَ بِهِ جُرْحٍ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَرِّكَ عُضْوًا، وَهُوَ مُنْكَبٌّ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ. فَلَمَّا رَآهُ ابْنُ مَسْعُودٍ أَطَافَ حَوْلَهُ لِيَقْتُلَهُ وَهُوَ خَائِفٌ أَنْ يَثُورَ إِلَيْهِ، وَأَبُو جَهْلٍ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ لا يَتَحَرَّكُ ظَنَّ أَنُه مُثَبَّتٌ جِرَاحًا، فَأَرَادَ أن يضربه بسيفه، فخشي أن لا يغني سيفه شَيْئًا، فأتاه من ورائه، فتناول قَائِمَ سَيْفِهِ فَاسْتَلَّهُ وَهُوَ مُنْكَبٌّ، فَرَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ سَابِغَةَ الْبَيْضَةِ عَنْ قَفَاهُ فَضَرَبَهُ، فَوَقَعَ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ سَلَبَهُ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ إِذَا هُوَ لَيْسَ بِهِ جِرَاحٌ، وَأَبْصَرَ فِي عُنُقِهِ حدرًا، وَفِي يَدِيهِ وَفِي كَتِفَيْهِ كَهَيْئَةِ آثَارِ السِّيَاطِ، فَأَتَى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَلِكَ ضَرْبُ الْمَلَائِكَةِ". قَالَ: وَأَذَلَّ اللَّهُ بِوَقْعَةِ بَدْرٍ رِقَابَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَلَمْ يَبْقَ بِالْمَدِينَةِ مُنَافِقٌ وَيَهُودِيٌّ إِلَّا وَهُوَ خَاضِعٌ عُنُقُهُ لِوَقْعَةِ بَدْرٍ. وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمُ الْفُرْقَانِ؛ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ الشِّرْكِ والإيمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 وَقَالَتِ الْيَهُودُ: تَيَقَّنَّا أَنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي نَجِدُ نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ1. وَاللَّهِ، لَا يَرْفَعُ رَايَةً بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَّا ظَهَرَتْ. وَأَقَامَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى قَتْلاهُمُ النَّوْحَ بِمَكَّةَ شَهْرًا. ثُمَّ رَجَعَ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، فَدَخَلَ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ. وَنَزَلَ الْقُرْآنُ يُعَرِّفُهُمُ اللَّهُ نِعْمَتَهُ فِيمَا كَرِهُوا مِنْ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بدر، فَقَالَ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5-8] ، وَثَلاثَ آيَاتٍ مَعَهَا. ثُمَّ ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ الْآيَاتِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ وَآخِرِهَا. وَقَالَ رِجَالٌ مِمَّنْ أُسِرَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا مُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا أُخْرِجْنَا كَرْهًا، فَعَلَامَ يُؤْخَذُ مِنَّا الْفِدَاءُ؟ فَنَزَلَتْ: {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 70] . حَذَفْتُ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ كَثِيرًا مِمَّا سَلَفَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ اسْتِغْنَاءً بِمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ -بِنَحْوِ قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ- ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة، ولم يذكر أبا داود المازني في قتال أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. وَزَادَ يَسِيرًا2. وَقَالَ هُوَ وَابْنُ عُقْبَةَ: إِنَّ عَدَدَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِتَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَثَمَانِيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَأُسِرَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا. كَذَا قَالَا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: اسْتُشْهِدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَسَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِضْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَكَانَتِ الْأُسَارَى أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَسِيرًا. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ: هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ وَقُتِلَ مِنْهُمْ زِيَادَةً عَلَى سَبْعِينَ، وأسر مثل ذلك.   1 النعت: الوصف. المعجم الوجيز "623". 2 "إسناده ضعيف": فيه ابن لهيعة، قال الإمام القرطبي في "تفسيره" "7/ 405": "وفي رواية: أن الأسارى قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم- آمنا بك ... وهذا كله ضعفه مالك". ا. هـ. قلت: وللآية الكريمة روايات "صحيحة" في أسباب نزولها، انظرها في "تفسير ابن كثير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ؛ قَالَ: أَصَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً؛ سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلا. وَأَصَابُوا مِنَّا يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعِينَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلَّفَ عُثْمَانَ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى بِنْتِهِ رُقَيَّةَ أَيَّامَ بَدْرٍ, فَجَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَى الْعَضْبَاءِ، نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبِشَارَةِ. قَالَ أُسَامَةُ: فَسَمِعْتُ الْهَيْعَةَ1، فَخَرَجْتُ فَإِذَا أَبِي قَدْ جَاءَ بِالْبِشَارَةِ، فَوَاللَّهِ مَا صَدَّقْتُ حَتَّى رَأَيْنَا الْأُسَارَى. فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعُثْمَانَ بِسَهْمِهِ. وَقَالَ عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ: ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عَبْدُ الرحمن بن يزيد ين جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ؟ قَالَ: أَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِهِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَيْتٍ، عَلَيْهِ خُلْقَانُ جَالِسٌ عَلَى التُّرَابِ. قَالَ جَعْفَرٌ: فَأَشْفَقْنَا مِنْهُ حِينَ رَأَيْنَاهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ. فَقَالَ: أُبَشِّرُكُمْ بِمَا يَسُرُّكُمْ؛ إِنَّهُ جَاءَنِي مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمْ عَيْنٌ لِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَصَرَ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْلَكَ عَدُوَّهُ، وَأُسِرَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَقُتِلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، الْتَقَوْا بِوَادٍ يُقَالُ لَهْ بَدْرٌ، كَثِيرُ الْأَرَاكِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، كُنْتُ أَرْعَى بِهِ لِسَيِّدِي -رَجْلٌ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ- إِبِلَهُ. فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: مَا بَالُكَ جَالِسٌ عَلَى التُّرَابِ، لَيْسَ تَحْتَكَ بِسَاطٌ، وَعَلَيْكَ هَذِهِ الأَخْلاقُ؟ قَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ حَقًّا عَلَى عباد الله أن يحدقوا لله تواضعًا عندما أَحْدَثَ لَهُمْ مِنْ نِعْمَتِهِ. فَلَمَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لِي نَصْرَ نَبِيِّهِ أَحْدَثْتُ لَهُ هَذَا التَّوَاضُعَ. ذَكَرَ مِثْلَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ الْوَاقِدِيُّ فِي مَغَازِيهِ بلا سند.   1الهيعة: بفتح الهاء وسكون الياء: كل ما أفزع من جانب العدو من صوت أو خبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 فَصْلٌ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ وَالْأَسْرَى: قَالَ خَالِدٌ الطَّحَّانُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَلَهُ مِنَ النَّفْلِ كَذَا وَكَذَا". قَالَ: فَتَقَدَّمَ الْفِتْيَانُ وَلَزِمَ الْمَشْيَخَةُ الرَّايَاتِ. فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَالَتِ الْمَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ، لَوِ انْهَزَمْتُمْ، فِئْتُمْ إِلَيْنَا، فَلَا تَذْهَبُوا بِالْمَغْنَمِ وَنَبْقَى. فَأَبَى الْفِتْيَانُ وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 1-5] . يَقُولُ: فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ. فَكَذَلِكَ أَيْضًا: "أَطِيعُونِي فَإِنِّي أَعْلَمُ بِعَاقِبَةِ هَذَا مِنْكُمْ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. ثُمَّ سَاقَةُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ. وَقَالَ: فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسَّوَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ يُونُسُ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ. قَالَ ابْنُ عباس: فلما أسروا الأسارى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ"؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونَ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا ترى يا ابن الْخَطَّابِ"؟ قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ؛ فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ؛ نَسِيبٌ لِعُمَرَ؛ فَأَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا. فَهَوَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ يَبْكِيَانِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِيَانِ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِلا تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا. فَقَالَ: "أَبْكِي لِلَّذِي عُرِضَ عَلَى أَصْحَابِكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ. لَقَدْ عُرِضَ عَليَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ". شَجَرَة قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى   1 "صحيح": أخرجه أبو داود -كما قال المصنف -في كتاب "الجهاد" باب "في النفل" برقم "2737"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2376": "صحيح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 قَوْلِهِ {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 67-69] ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ لهم رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى"؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: أَنْتَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْحَطَبِ فَاضْرِمْ نَارًا ثُمَّ أَلْقِهِمْ فِيهَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ. فَقَالَ عُمَرُ: قَادَتُهُمْ وَرُءُوسُهُمْ قَاتَلُوكَ وَكَذَّبُوكَ، فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَشِيرَتُكَ وَقَوْمُكَ. ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِبَعْضِ حَاجَتِهِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْقَوْلُ مَا قَالَ عُمَرُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "ما تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ؟ إِنَّ مَثَلَ هَؤُلَاءِ كَمَثَلِ إِخْوَةٍ لَهُمْ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ؛ قَالَ نُوحٌ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] ، وَقَالَ مُوسَى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [يونس: 88] ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36] ، وَقَالَ عِيسَى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: 118] الآية. وَأَنْتُمْ قَوْمٌ بِكُمْ عَيْلَةٌ، فَلَا يَنْقَلِبَنَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ بِضَرْبَةِ عُنُقٍ". فَقُلْتُ: إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ، قَدْ سَمِعْتُهُ يَتَكَلَّمُ بِالإِسْلامِ. فَسَكَتَ. فَمَا كَانَ يَوْمٌ أَخْوَف عِنْدِي أَنْ يُلْقِيَ اللَّهُ عَلَيَّ حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ يَوْمِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ"2. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالْعَبَّاسِ قَدْ أَسَرَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لَيْسَ هَذَا أَسَرَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ آزَرَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ". وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ أَبُو الْيُسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو السَّلَمِيُّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كيف أَسَرْتَهُ"؟ قَالَ: لَقَدْ أَعْلَقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، هَيْئَتُهُ كَذَا وَكَذَا. فقال: "لقد أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ". وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيكَ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، ونوفل بن   1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1763". 2 "إسناده منقطع": أخرجه أحمد في "المسند" "2/ 3632"، والترمذي في "التفسير" "3083"، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 الْحَارِثِ. فَأَبَى وَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا وَإِنَّمَا اسْتَكْرَهُونِي. قَالَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِشَأنِكَ إِنْ يَكُ مَا تَدَّعِي حَقًّا فَاللَّهُ يَجْزِيكَ بِذَلِكَ وَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا، فَافْدِ نَفْسَكَ". وَكَانَ قَدْ أُخِذَ مَعَهُ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً ذَهَبًا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْسِبْهَا لِي مِنْ فِدَائِي. قَالَ: "لَا، ذَاكَ شَيْءٌ أَعْطَانَا اللَّهُ مِنْكَ". وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ الزُّهْرِيُّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عَمَّارٍ أَبِي الْيُسْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى الْعَبَّاسِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّهُ صَنَمٌ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، فَقُلْتُ: جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ ذِي رَحِمٍ شَرًّا، تُقَاتِلُ ابْنَ أَخِيكَ مَعَ عَدُوِّهِ؟ قَالَ: مَا فَعَلَ، أَقُتِلَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ أَعَزُّ لَهُ وَأَنْصَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: مَا تُرِيدُ إِلَيَّ؟ قُلْتُ: إِسَارٌ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ قَتْلِكَ. قَالَ: لَيْسَتْ بِأَوَّلِ صِلَتِهِ. فَأَسَرْتُهُ. وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا. فَنَزَلَ فِيهِ: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 70] قَالَ الْعَبَّاسُ: فَأَعْطَانِي اللَّهُ مَكَانَ الْعِشْرِينَ أُوقِيَّةً عِشْرِينَ عَبْدًا كُلُّهُمْ فِي يَدِهِ مَالٌ يَضْرِبُ بِهِ، مَعَ مَا أَرْجُو مِنَ الْمَغْفِرَةِ1. وَقَالَ أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَبَعْضُهُمْ يُرْسِلُهُ؛ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ: "إِنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَادَيْتُمُوهُمْ وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ, وَاسْتُشْهِدَ مُنْكُمْ بِعِدَّتِهِمْ". وَكَانَ آخَرُ السَّبْعِينَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ. هَذَا الْحَدِيثُ دَاخِلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخْبَارِهِ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ فِيمَنْ يُسْتَشْهَدُ، فَكَانَ كَمَا قَالَ.   1 "إسناده صحيح": أخرجه الطبراني في "الأوسط" 8103"، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "7/ 28": "رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" باختصار، ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع، وعزاه ابن حجر في "المطالب العالية" "3/ 366، 4/ 211" لابن راهويه. وقال في الموضع الأخير: "هذا إسناد صحيح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ الْعَبْدَرِيُّ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْأُسَارَى فَرَّقَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ: "اسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا". قَالَ نُبَيْهُ: فَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ عَنْ أَبِي عَزِيزٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "اسْتَوْصُوا بِالْأُسَارَى خَيْرًا". فَإِنْ كَانَ لَيُقَدَّمُ إِلَيْهِمُ الطَّعَامُ فَمَا تَقَعُ بِيَدِ أَحَدِهِمْ كَسْرَةٌ إِلَّا رَمَى بِهَا إِلَى أَسِيرِهِ، وَيَأْكُلُونَ التمر. فكنت أستحيي فَآخُذُ الْكَسْرَةَ فَأَرْمِي بِهَا إِلَى الَّذِي رَمَى بِهَا إِلَيَّ، فَيَرْمِي بِهَا إِلَيَّ. أَبُو عَزِيزٍ هُوَ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ أَسْلَمَ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ كَافِرًا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِدَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعَمِائَةٍ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْهُ1. وَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ: كَانَ فِدَاءُ أَهْلِ بَدْرٍ الْعَبَّاسِ، وَعُقَيْلِ ابْنِ أَخِيهِ، وَنَوْفَلٍ، كُلُّ رَجُلٍ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق: حدثني العباس بن عبد الله بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عباس أن رسول الله قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: "إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ قَدْ أُخْرِجُوا كرها، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَلَا يَقْتُلْهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أُخْرِجَ مُسْتَكْرَهًا". فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ: أَنَقْتُلُ آبَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ لقيته لألجمنه بالسيف. فبلغت رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: "يَا أَبَا حَفْصٍ، أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ"؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَافَقَ. فَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ بَعْدُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَنَا آمِنٌ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ، وَلَا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا، إِلَّا أَنْ يُكَفِّرَهَا اللَّهُ عَنِّي بشهادة. فاستشهد يوم اليمامة2.   1 أخرجه أبو داود في "سننه" في كتاب "الجهاد" باب "في فداء الأسير بالمال برقم "2691"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2340": صحيح -دون قوله الأربعمائة. 2 تقدم تخريجه قريبًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَتْلِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ لأَنَّهُ كَانَ أَكَفَّ الْقَوْمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِمَكَّةَ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَكْثَرَ الْأَسْرَى فِدَاءً لِكَوْنِهِ مُوسِرًا، فَافْتَدَى نَفْسَهُ بِمِائَةِ أُوقِيَّةِ ذَهَبٍ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي أَنَسٍ أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا فِدَاءَهُ. فَقَالَ: "لَا وَاللَّهِ لَا تَذَرُونَ دِرْهَمًا". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ بَعْدَ مَا فَرِغَ من بدر؛ عليك بالعير ليس دونها شَيْءٌ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ وَهُوَ فِي وَثَاقِهِ: لَا يَصْلُحُ. قَالَ: "وَلِمَ"؟ قَالَ: لأَنَّ اللَّهَ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ. وَقَدْ ذُكِرَ إِرْسَالُ زَيْنَبَ بَنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقِلَادَتِهَا فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ زَوْجِهَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثَنَا ابْنُ الْهَادِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما قَدِمَ الْمَدِينَةَ خَرَجَتِ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ مِنْ مَكَّةَ مَعَ كِنَانَةَ؟ أَوِ ابْنِ كِنَانَةَ؟ فَخَرَجُوا فِي أَثَرِهَا. فَأَدْرَكَهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ، فَلَمْ يَزَلْ يَطْعَنُ بَعِيرَهَا بِرُمْحِهِ حَتَّى صَرَعَهَا، وَأَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَأُهْرِيقَتْ دَمًا. فَتَحَمَّلَتْ. فَاشْتَجَرَ فِيهَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو أُمَيَّةَ. فَقَالَتْ بَنُو أُمَيَّةَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا. وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْعَاصِ، فَكَانَتْ عِنْدَ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. وَكَانَتْ تَقُولُ لَهَا هِنْدٌ: هَذَا مِنْ سَبَبِ أَبِيكِ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: "أَلا تَنْطَلِقُ فَتَأْتِي بِزَيْنَبَ"! فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَخُذْ خَاتَمِي فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ". فَانْطَلَقَ زَيْدٌ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَلَطَّفُ حَتَّى لَقِيَ رَاعِيًا فَقَالَ لَهُ: لِمَنْ تَرْعَى؟ قَالَ: لِأَبِي الْعَاصِ. قَالَ: فَلِمَنْ هَذِهِ الْغَنَمُ؟ قَالَ: لِزَيْنَبَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ. فَسَارَ مَعَهُ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيكَ شَيْئًا تُعْطِيهَا إِيَّاهُ، وَلَا تَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَعْطَاهُ الْخَاتَمَ. وَانْطَلَقَ الرَّاعِي حَتَّى دَخَلَ فَأَدْخَلَ غَنَمَهُ وَأَعْطَاهَا الْخَاتَمَ فَعَرَفَتْهُ. فَقَالَتْ: مَنْ أَعْطَاكَ هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ. قَالَتْ: فَأَيْنَ تَرَكْتَهُ؟ قَالَ: بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا. فَسَكَتَتْ، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَتْ إِلَيْهِ. فقال لها: اركبي بين يدي, على بعيري. فقالت: لا، ولكن اركب أَنْتَ بَيْنَ يَدَيَّ. وَرَكِبَتْ وَرَاءَهُ حَتَّى أَتَتِ الْمَدِينَةَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي، أُصِيبَتْ فِيَّ". قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، فَانْطَلَقَ إِلَى عُرْوَةَ فَقَالَ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ تَتَنَقَّصُ بِهِ فَاطِمَةَ؟ فَقَالَ عُرْوَةَ: وَاللَّهِ مَا أَحَبُّ أَنَّ لِي مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَأَنِّي أَتَنَقَّصُ فَاطِمَةَ حَقًّا هُوَ لَهَا، وَأَمَّا بَعْدُ فَلَكَ أَنْ لَا أُحَدِّثَهُ أبدًا1.   1 قال الهيثمي في "المجمع" برقم "15231": "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" بعضه، ورواه البزار، ورجاله رجال الصحيح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 أَسْمَاءُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا: جَمَعَهَا الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِي جُزْءٍ كَبِيرٍ. فَذَكَرَ مَنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ وَمَنِ اخْتَلَفَ فيه مِنَ الْبَدْرِيِّينَ، وَرَتَّبَهُمْ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ. فَبَلَغَ عَدَدُهُمْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةً وَثَلَاثِينَ رَجُلًا. وَإِنَّمَا وَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي عَدَدِهِمْ مِنْ جِهَةِ الاخْتِلافِ فِي بَعْضِهِمْ. وَقَدْ جَاءَ فِي فَضْلِهِمْ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ، وَالزُّبَيْرَ، وَالْمِقْدَادَ؛ وَكُلُّنَا فَارِسٌ، فَقَالَ: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ"، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَمُكَاتَبَةُ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ قُرَيْشًا. فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: $"أَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ. أَوْ قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". فدمعت عينا عمر وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ جَاءَ يَشْكُوهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ: "كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، مُعَاذُ بْنُ رفاعة بن رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ -وَكَانَ أَبُوهُ بَدْرِيًّا- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لابْنِهِ: مَا أُحِبُّ أَنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا وَلَمْ أَشْهَدِ الْعَقَبَةَ. قَالَ: سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَهْلُ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: "خِيَارُنَا". قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ هُمْ خِيَارُ الْمَلَائِكَةِ. أخرجه البخاري.   1 أخرجه البخاري في "التفسير" "4890" باب"1"، والترمذي في "التفسير" "3305"، وروضة خاخ: موضع بين مكة والمدينة. بقرب المدينة. 2 أخرجه مسلم -كما قال المصنف- في "صحيحه" برقم "2495". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 ذِكْرُ طَائِفَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَدْرِيِّينَ: أَبُو بَكْرٍ, وَعُمَرُ, وَعَلِيٌّ, وَاحْتَبَسَ عَنْهُمَا عُثْمَانُ بِمَرَضِ زَوْجَتِهِ رُقَيَّةَ بِنْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَتُوُفِّيَتْ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ يَوْمَ قُدُومِ الْمُسْلِمِينَ الْمَدِينَةَ مِنْ بَدْرٍ, وَضَرَبَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ. وَمِنَ الْبَدْرِيِّينَ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ, وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَكَانَا بِالشَّامِ، فَقَدِمَا بَعْدَ بَدْرٍ وَأَسْهَمَ لَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ عَوْفٍ، حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وأخواه: الطفيل، والحصين، وابن عمه: مِسْطَح بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ؛ وَأَرْبَعَتُهُمْ لَمْ يَعْقُبُوا، مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيُّ، الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، صُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ، أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ، عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخُو عُمَرَ. وَمِنْ أَعْيَانِ الْأَنْصَارِ؛ مِنَ الْأَوْسِ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ. وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ. وَمِنْ بَنِي ظَفَرٍ: قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: مُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَأَخُوهُ: رِفَاعَةُ. وَلَمْ يَحْضُرْهَا أخوهما أبو لبابة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رَدَّهُ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ. وَمِنْ بَنِي النَّجَارِ: أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ، عَوْفٌ، ومعوذ، وَمُعَاذٌ بَنُو الْحَارِثِ بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 رِفَاعَةَ بْنِ سَوَادِ بْنِ مَالَكِ بْنِ غُنْمِ بْنِ عَوْفٍ؛ وَهُمْ بَنُو عَفْرَاءَ، أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ، بِلالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ الْخَزْرَجِيُّ، عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ، عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ الْخَزْرَجِيُّ، عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو الْيُسْرِ السلمي، معاذ بن عمرو الخزرجي ابن الْجَمُوحِ. حَشَرَنا اللَّهُ فِي زُمْرَتِهِمْ. قَدْ ذَكَرْنَا مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ. وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَأَخُوهُ: الْعَاصُ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وابنا رَبَيعَةَ، وَوَلَدُ عُتْبَةَ: الْوَلِيدُ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، قُتِلَ صَبْرًا، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرٍ النَّوْفَلِيُّ؛ وَابْنُ عَمِّهِ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَابْنُهُ: الْحَارِثُ؛ وَأَخُوهُ: عُقَيْلٌ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ؛ وَاسْمُهُ الْعَاصُ, وَنَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ أَخُو خَدِيجَةَ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، قُتِلَ صَبْرًا بَعْدَ يَوْمَيْنِ، وَعُمَيْرُ بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ عَمُّ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَأَخُوهُ؛ الْعَاصُ بْنُ هِشَامٍ، ومسعود بن أبي أمية المخزومي أخو أم سَلَمَةَ، وَأَبُو قَيْسٍ أَخُو خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالسَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ، وَقِيلَ: لَمْ يُقْتَلْ، بَلْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَيْسُ بْنُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمُنَبِّهٌ وَنُبَيْهٌ؛ ابْنَا الْحَجَّاجِ بْنِ عَامِرٍ السَّهْمِيِّ، وَوَلَدَا مُنَبِّهٍ؛ الْحَارِثُ وَالْعَاصُ, وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، وَابْنُهُ؛ عَلِيٌّ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ سَائِرَ الْمَقْتُولِينَ، وَكَذَا سَمَّى الَّذِينَ أُسِرُوا. تَرَكْتُهُمْ خَوْفًا مِنَ التَّطْوِيلِ. وَفِي رَمَضَانَ: فَرَضَ اللَّهُ صَوْمَ رَمَضَانَ، وَنَسَخَ فَرِيضَةَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَفِي آخِرِهِ: فُرِضَتِ الْفِطْرَةُ. وَفِي شَوَّالٍ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ، وَهِيَ بِنْتُ تِسْعُ سِنِينَ. وَفِي صَفَرٍ: تُوُفِّيَ أَبُو جُبَيْرٍ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ؟ وَنَوْفَلٌ أَخُو هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ؟ تُوُفِّيَ مُشْرِكًا عَنْ سِنٍّ عَالِيَةٍ، وكان من عقلاء قريش وأشرافهم, وَهُوَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا وَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَأَجَبْتُهُ". وَكَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدٌ؛ لأَنَّهُ قَامَ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 وَفِيهَا: تُوُفِّيَ أَبُو السَّائِبِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بن خذافة بْنِ جُمَحَ الْجُمَحِيُّ، بَعْدَ بَدْرٍ بِيَسِيرٍ. وَقَدْ شَهِدَهَا هُوَ وَأَخَوَاهُ: قُدَامَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ. فَعُثْمَانُ أَحَدُ السَّابِقِينَ، أَسْلَمَ بَعْدَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الْأُولَى، وَلَمَّا قَدِمَ أَجَارَهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ أَيَّامًا. ثُمَّ رَدَّ عَلَى الْوَلِيدِ جِوَارَهُ. وَكَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا قَانِتًا لِلَّهِ. وَفِيهَا: تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ " ت ق " عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مخزوم، مَرْجِعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَدْرٍ. وَهُوَ ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ. وَأُمُّهُ: بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، شَهِدَ بَدْرًا، وَتَزَوَّجَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بَعْدَهُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَوَتْ عَنْهُ الْقَوْلَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ. وَقِيلَ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ بَعْدَ أُحُدٍ أَوْ قَبْلَهَا. وَفِيهَا: وُلِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ, وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ, وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِمَكَّةَ. وَفِيهَا قُتِلَ بِبَدْرٍ مِنَ الْكُفَّارِ: أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ، وَالْوَلِيدُ وَلَدُ عُتْبَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ قُتِلَ صَبْرًا، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ قَتَلَهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَمِّهِ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ قَتَلَهُ حَمْزَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَابْنُهُ الْحَارِثُ، وَأَخُوهُ عُقَيْلٌ, وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ الْعَاصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْن أسد، ونوفل بْن خويلد بْن أسد قتله عَلِيّ وقيل الزُّبَيْر، والنضر بْن الحارث بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ كِلْدَةَ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ الْعَبْدَرِيُّ، قَتَلَهُ عَلِيٌّ بِأَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِشِدَّةِ إِيذَائِهِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَعُمَيْرُ بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ عَمُّ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْعَاصُ أَخُو أَبِي جَهْلٍ قَتَلَهُ عُمَرُ، وَمَسْعُودُ بْنُ أَبِي أُميَّةَ الْمَخْزُومِيُّ أخو أم سلمة، وأبو قيس أخو خالد بْنِ الْوَلِيدِ، وَابْنُ عَمِّهِ قَيْسُ بْنُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمُنَبِّهٌ وَنُبَيْهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ بْنِ عَامِرٍ السَّهْمِيِّ، وَالْعَاصُ وَالْحَارِثُ ابْنَا مُنَبِّهٍ الْمَذْكُورِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ وَابْنُهُ عَلِيٌّ. وَمَاتَ في الأسر: ملك أَخُو طَلْحَةَ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَقُتِلَ: هِشَامُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغَيرَةِ، وَأُسِرَ أَخُوهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ قُتِلَ، وَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ الْعَبَّاسُ وَابْنَا أَخَوَيْهِ عُقَيْلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ. وَقَدْ أَفْرَدَ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ أَسْمَاءَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْسَابِهِمْ فِي جُزْءٍ كَبِيرٍ، وَسَاقَ اخْتِلافَ النَّاسِ فِي بعضهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 قِصَّةُ النَّجَاشِيُّ مِنَ السِّيرَةِ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا قَالُوا: إِنَّ ثَأْرَنَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. فَانْتُدِبَ إِلَيْهَا عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي رَبِيعَةَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ مَخْرَجَهُمَا كَانَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ. فَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَخْرَجُهُمَا، بَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ بِكِتَابِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمسَيِّبِ وَغَيْرُهُ: فَبَعَثَ الْكُفَّارُ مَعَ عَمْرِو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة لِلنَّجَاشِيِّ، وَلِعُظَمَاءِ الْحَبَشَةِ هَدَايَا. فَلَمَّا قَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ قَبِلَ الْهَدَايَا، وَأَجْلَسَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى سَرِيرِهِ. فَكَلَّمَ النَّجَاشِيَّ فَقَالَ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رِجَالًا مِنَّا لَيْسُوا عَلَى دِينِكَ وَلَا عَلَى دِينِنَا، فَادْفَعْهُمْ إِلَيْنَا. فَقَالَ عُظَمَاءُ الْحَبَشَةِ: صَدَقَ، فَادْفَعْهُمْ إِلَيْهِ. فَقَالَ: حَتَّى أُكَلِّمَهُمْ. قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَتْ: نَزَلْنَا الْحَبَشَةَ، فَجَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ، النَّجَاشِيَّ, أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى، لَا نُؤْذَى وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ, فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ مَعَ رَجُلَيْنِ بِمَا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَكَّةَ. وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا: الْأُدْمُ, فَجَمَعُوا لَهُ أُدْمًا كَثِيرًا, وَلَمْ يَتْرُكُوا بِطْرِيقًا عِنْدَهُ إِلَّا أَهْدَوْا لَهُ, وَبَعَثُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَقَالُوا: ادْفَعَا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَديَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَا النجاشي.   1 هو: أصحمة ملك الحبشة -رضي الله عنه- معدود في الصحابة، وكان ممن حسن إسلامه ولم يهاجر، ولا له رؤية، فهو تابعي من وجه، صاحب من وجه، وقد تُوُفيّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فصلى عليه بالناس صلاة الغائب، ولم يثبت أنه صلى -عليه الصلاة والسلام- على غائب سواه، انظر ترجمته في كتابنا: "رجال ونساء مبشرون بالجنة" ط. المكتبة التوفيقية. 2 البطريق: القائد أو الحاذق في الحرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 فَقَدِمَا، وَقَالَا لِكُلِّ بِطْرِيقٍ: إِنَّهُ قَدْ ضَوَى إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ1 مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، خَالَفُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ, وَقَدْ بَعَثَنَا أَشْرَافَنَا إِلَى الْمَلِكِ لِيَرُدَّهُمْ، فَإِذَا كَلَّمْنَاهُ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْنَا. فَقَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ قَرَّبَا هَدَايَاهُمَا إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا، فَكَلَّمَاهُ. فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ: صَدَقَا أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَوْمُهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا2، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ. فَغَضِبَ النجاشي، ثم قال: لا ها اللَّهِ أَبَدًا3، لَا أُرْسِلُهُمْ إِلَيْهِمْ, قَوْمٌ جَاوَرُونِي وَنَزَلُوا بِلَادِي، وَاخْتَارُونِي عَلَى سِوَاي, حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأَسْأَلُهُمْ عَمَّا تَقُولُونَ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلمّا جاء رسوله اجتمعوا، قال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ وَاللَّهِ مَا علَّمَنَا اللَّهُ، وَأَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا، كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ. فَلَمَّا جَاءُوهُ وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ، وَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ؛ سَأَلَهُمْ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ، وَلَمْ تَدْخُلُوا بِهِ فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنَ الْمِلَلِ. قَالَتْ: فَكَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ: كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام وَنُسِيءُ إِلَى الْجَارِ وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ, كُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَا إِلَى اللَّهِ لِنَعْبُدَهُ وَنُوحِّدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ. وَعَدَّ أُمُورَ الْإِسْلَامِ. قَالَ: فَصَدَّقْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ, فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ، وَآثَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ فَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ, وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ. قال: فهل معك شيء مما جاء به عَنِ اللَّهِ؟ قَالَ جَعْفَرٌ: نَعَمْ. فَقَرَأَ: {كهيعص} [مريم:1] .   1 ضوى إلى بلد الملك؛ أي: آوى إلى بلد الملك. 2 أعلى بهم عينًا؛ أي: أبصر بهم. 3 لا ها الله؛ أي: لا والله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 قال: فَبَكَى النَّجَاشِيُّ وَأَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، حِينَ سَمِعُوا الْقُرْآنَ. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ, انْطَلِقَا، فَوَاللَّهِ لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْكُمَا أَبَدًا. قَالَتْ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُ غَدًا بِمَا أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ1. فَقَالَ ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ؛ وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا. قَالَ: فَوَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ. قَالَتْ: ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى قَوْلًا عَظِيمًا. فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا لِيَسْأَلَنَا. قَالَتْ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلَهَا. فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى؟ فَقَالَ جَعْفَرٌ: نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ. فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا، وَقَالَ: مَا عَدَا عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْمِقْدَارَ. قَالَ: فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ2 حِينَ قَالَ مَا قَالَ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ: اذْهَبُوا آمِنِينَ, مَا أَحَبُّ أَنَّ لِي دُبُرِ ذَهَبٍ، وَأَنِّي آذَيْتُ وَاحِدًا مِنْكُمْ -وَالدُّبُرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْجَبَلُ- فَرُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدِيَّتَهُمَا، فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا, فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ اللَّهُ فِيَّ الرِّشْوَةَ فَآخُذُ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فِيهِ. فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهُمَا ما جاءا بِهِ. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَعَلَى ذَلِكَ، إِذْ نَزَلَ بِهِ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا حُزنًا قَطُّ، أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ، تَخَوُّفًا أَنْ يظهر عليه من لا يعرف حقنا.   1 أستأصل به خضراءهم؛ أي جماعتهم. وقيل: شجرتهم التي تفرعوا منها. 2 تناخرت؛ أي: تكلمت وكأنه كلام غضب ونفور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 فَسَارَ إِلَيْهِ النَّجَاشِيُّ، وَبَيْنَهُمَا عَرْضُ النِّيلِ. فَقَالَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ الْوَقْعَةَ وَيُخْبِرَنَا؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: أَنَا أَخْرُجُ. وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا, فَنَفَخُوا لَهُ قُرْبَةً فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ، وَسَبَحَ عَلَيْهَا إِلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا الْوَقْعَةُ, وَدَعَوْنَا اللَّهَ لِلنَّجَاشِيِّ, فَوَاللَّهِ إِنَّا لَعَلَى ذَلِكَ، مُتَوِقِّعُونَ لِمَا هُوَ كَائِنٌ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا الزُّبَيْرُ يَسْعَى وَيُلَوِّحُ بِثَوْبِهِ: أَلَا أَبْشِرُوا، فَقَدْ ظَهَرَ النَّجَاشِيُّ، وَأَهْلَكَ اللَّهُ عَدُوَّهُ. فَوَاللَّهِ مَا عَلِمُنا فَرْحَةً مِثْلَهَا قَطُّ. وَرَجَعَ النَّجَاشِيُّ سَالِمًا، وَأَهْلَكَ اللَّهُ عَدُوَّهُ, وَاسْتَوْثَقَ لَهُ1 أَمْرُ الْحَبَشَةِ, فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ. خَرَّجَهُ د مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ2. وَهَؤُلاءِ قَدِمُوا مَكَّةَ، ثُمَّ هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ. وَبَقِيَ جَعْفَرٌ وَطَائِفَةٌ بِالْحَبَشَةِ إِلَى عَامِ خَيْبَرَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ إِرْسَالَ قُرَيْشٍ إِلَى النَّجَاشِيِّ كَانَ مَرَّتَيْنِ, وَأَنَّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ كَانَ مَعَ عَمْرٍو، عِمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ أَخُو خَالِدٍ. ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا. وَذَكَر مَا دَارَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ عِمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ مِنْ رَمْيِهِ إِيّاهُ فِي الْبَحْرِ، وَسَعَى عَمْرٌو بِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِي وُصُولِهِ إِلَى بَعْضِ حَرَمِهِ أَوْ خَدَمِهِ. وَأَنَّهُ ظَهَرَ ذَلِكَ فِي ظُهُورِ طِيبِ الْمَلِكِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْمَلِكَ دَعَا سَحَرَةً فَسَحَرُوهُ وَنَفَخُوا فِي إِحْلِيلِهِ, فَتَبَرَّرَ وَلَزِمَ الْبَرِّيَّةَ، وَهَامَ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَوْضِعٍ رَامٍ أَهْلُهُ أَخَذَهُ فِيهِ، فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْهُ فَاضَتْ نَفْسُهُ وَمَاتَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حدّثْتُ عُرْوةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدِيثَ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَوْلُهُ: مَا أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فِيَّ فَأُطِيعُهُمْ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَلِكَ قَوْمِهِ، ولم يكن له ولد إلا النجاشي, وكان لِلنَّجَاشِيِّ عَمٌّ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ مَمْلَكَةِ الْحَبَشَةِ. فَقَالَتِ الْحَبَشَةُ: لَوْ أَنَّا قَتَلْنَا أَبَا النَّجَاشِيِّ وَمَلَّكْنَا أخاه لتوارث بنوه ملكه بعده،   1 استوثق له: أي اجتمعوا على طاعته، فاستقر له الملك فيهم. 2 "إسناده قوي": رواه أحمد في "المسند" "1/ 201" وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 وَلَبَقِيَتِ الْحَبَشَةُ دَهْرًا. قَالَتْ: فَقَتَلُوهُ وَمَلَّكُوا أَخَاهُ, فَنَشَأَ النَّجَاشِيُّ مَعَ عَمِّهِ, وَكَانَ لَبِيبًا حَازِمًا، فَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ عَمِّهِ, فَلَمَّا رَأَتِ الْحَبَشَةُ ذَلِكَ قَالَتْ: إِنَّا نَتَخَوَّفُ أَنْ يُمَلِّكَهُ بَعْدَهُ، وَلَئِنْ مُلِّكَ لَيَقْتُلَنَّا بِأَبِيهِ, فَمَشَوْا إِلَى عَمِّهِ, فَقَالُوا: إِمَّا أَنْ تَقْتُلَ هَذَا الْفَتَى، وَإِمَّا أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا. فَقَالَ: وَيْلَكُمْ! قَتَلْتُ أَبَاهُ بِالْأَمْسِ، وَأَقْتُلُهُ الْيَوْمَ؟ بَلْ أُخْرِجُهُ. قالت: فَخَرَجُوا بِهِ فَبَاعُوهُ مِنْ تَاجِرٍ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ, فَانْطَلَقَ بِهِ فِي سَفِينَةٍ, فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، هَاجَتْ سَحَابَةٌ مِنْ سَحَائِبِ الْخَرِيفِ، فَخَرَجَ عَمُّهُ يَسْتَمْطِرُ تَحْتَهَا فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَقَتَلَتْهُ, فَفَزِعَتِ الْحَبَشَةُ إلى ولده، فإذا هو محمق ليس في وَلَدِهِ خَيْرٌ. فَمَرَجَ عَلَى الْحَبَشَةِ أَمْرَهُمْ وَضَاقَ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ, فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تعلمون وَاللَّهِ إِنَّ مَلِكَكُمُ الَّذِي لَا يُقِيمُ أَمْرَكُمْ غَيْرُهُ لَلَّذِي بِعْتُمْ. قَالَ: فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ وَطَلَبِ الَّذِي بَاعُوهُ مِنْهُ، حَتَّى أَدْرَكُوهُ فَأَخَذُوهُ مِنْهُ, ثُمَّ جَاءُوا بِهِ فَعَقَدُوا عَلَيْهِ التَّاجَ وَأَجْلَسُوهُ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ, فَجَاءَ التَّاجِرُ فَقَالَ: إِمَّا أَنْ تُعْطُونِي مَالِي وَإِمَّا أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ. فَقَالُوا: لَا نُعْطِيكَ شَيْئًا. قَالَ: إِذَنْ وَاللَّهِ أُكَلِّمُهُ. قَالُوا: فَدُونَكَ. فَجَاءَهُ فَجَلَسَ بيديه، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، ابْتَعْتُ غُلَامًا مِنْ قَوْمٍ بِالسُّوقِ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ، حَتَّى إِذَا سِرْتُ بِهِ أَدْرَكُونِي، فَأَخَذُوهُ وَمَنَعُونِي دَرَاهِمِي. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: لَتُعْطِنَّهُ غُلَامَهُ أَوْ دَرَاهِمَهُ. قَالُوا: بَلْ نُعْطِيهِ دَرَاهِمَهُ. قَالَتْ: فَلِذَلِكَ يَقُولُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي رِشْوَةً حِينَ رَدَّ عَلِيَّ مُلْكِي، فَآخُذُ الرِّشْوَةَ فِيهِ. وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا خُبِرَ مِنْ صَلَابَتِهِ فِي دِينِهِ وَعَدْلِهِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ كَانَ يُتَحَدَّثُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ عَلَى قَبْرِهِ نُورٌ1. قَالَ: وَحَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْحَبَشَةُ فَقَالُوا لِلنَّجَاشِيِّ: إِنَّكَ فَارَقْتَ دِينَنَا. وَخَرَجُوا عَلَيْهِ. فَأَرْسَلَ إِلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ. فَهَيَّأَ لَهُمْ سُفُنًا، وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا، وَكُونُوا كَمَا أَنْتُمْ، فَإِنْ هُزِمْتُ فَامْضُوا حَتَّى تَلْحَقُوا بِحَيْثُ شئتم، وإن ظفرت فاثبتوا.   1 "رجاله ثقات": إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق قاله الأرناؤوط في تخريجه لأحاديث "سير أعلام النبلاء" "1/ 430". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 ثُمَّ عَمِدَ إِلَى كِتَابٍ فَكَتَبَ هُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ. ثُمَّ جَعَلَهُ فِي قَبَائِهِ وَخَرَجَ إِلَى الْحَبَشَةِ, وَصَفُّوا لَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَبَشَةِ، أَلَسْتُ أَحَقَّ النَّاسِ بِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَكَيْفَ رَأَيْتُمْ سِيرَتِي فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرُ سَيرَةٍ. قَالَ: فَمَا بَالُكُمْ؟ قَالُوا: فَارَقْتَ دِينَنَا وَزَعَمْتَ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ. قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: هُوَ ابْنُ اللَّهِ. فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، عَلَى قَبَائِهِ، وَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّ عيسى بن مَرْيَمَ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَعْنِي عَلَى مَا كَتَبَ, فَرَضُوا وَانْصَرَفُوا. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا اسْتِطْرَادًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 سرية عمير بن عدي الخطمي، غزوة بني سليم، سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أَبِي عَفَكٍ: سَرِيَّةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْخَطْمِيِّ: ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ لِخَمْسٍ بَقِينَ مُنْ رَمَضَانَ، إِلَى عَصْمَاءَ بِنْتِ مَرْوَانَ؛ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ؛ كَانَتْ تَعِيبُ الْإِسْلَامَ، وَتُحَرِّضُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَقُولُ الشَّعْرَ, فَجَاءَهَا عُمَيْرٌ بِاللَّيْلِ فَقَتَلَهَا غِيلَةً. غَزْوَةُ بَنِي سُلَيْمٍ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمْ يُقِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْصَرَفَهُ عَنْ بَدْرٍ بِالْمَدِينَةِ، إِلَّا سَبْعَةَ أَيَّامٍ, ثُمَّ خَرَجَ بِنَفْسِهِ يُرِيدُ بَنِي سُلَيْمٍ, وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عَرْفَطَةَ الْغِفَارِيَّ، وَقِيلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَبَلَغَ مَاءً يُقَالُ لَهُ: الْكُدْرُ. فَأَقَامَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ انْصَرَفَ, وَلَمْ يَلْقَ أَحَدًا. سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أَبِي عَفَكٍ: وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَبَا عَفَكٍ الْيَهُودِيَّ، كَانَ قَدْ بَلَغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُولُ الشِّعْرَ، وَيُحَرِّض عَلَيْهِ, فَانْتَدَبَ لَهُ سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقَتَلَهُ غِيلَةً، فِي شوال منها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 غَزْوَةُ السَّوِيقِ: فِي ذِي الْحِجَّةِ: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، حِينَ بَلَغَهُ وَقْعَةُ بَدْرٍ، نَذَرَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ دُهْنٌ وَلَا غُسْلٌ، وَلَا يَقْرَبَ أَهْلَهَ، حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا وَيَحْرِقَ فِي طَوَائِفِ الْمَدِينَةِ. فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ سِرًّا خَائِفًا، فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا، لِيَحِلَّ يَمِينَهُ, فَنَزَلَ بِجَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ: ثَيْبٌ. فَبَعَثَ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وأمرهم أن يحرقا أدنى نخل يَأْتِيَانِهِ مِنْ نَخْلِ الْمَدِينَةِ, فَوَجَدَا صَوْرًا مِنْ صِيرَانِ نَخْلِ1 الْعُرَيْضِ. فَأَحَرَقَا فِيهَا وَانْطَلَقَا. وَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ مُسْرِعًا. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ فَفَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَرَجَعَ. وَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ: وَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ فِي آثَارِهِمْ، فَأَعْجَزُوهُمْ وَتَرَكُوا أَزْوَادَهُمْ. فَسُمِّيَتْ غَزْوَةُ أَبِي سُفْيَانَ: غَزْوَةُ السَّوِيقِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ، قَالُوا: لَمَّا رَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ فَلُّ2 قُرَيْشٍ مِنْ يَوْمِ بَدْرٍ، نَذَرَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا. فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ، إِلَى أَنْ نَزَلَ بِجَبَلٍ يُقَالُ لَهْ: ثَيْبٌ، عَلَى نَحْوِ بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَتَى حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَلَمْ يَفْتَحْ لَهُ وَخَافَهُ. فَانْصَرَفَ إِلَى سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي النَّضِيرِ، فَأَذِنَ لَهُ وَقَرَاهُ، وَأَبْطَنَ لَهُ مِنْ خَبَرِ النَّاسِ, ثُمَّ خَرَجَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، فَبَعَثَ رِجَالًا، فَأَتَوْا نَاحِيَةَ الْعُرَيْضِ، فَوَجَدُوا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوهُمَا وَرَدُّوا وَنَذَرَ بِهُمُ النَّاسُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَلَبِهِمْ، حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ، قَدْ رَمَوْا زَادًا لَهُمْ فِي الحرث، وسويقًا كثيرًا، يتخففون منها للنجاء.   1 الأصور: جمع صور وهو جماعة النخل. 2 الفل: المنهزم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ رَجَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَطْمَعُ أَنْ يَكُونَ لَنَا غَزْوَةٌ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ"1. قَالَ: وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ: تَزَوَّجَ عُثْمَانُ بِأُمِّ كُلْثُومٍ. وَفِيهَا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: خَطَبْتُ فَاطِمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لِي مَوْلَاةٌ لِي: عَلِمْتَ أَنَّ فَاطِمَةَ خُطِبَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قلت: لَا. قَالَتْ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ فَيُزَوِّجِكَ؟ فَقُلْتُ: وَعِنْدِي شَيْءٌ أَتَزَوَّجَ بِهِ؟ قَالَتْ: إِنْ جِئْتَهُ زَوَّجَكَ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ تَرْجِينِي، حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جَلَالَةٌ وَهَيْبَةٌ. فَأُفْحِمْتُ، فَوَاللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ. فَقَالَ: "مَا جَاءَ بِكَ؟ أَلَكَ حَاجَةٌ"؟ فَسَكَتُّ, ثُمَّ قَالَ: "لَعَلَّكَ جِئْتَ تَخْطُبُ فَاطِمَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّهَا بِهِ"؟ فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ. فَقَالَ: "مَا فَعَلَتْ دِرْعٌ سَلَّحْتُكَهَا"؟ فَوَالَّذِي نَفْسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ إِنَّهَا لَحُطَمِيَّةٌ مَا ثَمَنُهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ. فَقُلْتُ: عِنْدِي. قَالَ: "قَدْ زَوَّجْتُكَهَا، فَابْعَثْ إِلَيَّ بِهَا". فَإِنَّ الْحُطْمِيَّةَ2 كَانَتْ لِصَدَاقِ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْطِهَا شَيْئًا". قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. قَالَ: "أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطْمِيَّةُ"؟ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ3. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ فِي خَمِيلٍ، وَقِرْبَةٍ، وَوِسَادَةِ أَدَمٍ حَشْوُهَا إِذْخِرٌ. وَفِيهَا: تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ خَالِدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيُّ السَّاعِدِيُّ، وَالِدُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ, وَكَانَ تَجَهَّزَ إِلَى بَدْرٍ فَمَاتَ قَبْلَهَا فِي رَمَضَانَ, فَيُقَالُ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، وَرَدَّهُ عَلَى وَرَثَتِهِ. وَفِيهَا: بَعْدَ بَدْرٍ، تُوُفِّيَ خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، أَحَدُ الْمُهَاجِرِينَ، شَهِدَ بَدْرًا. وَتَأَيَّمَتْ مِنْهُ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَفِي شَوَّالٍ: بَنَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ، وَعُمْرُهَا تِسْعُ سنين.   1 "مرسل": أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة " "3/ 166"، وغيره. 2 الحطمية: منسوبة إلى حطمة بطن من عبد القيس، وكانوا يعملون في الدروع. ويقال: إنها الدروع السابغة التي لم تحطم السلاح. ذكره الخطابي في "معالم السنن". 3 "صحيح": أخرجه أبو داود في كتاب "النكاح" باب "في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها" "2125"، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "1865". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 أحداث السنة الثالثة : غزوة ذي أمر، غزوة بحران : غَزْوَةُ ذِي أَمَرٍ: فِي الْمُحَرَّمِ، غَزَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَجْدًا، يُرِيدُ غَطَفَانَ, وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ, فَأَقَامَ بِنَجْدٍ صَفَرًا كُلَّهُ، وَرَجَعَ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ. قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ. وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَقَالَ: كَانَتْ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ, وَأَنَّ غَيْبَتَهُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا. ثُمَّ روى عن أشياخه، عن التابعي: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِ، قَالُوا: بَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ، بذِي أَمَر1، قَدْ تَجَمَّعُوا يُرِيدُوَن أَنْ يُصِيبُوا مِنْ أَطْرَافِ الْمُسْلِمِينَ. غَزْوَةُ بُحْرَانَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- بالمدينة، ربيع الأَوَّلَ. ثُمَّ غَزَا يُرِيدُ قُرَيْشًا. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: فَبَلَغَ بُحْرَانَ، مَعْدَنًا بِالْحِجَازِ، فَأَقَامَ هُنَاكَ رَبِيعَ الْآخِرَ كُلَّهُ، وَجُمَادَى الْأُولَى. وَبُحْرَانُ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ2. ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يلق كيدًا. وقال الواقدي: غزا النبي -صلى الله عليه وسلم- بَنِي سُلَيْمٍ بِبُحْرَانَ، لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى, وَبُحْرَانُ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ المدنية ثَمَانِيَةُ بُرُدٍ, فَغَابَ عَشْرَ لَيَالٍ, وَكَانَ بَلَغَهُ أَنَّ بِهَا جَمْعًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَخَرَجَ في ثلاثمائة, واستخلف ابن أم مكتوم.   1 ذو أمر: واد بطريق قيد إلى المدينة المنورة على نحو ثلاث مراحل من المدينة بقرية النخيل. 2 قال الواقدي: بين الفرع والمدينة ثمانية برد. "معجم البلدان" "1/ 341". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 غَزْوَةُ بَنِي قَيْنُقَاعَ: ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ هَكَذَا، بَعْدَ غَزْوَةِ الْفُرْعِ. وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ، فَقَالَ: كَانَتْ يَوْمَ السَّبْتِ نِصْفَ شَوَّالٍ، عَلَى رَأْسِ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ, فَحَاصَرَهُمْ إِلَى هِلالِ ذِي الْقِعْدَةِ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَمِنْ حديثهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَهُمْ بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، احْذَرُوا مِنَ اللَّهِ مثل مَا نَزَلَ بِقُرَيْشٍ مِنَ النَّقْمَةِ، وَأَسْلِمُوا فَإِنِّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ أَنِّي نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، تَجِدُونَ ذَلِكَ فِي كِتَابِكُمْ وَعَهْدِ اللَّه إِلَيْكُمْ". قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَرَى أَنَّا كَقَوْمِكَ؟ لَا يَغُرَّنَّكَ أَنَّكَ لَقِيتَ قَوْمًا لَا عِلْمَ لَهُمُ بِالْحَرْبِ، فَأَصَبْتَ مِنْهُمْ فُرْصَةً. إِنَّا وَاللَّهِ لَوْ حَارَبْتَنَا لَتَعْلَمَنَّ أَنَّا نَحْنُ الرِّجَالُ1. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا نَزَلَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ إِلَّا فِيهِمْ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ} الْآيَتَيْنِ2. وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أن بني قَيْنُقَاعَ كَانُوا أَوَّلَ يَهُودَ نَقَضُوا وَحَارَبُوا فِيمَا بَيْنَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ. قَالَ: وَعَنْ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ قَدِمَتْ بِجَلْبٍ لَهَا فَبَاعَتْهُ بِسُوقِهِمْ، وَجَلَسَتْ إِلَى صَائِغٍ بِهَا, فَجَعَلُوا يُرِيدُونَها عَلَى كَشْفِ وَجْهِهَا، فَلَمْ تَفْعَلْ. فَعَمِدَ الصَّائِغُ إِلَى طَرَفِ ثَوْبِهَا فَعَقَدَهُ إِلَى ظَهْرِهَا, فَلَمَّا قَامَتِ انْكَشَفَتْ سَوْءَتُهَا فَضَحِكُوا، فَصَاحَتْ. فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّائِغِ فَقَتَلَهُ وَكَانَ يَهُودِيًّا. فَشَدَّتِ الْيَهُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَتَلُوهُ. فَأُغْضِبَ الْمُسْلِمُونَ ووقع الشر.   1 "إسناده ضعيف": أخرجه أبو داود في كتاب "الخراج والإمارة والفيء" باب: "كيف كان إخراج اليهود من المدينة" "3001"، وفي إسناده مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثابت، وهو مجهول. 2 "إسناده حسن": رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" برقم "286"، وقال المحقق: إسناده حسن. قلت: له شواهد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 وَحَدَّثَنِي عَاصِمٌ، قَالَ: فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ, فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ حِينَ أَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَحْسِنْ فِي مَوَالِيَّ. فَأَعْرَضَ عَنْه. فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَيْبِ دِرْعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسِلْنِي". وَغَضِبَ؛ "أَرْسِلْنِي، وَيْحَكَ". قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُرْسِلُكَ حَتَّى تُحْسِنَ فِي مَوَالِيَّ: أَرْبَعُمِائَةُ حَاسِرٍ، وَثَلَاثُمِائَةُ دَارِعٍ؛ قَدْ مَنَعُونِي مِنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، تَحْصُدُهُمْ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ. إِنِّي وَاللَّهِ امْرؤٌ أَخْشَى الدَّوَائِرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمْ لَكَ"1. وَحَدَّثَنِي أَبِي؛ إِسْحَاقَ, عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: لَمَّا حَارَبَتْ بَنُو قَيْنُقَاعَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- تَشَبَّثَ بِأَمْرِهِمُ ابْنُ سَلُولٍ وَقَامَ دُونَهُمْ. قَالَ: وَمَشَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ أَحَدَ بَنِي عَوْفٍ؛ لَهُمْ مِنْ حِلْفِهِ مِثْلُ الَّذِي لِابْنِ سلول، فخلعهم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَبَرَّأَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ حِلْفِهِمْ، وَقَالَ: أَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَتْ فِيهِ وَفِي ابن سلول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 51-55] ؛ لَتَولَّى عُبَادَةُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ2. وَذَكَرَ الواقدي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حَاصَرَهُمْ خَمْسَ عَشَرَةَ لَيْلَةً، إِلَى هِلَالِ ذِي الْقِعْدَةِ. وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ غَدَر مِنَ الْيَهُودِ. وَحَارَبُوا حَتَّى قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، وَأَنَّ لَهُ أَمْوَالَهُمْ, فَأَمَرَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكُتِّفُوا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى كِتَافِهِمُ الْمُنْذِرَ بْنَ قُدَامَةَ السَّلَمِيَّ؛ مِنْ بَنِي السَّلَمِ. فَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ. فَقَالَ: "خُذْهُمْ". وَأَمَرَ بِهِمْ أَنْ يُجْلَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَوَلِيَ إِخْرَاجَهُمْ مِنْهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ. فَلَحِقُوا بِأَذرِعَاتَ3، فَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ بَقَائِهِمْ فِيهَا. وَتَوَلَّى قَبْضَ أَمْوَالَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ, ثُمَّ خُمِسَتْ، وَأَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ سِلَاحِهِمْ ثَلَاثَةَ أَسْيَافٍ، ودرعين، وغير ذلك.   1 "مرسل": أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 29"، وغيره من رواية ابن هشام عن ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة مرسلا. 2 "إسناده صحيح": أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "295"، والبيهقي في "دلائل النبوة" "3/ 174"، وابن كثير في "تاريخه" "4/ 5" عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت موصولا. وقال الدكتور أبو عمر نادي الأزهري في "المقبول" "291": إسناده صحيح. 3 أذرعات: بلد بالشام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ: قَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ: كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ؛ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ، عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ, وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ وَنَخْلُهُمْ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ, وَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ، عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقلَّتِ الْإِبلُ إِلَّا السِّلَاحَ. فَأُنْزِلَتْ: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2] الْآيَاتِ1. فَأَجْلَاهُمْ إِلَى الشَّامِ، وَكَانُوا مِنْ سِبْطٍ لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ. وَكَانَ اللَّهُ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ والسبي. وقوله: {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} ؛ أَيْ كَانَ جَلَاؤُهُمْ ذَلِكَ أَوَّلَ حَشْرٍ فِي الدُّنْيَا إِلَى الشَّامِ. وَيَرْوِيهِ عَقِيلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَوْلُهُ: وأسنده زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَذِكْرُ عَائِشَةَ فيه غير محفوظ. وقال ابن جريج، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إِنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبُوا بَعْدَ ذَلِكَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ كَتَبُوا إِلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَمَنْ كَانَ يعبد معه الأوثان من   1 "صحيح الإسناد": أخرجه الحاكم في "المستدرك" "2/ 483" وصححه، وأقره الذهبي، ورواه البيهقي في "الدلائل" "3/ 178"، وغيرهما. 2 في "صحيحه" "5/ 12". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ: إِنَّكُمْ آوَيْتُمْ صَاحِبَنَا، وَإِنَّا نُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُقَاتِلَنَّهُ أَوْ لَتُخْرِجَنَّهُ أَوْ لَنَسِيرَنَّ إِلَيْكُمْ بِجَمْعِنَا حَتَّى نَقْتُلَ مُقَاتِلَتَكُمْ وَنَسْتَبِيحَ نِسَاءَكُمْ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَأَصْحَابَهُ اجْتَمَعُوا لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَقِيَهُمْ فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ وَعْدُ قُرَيْشٍ مِنْكُمُ الْمَبَالِغَ، مَا كَانَتْ تَكِيدُكُمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُونَ أَنْ تَكِيدُوا بِهِ أَنْفُسَكُمْ. تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا أَبْنَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ؟ فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ تَفَرَّقُوا. فَبَلَغَ ذَلِكَ كُفَّارَ قُرَيْشٍ فَكَتَبُوا؛ بَعْدَ بَدْرٍ، إِلَى الْيَهُودِ: إِنَّكُمْ أَهْلُ الْحَلَقَةِ وَالْحِصْنِ وَإِنَّكُمْ لَتُقَاتِلُنَّ صَاحِبَنَا أَوْ لَنَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَدَمِ نِسَائِكُمْ شَيْءٌ. وَهِيَ الْخَلَاخِيلُ. فَلَمَّا بَلَغَ كِتَابُهُمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْمَعَتْ بَنُو النَّضِيرِ بِالْغَدْرِ. وَأَرْسَلُوا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْرُجْ إِلَيْنَا فِي ثَلَاثِينَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِكَ، وَلْيَخْرُجْ مِنَّا ثَلَاثُونَ حبرًا، حتى نلتقي بمكان المنصف، فيسمعوا مِنْكَ، فَإِنْ صَدَّقُوا وَآمَنُوا بِكَ آمَنَّا بِكَ. فَقَصَّ خَبَرَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، غَدَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْكَتَائِبِ فَحَصَرَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: "إِنَّكُمْ وَاللَّهِ لَا تَأْمَنُونَ عِنْدِي إِلَّا بِعَهْدٍ تُعَاهِدُونِي عَلَيْهِ". فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ عَهْدًا، فَقَاتَلَهُمْ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ. ثُمَّ غَدَا عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ بِالْكَتَائِبِ، وَتَرَكَ بَنِي النَّضِيرِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يُعَاهِدُوهُ. فَعَاهَدُوهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ. وَغَدَا إِلَى بَنِي النَّضِيرِ بِالْكَتَائِبِ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ. فَجَلَتْ بَنُو النَّضِيرِ، وَاحْتَمَلُوا مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ وَأَبْوَابِهِمْ وَخَشَبِهِمْ. فكان نخل بني النضير لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خَاصَّةً، أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: 6] ، يَقُولُ: بِغَيْرِ قِتَالٍ. فَأَعْطَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَهَا الْمُهَاجِرِينَ وَقَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ، وَقَسَّمَ مِنْهَا لِرَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَا ذَوِي حَاجَةٍ. وَبَقِيَ مِنْهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي فِي أَيْدِي بَنِي فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا1. وَذَهَبَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ إِلَى أَنَّ غَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ بَعْدَ أُحُدٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُهُمَا. وَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَهَذَا حَدِيثُ   1 "صحيح الإسناد": أخرجه أبو داود في كتاب "الخراج والإمارة" باب: "في خبر النضير" برقم "3004"، وقال الشيخ الإلباني في "صحيح سنن أبي داود" "3595": "صحيح الإسناد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 مُوسَى وَحَدِيثُ عُرْوَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى بَنِي النَّضِيرِ يَسْتَعِينُهُمْ فِي عَقْلِ الْكِلابِيِّينَ. وَكَانُوا -زَعَمُوا- قَدْ دَسُّوا إِلَى قُرَيْشٍ حِينَ نَزَلُوا بِأُحُدٍ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَضُّوهُمْ عَلَى الْقِتَالِ وَدَلُّوهُمْ عَلَى الْعَوْرَةِ. فَلَمَّا كَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَقْلِ الْكِلابِيِّينَ، قَالُوا: اجْلِسْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَتَّى تَطْعَمَ وَتَرْجِعَ بِحَاجَتِكَ وَنَقُومُ فَنَتَشَاوَرُ. فَجَلَسَ بِأَصْحَابِهِ, فَلَمَّا خَلَوْا وَالشَّيْطَانُ مَعَهُمْ، ائْتَمِرُوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالُوا: لَنْ تَجِدُوهُ أَقْرَبَ مِنْهُ الْآنَ، فَاسْتَرِيحُوا مِنْهُ تَأْمَنُوا. فَقَالَ رَجُلٌ: إِنْ شِئْتُمْ ظَهَرْتُ فَوْقَ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ تَحْتَهُ فَدَلَّيْتُ عَلَيْهِ حَجَرًا فَقَتَلْتُهُ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِشَأْنِهِمْ وَعَصَمَهُ، فَقَامَ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً, وَانْتَظَرَهُ أَعْدَاءُ اللَّهِ، فَرَاثَ عَلَيْهِمْ, فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ فَسَأَلُوهُ عَنْهُ فَقَالَ: لَقِيتُهُ قَدْ دَخَلَ أَزِقَّةَ الْمَدِينَةِ. فَقَالُوا لِأَصْحَابِهِ: عَجَّلَ أَبُو الْقَاسِمِ أَنْ نُقِيمَ أَمْرَنَا فِي حَاجَتِهِ, ثُمَّ قَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَجَعُوا وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ} الْآيَةَ1. وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِجْلَائِهِمْ، وَأَنْ يَسِيرُوا حَيْثُ شَاءُوا, وَكَانَ النِّفَاقُ قَدْ كَثُرَ بِالْمَدِينَةِ, فَقَالُوا: أَيْنَ تُخْرِجُنَا؟ قَالَ: "أُخْرِجُكُمْ إِلَى الْحَشْرِ". فَلَمَّا سَمِعَ الْمُنَافِقُونَ مَا يُرَادُ بِأَوْلِيائِهِمْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ: إِنَّا مَعَكُمْ مَحْيَانَا وَمَمَاتَنَا، إِنْ قُوتِلْتُمْ فَلَكُمْ عَلَيْنَا النَّصْرُ، وَإِنْ أُخْرِجْتُمْ لَمْ نَتَخَلَّفْ عَنْكُمْ. وَسَيِّدُ الْيَهُودِ أَبُو صَفِيَّةَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ. فَلَمَّا وَثِقُوا بِأَمَانِيِّ الْمُنَافِقِينَ عَظُمَتْ غِرَّتُهُمْ وَمَنَّاهُمُ الشَّيْطَانُ الظُّهُورَ، فَنَادَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ: إِنَّا، وَاللَّهِ، لَا نَخْرُجُ وَلَئِنْ قَاتَلْتَنَا لَنُقَاتِلَنَّكَ. فَمَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَمْرِ اللَّهِ فِيهِمْ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَخَذُوا السِّلَاحَ ثُمَّ مَضَى إِلَيْهِمْ. وَتَحَصَّنَتِ الْيَهُودُ فِي دُورِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. فَلَمَّا انْتَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَزِقَّتِهِمْ وَحُصُونِهِمْ كَرِهَ أَنْ يُمَكِّنَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ فِي دُورِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَحَفِظَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَعَزَمَ لَهُ عَلَى رُشْدِهِ، فَأَمَرَ أَنْ يُهْدَمَ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى مِنْ دُورِهِمْ، وَبِالنَّخْلِ أَنْ تُحَرَّقَ وَتُقَطَّعَ، وَكَفَّ اللَّهُ أَيْدِيَهُمْ وَأَيْدِي الْمُنَافِقِينَ فَلَمْ يَنْصُرُوهُمْ، وَأَلْقَى فِي قُلُوبِ الْفَرِيقَيْنِ الرُّعْبَ, ثُمَّ جَعَلَتِ الْيَهُودُ كُلَّمَا خَلُصَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ هَدْمِ مَا يلي مدينتهم، ألقى الله في   1 "المائدة: 11"، وسبب النزول: ضعيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، فَهَدَمُوا الدُّورَ الَّتِي هُمْ فِيهَا مِنْ أَدْبَارِهَا، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَخْرُجُوا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ يَهْدِمُونَ شَيْئًا فَشَيْئًا, فَلَمَّا كَادَتِ الْيَهُودُ أَنْ تَبْلُغَ آخِرَ دُورِهَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْمُنَافِقِينَ وَمَا كَانُوا مَنَّوْهُمْ، فَلَمَّا يَئِسُوا مِمَّا عِنْدَهُمْ، سَأَلُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي كَانَ عَرَضَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُجْلِيَهُمْ، وَلَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ الْإِبِلُ إِلَّا السِّلَاحَ. وَطَارُوا كُلَّ مُطَيَّرٍ، وَذَهَبُوا كُلَّ مَذْهَبٍ. وَلَحِقَ بَنُو أَبِي الْحَقِيقِ بِخَيْبَرَ وَمَعَهُمْ آنِيَةً كَثِيرَةً مِنْ فِضَّةٍ، فَرَآهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ. وَعَمَدَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ عَلَى قُرَيْشٍ، فَاسْتَغْوَاهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَبَيَّنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ حَدِيثَ أَهْلِ النِّفَاقِ، وَمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْيَهُودِ، وَكَانُوا قَدْ عَيَّرُوا الْمُسْلِمِينَ حِينَ قَطَعُوا النَّخْلَ وَهَدَمُوا. فَقَالُوا: مَا ذَنْبُ الشَّجَرَةِ وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ مُصْلِحُونَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {سَبَّحَ لِلَّهِ} سورة الحشر. ثُمَّ جَعَلَهَا نَفْلًا لِرَسُولِهِ، فَقَسَّمَهَا فِيمَنْ أَرَاهُ اللَّهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. وَأَعْطَى مِنْهَا أَبَا دُجَانَةَ سِمَاكَ بْنَ خَرَشَةَ، وَسَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، الْأَنْصَارِيَّيْنِ. وَأَعْطَى -زَعَمُوا- سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ سَيْفَ ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ1. وَكَانَ إِجْلَاءُ بَنِي النَّضِيرِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ. وَأَقَامَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فِي الْمَدِينَةِ فِي مَسَاكِنِهِمْ، لَمْ يُؤْمَرِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَتْلٍ وَلَا إِخْرَاجٍ حَتَّى فَضَحَهُمُ اللَّهُ بِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَبِجُمُوعِ الْأَحْزَابِ. هَذَا لَفْظُ مُوسَى، وَحَدِيثُ عُرْوَةَ بِمَعْنَاهُ، إِلَى إِعْطَاءِ سَعْدٍ السَّيْفَ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قطع نخل بني النضير وحق. وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: وَهَانَ عَلَى سُرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرٌ وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الزهري، عن مالك بن أوس، عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِصَةً يُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ والسلاح عدة في سبيل الله. أخرجاه3.   1 أورده القرطبي في "تفسير" "18/ 9". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "4032" باب "14" حديث بني النضير، ومسلم في "صحيحه" في "الجهاد" "1746/ 30" باب "10" جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها. واللينة. النخل كله إلا العجوة؛ قاله الزهري وغيره. 3 أخرجه مسلم في "صحيحه" في الجهاد والسير "1757/ 49" باب "15" حكم الفيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 سرية زيد بنحارثة إلى القردة، غزوة قرقرة الكدر : سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى الْقَرَدَةِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَسَرِيَّةُ زَيْدٍ الَّتِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، حِينَ أَصَابَ عِيرَ قُرَيْشٍ؛ وَفِيهَا أَبُو سُفْيَانَ؛ عَلَى الْقَرَدَةِ؛ مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ نَجْدٍ. وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهَا أَنَّ قُرَيْشًا خَافُوا طَرِيقَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَسْلُكُونَ إِلَى الشَّامِ حِينَ جَرَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ، فسلكوا طريق العراق, فخرج منها تُجَّارٌ فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ، وَاسْتَأْجَرُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ يُقَالُ لَهُ: فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ يَدُلُّهُمْ. فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَلَقِيَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ، فَأَصَابَ تِلْكَ الْعِيرَ وَمَا فيها، وأعجزهم الرجال، فقدم بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. غَزْوَةُ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: إِنَّهَا فِي الْمُحرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ, وَهِيَ نَاحِيَةُ مَعْدِنِ بَنِي سُلَيْمٍ, وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ. وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلَغَهُ أَنَّ بِهَذَا الْمَوْضِعِ جَمْعًا مِنْ سُلَيْمٍ وَغَطَفَانَ, فَلَمْ يَجِدْ فِي الْمَجَالِ أَحَدًا، وَوَجَدَ رِعَاءً مِنْهُمْ غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ يَسَارٌ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ ظَفَرَ بِالنَّعَمِ، فَانْحَدَرَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَاقْتَسَمُوهَا بِصِرَارٍ؛ على ثلاث أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَتِ النَّعَمُ خَمْسَمِائَةِ بَعِيرٍ، وَأَسْلَمَ يَسَارٌ. الْقَرْقَرَةُ أَرْضٌ مَلْسَاءُ، وَالْكُدْرُ طَيْرٌ فِي أَلْوَانِهَا كُدْرَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرَارَةُ الْكُدْرِ؛ يَعْنِي أَنَّهَا مُسْتَقَرُّ هَذَا الطَّيْرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَصَالِحُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، قَالَا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ بَشِيرَيْنِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ فَبَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَى أَهْلِ السَّافِلَةِ، وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى أَهْلِ الْعَالِيَةِ، فَبَشَّرُوا وَنَعَوْا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ وَالْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ قَالَ: وَيْلَكُمْ، أَحَقٌّ هَذَا؟ هَؤُلَاءِ مُلُوكُ الْعَرَبِ وَسَادَةُ الناس. ثم خرج إلى أَبِي وَدَاعَةَ، فَجَعَلَ يَبْكِي عَلَى قَتْلَى قُرَيْشٍ، وَيُحَرِّضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: طَحَنَتْ رَحَى بَدْرٍ لِمَهْلِكِ أَهْلِهَا ... وَلِمِثْلِ بَدْرٍ تَسْتَهِلُّ وَتَدْمَعُ قُتِلَتْ سُرَاةُ النَّاسِ حَوْلَ حِياضِهِمْ ... لا تَبْعُدُوا إِنَّ الْمُلُوكَ تُصَرَّعُ كَمْ قَدْ أُصِيبَ بِهَا مِنْ أَبْيَضَ مَاجِدٍ ... ذِي بَهْجَةٍ تَأْوِي إِلَيْهِ الضِّيَعُ وَيَقُولُ أَقْوَامٌ أُذَلُّ بِسَخْطِهِمْ ... إِنَّ ابْنَ الْأَشْرَفِ ظَلَّ كَعْبًا يَجْزَعُ صَدَقُوا فَلَيْتَ الْأَرْضَ سَاعَةَ قُتِّلُوا ... ظَلَّتْ تَسُوخُ بِأَهْلِهَا وَتَصَدَّعُ نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ كُلَّهُمْ ... خَشَعُوا لِقَوْلِ أَبِي الْوَلِيدِ وَجَدَّعُوا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ, فَشَبَّبَ1 بِأُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ: أَرَاحِلٌ أَنْتَ لَمْ تَحْلُلْ بِمَنْقَبَةٍ ... وَتَارِكٌ أَنْتَ أُمَّ الْفَضْلِ بِالْحَرَمِ فِي كَلَامٍ لَهُ, ثُمَّ شَبَّبَ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى آذَاهُمْ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: كَانَ ابْنُ الْأَشْرَفِ قَدْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْهِجَاءِ، وَرَكِبَ إِلَى قُرَيْشٍ فقدم عليهم فاستغواهم على رسول الله، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: أُنَاشِدُكَ اللَّهَ، أَدِينُنَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَمْ دِينُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ؟ قَالَ: أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُمْ سَبِيلًا. ثُمَّ خَرَجَ مُقْبِلًا قَدْ أَجْمَعَ رَأْيَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعْلِنًا بِعَدَاوَتِهِ وَهِجَائِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْجَمَّالُ الْمَخْرَمِيُّ -الَّذِي قَالَ فِيهِ ابْنُ عَدِيِّ: كَانَ عِنْدِي مِمَّنْ يَسْرِقُ الْحَدِيثَ. قُلْتُ: لَكِنْ رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ- ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، ثَنَا عَمْرٌو، عن عكرمة،   1 شبب الشاعر: ذكر أيام اللهو والشباب. وبفلانة: تغزل بها ووصف حسنها. المعجم الوجيز "333". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ عَلَى قُرَيْشٍ فَحَالَفُوهُمْ عَلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالُوا لَهْمُ: أَنْتُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ الْقَدِيمِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَأَخْبِرُونَا عَنَّا وَعَنْ مُحَمَّدٍ، قَالُوا: مَا أَنْتُمْ وَمَا مُحَمَّدٌ؟ قَالُوا: نَحْنُ نَنْحَرُ الْكَوْمَاءَ وَنَسْقِي اللَّبَنَ عَلَى الْمَاءِ وَنَفُكُّ الْعُنَاةَ وَنَسْقِي الْحَجِيجَ، وَنَصِلُ الْأَرْحَامَ. قَالُوا: فَمَا مُحَمَّدٌ؟ قَالُوا: صُنْبُورٌ قَطَعَ أَرْحَامَنَا وَاتَّبَعَهُ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ بَنُو غِفَارٍ. قَالُوا: لَا، بَلْ أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَهْدَى سَبِيلًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51] الْآيَةَ1. قَالَ سُفْيَانُ: كَانَتْ غِفَارٌ سَرِقَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بن جعفر بن محمد بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَلَحِقَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُعْلِنًا بِمُعَادَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهِجَائِهِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ قَوْلَهُ: أَذَاهِبٌ أَنْتَ لَمْ تَحْلُلْ بِمَنْقَبَةٍ ... وَتَارِكٌ أَنْتَ أُمَّ الْفَضْلِ بِالْحَرَمِ صَفْرَاءُ رَادِعَةٌ لَوْ تُعْصَرُ انْعَصَرَتْ ... مِنْ ذِي الْقَوَارِيرِ وَالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ إِحْدَى بَنِي عَامِرٍ هَامَ الْفُؤَادُ بِهَا ... وَلَوْ تَشَاءُ شَفَتْ كَعْبًا من السقم لم أر شَمْسًا بِلَيْلٍ قَبْلَهَا طَلَعَتْ ... حَتَّى تَبَدَّتْ لَنَا فِي لَيْلَةِ الظُّلَمِ وَقَالَ: طَحَنَتْ رَحَى بَدْرٍ لِمَهْلِكِ أَهْلِهَا "الْأَبْيَاتَ". فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا: "مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ؟ فَقَدْ آذَانَا بِالشِّعْرِ وَقَوَّى الْمُشْرِكِينَ عَلَيْنَا". فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَأَنْتَ". فَقَامَ فَمَشَى ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: إِنِّي قَائِلٌ. قَالَ: "فَأَنْتَ فِي حِلٍّ". فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، حَتَّى أَتَى كَعْبًا وَهُوَ فِي حَائِطٍ, فَقَالَ: يَا كَعْبُ جِئْتُ لِحَاجَةٍ؛ الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ"؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعَجِبَ إِلَيْكَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا. قال:   1 "إسناده حسن": أورده ابن كثير في "تفسيره" "2/ 295"، قال الدكتور أبو عمر نادي الأزهري في "المقبول من أسباب النزول" "220": وهي طريق جيدة إلى ابن عباس وإسنادها حسن. قلت: والحديث له شواهد. والصنبور: الأبتر الذي لا عقب له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 "قُلْ". فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ, فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَقَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ. قَالَ: وَأَيْضًا لَتَمَلَّنَّهُ. قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسَلِّفَنَا. قَالَ: ارْهَنُونِي نساءكم. قال: كيف نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: فَارْهَنُونِي أبناءك. قَالَ: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا, فَيُقَالُ: رَهْنٌ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ؟ قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ؟ قَالَ: نَرْهَنُكَ الَّلأَمَةَ. فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ لَيْلًا، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ، وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُ مِنَ الْحِصْنِ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي أَبُو نَائِلَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ. قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنِّي إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعْرِهِ, فَأَشَمُّهُ ثُمَّ أُشِمُّكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي أُثَبِّتُ يَدَيَّ فَدُونَكُمْ. فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا، وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا، أَيْ: أَطْيَبَ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَشَمَّهُ ثُمَّ شَمَّ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي؟ يَعْنِي ثَانِيًا. قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ: دُونَكُمْ. فَضَرَبُوهُ فَقَتَلُوهُ. وَأَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيَّ كَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٍ فِي شِعْرِهِ, وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَهْلُهَا أَخْلَاطٌ، مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَمِنْهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، وَمِنْهُمُ الْيَهُودُ، وَهُمْ أَهْلُ الْحَلَقَةِ وَالْحُصُونِ، وَهُمْ حُلَفَاءُ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ اسْتِصْلَاحَهُمْ كُلَّهُمْ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَكُونُ مُسْلِمًا وَأَبُوهُ مُشْرِكٌ وَأَخُوهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ يُؤْذُونَهُ أَشَدَّ الْأَذَى، فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ وَالْعَفْوِ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] ، وَقَالَ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ   1 راجع: سيرة ابن هشام" "2/ 51-57"، و"صحيح البخاري" "1/ 341"، و"سنن أبي داود" مع "عون المعبود" "2/ 42". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109] ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَنْ يَبْعَثَ رَهْطًا لِيَقْتُلُوا كَعْبًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ سَعْدَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَبَا عَبْسٍ، والحارث ابن أَخِي سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي خَمْسَةِ رَهْطٍ أَتَوْهُ عَشِيَّةً، وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِمْ بِالْعَوَالِي. فَلَمَّا رَآهُمْ كَعْبٌ أَنْكَرَهُمْ وَكَادَ يُذْعَرُ مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جَاءَتْ بِنَا إِلَيْكَ الْحَاجَةُ. قَالَ: فَلْيَدْنُ إِلَيَّ بَعْضُكُمْ فَلْيُحَدِّثَنِي بِهَا. فَدَنَا إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: جِئْنَاكَ لِنَبِيعَكَ أَدْرَاعًا لَنَا لِنَسْتَنْفِقَ أَثْمَانَهَا. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَقَدْ جُهِدْتُمْ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ هَذَا الرَّجُلُ. فَوَاعَدَهُمْ أَنْ يَأْتُوهُ عِشَاءً حِينَ يَهْدَأُ عَنْهُمُ النَّاسُ. فَجَاءُوا فَنَادَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَامَ لِيَخْرُجَ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: مَا طَرَقُوكَ سَاعَتَهُمْ هَذِهِ لِشَيْءٍ تُحِبُّ. فَقَالَ: بَلْ إِنَّهُمْ قَدْ حَدَّثُونِي حَدِيثَهُمْ. فَاعْتَنَقَهُ أَبُو عَبْسٍ، وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِالسَّيْفِ، وَطَعَنَهُ بَعْضُهُمْ بِالسَّيْفِ فِي خَاصِرَتِهِ. فَلَمَّا قَتَلُوهُ فَزِعَتِ الْيَهُودُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَصْبَحُوا فَقَالُوا: إِنَّهُ طُرِقَ صَاحِبُنَا اللَّيْلَةَ وَهُوَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا فَقُتِلَ، فَذَكَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي كان يقول فِي أَشْعَارِهِ. وَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كِتَابًا، فَكَتَبَ بَيْنَهُمْ صَحِيفَةً، وَكَانَتْ تِلْكَ الصَّحِيفَةُ بَعْدَهُ عِنْدَ عَلِيٍّ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ1. وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ كَانَ مَعَهُمْ، فَأُصِيبَ فِي وَجْهِهِ بِالسَّيْفِ أَوْ رِجْلِهِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَمَشَى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، ثُمَّ وَجَّهَهُمْ وَقَالَ: "انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ". وَذَكَرَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِأَطْوَلِ مِمَّا هُنَا وَأَحْسَنَ عِبَارَةً، وَفِيهِ: فَاجْتَمَعَ فِي قَتْلِهِ مُحَمَّدٌ، وَسِلْكَانُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ؛ وَهُوَ أَبُو نَائِلَةَ الْأَشْهَلِيُّ, وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ الْحَارِثِيُّ. فَقَدَّمُوا إِلَى ابْنِ الْأَشْرَفِ سِلْكَانَ، فَجَاءَهُ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ سَاعَةً وَتَنَاشَدَا شِعْرًا، ثُمَّ قال: ويحك يا ابن الْأَشْرَفِ، إِنِّي قَدْ جِئْتُ لِحَاجَةٍ أُرِيدُ ذِكْرَهَا لَكَ فَاكْتُمْ عَنِّي. قَالَ: أَفْعَلُ. قَالَ: قَدْ كان قدوم هذا الرجل علينا   1 في "سنه" وأصله في "الصحيح" كما تقدم آنفًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 بَلَاءً مِنَ الْبَلَاءِ عَادَتْنَا الْعَرَبُ وَرَمَوْنَا مِنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَقُطِعَتْ عَنَّا السُّبُلُ حَتَّى ضَاعَ العيال وجهدنا. فقال ابن الأشرف: أما والله لقد أخبرتك يابن سلامة أن الأمر سيسير. إِلَى مَا أَقُولُ. فَقَالَ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَبِيعَنَا طَعَامًا وَنَرْهَنُكَ وَنُوثِّقَ لَكَ، وَتُحْسِنُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَتَرْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ؟ قَالَ: لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَفْضَحَنَا، إِنَّ مَعِي أَصْحَابًا لِي عَلَى مِثْلِ رَأْيِي، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ آتِيكَ بِهِمْ فَتَبِيعَهُمْ، وَتُحْسِنَ فِي ذَلِكَ، وَنَرْهَنُكَ مِنَ الْحَلْقَةِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ. قَالَ: فَرَجَعَ سِلْكَانُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا السِّلَاحَ ثُمَّ يَنْطَلِقُوا فَيَجْتَمُعُوا إِلَيْهِ. وَاجْتَمَعُوا، وَسَاقَ الْقِصَّةَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتْلَ الْيَهُودِ، وَقَالَ: مَنْ ظَفِرْتُمْ بِهِ مِنَ الْيَهُودِ فَاقْتُلُوهُ. وَحِينَئِذٍ أَسْلَمَ حُوَيَّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ. وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ أخوه محيصة. فقتل محيصةُ ابنَ سُنَيْنَةَ الْيَهُودِيَّ التَّاجِرَ، فَقَامَ مُحَيِّصَةُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَجَعَلَ يَضْرِبُ أَخَاهُ وَيَقُولُ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ قَتَلْتَهُ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَرُبَّ شَحْمٍ فِي بَطْنِكَ مِنْ مَالِهِ1. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَمَرَنِي بِقَتْلِهِ مَنْ لَوْ أَمَرَنِي بِقَتْلِكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ. قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ دِينًا بَلَغَ بِكَ هَذَا لَعَجَبٌ. فَأَسْلَمَ حُوَيِّصَةُ. وَفِي رَمَضَانَ: وُلِدَ السَّيِّدُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ: تَزَوَّجَ أَيْضًا بِزَيْنَبَ بِنْتِ خُزَيْمَةَ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَهِيَ أُمُّ الْمَسَاكِينِ، فَعَاشَتْ عِنْدَهُ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَتُوُفِّيَتْ. وَقِيلَ: أَقَامَتْ عِنْدَهُ ثمانية أشهر، والله تعالى أعلم.   1 "إسناده ضعيف": أخرجه أبو داود "3002"، وقال الشيخ الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "648": ضعيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 غَزْوَةُ أُحُدٍ: وَكَانَتْ فِي شَوَّالٍ قَالَ شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ: وَاقَعَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ بَعْدَ بَدْرٍ فِي شَوَّالٍ، يَوْمَ السَّبْتِ لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَوَّالٍ. وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَوْمَئِذٍ سَبْعَمِائَةٍ، وَالْمُشْرِكُونَ أَلْفَيْنِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ الْقِتَالُ يَوْمَئِذٍ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ. وَقَالَ بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ بَقَرًا، وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ النَّفَرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا يَوْمَ بَدْرٍ". أَخْرَجَاهُ1. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَهُ الْمُشْرِكُونَ كَانَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُقِيمَ بِالْمَدِينَةِ فَيُقَاتِلُهُمْ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ نَاسٌ لَمْ يَكُونُوا شَهِدُوا بَدْرًا: يَخْرُجُ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ نُقَاتِلُهُمْ بِأُحُدٍ، وَرَجَوْا أَنْ يُصِيبُوا مِنَ الْفَضِيلَةِ مَا أَصَابَ أَهْلُ بَدْرٍ. فَمَا زَالُوا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى لَبِسَ أَدَاتَهُ، ثُمَّ نَدِمُوا وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقِمْ فَالرَّأْيُ رَأْيُكَ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَضَعَ أَدَاتَهُ بَعْدَ أَنْ لَبِسَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ". قَالُوا: وَكَانَ مَا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أَنْ يَلْبَسَ الْأَدَاةَ: "إِنِّي رَأَيْتَ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ, وَأَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ، وَرَأَيْتُ أَنَّ سَيْفِي ذَا الْفَقَارِ فُلَّ فَأَوَّلْتُهُ فَلًّا فِيكُمْ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ" 2. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ في خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- إِلَى أُحُدٍ، قَالَ: حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّوْطِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَأُحُدٍ، انْخَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِقَرِيبٍ مِنْ ثُلُثِ الْجَيْشِ. وَمَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ فِي سَبْعِمِائَةٍ. وَتَعَبَّأَتْ قُرَيْشٌ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَمَعَهُمْ مِائَتَا فَرَسٍ قَدْ جَنَّبُوهَا، وَجَعَلُوا عَلَى مَيْمَنَةِ الْخَيْلِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهَا عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-   1 يَعْنِي: البخاري ومسلم. 2 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 351"، ورجاله رجال الصحيح. انظر: "المجمع" "6/ 107"، وله شاهد في "صحيح البخاري" "7035". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 وَالْمُسْلِمُونَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثَةُ آلافٍ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُحُدًا، وَرَجَعَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِي ثَلَاثِمَائَةٍ، فَسَقَطَ فِي أَيْدِي الطَّائِفَتَيْنِ، وَهَمَّتَا أَنْ تَفْشَلا؛ وَالطَّائِفَتَانِ: بَنُو سَلَمَةَ وَبَنُو حَارِثَةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} [آل عمران: 122] ؛ بَنُو سَلَمَةَ وَبَنُو حَارِثَةَ، مَا أَحَبُّ أَنَّهَا لم تنزل لقوله: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ خَرَجُوا مَعَهُ. فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِرْقَتَيْنِ؛ فِرْقَةً تَقُولُ: نُقَاتِلُهُمْ. وَفِرْقَةً تَقُولُ: لَا نُقَاتِلُهُمْ. فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا طَيِّبَةٌ تَنْفِي الْخَبِيثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] ؛ وَقَالَ مَيَّزَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ أُحُدٍ؛ كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، وَالْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُمْ، كُلٌّ قَدْ حَدَّثَ بَعْضَ الْحَدِيثَ، وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ كُلُّهُ فِيمَا سُقْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ؛ أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ لَمَّا أُصِيبَ مِنْهُمْ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ، وَرَجَعَ فَلُّهُمْ إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِالْعِيرِ، مَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ أُصِيبَ آبَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَإِخْوَانُهُمْ بِبَدْرٍ، فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ كَانَ لَهُ فِي تِلْكَ الْعِيرِ تِجَارَةٌ، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَتَرَكُمْ وَقَتَلَ خِيَارَكُمْ، فَأَعِينُونَا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى حَرْبِهِ لَعَلَّنَا نُدْرِكُ مِنْهُ ثَأْرًا بِمَنْ أَصَابَ مِنَّا. فَاجْتَمَعُوا لحرب رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُ الْعِيرِ بِأَحَابِيشِهَا وَمَنْ أَطَاعَهَا مِنْ قَبَائِلِ كِنَانَةَ وَأَهْلِ تِهَامَةَ. وَكَانَ أَبُو عَزَّةَ الْجُمَحِيُّ قَدْ مَنَّ عَلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ ذا عيال وحاجة،   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "4051"، ومسلم في "فضائل الصحابة" "2505". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: "غزوة أحد"، ومسلم في كتاب "المناسك" باب: "المدينة تنفي شرارها"، والترمذي في "التفسير" "3036"، وغيرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي فَقِيرٌ ذُو عِيَالٍ وَحَاجَةٍ، فَامْنُنْ عَلَيَّ. فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: يَا أَبَا عَزَّةَ، إِنَّكَ امْرُؤٌ شَاعِرٌ، فَأَعِنَّا بِلِسَانِكَ فَاخْرُجْ مَعَنَا، فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَنَّ عَلِيَّ فَلَا أُرِيدُ أَنْ أُظَاهِرَ عَلَيْهِ. قَالَ: بَلَى، فَأَعِنَّا بِنَفْسِكَ، فَلَكَ اللَّهُ عَلَيَّ إن رجعت أَنْ أُعِينَكَ، وَإِنْ أُصِبْتَ أَنْ أَجْعَلَ بَنَاتِكَ مَعَ بَنَاتِي يُصِيبُهُنَّ مَا أَصَابَهُنَّ مِنْ عُسْرٍ وَيُسْرٍ. فَخَرَجَ أَبُو عَزَّةَ يَسِيرُ فِي تِهَامَةَ ويدعو كنانة، ويقول: إِيهًا بَنِي عَبْدِ مَنَاةَ الرُّزَامَ ... أَنْتُمْ حُمَاةٌ وَأَبُوكُمْ حَامْ لَا يَعْدُونِي نَصْرُكُمْ بَعْدَ الْعَامِ ... لَا تُسْلِمُونِي لَا يَحِلُّ إِسْلَامْ وَخَرَجَ مُسَافِعُ بْنُ عَبْدِ مَنَافَ الْجُمَحِيُّ إِلَى بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ يَدْعُوهُمْ إِلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُولُ شِعْرًا. وَدَعَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ غُلَامًا لَهُ حَبَشِيًّا يُقَالُ لَهُ وَحْشِيٌّ، يَقْذِفُ بِحَرْبَةٍ لَهُ قَذْفَ الْحَبَشَةِ قَلَّمَا يُخْطِئُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مَعَ النَّاسِ فَإِنْ أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي طُعَيْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ فَأَنْتَ عَتِيقٌ. فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ بِحَدِّهَا وَحَدِيدِهَا وَأَحَابِيشِهَا وَمَنْ تَابَعَهَا، وَخَرَجُوا مَعَهُمْ بِالظَّعْنِ الْتِمَاسَ الْحَفِيظَةِ وَأَنْ لَا يَفِرُّوا, وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ -وَهُوَ قَائِدُ النَّاسِ- بِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ، وَخَرَجَ عِكْرِمَةُ بِأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، حَتَّى نَزَلُوا بِعَيْنَيْنِ بِجَبَلِ أُحُدٍ بِبَطْنِ السَّبْخَةِ مِنْ قَنَاةٍ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي مُقَابِلَ الْمَدِينَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدَعُوهُمْ حيث نزلوا، فإن أقاموا أَقَامُوا بِشَرِّ مَقَامٍ، وَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا". وَكَانَ يَكْرَهُ الْخُرُوجَ إِلَيْهِمْ, فَقَالَ رِجَالٌ مِمَّنْ فَاتَهُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اخْرُجْ بِنَا إِلَيْهِمْ لَا يَرَوْنَ أَنَّا جَبُنَّا عَنْهُمْ. فَلَمْ يَزَالُوا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى دَخَلَ فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ1، وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ فَرِغَ النَّاسُ مِنَ الصَّلَاةِ, فَذَكَرَ خُرُوجَهُ وَانْخِزَالَ ابْنِ أُبَيٍّ بِثُلُثِ النَّاسِ، فَاتَّبَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ وَالِدُ جَابِرٍ، يَقُولُ: أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أَنْ تَخْذِلُوا قَوْمَكُمْ وَنَبِيَّكُمْ. قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكُمْ تُقَاتِلُونَ لَمَا أَسْلَمْنَاكُمْ، وَلَكِنَّا لَا نَرَى أَنَّهُ يَكُونَ قِتَالٌ. وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: يَا رسول الله، أَلَا نَسْتَعِينُ بِحُلَفَائِنَا مِنْ يَهُودَ؟ قَالَ: "لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ". وَمَضَى حَتَّى نَزَلَ الشِّعْبَ مِنْ أُحُدٍ فِي عُدْوَةِ الْوَادِي إِلَى الْجَبَلِ، فجعل ظهره   1 اللأمة: أداة الحرب كلها من رمح وبيضة ومعفر وسيف ودرع. "المعجم الوجيز" "548". 2 معناها النفي أي: لا تخذلوا قومكم ونبيكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 وَعَسْكَرَهُ إِلَى أُحُدٍ، وَقَالَ: "لَا يُقَاتِلَنَّ أَحَدٌ حتى نأمره بِالْقِتَالِ". وَتَعَبَّأَ لِلْقِتَالِ وَهُوَ فِي سَبْعِمِائَةٍ، وَأَمَّرَ عَلَى الرُّمَاةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ وَهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا، فَقَالَ: "انْضَحُوا عَنَّا الْخَيْلَ بِالنَّبْلِ، لَا يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا، إِنْ كَانَتْ لَنَا أو علينا، فاثبت مكانك لا نؤتين مَنْ قِبَلِكَ". وَظَاهِرْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ دِرْعَيْنِ، وَدَفَعَ اللِّوَاءَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَتَعَبَّأَتْ قُرَيْشٌ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَمَعَهُمْ مِائَتَا فَرَسٍ قَدْ جَنَّبُوهَا فَجَعَلُوا عَلَى الْمَيْمَنَةِ خَالِدًا، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ عِكْرِمَةَ. وَقَالَ سلام بن مسكين، عن قتادة، عن سعيد بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ مِرْطًا أَسْوَدَ1 كَانَ لِعَائِشَةَ، وَرَايَةُ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا الْعُقَابُ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ عَلِيٌّ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعِدِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ كَانَ عَلَى الرِّجَالِ، وَيُقَالُ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَكَانَ حَمْزَةُ عَلَى الْقَلْبِ، وَاللِّوَاءُ مَعَ مُصْعَبٍ، فَقُتِلَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا: قَالَ: وَيُقَالُ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَلْوِيَةٍ، لِوَاءً إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ لِلْمُهَاجِرِينَ، وَلِوَاءً إِلَى عَلِيٍّ، وَلِوَاءً إِلَى الْمُنْذِرِ. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟ فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَنَا، أَنَا. فَقَالَ مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو دجانة سماك: أنا آخذه بحقه. قال: فأخذه ففلق به هام الْمُشْرِكِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَتَّى قَامَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالَ: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: أَنْ تَضْرِبَ بِهِ فِي الْعَدُوِّ حَتَّى يَنْحَنِي. قَالَ: فَأَنَا آخِذُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَكَانَ أَبُو دُجَانَةَ رَجُلًا شُجَاعًا يَخْتَالُ عِنْدَ الْحَرْبِ، وَكَانَ إِذَا قَاتَلَ عَلَّمَ بِعِصَابَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ فَاعْتَصَبَ بِهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ. فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال حين رَآهُ يَتَبَخْتَرُ: "إِنَّهَا لَمِشْيَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ" 3. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عاصم الكلابي: حدثني عبيد الله بن الوزاع، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ   1 المرط: كساء من خز أو صوف أو كتاب يؤترز به وتتلفع به المرأة. 2 في "صحيحه" برقم "2470". 3 "ضعيف": قال الهيثمي في "المجمع" "6/ 109": أخرجه الطبراني، وفيه من لم أعرفه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 فَقَالَ: "مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ"؟ فَقُمْتُ فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْرَضَ عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: "مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ"؟ فَقَامَ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ, فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: "أَنْ لَا تَقْتُلْ بِهِ مُسْلِمًا وَلَا تَفِرَّ بِهِ عَنْ كَافِرٍ". قَالَ: فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ الْقِتَالَ أَعْلَمَ بِعِصَابَةٍ، فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ الْيَوْمَ كَيْفَ يَصْنَعُ. قَالَ: فَجَعَلَ لَا يَرْتَفِعُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا هَتَكَهُ وَأَفْرَاهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى نِسْوَةٍ فِي سَفْحِ جَبَلٍ مَعَهُنَّ دُفُوفٌ لَهُنَّ، فِيهُنَّ امْرَأَةٌ وَهِيَ تَقُولُ: نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقْ ... نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقْ إِنْ تُقْبِلُوا نُعَانِقْ ... أَوْ تُدْبِرُوا نفارق فراق غير وامق قال: فأهوى بالسيف إِلَى امْرَأَةٍ لِيَضْرِبَهَا، ثُمَّ كَفَّ عَنْهَا. فَلَمَّا انْكَشَفَ الْقِتَالُ قُلْتُ لَهُ: كُلُّ عَمَلِكَ رَأَيْتُ مَا خَلا رَفْعَكَ السَّيْفِ عَلَى الْمَرْأَةِ ثُمَّ لَمْ تَضْرِبْهَا. قَالَ أَكْرَمْتُ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَقْتُلَ بِهِ امْرَأَةً1. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ، مَوْلَى عُمَرَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ حِينَ رَأَى أَبَا دُجَانَةَ يَتَبَخْتَرُ: "إِنَّهَا لَمِشْيَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ". وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ، إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ خَرَجَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَدَعَا إِلَى الْبِرَازِ، فَأَحْجَمَ النَّاسُ عَنْهُ حَتَّى دَعَا ثَلَاثًا، وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَوَثَبَ حَتَّى اسْتَوَى مَعَهُ عَلَى بَعِيرُهُ، ثُمَّ عَانَقَهُ فَاقْتَتَلَا فَوْقَ الْبَعِيرِ جَمِيعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الَّذِي يَلِي حَضِيضَ الْأَرْضِ مَقْتُولٌ". فَوَقَعَ الْمُشْرِكِ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَذَبَحَهُ. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَّبَ الزُّبَيْرَ فَأَجْلَسَهُ عَلَى فَخْذِهِ وَقَالَ: "إن لكل نبي حواريًّا والزبير حواريي". قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاقْتَتَلَ النَّاسُ حَتَّى حَمِيَتِ الْحَرْبُ، وَقَاتَلَ أَبُو دُجَانَةَ حَتَّى أَمْعَنَ فِي النَّاسِ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَآخَرُونَ. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ -وَكَانُوا خَمْسِينَ- عَبْدَ الله بن جبير، وقال: "إذا رأيتمونا   1 رجاله ثقات: أخرجه البزار. "المجمع" "6/ 9". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 تَخَطَّفَنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ". قَالَ: فَهَزَمَهُمْ. فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ عَلَى الْجَبَلِ قَدْ بَدَتْ1 خَلَاخِيلُهُنَّ وَسُوقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ. فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةَ، أَيْ قَوْمَ، الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَهُمْ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: لَنَأْتِينَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ. فَأَتَوْهُمْ فَصُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ. فَلَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا. فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانُ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَنَهَاهُمْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُجِيبُوهُ. ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلَاثًا. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا. فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ. فَقَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ أَمُرَّ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي. ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: اعْلُ هُبَلُ، اعْلُ هُبَلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ"؟ قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ". ثُمَّ قَالَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ"؟ قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ؛ فَحَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ غَشِيَهُ الْقَوْمُ: "مَنْ رَجُلٍ يَشْرِي مِنَّا نَفْسَهُ"؟ فَقَامَ زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ فِي خَمْسَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ؛ وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: هُوَ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادِ بْنِ السَّكَنِ، فَقَاتَلُوا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلٌ ثُمَّ رَجُلٌ يُقْتَلُونَ دُونَهُ، حَتَّى كَانَ آخِرُهُمْ زِيَادًا أَوْ عُمَارَةَ، فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ. ثُمَّ فَاءَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِئَةٌ فَأَجْهَضُوهُمْ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أدنوه   1 بدت. ظهرت. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" باب "غزوة أحد" "7/ 4043"، وأحمد في "المسند" "4/ 293"، وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 مِنِّي". فَأَدْنُوهُ مِنْهُ، فَوَسَّدَهُ قَدَمَهُ، فَمَاتَ وَخَدُّهُ عَلَى قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَتَرَّسَ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو دُجَانَةَ بِنَفْسِهِ، يَقَعُ النَّبْلُ فِي ظَهْرِهِ، وَهُوَ منحنٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِ النَّبْلُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْرَدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا رَهَقُوهُ قَالَ: "مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ"؟ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ؛ وَتَقَدَّمَ آخَرُ حَتَّى قُتِلَ. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ لِصَاحِبَيْهِ: "مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ غَيْرُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَسَعْدٌ؛ عَنْ حَدِيثِهِمَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ وَقَى بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَوْلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ، فَبَقِيَ مَعَهُ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ يَصْعَدُ فِي الْجَبَلِ، فَلَحِقَهُمُ الْمُشْرِكُونَ. فَقَالَ: "أَلَا أَحَدٌ لِهَؤُلَاءِ"؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "كَمَا أَنْتَ يَا طَلْحَةُ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: فَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَاتَلَ عَنْهُ، وَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ قُتِلَ الْأَنْصَارِيُّ فَلَحِقُوهُ فَقَالَ: "أَلَا أَحَدٌ لِهَؤُلَاءِ"؟ فَقَالَ طَلْحَةُ مِثْلَ قَوْلِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ قَوْلِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَذِنَ له فقاتل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ يَصْعَدُونَ، ثُمَّ قُتِلَ فَلَحِقُوهُ. فَلَمْ يَزَلْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ وَيَقُولُ طَلْحَةُ: أَنَا. فَيَحْبِسُهُ. وَيَسْتَأْذِنُهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَيَأْذَنُ لَهُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا طَلْحَةُ، فَغَشَوْهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لِهَؤُلَاءِ"؟ فَقَالَ   1 "ضعيف": أخرجه البيهقي في "الدلائل" "3/ 234"، والطبري في "تاريخه" "2/ 65"، ومحمود بن عمرو: ضعيف كما قال ابن حزم. 2 أخرجه مسلم -كما قال المصنف- في "صحيحه" "1789". 3 أخرجه البخاري عن قيس بن حازم "4063". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 طَلْحَةُ: أَنَا. فَقَاتَلَ مِثْلَ قِتَالِ جَمِيعِ مَنْ كان قبله وأصيبت أَنَامِلُهُ، فَقَالَ: حَسِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قُلْتَ بِسْمِ اللَّهِ أَوْ ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ لَرَفَعَتْكَ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ حَتَّى تَلِجَ بِكَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ". ثُمَّ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ1. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجُوبُ عَنْهُ بِحِجْفَةٍ مَعَهُ. وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ بِالْجُعْبَةِ فِيهَا النَّبْلُ فَيَنْثُرُهَا لِأَبِي طَلْحَةَ. وَيُشْرِفُ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَا تُشْرِفُ يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ2. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا مُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقِلَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ. وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ طَلْحَةَ مِنَ النُّعَاسِ إِمَّا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ. وَقَاتَلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ قَتَلَهُ ابْنُ قَمِّيئَةَ اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ يَظُنُّهُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فرجع إلى قُرَيْشٍ فَقَالَ: قَتَلْتُ مُحَمَّدًا. وَلَمَّا قُتِلَ مُصْعَبٌ أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللِّوَاءَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَرِجَالًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَاسْتَجْلَبَتْ قُرَيْشٌ مَنْ شَاءُوا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَسَارَ أَبُو سُفْيَانَ فِي جَمْعِ قُرَيْشٍ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ: فَأَصَابُوا وَجْهَهُ، يَعْنِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَصَمُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَخَرَقُوا شَفَتَهُ. يَزْعُمُونَ أَنَّ الَّذِي رَمَاهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَعِنْدَهُ الْمَنَامُ، وَفِيهِ: "فَأُوِّلَتِ الدِّرْعُ الْحَصِينَةُ الْمَدِينَةَ، فَامْكُثُوا وَاجْعَلُوا الذَّرَارِي فِي الْآطَامِ، فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا فِي الْأَزِقَّةِ قَاتَلْنَاهُمْ وَرَمَوْا من فوق البيوت". وكانوا قد سكوا   1 "حسن": أخرجه الحاكم مختصرًا "3/ 369"، معرفة الصحابة، وله طرق، ولذا قال الألباني -رحمه الله- في "السلسلة الصحيحة" "2171": الحديث حسن بمجموع هذه الطرق. وحس: كلمة تقال عند الألم. 2 أخرجه البخاري "7/ 289، 290"، وأحمد "1053". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 أَزِقَّةَ الْمَدِينَةَ بِالْبَيَانِ حَتَّى كَانَتْ كَالْحِصْنِ. فَأَبَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا الْخُرُوجَ، وَعَامَّتُهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا. قَالَ: وَلَيْسَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَرَسٌ. وَكَانَ حَامِلُ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ طَلْحَةُ بْنُ عُثْمَانَ، أَخُو شَيْبَةَ الْعَبْدَرِيِّ، وَحَامِلُ لِوَاءِ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: أَنَا عَاصِمٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِمَا مَعِي، فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُثْمَانَ: هَلْ لَكَ فِي الْمُبَارَزَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَبَدَرَهُ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَضَرَبَ بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى وَقَعَ السَّيْفُ فِي لِحْيَتِهِ. فَكَانَ قَتْلُ صَاحِبِ الْمُشْرِكِينَ تَصْدِيقًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ: "أَرَى أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا". فَلَمَّا صُرِعَ انْتَشَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- وأصحابه، وصاروا كتائب مُتَفَرِّقَةً، فَحَاسُوا الْعَدُوَّ ضَرْبًا1 حَتَّى أَجْهَضُوهُمْ عَنْ أَثْقَالِهِمْ. وَحَمَلَتْ خَيْلُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ تَنْضَحُ بِالنَّبْلِ فَتَرْجِعُ مَفْلُولَةً وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ فَنَهَكُوهُمْ قَتْلًا، فَلَمَّا أَبْصَرَ الرُّمَاةُ الْخَمْسُونَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَتَحَ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَجْلِسُ هَهُنَا لِشَيْءٍ. فَتَرَكُوا مَنَازِلَهُمُ الَّتِي عَهِدَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا يَتْرُكُوهَا، وَتَنَازَعُوا وَفَشِلُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ -صلى الله عليه وسلم- فَأَوْجَفَتِ الْخَيْلُ فِيهِمْ قَتْلًا، وَكَانَ عَامَّتُهُمْ فِي الْعَسْكَرِ. فَلَمَّا أَبْصَرَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ اجْتَمَعُوا، وَصَرَخَ صَارِخٌ: أُخْرَاكُمْ أُخْرَاكُمْ، قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسَقَطَ فِي أَيْدِيهِمْ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ، وَأَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِالشَّهَادَةِ. وَأُصْعِدَ النَّاسُ فِي الشِّعْبِ لَا يَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ، وَثَبَّتَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَأَقْبَلَ يَدْعُو أَصْحَابَهُ مُصَعِّدًا فِي الشِّعْبِ، وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى طَرِيقِهِ، وَمَعَهُ عِصَابَةٌ مِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالزُّبَيْرُ، وَجَعَلُوا يَسْتُرُونَهُ حَتَّى قُتِلُوا إِلَّا سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً. وَيُقَالُ: كَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ عَيْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فُقِدَ، مِنْ وَرَاءِ الْمِغْفَرِ. فَنَادَى بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى: اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ -زَعَمُوا- رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِ اسْكُتْ. وَجُرِحَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجْهِهِ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ. وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حِينَ افْتُدِيَ: وَاللِّه إِنَّ عِنْدِي لَفَرَسًا أَعْلِفُهَا كُلَّ يَوْمٍ فَرْقَ ذُرَةٍ2، وَلَأَقْتُلَنَّ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا. فَبَلَغَ قَوْلُهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "بل أنا أقتله إن شاء   1 حاسوا العدو ضربًا: بالغوا في النكاية بهم. 2 الفرق: بفتح الراء وإسكانها: مكيال يسع ستة عشر مدًّا، وقال بعضهم: يسع اثني عشر رطلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 اللَّهُ". فَأَقْبَلَ أُبي مُقَنَّعًا فِي الْحَدِيدِ عَلَى فَرَسِهِ تِلْكَ يَقُولُ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا مُحَمَّدٌ. فَحَمَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ مُوسَى: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَاعْتَرَضَ لَهُ رِجَالٌ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَلُّوا طَرِيقَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقُتل مُصْعَبٌ. وَأَبْصَرَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ترقوة أُبي مِنْ فُرْجَةٍ بَيْنَ سَابِغَةِ الْبَيْضَةِ وَالدِّرْع، فَطَعَنَهُ فِيهَا بِحَرْبَتِهِ، فَوَقَعَ أُبَيٌّ عَنْ فَرَسِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ طَعْنَتِهِ دَمٌ. قَالَ سَعِيدٌ: فَكُسِرَ ضِلْعٌ مِنْ أَضْلاعِهِ، فَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] . فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ وَهُوَ يَخُورُ خُوَارَ الثَّوْرِ فَقَالُوا: مَا جَزَعُكَ؟ إِنَّمَا هُوَ خَدْشٌ. فَذَكَرَ لَهُمْ قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ أَنَا أَقْتُلُ أُبَيًّا". ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي بِي بِأَهْلِ الْمَجَازِ لَمَاتُوا أَجْمَعُونَ. فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ مَكَّةَ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ إِلَى خَدَمِ سُوقِ هِنْدٍ وَصَوَاحِبَاتِهَا مُشَمِّرَاتٍ هَوَارِبَ، مَا دُونَ إِحْدَاهُنَّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، إِذَا مَالَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْعَسْكَرِ حِينَ كَشَفْنَا الْقَوْمَ عَنْهُ يُرِيدُونَ النَّهْبَ، وَخَلَّوْا ظُهُورَنَا لِلْخَيْلِ، فَأَتَيْنَا مِنْ أَدْبَارِنَا، وَصَرَخَ صَارِخٌ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَانْكَفَأْنَا وَانْكَفَأَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ لِوَائِهِمْ، حَتَّى مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمْ يَزَلْ لِوَاؤُهُمْ صَرِيعًا حَتَّى أَخَذَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيَّةُ، فَرَفَعَتْهُ لِقُرَيْشٍ فَلَاذُوا بِهِ. وَقَالَ وَرْقَاءُ، عَنِ ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله تعالى {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} أَيْ تَقْتُلُونَهُمْ، {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ} يَعْنِي إِقْبَالُ مَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ عَلَى الْغَنِيمَةِ، {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} ، {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} 2 يَعْنِي النَّصْرَ. ثُمَّ أُدِيلَ لِلْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ بِمَعْصِيَتِهِمُ الرَّسُولَ حَتَّى حَصَبَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.   1 "إسناده صحيح": أخرجه الحاكم في "المستدرك" "2/ 327"، وصححه، وأقره الذهبي، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 46" عن سعيد بن المسيب مرسلا، ورجاله ثقات. 2 [آل عمران: 152، 153] بتقديم وتأخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 وَرَوَى السُّدِّيُّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى نَزَلَتْ فِينَا: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152] 1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ هَزِيمَةً بَيِّنَةً، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أخراكم، فرجعت أولاهم وَاجْتَلَدُوا هُمْ وَأُخْرَاهُمْ. فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ، فَقَالَ: أَبِي، أَبِي. فَوَاللَّهِ مَا انْحَجَزُوا عَنْهُ حَتَّى قَتَلُوهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِسَيْفَيْنِ، وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللَّهِ. رَوَاهُ يُونُسُ بن بكير، عن ابن عون، عن عمير مُرْسَلًا3، وَزَادَ: فَعَثُرَ فَصُرِعَ مُسْتَلْقِيًا وَانْكَشَفَتِ الدِّرْعُ عَنْ بَطْنِهِ، فَزَرَقَهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ فَبَقَرَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ إِلَى الشَّامِ. فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ نَسْأَلَهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقِيلَ لَنَا: هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ كَأَنَّهُ حَمِيتٌ4. فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ يَسِيرًا فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّ عَلَيْنَا السلام. وكان عبيد الله معتجرًا بِعِمَامَتِهِ، مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: يَا وَحْشِيُّ، تَعْرِفُنِي؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي الْعَيْصِ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا بِمَكَّةَ فَاسْتَرْضَعَتْهُ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلَامَ مَعَ أُمِّهِ فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، لَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ. قَالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ, إن   1 "إسناده حسن": رواه الإمام أحمد في "المسند" "1/ 463"، وابن أبي شيبة في "المصنف" "8/ 591"، وقال الهيثمي في "المجمع" "6/ 348": رجال الطبراني ثقات. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: "إذ همت طائفتان" "4065". 3 أخرجه الحاكم "3/ 196"، وقال: صحيح، ووافقه الذهبي. 4 الحميت: الزق الصغير، الذي يجعل فيه السمن والعسل والزيت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بِبَدْرٍ. فَقَالَ لِي مَوْلاي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ. فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ عَنْ عَيْنَيْنِ -وَعَيْنَيْنُ جَبَلٌ تَحْتَ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُحُدٍ وَادٍ1- خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ. فَلَمَّا أَنِ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعٌ2, فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَخَرَجَ إليه حمزة، فقال: يا سباع يابن مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ3، تُحَادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ، فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ. قَالَ فَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ، فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ4 حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ وَرِكِهِ، فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدُ بِهِ. فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ، فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ. قَالَ: وَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُسُلًا، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَا تَهِيجُ الرُّسُلُ، فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ. فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: "أَنْتَ وَحْشِيٌّ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "الَّذِي قَتَلَ حَمْزَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَدْ كَانَ الْأَمْرُ الَّذِي بَلَغَكَ. قَالَ: "مَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ عَنِّي وَجْهَكَ"؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مُسَيْلَمَةُ، قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَيْهِ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئُ بِهِ حَمْزَةَ. فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا كَانَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثُلْمَةِ جِدَارٍ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرٌ رَأْسُهُ. قَالَ: فَأَرْمِيهِ بِحَرْبَتِي فَأَضَعَهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: فَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ5. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ الْهَزِيمَةِ وَقَوْلُ النَّاسِ: قتل رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ. قَالَ: عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ تُزْهِرَانِ مِنْ تَحْتِ الْمِغْفَرِ، فَنَادَيْتُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَبشِروا؛ هَذَا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَشَارَ إِلَيِّ أَنْ أَنْصِتْ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ. فَلَمَّا أَسْنَدَ فِي الشِّعْبِ أَدْرَكَهُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وَهُوَ يَقْولُ: يَا مُحَمَّدُ، لَا نَجَوْتُ إن نجوت. الحديث.   1 في البخاري: "عام عينين". 2 هو: سباع بن عبد العزى. 3 كانت أمة خاتنة. 4 الثنته: وسط الإنسان، وهي ما بين السرة إلى العانة. 5 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: "قتل حمزة بن عبد المطلب" "4072" وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 وَقَالَ هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ الزُّهْرِيُّ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، سَمِعَ سَعْدًا يَقُولُ: نَثَلَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَالَ: "ارْمِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ يَوْمَئِذٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَنْهَضَ إليها، يعني إلى صخرة في الْجَبَلِ، فَجَلَسَ تَحْتَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى اسْتَوَى عَلَيْهَا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْجَبَ طَلْحَةُ" 2. وَقَالَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: غَابَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلَهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ولئن اللَّهَ أَشْهَدَنِي قِتَالًا لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ؟ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ، وَأَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؛ يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ فَلَقِيَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَيْ سَعْدُ؛ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ، وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ! قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ. قَالَ أَنَسٌ: وَجَدْنَاهُ بَيْنَ الْقَتْلَى، بِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً مِنْ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، قَدْ مَثَّلُوا بِهِ فَمَا عَرَفْنَاهُ، حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أَنَسٌ: فَكُنَّا نَقُولُ: أُنْزِلَ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} ، أَنَّهَا فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَكِنَّ مسلم مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ3. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُقْيَشٍ كَانَ لَهُ رَبًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَرِهَ أَنْ يُسْلِمَ حَتَّى يَأْخُذَهُ. فَجَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: أَيْنَ بَنُو عَمِّي؟ قَالُوا: بِأُحُدٍ. فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ وَرَكِبَ فَرَسَهُ ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا. قَالَ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ. فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ، فَحُمِلَ جَرِيحًا، فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ لِأُخْتِهِ: سَلِيهِ، حَمِيَّةً لِقَوْمِكَ أَوْ غَضَبًا لِلَّهِ؟ قَالَ: بَلْ غَضَبًا لِلَّهِ ورسوله.   1 أخرجه البخاري في "الجهاد" "2905"، ومسلم في "فضائل الصحابة" "1876"، وغيرهما. 2 أخرجه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح. 3 أخرجه البخاري في "صحيحه" في كتاب "المغازي" "5/ 122" باب: غزوة أحد، ومسلم في "صحيحه" "6/ 45" كتاب الإمارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 فَمَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَا صَلَّى صَلَاةً. أَخْرَجَهُ أبو داود1. وقال حيوة بْنُ شُرَيْحٍ الْمِصْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: أَتَى عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أُقْتَلَ، أَمْشِي بِرِجْلِي هَذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ؟ وَكَانَ أَعْرَجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ". فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ هُوَ وَابْنُ أَخِيهِ وَمَوْلًى لَهُمْ، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "كَأَنِّي أَرَاكَ تَمْشِي بِرِجْلِكَ هَذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ". وَأَمَرَ بِهِمَا وَبِمَوْلَاهِمَا فَجُعِلَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ أَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا فَيَقْتُلُونِي ثُمَّ يَبْقُرُوا بَطْنِي وَيَجْدَعُوا أَنْفِي وَأُذُنِي، ثُمَّ تَسْأَلُنِي بِمَ ذَاكَ، فَأَقُولُ: فِيكَ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَبَرَّ اللَّهُ آخِرَ قَسَمَهُ كَمَا أَبَرَّ أَوَّلَهُ3. وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي الْمُوَفَّقِيَّاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، أَنَّ سَيْفَهُ انْقَطَعَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُرْجُونًا فَصَارَ فِي يَدِهِ سَيْفًا. فَكَانَ يُسمَّى الْعُرْجُونُ، وَلَمْ يَزَلْ يُتَنَاوَلُ حَتَّى بِيعَ مِنْ بُغَا التُّرْكِيِّ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ4. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ السَّابِقِينَ، أَسْلَمَ قَبْلَ دَارِ الْأَرْقَمِ، وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ هُوَ وَإِخْوَتُهُ وَشَهِدَ بَدْرًا. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَحْشِيِّ: ثَنَا أَشْيَاخُنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم أُحُدٍ وَقَدْ ذَهَبَ سَيْفُهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَسِيبًا مَنْ نَخْلٍ، فَرَجَعَ فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ سَيْفًا. مُرْسَلٌ. عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم أحد لطلب   1 "حسن": أخرجه أبو داود في كتاب "الجهاد" "2537" باب: فيمن يسلم، ويقتل مكانه، في سبيل الله، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2/ 22": حسن. 2 "الإصابة" "2/ 530". 3 أخرجه الحاكم "3/ 199، 200" من طريق سعيد بن المسيب، وقال: "صحيح على شرط الشيخين لولا إرسال فيه", ووافقه الذهبي. وقال الألباني: لكن له شاهد موصول وأخرجه البغوي كما في الإصابة. 4 "الإصابة" "2/ 286, 287". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَقَالَ لِي: إِنْ رَأَيْتَهُ فَاقِرَّهُ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: "يَقْولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ كَيْفَ تَجِدُكَ"؟ فَجَعَلْتُ أَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى، فَأَصَبْتُهُ وَهُوَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَبِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: "خَبِّرْنِي كَيْفَ تَجِدُكَ"؟ قَالَ: عَلَى رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامُ وَعَلَيْكَ، قُلْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَقُلْ لِقَوْمِيَ الْأَنْصَارِ: لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ خَلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُفْرٌ1 يَطْرِفُ. قَالَ: وَفَاضَتْ نَفْسُهُ2. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، ثُمَّ سَاقَهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَازِنِيِّ، مُنْقَطِعًا، فَهُوَ شَاهِدٌ لِمَا رَوَاهُ خَارِجَةُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ انْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى أَثْقَالِهِمْ3، لَا يَدْرِي الْمُسْلِمُونَ مَا يُرِيدُونَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ رَكِبُوا وَجَعَلُوا الْأَثْقَالَ تَتْبَعُ آثَارَ الْخَيْلِ، فَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَدْنُوا مِنَ الْبُيُوتِ وَالْآطَامِ الَّتِي فِيهَا الذَّرَارِي، وَأُقْسِمُ بالله لئن فعلوا لأوقعنهم فِي جَوْفِهَا، وَإِنْ كَانُوا رَكِبُوا الْأَثْقَالَ وَجَنَّبُوا الْخَيْلَ فَهُمْ يُرِيدُونَ الْفِرَارَ". فَلَمَّا أَدْبَرُوا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي آثَارِهِمْ. فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: رَأَيْتُهُمْ سَائِرِينَ عَلَى أَثْقَالِهِمْ وَالْخَيْلُ مَجْنُوبَةٌ. قَالَ: فَطَابَتْ أَنْفُسُ الْقَوْمِ، وَانْتَشَرُوا يَبْتَغُونَ قَتْلَاهُمْ. فَلَمْ يَجِدُوا قَتِيلًا إِلَّا مَثَّلُوا بِهِ، إِلَّا حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ، وَكَانَ أَبُوهُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَتُرِكَ لِأَجَلِهِ. وَزَعَمُوا أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَ عَلَيْهِ قَتِيلًا فَدَفَعَ صَدْرَهُ برِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ: ذَنْبَانِ أَصَبْتَهُمَا، قَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ فِي مَصْرَعِكَ هَذَا يَا دُبَيْسُ4، وَلَعَمْرِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ لَوَاصِلًا لِلرَّحِم بَرًّا بِالْوَالِدِ. وَوَجَدُوا حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ وَحُمِلَتْ كَبِدُهُ، احْتَمَلَهَا وَحْشِيٌّ وَقَدْ قَتَلَهُ، فَذَهَبَ بكَبِدِه إِلَى هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ فِي نَذْرٍ نَذَرَتْهُ حِينَ قُتِلَ أَبَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ. فَدُفِنَ فِي نَمِرَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، إِذَا رُفِعَتْ إِلَى رَأْسِهِ بَدَتْ قدماه، فغطوا قدميه بشيء من الشجر5.   1 الشفر: شفر العين. 2 أخرجه مالك في "الموطأ" برقم "1004" كتاب "الجهاد". 3 الأثقال: متاع السفر. 4 الدبيس: عسل التمر، وهو نداء حلو من الوالد -مع شركه- لابنه المسلم. 5 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 128"، وأبو داود في "الجنائز" "3136"، وقصة بقر بطنه -رضي الله عنه- أوردها الذهبي في "سير أعلام النبلاء" "1/ 179". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زَمِّلُوهُمْ 1 بِدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُكْلَمُ فِي اللَّهِ إِلَّا وَهُوَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يُدْمِي، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ وَرِيحُهُ رِيحُ المسك" 2. وقال: "إن المشركين لَنْ يُصِيبُوا مِنَّا مِثْلَهَا". وَقَدْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ نَادَاهُمْ حِينَ ارْتَحَلَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْمَوْسِمُ، مَوْسِمُ بَدْرٍ. وَهِيَ سُوقٌ كَانَتْ تَقُومُ بِبَدْرٍ كُلَّ عَامٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُولُوا لَهُ: نَعَمْ". قَالَ: وَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِذَا النَّوْحُ فِي الدُّورِ. قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ قَتْلَاهُمْ. وَأَقَبْلَتِ امْرأَةٌ تَحْمِلُ ابْنَهَا وَزَوْجَهَا عَلَى بَعِيرٍ، قَدْ رَبَطَتْهُمَا بِحَبْلٍ ثُمَّ رَكِبَتْ بَيْنَهُمَا وَحُمِلَ، قِيلَ: فَدُفِنُوا فِي مَقَابِرِ الْمَدِينَةِ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: "وَارُوهُمْ حَيْثُ أُصِيبُوا". وَقَالَ لَمَّا سَمِعَ الْبُكَاءَ: "لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ" 3. وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَسَمِعَ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَابْنُ رَوَاحَةَ وَغَيْرُهُمَا، فَجَمَعُوا كُلَّ نَائِحَةٍ وَبَاكِيَةٍ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا تَبْكِينَ قَتْلَى الْأَنْصَارِ حَتَّى تَبْكِينَ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ. فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبُكَاءِ، قَالَ: "مَا هَذَا"؟ قَالَ: فَأُخْبِرَ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ خَيْرًا، وَقَالَ: "مَا هَذَا أَرَدْتُ وَمَا أُحِبُّ الْبُكَاءَ". وَنَهَى عَنْهُ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: انْتَهَى أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ إِلَى عُمَرَ، وَطَلْحَةَ، وَرِجَالٍ قَدْ أَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ؟ فَقَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ؟ فَقُومُوا فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- ثم اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْتَقَى هُوَ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَلَمَّا اسْتَعْلَاهُ حَنْظَلَةُ رَآهُ شَدَّادُ بْنُ الْأَسْوَدِ. فَضَرَبَ حنظلة بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ. وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ صَاحِبَكُمْ لَتَغْسِلُهُ الْمَلَائِكَةُ". يَعْنِي حَنْظَلَةَ، فَسَأَلُوا أَهْلَهُ مَا شَأْنُهُ؟ فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ قالت: خرج وهو جنب   1 زملوهم: غطوهم. 2 أخرجه البخاري في كتاب "الجهاد" باب: من يجرح في سبيل الله عز وجل "2803"، ومسلم في "صحيحه" في كتاب "الإمارة" "1496"، وغيرهما. 3 سنده قوي: أخرجه أحمد في "المسند" "2/ 84". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 حِينَ سَمِعَ الْهَيْعَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ" 1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَخَلُصَ الْعَدُوُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدُثَّ2 بِالْحِجَارَةِ حَتَّى وَقَعَ لِشِقِّهِ فَأُصِيبَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، وَكُلِمَتْ شَفَتُهُ. وَكَانَ الَّذِي أَصَابَهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. فَحَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ يَمْسَحُهُ وَيَقُولُ: "كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَّبُوا وَجْهَ نَبِيَّهُمْ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ"؟ فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] 3. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جُرِحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِّمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَغْسِلُ الدَّمَ، وَعَلِيٌّ يَسْكُبُ الْمَاءَ عَلَيْهِ بِالْمِجَنِّ. فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ أَحْرَقَتْهُ، حَتَّى إِذَا صَارَ رَمَادًا أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ. أَخْرَجَاهُ4، وَرَوَاهُ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ أُصِيبَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِّمَتْ بَيْضَتُهُ. وَذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِرَسُولِ اللَّهِ". وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ؛ "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنْ فِيهِ: "دَمَّوْا وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ"، بَدَلَ ذكر رباعيته5.   1 "إسناده حسن": أخرجه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن كما قال الهيثمي في "المجمع" "3/ 23"، وأخرجه الحاكم "3/ 204"، وغيرهما. 2 الدث: الرمي المقارب المؤلم. 3 علق البخاري في "المغازي" باب: "ليس لك من الأمر شيء"، وأخرجه مسلم في "صحيحه" في كتاب "الجهاد" باب: غزوة أحد. 4 يعني: البخاري ومسلم. 5 أخرجه البخاري في "المغازي" "4074". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 وقال ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا ذُكِرَ يَوْمُ أُحُدٍ بَكَى ثُمَّ قَالَ: ذَاكَ يَوْمٌ كَانَ كُلُّهُ يَوْمَ طَلْحَةَ. ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا يُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دُونَهُ. وَأَرَاهُ قَالَ: يَحْمِيهِ، فَقُلْتُ: كُنْ طَلْحَةَ؛ حَيْثُ فَاتَنِي مَا فَاتَنِي، قُلْتُ: يَكُونُ رَجُلًا مِنْ قومي أحب إليّ. وبيني وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ رَجُلًا لَا أَعْرِفُهُ، وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ، وَهُوَ يَخْطِفُ الْمَشْيَ خَطْفًا لَا أَخْطِفُهُ. فَإِذَا هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ. فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي وَجْهِهِ حَلَقَتَانِ مِنْ حَلْقِ الْمِغْفَرِ1. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمَا صَاحِبُكُمَا". يُرِيدُ طَلْحَةَ وَقَدْ نَزَفَ. فَلَمْ نَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِهِ، وَذَهَبْتُ لِأَنْزِعَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِهِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّي لَمَا تَرَكْتَنِي. فَتَرَكْتُهُ. فَكَرِهَ أَنْ يَتَنَاوَلَهَا بِيَدِهِ فَيُؤْذِي النَّبِيَّ، فَأَزَمَّ عَلَيْهِمَا بِفِيهِ، فَاسْتَخْرَجَ إِحْدَى الْحَلَقَتَيْنِ. وَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ مَعَ الْحَلَقَةِ. وَذَهَبْتُ لِأَصْنَعَ مَا صَنَعَ، فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّي لَمَا تَرَكْتَنِي. فَفَعَلَ ما فعل فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ الْأُخْرَى مَعَ الْحَلَقَةِ. فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ هَتْمًا2، فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ أَتَيْنَا طَلْحَةَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْجِفَارِ3، فَإِذَا بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، مِنْ بَيْنِ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ وَضَرْبَةٍ، وَإِذَا قَدْ قُطِعَتْ إِصْبَعُهُ. فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِهِ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عن أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يَقُولُ: شَهِدْتُ أُحُدًا، فَنَظَرْتُ إِلَى النَّبْلِ يَأْتِي مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَطَهَا، كُلُّ ذَلِكَ يُصْرَفُ عَنْهُ. وَلَقَدْ رَأَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، فَلَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا. وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جَنْبِهِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ تَجَاوَزَهُ. فَعَاتَبَهُ فِي ذَلِكَ صَفْوَانُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ، أَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّهُ مِنَّا مَمْنُوعٌ، خَرَجْنَا أَرْبَعَةٌ فَتَعَاهَدْنَا وَتَعَاقَدْنَا عَلَى قَتْلِهِ، فَلَمْ نَخْلُصُ إِلَى ذَلِكَ.   1 المغفر: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة، وقيل: هو خلق يتقنع به المتسلح. 2 رواه الحاكم في "المستدرك" "3/ 266". 3 الجفار: جمع جفر، البئر الواسعة التي لم تطو. أو هي التي طوي بعضها ولم يطو بعض "تاج العروس" "10/ 448". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 قَالَ الْوَاقِدِيُّ: الثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ الَّذِي رَمَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجْنَتَيْهِ: ابْنُ قَمِئَةَ، وَالَّذِي رَمَى شَفَتَيْهِ وَأَصَابَ رَبَاعِيَتَهُ: عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ قَطُّ مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وإن كان ما علمته لسيئ الْخُلُقِ مُبْغَضًا فِي قَوْمِهِ، وَلَقَدْ كَفَانِي مِنْهُ قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنْ عُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا عَلَى عُتْبَةَ حِينَ كَسَرَ رَبَاعِيَتَهُ: "اللَّهُمَّ لَا تُحِلْ عَلَيْهِ الْحَوْلَ حَتَّى يَمُوتَ كَافِرًا". فَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حَتَّى مَاتَ كَافِرًا إِلَى النَّارِ. مُرْسَلٌ. ابْنُ وَهْبٍ: أَنْبَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ السَّائِبِ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ وَالِدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمَّا جُرِحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ، مَصَّ جُرْحَهُ حَتَّى أَنْقَاهُ وَلَاحَ أَبْيَضَ، فَقِيلَ لَهُ: مُجَّهُ. فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أُمُجُّهُ أَبَدًا. ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَاتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا". فَاسْتُشْهِدَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: إِذَا اللَّهُ جَازَى مَعْشَرًا بِفِعَالِهِمْ ... وَنَصَرَهُمُ الرَّحْمَنُ رَبُّ الْمَشَارِقِ فَأَخْزَاكَ رَبِّي يَا عُتَيْبُ بْنَ مَالِكٍ ... وَلَقَّاكَ قَبْلَ الْمَوْتِ إِحْدَى الصَّوَاعِقِ بَسَطْتَ يَمِينًا لِلنَّبِيِّ تَعَمُّدًا ... فَأَدْمَيْتَ فَاهُ قُطِّعْتَ بِالْبَوَارِقِ فَهَلَّا ذَكَرْتَ اللَّهَ وَالْمَنْزِلَ الَّذِي ... تَصِيرُ إِلَيْهِ عِنْدَ إِحْدَى الْبَوَائِقِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ عُتْبَةَ كَسَرَ رَبَاعِيَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْيُمْنَى السُّفْلَى، وَجَرَحَ شَفَتَهُ السُّفْلَى, وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شِهَابٍ شَجَّهُ فِي جَبْهَتِهِ. وَأَنَّ ابْنَ قَمِئَةَ جَرَحَ وَجْنَتَهُ، فَدَخَلَتْ حَلَقَتَانِ مِنْ حَلْقِ الْمِغْفَرِ فِي وَجْنَتِهِ، وَوَقَعَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُفْرَةٍ مِنَ الْحُفَرِ الَّتِي عَمِلَ أَبُو عَامِرٍ لِيَقَعَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ، فَأَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَفَعَهُ طَلْحَةُ حَتَّى اسْتَوَى قَائِمًا. ومص مالك بن سنان؛ أبو أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ؛ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ ازْدَرَدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَسَّ دَمُهُ دَمِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ". منقطع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 قَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَى عَنْ قَوْسِهِ حَتَّى انْدَقَّتْ سِيَتُهَا1، فَأَخَذَهَا قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ. وَأُصِيبَتْ يَوْمَئِذٍ عَيْنُ قَتَادَةَ، حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ. فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَدَّهَا بِيَدِهِ، وكانت أحسن عينيه وأحدهما2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، عَنْ عَمَّتِهِ، عَنْ أُمِّهَا، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ عمر، قَالَ: فَرُبَّمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمًا يَوْمَ أُحُدٍ يَرْمِي عَنْ قَوْسِهِ، وَيَرْمِي بِالْحَجَرِ، حَتَّى تَحَاجَزُوا، وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا هُوَ فِي عِصَابَةٍ صَبَرُوا مَعَهُ. هَذَانِ الْحَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ، فِيهِمَا أَنَّهُ رَمَى بِالْقَوْسِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ نَزِيلُ وَاسِطَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ؛ وَكَانَ أَخَا أَبِي سَعِيدٍ لِأُمِّهِ، أَنَّ عَيْنَهُ ذَهَبَتْ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَدَّهَا، فَاسْتَقَامَتْ. وَقَالَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، أَنَّهُ أُصِيبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَسَالَتْ حَدَقَتُهُ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَقْطَعُوهَا، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لَا". فَدَعَا بِهِ فَغَمَزَ حَدَقَتَهُ بِرَاحَتِهِ, فَكَانَ لَا يَدْرِي أَيَّ عَيْنَيْهِ أُصِيبَتْ. كَذَا قَالَ ابْنُ الْغَسِيلِ: يَوْمُ بَدْرٍ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: إِنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، وَاسْمُهُ حُسَيْلُ بْنُ جُبَيْرٍ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ، أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ، زَعَمُوا، فِي الْمَعْرَكَةِ لَا يَدْرُونَ مَنْ أَصَابَهُ. فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدَمِهِ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ. قَالَ مُوسَى: وَجَمِيعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا. وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ستة عشر رجلا.   1 سية القوس: طرفه. 2 "ضعيف": رواه الطبراني، وفي رواية للبيهقي في "الدلائل" أَنَّهُ أُصِيبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ بَدْرٍ فَسَالَتْ حَدَقَتُهُ على وجنته -يعني خذه- فأراد القوم أن يقطعوها، فقالوا: نأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نستشيره، فجاء, فأخبره الخبر، فأدناه رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ، فرفع حدقته حتى وضعها موضعها، ثم غمزها براحته، وقال: $"اللهم اكسه جمالا" فمات، وما يدري من لقيه أي عينيه أصيبت. قال الأرنئوط في تخريجه لأحاديث "سير أعلام النبلاء" "2/ 332": رجاله ثقات. وستأتي هذه الرواية بعد قليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ قَالَ: حَمَلَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقَتَلَ مُصْعَبًا, وَأَبْصَرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترقوة أُبَيٍّ فَطَعَنَهُ بِحَرْبَتِهِ فَوَقَعَ عَنْ فَرَسِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا دَمٌ فَأَتَاهُ أَصْحَابِهِ فَاحْتَمَلُوهُ وَهُوَ يَخُورُ1. وَرَوَى نَحْوَهُ الزُّهْرِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ. وَذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عبد اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: مَاتَ أَبِي بِبَطْنِ رَابِغٍ، فَإِنِّي لَأَسِيرُ بِبَطْنِ رَابِغٍ2 بَعْدَ هَوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ3 إِذَا نَارٌ تَأَجَّجُ لِي فَهِبْتُهَا، فَإِذَا رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْهَا فِي سِلْسِلَةٍ يَجْتَذِبُهَا يَصِيحُ: الْعَطَشَ. وَرَجُلٌ يَقُولُ: لَا تَسْقِهِ، فَإِنَّ هَذَا قَتِيلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذَا أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا نُصِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي موطن كما نصر يوم أحد. فأنكرنا ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كِتَابُ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي يَوْمِ أُحُدٍ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} وَالْحَسُّ: الْقَتْلُ {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 152] الْآيَةَ. وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرُّمَاةَ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ. وَقَالَ: "احْمُوا ظُهُورَنَا، فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ فَلا تَنْصُرُونَا، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلَا تُشْرِكُونَا". فَلَمَّا غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَانْكَفَأَ عَسْكَرُ المشركين، نزلت الرماة فدخلوا في العسكر ينتهبون، وَقَدِ الْتَفَّتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُمْ هَكَذَا؛ وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ، وَانْتَشَبُوا. فَلَمَّا خَلَّى الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخِلَّةَ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، دَخَلَ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَبَسُوا. وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ   1 تقدم تخريجه قبل قليل. 2 رابغ: واد بين الجحفة وودان، وقيل: بين الأبواء والجحفة. "معجم البلدان" "3/ 11". 3 الهوي من الليل: ساعة ممتدة منه أو هزيع منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 نَاسٌ كَثِيرٌ. وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ أَوَّلُ النَّهَارِ، حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ سَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ. وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً نَحْوَ الْجَبَلِ. وَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ. فَلَمْ يُشَكَّ فِيهِ أَنَّهُ حَقٌّ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: كُنْتُ مِمَّنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ، وَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يَمِيدُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعَاسِ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} [آل عمران: 154] الآية. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَسْمَعُ قَوْلَ مُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ، وَإِنَّ النُّعَاسَ لَيَغْشَانِي مَا أَسْمَعُهَا مِنْهُ إِلَّا كَالْحُلْمِ، وَهُوَ يَقُولُ: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] 2. وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أُلْقِيَ عَلَيْنَا النَّوْمُ يَوْمَ أُحُدٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ وَجَمَاعَةٍ، قَالُوا: كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمَ بَلَاءٍ وَتَمْحِيصٍ، اخْتَبَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَحَقَ بِهِ الْمُنَافِقِينَ مِمَّنْ كَانَ يُظْهِرُ إِسْلَامَهُ بِلِسَانِهِ، وَيَوْمَ أَكْرَمَ اللَّهُ فِيهِ بِالشِّهَادَةِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَكَانَ مِمَّا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي يَوْمِ أُحُدٍ سِتُّونَ آيَةً مِنْ آلِ عِمْرَانَ. وَقَالَ الْمَدِينِيُّ، عَنْ سلام بن مسكين، عن قتادة، عن سعيد بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِرْطًا أَسْوَدَ كَانَ لِعَائِشَةَ، وَرَايَةُ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا: الْعُقَابُ، وَعَلَى الْمَيْمَنَةِ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعِدِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى الرِّجَالِ، وَيُقَالُ: الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى الْقَلْبِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- أَجْمَعِينَ. وَلِوَاءُ قُرَيْشٍ مَعَ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ سَعْدُ بن أبي طلحة   1 في "المغازي" "5/ 127". 2 "إسناده صحيح": أخرجه الطبري في "تفسيره" "4/ 94"، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 273"، وقال الشيخ أحمد شاكر في "عمدة التفسير" "3/ 59": إسناده صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 فَقَتَلَهُ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَخَذَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، فَقَتَلَهُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ، فَأَخَذَهُ الْجُلَاسُ بْنُ طَلْحَةَ، فَقَتَلَهُ ابْنُ أَبِي الْأَقْلَحِ أَيْضًا، ثُمَّ كِلَابٌ وَالْحَارِثُ ابْنَا طَلْحَةَ، فَقَتَلَهُمَا قُزْمَانُ حَلِيفُ بَنِي ظَفَرٍ، وَأَرْطَاةُ بْنُ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ الْعَبْدَرِيُّ قَتَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَأَخَذَهُ أَبُو يَزِيدَ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيُّ، وَقِيلَ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ، قَتَلَهُ قُزْمَانُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَبَقِيَ اللِّوَاءُ مَا يَأْخُذُهُ أَحَدٌ، وَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى قُرَيْشٍ. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي". فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ, اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ، أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ, اللَّهُمَّ عَائِذًا بِكَ مِنْ سُوءِ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرَّ مَا مَنَعْتَ مِنَّا، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ, اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، إِلَهَ الْحَقِّ" 1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ مَرْوَانَ.   1 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 424"، والحاكم، وقال: "صحيح على شرط الشيخين"، وقال الشيخ الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي "283": "صحيح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 عَدَدُ الشُّهَدَاءِ: قَدْ مَرّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَصَابُوا مِنَّا سبعين. وقال حماد بن سملة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: يَا رَبِّ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ، سَبْعِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قُتِلَ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ سَبْعُونَ سَبْعُونَ: يَوْمِ أُحُدٍ، وَيَوْمِ الْيَمَامَةِ، وَيَوْمِ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ. وقال ابن جريج: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} ، قَالَ: قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، وَقَتَلَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبْعِينَ. وَأَمَّا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، فَقَالَ: جَمِيعُ مَنْ قُتِلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ، مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ: أَرَبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، أَوْ قَالَ: سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا. وَجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، يَعْنِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: جَمِيعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ تِسْعَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: جَمِيعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، يَوْمَ أُحُدٍ، خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا. وَجَمِيعُ قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ. قُلْتُ: قَوْلُ مَنْ قَالَ سَبْعِينَ أَصَحُّ. وَيُحْمَلُ قَوْلُ أَصْحَابِ الْمَغَازِي هَذَا عَلَى عَدَدِ مَنْ عُرِفَ اسْمُهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ، فَإِنَّهُمْ عَدُّوا أَسْمَاءَ الشُّهَدَاءِ بِأَنْسَابِهِمْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيُّ، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَهُوَ ابْنُ عمة رسول لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ دُفِنَ مَعَ حَمْزَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَلَقَبُهُ شَمَّاسٌ، وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ هَرَمِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ، ابْنُ أُخْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا, وَلُقِّبَ شَمَّاسًا لِمِلَاحَتِهِ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ: عَمْرُو بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَوْسِيُّ، أَخُو سَعْدٍ، وَابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَنَسِ بْنِ رَافِعٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ زِيَادِ بْنِ السَّكَنِ، وَسَلَمَةُ، وَعَمْرٌو، ابْنَا ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ. وَعَمُّهُمَا: رِفَاعَةُ بْنُ وَقْشٍ، وَصَيْفِيُّ بْنُ قَيْظِيِّ، وَأَخُوهُ: حُبَابٌ، وَعَبَّادُ بْنُ سَهْلٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ التَّيْهَانِ، وَحَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ، وَإِيَاسُ بْنُ أَوْسٍ، الْأَشْهَلِيُّونَ, وَالْيَمَانُ أَبُو حُذَيْفَةَ، حَلِيفٌ لَهُمْ, وَيَزِيدُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ أُمَيَّةَ الظَّفَرِيُّ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، وَغَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبُ، وَمَالِكُ بْنُ أُمَيَّةَ؛ وَعَوْفُ بْنُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 عَمْرٍو، وَأَبُو حَيَّةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ النُّعْمَانِ، أَمِيرُ الرُّمَاةِ، وَأَنَسُ بْنُ قَتَادَةَ، وَخَيْثَمَةُ وَالِدُ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَحَلِيفُهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْعَجْلانِيُّ، وَسُبَيْعُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ الْحَارِثِ، وَحَلِيفُهُ: مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْخَطْمِيُّ. وَكُلُّهُمْ مِنَ الْأَوْسِ. وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْخَزْرَجِ: عَمْرُو بْن قَيْسٍ النَّجَّارِيُّ، وَابْنُهُ: قَيْسٌ، وَثَابِتُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ، وَعَامِرُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو هُبَيْرَةَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُطَرِّفٍ، وَإِيَاسُ بْنُ عَدِيٍّ، وَأَوْسُ، أَخُو حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ, وَهُوَ وَالِدُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمٍ، وَقَيْسُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَعَشْرَتُهُمْ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ. وَعَبْدٌ لَهُمُ اسْمُهُ: كَيْسَانُ، وَسَلَمَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَنُعْمَانُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو، وَهُمَا مِنْ بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ. وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، وَأَوْسُ بْنُ أَرْقَمَ بْنِ زَيْدٍ، أَخُو زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. وَمِنْ بَنِي خُدْرَةَ: مَالِكَ بْنُ سِنَانٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعٍ. وَمِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ, وَثُقْفُ بْنُ فَرْوَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ, وَضَمْرَة، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ جُهَيْنَةَ. وَمِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَالِمٍ: عَمْرُو بْنُ إِيَاسٍ، وَنَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَادَةُ بْنُ الْخَشْخَاشِ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ, وَالنُّعْمَانُ بْنُ مَالِكٍ, وَالْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ الْبَلَوِيُّ، حَلِيفٌ لَهُمْ. وَمِنْ بَنِي الْحُبُلِيِّ1: رِفَاعَةُ بْنُ عَمْرٍو. وَمِنْ بَنِي سَوَادِ بْنِ مَالِكٍ: مَالِكُ بْنُ إِيَاسٍ. وَمِنْ بَنِي سَلَمَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وعمرو بن الجموح بن زيد بن   1 الحبلي: بضم الحاء المهملة والباء الموحدة نسبة إلى حي من اليمن من الأنصار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 حَرَامٍ. وَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ وَصِهْرَيْنِ، فَدُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ1. وَخَلَّادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. وَمَوْلَاهُ أُسَيْرٌ، أَبُو أَيْمَنَ، مَوْلَى عَمْرٍو. وَمِنْ بَنِي سَوَادِ بْنِ غُنْمٍ: سُلَيْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُدَيْدَةَ. وَمَوْلَاهُ عَنْتَرَةُ، وَسُهَيْلُ بْنُ قَيْسٍ. وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنُ لَوْذَانَ. قَالَ ابْنُ إسحاق: وزعم عاصم بن عمر بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ وَقْشٍ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مَعَ ابْنَيْهِ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ جَمَاعَةً قُتِلُوا سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُحُدٍ رَفَعَ حُسَيْلُ بْنُ جَابِرٍ -وَالِدُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ- وَثَابِتُ بْنُ وَقْشٍ فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ -وَهُمَا شَيْخَانِ كَبِيرَانِ: لَا أَبَا لَكَ، مَا نَنْتَظِرُ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ لِوَاحِدٍ مِنَّا مِنْ عُمْرِهِ إِلَّا ظِمْءُ حِمَارٍ، إِنَّمَا نَحْنُ هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ، أَفَلَا نَأْخُذُ أَسْيَافَنَا ثُمَّ نَلْحَقُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَلَّ اللَّهُ يَرْزُقُنَا الشَّهَادَةَ مَعَ رَسُولِهِ؟ فَخَرَجَا حَتَّى دَخَلَا فِي النَّاسِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا. فَأَمَّا ثَابِتٌ فَقَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَمَّا حُسَيْلٌ فَقَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا يَعْرِفُونَهُ2. قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ فِينَا رَجُلٌ أَتِيُّ لَا يُدْرَى مِمَّنْ هُوَ، يُقَالُ لَهُ قُزْمَانُ, وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ إِذَا ذُكِر لَهُ: "إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّار". فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَتَلَ وَحْدَهُ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ ذَا بَأْسٍ، فَأَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، فَاحْتَمَلَ إِلَى دَارِ بَنِي ظَفَرٍ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَبْلَيْتَ الْيَوْمَ يَا قُزْمَانُ، فَأَبْشِرْ. قَالَ: بِمَاذَا أَبْشِرُ؟ وَاللَّهِ إِنْ قَاتَلْتُ إِلَّا عَنْ أَحْسَابِ قَوْمِي، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَاتَلْتُ. فَلَمَّا اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ جراحته أخذ سهمًا فقتل به نفسه3.   1 "إسناده صحيح": أخرجه مالك في "الموطأ" "2/ 470"، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 562". 2 "إسناده صحيح": أورده الحافظ ابن حجر في "الإصابة" "1/ 204". 3 أورده الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" "4/ 36"، وأصل القصة في "صحيح البخاري" في "المغازي" "4202". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مُخَيْرِيقٌ، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ الْفِطْيَوْنِ، قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ نَصْرَ مُحَمَّدٍ عَلَيْكُمْ لَحَقُّ. قَالُوا: إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ السَّبْتِ. قَالَ: لَا سَبْتَ لَكُمْ. فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَعُدَّتَهُ, وَقَالَ: إِنْ أُصِبْتُ فَمَالِي لِمُحَمَّدٍ يَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ. ثُمَّ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَاتَلَ مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنَا: "مُخَيْرِيقٌ خَيْرُ يَهُودَ" 1. وَوَقَعَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَالنِّسْوَةُ اللَّاتِي مَعَهَا يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى، يَجْدَعْنَ الْآذَانَ وَالْآنُفَ، حَتَّى اتَّخَذَتْ هِنْدُ مِنْ آذَانِ الرِّجَالِ وَآنُفِهِمْ خَدَمًا، وَبَقَرَتْ عَنْ كَبِدِ حَمْزَةَ فَلَاكَتْهَا، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَسِيغَهَا فَلَفَظَتْهَا. ثُمَّ عَلَتْ عَلَى صَخْرَةٍ مُشْرِفَةٍ، فَصَرَخَتْ بِأَعْلَى صَوْتِهَا: نَحْنُ جَزَيْنَاكُمْ بِيَوْمِ بَدْرٍ ... وَالْحَرْبُ بَعْدَ الْحَرْبِ ذَاتَ سَعْرِ مَا كَانَ عَنْ عُتْبَةَ لِي مَنْ صَبْرٍ ... وَلَا أَخِي وَعَمِّهِ وَبَكْرِي شَفيتُ صَدْرِي وَقَضَيْتُ نَذْرِي ... شَفَيْتَ وَحْشِيُّ غَلِيلَ صَدْرِي وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ -عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ- أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَهُمْ: طَلْحَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَعُثْمَانُ: بَنُو أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى. وَمَوْلاهُمْ: صُؤَابٌ، وَبَنُو طَلْحَةَ الْمَذْكُورُ: مُسَافِعٌ، وَالْحَارِثُ، وَالْجُلَاسُ، وَكِلَابٌ. وَأَبُو يَزِيدَ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَابْنُ عَمِّهِ: أَرْطَأَةُ بْنُ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ بْنِ هَاشِمٍ، وَابْنُ عَمِّهِمْ: قَاسِطُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْأَسَدِيُّ، وَسِبَاعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْخُزَاعِيُّ حَلِيفُ بَنِي أَسَدٍ. وَأَرْبَعَةٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: أَخُو أَمُّ سَلَمَةَ؛ هِشَامُ بْنُ أبي أمية بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَالْوَلِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو أُمَيَّةَ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَحَلِيفُهُمْ: خَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ. وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ: أَبُو الْحَكَمِ بْنُ الْأَخْنَسِ بْنِ شريق، حليف لهم.   1 أورده الإمام ابن كثير في "البداية" "3/ 237" من طريق محمد بن إسحاق بغير إسناد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 وَمِنْ بَنِي جُمَحَ: أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَأَبُو عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ. أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضَرْبِ عُنُقِهِ صَبْرًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَطْلَقَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَا فِدَاءٍ لِفَقْرِهِ، وَأَخَذَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعِينُ عَلَيْهِ, فَنَقَضَ الْعَهْدَ وَأُسِرَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ لَا تَمْسَحُ عَارِضَيْكَ بِمَكَّةَ تَقُولُ خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنِ". وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ1, وَقِيلَ: لَمْ يُؤْسَرْ سِوَاهُ. وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لؤي: عبيدة بن جابر, وشبيبة بْنُ مَالِكٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فَرْوَةَ، عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى -فَأَرْسَلَهُ مَرَّةً وَأَسْنَدَهُ مَرَّةً- عَنْ أَبِي ذَرٍّ عِوَضٌ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ انْصَرَفَ مِنْ أُحُدٍ مَرَّ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ مَقْتُولٌ عَلَى طَرِيقِهِ, فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] . ثُمَّ قَالَ: "أَشْهَدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ شُهَدَاءُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأْتُوهُمْ وَزُورُوهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا رَدُّوا عَلَيْهِ السَّلَامَ". وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَحَدَّثَنِيهِ بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا بِحَمْزَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الْمُثْلِ -جُدِعَ أَنْفُهُ وَلُعِبَ بِهِ- قَالَ: "لَوْلَا أَنْ تَجْزَعَ صَفِيَّةُ وَتَكُونَ سُنَّةً مِنْ بَعْدِي مَا غُيِّبَ حَتَّى يَكُونَ فِي بُطُونِ السِّبَاعِ وَحَوَاصِلِ الطَّيْرِ" 2. وَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بثلاثين منهم". فلما رأى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا بِهِ مِنَ الْجَزَعِ قَالُوا: لَئِنْ ظَفِرْنَا بِهِمْ لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ بِأَحَدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} ، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. فَعَفَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم3.   1 "الطبقات الكبرى" "2/ 43". 2 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 128"، وأبو داود في "الجنائز" "3136"، وحسنه الأرنئوط. 3 "إسناده حسن": أخرجه الطبراني في "الكبير" "11051"، وانظر: "المقبول من أسباب النزول" للدكتور أبي عمر نادي الأزهري "435". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ قِصَّةَ أُحُدٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ أَقْبَلَتْ لِتَنْظُرَ إِلَى حَمْزَةَ -وَهُوَ أَخُوهَا لِأَبَوَيْهَا- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِابْنِهَا الزُّبَيْرِ: "الْقَهَا فَأَرْجِعْهَا، لَا تَرَى مَا بِأَخِيهَا". فَلَقِيَهَا فَقَالَ: أَيْ أُمَّهْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُكِ أَنْ تَرْجِعِي. قَالَتْ: وَلِمَ؟ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ مُثِّلَ بِأَخِي، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ، فَمَا أَرْضَانَا بِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ، فَلْأَحْتَسِبَنَّ وَلَأَصْبِرَنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَجَاءَ الزُّبَيْرُ فَأَخْبَرَهُ قَوْلَهَا، قَالَ: "فَخَلِّ سَبِيلَهَا". فَأَتَتْهُ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ وَاسْتَرْجَعَتْ وَاسْتَغْفَرَتْ لَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَدُفِنَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ، فَلَقِيَتْ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ، فَأَرَيَاهَا أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ. فَجَاءَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "فَإِنِّي أَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا". فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا وَدَعَا لَهَا، فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ. ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ فَقَالَ: "لَوْلَا جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ وَبُطُونِ السِّبَاعِ". ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَيُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، ثُمَّ يُجَاءُ بِسَبْعَةٍ فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعًا، حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ1. وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ أَصَحُّ2. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَرَوْحُ بن عباد، بِإِسْنَادِ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ إِلَيْهُمَا؛ ثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَمْزَةَ وَقَدْ جُدِعَ وَمُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: "لَوْلَا أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ تَرَكْتُهُ حَتَّى يَحْشُرَهُ اللَّهُ مِنْ بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ". فَكَفَّنَهُ فِي نَمِرَةٍ, وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ غَيْرَهُ. الْحَدِيثَ. وَقَالَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: ثَنَا قَيْسُ -هُوَ ابْنُ الرَّبِيعُ- عَنِ ابن أبي ليلى، عن الحكم،   1 "إسناده حسن": أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" "1/ 290"، قال الألباني في "أحكام الجنائز" "83": "وإسناده حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون، وابن إسحاق قد صرح بالتحديث، وله شواهد كثيرة". ا. هـ. 2 قال الشيخ الألباني -رحمه الله- في "أحكام الجنائز" "80": "تشرع الصلاة على الشهيد بدون وجوب". ا. هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ قُتِلَ حَمْزَةُ وَمُثِّلَ بِهِ: "لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ". فَنَزَلَتْ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} الآية. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ نَصْبِرُ يَا رَبِّ". إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنْ قِبَلَ قَيْسٍ1. وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ -وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَزَادَ: فَنَظَرَ إِلَى مَنْظَرٍ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ قَطُّ أَوْجَعَ مِنْهُ لِقَلْبِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ الْقَاضِي, أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيُّ، ثَنَا يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَنَا عِيسَى بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنِي ربيع بن أنس، حدثني أبو العالي، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ أُصِيبَ مِنَ الْأَنْصَارِ يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ، وَأُصِيبَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ؛ مِنْهُمْ حَمْزَةُ. فَمَثَّلُوا بِقَتْلاهُمْ. فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ2. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ نَادَى رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ: لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. مَرَّتَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] الآية. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُفُّوا عَنِ الْقَوْمِ". وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ أُحُدٍ وَمَعَهَا ثَوْبَانِ لِحَمْزَةَ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَرِهَ أَنْ تَرَى حَمْزَةَ عَلَى حَالِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا الزُّبَيْرَ يَحْبِسُهَا وَأَخَذَ الثَّوْبَيْنِ, وَكَانَ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ قَتِيلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَكَرِهُوا أَنْ يَتَخَيَّرُوا لِحَمْزَةَ، فَقَالَ: "أَسْهِمُوا بَيْنَهُمَا، فَأَيُّهُمَا طَارَ لَهُ أَجْوَدُ الثَّوْبَيْنِ فَهُوَ لَهُ". فَأَسْهَمُوا بَيْنَهُمَا، فَكُفِّنَ حَمْزَةُ فِي ثَوْبٍ وَالْأَنْصَارِيُّ فِي ثَوْبٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ قَالَ: "أَنَا الشَّهِيدُ عَلَى هَؤُلَاءِ، مَا مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي اللَّهِ إِلَّا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دمًا، اللّونُ لونُ الدم والريح   1 تقدم أن إسناد هذه الرواية: حسن. 2 لنربين: لنضاعفن عليهم في التمثيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 رِيحُ الْمِسْكِ، انْظُرُوا أَكْثَرَهُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ فَاجْعَلُوهُ أَمَامَ صَاحِبِهِ فِي الْقَبْرِ". فَكَانُوا يُدْفَنُونَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي وَالِدِي، عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال حِينَ أُصِيبَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ: "اجْمَعُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُمَا كَانَا مُتَصَافِيَيْنِ فِي الدُّنْيَا". قَالَ أَبِي: فَحَدَّثَنِي أَشْيَاخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: لَمَّا ضَرَبَ مُعَاوِيَةُ عينه التي مرت على قبور الشهداء، واستصرخنا عَلَيْهِمْ وَقَدِ انْفَجَرَتْ عَلَيْهِمَا فِي قَبْرِهِمَا، فَأَخْرَجْنَاهُمَا وَعَلَيْهِمَا بُرْدَتَانِ قَدْ غَطَّى بِهِمَا وُجُوهَهُمَا. وَعَلَى أَقْدَامِهِمَا شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، فَأَخْرَجْنَاهُمَا كَأَنَّهُمَا يتثنيان تثنيًا كأنما دُفِنَا بِالْأَمْسِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اسْتُصْرِخَنَا إِلَى قَتْلَانَا يَوْمَ أُحُدٍ، وَذَلِكَ حِينَ أَجْرَى مَعَاوِيَةُ الْعَيْنَ، فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ تُثَنَّى أَطْرَافُهُمْ رِطَابًا، عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً2. قَالَ حَمَّادٌ: وَزَادَنِي صَاحِبٌ لِي فِي الْحَدِيثِ: فَأَصَابَ قَدَمَ حَمْزَةَ فَانْثَعَبَ دَمًا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى مَصَارِعِهِمْ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: ثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمُشْرِكِينَ لِقِتَالِهِمْ. فَقَالَ لِي أَبِي: مَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ فِي النَّظَّارَةِ حَتَّى تَعْلَمَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُنَا، فَوَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي أَتْرُكُ بَنَاتٍ لِي بَعْدِي لَأَحْبَبْتُ أَنْ تُقْتَلَ بَيْنَ يَدَيَّ. فَبَيْنَمَا أَنَا فِي النَّظَّارِينَ إِذْ جَاءَتْ عَمَّتِي بِأَبِي وَخَالِي عَادَلَتْهُمَا عَلَى نَاضِحٍ، فَدَخَلَتْ بِهِمَا الْمَدِينَةَ، لِتَدْفِنَهُمَا فِي مَقَابِرِنَا، فَجَاءَ رَجُلٌ يُنَادِي: أَلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا بِالْقَتْلَى فَتَدْفِنُوهَا فِي مَصَارِعِهَا. فَبَيْنَمَا أَنَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا جَابِرُ، قَدْ وَاللَّهِ أَثَارَ أَبَاكَ عمالُ مُعَاوِيَةَ فَبَدَا طَائِفَةٌ مِنْهُ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي تَرَكْتُهُ، لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا لَمْ يَدَعِ الْقَتْلُ أَوِ الْقِتَالُ فَوَارَيْتُهُ. وَقَالَ حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا حضر أحد قال أبي: ما أراني   1 تقدم تخريجه قريبًا. 2 "صحيح": أخرجه ابن سعد بأطول مما هنا. وقال الحافظ في "الفتح"3/ 173": صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 إِلَّا مَقْتُولًا، وَإِنِّي لَا أَتْرُكَ بَعْدِي أَعَزَّ عَلِيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ عَلِيَّ دَيْنًا فَاقْضِ وَاسْتَوْصِ بِإِخْوَانِكَ خَيْرًا. فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، فَدَفَنْتُ مَعَهُ آخَرَ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أُنْزِلَهُ مَعَ آخَرَ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمَا أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ. وَقَالَ: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقَيَامَةِ". وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصِلَّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْهُ. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالُوا يَوْمَ أُحُدٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَصَابَنَا قَرْحٌ وجَهد فَكَيْفَ تَأْمُرُ؟ قَالَ: "احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا وَاجْعَلُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا" 2. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَبْكِي وَأَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْهُ، وَجَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَوْنِي، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَنْهَانِي، وَقَالَ: "لَا تَبْكِيهِ، أَوْ مَا تَبْكِيهِ، فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ". أَخْرَجَاهُ3. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِدَفْنِ قَتْلَى أُحُدٍ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ, وَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: ثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيُّ، سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "ما لي أَرَاكَ مُهْتَمًّا"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُتِلَ أَبِي وَتَرَكَ دَيْنًا وَعِيَالًا. فَقَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكَ؟ ما كلم الله   1 في كتاب "الجنائز" باب: هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة "2/ 116". 2 تقدم تخريجه قبل قليل. 3 أخرجه مسلم "2471"، والنسائي "4/ 11-12". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَإِنَّهُ كَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا 1، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدِي سَلْنِي أُعْطِكَ. فَقَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيًا. فَقَالَ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ. قَالَ: يَا رَبِّ فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} " [آل عمران: 169] الآية2. وَيُرْوَى نَحْوَهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَكَانَ أَبُو جَابِرٍ مِنْ سَادَةِ الْأَنْصَارِ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ. وَأُمُّهُ الرَّبَابُ بِنْتُ قَيْسٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ. شَهِدَ مَعَهُ الْعَقَبَةَ وَلَدُهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَعَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمٍ الْأَنْصَارِيُّ السَّلْمِيُّ، سَيِّدُ بَنِي سَلَمَةَ، الَّذِي دُفِنَ مَعَهُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ: شَهِدَ بَدْرًا. وَابْنُهُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ هُوَ الَّذِي قَطَعَ رِجْلَ أَبِي جَهْلٍ، وَقَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَلْبِهِ لِمُعَاذٍ, وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- زَوْجَ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ. وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ مَنَافٌ فِي بَيْتِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. فَلَمَّا قَدِمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْمَدِينَةَ، بَعَثَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو: مَا هَذَا الَّذِي جِئْتُمُونَا بِهِ؟ قَالُوا: إِنْ شِئْتَ جِئْنَا وَأَسْمَعْنَاكَ، فَوَاعَدَهُمْ فَجَاءُوا، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مُصْعَبٌ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف: 1] ، فَقَرَأَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقْرَأَ. فَقَالَ: إِنَّ لَنَا مُؤَامَرَةً فِي قَوْمِنَا -وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي سَلَمَةَ- فَخَرَجُوا، فَدَخَلَ عَلَى مَنَافَ فَقَالَ: يَا مَنَافُ، تَعْلَمُ وَاللَّهِ مَا يُرِيدُ الْقَوْمُ غَيْرَكَ، فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ نَكِيرٍ؟ قَالَ: فَقَلَّدَهُ سَيْفًا، فَخَرَجَ فَقَامَ أَهْلُهُ فَأَخَذُوا السَّيْفَ، فَجَاءَ فَوَجَدَهُمْ أَخَذُوا السَّيْفَ, فَقَالَ: يَا مَنَافُ أَيْنَ السَّيْفُ؟ وَيْحَكَ! إِنَّ الْعَنْزَ لَتَمْنَعُ اسْتَهَا3، وَاللَّهِ مَا أَرَى فِي أَبِي جِعَارٍ غَدًا مِنْ خَيْرٍ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى مَالِي فَاسْتَوْصُوا بِمَنَافَ خَيْرًا. فَذَهَبَ فَكَسَرُوا مَنَافَ وَرَبَطُوهُ مَعَ كَلْبٍ مَيِّتٍ. فَلَمَّا جَاءَ رَأَى مَنَافَ، فَبَعَثَ إِلَى قَوْمِهِ فَجَاءُوهُ فَقَالَ: أَلَسْتُمْ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ؟ قَالُوا: بَلَى، أَنْتَ سَيِّدُنَا. قَالَ: فَإِنِّي أشهدكم أني قد آمنت   1 كفاحًا: أي: مواجهة، ليس بينهما حجاب ولا رسول، وهذا بعد الموت، أما قبله فلا. 2 "حسن": أخرجه الترمذي "3210" في "التفسير"، وابن ماجه "2800"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي" "2408": "حسن". 3 تمنع استها: تحفظ عورتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 بِمُحَمَّدٍ1. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عرضها السماوات وَالْأَرْضُ". فَقَامَ وَهُوَ أَعْرَجُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ". وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَرَوَى فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْن أَبِي ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا بَنِي سَلَمَةَ مَنْ سَيِّدُكُمْ"؟ قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، وَإِنَّا لَنُبَخِّلُهُ. قَالَ: "وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ؟ بَلْ سَيِّدُكُمْ الْجَعْدُ الْأَبْيَضُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ" 2. وَقَدْ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، وَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى أُحُدٍ مَنَعَهُ بَنُوهُ وَقَالُوا: قَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ وَبِكَ عَرَجٌ، فَأَتَى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال: "أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ". وَقَالَ لِبَنِيهِ: "لَا تَمْنَعُوهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ". فَخَرَجَ وَاسْتُشْهِدَ هُوَ وَابْنُهُ خَلادٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ قَالَ لِبَنِيهِ: مَنَعْتُمُونِي الْجَنَّةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَأَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ. فَكَانَ يَوْمُ أُحُدٍ فِي الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عَوْفٍ بِطَعَامٍ فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ -وَكَانَ خَيْرًا مِنِّي- فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ إِلَّا بُرْدَةٌ يُكَفَّنُ فِيهَا، مَا أَظُنُّنَا إِلَّا قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ ذهب لم يأكل من أجره، وكان منه مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرَةٌ، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا رأسه خرجت رجلاه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخَرِ" 3. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يهدبها. متفق عليه4.   1 "سير أعلام النبلاء" " للذهبي "1/ 253-254". 2 "سنده قوي": أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وأبو نعيم في "الحلية"، وقال الأرنئوط: وهذا سند قوي. 3 الإدخر: نبات طيب الرائحة. 4 أخرجه البخاري "3897"، ومسلم "940". ومعنى "يهدبها" أي: يجتنيها. يقال: ينع الثمر وأينع ينعًا وينوعًا فهو يانع. وهدبها يهدبها إذا جناها، وهذا استعارة لما فتح عليهم من الدنيا. "صحيح مسلم بشرح النووي" "7/ 9". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قال: كانت امرأة من الأنصار مِنْ بَنِي دِينَارٍ قَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا يَوْمَ أُحُدٍ. فَلَمَّا نُعُوا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: خَيْرًا، يَا أُمَّ فُلَانٍ. فَقَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ. فَأَشَارُوا لَهَا إِلَيْهِ، حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ؛ أَيْ هَيِّنٌ. وَيَكُونُ فِي غَيْرِ ذَا بِمَعْنَى عَظِيمٍ. عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ جُلَيْبِيبًا كَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ لِرَجُلٍ: "زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ". قَالَ: نَعَمْ وَنِعْمَةُ عَيْنٍ1. قَالَ: "لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي". قَالَ: فَلِمَنْ؟ قَالَ: "لِجُلَيْبِيبٍ". قَالَ: أَسْتَأْمِرُ أمها. فأتاها فأجابت: لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنَّمَا يُرِيدُ ابْنَتَكِ لِجُلَيْبِيبٍ. قَالَتْ: الْجُلَيْبِيبُ؟ لَا لَعَمْرِ اللَّهِ لَا تُزَوِّجْهُ. فَلَمَّا قَامَ أَبُوهَا لِيَأْتِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: أَفَتَرُدُّونَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ؟ ادْفَعْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعَنِي. فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: شَأْنُكَ بِهَا. فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا، وَدَعَا لَهُمَا. فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَغْزًى لَهُ قَالَ: "هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ"؟ قَالُوا: نَفْقِدُ فُلَانًا وَنَفْقِدُ فُلَانًا. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ". فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ, قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ". فَوَضَعُوهُ عَلَى ساعديه ثم حفروا له، ما له سَرِيرٌ إِلَّا سَاعِدَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى وضع فِي قَبْرِهِ2. قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: فَمَا فِي الْأَنْصَارِ أَنْفَقُ مِنْهَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ سألنا عبد الله بن مسعود عن   1 وفي رواية: "نعم وكرامة يا رسول الله ونعم عيني" رواه أحمد في "المسند" "4/ 422". 2 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "4/ 422-425". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] ، قَالَ: أَمَّا أَنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبَّكَ اطِّلَاعَةً فَقَالَ: سَلُونِي مَا شِئْتُمْ. فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا وَمَا نَسْأَلُكَ؟ وَنَحْنُ نَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شِئْنَا. فَلَمَّا رَأَوْا أَنْ لا يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا, قَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا إِلَى أَجْسَادِنَا فِي الدُّنْيَا فَنُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ. فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا هَذَا، تُرِكُوا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةً فِي ظِلِّ الْعَرْشِ. فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغْ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ وَلَا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأُنْزِلَتْ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} " 2. وَقَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ أُحُدٍ: "أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي غُودِرْتُ مَعَ أَصْحَابٍ نُحْصِ الْجَبَلَ" 3. يَقُولُ: قُتِلْتُ مَعَهُمْ4. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عن أبي الخير، عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: "إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ وَأَنَا شهيد عليكم". الحديث أخرجه البخاري.   1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1887" كتاب "الولاة" باب: في بيان أن أرواح الشهداء في الجنة. 2 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "1/ 265"، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود "2520"، والحاكم في "المستدرك" "2/ 88، 297"، وصححه، وأقره الذهبي. 3 النحص: أصل الجبل. 4 أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 375" دون قوله: "يقول: قتلت معهم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 وَرَوَى الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بن عبد الله بن أبي فروة، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَارَ قُبُورَ الشُّهَدَاءِ بِأُحُدٍ. وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى: عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْتِي قُبُورَ الشُّهَدَاءِ، فَإِذَا أَتَى فُرْضَةَ الشِّعْبِ يَقُولُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ". وَكَانَ يَفْعَلُهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ بَعْدَهُ ثُمَّ عُثْمَانُ. وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاقِدِيُّ فِي مَغَازِيهِ بِلا سَنَدٍ. وَقَالَ أَبُو حَسَّانَ الزِّيَادِيُّ: وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ يَوْمَ جُمُعَةٍ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ أَحَدُ بَنِي النَّجَّارِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُحُدٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ الْجَبَّانِ1. وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ.   1 الجبان: المقابر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 غزوَة حمَراء الأسَد: قَالَ ابن إسحاق: فلما كان الغدُ من يوم أُحُد؛ يعني صبيحةَ وقعةِ أُحُد أذّن مؤذّنُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّاس لطلب العدوّ، وأذّن مؤذّنه: لا يخرج معنا أحدٌ إلّا أحَدٌ حضر يومَنا بالأمس. وإنّما خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْهِبًا للعدّو ليُبَلغهم أنّه قد خرج في أثرهم وليظنُّوا به قوة. وقال ابن لَهِيعة: ثنا أبو الأسود، عَنْ عُرْوَة قَالَ: قدِم رجلٌ فاستخبره النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أبي سُفيان. فقال: نازلتهم فسمعتهم يتلاومون، يَقْولُ بعضُهم لبعض: لم تصنعوا شيئًا، أصبتم شوكة القوم وحدهم، ثُمَّ تركتموهم ولم تُبيدوهم، وقد بقي منهم رءوس يجمعون لكم. فأمر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه -وبهم أشدّ القَرْح1- بطلب العدوّ، وليسمعوا بذلك. قَالَ: "لا ينطلقنّ معي إلّا من شهد القتال". فقال عبد الله بن أُبَيّ: أركب معك؟ قَالَ: "لا". فاستجابوا لله والرسول عَلَى ما بهم من البلاء. فانطلقوا، فطلبهم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى بلغ حمراء الأسد.   1 القرح: جراحة يوم أحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثابت، عَنْ أبي السّائب مولى عائشة بنت عثمان؛ أنّ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ بني عبد الأشهل قَالَ: شهدتُ أُحُدًا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا وأخٌ لي، فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالخروج في طلب العدوّ، قلت لأخي وقال لي: تفوتنا غزوةٌ مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَوَالله ما لنا من دابة نركبها وما منّا إلّا جريح، فخرجنا مَعَ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكنت أيسر جراحة مِنْهُ، فكان إذا غلب حملته عُقبة1 ومشى عقبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون. فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى انتهى إلى حمراء الأسد؛ وهي من المدينة عَلَى ثمانية أميال، فأقام بِهَا ثلاثًا ثُمَّ رجع. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَابْنَ أُخْتِي! كَانَ أَبُوكَ -تعني: الزبير- وأبو بَكْرٍ مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ. قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أُحُدٍ وَأَصَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا فَقَالَ: "مَنْ يَنْتَدِبُ لِهَؤُلَاءِ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّ بِنَا قُوَّةً". قَالَ: فَانْتُدِبَ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ فِي سَبْعِينَ خَرَجُوا فِي آثار القوم، فسمعوا بهم. {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} . قال: لم يلقوا عدوًّا. أخرجاه2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ مَعْبَدًا الْخُزَاعِيَّ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الأَسَدِ, وَكَانَتْ خُزَاعَةُ مُسْلِمُهُمْ وَمُشْرِكُهُمْ عيبة نصح3 لرسول الله بِمَكَّةَ، صَغْوُهُم مَعَهُ لا يُخْفُونَ عَلَيْهِ شَيْئًا كَانَ بِهَا, وَمَعْبَدٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ, فَقَالَ: يَا محمد، والله لقد عَزَّ عَلَيْنَا مَا أَصَابَكَ فِي أَصْحَابِكَ وَلَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ عَافَاكَ فِيهِمْ. ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِالرَّوْحَاءِ وَقَدْ أجمعوا الرجعة وقالوا: أفينا حَدَّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَقَادَتِهِمْ، ثُمَّ نَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ نَسْتَأْصِلَهُمْ! لِنَكُونَ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ فَلَنَفْرَغَنَّ مِنْهُمْ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ مَعْبَدًا قَالَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَدْ خَرَجَ فِي طَلَبِكُمْ فِي جَمْعٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ، يَتَحَرَّقُونَ عَلَيْكُمْ تَحَرُّقًا4، قَدِ اجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ كَانَ   1 عقبة: من الاعتقاب في الركوب، والعقبة: النوبة. 2 أخرجه البخاري في "المغازي": باب: الذين استجابوا لله والرسول "5/ 130"، ومسلم "2418"، كتاب "فضائل الصحابة". 3 عيبة نصح لرسول الله؛ أي موضع سره. 4 يتحرقون عليكم: يلتهبون من الغيظ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي يَوْمِكُمْ، وَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا، فِيهِمْ مِنَ الْحَنقِ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ. قَالَ: وَيْلَكَ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تَرْتَحِلَ حَتَّى تَرَى نَوَاصِيَ الْخَيْلِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَجْمَعْنَا الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَنْهَاكَ عَنْ ذَلِكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلَنِي مَا رَأَيْت عَلَى أَنْ قُلْتُ فِيهِمْ أَبْيَاتًا. قَالَ: وَمَا قُلْتَ؟ قَالَ: كَادَتْ تُهَدُّ مِنَ الأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي ... إِذْ سَالَتِ الأَرْضُ بِالْجُرْد الأَبَابِيلِ تُرْدِي1 بِأُسْدٍ كِرَامٍ لا تَنَابِلَةٍ2 ... عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلا مَيْلٍ معازيل فظلت عدوا أظن الأرض مائلة ... لَمَّا سَمَوْا بِرَئِيسٍ غَيْرِ مَخْذُولِ فَقُلْتُ وَيْلَ ابْنِ حَرْبٍ مِنْ لِقَائِكُمُ ... إِذَا تَغَطْمَطَتِ3 الْبَطْحَاءُ بِالْجيلِ إِنِّي نَذَرْتُ لأَهْلِ الْبَسْلِ ضَاحِيَةً ... لِكُلِّ ذِي إِرْبَةٍ4 مِنْهُمْ وَمَعْقُولِ مِنْ جَيْشِ أَحْمَدَ لا وَخْشٍ5 تَنَابِله ... وَلَيْسَ يُوصَفُ مَا أَنْذَرْتُ بِالْقيلِ قَالَ: فَثَنَى ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ. وَمَرَّ رَكْبٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: الْمَدِينَةَ، لِنَمْتَارَ. فَقَالَ: أَمَا أَنْتُمْ مُبَلِّغُونَ عَنِّي مُحَمَّدًا رِسَالَةً، وَأُحَمِّلُكُمْ عَلَى إِبِلِكُمْ هَذِهِ زَبِيبًا بِعُكَاظٍ غَدًا إِذَا وَافَيْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: إِذَا جِئْتُمْ مُحَمَّدًا فَأَخْبِرُوهُ أَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا الرَّجْعَةَ إِلَى أَصْحَابِهِ لِنَسْتَأْصِلَهُمْ. فَلَمَّا مَرَّ الرَّكْبُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الأَسَدِ أَخْبَرُوهُ. فَقَالَ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ". فَأُنْزِلَتِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173] الآيات6.   1 تردي: تسرع. 2 تنابلة: جمع تنبال وتنبالة، وهو القصير. 3 تغطمطت: اضطربت. 4 الإربة: العقل. 5 الوخش: رذالة الناس. 6 "إسناده حسن": أورده ابن كثير في "تفسيره" "2/ 147"، والخبر: رواه الخطيب في "تاريخه" "11/ 86"؛ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قيل له يوم أحد: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} فأنزل الله هذه الآية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، لَهُ مَقَامٌ يَقُومُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ لا يتركه شرفًا له في نفسه وفي وقومه, فَكَانَ إِذَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ قَامَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أظْهُرِكُمْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَأَعَزَّكُمْ بِهِ, فَعَزِّرُوهُ وَانْصُرُوهُ وَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوهُ. ثُمَّ يَجْلِسُ حَتَّى إِذَا صَنَعَ يَوْمَ أُحُدٍ مَا صَنَعَ وَرَجَعَ، قَامَ يَفْعَلُ كَفِعْلِهِ، فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ ثِيَابَهُ مِنْ نَوَاحِيهِ، وَقَالُوا: اجْلِسْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ! لَسْتَ لِذَلِكَ بِأَهْلٍ، وَقَدْ صَنَعْتَ مَا صَنَعْتَ. فَخَرَجَ يتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ, وَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي قُلْتُ بُجْرًا1 أَنْ قُمْتُ أَشُدُّ أَمْرَهُ. فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَا لَكَ؟ وَيْلَكَ! قَالَ: قُمْتُ أَشُدُّ أَمْرَهُ فَوَثَبَ عَلَيَّ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَجْبِذُونَنِي وَيُعَنِّفُونَنِي، لَكَأَنَّمَا قُلْتُ بُجْرًا. قَالَ: وَيْلَكَ ارْجِعْ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَبْغِي أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَعِيدٍ؛ قَالُوا: كَانَ سُوَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ قد قتل ذيادًا, فقتله المجذر بن ذياد، فَهَيَّجَ بِقَتْلِهِ وَقْعَةَ بُعَاثٍ2. فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ أَسْلَمَ الْمُجَذَّرُ، والحارث بن سويد بن الصامت، فشهدا بَدْرًا. فَجَعَلَ الْحَارِثُ يَطْلُبُ مُجَذَّرًا لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ, فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَقَتَلَهُ. فَلَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حَمْرَاءِ الأَسَدِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ قَتَلَ مجذَّرًا. فَرَكِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قُبَاءَ، فَأَتَاهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ فِي مِلْحَفَةٍ مُوَرَّسَةٍ3. فَلَمَّا رآه دعا عويم بن ساعدة وقال: "اضرب عنق الحارث بمجذر بن ذياد". فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ رُجُوعًا عَنِ الإِسْلامِ وَلَكِنْ حَمِيَةٌ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأُخْرِجُ دِيَتَهُ وَأَصُومُ وَأَعْتِقُ. وَجَعَلَ يَتَمَسَّكُ بِرِكَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَنْ فَرَغَ مِنْ كَلامِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدِّمْهُ يَا عُوَيْمُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ". فَضَرَبَ عنقه على باب المسجد.   1 بجرًا: البجر: الأمر العظيم. 2 دارت رحاها بين الأوس والخزرج في الجاهلية. 3 ملحفة مورسة؛ أي: مصبوغة بالورس، والورس: نبت من الفصيلة القرنية "الفراشية" ينبت في بلاد العرب والحبشة والهند، ثمرته مغطاة بغدد حمر، يستعمل لتلوين الحرير ونحوه لاحتوائه على مادة حمراء. "المعجم الوجيز" "665". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 أحداث السَّنة الرابعَة: سريّة أبي سلمَة إلى قطن، غزوة الرجيح: سريّة أبي سلمَة إلى قطن: في أوّلها: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْيَرْبُوعِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ، وَغَيْرِهِ قَالُوا: شَهِدَ أَبُو سَلَمَةَ أُحُدًا، وَكَانَ نَازِلًا فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَالِيَةِ، حَتَّى تَحَوَّلَ مِنْ قُبَاءَ فَجُرِحَ بِأُحُدٍ، وَأَقَامَ شَهْرًا يُدَاوِي جُرْحَهُ, فَلَمَّا كَانَ هِلالُ الْمُحَرَّمِ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "اخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ فَقَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَيْهَا". وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً, وَقَالَ: "سِرْ حَتَّى تَأْتِيَ أَرْضَ بَنِي أَسَدٍ فَأَغِرْ عَلَيْهِمْ". وَكَانَ مَعَهُ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ، فَسَارُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى أَدْنَى قَطَن -مَاء مِنْ مِيَاهِهِمْ- فَيَجِدُونَ سَرْحًا لِبَنِي أَسَدٍ، فَأَغَارُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا مَمَالِيكَ ثَلاثَةً، وَأَفْلَتَ سَائِرُهُمْ, ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَغَابَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. قَالَ عَمْرو بن عثمان: فحدّثني عبد الملك بن عُمَيْر، قَالَ: لما دخل أبو سَلَمَةَ المدينة انتقض جُرْحُه، فمات لثلاث بقين من جُمَادى الآخرة. غزوة الرَّجيع 1: وهي في صفر من السّنة الرابعة، فيما ورَّخه الواقدي. وقال: هي عَلَى سبعة أميال من عُسْفان. فحدثني موسى بن يعقوب، عَنْ أبي الأسود قَالَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابَ الرَّجيع عيونًا إلى مكة ليُخْبِروه. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أُسَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشَرَةَ رَهْطٍ عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيَّ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَّاة؛ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ. فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ، فَقَالُوا: نَوَى يَثْرِبَ، فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ. فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ2 فَأَحَاطَ بِهِمُ القوم، فقالوا لهم: انزلوا،   1 الرجيع: ماء لهذيل قرب الهدأة أو الهدة، قيل: بين عسفان ومكة. وقيل: بين مكة والطائف. 2 الفدفد: الأرض المرتفعة ذات الحصى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا. قَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ مُشْرِكٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاثَةٌ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ: خُبَيْبٌ1، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَآخَرُ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قُسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا. فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لا أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي بِهَؤُلاءِ أُسْوةٌ. يُرِيدُ الْقَتْلَى. فَجَرُّوهُ وَعَالَجُوهُ، فَأَبَى أَنْ يصحبهم، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب، وزيد، حتى باعوهما بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ, فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا, وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ, فَلَبِثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ، فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ مُوسَى يُسْتَحَدُّ بِهَا لِلْقَتْلِ2 فَأَعَارَتْهُ, فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ, فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ. وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا. فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ: دَعُونِي أَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنْ تحسبوا أن ما بِي جَزَعٌ مِنَ الْقَتْلِ لَزِدْتُ، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَقَالَ: فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أي جنب كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو مُمَزَّعِ ثُمَّ قَامَ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ. وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا؛ الصَّلاةَ. وَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ يَوْمَ أُصِيبَ؛ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ. وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ لِيَأْتُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَى عاصم مثل الظلة من الدبر3،   1 هو: خبيب بن عدي. 2 الاستحداد: حلق العانة. 3 الدبر: جماعة النحل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ وَأَصْحَابَهُ عَيْنًا لَهُ، فَسَلَكُوا النَّجْدِيَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالرَّجِيعِ. فَذَكَرُوا الْقِصَّةَ. قَالَ مُوسَى: وَيُقَالُ: كَانَ أَصْحَابُ الرَّجِيعِ سِتَّةً مِنْهُمْ: عَاصِمٌ، وَخُبَيْبٌ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ -حَلِيفٌ لِبَنِي ظَفَر- وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيّ، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي -حليف حمزة. وَسَاقَ حَدِيثَهُمْ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن نَفَرًا مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ2 قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ بَعْدَ أُحُدٍ فَقَالُوا: إِنَّ فِينَا إِسْلامًا، فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ لِيُفَقِّهُونَا فِي الدِّينِ وَيُقْرِئُونَا الْقُرْآنَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ مَعَهُمْ سِتَّةً، أَمَّرَ عَلَيْهِمْ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، وَسَمَّاهُمْ كَمَا قَالَ مُوسَى. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَخَرَجُوا مَعَ الْقَوْمِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى الرَّجِيعِ -مَاءٌ لِهُذَيْلٍ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ عَلَى صُدُورِ الْهدأة3- غَدَرُوا بِهِمْ, فَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِمْ هُذَيْلًا، فَلَمْ يَرُع الْقَوْمَ وَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ إِلا الرِّجَالُ بِأَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ، فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ لِيُقَاتِلُوهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: مَا نُرِيدُ قَتْلَكُمْ وَلَكِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ بِكُمْ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَلَكُمْ عَلَيْنَا عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنْ لا نَقْتُلَكُمْ. فَأَمَّا مَرْثَدٌ، وَعَاصِمٌ، وَابْنُ الْبُكَيْرٍ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا وَلا عَقْدًا أَبَدًا. وَأَرَادَتْ هُذَيْلٌ أَخْذَ رَأْسِ عَاصِمٍ لِيَبِيعُوهُ مِنْ سُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَكَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ حِينَ أَصَابَ ابْنَيْهَا يَوْمَ أُحُدٍ، لَئِنْ قَدَرَتْ عَلَى عَاصِمٍ لَتَشْرَبَنَّ فِي قِحْفِهِ الْخَمْرَ، فَمَنَعَتْهُ الدَّبْرُ، فَانْتَظَرُوا ذِهَابَهَا عَنْهُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ الْوَادِيَ فَحَمَلَ عَاصِمًا فَذَهَبَ بِهِ. وَقَدْ كَانَ عَاصِمٌ أَعْطَى اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ وَلا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا تَنَجُّسًا. وَأَسَرُوا خُبَيْبًا، وَابْنَ الدَّثِنَةِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَارِقٍ، ثُمَّ مَضَوْا بِهِمْ إِلَى مَكَّةَ ليبيعوهم.   1 في "المغازي" "5، 40, 41". 2 عضل والقارة: من الهون بن خزيمة بن مدركة. "السيرة النبوية" لابن هشام "3/ 183". 3 الهدأة: موضع بين عسفان ومكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالظَّهْرَانِ انْتَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ يَدَهُ مِنَ الْقِرَانِ ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ وَاسْتَأْخَرَ عَنِ الْقَوْمِ، فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَبْرُهُ بِالظَّهْرَانِ. وقال البكّائيّ، عَنِ ابن إسحاق، حدّثني يحيى، عَنْ أبيه عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبير، عَنْ عُقْبَةَ بن الحارث، سَمِعْتُهُ يَقْولُ: ما أنا والله قتلتُ خُبَيْبًا، لأنا كنتُ أصغر من ذَلِكَ، ولكن أبا مَيسْرة أخا بني عبد الدّار أخذ الحرْبَةَ فجعلها في يدي، ثُمَّ أخذ بيدي وبالحربة، ثُمَّ طعنه بِهَا حتى قتله1. ثُمَّ ذكر ابن إسحاق أنّ خبيبًا قَالَ: لقد جَمَّع الأحزابُ حولي وألَّبُوا ... قبائلَهم واستجمعوا كلّ مجمَّعِ فكلّهم مُبْدِي العداوةَ جاهدٌ ... عليَّ لأنّي في وثاق مضيعِ وقد جمعوا أبناءَهم ونساءَهم ... وقُرِّبَتْ من جذعٍ طويلٍ مُمَنَّعِ إلى الله أشكو غُرْبَتي ثُمَّ كُرْبَتي ... وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي فذا العرش صبرني على ما يراد بي ... فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي وذلك في ذاتِ الِإلهِ وإنْ يشأْ ... يُبارِكْ عَلَى أَوْصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ وقد خيّروني الكفَر والموتُ دُونه ... وقد هملتْ عَيْناي من غير مَجْزَع وما بي حِذارُ الموتِ إنّي لميت ... ولكن حذاري جحم نار ببلقع2 ووالله ما أرجو إذا متُّ مسلِمًا ... عَلَى أيّ جنبٍ كان في الله مَصْرَعي فلست بمُبدٍ للعدوّ تَخَشُّعًا ... ولا جَزَعًا إنّي إلى الله مرجعي وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ عَيْنًا؛ قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى خَشَبَةِ خُبَيْبٍ فَرَقِيتُ فِيهَا وَأَنَا أَتَخَوَّفُ الْعُيُونَ، فَأَطْلَقْتُهُ فَوَقَعَ بِالأَرْضِ، ثُمَّ اقْتَحَمْتُ فَانْتَبَذْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ خُبَيْبًا، فَكَأَنَّمَا ابْتَلَعَتْهُ الأَرْضُ. زَادَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ: فَلَمْ يُذْكَرْ لِخُبَيْبٍ -رضي الله عنه- رمة حتى الساعة3.   1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "4087" كتاب "المغازي". 2 في بعض النسخ: ولكن حذاري حر نار تلفع. 3 انظر: "صفة الصفوة" لابن الجوزي "1/ 315". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 غزوة بئر مَعُوَنة: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحاب بئر مَعُوَنة في صفر، عَلَى رأس أربعةِ أشهرٍ من أُحُد. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ مَالِكٍ الَّذِي يُدْعَى مُلاعِبَ الأَسِنَّةِ1 قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإِسْلامَ, فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً, فَقَالَ: "إِنِّي لا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ". فَقَالَ: ابْعَثْ مَعِي مَنْ شِئْتَ مِنْ رُسُلِكَ، فَأَنَا لَهُمْ جَارٌ. فَبَعَثَ رَهْطًا، فِيهِمُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعِدِيُّ؛ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: "أَعْنَقَ لِيَمُوتَ"2، بَعَثَهُ عينًا له في أهل نجد. فسمع بهم عَامِر بْن الطُّفَيْلِ، فَاسْتَنْفَرَ بَنِي عَامِرٍ، فَأَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ, فَاسْتَنْفَرَ بَنِي سُلَيْمٍ فَنَفَرُوا مَعَهُ. فَقَتَلُوهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، غَيْرَ عَمْرِو بْنِ أُمَّيَةَ الضَّمْرِيِّ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ, فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث بْن هشام، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: قَدِمَ أَبُو الْبَرَاءِ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَبْعُدْ مِنَ الإِسْلامِ, وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ لَوْ بَعَثْتَ مَعِي رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ يَدْعُونَهُمْ إِلَى أَمْرِكَ رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ. قَالَ: "أَخْشَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ". قَالَ أَبُو الْبَرَاءِ: أنا لَهُمْ جَارٌ. فَبَعَثَ الْمُنْذَرَ بْنَ عَمْرٍو فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّة، وَحَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ؛ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَعُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ, وَنَافِعُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فِي خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَارُوا حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ معونة، بين أرض بني عَامِرٍ وَحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ. ثُمَّ بَعَثُوا حَرَامَ بن ملحان   1 قال السهيلي في "الروض الأنف" "3/ 238": "سمي ملاعب الأسنة في يوم سوبان وهو يوم كانت فيه وقيعة في أيام جبلة وهي أيام حرب كانت بين قريش وتميم، وجبلة اسم لهضبة عالية، وكان سبب تسميته في يوم سوبان ملاعب الأسنة: أن أخاه يقال له: فارس قرزل وهو طفيل بن مالك كان أسلمه في ذلك اليوم وفر وقال عمر: فررت وأسلمت ابن أمك عامرا ... يلاعب أطراف الوشيح المزعزع ا. هـ. باختصار. 2 سمي بذلك لإسراعه إلى الشهادة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 بكتاب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فَلَمْ يَنْظُرْ فِي الْكِتَابِ حَتَّى قَتَلَ الرَّجُلُ, ثُمَّ اسْتَصْرَخَ بَنِي سُلَيْمٍ فَأَجَابُوهُ وَأَحَاطُوا الْقَوْمَ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى اسْتُشْهِدُوا كُلُّهُمْ إِلا كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ، مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، تَرَكُوهُ وَبِهِ رَمَقٌ فَارتُثَّ مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى1، فَعَاشَ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. وَكَانَ فِي سَرْح الْقَوْمِ عَمْرو بْن أُمَيَّةَ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمْ يُخْبِرْهُمَا بِمُصَابِ الْقَوْمِ إِلَّا الطَّيْرُ تَحُومُ عَلَى الْعَسْكَرِ، فَقَالا: وَاللَّهِ إِنَّ لِهَذِهِ الطَّيْرِ لَشَأْنًا، فَأَقْبَلا لِيَنْظُرَا، فَإِذَا الْقَوْمُ فِي دِمَائِهِمْ وَإِذَا الْخَيْلُ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ وَاقِفَةٌ. فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ لِعَمْرٍو: مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُخْبِرهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: لَكِنِّي لَمْ أَكُنْ لأَرْغَبَ بِنَفْسِي عَنْ مَوْطِنٍ قُتِلَ فِيهِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَا كُنْتُ لأُخْبِرَ عَنْهُ الرِّجَالَ. وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَأَسَرُوا عُمَرًا. فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مِنْ مُضَرَ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَحَزَّ نَاصِيَتَهُ وَأَعْتَقَهُ. فَلَمَّا كَانَ بِالْقَرْقَرَةِ2 أَقْبَلَ رَجُلانِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ حَتَّى نَزَلَا فِي ظِلٍّ هُوَ فِيهِ، وَكَانَ مَعَهُمَا عَهْدٌ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجوارٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَمْرٌو, حَتَّى إِذَا نَامَا عَدَا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا, فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَهُ, فَقَالَ: "قَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَيْنِ، لأَدِيَنَّهُمَا". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ، قَدْ كُنْتُ لِهَذَا كَارِهًا مُتَخَوِّفًا". فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الْبَرَاءِ فَشُقَّ عَلَيْهِ إِخْفَارُ عَامِرٍ إِيَّاهُ، فَحَمَلَ رَبِيعَةَ وَلَد أَبِي براء على عامر بن الطفيل فطعنه فِي فَخِذِهِ فَأَشْوَاهُ فَوَقَعَ مِنْ فَرَسِهِ, وَقَالَ: هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ, إِنْ مِتُّ فَدَمِي لِعَمِّي فَلا يُتْبَعَنَّ بِهِ، وَإِنْ أَعِشْ فَسَأَرَى رَأْيِي3. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ارتُثَّ فِي الْقَتْلَى كَعْب بْن زَيْدٍ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَنَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ: الْقُرَّاءُ، وَفِيهِمْ خَالِي حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ وَيَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي المسجد، ويحتطبون فيبيعون   1 ارتث: وقع في أرض المعركة جريحًا وحمل وبه رمق -بقية حياة. 2 القرقرة: هي قرقرة الكدر، موضع بناحية المعدن قريب من الأرحضية بينه وبين المدينة ثمانية برد. "معجم البلدان" "4/ 401". 3 قال الهيثمي في "المجمع": رواه الطبراني، ورجاله ثقات إلى ابن إسحاق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ، فَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ، فَتَعَرَّضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ. قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّكَ أَنْ قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِيتَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْكَ. قَالَ: وَأَتَى رَجُلٌ خَالِي مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِالرُّمْحِ حَتَّى أَنْفَذَهُ، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ: "إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا, وَقَالُوا: اللَّهُمَّ أَبْلِغْ عَنَّا نَبِيَّكَ أَنْ قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ هَمَّامٌ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ خَالَهُ حَرَامًا فِي سَبْعِينَ رجلا فقتلوا يوم بئر معونة. كَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَكَانَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أُخَيِّرُكَ بَيْنَ ثَلاثِ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ وَلِي أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونَ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ، أَوْ أَغْزُوَكَ بِغَطَفَانَ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ. قَالَ: فَطُعِنَ2 فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ، فَقَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ3 فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ ائْتُونِي بِفَرَسِي، فَرَكِبَهُ، فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ. وَانْطَلَقَ حَرَامٌ وَرَجُلانِ مَعَهُ أَحَدُهُمَا أَعْرَجُ فَقَالَ: كُونَا قَرِيبًا مِنِّي حَتَّى آتِيَهُمْ فَإِنْ آمَنُونِي كُنْتُ كُفْوًا، وَإِنْ قَتَلُونِي أَتَيْتُمْ أَصحَابَكُمْ. فَأَتَاهُمْ حَرَامٌ فَقَالَ: أَتُؤَمِّنُونِي أُبلِّغُكُمْ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ، وَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ مَنْ خَلْفَهُ فَطَعَنَهُ. قَالَ هَمَّامٌ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ: وَقُتِلَ كُلُّهُمْ إِلا الأَعْرَجَ، كَانَ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ. قَالَ أَنَسٌ: أُنْزِلَ عَلَيْنَا، ثُمَّ كَانَ مِنَ الْمَنْسُوخِ، "إِنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَيْنَاهُ". فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَعُصَيَّةً عَصَتِ اللَّهَ ورسوله. أخرجه البخاري، وقال: ثلاثين صباحًا، هو الصَّحِيحُ4. وَرَوَى نَحْوَهُ قَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَنَسٍ. وَبَعْضُهُمْ يَخْتَصِرُ الْحَدِيثَ. قَالَ سليمان بن المُغيرة، عَنْ ثابت قَالَ: كتب أَنَس في أهله كتابًا فقال: اشهدوا معاشر القراء.   1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1902" كتاب "الإمارة" باب: ثبوت الجنة للشهيد. 2 أصابه الطاعون، والطاعون: غدة كغدة البعير. 3 البكر: الفتي من الإبل. 4 أخرجه البخاري في "صحيحه" "5/ 42-43" كتاب "المغازي" باب: غزوة الرجيع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 فكأنّي كرهت ذَلِكَ، فقلت: لو سمّيتهم بأسمائهم وأسماء آبائهم؛ فقال: وما بأس أن أقول لكم معاشرَ القُرّاء، أفلا أحدّثكم عَنْ إخوانكم الذين كنّا ندعوهم عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القرّاء؟ قَالَ: فذكر أنس سبعين من الأنصار كانوا إذا جنَّهُمُ الليل أوَوْا إلى معلم بالمدينة فيبيتون يدرسون، فإذا أصبحوا فمَنْ كانت عنده قوة أصاب من الحَطَب واستعذب من الماء، ومن كانت عنده سَعَةٌ أصابوا الشَّاة فأصلحوها. فكان معلّقًا بحجر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا أصيب خُبَيْب، بَعَثَهُمْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ فيهم خالي حرام. فأتوا عَلَى حيٍّ من بني سُلَيْم، فقال حَرام لأميرهم: دعني، فلا خير في هَؤلاءِ. إنّا لَيْسَ إيّاهم نريد فيخلّون وجوهنَا. فأتاهم فقال ذَلِكَ، فاستقبله رجل منهم برُمْحٍ فأنفذه به. قَالَ: فلما وجد حَرام مسّ الرمح قَالَ: الله أكبر فزتُ وربِّ الكعبة. قَالَ: فانطووا عليهم فما بقي منهم مُخْبِر. قَالَ: فما رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلّما صلّى الغداةَ رفع يديه يدعو عليهم. فلما كان بعد ذَلِكَ، إذا أبو طلحة يَقْولُ: هل لك في قاتلِ حَرام؟ قلت: ما له، فعل الله به وفعل. فقال: لا تفعل، فقد أسلم. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلامًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ، أَخِي عَائِشَةَ لأُمِّهَا؛ وَكَانَتْ لأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ1، فَكَانَ يَغْدُو بِهَا وَيَرُوحُ، وَيُصْبِحُ فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ يَسْرَحُ فَلا يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ. ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ مَعَهُمَا. فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ. فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: مَنْ هَذَا؟ وَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ. قَالَ: هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ. فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى أَنِّي لأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُحَرِّضُ بَنِي أَبِي الْبَرَاءِ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ: بَنِي أُمِّ الْبَنِينَ أَلَمْ يَرُعْكُمْ ... وَأَنْتُمْ مِنْ ذَوَائبِ أَهْلِ نَجْدِ تَهَكُّمُ عَامِرٌ بِأَبِي بَرَاءٍ ... لِيُخْفِرَهُ وَمَا خَطَأٌ كَعَمْدِ أَلا أَبْلِغْ رَبِيعَةَ ذَا الْمَسَاعِي ... فَمَا أَحْدَثْتَ فِي الْحَدَثَانِ بَعْدِي أَبُوكَ أَبُو الْحُرُوبِ أَبُو بَرَاءٍ ... وَخَالُكَ مَاجِدٌ حَكَمُ بن سعد   1 المنحة: الناقة يدر منها اللبن. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 43-44" باب: غزوة الرجيع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 ذَكَرَ الخلاف فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ تقجمت في سنة ثلاث ... ذَكَرَ الخلاف فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ: ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ إِلَى أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ أُحُدٍ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَتْ بَعْدَ أُحُدٍ، وَبَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْبُنِّ، أنا جَدِّي، أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْمِصِّيصِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم، ثنا محمد بْنُ عَائِذٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إلى بني النضير يستعينهم في عقل1 الكلابيين. قَالُوا: اجْلِسْ أَبَا الْقَاسِمِ، حَتَّى تَطْعَمَ وَتَرْجِعَ بِحَاجَتِكَ. ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ وَتَقَدَّمَ ذِكُرُهُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا خَرَجَتْ بَنُو النَّضِيرِ أَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ سُعْدَى فَأَطَافَ بِمَنَازِلِهِمْ فَرَأَى خَرَابَهَا، وَفَكَّرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قُرَيْظَةَ فَيَجِدُهُمْ فِي الْكَنِيسَةِ فَيَنْفُخُ فِي بُوقِهِمْ، فَاجْتَمَعُوا. فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَيْنَ كُنْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ؟ وَكَانَ لا يُفَارِقُ الْكَنِيسَةَ وَكَانَ يَتَأَلَّهُ فِي الْيَهُودِيَّةِ، قَالَ: رَأَيْتُ الْيَوْمَ عِبَرًا قَدْ عَبَرْنَا بِهَا، رَأَيْتُ مَنَازِلَ إِخْوَانِنَا خَالِيَةً بَعْدَ ذَلِكَ الْعِزِّ وَالْجَلَدِ وَالشَّرَفِ الْفَاضِلِ وَالْعَقْلِ الْبَارِعِ، قَدْ تَرَكُوا أَمْوَالَهُمْ وَمَلَكَهَا غَيْرُهُمْ وَخَرَجُوا خروج ذل, ولا والتوارة مَا سُلِّطَ هَذَا عَلَى قَوْمٍ قَطُّ لِلَّهِ بِهِمْ حَاجَةٌ, فَقَدْ أَوْقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِابْنِ الأشرف ذِي عِزِّهِمْ؟ بَيْتُهُ فِي بَيْتِهِ آمِنًا، وَأَوْقَعَ بابن سنية سَيِّدِهِمْ، وَأَوْقَعَ بِبَنِي قَيْنُقَاعَ فَأَجْلاهُمْ وَهُمْ جَدُّ يَهُودَ، وَكَانُوا أَهْلَ عِدَّةٍ وَسِلاحٍ وَنَجْدَةٍ، وَحَصَرَهُمْ فَلَمْ يُخْرِجْ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ رَأْسَهُ حَتَّى سَبَاهُمْ، وَكُلِّمَ فِيهِمْ فَتَرَكَهُمْ عَلَى أَنْ أَجْلاهُمْ مِنْ يَثْرِبَ، يَا قَوْمُ قَدْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ فَأَطِيعُونِي وَتَعَالَوْا نَتَّبِعْ مُحَمَّدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ بَشَّرَنَا بِهِ وَبِأَمْرِهِ ابُنُ التَّيْهَانِ وَابْنُ الْحَوَّاسِ، وَهُمَا أَعْلَمُ يَهُودَ، جَاءَانَا من بيت المقدس يتوكفان قدومه2،   1 العقل: الدية. 2 يتوكفان: يتوقعان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 أَمَرَانَا بِاتِّبَاعِهِ، وَأَمَرَانَا أَنْ نُقْرِئَهُ مِنْهُمَا السَّلامَ، ثُمَّ مَاتَا عَلَى دِينِهِمَا، فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَ هَذَا الْقَوْلَ وَنَحْوَهُ، وَتَخَوُّفَهُمْ بِالْحَرْبِ وَالسِّبَاءِ وَالْجَلاءِ. فَقَالَ ابْنُ بَاطَا: وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ صِفَتَهُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، لَيْسَ فِي الْمَثَانِي الَّتِي أَحْدَثْنَا. فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ بن أسد: ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من اتباعه؟ قال: أنت. قال كعب: ولم؟ والتوراة مَا حَلَّتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَطُّ. قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنْتَ صَاحِبُ عَهْدِنَا وَعَقْدِنَا فَإِنِ اتَّبَعْتَهُ اتَّبَعْنَاهُ وَإِنْ أَبَيْتَ أَبَيْنَا. فَأَقْبَلَ عَمْرُو بُن سُعْدَى عَلَى كَعْبٍ فَذَكَرَ مَا تَقَاوَلا فِي ذَلِكَ، إِلَى أَنْ قَالَ كَعْبٌ: مَا عِنْدِي فِي أَمْرِهِ إِلا مَا قُلْتُ، مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أَصِيرَ تَابِعًا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ست ليال1. قال: ونزل تحريم الخمر2.   1 "السيرة النبوية" لابن هشام "3/ 158". 2 "نفس المرجع" والصفحة، وذكره الحافظ في "الفتح" "8/ 128" أنها حرمت بعد الفتح وبين ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 غزوة بني لحيان : قَالَ ابن إسحاق: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جُمادَى الأولى، عَلَى رأس ستّة أشهرٍ من صلح بني قريظة إلى بني لحْيان يطلب بأصحاب الرَّجيع: خُبَيْب وأصحابه، وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غِرَّة. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِ قَالُوا: لَمَّا أُصِيبَ خُبَيْبٌ وَأَصْحَابُهُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طلبًا لِدِمَائِهِمْ لِيُصِيبَ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ غِرَّةً، فَسَلَكَ طَرِيقَ الشَّامِ وَرَوَى عَلَى النَّاسِ أَنَّهُ لا يُرِيدُ بَنِي لِحْيَانَ، حَتَّى نَزَلَ أَرْضَهُمْ -وَهُمْ مِنْ هُذَيْلٍ- فَوَجَدَهُمْ قَدْ حَذِرُوا فَتَمَنَّعُوا فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّا هَبَطْنَا عُسْفَانَ لَرَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّا قَدْ جِئْنَا مَكَّةَ". فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ حَتَّى نَزَلَ عُسْفَانَ، ثُمَّ بَعَثَ فَارِسَيْنِ حَتَّى نَزَلا كُرَاعَ الْغَمِيمِ1 ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَيْهِ. فَذَكَرَ أَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِعُسْفَانَ صَلاةَ الْخَوْفِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَغَازِي: إِنَّ غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ كَانَتْ بَعْدَ قريظة.   1 كراع الغميم: واد بعد عسفان بثمانية أميال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 غزوة ذاتِ الرِّقاع: قَالَ ابن إسحاق: إنّها في جُمادَى الأولى سنة أربع، وهي غزوة خصفة من بني ثَعْلبة من غَطَفَان. وقال محمد بن إسماعيل رحِمه الله: كانت بعد خَيْبَر، لأنّ أبا موسى جاء بعد خَيْبر، يعني وشهِدَها. قَالَ: وإنّما جاء أبو هُرَيْرَةَ فأسلم أيامَ خيبر. وقال ابن إسحاق: في هذه الغزوة سَارَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نزل نَخْلا، فلقي بِهَا جمعًا من غطفان، فتقارب النّاس ولم يكن بينهم حرب. وقد خاف النّاس بعضهم بعضًا، حتى صَلَّى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه صلاة الخوف, ثُمَّ انصرف بالنّاس. وقال الواقدي: إنما سُمِّيت ذاتِ الرّقاع لأنّها قِبَل جبلٍ كان فيه بقع حمرة وسواد وبياض، فسميت ذات الرّقاع1. قَالَ: وخرج رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعشر خلون من المحرم، عَلَى رأس سبعةٍ وأربعين شهرًا، وقدِم صرارًا2 لخمسٍ بقين من المحرَّم. وذات الرِّقاع قريبة من النُّخَيل بين السَعد والشُقْرَة. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَحَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: وَعَنْ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدِمَ قَادِمٌ بِجَلْبٍ له3، فاشترى بسوق النبط4، وقالوا: مِنْ أَيْنَ جَلْبُكَ؟ قَالَ: جِئْتُ بِهِ مِنْ نَجْدٍ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْمَارًا وَثَعْلَبَةَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ جُمُوعًا، وَأَرَاكُمْ هَادِينَ عَنْهُمْ. فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلُهُ, فَخَرَجَ في أربعمائة مِنْ أَصْحَابِهِ -وَقِيلَ سَبْعِمِائَةٍ- وَسَلَكَ عَلَى الْمَضِيقِ5، ثم أفضى إلى وادي   1 وقيل: سميت بذات الرقاع لأن أقدام الصحابة -رضي الله عنهم- نقبت فكانوا يلفون عليها الخرق. 2 صرار: موضع، وقيل: ماء، وقيل: بئر قديمة على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق "معجم البلدان" "3/ 398". 3 الجلب: ما يجلب من الإبل ونحوها. 4 النبط: قوم سكنوا بلاد الشام من الآراميين. 5 المضيق: قرية في لحف جبل آرة قريبة من الفرع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 الشُّقْرَةِ، فَأَقَامَ بِهَا يَوْمًا، وَبَثَّ السَّرَايَا، فَرَجَعُوا إليه من الليل وأخبروه أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا أَحَدًا، وَقَدْ وَطِئُوا آثَارًا حَدِيثَةً. ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصحَابُهُ، حَتَّى أَتَى مَحَالَّهُمْ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَهَرَبُوا إِلَى الْجِبَالِ، فَهُمْ مُطِّلُونَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَافَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا. وَفِيهَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه صلاة الخوف1. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا ذَاتُ الرِّقَاعِ لأَنَّهُمْ رَقَعُوا فِيهَا رَايَاتِهِمْ. قَالَ: وَيُقَالُ ذَاتُ الرِّقَاعِ شَجَرَةٌ هُنَاكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا غَزْوَتَانِ. وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سِنَانٌ الدُّؤَلِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ نجد، فلما قفل قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعَضَاةِ، فَنَزَلَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعَضَاةِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ. وَقَالَ هُوَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلِقَ بِهَا سَيْفَهُ, فَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُونَا فَأَجَبْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ, فَشَامَ السَّيْفَ وَجَلَسَ". فَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. قَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ: اسْمُ الأَعَرَابِيِّ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ. ثُمَّ رَوَى أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ، فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غُرَّةً، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسَّيْفِ فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: "اللَّهُ". فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي"؟ قَالَ: كنْ خيرَ آخِذ. قَالَ: "تَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ". قَالَ: لا، وَلَكِنْ أُعَاهِدُكَ عَلَى أَنْ لا أُقَاتِلَكَ، وَلا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ, فَأَتَى أَصْحَابَهُ وَقَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ الناس.   1 "السيرة النبوية" لابن هشام "3/ 173". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "4136"، ومسلم في "صلاة المسافرين" "576". وشام السيف: أغمده. والعضاه: شجر ذات شوك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 ثُمَّ ذَكَرَ صَلاةَ الْخَوْفِ، وَأَنَّهُ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ. وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ عَلَى جَمَلٍ لِي ضَعِيفٍ، فَلَمَّا قفل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَتِ الرِّفَاقُ تَمْضِي، وَجَعَلْتُ أَتَخَلَّفُ، حَتَّى أَدْرَكَنِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا لَكَ يَا جَابِرُ"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْطَأَ بِي جَمَلِي هَذَا. قَالَ: "أَنِخْهُ". وساق قصة الجمل.   1 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 390". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 غزوة بدر المَوْعِد: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ وَرَوَى عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَنْفَرَ الْمُسْلِمِينَ لِمَوْعِدِ أَبِي سُفْيَانَ بَدْرًا. وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْلا لِلصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ، فَاحْتَمَلَ الشيطان أَوْلِيَاءُ مِنَ النَّاسِ، فَمَشَوْا فِي النَّاسِ يُخَوِّفُونَهُمْ وَقَالُوا: أَخْبَرَنَا أَنْ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ مِثْلَ اللَّيْلِ مِنَ النَّاسِ، يَرْجُونَ أَنْ يُوَافِقُوكُمْ فَيَنْتَهُوا بِكُمْ، فَالْحَذَرُ لا تَغْدُوا. فَعَصَم اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَخْوِيفِ الشَّيْطَانِ فَاسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَخَرَجُوا بِبَضَائِعَ لَهُمْ، وَقَالُوا: أَنْ لَقِيَنَا أَبَا سُفْيَانَ فَهُوَ الَّذِي خَرَجْنَا لَهُ، وَإنْ لَمْ نَلْقَهُ ابْتَعْنَا بِبَضَائِعِنَا. وَكَانَ بَدْرٌ مُتَّجِرًا يُوَافِي كُلَّ عَامٍ. فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا مَوْسِمَ بَدْرٍ، فَقَضَوْا مِنْهُ حَاجَتَهُمْ، وَأَخْلَفَ أَبُو سُفْيَانَ الْمَوْعِدَ، فَلَمْ يَخْرُجْ هُوَ وَلا أَصْحَابُهُ. وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حِلْفٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، فَمَا أَعْمَلُكُمْ إِلَى أَهْلِ هَذَا الْمَوْسِمِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ عَدُوَّهُ مِنْ قُرَيْشٍ: "إِعْمَالُنَا إِلَيْهِ مَوْعِدُ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ وَقِتَالُهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ مَعَ ذَلِكَ نَبَذْنَا إِلَيْكَ وَإِلَى قَوْمِكَ حِلْفَهُمْ ثُمَّ جَالَدْنَاكُمْ". فَقَالَ الضَّمْرِيُّ: مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ: وَذَكَرُوا أَنَّ ابْنَ الْحَمَّامِ قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ يَنْتَظِرُونَكُمْ لِمَوْعِدِكُمْ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ وَاللَّهِ صَدَقَ. فَنَفَرُوا وَجَمَعُوا الأَمْوَالَ، فَمَنْ نَشِطَ مِنْهُم قَوَّرَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ دُونَ أُوقِيَّةٍ, ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَقَامَ بِمَجَنَّةٍ مِنْ عُسْفَانَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ، ثُمَّ ائْتَمَرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا يُصْلِحُكُمْ إِلا خِصْبٍ تَرْعَوْنَ فِيهِ السَّمُرَ وَتَشْرَبُونَ مِنَ اللَّبَنِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ، وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ، وكانت تلك غَزْوَةَ جَيْشِ السَّوِيقِ. وَكَانَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ بَدْرُ الْمَوْعِدِ، وَتُسَمَّى بَدْرَ الصُّغْرَى1، لِهِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ عَلَى رَأْسِ خمسة وأربعين شهرًا مُنْ مُهَاجَرَهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، وَأَنَّهُ خَرَجَ فِي أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَكَانَ مَوْسِمُ بَدْرٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْعَرَبُ لِهِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ إِلَى ثَامِنِهِ, فَأَقَامَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَبَاعُوا بَضَائِعَهُمْ، فَرَبِحَ الدِّرْهَمُ دِرْهَمًا, فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ من الله وفضل.   1 وتسمى بدر الثانية. انظر: "زاد المعاد" لابن القيم "3/ 255". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 غزوة الخندق : قَالَ موسى بن عُقْبة: كانت في شوّال سنة أربع. وقال ابن إسحاق: كانت في شوّال سنة خمس. فالله أعلم. ويقوّي الأوّلَ قولُ ابن عُمَر: إنّه عُرِض يوم أُحُد وهو ابن أربع عشرة، فلم يُجِزْه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعُرِض عليه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجازه. ولكنّ هذه التقوية مردودة بما سنذكره في سنة خمسٍ. وفيها: تُوُفّي عبد الله بن رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبوه عثمان -رضي الله عنه- عَنْ ستّ سنين. ونزل أبوه في حفرته. وفيها: في شعبان وُلد الحسين بن عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وفيها: قُتِل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح وأصحابه, وقد ذكروا, وكنية عاصم: أَبُو سليمان، واسم جدّه: الأقلح قيس بن عصمة بن بني عَمْرو بن عَوْف. ومن ذريته الأحوص الشاعر ابن عبد الله بن محمد بن عاصم بن ثابت. وكان عاصم من الرُّماة المذكورين، ثبت يوم أُحُد وَقَتَلَ غيرَ واحد، وشهد بدْرًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 وقُتل يوم بئر مَعْونة من الصَّحابة: عامر بن فُهَيْرَة مولى الصِّدّيق؛ وكان من سادة المهاجرين. ومن قُرَيش: الحَكَم بن كَيْسان المخزومي، ونافع بن بُدَيْلِ بن ورقاء السهمي. وَقُتِلَ يومئذٍ من الأنصار: الحارث بن الصمة بن عَمْرو بن عتيك بن عَمْرو بن مبذول أبو سعد. فعن محمد بن إبراهيم التَّيْمي، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بين الحارث بن الصمة وصُهَيْب. وقال الواقدي: شهد الحارثُ أُحُدًا، وَثَبَتَ مَع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبايعه عَلَى الموت، وقتل عثمان بن عبد الله بن المُغيرة. وعن المِسْور بن رفاعة أنّ الحارث خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى بدر، فكُسر بالرَّوْحاء، فردّه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المدينة وضرب له بسهمه وآجره. قال ابن سعد: وله ذرية بالمدينة وبغداد. حَرام بن مِلْحان: واسم مِلْحان مالك بن خالد بْنِ زَيْدِ بْن حَرَامِ بْن جُنْدُب بْن عَامِرِ بْن غَنْمِ بْنِ عَدِيّ بْنِ النَّجَّارِ؛ شهد بدْرًا، وهو أخو أمّ سُلَيْم. قَالَ لما طُعِنَ يوم بئر مَعُونة: فُزْتُ وربِّ الكعبة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1. عطية بن عَمْرو، من بني دينار. وهذا لم أراه في الصّحابة لابن الأثير. المنذر بن عَمْرو بن خُنَيْس بن حارثة بن لوذان بن عبد ودّ السّاعديّ، أحد النُّقباء ليلة العَقَبَة. شهد بدْرًا وَأُحُدًا. وخُنَيْس هو المعروف بالمُعْنق ليموت2. أنس بن معاوية بن أنس، أحد بني النّجّار. أبو شيخ بن ثابت بن المنذر، سهل بن عامر بن سعد، من بني النّجّار كلاهما. مُعاذ بن مناعص الزُّرْقي، بَدْري. عُرْوة بن الصَّلْت السّلَمي حليف الأنصار. مالك بن ثابت؛ وأخوه: سفيان، كلاهما من بني النبيت. فهؤلاء الذين حُفِظَت أسماؤهم من الشهداء السبعين الذين صح أنه نزل فيهم: "بلِّغوا عنّا قومَنا أنّا لقينا ربَّنا فرضي عنا وأرضانا ". ثم نسخت.   1 تقدم تخريجه قبل قليل. 2 تقدم ذكره قريبًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 وقيل: بل كانوا اثنين وعشرين راكبًا. ولعلّ الراوي عدّ الركابَ دون الرَّجَّالَةِ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أنا ابْنُ الْبُنِّ، أنا جَدِّي، أنا ابْنُ أَبِي الْعَلاءِ، أنا ابْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنا ابْنُ أَبِي الْعَقِبِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْبُسْرِيِّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، أَخْبَرَنِي حَجْوَةُ بْنُ مُدْرَكٍ الْغَسَّانِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: بَعَثَ عامر بن مَالِكٍ مُلاعِبَ الأَسِنَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْعَثْ إِلَيَّ رَهْطًا مِمَّنْ مَعَكَ يُبَلِّغُونِي عَنْكَ وَهُمْ فِي جِوَارِي. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ رَاكِبًا، فَلَمَّا أَتَوْا أَدْنَى أَرْضِ بَنِي عَامِرٍ بَعَثَ أَرْبَعَةً مِمَّنْ بَعَثَ إِلَى بَعْضِ مِيَاهِهِمْ، أَوْ قَالَ: إِلَى بَعْضِهِمْ. قَالَ: وَسَمِعَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَأَتَاهُمْ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَهُمْ قَالَ: وَرَجَعَ الأَرْبَعَةُ رَهْطٍ الَّذِينَ كَانَ وَجَّهَ بِهِمُ الْمُنْذِرُ، فَلَمَّا دَنَوْا إِذَا هُمْ بِنُسُورٍ تَحُومُ، قَالُوا: إِنَّا لَنَرَى نُسُورًا تَحُومُ، وَإِنَّا نَرَى أَصْحَابَنَا قَدْ قُتِلُوا فَلَمَّا أَتَوْهُمْ قَالَ رَجُلانِ مِنْهُمْ: لا نَطْلُبُ الشَّهَادَةَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَاتَلا حَتَّى قُتِلا. وَرَجَعَ الرَّجُلانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيَا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَسَأَلاهُمَا مَنْ هُمَا فَأَخْبَرَاهُمَا فَقَتَلاهُمَا وَأَخَذَا مَا مَعَهُمَا. وَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَاهُ خَبَرَ أَصْحَابِهِمْ وَخَبَرَ الرَّجُلَيْنِ الْعَامِرِيَّيْنِ، وَأَتَيَاهُ بِمَا أَصَابَا لَهُمَا. فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُلَّتَيْنِ كَانَ كَسَاهُمَا فَقَالَ: "قَدْ كَانَا مِنَّا فِي عَهْدٍ". فَوَدَاهُمَا إِلَى قَوْمِهِمَا دِيَةَ الْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ. وَقَالَ حَسَّانٌ بَعْدَ مَوْتِ عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ يُحَرِّضُ ابْنَهُ رَبِيعَةَ: بَنِي أُمِّ الْبَنِينَ أَلَمْ يَرُعْكُمْ الأبيات. فقال ربيعة: هل يرضى مني حسان طَعْنَةٌ أَطْعَنُهَا عَامِرًا؟ قِيلَ: نَعَمْ فَشَدَّ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ فَعَاشَ مِنْهَا. وفيها تُوُفِّيَتْ أمّ المؤمنين زينب بنت خُزَيْمَة بن الحارث بن عبد الله بن عَمْرو بن عبد مَنَاف بن هلال بن عامر بن صَعْصَعَة القَيْسيّة الهَوَازِنيّة العامرية الهِلالِيَّةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- وكانت تُسمَّى أمُّ المساكين لِإحسانها إليهم، تزوّجت أوّلًا بالطُّفَيْل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، ثُمَّ طلقها فتزوجها أخوه عُبَيْدة بْن الحارث، فاستشهد يوم بدر، ثُمَّ تزوجها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رمضان سنة ثلاث، ومكثت عنده عَلَى الصّحيح ثمانية أشهر، وقيل: كانت وفاتها في آخر ربيع الآخر، وصلّى عليها النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودفنها بالبقيع، ولها نحو ثلاثين سنة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 وفيها تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ هندَ بنتَ أَبِي أُمَّية واسمه حُذَيفة، وقيل: سُهَيْلٌ، ويُدْعَى زاد الراكب؛ ابن المُغيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن مخزوم الْقُرشيّة المخزومية، وكانت قبله عند ابن عمة النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبي سَلَمَةَ عبد الله بن عبد الأسد بْنِ هِلالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر بْن مخزوم، وأمّه بَرَّة بنت عبد المطّلب، وهاجر بِهَا إلى الحبشة فولدت له هناك زينب، وولدت له سَلَمَةَ وعمر ودرَّة، وكان أخا النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الرضاعة، أرضعتهما وحمزة ثُوَيْبَة مولاة أبي لَهَب، ويقال: إنّه كان أسلم بعد عشرة أنفُس، وكان أوّل من هاجر إلى الحبشة، ثُمَّ كَانَ أول من هاجر إلى المَدِينَةِ، ولمّا عبر إلى اللَّه كان الذي أغمضه رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- ثم دعا له، وكان قد جُرِح بأُحُد جرحًا، ثُمَّ انتفض عليه، فمات منه في جُمَادى الآخرة سنة أربع. فلما تُوُفيَّ تزوّجها النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين حلّت في شوّال، وكانت من أجمل النّساء؛ وهي آخر نسائه وفاةً. ثُمَّ تزوّج بعدها بأيام يسيرة، بنت عمّته أمّ الحَكَم؛ زينب بنت جحش بن رئاب الأسدي، وكان اسمها بَرَّة فسمّاها زينب. وكانت هي وإخوتها من المهاجرين، وأمّهم أُمَيْمَة بنت عبد المطّلب، وهي التي نزلت هذه الآية فيها: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] 1. وكانت تفخر عَلَى نساء النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتقول: زوَّجَكُنّ أهاليكُنّ وزوَّجني الله من السّماء2. وفيها: نزلت آية الحجاب. وتزوّجها وهي بنت خمسٍ وثلاثين سنة, وفي هذه السنة رجم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اليهوديّ واليهوديّة اللَّذَيْن زَنَيَا. وفيها تُوُفِّيَتْ أمّ سعد بن عُبَادة، ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غائب في بعض مغازية، ومعه ابنها سعد، قَالَ قَتَادة، عَنْ سعيد بن المسيّب، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلَّى عَلَى قبر أمّ سعد بعد أشهر، والله أعلم.   1 ثبت نزول هذه الآية الكريمة في "زينب"رضي الله عنها في "صحيح البخاري" كتاب "التفسير، سورة الأحزاب"، وفي "سنن الترمذي" كتاب التفسير "3226"، وقال: حديث صحيح، و"سنن النسائي"، كتاب التفسير -أيضًا- من السنن الكبرى "11407". 2 "صحيح": أخرجه الترمذي في "سننه" "3227" كتاب التفسير، وقال: حسن صحيح، ولفظه: عن أنس، قال: لما نزلت هذه الآية في زينب بنت جحش: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} قال: كانت تفتخر على نساء النبي تقول: "زوجكن أهلوكن، وزوجني الله من فوق سبع سموات وصححه الألباني". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 أحداث السنة الخامسة : غزوة ذات الرقاع، غزوة دومة الجندل : غزوة ذات الرقاع: خرج لَهَا رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لعشر خلون من المحرَّم. قاله الواقدي كما تقدّم. وقال ابن إسحاق: إنها في جمادى الأولى سنة أربع. غزوة دُومَة الْجَنْدَل: وهي بضمّ الدَّال، قِيلَ سُمِّيَتْ بدُومى بن إسماعيل عليه السلام، لكَوْنها كانت مَنْزِلَه ودَوْمَة بالفتح موضعٌ آخر. وهذه الغزوة كانت في ربيع الأوّل. ورجع النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل أن يصل إليها، ولم يلق كَيْدًا. وقال المدائنيّ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المحرَّم، يريد أُكَيْدَر دُومه، فهرب أُكَيْدَر، وانصرف النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يقْرُبَ إِلَى أَدْنَى الشَّامِ لِيُرْهِبَ قَيْصَرَ، وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ جَمْعًا عَظِيمًا يَظْلِمُونَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ. وَكَانَ بِهَا سُوقٌ وَتُجَّارٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ بِأَلْفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ، وَدَلِيلُهُ مَذْكُورٌ الْعُذْرِيُّ، فَنَكَبَ عَنْ طَرِيقِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُومَةَ يَوْمٌ قَوِيٌّ، قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ سَوَائِمَهُمْ تَرْعَى عِنْدَكَ، فَأَقِمْ حَتَّى أَنْظُرَ. وَسَارَ مَذْكُورٌ حَتَّى وجد آثَارِ النَّعَمِ، فَرَجَعَ وَقَدْ عَرَفَ مَوَاضِعَهُمْ، فَهَجَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَاشِيَتِهِمْ وَرِعَائِهِمْ فَأَصَابَ مَنْ أَصَابَ، وَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى دُومَةَ فَتَفَرَّقُوا، وَرَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَهِيَ عَنِ الْمَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وبينها وَبَيْنَ دِمَشْقَ خَمْسُ لَيَالٍ لِلْمُجِدِّ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكُوفَةِ سَبْعُ لَيَالٍ، وَهِيَ أَرْضُ ذَاتِ نَخْلٍ، يزرعون الشَّعِيرَ وَغَيْرَهُ، وَيَسْتَقُونَ عَلَى النَّوَاضِحِ، وَبِهَا عَيْنُ ماء.   1 انظر: "زاد المعاد" "3/ 255-256". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 غزوة المُرَيْسِيع: وتُسَمّى غزوة بني المُصْطَلِق، كانت في شعبان سنة خمسة عَلَى الصحيح، بل المجزوم به. قَالَ الواقدي: استخلف النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها عَلَى المدينة زيدَ بن حارثة. فحدّثني شُعَيْب بن عَبّاد عَنِ المِسْوَر بن رِفاعة قَالَ: خرج رسول اله -صلى الله عليه وسلم- في سبعمائة. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَاصِمُ بن عمر، وعبد الله بن أبي بكر قَالُوا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَلَغَهُ أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ يَجْمَعُونَ لَهُ، وَقَائِدُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ أَبُو جُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلَ بِالْمُرَيْسِيعِ، مَاءٍ مِنْ مِيَاهِهِمْ، فَأَعَدُّوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَزَاحَفَ النَّاسُ فَاقْتَتَلُوا، فَهَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَتَلَ مَنْ قتل منهم ونفل نساءهم وأبناءهم وأموالهم، وأقاموا عَلَيْهِمْ مِنْ نَاحِيَةِ قُدَيْدٍ1 وَالسَّاحِلِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ كَانُوا يَنْزِلُونَ نَاحِيَة الْفَرْعِ، وَهُمْ حُلَفَاءُ بَنِي مُدْلِجٍ، وَكَانَ رَأْسَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ، وَكَانَ قَدْ سَارَ فِي قَوْمِهِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَابْتَاعُوا خَيْلا وَسِلاحًا، وَتَهَيَّأَ لِلْمَسِيرِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الأَبْيَضِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدَّتِهِ، وَهِيَ مَوْلاةُ جُوَيْرِيَةَ، قَالَتْ سَمِعْتُ جُوَيْرِيَةَ تَقُولُ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحنُ عَلَى الْمُرَيْسِيعِ، فَأَسْمَعُ أَبِي يَقُولُ: أَتَانَا ما لا قِبَلَ لَنَا بِهِ، قَالَتْ وَكُنْتُ أَرَى مِنَ الناس والخيل والعدد ما لا أوصف مِنَ الْكَثْرَةِ، فَلَمَّا أَنْ أَسْلَمْتُ وَتَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجَعْنَا جَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسُوا كَمَا كُنْتُ أَرَى، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ رُعْبٌ مِنَ اللَّهِ. وَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَدْ أَسْلَمَ يَقُولُ: لَقَدْ كُنَّا نَرَى رِجَالا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بَلْقٍ2، مَا كُنَّا نراهم قبل ولا بعد.   1 قديد: قرية بين مكة والمدينة، كثيرة الماء. 2 البلق: سواد وبياض في اللون. "المعجم الوجيز" "62". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 قَالَ الواقدي: ونزل رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الماءَ، وضربت له قُبَّةٌ من أَدَم، ومعه عائشة وأمّ سَلَمَةَ، وصفّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه، ثُمَّ أمر عُمَر فنادى فيهم: قولوا: لا إله إلّا الله، تمنعوا بِهَا أنفسَكم وأموالكم، ففعل عُمَر، فأبَوْا. فكان أوّل من رمى رجلٌ منهم بسهم، فرمى المسلمون ساعة بالنَّبل، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر أصحابه أن يحملوا، فحملوا، فما أفلت منهم إنسان، وقتل منهم عشرةٌ وأُسِرَ سائرُهم، وقتل من المسلمين رجل واحد. وقال ابن عَوْن: كتبت إلى نافع أسأله عَنِ الدّعاء قبل القتال، فكتب إنّما كان ذَلِكَ في أول الَإسلام، قد أغار رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بني المُصْطَلِق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسَبَى سبْيهم، فأصاب يومئذٍ أحْسبُهُ قَالَ: جُوَيْرِية. وحدّثني ابنُ عُمَر بذلك، وكان في ذَلِكَ الجيش. مُتَّفَقٌ عليه1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الرَّأْيِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابنِ مُحَيْرِيزٍ، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَسَبَيْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ، وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ فأردنا أن نستمع وَنَعْزِلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا كَتَبَ اللَّهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَتَكُونُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عن قتيبة عن إسماعيل2.   1 أخرجه البخاري "5/ 202" العتق، ومسلم "12/ 35، 36" الجهاد والسير. 2 أخرجه البخاري "5/ 54" كتاب "المغازي"، ومسلم في كتاب "النكاح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 تزويج رَسُول اللَّه –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجويرية –رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: وَقَالَ يُونُسُ، عَنْ ابن إِسْحَاق، حدّثني مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوْ لابْنِ عَمٍّ لَهُ فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلاحَةً، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَكَرِهْتُهَا، وَقُلْتُ: سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ مَا رَأَيْتُ. فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْبَلاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، وَقَدْ كَاتَبْتُ فَأَعِنِّي. فَقَالَ: "أَوْ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، أُؤَدِّي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ". فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَلَغَ النَّاسَ أَنَّهُ قَدْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 تَزَوَّجَهَا فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَرْسَلُوا مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَلَقْد أَعْتَقَ بِهَا أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كانت أعظم بركة على قومها منها. وكان اسمها برة فسماها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جويرية1. وقال يونس، عن ابن إسحاق حدثني محمد بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، فِي قِصَّةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ: فَبَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقِيمٌ هُنَاكَ، إِذِ اقْتَتَلَ عَلَى الْمَاءِ جَهْجَاهُ بْنُ سَعِيدٍ الْغِفَارِيُّ أَجِيرُ عُمَرَ، وَسِنَانُ بْنُ وَبْرٍ. قَالَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَنَّهُمَا ازْدَحَمَا عَلَى الْمَاءِ فَاقْتَتَلا، فَقَالَ سِنَانٌ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. وَقَالَ جَهْجَاهُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ. وَكَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَنَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ -يَعْنِيَ: ابْنَ سَلُولٍ- فَلَمَّا سَمِعَهَا قَالَ: قَدْ ثَاوَرُونَا فِي بِلادِنَا. وَاللَّهِ مَا أَعُدُّنَا وجلاليب قُرَيْشٍ هَذِهِ إِلا كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ. وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأذل. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ: هَذَا مَا صَنَعْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ، أَحْلَلْتُمُوهُمْ بِلادَكُمْ وَقَاسَمْتُمُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ. أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَفَفْتُمْ عَنْهُمْ لِتُحَوِّلُوا عَنْكُمْ مِنْ بِلادِكُمْ. فَسَمِعَهَا زَيْدٌ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ غُلَيْمٌ، وَعِنْدَهُ عُمَرُ2 فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ فَلْيَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ: "فَكَيْفَ إِذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ؟ لا وَلَكِنْ نَادِ يَا عُمَرُ فِي الرَّحِيلِ". فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ أُبَيٍّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْتَذِرُ، وَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ، وَكَانَ عِنْدَ قَوْمِهِ بِمَكَانٍ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلامُ أَوْهَمَ. وَرَاحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- مهجرًا في ساعة كان لا يَرُوحَ فِيهَا. فَلَقِيَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِتَحِيَّةِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رُحْتُ فِي سَاعَةٍ مُنْكَرَةٍ. فَقَالَ: أَمَا بَلَغَكَ مَا قَالَ صَاحِبُكَ ابْنُ أُبَيٍّ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنتَ وَاللَّهِ الْعَزِيزُ وَهُوَ الذَّلِيلُ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْفِقْ بِهِ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِكَ وَإِنَّا لَنُنَظِّمُ لَهُ الْخَرَزَ لِنُتَوِّجَهُ فَإِنَّهُ لَيَرَى أَنْ قَدِ اسْتَلَبْتَهُ مُلْكًا. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاسِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، حَتَّى أَصْبَحُوا وَحَتَّى اشْتَدَّ الضُّحَى. ثُمَّ نَزَلَ بِالنَّاسِ لِيُشْغِلَهُمْ عَمَّا كَانَ مِنَ الْحَدِيثِ، فَلَمْ يَلْبَثِ النَّاسُ أَنْ وَجَدُوا مَسَّ الأَرْضِ فَنَامُوا, ونزلت سورة المنافقين3.   1 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 277"، وأبو داود في "سننه" "3931". 2 يعني: ابن الخطاب -رضي الله عنه. 3 "إسناده صحيح": سيأتي تخريجه بعد قليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ جَابِرًا يَقْولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ1 رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لِلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لِلْمُهَاجِرِينَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ". فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ: أَوَ قد فعلوها؟ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ2. قَالَ: وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- ثم كثر المهاجرون بَعْدَ ذَلِكَ. فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: أنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الأَزْدِيِّ، ثنا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ مَعَنَا نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ. فَكُنَّا نَبْتَدِرُ الْمَاءَ، وَكَانَتِ الأَعْرَابُ يَسْبِقُونَنَا، فَيَسْبِقُ الأَعْرَابِيُّ أَصْحَابَهُ: فَيَملأُ الْحَوْضَ وَيَجْعَلُ حَوْلَهُ حِجَارَةً، وَيَجْعَلُ النَّطْعَ حَتَّى يَجِيءَ أَصْحَابُهُ فَأَتَى الأَنْصَارِيُّ فَأَرْخَى زِمَامَ نَاقَتِهِ لِتَشْرَبَ فَمَنَعَهُ، فَانْتَزَعَ حَجَرًا فَفَاضَ الْمَاءَ فَرَفَعَ الأَعْرَابِيُّ خَشَبَةً فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَ الأَنْصَارِيِّ فَشَجَّهُ، فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَأَخْبَرَهُ فَغَضِبَ وَقَالَ: لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ؛ يَعْنِيَ الأَعْرَابَ. وَقَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. قَالَ زَيْدٌ: فَسَمِعْتُهُ فَأَخْبَرْتُ عَمِّي، فَانْطَلَقَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَلَفَ وَجَحَدَ، فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَذَّبَنِي. فَجَاءَ إِلَيَّ عَمِّي فَقَال: مَا أَرَدْتُ أَنْ مَقَتَكَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ كَذَّبَكَ الْمُسْلِمُونَ. فَوَقَعَ عَلَيَّ مِنَ الْغَمِّ مَا لَمْ يقع على أحد قط, فبينا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ خَفَقْتُ بِرَأْسِي مِنَ الْهَمِّ، إِذْ أَتَانِي رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَكَ أُذُنِي3 وَضَحِكَ فِي وَجْهِي، فَمَا كَانَ يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الْخُلْدَ أَوِ الدُّنْيَا, ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَحِقَنِي فَقَالَ: مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا. فَقَالَ أَبْشِرْ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ حَتَّى بلغ منها: "الأذل"4.   1 كسعه: ضربه برجله أو بيده على دبره. 2 أخرجه البخاري في "كتاب التفسير" "5/ 65-66"، ومسلم "2584" في كتاب "البر والصلة". 3 عرك أذنه: دلكها بيده. "المعجم الوجيز" "415". 4 "صحيح الإسناد": أخرجه الترمذي في "سننه" في كتاب "التفسير" برقم "3324"، وقال: حسن صحيح، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" "2/ 488"، وقال: اتفق الشيخان على إخراج أحرف يسيرة من هذا الحديث. والإسناد صحيح، وأقره الذهبي، ورواه الواحدي في "أسباب النزول" "294". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الَّلِه بْنَ أُبَيٍّ يَقُولُ لأَصْحَابِهِ: لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عند رسول الله حتى ينفضوا مِنْ حَوْلِهِ. وَقَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأذل. فذكرت ذلك لعمي فذكره لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَصَدَّقَهُمْ وَكَذَّبَنِي، فَأَصَابَنِي هَمٌّ، فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَهَا عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ. أَخْرَجَهُ خ1. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا الَّذِي أَوْفَى اللَّهُ لَهُ بِأُذُنِهِ". أَخْرَجَهُ خ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَنَسٍ2. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ الْمَدِينَةِ هَاجَتْ رِيحٌ تَكَادُ أَنْ تَدْفِنَ الرَّاكِبَ. فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: بُعِثَتْ هَذِهِ الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ. قَالَ: فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيمٌ مَاتَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ طريق عمان سرحوا ظهروهم، وَأَخَذَتْهُمْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، حَتَّى أَشْفَقَ النَّاسُ مِنْهَا، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ هَذِهِ الرِّيحِ؟ فَقَالَ: "مَاتَ الْيَوْمَ مُنَافِقٌ عَظِيمُ النِّفَاقِ، ولذلك عصفت الريح وليس عليكم مِنْهَا بَأْسٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ قِصَّةَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَالُوا: فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَقْعَاءِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ دُونَ الْبَقِيعِ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَخَافَهَا النَّاسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَخَافُوا فَإِنَّهَا هَبَّتْ لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ الْكُفْرِ". فَوَجَدُوا رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ قَدْ مَاتَ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَكَانَ قَدْ أَظْهَرَ الإِسْلامَ وَكَانَ كَهْفًا لِلْمُنَافِقِينَ. وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، أتاه عبد الله بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ قَتْلَ أَبِي، فَإِنْ كُنْتَ فَاعِلا فَمُرْنِي بِهِ فَأَنَا أَحْمِلُ إِلَيْكَ رَأْسَهُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتِ الْخَزْرَجُ مَا كَانَ بِهَا رَجُلٌ أَبَرَّ بِوَالِدِهِ مِنِّي، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تَأْمُرَ بِهِ رَجُلا مُسْلِمًا فَيْقَتُلَهُ، فَلا تَدَعُنِي نَفْسِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى قَاتِلِ عَبْدِ اللَّهِ يَمْشِي فِي الأَرْضِ حَيًّا حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَأَقْتُلَ مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ فَأَدْخُلَ النَّارَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ تُحْسِنَ صُحْبَتَهُ وتترفق به ما صحبنا" 4.   1 أخرجه البخاري في "كتاب التفسير" "6/ 65". 2 السابق. 3 أخرجه مسلم في "صحيحه" "2782" في كتاب: "صفات المنافقين". 4 "صحيح": أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" "4/ 62"، وقال ابن إسحاق: إسناده إلى عاصم صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 الأفك: وكان في هذه الغزوة. قَالَ سُلَيْمَانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ. قَالَتْ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةِ الْمُرَيْسِيعِ، فَخَرَجَ سَهْمِي. فَهَلَكَ فِيَّ مَنْ هَلَكَ. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُمَا إِنَّ حَدِيثَ الإِفْكِ كَانَ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ. وَرُوِيَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ يَا أُمَّاهُ حَدِّثِينِي حَدِيثَكِ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَعْلَبَكَّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنُ بن إبراهيم، أنا أبو الحسين عبد الحق اليوسفي، أنا أبو سعد ابن خُشَيْشٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مَيْمُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَقَدْ تُحُدِّثَ بِأَمْرِي فِي الْإِفْكِ وَاسْتُفِيضَ فِيهِ وَمَا أَشْعُرُ, وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَسَأَلُوا جَارِيَةً لِي سَوْدَاءَ كَانَتْ تَخْدُمُنِي فَقَالُوا: أَخْبِرِينَا مَا عِلْمُكِ بِعَائِشَةَ؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا شَيْئًا أَعْيَبَ مِنْ أَنَّهَا تَرْقُدُ ضُحًى حَتَّى إِنَّ الدَّاجِنَ1 دَاجِنَ أَهْلِ الْبَيْتِ تَأْكُلُ خَمِيرَهَا. فَأَدَارُوهَا وَسَأَلُوها حَتَّى فَطِنَتْ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَعْلَمُ عَلَى عَائِشَةَ إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ. قَالَتْ: فكان هذا وما شعرت.   1 الداجن: الشاة التي تألف البيوت ولا تخرج إلى المرعى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَأَشِيرُوا عَلِيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي 1، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ، وَاللَّهِ إِنْ عَلِمْتُ عَلَيْهِ سُوءًا قَطُّ، وَلَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِي إِلَّا وَأَنَا شَاهِدٌ، وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلَّا غَابَ مَعِيَ". فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: أَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ- وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ2 مِنْ رَهْطِهِ، وَكَانَ حَسَّانُ مِنْ رَهْطِهِ: وَاللَّهِ مَا صَدَقْتَ، وَلَوْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ مَا أَشَرْتَ بِهَذَا. فَكَادَ يَكُونُ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا عَلِمْتُ بِشَيْءٍ منه، ولا ذكره لي ذاكر, حتى أمسي مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَخَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ لِحَاجَتِنَا، وَخَرَجَتْ مَعَنَا أُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَإِنَّا لَنَمْشِي وَنَحْنُ عَامِدُونَ لِحَاجَتِنَا، عَثَرَتْ أَمُّ مِسْطَحٍ فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ: أَيْ أُمْ، أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَلَمْ تراجعني. فعادت فعثرت قالت: تعس مسطح. فقلت: أي أم, أتسبين ابنك صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فلم تراجعني. ثم عثرت ثالثة فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ: أَيْ أُمْ، أَتَسُبِّينَ ابنك صاحب رسول الله؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا مِنْ أَجْلِكِ وَفِيكِ. فَقُلْتُ: وَفِي أَيِّ شَأْنِي؟ قَالَتْ: وَمَا عَلِمْتِ بِمَا كَانَ؟ فَقُلْتُ: لَا، وَمَا الَّذِي كَانَ؟ قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكِ مُبَرَّأةٌ مِمَّا قِيلَ فِيكِ. ثُمَّ بَقَرَتْ لِيَ الْحَدِيثَ، فَأكِرُّ رَاجِعَةً إِلَى الْبَيْتِ مَا أَجِدُ مِمَّا خَرَجْتُ لَهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا, وَرَكِبَتْنِي الْحُمَّى فَحُمِمْتُ, فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَنِي عَنْ شَأْنِي، فَقُلْتُ: أَجِدُنِي مَوْعُوكَةً، ائْذَنْ لِي أَذْهَبُ إِلَى أَبَوَيَّ. فَأَذِنَ لِي، وَأَرْسَلَ مَعِيَ الْغُلَامَ، فَقَالَ: "امْشِ مَعَهَا". فَجِئْتُ فَوَجَدْتُ أُمِّي فِي الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ، وَوَجَدْتُ أَبِي يُصَلِّي فِي الْعُلُوِّ فَقُلْتُ لَهَا: أيْ أُمَّهْ، مَا الَّذِي سَمِعْتِ؟ فَإِذَا هِي لَمْ يَنْزِلْ بِهَا مِنْ حَيْثُ نَزَلَ مِنِّي، فَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّةَ وَمَا عَلَيْكَ، فَمَا مِنَ امْرَأَةٍ لَهَا ضَرَائِرُ تَكُونُ جَمِيلَةً يُحِبُّهَا زَوْجُهَا إِلَّا وَهِيَ يُقَالُ لَهَا بَعْضُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ: وَقَدْ سَمِعَهُ أَبِي؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: وَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: ورسول الله -صلى الله عليه وسلم. فَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبِي الْبُكَاءَ، فَقَالَ: مَا شَأْنُهَا؟ قَالَتْ: سَمِعْتُ الَّذِي تُحُدِّثَ بِهِ. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ يَبْكِي، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةَ، ارْجِعِي إِلَى بَيْتِكِ. فَرَجَعْتُ، وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا بَيْنَ أَبَوَيَّ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِي، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ إِنْ كُنْتِ ظَلَمْتِ أَوْ أَخْطَأَتِ أو   1 أبنوا أهلي؛ أي: اتهموهم. 2 أي: أم حسان بن ثابت الصحابي، والشاعر المعروف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 أَسَأْتِ فَتُوبِي وَرَاجِعِي أَمْرَ اللَّهِ وَاسْتَغْفِرِي". فَوَعَظَنِي، وَبِالْبَابِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ سَلَّمَتْ، فَهِيَ جَالِسَةٌ بِبَابِ الْبَيْتِ فِي الْحُجْرَةِ، وَأَنَا أَقُولُ: ألا تستحيي أَنْ تَذْكُرَ هَذَا، وَالْمَرْأَةُ تَسْمَعُ، حَتَّى إِذَا قَضَى كَلَامَهُ قُلْتُ لِأَبِي وَغَمَزْتُهُ: أَلَا تُكَلِّمَهُ؟ فَقَالَ: وَمَا أَقُولُ لَهُ؟ وَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّي فَقُلْتُ: أَلَا تُكَلِّمِينَهُ؟ فَقَالَتْ: وَمَاذَا أَقُولُ لَهُ؟ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ أَنْ قَدْ فَعَلْتُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ أَنِّي لَبَرِيئَةٌ مَا فَعَلْتُ لَتَقُولَنَّ قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا وَاعْتَرَفَتْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَمْ أَفْعَلْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَصَادِقَةٌ مَا أَنْتُمْ بِمُصَدِّقيِّ, لَقَدْ دَخَلَ هَذَا فِي أَنْفُسِكُمْ وَاسْتَفَاضَ فِيكُمْ، وَمَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ؛ وَمَا أَعْرِفُ يَوْمَئِذٍ اسْمَهُ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] . وَنَزَلَ الْوَحِيُ سَاعَةَ قَضَيْتُ كَلَامِي، فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ الْبِشْرَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أن يتكلم. فمسح جبهته وجبينه ثُمَّ قَالَ: "أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكِ". وَتَلَا الْقُرْآنَ. فَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا، فَقَالَ لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقلت: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلا أَحْمَدُهُ وَلَا إِيَّاكُمَا وَلَكِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي بَرَّأَنِي1, لَقَدْ سَمِعْتُمْ فَمَا أَنْكَرْتُمْ وَلَا جَادَلْتُمْ وَلَا خَاصَمْتُمْ. فَقَالَ الرَّجُلُ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ، حِينَ بَلَغَهُ نُزُولَ الْعُذْرِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ قَطُّ كَنَفَ أُنْثَى. وَكَانَ مِسْطَحٌ يَتِيمًا فِي حُجْرِ أَبِي بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، فَحَلَفَ لَا يَنْفَعُ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبِّ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لِي وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهَذَا حَدِيثٌ عَالٍ حَسَنُ الْإِسْنَادِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا؛ فَقَالَ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عروة. فذكره2.   1 قال الإمام الجوزي -رحمه الله: "إنما قالت ذلك إدلالا كما يدل الحبيب على حبيبه، وقيل: أشارت إلى إفراد الله تعالى بقولها". ا. هـ. انظر: "فتح الباري" "8/ 335". 2 أخرجه البخاري في "التفسير" "4750"، ومسلم في كتاب "التوبة" "2770"، وليس فيهما قوله: "ألا تستحيي أن تذكر هذا، والمرأة تسمع! ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 وَقَالَ اللَّيْثُ -وَاللَّفْظُ لَهُ- وَابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، حين قال لها أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ؛ وَكُلٌّ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنَ الْحَدِيثِ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ, فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ، وَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأَنْزِلُ فِيهِ, فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ, فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظِفَارٍ1 قَدْ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُهُ، وَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي وَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَّلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ رَكِبْتُ, وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ, وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلَقَةَ2 مِنَ الطَّعَامِ. فَلَمْ يَسْتَنْكِرُوا خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ, وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ, فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا, فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ, فأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ, وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ. فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنسان نائم، فأتاني فعرفني حِينَ رَآنِي، وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفْتُ، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ. فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ, فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ, وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ, فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ3 فِي قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ, وَهُوَ يُرِيبُنِي فِي وَجَعِي أني لا أعرف من   1 الجزع: خرز يماني. وظفار: مدينة باليمن قرب صنعاء. 2 العلقة: ما يتبلغ به من الطعام. 3 يفيضون: يندفعون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي, إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلِيَّ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ: "كَيْفَ تِيكُمْ"؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ, فَذَلِكَ الَّذِي يُرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ يَوْمًا بَعْدَ مَا نَقِهْتُ, فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ1؛ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا؛ وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأَوَّلُ فِي التَّبَرُّزِ قَبْلَ الْغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا, فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَل بَيْتِي، قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا2 فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رجلا شهد بدرًا؟ قالت: أي هنتاه، أو لم تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قُلْتُ: وَمَاذَا؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ. فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي, فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَدَخَلَ عَلِيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: "كَيْف تِيكُمْ"؟ فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِي أَبَوَيَّ؟ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ فَبَكَيْتُ اللَّيْلَةَ حَتَّى لَا يَرْقَأُ لِي دمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ. ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ -حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحِيُ- يَسْتَأْمُرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ, فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالَّذِي يَعْلَمُ من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود، فقال أسامة: يا رسول الله أهلك وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَاسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقُكَ. قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَرِيرَةَ فَقَالَ: "أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يُرِيبُكِ"؟ قَالَتْ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ3 عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، فَقَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أهل بيتي، فوالله ما علمت في أهلي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلا مَا عَلِمْتُ عليه إلا خيرًا، وما كان   1 المناصع: المواضع التي يتخلى فيها الإنسان، "أماكن قضاء الحاجة". 2 المرط: كساء من خز أو صوف أو كتان، وقيل: هو الثوب الأخضر. 3 أغمصه: أعيبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي". فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ -وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا- وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ: كَذبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلَهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ. فقام أسيد بن خضير، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ: الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ. قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ وَلَيْلَتِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ, فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَلَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقُ كَبِدِي, فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، اسْتَأْذَنَتْ عَلِيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَجَلَسَتْ تَبْكِي معي, فبينا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلْيَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا وَلَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٍ. قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةَ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعترف بذنبه ثم تاب تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ". قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً. فَقُلْتُ لأبي: أجب رسول الله فِيمَا قَالَ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ. فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ. قَالَتْ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَهُ. فَقُلْتُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بريئة، والله يعلم أني بريئة، لا تصدقوني بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أني برئية لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِي بِبَرَاءَتِي, وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ مُنَزِّلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ فِي نَفْسِي أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِي بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي الله بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانُ1 مِنَ الْعَرَقِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ, فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ كَانَ أَوَّلُ كَلِمَةً تَكَلَّمَ بِهَا: "يَا عَائِشَةُ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ". فَقَالَتْ أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الْعَشْرَ الْآيَاتِ كُلَّهَا. فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأُنْزِلَتْ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] قَالَ أَبُو بكر: بلى والله إني لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَتْ: أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِفْكِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ الأَيْلِيِّ2. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ عَنِ الأَرْبَعَةِ عَنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزَا غَزْوَةَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَسَاهَمَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَخَرَجَ سَهْمِي وَسَهْمُ أُمِّ سَلَمَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهري قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ عَلِيٌّ. فَقُلْتُ: لا. حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، وَعُرْوَةُ، وَعَلَقْمَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ كُلُّهُمْ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ. قال فقال لي:   1 الجمان: الفضة. 2 تقدم تخريجه قبل قيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 فَمَا كَانَ جُرْمُهُ؟ قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي رَجُلانِ مِنْ قَوْمِكَ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَ مُسَلَّمًا فِي أَمْرِي. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حزم، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا تَلَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقِصَّةَ الَّتِي نَزَلَ بِهَا عُذْرِي عَلَى النَّاسِ، نَزَلَ فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِالْفَاحِشَةِ فِي عَائِشَةَ فَجُلِدُوا الْحَدَّ. قَالَ: وَكَانَ رَمَاهَا ابْنُ أُبَيٍّ، وَمِسْطَحٌ، وَحَسَّانٌ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- فَشَبَّبَ بِأَبْيَاتٍ لَهُ: حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزِنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ قَالَتْ: لَسْتُ كَذَلِكَ. قُلْتُ: تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] ، قَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى؟ وَقَالَتْ: كَانَ يَرُدّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ يونس، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ قَالَ: وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ قَدْ كَثَّرَ عَلَيْهِ حَسَّانٌ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ، وَقَالَ يُعَرِّضُ بِهِ: أَمْسَى الْجَلابِيبُ قَدْ عَزُّوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمس بَيْضَةَ الْبَلَدِ فَاعْتَرَضَهُ صَفْوَانُ لَيْلَةً وَهُوَ آتٍ مِنْ عِنْدِ أَخْوَالِهِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ، فَيَعْدُو عَلَيْهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فَجَمَعَ يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ أَسْوَدَ وَقَادَهُ إِلَى دَارِ بَنِي حَارِثَةَ، فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: مَا أَعْجَبَكَ! عَدَا عَلَى حَسَّانٍ بِالسَّيْفِ، فَوَاللَّهِ مَا أَرَاهُ إِلا قَدْ قَتَلَهُ. فَقَالَ: هَلْ عَلِمَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما صَنَعْتَ بِهِ؟ فَقَالَ: لا. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ اجْتَرَأْتَ، خَلِّ سَبِيلَهُ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَيْنَ ابْنُ الْمُعَطَّلِ"؟ فَقَامَ إِلَيْهِ، فقال: ها أنذا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: "مَا دَعَاكَ إِلَى ما صنعت"؟   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 60" باب: حديث الإفك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 قَالَ: آذَانِي وَكَثَّرَ عَلَيَّ وَلَمْ يَرْضَ حَتَّى عرض بي في الهجاء، فاحتملني الغضب، وها أنذا، فَمَا كَانَ عَلَيَّ مِنْ حَقٍّ فَخُذْنِي بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادعوا لي حسان". فَأَتَى بِهِ؛ فَقَالَ: "يَا حَسَّانُ: أَتَشَوَّهْتَ عَلَى قَوْمِي 1 أَنْ هَدَاهُمُ اللَّهُ لِلإِسْلامِ". يَقُولُ: تَنَفَّسْتَ عَلَيْهِمْ يَا حَسَّانُ، أَحْسِنْ فِيمَا أَصَابَكَ. فَقَالَ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ2. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِيرِينَ الْقِبْطِيَّةَ. فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَعْطَاهُ أَرْضًا كَانَتْ لأَبِي طَلْحَةَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، أَنَّ صَفْوَانَ قَالَ حِينَ ضَرَبُه: تَلَقَّ ذُبَابُ السَّيْفِ عَنِّي فَإِنَّنِي ... غُلامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرِ وَقَالَ حَسَّانٌ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: رَأَيْتُكِ وَلْيَغْفِرْ لَكِ اللَّهُ حُرَّةً ... مِنَ الْمُحْصَناتِ غَيْرِ ذَاتِ غَوَائلِ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزِنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلائِقٍ ... بِكِ الدَّهْرَ بَلْ قِيلُ امْرِئٍ مُتَمَاحِلِ فَإِنْ كُنْتُ أَهْجُوكُمْ كَمَا بَلَّغُوكُمُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي فَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي ... لآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحافِلِ وَإِنَّ لَهُمْ عِزًّا يُرَى النَّاسُ دُونَهُ ... قِصَارًا وَطَالَ الْعِزُّ كُلَّ التَّطاوُلِ وَمِنْهَا: مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيَمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَبَاطِلِ عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ اسْتُشْهِدَ صَفْوَانُ فِي وَقْعَةِ أَرْمِينِيَةَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ. قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ. وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَقَدْ سُئِلَ عَنِ ابْنِ الْمُعَطَّلِ فَوَجَدُوهُ حَصُورًا مَا يَأْتِي النساء4. ثم قتل بعد ذلك شهيدًا.   1 أتشوهت على قومي: أي أقبحت ذلك من فعلهم حين سميتهم الجلابيب من أجل هجرتهم إلى الله ورسوله. 2 قال الهيثمي في "المجمع" "9/ 234": رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. 3 لا يصح؛ فقد ثبت في سنن أبي داود "2459" أن زوجة صفوان جاءت إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إن زوجي صفوان بن المعطل! يفطرني إذا صمت. وصفوان عنده، فسأله عما قالت، فقال: يا رسول الله! أما قولها: يفطرني فإنها تنطلق فتصوم -يعني صوم التطوع- وأنا رجل شاب، فلا أصبر. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذ: " لا تصوم المرأة إلا بإذن زوجها". قال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2147": صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 غزوَةُ الخَنَدق: قَالَ الواقديّ: وهي غزوة الأحزاب، وكانت في ذي القِعْدَة. قَالُوا: لمّا أجلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بني النَّضير ساروا إلى خَيْبَر، وخرج نفرٌ من وجوههم إلى مكة فألَّبُوا قُرَيْشًا ودعوهم إلى حرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعاهدوهم عَلَى قتاله، وواعدوهم لذلك وقتا, ثُمَّ أتوا غَطفانَ وسُلَيْما فدعوهم إلى ذَلِكَ، فوافقوهم. وتجهَّزَتْ قُرَيْشُ وجمعوا عبيدهم وأتباعهم، فكانوا في أربعة آلاف، وقادوا معهم نحو ثلاثمائة فرس سوى الِإبل, وخرجوا وعليهم أبو سُفيان بن حرب، فوافتهم بنو سُلَيْم بمَرّ الظَّهْران، وهم سبعمائة, وتلقَّتهم بنو أسد يقودهم طلحة بن خُويلد الَأسَدي. وخرجت فِزارة وهم في ألف بعيرٍ يقودهم عُيَيْنَة بن حصْن. وخرجت أَشْجَعُ وهم أربعمائة يقودهم مسعود بن رُخَيْلة, وخرجت بنو مُرَّة وهم أربعمائة يقودهم الحارث بن عَوْف, وقيل: إنّه رجع ببني مُرّة، والأوّل أثبت. فكان جميع الأحزاب عشرة آلاف، وأَمْرُ الكّل إلى أبي سُفيان. وكان المسلمون في ثلاثة آلاف. هذا كلام الواقدي. وأمّا ابن إسحاق فقال: كانت غزوة الخندق في شوّال. قَالَ: وكان من حديثها أنّ سَلَام بن أبي الحُقَيْق، وحُيَيّ بن أخْطب، وكِنانة بن الرَّبيع، وهوْذَة، في نفرٍ من بني النّضير ونفر من بني وائل، وهم الذين حزَّبوا الأحزابَ عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدِموا مكَةَ فدعوا قريشًا إلى القتال، وقالوا: إنّا نكون معكم حتى نستأصل محمدًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 فقالت لهم قريش: يا معشر يهود، إنّكم أهلُ كتاب وعِلْمٍ بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد. أَفَدِيننا خيرٌ أم دينُه؟ قالوا: بل دينكم خيرٌ من دينه وأنتم أولى بالحقّ وفيهم نزل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [النساء: 51] الآيات1. فلما قالوا ذَلِكَ لقريش سَرَّهم ونشطوا إلى الحرب واستعدُّوا له, ثُمَّ خرج أولئك النّفر اليهود حتى جاءوا غَطفان، فدعوهم فوافقوهم. فخرجت قريش، وخرجت غَطفان وقائدهم عُيَيْنَة في بني فِزارة، والحارث بن عَوْف المُرِّي في قومه، ومسعود بن رُخَيلة فيمن تابعه من قومه أشْجَع, فلما سَمِعَ بهم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حفر الخندق عَلَى المدينة وعمل فيه بيده، وأبطأ عَنِ المسلمين في عمله رجالٌ منافقون، وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه. وكان في حفْره أحاديث بلغتني، منها: بلغني أنّ جابرًا كان يحدّث أنّهم اشتدّت عليهم كدية2 فشكوها إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدعا بإناء من ماء فَتَفَلَ فيه، ثُمَّ دعا بما شاء الله، ثُمَّ نضح الماء عَلَى الكُدْية حتى عادت كثيبًا3. وحدّثني سعيد بن ميناء، عَنْ جابر بن عبد الله قَالَ: عملنا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي الخندق، فكانت عندي شُوَيْهة، فقلت: والله لو صنعناها لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأمرتُ امرأتي فطحنتْ لنا شيئًا من شعير، فصنعتْ لنا منه خُبزًا، وذبحت تِلْكَ الشاة فشَوَيْناها، فلما أمسينا وأراد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الانصراف، وكنّا نعمل فِي الخندق نهارًا فإذا أمسينا رجعنا إلى أهالينا، فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إنّي قد صنعت كذا وكذا، وأحبّ أن تنصرف معي. وإنّما أريد أن ينصرف معي وحده. فلما قلت له ذَلِكَ، قَالَ: "نعم". ثُمَّ أمر صارخًا فصرخ أنِ انصرفوا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى بيت جابر. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فأقبل وأقبل النّاس معه، فجلس وأخرجناها إليه، فبرك وسمى،   1 "إسناده حسن": أورده ابن كثير في "تفسيره" "2/ 295" وهي طريق جيدة إلى ابن عباس، وإسناده حسن، انظر: "المقبول من أسباب النزول" للدكتور أبي عمر نادي الأزهري "220". 2 الكدية: الصخرة الصلبة. 3 قال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 517": منقطع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 ثُمَّ أكل، وتواردها النّاس، كلّما فرغ قومٌ قاموا وجاء ناسٌ، حتى صدر أهلُ الخندق عنها1. وحدّثني سعيد بن ميناء أنّه حُدِّث أنّ ابنة لبشير بن سعد قَالَت: دعتني أمّي عمرةُ بنتُ رَواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي، ثُمَّ قَالَتْ: أي بُنَيَّة! اذهبي إلى أبيك وخالك، عبد الله بغدائهما. فانطلقتُ بِهَا فمررت برَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا ألتمس أبي وخالي, فقال: "ما هذا معك"؟ قلت: تمر بَعَثَتْ به أمي إلى أبي وخالي، قَالَ: "هاتيه". فَصَبَبْتُهُ في كَفَّيْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فما ملأتهما ثُمَّ أمر بثوبٍ فُبِسط، ثُمَّ دحا بالتمر عليه فتبدّد فوق الثوب، ثُمَّ قَالَ لِإنسان عنده: "اصرخ في أهل الخندق أنْ هلموا إلى الغداء". فاجتمعوا فجعلوا يأكلون مِنْهُ وجعل يزيد، حَتَّى صَدَرَ أهلُ الخندق عنه وإنه لَيَسْقُط من أطراف الثوب2. وحدّثني من لا أَتّهم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ كان يَقْولُ حين فُتِحَت هذه الأمصار في زمان عُمَر وعثمان وما بعده: افتحوا ما بدا لكم، والذي نفس أبي هُريرة بيده، ما افتتحتم من مدينةٍ ولا تفتحونها إلى يوم القيامة إلّا وقد أعطى الله محمدًا مفاتيحها قبل ذَلِكَ. قال: وحدثت عن سلمان الفارسيّ قَالَ: ضربت في ناحيةٍ من الخندق فغلُظَتْ عليّ، ورَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قريبٌ منّي، فلما رآني أضرب نزل وأخذ المِعْوَلَ فضرب به ضربة فلمعتْ تحت المِعْوَل بَرْقَةٌ، ثُمَّ ضرب أخرى فلمعت تحته أخرى، ثُمَّ ضرب الثالثة فلمعت أخرى. قلت: بأبي أنت وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا؟ قَالَ: "أوَ قد رأيتَ"؟ قلت: نعم. قَالَ: "أمّا الأولى، فإنّ الله فتح عليّ بِهَا اليمن، وأمّا الثانية، فإنّ الله فتح عليّ بِهَا الشامَ والمغرب، وأمّا الثالثة, فإنّ الله فتح عليّ بِهَا المشرق" 3. قَالَ ابن إسحاق: ولما فرغ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع السُّيول من رُومة بين الجُرْف وزَغَابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومَن تبعهم من   1 "إسناده صحيح": أخرجه البخاري "4101-4102" بنحوه. 2 قال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 519": فيه انقطاع. 3 "صحيح": أخرجه النسائي "6/ 43-44"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن النسائي": صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 بني كنانة وأهل تهامة وغطفان، فنزلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد بذنب نقمي1 إلى جانب أُحُد. وخرج رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سَلْع في ثلاثة آلاف، فعسكروا هنالك، والخندق بينه وبين القوم. فذهب حُيَيّ بنُ أخطب إلى كعب بن أسد القُرظي صاحب عهد بني قريظة وعقدهم، وقد كان وادع رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قومه، فلما سَمِعَ كعبُ بحُيَيّ أغلق دونه الحصْنَ فأبى أن يفتح له، فناداه: يا كعب افتحْ لي. قَالَ: إنّك امرؤٌ مشئوم، وإني قد عاهدت محمدًا فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلّا وفاء وصدقًا. قال: ويلك افتح لي أكلمك. قَالَ: ما أنا بفاعل. قَالَ: والله إنْ أغلقت دوني إلّا عَنْ جُشَيْشَتك2 أن آكل معك منها. فأحْفَظَه ففتح له فقال: ويحك يا كعب، جئتك بعزّ الدّهر وببحر طام، جئتك بقريش عَلَى قادتها وسَادتها حَتَّى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطفان عَلَى قادتها وسادتها فأنزلتهم بذَنَب نَقَمَى إلى جانب أُحُد، قد عاهدوني وعاقدوني عَلَى أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدًا ومن معه. قَالَ له كعب: جئتني والله بذُلّ الدَّهْر وبجهام3 قد هراق ماءه برعد وَبرْقٍ لَيْسَ فيه شيء، يا حُيَيّ فَدَعْنِي وما أنا عليه فإنّي لم أر من محمدٍ إلّا صدْقًا ووفاءً. فلم يزل حُيَيّ بكعب حتى سمح له بأنْ أعطاه عهدًا لئن رجعتْ قريش وغَطفان ولم يصيبوا محمدًا أنْ أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك. فنقض كعب عهده وبرئ ممّا كان بينه وبين النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. ولما انتهى الخبر إلى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث سعد بن مُعاذ، وسعد بن عُبَادة سيّدَ الأنصار، ومعهما عبد الله بن رَوَاحة وخَوّات بن جُبَيْر -رَضِيَ الله عَنْهُم- فقال: "انطلقوا حتى تنظروا أحَقٌ ما بلغنا عَنْ هَؤُلاءِ؟ فإنْ كان حقًا فالحنوا لي لحنًا أعرفه، ولا تَفُتُّوا في أعضاد النّاس، وإن كانوا عَلَى الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للنّاس". فخرجوا حتى أتوهم فوجدوهم عَلَى أخبث ما بلغهم، فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه، وكان   1 ذنب نقمي: موضع من أعراض المدينة قريب من أحد، كان لآل أبي طالب. معجم البلدان "5/ 300". 2 الجشيشة: طعام من حنطة تطبخ من لحم أو تمر. 3 جهام: سحاب لا ماء فيه. 4 "السيرة النبوية" لابن هشام "3/ 136". ط. المكتبة التوفيقية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 فيه حدة، فقال له ابن عُبَادة: دع عنك مُشاتمتهم فما بيننا وبينهم أربى من المُشاتمة. ثُمَّ رجعوا إلى النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسلموا عليه وقالوا: عضل والقارة. أي: كغدر عضل والقارة بأصحاب الرّجيع خُبيب وأصحابه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُ أكبر! أبشروا يا معشر المسلمين". فعظم عند ذَلِكَ الخوف1. قَالَ الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا} [الأحزاب: 10-11] الآيات. وتكلّم المنافقون حتى قَالَ مُعَتّب بن قُشَيْر أحدُ بني عَمْرو بن عَوْف: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوزَ كِسْرى وقيصر وأحدُنا اليوم لا يأمن عَلَى نفسه أن يذهب إلى الغائط. فأقام رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأقام عليه المشركون بضْعًا وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلّا الرَّمْيُ بالنَّبل والحصار. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث إلى عُيَيْنَة بن حصْن وإلى الحارث بن عَوْف، فأعطاهما ثُلُثَ ثمار المدينة عَلَى أن يرجعا بمن معهما، فجرى بينه وبينهما الصُّلح، حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصّلح، إلّا المراوضة في ذَلِكَ. فلما أنْ أراد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يفعل، بعث إلى السَّعْدين فاستشارهما فقالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أمرًا تحبّه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به لا بُدَّ لنا منه، أم شيئًا تصنعه لنا؟ قَالَ: "بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذَلِكَ إلّا لأنّي رأيت العربَ قد رمتكم عَنْ قَوسٍ واحدة، فأردت أنْ أكسر عنكم من شوكتهم". فقال سعد بن مُعاذ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قد كنّا نحن وهؤلاء القوم عَلَى الشرّك ولا يطعمون أن يأكلوا منّا تمرة إلّا قِرًى2 أو بيعًا، أَفَحِين أكرمنا الله بالِإسلام وأَعَزَّنَا بك نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلّا السَّيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. قَالَ: "فأنتَ وذاك". فأخذ سعد الصحيفة فمحاها، ثم قال: ليجهدوا علينا3.   1 "نفس المرجع والصفحة". 2 إلا قرى؛ يعني: إلا ضيافة. 3 مرسل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 وأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأحزاب، فلم يكن بينهم قتالٌ إلّا فوارس من قريش، منهم عَمْرو بن عبد وُدّ، وعِكْرِمة بن أبي جهل، وهُبَيْرَة بن أبي وهب، وضِرار بن الخطّاب، تلبَّسوا للقتال ثُمَّ خرجوا عَلَى خيلهم، حتى مرُّوا بمنازل بني كنانة، فقالوا: تهيَّئوا للقتال يا بني كِنانة فستعلمون من الفُرسان اليوم، ثُمَّ أقبلوا تُعْنِق بهم خيلهم حتى وقفوا عَلَى الخندق، فلما رأوه قالوا: والله إنّ هذه لمكِيدةٌ ما كانت العربُ تكِيدها. فتيمَّموا مكانًا من الخندق ضيّقًا فضربوا خيلهم، فاقتحمت منه فجالت بهم في السَّبخة بين الخندق وسَلع. وخرج عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- في نفرٍ من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة، فأقبلت الفرسان تعنق نحوهم، وكان عَمْرو بن عبد وُدّ قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أُحُد، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه، فلما وقف هو وخيلُه قَالَ: من يبارزني؟ فبرز له عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- فقال له عليّ: يا عَمْرو إنّك كنت عاهدتَ الله لا يدعوك رجلٌ من قريشٍ إلى إحدى خلّتين إلّا أخذتها منه. قَالَ له: أجل. قَالَ له: فإنّي أدعوك إلى الله ورسوله وإلى الِإسلام. قَالَ: لا حاجة لي بذلك. قَالَ: فإنّي أدعوك إلى النزال. قال له: لم يابن أخي! فَوَالله ما أحبّ أن أقتلك. قَالَ عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ: لكّني والله أحبّ أن أقتلك. فحمي عَمْرو واقتحم عَنْ فرسه فعقره وضرب وجهه، ثُمَّ أقبل عَلَى عليّ فتنازلا وتجاولا، فقتله عليّ. وخرجتْ خيلُهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق. وألقى عِكْرِمة يومئذٍ رُمْحه وانهزم1. وقال عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- في ذَلِكَ: نَصَرَ الحجارةَ من سفاهةِ رأيهِ ... ونَصَرتُ دينَ محمّدٍ بضرابِ نازلتُهُ فتركتُهُ مُتَجدّلًا ... كالجذْع بين دَكَادكٍ وروابي لا تَحْسَبَنَّ الله خاذلٌ دينَهُ ... ونبيَّه يا معشر الأحزابِ وحدّثني أبو ليلى عبد الله بن سهل، أنّ عائشة -رضي الله عنها- كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق، وكانت أمّ سعد بن مُعاذ معها في الحصن، فمرّ سعد وعليه درعٌ مُقَلَّصَة قد خرجت منها ذراعهُ كلّها، وفي يده حربة يرفل بِهَا ويقول: لَبّثْ قليلًا يَشْهَدِ الهَيْجا حمل ... لا بأسَ بالموت إذا حان الأجل   1 أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" "4/ 436-439"، وأورده ابن كثير في "البداية" "4/ 105". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 فقالت له أُمُّهُ: الحق أي بُنَيّ فقد أخرت. قالت عائشة: فقلت لَهَا: يا أمّ سعد لوددت أنّ درع سعِد كانت أسبغ مما هي1. فرمي سعد بسهم قطع منه الأكْحَل2 رماه ابن العَرِقة، فلما أصابه قَالَ: خُذها منّي وأنا ابن العرقة. فقال له سَعْد: عرَّق الله وجهكَ في النّار، اللهُمّ إنْ كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا فأبقني لَهَا فإنّه لا قوم أحبّ إليّ أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا رسولكَ وكذَّبوه وأخرجوه، الّلهُمّ إنْ كنت وضعتَ الحربَ بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تُمِتْني حتى تقرّ عيني من بني قريظة3. وكانت صفية بنتُ عبد المطّلب في فارع4 -حصن حسّان بن ثابت- وكان معها فيه مع النّساء والولْدان. قَالَتْ: فمرّ بنا يهودي فجعل يطيف بالحصْن، وقد حاربت بنو قُرَيظة ونقضت وليس بيننا وبينهم أحدٌ يدفع عنّا، والنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمسلمون في نُحور عدوّهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا. فقلت: يا حسّان إنّ هذا اليهوديّ كما ترى يطيف بالحصن، وإني والله ما آمنُه أن يدل عَلَى عورتنا من وَراءنا من يهود، وقد شُغِل عنّا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، فانزِلْ إليه فاقُتْله. قَالَ: يغفر لك الله يا ابنةَ عبد المطّلب، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا. فلما قَالَ لي ذَلِكَ ولم أر عنده شيئًا، احتجزت5 ثُمَّ أخذت عمودًا ونزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته. فلما فرغتُ رجعت إلى الحصن فقلت: يا حسّان انزل إليه فاسلبه، فإنّه لم يمنعني من سلبه إلّا أنّه رجل. قال: ما لي بسلبه من حاجة6.   1 أسبغ: أكمل. 2 الأكحل: عرق في وسط الذراع. 3 رجاله ثقات: أورده ابن هشام في "السيرة" "3/ 139" ط. المكتبة التوفيقية، وأخرجه أحمد بنحوه بأطول مما هنا. 4 فارع: أطم من آطام المدينة، وقيل: حصن بالمدينة. 5 احتجزت: شدت إزارًا على وسطها. 6 قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 285": إسناده قوي، والحديث أخرجه الحاكم في "المستدرك" "4/ 51"، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: عروة لم يدرك صفية. إذن فالحديث منقطع فهو ضعيف. وقال السهيلي في "الروض الأنف" "3/ 281": "محمل هذا الحديث عند الناس أن حسانًا كان جبانًا! وقد دفع هذا بعض العلماء وأنكره لأن الحديث منقطع الإسناد، ولو صح فلعل حسان أن يكون معتلًا في ذلك اليوم بعلة منعته من شهود القتال". ا. هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 وأقام رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ فيما وصف الله من الخوف والشدة لتظاهر عدّوهم عليهم وإتيانهم من فوقهم ومن أسفل منهم. وروى نحوه يونس بن بُكَيْر، عَنْ هشام بن عُرْوَة، عَنْ أبيه. ثُمَّ إنّ نُعَيْم بن مسعود الغَطفاني أتى رَسُول الله فأسلم, وقال: إنّ قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت يا رسول الله! قَالَ: "إنّما أنت فينا رجلٌ واحد فاخذل عنّا ما استطعت فإنّ الحرب خُدْعة". فأتى قريظة -وكان نديمًا لهم في الجاهلية- فقال لهم: قد عرفتم وُدّي إيّاكم. قالوا صدقتَ. قَالَ: إنّ قريشًا وغَطفان ليسوا كأنتم، البلد بلدكُم به أموالكم وأولادكم ونساؤكم، لا تقدرون عَلَى أنْ تتحوّلوا منه إلى غيره، وإنّ قريشًا وغَطفان قد جاءوا لحرب محمدٍ وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدُهم وأموالهم ونساؤهم بغيره، فليسوا كأنتم، فإن رأوا نهزة أصابوها، وإنْ كان غير ذَلِكَ لحقوا ببلادهم وخلّوا بينكم وبين الرجل ببلدكم، فلا طاقة لكم به إنْ خلا بكم، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رَهنًا من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم عَلَى أن يقاتلوا معكم محمدًا حتى تناجزوه. فقالوا: لقد أشرت بالرأي. ثم خرج حتى أتى قريشًا فقال لأبي سُفيان ومَن معه: قد عرفتم وُدّي لكم وفراقي محمدًا، وإنّه قد بلغني أمرٌ قد رأيت عليّ حقًا أن أُبلِّغكموه نصحًا لكم فاكتموه عليّ. قالوا: نفعل. قال: تعلمون أنّ معشر يهود قد ندموا عَلَى ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد, وأرسلوا إليه أنّا قد ندِمنا عَلَى ما فعلنا، فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين، قريش وغطفان، رجالا من أشرافهم، فنعطيكهُم فتضرب أعناقهم، ثُمَّ نكون معك عَلَى من بقي منهم حتى تستأصلهم. فأرسل إليهم: "نعم". فإنْ بعثت إليكم يهود يلتمسون رهنًا منكم من رجالكم فلا تفعلوا. ثُمَّ خرج فأتى غَطفان فقال: يا معشر غَطفان أنتم أصلي وعشيرتي وأحبّ النّاس إليّ، ولا أراكم تتّهموني. قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمُتَّهم. قَالَ: فاكتموا عنّي. قالوا: نفعل. ثُمَّ قَالَ لهم مثل ما قَالَ لقريش، وحذّرهم ما حذّرهم. فلما كانت ليلة السبت من شوّال، وكان من صُنعِ الله لرسوله أنه أرسل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 أبو سفيان ورءوس غَطفان، إلى بني قُريظة، عِكْرِمَة بنَ أبي جهل في نفرٍ من قريش وغَطفان، فقالوا: إنّا لسنا بدار مقام، قد هلك الخُفّ والحافر، فاغْدُوا للقتال حتى نناجز محمدًا. فأرسلوا إليهم أنّ اليوم يوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه شيئًا، وقد كان بعضُنا أحدث فيه حَدَثًا فأصابه ما لم يخفَ عليكم، ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدًا حتى تعطونا رُهُنًا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نُناجز محمدًا، فإنّا نخشى إنْ ضرَّستكم الحربُ أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا، ولا طاقة لنا بذلك. فلما رجعت إليهم الرُسلُ بما قَالَتْ بنو قُرَيْظة قَالَتْ قريش وغَطفان: والله لقد حدّثكم نعيم بن مسعود بحقّ. فأرسلوا إلى بني قُريظة: إنّا والله ما ندفع إليكم رجلا من رجالنا، فإنْ كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا. فقالت بنو قُرَيظة حين انتهت إليهم الرُّسلُ بهذا: إنّ الذي ذكر لكم نُعَيْم لَحَقّ، ما يريد القوم إلّا أن يقاتلوا، فإنْ رأوا فرصة انتهزوها, وإنْ كان غير ذَلِكَ انشَمَرْوا إلى بلادهم. فأرسلوا إلى قريش وغَطفان: إنّا والله لا نقاتل معكم حتى تعطُونا رُهُنًا. فأَبَوا عليهم. وخذل الله بينهم. فلما انتهى ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دعا حُذَيْفة بنَ اليَمان فبعثه ليلًا لينظر ما فعل القوم. قَالَ: فحدّثني يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القُرَظي: قَالَ رجل من أهل الكوفة لحُذَيْفَة: يا أبا عبد الله، رأيتم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصحِبْتُموه؟ قَالَ: نعم يابن أخي. قَالَ: فكيف كنتم تصنعون؟ قَالَ: والله لقد كنّا نجهد. فقال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي عَلَى الأرض ولَحَمَلناه عَلَى أعناقنا. فقال: يابن أخي والله لقد رأيتنا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالخندق، وصلّى هَوِيًّا1 من الليل، ثُمَّ التفت إلينا فقال: "مَن رجلٌ يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثُمَّ يرجع -يشرُطُ لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّجعة- أَسأَل الله أن يكون رفيقي في الجنّة". فما قام أحدٌ من شدّة الخوف وشدّة الجوع والبرد. فلما لم يقم أحدٌ دعاني فلم يكن لي من القيام بُدٌّ حين دعاني، فقال: "يا حذيقة اذهب فادخل في القوم، فانظر ماذا يفعلون ولا تحدث شيئًا حتى تأتينا".   1 الهوي من الليل: القطعة منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 فذهبتُ فدخلتُ في القوم، والرّيح وجنودُ الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم قِدْرًا ولا نارًا ولا بناء. فقام أبو سُفيان فقال: يا معشر قريش، إنّكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكُراع والخُفّ، وأخلفتنا بنو قُريظة وَبَلَغَنَا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدّة الريح ما ترون، ما تطمئنّ لنا قِدْر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناءٌ، فارتحلوا فإنّي مُرْتحل. ثُمَّ قام إلى جَمَله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به عَلَى ثلاث، فَوَالله ما أطلق عقاله إلّا وهو قائم. ولولا عهدُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أن لا تحدث شيئًا حتى تأتيني". وإن شئتُ لقتلتُه بسهم. قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو قائم يصليّ في مرطٍ1 لبعض نسائه مراجل -وهو ضربٌ "من وشي اليمن"2 فسّره ابن هشام- فلما رآني أدخلني إلى رِجليه وطرح عليّ طَرَفَ المِرْط، ثُمَّ ركع وسجد وإنّي لَفِيه فلما سلّم أخبرتُه الخبر. وسمعتْ غَطفان بما فعلت قُريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم. قَالَ الله تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] . وهذا كلُّه من رواية البكّائيّ عَنْ محمد بن إسحاق. وقال يونس بن بكير، عن هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أنّ رجلًا قَالَ لحُذَيْفة: صَحِبْتُم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأدركتموه، فذكر الحديث نحو حديث محمد بن كعب، وفي آخره: فجعلت أُخُبر رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ أبي سُفيان، فجعل يضحك حتى جعلتُ أنظر إلى أنيابه. وقال موسى بن عُقْبة، عَنِ ابن شهاب، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاتل يوم بدر في رمضان سنة اثنتين, ثُمَّ قاتل يوم أُحُد في شوّال سنة ثلاث, ثُمَّ قاتل يوم الخندق -وهو يوم الأحزاب وبني قُرَيْظة- في شوّال سنة أربع، وكذا قَالَ عُرْوة في حديث ابن لَهِيعة عَنْ أبي الأسود عنه. كذا قالا: سنة أربع، وقالا في قصّة الخندق إنها كانت بعد أحد بسنتين.   1 المرط: كساء من خز أو صوف أو كتان يؤتزر به وتتلفع به المرأة، "المعجم الوجيز" "579". 2 الوشي: وشى فلان الثوب "يشيه" وشيًا: نمنمه ونقشه وحسنه. "المعجم الوجيز" "670". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 وقال قَتَادة من رواية شَيْبان عنه: كان يومُ الأحزاب بعد أُحُد بسنتين، فهذا هو المقطوع به. وقول موسى وعُرْوة: إنّها في سنة أربعٍ وَهَمٌ بين، ويُشْبُهُه قول عُبَيْد اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر: "عرضني رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُد، وَأَنَا ابنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْني, فلما كان يوم الخندق عُرِضتُ عليه وأنا ابن خمس عشرة فأجازني". فيُحْمَل قولُه عَلَى أنّه كان قد شرع في أربع عشرة، وأنه يوم الخندق كان قد استكمل خمس عشرة سنة، وزاد عليها بعد تِلْكَ الزيادة. والعرب تفعل هذا في مددها وتواريخها وأعمارها كثيرًا، فتارة يعتدّون بالكسر ويعدُّونه سنة، وتارة يُسقِطونه. وذهب بعض العلماء إلى ظاهر هذا الحديث وعضَّدوه بقول موسى بن عُقْبة: "وغزوة الأحزاب في شوّال سنة أربع" وذلك مخالفٌ لقول الجماعة، ولما اعترف به موسى وعُرْوة من أنّ بين أُحُد والخندق سنتين والله أعلم. وقال أبو إسحاق الفزاري، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ إِلَى الْخَنْدَقِ، وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ بِأَيْدِيهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ: فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ الْجُوعِ وَالنَّصَبِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَلِمُسْلِمٍ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ1. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ، وَزَادَ قَالَ: وَيُؤْتُونَ بِمِلْءِ حِفْنَتَيْنِ شَعِيرًا يُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ، فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بياض بطنه وهو يقول:   1 أخرجه البخاري "5/ 45" في كتاب المغازي، ومسلم "1788" كتاب الجهاد والسير. 2 أخرجه البخاري "5/ 45" كتاب "المغازي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إن لاقينا إن الألي قد بغوا علين ... وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَعِنْدَهُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: وَيَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: كُنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ فَعَرَضَتْ فِيهِ كُدْيةٌ -وَهِيَ الْجَبَلُ- فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ كُدْيَةً قَدْ عَرَضَتْ فَقَالَ: "رُشُّوا عَلَيْهَا". ثُمَّ قَامَ فَأَتَاهَا وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ مِنَ الْجُوعِ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ أَوِ الْمِسْحَاةَ فَسَمَّى ثَلاثًا ثُمَّ ضَرَبَ فَعَادَتْ كَثِيبًا أَهْيَلَ فَقُلْتُ لَهُ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَفَعَلَ، فَقُلْتُ لِلْمَرْأَةِ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سُقْنَاهُ مِنْ مَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ: ثنا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أُسَتَاذٍ الزَّهْرَانِيِّ، حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ حِينَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، عَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الْخَنْدَقِ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ لا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَآهَا أَخَذَ الْمِعْوَلَ وَقَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ". وَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا. فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ وَقَطَعَ ثُلُثًا آخَرَ فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيَح فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الأَبْيَضَ". ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي السَّاعَةَ" 3. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: ثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْأَحْزَابِ: "من يأتينا بخبر القوم"؟ فقال الزبير: أنا.   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 47-48"، والأبيات لعبد الله بن رواحة ديوانه 106 وتنسب لعامر بن الأكوع. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 45-46". 3 تقدم قبل قليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 فقال: "إن لكل نبي حواريًّا وحواريي الزُّبَيْرُ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عباس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] قَالَ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ أَبِي سُفْيَانَ؛ يَوْمَ الأَحْزَابِ. {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب: 13] ، قَالَ هُمْ بنو حارثة، قالوا: بيوتنا مخلية نخشى عَلَيْهَا السَّرْقُ. قَوْلُهُ: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} [الأحزاب: 22] الآية، قَالَ: لأَنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: 214] ، فَلَمَّا مَسَّهُمُ الْبَلاءُ حَيْثُ رَابَطُوا الأَحْزَابَ فِي الْخَنْدَقِ، تَأَوَّلَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَزِدْهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أنا حَجَّاجٌ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُتِلَ يَوْمَ الأَحْزَابِ، فَبَعَثَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ ابعث إِلَيْنَا بِجَسَدِهِ وَنُعطِيَهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَقَالَ: "لا خَيْرَ فِي جَسَدِهِ وَلا فِي ثَمَنِهِ". وقال الأصمعيّ: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزّناد قَالَ: ضرب الزُّبَيْرُ بن العوّام يوم الخَنْدَق عثمانَ بنَ عبد الله بن المغيرة بالسيف عَلَى مِغْفَرِه فَقَدَّه إلى القُرْبُوس2، فقالوا: مَا أجْوَدَ سيفك، فغضب، يريد إنّ العمل ليده لا لسيفه. قَالَ شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ قَاعِدًا عَلَى فُرْضَةٍ مِنْ فُرَضِ الْخَنْدَقِ فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، أَوْ بُطُونَهُمْ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عُمَرَ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرُبَتِ الشَّمْسُ جَعَلَ يَسُبُّ كفَّارَ قُرَيْشٍ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ   1 أخرجه البخاري في كتاب "المغازي" "5/ 49". 2 القربوس: الجزء المرتفع المقوس من السرج. وهما قربوسان. "المعجم الوجيز" "495". 3 أخرجه مسلم "628" كتاب المساجد ومواضع الصلاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَنَا وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا بَعْدُ". فَنَزَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ أَحْسَبُهُ قَالَ إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرُبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقَاتَلْتُ مَعَهُ وَأَبْلَيْتُ. فَقَالَ: أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَاكَ، لَقَدْ رَأَيْتَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ رِيحٍ شَدِيدَةٍ وَقَرٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا رَجُلٌ يَأْتِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ يَكُونُ مَعِي يَوْمَ الْقَيْامَةِ"؟ فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ. ثُمَّ قَالَ: "يَا حُذَيْفَةُ قُمْ فَائْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ". فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ. فَقَالَ: "ائْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ". قَالَ: فَمَضَيْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يُصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ. فَوَضَعْتُ سَهْمِي فِي كَبِدِ قَوْسِي وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قول رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَذْعَرْهُمْ عَلِيَّ". وَلَوْ رَمَيْتُهُ لَأصَبْتُهُ. قَالَ: فَرَجَعْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَلْبَسَنِي مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى الصُّبْحِ، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يَا نَوْمَانُ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي الْمُخْتَارِ، عَنْ بِلالٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّاسَ تَفَرَّقُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الأَحْزَابِ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلا اثْنَا عَشَرَ رَجُلا فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا جَاثٍ مِنَ الْبَرْدِ فَقَالَ: "انْطَلِقْ إِلَى عَسْكَرِ الأَحْزَابِ". فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا قُمْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْبَرْدِ إِلا حَيَاءً مِنْكَ. قَالَ: "فَانْطَلِقْ يَابْنَ الْيَمَانِ فَلا بَأْسَ عَلَيْكَ مِن حَرٍّ وَلا بَرْدٍ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيَّ". فَانْطَلَقْتُ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، فَوَجَدْتُ أَبَا سُفْيَانَ يُوقِدُ النَّارَ فِي عُصْبَةٍ حَوْلَهُ، قَدْ تَفَرَّقَ الأَحْزَابُ عَنْهُ، حَتَّى إِذَا جَلَسْتُ فِيهِمْ، حَسَّ أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ دَخَلَ فِيهِمْ مَنْ غَيْرُهُمْ، فَقَالَ: يَأْخُذُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بيد جليسه.   1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "5/ 48-49" كتاب "المغازي"، ومسلم في "صحيحه" "629" كتاب المساجد ومواضع الصلاة. 2 أخرجه مسلم "1788" كتاب "الجهاد والسير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 قَالَ: فَضَرَبْتُ بِيَدِي عَلَى الَّذِي عَنْ يَمِينِي فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، ثُمَّ ضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى الَّذِي عَنْ يَسَارِي فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ, فَكُنْتُ فِيهِمْ هُنَيَّةً, ثُمَّ قُمْتُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَدِهِ أَنْ ادْنُ، فَدَنَوْتُ, ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَيَّ فَدَنَوْتُ, حَتَّى أَسْبَلَ عَلَيَّ مِنَ الثَّوْبِ الَّذِي عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي, فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "مَا الْخَبَرُ"؟ قُلْتُ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمْ يَبْقَ إِلا فِي عُصْبَةٍ يُوقِدُ النَّارَ، قَدْ صَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَرْدِ مِثْلَ الَّذِي صَبَّ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْجُو مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُو. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِ أخَيِ حُذَيْفَةَ قَالَ: ذَكَرَ حُذَيْفَةُ مَشَاهِدَهُمْ، فَقَالَ جُلَسَاؤُهُ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا شَهِدْنَا ذَلِكَ لَفَعَلْنَا وَفَعَلْنَا. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لا تَمَنَّوْا ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ الأَحْزَابِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ مُطَوَّلا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: ثَنَا ابْنُ أَبِي أَوْفَى قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْأَحْزَابِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ مُنَزِّلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الْأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حين أَجْلَى عَنْهُ الْأَحْزَابَ: "الْآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَا؛ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابن عباس: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} ، قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، فَصَارَتْ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَصَارَ مُعَاوِيَةُ خَالَ الْمُؤْمِنِينَ. كَذَا رَوَى الْكَلْبِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ فِي أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مُخْتَصٌّ بِهِنَّ وَلا يتعدى التحريم إلى بناتهن ولا إخوانهن ولا أخواتهن.   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 49"، ومسلم في "الجهاد والسير" "1742". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 49"، ومسلم في "الذكر والدعاء" "2724". 3 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 48". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 واستُشْهد يوم الأحزاب: عبد الله بن سهل بن رافع الأشهلي، تفرّد ابن هشام بأنّه شهد بدرًا. وأَنَس بن أَوْس بن عتيك الأشهلي، والطُّفَيْل بن النُّعمان بن خنساء، وثعلبة بن غنمة؛ كلاهما من بني جَشَم بن الخزرج. وكعب بن زيد أحد بني النَّجَّار، أصابه سهم غرِب، وقد شهد هَؤُلَاءِ الثلاثة بدرًا. ذكر ابن إسحاق أنّ هَؤُلَاءِ الخمسة قُتِلوا يوم الأحزاب. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ؛ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ لِيُوَثِّبَهُ الْخَنْدَقَ فَوَقَعَ فِي الْخَنْدَقِ فَقَتَلَهُ اللَّهُ، وَكَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا نُعْطِيَكُمُ الدِّيَةَ عَلَى أَنْ تَدْفَعُوهُ إِلَيْنَا فَنَدْفِنَهُ. فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ خَبِيثُ الدِّيَةِ لَعَنَهُ اللَّهُ وَلَعَنَ دِيَتَهُ وَلا نَمْنَعُكُمْ أَنْ تَدْفِنُوهُ، وَلا أَرَبَ لَنَا فِي ديته". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 غزوة بني قريظة : وكانوا قد ظاهروا قريشًا وأعانوهم عَلَى حرب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيهم نزلت: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: 26] الآيتين. قَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلَاحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. قَالَ: "فَأَيْنَ"؟ قَالَ: هَهُنَا. وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. فَخَرَجَ النبي -صلى الله عليه وسلم. متفق عليه1. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، عَنْ أَنَسٍ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْغُبَارِ سَاطِعًا مِنْ سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ، مَوْكِبَ جِبْرِيلَ حِينَ سَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ انْصَرَفَ مِنَ الأَحْزَابِ: "أَنْ لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ". فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلُّوا دُونَ قُرَيْظَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ: لا نُصَلِّي إِلا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 49-50"، ومسلم في "صحيحه" "1769" كتاب الجهاد والسير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ. فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: الظُّهْرَ بَدَلَ الْعَصْرِ. وَكَأَنَّهُ وَهِمَ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَمَّهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا رَجَعَ مِنْ طَلَبِ الأحزاب وضع عنه اللأمة واغتسل واستجمر، فتبدى لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ: عَذِيرَكَ مِنْ مُحَارِبٍ، أَلا أَرَاكَ قَدْ وَضَعْتَ اللأْمَةَ وَمَا وَضَعْنَاهَا بَعْدُ. فَوَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَزِعًا فَعَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَنْ لا يُصَلُّوا الْعَصْرَ حَتَّى يَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ. فَلَبِسُوا السِّلاحَ، فَلَمْ يَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ, فَاخْتَصَمَ النَّاسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَزَمَ عَلَيْنَا أَنْ لا نُصَلِّيَ حَتَّى نَأْتِيَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإِنَّمَا نَحْنُ فِي عَزِيمَةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليس علينا إثم. وصلى طائفة من الناس احتسابًا. وتركت طائفة حتى غربت الشمس فصلوا حين جاءوا بني قريظة. فلم يعنف رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاحدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَقَالَ نَحْوَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ أَنَّ رَجُلا سَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ فِي الْبَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَزِعًا، فَقُمْتُ فِي إِثْرِهِ، فَإِذَا بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا جِبْرِيلُ يَأْمُرُنِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ, وَقَالَ: وَضَعْتُمُ السِّلاحَ، لَكِنَّا لَمْ نَضَعِ السِّلاحَ، طَلَبْنَا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى بَلَغْنَا حَمْرَاءَ الأسَدِ". وَفِيهِ: فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَجَالِسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَقَالَ: "هَلْ مَرَّ بِكُمْ مِنْ أَحَدٍ"؟ قَالُوا: مَرَّ عَلَيْنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ تَحْتَهُ قَطِيفَةُ دِيبَاجٍ. قَالَ: "لَيْسَ ذَاكَ بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَلَكِنَّهُ جِبْرِيلُ أُرْسِلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لِيُزَلْزِلَهُمْ وَيَقْذِفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ". فَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَرَ أصحابه أن يستروه بِالْجُحَفِ حَتَّى يُسْمِعَهُمْ كَلامَهُ. فَنَادَاهُمْ: "يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ". فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ لَمْ تَكُ فَحَّاشًا. فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سعد بن معاذ، وكانوا حلفاءه، فحكم أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ وَعَلَى ثناياها النَّقْعُ فَقَالَ: أَوَضَعْتَ السِّلاحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعَتِ الملائكة، اخرج   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 50". 2 قال الحافظ ابن كثير في "البداية" "4/ 118": "لهذا الحديث طرق عن عائشة وغيرها". ا. هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأْمَتَهُ، وَأَذِنَ بِالرَّحِيلِ، ثُمَّ مَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ فَقَالَ: "مَنْ مَرَّ بِكُمْ"؟ قَالُوا: دِحْيَةُ. وَكَانَ دِحْيَةُ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَوَجْهُهُ جِبْرِيلَ. فَأَتَاهُمْ فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ1. وقال يونس، عَنِ ابن إسحاق: قدِم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علينا معه رايته وابتَدَرَ النّاس. وقال موسى بن عقبة: وخرج رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أثر جبريل، فمر على مجلس بني غنم وهم ينتظرون رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألهم: "مَرَّ عليكم فارس آنفًا"؟ فقالوا: مرّ علينا دحية عَلَى فرسٍ أبيض تحته نمطٌ أو قطيفة من ديباج عليه اللأّمة. قَالَ: "ذاك جبريل". وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يشبّه دِحيةَ بجبريل. قَالَ: ولما رأى عليّ بن أبي طالب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلا تلقّاه. وقال: ارجع يَا رَسُولَ اللَّهِ! فإنّ الله كافيك اليهود. وكان علي سمع منهم قولا سبيبيا2 لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأزواجه. فكره عليّ أن يسمع ذَلِكَ، فقال: "لِمَ تأمرني بالرجوع"؟ فكتمه ما سَمِعَ منهم. فقال: "أظنّك سَمِعْتُ لي منهم أذى؟ فامضِ فإنّ أعداء الله لو قد رأوني لم يقولوا شيئًا ممّا سَمِعْتُ". فلما نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحصنهم، وكانوا في أعلاه، نادى بأعلى صوته نفرًا من أشرافهم حتى أسمعهم فقال: "أجيبونا يا معشر يهود يا أخوة القِرَدَة، لقد نزل بكم خِزْي الله". فحاصرهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكتائب المسلمين بضع عشرة ليلة، وردّ الله حُيَيّ بنَ أخطب حتى دخل حصنَهُم، وقذف الله في قلوبهم الرُّعب، واشتدّ عليهم الحصار، فصرخوا بأبي لُبابة بن عبد المنذر وكانوا حلفاء الأنصار. فقال: لا آتيهم حتى يأذن لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: "قد أذِنْتُ لك". فأتاهم، فبكوا وقالوا: يا أبا لُبابة، ماذا ترى، فأشار بيده إلى حلْقه، يريهم إنّما يراد بكم القتل. فلما انصرف سُقِط في يده ورأى أنّه قد أصابته   1 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 141, 142"، وذكره الحافظ في "الفتح" "7/ 472" بنحوه، وقال: إسناده صحيح، والحديث أصله في "الصحيحين". 2 سبيبي: السب أو أكثر منه. وفي البداية لابن كثير: "سيئًا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 فتنةٌ عظيمة, فقال: والله لا أنظر في وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أحدِث لله توبةً نَصُوحًا يعلمها الله من نفسي. فرجع إلى المدينة فربط يديه إلى جذعٍ من جذوع المسجد. فزعموا أنّه ارتبط قريبًا من عشرين لَيْلَةٍ. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1، كما ذُكر، حين راث عليه أبو لُبابة: "أما فرغ أبو لُبابة من حلفائه"؟ قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قد والله انصرف من عند الحصن، وما ندري أين سلك. فقال: "قد حدث له أمر". فأقبل رجل فقال: يَا رَسُولَ الله! رأيت أبا لبابة ارتبط بحبل إلى جِذْعٍ من جذوع المسجد. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد أصابته بعدي فتنة، ولو جاءني لاستغفرت لَهُ, فإذا فعل هذا فلن أحرّكه من مكانه حتى يقضي الله فيه ما شاء". قَالَ ابْنُ لَهِيعة، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَة، فذكر نحو ما قص موسى بن عقبة. وعنده: فلبس رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأمَتَه وأذَّن بالخروج، وأمرهم أن يأخذوا السّلاح, ففرغ النّاس للحرب، وبعث عليًّا عَلَى المقدّمة ودفع إليه اللواء, ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى آثارهم. ولم يقل بضع عشرة ليلة. وقال يونس بن بُكَيْرَ، والبكائي -واللَّفظ له- عَنِ ابن إسحاق قَالَ: حاصرهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمسًا وعشرين ليلةً، حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرُّعب, وكان حُيَيّ بنُ أخطب دخل مع بني قُرَيْظة في حصنهم حين رجعت عنهم قُريش وغَطفان، وفاءً لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه، فلما أيقنوا بأنّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قَالَ كعب بن أسد: يا معشر يهود! قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإنّي عارضٌ عليكم خِلالًا ثلاثًا، فخُذُوا أيّها شئتم. قالوا: وما هي؟ قَالَ: نبايع هذا الرجل ونَصْدُقُه، فَوَالله لقد تعيّن لكم أنّه لَنَبِيّ مُرْسَل، وأنّه للَّذي تجدونه في كتابكم، فتأْمَنون عَلَى دمائكم وأموالكم. قالوا: لا نفارق حُكم التَّوراة أبدًا ولا نستبدل به غيرَه. قَالَ: فإذا أبيتم عَلَى هذه. فهلُمَّ فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثُمَّ نخرج إلى محمد وأصحابه مصلتين السيوف لم نترك وراءنا ثقلا، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك ولم نترك وراءنا نَسْلًا نخشى عليه، وإنْ نظهر فَلَعَمْري لَنَتّخِذَنَّ النّساء والأبناء. قالوا: نقتل هَؤُلاءِ المساكين، فما خير العيش بعدهم؟ قَالَ فإنْ أبيتم هذه فإنّ الليلة ليلة السبت وإنّه عسى أنْ يكون محمدٌ وأصحابه قد أمنوا   1 راث عليه: أبطأ عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 فيها فانزلوا لعلَّنا نُصيب من محمد وأصحابه غِرَّة. قالوا: نُفسد سبْتَنَا وتحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا، إلّا مَن قد علِمْتَ فأصابه ما لم يخْفَ عليك من المَسْخ؟ قَالَ: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمُّهُ ليلةً واحدة من الدَّهر حازمًا. رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. لكّنه قَالَ عَنْ أبيه، عَنْ مَعْبَد بن كعب بن مالك، فذكره وزاد فيه: ثُمَّ بعثوا يطلبون أبا لُبابة، وذكر ربْطَه نفسه. وقال سعيد بن المسيّب: إنَّ ارتباطه بسارية التَّوبة كان بعد تخلُّفه عَنْ غزوة تبوك حين أعرض عَنْهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عليمٌ، بما فعل يوم قُرَيْظة، ثُمَّ تخلّف عَنْ غزوة تَبُوك فيمن تخلّف. والله أعلم. وذكر عليّ بن أبي طلحة، وعطّية العَوْفي، عَنِ ابن عبّاس في ارتباطه حين تخلّف عَنْ تبوك ما يؤكد قولَ ابن المسيّب، قَالَ: نزلت هذه الآية في أبي لبابة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [الأنفال: 27] . وقال البكائي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّ تَوْبَةَ أَبِي لُبَابَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ السَّحَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِمَّ تَضْحَكُ؟ قَالَ: تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ. قَالَتْ: قُلْتُ: أَفَلا أُبَشِّرُهُ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتِ. قَالَ: فَقَامَتْ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا لُبَابَةَ، أَبْشِرْ فَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ. قَالَتْ: فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيُطْلِقُوهُ. قَالَ: لا وَاللَّهِ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنِي بِيَدِهِ. فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ خَارِجًا إِلَى صَلاةِ الصُّبْحِ أَطْلَقَهُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: أَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ مُرْتَبِطًا بِالْجِذْعِ سِتَّ لَيَالٍ: تَأْتِيهِ امْرَأَتُهُ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ تُحِلُّهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَرْتَبِطُ بِالْجِذْعِ، فِيمَا حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَالآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي تَوْبَتِهِ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102] الآية1.   1 عن جابر، قال: كان ممن تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تبوك ستة: أبو لبابة، وأوس بن خدام، وثعلبة بن وديعة، وكعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، فجاء أبو لبابة وأوس = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 قَالَ ابن إسحاق: ثُمَّ إنّ ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسيد بن عُبَيْد، وهم نفر من بني هدل، أسلموا تِلْكَ الليلة التي نزل فيها بنو قُرَيْظة على حكم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعْدٍ قَالَ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ, فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قوموا إِلَى سَيِّدِكُمْ، أَوْ إِلَى خَيْرِكُمْ". فَقَالَ: "إِنَّ هَؤُلاءِ قَدْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ". فَقَالَ: نَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَنُسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ حَكَمْتُ عَلَيْهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ". وَرُبَّمَا قَالَ: "بِحُكْمِ الْمَلِكِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قال: فأومئوا إليه فقالوا: يا أبا عَمْرو، قد ولّاك رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ مواليكم لتحكم فيهم. فقال سعد: عليكم بذلك عهدُ الله وميثاقه؟ قالوا: نعم. قَالَ: وعلى من ههنا من النّاحية التي فيها النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومَن معه، وهو مُعرضٌ عَنْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إجلالًا له؛ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ". فقال سعد: أحكم بأنْ تقتل الرجال وتقسّم الأموال وتسبي الذّراري. وقال شُعْبة وغيره، عَنْ عبد الملك بن عُمَيْر، عَنْ عطّية القرظِيّ قَالَ: كنت في سبْي قُرَيْظة، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمن أنبت أن يُقْتَلَ1، فكنت فيمن لم يُنْبِت. قَالَ موسى بن عُقْبة: قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين سألوه أن يحكِّم فيهم رجلًا: "اختاروا من شئتم من أصحابي"؟ فاختاروا سعد بن مُعاذ، فرضي بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فنزلوا عَلَى حُكْمه. فأمر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسلاحهم فجُعِل في قُبَّته، وأمر بهم فكُتِّفوا وأوثقوا وجعلوا في دار أُسامة، وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سعد، فأقبل عَلَى حمار أعرابيّ يزعمون أنّ وِطاء بَرْذَعَته من ليف، واتبعه رجل من بني عبد الأشهل،   = وثعلبة، فربطوا أنفسهم بالسواري، وجاءوا بأموالهم، فقالوا: يا رسول الله! خذها، هذا الذي حبسنا عنك، فقال: "لا أحلهم حتى يكون قتال". قال: فنزل القرآن: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} . أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" "984"، وأورده السيوطي في "الدر" "3/ 73", وعزاه لابن الشيخ في "تفسيره"، وابن منده، وأبي نعيم, وابن عساكر بسند قوي عن جابر، وقال الحافظ في "الإصابة" "1/ 152": إسناده قوي. 1 أنبت: بلغ الحلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 فجعل يمشي معه ويعظّم حقَّ بني قُرَيْظة ويذكر حِلْفَهم والذي أَبْلوه يوم بعاث، ويقول: اختاروك عَلَى من سواك رجاءَ رحمتِك وتحنُّنك عليهم، فاسْتَبْقِهِم فإِنَّهم لك جمال وعُدَد. فأكثر ذَلِكَ الرجل، وسعد لا يرجع إليه شيئًا، حتى دَنَوْا، فقال الرجل: ألا ترجع إليّ فيما أكلّمك فيه؟ فقال سعد: قد آن لي أن لا تأخذني في الله لَوْمَةُ لائم. ففارقه الرجل، فأتى قومه, فقالوا: ما وراءك؟ فأخبرهم أنّه غير مستبقيهم، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قتل مقاتلتهم، وكانوا فيما زعموا ستمائة مُقاتل قُتِلوا عند دار أبي جهم بالبلاط، فزعموا أنّ دماءهم بلغتْ أحجار الزَّيت التي كانت بالسّوق، وسبى نساءهم وذراريهم، وقسّم أموالهم بين مَن حضر من المسلمين. وكانت خيل المسلمين ستًّا وثلاثين فرسًا. وأخرج حُيَيّ بنَ أخطب فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل أخزاك الله"؟ قَالَ له: ظهرتَ عليَّ وما ألوم إلّا نفسي في جهادك والشدة عليك. فأمر به فضُرِبَتْ عُنُقُه. كلّ ذَلِكَ بعين سعد1. وكان عَمْرو بن سعد اليهودي في الأسرى، فلما قدَّموه ليقتلوه ففقدوه فقيل: أين عَمْرو؟ قالوا: والله ما نراه، وإنّ هذه لرمّته2 التي كان فيها، فما ندري كيف انفلت؟ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أفلت بما علم الله في نفسه". وأقبل ثابت بن قيس بن شماس إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هب لي الزُّبَير؛ يعني: ابن باطا وامرأته. فوهبهما له، فرجع ثابت إلى الزُّبَير. فقال: يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني؟ -وكان الزبير يومئذٍ كبيرًا أعمى- قَالَ: هل ينكر الرجل أخاه؟ قَالَ ثابت: أردت أن أجزيك اليوم بيدك. قَالَ: أفعل، فإنّ الكريم يجزي الكريم، فأطلقه. فقال: لَيْسَ لي قائد، وقد أخذتم امرأتي وبَنيّ. فرجع ثابت إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسأله ذرّيَة الزُّبَير وامرأته، فوهبهم له، فرجع إليه فقال: قد ردّ إليك رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امرأتك وبنيك. قَالَ الزُّبير: فحائط لي فيه أعذق لَيْسَ لي ولأهلي عيش إلّا به. فوهب لَهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ له ثابت: أسلم. قال: ما فعل المجلسان؟ فذكر رجالا من قومه بأسمائهم. فقال ثابت: قد قُتِلوا وفُرِغ منهم، ولعلّ الله أنْ يهديك. فقال الزُّبَير: أسألك بالله وبيدي عندك إلّا ما ألحقتني بهم, فما في العيش خير بعدهم.   1 أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" "4/ 23"، وابن القيم في "زاد المعاد" "3/ 135"، وعزاه الهيثمي في "المجمع" "6/ 138, 139" للطبراني في "المعجم الكبير". 2 الرمة: القطعة من الحبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 فذكر ذلك ثابت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر بالزُّبَير فقتل. قَالَ الله تعالى في بني قُرَيْظة في سياق أمر الأحزاب: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ} يعين الذين ظاهروا قُريشًا: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا} [الأحزاب: 26] . وقال عُرْوَة في قوله: {وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} [الأحزاب: 27] . هي خَيْبَر. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِسَعْدٍ: "لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ"1. وقال البكّائي، عَنِ ابن إسحاق: فحبسهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي دار بنت الحارث النَّجَّارية، وخرج إلى سوق المدينة، فخندق بِهَا خنادق، ثُمَّ بعث إليهم فضرب أعناقهم في تِلْكَ الخنادق, وفيهم حُيَيّ بن أخطب، وكعب بن أسد رأس القوم، وهم ستمائة أو سبعمائة، والمكثر يقول: كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة. وقد قالوا لكعب وهو يذهب بهم إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسالًا2: يا كعب ما تراه يصنع بنا؟ قَالَ: أفي كل موطن لا تعقلون. أما ترون الدّاعي لا ينزع، وأنّه من ذهب منكم لا يرجع؟ هو والله القتْل. وأتى حُيَيّ بن أخطب وعليه حلة فقاحية قد شقّها من كل ناحية قدر أنمُلَة لئلّا يسلبها، مجموعة يداه إلى عُنُقه بحبل، فلما نظر إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أما والله ما لمت نفسي في عداوتك، ولكنه من يخذل الله يُخذل. ثُمَّ أقبل عَلَى النّاس فقال: أيّها النّاس إنّه لا بأس بأمر الله, كتاب وقدر وملحمة كُتبت عَلَى بني إسرائيل. ثُمَّ جلس فضُربت عُنُقُه. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ يُقْتَلْ مِنْ نِسَائِهِمْ إِلا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَتْ: إِنَّهَا وَاللَّهِ لَعِنْدِي تُحَدِّثُ مَعِي وَتَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا، وَرَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقْتُلُ رِجَالَهُمْ بِالسُّيُوفِ؛ إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ: يَا بِنْتَ فُلانَةٍ. قَالَتْ: أَنَا وَاللَّهِ. قُلْتُ: وَيْلَكِ، مَا لَكِ؟ قَالَتْ: أُقْتَلُ. قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَتْ: حَدَثٌ أَحْدَثْتُهُ. فَانْطَلَقَ بِهَا فَضُرِبَتْ عُنُقُهَا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ: صَيَاصِيهِمْ: حُصُونُهُمْ. وقال يونس، عَنِ ابن إسحاق: ثُمَّ بعث النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعدَ بن زيد، أخا بني عبد الأشهل بسبايا بني قُرَيْظة إلى نجد, فابتاع له بهم خيلًا وسلاحًا, وكأن النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد اصطفى لنفسه رَيْحانة بنت عَمْرو بن خنافة، وكانت عنده حتى تُوُفّي وهي في مِلْكه، وعرض عليها أن يتزوَّجها، ويضرب عليها الحجاب، فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ بل تتركني في مالك فهو أخفّ عليك وعليّ, فتركها. وقد كانت أوّلًا توقّفت عَنِ الإِسلام ثُمَّ أسلمت، فَسَرَّ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ. وفي ذي الحجة من هذه السنة:   1 مرسل: وأصله عند البخاري "4121". 2 أرسالا: طائفة بعد أخرى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 وفاة سعد بن مُعَاذ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ، رَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ1. فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ. فَلَمَّا رَجَعَ مِنَ الْخَنْدَقِ؛ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ كَلْمَهُ تَحَجَّرَ لِلْبُرْءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُمْ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ, وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتِي فِيهَا. قَالَ فَانْفَجَرَتْ لَبَّتُهُ2، فَلَمْ يَرُعْهُمْ -وَمَعَهُمْ أَهْلُ خَيْمَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ- إِلا وَالدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ جُرْحُهُ يَغِذُّ دَمًا3 فَمَاتَ مِنْهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رُمِيَ سَعْدٌ يَوْمَ الأَحْزَابِ فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ، فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّارِ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَتَرَكَهُ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَحَسَمَهُ أُخْرَى. فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ لا تُخْرِجْ نفسي حتى تقر عيني من   1 عرق في وسط الذراع. 2 لبته: نحره. 3 في"صحيح البخاري": فإذا سعد يغذو جرحه دمًا. 4 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 50, 51" ومسلم "1769" كتاب: الجهاد والسير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 بَنِي قُرَيْظَةَ. فَاسْتَمْسَكَ عِرْقَهُ فَمَا قَطَرَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ. حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَكَمَ أَنْ يُقْتَلَ رِجَالُهُمْ وَيُسْتَبِيَ نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ: وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِهِمْ، انْفَتَقَ عِرْقُهُ فَمَاتَ. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ رَاهُوَيْهِ: ثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ -يَعْنِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ- وَشَيَّعَ جِنَازَتَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلِكٍ، لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ" 1. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ: اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ فَرَحًا بِرُوحِهِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّجَّارِ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَنْ هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي مَاتَ؛ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتَحَرَّكَ الْعَرْشُ؟ قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَبْرِهِ وَهُوَ يُدْفَنُ، فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ". مَرَّتَيْنِ, فَسَبَّحَ الْقَوْمُ. ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ". فَكَبَّر الْقَوْمُ. فَقَالَ: "عَجِبْتُ لِهَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ حَتَّى كَانَ هَذَا حِينَ فُرِّجَ لَهُ" 2. ذَكَرَ بَعْضَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شِئْتُ مِنْ رِجَالِ قَوْمِي أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- في جوف الليل معتجرًا بِعِمَامَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ هَذَا الْمَيِّتُ الَّذِي فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ؟ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُبَادِرًا إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَوَجَدَهُ قَدْ قُبِضَ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ رَجُلا بَادِنًا، فَلَمَّا حَمَلَهُ النَّاسُ وَجَدُوا لَهُ خِفَّةً. فَقَالَ رِجَالٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَبَادِنًا وَمَا حَمَلْنَا مِنْ جِنَازَةٍ أَخَفَّ مِنْهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:   1 "صحيح": أخرجه النسائي "4/ 100" في الجنائز: باب ضمة القبر وضغطه، وابن سعد "3/ 2/ 9"، وانظر: "صحيح الجامع" "6987". 2 رواه أحمد "3/ 360، 377"، وصححه الحاكم "3/ 306" مختصرًا، ووافقه الذهبي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 "إِنَّ لَهُ حَمَلَةً غَيْرَكُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدِ اسْتَبْشَرَتِ الْمَلائِكَةُ بِرُوحِ سَعْدٍ وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ". وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَأَلَ بَعْضَ أَهْلِ سَعْدٍ: مَا بَلَغَكُمْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا؟ فَقَالُوا: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: كَانَ يُقَصِّرُ فِي بَعْضِ الطُّهُوِر مِنَ الْبَوْلِ. وقال يزيد بن هارون: أنا محمد بن عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عن عائشة قلت: خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ، فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الأَرْضِ: تَعْنِي حِسَّ الأَرْضِ وَرَائِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ يَحْمِلُ مِجَنَّهُ. فَجَلَسْتُ، فمر سعد وهو يقول: ليث قليلًا يُدْرِكِ الهَيْجا حَمَلْ ... مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الأَجَلْ قَالَتْ: وَعَلَيْهِ دِرْعٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ، فَتَخَوَّفْتُ عَلَى أَطْرَافِهِ، وَكَانَ من أطول النَّاسِ وَأَعْظَمِهِمْ. قَالَتْ: فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً، فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ فِيهِمْ عُمَرُ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ مِغْفَرٌ. فَقَالَ لِي عُمَرُ: مَا جَاءَ بكِ؟ وَاللَّهِ إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ، وَمَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يُصِيبُوا تَحُوُّزًا وَبَلاءً. فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ سَاعَتِي ذِي فَدَخَلْتُ فِيهَا. فَرَفَعَ الرَّجُلُ الْمِغْفَرَ عَنْ وَجْهِهِ، فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ وَالْفِرَارُ إِلا إِلَى اللَّهِ؟ قَالَتْ: وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ، بِسَهْمٍ، فَقَالَ: خُذْهَا، وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ. فَأَصَابَ أكْحَلَهُ. فَدَعَا اللَّهَ سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حتى تشفيني من قريظة. كانوا مَوَالِيهِ وَحُلَفَاءَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَرَقَأَ كَلْمُهُ1 وَبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. وَسَاقَتِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَفِيهِ قَالَتْ: فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ وَقَدْ كَانَ بَرِئَ حَتَّى مَا يُرَى مِنْهُ إِلا مِثْلُ الْخَرْصِ, وَرَجَعَ إِلَى قُبَّتِهِ. قَالَتْ: وَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَإِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ، وَأَنَا فِي حُجْرَتِي، وَكَانُوا كَمَا قَالَ الله تعالى {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} . قَالَ: فَقُلْتُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ؟ قَالَتْ: كَانَتْ عَيْنَاهُ لا تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وجد فإنما هو آخذ بلحيته2.   1 الكلم: الجرح. 2 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 141, 142". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأُتِيَ به محمولا على حمر وَهُوَ مُضْنًى مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالَ لَهُ: "أشِرْ عَلَيَّ فِي هَؤُلاءِ". فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ فِيهِمْ بِأَمْرٍ أَنْتَ فَاعِلُهُ. قَالَ: "أَجَلْ، وَلَكِنْ أَشِرْ عَلَيَّ فِيهِمْ". فَقَالَ: لَوْ وُلِّيتُ أَمْرَهُمْ قَتَلْتُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَيْتُ ذَرَارِيَّهُمْ وَقَسَّمْتُ أَمْوَالَهُمْ. فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ أَشَرْتَ فِيهِمْ بِالَّذِي أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ عَامِرَ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا حَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يُقْتَلَ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ حَكَمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ الذي حكم به" من فوق سبع سماوات1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أنا يَزِيدُ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: لَمَّا قَضَى سَعْدٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمَّ رَجَعَ انْفَجَرَ جُرْحُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُ فَأَخَذَ رَأْسَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ إِذَا مُدَّ عَلَى وَجْهِهِ بَدَتْ رِجْلاهُ، وَكَانَ رَجُلا أَبْيَضَ جَسِيمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنَّ سَعْدًا قَدْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ وَصَدَّقَ رَسُولَكَ وَقَضى الَّذِي عَلَيْهِ، فَتَقَبَّلْ رُوحَهُ بِخَيْرِ مَا تَقَبَّلْتَ رُوحَ رَجُلٍ". فَلَمَّا سَمِعَ سَعْدٌ كَلامَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَحَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: وَأُمُّهُ تَبْكِي وَتَقُولُ: وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... حَزَامَةً وَجِدَّا فَقِيلَ لَهَا: أَتَقُولِينَ الشِّعْرَ عَلَى سَعْدٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهَا فَغَيْرُهَا مِنَ الشُّعَرَاءِ أَكْذَبُ". وقال عبد الرحمن بن الغسيل، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ محمود بن لبيد قَالَ: لما أُصيب أَكْحَلُ سعدٍ حولوه عند امرأةٍ يقال لَهَا رُفَيْده، وكانت تداوي الجَرْحَى، قَالَ: وكان النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا مرّ به يَقْولُ: "كيف أصبحت"؟ وإذا أمسى قَالَ: "كيف أمسيتَ"؟ فتخبره، فذكر القصّة. وقال: فأسرع النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المشي إلى سعد، فشكا ذَلِكَ إليه أصحَابه، فقال: "إنّي أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة".   1 هذا الحديث في "الصحيحين" دون قوله: "من فوق سبع سموات" فهو ضعيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 فانتهى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى البيت وهو يغسل، وَأُمُّهُ تَبْكِي وَتَقُولُ: وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... حَزَامَةً وجِدّا فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلّ نائحة تكذب إلّا أمّ سعد". ثُمَّ خرج به فقالوا: ما حَمَلْنا ميتًا أخفَّ منه. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يمنعه أن يَخِفّ عليكم وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قطّ، قد حملوه معكم" 1. وقال شُعبة: أخبرني سِماك بن حرب، سَمِعْتُ عبد الله بنَ شدّاد يَقْولُ: دَخَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سعد بن مُعاذ وَهوَ يكيد بنفسه فقال: "جزاك الله خيرًا من سيّد قومٍ، فقد أنجزت الله ما وعدْتَه وليُنْجزنَّك الله ما وَعَدَكَ". وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ شَهِدَ سَعْدًا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَمْ يَنْزِلُوا إِلَى الأَرْضِ. زَادَ غَيْرُهُ: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ: عن ابن عمر. وقال شبابة: أنا أبو معشر، عن المقبري قال: لَمَّا دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعْدًا قَالَ: "لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ لَنَجَا سَعْدٌ وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً اخْتَلَفَتْ فِيهَا أَضْلاعُهُ مِنْ أَثَرِ الْبَوْلِ" 2. وقال يزيد بن هارون: أنا محمد بن عمرو، عَنْ محمد بن المنكدر, عَنْ محمد بن شُرَحبيل، أن رجلًا أخذ قبضةً من تراب قبر سعد يوم دُفِن، ففتحها بعد فإذا هي مِسْك. وقال محمد بن موسى الفِطري: أنا مُعاذ بن رِفاعة الزُّرقي قَالَ: دُفن سعد بن مُعاذ إلى أُسّ دار عقيل بن أبي طَالِب. قَالَ محمد بن عَمْرو بن عَلْقَمَةَ حدّثني عاصم بن عُمَر بن قَتَادَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استيقظ فجاءه جبريل، أو قَالَ: مَلَكٌ, فَقَالَ: من رجل من أُمَّتك مات الليلة استبشر بموته أهلُ السماء؟ قَالَ: "لا أعلمه، إلّا أنّ سعد بن مُعاذ أمسى دنيّا. ما فعل سعد"؟ قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُبِض, وجاء قومُه فاحتملوه إلى دارهم. فصلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-   1 أخرجه ابن سعد "3/ 2/ 7, 8" وحسنه الأرنئوط في "سير أعلام النبلاء" "1/ 287" الهامش. 2 تقدم ما يشهد لهذا الرواية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 بالنّاس الصُّبح، ثُمَّ خرج وخرج النّاس مشيًا حتى إنّ شسوع نعالهم تقطع من أرجلهم وإنّ أرديتهم لتسقُط من عواتقهم، فقال قائل: يَا رَسُولَ اللَّهِ قد بَتَتَّ النّاس مشيًا. قَالَ: "أخشى أن تسبقنا إليه الملائكة كما سبقتنا إلى حنظلة". قَالَ شُعْبَةُ: أنا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إن لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً، وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا لَنَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ". وَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قال: لما انفجر جرح سعد بْنُ مُعَاذٍ الْتَزَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فقال: وا كسر ظَهْرَاهُ. فَقَالَ: "مَهْ يَا أَبَا بَكْرٍ". ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. رَوَى عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا: "لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ لَنَجَا مِنْهَا سَعْدٌ". وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا، وَمَا فِيهِ صَفِيَّةُ. وَلَيْسَ هَذَا الضَّغْطُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي شَيْءٍ. بَلْ هُوَ مِنْ رَوْعَاتِ الْمُؤْمِنِ كَنَزْعِ رُوحِهِ، وَكَأَلَمِهِ مِنْ بُكَاءِ حَمِيمِهِ، وَكَرَوْعَتِهِ مِنْ هُجُومِ مَلَكَيِ الامْتِحَانِ عَلَيْهِ، وَكَرَوْعَتِهِ يَوْمَ الْمَوْقِفِ وَسَاعَةَ وُرُودِ جَهَنَّمَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ, نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِنَا. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أنا مُحَمَّدُ بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ما كان أحد أَشَدَّ فَقْدًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصاحبيه أو أحدهما مِنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أنا عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ، عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَجُلا أَبْيَضَ طِوَالا جَمِيلا، حَسَنَ الْوَجْهِ، أَعْيَنَ، حَسَنَ اللِّحْيَةِ. فَرُمِيَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ سَنَةَ خَمْسٍ فَمَاتَ مِنْهَا، وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ. وقال أبو معاوية، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ". وَقَالَ عَوْفٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا: أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لأُمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: "أَلا يَرْقَأُ دَمْعُكِ وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ بِأَنَّ ابْنَكِ أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللَّهُ لَهُ وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ"؟ 1 وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ جَدَّتِهِ رُمَيْثَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، -وَلَوْ أَشَاءُ أَنْ أُقَبِّلَ الْخَاتَمَ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ قُرْبِي مِنْهُ لَفَعَلْتُ- يَقُولُ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَوْمَ مَاتَ: "اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللَّهِ سَعْدًا. قَالَ: إِنَّمَا يَعْنِيَ السَّرِيرَ. قَالَ: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} قَالَ: تَفَسَّخَتْ أَعْوَادُهُ. قَالَ: وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْرَهُ فَاحْتُبِسَ، فَلَمَّا خَرَجَ, قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا حَبَسَكَ؟ قَالَ: "ضُمَّ سَعْدٌ فِي الْقَبْرِ ضَمَّةً فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ". وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى بِثَوْبٍ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ لِينِهِ فَقَالَ: "إِنَّ مَنَادِيلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَلْيَنُ مِنْ هَذَا". مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ2. وَقَالَ يزيد بن هارون: أنا محمد بن عمرو، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ وكان واقد من أعظم الناس وأطولهم؛ فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. فَقَالَ: إِنَّكَ بِسَعْدٍ لَشَبِيهٌ، ثُمَّ بَكَى فَأَكْثَرَ الْبُكَاءَ. ثُمَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا، كَانَ مِنْ أعظم الناس وأطولهم. ثُمَّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَيْشًا إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ، فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجبة من ديباج منسوجة فِيهَا الذَّهَبُ، فَلَبِسَها رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَمْسَحُونَهَا وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذِهِ الْجُبَّةِ"؟ قَالُوا: يَا رسول الله مَا رَأَيْنَا ثَوْبًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ. قَالَ: "فَوَاللَّهِ لَمَنادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِمَّا تَرَوْنَ". قلت: هو سعد بن مُعاذ بن النُّعمان بن امرئ القَيْس بن زيد بن عبد الأشهل بن   1 قال الهيثمي في "المجمع" "9/ 309": رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي في "تلخيصه". 2 أخرجه مسلم "2468" عن البراء -رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 الحارث بن الخزرج بْن عَمْرو بْن مالك بْن الأوس؛ أخي الخزرج؛ وهما ابنا حارثة بن عَمْرو؛ ويُدعى حارثة العنقاء؛ وإليه جماع الأوس والخزرج أَنْصَارَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُيكنى سعد أبا عَمْرو، وأمّه المذكورة كَبْشة بنت رافع الأنصارية، من المُبايعات, أسلم هو وأسيد بن الحُضَير عَلَى يد مُصْعب بن عُمَيْر, وكان مُصْعب قَدِم المدينة قبل العقبة الآخرة يدعو إلى الإسلام ويُقْرئ القرآن, فلما أسلم سعد لم يبق من بني عبد الأشهل -عشيرة سعد- أحدٌ إلّا أسلم يومئذٍ. ثُمَّ كان مُصْعب في دار سعد هو وأسعد بن زرارة،، يدعون إلى الله, وكان سعد وأسعد ابني خالة, وآخى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين سعد بن مُعاذ وأبي عُبَيْدة بن الجرّاح. قاله ابن إسحاق. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرِهِ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. شهد سعد بدرًا، وَثَبَتَ مَع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم أُحُد حين ولّى النّاس. رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ، ثنا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ الْحُمَّى, فَقَالَ: "مَنْ كَانَتْ بِهِ فَهِيَ حَظُّهُ مِنَ النَّارِ". فَسَأَلَهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَبَّهُ، فَلَزِمَتْهُ فَلَمْ تُفَارِقْهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. وكان لسعد من الولد: عَمْرو، وعبد الله، وأمُّهما: عمّة أسيد بن الحُضَير هند بنت سماك من بني عبد الأشهل، صحابيّة. وكان تزوّجها أوس بن مُعاذ أخو سعد -وقيل: عبد الله بن عَمْرو بن سعد- يوم الْحَرَّةِ. وكان لعمرو من الولد: واقد بن عَمْرو، وجماعة قِيلَ: إنّهم تسعة. وقتل عَمْرو وأخو سعد بن مُعاذ يوم أُحد. وقتل ابن أخيهما الحارث بن أوس يومئذٍ شابًا, وقد شهدوا بدرًا, والحارث أصابه السيف ليلة قتل كعب بن الأشرف، واحتمله أصحابه, وشهد بعد ذَلِكَ أُحُدًا. روى عَنْ سعد بن مُعاذ: عبد الله بن مسعود، وقصّته بمكة مع أُميَّة بن خلف، وذلك في صحيح البخاري. وحصن بني قُرَيْظة عَلَى أميالٍ من المدينة، حاصرهم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمسًا وعشرين ليلة. واستشهد من المسلمين: خلّاد بن سُويد الأنصاري الخزرجي، طُرحت عليه رَحَى، فَشَدَخَتْه. ومات في مدّة الحصار أبو سنان بن محصَن، بدري مهاجري، وهو أخو عكّاشة بن مِحصَن الأسدي. شهد هو وابنه سِنان بدْرًا. ودُفن بمقبرة بني قُرَيْظة التي يتدافن بِهَا من نزل دُورهم من المسلمين. وعاش أربعين سنة. ومنهم من قَالَ: بقي إلى أن بايع تحت الشَّجرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 إسلام ابني سَعْيَة وأسد بْن عُبَيْد: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عاصم بْن عُمَر بْن قَتَادَة، عَنْ شيخ من بني قُرَيْظة قَالَ: هل تدري عَمَّ كَانَ إسلامُ ثَعْلَبَة وأسد ابني سَعْيَة، وأسد بْن عُبَيْد، نفر من هَدْل، لم يكونوا من بني قُرَيْظة ولا نَضير، كانوا فوق ذَلِكَ، قلت: لا. قَالَ: إنّه قدِم علينا رَجُل من الشام يهوديّ، يقال لَهُ ابن الهَيْبَان، ما رأينا خيرًا منه. فكنّا نقول إذا احتبس المطر: استسْق لنا. فيقول: لا والله، حتى تُخْرِجوا صدقة صاعٍ من تمر أو مُدَّيْن من شعير. فنفعل، فيخرج بنا إلى ظاهر حرّتنا. فَوَالله ما يبرح مجلسه حتى تمر بنا الشعاب بسيل. وفعل ذَلِكَ غير مرّة ولا مرتين. فلما حضرته الوفاة قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ؛ مَا تَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إِلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ والجوع؟ قُلْنَا: أنت أعلم. قَالَ: أخرجني نبيُّ أتوقعه يُبعث الآن فهذه البلدة مُهَاجره، وإنّه يُبعث بسفك الدماء وسبي الذرية، فلا يمنعنّكم ذَلِكَ منه ولا تُسبقنَّ إِلَيْهِ. ثُمَّ مات. زاد يونس بْن بُكَيْر فِي حديثه: فلما كانت الليلة التي افتُتِحت فيها قُرَيْظة قَالَ أولئك الثلاثة، وكانوا شبابًا أحداثًا: يا معشر يهود، هذا الَّذِي كَانَ ذكر لكم ابن الهَيبان. قَالُوا: ما هُوَ؟ قَالُوا: بلى والله إنّه لهو بصفته. ثُمَّ نزلوا فأسلموا وخلُّوا أموالَهم وأهلَهم1، وكانت فِي الحصن، فلما فتح رد ذلك عليهم.   1 راجع ترجمة أسد بن سعية في "الإصابة" لابن حجر "14/ 33". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 أحداث السنة السادسة غزوة الغابة ... أحداث السنة السادسة: قَالَ البكّائي، عَنِ ابن إِسْحَاق: ثُمَّ أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة ذا الْحَجَّةِ والمحرَّم وصَفَرًا وشهرَيْ ربيع، وخرج فِي جُمَادى الأولى إلى بني لحْيان يطلب بأصحاب الرَّجيع: خُبَيْب بْن عَدِيّ وأصحابه، وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوة غرة، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤس الجبال. فقال: لو أن هبطنا عُسْفان لرأى أهلُ مكة أنّا قد جئنا مكة. فهبط فِي مائتي راكب من أصحابه حتى نزلوا عسفان. ثم بعث فارسَيْن من أصحابه حتى بلغا كِراعَ الغَمِيم، ثُمَّ كَرّا. وراح قافلًا. غزوة الغابة: أو غزوة ذي قرد: ثم قدم فأقام بِهَا ليالي، فأغار عُيَيْنَة بْن حصْن فِي خيل من غَطفان عَلَى لِقَاحِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالغابة1، وفيها رَجُل من بني غِفار وامرأة، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة فِي اللّقاح. وكان أوّل من نذر بهم سَلَمَةُ بْن الأكْوَع، غدا يريد الغَابة ومعه غلام لطلحة بْن عُبَيْد الله معه فَرَسه، حتى إذا علا ثَنِيَّةَ الوداع2 نظر إلى بعض خيولهم فأشرف فِي ناحية من سَلْع، ثم صرخ: وا صباحاه، ثُمَّ خرج يشتدّ فِي آثار القوم، وكان مثل السّبع، حتى لحق بالقوم, وجعل يردّهم بنَبْله، فإذا وُجّهت الخيل نحوه هرب ثُمَّ عارضهم فإذا أمكنه الرمْي رمى. وبلغ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ فصرخ بالمدينة: الفزع الفَزَعَ. فنزلت الخيول إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان أول من انتهى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الفرسان المِقداد وعَبّاد بْن بشْر، وأسيد بْن ظُهَيْر، وعُكّاشة بْن مِحْصَن وغيرهم. فأمر عليهم سعدَ بْن زيد، ثُمَّ قَالَ: "أخرج فِي طلب القوم حتى ألحقك بالنّاس". وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما بلغني لأبي عَيّاش: "لو أعطيت فرسك رجلًا منك". فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أفرس النّاس, وضربت الفرسَ فَوَالله ما مشى بي إلّا خمسين ذراعًا حتى طرحني فعجبت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لو أعطيته أفرس منك وجوابي لَهُ". ولم يكن سَلَمَةَ بْن الأكْوَع يومئذٍ فارسًا، وكان أوّل من لحق القومَ عَلَى رِجْلَيْه. وتلاحق الفُرسان فِي طلب القوم, فأول من أدركهم محرز بن نضلة الأسدي.   1 موضع قرب المدينة من ناحية الشام، بينه وبين سلع ثمانية أميال. 2 ثنية الوداع: هي ثنية مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 فأدركهم ووقف بين أيديهم ثُمَّ قَالَ: قفوا يا معشر بني اللّكيعَة حتى يلحق بكم من وراءكم من المسلمين. فحمل عَلَيْهِ رَجُل منهم فقتله, ولم يُقتل من المسلمين سواه. قَالَ عَبْد الملك بْن هشام: وَقُتِل من المسلمين وقاص بْن مجزّز المُدْلجِي. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ عَنْ عبد الله بْن كعب بْن مالك، أَنَّ مُجَزِّزًا إِنَّمَا كَانَ عَلَى فَرَسِ عُكَّاشَةَ يُقَالُ لَهُ الْجنَاحُ، فَقُتِلَ مُجَزِّزٌ وَاسْتُلِبَ الْجنَاحُ. وَلَمَّا تَلاحَقَتِ الْخَيْلُ قَتَلَ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، حَبِيبَ بْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وَغَشَّاهُ بِبُرْدِهِ، ثُمَّ لَحِقَ بِالنَّاسِ. وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَرْجَعُوا وَقَالُوا: قُتِلَ أَبُو قَتَادَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ بِأَبِي قَتَادَةَ وَلَكِنَّهُ قَتِيلٌ لأَبِي قَتَادَةَ وَضَعَ عَلَيْهِ بُرْدَهُ لِيَعْرِفُوا بِهِ صَاحِبَهُ". وَأَدْرَكَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أوبَارًا وَابْنَهُ عَمْرَو بْنَ أوبَارٍ، كِلاهُمَا عَلَى بَعِيرٍ، فانتظمهما بالرمح فقتلهما جميعًا. واستنقذوا بَعْضَ اللِّقَاحِ. وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلَ بِالْجَبَلِ مِنْ ذِي قَرَدٍ، وَتَلاحَقَ النَّاسُ بِهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَقَالَ سَلَمَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لو سرحتني في مائة رجل لاستنقذت بَقِيَّةَ السَّرْحِ وَأَخَذْتُ بِأَعْنَاقِ الْقَوْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما بلغني: "إِنَّهُمُ الآنَ لَيُغْبَقُونَ فِي غَطَفَانَ". فَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَصْحَابِهِ، فِي كُلِّ مِائَةِ رَجُلٍ، جَزُورًا. وَأَقَامُوا عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ: وَانْفَلَتَتِ امْرَأَةُ الْغِفَارِيِّ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ إِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ أَنْ أَنْحَرَهَا إِنْ نَجَّانِي اللَّهُ عَلَيْهَا. قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا أَنْ حَمَلَكِ اللَّهُ عَلَيْهَا وَنَجَّاكِ بِهَا ثُمَّ تَنْحَرِينَهَا، إِنَّهُ لا نَذْرَ فِيمَا لا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ إِنَّمَا هِيَ نَاقَةٌ مِنْ إِبِلِي، ارْجِعِي عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ". قُلْتُ: هَذِهِ الْغَزْوَةُ تُسمَّى غَزْوَةَ الْغَابَةِ، وَتُسمَّى غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ1. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ, إِنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَنَّهَا زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ2. قَالَ أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ: أَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سلمة بن   1 ذو قرد: ماء على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر. 2 أخرجه مسلم "1807" في "كتاب الجهاد والسير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَباحٌ -غُلَامُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجْتُ بِفَرَسٍ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أُنَدِّيَهُ1 مَعَ الْإِبِلِ. فَلَمَّا كَانَ بِغَلَسٍ، أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَتَلَ رَاعِيهَا وَخَرَجَ يَطْرُدُهَا وَأُنَاسٌ مَعَهُ فِي خَيْلٍ. فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ اقْعُدْ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ فَأَلْحِقْهُ بِطَلْحَةَ وَأَخْبِرْ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخبر. فَقُمْتُ عَلَى تَلٍّ فَجَعَلْتُ وَجْهِي مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ نَادَيْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: يَا صَبَاحَاهُ. ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ مَعَ سَيْفِي وَنَبْلِي فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ وَذَلِكَ حِينَ يَكْثُرُ الشَّجَرُ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ جَلَسْتُ لَهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَمَيْتُ، فَلَا يُقْبِلُ عَلِيَّ فَارِسٌ إِلَّا عَقَرْتُ بِهِ. فَجَعَلَتْ أَرْمِيهِمْ وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الْأكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَلْحَقُ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَرْمِيهِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَةِ رَحْلِهِ، فَيَقَعُ سَهْمِي فِي الرَّحْلِ حَتَّى انْتَظَمَتْ كَتِفُهُ، فَقُلْتُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ. وَكُنْتُ إِذَا تَضَايَقَتِ الثَّنَايَا عَلَوْتُ عَلَى الْجَبَلِ فَرَدَأْتُهُمْ2 بِالْحِجَارَةِ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنُهُمْ أَتَّبِعُهُمْ فَأَرْتَجِزُ، حتى ما خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ سَرْحِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا خَلَّفْتُهُ وَرَائِي وَاسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ. ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ رُمْحًا وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً يَسْتَخِفُّونَ مِنْهَا3، وَلَا يُلْقُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا جَعَلْتُ عَلَيْهِ حِجَارَةً وَجَمَعْتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا مُدَّ الضُّحَاءُ4 أَتَاهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ مَدَدًا لَهُمْ، وَهُمْ فِي ثَنِيَّةٍ ضَيِّقَةٍ. ثُمَّ عَلَوْتُ الْجَبَلَ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى؟ قَالُوا: لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحِ، مَا فَارَقَنَا سَحَرًا حَتَّى الْآنَ وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ فِي أَيْدِينَا وَجَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ. فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لَوْلَا أَنَّ هَذَا يَرَى أَنَّ وَرَاءَهُ مَدَدًا لَقَدْ تَرَكَكُمْ، لِيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ. فَقَامَ إِلَيَّ أَرَبَعَةٌ فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ. فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمُ الصَّوْتَ قُلْتُ: أَتَعْرِفُونِي؟ قَالُوا: وَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لَا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني.   1 أنديه: أي يوردها فتشرب قليلا ثم يرعاها قليلا ثم يردها إلى الماء. 2 أي: رماهم بها. 3 أي: يخففون من أحمالهم. 4 الضحاء: أكلة الضحى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنِّي أَظُنُّ؛ يَعْنِي كَمَا قَالَ. فَمَا بَرِحْتُ مَقْعَدِي ذَلِكَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى فَوَارِسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، وَإِذَا أَوَّلُهُمُ الْأَخْرَمُ الْأَسَدِيُّ، وَعَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ، وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقدَادُ. فَوَلَّى الْمُشْرِكوُنَ. فَأنْزلُ مِنَ الْجَبَلِ فَأعْرضُ لِلأَخْرَمِ فَآخذُ عِنَانَ فَرَسِهِ فَقُلْتُ: يَا أَخْرَمُ أَنْذِرِ الْقَوْمَ يَعْنِي أُحَذْرُهُمْ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَقْطَعُوكَ، فَاتَّئِدْ حَتَّى يَلْحَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عِنانَ فَرَسِه فَيَلْحَقُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ، فَعَقَرَ الْأَخْرَمُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ. وَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الْأَخْرَمِ فَيَلْحَقُ أَبُو قَتَادَةَ بِهِ، فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ، فَعقَرَ بِأَبِي قَتَادَةَ، وَقَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ، وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِ الْأَخْرَمِ. ثُمَّ خَرَجْتُ أَعْدُو فِي أَثَرِ الْقَوْمِ حَتَّى مَا أَرَى مِنْ غُبَارِ أَصْحَابِي شَيْئًا. وَيَعْرِضُونَ قَبْلَ الْمَغِيبِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يُقَالَ لَهُ ذُو قَرَدٍ، فأرادوا أن يشربوا منه، فأبصروني أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فَعَطَفُوا عَنْهُ وَاشْتَدُّوا فِي الثَّنِيَّةِ، ثَنِيَّةِ ذِي دَبْرٍ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَلْحَقُ رَجُلا فَأَرْمِيهِ فَقُلْتُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَع. قَالَ فَقَالَ: يَا ثُكْلَ أُمِّي، أَكْوَعِيٌّ بُكْرَةً؟ 1 قُلْتُ: نَعَمْ يَا عُدوَّ نَفْسِهِ، وَكَانَ الَّذِي رَمَيْتُهُ بُكْرَةً، فَأَتْبَعْتُهُ سَهْمًا آخَرَ فَعَلِقَ بِهِ سَهْمَانِ. وَيُخَلِّفُونَ فَرَسَيْنِ فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ ذُو قَرَدٍ؛ فَإِذَا نَبِيُّ اللَّهِ فِي خَمْسِمِائَةٍ، وَإِذَا بِلَالٌ قَدْ نَحَرَ جَزُورًا مِمَّا خَلَّفْتُ، فَهُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ مِنْ أَصْحَابِكَ مِائَةً وَاحِدَةً فَآخُذُ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْعَشْوَةِ فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ قَالَ: "أكُنْتَ فَاعِلا يَا سَلَمَةُ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُمْ يُقْرَوْنَ الآنَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ قَالَ: مُرُّوا عَلَى فُلانٍ الْغَطَفَانِيِّ فَنَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا، فَلَمَّا أَخَذُوا يَكْشِطُونَ جِلْدَهَا رَأَوْا غَبَرَةً فَتَرَكُوهَا وَخَرَجُوا هِرَابًا. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ. وَأَعْطَانِي سَهْمَ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ جَمِيعًا. ثُمَّ أَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ على العصباء راجعين إلى المدينة.   1 أكوعي بكرة؛ أي: أأنت الأكوع الذي كنت تتبعنا بكرة اليوم؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا قَرِيبًا مِنْ صَحْوَةٍ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لا يُسْبَقُ، فَجَعَلَ يُنَادِي: هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ؟ وَكَرَّرَ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لَهُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا وَلا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قَالَ: لا، إِلا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي وَأُمِّي خَلِّنِي فَلأُسَابِقْهُ. قَالَ: "إِنْ شِئْتَ". قُلْتُ: أذْهَبُ إِلَيْكَ. فَطَفَرَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ فَطَفَرْتُ عَنِ النَّاقَةِ. ثُمَّ إِنِّي رَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ؛ يَعْنِيَ اسْتَبْقَيْتِ نَفْسِي، ثُمَّ إِنِّي غَدَوْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ فَأَصُكَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِيَدِي. قُلْتُ: سَبَقْتُكَ وَاللَّهِ. فَضَحِكَ وَقَالَ: أَنَا أَظُنُّ. فَسَبَقْتُهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ هَاشِمٍ1. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْحَرَّانِيِّ بِمِصْرَ، وَعَلَى أَبِي حَسَنِ علي بن أَحْمَدَ الْهَاشِمِيِّ بِالْإِسْكَنْدَرِيَةِ، وَعَلَى أَبِي سَعِيدٍ سُنْقُرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِحَلَبَ، وَعَلَى أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَقْدِسِيِّ بِقَاسِيُونَ، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْفَقِيهِ، وَأَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ مَحَاسِنَ، وَعُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَدِيبُ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ رُوزَبَةَ. ح وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحُسَيْنِ الْيُونِينِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ الْعَبَّاسِيِّ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُثْمَانَ الْفَقِيهُ، وَمُحَمَّدِ بْنِ حَازِمِ، وَعَلِيِّ بْنِ بَقَاءٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَزِيزٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ؛ أَخْبَرَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الزُّبَيْدِيِّ؛ قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَمَّوَيْهِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، ثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الْغَابَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الْغَابَةِ لَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قُلْتُ: وَيْحُكَ مَا بِكَ؟ قَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ. فَصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَاتٍ أسمعت ما بين لابتيها: يا صباحاه، يَا صَبَاحَاهُ. ثُمَّ انْدَفَعْتُ حَتَّى أَلْقَاهُمْ وَقَدْ أَخَذُوهَا، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا. فَأَقْبَلْتُ بِهَا أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رسول الله إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ، وَإِنِّي أَعْجَلْتُهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُمْ، فَابْعَثْ فِي أَثَرِهِمْ فَقَالَ: "يَابْنَ الْأَكْوَعِ مَلَكْتَ فَأَسْجِعْ، إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ فِي قَوْمِهِمْ" 1.   1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1807" كتاب: الجهاد والسير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 مقتل ابن أبي الحُقَيْق: وهو سلّام بْن أبي الحُقَيْق؛ وقيل: عَبْد الله بْن أَبِي الحُقَيْق اليهودي، لعنه الله. قَالَ البكّائي، عَنِ ابن إِسْحَاق: ولما انقضى شأن الخندق وأمرُ بني قُرَيْظة، وكان سلّام بْن أَبِي الحُقَيْق أَبُو رافع فيمن حزَّب الأحزاب عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكانت الأوس قبل أحد قتلت كعب بن الأشرف. فاستأذنت الخزرجُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قتل ابن أبي الحُقَيْق وهو بخيبر، فأَذِن لهم. وحدّثني الزُّهري، عَنْ عَبْد الله بْن كعب بْن مالك قَالَ: كَانَ مما صنع الله لرسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنّ هذين الحيَّيْن من الأنصار كانا يتصاولان مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تصاول الفحلين لا تصنع الأوس شيئًا فيه غناء عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا قَالَتْ الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلًا علينا عِنْدَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي الْإِسْلَام. فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلَها. وإذا فعلت الخزرج شيئًا قَالَتْ الأوس مثل ذَلِكَ. ولما أصابت الأوس كعبَ بْن الأشرف في عداوته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلًا علينا. فتذاكروا من رَجُل لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- كابن الأشرف، فذكروا ابن أَبِي الحُقَيْق وهو بخيبر. فاستأذنوا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأذن لهم. فخرج إِلَيْهِ من الخزرج خمسة من بني سَلَمَةَ: عَبْد الله بْن عَتيك، ومسعود بْن سنان، وعبد الله بْن أنيس، وأبو قَتَادة بْن ربعي، وآخر هُوَ أسود بْن خُزَاعيّ، حليف لهم. فأمر عليهم ابن عَتيك، فخرجوا حتى قدِموا خيبر، فأتوا دار ابن أَبِي الحُقَيْق ليلًا، فلم يَدعوا بيتًا فِي الدار إلّا أغلقوه عَلَى أهله، ثُمَّ قاموا عَلَى بابه فاستأذنوا، فخرجت إليهم امرأته فقالت: من أنتم؟ قالوا: نلتمس الميرة. قالت: ذاك صاحبكم، فادخلوا عَلَيْهِ. قَالَ: فلما دخلنا عَلَيْهِ أغلقنا علينا وعليها الحُجْرة تخوُّفًا أن يكون دونه مجاولة تحول بيننا وبينه.   1 أخرجه البخاري في "كتاب المغازي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 قَالَ: فصاحت امرأته فنَّوَهت بنا، وابتدرناه وهو عَلَى فراشه، والله ما يدلّنا عَلَيْهِ فِي سواد البيت إلّا بياضه، كأنّه قِبْطِيّة1 مُلْقاه. فلما صاحت علينا جعل الرجل منّا يرفع سيفه عليها ثُمَّ يذكر نَهْيَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قتل النساء، فيكف يده, فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عَلَيْهِ عَبْد الله بن أنيس فِي بطنه حتى أنفذه، وهو يَقْولُ: قطني قطني، أي حسبي. قَالَ: وخرجنا، وكان ابن عتيك سيئ البصر فوقع من الدرجة، فوثِئَتْ يدُه وَثْئًا شديدًا وحملناه حتى نأتي مَنْهَرًا من عيونهم فندخل فِيهِ. فأوقدوا النّيران واشتدّوا فِي كلّ وجه يطلبوننا، حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه. فقلنا: كيف لنا بأن نعلم أنّه هلك؟ فقال رَجُل منّا: أَنَا أذهب فأنظر لكم. فانطلق حتى دخل فِي النّاس. قَالَ: فوجدتُها وفي يدها المصباح وحوله رجال وهي تنظر فِي وجهه وتحدّثهم وتقول: أما والله لقد سَمِعْتُ صوت ابن عَتيك ثُمَّ أكذبت نفسي فقلت: أنّي ابن عَتيك بهذه البلاد؟ ثُمَّ أقبَلَتْ عَلَيْهِ تنظر فِي وجهه، ثُمَّ قَالَتْ: فاظ، وإله يهود. فما سَمِعْتُ من كلمة كانت ألذّ إليّ منها. قَالَ: ثُمَّ جاء فأخبرنا بالخبر، فاحتملنا صاحبَنا فقدِمْنا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرناه واختلفنا فِي قتله، فكلّنا يدّعيه. فقال: "هاتوا أسيافكم". فجئناه بِهَا، فقال لسيف عَبْد الله بْن أنيس: "هذا قَتَلَه، أرى فِيهِ أثر الطّعام والشراب" 2. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ نَائِمٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أبي رَافِعٍ رِجَالا مِنَ الأَنْصَارِ، عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِيَ ابْنَ عَتِيكٍ. وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُعِينُ عَلَيْهِ. وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ. فَلَمَّا دَنَوْا وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَصْحَابِهِ: اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ فَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ لَعَلِّي أَدْخُلُ. فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ الْبَابِ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَتَهُ. وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ تريد أن تدخل فادخل لأغلق.   1 القبطية: ثياب بيض رقاق من كتان تتخذ بمصر تنسب إلى القبط. 2 إسناد ابن إسحاق مرسل صحيح إلى عبد الله بن كعب. وقصة مقتل ابن أبي الحقيق في "الصحيح" كما سيأتي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 فدخلت فكمنت، فأغلق الباب وعلق الأغاليق1 عَلَى وُدٍّ2، فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ الْبَابَ. وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ وَكَانَ فِي عَلالِيٍّ. فَلَمَّا أَنْ ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعَدْتُ إِلَيْهِ، وَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أُغْلِقُهُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ، وَقُلْتُ: إِنَّ الْقَوْمَ نَذَرُوا بِي لَمْ يَخْلُصُوا إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ. فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ، لا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ. قُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، وَأَنَا دَهِشٌ، فَمَا أَغْنَى شَيْئًا، فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا الضَّرْبُ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ قَالَ: لأُمِّكَ الْوَيْلُ، إِنَّ رَجُلا فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ. قَالَ: فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنْتُهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ صَدْرَ السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ فَعَلِمْتُ أَنِّي قَدْ قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا فَبَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي وَأَنَا أَرَى أَنِّي قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ فَانْكَسَرَتْ سَاقِي، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَتِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حتى جلست عند الباب. فقلت: لا أَبْرَحُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ أَمْ لا. فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي عَلَى السُّورِ فَقَالَ: أَنْعِي أَبَا رَافِعٍ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: النَّجَاءَ النَّجَاءَ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ. فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَدَّثْنَاهُ فَقَالَ: "ابْسُطْ رِجْلَكَ". فَبَسَطْتُهَا. فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّمَا لَمْ أشْكُهَا قَطُّ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْبَرَاءِ بِنَحْوِهِ. وَفِيهِ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ. وَفِيهِ: ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، وَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ. قَالَ: أَلا أُعْجِبُكَ، دَخَل عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ. قَالَ: فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ، وَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَتَّكِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ. ثُمَّ خرجت دهشًا إلى السلم،   1 الأغاليق: المفاتيح. 2 الود: الوتد. 3 أخرجه البخاري في "كتاب المغازي" "5/ 26, 27". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 فسقطت فاختلعت رجلي فعصبتها, ثم أتيت أصحابي أحجل فقلت: انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي لا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ. فَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ فَقَالَ: أَنْعِي أَبَا رَافِعٍ. فَقُمْتُ أَمْشِي، مَا بِي قلبة1، فأدركت أصحابي قَبْلُ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَشَّرْتُهُ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ سَلامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ قَدْ أَجْلَبَ فِي غَطَفَانَ وَمَنْ حَوْلَهُ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ يَدْعُوهُمْ إِلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَجْعَلُ لَهُمُ الْجُعْلَ الْعَظِيمَ. فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِ جَمَاعَةً فَبَيَّتُوهُ لَيْلا. وقال موسى بْن عقُبَةَ فِي مغازيه: فطرقوا أَبَا رافع اليهودي بخيبر فقتلوه في بيته.   1 القلبة: الداء والتعب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 مقتل ابن نبيح الهذلي ... قتل ابن نُبَيْح الهُذْليّ: قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ السُّلَمِيَّ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذْلِيِّ ثُمَّ اللِّحْيَانِيِّ لِيَقْتُلَهُ وَهُوَ بِعُرَنَةَ وَادِي مَكَّةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيَّ يَجْمَعُ النَّاسَ لِيَغْزُونِي وَهُوَ بِنَخْلَةٍ أَوُ بِعُرَنَةَ 1، فَأْتِهِ فَاقْتُلْهُ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ انْعَتْهُ لِي2 حَتَّى أَعْرِفَهُ. قَالَ: "آيَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَنَّكَ إِذَا رَأَيْتَهُ وَجَدْتَ قُشَعْرِيرَةً". فَخَرَجْتُ مُتَوَشِّحًا بِسَيْفِي، حَتَّى دَفَعْتُ إِلَيْهِ فِي ظَعْنٍ يَرْتَادُ بِهِنَّ مَنْزِلا وَقْتَ الْعَصْرِ. فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَجَدْتُ لَهُ مَا وَصَفَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْقُشَعْرِيرَةِ. فَأَقْبَلْتُ نحوه وخشيت أن يكون بيني وبينه محاولة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نَحْوَهُ أُومِئُ بِرَأْسِي إِيمَاءً. فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ سَمِعَ بِكَ وَبِجَمْعِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجَاءَ لِذَلِكَ. قَالَ: أَجَلْ نَحْنُ فِي ذَلِكَ. فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ، ثم خرجت وتركت ظعائنه3 مكبات عليه.   1 عرنة: واد بحذاء عرفات. 2 النعت: الوصف. 3 ظعائنه: نساؤه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 فَلَمَّا قدِمَتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَفْلَحَ الْوَجْهُ". قُلْتُ: قَدْ قَتَلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "صَدَقْتَ". ثُمَّ قَامَ بِي فَدَخَلَ بَيْتَهُ فَأَعْطَانِي عَصًا، فَقَالَ: "أَمْسِكْ هَذِهِ عِنْدَكَ". فَخَرَجْتُ بِهَا عَلَى النَّاسِ. فَقَالُوا: مَا هَذِهِ الْعَصا؟ فَقُلْتُ: أَعْطَانِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَهَا عِنْدِي. قَالُوا: أَفَلا تَرْجِعُ فَتَسْأَلُهُ, فَرَجَعْتُ فَسَأَلْتُهُ: لِمَ أَعْطَيْتَنِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "آيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، إِنَّ أَقَلَّ النَّاسِ الْمُتَخَصِّرُونَ 1 يَوْمَئِذٍ". قَالَ: فَقَرَنَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِسَيْفِهِ فَلَمْ تَزَلْ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا مَاتَ أُمِرَ بِهَا فَضُمَّتْ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ، فَدُفِنَا جَمِيعًا. رَوَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ: إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ.   1 المتخصرون: الذين يتخذون المخصرة وهي العصا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسع، سرية نجد : غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع: قَالَ ابن إِسْحَاق: غزا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بني المُصْطَلِق من خُزَاعة، فِي شعبان سنة ستّ. كذا قَالَ ابن إِسْحَاق. وقال ابن شهاب وعُرْوَة: هِيَ فِي شعبان سنة خمسٍ. وكذلك يُرْوَى عَنْ قَتَادة. وقاله أيضًا الواقدي، فقال: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الأثنين لليلتين خَلَتا من شعبان سنة خمسٍ، وقدم المدينة لهلال رمضان. قلت: وفيها حديث الإِفك، وقد تقدّم ذَلِكَ فِي سنة خمس. وهو الصّحيح. سرية نَجْد: قِيلَ إنّها كانت فِي المحرَّم سنة ستٍ، قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ الْمَقْبُرِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْلًا قِبَل نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حُنَيْفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِيَ الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا عِنْدَكَ"؟ قَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه مَا شِئْتَ. فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى كَانَ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ"؟ قَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتَ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ كُنْتَ تريد المال فسل تعط منه ما شئت. فَقَالَ: "أَطْلِقُوهُ". فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ, فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ على وجه الأرض أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، وَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ, وَاللَّهِ مَا كَانَ دِينٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ, وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ. فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ1 يَا ثُمَامَةُ. قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ، فَوَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةٌ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَأَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، بِهِ. وخالفهما مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، فيما روى يونس بْن بُكَيْر عَنْهُ: حَدَّثَنِي سَعِيد المَقْبُري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ إسلام ثمامة بْن أُثال أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا الله حين عرض لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما عرض لَهُ وهو مشرك، فأراد قتله، فأقبل معتمِرًا حتى دخل المدينة، فتحيّر فيها حتى أخذ، فأُتي به رَسُول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر بِهِ فربط إلى عمودٍ من عُمُد المسجد. وفيه: وإنْ تسأل مالًا تُعْطه. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فجعلنا نَحْنُ المساكين نقول: ما نصنع بدم ثُمامة؟ والله لأَكْلَهُ من جَزورٍ سمينةٍ من فدائه أحبّ إلينا من دمه. قلت: وهذا يدلّ عَلَى أنّ إسلام ثمامة كَانَ بعد إسلام أَبِي هُرَيْرَةَ، وهو فِي سنة سبع. فذكر الحديث، وفيه: فانصرف من مكة إلى اليمامة، ومنع الحمل إلى مكة حتى جهِدَتْ قُريش، فكتبوا إلى رَسُول اللَّهِ يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثُمامة يخلي لهم حَمْل الطعام. وكانت اليَمامةُ ريفَ مكة. قَالَ: فأذِن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. وفيها: كَانَ من السّرايا، عَلَى ما زعم الواقدي:   1 صبأ الرجل: ترك دينه ودان بدين آخر. فهو صابئ. "المعجم الوجيز" "358". 2 أخرجه البخاري في كتاب "المغازي"، ومسلم "1764" كتاب "الجهاد والسير". 3 "زاد المعاد" "2/ 119"، "مختصر سيرة الرسول" للشيخ عبد الله النجدي "292, 293". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر، أبي عبيدة إلى ذي القصة، محمد بن مسلمة إلى ذي القصة، زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم، زيد بن حارثة إلى الطرف : سرية عُكّاشة بْن مِحْصَن إلى الغَمْر: قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ربيع الأول أو الآخر عُكّاشة بْن مِحْصَن فِي أربعين رجلًا إلى الغَمْر1. وفيهم ثابت بْن أقرم وشجاع بْن وهب. فأسرعوا، ونذر بهم القوم وهربوا. فنزل عُكَّاشة عَلَى مياههم وبعث الطلائع فأصابوا من دَلَّهم عَلَى بعض ماشيتهم، فوجدوا مائتي بعيرٍ، فساقوها إلى المدينة. سرية أَبِي عبيدة إلى ذي القَصَّة: قَالَ: وفيها بَعَثَ سَرِيَّةَ أبي عبيدة إلى ذي القَصَّة، فِي أربعين رجلًا، فساروا ليلهم مشاةً ووافوا ذا القصة مع عماية الصُّبح. فأغار عليهم وأعجزهم هربًا فِي الجبال. وأصابوا رجلًا فأسلم. سَرِيَّةُ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة إلى ذي القَصَّة: وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- محمدَ بْن مسلمة فِي عشرة، فكمن القومُ لهم حتى نام هُوَ وأصحابه، فما شعروا إلا بالقوم. فقتل أصحابُ مُحَمَّد، وأفلت هُوَ جريحًا. سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى بني سُلَيْم بالجَمُوم: قَالَ: وفيها كانت سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم2. فأصاب امرأة من مزينة، يقال لها: حليمة، فدلتهم على مكان فأصابوا مواشي وأسراء منهم زوجها. فوهبها النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسَها وَزَوْجَها. سَرِيَّةُ زيد بْن حارثة إلى الطَّرف: وفيها سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى الطَّرف3؛ إلى بني ثعلبة فِي خمسة عشر رجلا. فهربت الأعراب وخافوا، فأصاب من نَعَمِهم عشرين بعيرًا. وغاب أربع ليال.   1 الغمر: ماء من مياه بني أسد على ليلتين من فيد. "معجم البلدان" "4/ 212". 2 الجموم: أرض لبني سليم ناحية بطن نخل عن يسارها، وبطن نخل من المدينة على أربعة برد. "معجم البلدان" "2/ 163". 3 الطرف: ماء قريب من المرقى، وقيل: المراض، دون النخيل على ستة وثلاثين ميلا من المدينة. "معجم البلدان" "4/ 31". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 سرية زيد بن حارثة إلى العيص، زيد بن حارثة إلى حسمي، زيد إلى وادي القرى، عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بن بكربفدك، عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل: سرية زيد بْن حارثة إلى العِيص: وفيها كانت سرية زيد بْن حارثة إلى العيص1؛ فِي جُمَادى الأول؛ وأُخِذَت الأموال التي كانت مَعَ أَبِي العاص، فاستجار بزينب بِنْت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأجارته. سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى حِسْمَى: وحدثني موسى بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أقبل دِحْية الكلبي من عند قَيْصر، قد أجازه بمال. فأقبل حتى كَانَ بحِسْمى2، فلقيَه ناسٌ من جُذام، فقطعوا عَلَيْهِ الطريق وسلبوه. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أن يدخل بيته فأخبره. فبعث زيدَ بْن حارثة إلى حِسْمى؛ وهي وراء وادي القُرَى وكانت فِي جُمَادى الآخِرَة. سَرِيَّةُ زيد إلى وادي القُرَى: ثُمَّ سَرِيَّةُ زيدٍ إلى وادي القُرَى3 فِي رجب. سَرِيَّةُ عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بْن بَكْر بَفَدَكَ 4: ثُمَّ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عبدَ اللَّهِ بْن جَعْفَر، عَنْ يعقوب بن عُتْبَة قَالَ: خرج عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- فِي مائةٍ إلى فَدَك إلى حيِّ من بني سعد بْن بَكْر. ذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلغه عَنْهُمْ أنّ لهم جَمْعًا يريدون أن يمدُّوا يهودَ خيبر. فسار إليهم اللّيل وكَمَنَ النّهار، وأصاب عيْنًا فأقرّ لَهُ أنّه بعث إلى خيبر يعرض عليهم نصرهم عَلَى أن يجعلوا لهم تمر خيبر. قَالَ الواقدي: وذلك فِي شعبان. سَرِيَّةُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل: قَالَ الواقدي: وفيها سَرِيَّةُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل5 فِي شعبان. فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنْ أطاعوا فتزوّج ابنةَ ملكِهم". فأسلم القوم، وتزوّج عبدُ الرَّحْمَن تماضر بِنْت الأصبغ؛ والدة أَبِي سَلَمَةَ، وكان أبوها ملكهم.   1 العيص: بينها وبين المدينة أربع ليال. 2 حسمي: أرض بالشام، بينها وبين وادي القرى ليلتان. 3 وادي القرى: واد بين الشام والمدينة. 4 فدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان أو ثلاثة. 5 دومة الجندل: عدها ابن الفقيه من أعمال المدينة، سميت بدم ابن إسماعيل بن إبراهيم، وهي سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين : وفي شوّال كانت سَرِيَّةُ كُرْز بْن جَابِر الفِهْرِيّ إلى العُرَنِيّين الذين قتلوا راعي رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واستاقوا الإِبل. فبعثه فِي عشرين فارسًا وراءهم. وَقَالَ ابُن أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس: أن رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: إِنَّا أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، فَاسْتَوْخَمْنَا الْمَدِينَةَ1. فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَوْدٍ2 وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهَا فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا. فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ قَتَلُوا راعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفُروا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ. فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَلَبِهِمْ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْديَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ3، وَتَرَكَهُمْ فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا وَهُمْ كَذَلِكَ. قَالَ قَتَادَةُ: فَذَكَرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ. قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4. وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: مِنْ عُكْلٍ، أَوْ عُرَيْنَةَ5. رَوَاهُ شُعبة، وَهَمَّام، وغيرهما، عَنْ قَتَادة فقال: من عُرَيْنَة؛ من غير شَكّ. وكذلك قَالَ حُمَيْد، وثابت، وعبد العزيز بْن صُهَيْب، عَنْ أنس. وقال زُهير: سِمَاك بْن حرب، عَنْ معاوية بْن قُرَّةَ، عن أنس: إن نفرًا من عرينة أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبايعوه، وقد وقع في المدينة الموم -وهو البرسام- فقالوا: هذا الوجع قد وقع يَا رَسُولَ اللَّهِ، فلو أذِنْتَ لنا فرُحنا إلى الإِبل. قَالَ: "فاخرجوا وكونوا فيها". فخرجوا، فقتلوا أحد الراعيين وذهبوا بالإبل. وجاء الآخر وقد جرح، قال: قد قتلوا صاحبي وذهبوا بالإِبل. وعنده شُبَّان من الأنصار قريب من عشرين، فأرسلهم إليهم وبعث معهم قائفًا يقتصّ أثرهم. فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وَسَمَرَ أعينهم. أَخْرَجَهُ مُسْلِم. وقال أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قدم رَهْط من عُكْلَ فأسلموا فاجْتَوَوا المدينة، فذكره، وفيه: فلم ترتفع الشمس حتى أُتي بهم، فأمر بمسامير فأُحميت لهم، فكواهم وقطع أيديهم وأرجلهم، ولم يحسمهم وألقاهم فِي الْحَرَّةِ يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا. أخرجه البخاري.   1 استوخموا: لم يوافقهم جوها، وكرهوها لسقم أصابهم. 2 الذود: الإبل. 3 سمر أعينهم: كحلها بمسامير محمية. 4 أخرجه البخاري في "المغازي" "4192"، ومسلم "1761" كتاب "القسامة". 5 عكل وعرينة: حي من قحطان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 إسلام أبي العاص : أسلم أَبُو الْعَاصِ بْن الرَّبِيعِ بْن عَبْد العُزَّى بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قُصَيّ العَبْشَمي، خَتَنِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ابنته زينب، أمّ أُمامة، فِي وسط سنة ستٍ. واسمه لقيط، قاله ابن مَعِين والفلّاس. وقال ابن سعد: اسمه مِقْسَم وأمّه هالة بِنْت خُوَيْلِد خالة زوجته، فهما أبناء خالة. تزوّج بِهَا قبل المبعث، فولدت لَهُ عليًّا فمات طفلًا، وأُمامة التي صلّى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو حاملها وهي التي تزوّجها عليّ بعد موت خالتها فاطمة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- وكان أَبُو العاص يُدْعَى جَرْوٌ البطْحاء، وأُسر يوم بدر، وكانت زينب بمكة. قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير، عن أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَبَعَثَتْ فِي فِدَائِهِ بِمَالٍ مِنْهُ قِلَادَةٌ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقِلَادَةَ رَقَّ لَهَا وَقَالَ: "إِنْ رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الَّذِي لَهَا فَافْعَلُوا". فَفَعَلُوا. فَأَخَذَ عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ يُخَلِّيَ زَيْنَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِرًّا1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار، فقال: كونا ببطن يأجج2 حتى تمر بكما زينب. وذلك بعد بدر بشهر. قال: وكان   1 صحيح: تقدم في غزوة بدر. 2 يأجح: مكان من مكة على ثمانية أميال. "معجم البلدان" "5/ 424". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 أبو العاص من رجال قريش المعدودين مالا وأمانة وتجارة, وكان الإسلام قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْنَبَ، إِلا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لا يَقْدِرُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ يونس، عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْر بْن حزم قَالَ: خرج أَبُو العاص تاجرًا إلى الشام، وكان رجلًا مأمونًا, فكانت معه بضائع لقريش, فأقبل فلقيته سريةٌ للنّبيّ -صلى الله عليه وسلم، فاستاقوا عِيرَه وهرب, وقدِموا عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما أصابوا فقسمه بينهم, وأتى أَبُو العاص حتى دخل عَلَى زينب فاستجار بِهَا، وسألها أن تطلب لَهُ من رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ردّ ماله عَلَيْهِ, فَدَعَا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّريَّة فقال لهم: "إنّ هذا الرجل منا حيث قد علمتم, وقد أصبتم لَهُ مالًا ولغيره ممن كَانَ معه، وهو فَيْءٌ، فإنْ رأيتم أن تردّوا عَلَيْهِ فافعلوا، وإنْ كرهتم فأنتم وحقّكم". قَالُوا: بل نردّه عَلَيْهِ. فردُّوا والله عَلَيْهِ ما أصابوا، حتى إنّ الرجل ليأتي بالشّنَّة، والرجل بالإِداوة وبالجبل, ثُمَّ خرج حتى قدِم مكة، فأدّى إلى النّاس بضائعهم, حتى إذا فرغ قَالَ: يا معشر قريش، هَلْ بقي لأحدٍ منكم معي مال؟ قَالُوا: لا فجزاك الله خيرًا. فَقَالَ أما والله ما منعني أن أسلم قبل أن أقدِم عليكم إلّا تخوُّفًا أن تظنُّوا أَنّي إنّما أسلمت لأذهب بأموالكم, فإنّي أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله. وأما موسى بْن عُقْبة فذكر أنّ أموال أَبِي العاص إنّما أخذها أَبُو بَصير فِي الهدنة بعد هذا التاريخ. وقال ابن نُمَيْر، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، عَنِ الشَّعبيّ، قَالَ قدِم أَبُو العاص من الشّام ومعه أموال المشركين, وقد أسلمت امرأته زينب وهاجَرَت. فقيل لَهُ: هَلْ لك أن تُسْلم وتأخذ هذه الأموال التي معك؟ فقال: بئس ما أبدأ بِهِ إسلامي أن أخون أمانتي. وكفلت عَنْهُ امرأته أن يرجع فيؤديّ إلى كلّ ذي حقٍ حقَّه؛ فيرجع ويُسْلم, ففعل, وما فرَّق بينهما، يعني النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ أَنْ خُذِي لِي أَمَانًا مِنْ أَبِيكِ. فَأَطْلَعَتْ رَأْسَهَا مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الصُّبْحِ، فَقَالَتْ: أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الصَّلاةِ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لا علم لي بِهَذَا حَتَّى سَمِعْتُمُوهُ، أَلا وَإِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الناس أدناهم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ عَلَى النِّكَاحِ الأَوَّلِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ -وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَدَّهَا بِمَهْرٍ جَدِيدٍ وَنِكَاحٍ جَدِيدٍ. قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقَرَّهَا عَلَى النِّكَاحِ الأَوَّلِ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ أَبَا الْعَاصِ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ مُسْلِمًا، فَلَمْ يشهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مَشْهَدًا, ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فُتُوفِّيَ في آخر سنة اثنتي عشرة.   1 تقدم ذلك في "غزوة بدر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 سَرِيَّةٌ عبدِ الله بْن رَوَاحة: إلى أُسَيْر بْن زارم فِي شوّال: قِيلَ إنّ سلّام بْن أَبِي الحُقَيْق لما قُتِل أَمَّرَتْ يهود عليهم أُسَيْر بْن رازم فسار فِي غَطَفان وغيرهم يجمعهم لحرب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فوجَّه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ رَوَاحة فِي ثلاثة سرًّا، فسأل عن خبره وغرته فأخبر بذلك, فقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبره, فندب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاثين رجلًا، فبعث عليهم ابن رَوَاحة. فقدموا عَلَى أُسَيْر فقالوا: نَحْنُ آمنون نعرض عليك ما جئنا لَهُ؟ قَالَ: نعم، ولي منكم مثل ذَلِكَ. فقالوا: نعم. فقالوا: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنَا إليك لتخرج إِلَيْهِ فيستعملُك عَلَى خيبر ويُحسن إليك. فطمع فِي ذَلِكَ فخرج، وخرج معه ثلاثون من اليهود، مَعَ كلّ رجلٍ رديفٍ من المسلمين. حتى إذا كانوا بقَرْقَرَة ثِبار1 ندم أُسَيْر فقال عَبْد الله بْن أنيسَ -وكان فِي السَرِيَّةٌ: وأهوى بيده إلى سيفي ففطِنْتُ لَهُ ودفعت بعِيري وقلت: غدرًا، أي عدوّ الله. فعل ذَلِكَ مرّتين. فنزلت فسقت بالقوم حتى انفردت إلى أُسَيْر فضربته بالسيف فأندرتُ عامة فخذه، فسقط وبيده مخرش فضربني فشجّني مأمومة2، ومِلنا عَلَى أصحابه فقتلناهم، وهرب منهم رَجُل. فقدِمْنا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "لقد نجاكم الله من القوم الظالمين".   1 قرقرة ثبار: موع على ستة أميال من خيبر. 2 الشجة المأمومة: هي الشجة التي بلغت أم الرأس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 قصة غزوة الحديبية : وهي عَلَى تسعة أميال من مكة خرج إليها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذي القعدة سنة ستٍ. قاله نافع، وقَتَادة، والزُّهري، وابن إِسْحَاق، وغيرهم. وعُرْوة فِي مغازية، رواية أَبِي الأسود. وَتَفَرَّدَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ فِي رَمَضَانَ. وَكَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي شَوَّالٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ هُدْبَةَ، عَنْ هَمَّامٍ، ثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ أَنَسًا أَخْبَرَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة، إِلَّا الْعُمْرَةَ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ: عُمَرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وعمرة من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. وَقَالَ الزهري، عن عروة، عن الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةِ مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ2 قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى -وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ- قَالَ: كُنَّا يَوْمَئِذٍ أَلْفًا وَثَلاثَمِائَةٍ, وَكَانَتْ أَسْلَمُ يَوْمَئِذٍ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ, وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. وَقَالَ حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3.   1 أخرجه البخاري "2/ 198، 199" في كتاب "الحج"، ومسلم "1253" في كتاب "الحج". 2 ذو الحليفة: قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة، وهي ميقات أهل المدينة "معجم البلدان" "2/ 295". 3 أخرجه البخاري في كتاب "المغازي" "5/ 63"، ومسلم "1856" كتاب الإمارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 وَخَالَفَهُ الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ. اتَّفَقَا أَيْضًا عَلَيْهِ1. وَكَأَنَّ جَابِرًا قَالَ ذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ, وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً كَامِلَةً تَزِيدُ عَدَدًا لَمْ يَعْتَبِرْهُ، أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً تَنْقُصُ عَدَدًا لَمْ يَعْتَبِرْهُ, وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا كَثِيرًا، كَمَا تَرَاهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي سِنِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاعتبروا تَارَةً السَّنَةَ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا وَالَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا فَأَدْخَلُوهُمَا فِي الْعَدَدِ, وَاعْتَبَرُوا تَارَةً السِّنِينَ الْكَامِلَةَ وَسَكَتُوا عَنِ الشُّهُورِ الْفَاضِلَةِ. وَيُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: كَمْ كَانَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ؟ قَالَ: خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. قُلْتُ: إِنَّ جَابِرًا قَالَ: كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: يَرْحَمُهُ اللَّهُ، وَهِمَ. هُوَ حَدَّثَنِي أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقْولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتُمْ خَيْرُ أهل الأرض". أتفقا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. صَحِيحٌ3. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ: نَحَرْنَا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً، الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ. قُلْنَا لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ بِخَيْلِنَا وَرَجِلِنَا. وَكَذَلِكَ قَالَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْمُسَيَّبُ بْنُ حَزْمٍ، مِن رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عن سعيد، عن أبيه.   1 السابق. 2 أخرجه البخاري "5/ 63". 3 أخرجه مسلم "1856" كتاب الإمارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 وقال معمر، عن الزهري، عن عروة، عن الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ، قَالَا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةِ مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ, حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ, وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرْيَشٍ, وَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ1 الْأَشْطَاطِ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ أَتَاهُ عَيْنُه الْخُزَاعِيُّ فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدْ جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشِيرُوا عَلَيَّ, أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إِلَى ذَرَارِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ, فَإِنْ قَعَدُوا قَعَدُوا مَوتُورِينَ وَإِنْ لَجُّوا تَكُنْ عُنُقًا 2 قَطَعَهَا اللَّهُ؟ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ"؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَلَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتَ قَاتَلْنَاهُ. قَالَ: فَرُوحُوا إذًا3. قال الزهري في الحديث: فراحوا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن خَالِد بْن الوليد بالغميم 4 فِي خيلٍ لقُرَيْش طليعةً5 فخُذوا ذات اليمين". فَوَالله ما شعر بهم خَالِد حتى إذا هُمْ بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرًا لقريش. وسار النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى إذا كَانَ بالثنية التي يهبط عليهم منها بركتْ راحلتُه فقال النّاس: حَلْ حَلْ، فألحت، فقالوا: خلأت القصْواء خلأت القَصْواء. قَالَ: "فَرُوحُوا إذًا". قَالَ الزُّهري: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ما رَأَيْت أحدًا كَانَ أكثر مشاورة لأصحابه من رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ المِسْوَر ومروان فِي حديثهما: فراحوا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن خَالِد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش" -رجع الحديث إلى موضعه- قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا خَلأت القصواء وما ذاك لَهَا بخُلُق، ولكن حبسها حابس الفيل" 6.   1 غدير الأشطاط: على ثلاثة أميال من عسفان مما يلي مكة. 2 العنق: الجماعة من الناس. 3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "5/ 67" كتاب "المغازي". 4 الغميم: موضع قريب من مكة بين رابغ والجحفة. 5 طليعة: مقدمة الجيش لاستكشاف العدو. 6 أخرجه البخاري في "صحيحه" "2731، 2732" في كتاب "الشروط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 ثُمَّ قَالَ: "والذي نفسي بيده لا يسألوني خطّة يعظّمون فيها حُرُمات الله إلّا أعطيتهم إيّاها". ثُمَّ زجرها فوَثَبَتْ بِهِ. قَالَ: فَعَدل حتى نزل بأقصى الحُدَيْبية عَلَى ثمد قليل الماء، نما يتبرّضه النّاس تبرُّضًا1، فلم يُلَبِّثْه النّاس أنْ نَزَحُوه، فشكوا إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العطش, فانتزع سهمًا من كِنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله مازال يجيش لهم بالرّيّ حتى صدروا عَنْهُ. فبينما هُمْ كذلك إذ جاءه بُدَيْل بْن وَرْقاء الخُزَاعي فِي نفرٍ من خُزاعة، وكانوا عَيْبَة نصح2 لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أهل تِهَامة. فقال: إنّي تركت كعبَ بْن لُؤَيّ وعامر بْن لُؤَيّ نزلوا أعداد مياهِ الحُدَيبية، معهم العُوذ المطافيل، وهم مُقاتلوك وصادُّوك عَنِ البيت. قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنا لم نجئ لقتال أحدٍ ولكّنا جئنا معتمرين، وإنّ قُريشًا قد نهكتهم الحرب وأضرَّتْ بهم فإنْ شاءوا مادَدْتُهُم مدَّةً ويُخَلُّوا بيني وبين النّاس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فِيهِ النّاس فعلوا، ولا فقد جَمُّوا 3، وإنْ هُمْ أبَوا فَوَالذي نفسي بيده لأقاتلّنهم عَلَى أمري هذا حتى تنفرد سالفتي 4 أو ليُنْفِذَنَّ الله أمْرَه". فقال بُدَيْلٌ: سأبلّغهم ما تَقُولُ. فانطلق حتى أتى قُرَيْشًا فقال: إنّا قد جئناكم من عند هذا الرجل وسمعناه يَقْولُ قولًا، فإنْ شئتم نعرضه عليكم فعلْنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا فِي أن تحدّثنا عَنْهُ بشيء. وقال ذَوُو الرأي منهم: هاتِ ما سَمِعْتُهُ. قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقْولُ كذا وكذا. فحدّثهم بما قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقام عُرْوة بْن مَسْعُود الثَّقَفي فقال: أي قوم أَلَسْتُم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: ألست بالولد؟ قَالُوا: بلى. قَالَ: هَلْ تتّهموني؟ قَالُوا: لا. قَالَ: ألستم تعلمون أنّي استنفرت أهل عُكاظ فلما بلّحُوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قَالُوا: بلى. قَالَ: فإنّ هذا قد عرض عليكم خطة رشد، فاقبلوها ودعوني آته. قالوا: ائته. فأتاه فجعل يكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال نحوًا من قوله لبُدَيْلٍ. فقال: أي مُحَمَّد أرأيت إنْ استأصلت قومَك هَلْ سَمِعْتُ بأحدٍ من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإنْ تكن الأخرى فَوَالله إني لأرى وجوهًا وأرى أَوْباشا من النّاس خلفًا أن يفروا ويدعوك. فقال له   1 يتبرضه الناس تبرضًا؛ أي: يأخذونه قليلا قليلا. 2 عيبة نصح؛ أي خاصته وموضع سره. 3 جموا: استرحوا من جهد الحرب. 4 السالفة: صفحة العنق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 أَبُو بَكْر -رَضِيَ الله عَنْهُ: أَمْصَصْ بَظْرَ الّلات1؛ أنحن نفرّ عَنْهُ ونَدَعُهُ؟ قَالَ: من ذا؟ قَالَ: أَبُو بَكْر. قَالَ: والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أَجْزِك بِهَا لأجَبْتُك. قَالَ: وجعل يكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلّما كلّمه أخذ بلحيته، والمُغيرة بْن شُعبة قائمٌ عَلَى رَأْسِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ السيف وعليه المغفر، فكلّما أهوى عُرْوة إلى لحية النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضرب يده بنَعْل السّيف وقال: أخِّرْ يدك. فرفع رأسه فقال: من هذا؟ قَالُوا: المغيره بْن شُعبة. فقال: أي غدر، أوَ لست أسعى فِي غدرتك؟ قَالَ: وكان المغيرة صحب قومًا فِي الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثُمَّ جاء فَأَسْلَمَ فَقَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمّا الإِسلام فأقْبَل، وأما المال فلستُ منه فِي شيء". ثُمَّ إنّ عُرْوة جعل يَرْمُق صحابة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَالله ما تَنَخَّم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُخامةً إلّا وقعت فِي كفّ رجلٍ منهم يدلك بِهَا وجهه وجلده، وإذا أمرهم بأمرٍ ابتدروه، وإذا توضأ ثاروا يقتتلون عَلَى وضوئه، وإذا تكلّم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون2 إِلَيْهِ النَّظَرَ تعظيمًا لَهُ, فرجع عُرْوة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك؛ وَفَدتُ عَلَى قَيْصر وكِسْرى والنَّجاشيّ، والله إنْ رَأَيْت ملكًا قطّ يعظّمه أصحابُه ما يعظّم أصحاب محمد وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون عَلَى وضوئه، وإذا تكلّم خفضوا أصواتهم عنده، ولا يحدُّون إِلَيْهِ النّظر تعظيمًا له، وإنّه قد عرض عليكم خطّة رُشدٍ فاقبلوها. فقال رَجُل من بني كِنانة: دعوني آتِه. فقالوا: ائتِه. فلمّا أشرف عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا فلان وهو من قومٍ يعظِّمون البُدْن، فابعثوها لَهُ". فبُعِثَت لَهُ, واستقبله القوم يلبُّون, فلما رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يُصَدُّوا عَنِ البيت. فلما رجع إلى أصحابه قَالَ: رَأَيْت البُدْنَ قد قُلِّدت وأشْعِرَت، فما أرى أن يُصَدُّوا عَنِ البيت. فقام رَجُل منهم يقال لَهُ مِكْرَز بْن حفص فقال: دعوني آته. فقالوا: ائته. فلما أشرف عليهم قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا مِكْرَز وهو رجلٌ فاجر". فجعل يكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فبينا هُوَ يكلّمه إذ جاء سُهَيْل بن عمرو3.   1 امصص بظر اللات: يحقر شأن آلهة المشركين. 2 يحدون: يحدقون. 3 أخرجه البخاري في كتاب "الشروط" "2731-2732" بنحوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 قَالَ مَعمَر: وَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا جَاءَ سُهَيْلٌ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ". قال الزهري في حديثه: فجاء سيهل بْن عَمْرو فقال: هات اكتب بيننا وبينك كتابًا. فدعا الكاتبَ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أكتُبْ بسم الله الرَّحْمَن الرحيم". فقال سُهَيْل: أمّا الرَّحْمَن فَوَالله ما أدرى ما هُوَ، ولكن اكتب باسمك الّلهُمّ كما كنت تكتب. فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلّا بسم الله الرَّحْمَن الرحيم. فقال النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكتب باسمك الّلهمّ". ثُمَّ قَالَ: "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ محمدٌ رَسُول اللَّهِ". فقال سُهَيْل: والله لو كنّا نعلم أنّك رَسُول اللَّهِ ما صدَدْناك عَنِ البيت ولا قاتَلْناك، ولكنْ أكتب مُحَمَّد بْن عَبْد الله. فقال النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنّي لَرَسُولُ اللَّهِ وإنْ كذَّبْتُموني، أكتب مُحَمَّد بْن عَبْد الله". قَالَ الزُّهري: وذلك لقوله: "لا يسألون خطّة يعظّمون فيها حُرُمات الله إلّا أعطيتهم إيّاها". فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى أنْ تُخَلُّوا بيننا وبين البيت فنطوف". فقال: والله لا تتحدث العرب أنّا أُخِذْنا ضغطة، ولكن ذَلِكَ من العام المقبل. فكتب. فقال سُهَيْل: عَلَى أنّه لا يأتيك منّا رَجُل وإنْ كَانَ عَلَى دينك إلّا رَدَدْتَه إلينا. فقال المسلمون: سبحان الله كيف يردّ إلى المشركين وقد جاء مسلمًا؟ فبينما هُمْ كذلك إذ جاء أَبُو جَنْدَلِ بْن سُهَيْل بْن عَمْرو يرسف فِي قيوده قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظْهُر المسلمين. فقال سُهَيْل: وهذا أول ما أقاضيك عَلَيْهِ أن تردّه. فقال النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنّا لم نقض الكتاب بعد". قال: فوالله إذًا لا نصالحك على شيء أبدًا. قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "فأجزه لي". قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: "بل، فافعل". قَالَ: ما انا بفاعل. قَالَ مِكْرَز: بلى قد أجزناه. قال أبو جندل: يا معاشر المسلمين أردُّ إلى المشركين وقد جئت مُسلِمًا، ألا تَرَوْن ما قد لقيت؟ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا فِي الله. فقال عُمَر: والله ما شَكَكْتُ منذ أسلمتُ إلّا يومئذٍ، فأتيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ألستَ نبيَّ الله؟ قَالَ: "بلى". قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قَالَ: "بلى". قلت: فلم نُعْطي الدَّنِيَّة فِي ديننا إذًا؟ قَالَ: "إنّي رَسُول اللَّهِ ولست أعصيه وهو ناصري". قلت: أوَلستَ كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيتَ فنطوف حقًّا؟ قَالَ: "بلى، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 أفأخبرتك أنّك تأتيه العام"؟ قلت: لا. قَالَ: "فإنّك آتيه ومُطَوِّف بِهِ". قَالَ: فأتيت أَبَا بَكْر فقلت: يا أَبَا بَكْر أليس هذا نبيّ الله حقًا؟ قَالَ: بلى. قلت: أَلَسنا عَلَى الحقّ وعدوّنا عَلَى الباطل؟ قَالَ: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيّها الرجل إنّه رَسُول اللَّهِ وليس يعصي الله وهو ناصره، فاستمسك بغَرْزه حتى تموت, فَوَالله إنّه لَعَلَى الحقّ. قلت: أَوَ لَيْسَ كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قَالَ: بلى فأخبرك أنّك تأتيه العام؟ قلت: لا. قَالَ: فإنّك آتيه ومُطَوِّف بِهِ. قَالَ: الزهري. قال عمر: فعملت لذلك أعمالًا1. فلما فرغ من قضيّة الكتاب قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قوموا فانحَرُوا ثُمَّ احلِقوا". قَالَ: فَوَالله ما قام منهم رجلٌ حتى قَالَ ثلاث مرّات. فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل عَلَى أَم سَلَمَةَ فذكر لَهَا ما لقي من النّاس. فقالت: يا نبيّ الله أتحبّ ذَلِكَ؟ اخرج ثُمَّ لا تكلّم أحدًا كلمةً حتى تنحر بُدْنك، ثُمَّ تدعو بحالقك فيحلقك. فقام فخرج فلم يكلّم أحدًا حتى فعل ذَلِكَ, فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضُهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غَمًّا2. ثُمَّ جاء نسوةٌ مؤمنات، وأنزل الله: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتى بلغ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] . فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له من الشِّرْك، فتزوّج إحداهما معاويةُ، والأخرى صَفْوان بْن أُمّية3. ثُمَّ رجع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المدينة، فجاءه أَبُو بصير، رجلٌ من قريش، وهو مُسْلِم، فأرسلوا فِي طلبه رجلين فقالوا: العهد الَّذِي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين، فخرجا بِهِ حتى بلغا بِهِ ذا الحُلَيْفة، فنزلوا يأكلون من تمرٍ لهم. فقال أَبُو بصير لأحد الرَّجلين: والله إنّي لأرَى سيفك هذا جيّدًا جدًّا فاسْتَلَّه الآخر فقال: أجل والله إنّه لجيّد لقد جرَّبتُ بِهِ ثُمَّ جرَّبت. فقال أَبُو بصير: أرني إِلَيْهِ. فأمكنه منه فضربه حتى بَرَد. وفرّ الآخر حتى بلغ المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال للنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُتل والله صاحبي وإنّي لَمَقْتُول. قَالَ: فجاء أَبُو بَصِير, فقال: يا نبيّ الله قد أوفى الله ذمَّتك، والله قد رَدَدْتني إليهم ثُمَّ أنجاني الله بسيفهم. فقال النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ويْلُ أُمِّهِ مِسعرُ حرب   1 أخرجه البخاري "5/ 388-392" كتاب "الشروط". 2 أخرجه البخاري "3181" الجزية، وفي المغازي "4189"، ومسلم "1875/ 95" الجهاد. 3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "3/ 182". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 لو كَانَ لَهُ أحد". فلما سَمِعَ ذَلِكَ عرف أَنَّهُ سيردّه إليهم. فخرج حتى أتى سيف البحر. وينفلت منهم أَبُو جَنْدَل بْن سُهَيْل فلحق بابي بصير، فلا يخرج من قريش رَجُل قد أسلم إلّا لحِق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة. قَالَ: فوالله لا يسمعون بعيرٍ لقريش خرجت إلى الشام إلّا اعترضوا لَهَا فقتلوهم وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تناشدُه الله والرَّحِم لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمن. فأرسل النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهم فأنزل: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} حتى بلغ: {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24-26] . وكانت حَمِيَّتُهم أنَّهم لم يُقرُّوا بنبيّ الله ولم يُقِرُّوا ببسم الرَّحْمَن الرحيم، وحالوا بينهم وبين الموت. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ، عَنِ الْمُسْنِدِي، عَنْ عَبْد الرزّاق، عَنْ مَعْمَر، بطُوله1. وَقَالَ قُرَّةُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ يَصْعَدِ الثَّنِيَّةَ، ثِنَّيةَ الْمُرَارِ 2، فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ". فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ خَيْلُ بَنِي الْخَزْرَجِ. ثُمَّ تَبَادَرَ النَّاسُ بَعْدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ". فَقُلْنَا: تَعَالَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ. وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ يَنْشُدُ ضَالَّةً. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ. كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا فَمَا تَرَكْنَا فِيهَا قَطْرةً. فبلغ ذلك النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهَا فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَدَعَا ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَتَرَكَهَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا. أَخْرَجَهُ خ4. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحُدَيْبِيَةَ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً ما ترويها.   1 أخرجه البخاري "3/ 178-183" كتاب "الشروط". 2 ثنية المرار: من نواحي مكة وهي مهبط الحديبية. 3 أخرجه مسلم "2880" كتاب: المنافقين. 4 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 62". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى جَبَاهَا، فَإِمَّا دَعَا وَإِمّا بَزَقَ فِيهَا فَجَاشَتْ فَسَقَتْنَا وَأُسْقِينَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مِسْوَرٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُمَا قَالا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْبَيْتِ، لا يُرِيدُ قِتَالا. وَسَاقَ مَعَهُ لِلْهَدْيِ سَبْعِينَ بَدَنَةً، وَكَانَ النَّاسُ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ، فَكَانَتْ كُلُّ بَدَنَةٍ عَنْ عَشَرَةِ نَفَرٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِيمَا بَلَغَنِي يَقُولُ: كُنَّا أَصْحَابَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قلت: قد ذكرنا عَنْ جماعةٍ من الصّحابة كقول جَابِر. ثُمَّ ساق ابن إِسْحَاق، حديث الزُّهري بطُوله، وفيه ألفاظٌ غريبة، منها: وجعل عُرْوَة بن مَسْعُود يكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمُغيرَةُ واقفٌ عَلَى رَأْسِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الحديد. قَالَ: فجعَلَ يقرع يد عُرْوَةَ إذا تناول لحيَةَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويقول: أكفُفْ يدك عَنْ لحية رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أن لَا تصل إليك. فيقول عُرْوَة: وَيْحك ما أفَظَّكَ وأغلظَكَ. قال: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عُرْوَة: من هذا يا مُحَمَّد؟ قَالَ: "هذا ابن أخيك المُغِيرة بْن شُعبة". قَالَ: أي غدر، وهل غَسَلْتَ سَوْءَتَك إلّا بالأمس؟ قَالَ ابن هشام: أراد عُرْوَة بقوله هذا أنّ المُغيرة قبْل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلًا من بني مالك من ثقيف؛ فتهايج الحيان من ثقيف: بنو مالك رَهط المقتولين والأحلاف رَهط المُغيرة فَوَدَى عُرْوَة المقتولين ثلاث عشرة دِيَة، وأصلح الأمر. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، قَالَ عُرْوَةُ: وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ مِنْ مَكَّةَ، فَسَبَقُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَلْدَحٍ وَإِلَى الْمَاءِ، فَنَزَلُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ سُبِقَ نَزَلَ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ، وَذَلِكَ فِي حَرِّ شَدِيدٍ وَلَيْسَ بِهَا إِلا بِئْرٌ وَاحِدَةٌ، فَأَشْفَقَ الْقَوْمُ مِنَ الظَّمَإِ وَهُمْ كَثِيرٌ، فَنَزَلَ فِيهَا رِجَالٌ يَمْتَحُونَهَا، وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ فِي الدَّلْوِ وَمَضْمَضَ فَاهُ ثُمَّ مَجَّ فِيهِ، وَأَمَرَ أَنْ يُصَبَّ فِي الْبِئْرِ، وَنَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَأَلْقَاهُ فِي الْبِئْرِ وَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى، فَفَارَتْ بِالْمَاءِ حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها، وهم   1 أخرجه مسلم "1807" كتاب الجهاد والسير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 جُلُوسٌ عَلَى شَفَتِهَا. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَلَكَ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي بَلَغَهُ أَنَّ قُرَيْشًا بِهَا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ رَجُلا مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَسَلَكَ بِهِمْ طَرِيقًا وَعْرًا أَجْرَلَ1 بَيْنَ شِعَابٍ، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْهُ وَقَدْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَفْضَوْا إِلَى أَرْضٍ سَهْلَةٍ عِنْدَ مُنْقَطَعِ الْوَادِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُولُوا: نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ". فَقَالُوا ذَلِكَ. فَقَالَ: "وَاللَّهِ إِنَّهَا لَلْحِطَّةُ 2 الَّتِي عُرِضَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَقُولُوهَا". قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ فَقَالَ: "اسْلُكُوا ذَاتَ الْيَمِينِ". بين ظهري المحمص فِي طَرِيقٍ تُخْرِجُهُ عَلَى ثَنِيَّةِ الْمُرَارِ، مَهْبِطِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ, فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ قَتَرَةَ الْجَيْشِ قَدْ خَالَفُوا عَنْ طَرِيقِهِمْ رَكَضُوا رَاجِعِينَ إِلَى قُرَيْشٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: كنا ألفًا وخمس مائة. وَذَكَرَ عَطَشًا أَصَابَهُمْ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ3 فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ، فَجَعَلَ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ الْعُيُونُ، فَشَرِبْنَا وَوَسِعَنَا وَكَفَانَا، وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُصَيْنٍ4. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ قَالَ: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: غَزَوْنَا أَوْ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ فِي الْقَوْمِ مِنْ طَهُورٍ"؟ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْعَى بِإِدَاوَةٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ مَاءٌ غَيْرُهُ، فَصَبَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَدَحٍ ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَتَرَكَ الْقَدَحَ. قَالَ: فَرَكِبَ النَّاسُ ذَلِكَ الْقَدَح وَقَالُوا: تمسحوا تمسحوا. فقال   1 أجرل: صلب غليظ. 2 يعني في قوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة: 85] . قال الحسن: "حطة" بمعنى حط ذنوبنا. "تفسير القرطبي" "1/ 385"؛ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة يغفر لكم خطاياكم، فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعرة". أخرجه البخاري في "التفسير" "4641". 3 التور: إناء للشرب. 4 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 63". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكْمُ". حِينَ سَمِعَهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ. قَالَ: فَوَضَعَ كَفَّهُ فِي الْمَاءِ وَالْقَدَحِ وَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ". ثُمَّ قَالَ: "أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ". فَوَالَّذِي ابْتَلانِي بِبَصَرِي لَقَدْ رَأَيْتُ الْعُيُونَ عُيُونَ الْمَاءِ تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَرْفَعْهَا حَتَّى تَوَضَّئُوا أَجْمَعُونَ. رَوَاهُ مُسَدَّدٌ عَنْهُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْعِجْلِيُّ، ثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خرجنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةٍ، فَأَصَابَنَا جَهْدٌ، حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا. فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا1 فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا2، فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ عَلَى النِّطَعِ. فتطاولت لأحزركم هُوَ؟ فَحَزَرْتُهُ كَرِبْضَةِ الْعَنْزِ3 وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا. ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ مِنْ وَضُوءٍ"؟ فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ لَهُ، فِيهَا نُطْفةٌ فَأَفْرَغَهَا فِي قدح. فتوضأنا كلنا، ندغفقه دغفقة4، أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَقَالُوا: هَلْ مِنْ طَهُورٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَرِغَ الْوُضُوءُ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ5. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لما رجع رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ كَلَّمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا: جَهَدْنَا وَفِي النَّاسِ ظَهْرٌ فَانْحَرْهُ. فَقَالَ عُمَرُ: لا تَفْعَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ النَّاسَ إِنْ يَكُنْ مَعَهُمْ بَقِيَّةُ ظَهْرٍ أَمْثَلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْسُطُوا أَنْطَاعَكُمْ وَعَبَاءَكُمْ". فَفَعَلُوا, ثُمَّ قَالَ: "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ زَادٍ وَطَعَامٍ فَلْيَنْثُرْهُ". وَدَعَا لَهُمْ ثُمَّ قَالَ: "قَرِّبُوا أَوْعِيَتَكُمْ". فَأَخَذُوا مَا شَاءَ اللَّهُ. يُحَدِّثُهُ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ قَالَ أَصْحَابُهُ: لَوِ انْتَحَرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ ظُهُورِنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لحومها وشحومها وحسونا   1 المزاود: الأوعية. 2 النطع: بساط من الجلد. "المعجم الوجيز" "621". 3 ربضة العنز: أي قدر جسمها إذا ربضت. وربضت الغنم وغيرها من الدواب: طوت قوائمها ولصقت بالأرض وأقامت. "المعجم الوجيز" "251". 4 رغفقة الماء صبة بكثره. 5 أخرجه مسلم "1729": كتاب اللقطة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 مِنَ الْمَرَقِ أَصْبَحْنَا غَدًا إِذَا عَدَوْنَا عَلَيْهِمْ وَبِنَا جُمَامٌ. قَالَ: لا، وَلَكِنِ ائْتُونِي بِمَا فَضَلَ مِنْ أَزْوَادِكُمْ. فَبَسَطُوا أَنْطَاعًا ثُمَّ صَبُّوا عَلَيْهَا فُضُولَ أَزْوَادِهِمْ. فَدَعَا لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبَرَكَةِ، فَأَكَلُوا حَتَّى تَضَلَّعُوا شِبَعًا، ثُمَّ لَفَّفُوا فُضُولَ مَا فَضَلَ مِنْ أَزْوَادِهِمْ فِي جُرُبِهِمْ. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَانَتْ صَلاةُ الْعَصْرِ وَالْتَمَسُوا الْوُضُوءَ، فَلَمْ يَجِدُوهُ. فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ. قَالَ: فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ. فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثَنَا ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا بِمَاءٍ فَأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَوَضَّئُونَ. فَحَزَرْتُ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ مَنْ تَوَضَّأَ مِنْهُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ: نَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ يَتَوَضَّأَ وَبَقِيَ قَوْمٌ. فَأُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ1 أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ. قُلْنَا: كَمْ هُمْ؟ قَالَ: ثَمَانُونَ وَزِيَادَةٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَجَاءَ أَنَّهُمْ كَانُوا بِقُبَاءٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ بِالزَّوْرَاءِ مَعَ أَصْحَابِهِ يَتَوَضَّئُونَ. فَوَضَعَ كَفَّهُ فِي الْمَاءِ، فَجَعَلَ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا. فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: زُهَاءُ ثلاثمائة. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالْبُخَارِيُّ أَيْضًا بِمَعْنَاهُ، وَالزَّوْرَاءُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِيُّ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلا مِنْهُ: فَوَضَعَ كَفَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَاءِ فَرَأَيْتُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عَيْنًا تفور.   1 المخضب: إناء. 2 أخرجه البخاري "1/ 57" كتاب: الوضوء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلا أَنْ أَسْتَحْيِيَ مِنْ رَبِّي لَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا". عَبْدُ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ. وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى الْبَرَكَةِ فِي الْمَاءِ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَأْكُلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ1. وَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: " حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ". حَتَّى تَوَضَّأْنَا كُلُّنَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بإناء من ماء، فجعل أصابعه فِي فَمِ الإِنَاءِ وَفَتَحَ أَصَابِعَهُ، فَرَأَيْتُ الْعُيُونَ تَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ فِي نُزُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحُدَيْبِيَةِ: فَزِعَتْ قُرَيْشٌ لِنُزُولِهِ عَلَيْهِمْ، فَأَحَبَّ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ رَجُلا. فَدَعَا عُمَرَ لِيَبْعَثَهُ فَقَالَ: إِنِّي لا آمَنُهُمْ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ يَغْضَبُ لِي، فَأَرْسِلْ عُثْمَانَ فَإِنَّ عَشِيرَتَهُ بِهَا. فَدَعَا عُثْمَانَ فَأَرْسَلَهُ وَقَالَ: "أَخْبِرْهُمْ أَنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ، وَادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ". وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ رِجَالا بِمَكَّةَ مُؤْمِنِينَ وَنِسَاءً مُؤْمِنَاتٍ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَيُبَشِّرُهُمْ بِالْفَتْحِ, فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ فَمَرَّ عَلَى قُرَيْشٍ بِبَلْدَحٍ, فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إِلَى أَيْنَ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْكُمْ لأَدْعُوَكُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَيُخْبِرُكُمْ أَنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ وَإِنَّمَا جِئْنَا عَمَّارًا. فَدَعَاهُمْ عُثْمَانُ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالُوا: قَدْ سَمِعْنَا مَا تَقُولُ فَانْفُذْ لِحَاجَتِكَ. وَقَامَ إِلَيْهِ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَرَحَّبَ بِهِ وَأَسْرَجَ فَرَسَهُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ عُثْمَانَ فَأَجَارَهُ، وَرَدَفَهُ أَبَانٌ حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ, ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا بَعَثُوا بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ؛ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَالصُّلْحَ. وَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَمِنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَتَزَاوَرُوا. فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، وَطَوَائِفُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُشْرِكِينَ، إِذْ رَمَى رَجُلٌ رَجُلا مِنَ الْفَرِيقِ الآخَرِ, فَكَانَتْ مُعَارَكَةٌ، وَتَرَامَوْا بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ. وَصَاحَ الْفَرِيقَانِ وَارْتَهَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ فِيهِمْ، فَارْتَهَنَ الْمُسْلِمُونَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُ، وَارْتَهَنَ المشركون عثمان وغيره.   1 تسبيح الحصى في يده الشريفة ثبت في "صحيح البخاري". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْبَيْعَةِ. وَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلا إِنَّ الْقُدُسَ1 قَدْ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ تَحْتِ الشَّجْرَةِ، فَبَايَعُوهُ عَلَى أَنْ لا يَفِرُّوا أَبَدًا. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا، وَفِيهَا: فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: خَلَصَ عُثْمَانُ مِنْ بَيْنِنَا إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَظُنُّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ وَنَحْنُ مَحْصُورُونَ". قَالُوا: وَمَا يَمْنَعُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ خَلَصَ؟ قَالَ: "ذَلِكَ ظَنِّي بِهِ أَنْ لا يَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ حَتَّى يَطُوفَ مَعَنَا". فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: اشْتَفَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ؟ فَقَالَ: بِئْسَ مَا ظَنَنْتُمْ بِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ مَكَثْتُ بِهَا مُقِيمًا سَنَةً وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقِيمٌ بِالْحُدَيْبِيَةِ مَا طُفْتُ بِهَا حَتَّى يَطُوفَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقْد دَعَتْنِي قُرَيْشٌ إِلَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ فَأَبَيْتُ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ: "لا نَبْرَحُ حَتَّى نُنَاجِزَ الْقَوْمَ". فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ, فَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ, فَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: بَايَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمَوْتِ2، وَكَانَ جَابِرٌ يَقُولُ: لَمْ يُبَايِعْنَا عَلَى الْمَوْتِ وَلَكِنْ بَايَعَنَا عَلَى أَنْ لا نَفِرَّ3. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَقَالَ: "هَذِهِ لِي وَهَذِهِ لِعُثْمَانَ إِنْ كَانَ حَيًّا" 4. ثُمَّ بَلَغَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَرَجَعَ عُثْمَانُ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ بَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَدٌ إِلا الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ. قَالَ جَابِرٌ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ لاصِقًا بِإِبْطِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ ضَبَأَ إليها5 يستتر بها من الناس.   1 القدس: هو جبريل -عليه السلام. 2 قال يزيد بن أبي عبيد: قلت لسلمة بن الأكوع: على أي شيء بايعتم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الحديبية؟ قال: "على الموت". أخرجه البخاري في المغازي "4169"، ومسلم "1860" في الإمارة. 3 أخرجه مسلم "1856/ 67" في الإمارة، والترمذي "1594" في السير، وقال: حسن صحيح. 4 أخرجه البخاري "3698"، وانظر أطرافه عند رقم "3130"، وأحمد "2/ 101, 120" من حديث ابن عمر. 5 ضبأ إليها: لجأ واختبأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ -وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ قَالَهُ النَّسَائِيُّ- عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ كَانَ عُثْمَانُ قَدْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَكَّةَ. فَبَايَعَ النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عُثْمَانَ فِي حَاجَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى فَكَانَتْ يَدُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعثمان خَيْرًا مِنْ أَيْدِيهِمْ لأَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا الزُّبَيْرُ، سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: لَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ وَجَدْنَا رَجُلا مِنَّا يُقَالُ لَهُ: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ مُخْتَبِئًا تَحْتَ إِبْطِ بَعِيرٍ. أخرجه مسلم من حديث ابن جريج، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ. وَبِهِ: قَالَ لَمْ نُبَايِعِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمَوْتِ، وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لا نَفِرَّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَقَالَ: فَبَايَعْنَاهُ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَهِيَ سَمُرَةُ. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَعْرَجِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ الشَّجَرَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُبَايِعُ النَّاسَ وَأَنَا رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا عَنْ رَأْسِهِ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لا نَفِرَّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا دَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ كَانَ أَوَّلَ مَنِ انْتَهَى إِلَيْهِ أَبُو سِنَانٍ الأَسْدِيُّ فَقَالَ: أَبْسِطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلامَ تُبَايِعُنِي"؟ قَالَ: عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ2. وَقَالَ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو عَاصِمٍ -وَاللَّفْظُ لَهُ- عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ, فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قال: "يابن الْأَكْوَعِ أَلَا تُبَايِعُ"؟ قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُ يَا رسول الله. قال: "وأيضًا". فبايعته الثانية.   1 تقدم تخريجه قبل قليل. 2 قلت: والبيعة تجمع كل ما تقدم. قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 118": "إن المبايعة فيها مطلقة، وقد أخبر سلمة بن الأكوع، وهو ممن بايع تحت الشجرة أنه بايع على الموت، فدل ذلك على أنه لا تنافي بين قولهم بايعوه على الموت، وعلى عدم الفرار، لأن المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا ولو ماتوا، وليس المراد أن يقع الموت ولا بد". ا. هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 فَقُلْتُ لِسَلَمَةَ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ عَلَى أَيِّ شيء كنتم تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ, وَقَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا إِلَى الْبَيْعَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ، فَبَايَعْتُهُ أول الناس وبايع وبايع حتى إذا فِي وَسَطِ النَّاسِ قَالَ: "بَايِعْنِي يَا سَلَمَةُ". فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَايَعْتُكَ. قَالَ: "وأيضًا". قال: ورآني غزلا فَأَعْطَانِي حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً. ثُمَّ بَايَعَ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ قَالَ: "أَلَا تُبَايِعْ"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَايَعْتُكَ فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَأَوْسَطِهِمْ. قَالَ: "وَأَيْضًا". فَبَايَعْتُ الثَّالِثَةَ. فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ"؟ قُلْتُ: لَقِيَنِي عَامِرٌ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهُ. فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: "أنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الْأَوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي". ثُمَّ إِنَّ مُشْرِكِي مَكَّةَ رَاسَلُونَا بِالصُّلْحِ حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ فَاصْطَلَحْنَا. وَكُنْتُ خَادِمًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَسْقِي فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ, وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ, فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضَّطَجَعْتُ فِي ظِلِّهَا, فَأَتَانِي أَرْبَعةٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَبْغَضْتُهُمْ، فَتَحَوَّلَتْ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى، فَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا, فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي: يَا لِلْمُهَاجِرِينَ، قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ. فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي فَشَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ، فَأَخَذْتُ سِلَاحَهُمْ فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا فِي يَدِي، ثُمَّ قُلْتُ، وَالَّذِي كرم وجه محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه. ثم جئت بهم أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِرَجُلٍ مِنَ الْعَبَلَاتِ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ يَقُودُهُ مُجَفَّفًا حَتَّى وَقَفْنَا بِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَبْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ. وَقَالَ: "دَعُوهُمْ، يَكُونُ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ". فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُنْزِلَتْ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} [الفتح: 24] الآية. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رِجَالا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ قِبَلِ جَبَلِ التَّنْعِيمِ لِيُقَاتِلُوهُ. قَالَ: فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخْذًا، فَأَعْتَقَهُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} الآية، أخرجه مسلم.   1 أخرجه مسلم "1807" في الجهاد والسير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَدْ تَفَرَّقُوا فِي ظِلالِ الشَّجَرِ, فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ -يَعْنِي: عُمَرَ- يَا عَبْدَ اللَّهِ انْظُرْ مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ، فَبَايَعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ، فَخَرَجَ فَبَايَعَ. أَخْرَجَهُ خ1 فَقَالَ: وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: ثنا الْوَلِيدُ. قُلْتُ: وَرَوَاهُ دُحَيْمٌ، عَنِ الْوَلِيدِ. قُلْتُ: وَسُمِّيَتْ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18] . قَالَ أَبُو عَوَانة، عَنْ طارق بْن عَبْد الرَّحْمَن، عَنْ سَعِيد بْن المسيّب قَالَ: كَانَ أَبِي ممّن بايع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الشجرة، قَالَ: فانطلقنا فِي قابلٍ حاجّين، فخفي علينا مكانُها، فإنْ كانت تبيَّنتْ لكم فأنتم أعلم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وقال ابن جريج: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ مُبَشِّرٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ: "لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا أَحَدٌ". قلت: بلى يا رسول الله، فَانْتَهَرَهَا، فَقَالَتْ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ، فَقَالَ: قَدْ قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72] . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ، أَخْبَرَكُمْ مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالا: أَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نا الْعَلاءُ بْنُ مُوسَى إِمْلاءً، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الَمكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ النَّارَ". أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ4.   1 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 69". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 65"، ومسلم "1859" في الإمارة. 3 أخرجه مسلم "2496" في فضائل الصحابة. 4 أخرجه أحمد بلفظ: "لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة". قال الألباني في "صحيح الجامع" "7680": صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 وَقَالَ قُتَيْبَةُ: نَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَشْكُو حَاطِبًا, قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا فَإنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ". وَقَالَ يُونُسُ بْن بُكَيْر، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني الزهري، عن عروة، عَنِ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة، ومروان في قصة الحديبية؛ قالا: فدعت قريش سُهَيْل بْن عَمْرو؛ قَالُوا: اذهب إلى هذا الرجل فصالحه ولا يكوننّ فِي صُلْحه إلّا أنْ يرجع عنّا عامَهُ هذا، لا تحدّث العربُ أنّه دخلها علينا عَنْوَةً. فخرج سُهَيْل من عندهم، فلما رآه رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلا قَالَ: "قد أراد القوم الصُّلْحَ حين بعثوا هذا الرجل". فوقع الصلح عَلَى أن توضع الحرب بينهما عشر سنين، وأن يخلُّوا بينه وبين مكة من العام المقبل، فيقيم بِهَا ثلاثًا، وأنه لا يدخلها إلّا بسلاح الراكب والسيوف فِي القِرَب، وإنّه من أتانا من أصحابك بغير إذْن ولِيِّه لم نردّه عليك، ومن أتاك منّا بغير إذنِ وليِّه رددته علينا، وأنّ بيننا وبينك عَيْبَةٌ مكفوفة1، وأنه لا إسلال ولا إغلال. وذكر الحديث. الإِسلال الخفية, وقيل: الغارة. وقيل: سلّ السيوف. والإِغلال: الغارة. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُشْرِكِي مَكَّةَ كَتَبَ كِتَابًا: "هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ". قَالُوا: لَو عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نُقَاتِلْكَ. قَالَ لِعَلِيٍّ: "امْحُهُ". فَأَبَى، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ، وَكَتَبَ: "هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ". وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمُوا ثَلَاثًا، وَأَنْ لَا يَدْخُلُوا مَكَّةَ بِسِلَاحٍ إِلَّا جُلُبَّانَ السِّلَاحِ، يَعْنِي السَّيْفَ بِقِرَابِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ كَاتِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتُبْ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو". فَجَعَلَ عَلِيُّ يَتَلَكَّأُ وَيَأْبَى إِلَّا أَنْ يَكْتُبَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أكتب، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهَا تُعْطِيهَا وَأَنْتَ مُضْطَهَدٌ". فَكَتَبَ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله.   1 عيبة مكفوفة: يريد أن الشر بينهم مكفوف. 2 أخرجه البخاري في "الصلح"، ومسلم في "الجهاد والسير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ: نَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا, فَأَتَى عُمَرُ فَقَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: "بَلَى". قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: "بَلَى". قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي أَنْفُسِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمُ الله بيننا وبينهم؟ قال: "يابن الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ". فَانْطَلَقَ مُتَغَيِّظًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ الْقُرْآنَ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ فَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: "نَعَمْ". فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عُرْوَة, عَنِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ قَالَا: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا حَتَّى أَتَى هَدْيَهُ فَنَحَرَ وَحَلَقَ فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَحَلَقَ بَعْضٌ وَقَصَّرَ بَعْضٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهم اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَالْمُقَصِّرِينَ؟ فقال: "اللهم اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ". ثَلَاثًا, قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: "وَلِلْمُقَصِّرِينَ" 1. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ له: لم ظاهر رسول لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ وَاحِدَةً؟ فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا. وَقَالَ يُونُسُ -هُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ- عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حَلَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ كُلُّهُمْ غَيْرَ رَجُلَيْنِ؛ قَصَّرَا وَلَمْ يَحْلِقَا. أَبُو إِبْرَاهِيمَ مَجْهُولٌ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِبٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ". قَالَ رَجُلٌ: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ قَالَ: "وَالْمُقَصِّرِينَ". وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَحَرَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعُونَ بَدَنَةً فِيهَا جمل   1 أخرجه البخاري "1814"، ومسلم "1201"، وأبو داود "1856"، والترمذي "953". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 أَبِي جَهْلٍ، فَلَمَّا صُدَّتْ عَنِ الْبَيْتِ حَنَّتْ كَمَا تَحِنُّ إِلَى أَوْلادِهَا. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- أَهْدَى فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ جَمَلا كَانَ لأَبِي جَهْلٍ، فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ1 أَهْدَاهُ لِيَغِيظَ بِهِ قُرَيْشًا. وَقَالَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ, فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلا يَحْمِلَ سِلاحًا عَلَيْهَا إِلا سُيُوفًا، وَلا يُقِيمَ بِهَا إِلا مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا صَالَحَهُمْ, فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلاثًا، أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ مَالِكٌ عن أبي الزبير، عن جابر: نحرنا بالحديبية الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ. رَوَاهُ مسلم3.   1 البرة: حلقة تكون في أنف البعير. 2 في كتاب الصلح "3/ 169". 3 أخرجه مسلم "1318" في "الحج". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 نزُولُ سُورة الفتح: قَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ مَعَهُ لَيْلًا, فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي حَتَّى تَقَدَّمَتْ أَمَامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فيَّ قُرْآنٌ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ. قَالَ: قُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فيَّ قُرْآنٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فسلمت عليه، فقال: "لقد أنزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس". ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1-2] . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ؛ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، جَعَلَتْ نَاقَتُهُ تُثْقِلُ، فَتَقَدَّمْنَا، فَأُنْزِلَ عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} .   1 في "المغازي" "5/ 66, 67". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ، قَالَ: فَتْحُ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: هَنِيئًا مَرِيئًا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكَ، فَمَا لَنَا؟ فَأُنْزِلَتْ: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي} [الفتح: 5] 1. قَالَ شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِقَتَادَةَ فَقَالَ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا الثاني: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ، فَعَنْ عِكْرِمَةَ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ هَمَّامٌ: ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَصْحَابُهُ مُخَالِطُو الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ، فَقَالَ: "نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا". فَلَمَّا تَلَاهَا قَالَ رَجُلٌ: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ مَا يَفْعَلُ بِكَ، فَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا؟ فَأُنْزِلَتْ الَّتِي بَعْدَهَا: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} . أَخْرَجَهُ مُسْلِم2. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عن الزهري، عن عروة، عن المسور، ومروان قَالا فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَاجِعًا. فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْفَتْحِ. فَكَانَتِ الْقَضِيَّةُ فِي سُورَةِ الْفَتْحِ وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. فَلَمَّا أَمِنَ النَّاسُ وَتَفَاوَضُوا، لَمْ يُكلَّمْ أَحَدٌ بِالإِسْلامِ إِلا دَخَلَ فِيهِ, فَلَقَدْ دَخَلَ فِي تَيْنِكَ السَّنَتَيْنِ فِي الإِسْلامِ أَكْثَرُ مِمَّا كان فيه قبل ذلك. كان صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ فَتْحًا عَظِيمًا. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ؛ قَالُوا: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الحديبيية رَاجِعًا. فَقَالَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذَا بِفَتْحٍ؛ لَقَدْ صُدِدْنَا عَنِ الْبَيْتِ وَصُدَّ هَدْيُنَا، وَعَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحُدَيْبِيَةِ, وَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَرَجَا. فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلُ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِفَتْحٍ. فَقَالَ: "بِئْسَ الْكَلامِ، هَذَا أَعْظَمُ الْفَتْحِ، لَقَدْ رَضِيَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَدْفَعُوكُمْ بِالرَّوَاحِ عَنْ بِلادِهِمْ وَيَسْأَلُونَكُمُ الْقَضِيَّةَ وَيَرْغَبُونَ إِلَيْكُمْ فِي الأَمَانِ، وَقَدْ رَأَوْا مِنْكُمْ ما كرهوا، وقد   1 أخرجه البخاري ومسلم والترمذي في "التفسير" "3259"، وأحمد في "المسند" "3/ 173، 215"، وغيرهم. 2 أخرجه مسلم "1786" في "الجهاد والسير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 أَظْفَرَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَدَّكُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ مَأْجُورِينَ، فهذا أعظم الفتوح, أنسيتم يوم أحد، إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم؟ أَنَسِيتُمْ يَوْمَ الأَحْزَابِ، {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُم} "؟ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، هُوَ أَعْظَمُ الْفُتُوحِ وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ. وقال ابن أبي عَرُوبة، عَنْ قَتَادة، قَالَ: ظهرت الروم عَلَى فارس عند مرجع المسلمين من الحُديبية. وقال مثل ذَلِكَ عقيل، عن ابن شهاب، عَن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبة بْن مَسْعُود. وكانت بين الروم وبين فارس ملحمةٌ مشهودة نَصَرَ الله فيها الروم. ففرح المسلمون بذلك، لكوْن أهل الكتاب فِي الحملة نُصِروا عَلَى المجوس وقال مُغيرة، عَنِ الشعبيّ فِي قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ؛ قال: فتح الحديبية، وبايعوا بيعة الرضوان، وأطعموا نخيل خيبر، وظهرت الروم عَلَى فارس. ففرح المسلمون بتصديق كتاب الله ونصر أهل الكتاب على المجوس. وقال شعبة، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى: {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18] ، قَالَ: خيبر. {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} [الفتح: 21] ، قَالَ: فارس والروم. وَقَالَ ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قَالَ: أُرِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَهُمْ وَمُقَصِّرِينَ، فَقَالُوا لَهُ حِينَ نَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ: أَيْنَ رُؤْيَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27] يَعْنِيَ النَّحْرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ثُمَّ رَجَعُوا فَفَتَحُوا خَيْبَرَ، فَكَانَ تَصْدِيقُ رُؤْيَاهُ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ. وقال هُشيم: أَنَا أَبُو بشر، عَنْ سَعِيد بْن جُبير، وعِكرمة: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الفتح: 16] ، قالا: هوازن يوم حنين. رواه سعيد بن منصور فِي سننه. وقال بندار: ثنا غُنْدَر، ثنا شعبة، عن هشيم، فذكره، وزاد: هوازن وبنو حنيفة. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الفتح: 16] ، قَالَ: فَارِسَ. وَقَالَ: {السَّكِينَةَ} هي الرحمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 وقال أَبُو حُذَيفة النَّهْدِيُّ: ثنا سُفْيَان، عَنْ سَلَمَةَ بْن كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الأحوص، عَنْ عليّ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 4] قَالَ: السكينة لَهَا وجهٌ كوجه الإنسان، ثم هي بعد ريح هفافة. وقال ورقاء، عَنِ ابن أَبِي نَجِيح، عَنْ مجاهد قَالَ: السكينة كهيئة الريح، لَهَا رأس كرأس الهرَّة وجناحان. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} ، قَالَ: السَّرِيَّةُ، {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} ، قَالَ: هُوَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ} [الرعد: 31] ، قَالَ: فَتْحُ مَكَّةَ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} ، قَالَ: الحُدَيْبِيَةُ وَنَحْوُهَا. رَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أخبرني عُرْوة أنّه سَمِعَ مروان بْن الحَكَم، والمسور يخبران عَنْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما كاتب سُهَيْلَ بْن عَمْرو، فذكر الحديث، وفيه: وكانت أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط ممّن خرج إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذٍ وهي عاتق1، فجاء أهلها يسألون رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرجعها إليهم، فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] . قَالَ عُرْوة: فأخبرتني عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يمتحنهنّ بهذه الآية: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12] الآية. قَالَتْ: فمن أقرّ بهذا الشرط منهنّ قَالَ لَهَا: "قد بايعتك". كلامًا يكلِّمها بِهِ، والله ما مسَّت يدُه يدَ امرأةٍ قطّ فِي المبايعة، ما بايعني إلّا بقوله. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ2. وقال موسى بْن عُقْبة، عَنِ ابن شهاب قَالَ: ولما رجع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المدينة انفلت من ثقيف أَبُو بصير بْن أسيد بْن حارثة الثقفي من المشركين، فذكر من أمره نحوًا مما قدَّمْنا. وفيه زيادة وهي: فخرج أَبُو بصير معه خمسةٌ كانوا قدِموا من مكة،   1 العاتق: الجارية أول ما أدركت أو هي التي لم تتزوج. 2 في "التفسير" "6/ 10". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 ولم ترسل قريش فِي طلبهم كما أرسلوا فِي أَبِي بصير، حتى كانوا بين العِيص وذي المَرْوَة من أرض جُهَينة عَلَى طريق عِير قريش ممّا يلي سيف البحر1، لا يمرّ بهم عِيرٌ لقريش إلّا أخذوها وقتلوا أصحابها. وانفلت أَبُو جَندل فِي سبعين راكبًا أسلموا وهاجروا فلحقوا بأبي بصير، وقطعوا مادَّةَ قريش من الشام، وكان أَبُو بصير يصلّي بأصحابه، فلما قدِم عَلَيْهِ أَبُو جندل كَانَ يؤمُّهم. واجتمع إلى أَبِي جَنْدل حين سمعوا بقدومه ناسٌ من بني غِفار وأسْلم وجُهَيْنة وطوائف، حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون، فأرسلت قريش إلى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسألونه أن يبعث إلى أبي بصير ومن معه فيقدموا عليه، وقالوا: من خرج منّا إليك فأمْسِكه، قَالَ: ومرّ بأبي بصير أَبُو العاص بْن الربيع من الشام فأخذوه، فقدم عَلَى امرأته زينب سرًّا, وقد تقدّم شأنه, وأرسل رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتابه إلى أَبِي بصير أن لا يعترضوا لأحد, فقدم الكتاب عَلَى أَبِي جندل وأبي بصير، وأبو بصير يموت. فمات وكتاب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي يده يقرؤه، فدفنه أَبُو جندل مكانه2، وجعل عند قبره مسجدًا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ نَصَبَ فِي الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ بَعْدَمَا يَقُولُ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ": "اللَّهُمّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدُ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ مِثْلَ سِنِي يُوسُفَ". ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَدْعُو حَتَّى نَجَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ تَرَكَ الدُّعَاءَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. وفي سنة ستّ: مات سعد بْن خَوْلةَ -رَضِيَ الله عَنْهُ- فِي الأسر بمكة. ورثى لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لكونه مات بمكة. وفيها: قُتل هشَام بْن صُبابة أخو مِقْيسٍ، قتله رَجُل من المسلمين وهو يظنّ أنّه كافر، فأعطى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِقيسًا دِيَتَه. ثُمَّ إنّ مِقْيسًا قتل قاتل أخيه، وكفر وهرب إلى مكة. وفي ذي الحجة: ماتت أمّ رُومان بِنْت عامر بْن عُوَيْمر الكِنانية، أمّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أخرج الْبُخَارِيّ من رواية مسروق عَنْهَا حديثًا وهو منقطع لأنّه لم يدركها، أو قد أدركها فيكون تاريخُ موتها هذا خطأ. والله أعلم.   1 سيف البحر: ساحل البحر وهو طريق قريش إلى الشام. 2 "فقه السيرة" للغزالي "360"، والرواية: أخرجها البيهقي في "سننه" "2279"، وقوله: وجعل عند قبره مسجدًا. لا أراها تصح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 أحداث السنة السابعة : غزوة خيبر : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: كَانَ افْتِتَاحُ خَيْبَرَ فِي عَقِبِ الْمُحَرَّمِ، وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آخِرِ صَفَرٍ. قُلْتُ: وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ غَيْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. وذكر الواقديّ، عَنْ شيوخه، فِي خروج النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى خيبر: فِي أول سنة سبعٍ، وشذَّ الزُّهري فقال، فيما رَوَاهُ عَنْهُ موسى بْن عقبة فِي مغازية قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم خيبر يوم سنة ستّ. وخيبر: بُلَيْدَةٌ عَلَى ثمانية برد من المدينة. قَالَ وُهَيْب: ثنا خُثَيْم بْن عِراك، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَفَرٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالُوا: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَيْبَرَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الْغِفَارِيَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَوَجَدْنَاهُ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى {كهيعص} [مريم: 1] ، وقرأ في الثانية {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَقُولُ فِي صَلاتِي: وَيْلُ لأبي فُلانٍ لَهُ مِكْيَالانِ، إِذَا اكْتَالَ اكْتَالَ بِالْوَافِي، وَإِذَا كَالَ كَالَ بِالنَّاقِصِ. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ صَلاتِنَا أَتَيْنَا سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ فَزَوَّدَنَا شَيْئًا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ، فَكَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْرَكُونَا فِي سُهْمَانِهِمْ. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، أَخْبَرَنِي سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ، أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ -وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ- صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِأَزْوَادٍ فَلَمْ يُؤْتَ إِلا بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَكَلْنَا. ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صلى ولم يتوضأ. أخرجه البخاري1.   1 أخرجه البخاري "1/ 59" كتاب الوضوء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى خيبر فَسِرْنَا لَيْلًا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ: أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عامر رجلا شاعرًا فنزل يحدو بالقوم ويقول: اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا وَلَا صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا وَأَلْقِيَنْ سَكَينَةً عَلَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا وَبِالصِيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ هَذَا السَّائِقُ"؟ قَالُوا: عَامِرٌ. قَالَ: "يَرْحَمُهُ اللَّهُ". قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ. فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ، حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ1 شَدِيدَةٌ. فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقَدُ"؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ. فَقَالَ: "أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا". فَقَالَ رَجُلٌ: أَوَ يُهْرِيقُوهَا وَيَغْسِلُوهَا. قَالَ: "أَوَ ذَاكَ". قَالَ: فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ، فَيَرْجِعُ ذُبَابُ2 سَيْفِهِ فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ، فَمَاتَ مِنْهُ. فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ، وَهُوَ آخِذُ بِيَدِي قَالَ: لَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساكتًا, قال: "ما لك"؟ قُلْتُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. قَالَ: "مَنْ قَالَهُ"؟ قُلْتُ: فُلَانٌ وفلان وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ. فَقَالَ: "كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ أَجْرَانِ". وَجَمَعَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، "إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدُ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ أَتَاهَا لَيْلًا. وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ حتى يصبح. فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   1 المخمصة: المجاعة. 2 وفي "صحيح مسلم" "1807": "فرجع سيفه على نفسه، فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه". 3 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 73-74"، ومسلم "1802" في الجهاد والسير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 "اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ, إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: شُعْبَةُ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْمُلائِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُودُ الْمَرِيضَ، وَيَتْبَعُ الْجِنَازَةَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ خِطَامُهُ لِيفٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال يَوْمَ خَيْبَرَ: "لُأعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ". قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ2 لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا؟ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا. فَقَالَ: "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ"؟ قِيلَ: هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ. قَالَ: "فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ". فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ. فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ قَالَ: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِي اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ". أَخْرَجَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ. وَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ". فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ قَطُّ حَتَّى يَوْمَئِذٍ. فَدَعَا عَلِيًّا فَبَعَثَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اذْهَبْ فَقَاتِلْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَلَا تَلْتَفِتْ". قَالَ عَلِيٌّ: عَلامَ أُقَاتِلُ النَّاسَ؟ قَالَ: "قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده وَرَسُولُهُ, فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3، وَأَخْرَجَا نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَمَّهُ عَامِرًا حَدَا بِهِمْ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ". قَالَ: وَمَا خُصَّ بِهَا أَحَدٌ إِلا   1 في "الجهاد والسير" باب: دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام "4/ 5". 2 يدوكون: يخوضون ويتحدثون في ذلك. 3 أخرجه مسلم "2405" في فضائل الصحابة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 اسْتُشْهِدَ. فَقَالَ عُمَرُ: هَلا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ؟ فَقَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ، وَيَقُولُ: عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحَرْبُ أقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَبَرَزَ لَهُ عَامِرٌ، وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ قَالَ: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ، فَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ، فَرَجَعَ بِسَيْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ، وَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجَتْ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، قَتَلَ نَفْسَهُ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَبْكِي، قَالَ: "مَا لَكَ"؟ فَقُلْتُ: قَالُوا إِنَّ عَامِرًا بَطَلَ عَمَلُهُ. قال: "ومن قَالَ ذَلِكَ"؟ قُلْتُ: نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. فَقَالَ: "كَذَبَ أُولَئِكَ بَلْ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مَرَّتَيْنِ". قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ يَدْعُوهُ وَهُوَ أَرْمَدُ فَقَالَ: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ". قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ. قَالَ: فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. قَالَ: فَبَرَزَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَقُولُ. قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قَالَ: فَبَرَزَ لَهُ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ المنظر أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ فَضَرَبَ مَرْحَبًا فَفَلَقَ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ الْفَتْحُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ نَصْرٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مسيره   1 أخرجه مسلم "1807" في الجهاد والسير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 لِخَيْبَرَ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ: "خُذْ لَنَا مِنْ هَنَاتِكَ". فَنَزَلَ يَرْتَجِزُ، فَقَالَ. وَاللَّهِ لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا إِنَّا إِذَا قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا ... وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يرحمك الله". فقال عمر: وَجَبَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. فَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ شَهِيدًا. وَقَالَ يُونُسُ بْن بُكَير عَنِ ابْنِ إِسْحَاق: حَدَّثَنِي بُرَيْدة بْن سُفْيَان بْن فَروة الأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: فخرج عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- بالراية يُهَرْوِلُ وأنا خلفه حتى ركّزها فِي رضْمٍ1 من حجارة تحت الحصن. فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قَالَ: أَنَا عليّ بْن أَبِي طَالِب. قَالَ: غلبتم وما أُنْزل عَلَى موسى. فما رجع حتى فتح الله عَلَيْهِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ الْمُسَيِّبُ بْنِ مُسْلِمٍ الْأَزْدِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُبَّمَا أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ فَيَلْبَثُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَا يَخْرُجُ، وَلَمَّا نَزَلَ خَيْبَرَ أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخَذَ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ نَهَضَ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ رَجَعَ. فَأَخَذَهَا عُمَرُ فَقَاتَلَ قِتَالًا هُوَ أَشَدُّ قِتَالًا مِنَ الْقِتَالِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لَأُعْطِيَنَّهَا غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَأْخُذُهَا عَنْوَةً". وَلَيْسَ ثَمَّ عَلِيٌّ, فَتَطَاوَلَتْ لَهَا قُرَيْشٌ، وَرَجَا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ ذَلِكَ, فَأَصْبَحَ وَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَى بَعِيرٍ حَتَّى أَنَاخَ قَرِيبًا، وَهُوَ أَرْمَدُ قَدْ عَصَبَ عَيْنَهُ بِشِقِّ بُرْدٍ قَطَرِيٍّ2. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لَكَ"؟ قَالَ: رَمَدَتْ بَعْدَكَ. قَالَ: "ادْنُ مِنِّي". فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ، فَمَا وَجَعَهَا حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَنَهَضَ بِهَا، وَعَلَيْهِ جُبَّةُ أُرْجُوانٍ حَمْرَاءُ قَدْ أَخْرَجَ خَمْلَهَا، فَأَتَى مَدِينَةَ خَيْبَرَ3. وَخَرَجَ مَرْحَبُ صَاحِبُ الْحِصْنِ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ مُظْهَرٌ يَمَانِيٌّ وَحَجَرٌ قد ثقبه مثل   1 رضم: حجارة بعضها فوق بعض. 2 برود من غليظ القطن. 3 رواه البخاري ومسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 البيض عَلَى رَأْسِهِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ، فَارْتَجَزَ عَلِيٌّ وَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَبَدَرَهُ عَلِيٌّ بِضَرْبَةٍ، فَقَدَّ الْحَجَرَ وَالْمِغْفَرَ ورأسه ووقع فِي الْأَضْرَاسِ، وَأَخَذَ الْمَدِينَةَ. وقال عَوْف الأعرابيّ، عَنْ ميمون أَبِي عَبْد الله الأزْدي، عَنِ ابن بُرَيْدة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فاختلف مَرْحَب وعليّ ضربتين، فضربه عليٌّ عَلَى هامته حتى عضَّ السّيفُ بأضراسه. وسمع أهل العسكر صوتَ ضربته. وما تتامّ آخرُ النّاس مَعَ عليّ حتى فتح الله لَهُ ولهم. وَقَالَ يُونُسُ، عن ابن إسحاق، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِرَايَتِهِ. فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنَ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ فَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدَيْهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ الْحِصْنَ فَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ, ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَفَرٍ مَعِي سَبْعَةٌ أَنَا ثَامِنُهُمْ، نَجْهَدُ أَنْ نَقْلِبَ الْبَابَ فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَقْلِبَهُ1. رَوَاهُ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مُنْقَطِعًا، وَفِيهِ: فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ. وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْعَبْدِيُّ: ثنا مُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ الْبَابَ يَوْمَ خَيْبَرَ حَتَّى صَعِدَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ. فَافْتَتَحُوهَا، وَإِنَّهُ خَرِبَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَحْمِلْهُ أَرْبَعُونَ رَجُلا. تَابَعَهُ فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ مُطَّلِبٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كان علي يلبس في الحر والشتاء القباء المحشو الثخين وما يبالي الْحَرِّ، فَأَتَانِي أَصْحَابِي فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ رَأَيْنَا مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا فَهَلْ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاهُ يَخْرُجُ عَلَيْنَا فِي الحر   1 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 152" وقال: رواه أحمد وفيه من لم يسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 الشَّدِيدِ فِي الْقَبَاءِ الْمَحْشُوِّ وَمَا يُبَالِي الْحَرَّ، وَيَخْرُجُ عَلَيْنَا فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ فِي الثَّوْبَيْنِ الْخَفِيفَيْنِ وَمَا يُبَالِي الْبَرْدَ، فَهَلْ سَمِعْتَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ: لا. فَقَالُوا: سَلْ لَنَا أَبَاكَ فَإِنَّهُ يَسْمُرُ مَعَهُ. فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا. فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَسَمَرَ معه فسأله فقال علي: أوما شَهِدْتَ مَعَنَا خَيْبَرَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ دَعَا أَبَا بَكْرٍ فَعَقَدَ لَهُ وَبَعَثَهُ إِلَى الْقَوْمِ، فَانْطَلَقَ فَلَقِيَ الْقَوْمَ، ثُمَّ جَاءَ بِالنَّاسِ وَقَدْ هُزِمُوا؟ فَقَالَ: بَلَى. قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ فَعَقَدَ لَهُ وَبَعَثَهُ إِلَى الْقَوْمِ، فَانْطَلَقَ فَلَقِيَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ هُزِمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ ذَلِكَ: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ غَيْرَ فَرَّارٍ". فَدَعَانِي فَأَعْطَانِي الرَّايَةَ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اكْفِهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، فَمَا وَجَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ حَرًّا وَلا بَرْدًا". وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ الضَّبِّيِّ، عَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: مَا رَمِدْتُ وَلا صَدِعْتُ مذ دفع إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ في مسنده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 فصل: فيمن ذكر أن مرحبا قتله مُحَمَّد بْن مسلمة قَالَ موسى بْن عُقْبة، عَنِ ابن شهاب، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام يوم خيبر فوعظهم. وفيه: فخرج اليهود بعاديتها، فقتل صاحب عادية اليهود فانقطعوا. وقتل مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة الأشهليّ مَرْحَبًا اليهوديّ. وقال ابن لَهِيعة، عَنْ أَبِي الأسود، عَنْ عُرْوَة نحوهَ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ الْحَارِثِيُّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ مِنْ حِصْنِ خَيْبَرَ، قَدْ جَمَعَ سِلاحَهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لِهَذَا"؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا لَهُ وَأَنَا وَاللَّهِ الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ، قَتَلُوا أَخِي بِالأَمْسِ. قَالَ: "قُمْ إِلَيْهِ، اللَّهُمَّ أعِنْهُ عَلَيْهِ". فَلَمَّا تَقَارَبَا دَخَلَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ عُمْرِيَّةٌ1، فَجَعَلَ كُلُّ واحد منهما يلوذ بها من صاحبه،   1 عمرية؛ أي: معمرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 كُلَّمَا لاذَ بِهَا أَحَدُهُمَا اقْتَطَعَ بِسَيْفِهِ مَا دونه، حتى برز كل واحد منها لِصَاحِبِهِ، وَصَارَتْ بَيْنَهُمَا كَالرَّجُلِ الْقَائِمِ مَا فِيهَا فَنَنٌ1. ثُمَّ حَمَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَضَرَبَهُ فَاتَّقَاهُ بِالدَّرَقَةِ، فَعَضَّتْ بِسَيْفِهِ فَأَمْسَكَتْهُ، وَضَرَبَهُ مُحَمَّدٌ حَتَّى قَتَلَهُ. فَقِيلَ إِنَّهُ ارْتَجَزَ وَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَاضِي ... حُلْوٌ إِذَا شِئْتُ وَسُمٌّ قَاضِي وَكَانَ ارْتِجَازُ مَرْحَبٍ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ ... وَأَحْجَمَتْ عَنْ صَوْلَةِ الْمُغلَّبْ أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ ... إِنَّ حِمَايَ لِلْحِمَى لا يُقْرَبُ وقال الواقدي: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الفضل بْن عُبَيْد الله عَنْ رافع بْن خُدَيْج عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِر قَالَ: وحدّثني زكريّا بْن زيد، عَنْ عَبْد الله بْن أَبِي سُفْيَان، عَنْ أبيه، عَنْ سَلَمَةَ بْن سلامة. قال: وعن مجمّع بْن يعقوب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مجمّع بْن جارية قَالُوا جميعًا: إنّ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ قتل مَرْحبًا. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ عَلَى مَرْحَبٍ فَقَطَرَهُ2 عَلَى الْبَابِ، وفتح علي الباب الآخر، وَكَانَ لِلْحِصْنِ بَابَانِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَقِيلَ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ ضَرَبَ سَاقَيْ مَرْحَبٍ فَقَطَعَهُمَا، فَقَالَ: ذُقِ الْمَوْتَ كَمَا ذَاقَهُ أَخِي مَحْمُودٌ، وَجَاوَزَهُ، وَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَخَذَ سَلْبَهُ. فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَلْبِهِ، فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدًا. وَكَانَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِيهِ كِتَابٌ لا يُدْرَى مَا هُوَ، حَتَّى قَرَأَهُ يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ تَيْمَاءَ فَإِذَا هُوَ: هَذَا سَيْفُ مَرْحَبٍ مَنْ يَذُقْهُ يُعْطَبْ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي محمد بن الفضل بن عبيد الله عن رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَرَزَ عَامِرٌ وَكَانَ طُوَالا جَسِيمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ بَرَزَ وَطَلَعَ: "أَتَرَوْنَهُ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ"؟ وَهُوَ يَدْعُو إِلَى الْبِرَازِ؛ فَبَرَزَ لَهُ عَلِيٌّ فَضَرَبَهُ   1 الفنن: الغصن. 2 قطره: ألقاه على قطره أي: جنبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 ضَرَبَاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ لا يَصْنَعُ شَيْئًا، حَتَّى ضَرَبَ سَاقَيْهِ فَبَرَكَ، ثُمَّ دَفَّفَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ سِلاحَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَرْحَبٍ أَخُوهُ يَاسِرٌ، فَبَرَزَ لَهُ الزُّبَيْرُ فَقَتَلَهُ1. وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة. ورواه موسى بن عقبة -واللفظ له- قَالَ: ثُمَّ دَخَلُوا حِصْنًا لَهُمْ مَنِيعًا يُدْعَى الْقَمُوصَ. فَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً. وَكَانَتْ أَرْضًا وَخِمَةً شَدِيدَةَ الْحَرِّ. فَجَهَدَ الْمُسْلِمُونَ جَهْدًا شَدِيدًا. فَوَجَدُوا أَحْمِرةً لِيَهُودَ، فَذَكَرَ قِصَّتَهَا، وَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَكْلِهَا. ثُمَّ قَالَ: وَجَاءَ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ كَانَ فِي غَنَمٍ لِسَيِّدِهِ، فَلَمَّا رَأَى أَهْلَ خَيْبَرَ قَدْ أَخَذُوا السِّلاحَ، سَأَلَهُمْ مَا يُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُقَاتِلُ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ. فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ ذِكْرُ النَّبِيِّ فَأَقْبَلَ بِغَنَمِهِ حَتَّى عَمَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ، وَقَالَ: مَاذَا لِي؟ قَالَ: "الْجَنَّةُ " فَقَالَ: يا رسول الله إن هَذِهِ الْغَنَمُ عِنْدِي أَمَانَةٌ. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أخرِجْهَا مِنْ عَسْكَرِنَا وَارْمِهَا بِالْحَصْبَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي عَنْكَ أَمَانَتَكَ". فَفَعَلَ؛ فَرَجَعَتِ الْغَنَمُ إِلَى سَيِّدِهَا. وَوَعَظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْعَبْدُ الأَسْوَدُ، فَاحْتَمَلُوهُ فَأُدخِلَ فِي فُسْطَاطٍ, وَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اطَّلَعَ فِي الْفُسْطَاطِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ هَذَا الْعَبْدَ، وَقَدْ رَأَيْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي حَيوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غزوة خَيْبَرَ، فَخَرَجَتْ سَرِيَّةٌ فَأَخَذُوا إِنْسَانًا مَعَهُ غَنَمٌ يَرْعَاهَا، فَجَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَكَيْفَ بِالْغَنَمِ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَهِيَ لِلنَّاسِ الشَّاةُ   1 قال الإمام النووي -رحمه الله- في "تهذيب الأسماء واللغات": "اختلفوا في قاتل مرحب، فقيل: علي بن أبي طالب. قال ابن عبد البر: قال محمد بن إسحاق: إن محمد بن مسلمة، هو الذي قتل مرحبًا اليهودي بخيبر. قال: وخالفه غيره، فقال: بل قتله علي بن أبي طالب، قال ابن عبد البر: هذا هو الصحيح عندنا". ا. هـ. وقال الحاكم في "مستدركه": "3/ 437": "الأخبار متواترة بأسانيد كثيرة أن قاتل مرحب أمير المؤمنين عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه". ووافقه الذهبي والألباني في "فقه السيرة" للغزالي "365". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 وَالشَّاتَانِ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "احْصِبْ وُجُوهَهَا ترجع إلى أهلها". فأخذ قبضة من حصباء أو تراب فرمى بها وجوهها، فَخَرَجَتْ تَشْتَدُّ حَتَّى دَخَلَتْ كُلُّ شَاةٍ إِلَى أَهْلِهَا. ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى الصَّفِّ، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ. وَلَمْ يُصَلِّ لِلَّهِ سَجْدَةً قَطُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أدخلوه الخباء". فأدخل خباء رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: "لَقْد حَسُنَ إِسْلامُ صَاحِبِكُمْ، لَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَإِنَّ عِنْدَهُ لَزَوْجَتَيْنِ لَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ". وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ أَوْ صَحِيحٌ1. وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: نا حَمَّادٌ، نا ثَابِتٌ, عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَسْوَدُ اللَّوْنِ، قَبِيحُ الْوَجْهِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، لا مَالَ لِي، فَإِنْ قَاتَلْتُ هَؤُلاءِ حَتَّى أُقْتَلَ أَدْخُلِ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: "نَعَمْ". فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. فَأَتَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مَقْتُولٌ، فَقَالَ: "لَقَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَطَيَّبَ رُوحَكَ وَكَثَّرَ مَالَكَ". قَالَ: وَقَالَ -لِهَذَا أَوْ لِغَيْرِهِ: "لَقَدْ رَأَيْتُ زَوْجَتَيْهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ يَتَنَازَعَانِهِ جُبَّتَهُ عَنْهُ، تَدْخُلانِ فِيمَا بَيْنَ جِلْدِهِ وَجُبَّتِهِ". وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ يونس، عن ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَسْلَمَ أَنَّ بَعْضَ بَنِي سَهْمٍ مِنْ أَسْلَمَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَيْبَرَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ جَهَدْنَا وَمَا بِأَيْدِينَا شَيْءٌ. فَلَمْ يَجِدوُا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا, فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ حَالَهُمْ وَأَنَّهُمْ لَيْسَتْ لَهُمْ قُوَّةٌ وَلَيْسَ بِيَدِي مَا أُعْطِيهِمْ إِيَّاهُ, فَافْتَحْ عَلَيْهِمْ أَعْظَمَ حِصْنٍ بِهَا غِنًى، أَكْثَرُهُ طَعَامًا وَوَدَكًا" 2. فَغَدَا النَّاسُ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِصْنَ الصَّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ، وَمَا بِخَيْبَرَ حِصْنٌ أَكْثَرَ طَعَامًا وَوَدَكًا مِنْهُ. فَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حُصُونِهِمْ مَا افْتَتَحَ، وَحَازَ مِنَ الأَمْوَالِ مَا حَازَ، انْتَهَوْا إِلَى حِصْنَيْهِمُ الْوَطِيحِ وَالسُّلالِمِ، وَكَانَا آخِرَ حُصُونِ خَيْبَرَ افْتِتَاحًا، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- بضع عشرة ليلة.   1 "ضعيف": قال الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة للغزالي" "367": "ضعيف. ذكره ابن كثير "4/ 190" عن عروة مرسلا". ا. هـ. 2 الودك: الدسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 ذكر صفية : وقال البكّائي، عَنِ ابن إسحاق قَالَ: ويُدْني رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأموال، يأخذها مالًا مالًا، ويفتحها حصنًا حصنًا. فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم، وعنده قُتِل محمود بْن مَسْلَمَة الأنصاريّ أخو مُحَمَّد، ألقيت عَلَيْهِ رَحَى فقتلته. ثُمَّ القَمُوص؛ حصن ابن أَبِي الحُقَيْق. وأصاب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منهم سبايا، منهنّ صفيَّة بِنْت حُيَيّ بْن أخطب، وبنتا عمّ لَهَا، فأعطاهما دِحْيةَ الكلبي. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق، حدثني ابن لمحمد بْنِ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ أَهْلِهِ، وَحَدَّثَنِيهِ مِكْنَفٌ، قَالا: حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- أهل خيبر في حصنهم الْوَطِيحِ وَالسُّلالِمِ، حَتَّى إِذَا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ، سَأَلوُا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، فَفَعَلَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَازَ الأَمْوَالَ كُلَّهَا: الشَّقَّ وَالنَّطَّاةَ وَالْكُتَيْبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ، إِلا مَا كَانَ فِي ذَيْنِكَ الْحِصْنَيْنِ. فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ أَهْلُ فَدَكٍ قَدْ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا، بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، وَيُخْلُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَمْوَالِ، فَفَعَلَ. فَكَانَ مِمَّنْ مَشَى بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- وَبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ. فَلَمَّا نَزَلُوا عَلَى ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُعَامِلَهُمْ فِي الأَمْوَالِ عَلَى النِّصْفِ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْمَرُ لَهَا, فَصَالَحَهُمْ عَلَى النِّصْفِ، عَلَى أَنَّا إِذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ, وَصَالَحَهُ أَهْلُ فَدَكٍ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ, فَكَانَتْ أَمْوَالُ خَيْبَرَ فَيْئًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ فَدَكٌ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُجْلَبُوا عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلا رِكَابٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ. وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ قَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذَّرِارِيَّ. فَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَالُ صَفِيَّةَ، وَكَانَتْ عَرُوسًا وَقُتِلَ زَوْجُهَا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم-   1 أخرجه البخاري في المغازي، باب: غزوة خيبر "5/ 74". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 لِنَفْسِهِ. فَلَمَّا كُنَّا بِسَدِّ الصَّهْبَاءِ1 حَلَّتْ2، فَبَنَى بها رسول الله3 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاتَّخَذَ حَيْسًا4 فِي نِطْعٍ صَغِيرٍ، وَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ. فَرَأَيْتُهُ يُحَوِّي لَهَا بِعَبَاءَةٍ خَلْفَهُ، وَيَجْلِسُ عِنْدَ نَاقَتِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَجِيءُ صَفِيَّةُ فَتَضَعُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ تَرْكَبُ, فَلَمَّا بَدَا لَنَا أُحُدٌ, قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا، وَمُسْلِمٌ5. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعَ أَنَسًا قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاثَ لَيَالٍ يَبْنِي عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ. فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَةِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلا لَحْمٍ، وَمَا كَانَ إِلا أَنْ أَمَرَ بِلالا بِالأَنْطَاعِ6 فَبُسِطَتْ، وألقي عليه التَّمْرُ وَالأَقِطُ7 وَالسَّمْنُ. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المؤمنين هي أو ما ملكت يمينه؟ قالوا: إن حجبها فهي إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ. فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -فِيمَا أَحْسَبُ- عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَغَلَبَ عَلَى الأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَجْلُوا مِنْهَا، وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا. وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لا يَكْتُمُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوهُ فَلا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلا عَهْدَ. فَغَيَّبُوا مَسْكًا8 فِيهِ مَالٌ وَحُلًى لِحُيَيِّ بْنُ أَخْطَبَ، كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ حِينَ أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَمِّ حُيَيٍّ: "مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جاء به من   1 مكان قريب من خيبر. 2 حلت: انقضت عدتها. 3 بنى بها: دخل بها. 4 الحيس: تمر يخلط بسمن. 5 أخرجه البخاري في "المغازي" "4211"، ومسلم "1/ 42". 6 النطع: بساط من الجلد. 7 الأقط: شيء يتخذ من اللبن الغنمي. 8 المسك: الجلد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 النَّضِيرِ"؟ قَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ. فَقَالَ: "الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ". فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الزُّبَيْرِ، فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ. وَقَدْ كَانَ حُيَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ دَخَلَ خَرَبَةً، فَقَالَ عَمُّهُ: قَدْ رَأَيْتَ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرَبَةٍ هَهُنَا: فَذَهَبُوا فَطَافُوا, فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي الْخَرَبَةِ, فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَيْ أَبِي حُقَيْقٍ، وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ, وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، وَقَسَّمَ أَمْوَالَهُمْ بِالنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا. وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ مِنْهَا, فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا. وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا لأَصْحَابِهِ غِلالٌ يَقُومُونَ عَلَيْهَا، فَأَعْطَاهُمْ عَلَى النِّصْفِ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ فَيَخْرُصُهَا2 عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ, فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِدَّةَ خَرْصِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ تُطْعِمُونِّي السُّحْتَ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إليَّ، وَلأَنْتُمْ أَبْغَضُ إليَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ. قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَيْنِ صَفِيَّةَ خُضْرَةً، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَلَطَمَنِي وَقَالَ: تَمَنِّينَ مَلِكَ يَثْرِبَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إليَّ، قَتَلَ أَبِي وَزَوْجِي, فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إليَّ وَيَقُولُ: "إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ الْعَرَبَ عليَّ وَفَعَلَ وَفَعَلَ". حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرِ كُلِّ عَامٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ مِنْ خَيْبَرَ, فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُمَرَ غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَلْقَوُا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ، فَفَدِعُوا3 يَدَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَحْضُرْ، حَتَّى قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ. وَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لا تُخْرِجْنَا، دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أقرنا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بَكْرٍ. فَقَالَ لَهُ: أَتُرَاهُ سَقَطَ عَنِّي قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ بك إذا وقصت   1 انظر: "سنن أبي داود" "3006"، "3007"، "3008"، "3009"، "3010"، "3011"، "3012"، "3013". 2 الخرص: الحدس والتخمين. والتقدير بالظن. 3 الفدع: اعوجاج يكون في اليد أو الرجل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 بِكَ 1 رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا". وَقَسَّمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ. اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْمَرَّارُ بْنُ حَمَّوَيْهِ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فُدِعْتُ بِخَيْبَرَ قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَلَ يَهُودَ خيَبْرَ عَلَى أَمْوَالِهَا، وَقَالَ: "نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ". وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ مَالُهُ هُنَاكَ، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ فَفُدِعَتْ يَدَاهُ، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، وَهُمْ تُهْمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلاءَهُمْ. فَلَمَّا أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ وَعَامِلُنَا؟ فَقَالَ: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو قَلُوصُكَ ليلة بعد ليلة". فأجلاهم وأعطاهم قيمة مالهم مِنَ الثَّمَرِ مَالا وَإِبِلا وَعَرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ2. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ قَسَّمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ سَهْمًا، جَمَعَ كُلَّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ، وَعَزَلَ النِّصْفَ الْبَاقِي لِمَنْ نَزَلَ بِهِ مِنَ الْوُفُودِ وَالأُمُورِ ونوائب الناس. أخرجه أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَسَّمَ خَيْبَرَ سِتَّةً وَثَلاثِينَ سَهْمًا، فَعَزَلَ لِلْمُسْلِمِينَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، فَجَمَعَ كُلَّ سَهْمٍ مِائَةً، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ وَلَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِ أَحَدِهِمْ. وَعَزَلَ النِّصْفَ لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ ذَلِكَ الْوَطِيحَ وَالسُّلالِمَ وَالْكُتَيْبَةَ وَتَوَابِعَهَا، فَلَمَّا صَارَتِ الأَمْوَالُ بِيَدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُمَّالٌ يَكْفُونَهُمْ عَمَلَهَا، فَدَعَا الْيَهُودُ فَعَامَلَهُمْ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا لأَنَّ بَعْضَ خَيْبَرَ فُتِحَ عَنْوَةً، وَبَعْضَهَا صُلْحًا, فَقَسَّمَ مَا فتح   1 الوقص: الكسر. 2 أخرجه البخاري في الشروط، باب: إذا اشترط في المزارعة إذا شئت أخرجتك "3/ 177, 178". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 عَنْوةً بَيْنَ أَهْلِ الْخُمْسِ وَالْغَانِمِينَ، وَعَزَلَ مَا فُتِحَ صُلْحًا لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ خَيْبَرَ يَوْمَ أَشْرَكَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ فِيهَا زَرْعٌ وَنَخْلٌ فَكَانَ يُقَسِّمُ لِنِسَائِهِ كُلَّ سَنَةٍ لكل واحدة منهن مائة وسق تمر، وعشرين وسق شعير لِكُلِّ امْرَأَةٍ. رَوَاهُ الذُّهْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَأَسْقَطَ مِنْهُ: ابْنَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ عطاء، عن ابن عباس أن رسول لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَسَّمَ لِمِائَتَيْ فَرَسٍ يَوْمَ خَيْبَرَ سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: كَانُوا يَوْمَ خَيْبَرَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَكَانَتِ الْخَيْلِ مِائَتَيْ فَرَسٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: لَمَّا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ خَيْبَرَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلاءِ إِخْوَتُكَ بَنُو هَاشِمٍ لا يُنْكَرُ فَضْلُهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي جَعَلَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ. أَرَأَيْتَ إِخْوَانَنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَتَرَكْتَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ. فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ، وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ شَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا فِي الأُخْرَى. اسْتَشْهَدَ بِهِ خ1. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ، وَقُلْتُ: هَذَا لا أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا. فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَبَسَّمُ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ. متفق عليه.   1 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: غزوة خيبر "5/ 79". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قُلْتُ أَكُنْتُمْ تُخَمِّسُونَ الطَّعَامَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَصَبْنَا طَعَامًا يَوْمَ خَيْبَرَ فَكَانَ الرَّجُلُ يَجِيءُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ1. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ -أَوْ عَنْ أَبِي قِلابَةَ- قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ قَدِمَ وَالثَّمَرَةَ خَضِرَةً، فَأَشْرَعَ النَّاسُ فِيهَا فَحُمُّوا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَرِّسُوا الْمَاءَ فِي الشِّنَانِ2، ثُمَّ يَحْدُرُونَ عَلَيْهِمْ بَيْنَ أَذَانَيِ الْفَجْرِ، وَيَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، قَالَ: فَفَعَلُوا فَكَأَنَّمَا نَشِطُوا مِنْ عَقْلٍ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ، قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ، مَعَ سَادَتِي، فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ سَيْفًا، فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ، فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ؛ أي رديئه. أخرجه أبو داود3.   1 "صحيح": أخرجه أبو داود "2704" في "الجهاد"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2353": "صحيح". 2 أي: يبردوها في الأسقية. 3 "صحيح": أخرجه أبو داود في "الجهاد" "2730"، وقال الشيخ الألباني -رحمه الله- في "صحيح سنن أبي داود" "2370": "صحيح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 ذكر من استشهد في خيبر، قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه: ذكر من استشهد في خيبر: عَلَى ما ذكر ابن إِسْحَاق؛ قَالَ: من حلفاء بني أُميَّة: ربيعة بْن أكثم, وثقف بْن عَمْرو, ورِفاعة بْن مسروح. ومن بني أسد بْن عَبْد العُزَّى: عَبْد الله بن الهبيب. ومن الأنصار. فُضَيْل بْن النُّعمان السَّلمي، ومسعود بْن سعد الزُّرَقي, وأبو الضَّيَّاح بْن ثابت، أحد بني عَمْرو بْن عَوْف, والحارث بْن حاطب، وعُرْوة بْن مُرّة, وأوس بْن القائد, وأنيف بْن حبيب, وثابت بْن أثلة, وطلحة, وعمارة بْن عُقبة الغِفَاريّ. وقد تقدّم: عامر بْن الأكْوع, ومحمود بْن سَلَمَةَ, والأسود الراعي. وزاد عَبْد الملك بْن هشام، فقال: مَسْعُود بْن ربيعة، حليف بني زُهرة وأوس بْن قَتَادَة الأنصاريّ. وزاد بعضهم فقال: ومبشّر بْن عَبْد المنذر، وأبو سُفْيَان بْن الحارث وليس بالهاشميّ. قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه: خ، م1 قَالا: ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي بُرَيْدٌ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَنَا وَأَخَوَانٌ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمُ، أَحَدُهُمَا أَبُو رُهْمٍ، وَالآخَرُ أَبُو بُرْدَةَ، إِمَّا قَالَ: بِضعٌ، وَإِمَّا قَالَ: فِي ثَلاثَةٍ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رجلًا من قومي, فركبنا سفينة، فألقتنا سَفِينَتَنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ, فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ, فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثنا وَأَمَرَنَا؛ يَعْنِي بِالإِقَامَةِ؛ فَأَقِيمُوا مَعَنَا، فَأَقَمْنَا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فَتَحَ خَيْبَرَ, فَأَسْهَمَ لَنَا، وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ شَيْئًا إِلا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا، مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ. قَالَ: فَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ. قَالَ: وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ؛ وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا؛ عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَائِرَةً وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ, فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ عُمَرُ: آلْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ آلْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ. فَقَالَ عُمَرُ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، نَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَضِبَتْ، فَقَالَتْ كَلِمَةً: كَذَبْتَ يَا عُمَرُ! كَلا وَاللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ -أَوْ أَرْضِ- الْبُعَدَاءِ، أَوِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَفِي رَسُولِهِ. وَايْمُ اللَّهِ لا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنَخَافُ وَسَأَذْكُرُ لَهُ ذَلِكَ وَأَسْأَلُهُ, فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: "لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، لَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ -أهل السفينة- هجرتان".   1 "صحيح البخاري" المغازي، باب: غزوة خيبر "5/ 79-81"، ومسلم "2502" فضائل الصحابة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالا1، يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ, مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي. وَقَالَ: "لَكُمُ الْهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ". وَقَالَ أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ تَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: "وَاللَّهِ مَا أَرَى 2 بِأَيِّهِمَا أَفْرَحُ، بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ" 3. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَنْ أَجْلَحَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ. وقال ابن عيينة: ثنا الزهري، أنه سمع عنبسة بن سعيد القرشي يحدث عن أبي هريرة، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَيْبَرَ حِينَ افْتَتَحَهَا، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُسْهِمَ لِي. فَتَكَلَّمَ بَعْضُ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: لا نُسْهِمُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقُلْتُ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ. فَقَالَ، أَظُنُّهُ ابْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: يَا عَجَبِي لِوَبْرٍ قَدْ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قُدُومِ ضَالٍّ يُعَيِّرُنِي بِقَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدِي، وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ. لَفْظُ د، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، لَكِنْ قَالَ: مِنْ قُدُومِ ضَأْنٍ4. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ قِبَل نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَيْبَرَ بَعْدَ فَتْحِهَا، وَإِنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَقْسِمْ لَهُمْ. فَقَالَ أَبَانٌ: أَنْتَ بِهَذَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرُ مِنْ رَأْسِ ضَالٍّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَانُ! اجْلِسْ". فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ. عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، فَقَالَ: ويذكر عن الزبيدي.   1 أرسالا: طائفة بعد طائفة. 2 في "السيرة النبوية" لابن هشام: "ما أدري". 3 "حديث حسن": أخرجه الحاكم "4/ 211"، والطبراني في "الكبير" عن الشعبي مرسلا، قال الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي "372": وسنده صحيح وقد وصله الحاكم من طريق أخرى عن الشعبي عن جابر ... ثم قال: وبالجملة فالحديث قوي بهذه الطرق، وقد صححه الحاكم. 4 أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب المغازي، باب غزوة خيبر "5/ 82". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قَالَ: كانت بنو فزارة ممّن قدِم أهل خيبر ليُعِيُنوهم. فراسلهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ لا يعينوهم، وسألهم أن يخرجوا عَنْهُمْ، ولكم من خيبر كذا وكذا, فأَبَوا عَلَيْهِ, فلما فتح الله خيبرَ، أتاه من كَانَ هنالك من بني فزارة، قَالَوا: اعْطِنا حظَّنا الَّذِي وعدْتنا. فقال: "حظّكم -أو قال: لكم ذو الرقيبة". جبل خيبر- قَالُوا: إذًا نقاتلك. فقال: "موعدكم جَنَفَاء". فلما سمعوا ذَلِكَ هربوا. جنفاء ماء من مياه بني فزارة. وقال خ، ثنا مكّي بْن إِبْرَاهِيم، نا يزيد بْن أَبِي عُبَيْد قَالَ: رَأَيْت أثر ضربة فِي ساق سَلَمَةَ, فقلت: يا أَبَا مُسْلِم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يومَ خيبر، فقال النّاس: أصيب سَلَمَةَ، فأتيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَفَثَ فيها ثلاث نَفَثَاتٍ، فما اشتكيتُها حتى السّاعة. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَاقْتَتَلُوا. فَمَالَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لِلْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ لَا يَمُوتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ أَبَدًا، فَاتَّبَعَهُ حَتَّى جُرِحَ، فَاشْتَدَّتْ جِرَاحَتُهُ وَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: "وَمَا ذَاكَ"؟ فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّهُ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ لِمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هريرة قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ، فَقَالَ لِرَجُلٍ؛ يَعْنِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ. فذكر نحو حديث سهل بن سعد.   1 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: غزوة خيبر "5/ 76"، ومسلم "112" في الإيمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ". فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ: فَقَالَ: "إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ، فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ1.   1 وفي "الصحيحين" وغيرها: أن عبدًا يقال له: "مدعم"، وكان قد أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاءه سهم فقتله -يعني عام خيبر، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم: "كلا، والذي نفسي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه نارًا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 شَأْنُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ: وَقَالَ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْمَعُوا مَنْ كَانَ هَهُنَا مِنَ الْيَهُودِ". فَجَمَعُوا لَهُ، فَقَالَ لهم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ"؟ قَالُوا: نعَمَ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لهم رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَبُوكُمْ"؟ قَالُوا: أَبُونَا فُلانٌ. قَالَ: "كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلانٌ"، قَالُوا: صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ. قَالَ لَهُمْ: "هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ"؟ قَالُوا: نَعَمْ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي آبائنا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَهْلُ النَّارِ"؟ فَقَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْسَئُوا فِيهَا، فَوَاللَّهِ لَا نَخْلُفَنَّكُمْ فِيهَا أبدًا"، ثُمَّ قَالَ: "هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ فِي شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ"؟ قالوا: نعم. قال: "أجعلتم في هذه الشاة سمًّا"؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ"؟ قَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أَنْ نَسْتَرِيحَ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. أَخْرَجَهُ خ1. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ يَهُودِيَّةَ أَتَتْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ. فَقَالَ: "مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَلِكَ". أَوْ قَالَ: "عَلَيَّ". قَالُوا: أَلَا نَقْتُلُهَا. قَالَ: "لَا". فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ2 رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم.   1 أخرجه البخاري في "الجهاد" باب: إذا غور المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم "4/ 66". 2 لهوات: جمع لهاة، اللحمة الحمراء المعلقة في أصل الحنك، كأنه بقي للسم علامة، سوادًا وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ1. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْيَهُودِ أَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً مَسْمُومَةً، فَقَالَ: "أَمْسِكُوا فَإِنَّهَا مَسْمُومَةً"، قَالَ: "وَمَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ"؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَسَيُطْلِعُكَ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أُرِيحُ النَّاسَ مِنْكَ قَالَ: فَمَا عَرَضَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ يَهُودِيَّةً أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً مَصْلِيَّةً2 بِخَيْبَرَ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا، ثُمَّ قَالَ: "أَمْسِكُوا". وَقَالَ لَهَا: "هَلْ سميت هَذِهِ الشَّاةَ"؟ قَالَتْ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ قَالَ: "هَذَا الْعَظْمُ". قَالَتْ: نَعَمْ. فَاحْتَجَمَ عَلَى الْكَاهِلِ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَاحْتَجَمُوا، فَمَاتَ بَعْضُهُمْ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَسْلَمَتْ، وَتَرَكَهَا. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: ثنا سُلَيْمَانُ الْمَهْدِيُّ، نا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ جَابِرٌ يُحَدِّثُ أَنَّ يَهُودِيَّةً سَمَّتْ شَاةً أَهْدَتْهَا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الْحَدِيثَ. وَقَالَ خَالِدٌ الطَّحَاوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْدَتْ لَهُ يَهُودِيَّةٌ بِخَيْبَرَ شَاةً، نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ. قَالَ: فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقُتِلَتْ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهَا أَوَّلا، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ بِشْرٌ قَتَلَهَا. وَبِشْرٌ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَدْرًا، وَأَبُوهُ قَائِدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ. وَهُوَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بَنِي سَلَمَةَ، مَنْ سَيِّدُكُمْ"؟ قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، عَلَى بُخْلٍ فِيهِ. فَقَالَ: "وأي داء أدوى من البخل؟ بل سيدكم الأَبْيَضُ الْجَعْدُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ". وقال موسى بْن عُقْبة، وابن شهاب، وعُرْوة، والَّلفظ لموسى قَالُوا: لما فُتحت خيبر أهدت زينبُ بِنْت الحارث اليهودية -وهي ابْنَة أخي مَرْحَب- لصفية شاةً مَصْلِيَّةً وَسَمَّتْها وأكثرت فِي الذَّراع، لأنّه بَلَغَها أنّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب الذراع. وذكر الحديث.   1 أخرجه البخاري "2617"، ومسلم "2190"، وأبو داود "4508". 2 مصلية: مشوية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 حديث الحجَّاج بْن عِلاط السُّلَمي: وعن عُرْوة، وموسى بْن عُقْبة قالا: كَانَ بين قريش حين سمعوا بمخرج النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تراهنٌ وتبايع، منهم من يَقْولُ: يظهر مُحَمَّد. ومنهم من يَقْولُ: يظهر الحليفان ويهود خيبر. وكان الحَجَّاج بْن عِلاط السُّلمي البَهْزي قد أسلم وشهد فتح خيبر، وكانت تحته أمّ شَيْبة العَبْدَرية، وكان الحَجَّاج ذا مالٍ، وله معادن من أرض بني سُلَيْم. فلما ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- عَلَى خيبر، قَالَ الحَجَّاج: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إن لي ذَهَبًا عند امرأتي، وإنْ تعلَمْ هِيَ وأهلُها بإسلامي فلا مال لي، فائذنْ لي فأُسْرِعُ السيرَ ولا يسبق الخبر. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ -وَاللَّفْظُ لَهُ- وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ، قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالا، وَإِنَّ لِي بِهَا أَهْلا أُرِيدُ إِتْيَانَهَمُ، فَأَنَا فِي حلٍّ إِنْ أَنَا قُلْتُ مِنْكَ وَقُلْتُ شَيْئًا؟ فَأَذِن لَهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَامَ لامْرَأَتِهِ، وَقَالَ لَهَا: أَخْفِي عَلَيَّ وَاجْمَعِي مَا كَانَ عِنْدَكِ لِي، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ. فَفَشَا ذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَاشْتَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَبَلَغَ مِنْهُمْ, وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا وَسُرُورًا, فَبَلَغَ الْعَبَّاسَ الْخَبَرُ فَعُقِرَ وَجَعَلَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ. قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْجَزَرِيُّ، عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ ابْنًا لَهُ, يُقَالُ لَهُ: قُثَمُ وَاسْتَلْقَى وَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ, وهو يقول: حبي قثم شبيه ذِي الأَنْفِ الأَشَمْ ... فَتًى ذِي النَّعَمِ بِرَغْمِ مَنْ رَغِمْ قَالَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: فَأَرْسَلَ الْعَبَّاسُ غُلامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ: وَيْلَكَ، مَا جِئْتَ بِهِ وَمَا تَقُولُ؟ وَالَّذِي وَعَدَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ الْحَجَّاجُ: يَا غُلامُ أَقْرِئْ أَبَا الْفَضْلِ السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ فَلْيُخْلِ لِي فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ فَآتِيهِ، فَإِنَّ الأَمْرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ, فَلَمَّا بَلَغَ الْعَبْدُ بَابَ الدَّارِ، قَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا الْفَضْلِ. فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا حَتَّى قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ بِافْتِتَاحِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ، وَغَنْمِ أَمْوَالِهِمْ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اصطفى صفية، ولكن جئت لمالي، وأني استأذنت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأذن لي، فأخف عَلَيَّ يَا أَبَا الْفَضْلِ ثَلاثًا، ثُمَّ اذْكُرْ مَا شِئْتَ. قَالَ: وَجَمَعَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَتَاعَهُ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاثٍ، أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ قَالَتْ: ذَهَبَ، لا يُحْزِنُكَ اللَّهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ. فَقَالَ: أجل، لا يحزنني اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلا مَا أُحِبُّ؛ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَجَرَتْ سِهَامُ اللَّهِ فِي خَيْبَرَ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لك في زوجك حاجة فَالْحَقِي بِهِ. قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا. ثُمَّ أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ وَحَدَّثَهُمْ. فَرَدَّ اللَّهُ مَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ كَآبَةٍ وَجَزَعٍ عَلَى الْمُشْرِكِينَ1.   1 قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 155": رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 غزوة وادي القرى : مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرَقًا، إِلَّا الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ. فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَ وَادِي الْقُرَى. وَقَدْ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ. حَتَّى إِذَا كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى، بَيْنَمَا يَحُطُّ رَحْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلا، والذي نفسي بيده، إن الشملة الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْغَنَائِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا". فَلَمَّا سَمِعُوا بِذَلِكَ، جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ -أَوْ قَالَ: شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ خَيْبَرَ إِلَى وَادِي الْقُرَى. وَكَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ قَدْ وَهَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ. فَلَمَّا نَزَلْنَا بِوَادِي الْقُرَى، انْتَهَيْنَا إِلَى يَهُودَ وَقَدْ ثَوَى إِلَيْهَا نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ. فَبَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِ اسْتَقْبَلَنَا يَهُودُ بِالرَّمْيِ حَيْثُ نَزَلْنَا. وَلَمْ نَكُنْ عَلَى تَعْبِئَةٍ، وَهُمْ يَصِيحُونَ فِي طَلَبِهِمْ، فَيُقْبِلُ سَهْمٌ عَائِرٌ، فَأَصَابَ مِدْعَمًا فقتله. فقال الناس: هنيئا له الجنة. فقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَلا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عَلَيْهِ نَارًا". فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ النَّاسُ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: "شِراكٌ -أَوْ: شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ". فَعَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَصَفَّهُمْ، وَدَفَعَ لواءه إلى سعد بن عبادة، ودفع   1 تقدم تخريجه قبل قليل، وساقه المصنف هنا بتمامه. والشراك: سير النعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 رَايَةً إِلَى الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَرَايَةً إِلَى سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ، وَرَايَةً إِلَى عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَحَقَنُوا دِمَاءَهُمْ، فَبَرَزَ رَجُلٌ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ، حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلا ثُمَّ أُعْطُوا مِنَ الْغَدِ بِأَيْدِيهِمْ, وَفَتَحَهَا اللَّهُ عَنْوَةً1. وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَادِي الْقُرَى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ تَيْمَاءَ صَالَحُوا عَلَى الْجِزْيَةِ. فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، أَخْرَجَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَهْلَ تَيْمَاءَ وَوَادِي الْقُرَى لأَنَّهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي أَرْضِ الشَّامِ؛ وَيَرَى أَنَّ مَا دُونَ وَادِي الْقُرَى إِلَى الْمَدِينَةِ حِجَازٌ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الشَّامِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، فَسَارَ لَيْلَهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكْنَا الْكَرَى عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لِبِلَالٍ: "اكْلَأْ 2 لَنَا اللَّيْلَ". فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ فَلَمْ يَسْتَيْقِظِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا بِلَالٌ إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ. الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي طَرِيقِ الْحُدَيْبِيَةِ, رواه شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ, وَيُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ نَوْمُهُمْ مَرَّتَيْنِ. وَقَدْ رَوَاهُ زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شُعْبَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. وَقَدْ رَوَى النَّوْمَ عَنِ الصَّلاةِ: عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ. وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَفِيهِمَا طول. وقالت عائشة لما افتتحنا خَيْبَرَ قُلْنَا الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ قَدِمُوا وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ, وَكَانَ الأَنْصَارُ أَهْلَ أَرْضٍ، فَقَاسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ عَلَى أَنْ أَعْطَوْهُمْ أَنْصَافَ ثِمَارِ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ، وَيَكْفُونَهُمُ الْعَمَلَ وَالْمَئُونَةَ. وَكَانَتْ أُمُّ أَنَسٍ، وَهِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ، أَعْطَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِذَاقًا لَهَا، فَأَعْطَاهُنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم أيمن   1 عنوة: بالقوة. 2 الكلاءة: الحراسة، والحفظ. 3 في "صحيحه" برقم "680". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 مولاته أم أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَأَخْبَرَنِي أَنَسٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا فَرَغَ من قتل أهل خيبر، وانصرف إلى المدينة، رد المهاجرون إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمْ، وَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُمِّي عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى أم أيمن مكانها مِنْ حَائِطِهِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ مِنْ شَأْنِ أُمِّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيفَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ. فَلَمَّا وَلَدَتْ آمِنَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تحضنه حتى كبر رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْتَقَهَا، ثم أنكحها زيد بن حارثة, ثم تُوُفِّيَتْ بَعْدَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُعْطِي مِنْ مَالِهِ النَّخَلاتِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَالِهِ، النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى فُتِحَتْ عَلَيْهِ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ، فَجَعَلَ يَرُدُّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَمَرَنِي أَهْلِي أَنْ آتِيَهُ فَأَسْأَلُهُ الَّذِي كَانُوا أَعْطُوهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمنَ، أَوْ كَمَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِيهُنَّ. فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَلَوَتِ الثَّوْبَ في عنقي، وجعلت تقول: كلا والله الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا نُعْطِيكَهُنَّ وَقَدْ أَعْطَانِيهِنَّ. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ أَيْمَنَ اتْرُكِي كَذَا وَكَذَا". وَهِيَ تَقُولُ لَا وَاللَّهِ. حَتَّى أَعْطَاهَا عَشَرَةَ أَمْثَالِ ذَلِكَ، أَوْ نَحْوَهُ. وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحِ: وَهِيَ تَقُولُ: كَلَّا وَاللَّهِ حَتَّى أُعْطَى عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ. أَخْرَجَاهُ2. وفي سنة سبع: قدِم حاطبُ بْن أَبِي بَلْتَعَة من الرُّسلية إلى المقوقس ملك ديار مصر، ومعه منه هديةُ للنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي مارية القبطية، أمّ إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأختها سِيرين التي وهبها لحسّان بْن ثابت، وبغلة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دلدل، وحماره يعفور. وفيها: توفيت ثويبة مُرْضعة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلبن ابنها مسروح وكانت مولاة لأبي لهب أَعْتَقَها عامَ الهجرة. وكان النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبعث إليها من مكة بصلة وكِسْوة. حتى جاءه موتُها سنة سبعٍ مرجعه من خيبر، فقال: "ما فعل ابنُها مسروح"؟ قَالُوا: مات قبلها وكانت خديجة تُكْرِمُها، وطلبت شراءها من أَبِي لَهَبٍ فامتنع. رَوَاهُ الواقديُّ عَنْ غير واحد. أرضعت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل حليمة أيامًا، وأرضعت أيضًا حمزةَ بْن عَبْد المطَّلب، وأبا سَلَمَةَ بْن عَبْد الأسد.   1 في "صحيحه" برقم "1771". 2 أخرجه البخاري في "المغازي، ومسلم "1771" في الجهاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 سرية أبي بكر إلى نجد، سرية عمر إلى عجز هوازن : سَرِيّة أبي بَكْر إلى نجد: وكانت بعد خيبر سنة سبعٍ. وَقَالَ عِكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِلَى بَنِي فِزَارَةَ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ عَرَّسَ بِنَا أَبُو بَكْرٍ، حَتَّى إِذَا مَا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ، أَمَرَنَا فَشَنَنَّا الْغَارَةَ، فَوَرَدْنَا الْمَاءَ. فَقَتَلَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ قَتَلَ، وَنَحْنُ مَعَهُ، فَرَأَيْتُ عُنُقًا مِنَ النَّاسِ فِيهِمْ الذَّرَارِيُّ. فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ، فَأَدْرَكْتُهُمْ، فَرَمَيْتُ بِسَهْمِي. فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا، فَإِذَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ، مَعَهَا ابْنَتُهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ فَجِئْتُ أَسُوقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا، فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ بَاتَتْ عِنْدِي فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا, حَتَّى لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السُّوقِ فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ". قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا. فَسَكَتَ حَتَّى كَانَ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِيَ المرأة لله أبوك". قُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَبَعَثَ بها رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَفَدَى بِهَا أَسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ. سرِيّة عُمَر إلى عَجُزِ هَوَازِن: وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُمَرَ إِلَى تُرَبَةِ عَجُزِ هَوَازِنَ، فِي ثَلاثِينَ رَاكِبًا، فَخَرَجَ وَمَعَهُ دَلِيلٌ. فَكَانُوا يَسِيرُونَ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُونَ النَّهَارَ. فَأَتَى الْخَبَرُ هَوَازِنَ، فَهَرَبُوا. وَجَاءَ عُمَرُ مَحَالَّهُمْ، فَلَمْ يَلْقَ مِنْهُم أَحَدًا، فَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، حَتَّى سَلَكَ النَّجْدِيةَ. فَلَمَّا كَانُوا بِالْجَدْرِ2، قَالَ الدَّلِيلُ لِعُمَرَ: هَلْ لَكَ فِي جَمْعٍ آخَرَ تَرَكْتَهُ مِنْ خَثْعَمٍ جَاءُوا سَائِرِينَ، قَدْ أَجْدَبَتْ بِلادُهُمْ؟ فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِمْ. وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَذَلِكَ فِي شعبان.   1 في كتاب "الجهاد والسير" برقم "1755". 2 الجدر: قرارة في الحرة على ستة أميال من المدينة ناحية قباء "معجم البلدان" "2/ 114". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 سرية بشير بن سعد، سرية غالب بن عبد الله الليثي : سرية بشير بْن سعد: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ فِي ثَلاثِينَ رَجُلا إِلَى بَنِي مُرَّةَ بِفَدَكٍ. فَخَرَجَ فَلَقِيَ رُعَاءَ الشَّاءِ، فَاسْتَاقَ الشَّاءَ وَالنَّعَمِ مُنْحَدِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَأَدْرَكَهُ الطَّلَبُ عِنْدَ اللَّيْلِ، فَبَاتُوا يُرَامُونَهُمْ بِالنَّبْلِ حَتَّى فَنِيَ نَبْلُ أَصْحَابِ بَشِيرٍ، فَأَصَابُوا أَصْحَابَهُ وَوَلَّى مِنْهُمْ مَنْ وَلَّى، وَقَاتَلَ بَشِيرٌ قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى ضُرِبَ كَعْبَاهُ. وَقِيلَ قَدْ مَاتَ، وَرَجَعُوا بِنَعَمِهِمْ وَشَائِهِمْ، وَتَحَامَلَ بَشِيرٌ حَتَّى انْتَهَى إِلَى فَدَكٍ، فَأَقَامَ عِنْدَ يَهُودِيٍّ حَتَّى ارْتَفَعَ مِنَ الْجِرَاحِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. سَرِيَّةُ غالب بْن عَبْد الله الليثي: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، الَّذِي أُرِيَ الأَذَانَ، قَالَ: كَانَ مَعَ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ, فَلَمَّا دَنَا غَالِبٌ مِنْهُمْ لَيْلا وَقَدِ احْتَلَبُوا وَهَدَءُوا، قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَأَمَرَ بالطاعة، قال: وإذا كبرت فكبروا، وجردوا السيوف. فذكر الحديث في إحاطتهم بهم. قَالَ: وَوَضَعْنَا السُّيُوفَ حَيْثُ شِئْنَا مِنْهُمْ، وَنَحْنُ نَصِيحُ بِشِعَارِنَا: أَمِتْ أَمِتْ، وَخَرَجَ أُسَامَةُ يَحْمِلُ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَسْلَمَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلْبِيَّ، كَلْبَ لَيْثٍ، إِلَى أَرْضِ بَنِي مُرَّةَ، فَأَصَابَ بِهَا مِرْدَاسَ بْنَ نَهِيكٍ، حليف لَهُمْ مِنَ الْحُرَقَةِ1 فَقَتَلَهُ أُسَامَةُ. فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أبيه، عن جده أسامة بن   1 الحرقة: هم بنو حميس من قبائل جهينة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 زَيْدٍ قَالَ: أَدْرَكْتُهُ، يَعْنِي مِرْدَاسًا، أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا شَهَرْنَا عَلَيْهِ السَّيْفَ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرناه خَبَرَهُ، فَقَالَ: "يَا أُسَامَةُ مَنْ لَكَ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ. قَالَ: "فَمَنْ لَكَ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ". فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، مَا زَالَ يُرَدِّدُهَا عَلَيَّ حَتَّى لَوَدِدْتُ أَنَّ مَا مَضَى مِنْ إِسْلامِي لَمْ يَكُنْ, وَأَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ وَلَمْ أَقْتُلْهُ. وَقَالَ هُشَيْمٌ: نَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ، سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ قَالَ: أَتَيْنَا الْحُرَقَةَ مِنْ جُهَيْنَةَ. قَالَ: فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ. وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله. قال: فكف عنه الأنصار، فَطَعَنْتُهُ أَنَا بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ، فَقَالَ: أَقَتَلْتَه بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى بَنِي الْمُلَوِّحِ بِالْكُدَيْدِ2، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغيِرَ عَلَيْهِمْ، وَكُنْتُ فِي سَرِيَّتِهِ. فَمَضَيْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِقُدَيْدٍ3، لَقِينَا بِهِ الْحَارِثَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيَّ، فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لأُسْلِمَ. فَقَالَ لَهُ غَالِبٌ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا جِئْتَ لِتُسْلِمَ فَلا يَضُرُّكَ رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اسْتَوْثَقْنَا مِنْكَ، قَالَ: فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا وَخَلَّفَ عَلَيْهِ رُوَيْجِلا أَسْوَدَ، قَالَ: امْكُثْ عَلَيْهِ حَتَّى نَمُرَّ عَلَيْكَ، فَإِنْ نَازَعَكَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ. وأتينا بطن الكديد فنزلنا بَعْدَ الْعَصْرِ. فَبَعَثَنِي أَصْحَابِي إِلَيْهِ، فَعَمَدْتُ إِلَى تَلٍّ يُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ، فَانْبَطَحْتُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ الْغُرُوبِ. فَخَرَجَ رَجُلٌ فَنَظَرَ فَرَآنِي مُنْبَطِحًا عَلَى التَّلِّ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ، إِنِّي لأَرَى سَوَادًا عَلَى هَذَا التَّلِّ مَا رَأَيْتُهُ فِي أَوَّلِ النهار، فانظري لا   1 أخرجه البخاري في المغازي، باب: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد، ومسلم "96" كتاب الإيمان. 2 الكديد: موضع على اثنين وأربعين ميلا من مكة بين عسفان, وأمج. "معجم البلدان" "4/ 442". 3 قديد: قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه. وقيل: موضع قرب مكة. "معجم البلدان" "4/ 313". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 تَكُونُ الْكِلابُ اجْتَرَّتْ بَعْضَ أَوْعِيَتِكِ. فَنَظَرَتْ, فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَفْقِدُ شَيْئًا. قَالَ: فَنَاوِلِينِي قَوْسِي وَسَهْمَيْنِ مِنْ نَبْلِي. فَنَاوَلَتْهُ فَرَمَانِي بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِي جَبِينِي، أَوْ قَالَ: فِي جَنْبِي، فَنَزَعْتُهُ فوضعته ولم أتحرك، ثم رماني بالآخر، فوضعه في رأس منكبي، فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ. فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَايَ، وَلَوْ كَانَ زَائِلا لَتَحَرَّكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتِ فَابْتَغِي سَهْمَيَّ فَخُذِيهِمَا، لا تَمْضُغُهُمَا عَلَيَّ الْكِلابُ. قَالَ: وَمَهِّلْنَا حَتَّى رَاحَتْ رَوَائِحُهُمْ، وَحَتَّى إِذَا احْتَلَبُوا وَعَطَفُوا وَذَهَب عَتَمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ شَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ فَقَتَلْنَا مَنْ قَتَلْنَا وَاسْتَقْنَا النَّعَمَ فَوَجَّهْنَا قَافِلِينَ بِهِ، وَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ إِلَى قَوْمِهِمْ. قَالَ: وَخَرَجْنَا سِرَاعًا حَتَّى نَمُرَّ بِالْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ وَصَاحِبِهِ، فَانْطَلَقَا بِهِ مَعَنَا, وَأَتَانَا صَرِيخُ النَّاسِ فَجَاءَنَا مَا لا قِبَلَ لَنَا بِهِ, حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ إِلا بَطْنُ الْوَادِي مِنْ قُدَيْدٍ، بَعَثَ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ مَاءً مَا رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ مَطَرًا وَلا سَحَابًا، فَجَاءَ بِمَا لا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَقْدَمُ عَلَيْهِ، لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ وُقُوفًا يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا مَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَحْدُوهَا, فَذَهَبْنَا سِرَاعًا حَتَّى أَسْنَدْنَا بِهَا في المشلل1، ثم حدرنا عنه وأعجزناهم.   1 المشلل: جبل يهبط منه إلى قديد من ناحية البحر. "معجم البلدان" "5/ 136". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 سَرِيَّةُ الجِناب: قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي مَغَازِيهِ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ: حُسَيْلُ بْنُ نُوَيْرَةَ، وَكَانَ دَلِيلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ يَا حُسَيْلُ؟ قَالَ: مِنْ يَمَنٍ وَجُبَارٍ، وَمَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ جَمْعًا مِنْ يَمَنٍ وَغَطَفَانَ وَجُبَارٍ1 وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ عُيَيْنَةُ إِمَّا أَنْ تَسِيرُوا إِلَيْنَا وَإِمَّا أَنْ نَسِيرَ إِلَيْكُمْ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَنْ سِرْ إِلَيْنَا، وَهُمْ يُرِيدُونَكَ أَوْ بَعْضَ أَطْرَافِكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَذَكَرَ لَهُمَا ذَلِكَ فَقَالا جَمِيعًا: ابْعَثْ إِلَيْهِمْ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ، فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً وَبَعَثَ مَعَهُ ثَلاثَمِائَةِ رجل، وأمرهم أن يسروا اللَّيْلَ وَيَكْمُنُوا النَّهَارَ، فَفَعَلُوا، حَتَّى أَتَوْا أَسْفَل خَيْبَرَ، فَأَغَارُوا وَقَتَلُوا عَيْنًا لِعُيَيْنَةَ. ثُمَّ لَقُوا جمع عيينة فناوشوهم، ثم انكشف جميع عُيَيْنَةَ وَأُسِرَ مِنْهُمْ رَجُلانِ، وَقَدِمُوا بِهِمَا عَلَى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسلما.   1 جبار: ماء لبني حميس بين المدينة وفيد؛ ويمن: ماء لغطفان بين بطن قو ورؤاف على الطريق بين تيماء وفيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 سرية أبي حدرد إلى الغابة، سرية ملحم بن جثامة : سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَد إلى الغابة: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ مَا حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي، فَأَصْدَقْتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْتَعِينُهُ عَلَى نِكَاحِي، فَقَالَ: كَمْ أَصْدَقْتَ؟ قُلْتُ: مِائَتَا دِرْهَمٍ، فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُمْ تَأْخُذُونَهَا مِنْ بَطْنِ وَادٍ مَا زِدْتُمْ، لا وَاللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أُعِينُكَ بِهِ". فَلَبِثَ أَيَّامًا، ثُمَّ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ قَيْسٍ أَوْ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ، فِي بَطْنٍ عَظِيمٍ مِنْ جُشَمَ، حَتَّى نَزَلَ بِقَوْمِهِ وَمَنْ مَعَهُ بِالْغَابَةِ، يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ قَيْسًا على حرب رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ ذَا شَرَفٍ، فَدَعَانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: "اخْرُجُوا إِلَيْهِ، حَتَّى تَأْتُوا مِنْهُ بِخَبَرٍ وَعِلْمٍ". وَقَدَّمَ لَنَا شَارِفًا عَجْفَاءَ1، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَحَدَنَا، فَوَاللَّهِ مَا قَامَتْ بِهِ ضَعْفًا، حَتَّى دَعَّمَهَا الرِّجَالُ مِنْ خَلْفِهَا بِأَيْدِيهِمْ، حَتَّى اسْتَقَلَّتْ وَمَا كَادَتْ. وَقَالَ: "تَبَلَّغُوا عَلَى هَذِهِ". فَخَرَجْنَا، حَتَّى إِذَا جِئْنَا قَرِيبًا مِنَ الْحَاضِرِ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَكَمَنْتُ فِي نَاحِيَةٍ، وَأَمَرْتُ صَاحِبَيَّ فَكَمَنَّا فِي نَاحِيَةٍ، وَقُلْتُ: إِذَا سَمِعْتُمَانِي قَدْ كَبَّرْتُ وَشَدَدْتُ فِي الْعَسْكِر، فَكَبِّرُوا وَشُدُّوا مَعِي، فَوَاللَّهِ إِنَّا لَكَذَلِكَ نَنْتَظِرُ أَنْ نَرَى غِرَّةً وَقَدْ ذَهَبَتْ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ رَاعٍ قَدْ سَرَّحَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ، فَقَامَ زَعِيمُهُمْ رِفَاعَةُ فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَقَالَ: لأَتْبَعَنَّ أَثَرَ رَاعِينَا، فَقَالُوا: نَحْنُ نَكْفِيكَ، قَالَ: لا، وَوَاللَّهِ لا يَتْبَعُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ، وَخَرَجَ حَتَّى مَرَّ بِي، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي نَفَحْتُهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعْتُهُ فِي فُؤَادِهِ، فَوَاللَّهِ مَا نَطَقَ، فَوَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَاحْتَزَزْتُ رَأْسَهُ، ثُمَّ شَدَدْتُ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ وَكَبَّرْتُ وَكَبَّرَ صَاحِبَايَ، فَوَاللَّهِ مَا كَانَ إِلا النَّجَاءُ مِمَّنْ كَانَ فِيهِ عِنْدَكَ بِكُلِّ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ نِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَمَا خَفَّ مَعَهُمْ، وَاسْتَقْنَا إِبِلا عَظِيمَةً وَغَنَمًا كَثِيرَةً، فَجِئْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجِئْتُ بِرَأْسِهِ أَحْمِلُهُ مَعِي، فَأَعْطَانِي مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ ثَلاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا فِي صَدَاقِي، فجمعته إلى أهلي. سرية ملحم بْن جَثَّامة: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى إِضَمٍ فِي نفر من   1 الناقة العجفاء: المسنة الهرمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ، وَمُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ بْنِ قَيْسٍ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَطْنِ إِضَمٍ، مَرَّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الأَضْبَطِ الأَشْجَعِيُّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ1، مَعَهُ مُتَيِّعٌ لَهُ2، وَوطْبٌ3 مِنْ لَبَنٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ. فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ، وَحُمِلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمٌ فَقَتَلَهُ لِشَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَأَخَذَ بَعِيرَهُ وَمَتَاعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرناه الخبر. فنزل فينا القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94] ، إلى آخر الآية4. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ بْنِ سَعْدٍ الضَّمْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَقَدْ شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَجَلَسَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ عيينة بن بدر يطلب بدم عامر بن الأَضْبَطِ، سَيِّدِ قَيْسٍ، وَجَاءَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ يرد على مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ خِنْدِفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِقَوْمِ عَامِرٍ: "هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِنَّا الآنَ خَمْسِينَ بَعِيرًا، وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ"؟ فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: وَاللَّهِ لا أَدَعُهُ حَتَّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنَ الْحَرِّ مِثْلَ مَا أَذَاقَ نِسَائِي. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يقال له: مكيتل، وهو القصير مِنَ الرِّجَالِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَجِدُ لِهَذَا الْقَتِيلِ مَثَلا فِي غُرَّةِ الإِسْلامِ إِلا كَغَنَمٍ وَرَدَتْ فَرُمِيَتْ أُولاهَا فَنَفَرَتْ أُخْرَاهَا، أُسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا خَمْسِينَ بَعِيرًا الآنَ وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا"؟ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى رَضَوْا بِالدِّيَةِ. قَالَ قَوْمُ مُحَلِّمٍ: ائْتُوا بِهِ حَتَّى يَسْتَغْفِرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ ضَرْبُ اللَّحِمِ فِي حُلَّةٍ قَدْ تَهَيَّأَ فِيهَا لِلْقَتْلِ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الَّلهُمَّ لا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ". قَالَهَا ثَلاثًا. فَقَامَ وَإِنَّهُ لَيَتَلَقَّى دموعه بطرف ثوبه5.   1 قعود: البعير المتخذ للركوب. 2 متيع: تصغير متاع. 3 ووطب: وعاء اللبن. 4 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 11"، وزاد الهيثمي نسبته في "المجمع" "7/ 8" للطبراني، وقال: رجاله ثقات. 5 أخرجه أبو داود، وابن جرير في "تفسيره" "8/ 72"، بنحوه, وهو شاهد يتقوّى به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: زَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ اسْتَغْفَرَ له بعد. وقال أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنَهِ: ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا حَمَّادٌ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ. ح. قَالَ وَثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، قَالا: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرةَ السُّلَمِيُّ. وَهَذا حَدِيثُ وَهْبٍ وَهُوَ أَتَمُّ، يُحَدِّثُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ وجده، قال موسى: وَكَانَا شَهِدَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُنَيْنًا، يَعْنِي أَبَاهُ وَجَدَّهُ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ وَهْبٍ: أَنَّ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ قَتَلَ رَجُلا مِنْ أَشْجَعَ فِي الإِسْلامِ. وَذَلِكَ أَوَّلُ غِيَرٍ1 قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَتَكَلَّمَ عُيَيْنَةُ فِي قَتْلِ الأَشْجَعِيِّ لأَنَّهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَتَكَلَّمَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمُحَلَّمٌ رَجُلٌ طَوِيلٌ آدَمُ، وَهُوَ فِي طَرَفِ النَّاسِ، فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى تَخَلَّصَ فَجَلَسَ بَيْنَ يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي بَلَغَكَ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَتَلْتَهُ بِسِلاحِكَ فِي غُرَّةِ الإِسْلامِ؟ الَّلهُمَّ لا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ". بِصَوْتٍ عالٍ. زَادَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَامَ وإنه ليتلقى دموعه بطرف ردائه2.   1 أول غير: أول دية. 2 أخرجه أبو داود في "سننه" "4/ 171-172" كتاب الديات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 سرية عبد الله بن حذافة ابن قيس بن عدي السهمي، عمرة القضاء : سَرِيَّةُ عَبْد الله بْن حُذَافَة بْن قيس بن عدي السهمي: قال ابن جريج: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] . نزلت فِي عَبْد الله بْن حُذَافَة السَّهْمِيّ، بَعَثَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَرِيَّةٍ. أخْبَرَنيه يَعْلَى بْن مُسْلِم، عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أخرجه فِي الصّحيح1. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى سَرِيَّةٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ. فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ، فَقَالَ: اجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا. وَأَمَرَهُمْ فَأَوْقَدُوهُ. ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تَسْمَعُوا لِي وَتُطِيعُوا؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَادْخُلُوهَا. فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّارِ. فَسَكَنَ غَضَبُهُ، وَطُفِئَتِ النَّارُ. فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: "لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا. إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ". أَخْرَجَاهُ2. وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وأوردنا الخلاف فيها. عمرة القضاء: روى نافع بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعيم، عَنْ نافع مولى ابن عُمَر قَالَ: كانت عُمْرة القضيّة فِي ذي القِعدة سنة سبعٍ. وَقَالَ مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما رجع رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ خيبر، بعث سرايا وقام بالمدينة حتى استهلّ ذو القعدة. ثُمَّ نادى في الناس أن تجهزوا للعمرة فتجهَّزُوا، وخرجوا معه إلى مكة. وقال ابن شهاب: ثُمَّ خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذي القِعدة حتى بلغ يَأْجَجَ3, وضع الأداة كلها: الحَجَف والمَجَانّ4 والرماح والنّبْل. ودخلوا بسلاح الراكب: السيوف. وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرًا بين يديه إلى ميمونة بِنْت الحارث بْن حَزْن العامريّة فخطبها عَلَيْهِ، فجعلت أمرَها إلى العبّاس؛ وكانت أختها تحته وهي أمّ الفضل فزوّجها العبّاس رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا قدم أمر أصحابه فقال: "اكشفوا عَنِ المناكب واسعوا فِي الطَّواف". ليرى المشركون جَلَدَهم وقوَّتهم، وكان يكايدهم بكل ما استطاع. فأخذ أهل مكة -الرجال والنّساء والصّبيان- ينظرون إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ وهم يطوفون بالبيت. وعبد الله بْن رواحة يرتجز بين يدي رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- متوشحًا بالسيف يقول:   1 أخرجه البخاري "4584"، ومسلم "1834" الإمارة. 2 أخرجه البخاري "8/ 191"، ومسلم "1834" الإمارة. 3 يأجح: مكان من مكة على ثمانية أميال. "معجم البلدان" "5/ 424". 4 المجن: الترس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سبيله ... أَنَا الشهيد أنّه رسولهْ قد أنزل الرَّحْمَن فِي تنزيلهْ ... فِي صحف تُتْلى عَلَى رسولهْ فاليوم نضربكم عَلَى تأويلِهْ ... كما ضَربْناكم عَلَى تنزيلهْ ضرْبًا يُزيل الهامَ عَنْ مَقِيلَهْ ... وَيُذْهِلُ الخليلَ عَنْ خليلهْ وتغيّب رجال من أشرافهم أن ينظروا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْظًا وحنقًا، ونفاسة وحَسَدًا، خرجوا إلى الخَنْدَمَة1. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمكة، وأقام ثلاث ليالٍ، وكان ذَلِكَ آخر الشرط, فلما أصبح من اليوم الرابع أتاه سُهَيْلُ بْن عَمْرو وغيره، فصاح حُوَيْطِب بْن عَبْد العُزَّى: نناشدك الله والعقد لما خرجتَ من أرضنا فقد مضت الثلاث. فقال سعد بن عبادة: كذبت لا أم لك ليست بأرضك ولا بأرض آبائك، والله لا نخرج. ثُمَّ نادى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُهَيلًا وحُوَيْطبًا، فقال: "إنّي قد نكحت فيكم امرأةً فما يضرّكم أن أمكث حتى أدخل بِهَا، ونصنع الطعام فنأكل وتأكلون معنا". قالوا: نناشدك الله والعقد، إلا خرجت عنّا. فأمر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا رافع فأذّن بالرحيل. وَرَكِبَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نزل بطن سَرِف وأقام المسلمون، وخلَّف رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا رافع ليحمل ميمونة إِلَيْهِ حين يُمسي. فأقام بسرِف2 حتى قدِمت عَلَيْهِ، وقد لقيت عناءً وأذى من سُفهاء قريش، فبنى بِهَا. ثُمَّ أدلج فسار حتى قدِم المدينة. وقدّر الله أن يكون موتُ ميمونة بسَرِف بعد حين. وَقَالَ فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ. وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلا يَحْمِلَ سِلاحًا إِلا سُيُوفًا، وَلا يُقِيمَ بِهَا إِلا مَا أَحَبُّوا. فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَدَخَلَهَا كَمَا صَالَحَهُمْ. فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلاثًا أَمَرُوهُ أَنْ يخرج، فخرج. أخرجه البخاري3.   1 الخندمة: جبل من جبال مكة. "معجم البلدان" "2/ 392". 2 سرف: موضع على أميال من مكة، وهو الذي فيه مسجد ميمونة أم المؤمنين -رضي الله عنها. "معجم البلدان" "3/ 212". 3 في المغازي، باب: عمرة القضاء "5/ 85". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْعُمْرَةُ قَضَاءً وَلَكِنْ شَرْطًا عَلَى المسلمين أن يعتمروا قابل فِي الشَّهْرِ الَّذِي صَدَّهُمُ الْمُشْرِكُونَ. وقال مُحَمَّد بْن سلمة، عَنِ ابن إِسْحَاق، عَنْ عَمْرو بْن ميمون، سَمِعْتُ أَبَا حاضر الحَضْرَميّ أنّ ميمون بْن مِهْران قَالَ: خرجت معتمِرًا سنة حُوصِر ابن الزُّبير. وبعث معي رجال من قومي بهَدْي. فلما انتهينا إلى أهل الشام منعونا أن ندخل الْحَرَمَ فنحرت الهدي مكاني، ثُمَّ أحللتُ ثُمَّ رجعتُ. فلما كَانَ من العام المقبل، خرجت لأقضي عُمْرَتي، فأتيت ابن عبّاس فسألته، فقال: أبدل الهدْي الَّذِي نحروا عام الحُدَيبية فِي عُمْرة القضاء1. زاد فِيهِ يونس عَنِ ابن إِسْحَاق قَالَ: فَعَزَّت الإِبل عليهم، فرخَّص لهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي البقر. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي غَانِمُ بْنُ أَبِي غَانِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَدْ سَاقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْقَضِيَّةِ سِتِّينَ بَدَنَةً. قَالَ: وَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ الظَّهْرَانِ، وَقَدَّمَ السِّلاحَ إِلَى بَطْنِ يَأْجَجَ، حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى أَنْصَابِ الْحَرَمِ. وَتَخَوَّفَتْ قُرَيْشٌ، فَذَهَبَتْ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ وَخَلَّوْا مَكَّةَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، مَشَى ابْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ ... قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ بِأَنَّ خَيْرَ الْقتْلِ فِي سَبِيلِهِ ... نَحْنُ قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ كَمَا قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ... يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمُ الْحُمَّى، وَلَقُوا مِنْهَا شَرًّا. فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَا قَالُوهُ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا2 الأَشْوَاطَ الثَّلاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ. فَلَمَّا رَأَوْهُمْ رَمَلُوا، قَالُوا: هَؤُلاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُمْ أَنَّ   1 سميت هذه العمرة، بعمرة القضاء، لأنها كانت عمرة الحديبية، أو لأنها وقعت حسب المقاضاة، أي المصالحة التي وقعت في الحديبية. 2 الرمل: هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى وهو الخبب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 الْحُمَّى وَهَنَتْهُمْ؟ هَؤُلاءِ أَجْلَدُ مِنَّا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ. أَخْرَجَاهُ1. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أنا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ رَمَلَ وَأَنَّهَا سُنَّةٌ. قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى قُعَيْقِعَانَ، وَكَانَ أهل مكة قومًا حسدًا، فجعلوا يتحدثون بَيْنَهُمْ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ضُعَفَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرُوهُمْ مَا يَكْرَهُونَ مِنْكُمْ". فَرَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُرِيَهُمْ قُوَّتَهُ وَقُوَّةَ أَصْحَابِهِ، وَلَيْسَتْ بِسُنَّةٍ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَدْ بَقِيَ الرَّمَلُ سُنَّةً فِي طَوَافِ الْقُدُومِ؛ وَإِنْ كَانَ قَدْ زَالَتْ عِلَّتُهُ فَإِنَّ جَابِرًا قَدْ حَكَى فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ رَمَلَ ورَمَلُوا فِي عُمْرَةِ الْجِعْرَّانَةِ. وقال إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى سمعه يَقْولُ: اعتمرنا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكنّا نستره -حين طاف- من صبيان مكة لا يُؤْذونه. وأرانا ابن أَبِي أوفى ضربةً أصابته مَعَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- يوم خيبر. خ3.   1 أخرجه البخاري في "الحج" باب: كيف بدأ الرمل "2/ 161"، ومسلم "1264" في "الحج". 2 في "الحج" برقم "1266". وقيعقعان: جبل بأسفل مكة. 3 أخرجه البخاري في المغازي، باب: عمرة القضاء "5/ 86". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 زواجه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَيْمُونَةَ: وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ، وَكَانَ الَّذِي زَوَّجَهُ الْعَبَّاسُ. فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ ثَلَاثًا, فَأَتَاهُ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: قَدِ انْقَضَى أَجَلُكَ فَاخْرُجْ عَنَّا. قَالَ: "لَوْ تَرَكْتُمُونِي فَعرَّسْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ 1، وَصَنَعْنَا طَعَامًا فَحَضَرْتُمُوهُ". قَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ. فَخَرَجَ، وَخَلَّفَ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ عَلَى مَيْمُونَةَ، حَتَّى أَتَاهُ بِهَا بِسَرِفٍ، فَبَنَى عَلَيْهَا. وَقَالَ وُهَيْبٌ: ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- تزوج   1 فعرست: أي أقمت عرسًا ووليمة للزواج، والجمع أعراس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ1، وَمَاتَتْ بِسَرِفٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ لِي الثَّوْرِيُّ: لا تَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَهُمَا فِي الصَّحِيحِ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: ثنا عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: وَهَلْ وَإِنْ كَانَتْ خَالَتَهُ. مَا تزوجها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا بَعْدَ مَا أَحَلَّ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ حَلالانِ بِسَرِفٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ3. وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، نا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلالٌ، وَبَنى بِهَا وَهُوَ حَلالٌ. وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا4. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذي القعدة. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَفِيهِ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْنِي مِنْ مَكَّةَ، فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ، فَنَادَتْ: يَا عَمُّ. فَتَنَاوَلَهَا علي -رضي الله عنه، وقال لفاطمة: دونك، فحملتها. قال: فاختصم فيها عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتَهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ. ابْنَةُ عَمِّي، وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أخي. فقضى   1 حلال: أي أحل من الإحرام. 2 في "صحيحه" "2/ 214". 3 أخرجه أبو داود "1843" في المناسك، وقال الشيخ الإلباني في "صحيح سنن أبي داود" "1626": "صحيح" والحديث في "الصحيحين". 4 أي الواسطة بينهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا لخالتها، وقال: "الخالة أم". وَقَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ"، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: "أَشْبَهْتَ خَلقي وخُلقي "، وَقَالَ لِزَيْدٍ: "أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلانَا"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْهُ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَارَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ، وَأُمَّهَا سُلْمَى بِنْتَ عُمَيْسٍ كَانَتَا بِمَكَّةَ. فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَلَّمَ عَلِيٌّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: عَلامَ نَتْرُكُ بِنْتَ عَمِّنَا يَتِيمَةً بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَلَمْ يَنْهَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ إِخْرَاجِهَا. فَخَرَجَ بِهَا، فَتَكَلَّمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَكَانَ وَصِيَّ حَمْزَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ آخَى بَيْنَهُمَا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ؛ وَفِيهِ: فَقَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ وَقَالَ: "تَحْتَكَ خَالَتِهَا، وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا عَمَّتِهَا". وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا رَجَعَ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ بَعَثَ ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ فِي خَمْسِينَ إِلَى بَنِي سليم.   1 في "صحيحه" "5/ 85". كتاب "المغازي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 ثم دخلت سنة ثمان من الهجرة إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد ... ثُمَّ دَخَلَت سَنَة ثمَانٍ من الهجرة: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَارَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءَ السُّلَمِيُّ فِي خَمْسِينَ رَجُلا إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ، وَكَانَ عَيْنٌ لِبَنِي سُلَيْمٍ مَعَهُ. فَلَمَّا فَصَلَ مِنَ الْمَدِينَةِ، خَرَجَ الْعَيْنُ إِلَى قَوْمِهِ فَحَذَّرَهُمْ, فَجَمَعُوا جَمْعًا كَثِيرًا, وَجَاءَهُمُ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَهُمْ مُعِدُّونَ, فَلَمَّا رَآهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَوْا جَمْعَهُمْ، دَعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ, فَرَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، وَلَمْ يَسْمَعُوا قَوْلَهُمْ، فَرَمَوْهُمْ سَاعَةً، وَجَعَلَتِ الأَمْدَادُ تَأْتِي، وَأَحْدَقُوا بِهِمْ, فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلَ عَامَّتُهُمْ، وَأُصِيبَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ جَرِيحًا فِي الْقَتْلَى, ثُمَّ تَحَامَلَ حَتَّى بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي أَوَّلِ صَفَرٍ. إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد: وفيها: أسلمَ عَمْرو بْن العاص، وخالد بْن الوليد. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: أنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: كُنْتُ لِلإِسْلامِ مُجَانِبًا مُعانِدًا, حَضَرْتُ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَنَجَوْتُ، ثُمَّ حَضَرْتُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ فَنَجَوْتُ, فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كَمْ أُوضَعُ، وَاللَّهِ لَيَظْهَرَنَّ مُحَمَّدٌ عَلَى قُرَيْشٍ, فَلَحِقْتُ بِمَالِي بِالْوَهْطِ1. فَلَمَّا كَانَ الصُّلْحُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، جَعَلْتُ أَقُولُ، يَدْخُلُ مُحَمَّدٌ قَابِلا مَكَّةَ بِأَصْحَابِهِ، مَا مكة بمنزل ولا الطائف، وما شيء خير مِنَ الْخُرُوجِ, فَقَدِمتُ مَكَّةَ فَجَمَعْتُ رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا يَرَوْنَ رَأْيِي وَيَسْمَعُونَ مِنِّي، فَقُلْتُ: تَعَلَّمُوا وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى أَمْرَ مُحَمَّدٍ يَعْلُو عُلُوًّا مُنْكَرًا، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا. قَالُوا: وما هو؟ قلت: نلحق بالنجاشي فنكون معه، فإن يظهر محمد كنا عند النجاشي، فنكون تحت يد النجاشي، أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ نَكُونَ تَحْتَ يَدِ مُحَمَّدٍ, وَإِنْ تَظْهَرْ قُرَيْشٌ فَنَحْنُ مَنْ عَرَفُوا. قَالُوا: هَذَا الرَّأْيُ. قُلْتُ: فَاجْمَعُوا مَا تُهْدُونَهُ لَهُ. وَكَانَ أَحَبَّ مَا يُهْدَى إِلَيْهِ مِنْ أَرْضِنَا الأَدَمُ. فَجَمَعْنَا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا، ثُمَّ خرجنا حتى أتيناه، فإنا لعنده؛ إذا جَاءَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ بِكِتَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى النَّجَاشِيِّ لِيُزَوِّجَهُ بِأُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَقُلْتُ لأَصْحَابِي: لَوْ دَخَلْتُ عَلَى النَّجَاشِيِّ، وَسَأَلْتُهُ هَذَا فَأَعْطَانِيهِ لَقَتَلْتُهُ لأُسِرَّ بِذَلِكَ قُرَيْشًا. فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَجَدْتُ لَهُ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِصَدِيقِي، أَهْدَيْتَ لِي مِنْ بِلادِكَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَهْدَيْتُ لَكَ أَدَمًا. وَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ، فَأَعْجَبَهُ، فَفَرَّقَ مِنْهُ أَشْيَاءَ بَيْنَ بَطَارِقَتِهِ. ثُمَّ قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَجُلا خَرَجَ مِنْ عِنْدِكَ وَهُوَ رَسُولُ عَدُوٍّ لَنَا قَدْ وَتَرَنَا وَقَتَلَ أَشْرَافَنَا، فَأَعْطِنِيهِ فَأَقْتُلَهُ. فَغَضِبَ وَرَفَعَ يَدَهُ فَضَرَبَ بِهَا أَنْفِي ضَرْبَةً ظَنَنْتُ أَنَّهُ كَسَرَهُ، فَابْتَدَرَ مَنْخَرَاي فَجَعَلْتُ أَتَلَقَّى الدَّمَ بِثِيَابِي, فَأَصَابَنِي مِنَ الذُّلِّ مَا لَوِ انْشَقَّتْ لِي الأَرْضُ دَخَلْتُ فِيهَا فَرَقًا مِنْهُ2. ثُمَّ قُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ: لَوْ ظَنَنْتَ أَنَّكَ تَكْرَهُ ما قلت ما سألتكه. قال: فاستحيا وَقَالَ: يَا عَمْرُو، تَسْأَلُنِي أَنْ أُعْطِيَكَ رَسُولَ مَنْ يَأْتِيهِ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ3 الَّذِي كَانَ يَأْتِي   1 الوهط: حديقة بالطائف. 2 الفرق: الخوف. 3 الناموس الأكبر: المقصود به جبريل -عليه السلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ لِتَقْتُلَهُ؟ قَالَ عَمْرٌو: وَغَيَّرَ اللَّهُ قَلْبِي عَمَّا كُنْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: عَرَفَ هَذَا الْحَقَّ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ وَتُخَالِفُ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَتَشْهَدُ أَيُّهَا الْمَلِكُ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، أَشْهَدُ بِهِ عِنْدَ اللَّهِ يَا عَمْرُو، فَأَطِعْنِي وَاتَّبِعْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ، وَلَيَظْهَرَنَّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، كَمَا ظَهَرَ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ. قُلْتُ: أَفَتُبَايِعُنِي لَهُ عَلَى الإِسْلامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَنِي عَلَى الإِسْلامِ، ثم جعل بَطَسْتٍ، فَغَسَلَ عَنِّي الدَّمَ، وَكَسَانِي ثِيَابًا، وَكَانَتْ ثِيَابِي قَدِ امْتَلأَتْ بِالدَّمِ فَأَلْقَيْتُهَا. وَخَرَجْتُ عَلَى أَصْحَابِي فَلَمَّا رَأَوْا كِسْوَةَ النَّجَاشِيِّ سُرُّوا بِذَلِكَ وَقَالُوا: هَلْ أَدْرَكْتَ مِنْ صَاحِبِكَ مَا أَرَدْتَ؟ فَقُلْتُ: كَرِهْتُ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَقُلْتُ أَعُودُ إِلَيْهِ فَفَارَقْتُهُمْ، وَكَأَنِّي أَعْمِدُ لِحَاجَةٍ، فَعَمَدْتُ إِلَى مَوْضِعِ السُّفُنِ فَأَجِدُ سَفِينَةً قَدْ شُحِنَتْ تُدْفَعُ, فَرَكِبْتُ مَعَهُمْ، وَدَفَعُوهَا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الشُّعَيْبَةِ1. وَخَرَجْتُ مِنَ الشّعيبةِ وَمَعِي نَفَقَةٌ، فَابْتَعْتُ بَعِيرًا، وَخَرَجْتُ أُرِيدُ الْمَدِينَةَ، حَتَّى خَرَجْتُ عَلَى مَرَّ الظَّهْرَانِ, ثُمَّ مَضَيْتُ حَتَّى إِذَا كنت بالهدة، فَإِذَا رَجُلانِ قَدْ سَبَقَانِي بِغَيْرِ كَثِيرٍ، يُرِيدَانِ مَنْزِلا، وَأَحَدُهُمَا دَاخِلٌ فِي خَيْمَةٍ، وَالآخَرُ قَائِمٌ يُمْسِكُ الرَّاحِلَتَيْنِ. فَنَظَرْتُ فَإِذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. فقلت: أبا سليمان؟ قال: نعم. قلت: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: مُحَمَّدًا، دَخَلَ النَّاسُ فِي الإِسْلامِ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ بِهِ طَمَعٌ، وَاللَّهِ لَوْ أَقَمْتَ لأَخَذَ بِرِقَابِنَا كَمَا يُؤْخَذُ بِرَقَبَةِ الضَّبُعِ فِي مَغَارَتِهَا. قُلْتُ: وَأَنَا وَاللَّهِ قَدْ أَرَدْتُ مُحَمَّدًا وَأَرَدْتُ الإِسْلامِ. فَخَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَرَحَّبَ بِي، فَنَزَلْنَا جَمِيعًا ثُمَّ تَرَافَقْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَا أَنْسَى قَوْلَ رَجُلٍ لقِيَنَا بِبِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ2 يَصِيحُ: يَا رَبَاحُ، يَا رَبَاحُ. فَتَفَاءَلْنَا بِقَوْلِهِ، وَسِرْنَا ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا، فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: قَدْ أَعْطَتْ مَكَّةُ الْمُقَادَةَ بَعْدَ هذين, فظننت أنه يعنيني وخالد بن الوليد, ثم ولى مدبرًا إلى المسجد سريعًا فَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَشَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقُدُومِنَا، فَكَانَ كَمَا ظَنَنْتُ, وَأَنَخْنَا بِالْحَرَّةِ فَلَبِسْنَا مِنْ صَالِحِ ثِيَابِنَا، وَنُودِيَ بِالْعَصْرِ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ، وَإِنَّ لِوَجْهِهِ تَهَلُّلا، وَالْمُسْلِمُونَ حَوْلَهُ قَدْ سُرُّوا بِإِسْلامِنَا, وَتَقَدَّمَ خَالِدٌ فَبَايَعَ، ثم تقدم عثمان   1 الشعبية: مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز، وقيل: قرية على شاطئ البحر على طريق اليمن "معجم البلدان" "3/ 351". 2 بينها وبين المدينة مقدار ميل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 ابن طَلْحَةَ فَبَايَعَ، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَرْفَعَ طَرْفِي إِلَيْهِ حَيَاءً مِنْهُ، فَبَايَعْتُهُ عَلَى أَنْ يَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي، وَلَمْ يَحْضُرْنِي مَا تَأَخَّرَ. فَقَالَ: "إِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَالْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا". فَوَاللَّهِ مَا عَدَلَ بِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِخَالِدٍ أَحَدًا فِي أَمْرٍ حَزَبَهِ مُنْذُ أَسْلَمْنَا1. وَلَقَدْ كُنَّا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ, وَلَقْد كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بِتِلْكَ الْحَالِ، وَكَانَ عُمَرُ عَلَى خَالِدٍ كَالْعَاتِبِ. قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَاشِدٌ مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرٍو؛ نَحْوَ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لِيَزِيدَ: أَلَمْ يُوَقَّتْ لَكَ مَتَى قَدِمَ عَمْرٌو وَخَالِدٌ؟ قَالَ: لا، إِلا أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ الْفَتْحِ. قُلْتُ: فَإِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّ عَمْرًا وَخَالِدًا وَعُثْمَان قَدِمُوا الْمَدِينَةَ لِهِلالِ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ رَاشِدٍ مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ؛ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفْنَا مِنَ الْخَنْدَقِ، جَمَعْتُ رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى أَمْرَ مُحَمَّدٍ يَعْلُو عُلُوًّا مُنْكَرًا، وَاللَّهِ مَا يَقُومُ لَهُ شَيْءٌ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا مَا أَدْرِي كَيْفَ رَأْيُكُمْ فِيهِ؟ قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: أَنْ نَلْحَقَ بِالنَّجَاشِيِّ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، لَكِنْ فِيهِ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ أَنْفَ نَفْسِهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ كَسَرَهُ. وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ مُخْتَصَرٌ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث بْن هشام، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ بِي مَا أَرَادَ مِنَ الْخَيْرِ قَذَفَ فِي قَلْبِي الإِسْلامَ، وَحَضَرَنِي رُشْدِي، وَقُلْتُ: قَدْ شَهِدْتُ هَذِهِ الْمَوَاطِنَ كُلَّهَا عَلَى مُحَمَّدٍ فَلَيْسَ مَوْطِنٌ أَشْهَدُهُ إِلا أَنْصَرِفُ وَأَنَا أَرَى فِي نَفْسِي أَنِّي مُوضَعٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا سَيَظْهَرُ. فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ، خَرَجْتُ فِي خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَصْحَابِهِ بِعُسْفَانَ، فَأَقَمْتُ بِإِزَائِهِ وَتَعَرَّضْتُ لَهُ، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ الظُّهْرَ أَمَامَنَا، فَهَمَمْنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَيْهِ, ثُمَّ لم يعزم لنا، وكانت فيه   1 أخرجه أحمد في المسند "4/ 198، 199"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "9/ 123" مختصرًا والحاكم في "مستدركه" "3/ 454"، وقال الشيخ الألباني في "الإرواء" "5/ 122، 123": إسناده حسن أو قريب منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 خِيَرَةٌ، فَاطَّلَعَ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِنَا مِنَ الْهُمُومِ، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلاةَ الْعَصْرِ صَلاةَ الْخَوْفِ, فَوَقَعَ ذَلِكَ مِنَّا مَوْقِعًا، وَقُلْتُ: الرَّجُلُ مَمْنُوعٌ. فَافْتَرَقْنَا، وَعَدَلَ عَنْ سَنَنِ خَيْلِنَا، وَأَخَذْتُ ذَاتَ الْيَمِينِ. فَلَمَّا صَالَحَ قُرَيْشًا قُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ؟ أَيْنَ الْمَذْهَبُ؟ إِلَى النَّجَاشِيِّ؟ فَقَدِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ آمِنُونَ. فَأَخْرُجُ إِلَى هِرَقْلَ؟ فأخرج من ديني إلى النصرانية واليهودية فأقيم مَعَ عَجَمٍ تَابِعًا مَعَ عَنَتِ ذَلِكَ؟ أَوْ أُقِيمُ فِي دَارِي فِيمَنْ بَقِيَ؟ فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ، فَتَغَيَّبْتُ. وَكَانَ أَخِي الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَدْ دَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ, فَطَلَبَنِي فَلَمْ يَجِدْنِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ كِتَابًا فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْد؛ فَإِنِّي لَمْ أَرَ أَعْجَبَ مِنْ ذَهَابِ رَأْيِكَ عَنِ الإِسْلامِ. وَعَقْلُكَ عَقْلُكَ، وَمَثَلُ الإِسْلامِ يَجْهَلُهُ أَحَدٌ؟ قَدْ سَأَلَنِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَيْنَ خَالِدٌ؟ فَقُلْتُ: يَأْتِي اللَّهُ بِهِ. فَقَالَ: مَا مَثَلُهُ جَهِلَ الإِسْلامَ، وَلَوْ كَانَ جَعَلَ نِكَايَتَهُ وَجَدَّهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ كَانَ خَيْرًا لَهُ وَلَقَدَّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ. فَاسْتَدْرِكْ يَا أَخِي مَا قَدْ فَاتَكَ. فَلَمَّا جَاءَنِي كِتَابُهُ، نَشِطْتُ لِلْخُرُوجِ، وَزَادَنِي رَغْبَةً فِي الإِسْلامِ. وَأَرَى فِي النَّوْمِ كَأَنِّي فِي بِلادٍ ضَيِّقَةٍ جَدْبَةٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى بِلادٍ خَضْرَاءَ وَاسِعَةٍ قُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْتُ: لأَذْكُرَنَّهَا لأَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرْتُهَا، فَقَالَ: هُوَ مَخْرَجُكَ الَّذِي هَدَاكَ اللَّهُ لِلإِسْلامِ، وَالضَّيِّقُ هُوَ الشِّرْكُ. قَالَ: فَلَمَّا أَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: مَنْ أُصَاحِبُ إِلَى مُحَمَّدٍ؟ فَلَقِيتُ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ. فَقُلْتُ يَا أَبَا وَهْبٍ. أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، إِنَّمَا كُنَّا كَأَضْرَاسٍ، وَقَدْ ظَهَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، فَلَوْ قَدِمْنَا عَلَى مُحَمَّدٍ فَاتَّبَعْنَاهُ فَإِنَّ شَرَفَهُ لَنَا شَرَفٌ. فَأَبَى أَشَدَّ الإِبَاءِ وَقَالَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ غَيْرِي مَا اتَّبَعْتُهُ أَبَدًا. فَافْتَرَقْنَا وَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ قُتِلَ أَخُوهُ بِبَدْرٍ. فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ مَا قُلْتُ لِصَفْوَانَ، فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ صَفْوَانُ. قُلْتُ: فَاكْتُمْ ذِكْرَ مَا قُلْتُ لَكَ. وَخَرَجْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَأَمَرْتُ بِرَاحِلَتِي أَنْ تَخْرُجَ إِلَيَّ، فَخَرَجْتُ بِهَا إِلَى أَنْ أَلْقَى عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ. فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا لِي صَدِيقٌ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، إِنِّي عَمَدْتُ الْيَوْمَ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أغدو، وهذه راحلتي بفخ منَاخَةَ1، قَالَ: فَاتَّعَدْتُ أَنَا وَهُوَ بِيَأْجَجَ، وَأَدْلَجْنَا سَحَرًا، فَلَمْ يَطْلَعِ الْفَجْرُ حَتَّى الْتَقَيْنَا بِيَأْجَجَ، فَغَدَوْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْهَدَّةِ2. فَنَجِدُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِهَا، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ. فَقُلْنَا: وَبِكَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ: كَانَ قُدُومُنَا فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ. فَوَاللَّهِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي يَوْمِ أَسْلَمْتُ يَعْدِلُ بِي أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فيما حزبه.   1 فخ: واد بمكة. 2 الهدة: موضع بين مكة والطائف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 سرية شجاع بن وهب الأسدي، سرية نجد : سَرِيَّةُ شجاع بْن وهْب الأسديّ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلا إِلَى جَمْعٍ مِنْ هَوَازِنَ1, وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ, فَخَرَجَ يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ، حَتَّى صَبَّحَهُمْ غَارِّينَ، فَأَصَابُوا نَعَمًا وَشَاءً، فَاسْتَاقُوا ذَلِكَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ. وَعَدَلُوا الْبَعِيرَ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْغَنَمِ. وَغَابَتِ السَّرِيَّةُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. قَالَ ابن أَبِي سَبْرة: فحدّثت بِهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عثمان، فقال: كذبوا. قد أصابوا فِي ذَلِكَ الحاضر نسوةً فاستاقوهنّ، فكانت فيهنّ جارية وضِيئة، فقدموا بِهَا المدينة، ثُمَّ قدِم وفْدُهم مسلمين، فكلّموا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السبْي. فكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شجاعًا وأصحابه فِي ردّهنّ, فردّهنّ. قال ابن أبي سبرة: فأخبرت شيخًا من الأنصار بذلك، فقال: أما الجارية الوضيئة فأخذها بثمنٍ فأصابها. فلما قدِم الوفد، خيَّرها فاختارت شجاعًا. فَقُتِلَ يوم اليَمامة وهي عنده. سَرِيَّةُ نَجْدٍ: قَالَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَل نَجْدٍ وَأَنَا فِيهِمْ. فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً, فَبَلَغَتْ سُهْمَانُهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، ثُمَّ نُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَلَمْ يغير رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. متفق عليه2.   1 هوازن: من المدينة على خمس ليال. 2 أخرجه البخاري في "كتاب فرض الخمس"، ومسلم في "الجهاد والسير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 سرية كعب بن عمير، غزوة مؤتة : سرية كعب بْن عُمَيْر: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَعْبَ بْنَ عُمَيْرٍ الْغِفَارِيَّ، فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى ذَاتِ أَطْلاحٍ مِنَ الشَّامِ1, فَوَجَدُوا جَمْعًا مِنْ جَمْعِهِمْ كَثِيرًا، فَدَعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ، وَرَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ قَاتَلُوهُمْ أَشَدَّ الْقِتَالِ، حَتَّى قُتِلُوا، فَأَفْلَتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ جَرِيحٌ فِي القتلى، فلما برد عَلَيْهِ اللَّيْلُ، تَحَامَلَ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَمَّ بِالْبَعْثِ إِلَيْهِمْ، فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ سَارُوا إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، فَتَرَكَهُمْ. غزوة مؤته: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَارِثَ بْنَ عُمَيْرٍ الأَزْدِيَّ إِلَى مَلِكِ بُصْرَى بِكِتَابِهِ. فَلَمَّا نَزَلَ مُؤْتَةَ عَرَضَ لِلْحَارِثِ شُرَحْبِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْغَسَّانِيُّ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الشَّامَ. قَالَ: لَعَلَّكَ مِنْ رُسُلِ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَلَمْ يُقْتَلْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَسُولٌ غَيْرُهُ. وَبَلَغَ رَسُولَ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخبر، فاشتد عَلَيْهِ، وَنَدَبَ النَّاسَ فَأَسْرَعُوا. وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ خُرُوجِهِمْ إِلَى غَزْوَةِ مُؤْتَةَ2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى بَعَثَ إِلَى مُؤْتَةَ فِي جُمَادَى مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ، وَأَمَّرَ عَلَى النَّاسِ زَيْدَ بْنَ حارثة. وَقَالَ: "إِنْ أُصِيبَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ فَلْيَرْتَضِ الْمُسْلِمُونَ رَجُلا". فَتَهَيَّئُوا لِلْخُرُوجِ، وَوَدَّعَ النَّاسُ أُمَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَبَكَى ابْنُ رَوَاحَةَ، فَقَالُوا: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا بِي حُبٌّ لِلدُّنْيَا، وَلا صَبَابَةٌ إِلَيْهَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ، فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ لِي بِالصَّدْرِ بَعْدَ الْوُرُودِ؟ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: صَحِبَكُمُ اللَّهُ وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم.   1 موضع من وراء القرى إلى المدينة. "معجم البلدان" "1/ 218". 2 قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في "زاد المعاد" "3/ 381": "وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان". اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 فَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ. لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً ... وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ1 تَقْذِفُ الزَّبَدَا2 أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً ... بِحَرْبَةٍ تُنْفِذُ الأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي3 ... يَا أَرْشَدَ اللَّهِ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشَدَا4 ثُمَّ إِنَّهُ وَدَّعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ نَافِلَةً ... وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي ثَابِتُ الْبَصَرِ أَنْتَ الرَّسُولُ فَمَنْ يُحْرَمُ نَوَافِلَهُ ... وَالْوَجْهَ مِنْهُ فَقَدْ أَزْرَى بِهِ الْقَدَرُ ثُمَّ خَرَجَ الْقَوْمُ حَتَّى نَزَلُوا مَعَانَ5، فَبَلَغَهُمْ أَنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ مَآبَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ، وَمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمُسْتَعْرِبَةِ، فَأَقَامُوا بِمَعَانَ يَوْمَيْنِ، وَقَالُوا: نَبْعَثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَبَرِهِ. فَشَجَّعَ النَّاسُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ، وَاللَّهِ إِنَّ الَّتِي تَكْرَهُونَ لَلَّتِي خَرَجْتُمْ لَهَا تَطْلُبُونَ، الشَّهَادَةَ. وَلا نُقَاتِلُ النَّاسَ بِعَدَدٍ وَلا كَثْرَةٍ، وَإِنَّمَا نُقَاتِلُهُمْ بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِهِ، فَإِنْ يُظْهِرْنَا اللَّهُ بِهِ فَرُبَّمَا فَعَلَ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى فَهِيَ الشَّهَادَةُ، وَلَيْسَتْ بِشَرِّ الْمَنْزِلَتَيْنِ. فَقَالَ النَّاسُ: وَاللَّهِ لَقَدْ صَدَقَ فَانْشَمَرَ النَّاسُ، وَهُمْ ثَلاثَةُ آلافٍ، حَتَّى لَقُوا جُمُوعَ الرُّومِ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَلْقَاءِ يُقَالُ لَهَا مَشَارِفُ، ثُمَّ انْحَازَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى مُؤْتَةَ، قَرْيَةٍ فَوْقَ الْحِسَاءِ. وَكَانُوا ثَلاثَةَ آلافٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ شَهِدْتُ مُؤْتَةَ، فَلَمَّا رَأَيْنَا الْمُشْرِكِينَ رَأَيْنَا مَا لا قِبَلَ لأَحَدٍ بِهِ مِنَ الْعُدَّةِ وَالسِّلاحِ وَالْكَرَاعِ وَالدِّيبَاجِ وَالذَّهَبِ. فَبَرِقَ بَصَرِي، فَقَالَ لِي ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ: مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كَأَنَّكَ تَرَى جُمُوعًا كَثِيرَةً؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ لَمْ تَشْهَدْ مَعَنَا بدرًا، إنا لم ننصر بالكثرة.   1 ذات فرع: يريد طعنة واسعة. 2 الزبد: أصله ما يعلو الماء إذا غلا، وأراد هنا ما يعلو الدم الذي ينفجر من الطعنة. 3 الجدث: القبر. 4 قال الهيثمي في "المجمع" "6/ 157، 158": "رواه الطبراني، ورجاله ثقات إلى عروة". 5 مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء. "معجم البلدان" "5/ 153". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غزوة مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنْتُ مَعَهُمْ، فَفَتَّشْنَاهُ يَعْنِي ابْنَ رَوَاحَةَ، فَوَجَدْنَا فِيمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ بِضْعًا وَسَبْعِينَ، بَيْنَ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ. وَقَالَ مصعب الزبيري وغيره، عن مغيرة: بِضْعًا وَتِسْعِينَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ النُّعْمَانُ بْنُ فنحص الْيَهُودِيُّ، فَوَقَفَ مَعَ النَّاسِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَمِيرُ النَّاسِ، فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَإِنْ قتل عبد الله فليرتض المسلمون رجلا فليجعلوه عَلَيْهِمْ". فَقَالَ النُّعْمَانُ: أَبَا الْقَاسِمِ، إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا، فَسَمَّيْتَ مَنْ سَمَّيْتَ قَلِيلا أَوْ كَثِيرًا أُصِيبُوا جَمِيعًا. إِنَّ الأَنْبِيَاءَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِذَا اسْتَعْمَلُوا الرَّجُلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالُوا: إِنْ أُصِيبَ فُلانٌ فَفُلانٌ، فَلَوْ سَمَّوْا مِائَةً أُصِيبُوا جَمِيعًا. ثُمَّ جَعَلَ الْيَهُودِيُّ يَقُولُ لِزَيْدٍ: اعْهَدْ، فَلا تَرْجِعْ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا. قال زيد: أشهد أنه نبي بَارٌّ صَادِقٌ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ الْمُسْلِمِينَ قُطْبَةُ بْنُ قَتَادَةَ الْعُذْرِيُّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ عَبَايَةُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ. والتقى الناس. فحدثني يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير، عن أبيه، حدثني أَبِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَكَانَ أَحَدُ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ مُؤْتَةَ حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عُقِرَ فِي الْإِسْلَامِ2. وَقَالَ: يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ وَاقْتِرابُها ... طَيِّبَةً وَبَارِدَةً شَرابُها وَالرُّومُ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا ... عَلِيَّ إِنْ لَاقَيْتُهَا ضرابها3   1 في "المغازي" "5/ 87" باب: غزوة مؤتة. 2 "حسن": أخرجه أبو داود في "الجهاد" "2573" باب: في الدابة تعرقب في الحرب، وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2243": حسن. 3 "صحيح": أخرجه أبو داود "2573" مختصرًا، وقال الحافظ في "الفتح" "7/ 584": "إسناده حسن، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 فَلَمَّا قُتِلَ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللَّهِ. حَدَّثَنِي محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة قَالَ: أخذها عَبْد الله بْن رَواحة فالتوى بِهَا بعضَ الالتواءِ، ثُمَّ تقدّم عَلَى فرسه فجعل يستنزل نفسَه ويتردّد. حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر، أَنَّ ابن رَوَاحة قَالَ عند ذَلِكَ: أقسمْتُ يا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّهْ ... طائعةً أو لتكرهنه إن أجلب الناس وشدوا الرنه1 ... ما لي أراك تَكْرَهين الجَنَّة قد طالما قد كنتِ مطمئنه ... هل أنت إلا نطفة فِي شَنَّهْ2 ثُمَّ نزل فقاتل حتى قُتِل. قَالَ ابن إِسْحَاق: وقال أيضًا: يا نفس إنْ لا تُقتلي تموتي ... هذا حِمامُ الموتِ قد صُلِيت وما تمنَّيتِ فقد أُعْطيِتِ ... إنْ تفعلي فعلهما هُديتِ وإنْ تأخَّرتِ فقد شَقِيتِ فلما نزل أتى ابن عمّ لَهُ بعَرق لحم فقال: أَقِمْ بِهَا صُلْبَك، فنهش منها نهشةً، ثُمَّ سَمِعَ الحَطْمة فِي ناحيةٍ فقال: وأنت فِي الدنيا؟ فألقاه من يده. ثُمَّ قاتل حتى قُتِل. فحدّثني مُحَمَّد بْن جَعْفَر، عَنْ عُرْوة قَالَ: ثُمَّ أخذ الراية ثابت بْن أقرم، فقال: اصطلحوا يا معشر المسلمين عَلَى رَجُل. قَالُوا: أنت لَهَا. فقال: لا. فاصطلحوا، على خَالِد بْن الوليد. فجاش بالنّاس، فدافع وانحاز وتُحُيِّزَ عَنْهُ، ثُمَّ انصرف بالنّاس. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَعَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرًا وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَابْنَ رَوَاحَةَ، نَعَاهُمْ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمْ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3، وَزَادَ فِيهِ: فَنَعَاهُمْ، وَقَالَ: "أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ. ثم أخذ الراية بعدهم سيف من   1 الرنة: صوت فيه شبه البكاء. 2 الشنة: الوعاء البالي. 3 في "المغازي" "5/ 87" باب: غزوة مؤتة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 سُيُوفِ اللَّهِ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ". قَالَ: فَجَعَلَ يُحَدِّثُ النَّاسَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ تُفَقِّهُهُ، فَغَشِيَهُ النَّاسُ، فَغَشِيتُهُ فِيمَنْ غَشِيَهُ مِنَ النَّاسِ. فَقَالَ: ثَنَا أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَيْشَ الْأُمَرَاءِ، وَقَالَ: "عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ". فَوَثَبَ جَعْفَرٌ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا كُنْتُ أَذْهَبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ زَيْدًا عَلِيَّ. قَالَ: "فَامْضِ, فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ خَيْرٌ". فَانْطَلَقُوا، فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ. فَصَعِدَ رَسُولُ الله الْمِنْبَرِ، وَأَمَرَ فَنُودِيَ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا: إِنَّهُمْ انْطَلَقُوا فَلَقُوا الْعَدُوَّ، فَقُتِلَ زَيْدٌ شَهِيدًا"، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. ثُمَّ قَالَ: "أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرٌ فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا"، شَهِدَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ. "ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا"، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ "ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَهُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ"، ثُمَّ قَالَ: "الَّلهُمَّ إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ، فَأَنْتَ تَنْصُرُهُ". فَمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّيَ خَالِدٌ "سَيْفَ اللَّهِ". وقال البكّائي، عَنِ ابن إِسْحَاق: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أخذ الرايةَ زيدُ فقاتل بِهَا حتى قُتِل شهيدًا، ثُمَّ أخذها جَعْفَر فقاتل حتى قُتل شهيدًا"، ثُمَّ صمت، حتى تغيَّرت وجوهُ الأنصار، وظنّوا قد كَانَ فِي عَبْد الله بعضُ ما يكرهون. فقال: "ثُمَّ أخذها عَبْد الله بْن رَوَاحة فقاتل بِهَا حتى قُتِل شهيدًا"، ثُمَّ قَالَ: "لقد رُفِعوا إلى الجنة فيما يرى النّائم عَلَى سُرُرٍ من ذهب, فرأيت فِي سرير عَبْد الله ازورارًا عَنْ سريرَيْ صاحبَيْه. فقلت: عمَّ هذا؟ فقيل لي: مَضَيا وتردّد عَبْد الله بعضَ التردّد ثُمَّ مضى". وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ الرَّايَةَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ" 1. قَالَ: فحدّثني العَطَّاف بْن خَالِد قَالَ: لما قُتِل ابن رَوَاحة مساءً، بات خالد، فلما   1 حمي الوطيس؛ أي: حمي الضرب وجدت الحرب واشتدت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 أصبح غدا وقد جعل مقدّمته ساقةً، وساقَتَه مقدِّمة، وميمَنَتَه مَيْسَرَةً، ومَيْسَرَتَهُ مَيْمَنَةً. فأنكروا ما كانوا يعرِفون من راياتهم وهيئتهم، وقالوا: قد جاءهم مدد، فرُعِبُوا فانكشفوا منهزمين، فقُتِلوا مَقْتَلةً لم يُقْتَلْها قومٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ: لَقَدِ انْدَقَّ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيةٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَمَّا قُتِلَ زَيْدٌ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرٌ فَجَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَحَبَّبَ إِلَيْهِ الْحَيَاةَ وَكَرَّهَ إِلَيْهِ الْمَوْتَ وَمَنَّاهُ الدُّنْيَا، فَقَالَ: الآنَ حِينَ اسْتَحْكَمَ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، تُمَنِّينِي الدُّنْيَا؟ ثُمَّ مَضَى قُدُمًا حَتَّى اسْتُشْهِدَ"، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ، وَقَالَ: "اسْتَغْفِرُوا لَهُ، فَإِنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ بِجَنَاحَيْنِ مِنْ يَاقُوتٍ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْجَنَّةِ". وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ. رَوَاهُ خ2. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخَبَرَتْنِي عَمْرَةُ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَمَّا جَاءَ قَتْلُ جَعْفَرٍ وَابْنِ حَارِثَةَ وَابْنِ رَوَاحَةَ، جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شِقِّ الْبَابِ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ نساء جعفر؛ وذكر بكاءهن فأمره أَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قد نهيتهن وذكر أنهن لم يطعنه. فأمره الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ: وَاللَّهِ قَدْ غَلَبْنَنَا. فَزَعَمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ". فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْعَنَاءِ. أَخْرَجَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْهُ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أُمِّ عِيسَى الْجَزَّارِ الْخُزَاعِيَّةِ، عَنْ أُمِّ جَعْفَرٍ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ، دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد عجنت عجيني وغسلت بني   1 في "المغازي" "5/ 87" غزوة مؤتة. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 87" باب: غزوة مؤتة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 ودهنتهم ونطفتهم. فَقَالَ: "ائْتِينِي بِبَنِي جَعْفَرٍ". فَأَتَيْتُهُ بِهِمْ، فَشَمَّهُمْ، فَدَمَعَتْ عَينَاهُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا يُبْكِيكَ؟ أَبَلَغَكَ عَنْ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ شَيْءٌ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ, أُصِيبُوا هَذَا الْيَوْمَ". فَقُمْتُ أَصِيحُ، وَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ, فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ: "لا تَغْفَلُوا آلَ جَعْفَرٍ أَنْ تَصْنَعُوا لَهُمْ طَعَامًا، فَإِنَّهُمْ قَدْ شُغِلُوا بِأَمْرِ صَاحِبِهِمْ" 1. قَالَ ابن إِسْحَاق: فسمعت عَبْد الله بْن أَبِي بَكْر يَقْولُ: لقد أدركت النّاسَ بالمدينة إذا مات مَيِّتٌ؛ تكلّف جيرانُهم يومَهم ذَلِكَ طعامَهم؛ فَلَكَأَنّي أنظر إليهم قد خبزوا خُبزًا صِغارًا، وصنعوا لحمًا، فُيجعل فِي جَفْنَةٍ، ثُمَّ يأتون بِهِ أهلَ الميّت، وهم يبكون عَلَى ميّتهم مشتغلين فيأكلونه. ثُمَّ إنّ النّاس تركوا ذَلِكَ. فَائِدَةٌ: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ2، مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، فَرَافَقَنِي مَدَدِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ سَيْفِهِ. فَنَحَرَ رَجُلٌ جَزُورًا فَسَأَلَهُ الْمَدَدِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ، فَأَعْطَاهُ فَاتَّخَذَهُ كَهَيْئَةِ الدَّرَقَةِ. وَمَضَيْنَا فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ وَعَلَيْهِ سَرْجٌ مُذَهَّبٌ وَسِلَاحٌ مُذهَّبٌ، فَجَعَلَ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ. وَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ، فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ، فَخَرَّ وَعَلَاهُ فَقَتَلَهُ وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ. فَأَخَذَهُ مِنْهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِالسَّلْبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ. قُلْتُ: لَتَرُدَّنَّهُ أَوْ لَأُعِرْفَنَّكُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا، فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ لِخَالِدٍ: "مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ"؟ قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ. قَالَ: "رُدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ". فَقُلْتُ: دُونَكَ يَا خَالِدٌ، ألم أقل لك؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا ذَلِكَ"؟ فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ: فَغَضِبَ وَقَالَ: "يا خالد لا ترده عليه, هل أنتم تاركون لِي أُمَرَائِي، لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ". وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: أَنَا أَحْفَظُ حِينَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أُمِّي، فَنَعَى لَهَا أَبِي، فَأَنْظُرُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَمْسَحُ عَلَى رَأْسِي وَرَأْسِ أَخِي، وَعَيْنَاهُ تُهْرِقَانِ الدُّمُوعَ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّ جَعْفَرًا قَدْ قَدِمَ إِلَيْكَ إِلَى أَحْسَنِ ثَوَابٍ، فَاخْلُفْهُ فِي ذُرِّيَّتِهِ بأحسن ما خلفت أحدًا   1 "حسن": أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": حسن. 2 برقم "1753" كتاب: الجهاد والسير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 مِنْ عِبَادِكَ فِي ذُرِّيَّتِهِ". ثُمَّ قَالَ: "يَا أَسْمَاءُ، أَلا أُبَشِّرُكِ"؟ قَالَتْ: بَلَى، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِجَعْفَرٍ جَنَاحَيْنِ يطير بهما في الجنة". قالت: فَأَعْلَمَ النَّاسَ ذَلِكَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ: أُصِيبَ بِهَا نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ بَعْضَ أَمْتِعَةِ الْمُشْرِكِينَ. فَكَانَ مِمَّا غَنَمُوا خَاتَمٌ جَاءَ بِهِ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَتَلْتُ صَاحِبَهُ يَوْمَئِذٍ، فَنَفَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيَّاهُ. وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ: لَقِينَاهُمْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قُضَاعَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَصَافُّوا، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ يَشْتَدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَجَعَلْتُ أَقُولُ في نفسي: من لهذا؟ وقد وافقني رَجُلٌ مِنْ أَمْدَادِ حِمْيَرٍ، لَيْسَ مَعَهُ إِلا السَّيْفُ، إِذْ نَحَرَ رَجُلٌ جَزُورًا فَسَأَلَهُ الْمَدَدِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ، فَوَهَبَهُ مِنْهُ، فَجَعَلَهُ فِي الشَّمْسِ وَأَوْتَدَ عَلَى أَطْرَافِهِ أَوْتَادًا، فَلَمَّا جَفَّ اتَّخَذَ مِنْهُ مِقْبَضًا وَجَعَلَهُ دَرَقَةً. قَالَ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْمَدَدِيُّ فِعْلَ الرُّومِيِّ، كَمَنَ لَهُ خَلْفَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِ خَرَجَ عَلَيْهِ فعرقب فرسه، فقعد الفرس على رجليه وخر عنه العلج1، فشد عَلَيْهِ فَعَلاهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَضَرْتُ مُؤْتَةَ فَبَارَزَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَأَصَبْتُهُ وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ لَهُ فِيهَا يَاقُوتَةٌ، فَأَخَذْتُهَا، فَلَمَّا انْكَشَفْنَا فَانْهَزَمْنَا رَجَعْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَفَلَنِيهَا، فَبِعْتُهَا زَمَنَ عُثْمَانَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَاشْتَرَيْتُ بِهَا حَدِيقَةَ نَخْلٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَصْحَابُ مُؤْتَةَ تَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ. فَجَعَلُوا يَحْثُونَ عَلَيْهِمُ التُّرَابَ وَيَقُولُونَ: يَا فُرَّارُ، فَرَرْتُم فِي سَبِيلِ الله؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "لَيْسُوا بِالفُرَّارِ، وَلَكِنَّهُمُ الْكُرَّارُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"2. فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ لامْرَأَةِ سلَمَةَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: مَا لِي لا أَرَى سَلَمَةَ يحضر الصلاة مع   1 العلج: الرجل من كفار العجم. 2 مرسل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قالت: وَاللَّهِ مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ؛ كُلَّمَا خَرَجَ صَاحَ بِهِ النَّاسُ: يَا فُرَّارُ، فَرَرْتُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَكَانَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ. وقال أَبُو عَبْد الله عَنْ زَيْدِ بْن أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا لعبد الله بْن رَوَاحة فِي حِجْره، فخرج بي فِي سَفَره ذَلِكَ، مُرْدِفي عَلَى حقيبة رَحْله، فَوَالله إنّه لَيَسِير إذ سَمِعْتُهُ ينشد أبياته هذه: إذا أدْنَيْتَني وحملتِ رَحلي ... مَسيرةَ أربعٍ بعد الحِساءِ فشأنُكِ أنعم وخَلاكِ ذم ... ولا أَرْجعْ إلى أهلي وَرَائي وآبَ المسلمون وغادرُوني ... بأرضِ الشامِ مُشتهر الثَّواء وردَّكَ كلّ ذي نَسَبٍ قريبٍ ... إلى الرَّحْمَن منقطَع الإِخاء هنالك لا أُباليَ طلع بعل ... ولا نخل أَسَافِلُها رواء فلما سمعتهنّ بكيت، فَخَفَقَني بالدِّرَّة وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين شُعْبَتَيْ الرحل! وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ جَعْفَرًا أَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَمِينِهِ فَقُطِعَتْ، فَأَخَذَهُ بِشِمَالِهِ فَقُطِعَتْ، فَاحْتَضَنَهُ بِعَضُدَيْهِ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. فَأَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ جناحين في الجنة يَطِيرُ بِهِمَا حَيْثُ شَاءَ1. وَرَوَى أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ بِالرِّمَاحِ. قُلْتُ: وَكَانَ جَعْفَرٌ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ. قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"أَشْبَهْتَ خَلقي وخُلقي". وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ مَا احْتَذَى النِّعَالَ وَلا رَكِبَ الْمَطَايَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكُنَّا نُسَمِّيهِ أَبَا الْمَسَاكِينِ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: مَا سَأَلْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- شَيْئًا بِحَقِّ جَعْفَرٍ إِلا أَعْطَانِيهِ. وعن ابن عُمَر قَالَ: وجدت فِي مقدَّم جَسَد جَعْفَر يوم مؤتة بضعًا وأربعين   1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رأيت جعفر بن أبي طالب ملكًا يطير في الجنة مع الملائكة بجناحين". رواه الترمذي، وغيره، وانظر: "صحيح الجامع" "3459". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 ضَرْبةً. ولما قدِم جعفرُ من الحَبَشَة عند فتح خيبر، رَوَى أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعتنقه وقال: "ما أدري أَنَا أُسَرّ بقدُومُ جَعْفَر أو بفتح خيبر" 1. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: لَمَّا نَعَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرًا أَتَانَا فَقَالَ: "أَخْرِجُوا إِلَيَّ بَنِي أَخِي". فَأَخْرَجَتْنَا أُمُّنَا أُغَيْلِمَةً ثَلاثَةً كَأَنَّهُمْ أَفْرَاخٌ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَوْنٌ، وَمُحَمَّدٌ. وَأَمَّا أَبُو أُسَامَةَ زيد بن حارثه بن شراحيل الْكَلْبِيُّ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ الْمَوَالِي؛ فَإِنَّهُ مِنْ كِبَارِ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ وَكَانَ مِنَ الرُّمَاةِ الْمَذْكُورِينَ. آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَاشَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَهُوَ الَّذِي سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} يَعْنِي مِنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] وكان المسلمون يدعونه زيد ابن النَّبِيِّ حَتَّى نَزَلَتْ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 4] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4] . وَقَالَ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] . رَوَى عَنْ زَيْدٍ ابْنُهُ أُسَامَةُ وَأَخُوهُ جَبَلَةَ. وَاخْتُلِفَ فِي سَنَةٍ. فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ عَشْرُ سِنِينَ؛ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْبَرُ مِنْهُ، وَكَانَ قَصِيرًا شَدِيدَ الأُدْمَةِ أفْطَسَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَذَا صِفَتُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَجَاءَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ وَكَانَ ابْنُهُ أَسْوَدَ. وَلِذَلِكَ أُعْجِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِ مُجزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ الْقَائِفِ: "إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ". قُلْتُ: وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ عُمْرُهُ خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السّبيْعيُّ إِنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ أَغَارَتْ عَلَيْهِ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ، فَوَقَعَ إِلَى خَدِيجَةَ فَاشْتَرَتْهُ، ثُمَّ وَهَبَتْهُ لِلنَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُرْوَى أنَّهَا اشْتَرَتْهُ بسبعمائة درهم.   1 تقدم تخريجه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا عَلِمْنَا أَحَدًا أَسْلَمَ قَبْلَهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثنا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا كُنَّا نَدْعُو زَيْدًا إِلا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ. فنزلت: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} 1. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حارثة تسع غزوات، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُؤَمِّرُهُ عَلَيْنَا. كَذَا رَوَاهُ الْفَسَوِيُّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ زَيْدٍ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ، فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمَارَتِهِ. فَقَالَ: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلِيَّ وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ" 3. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَبِي: "يَا زَيْدُ أَنْتَ مَوْلاي وَمِنِّي وَإِلَيَّ وَأَحبُّ الْقَوْمِ إِلَيَّ" 4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: "لَوْ أَنَّ زَيْدًا كَانَ حَيًّا لَاسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: ثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي جَيْشٍ قَطُّ إِلَّا أَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ بَقِيَ بعد لاستخلفه5. وقال حسين بن واقد، عن عبيد اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَاسْتَقْبلَتْنِي جَارِيَةٌ شَابَّةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتِ؟ قالت: لزيد بن حارثة".   1 أخرجه البخاري في "التفسير"، ومسلم في "الفضائل"، والترمذي في "المناقب" "3823"، وأحمد في "المسند" "5479"، وغيرهم. 2 وأخرجه البخاري في "المغازي" "4272". 3 أخرجه البخاري "6627"، ومسلم "2426"، والترمذي "3818"، وأحمد في "المسند" "2/ 20". 4 أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 204"، والحاكم في "مستدركه" "3/ 217"، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ في "الإصابة" "4/ 50": إسناده حسن. 5 "حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 226"، وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، رَوَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ. وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، يَرْفَعُهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ: أُصِيبَ زَيْدٌ فَأَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْزِلَهُ، فَجَهَشَتْ بِنْتُ زَيْدٍ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَكَى حَتَّى انْتَحَبَ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا هَذَا؟ قَالَ: "شَوْقُ الْحَبِيبِ إِلَى حَبِيبِهِ". وأما عَبْد الله بْن رَوَاحة بْن ثعلبة الخَزْرَجي الأنصاريّ أَبُو عَمْرو أحد النُّقباء ليلة العَقَبة شهِد بدْرًا والمشاهدَ، وكان شاعر النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخا أَبِي الدَّرْداء لأمّه. روى عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وابنُ أخته النُّعمان بْن بشير، وزيد بْن أرقم، وأَنَس، قوله. وأرسل عَنْهُ جماعة من التّابعين. وقال الواقديّ: كنْيَتُه أَبُو مُحَمَّد. وقيل: أَبُو رَوَاحة. وَرَوَتْ أَمُّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّفَرِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَبْدُ اللَّهُ بْنُ رَوَاحَةَ1. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ لَهَا: هَلْ تَدْرِينَ لِمَ تَزَوَّجْتُكِ؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: لِتُخْبِرِينِي عَنْ صَنِيعِ عَبْدِ اللَّهِ فِي بَيْتِهِ. فَذَكَرَتْ لَهُ شَيْئًا لا أَحْفُظُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لا يَدَعُ ذَلِكَ أَبَدًا2. وقال هشام بْن عُرْوة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما نزلت: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] ، قَالَ ابن رَوَاحة: قد علم الله أنّي منهم. فأُنزلت: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشعراء: 227] الآية. وقيل هذا البيت لعبد الله بْن رَوَاحة يخاطب زيد بْن أرقم: يا زيد زيد اليَعمُلات الذُّبل ... تطاول اللّيل هُدِيتَ فانزِلِ يعني: انزل فسق بالقوم.   1 أخرجه البخاري "1945"، ومسلم "1122"، وغيرهما. 2 أخرجه ابن المبارك في "الزهد"، وقال الحافظ في "الإصابة" "6/ 78، 79": إسناده صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 وعن مُصْعَب بْن شَيْبة قَالَ: لما نزل ابن رَواحة للقتال طُعِنَ فاستقبل الدَّم بيده، فدلك بِهِ وجهه. ثُمَّ صُرع بين الصَّفَّيْن يقول: يا معشر المسلمين ذبوا عَنْ لحم أخيكم. فكانوا يحملون حتى يجوزونه. فلم يزالوا كذلك حتى مات مكانه. وقال ابن وهْب: حَدَّثَنِي أسامة بْن زيد اللَّيْثي، حَدَّثَنِي نافع، قَالَ: كانت لابن رَوَاحة امْرَأَة وكان يتّقيها. وكانت لَهُ جارية فوقع عليها، فقالت لَهُ وفرقتْ أن يكون قد فعل فقال: سبحان الله. قَالَتْ: اقرأ عليَّ إذًا، فإنّك جُنُب. فقال: شهدتُ بإذنِ الله أنّ محمدا ... رسول الذي فوق السموات من عَل وإنّ أَبَا يحيى ويحيى كِلاهُما ... له عمل من ربه متقبل وقد رويا لحسّان. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلْمَانَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ رَأَتْهُ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ فَجَحَدَهَا. فَقَالَتْ لَهُ: فَاقْرَأْ. فَقَالَ: شَهِدْتُ بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ... وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الْكَافِرِينَا وَأَنَّ الْعَرْشَ فَوْقَ الْمَاءِ طَافٍ ... وَفَوْقَ الْعَرْشِ رَبُّ الْعَالَمِينَا وَتَحْمِلُهُ مَلائِكَةٌ كِرَامٌ ... مَلائِكَةُ الإِلَهِ مُقَرَّبِينَا فَقَالَتْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ الْبَصَرَ. فَحَدَّثَ ابْنُ رَوَاحَةَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَحِكَ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، عَنِ الثِّقَةِ أَنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ اتَّهَمَتْهُ امْرَأَتُهُ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمْ يُعَقِّبْ ابْنُ رَوَاحَةَ1. واستشهد بمؤْتة: عبّاد بْن قيس الخَزْرَجي؛ أحدُ من شهد بدْرًا. والحارث بْن النُّعمان بْن أساف النّجّاري. ومسعود بْن سُوَيْد بْن حارثة الْأَنْصَارِيّ. ووهْب بْن سعد بْن أَبِي سرح العامريّ, وزيد بْن عُبَيْد بْن الْمُعَلَّى الخزرجي، الذي قتل أبوه يوم أحد. وعبد الله بن سعيد بن العاص بْن أمية الأموي، وقيل: قُتِل هذا يوم اليَمامة. وأبو كلاب، وجابر ابنا أَبِي صعصعة الخزرجي.   1 أي: لم يترك عقبًا "ولدًا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 ذِكْرُ رُسُلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَفِي هَذِهِ السنة كتب النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ملوك النَّواحي يدعوهم إلى الله تعالى. قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ قَبْلَ مَوْتِهِ: إِلَى كِسْرَى، وَإِلَى قَيْصَرَ، وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، يَعْنِي الَّذِي مَلَكَ الْحَبَشَةِ بَعْدَ النَّجَاشِيِّ الْمُسْلِمِ، وإلى جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ الثَّانِي يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ, بَلْ ذَلِكَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ النَّجَاشِيِّ الأَوَّلِ الْمُسْلِمِ, وَمَوْتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي سَنَةِ تِسْعٍ, وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شهاب، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ. وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ, فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إلى قيصر، وكان قَيْصَرَ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ، مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ2 شُكْرًا لِمَا أَبْلاهُ اللَّهُ. فَلَمَّا أَنْ جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ حين قرأه: التمسوا لي ههنا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدِمُوا لِلتِّجَارَةِ، فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا رَسُولَ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّامِ، فَانْطَلَقَ بِنَا حتى قدمنا إيلياء، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِهِ وَعَلَيْهِ التَّاجُ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُم أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُل الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ نَسَبًا. قَالَ: مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟ قُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي. وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافَ غيري، قال: أدنوه3.   1 في "صحيحه" برقم "1774" كتاب "الجهاد والسير". 2 إيلياء: اسم مدينة بيت المقدس. 3 أدنوه: قربوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 ثُمَّ أَمَرَ بِأَصْحَابِي فَجَعَلَهُمْ خَلَفَ ظَهْرِي، عِنْدَ كَتِفِي، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لِأَصْحَابِهِ إِنِّي سَائِلُهُ عَنْ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَأْثُرَ عَنِّي أَصْحَابِي الْكَذِبَ لَكَذَّبْتُهُ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ. قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: فَيَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدَّ أَحَدٌ سُخَطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ يَغْدُرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ الْآنَ مِنْهُ فِي مَدَّةٍ؟ يُشِيرُ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي قَاضَاهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَآخِرُهَا يَوْمُ الْفَتْحِ؟ وَنَحْنُ نَخَافُ مِنْهُ أَنْ يَغْدُرَ؛ وَلَمْ يُمَكِّنِّي كَلِمَةً أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَنْتَقِصُهُ بِهَا، لَا أَخَافُ أَنْ تُؤْثِرَ عَنِّي غَيْرَهَا. قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ قَلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ حَرْبُكُمْ وَحَرْبُهُ؟ قُلْتُ: كَانَتْ دُوَلًا وَسِجَالًا، يُدَالُ عَلَيْنَا الْمَرَّةَ وَيُدَالُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى. قَالَ: فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ؟ قُلْتُ: يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ، وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ. قَالَ: فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتُ أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا, وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمُ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ: رَجُلٌ يَأَتَمُّ بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ فَزَعَمْتُ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ. وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَوْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سُخْطَةً لِدِينِهِ1 بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ لا يسخطه أحد. وسألتك: هل يغدر؟   1 أي: كراهية له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا يَغْدُرُونَ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ يَكُونُ دُوَلًا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وَتَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ. وَسَأَلْتُكَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ. وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ، قَدْ كُنْتُ أَعْلَمَ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ؛ وَإِنْ يَكُنْ مَا قُلْتَ حَقًّا فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لُقْيَهُ1، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ. قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَرَ فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ عَلَى من اتَّبع الْهُدَى. أما بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ, وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فعليك إثم الأريسيين. و {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} " [آل عمران: 64] . قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا أَنْ قَضَى مَقَالَتَهُ عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ وَكَثُرَ لَغَطهُمْ، فَلَا أَدْرِي مَا قَالُوا وَأَمَرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا, فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي وَخَلَوْتُ بِهِمْ قُلْتُ لَهُمْ: لقد أمر ابن أبي كَبْشَةَ؛ هَذَا مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ يَخَافُهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلًا، مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ قَلْبِي الْإِسْلَامَ وَأَنَا كَارِهٌ. أَخْرَجَاهُ2 مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ حَدَّثَهُ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ. فَذَكَرَ كَحَدِيثِ إبراهيم. ورواه يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن الزهري بسنده. وفيه قال   1 تجشمت لقيه: أتعبت نفسي وأجهدتها للقائه. 2 أخرجه البخاري في "الجهاد والسير" "4/ 2-5" باب: دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام والنبوة، ومسلم "1773" في "الجهاد والسير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا كَانَتْ هُدْنَةُ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجْتُ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ. فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ بِمَكَّةَ امْرَأَةً وَلا رَجُلا إِلا قَدْ حَمَّلَنِي بِضَاعَةً. فَقَدِمْتُ غَزَّةَ1، وَذَلِكَ حِينَ ظَهَرَ قَيْصَرُ عَلَى مَنْ كَانَ بِبِلادِهِ مِنَ الْفُرْسِ، فَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا, وَرَدَّ عَلَيْهِ صَلِيبَهُ الأَعْظَمَ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِحِمْصَ فَخَرَجَ مِنْهَا مُتَنَكِّرًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، تُبْسَطُ لَهُ الْبُسُطُ وَيُطْرَحُ لَهُ عَلَيْهَا الرَّيَاحِينُ, حَتَّى انْتَهَى إِلَى إِيلِيَاءَ، فَصَلَّى بِهَا, فَأَصْبَحَ ذَاتَ غداة مهمومًا يقلب طرفه إلى السماء، فقالت له بطارقته: أيها الملك، لقد أصبحت مَهْمُومًا. فَقَالَ: أَجَلْ. قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أُرِيتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلَكَ الْخِتَانِ ظَاهِرٌ. فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تَخْتَتِنُ إِلا يَهُودَ، وَهُمْ تَحْتَ يَدِكِ وَفِي سُلْطَانِكَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ هَذَا فِي نَفْسِكَ مِنْهُمْ، فَابْعَثْ فِي مَمْلَكَتِكَ كُلِّهَا فَلا يَبْقَى يَهُودِيٌّ إِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ فَتَسْتَرِيحُ مِنْ هَذَا الْهَمِّ. فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ؛ إِذْ أَتَاهُمْ رَسُولُ صَاحِبِ بُصْرَى بِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ قَدْ وَقَعَ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الشَّاءِ وَالإِبِلِ، يُحَدِّثُكَ عَنْ حَدَثٍ كَانَ بِبِلادِهِ، فَسَلْهُ عَنْهُ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُ مَا هَذَا الْخَبَرُ الَّذِي كَانَ فِي بِلادِهِ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ خَرَجَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ تَبِعَهُ أَقْوَامٌ وَخَالَفَهُ آخَرُونَ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ مَلاحِمُ فَقَالَ: جَرِّدُوهُ. فَإِذَا هُوَ مَخْتُونٌ فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي أُرِيتُ، لا مَا تَقُولُونَ. ثُمَّ دَعَا صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَقَالَ لَهُ: قَلِّبْ لِي الشَّامَ ظَهْرًا وَبَطْنًا حَتَّى تَأْتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ قَوْمِ هَذَا أَسْأَلُهُ عَنْ شَأْنِهِ. فَوَاللَّهِ إِنِّي وَأَصْحَابِي لَبِغَزَّةَ إِذْ هَجَمَ عَلَيْنَا فَسَأَلَنَا: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ. فَسَاقَنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا. فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِنْ رَجُلٍ قَطُّ أَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ أَدْهَى مِنْ ذَلِكَ الأَغْلَفِ -يَعْنِي هِرَقْلَ- فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ قَالَ: أَيُّكُمْ أَمَسُّ بِهِ رَحِمًا؟ فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ: أَدْنُوهُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ كِتَابًا. وَفِيهِ كَمَا تَرَى أَشْيَاءَ عَجِيبَةً تَفَرَّدَ بِهَا ابْنُ إِسْحَاقَ دُونَ مَعْمَرٍ وَصَالِحٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أُسْقُفٌّ مِنَ النَّصَارَى قَدْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ دِحيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ عَلَى هِرقْلَ بِالْكِتَابِ، وَفِيهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلامٌ على من   1 المدينة المعروفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 اتبع الهدى. أما بعد؛ فأسلم تسلم، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ إِثْمَ الأَكَّارِينَ 1 عَلَيْكَ". فَلَمَّا قَرَأَهُ وَضَعَهُ بَيْنَ فَخْذِهِ وَخَاصِرَتِهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ رُومِيَّةَ، كَانَ يَقْرَأُ مِنَ الْعَبْرَانِيَّةِ مَا يَقْرَأُ، يُخْبِرُهُ عَمَّا جَاءَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي يُنْتَظَرُ لا شَكَّ فِيهِ فَاتَّبَعَهُ. فَأَمَرَ بِعُظَمَاءِ الرُّومِ فَجُمِعُوا لَهُ فِي دَسْكَرَةِ مُلْكِهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فأُشْرِجَتْ2 عَلَيْهِمْ، وَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ عِلِّيَّةٍ لَهُ، وَهُوَ مِنْهُمْ خَائِفٌ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُ أَحْمَدَ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَلنَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُ وَنَجِدُ ذِكْرَهُ فِي كِتَابِنَا، نَعْرِفُهُ بِعَلامَاتِهِ وَزَمَانِهِ. فَأَسْلِمُوا وَاتَّبِعُوهُ تَسْلَمْ لَكُمْ دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتُكُمْ. فَنَخَرُوا نَخْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَابْتَدَرُوا أَبْوَابَ الدَّسْكَرَةِ3، فَوَجَدُوهَا مُغْلَقَةً عَلَيْهِمْ، فَخَافَهُمْ، فَقَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ. فَكَرُّوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَغْمِزُكُمْ بِهَا لأَنْظُرَ كَيْفَ صَلابَتُكُمْ فِي دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْت مِنْكُمْ مَا سَرَّنِي. فَوَقَعُوا لَهُ سُجَّدًا، ثُمَّ فُتِحَتْ لَهُمُ الأَبْوَابُ فَخَرَجُوا. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ تَاجِرًا وَبَلَغَ هِرَقْلَ شَأْنُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. قال: فأدخل عليه أبو سُفْيَانُ فِي ثَلاثِينَ رَجُلا، وَهُوَ فِي كَنِيسَةِ إِيلِيَاءَ. فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: سَاحِرٌ كَذَّابٌ. فَقَالَ: أَخْبِرُونِي بأعلمكم بِهِ وَأَقْرَبِكُمْ مِنْهُ. قَالُوا: هَذَا ابْنُ عَمِّهِ, وَذَكَرَ شَبِيهًا بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ خ4: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ لِيَدْفَعَهُ إِلَى كِسْرَى. فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ. فَحَسِبْتُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُمَزَّقُوا كلَّ مُمَزَّقٍ5. وَقَالَ الذُّهْلِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي   1 أي الريفيين. 2 وفي بعض النسخ: فأغلقت. 3 الدسكرة: قرية عظيمة أو بناء كالقصر حوله بيوت للأعاجم. 4 "صحيح البخاري" "3/ 235" كتاب الجهاد والسير. 5 أخرجه أحمد في "المسند" "1/ 243". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عبد القاري، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْضُكُمْ إِلَى مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيَّ كَمَا اخْتَلَفَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عِيسَى". فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَاللَّهِ لَا نَخْتَلِفُ عَلَيْكَ فِي شَيْءٍ، فَمُرْنَا وَابْعَثْنَا. فَبَعَثَ شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ إِلَى كِسْرَى. فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى كِسْرَى، وَهُوَ بِالْمَدَائِنِ، وَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ. فَأَمَرَ كِسْرَى بِإِيوَانِهِ أَنْ يُزَيَّنَ، ثُمَّ أَذِنَ لِعُظَمَاءِ فَارِسَ، ثُمَّ أَذِنَ لِشُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ, فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَمَرَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُقْبَضَ مِنْهُ. قَالَ شُجَاعٌ: لَا، حَتَّى أَدْفَعَهُ أَنَا كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كِسْرَى: ادْنُهُ، فَدَنَا فَنَاوَلَهُ الْكِتَابَ ثُمَّ دَعَا كَاتِبًا لَهُ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ: "مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ". فَأَغْضَبَهُ حِينَ بَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَفْسِهِ، وَصَاحَ وَغَضِبَ وَمَزَّقَ الْكِتَابَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ بشجاع فأخرج، فركب رَاحِلَتَهُ وَذَهَبَ، فَلَمَّا سَكَنَ غَضَبُ كِسْرَى، طَلَبَ شُجَاعًا فَلَمْ يَجِدْهُ, وَأَتَى شُجَاعٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ مَزِّقْ مُلْكَهُ" 1. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَتَفْتَحَنَّ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كُنُوزَ كِسْرَى الَّتِي في القصر الأبيض". أخرجه مسلم2. ورواه أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرٍ فَزَادَ قَالَ: فَكُنْتُ أَنَا وَأَبِي فِيهِمْ، فَأَصَابَنَا مِنْ ذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَحَّامُ: ثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ رَبِّي قَدّ قَتَلَ رَبَّكَ". يَعْنِي كِسْرَى. قَالَ: وَقِيلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهُ قَدِ اسْتَخْلَفَ بِنْتَهُ فَقَالَ: "لَا يُفْلِحُ قَوْمٌ تملكهم امرأة" 3.   1 أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 442". 2 في "صحيحه" "2919" كتاب: "الفتن وأشراط الساعة". 3 أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 43". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 وَيُرْوَى أَنَّ كِسْرَى كَتَبَ إِلَى بَاذَامَ عَامِلِهِ بِالْيَمَنِ يَتَوَعَّدُهُ وَيَقُولُ: أَلَا تَكْفِينِي رَجُلًا خَرَجَ بِأَرْضِكَ يَدْعُونِي إِلَى دِينِهِ؟ لَتَكْفِنِيهِ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ. فَبَعَثَ الْعَامِلُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُسُلًا وَكِتَابًا، فَتَرَكَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ قَالَ: "اذْهَبُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ فَقُولُوا: إِنَّ رَبِّي قد قتل ربكم اللَّيْلَةَ". وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَقْبَلَ سَعْدُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَلَكَ -أَوْ قَالَ: قُتِلَ- كِسْرَى. فَقَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ كِسْرَى، أَوَّلُ النَّاسِ هَلاكًا فَارِسٌ ثُمَّ الْعَرَبُ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ. وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، كِلاهُمَا يَقُولُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَاللَّفْظُ لِصَالِحٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ كِسْرَى بَيْنَمَا هُوَ فِي دَسْكَرَةِ مُلْكِهِ، بُعِثَ لَهُ -أَوْ قيض له- عارض فعرض عَلَيْهِ الْحَقُّ، فَلَمْ يَفْجَأْ كِسْرَى إِلا الرَّجُلُ يَمْشِي وَفِي يَدِهِ عَصًا فَقَالَ: يَا كِسْرَى هَلْ لَكَ فِي الإِسْلامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ كِسْرَى: نَعَمْ, فَلا تَكْسِرْهَا. فَوَلَّى الرَّجُلُ, فَلَمَّا ذَهَبَ أُرْسِلَ كِسْرَى إِلَى حُجَّابِهِ فَقَالَ مَنْ أَذِنَ لِهَذَا؟ قَالُوا: مَا دَخَلَ عَلَيْكَ أَحَدٌ. قَالَ: كَذَبْتُمْ. وَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَعَنَّفَهُمْ، ثُمَّ تَرَكَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ الْحَوْلِ أَتَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالْعَصَا فَقَالَ كَمَقَالَتِهِ. فَدَعَا كِسْرَى الْحُجَّابَ وَعَنَّفَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ الْحَوْلُ الْمَسْتَقْبَلُ، أَتَاهُ وَمَعُه الْعَصَا فَقَالَ: هَلْ لَكَ يَا كِسْرَى فِي الإِسْلامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ الْعَصَا؟ قَالَ: لا تَكْسِرْهَا. فَكَسَرَهَا فَأَهْلَكَ اللَّهُ كِسْرَى عِنْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ, وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ. فَأَمَّا قَيْصَرُ فَوَضَعَهُ، وَأَمَّا كِسْرَى فَمَزَّقَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَمَّا هَؤُلاءِ فيمزقون، وأما هؤلاء فسيكون لهم بقية".   1 في "صحيحه" "8/ 29" كتاب "الفتن وأشراط الساعة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 وقال الربيع: أنا الشافعي قال: حفظنا أَنَّ قَيْصَرَ أَكْرَمَ كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعَهُ فِي مَسْكٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثُبِّتَ مُلْكُهُ". قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَطَعَ اللَّهُ الأَكَاسِرَةَ عَنِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ، وَقَطَعَ قَيْصَرُ وَمَنْ قَامَ بِالأَمْرِ بَعْدَهُ عَنِ الشَّامِ. وَقَالَ فِي كِسْرَى: "مُزِّقَ مُلْكُهُ". فَلَمْ يَبْقَ لِلأَكَاسِرَةِ مُلْكٌ، وَقَالَ فِي قَيْصَرَ: "ثُبِّتَ مُلْكُهُ". فَثُبِّتَ لَهُ مُلْكُ بِلادِ الرُّومِ إِلَى الْيَوْمِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: ثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ صاحب الإسكندرية، فمضى بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَبَّلَ الْكِتَابَ وَأَكْرَمَ حَاطِبًا وَأَحْسَنَ نُزُلَهُ، وَأَهْدَى مَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَغْلَةً وَكِسْوَةً وَجَارِيَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا أُمُّ إِبْرَاهِيمَ، وَالأُخْرَى وَهَبَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِجَهْمِ بْنِ قُثَمَ الْعَبْدِيِّ، فَهِيَ أُمُّ زَكَرِيَّا بْنِ جَهْمٍ، خَلِيفَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى مِصْرَ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ الدَّوْلابِيُّ: ثنا أَبُو الْحَارِثِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْفِهْرِيُّ، ثنا هَارُونُ بْنُ يَحْيَى الْحَاطِبِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَجِئْتُهُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَنِي فِي مَنْزِلِهِ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ, ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ وَقَدْ جَمَعَ بَطَارِقَتَهُ فَقَالَ: إِنِّي سَأُكَلِّمُكَ بِكَلامٍ وَأُحِبُّ أَنْ تَفْهَمَهُ مِنِّي. قُلْتُ: نَعَمْ، هَلُمَّ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِكَ، أَلَيْسَ هُوَ نَبِيٌّ؟ قُلْتُ: بَلَى، هُوَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَا لَهُ حَيْثُ كَانَ هَكَذَا لَمْ يَدْعُ عَلَى قَوْمِهِ حَيْثُ أَخْرَجُوهُ. قُلْتُ: عِيسَى؛ أَلَيْسَ تَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَمَا لَهُ حَيْثُ أَخَذَهُ قَوْمُهُ فَأَرَادُوا أَنْ يَصْلِبُوهُ أَنَّ لا يَكُونَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ حَتَّى رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ: أَنْتَ حَكِيمٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ, هَذِهِ هَدَايَا أَبْعَثُ مَعَكَ إِلَيْهِ. فَأَهْدَى ثَلاثَ جوارٍ، مِنْهُنَّ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَوَاحِدَةٌ وَهَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ لأَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ، وَوَاحِدَةٌ وَهَبَهَا لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ. وَأَرْسَلَ بِطُرَفٍ مِنْ طُرَفِهِمْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 غزوة ذات السلاسل : قِيلَ إنه ماء بأَرض جُذام1. قَالَ ابن لَهِيعة: نا أَبُو الأسود، عن عروة. ورواه موسى بن عقبة، واللفظ لَهُ، قالا: غزوة ذات السلاسل من مشارف الشام فِي بَليّ وسعد اللَّه ومن يليهم من قُضاعة2. وفي رواية عُرْوة: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمرو بن العاص فِي بليّ، وهم أخوال العاص بْن وائل، وبعثه فيمن يليهم من قُضَاعة وأمّره عَلَيْهِمْ. قَالَ ابن عقْبة: فخاف عَمْرو من جانبه الَّذِي هو بِهِ، فبعث إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يستمدّه. فندب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المهاجرين، فانتدب فيهم أَبُو بَكْر وعمر وجماعة، أمّر عليهم أَبَا عبيدة. فأَمدَّ بهم عَمْرًا. فلمّا قدِموا عَلَيْهِ قَالَ: أنا أميركم، وأنا أرسلت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أستمده بكم. فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأبو عُبَيْدة أمير المهاجرين. قَالَ: إنّما أنتم مَدَد أُمْدِدْتُهُ. فلمّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدة، وكان رجلًا حَسَن الخُلُق ليّن الشيمة، سعى لأمر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعهده، قَالَ: تعلم يا عَمْرو أنّ آخر مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ قَالَ: "إذا قدِمتَ عَلَى صاحبك فتطاوعا". وإنّك إن عصيتني لأطيعنك. فسلم أبو عبيدة الإمارة لعَمْرو. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن الحصين التميمي، عن غزوة ذَاتِ السَّلَاسِلِ مِنْ أَرْضِ بَلِيٍّ وَعُذْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ لِيَسْتَنْفِرَ الْعَرَبَ إِلَى الْإِسْلامِ, وَذَلِكَ أَنَّ أُمَّ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ كَانَتْ مِنْ بَلِيٍّ، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَأَلَّفُهُمْ بِذَلِكَ, حَتَّى إِذَا كَانَ بِأَرْضِ جُذَامٍ، عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ: السَّلاسِلُ، خَافَ فَبَعَثَ يَسْتَمِدُّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: أَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانُ النَّهْدِيِّ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى جَيْشِ ذِي السَّلَاسِلِ، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَحَدَّثْتُ نَفْسِي أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْنِي عَلَيْهَا إِلَّا لِمَنْزِلَةٍ لِي عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ". قُلْتُ: إِنِّي لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ أَهْلِكَ. قَالَ: "فَأَبُوهَا". قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "عُمَرُ". قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ حَتَّى عَدَّ رَهْطًا، قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَا أَعُودُ أسأل عن هذا.   1 جذام: قبيلة أو حي من اليمن. 2 قضاعة: قبيلة من حمير، وحمير من بني سبأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ خَالِدٍ, وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مُخْتَصَرًا1. وَكِيعٌ، وَغَيْرُهُ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَمْرُو أُشْدُدْ عَلَيْكَ سِلَاحَكَ وَائْتِنِي". فَفَعَلْتُ، فَجِئْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَصَعَّدَ فِيَّ الْبَصَرَ وَصَوَّبَهُ وَقَالَ: "يَا عَمْرُو إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ وَجْهًا فَيُسَلِّمُكَ اللَّهُ وَيُغْنِمُكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ رَغْبَةً فِي الْمَالِ صَالِحَةً". قُلْتُ: إِنِّي لَمْ أُسْلِمْ رَغْبَةً فِي الْمَالِ إِنَّمَا أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْجِهَادِ وَالْكَيْنُونَةِ مَعَكَ. قَالَ: "يَا عَمْرُو نعمًا بالمال الصالح للمرء الصالح" 2. أنبأ ابن عون وَغَيْرُهُ، عَنْ مُحَمَّدٍ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمْرًا عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ بِنَحْوِهِ. وَكِيع، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا وَلاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم- يعين عَمْرًا عَلَيْنَا لِعِلِمْهِ بِالْحَرْبِ. قُلْتُ: وَلِهَذَا اسْتَعْمَلَ أَبُو بَكْرٍ عَمْرًا عَلَى غَزْوِ الشَّامِ. وَقَالَ الواقدي: حدثني ربيعة بن عثمان، عن يزيد بْنِ رُومَانَ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمَّا أَتَى عَمْرًا صَارُوا خَمْسَمِائَةٍ، وَسَارَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ حَتَّى وَطِئَ بِلادَ بَلِيٍّ وَدَوَّخَهَا، وَكُلَّمَا انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ جَمْعٌ، فلما سمعوا به تفرقوا حتى انتهى إِلَى أَقْصَى بِلادِ بَلِيٍّ وَعُذْرَةَ وَبَلْقَيْنَ, وَلَقِي فِي آخِرِ ذَلِكَ جَمْعًا، فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً وَتَرَامَوْا بِالنَّبْلِ, وَرُمِيَ يَوْمَئِذٍ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَأُصِيبَ ذِرَاعُهُ, وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ فَهَرَبُوا وَأَعْجَزُوا هَرَبًا فِي الْبِلادِ, وَدَوَّخ عَمْرٌو مَا هُنَاكَ, وَأَقَامَ أيامًا بغير أَصْحَابُهُ عَلَى الْمَوَاشِي. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمرو بن العاص فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ، فَأَصَابَهُمْ بَرْدٌ فَقَالَ لَهُمْ عَمْرٌو: لا يُوقِدَنَّ أَحَدٌ نَارًا. فَلَمَّا قدموا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَكَوْهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! كَانَ فِي أَصْحَابِي قِلَّةٌ فَخَشِيتُ أَنْ يَرَى الْعَدُوُّ قِلَّتَهُمْ، وَنَهَيْتُهُمْ أَنْ يَتَّبِعُوا الْعَدُوَّ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ كَمِينٌ, فَأَعْجَبَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.   1 أخرجه البخاري "4/ 192" كتاب فضائل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2384" كتاب فضائل الصحابة. 2 "صحيح": أخرجه ابن حبان "2277"، وأحمد "4/ 197"، وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ، فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِيَ الصُّبْحَ. فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ"؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الِاغْتِسَالِ, وَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] . فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا1. وَقَالَ عمرو بن الحارث. وغيره، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ ابن أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ عَمْرًا كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ. قَالَ: فَغَسَلَ مَغَابِنَهُ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ. لَمْ يَذْكُرِ التَّيَمُّمَ. أَخْرَجَهُمَا أَبُو داود2.   1 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "334" في "الطهارة"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "323": صحيح، وعلقه البخاري. 2 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "335" في "الطهارة"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "324": صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 غزوة سيف البحر : قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ: بَعَثَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَاكِبٍ، وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ. فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ1 فَسُمِّيَ جَيْشَ الْخَبَطِ. قَالَ: وَنَحَرَ رَجُلٌ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ. ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ. قَالَ: فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا: الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا مِنْهُ، حَتَّى ثَابَتْ مِنْهُ أَجْسَامُنَا وَصَلُحَتْ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ، فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ فِي الْجَيْشِ وَأَطْوَلَ جَمَلٍ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ وَمَرَّ تَحْتَهُ. مُتَّفَقٌ عليه2.   1 الخبط: ما سقط من ورق الشجر بالخبط والنفض. "المعجم الوجيز" "185". 2 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 113" باب: غزوة سيف البحر، ومسلم "1935" كتاب: الصيد والذبائح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 زاد البخاريّ فِي حديث عَمْرو عَنْ جَابِر: قَالَ جَابِر: وكان رَجُل فِي القوم نحر ثلاث جزائر، ثم ثلاثًا، ثمّ ثلاثًا, ثمّ إنّ أَبَا عُبَيْدة نهاه. قَالَ: وكان عَمْرو يَقُولُ: نا أَبُو صالح أنّ قيس بْن سعد قَالَ لأبيه: كنت فِي الجيش فجاعوا قَالَ أَبُوهُ: انْحَرْ. قَالَ: نحرت، قال: ثم جاعوا. قال: انحر قال: نحرت، قال: ثم جاعوا. قال: انحر. قال: نُهِيت. وقال مالك، عَنْ وهْب بْن كَيْسان، عَنْ جَابِر قَالَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثًا قِبَل الساحل، وأمرّ عليهم أبا عبيدة وهم ثلاثمائة وأنا فيهم, حتّى إذا كنّا ببعض الطريق فني الزّاد. فأمر أَبُو عُبَيْدة بأزواد ذَلِكَ الجيش، فجُمِع ذَلِكَ كلّه. فكان مِزْوَدَيْ تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا، حتى فني, ولم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة. قَالَ فقلت: وما تُغني تمرة؟ قَالَ: لقد وجدنا فَقْدَنا حين فنِيَتْ. ثمّ انتهينا إلى البحر، فإذا حُوت مثل الظَّرِب1، فأكل منه ذَلِكَ الجيش ثماني عشرة ليلة, ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثمّ أمر براحلةٍ فرُحِلَت، ثمّ مُرَّت تحتهما فلم تُصِبْهما. أخرجاه. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَزُوِّدْنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ. فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً. وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ. فَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَرَفَعَ لَنَا كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرُ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ ثُمَّ قَالَ: لا، بَلْ نَحْنُ رسل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا. فَأَقَمْنَا عَلَيْهَا شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا. وَلَقَدْ كُنَّا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ2 بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ ونقتطع من الْفِدَرَ3 كَالثَّوْرِ. وَلَقَدْ أَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي عَيْنِهِ، وَأَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمُ بَعِيرٍ مِنْهَا فَمَرَّ تَحْتَهَا. وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ4 فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ فَهَلْ مَعَكُمْ من لحمه شيء فتطعموننا"؟ قَالَ: فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ فَأَكَلَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ5. قلت: زعم بعض النّاس أنّ هذه السرّية كانت في رجب سنة ثمان.   1 الظرب: الجبل الصغير. 2 وقب عينه: نقرتها. 3 الفدر: القطعة من الشيء. 4 وشائق: أنصبة ومقادير تقسم بينهم. 5 في "صحيحه" "1935" كتاب: الصيد والذبائح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 سرية أبي قتادة إلى خضرة، وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتح مكة زادها الله شرفًا: سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَة إلى خَضِرَة: قَالَ الواقديّ فِي مَغَازيه: قَالُوا بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا قَتَادَة بْن رِبْعيّ الأنصاريّ إلى غَطَفان فِي خمسة عشر رجلًا, وأمره أنَّ يشنّ عليهم الغارة, فسار وهجم عَلَى حاضر منهم عظيم فأَحاط بِهِ, فصرخ رجل منهم: يا خضرة1 وقاتل منهم رجال فقتلوا من أشرف لهم, واستاقوا النَّعَم، فكانت مائتي بعيرٍ وألفَيّ شاةٍ, وسبوا سبيًا كثيرًا, وغابوا خمس عشرة ليلة. وذلك فِي شعبان من السّنة. ثمّ كنت سريَّتُه إلى إضَم2 عَلَى أثر ذَلِكَ فِي رمضان. وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكَانَتْ أَكْبَرَ بَنَاتِهِ. تُوُفِّيَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَغَسَّلَتْهَا أُمُّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةُ وَغَيْرُهَا. وَأَعْطَاهُنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقْوَهُ3 فَقَالَ: "أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ". وبِنْتُها أُمامة بِنْت أَبِي العاص، هي التي كَانَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحملها فِي الصّلاة. فتح مكة زادها اللَّه شرفًا: قَالَ البكّائي، عَنِ ابن إِسْحَاق: ثمّ إنّ بني بَكْر بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنانة عدت عَلَى خُزَاعَة، وهم عَلَى ماءٍ بأَسفل مكة يقال لَهُ: الوَتير. وكان الَّذِي هاج ما بين بَكْر وخُزَاعة رجلًا من بني الحَضْرَميّ خرج تاجرًا، فلمّا توسّط أرضَ خُزاعة عَدَوا عَلَيْهِ فقتلوه وأخذوا ماله, فَعَدَت بنو بكرٍ عَلَى رجلٍ من خزاعة فقتلوه، فعدت خزاعة قبيل   1 خضرة: أرض لمحارب بنجد. 2 إضم: ماء بين مكة واليمامة. 3 الحقو: الإزار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 الإِسلام عَلَى سلْمى وكلثوم وذُؤَيْب بني الأسود بْن رَزْن الدّيليّ، وهم مَنْخَر بني كِنانة وأشرافهم، فقتلوهم بعَرَفَة. فبينا بنو بَكْر وخُزاعة عَلَى ذَلِكَ حَجَز بينهم الْإِسْلَام، وتشاغل النّاس بِهِ. فلمّا كَانَ صُلح الحُدَيْبية بين رَسُول لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين قريش، كَانَ فيما شرطوا لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَشَرَطَ لهم أنّه مَن أحبَّ أنَّ يدخل في عقد رسول الله وعهده فليدخل فيه ومن أحبَّ أنَّ يدخل فِي عقد قريش وعهدهم فلْيدْخل فِيهِ. فدخلت بنو بَكْر فِي عقد قريش، ودخلت خُزاعة فِي عقد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مؤمنُها وكافرُها. فلمّا كانت الهدنةُ اغتنمها بنو الدّيْل؛ أحد بني بَكْر من خُزاعة؛ وأرادوا أنَّ يصيبوا منهم ثأرًا بأولئك الإِخوة, فخرج نوفل بْن معاوية الدِّيليّ فِي قومه حتّى بيت خُزاعة عَلَى الوَتِير، فاقتتلوا. ورَدَفَتْ قريشٌ بني الديل بالسلاح، وقومٌ من قريش أعانت خُزاعة بأنفسهم، مُسْتَخفين بذلك، حتّى حازوا خُزاعة إلى الحَرَم. فقال قومُ نوفل: اتقِ إلهك ولا تَسْتَحِلّ الحَرَم. فقال: لا إله لي اليوم، والله يا بني كِنانة إنّكم لَتَسْرِقون فِي الحَرَم، أفلا تصيبون فِيهِ ثأركم؟ فقتلوا رجلًا من خُزاعة, ولجأت خُزاعة إلى دار بُدَيْل بْن وَرقاء الخُزَاعي، ودار رافع مولى خُزاعة. فلمّا تظاهر بنو بَكْر وقريش عَلَى خُزاعة، كَانَ ذَلِكَ نقْضًا للهُدنة التي بينهم وبين رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وخرج عَمْرو بْن سالم الخُزاعيّ فقدم عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طائفةٍ مستغيثين بِهِ، فوقف عَمْرو عَلَيْهِ، وهو جالس فِي المسجد بين ظَهْرَيِ النّاس, فقال: يا ربّ إنّي ناشدٌ محمَّدا ... حلف أبينا وأبيه الأْتلَدا قد كنتُمُ ولدًا وكنّا والدا ... ثمت أَسْلَمنا فلم ننزعْ يَدَا فانصُرْ هَدَاك اللَّه نَصْرًا أعْتَدَا ... وادع عبادَ اللَّه يأتُوا مَدَدا فيهم رَسُول اللَّهِ قد تجرَّدا ... إنْ سِيمَ خسفًا وجهه تَرَبّدَا فِي فيلق كالبحر يجري مُزْبدا ... إنّ قُريشًا أَخْلفوك المَوْعِدا ونقضوا ميثاقَكَ المُؤَكَّدا ... وجعلوا لي فِي كَدَاءَ رَصَدا وزعموا أنْ لستُ أدعو أحدَا ... وهم أذَلُّ وأقَلُّ عَدَدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 هم بَيَّتُونا بالوَتِير1 هُجَّدا ... وقتلونا رُكَّعًا وسجدا فانصُرْ هداكَ اللَّه نصرًا أيّدا فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُصِرْتَ يا عَمْرو بْن سالم". ثمّ عُرِضَ لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنان من السّماء، فقال: "إنّ هذه السحابة لتستهلّ بنصر بني كعب" 2؛ يعني خُزاعة. ثمّ قدم بُدَيل بْن وَرْقاء فِي نفرٍ من خُزاعة عَلَى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبروه. وقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كأنّكم بأبي سُفْيَان قد جاءكم ليشدّ العقْد ويزيد فِي الْمُدَّةِ". ومضى بُدَيْل وأصحابه فلقوا أَبَا سُفْيَان بْن حرب بعُسْفان، قد جاء ليشدّ العقد ويزيد فِي المدّة، وقد رهبوا الَّذِي صنعوا. فلمّا لقى بُدَيْل بْن وَرْقَاء قَالَ: من أَيْنَ أقبلت يا بُدَيْل؟ وظنّ إِنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: سرتُ في خزاعة على الساحل. قال: أوما جئتَ محمّدًا؟ قَالَ: لا. فلمّا راح بُدَيْل إلى مكة, قَالَ أَبُو سُفْيَان: لئن كَانَ جاء إلى المدينة لقد علف بها النَّوى. فأتى مَبْرَكَ راحلته ففتَّه فرأى فِيهِ النَّوى, فقال: أحلِفُ بالله لقد أتى محمَّدًا. ثمّ قدِم أبو سُفْيَان المدينةَ فدخل عَلَى ابنته أمّ حبيبة أمّ المؤمنين, فلمّا ذهب ليجلس على فراش رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- طوَتْه عَنْهُ، فقال: ما أدري أَرَغِبْتِ بي عَنْ هذا الفراش أم رغبت بِهِ عنّي؟ قالت: بل هو فراش رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ رجلٌ مُشْرِكٌ نجس. قال: والله قد أصابك يا بُنَيَّةُ بعدي شَرٌّ3. ثمّ خرج حتى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يردّ عَلَيْهِ شيئًا. فذهب إلى أَبِي بَكْر فكلّمه أنَّ يكلّم لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ما أنا بفاعل. ثمّ أتى إلى عُمَر فكلّمه فقال: أنا أشفع لكم إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَوَالله لو لم أجد إلّا الذر لجالَدْتُكُم عَلَيْهِ. ثمّ خرج حتّى أتى عليًّا وعنده فاطمة وابنها الحَسَن وهو غلام يَدبّ، فقال: يا عليّ إنّك أَمَسُّ القوم بي رَحِمًا، وإنّي قد جئت فِي حاجةٍ فلا أرجعنّ كما جئت خائبًا، فاشفع لي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: ويْحَك يا أَبَا سُفْيَان! لقد عزم رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أمرٍ ما نستطيع أنَّ نكلّمه فِيهِ. فالتفت إلى فاطمة, فقال: يا ابْنَة مُحَمَّد، هَلْ لك أن   1 الوتير: بئر لقبيلة خزاعة بمكة. 2 "سنده صحيح": أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" وسنده صحيح، ورجاله ثقات صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث، انظر: "الإصابة" لابن حجر "2/ 529" ترجمة عمرو بن سالم رقم "5837". 3 "زاد المعاد" "3/ 396، 397". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 تأمري بُنَيَّكِ هذا فيجير بين النّاس فيكون سيّد العرب إلى آخر الدَّهر؟ قالت: والله ما بلغ بُنيَّ ذَلِكَ، وما يجير أحدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: يا أَبَا حَسَن! إنّي أرى الأمور قد اشتدّت عليّ فانصحني. قَالَ: والله ما أعلم شيئًا يغني عنك، ولكنك سيّد بني كِنانة، فقُم فأَجِرْ بين النّاس ثمّ الحقْ بأرضك. قال: أوترى ذَلِكَ مُغْنِيًا عنّي؟ قَالَ: لا والله ما أظنّه، ولكنْ لا أجد لك غيرَ ذَلِكَ. فقام أَبُو سُفْيَان فِي المسجد فقال: أيّها النّاس إنّي قد أجَرتْ بين النّاس. ثمّ ركب بعيره وانطلق, فلمّا قدِم عَلَى قريش، قالوا: ما وراءك؟ فقصّ شأنَه، وأنّه أجار بين النّاس. قالوا: فهل أجاز ذَلِكَ مُحَمَّد؟ قَالَ: لا. قالوا: والله إنْ زاد الرجلُ عَلَى أنْ لَعِبَ بك. ثمّ أَمْرُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالجهاز، وأمر أهله أنَّ يجهّزوه, ثمّ أعلم النّاس بأنّه يريد مكة، وقال: "الَّلهُمّ خُذْ العيونَ والأخبارَ عَنْ قريش حتّى نَبْغَتَهُم فِي بلادهم". فعن عُرْوة وغيره قالوا: لما أجمع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّيْرَ إلى مكة، كتب حاطب بْن أَبِي بلتعة إلى قريش بذلك مَعَ امْرَأَة، فجعلته فِي رأسها ثم فَتَلَتْ عَلَيْهِ قُرُونها ثم خرجت بِهِ. وأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الوحيُ بفعْله, فأرسل فِي طلبها عليًّا والزُّبير, وذكر الحديث1. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَرَمِ الْقُرَشِيُّ وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْمَخْزُومِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسن الشافعي، أنا عبد الرحمن بن عمر بْنِ النَّحَّاسِ، أَنْبَأَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَعْبَانَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ -وَهُوَ كَاتِبُ عَلِيٍّ- قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ، قَالَ: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ 2، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً 3 مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا". فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الروضة. قلنا: أخرجي الكتاب. قالت:   1 هذه القصة في "الصحيحين" أخرجها البخاري "3983" في المغازي، ومسلم "2494" في فضائل الصحابة. 2 روضة خاخ: موضع بين الحرمين بقرب حمراء الأسد من المدينة. "معجم البلدان" "2/ 88". 3 الظعينة هنا: الجارية، وأصلها الهودج، وسميت به الجارية؛ لأنها تكون فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 مَا مَعِي كِتَابٌ، قُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنَقْلَعَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا1 فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا حَاطِبُ مَا هَذَا"؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ، إِنِّي كُنْتُ امرأ مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَعَكَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَكُنْ لِي قَرَابَةٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا -إذا فَاتَنِي ذَلِكَ- يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُهُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإسلام. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ". فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْني أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ: "إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأبَوُ دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ2. أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عباس قال: قال عمر: كَتَبَ حَاطِبٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِكِتَابٍ فَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا حَاطِبُ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا"؟ قَالَ: كَانَ أَهْلِي فِيهِمْ وَخَشِيتُ أَنْ يَصْرِمُوا عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ أَكْتُبُ كِتَابًا لا يَضُرُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَاخْتَرَطْتُ السَّيْفَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَدْ كَفَرَ. فَقَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهُ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ3. وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] . وعن ابن إِسْحَاق، قَالَ: عَنِ ابن عبّاس قَالَ: ثمّ مضى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لسَفَره، واستعمل عَلَى المدينة أَبَا رُهْم الغِفَاريّ. وخرج لعشْرٍ مضين من رمضان. فصام وصام النّاس معه، حتّى إذا كَانَ بالكُدَيْد، بين عُسْفان وأمَج أفطر. اسم أبي رُهْم: كُلْثوم بْن حُصَيْن. وقال سَعِيد بْن بشير، عَنْ قَتَادَة: إنّ خُزاعة أسلمت فِي دارهم، فقبل رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إسلامَها، وجعل إسلامها فِي دارها.   1 العقاص: خيط تشد به أطراف الذوائب. 2 تقدم تخريجه قبل قليل. 3 "صحيح": أخرجه الترمذي في "التفسير" "3537"، وقال الألباني: صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 وقال سَعِيد بْن عَبْد العزيز، وَغَيْرُهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أدخل فِي عهده يوم الحُدّيبية خُزَاعة. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتْ خُزَاعَةُ حِلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنُفَاثَةُ حِلْفَ أَبِي سُفْيَانَ1 فَعَدَتْ نُفَاثَةُ عَلَى خزاعة، فأمدتها قريش. فلم يغز رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُرَيْشًا حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهِمْ ضَمْرَةَ، فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ إِحْدَى ثَلاثٍ: أَنْ يَدُوا قَتْلَى خُزَاعَةَ، وَبَيْنَ أَنْ يَبْرَءُوا مِنْ حِلْفِ نُفَاثَةَ، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ على سواء. قالوا: ننبذ عَلَى سَوَاءٍ. فَلَمَّا سَارَ نَدَمَتْ قُرَيْشٌ، وَأَرْسَلَتْ أَبَا سُفْيَانَ يَسْأَلُ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ. وَقَالَ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: كَانَتْ بَيْنَ نُفَاثَةَ مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَبَيْنَ بَنِي كَعْبٍ، حَرْبٌ. فَأَعَانَتْ قُرَيْشٌ وَبَنُو كِنَانَةَ بَنِي نُفَاثَةَ عَلَى بَنِي كَعْبٍ. فَنَكَثُوا الْعَهْدَ إِلَّا بَنُو مُدْلِجٍ، فَإِنَّهُمْ وَفَوْا بِعَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَشِعْرَ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ مِمَّا أَنْصُرُ مِنْهُ نَفْسِي". فَأَنْشَأَتْ سَحَابَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ تَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ، أَبْصِرُوا أَبَا سُفْيَانَ فَإِنَّهُ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ يَلْتَمِسُ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ وَالزِّيَادَةَ فِي الْمُدَّةِ". فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ جدد العهد وَزِدْنَا فِي الْمُدَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أوَلذلك قدمت؟ هل كان من حَدَثَ قَبْلَكُمْ"؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَنَحْنُ عَلَى عَهْدِنَا وَصُلْحِنَا". ثُمَّ ذَكَرَ ذَهَابَهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَنْتَ أَكْبَرُ قُرَيْشٍ فَأَجِرْ بَيْنَهَا. قَالَ: صَدَقْتَ إِنِّي كَذَلِكَ فَصَاحَ: أَلا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ بين الناس، وما أظن أن يرد جِوَارِي وَلا يَحْقِرَ بِي. قَالَ: أَنْتَ تَقُولُ ذَاكَ يَا أَبَا حَنْظَلَةَ؟ ثُمَّ خَرَجَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَدْبَرَ: "الَّلهُمَّ سُدَّ عَلَى أَبْصَارِهِمْ وَأَسْمَاعِهِمْ فَلا يَرَوْنِي إِلا بَغْتَةً". فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَحَدَّثَ قَوْمَهُ، فَقَالُوا: أَرَضِيتَ بِالْبَاطِلِ وَجِئْتَنَا بِمَا لا يُغْنِي عَنَّا شَيْئًا، وَإِنَّمَا لَعِبَ بك علي.   1 نفاثة: بطن من كنانة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 وَأَغْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الجهاز، مخيفًا لِذَلِكَ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ابْنَتِهِ، فَرَأَى شَيْئًا مِنْ جِهَازِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فأنكر وقال: أين يريد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: تَجَهَّزَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَازٍ قَوْمَكَ، قَدْ غَضِبَ لِبَنِي كعب. فدخل رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَشْفَقَتْ عَائِشَةُ أَنْ يَسْقُطَ أَبُوهَا بِمَا أَخْبَرَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فأشارت إلى أبيها بعينها، فسكت. فمكث رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاعَةً يَتَحَدَّثُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَجَهَّزْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ"؟ قَالَ: لِمَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِغَزْوِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُمْ قَدْ غَدَرُوا وَنَقَضُوا الْعَهْدَ، وَإِنَّا غَازُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْغَزْوِ، فَكَتَبَ حَاطِبٌ إِلَى قُرَيْشٍ فَذَكَرَ حَدِيثَهُ. وَقَالَ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالأَنْصَارِ، وَأَسْلَمَ، وَغِفَارٍ، وَمُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، وَبَنِي سُلَيْمٍ. وَقَادُوا الْخُيُولَ حَتَّى نَزَلُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِمْ قُرَيْشٌ. قَالَ: فَبَعَثُوا حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ وَأَبَا سُفْيَانَ وَقَالُوا: خُذُوا لَنَا جِوَارًا أَوِ آذِنُوا بِالْحَرْبِ. فَخَرَجَا فَلَقِيَا بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ فَاسْتَصْحَبَاهُ، فَخَرَجَ مَعَهُمَا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالأَرَاكِ بِمَكَّةَ، وَذَلِكَ عِشَاءً، رَأَوُا الْفَسَاطِيطَ وَالْعَسْكَرَ، وَسَمِعُوا صَهِيلَ الخيل ففزعوا. فقال: هؤلاء بنو كعب جاءت بهم الحرب. قال بديل: هؤلاء أكثر من بني كعب، ما بلغ تأليبها هَذَا. وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَيْلا لا يَتْرُكُونَ أَحَدًا يَمْضِي. فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ أَخَذَتْهُمُ الْخَيلُ تَحْتَ اللَّيْلِ وَأَتَوْا بِهِمْ. فَقَامَ عُمَرُ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ فَوَجَأَ عُنُقَهُ، وَالْتَزَمَهُ الْقَوْمُ وَخَرَجُوا بِهِ لِيَدْخُلُوا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ، فَحَبَسَهُ الْحَرَسُ أَنْ يَخْلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَافَ الْقَتْلَ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَالِصَةً لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَلا تَأْمُرُ بِي عَبَّاسُ؟ فَأَتَاهُ فَدَفَعَ عَنْهُ، وَسَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ. فَرَكِبَ بِهِ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَسَارَ بِهِ فِي عَسْكَرِ الْقَوْمِ حَتَّى أَبْصَرَهُ أَجْمَعَ. وَكَانَ عُمَرُ قَالَ لَهُ حِينَ وَجَأَهُ: لا تَدْنُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تَمُوتَ. فَاسْتَغَاثَ بِالْعَبَّاسِ وَقَالَ: إِنِّي مَقْتُولٌ. فَمَنَعَهُ مِنَ النَّاسِ, فَلَمَّا رَأَى كَثْرَةَ الْجَيْشِ قَالَ: لَمْ أَرَ كَاللَّيْلَةِ جَمْعًا لِقَوْمٍ. فَخَلَّصَهُ عَبَّاسٌ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: إِنَّكَ مَقْتُولٌ إِنْ لَمْ تُسْلِمْ وَتَشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَجَعَلَ يُرِيدُ أَنْ يقول الذي يأمره عباس، ولا ينطلق بِهِ لِسَانُهُ وَبَاتَ مَعَهُ. وَأَمَّا حَكِيمٌ وَبُدَيْلٌ فَدَخَلا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَا. وَجَعَلَ يَسْتَخْبِرُهُمَا عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 أَهْلِ مَكَّةَ. فَلَمَّا نُودِيَ بِالْفَجْرِ تَجَسَّسَ الْقَوْمُ، فَفَزِعَ أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ: يَا عَبَّاسُ، مَا يُرِيدُونَ؟ قَالَ: سَمِعُوا النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ فَتَبَشَّرُوا بِحُضُورِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ يَمُرُّونَ إِلَى الصَّلاةِ، وَأَبْصَرَهُمْ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ إِذَا سَجَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا عَبَّاسُ، مَا يَأْمُرُهُمْ بِشَيْءٍ إِلا فَعَلُوهُ؟! فَقَالَ: لَوْ نَهَاهُمْ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لأَطَاعُوهُ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ، فَكَلِّمْهُ فِي قومه، هَلْ عِنْدَهُ مِنْ عَفْوٍ عَنْهُمْ؟ فَانْطَلَقَ عَبَّاسٌ بِأَبِي سُفْيَانَ حَتَّى أَدْخَلَهُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رسول الله، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا محمد قد اسنتصرت بِإِلَهِي وَاسْتَنْصَرْتَ بِإِلَهِكَ، فَوَاللَّهِ مَا لَقِيتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلا ظَهَرْتَ عَلَيَّ، فَلَوْ كَانَ إِلَهِي مُحِقًّا وَإِلَهُكَ بَاطِلا ظَهَرْتُ عَلَيْكَ، فَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أحب أن تأذن لي إلى قومك فأنذرهم مَا نَزَلَ بِهِمْ، وَأَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَأَذِنَ لَهُ. قَالَ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ؟ قَالَ: "مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَكَفَّ يَدَهُ، فَهُوَ آمِنٌ, وَمَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَوَضَعَ سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ, وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ عَمِّنَا، فَأُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ مَعِي، وَقَدْ خَصَصْتَهُ بِمَعْرُوفٍ. فَقَالَ: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ". فَجَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ يَسْتَفْهِمُهُ. وَدَارَ أَبِي سُفْيَانَ بِأَعْلَى مَكَّةَ. وَقَالَ: "مَنْ دَخَلَ دَارَكَ يَا حَكِيمُ فَهُوَ آمِنٌ". وَدَارُ حَكِيمٍ فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ. وَحَمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعَبَّاسَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي أَهْدَاهَا إِلَيْهِ دِحْيةُ الْكَلْبِيُّ، فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ وَأَبُو سُفْيَانَ قَدْ أَرْدَفَهُ. ثُمَّ بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي إِثْرِهِ، فَقَالَ: أَدْرِكُوا الْعَبَّاسَ فَرُدُّوهُ عَلَيَّ. وَحَدَّثَهُمْ بِالَّذِي خَافَ عَلَيْهِ. فَأَدْرَكَهُ الرَّسُولُ، فَكَرِهَ عَبَّاسٌ الرُّجُوعَ، وَقَالَ: أَتَرْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَرْجِعَ أَبُو سُفْيَانَ رَاغِبًا فِي قِلَّةِ النَّاسِ فَيَكْفُرَ بَعْدَ إِسْلامِهِ؟ فَقَالَ: "احْبِسْهُ" فَحَبَسَهُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: غَدْرًا يَا بَنِي هَاشِمٍ؟ فَقَالَ عَبَّاسٌ: إِنَّا لَسْنَا نَغْدِرُ، وَلَكِنْ بِي إِلَيْكَ بَعْضُ الْحَاجَةِ. فَقَالَ: وَمَا هِيَ، فَأَقْضِيهَا لَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا نَفَاذُهَا حِينَ يَقْدَمُ عَلَيْكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ. فَوَقَفَ عَبَّاسٌ بِالْمَضِيقِ دُونَ الأَرَاكِ، وَقَدْ وَعَى مِنْهُ أَبُو سُفْيَانَ حَدِيثَهُ. ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْخَيْلَ بَعْضَهَا عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ، وَقَسَمَ الْخَيْلَ شَطْرَيْنِ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ. فَلَمَّا مَرُّوا بِأَبِي سفيان قال للعباس: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 الزُّبَيْرُ. وَرِدْفُهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْجَيْشِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارٍ وَقُضَاعَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا يَا عَبَّاسُ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ هَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي كَتِيبَةِ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: الْيَوْمَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ. ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كَتِيبَةِ الإِيمَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ وُجُوهًا كَثِيرَةً لا يَعْرِفُهَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اخْتَرْتَ هَذِهِ الْوُجُوهَ عَلَى قَوْمِكَ؟ قَالَ: "أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ وَقَوْمُكَ. إِنَّ هَؤُلاءِ صَدَّقُونِي إذ كذبتموني، ونصروني إذ أخرجتموني"، وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ يا عباس؟ قال: هذه كتيبة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومع هذه الموت الأحمر، هَؤُلاءِ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ. قَالَ: امْضِ يَا عَبَّاسُ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ جُنُودًا قَطُّ وَلا جَمَاعَةً، وَسَارَ الزُّبَيْرُ بِالنَّاسِ حَتَّى إِذَا وَقَفَ بِالْحَجُونِ1، وَانْدَفَعَ خَالِدٌ حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ. فَلَقِيَتْهُ بَنُو بَكْرٍ فَقَاتَلَهُمْ فَهَزَمَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ، وَمِنْ هُذَيْلٍ ثَلاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً، وَهُزِمُوا وَقُتِلُوا بِالْحَزْوَرَةَ2، حَتَّى دَخَلُوا الدُّورَ، وارتفعت طائفة منهم عَلَى الْجَبَلِ عَلَى الْخَنْدَمَةِ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِالسُّيُوفِ. وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، وَنَادَى مُنَادٍ: مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُو آمِنٌ. وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَازِلا بِذِي طُوًى، فَقَالَ: "كَيْفَ قَالَ حَسَّانٌ"؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: قَالَ: عَدِمْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَتِفَيْ كُدَاءِ فَأَمَرَهُمْ فَأَدْخَلُوا الَخْيَل مِنْ حَيْثُ قَالَ حَسَّانٌ فَأُدْخِلَتْ مِنْ ذِي طُوًى مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ. وَاسْتَحَرَّ الْقَتلُ بِبَنِي بَكْرٍ. فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مَكَّةَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 1-2] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أُحِلَّتِ الْحُرْمَةُ لأَحَدٍ قَبْلِي وَلا بَعْدِي، وَلا أُحِلَّتْ لِي إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ". وَنَادَى أَبُو سُفْيَانَ بِمَكَّةَ: أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا. وَكَفَّهُمُ اللَّهُ عَنْ عَبَّاسٍ. فَأَقْبَلَتْ هِنْدٌ فَأَخَذَتْ بِلِحْيَةِ أَبِي سُفْيَانَ، ثُمَّ نَادَتْ: يَا آلَ غالب اقتلوا الشيخ   1 الحجون: جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها. "معجم البلدان" "2/ 225". 2 الحزورة: سوق مكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 الأَحْمَقَ. قَالَ: أَرْسِلِي لِحْيَتِي، فَأُقْسِمُ لَئِنْ أَنْتِ لَمْ تُسْلِمِي لَيُضْرَبَنَّ عُنُقُكِ، وَيْلَكِ جَاءَنَا بِالْحَقِّ ادْخُلِي بَيْتَكِ وَاسْكُنِي. وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَافَ سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَفَرَّ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَامِدًا لِلْبَحْرِ، وَفَرَّ عِكْرِمَةُ عَامِدًا لِلْيَمَنِ. وَأَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَمِّنْ صَفْوَانَ فَقَدْ هَرَبَ، وَقَدْ خَشِيتُ أَنْ تَهْلِكَ نَفْسُهُ فَأَرْسِلْنِي إِلَيْهِ بِأَمَانٍ قَدْ أمَّنْتَ الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ، فَقَالَ: أَدْرِكْهُ فَهُوَ آمِنٌ. فَطَلَبَهُ عُمَيْرٌ فَأَدْرَكَهُ وَدَعَاهُ فَقَالَ: قَدْ أمَّنَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ صَفْوَانُ: وَاللَّهِ لا أُوقِنُ لَكَ حَتَّى أَرَى عَلامَةً بِأَمَانِي أَعْرِفُهَا. فَرَجَعَ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بُرْدَ حَبْرَةٍ كَانَ مُعْتَجِرًا بِهِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ، فَقَالَ صَفْوَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَعْطَيْتَنِي مَا يَقُولُ هَذَا مِنَ الأَمَانِ؟ قَالَ: "نعم". قَالَ: اجْعَلْ لِي شَهْرًا قَالَ: "لَكَ شَهْرَانِ، لَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَكِ". وَاسْتَأْذَنَتْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مُسْلِمَةٌ، وَهِيَ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ. فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَلَبِ زَوْجِهَا، فَأَذِنَ لَهَا وَأَمَّنَهُ، فَخَرَجَتْ بِعَبْدٍ لَهَا رُومِيٍّ فَأَرَادَهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَلَمْ تَزَلْ تُمَنِّيهِ وَتُقَرِّبُ لَهُ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَى نَاسٍ مِنْ عَكٍّ1 فَاسْتَغَاثَتْهُمْ عَلَيْهِ فَأَوْثَقُوهُ، فَأَدْرَكَتْ زَوْجَهَا بِبَعْضِ تِهَامَةَ وَقَدْ رَكِبَ فِي السَّفِينَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ فِيهَا نَادَى بِاللاتِ وَالْعُزَّى. فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ: لا يَجُوزُ هَهُنَا مِنْ دُعَاءٍ بِشَيْءٍ إِلا اللَّهَ وَحْدَهُ مُخْلِصًا، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللَّهِ لئن كان في البحر، إنه لفي البر وحده، وأقسم بِاللَّهِ لأَرْجِعَنَّ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَرَجَعَ عِكْرِمَةُ مَعَ امْرَأَتِهِ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَايَعَهُ، وَقَبِلَ مِنْهُ. وَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَلامَتْهُ وَعَيَّرَتْهُ بِالْفِرَارِ، فَقَالَ: وَأَنْتِ لَوْ رَأَيْتِنَا بِالْخَنْدَمَهْ ... إِذْ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَهْ قَدْ لَحِقَتْهُمُ السُّيُوفُ الْمُسلِمَهْ ... يَقْطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ لَمْ تَنْطِقِي فِي اللوم أدنى كلمه   1 عك: قبيلة من قبائل اليمن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 وَكَانَ دُخُولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ. وَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ صَفْوَانَ فِيمَا زَعَمُوا مِائَةَ دِرْعٍ وَأَدَاتِهَا، وَكَانَ أَكْثَرَ شَيْءٍ سِلاحًا. وَأَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: مَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي عَشَرَةِ آلافٍ. فَسَبَّعَتْ سُلَيْمٌ1، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَلَّفَتْ سُلَيْمٌ2، وَأَلَّفَتْ مُزَيْنَةُ. وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَعْضِ الطَّرِيقِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: لَقِيَهُ بِالْجُحْفَةِ3 مُهَاجِرًا بِعِيَالِهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عبد المطلب، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة؛ قَدْ لَقِيَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَبْقِ الْعُقَابِ -فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ- فَالْتَمَسَا الدُّخُولَ عَلَيْهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فِيهِمَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ عَمِّكَ وَابْنُ عَمَّتِكَ وَصِهْرُكَ. قَالَ: "لا حَاجَةَ لِي بِهِمَا، أما ابن عمي فهتك عِرْضِي، وَأَمَّا ابْنُ عَمَّتِي فَهُوَ الَّذِي قَالَ لِي بِمَكَّةَ مَا قَالَ". فَلَمَّا بَلَغَهُمَا قَوْلُهُ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ لَتَأْذَنَنَّ لِي أَوْ لآخُذَنَّ بِيَدِ بُنَيَّ هَذَا ثُمَّ لَنَذْهَبَنَّ فِي الأَرْضِ حَتَّى نَمُوتَ عَطَشًا وَجُوعًا. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَقَّ لَهُمَا، وَأَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلا وَأَسْلَمَا وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً ... لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللاتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ لَكَالْمُدْلِجِ4 الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ ... فَهَذَا أَوَانِي حِينَ أُهْدِي وَأَهْتَدِي هَدَانِي هَادٍ غَيْرُ نَفْسِي وَنَالَنِي ... إِلَى اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ أَصُدُّ وَأَنْأَى جَاهِدًا عَنْ مُحَمَّدٍ ... وَأُدْعَى وَإِنْ لَمْ أَنْتَسِبْ مِن مُحَمَّدِ فَذَكَرُوا أَنَّهُ حِينَ أَنْشَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ ضَرَبَ فِي صَدْرِهِ وقال: "أنت طردتني كل مطرد" 5.   1 يعني كانوا سبعمائة. 2 يعني كانوا ألفًا. 3 موضع بين مكة والمدينة. 4 المدلج: السير ليلا. 5 "إسناده جيد": أخرجه الحاكم "3/ 43، 44" من حديث ابن عباس، وصححه، ووافقه الذهبي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 وقال سعيد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا لِغَزْوَةِ فَتْحِ مَكَّةَ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُوَّامًا. فَلَمَّا كُنَّا بِالْكَدِيدِ، أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْفِطْرِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَامَ فِي مَخْرَجِهِ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ فَأَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وهو يتغدى فَقَالَ: "الْغَدَاءُ" فَقَالَا: إِنَّا صَائِمَانِ، فَقَالَ: "اعْمَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ، ارْحَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ، كُلا، كُلا". مُرْسَلٌ وَقَوْلُهُ: هذا مقدار بِالْقَوْلِ يَعْنِي يُقَالُ هَذَا لِكَوْنِكُمَا صَائِمَيْنِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةِ، فَسَارَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، يَصُومُ وَيَصُومُونَ. حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ؛ وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ؛ فَأَفْطَرَ، وَأَفْطَرَ النَّاسُ. قَالَ الزُّهْرِيّ: وَكَانَ الْفِطْرُ آخر الأمرين, وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَصَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ لِثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ. أَخْرَجَهُ خ وَم دُونَ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ2. وَكَذَا وَرَّخَهُ يُونُسُ3 عَنِ الزُّهْرِيِّ. وقال عَبْد اللَّه بْن إدريس، عَنِ ابن إِسْحَاق، عَنِ ابن شهاب، ومحمد بْن عليَّ بن الحسين، وعمرو بْن شُعَيْب، وعاصم بْن عُمَر وغيرهم قَالُوا: كَانَ فتح مكة فِي عشر بقين من رمضان. وقال الواقديّ: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الأربعاء لعشر خَلَوْن من رمضان بعد العصر. فما حلّ عقْده حتى انتهى إلى الصُلْصُل. وخرج المسلمون وقادوا الخيل وامتطوا الإبل، وكانوا عشرة آلاف.   1 في "المغازي" "5/ 90". 2 أخرجه البخاري في "المغازي". 3 ورخه: بمعنى أرخ أي حدد تاريخه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 وذكر عُرْوَةُ وموسى بْن عُقْبة أنّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج فِي اثني عشر ألفًا. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَهُ الْعَبَّاسُ بِأَبِي سُفْيَانَ فَأَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ الْفَخْرَ، فَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا؟ قَالَ: "نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ". زَادَ فِيهِ الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَمَا تَسَعُ دَارِي؟ قَالَ: "مَنْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَهُوَ آمِنٌ" قَالَ: وَمَا تَسَعُ الْكَعْبَةُ؟ قَالَ: "مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ". قَالَ: وَمَا يَسَعُ الْمَسْجِدُ؟ قَالَ: "مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ". فَقَالَ: هَذِهِ وَاسِعَةٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، قَالَ الْعَبَّاسُ وَقَدْ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ: يَا صَبَاحَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ بَغَتَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ عَنْوَةً، إِنَّهُ لَهَلاكُ قُرَيْشٍ آخِرَ الدَّهْرِ. فَجَلَسَ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْبَيْضَاءِ، وَقَالَ أَخْرُجُ إِلَى الأَرَاكِ لَعَلِّي أَرَى حُطَّابًا أَوْ صَاحِبَ لَبَنٍ، أَوْ دَاخِلا يَدْخُلُ مَكَّةَ. فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَأْتُوهُ فَيَسْتَأْمِنُوهُ، فَخَرَجْتُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَطُوفُ بِالأَرَاكِ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ أَبِي سُفْيَانَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ وَقَدْ خَرَجُوا يَتَجَسَّسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ نِيرَانًا، فَقَالَ بُدَيْلٌ: هَذِهِ نِيرَانُ خُزَاعَةَ حَمَشَتْهَا الْحَرْبُ1، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: خزاعة ألأم من ذلك وأذل. فعرف صَوْتَهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَنْظَلَةَ، فَقَالَ: أَبُو الْفَضْلِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: لَبَّيْكَ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، مَا وَرَاءَكَ؟ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فِي النَّاسِ قَدْ دَلَفَ إِلَيْكُمْ بِمَا لا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ فِي عَشَرَةِ آلافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: فَكَيْفَ الْحِيلَةُ؟ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي. فَقُلْتُ: تَرْكَبُ فِي عَجُزِ هَذِهِ الْبَغْلَةِ، فَأَسْتَأْمِنُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَئِنْ ظَفِرَ بِكَ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. فَرَدَفَنِي فَخَرَجْتُ أَرْكُضُ بِهِ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا مَرَرْتُ بِنَارٍ مِنْ نِيرَانِ الْمُسْلِمِينَ نَظَرُوا إِلَيَّ وَقَالُوا: عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَتَّى مَرَرْتُ بِنَارِ عُمَرَ فَقَالَ لأَبِي سُفْيَانَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمْكَنَ مِنْكَ بِغَيْرِ عَهْدٍ وَلا عَقْدٍ. ثُمَّ اشْتَدَّ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَكَضَتِ الْبَغْلَةُ حَتَّى اقْتَحَمَتْ بَابَ الْقُبَّةِ وَسَبَقَتْ عُمَرَ بِمَا تَسْبِقُ بِهِ الدَّابَّةُ الْبَطِيئَةُ الرَّجُلَ البطيء.   1 حمشتها الحرب: أي هيجتهم الحرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 وَدَخَلَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ عَدُوُّ اللَّهِ، قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عَهْدٍ وَلا عَقْدٍ، فَدَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أمَّنْتُهُ. ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا يُنَاجِيهِ اللَّيْلَةَ أَحَدٌ دُونِي. فَلَمَّا أَكْثَرَ فِيهِ عُمَرُ، قُلْتُ: مَهْلا يَا عُمَرُ، فَوَاللَّهِ مَا تَصْنَعُ هَذَا إِلا لأَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. وَلَوْ كَانَ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ مَا قُلْتَ هَذَا. فَقَالَ: مَهْلا يَا عَبَّاسُ، فَوَاللَّهِ لإِسْلامُكَ يَوْمَ أَسْلَمْتَ كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم. وما ذاك إلا لأني قد عرفت أن إسلامك كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ إِسْلامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذْهَبْ بِهِ فَقَدْ آمَنَّاهُ، حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَيَّ الْغَدَاةَ". فَرَجَعَ بِهِ الْعَبَّاسُ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"؟ فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا أَوْصَلَكَ وَأَكْرَمَكَ، وَاللَّهِ ظَنَنْتُ أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ اللَّهِ غَيْرُهُ لَقَدْ أَغْنَى شَيْئًا بَعْدُ. فَقَالَ: "وَيْحَكَ أَوَ لَمْ يَأْنِ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"؟ قَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا أَوْصَلَكَ وَأَكْرَمَكَ، أَمَّا هَذِهِ فَإِنَّ فِي النَّفْسِ مِنْهَا شَيْئًا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: فَقُلْتُ: وَيْلَكَ تَشَهَّدْ شَهَادَةَ الْحَقِّ قَبْلَ -وَاللَّهِ- أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُكَ. فَتَشَهَّدَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ تَشَهَّدَ: "انْصَرِفْ بِهِ يَا عَبَّاسُ فَاحْبِسْهُ عِنْدَ حَطْمِ الْجَبَلِ بِمَضِيقِ الْوَادِي، حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْهِ جُنُودُ اللَّهِ". فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ الْفَخْرَ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا يَكُونُ لَهُ فِي قَوْمِكَ فَقَالَ: "نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ". فَخَرَجْتُ بِهِ حَتَّى حبسته عند حطم الْجَبَلِ بِمَضِيقِ الْوَادِي. فَمَرَّتْ عَلَيْهِ الْقَبَائِلُ، فَيَقُولُ: مَن هَؤُلاءِ يَا عَبَّاسُ؟ فَأَقُولُ: سُلَيْمٌ. فَيَقُولُ: مَا لِي وَلسُلَيْمٍ. وَتَمُرُّ بِهِ الْقَبِيلَةُ فَيَقُولُ: من هذه؟ فأقول: أَسْلَمُ. فَيَقُولُ: مَا لِي وَلأَسْلَمَ. وَتَمُرُّ جُهَيْنَةُ. حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فِي الْحَدِيدِ، لا يُرَى مِنْهُمْ إِلا الْحَدَقُ. فَقَالَ يَا أَبَا الْفَضْلِ، مَنْ هَؤُلاءِ؟ فَقُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ عَظِيمًا. فَقُلْتُ: وَيْحَكَ، إِنَّهَا النُّبُوَّةُ. قَالَ: فَنَعَمْ إِذَنْ. قُلْتُ: الْحَقِ الآنَ بِقَوْمِكَ فَحَذِّرْهُمْ. فَخَرَجَ سَرِيعًا حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ، فَصَرَخَ فِي الْمَسْجِدِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؛ هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ جَاءَكُمْ بِمَا لا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ. فَقَالُوا: فَمَهْ؟ قَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 فَقَالُوا: وَمَا دَارُكَ، وَمَا تُغْنِي عَنَّا؟ قَالَ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ دَارَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ آمِنٌ. هَكَذَا رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْصُولا، وَأَمَّا أَبُو أيوب السختياني فأرسله. وقد رواه ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ عُرْوَةُ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ؛ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَهُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُرَكِّزَ الرَّايَةَ. قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ. وَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ كُدًى، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلانِ: حُبَيْشُ بْنُ الْأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ1. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُ: أَخْفَى اللَّهُ تَعَالَى مَسِيرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ، حَتَّى نَزَلَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ. وَفِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: "لِمَ قَاتَلْتَ، وَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنِ الْقِتَالِ"؟ قَالَ: هُمْ بَدَءُونَا بِالْقِتَالِ وَوَضَعُوا فِينَا السِّلَاحَ وَأَشْعَرُونَا بِالنَّبْلِ، وَقَدْ كَفَفْتُ يَدَيْ مَا اسْتَطَعْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ". ويقال: قَالَ أَبُو بَكْر يومئذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أراني فِي المنام وأراك دَنَوْنا من مكة، فخرجتْ إلينا كلْبةٌ تهرّ. فلمّا دنونا منها استلْقَتْ عَلَى ظهرها، فإذا هِيَ تشخبُ لَبَنًا2. فقال: "ذهبَ كلْبُهم وأقبل درُّهُم، وهم سائلوكم بأرحامكم وإنّكم لاقون بعضَهم، فإنْ لقيتم أَبَا سُفْيَان فلا تقتلوه". فلقوا أَبَا سُفْيَان وحكيمًا بمرّ الظَّهْران. وقال حسّان: عدِمْتُ بُنَيَّتي إنْ لم تروها ... تُثِير النقع موعدها كداء ينازعن الأعنة مصحبات ... يلطمهن بالخمر النساء   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 91، 92" باب: أين ركز النبي -صلى الله عليه وسلم- الراية يوم الفتح. 2 تشخب لبنا: أي: تحلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 فإن أعرضتم عنا اعتمرنا ... وكان الفتح وانكشف الغطاءُ وإلّا فاصْبِروا لجلاد يومٍ ... يُعِزّ اللَّه فِيهِ مَن يشاءُ وجبريلُ رَسُول اللَّهِ فينا ... وَرُوحُ القدُسِ ليس لَهُ كفاءُ هجوتَ محمَّدًا فأجبتُ عَنْهُ ... وعندَ اللَّه فِي ذاك الجزاءُ فمن يهجو رَسُول اللَّهِ منكم ... ويمدحهُ وينصرُهُ سَوَاءُ لساني صارمٌ لا عيبَ فِيهِ ... وبحري ما تُكَدِّرُهُ الدِّلاءُ فذكروا أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تبسّم إلى أَبِي بَكْر حين رَأَى النّساء يلطمن الخيل بالخُمُر؛ أي ينفضن الغُبار عَنِ الخيل. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "اهجوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ". وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: "اهْجُهُمْ". فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أُرْسِلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ. فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: "قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ" 1. ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ فَرْيَ الْأَدِيمِ2. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا، حَتَّى يُخَلِّصَ لِي نَسَبِي". فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَخْلَصَ لِي نَسَبُكَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرةُ مِنَ الْعَجِينِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ لِحَسَّانَ: "إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يزال يؤيدك ما نافحت عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ". وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى". وَذَكَرَ الْأَبْيَاتَ، وَزَادَ فِيهَا: هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللَّهِ شِيمتُهُ الْوَفَاءُ فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَه وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ فإنْ أَعْرَضْتُمُ عَنَّا اعْتَمَرْنا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وانكشف الغطاء   1 الذنب: ذيل الحيوان. "المعجم الوجيز" "247". 2 لأفرينهم فري الأديم: أي لأمزقن أعراضهم تمزيق الجلد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 وَقَالَ اللَّهُ قَدِ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ وَقَال اللَّهُ قَدْ سَيَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ ... سِبابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَغَيْرُهُ: نَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: وَفَدْنا إِلَى مُعَاوِيَةَ وَمَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَكَانَ بَعْضُنَا يَصْنَعُ لِبَعْضٍ الطَّعَامَ. وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّنْ يَصْنَعُ لَنَا فَيُكْثِرُ، فَيَدْعُو إِلَى رَحْلِهِ. قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتُ بِطَعَامٍ فَصُنِعَ وَدَعَوْتُهُمْ إِلَى رَحْلِي، فَفَعَلْتُ. وَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْعَشِيِّ فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ. فَقَالَ: سَبَقْتَنِي يَا أَخَا الْأَنْصَارِ. قَالَ: فَإِنَّهُمْ لَعِنْدِي إِذْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟ فَذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ. وَقَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ2، وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحَسْرِ. ثُمَّ رَآنِي فَقَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ وَلَا تَأْتِنِي إِلَّا بِأَنْصَارِيٍّ". قَالَ: فَفَعَلْتُهُ. ثُمَّ قَالَ: "انْظُرُوا قُرَيْشًا وَأَوْبَاشَهُمْ فَاحْصُدُوهْم حَصْدًا". فَانْطَلَقْنَا فما أحد منهم يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا، وَمَا مِنَّا أَحَدٌ يُرِيدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَخَذَهُ. وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ". فَأَلْقَوْا سِلَاحَهُمْ. وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَدَأَ بِالْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ جَاءَ وَمَعَهُ الْقَوْسُ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَتِهَا، فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِهَا فِي عَيْنِ صَنَمٍ مِنْ أَصْنَامِهِمْ، وَهُوَ يَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] . ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى الصَّفَا، فَعَلَا مِنْهُ حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ، وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُوهُ، وَالْأَنْصَارُ عِنْدَهُ يَقُولُونَ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ ورأفة   1 في "صحيحه" "2490" كتاب: فضائل الصحابة. 2 المجنبة من الجيش: مقدمته وجناحه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 بِعَشِيرَتِهِ. وَجَاءَ الْوَحْيُ، وَكَانَ الْوَحْيُ إِذَا جَاءَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا. فَلَمَّا أَنْ رَفَعَ الْوَحْيُ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، كَلَّا فَمَا اسْمِي إِذًا؟ كَلَّا، إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ". فَأَقْبَلُوا يَبْكُونَ وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ. فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيُعْذِرَانِكُمْ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَعِنْدَهُ: "كَلَّا إني عبد الله ورسوله، وهاجرت إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ". وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى الْإِذْنِ بِالْقَتْلِ قَبْلَ عَقْدِ الْأَمَانِ. وَقَالَ سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا قُتِلَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَّا أَرْبَعَةٌ. ثُمَّ دَخَلَ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ السَّيْفَ لَا يُرْفَعُ عَنْهُمْ. ثُمَّ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْكَعْبَةَ فَأَخَذَ بِعُضَادَتَيِ الْبَابِ فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ وَمَا تَصْنَعُونَ"؟ قَالُوا: نَقُولُ ابْنُ أَخٍ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٌ رَحِيمٌ. فَقَالَ: "أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفَ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} " [يوسف: 92] . قَالَ: فَخَرَجُوا كَمَا نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ. فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ. وقال عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ: دَخَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الفتح من كَداء من أعلى مكَّة. وقال عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر قال: لما دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفتح رَأَى النّساء يَلْطُمْنَ وجوهَ الخيل بالخُمُر، فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أَبِي بَكْر وقال: "كيف قَالَ حسان"؟ فأنشده أَبُو بَكْر: عدِمْتُ بُنَيَّتِي إنْ لم تروها ... تُثِير النَّقْعَ من كنفي كَدَاء يُنَازِعْنَ الأعنَّةَ مُسْرجات ... يَلْطمُهُنّ بالخُمُر النّساء فقال: "ادخلوها من حيث قَالَ حسّان". وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا وَضَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: هَذَا ابْنُ خَطَلَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ: "اقْتُلُوهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.   1 في "صحيحه" "14780" كتاب: "الجهاد والسير". 2 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 92"، ومسلم "1375" كتاب الحج، وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أهدر دم ابن خَطَلَ وثلاثة غيره. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ يَوْمَ أَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتَ الْأَسْتَارِ. فَضَرَبَ عُنُقَهُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ. ثُمَّ قَالَ: "لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ بَعْدَهَا صَبْرًا". وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَفِي مُسْنَدِ الطيَّالِسيِّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وَقَالَ مُسَاوِرٌ الْوَرَّاقُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ خُرْقَانِيَّةٌ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ أَبْيَضَ، وَرَايَتُهُ سَوْدَاءَ؛ قِطْعَةٌ مِنْ مِرْطٍ لِي مُرَجَّلٌ، وَكَانَتِ الرَّايَةُ تُسَمَّى الْعُقَابُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: لَمَّا نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذي طَوَى وَرَأَى مَا أكرمه اللَّه بِهِ من الفتح جعل يتواضع لله حتّى إنّك لتَقُول قد كاد عُثْنُونُه أنَّ يُصيب واسطةَ الرَّحْلِ. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ وَذَقْنُهُ عَلَى رَحْلِهِ مُتَخَشِّعًا. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ سُورَةَ الْفَتْحِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ، فَرَجَّعَ فِيهَا. ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. متفق عليه، ولفظه للبخاري3.   1 في "صحيحه" "1358" كتاب الحج. 2 في "صحيحه" "1359" كتاب الحج. 3 أخرجه البخاري "5/ 92" كتاب الحج، ومسلم في "صحيحه" "794" كتاب صلاة المسافرين وقصرها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49] ، {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَوْمَ الْفَتْحِ، وَعَلَى الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةِ صَنَمٍ، فَأَخَذَ قَضِيبَهُ فَجَعَلَ يَهْوِي بِهِ إِلَى صَنَمٍ صَنَمٍ، وَهُوَ يَهْوِي حَتَّى مَرَّ عَلَيْهَا كُلِّهَا. حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ -هو ضَعِيفٌ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا دخل مكة وجد بها ثلاثمائة وَسِتِّينَ صَنَمًا. فَأَشَارَ إِلَى كُلِّ صَنَمٍ بِعَصًا مِنْ غَيْرَ أَنْ يَمَسَّهَا. وَقَالَ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ، فَكَانَ لَا يُشِيرُ إِلَى صَنَمٍ إِلَّا سَقَطَ2. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الْآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ. فَأَخْرَجَ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَفِي أَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ، فَقَالَ: "قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ". وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْهُ حَتَّى أمر بها فحميت. وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ بِأَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ، فَقَالَ: "قَاتَلَهُمُ الله، والله ما استقسما بها قط". صحيح. وقال أبو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ حَتَّى مُحِيَتِ الصُّوَرُ. صَحِيحٌ. وَقَالَ هَوْذَةُ: ثنا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ، شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ فَأَعْطَاهُ الْمِفْتَاحَ، وَقَالَ لَهُ: دُونَكَ هَذَا، فَأَنْتَ أَمِينُ اللَّهِ عَلَى بَيْتِهِ.   1 أخرجه البخاري في المظالم والغصب "3/ 108"، ومسلم "1781" في الجهاد والسير. 2 ضعيف: وقد أشار المصنف إلى ضعفه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا غَلَطٌ، إِنَّمَا أَعْطَى الْمِفْتَاحَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ؛ ابْنَ عَمِّ شَيْبَةَ؛ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَشَيْبَةُ يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ. وَلَمْ يَزَلْ عُثْمَانُ عَلَى الْبَيْتِ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ وُلِّيَ شَيْبَةُ. قُلْتُ: قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ لَمْ يَزَلْ عُثْمَانُ عَلَى الْبَيْتِ حَتَّى مَاتَ، فِيهِ نَظَرٌ. فَإِنْ أَرَادَ لَمْ يَزَلْ مُنْفَرِدًا بِالْحِجَابَةِ، فَلا نُسَلِّمُ. وَإِنْ أَرَادَ مُشَارِكًا لِشَيْبَةَ، فَقَرِيبٌ. فَإِنَّ شَيْبَةَ كَانَ حَاجِبًا فِي خِلافَةِ عُمَرَ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفَّى الْحِجَابَةِ لِشَيْبَةَ لَمَّا أَسْلَمَ. وَكَانَ إِسْلامُهُ عَامَ الْفَتْحِ، لا يَوْمَ الْفَتْحِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ، أنا أَبُو بِشْرٍ, عَنْ مُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكَعْبَةَ فَصلَّى، فَإِذَا فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَقَالَ: يَا شَيْبَةُ، اكْفِنِي هَذِهِ. فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: طَيِّنْهَا ثُمَّ الْطَخْهَا بِزَعْفَرَانَ. فَفَعَلَ. تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ مُقَارِبٌ لِلأَمْرِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْبَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُرْدِفًا أُسَامَةَ، وَمَعَهُ بِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، مِنَ الْحَجَبَةِ، حَتَّى أَنَاخَ فِي الْمَسْجِدِ, فَأَمَرَ عُثْمَانَ أَنْ يَأْتِي بِمِفْتَاحِ الْبَيْتِ، فَفَتَحَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ أُسَامَةَ وَبِلَالٍ وَعُثْمَانَ, فَمَكَثَ فِيهَا نَهَارًا طَوِيلًا, ثُمَّ خَرَجَ فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلَالًا وَرَاءَ الْبَابِ، فَسَأَلَهُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فأشار إلي الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ: كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ. صَحِيحٌ. عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ مُحْتَجًّا بِهِ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ: لَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بمكة، طاف على بعيره، ويستلم الحجر بالمحجن, ثم دخل الْكَعْبَةِ -وَأَنَا أَنْظُرُ- فَرَمَى بِهَا. وَذَكَرَ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ، إِلا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ: "اقْتُلُوهُمْ، وإن   1 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 93"، وأحمد في "المسند" "6/ 15". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ: عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ، وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ". فَأَمَّا ابْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالأَسْتَارِ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا، فَقَتَلَهُ. وَأَمَّا مِقْيَسٌ فَقَتَلُوهُ فِي السُّوقِ. وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ، وَذَكَرَ قِصَّتَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ. وَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَاخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ عُثْمَانُ حَتَّى أَوْقَفَهُ على النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلاثٍ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: "أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا, حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ، فَيَقْتُلُهُ"؟. قَالُوا: مَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا فِي نَفْسِكَ، هَلا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: "إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِنَبِيٍّ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ" 1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْر، قَالَ: قدِم مِقْيس بْن صُبابة عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة، وقد أظهر الإِسلامَ، يطلُب بِدَمِ أخيه هِشام. وكان قتله رجلٌ من المسلمين يَوْم بني المُصْطَلِق ولا يحسبه إلّا مُشْرِكًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما قُتِل أخوك خطأ". وأمرَ لَهُ بديَته، فأخذها، فمَكَث مَعَ المسلمين شيئًا، ثمّ عَدَا عَلَى قاتل أخيه فقتله، ولحِق بمكة كافرًا. فأمر رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفتح- بقَتْله، فقتله رجلٌ من قومه يقال لَهُ نُمَيْلَة بْن عَبْد اللَّه؛ بين الصَّفَا والمَرْوَة. وحدّثني عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر، وأبو عُبَيْدة بْن مُحَمَّد بْن عمّار: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما أمر بقتل ابن أَبِي سَرْح لأنه كَانَ قد أسلم، وكتب لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الوَحْيَ. فرجع مُشْرِكًا ولَحِق بمكة. قَالَ ابن إِسْحَاق: وإنّما أمر بقتل عَبْد اللَّه بْن خَطَلَ؛ أحد بني تَيْم بْن غَالب؛ لأنه كَانَ مسلمًا، فبعثه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُصَدِّقًا2، وبعث معه رجلًا من الأنصار، وكان معه مَوْلًى يخدمه وكان مسلمًا. فنزل منزلًا، فأمر الموْلى أنَّ يذبح تيسًا ويصنع له   1 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "2683" في "الجهاد"، وقال الشيخ الإلباني في "صحيح سنن أبي داود" "2334": صحيح. 2 مصدقًا: أي جابيًا للصدقات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 طعامًا، ونام فاستيقظ ولم يصنع لَهُ شيئًا فقتله وَارْتَدَّ. وكان لَهُ قَيْنَة وصاحبتُها تغنّيان بهجاء رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر بقتلهما معه, وكان ممّن يؤذي رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، جَاءَتْ عَجُوزٌ حَبَشِيَّةٌ شَمْطَاءُ تَخْمِشُ وَجْهَهَا وَتَدْعُو بِالْوَيْلِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَأَيْنا كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: "تِلْكَ نَائِلَةُ أَيِسَتْ أَنْ تُعْبَدَ بِبَلَدِكُمْ هَذَا أَبَدًا". كَأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكٍ؛ هُوَ ابْنُ بَرْصَاءَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الفتح يَقُولُ: "لَا تُغْزَى مَكَّةَ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى نَخْلَةٍ، وَكَانَتْ بِهَا الْعُزَّى. فَأَتَاهَا خَالِدٌ وَكَانَتْ عَلَى ثَلاثِ سَمُرَاتٍ. فَقَطَعَ السَّمُرَاتِ وَهَدَمَ الْبَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا, ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: "ارْجِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا". فَرَجَعَ خَالِدٌ, فَلَمَّا نظرت إليه السدنة؛ وهم حجابها؛ أمعنوا فِي الْجَبَلِ وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا عُزَّى خَبِّلِيهِ، يَا عُزَّى عَوِّرِيهِ، وَإِلا فَمُوتِي بِرَغْمٍ. فَأَتَاهَا خَالِدٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا تَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا. فَعَمَّمَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: "تِلْكَ الْعُزَّى". أَبُو الطُّفَيْلِ لَهُ رُؤْيَةٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ، أَمَرَ بِلالا فَعَلا عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، فَأَذَّنَ عَلَيْهَا. فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ سَعِيدًا إِذْ قَبَضَهُ قَبْلَ أَنْ يَرَى هَذَا الأَسْوَدَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ. وَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلالا يَوْمَ الْفَتْحِ فَأَذَّنَ عَلَى الْكَعْبَةِ1. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ: أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَتْهُ؛ لَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ فَرَّ إِلَيْهَا رجلان من بني مخزوم، فأجارتهما.   1 مرسل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 قَالَتْ: فَدَخَلَ عليَّ عليٌّ فَقَالَ: أَقْتُلُهُمَا. فَأَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا رَآنِي رَحَّبَ فَقَالَ: "مَا جَاءَ بِكِ يَا أُمِّ هَانِئٍ"؟ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! كُنْتُ قَدْ أَمَّنْتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَحْمَائِي فَأَرَادَ عَلِيٌّ قَتْلَهُمَا. فَقَالَ: "قَدْ أَجَرنْا مَنْ أَجَرْتِ". ثُمَّ قَامَ إِلَى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ, ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبًا فَالْتَحَفَ بِهِ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِي رَكَعَاتٍ؛ سُبْحَةَ الضُّحَى. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَبْعَث الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ، أُحَدِّثُ قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ, سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ؛ أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، وَلَا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدُ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ, وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ, فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ". فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَاذَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟ قَالَ: قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِذَاكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ: "الْحَمْدُ لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ, أَلا إِنَّ قَتِيلَ الْعَمْدِ الْخَطَإِ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا, أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأَثُرةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَدَمٍ وَمَالٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِدَانَةِ الْبَيْتِ وَسِقَايَةِ الْحَاجِّ، فَقَدْ أَمْضَيْتُهَا لِأَهْلِهَا". ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قال: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ عَامَ الْفَتْحِ، ثُمَّ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ! أَلَا إِنَّهُ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَزِيدُهُ إِلَّا شِدَّةً, وَالْمُؤْمِنُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أقصاهم، يرد سراياهم على   1 في "صحيحه" "1/ 182، 183" كتاب صلاة المسافرين. 2 الخربة: البلية. 3 أخرجه البخاري في العلم "6/ 176، 177"، ومسلم "1354" في الحج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 قَعِيدَتِهِمْ, لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافرٍ, دِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ, لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ, وَلَا تُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ إِلَّا فِي دُورِهِمْ". وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْزِلُنَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِذَا فَتَحَ اللَّهُ، الْخَيْفُ؛ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ أَبُو الأَزْهَرِ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شرحبيل الأنباري، أنا ابن جريج، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ الأَسْوَدَ حَضَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُبَايِعُ النَّاسَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَجَلَسَ عِنْدَ قَرْنِ مستقلة، فَجَاءَهُ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلامِ وَالشَّهَادَةِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَا طُوًى، قَالَ أَبُو قُحَافَةَ لابْنَةٍ لَهُ كَانَتْ مِنْ أَصْغَرِ وَلَدِهِ: أَيْ بُنَيَّةُ! أَشْرِفِي بِي عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ. وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ, فَأَشَرَفَتْ بِهِ عَلَيْهِ, فَقَالَ: مَاذَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَى سَوَادًا مُجْتَمِعًا، وَأَرَى رَجُلا يَشْتَدُّ بَيْنَ ذَلِكَ السَّوَادِ مُقْبِلا وَمُدْبِرًا. فَقَالَ: تِلْكَ الْخَيْلُ يَا بُنَيَّةُ، وَذَلِكَ الرَّجُلُ الْوَازِعُ. ثُمَّ قَالَ: مَاذَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَى السَّوَادَ انْتَشَرَ. فَقَالَ: فَقَدْ وَاللَّهِ إِذَنْ دُفِعَتِ الْخَيْلُ، فَأَسْرِعِي بِي إِلَى بَيْتِي. فَخَرَجَتْ سَرِيعًا، حَتَّى إِذَا هَبَطَتْ بِهِ الأَبْطَحَ، لَقِيَتْهَا الْخَيْلُ، وَفِي عُنُقِهَا طَوْقٌ لَهَا مِنْ ورق، فاقتطعه إنسان من عنقها, فلما دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: "هَلا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَجِيئَهُ"؟ فَقَالَ: يَمْشِي هُوَ إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقَّ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَيْهِ. فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ وَقَالَ: "أَسْلِمْ تَسْلَمْ". فَأَسْلَمَ, ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِيَدِ أُخْتِهِ فَقَالَ: أَنْشُدُ بِاللَّهِ وَالإِسْلامِ طَوْقَ أُخْتِي. فَوَاللَّهِ مَا أَجَابَهُ أَحَدٌ, ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ, فَقَالَ: يَا أُخَيَّةُ، احْتَسِبِي طَوْقَكِ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الأَمَانَةَ الْيَوْمَ فِي النَّاسِ لَقَلِيلٌ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عُمَرَ أَخَذَ بِيَدِ أَبِي قُحَافَةَ فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "غَيِّرُوا هَذَا الشَّيْبَ وَلَا تُقَرِّبُوهُ سَوَادًا" 2. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَنَّأَ أَبَا بَكْرٍ بِإِسْلامِ أبيه. مرسل.   1 في "المغازي" "5/ 92". والخيف: الوادي. 2 أخرجه ابن حبان في الموارد "1700" بنحوه، وابن إسحاق في "المغازي" بسند صحيح رجاله ثقات، وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 وقال مالك، عَنِ ابن شهاب: أَنَّهُ بلغه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى عهده نساء يُسْلِمْن بأَرْضِهنّ، منهنّ ابْنَة الوليد بْن المُغِيرة، وكانت تحت صَفْوان بْن أمية، فأسلمت يوم الفتح وهرب صفوان. فبعث إِلَيْهِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ عمّه عُمَيْر بْن وهب برداء رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمانًا لصفوان، ودعاه إلى الإسلام، وأن يَقْدَم عَلَيْهِ، فإنْ رَضِي أمرًا قَبِله، وإلا سَيَّره شهرين. فقدم فنادى على رءوس النّاس: يا مُحَمَّد! هذا عُمير بن وهب جاءني بردائك وزعم أنّك دعوتني إلى القدوم عليك، فإنّ رضيتُ أمرًا قبلته، وإلّا سيَّرتَني شهرين. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انزِلْ أَبَا وهب"! فقال: لا والله، لا أنزل حتّى تبيّن لي. فقال: "بل لك تَسْيِير أربعة أشهر". فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِبَل هَوازِن، فأرسل إلى صفوان يستعيره أداةً وسلاحًا. فقال صفوان: أَطَوْعًا أو كَرْهًا؟ فقال: "بلْ طوعًا". فأعاره الأداة والسلاح, وخرج مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو كافر، فشهد حنينًا والطائف، وهو كافر وامرأته مسلمة. فلم يفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهما حتّى أسلم، واستقرّت عنده بذلك النِّكاح, وكان بين إسلامهما نَحْوٌ من شهر1. وكانت أمّ حكيم بِنْت الحارث بْن هشام تحت عِكْرِمة بْن أَبِي جهل، فأسلمت يوم الفتح، وهرب عكرمة حتى قدم اليمن. فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن ودعته إلى الإسلام فأسلم، وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلمّا رآه وثب فرحًا بِهِ، ورمى عَلَيْهِ رداءه حتّى بايعه. فثبتا عَلَى نكاحهما ذَلِكَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن يزيد الهُذَليّ، عَنْ أَبِي حُصَيْن الهُذليّ قَالَ: اسْتَقْرَض رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ صفوان بْن أمية خمسين ألف درهم، ومن عَبْد اللَّه بْن أَبِي ربيعة أربعين ألفًا، ومن حُوَيْطِب بْن عَبْد العُزَّى أربعين ألفًا، فقسمها بين أصحابه من أهُل الضَّعْف. ومن ذلك المال بعث إلى جذيمة. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ هِنْدًا بِنْتَ عُتْبةَ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ أَخْباءٍ، أَوْ خباء أحب إلي أن يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ اليوم على ظهر الأرض أهل خباء   1 أخرجه مالك في "الموطأ" "2/ 75، 76"، وهو من بلاغات مالك التي لا يعلم اتصاله من وجه صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَيْضًا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ". قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ -أَوْ قَالَتْ: مِسِّيكٌ- فَهَلْ عَلِيَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ؟ قَالَ: "لَا، بِالْمَعْروُفِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَأَخْرَجَاهُ، مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَعِنْدَهُ: فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالُنَا. قَالَ: "لَا عَلَيْكَ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ". وَقَالَ الْفِرْيَابِيُّ: ثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَى أَبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي وَالنَّاسُ يَطَئُونَ عَقِبَهُ, فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: لَوْ عَاوَدت هَذَا الرَّجُل القتالَ. فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى ضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِهِ، فَقَالَ: "إِذًا يُخْزِيكَ اللَّهُ". قَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. وَرَوَى نَحْوَهُ، مُرْسلا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ دَخَلَ النَّاسُ مَكَّةَ، لَمْ يَزَالُوا فِي تَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ وَطَوَافٍ بِالْبَيْتِ حَتَّى أَصْبَحُوا. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِهِنْدٍ: أَتَرِي هَذَا مِنَ اللَّهِ؟ ثُمَّ أَصْبَحَ فَغَدا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ له: "قُلْتَ لِهِنْدٍ: أَتَرِي هَذَا مِنَ اللَّهِ؟ نَعَمْ، هَذَا مِنَ اللَّهِ". فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ, وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ أَبُو سُفْيَانَ مَا سَمِعَ قَوْلِي هَذَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلا اللَّهُ وَهِنْدٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ: سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا. صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعَةً، فَإِنَّا سَفْرٌ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. عَلَيٌّ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابن إسحاق، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُبَيْد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ يقصر الصلاة.   1 في "مناقب الأنصار" "4/ 232"، ومسلم "1339" في الأقضية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 ثُمَّ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَمَاعَةٍ، مِثْلَ هَذَا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الأَصَحُّ رِوَايَةً ابْنُ الْمُبَارَكِ الَّتِي اعْتَمَدَهَا الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِي رَمَضَانَ بُعِثَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى الْعُزَّى، فَهَدَمَهَا, وَبُعِثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى سُوَاعٍ فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ صَنَمُ هُذَيْلٍ، فَهَدَمَهُ. وَقَالَ قُلْتُ لِلسَّادِن: كَيْفَ رَأَيْتَ؟ قَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ. قَالَ: وَفِي رَمَضَانَ بُعِثَ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ الأَشْهَلِيُّ إِلَى مَنَاةَ، وَكَانَتْ بِالْمُشَلَّلِ، لِلأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَغَسَّانَ, فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعد بن زيد الأَشْهَلِيَّ فِي عِشْرِينَ فَارِسًا حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهَا, وَتَخْرُجُ إِلَى سَعْدٍ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ عُرْيَانَةٌ ثَائِرَةُ الرَّأْسِ تَدْعُو بِالْوَيْلِ، فَقَالَ لَهَا السَّادِنُ: مَناةُ، دُونَكِ بَعْضَ غَضَبَاتِكَ. وَسَعْدٌ يَضْرِبُهَا، فَقَتَلَهَا, وَأَقْبَلَ إِلَى الصَّنَمِ، فَهَدَمُوهُ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ. وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَال رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِنِ اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". قَالَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: "إِنِّي وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ، وَالنَّاسُ حَيِّزٌ، لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ". فَحَدَّثْتُ بِهِ مَرْوَانَ ابن الْحَكَمِ؟ وَكَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ؟ فَقَالَ: كَذَبَتْ. وَعِنْدَهُ زيد بن ثابت، ورافع ابن خَدِيجٍ، وَكَانَا مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ. فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَيْنِ لَوْ شَاءَا لَحَدَّثَاكَ، وَلَكِنَّ هَذَا؛ يَعْنِي زَيْدًا؛ يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ، وَالْآخَرُ يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنْ عَرَافَةِ قَوْمِهِ. قَالَ: فَشَدَّ عَلَيْهِ بِالدِّرَّةِ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ قَالَا: صَدَقَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو قِلابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ حَيٌّ، أَلا تَلْقَاهُ فَتَسْمَعُ مِنْهُ؟ فَلَقِيتُ عَمْرًا فَحَدَّثَنِي بِالْحَدِيثِ، قَالَ: كُنَّا بِمَمَرِّ النَّاسِ، فَتَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا هَذَا الأَمْرُ؟ وَمَا لِلنَّاسِ؟ فَيَقُولُونَ: نَبِيٌّ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَرْسَلَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إليه كذا وكذا.   1 أخرجه البخاري في كتاب: "الجهاد والسير" "3/ 200"، ومسلم "1353/ 85" في الإمارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلامِهَا الْفَتْحَ، وَيَقُولُونَ: أَنْظِرُوهُ، فَإِنْ ظَهَرَ فَهُوَ نَبِيٌّ فَصَدِّقُوهُ, فَلَمَّا كَانَ وَقْعَةُ الْفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلامِهِمْ, فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلامِ حِوَائِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقام عنده كذا وكذا، قال: ثم أقبل فلما دنا منا تلقيناه فلما رأيناه قال جئتكم والله من عند رسول الله حقًّا, ثم قال: إنه يأمركم بكذا وكذا وينهاكم عن كذا وكذا وأن تصلوا صلاة كذا وكذا, وإذا حضرت الصلاة فليؤذن أَحَدُكُمْ، وَلَيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. فَنَظَرُوا فِي أَهْلِ حوائنا فلم يجدوا أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي فَقَدَّمُونِي، وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، أَوْ سِتِّ سِنِينَ. فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ، فَإِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ بُرْدَةٌ عَلَيَّ. تَقُولُ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ: غَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ هَذَا. قَالَ: فَكُسِيتُ معقدةً مِنْ معقدِ1 الْبَحْرَيْنِ بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ أَوْ سَبْعَةٍ، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ كَفَرَحِي بِذَلِكَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عنه2.   1 المعقد: ضرب من برود هجر. 2 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 95، 96"، وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 غزوة بني جذيمة : قَالَ ابن إِسْحَاق: وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السرايا فيما حول مكة يدعون إلى اللَّه تعالى، ولم يأمرهم بقتالٍ. فكان ممّن بعث، خَالِد بْن الوليد، وأمره أنَّ يسير بأسفل تِهامة داعيًا، ولم يبعثه مقاتلا. فوطئ بني جَذِيمة بن عامر بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنَانة، فأصاب منهم. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلى رجل -أَحْسَبُهُ قَالَ- بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ. فَلَمْ يُحْسِنُوا أنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا، صَبَأْنَا. وَجَعَل خَالِدٌ يَأْمُرُ بِهِمْ قَتْلا وأسرًا، ودلع إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرًا, حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ يَوْمًا أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ, فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَقُلْتُ وَاللَّهِ لا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ. قَالَ: فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذُكِرَ لَهُ صَنِيعُ خَالِدٍ. فَقَالَ؛ وَرَفَعَ يَدَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ". مَرَّتَيْنِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِبَنِي جَذِيمَةَ، وَهُمْ عَلَى مَائِهِمْ، وَكَانُوا قَدْ أَصَابُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ عمه الفاكه بن   1 في "المغازي" "5/ 107"، وأحمد في "المسند" "2/ 151". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 الْمُغِيرَةِ، وَوَالِدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَأَمَرَ خَالِدٌ بِرِجَالٍ مِنْهُمْ فَأُسِرُوا وَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا عَمِلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ". ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا فَقَالَ: "اخْرُجْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَأَدِّ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَاجْعَلْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيْكَ". فَخَرَجَ عَلِيٌّ، وَقَدْ أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَالًا، فَوَدَى لَهُمْ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُعْطِيهُمْ ثَمَنَ مِيلَغَةِ الْكَلْبِ. فَبَقِيَ مَعَ عَلِيٍّ بَقِيَّةٌ مِنْ مَالٍ، فَقَالَ: أَعْطِيكُمْ هَذَا احْتِياطًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا لَا يَعْلَمُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيمَا لَا تَعْلَمُونَ. فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ. ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأخبره الخبر فَقَالَ: "أَحْسَنْتَ وَأَصَبْتَ". وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْخَيْلِ الَّتِي أَصَابَ فِيهَا خَالِدٌ بَنِي جَذِيمَةَ، إِذَا فَتًى مِنْهُمْ مَجْمُوعَةٌ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ بِرُمَّةٍ -يَقُولُ: بِحَبْلٍ- فَقَالَ: يَا فَتَى! هَلْ أَنْتَ آخِذٌ بِهَذِهِ الرُّمَّة فَمُقَدِّمِي إِلَى هَذِهِ النِّسْوَةِ، حَتَّى أَقْضِيَ إِلَيْهِنَّ حَاجَةً، ثُمَّ تَصْنَعُونَ بِي مَا بَدَا لَكُمْ، فَقُلْتُ: لَيَسِيرٌ مَا سَأَلْتَ. ثُمَّ أَخَذْتُ بِرُمَّتِهِ فَقَدَّمْتُهُ إِلَيْهِنَّ، فَقَالَ: اسْلَمِي حُبَيْشٌ، عَلَى نَفَدِ الْعَيْشِ. ثُمَّ قَالَ: أَرَيْتَكِ إِنْ طَالَبْتُكُمْ فَوَجَدْتُكُمْ ... بِحَلْيَةَ أَوْ أَدْرَكْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ أَلَمْ يَكُ حَقًّا أَنْ يُنَوَّلَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إِدْلاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ1 فَلا ذَنْبَ لِي قَدْ قُلْتُ إِذْ أَهْلُنَا مَعًا ... أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ إِحْدَى الصَّفَائِقِ2 أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ أَنْ تَشْحَطَ النَّوَى ... وَيَنْأَى الأَمِيرُ بِالْحَبِيبِ الْمُفَارِقِ فَإِنِّيَ لا سِرًّا لَدَيَّ أَضَعْتُهُ ... وَلا رَاقَ عَيْنِي بَعْدَ وَجْهِكِ رَائِقُ عَلَى أَنَّ مَا بِي لِلْعَشِيرَةِ شَاغِلٌ ... عَنِ اللَّهْوِ إِلا أَنْ تَكُونَ بَوائِقُ3 فَقَالَتْ: وَأَنْتَ حُيِّيتَ عَشْرًا، وَسَبْعًا وِتْرًا، وَثَمَانِيًا تَتْرَى. ثُمَّ قَدَّمْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنَا أَبُو فِرَاسٍ الأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَدْ شَهِدُوا هَذَا مَعَ خَالِدٍ؛ قالوا: فلما قُتِلَ قَامَتْ إِلَيْهِ، فَمَا زَالَتْ تَرْشُفُهُ حَتَّى ماتت عليه.   1 الودائق: شدة الحر. 2 الصفائق: جمع صفقة خاسرة أو رابحة. 3 البوائق: الداهية تنزل بالقوم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 غزوَة حُنَين: قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حدثني عاصم بن عمر، عن عَبْد اللَّه بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ. وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ حَدِيثِ حُنَيْنٍ1، حِينَ سَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَارُوا إِلَيْهِ. فَبَعْضُهُمْ يُحَدِّثُ بِمَا لا يُحَدِّثُ بِهِ بَعْضٌ. وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما فَرَغَ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ، جَمَعَ عَوْفُ بْنُ مالك النصري بني نصر وبني جشم وبني سعد بن بكر، وأوزاعًا من بني هلال؛ وهم قليل؛ وناسًا من بني عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، وَعَوْفِ بْنِ عَامِرٍ، وَأَوْعَبَتْ مَعَهُ ثَقِيفُ الأَحْلافِ، وَبَنُو مَالِكٍ. ثُمَّ سَارَ بهم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَاقَ مَعَهُ الأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأَبْنَاءَ. فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيَّ، فَقَالَ: "اذْهَبْ فَادْخُلْ فِي الْقَوْمِ حَتَّى تَعْلَمَ لَنَا مِنْ عِلْمِهِمْ". فَدَخَلَ فِيهِمْ، فَمَكَثَ فِيهِمْ يَوْمًا أَوِ اثْنَيْنِ, ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: "أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ"؟ فَقَالَ عُمَرُ: كَذِبَ. فَقَالَ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَذَّبْتَنِي يَا عُمَرُ لَرُبَّمَا كَذَّبْتَ بِالْحَقِّ. فَقَالَ عُمَرُ: أَلا تَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ؟ فَقَالَ: "قَدْ كُنْتَ يَا عُمَرُ ضَالا فَهَدَاكَ اللَّهُ". ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ؛ فَسَأَلَهُ أَدْرَاعًا عِنْدَهُ؛ مِائَةَ دِرْعٍ، وَمَا يُصْلِحُهَا مِنْ عُدَّتِهَا. فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: "بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ". ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَائِرًا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثنا الزُّهْرِيُّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حُنَيْنٍ فِي أَلْفَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَعَشَرَةِ آلافٍ كَانُوا مَعَهُ، فَسَارَ بِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ. وَبِالإِسْنَادِ الأَوَّلِ: أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ أَقْبَلَ فِيمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ جَمَعَ مِنْ قَبَائِلِ قَيْسٍ وَثَقِيفٍ، وَمَعَهُ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ؛ شَيْخٌ كَبِيرٌ فِي شِجَارٍ2 لَهُ يُقَادُ به، حتى نزل الناس   1 حنين: واد قريب من مكة. 2 الشجار: هودج صغير يكفي شخصًا واحدًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 بِأَوْطَاسٍ1. فَقَالَ دُرَيْدٌ حِينَ نُزُلوِهَا فَسَمِعَ رُغَاءَ البعير ونهيق الحمير ويعار الشاء وبكاء الصغير: بِأَيِّ وَادٍ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: بِأَوْطَاسٍ. فَقَالَ: نِعْمَ مَجَالُ الْخَيْلِ؛ لا حَزْنٌ ضَرِسٌ، وَلا سَهْلٌ دهس. ما لِي أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِيرِ وَبُكَاءَ الصَّغِيرِ وَيُعَارَ الشَّاءِ؟ قَالُوا: سَاقَ مَالِكٌ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ فَدُعِيَ مَالِكٌ. فَقَالَ: يَا مَالِكُ، إِنَّكَ أَصْبَحْتَ رَئِيسَ قَوْمِكَ، وَإِنَّ هذا يوم كائن له ما بَعْدَهُ مِنَ الأَيَّامِ، فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَسُوقَ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ خَلْفَ كُلِّ رَجُلٍ أَهْلَهُ وَمَالَهُ لِيُقَاتِلَ عَنْهُمْ. فَأَنْقَضَ بِهِ2 دُرَيْدٌ وَقَالَ: رَاعِي ضَأْنٍ وَاللَّهِ؛ وَهَلْ يَرُدُّ وَجْهَ الْمُنْهَزِمِ شَيْءٌ؟ إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ لَكَ لَمْ يَنْفَعْكَ إِلا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ فُضِحْتَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ. فَارْفَعِ الأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ إِلَى عُليا قَوْمِهِمْ وَمُمْتَنِعِ بِلادِهِمْ. ثُمَّ قَالَ دُرَيْدٌ: وَمَا فَعَلَتْ كَعْبٌ وَكِلابٌ؟ فَقَالُوا: لَمْ يَحْضُرْهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ: غَابَ الْحَدُّ وَالْجَدُّ، فَمَنْ حَضَرَهَا؟ قَالُوا: عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، وَعَوْفُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ: ذَانِكَ الْجَذَعَانِ3 لا يَضُرَّانِ وَلا يَنْفَعَانِ. فَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ لِدُرَيْدٍ فِيهَا رَأْيٌ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَكبِرَ عِلْمُكَ، وَاللَّهِ لَتُطِيعَنَّنِي يَا مَعْشَرَ هَوَازِنَ، أَوْ لأَتْكِئَنَّ عَلَى هَذَا السَّيْفِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي. فَقَالُوا: أَطَعْنَاكَ. ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ لِلنَّاسِ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاكْسِرُوا جُفُونُ سُيُوفِكُمْ، ثُمَّ شُدُّوا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ مَكَّةَ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لا نُغْلَبُ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ. فَانْتَهَوْا إِلَى حُنَيْنٍ، لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ. وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ بِالتَّعْبِئَةِ وَوَضَعَ الأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ فِي أَهْلِهَا. وَرَكِبَ بَغْلَتَهُ وَلَبِسَ دِرْعَيْنِ وَالْمِغْفَرَ وَالْبَيْضَةَ, فَاسْتَقْبَلَهُمْ مِنْ هَوَازِنَ شَيْءٌ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ مِنَ السَّوَادِ وَالْكَثْرَةِ، وَذَلِكَ فِي غَبَشِ الصُّبْحِ, وَخَرَجَتِ الْكَتَائِبُ مِنْ مَضِيقِ الْوَادِي وَشِعْبِهِ, فحملوا حملة واحدة، فانكشفت خيل بني سليم مولية، وتبعهم أهل مكة، وتبعهم الناس.   1 أوطاس: واد في ديار هوازن. 2 أنقض به: نقر بلسانه في فيه ثم صوت في حافيته. 3 الجذعان: مثنى جذع، وهو الشاب الحدث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَا أَنْصَارَ اللَّهِ، وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ". وَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ: عَمُّهُ الْعَبَّاسُ؛ وَابْنُهُ الْفَضْلُ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَخُوهُ رَبِيعَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. وقال يونس، عَنِ ابن إِسْحَاق، حدّثني أُمَيّة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ، أَنَّهُ حُدِّث أنّ مالك بْن عَوْفُ بعث عُيونًا، فأتوه وقد تقطّعت أَوْصالهم. فقال: ويلكم، ما شأنكم؟ فقالوا: أتانا رجالٌ بِيضٌ عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ1، فَوَالله ما تماسَكْنا أنَّ أَصابنا ما ترى. فما ردَّه ذَلِكَ عَنْ وجهه أَن مضى عَلَى ما يريد. منقطع. وعن الربيع بْن أَنَس، أنّ رجلًا قَالَ: لن نُغَلب من قلّة. فشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونزلت: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25] . وَقَالَ معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، سَمِعَ أَبَا سَلامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي السَّلُولِيُّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حُنَيْنٍ، فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ حَتَّى كَانَ عَشِيَّةً، فَحَضَرْتُ صَلاةَ الظُّهْرِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَ فَارِسٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا فَإِذْ أَنَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، بِظُعُنِهِمْ وَنَعَمِهِمْ وَشَائِهِمْ، اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". ثُمَّ قَالَ: "مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ"؟ قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ: أَنَا يا رسول الله. قال: " فاركب". فركب فَرَسًا لَهُ، وَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: "اسْتقبِلْ هَذَا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نغرن مِنْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ". فَلَمَّا أَصْبَحْنَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مُصَلاهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: "أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ"؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لا. فَثُوِّبَ بِالصَّلاةِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي وَيَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ، حَتَّى إِذَا قَضَى صَلاتَهُ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَبْشِرْوا، فَقَدْ جَاءَ فَارِسُكُمْ". فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلالِ الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أصبحت اطلعت الشعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدًا، فقال له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ"؟ قَالَ: لا، إِلا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيَ حَاجَةٍ. فقال   1 بلق: فيها سواد وبياض. "المعجم الوجيز" "62". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَوْجَبْتَ، فَلا عَلَيْكَ أَنْ لا تَعْمَلَ بَعْدَهَا". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ1. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ بِمَنْ مَعَهُ إِلَى حُنَيْنٍ، فَسَبَقَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهَا، فَأَعَدُّوا وَتَهَيَّئُوا في مضايق الوادي وأحناثه. وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، فَانْحَطَّ بِهِمْ فِي الْوَادِي فِي عَمَايَةِ الصبح, فلما انحط النَّاسُ ثَارَتْ فِي وُجُوهِهِمُ الْخَيْلُ فَشَدَّت عَلَيْهِمْ، وَانْكَفَأَ النَّاسُ مُنْهَزِمِينَ لا يُقْبِلُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ, وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ الْيَمِينِ يَقُولُ: "أَيُّهَا النَّاسُ! هَلُمُّوا، إِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله". فلا ينثني أَحَدٌ. وَرَكِبَتِ الإِبِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا, فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر النَّاسِ، وَمَعُه رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَرَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ بِحَكَمَةِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَثَبَت مَعَهُ عَلِيٌّ، وَأَبُو سُفْيَانَ، وَرَبِيعَةُ؛ ابْنَا الْحَارِثِ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةُ، وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أحمر بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ أَمَامَ هَوَازِنَ، إِذَا أَدْرَكَ النَّاسَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ رُمْحَهُ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَيَتْبَعُوهُ, فَلَمَّا انْهَزَمَ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ جفاة أهل مكة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضعن. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: لا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبُحُورِ, وَإِنَّ الأَزْلامَ لَمَعَهُ فِي كِنَانَتِهِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَارَ أَبُو سُفْيَانَ إلى حنين، وإنه ليظهر الإسلام، وإن الأَزْلامُ الَّتِي يَسْتَقْسِمُ بِهَا فِي كِنَانَتِهِ. قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْدَرِيُّ: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي -وَكَانَ أَبُوهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ- الْيَوْمَ أَقْتُلُ مُحَمَّدًا. قَالَ: فَأَدَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ لأَقْتُلَهُ، فَأقْبَلَ شَيْءٌ حَتَّى تَغَشَّى فُؤَادِي، فَلَمْ أُطِقْ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ. وَحَدَّثَنِي عَاصِمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ رَأَى مِنَ النَّاسِ مَا رَأَى قَالَ: "يَا عَبَّاسُ، اصْرُخْ: يَا مَعْشرَ الأنصار، يا أصحاب السمرة"!   1 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "2501" كتاب الجهاد، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2183": صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 فَأَجَابُوهُ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ. فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَذْهَبُ لِيَعْطِفَ بَعِيرَهُ، فَلا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَقْذِفُ درعه من عنقه، ويوم الصَّوْتَ، حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُمْ مِائَةٌ, فَاسْتَعْرَضُوا النَّاسَ، فَاقْتَتَلُوا, وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ أَوَّلَ مَا كَانَتْ لِلأَنْصَارِ، ثُمَّ جُعِلَتْ آخِرًا بِالْخَزْرَجِ، وَكَانُوا صُبُرًا عِنْدَ الرحب، وَأَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَكَائِبِهِ؛ فَنَظَرَ إِلَى مُجْتَلَدِ الْقَوْمِ فَقَالَ: "الآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ" 1. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ إِلا وَالأُسَارَى عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَتلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، وَانْهَزَمَ مَنِ انْهَزَمَ مِنْهُمْ، وَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ. وَقَالَ ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ، فَخَرَجَ مَعَهُ أَهْلُ مَكَّةَ، لَمْ يَتَغَادَرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، رُكْبَانًا وَمُشَاةً؛ حَتَّى خَرَجَ النِّسَاءُ مُشَاةً؛ يَنْظُرُونَ وَيَرْجُونَ الْغَنَائِمَ، وَلَا يَكْرَهُونَ الصَّدْمَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ: جَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ كُلَّمَا سَقَطَ تُرْسٌ أَوْ سَيْفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، نَادَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْطُونِيهِ أَحْمِلْهُ، حَتَّى أَوْقَرَ جَمَلَهُ". قَالا: فَلَمَّا أَصْبَحَ الْقَوْمُ، اعْتَزَلَ أَبُو سُفْيَانَ، وَابْنُهُ مُعَاوِيَةُ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَرَاءَ تَلٍّ، يَنْظُرُونَ لِمَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ. وَركِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَقْبَلَ الصُّفُوفَ؛ فَأَمَرَهُمْ، وَحَضَّهُمْ عَلَى الْقِتَالِ. فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ حَمَلَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِمْ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ. فَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ: لَقَدْ حَزَرْتُ مَنْ بَقِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَدْبَرَ النَّاسُ فَقُلْتُ: مِائَةُ رَجُلٍ. وَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى صَفْوَانَ فَقَالَ: أَبْشِرْ بِهَزِيمَةِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَوَاللَّهِ لا يَجْتَبْرُونَهَا أَبَدًا. فَقَالَ: أَتُبَشِّرُنِي بِظُهُورِ الأَعْرَابِ؟ فَوَاللَّهِ لَرَبٌّ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَبًّ مِنَ الأَعْرَابِ. ثُمَّ بَعَثَ غُلامًا لَهُ فَقَالَ: اسْمَعْ لِمَنِ الشِّعَارُ؟ فَجَاءَهُ الْغُلامُ فَقَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: يَا بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، يَا بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: ظَهَرَ مُحَمَّدٌ. وَكَانَ ذَلِكَ شِعَارَهُمْ فِي الْحَرْبِ. وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمّا غَشِيَهُ الْقِتَالُ قَامَ فِي الرِّكَابَيْنِ، وَيَقُولُونَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَدْعُوهُ، يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ لا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَيْنَا". وَنَادَى أَصْحَابَهُ: "يَا أَصْحَابَ الْبَيْعَةِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، اللَّهَ اللَّهَ، الْكَرَّةَ على نبيكم".   1 حمي الوطيس: الضرب في الحرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 وَيُقَالُ قَالَ: "يَا أَنْصَارَ اللَّهِ وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ، يَا بَنِي الْخَزْرَجِ". وَأَمَرَ مَنْ يُنَادِيهِمْ بِذَلِكَ. وَقَبَضَ قَبْضَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ فَحَصَبَ بِهَا وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ، وَنَواصِيَهُمْ كُلَّهَا. وَقَالَ: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ" 1. وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ سِرَاعًا، وَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ. وَفَرَّ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ حَتَّى دَخَلَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي نَاسٍ مِنْ قَوْمِهِ. وَأَسْلَمُ حِينَئذٍ نَاسٌ كثير مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، حِينَ رَأَوْا نَصْرَ اللَّهِ رسوله. مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُقْبَةَ. وَلَيْسَ عِنْدَ عُرْوَةَ قِيَامُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الرِّكابَيْنِ، وَلا قَوْلُهُ: "يَا أَنْصَارَ اللَّهِ". وقال شعبة: عن أبي إسحاق، سمع البراء، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَفِرَّ, إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا رُماةً، فَلَمَّا لَقَيْنَاهُمْ وَحَمَلْنَا عَلَيْهِمْ انْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى الْغَنَائِمِ، فَاسْتُقْبِلُوا بِالسِّهَامِ، فَانْهَزَمَ النَّاسُ, فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَنَا النّبيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. وَفِيهِ: وَلَكِنْ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ كَثِيرُ سلاح، فلقوا قومًا رماة لا يكاد يسقط لهم سهم. وزاد فيه مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: "اللَّهُمَّ نَزِّلْ نَصْرَكَ". قَالَ: وَكُنَّا إِذَا حَمِيَ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَخْبَرَنِي سِيَابَةُ بْنُ عَاصِمٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ حنين: "أنا ابن العواتك" 3.   1 شاهت الوجوه: أي: قبحت. 2 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 98"، ومسلم "78/ 1776" في الجهاد، وغيرهما. 3 العواتك: العاتكة: المرأة المحمرة من الطيب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ: "أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ". وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَزِمْتُهُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ. وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ. فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ. فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ، وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِهَا، أُكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لا تُسْرِعَ، وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْ عَبَّاسُ! نَادِ أَصْحَابَ السمرة". فقال عباس -وكان رجلا صيتًا- فقلت بأعلى صوتي: أي أَصْحَابَ السَّمُرَةِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ، لَكَأَنَّمَا عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي، عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَاهُ، يَا لَبَّيْكَاهُ. فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ، وَالدَّعْوَةُ فِي الأَنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. ثُمَّ قُصِرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ، كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ فَقَالَ: "هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ"، ثُمَّ أَخَذَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ فِي وُجُوهِ الْكُفَّارِ. ثُمَّ قَالَ: "انْهَزِمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ". فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَمَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلا وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ كَثِيرٍ نَحْوَهُ، لَكِنْ قَالَ: فَرْوَةُ بْنُ نُعَامَةَ الْجُذَامِيُّ، وَقَالَ: "انْهَزِمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ". وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: غزونا مع رسول الله حُنَيْنًا، فَلَمَّا وَاجَهْنَا الْعَدُوَّ، تَقَدَّمْتُ فَأَعْلُوا ثَنِيَّةً فَأَسْتَقْبِلُ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ فَأَرْمِيهِ بِسَهْمٍ، وَتَوَارَى عَنِّي، فَمَا دَريْتُ مَا صَنَعَ. ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى الْقَوْمِ، فَإِذَا هُمْ قَدْ طَلَعُوا مِنْ ثَنِيَّةٍ أُخْرَى، فَالْتَقَوْا هُمْ وَالْمُسْلِمُونَ، فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ، فَأَرْجِعُ مُنْهَزِمًا، وَعَلَيَّ بُرْدَتَانِ مُؤْتَزِرًا بِإِحْدَاهُمَا، مُرْتَدِيًا بِالْأُخْرَى. وَمَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْهَزِمًا وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ، فَقَالَ: "لَقَدْ رَأَى ابْنُ الَأَكْوَعِ فَزَعًا". فَلَمَّا غَشَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نزل   1 في "الجهاد والسير" "76/ 1775". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 عَنِ الْبَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ. ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ". فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأَ عينه تُرَابًا مِنْ تِلْكَ الْقَبْضَةِ, فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ, وَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يعلى ين عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُنَيْنٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ أَخَذَ حَفْنةً مِنْ تُرَابٍ، فَحَثَا بِهَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ، وَقَالَ: "شاهت الوجوه". قال يعلى ابن عَطَاءٍ: فَأَخْبَرَنا أَبْنَاؤُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا بَقِيَ مِنَّا أَحَدٌ إِلا امْتَلأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ مِنَ التُّرَابِ, وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً مِنَ السَّمَاءِ كَمَرِّ الْحَدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حُنَيْنٍ، فَوَلَّى عَنْهُ النَّاسُ، وَبَقِيتُ مَعَهُ فِي ثَمَانِينَ رَجُلا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ. قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَغْلَتِهِ يَمْضِي قدمًا، فحادت الْبَغْلَةَ فَمَالَ عَنِ السَّرْجِ، فَشَدَّهُ نَحْوَهُ، فَقُلْتُ: ارْتَفِعْ، رَفَعَكَ اللَّهُ. قَالَ: "نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ تُرَابٍ". فَنَاوَلْتُهُ، فَضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، فَامْتَلأَتْ أَعْيُنُهُمْ ترابًا. قال: "أين المهاجرون والأنصار"؟ قلت: هم هَهُنَا. قَالَ: "اهْتِفْ بِهِمْ". فَهَتَفْتُ بِهِمْ، فَجَاءُوا وَسُيُوفُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ كَأَنَّهُمُ الشُّهُبُ وَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ أَدْبَارَهُمْ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، ثنا عبد الله بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى هَوَازِنَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِثْلُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ فَرَمَى بِهِ وُجُوهَنَا، فانهزمنا. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا عَوْفٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ، عَمَّنْ شَهِدَ حُنَيْنًا كَافِرًا، قَالَ: لَمَّا الْتَقَيْنَا وَالْمُسْلِمُونَ لَمْ يَقُومُوا لَنَا حَلْبَ شَاةٍ، فَجِئْنَا نَهُشُّ سُيُوفَنَا بين يدي رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا غَشِينَاهُ إِذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ رِجَالٌ حِسَانُ الْوُجُوهِ، فَقَالُوا: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، فَارْجِعُوا. فهزمنا من ذلك الكلام. إسناده جيد.   1 في "الجهاد والسير" "81/ 1777". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَغَيْرُهُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حُنَيْنٍ قَدْ عَرِيَ، ذَكَرْتُ أَبِي وَعَمِّي وَقَتْلَ عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ إِيَّاهُمَا. فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي مِنْ مُحَمَّدٍ. فَذَهَبْتُ لأَجِيئَهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِذَا أَنَا بِالْعَبَّاسِ قَائِمٌ، عَلَيْهِ دِرْعٌ بَيْضَاءُ كَأَنَّهَا فِضَّةٌ يَكْشِفُ عَنْهَا الْعَجَاجُ، فَقُلْتُ عَمُّهُ وَلَنْ يَخْذُلَهُ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقُلْتُ: ابْنُ عَمِّهِ وَلَنْ يَخْذُلَهُ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ فَلَمْ يَبْقَ إِلا أَنْ أُسَوِّرَهُ سَوْرَةً بِالسَّيْفِ، إِذْ رُفِعَ لِي شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَأَنَّهُ بَرْقٌ، فَخِفْتُ يَمْحَشُنِي1، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى بَصَرِي وَمَشَيْتُ الْقَهْقَرَى. وَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "يَا شيب! يَا شَيْبُ! ادْنُ مِنِّي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الشَّيْطَانَ". فَرَجَّعْتُ إِلَيْهِ بَصَرِي، فَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي. وَقَالَ: "يَا شَيْبُ! قَاتِلِ الْكُفَّارَ". غَرِيبٌ جِدًّا. وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِسْلامٌ، وَلَكِنْ أَنِفْتُ أَنْ تَظْهَرَ هَوَازِنُ عَلَى قُرَيْشٍ. فَقُلْتُ وَأَنَا وَاقِفٌ مَعَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَرَى خَيْلا بُلْقًا. قَالَ: "يَا شَيْبَةُ، إِنَّهُ لا يَرَاهَا إِلا كَافِرٌ". فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ شَيْبَةَ"؛ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا، حَتَّى مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَبَّ إليَّ مِنْهُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وقال ابن إِسْحَاق: وقال مالك بْن عَوْفُ، يذكر مَسيرهم بعد إسلامه: اذْكُرْ مَسِيرَهُمُ للنَّاس إِذْ جَمَعُوا ... ومَالِكٌ فَوْقَهُ الرايات تختفق ومالك مالِكٌ ما فَوْقَه أحدٌ ... يَوْمَيْ حُنَيْنٍ عَلَيْه التَّاجُ يأْتَلِق حَتَّى لَقُوا النَّاسَ خَيْرَ النَّاسِ يَقْدُمُهُمْ ... عَلَيْهِمُ البَيْضُ والأَبْدَانُ والدَّرَق فضَارَبُوا النَّاسَ حتّى لَمْ يَرَوْا أَحَدًا ... حَوْلَ النَّبِيِّ وَحَتَّى جَنَّهُ الغَسَق حَتَّى تَنَزَّل جِبْريلٌ بِنَصْرِهمُ ... فَالْقَوْمُ مُنْهَزِمٌ مِنْهُمْ وَمُعْتَنَق مِنَّا وَلَوْ غَيْرُ جبريل يقاتلنا ... لمنعتنا إذًا أسيافنا الغلق   1 يمحشني: يحرقني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 وقد وفى عمر الْفَارُوقُ إِذْ هُزِمُوا ... بِطَعْنَةٍ بَلَّ مِنْها سَرْجَهُ العَلَق1 وَقَالَ مَالِكٌ فِي الموطأ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَة، عَنْ أَبِي قَتَادَة، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ. قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ لَهُ فَضَرَبْتُه بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلِيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ, ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي, فَأَدْرَكْتُ عُمَرَ, فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ. ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا, وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَنْ قَتَلَ قَتيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُه". فَقُمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ. ثُمَّ قَالَ: "مَنْ قَتَلَ قتيلا له عليه بينة فله سلبه". فقمت ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي. ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فقمت، فقال: "ما لك يَا أَبَا قَتَادَة"؟ فَاقْتصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَاهَا اللَّهِ ذَا، يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ، فَأَعْطِه إياه". فأعطانيه. فبعث الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ. فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأثَّلْتُهُ2 فِي الْإِسْلَامِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ؛ عَنِ الْقَعْنَبيِّ، وَمُسْلِمٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَلَهُ سَلَبُهُ". فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبُو طَلْحَةَ عِشْرِينَ رَجُلا وَأَخَذَ أَسْلابَهُمْ. صَحِيحٌ3. وَبِهِ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُهُمْ أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ. فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ مسلم4.   1 العلق: الدم الغليظ. 2 تأثلته: جمعته واتخذته لنفسي. 3 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "2718" في "الجهاد"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2361": صحيح. 4 في "الجهاد والسير" "134/ 1809". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 غزوَة أوطَاس: وقال شيخنا الدِّمْيَاطي فِي السِّيرة لَهُ: كَانَ سِيمَا الملائكة يوم حُنَين عمائم حُمْرًا قد أَرْخَوها بين أكتافهم. وقال رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قتل قتيلًا لَهُ عَلَيْهِ بيِّنة فله سلَبه". وأمر بطلب العدوّ. فانتهى بعضهم إلى الطّائف، وبعضهم نحو نَخلة، وَوَجَّه قوم منهم إلى أَوْطاس. فعقد النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي عامر الأَشْعَري لواءً ووجّهه فِي طلبهم، وكان معه سَلَمَةُ بْن الأَكْوَع، فانتهى إلى عَسْكرهم، فإذا هُمْ ممتنعون, فقتل أَبُو عامر منهم تسعةً مُبارزةً, ثمّ برز لَهُ العاشر مُعْلَمًا بعمامة صفراء، فضرب أَبُو عامر منهم تسعةً مُبارزةً, ثمّ برز لَهُ العاشر مُعْلَمًا بعمامة صفراء، فضرب أَبَا عامر فقتله, واسْتَخْلَف أَبُو عامر أَبَا مُوسَى الأشعريّ، فقاتلهم, حتّى فتح اللَّه عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حُنَيْنٍ، بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ، وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ، وَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي جُشَمَ، فَأَثْبَتَهُ فِي رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا عَمِّ، مَنْ رَمَاكَ؟ فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنَّ ذَاكَ قَاتِلِي تَرَاهُ. فَقَصَدْتُ لَهُ، فَاعْتَمَدْتُهُ، فَلَحِقْتُهُ, فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى عَنِّي ذاهبًا، فاتبعته، وجعلت أقول له: ألا تستحيي؟ ألست عربيًّا؟ ألا تثبت؟ فكف، فالتقينا، فاختلفنا ضَرْبَتَيْنِ أَنَا وَهُوَ، فَقَتَلْتُهُ, ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي عَامِرٍ فَقُلْتُ: قَدْ قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ. قال: فانتزع هذا السهم. فنزعته، فنزا منه الماء, فقال: يابن أخي! انْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأقرئه مني السلام، ثم قل له: يستغفر لي. قال: واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يَسِيرًا وَمَاتَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وقال ابن إِسْحَاق: وقُتل يوم حنين من ثقيف سبعون رجلًا تحت رايتهم, وانهزم المشركون، فأتوا الطائف ومعهم مالك بْن عَوْفُ, وعسكر بعضهم بأوطاس، وتوجه بعضهم نحو نَخْلَة, وتَبِعت خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القوم، فأدرك ربيعة بْن رُفَيْع؛ ويقال ابن الدُّغُنَّة؛   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 101، 102"، ومسلم "164/ 2497" في فضائل الصحابة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 دُرَيْد بْن الصِّمَّة؛ فأخذ بخِطام جمله، وهو يظنّ أنّه امْرَأَة، فإذا شيخ كبير ولم يعرفه الغلام. فقال لَهُ دُرَيد: ماذا تريد بي؟ قَالَ: أقتلك. قَالَ: ومن أنت؟ قَالَ: ربيعة بْن رُفيع السُّلَميّ. ثمّ ضربه بسيفه فلم يُغْن شيئًا, فقال: بِئْسَ مَا سَلَّحَتْك أُمُّك, خُذْ سيفي هذا من مُؤَخَّر الرَّحْل، ثمّ اضرب بِهِ، وارفع عَنِ العِظام، واخْفِض عَنِ الدِّمَاغ، فإنّي كذلك كنتُ أضرب الرجال, ثمّ إذا أتبعت أمّك فأَخْبِرْها أنّك قتلتَ دُريد بْن الصّمة، فرُبَّ يومٍ والله قد مَنَعْتُ فِيهِ نِساءَك. فقتله, فقيل: لما ضربه ووقع تَكَشَّف، فإذا عِجَانه وبُطُون فَخِذَيْه أبيض كالقِرْطاس من ركوب الخيل أَعْراء, فلمّا رجع إلى أمّه أخبرها بقتله، فقالت: أَمَا والله لقد أَعْتق أُمَّهاتٍ لك. وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آثار من توجّه إلى أوطاس، أبا عامر الأشعريّ فرُمي بسهمٍ فقُتل, فأخذ الراية أَبُو مُوسَى فهزمهم, وزعموا أن سَلَمَةَ بْن دُرَيْد هُوَ الَّذِي رَمَى أَبَا عامرٍ بسهمٍ. واستُشهد يوم حُنَين: أَيْمَن بْن عُبَيْد، وَلَد أمّ أيمن؛ مَوْلى بني هاشم, ويَزيد بْن زَمَعَة بْن الأسْوَد الأَسَدِيّ القُرَشِيّ, وسُرَاقَة بْن حُباب بْن عَدِيّ العَجْلَانّي الأَنْصاريّ, وأبو عامرٍ عُبَيْد الأَشْعَرِيّ. ثمّ جُمعت الغنائم، فكان عليها مَسْعَود بْن عَمْرو, وإنّما تقَسّم بعد الطَّائف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 غزوة الطائف : فَسَارَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حُنين يريد الطائف فِي شوال, وقدَّم خَالِد بْن الوليد عَلَى مقدّمته, وقد كانت ثقيف رَمُّوا حِصنهم وأدخلوا فِيهِ ما يكفيهم سَنةً، فلمّا انهزموا من أَوْطاس دخلوا الحصن وتهيّئوا للقتال. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ثم سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَلَغَ الطَّائِفَ فَحَاصَرَهُمْ، وَنَادَى مُنَادِيهِ: مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ مِنْ عَبِيدِهِمْ فَهُوَ حُرٌّ, فَاقْتَحَمَ إِلَيْهِ مِنْ حِصْنِهِمْ نَفَرٌ، مِنْهُمْ أَبُو بَكَرَةَ بْنُ مَسْرُوحٍ أَخُو زِيَادٍ مِنْ أَبِيهِ، فَأَعْتَقَهُمْ, وَدَفَعَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لِيَحْمِلَهُ, فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَى عَلَى الْجِعْرَانَةِ. فَقَالَ: "إِنِّي مُعْتَمِرٌ". وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةُ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبراهيم بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى، قَالا: ثُمَّ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الطَّائِفِ، وَتَرَكَ السَّبْيَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَمُلِئَتْ عُرُشُ مَكَّةَ مِنْهُمْ, وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالأَكَمَةِ عِنْدَ حِصْنِ الطَّائِفِ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، يُقَاتِلُهُمْ, وَثَقِيفٌ تَرْمِي بِالنَّبْلِ، وَكَثُرَتِ الْجِرَاحُ، وَقَطَعُوا طَائِفَةً مِنْ أَعْنَابِهِمْ لِيَغِيظُوهُمْ بِهَا, فَقَالَتْ ثَقِيفٌ: لا تُفْسِدُوا الأَمْوَالَ فَإِنَّهَا لَنَا أَوْ لَكُمْ, وَاسْتَأْذَنَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي مُنَاهَضَةِ الْحِصْنِ فَقَالَ: مَا أَرَى أَنْ نَفْتَحَهُ، وَمَا أُذِنَ لَنَا فِيهِ. وَزَادَ عُرْوَةُ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْطَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَمْسَ نَخْلاتٍ أَوْ حَبَلاتٍ مِنْ كُرُومِهِمْ. فَأَتَاهُ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهَا عَفَاءُ لَمْ تُؤْكَلْ ثِمَارُهَا. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوا مَا أُكِلَتْ ثَمَرَتُهُ، الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ. وَبَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي: مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ حُرٌّ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمْ يَشْهَدْ حُنَيْنًا وَلا حِصَارَ الطَّائِفِ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَلا غَيْلانُ بْنُ سَلَمَةَ، كَانَا بِجُرَشَ يَتَعَلَّمَانِ صَنْعَةَ الدَّبَّابَاتِ وَالْمَجَانِيقِ. ثُمَّ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَخْلَةٍ إِلَى الطَّائِفِ، وَابْتَنَى بِهَا مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ, وَقُتِلَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالنَّبْلِ, وَلَمْ يَقْدِرِ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَدْخُلُوا حَائِطَهُمْ، أَغْلَقُوهُ دُونَهُمْ, وَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَمَعَهُ امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِ؛ إِحْدَاهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ, فَلَمَّا أَسْلَمَتْ ثَقِيفٌ بَنَى عَلَى مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ مَسْجِدًا. وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ سَارِيَةٌ لا تَطْلُعُ عَلَيْهَا الشَّمْسُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ؛ فِيمَا يَذْكُرُونَ، إِلا سُمِعَ لَهَا نَقِيضٌ. وَالنَّقِيضُ صَوْتُ الْمَحَامِلِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَنْبَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَاصَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَصْرَ الطَّائِفِ, فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فَلَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ". فَبَلَغْتُ يَوَمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا, وَسَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لَهُ عِدْلُ مُحَرَّرٍ" 1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا، قالت: كان   1 "صحيح": أخرجه الترمذي "1705" في الجهاد، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي" "1337": صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 عِنْدِي مُخَنَّثٌ، فَقَالَ لِأَخِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلَانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بَأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلَهُ فَقَالَ: "لَا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِمَعْنَاهُ1. وقال الواقديّ عَنْ شيوخه، أنّ سَلْمان الفارسي قَالَ لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أرى أنَّ تَنْصِب المَنْجِنيق عَلَى حِصْنهم؟ يعني الطائف؟ فإنّا كُنَّا بأرض فارس نَنْصِبه عَلَى الحصون، فإنْ لم يكن مَنْجنيق طَالَ الثَّواء. فأمره رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعمل منجنيقًا بيده، فنصبه عَلَى حصن الطائف, ويقال: قدِم بالمنجنيق يَزيد بْن زَمعة، ودبَّابَتْين. ويقال: الطُّفَيْلُ بْن عَمْرو قدم بذلك. قال: فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار، فحرقت الدبابة, فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقطع أَعْنابهم وتَحْرِيقها. فنادى سُفْيَان بْن عَبْد اللَّه الثقفي: لم تقطع أموالنا؟ فإنّما هِيَ لنا أو لكم. فتركها. وَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ: أَقْبَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ حَتَّى جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ايذن لِي أَنْ أُكَلِّمَهُمْ، لَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ. فَأَذِنَ لَهُ. فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْحِصْنَ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتُمْ، تَمَسَّكُوا بِمَكَانِكُمْ، وَاللَّهِ لَنَحْنُ أَذَلُّ مِنَ الْعَبِيدِ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ حَدَثَ بِهِ حدث ليملكن الْعَرَبَ عِزًّا وَمَنَعةً، فَتَمَسَّكُوا بِحِصْنِكُمْ. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَاذَا قُلْتَ"؟ قَالَ: دَعَوْتُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَحَذَّرْتُهُمُ النَّارَ وَفَعَلْتُ. فَقَالَ: "كَذَبْتَ، بَلْ قُلْتَ كَذَا وَكَذَا". قَالَ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إلى الله وإليك. أخبرنا محمد بن عبد الْعَزِيزِ الْمُقْرِئُ؛ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَزْمِ، وَحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ الشَّيْبَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعُقَيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الذَّهَبِيُّ, وَآخَرُونَ، قَالُوا: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخَاوِيُّ. ح وَأَنَا عَبْدُ الْمُعْطِي بْنُ عَبْدِ الرحمن بالإسكندرية، أنا عبد الرحمن ابن مَكِّيٍّ. ح وَأَنَا لُؤْلُؤٌ الْمحسني بِمِصْرَ، وَعَلِيُّ بن أحمد، وعلي بن محمد؛ الحنبليان،   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 102"، ومسلم "32/ 2180" في "السلام". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 وَآخَرُونَ، قَالُوا: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سِلْفَةَ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورٍ الْكَرَجِيُّ. وَقَرَأْتُ على سنقر القاضي بِحَلَبَ، أَخْبَركَ عَبْدُ اللَّطِيفُ بْنُ يُوسُفَ. وَسَمِعْتُهُ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ؛ عَلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عِيسَى بْنِ الْمُوَفَّقِ، أَنَا جَدِّي أَبُو مُحَمَّدٍ قُدَامَةُ، وَسَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ حُضُورًا، قَالَا: أَنَا أَبُو زُرَعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السَّاوِيُّ؛ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَا: أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ بِبَغْدَادَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَاصَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْلَ الطَّائِفِ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا. قَالَ: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: أَنَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَحْهُ؟ فَقَالَ لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ غَدًا". فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ. فَقَالَ لهم رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ هَكَذَا. وَعِنْدَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمُسْلِمٍ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2 عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، فَقَالَ؛ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، نا عَمْرٌو، سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الأَعْمَى يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر بْنِ الْخَطَّابِ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِيهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ بِهِ، مَرَّةً أُخْرَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ الْغَلابِيُّ، أَظُنُّهُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الشَّاعِرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ؛ فِي فَتْحِ الطَّائِفِ: الصَّحِيحُ ابْنُ عُمَرَ. قَالَ: وَاسْمُ أَبِي الْعَبَّاسِ: السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ مَوْلَى بني كنانة.   1 في "الجهاد والسير" "82/ 1778". 2 في "المغازي" "5/ 102". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ارْتَحَلَ عَنِ الطَّائِفِ بِأَصْحَابِهِ وَدَعَا حِينَ رَكِبَ قَائِلا: "اللَّهُمَّ اهْدِهِمْ وَاكْفِنَا مُؤْنَتَهُمْ". وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بكر، وعبد اللَّه بْن المكدم، عمّن أدركوا، قَالُوا: حاصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهُل الطائف ثلاثينَ لَيْلةً أو قريبًا من ذَلِكَ. ثمّ انصرف عَنْهُمْ، فقدِم المدينة، فجاءه وفدهم فِي رمضان فأسلموا. وقال ابن إِسْحَاق: واستُشهد مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالطائف: سَعِيد بْن سَعِيد بْن العاص بْن أُمَيّة. وعُرْفُطَة بْن حُبَاب وعبد اللَّه بْن أَبِي بَكْر الصدّيق، رُمي بسهمٍ فمات بالمدينة فِي خلافة أَبِيهِ. وعبد اللَّه بْن أَبِي أُمَيّة بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر بْن مخزوم المخزومي؛ أخو أم سَلَمَةَ. وأمُّه عاتِكَة بِنْت عَبْد المطّلب. وكان يقال لأبي أُمَيّة؛ واسمه حُذَيفة: زَاد الرَّاكب. وكان عَبْد اللَّه شديدًا عَلَى المسلمين، قِيلَ هُوَ الَّذِي قَالَ: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} [الإسراء: 9] وما بعدها. ثمّ أسلم قبل فتح مكة بيسيرٍ، وحَسُن إسلامه. وهو الَّذِي قَالَ لَهُ هِيتُ المُخَنَّث: يا عَبْد اللَّه، إنْ فتح اللَّه عليكم الطائف، فإنّي أدلّك عَلَى ابْنَة غَيْلان؛ الحديث1. وعبد اللَّه بْن عامر بْن رَبِيعة, والسَّائِب بْن الحارث, وأخوه: عَبْد اللَّه, وجُلَيْحَة بْن عَبْد اللَّه. ومن الأنصار: ثابت بن الجَذَع, والحارث بْن سَهْل بْن أَبِي صَعصَعة, والمُنْذِر بْن عَبْد اللَّه, ورُقَيم بْن ثابت. فذلك اثنا عشر رجلًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. ويُروى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استشار نَوفْل بْن معاوية الديلي فِي أهُل الطائف فقال: ثعلب فِي جُحْرٍ، إنْ أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك.   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 102"، ومسلم "32/ 2180" في السلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 قِسْمُ غنَائِمِ حُنَيْنٍ وَغَيْر ذَلِك: قَالَ ابن إِسْحَاق: ثمّ خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى رُحَيْلٍ، حتّى نزل بالناس بالجِعْرَانة. وكان معه من سَبْيِ هَوازن ستة آلاف من الذرّية، ومن الإبل والشَّاء ما لَا يُدْرى عدّته. وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، ثَنَا السِّمْطُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: افْتَتَحْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ إِنَّا غَزَوْنَا حُنَيْنًا، فَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ بِأَحْسَنِ صُفُوفٍ رَأَيْتُ. قَالَ: فَصُفَّ الْخَيْلُ، ثُمَّ صُفَّتِ الْمُقَاتِلَةُ، ثُمَّ صُفَّ النِّسَاءُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، ثُمَّ صُفَّ الْغَنَمُ ثُمَّ صُفَّ النَّعَمُ. قَالَ: وَنَحْنُ بَشَرٌ كَثِيرٌ قَدْ بَلَغْنَا سِتَّةَ آلَافٍ؛ أَظُنُّهُ يُرِيدُ الْأَنْصَارَ. قَالَ: وَعَلَى مُجَنِّبَةِ خَيْلِنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. فَجَعَلَتْ خَيْلُنَا تَلُوذُ خَلْفَ ظُهُورِنَا. فَلَمْ نَلْبَثْ أَنِ انْكَشَفَتْ خَيْلُنَا وَفَرَّتِ الْأَعْرَابُ, فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا للمهاجرين يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، يَا لَلْأَنْصَارِ يَا لَلْأَنْصَارِ". قَالَ أَنَسٌ: هَذَا حَدِيثُ عِمِّيَّةٍ1. قُلْنَا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَتَقَدَّمَ، فَايْمُ اللَّهِ مَا أَتَيْنَاهُمْ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ. قَالَ فَقَبَضْنا ذَلِكَ الْمَالَ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلَى الطَّائِفِ, قَالَ: فَحَاصَرْنَاهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً, ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَكَّةَ وَنَزَلْنَا. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِي الرجل أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَكَّةَ وَنَزَلْنَا, فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِي الرَّجُلَ الْمِائَةَ، وَيُعْطِي الرَّجُلَ الْمِائَةَ, فَتَحَدَّثَتِ الْأَنْصَارُ بَيْنَهُمْ: أَمَّا مَنْ قَاتَلَهُ فَيُعْطِيهِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُقَاتِلْهُ فَلَا يُعْطِيهِ. قَالَ: ثُمَّ أَمَر بِسَرَاةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ -لَمَّا بَلَغَهُ الْحَدِيثُ- أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ, فَدَخَلْنَا الْقُبَّةَ حَتَّى مَلَأْنَاهَا. فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَوْ كَمَا قَالَ- مَا حَدِيثٌ أَتَانِي"؟ قَالُوا: مَا أَتَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "أَمَا تَرْضَوْن أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ وَتَذْهَبُوا بِرَسُولِ اللَّهِ حَتَّى تُدْخِلُوهُ بُيُوتَكُمْ"؟ قَالُوا: رَضِينَا. فَقَالَ: "لَوْ أَخَذَ النَّاسُ شِعْبًا وَأَخَذَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا أَخَذْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ". قَالُوا: رَضِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَارْضَوْا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ؛ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا. فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: إِذَا كَانَتِ الشِّدَّةُ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَيُعْطَى الغنيمة غيرنا.   1 حديث عمية: أي: حدثني به أعمامي. 2 في "الزكاة" "132/ 1059"، وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 قَالَ: فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ وَقَالَ: "أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُوا برسول الله صلى الله عليه وسلم تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ"؟ قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَضِينَا. فَقَالَ: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ شُعَيْبٌ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَهُ، فَطَفِقَ يُعْطِي رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ، يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ: "مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ"؟ فَقَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ: أَمَّا ذَوُو رَأيِنَا فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا. فَقَالَ: "فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ, أَفَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ". قَالُوا: قَدْ رَضِينَا. فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ بَعْدِي أَثَرةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى الْحَوْضِ". قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُتَأَلَّفِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَفِي سَائِرِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الأَنْصَارِ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلا كَثِيرٌ، وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ. وَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَنَسٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ, فَأَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ مِائَةً، وَأَعْطَى صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً, وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِائَةً، وَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً، وَأَعْطَى عَلْقَمَةَ بْنَ عُلاثَةَ مِائَةً، وَأَعْطَى مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ النَّصْرِيَّ مِائَةً، وأعطى العباس بن مرداس دون المائة.   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 105"، ومسلم "135/ 1059" في الزكاة. 2 أخرجه البخاري "4/ 114، 115" كتاب فرض الخمس، ومسلم "132/ 1059" في الزكاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 أتجعل نهبي ونهب العبيـ ... ـد بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلا حَابِسٌ ... يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا تُدْرَإٍ1 ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا ... ومن تضع اليوم لا يرفع فأنشأ العباس يقول: فَأَتَمَّ لَهُ مِائَةً. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2، دُونَ ذِكْرِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَدُونَ الْبَيْتِ الثَّالِثِ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قلوبهم: أبا سفيان، وحكيم بن جزام، وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيَّ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيَّ، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيَّ؛ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِائَةَ نَاقَةٍ. وَأَعْطَى قَيْسَ بْنَ عَدِيٍّ السَّهْمِيَّ خَمْسِينَ نَاقَةً، وَأَعْطَى سَعِيدَ بْنَ يَرْبُوعٍ خَمْسِينَ. فَهَؤُلاءِ مَنْ أَعْطَى مِنْ قُرَيْشٍ. وَأَعْطَى الْعَلاءَ بْنَ حَارِثَةَ مِائَةَ نَاقَةٍ، وَأَعْطَى مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ مِائَةَ نَاقَةٍ، وَرَدَّ إِلَيْهِ أَهْلَهُ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ الْفَزَارِيَّ مِائَةَ نَاقَةٍ، وَأَعْطَى عَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ كِسْوَةً. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ لِلأَنْصَارِ: قَدْ كُنْتُ أُخْبِرُكُمْ أَنَّكُمْ سَتَلُونَ حَرَّهَا وَيَلِيَ بَرْدَهَا غَيْرُكُمْ. فَتَكَلَّمَتِ الأَنْصَارُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَمَّ هَذِهِ الأَثَرَةِ؟ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! أَلَمْ أَجِدْكُمْ مُفْتَرِقِينَ فَجَمَعَكُمُ اللَّهُ، وَضُلالا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ، وَمَخْذُولِينَ فَنَصَرَكُمُ اللَّهُ". ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ تَشَاءُونَ لَقُلْتُمْ ثُمَّ لَصَدَقْتُمْ وَلَصُدِّقْتُمْ: أَلَمْ نَجِدْكَ مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَمُحْتَاجًا فَوَاسَيْنَاكَ". قَالُوا: لا نَقُولُ ذَلِكَ، إِنَّمَا الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنَّصْرُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ, وَلَكِنَّا أَحْبَبْنَا أَنْ نَعْلَمَ فِيمَ هَذِهِ الأَثَرَةُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قوم حديثو   1 المدارأة: المدافعة. 2 في "الزكاة" "137/ 1060". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 عَهْدٍ بِعِزٍّ وَمُلْكٍ، فَأَصَابَتْهُمْ نَكْبَةٌ فَضَعْضَعَتْهُمْ وَلَمْ يَفْقَهُوا كَيْفَ الإِيمَانُ، فَأَتَأَلَّفُهُمْ, حَتَّى إِذَا عَلِمُوا كَيْفَ الإِيمَانُ وَفَقِهُوا فِيهِ عَلَّمْتُهُمْ كَيْفَ الْقَسْمُ وَأَيْنَ مَوْضِعُهُ". وَسَاقَ بَاقِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَاسًا فِي الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى صَارَ كَالصِّرْفِ1، وَقَالَ: "فمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"؟ ثُمَّ قَالَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". فَقُلْتُ: لَا جَرَمَ لَا أَرْفَعُ إِلَيْهِ بَعْدَ هَذَا حَدِيثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ بِالْجِعْرَانَةِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْسِمُ غَنَائِمَ مُنْصَرِفَةً مِنْ حُنَيْنٍ، وَفِي ثَوْبِ بِلَالِ فِضَةٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اعْدِلْ. فَقَالَ: "وَيْلُكَ، وَمَنْ يَعْدِلْ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ؟ لَقَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَكْن أَعْدِلُ". فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ. قَالَ: "مَعاذَ اللَّهِ، أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، إِذْ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. فَقَالَ: "وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إن لم أعدل". فقال عمر: إيذن لِي فِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ. قَالَ: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القرآن لا   1 الصرف: صبغ أحمر يشبه به الدم. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 106"، ومسلم "140/ 1062"، في الزكاة. 3 في "الزكاة" "142/ 1063"، وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ عُرْوَةُ: أخبرني مروان، والمسور بن مخزمة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ. فَقَالَ: "مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ, فَاخْتَارُوا إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْتَظَرَهُمْ تِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ, فَلَمَّا تَبَيَّن لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: إِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ, فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ". فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ. فَقَالَ: "إِنَّا لا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ". فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ, ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبروه الْخَبَرَ بِأَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. أَخْرَجَهُ خ2. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الطَّائِفِ إِلَى الْجِعْرَانَةِ؛ وَبِهَا السَّبْيُ، وَقَدِمَتْ عَلَيْهِ وُفُودُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فِيهِمْ تِسْعَةٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَأسْلَمُوا وَبَايَعُوا, ثُمَّ كَلَّمُوهُ فِيمَنْ أُصِيبَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فِيمَنْ أَصَبْتُمُ الأُمَّهَاتِ وَالأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالاتِ، وَهُنَّ مَخَازِي الأَقْوَامِ, وَنَرْغَبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ. وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَحِيمًا جَوَادًا كَرِيمًا. فَقَالَ: "سَأَطْلُبُ لَكُمْ ذَلِكَ". قَالَ: فِي الْقِصَّةِ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ: أَنَّ سَبْيَ هَوَازِنَ كَانُوا سِتَّةَ آلافٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن   1 في "استتابة المرتدين" "9/ 21, 22". 2 في كتاب "فرض الخمس" "4/ 108, 109"، وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 جَدِّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحُنَيْنٍ، فَلَمَّا أَصَابَ مِنْ هَوَازِنَ مَا أَصَابَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَسَبَايَاهُمْ، أَدْرَكَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ بِالْجِعْرَانَةِ وَقَدْ أَسْلَمُوا, فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ، وَقَدْ أَصَابَنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا، منَّ اللَّهُ عَلَيْكَ. وَقَامَ خَطِيبُهُمْ زُهَيْرُ بْنُ صُرَدٍ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّما فِي الْحَظَائِرِ مِنَ السَّبَايَا خَالَاتُكَ وَعَمَّاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللاتِي كُنَّ يَكْفُلْنَكَ، فَلَوْ أَنَّا مَلَحْنَا لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمْرٍ، أَوِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، ثُمَّ أَصَابَنَا مِنْهُمَا مِثْلُ الَّذِي أَصَابَنَا مِنْكَ، رَجَوْنا عَائِدَتَهُمَا وَعَطْفَهُمَا، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ. ثُمَّ أَنْشَدَهُ أَبْيَاتًا قَالَهَا: امْنُنْ عَلَيْنا رَسُولَ اللَّهِ في كرم ... فإنك المرء نرجوه وندخر امنن على بيضة اعتاقها حَزَنٌ ... مُمَزِّقٌ شَمْلَها فِي دَهْرِها غِيَرُ أَبْقَتْ لَهَا الْحَرْبُ هُتَّافًا عَلَى حَزَنٍ ... عَلَى قُلُوبِهِمُ الْغَمَّاءُ وَالْغَمَرُ إِنْ لَمْ تَدَارَكْهُمُ نَعْمَاءُ تَنْشُرُهَا ... يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... وَإِذْ يُزيِنُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ لَا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ ... وَاسْتَبْقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زُهُرُ إِنَّا لَنَشْكُرُ آلَاءً وَإِنْ كُفِرَتْ ... وَعِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُدَّخرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِسَاؤُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمْ أموالكم"؟ فقالوا: خيرتنا بني أَحْسَابِنَا وَأَمْوَالِنَا، أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا. فَقَالَ: "أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، وَإِذَا أَنَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ فَقُومُوا وَقُولُوا: إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَبِالْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فِي أَبْنَائِنَا وَنِسَائِنَا، سَأُعِينُكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَسْأَلُ لَكُمْ". فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، قَامُوا فَقَالُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَقَالَ: "أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ". فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ. قَالَتِ الْأَنْصَارُ كَذَلِكَ. فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا. فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: بَلْ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو فَزَارَةَ فَلَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَمْسَكَ مِنْكُمْ بِحَقِّهِ فَلَهُ بِكُلِّ إِنْسَانٍ سِتُّ فرائض 1 من أول فيء نصيبه".   1 الفرائض: جمع فريضة؛ وهو البعير المأخوذ في الزكاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 فَردُّوا إِلَى النَّاسِ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ. ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اقْسِم عَلَيْنَا فَيْئَنَا، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى شَجَرَةٍ فَانْتَزَعَتْ عَنْهُ رِدَاءَهُ, فَقَالَ: "رُدُّوا عليَّ رِدَائِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ لَكُمْ عَدَدُ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ مَا لَقِيتُمُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا". ثُمَّ قَامَ إِلَى جَنْبِ بَعِيرٍ وَأَخَذَ مِنْ سَنَامَه وَبَرَةً فَجَعَلَهَا بين إصبعيه وقال: "أيها الناس! والله ما لي مِنْ فَيْئِكُمْ وَلَا هَذِهِ الْوَبَرَةِ إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ, فَأَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِكُبَّةٍ مِنْ خِيُوطِ شَعْرٍ فَقَالَ: أَخَذْتُ هَذِهِ لِأَخِيطَ بِهَا بَرْذَعَةَ بَعِيرٍ لِي دَبِرٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا حَقِّي مِنْهَا فَلَكَ". فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا إِذَا بَلَغَ الْأَمْرُ هَذَا فَلا حَاجَةَ لِي بِهَا. فَرَمَى بِهَا. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ. فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِليَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ: "اذْهَبْ فَاعْتَكِفْ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَعْطَاهُ جَارِيَةً مِنَ الْخُمْسِ, فَلَمَّا أَنْ أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبَايَا النَّاسِ، قَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْجَارِيَةِ فَخَلِّ سَبِيلَهَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وقال ابن إِسْحَاق: حدّثني أَبُو وَجْزَة السعديّ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى من سَبْيِ هوازن عليَّ بْن أَبِي طَالِب جاريةً، وأعطى عثمان وعمر، فوهبها عُمَر لابنه. قَالَ ابن إِسْحَاق: فحدّثني نافع، عَنِ ابن عُمَر، قَالَ: بعثت بجاريتي إلى أخوالي من بني جُمَحٍ ليُصْلِحوا لي منها حتّى أطوف بالبيت ثمّ آتيهم, فخرجت من المسجد فإذا النّاس يشتدّون، فقلت: ما شأَنكم؟ فقالوا: رَدَّ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نساءنا وأبناءنا. فقلت: دُونَكم صاحبتكم فهي فِي بني جُمح, فانْطلَقوا, فأخذوها. قَالَ ابن إِسْحَاق: وحدّثني أَبُو وَجْزة يزيد بْن عُبَيْد: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لوفد هوازن: "ما فَعَل مالك بْن عَوْفُ"؟ قَالُوا: هُوَ بالطائف. فقال: "أخْبِروه أنّه إِنْ أَتَاني مُسْلِمًا رَدَدْتُ إِلَيْهِ أهلَه ومالَه، وأعطيته مائةً من الإبل". فأُتِيَ مالِك بذلك، فخرج إِلَيْهِ من الطائف, وقد كَانَ مالك خاف من ثقيف على   1 في "الإيمان" "28/ 1656". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 نفسه من قول رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأَمر براحلةٍ فهُيِّئت، وأمر بفرسٍ لَهُ فأُتِيَ بِهِ، فخرج ليلًا ولحِق برَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فأدركه بالجِعرانة أو بمكة، فردّ عَلَيْهِ أهله وماله وأعطاه مائةً من الإبل, فقال: ما إِنْ رأيتُ ولا سَمِعتُ بمثلِهِ ... وفي النَّاسِ كلِّهم بمثْلِ مُحَمَّد أَوْفَى وَأَعْطَى لِلْجَزِيلِ إذا اجْتُدِي1 ... وإذا تَشَا يُخْبِرْك عمّا فِي غَد وإذَا الكَتِيبَةُ عَرَّدَتُ أَنْيَابُها2 ... أَمَّ الْعِدَى فيها بكُلِّ مُهَنَّد3 فكَأَنَّه لَيْثٌ لَدى أَشْبَالِهِ ... وَسْطَ المَبَاءَةِ خَادِرٌ فِي مَرْصَد فاستعمله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- على من أسلم من قومه، وتلك القبائل من ثُمَالة وَسَلَمَةَ وفَهْم، كَانَ يقاتل بهم ثقيفًا، لَا يخرج لهم سَرْحٌ إلّا أغار عَلَيْهِ حتّى يصيبه. قَالَ ابن عَسَاكِر: شهد مالك بْن عَوْفُ فَتْح دِمَشق, وله بها دار. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ، أَخْبَرَنِي عَمِّي عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا أَحْمِلُ عُضْوَ الْبَعِيرِ، وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْسِمُ لَحْمًا بِالْجِعْرَانَةِ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ, فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ. وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ هَوَازِنَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: أَنَا أُخْتُكَ شَيْمَاءُ بِنْتُ الْحَارِثِ. قَالَ: "إِنْ تَكُونِي صَادِقَةً فَإِنَّ بِكِ مِنِّي أَثَرًا لَنْ يَبْلَى". قَالَ: فَكَشَفَتْ عَنْ عَضُدِهَا, ثُمَّ قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! حَمَلْتُكَ وَأَنْتَ صَغِيرٌ فَعَضَضْتَنِي هَذِهِ الْعَضَّةَ, فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ ثُمَّ قَالَ: "سَلِي تُعْطَيْ، وَاشْفَعِي تُشَفَّعِي". الحَكَم ضعفه ابن معين.   1 اجتدى: أي طلبت منه الجدا وهو العطاء. 2 عردت أنيابها: قويت واشتدت. 3 مهند: مصنوع من حديد الهند. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 عمرة الجعرانة، قصة كعب بن زهير : عمرة الجعرانة: قَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- اعتمر أربع عمر كلهن في ذي الْقَعْدَةِ، إِلا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةٌ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ -أَوْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ- فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةٌ؛ أَظُنُّهُ قَالَ؛ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ الجعرانة؛ حيث قسم غنائم حنين في ذي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةٌ مَعَ حَجَّتِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وقال مُوسَى بْن عُقْبة، وهو فِي مغازي عُرْوَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهَلَّ بالعُمْرة من الجِعِرّانة فِي ذي القَعدة، فقدِم مكة فقضى عُمْرته. وكان حين خرج إلى حُنين استخلف مُعاذًا عَلَى مكة، وأمره أنَّ يعلّمهم القرآن ويفقّههم فِي الدين, ثمّ صدر إلى المدينة وخلَّف مُعاذًا عَلَى أهُل مكة. وقال ابن إِسْحَاق: ثمّ سَارَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الجعرانة معتمرًا, وأمر ببقايا الْفَيْءِ فحُبِس بمَجَنَّة2, فلمّا فرغ من عُمرته انصرف إلى المدينة، واستخلف عتّاب بْن أَسِيد عَلَى مكة، وخلَّف معه مُعاذًا يفقّه النّاس. قلتُ: ولم يزل عتّاب عَلَى مكة إلى أنْ مات بها يوم وفاة أَبِي بَكْر, وهو عَتّاب بْن أَسِيد بْن أَبِي العِيص بْن أُمَيّة الأمَويّ, فبلغنا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "يا عتّاب، تدرى عَلَى من اسْتَعْمَلْتُك؟ استعملتك عَلَى أهُل اللَّه، ولو أعلم لهم خيرًا منك استعملتُه عليهم". وكان عمره إذ ذاك نَيِّفًا وعشرين سنة، وكان رجلًا صالحًا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أصبتُ فِي عملي هذا بُرْدَيْن مُعَقَّدَيْن كَسَوْتُهما غُلامِي، فلا يقولنّ أَحَدُكُمْ أخَذ مِنّي عتّاب كذا، فقد رزقني رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّ يومٍ دِرْهَميْن، فلا أَشْبَعَ اللَّه بَطْنًا لَا يُشبعه كلَّ يومٍ درهمان. وحجّ النّاس فِي تِلْكَ السنة عَلَى ما كانت العرب تحجّ عَلَيْهِ. قصة كعب بْن زُهَيْر: ولما قدِم رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ مُنْصَرفه، كتب بُجَيْر بْن زُهَيْر؛ يعني إلى أخيه كَعْب بْن زُهَيْر، يخبره أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قتل رجالًا بمكة ممّن كَانَ يَهْجُوه ويُؤذيه، وأنّ من بَقِيَ من شعراء قريش؛ ابن الزِّبَعْرَى، وهُبَيْرة بْن أبي وَهْب، قد هربوا فِي كلّ وجه, فإن كانت لك في نفسك حاجة فطِرْ إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنّه لَا يقتل أحدًا جاءه تائبًا، وإنْ أنت لم تفعلْ فانجُ إلى نجائك من الأرض.   1 أخرجه البخاري في "الحج" "3/ 3" باب: كم اعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "127/ 1253" في الحج وغيرهما. 2 مجنة: بمر الظهران أسفل مكة. "معجم البلدان" "5/ 58". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 وكان كَعْب قد قَالَ: أَلا أَبْلِغَا عَنِّي بجيرا رسالة ... فهل لك فيما قلت ويحك هَلْ لَكَا فَبَيِّنْ لَنَا إِنْ كُنْتَ لَسْتَ بِفاعِلٍ ... عَلَى أَيِّ شَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ دَلَّكَا عَلَى خُلُقٍ لَمْ ألْفِ أُمًّا وَلا أَبًا ... عَلَيْهِ وَمَا تُلْفي عَلَيْهِ أَخًا لَكا فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَلَسْتُ بآسِفٍ ... وَلا قَائِلٍ إِمَّا عَثَرْتَ لَعًا لَكا سَقَاكَ بِهَا المَأْمُونُ كأسًا روية ... فأنهلك المَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكا فلمّا أتيت بُجَيْرًا كَرِه أنَّ يَكْتُمَها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأنشده إيّاها, فقال لما سَمِعَ: سقاك بها المأمون: "صَدَق وإنّه لكّذُوب". ولما سَمِعَ: عَلَى خُلُقٍ لم تلف أُمًّا ولا أبًا عَلَيْهِ. قَالَ: "أجل لم يلف عَلَيْهِ أَبَاهُ ولا أمّه". ثمّ قَالَ بُجير لكعب: مَنْ مُبْلِغٌ كَعْبًا فَهلْ لَكَ فِي التّي ... تَلُومُ عَلَيْها بَاطِلًا وَهْيَ أَحْزَمُ إِلى اللَّه العُزَّى ولا اللات وَحْده ... فَتَنْجُو إذَا كَانَ النَّجَاءُ وتَسْلَم لَدى يَوْمِ لَا يَنْجُو وَلَسْتَ بمُفْلِتٍ ... مِنَ النّاسِ إلّا طَاهِرُ الْقَلْبِ مُسْلِم فَديِن زُهَيْر وَهْوَ لَا شَيْءَ دِينُه ... وَدِينُ أَبي سُلْمَى عَليَّ مُحَرَّم فلمّا بلغ كَعْبًا الكتابُ ضاقت عَلَيْهِ الأرض بما رَحُبت، وأشفق عَلَى نفسه، وأَرْجَف بِهِ من كَانَ فِي حاضِره من عَدوّه فقالوا: هُوَ مَقْتُولٌ. فلمّا لم يجد من شيءٍ بُدًّا, قَالَ قصيدته، وقدم المَدِينَةِ. وقال إِبْرَاهِيم بْن دِيزِيلَ، وغيره: ثنا إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي، ثنا الحجّاج بْن ذي الرُقَيْبَة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن كَعْب بْن زُهَيْر بْن أَبِي سُلْمى المُزَنيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدّه قَالَ: خرج كَعْب وبُجير ابنا زُهَيْر حتّى أَتَيَا أَبْرَق الْعَزَّافِ فقال بُجَير لكعب: اثبت هنا حتّى أتي هذا الرجل فأسمع ما يَقُولُ. قَالَ: فَجَاءَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فأسلم، فبلغ ذَلِكَ كعبًا فقال: ألا أبلغا عني بجيرا رسالة ... فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا سقاك بها المأمون كأسًا رَوِيَّةً ... وَأَنْهَلَكَ المأمونُ منها وعلكا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 ويُروَى: سقاك أَبُو بَكْر بكأس رَويةٍ. فَفَارَقْتَ أَسْبَابَ الْهُدَى وَتَبِعْتَهُ ... عَلَى أيِّ شَيْءٍ وَيْب1 غَيْركَ دلَّكا عَلَى مَذْهَبٍ لم تلفِ أمًّا ولا أبًا ... عَلَيْهِ ولم تعرفْ عَلَيْهِ أخًا لكا فاتّصل الشِعْر بالنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأهْدَر دمه, فكتب بُجَير إِلَيْهِ بذلك، ويقول لَهُ: النَّجاءَ، وما أراك تُفْلِت. ثمّ كتب إِلَيْهِ: اعَلْم أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يأتيه أحد يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ إلّا قَبِلَ ذَلِكَ منه، وأسقط ما كَانَ قبل ذَلِكَ. فأسلم كَعْب، وقال القصيدة التي يمدح فيها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أقبل حتّى أناخ راحلته بباب مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمّ دخل المسجد ورَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ أصحابه مكانَ المائدة من القوم، والقوم متحلِّقون معه حَلْقةً دون حَلْقة، يلتفت إلى هَؤُلَاءِ مرّة فيحدّثهم، وإلى هَؤُلَاءِ مرّة فيحدّثهم. قَالَ كَعْب: فأنخْتُ رَاحِلتي، ودخلت، فعرفتُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- بالصفة، فتخطيت حتى جلست إِلَيْهِ فقلتُ: أشهد أنَّ لَا إله إلّا اللَّه، وأنّك رَسُول اللَّهِ. الأَمانَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "وَمَنْ أنتَ"؟ قلتُ: أَنَا كَعْب بْن زُهَيْر. قَالَ: "الَّذِي يَقُولُ". ثمّ التفتَ إلى أَبِي بَكْر فقال: "كيف قَالَ يا أَبَا بَكْر"؟ فأنشده: سقاك أَبُو بَكْر بكأس روية ... وأنهلك المأمُور منها وعلّكا قلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ما قلتُ هكذا. قَالَ: "فكيف قلت"؟ قلتُ: إنّما قلتُ: وأنهلك المأمونُ منها وعلّكا فقال: "مأمونٌ، والله". قَالَ: ثمّ أنشده: بانَتْ سُعاد فقلبي اليوم متبول ... ميتم إِثْرَها لم يُلْفَ مَكْبولُ وما سعادُ غَداة البين إذ رحلوا ... إلّا أَغنُّ غَضِيض الطَّرْف مَكْحول تجلو عَوَارِضَ ذِي ظَلْمٍ إذا ابتسمتْ ... كأنّه مُنْهلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ من ماءِ محنية ... صاد بأبطح أضحى وهو مشمول   1 وَيْب: مثل: وَيْح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 تَنْفي الرياحُ الْقَذَى عَنْهُ وأفْرَطَهُ ... من صَوْب ساريةٍ بيضٌ يَعالِيل1 أَكْرِمْ بها خُلَّةً لو أنّها صَدَقتْ ... مَوْعُودَها أَوْ لَوْ أن النصح مقبول لكنها خلة قَدْ سيط من دمها ... فجع ووَلْعٌ وإخْلافٌ وتَبْديل فما تدومُ عَلَى حالٍ تكونُ بها ... كما تَلَوَّنُ فِي أثوابها الْغُولُ2 ولا تَمَسَّكُ بالعَهْد الَّذِي زَعَمت ... إلّا كما يُمْسِكُ الماءَ الغرابيل فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّت وما وعدتْ ... إنّ الأمانيَّ والأحلامَ تضليل كانت مواعيدُ عُرْقوبٍ لها مَثَلًا ... وما مواعيدُها إلّا الأباطيل أرجو وآمُل أنَّ تدنو مودَّتُها ... وما إِخالُ لَدَيْنا منكِ تَنْويل أمستْ سعاد بأرض لَا يُبَلّغها ... إلّا الْعِتَاقُ النَّجِيبات المَراسيل ولن يبلّغها إلّا عُذَافِرَةٌ3 ... فيها عَلَى الأَيْنِ إِرْقال وتَبْغيل4 من كلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرى إذا عَرِقتْ ... عرضتها طامِسُ الأعلامِ مجهول ترى الْغُيُوبَ بعينَيْ مُفْردٍ لَهَقٍ5 ... إذا توقّدتِ الحِزَّانُ وَالْمِيلُ ضخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْمٌ مُقَيَّدُها ... فِي خَلْقها عَنْ بناتِ الْفَحْلِ تَفْضيل غَلبْاءُ وَجْناءُ عُلْكومٌ مُذَكَّرةٌ ... فِي دَفِّها سَعَةٌ قُدَّامُها مِيلُ6 وجِلدُها من أَطُومٍ ما يُؤْيسُه ... طِلْحٌ بِضَاحِيَةِ المَتْنَيْن مَهْزول7 حَرْفٌ أبُوها أخُوها مِن مُهَجَّنَةٍ ... وعمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْليل8 يسعَى الوُشاةُ بدفيها وقِيلُهُم ... إنَّكَ يابن أبي سلمى لمقتول   1 بيض تعاليل: أي سحائب بيض رواء. 2 الغول: الداهية، ومن معانيها كذلك: السعلاة. 3 عذافرة: ناقة صلبة. 4 إرقال وتبغيل: ضربان من السير. 5 لهق: أبيض. 6 الغلباء: الغليظة الرقبة، والوجناء: العظيمة الوجنتين، وقدامها ميل: طويلة العنق. 7 الأطوم: الزرافة. والطلح القراد؛ أي لملاسة جلدها لا يثبت عليه قراد. 8 قوداء: طويلة، وشمليل: سريعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 وقال كلُّ صديقٍ كنتُ آمُلُه ... لَا أُلْهِيَنَّك إنّي عنكَ مشغول خَلُّوا طريقَ يَدَيْها لَا أَبَا لَكُمُ ... فكلُّ ما قدّر الرَّحْمَن مفعول كلُّ ابْنِ أنثى وإن طالتْ سلامتُهُ ... يومًا عَلَى آلةٍ حَدْباءَ محمول أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُول اللَّهِ أَوْعَدني ... والعفوُ عند رَسُول اللَّهِ مَأْمول مهلا رسول الذي أعطاك نافلة الـ ... ـقرآن فِيهِ مَوَاعِيظٌ وتَفْصيل لا تأخُذَنِّي بأقوالِ الوُشاةِ ولَمْ ... أُذْنِبْ ولو كثُرت عنّي الأقاويل لقد أَقومُ مَقامًا لو يقوم بِهِ ... أَرَى وأَسمعُ ما لَوْ يسمعُ الفيل لَظَلَّ يَرْعَد إلّا أنَّ يكون لَهُ ... من الرَّسُول بإِذْن اللَّه تَنْويل حتّى وضعتُ يَميِني لَا أُنَازِعُه ... فِي كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيِلُه الْقِيلُ لَذَاكَ أَخْوَفُ عِندي إذْ أكلّمه ... وَقِيلَ إنّكَ مَنْسوبٌ ومَسْئول مِن ضَيْغَمٍ من لُيُوث الُأسْد مَسْكَنُهُ ... من بَطْنِ عَثَّر غيِلٌ دونَهُ غِيلُ إنّ الرَّسُول لَنُورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ ... مُهَنَّدٌ من سُيوف اللَّه مَسْلولُ فِي فِتْيةٍ من قُرَيشٍ قَالَ قَائِلُهُم ... ببَطْنِ مكةَ لمّا أَسْلَمُوا زُولُوا1 زَالُوا فما زَال أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ ... عند اللّقاءِ ولا ميل معازيل2 شم العرانين أَبْطالٌ لَبُوسُهمُ ... من نَسْجِ دَاوُد فِي الْهَيْجَا سَرَابِيِلُ يَمْشُون مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهم ... ضَرْبٌ إذا عَرَّد السُّود التَّنَابِيلُ لا يَفْرَحُون إذا نالتْ سُيُوفهمُ ... قومًا ولَيْسوا مَجَازِيعًا إذا نِيلُوا لا يَقَع الطَّعْنُ إِلَّا فِي نُحورِهم ... ومالَهُم عَنْ حِياض المَوْت تَهْلِيلُ وفي سنة ثمان: توفيت زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَكْبَرُ بَنَاتِهِ, وَهِيَ الَّتِي غَسَّلَتْهَا أُمُّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةُ، وَأَعْطَاهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حقوه، وقال: "أشعرنها إياه" 3.   1 أراد الهجرة من مكة إلى المدينة. 2 معازيل: من أعزل, وهو الذي لا رمح معه في الحرب. 3 أشعرنها إياه: أي اجعلنه مما يلي جسدها. والحديث في "الصحيحين" وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 فَجَعَلَتْهُ شِعَارَهَا تَحْتَ كَفَنِهَا. وقد وَلَدت زينبُ من أَبِي العاص بْن الرَّبيع بْن عَبْد شمس -رَضِيَ اللَّهُ عنه- ابنتها أُمَامَة التي كَانَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحملها فِي الصلاة. وفيها: عُمل منبر النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخطب عَلَيْهِ، وحَنَّ إِلَيْهِ الجِذْع الَّذِي كَانَ يخطب عَلَيْهِ. وفيها: وُلِدَ إبراهيم ابن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيها: وهبت سَوْدة أمّ المؤمنين يومها لعائشة. وفيها: تُوُفِّيَ مُغَفَّلُ بْن عَبْد نُهْم بْن عفيف المُزَنيّ؛ والد عَبْد اللَّه, وله صُحْبة. وفيها: مات مَلِك العرب بالشام؛ الحارث بْن أَبِي شَمِر الغَسَّانيّ كافرًا, وولي بعده جَبَلة بْن الأَيْهَم. فَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَائِذٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ الْجَحْشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ وَهُوَ بِالْغُوطَةِ، فَسَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ, وَقَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ يُهَيِّئُ الإِنْزَالَ لِقَيْصَرَ، وَهُوَ جَاءٍ مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ؛ إِذْ كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ؛ شُكْرًا لِلَّهِ. فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ رَمَى بِهِ؛ وَقَالَ: وَمَنْ يَنْزِعُ مِنِّي مُلْكِي؟ أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ بِالنَّاسِ. ثُمَّ عَرَضَ إِلَى اللَّيْلَ، وَأَمَرَ بِالْخَيْلِ تُنْعَلُ، وَقَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ بِمَا تَرَى. فَصَادَفَ قَيْصَرُ بِإِيلِيَاءَ وَعِنْدَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَكَتَبَ قَيْصَرُ إِلَيْهِ: أَنْ لا تَسِيرَ إِلَيْهِ، وَالْهَ عَنْهُ، وَوَافِ إِيلِيَاءَ. قَالَ شُجَاعٌ: فَقَدِمْتُ، وَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "بَادَ مُلْكُهُ". ويُقَال: حَجَّ بالناس عَتَّاب بْن أَسِيد أميرُ مكة. وقيل: حجَّ النّاس أَوْزَاعًا1. حكاهما الواقديّ. والله أعلم.   1 أوزاعًا: متفرقين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 أحداث السنة التاسعة : سريّة الضَّحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ إلى القرطاء، علقمة بن مجزز المدلجي، علي بن أبي طالب إلى الفلس، عكاشة بن محصن إلى أرض عذرة: سريّة الضَّحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ إلى القُرَطَاء: قِيلَ: فِي ربيع الأول بَعَث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جيشًا إلى القرَطَاء، عليهم الضحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ، ومعه الأَصْيَد بْن سَلَمَةَ بْن قُرْط. فلقوهم بالزُّجِّ، زجّ َلاوة1, فدعوْهم إلى الْإِسْلَام، فَأبَوْا, فقاتلوهم فهزموهم, فَلحِق الأصْيَد أَبَاهُ سَلَمَةَ، فدعاه إلى الْإِسْلَام وأَعطاه الأمان، فسبَّه وسبَّ دينه, فعَرْقَب الأصْيَد عُرْقوبَيْ فَرَسه, ثمّ جاء رَجُل من المسلمين فقتل سَلَمَةَ, ولم يقتله ابنُه. سَرِيّة عَلْقَمَة بْن مُجَزِّز المُدْلِجِيّ: وفي ربيع الآخر، قِيلَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلغه أن ناسًا من الحبشة تراءاهم أهُل جُدَّة. فبعث النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- علقمة بن مجزز المدلجي في ثلاثمائة، فانتهى إلى جزيرةٍ فِي البحر، فهربوا مِنْهُ. سرية علي بن أبي طالب إلى الفلس: وفي ربيع الآخر بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية علي بن أبي طالب إلى الفلس -صنم طيئ- ليهدمه فِي خمسين ومائة رَجُل من الأنصار، عَلَى مائة بعير وخمسين فرسًا، ومعه راية سوداء، ولواء أبيض, فَشنّوا الغارة عَلَى مَحِلَّة آل حاتِم2 مَعَ الفجر، فهدموا الفُلْس وخرّبوه، وملئوا أيديهم من السَّبْي والنَّعَم والشَّاء, وفي السّبْي أخت عَدِيّ بْن حاتم, وهرب عديّ إلى الشَّأْم. سريّة عُكَّاشة بْن مِحْصَن إلى أَرْضِ عُذْرَة: وفي هذه الأيام كانت سريّة عُكّاشة بْن مِحْصَن إلى أرض عُذْرَة. ذكر هذه السَّرايا شيخُنا الدِّمْياطيّ فِي مختصر السيرة, وأظنّه أَخَذه من كلام الواقديّ. وَفِي رَجَبٍ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ مَسِيرِهِ إِلَى تَبُوكَ عَلَى أَصْحَمَةِ النَّجَاشِيِّ -رَضِيَ الله عنه- صاحب الحبشة, وأصحمة بالعربية: عطية. وكان قد آمن بالله ورسوله. قول النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ مَاتَ أَخٌ لَكُمْ بِالْحَبَشَةِ". فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، وَصَفَّهُمْ، وَصَلَّى عَلَيْهِ3. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ كَانَ يُتَحَدَّثُ أَنَّهُ لا يَزَالَ يُرَى عَلَى قَبْرِهِ نُورٌ. وَيُكْتَبُ هُنَا الْخَبَرُ الَّذِي فِي السِّيرَةِ قَبْلَ إِسْلامِ عمر.   1 زج لاوة: موضع بناحية ضربة من نجد على طريق البصرة. "معجم البلدان" "3/ 133". 2 أي: آل حاتم الطائي. 3 أخرجه مسلم "66/ 951" في الجنائز، وفيه: $"فقوموا فصلوا عليه". قال جابر: فقمنا فصفنا صفين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 غزوة تبوك : قَالَ ابن إِسْحَاق، عَنْ عاصم بن عمر، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قلّما كَانَ يخرج فِي غزوة إلّا أظهر أَنَّهُ يريد غيرها، إلّا غزوة تَبُوك فإنه قَالَ: "أيها النّاس! إنّي أريد الرُّوم". فأَعْلَمَهُمْ, وذلك فِي شدّة الحرّ وَجَدْبٍ من البلاد, وحين طابت الثِّمار؛ والناس يحبّون المقام فِي ثمارهم. فبينا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يوم فِي جَهازه، إذْ قَالَ للجَدِّ بْن قَيْس: "يا جَدّ! هَلْ لَكَ فِي بنات بني الأَصْفَر"؟ 1 فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لقد علم قومي أنّه ليس أحدٌ أشدّ عُجْبًا بالنِّساء منّي. وإنّي أخاف إنْ رأَيتُ نساء بني الأصْفَر أَن يَفْتِنَّنِي، فائذنْ لي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فأعرض عَنْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: "قد أَذنْتُ لك". فنزلت: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49] قَالَ: وقال رَجُل من المنافقين: {لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} فنزلت: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة: 81] 2. ولم يُنْفِق أحدٌ أَعْظَمَ من نَفَقة عثمان، وحَمَل عَلَى مائة بعير. رَوَى عُثْمَانُ بْنُ عطاء الخراساني عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، في غزوة   1 بنات بني الأصفر: هي بنات الروم. 2 "إسناده حسن": رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" "9600"، والطبراني في "الكبير" "11052"، وقال صاحب "المقبول" "369": إسناده حسن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 تبوك قال: أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الْمُسْلِمِينَ بِالصَّدَقَةِ وَالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَنْفَقُوا احْتِسَابًا, وَأَنْفَقَ رِجَالٌ غَيْرَ مُحْتَسِبِينَ. وَحَمَلَ رِجَالٌ من فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَبَقِيَ أُنَاسٌ, وَأَفْضَلُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ, عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ؛ تَصَدَّقَ بِمِائَتَيْ أُوقِيَّةٍ، وَتَصَدَّقَ عُمَرُ بِمِائَةِ أُوقِيَّةٍ، وَتَصَدَّقَ عَاصِمٌ الأَنْصَارِيُّ بِتِسْعِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ. وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: "هَلْ تَرَكْتَ لأَهْلِكَ شَيْئًا"؟ قَالَ: نَعَمْ، أكثر مما أنفقت وأطيب. قال: "كم"؟ قَالَ: مَا وَدَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الرِّزْقِ والخير. قال عمرو بن مرزوق، ثَنَا السَّكَنُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي هِشَامٍ، عَنْ فَرْقَدٍ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَبَّابٍ، قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَثَّ عَلَى جَيْشِ الْعُسْرَةِ، قَالَ: فَقَامَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَيَّ مِائَةُ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ: ثُمَّ حَثَّ ثَانِيَةً، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَيَّ مِائَتَا بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ حَضَّ -أَوْ قَالَ: حَثَّ- الثَّالِثَةَ، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَيَّ ثَلَاثُمِائَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَا شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: "مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ". أَوْ قَالَ: "بَعْدَهَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنِ السَّكَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ1. وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ مَوْلَاهُ، قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَفَرَّغَهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل يقبلها وَيَقُولُ: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ". قَالَهَا مِرَارًا2. وَقَالَ بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بردية، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسأله لَهُمُ الْحُمْلَانَ3، إِذْ هُمْ مَعَهُ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ؛ وَهِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عليه4.   1 "صحيح". 2 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 63". 3 الحملان: ما يحمل عليه من الدواب. 4 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 128"، ومسلم "8/ 1649" في الأيمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ رِجَالا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُمُ الْبَكَّاءُونَ، وَهُمْ سَبْعَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو لَيْلَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحُمَامِ بْنِ الْجَمُوحِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ؛ وَهَرِمُ بْنُ عبد الله، والعرباض بن سارية الفزاري. استحملوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا أهُلَ حَاجَةٍ، فَقَالَ: {لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92] . فَبَلَغَنِي أَنَّ يَامِينَ بْنَ عَمْرٍو، لَقِيَ أَبَا لَيْلَى وَعَبْدَ الله بن مغفل وهم يَبْكِيَانِ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمَا؟ فَقَالا: جِئْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَحْمِلَنَا، فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْخُرُوجِ. فَأَعْطَاهُمَا نَاضِحًا لَهُ فَارْتَحَلاهُ وَزَوَّدَهُمَا شَيْئًا مِنْ لَبَنٍ. وَأَمَّا عُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ فَخَرَجَ مِنَ اللَّيْلَ فَصَلَّى مِنْ لَيْلَتِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ بَكَى وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ أَمَرْتَ بِالْجِهَادِ وَرَغَّبْتَ فِيهِ، ثُمَّ لَمْ تَجْعَلْ عِنْدِي مَا أَتَقَوَّى بِهِ، وَلَمْ تَجْعَلْ فِي يَدِ رَسُولِكَ مَا يَحْمِلُنِي عَلَيْهِ، وَإِنِّي أَتَصَدَّقُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِكُلِّ مَظْلِمَةٍ أَصَابَنِي بِهَا فِي مَالٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ عِرْضٍ. ثُمَّ أَصْبَحَ مَعَ النَّاسِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ"؟ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ, ثُمَّ قَالَ: "أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ؟ فَلْيَقُمْ". فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْشِرْ، فوَالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ كُتِبَتْ فِي الزَّكَاةِ الْمُتَقَبَّلَةِ" 1. {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} [التوبة: 90] فاعْتَذَرُوا فَلَمْ يَعْذِرْهُمُ اللَّهُ, فَذَكَرَ أَنَّهُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْطَأَتْ بِهِمُ النِّيَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى تَخَلَّفُوا عَنْ غَيْرِ شَكِّ وَلا ارْتِيَابٍ، مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ، وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ أَخُو بَنِي وَاقِفٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ. وَكَانُوا رَهْطَ صِدْقٍ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْخَمِيسِ، واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة   1 "حديث صحيح": ورد مسندًا موصولا كما قال الحافظ في "الإصابة" "2/ 493". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 الأَنْصَارِيَّ, فَلَمَّا خَرَجَ ضَرَبَ عَسْكَرَهُ عَلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَمَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ. وَضَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ عَسْكَرَهُ عَلَى ذِي حِدَّةٍ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَمَا كَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ بِأَقَلِّ الْعَسْكَرَيْنِ. فَلَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَخَلَّفَ عَنْهُ ابْنُ سَلُولٍ فِيمَنْ تَخَلَّفَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَهْلِ الرَّيْبِ, وَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَمَرَهُ بِالإِقَامَةِ فِيهِمْ، فَأَرْجَفَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ, وَقَالُوا: مَا خَلَّفَهُ إِلا اسْتِثْقَالا لَهُ وتخففًا مِنْهُ. فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ، أَخَذَ عَلِيٌّ سِلاحَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجُرْفِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! زَعَمَ الْمُنَافِقُونَ أَنَّكَ إِنَّمَا خَلَّفْتَنِي تَسْتَثْقِلُنِي وَتَخَفَّفُ مِنِّي. قَالَ: "كَذَبُوا، وَلَكِنْ خَلَّفْتُكَ لِمَا تَرَكْتُ وَرَائِي، فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِكَ، أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدي". فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ قَالَ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي". وَرَوَاهُ عَامِرٌ، وَإِبْرَاهِيمُ؛ ابْنَا سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِمَا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى تَبُوكَ، جَعَلَ لَا يَزَالُ يَتَخَلَّفُ الرَّجُلُ, فَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَخَلَّفَ فُلانٌ. فَيَقُولُ: "دَعُوهُ، إِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ". حَتَّى قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَخَلَّفَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبْطَأَ بِهِ بَعِيرُهُ. فَقَالَ: "دَعُوهُ، إِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ". فَتَلوَّمَ أَبُو ذَرٍّ بَعِيرَهُ, فَلَمَّا بَطَّأَ عَلَيْهِ أَخَذَ مَتَاعَهُ فَجَعَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاشِيًا. وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ مَنَازِلِهِ، وَنَظَرَ نَاظِرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 129"، ومسلم "33/ 2404" في فضائل الصحابة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الطَّرِيقِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُنْ أَبَا ذَرٍّ". فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ الْقَوْمُ, قَالُوا: هُوَ وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ، يَمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ". فَضَرَبَ الدَّهْرُ مِنْ ضَرْبِهِ، وَسُيِّرَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ1، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى امْرَأَتَهُ وَغُلامَهُ: إِذَا مِتُّ فَاغْسِلانِي وَكَفِّنَانِي وَضَعَانِي عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَأَوَّلُ رَكْبٍ يَمُرُّونَ بِكُمْ, فَقُولُوا: هَذَا أَبُو ذَرٍّ. فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ, فَاطَّلَعَ رَكْبٌ، فَمَا عَلِمُوا بِهِ حَتَّى كَادَتْ رَكَائِبُهُمْ تَوَطَّأُ سَرِيرَهُ، فَإِذَا ابْنُ مَسْعُودٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ, فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: جِنَازَةُ أَبِي ذَرٍّ. فَاسْتَهَلَّ ابْنُ مَسْعُودٍ يَبْكِي، فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ، يَمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ". فَنَزَلَ، فَوَلِيَهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَجَنَّهُ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثِني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَبَا خيثمة، أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ، رَجَعَ -بَعْدَ مَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَّامًا- إِلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ فِي حَائِطٍ قَدْ رَشَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا، وَبَرَّدَتْ لَهُ فِيهِ مَاءً، وَهَيَّأَتْ لَهُ فِيهِ طَعَامًا, فَلَمَّا دَخَلَ قَامَ عَلَى بَابِ الْعَرِيشَيْنِ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ فِي الضِّحِّ3 وَالرِّيحِ والحر، وأنا في ظل بارد وماء بارد وَطَعَامٍ مُهَيَّإٍ وَامْرَأَةٍ حَسْنَاءَ، فِي مَالٍ مُقِيمٍ؟ مَا هَذَا بِالنَّصَفِ. ثُمَّ قَالَ: لا وَاللَّهِ, لا أَدْخُلُ عَرِيشَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَتَّى أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَيِّئَا لِي زَادًا. فَفَعَلَتَا, ثُمَّ قَدَّمَ نَاضِحَهُ فَارْتَحَلَهُ, ثُمَّ خَرَجَ فِي طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَدْرَكَهُ بِتَبُوكَ حِينَ نَزَلَهَا, وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَهُ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَافَقَا، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ تبوك، قال أبو خيثمة لِعُمَيْرٍ: إِنَّ لِي ذَنْبًا، تَخَلَّفْ عَنِّي حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ. فَفَعَلَ, فَسَارَ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "كُنْ أبا خيثمة". فقالوا: هو والله أبو خيثمة. فَأَقْبَلَ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: "أَوْلَى لَكَ أَبَا خيثمة". ثُمَّ أَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْخَبَرَ، فَقَالَ لَهُ خَيْرًا. وَقَالَ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة, وقاله مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ, فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ سِيَاقِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وقال مَعْمَر، عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل، قَالَ: فِي قوله تعالى: {اتَّبَعُوهُ   1 الربذة: قرية من قرى المدينة على ثلاثة أميال. "معجم البلدان" "3/ 24". 2 أجنه: دفنه. 3 الضح: الشمس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} ، قَالَ: خرجوا فِي غزوة تبوك، الرَّجُلان والثَّلاثة عَلَى بعيرٍ، وخرجوا فِي حرِّ شديدٍ، فأصابهم يومًا عطش حتى جعلوا ينحرون إبلهم ليعصروا أَكْرَاشها ويشربوا مَاءها. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيرٍ، فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، حَتَّى هَمَّ أَحَدُهُمْ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ. الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ شَكَّ الْأَعْمَشُ؛ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَذِنَتْ لَنَا فَنَنْحَرُ نَوَاضِحَنَا، فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا. فَقَالَ: "أَفْعَلُ". فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ، وَلَكِنْ ادْعُ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، وَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ. فَقَالَ: "نَعَمْ". فَدَعَا بنِطَعٍ فبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ. فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِكَفِّ ذُرَةٍ، وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ، وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكِسْرَةٍ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: "خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ". فَأَخَذُوا حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا مَلَئُوهُ، وَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضِلَتْ فَضْلةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؛ لَا يَلْقَى اللَّهُ بِهَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ، فَيُحْجَبُ عَنِ الْجَنَّةِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَدِّثْنَا مِنْ شَأْنِ الْعُسْرَةِ. فَقَالَ: خَرَجْنَا إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى أَنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ, فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. قَالَ: "أَتُحِبُّ ذَلِكَ"؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يُرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَتِ السَّمَاءُ فَأَطَلَّتْ ثُمَّ سَكَبَتْ، فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ, ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنَظْرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ. حَدِيثٌ حَسَنٌ قَوِيٌّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِأَصْحَابِهِ: "لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لَا يُصِيبُكُمْ مِثْلَ مَا أَصَابَهُمْ"؛ يَعْنِي أَصْحَابَ الْحِجْرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحِجْرَ1، أَمَرَهُمْ أَنْ لا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا، وَلا يَسْتَقُوا مِنْهَا. فَقَالُوا: قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ وَيُرِيقُوا ذَلِكَ الْمَاءَ. أَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ. وَلِمُسْلِمٍ مِثْلُ الأَوَّلِ مِنْهُمَا2. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحِجْرَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا وَعَجَنُوا بِهِ, فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُهَرِيقُوا الْمَاءَ، وَيَعْلِفُوا الإِبلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرُهْم أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتِ النَّاقَةُ تَرُدُّهَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ تَبُوكَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. قَالَ: فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءِ جَمِيعًا. ثُمَّ قَالَ: "أَنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فَمَنْ جَاءَهَا فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ". قَالَ: فجِئناها وَقَدْ سَبَقَ إِلَيْهَا رَجُلَانِ، وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ, فَسَأَلَهُمَا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل مَسِسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا"؟ قَالَا: نَعَمْ. فَسَبَّهُمَا، وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ. ثُمَّ غَرَفُوا مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا، حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شَنٍّ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا, فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، فَاسْتَقَى النَّاسُ, ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُوشِكُ يَا مُعَاذُ! إِنْ طَالَتْ بك حياة، أن ترى ما ههنا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَتَيْنَا وَادِي الْقُرَى، عَلَى حَدِيقَةٍ لِامْرَأَةٍ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْرُصُوهَا". فَخَرَصْنَاهَا وَخَرَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشَرَةَ أَوْسُقٍ. وَقَالَ: "أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ الله". فانطلقنا حتى قدمنا   1 الحجر: المكان الذي سكن فيه قوم صالح "ثمود"، وهو بوادي القرى بين المدينة والشام. 2 أخرجه البخاري "1/ 112" في كتاب الصلاة، ومسلم في "الزهد". 3 وأخرجه أحمد أيضًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 تَبُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ". فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيئ. وَجَاءَ ابْنُ الْعَلْمَاءِ صَاحِبُ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابٍ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ, فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْدَى لَهُ بُرْدًا, ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِيَ الْقُرَى، فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَرْأَةَ عن حديقتها كم بلغ ثمرها، فقالت: بَلَغَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ. فَقَالَ: "إِنِّي مُسْرِعٌ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُسْرِعْ". فَخَرَجْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ: "هَذِهِ طَابَةٌ، وَهَذَا أُحُدٌ، وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 أَطْوَلَ مِنْهُ؛ وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ لله بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين مر بالحجر استقوا مِنْ بِئْرِهَا, فَلَمَّا رَاحُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا، وَلا تَوَضَّئُوا مِنْهُ، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوهُ مِنْهُ فَاعْلِفُوهُ الإِبِلَ، وَلا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ إِلا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ". فَفَعَلَ النَّاسُ مَا أَمَرَهُمْ، إِلا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ؛ خَرَجَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَتِهِ وَالآخَرُ لِطَلَبِ بَعِيرٍ لَهُ, فَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ خُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاحْتَمَلَتْهُ الرِّيحُ حتى طرحته بجبل طيئ, فأخبر بذلك رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ"؟ ثُمَّ دَعَا لِلَّذِي أُصِيبَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَشُفِيَ, وَأَمَّا الآخَرُ فَإِنَّهُ وَصَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَدِمَ مِنْ تَبُوكَ. وَهَذَا مُرْسَلٌ مُنْكَرٌ. وَقَالَ ابْن وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ نَزَلَ بِتَبُوكَ وَهُوَ حَاجٌّ، فَإِذَا رَجُلٌ مُقْعَدٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ: سَأُحَدِّثُكَ حَدِيثًا فَلَا تُحدِّثْ بِهِ مَا سَمِعْتَ أَنِّي حَيٌّ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ بِتَبُوكَ إِلَى نَخْلةٍ، فَقَالَ: "هَذِهِ قِبْلَتُنَا". ثُمَّ صَلَّى إِلَيْهَا, فَأَقْبَلْتُ، وَأَنَا غُلَامٌ أَسْعَى حَتَّى مَرَرْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَقَالَ: "قَطَعَ صَلَاتَنَا، قَطَعَ اللَّهُ أَثَرَهُ". قَالَ: فَمَا قُمْتُ عَلَيْهَا إِلَى يَوْمِي هَذَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَوْلًى لِيَزِيدَ بْنِ نِمْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نِمْرَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ مُقْعَدًا بِتَبُوكَ. فَقَالَ: مَرَرْتُ بَيْنَ يدي النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا على حمار وهو يصلي.   1 في "الفضائل" "7/ 61". 2 في "الزكاة" "2/ 155". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اقْطَعْ أَثَرَهُ". فَمَا مَشَيْتُ عَلَيْهِمَا بَعْدُ. أَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُدَ1. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا الْعَلاءُ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَبُوكَ، فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ بِضِيَاءٍ وَشُعَاعٍ وَنُورٍ لَمْ أَرَهَا طَلَعَتْ فِيمَا مَضَى, فَأَتَى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ! مَا لي أرى الشمس اليوم بضياء ونور شعاع لَمْ أَرَهَا طَلَعَتْ فِيمَا مَضَى"؟ فَقَالَ: ذَاكَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيَّ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ الْيَوْمَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ. قَالَ: "وَفِيمَ ذَاكَ"؟ قَالَ: كَانَ يكثر قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، بالليل وَالنَّهَارَ، وَفِي مَمْشَاهُ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ، فَهَلْ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَقْبِضَ لَكَ الأَرْضَ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ. الْعَلاءُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَاهٍ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنْ يَزِيدَ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا صَدَقَةُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بن مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيَّ تُوُفِّيَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي جِنَازَةِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيِّ؟ قَالَ: "نَعَمْ". فَقَالَ: هَكَذَا؛ فَفَرَّجَ لَهُ الْجِبَالَ وَالآكَامَ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي وَمَعَهُ جِبْرِيلُ فِي سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ, فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ! بِمَ بَلَغَ"؟ فَقَالَ: بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} , كَانَ يَقْرَؤُهَا قَائِمًا وَقَاعِدًا وَرَاكِبًا وَمَاشِيًا. مُرْسَلٌ. وَقَالَ ابْنُ جَوْصَا، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، وَأَبُو الدَّحْدَاحِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ -وَاللَّفْظُ لَهُ- ثنا نُوحُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُوَيٍّ السَّكْسَكِيُّ، ثنا بَقِيَّةُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو بِتَبُوكَ فَقَالَ: احْضُرْ جِنَازَةَ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيِّ, فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهَبَطَ جِبْرِيلُ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَوَضَعَ جَنَاحَهُ عَلَى الْجِبَالِ فَتَوَاضَعَتْ حَتَّى نَظَرُوا إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ, فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجِبْرِيلُ وَالْمَلائِكَةُ, فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ: "يَا جِبْرِيلُ! بِمَ أَدْرَكَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"؟ قَالَ: بِقِرَاءَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} قَائِمًا وَقَاعِدًا وَرَاكِبًا وَمَاشِيًا. قلت: ما علمت فِي نُوحٍ جَرْحًا، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ مُنْكَرٌ جِدًّا، ما أعلم أحدًا تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَصْلا عَنْ بَقِيَّةَ, وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ حِبَّانَ حَدِيثَ الْعَلاءِ وَقَالَ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لا يتابع   1 ضعيفان: ضعفهما الألباني في "ضعيف سنن أبي داود". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 عَلَيْهِ. قَالَ: وَلا أَحْفَظُ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يُقَالُ لَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ, وَقَدْ سَرَقَ هَذَا الْحَدِيثَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَرَوَاهُ عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنُ، ثنا مَحْبُوبُ بْنُ هِلالٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ، أَفَتُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ شَجَرَةٍ وَلا أَكَمَةٍ إِلا تَضَعْضَعَتْ لَهُ, فَصَلَّى عَلَيْهِ وخلفه صفان من الملائكة، في كل صف سبعون ألف ملك. قلت: "يا جبريل! بم نال هذا"؟ قال: بِحُبِّهِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يَقْرَؤُهَا قَائِمًا وَقَاعِدًا وَذَاهِبًا وَجَائِيًا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ. مَحْبُوبٌ مَجْهُولٌ، لا يُتَابَعُ عَلَى هَذَا. قَالَ الْبَكَّائِيُّ: قال ابن إسحق: فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ، يَعْنِي مِنْ يَوْمِ الْحِجْرِ، وَلا مَاءَ مَعَهُمْ، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ سَحَابَةً، فَأَمْطَرَتْ حَتَّى ارْتَوَى النَّاسُ. فَحَدَّثَنِي عَاصِمٌ، قَالَ: قُلْتُ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: هَلْ كَانَ النَّاسُ يَعْرِفُونَ النِّفَاقَ فِيهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، لَقَدْ أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ قَوْمِي، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ؛ لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحِجْرِ مَا كَانَ؛ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ دَعَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ السَّحَابَةَ، فَأَمْطَرَتْ. قَالُوا: أَقْبَلْنَا عَلَيْهِ نَقُولُ: وَيْحَكَ، هَلْ بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ؟ قَالَ: سَحَابَةٌ سَائِرَةٌ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَارَ، فَضَلَّتْ نَاقَتُهُ، فَخَرَجَ أَصْحَابُهُ فِي طَلَبِهَا. وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ، وَكَانَ عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا, وَكَانَ فِي رَحْلِهِ زَيْدُ بْنُ اللُّصَيْتِ الْقَيْنُقَاعِيِّ وُكُانُ مِنُافِقًا, فَقَالَ زَيْدٌ، وَهُوَ فِي رَحْلِ عُمَارَةَ: أَلَيْسَ يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَيُخْبِرُكُمْ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَهُوَ لا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعُمَارَةُ عِنْدَهُ: "إِنَّ رَجُلا قَالَ كَذَا وَكَذَا, وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ إِلا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ, وَقَدْ دَلَّنِي اللَّهُ عَلَيْهَا، وَهِيَ فِي هَذَا الْوَادِي فِي شِعْبِ كَذَا، وَقَدْ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِزِمَامِهَا". فَذَهَبُوا فَجَاءُوا بِهَا, فَذَهَبَ عُمَارَةُ إِلَى رحله   1 أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "2/ 522" وإسناده رجاله ثقات، ولا يضر جهالة الصحابة وهم من بني عبد الأشهل، ومحمود بن لبيد من صغار الصحابة، "دلائل النبوة" للبيهقي "5/ 232". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 فَقَالَ: وَاللَّهِ عَجَبٌ مِنْ شَيْءٍ حَدَّثَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آنِفًا، عَنْ مَقَالَةِ قَائِلٍ أَخْبَرَهُ اللَّهُ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ فِي رَحْلِ عُمَارَةَ، وَلَمْ يَحْضُرْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زَيْدٌ، وَاللَّهِ، قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ. فَأَقْبَلَ عُمَارَةُ عَلَى زَيْدٍ يَجَأُ فِي عُنُقِهِ، وَيَقُولُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ! إِنَّ فِي رَحْلِي لَدَاهِيَةً وَمَا أَشْعُرُ. اخْرُجْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ رَحْلِي. فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ زَيْدًا تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ رَهْطٌ، مِنْهُمْ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمخشنُ بْنُ حُمَيِّرٍ؛ يُشِيرُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى تَبُوكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: "أَتَحْسَبُونَ جِلادَ بَنِي الأَصْفَرِ كَقِتَالِ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟ وَاللَّهِ لَكَأَنَّا بِكُمْ غَدًا مُقَرَّنِينَ فِي الْحِبَالِ". إِرْجَافًا وَتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ مخشنُ بْنُ حُمَيِّرٍ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاضَى عَلَى أَنْ يُضْرَبَ كُلٌّ مِنَّا مِائَةَ جَلْدَةً، وَأَنَّا نَنْفَلِتُ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا قُرْآنٌ لِمَقَالَتِكُمْ هَذِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا بَلَغَنِي، لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: أَدْرِكِ الْقَوْمَ، فَإِنَّهُمْ قَدِ اخْتَرَقُوا، فَسَلْهُمْ عَمَّا قَالُوا، فَإِنْ أَنْكَرُوا فَقُلْ: بَلَى، قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا. فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ عَمَّارٌ، فَقَالَ ذَلِكَ لَهُمْ, فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْتَذِرُونَ, فَقَالَ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ: يَا رسول الله، إنما كنا نخوض ونعلب, فَنَزَلَتْ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65] . فَقَالَ مخشنُ بْنُ حُمَيِّرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَعَدَ بِي اسْمِي وَاسْمُ أَبِي. فَكَانَ الَّذِي عُفِيَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ مخشنٌ؛ يَعْنِي {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} [التوبة: 66] . فَتسَمَّى عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَقْتُلَهُ شَهِيدًا لا يُعْلَمُ بِمَكَانِهِ. فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ1. وَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى تَبُوكَ، أتاه يحنة بن روبة صَاحِبُ أَيْلَةَ، فَصَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعطَاهُ الْجِزْيَةَ، وَأَتَاهُ أَهْلُ جَرْبَاءَ وأذرح فأعطوه الجزية. وكبت لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كِتَابًا، فَهُوَ عِنْدَهُمْ. فائدة: قَالَ ابن إِسْحَاق: أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهُل أَيْلة بُرْدَةً مَعَ كتابه، فاشتراها منهم أبو العباس عبد الله بن محمد -يعني السفاح- بثلاثمائة دينار. وقال مُوسَى بْن عُقْبة، قَالَ ابن شهاب: بَلَغَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غزوته تِلْكَ تبوكًا ولم يتجاوزها. وأَقام بضع عشرة ليلة؛ يعني بتبوك. وقال يحيى بْن أَبِي كثير، عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ثَوْبان، عَنْ جَابِر، قَالَ: أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتبوك عشرين يومًا يَقْصُرُ الصّلاة. أَخْرَجَهُ أَبُو داود. وإسناده صحيح.   1 "إسناده صحيح": رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" برقم "10402"، والسيوطي في "الدر المنثور" "3/ 456"، وقد أخرج ابن جرير نحوه صحيح عن عكرمة مرسلا "10/ 119"، وانظر: "المقبول من أسباب النزول" للأزهري "376". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 بَعث خَالِد بْن الوليد إلى أكيدر دُومَة: وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ؛ رَجُلٍ مِنْ كِنْدَةَ، وَكَانَ مَلِكًا عَلَى دُومَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَالِدٍ: إِنَّكَ سَتَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَرَ. فَخَرَجَ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ حِصْنِهِ مَنْظَرُ الْعَيْنِ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ صَافِيَةٍ، وَهُوَ عَلَى سَطْحٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَأَتَتِ الْبَقَرَ تَحُكُّ بِقُرُونِهَا بَابَ الْقَصْرِ, فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ. قَالَتْ: فَمَنْ يَتْرُكُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لا أَحَدُ. فَنَزَلَ فَأَمَرَ بِفَرَسِهِ فَأُسْرِجَ، وَرَكِبَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فِيهِمْ أَخُوهُ حَسَّانٌ, فَتَلَقَّتْهُمْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَتْهُ وَقَتَلُوا أَخَاهُ. وَقَدِمُوا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَقَنَ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَأَطْلَقَهُ. فائدة: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ السَّكُونِيِّ قَالَ: خَرَجَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمِعَ بِهَا أُكَيْدِرٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ خَيْلَكَ انْطَلَقَتْ فَخِفْتُ عَلَى أَرْضِي، فَاكْتُبْ لِي كِتَابًا فَإِنِّي مُقِرٌّ بِالَّذِي عَلَيَّ. فَكَتَبَ لَهُ. فَأَخْرَجَ قَبَاءً مِنْ دِيبَاجٍ مِمَّا كَانَ كِسْرَى يَكْسُوهُمْ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اقْبَلْ عَنِّي هَذَا هَدِيَّةً. قَالَ: "ارْجِعْ بِقَبَائِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَلْبَسُ هَذَا أَحَدٌ إِلا حُرِمَهُ فِي الآخِرَةِ". فَشَقَّ عَلَيْهِ أَنْ رَدَّهُ. قَالَ: "فَادْفَعْهُ إِلَى عُمَرَ". فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحَدَثَ فِيَّ أَمْرٌ؟ فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ، أَوْ ثَوْبَهُ، عَلَى فِيهِ ثُمَّ قَالَ: "مَا بَعَثْتُ بِهِ إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهُ، وَلَكِنْ تَبِيعُهُ وَتَسْتَعِينُ بِثَمَنِهِ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ قَالَ: وَلَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَافِلا إِلَى الْمَدِينَةِ، بَعَثَ خَالِدًا فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَارِسًا إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةِ الْجَنْدَلِ، فَلَمَّا عَهِدَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ، قَالَ خَالِدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ وَفِيهَا أُكَيْدِرٌ، وَإِنَّمَا نَأْتِيهَا فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: "لَعَلَّ اللَّهَ يَكْفِيكَهُ". فَسَارَ خَالِدٌ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دُومَةَ نَزَلَ فِي أَدْبَارِهَا. فَبَيْنَمَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي مَنْزِلِهِمْ لَيْلا، إِذْ أَقْبَلَتِ الْبَقَرُ حَتَّى جَعَلَتْ تَحْتَكُّ بِبَابِ الْحِصْنِ، وَأُكَيْدَرٌ يَشْرَبُ وَيَتَغنَّى بَيْنَ امْرَأَتَيْهِ, فَاطَّلَعَتْ إِحْدَاهُمَا فَرَأَتِ الْبَقَرَ فَقَالَتْ: لَمْ أَرَ كَاللَّيْلَةِ فِي اللَّحْمِ. فَثَارَ وَرَكِبَ فَرَسَهُ، وَرَكِبَ غِلْمَتُهُ وَأَهْلُهُ، فَطَلَبَهَا, حَتَّى مَرَّ بِخَالِدٍ وَأَصْحَابِهِ فَأَخَذُوهُ وَمَنْ مَعَهُ فَأَوْثَقُوهُمْ, ثُمَّ قَالَ خَالِدٌ لأُكَيْدِرِ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَجَرْتُكَ تَفْتَحْ لِي دُومَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَانْطَلَقَ حَتَّى دَنَا مِنْهَا، فَثَارَ أَهْلُهَا وَأَرَادُوا أَنْ يَفْتَحُوا لَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ أَخُوهُ, فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ لِخَالِدٍ: أَيُّهَا الرَّجُلُ! حُلَّنِي، فَلَكَ اللَّهُ لأَفْتَحَنَّهَا لَكَ، إِنَّ أَخِي لا يَفْتَحُهَا مَا عَلِمَ أَنِّي فِي وَثَاقِكَ. فَأَطْلَقَهُ خَالِدٌ, فَلَمَّا دَخَلَ أَوْثَقَ أَخَاهُ وَفَتَحَهَا لِخَالِدٍ، ثُمَّ قَالَ: اصْنَعْ مَا شِئْتَ حَكَّمْتَنِي. فَقَالَ خَالِدٌ: بَلْ نَقْبَلُ مِنْكَ مَا أَعْطَيْتَ. فَأَعْطَاهُمْ ثَمَانِمِائَةٍ مِنَ السَّبْيِ وَأَلْفَ بَعِيرٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ دِرْعٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ رُمْحٍ. وَأَقْبَلَ خَالِدٌ بِأُكَيْدِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقبل معه يحنة بن روية عَظِيمُ أَيْلَةَ. فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأَشْفَقَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ كما بعث إلى أكيدر, فاجتمعا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَاضَاهُمَا عَلَى قَضِيَّتِهِ؛ عَلَى دُومَةَ وَعَلَى تَبُوكَ وَعَلَى أَيْلَةَ وَعَلَى تَيْمَاءَ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا, وَرَجَعَ قَافِلا إِلَى الْمَدِينَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ عُرْوَةُ قِصَّةً فِي شَأْنِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ هَمُّوا بِأَذِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى كَيْدِهِمْ, وَذَكَرَ بِنَاءَ مَسْجِدِ الضِّرَارِ. وقال ابن إِسْحَاق، عَنْ ثقةٍ من بني عَمْرو بْن عَوْفُ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقبل من تبوك حين نزل بذِي أَوَان1؛ بينه وبين المدينة ساعةٌ من نهار, وكان أصحاب مسجد الضِّرار قد أَتَوْهُ، وهو يتجهّز إلى تبوك، فقالوا: قد بَنَيْنا مسجدًا لذي العِلّة والحاجة واللَّيْلة المَطِيرَة، وإنّا نحبّ أنَّ تَأتِيَ فتُصَلِّيَ لنا فِيهِ. فقال: " إنّي عَلَى جناح سَفَرٍ، فلَوْ   1 ذو أوان: موضع بطريق الشام. "معجم البلدان" "1/ 275". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 رجعنا إنْ شاء اللَّه أَتَيْنَاكُم. فلمّا نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذي أوان، أتاه خبرُ السّماء، فدعا مَالِكَ بْن الدُّخْشُمِ وَمَعْنَ بْن عَدِيّ فقال: انطلِقا إلى هذا المسجد الظَّالِمِ أَهْلُه فاهْدِمَاهُ وأَحْرِقَاه. فخرجا سريعَيْن حتّى دخلاه وفيه أهله فحرّقاه وهدماه وتفرّقوا عَنْهُ. ونزل فِيهِ من القرآن ما نزل. وَقَالَ أَبُو الْأَصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقُودُ بِهِ، وَعَمَّارٌ يَسُوقُهُ؛ أَوْ قَالَ عَمَّارٌ يَقُودُهُ وَأَنَا أَسُوقُهُ؛ حَتَّى ذا كُنَّا بِالْعَقَبَةِ، فَإِذَا أَنَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا قَدِ اعْتَرَضُوهُ فِيهَا، فَأنْبَهْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَرَخَ بِهِمْ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ عَرَفْتُمُ الْقَوْمَ"؟ قُلْنَا: لَا، قَدْ كَانُوا مُلَثَّمِينَ. قَالَ: "هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَرَادُوا أَنْ يَزْحَمُونِي فِي الْعَقَبَةِ لِأَقَعَ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوَلَا تَبْعَثُ إِلَى عَشَائِرِهِمْ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْكَ كُلُّ قَوْمٍ بِرَأْسِ صَاحِبِهِمْ؟ قَالَ: لَا، أَكْرَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ الْعَرَبُ أَنَّ مُحَمَّدًا قَاتَلَ بِقَوْمٍ حَتَّى إِذَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ. ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ ارْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ" 1. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا الدُّبَيْلَةُ؟ قَالَ: "شِهَابٌ مِنْ نَارٍ يَقَعُ على نياط قلب أحدها فَيَهْلِكُ" 2. وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، أَنَّ حُذَيْفَةَ حَدَّثَهُ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "فِي أَصْحَابِيَ اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا، فَمِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طلحة، عن ابن عَبَّاسٍ: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} [التوبة: 107] ، قَالَ: أُنَاسٌ بَنَوْا مَسْجِدًا فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَامِرٍ: ابْنُوا مَسْجِدَكُمْ وَاسْتَمِدُّوا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ سِلاحٍ، فَإِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى قَيْصَرَ فَآتٍ بِجُنْدٍ مِنَ الرُّومِ، فَأُخْرِجُ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. فَلَمَّا   1 الدبيلة: سراج من النار يظهر في أكنافهم كما سيأتي. 2 أخرجه مسلم "10/ 2779" بنحوه. 3 في "صفات المنافقين" "9/ 2779". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 فَرَغُوا مِنْ مَسْجِدِهِمْ أَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: نُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ. فَنَزَلَتْ {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة: 108] . الآيَاتِ1. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: أَذْكُرُ أَنَّا، حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، خَرَجْنَا مَعَ الصِّبْيَانِ نَتَلَقَّاهُ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَدَنا مِنَ الْمَدَينَةِ قَالَ: "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَأَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ، إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: "نعم، حبسهم العذر". أخرجه البخاري3.   1 "إسناده حسن": أخرجه الطبري في "تفسيره" "14/ 470"، والسيوطي في "الدر" "3/ 276" وعزاه لابن المنذر والبيهقي وابن مردويه، وانظر: "المقبول" "391". 2 في "المغازي" "5/ 136". 3 في "الجهاد والسير" "3/ 213". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 أمرُ الذين خلفوا: قَالَ شُعَيب بْن أبي حمزة، عَنِ الزُّهْرِيّ، أَخْبَرَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ: أَنَّ بني قُرَيظة كانوا حُلَفاءَ، لأبي لُبَابة. فاطّلعوا إِلَيْهِ، وهو يدعوهم إلى حُكْم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا: يا أَبَا لُبابة، أتأمرنا أنَّ نَنْزِلَ؟ فأشار بيده إلى حَلْقِه أَنَّهُ الذَّبْح, فأخبر عَنْهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك فقال لَهُ: لم ترعبني؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أحسبت أنّ اللَّه غفل عَنْ يدك حين تشير إليهم بها إلى حلقك"؟ فلبث حينًا ورسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عاتبٌ عَلَيْهِ. ثمّ غزا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تبوكًا، فتخلّف عَنْهُ أَبُو لبابة فيمن تخلّف. فلمّا قفل رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاءه أَبُو لُبابة يسلّم عَلَيْهِ، فأعرض عَنْهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ففزع أَبُو لُبابة، فارْتَبَط بِسَارِية التَّوبة، التي عند باب أمّ سَلَمَةَ، سبعًا بين يومٍ وَلَيْلَةٍ فِي حرٍّ شديدٍ، لَا يأكل فيهنّ ولا يشرب قَطْرةً. وقال: لَا يزال هذا مكاني حتّى أفارق الدنيا أو يتوب الله عليّ. فلم يزل كذلك حتى يسمع الصَّوْتَ من الجهد. ورَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينظر إِلَيْهِ بُكْرةً وعَشِيَّةً. ثمّ تاب اللَّه عَلَيْهِ فنُودي: إنّ اللَّه قد تاب عليك. فأرسل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُطْلِق عَنْهُ رِبَاطه، فأبى أنَّ يطلقه عَنْهُ أحدٌ إِلا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فجاءه فأطلق عَنْهُ بيده. فقال أَبُو لُبابة حين أفاق: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إنّي أهجر دار قومي التي أَصَبْتُ فيها الذَّنْبَ، وأنتقل إليك فأُسَاكِنك، وإنّي أَنْخَلِع من مالي صَدَقةً إلى اللَّه ورسوله. فقال: "يُجْزِئُ عنك الثُّلُث". فهجر دار قومه وتصدّق بثُلث ماله، ثمّ تاب فلم يُرَ منه بعد ذَلِكَ فِي الْإِسْلَام إلّا خَيْر، حتّى فارق الدنيا. مُرْسَل. وقال ورقاء، عَنِ ابن أَبِي نَجِيح، عن مجاهد، في قوله: {اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} قَالَ: هُوَ أَبُو لبابة، إذ قَالَ لقريظة مَا قَالَ، وأشار إلى حلقه بأن محمدا يذبحكم إنَّ نزلتم عَلَى حكمه. وزعم مُحَمَّد بْن إِسْحَاق أن ارتباطه كَانَ حينئذ, ولعله ارتبط مرتين. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة: 102] قال: كَانُوا عَشَرَةَ رَهْطٍ تَخَلَّوْا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. فَلَمَّا حَضَرَ رُجُوعُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْثَقَ سَبْعَةٌ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ بِسَوَارِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَمَرُّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو لُبَابَةَ وَأَصْحَابٌ لَهُ تَخَلَّفُوا عَنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى تُطْلِقَهُمْ وَتَعْذِرَهُمْ. قَالَ: "وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللَّهِ لا أُطْلِقُهُمْ وَلا أَعْذِرُهُمْ، حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يُطْلِقُهُمْ، رَغِبُوا عَنِّي وَتَخَلَّفُوا عَنِ الْغَزْوِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ". فَلَمَّا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ قَالُوا: وَنَحْنُ لا نُطْلِقُ أَنْفُسَنَا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنَا1. فَأُنْزِلَتْ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ. فَلَمَّا نَزَلَتْ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَطْلَقَهُمْ وَعَذَرَهُمْ. وَنَزَلَتْ؛ إِذْ بَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] . وروى نحوه عطية العوفي، وَقَالَ عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بن مَالِكٍ، أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غزوة تبوك.   1 "إسناده قوي": أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" "984"، والسيوطي في "الدر" "3/ 273" وعزاه لأبي الشيخ في "تفسيره"، وابن منده، وأبي نعيم في "المعرفة" وابن عساكر بسند قوي، وقال الحافظ في "الإصابة": إسناده قوي، وانظر: "المقبول" "387". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 قَالَ كَعْبٌ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قط، إلا في غزوة تبوك, غير أَنِّي تَخَلَّفْتُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبِ اللَّهُ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ, وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ: يَعْنِي أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا. كَانَ مِنْ خَبَرِي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةَ. وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ غَزْوَةً إِلا وَرَّى بِغَيْرِهَا. حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ غَزَاهَا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا, فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرُهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، وأخبرهم بوجهه الذي كان يريد, والمسلمون مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كثير لا يجمعهم كتاب حافظ؛ يُرِيدُ الدِّيوَانَ. قَالَ كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلا ظَنَّ أَنَّهُ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ, وَغَزَا رَسُولُ لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلالُ، فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ. فَتَجَهَّزَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ. وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا. وَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَرَدْتُهُ. فَلَمْ يَزَلْ يَتَمادَى بِي الأَمْرُ حَتَّى اسْتَمَرَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ. فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا. فَقُلْتُ: أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ. فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لأَتَجَهَّزَ فَرَجَعُتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا, فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمادَى بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ وَهَمَمتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ, فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ أَحْزَنَنِي أني لا أرى إلا رَجُلا مَغْمُوصًا مِنَ النِّفَاقِ1, أَوْ رَجُلا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ. فَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، قَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ: "مَا فَعَل كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ"؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ   1 مغموصًا: متهمًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ. فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلا خَيْرًا. فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلا مِنْ تَبُوكَ، حَضَرَنِي هَمِّي فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي. فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلَ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لا أَخْرُجُ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فأجمعت صِدْقَهُ. وَأَصْبَحَ قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ, فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بَضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا, فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلانِيَتهُمْ، وَبَايَعَهُمْ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ, فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ثُمَّ قَالَ: "تَعَالَ". فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَقَالَ: "مَا خَلَّفَكَ؟ أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ"؟ فَقُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلا, وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثًا كَاذِبًا تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَسْخَطَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إِنِّي لأَرْجُو عَفْوَ اللَّهِ, وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ". فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَقَالُوا: لا وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، أَعَجَزْتَ أَنْ لا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُخَلَّفُونَ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ لِذَنْبِكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَكَ. فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي, ثُمَّ قُلْتُ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلانِ قَالا مِثْلَ مَا قُلْتَ. وَقِيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ فَقَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ، وَهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ. فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا أُسْوَةٌ فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كَلامِنَا أَيُّهَا الثَّلاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ, وَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وتَغَيَّرُوا لَنَا، حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ, فَلَبِثْنَا عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً, فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بَيْتِهِمَا, وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، فَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ, وَآتِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلامِ عَلَيَّ أَمْ لا؟ ثُمَّ أُصَلِّي فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاتِي نَظَرَ إِلَيَّ، فَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي, حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ؛ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ؛ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ, فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ فسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَسَكَتَ، فَنَاشَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ. وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ الْمَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ, حَتَّى إِذَا جَاءَنِي دَفَع إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ؛ وَكُنْتُ كَاتِبًا؛ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ, وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلا مَضْيَعَةٍ, فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ: وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلاءِ, فَتَيَمَّمْتُ بِهِ التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهِ, حَتَّى إِذَا مَضَى لَنَا أَرْبَعُونَ لَيْلةً مِنَ الخميس إذا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إن رسول الله يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ بِهَا؟ فَقَالَ: لا، بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلا تَقْرَبَنَّهَا. وَأَرْسِلْ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لامْرَأَتِي: الْحِقِي بِأَهْلِكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ. قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امرأة هلال رسول الله فقالت: إِنَّ هِلالا شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ فَقَالَ: "لا، وَلَكِنْ لا يَقْرَبَنَّكِ". قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِي هَذَا. فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فِي امْرَأَتِكَ؟ فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِ اسْتَأْذَنْتُهُ فيها، وأنا رجل شاب فلبثت بعد ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمُلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً, فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْتُ صَلاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ مِنَّا؛ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ؛ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ! أَبْشِرْ. فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ، حِينَ صَلَّى صَلاةَ الْفَجْرِ, فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبيَّ مُبَشِّرُونَ, وركض رجل إليّ فرسًا، وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع إِلَيَّ مِنَ الْفُرْسِ, فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صوته يبشرني، نزعت ثوبي وكسوتهما إِيَّاهُ بِبُشْرَاهُ، وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ, وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ؛ يَقُولُونَ: لِيَهْنِكَ تَوْبةُ اللَّهِ عَلَيْكَ, حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، وَلا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ, وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ بِالسُّرُورِ: "أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ". قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: "لا، بَلْ مِن عِنْدِ اللَّهِ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا بشر ببشارة يَبْرُقُ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ. فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ. قَالَ: "أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لا أُحَدِّثَ إِلا صِدْقًا مَا بَقِيتُ, فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ابْتَلاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ أَحْسَنَ مِمَّا ابْتَلانِي، مَا تَعمَّدْتُ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَذِبًا، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيَ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} إِلَى قَوْلِهِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117-119] . فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ، بَعْدَ أَنْ هَدَانِي لِلإِسْلامِ، أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ، أَنْ لا أَكُونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِلَّذِينَ كَذَّبُوهُ، حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ، شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ فَقَالَ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 95، 96] . قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا خُلِّفْنَا -أَيُّهَا الثَّلاثَةُ- عَنْ أمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَلَفُوا لَهُ، وَأَرْجَأَ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ. فَبِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} ، وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تَخَلُّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ تَخَلَّفَ وَاعْتَذَرَ، فَقَبِلَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم. متفق عليه1.   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 130"، ومسلم "3/ 2769" في التوبة: وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 مَوت عَبْد اللَّه بْن أَبِيّ: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزهري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا عَرَفَ فِيهِ الْمَوْتَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَنْهَاكَ عَنْ حُبِّ يَهُودَ". فَقَالَ: قَدْ أبْغَضَهُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، فَمَهْ؟ وقال الواقديّ: مرض عَبْد اللَّه بْن أَبِي بْن سلول فِي أواخر شوّال، ومات في ذي القعدة, وكان مرضه عشرين ليلة, فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعوده فيها, فلما كان اليومُ الَّذِي مات فِيهِ, دخل عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَجُود بنَفْسه فقال: "قد نَهَيْتُك عَنْ حبّ يَهُود". فقال: قد أَبغضهم أسعدُ فما نَفَعه؟ ثمّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ليس هذا بِحينِ عِتابٍ. وهو الموتُ، فإنْ متّ فاحضرْ غُسْلي، وأعْطِني قَمِيصَك أُكَفَّن فِيهِ، وصلِّ عليَّ واستغفرْ لي. هذا حديث مُعْضل واهٍ، لو أسنده الواقديّ لَمَا نَفَع، فكيف وهو بلا إِسناد؟ وقال ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر قال: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبر عَبْد اللَّه بْن أبيّ بعدما أُدْخِل حُفْرته فأَمَرَ بِهِ فأُخْرِج، فوُضِع عَلَى رُكْبَتَيْه، أو فَخِذيه، فَنفَث عَلَيْهِ من رِيقِه وأَلبْسَه قميصه. والله أعلم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، قال: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، أَتَى ابنه عبد الله بن عَبْدُ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ لِيُكَفِّنَهُ فِيهِ، فَأَعْطَاهُ, ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ؛ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عليه، فقام عمر فأخذ ثوبه فقال: يا رسول الله، أتصلي عليه وقد نهاك الله عنه؟ قَالَ: "إِنَّ رَبِّي خَيَّرَنِي، فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] ، وَسَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ". فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ. قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنزَلَ اللَّهُ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ   1 أخرجه البخاري في "الجنائز" "2/ 76"، ومسلم "2773" في "صفات المنافقين" وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 84] . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وفيها: قُتل عُرْوَةُ بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، وكان سيّدًا شريفًا من عقلاء العرب ودهاتهم، ودعا قومه إلى الْإِسْلَام فقتلوه, فيُرْوى أَنْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلُه مَثَلُ صاحب ياسين، دعا قومه إلى الله فقتلوه". وفيها: تُوُفِّيت السيدة أمّ كلثوم بِنْت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زَوْجَة عثمان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وفيها: تُوُفِّيَ عَبْد اللَّه ذُو البِجَادَيْن -رَضِيَ اللَّهُ عنه، ودُفن بتَبُوك، وصلّى عَلَيْهِ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأثنى عَلَيْهِ ونزل فِي حُفْرته، وأَسْنَدَهُ فِي لَحْدِه. وقال: "الَّلُهّم إنّي أمسيتُ عَنْهُ راضيًا، فَارْضَ عَنْهُ"2. وقال مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: حدّثني مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم التَّيْميّ، قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّه ذو البِجادَيْن من مُزَيْنَة, وكان يتيمًا فِي حِجْر عمّه، وكان يُحْسن إِلَيْهِ, فلمّا بلغه أَنَّهُ قد أَسْلَم, قَالَ: لَئِنْ فعلتَ لأَنْزِعَنَّ منك جميع ما أعطيتك. قَالَ: فإنّي مُسلم. فنزع كلَّ شيء أعطاه، حتّى جَرَّده ثوبَه, فأتى أُمَّه، فقطعتْ بِجادًا لها باثْنَيْن، فائْتَزَر نِصْفًا وارْتَدى نِصفًا, ولَزِمَ بابَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكَانَ يرفع صوته بالقرآن والذِّكْر, وتوفّي فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيها: قدِم وَفْدٌ ثَقِيف من الطَّائِف، فأسلموا بعد تَبوك، وكتب لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتابًا. وفيها: مَرجعَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تبوك، مات سُهَيْل بْن بَيْضاء، أخو سهل بن بيضاء، وهي أمهما، واسمها دَعْد بِنْت جَحْدَم. وأما أَبُوهُ فوَهْب بْن رَبِيعَة الفِهْرِيّ, ولسهيل صُحْبةٌ وروايةٌ حديثٍ، وَهُوَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الْمِصْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ مَاتَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ". وَلِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، نَحْوَهُ. وَأَمَّا الدَّرَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عن سعيد بن   1 أخرجه البخاري في "2/ 76" في الجنائز، ومسلم "2774" في "صفات المنافقين". 2 ذكره الحافظ في "الإصابة" "4/ 99"، وقال: رواه البغوي بطوله من هذا الوجه ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 الصَّلْتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ. وَهَذَا مُتَّصُلٌ عَنْ سُهَيْلٍ, إِذْ سَعِيدُ بْنُ الصَّلْتِ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ لا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ سُهَيْلٍ, وَلَوْ سَمِعَ مِنْهُ لَسَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم، ولكان صحابيًّا, لكن الْمُرْسَلَ أَشْهَرُ. وَكَانَ سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ مِنَ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ، شَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا, وَكَذَلِكَ أَخُوهُ سَهْلٌ، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَيْضًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَنْبَأَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ، عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ، وَأَنَا أَسْقِيهِمْ، حَتَّى كَادَ الشَّرَابُ أَنْ يَأْخُذَ فِيهِمْ, ثُمَّ ذَكَرَ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ بِطُولِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدٌ, أَدْخِلُوهُ الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ سُهَيْلٍ وَسَهْلٍ1. وَقَالَ فِيهِ غَيْرُ الضَّحَّاكِ: مَا أَسْرَعَ مَا نَسُوا؛ لَقَدْ صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ. وفيها: تُوُفِّيَ زيد بْن سَعْنَة؛ بالياء وبالنون، وبالنّون أشهر؛ وهو أحد الأحْبار الذين أسلموا. وكان كثير العلم والمال, وخبرُ إسلامه رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ هَدْيَ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ، قَالَ: مَا مِنْ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ حِينَ نَظَرْت إِلَيْهِ، إِلا شَيْئَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ وَلا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ إِلا حِلْمًا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَهُوَ فِي الطَّوَالاتِ لِلطَّبَرَانِيِّ, وَآخِرُهُ: فَقَالَ زَيْدٌ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَآمَنَ بِهِ وَتَابَعَهُ، وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ, وَتُوُفِّيَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ. وَالْحَدِيثُ غَرِيبٌ، مِنَ الأَفْرَادِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدة مَعْمَر بْن المثنّى: وفيها قَتلت فارسُ ملكهم شهرا برز بن شيرويه،   1 "صحيح": صححه الشيخ الألباني في "أحكام الجنائز". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 ومَلَّكوا عليهم بُوران بِنْت كِسْرى, وبلغ ذَلِكَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "لن يُفْلِحَ قومٌ وَلَّوْا أَمْرَهم امْرَأَة" 1. وفيها: تُوُفِّيَ عَبْد اللَّه بْن سعد بْن سُفْيَان الأنصاريّ، من بني سالم بْن عَوْفُ, كنيته أبو سعد. شهد أُحُدًا والمشاهد, وتُوُفِّيَ منصرف النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تبوك, فيقال: إنَّ النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كفنه فِي قميصه. وفيها: فِي هَذِهِ المدة: توفي زَيْد بْن مُهَلْهَلِ بْن زَيْد أَبُو مُكْنِف الطَّائيّ، فارس طَيِّئ. وهو أحد المؤلَّفة قلَوْبهم, أعطاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مائةً من الإبل، وكتب لَهُ بإقْطاعِ, وكان يُدعى زيد الْخَيْلِ، فسمَّاه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد الخير, ثمّ إنه رجع إلى قومه فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ يَنْجُ زيدٌ من حُمَّى المدينة". فلمّا انتهى إلى نَجْد أَصابته الْحُمَّى ومات. وفيها: حجَّ بالناس أَبُو بَكْر الصدِّيق؛ بعثه النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الموسم فِي أواخر ذي القعدة ليقيم للمسلمين حجّهم. فنزلت {بَرَاءَةٌ} إثر خروجه. وفي أَوَّلها نُقض ما بين النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين المشركين من العهد الَّذِي كانوا عَلَيْهِ. قَالَ ابن إِسْحَاق: فخرج عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عنه، نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العَضْباء، حتّى أدرك أَبَا بَكْر بالطريق, فلمّا رآه أَبُو بَكْر قَالَ: أميرٌ أو مأمور؟ قَالَ: لَا، بَلْ مأمورٌ, ثمّ مَضَيا, فأقام أَبُو بَكْر للناس حجّهم، حتّى إذا كَانَ يوم النَّحْر، قام عليَّ عند الجَمْرة فأَذَّن فِي النّاس بالذي أَمَره رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أيها النّاس، إنه لا يدخل الجنة إلّا نفسٌ مسلمةٌ، ولا يَحُجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان, وكمن كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو لَهُ إلى مُدَّتِه. وأَجَّلَ الناسَ أربعة أشهرٍ من يوم أَذَّن فيهم، ليرجع كلُّ قومٍ إلى مَآمِنهِم من بلادهم, ثمّ لَا عَهْد لمُشْرِك. وَقَالَ عَقِيلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحِجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذَّنُونَ بِمِنًى أَنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَلِيِّ بْنِ أبي طالب فأمره أن   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 136"، وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ. قَالَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ، أَنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلا يطوف بالبيت عُرْيَانُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَخْرَجَاهُ1 مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث أَبَا بَكْرٍ وَأَتْبَعَهُ عَلِيًّا. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: فَكَانَ عَلِيٌّ نَادَى بِهَا، فَإِذَا بُحَّ قَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَنَادَى بِهَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، قَالَ: سَأَلْنَا عليًّا -رضي الله عنه: بأي شيء بعث فِي ذِي الْحِجَّةِ؟ قَالَ: بُعِثْتُ بِأَرْبَعٍ: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ، وَلا يَجْتَمِعُ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَعْدَ عَامِهِ هَذَا، وَمَنْ كَانَ بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- عَهْدٌ، فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ له عهد فأجله أربعة أشهر.   1 أخرجه البخاري في "الحج" "2/ 164"، ومسلم في "الحج" "1347"، وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مسعود الثقفي، وفد ثقيف: ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ: قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: فَلَمَّا صَدَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وَأَقَامَا لِلنَّاسِ الْحَجَّ، قَدِمَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْلِمًا, وَكَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ, وَأَمَّا ابْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرَ أَنَّ قُدُومَ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَ فِي إِثْرِ رَحِيلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَهْلِ الطَّائِفِ وَعَنْ مَكَّةَ، وَأَنَّهُ لَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَسْلَمَ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى قَوْمِهِ بِالإِسْلامِ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنهم قاتلوك". ثم بعد أشهرٍ، قَدِم: وَفْدُ ثَقِيف: وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَضَرَبَ لَنَا قُبَّتَيْنِ عِنْدَ دَارِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. قال: وكان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 بِلالٌ يَأْتِينَا بِفِطْرِنَا فَنَقُولُ: أَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، مَا جِئْتُكُمْ حَتَّى أَفْطَرَ، فَيَضَعُ يَدَهُ فَيَأْكُلُ وَنَأْكُلُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْزَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ، لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ. وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَمُوا أَنْ لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا يُجَبُّوا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَيْسَ فِيهِ رُكُوعٌ، وَلَكُمْ أَنْ لَا تُحْشَرُوا وَلَا تُعْشَرُوا". وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، نا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ شَأْنِ ثَقِيفٍ إِذْ بَايَعَتْ قَالَ: اشْتَرَطَتْ عَلَى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا صَدَقَةَ عَلَيْهَا وَلا جِهَادَ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: "سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ إِذَا أَسْلَمُوا". وقال مُوسَى بْن عُقْبة، وعن عُرْوَةُ بمعناه، قَالَ: فأسلم عُرْوَةُ بْن مَسْعُود، واستأذن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليرجع إلى قومه, فقال: "إنّي أخاف أَن يقتلوك". قَالَ: لو وجدوني نائمًا ما أيقظوني. فأذن لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فرجع إلى الطائف، وقدِم الطائف عَشِيًّا فجاءته ثقيف فحيّوه، ودعاهم إلى الْإِسْلَام, ونصح لهم، فاتَّهموه وعَصَوْه، وأَسْمعوه من الأذى ما لم يكن يخشاهم عَلَيْهِ, فخرجوا من عنده، حتّى إذا أسحر وطلع الفجر، قام عَلَى غرفةٍ لَهُ فِي داره فأذّن بالصلاة وتشهدّ، فرماه رَجُل من ثقيف بسهمٍ فقتله. فزعموا أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ حين بلغه قَتْله: "مَثَلُ عُرْوَةُ مَثَل صاحِب ياسين، دعا قومه إلى اللَّه فقتلوه". وأقبل -بعد قتله- من وفد ثقيف بضعةُ عشر رجلًا هُمْ أشراف ثقيف، فيهم كِنَانة بْن عَبْد يالَيِل وهو رأسهم يومئذٍ، وفيهم عثمان بْن أَبِي العاص بْن بشر، وهو أصغرهم. حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة يريدون الصُّلْح، حين رأوا أنَّ قد فُتحت مكة وأَسلمت عامّة العرب. فقال المُغيرة بْن شُعْبَة: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنْزِلُ على قومي فأكرمهم، فإني حديث   1 "صحيح": أخرجه أبو داود "3025" في "الخراج والإمارة والفيء"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2614": صحيح، وكذلك في "الصحيحة" "1888". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 الجُرْم فيهم. فقال: "لَا أمنعك أنَّ تكرم قومك، ولكن منزلك حيث يسمعون القرآن". وكان من جُرم المُغِيرة فِي قومه أَنه كَانَ أَجيرًا لثقيف، وأنهم أقبلوا من مصر، حتّى إذا كانوا ببُصَاق، عدا عليهم وهم نِيَام فقتلهم، ثمّ أقبل بأموالهم حتّى أَتَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ! خَمِّسْ مالي هذا. فقال: "وما نبؤه"؟ فأخبره، فقال: "إنّا لسنا نَغْدِر". وأبى أنَّ يخمّسه. وأَنزلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفدَ ثقيف فِي المسجد، وبنى لهم خِيَامًا لكي يسمعوا القرآن ويروا النّاس إذا صلّوا, وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خطب لم يَذْكُر نَفْسَه, فلمّا سمعه وفد ثقيف قَالُوا: يأمرنا أنَّ نشهد أَنَّهُ رَسُول اللَّهِ، ولا يشهد بِهِ فِي خُطبته, فلمّا بَلَغه ذَلِكَ قَالَ: "فإني أول من شهِد أنّي رَسُول اللَّهِ". وكانوا يَغْدون عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلَّ يومٍ، ويُخَلِّفون عثمان بْن أَبِي العاص عَلَى رِحالهم, فكان عثمان كلّما رجعوا وقالُوا بالهاجرة، عمد إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسأله عَنِ الدِّين واستقرأه القرآن حتّى فَقِه فِي الدّين وعَلِم, وكان إذا وجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نائمًا عمد إلى أَبِي بَكْر, وكان يكتم ذَلِكَ من أصحابه, فأَعْجَب ذَلِكَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعَجِب منه وأحبّه. فمكث الوفد يختلفون إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يدعوهم إلى الْإِسْلَام، فأسلموا, فقال كِنانة بْن عَبْد يَالِيل: هَلْ أنت مُقاضِينا حتّى نرجع إلى قومنا؟ فقال: "نعم، إنْ أنتم أقررتم بالإسلام قاضَيْتُكم، وإلا فلا قَضِيّة ولا صُلْح بيني وبينكم". قَالُوا: فالربا؟ قال: "لكم رءوس أموالكم". قَالُوا: فالخمر؟ قَالَ: "حرام". وتلا عليهم الآيات فِي تحريم هذه الأشياء. فارتفع القوم وخلا بعضهم ببعض، فقالوا: وَيْحكم، إنّا نخاف -إنْ خالفناه- يومًا كيوم مكة. انْطَلقوا نُكَاتِبه على ما سألنا. فأتوه فقالوا: نعم، كل ما سَأَلت. أرأيت الرَّبَّة ماذا نصنع فيها؟ قَالَ: "اهدموها". قَالُوا: هيهات، لو تعلم الربّة أنّك تريد هدمها قَتَلَتْ أهلها. فقال عُمَر: ويحك يابن عَبْد يَالِيل! ما أحمقك، إنّما الربّة حَجَر. قالوا: إنا لم نأتك يابن الخطّاب. وقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَوَلَّ أنت هدمها، فأما نَحْنُ فإنّا لن نهدمها أبدًا. قَالَ: "فسأبعث إليكم من يهدمها". فكاتَبُوه وقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أمِّرْ علينا رجلًا يَؤُمّنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 فأمّر عليهم عثمان لِما رَأَى من حِرْصه عَلَى الْإِسْلَام, وكان قد تعلَّم سُوَرًا من القرآن. وقال ابن عَبْد يَالِيل: أَنَا أَعلم النّاس بثقيف, فاكْتُمُوهم الْإِسْلَام وخَوِّفُوهم الحربَ، وأَخْبِرُوا أنّ محمدًا سَأَلَنا أمورًا أَبَيْناها. قَالَ: فخرجت ثقيف يتلقَّوْن الوفدَ, فلمّا رأوهم قد ساروا العَنَق، وقَطَروا الإبل، وَتَغشَّوا ثيابهم، كهيئة القوم قد حَزِنُوا وكُرِبُوا ولم يرجعوا بخير. فلمّا رأت ثقيف ما فِي وجوههم قَالُوا: ما وفدُكم بخيرٍ ولا رجعوا بِهِ, فدخل الوفد فعَمدوا اللات فنزلوا عندها, والّلات بيت بين ظهرَيْ الطائف يُسْتَر ويُهْدَى لَهُ الْهَدْيَ، كما يُهدى للكعبة. فقال ناس من ثقيف حين نزل الوفد إليها: إنه لَا عَهْد لهم برؤيتها. ثمّ رجع كل واحد إلى أهله، وجاء كل رَجُل منهم خاصَّتَه فسأَلوهم فقالوا: أَتَيْنا رجلًا فَظًّا غليظًا يأخذ من أمره ما يشاء، قد ظهر بالسيف وأَدَاخ العرب ودانت لَهُ النّاس, فعرض علينا أمورًا شِدادًا: هَدْم الّلات وتَرْك الأموال فِي الرِّبا إلّا فِي رءوس أموالكم، وحَرَّم الخَمْر والزِّنا، فقالت ثقيف: والله لَا نقبل هذا أبدًا. فقال الوفد: أصلحوا السلاح وتهيّئوا للقتال ورمّوا حصنكم, فمكثت ثقيف بذلك يومين أو ثلاثة يريدون القتال, ثمّ ألقى اللَّه فِي قلوبهم الرُّعب، فقالوا: والله ما لنا بِهِ طاقة، وقد أداخ العرب كلّها، فارجعوا إِلَيْهِ فأَعْطُوه ما سَأَلَ, فلمّا رَأَى ذَلِكَ الوفد أنهم قد رَعَبوا قَالُوا: فإنّا قد قاضَيْناه وفعلنا ووجدناه أتقى النّاس وأرحمهم وأصدقهم. قَالُوا: لِم كَتَمْتُمُونا وغَمَمْتُمونا أشدّ الغمّ؟ قَالُوا: أردنا أنَّ ينزع اللَّه من قلوبكم نَخْوَة الشَّيطان, فأسلموا مكانَهم. ثمّ قدِم عليهم رسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قد أمَّر عليهم خَالِد بْن الوليد، وفيهم المغيرة, فلما قدموا عمدوا اللات ليهدموها، واسْتَكَفَّت ثقيف كلها، حتّى خرج العَواتق، لَا ترى عامة ثقيف أنها مهدومة, فقام المُغِيرة فأخذ الكَرْزِينَ وقال لأصحابه: والله لأُضْحِكَّنكم منهم. فضرب بالكرزين، ثمّ سقط يَرْكُض. فارتَجّ أهُل الطائف بصيحةٍ واحدةٍ، وقَالُوا: أَبْعَدَ اللَّه المُغِيرة، قد قتلته الرَّبَّة, وفرحوا، وقَالُوا: من شاء منكم فليقتربْ وليجتهدْ عَلَى هدمها، فَوَالله لَا يُستطاع أبدًا, فوثب المُغِيرة بْن شُعْبَة فقال: قبّحكم اللَّه؛ إنما هِيَ لكاع حجارة ومَدر، فاقْبَلوا عافِيَة اللَّه واعبدوه. ثمّ ضرب الباب فكسره، ثمّ عَلا عَلَى سورها، وعلا الرجالُ معه، فهدموها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 وجعل صاحب المَفْتَح يَقُولُ: ليَغْضَبَنَّ الأساسُ، فليخسفَنَّ بهم. فقال المُغِيرة لخالد: دعني أحفر أساسها فحفره حتّى أخرجوا ترابها، وانتزعوا حِلْيَتَها، وأخذوا ثيابها, فبهتت ثقيف، فقالت عجوزٌ منهم: أسلمها الرُّضَّاع وتركوا المِصَاع. وأقبل الوفد حتّى أتوا النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحليتها وكسوتها، فَقَسَمه. وقال ابن إِسْحَاق: أقامت ثقيف، بعد قتل عُرْوَةُ بْن مَسْعُود، أشهرًا. ثمّ ذكر قدومَهم عَلَى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإسلامَهم, وذكر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث أَبَا سُفْيَان بْن حرب والمغيرة يهدمان الطَّاغية. وقال سَعِيد بْن السَّائب، عَنْ محمد بن عبد الله بن عِيَاض، عَنْ عثمان بْن أَبِي العاص؛ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ أنَّ يجعل مسجد الطائف حيثُ كانت طاغيتهم. رَوَاهُ أَبُو همّام مُحَمَّد بْن مُحَبَّب الدلّال، عَنْ سَعِيد. ولما فرغ ابن إِسْحَاق من شأن ثقيف، ذكر بَعْدَ ذلك حجّة أَبِي بَكْر الصديق بالناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 أحداث السنة العاشرة وفد بني تميم ... أحداث السنة العاشرة: ثمّ قَالَ ابن إِسْحَاق: ولمّا فتح اللَّه عَلَى نبيّه مكّة، وفَرَغ من تبوك، وأسلمتْ ثقيف، ضَرَبتْ إِلَيْهِ وُفودُ العرب من كلّ وَجْهٍ, وإنما كانت العرب تَرَبَّصُ بالإسلام أَمْرَ هذا الحيّ من قريش، وأَمْرَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذلك أنّ قريشًا كانوا إِمامَ النّاس. وفد بني تَمِيم: قَالَ: فقدم عُطَارِد بْن حَاجِب فِي وفدٍ عظيمٍ من بني تميم1، منهم الأَقْرَع بْن حَابِس، والزِّبْرِقَان بْن بَدْر، ومعهم عُيَيْنة بْن حِصْن, فلمّا دخلوا المسجد, نادوا رَسُول اللَّهِ من وراء حُجُراته: اخرجْ إلينا يا مُحَمَّد، جئناك نفاخرك، فائذنْ لشاعرنا وخطيبنا. قَالَ: "فقد أذنت لخطيبكم، فليقم". فقام عطار، فقال: الحمد لله الَّذِي لَهُ علينا الفضلُ وَالْمَنُّ، وهو أَهْلُه، الَّذِي جعلنا ملوكًا, ووهب لنا أموالا عظامًا نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزَّ أهُل المَشْرق، وأكثرَهُ عَدَدًا، وأَيْسره عُدّةً, فَمنْ مثْلُنا فِي الناس؟   1 كانت منازلهم بأرض نجد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 ألسنا برءوس النّاس وَأُولِي فضلهم؟ فمن فاخَرَنا فَلْيَعْدُدْ مثل ما عَدَدْنا، وإنّا لو نَشَأْ لأَكْثَرْنا الكلام، ولكن نستحيي من الإِكْثار, أقول هذا لأَنْ تَأتوا بمثل قولنا، وأمرٍ أفضل من أمرنا. ثمّ جلس, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لثَابِت بْن قَيْس بْن الشَّمَّاس الخَزْرَجِيّ: "قُمْ فأَجِبْهُ". فقام، فقال: الحمد لله الَّذِي السماواتُ والأرضُ خَلْقُه، قضى فيهنَّ أَمْره، ووَسع كُرْسِيُّه عِلْمه، ولم يكن شيء قطّ إلّا من فضله, ثمّ كَانَ من فضله أنَّ جعلنا ملوكًا واصْطَفى من خير خلقه رسولًا؛ أَكْرَمه نسبًا، وأصدقه حديثًا، وأفضله حَسَبًا، فأنزل عَلَيْهِ كتابه، وائْتَمَنه عَلَى خَلْقه، فكان خِيَرَةَ اللَّه من العالمين، ثمّ دعا النّاس إلى الْإِيمَان فآمن بِهِ المهاجرون من قومه وَذَوِي رَحِمه، أكرم النّاس أَحْسابًا، وأحسن النّاس وجوهًا، وخير النّاس فَعالًا، ثمّ كَانَ أول الخلق استجابةً -إذْ دَعَاهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نحنُ, فنحنُ الأنصار، أنصارُ اللَّه ووزراءُ رسوله، نقاتل النّاس حتّى يؤمنوا بالله ورسوله, فمَنْ آمَنَ مَنَع مالَهُ ودَمَهُ، ومن كفر جاهدناهُ فِي اللَّه أبدًا، وكان قَتْلُه علينا يسيرًا, أقول قَوْلِي هذا وأستغفر اللَّه للمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم. فقام الزِّبْرِقانُ بْن بدر، فقال: نحن الكرام فلا حي يعادلنا ... من الْمُلُوكُ وفينا تُنْصَب البيَعُ وكَمْ قَسَرْنا من الأحياءِ كُلِّهُم ... عِنْدَ النِّهابِ وفَضْلُ الْعِزِّ يُتَّبَع ونحن نطعم عند القحط مطعمنا ... من الشِّواء إذا لم يُؤْنَسِ القَزَع بما تَرَى النَّاسَ تَأْتِيَنا سَرَاتُهمُ ... من كلّ أرضٍ هُوِيًّا ثمّ نَصْطَنِع فِي أبياتٍ. فقال النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يا حَسَّانُ، فأَجِبْهُ". فقال حسّان: إنَّ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرٍ وإِخْوَتهمْ ... قَدْ بَيَّنُوا سُنَّةً لِلنَّاسِ تُتَّبَعُ يَرْضَى بها كلُّ مَنْ كانتْ سَرِيرَتُهُ ... تَقْوَى الإلهِ وكلَّ الخير يصطنِع قَوْمٌ إذا حَارَبوا ضَرُّوا عَدُوَّهُمُ ... أوْ حَاوَلُوا النَّفْعَ فِي أشْيَاعِهم نَفَعوا سَجِيَّةٌ تِلْكَ مِنْهُم غَيْرُ مُحْدَثَةٍ ... إنّ الخلائقَ فاعْلَمْ شرُّها البِدَع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 فِي أبيات. فقال الأقرع بْن حابس: وَأَبي، إن هذا الرجل لمؤتًى له, وإن خطيبه أفْصَحُ من خطيبنا، ولَشاعره أَشْعَرُ من شاعرنا. قال: فلما فرغ القوم أسلموا، وأحسن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جوائزهم, وفيهم نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] 1. وَقَالَ سُلَيْمَان بْن حَرْب: ثنا حَمَّادُ بْن زيد، عَنْ مُحَمَّد بْن الزُّبير الحَنْظَليّ، قَالَ: قدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزِّبْرِقان بْن بدر، وقَيْس بْن عاصم، وعَمْرو بْن الأهْتَم. فقال لعمرو بْن الأهتم: أخبرني عَنْ هذا الزِّبْرقَان، فأمّا هَذَا فلستُ أسألك عَنْهُ. قَالَ: وأُراه قَالَ قد عرف قَيْسًا. فقال: مُطاعٌ فِي أدْنيه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره. فقال الزِّبْرقان: قد قَالَ ما قَالَ وهو يعلم أنّي أفضل مما قَالَ. فقال عمرو: ما علمتك إلّا زَمِرَ المروءة، ضيّق العَطَن، أحمق الأب، لئيم الخال. ثمّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قد صَدَقْتُ فيهما جميعًا؛ أرضاني فقلتُ بأحسن ما أعلم، وأسخطني فقلت بأسْوَأ ما فِيهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ من البيان سِحْرًا". وقد روى نَحوه عليُّ بْن حرب الطائيّ، عَنْ أَبِي سعيدٍ الهيثم بْن محفوظ، عَنْ أَبِي المُقَوّم الْأَنْصَارِيّ يحيى بن يزيد، عَنِ الحَكَم بْن عُيَيْنة، عَنْ مِقْسم، عَنِ ابن عباس؛ متصلا.   1 عن الأقرع بن حابس: إِنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا محمد! اخرج إلينا، فلم يجبه. وفي رواية: يا محمد إن حمدي زين، وإن ذمي شين! فقال: "ذاك الله" فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} أخرجه البغوي وابن مروديه، وإسناده صحيح. انظر: "المقبول" "608". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 وفد بني عامر : وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ثُمَامَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ؛ قَالَ: وَفَدَ أَبِي فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْتَ سَيِّدُنَا وَذُو الطَّوْلِ عَلَيْنَا. فَقَالَ: "مَهْ مَهْ، قُولُوا بِقَوْلِكُمْ وَلا يَسْتَجْرِئَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، السَّيِّدُ اللَّهُ، السَّيِّدُ اللَّهُ" 1. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُؤَمَّلَةَ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ جَدِّهَا مُؤَمَّلَةَ بْنِ جَمِيلٍ، قَالَ: أَتَى عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا عَامِرُ، أَسْلِمْ". قَالَ: أَسْلِمْ عَلَى أَنَّ الْوَبَرَ لِي وَالْمَدَرَ لَكَ. قَالَ: "يَا عَامِرُ أَسْلِمْ". فَأَعَادَ قَوْلَهُ. قَالَ: "لا". فَوَلَّى وَهُوَ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ! لأَمْلأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلا جُرْدًا وَرِجَالا مُرْدًا، وَلأَرْبِطَنَّ بِكُلِّ نَخْلَةٍ فَرَسًا. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرًا وَاهْدِ قَوْمَهُ". فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ صَادَفَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا سَلُولِيَّةُ، فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَنَامَ فِي بَيْتِهَا، فَأَخَذَتْهُ غُدَّةٌ فِي حَلْقِهِ، فَوَثَبَ عَلَى فَرَسِهِ، وَأَخَذَ رُمْحَهُ، وَأَقْبَلَ يَجُولُ، وَيَقُولُ: غُدَّةُ كغدة الْبَكْرِ، وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةَ, فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ حَالَهُ حَتَّى سَقَطَ مَيِّتًا. وقال ابن إِسْحَاق. قدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفدُ بني عامر، فيهم: عامر بن الطفيل, وأربد بن قيس، وخالد بْن جَعْفَر، وحيّان بْن سَلَم، وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم. فقدِم عامرُ عدوّ الله على رسول الله وهو يريد أنَّ يَغْدِر بِهِ, فقال لَهُ قومه: إنّ النّاس قد أسلموا, فقال: قد كنت آليْتُ أنَّ لَا أَنْتَهي حتّى تَتْبَع العربُ عَقِبي، فأنا أتبعُ عَقِبَ هذا الفتى من قريش؟ ثمّ قَالَ لأرْبَد: إذا قدِمنا عَلَيْهِ فإنّي شاغلٌ عنك وَجْهه، فإذا فعلتُ ذَلِكَ فاعْلُهُ بالسيف. فلمّا قدِموا عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ عامر: يا مُحَمَّد، خَالِّني. فقال: "لَا والله، حتّى تؤمن بالله وحده". فقال: والله لأملأنّها عليك خَيْلًا ورِجَالًا. فلمّا ولّى قَالَ: "الَّلُهّم اكْفِني عامرًا". ثمّ قَالَ لأَربَد: أَيْنَ ما أمرتُكَ بِهِ؟ قَالَ: لَا أَبَا لَكَ، والله ما هممتُ بالذي أمرتني بِهِ من مرّةٍ إلّا دَخَلْتَ بيني وبينه، أَفَأَضْرِبُكَ بالسَّيف؟ فبعث اللَّه ببعض الطريق عَلَى عامر الطَّاعُون فِي عُنُقه، فقتله اللَّه فِي بيت امرأةٍ من سلول, وأما الآخر فأرسل اللَّه تعالى عَلَيْهِ وعلى جَمَله صاعقةً أَحْرَقَتْهما. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حدثني أَنَسٌ، قَالَ: كَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَكَانَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أخيرك بين ثلاث   1 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "4/ 2544". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 خِصَالٍ؛ فَيَكُونَ لَكَ أَهْلُ السَّهْلَ وَيَكُونَ لِي أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونَ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ، أَوْ أَغْزُوَكَ بِغَطَفَانَ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ. قَالَ: فَطُعِنَ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ. فَقَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ، ائْتُونِي بِفَرَسِي. فَرَكِبَ فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فرسه. أخرجه البخاري1.   1 في "المغازي" "5/ 40". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 وَافِدُ بني سَعْدٍ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بَعَثَتْ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ جَلْدًا أَشْعَرَ ذَا غَدِيرَتَيْنِ، فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ, فَقَالَ: أَيُّكُمُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ: "أَنَا". فَقَالَ: أَنْتَ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ وَمُغَلِّظٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَلا تَجِدَنَّ فِي نَفْسِكَ, أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَهَكَ وَإِلَهَ مَنْ قَبْلِكَ وَإِلَهَ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ، اللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْمُرَنَا أن نعبده وحده لا شريك بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ نَخْلَعَ هَذِهِ الأَنْدَادَ؟ قَالَ: "اللَّهُمَّ نَعَمْ". قَالَ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَهَكَ وَإِلَهَ مَنْ قَبْلِكَ وَإِلَهَ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ، اللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ؟ قَالَ: "نَعَمْ". ثُمَّ جَعَلَ يَذْكُرُ فَرَائِضَ الإِسْلامِ وينشده عَنْ كُلِّ فَرِيضَةٍ ثُمَّ قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَسَأُؤَدِّي هَذِهِ الْفَرَائِضَ، وَأَجْتَنِبُ مَا نَهَيْتَنِي عَنْهُ، ثُمَّ لا أَزِيدُ وَلا أَنْقُصُ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرِهِ رَاجِعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ صَدَقَ ذُو الْعَقِيصَتَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ". فَقَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَكَانَ أَوَّل مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: بِاسْتِ اللاتِ وَالْعُزَّى. قَالُوا: مَهْ يَا ضِمَامُ، اتَّقِ الْبَرَصَ، اتَّقِ الْجُنُونَ. قَالَ: وَيْلَكُمْ، إِنَّهُمَا وَاللَّهِ لا يَضُرَّانِ وَلا يَنْفَعَانِ, إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِهِ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى ذَلِكَ الْيَوْمَ وَفِي حَاضِرِهِ رَجُلٌ وَلا امْرَأَةٌ إِلا مُسْلِمًا. قَالَ: يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا سَمِعْنَا بِوَافِدِ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ ضِمَامٍ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ الْمَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَيْرٍ، ثنا أَبِي، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِرَبِّ مَنْ قَبْلِكَ وَرَبِّ مَنْ بَعْدِكَ، اللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَإِنِّي قَدْ آمَنْتُ وَصَدَّقْتُ، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ, فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَقِهَ الرَّجُلُ". قَالَ: فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ مَسْأَلَةً وَلا أَوْجَزَ مِنْ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ. الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ ضَعِيفٌ. وقصّة ضمام فِي الصَّحيحيْن من حديث أَنَس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 الجارود بن عمرو، وفد بني حنيفة : الجَارُود بْن عَمْرو: قَالَ ابن إِسْحَاق: وفد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الجَارُود بْن عَمْرو أخو بني عَبْد القَيْس. قَالَ عَبْد الملك بْن هشام: وكان نَصْرانِيًّا، فدعاه رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْإِسْلَام. فقال: يا مُحَمَّد! تَضْمن لي ديني؟ قَالَ: "نعم، قد هداك اللَّه إلى ما هُوَ خيرٌ منه". قَالَ: فأسلم، وأسلم أصحابه. وفدُ بَني حَنِيفَة: قَالَ ابن إِسْحَاق: وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفد بني حنيفة، فيهم مُسَيْلمَة بْن حُبَيْب الكَذَّاب, فكان مَنْزَلهم فِي دار بِنْت الحارث الأنصارية, فحدّثني بعض علمائنا أنّ بني حَنِيفَة أَتَتْ بِهِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْتُرُه بالثّياب، ورسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جالسٌ مَعَ أصحابه معه عَسِيبُ نخلٍ فِي رأسه خُوصاتٌ. فلمّا كَلَّم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لو سألتني هذا العَسيبَ ما أعطيتُكَهُ". قَالَ ابن إِسْحَاق: وحدّثني شيخٌ من أهُل اليمامة أنّ حديثه كَانَ عَلَى غيرَ هذا؛ زَعَم أنّ وفد بني حنيفة أَتَوْا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخلفوا مسلمة فِي رحَالِهم، فلمّا أسلموا ذكروا لَهُ مكانه فأمر لَهُ رَسُول اللَّهِ بمثل ما أمر بِهِ لهم، وقال: "أَمَا إنه ليس بأشرِّكم مكانًا"؛ يعني حِفْظَهُ ضَيْعَة أصحابه. ثمّ انصرفوا وجاءوه بالذي أعطاه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 فلمّا قدِموا اليمامة ارْتَدَّ عَدُوُّ اللَّه وتَنَبَّأَ، وقال: إنّي أُشْرِكتُ فِي الأمر مَعَ مُحَمَّد، ألم يقل لكم حين ذكرتموني لَهُ: "أما إنه ليس بأشرِّكم مكَانًا"؟ وما ذَلِكَ إلّا لِما يعلم أنّي قد أُشركت معه. ثمّ جعل يَسْجَع السَّجعات فيقول لهم فيما يَقُولُ مُضاهاةً للقرآن: لقد أنعم اللَّه عَلَى الْحُبُلِىِّ، أخرج منها نَسَمةً تَسْعَى، من بين صِفاقٍ1 وحَشى. ووضع عَنْهُمْ الصلاة وأحلّ لهم الزِّنا والخمر. وهو مَعَ ذَلِكَ يشهد لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ نبيّ. فأَصْفَقَتْ معه بنو حَنِيفة عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، ثنا نَافِعُ بن جبير، عن ابن عباس قال: قدم مُسَيْلَمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدُ اتَّبَعْتُهُ. وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ. فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِي يَدِ النَّبِيِّ قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلَمَةَ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: "إِنْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أعطيتكها, ولن تعدو أمر الله فيك، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ, وَإِنِّي أُرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ يُجِيبُكَ عَنِّي". ثُمَّ انْصَرَفَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ"، فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بينا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتَ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ مَنْ بَعْدِي". قَالَ: فَهَذَا أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ صَاحِبُ صَنْعَاءَ، وَالْآخَرُ مُسْيَلِمَةُ صَاحِبُ الْيَمَامَةِ. أَخْرَجَاهُ2. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ وأهماني، فأوحي إلي أن انفخهما، فنفختهما، فذهبا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا؛ صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وقال خ: ثنا الصّلت بْن مُحَمَّد، نا مهديّ بْن ميمون، سَمِعَ أَبَا رجاء؛ هُوَ العُطَارِدِيّ؛ يَقُولُ: لَمَّا بُعث النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسمعنا به، لحقنا بمسيلمة الكذاب؛ لحقنا بالنار؛   1 الصفاق: الجلد الأسفل تحت الجلد الذي عليه الشعر. 2 أخرجه البخاري في "المناقب" "4/ 182"، ومسلم في "الرؤيا" "21/ 2273". 3 أخرجه البخاري في "المناقب" "4/ 182"، ومسلم في "الرؤيا" "21/ 2273" وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 وكنّا نعبد الحجَر فِي الجاهلية, وإذا لم نجد حجرًا جمعنا حثية من ترابٍ ثمّ حَلَبْنا عليها كُثْبَة اللَّبَن، ثمّ نطوف بِهِ. وَقَالَ إسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، عَنْ قيس بْن أَبِي حازم، قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى ابْن مَسْعُود فَقَالَ: إنّي مررت ببعض مساجد بني حنيفة وهم يقرءون قراءةً ما أنزلها اللَّه: الطَّاحِنات طَحْنًا، والعاجنات عَجْنًا، والخابزات خَبْزًا، والثَّاردات ثَرْدًا، واللاقمات لَقْمًا. فأرسل إليهم عَبْد اللَّه فأتى بهم، وهم سبعون رجلًا ورَأسُهم عَبْد اللَّه بْن النَّوَّاحَة. قَالَ: فأمَر بِهِ عَبْد اللَّه فقُتل. ثمّ قَالَ: ما كنّا بمُحْرِزِين الشَّيْطان من هَؤُلَاءِ، ولكنّا نَحْدُرهم إلى الشّأْم لعلّ اللَّه أنَّ يَكْفِيَنَاهُمْ. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَابْنُ أُثَالٍ رَسُولَيْنِ لِمُسَيْلَمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"؟ فَقَالَ: نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَلَوْ كُنْتُ قَاتِلا رَسُولا لَقَتَلْتُكُمَا". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الرُّسُلَ لا تُقتَلُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا ابْنُ أُثَالٍ فَقَدْ كَفَانَا اللَّهُ، وَأَمَّا ابْنُ النَّوَّاحَةِ فَلَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِي حَتَّى أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطيالسي في مسنده، عن الْمَسْعُودِيِّ. وَلَهُ شَاهِدٌ. قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ جَاءَهُ رَسُولَا مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابِ بِكِتَابِهِ يَقُولُ لَهُمَا: "وَأَنْتُمَا تَقُولَانِ بِمِثْلِ مَا يَقُولُ"؟ قَالَا: نَعَمْ. فَقَالَ: "أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَربْتُ أَعْنَاقَكُمَا". وقال ابن إِسْحَاق: وقد كَانَ مسيلمة كتب إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آخر سنة عَشْرٍ: من مسيلمة رَسُول اللَّهِ إلى مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ, سلام عليك، أما بعد، فإنّي قد أُشركت فِي الأمر معك، وإنّ لنا نِصْفَ الأرض، ولكنّ قريشًا قوم يعتدون". فكتب إِلَيْهِ: "من مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ إلى مسيلمة الكذّاب, سلام عَلَى من اتَّبع الْهُدَى، أما بعدُ، فإنّ الأرض لله يُورثها من يشاء من عبادة، والعاقبة للمتقين". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 وفد طيء، قدوم عدي بن حاتم : وفد طيئ: ثم قدم وفد طيئ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيهم زَيْد الخيل سيّدهم, فأسلموا، وسمّاه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد الخَيْر، وقطع لَهُ فَيْد1 وأَرَضِين، وخرج راجعًا إلى قومه. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ ينج زيد من حمى المدنية". فإنّه يُقَالُ قد سمّاها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باسمٍ غيرَ الحمّى، فلم نُثْبِتْه, فلمّا انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه، يقال لَهُ: فَرْدَة، أصابته الحمّى فمات بها. قَالَ: فعمدت امرأته إلى ما معه من كتب فحرّقَتها. قدوم عديّ بْن حاتم: قَالَ شُعْبَةُ: ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ حُبَيْشٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: جَاءَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا بِعَقْرَبٍ، فَأَخَذُوا عَمَّتِي وَنَاسًا. فَلَمَّا أَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! غَابَ الْوَافِدُ، وَانْقَطَعَ الْوَالِدُ، وَأَنَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، فَمُنَّ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ. قَالَ: "مَنْ وَافِدُكِ"؟ قَالَتْ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ. قَالَ: "الَّذِي فَرَّ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ"؟ قَالَتْ: فَمُنَّ عَلَيَّ. وَرَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ تَرَاهُ عَلِيًّا، فَقَالَ: سَلِيهِ حُمْلَانًا. فَسَأَلَتْهُ، فَأَمَرَ لَهَا بِهِ. قَالَ عَدِيٌّ: فَأَتَتْنِي، فَقَالَتْ: لَقَدْ فَعَلْتَ فَعْلةً مَا كَانَ أَبُوكِ يَفْعَلُهَا, إيته رَاغِبًا أَوْ رَاهِبًا، فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ، وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ. قَالَ عَدِيٌّ: فَأتَيْتُهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ امْرَأَةٌ وَصَبِيَّانِ؛ أَوْ صَبِيٌّ، فَذَكَرَ قُرْبَهُمْ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مُلْكَ كِسْرَى ولا قيصر، فأسلمت, فرأيت وجهه وقد اسْتَبْشَرَ، وَقَالَ: "إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ الْيَهُودُ، وَالضَّالِّينَ النَّصَارَى". وَذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ حُذَيْفَةَ، قَالَ رَجُلٌ: كُنْتُ أَسْأَلُ عَنْ حَدِيثِ عَدِيٍّ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي لا أَسْأَلُهُ, فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ. فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْصَى أَرْضِ الْعَرَبِ مِمَّا يَلِي الرُّومَ, ثُمَّ كَرِهْتُ مَكَانِي, فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُهُ وَسَمِعْتُ مِنْهُ, فَأَتَيْتُ إِلَى المدينة،   1 فيد: ناحية بشرقي سلمى أحد جبلي طيئ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 فَاسْتَبْشَرُوا -أَيِ النَّاسَ- وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ, فَقَالَ: "يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ". فَقُلْتُ: إِنِّي عَلَى دِينٍ. قَالَ: "أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ، أَلَسْتَ رَكُوسِيًّا"؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "أَلَسْتَ تَرْأَسُ قَوْمَكَ"؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "أَلَسْتَ تَأْخُذُ الْمِرْبَاعَ"؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ فِي دِينِك". قَالَ: فَوَجَدْتُ بِهَا عَلَيَّ غَضَاضَةً. ثُمَّ قَالَ: "إِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يَمْنَعَكَ أَنْ تُسْلِمَ أَنْ تَرَى بِمَنْ عِنْدَنَا خَصَاصَةً، وَتَرَى النَّاسَ عَلَيْنَا إِلْبًا وَاحِدًا, هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ"؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ مَكَانَهَا. قَالَ: "فَإِنَّ الظَّعِينَةَ سَتَرْحَلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِغَيْرِ جِوَارٍ، وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْنَا كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ". قُلْتُ: كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَلَيَفِيضَنَّ الْمَالُ حَتَّى يُهِمَّ الرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ مَالَهُ مِنْهُ صَدَقَةً". قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ الظَّعِينَةَ1 تَرْحَلُ مِنَ الْحِيرَةِ بِغَيْرِ جِوَارٍ، وَكُنْتُ فِي أَوَّلِ خَيْلٍ أَغَارَتْ عَلَى الْمَدَائِنِ. وَاللَّهِ لَتَكُونَنَّ الثَّالِثَةَ، إِنَّهُ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَرَوَى نَحْوَهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أبي عبيدة.   1 الظعينة: الجارية, وقد تقدم تعريفها. 2 أخرجه البخاري في "المناقب" "4/ 175, 176" بنحوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 قدوم فروة بن مسيك المرادي، وفد كندة : قدوم فَرْوَةَ بْن مُسَيْك المُرَادِيّ: وقال ابن إِسْحَاق: قدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرْوَةُ بْن مُسَيْك المُرادِيّ، مُفارِقًا لملوك كِنْدَة, فاستعمله النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مُرَادٍ وزُبَيْد ومَذْحِج كلها, وبعث معه عَلَى الصدقة خَالِد بْن سَعِيد بْن العاص، فكان معه حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفد كِنْدة: قَالَ: وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفد كِنْدَة، ثمانون راكبًا فيهم الأَشْعَث بْن قَيْس. فلمّا دخلوا عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ألم تُسلموا"؟ قَالُوا: بلى. قَالَ: "فما بَالُ هذا الحرير فِي أعناقكم"؟ قَالَ: فشقُّوه وألقَوْه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 وفد الأزد، كتاب ملوك حمير، بعث خالد ثم علي إلى اليمن : وفد الأَزْد: قَالَ: وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صُرَد بْن عَبْد اللَّه الأَزْدِيّ فأسلم، فِي وفدٍ من الأَزْد1, فأمره عَلَى من أسلم من قومه، ليجاهد من يليه. كِتَابُ مُلُوكِ حِمْيَر: قَالَ: وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتابُ ملوكِ حِمْير؛ مَقْدَمَهُ من تَبُوك، ورسولهم إِلَيْهِ بإسلامهم؛ الحارث بْن عَبْد كُلَالٍ، ونُعَيْم بْن عَبْد كُلالٍ، والنُّعْمان قِيلَ: ذِي رُعَيْن، ومَعَافِر، وهمْدان. وبعث إِلَيْهِ ذُو يَزَن، مالِكَ بْن مرة الرهاوي بإسلامهم. فكتب إليهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتابًا يذكر فِيهِ فريضة الصدقة, وأرسل إليهم مُعَاذ بْن جَبَل فِي جماعةٍ، وقال لهم: وإنّي قد أرسلتُ إليكم من صالِحي أهلي، وَأُولِي دينهم وأولي علمهم، وآمركم بهم خيرًا، والسلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته. بعث خَالِد ثمّ عليَّ إلى اليمن: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْبَرَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الْيَمَنِ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام. قَالَ الْبَرَاءُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ خَالِدٍ، فَأَقَمْنَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُجِيبُوهُ. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْفِلَ خَالِدٌ، إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَمَّمَ مَعَ خَالِدٍ أَحَبَّ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَ عَلِيَّ فَلْيُعَقِّبْ مَعَهُ, فَكُنْتُ فِيمَنْ عَقَّبَ مَعَ عَلِيٍّ, فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْقَوْمِ خَرَجُوا إِلَيْنَا، فَصَلَّى بِنَا عَلِيٌّ، ثُمَّ صَفَّنَا صَفًّا وَاحِدًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَتْ هَمْدَانُ جَمِيعًا, فَكَتَبَ عليٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ خَرَّ سَاجِدًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ، السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ". هَذَا حديث صحيح أخرج الْبُخَارِيُّ بَعْضُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبي البختري عن عَلِيٍّ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْيَمَنِ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَبْعَثُنِي وَأنَا شَابٌّ أَقْضِي بَيْنَهُمْ وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ, فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَثَبِّتْ لِسَانَهُ". فَمَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ. أَخْرَجَهُ د2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. مُتَّفَقٌ عليه من حديث عطاء.   1 الأزد: من أعظم قبائل العرب، وكانوا من أطيب الناس أفواهًا. 2 "حسن": أخرجه أبو داود في "سننه" "3582" في "الأقضية"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "3058": حسن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 بعث أَبِي مُوسَى ومُعاذ إلى اليمن: وَقَالَ شُعْبَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا. وَفِي الصَّحِيحِ لِلْبُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيثِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَرْضِ قَوْمِي. قَالَ: فَجِئْتُهُ وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْأَبْطَحِ. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: "أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "كَيْفَ"؟ قُلْتُ: لَبَّيْكَ إِهْلَالًا كَإِهْلَالِكَ. فَقَالَ: "أَسُقْتَ هَدْيًا"؟ قُلْتُ: لَمْ أَسُقْ هَدْيًا. قَالَ: "فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَاسْعَ ثُمَّ حِلَّ". فَفَعَلْتُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أما مُعاذ فالأَشْبَه أَنَّهُ لم يرجع من اليمن حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَنَا، الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ يُفَقِّهُ أَهْلَهَا وَيُعَلِّمُهُمُ السُّنَّةَ وَيَأْخُذُ صَدَقَاتِهِمْ، فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا وَعَهْدًا وَأَمَرَهُ فِيهِ أَمْرَهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ ورسوله؛ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود, عَهْدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حَيْثُ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ, أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ, فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ, وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَقِّ كَمَا أَمَرَهُ، وَأَنْ يُبَشِّرَ النَّاسَ بِالْخَيْرِ، وَيَأْمُرَهُمْ بِهِ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ الْقُرآنَ، وَيُفَقِّهَهُمْ فِيهِ، ولا يمس   1 أخرجه البخاري في "الجهاد والسير" "4/ 26"، ومسلم في "الجهاد والسير" -أيضًا- "1733". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ طَاهِرٌ، وَيُخْبِرَ النَّاسَ بِالَّذِي لَهُمْ، وَالَّذِي عَلَيْهِمْ، وَيَلِينَ لَهُمْ فِي الْحَقِّ، وَيَشْتَدَّ عَلَيْهِمْ فِي الظُّلْمِ، فَإِنَّ اللَّهَ كَرَّهَ الظُّلْمَ وَنَهَى عَنْهُ، وَقَالَ: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} . وَيُبَشِّرَ النَّاسَ بِالْجَنَّةِ وَبِعَمَلِهَا، وَيُنْذِرَ النَّاسَ مِنَ النَّارِ وَعَمَلِهَا، وَيَسْتَأْلِفَ النَّاسَ حَتَّى يَفْقَهُوا فِي الدِّينِ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ مَعَالِمَ الْحَجِّ وَسُنَنَهِ وَفَرَائِضِهِ وَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالْحَجَّ الأَكْبَرَ وَالْحَجَّ الأَصْغَرَ، فَالْحَجُّ الأَصْغَرُ الْعُمْرَةُ, وَيَنْهَى النَّاسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ الصَّغِيرِ إِلا أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا فَيُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَيَنْهَى أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَيُفْضِيَ إِلَى السَّمَاءِ بِفَرْجِهِ, وَلا يَعْقِدَ شعر رأسه إذا عفا فِي قَفَاهُ. وَيَنْهَى النَّاسَ إِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ هَيْجٌ أَنْ يَدْعُوا إِلَى الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ، وَلْيَكُنْ دُعَاؤُهُمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, فَمَنْ لَمْ يَدْعُ إِلَى اللَّهِ، وَدَعَا إِلَى الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ فَلْيُقْطَفُوا بِالسَّيْفِ حَتَّى يَكُونَ دُعَاؤُهُمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَيَأْمُرَ النَّاسَ بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ؛ وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَأَرْجُلَهُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَأَنْ يَمْسَحُوا رُءُوسَهُمْ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ، وَأُمِرُوا بِالصَّلاةِ لِوَقْتِهَا، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالْخُشُوعِ، وَأَنْ يُغَلِّسَ بِالصُّبْحِ، وَيُهَجِّرَ بِالْهَاجِرَةِ حِينَ تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَصلاةُ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ فِي الأَرْضِ مُدْبِرَةٌ، وَالْمَغْرِبَ حِينَ يَقْبَلُ اللَّيْلُ، لا تُؤَخَّرُ حَتَّى تَبْدُوَ النُّجُومُ فِي السَّمَاءِ، وَالْعِشَاءِ أَوَّلَ اللَّيْلِ, وَأَمَرَهُ بِالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ إِذَا نُودِيَ بِهَا، وَالْغُسْلِ عِنْدَ الرَّوَاحِ إِلَيْهَا, وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْمَغَانِمِ خُمُسَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَاَ كَتَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَةِ مِنَ الْعَقَارِ فِيمَا سَقَى الْغَيْلُ وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرَ، وَفِيمَا سَقَتِ الْغَرْبُ فَنِصْفَ الْعُشْرِ. ثُمَّ ذَكَرَ زَكَاةَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ، مُخْتَصَرًا. قَالَ: وَعَلَى كُلِّ حَالِمٍ: ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، دِينَارٌ وَافٍ أَوْ عِوَضُهُ مِنَ الثِّيَابِ, فَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ، وَمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ. وَقَدْ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عن أبيه، عن جده، نحو هذا الحديث موصولا بزيادات كَثِيرَةٍ فِي الزَّكَاةِ، وَنَقْصٍ عَمَّا ذَكَرْنَا فِي السُّنَنِ1. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ، ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ: أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا بَعَثَهُ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن، فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوصِيهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي وَقَبْرِي". فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "لَا تَبْكِ يا معاذ! البكاء من الشيطان" 2.   1 وأخرجه البخاري في "الزكاة" "2/ 133" مختصرًا. 2 أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 235"، ورجاله ثقات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 وفد نَجْران: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْن الزُّبير قَالَ: لما قدِم وفد نَجْران عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دخلوا عَلَيْهِ مسجده بعد العصر فحانت صلاتُهم، فقاموا يصلّون فِي مسجده، فأراد النّاس مَنْعَهم. فقال النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهم". فاستقبلوا الْمَشْرِقَ فصلّوا صلاتهم. وقال ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ ابن البَيْلَمانيّ، عَنْ كُرْز بْن علْقمة، قَالَ: قدم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفد نصارى نَجران؛ ستّون راكبًا، منهم أربعة وعشرون من أشرافهم، منهم: الْعَاقِبُ أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم، والذي لَا يصدرون إلّا عَنْ رأيه وأمره؛ واسمه عَبْد المسيح. والسيّد ثمِالُهم وصاحب رَحْلهم ومجتمعهم؛ واسمه الأَيْهم. وأبو حارثة بْن علْقمة، أحد بَكْر بن وائل؛ وأسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم. وكان أَبُو حارثة قد شرُف فيهم ودرس كتبهم حتّى حسُن علمه فِي دينهم, وكانت ملوك الرُّوم من أهُل النصرانية قد شرّفوه وموّلوه وبنوا لَهُ الكنائس, فلمّا توجّهوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ نَجران، جلس أَبُو حارثة عَلَى بَغْلةٍ لَهُ موجّهًا إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلى جنبه أخٌ لَهُ -يقال لَهُ: كُرْز بْن عَلْقَمَة- يُسايِرُه، إذْ عَثَرت بغلة أَبِي حارثة، فقال لَهُ كُرز: تَعِس الأَبْعدُ؛ يريد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو حارثة: بَلْ أنت تَعِسْتَ. فقال لَهُ: لِمَ يا أخي؟ فقال: والله إنه لَلنَّبيُّ الَّذِي كنّا ننتظره. قَالَ لَهُ كُرز: فما يمنعك وأنت تعلم هذا؟ قَالَ: ما صنع بنا هَؤُلَاءِ القوم؛ شرّفونا وموّلونا، وقد أَبَوْا إِلّا خِلَافَهُ، ولو فعلتُ نَزَعوا منّا كل ما ترى. فأَضْمَر عليها أخوه كُرز بْن علْقمة حتّى أسلم بعد ذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَوْ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اجْتَمَعَتْ نَصَارَى نَجْرَانَ وَأَحْبَارُ يَهُودَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَنَازَعُوا، فَقَالَتِ الْأَحْبَارُ: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا يَهُودِيًّا، وَقَالَتِ النَّصَارَى: مَا كَانَ إِلا نَصْرَانِيًّا. فَأَنْزَلَ الله فيهم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 65] الآيات1. فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ الْقُرَظِيُّ: أَتُرِيدُ مِنَّا يَا مُحَمَّدُ أَنْ نَعْبُدَكَ كَمَا تَعْبُدُ النَّصَارَى عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ نَجْرَانَ يُقَالُ لَهُ الرُّبَيْسُ: وَذَلِكَ تُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ وَإِلَيْهِ تَدْعُو؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ آمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ". فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ} الآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ {مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 79، 81] 2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَا حُذَيْفَةُ بَدَلَ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ السَّيِّدَ وَالْعَاقِبَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأراد أن يلاعنهما، فقال أحدهما لِصَاحِبِهِ: لَا تُلَاعِنْهُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنْتَهُ لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا. قَالُوا له: نعطيك ما سألت، فابعث معنا رجلا أمينًا, ولا تبعث معنا إلا أمينًا. فقال: "لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ". فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابَهُ. فَقَالَ: "قُمْ، يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ". فَلَمَّا قَامَ قَالَ: "هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ". أَخْرَجَهُ خ3 مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ. وَقَالَ إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى نَجْرَانَ. فَقَالُوا فِيمَا قَالُوا: أَرَأَيْتَ مَا تَقْرَءُونَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28] وَقَدْ كَانَ بَيْنَ عِيسَى وَمُوسَى مَا قَدْ عَلِمْتُمْ؟ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "أَفَلَا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي شَهْرِ ربيع الآخر، أو   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "5/ 384"، وانظر: "المقبول" "156". 2 "إسناده حسن": أخرجه ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي، وانظر: "المقبول" "161". 3 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 120". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ عَشْرٍ، إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ بِنَجْرَانَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ، ثَلاثًا. فَخَرَجَ خَالِدٌ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَبَعَثَ الرُّكْبَانَ يَضْرِبُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَيَدْعُونَ إِلَى الإِسْلامِ، وَيَقُولُونَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا, فَأَسْلَمَ النَّاسُ، فَأَقَامَ خَالِدٌ يعلمهم الإسلام، وكتب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك, ثم قدم وفدهم مع خَالِدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ أَعْيَانِهِمْ: قَيْسُ بْنُ الْحُصَيْنِ ذُو الْغُصَّةِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَدَانِ، وَيَزِيدُ بْنُ الْمُحَجَّلِ. قَالَ: فَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَيْسًا. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ إِلَيْهِمْ، بَعْدَ أَنْ وَلَّى وَفْدَهُمْ، عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ لِيُفَقِّهَهُمْ وَيُعَلِّمَهُمْ السنة، يأخذ منهم صداقاتهم. وفي عاشر ربيعٍ الأول تُوُفِّيَ إبراهيم ابن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم، وهو ابن سنةٍ ونصفٍ. وغسّله الفضل بْن الْعَبَّاس, ونزل قبره الْفَضْلُ وأسامة بْن زيد فيما قِيلَ, وكان أبيض مسمَّنًا، كثير الشَّبَه بوالده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وُلِدَ لِيَ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِأَبي إِبْرَاهِيمَ". ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ؛ يَعْنِي امْرَأَةَ قَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ. قَالَ أَنَسٌ: فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِابْنِهِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ فَدَعَا بِالصَّبِيِّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ بَيْنَ يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَكيِدُ بِنَفْسِهِ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرضِي الرَّبَّ, وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 وَالْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مَجْزُومًا بِهِ2. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "إِنَّ لَهُ مُرْضِعَةً تُتِمُّ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ". أَخْرَجَهُ خ3. وقال جَعْفَر بْن مُحَمَّد الصادق، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلَّى عَلَى ابنه إِبْرَاهِيم حين مات. وفيها: مات أَبُو عامر الراهب، الَّذِي كَانَ عند هرقل عظيم الرُّوم. وفيها: ماتت بُوران بِنْت كسرى ملكة الفرس، وملّكوا بعدها أختها آزرمن. قاله أَبُو عُبَيْدة. وفي أواخر ذي القعدة: وُلد مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصدّيق، ولدته أسماء بِنْت عُمَيْس، بذي الحُلَيْفة، وهي مَعَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: "اغْتَسِلِي واستنفري بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي". وفيها: وُلد مُحَمَّد بْن عَمْرو بن حزم، بنجران، وأبوه بها.   1 في "الفضائل" "2315". 2 في "الجنائز" "2/ 84, 85". 3 في "الجنائز" "2/ 104". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 حجَّةُ الودَاع: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَذَّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّاسِ بالحج، فاجتمع فِي الْمَدِينَةِ بَشَرٌ كَثِيرٌ, فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، أَوْ لِأَرْبَعٍ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: "اغتسلي واستنفري بِثَوْبٍ". وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ، وَرَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، فَنَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي، بين يدي رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ. فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالتَّوْحِيدِ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ. وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَلْبِيَتَهُ. وَلَسْنَا نَنْوِي إِلا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ1 ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. قَالَ جَعْفَرٌ: فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: لا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثم رجع إلى الْبَيْتَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] ، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَبَدَأَ   1 الرمل: إسراع مع تقارب الخطى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا رَأَى الْبَيْتَ فَكَبَّرَ وَهَلَّلَ وَقَالَ: "لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ, لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ". ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَعَلا عَلَيْهَا وَفَعَلَ كَمَا فَعَل عَلَى الصَّفَا, فَلَمَّا كَانَ آخِرُ الطَّوَافِ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ: "إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً, فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً". فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا، إِلا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ, فَقَالَ: يَا رسول الله ألعامنا هذا أم لِلأَبَدِ؟ قَالَ فَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ وَقَالَ: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ مَعَ الْحَجِّ هَكَذَا مَرَّتَيْنِ، لا؛ بَلْ لأَبَدِ الأَبَدِ". وَقَدِمَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الْيَمِن بِبُدْنٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا. فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحَرِّشًا بِالَّذِي صَنَعْتُهُ، مُسْتَفْتِيًا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "صَدَقَتْ، صَدَقَتْ. مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ"؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ: "فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلا تَحْلِلْ". قَالَ: فَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ، وَالْهَدْيُ الَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ مِائَةٍ. ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ وَقَصَّرُوا، إِلا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَجَّهُوا إِلَى مِنًى، أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ, ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ فَنَزَلَ بِهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا, أَلا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ، وَدِمَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ, وَأَوَّلَ دَمٍ أَضَعُهُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ؛ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ, وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلَ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا؛ رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ. وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ, وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ, وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ؛ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى, وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ"؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَكُبُّهَا إِلَى النَّاسِ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ"؛ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ أَذَّن بِلالٌ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا, ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ جَبَلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلا حِينَ غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ خَلْفَهُ فَدَفَعَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ: "أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ"، كُلَّمَا أَتَى جَبَلا مِنَ الْجِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلا حَتَّى تَصْعَدَ, حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا, ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ, ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَرَقِيَ عَلَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ, فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَجُلا حَسَنَ الشَّعْرِ وَسِيمًا, فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ الظُّعُنُ1 يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَصَرَفَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجْهَ الْفَضْلِ, حَتَّى إِذَا أَتَى مُحَسِّرًا حَرَّكَ قَلِيلا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تُخْرِجُكَ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْمَسْجِدِ، فَرَمَى سَبْعَ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلَ حَصْيِ الْخَذْف رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي, ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَأَعْطَى عَلِيًّا، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ, ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ2 فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، وَطُبِخَتْ، فَأَكَلا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا من مرقها.   1 الظعن: مفردها ظعينة، وهي البعير الذي عليه المرأة، وتسمى به المرأة مجازًا، لذا قلنا قبل قليل: الظعينة: الجارية. 2 البضعة: القطعة من اللحم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى عَلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ مِنْ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَقَالَ: "انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ تَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ". فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، دُونَ قَوْلِهِ: يُحْيِي وَيُمِيتُ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ أَشْعَرَ بُدْنَةً مِنْ جَانِبِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، ثُمَّ سَلَتَ عَنْهَا الدَّمَ، وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَيْمَنُ بْنُ نايل، حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ؛ وَفِي رِوَايَةٍ صَهْبَاءَ؛ لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ وَلَا إِلَيْكَ إليك. حديث حسن1. وقال ثور بن يزيد، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ، يَسْتَقِرُّ فِيهِ النَّاسُ، وَهُوَ الَّذِي يَلِي يَوْمَ النَّحْرِ". قُدِّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَدَنَاتٌ، خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ، فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ، فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلمة خفيفة لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ لِلَّذِي إِلَى جَنْبِي: مَا قال؟ قَالَ: قَالَ: "مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ". حَدِيثٌ حَسَنٌ2. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- رَمَى الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنًى، فذبح، ثم دعا بالحلاق فأخذ بشق رأسه الأيمن فحلقه، فجعل يقسمه الشعرة والشعرتين، ثم أخذ بشق رأسه الآخر فَحَلَقَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَهُنَا أَبُو طَلْحَةَ؟ فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبَانٌ الْعَطَّارُ، ثنا يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ الْمَنْحَرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَسَمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضحايا، فلم يصبه   1 "صحيح": أخرجه الترمذي "911" في "الحج"، وقال الألباني في "صحيح سنن الترمذي" "718": صحيح. 2 "صحيح": أبو داود "1765" في "الحج"، وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود "1552": صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 وَلا رَفِيقَهُ. قَالَ: فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسُهُ فِي ثَوْبِهِ فَأَعْطَاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ، وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ فَأَعْطَى صَاحِبَهُ. فَإِنَّهُ لَمَخْضُوبٌ عِنْدَنَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ؛ حَجَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ وَقَطِيفَةً تُسَاوِي، أَوْ لَا تُسَاوِي، أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ. وَقَالَ: "اللَّهُمَّ حِجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةً". يَزِيدُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} . فَقَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ: نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَفَاتٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِنْدَهُ يَهُودِيٌّ، فَقَرَأَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآيَةَ. فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: لَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيْنَا لاتَّخَذْنَا يَوْمَهَا عِيدًا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عِيدٍ؛ يَوْمَ جُمُعَةٍ، يَوْمَ عَرَفَةَ. صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ م. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْمِي الْجَمْرَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ: "خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ النَّاسَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ، وَلَكِنَّهُ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تُحَاقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَاحْذَرُوهُ, أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا، كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ, إِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَخُو الْمُسْلِمِ، الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، وَلَا تَظْلِمُوا، وَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رقاب بعض".   1 أخرجه البخاري في "الإيمان" "1/ 16"، ومسلم في "التفسير" "5/ 3017". 2 في "الحج" "1297". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ هُوَ الَّذِي يَصْرُخُ يَوْمَ عَرْفَةَ تَحْتَ لُبَّةِ نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ له: "اصْرُخْ: أَيُّهَا النَّاسُ -وَكَانَ صَيِّتًا- هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا"؟ فَصَرَخَ، فَقَالُوا: نَعَمْ، الشَّهْرُ الْحَرَامُ. قَالَ: "فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْهُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ مِنًى قَالَ: "إِنَّا نَازِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْمُحَصَّبِ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ". وذلك أنّ قريشًا تقاسموا عَلَى بني هاشم وبني المطّلب أنَّ لَا يناكحوهم ولا يخالطوهم حتّى يسلّموا إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اتّفقا عَلَيْهِ. وقال أَفْلَح بْن حُمَيْد، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خرجنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليالي الحج. قَالَتْ: فلمّا تفرّقنا من مِنًى نزلنا المحصَّبَ. وذكر الحديث. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أرقم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَحَجَّ بَعْدَمَا هَاجَرَ حِجَّةَ الْوَدَاعِ، وَلَمْ يَحِجَّ بَعْدَهَا. قَالَ أَبُو إِسْحَاق من قِبَلِهِ: وواحدة بمكة. اتّفقا عَلَيْهِ1. ويُروى عَنِ ابن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يكره أنَّ يقال: حجّة الوداع، ويقول: حجّة الْإِسْلَام. وقال زيد بْن الحُباب، ثنا سُفْيَان، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حجّ ثلاث حجج قبل أنَّ يهاجر، وحجّة بعدما هاجر معها عُمرة، وساق ستًّا وثلاثين بُدنة، وجاء عليٌّ بتمامها من اليمن، فيها جملٌ لأبي جهلٍ فِي أنفه بُرَةٌ من فِضَّةٍ، فنحرها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. تَفَرَّد بِهِ زيد, وقيل إنه خطأ، وإنما يُروى عَنْ سُفْيَان، عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنْ مجاهد؛ مرسلًا. قَالَ أَبُو بَكْر البيهقيّ: قوله "وحجَّةٌ معها عمرةٌ" فإنما يَقُولُ ذَلِكَ أنسٌ، ومن ذهب من الصّحابة إلى أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَن، فأما من ذهب إلى أَنَّهُ أَفْرد، فإنه لا يكاد يصح عنده هذه اللفظة لِما فِي إسناده من الاختلاف وغيره. وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاثَ حِجَجٍ؛ حَجَّتَيْنِ وَهُوَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَحَجَّةَ الْوَدَاعِ. وفي آخر السنة: كَانَ ظهور الأَسْوَد العنسي، وسيأتي.   1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 223, 224"، ومسلم في "الجهاد" "5/ 199". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 أحداث سنة إحدى عشر : سَرِيّة أُسَامَةَ: فِي يوم الإثنين؛ لأربعٍ بَقِينَ من صَفَر, ذكر الواقديّ أنهم قَالُوا: أمر النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالتَّهيُّؤ لغزْو الرّوم, ودعا أُسَامة بْن زيْد، فقال: سِرْ إلى موضع مقتل أبيك، فأَوْطِئْهم الْخَيْلَ، فقد وَلَّيْتُك هذا الجيش, فأَغِرْ صباحًا عَلَى أهُل أُبنى، وأسرع السَّيْر، تسبق الأخبار, فإن ظفرتَ فأقْلِلْ اللَّبْث فيهم، وقَدِّم العيون والطلائع أمامك. فلما كان يوم الأربعاء، بدئ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعُهُ. فَحُمَّ وَصُدِّع. فلمّا أصبح يوم الخميس، عَقَد لأسامة لواءً بيده، فخرج بلوائه مَعْقودًا؛ يعني أسامة, فدفعهُ إلى بُرَيْدة بْن الحُصَيْب الأَسْلَميّ، وعَسْكر بالجُرْف, فلم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلّا انْتَدَب فِي تِلْكَ الغزوة؛ فيهم أَبُو بَكْر، وعمر، وأبو عُبَيْدة. فتكلّم قوم وقَالُوا: يستعمل هذا الغلام عَلَى هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسَامَةَ، فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمَارَتِهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ يَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ, وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ, وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ1. قَالَ شَيبان، عَنْ قَتَادَة: جميع غزوات النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسراياه: ثلاثٌ وأربعون. ثمّ دخل شهر ربيع الأول. وبدخوله تَكَمَّلت عشر سنين من التاريخ للهجرة النبوية, والحمد الله وحده.   1 أخرجه البخاري في "فضائل أصحاب النبي" "4/ 213"، ومسلم في "فضائل الصحابة" 63/ 2426". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 الفهرس العام للكتاب : الصفحة الموضوع رقم "السنة الأولى من الهجر 6 قصة إسلام ابن سلام 7 قصة بناء المسجد "سنة اثنتي" 12 غزوة الأبواء 12 بعث حمزة 12 بعث عبيدة بن الحارث 13 غزوة بواط 13 غزوة العشيرة 14 غزوة بدر الأولى 14 سرية سعد بن أبي وقاص 14 بعث عبد الله بن جحش 15 غزوة بدر الكبرى 31 بقية أحاديث غزوة بدر 32 رؤيا عاتكة 49 ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عقبة 55 فصل في غنائم بدر والأسرى 61 أسماء من شهد بدرا 62 ذكر طائفة من أعيان البدريين 65 قصة النجاشي من السيرة 70 سرية عمير بن عدي الخطمي 70 غزوة بني سليم 70 سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أَبِي عَفَك 71 غزوة السويق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 "سنة ثلاث" 73 غزوة ذي أمَر 73 غزوة بحران 74 غزوة بني قينقاع 76 غزوة بني النضير 80 سرية زيد بن حارثة إلى القردة 80 غزوة قرقرة الكدر 81 مقتل كعب بن الأشرف 85 غزوة أحد 108 عدد الشهداء 122 غزوة حمراء الأسد "السنة الرابع" 126 سرية أبي سلمة إلى قطن 126 غزوة الرجيع 130 غزوة بئر معونة 134 ذكر الخلاف في غزوة بني النضير 135 غزوة بني لحيان 136 غزوة ذات الرقاع 138 غزوة بدر الموعد 139 غزوة الخندق "السنة الخامس" 143 غزوة ذات الرقاع 143 غزوة دومة الجندل 144 غزوة المريسيع 145 تزويج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجويرية رضي الله عنها 149 الإفك 158 غزوة الخندق 173 غزوة بني قريظة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 181 وفاة سعد بن معاذ 189 إسلام ابني سعية وأسد بن عبيد "السنة السادس" 190 غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد 195 مقتل ابن أبي الحقيق 198 قتل ابن نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ 199 غزوَة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع 199 سرية نجد 201 سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر 201 سرية أبي عبيدة إلى ذي القصة 201 سَرِيَّةُ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة إلى ذي القَصَّة 201 سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم 201 سرية زيد بن حارثة إلى الطرف 202 سرية زيد بن حارثة إلى العيص 202 سرية زيد بن حارثة إلى حسمى 202 سرية زيد إلى وادي القُرى 202 سَرِيَّةُ عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بن بكر بفدك 202 سَرِيَّةُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجندل 203 سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين 204 إسلام أبي العاص 206 سَرِيَّةٌ عبدِ الله بْن رَوَاحة إلى أُسَيْر بن زارم 207 قصة غزوة الحديبية 226 نزول سورة الفتح "السنة السابع" 231 غزوة خيبر 237 فصل فيمن ذكر أن مرحبا قتله مُحَمَّد بن مسلمة 241 ذكر صفية 246 ذكر من استشهد في خيبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 247 قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه 250 شأن الشاة المسمومة 252 حديث الحجاج بن علاط السلمي 253 غزوة وادي القرى 256 سرية أبي بكر إلى نجد 256 سرية عمر إلى عجز هوازن 257 سرية بشير بن سعد 257 سرية غالب بن عبد الله الليثي 259 سرية الجناب 260 سرية أبي حدرد إلى الغابة 260 سرية محلم بن جثامة 262 سَرِيَّةُ عَبْد الله بْن حُذافة بْن قيس 263 عمرة القضاء 266 زواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة "السنة الثامنة" 268 مسير ابن أبي العوجاء إلى بني سليم 268 إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد 273 سرية شجاع بن وهب الأسدي 273 سرية نجد 274 سرية كعب بن عمير 274 غزوة مؤتة 287 ذِكْرُ رُسُلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 294 غزوة ذات السلاسل 297 غزوة سيف البحر 299 سرية أبي قتادة إلى خضرة 299 وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 299 فتح مكة زادها الله شرفا 327 غزوة بني جذيمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 329 غزوة حنين 329 غزوة أوطاس 340 غزوة الطائف 345 قسم غنائم حنين وغير ذلك 352 عمرة الجعرانة 353 قصة كعب بن زهير 357 وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 358 مولد زينب بنت أبي العاص 358 عُمل منبر النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 358 مولد إبراهيم ابن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 358 سودة تهب يومها لعائشة 358 وفاة مغفل بن عبد نُهْم 358 موت ملك العرب 358 حج عتاب بالناس "السنة التاسع" 359 سرية الضحاك بن سفُيان إلى القُرطاء 359 سرية علقمة بن مجزز المدلجي 359 سرية علي بن أبي طالب إلى الفُلْس 359 سرية عكاشة بن محصن إلى أرض عذرة 360 غزوة تبوك 370 فائدة 371 بعث خالد إلى أكيدر دومة 371 فائدة 374 أمر الذين خلفوا 380 موت عبد الله بن أبي 384 ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب 384 قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مسعود الثقفي 384 وفد ثقيف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 "السنة العاشرة" 388 وفد بني تميم 390 وفد بني عامر 392 وافد بني سعد 393 الجارود بن عمرو 393 وفد بني حنيفة 396 وفد طيء 396 قدوم عدي بن حاتم 397 قدوم فروة بن مسيك المرادي 397 وفد كندة 398 وفد الأزد 398 كتاب ملوك حمير 398 بعث خالد ثم علي إلى اليمن 399 بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن 401 وفد نجران 403 وفاة إبراهيم ابن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 404 موت أبي عامر الراهب 404 موت بوران بنت كسرى 404 مولد محمد بن أبي بكر الصديق 404 مولد محمد بن عمرو بن حزم 404 حجة الوداع "السنة الحادية عشر" 410 سرية أسامة 410 دخول شهر ربيع الأول 411 فهرس الموضوعات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 المجلد الثالث الخلفاء الراشدون سيرة أبو بكر الصديق ... الخلفاء الراشدون: سيرة أبو بكر الصديق: 2- "ع" أبو بكر الصديق "ت 13 هـ" رضي الله عنه خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اسمه عبد الله -ويقال عتيق- بن أبي قُحافة عُثْمَانَ بْن عَامِرِ بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْن كعب بْن لؤي القرشي التَّيْميّ -رضي الله عنه. "رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": روى عنه خلْق من الصحابة وقدماء التابعين. من آخرهم أَنْس بْن مالك، وَطَارِقِ بْن شِهَابٍ، وَقَيْسِ بْن أَبِي حَازِمٍ، ومُرَّة الطيب. قَالَ ابن أبي مُلَيْكَة وغيره: إنّما كان عتيق لقبًا له. وعن عائشة قالت: اسمه الَّذِي سمّاه أهلُهُ به عبد الله ولكن غَلَب عليه عَتِيق1. وَقَالَ ابن معين: لَقَبه عتيق لأنّ وجهه كان جميلًا، وكذا قَالَ اللَّيْث بْن سَعْد. وَقَالَ غيره: كان أعْلم قريش بأنسابها. وقيل: كان أبيض نحيفًا خفيف العارضين، معروق الوجه، غائر العينين، ناتئ الجبهة، يخضب شيبه بالحناء والكتم. وكان أول من آمن من الرجال. وَقَالَ ابن الأعرابي: العرب تقول للشيء قد بلغ النهاية في الجودة: عَتيق. وعن عائشة قالت: مَا أسلم أَبُو أحدٍ من المهاجرين إلا أَبُو بكر. وعن الزُّهْرِيّ قَالَ: كان أَبُو بكر أبيض أصفر لطيفًا جعدًا مسترق الوركين،   1 أخرجه الترمذي "3699" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر كليهما، عن عائشة أن أبا بكر دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "أنت عتيق الله من النار فيومئذ سمي عتيقا"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 لَا يثبت إزاره على وركيه. وَجَاءَ أَنَّهُ اتَّجَرَ إِلَى بُصْرَى غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَنَّهُ انْفَقَ أمواله عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا نَفَعَنِي مَالٌ مَا نَفَعَنِي مال أبو بَكْرٍ" 1. وَقَالَ عُرْوةُ بْن الزُّبَيْر: أسلم أَبُو بكر يوم أسلم وله أربعون ألف دينار2. وَقَالَ عمرو بْن العاص: يَا رَسُولَ اللَّهِ أي الرجال أحب إليك، قَالَ: "أَبُو بكر" 3. وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يبغض أبا بكر وعمر مؤمنٌ ولا يحبُّهما منافق" 4. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلَيَّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَظَرَ إِلَى أَبِي بكر وعمر فقال: "هذان سيدا كهول أهل الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ" 5. وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ وجوه مقاربة عن زر ابن حُبَيْشٍ، وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَهَرِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ مِثْلُهُ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، ثم رواه من حديث الوقري، عن الزهري، ولم يصح.   1 صحيح: أخرجه الترمذي "3681" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وابن ماجه "94" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وصححه الألباني في "صحيح الجامع" "5661": صحيح. 2 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 91". 3 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 4 أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" "10/ 236". 5 صحيح: أخرجه الترمذي "3686" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر كليهما، وابن ماجه "95" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعبد الله بن أحمد في زوائد "المسند" "1/ 80" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 وقال ابن مسعود: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا" 1. رَوَى مِثْلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَزَادَ: "وَلَكِنْ أخي وصاحبي في اللَّهِ، سُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ" 2. هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أبو بكر سيدنا وخيرنا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وصح من حديث الجريري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لعائشة: أيّ أصحاب النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: أَبُو بكر، قلت: ثمَّ من؟ قالت: عُمَر، قلت: ثمَّ من؟ قالت: أَبُو عبيدة، قلت: ثمَّ من؟ فسكتت4. مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ أَبِي النَّصْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: "إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَيْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ: فَعَجِبْنَا، فَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أعلمنا به5.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2383" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر، والترمذي "3675"، في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي بكر، وابن ماجه "93" في المصدر السابق، وأبو نعيم في "الحلية" "10879". 2 صحيح: وقد تقدم. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3676" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" وأوله عند البخاري "3754" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب بلال بن رباح. 4 صحيح: أخرجه الترمذي "3677" في المصدر السابق، وابن ماجه "102" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 صحيح: تقدم تخريجه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كَافَأْنَاهُ مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا أَلَا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ" 2. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَكَذَا قَالَ فِي حَدِيثِ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: "أَنْتَ صَاحِبِي عَلَى الْحَوْضِ وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ"3. وَرُوِيَ عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ينبغي لقوم فيهم أبي بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ"4. تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ5. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم-   1 صحيح: وهو بقية الحديث السابق. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3681" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "5661": صحيح. 3 ضعيف: أخرجه الترمذي "3690" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر كليهما، وقال الألباني في "ضعيف الجامع" "756": ضعيف. 4 ضعيف جدا: أخرجه الترمذي "3693" في المصدر السابق، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "757": ضعيف جدا. 5 نقل في "الميزان" "6617"، عن البخاري قال: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يروي أحاديث كلها موضوعات. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مرة: لا بأس به. وقال الفلاس: متروك. وقال النسائي: ليس بثقة. قلت: فهو بين الضعف والضعف الشديد: والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ، فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ - قَالَ: "إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وَقَالَ أَبُو بكر الهُذلي، عَنِ الحسن، عَنْ عليّ قَالَ: لقد أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا بكر أن يصليّ بالنّاس، وإني لشاهدٌ وما بي مرض، فرضينا لدنيانا من رضي به النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لديننا2. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ: "ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولَ قَائِلٌ، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ" 3. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ: ثنا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي مَرَضِهِ: "ادْعُوا لِي أَبَا بَكْرٍ وَابْنَهُ فَلْيَكْتُبْ لِكَيْلا يَطْمَعَ فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ طَامِعٌ وَلَا يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ"، ثُمَّ قَالَ: "يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ" 4. تَابَعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَلَفْظُهُ: "مَعَاذَ الله أن يختلف المؤمنون فِي أَبِي بَكْرٍ" 5. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عُمَرُ فَقَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَأَمَّ النَّاسَ، فَأيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نتقدم أبا بكر6.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3659" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلا"، ومسلم "2386/ 10" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق، وأحمد "4/ 82". 2 إسناده: ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 97"، والحسن مدلس، وقد عنعنه، وأبو بكر الهذلي متروك كما في "التقريب" "8002". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2387" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 96"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 343". 4 أخرجه أحمد "6/ 106". 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات "2/ 96". 6 إسناده حسن: أخرجه النسائي "2/ 74، 75" في كتاب الإمامة، باب: ذكر الإمامة والجماعة، وأحمد "1/ 396-405"، وقال الألباني في "صحيح سنن النسائي": حسن الإسناد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 وأخرج البخاري من حديث أبي إدريس الخُولانِيّ قَالَ: سمعت أبا الدَّرْدَاء يَقُولُ: كان بين أبي بكر وعمر محاورةٌ فأغضب أَبُو بكر عُمَر، فانصرف عنه عُمَر مُغْضَبًا فاتبعه أَبُو بَكْر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أَبُو بكر إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: ونحن عنده، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما صاحبكم هذا فقد غَامَرَ"، قَالَ: وندم عُمَر على مَا كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقصّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخبر، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: وغِضبَ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجعل أَبُو بكر يَقُولُ: والله يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنَا كنتُ أظْلَمُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل أنتم تاركون لي صاحبي? إني قلت أيها النَّاس إني رسول الله إليكم جميعًا، فَقُلْتُم: كذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بكر: صَدَقْتَ" 1. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالانِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ مَوْلَى جَعْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَرَانِي الْبَابَ الَّذِي تَدْخُلُ مِنْهُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَكَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، قَالَ: "أَمَا إِنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي"2. أَبُو خَالِدٍ مَوْلَى جَعْدَةَ لَا يُعْرَفُ إِلا بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَنْتَ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ"، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ أمره رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَؤُمَّنَا، فَأَمَّنَا حَتَّى مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. وَقَالَ أبو بكر بْنُ عَيَّاشٍ: أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْقُرْآنِ لأَنَّ فِي الْقُرآنِ فِي الْمُهَاجِرِينَ {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} 4 فمن سماه صَادِقًا لَمْ يَكْذِبْ، هُمْ سَمَّوْهُ وَقَالُوا: يَا خليفة رسول الله   1 صحيح: أخرجه البخاري "3661" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلا"، وأبو نعيم في "الحلية" "13991". 2 ضعيف: أخرجه أبو داود "4652" في كتاب السنة، باب: في الخلفاء، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "1008": ضعيف. 3 أخرجه أحمد "1/ 35". 4 سورة الحشر: 8. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ وَعَلَى سَاعِدِهِ أبْرَاد، فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا؟ قَالَ يَعْنِي لِي عِيَالٌ، قال: انطلق يفرض لك أبو عبيدة، فانطلقنا إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فَقَالَ: أَفْرِضُ لَكَ قُوتَ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَكِسْوَتَهُ، وَلَكَ ظَهْرُكَ إِلَى الْبَيْتِ1. وقالت عائشة: لمّا استُخْلِفَ أَبُو بكر ألقى كل دينار ودرهم عنده في بيت المال وَقَالَ: قد كنتُ أتَّجِرُ فيه وألْتَمِسُ به، فلمّا وُلِّيتُهُم شغلوني2. وَقَالَ عطاء بْن السائب: لما استخلف أبو بكر وعلى رقبته أثوابٌ يتجر فيها، فلقيه عُمَر وأبو عبيدة فكلَّماه فَقَالَ: فمن أين أطْعِم عيالي؟ قالا: أنْطِلقْ حتى نفرض لك، قَالَ: ففرضوا له كل يوم شطر من شاة، وما كسوه في الرأس والبطن، وَقَالَ عُمَر: إليَّ القضاء، وَقَالَ أَبُو عبيدة: إليَّ الفيء، فَقَالَ عُمَر: لقد كان يأتي عليّ الشهرُ مَا يختصم إليّ فيه اثنان3. وعن ميمون بْن مِهران قال: جعلوا له ألفين وخمسمائة4. وَقَالَ محمد بْن سيرين: كان أَبُو بكر أعبر هذه الأمة للرؤيا بعد النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الزبير بن بكار عن بعض أشياخه قَالَ: خُطَباء الصحابة: أَبُو بكر، وعليّ. وَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَدْعُو عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ شِعْرًا فِي جَاهِلِيَّةِ وَلا فِي إِسْلامٍ، وَلَقَدْ تَرَكَ هُوَ وَعُثْمَانُ شُرْبَ الْخَمْرِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ كثير النَّواء، عَنْ أبي جعفر الباقر: إنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعلي: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} 5 الآية.   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 98" بنحوه. 2 أخرجه ابن سعد في الطبقات "2/ 98" بنحوه. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 98". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 98". 5 سورة الحجر: 47. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 وَقَالَ حُصَيْن، عَنْ عبد الرحمن بْن أبي ليلى أن عُمَر صعِد المنْبَرَ ثُمَّ قَالَ: ألا إن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أَبُو بكر، فمن قَالَ غير ذلك بعد مقامي هذا فهو مُفْتَرٍ، عليه مَا على الْمُفْتَرِي. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَةٌ: ثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ اسْتَوَى النَّاسُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُنْكِرْهُ1. وَقَالَ عليّ: "خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر، وعمر"2. هذا والله العظيم قاله عليّ وهو متواتر عنه؛ لأنه قاله على منبر الكوفة، فقاتل الله الرّافضة مَا أجهلهم. وقال السدي، عن عبد خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الْمَصَاحِفِ أَبُو بَكْرٍ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ3. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ عقيل، عَنِ الزُّهْرِيّ أنّ أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيزة أُهْدِيَت لأبي بكر، فَقَالَ الحارث: ارفع يدك يا خليفة رسول الله، والله إنّ فيها لَسمّ سنةٍ، وأنا وأنت نموت في يومٍ واحد، قَالَ: فلم يزالا عليلَيْن حتى ماتا في يومٍ واحد عند انقضاء السنة4. وعن عائشة قالت: أول ما بدئ مَرَضُ أبي بكر أنّه اغْتَسَلَ، وكان يومًا باردًا فحُمّ خمسة عشر يومًا لَا يخرج إلى صلاة، وكان يأمر عمر بالصلاة، وكانوا يعودونه، وكان عثمان ألْزمهُم له في مرضه5. وتُوُفِّيَ مساءَ ليلة الثلاثاء لثمانٍ بقين من جمادى الآخرة. وكانت خلافته سنتين ومائة يوم.   1 عزاء الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 20" للطبراني. وأصل الحديث صحيح كما تقدم. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3671" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلا"، والطبراني في "الأوسط" "810"، وأبو نعيم في "الحلية" "10321". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 103". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 105، 106". 5 أخرجه ابن سعد في الطبقات "2/ 107". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 وقال أبو معشر: سنتين وأربعة أشهر إلَّا أربع ليالٍ، عَنْ ثلاث وستين سنة. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بُرْدَانُ بْنُ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ محمد بن إبراهيم التيمي، وأنا وعمرو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا ثَقُلَ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا تَسْأَلُنِي عَنْ أَمْرٍ إِلا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، قَالَ: وَإِنْ، فَقَالَ: هُوَ وَاللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ رَأْيِكَ فِيهِ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَان فَسَأَلَهُ عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: عِلْمِي فِيهِ أَنَّ سَرِيرَتَهُ خَيْرٌ مِنْ عَلانِيَتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِينَا مِثْلُهُ، فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَاللَّهِ لَوْ تَرَكْتُهُ مَا عَدَوْتُكَ، وَشَاوَرَ مَعَهُمَا سَعِيد بْن زَيْدٍ، وَأُسَيْد بْن الْحُضَيْرِ وَغَيْرهمَا، فَقَالَ قَائِلٌ: مَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا سَأَلَكَ عَنِ استخلاف عُمَرَ وَقَدْ تَرَى غِلْظَتَهُ؟ فَقَالَ: أَجْلِسُونِي، أَبِاللَّهِ تُخَوِّفُونِي! أَقُولُ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ. ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ فَقَالَ: اكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ فِي آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا خَارِجًا مِنْهَا، وَعِنْدَ أَوَّلِ عَهْدِهِ بِالآخِرَةِ دَاخِلا فِيهَا، حَيْثُ يُؤْمِنُ الْكَافِرُ، وَيُوقِنُ الْفَاجِرُ، وَيَصْدُقُ الْكَاذِبُ، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاستمعوا له وأطيعوه، وإني لم آل الله ورسوله وديته وَنَفْسِي وَإِيَّاكُمْ خَيْرًا، فَإنْ عَدَلَ فَذَلِكَ ظَنِّي بِهِ وَعِلْمِي فِيهِ، وَإِنْ بَدَّلَ فَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ، وَالْخَيْرَ أَرَدْتُ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} 1. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ: لَمَّا أَنْ كَتَبَ عُثْمَانُ الْكِتَابَ أُغْمِيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ مِنْ عِنْدِهِ اسْمَ عُمَرَ، فَلَمَّا أَفَاقَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: اقْرَأْ مَا كَتَبْتَ، فَقَرَأَ، فَلَمَّا ذَكَرَ عُمَرَ كَبَّر أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: أَرَاكَ خِفْتَ إِنْ افْتَلَتَتْ نَفْسِي الاخْتِلافَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الإِسْلامِ خَيْرًا، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ لَهَا أَهْلا2. وَقَالَ عُلْوَانُ بْنُ دَاوُدَ الْبَجَلِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُلْوَانَ، عَنْ صَالِحٍ نَفْسِهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَعُودُهُ فِي مرضه   1 سورة الشعراء: 227. 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 106، 107". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَأَلْتُهُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ? فَقَالَ: بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، أَمَّا إِنِّي عَلَى مَا تَرَى وَجِعٌ، وَجَعَلْتُمْ لِي شُغُلا مَعَ وَجَعِي، جَعَلْتُ لَكُمْ عَهْدًا بَعْدِي، وَاخْتَرْتُ لَكُمْ خَيْرَكُمْ فِي نَفْسِي فَكُلُّكُمْ وَرِمَ لِذَلِكَ أَنْفُهُ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ لَهُ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنِّي لا آسَى عَلَى شَيْء إِلا عَلَى ثَلاثٍ فَعَلْتُهُنَّ، وَثَلاثٍ لَمْ أَفْعَلْهُنَّ، وَثَلاثٍ وَدِدْتُ أَنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُنَّ: وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ كَشَفْتُ بَيْتَ فاطمة وَأَنْ أُغْلِقَ عَلَيَّ الْحَرْبَ، وَدِدْتُ أَنِّي يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ كُنْتُ قَذَفْتُ الأَمْرَ فِي عنق عمر أو أبي عبيدة، وددت أَنِّي كُنْتُ وَجَّهْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ وَأَقَمْتُ بِذِي الْقِصَّةِ، فَإِنْ ظَفِرَ المسلمون وإلا كنت لهم مددًا ورداءً، وَوَدِدْتُ أَنِّي يَوْمَ أُتِيتُ بِالأَشْعَثِ أَسِيرًا ضَرَبْتُ عنقه، فإنه خيل إِلَيَّ أَنَّهُ لا يَكُونُ شَرٌّ إِلا طَارَ إليه، وودت أَنِّي يَوْمَ أُتِيتُ بِالْفُجَاءَةِ السُّلَمِيِّ لَمْ أَكُنْ حَرَّقْتُهُ وَقَتَلْتُهُ أَوْ أَطْلَقْتُهُ نَجِيحًا، وَوَدِدْتُ أَنِّي حَيْثُ وَجَّهْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الشَّامِ وَجَّهْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَأَكُونُ قَدْ بَسَطْتُ يَمِينِي وَشِمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَوَدِدْتُ أَنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَنْ هَذَا الأَمْرُ وَلا يُنَازِعُهُ أَهْلَهُ، وَأَنِّي سَأَلْتُهُ هَلْ لِلأَنْصَارِ فِي هَذَا الأَمْرِ شَيْءٌ وَأَنِّي سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الأَخِ، فَإِنَّ فِي نَفْسِي مِنْهَا حَاجَةً1، رَوَاهُ هَكَذَا وَأَطْوَلَ مِنْ هَذَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ ابْنُ عَائِذٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَضَرْتُ أَبِي وَهُوَ يَمُوتُ فَأَخَذَتْهُ غشْيَةٌ فتمثَّلْتُ: مَنْ لا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ لا بُدَّ مَرَّةً مَدْفُوقُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} 2، 3. وَقَالَ موسى الجُهنيُّ عَنْ أبي بكر بْن حفص بْن عُمَر: إنّ عائشة تمثَّلَت لمّا احتضر أبو بكر:   1 إسناده ضعيف: علوان بن داود البجلي منكر الحديث كما في "الميزان" "5763" وقد ذكر له المصنف فيه هذا الأثر من مناكيره. 2 سورة ق: 19. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 105" عن عائشة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 لَعَمْرُكَ مَا يُغْني الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصَّدْرُ فَقَالَ: ليس كذلك ولكن {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} ، إني نحلتك حائطًا وإن نفسي منه شيئًا فرديه على الميراث، قالت: نعم، قَالَ: أما إنّا مُنْذُ وُلِّينا أمر المُسْلِمين لم نأكل لهم دينارًا ولا درهمًا ولكنّا أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا، ولبِسْنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وليس عندنا من فيء المُسْلِمين شيءٌ إِلَّا هذا العبد الحبشي وهذا البعير الناضج وجرد هذه القطيفة، فإذا مت فابعثي بهنّ إلى عُمَر، ففعلت1. وَقَالَ القاسم، عَنْ عائشة: أن أبا بكر حين حَضَرهُ الموت قَالَ: إنّي لَا أعلم عند آل أبي بكر غير اللقحة وغير هذا الغلام الصقيل، كان يعمل سيوف المُسْلِمين ويخدُمُنا، فإذا مِتُّ فادْفَعِيهِ إلى عُمَر، فلمّا دفعته إلى عُمَر قَالَ عُمَر: رحم الله أبا بكرٍ لقد أتعب من بعده2. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: أوصى أَبُو بكر أن تُغَسِّله امرأتُه أسماء بنت عميس، فإنْ لم تستطع استعانت بابنه عبد الرحمن3. وَقَالَ عبد الواحد بْن أيمن وغيره، عَنْ أبي جعفر الباقر قَالَ: دخل عليٌّ على أبي بكر بعد مَا سُجِّيَ فَقَالَ: مَا أحد ألقى الله بصحيفته أحبّ إليّ من هذا الْمُسَجَّى. وَقَالَ القاسم: أوصى أَبُو بكر أنْ يُدْفَن إلى جنب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحُفِرَ له، وَجُعِلَ رأسُه عند كتفي رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ4. وعن عامر بْن عبد الله بْن الزُّبَيْر قَالَ: رأس أبي بكر عند كتفي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورأس عُمَر عند حقوي أبي بكر5. وقالت عائشة: مات ليلة الثلاثاء، ودُفِن قبل أن يُصْبح.   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 104". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 102". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 108" عن غير واحد من التابعين. 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 111". 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات "2/ 112". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 وعن مجاهد قَالَ: كُلِّم أَبُو قحافة في ميراثه من ابنه فَقَالَ: قد رددت ذلك على ولده، ثُمَّ لم يعش بعده إِلَّا ستة أشهرٍ وأيامًا. وجاء أنه ورثه أبوه وزوجتاه أسماء بنتُ عُمَيْس، وحبيبة بنتُ خارجة والدة أمِّ كلْثُوم، وعبد الرحمن، ومحمد، وعائشة، وأسماء، وأم كلثوم. ويقال: إنّ اليهود سمَّتْهُ في أَرُزَّةٍ فمات بعد سنة، وله ثلاثٌ وستُّون سنة. ذِكْر عُمّال أبي بكر: قَالَ موسى بْن أَنس بْن مالك: إنّ أبا بكر استعمل أباه أَنَسًا على البحرين. وَقَالَ خليفة: وجّه أَبُو بكر زياد بْن لبيد على اليمن أو المهاجر بْن أبي أمية، واستعمل الآخر على كذا، وأقر على الطائف عثمان بْن أبي العاص. ولما حج استخلف على المدينة قتادة بْن النُّعْمَان. وكان كاتبه عثمان بْن عفان، وحاجبه سُديد مولاه، ويقال كتب له زيد بْن ثابت، وكان وزيره عُمَر بْن الخطاب وكان أيضًا على قضائه، وكان مؤذنه سعد القرظ مولى عمار بْن ياسر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 خلافة الصديق -رضي الله عنه وأرضاه- سنة إحدى عشرة: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنُحِ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثنُهُ اللَّهُ فَيَقْطَعُ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 1. وَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} 2. الْآيَةَ، فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَسَكَّتَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: فَتَكَلَّمَ فَأَبْلَغَ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ أَبَدًا، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا، وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، قُرَيْشٌ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعَزُّهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ، أَنْتَ خَيْرُنَا وَسَيِّدُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ. فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبادَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللَّهُ3. رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بلال عنه، وهو صحيح السند.   1 سورة الزمر: 30. 2 سورة آل عمران: 144. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4452، 4453، 4454" في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 215، 216". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 وَقَالَ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا يَقُولُ: "لَوْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا" فَلَا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً، وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الْأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْرِنَا حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ، وَتَخَلَّفَ عَلِّيٌّ وَالزُّبَيْرُ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَخَلَّفَ الْأَنْصَارُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نَؤُمُّهُمْ، فَلَقِيَنَا رَجُلَانِ صَالِحَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَا: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَأْتُوهُمْ وَأَبْرِمُوا1 أَمْرَكُمْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ، فَأَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا هُمْ مُجْتَمِعُوَن عَلَى رَجُلٍ مُزَّمِّلٍ2 بِالثِّيَابِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ مَرِيضٌ، فَجَلَسْنَا، وَقَامَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ الْأَنْصَارُ وَكَتِيبَةُ الْإِيمَانِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ مِنَّا، وَقَدْ دَفَّتْ إِلَيْكُمْ دَافَّةٌ3 يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا4 مِنْ أَصْلِنَا وَيَحْضُنُونَا مِنَ الْأَمْرِ. قَالَ عُمَرُ: فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِمَقَالَةٍ قَدْ كَانَتْ أَعْجَبَتْنِي بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ، وَكُنْتُ أَعْرِفُ مِنْهُ الْجِدَّ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، وَهُوَ كَانَ خَيْرًا مِنِّي وَأَوْفَقَ وَأَوْقَرَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكَ كَلِمَةً أَعْجَبَتْنِي إِلَّا قَدْ قَالَهَا وَأَفْضَلَ مِنْهَا حَتَى سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَهُوَ فِيكُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، وَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَأَفْضَلَ مِنْهُ، وَلَنْ تَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، وَأَخَذَ بِيَدِي وَيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالَ: فَمَا كَرِهْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَهُ غَيْرَهَا. كَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ إِلَى إِثْمٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ إِلَّا أَنْ تَتَغَيَّرَ نَفْسِي عند الموت، فقال رجل من الأنصار: إن جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أَمِيرٌ مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ، قَالَ: وَكَثُرَ اللَّغَطُ وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ حَتَى خَشِيتُ الْاخْتِلَافَ، فَقُلْنَا: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ المهاجرون وبايعه.   1 أبرموا: أحكموا. 2 مزمل: متلقف. 3 الدافة: الجماعة تسير سيرا بطيئا. 4 يختزلونا: يقتطعونا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 الْأَنْصَارُ، وَنَزَوْا1 عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدًا، فَقُلْتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا، قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا أَمْرًا أَوْفَقَ مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ نَحْنُ فَارَقْنَا الْقَومَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةً أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَنَا بَيْعَةً، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى ما لا نرضى، وإما خالفناهم فيكون فساد. رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِطُولِهِ، فَزَادَ فِيهِ: قَالَ عُمَرُ: "فَلَا يَعْتَزِلِ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: إنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً فَتَمَّتْ، فَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا، فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُتَابَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً، أَنْ يُقْتَلَا"2. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. فأتاهم عمر فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ قُلْتُ: يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ3. رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ زَائِدَةَ عَنْهُ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْميِّ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ فَقَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ لِأُبَايِعَكَ، فَإِنَّكَ أَمِينُ هَذِهِ الأمة على لسان رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ: مَا رَأَيْتُ لَكَ فَهَّةً4 قَبْلَهَا مُنْذُ أَسْلَمْتَ، أَتُبَايِعُنِي وَفِيكُمُ الصِّدِّيقُ وَثَانِيَ اثْنَيْنِ؟ 5. وَرَوَى نَحْوَهُ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ أبي البختري. وقال ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: ابْسُطْ يَدَكَ نُبَايِعْ لَكَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي، قَالَ: إنَّ قُوَّتِي لَكَ مع فضلك6.   1 نزوا: وثبوا. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6830" في كتاب الحدود، باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، وأحمد "1/ 55، 56". وأخرجه مسلم أصله "1691" في كتاب الحدود، باب: رجم الثيب في الزنى. 3 إسناده حسن: أخرجه أحمد، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "12/ 159": سنده حسن. 4 الفهة: السقطة. 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 96". 6 إسناده منقطع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ تُوُفِّيَ اجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدٍ، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ، فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ المُنْذِرِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا فَقَالَ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ1. وَقَالَ وهيب: حدثنا داود بن أبي هند، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ خُطَبَاءُ الْأَنْصَارِ، فَجَعَلَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْكُمْ قَرَنَ مَعَهُ رَجُلًا مِنَّا، فَنَرَى أَنْ يَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ رَجُلَانِ مِنَّا وَمِنْكُمْ، قَالَ: وَتَتَابَعَتْ خُطَبَاءُ الْأَنْصَارِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْ حَيٍّ يَا مَعْشَرَ الأنصار وثبت قائلكم، أم والله فَعَلْتُمْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمَّا صَالَحْنَاكُمْ، ثُمَّ أَخَذَ زَيْدٌ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ فَبَايِعُوهُ، قَالَ: فَلَمَّا قَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقوَمِ فَلَمْ يَرَ عليا، فسأل عنه، فقدم نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَتَوْا بِهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَخَتَنُهُ أَرَدْتُ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِميْنَ! فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَايَعَهُ، ثُمَّ لَمْ يَرَ الزُّبَيْرَ، فَسَأَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: ابْنُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَوَارِيُّهُ أردتم أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِميْنَ! فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ2 يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَبَايَعَهُ3. رَوَى مِنْهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" إِلَى قَوْلِهِ "لَمَّا صَالَحْنَاكُمْ" عَنْ عَفَّانَ عَنْ وُهَيْبٍ، وَرَوَاهُ بِتَمَامِهِ ثِقَةٌ، عَنْ عَفَّانَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ عُمَرُ فِي خُطْبَتِهِ: وَإِنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَمَنْ مَعَهُمَا تَخَلَّفُوا عَنَّا، وَتَخَلَّفَتِ الْأَنْصَارُ عَنَّا بِأَسْرِهَا، فَاجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَجُلٌ يُنَادِي مِنْ وراء الجدار: اخرج يا ابن الْخَطَّابِ، فَخَرَجْتُ فَقَالَ: إِنَّ الْأَنْصَارَ قَدِ اجْتَمَعُوا فأدركوهم قبل أن يحدثوا أمرا يكون بينا وَبَيْنَهُمْ فِيهِ حَرْبٌ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: وَتَابَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدًا، قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ وَأَنَا مُغْضَبٌ قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا فَإِنَّهُ صَاحِبُ فتنة وشر.   1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 97". 2 التثريب: اللوم. 3 أخرجه بتمامه البيهقي كما في "البداية" "3/ 316، 317". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 وَهَذَا مِنْ حَدِيثِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى مِثْلَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، وَابْنِ الْكَوَّاءِ، أَنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ذَكَرَ مَسِيرَه وَبَيْعَةَ الْمُهَاجِرِينَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَمُتْ فَجْأَةً، مَرِضَ لَيَالِي، يَأْتِيهِ بِلَالٌ فيؤذيه بِالصَّلَاةِ فَيَقُولُ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ بِالصَّلَاةِ"، فَأَرَادَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ أَنْ تَصْرِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ فَغَضِبَ وَقَالَ: "إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ"، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اخْتَرْنَا وَاخْتَارَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْمُسْلِمُونَ لِدُنْيَاهُمْ مَنِ اخْتَارَهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لدينهم، وكان الصَّلَاةُ عِظَمَ الْأَمْرِ وَقِوَامَ الدِّينِ1. وَقَالَ الْوَلِيدُ بن مسلم: فحدثني محمد بن حرب، أنا الزبيري، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الْآخِرَةَ قَالَ: حِينَ جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَدًا مَنْ مُتَوَفَّى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَشَهَّدَ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قُلْتُ لَكُمْ أَمْسِ مَقَالَةً، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَمَا قُلْتُ، وَمَا وَجَدْتُ الْمَقَالَةَ الَّتِي قُلْتُ لَكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ولا في عهد عهده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَلَكِنْ رَجَوْتُ أَنَّهُ يَعِيشُ حَتَّى يُدَبِّرَنَا يَقُولُ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- آخِرَنَا فَاخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ مَا عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ، فَإِنْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ كِتَابَهُ الَّذِي هَدَى بِهِ مُحَمَّدًا، فَاعْتَصِمُوا بِهِ تَهْتَدُوا بِمَا هُدِيَ بِهِ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَانِيَ اثْنَيْنِ وَأَنَّه أَحَقُّ النَّاسِ بِأَمْرِهِمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ، وَكَانَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتِ الْبَيْعَةُ عَلَى الْمِنْبَرِ بَيْعَةَ الْعَامَّةِ، صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ مَعَ عُمَرَ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ كَسَرَ سَيْفَ الزُّبَيْرِ، ثم خطب أبو بكر واعتذر إلى النَّاسَ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الْإِمَارَةِ يَوْمًا وَلَا لَيْلَةً وَلَا سَأَلْتُهَا اللَّهَ فِي سِرٍّ وَلَا عَلَانِيَةٍ، فَقَبِلَ الْمُهَاجِرُونَ مَقَالَتَهُ، وَقَالَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ: مَا غَضِبْنَا إِلَّا لِأَنَّا أخرنا عن المشاورة، إنا نَرَى أَبَا بَكْرٍ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا بَعْدَ   1 إسناده ضعيف جدا: أبو بكر الهذلي متروك كما تقدم، وقد أخرج ابن سعد في "الطبقات" "2/ 97" بعضه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ لصاحب الغارن وإنا لنعرف شرفه وخيره، ولقد أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِالصَّلَاةِ بِالنَّاسِ وَهُوَ حَيٌّ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- تَمَادَى عَنِ الْمُبَايَعَةِ مدة: فقال يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ أَبِيهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ اجْتَمَعَ إِلَى عَلِيٍّ أَهْلُ بَيْتِهِ، فَبَعَثُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ: ائْتِنَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللَّهِ لَا تَأْتِيهِمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لآتينهم، وما تخاف عَلَيَّ فِي أَنْفُسِكِمْ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ، وَوَاللَّهِ مَا صَنَعْتُ ذَلِكَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُرِيدُ أَنْ أَكِلَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنْتُ أَرَى أثَرَهُ فِيهِ وَعَمَلَهُ إِلَى غَيْرِي حَتَّى أَسْلُكَ بِهِ سَبِيلَهُ وَأُنْفِذَهُ فِيمَا جَعَلَهُ اللَّهُ، وَوَاللَّهِ لَأَنْ أَصِلَكُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ من أن أصل أهل قرابتي لقرابتك من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِعَظِيمِ حَقِّهِ. ثُمَّ تَشَهَّدَ عَلِيٌّ وَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ وَاللَّهِ مَا نَفَسْنَا عَلَيْكَ خَيْرًا جَعَلَهُ اللَّهُ لَكَ أَنْ لَا تَكُونَ أَهْلًا لِمَا أُسْنِدَ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّا كُنَّا مِنَ الْأَمْرِ حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ فَتَفُوتَ بِهِ عَلَيْنَا، فَوَجِدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُبَايِعَ وَأَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، وَإِذَا كَانَتِ الْعَشِيَّةُ فَصَلِّ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، وَاجْلِسْ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى آتِيَكَ فَأُبَايِعَكَ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَكِبَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ، وَمَا دَخَلَ فيه من أمر الجماعة والبيعة، وها هو ذا فَاسْمَعُوا مِنْهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه ثم أَبَا بَكْرٍ وَفَضْلَهُ وسِنَّهُ، وَأنَّهُ أَهْلٌ لِمَا سَاقَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ: وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ، حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ. قِصَّةُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ: قَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ: حدثنا الْمُسْتَنِيرُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، عَنْ عُرْوةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ رِدَّةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى يَدِ عَبْهَلَةَ بْنِ كَعْبٍ، وَهُوَ الأسود في عامة   1 صحيح: أخرجه البخاري "4240، 4241" في كتاب المغازي، باب: غزوة خيبر، ومسلم "1759/ 52" في كتاب الجهاد، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة" وأبو داود "2968" في كتاب الخراج، باب: في صفايا رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الأموال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 مذحج: خرج بعد حجة الوداع، وكانت شعبادا1 يُرِيهُمُ الْأَعَاجِيبَ، وَيَسْبِي قُلُوبَ مَنْ يَسْتَمِعُ مَنْطِقَهُ، فَوَثَبَ هُوَ وَمَذْحِجٌ بِنَجْرَانَ إِلَى أَنْ صَارَ إلى صنعاء فأخذهم وَلَحِقَ بِفَرْوَةَ مَنْ تَمَّ عَلَى إِسْلَامِهِ، لَمْ يُكَاتِبِ الْأَسْوَدُ رَسْولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ يُشَاغِبُهُ، وَصَفا لَهُ مُلْكُ الْيَمَنِ2. فَرَوَى سَيْفٌ، عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ صَخْرٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ بَالْجَنَدِ3 قَدْ أَقَمْنَاهُمْ عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَكَتَبْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الْكُتَبَ، إِذَا جَاءَنَا كِتَابٌ مِنَ الْأَسْوَدِ أَنْ أَمْسِكُوا عَلَيْنَا مَا أَخَذْتُمْ مِنْ أَرْضِنَا، وَوَفِّرُوا مَا جَمَعْتُمْ فَنَحْنُ أَوْلَى بِهِ، وَأَنْتُمْ عَلَى ما أنتم عليه، فبينا نحن ننظر في أمرنا إذا قِيلَ هَذَا الْأَسْوَدُ بِشَعُوبَ4، وَقَدْ خَرَجَ إِلَيْهِ شَهْرُ بْنُ بَاذَامَ، ثُمَّ أَتَانَا الْخَبَرُ أَنَّهُ قتل شها وَهَزَمَ الْأَبْنَاءَ، وَغَلَبَ عَلَى صَنْعَاءَ بَعْدَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَخَرَجَ مُعَاذٌ هَارِبًا حَتَّى مَرَّ بِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِمَأْرِبَ، فَاقْتَحَمَا حَضْرَمَوْتَ. وَغَلَبَ الْأَسْوَدُ عَلَى مَا بَيْنَ أَعْمَالِ الطَّائِفِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَجَعَلَ يَسْتَطِيرُ اسْتِطَارَةَ الْحَرِيقِ، وَكَانَ مَعَهُ سَبْعُمِائَةِ فَارِسٍ يَومَ لَقِيَ شَهْرًا، وكان فؤاده: قَيْسُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَيَزِيدُ بْنُ مَخْزُومٍ، وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَاسْتَغْلَظَ أَمْرُهُ وَغَلَبَ عَلَى أَكْثَرِ اليمن، وارتد معه خلق، وعامل الْمُسْلِمُونَ بِالتَّقِيَّةِ، وَكَانَ خَلِيفَتَهُ فِي مَذْحِجٍ عَمْرُو بن معد يكرب، وَأَسْنَدَ أَمْرَ جُنْدِهِ إِلَى قَيْسِ بْنِ عَبْدِ بغوث، وَأَمَرَ الْأَبْنَاءَ إِلَى فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ، وَدَاذُوَيْهِ، فَلَمَّا أثخن في الأرض استخف بهؤلاء، وتزوج أمره شهر، وهي بنت عم فيروز، قال: فبينا نَحْنُ كَذَلِكَ بِحَضْرَمَوْتَ وَلَا نَأْمَنُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا الْأَسْوَدُ، وَقَدْ تَزَوَّجَ مُعَاذٌ فِي السَّكُونِ، إذا جَاءَتْنَا كُتُبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُنَا فِيهَا أَنْ نَبْعَثَ الرِّجَالَ لِمُجَاوَلَتِهِ وَمُصَاوَلَتِهِ، فَقَامَ مُعَاذٌ فِي ذَلِكَ، فَعَرَّفَنَا القُوَّةَ وَوَثَّقَنَا بالنصر5.   1 أي مشعوذ. 2 إسناده ضعيف جدا: سيف بن عمر مصنف "الفتوح" هو كالواقدي متروك الحديث، واتهم بالوضع، كما في الميزان "3637". 3 الجند: بلدة باليمن. 4 شعوب: قصر باليمن. 5 إسناده ضعيف جدا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 وَقَالَ سَيْفٌ: فَحَدَّثَنَا الْمُسْتَنِيرُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ، عَنْ جِشْنِسَ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا وَبَرُ بْنُ يُحَنَّسَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَنَا فِيهِ بِالنُّهُوضِ فِي أَمْرِ الْأَسْوَدِ فَرَأَيْنَا أَمْرًا كثيفا، ورأينا الأسود قد تغير لقيس ابن عَبْدِ يَغُوثَ، فَأَخْبَرْنَا قَيْسًا وَأَبْلَغْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَأَنَّمَا وَقَعْنَا عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ فَأَجَابَنَا، وَجَاءَ وَبَرٌ وَكَاتَبْنَا النَّاسَ وَدَعَوْنَاهُمْ، فَأَخْبَرَ الْأَسْوَدَ شَيْطَانُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى قَيْسٍ فقال: ما يقول الملك؟ عَمَدْتُ إِلَى قَيْسٍ فَأَكْرَمْتُهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ منك كل مدخل ما مَيْلَ عَدُوِّكَ، فَحَلَفَ لَهُ وَتَنَصَّلَ، فَقَالَ: أَتُكَذِّبُ الملك؟ قد صدق وعرفى أَنَّكَ تَائِبٌ، قَالَ: فَأَتَانَا قَيْسٌ وَأَخْبَرَنَا فَقُلْنَا: كَمَنْ عَلَى حَذَرٍ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا الْأَسْوَدُ أَلَمْ أُشَرِّفْكُمْ عَلَى قَوْمِكُمْ، أَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْكُمْ؟ فَقُلْنَا: أَقِلْنَا مَرَّتَنَا هَذِهِ، فَقَالَ: فَلَا يَبْلُغْنِي عَنْكُمْ فَأَقْتُلَكُمْ، فَنَجَوْنَا وَلَمْ نَكِدْ، وَهُوَ فِي ارْتِيَابٍ مِنْ أَمْرِنَا، قَالَ: فَكَاتَبَنَا عَامِرُ بْنُ شَهْرٍ، وَذُو الْكَلَاعِ، وَذُو ظُلَيْمٍ، فَأَمَرْنَاهُمْ أَنْ لَا يَتَحَرَّكُوا بِشَيْءٍ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى امْرَأَتِهِ آذَادَ فقلت: يابنة عم قد عرف بَلاءَ هَذَا الرَّجُلِ، وَقَتَلَ زَوْجَكِ وَقَوْمَكِ وَفَضَحَ النِّسَاءَ، فَهَلْ مِنْ مُمَالأَةٍ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: مَا خَلَقَ اللَّهُ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، مَا يَقُومُ عَلَى حَقٍّ وَلَا يَنْتَهِي عَنْ حُرْمَةٍ، فَخَرَجْتُ فَإِذَا فَيْرُوزُ وَدَاذَوَيْهِ يَنْتَظِرَانِي، وَجَاءَ قَيْسٌ وَنحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُنَاهِضَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ قَبِلَ أَنْ يَجْلِسَ: الْمَلِكُ يَدْعُوكَ، فَدَخَلَ فِي عَشَرَةٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ، وَقَالَ يَا عَبْهَلَةُ أَمِنِّي تَتَحَصَّنُ بالرِّجَالِ، أَلَمْ أُخْبِرْكَ الْحَقَّ وَتُخْبِرْنِي الكذب، تريد قتلي! فقال: كَيْفَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَمُرْنِي بِمَا أَحْبَبْتَ، فَأَمَّا الْخَوفُ وَالْفَزَعُ فَأَنَا فِيهِمَا فَاقْتُلْنِي وَارْحَمْنِي، فَرَقَّ لَهُ وَأَخْرَجَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَقَالَ: اعْمَلُوا عَمَلَكُمْ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا الْأَسْوَدُ فِي جَمْعٍ، فَقُمْنَا لَهُ، وَبِالْبَابِ مِائَةُ بَقَرَةٍ وَبَعِيرٍ فَنَحَرَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَحَقُّ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ يَا فَيْرُوزُ؟ لَقَدْ هَمَمْتُ بِقَتْلِكَ، فَقَالَ: اخْتَرْتَنَا لِصِهْرِكَ وَفَضَّلْتَنَا عَلَى الْأَبْنَاءِ، وَقَدْ جَمَعَ لَنَا أَمْرَ آخِرَةٍ وَدُنْيَا، فَلَا تَقْبَلَنَّ عَلَيْنَا أَمْثَالَ مَا يَبْلُغُكَ. فَقَالَ: اقْسِمْ هَذِهِ، فَجَعَلْتُ آمُرُ لِلِرَّهْطِ بِالْجَزُورِ، ثُمَّ اجْتَمَعَ بِالْمَرْأَةِ فَقَالَتْ: هُوَ مُتَحَرِّزٌ، وَالْحَرَسُ مُحِيطُونَ بِالْقَصْرِ سِوَى هَذَا الْبَابِ فَانْقُبُوا عَلَيْهِ، وهيأت لنا سراحا، وَخَرَجَتْ فَتَلَقَّانِي الْأَسْوَدُ خَارِجًا مِنَ الْقَصْرِ فَقَالَ: مَا أَدْخَلَكَ؟ وَوَجَأَ رَأْسِي فَسَقَطْتُ، فَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ: ابْنُ عَمِّي زَارَنِي، فَقَالَ: اسْكُتِي لَا أبالك فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكِ، فَأَتَيْتُ أَصْحَابِي وَقُلْتُ: النَّجَاءُ، وأخبرتهم الخبر، فأنا على ذلك إذ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 جَاءَنِي رَسُولُهَا: لَا تَدَعَنَّ مَا فَارَقْتُكَ عَلَيْهِ. فَقُلْنَا لِفَيْرُوزَ: ائْتِهَا وَأَتْقِنْ أَمْرَنَا، وَجِئْنَا بِاللَّيْلِ ودخلنا، فإذا سراج تحت جقنة، فَاتَّقَيَا بِفَيْرُوزَ، وَكَانَ أَنْجَدَنَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْبَيْتِ سَمِعَ غَطِيطًا شَدِيدًا، وَإِذَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ، فلما قام بفيروز عَلَى الْبَابِ أَجْلَسَ الْأَسْوَدَ شَيْطَانُهُ وَكَلَّمَهُ فَقَالَ أَيْضًا: فَمَا لِي وَلَكَ يَا فَيْرُوزُ، فَخَشِيَ إِنْ رَجَعَ أَنْ يَهْلِكَ هُوَ وَالْمَرْأَةُ فَعَاجَلَهُ وَخَالَطَهُ وَهُوَ مِثْلُ الْجَمَلِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَدَقَّ عنقه وقتله، ثم قام ليخرج فأخذته الْمَرْأَةُ بِثَوْبِهِ تُنَاشِدُهُ، فَقَالَ: أَخْبِرْ أَصْحَابِي بِقَتْلِهِ، فأتانا فقمنا معه، فأردنا حز رَأْسِهِ فَحَرَّكَهُ الشَّيْطَانُ وَاضْطَرَبَ فَلَمْ يُضْبِطْهُ فَقَالَ: اجْلِسُوا عَلَى صَدْرِهِ، فَجَلَسَ اثْنَانِ وَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ بشعره، وسمعنا بَرْبَرَةً فَأَلْجَمْتُهُ بَمِلَاءَةٍ، وَأَمَرَّ الشَّفْرَةَ عَلَى حَلْقِهِ، فَخَارَ كَأَشَدِّ خُوَارِ ثَوْرٍ، فَابْتَدَرَ الْحَرَسُ الْبَابَ: مَا هَذَا مَا هَذَا؟ قَالَتْ: النَّبِيُّ يُوحَى إِلَيْهِ، قَالَ: وَسَمَرْنَا لَيْلَتَنَا كَيْفَ نُخْبِرُ أَشْيَاعَنَا، فَأَجْمَعْنَا عَلَى النِّدَاءِ، بِشِعَارِنَا ثُمَّ بِالْأَذَانِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى دَاذَوَيْهِ بِالشِّعَارِ، فَفَزِعَ الْمُسْلِمُونَ وَالْكَافِرُونَ، وَاجْتَمَعَ الْحَرَسُ فَأَحَاطُوا بِنَا، ثُمَّ نَادَيْتُ بِالْأَذَانِ، وَتَوَافَتْ خُيُولُهُمْ إِلَى الْحَرَسِ، فَنَادَيْتُهُمْ أَشْهَدُ أن محمد رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ عَبْهَلَةَ كَذَّابٌ، وَأَلْقَيْنَا إِلَيْهِمُ الرَّأْسَ، وَأَقَامَ وَبَرُ الصَّلَاةَ، وَشَنَّهَا الْقَوْمُ غَارَةً، وَنَادَيْنَا: يَا أَهْلَ صَنْعَاءَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ داخل فتعلوا بِهِ، فَكَثُرَ النَّهْبُ وَالسَّبْيُ، وَخَلُصَتْ صَنْعَاءُ وَالْجُنْدُ، وَأَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ، وَتَنَافَسْنَا الْإِمَارَةَ، وَتَرَاجَعَ أَصْحَابُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاصْطَلَحْنَا عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، فَكَانَ يُصَلِّي بِنَا وَكَتَبْنَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخبر فتقدمت رُسُلُنَا، وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- صبيحنئذ فَأَجَابَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْهُ1. وَرَوَى الْوَاقِديُّ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ: بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَتَلَ الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ، هُوَ وَفَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ2 وَلِقَيْسٍ هَذَا أَخْبَارٌ، وَقَدِ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسَرَهُ الْمُسْلِمُونَ فَعَفَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ. جَيْشُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ في   1 إسناده ضعيف جدا. 2 إسناده ضعيف جدا: الواقدي متروك كما تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 مرضه: "أنقذوا جيشَ أُسَامَةَ"، فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ الْجُرْفَ1، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنتُ قَيْسٍ تَقُولُ: لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ثَقِيلٌ، فَلَمَّا يَبْرَحْ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قُبِضَ رَجَعَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنِي وَأَنَا عَلَى غَيْرِ حَالِكُمْ هَذِهِ، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تَكْفُرَ الْعَرَبُ، وَإِنْ كَفَرَتْ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ يُقَاتِلُ، وَإِنْ لَمْ تَكْفُرْ مَضَيْتُ، فَإِنَّ مَعِيَ سَرَوَاتِ النَّاسِ وَخِيَارَهُمْ، قَالَ: فَخَطَبَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لأن تخطفي الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبْدَأَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَبَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَاسْتَأْذَنَ لِعُمَرَ أَنْ يَتْرُكَهُ عِنْدَهُ، وَأَمَرَ أَنْ لَا يَجْزِرَ في القوم، أن يقع الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلَ وَالْأَوسَاطَ فِي الْقِتَالِ، قَالَ: فَمَضَى حَتَّى أَغَارَ، ثُمَّ رَجَعُوا وَقَدْ غَنِمُوا وَسَلِمُوا. فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: مَا كُنْتُ لِأُحَيَّيَ أَحَدًا بِالْإِمَارَةِ غَيْرَ أُسَامَةَ؛ لَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُبِضَ وَهُوَ أَمِيرٌ، قَالَ: فَسَارَ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الشَّامِ أَصَابَتْهُمْ ضَبَابَةٌ شَدِيدَةٌ فَسَتَرَتْهُمْ، حَتَّى أَغَارُوا وَأَصَابُوا حَاجَتَهُمْ، قَالَ: فَقُدِمَ بِنَعْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى هِرَقْلَ وَإِغَارَةِ أُسَامَةَ فِي نَاحِيَةِ أَرْضِهِ خَبَرًا وَاحِدًا، فَقَالَتِ الرُّومُ: مَا بَالُ هَؤُلَاءِ يَمُوتُ صَاحِبُهَا ثُمَّ أَغَارُوا عَلَى أَرْضِنَا2. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَارَ أُسَامَةُ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ حَتَّى بَلَغَ أَرْضَ الشَّامَ وَانْصَرَفَ، فَكَانَ مَسِيرُهُ ذَاهِبًا وَقَافِلًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا3. وَقِيلَ: كَان ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْبَيعَةِ، وَاطْمَأَنَّ النَّاسُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: امْضِ لِوَجْهِكَ. فَكَلَّمَهُ رِجَالٌ من المهاجرين والأنصار وقالوا: أَمْسِكْ أُسَامَةَ وَبَعْثَهُ فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ تَمِيلَ علينا العرب إذا سمعوا بوفاة رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنَا أَحْبِسُ جَيْشًا بَعَثَهُمْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! لَقَدِ اجْتَرَأْتَ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ تَمِيلَ عَلَيَّ الْعَرَبُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْبِسَ جَيْشًا بَعَثَهُمْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امض يا أسامة في   1 الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة جهة الشام. 2 مرسل. 3 مرسل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 جَيْشِكَ لِلْوَجْهِ الَّذِي أُمِرْتَ بِهِ، ثُمَّ اغْزُ حَيْثُ أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ نَاحِيَةِ فِلِسْطِينَ، وَعَلَى أَهْلِ مُؤْتَة، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَكْفِي مَا تَرَكْتَ، وَلَكِنْ إِنْ رأيت أن تأذن لعمر فأستبشره وَأَسْتَعِينَ بِهِ فَافْعَلْ، فَفَعَلَ أُسَامَةُ، وَرَجَعَ عَامَّةُ الْعَرَبِ عَنْ دِينِهِمْ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ، وَغَطَفَانُ وَأسَدٌ وَعَامَّةُ أَشْجَعَ، وَتَمَسَّكَتْ طَيِّءٌ بِالْإِسْلَامِ1. شَأْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ سألت أبي بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مما أفاء الله عليه، فقال لها: رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" فَغَضِبَتْ وَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ حَتَى تُوُفِّيَتْ2. وَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، حَتَّى كُنْتُ أَنَا رَدَدْتُهُنَّ فَقُلْتُ لَهُنَّ: أَلَا تَتَّقِينَ اللَّهَ أَلَمْ تَسْمَعْنَ من رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ" 3. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بعد نفقة نسائي ومؤنة عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ" 4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ -وَهُوَ مَتْرُوكٌ- عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ: إِنَّ فَاطِمَةَ دَخَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَرَأَيْتَ لَوْ مُتَّ الْيَومَ مَنْ كَانَ يَرِثُكَ؟ قَالَ: أَهْلِي وَوَلَدِي فقالت: ما لك تَرِثُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ دون أهله وولده!   1 مرسل إسناده ضعيف. 2 تقدم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "6730" في كتاب الفرائض، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة"، ومسلم "1758" في كتاب الجهاد، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة"، ومالك في "الموطأ" "1635"، وأبو داود "2976، 2977" في كتاب الخراج، باب: في صفايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "6729" في المصدر السابق، ومسلم "1760" في المصدر السابق، ومالك في "الموطأ" "1936"، وأبو داود "2974" في المصدر السابق، وأحمد "2/ 242". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 فَقَالَ: مَا فَعَلْتُ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَتْ: بَلَى قَدْ عَمَدْتَ إِلَى فَدَكَ1 وَكَانَتْ صَافِيةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذْتَهَا، وَعَمَدْتَ إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتَهُ مِنَّا، فَقَالَ: لَمْ أَفْعَلْ، حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُطْعِمَ النَّبِيَّ الطَّعْمَةَ مَا كَانَ حَيًّا فَإِذَا قبضه رفعها، فقالت: أنت رسول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْلَمُ، مَا أَنَا بِسَائِلَتِكَ بَعْدَ مَجْلِسِي هَذَا2. ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنْتَ وريثة رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أم أَهْلُهُ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ أَهْلُهُ، قَالَتْ: فَأَيْنَ سَهْمُهُ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعلها للذين يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ"، فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى المُسْلِمينَ، قَالَتْ: أَنْتَ وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَهُوَ مُنْكَرٌ، وَأَنْكَرُ مَا فِيهِ قَوْلُهُ: "لَا، بَلْ أَهْلُهُ". وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مسلم، وعمر بن عبد الواحد، حدثنا صَدَقَةُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِيقِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتْ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَتْ: قد علمت الذي خلفنا عنه عن الصَّدَقَاتِ أَهْلَ الْبَيْتِ. ثُمّ قَرَأَتْ عَلَيْهِ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} 4 إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ لَهَا: بِأَبي وَأُمِّي أَنْتِ وَوَالِدُكِ وَوَلَدُكِ، وَعَلَيَّ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ كِتَابُ اللَّهِ وَحقُّ رَسُولِهِ وَحَقُّ قَرَابَتِهِ، وَأَنَا أَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مِثْلَ الَّذِي تَقْرَئِينَ، وَلَا يَبْلُغُ عِلْمِي فِيهِ أَنْ أَرَى لِقَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذَا السَّهْمَ كُلَّهُ مِنَ الْخُمُسِ يَجْرِي بِجَمَاعَتِهِ عَلَيْهِمِ، قَالَتْ: أفلك هو ولقرابتك؟ قال: لا، وأنت   1 فداك: قرية بالحجاز، بينها وبين المدينة يومان. 2 إسناده ضعيف جدا: أبو صالح ضعيف، ويظهر لي أنه لم يدرك أبا بكر، ومحمد بن السائب هو الكلبي، متروك كما تقدم. 3 أخرجه أحمد "1/ 4" بهذا اللفظ، وقوله: "لا، بل أهله" أنكرها المصنف كما يأتي، وتبعه على إنكارها الحافظ ابن كثير، في "البداية" "3/ 366"، والحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 233". والحديث أخرجه أبو داود "2973" في كتاب الخراج، باب: في صفايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون هذه اللفظة، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 سورة الأنفال: 41. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 عِنْدِي أَمِينَةٌ مُصَدَّقةٌ، فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَ إِلَيْكِ فِي ذَلِكَ عَهْدًا وَوَعَدَكِ مَوْعِدًا أوْجَبَهُ لَكِ حَقًّا وسلمه إِلَيْكِ، قَالَتْ: لَا، أَلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَالَ: "أَبْشِرُوا آلَ مُحَمَّدٍ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْغِنَى". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتِ فَلَكِ الْغِنَى، وَلَمْ يَبْلُغْ عِلْمِي فِيهِ وَلَا بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُسَلَّمَ هَذَا السَّهْمُ كُلُّهُ كَامِلًا، ولكن لكم الغني يُغْنِيكُمْ، وَيَفْضُلُ عَنْكُمْ، فَانْظُرِي هَلْ يُوَافِقُكِ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَانْصَرَفَتْ إِلَى عُمَرَ فَذَكَرَتْ لَهُ كَمَا ذَكَرَتْ لِأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهَا مِثْلُ الَّذِي رَاجَعَهَا بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبَتْ وظنت أنهما قد تذاكرا ذلك واجتمعنا عَلَيْهِ1. وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -مِنْ دُونِ ذِكْرِ الْوَلِيدِ بْنِ مسْلمٍ- قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَيْنَا أَنْ يُعْطِينَا مِنَ الْفَيْءِ بِحَقِّ مَا يَرَى أَنَّهُ له مِنَ الْحَقِّ، فَرَغِبْنَا عَنْ ذَلِكَ وَقُلْنَا: لَنَا مَا سَمَّى اللَّهُ مِنْ حَقِّ ذِي الْقُرْبَى، وَهُوَ خُمْسُ الْخُمُسِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ لَكُمْ مَا تَدَّعُونَ أَنَّهُ لَكُمْ حَقٌّ، إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْخُمُسَ لِأَصْنَافٍ سَمَّاهُم، فَأَسْعَدُهُمْ فِيهِ حَظًّا أَشَدُّهُمْ فَاقَةً وَأَكْثَرُهُمْ عِيَالًا، قَالَ: فَكَانَ عُمَرُ يُعْطِي مَنْ قَبِلَ مِنَّا مِنَ الْخُمْسِ وَالْفَيْءِ نَحْوَ مَا يَرَى أَنَّهُ لَنَا، فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنَّا نَاسٌ وَتَرَكَهُ نَاسٌ2. وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ مالك بن أوس الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ لِي: يَا مَالِكُ إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي، قَالَ: اقْبِضْهُ أيُّهَا الْمَرْءُ، قَالَ: وَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَالزُّبَيْرِ، وعبد الرحمن، وسعد يستأذنون؟ قال: نعم، فدخولا وَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَأُ قَلِيلًا، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا دَخَلَا سَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ عباس: يا أمير المؤمنين: اقضي بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الظَّالِمِ الْفَاجِرِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ، فَاسْتَبَّا، فَقَالَ عُثْمَانُ وَغيَرُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخِرِ، فَقَالَ: أنشدكما بالله هل تعلمنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" قَالَا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، قَالَ: فَإنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ خَصَّ رسوله في هذا.   1 إسناده ضعيف: يزيد الرقاشي ضعيف كما في "التقريب" 7638". 2 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ} 1، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدِ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَبَضَهَا وَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، وَأَنْتُمَا تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بكر فيها كَاذِبٌ فَاجِرٌ غَادِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّه فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ، ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللَّهُ فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، أَعْمَلُ فِيهَا بِعَمَلِهِ، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَشْهَدُونَ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ يَزْعُمُونَ أَنِّي فِيهَا فَاجِرٌ كَاذِبٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني وكلمتكما وَاحدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ نَصِيبِكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ نَصِيبِ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقةٌ" فَلَمَّا بَدَا لِيَ أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْكُمَا قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي فَقُلْتُمَا: ادفعها إلينا بذلك، فدفعتها إليكما أنشدكما ما بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنْي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ! فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ أَكْفِيكُمَاهَا2. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-   1 سورة الحشر: 6. 2 صحيح أخرجه البخاري "3094" في كتاب فرض الخمس، باب: رقم "1"، ومسلم "1757" في كتاب الجهاد، باب: حكم الفيء، وأبو داود "2963" في كتاب الخراج، باب: في صفايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والترمذي "1616" في كتاب السير، باب: ما جاء في تركة النبي -صلى الله عليه وسلم- والنسائي "7/ 136، 137"، في كتاب قسم الفيء، باب: رقم "1"، وأحمد "1/ 25"، والشافعي في "مسنده" "ص332". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 يَقُولُ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي شَيْئًا مِمَّا تَرَكْتُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" 1 فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَبَّاسُ، وكانت فيها خصومتها، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمَا حَتَّى أَعْرَضَ عنها عباس فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِيٌّ، ثُمَّ كَانَتْ عَلَى يَدَيِ الْحَسَنِ، ثُمَّ كَانَتْ بِيَدِ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، كِلَاهُمَا يتداولانها، ثم بيد زيد، وهي صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا. خَبَرُ الرِّدَّةِ: لَمَّا اشْتُهِرَتْ وَفَاةُ النَّبِيِّ بِالنَّوَاحِي، ارْتَدَّتْ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ مِنَ الْعَرَبِ عَنِ الْإسْلَامِ وَمَنَعُوا الزَّكَاةَ، فَنَهَضَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لِقِتَالِهِمْ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَغَيْرُهُ أَنْ يَفْتِرَ عَنْ قِتَالِهِمْ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا أَوْ عِنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَمَنْ قَالَهَا عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَدَمَهُ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصلاة والزكاة، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَقَدْ قَالَ: إِلَّا بِحَقِّهَا فَقَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ2، فَعَنْ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ حتى بلغ نفعا3، حِذَاءَ نَجْدَ، وَهَرَبَتِ الْأَعْرَابُ بِذَرَارِيهِمْ، فَكَلَّمَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَقَالُوا: ارْجِعْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنِّسَاءِ وَأَمِّرْ رَجُلًا عَلَى الْجَيْشِ، وَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى رَجَعَ وَأَمَرَ خَالِدَ بْنَ الوليد، وقال له: إذا أسلموا وأعطو الصَّدَقَةَ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَرْجِعْ، وَرَجَعَ أَبُو بكر إلى المدينة4.   1 تقدم. 2 صحيح: أخرجه البخاري "1399" في كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة، ومسلم "20" في كتاب الإيمان، باب: رقم "8" وأبو داود "1556" في أول كتاب الزكاة، والترمذي "2616" في كتاب الإيمان باب: رقم "1"، والنسائي "5/ 14" في كتاب الزكاة، باب: مانع الزكاة، وأحمد "1/ 29، 35، 36، 47، 48"، وعبد الرزاق "18718"، والطبراني في "الأوسط "941"، وأبو نعيم في "الحلية" "1816، 3030"، والبيهقي في "سننه" "4/ 104"، وابن حبان "216، 217"، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه. 3 النقع: موضع قرب مكة. 4 مرسل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مَسِيرُهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فَبَلَغَ ذَا الْقَصَّةِ، وَهِيَ عَلَى بَرِيدَيْنِ وَأَمْيَالٍ مِنْ نَاحِيةِ طَرِيقِ الْعِرَاقِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِنَانًا الضَّمْرِيَّ، وَعَلَى حِفْظِ أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ عَبْدَ الله بن مسعود. وقال ابن لهيعة: أنبأنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ خَالِدًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ النَّاسَ عَلَى خَمْسٍ، مَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ قَاتَلَهُ كَمَا يُقَاتِلُ مَنْ تَرَكَ الْخَمْسَ جَمِيعًا: عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ1. وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ: لَوْ نَزَلَ بِالْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ مَا نَزَلَ بِأَبِي لَهَاضَهَا2، اشْرَأَبَّ3 النِّفَاقُ بِالْمَدِينَةِ وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، فَوَاللَّهِ مَا اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بِحَظِّهَا مِنَ الْإِسْلَامِ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لَهُ: إِنَّكَ لَا تَصْنَعُ بِالْمَسِيرِ بِنَفْسِكَ شَيْئًا، وَلَا تَدْرِي لِمَنْ تَقْصِدُ، فَأَمُرْ مَنْ تَثِقُ بِهِ وَارْجِعْ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَإِنَّكَ تَرَكْتَ بِهَا النِّفَاقَ يَغْلِي، فَعَقَدَ لِخَالِدٍ عَلَى النَّاسِ، وَأَمَّرَ عَلَى الْأَنْصَارِ خَاصَّةً ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَأَمَرَ خَالِدًا أَنْ يَصْمُدَ لِطُلَيْحَةَ الْأَسْدِيِّ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَارَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ ذِي الْقَصَّةِ فِي أَلْفَيْنِ وَسَبْعِمِائَةٍ إِلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ، يُرِيدُ طُلَيْحَةَ، وَوَجَّهَ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيَّ حَلِيفَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ الْأَنْصَارِيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فَانْتَهَوْا إِلَى قَطَنٍ4 فَصَادَفُوا فِيهَا حِبَالًا مُتَوَجِّهًا إِلَى طُلَيْحَة بِثُقْلِهِ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مَا مَعَهُ، فَسَارَ وَرَاءَهُمْ طُلَيْحَةُ وَأَخُوهُ سَلَمَةُ فَقَتَلَا عُكَّاشَةَ وَثَابِتًا. وَقَالَ الْوَلِيدُ الْمُوَقَّرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: فَسَارَ خَالِدٌ لِقِتَالِ طُلَيْحَةَ الْكَذَّابَ فَهَزَمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ قَدْ بَايَعَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ، فَلَمَّا رَأَى طُلَيْحَةُ كَثْرَةَ انْهِزَامِ أَصْحَابِهِ قَالَ: مَا يَهْزِمُكُمْ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أُحَدِّثُكَ، لَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إلَّا وَهُوَ يُحِبُ أَنْ يموت   1 إسناده ضعيف: أسامة بن زيد ضعيف كما في "التقريب" "315"، وابن لهيعة كذلك. 2 هاضها: كسرها. 3 اشرأب: تطاول. 4 قطن: جبل بني أسد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 صَاحِبُهُ قَبْلَهُ، وَإِنَّا نَلْقَى قَوْمًا كُلَّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَكَانَ طُلَيْحَةُ رَجُلًا شَدِيدَ الْبَأْسِ فِي الْقِتَالِ، فَقَتَلَ طُلَيْحَةُ يَوْمَئِذٍ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ وَثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ، وَقَالَ طُلَيْحَةُ: عَشِيَّةَ غَادَرْتُ ابْنَ أَقْرَمَ ثَاوِيًا ... وَعُكَّاشَةُ الْغَنْمِيُّ تَحْتَ مَجَالِي أَقَمْتُ لَهُمْ صَدْرَ الْحِمَالَةِ إِنَّهَا ... مُعَاوَدَةٌ قَبْلَ الْكُمَاةِ نِزَالِي فَيَوْمًا تَرَاهَا فِي الْجَلَالِ مَصُونَةً ... وَيَوْمًا تَرَاهَا فِي ظِلَالٍ عوال فما ظنكم بالقوم إذا تَقْتُلُونَهُمْ ... أَلَيْسُوا وَإِنْ لَمْ يَسْلَمُوا بِرِجَالِ فَإِنْ تَكُ أَذْوَادٌ أُصِبْنَ وَنِسْوَةٌ ... فَلَمْ تَرْهَبُوا فَرْغًا بِقَتْلِ حِبَالِ فَلَمَّا غَلَبَ الْحَقُّ طُلَيْحَةَ تَرَجَّلَ. ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَرَكِبَ يَسِيرُ فِي النَّاسِ آمِنًا، حَتَّى مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مَكَّةَ فَقَضَى عُمْرَتَهُ، ثُمَّ حَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ خَالِدًا لَقِيَ طُلَيْحَةَ بِبُزَاخَةَ1، وَمَعَ طُلَيْحَةَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَقُرَّةُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْقُشَيْرِيُّ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ هَرَبَ طُلَيْحَةُ وَأُسِرَ عُيَيْنَةُ وَقُرَّةُ، وَبُعِثَ بِهِمَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَحَقَنَ دِمَاءَهُمَا. وَذُكِرَ أَنَّ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ أَحَدَ مَنْ قَتَلَ الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ ارْتَدَّ. وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْأَسْوَدِ، وَخَافَهُ أَهْلُ صَنْعَاءَ، وَأَتَى قَيْسٌ إِلَى فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ وَدَاذَوَيْهَ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي شَأْنِ أَصْحَابِ الْأَسْوَدِ خَدِيعَةً مِنْهُ، فَاطْمَأَنَّا إِلَيْهِ، وَصَنَعَ لَهُمَا مِنَ الْغَدِ طَعَامًا، فَأَتَاهُ دَاذَوَيْهِ فَقَتَلَهُ. ثُمَّ أَتَاهُ فَيْرُوزُ فَفَطِنَ بِالْأَمْرِ فَهَرَبَ، ولقيه جشيش ابن شَهْرٍ وَمَضَى مَعَهُ إِلَى جِبَالِ خَوْلَانَ، وَمَلَكَ قَيْسٌ صَنْعَاءَ، فَكَتَبَ فَيْرُوزُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ، فَلَقَوْا قَيْسًا فَهَزَمُوهُ ثُمَّ أَسَرُوهُ وَحَمَلُوهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَوَبَّخَهُ: فَأَنْكَرَ الرِّدَّةَ: فَعَفَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَسَارَ خَالِدٌ -وَكَانَ سَيْفًا مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ تَعَالَى- فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى نَزَلَ بِبُزَاخَةَ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ طيء: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْدَمَ عَلَيْنَا فَإِنَّا سَامِعُونَ مُطِيعُونَ، وَإِنْ شِئْتَ، نَسِيرُ إِلَيْكَ؟ قَالَ خَالِدٌ: بل أنا   1 بزاخة: ماء لطيء بأرض نجد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 ظَاعِنٌ إِلَيْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِبُزَاخَةَ، وَجَمَعَ لَهُ هُنَاكَ الْعَدُوُّ بَنُو أَسَدٍ وَغَطَفَانُ فَاقْتَتَلُوا، حَتَّى قُتِلَ مِنَ الْعَدُوِّ خَلْقٌ وَأُسِرَ مِنْهُمْ أُسَارَى، فَأَمَرَ خَالِدٌ بِالْحُظُرِ أَنْ تُبْنَى ثُمَّ أَوْقَدَ فِيهَا النِّيرَانَ وَأَلْقَى الْأُسَارَى فِيهَا، ثُمَّ ظَعَنَ يُرِيدُ طَيِّئًا، فَأَقْبَلَتْ بَنُو عَامِرٍ وَغَطَفَانُ وَالنَّاسُ مُسْلِمِينَ مُقِرِّينَ بِأَدَاءِ الْحَقِّ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ خَالِدٌ. وقُتِلَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ التَّمِيمِيُّ فِي رِجَالٍ مَعَهُ مِنْ تَمِيمٍ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: نَحْنُ رَاجِعُونَ، قَدْ أَقَرَّتِ الْعَرَبُ بِالَّذِي كَانَ عَلَيْهَا، فَقَالَ خَالِدٌ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: قَدْ لَعَمْرِي آذَنُ لكم، وقد أجمع أميركم بالمسير إلى مسيلمة بن تمامة الْكَذَّابِ، وَلَا نَرَى أَنْ تَفَرَّقُوا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ حَسَنٍ، وَإِنَّهُ لَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ فَارَقَ أَمِيرَهُ وَهُوَ أَشَدُّ مَا كَانَ إِلَيْهِ حَاجَةً، فَأَبَتِ الْأَنْصَارُ إِلَّا الرُّجُوعَ وَعَزَمَ خَالِدٌ وَمَنْ مَعَهُ، وَتَخَلَّفَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ يَنْظُرُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَنَدِمُوا وقالوا: ما لكم وَاللَّهِ عُذْرٌ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ إِنْ أُصِيبَ هَذَا الطَّرَفُ وَقَدْ خَذَلْنَاهُمْ، فَأَسْرَعُوا نَحْوَ خَالِدٍ وَلَحِقُوا بِهِ، فَسَارَ إِلَى الْيَمَامةِ، وَكَانَ مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ سَيِّدُ بَنِي حَنِيفَةَ خَرَجَ فِي ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ فَارِسًا يَطْلُبُ دِمَاءً فِي بَنِي عَامِرٍ، فَأَحَاطَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَتَلَ أَصْحَابَ مُجَّاعَةَ وَأَوْثَقَهُ. وَقَالَ الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ آلِ عَدِيٍّ، عَنْ وَحْشِيٍّ قَالَ: خَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا طُلَيْحَةَ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، فَقَالَ خَالِدٌ: لَا أَرْجِعُ حَتَّى آتِيَ مُسَيْلِمَةَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بينا وَبَيْنَهُمْ فَقَالَ لَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ: إِنَّمَا بعثنا إلى هؤلاء وقد كفى الله مؤنتهم، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ، وَسَارَ، ثُمَّ تَبِعَهُ ثَابِتٌ بَعْدَ يَوْمٍ فِي الْأَنْصَارِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ بُزَاخَةَ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلُونَهُ الصُّلْحَ، خَيَّرَهُمْ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ حَرْبٍ مُجَلِّيَةٍ أَوْ حِطَّةٍ مُخْزِيَةٍ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَمَّا الْحَرْبُ فَقَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْحِطَّةُ الْمُخْزِيَةُ؟ قَالَ: تُؤْخَذُ مِنْكُمُ الْحَلْقَةُ وَالْكُرَاعُ1 وَتُتْرَكُونَ أَقْوَامًا تَتْبَعُونَ أَذْنَابَ الْإِبِلِ حَتَّى يُرِيَ اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ وَالْمُؤْمِنِينَ أن قتلانا في الجنة وأن قتلاكم فِي النَّارِ، وَتَدُونَ قَتْلَانَا وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا قَوْلُكَ "تَدُونَ قَتْلَانَا" فَإِنَّ   1 الكرع: اسم لجميع الخيل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 قَتْلَانَا قُتِلُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا دِيَاتَ لَهُمْ. فَاتُّبِعَ عُمَرُ، وَقَالَ عُمَرُ فِي الْبَاقِي: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ. مَقْتَلُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ التيمي الْحَنْظَلِيِّ الْيَرْبُوعِيِّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أُتِيَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ فِي رَهْطٍ مِنْ قَوْمِهِ بَنِي حَنْظَلَةَ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَسَارَ فِي أَرْضِ تَمِيمٍ، فَلَمَّا غَشَوْا قَوْمًا مِنْهُمْ أَخَذُوا السِّلَاحَ وَقَالُوا: نَحْنُ مُسْلِمُونَ، فَقِيلَ لَهُمْ: ضَعُوا السِّلَاحَ، فَوَضَعُوهُ، ثُمَّ صَلَّى الْمُسْلِمُونَ وَصَلَّوْا. فَرَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَأَخْبَرَهُ بِقَتْلِ مَالِكِ بن نويرة وأصحابه، فجزع لدلك، ثُمَّ وَدَى مَالِكًا وَرَدَّ السَّبْيَ وَالْمَالَ. وَرُوِيَ أَنَّ مَالِكًا كَانَ فَارِسًا شُجَاعًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ وَفِيهِ خُيَلَاءُ، كَانَ يُقَالُ لَهُ الْجَفُولُ، قدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَسْلَمَ فَوَلَّاهُ صَدَقَةَ قَوْمِهِ، ثُمَّ ارْتَدَّ، فَلَمَّا نَازَلَهُ خَالِدٌ قَالَ: أَنَا آتِي بِالصَّلَاةِ دُونَ الزَّكَاةِ، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ معا لا تقبل واحدة دون الأخرى؟! فَقَالَ: قَدْ كَانَ صَاحِبُكَ يَقُولُ ذَلِكَ، قَالَ خَالِدٌ: وَمَا تَرَاهُ لَكَ صَاحِبًا! وَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَكَ، ثُمَّ تَحَاوَرَا طَوِيلًا، فَصَمَّمَ عَلَى قَتْلِهِ، فَكَلَّمَهُ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ عُمَرَ، فَكَرِهَ كَلَامَهُمَا، وَقَالَ لِضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَرِ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، فَالْتَفَتَ مَالِكٌ إِلَى زَوْجَتِهِ وَقَالَ: هَذِهِ الَّتِي قَتَلَتْنِي، وَكَانَتْ فِي غَايَةِ الْجَمَالِ، قَالَ خَالِدٌ: بَلِ اللَّهُ قَتَلَكَ بِرُجُوعِكَ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: أَنَا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَجَعَلَ رَأْسَهُ أَحَدَ أَثَافِي1 قِدْرِ طَبْخٍ فِيهَا طَعَامٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَ خَالِدٌ بِالْمَرْأَةِ، فَقَالَ أَبُو زُهَيْرٍ السَّعْدِيُّ مِنْ أَبْيَاتٍ: قَضَى خَالِدٌ بَغْيًا عَلَيْهِ لِعُرْسِهِ ... وَكَانَ لَهُ فِيهَا هَوًى قَبْلَ ذَلِكَا وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي "كَامِلِهِ" وَفِي "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ" قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، وَظَهَرَتْ سَجَاحُ وَادَّعَتِ النُّبُوَّةَ صَالَحَهَا مَالِكٌ، وَلَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِدَّةٌ، وَأَقَامَ بِالْبِطَاحِ، فَلَمَّا فَرَغَ خَالِدٌ مِنْ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ سَارَ إلى مالك وبث   1 الأثافي: الحجارة التي يوضع عليها القدر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 سَرَايَاهُ فَأَتَى بِمَالِكٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَلَمَّا قَدِمَ خَالِدٌ قَالَ عُمَرُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَتَلْتَ امْرَأً مُسْلِمًا ثُمَّ نَزَوْتَ عَلَى امْرَأَتِهِ، لَأَرْجُمَنَّكَ، وَفِيهِ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ شَهِدَ أَنَّهُمْ أَذَّنُوا وَصَلُّوا. وَقَالَ الْمُوَقَّرِيُّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَبَعَثَ خَالِدٌ إِلَى مَالِكِ بْنِ نِوَيْرَةَ سَرِيَّةً فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَسَارُوا يَوْمَهُمْ سِرَاعًا حَتَّى انْتَهُوا إِلَى مَحَلَّةِ الْحَيِّ، فَخَرَجَ مَالِكٌ فِي رَهْطِهِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، فَزَعَمَ أَبُو قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْمُسْلِمُ، قَالَ: فَضَعِ السِّلَاحَ، فَوَضَعَهُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَلَمَّا وَضَعُوا السِّلَاحَ رَبَطَهُمْ أَمِيرُ تِلْكَ السَّرِيَّةِ وَانْطَلَقَ بِهِمْ أُسَارَى، وَسَارَ مَعَهُمُ السَّبْيُ حَتَّى أَتَوْا بِهِمْ خَالِدًا، فَحَدَّثَ أَبُو قَتَادَةَ خَالِدًا أَنَّ لَهُمْ أَمَانًا وَأَنَّهُمْ قَدِ ادَّعَوْا إِسْلَامًا، وَخَالَفَ أَبَا قَتَادَةَ جَمَاعَةُ السَّرِيَّةِ فَأَخْبَرُوا خَالِدًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمَانٌ، وَإِنَّمَا أُسِرُوا قَسْرًا، فَأَمَرَ بِهِمْ خَالِدٌ فَقُتِلُوا وَقَبَضَ سَبْيَهُمْ، فَرَكِبَ أَبُو قَتَادَةَ فَرَسَهُ وَسَارَ قِبَلَ أَبِي بَكْرٍ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ عَهْدٌ وَأَنَّهُ ادَّعَى إِسْلَامًا، وَإِنِّي نَهَيْتُ خَالِدًا فَتَرَكَ قَوْلِي وَأَخَذَ بِشَهَادَاتِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْغَنَائِمَ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ فِي سَيْفِ خَالِدٍ رَهَقًا، وَإِنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ حَقًّا فَإِنَّ حَقًّا عَلَيْكَ أَنْ تُقَيِّدَهُ، فَسَكَتَ أَبُو بَكْرٍ. وَمَضَى خَالِدٌ قِبَلَ الْيَمَامَةِ، وَقَدِمَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ فَأَنْشَدَ أَبَا بَكْرٍ مَنْدَبَةً نَدَبَ بِهَا أَخَاهُ، وَنَاشَدَهُ فِي دَمِ أَخِيهِ وَفِي سَبْيِهِمْ، فَرَدَّ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ السَّبْيَ، وَقَالَ لِعُمَرَ وَهُوَ يُنَاشِدُ فِي الْقَوَدِ، لَيْسَ عَلَى خَالِدٍ مَا تَقُولُ، هَبْهُ تَأَوَّلَ فَأَخْطَأَ. قُلْتُ وَمِنَ الْمَنْدَبَةِ. وَكُنَّا كَنُدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعَا فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعًا قِتَالُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ: ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قَالَ: سَارَ بِنَا خَالِدٌ إِلَى الْيَمَامَةِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ، وَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ بِمَجْمُوعَةٍ فَنَزَلُوا بِعَقْرَبَاءَ، فَحَلَّ بِهَا خَالِدٌ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ طَرَفُ الْيَمَامَةِ، وَجَعَلُوا الْأَمْوَالَ خَلْفَهَا كُلَّهَا وَرِيفَ الْيَمَامَةِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 وَقَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسَيْلِمَةَ: يَا بَنِي حُنَيْفَةَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْغَيْرَةِ، الْيَوْمُ إِنْ هُزِمْتُمْ سَتُرْدَفُ الْنِّسَاءُ سَبِيَّاتٍ ويُنكحن غَيْرَ حَظِيَّاتٍ، فَقَاتِلُوا عَنْ أَحْسَابِكُمْ، فَاقْتَتَلُوا بِعَقْرَبَاءَ قِتَالًا شَدِيدًا، فَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً وَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ بَنِي حُنَيْفَةَ فُسْطَاطَ خَالِدٍ وَفِيهِ مُجَّاعَةُ أَسِيرٌ، وَأُمُّ تَمِيمٍ امْرَأَةُ خالد، فأرادوا أن يقتلوها فقال مجاعة: إنه لَهَا جَارٌ، وَدَفَعَ عَنْهَا، وَقَالَ ثَابِتُ بْنُ قيس حين رأي المسلمون مُدْبِرِينَ: أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْمَلُونَ، وَكَرَّ الْمُسْلِمُونَ فَهَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ، وَدَخَلَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فُسْطَاطَ خَالِدٍ فَأَرَادُوا قَتْلَ مُجَّاعَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ تَمِيمٍ: وَاللَّهِ لَا يُقْتَلُ وَأَجَارَتْهُ. وَانْهَزَمَ أَعْدَاءُ اللَّهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا عِنْدَ حَدِيقَةِ الْمَوْتِ اقْتَتَلُوا عِنْدَهَا، أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَقَالَ مُحَكَّمُ بْنُ الطُّفَيْلِ: يَا بَنِي حُنَيْفَةَ ادْخُلُوا الْحَدِيقَةَ فَإِنِّي سَأَمْنَعُ أَدْبَارَكُمْ، فَقَاتَلَ دُونَهُمْ سَاعَةً وَقُتِلَ، وَقَالَ مسيلمة: يا قوم قاتلوا عن أحسابكم، فاقتتوا قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى قُتِلَ مُسَيْلِمَةُ. وَحَدَّثَنِي مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ. وَقَالَ الْمُوَقِّرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَاتَلَ خَالِدٌ مُسَيْلِمَةَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي حُنَيْفَةَ، وهم يؤمئذ أَكْثَرُ الْعَرَبِ عَدَدًا وَأَشَدُّهُ شَوْكَةً، فَاسْتُشْهِدَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَهَزَمَ اللَّهُ بَنِي حُنَيْفَةَ، وَقُتِلَ مُسَيْلِمَةُ، قَتَلَهُ وَحْشِيٌّ بَحَرْبَةٍ. وَكَانَ يُقَالُ: قَتَلَ وَحْشِيٌّ خير أهل الأرض بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشر أَهْلِ الْأَرْضِ. وَعَنْ وَحْشِيٌّ قَالَ: لَمْ أَرَ قَطُّ أَصْبَرَ عَلَى الْمَوْتِ مِنْ أَصْحَابِ مُسَيْلِمَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ شَارَكَ فِي قَتْلِ مُسَيْلِمَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ دَخَلَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فَتَحَنَّطَ، ثُمَّ قَامَ فَأَتَى الصَّفَّ وَالنَّاسُ مُنْهَزِمُونَ فَقَالَ: هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا، فَضَارَبَ الْقَوْمَ ثُمَّ قَالَ: بِئْسَمَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ، مَا هَكَذَا كُنَّا نُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتُشْهِدَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ الْمُوَقِّرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: ثم تحصن من بني خليفة مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ سَتَّةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ فِي حِصْنِهِمْ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ خَالِدٍ فَاسْتَحْيَاهُمْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ قَالَ: وَعَمَدَتْ بَنُو حُنَيْفَةَ حِينَ انْهَزَمُوا إِلَى الْحُصُونِ فَدَخَلُوهَا، فَأَرَادَ خَالِدٌ أَنْ يُنْهِدَ إِلَيْهِمُ الْكَتَائِبَ، فَلَمْ يَزَلْ مُجَّاعَةُ حَتَّى صَالَحَهُ عَلَى الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ وَالْحَلْقَةِ وَالْكُرَاعِ، وَعَلَى نِصْفِ الرَّقِيقِ، وَعَلَى حَائِطٍ مِنْ كُلِّ قَرْيَةٍ، فَتَقَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ سَلَامَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ: يَا بَنِي حُنَيْفَةَ قَاتِلُوا وَلَا تُقَاضُوا خَالِدًا عَلَى شَيْءٍ، فَإِنَّ الْحِصْنَ حَصِينٌ، وَالطَّعَامُ كَثِيرٌ، وَقَدْ حَضَرَ النِّسَاءُ، فَقَالَ مُجَّاعَةُ: لَا تُطِيعُوهُ فإنه مشئوم. فَأَطَاعُوا مُجَّاعَةَ. ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْبَرَاءَةِ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ سَائِرُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، إِنَّ خَالِدًا قَالَ: يَا بَنِي حُنَيْفَةَ مَا تَقُولُونَ؟ قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ وَمِنْكُمْ نَبِيٌّ، فَعَرَضَهُمْ عَلَى السَّيْفِ، يَعْنِي الْعِشْرِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُجَّاعَةَ بْنِ مُرَارَةَ، وَأَوْثَقَهُ هُوَ فِي الْحَدِيدِ، ثُمَّ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ حِينَ كَشَفَ النَّاسُ: لَا نَجَوْتُ بَعْدَ الرِّجَالِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ أَبَا مريم الحنفي قتل زيدا. وقال ابْنُ إِسْحَاقَ: رَمَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بكر محكم اليمامة ابن طُفَيْلٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ. قُلْتُ: وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ مَتَى كَانَتْ: فَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، كَانَتْ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ. قَالَ عَبْد الباقي بن قانع: كانت في آخر سنة إحدى عشرة. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ كَانَتِ الْيَمَامَةُ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ. فَجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُمِائَةٌ وَخَمْسُونَ رَجُلًا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ كَاتِبُ الْوَاقِدِيِّ وَغَيْرُهُمْ. قُلْتُ: وَلَعَلَّ مَبْدَأَ وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ كَانَ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ قَانِعٍ وَمُنْتَهَاهَا فِي أَوَائِلِ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فَإِنَّهَا بَقِيَتْ أَيَّامًا لِمَكَانِ الْحِصَارِ. وَسَأُعِيدُ ذِكْرَهَا وَالشُّهَدَاءِ بِهَا فِي أَوَّلِ سَنَةِ اثنتي عشرة -إن شاء الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ: فِي أَوَائِلِهَا -عَلَى الْأَشْهَرِ- وَقْعَةُ الْيَمَامَةِ، وَأَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَرَأْسُ الْكُفْرِ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ. وَاسْتُشْهِدَ خلق من الصحابة. وَقِيلَ: إِنَّ مُسَيْلِمَةَ قُتِلَ عَنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ قَدِ ادَّعَى النُّبَوَّةَ، وَتَسَمَّى بِرَحْمَانِ الْيَمَامَةِ فِيمَا قِيلَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقُرْآنُ مُسَيْلِمَةَ ضُحْكَةٌ لِلسَّامِعِينَ. وَقْعَةُ جُوَاثَا 1: بَعَثَ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيَّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَانُوا قَدِ ارْتَدُّوا -إِلَّا نَفَرًا ثَبَتُوا مَعَ الْجَارُودِ- فَالْتَقَوْا بِجُوَاثَا فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَاصَرَهُمُ الْعَلَاءُ بِجُوَاثَا حَتَّى كَادَ الْمُسْلِمُونَ يَهْلِكُونَ مِنَ الْجَهْدِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ سَكِرُوا لَيْلَةً فِي حِصْنِهِمْ، فَبَيَّتَهُم الْعَلَاءُ، فَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ جُوَاثَا لَا يَوْمَ الْيَمَامَةِ، شهد بدرا. وفيما بَعَثَ الصِّدِّيقُ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ إِلَى عُمَانَ وَكَانُوا ارْتَدُّوا وَبَعَثَ الْمُهَاجِرَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيَّ إِلَى أَهْلِ النُّجَيْرِ2، وَكَانُوا ارْتَدُّوا، وَبَعَثَ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ إِلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُرْتَدَّةِ. فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ زِيَادًا بَيَّتَهُمْ فَقَتَلَ مُلُوكًا أَرْبَعَةً: حَمَدًا، وَمِخْوَصًا، وَمِشْرَحًا، وَأَبْضَعَةَ. وفيها أقام الحج أبو بكر للناس. وَفِيهَا: بَعْدَ فَرَاغِ قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَتْ تُسَمَّى أَرْضَ الْهِنْدِ، فَسَارَ خالد بمن معه من اليمامة إلى   1 جواثا: موضع بالبحرين. 2 النجير: حصن باليمن قرب حضرموت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 أَرْضِ الْبَصْرَةِ، فَغَزَا الْأُبُلَّةَ1 فَافْتَتَحَهَا، وَدَخَلَ مَيْسَانَ2 فَغَنِمَ وَسَبَى مِنَ الْقُرَى، ثُمَّ سَارَ نَحْوَ السَّوَادِ، فَأَخَذَ عَلَى أَرْضِ كَسْكَرٍ3 وَزَنْدَوَرْدٍ4 بَعْدَ أَنِ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَصْرَةِ قُطْبَةَ بْنَ قَتَادَةَ السَّدُوسِيَّ، وَصَالَحَ خَالِدٌ أَهْلَ أُلَّيْسَ5 عَلَى أَلْفِ دِينَارِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ، ثُمَّ افْتَتَحَ نَهْرَ الْمَلِكِ6، وَصَالَحَهُ ابْنُ بُقَيْلَةَ صَاحِبُ الْحِيرَةِ عَلَى تِسْعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ سَارَ نَحْوَ أَهْلِ الْأَنْبَارِ فَصَالَحُوهُ. ثُمَّ حَاصَرَ عَيْنَ التَّمْرِ7 ونزلوا على حكمه، فقتل وسبى. وَفِيهَا لَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ بِكِتَابَةِ الْقُرْآنَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَأَخَذَ يَتَتَبَّعُهُ مِنَ الْعُسُبِ8 وَاللَّخَافِ9 وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى جَمَعَهُ زَيْدٌ فِي صُحُفٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: وَلَمَّا فَرَغَ خَالِدٌ مِنْ فُتُوحِ مَدَائِنِ كِسْرَى الَّتِي بِالْعِرَاقِ صُلْحًا وَحَرْبًا خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ مُتَكَتِّمًا بِحَجَّتِهِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ تَعْتَسِفُ الْبِلَادَ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَتَأَتَّى لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَأَتَّ لِدَلِيلٍ، فَسَارَ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْحِيرَةِ، لَمْ يُرَ قَطُّ أَعْجَبُ مِنْهُ وَلَا أَصْعَبُ، فَكَانَتْ غَيْبَتُهُ عَنِ الْجُنْدِ يَسِيرَةً، فلم يعلم بحجة أحدا إِلَّا مَنْ أَفْضَى إِلَيْهِ بِذَلِكَ. فَلَمَّا عَلِمَ أَبُو بَكْرٍ بِحَجِّهِ عَتَبَهُ وَعَنَّفَهُ وَعَاقَبَهُ بِأَنْ صَرَفَهُ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا وَافَاهُ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ حَجِّهِ بِالْحِيرَةِ يَأْمُرُهُ بِانْصِرَافِهِ إِلَى الشَّامِ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ بِهَا مِنْ جُمُوعِ الْمُسْلِمِينَ بِالْيَرْمُوكِ، وَيَقُولُ لَهُ: إِيَّاكَ أَنْ تَعُودَ لِمِثْلِهَا. قُلْتُ: وَإِنَّمَا جَاءَ الْكِتَابُ بِأَنْ يَسِيرَ إِلَى الشَّامِ فِي أَوَائِلِ سَنَةِ ثلاثة عشرة.   1 الأبلة: بلدة على شاطيء دجلة. 2 ميسان: كورة بين البصرة وواسط. 3 كسكر: مدينة بالعراق. 4 زندورد: مدينة قرب واسط. 5 أليس: موضع في أول أرض العراق. 6 نهر الملك: كورة ببغداد. 7 عين التمر: بلدة تفع غربي الكوفة. 8 العسب: جمع عسيب، وهو جريدة النخل. 9 اللخاف: حجارة بيض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 قُلْتُ: سَارَ خَالِدٌ بِجَيْشِهِ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَكَادُوا يَهْلِكُونَ عَطَشًا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ ثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنِ اكْتُبْ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَسِيرُ بِمَنْ مَعَهُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَدَدًا لَهُ، فَلَمَّا أَتَى كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ خَالِدًا قَالَ: هَذَا مِنْ عُمَرَ حَسَدَنِي عَلَى فَتْحِ الْعِرَاقِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى يَدِي، فَأُحِبُّ أَنْ يَجْعَلَنِي مَدَدًا لِعَمْرٍو، فَإِنْ كَانَ فُتِحَ كَانَ ذِكْرُهُ لَهُ دُونِي1.   1 إسناده ضعيف جدا: فيه انقطاع بين محمد بن إبراهيم وأبي بكر، والواقد متروك كما تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 توجيه المسلمين قبل فلسطين والشام: سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا قَفَلَ أَبُو بَكْرٍ عَنِ الْحَجِّ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قِبَلَ فِلَسْطِينَ، وَيَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْلُكُوا عَلَى الْبَلْقَاءِ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ قَالَ: قَالُوا لَمَّا وَجَّهَ أَبُو بَكْرٍ الْجُنُودَ إِلَى الشَّامِ أَوَّلَ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، فَأَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ لِوَاءُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، ثُمَّ عَزَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَسِيرَ خَالِدٌ، وَقِيلَ: بَلْ عَزَلَهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ مِنْ مَسِيرِهِ، وَكَتَبَ إِلَى خَالِدٍ فَسَارَ إِلَى الشَّامِ، فَأَغَارَ عَلَى غَسَّانَ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ عَلَى قَنَاةِ بُصْرَى، وَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَصَاحِبَاهُ فَصَالَحُوا أَهْلَ بُصْرَى، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَا فُتِحَ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ، وَصَالَحَ خَالِدٌ فِي وجهه ذَلِكَ أَهْلَ تَدْمُرَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ سَارُوا جَمِيعًا قِبَلَ فِلَسْطِينَ، فَالْتَقَوْا بأجناين بَيْنَ الرَّمْلَةِ، وَبَيْتِ جِبْرِينَ1، وَالْأُمَرَاءُ كُلٌّ عَلَى جُنْدِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ عَمْرًا كَانَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَعَلَى الرُّومِ الْقُبُقْلَارِ2 فَقُتِلَ، وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ السَّبْتِ لِثَلَاثٍ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. فَاسْتُشْهِدَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النحام، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: الثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ أَجْنَادَيْنَ كَانَتْ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَبُشِّرَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ. وَقَالَ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أَجْنَادَيْنَ عَمْرٌو، وَأَبَانٌ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَالطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّانِ، وَضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلِ بْنِ   1 بيت جبرين: مدينة بفلسطين. 2 القبقلار: رتبة عسكرية رومية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 هِشَامٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَمُّ عِكْرِمَةَ، وَهَبَّارُ بْنُ سُفْيَانَ الْمَخْزُومِيُّ، وَنُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ، وَصَخْرُ بْنُ نَصْرٍ الْعَدَوِيَّانِ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ السَّهْمِيُّ، وَتَمِيمٌ، وَسَعِيدٌ ابْنَا الْحَارِثِ بْنِ قيس. وقال محمد بن سعيد: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ طُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأُمُّهُ أَرْوَى هِيَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: بَرَزَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ بَطْرِيقٌ1 فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزبير بن عبد المطلب بن هاشم، فَقَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، ثُمَّ بَرَزَ بَطْرِيقٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ، عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ مُحَارَبَةٍ طَوِيلَةٍ، فَعَزَمَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنْ لَا يُبَارِزَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَجِدُنِي أَصْبِرُ، فَلَمَّا اخْتَلَطَتِ السُّيُوفُ وُجِدَ مَقْتُولًا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَلَا نَعْلَمُهُ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: قُتِلَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ: الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ عَتِيكٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بن أَبِي طلحة الْعَبْدَرِيُّ، كَذَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقْعَةُ مَرْجِ الصُّفَّرِ 2: قال خليفة: كانت لاثنتي عشر بَقِيَتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى، وَالْأَمِيرُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ قَلْقَطٌّ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَانْهَزَمُوا. وَرَوَى خَلِيفَةُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مَرْجِ الصُّفَّرِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَيُقَالُ أَخُوهُ عَمْرٌو قُتِلَ أَيْضًا، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ يَوْمَئِذٍ بِخُلْفٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ نُمَيْلَةُ بْنُ عُثْمَانَ اللَّيْثِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ سَلَامَةَ الْأَشْهَلِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ أسلم الأشهلي.   1 البطريق: القائد. 2 مرج الصفر: موضع قرب دمشق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 وَقِيلَ: إِنَّ وَقْعَةَ مَرْجِ الصُّفَّرِ كَانَتْ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْتَقَوْا عَلَى النَّهْرِ عِنْدَ الطَّاحُونَةِ، فَقُتِلَتِ الرُّومُ يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَرَى النهر وطحنتا طَاحُونَتُهَا بِدِمَائِهِمْ فَأُنْزِلَ النَّصْرُ، وَقَتَلَتْ يَوْمَئِذٍ أُمُّ حَكِيمٍ سَبْعَةً مِنَ الرُّومِ بِعَمُودِ فُسْطَاطِهَا، وَكَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ: فَلَمْ تُقِمْ مَعَهُ إِلَّا سَبْعَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ قَنْطَرَةِ أُمِّ حَكِيمٍ بِالصُّفَّرِ، وَهِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِيمَا قِيلَ عَمْرٌو. وَقْعَةُ فِحْلٍ 1: قَالَ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: كَانَتْ وَقْعَةُ فِحْلٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: شَهِدْنَا أَجْنَادَيْنَ وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ عِشْرُونَ أَلْفًا، وَعَلَيْنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، فَفَاءَتْ فِئَةٌ إِلَى فِحْلٍ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو فِي الْجَيْشِ فَنَفَاهُمْ عَنْ فِحْلٍ.   1 فحل: موضع بالشام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 سيرة عمر بن الخطاب : 3- "ع" عمر بن الخطاب "ت 23هـ" -رضي الله عنه. ابن نفيل بْن عبد العزيز بْن رياح بْن قُرط بْن رزَاح بْن عديّ بْن كعْب بْن لُؤيّ. أمير المؤمنين أَبُو حفص القُرَشي العدويّ، الفاروق. اسْتُشْهِدَ في أواخر ذي الحجة. وأمّه حَنْتَمَة بنت هشام المخزومية. أخت أبي جهل. أسلم في السنة السادسة من النُّبُّوة وله سبعٌ وعشرون سنة. "رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": روى عنه: عليّ، وابن مسعود، وابن عبّاس، وأبو هُرَيْرَةَ، وعدّه من الصحابة، وعلقمة بْن وقّاص، وقيس بْن أبي حازم، وطارق بْن شهاب، ومولاه أسلم، وزِرّ بْن حُبَيْش، وخلقٌ سواهم. وعن عبد الله بْن عُمَر قَالَ: كان أبي أبيض تَعْلُوه حمرةٌ، طُوَالًا، أصْلَع، أشيَب. وَقَالَ غيره: كان أمْهَق1 طُوَالًا، آدم، أعسر يس. وَقَالَ أَبُو رجاء العُطارديّ: كان طويلًا جسيمًا شديد الصلع، شديد الحُمْرة، في عارضيه خفة، وسبلته2 كبيرة وفي أطرافها صهبة3، إذا حزبه أمر قتلها. وَقَالَ سماك بْن حرْب: كان عُمَر أرْوح كأنّه راكب والنّاس يمشون، كأنه من رجال بني سدوس4. والأروح: الذي تتدانى قدماه إذا مشى.   1 أمهق: ناصع البياض. 2 السبلة: طرف الشارب. 3 الصهبة: سواد في حمرة. 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 174". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 وَقَالَ أَنْس: كان يخْضِب بالحنّاء1. وَقَالَ سماك: كان عُمَر يسرع في مِشْيَته2. ويُروَى عَنْ عبد الله بْن كعب بْن مالك قَالَ: كان عُمَر يأخذ بيده اليمنى أذُنُه اليُسْرى ويثب على فرسه فكأنما خُلِقَ على ظهره. وعن ابن عُمَر وغيره -من وجوهٍ جيّدة- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ أعزّ الإسلام بعمر بْن الخطاب" 3. وقد ذكرنا إسلامه في الترجمة النبوية. وَقَالَ عِكْرمة: لم يزل الإسلام في اختفاء حتّى أسلم عُمَر. وَقَالَ سعيد بْن جبير: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} 4 نزلت في عُمَر خاصّة. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَر5. وَقَالَ شهر بْن حَوْشَب، عَنْ عبد الرحمن بْن غَنم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ له أَبُو بَكْر وعمر: إنّ النّاس يزيدهم حِرْصًا على الإسلام أن يروا عليك زيًّا حَسَنًا من الدنيا. فَقَالَ: "أَفْعَلُ، وَايْمُ اللَّهِ لو أنّكما تتفقان لي على أمر واحد ما عصيتكما في مشورة أبدة"6. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِي وَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فوزيراي من   1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "105" في المقدمة، باب في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حديث عائشة، وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "85". وأما حديث ابن عمر فأخرجه الترمذي "3701" في كتاب المناقب، باب: في مناقب عمر بن الخطاب، وأحمد "2/ 95"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 142"، وأبو نعيم في "الحلية" "7502" ولفظه "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 سورة التحريم: 4. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3684" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 143"، وأبو نعيم في "الحلية" "11977". 6 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد مختصرًا، وشهر ضعيف الحفظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 أَهْلِ السَّمَاءِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، وَوَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"1. وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ الترمذي في حديث أبي سعيد: حديث حسن. قلت: وكذلك حديث ابن عباس حسن. وعن محمد بْن ثابت البناني، عَنْ أبيه، عَنْ أَنْس نحوه. وفي "مسند أبي يعلى" من حديث أبي ذر يرفعه: "إن لكل نبّي وزيرين، ووزيراي أَبُو بكر وعمر"2. وعن أبي سلمة، عَنْ أبي أرْوَى الدَّوْسيْ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فطلع أَبُو بكر وعمر فَقَالَ: "الحمد لله الَّذِي أيَّدني بكما"3. تفرّد به عاصم بن عُمَر، وهو ضعيف. وَقَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ الصِّدِّيقِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَظَرَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُقْبِلَيْنِ فَقَالَ: "هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 4. الْحَدِيثَ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ وَهُوَ آخِذٌ بِأَيْدِيهِمَا فَقَالَ: "هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ القيامة"5. إسناده ضعيف. وَقَالَ زَائِدَةَ: عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" 6. وَرَوَاهُ سَالِمٌ أَبُو الْعَلاءِ -وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عن ربعي، وحديث زائدة حسن.   1 ضعيف: ليث بن أبي سليم ضعيف الحفظ، وقد أخرجه الترمذي "3700"، في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب، من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "758": ضعيف. 2 أخرجه البخاري في "تاريخه" "2/ 159" عن أبي سعيد الخدري بإسناد ضعيف. 3 أخرجه الحاكم "4447". 4 صحيح: وقد تقدم. 5 ضعيف: أخرجه الترمذي "3689" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر كليهما، وابن ماجه "99" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "755": ضعيف. 6 صحيح: أخرجه الترمذي "3682" في المصدر السابق، وابن ماجه "97" في المصدر السابق، وأحمد "5/ 382"، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "1142": صحيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ طَلَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ: "هَذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ" 1. وَيُرْوَى نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَقْرِئْ عُمَرَ السَّلامَ وَأَخْبِرْهُ أَنَّ غضبه عز وجل وَرِضَاهُ حُكْمٌ"2. وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ، وَبَعْضُهُمْ يَصِلُهُ عَنِ ابن عباس. وقال محمد بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إيهًا يابن الخطاب فوَالذي نفسي بيده مَا لقِيكَ الشيطان سالكًا فجًّا إلَّا سلك فجًّا3 غير فجِّك" 4. وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَفْرُقُ مِنْ عُمَرَ"5. رَوَاهُ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي زَفَنِ6 الْحَبَشَةِ لَمَّا أَتَى عُمَرُ: "إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ" 7 صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ حُسَيْنُ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَمَةً سَوْدَاءَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَجَعَ مِنْ غَزَاةٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ صَالِحًا أَنْ أَضْرِبَ عِنْدَكَ بِالدُّفِّ، قَالَ: "إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَافْعَلِي" فَضَرَبَتْ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ   1 صحيح: أخرجه الترمذي "3691" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 أخرجه الطبراني في "الكبير" "12472" وجعفر بن أبي المغيرة في حفظه مقال. 3 الفج: الطريق. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3683" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب، ومسلم "2396" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر بن الخطاب. 5 إسناده ضعيف: فيه مبارك بن فضالة مدلس، وقد عنعنه. 6 الزفن: اللعب. 7 صحيح: أخرجه الترمذي "3711" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَجَعَلَتْ دُفَّهَا خَلْفَهَا وَهِيَ مُقَنَّعَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَفْرُقُ مِنْكَ يَا عُمَرُ" 1. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمِ بن عبد الله قال: أبطأ عُمَرَ عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَأَتَى امْرَأَةً فِي بَطْنِهَا شَيْطَانٌ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: حَتَّى يَجِيءَ شَيْطَانِي، فَجَاءَ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُ فَقَالَ: تَرَكْتُهُ مُؤْتَزِرًا وَذَاكَ رَجُلٌ لَا يَرَاهُ شَيْطَانٌ إِلَّا خَرَّ لِمَنْخِرَيْهِ، الْمَلَكُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَرُوحُ الْقُدُسِ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ2. وَقَالَ زِرّ: كان ابن مسعود يخطب ويقول: إنّي لأحسب الشيطان يَفْرقُ من عُمَر أنْ يُحدث حَدَثًا فيردّه، وإنّي لأحسِب عمرَ بين عينيه مَلَكٌ يسدِّده ويقوِّمه. وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ 3 فَإِنْ كن فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ" 4. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ" 5. رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنْهُ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ جماعة من الصحابة.   1 صحيح: أخرجه أبو داود "3312" في كتاب الأيمان والنذور، باب: ما يؤمر به من الوفاء بالنذر، والترمذي "3710" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 إسناده ضعيف: رواية سالم عن عمر منقطعة، ويحيى بن يمان ضعيف الحفظ كما في "التقريب" "7679". 3 محدثون: قال في "الفتح" "7/ 62": اختلف في تأويله، فقيل: ملهم. قاله الأكثر، قالوا: المحدث الرجل الصادق الظن. 4 صحيح: أخرجه مسلم "2398" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر بن الخطاب، والترمذي "3713" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب. وأخرجه البخاري "3689" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب، من حديث عائشة. 5 صحيح: أخرجه الترمذي "3702" في المصدر السابق، وأحمد "2/ 53، 95" وأبو نعيم في "الحلية" "99". وفي الباب عن أبي ذر، أخرجه أبو داود "2692" في كتاب الخراج، باب: في تدوين العطاء، وابن ماجه "108" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "5/ 145، 165، 177". وعن أبي هريرة أخرجه أحمد "2/ 401". والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" "1834". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 وقال الشعب: قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كُنّا نبعد أن السكينة تنطلق على لسان عُمَر1. وَقَالَ أَنْس: قَالَ عُمَر: وافقتُ ربيّ في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي قوله: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ} 2، 3. وَقَالَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرُ" 4. وَجَاءَ مِنْ وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إن اللَّهَ تَعَالَى بَاهَى بِأَهْلِ عَرَفَةَ عَامَّةً وَبَاهَى بِعُمَرَ خَاصَّةً"5. وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَقَالَ مَعْنٌ الْقَزَّازُ: ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ اللَّيْثِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَقُّ بَعْدِي مَعَ عُمَرَ حَيْثُ كَانَ"6. وَقَالَ ابْنُ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرَّيَّ يَجْرِي فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ" قَالُوا: فما أولت ذلك؟ قال: "العلم" 7.   1 تقدم. 2 سورة التحريم: 5. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2399" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر بن الخطاب. 4 صحيح: أخرجه الترمذي "3706" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "11430" وفي إسناده رشدين بن سعد ضعيف. 6 منكر: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 179، 180" والقاسم بن يزيد ضعيف كما في "الميزان" "6855" للمصنف، وقد ذكر فيه هذا الحديث، وقال: منكر. وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "4/ 197". في إسناده ومتنه غرابة شديدة. 7 صحيح: أخرجه البخاري "3681" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب. عمر بن الخطاب، ومسلم "2391" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر بن الخطاب، والترمذي "3707" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ"، قَالُوا: مَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ? قَالَ: "الدِّينَ" 1. وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهَا فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرَ" 2. وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا? قِيلَ: لِشَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَظَنَنْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ، فَقِيلَ: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ" 3. وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلُهُ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الَجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَةَ عُمَرَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا". قَالَ: فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أغار؟ 4.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3691" في المصدر السابق، ومسلم "2390" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3815، 3816" في كتاب المناقب، باب: مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت، وابن ماجه "154، 155" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والنسائي في "الكبرى" "8287"، وأحمد "3/ 281"، وأبو نعيم في "الحلية" "3484"، والحاكم "5784"، وابن حبان "7131"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوي" "4/ 410": بعضهم يضعفه وبعضهم يحسنه، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 157": رجاله ثقات، وقال في نفس المصدر "7/ 117": إسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله إرساله، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "895": صحيح. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3708" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب، وأبو نعيم في "الحلية" "10614" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". وفي الباب عن جابر، أخرجه البخاري "3679" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر، ومسلم "2394" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر، وأبو نعيم في "الحلية" "1505، 8955". وعن أبي هريرة عند البخاري "3680" في المصدر السابق، ومسلم "2395" في المصدر السابق، وابن ماجه "107" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4 صحيح: انظر التخريج السابق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ: قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عنه: بينا أنا مع رسول الله، إِذْ طَلَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ: "هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ" 1. هَذَا الْحَدِيثُ سَمِعَهُ الشَّعْبِيُّ مِنَ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، وَلَهُ طُرُقٌ حَسَنَةٌ عَنْ عَلِيٍّ مِنْهَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ. وَأَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضمرة. قال الحافظ ابن عَسَاكِرَ: وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قُلْتُ: وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هريرة، وابن عمر، وأنس، وجابر. وقال مجاهد عن أبي الوداك، وقاله عَنْ عَطِيَّةَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا لَيَرَوْنَ مَنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا" 2. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَنْ يَمِينِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَسَارِهِ عُمَرُ فَقَالَ: "هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"3. تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأُمَوِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ. وَقَالَ عليّ -رضي الله عنه- بالكوفة على منبرها في ملأٍ من النّاس أيّام خلافته: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر، وخيرُها بعد أبي بكر عُمَر، ولو شئتُ أنْ أسمّي الثالث لَسَمَّيْتُهُ4. وهذا متواترٌ عَنْ عليّ رضي الله عنه، فقبّح الله الرافضة. وقال الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْقَاسِمِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ قَيْسٍ الْخَارِفِيِّ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، وَثَلَّثَ عُمَرُ، ثُمَّ خَبَطَتْنَا فِتْنَةٌ فكان ما شاء الله5. ورواه شَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سفيان، عن علي مثله.   1 صحيح: وقد تقدم. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3678" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي بكر الصديق، وابن ماجه "96" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "10579" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 ضعيف: وقد تقدم. 4 صحيح: وقد تقدم. 5 أخرجه أحمد "1/ 124، 125". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اقتدوا بالذين مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" 1. وَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا دَلَّسَهُ وَأَسْقَطَ مِنْهُ زَائِدَةَ، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ هِلَالٍ مَوْلَى رِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ نَاسٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ فَقَالُوا: يسعك أن تُوَلِّي علينا عُمَر وأنت ذاهبٌ إلى ربك فماذا تقول له? قَالَ: أقول: وَلَّيْتُ عليهم خيرَهم. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: أوّل من حيّا عُمَر بأمير المؤمنين المُغيْرة بْن شُعْبة. وَقَالَ القاسم بْن محمد: قَالَ عُمَر: ليعلم من وُلّي هذا الأمر من بعدي أنْ سيُر يده عنه القريبُ والبعيدُ، إنّي لأقاتِل النّاسَ عَنْ نفسي قتالًا، ولو علمت أنّ أحدًا أقوى عليه منّي لكنت أنْ أقْدَمَ فتُضْربَ عُنُقي أحب إليّ مِنْ أنْ ألِيَه. وعن ابن عباس قَالَ: لمّا ولي عُمَر قيل له: لقد كاد بعضُ النَّاس أن يجيد هذا الأمر عنك، قَالَ: وما ذاك? قَالَ: يزعمون أنّك فَظٌّ غليظ، قَالَ: الحمد لله الَّذِي ملأ قلبي لهم رُحْمًا وملأ قلوبهم لي رُعبًا. وَقَالَ الأحنف بْن قيس: سمعت عُمَر يَقُولُ: لَا يحلّ لعمر من مال الله إلَّا حُلَّتَيْنِ: حُلّة للشتاء وحُلّة للصيف، وما حجّ به واعتمر، وقوت أهلي كرجلٍ من قريش ليس بأغناهم، ثُمَّ أنا رجل من المُسْلِمين. وَقَالَ عُرْوة: حجّ عُمَر بالنّاس إمارته كلّها. وَقَالَ ابن عُمَر: ما رأيت أحدًا قط بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حين قُبض أجدّ ولا أجود من عمر2.   1 صحيح: وقد تقدم. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3678" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 وَقَالَ الزُّهْرِيّ: فتح الله الشام كلَّه على عُمَر، والجزيرة ومصر والعراق كلّه، ودوَّن الدواوين قبل أن يموت بعام، وقسّم على النّاس فيْئهم. وَقَالَ: عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ رجل من الأنصار، عن خزيمة ابن ثَابِتٍ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ عَامِلًا كَتَبَ لَهُ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْكَبَ بِرْذَوْنًا، وَلا يَأْكُلَ نِقْيًا، وَلا يَلْبَسَ رَقِيقًا، وَلا يُغْلِقَ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَاتِ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ. وَقَالَ طارق بْن شهاب: إنْ كان الرجل ليحدّث عُمَر بالحديث فكذبه الكِذْبة فيقول: احبسْ هذه، ثُمَّ يحدّثه بالحديث فيقول: احبسْ هذه، فيقول له: كلّ مَا حدثتك حق إلا أمرتني أنْ أحبسَهُ. وَقَالَ ابن مسعود: إذا ذكر الصالحون فجيهلًا بعمر، إنّ عُمَر كان أَعْلَمَنَا بكتاب الله وأفْقَهَنا في دين الله. وَقَالَ ابن مسعود: لو أنّ عِلْم عُمَر وُضِعَ في كفة ميزان ووُضِعَ عِلْم أحياء الأرض في كفَّةٍ لَرَجَح عِلْمُ عُمَر بعِلْمِهم. وَقَالَ شمر عن حُذَيْفة قَالَ: كَانَ علم النَّاس مدسوسا في جحر مَعَ عُمَر. وَقَالَ ابن عُمَر: تعلّم عمرُ البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلمّا تعلّمها نحر جَزُورًا. وَقَالَ الَعوّام بْن حَوْشَب: قَالَ معاوية: أمّا أَبُو بكر فلم يرد الدنيا ولم تُرِده، وأمّا عُمَر فأرادته الدنيا ولم يُرِدّها، وأمّا نحن فتمرّغْنا فيها ظَهْرًا لبطنٍ. وَقَالَ عِكْرمة بْن خالد وغيره: إنّ حفصة، وعبد الله، وغيرهما كلّموا عمرَ فقالوا: لو أكلت طعامًا طيّبًا كان أقوى لك على الحقّ، قَالَ: أكُلُّكُم على هذا الرأي؟ قالوا: نعم، قَالَ: قد علمتُ نُصْحَكُم ولكنّي تركت صاحبي على جادة فإن تركت جادتها لم أدركها في المنزل. قَالَ: وأصاب النّاسَ سنةٌ1 فما أكل عامئذ سمنًا ولا سمينًا.   1 السنة: القحط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 وقال ابن أبي مُلَيْكَة: كلّم عُتْبة بْن فرقد عُمَر في طعامه، فَقَالَ: وَيْحَكَ آكل طيّباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها! وقال مبارك، عن الحسن: دخل عمر على تبنه عاصم وهو يأكل لحمًا فَقَالَ: مَا هذا؟ قال: قرمنا1 إليه، قال: أوكلما قرمت لإلى شيءٍ أكلتَه! كفى بالمرء سَرَفًا أنْ يأكل كلَّ مَا اشتهى. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زد بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ عُمَرُ: لَقَدْ خَطَرَ عَلَى قَلْبِي شَهْوَةُ السَّمَكِ الطَّرِيِّ، قَالَ وَرَحَّلَ "يَرْفَأُ"2 رَاحِلَتَهُ وَسَارَ أَرْبَعًا مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا، وَاشْتَرَى مِكْتَلًا فَجَاءَ بِهِ، وَعَمَدَ إِلَى الرَّاحِلَةِ فَغَسَلَهَا، فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ: انْطَلِقْ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرَّاحِلَةِ، فَنَظَرَ وَقَالَ: نَسِيتَ أَنْ تَغْسِلَ هَذَا الْعَرَقَ الَّذِي تَحْتَ أُذُنِهَا، عَذَّبْتَ بَهِيمَةً فِي شَهْوَةِ عُمَرَ، لَا واللَّهِ لَا يَذُوقُ عُمَرُ مِكْتَلَكَ. وَقَالَ قتادة: كان عُمَر يلبس، وهو خليفة، جُبَّةً من صوف مرقوعًا بعضُها بأدم، ويطوف في الأسواق على عاتقه الدِّرَّة يؤدّب النّاس بها، ويمرّ بالنِّكث وَالنَّوَى فيلقطه ويلقيه في منازل النّاس لينتفعوا به. قال أنس: رأت بين كفي عُمَر أربعَ رقاع في قميصه3. وَقَالَ أَبُو عثمان النَّهْديّ: رأيت على عُمَر إزارًا مرقوعًا بأدم4. وَقَالَ عبد الله بْن عامر بْن ربيعة: حججت مع عمر، فما ضرب فسطاطًا ولا خِباء، كان يلقي الكساء والنّطْع على الشجرة ويستظل تحته. وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُسْلِمِ بْن هُرمز، عَنْ أبي الغادية الشامي قال: قدم عمر للجابية5 على جمل أروق تَلُوحُ صَلْعَتُهُ للشمس، ليس عليه قَلَنْسُوَة ولا عمامة، قد طبّق رجليه بين شُعبَتَيِ الرحل بلا رِكاب، ووطاؤه كِساء أنبجانيّ من صوف وهو فراشه إذ نزل، وحقيبته محشوة ليفا، وَهِيَ إِذَا نزل وساده، وَعَلَيْهِ قميص من   1 قرمنا إليه: اشتهيناه. 2 اسم غلام عمر بن الخطاب. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 175". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 175". 5 الجابية: قرية من قرى دمشق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 كرابيس قد دَسِم وتخرّق جيبُه، فَقَالَ: ادعوا لي رأس القرية، فدعوه له فَقَالَ: اغسلوا قميصي وخيّطوه وأعيروني قميصًا، فأُتي بقميص كتَّان فَقَالَ: مَا هذا؟ قيل: كِتَّان، قَالَ: وما الكَتّان؟ فأخبروه فنزع قميصه فغسلوه ورقّعوه ولبسه، فَقَالَ له رأس القرية: أنت مَلِك العرب وهذه بلاد لَا تصلُح فيها الإبل. فأُتي ببِرْذَوْن فطرح عليه قطيفة بلا سَرْجٍ ولا رَحْلَ، فلمّا سار هُنَيْهَةً قَالَ: احبسوا، مَا كنت أظنّ النّاسَ يركبون الشيطان، هاتوا جملي. وَقَالَ المُطَّلب بْن زياد، عَنْ عبد الله بْن عيسى: كان في وجه عُمَر بْن الخطاب خطّان أسودان من البكاء. وعن الحسن قَالَ: كان عُمَر يمّر بالآية من وِرْده فيسقط حتّى يُعاد منها أيامًا. وَقَالَ أَنْس: خرجت مع عُمَر فدخل حائطًا فسمعته يَقُولُ وبيني وبينه جدارًا: عُمَر بْن الخطاب أمير المؤمنين والله لَتَتَّقِيَنَّ الله بني الخطّاب أو لَيُعَذِّبَنَّكَ. وَقَالَ عبد الله بْن عامر بْن ربيعة: رأيت عُمَر أخذ تبنة من الأرض فَقَالَ: يا ليتني هذه التبنة، ليتني لم أَكُ شيئًا، ليت أمّي لم تلِدْني. وَقَالَ عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن حفص: إنّ عُمَر بْن الخطاب حمل قِرْبَةً على عُنُقِه، فقيل له في ذلك فَقَالَ: إن نفْسي أعجبتني فأردت أن أذلَّها. وَقَالَ الصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: شهدت جلولاء فاتبعت مِنَ الْمَغْنَمِ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ عُرِضْتُ عَلَى النَّارِ فَقِيلَ لَكَ: افْتَدِهِ، أَكُنْتَ مُفْتدِيَّ بِهِ؟ قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ إِلَّا كُنْتُ مُفْتَدِيكَ مِنْهُ، قَالَ: كَأَنِّي شَاهِدُ النَّاسِ حِينَ تَبَايَعُوا فَقَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَأَنْتَ كَذَلِكَ فَكَانَ أَنْ يُرَخِّصُوا عَلَيْكَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَغْلُوا عَلَيْكَ، وَإِنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ وَأَنَا مُعْطِيكَ أَكْثَرَ مَا رَبِحَ تَاجِرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَكَ رِبْحُ الدِّرْهَمِ دِرْهَمٌ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا التُّجَّارَ فَابْتَاعُوهُ مِنْهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَ إِلَيَّ ثَمَانِينَ أَلْفًا وَبَعَثَ بِالْبَاقِي إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لِيَقْسِمَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 وَقَالَ الحسن: رأى عُمَر جاريةً تطيش هُزالًا فَقَالَ: من هذه? فَقَالَ عبد الله: هذه إحدى بناتك. قَالَ: وأيُّ بناتي هذه? قَالَ: بنتي، قَالَ: مَا بلغ بها مَا أرى? قَالَ: عملُكَ! لَا تُنفق عليها، قَالَ: إني والله مَا أعول وَلَدَك فاسْعَ عليهم أيُّها الرجل. وَقَالَ محمد بْن سيرين: قدِمَ صهْرٌ لعمر عليه فطلب أن يُعطيه عُمَر من بيت المال فانتهره عُمَر وَقَالَ: أردت أن ألقى الله ملكًا خاءنًا! فلما كان بعد ذلك أعطاه من صُلْب ماله عشرة آلاف دِرْهم. قَالَ حُذيفة: واللَّهِ مَا أعرف رجلًا لَا تأخذه في الله لومة لائم إلّا عمر. وقال الحذيفة: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قول رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الفتنة؟ قلت: أنا. قَالَ: إنك لَجَريء، قلت: فتنة الرجل في أهل وماله وولده تكفِّرها الصلاة والصيام وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ: ليس عنها أسألك ولكن الفتنة التي تموج مَوْجَ البحر، قلت: ليس عليك منها بأس إنّ بينك وبينها بابًا مُغْلقًا، قَالَ: أيُكْسَر أم يُفْتَحُ؟ قلت: بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقُ أَبَدًا، قلنا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: نعم كما يعلم أنّ دون غدٍ الليلة، إنّي حدّثته حديثًا ليس بالأغاليط، فسأله مسروق: مَن الباب؟ قَالَ: الباب عُمَر1. أخرجه البُخاري. وَقَالَ إبراهيم بْن عبد الرحمن بْن عوف: أُتي عمرُ بكنوز كِسْرى، فَقَالَ عبد الله بْن الأرقم: أتجعلُها في بيت المال حتى تقسمها؟ فَقَالَ عُمَر: لَا واللهِ لَا آويها إلى سقفٍ حتى أُمْضيها، فوضعها في وسط المسجد وباتوا يحرسونها، فلمّا أصبح كشف عنها فرأى من الحمراء والبيضاء مَا يكاد يتلألأ، فبكى فَقَالَ له أبي: مَا يبكيك يا أمير المؤمنين فوالله إن هذا اليوم شُكْر ويوم سرور! فَقَالَ: وَيْحَكَ إن هذا لم يعطه قوم إلا ألقيت بينهم العداوة والبغْضاء. وَقَالَ أسلم مولى عُمَر: استعمل عُمَر مولى له على الحمى فَقَالَ: يا هُنَيُّ   1 صحيح: أخرجه البخاري "525" في كتاب مواقيت الصلاة، باب: الصلاة كفارة، ومسلم "144"، في كتاب الفتن، باب: الفتنة التي تموج كموج البحر، والترمذي "2265" في كتاب الفتن، باب: رقم "71"، وابن ماجه "3955" في كتاب الفتن، باب: ما يكون من الفتن، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 386". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 اضمُمْ جناحَك عَنِ المُسْلِمين وَاتَّقِ دعوةَ المظلوم فإنّها مُستجابة، وأدْخِل ربَّ الصُّرَيْمَة1 والغُنيْمة، وإيّاي وَنَعَم ابن عَوْف ونَعَم ابن عفّان فإنّهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى زرعٍ ونخلٍ، وإنّ رب الصُّريمة والغُنيْمة إنْ تهْلِك ماشِيتُهُما يأتِني ببَنِيه فيقول: يا أمير المؤمنين! أَفَتارِكُهُمْ أنا لَا أبالَكَ! فالماء والكَلأ أيسر عليَّ من الذهب والفضة، وَايْمُ اللَّهِ إنُهم ليرون أنّي قد ظلمتُهُم، إنّها لَبِلادُهُم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المالُ الَّذِي أحمِلُ عليه في سبيل الله مَا حَمَيْتُ عليهم من بلادهم شِبْرًا2. أخرجه البخاري. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: دَوَّن عمرُ الدّيوان، وفرض للمهاجرين الأوَّلين خمسة آلاف خمسة آلاف، وللأنصار أربعةَ آلافٍ أربعة آلاف، ولأُمَّهات المؤمنين اثني عشر ألفًا اثني عشر ألفًا. وَقَالَ لإبراهيم النَّخْعيّ: كان عُمَر يتجر وهو خليفة. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مَالِكِ الدَّارِ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فِي زَمَانِ عُمَرَ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا. فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنَامِ وَقَالَ: ائْتِ عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَأَخْبِرْه أَنَّهُمْ مُسْقَوْنَ وَقُلْ لَهُ: عَلَيْكَ الْكَيْسَ الْكَيْسَ، فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَ عُمَرَ فَبَكَى وَقَالَ: يَا رَبِّ مَا آلُو مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. وَقَالَ أَنْس: تقرقر بطْنُ عُمَر من أكل الزَّيت عام الرَّمَادة، كان قد حرم نفسه السَّمْن، قَالَ: فنقر بطنه بإصبعه وَقَالَ: إنه ليس لك عندنا غيره حتى يحيا النّاس3. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كان عام الرمادة جاءت العرب يقومون بمصالحهم، فسمعته يقول ليلة: "أحصوا الرجال عندنا"   1 الصريمة: القطعة القليلة من الإبل. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3059" في كتاب الجهاد، باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم، ومالك في "الموطأ" "1954". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 167". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 فَأَحْصَوْهُمْ مِنَ الْقَابِلَةِ فَوَجَدُوهُمْ سَبْعَةَ آلافِ رَجُلٍ، وَأَحْصَوُا الرِّجَالَ الْمَرْضَى وَالْعِيَالاتِ فَكَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا. ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ بَلَغَ الرِّجَالُ وَالْعِيَالُ سِتِّينَ أَلْفًا، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى أَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ، فَلَمَّا مَطَرَتْ رَأَيْتُ عُمَرَ قَدْ وَكَّلَ بِهِمْ مَنْ يُخْرِجُونَهُمْ إِلَى الْبَادِيَةِ وَيُعْطُونَهُمْ قُوتًا وَحُمْلانًا إِلَى بَادِيَتِهِمْ، وَكَانَ قَدْ وَقَعَ فِيهِمُ الْمَوْتُ فَأَرَاهُ مَاتَ ثُلُثَاهُمْ، وَكَانَتْ قُدُورُ عُمَرَ تَقُومُ إِلَيْهَا الْعُمَّالُ مِنَ السَّحَرِ يَعْمَلُونَ الْكُرْكُورَ وَيَعْمَلُونَ الْعَصَائِدَ1. وعن أسلم قَالَ: كنّا نقول: لو لم يرفَعِ اللُه الْمُحْلَ عام الرَّمَادَة لَظَنَنَّا أن عُمَر يموت2. وَقَالَ سُفيانُ الثَّوْري: مَنْ زعم أنّ عليًّا كان أحقّ بالولاية من أبي بكر وعمر فقد خطَأ أبا بكرٍ وعمر والمهاجرين والأنصار. وَقَالَ شريك: ليس يُقَدَّم عليًّا على أبي بكر وعمر أحد فيه خير. وَقَالَ أَبُو أسامة: تدرون من أَبُو بكر وعمر؟ هما أَبُو الإسلام وأُمُّه. وَقَالَ الحسن بْن صالح بْن حيّ: سمعت جعفر بْن محمد الصّادق يَقُولُ: أنا بريءٌ ممن ذكر أبا بكر وعمر إلَّا بخير. ذِكْر نسائه وأولاده: تزوج زينب بنت مظعون، فولدت له عبد الله، وحفْصةَ، وعبد الرحمن. وتزوج مُلَيْكَة الخُزَاعيّة، فولدت له عُبَيْد الله، وقيل أمّه وأمّ زيد الأصغر أمّ كلثوم بنت جَرْوَلٍ. وتزوّج أمَّ حُكَيْم بنت الحارث بْن هشام المخزومية، فولدت له فاطمة. وتزوّج جميلة بنت عاصم بْن ثابت فولدت له عاصمًا. وتزوّج أُمّ كُلْثُوم بنت فاطمة الزَّهْراء وأصْدَقَها أربعين ألفًا، فولدت له زيدًا ورقية.   1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 169". 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 168" وفي إسناده الواقدي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 وتزوّج لُهَّيةَ امرأة من اليمن فولدت له عبد الرحمن الأصغر. وتزوّج عاتكة بنت زيد بْن عمرو بْن نُفَيْلٍ التي تزوجها بعد موته الزُّبَيْر. وَقَالَ الَّليْث بْن سعد: استُخْلِف عُمَر فكان فتْحُ دمشق، ثُمَّ كان اليرموك سنة خمس عشرة، ثُمَّ كانت الجابية سنة ست عشرة، ثُمَّ كانت إيلياء وسَرْغ لسنة سبع عشرة، ثمّ كانت الرَّمَادة وطاعون عَمَوَاس سنة ثماني عشرة، ثُمَّ كانت جلولاء سنة تسع عشرة؛ ثُمَّ كان فتح باب لِيُون وقَيْسَارِية بالشام، وموت هِرَقْلَ سنة عشرين، وفيها فُتحت مصر، وسنة إحدى وعشرين فُتِحَتْ نَهَاونْد، وفُتِحَت الإسكندرية سنة اثنتين وعشرين. وفيها فُتِحت إصطخر وهمذان. ثم غزا عمرو بْن العاص أطْرابُلُسَ المَغْرِب. وغَزْوة عَمُورية وأمير مصر وهْب بْن عمير الجُمَحيّ، وأمير أهل الشام أَبُو الأعور سنة ثلاثٍ وعشرين. ثُمَّ قُتل عُمَر مَصْدَرَ الحاجّ في آخر السنة. وَقَالَ سعيد بْن المسيب: إنّ عُمَر لما نفر من مِنَى أناخ بالأبْطح، ثُمَّ كوَّم كَوْمَةً من بطحاء واستلقى ورفع يديه إلى السّماء، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ كَبُرَتْ سِنِّي وضعفُتْ قوْتي وانتشرت رعيَّتي فاقبضْني إليك غير مُضَيّعٍ ولا مُفَرّط" فما انْسَلَخَ ذو الحجّة حتّى طُعِن فمات. وَقَالَ أَبُو صالح السَّمّان: قَالَ كعب لعمر: أجِدُك في التَّوْراة تُقْتَلُ شهيدًا، قَالَ: وأنَّى لي بالشّهادة وأنا بجزيرة العرب؟ وَقَالَ أسلم، عَنْ عُمَر أنه قَالَ: اللَّهُمَّ ارزُقْني شهادةً في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك1. أخرجه البخاري. وقال معدان بْن أبي طَلْحة اليَعْمُرِيّ: خطب عُمَر يوم جمعةٍ وذكر نبيَّ الله وأبا بكر ثمّ قَالَ: رأيت كأنَّ ديِكًا نَقَرَني نَقْرَةً أو نَقْرَتَيْن، وإنِّي لَا أراه إلَّا حُضُورَ أَجَلِي، وإنّ قومًا يأمروني أنِ استخلِفَ وإنّ الله لم يكن لِيُضَيِّعَ دِينَه ولا خِلافَتَه فإنْ عجل بي أمرٌ فالخلافة شُورَى بين هؤلاء الستّة الّذين تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عنهم راض2.   1 صحيح: أخرجه البخاري "1890" في كتاب فضائل المدينة، باب: رقم "12"، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 177". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 179، 180". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 وَقَالَ الزُّهْرِيّ: كان عُمَر لَا يأذن لسبيٌ قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المُغِيرَة بْن شُعْبة وهو على الكوفة يذكر له غلامًا عنده صِنَعًا ويستأذنه أن يدخل المدينةَ ويقول: إنّ عنده أعمالًا كثيرة فيها منافع للنّاس: إنّه حدّاد نقاش نجّار، فأذِن له أن يُرْسِلَ به، وضرب عليه المُغِيرَة مائة دِرْهَمٍ في الشهر، فجاء إلى عمر يشتكي شدة الخراج، فال: مَا خراجك بكثير. فانصرف ساخطًا يتذمّر، فلبث عُمَر ليالي ثُمَّ دعاه فَقَالَ: ألم أُخْبَرْ أنّك تقول: لو شاء لَصَنَعْتُ رحًى تَطْحَنُ بالريح، فالتفت إلى عمر عابسًا وقال: لأَصْنَعَنَّ لك رحًى يتحدث النَّاس بها، فلمّا وُليّ قَالَ عُمَر لأصحابه: أوعدني العبدُ آنفًا. ثمّ اشتمل أَبُو لؤلؤة على خِنْجَرٍ ذي رأسين نصابه في وسَطِه، فكمن في زاويةٍ من زوايا المسجد في الغَلَس. وَقَالَ عمرو بْن ميمون الأوديّ: إنّ أبا لؤلؤة عبد المُغِيرَة طعن عُمَر بخنجرٍ له رأسان وطعن معه اثني عشر رجلًا، مات منهم ستّة، فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبًا، فلمّا اغتمّ فيه قتل نفسه1. وَقَالَ عامر بْن عبد الله بْن الزُّبَيْر عن أَبِيهِ قَالَ: جئت من السّوق وعمر يتوكّأ عليّ، فمرّ بنا أَبُو لؤلؤة، فنظر إلى عُمَر نظرةً ظَننْتُ أنّه لولا مكاني لبَطَش به، فجئت بعد ذلك إلى المسجد الفجر فإنّي لَبَيْن النّائم واليَقْظان، إذ سمعت عُمَر يَقُولُ: قتلني الكلبُ، فماج النّاس ساعةً، ثُمَّ إذا قراءة عبد الرحمن بْن عوف. وَقَالَ ثابت البُناني، عَنْ أبي رافع: كان أَبُو لؤلؤة عبدًا للمُغِيرة يصنع الأرحاء، وكان المغيرة يستغلّه كل يومٍ أربعة دراهم، فلقي عُمَر فَقَالَ: يا أمير المؤمنين إنّ المُغِيرَة قد أثقل عليّ فكلِّمْه، فَقَالَ: أحْسِنْ إلى مولاك، ومن نِيَّة عُمَر أنْ يكلّم المُغِيرةَ فيه، فغضب وَقَالَ: يسع النّاس كلَّهم عدلُهُ غيري، وأضمر قتْلَه واتّخذ خِنْجَرًا وشحذه وسَمَّه، وكان عُمَر يَقُولُ: "أقيموا صفوفكم" قبل أنْ يكبّر، فجاء فقام حِذاءه في الصّفّ وضربه في كَتِفِه وفي خاصرته، فسقط عُمَر، وطعن ثلاثة عشر رجلًا معه، فمات منهم ستّة، وَحُمِلَ عمرُ إلى أهله وكادت الشمس أن تطلع، فصلّى ابن عَوْف بالنّاس بأقصر سورتين، وأُتي عُمَر بنبيذٍ فشربه فخرج من جُرْحه فلم يتبيّن، فسَقَوْه لَبَنًا فخرج من جرحه فقالوا: لَا بأس عليك، فَقَالَ: إنْ   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 181". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 يكن بالقتل بأس فقد قُتِلْتُ، فجعل النَّاس يُثْنون عليه ويقولون: كنتَ وكنتَ، فَقَالَ: أما واللهِ وَدِدْتُ أني خرجت منها كفافًا لَا عليّ ولا لي وأنّ صُحْبَة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سلمت لي. وأثنى عليه ابن عباس، فَقَالَ: لو أنّ لي طِلَاعَ الأرض ذَهَبًا لافتديت به من هول المُطَّلَع، وقد جعلتُها شُورَى في عثمان وعليّ وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد. وأمر صُهَيْبًا أنْ يصلّي بالنّاس، وأجّل الستَّة ثلاثًا. وعن عمرو بْن ميمون أنّ عُمَر قَالَ: "الحمد لله الَّذِي لم يجعل مَنِيَّتي بيد رجلٍ يدّعي الإسلام" ثمّ قَالَ لابن عباس: كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلجوم بالمدينة. وكان العباس أكثرهم رقيقًا. ثُمَّ قَالَ: يا عبد الله! أنظر مَا عليّ من الدَّيْن، فحسبوه فوجدوه سِتَّةً وثمانين ألفًا أو نحوها، فَقَالَ: إنْ وفَّى مالُ آل عُمَر فأّدِّهِ من أموالهم وإلَّا فاسْأل في بني عديٍّ فإنْ لم تفِ أموالُهُم فَسَلْ في قريش، اذهب إلى أمّ المؤمنين عائشة فقُلْ: يستأذن عمرُ أنْ يُدْفَنَ مع صاحبيه، فذهب إليها فقالت: كنت أريده -تعني المكان- لنفسي ولأُؤْثِرَنَّهُ الْيَوْمَ على نفسي، قَالَ: فأتى عبد الله فَقَالَ: قد أذِنَتْ لك، فحمِدَ الله. ثُمَّ جاءت أم المؤمنين حفصة والنساء يسترنها، فلما رأيناه قمنا، فَمَكَثَتْ عنده ساعة، ثمّ استأذن الرجالُ فَوَلَجَتْ داخلةً ثمّ سمعنا بُكَاءها. وقيل له: أوْص يا أمير المؤمنين واستَخْلِف، قَالَ: مَا أرى أحدًا أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفَر الذين تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عنهم راضٍ، فسمّى السّتَّة وَقَالَ: يشهد عبد الله بْن عُمَر معهم وليس له من الأمر شيء -كهيئة التعزية لَهُ- فإنْ أصابت الإمرةُ سعدًا فهو ذاك وإلا فلْيَسْتَعِنْ به أيُّكم مَا أُمِّر، فإنّي لم أعزلْه من عجْزٍ ولا خيانة، ثُمَّ قَالَ: أُوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله، وأوصيه بالمهاجرين والأنصار، وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا، في مثل ذلك من الوصيّة. فلمّا تُوُفيّ خرجنا به نمشي، فسلّم عبدُ الله بْن عمر وقال: عُمَر يستأذن، فَقَالَتْ عائشة: أدخلوه، فأُدْخِل فوُضع هناك مع صاحبيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 فلما فرغ من دفنه ورجعوا اجتمع هؤلاء الرَّهْط، فَقَالَ عبد الرحمن بْن عَوْف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فَقَالَ الزُّبَيْر: قد جعلت أمري إلى عليّ وَقَالَ سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن، وَقَالَ طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، قَالَ: فخلا هؤلاء الثلاثة فَقَالَ عبد الرحمن: أنا لَا أريدها فأيُّكما تبرّأ من هذا الأمر ونجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرنّ أفضلهم في نفسه وليحرصنّ على صلاح الأُمَّة، قَالَ: فسكت الشيخان عليّ وعثمان، فَقَالَ عبد الرحمن: اجعلوه إليّ والله عليَّ لَا آلو عَنْ أفضلكم، قالا: نعم فخلا بعليّ وَقَالَ: لك من القِدَم في الإسلام والقرابة مَا قد علمت، الله عليك لئن أمَّرْتُك لتعدِلَنّ ولئن أَمَّرْتُ عليك لَتَسْمعَنَّ ولَتُطِيعَنَّ، قَالَ: ثُمَّ خلا بالآخر فَقَالَ له كذلك، فلمّا أخذ ميثاقهما بايع عثمان وبايعه عليّ. وَقَالَ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة: لما أصبح عُمَر من الغد -وهو مطعون- فزَّعُوه1 فقالوا: الصَّلاة، ففزع وَقَالَ: نعم ولا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى وجرحه يثعب دمًا2. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثنا أَبُو عامر الخزار، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَاءَ كَعْبٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ دَعَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَيُبْقِيَنَّهُ اللَّهُ وَلَيَرْفَعَنَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ حَتَّى يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. حَتَّى ذَكَرَ الْمَنَافِقِينَ فِيمَنْ ذَكَرَ، قَالَ: قُلْتُ: أُبَلِّغُهُ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُبَلِّغَهُ، فَقُمْتُ وَتَخَطَّيْتُ النَّاسَ حتى جلست عند رَأْسَهُ فَقُلْتُ: إِنَّ كَعْبًا يَحْلِفُ بِاللَّهِ لَئِنْ دَعَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَيُبْقِيَنَّهُ اللَّهُ وَلَيَرْفَعَنَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، قَالَ: ادْعُوا كَعْبًا فَدَعَوْهُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَدْعُو اللَّهَ وَلَكِنْ شَقِيَ عُمَرُ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ، قَالَ: وَجَاءَ صُهَيْبٌ فَقَالَ: وَاصَفِيَّاهُ وَاخَلِيلاهُ وَاعُمَرَاهُ، فَقَالَ: مَهْلًا يا صهيب أو ما بَلَغَكَ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. وعن ابن عباس قَالَ: كان أَبُو لؤلؤة مجوسيًَّا. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا عَلَيْكَ لَوْ أجْهَدْتَ نَفْسَكَ ثُمَّ أَمَّرْتَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَقْعِدُونِي. قال عبد الله:   1 أي نبهوه. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 187". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 فَتَمَنَّيْتُ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ عَرْضَ الْمَدِينَةِ فَرَقًا من حِينَ قَالَ أَقْعِدُونِي. ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَمَّرْتُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ؟ قُلْتُ: فُلانًا، قَالَ: إِنْ تُؤَمِّرُوهُ فَإِنَّهُ ذُو شَيْبَتِكُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَرَأَيْتَ الْوَلِيدَ يَنْشَأُ مَعَ الْوَلِيدِ وَلِيدًا وَيَنْشَأُ مَعَهُ كَهْلًا، أَتَرَاهُ يَعْرِفُ مَنْ خَلَقَه؟ فَقَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَمَا أَنَا قَائِلٌ لِلَّهِ إِذَا سَأَلَنِي عَمَّنْ أَمَّرْتُ عَلَيْهِمْ فَقُلْتُ: فُلانًا، وَأَنَا أَعْلَمُ مِنْهُ مَا أَعْلَمُ! فَلا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَرْدُدْنَهَا إِلَى الَّذِي دَفَعَهَا إِلَيَّ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ عَلَيْهَا مَن هُوَ خَيْرٌ مِنِّي لَا يَنْقُصُنِي ذَلِكَ مِمَّا أَعْطَانِي اللَّهُ شَيْئًا. وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دخل على عُمَر عثمان، وعليٌ، والزُّبَيْر، وابن عوف، وسعد -وكان طلحة غائبًا- فنظر إليهم ثمّ قَالَ: إنّي قد نظرتُ لكم في أمر النّاس فلم أجد عند النّاس شقاقًا إلَّا أنْ يكون فيكم، ثُمَّ قَالَ: إنّ قومكم إمّا يؤمِّروا أحَدَكُم أيُّها الثلاثة، فإنْ كنت على شيء من أمر النَّاس يا عثمان فلا تحملن بني أبي مُعَيْط على رقاب الناس، وإن كنت علي شيء من أمر النَّاس يا عبد الرحمن فلا تحملنّ أقاربك على رقاب النَّاس. وإنْ كنت على شيء من أمر النَّاس يا عليّ فلا تحملنّ بني هاشم على رقاب النَّاس، قوموا فتشاوروا وأمِّروا أحدكم، فقاموا يتشاورون. قَالَ ابن عُمَر: فدعاني عثمان مرَّةً أو مرتين ليُدْخلني في الأمر ولم يُسَمِّني عُمَر، ولا والله لَقَلَّما سمعته حوّل شفتيه بشيء قطّ إلا كان حقًا، فلمّا أكثر عثمانُ دعائي قلت: ألا تعقلون! تُؤمِّرون وأميرُ المؤمنين حيّ! فَوَالله لكَأنّما أيقظتهم، فَقَالَ عُمَر: أمْهِلوا فإن حدث بي حدث فلْيُصل للناس صُهيْب ثلاثًا ثُمَّ اجْمعوا في اليوم الثالث أشراف النَّاس وأمراء الأجناد فأمِّروا أحدكم، فمن تأمرَّ عَنْ غير مشورةٍ فاضربوا عُنُقَه. وَقَالَ ابن عُمَر: كان رأس عُمَر في حجْرى فَقَالَ: ضع خدّي على الأرض، فوضعتُهُ فَقَالَ: وَيْلٌ لي وَوَيْلُ أمّي إنْ لم يرحمني ربّي. وعن الحُوَيْرِث قَالَ: لمّا مات عُمَر ووُضِعَ ليُصَلَّى عليه اقتتل عليّ وعثمان أيُّهما يصلّي عليه، فَقَالَ عبد الرحمن: إنّ هذا لهو الحِرْص على الإمارة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 لقد علمتما مَا هذا إليكما ولقد أمَّر به غيركما، تقدَّمْ يا صُهَيْب فَصَلِّ عليه. فصلّى عليه. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وُضِعَ عُمَرُ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ حَتَّى قَامَ بَيْنَ الصُّفُوفِ فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ مَا مِنْ خَلْقٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ بَعْدَ صَحِيفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ هَذَا المُسَجَّى عَلَيْهِ ثَوْبُهُ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ مَعْدان بْن أبي طَلْحَةَ: أُصيب عُمَر يوم الأربعاء لأربعٍ بقين من ذي الحجّة، وكذا قَالَ زيد بْن أسلم وغير واحد. وَقَالَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص: إنّه دُفِنَ يوم الأحد مُسْتَهَلّ المحرّم. وَقَالَ سعيد بْن المسيب: تُوُفيّ عُمَر وهو ابن أربعٍ أو خمسٍ وخمسين سنة، كذا رواه الزُّهْرِيّ عنه. وَقَالَ أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَاتَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. كذا قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ وَابْنُ شِهَابٍ. وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ عُمَرَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِعَامَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا يَقُولُ: أَنَا ابْنُ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. تفرد به أبو عاصم. وقال الوادي: نا هاشم بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: تُوُفِّيَ عُمَرُ وَلَهُ سُتُّونَ سَنَةً. قَالَ الواقِديّ: هذا أثبت الأقاويل، وكذا قَالَ مالك. وَقَالَ قَتَادة: قُتِل عُمَر وهو ابن إحدى وستين سنة. وَقَالَ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ الْبَجَلِيُّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سُمِعَ مُعَاوِيَةُ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَهُمَا ابْنَا ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 وَقَالَ يحيى بْن سعيد: سمعت سعيد بْن المسيب قَالَ: قُبض عُمَر وقد استكمل ثلاثًا وستين. وقد تقدّم لابن المسيب قولٌ آخر. وَقَالَ الشَّعْبِيّ مثل قول معاوية. وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قُبِضَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ست وستين سنة والله تعالى أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 3- خِلَافَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سنة ثلاث عشرة: وَفِيهَا تُوُفِّيَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لِثَمانٍ بَقَيْنَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَعَهِدَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ إِلَى عُمَرَ، وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا. فَأَوَّلُ مَا فَعَلَ عُمَرُ عَزَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَنْ إِمْرَةِ أُمَرَاءِ الشَّامِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِعَهْدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ جَيْشًا مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْعِرَاقِ أَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدِ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ وَالِدَ الْمُخْتَارِ الْكَذَّابِ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ، فالتقى مع أهل العراق كما سيأتي. سَنَة أربَع عَشرَة: فيها فُتحت دمشق، وحمص، وبعلبك، البصرة، والأُبُلة، ووقعة جسر أبي عُبَيْد بأرض نجران، ووقعة فِحْلٍ بالشام، في قول ابن الكلبي. فتح دمشق: فأمّا دمشق فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ خَالِدٌ عَلَى النَّاسِ فَصَالَحَ أَهْلَ دِمَشْقَ، فَلَمْ يَفْرُغْ مِنَ الصُّلْحِ حَتَّى عُزِلَ ووُلِّي أَبُو عُبَيْدَةَ، فَأَمْضَى صُلْحَ خَالِدٍ وَلَمْ يُغَيِّرَ الْكِتَابَ. وَهَذَا غَلَطٌ لأن عمر عزل خالدًا حين وُلِّي. قال خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ. وَقَالَ: ثنا عبد الله بْن المُغِيرَة، عَنْ أبيه قَالَ: صالحهم أَبُو عبيدة على أنصاف كنائسهم ومنازلهم وعلى رءوسهم، وأن لا يمنعوا من أعيادهم. وَقَالَ ابن الكلبي: كان الصلح يوم الأحد للنّصف من رجب سنة أربع عشرة. وَقَالَ ابن إسحاق: صالحهم أَبُو عبيدة في رجب. وَقَالَ ابن جرير: سار أَبُو عبيدة إلى دمشق، وخالد على مقدمة الناس، وقد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 اجتمعت الروم على رجل يقال له باهان بدمشق، وكان عُمَر عزل خالدًا واستعمل أبا عبيدة على الجميع، والتقى المسلمون والروم فيما حول دمشق، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثُمَّ هزم الله الروم، ودخلوا دمشق وغلَّقوا أبوابها، ونازلها المسلمون حتى فُتِحت، وأعطُوا الجزْية، وكان قدم الكتاب على أبي عبيدة بإمارته وعزل خالدٍ، فاستحيا أَبُو عبيدة أن يقرئ خالدًا الكتاب حتى فتحت دمشق وجرى الصلح على يدي خالد، وكُتِب الكتابُ باسمه، فلمّا صالحتْ دمشقُ لحِق باهان صاحب الروم بِهرقْل. وقيل: كان حصار دمشق أربعة أشهر. وَقَالَ محمد بْن إسحاق: إن عُمَر كان واجدًا على خالد بْن الوليد لقتْله ابن نُوَيْرة، فكتب إلى أبي عبيدة أن أنزع عمامته وقاسمه ماله، فلما أخبره قَالَ: مَا أنا بالذي أعصي أمير المؤمنين، فاصنع مَا بدا لك، فقاسمه حتى أخذ نعله الواحدة. وَقَالَ ابن جرير: كان أوّلّ محصورٍ بالشام أهل فِحْلٍ ثُمَّ أهل دمشق، وبعث أَبُو عبيدة ذا الكلاع حتى كان بين دمشق وحمص رِدْءًا1، وحصروا دمشق، فكان أَبُو عبيدة على ناحيةٍ، ويزيد بْن أبي سُفْيَان على ناحية، وعمرو بْن العاص على ناحية، وَهِرَقْلُ يَوْمَئِذٍ على حمص، فحاصروا أهلَ دمشق نحوًا من سبعين ليلةً حصارًا شديدًا بالمجانيق، وجاءت جنود هِرَقْلَ نجدةً لدمشق، فشغلتها الجنود التي مع ذي الكلاع، فلمّا أيقن أهل دمشق أنّ الأمداد لَا تصل إليهم فشِلُوا ووَهِنُوا. وكان صاحب دمشق قد جاءه مولودٌ فصنع طعامًا واشتغل يومئذ، وخالد بْن الوليد الَّذِي لَا ينام ولا يُنِيم قد هيّأ حبالًا كهيئة السلالم، فلما أمسى هيّأ أصحابه وتقدم هو وَالْقَعْقَاعُ بنُ عمرو، ومذعور بْن عدي وأمثالهم وقالوا: إذا سمعتم تكبيرنا على السُّور فارقوا إلينا وانْهَدُوا2 الباب. قَالَ: فلمّا انتهى خالد ورُفقاؤه إلى الخندق رموا بالحبال إلى الشُّرف، وعلى ظهورهم القرب التي سبحوا بها في الخندق، وتسلق القعقاع ومذعور فلم يدعا أُحْبُولةً حتى أثبتاها في الشُّرَف، وكان ذلك المكان أحصن مكانٍ بدمشق، فاستوى على السُّور خلقٌ من أصحابه ثُمَّ   1 ردءا: معينا. 2 انهدوا الباب: اقصدوه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 كبروا، وانحدر خالد إلى الباب فقتل البوابين، وثار أهل البلد إلى مواقفهم لَا يدرون مَا الشأن، فتشاغل أهلُ كل جهةٍ بما يليهم، وفتح خالد الباب ودخل أصحابه عَنوةً، وقد كان المسلمون دَعَوْهم إلى الصلح والمشاطرة فأبّوْا، فلمّا رأوا البلاء بذلوا الصلح، فأجابهم من يليهم، وقبلوا فقالوا: ادخلوا وامْنعونا من أهلِ ذاك الباب، فدخل أهل كل بابٍ بصلح مما يليهم، فالتقى خالد والأمراء في وسط البلد، هذا استعراضًا ونَهْبًا، وهؤلاء صُلْحًا، فأجروا ناحية خالد على الصلح بالمقاسمة. وكتب إلى عُمَر بالفتح. نجدة سعد بن أبي وقاص بالعراق: وكتب عُمَر إلى أبي عبيدة أن يجهز جيشًا إلى العراق نجدةً لسعد بْن أبي وقاص، فجهز له عشرة آلافٍ عليهم هاشم بْن عُتْبَة، وبقي بدمشق يزيد بْن أبي سُفْيَان في طائفة من أمداد اليمن، فبعث يزيد دِحْيَةَ بْن خليفة الكلبيّ في خيلٍ إلى تدمر1، وأبا الأزهر إلى البثنية2 فصالحهم، وسار طائفةٌ إلى بيْسان فصالحوا. وفيها كان سعد بْن أبي وقاص فيما ورد إلينا على صدقات هوازن، فكتب إليه عُمَر بانتخاب ذي الرأي والنجدة ممن له سلاح أو فرس، فجاءه كتاب سعد: إنّي قد انتخبت لك ألفَ فارس، ثُمَّ قدِم به عليه فأمّره على حرب العراق، وجهزه في أربعة آلاف مقاتل، فأبى عليه بعضُهم إلا المسيرَ إلى الشام، فجهزهم عُمَر إلى الشام. ثُمَّ إن عُمَر أمدّ سعدًا بعد مسيره بألفيّ نجدي وألفي يماني، فشتا سعد بزَرُود3، وكان الْمُثَنَّى بْن حارثة على المُسْلِمين بما فتح الله من العراق، فمات من جراحته التي جرحها يوم جسر أبي عُبَيْد، فاستخلف المثني على النَّاس بشير بْن الخصاصيّة، وسعد يَوْمَئِذٍ بزرود، ومع بشير وفود أهل العراق. ثُمَّ سار سعد إلى العراق، وقدم عليه الأشعث بْن قيس في ألفٍ وسبعمائة من اليمانيين.   1 تدمر: مدينة تقع في صحراء سورية. 2 البثنية: مدينة بالشام. 3 زرود: رمال بطريق الحاج من الكوفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 وقعة الجسر: كان عُمَر قد بعث في سنة ثلاث عشرة جيشًا، عليهم أَبُو عُبَيْد الثقفي، فلقي جابان في سنة ثلاث عشرة -وقيل سنة أربع عشرة- بين الحيرة والقادسية. فهزم الله المجوس، وأُسِر جابان، وقُتِل مردانشاه، ثُمَّ إن جابان فدى نفسه بغلامين وهو لَا يعرف أنه المقدَّم، ثُمَّ سار أَبُو عُبَيْد إلى كَسْكَر فالتقى هو ونَرْسِيّ فهزمه، ثُمَّ لقي جالينوس فهزمه. ثُمَّ إن كسرى بعث ذا الحاجب، وعقد له على اثني عشر ألفًا، ودفع إليه سلاحًا عظيمًا، والفيل الأبيض، فبلغ أبا عُبَيْد مسيرهم، فعبر الفرات إليهم وقطع الجسر، فنزل ذو الحاجب قَسّ النَّاطِف، وبينه وبين أبي عُبَيْد الفرات، فأرسل إلى أبي عُبَيْد: إمّا أن تعبر إلينا وإما أن نعبر إليك. فَقَالَ أَبُو عُبَيْد: نَعْبُرُ إليكم، فعقد له ابن صَلُوبا الجسر، وعبر فالتقوا في مضيق في شوال. وقدم ذو الحاجب جالينوس معه الفيل. فاقتتلوا أشدّ قتالٍ وضرب أَبُو عُبَيْد مِشْفَرَ الفيل، وضرب أَبُو مِحْجَن عرقُوبة. ويقال إنّ أبا عُبَيْد لما رأى الفيل قَالَ: يا لك من ذي أربعٍ مَا أكبرك ... لأضربنّ بالحسام مِشْفرَكْ وَقَالَ: إنْ قُتِلْتُ فعليكم ابني جَبْر. فإن قُتِل فعليكم حبيب بْن ربيعة أخو أبي مِحْجَن، فإن قتل فعليكم أخي عبد الله. فقُتِل جميع الأمراء، واستحر1 القتل في المُسْلِمين فطلبوا الجسر. وأخذ الراية المثني بْن حارثة فحماهم في جماعةٍ ثبتوا معه. وسبقهم إلى الجسر عبد الله بْن يزيد فقطعه، وَقَالَ: قاتِلوا عَنْ دينكم، فاقتحم النَّاس الفرات، فغرق ناسٌ كثير، ثُمَّ عقد المثنى الجسر وعبره النَّاس. وأستُشْهِد يَوْمَئِذٍ فيما قَالَ خليفة ألفٌ وثمانمائة، وَقَالَ سيف: أربعة آلاف مَا بين قتيل وغريق. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: قُتِل أَبُو عُبَيْد في ثمانمائة من المسلمين.   1 استحر: اشتد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 وَقَالَ غيره: بقي المثنى بْن حارثة الشيباني على النَّاس وهو جريح إلى أن توفي، واستخلف على النَّاس ابن الخصاصية كما ذكرنا. فتح حمص وبعلبك: وَقَالَ أَبُو مُسْهِر: حدثني عبد الله بْن سالم قَالَ: سار أَبُو عبيدة إلى حمص في اثني عشر ألفًا، منهم من السكون ستة آلاف فافتتحها. وعن عثمان الصَّنْعاني قَالَ: لما فتحنا دمشق خرجنا مع أبي الدَّرْدَاء في مَسْلَحة بَرْزَة، ثُمَّ تقدَّمنا مع أبي عبيدة ففتح الله بنا حمص. وورد أن حمص وبعلبك فتحنا صلحًا في أواخر سنة أربع عشرة، وهرب هرقل عظيم الروم من أنطاكية إلى قسطنطينية. وقيل: إنّ حمص فُتحت سنة خمس عشرة. فتح البصرة: وَقَالَ عليّ المدائني عَنْ أشياخه: بعث عُمَر في سنة أربع عشرة شُرَيْح بْن عامر أحد بني سعد بْن بكر إلى البصرة، وكان ردءًا للمسلمين، فسار إلى الأهواز فقُتِل بدارس، فبعث عُمَر عُتْبَةَ بنَ غَزْوان المازني في السنة، فمكث أشهرًا لَا يغزو. وَقَالَ خالد بْن عُمَيْر العدوي: غزونا مع عُتْبَة الأُبُلَّة فافتتحناها ثُمَّ عبرنا إلى الفرات، ثُمَّ مر عُتْبَة بموضع المِرْبَد، فوجد الكَذَّان1 الغليظ فَقَالَ: هذه البصرة انزلوها باسم الله. وَقَالَ الحسن: افتتح عُتْبَةُ الأُبُلَّة فقُتل من المُسْلِمين سبعون رجلًا في موضع مسجد الأُبُلَّة، ثُمَّ عبر إلى الفرات فأخذها عَنْوةً. وَقَالَ شُعْبة، عَنْ عقيل بْن طلحة، عن قبيصة قال: كنا مع عتبة بالخريبة2.   1 الكذان: حجارة رخوة. 2 الخريبة: موضع بالبصرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 وفيها أمر عُتْبَة بْن غزوان محجن بْن الأدرع فخطَّ مسجد البصرة الأعظم وبناه بالقصب، ثُمَّ خرج عُتْبَة حاجًا وَخَلَّفَ مُجَاشع بْن مسعود وأمره بالغزو، وأمر المُغِيرَة بْن شُعْبَة أن يصلي بالنّاس حتى يقدم مُجَاشِع، فمات عُتْبَة في الطريق. وأمّر عمرُ المُغِيرَة على البصرة. وفيها وُلِدَ عبد الرحمن بْن أبي بكرة، وهو أوّل من وُلِد بالبصرة، وبُعِث جريرُ بْن عبد الله على السّواد، فلقي جرير مِهْران، فقُتِل مهران، ثُمَّ بعث عُمَر سعدًا فأمر جريرًا أن يطيعه. فتح الأردن ويوم اليرموك: سَنَة خَمْس عَشْرَة: في أولها افْتَتَحَ شُرَحْبِيل بْن حَسَنة الأردن كلها عنوة إلا طبرية فإنهم صالحوه، وذلك بأمر أبي عبيد. يوم اليَرْمُوك: كانت وقعةً مشهورةً، نزلت الروم اليرموك في رجب سنة خمس عشرة، وقيل: سنة ثلاث عشرة وأراه وهما فكانوا في أكثر من مائة ألف، وكان المسلمون ثلاثين ألفا، وأمراء الإسلام أَبُو عبيدة، ومعه أمراء الأجناد، وكانت الروم قد سلسلوا أنفسهم الخمسة والستة في السلسلة لئلَّا يفرُّوا، فلمّا هزمهم الله جعل الواحد يقع في نهر اليَرْمُوك فيجذب من معه في السلسلة حتى ردموا في الوادي، واستووا فيما قيل بحافَّتَيْه، فداستهم الخيل، وهلك خلقٌ لَا يحصون. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ جماعة من أمراء المُسْلِمين. وَقَالَ محمد بْن إسحاق: نزلت الروم اليرموك وهم مائة ألف، عليهم السقلاب خصيٌّ لِهرَقْل. وَقَالَ ابن الكلبي: كانت الروم ثلاثمائة ألف، عليهم باهان، رجلٌ من أبناء فارس تنصر ولحق الروم، قَالَ: وضمّ أَبُو عبيدة إِلَيْهِ أطرافه، وأمدَّه عُمَر بسعيد بْن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 عامر بْن حُذَيْم، فهزم الله المشركين بعد قتالٍ شديد في خامس رجب سنة خمس عشرة. وَقَالَ سعيد بْن عبد العزيز: إنّ المُسْلِمين -يعني يوم اليّرْموك- كانوا أربعةً وعشرين ألفًا، وعليهم أَبُو عبيدة، والروم عشرون ومائة ألف، عليهم باهان وسقلاب. إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَمَدَتِ الأَصْوَاتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، وَالْمُسْلِمُونَ يُقَاتِلُونَ الرُّومَ إِلا صَوْتَ رَجْلٍ يَقُولُ: "يَا نَصْرَ اللَّهِ اقْتَرِبْ، يَا نَصْرَ اللَّهِ اقْتَرِبْ"، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا هُوَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ تَحْتَ رَايَةِ ابْنِهِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سفيان. الواقدي: نا عبد الحميد بن حعفر، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: حَضَرْتُ الْيَرْمُوكَ فَلا أَسْمَعُ إِلَّا نَقْفَ الْحَدِيدِ إِلا أَنِّي سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ أَبْلَوْا لِلَّهِ فِيهِ بَلاءً حَسَنًا، فَإِذَا هُوَ أَبُو سُفْيَانَ تَحْتَ رَايَةِ ابْنِهِ. قَالَ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قَالَ: لَمَّا هَزَمْنَا الْعَدُوَّ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَصَبْنَا يَلامِقِ1 دِيبَاجٍ2 فَلَبِسْنَاهَا فَقَدِمْنَا عَلَى عُمَرَ وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ، فَاسْتَقْبَلْنَاهُ وَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَشَتَمَنَا وَرَجَمَنَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى سَبَقْنَاهُ نَعْدُو، فَقَالَ بَعْضُنَا: لَقَدْ بَلَغَهُ عَنْكُمْ شَرٌّ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَعَلَّهُ فِي زِيِّكُمْ هَذَا، فَضَعُوهُ، فَوَضَعْنَا تِلْكَ الثِّيَابَ وَسَلَّمْنَا عليه، فرحب وساءلنا وَقَالَ: إِنَّكُمْ جِئْتُمْ فِي زِيِّ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَإِنَّكُمْ الآنَ فِي زِيِّ أَهْلِ الإِيمَانِ، وَإِنَّهُ لا يَصْلُحُ مِنَ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ إِلا هَكَذَا، وَأَشَارَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعِهِ. وعن مالك بْن عبد الله قَالَ: مَا رأيت أشرف من رجلٍ رأيته يوم اليرموك إنه خرج إليه علجٌ3 فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثُمَّ انهزموا وتبِعَهُمْ وتبِعْتُهُ، ثُمَّ انصرف إلى خباءٍ عظيم له فنزل، فدعا بالجفان4 ودعا من حوله، قلت: من هذا - قالوا: عَمرو بن معدي يكرب.   1 اليلامق: جمع يلمق، وهو البقاء. 2 الديباج: نوع من الحرير. 3 العلج: الجافي من الرجال. 4 الجفان: جمع جفنة، وهي القصعة الكبيرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 وعن عُرْوَة: قُتِل يَوْمَئِذٍ النَّضْر بْن الحارث بْن علْقمة العبدري، وعبد الله بْن سُفْيَان بْن عبد الأسد المخزوميّ. وَقَالَ ابن سعد: قُتِل يَوْمَئِذٍ نعيم بْن عبد الله النحام العدوي. قلت: وقد ذُكِرَ. وقيل: كان على مجنبة أبي عبيدة يومئذ قباث بْن أشيم الكنانّي اللَّيْثي. ويقال: قُتِل يَوْمَئِذٍ عكرمة بْن أبي جهل، وعبد الرحمن بْن العوام، وعياش بْن أبي ربيعة، وعامر بْن أبي وقاص الزُّهْرِيّ. وَقْعة القادسية 1: كانت وقعة القادسية بالعراق في آخر السنة فيما بَلَغَنَا، وكان على النَّاس سعد بْن أبي وقاص، وعلى المشركين رُسْتُم ومعه الجالينوس، وذو الحاجب. قَالَ أَبُو وائل: كان المسلمون مَا بين السبعة إلى الثمانية آلافًا. ورستم في ستين ألفًا، وقيل: كانوا أربعين ألفًا، وكان معهم سبعون فيلًا. وذكر المدائني أنهم اقتتلوا قتالًا شديدًا ثلاثة أيام في آخر شوال، وقيل في رمضان، فقُتِل رُسْتُم وانهزموا، وقيل إنّ رُستم مات عَطَشًا، وتبعهم المسلمون فقُتِل جالينوس وذو الحاجب، وقتلوهم مَا بين الخرَّارة2 إلى السَّيْلحين إلى النجف، حتى ألجئوهم إلى المدائن، فحصروهم بها حتى أكلوا الكلاب، ثُمَّ خرجوا على حامية بعيالهم فساروا حتى نزلوا جلولاء. قَالَ أَبُو وائل: اتّبعناهم إلى الفرات فهزمهم الله، واتّبعناهم إلى الصَّراة فهزمهم الله، فألجأناهم إلى المدائن. وعن أبي وائل قَالَ: رأيتُني أعبر الخندق مَشْيًا على الرجال، قتل بعضهم بعضًا. وعن حبيب بْن صهبان قَالَ: أصبْنا يَوْمَئِذٍ من آنية الذهب حتى جعل الرجل يَقُولُ: صفراء ببيضاء، يعني ذهبًا بفضة.   1 القادسية: موضع بالعراق. 2 الخرارة: موضع قريب من الكوفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 وَقَالَ المدائني: ثُمَّ سار سعد من القادسية يتبعهم. فأتاه أهل الحيرة فقالوا: نحن على عهدنا. وأتاه بسطام فصالحه. وقطع سعدُ الفرات، فلقي جمعًا عليهم بَصْبَهرا؛ فقتله زُهرة بْن حويَّة، ثُمَّ لقوا جمعًا بكُوثا1 عليهم الفيْرُزان فهزموهم، ثُمَّ لقوا جمعًا كثيرًا بدير كعب عليهم الفَرُّخان فهزموهم، ثُمَّ سار سعد بالنّاس حتى نزلوا المدائن فافتتحها. وأما محمد بْن جرير فإنه ذكر القادسية في سنة أربع عشرة، وذكر أن في سنة خمس عشرة مَصَّر سعد الكوفة؛ وإن فيها فرض عمر الفروض وَدَوَّنَ الدواوين، وأعطى العطاء على السابقة. قَالَ: ولمّا فتح الله على المُسْلِمين غنائم رستم، وقدمت على عُمَر الفتوح من الشام والعراق جمع المُسْلِمين فَقَالَ: مَا يحلّ لِلْوَالِي من هذا المال؟ قالوا: أما لخاصَّته فقوتُهُ وَقُوتُ عياله لَا وَكْسَ2 ولا شَطَطَ3، وكسوته وكسوتهم، ودابتان لجهاده وحوائجه، وحمّالته إلى حجه وعمرته، والقسم بالسوية أن يعطى أهل البلاء على قدر بلائهم، ويرم أمور المسلمين ويعاهدهم. وفي القوم عليّ -رضي الله عنه- ساكت، فَقَالَ: مَا تقول يا أبا الحسن؟ فَقَالَ: مَا أصْلَحَكَ وأصلَحَ عِيالك بالمعروف. وقيل إنّ عُمَر قعد على رزق أبي بكر حتى أشتدّت حاجتُهُ، فأرادوا أن يزيدوه فأبى عليهم. وكان عمّاله في هذه السنة: عَتّاب بْن أسيد، كذا قَالَ ابن جرير، وقد قدمنا موت عتاب، قَالَ: وعلى الطائف يَعْلَى بْن مُنية، وعلى الكوفة سعد، وعلى قضائها أَبُو وقرة. وعلى البصرة المُغِيرَة بْن شُعْبَة. وعلى اليمامة والبحرين عثمان بْن أبي العاص. وعلى عُمان حذيفة بن محصن. وعلى ثغور الشام أبو عبيدة بن الجراح.   1 كوثا: موضع بالعراق. 2 الوكس: النقص. 3 الشطط: مجاوزة الحد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 سنة ست عشرة: قيل: كانت وقعة القادسية في أوّلها. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ مائتان، وقيل: عشرون ومائة رجل. فتح الأهواز والمدائن: قَالَ خليفة: فيها فُتِحت الأهواز ثُمَّ كفروا، فحدّثني الوليد بْن هشام، عَنْ أبيه، عَنْ جدّه قَالَ: سار المُغِيرَة بْن شُعْبَة إلى الأهواز فصالحه الفيرزان على ألفي ألف درهم وثمانمائة ألف دِرهم، ثُمَّ غزاهم الأشعري بعده. وَقَالَ الطبريُّ: فيها دخل المسلمون مدينة بَهُرَسِير وافتتحوا المدائن، فهرب منها يزدجرد بْن شَهْرَيار. فلما نزل سعد بْن أبي وقاص بُهرَسِير -وهي المدينة التي فيها منزل كِسْرَى- طلب السُّفُنَ ليعبر بالنّاس إلى المدينة الْقُصْوَى، فلم يقدر على شيءٍ منها، وجدهم قد ضمُّوا السفن، فبقي أيّامًا حتى أتاه أعلاجٌ فدُّلوه على مخاضة، فأبى، ثُمَّ إنه عزم له أن يقتحم دِجلة، فاقتحمها المسلمون وهي زائدة ترمي بالزَّبَد، ففجِئ أهل فارس أمرٌ لم يكن لهم في حساب، فقاتلوا ساعةً ثمّ انهزموا وتركوا جُمهور أموالهم، واستولى المسلمون على ذلك كلّه، ثُمَّ أتوا إلى القصر الأبيض، وبه قوم قد تحصّنوا ثُمَّ صالحوا. وقيل إنّ الفرس لمّا رأوا اقتحام المُسْلِمين الماء تحيَّروا وقالوا: واللِه مَا نقاتل الإنس ولا نقاتل الجن، فانهزموا. ونزل سعد القصر الأبيض، واتّخذ الإيوان مُصَلَّى، وإنّ فيه لتماثيل جَصٍّ فما حرَّكها. ولما انتهى إلى مكان كِسْرى أخذ يقرأ {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ} 1 الآية. قالوا: وأتمّ سعد الصلاة يومَ دخلها، وذلك أنَّه أراد المقام بها، وكانت أول جُمعة جُمِعت بالعراق، وذلك في صفر سنة ست عشرة.   1 سورة الدخان: 25، 26. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 قال الطبري: قسم سعد الفيء بعدما خمسه، فأصاب الفارس اثنا عشر ألفًا، وكلّ الجيش كانوا فرسانًا. وقسّم سعدٌ دور المدائن بين النَّاس وأُوطِنوها، وجمع سعدٌ الْخُمْسَ وأدخل فيه كل شيءٍ من ثياب كِسْرى وحُلِيِّه وسيفه. وَقَالَ للمُسْلِمين: هل لكم أن تطيب أنفُسُكم عَنْ أربعة أخماس هذا القِطْف فنبعثَ به إلى عُمَر، فيضعه حيث يرى ويقع من أهل المدينة موقعًا؟ قالوا: نعم، فبعثه على هيئته. وكان ستين ذراعًا في ستين ذراعا بساطًا واحدًا مقدار جَرِيب1. فيه طُرُق كالصُّورَ. وفصوص كالأنهار، وخلال ذلك كالدّرّ، وفي حافاته كالأرض المزروعة، والأرضُ كالمُبْقِلَة بالنبات في الربيع من الحرير على قصبات الذهب. ونوّاره بالذهب والفضة ونحوه. فقطّعه عُمَر وقسّمه بين النَّاس. فأصاب عليًّا قطعةٌ منه فباعها بعشرين ألفًا. واستولى المسلمون في ثلاثة أعوامٍ على كرسيّ مملكة كِسْرى، وعلى كرسي مملكة قيصر، وعلي أُمَّيْ بلادهما. وغنم المسلمون غنائم لم يُسمع بمثلها قطّ من الذهب والجوهر والحرير والرقيق والمدائن والقصور. فسبحان الله العظيم الفتّاح. وكان لكِسْرى وقيْصر ومن قبلهما من الملوك في دولتهم دهرٌ طويل، فأمّا الأكاسرة والفرس وهم المجوس فملكوا العراق والعجم نحوًا من خمسمائة سنة، فأوّل ملوكهم دارا، وطال عُمرُهُ فيقال إنّه بقي في المُلْك مائتي سنة، وعدّة ملوكهم خمسة وعشرون نفسًا، منهم امرأتان، وكان آخر القوم يزْدَجِرْد الَّذِي هلك في زمان عثمان، وممّن ملك منهم ذو الأكتاف سابور، هذا يملك الأرض، فوُضِع التّاجُ على بطن الأمّ، وكُتِب منه إلى الآفاق وهو بعد جنين، وهذا شيءٌ لم يُسْمع بمثله قطّ، وإنما لقب بذي الأكتاف لأنه ينزع أكتافَ مَن غضب عليه، وهو الَّذِي بنى الإيوان الأعظم وَبَنَى نَيْسَابُور وَبَنَى سَجِسْتان. ومن متأخري ملوكهم أنوشروان، وكان حازمًا عاقلًا، كان له اثنا عشر ألف امرأةٍ وسريَّة، وخمسون ألف دابة، وألف فيل إلا واحدًا، ووُلد نبيُّنا -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- في   1 الجريب: مكيال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 زمانه، ثم مات أنوشروان وقت مَوْت عبد المطلب، ولما استولى الصحابة على الإيوان أحرقوا ستره، فطلع منه ألف ألف مثقال ذهبًا. وقعة جَلُولاء 1: في هذه السنة قال الطبري ابن جرير الطبري: فقتل الله من الفرس مائة ألف، جَلَّلَت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه، فسُمِّيت جَلُولاء. وَقَالَ غيره: كانت في سنة سبع عشرة. وعن أبي وائل قَالَ: سمِّيت جلُولاء لِمَا تجلّلها من الشّرّ. وَقَالَ سيف: كانت سنة سبع عشرة. وَقَالَ خليفة بْن خيّاط: هربَ يزّدَجِرْد بْن كِسْرى من المدائن إلى حُلْوان، فكتب إلى الجبال، فجمع العساكر ووجههم إلى جَلُولاء، فاجتمع له جَمْعٌ عظيمٌ، عليهم خُرَّزاذ بْن خرهرمز، فكتب سعد إلى عُمَر يخبره، فكتب إليه: أَقِمْ مكانَك ووجِّه إليهم جيشًا، فإنّ الله ناصِرُك ومُتَمِّمٌ وعدّه، فعقد لابن أخيه هاشم بْن عُتْبة بْن أبي وقاص، فالتقوا، فجال المسلمون جولةً، ثُمَّ هزم الله المشركين، وقُتِل منهم مقتلةٌ عظيمةٌ، وحوى المسلمون عسكرهم وأصابوا أموالًا عظيمةً وسبايا، فبلغت الغنائم ثمانية عشر ألف ألف. وجاء عَنِ الشَّعْبِيّ أن فَيْء جَلُولاء قُسِّم على ثلاثين ألف ألف. وَقَالَ أَبُو وائل: سُمِّيت جَلُولاء "فتح الفتوح". وَقَالَ ابن جرير: أقام هاشم بْن عُتْبة بجَلُولاء، وخرج القعقاع بْن عمرو في آثار القوم إلى خانقين، فقتل من أدرك منهم، وقُتِل مهران، وأفلت الفَيْرُزان، فلّما بلغ ذلك يَزْدَجرْدَ تقهقر إلى الري. فتح تكريب: وفيها جهز سعدًا جُنْدًا فافتتحوا تِكْريت واقتسموها، وخمَّسوا الغنائم، فأصاب الفارس منها ثلاثة آلاف درهم.   1 جلولاء: بلدة بالعراق على شاطئ دجلة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 فتح بيت المقدس: وفيها سار عُمَر إلى الشام وافتتح بيت المقدس، وقدم إلى الجابية -وهي قَصَبة حَوْران- فخطب بها خطبةً مشهورةً متواتِرة عنه. قَالَ زهير بن محمد المروزي: حدّثني عبد الله بْن مسلم بْن هُرْمُز أنّه سمع أبا الغادية المُزَني قَالَ: قدِم علينا عمر الجابية، وهو على جملٍ أوْرَقَ1، تَلُوحُ صَلْعَتُهُ للشمس، ليس عليه عمامة ولا قَلَنْسُوَة، بين عودين، وطاؤه فَرْوُ كَبْشٍ نَجْدِيّ، وهو فراشه إذا نزل، وحقيبته شَمْلَة أو نَمِرَةٌ مَحْشُوَّةٌ لِيفًا وهي وسادَتُهُ، عليه قميص قد انخرق بعضه ودسم جَيْبُه. رواه أَبُو إسماعيل المؤدب، عَنِ ابن هرمز فَقَالَ: عَنْ أبي العالية الشامي. قِنَّسْرِين 2: وفيها بعث أَبُو عبيدة عمرو بْن العاص -بعد فراغه من اليرموك- إلى قنسرين، فصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية على الجزية، وفتح سائر بلاد قنسرين عنوة. وفيها افتتحت سروج3 والرها4 على يدي عياض بن غنم. صلح إيلياء: وفيها قَالَ ابن الكلبي: سار أَبُو عبيدة وعلى مقدمته خالد بن الوليد، فحاصره أهل إيلياء، فسألوه الصُّلْح على أن يكون عُمَر هو الَّذِي يعطيهم ذلك ويكتب لهم أمانًا، فكتب أَبُو عبيدة إلى عُمَر، فقدِم عُمَر إلى الأرض المقدسة فصالحهم وأقام أيّامًا ثم شخص إلى المدينة. وقعة قرقيسياء: وفيها كانت وقعة قَرْقِيسْياء، وحاصرها الحارث بْن يزيد العامري، وفتحت صلحًا.   1 أورق: يميل لونه إلى لون الرماد. 2 قنسرين: قرية تقع في سورية. 3 سروج: بلدة بالقرب من حران من ديار مضر. 4 الرها: مدينة بين الموصل والشام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 كتابة التاريخ: سنة ست عشرة: وفيها كُتِب التاريخ في شهر ربيع الأول، فعن ابن المسيب قَالَ: أوّل من كتب التاريخ عُمَر بْن الخطاب لسنتين ونصف من خلافته، فُكِتب لست عشرة من الهجرة بمشورة علي -رضي الله عنه. وفيها نُدِب لحرب أهل المَوْصِل رِبْعيّ بْن الأفكل. سنة سبع عشرة: يقال: كانت فيها وقعة جَلُولاء المذكورة. وفيها خرج عُمَر إلى سَرغ1، واستخلف على المدينة زيد بْن ثابت، فوجد الطاعون بالشام، فرجع لمّا حدّثه عبد الرحمن بْن عوف عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أمر الطاعون. توسعة عمر للمسجد النبوي: وفيها زاد عُمَر فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعمله كما كان في زمان النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيها كَانَ القحط بالحجاز، وسمي عام الرَّمَادة، واستسقى عُمَر للناس بالعباس عم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيها كتب عُمَر إلى أبي موسى الأشعري بإمرة البّصْرة. وبأن يسير إلى كور الأهوازَ صلحًا وَعْنوةً، فوظَّف عُمَر عليها عشرة آلاف ألف درهم وأربعمائة ألف، وجهد زياد في إمرته أن يخلص العَنْوة من الصُّلح فما قدِر. قَالَ خليفة: وفيها شهِدَ أَبُو بكرة، ونافع ابنا الحارث، وشبل بْن مَعَبد، وزياد على المُغيرة بالِّزنَى ثُمَّ نكل بعضهم، فعزله عُمَر عَنِ البصرة ووّلاها أبا موسى الأشعري. وَقَالَ خليفة: ثنا رَيْحان بْن عصمة، ثنا عُمَر بْن مرزوق، عَنْ أبي فَرْقَد قَالَ: كنّا مع أبي موسى الأشعر بالأهواز وعلى خيله تجافيف2 الديباج.   1 سرغ: أول الحجاز وآخر الشام. 2 تجافيف: جمع تجفاف: وهي آلة حربية للفرس كالدرع للإنسان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 وفيها تزوج عُمَر بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراء، وأصدقها أربعين ألف درهم فيما قيل. سنة ثَماني عَشرة: فيها قَالَ ابن إسحاق: استسقى عمر للناس وخرج ومعه العباس فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إنّا نستسقيك بعم نبيِّك"1. وفيها افتتح أبو موسى جند يسابور2 والسُّوس3 صُلْحًا، ثُمَّ رجع إلى الأهواز. وفيها وجه سعد بْن أبي وقاص جرير بْن عبد الله البجلي إلى حلوان بعد جلولاء، فافتتحها عنوةً. ويقال: بل وجَّه هاشم بْن عُتْبَة، ثُمَّ انتقضوا حتى ساروا إلى نهاوند، ثم سار هاشم إلى ماء4 فأجلاهم إلى أَذْرَبِيجَان، ثُمَّ صالحوا. ويقال: فيها افتتح أَبُو موسى رامَهُرْمُز5، ثُمَّ سار إلى تُسْتَر6 فنازلها. وَقَالَ أَبُو عبيدة بْن المثني: فيها حاصر هرِم بْن حيَّان أهل دَسْتَ هرّ، فرأى ملكُهُم امرأةً تأكل ولَدَها من الجوع فَقَالَ: الآن أُصالح العرب، فصالح هرِمًا على أن يُخْلِيَ لهم المدينة. وفيها نزل النَّاس الكوفة، وبناها سعد باللبن، وكانوا بنوها بالقصب فوقع بها حريق هائل. وفيها كان طاعون عمواس بناحية الأردن، فاسْتُشْهِدَ فيه خلقٌ من المُسْلِمين. ويقال إنه لم يقع بمكة ولا بالمدينة طاعون.   1 صحيح دون تحديد التاريخ: أخرجه البخاري "1010" في كتاب الاستسقاء، باب: سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، والطبراني في "الأوسط" "2437" من حديث أنس. 2 جند يسابور: مدينة في إيران. 3 السوس: بلدة بخورستان. 4 ماه: هي مدينة نهاوند. 5 رامهرمز: مدينة بنواحي خوزستان منها سلمان الفارسي -رضي الله عنه. 6 تستر: مدينة تقع في غربي إيران. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 وفيها افتتح أَبُو موسى الرُّها وسُمَيْساط1 عَنْوةً. وفي أوائلها2 وجه أَبُو عبيدة بْن الجراح عياض بْن غنم الفهري إلى الجزيرة، فوافق أبا موسى قد قدم من البصرة، فمضيا فافتتحا حَرَّان ونصيبين وطائفة من الجزيرة عَنْوةً، وقيل صُلْحًا. وفيها سار عياض بْن غنم إلى الموصل فافتتحها ونواحيها عَنْوةً. وفيها بنى سعد جامع الكوفة. سَنَة تِسْع عَشِرة: قَالَ خليفة: فيها فُتِحت قيسارية3، وأمير العسكر معاوية بْن أبي سُفْيَان وسعد بْن عامر بْن حذيم، كلٌّ أميرٌ على جُنده، فهزم الله المشركين وقُتِل منهم مقتلة عظيمة، ورَّخَها ابن الكلبي. وأما ابن إسحاق فَقَالَ: سنة عشرين. وفيها كانت وقعة صُهاب -بأرض فارس- في ذي الحجة. وعلى المُسْلِمين الحَكَم بْن أبي العاص، فقُتِل شَهْرَك مُقَدَّم المشركين. قَالَ خليفة: وفيها أسرت الروم عبد الله بْن حُذافة السَّهْميّ. وقيل: فيها فُتِحَت تكريت4. ويقال: فيها كانت جولاء وهي وقعة أخرى كانت بالعجم أو بفارس. وفيها وجه عُمَر عثمان بْن أبي العاص إلى أرمينية الرابعة، فكان عندها شيء من قتال. سنة عشرين: فيها فتحت مصر.   1 سميساط: مدينة على شاطئ الفرات. 2 أي هذه السنة، وهي سنة "18 هـ". 3 قيسارية: بلدة بفلسطين. 4 تكريت: بلدة بين بغداد والموصل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 روى خليفة -عَنْ غير واحد- وغيره أنّ فيها كتب عُمَر إلى عمرو بْن العاص أن يسير إلى مصر، فسار وبعث عُمَر الزُّبَيْر بْن العَوَّام مددًا له، ومعه بسر بْن أرطأة، وعُمَير بْن وهب الجمحي، وخارجة بْن حذافة العدوي، حتى أتى باب أليون1 فتحصنوا، فافتتحها عَنْوةً وصالحه أهل الحصن، وكان الزُّبَيْر أول من ارتقى سور المدينة ثُمَّ تبعه النَّاس، فكلم الزُّبَيْر عمرًا أن يقسمها بين من افتتحها، فكتب عمرو إلى عُمَر، فكتب عُمَر: أكلةٌ، وأكلاتٌ خيرٌ من أكلة، أقِرُّوها. وعن عمرو بْن العاص أنه قَالَ على المنبر: لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحدٍ من قبط مصر عليّ عهد ولا عقد، وإن شئت قتلت، وإن شئت بعت، وإن شئت خمَّسْت إلا أهل انطابلس فإن لهم عهدًا نفي به. وعن علي بْن رباح قَالَ: المغرب كله عنوة. وعن عُمَر قَالَ: افتُتحت مصرُ بغير عهدٍ. وكذا قال جماعة. وَقَالَ يزيد بْن أبي حبيب: مصر كلها صلح إلا الإسكندرية. غزو تُسْتَر: قَالَ الوليد بْن هشام القَحْذَميّ، عَنْ أبيه وعمه أن أبا موسى لما فرغ من الأهواز، ونهر تيرى، وجند يسابور، ورامَهُرْمُز، تَوَجَّه إلى تُسْتَر، فنزل باب الشرقي، وكتب يستمد عُمَر، فكتب إلى عمار بْن ياسر أن أَمِدَّه، فكتب إلى جرير وهو بحُلوان أن سرْ إلى أبي موسى، فسار في ألفٍ فأقاموا أشهرًا، ثُمَّ كتب أَبُو موسى إلى عمر: إنهم لم يغنوا سيئًا. فكتب عُمَر إلى عمار أن سر بنفسك، وأمده عُمَر من المدينة. وعن عبد الرحمن بْن أبي بكرة قَالَ: أقاموا سنة أو نحوها، فجاء رجل من تُسْتَر وَقَالَ لأبي موسى: أسألك أن تحقن دمي وأهل بيتي ومالي، على أن أدُلَّكَ على المدخل، فأعطاه، قال: فأبلغني إنسانًا سابحًا ذا عقلٍ يأتيك بأمر بيِّنٍ، فأرسل معه مجزأة بن ثور السدوسي، فأدخل من مدخل الماء ينبطح على بطنه أحيانًا ويحبو حتى دخل المدينة وعرف طرقها، وأراه الْعِلْجُ الهُرْمُزَان صاحبها، فهم بقتله   1 أليون: قرية بمصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 ثُمَّ ذكر قول أبي موسى: "لَا تسبقني بأمر" ورجع إلى أبي موسى، ثُمَّ إنه دخل بخمسةٍ وثلاثين رجلًا كأنهم البط يسبحون، وطلعوا إلى السُّور وكبروا، واقتتلوا هم ومن عندهم على السُّور، فقُتِلَ مجْزَأة. وفتح أولئك البلد، فتحصن الهُرْمُزان في بُرْج. وَقَالَ قتادة، عَنْ أَنْس: لم نُصَلِّ يَوْمَئِذٍ الغداة حتى انتصف النهارُ فما يسُرُّني بتلك الصلاة الدنيا كلها. وَقَالَ ابن سيرين: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ البراء بْن مالك. وقيل: أول من دخل تُسْتَر عبد الله بْن مغفل المازني. وعن الحسن قَالَ: حُوصرت تُسْتَر سنتين. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: حاصرهم أَبُو موسى ثمانية عشر شهرًا، ثُمَّ نزل الهُرْمُزان على حُكم عُمَر، فَقَالَ حُمَيْد، عَنْ أَنْس: نزل الهُرْمُزان على حُكم عُمَر. فلما انتهينا إليه -يعني إلى عُمَر بالهُرْمُزان- قَالَ: تكلّم، قَالَ: كلام حيّ أو كلام ميِّت؟ قَالَ: تكلم فلا بأس، قَالَ: إنا وإياكم معشر العرب مَا خلّى الله بيننا وبينكم، كنا نغضبكم ونقتلكم ونفعل، فما كان الله معكم لم يكن لنا بكم يدان، قَالَ: يا أَنْس مَا تقول؟ قلت: يا أمير المؤمنين تركت بعدي عددًا كثيرًا وشوكة شديدة، فإن تقتُلْهُ ييأس القوم من الحياة ويكون أشد لشوكتهم، قَالَ: فأنا أستحيي قاتل البراء ومجزأة بْن ثور! فلمّا أحسست بقتله قلت: ليس إلى قتله سبيل، قد قلت له: تكلم فلا بأس، قَالَ: لَتَأْتينّي بمن يشهد به غيرك، فلقيت الزُّبَيْر فشهد معي، فأمسك عنه عُمَر، وأسلم الهُرْمزان، وفرض له عُمَر، وأقام بالمدينة. وفيها هلك هرقل عظيم الروم، وهو الَّذِي كتب إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعوه إلى الإسلام، وقام بعده ابنُه يُسْطَنْطِين. وفيها قسَّم عُمَر خيبر وأجلى عنها اليهود، وقسّم وادي القُرى، وأجلى يهود نجران إلى الكوفة. قال محمد بن جرير الطبري. سَنَة إحدَى وَعشرْين: فيها فتح عَمْرو بْن العاص الإسكندرية، وقد مرّت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 وفيها شكا أهلُ الكوفة سعدَ بْنَ أبي وقّاص وتعنَّتُوه، فصرفه عُمَر ووّلَى عمار بْن ياسر على الصلاة، وابن مسعود على بيت المال، وعثمان بْن حُنَيف على مساحة أرض السّواد. وفيها سار عثمان بْن أبي العاص فنزل تَوَّج ومَصَّرَها. وبعث سوار بْن المثني العبدي إلى سابور، فاسْتُشْهِدَ، فأغار عثمان بْن أبي العاص على سيف البحر والسّواحل، وبعث الجارود بْن المعلي فقُتِل الجارود أيضًا. عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقُتْبَانِيِّ، وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ عَمْرًا سَارَ مِنْ فِلَسْطِينَ بِالْجَيْشِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ عُمَرَ إِلَى مِصْرَ فَافْتَتَحَهَا، فَعَتَبَ عُمَرُ عَلَيْهِ إِذْ لم يعلمه، فكتب يستأذن عمر بمناهظة أَهْلِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَسَارَ عَمْرٌو فِي سَنَةِ إِحْدًى وعشرين، وخلف على الفسطاط خارجة ببن حُذَافَةَ الْعَدَوِيَّ، فَالْتَقَى الْقِبْطَ فَهَزَمَهُمْ بَعْدَ قِتَالٍ شديد، ثم التقاهم عند الكربون1 فَقَاتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْتَهَى إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُقَوْقِسُ يَطْلُبُ الصُّلْحَ وَالْهُدْنَةَ مِنْهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ، ثُمَّ جَدَّ فِي الْقِتَالِ حَتَّى دَخَلَهَا بِالسَّيْفِ، وَغَنِمَ مَا فِيهَا مِنَ الرُّومِ، وَجَعَلَ فِيهَا عَسْكَرًا عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، وَبَعَثَ إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ قُسْطَنْطِينَ بْنَ هِرَقْلَ فَبَعَثَ خصيًّا لَهُ يُقَالُ لَهُ منْوِيل فِي ثَلاثِمِائَةِ مَرْكَبٍ حَتَّى دخلوا الإسكندرية، فقتلوا بها الْمُسْلِمِينَ وَنَجَا مَنْ هَرَبَ، وَنَقَضَ أَهْلُهَا، فَزَحَفَ إِلَيْهَا عَمْرٌو فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَنَصَبَ عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ، وَجَدَّ فِي الْقِتَالِ حَتَّى فَتَحَهَا عَنْوَةً، وَخَرَّبَ جُدُرَهَا، رُؤِيَ عَمْرٌو يُخَرِّبُ بِيَدِهِ. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ. نهَاوَنْد 2: وَقَالَ النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ الأَقْرَعِ قَالَ: زَحْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ زَحْفٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ قَطُّ، رَجَفَ لَهُ أَهْلُ مَاه وأهل أصبهان وأهل خمذان وَالرَّيِّ وَقَوْمَس وَنَهَاوَنْد وَأَذَرْبِيجَان، قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عمر   1 الكربون: موضع قرب الإسكندرية. 2 نهاوند: مدينة بإيران. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 فَشَاوَرَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنت أفضلنا وَأَعْلَمُنَا بِأَهْلِكَ. فَقَالَ: لأَسْتَعْمِلَنَّ عَلَى النَّاسِ رَجُلًا يَكُونُ لأَوَّلِ أَسِنَّةٍ يَلْقَاهَا، يَا سَائِبُ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، فَلْيَسِرْ بِثُلُثَيْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلْيَبْعَثْ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَنْتَ عَلَى مَا أَصَابُوا مِنْ غَنِيمَةٍ، فَإِنْ قُتِلَ النُّعْمَانُ فَحُذَيْفَةُ الأَمِيرُ، فَإِنْ قُتِلَ حُذَيْفَةُ فَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنْ قُتِلَ ذَلِكَ الْجَيْشُ فَلا أَرَاكَ. وروى علقمة بْن عبد الله المُزَنيّ، عَنْ معقِل بْن يسار أن عُمَر شاور الهُرْمُزان في أصبهان وفارس وأذربيجان بأيَّتِهنّ يبدأ، فَقَالَ: يا أمير المؤمنين أصبهان الرأس، وفارس وأذربيجان الجناحان، فإن قطعت الرأس وقع الجناحان، فدخل عُمَر المسجد فوجد النُّعْمَان بْن مُقَرِّن يصلّي فسَرَّحه وسرَّح معه الزُّبَيْر بْن العَوَّام، وحُذَيْفَة بْن اليمان، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بْن مَعْدِ يكرب، والأشعث بْن قيس، وعبد الله بْن عُمَر، فسار حتى أتى نَهَاوَنْد، فذكر الحديث إلى أن قَالَ النُّعْمَان لمّا التقى الجمعان: إنْ قُتِلْتُ فلا يُلْوِي عليّ أحدٌ، وإني داعٍ بدعوةٍ فأَمِّنُوا. ثُمَّ دعا: اللَّهُمَّ ارزقني الشهادة بنصر المُسْلِمين والفتح عليهم، فأمَّن القوم وحملوا فكان النُّعْمَان أول صريع. وروى خليفة بإسنادٍ قَالَ: التقوا بنَهاوَنْد يوم الأربعاء فانكشفت مجنبة المسلمين شيئًا، ثُمَّ التقوا يوم الخميس فثبتت الَمْيمنة وانكشف أهلُ المَيْسَرة، ثُمَّ التقوا يوم الجمعة فأقبل النُّعْمَان يخطُبُهم ويحُضُّهم على الحملة ففتح الله عليهم. وَقَالَ زياد الأعجم: قدِم علينا أَبُو موسى بكتاب عُمَر إلى عثمان بْن أبي العاص: أمّا بعدُ، فإنّي قد أمْدَدْتُك بأبي موسى، وأنت الأمير فتطاوَعَا والسّلام. فلمّا طال حصار إصْطَخْر1 بعث عثمان بْن أبي العاص عدّة أمراء فأغاروا على الرَّساتيق. وَقَالَ ابن جرير في وقعة نَهَاوَنْد: لمّا انتهى النُّعْمَان إلى نهاوند في جيشه طرحوا له حَسَك الحديد، فبعث عيونًا فساروا لَا يعلمون بالحَسَكَ، فزجر بعضُهم فَرَسَه وقد دخل في حافره حَسَكةٌ، فلم يبرح، فنزل فإذا الحَسَك، فأقبل بها، وأخبر النُّعْمَان، فَقَالَ النُّعْمَان: مَا ترون؟ فقالوا: تقهقر حتى يروا أنك هارب   1 إصطخر: مدينة في جنوب غربي إيران. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 فيخرجوا في طلبك، فتأخر النُّعْمَان، وكَنَسَت الأعاجم الحسك وخرجوا في طلبه فعطف عليهم النُّعْمَان وعبّأ كتائبه وخطب النَّاس وَقَالَ: إنْ أُصِبْتُ فعليكم حُذيفة، فإن أصيب فعليكم جرير البجلي، وإن أصيب فعليكم قيس بْن مكشوح، فوجد المُغِيرَة في نفسه إذ لم يستخلفه، قَالَ: وخرجت الأعاجم وقد شدُّوا أنفُسَهم في السلاسل لئلَّا يفرُّوا، وحمل عليهم المسلمون، فرُمي النُّعْمَان بسهمٍ فقُتِل، ولفَّه أخوه سويد بْن مقرن في ثوبه وكتم قتله حتى فتح الله تعالى عليهم، ودفع الراية إلى حُذَيْفَة. وَقَتَل اللَّهُ ذا الحاجب يعني مقدِّمَهم، وافتُتِحت نهاوند، ولم يكن للأعاجم بعد ذلك جماعة. وبعث عُمَر السَّائب بْن الأقرع مولى ثقيف -وكان كاتبًا حاسبًا- فَقَالَ: إنْ فتح اللَّهَ على الناس فاقسم عليم فَيْئَهم واعْزِلِ الْخُمْسَ. قَالَ السائب: فإني لأقْسِم بين الناس إذ جائني أعجميٌ فَقَالَ: أتُؤَمِّنَني على نفسي وأهلي على أن أدلك على كنز يزْدَجِرد يكون لك ولصاحبك? قلت: نعم، وبعثت معه رجلًا، فأتى بسَفَطَيْن عظيمين ليس فيهما إلا الدُّر والزَّبرجد واليواقيت، قَالَ: فاحتملتُهما معي، وقدِمْتُ على عُمَر بهما، فَقَالَ: أَدْخِلْهُما بيت المال، ففعلت ورجعت إلى الكوفة سريعًا، فما أدركني رسولُ عُمَر إلَّا بالكوفة، أناخ بعيره على عُرْقُوبَيْ بَعِيري فَقَالَ: الْحَقْ بأمير المؤمنين، فرجعت حتى أتيته، فقال: ما لي ولابن أمّ السائب، وما لابن أمّ السائب وما لي، قلت: وما ذاك؟ قال: والله ما هو إلا نمت، فباتتْ ملائكةٌ تسحبني إلى ذَيْنِك السَّفَطَيْن يشتعلان نارًا يقولون: "لَنَكْوِيَنَّك بهما"، فأقول: "إني سأقسِمُهما بين المُسْلِمين"، فخذهما عني لا أبا لك فالْحَقْ بهما فبِعْهُما في أُعْطية المُسْلِمين وأرزاقهم، قَالَ: فخرجتُ بهما حتى وضعتهما في مسجد الكوفة، وغَشِيني التُّجَّار، فابتاعهما منّي عمرو بْن حُريث بألفي ألف درهم، ثُمَّ خرج بهما إلى أرض العجم فباعهما بأربعة آلاف ألف، فما زال أكثر أهلِ الكوفة مالًا. وفيها سار عمرو بْن العاص إلى برقة فافتتحها، وصالهم على ثلاثة عشر ألف دينار. وفيها صالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس على أنطاكية وقلقية، وغير ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 سَنَة اثنتَيْن وَعِشرْين: فيها فتحت أَذْرَبِيجَان على يد المُغِيرَة بْن شُعْبَة. قاله ابن إسحاق، فيقال إنه صالحهم على ثمانمائة ألف درهم. وَقَالَ أَبُو عبيدة: افتتحها حبيب بْن مسْلَمَة الفهرِي بأهل الشام عَنْوةً ومعه أهل الكوفة، وفيهم حُذَيْفَة، فافتتحها بعد قتال شديد. فالله تعالى أعلم. وفيها غزا حُذَيْفَة مدينة الدِّينور عَنْوةً، وقد كانت فُتِحت لسعد ثم انتقضت. ثم غزا حذيفة ماسبذان فافتتحها عَنْوةً، على خُلْف في ماه، وقيل: افتتحها سعد فانتقضوا. وَقَالَ طارق بْن شهاب: غزا أهلُ البصرة ماه فأمدهم أهلُ الكوفة، عليهم عمار بْن ياسر، فأرادوا أن يُشْرَكوا في الغنائم، فأبى أهل البصرة، ثُمَّ كتب إليهم عُمَر: الغنيمة لمن شهِد الوقعة. وَقَالَ أَبُو عبيدة: ثُمَّ غزا حُذَيْفَة همذان، فافتتحها عَنْوةً ولم تكن فُتِحَت. وإليها انتهى فتوح حُذَيْفَة، وكل هذا في سنة اثنتين وعشرين. قَالَ: ويقال همذان افتتحها المُغِيرَة بْن شُعْبَة سنة أربعٍ وعشرين، ويقال: افتتحها جرير بْن عبد الله بأمر المُغِيرَة. وَقَالَ خليفة بْن خياط: فيها افتتح عمرو بْن العاص أطرابُلُسَ المغرب، ويقال في السنة التي بعدها. وفيها عُزل عمار عَنِ الكوفة، وفيها افتُتِحت جُرْجان، وفيها فتح سويد بْن مقرن الرّيّ، ثُمَّ عسكر وسار إلى قومس فافتتحها. ووُلِد فيها يزيد بْن معاوية. وَقَالَ محمد بْن جرير: إن عُمَر أقر على "فرج الباب" عبد الرحمن بْن ربيعة الباهلي وأمره بغزو التُّرْك، فسار بالنّاس حتى قطع الباب، فقال له شهريران: ما ترد أن تصنع؟ قَالَ: أُناجزهم في ديارهم، وبالله إن معي لأقوامًا لو يأذن لنا أميرنا في الإمعان لَبَلَغْت بهم السّدّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 ولما دخل عبد الرحمن على التُّرك حال الله بينهم وبين الخروج عليه وقالوا: مَا اجترأ على هذا الأمر إلا ومعهم الملائكة تمنعهم من الموت، ثم هروا وتحصنوا، فرجع بالظفر والغنيمة، ثُمَّ إنه غزاهم مرتين في خلافة عثمان فيَسْلَم ويَغْنَم، ثُمَّ قاتلهم فاستُشْهد -أعني عبد الرحمن بْن ربيعة- فأخذ أخوه سلمان بْن ربيعة الراية، وتحيز بالنّاس، قَالَ: فَهُم -يعني التُّرْك- يستسقون بجسد عبد الرحمن حتى الآن. خبر السند: الْوَلِيدُ: ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنِي رَجُلانِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ السَّدَّ، قَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ كَالْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ1. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا، وَزَادَ: طَرِيقَةٌ سَوْدَاءُ وَطَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ، قَالَ: قَدْ رَأَيْتَهُ. قُلْتُ: يُرِيدُ حُمْرَةَ النُّحَاسِ وَسَوَادَ الْحَدِيدِ. سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْوِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا أَنْ يَرَوْا شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا أَنْ يَرَوُا الشَّمْسَ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَحْفِرُونَهُ، فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ فِيهَا كَهَيْئَةِ الدِّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَغَفًا 2 فَيَقْتُلُهُمْ بها" 3.   1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه، وسعيد بن بشير فيه ضعف، وقد علقه البخاري كما في "الفتح" "6/ 440"، وعزاه الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 445" للطبراني، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 14" لم أره مسندا من وجه متصل أرتضيه. 2 النغف: نوع من الدود. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3164" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الكهف، وابن ماجه "4080" في كتاب الفتن، باب: فتنة الدجال، وأحمد "2/ 510، 511"، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 105": إسناده جيد قوي، ولكن متنه في رفعه نكارة -إلى أن قال- ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3298": صحيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 وذكر ابن جرير في تاريخه من حديث عَمرو بْن معد يكرب عَنْ مطر بْن ثلج التميمي قَالَ: دخلت على عبد الرحمن بْن ربيعة بالباب وشهريران عنده، فأقبل رجل عليه شَحَوبة حتى دخل على عبد الرحمن فجلس إلى شهريران، وكان على مطر قباء برد يمني أرضه حمراء ووشيه أسود. فتسائلا، ثم إنّ شهريران قَالَ: أيها الأمير أتدري من أين جاء هذا الرجل؟ هذا رجل بعثُته نحو السّدّ منذ سنتين ينظر مَا حاله ومن دونه، وزوَّدْتُه مالًا عظيمًا، وكتبت له إلى مَن يليني وأهديت له، وسألته أن يكتب له إلى ما وراءه، وزوَّدْتُه لكل مَلِك هدية، ففعل ذلك بكل ملكٍ بينه وبينه، حتى انتهى إلى الملك الَّذِي السّدّ في ظهره، فكتب له إلى عامله على ذلك البلد فأتاه، فبعث معه بازيلره ومعه عُقابه وأعطاه حريرة، قَالَ: فلمّا انتهينا إذا جبلان، بينهما سد مسدود حتى ارتفع على الجبلين، وإن دون السُّدّ خندقًا أشدّ سوادًا من الليل لبعده، فنظرت إلى ذلك كله وتفرست فيه، ثُمَّ ذهبت لأنصرف، فَقَالَ لي البازيار على رِسلك أُكافِئك إنه لَا يلي ملِك بعد ملِكٍ إلا تقرب إلى الله بأفضل مَا عنده من الدنيا فيرمي به هذا اللهب، قَالَ: فشرّح بضعة لحمٍ معه وألقاها في ذلك الهواء، وانقضَّتْ عليها العقاب، وقال: إنْ أدركتها قبل أن تقع فلا شيء، فخرج عليه العُقاب باللحم في مخاليبه، فإذا قد لصق فيه ياقوتَةٌ فأعطانيها وها هي ذِه، فتناولها شهريران فرآها حمراء، فتناولها عبد الرحمن ثُمَّ ردّها، فَقَالَ شهريران: إنّ هذه لخيرٌ من هذا -يعني الباب- وأيْمُ اللَّهِ لأنتم أحبّ إلي ملكةً من آل كِسْرى، ولو كنت في سلطانهم ثُمَّ بلغهم خبرها لانتزعوها منيّ، وَايْمُ اللَّهِ لَا يقوم لكم شيء ما وفيتم أوفى مَلِكُكُم الأكبر. فأقبل عبد الرحمن على الرسول وَقَالَ: مَا حال السّدّ وما شبهه؟ فَقَالَ: مثل هذا الثوب الَّذِي على مطر، فَقَالَ مطر: صَدَقَ واللِه الرجلُ لقد بَعَّد ورأى ووصف صفة الحديد والصُّفْر. فَقَالَ عبد الرحمن لشهريران: كم كانت قيمة هاتيك؟ قَالَ: مائة ألف في بلادي هذه، وثلاثة آلاف ألف في تلك البلدان. وحدث الترجمان قَالَ: لمّا رأى الواثق بالله كأن السد الذي بناه ذو القَرْنَيْن قد فُتِح وجَّهني وَقَالَ لي: عاينْه وجئني بخبره، وضمّ إليَّ خمسين رجلًا، وزوّدنا، وأعطانا مائتي بغلٍ تحمل الزاد، فشخِصْنا من سامرّا بكتابه إلى إسحاق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 وهو بتفْلِيس، فكتب لنا إسحاق إلى صاحب السرير، وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك الّلان، وكتب لنا ملك الّلان إلى فيلانشاه، وكتب لنا ملك الخَزَر، فوجَّه معنا خمسة أدلَّاء، فسرنا من عنده ستةً وعشرين يومًا، ثُمَّ صرنا إلى أرض سوداء منتنة، فكنا نشتم الخل، فسرنا فيها عشرة أيام، ثُمَّ صرنا إلى مدائن خرابٍ ليس فيها أحد، فسرنا فيها سبعةً وعشرين يومًا، فسألْنا الأدِلّاء عَنْ تلك المدن فقالوا: هي التي كان يأجوج ومأجوج يطرقونها فأخربوها. ثُمَّ صرنا إلى حصونٍ عند السّدّ بها قوم يتكلمون بالعربية والفارسية، مسلمون يقرءون القرآن، لهم مساجد وكتاتيب، فسألونا، فَقَالَ: نحن رُسُل أمير المؤمنين، فأقبلوا يتعجبون ويقولون: أمير المؤمنين! فتقول: نعم، فقالوا: شيخٌ هو أم شاب -قلنا: شاب، فقالوا: أين يكون- فقلنا: بالعراق بمدينة يقال لها سُرَّ مَن رأى، فقالوا: مَا سمعنا بهذا قط. ثُمَّ صرنا إلى جبلٍ أملس ليس عليه خضراء، وإذا جبل مقطوع بوادٍ عرضه مائة ذراع، فرأينا عضادَتَيْن مبنيَّتَيْن ممّا يلي الجبل من جنبتي الوادي عرض كل عضادة خمسة وعشرون ذراعًا، الظاهر من تحتها عشرة أذرُع خارج الباب، وكله بناء بلبن من حديد في نُحاس في سَمْك خمسين ذراعًا، قد ركب على العضادتين على كل واحدة بمقدار عشرة أذرُع في عرض خمسة، وفوق الدروَنْد بناء بذلك اللَّبن الحديد إلى رأس الجبل، وارتفاعه مدُّ البصر، وفوق ذلك شُرَف حديدٍ لها قرنان يَلِجُ كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبه، وإذا باب حديدٍ له مِصْراعان مغلقان عرضهما مائة ذراع في طول مائة ذراع في ثخانة خمسة أذرع. وعليه قُفْلٌ طوله سبعة أذْرُع في غِلَظ باع، وفوقه بنحو قامتين غلْقٌ طوله أكثر من طول القُفْلِ، وقفيزاه كلّ واحدٍ منهما ذراعان، وعلى الغلْق مفتاح معلَّق طوله ذراع ونصف، في سلسلةٍ طولها ثمانية أذرُع، وهي في حلقة كحلقة المنجنيق. ورئيس تلك الحصون يركب كلّ جمعة في عشرة فوارس، مع كلّ فارس مِرْزبَّةٌ من حديد فيضربون الْقُفْلَ بتلك المرَازِب ثلاث ضربات، يسمع من وراء الباب الضرب فيعلمون أن هناك حفظة، ويعلم هؤلاء أنّ أولئك لم يُحْدِثُوا في الباب حدثًا، وإذا ضربوا القفل وضعوا آذانهم يستمعون، فيسمعوا دويًّا كالرعد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 وبالقرب من هذا الموضع حصن كبير، ومع الباب حصنان يكون مقدار كل واحدٍ منهما مائتي ذراع، في مائتي ذراع، وعلى باب كلّ حصن شجرة، وبين الحصنين عين عذبة، وفي أحد الحصنين آله بناء السّدّ من قُدُور ومَغارف وفضْلة الّلبن قد التصق بعضُه ببعضٍ من الصَّدأ، وطول الَّلبنة ذراع ونصف في مثله في سمْك شِبْر. فسألنا أهل الموضع هل رأوا أحدًا من يأجوج ومأجوج، فذكروا أنّهم رأوا مرَّةً أعدادًا منهم فوق الشُرَف، فهبّت ريح سوداء فألقتهم إلى جانبهم، وكان مقدار الرجل منهم شبرًا ونصف، فلمّا انصرفنا أخذ بنا الأدِلَّاء، إلى ناحية خُراسان، فسِرنا إليها حتى خرجنا خلف سَمَرْقَنْد بتسعة فراسخ، وكان أصحاب الحصون زوَّدونا مَا كفانا. ثُمَّ صرنا إلى عبد الله بْن طاهر. قَالَ سلام التِّرْجُمان: فأخبرتُهُ خَبَرَنا، فوصلني بمائة ألف دِرْهم، ووصل كلَّ رجلٍ معي بخمسمائة درهم، ووصلنا إلى سُرَّ من رأى بعد خروجنا منها بثمانية وعشرين شهرًا. قَالَ مصنّف كتاب "المسالك والممالك": هكذا أملى عليَّ سلام التِّرْجُمان. سَنَة ثَلَاث وَعشِرْين: فيها: بينما عُمَر -رضي الله عنه- يخطب إذ قَالَ: يا ساريةُ الجبلَ، وكان عُمَر قد بعث سارية بْن زُنيم الدّئليّ إلى فَسَا ودارا بَجِرد فحاصرهم، ثمّ إنّهم تداعوا وجاءوه من كل ناحية والتقوا بمكان، وكان إلى جهة المسلمين جبل لو استندوا إليه لم يُؤتوا إلا من وجه واحد، فلجئوا إلى الجبل، ثُمَّ قاتلوهم فهزموهم. وأصاب سارية الغنائم فكان منها فسط جوهر، فبعث به إلى عُمَر فردّه وأمره أن يقسّمه بين المُسْلِمين، وسأل النَّجّاب أهل المدينة عَنِ الفتح وهل سمعوا شيئًا، فَقَالَ: نعم "يا سارية الجبل الجبلَ" وقد كِدْنا نهلك، فلجأنا إلى الجبل، فكان النّصر. وَيُرْوَى أنّ عُمَر سُئل فيما بعد عَنْ كلامه "يا سارية الجبل" فلم يذكره. وفيما كان فتح كَرمان، وكان أميرها سُهَيْل بْن عَدِيّ. وفيها فتحت سجِسْتان، وأميرها عاصم بْن عمرو. وفيها فتحت مُكْران، وأميرها الحَكَم بْن عثمان، وهي من بلاد الجبل. وفيها رجع أَبُو موسى الأشعري من أصبهان، وقد افتتح بلادها. وفيها غزا معاوية الصائفة حتى بلغ عمورية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 سيرة عثمان بن عفان : 4- عثمان بن عفان "ت35هـ" -رضي الله عنه. ابن أَبِي الْعَاصِ بْن أُميَّة بْن عَبْدِ شَمْسِ، أمير المؤمنين، أَبُو عمرو، وأبو عبد الله، القُرَشيّ الأمويّ. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن الشِّيخَيْن. قَالَ الدّاني: عرض القرآن على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعُرِض عليه أَبُو عبد الرحمن السُّلَمِيّ، والمُغِيرَة بْن أبي شهاب، وأبو الأسود، وزر بن حبيش. روى عنه بنوه: أبان، وسعيد، وعمرو، ومولاه حُمران، وأنس، وأبو أمامة بْن سهل، والأحنف بْن قيس، وسعيد بْن المسيب، وأبو وائل، وطارق بْن شهاب، وعلقمة، وأبو عبد الرحمن السُّلمي، ومالك بْن أوس بْن الحَدَثان، وخلق سواهم. أحد السابقين الأوَّلين، وذو النُّورين، وصاحب الهجرتين، وزوج الابنتين. قدِم الجابية مع عُمَر. وتزوج رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ المبعث، فولدت له عبد الله، وبه كان يُكنى، وبابنه عمرو. وأُمّه أروى بنت كُرَيْز بْن حبيب بْن عبد شمس، وأُمُّها البيضاء بنت عبد المطلب بْن هاشم، فهاجر إلى الحبشة، وخَلّفه النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عليها في غزوة بدْر ليداويها في مرضها، فَتُوُفِّيَتْ بعد بدْرٍ بليالٍ، وَضَرَبَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسهمه من بدْر وأجْره، ثمّ زوَّجه بالبنت الأخرى أمّ كلثوم. ومات ابنه عبد الله، وله ستُّ سنين سنة أربع من الهجرة. وكان عثمان فيما بلغنا لَا بالطويل ولا بالقصير، حَسَنَ الوجه، كبير اللحية، أسمر اللون، عظيم الكراديس، بعيد مَا بين المَنْكِبَين يخْضِب بالصُّفْرَة، وكان قد شدّ أسنانه بالذَّهَب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 وعن أبي عبد الله مولى شدّاد قَالَ: رأيت عثمان يخطب، وعليه إزارٌ غليظ ثَمَنُهُ أربعة دراهم، وريطة كوفيّة مُمَشَّقة، ضَرِب اللّحمْ -أي خفيفة- طويل اللحية، حسن الوجه. وعن عبد الله بْن حَزْم قَالَ: رأيت عثمان، فما رأيت ذَكرًا ولا أُنْثَى أحْسَنَ وَجْهًا منه. وعن الحسن قال: رأيته وبوجهه نَكَتات جُدَريّ، وإذا شعره قد كسا ذِرَاعَيْه. وعن السائب قَالَ: رأيته يصفِّر لحيَتَه، فما رأيت شيخًا أجملَ منه. وعن أبي ثَوْر الفَهْمِيّ قَالَ: قدِمْتُ على عثمان فَقَالَ: لقد أختبأت عند ربّي عشْرًا: إنّي لرابع أربعةٍ في الإسلام، وما تعنَّيْتُ ولا تمنَّيْتُ، ولا وضعت يميني على فَرْجي منذ بايعت بها رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا مرَّت بي جُمُعَةٌ منذ أسلمتُ إلّا وأنا أُعْتِقُ فيها رقبةً، إلّا أنْ لَا يكون عندي فأُعْتِقُها بعد ذلك، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام قطّ، وجهَّزْت جيش الْعُسْرَةِ، وأنكحني النّبيّ ابنته، ثمّ ماتت، فأنكحني الأخرى، وما سرقت في جاهلية ولا إسلام. وعن ابْنِ عُمَر، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إنّا نُشَبِّه عثمان بأبينا إبراهيم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"1. وعن عائشة نحوه إنْ صحّا. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى عُثْمَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: "يَا عُثْمَانُ هَذَا جِبْرِيلُ يُخْبِرُنِي أَنَّ اللَّهَ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، وَعَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا"2. أَخْرَجَهُ ابْنُ ماجه. ويروى عن أنس أو غيره قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إلا أبو أيم، إلا   1 إسناده ضعيف: أخرجه العقيلي في "الضعفاء" "3/ 173، 174" وفي إسناده عبد الله بن عمر العمري ضعيف، وعمر بن صالح مجهول. 2 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "110" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وضعف البوصيري إسناده، وكذلك ضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 أَخُو أَيِّمٍ يُزَوِّجُ عُثْمَانَ، فَإِنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ ابْنَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي ثَالِثَةٌ لَزَوَّجْتُهُ وَمَا زَوَّجْتُهُ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ السَّمَاءِ"1. وعن الحسن قَالَ: إنّما سُمِّي عثمانُ "ذا النُّورين" لأَنّا لَا نعلم أحدًا أغلق بابه على ابنتي نبيٍّ غيره. وروى عطيّة، عَنْ أبي سعيد قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رافعًا يديه يدعو لعثمان2. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي ثَوْبِهِ، حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَصَبَّهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ وَيَقُولُ: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ" 3 رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَفِي "مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى"، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ بِسَبْعِمِائَةٍ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَقَالَ خليد، عن الحسن قال: جهز عثمان بسبعمائة وخمسين ناقة، وخمسين فرسًا، يعني في غزوة تبوك4. وَعَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "رَحِمَ اللَّهُ عُثْمَانَ تَسْتَحْيِيهِ الْمَلَائِكَةُ". وَقَالَ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ بَشِيرٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ اسْتَنْكَرُوا الْمَاءَ، وَكَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا رُومَةُ، وَكَانَ يَبِيعُ مِنْهَا الْقِرْبَةَ بِمُدٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَبِيعُهَا بِعَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ"، فَقَالَ: لَيْسَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ عَيْنٌ غَيْرهَا، لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ، فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ وَثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَتَجْعَلُ   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 32" عن ابن أبي سبرة معضلا بنحوه وإسناده ضعيف جدا. 2 إسناده ضعيف: عطية هو العوفي، ضعيف الحفظ. 3 حسن: أخرجه أحمد 5/ 63"، والترمذي "3721" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، وأبو نعيم في "الحلية" "174، 8113"، والبيهقي في "الدلائل" "5/ 215" وحسنه الألباني. 4 مرسل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 لِي مِثْلَ الَّذِي جَعَلْتَ لَهُ عَيْنًا فِي الْجَنَّةِ إِنِ اشْتَرَيْتُهَا? قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: قَدِ اشْتَرَيْتُهَا وَجَعَلْتُهَا لِلْمُسْلِمِينَ1. وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: اشترى عثمان من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الجنّة مرتين: يوم رومة، ويوم جيش الْعُسْرَةِ2. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِهِ كَاشِفًا عَنْ سَاقِيهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَا، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَوَّى ثِيَابَهُ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ تَجْلِسْ لَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ، فَلَمْ تَهِشْ لَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ، قَالَ: "أَلَا اسْتَحْيِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ" 3 رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرُوِيَ نَحُوُه مِنْ حَدِيثِ عَلَيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِيِن اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ" 4. وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقٌ، وَرَفِيقِي عُثْمَانُ"5. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَفِي حَدِيثِ الْقُفِّ: ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْذَنْ لَهُ وبشره بالجنة على بلوى تصيبه" 6.   1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "1226". 2 أخرجه الحاكم "4570". 3 صحيح: أخرجه مسلم"2401" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عثمان بن عفان. 4 صحيح: وقد تقدم. 5 ضعيف: أخرجه الترمذي "3718" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، وضعفه الألباني في "سنن الترمذي" "763". وأخرجه ابن ماجه "109" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وضعفه الألباني في "سنن الترمذي" "763". وأخرجه ابن ماجه "109" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حديث أبي هريرة، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". 6 صحيح: أخرجه البخاري "3674" في كتاب الفضائل، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلا"، ومسلم "2403" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عثمان بن عفان، والترمذي "3730" في المصدر السابق، وأحمد "4/ 393، 406" 407"، وأبو نعيم في "الحلية" "166"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 388، 389" من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُو ذَرٍّ، وَأَنَا أَظُنُّ فِي نَفْسِي أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي ذَرٍّ عَلَى عُثْمَانَ مَعْتَبَة لإِنْزَالِهِ إِيَّاهُ بِالرَّبَذَةِ، فَلَمَّا ذُكِرَ لَهُ عُثْمَانُ عَرَضَ لَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: لَا تَقُلْ فِي عُثْمَانَ إلا خيرًا، فإني أشهد لقد رأيت مَشْهَدًا لَا أَنْسَاهُ، كُنْتُ الْتَمَسْتُ خَلَوَاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَسْمَعَ مِنْهُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حَصَيَاتٍ، فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سُمِعَ لَهُنَّ حَنِينٌ كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ أَبَا بَكْرٍ، فَسَبَّحْنَ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي الأَرْضِ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ عُمَرَ، فَسَبَّحْنَ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَضَعَهُنَّ فِي الأَرْضِ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ مِنْهُ، فَوَضَعَهُنَّ فخَرِسْنَ1. وَقَالَ سليمان بْن يسار: أخذ جَهْجاه الغفِاريّ عصا عثمان التي كان يتخصَّر بها، فكسرها على رُكْبَتِه، فوقعت في رُكبته الأكِلَة. وَقَالَ ابن عُمَر: كنّا نقول عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُو بكر، ثمّ عُمَر، ثمّ عثمان2. رواه جماعةٌ عَنِ ابن عُمَر. وَقَالَ الشَّعْبِيّ: لم يجمع القرآن أحدٌ من الخلفاء من الصحابة غير عثمان، ولقد فارق عليٌّ الدنيا وما جمعه. وَقَالَ ابن سِيرين: كان أعلمَهَم بالمناسك عثمانُ، وبعده ابن عُمَر. وَقَالَ رِبْعِيّ، عَنْ حُذَيْفة: قَالَ لي عُمَر بِمنًى من ترى النّاس يولُّون بعدي? قلت: قد نظروا إلى عثمان. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: حَجَجْتُ مع عُمَر، فكان الحادي يحدو. إنّ الأمير بعده ابن عفان. وحججت مع عثمان، فكان الحادي يحدو: أن الأمير بعده علي.   1 إسناده ضعيف: لجهالة هذا الرجل من بني سليم. 2 صحيح: وقد تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 وَقَالَ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ الأَقْرَعِ مُؤَذِّنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ دَعَا الأَسْقُفَ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَا فِي كُتُبِكُمْ؟ قَالَ: نَجِدُ صِفَتَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ، وَلا نَجِدُ أَسْمَاءَكُمْ، قَالَ: وكيف تَجِدُنِي؟ قَالَ: قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ، قَالَ: مَا قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ؟ قَالَ: أَمِيرٌ شَدِيدٌ، قَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ فَالَّذِي بَعْدِي؟ قَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ يُؤْثِرُ أَقْرِبَاءَهُ، قَالَ عُمَرُ: يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفَّانَ، قَالَ: فَالَّذِي مِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ: صَدَعٌ -وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يَقُولُ: صَدَأٌ- مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ عُمَرُ: وَادَفْرَاهُ وَادَفْرَاهُ1، قَالَ مَهْلًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَلَكِنْ تَكُونُ خِلافُتُه فِي هِرَاقَةٍ مِنَ الدِّمَاءِ. وَقَالَ حمّاد بْن زيد: لئْن قلتُ إنّ عليًّا أفضل من عثمان، لقد قلت إنّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خانوا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرو بن عثمان قَالَ: كان نَقْشُ خاتمِ عثمان "آمنت بالذي خلق فَسَوَّى". وَقَالَ ابن مسعود حين استُخْلِف عثمان: أَمَّرْنا خيرَ مَن بقي ولم نَأْلُ. وَقَالَ مُبارك بن فَضَالَةَ، عن الحسن قَالَ: رأيت عثمانَ نائمًا في المسجد، ورداؤه تحت رأسه، فيجيء الرجلُ فيجِلس إليه، ويجيء الرجلُ فيجِلس إليه، كأنّه أحدُهم، وشهِدْتُهُ يأمر في خُطْبته بقتْل الكلاب، وذبْح الحمام. وعن حكيم بن عباد قال: أوّلُ مُنْكَرٍ ظهر بالمدينة طَيَرانُ الحَمام، وَالرَّمْيُ، يعني بالبُنْدُق، فأمر عثمان رجلًا فقصَّها، وكسر الجُلاهِقات2. وصحّ من وجوهٍ، أنّ عثمان قرأ القرآنَ كلَّه في رَكْعَةٍ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدَّتِهِ، أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ. وَقَالَ أَنَس: إنّ حُذَيْفَة قدِم على عثمانَ، وكان يغزو مع أهل العراق قِبَل أرمينية، فاجتمع في ذلك الغزوِ أهلُ الشّام، وأهلُ العراق، فتنازعوا في القرآن حتّى سمع حُذَيْفَة من اختلافهم مَا يكْره، فركِب حتّى أتى عثمان فقال: يا أمير   1 الدفر: النتن. 2 الجلاهقات: النبوت. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 42" عن امرأة عثمان -رضي الله عنه- وغيرها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 المؤمنين أدرِكْ هذه الأمّةَ قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنَّصارَى في الكُتُب. ففزع لذلك عثمان، فأرسل إلى حفْصَة أمّ المؤمنين: أنْ أرسِلي إليّ بالصُّحُف التي جُمِع فيها القرآن، فأرسَلتْ إليه بها، فأمر زيدَ بن ثابت، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن الزُّبَيْر، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن ينسخوها في المصاحف، وَقَالَ: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية فاكتبوها بلسان قريش، فإنّ القرآنَ إنّما نزل بلسانهم. ففعلوا حتّى كُتِبَت المصاحف، ثمّ ردّ عثمان الصُّحف إلى حَفْصَة، وأرسل إلى كل جُنْد من أجناد المُسْلِمين بمُصْحَفٍ، وأمرهم أن يحرقوا كلّ مُصْحَفٍ يخالف المُصْحَف الَّذِي أرسل إليهم به، فذلك زمانٌ حُرِّقت فيه المَصَاحف بالنّار. وَقَالَ مُصْعَب بن سعد بن أبي وقّاص: خطب عثمانُ النّاس فَقَالَ: أيّها النّاس، عَهْدكُمْ بنبيّكم بضع عشرة، وأنتم تميزّون في القرآن، وتقولون قراءة أبي، وقراءة عبد الله، يَقُولُ الرجل: واللَّهِ مَا نُقِيم قراءتك، فأعْزِمُ على كلّ رجلٍ منكم كان معه من كتاب الله شيءٌ لما جاء به. فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن، حتّى جمع من ذلك كثيرًا، ثُمَّ دخل عثمان، فدعاهم رجلًا رجلًا، فناشدهم: أسَمِعْتَهُ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أملاه عليك? فيقول: نعم، فلمّا فرغ من ذلك قَالَ: من أكْتَبُ النّاس? قالوا: كَاتِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد بن ثابت، قَالَ: فأيّ النّاس أعْرَب؟ قالوا: سعيد بن العاص، قَالَ عثمان: فَلْيُمْلِ سعيدٌ ولْيَكْتُب زيد، فكتب مَصَاحِفَ ففرَّقها في النّاس. وَرَوَى رَجُلٌ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قال علي في المصاحف: لو لم يصنعنه عُثْمَانُ لَصَنَعْتُهُ. وَقَالَ أَبُو هلال: سمعت الحسن يَقُولُ: عمل عثمان اثنتي عشرة سنة، مَا ينكرون من إمارته شيئا. وَقَالَ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا" 1.   1 صحيح: أخرجه أبو داود "4646" في كتاب السنة، باب: في الخلفاء، والترمذي "2233" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في الخلافة، وأحمد "5/ 220، 221"، والطبراني في "الكبير" "6442"، وأبو نعيم في "الحلية" "1280"، والحاكم "4438"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 341"، وابن حبان "6657" من حديث سفينة -رضي الله عنه- وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "تَهِيجُ فِتْنَةٌ كَالصَّيَاصِي، فَهَذَا وَمَنْ مَعَهُ عَلَى الْحَقِّ". قَالَ: فَذَهَبْتُ وَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ1. وَرَوَاهُ الْأَشْعَثُ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مُرَّةَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ يُسَارُّ عُثْمَانَ، وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ وَحُصِرَ فِيهَا، قُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا تُقَاتِلُ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عهد إِلَيَّ عَهْدًا، وَإِنِّي صَابِرٌ نَفْسِي عَلَيْهِ2. أَبُو سَهْلَةَ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ الجريريّ: حدّثني أَبُو بكر العَدَوِيّ قَالَ: سألت عائشة: هل عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أحدٍ من أصحابه عند موته؟ قالت: مَعَاذَ الله إلّا أنَّه سارَّ عثمان، أخبره أنّه مقتولٌ، وأمره أن يكفَّ يده. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَمْزَةَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قُتِلَ عُثْمَانُ وَأَنَا مَعَهُ، قال أبو حمزة: فذكرته لابن عبّاس فَقَالَ: صَدَقَ يَقُولُ: قتل الله عثمان ويقتلني معه، قلت: قد كان عليّ يَقُولُ: عَهِدَ إليَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لتخضبنّ هذه من هذه3. وَقَد رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الشَّرُودِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} 4.   1 أخرجه أحمد "5/ 33، 35". 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3731" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، وابن ماجه "113" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "169"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 391"، وقال الألباني في صحيح سنن ابن ماجه "91": صحيح. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 438". 4 سورة الحجر: 47. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ مطرف بن الشَّخَّير: لَقِيتُ عليًّا فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا بطَّأ بِكَ، أَجِبْ عثمانَ، ثمّ قَالَ: لئن قلت ذاك، لَقَدْ كَانَ أوصَلَنَا لِلرَّحِمِ، وأتْقانا للرَّبّ. وَقَالَ سعيد بن عَمْرو بن نُفَيْلٍ: لو أنْقَضَّ أُحُد لِما صنعتم بابن عفان لكان حقيقًا. وَقَالَ هِشَامٌ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، وَعُمَرُ الْفَارُوقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، وَعُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ، أُوتِيَ كِفْلَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ قُتِلَ مَظْلُومًا، أَصَبْتُمُ اسْمَهُ. رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ عبد الله بن شَوْذَب: حدّثني زَهْدَم الجَرْميّ قَالَ: كنت في سَمَرٍ عند ابن عباس فَقَالَ: لأحدِّثنّكم حديثًا: إنّه لما كان من أمر هذا الرجل مَا كان، قلت لعليّ: اعتزلْ هذا الأمر، فوَالله لو كنتَ في جُحْرٍ لأتاك النّاسُ حتّى يبايعوك، فعصاني، وَايْمُ الله لَيَتأَمَّرَنّ عليه معاويةُ، ذلك بأنّ الله يَقُولُ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} 1. وَقَالَ أَبُو قِلابة الجَرْميّ: لمّا بلغ ثُمَامَة بنَ عَدِيّ قتْلُ عثمان -وكان أميرًا على صنعاء- بكى فأطال البكاء، ثمّ قَالَ: هذا حين انتُزعت خلافةُ النُّبوَّة من أُمَّة محمد، فصار مُلْكًا وجَبْرِيّة، مَن غلب على شيءٍ أكله. وَقَالَ يحيى بن سعيد الأنصاري: قَالَ أَبُو حُميد السَّاعدي -وكان بدْريًا- لما قُتِل عثمان: اللَّهُمَّ إنّ لك عليّ أنْ لَا أضحك حتّى ألقاك2. قَالَ قتادة: ولي عثمان اثنتي عشرة سنة، غير اثني عشر يومًا. وكذا قال خليفة بن خيّاط وغيره. وَقَالَ أَبُو مَعْشر السِّنْديّ: قُتِلَ لثماني عشرة خَلَتْ من ذي الحجّة، يوم الجمعة، زاد غيرُه فَقَالَ: بعد العصر، وَدُفِنَ بالبَقِيع بين العِشاءين، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. وهو الصّحيح، وقيل: عاش ستًا وثمانين سنة.   1 سورة الإسراء: 33. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 44". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 وعن عبد الله بن فَرُّوخ قَالَ: شهدْتُه وَدُفِنَ في ثيابه بدمائه، ولم يُغسل، رواه عبد الله بن أحمد في "زيادات المُسْنَد" وقيل: صلّى عليه مروان، ولم يُغَسّل. وجاء من رواية الواقديّ: أنّ نائلة خرجت وقد شقَّتْ جيبها وهي تصرخ، ومعها سراج، فَقَالَ جُبَيْر بن مُطْعم: أطْفئي السِّراج لَا يُفطن بنا، فقد رأيت الغَوْغَاء، ثمّ انتَهَوْا إلى البقيع، فصلّى عليه جُبَيْر بن مُطْعم، وخلفه أَبُو جَهْم بن حُذَيْفَة، ونيار بن مُكْرَم، وزوجتا عثمان ونائلة، وأمُّ البَنين، وهمّا دلَّتاه في حُفْرته على الرجال الذين نزلوا قبره. ولَحَدوا له وغيَّبوا قبره، وتفرَّقوا1. ويُروى أنّ جُبَيْر بن مُطْعم صلّى عليه في ستّة عشر رجلًا، والأوّل أثبت. وَرُوِيَ أنّ نائلة بنت الفرافصة كانت مليحة الثَّغْر، فكَسَرَتْ ثناياها بحجرٍ، وقالت: واللَّهِ لَا يجتليكُنّ أحدٌ بعد عثمان، فلمّا قدِمَتْ على معاوية الشّام، خَطَبَهَا، فأبَتْ. وَقَالَ فيها حسّان بن ثابت: قتلتم وَلِيَّ الله في جَوْفِ داره ... وجئتم بأمرٍ جائرٍ غير مهتدي فلا ظفرتْ أيْمانُ قومٍ تعاونوا ... على قتْل عثمانَ الرّشيدِ الْمُسَدَّدِ وَقَالَ كعب بن مالك: يا للرِّجال لأمرٍ هاجَ لي حَزَنًا ... لقد عجِبْتُ لمن يبكي على الدِّمَنِ إنّي رأيت قتيلَ الدّار مُضْطَهدًا ... عثمان يُهْدَى إلى الأجداث في كَفَنٍ وَقَالَ بعضهم: لَعَمْر أبيك فلا تكذِبَنْ ... لقد ذهب الخيرُ إلّا قليلا لقد سفِه النّاسُ في دينهم ... وخلّى ابن عفان شرًّا طويلًا   1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في الطبقات" "2/ 43". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 خلافة عثمان -رضي الله عنه: سنة أربع وعشرين: دُفِن عُمَر -رضي الله عنه- في أوّل المحرَّم، ثمّ جلسوا للشُّورَى: فروي عَنْ عبد الله بن أبي ربيعة أنّ رجلا قَالَ قبل الشُّورَى: إنْ بايعتم لعثمان أطَعْنا، وإنْ بايعتم لعليّ سمِعْنا وعَصيْنا. وَقَالَ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة: جاءني عبد الرحمن بْن عَوْف بعد هجع من الليل فَقَالَ: مَا ذاقت عيناي كثير نومٍ ثلاث ليالٍ فادْع لي عثمان وعليًّا والزُّبَيْر وسعدًا، فدَعَوُتُهم، فجعل يخلو بهم واحدًا واحدًا يأخذ عليه، فلمّا أصبح صلّى صُهَيْب بالنّاس، ثمّ جلس عبد الرحمن فحمد الله وأثني عليه، وَقَالَ في كلامه: إني رأيت النّاس يأبَوْن إلَّا عثمان. وَقَالَ حُمَيْد بْن عبد الرحمن بْن عوف: أخبرني المِسْوَر إنّ النَّفَر الذين ولَّاهم عُمَر اجتمعوا فتشاوروا فَقَالَ عبد الرحمن: لست بالّذي أُنافِسُكم هذا الأمر ولكنْ إنْ شئتم اخْتَرْتُ لكم منكم، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن، قَالَ فَوَاللَّهِ مَا رأيت رجلًا بذَّ قومًا1 أشدّ مَا بذَّهُم حين ولّوه أمْرَهُم، حتّى مَا من رجلٍ من على عبد الرحمن يُشاورونه ويُنَاجُونه تلك الّليالي، لَا يخلو به رجلٌ ذو رأيٍ فيَعْدِل بعثمان أحدًا، وذكر الحديث إلى أنْ قَالَ: فتشهّد وَقَالَ: أمّا بعد يا عليّ فإنّي قد نظرت في النّاس فلم أرهم يَعْدِلُون بعثمانَ فلا تجعلنّ على نفسك سبيلًا، ثمّ أخذ بيد عثمان فَقَالَ: نبايعك على سُنَّةِ الله وسُنَّة رسوله وسُنَّة الخليفتين بعده. فبايعه عبد الرحمن بْن عوف وبايعه المهاجرون والأنصار. وعن أَنْس قَالَ: أرسل عُمَر إلى أبي طلحة الأنصاري فَقَالَ: كنْ في خمسين مِنَ الأَنْصَار مع هؤلاء النَّفَر أصحاب الشُّورى فإنّهم فيما أحسب سيجتمعون في   1 بذ قوما: غلبهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 بيتٍ، فقُمْ على ذلك الباب بأصحابك فلا تتركْ أحدًا يدخل عليهم ولا تتركهم يمضي اليومُ الثالث حتّى يؤَمِّروا أحدَهم، اللَّهُمَّ أنت خليفتي عليهم1. وفي زيادات "مُسْنَد أحمد" من حَديث أبي وائل قَالَ: قلتُ لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليًّا! قَالَ: مَا ذنبي قد بدأت بعليّ فَقُلْتُ: أبايعك على كتاب الله وسُنَّة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر، فَقَالَ: فيما استطعت. ثمّ عرضت ذلك على عثمان فَقَالَ: نعم. وَقَالَ الواقدي: اجتمعوا على عثمان لليلة بقيت من ذي الحجّة. ويُرْوَى أنّ عبد الرحمن قَالَ لعثمان خلْوةً: إنْ لم أُبايعْك فمن تُشير عليَّ؟ فَقَالَ: عليّ، وقَالَ لعليّ خلْوَةً: إنْ لم أُبايعْك فمن تُشير عليَّ؟ قَالَ: عثمان، ثمّ دعا الزُّبَيْر فَقَالَ: إن لم أبايعك فمن تشير علي؟ قال عليّ أو عثمان، ثُمَّ دعا سعدًا فَقَالَ: من تُشير عليّ فأمّا أنا وأنت فلا نُريدها؟ فَقَالَ: عثمان، ثمّ استشار عبد الرحمن الأعيان فرأي هَوَى أكثرِهم في عثمان. ثُمَّ نودي: الصّلاة جامعة وخرج عبد الرحمن عليه عمامته التي عمَّمه بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. متقلّدًا سيفه، فصَعِد المنبر ووقف طويلًا يدعو سرًّا، ثُمَّ تكلّم فَقَالَ: أيها الناس إني سألتكم سرًَّا وجهْرًا على أمانتكم فلم أجدْكم تَعْدِلُون عَنْ أحد هذين الرجُلَيْن: إمّا عليّ وإما عثمان، قم إليّ يا عليّ، فقام فوقف بجنب المنبر فأخذ بيده وَقَالَ: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفِعْلِ أبي بكر وعمر؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا ولكنْ على جهْدي من ذلك وطاقتي، فَقَالَ: قم يا عثمان، فأخذ بيده في موقف عليّ فَقَالَ: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم، قَالَ فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يده ثمّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشهد اللَّهُمَّ إنّي قد جعلت مَا في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان. فازدحم النَّاس يُبَايِعُون حتّى غَشَوْهُ عند المنبر وأقعدوه على الدَّرَجة الثانية، وقعد عبد الرحمن مقْعَدَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ المنبر. قَالَ: وتلكّأ عليّ، فَقَالَ عبد الرحمن: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّه   1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 53" من طريق الواقدي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} 1. فرجع عليّ يشقّ النّاس حتّى بايع عثمانَ وهو يَقُولُ: خَدْعةٌ وأَيَّما خَدْعَة. ثُمَّ جلس عثمان في جانب المسجد ودعا بعبيد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، وكان محبوسًا في دار سعد، وسعد الَّذِي نزع السيف من يد عبيد الله بعد أن قتل جفنية والهُرْمُزَان وبنت أبي لؤلؤة، وجعل عُبَيْد الله يقول: والله لأقتلن رجالًا من شرك في دم أبي، يُعَرِّض بالمهاجرين والأنصار، فقام إليه سعد فنزع السيف من يده وجَبَذَه بشَعْره حتى أضجعه وحبسه، فَقَالَ عثمان لجماعة من المهاجرين، أشيروا عليَّ في هذا الَّذِي فَتَق في الإسلام مَا فَتَق، فَقَالَ علي: أرى أن تقتله، فقال عضهم: قُتِل أبوه بالأمس وَيُقْتَلُ هو اليوم، فَقَالَ عمرو بْن العاص: يا أمير المؤمنين إنّ الله قد أعفاك أن يكون هذا الحَدَث ولك على المُسْلِمين سلطان، إنّما تمّ هذا ولا سُلطان لك، قَالَ عثمان: أنا وليُّهم وقد جعلتُها دِيَةً واحْتَمَلْتُها من مالي. قلت: والهُرْمُزَان هو ملك تُسْتَر، وقد تقدّم إسلامُهُ، قتله عُبيد الله بْن عُمَر لما أُصيب عُمَر، فجاء عمَّار بْن ياسر فدخل على عمر فقال: حَدَثَ الْيَوْمَ حَدَثٌ في الإسلام، قَالَ: وما ذاك؟ قَالَ قتل عُبَيْد الله الهُرْمُزَان، قَالَ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} 2 عليَّ به، وسَجَنَه. قَالَ سعيد بْن المسيب: اجتمع أبو لؤلؤة وجفنية، رجل من الحِيرَة، والهُرْمُزَان، معهم خِنْجَرٌ له طرفان ممْلَكُهُ في وَسْطِه، فجلسوا مجلسًا فأثارهم دابّة فوقع الخِنْجَر، فأبصرهم عبد الرحمن بْن أبي بكر، فلمّا طُعِن عُمَر حكى عبد الرحمن شأن الخنجر واجتماعهم وكيفية الخنجر، فنظروا فوجدوا الأمر كذلك، فوثب عبيد الله فتل الهرمزان، وجفنية، ولؤلؤة بنت أبي لؤلؤة، فلما استُخْلِف عثمان قَالَ له عليّ: أقِدْ عُبَيْد الله من الهُرْمُزان، فَقَالَ عثمان: ماله وَلِيٌّ غيري، وإني قد عفوت ولكنْ أَدِيَهُ. ويُروى أنّ الهُرْمُزان لمّا عضَّه السيف قَالَ: لَا إله إلا الله. وأما جفنية فكان نصْرَانيًّا، وكان ظئرًا لسعد بْن أبي وقاص أقدمه للمدينة للصُّلح الَّذِي بينه وبينهم وليعلم الناس الكتابة.   1 سورة الفتح: 10. 2 سورة البقرة: 156. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 وفيها افتتح أَبُو موسى الأشعري الرّيّ، وكانت قد فُتِحت على يد حُذَيْفَة، وسُويد بْن مُقَرِّن، فانتقضوا. وفيها أصاب النّاس رُعافٌ1 كثير، فقيل لها سنة الرُّعَاف، وأصاب عثمانَ رُعَافٌ حتّى تخلّف عَنِ الحج وأوصى. وحجّ بالنّاس عبد الرحمن بن عوف. وفيها غزا الوليد بْن عُقبة أذْرَبَيْجان وأَرْمِينِية لمنع أهلها مَا كانوا صالحوا عليه، فسَبَى وغَنِم ورجع. وفيها جاشت الروم حتى استمدّ أمراء الشام من عثمان مَدَدًا فأَمَّدهم بثمانية آلافٍ من العراق، فمضوا حتى دخلوا إلى أرض الروم مع أهل الشام. وعلى أهل العراق سَلْمان بْن ربيعة الباهلي، وعلى أهل الشام حبيب بْن مسْلَمَة الفِهْريّ، فشنُّوا الغارات وسبوا وافتتحوا حُصُونًا كثيرة. وفيها وُلِد عبدُ الملك بْن مروان الخليفة. سَنَة خَمسْ وَعِشرْين: فيها عزل عثمان سعدًا عَنِ الكوفة واستعمل عليها: الوليد بْن عقبة بْن أبي مُعَيْط بْن أبي عَمْرو بْن أُميَّة الأُمَويّ، أخو عثمان لأُمّه، كنيته أَبُو وهْب. له صُحْبة ورواية. روى عنه أَبُو موسى الهَمذاني، والشعبي. قَالَ طارق بْن شِهاب: لما قدِم الوليد أميرًا أتاه سعد فَقَالَ: أكِسْتَ بعدي أو استحمقتُ بعدَك؟ قَالَ: مَا كِسْنا ولا حَمِقْتَ ولكنّ القومَ استأثروا عليك بسُلطانهم. وهذا ممّا نقموا على عثمان كوْنه عزل سعْدًا وولّى الوليد بْن عُقْبَة، فذكر حُصَيْن بْن المُنْذِر أنّ الوليد صلّى بهم الفجر أربعًا وهو سَكْران، ثمّ التفت وَقَالَ: أُزيدكم! ويقال: فيها سار الجيش من الكوفة عليهم سَلْمان بْن ربيعة إلى بَرْذَعَة، فقتل وسَبَى. وفيها انتقض أهل الإسكندرية فغزاهم عَمْرو بْن العاص أمير مصر وسباهم،   1 الرعاف: خروج الدم من الأنف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 فردّ عثمانُ السَّبْيَ إلى ذِمَّتهم، وكان ملك الروم ببعث إليها منويل الخصي في مراكب فانتفض أهلُها -غير المقوقس- فغزاهم عمرو في ربيع الأول، فافتتحها عَنْوةً غير المدينة فإنّها صُلْح. وفيها عزل عثمان عَمْرًا عَنْ مصر، واستعمل عليها عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ. والصحيح أنّ ذلك في سنة سبعٍ وعشرين. واستأذن ابُن أبي سَرْح عثمان في غزْو إفريقية فأَذِنَ له. ويقال فيها ولد يزيد بْن معاوية. وحج بالنّاس عثمان -رضي الله عنه. سَنَة سِتٍّ وَعِشرْين: فيها زاد عثمان في المسجد الحرام ووسّعه، واشترى الزّيادة من قوم، وأبى آخرون، فهدم عليهم ووضع الأثمان في بيت المال، فصاحوا بعثمان فأمر بهم إلى الحبس وَقَالَ: مَا جرَّأكم عليَّ إلَّا حِلْمي، وقد فعل هذا بكم عُمَر فلم تُصَيِّحوا عليه، ثم كلموه فيهم فأطلقهم. وأميُرها عثمان بْن أبي العاص الثّقفي، فصالحهم على ثلاثة آلاف ألف وثلاثمائة ألف. وقيل: عزل عثمان سعدًا عَنِ الكوفة لأنّه كان تحت دَيْنٍ لابن مسعود فتقاضاه واختصما، فغضب عثمان من سعد وعزله واستعمل الوليد بْن عُقْبة، وقد كان الوليد عاملًا لعمر على بعض الجزيرة وكان فيه رِفْقٌ برعيّته. سَنَة سبْعٍ وَعِشرْين: فيها غزا معاوية قبرص فركب البحر بالجيوش، وكان معه عُبادة بْن الصامت، وزوجه عبادة أم حَرَام بنت مِلْحانِ الأنصاريّة خالة أنَس، فصُرعت عَنْ بَغْلتها فماتت شهيدةً، وكان النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يغشاها ويقيل عندها وبشرها بالشهادة1، فقبرها بقبرص يقولون هذا قبر المرأة الصالحة. روت عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم.   1 وذلك فيما أخرجه البخاري "2788، 2789" في كتاب الجهاد، باب: الدعاء بالجهاد، ومسلم "1912" في كتاب الإمارة، باب: فضل الغزو في البحر، عن أنس عن أم = الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 روى عنها: أَنْس بْن مالك، وعُمَيْر بْن الأسود العنبسي، ويعلى بن شداد بن أوْس، وغيرهم. وَقَالَ داود بْن أبي هند: صالح عثمان بْن أبي العاص وأبو موسى سنة سبيع وعشرين أهل أرجان على ألفي ومائتي ألف، وصالح أهل دارابْجِرْد1 على ألف ألف وثمانين ألفًا. عزل عثمان عن مصر: وَقَالَ خليفة: فيها عزل عثمانُ عَنْ مصر عَمْرًا وولّى عليها عبدَ الله بْن سعد، فغزا إفريقية ومعه عبد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، وَعَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرِو بْن الْعَاصِ، وَعَبْدِ الله بْن الزُّبَيْر، فالتقى هو وجُرْجير بسُبَيْطِلة2 على يومين من القيروان، وكان جُرْجير في مائتي ألف مقاتل، وقيل في مائةٍ وعشرين ألفًا، وكان المسلمون في عشرين ألفًا. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا أَبِي، وَالزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبٍ قَالا: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجير فِي مُعَسْكَرِنَا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطًا لَهُ فَخَلا فِيهِ، وَرَأَيْتُ أَنَا غرَّةً مِنْ جُرجير بَصُرْتُ به خلف عساكره على برذون أشهب معه جَارِيَتَانِ تُظَلِّلانِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيسِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ جنده أرض بيضاء ليس بها   = حرام -رضي الله عنها- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يدخل عليها، الحديث وفيه قال: "ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكا على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة". فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: "ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله -كما قال في الأولى " قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. قال: "أنت من الأولين". فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت. قول "ثبج": أي ظهره ووسطه. وأما قوله "في زمن معاوية" فقال النووي في "شرح مسلم" "13/ 50": قال القاضي: قال أكثر أهل السير والأخبار أن ذلك كان في خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وعلى هذا يكون قوله "في زمان معاوية" معناه في زمان غزوه في البحر لا في أيام خلافته. قال: وقيل: بل كان ذلك في خلافته. قال: وهو أظهر في دلالة قوله "في زمانه". ا. هـ. 1 دار بجرد: ولاية بفارس. 2 سبيطلة: من مدن إفريقية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 أَحَدٌ، فَخَرَجْتُ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ فَنَدَبَ لِي النَّاسَ، فَاخْتَرْتُ مِنْهُمْ ثَلاثِينَ فَارِسًا وَقُلْتُ لِسَائِرِهِمْ: الْبثوا عَلَى مَصَافِّكُمْ، وَحملت فِي الْوَجْهِ الَّذِي رَأَيْتُ فِيهِ جُرْجير وَقُلْتُ لأَصْحَابِي: احْمُوا لِي ظَهْرِي، فَوَاللَّهِ مَا نشبتُ أنْ خَرَقْتُ الصَّفَ إِلَيْهِ فَخَرَجْتُ صَامِدًا لَهُ، وَمَا يَحْسِبُ هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُ فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَوَثَبَ عَلَى بِرْذَوْنِهِ وَوَلَّى مُدْبِرًا، فَأَدْرَكْتُهُ ثُمَّ طَعَنْتُهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ دَفَفْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ، وَنَصَبْتُ رَأْسَهُ عَلَى رُمْحٍ وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ، فَارْفَضَّ أَصْحَابُه مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَرَكِبْنَا أَكْتَافَهُمْ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: ثنا مَنْ سَمِعَ ابْنَ لَهِيعَةَ يَقُولُ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ عبد الله بن سعد إِفْرِيقِيَةَ فَافْتَتَحَهَا، فَأَصَابَ كُلَّ إِنْسَانٍ أَلْفَ دِينَارٍ. وَقَالَ غيره: سَبَوْا وغنِمُوا فبلغ سهمُ الفارس ثلاثةَ آلاف دينار وفتح الله إفريقية سَهْلَها وجَبَلَها، ثمّ اجتمعوا على الإسلام وحسُنَتْ طاعتُهُم. وقسّم ابن أبي سَرْح مَا أفاء الله عليهم وأخذ خُمْسَ الخُمْس بأمر عثمان، وبعث إليه بأربعة أخماسه، وضرب فُسْطاطًا في موضِع القَيْرَوان ووفَّدوا وفدًا، فشكوا عبد الله فيما أخذ فَقَالَ: أنا نَفَّلْتُهُ، وذلك إليكم الآن، فإنْ رضِيتُم فقد جاز، وإنْ سَخِطْتم فهو رَدّ، قالوا: إنّا نَسْخَطُه، قَالَ: فهو رَدّ، وكتب إلى عبد الله بردّ ذلك واستصلاحهم. قالوا: فاعْزلْه عنّا. فكتب إليه أن استخِلفْ إلى إفريقية رجُلًا ترْضَاه واقسم مَا نَفَّلْتُكَ فإنَّهم قد سخِطُوا، فرجع عبد الله بْن أبي سرْح إلى مصر، وقد فتح الله إفريقية، فما زال أهلُها أسْمَعَ النّاس وأطْوَعَهم إلى زمان هشام بْن عبد الملك. وروى سيف بْن عُمَر، عَنْ أشياخه، أنّ عثمان أرسل عبد الله بْن نافع بن الحُصَين، وعبد الله بْن نافع الفِهْرِيّ من فَوْرِهما ذلك إلى الأندلس، فأتياها من قِبَل البحر، وكتب عثمان إلى من انتدب إلى الأندلس: أمّا بعد فإنّ القُسْطَنْطِينية إنّما تُفْتَح من قِبَل الأندلس، وإنّكم إن افتتحتموها كنتم شُرَكاء في فتحها في الأجر، والسلام1. فعن كعب قَالَ: يعبر البحر إلى الأندلس أقوامٌ يفتحونها يُعْرَفون بنورهم يوم القيامة.   1 إسناده ضعيف جدا: للجهالة فيه، وسيف بن عمر متروك كما تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 قَالَ: فخرجوا إليها فأتَوها من بَرِّها وبحرها، ففتحها الله على المُسْلِمين، وزاد في سلطان المُسْلِمين مثل إفريقية. ولم يزل أمرُ الأندلس كأمر إفريقية، حتى أمر هشام فمنع البَرْبَرَ أرضَهم. ولما نزع عثمان عَمْرًا عَنْ مصر غضب وحقد على عثمان، فوجه عبد الرحمن بْن سعد فأمره أن يمضي إلى إفريقية، وندب النَّاس معه إلى إفريقية، فخرج إليها في عشرة آلاف، وصالح ابن سعد أهل إفريقية على ألفي ألف دينار وخمسمائة دينار. وبعث ملك الروم من قسطنطينية أنْ يؤخذ من أهل إفريقية ثلاثمائة قِنْطار ذَهَبًا، كما أخذ منهم عبد الله بْن سعد، فقالوا: مَا عندنا مالٌ نعطيه، وما كان بأيدينا فقد افتدينا به، فأمّا الملك فإنه سيّدنا فليأخُذْ مَا كان له عندنا من جائزة كما كنا نعطيه كلَّ عام، فلمّا رأى ذلك منهم الرسول أمر بحبسهم، فبعثوا إلى قومٍ من أصحابهم فقدِموا عليهم فكسروا السجن وخرجوا. وعن يزيد بْن أبي حبيب قَالَ: كتب عبد الله بْن سعد إلى عثمان يَقُولُ: إنّ عمرو بْن العاص كسر الخوارج، وكتب عَمْرو: إن عَبْد الله بن سَعْد أفسد عليَّ مكيدة الحرب. فكتب عُثْمَان إلى عَمْرو: انصرف وولي عَبْد الله الخراج والجُنْد، فقدِم عمرو مُغْضبًا، فدخل على عثمان وعليه جُبَّةٌ له يَمانيَّة مَحْشُوَّة قُطْنًا، فَقَالَ له عثمان: مَا حَشْوُ جُبَّتك؟ قَالَ: عمرو، قَالَ: قد علمتُ أنّ حَشْوَها عَمْرو، ولم أرد هذا، إنّما سألتك أقُطْنٌ هو أم غيره؟ وبعث عبد الله بْن سعد إلى عثمان مالًا من مصر وحشد فيه، فدخل عمرو، فَقَالَ عثمان: هل تعلم أنّ تلك اللّقاح درّت بعدك؟ قَالَ عمرو: إن فصالها هَلَكَتْ. وفيها حجّ عثمان بالنّاس. سَنَة ثمانٍ وَعِشْرين: قيل في أولها غزوة قبرص، وقد مرّت. فروى سَيْفٌ، عَنْ رجاله قالوا: أَلَحَّ معاوية في إمارة عُمَر عليه في غَزْو البحر وقُرْب الرُّوم من حِمْص، فَقَالَ عُمَر: إنّ قريةً من قُرَى حمص يسمع أهلها نباح كلابهم وصياحَ ديُوكهم قالوا: كتب عُمَر إلى معاوية: إنّا سمعنا أنّ بحر الشام يشرف على أطول شيء على الأرض، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 يستأذن الله في كل يوم وليلة في أن يقبض على الأرض فيغرقها، فكيف أحمل الجنود في هذا البحر الكافر المستعصب، وتالله لمسلم أحبّ إليَّ من كلّ مَا في البحر، فلم يزل بعمر حتّى كاد أن يأخذ بقلبه. فكتب عُمَر إلى عمرو بْن العاص أن صِفْ لي البحر وراكبَه، فكتب إليه: إنّي رأيت خلْقًا كبيرًا يركبه خلْقٌ صغير، إنْ رَكَد حرّق القلوب، وإنْ تحرّك أزاغ العُقُولَ، يزداد فيه اليقين قلَّة، وَالشَّكُّ كثْرَة، وهم فيه كدُودٍ على عُود، إنْ مال غرِق، وإن نجا بَرِق. فلمّا قرأ عُمَر الكتابَ كتب إلى معاوية: والله لَا أحمل فيه مسلمًا أبدًا. وَقَالَ أَبُو جعفر الطبريّ: غزا معاوية قبرص فصالح أهلَها على الجِزْية. وَقَالَ الواقِديّ: في هذه السنة غزا حبيب بْن مسْلَمَة سورية من أرض الروم. وفيها تزوّج عثمان نائلةَ بنت الفرافصة فأسلمت قبل أن يدخل بها. وفيها غزا الوليد بْن عُقْبَة أَذْرَبَيْجَان فصالحهم مثل صُلح حُذَيفة. وقلَّ من مات وضُبط موتُهُ في هذه السنّوات كما ترى. سَنَة تسْعٍ وَعِشرْين: فيها عزل عثمان أبا موسى عَنِ البصْرة بعبد الله بْن عامر بْن كُرَيز، وأضاف إليه فارس. وفيها افتتح عبد الله بْن عامر إصْطَخْر عَنْوةً فقتل وسبَى، وكان على مقدِّمة عُبَيْد الله بْن مَعْمَر، وكان من كبار الأمراء، افتتح سابور عَنْوةً وقلعة شيراز، وقُتِلَ وهو شاب، فأقسم ابن عامر لئن ظفر بالبلد ليقتلنّ حتّى يسيل الدَّمُ من باب المدينة، وكان بها يَزْدَجِرْد بْن شَهْرَيَار بْن كِسْرى فخرج منها في مائة ألفِ وسار فنزل مَرْوَ، وخلف على إصْطَخْر أميرًا من أمرائه في جيشٍ يحفظونها. فنقَّب المسلمون المدينة فما دَرَوْا إلَّا والمسلمون معهم في المدينة، فأسرف ابن عامر في قتْلهم وجعل الدَّم لَا يجري من الباب، فقيل له: أفْنَيْتَ الخَلْق، فأمر بالماء فصبَّ على الدَّم حتّى خرج من الباب، ورجع إلى حُلْوان فافتتحها ثانيًا فأكثر فيه القتْلَ لكونهم نقضوا الصلح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 وفيها انتفضت أَذْرَبَيْجَان فغزاهم سعيد بْن العاص فافتتحها. وفيها غزا ابن عامر وعلى مقدّمته عبد الله بْن بُدَيْل الخُزاعيّ فأتى أصبهان، ويقال افتتح أصبهان سارية بْن زُنَيْم عَنْوةً وصُلْحًا. وَقَالَ أَبُو عبيدة: لما قدِمَ ابن عامر البصرة قدِم عُبَيْد الله بْن مَعْمَر إلى فارس، فأتى أرَّجان فأغلقوا في وجهه، وكان عَنْ يمين البلد وشماله الجبال والأسياف. وكانت الجبال لا تسلكها الخيل ولا تحمل الأسياف -يعني السواحل- الجيش، فصالحهم أن يفتحوا له باب المدينة فيمرّ فيها مارًّا ففعلوا، ومضى حتّى انتهى إلى النّوبَنْدِجَان فافتتحها، ثُمَّ نقضوا الصُّلح، ثُمَّ سار فافتتح قلعة شِيراز، ثُمَّ سار إلى جور فصالحهم وخلّف فيهم رجلًا من تميم، ثُمَّ انصرف إلى إصْطَخْر فحاصرها مدة، فبينما هم في الحصار إذ قتل أهل جور عاملهم، فسار ابن عامر إلى جور فناهضهم فافتتحها عَنْوةً فقتل منها أربعين ألفًا يُعَدُّون بالقَصَب، ثمّ خلّف عليهم مروان بْن الحَكَم أو غيره، وردّ إلى إصْطَخْر وقد قتلوا عُبَيْد الله بْن مَعْمَر فافتتحها عَنْوةً. ثمّ مضى إلى فَسَا فافتتحها. وافتتح رساتيق من كَرْمان. ثمّ إنّه توجه نحو خُراسان على المفازة فأصابهم الرَّمق فأهلك خلقًا. وَقَالَ ابن جرير: كتب ابن عامر إلى عثمان بفتح فارس، فكتب عمان يأمره أن يوليّ هَرِمَ بْن حسّان اليَشْكُريّ، وهرِمَ بْن حيَّان العَبْدِيّ، وَالْخِرِّيتَ بْن راشد على كُوَر فارس. وفرّق خُراسان بين ستّة نفر: الأحنف بن قيس على المَرْوَيْن، وحبيب بْن قُرَّةَ اليَرْبُوعيّ على بَلْخ، وخالد بْن زُهَير على هَرَاة، وأُمَيْن بْن أحمد اليَشْكريّ على طُوس، وقيس بْن هُبَيْرة السلمي على نَيْسابور. وفيها زاد عثمان فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فوسَّعه وبناه بالحجارة المنقوشة وجعل عُمُده من حجارة وسقفه بالسّاج، وجعل طوله ستين ومائة ذراع، وعرضه خمسين ومائة ذراع، وجعل أبوابه كما كانت زمن عُمَر ستّة أبواب. وحجّ عثمان بالنّاس وضُرِبَ له بِمنَى فُسْطاط، وأتمّ الصّلاة بها وبعرَفة، فعابوا عليه ذلك، فجاءه عليّ فَقَالَ: والله مَا حدث أمرٌ ولا قَدُم عهدٌ، ولقد عهدت نبيِّك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي ركعَتَيْن، ثُمَّ أبا بكر، ثمّ عُمَر ثُمَّ أنت صدرًا من ولايتك، فَقَالَ: رأي رأيته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 وكلّمه عبد الرحمن بْن عوف فَقَالَ: إنّي أُخْبِرْتُ عَنْ جُفاة النّاس قد قالوا: إنّ الصلاة للمُقيم رَكْعتان وقالوا: هذا عثمان يصلّي رَكْعَتين فصليت أربعًا لهذا، وإنّي قد اتّخذت بمكّة زَوْجَة، فَقَالَ عبد الرحمن: ليس هذا بعُذْر، قَالَ: هذا رأيٌ رأيته. سَنَة ثَلَاثيْن: فيها عُزِل الوليد بْن عُقْبة عَنِ الكوفة بسعيد بْن العاص، فغزا سعيد طَبَرِسْتان، فحاصرهم، فسألوه الأمان، على أن لا يقتل منهم رجلًا واحدًا، فقتلهم كلَّهم إلَّا رجلًا واحدًا، يعني نفسه بذلك. وفيها فُتِحَتْ جور من أرض فارس على يد ابن عامر فغنم شيئًا كثيرًا. وافتتح ابن عامر في هذا القُرب بلادًا كثيرة من أرض خُراسان. قَالَ داود بْن أبي هند: لمّا افتتح ابن عامر أرضَ فارس سنة ثلاثين هرب يزّدَجِرْد بْن كِسْرى فاتبعه ابن عامر، ومُجاشع بْن مسعود السُّلمي، ووجَّه ابنُ عامر، فيما ذكر خليفة زيادَ بْن الربيع الحارثيّ إلى سَجَسْتَان فافتتح زالق وشرواذ وناشروذ، ثمّ صالح أهل مدينة زَرَنْج على ألف وصِيف مع كلّ وصِيف جام من ذَهَب. ثمّ توجه ابن عامر إلى خراسان وعلى مقدمته الأحنف بْن قيْس، فلقي أهلَ هَرَاة فهزمهم. ثُمَّ افتتح ابن عامر أبْرَشَهْر -وهي نَيْسابور- صُلْحًا ويقال عَنْوةً. وكان بها فيما ذكر غيرُ خليفة بنتا كسرى بْن هُرْمز. وبعث جيشًا فتحوا طوس وأعمالها صُلْحًا. ثُمَّ صالح من جاءه من أهل سَرَخْس على مائةٍ وخمسين ألفًا. وبعث الأسود بْن كلثوم العَدَويّ إلى بَيْهَق. وبعث أهل مَرْو يطلبون الصُّلح، فصالحهم ابن عامر على ألفيْ ألف ومائتي ألف. وسار الأحنف بْن قيس في أربعة آلاف، فجمع له أهل طَخَارِستان وأهل الجَوْزَجان والفارياب، وعليهم طوقانشاه، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثُمَّ هزم الله المشركين، وكان النصر. ثُمَّ سار الأحنف على بَلْخٍ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ. ثُمَّ أَتَى خُوارزْم فلم يُطِقْها ورجع. وفتحت هَرَاة ثمّ نكسوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 وَقَالَ ابن إسحاق: بعث ابن عامر جيشًا إلى مرو فصالحوا وفُتِحَت صُلحًا. ثُمَّ خرج ابن عامر من نيسابور معتمرًا وقد أحرم منها، واستخلف على خُراسان الأحنف بْن قيس، فلمّا قضى عُمْرَته أتى عثمان -رضي الله عنه- واجتمع به، ثمّ إنّ أهل خُراسان نقضوا وجمعوا جمْعًا كثيرًا وعسكروا بمرو، فنهض لقتالهم الأحنف وقتلهم فهزمهم، وكانت وقعة مشهورة. ثُمَّ قدم ابن عامر من المدينة إلى البصرة، فلم يزل عليها إلى أن قُتِلَ عثمان وكذا معاوية على الشام. ولما فتح ابن عمر هذه البلاد الواسعة كثُرَ الخراجُ على عثمان وأتاه المال من كلّ وجه اتّخذ له الخزائن وأدَرّ الأرزاق، وكان يأمر للرجل بمائة ألف بدرة في كل بدرة أربعة آلاف وافية. ثُمَّ دخلت سَنَة إحدى وَثلاثِين: قَالَ أَبُو عبيد الله الحاكم: أجمع مشايخنا على أنّ نيْسابُور فُتِحَتْ صُلْحًا، وكان فتْحُها في سنة إحدى وثلاثين. ثمّ روى بإسناده إلى مُصْعَب بْن أبي الزَّهْراء أنّ كنارى صاحب نيْسَابور كتب إلى سعيد بْن العاص والي الكوفة، وإلى عبد الله بْن عامر والي البصرة، يدعوهما إلى خُراسان ويُخْبرهما أنّ مَرْو قد قتل أهلَهَا يَزْدَجِرْد. فندب سعيد بْن العاص الحَسَن بْن عليّ وعبد الله بْن الزُّبَيْر لها، فأتى ابن عامر دهقان فَقَالَ: مَا تجعل لي إنْ سبقتُ بك؟ قَالَ: لك خراجُك وخراج أهل بيتك إلى يوم القيامة، فأخذ به على قُومِس، وأسرع إلى أنْ نزل على نيْسابور، فقاتل أهلها سبعة أشهرٍ ثمّ فتحها، فاستعمله عثمان عليها أيضًا، وكان ابنَ خالةِ عثمان. ويقال: تفل النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في فيه وهو صغير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 وفيها قَالَ خليفة: أحرم عبد الله بْن عامر من نَيْسابور، واستخلف قيس بْن الهيثم وغيره على خُرَاسان، وقيل إنّ ذلك كان في السنّة الماضية. وفيها غزوة الأساود، فغزا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ من مصر في البحر، وسار فيه إلى ناحية مصيصة. سنة اثنتين وثلاثين: فيها كانت وقعة المضيق بالقرب من قسطنطينية، وأميرها معاوية. سنة ثلاث وثلاثين: فيها كانت غزوة قبرص. قَالَ ابن إسحاق وغيرُه. وغزوة إفريقية، وأمير النّاس عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، قاله اللَّيْث. وفيها قَالَ خليفة: جمع قارن جمعًا عظيمًا بباذَغِيس وهُرَاة، وأقبل في أربعين ألفًا فتررك قيس بن الهيثم لابلاد وهرب، فقام بأمر المُسْلِمين عبدُ الله بْن خازم السُّلَميّ، وجمع أربعة آلاف مقاتل، والتقى هو وقارن، ونصره الله وقُتِل وسَبَى، وكتب إلى ابن عامر بالفتح، فاستعمله ابن عامر على خراسان، ثمّ وجَّه ابن عامر عبد الرحمن بْن سَمُرَة على سجستان، فصالحه صاحب زرن وبقي بها حتّى حُوصِر عثمان. قَالَ خليفة: وفيها غزا معاوية مَلَطْية وحصن المَرَة من أرض الرُّوم. قَالَ: وفيها غزا عبدُ الله بْن أبي سَرْح الحَبَشَة، فأصيبت فيها عينُ معاوية بن حديج. سَنَة أربَعٍ وَثلَاثِين: فيها وثب أهل الكوفة على أميرهم سعيد بْن العاص فأخرجوه، ورضوا بأبي موسى الأشعريّ، وكتبوا فيه إلى عثمان فولّاه عليهم، ثمّ إنّه بعد قليل ردّ إليهم الإمْرة سعيد بْن العاص فخرجوا ومنعوه. وفيها كانت غزوة ذات الصَّواري في البحر من ناحية الإسكندرية، وأميرها ابن أبي سرح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 سَنَة خَمسْ وَثَلَاثيْن: فيها غزوة ذي خُشُب وأمير المُسْلِمين عليها معاوية. وفيها حجّ بالنّاس وأقام الموسمَ عبدُ الله بْن عباس. وفيها مَقْتَلُ عثمان -رضي الله عنه: خرج المصرّيون وغيرهم على عثمان وصاروا إليه ليخلعوه من الخلافة. قَالَ إسماعيل بْن أبي خالد: لمّا نزل أهل مصر الجُحْفَة، وَأَتَوْا يعاتبون عثمانَ صعِد عثمانُ المِنْبَر فَقَالَ: جزاكم اللَّهُ يا أصحاب محمد عنّي شرًّا: أَذَعْتُمُ السَّيِّئةَ وكتمتم الْحَسَنَةَ، وأغريتم بي سُفَهاءَ النّاس، أيُّكُم يذهب إلى هؤلاء القوم فيسألهم مَا نقموا وما يريدون؟ قَالَ ذلك ثلاثًا ولا يُجيبه أحد. فقام عليٌّ فَقَالَ: أنا، فَقَالَ عثمان: أنت أقربهم رَحِمًا، فأتاهم فرحّبوا به، فَقَالَ: مَا الَّذِي نَقَمْتُم عليه؟ قالوا: نَقَمْنا أنّه محا كتاب الله -يعني كونه جمع الأمَّة على مُصْحَفٍ- وحمى الْحِمَى، واستعمل أقرباءه، وأعطى مروان مائة ألف، وتناول أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فردّ عليهم عثمان: أمّا القرآن فمن عند الله، إنّما نهيتُكم عَنِ الاختلاف فاقرءوا عليَّ أيَّ حرفٍ شئتم، وأمّا الْحِمَى فَوَاللَّهِ مَا حميته لإبلي ولا لغنمي، وإنما حميْتُه لإِبل الصَّدَقَةِ. وأمّا قولُكم: إنّي أعطيت مروان مائة ألفٍ. فهذا بيتُ مالِهِم فلْيستعملوا عليه من أحبَّوا، وأمّا قولُكم: تناول أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فإنّما أنا بشر أغضب وأرضى، فمن ادَّعَى قبَلي حقًّا أو مَظْلِمَةً فهأنذا، فإنْ شاء قَوَدًا وإنْ شاء عَفْوًا. فرضي النّاس واصطلحوا ودخلوا المدينة. وَقَالَ محمد بْن سعد: قالوا رحل من الكوفة إلى المدينة: الأشتر النَّخَعِيّ - واسمه مالك بْن الحارث، ويزيد بْن مكفّف، وثابت بْن قيس، وَكُمَيْلُ بْن زياد، وزيد، وصعصعة ابنا صُوحان، والحارث الأعور، وجُنْدُب بْن زُهَير، وأصفر بْن قيس، يسألون عثمان عزل سعيد بن العاص عنهم. فرحل سعد أيضًا إلى عثمان فوافقهم عنده، فأبى عثمان أن يعزله، فخرج الأشتر من ليلته في نفرٍ، فسار عشرًا إلى الكوفة واستولى عليها وصعد المنبر عليها فَقَالَ: هذا سعيد بْن العاص قد أتاكم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 يزعم أنّ السَّواد بستان لأغَيلِمَةٍ من قريشٍ، والسواد مساقط رءوسكم ومراكز رماحكم، فمن كان يرى الله حقًّا فلْينهض إلى الجَرَعة1، فخرج النّاس فعسكروا بالجَرَعَة، فأقبل سعيد حتى نزل العّذَيب، فجهّز الأشتر إليه ألفَ فارسٍ مع يزيد بْن قيس الأرحبيّ، وعبد الله بْن كِنَانَة العبْدِيّ، فَقَالَ: سيروا وأزعِجاه وألْحِقاه بصاحبه، فإنْ أَبَى فاضْرِبا عُنُقَه، فَاتَيَاهُ، فلمّا رأى منهما الجدّ رجع. وصعد الأشترُ منبرَ الكوفة وَقَالَ: يا أهل الكوفة مَا غضبت إلّا لله ولكم، وقد ولَّيت أبا موسى الأشعريّ صلاتَكم، وحُذَيْفَة بْن اليَمَان فَيْئَكُم، ثمّ نزل وَقَالَ: يا أبا موسى اصعَدْ، فَقَالَ: مَا كنت لأفعل، ولكنْ هَلُمُّوا فبايعوا لأمير المؤمنين وجدّدوا البيعة في رِقابكم، فأجابه النّاس. وكتب إلى عثمان بما صنع، فأعجب عثمان، فَقَالَ عُتْبَة بْن الوعل شاعر الكوفة: تصدق علينا يابن عفّان واحتسِبْ ... وَأْمُرْ علينا الأشْعَريَّ لَيالِيا فَقَالَ عثمان: نعم وشهورًا وسنين إنْ عِشْتُ، وكان الَّذِي صنع أهل الكوفة بسعيد أول وَهْنٍ دخل على عثمان حين اجترئ عليه. وعن الزُّهْرِيّ قَالَ: وُلِّيَ عثمان، فعمل ستّ سِنين لَا ينقم عليه النّاس شيئًا، وإنّه لأحبّ إليهم من عُمَر؛ لأنّ عُمَر كان شديدًا عليهم، فلمّا ولِيهَم عثمان لان لهم ووَصَلَهم، ثمّ إنّه توانى في أمرهم، واستعمل أقرباءه وأهل بيته في السّتَ الأواخر، وكتب لمروان بخُمْس مصر أو بخُمْس إفريقية، وآثر أقرباءه بالمال، وتأوّل في ذلك الصِّلة التي أمر الله بها. واتّخذ الأموال، واستسلف من بيت المال، وقال: إن أبا بكر وعمر تركا من ذلك مَا هو لهما، وإنّي أخذته فقسَّمته في أقربائي، فأنكر النّاس عليه ذلك. قلت: وممّا نقموا عليه أنّه عزل عُمَيْر بْن سعد عَنْ حمص، وكان صالحًا زاهدًا، وجمع الشام لمعاوية، ونزع عَمْرو بْن العاص عَنْ مصر، وأمَّر ابن أبي سَرْحٍ عليها، ونزع أبا موسى الأشعريّ عَنِ البصرة، وأمرّ عليها عبد الله بْن عامر، ونزع المُغِيرَة بْن شُعْبة عَنِ الكوفة وأمّر عليها سعيد بن العاص.   1 الجرعة: موضع قرب الكوفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 وقال القاسم بن الفضل: حدثنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ نَاسًا مِنَ الصَّحَابَةِ فيهم عمار فقال: إني سألتكم وَأُحِبُّ أَنْ تَصْدُقُونِي: نَشَدْتُكُمُ اللَّهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يؤثر قريشًا على سائر الناس، ويؤصر بَنِي هَاشِمٍ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ بِيَدِي مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ لأَعْطَيْتُهَا بَنِي أُمَيَّةَ حَتّى يَدْخُلُوهَا. وعن أبي وائل أنّ عبد الرحمن بْن عَوْف كان بينه وبين عثمان كلّام فأرسل إليه: لِمَ فَرَرْتَ يوم أُحُد وتخلَّفْت عَنْ بدْر وخالفت سنة عمر؟ فأرسل إليه: تخلفت عن بدر لأنّ بنتَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شغلتني بمرضها، وأمّا يوم أُحُد فقد عفا الله عنّي، وأمّا سُنَّةُ عُمَر فَوَاللَّهِ مَا استطعتها أنا ولا أنت. وقد كان بين عليّ وعثمان شيءٌ فمشى بينهما العباس فَقَالَ عليّ: واللَّهِ لو أمرني أن أخرج من داري لفعلت، فأمّا أُدَاهِن أنْ لَا يُقام بكتاب الله فلم أكن لأفعل. وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقْعَسِيِّ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ ابْنُ السَّوْدَاءِ إِلَى مِصْرَ نَزَلَ على كنانة بن بشر مرة، وعلى كنانة بن حمران مرة، وانقطع إلى الغافقي فشجه الْغَافِقِيِّ فَكَلَّمَهُ، وَأَطَافَ بِهِ خَالِدُ بْنُ مُلْجِمٍ، يُجِيبُونَ إِلَى الْوَصِيَّةِ، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِنَابِ الْعَرَبِ وَحِجْرِهِمْ، وَلَسْنَا مِنْ رِجَالِهِ، فَأَرُوهُ أَنَّكُمْ تَزْرَعُونَ، وَلا تَزْرَعُوا الْعَامَ شَيْئًا حَتَّى تَنْكَسِرَ مِصْرُ، فَتَشْكُوهُ إِلَى عُثْمَانَ فَيَعْزِلُهُ عَنْكُمْ، وَنَسْأَلُ مَنْ هو أضعف منه ونخلوا بما نريد، ونذر الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَكَانَ أَسْرَعَهُمْ إِلَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَهُوَ ابْنُ خَالِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عثمان، فكبر، وَسَأَلَ عُثْمَانَ الْهِجْرَةَ إِلَى بَعْضِ الأَمْصَارِ، فَخَرَجَ إِلَى مِصْرَ، وَكَانَ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ الْعَمَلَ فَقَالَ: لَسْتَ هُنَاكَ. قَالَ: فَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ ابْنُ السَّوْدَاءِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ خَرَجُوا وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُم، وَشَكَوْا عَمْرًا وَاسْتَعْفَوْا مِنْهُ، وَكُلَّمَا نَهْنَهَ عُثْمَانُ عَنْ عَمْرٍو قَوْمًا وَسَكَّتَهُمُ انْبَعَثَ آخَرُونَ بِشَيْءٍ آخَرَ، وَكُلُّهُمْ يَطْلُبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَقَالَ لَهُمْ عُثْمَانُ: أَمَّا عَمْرٌو فَسَنَنْزِعُهُ عَنْكُمْ وَنُقِرُّهُ عَلَى الْحَرْبِ، ثُمَّ وُلِّيَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ خَرَاجَهُمْ، وَتَرَكَ عَمْرًا عَلَى الصَّلاةِ فَمَشَى فِي ذَلِكَ سودَانُ، وَكِنَانَةُ بن بشر، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 وخارجة، فيما بين عبد الله بن سعد، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَغْرَوْا بَيْنَهُمَا حَتَّى تَكَاتَبَا عَلَى قَدْرِ مَا أَبْلَغُوا كُلَّ وَاحِدٍ. وَكَتَبَا إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ: إِنَّ خَرَاجِي لا يَسْتَقِيمُ مَا دَامَ عَمْرٌو عَلَى الصَّلاةِ. وَخَرَجُوا فَصَدَّقُوهُ وَاسْتَعْفَوْا مِنْ عَمْرٍو، وَسَأَلُوا ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى عَمْرٍو: أَنَّهُ لا خَيْرَ لَكَ فِي صُحْبَةِ مَنْ يَكْرَهُكَ فَأَقْبَلَ. ثُمَّ جَمَعَ مِصْرَ لابْنِ أَبِي سَرْحٍ. وقد رُوِيَ أنّه كان بين عمّار بْن ياسر، وبين عبّاس بْن عُتْبَة بْن أبي لهب كلام، فضربهما عثمان. وَقَالَ سَيْفٌ، عَنْ مُبَشِّرٍ، وَسَهْلِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَدِمَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مِنْ مِصْرَ وَأَبِي شَاكٍ، فَبَلَغَهُ، فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ أَدْعُوهُ، فَقَامَ مَعِي وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ وَسِخَةٌ وَجُبَّةُ فِرَاءَ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ إِنْ كُنْتَ فِينَا لَمِنْ أهل الخير، فما الذي بَلَغَنِي عَنْكَ مِنْ سَعْيِكَ فِي فَسَادٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّأْلِيبِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَعَكَ عَقْلُكَ أم لا؟ فأهوى عمار على عِمَامَتِهِ وَغَضِبَ فَنَزَعَهَا وَقَالَ: خَلَعْتُ عُثْمَانَ كَمَا خلعت عمامتي هذه، فقال: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} 1 وَيْحَكَ حِينَ كَبِرَتْ سِنُّكَ وَرَقَّ عَظْمُكَ وَنَفِدَ عُمْرُكَ خَلَعْتَ رِبْقَةَ2 الإِسْلامِ مِنْ عُنُقِكَ وَخَرَجْتَ من الدين عريانًا، فَقَامَ عَمَّارٌ مُغْضَبًا مُوَلِيًّا وَهُوَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِرَبِّي مِنْ فِتْنَةِ سَعْدٍ، فَقَالَ سَعْدٌ: أَلا في الفتنة سقطوا، اللهم زد عُثْمَانَ بِعَفْوِهِ وَحِلْمِهِ عِنْدَكَ دَرَجَاتٍ، حَتَّى خَرَجَ عَمَّارٌ مِنَ الْبَابِ، فَأَقْبَلَ عَلَى سَعْدٍ يَبْكِي حَتَّى اخْضَلَّ لِحْيَتَهُ وَقَالَ: مَنْ يَأْمَنِ الْفِتْنَةَ يَا بُنَّيَّ لا يَخْرُجَنَّ مِنْكَ مَا سَمِعْتَ منه، فإنه مِنَ الأَمَانَةِ، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ النَّاسُ عَلَيْهِ يَتَنَاوَلُونَهُ، وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَقُّ مَعَ عَمَّارٍ مَا لَمْ تَغَلَّبْ عَلَيْهِ دَلْهَةُ الْكِبَرِ"3، فَقَدْ دَلِهَ4 وَخَرِفَ. وممّن قام على عثمان محمد بْن أبي بكر الصِّدِّيق، فسئل سالم بْن عبد الله فيما قيل عَنْ سبب خروج محمد، قَالَ: الغضب والطَّمَع، وكان من الإسلام بمكان، وغرَّه أقوامٌ فطمِع، وكانت له دالَّة، ولزمه حق، فأخذه عثمان من ظهره.   1 سورة البقرة: 156. 2 الربقة: حبل ذو عرى. 3 إسناده ضعيف جدا: سيف متروك. 4 الدله: الحيرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 وحجّ معاوية، فقيل إنّه لمّا رأى لِينَ عثمان واضطرب أمرِه قَالَ: انطلِقْ معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لَا قِبَل لك به، فإنّ أهل الشام على الطّاعة، فَقَالَ: إنا لَا أبيع جوارَ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشيءٍ وإنْ كان فيه قطْعُ خَيْطِ عُنُقي، قَالَ: فأبعثُ إليك جُنْدًا، قَالَ: أنا أقُتِّر على جيران رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأرزاقَ بجُنْدٍ تُساكِنُهُم! قَالَ: يا أمير المؤمنين واللَّهِ لَتُغْتَالَنَّ ولَتُغْزَيَنَّ، قَالَ: "حَسْبيَ اللَّهُ ونِعْم الوكيل". وقد كان أهل مصر بايعوا أشياعهم من أهل الكوفة والبصرة وجميع من أجابهم، واتعدوا يومًا على شخص أمراؤهم، فلم يستقم لهم ذلك، لكنّ أهل الكوفة ثار فيهم يزيد بْن قيس الأرحبيّ واجتمع عليه ناس، وعلى الحرب يَوْمَئِذٍ القعقاع بن عمرو، فأتاه وأحاط الناس بهم فناشدوهم، وقال يزيد للقعقاع: ما سبيلك علي وعلى هؤلاء، فَوَاللِه إنّي لَسَامعٌ مُطيعٌ، وإنّي لازمٌ لجماعتي إلّا أني أستعفي من إمارة سعيد، ولم يُظهروا سوى ذلك، واستقبلوا سعيدًا فردّوه من الجَرعَة، واجتمع النّاس على أبي موسى فأقرّه عثمان. ولمّا رجع الأمراء لم يكن للسّبائّية سبيل إلى الخروج من الأمصار، فكاتبوا أشياعهم أن يتوافوا بالمدينة لينظروا فيما يريدون، وأظهروا أنّهم يأمرون بالمعروف، وأنّهم يسألون عثمان عَنْ أشياء لتطِيرَ في النَّاس ولتُحَقَّقَ عليه، فَتَوافوا بالمدينة، فأرسل عثمان رجلين من بني مخزوم ومن بني زهرة فقال: انظرا مَا يريدون، وكانا ممّن ناله من عثمان أدبٌ، فاصطبرا للحقّ ولم يَضْطَغِنا، فلمّا رأوهما أتوهما وأخبروهما، فَقَالَا: من معكم على هذا من أهل المدينة؟ قالوا: ثلاثة، قالا: فكيف تصنعون؟ قالوا: نريد أن نذكر له أشياء قد زرعناها في قلوب النَّاس، ثمّ نرجع إليهم ونزعم لهم أنّا قرّرناه بها، فلم يخرج منها ولم يتُبْ، ثمّ نخرج كأنّنا حُجَّاج حتّى نقدِمَ فنحيط به فنخلَعَهُ، فإنْ أبى قتلناه. فرجعا إلى عثمان بالخبر، فضحك وَقَالَ: اللَّهُمَّ سلِّم هؤلاء فإنَّك إنْ لم تسلّمهم شَقُّوا. فامّا عمّار فحمل عليّ عباس بْن أبي لهب وعَرَكه، وأمّا محمد بْن أبي بكر فإنّه أُعْجِب حتّى رأى أنّ الحقوق لَا تلزمه، وأما ابن سارة فإنّه يتعرض للبلاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 وأرسل إلى المصرين والكوفيّين، ونادى: الصّلاة جامِعَة -وهم عنده في أصل المنبر- فأقبل أصحابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحمد الله وأثنى عليه، وأخبرهم بالأمر، وقام الرجلان، فَقَالَ النّاس: اقتل هؤلاء فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "من دعا إلى نفسه أو إلى أحدٍ، وعلى النَّاس إمامٌ فعليه لعنةُ الله فاقتلوه"1. وَقَالَ عثمان: بل نعفو ونقبل، ونبصِّرُهم بجهدنا، إنّ هؤلاء قالوا: أتمّ الصلاة في السّفر، وكانت لَا تُتَمّ، ألا وإني قدمت بلدًا فيه أهلي فأتتمت لهذا. قالوا: وحميت الحِمَى، وإنّي واللَّهِ مَا حميت إلا حُمِيَ قبلي، وإني قد وُلِّيتُ وإنّي لَأكْثَرُ العرب بعيرًا وشاءً، فما لي اليوم غيرُ بعيرَيْن لحَجَّتي، أكذلك؟ قالوا: نعم. قَالَ: وقالوا: كان القرآن كُتُبًا فتركها إلّا واحدًا، ألا وإنّ القرآنَ واحدٌ جاء من عند واحدٍ، وإنّما أنا في ذلك تابعٌ هؤلاء، أكذلك؟ قالوا: نعم. وقالوا: إنّي رددت الحَكَمَ وقد سيّره رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الطّائف ثمّ ردّه، فرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سيّره وهو ردَّه، أفَكَذاك؟ قالوا: نعم. وقالوا: استعملت الأحداثَ. ولم أستعمِل إلّا مُجْتَمَعًا مَرْضِيًّا، وهؤلاء أهل عملي فسلوهم، وقد ولّي من قبلي أحدثَ منه، وقيل في ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أشد ممّا قيل لي في استعماله أُسامة، أكذلك؟ قالوا: نعم. وقالوا: إنّي أعطيت ابنَ أبي سَرْح مَا أفاء اللَّهُ عليه، وإنّي إنّما نَفَلْتُهُ خُمْس الخُمْسِ، فكان مائة ألف، وقد نَفَل مثل ذلك أَبُو بكر وعمر، وزعم الجُنْد أنّهم يكرهون ذلك فردَدْتُهُ عليهم، وليس ذلك لهم، أكذلك؟ قالوا: نعم. وقالوا: إنّي أحبّ أهلي وأعْطيهم، فأما حبهم فلم يوجب جورًا، وأمّا إعطاؤهم، فإنّما أُعطيهم من مالي. ولا أستحلُّ أموالَ المُسْلِمين لنفسي ولا لأحدٍ. وكان قد قسم ماله وأرضه في بني أُميَّة، وجعل ولده كبعض من يُعطى.   1 أخرج مسلم معناه "1852/ 60" في كتاب الإمارة، باب: حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، عن عرفجة قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 قَالَ: ورجع أولئك إلى بلادهم وعفا عنهم، قَالَ: فتكاتبوا وتواعدوا إلى شوَّال، فلمّا كان شوَّال خرجوا كالحُجَّاج حتّى نزلوا بقرب المدينة، فخرج أهل مصر في أربعمائة، وأمراؤهم عبد الرحمن بْن عُدَيْس البَلَوِيّ، وكِنَانة بْن بِشْر اللَّيْثي، وسُودان بْن حُمْران السَّكُونيّ، وقُتَيْرة السَّكُونيّ، ومقدّمهم الغافقيّ بْن حرب الْعَكْي، ومعهم ابن السَّوْداء. وخرج أهل الكوفة في نحو عدد أهل مصر، فيهم زيد بْن صوجان العَبْدِيّ، والأشتر النَّخَعِيّ، وزياد بْن النَّضْر الحارثي، وعبد الله بْن الأصَمّ، ومقدّمهم عمرو بْن الأصم. وخرج أهل البصرة وفيهم حُكَيْم بْن جَبَلَة، وذريح بْن عبّاد العبديّان، وبِشْر بْن شُرَيْح القَيْسي، وابن مُحَرِّش الحنفيّ، وعليهم حُرْقُوص بْن زُهَير السَّعْدِيّ. فأمّا أهل مصر فكانوا يشتهون عليًّا، وأمّا أهل البصرة فكانوا يشتهون الزُّبَيْر، وأما أهل الكوفة فكانوا يشتهون طَلْحَةَ، وخرجوا ولا تشكُّ كلُّ فِرْقةٍ أن أمرها سيتمّ دون الأخرى، حتّى كانوا من المدينة على ثلاثٍ، فتقدّم ناسٌ من أهل البصرة فنزلوا ذا خُشُب. وتقدّم ناسٌ من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص1، وجاءهم أُناسٌ من أهل مصر، ونزل عامَّتُهم بذي المَرْوَة، ومشى فيما بين أهل البصرة وأهلِ مصر زياد بْن النّضْر، وعبد الله بْن الأصَمّ ليكشفوا خبرَ المدينة، فدخلا فلقيا أزواج النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وطلحةً، والزُّبَيْر، وعليًّا، فَقَالَا: إنّما نَؤُمُّ هذا البيتَ، ونستعفي من بعض عُمّالنا، واستأذنوهم للناس بالدخول، فكلُّهم أَبَى وَنَهَى. فرجعا، فاجتمع من أهل مصر نفرٌ فأتوا عليًّا، ومن أهل البصرة نفرٌ فأتوا الزُّبَيْر، ومن أهل الكوفة نفر فأتوا طلحة، وقال كل فريق منهم: إن باعنا صاحِبَنا وإلّا كِدْناهم وفرَّقْنا جماعتَهم، ثمّ كَرَرْنا حتَّى نَبْغَتَهُم. فأتى المصريون عليًّا وهو في عسكر عند أحجار الزَّيت2، وقد سرَّح ابنه الحسن إلى عثمان فيمن اجتمع إليه، فسلّم على عليٍّ المصريون، وعرضوا له، فصاح بهم وطردهم وَقَالَ: لقد علم الصّالحون أنّكم ملعونون، فارجِعُوا لَا صَحِبَكُم الله، فانصرفوا، وفعل طلْحة والزبير نحو ذلك.   1 الأعوص: موضع قرب المدينة. 2 أحجار الزيت: موضع بالمدينة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 فذهب القوم وأظهروا أنهم راجعون إلى بلادهم، فذهب أهلُ المدينة إلى منازلهم، فلمّا ذهب القوم إلى عساكرهم كرّوا بهم، وبغتوا أهل المدينة ودخلوها وضجُّوا بالتّكبير، ونزلوا في مواضع عساكرهم، وأحاطوا بعثمان وقالوا: من كفَّ يدَه فهو آمن. ولزِمَ النَّاس بيوتهم، فأتى عليّ -رضي الله عنه- فَقَالَ: مَا رَدَّكُم بعد ذَهَابِكم? قالوا: وجدنا مع بريدٍ كتابًا بقتْلِنا، وَقَالَ الكوفيّون والبصريّون: نحن نمنع إخواننا وننصرهم. فعلم النَّاس أنّ ذلك مكرٌ مِنهم. وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدُّهم، فساروا إليه على الصَّعْب والذّلُول، فبعث معاوية إليه حبيب بْن مسْلَمَة، وبعث ابنُ أبي سَرْح معاوية بْن حُدَيْج وسار إليه من الكوفة القعْقاع بْن عمرو. فلما كان يوم الجمعة صلّى عثمان بالناس وخطب فقال: يا هؤلاء الغزاة الله الله، فَوَاللَّهِ إنّ أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فامْحُوا الخطأ بالصواب، فإنّ الله لا يمحو السيئ إلّا بالحسن، فقام محمد بْن مسْلَمَة فَقَالَ: أنا أشهد بذلك، فأقعده حُكَيْم بْن جَبَلَة، فقام زيد بن ثابت فقال: ابغني الكتاب، فثار إليه من ناحيةٍ أخرى محمد بْن أبي قُتَيْرَة فأقعده وتكلّم فأفظَع، وثار القوم بأجمعهم. فحصبوا النّاس حتى أخرجوهم، وحصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مَغْشِيًّا عليه، فاحتُمِل وأُدْخِل الدَّار. وكان المصريون لَا يطمعون في أحدٍ من أهل المدينة أن ينصرهم إلّا ثلاثة، فإنّهم كانوا يُراسلونهم، وهم: محمد بْن أبي بكر الصِّدِّيق، ومحمد بْن جعفر، وعمّار بْن ياسر. قَالَ واستقل أُناس: منهم زيد بْن ثابت، وأبو هُرَيْرَةَ، وسعد بْن مالك، والحسن بْن عليّ، ونهضوا لنُصْرة عثمان، فبعث إليهم يعزم عليهم لمّا انصرفوا، فانصرفوا، وأقبل عليّ حتّى دخل على عثمان هو وطلْحَة والزُّبَيْر يعودونه من صَرْعَتِه، ثم رجعوا منازلهم. وَقَالَ عمرو بْن دينار، عَنْ جابر قَالَ: بَعَثَنَا عثمان خمسين راكبًا، وعلينا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 محمد بْن مسْلَمَة حتى أتينا ذا خُشُب، فإذا رجلٌ مُعَلِّقٌ المُصْحَف في عُنُقه، وعيناه تَذْرِفان، والسيف بيده وهو يَقُولُ: ألا إنّ هذا -يعني المُصْحَف- يأمرنا أن نضرب بهذا -يعني السيف- على مَا في هذا -يعني المُصْحَف- فَقَالَ محمد بْن مسْلَمَة: اجلس فقد ضربنا بهذا على ما في هذا قبلك، فجلس فلم يزل يكّلِمهم حتّى رجعوا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ الْمِصْرِييِّنَ لَمَّا أَقْبَلُوا يُرِيدُونَ عُثْمَانَ دَعَا عُثْمَانُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: اخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَارْدُدْهُمْ وَأَعْطِهِمُ الرِّضَا، وَكَانَ رُؤَسَاؤُهُمْ أَرْبَعَةً: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ، وَسُودَانُ بْنُ حُمْرَانَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ، وَابْنُ النِّبَاعِ، فَأَتَاهُمُ ابْنُ مَسْلَمَةَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى رَجَعُوا، فَلَمَّا كَانُوا بِالْبُوَيْبِ1 رَأَوْا جَمَلًا عَلَيْهِ ميسم الصدقة، فأخذوه، فإذا غلام لعثمان، ففتشوا متاعه، فوجدوا صبة مِنْ رَصَاصٍ، فِيهَا كَتَابٌ فِي جَوْفِ الإِدَاوَةِ فِي الْمَاءِ: إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنِ افْعَلْ بِفُلانٍ كَذَا، وَبِفُلانٍ كَذَا، مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ شَرَعُوا فِي قَتْلِ عُثْمَانَ، فَرَجَعَ الْقَوْمِ ثَانِيَةً وَنَازَلُوا عُثْمَانَ وَحَصَرُوهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَنْكَرَ عُثْمَانُ أَنْ يَكُونَ كَتَبَ ذَلِكَ الْكِتَابَ وَقَالَ: فُعِلَ ذَلِكَ بِلا أَمْرِي. وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أبي سعيد مولى أُسَيْد، فذكر طَرَفًا من الحديث، إلى أن قَالَ: ثُمَّ رجعوا راضين، فبينما هم بالطريق ظفروا برسولٍ إلى عامل مصر أن يُصَلِّبهم ويفعل، فردّوا إلى المدينة، فأتوا عليًّا فقالوا: ألم تر إلى عدّو الله، فقُم معنا، قَالَ: واللَّهِ لَا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قَالَ: واللَّهِ مَا كتبت إليكم، فنظر بعضهم إلى بعض. وخرج عليٌّ من المدينة، فانطلقوا إلى عثمان فقالوا: أَكَتَبْتَ فينا بكذا؟ فَقَالَ: إنّما هما اثنان، تُقِيمون رجُلَين من المسلمين -يعني شاهدين- أو يميني بالله الَّذِي لَا إله إلّا هو مَا كتبت ولا علِمْتُ، وقد يكتب الكتاب على لسان الرجل ويُنْقَش الخاتم، فقالوا: قد أحَلَّ اللُه دَمَك، ونُقض العهد والميثاق، وحصروه في القصر. وَقَالَ ابن سيرين: إنّ عثمان بعث إليهم عليًّا فقال: تعطون كتاب الله   1 البويب: مدخل أهل الحجاز إلى مصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 وتُعَتَّبُون من كلّ مَا سخِطْتُم، فأقبل معه ناسٌ من وجوههم، فاصطلحوا على خمسٍ: على أنّ المَنْفيَّ يُقْلب، والمحروم يُعْطَى، ويوفَّر الفَيْء، وَيُعْدَلُ في القسم، ويستعمل ذو الأمانة والقوّة، كتبوا ذلك في كتاب، وأن يردّوا ابن عامر إلى البصرة وأبا موسى إلى الكوفة. وَقَالَ أَبُو الأشهب، عَنِ الحسن قَالَ: لقد رأيتهم تحاصبوا في المسجد حتّى مَا أبصر السماء، وإن رجلًا رفع مصحفه من حُجُرات النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثمّ نادى: ألم تعلموا أن محمدًا قد برئ ممّن فرَّقُوا دِينَهم وكانوا شيعًا. وَقَالَ سلّام: سمعت الحسن قَالَ: خرج عثمان يوم الجمعة، فقام إليه رجل فَقَالَ: أسألك كتاب الله، فقال: ويْحَك، أليس معك كتاب الله! قَالَ: ثمّ جاء رجلٌ آخر فنهاه، وقام آخر، وآخر، حتّى كَثُرُوا، ثمّ تحاصبوا حتّى لم أر أديمَ السماء. وروى بِشْر بْن شَغَاف، عَنْ عبد الله بْن سلّام قَالَ: بينما عثمان يخطُب، فقام رجل فنال منه، فَوَذَأْتُه فاتَّذَأ فَقَالَ رجل: لَا يمنعك مكان ابن سلام أن تسب نعثلًا، فإنه من شيعته، فقال له: لقد قلتَ القولَ العظيم في الخليفة من بعد نوح. وَذَأْتُه: زَجَرْتُه وقمعتُه. وقالوا لعثمان "نعثلا" تشبهًا له برجلٍ مصريّ اسمه نَعْثَل كان طويل اللّحْية. والنَّعْثَل: الذَّكَر من الضِّباع، وكان عُمَر يُشَبَّه بنوحٍ في الشِّدَّة. وَقَالَ ابن عُمَر: بينما عثمان يخطب إذ قام إليه جَهْجاه الغفاريّ، فأخذ من يده العصا فكسرها على رُكْبَته، فدخلت منها شظِيَّةٌ في رُكِبْته، فوقعت فيها الأكِلَة. وَقَالَ غيره: ثمّ إنّهم أحاطوا بالدّار وحصروه، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ: إِنْ وَجَدْتُمْ فِي الْحَقِّ أَنْ تَضَعُوا رجليَّ فِي الْقَيْدِ فَضَعُوهُمَا. وَقَالَ ثُمَامة بْن حَزْن القُشَيْرِيّ: شهِدْتُ الدّار وأشرف عليهم عثمان فَقَالَ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 ائتوني بصاحبيكم اللّذين ألَّباكم، فدعيا له كأنّهما جملان أو حماران، فَقَالَ: أنْشُدُكم الله أتعلمون أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدم المدينة وليس فيها ماء عذب ولا بئر رومة، فقال: "من يشتريها فيكون ما دَلْوُه كدِلاء المُسْلِمين، وله في الجنة خيرٌ منها" فاشتريتُها، وأنتم اليوم تمنعوني أنْ أشرب منها حتّى أشرب من الماء المالح؟ قالوا: اللَّهُمَّ نعم، قَالَ: أنْشُدُكم الله والإسلام، هل تعلمون أنّ المسجد ضاق بأهله، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يشتري بُقْعَةً بخيرٍ له منها في الجنّة"، فاشتريتُها وزِدْتُها في المسجد، وأنتم تمنعوني اليوم أن أصلي فيها؟ قالوا: اللَّهُمَّ نعم، قَالَ: أنْشُدُكم الله، هل تعلمون أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان على ثَبِير مكَة، فتحرك وعليه أَبُو بكر وعمر وأنا، فَقَالَ: "أسْكُنْ فليس عليك إلّا نبيٌّ وصدِّيقٌ وشهيدان". قالوا: اللَّهُمَّ نعم، فَقَالَ: الله أكبر شهِدُوا وربَّ الكعبة أنّي شهيد1. ورواه أَبُو سلمة بْن عبد الرحمن بنحْوه، وزاد فيه أنّه جهّز جيش الْعُسْرَةِ. ثُمَّ قَالَ: ولكنْ طال عليكم أمري فاستعجلتم، وأردتم خلع سِرْبالٍ سَرْبَلَنِيه الله، وإنّي لَا أخلعه حتّى أموت أو أُقْتَلَ. وعن ابن عُمَر قَالَ: فأشرف عليهم وَقَالَ: عَلَام تقتلونني؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يحل دمُ امرئٍ مسلمٍ إلّا بإحدى ثلاث: كُفْرُ بعد إسلام، أو رجل زَنَى بعد إحصان، أو رجل قتل نفسًا"، فَوَاللَّهِ ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام، ولا قتلت رجلًا ولا كفرت2.   1 صحيح دون قصة "ثبير" علق بعضه البخاري كما في "الفتح" "7/ 65" ووصله الترمذي "3723" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، والنسائي "7/ 56" في كتاب الأحباس، باب: وقف المساجد، والطيالسي في "مسنده" "82" وعبد الله بن أحمد في زوائد "المسند" "1/ 74، 75" وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": صحيح دون قصة "ثبير". 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4502" في كتاب الديات، باب: الإمام يأمر بالعفو في الدم، والترمذي "2165" في كتاب الفتن، باب: ما جاء لَا يحل دمُ امرئٍ مسلمٍ إلّا بإحدى ثلاث، والنسائي "7/ 92" في كتاب تحريم الدم، باب: ذكر ما يحل به دم المسلم، وابن ماجه "2533" في كتاب الحدود، باب: لا يحل دم امرئ مسلم إلا في ثلاث، وأحمد "1/ 65" وابن سعد في "الطبقات" "2/ 37"، والبغوي في "شرح السنة" "22518" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 قَالَ أَبُو أُمَامَة بْن سهل بْن حنيف، إنّي لمع عثمان وهو محصور، فكنّا ندخل إليه مدخلًا -أو أدْخَل إليه الرجل- نسمع كلام من على البلاط، فدخل يومًا فيه وخرج إلينا وهو متغيّر اللون فَقَالَ: إنّهم يتوعدوني بالقتل، فقلنا: يكْفِيكَهُمُ الله. وَقَالَ سَهْلٌ السَّرَّاجُ، عَنِ الحسن، قال عمان: لَئِنْ قَتَلُونِي لَا يُقَاتِلُونَ عَدُوًّا جَمِيعًا أَبَدًا، وَلا يَقْتَسِمُونَ فَيْئًا جَمِيعًا أَبَدًا، وَلا يُصَلُّونَ جَمِيعًا أَبَدًا، وَقَالَ مثله عبدُ الملك بْن أبي سليمان، عن أبي ليلى الكندي، وزاد فيه: ثمّ أرسل إلى عبد الله بْن سلّام فَقَالَ: مَا ترى؟ قَالَ: الكَفّ الكَفّ، فإنّه أبلغ لك في الحُجَّة، فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم -رضي الله عنه- وأرضاه. وَقَالَ الحسن: حدّثني وثّاب قَالَ: بعثني عثمان، فدعوت له الأشترَ فَقَالَ: مَا يريد النّاس؟ قَالَ: إحدى ثلاث: يخيِّرُونك بين الخلْع، وبين أن تقتص من نفسك، فإنْ أبيتَ فإنّهم قاتلوك، فَقَالَ: مَا كنت لأخلع سِرْبالًا سَرْبَلَنيِهُ الله، وبدني مَا يقوم لقَصاص. وَقَالَ حُمَيْد بْن هلال: ثنا عبد الله بْن مُغَفَّلٍ قَالَ: كان عبد الله بْن سلّام يجيء من أرضٍ له على حمارٍ يوم الجمعة، فلما حصر عثمان قال: يا أيها النّاس لَا تقتلوا عثمان، واستعتِبُوه، فوالذي نفسي بيده مَا قتلت أمَّةٌ نبيَّها فصلُح ذات بينهم حتى يهرقوا دمَ سبعين ألفًا، وما قتلت أمَّةٌ خليفتها فيصلح الله بينهم حتى يهرقوا دمَ أربعين ألفًا، وما هلكت أمّةٌ حتّى يرفعوا القرآن على السلطان، قَالَ: فلم ينظروا فيما قَالَ، وقتلوه، فجلس على طريق عليّ بْن أبي طالب، فَقَالَ له: لَا تأتِ العراق وَالْزَمْ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوالذي نفسي بيده لئن تركْتَهُ لَا تراه أبدًا، فَقَالَ من حول عليّ: دعنا نقتله، قَالَ: دعوا عبد الله بْن سلّام، فإنّه رجل صالح. قَالَ عبد الله بْن مُغَفَّلٍ: كنت استأمرت عبد الله بْن سلام في أرض اشتريتها. فَقَالَ بعد ذلك: هذه رأس أربعين سنة، وسيكون صُلْح فاشْتَرِها. قيل لحُمَيْد بْن هلال: كيف ترفعون القرآن على السُّلطان؟ قَالَ: ألم تر إلى الخوارج كيف يتأوَّلُون القرآن على السُّلطان؟ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 ودخل ابن عُمَر على عثمان وهو محصور فقال: ما ترى؟ قال: أرى أن نعطيهم مَا سألوك من وراء عَتَبة بابِك غير أن لَا تَخْلَع نفسَك، فَقَالَ: دونك عَطاءك -وكان واجدًا عليه- فَقَالَ: ليس هذا يوم ذاك. ثمّ خرج ابن عُمَر إليهم فَقَالَ: إيّاكم وقُتِل هذا الشيخ، واللَّهِ لئن قتلتموه لم تحجوا البيت جميعًا أبدًا، ولم تجاهدوا عدوكم جميعا أبدا، ولم تقسموا فيئكم جميعا أبدا إلّا أن تجتمع الأجسادُ والأهواءُ مختلفة، ولقد رأيتنا وأصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متوافِرون نقول: أَبُو بكر، ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ عثمان. رواه عاصم بْن محمد العُمَرِيّ، عَنْ أبيه، عَنِ ابن عُمَر. وعن أبي جعفر القاري قَالَ: كان المصريون الذين حصروا عثمان ستمائة: رأسهم كِنَانة بْن بِشْر، وابن عُدَيْس البَلَوِيّ، وعَمْرو بْن الحَمِق، والذين قدموا من الكوفة مائتين، رأسهم الأشتر النَّخَعِيّ، والذين قدموا من البصرة مائة، رأسهم حكيم ببن جَبَلة، وكانوا يدًا واحدة في الشّرّ، وكانت حُثَالةٌ من النَّاس قد ضَووا إليهم، وكان أصحاب النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذين خذلوه كرِهُوا الفتنة وظنّوا أنّ الأمر لَا يبلغ قتله، فلمّا قُتِل نِدموا على مَا ضيعوه في أمره، ولَعَمْري لو قاموا أو قام بعضُهم فحثا في وجوه أولئك التُّراب لانْصَرَفُوا خاسئين. وَقَالَ الزُّبَيْر بْن بكّار: حدّثني محمد بْن الحسن قَالَ: لمّا كثُر الطَّعْن على عثمان تنحّى عليٌّ إلى ماله بيَنْبُع، فكتب إليه عثمان: أمّا بعد فقد بلغ الحزامُ الطُّبْيَيْن، وبلغ السَّيْلُ الزُّبي، وبلغ الأمرُ فوق قدْره، وطمع في الأمر من لَا يدفع عَنْ نفسه: فإن كنت مأكولًا فكُنْ خير آكلٍ ... وإلّا فأدركني ولما أمزق والبيت لشاعر عن عبد القيْس. الطّبْي: مَوْضِعُ الثَّدْيِ من الْخَيْلِ. وَقَالَ محمد بْن جُبَيْر بْن مُطْعم: لمّا حُصر عثمان أرسل إلى عليّ: إنّ ابن عمِّك مقتول، وإنّك لَمَسْلُوب. وعن أبان بْن عثمان قَالَ: لمّا أَلَحُّوا على عثمان بالرَّمْي، خرجت حتى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 أتيت عليًّا فَقُلْتُ: يا عمّ أهْلَكَتنا الحجارة، فقام معي، فلم يزل يرمي حتى فتر منكبه، ثم قال: يابن أخي، أجمع حَشَمَك1، ثمّ يكون هذا شأنك. وقال حبيب بن أبي ثابت، عن أبي جعفر محمد بْن عليّ: إن عثمان بعث إلى عليّ يدعوه وهو محصور، فأراد أن يأتيه، فتعلّقوا به ومنعوه، فحسر عمامةً سوداء عَنْ رأسه وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا أرضى قتْلَه ولا آمُرُ به. وعن أبي إدريس الخوْلاني قَالَ: أرسل عثمان إلى سعد، فأتاه، فكلَّمه، فَقَالَ له سعد أرسِلْ إلى عليّ، فإنْ أتاك ورضي صَلُح الأمرُ، قَالَ: فأنت رسولي إليه، فأتاه، فقام معه عليّ، فمرّ بمالك الأشتر، فَقَالَ الأشتر لأصحابه: أين يريد هذا؟ قالوا: يريد عثمان، فَقَالَ: واللَّهِ لَئِنْ دخل عليه لتقتلُّنَّ عَنْ آخِرِكم، فقام إليه في أصحابه حتّى اختلجه عَنْ سعد وأجلسه في أصحابه، وأرسل إلى أهل مصر: إن كنتم تريدون قتْلَه فأسرِعوا، فدخلوا عليه فقتلوه. وعن أبي حبيبة قَالَ: لمّا اشتدّ الأمر، قالوا لعثمان -يعني الذين عنده في الدّار- أئذَنْ لنا في القتال، فَقَالَ: أعْزِمُ على من كانت لي عليه طاعةٌ أنْ لَا يقاتل. أبو حبيب هو مولى الزُّبَيْر، روى عنه موسى بْن عقبة. قال محمد بن سعد: ثنا منصور بن عمر، حدثني سرحبيل بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ. "ح"، وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. "ح"، وَثنا ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالُوا: بَعَثَ عُثْمَانُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يُعْلِمُهُ أَنَّهُ مَحْصُورٌ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُجَهِّزَ إِلَيْهِ جَيْشًا سَرِيعًا. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، رَكِبَ مُعَاوِيَةُ لِوَقْتِهِ هُوَ وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ حُدَيْجٍ، فَسَارُوا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى عُثْمَانَ عَشْرًا. فَدَخَلَ مُعَاوِيَةُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَقَبَّلَ رَأْسَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَيْنَ الْجَيْشُ؟ قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا فِي ثَلاثَةِ رَهْطٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: لَا وَصَلَ اللَّهُ رَحِمَكَ، ولا أعز   1 الحشم: حشم الرجل خاصته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 نَصْرَكَ، وَلا جَزَاكَ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ لَا أُقْتَلُ إِلَّا فِيكَ، وَلا يُنْقَمُ عَلَيَّ إِلَّا مِنْ أَجْلِكَ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَوْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ جَيْشًا فَسَمِعُوا بِهِ عَاجَلُوكَ فَقَتَلُوكَ، وَلَكِنَّ مَعِي نَجَائِبَ، فَاخْرُجْ مَعِي، فَمَا يَشْعُرُ بِي أَحَدٌ، فَوَاللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا ثَلاثٌ حَتَّى نَرَى مَعَالِمَ الشَّامِ، فَقَالَ: بِئْسَ مَا أَشَرْتَ بِهِ، وَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ، فَأَسْرَعَ مُعَاوِيَةُ رَاجِعًا، وَوَرَدَ الْمِسْوَرُ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ بِذِي الْمَرْوَةِ رَاجِعًا. وَقَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ ذَامٌّ لِمُعَاوِيَةَ غَيْرُ عَاذِرٍ لَهُ. فَلَمَّا كَانَ فِي حَصْرِهِ الآخِرِ، بَعَثَ الْمِسْوَرَ ثَانِيًا إِلَى مُعَاوِيَةَ لِيُنْجِدَهُ فَقَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ أَحْسَنَ فَأَحْسَنَ اللَّهُ بِهِ، ثُمَّ غَيَّرَ فَغَيَّرَ اللَّهُ بِهِ، فشددتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: تَرَكْتُمْ عُثْمَانَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ نَفْسُهُ فِي حُنْجُرَته قُلْتُمُ: اذْهَبْ فَادْفَعْ عَنْهُ الْمَوْتَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِيَدِي، ثُمَّ أَنْزلني فِي مَشْرَبَةٍ عَلَى رَأْسِهِ، فَمَا دَخَلَ عَلَيَّ دَاخِلٌ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ. وأمّا سَيْف بْن عُمَر، فروى عَنْ أبي حارثة، وأبي عثمان قالا: لمّا أتى معاوية الخبر أرسل إلى حبيب بْن مسْلَمَة الفِهْرِيّ فَقَالَ: أشِرْ عليَّ برجلٍ مُنَفِّذٍ لأمري، ولا يقصِّر، قَالَ: مَا أعرف لذاك غيري، قَالَ: أنت لها. وجعل على مقدّمته يزيد بْن شجعة الحِمْيَريّ في ألفٍ وَقَالَ: إنْ قدمت يا حبيب وقد قُتِلَ، فلا تَدَعَنّ أحدًا أشار إليه ولا أعان عليه إلّا قتلته، وإنْ أتاك الخبر قبل أن تصل، فأقم حتى أنظر، وبعث يزيد شجعة في ألفٍ على البغال، يقودون الخيل، معهم الإبل عليها الرَّوَايَا فأغذَّ السَّير، فأتاه قتْلُهُ بقُربْ خيْبَرَ. ثمَّ أتاه النُّعمان بْن بشير، معه القميص الَّذِي فيه الدّماء وأصابع امرأته نائلة، قد قطعوها بضربة سيف، فرجعوا، فنصب معاوية القميص على منبر دمشق، والأصابع معلّقة فيه، وآلى رجالٌ من أهل الشّام لَا يأتون النّساء ولا يمسُّون الْغُسْلَ إلّا من حُلُم، ولا ينامون على فراشٍ حتّى يقتلوا قَتَلَةَ عثمان، أو تَفْنَى أرواحهُم، وبَكَوْه سنةً. وَقَالَ الأوزاعيّ: حدثني محمد بْن عبد الملك بْن مروان، أنّ المُغيرة بن شُعْبَة، دخل على عثمان وهو محصور فَقَالَ: إنّك إمام العامَّة، وقد نزل بك مَا نرى، وإني أعرض عليك خِصالًا: إمّا أنْ تخرج تقاتلهم، فإنّ معك عددًا وقوّة. وإمّا أنْ تَخْرق لك بابًا سوى الباب الَّذِي هم عليه، فتقعد على رواحلك فتحلق بمكة، فإنَّهم لن يستحلُّوك وأنت بها، وإمّا أن تلحق بالشّام، فإنّهم أهل الشّام، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 وفيهم معاوية. فَقَالَ: إنّي لن أفارق دار هجرتي، ولن أكون أوّل من خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أُمَّته بسفْك الدِّماء. وَقَالَ نافع، عَنِ ابن عُمَر: أصبح عثمان يحدّث النَّاس قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّيْلَةَ في المنام، فَقَالَ: "أفطِرْ عندنا غدًا" فأصبح صائمًا، وقُتِلَ من يومه1. وَقَالَ محمد بْن سيرين: ما أعلم أحدًا يتَّهم عليًّا في قتْل عثمان، وقُتِلَ وإنّ الدَّارَ غاصَّة، فيهم ابن عُمَر، والحسن بْن عليّ، ولكنَّ عثمان عزم عليهم أن لَا يقاتلوا. ومن وجه آخر. عَنِ ابن سيرين قال: انطلق الحسن والحسين وابن عُمَر، ومروان، وابن الزبير، كلهم شاك السلاح، حتى دخلوا على عثمان، فقال: أعزم عليكم لما رجعتم فوضعتم أسلحتكم ولزمتم بيوتكم، فقال ابن الزبير، ومروان: نحن نعزم على أنفسنا أن لَا نبْرَح، وخرج الآخرون. وَقَالَ ابن سيرين: كان مع عثمان يَوْمَئِذٍ في الدار سبعمائة، لو يَدَعُهُم لَضَرَبوهم حتّى يُخْرِجُوهم من أقطارها. وروي أنّ الحسن بْن عليّ مَا راح حتّى خرج. وقال عبد الله بْن الزُّبَيْر: قلت لعثمان: قاتِلْهم، فوَالله لقد أحلّ الله لك قِتَالهم، فَقَالَ: لَا أقاتلهم أبدًا، فدخلوا عليه وهو صائم. وقد كان عثمان أمَّر ابن الزُّبَيْر على الدار، وَقَالَ: أطيعوا عبد الله بْن الزُّبَيْر. وَقَالَ ابن سيرين: جاء زيد بن ثابت في ثلاثمائة مِنَ الأَنْصَار، فدخل على عثمان فَقَالَ: هذه الأنصار بالباب. فَقَالَ: أمّا القتال فلا. وَقَالَ أَبُو صالح، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: دخلت على عثمان يوم الدَّار فَقُلْتُ: طاب الضَّرْبُ، فَقَالَ: أيَسُرُّك أنْ يُقْتل النّاسُ جميعًا وأنا معهم؟ قلت: لَا، قَالَ: فإنّك إنْ قتلت رجلًا واحدًا، فكأنما قتلت النَّاس جميعًا، فانصرفت ولم أقاتل.   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 41". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 وعن أبي عَون مولى المِسْوَر قَالَ: مَا زال المصريون كافيين عَنِ القتال، حتّى قدِمَتْ أمدادُ العراق من عند ابن عامر، وأمداد ابن أبي سَرْحٍ من مصر، فقالوا: نُعاجِلُهُ قبل أن تَقْدَم الأمداد. وعن مسلم أبي سعيد قَالَ: أعتق عثمان عشرين مملوكًا، ثمّ دعا بسراويل، فشدّها عليه. ولم يلْبَسْها في جاهلية ولا في إسلام، وَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البارحة، وأبا بكر، وعمر، فَقَالَ: "اصْبِرْ فإنّك تُفْطِر عندنا القابلة"1 ثمّ نشر الْمُصْحَفَ بين يديه، فقُتِلَ وهو بين يديه. وَقَالَ ابن عَوْن، عَنِ الحَسَن: أنبأني وثّاب مولى عثمان قَالَ: جاء رُوَيْجل كأنّه ذِئبٌ، فاطَّلع من بابٍ، ثمّ رجع، فجاء محمد بْن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلًا، فدخل حتّى انتهى إلى عثمان، فأخذ بلحيته، فَقَالَ بها حتى سمعتُ وقع أضْراسه، فَقَالَ: مَا أغنى عنك معاوية، مَا أغنى عنك ابن عامر، مَا أغْنتْ عنك كُتُبُك، فقال: أرسل لحيتي يابن أخي، قَالَ: فأنا رأيُتُه استعْدَى رجلًا من القوم عليه يُعِينُهُ، فقام إلى عثمان بمِشْقَصٍ، حتّى وجَأ به في رأسه ثُمَّ تَعَاوَرُوا عليه حتّى قتلوه. وعن ريطة مولاة أسامة قالت: كنت في الدّار، إذ دخلوا، فجاء محمد فأخذ بلحية عثمان فهزها، فقال: يابن أخي دَعْ لِحْيَتي لَتَجْذُب مَا يعزُّ على أبيك أن يؤذيها. فرأيته كأنّه استحى، فقام، فجعل بطرف ثوبه هكذا: ألا ارجعوا. قالت: وجاء رجلٌ من خلف عثمان بسعفَة رَطْبة، فضرب بها جبهَتَه فرأيت الدم يسيل، وهو يمسحه ويقول: "اللَّهُمَّ لَا يطلب بدمي غيرك"، وجاء آخر فضربه بالسَّيف على صدره فأقْعَصَه2، وتَعَاوَرُوه بأسيافهم، فرأيتُهم ينْتَهِبُون بيته. وَقَالَ مجالد، عَنِ الشَّعْبِيّ قَالَ: جاء رجل من تُجَيْب من المصريين، والنّاس حول عثمان، فاسْتَلَّ سيفه، ثمّ قَالَ: أفْرِجوا، ففرجوا له، فوضع ذباب سيفه في بطْن عثمان، فأمسكت نائلة بنتُ الفَرافصة زوجة عثمان بالسيف لتمنع عنه، فحزّ السيف أصابعها. وقيل: الَّذِي قتله رجل يقال له حمار.   1 أي الليلة القابلة. 2 أقعصه: طعته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ تَسَوَّرَ مِنْ دَارِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَلَى عُثْمَانَ، وَمَعَهُ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ، وَسُودَانُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ، فَوَجَدُوهُ عِنْدَ نَائِلَةَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ، فَتَقَدَّمَهُمْ مُحَمَّدٌ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَقَالَ: يَا نَعْثَلُ قَدْ أَخْزَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ: لَسْتُ بِنَعْثَلٍ وَلَكِنَّنِي عَبْدُ اللَّهِ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَا أَغْنَى عَنْكَ مُعَاوِيَةُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ، قَالَ: يَابْنَ أَخِي دَعْ لِحْيَتِي، فَمَا كَانَ أَبُوكَ لِيَقْبِضَ عَلَى مَا قَبَضْتَ، فَقَالَ: مَا يُرَادُ بِكَ أَشَدَّ مِنْ قَبْضَتِي، وَطَعَنَ جَنْبَهُ بِمِشْقَصٍ1، وَرَفَعَ كِنَانَةُ مَشَاقِصَ فَوَجَأَ بِهَا فِي أُذُنِ عُثْمَانَ، فَمَضَتْ حَتَّى دَخَلَتْ فِي حَلْقِهِ، ثُمَّ عَلاهُ بِالسَّيْفِ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَوْنٍ يَقُولُ: ضَرَبَ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ جَبِينَهُ بِعَمُودِ حَدِيدٍ، وَضَرَبَهُ سُودَانُ الْمُرَادِيُّ فَقَتَلَهُ، وَوَثَبَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ، وَبِهِ رَمَقٌ، وَطَعَنَهُ تِسْعَ طَعَنَاتٍ وَقَالَ: ثَلاثٌ لِلَّهِ، وَسِتٌّ لِمَا فِي نَفْسِي عَلَيْهِ. وعن المُغِيرَة قَالَ: حصروه اثنين وعشرين يومًا، ثمّ احرقوا الباب، فخرج من في الدّار. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: فَتَحَ عُثْمَانُ الْبَابَ وَوَضَعَ الْمُصْحَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ، فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ، فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ، فأهوى عليه بِالسَّيْفِ، فَاتَّقَاهُ بِيَدِهِ فَقَطَعَهَا، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهَا لأَوَّلُ كَفٍّ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ2، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْمَوْتُ الأَسْوَدُ، فَخَنَقَهُ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ بِالسَّيْفِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَلْيَنَ مِنْ حَلْقِهِ، لَقَدْ خَنَقْتُهُ حَتَّى رأيت نفسه مثل الجان تردد في جسده. وعن الأزهري قَالَ: قُتِل عند صلاة العصر، وشدّ عبدٌ لعثمان على كنانة بن بشر فقتله، وشد سودان على العبد فقتله.   1 المشقص: نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض. 2 يقصد من القرآن، وهو يبدأ من سورة "ق" إلى آخر القرآن على الأصح، وانظر "صفة الصلاة" "ص109" لأبي عبد الرحمن الألباني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: ضربوه فجرى الدَّمُ على المُصْحَف على: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 1. وَقَالَ عمران بْن حُدَيْر، إلّا يكن عبد الله بْن شقيق حدّثني: أنّ أوّل قطرةٍ قطرت من دمه على: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} فإنّ أبا حُرَيْث ذكر أنّه ذهب هو وسُهَيْلٌ المُرِّيّ، فأخرجوا إليه الْمُصْحَفَ، فإذا قطرة الدم على {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} قَالَ: فإنها في المُصْحَف مَا حُكَّتْ. وَقَالَ محمد بْن عيسى بْن سُمَيْع عَنِ ابن أبي ذئب، عَنِ الزُّهْرِيّ: قلت لسعيد بْن المسيب: هل أنت مُخْبري كيف كان قتل عثمان؟ قَالَ: قُتِلَ مظلومًا، ومن خذله كان معذورًا، ومن قتله كان ظالمًا، وإنّه لمّا استُخْلف كره ذلك نفرٌ من الصحابة؛ لأنه كان يحب قومه ويولّيهم، فكان يكون منهم مَا تُنْكره الصَّحابة فيُسْتَعْتَبُ فيهم، فلا يعزِلُهُمّ، فلمّا كان في السّتّ الحِجَج الأواخر استأثر ببني عمّه فولّاهم وما أشرك معهم، فولّى عبد الله بْن أبي سَرْحٍ مصر، فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه. وقد كان قبل ذلك من عثمان هَنَاتٌ إلى ابن مسعود، وأبي ذَرّ وعمّار فحنق عليه قومُهم، وجاء المصريون يشكون ابن أبي سَرْح، فكتب إليه يتهدّده فأبى أن يقبل، وضرب بعضَ من أتاه ممّن شكاه فقتله. فخرج من أهل مصر سبعمائة رجلٍ، فنزلوا المسجد، وشكوا إلى الصَّحابة مَا صنع ابن أبي سَرْح بهم، فقام طلْحة فكلَّم عثمان بكلامٍ شديد، وأرسلت إليه عائشة تقول له: أنصِفهم من عاملك، ودخل عليه عليّ، وكان متكلّم القوم فَقَالَ: إنّما يسألونك رجلًا مكان رجلٍ، وقد ادّعوا قِبَلَه دمًا، فاعزله، واقض بينهم، فَقَالَ: اختاروا رجلًا أُوَلِّه، فأشاروا عليه بمحمد بْن أبي بكر، فكتب عهده، وخرج معهم عددٌ من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وابن أبي سَرْح، فلمّا كان محمد على مسيرة ثلاث من المدينة، إذا هم بغلامٍ أسودٍ على بعيرٍ مسرِعًا، فسألوه، فَقَالَ: وجَّهني أميرُ المؤمنين إلى عامل مصر، فقالوا له: هذا عامل أهلِ مصر، وجاءوا به إلى محمد، وفتشوه فوجدوا إدواته تقلقل2، فشقّوها، فإذا فيها كتاب من عثمان إلى محمد بن أبي سَرْح، فجمع محمد، من عنده من الصحابة،   1 سورة البقرة: 137. 2 أي تحدث صوتا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 ثمّ فكّ الكتاب، فإذا فيه: إذا أتاك محمد، وفلانٌ، وفلانٌ فاستحِلّ قتْلَهُم، وأبِطل كتابه، واثبت على عملك. فلما قرءوا الكتاب رجعوا إلى المدينة، وجمعوا طَلْحة، وعليًّا، والزبير، وسعدًا، وفضُّوا الكتاب، فلم يبق أحدٌ إلّا حنِقَ على عثمان، وزاد ذلك غضبًا وحنقًا أعوانُ أبي ذَرّ، وابن مسعود وعمّار. وحاصر أولئك عثمان وأجلب عليه محمد بْن أبي بكر ببني تَيْم، فلمّا رأى ذلك عليّ بعث إلى طلْحة، والزُّبَيْر، وعمّار، ثُمَّ دخل إلى عثمان، ومعه الكتاب والغلام والبعير فَقَالَ: هذا الغلام والبعيرُ لك؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فهذا كتابك؟ فحلف أنّه مَا كتبه ولا أمر به، قَالَ: فالخاتم خاتمك؟ قَالَ: نعم. فَقَالَ: كيف يخرج غلامك ببعيرك بكتابٍ عليه خاتمك ولا تعلم به! وعرفوا أنّه خطّ مَرْوان. وسألوه أن يدفع إليهم مَرْوان، فأبَى وكان عنده في الدّار، فخرجوا من عنده غِضابًا، وشكّوا في أمره، وعلِمُوا أنّه لَا يحلف بباطل ولزموا بيوتهم. وحاصره أولئك حتّى منعوه الماء، فأشرف يومًا فَقَالَ: أفيكُمٍ عليّ؟ قالوا: لَا، قَالَ: أفيكم سعد؟ قالوا: لَا، فسكت، ثُمَّ قَالَ: ألا أحدٌ يَسْقينا ماء. فبلغ ذلك عليًّا، فبعث إليه بثلاث قِرَبٍ فجُرح في سببها جماعةٌ حتّى وصلت إليه، وبلغ عليًّا أنّ عثمان يراد قتْلُهُ فَقَالَ: إنّما أردنا منه مروان، فأمّا عثمان، فلا ندع أحدًا يصل إليه. وبعث إليه الزُّبَيْر ابنه، وبعث طلحة ابنه، وبعث عدّةٌ من الصحابة أبناءهم، يمنعون الناس، ويسألونه إخراج مروان، فلمّا رأى ذلك محمد بن أبي بكر، ورمى الناس عثمان بالناس بالسهام، حتى خُضِب الحسن بالدماء على بابه، وأصاب مروان سهم، وخُضِب محمد بْن طلحة، وشُجَّ قَنْبر مولى عليّ. فخشي محمد أن يغضب بنو هاشم خالُ الحسن، فاتّفق هو وصاحباه، وتسوُّروا من دارٍ، حتّى دخلوا عليه، ولا يعلم أحدٌ من أهل الدّار؛ لأنهم كانوا فوق البيوت، ولم يكن مع عثمان إلّا امرأته. فدخل محمد فأخذ بلِحْيَتِه، فَقَالَ: والله لو رآك أبوك لَساءه مكانُك منّي، فتراخت يدُه، ووثب الرجلان عليه فقتلاه، وهربوا من حيث دخلوا، ثمّ صرخت المرأة، فلم يُسمع صُراخُها لما في الدار من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 الجلبة. فصعدت إلى النَّاس وأخبرتهم، فدخل الحسن والحسين وغيرهما، فوجدوه مذبوحًا. وبلغ عليًّا وطلحة والزُّبَيْر الخبر، فخرجوا -وقد ذهبت عقولهم- ودخلوا فرأوه مذبوحًا، وَقَالَ عليّ، كيف قُتِلَ وأنتم على الباب؟ ولطم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم ابن الزُّبَيْر، وابن طلحة، وخرج غضْبان إلى منزله، فجاء النّاس يُهْرعُون إليه ليُبايعوه، قال: ليس ذاك إليكم، إنما ذاك إلى أهل بدر، فمن رضوه فهو خليفة، فلم يبق أحدٌ من البدريّين إلّا أتى عليًّا، فكان أوّل من بايعه طلحة بلسانه، وسعدٌ بيده، ثُمَّ خرج إلى المسجد فصعد المنبر، فكان أول من صعد طلحة، فبايعه بيده، ثمّ بايعه الزُّبَيْر وسعد والصحابة جميعًا، ثم نزل فدعا النّاسَ، وطلب مروان، فهرب منه هو وأقاربه. وخرجت عائشة باكيةً تقول: قُتِل عثمان، وجاء عليٌّ إلى امرأة عثمان فَقَالَ: مَن قتله؟ قالت: لَا أدري، وأخبرتْهُ بما صنع محمد بن أبي بكر. فسأله علي، فقال: تكذِب، قد واللهِ دخلتُ عليه، وأنا أريد قتله، فذكر لي أبي، فقمتُ وأنا تائبٌ إلى الله، واللِه مَا قتلتُهُ ولا أمسكتُهُ، فَقَالَتْ: صَدَق، ولكنّه أدخل اللَّذَيْن قتلاه. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: اجْتَمَعْنَا فِي دَارِ مَخْرَمَةَ لِلْبَيْعَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ، فَقَالَ أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ: أَمَّا مَنْ بَايَعْنَا منكم فلا يحول بيننا وبينه قِصَاصٍ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَمَّا دَمُ عُثْمَانَ فَلا، فقال: يابن سمية، أتقتص من جلدات جلدتهم، وَلا تَقْتَصُّ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ! فَتَفَرَّقُوا يَوْمَئِذٍ عَنْ غَيْرِ بَيْعَةٍ. وروي عُمَر بْن عَلِيِّ بْن الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ مروان: مَا كان في القوم أدفع عَنْ صاحبنا من صاحبكم -يعني عليًّا- عَنْ عثمان، قَالَ: فَقُلْتُ: مَا بالُكُم تسُبُّونه على المنابر! قَالَ: لَا يستقيم الأمر إلّا بذلك. رواه ابن أبي خَيْثَمَة. بإسناد قويٍّ، عَنْ عُمَر. وَقَالَ الواقِديّ، عَنِ ابن أبي سَبْرَة، عَنْ سعيد بْن أبي زيد، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: كان لعثمان عند خازنه يوم قُتِل ثلاثون ألف ألف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 درهم، وخمسون ومائة ألف دينار، فانتهبت وذهبت، وترك ألف بعيرٍ بالرَّبذَة، وترك صدقاتٍ بقيمة مائتي ألف دينار1. وَقَالَ ابن لهيعة، عَنْ يزيد بْن أبي حبيب قَالَ: بلغني أنّ الركب الذين ساروا إلى عثمان عامَّتُهُم جُنُّوا2. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ -يَعْنِي عُثْمَانَ- وَلا أَمَرْتُ، وَلَكِنْ غُلِبْتُ، يَقُولُ ذَلِكَ ثَلاثًا. وَجَاءَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طُرُقٍ. وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ لَعَنَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: مَا سمعت من مراثي عثمان أحسن من قول كعب بْن مالك: فكَفَّ يديه ثُمَّ أغلق بابه ... وأيقن أنّ الله ليس بغافل وَقَالَ لأهل الدّار: لَا تقتلوهم ... عفا الله عَنْ كل امرئٍ لم يُقاتل فكيف رأيتَ الله صب عليهم الـ ... ـعداوة والبغضاء بعد التوَّاصُلِ وكيف رأيت الخير أدبر بعده ... عَنِ النّاس إدبار النَّعامٍ الْجَوَافِلِ ورثاه حسّانُ بْن ثابت بقوله: مَنْ سَرَّه الموتُ صِرْفًا لَا مِزاجَ له ... فلْيأتِ مأدُبةً في دار عُثمانا ضحُّوا بأشْمَطَ عُنْوانُ السُّجُود به ... يقطع الليل تسبيحًا وقُرآنا صبْرًا فِدًى لكم أمّي وما وَلَدَتْ ... قد ينفع الصَّبْرُ في المكروه أحيانا لَتَسْمَعَنَّ وَشِيكًا في ديارهُم: ... الله أكبر يا ثاراتِ عثمانا   1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 42". 2 إسناده ضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 سيرة علي بن أبي طالب : 5- "ع" علي بن أبي طالب "ت 40 هـ" -رضي الله عنه. عَبْد مناف بن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف. أمير المؤمنين أَبُو الْحَسَن الْقُرَشِيّ الهاشمي، وأمُّه فاطمة بِنْت أسد بْن هاشم بْن عَبْد مناف الهاشمية، وهي بِنْت عم أبي طَالِب، كَانَتْ من المهاجرات، تُوُفيّت فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمدينة. قَالَ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ: قُلْتُ لأُمِّي اكْفِي فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- سِقَايَةَ الْمَاءِ وَالذَّهَابَ فِي الْحَاجَةِ، وَتَكْفِيكِ هِيَ الطَّحْنَ وَالْعَجْنَ، وَهَذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ. روى الكثير عن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعُرِض عليه القرآن وأقرأه. عرض عليه أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمّي، وأبو الأسود الدؤلي، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي ليلى. وروى عن عليّ: أَبُو بَكْر، وعمر، وبنوه الْحَسَن والحسين، ومحمد، وعمر، وابن عمّه ابن عَبَّاس، وابن الزُّبَيْر، وطائفة من الصحابة، وقيس بْن أبي حازم، وعلقمة بْن قَيْس، وعبيدة السَّلْمَانيّ، ومسروق، وأبو رجاء العُطَارديّ، وخلق كثير. وكان من السابقين الأوّلين، شهِدَ بدْرًا وما بعدها، وكان يُكنَى أَبَا تُراب أيضًا. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، إِنَّ رَجُلًا مِنْ آلِ مَرْوَانَ اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَدَعَانِي وَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتِمَ عَلِيًّا فَأَبَيْتُ، فَقَالَ: أَمَّا إِذَا أَتَيْتَ فَالْعَنْ أَبَا تُرَابٍ، فَقَالَ سَهْلٌ: مَا كَانَ لِعَلِيٍّ اسْمٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهُ، إِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ إِذَا دُعِيَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ قِصَّتِهِ لِمَ سُمِّيَ أَبَا تُرَابٍ؟ فَقَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ: "أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ"؟ فَقَالَتْ: قَدْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاظَنِي، فَخَرَجَ وَلَمْ يَقُلْ عِنْدِي، فَقَالَ لِإِنْسَانٍ: "اذْهَبِ انظر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 أَيْنَ هُوَ". فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ رَاقِدٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، فَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْسَحُ عنه التُّرَابَ وَيَقُولُ: "قُمْ أَبَا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وقال أَبُو رجاء العُطارِدِيّ: رَأَيْت عليًّا شيخًا أصلع كثير الشعر، كأنْما اجتاب2 إهابَ3 شاةٍ، رَبْعَةً عظيم البطن، عظيم اللِّحْية4. وقال سوادة بْن حَنْظَلة: رَأَيْت عليًّا أصفر اللّحية5. وعن مُحَمَّد بْن الحنفية قَالَ: اختضب عليٌّ بالحناء مرّة ثُمَّ تركه6. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: رَأَيْت عليًّا ورأسه ولحيته بيضاء، كأنّهما قُطْن7. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: رَأَيْت عليًّا أبيض اللحية، مَا رَأَيْت أعظم لحيةً منه، وَفِي رأسه زغبات. وقال أَبُو إِسْحَاق: رَأَيْته يخطب، وعليه إزار ورداء، أنزع، ضخْم البطْن، أبيض الرأس واللحية8. وعن أبي جَعْفَر الباقر قَالَ: كان عليّ آدمَ، شديد الأدمة، ثقيل العينين، عظيمَهُما، وهو إِلَى القِصَر أقرب9. قال عروة: أسلم عليٌّ وهو ابن ثمانٍ. وقال الْحَسَن بْن زَيْدُ بْن الْحَسَن: أسلم وهو ابن تسع.   1 صحيح: أخرجه البخاري "441" في كتاب الصلاة، باب: نوم الرجال في المسجد، ومسلم "2409" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي -رضي الله عنه. 2 اجتاب: لبس. 3 الإهاب: الجلد. 4 أخرج ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16" بعضه. 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16". 7 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16". 8 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 15، 16" بعضه. 9 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16" بإسناد ضعيف جدا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 وقال المُغِيرَة: أسلم وله أربع عشرة سنة. رواه جرير عَنْهُ. وثبت عن ابن عَبَّاس قَالَ: أول من أسلم عليّ1. وعن مُحَمَّد القُرَظِيّ قَالَ: أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ خَدِيجَةُ، وَأَوَّلُ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا أَبُو بَكْرٍ، وَعَلِيٌّ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ من أظهر الْإِسْلَام، وكان عليّ يَكْتُمُ الْإِسْلَامَ فَرَقًا مِنْ أَبِيهِ، حَتَّى لَقِيَهُ أَبُو طَالِب فقال: أسلمتَ؟ قَالَ: نعم، قَالَ: وازِرْ ابن عمّك وَانْصُرْهُ، وأسلم عليّ قبل أبي بَكْر2. وقال قَتَادَةَ إنّ عليًّا كان صاحب لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بدْر، وَفِي كل مشهد3. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ". قَالَ عُمَرُ: فَمَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَدَعَا عَلِيًّا فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ4، كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ بِطُرُقِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ أَبِي يَسْمُرُ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ عَلَيٌّ يَلْبَسُ ثياب الصيف في   1 صحيح بنحوه: أخرجه الترمذي "3755" في كتاب المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب، بلفظ "أول من صلى علي" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". وأخرجه الترمذي "3756" عن زيد بن أرقم قال: "أول من أسلم علي" وصححه الألباني وقد عارضه ما أخرجه الترمذي أيضا "3687" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي بكر، وأبو حبان "6863" عن أبي بكر الصديق قال: ألست أحق الناس بها، ألست أول من أسلم، وصححه الألباني. قلت: وهذا أرجح عند التعارض فإن أبا بكر -رضي الله عنه- قد أدرك هذه الفترة دون ابن عباس وزيد بن أرقم، أما ابن عباس فقد ولد بعد البعثة، وروى عنه أنه ولد أثناء حصار المسلمين في الشعب، وأما زيد بن أرقم فأنصاري، ومات متأخرا، فالظاهر أنه لم يدرك أول المبعث لا زمانا ولا مكانا، وبالتالي فروايتي ابن عباس وزيد بن أرقم كلاهما مرسل صحابي، وعند التعارض يقدم من شهد دون من أرسل، والله أعلم بالصواب. 2 مرسل. 3 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 14". 4 صحيح: أخرجه مسلم "2405" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب، والبيهقي في "الدلائل" "4/ 206". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف، فقلت لأبي: لَوْ سَأَلْتَهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ إِلَيَّ وَأَنَا أَرْمَدُ الْعَيْنِ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِي، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ"، فَمَا وَجَدْتُ حَرًّا وَلَا بَرْدًا مُنْذُ يَوْمَئِذٍ1. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوسَى: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: مَا رَمِدْتُ وَلا صَدَعْتُ مُنْذُ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجْهِي وَتَفَلَ فِي عَيْنِي2. وَقَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ عَلِيًّا حَمَلَ الْبَابَ عَلَى ظَهْرِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ، حَتَّى صَعِدَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فَفَتَحُوهَا يَعْنِي خَيْبَرَ، وَأَنَّهُمْ جَرُّوهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَحْمِلْهُ إِلا أَرْبَعُونَ رَجُلا3. تَفَرَّدَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ بِنْتِ السُّدِّيِّ، عَنِ الْمُطَّلِبِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي": حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرَايَتِهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنَ، خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ، فَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا عِنْدَ الْحِصْنِ، فَتَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ، وَهُوَ يُقَاتِلُ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ علينا، رأيتنا ثم ألقاه، فلقد رأينا ثَمَانِيَةَ نَفَرٍ، نَجْهَدُ أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَقْلِبَهُ4. وَقَالَ غُنْدَرٌ: عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْبَرَاءِ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي كَهَارُونَ مِنْ مُوسَى، غَيْرُ أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ" 5. مَيْمُونٌ صَدُوقٌ. وَقَالَ بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ سَعْدًا فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسُبَّ أبا تراب؟ قال: أما ذكرت ثلاثًا قالهن له رسول الله   1 حسن: أخرجه ابن ماجه "117" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحسنه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "95". 2 أخرجه أحمد "1/ 78". 3 إسناده ضعيف: ليث هو ابن أبي سليم ضعيف الحفظ. 4 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 5 صحيح: انظر الآتي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَنْ أَسُبَّهُ؛ لِأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ، وَخَلَّفَ عَلِيًّا فِي بَعْضِ مغازيه، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ قَالَ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي" 1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَسَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ2. وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} 3، دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَاطِمَةَ، وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي" 4. بُكَيْرٌ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ أَشْهَدُ لَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَلِيٍّ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ5، وَأَخَذَ بِضَبْعَيْهِ: "أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ مَوْلَاكُمْ"؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ" الْحَدِيثَ. إِبْرَاهِيمُ هَذَا، قَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. ويُرْوَى عَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَابنته فاطمة: "قد زَوَّجْتُكِ أعظَمَهُمْ حِلْمًا، وأقدَمَهُمْ سِلْمًا، وأكثرهم علمًا" 6.   1 صحيح: أخرجه البخاري "4416" في كتاب المغازي، باب: غزوة تبوك، ومسلم "2404" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب، والترمذي "3745" في كتاب المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب، وابن ماجه "115" في المقدمة، باب: في فضائل أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم"- وأحمد "1/ 185" والطبراني في "الأوسط" "2728"، وأبو نعيم في "الحلية" "10300، 10306"، والبيهقي في "الدلائل" "5/ 220". 2 صحيح: انظر التخريج السابق. 3 سورة آل عمران: 61. 4 صحيح: أخرجه مسلم "2404/ 32" في المصدر السابق، والترمذي "3745" كما تقدم. 5 غدير خم: موضع بالجحفة بين مكة والمدينة. 6 أخرجه أحمد "2615" عن معقل بن يسار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 وروى نحوه جابر الجعفي -وهو متروك- عن ابن بريدة عن أَبِيهِ. وَقَالَ الأجلح الكندي، عن عبد الله ن بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا بُرَيْدَةُ لَا تَقَعَنَّ فِي عَلِيٍّ فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وليكم بعدي". وقال الأعمش، عن سعيد بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كُنْتُ وَلِيُّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ" 1. وَقَالَ غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ" 2. هَذَا حَدِيثٌ صحيح. وقال أبو الجواب: حدثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُجَنَّبَتَيْنِ عَلَى إِحْدَاهُمَا عَلِيٌّ، وَعَلَى الْآخِرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَقَالَ: "إِذَا كَانَ قِتَالٌ فَعَلِيٌّ عَلَى النَّاسِ"، فَافْتَتَحَ عَلِيٌّ حِصْنًا، فَأَخَذَ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ، فَكَتَبَ خَالِدٌ فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكِتَابَ قَالَ: "مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ" قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ3. أَبُو الْجَوَّابِ ثِقَةٌ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَكُمُ الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ. "ح". وأخبرنا يحيى بن أبي مَنْصُورٍ، وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةٌ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْفُتُوحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَلَاجِلِيِّ قَالَا: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَاسِبُ، أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، ثنا عيسى بن علي   1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 350، 358، 361" وصححه الألباني في "الصحيحة" "1750" وقد استوعب طرقه وشواهده في بحث مطول، فانظر "الصحيحة" "4/ 330-344" واستوعب طرق هذا الحديث كذلك الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 265، 272" و"4/ 453، 458" وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 93": هو كثير الطرق جدًّا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3733" في كتاب المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب، وأحمد "4/ 368، 372" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 ضعيف: أخرجه الترمذي "3746" في المصدر السابق، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "776": ضعيف الإسناد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 بْنِ الْجَرَّاحِ إِمْلَاءً سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثنا أبو القاسم بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا سُوَيْدُ بْنُ سعيد، ثنل شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْ عَلِيٍّ، لَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا أَنَا أَوْ هو" 1. رواه ابْنُ مَاجَه عَنْ سُوَيْدٍ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى، عَنْ شَرِيكٍ، وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَدِّهِ. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْخَصَائِصِ. وَقَالَ جعفر بن سليمان الضبعي: ثنا يزيد الرِّشْكِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيًّا، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا قَدِمُوا مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَزْوًا، أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا رِحَالَهُمْ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَسِيرِهِمْ، فَأَصَابَ عَلِيٌّ جَارِيَةً فَتَعَاقَدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنُخْبِرَنَّهُ، قَالَ: فَقَدِمَتِ السَّرِيَّةُ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ بِمَسِيرِهِمْ، فَقَامَ إِلَيْهِ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَصَابَ عَلِيٌّ جَارِيَةً، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَامَ الثَّانِي فَقَالَ: صَنَعَ كَذَا وَكَذَا، فَأَعْرَضَ عنه، ثم الثالث كذلك، ثُمَّ الرَّابِعُ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ مُغْضَبًا فَقَالَ: "مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ، عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي" 2. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي "الْمُسْنَدِ" وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اشْتَكَى النَّاسُ عَلِيًّا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فينا خطيبًا، فقال: "لَا تَشْكُوا عَلِيًّا، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأُخَيْشَنٌ 3 فِي ذات الله - أو في سبيل ال له " 4. رواه سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ عَمِّهِ سُلَيْمَانُ بْنُ محمد أبو كعب، عن عمتهما.   1 صحيح: أخرجه الترمذي "3740" في المصدر السابق، وابن ماجه "119" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 أخرجه الترمذي "3732" في المصدر السابق، في "الكبرى" "8474"، وأبو نعيم في "الحلية" "8783" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 أخيشن: تصغير: أخشن. 4 أخرجه الحاكم "4654". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 ويُروى عَنْ عَمْرِو بْنِ شَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ آذَى عَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي" 1. وَقَالَ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: جَمَعَ عَلِيٌّ النَّاسَ فِي الرَّحْبَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَنْشُدُ اللَّهَ كُلَّ امْرِئٍ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ مَا سَمِعَ لَمَّا قَامَ، فَقَامَ نَاسٌ كَثِيرٌ فَشَهِدُوا حِينَ أَخَذَ بِيَدِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: "أَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ"؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ" ثُمَّ قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ ذَلِكَ لَهُ2. قَالَ شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سُرَيْحَةَ -أَوْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، شَكَّ شُعْبَةُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فعليٌّ مَوْلَاهُ" 3. حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَمْ يُصحِّحْهُ4 لِأَنَّ شُعْبَةَ رواه عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ نَحْوِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَ شُعْبَةَ من طريقين، والأول رواه بُنْدَارٌ، عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْهُ. وَقَالَ كَامِلٌ أَبُو الْعَلَاءِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ" 5. وروى نحوه يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أبي ليلى، أنّه سمع عليًّا ينشد فِي الرَّحبة. وروى نحوه عَبْد الله بْن أَحْمَد فِي مسند أَبِيهِ، من حديث سِمَاك بْن عُبَيْد، عن ابن أبي ليلى، وله طُرُق أخرى ساقها الحافظ ابن عساكر فِي ترجمة عليّ يصدّق بعضها بعضًا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي هارون، عن عدي بن ثابت،   1 أخرجه الحاكم "4619". 2 إسناده صحيح: أخرجه أحمد "4/ 370" وقال الألباني في "الصحيحة" "4/ 331": إسناده صحيح على شرط البخاري. 3 صحيح وقد تقدم. 4 في نسخة السنن عندي "قال أبو عيسى -أي الترمذي- هذا حديث حسن صحيح". 5 صحيح: تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَحْتَ شَجَرَتَيْنِ، ونُودي فِي النَّاسِ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا فَأَخَذَ بِيَدِهِ، وَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ: "أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُلِّ مؤمن من نفسه"؟ قالوا: بلى، فقال: "فَإِنَّ هَذَا مَوْلَى مَنْ أَنَا مَوْلاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ" 1. فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: هَنِيئًا لَكَ يَا عَلِيُّ، أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَغَيْرُهُ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ الْقَارِيِّ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: ثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَطْيَارٌ، فَقَسَّمَهَا، وَتَرَكَ طَيْرًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي" فَجَاءَ عَلِيٌّ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الطَّيْرِ2. وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ عَنْ أَنَسٍ مُتَكَلَّمٌ فِيهَا، وَبَعْضُهَا عَلَى شَرْطِ السنن3، ومن أَجْوَدِهَا حَدِيثُ قَطَنِ بْنِ نُسَيْرٍ شَيْخِ مُسْلِمٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَلٌ مَشْوِيٌّ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ4. وَقَالَ جَعْفَرُ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَحَبُّ النِّسَاءِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ، وَمِنَ الرِّجَالِ عَلِيٌّ5. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أم   1 صحيح بنحوه: أخرجه ابن ماجه "116" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "4/ 281" وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "94". 2 ضعيف: أخرجه الترمذي "3742" في كتاب المناقب، مناقب علي بن أبي طالب، وأبو نعيم في "الحلية" "8973" وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" 773": ضعيف. 3 وقد جمعها الحافظ ابن كثير في "البداية" "4/ 458-462" وقال فهذه طرق متعددة عن أنس بن مالك وكل منها فيه ضعف ومقال. ثم نقل عن المصنف أنه قال: ويروى هذا الحديث من وجوه باطلة أو مظلمة. 4 عزاة الحافظ ابن كثير في "البداية" "4/ 458" لأبي يعلى. 5 منكر: أخرجه الترمذي "3894" في كتاب المناقب، باب: فضل فاطمة -رضي الله عنها- وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "1/ 811": منكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 سَلَمَةَ، فَقَالَتْ لِي: أَيُسَبُّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: مَعَاذَ اللَّهِ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ سَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ سَبَّنِي"1. ورواه أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيَّ أَنَّهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يَبْغَضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ بِبُغْضِهِمْ عليًّا3. وقال أبو الزبير، عن جابر قال: ما كنا نعرف منافقي هذه الأمة إلا بِبُغْضِهِمْ عَلِيًّا4. قَالَ الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ -أَحَدُ الْضُّعَفَاءِ- ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ، وَحَمَلَنِي إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ، وَأَعْتَقَ بِلَالًا. رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، يَقُولُ الْحَقَّ، وَإِنْ كان مرا، تركه الحق وما له من صديق. رحم الله عثمان تستحييه الملائكة. رحم اللَّهُ عَلِيًّا، اللَّهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ"5. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: يَهْلِكَ فِيَّ رَجُلانِ، مُبْغِضٌ مُفْتَرٍ، وَمُحِبٌّ مُطْرٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عن سعيد بن جبير،   1 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 323" وقال الألباني في "الصحيحة" "3/ 288": إسناده ضعيف. 2 صحيح: أخرجه مسلم "78" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على أن حب الأنصار وعلي -رضي الله عنه- من الإيمان، الترمذي "3757" في كتاب المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب، والنسائي "8/ 116" في كتاب الإيمان، باب: علامة الإيمان، وابن ماجه "114" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه الترمذي "3737" في المصدر السابق، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "769": ضعيف الإسناد جدًّا. 4 إسناده ضعيف: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. 5 ضعيف جدًّا: أخرجه الترمذي "3734" في المصدر السابق، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي"767": ضعيف جدًّا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ قَاعِدَةً مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيٌّ فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ هَذَا سَيِّدُ الْعَرَبِ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْتَ سَيِّدَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَهَذَا سَيِّدُ الْعَرَبِ" 1. وَرُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ مِثْلُهُ، عَنْ عَائِشَةَ. وَهُوَ غَرِيبٌ. قال أَبُو الجحّاف، عن جُمَيِّع بْن عمير التَّيْميّ قَالَ: دخلت مع عمّتي على عَائِشَةَ، فسُئلَتْ: أيُّ النّاس كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: فاطمة، فقيل: من الرجال، فقالت: زوجها، إنْ كان مَا علِمْتُ صوّامًا قوّامًا2. أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب. قلت: جُمَيع كذَّبه غير واحد. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى نَخِيلِ امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَطَلَعَ أَبُو بَكْرٍ، فَبَشَّرْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَطَلَعَ عُمَرُ، فَبَشَّرْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" وَجَعَلَ يَنْظُرُ مِنَ النَّخْلِ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيًّا". فَطَلَعَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3. حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اثْبُتْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ" وَعَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ. وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْعَشْرَةِ4. وقال مُحَمَّد بْن كعب القُرَظي: قال عليّ: لقد رأيتني مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنّي لأرْبُطُ الحجر على بطني من الجوع، وإنّ صَدَقَة مالي لَتَبْلُغُ اليوم أربعين ألفًا5. رواه شريك، عن عاصم بْن كُلَيْب، عَنْهُ. أخرجه أحمد في "مسنده".   1 أخرجه الحاكم في "مستدركه" "3/ 124". 2 منكر: أخرجه الترمذي "3900" في كتاب المناقب، باب: فضل فاطمة -رضي الله عنها- ويأتي عن المصنف قوله: ليس إسناده بذلك. وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "813": منكر. 3 أخرجه أحمد "3/ 356، 380". 4 أخرجه أبو يعلى "2445". 5 أخرجه أحمد "1/ 159". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: قال عليّ: مَا كان لنا إلّا إهابُ كَبْشٍ ننام على ناحيته، وتعجن فاطمة على ناحيته، يعني ننام على وجهٍ، وتعْجِنُ على وجه. وَقَالَ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْيَمَنِ، وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، لَيْسَ لِي عِلْمٌ بِالْقَضَاءِ، فَضَرَبَ صَدْرِي وَقَالَ: "اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ" قَالَ: فَمَا شَكَكْتُ فِي قضاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدُ1. وَقَالَ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ إِلا كِتَابَ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ، وَفِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ وَشَيْءٌ مِنَ الْجِرَاحَاتِ، فَقَدْ كَذَبَ2. وَعَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْمَسِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ إِلا وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَا نَزَلَتْ وَأَيْنَ نَزَلَتْ، وَعَلَى مَنْ نَزَلَتْ، وَإِنَّ رَبِّي وَهَبَ لِي قَلْبًا عَقُولا، وَلِسَانًا نَاطِقًا. وقال مُحَمَّد بْن سِيرِينَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبطأ عليّ عن بيعة أبي بَكْر، فلقيه أَبُو بَكْر فقال: أَكَرِهْتَ إمارتي? فقال: لَا، ولكن آليْتُ لَا أرتدي بردائي إلّا إِلَى الصلاة، حَتَّى أجمع القرآن، فزعموا أنّه كتبه على تنزيله فقال مُحَمَّد: لو أصبتُ ذلك الكتاب كان فِيهِ العلم3. وقال سَعِيد بْن المسيب: لم يكن أحد من الصحابة يقول: "سلوني" إلّا عليّ. وقال ابن عَبَّاس: قَالَ عُمَر: عليّ أقضانا، وأُبَي أقْرؤنا. وقال ابن مَسْعُود: كنّا نتحدث أنّ أقضى أَهْل المدينة عليّ. وقال ابن المسيّب، عن عُمَر قَالَ: أعوذ بالله من معضلةٍ ليس لها أَبُو حَسَن. وقال ابن عَبَّاس: إذا حَدَّثَنَا ثقةٌ بفُتيا عن عليّ لم نتجاوزها.   1 أخرجه أحمد "1/ 88، 136". 2 تقدم بنحوه. 3 مرسل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ كُلَيْبٍ، عَنْ جَسْرَةَ، قَالَتْ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ صَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَقَالَتْ: مَنْ يَأْمُرُكُمْ بِصَوْمِهِ? قَالُوا: عَلِيٌّ قَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالسُّنَّةِ. وقال مسروق: انتهى علْم أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عُمَر، وعليّ، وعبد الله. وقال مُحَمَّد بْن مَنْصُورٌ الطُّوسيّ: سمعت أَحْمَد بْن حنبل يقول: مَا ورد لأحدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الفضائل مَا ورد لعليّ. وقال أَبُو إِسْحَاق، عَنْ عُمَرو بْن مَيْمُونٍ قَالَ: شهدت عُمَر يوم طُعِن، فذكر قصّة الشُّورى، فلمّا خرجوا من عنده قال عمر: إن يولوها الأجيلح يسلك بهم الطَّريق المستقيم، فقال له ابنه عَبْد الله فَمَا يمنعك؟ -يعني أن تولّيه- قَالَ: أكره أن أتحمَّلها حيًّا وميتًا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا فِي الإِمَارَةِ شَيْئًا، وَلَكِنْ رَأْيٌ رَأَيْنَاهُ، فَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَامَ وَاسْتَقَامَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَقَامَ وَاسْتَقَامَ، ثُمَّ ضَرَبَ الدَّيْنُ بِجِرَانِهِ، وَإِنَّ أَقْوَامًا طَلَبُوا الدُّنْيَا فَمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَ مِنْهُمْ عَذَّبَ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَرْحَمَ رَحِمَ1. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهْدًا إِلا شَيْئًا عَهِدَهُ إِلَى النَّاسِ، وَلَكِنَّ النَّاسُ وَقَعُوا فِي عُثْمَانَ فَقَتَلُوهُ، فَكَانَ غَيْرِي فِيهِ أَسْوَأَ حَالا وَفِعْلا مِنِّي، ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَحَقُّهُمْ بِهَذَا الأَمْرِ، فَوَثَبْتُ عَلَيْهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَصَبْنَا أمُّ أَخْطَأْنَا2. قَرَأتُ عَلَى أَبِي الْفَهْمِ بْنِ أَحْمَدَ السُّلَمِيِّ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنْبَأَ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأَ مَالِكُ بْنُ أَحْمَدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ محمد بن عبد الله   1 أخرجه أحمد "1/ 114" مختصرا. 2 إسناده ضعيف: علي بن زيد سيئ الحفظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 المعدل إملاء سنة ست وأربعمائة، حدثنا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْبَصْرَةَ قَامَ إِلَيْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ، وَقَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ فَقَالا لَهُ: أَلا تُخْبِرُنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا الَّذِي سِرْتَ فِيهِ، تَتَوَلَّى عَلَى الأُمَّةِ، تَضْرِبُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، أَعَهْدٌ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَهُ إِلَيْكَ، فَحَدِّثْنَا فَأَنْتَ الْمَوْثُوقُ الْمَأْمُونُ عَلَى مَا سَمِعْتَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدِي عَهْدٌ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذَلِكَ فَلا، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ أَوَّلَ مَنْ صَدَّقَ بِهِ، فَلا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهْدٌ فِي ذَلِكَ، مَا تَرَكْتُ أَخَا بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُومَانِ عَلَى مِنْبَرِهِ، وَلَقَاتَلْتُهُمَا بِيَدِي، وَلَوْ لَمْ أَجِدْ إِلا بُرْدِي هَذَا، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُقْتَلْ قَتْلا، وَلَمْ يَمُتْ فَجْأَةً، مَكَثَ فِي مَرَضِهِ أَيَّامًا وَلَيَالِيَ، يَأْتِيهِ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤَذِّنُهُ بِالصَّلاةِ، فَيَأْمُرُ أَبَا بَكْرٍ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَهُوَ يَرَى مَكَانِي، ثُمَّ يَأْتِيهِ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤَذِّنُهُ بِالصَّلاةِ، فَيَأْمُرُ أَبَا بَكْرٍ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَهُوَ يَرَى مَكَانِي، وَلَقَدْ أَرَادَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ أَنْ تَصْرِفَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَأَبَى وَغَضِبَ وَقَالَ: "أَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ". فلمّا قبض الله نبيه، نظرنا فِي أمورنا، فاخترنا لُدنيانا من رضيه نبيُّ الله لدِيننا. وكانت الصلاة أصل الْإِسْلَام، وهي أعظم الأمر، وقوام الدين. فبايعنا أَبَا بَكْر، وكان لذلك أهلًا، لم يختلف عليه منّا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم نقطع منه البراءة، فأدّيتُ إِلَى أبي بَكْر حقَّه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه فِي جنوده، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي، فلما قبض، ولّاها عُمَر، فأخذ بسُنَّة صاحبه، وما يعرف من أمره، فبايعْنا عُمَر، لم يختلف عليه منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم نقطع البراءة منه. فأدّيتُ إِلَى عمر حقه، وعرفت طاعته، وغزوت معه فِي جيوشه، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسَوْطي. فَلَمَّا قُبِض تذكَّرت فِي نفسي قرابتي وسابقتي وسالفتي وفضلي، وأنا أظن أن لَا يَعْدِلَ بي، ولكنْ خشي أن لَا يعمل الخليفة بعده ذَنْبًا إلّا لحِقَه فِي قبره، فأخرج منها نفسه وولده، ولو كانت محاباة منه لآثر بها ولده فبرئ منها إِلَى رهطِ من قريش ستّة، أَنَا أحدهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 فَلَمَّا اجتمع الرهط تذكَّرت فِي نفسي قرابتي وسابقتي وفضلي، وأنا أظن أن لَا يَعْدِلُوا بي، فأخذ عَبْد الرَّحْمَن مواثقنا على أن نسمع ونُطيع لمن ولّاه الله أمرَنا، ثُمَّ أخذ بيد ابن عَفَّان فضرب بيده على يده، فنظرت في أمري، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي، وَإِذَا ميثاقي قد أَخَذَ لغيري، فبايعنا عثمان، فأديت له حقَّه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه فِي جيوشه، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي. فلما أصيبَ نظرت فِي أمري، فإذا الخليفتان اللّذان أخذاها بِعَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهما بالصلاة قد مضيا، وهذا الَّذِي قد أُخذ له الميثاق، قد أصيب، فبايعني أَهْل الحرمين، وأهل هذين المصرين1. روى إسحاق بن راهويه نحوه، عن عبدة بْن سُلَيْمَان، ثنا أَبُو العلاء سالم المُرَاديّ، سمعت الْحَسَن، وروى نحوه وزاد فِي آخره: فوثب فيها من ليس مثلي، ولا قرابتُهُ كقرابتي، ولا عِلْمه كعِلْمي، ولا سابقتُهُ كسابقتي، وكنت أحقُّ بها منه. قَالا: فأخبرنا عن قتالك هذين الرجلين -يعنيان: طَلْحَةَ والزُّبَيْر- قَالَ: بايعني بالمدينة، وخلعاني بالبصرة، ولو أنّ رجلًا ممّن بايع أَبَا بَكْر وعمر خَلَعَهُ لقاتلناه. وروى نحوه الجُرَيْري، عن أبي نَضْرَةَ. وَقَالَ أَبُو عَتَّابٍ الدَّلَّالُ: ثنا مُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ التَّيْمِيُّ، ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ، وَحَمَلَنِي إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ، وَأَعْتَقَ بِلَالًا. رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، يَقُولُ الْحَقَّ، وَلَوْ كَانَ مُرًّا، تركه الحق وما له من صديق. رحم الله عثمان تستحيه الْمَلَائِكَةُ. رَحِمَ اللَّهُ عَلِيًّا، اللَّهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ"2. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، كَمَا قاتلت على تنزيله".   1 إسناده ضعيف جدا: أبو بكر الهذلي متروك كما تقدم. 2 ضعيف جدا: وقد تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا هُوَ? قَالَ: لَا، قَالَ عُمَرُ: أَنَا هُوَ? قَالَ: "لَا، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ، وَكَانَ أَعْطَى عَلِيًّا نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا" 1. قُلْتُ: فَقَاتَلَ الْخَوَارِجَ الَّذِينَ أَوَّلُوا الْقُرْآنَ بِرَأْيِهِمْ وَجَهْلِهِمْ. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ سَلامِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: جَاءَ أُنَاسٌ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا: أَنْتَ هُوَ، قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالُوا: أَنْتَ هُوَ، قَالَ: وَيْلَكُمْ مَنْ أَنَا؟ قَالُوا: أَنْتَ رَبُّنَا، قَالَ: ارْجِعُوا، فَأَبَوْا، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ خَدَّ2 لَهُمْ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: يَا قَنْبَرُ ائْتِنِي بِحِزَمِ الْحَطَبِ، فَحَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ وَقَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ الأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرًا ... أَوْقَدْتُ نَارِي وَدَعَوْتُ قُنْبُرا وقال أَبُو حيان التَّيْميّ: حَدَّثَنِي مجمّع، أنّ عليًّا كان يكنس بيت المال ثُمَّ يصلي فِيهِ، رجاء أن يشهد له أنّه لم يحبس فِيهِ المال عن المُسْلِمين. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، وَاللَّهِ الَّذِي لا إلَهُ إِلا هُوَ، مَا رَزَأْتُ3 من مالكم قليلًا ولا كثير، إِلا هَذِهِ الْقَارُورَةَ، وَأَخْرَجَ قَارُورَةً فِيهَا طِيبٌ، ثُمَّ قَالَ: أَهْدَاهَا إليَّ دِهْقَانَ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ يَوْمَ الأَضْحَى فَقَرَّبَ إِلَيْنَا خَزِيرَةً، فَقُلْتُ: لَوْ قَرَّبْتَ إِلَيْنَا مِنْ هَذَا الإِوَزِّ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْثَرَ الْخَيْرَ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا يَحِلُّ لِلْخَلِيفَةِ مِنْ مَالِ اللَّهِ إِلا قَصْعَتَانِ، قَصْعَةٌ يَأْكُلُهَا هُوَ وَأَهْلُهُ، وَقَصْعَةٌ يَضَعُهَا بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ"4. وقال سُفْيَان الثوري: إذا جاءك عن عليّ شيءٌ فخُذْ به، مَا بنى لَبِنَةً، على لَبِنَة، ولا قَصْبة على قصْبَة، ولقد كان يُجاء بجيوبه فِي جُراب. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى علي   1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 435". 2 خد: أي شق. 3 رزأت: أصبت. 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 78" وابن لهيعة ضعيف الحفظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 بالخوارنق، وَعَلَيْهِ سَمَلُ1 قَطِيفَةٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَكَ لأَهْلِ بَيْتِكَ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبًا، وَأَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا بِنَفْسِكَ! فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرْزَؤُكُمْ شَيْئًا، وَمَا هِيَ إِلا قَطِيفَتِي الَّتِي أَخْرَجْتُهَا مِنْ بَيْتِي. وعن علي أنّه اشترى قميصًا بأربعة دراهم فلبسه، وقطع مَا فضل عن أصابعه من الكُمّ. وعن جُرْمُوز قَالَ: رَأَيْت عليًّا وهو يخرج من القصر، وعليه إزارٌ إِلَى نصف السّاق، ورداءٌ مُشَمَّر، ومعه دِرَّةٌ يمشي بها فِي الأسواق، ويأمرهم بتقوى الله وحُسْن البَيْع، ويقول: أوْفُوا الكيل والميزان، ولا تنفخوا اللَّحْم. وقال الْحَسَن بْن صالح بْن حيّ: تذاكروا الزُّهاد عند عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز، فقال: أزهد النّاس فِي الدُّنيا عليّ بْن أبي طَالِب. وعن رَجُل أنّه رَأَى عليًّا قد ركب حمارًا ودلّى رجليْه إِلَى موضع واحد، ثُمَّ قَالَ: أَنَا الَّذِي أهنتُ الدُّنيا. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمَّارٍ الحضرمي، عن أبي عمر زاذان، أَنَّ رَجُلا حَدَّثَ عَلِيًّا بِحَدِيثٍ، فَقَالَ: مَا أَرَاكَ إِلا قَدْ كَذَّبْتَنِي، قَالَ: لَمْ أَفْعَلْ، قَالَ: إنْ كِنْتَ كَذَبْتَ أَدْعُو عَلَيْكَ، قَالَ: ادْعُ، فَدَعَا، فَمَا بَرَحَ حَتَّى عُمِيَ. وقال عطاء بْن السّائب، عن أبي البَخْتَرِيّ، عن عليّ قَالَ: وأبْردُها على الْكَبِدِ إذا سُئلْتُ عمّا لَا أعلم أن أقول: الله أعلم. وقال خَيْثَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن: قال عليّ: من أراد أن يُنِصف النّاس من نفسه فلْيُحِبَ لهم مَا يحبّ لنفسه. وقال عَمْرو بْن مُرَّة، عن أبي البَخْتَرِيّ قَالَ: جاء رَجُل إِلَى عليّ فأثنى عليه، وكان قد بَلَغَه عَنْهُ أمرٌ، فقال: إنّي لست كما تقول، وأنا فوق مَا فِي نفسك. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الأَسَدِيُّ -وَهُوَ صَدُوقٌ- ثنا أبو مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ -وَهُوَ وَاهٍ-2 عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صَوْحَانَ قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ علي أتيناه، فقلنا:   1 السمل: البالي من الثياب. 2 متروك ومتهم بالكذب كما في "الميزان" "8928". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 اسْتَخْلِفْ، قَالَ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِكُمْ خَيْرًا اسْتَعْمَلَ عَلَيْكُمْ خَيْرَكُمْ، كَمَا أَرَادَ بِنَا خَيْرًا وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا أَبَا بَكْرٍ. وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ: أَلَا تُوصِي؟ قَالَ: مَا أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَوْصَى، وَلَكِنْ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِالنَّاسِ خَيْرًا سَيَجْمَعُهُمْ على خيرهم، كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ. وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَلْعٍ الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: استُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ بِعَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسُنَّتِه، الْحَدِيثَ1. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبْعٍ، سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ: لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَمَا يَنْتَظِرُنِي إِلا شَقِيٌّ، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبِرْنَا عَنْهُ نُبِرُّ، عِتْرَتَه، قَالَ: أنشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَنْ تَقْتُلُوا غَيْرَ قَاتِلِي، قَالُوا: فَاسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا، قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرَككُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فَمَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا أَتَيْتَهُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ تَرَكْتَنِي فِيهِمْ مَا بَدَا لَكَ، ثُمَّ قَبَضْتَنِي إِلَيْكَ، وَأَنْتَ فِيهِمْ، إِنْ شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ2. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَزِيدَ الْحِمَّانِيِّ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ يُسِرُّ إِلَيَّ النّبيُّ -صلى الله عليه وسلم: "لتخضبن هذه من هَذِهِ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ، فَمَا يُحبس أَشْقَاهَا" 3. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قدِمَ عَلَى عَلِيٍّ قَوْمٌ مِنَ الْبَصْرَةِ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ مِنْهُمُ الْجَعْدُ بْنُ نَعْجَةَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عَلِيُّ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: بَلْ مَقْتُولٌ: ضَرْبَةٌ عَلَى هَذِهِ تُخَضِّبُ هَذِهِ، عَهْدٌ مَعْهُودٌ وَقَضَاءٌ مَقْضِيٌّ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى، قال: وعاتبه في لباسه فقال: مالكم وللباسي، هو أبعد من الكبر، وأجدر أن يقتدي بي المسلم4.   1 أخرجه أحمد "1/ 114" وقد تقدم. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 20". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 439". 4 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 438، 439" وشريك في حفظه ضعف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 وقال فِطْر، عن أبي الطُّفَيْل: إنّ عليًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- تمثّل: أشْدُدْ حَيَازِيمَكَ للموت ... فَإِن الموتَ لاقيكا ولا تَجْزَعْ من القتل ... إذا حَلَّ بوادِيكا وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، وَقَدْ وَضَعْتُ قَدَمِي فِي الْغَرْزِ، فَقَالَ لِي: لا تَقْدَمِ الْعِرَاقَ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُصيبك بِهَا ذُبَابُ السَّيْفِ، قُلْتُ: وَأَيْمُ اللَّهِ لَقَدْ أخبرني به رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو الأَسْوَدِ: فَمَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ قَطُّ مُحَارِبًا يُخْبِرُ بِذَا عَنْ نَفْسِهِ1. قال ابْن عتبة: كان عَبْد الملك رافضيًّا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ، حَدَّثَنِي الأَصْبَغُ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُصِيبَ فِيهَا عَلِيٌّ أَتَاهُ ابْنُ النَّبَّاحِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ، فَقَامَ يَمْشِي، فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ الصَّغِيرَ، شَدَّ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ، فَضَرَبَهُ، فَخَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَجَعَلَتْ تقول: ما لي وَلِصَلاةِ الصُّبْحِ، قُتِلَ زَوْجِي عُمَرُ صَلاةَ الْغَدَاةِ، وقُتِلَ أَبِي صَلاةَ الْغَدَاةِ. وَقَالَ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ لَيْلَةِ قُتِلَ عَلِيٌّ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: خَرَجْتُ الْبَارِحَةَ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُصَلِّي فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ إِنِّي بِتُّ الْبَارِحَةَ أُوقِظُ أَهْلِي لأَنَّهَا لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ صَبِيحَةَ بَدْرٍ، لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ، فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الأَوَدِ2 وَاللَّدَدِ3، فَقَالَ: "ادْعُ عَلَيْهِمْ" فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي. فَجَاءَ ابْنُ النَّبَّاحِ فَآذَنَهُ بِالصَّلاةِ، فَخَرَجَ، وَخَرَجْتُ خَلْفَهُ، فَاعْتَوَرَهُ رَجُلانِ: أَمَّا أَحَدُهُمَا فَوَقَعَتْ ضَرْبَتُهُ فِي السُّدَّةِ، وأما الآخر فأثبتها في رأسه4.   1 أخرجه الحاكم "4678" وضعف الحافظ الذهبي إسناده في "التلخيص". 2 الأود: العوج. 3 اللدد: شدة الخصومة. 4 إسناده ضعيف: أبو جناب الكلبي ضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 وقال جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، إنّ عليًّا كان يخرج إِلَى الصلاة، وَفِي يده دِرَّةٌ يوقظ النّاس بها، فضربه ابن مُلجَم، فقال علي أطعموه واسقوه فإن عشت فأنا ولي دمي. رواه غيره، وزاد: فإنْ بقيتُ قَتَلْتُ أو عفوتُ فإنْ مِتُّ فاقتلوه قِتْلَتي، ولا تعتدوا إنّ الله لَا يحب المعتدين. وقال مُحَمَّد بْن سعد: لقي ابنُ مُلْجم شَبِيبَ بْن بَجْرة الأشجعيّ، فأعلمه بما عزم عليه من قُتِلَ عليّ، فوافقه، قَالَ: وجلسا مقابل السُّدة التي يخرج منها عليّ، قَالَ الْحَسَن: وأتيته سَحَرًا، فجلست إليه فقال: إنّي مَلَكَتْني عيناي وأنا جالس، فسنح لي النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر المنام المذكور. قَالَ: وخرج وأنا خلفه، وابن النّبّاح بين يديه، فَلَمَّا خرج من الباب نادى: أيُّها النّاس الصلاة الصلاة، وكذلك كان يصنع كل يوم، ومعه دِرَّتُهُ يُوقِظُ النّاس، فاعْتَرَضَهُ الرجلان، فضربه ابنُ مُلْجَم على دماغِه، وأمّا سيف شبيب فوقع فِي الطّاق، وسمع النّاس عليًّا يقول: لَا يَفُوتَنَّكُمُ الرجل، فشدّ النّاس عليهما من كل ناحية، فهرب شبيب، وَأُخِذَ عَبْد الرَّحْمَن، وكان قد سمّ سيفه. ومكث عليّ يوم الجمعة والسبت، وتُوُفيّ ليلة الأحد، لإحدى عشرة لَيْلَةً بقيت من رمضان. فَلَمَّا دُفِنَ أحضروا ابن ملجم، فاجتمع النّاس، وجاءوا بالنّفْط والبَوَاري، فقال مُحَمَّد بْن الحنفية، والحسين، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن أبي طَالِب: دَعُونا نَشْتَفّ منه، فقطع عَبْد الله يديه ورِجْلَيه، فلم يجزع ولم يتكلم، فكَحَل عينيه، فلم يجزع، وجعل يقول: إنّك لَتَكْحُل عيني عمّك، وجعل يقرأ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} 1 حَتَّى ختمها، وإنّ عينيه لَتَسيلان، ثُمَّ أمر به فعولج عن لسانه ليُقْطَع، فجزع، فَقِيلَ له في ذلك. فقال: ما ذاك بِجَزَعٍ، ولكنّي أكره أن أبقى فِي الدُّنيا فُوَاقًا لَا أذكر الله، فقطعوا لسانه، ثُمَّ أحرقوه فِي قَوْصرة، وكان أسمر حَسَن الوجه، أفلَجَ، شعْرُهُ مع شَحْمَه أُذُنيه، وَفِي جبهته أثر السُّجود. ويُرْوَى أن عليًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- أمرهم أن يحرِّقوه بعد الْقَتْلِ. وقال جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ قَالَ: صلّى الحَسَن على عليّ، وَدُفِنَ بالكوفة، عند قصر الإمارة، وعمي قبره.   1 سورة العلق: 1. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 وعن أبي بَكْر بْن عيّاش قَالَ: عَمُّوه لئلّا تَنْبُشَه الخوارج. وقال شَرِيك، وغيره: نقله الْحَسَن بْن عليّ إِلَى المدينة. وذكر المُبَرّد عن مُحَمَّد بْن حبيب قَالَ: أوّل من حُوِّلَ من قبرٍ إِلَى قبرٍ عليّ. وقال صالح بْن احمد النَّحْويّ: ثنا صالح بْن شُعيب، عن الْحَسَن بْن شُعَيب الفَرَويّ، أنّ عليًّا صُيِّر فِي صُندوقٍ، وكثَّروا عليه من الكافور، وَحُمِلَ على بعير، يريدون به المدينة، فَلَمَّا كان ببلاد طيّء، أضلوا البعير ليلًا، فأخذته طيء وهم يظنون أنّ فِي الصُّندوق مالًا فلمّا رأوه خافوا فدفنوه ونحروا البعير فأكلوه. وقال مُطَيْن: لو عَلِمَتِ الرافضة قبرَ مَن هَذَا الَّذِي يُزار بظاهر الكوفة لَرَجَمَتْهُ، هَذَا قبر المُغيرة بْن شُعْبَة. قال أبو جَعْفَر الباقر: قُتِلَ عليّ وهو ابنُ ثمانٍ وخمسين. وعنه رواية أخرى أنّه عاش ثلاثًا وستّين سنة، وكذا رُوِيَ عن ابنُ الحنفية، وقاله أبو إِسْحَاق السبيعيّ، وأبو بَكْر بْن عياش، وينصر ذلك ما رواه ابنُ جُريْج، عن مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب، أنه أخبر أنّ عليًّا تُوُفيّ لثلاثٍ أو أربعٍ وستين سنة. وعن جَعْفَر الصادق، عن أَبِيهِ قَالَ: كان لعلي سبع عشر سرِيّة. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: خَطَبَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ: لَقَدْ فَارَقَكُمْ بِالأَمْسِ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ إِلا الأَوَّلُونَ بِعِلْمٍ، وَلا يُدْرِكُهُ الآخِرُونَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِيهِ الرَّايَةَ، فَلا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ، مَا تَرَكَ بَيْضَاءَ وَلا صَفْرَاءَ، إِلا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فضلت من عطائه، كان أرصدها لخادم أهله. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرٍو الأَصَمِّ قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِنَّ الشِّيعَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا مَبْعُوثٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: كَذَبُوا وَاللَّهِ مَا هَؤُلاءِ بِشِيعَةٍ، لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَبْعُوثٌ مَا زَوَّجْنَا نِسَاءَهُ، وَلا قَسَّمْنَا مِيرَاثَهُ. وَرَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، بَدَلَ عَمْرٍو. ولو استوعبنا أخبار أمير المؤمنين لطال الكتاب. والله تعالى أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 وقعة الجمل: سنة ست وثلاثين: لمّا قُتِلَ عثمان صبرًا، سُقِط في أيدي أصحاب النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبايعوا عليًّا، ثمّ إنّ طلحة بن عُبَيْد الله، والزُّبَيْر بن العوام، وأمّ المؤمنين عائشة، ومَن تبِعَهُم رأوا أنّهم لَا يخلِّصهم ممّا وقعوا فيه من تَوَانِيهم في نُصْرة عثمان، إلّا أن يقوموا في الطلب دمه، والأخْذ بثأره من قَتَلَته، فساروا من المدينة بغير مشورةٍ من أمير المؤمنين عليّ، وطلبوا البصرة. قَالَ خليفة: قدِم طلْحة، والزُّبَيْر، وعائشة البصرة، وبها عثمان بن حُنَيْف الأنصاريّ وَالِيًا لعليّ، فخاف وخرج منها، ثمّ سار عليّ من المدينة، بعد أن استعمل عليها سهل بن حُنَيْف أخا عثمان، وبعث ابنه الحسن، وعمّار بن ياسر إلى الكوفة بين يديه يستنفران النّاس، ثمّ إنّه وصل إلى البصرة، وهو أحد الرءوس الذين خرجوا على عثمان كما سلف، فالتقى هو وجيش طلْحة والزُّبَيْر، فقتل الله حُكَيْمًا في طائفة من قومة، وقُتِل مقدّم جيش الآخرين أيضًا مُجَاشع بن مسعود السُّلَميّ. ثمّ اصطلحت الفئتان، وكفُّوا عن القتال، على أن يكون لعثمان بن حُنَيْف دار الإمارة والصّلاة، وأن ينزل طلحة والزبير حيث شاءا من البصْرة، حتّى يقدم عليّ -رضي الله عنه. وَقَالَ عمّار لأهل الكوفة: أما واللَّهِ إنّي لأعلم أنّها -يعني عائشة- زَوْجَة نبيكم في الدُّنيا والآخرة، ولكنّ الله ابتلاكم بها لينظُر أَتَّتبِعُونه أو إيّاها. قَالَ سعد بن إبراهيم الزُّهْريّ: حدّثني رجلٌ من أسلم قَالَ: كنّا مع عليّ أربعة آلاف من أهل المدينة. وَقَالَ سعيد بن جُبَيْر: كان مع علي يوم وقعة الجمل ثمانمائة من الأنصار، وأربعمائة ممن شهدوا بيعة الرضوان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 رواه جعفر بن أبي المُغْيرة عن سعيد. وَقَالَ المطّلب بن زياد، عن السُّدِّيّ: شهِدَ مع عليّ يوم الجمل مائةٌ وثلاثون بدريًا وسبعمائة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقُتِلَ بينهما ثلاثون ألفًا، لم تكن مقتله أعظم منها. وكان الشعبي يبالغ ويقول: لم يشهدها إلّا عليّ، وعمار، وطلحة، والزُّبَيْر من الصحابة. وَقَالَ سَلَمة بن كُهَيْلٍ: فخرج من الكوفة ستَّةٌ آلافٍ، فقدِموا على عليّ بذي قار، فسار في نحو عشرة آلافٍ، حتّى أتى البصرة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: كان على خيل عليّ يوم الجمل عمّار، وعلى الرَّجَّالَةِ محمد بن أبي بكر الصِّدِّيق، وعلى الميمنة عِلْباء بن الهيثم السَّدُوسيّ، ويقال: عبد الله بن جعفر، ويقال: الحَسَن بن عليّ، وعلى الميسرة الحسين بن عليّ وعلى المقدّمة عبد الله بن عباس، ودفع اللّواء إلى ابنه محمد بن الحنفيّة وكان لواء طلحة والزُّبَيْر مع عبد الله بن حُكَيْم بن حِزام، وعلى الخيل طلحة، وعلى الرَّجَّالَةِ عبد الله بن الزُّبَيْر، وعلى الميمنة عبد الله بن عامر بن كُرَيْز، وعلى الميسرة مروان بن الحكم. وكانت الوقعة يوم الجمعة، خارج البصرة، عند قصر عُبَيْد الله بن زياد. قَالَ اللَّيث بن سعد وغيره: كانت وقعة الجمل في جُمَادى الأولى. وَقَالَ أَبُو اليَقْظان: خرج يومئذ كعب بن سُور الأزديّ في عُنُقه المُصْحَف، ومعه تِرْس، فأخذ بخطام جمل عائشة، فجاءه سهم غرب فقتله. قَالَ محمد بن سعد: وكان كعب قد طيّن عليه بيتًا، وجعل فيه كُوَّةً يتناول منها طعامه وشرابه اعتزالًا للفتنة، فقيل لعائشة: إنْ خرج معك لم يتخلف من الأزد أحدٌ، فركِبْتَ إليه فنادته وكلَّمَتْهُ فلَم يُجبْها، فَقَالَتْ: ألست أمّك ولي عليك حقّ، فكلَّمَهَا، فَقَالَتْ: إنّما أريد أنْ أصْلِحَ بين النّاس. فذلك حين خرج ونشر المُصْحف، ومشى بين الصَّفَّين يدعوهم إلى ما فيه، فجاءه سهم فقتله. وَقَالَ حصين بن عبد الرحمن: قام كعب بن سُور فنشر مُصْحَفًا بين الفريقين، ونشدهم الله والإسلام في دمائهم، فما زال حتى قتل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 وَقَالَ غيره: اصطفّ الفريقان، وليس لطلحة ولا لعلي رأسي الفريقين قصد في القتال، بل ليتكلموا في اجتماع الكلمة، فترامى أوباش الطائفتين بالنَّبْل، وشبّت نارُ الحرب، وثارت النفوس، وبقي طلحة يَقُولُ: أيها الّناس أنْصِتُوا، والفتنة تغلي، فَقَالَ: أُفّ فَرَاش النار، وذِئاب طمع، وَقَالَ: اللَّهُمَّ خذ لعثمان منّي اليوم حتّى ترضى، إنّا داهَنّا في أمر عثمان، كنّا أمس يدًا على من سوانا، وأصبحنا اليوم جَبَلَيْن من حديد، يزحف أحدنا إلى صاحبه، ولكنه كان منّي في أمر عثمان ما لا أرى كفارته، إلّا بسفْك دمي، وبطلَب دمِه. فروى قَتَادة، عن الجارود بن أبي سَبْرَة الهُذَليّ قَالَ: نظر مروان بن الحَكَم إلى طلحة يوم الجمل، فَقَالَ: لَا أطلب ثأري بعد اليوم، فرَمى طلحة بسهم فقتله. وَقَالَ قيس بن أبي حازم: رأيت مَروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذٍ بسهمٍ، فوقع في رُكبته، فما زال يسحّ حتّى مات. وفي بعض طُرُقه: رماه بسهمٍ، وَقَالَ: هذا ممّن أعان على عثمان. وعن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمه، أنّ مروان رمى طلحة، والتفت إلى أبان بن عثمان وَقَالَ: قد كفيناك بعض قَتَلَة أبيك. وَرَوَى زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ رجل، أن عليًّا قال: بشروا طلحة بالنار. وعن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرجنا مع علي إلى الجمل في ستمائة رجل، فسلكنا على طريق الرَّبَذَة، فقام إليه الحسن، فبكى بين يديه وَقَالَ: ائْذنْ لي فأتكلّم، فَقَالَ: تكلّم، ودعْ عنك أنْ تحن حنين الجارية، قَالَ: لقد كنت أشرتُ عليك بالمقام، وأنا أشير عليك الآن: إنّ للعرب جوْلة، ولو قد رجعَتْ إليها غواربُ أحلامها، لضربوا إليك آباط الإبل، حتّى يستخرجوك، ولو كنت في مثل حُجْر الضَّبّ. فَقَالَ عليّ: أتراني لَا أبالَكَ كنتُ منتظرًا كما تنتظر الضَّبُعُ اللَّدْمَ1. وَرُوِيَ نحوه من وجهين آخرين. وعن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمّ له قال: لمّا كان يوم الجمل نادى علي في   1 اللدم: اللطم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 النّاس: لَا ترموا أحدًا بسهم، وكلِّموا القوم، فإنّ هذا مقام من فَلَجَ فيه فُلِج يوم القيامة، قَالَ: فتوافقنا حتّى أتانا حَرُّ الحديد، ثمّ إنّ القوم نادوا بأجمعهم: "يا لثارات عثمان"، قال: وابن الحنفية رتوة1 معه اللّواء، فمدّ عليٌّ يديه وَقَالَ: اللَّهُمَّ أكِبَّ قتله عثمان على وُجُوههم، ثمّ إن الزُّبَيْر قَالَ لأساوِرَة معه: ارموهم ولا تبلغوا، وكأنّه إنّما أراد أن ينشب القتال. فلمّا نظر أصحابنا إلى النّشّاب لم ينتظروا أن يقع إلى الأرض، وحملوا عليهم فهزمهم الله. ورمى مروان طلحة بسهْمٍ فشكّ ساقه بجَنْب فَرَسه. وعن أبي جرو المازِنّي قَالَ: شهدت عليًّا والزبير حين توافقا، فَقَالَ له عليّ: يا زُبير أنْشُدُك الله أسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إنّك تقاتلُني وأنت ظالم لي" قَالَ: نعم ولم أَذْكُرُه إلّا في موقفي هذا، ثمّ انصرف2. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ: يَا حَسَنُ، لَيْتَ أَبَاكَ مَاتَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَتِ قَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا، قَالَ: يَا بُنَيَّ لَمْ أر أن الأمر يبلغ هذا. وقال سعد ابن سعد: إنّ محمد بن طلحة تقدّم فأخذ بخطام الجمل، فحمل عليه رجل، فقال محمد: أذكركم "حم" فطعنه فقتله، ثُمَّ قَالَ في محمد: وَأَشْعَثَ قَوَّامٍ بآيات ربِّهِ ... قليلِ الَأذَى فيما ترى العينُ مسلمِ هتكتُ له بالرّمح جيبَ قميصه ... فَخَرّ صَريعًا لليّدَيْن وللفم يُذَكّرني حم وَالرُّمْحُ شاجر ... فهلا تلاحم قبل التَّقدُّمِ على غير شيءٍ غيرَ أنْ ليس تابعًا ... عليًّا ومَن لَا يَتْبَعِ الْحَقَّ يندَمِ فسار عليّ ليلته في الْقَتْلَى، معه النيران، فمر بمحمد بن طلحة قتيلًا، فَقَالَ: يا حسن "محمّد السّجّاد وربّ الكعبة"، ثمّ قَالَ: أبوه صَرَعَه هذا المصرع، ولولا برِّه بأبيه مَا خَرَج. فَقَالَ الحسن: ما كان أغناك عن هذا، فقال: ما لي وما لك يا حسن.   1 الرتوة: الخطوة. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 415". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الزُّبَيْرَ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَنَادَاهُ عَلِيٌّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ حَتَّى الْتَقَتْ أَعْنَاقُ دَوَابِّهِمَا، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَتَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ أُنَاجِيكَ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "تُنَاجِيهِ فَوَاللَّهِ لَيُقَاتِلَنَّكَ وَهُوَ لَكَ ظَالِمٌ". قَالَ: فَلَمْ يَعْدُ أَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، فَضَرَبَ وَجْهَ دَابَّتَهُ وَانْصَرَفَ1. وَقَالَ هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه قال يوم الجمل للزبير: يابن صَفِيَّةَ، هَذِهِ عَائِشَةُ تملِكُ طَلْحَةَ، فَأَنْتَ عَلَى مَاذَا تُقَاتِلُ قَرِيبَكَ عَلِيًّا، فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ، فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَقَتَلَهُ. وَقَالَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: انصرف الزُّبَيْر يوم الجمل عن عليّ، وهم في المصافّ، فَقَالَ له ابنه عبد الله: جُبْنًا جُبْنًا، فَقَالَ: قد علم النّاس أنّي لست بجبانٍ، ولكن ذكَّرني عليّ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحلفت أن لَا أقاتله، ثمّ قَالَ: تَرْكُ الأمورِ التي أخشي عواقِبَها ... في الله أحْسَنُ في الدُّنيا وفي الدِّين وَكِيعٌ، عَنْ عِصَامِ بْنِ قُدَامَةَ -وَهُوَ ثِقَةٌ- عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الأَدْبَبِ، يُقْتَلُ حَوَالَيْهَا قَتْلَى كَثِيرُونَ، وَتَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ" 2. وقيل: إنّ أوّل قتيلٍ كان يومئذٍ مسلم الجُهَنيّ، أمره عليّ فحمل مُصْحفًا، فطاف به على القوم يدعوهم إلى كتاب الله، فقُتِلَ. وَقُطِعَتْ يومئذ سبعون يدًا من بني ضبّة بالسيوف، صار كلَّما أخذ رجل بخطام الجمل الَّذِي لعائشة، قطِعَتْ يدُه، فيقوم آخرُ مكانه وَيَرْتَجِزُ، إلى أن صرخ صارخ اعقُروا الجمل، فعقره رجلٌ مُخْتَلَفٌ في اسمه، وبقي الجمل والهودج الَّذِي عليه، كأنّه قُنْفُذٌ من النَّبْلِ، وكان الهودج مُلَبَّسًا بالدُّروع، وداخله أمّ المؤمنين، وهي تشجّع الذين حول الجمل: "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن". ثمّ إنّها ندِمَتْ وَنَدِمَ عليّ لأجل ما وقع.   1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 2 إسناده صحيح: عزاه الحافظ ابن حجر في "الفتح" "3/ 59" للبزار، وقال: رجاله ثقات. وقال الألباني في "الصحيحة" "1/ 774، 775": إسناده صحيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 وقعة صفين 1: سنة سبع وثلاثين: قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: أنبأ مُحَمَّد بْن عُمَر قَالَ: لما قُتِلَ عُثْمَان، كتبت نائلة زوجته إِلَى الشام إِلَى مُعَاوِيَة كتابًا تصف فِيهِ كيف دُخِلَ على عُثْمَان وقُتِلَ، وبعثت إليه بقميصه بالدِّماء، فقرأ مُعَاوِيَة الكتاب على أَهْل الشام، وَطَيَّفَ بالقميص فِي أجناد الشام، وحرَّضهم على الطَّلب بدمه، فبايعوا مُعَاوِيَة على الطَّلب بدمه. ولمّا بوُيع عليّ بالخلافة قال له ابن الحَسَن وابن عبّاس: اكتب إلى مُعَاوِيَة فأقرَّه على الشَّام، وأَطْمِعْهُ فإنّه سيطمع ويكفيك نفسَه وناحيته، فإذا بايع لك النّاس أَقْرَرْته أو عَزَلْته، قَالَ: فإنّه لَا يرضى حَتَّى أعطيه عهد الله تعالى وميثاقه أنْ لَا أعزله، قَالا: لَا تُعْطه ذلك. وبلغ ذلك مُعَاوِيَة فقال: والله لَا ألي له شيئًا ولا أبايعه، وأظهر بالشام أنّ الزُّبَيْر بْن العوّام قادم عليهم، وأنّه مُبَايع له، فلمّا بلغه أمر الجمل أمسك، فلمّا بلغه قتْلُ الزُّبير ترحم عليه وقال: لو قدم علينا فبايعناه وكان أهلًا. فلمّا انصرف عليّ من البصرة، أرسل جرير بْن عَبْد الله البَجليّ إِلَى مُعَاوِيَة، فكلَّم مُعَاوِيَة، وعظَّم أمرَ عليٍّ ومُبَايعته واجتماع النّاس عليه، فأبى أنْ يبايعه، وجرى بينه وبين جرير كلامٌ كثير، فانصرف جريرُ إِلَى عليّ فَأَخْبَرَه، فأجمع على المسير إِلَى الشام، وبعث معاويةُ أَبَا مسلم الخَوْلاني إِلَى عليّ بأشياء يطلبها منه، منها أن يدفع إليه قتلة عثمان، فأبى علي، وجرت بينهما رسائل. ثمّ سار كلٌّ منهما يريد الآخر، فالتقوا بصفِّين لسبْعٍ بقين من المحرّم، وشبَّت الحربُ بينهم فِي أوّل صفر، فاقتتلوا أيّامًا. فَحَدَّثَنِي ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد   1 صفين: موضع قرب الرقة على شاطئ الفرات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُثْمَانُ عَلَى الْحَجِّ، فَأَقَمْتُ لِلنَّاسِ الْحَجَّ، ثُمَّ قَدِمْتُ وَقَدْ قُتِلَ وَبُويِعَ لِعَلِيٍّ، فَقَالَ: سِرْ إِلَى الشَّامِ فَقَدْ وَلَّيْتُكَهَا، قُلْتُ: مَا هَذَا بِرَأْيِ، مُعَاوِيَةَ ابْنِ عَمِّ عُثْمَانَ وَعَامِلِهِ عَلَى الشَّامِ، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي بِعُثْمَانَ، وَأَدْنَى مَا هُوَ صَانِعٌ أَنْ يَحْبِسَنِي، قَالَ عَلِيٌّ: ولِمَ؟ قُلْتُ: لِقَرَابَتِي مِنْكَ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ حَمَلَ عَلَيْكَ حَمَلَ عليَّ، وَلَكِنِ اكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ فمَنِّه وَعِدْهُ. فَأَبَى عَلِيٌّ وَقَالَ: وَاللَّهِ لا كَانَ هَذَا أَبَدًا. رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَلِيٍّ: ابْعَثْنِي إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَوَاللَّهِ لأَفْتِلَنَّ لَهُ حَبْلا لا يَنْقَطِعُ وَسَطُهُ، قَالَ: لَسْتُ مِنْ مَكْرِكَ وَمَكْرِهِ فِي شَيْءٍ، وَلا أَعْطِيهِ إِلا السَّيْفَ، حَتَّى يَغْلِبَ الْحَقُّ الْبَاطِلَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: لأَنَّهُ يُطَاعُ وَلا يُعْصَى، وَأَنْتَ عَنْ قَلِيلٍ تُعْصَى وَلا تُطَاعُ، قَالَ: فَلَمَّا جَعَلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَخْتَلِفُونَ عَلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ: لِلَّهِ دَرُّ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى الْغَيْبِ مِنْ سِتْرٍ رَقِيقٍ. وقال مجالد، عن الشَّعْبِيّ قَالَ: لمّا قُتِلَ عُثْمَان، أرسلتْ أمُّ المؤمنين أمّ حبيبة بنت أَبِي سُفيان إِلَى أَهْل عُثْمَان: أرسِلُوا إليّ بثياب عُثْمَان التي قُتِلَ فيها، فبعثوا إليها بقميصه مضَرَّجًا بالدَّم، وبُخصْلة الشَّعْر التي نُتِفَتْ من لِحْيَتِهِ، ثمّ دعتِ النُّعمان بْن بشير، فبعثته إِلَى مُعَاوِيَة، فمضى بِذَلِك وبكتابها، فصعد مُعَاوِيَة المنبر، وجمع النّاس، ونشر القميص عليهم، وذكر مَا صُنِعَ بعثمان، ودعا إِلَى الطَّلب بدمه. فقام أَهْل الشام فقالوا: هُوَ ابن عمّك وأنت وليّه، ونحن الطّالبون معك بدمه، وبايعوا له. وقال يُونُس، عن الزُّهْرِيّ قَالَ: لمّا بلغ مُعَاوِيَة قتْلَ طَلْحَةَ والزُّبَيْر، وظهور عليّ، دعا أَهْل الشام للقتال معه على الشُّورى والطَّلب بدم عُثْمَان، فبايعوه على ذلك أميرًا غير خليفة. وذكر يحيى الجُعْفيّ فِي كتاب صفين بإسناده أن معاوية قال لجرير بْن عَبْد الله: اكتب إِلَى عليّ أن يجعل لي الشام، وأنا أبايع له، قَالَ: وبعث الْوَلِيد بْن عَبْد الله: اكتب إِلَى عليّ أن يجعل لي الشام، وأنا أبايع له، قَالَ: وبعث الْوَلِيد بْن عقبة إليه يقول: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 مُعَاوِيّ إنّ الشام شامُك فاعتصمْ ... بشامِكَ لَا تُدْخِلْ عليك الأفاعيا1 وحامٍ عليها بالقبائل والقِنا ... ولا تك محشوش الذراعين وانيا فإنّ عليًّا ناظرٌ مَا تُجِيبُه ... فَاهْدِ له حَرْبًا تُشيب النَّوَاصيَا وحدّثني يَعْلَى بْن عبيد: حدثنا أبي قَالَ: قال أَبُو مُسْلِم الخَوْلاني وجماعة لمعاوية: أنت تُنازع عليًّا! هَلْ أنت مثله؟ فقال: لَا والله إنّي لأعلم أنّ عليًّا أفضل منّي وأحقّ بالأمر، ولكن ألَسْتُمْ تعلمون أنّ عُثْمَان قُتِلَ مظلومًا، وأنا ابن عمّه، وإنّما أطلب بدمه، فأتُوا عليًّا فقولوا له: فلْيَدْفَعْ إليّ قَتَلَة عُثْمَان وأسلم له، فأتّوْا عليًّا فكلَّموه بِذَلِك، فلم يدفعهم إليه. وَحَدَّثَنِي خَلادُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ -أَوْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ شَكَّ خَلادٌ- قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ أَمْرُ مُعَاوِيَةَ دَعَا عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَجُلا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى دِمَشْقَ، فَيَعْتَقِلَ رَاحِلَتَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَيَدْخُلَ بِهَيْئَةِ السَّفَرِ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ، وَكَانَ قَدْ وَصَّاهُ بِمَا يَقُولُ، فَسَأَلُوهُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قَالَ: مِنَ العراق، قالوا: ما وَرَاءَكَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ عَلِيًّا قَدْ حَشَدَ إِلَيْكُمْ وَنَهَدَ2 فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ. فبلغ مُعَاوِيَة، فأرسل أَبَا الأعور السُّلَمِيّ يحقّق أمره، فأتاه فسأله، فَأَخْبَرَه بالأمر الَّذِي شاع، فنودي: الصّلاة جامعة، وامتلأ النّاس فِي المسجد، فصعد معاوية المِنْبَر وتشهّدّ ثمّ قَالَ: إنّ عليًّا قد نَهَدَ إليكم فِي أَهْل العراق، فَمَا الرّأي؟ فضرب النّاس بأذقانهم على صدورهم، ولم يرفعْ إليه أحدٌ طَرْفَه، فقام ذو الكلاع الحِمْيرِيّ فقال: عليك الرأيّ وعلينا أمّ فعال -يعني الفِعال- فنزل مُعَاوِيَة وَنُودِيَ فِي النّاس: اخرجوا إِلَى مُعَسْكَركم، ومن تخلَّف بعد ثلاثٍ أحلّ بنفسه. فخرج رسول عليّ حتّى وافاه، فَأَخْبَرَه بِذَلِك، فأمر عليٌّ فنوديّ: الصّلاة جامعة، فاجتمع النّاس، وصعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ رسولي الَّذِي أرسلته إِلَى الشام قد قَدِمَ عليّ، وأخبرني أنّ مُعَاوِيَة قد نهد إليكم في أهل   1 معاوي: يريد معاوية. 2 نهد: قصد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 الشام فَمَا الرأي? قَالَ: فأضبَّ أهلُ المسجد يقولون: يا أمير المؤمنين الرأي كذا الرأي كذا، فلم يفهم على كلامهم من كثرة من تكلّم، وكثُر اللَّغَط، فنزل وهو يقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} 1، وذهب بها ابن آكلة الأكباد، يعني مُعَاوِيَة. وقال الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي من رَأَى عليًّا يوم صِفِّين يصفِّق بيديه ويعضّ عليهما ويقول: واعجبا أُعْصَى ويُطاع مُعَاوِيَة. وقال الواقديّ اقتتلوا أيّامًا حتّى قُتِلَ خلْقٌ وضجروا، فرفع أهلُ الشام المَصَاحِف وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فِيهِ، وكان ذلك مكيدةً من عمرو بْن العاص، يعني لمّا رَأَى ظهورَ جيش عليّ. فاصطلحوا كما يأتي. وقال الزُّهْرِيّ: اقتتلوا قتالًا لَم تَقْتَتِلْ هَذِهِ الأمةُ مثله قطّ، وغلب أَهْل العراق على قتلى أَهْل حمص، وغلب أَهْلُ الشام على قتلى أَهْل العالية، وكان على ميمنة عليّ الأشعث بْن قَيْس الكِنْدي، وعلى المسيرة عَبْد الله بْن عبّاس، وعلى الرَّجَّالَةِ عَبْد الله بْن بُدَيْل بْن وَرْقَاء الخُزَاعيّ، فقُتِلَ يومئذٍ. ومن أمراء عليّ يومئذٍ الأحنف بْن قيس التيمي، وعمار بن ياسر العنبسي وسليمان بْن صُرد الخُزاعيّ وعَديّ بْن حاتم الطّائيّ والأشتر النَّخْعي وعمرو بْن الحَمِق الخُزَاعيّ، وشبَث بْن رِبعيّ الرِّياحيّ، وسعيد بْن قَيْس الهمداني، وكان رئيس هَمدَان المهاجر بْن خَالِد بْن الْوَلِيد المخزوميّ، وقيس بْن مكشوح المُراديّ، وخُزَيْمة بْن ثابت الْأَنْصَارِيّ، وغيرهم. وكان عليّ فِي خمسين ألفًا، وقيل: فِي تسعين ألفًا، وقيل: كانوا مائة ألف. وكان مُعَاوِيَة فِي سبعين ألفًا، وكان لواؤه مع عَبْد الرَّحْمَن بْن خَالِد بْن خَالِد بْن الْوَلِيد المخزوميّ وعلى مَيْمَنَته عمرو بْن العاص وقيل ابنه الأشتر عُبَيْد الله بْن عمرو، وعلى الميسرة حبيب ببن مَسْلَمَة الفِهْريّ، وعلى الخيل عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، ومن أمرائه يومئذ أَبُو الأعور السُّلميّ، وزُفَر بْن الْحَارِث، وذو الكلاعِ الحِميرِيّ، ومَسْلَمَة بْن مَخْلَد، وبُسْر بْن أرطاة العامريّ، وحابس بْن سعد الطّائي، ويزيد بْن هبيرة السكوني، وغيرهم.   1 سورة البقرة: 156. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 قال عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَة قَالَ: رَأَيْت عمار بْن ياسر بصِفّين، ورأى راية مُعَاوِيَة فقال: إنّ هَذِهِ قاتلْتُ بها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربع مرّات. ثمّ قاتل حَتَّى قُتِلَ. وقال غيره: برز الأشعث بْن قَيْس في ألفين، فبرز لهم أَبُو الأعور فِي خمسة آلاف، فاقتتلوا: ثمّ غلب الأشعث على الماء وأزالهم عَنْهُ. ثُمَّ التقوا يوم الأربعاء سابع صفر، ثُمَّ يوم الخميس والجمعة وليلة السَّبْت، ثُمَّ رفع أَهْل الشام لمّا رأوا الكَسْرَة الْمَصَاحِفَ بإشارة عمرو، ودعوا إِلَى الصُّلح والتّحكيم، فأجاب علي إلى تحكيم الحَكَمين، فاختلف عليه حينئذ جيشه وقالت طائفة: لَا حُكم إلّا لله. وخرجوا عليه فهُمُ الخوارج. وقال ثُوَيْر بْن أبي فاختة، عن أَبِيهِ قَالَ: قُتِلَ مع عليّ بصفين خمسة وعشرون بدْريًا. ثُوَيْر متروك. قَالَ الشَّعْبِيّ: كان عَبْد الله بْن بُدَيْل يوم صفين عليه دِرْعان ومعه سيفان، فكان يضرب أهلَ الشام ويقول: لم يبق إلّا الصَّبْر وَالتَّوَكُّلْ ... ثُمَّ التمشّي فِي الرعيل الأوّلْ مَشْيَ الْجِمَالِ فِي حياض الْمَنْهَلْ ... والله يقضي مَا يشا ويفعلْ فلم يَزَلْ يضرب بسيفه حَتَّى انتهى إِلَى مُعَاوِيَة فأزاله عن موقفه، وأقبل أصحابُ مُعَاوِيَة يرمونه بالحجارة حَتَّى أثخنوه وقُتِلَ، فَأَقْبَلَ إليه مُعَاوِيَة، وألقى عَبْد الله بْن عامر عليه، عمامته غطاه بها وترحَّم عليه، فقال مُعَاوِيَة لعبد الله: قد وَهَبْنَاه لك، هَذَا كَبْشُ القومِ وربّ الكعبة، اللَّهُمَّ أظْفِرْ بالأشتر والأشعث، والله مَا مثل هَذَا إلّا كما قال الشاعر: أخو الحرب إنْ عضَّتْ به الحرب عضَّها ... وإنْ شَمَّرتْ يومًا به الحربُ شَمّرا كلَيْث هزَبرٍ كان يحمي ذِمارَهُ ... رَمَتْهُ المَنايا قَصْدَهَا فتقصَّرا ثُمَّ قَالَ: لو قدِرَت نساءُ خُزاعةَ أنْ تُقاتلني فضلًا عن رجالها لَفَعَلَتْ. وَفِي الطبقات لابن سعد، من حديث عمرو بْن شَرَاحيل، عن حَنَش بْن عَبْد الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 الصَّنْعاني عن عَبْد الله بْن زُرَيْر الغافقي قال: لقد رأيتنا يوم صفين، فاقتتلنا نحن وأهل الشام، حتى ظننت أنّه لَا يبقى أحدٌ، فأسمع صائحًا يصيح: مَعْشَرَ النّاس، اللَّه اللَّه فِي النساء والوِلدان من الروم ومن الترك، الله الله. والتقينا، فأسمع حركةً من خلفي، فإذا عليٌّ يَعْدُو بالرّاية حَتَّى أقامها، ولحِقَه ابنه مُحَمَّد بن الحَنَفِيَّة، فسمعته يقول: يا بُنَيّ الْزَمْ رايَتَكَ، فإنّي متقدِّمٌ فِي القوم، فأنظرُ إليه يضرب بالسيف حتى يفرج له، ثم يرجع فيهم. وقال خليفة: شهِدَ مع عليّ من البدْريين: عمار بْن ياسر، وسهل بْن حُنَيْف، وخوات بن جبير، وأبو سعد السّاعديّ، وأبو اليُسْر، ورِفَاعة بْن رافع الْأَنْصَارِيّ، وأبو أيّوب الأنصاريّ بخُلْفٍ فِيهِ، قَالَ: وشهد معه من الصحابة ممّن لم يشهد بدْرًا: خُزَيْمة بْن ثابت ذو الشهَّادتين، وقيس بْن سعد بْن عُبَادة، وأبو قَتَادَةَ، وسهل بْن سعد السّاعدي، وقَرَظَة بْن كعب، وجابر بْن عَبْد الله، وابن عَبَّاس، والحسن، والحسين، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن أبي طَالِب، وأبو مَسْعُود عقبة بْن عمرو، وأبو عيّاش الزُّرَقي، وعديّ بْن حاتم، والأشعث بن قَيْس، وسليمان بْن صُرَد، وجُنْدُب بْن عَبْد الله، وجارية بْن قُدامة السَّعْدِيّ. وعن ابن سِيرِينَ قَالَ: قُتِلَ يوم صفين سبعون ألفًا يُعَدُّون بالقَصَب. وقال خليفة وغيره: افترقوا عن ستّين ألف قتيل، وقيل، عن سبعين ألفًا، منهم خمسة وأربعون ألفًا من أَهْل الشام. وقال عَبْد السلام بْن حرب، عن يزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن عن جَعْفَر -أظنّه ابن أبي المُغْيَرة- عن عبيد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبْزى، عن أبيه قال: شهدنا مع علي ثمانمائة ممّن بايع بيعة الرّضوان، قُتِلَ منهم ثلاثةٌ وستون رجلًا، منهم عمّار. وقال أَبُو عبيدة وغيره: كانت راية علي مع هاشم بْن عُتْبة بْن أبي وقاص، وكان على الخيل عمّار بْن ياسر. وقال غيره: حيل بين عليّ وبين الفرات؛ لأن مُعَاوِيَة سَبَقَ إِلَى الماء، فأزالهم الأشعثُ عن الماء. قلت: ثُمَّ افترقوا وتواعدوا ليوم الحَكَمَيْن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 وقُتل مع عليّ: خُزَيْمة بْن ثابت، وعمار بْن ياسر، وهاشم بْن عُتْبَة، وعبد الله بْن بُدَيْل، وعبد الله بْن كعب المُراديّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بن كلدة الجمحي، وقيس بن مكشوح المرادي، وأُبيّ بْن قَيْس النخعي أخو عَلْقَمة، وسعد بْن الْحَارِث بْن الصِّمَّة الأنصاريّ، وجُنْدُب بْن زُهَير الغامِديّ، وأبو ليلى الْأَنْصَارِيّ. وقُتِلَ مع مُعَاوِيَة: ذو الكَلاع، وحَوْشَب ذو ظُلَيْم، وحابس بْن سعد الطّائي قاضي حمص، وعَمْرو بْن الحَضْرَميّ، وعُبَيْد الله بْن عُمَر بْن الخطاب العدويّ، وعُرْوة بْن دَاوُد، وكُرَيْب بن الصَّبَّاح الحِمْيَريّ أحد الأبطال، قتلَ يومئذٍ جماعةً، ثُمَّ بارَزَه عليّ فقتله. قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ الْكُوفِيُّ الرَّافِضِيُّ: ثنا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، أَنَّ وَلَدَ ذِي الْكَلاعِ أَرْسَلَ إِلَى الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ يَقُولُ: إِنَّ ذَا الْكَلاعِ قَدْ أُصِيبَ، وَهُوَ فِي الْمَيْسَرَةِ، أَفَتَأْذَنُ لَنَا فِي دَفْنِهِ؟ فَقَالَ الأَشْعَثُ لِرَسُولِهِ أَقْرِئْهُ السَّلامَ، وَقُلْ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّهِمَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَاطْلُبُوا ذَلِكَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيِّ فَإِنَّهُ فِي الْمَيْمَنَةِ، فَذَهَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: مَا عَسَيْتُ أَنْ أَصْنَعَ، وَقَدْ كَانُوا مَنَعُوا أَهْلَ الشَّامِ أَنْ يدخلوا عَسْكَرَ عَلِيٍّ، خَافُوا أَنْ يُفْسِدُوا أَهْلَ الْعَسْكَرِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لأَصْحَابِهِ: لأَنَا أَشَدُّ فَرَحًا بِقَتْلِ ذِي الْكَلاعِ مِنِّي بِفَتْحِ مِصْرَ لَوِ افْتَتَحْتُهَا؛ لأَنَّ ذَا الْكَلاعِ كَانَ يَعْرِضُ لِمُعَاوِيَةَ فِي أَشْيَاءَ كَانَ يَأْمُرُ بِهَا، فَخَرَجَ ابْنُ ذِي الْكَلاعِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي أَبِيهِ فَأَذِنَ لَهُ، فَحَمَلُوهُ عَلَى بَغْلٍ وَقَدِ انْتَفَخَ. وشهد صِفِّين مع مُعَاوِيَة من الصحابة: عمرو بْن العاص السَّهْميّ، وابنُهُ عَبْد الله، وفضالة بْن عُبَيْد الْأَنْصَارِيّ، ومَسْلَمة بْن مَخْلَد، والنُّعمان بْن بشير، ومعاوية بْن حُدَيج الكِنْدي، وأبو غادية الجهني قاتل عمار، وحبيب بن مَسْلَمة الفِهْري، وأبو الأعور السُّلَمِيّ، وبُسْر بْن أرطاة العامريّ. تحكيم الحَكَمين: عن عِكْرِمة قَالَ: حَكَّم مُعَاوِيَة عمرو بْن العاص، فقال الأحنف بْن قَيْس لعليّ: حَكِّمْ أنت وابن عَبَّاس، فإنّه رجلٌ مُجَربّ، قَالَ: أفعل، فأبت الْيَمَانِيَةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 وقالوا: لَا، حتّى يكون منّا رَجُل، فجاء ابن عَبَّاس إِلَى عليّ لمّا رآه قد همّ أنْ يُحَكّم أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فقال له: عَلَام تُحَكّم أَبَا مُوسَى، فَوَالله لقد عرفت رأيه فينا، فَوَالله مَا نَصَرنا، وهو يرجو مَا نَحْنُ فِيهِ، فتُدْخِلَهُ الآن فِي معاقد أمرنا، مع أنّه ليس بصاحب ذاك فإذا أبيْتَ أن تجعلني مع عمرو فاجْعَل الأحنفَ بْن قَيْس فإنّه مُجَرَّبٌ من العرب، وهو، قِرْنٌ لعَمْرو، فقال عليّ أفعل، فأبت اليَمَانِيَةُ أيضًا. فلمّا غُلِبَ جعل أَبَا مُوسَى، فسمعتُ ابن عَبَّاس يقول: قلتُ لعلي يوم الحَكَمَيْن: لَا تُحَكّم أَبَا مُوسَى، فإنّ معه رجلًا حذر فرس فاره، فلزَّني إِلَى جنبه، فإنّه لَا يحلّ عُقْدَةً إلّا عقدتُها ولا يَعْقِدُ عقدة إلا حللتها. قال: يابن عَبَّاس مَا أصنع؟ إنّما أُوتَى من أصحابي، قد ضعفْتُ بينهم وكلُّوا فِي الحرب، هَذَا الأشعث بْن قَيْس يقول: لَا يكون فيها مُضَرِيّان أبدًا حَتَّى يكون أحدهما يمانٍ، قَالَ: فَعَذَرْتُهُ وعرفت أنه مُضْطَهَدٌ، وأنّ أصحابه لَا نيَّة لهم. وقال أَبُو صالح السمّان: قال عليّ لأبي مُوسَى: أحْكُمْ ولو على حزّ عُنُقي. وقال غيره: حكّم معاويةُ عَمْرًا، وحكَّم عليّ أَبَا مُوسَى، على أنّ من ولَّيَاهُ الخلافة فهو الخليفة، ومن اتفقنا على خلْعه خُلِعَ. وتواعدا أنْ يأتيا فِي رمضان، وأن يأتي مع كلّ واحدٍ جَمْعٌ من وجوه العرب. فلمّا كان الموعد سار هَذَا من الشام، وسار هَذَا من العراق، إِلَى أن التقى الطّائفتان بدُومَة الجَنْدل وهي طرف من الشام من جهة زاوية الجنوب والشرق. فعن عُمَر بْن الحكم قَالَ: قال ابن عَبَّاس لأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: احْذَرْ عَمْرًا، فإنّما يريد أن يقدِّمك ويقول: أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأسنّ منّي فتكلّم حتّى أتكلّم، وإنّما يريد أن يقدِّمك فِي الكلام لتخلع عليًّا. قَالَ: فاجتمعا على إمرةٍ، فأدار عمرو أَبَا مُوسَى، وذكر له مُعَاوِيَة فأبى، وقال أَبُو مُوسَى: بل عَبْد الله بْن عُمَر، فقال عمرو: أخبرني عن رأيك، فقال أَبُو مُوسَى: أرى أن نخلع هذين الرجُلَين، ونجعل هَذَا الأمر شورى بيْن المُسْلِمين، فيختاروا لأنفسهم من أحبوا. قال عمرو: الرَّأْيُ مَا رَأَيْت، قَالَ: فأقبلا على النّاس وهم مجتمعون بدومة الجَنْدَل، فقال عمرو: يا أَبَا مُوسَى أعلِمْهُمْ أنّ رَأيَنَا قد اجتمع، فقال: نعم، إنّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 رأينا قد اجتمع على أمر نرجو أن يُصْلِح الله به أمر الأمة، فقال عَمْرو: صَدَقَ وَبَرَّ، ونِعْمَ النّاظر للإسلام وأهله. فتكلَّم يا أَبَا مُوسَى. فأتاه ابن عَبَّاس، فخلا به، فقال: أنت فِي خدعة، ألم أقل لك لا تبدؤه وتعقَّبه، فإنّي أخشى أن يكون أعطاك أمرًا خاليًا، ثُمَّ ينزع عَنْهُ على ملَأٍ من النّاس، فقال: لَا تخشى ذلك فقد اجتمعنا واصْطَلحْنا. ثُمَّ قام أَبُو مُوسَى فحمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أيُّها النّاس، قد نظرنا فِي أمر هَذِهِ الأمة، فلم نر شيئًا هو أصلح لأمرنا ولا ألَمُّ لشَعْثها من أن لَا نُغَيّر أمرها ولا بعضه، حتّى يكون ذلك عن رضًا منها وتشاورٍ، وقد اجتمعت أَنَا وصاحبي على أمرٍ واحدٍ: على خلْع عليٍّ ومعاوية، وتستقبل الأمّةُ هَذَا الأمر فيكون شُورى بينهم يُوَلّون من أحبُّوا، وإنّي قد خلعت عليًّا ومعاوية، فَوَلّوا أمركم من رأيتم. ثمّ تأخّر. وأقبل عَمْرو فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذَا قد قَالَ مَا سمعتم، وخلع صاحبه، وإنّي خلعت صاحبه وأثبتُّ صاحبي مُعَاوِيَة، فإنّه وَلِيُّ عُثْمَان، والطّالب بدَمِهِ، وأحقُّ النّاس بمقامه، فقال سعد بْن أبي وقاص: ويحك يا أبا مُوسَى مَا أضعفك عن عَمْرو ومكايده، فقال: مَا أصنع به، جامعني على أمرٍ، ثُمَّ نزع عَنْهُ، فقال ابن عَبَّاس: لَا ذَنْبَ لك، الذَّنْب للَّذي قدَّمَك، فقال: رَحِمَك الله غَدَرَ بي، فَمَا أصنع، وقال أَبُو مُوسَى: يا عَمْرو إنّما مَثَلُك كَمَثل الكلْب إنْ تحمِلْ عليه يَلْهَثْ أو تَتْرُكْه يَلْهَثْ، فقال عَمْرو: إنّما مَثَلُكَ كَمَثَلِ الحمار يحمل أسفارًا، فقال ابن عُمَر: إِلَى مَا صِير أمرُ هذه الأمّة! إِلَى رجلٍ لَا يبالي مَا صنع، وَآخَرَ ضعيف. قال المسعوديّ فِي "المروج": كان لقاء الحَكَمين بدومة الجَنْدل فِي رمضان، سنة ثمانٍ وثلاثين، فَقَالَ عَمْرو لأبي مُوسَى: تكلَّم، فقال: بل تكلّم أنت، فقال: مَا كنت لأفعل، ولك حقوقٌ كلُّها واجبة. فحمد الله أَبُو مُوسَى وأثنى عليه، ثمّ قَالَ: هَلُمَّ يا عَمْرو إِلَى أمر يجمع الله به الأمة، ودعا عَمْرو بصحيفة، وقال للكاتب: اكتُب وهو غُلام لَعمْرو، وقال: إنّ للكلام أوّلًا وآخرًا، ومتى تنازعنا الكلام لو نبلغ آخرَهُ حتّى يُنْسَى أوَّلُهُ، فاكتُبْ مَا نقول، قَالَ: لَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 تكتب شيئًا يأمرك به أحدُنا حَتَّى تستأمر الآخر، فإذا أمرك فاكتُبْ، فكتب: هَذَا مَا تقاضى عليه فلانُ وفلان. إِلَى أن قال عَمْرو وإنّ عُثْمَان كان مؤمنًا فقال أَبُو مُوسَى: ليس لهذا قَعَدْنا، قَالَ عَمْرو: لَا بدّ أن يكون مؤمنًا أو كافرًا. قَالَ: بل كان مؤمنًا. قَالَ: فمُرْهُ أن يكتب، فكتب. قال عمرو: فظالمًا قُتل أو مظلومًا، قَالَ أَبُو مُوسَى: بل قُتِلَ مظلومًا، قَالَ عَمْرو: أفَلَيْس قد جعل الله لوليِّه سُلْطانًا يطلبُ بدمه؟ قال أَبُو مُوسَى: نعم، قَالَ عَمْرو: فَعَلَى قاتله الْقَتْلُ، قَالَ: بلى. قَالَ: أفليس لمعاوية أنْ يطلب بدَمِهِ حتّى يَعْجَز؟ قَالَ: بلى، قَالَ عَمْرو: فإنّا نُقِيم البَيِّنة على أنّ عليًّا قتله. قَالَ أَبُو مُوسَى: إنّما اجتمعنا لله، فَهَلُمَّ إِلَى مَا يصلح الله به أمرَ الأمة، قَالَ: وما هُوَ؟ قَالَ: قد علِمْتَ أنّ أَهْل العراق لَا يحبُّون مُعَاوِيَة أبدًا، وأهل الشام لَا يحبُّون عليًّا أبدًا، فهَلُمَّ نخلعهما معًا، ونستخلف ابن عُمَر -وكان ابن عُمَر على بِنْت أبي مُوسَى- قَالَ عَمْرو: أَيَفْعَلُ ذلك عبدُ الله؟ قَالَ: نعم إذا حمله النّاس على ذلك. فصوَّبه عَمْرو وقال: فهل لك فِي سعد؟ وعدَّدَ له جماعة، وأبو مُوسَى يأبى إلّا ابن عُمَر، ثُمَّ قَالَ: قُمْ حتّى نخلع صاحبينا جميعًا، واذكْر اسم من تستخلِف، فقام أَبُو مُوسَى وخطب وقال: إنّا نظرنا فِي أمرنا، فرأينا أقرب مَا نحقن به الدماء ونلُمَّ به الشَّعْث خَلْعنا مُعَاوِيَة وعليًَّا، فقد خلعتهما كما خلعت عمامتي هذه، واستخلفنا رجلًا قد صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنفسه، وله سابقةٌ: عَبْد الله بْن عُمَر، فأطراه ورغِب النّاس فِيهِ. ثُمَّ قَام عَمْرو فقال: أيُّها النّاس، إنّ أَبا موسى قد خلع عليًّا، وهو أعلم به، وقد خلعته معه، وأثبت معاوية علي وعليكم، وإن أَبا مُوسَى كتب فِي هَذِهِ الصحيفة أنّ عُثْمَان قُتِل مظلومًا، وأنّ لِولِيّه أن يطلب بدَمِه، فقام أَبُو مُوسَى فقال: كذِب عَمْرو، لم نستخلف مُعَاوِيَة، ولكنّا خلعنا مُعَاوِيَة وعليًّا معًا. قال المَسْعُوديّ: ووجدتُ فِي روايةٍ أنّهما اتّفقا وخلعا عليًّا ومعاوية، وجعلا الأمر شُورَى، فقام عَمْرو بعده، فوافقه على خلع عليّ، وعلى إثبات مُعَاوِيَة، فقال له: لَا وَفَّقَكَ الله، غدرت. وقَنَّع شريح بن هانئ عَمْرًا بالسَّوْط. وانْخَذَل أَبُو مُوسَى، فلحِق بمكَّة، ولم يعد إِلَى الكوفة، وحلف لَا ينظر فِي وجه عليٍّ مَا بقي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 ولِحق سعدُ وابن عُمَر ببيت المقدس فأحْرمَا، وانصرف عَمْرو، فلم يأتِ مُعَاوِيَة، فأتاه وهيّأ طعامًا كثيرًا، وجرى بينهما كلامٌ كثير، وطلب الأطعمة، فأكل عَبِيدُ عَمْرٍو، ثمّ قاموا ليأكل عَبَيْد مُعَاوِيَة، وأمر من أغلق الباب وَقْتَ أَكْلِ عبيده، فقال عَمْرو: فعلْتَها؟ قَالَ: إي واللهِ بايعْ وإلّا قتلتُكَ. قَالَ: فمِصْر، قَالَ: هِيَ لك مَا عشْتُ. وقال الواقدي: رفع أهل الشام المصاحف وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فِيهِ. فاصطلحوا، وكتبوا بينهما كتابًا على أن يوافوا رأسَ الْحَوْلِ أذْرُحَ1 ويُحَكِّمُوا حَكَمَيْن، ففعلوا ذلك فلم يقع اتّفاق، ورجع عليّ بالاختلاف والدّغّل من أصحابه، فخرج منهم الخوارج، وأنكروا تحكيمه وقالوا: لَا حُكْم إلّا لله، ورجع مُعَاوِيَة بالألفة واجتماع الكلمة عليه. ثُمَّ بايع أَهْل الشام مُعَاوِيَة بالخلافة فِي ذي القعدة سنة ثمانٍ وثلاثين. كذا قَالَ: وقال خليفة وغيره إنّهم بايعوه فِي ذي القعدة سنة سبعٍ وثلاثين، وهو أشبه؛ لأنّ ذَلِكَ كان إثْر رجوع عَمْرو بْن العاص من التحكيم. وقال مُحَمَّد بْن الضَّحّاك الحِزَامِيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قام عليٌّ على مِنبْرَ الكوفة، فقال: حين اختلف الحَكَمان: لقد كنت نَهَيْتُكم عن هَذِهِ الحكومة فعصيتموني، فقام إليه شابٌ آدمُ فقال: إنّك واللهِ مَا نهيتَنَا ولكنْ أمرتَنَا ودمَّرتنا، فَلَمَّا كان منها مَا تكرهُ برَّأْتَ نَفْسَكَ ونَحَلْتَنا ذَنْبَك. فقال عليّ: مَا أنت وهذا الكلام قبَّحَكَ الله، واللهِ لقد كَانَتِ الجماعة فكنت فيها خاملًا، فَلَمَّا ظهرت الفتنة نجمت فيها نجوم الماغرة. ثُمَّ قَالَ: لله منزلٌ نزله سعد بْن مالك وعبد الله بن عمر، والله لئن كان ذَنْبًا إنّه لَصَغيرٌ مغفورٌ، وإنْ كان حَسَنًا إنّه لعظيمٌ مشكور. قلت: مَا أحسنها لولا أنّها مُنْقطعة السَّنَد. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَقُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنَ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ، وَلَمْ يُجْعَلْ لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، قَالَتْ: فَالْحَقْ بِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يكون في احتباسك عنهم فرقة، فذهب.   1 أذرح: بلد في أطراف الشام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 فلمّا تفرَّق الحَكَمَان خطب معاويةُ فقال: مَن كان يريد أن يتكلّم فِي هَذَا الأمر فليطلع إلى قرنه فلنحن أحق بهذا الأمر منه ومن أَبِيهِ -يعرِّض بابن عُمَر- قال ابن عُمَر: فحَلَلْتُ حَبْوَتي وَهَمَمْتُ أن أقول: أحق من قاتلك وأباك على الإسلام. فخشيت أن أقول كلمةً تفرِّق الجمعَ وَتَسْفِكُ الدَّمَ، فَذَكَرَتْ مَا أعدّ الله فِي الجنان1. قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: لا أَرَى لَهَا غَيْرَ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ عَمْرٌو لابْنِ عُمَرَ: أَمَا تريد أن نبايعك؟ فهل لك أن تُعطي مَالا عَظِيمًا عَلَى أَنْ تَدَعَ هَذَا الأَمْرَ لِمَنْ هُوَ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْكَ. فَغَضِبَ ابْنُ عمر وقام. رواه مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وفيها أخرج عليٌ سهل بْن حُنَيْف على أَهْل فارس، فمانَعُوه، فوجّه عليٌّ زيادًا، فصالحوه وأدُّوا الخَرَاج. وفيها قال أَبُو عبيدة: خرج أَهْل حَرُوراء2 فِي عشرين ألفًا، عليهم شَبَثُ بْن رِبْعيّ، فكَّلمهم عليّ فحاجَّهُم، فرجعوا. وقال سُلَيْمَان التَّيْميّ، عن أَنَس قَالَ: قَالَ شَبَثُ بْن رِبْعيّ: أَنَا أوّل من حرَّر الْحَرُورِيَّةَ، فقال رَجُل: مَا فِي هَذَا مَا تمتدح به. وعن مُغِيرَةَ قَالَ: أوّل من حكم ابن الكَوَّاء وشَبَث. قلت: معنى قوله "حكم" هذه كلمة قد صارت سِمَةً للخَوارج. يُقَالُ "حكم" إذا خرج فقال: لا حكم إلا لله. سَنَة ثَمانٍ وَثَلَاثِين: فيها وجَّه مُعَاوِيَة من الشام عبد الله بن الحَضْرميّ فِي جيشٍ إِلَى البصرة ليأخذها، وبها زياد ابن أَبِيهِ من جهة عليّ، فنزل ابن الْحَضْرَمِيّ فِي بني تميم وتحول زياد إِلَى الأزد، فنزل على صَبِرة بْن شَيْمان الحُدَّانيّ. وكتب إِلَى عليّ فوجّه عليّ أَعْيَنَ بْن ضُبَيْعَة المُجَاشِعِيّ، فقتل أعْين غِيلةً على فراشه. فندب علي   1 صحيح: أخرجه البخاري بنحوه "4108" في كتاب المغازي، باب: غزوة الخندق. 2 حروراء: قرية على بعد ميلين من الكوفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 جارية بْن قُدامة السَّعْدِيّ، فحاصر ابن الْحَضْرَمِيّ فِي الدّار التي هُوَ فيها، ثُمَّ حرَّقها عليه. وَفِي شعبان ثارت "الخوارج" وخرجوا على عليّ، وأنكروا عليه كَوْنَه حكَّم الحَكَمين، وقالوا: حكَّمْتَ فِي دين الله الرجال، والله يقول: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} 1، فناظَرَهُمْ، ثُمَّ أرسل إليهم عَبْد الله بن عَبَّاس، فبيَّن لهم فسادَ شُبْهَتهم، وفسر لهم، واحتجَّ بقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} 2، وبقوله: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} 3، فرجع إِلَى الصواب منهم خلق، وسار الآخرون، فلقوا عَبْد الله بْن خَبَّاب بْن الأرت، ومعه امرأته فقالوا: من أنت? فانتسب لهم، فسألوه عن أبي بَكْر، وعمر، وعثمان، وعليّ، فأثنى عليهم كلهم، فذبحوه وقتلوا امرأته، وكانت حُبْلَى، فبقروا بطنها، وكان من سادات أبناء الصحابة. وفيها سارت الخوارج لحرب عليّ، فكانت بينهم وقعة النَّهْرَوان، وكان على الخوارج عَبْد الله بْن وهب السبائي، فهزمهم عليّ وقُتِل أكثرهم، وقُتِل ابن وهب. وقُتِلَ من أصحاب عليّ اثنا عشر رجلًا. وقيل فِي تسميتهم الحرُورِيّة لأنهم خرجوا على عليّ من الكوفة، وعسكروا بقريةٍ قريبةٍ من الكوفة يُقَالُ لها حَرُوراء، واسْتَحَلّ عليّ قتْلَهُم لِمَا فعلوا بابن خَبَّاب وزوجته. وكانت الوقعة فِي شعبان سنة ثمانٍ، وقيل: فِي صَفَر. قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعَتِ الْخَوَارِجُ فِي دَارِهَا، وَهُمْ سِتَّةُ آلافٍ أَوْ نَحْوُهَا، قُلْتُ لِعَلِيٍّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْرِدْ بِالصَّلاةِ لَعَلِّي أَلْقَى هَؤُلاءِ، فَإِنِّي أَخَافُهُمْ عَلَيْكَ، قُلْتُ: كَلا، قَالَ: فَلَبِسَ ابْنُ عَبَّاسٍ حُلَّتَيْنِ مِنْ أَحْسَنِ الْحُلَلِ، وَكَانَ جَهِيرًا جَمِيلا، قَالَ: فَأَتَيْتُ الْقَوْمَ، فَلَمَّا رَأَوْنِي قَالُوا: مَرْحَبًا بِابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا هَذِهِ الْحُلَّةُ؟ قُلْتُ: وما تنكرون من ذلك؟ لقد   1 سورة الأنعام: 57. 2 سورة المائدة: 95. 3 سورة النساء: 35. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 رَأَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُلَّةً مِنْ أَحْسَنِ الْحُلَلِ، قَالَ: ثُمَّ تَلَوْتُ عَلَيْهِمْ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} 1. قَالُوا فَمَا جَاءَ بِكَ? قُلْتُ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ عِنْدِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا أَرَى فيكم أحدًا منهم، ولأبلغنكم مَا قَالُوا، وَلأُبَلِّغَنَّهُمْ مَا تَقُولُونَ: فَمَا تَنْقِمُونَ مِنَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصِهْرِهِ? فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالُوا: لا تُكَلِّمُوهُ فَإِنَّ اللَّهُ يَقُولُ: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} 2 وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يَمْنَعُنَا مِنْ كَلامِهِ، ابْنِ عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وَيَدْعُونَا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَقَالُوا: نَنْقِمُ عَلَيْهِ ثَلاثَ خِلالٍ: إِحْدَاهُنَّ: أَنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ وَمَا لِلرِّجَالِ وَلِحُكْمِ اللَّهِ، والثانية: أنه علم فَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ، فَإِن كَانَ قَدْ حَلَّ قِتَالُهُمْ فَقَدْ حَلَّ سَبْيُهُمْ، وَإِلا فَلا، وَالثَّالِثَةُ: مَحَا نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُوَ أَمِيرُ الْمُشْرِكِينَ. قُلْتُ: هَلْ غَيْرُ هَذَا؟ قَالُوا: حَسْبُنَا هَذَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ خَرَجْتُ لَكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ أَرَاجِعُونَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: وَمَا يَمْنَعُنَا، قُلْتُ: أَمَّا قَوْلُكُمْ إِنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} 3 وَذَلِكَ فِي ثَمَنِ صَيْدِ أَرْنَبٍ أَوْ نَحْوِهِ قِيمَتُهُ رُبْعُ دِرْهَمٍ فَوَّضَ اللَّهُ الْحُكْمَ فِيهِ إِلَى الرِّجَالِ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُحَكِّمَ لحكَّم. وَقَالَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِه} 4 الآيَةَ. أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: قَاتَلَ فَلَمْ يَسْبِ، فَإِنَّهُ قَاتَلَ أمكم؛ لأن الله يقول: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} 5 فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأُمِّكُمْ فَقَدْ كَفَرْتُمْ، وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهَا أُمُّكُمْ فَمَا حَلَّ سِبَاؤُهَا، فَأَنْتُمْ بَيْنَ ضَلالَتَيْنِ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ إِنَّهُ مَحَا اسْمَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي أُنَبِّئُكُمْ عَنْ ذَلِكَ:   1 سورة الأعراف: 32. 2 سورة الزخرف: 58. 3 سورة المائدة: 95. 4 سورة النساء: 35. 5 سورة الأحزاب: 6. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الحديبية جرى الكتاب يبنه وَبَيْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: "يَا عَلِيُّ اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ محمدٌ رَسُول اللَّهِ" فَقَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ، فقال: "اللهم إنك تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ"، ثُمَّ أَخَذَ الصَّحِيفَةَ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: "يَا عَلِيُّ اكْتُبْ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" 1، فَوَاللَّهِ مَا أَخْرَجَهُ ذَلِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَرَجَعَ ثُلُثُهُمْ، وَانْصَرَفَ ثُلُثُهُمْ، وَقُتِلَ سَائِرُهُمْ عَلَى ضَلالةٍ. قَالَ عَوْفٌ: ثنا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَفْتَرِقُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ، تَمْرُقُ بَيْنَهُمَا مَارِقَةٌ تقتلهم، أولى الطائفتين بالحق" 2. وكذا رواه قَتَادَةُ وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَنْبَأَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ عَلَى عَلِيٍّ قَالُوا: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَفَ نَاسًا إِنِّي لأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ -وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ- مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ، مِنْهُمْ أَسْوَدُ إِحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ، فَلَمَّا قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ قَالَ: انْظُرُوا، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، قَالَ: ارْجِعُوا، فَوَاللَّهِ مَا كَذِبْتُ وَلا كُذِبْتُ، ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خِرْبَةٍ، فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَنَا حَاضِرٌ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَقَوْلِ عَلِيٍّ فِيهِمْ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَنَحْنُ عِنْدَهَا لَيَالِي قُتِلَ عَلِيٌّ، فَقَالَتْ: حَدِّثْنِي عَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ، قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَّمَ الحكمين   1 صحيح: بنحوه: أخرجه البخاري "2731، 2732" في كتاب الشروط، باب: الشروط في الجهاد، وأبو داود "2765" في كتاب الجهاد، باب: في صلح العدو، وأحمد "4/ 323، 326، 328، 331" من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم. 2 صحيح: أخرجه مسلم "1065/ 150" في كتاب الزكاة، باب: ذكر الخوارج، وأبو داود "4667" في كتاب السنة، باب: ما يدل على ترك الكلام في الفتنة، وأحمد "3/ 5، 32، 45، 48، 79"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 424". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلافٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ -يَعْنِي عُبَّادَهُمْ- فَنَزَلُوا بِأَرْضِ حَرُورَاءَ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ وَقَالُوا: انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ ألْبَسَكَ اللَّهُ وَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ الرِّجَالَ، وَلا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ. فَلَمَّا بَلَغ عَلِيًّا مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ، جَمَعَ أَهْلَ الْقُرآنِ، ثُمَّ دَعَا بِالْمُصْحَفِ إِمَامًا عَظِيمًا، فَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَطَفِقَ يُحَرِّكُهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: أَيُّهَا الْمُصْحَفُ حَدِّثِ النَّاسَ، فَنَادَاهُ النَّاسُ، مَا تَسْأَلُ؟ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ وَوَرَقٌ، وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رَوَيْنَا مِنْهُ، فَمَاذَا تُرِيدُ؟ فَقَالَ: أَصْحَابُكُمُ الَّذِينَ خَرَجُوا، بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى: يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} 1، فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ أَعْظَمُ حَقًّا وَحُرْمَةً مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ شِبْهَ مَا تَقَدَّمَ، قَالَ: فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ، فِيهِمُ ابْنُ الْكَوَّاءِ، ومضى الآخرون، قالت عائشة فلم قتلتهم؟ قَالَ: قَطَعُوا السَّبِيلَ، وَاسْتَحَلُّوا أَهْلَ الذِّمَّةِ، وَسَفَكُوا الدم.   1 سورة النساء: 35. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 هزيمة الخوارج بحروراء: سَنَة تِسْعٍ وَثلَاثيْن: فيها كَانَتْ وقعة الخوارج بحروراء بالنخيلة1، قاتلهم علي فكسرهم، وقتل رءوسهم وسجد شكرًا لله تعالى لمّا أُتي بالمخدَّج إليه مقتولًا، وكان رءوس الخوارج زَيْدُ بْن حصن الطائي، وشُرَيْح بْن أوْفَى العبسيّ، وكانا على المُجَنَّبَتَيْن، وكان رأسهم عَبْد الله بْن وهب السّبأي، وكان على رَجَّالتهم حُرْقُوص بْن زهير. وفيها بعث مُعَاوِيَة يزيد بْن شجرة الرَّهاوِيّ ليقيم الحجّ، فنازَعَهُ قُثَمُ بْن الْعَبَّاس ومَانَعه، وكان من جهة عليّ، فتوسّط بينهما أَبُو سَعِيد الخدري وغيره، فاصطلحا، على أن يقيم الموسم شَيْبَة بْن عُثْمَان العَبْدَرِيّ حاجب الكَعبة. وقيل: تُوُفيّ فيها "أمُّ المؤمنين ميمونة"، وحسان بْن ثابت الْأَنْصَارِيّ، وسيأتيان. وكان عليّ قد تجهّز يريد مُعَاوِيَة، فردّ من عانات، واشتغل بحرب الخوارج الحَرُوريّة، وهمّ العُبّاد والقُرّاء من أصحاب عليّ الذين مَرَقُوا من الْإِسْلَام، وأوقعهم الغُلُوّ فِي الدين إِلَى تكفير العُصاة بالذُّنوب، وإلى قُتِلَ النساء والرجال، إلّا من اعترف لهم بالكفر وجدَّد إسلامه. ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الموالي، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل، سمع مُحَمَّد بْن الحنَفية يقول: كان أبي يريد الشام، فجعل يعقد لواءه، ثُمَّ يحلف لَا يحلّه حَتَّى يسير، فيأبَى عليه النّاس، وينتشر عليه رأيهُم، ويَجْبُنون فيحله ويكفّر عن يمينه، فعل ذلك أربع مرّات، وكنت أرى حالهم فأرى ما لا يسرني. فكلمت المسور بن مخرمة يومئذ، وَقُلْتُ: ألا تكلمه أَيْنَ يسير بقوم لَا والله مَا أرى عندهم طائلًا، قَالَ: يا أَبَا القاسم يسير الأمر قد حُمّ، قد كلَّمْتُهُ فرأيته يأبى إلّا المسير. قَالَ ابن الحَنَفّية: فلمّا رَأَى منهم مَا رَأَى قَالَ: اللَّهُمَّ إنّي قد مَللْتُهُم وقد ملُّوني، وأبغضْتُهُم وأبغضوني، فأبْدِلني خيرًا منهم، وأبدِلْهم شرًّا مني.   1 النخيلة: موضع قرب الكوفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 "تعاهد الخوارج بعد هزيمتهم على قتل على ومعاوية وعمرو بن العاص": سَنَة أربَعِين: فيها بعث مُعَاوِيَة إِلَى اليمن بُسْر بْن أبي أرطاة الْقُرَشِيَّ العامريّ فِي جنودٍ، فتنحّى عَنْهَا عاملُ علي عُبَيْد الله بْن عَبَّاس، وبلغ عليًّا فجهز إِلَى اليمن جارية بْن قُدامة السَّعْديّ فوثب بُسْر على وَلَديْ عُبَيْد الله بْن عَبَّاس صَبِيَّيْن، فذبحهما بالسكين وهرب، ثم رجع عبيد الله على اليمن. قَالَ ابن سعد: قَالُوا انتدب ثلاثةً من الخوارج، وهم: عَبْد الرَّحْمَن بْن مُلْجم المُرَادِيّ، والبُرَك بْن عَبْد الله التميميّ، وعمرو بْن بَكْر التميميّ، فاجتمعوا بمكة، فتعاهدوا وتعاقدوا لَيَقْتُلُنَّ هؤلاء الثّلاثة عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ومعاوية بْن أبي سُفْيَان، وعمرو بْن العاص، ويُريحوا العباد منهم. فقال ابن ملجم: أنا لعلي، وقال البرك: أَنَا لمعاوية، وقال الآخر: أَنَا أكفيكم عَمْرًا، فتواثقوا أنْ لَا ينْكُصُوا، واتَّعَدُوا بينهم أن يقع ذلك ليلة سبع عشرة من رمضان، ثمّ تَوَجَّه كلُّ رجلٍ منهم إِلَى بلدٍ بها صاحبُهُ، فقدِم ابنُ مُلْجم الكوفة، فاجتمع بأصحابه من الخوارج، فأسرَّ إليهم، وكان يزورهم ويزورونه. فرأى قَطَام بِنْت شِجْنَة من بني تيم الرباب، وكان علي قتل أباها وأخاها يوم النَّهروان، فأعْجَبَتْهُ، فقالت: لَا أتزوَّجُكَ حَتَّى تعطيني ثلاثة آلاف درهم، وتقتل عليًّا، فقال: لكِ ذلك، ولقي شبيب بْن بجرَة الأشجعي، فأعلمه ودعاه إلى أن يكون معه فأجابه. وبقي ابن مُلْجَم فِي الليلة التي عزم فيها على قتْل علي يناجي الأشعث بْن قَيْس فِي مسجده حَتَّى طلع الفجر، فقال له الأشعث: فَضَحكَ الصُّبْحُ، فقام هُوَ وشبيب، فأخذا أسيافهما، ثُمَّ جاءا حَتَّى جلسا مقابل السُّدَّةِ التي يخرج منها عليّ، فذكر مقتل عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، فلمّا قُتِلَ أخذوا عَبْد الرَّحْمَن بْن ملجم، وعذبوه فقتلوه. وقال حجاج بن أبي منيع: أنبأنا جَدِّي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَعَاهَدَ ثَلاثَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى قَتْلِ مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَحَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَة، وَذَكَرَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين: ما بعد الخلفاء الراشدون حتى سنة 41هـ: "الطبقة الأولى": "من العشرة المبشرين بالجنة": 6- "ع" أبو عبيدة بن الجراح "ت 18هـ" عامر بْن عبد الله بْن الجراح بْن هلال بْن أُهيب بْن ضبة بْن الحارث بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عدنان، القرشي الفهري المكي. أحد السابقين الأولين: ومن عزم الصديق على توليته الخلافة، وأشار به يوم السقيفة، لكمال أهليته عند أبي بكر. يجتمع في النسب هو والنبي -صلى الله عليه وسلم- في فهر. شهد لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجَنَّةِ، وسماه أمين الأمة، ومناقبه شهيرة جمة. روى أحاديث معدودة، وغزا غزوات مشهودة. حدث عنه العرباض بن سارية، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة الباهلي، وسمرة بن جندب، وأسلم مولى عمر، وعبد الرحمن بن غنم، وآخرون. له في صحيح مسلم حديث واحد، وله في جامع أبي عيسى حديث، وفي "مسند بقي" له خمسة عشر حديثا. الرواية عنه: أخبرنا أبو المعالي محمد بن عبد السلام التميمي، قراءة عليه في سنة أربع وتسعين وستمائة، أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد البزار، أنبأنا تميم بن أبي سعيد أبو القاسم المعري، في رجب سنة تسع وعشرين وخمسمائة، بهراة1، أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي، حدثنا عبد الله بن معاوية القرشي، حدثنا حماد بن سلمة، عن   1 هراة: من مدن خراسان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عن عبد الله بن سراقة، عن أبي عبيدة بن الجراح: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول: "إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر قومه الدجال، وإني أنذركموه" فوصفه لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "لعله سيدركه بعض من رآني أو سمع كلامي". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كيف قلوبنا يومئذ؟ أمثلها اليوم؟ قال: "أو خير"1. أخرجه الترمذي عن عبد الله الجمحي فوافقناه بعلو. وقال: وفي الباب عن عبد الله بن بسر وغيره. وهذا حديث حسن غريب من حديث أبي عبيدة -رضي الله عنه. قال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني نور بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مالك بْن يُخَامر أنه وصف أبا عبيدة فقال: كان رجلا نحيفًا، معروق الوجه، خفيف اللحية، طوالًا، أجْنى، أثرم الثنيتين2. وأخبرنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن صالح، عن يزيد بن رومان قال: انطلق ابن مظعون، وعبيدة بن الحارث، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح حتى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعرض عليهم الإسلام، وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا في ساعة واحدة، وذلك قبل دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دار الأرقم3. وقد شهد أبو عبيدة بدرا، فقتل يومئذ أباه، وأبلى يوم أحد بلاء حسنا، ونزع يومئذ الحلقتين اللتين دخلتا من المِغْفَر في وَجِنَةِ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ ضربة أصابته، فانقلعت ثنيتاه، فحسن ثغره بذهابهما، حتى قيل: ما رئي هتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة.   1 ضعيف: أخرجه أبو داود "4756" في كتاب السنة، باب: في الدجال، والترمذي "2241" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في الدجال، وابن حبان "1/ 6778" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "8/ 95": في إسناده غرابة: وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "389": ضعيف. 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 220-221". 3 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 218". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 وقال أبو بكر الصديق وقت وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسقيفة بني ساعدة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر، وأبا عبيدة. قال الزبير بن بكار: قد انقرض نسل أبي عبيدة، وولد إخوته جميعا، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، قاله ابن اسحاق، والواقدي. قلت: إن كان هاجر إليها، فإنه لم يطل بها الليث. وكان أبو عبيدة معدودا فيمن جمع القرآن العظيم. قال موسى بن عقبة في "مغازيه" غزوة عمرو بن العاص هي غزوة ذات السلاسل من مشارف الشام، فخاف عمرو من جانبه ذلك، فاستمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانتدب أبا بكر وعمر في سراة من المهاجرين، فأمر نبي الله عليهم أبا عبيدة، فلما قدموا على عمرو بن العاص قال: أنا أميركم، فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأميرنا أبو عبيدة. فقال عمرو: إنما أنتم مدد أمددت بكم. فلما رأى ذلك أبو عبيدة بن الجراح، وكان رجلا حسن الخلق، لين الشيمة، متبعا لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعهده، فسلم الإمارة لعمرو. وثبت من وجوه عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قال: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أبو عبيدة بن الجراح" 1. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه وغيره، إجازة، قالوا: أخبرنا حنبل بن عبد الله، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، عن شريح بن عبيد، وراشد بن سعد، وغيرهما قالوا: لما بلغ عمر بن الخطاب سرغ، حدث أن بالشام وباء شديدا، فقال: إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فإني سألني الله عز وجل: لِمَ استخلفته على أمة محمد؟ قلت: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الأمة أبو عبيدة بن الجراح". قال: فأنكر القوم ذلك وقالوا: ما بال علياء قريش؟ يعنون بني فهر،   1 صحيح: أخرجه البخاري "3744" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب أبي عبيدة بن الجراح، ومسلم "2419" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي عبيدة بن الجراح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 ثم قال: وإن أدركني أجلي، وقد توفي أبو عبيدة، أستخلف معاذ بن جبل، فإن سألني ربي قلت: إني سمعت نبيك يقول: "إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء برتوة" 1. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عمرو بن العاص قال: قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: "عائشة". قيل: من الرجال؟ قال: "أبو بكر"، قيل: ثم من؟ قال: "ثم أبو عبيدة بن الجراح" 2. كذا يرويه حماد، وخالفه جماعة، فرووه عن الجريري، عن عبد الله قال: سألت عائشة: أي أصحابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أحب إليه؟ قالت: أَبُو بكر، ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ أَبُو عبيدة بن الجراح3. أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أنبأنا محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أحمد بن محمد بن غالب، بقراءته على أبي العباس بن حمدان، حدثكم محمد بن أيوب، أنبأنا أبو الوليد، أنبأنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمعت صلة بن "زفر"، عن حذيفة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إني أبعث إليكم رجلا أمينا" فاستشرف لها أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبعث أبا عبيدة بن الجراح4. اتفقا عليه من حديث شعبة. واتفقا من حديث خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لكل أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بن الجراح" 5. أخبرنا أحمد بن محمد المعلم، أنبأنا أبو القاسم بن رواحة، أنبأنا أبو طاهر الحافظ، أنبأنا أحمد بن على الصوفي، وأبو غالب الباقلاني، وجماعة، قالوا:   1 أخرجه أحمد "1/ 18". 2 انظر الآتي. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3781" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي عبيدة عامر بن الجراح، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3745" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب أبي عبيدة بن الجراح، ومسلم "2420" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي عبيدة بن الجراح. 5 صحيح: وقد تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 أنبانا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو محمد الفاكهي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى الواسطى، أنبأنا يحيى بن أبي زكريا، حدثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أبي الزبير، عن جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ مَعَ خالد، الذين أمد بهم أبا عبيدة، وهو محاصر دمشق، فلما قدمنا عليهم، قال لخالد: تقدم فصل، فأنت أحق بالإمامة؛ لأنك جئت تمدني. فقال خالد: ما كنت لأتقدم رجلا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لكل أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بن الجراح"1. أبو بكر بن أبي شيبة: أنبأنا عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن حذيفة قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسقفا نجران: العاقب والسيد، فقالا: أبعث معنا أمينا حق أمين فقال: "لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين" فاستشرف لها الناس، فقال: "قم يا أبا عبيدة" فأرسله معهم2. قال: وحدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق نحوه. الترقفي3 في "جزئه": حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثنا أبو حسبة مسلم بن أكيس مولى ابن كريز، عن أبي عبيدة قال: ذكر لي من دخل عليه فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا أبا عبيدة؟ قال: يبكيني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر يوما ما، يفتح الله على المسلمين، حتى ذكر الشام فقال: "إن نسأ الله في أجلك فحسبك من الخدم ثلاثة: خادم يخدمك، وخادم يسافر معك، وخادم يخدم أهلك ويرد عليهم وحسبك من الدواب ثلاثة: دابة لرحلك، ودابة لثقلك، ودابة لغلامك"، ثم هذا أنذا أنظر إلى بيتي قد امتلأ رقيقا، وإلى مربطي قد امتلأ خيلا، فكيف أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعدها؟ وقد أوصانا: "أن أحبكم إلي، وأقربكم مني، من لقيني على مثل الحال التي فارقتكم عليها" 4. حديث غريب رواه أيضا أحمد في "مسنده" عن أبي المغيرة.   1 إسناده ضعيف: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه، والمرفوع منه صحيح كما تقدم. 2 صحيح: وقد تقدم. 3 هو عبّاس بْن عَبْد الله بْن أبي عِيسَى، تأتي ترجمته "2225". 4 أخرجه أحمد "1/ 195-196". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 وكيع بن الجراح، حدثنا مبارك بن فضالة عن الْحَسَنُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما منكم من أحد إلا لو شئت لأخذت عليه بعض خلقه، إلا أبا عبيدة"1. هذا مرسل. وكان أبو عبيدة موصوفا بحسن الخلق، وبالحلم الزائد والتواضع. قال محمد بن سعد: حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ عمر لجلسائه، تمنوا، فتمنوا، فقال عمر: لكني أتمني بيتا ممتلئا رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح. وقال ابن أبي شيبة: قال ابن علية: عن يونس، عن الْحَسَنُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما من أصحابي أحد إلا لو شئت أخذت عليه، إلا أبا عبيدة"2. وسفيان الثوري: عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: قال ابن مسعود: أخلائي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاثة: أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة3. خالفه غيره، ففي "الجعديات": أنبأنا زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله فذكره. قال خليفة بن خياط: وقد كان أبو بكر ولي أبا عبيدة بيت المال. قلت: يعني أموال المسلمين، فلم يكن بعد عمل بيت مال، فأول من اتخذه عمر. قال خليفة: ثم وجهه أبو بكر إلى الشام سنة ثلاث عشرة أميرا، وفيها استخلف عمر، فعزل خالد بن الوليد، وولى أبا عبيدة. قال أبو القاسم بن يزيد: حدثنا سفيان، عن زياد بن فياض، عن تميم بن سلمة، أن عمر لقي أبا عبيدة، فصافحه، وقبل يده، وتنحيا يبكيان. وقال ابن المبارك في "الجهاد" له: عَنْ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،   1 مرسل إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "5157" ومبارك بن فضالة مدلس، وقد عنعنه. 2 مرسل. 3 إسناده ضعيف: أبو عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود، لم يسمع من أبيه، وأما تدليس أبي إسحاق فرواية الثوري عنه مآمونة التدليس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 عن أبيه قال: بلغ عمر أن أبا عبيدة حصر بالشام، ونال منه العدو، فكتب إليه عمر: أما بعد، فإنه ما نزل بعبد مؤمن شدة، إلا جعل الله بعدها فرجا، وإنه لا يغلب عسر يسرين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} الآية1. قال: فكتب إليه أبو عبيدة: أما بعد، فإن الله يقول: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} إلى قوله: {مَتَاعُ الْغُرُور} 2، قال: فخرج عمر بكتابه، فقرأه على المنبر فقال: يا أهل المدينة! إنما يعرض بكم أبو عبيدة أو بي، ارغبوا في الجهاد3. ابن أبي فديك، عن هشام بن سعد، عن زيد، عن أبيه قال: بلغني أن معاذا سمع رجلا يقول: لو كان خالد بن الوليد، ما كان بالناس دوك، وذلك في حصر أبي عبيدة، فقال معاذ: فإلى أبي عبيدة تضطر المعجزة لا أبا لك! والله إنه لخير من بقي على الأرض4. رواه البخاري في "تاريخه" وابن سعد. "وفي الزهد" لابن المبارك: حدثنا معمر، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قدم عمر الشام، فتلقاه الأمراء والعظماء، فَقَالَ: أين أخي أَبُو عبيدة؟ قالوا: يأتيك الآن، قال: فجاء على ناقةٍ مخطومةٍ بحبْل، فسلم عليه، ثُمَّ قَالَ للناس: انصرفوا عنا. فسار معه حتى أتى منزله، فنزل عليه، فلم ير في بيته إلا سيفه وتُرْسَه ورحْلَه، فَقَالَ له عُمَر: لو اتخذت متاعًا، أو قَالَ شيئا، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ هذا سيبلِّغُنا الْمَقِيلَ5. ابن وهب: حدثني عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر: أن عمر حين قدم الشام، قال لأبي عبيدة: اذهب بنا إلى منزلك، قال: وما تصنع عندي؟ ما تريد إلا أن تُعصِّر عينيك علي: قال: فدخل، فلم ير شيئا، قال: أين متاعك؟ لا أرى إلا لبدا وصحفة وشنا، وأنت أمير، أعندك طعام؟ فقام أبو عبيدة إلى   1 سورة آل عمران: 200. 2 سورة الحديد: 20. 3 إسناده منقطع: بين زيد بن أسلم وعمر بن الخطاب. 4 إسناده ضعيف. 5 إسناده ضعيف: بين عروة وعمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 جونة، فأخذ منها كسيرات، فبكى عمر، فقال أبو عبيدة: قد قلت لك: إنك ستعصر عينيك عليَّ يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلغك المقبل. قال عمر: غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة1. أخرجه أبو داود في سنته من طريق ابن الأعرابي. وهذا والله هو الزهد الخالص، لا زهد من كان فقيرا معدما. معن بن عيسى، عن مالك: أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف، أو بأربعمائة دينار، وقال للرسول: انظر ما يصنع بها، قال: فقسمها أبو عبيدة، ثم أرسل إلى معاذ بمثلها، قال: فقسمها، إلا شيئا قالت له امرأته نحتاج إليه، فلما أخبر الرسول عمر، قال: الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا2. الفسوي: حدثنا أبو اليمان، عن جرير بن عثمان، عن أبي الحسن عمران ابن نمران، أن أبا عبيدة كان يسير في العسكر فيقول: ألا رُبَّ مبيض لثيابه، مدنس لدينه! ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين! بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات. وقال ثابت البناني: قال أبو عبيدة: يا أيها الناس! إني امرؤ من قريش، وما منكم من أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى، إلا وددت أني في مسلاخه3. معمر: عن قتادة، قال أبو عبيدة بن الجراح: وددت أني كنت كبشا، فيذبحني أهلي، فيأكلون لحمي، ويحسون مرقي4. وقال عمران بن حصين: وددت أني رماد تسفيني الريح. شعبة: عن قيس بن مسلم عن طارق: أن عمر كتب إلى أبي عبيدة في الطاعون: إنه قد عرضت لي حاجة، ولا غنى بي عنك فيها، فعجل إلي. فلما قرأ الكتاب، قال: عرفت حاجة أمير المؤمنين، إنه يريد أن يستبقى من ليس بباق، فكتب: إني قد عرفت حاجتك، فحللني من عزيمتك، فإني في جند من أجناد   1 إسناده ضعيف: عبد الله بن عمر هو العمروي، ضعيف في "التقريب" "3489". 2 إسناده منقطع: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 220". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 219، 220". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 220". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 المسلمين، لا أرغب بنفسي عنهم، فلما قرأ عمر الكتاب، بكي، فقيل له: مات أبو عبيدة؟ قال: لا. وكأن قد. قال: فتوفي أبو عبيدة، وانكشف الطاعون. قال أبو الموجه محمد بن عمرو المروزي: زعموا أن أبا عبيدة كان في ستةٍ وثلاثين ألفًا من الجُنْد، فلم يبق منهم إلا ستة آلاف رجل. أخبرنا محمد بن عبد السلام، عن أبي روح، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا واصل مولى أبي عيينة، عن "ابن" أبي سيف المخزومي، عن الوليد بن عبد الرحمن، شامي فقيه، عن عياض بن عطيف، قال: دخلت على أبي عبيدة بن الجراح في مرضه، وامرأته تحيفه جالسة عند رأسه، وهو مقبل بوجهه على الجدار، فقلت: كيف بات أبو عبيدة؟ قالت: بات بأجر، فقال: إني والله ما بت بأجر! فكأن القوم ساءهم، فقال: ألا تسألوني عما قلت؟ قالوا: إنا لم يعجبنا ما قلت، فكيف نسألك؟ قال: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله، فبسبعمائة، ومن أنفق على عياله، أو عاد مريضا، أو ماز أذى فالحسنة بعشر أمثالها، والصوم جنة ما لم يخرقها، ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة" 1. أنبأنا جماعة قالوا: أنبأنا ابن طبرزد، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن أبان الواسطي، حدثني جرير بن حازم، حدثني بشار بن أبي سيف، حدثني الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض بن عطيف، قال: مرض أبو عبيدة، فدخلنا عليه نعوده، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الصيام جنة ما لم يخرقها"2. وقد استعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا عبيدة غير مرة، منها المرة التي جاع فيها عسكره، وكانوا ثلاثمائة، فألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له العنبر، فقال   1 أخرجه أحمد "1/ 196". 2 ضعيف: أخرجه النسائي "4/ 167" في كتاب الصيام، باب: فضل الصيام، وأحمد "1/ 196" كما تقدم، وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": ضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، نحن رسل رسول الله، وفي سبيل الله، فكلوا، وذكر الحديث1، وهو في "الصحيحين". ولما تفرغ الصديق من حرب أهل الردة، وحرب مسيلمة الكذاب، جهز أمراء الأجناد لفتح الشام، فبعث أبا عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، فتمت وقعة أجنادين بقرب الرملة، ونصر الله المؤمنين، فجاءت البشرى، والصديق في مرض الموت، ثم كانت وقعة فحل، ووقعة مرج الصفر وكان قد سير أبو بكر خالدا لغزو العراق، ثم بعث إليه لينجد من بالشام. فقطع المفاوز على برية السماوة، فأمر الصديق على الأمراء كلهم، وحاصروا دمشق، وتوفي أبو بكر، فبادر عمر بعزل خالد، واستعمل على الكل أبا عبيدة، فجاءه التقليد، فكتمه مدة، وكل هذا من دينه ولينه وحلمه، فكان فتح دمشق على يده، فعند ذلك أظهر التقليد، ليعقد الصلح للروم، ففتحوا له باب الجابية صلحًا، وإذا بخالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي، فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح. فعن المغيرة، أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم، ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام يوم وقعة اليرموك، التي استأصل الله فيها جيوش الروم، وقتل منهم خلق عظيم. روى ابن المبارك في "الزهد" له، قال: أنبأنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، قال: حدثني عبد الرحمن بن غنم، عن حديث الحارث بن عميرة قال: أخذ بيدي معاذ بن جبل، فأرسله إلى أبي عبيدة، فسأله كيف هو! وقد طعنا، فأراه أبو عبيدة طعنة، خرجت في كفه، فتكاثر شأنها في نفس الحارث، وفرق منها حين رآها، فأقسم أبو عبيدة بالله، ما يحب أن له مكانها حمر العمر2. وعن الأسود، عن عروة، إن وجع عمواس كان مُعافًى منه أبو عبيدة.   1 صحيح: أخرجه البخاري "4360" في كتاب المغازي، باب: غزوة سيف البحر، ومسلم "1935" في كتاب الصيد، باب: إباحة ميتات البحر، من حديث جابر -رضي الله عنه. 2 في إسناده نظر: شهر بن حوشب ضعيف الحفظ، وقال أحمد: لا بأس برواية عبد الحميد بن بهرام عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 وأهله، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نصيبك في آل أبي عبيدة! قال: فخرجت بأبي عبيدة في خنصره بثرة، فجعل ينظر إليها، فقيل له: إنها ليست بشيء. فقال: أرجو أن يبارك الله فيها، فإنه إذا بارك في القليل كان كثيرا. الوليد بن مسلم: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن أَبِي مريم، عَنْ صالح بن أبي المخارق قال: انطلق أبو عبيدة من الجابية إلى بيت المقدس للصلاة، فاستخلف على الناس معاذ بن جبل. قال الوليد: فحدثني من سمع عروة بن رويم قال: فأدركه أجله بحل فتوفي بها بقرب بيسان. طاعون عمواس منسوب إلى قرية عمواس، وهي بين الرملة وبين بيت المقدس، وأما الأصمعي فقال: هو من قولهم زمن الطاعون: عم وآسي. قال أبو حفص الفلاس: توفي أبو عبيدة في سنة ثمان عشرة، وله ثمانٌ وخمسون سنة، وكان يخضب بالحناء، والكتم، وكان له عقيصتان. وقال كذلك في وفاته جماعة، وانفرد ابن عائذ، عن أبي مسهر، أنه قرأ في كتاب يزيد بن عبيدة، أن أبا عبيدة توفي سنة سبع عشرة. 7- "ع" طلحة بن عبيد "ت 36هـ" الله بن عثمان بن عَمْرو بن كَعْب بْنِ سَعْدِ بْن تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ابن كنانة القرشي التيمي المكي، أبو محمد. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، له عدة أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وله في "مسند بقي بن مخلد" بالمكرر ثمانية وثلاثون حديثا. له حديثان متفق عليهما، وانفرد له البخاري بحديثين، ومسلم بثلاثة أحاديث. حدث عنه: بنوه: يحيى، وموسى، وعيسى، والسائب بن يزيد، ومالك بن أوس بن الحدثان، وأبو عثمان النهدي، وقيس بن أبي حازم، ومالك بن أبي عامر الأصبحي، والأحنف بن قيس التميمي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وآخرون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 قال أبو عبد الله بن منده: كان رجلا آدم، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط ولا بالسَّبط، حَسَنَ الوجْه، إذا مشى أسرع، ولا يغير شعره. وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد العزيز بن عمران، حدّثني إسحاق بن يحيى، حدّثني موسى بن طلحة قَالَ: كان أبي أبيض يضرب إلى الحمرة، مربوعا، إلى القصر هو أقرب، رَحْب الصَّدْر، بعيد مَا بين المِنْكَبين، ضخم القدمين، إذا التفت التفت جميعا1. قلت: كان ممن سبق إلى الإسلام وأوذي في الله، ثم هاجر، فاتفق أنه غاب عن وقعة بدر في تجارة له بالشام وتألم لغيبته، فضرب لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسهمه وأجره. قال أبو القاسم ابن عساكر الحافظ في ترجمته: كان مع عمر لما قدم الجابية، وجعله على المهاجرين، وقال غيره: كانت يده شلاء مما وقى بها رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أحد2. الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ: عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بن عبيد الله" 3. أخبرنيه الأبرقوهي، أنبأنا ابن أبي الجود، أنبأنا ابن الطلابة، أنبأنا عبد العزيز الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر المخلص، أخبرنا البغوي، أخبرنا داود بن رشيد، حدثنا مكي، حدثنا الصلت. وفي جامع أبي عيسى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: "أوْجَبَ طَلْحَةُ" 4.   1 إسناده ضعيف جدا: عبد العزيز بن عمران ضعيف جدا. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4063"، في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} عن قيس بن أبي حازم. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3760" في كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله، وابن ماجه "125" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "3391" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 صحيح: أخرجه الترمذي "1698" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في الدرع، وفي "الشمائل" له "109"، وأحمد "1/ 165"، وأبو يعلى "670"، والحاكم "5602"، والبيهقي في "سننه" "6/ 370" وابن حبان "6979" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 قال ابن أبي خالد عن قيس قال: رأيت يد طلحة التي وَقَى بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ شلاء1. أخرجه البخاري. وأخرج النسائي من حديث يحيى بن أيوب وآخر، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عن جابر قال: لما كان يوم أحد، وولى الناس، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ناحية اثني عشر رجلا، منهم طلحة، فأدركهم المشركون، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ للقوم"؟ قال طلحة: أنا، قال: "كما أنت". فقال رجل: أنا. قال: "أنت"، فقاتل حتى قتل، ثم "التفت" فإذا المشركون، فقال: "من لهم"؟ قال طلحة: أنا. قال: "كما أنت"، فقال رجل من الأنصار: أنا، قال: "أنت". فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله طلحة، فقال: "من للقوم"؟ قال طلحة: أنا، فقاتل طلحة، قتال الأحد عشر، حتى قطعت أصابعه، فقال: حسن، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو قلت: باسم الله لرفعتك الملائكة، والناس ينظرون" ثم رد الله المشركين2. رواته ثقات. أخبرنا أبو المعالي بن أبي عصرون الشافعي، أنبأنا عبد المعز بن محمد، في كتابه، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا محمد بن أحمد، أنبأنا أحمد بن علي التميمي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، وعبد الأعلى، قالا: حدثنا المعتمر، سمعت أبي، حدثنا أبو عُثْمَانَ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تلك الأيام التي كان يقاتل بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير طلحة وسعد عن حديثهما3 أخرجه الشيخان عن المقدمي.   1 صحيح: وقد تقدم. 2 أخرجه النسائي "6/ 29-30" في كتاب الجهاد، باب: ما يقول من يطعنه العدو، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 236" وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 417": إسناده جيد. وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": حسن من قوله "فقطعت أصابعه ... "، وما قبله يحتمل التحسين، وهو على شرط مسلم. ا. هـ. قلت: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه، واحتج به مسلم مع عنعنته. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3722، 3723" في كتاب فضائل الصحابة، باب: ذكر طلحة بن عبيد الله، ومسلم "2414" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 وبه إلى التميمي: حدثنا أبو كريب، حدثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عن موسى وعيسى ابني طلحة، عن أبيهما إنّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالوا لأعرابي جاء يسأله عمن قضى نحبه: من هو، وكانوا لا يجترئون على مسألته -صلى الله عليه وسلم- يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي، فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ثم إني طلعت من باب المسجد -على ثياب خضر- فلما رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أين السائل عمن قضى نحبه"؟ قال الأعرابي: أنا. ثم قال: "هذا ممن قضى نحبه" 1. وأخرجه الطيالسي في مسنده من حديث معاوية، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "طلحة ممن قضى نحبه" 2. وفي "صحيح مُسْلِمٍ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "اهْدَأْ! فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شهيد" 3. سويد بن سعيد: حدثنا صالح بن موسى، عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عَنْ عَائِشَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة"4. قال الترمذي: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو عبد الرحمن نضر بن منصور، حدثنا عقبة بن علقمة اليشكري، سمعت عليًّا يوم الجمل يقول: سمعت من في رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جَارَايَ فِي الْجَنَّةِ"5.   1 صحيح: أخرجه الترمذي "3763" في كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3761" في المصدر السابق، وابن ماجه "127" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2417" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- والترمذي "3716" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان. 4 إسناده ضعيف: صالح بن موسى وسويد بن سعيد كلاهما ضعيف، وقد تقدم بلفظ "من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض .... ". 5 ضعيف: أخرجه الترمذي "3762" في كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "782": ضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 وهكذا رواه ابن زيدان البجلي، وأبو بكر الجارودي، عن الأشج، وشذ أبو يعلى الموصلي، فقال عن نصر، عن أبيه، عن عقبة. دحيم: حدثنا محمد بن طلحة، عن موسى بن محمد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: ابْتَاعَ طَلْحَةُ بِئْرًا بِنَاحِيَةِ الْجَبَلِ، وَنَحَرَ جَزُورًا، فَأَطْعَمَ النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ طلحة الفياض" 1. سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مُوسَى بْنِ طلحة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، سماه النبي صلى الله عليه وسلم- طلحة الخبر. وفي غزوة ذي العشيرة، طلحة الفياض. ويوم خيبر، طلحة الجود2. إسناد لين. قال مجالد، عن الشعبي، عن قبيصة بن جابر قال: صَحِبْتُ طَلْحَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَعْطَى لِجَزِيلِ مَالٍ من غير مسألة منه3. أبو إسماعيل الترمذي: حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى بن موسى، حدثني أبي، عن جدي، عن موسى، عن أبيه، أنه أَتَاهُ مَالٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاتَ لَيْلَتَهُ يَتَمَلْمَلُ. فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ. مَا لَكَ؟ قال: تفكرت منذ الليلة، فَقُلْتُ: مَا ظَنُّ رُجلٍ بِرَبِّهِ يَبِيتُ وَهَذَا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت من بعض أخلائك فإذا أصبحت، فادع بجفان وقصاع فقسمه. فقال لها: رحمك الله، إنك موفقة بنت موفق، وهي أم كلثوم بنت الصديق، فلما أصبح، دعا بجفان، فَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ منها بجفنة، فقالت له زوجته: أبا محمد! أما كان لنا في هذا المال من نصيب؟ قال: فأين كنت منذ اليوم؟ فشأنك بما بقي. قالت: فكانت صرة فيها نحو ألف درهم4. أخبرنا المسلم بن علان، وجماعة، كتابة، قالوا: أنبأنا عمر بن محمد،   1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "6224"، والحاكم "4/ 5604". 2 إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم "5605"، وسليمان بن أيوب ضعيف كما في "الميزان" "3428" وقد ذكر فيه هذا الحديث من مناكيره. 3 إسناده ضعيف: مجالد ضعيف كما تقدم، والأثر أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 117". 4 إسناده ضعيف: سليمان بن أيوب ضعيف كما تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 أنبأنا هبة الله بن الحصين، أنبأنا بن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا محمد بن يعلي، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قال: جاء أعرابي إلى طلحة يسأله، فتقرب إليه برحم فقال: إن هذه لَرَحِمٌ مَا سَأَلَنِي بِهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ، إِنَّ لِي أَرْضًا قَدْ أَعْطَانِي بِهَا عُثْمَانُ ثَلاثَمِائَةِ ألف، فاقبضها، وإن شئت بعتُها عن عثمان، ودفعت إليك الثمن، فقال: الثمن. فأعطاه1. الكديمي: حدثنا الأصمعي، حدثنا ابن عمران قاضي المدينة، أن طلحة فدى عشرة من أسارى بدر بماله، وسئل مرة برحم، فقال: قد بعت لي حائطا بسبعمائة ألف، وأنا فيه بالخيار، فإن شئت، خذه، وإن شئت، ثمنه. إسناده منقطع مع ضعف الكديمي2. قال ابن سعد: أنبأنا سعيد بن منصور، حدثنا صالح بن موسى، عن معاوية ابن إسحاق، عن عائشة وأم إسحاق بنتي طلحة قالتا: جُرِحَ أبونا يوم أُحُد أربعًا وعشرين جراحة، وقع منها في رأسه شجعه مربعة، وقطع نساه -يعني العرق- وشلت أصبعه، وكان سائر الجراح في جسده، وغلبه الغشي، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكسورة رباعيته، مشجوج في وجهه، قد علاه الغشي، وطلحة محتمله، يرجع به القهقري، وكلما أدركه أحد من المشركين، قاتل دونه، حتى أسنده إلى الشعب. ابن عيينة، عن طلحة بن يحيى، حدثتني جدتي سعدي بنت عوف المرية قالت: دخلت على طلحة يوما وهو خاثر فقلت: ما لك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال: لا والله، ونعم حليلة المسلم أنت، ولكن مال عندي قد غمني: فقلت: ما يغمك؟ عليك بقومك، قال: يا غلام! ادع لي قومي. فقسمه فيهم، فسألت الخازن: كم أعطى؟ قال: أربعمائة ألف. هشام وعوف: عن الحسن البصري أن طلحة بن عبيد الله باع أرضا له بسبعمائة ألف. فبات أرقا من مخافة ذلك المال، حتى أصبح ففرقه. محمد بن سعد: حدثنا محمد بن عمر، حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم   1 إسناده ضعيف: علي بن زيد ضعيف الحفظ. 2 هو متروك كما في "الميزان" "8353". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 التيمي، عن أبيه قال: كان طلحة يغل بالعراق أربعمائة ألف، ويغل بالسراة عشرة آلاف دينار أو "أقل أو" أكثر، و"بالأعراض له غلات" وكان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا إلا كفاه، وقضى دينه، ولقد كان يرسل إلى عائشة "إذا جاءت غلته" كل سنة بعشرة آلاف، ولقد قضى عن فلان التيمي ثلاثين ألفا1. قال الزبير بن بكار: حدثني عثمان بن عبد الرحمن أن طلحة بن عبيد الله قضى عن عبيد الله بن معمر، وعبد الله بن عامر بن كريز ثمانين ألف درهم. قال الحميدي: حدثنا ابن عيينة، حدثنا عمرو بن دينار، أخبرني مولى لطلحة قال: كانت غلة طلحة كل يوم ألف واف2. قال الواقدي: حدثنا إسحاق بن يحيى، عن موسى بن طلحة أنّ معاوية سأله: كم ترك أَبُو محمد من العين، قال: ترك ألفي ألف درهم ومائتي ألف درهم، ومن الذهب مائتي ألف دينار، فقال معاوية، عاش حميدا سخيا شريفا، وقتل فقيدا3 -رحمه الله4. وأنشد الرياشي لرجل من قريش: أيا سائلي عن خيار العباد ... صادفت ذا العلم والخبره خيار العباد جميعا قريش ... وخير قريش ذوو الهجره وخير ذوي الهجرة السابقون ... ثمانية وحدهم نصره علي وعثمان ثم الزبير ... وطلحة واثنان من زهره وبران قد جاورا أحمدا ... وجاور قبرهما قبره فمن كان بعدهم فاخرا ... فلا يذكرن بعدهم فخره يحين بن معين: حدثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مصعب، أخبرني موسى بن عقبة، سمعت علقمة بن وقاص الليثي قال: لما خرج طلحة والزبير وعائشة للطلب بدم عثمان، عرجوا عن منصرفهم بذات عرق، فاستصغروا عروة   1 إسناده ضعيف جدا، أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 117" عن ابن عيينة. 3 في المصدر الآتي "فقيرا". 4 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن فردوهما، قال: ورأيت طلحة، وأحب المجالس إليه أخلاها، وهو ضارب بلحيته على زوره، فقلت: يا أبا محمد! إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها، إن كنت تكره هذا الأمر، فدعه، فقال: يا علقمة! لا تلمني، كنا أمس يدا واحدة على من سوانا، فأصبحنا اليوم جَبَلَيْن من حديد، يزحف أحدنا إلى صاحبه، ولكنه كان مني شيء في أمر عثمان، مما لا أرى كفارته إلا سفك دمي، وطلب دمه. قلت: الذي كان منه في حق عثمان تمغفل وتأليب، فعله باجتهاد، ثم تغير عندما شاهد مصرع عثمان، فندم على ترك نصرته -رضي الله عنهما، وكان طلحة أول من بايع عليًّا، أرهقه قتله عثمان، وأحضروه حتى بايع. قال البخاري: حدثنا موسى بن أعين، حدثنا أبو عوانة، عن حصين في حديث عمرو بن جاوان، قال: التقى القوم يوم الجمل، فقام كعب بن سور معه المصحف، فنشره بين الفريقين، وناشدهم الله والإسلام في دمائهم، فما زال حتّى قتل. وكان طلحة من أول قتيل. وذهب الزبير ليلحق ببنيه، فقتل. يحيى القطان: عن عوف، حدثني أبو رجاء قال: رأيت طلحة على دابته وهو يقول: أيها الناس أنصتوا، فجعلوا يركبونه ولا ينصتون، فقال: أف! فراش النار، وذباب طمع. قال ابن سعد: أخبرني من سمع إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر قال: قال طلحة: إنا داهنا في أمر عثمان، فلا نجد اليوم أمثل من أن نبذل دماءنا فيه، اللَّهُمَّ خذ لعثمان منّي اليوم حتّى ترضى1. وكيع: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: رأيت مَروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذٍ بسهمٍ، فوقع في رُكبته، فما زال ينسح حتى مات. رواه جماعة عنه، ولفظ عبد الحميد بن صالح عنه: هذا أعان على عثمان ولا أطلب بثأري بعد اليوم. قلت: قاتل طلحة في الوزر، بمنزلة قاتل علي.   1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118-119". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 قال خليفة بن خياط: حدثنا من سمع جويرية بن أسماء، عن يحيى بن سعيد، عن عمه، أن مروان رمى طلحة بسهم، فقتله، ثم التفت إلى أبان فقال: قد كفيناك بعض قتلة أبيك. هشيم: عن مُجالد، عن الشَّعْبيَّ قَالَ: رأى عليّ طلحة في واد ملقى، فنزل، فمسح التراب عن وجهه، وقال: عزيز على أبا محمد بأن أراك مجدلا في الأودية تحت نجوم السماء، إلى الله أشكو عُجَري وبُجَري. قَالَ الأصمعيّ: معناه: سرائري وأحزاني التي تموج في جَوْفي1. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طلحة بن مُصَرِّف إنّ عليًّا انتهى إلى طلحة وقد مات، فنزل عن دابته وأجلسه، ومسح الغُبار عن وجهه ولحيته، وهو يترحم عليه، وقال: ليتني متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة. مرسل2. وروى زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله من الأنصار، عن أبيه أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: بَشِّرُوا قَاتِلَ طَلْحَةَ بِالنَّارِ. أخبرنا ابن أبي عصرون، عن أبي روح، أنبأنا تميم، حدثنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا عمرو الناقد، حدثنا الخضر بن محمد الحراني، حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التميمي. عن مالك بن أبي عامر، قال: جاء رجل إلى طلحة فقال: أرأيتك هذا اليماني هو أعلم بحديث رسول الله منكم -يعني أبا هريرة- نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم قال: أما إن قد سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما لم نسمع، فلا أشك، وسأخبرك: إنا كنا أهل بيوت، وكنا إنما نأتي رسول الله غدوة وعشية، وكان مسكينا لا مال له، إنما هو على باب رسول الله، فلا أشك أنه قد سمع ما لم نسمع، وهل تجد أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ؟ 3. وروى مجالد، عن الشعبي، عن جابر أنه سمع عمر يقول لطلحة: ما لي أراك شعثت واغبررت مذ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ لعله أن ما بك إمارة ابن عمك، يعني أبا بكر، قال: معاذ الله، إني سمعته يقول: "إني لأعلم كلمة لا   1 إسناده ضعيف: من أجل مجالد. 2 قلت: وليث ضعيف الحفظ. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي "3863" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي هريرة -رضي الله عنه- وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "803": ضعيف الإسناد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 يقولها رجل يحضره الموت، إلا وجد روحه لها روحا حين تخرج من جسده، وكانت له نورا يوم القيامة" فلم أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها، ولم يخبرني بها فذاك الذي دخلني. قال عمر: فأنا أعلمها. قال: فلله الحمد، فما هي؟ قال: الكلمة التي قالها لعمه، قال: صدقت1. أَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، عن أبي حبيبة، مولى لطلحة، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ طلحة بعد وقعة الجمل، فرحب به وأدناه، ثم قال: إني لأرجو أن يجعلني الله وَأَبَاكَ مِمَّنْ قَالَ فِيهِمْ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} 2. فقال رجلان جالسان، أحدهما الحارث الأعور: الله أعدل من ذلك أن يقبلهم ويكونوا إخواننا في الجنة، قال: قُومَا أَبْعَدَ أَرْضٍ وَأَسْحَقَهَا. فَمَنْ هُوَ إِذَا لم أكن أنا وطلحة! يا ابن أَخِي: إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ، فَأْتِنَا. وعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد رأيتني يوم أحد، وما قُربي أحد غير جبريل عن يميني، وطلحة عن يساري"3، فقيل في ذلك: وطلحة يوم الشعب آسى محمدا ... لدى ساعة ضاقت عليه وسدت وقاه بكفيه الرماح فقطعت ... أصابعه تحت الرماح فشلت وكان إمام الناس بعد محمد ... أقر رحا الإسلام حتى استقرت وعن طلحة قال: عقرت يوم أحد في جميع جسدي حتى في ذكري. قال ابن سعد: حدثنا بن عمر، حدثني إسحاق بن يحيى، عن جدته سُعدى، بنت عوف، قالت: قتل طلحة وفي يد خازنه ألف ألف دِرْهِم ومائتا ألف دِرْهم، وَقُوِّمَتْ أصولُه وعقاره ثلاثين ألف ألف درهم4.   1 صحيح بنحوه: أخرجه ابن ماجه "3795" في كتاب الأدب، باب: فضل لا إله إلا الله، وأحمد، "1/ 161" وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3062": صحيح. 2 سورة الحجر: 47. 3 إسناده ضعيف جدا: يأتي في ترجمة أبي دجانة "44". 4 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 أعجب ما مر بي قول ابن الجوزي في كلام له على حديث قال: وقد خلف طلحة ثلاثمائة حمل من الذهب. وروى سعيد بن عامر الضبعي، عن المثني بن سعيد قال: أتى رجل عائشة بنت طلحة فقال: رأيت طلحة في المنام، فقال: قل لعائشة تحولني من هذا المكان! فإن النز قد آذاني. فركبت في حشمها، فضربوا عليه بناء واستثاروه. قال: فلم يتغير منه إلا شعيرات في إحدى شقي لحيته، أو قال رأسه، وكان بينهما بضع وثلاثون سنة وحكى المسعودي أن عائشة بنته هي التي رأت المنام. وكان قتله في سنة ست وثلاثين في جمادى الآخرة، وقيل في رجب، وهو ابن اثنتين وستين سنة أو نحوها، وقبره بظاهر البصرة. قال يحيى بن بكير، وخليفة بن خياط، وأبو نصر الكلاباذي: إن الذي قتل طلحة، مروان بن الحكم. ولطلحة أولاد نجباء، أفضلهم محمد السجاد. كان شابا، خيرا، عابدا، قانتا لله. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قتل يوم الجمل أيضا، فحزن عليه علي، وقال: صرعه بره بأبيه. 8- "ع" الزبير بن العوام "ت 36هـ" بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصيّ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لؤي بن غالب. حواريّ رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وأحدُ العشرة المشهود لهم بالجنّة، وأحد السّتّة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله -رضي الله عنه- أسلم وهو حدث، له ست عشرة سنة. وروى الليث، عن أبي الأسود، عن عروة قال: أسلم الزبير، "وهو" ابن ثمان سِنِينَ، وَنَفَحَتْ نَفْحَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَنَّ رَسُولَ الله أُخِذَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ غُلامٌ، ابن اثنتي عشرة سنة، بيده السَّيْفُ، فَمَنْ رَآهُ عَجِبَ، وَقَالَ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 الغلام معه السيف، حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا لك يا زبير"؟ فأخبره وقال: أتيت أضرب بسيفي من أخذك1. وقد ورد أن الزبير كان رجلا طويلا، إذا كرب خطت رجلاه الأرض، وكان خفيف اللحية والعارضين. روى أحاديث يسيرة. حدث عنه بنوه: عبد الله، ومصعب، وعروة، وجعفر، ومالك بن أوس بن الحدثان، والأحنف بن قيس، وعبد الله بن عامر بن كريز، ومسلم بن جندب، وأبو حكيم مولاه، وآخرون. اتفقا له على حديثين، وانفرد له البخاري بأربعة أحاديث، ومسلم بحديث. أخبرنا المسلم بن محمد وجماعة، إذنا، قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، حدثنا ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي "ح" وأنبأنا محمد بن عبد السلام، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد الطبيب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا زهير، قالا: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد عن عامر -ولفظ أبي يعلى: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن أبيه- قال: قلت لأبي: ما لك لا تحدث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما يحدث عنه فلان، وفلان؟ قال: ما فارقته منذ أسلمت، ولكن سمعت منه كلمة، سمعته يَقُولُ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار" 2، لم يقل أبو يعلى متعمدا. أخبرنا أبو سعيد سنقر بن عبد الله الحلبي، أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف، أنبأنا عبد الحق اليوسفي، أنبأنا علي بن محمد، أنبأنا علي بن أحمد المقرئ، حدثنا عبد الباقي بن قانع، حدثنا أحمد بن علي بن مسلم، حدثنا أبو الوليد "ح" وحدثنا بشر، حدثنا عمرو بن حكام، قالا: حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عامر بن عبد الله، عن أبيه، قال: قلت لأبي: ما لك لا تحدث عن   1 مرسل: أخرجه الحاكم "5551" من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود به. 2 صحيح: أخرجه البخاري "107" في كتاب العلم، باب: إثم من كذب على النبي -صلى الله عليه وسلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا يحدث ابن مسعود؟ قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت، ولكن سمعته يقول: "من كذب علي عامدا متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار" 1. رواه خالد بن عبد الله الطحان، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنْ عامر بن عبد الله نحوه. أخرج طريق شعبة البخاري، وأبو داود، والنسائي، والقزويني. قال إسحاق بن يحيى: عن موسى بن طلحة قال: كان علي، والزبير، وطلحة، وسعد، عذار عام واحد، يعني ولدوا في سنة. وقال المدائني: كان طلحة، والزبير، وعلي، أترابا. وقال يتيم عروة: هاجر الزبير وهو ابن ثمان عشرة سنة، وكان عمه يعلقه ويدخن عليه وهو يقول: لا أرجع إلى الكفر أبدا. وقال عروة: جاء الزبير بسيفه، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لك"؟ قال: أخبرت أنك أخذت، قال: "فكنت صانعا ماذا"؟ قال: كنت أضرب به من أخذك. فدعا له ولسيفه2. وروى هشام عن أبيه عروة، أن الزبير كان طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أشعر، وكانت أمه صفية تضربه ضربا شديدا وهو يتيم، فقيل لها: قتلته، أهلكته، قالت: إنما أضربه لكي يدب ... ويجر الجيش ذا الجلب قال: وكسر يد غلام ذات يوم، فجيء بالغلام إلى صفية، فقيل لها ذلك، فقالت: كيف وجدت وبرا ... أأقطا أم تمرا أم مشمعلا صقرا قال ابن إسحاق: وأسلم على ما بلغني على يد أبي بكر: الزبير، عثمان، وطلحة، وعبد الرحمن، وسعد.   1 صحيح: انظر التخريج السابق. 2 مرسل: وقد تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 وعن عمر بن مصعب بن الزبير قال: قاتل الزبير مع نبي الله، وله سبع عشرة. أسد بن موسى، حدثنا جامع أبو سلمة، عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الْبَهِيِّ قَالَ: كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فارسان: الزبير على فرس على الميمنة، والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة1. وقال هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كانت عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، فَنَزَلَ جبريل على سيماء الزبير2. الزبير بن بكار: عن عقبة بن مكرم، حدثنا مصعب بن سلام، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر الباقر، قال: كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء، فنزلت الملائكة كذلك3. وفيه يقول عامر بْن صالح بْن عَبْد الله بْن الزُّبَيْر: جَدِّي ابنُ عَمِّهِ أحمدٍ ووزِيرُه ... عند البَلاء وفارِسُ الشَّقْراءِ وغداة بدْرٍ كان أوّلَ فارسٍ ... شهِدَ الْوَغَى في الّلأمَةِ الصَّفْراء نَزَلَتْ بسِيماه الْمَلَائِكُ نُصْرَةً ... بالحوض يوم تألب الأعداء وهو ممن هاجر إلى الحبشة فيما نقله موسى بن عقبة، وابن إسحاق ولم يطول الإقامة بها. أبو معاوية، عن هشام "بن عروة" عن أبيه، قالت عائشة: يابن أختي! كان أبواك -تَعْنِي الزُّبَيْرَ وَأَبَا بَكْرٍ- مِنَ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} 4. لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أُحُدٍ، وَأَصَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، فَقَالَ: مَنْ يَنْتَدِبُ لِهَؤُلَاءِ في آثارهم، حتى يعلموا أن   1 مرسل. 2 مرسل. 3 مرسل. 4 سورة آل عمران: 172. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 بنا قوة، فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين، فخرجوا في آثار المشركين، فسمعوا بهم، فانصرفوا1، قال تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الآية2 "أي" لم يلقوا عدوا. وقال البخاري، ومسلم. "عَنْ" جَابِرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الخندق: مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسٍ، فَجَاءَ بِخَبَرِهِمْ، ثُمَّ قال الثانية، فقال الزبير: أنا، فذهب، ثم الثالثة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "لكل نبي حواري، وحواري الزبير" 3. رواه جماعة عن ابن المنكدر عنه. وروى جماعة، عن هشام عن أبيه، عن ابن الزبير قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير" 4. أبو معاوية: عن هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الزبير ابن عمتي، وحواري من أمتي"5. يونس بن بكير: عن هشام عن أبيه عن الزبير قال: أخذ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِي فقال: "لكل نبي حواري وحواري الزبير وابن عمتي" 6. وبإسنادي في المسند إلى أحمد بن حنبل، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن عاصم، عن زر قال: اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيّ وَأَنَا عِنْدَهُ، فقال علي: بَشِّرْ قَاتِلَ ابْن صَفيَّةَ بِالنَّارِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لِكُلِّ نبي حواري وحواري الزبير" 7. تابعه شيبان، وحماد بن سلمة.   1 صحيح: أخرجه البخاري "4077" في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} ، ومسلم "2418" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- وابن ماجه "124" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "الدلائل" "3/ 312، 313". 2 سورة آل عمران: 174. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3719" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، ومسلم "2415" في المصدر السابق، والترمذي "3766" في كتاب المناقب، باب: مناقب الزبير بن العوام، وابن ماجه "122" في المصدر السابق. 4 انظر السابق. 5 أخرجه بنحوه ابن سعد في "الطبقات "2/ 56" عن عروة مرسلا. 6 انظر ما تقدم. 7 أخرجه أحمد "1/ 103". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 وروي جرير الضبي، عن مغيرة، عن أم موسى قالت: استأذن قاتل الزبير، فذكره. وروى يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد اليزني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "وحواري من الرجال الزبير، ومن النساء عائشة"1. ابن أبي عروبة: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنه سمع رجلا يقول: يا ابن حواري رسول الله! فقال ابن عمر: إن كنت من آل الزبير، وإلا فلا. رواه ثقتان عنه، والحواري: الناصر. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: الْحَوَارِيُّ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شيء. وقال الكلبي: الحواري: الخليل. هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبويه2. أخبرنا ابن أبي عصرون، أنبأنا أبو روح، أنبانا تميم المقرئ، أنبأنا أبو سعد الأديب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا حوثرة بن أشرس، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، أن ابن الزبير قال له: يا أبة! قد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق، قال: يا بني، رأيتني؟ قال: نعم، قال: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذ ليجمع لأبيك أبويه، يقول: "ارم فداك أبي وأمي" 3. أحمد في "مسنده": حدثنا أبو أسامة، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: لما كان يوم الخندق، كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في   1 ضعيف: عزاه الألباني في "ضعيف الجامع" "2745" للزبير بن بكار وابن عساكر وقال: ضعيف. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3720" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، ومسلم "2416" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- والترمذي "3764" في كتاب المناقب، باب: مناقب الزبير بن العوام، وابن ماجه "123" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "1/ 164، 166". 3 أخرجه أحمد "1/ 164" وأصله عند البخاري "3720" في المصدر السابق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 الأطم الذي فيه نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- أطم حسان، فكان عمر يرفعني وأرفعه، فإذا رفعني، عرفت أبي حين يمر إلى بني قريظة، فيقاتلهم. الرياشي: حدثنا الأصمعي، حدثنا ابن أبي الزناد قال: ضرب الزُّبَيْر يوم الخَنْدَق عثمانَ بنَ عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره، فقطعه إلى القُرْبُوس، فقالوا: مَا أجْوَدَ سيفك! فغضب الزبير، يريد أن العمل ليده لا للسيف. أبو خيثمة: حدثنا محمد بن الحسن المديني، حدثني أم عزوة بنت جعفر، عن أختها عائشة، عن أبيها عن جدها الزبير أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة، فدخل الزبير مكة بلواءين. وعن أسماء قالت: عندي للزبير ساعدان من ديباج، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاهما إياه، فقاتل فيهما1. رواه أحمد في "مسنده" من طريق ابن لهيعة. علي بن حرب: حدثنا ابن وهب، عن ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، أعطى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزُّبَيْرُ يلمق حرير محشو بالقز، يقاتل فيه. وروى يحيى بن يحيى الغساني، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الزبير: ما تخلفت عن غزوة غزاها المسلمون إلا أن أقبل فألقى ناسا يعقبون. وعن الثوري قالا: هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة: حمزة، وعلي، والزبير. حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، أخبرني من رأي الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي. معمر، عن هشام عن عروة قال: كان في الزُّبَيْر ثلاث ضربات بالسيف: إحداهُنَّ في عاتقه، إنْ كنت لأدْخِلُ أصابعي فيها، ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يوم بدْر، وواحدة يوم اليَرْمُوك2.   1 أخرجه أحمد "6/ 352". 2 أخرجه البخاري "3721" في المصدر السابق، وفيه أن الضربتين في وقعة اليرموك وأما في يوم بدر فضربة واحدة، ويأتي لفظه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 قال عروة: قال عبد الملك بن مروان، حين قتل ابن الزبير: يا عروة! هل تعرف سيف الزبير؟ قلت: نعم، قال: فما فيه؟ قلت: فلة فلها يوم بدر، فاستله فرآها فيه، فقال: بهن فلول من قراع الكتائب ثم أغمده ورده عليَّ، فأقمناه بيننا بثلاثة آلاف، فأخذه بعضنا، ولوددت أني كنت أخذته. يحيى بن سعيد الأنصاري: عَنْ سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حراء، فتحرك. فقال: "اسْكُنْ حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شهيد"، وكان عليه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير1. الحديث رواه معاوية بن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا، وذكر فيهم عليًّا. وقد مر في تراجم الراشدين أن العشرة في الجنة، ومر في ترجمة طلحة عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "طلحة والزبير جاراي في الجنة"2. أبو جعفر الرازي: عن حصين، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إنهم يقولون: استخلف علينا، فإن حدث بي حدث، فالأمر في هؤلاء الستة الذين فارقهم رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عنهم راض، ثم سماهم. أحمد في "مسنده": حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن مروان، ولا إخاله متهما علينا، قال: أصاب عثمان رعاف سنة الرعاف، حتى تخلف عن الحج وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش، فقال: استخلف، قال: وقالوه؟ قال: نعم. قال: من هو؟ فسكت، قال: ثم دخل عليه رجل آخر، فقال له مثل ذلك، ورد عليه نحو ذلك. قال: فقال عثمان: قالوا الزبير؟ قال: نعم. قال: أما والذي نفسي بيده، إن كان لخيرهم ما علمت، وأحبهم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3.   1 صحيح: وقد تقدم. 2 ضعيف: وقد تقدم. 3 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 64" والبخاري "3717" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 رواه أبو مروان الغساني، عن هشام نحوه. وقال هشام، عن أبيه، قال عمر: لو عهِدْت أو تركتُ ترِكَةً، كان أحبّهم إليّ الزُّبَيْر، إنّه رُكْنٌ من أركان الدين. ابن عيينة: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة، منهم عثمان، وابن مسعود، وعبد الرحمن، فكان يُنْفِقُ على الوَرَثة من ماله، ويحفظ أموالهم. ابن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، أن الزبير خرج غازيا نحو مصر، فكتب إليه أمير مصر: إن الأرض قد وقع بها الطاعون، فلا تدخلها، فقال: إنما خرجت للطعن والطاعون، فدخلها، فلقي طعنة في جبهته فأفرق. عوف: عن أبي رجاء العطاردي، قال: شهدت الزبير يوما، وأتاه رجل، فقال: ما شأنكم أصحاب رسول الله؟ أراكم أخف الناس صلاة! قال: نبادر الوسواس. الأوزاعي: حدثني نهيك بن مريم، حدثنا مغيث بن سمي، قال: كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فلا يدخل بيته من خراجهم شيئا. رواه سعيد بن عبد العزيز نحوه، وزاد: بل يتصدق بها كلها. وقال الزبير بن بكار: حدثني أبو غزية محمد بن موسى، حدثنا عبد الله بن مصعب، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المنذر، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت: مر الزبير بمجلس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحسان ينشدهم من شعره، وهم غير نشاط لما يسمعون منه فجلس معهم الزبير ثم قال: ما لي أركم غير أذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة. فلقد كان يعرض به رَسُول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيحسن استماعه، ويجزل عليه ثوابه، ولا يشتغل عنه، فقال حسان يمدح الزبير: أقام على عهد النّبيّ وهدْيهِ ... حَوَارِيُّهُ والقولُ بالفعل يعدل أقام على مِنْهاجِه وطريِقهِ ... يُوَالِي وَلِيَّ الْحَقِّ والحقُّ أعْدَلُ هو الفارسُ المشهورُ والبطل الَّذِي ... يصولُ إذا مَا كان يَوْمٌ مُحَجَّلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 إذا كَشَفَتْ عن ساقِها الحربُ حَشَّها ... بأبيضَ سباق إلى الموت يرقل وإن امرءا كانت صفية أمه ... ومن أسد في بيتها لمؤثل له من رسول الله قربى قريبة ... ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل فكم كُربةٍ ذبَّ الزُّبَيْر بسيْفِه ... عن الْمُصْطَفَى والله يعطي فيجزل ثناؤك خيرٌ من فِعالِ معاشِرٍ ... وَفِعْلُكَ يابنَ الهاشمية أفضل1 قال جويرية بن أسماء: باع الزبير دارا لها بستمائة ألف، فقيل له: يا أبا عبد الله! غبنت! قال: كلا، هي في سبيل الله. الليث: عن هشام بن عروة، أن الزبير لما قتل عمر، محا نفسه من الديوان، وأن ابنه عبد الله لما قتل عثمان، محا نفسه من الديوان. أحمد في "المسند" حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم: حدثنا شداد بن سعيد، حدثنا غيلان بن جرير، عن مطرف: قلت للزبير: ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة حتى قتل، ثم جئتم تطلبون بدمه؟ قال: إنا قرأنا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وأبي بكر، وعمر، وعثمان: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} 2، لم تكن نحسب أن أهلها، حتى وقعت منا حيث وقعت3. مبارك بن فضالة، عن الحسن، أن رجلا أتى الزبير وهو بالبصرة فقال: ألا أقتل عليًّا؟ قال: كيف تقتله ومعه الجنود؟ قال: ألحق به، فأكون معك، ثم أفتك به، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن"4. هذا في المسند، وفي "الجعديات". الدولابي في "الذرية الطاهرة": حدثنا الدقيقي، حدثنا يزيد، سمعت شريكا، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الزبير يقتفي آثار الخيل قعصا بالرمح، فناداه علي: يا أبا عبد الله! فأقبل عليه، حتى التقت أعناق دوابهما،   1 إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم "5599/ 5" وعبد الله بن مصعب ضعيف. 2 سورة الأنفال: 25. 3 أخرجه أحمد "1/ 165". 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 166" والحسن مبارك كلاهما مدلس، ولم يصرح أحد منهما بالسماع، والمرفوع منه صحيح أخرجه أبو داود "2769" في كتاب الجهاد، باب: في العدو يؤتى على غرة، وصححه الألباني في "صحيح الجامع". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَتَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ أُنَاجِيكَ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: تُنَاجِيهِ! فَوَاللَّهِ لَيُقَاتِلَنَّكَ وَهُوَ لَكَ ظَالِمٌ؟ قَالَ: فَلَمْ يَعْدُ أَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، فَضَرَبَ وجه دابته، وذهب1. قال أبو شهاب الحناط وغيره: عن هلاك بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ للزبير يوم الجمل: يابن صفية! هذه عائشة تملك الملك طلحة، فأنت علام تقاتل قريبك عليا؟ زاد فيه غير أبي شهاب: فرجع الزبير، فلقيه ابن جرموز فقتله. قتيبة: حدثنا الليث عن ابن أَبِي فَرْوَةَ أَخِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: حاربني خمسة: أَطْوَعُ النَّاسِ فِي النَّاسِ: عَائِشَةُ، وَأَشْجَعُ النَّاسِ: الزبير، وأمكر الناس: طلحة لم يدركه مكر قط، وأعطى الناس: يعلى بن منية، وأعبد الناس: محمد بن طلحة، كان محمودا حتى استزله أبوه، وكان يعلى يعطي الرجل الواحد ثلاثين دينارا والسلاح والفرس على أن يحاربني. قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الرقاشي: عن جده، عن أبي جرو المازِنّي، قَالَ: شهِدْت عليًّا والزُّبَيْر حتى توافقا، فقال عليّ: يا زُبير! أنْشُدُك الله، أسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إنك تقاتلني وأنت لي ظالم؟ قَالَ: نعم، ولم أَذْكُرُه إلّا في موقفي هذا، ثم انصرف. رواه أبو يعلى في "مسنده" وقد روى نحوه من وجوه سقنا كثيرا منها في كتاب "فتح المطالب". قال يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: انصرف الزُّبَيْر يوم الجمل عن علي، فلقيه ابن عبد الملك، فقال: وجبنا جبنا! قال: قد علم النّاس أنّي لست بجبانٍ، ولكن ذكَّرني عليّ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحلفت أن لَا أقاتله، ثمّ قَالَ: تَرْكُ الأمورِ التي أخشي عواقِبَها ... في الله أحْسَنُ في الدُّنيا وفي الدين2   1 أخرجه الحاكم "5573، 5574". 2 إسناده ضعيف: من أجل يزيد بن أبي ضعيف، ضعيف كما تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 وقيل: إنه أنشد: ولقد علمت لو أن علمي نافعي ... أن الحياة من الممات قريب فلم ينشب أن قتله ابن جرموز. وروى حُصَيْن بن عبد الرحمن، عن عَمْرو بن جاوان قال: قتل طلحة وانهزموا، فأتى الزبير سفوان فلقيه النعر المجاشعي، فقال: يا حواري رسول الله! أين تذهب؟ تعال، فأنت في ذمّتي، فسار معه، وجاء رجلٌ إلى الأحنف فقال: إن الزبير بسفوان، فما تأمر إن كان جاء فحمل بين المُسْلِمين، حتّى إذا ضرب بعضُهم حواجِبَ بعضٍ بالسيف، أراد أن يلحق ببنيه؟ قَالَ: فسمعها عمير بن جرموز، وفضالة بن حابس، ورجل يقال له نفيع، فانطلقوا حتى لقوه مقبلا مع النعر، وهم في طلبه، فأتاه عمير من خلفه، وطعنه طعنةً ضعيفة، فحمل عليه الزُّبَيْر، فلمّا استلْحمه وظنّ أنّه قاتله، قَالَ: يا فضّالة! يا نفيع! قال: فحملوا على الزبير حتى قتلوه. عبيد الله بن موسى: حدثنا فُضَيْل بن مرزوق، حدّثني شقيق بن عقبة عن قُرَّةَ بن الحارث، عن جون بن قَتَادة قَالَ: كنت مع الزُّبَيْر يوم الجمل، وكانوا يسلمون عليه بالإمرة، إلى أن قال: فطعنه ابن جرموز ثانيا، فأثبته، فوقع، ودفن بوادي السباع، وجلس علي -رضي الله عنه- يبكي عليه هو وأصحابه. قرة بن حبيب: حدثنا الفضل بن أبي الحكم، عن أبي نضرة قال: جيء برأس الزبير إلى علي، فقال علي: تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار، حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ قاتل الزبير في النار1. شعبة، عن منصور بن عبد الرحمن، سمعت الشعبي يقول: أدركت خمسمائة أو أكثر من الصحابة يقولون: عليّ، وعثمان، وطلحة، والزُّبَيْر في الجنة. قلت: لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن البدريين، ومن أهل بيعة الرضوان، ومن السابقين الأولين الذين أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه،   1 ذكره في "مختصر تاريخ دمشق" "9/ 25". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 ولأن الأربعة قتلوا، ورزقوا الشهادة، فنحن محبون لهم، باغضون للأربعة الذين قتلوا الأربعة. أبو أسامة، حدثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ قال: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص، وهو مدجج لا يرى إلا عيناه، وكان يكنى أبا ذات الكرش، فحملت عليه بالعنزة، فطعنته في عينه، فمات، فأخبرت1 أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه، ثم تمطيت، فكان الجهد أن نزعتها، يعني الحربة، فلقد انثنى طرفها. قال عروة: فسأله إياها رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَاهُ إياها، فلما قبض، أخذها، ثم طلبها أبو بكر، فأعطاه إياها، فلما قبض أبو بكر، سألها عمر، فأعطاه إياها، فلما قبض أخذها، ثم طلبها عثمان منه، فأعطاه إياها، فلما قبض، وقعت عند آل علي، فطلبها عبد الله بن الزبير، فكانت عنده حتى قتل2. غريب، تفرد به البخاري. ابن المبارك: أنبأنا هشام، عن أبيه إنّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالوا للزبير: ألا تشد فنشد معك؟ قال: إني إن شددت، كذبتم، فقالوا: لا نفعل. فحمل عليهم حتى شق صفوفهم، فجاوزهم وما معه أحد، ثم رجع مقبلا، فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين، ضربة على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر. قال عروة: فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير، قال: وكان معه عبد الله بن الزبير وهو ابن عشر سنين، فحمله على فرس، ووكل به رجلا3. قلت: هذه الوقعة هي يوم اليمامة إن شاء الله4، فإن عبد الله كان إذا ذاك ابن عشر سنين. أبو بكر بن عياش: حدثنا سليمان، عن الحسن قال: لما ظفر علي بالجمل،   1 قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 366": لم أقف على تعيين المخبر بذلك. 2 أخرجه البخاري "3998" في كتاب المغازي، باب: رقم "12". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3975" في كتاب المغازي، باب: قتل أبي جهل، ولفظه "قالوا للزبير يوم اليرموك ... ". 4 تقدم أن ذلك كان يوم اليرموك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 دخل الدار والناس معه، فقال علي: إني لأعلم قائد فتنة دخل الجنة، وأتباعه إلى النار! فقال الأحنف: من هو؟ قال: الزبير1. في إسناده إرسال، وفي لفظه نكارة، فمعاذ الله أن نشهد على أتباع الزبير، أو جند معاوية أو علي بأنهم في النار، بل نفوض أمرهم إلى الله، ونستغفر لهم. بلى: الخوارج كلاب النار، وشر قتلى تحت أديم السماء؛ لأنهم مرقوا من الإسلام، ثم لا ندري مصيرهم إلى ماذا، ولا نحكم عليهم بخلود النار، بل نقف. ولبعضهم: إنّ الرَّزِيةَ مَن تَضَمَّنَ قبرَه ... وادي السِّباع لِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ لمّا أتى خبرُ الزُّبَيْر تواضعت ... سور المدينة والجبال الجشع قال البخاري وغيره: قتل في رجب سنة ست وثلاثين. وادي السِّباع: على سبعة فَرَاسخ من البصْرة. قال الواقدي وابن نمير: قتل وله أربع وستون سنة. وقال غيرهما: قيل وله بضع وخمسون سنة، وهو أشبه. قال القحذمي: كانت تحته أسماء بنت أبي بكر، وعاتكة أخت سعيد بن زيد، وأم خالد بنت خالد بن سعيد، وأم مصعب الكلبية. قال ابن المديني: سمعت سفيان يقول: جاء ابن جُرْمُوز إلى مُصْعَب بن الزُّبَيْرِ -يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير- فقال: أقدني بالزبير، فكتب في ذلك يشاور ابن الزبير، فجاءه الخبر: أنا أقتل ابن جرموز بالزبير؟ ولا بشسع نعله. قلت: أكل المغتر يديه ندما على قتله، واستغفر، لا كقاتل طلحة، وقاتل عثمان، وقاتل علي. الزبير: حدثني علي بن صالح، عن عامر بن صالح، عن مسالم بن   1 إسناده ضعيف: منقطع بين الحسن وعلي -رضي الله عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 عبد الله بن عروة، عن أبيه، أن عمير بن جرموز أتي، حتى وضع يده في يد مصعب، فسجنه، وكتب إلى أخيه في أمره، فكتب إليه أن بئس ما صنعت، أظننت أني قاتل أعرابيا بالزبير؟ خل سبيله، فخلاه فلحق بقصر بالسواد عليه "أزج"، ثمّ أمر إنسانًا أن يطرحه عليه، فطرحه عليه، فقتله، وكان قد كرِه الحياة لما كان يهول عليه ويرى في منامه. قال ابن قتيبة: حدثنا محمد بن عتبة، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه أن الزبير ترك من العروض بخمسين ألف ألف دِرْهم، ومن العين خمسين ألف ألف درهم، كذا هذه الرواية. وقال ابن عيينة: عن هشام، عن أبيه قَالَ: اقتُسِم مالُ الزُّبَيْر على أربعين ألف ألف. أبو أسامة: أخبرني هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الزبير قال: لما وقف الزبير يوم الجمل، دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال: يا بني! إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى ديننا يبقى من مالنا شيئا؟ يا بني! بع ما لنا، فاقض ديني، فأوصى بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله، فإن فضل من مآلنا بعد قضاء الدين شيء، فثلث لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير وخبيب وعباد، وله يومئذ تسع بنات، قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه، ويقول: يا بني! إن عجزت عن شيء منه، فاستعن بمولاي، قال: فوالله ما دريت ما عنى حتى قلت: يا أبة! من مولاك؟ قال: الله عز وجل! قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه، فيقضيه. قال: وقتل الزبير، ولم يدع دينارا ولا درهما، إلا أرضين بالغابة، ودارا بالمدينة، ودارا بالبصرة ودارا بالكوفة، ودارا بمصر، قال: وإنما كان الذي عليه أن الرجل يجيء بالمال، فيستودعه، فيقول الزبير: لا ولكن هو سلف، إني أخشى عليه الضيعة: وما ولي إمارة قط، ولا جباية، ولا خراجا، ولا شيئا، إلا أن يكون في غزو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أو مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، فحسبت دينه، فوجدته ألفي ألفي ومائتي ألف، فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله فقال: يا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 ابن أخي! كم على أخي من الدين؟ فكتمه، وقال: مائة ألف، فقال حكيم: ما أرى أموالكم تتسع لهذه! فقال عبد الله: أفرأيت إن كانت ألفي ألفي ومائتي ألف! قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء، فاستعينوا بي، وكان الزبير قد اشتى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، وقال: من كان له على الزبير دين، فليأتنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر، وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال لابن الزبير: إن شئت، تركتها لكم قال: لا، قال: فاقطعوا لي قطعة، قال: لك من ههنا إلى ههنا، قال: فباعه بقضاء دينه، قال: وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقال المنذر بن الزبير، قد أخذت سهما بمائة ألف، وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف، وقال ابن ربيعة، قد أخذت سهما بمائة ألف، فقال معاوية، كم بقي؟ قال: سهم ونصف، قال: قد أخذته بمائة وخمسين ألفا، قال: وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير، اقسم بيننا ميراثنا، قال: لا والله! حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم. فكان للزبير، أربع نسوة. قال: فرفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف، فجمع ماله خمسون ألفا ألفا ومائتا ألف1. للزبير في "مسند بقي بن مخلد" ثمانية وثلاثون حديثا، منها في "الصحيحين" حديثان وانفرد البخاري بسبعة أحاديث. قال هشام: عن أبيه، قال: بلغ حصة عاتكة بنت زيد بْن عمرو بْن نُفَيْلٍ زوجة الزبير من ميراثه ثمانين ألف درهم. وقالت ترثيه: غدر ابن جرموز بفارس بهمة ... يوم اللقاء وكان غير معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته ... لا طائشا رعش البنان ولا اليد ثكلتك أمك إن ظفرت بمثله ... فيما مضى مما تروح وتغتدي كم غمرة قد خاضها لم يثنه ... عنها طرادك يا ابن فقع الفدفد والله ربك إن قتلت لمسلما ... حلت عليك عقوبة المتعمد   1 صحيح: أخرجه بطوله البخاري "3129" في كتاب فرض الخمس، باب: بركة الغازي في ماله حيا وميتا، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 58-59". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 9- "ع" عبد الرحمن بن عوف "ت 32هـ" بن عبد عوف بن عبد بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لؤي، أبو محمد. أحد العشرة، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد السابقين البدريين، القرشي الزهري، وهو أحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام، له عدة أحاديث. روى عنه ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وبنوه: إبراهيم، وحميد، وأبو سلمة، وعمرو، ومصعب بنو عبد الرحمن، ومالك بن أوس، وطائفة سواهم. له في "الصحيحين" حديثان. وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث. ومجموع ما له في "مسند بقي" خمسة وستون حديثا. وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسمّاه النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عبد الرحمن1. وحدث عنه أيضا من الصحابة: جبير بن مطعم، وجابر بن عبد الله، والمسور بن مخرمة، وعبد الله بن عامر بن ربيعة. وقدم الجابية مع عمرو، فكان على الميمنة، وكان في نوبة سرغ على الميسرة. أخبرنا محمد بن حازم بن حامد، ومحمد بن علي بن فضل، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن صصري، أنبأنا أبو القاسم بن البن الأسدي "ح" وأنبأنا محمد بن على السلمي، وأحمد بن عبد الرحمن الصوري، قالا: أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله التغلبي، أنبأنا أبو القاسم بن البن، ونصر بن أحمد السوسي، قالا: أنبأنا علي بن محمد بن علي الفقيه، أنبأنا أَبُو منصور محمد، وأبو عبد الله أَحْمَد، أنبأنا الحسين بن سهل بن الصباح، ببلد، في ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وأربعمائة، قالا: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد الإمام، حدثنا علي بن حرب الطائي، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سمع بجالة يقول: كنت كاتبا لجزء بن معاوية، عم الأحنف بن قيس، فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة، أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة2. فقتلنا ثلاث سواحر، وجعلنا نفرق بين الرجل   1 ذكره ابن سعد في "الطبقات" "2/ 66" ويأتي تخريجه. 2 الزمزمة: الصوت المبهم من الخيشوم. لا يتحرك فيه لسان ولا شفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 وحريمته في كتاب الله. وصنع لهم طعاما كثيرا، ودعا المجوس، وعرض السيف على فخذه، وألقي وقر1 بغل أو بغلين من ورق، وأكلوا بغير زمزمة. ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بْن عَوْفُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذها من مجوس هجر2. هذا حديث غريب مخرج في صحيح البخاري، وسنن أبي داود، والنسائي، والترمذي من طريق سفيان، فوقع لنا بدلا. ورواه حجاج بن أرطاة عن عمرو مختصرا، وروى منه أخذ الجزية من المجوس أبو داود، عن الثقة، عن يحيى بن حسان، عن هشيم، عن داود بن أبي هند، عن قشير بن عمرو، عن بجالة بن عبدة، عن ابن عباس، عن ابن عوف. أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العلوي، أنبأنا محمد بن أحمد القطيعي، أنبأنا محمد بن عبيد الله المجلد "ح" وأنبأنا أحمد بن إسحاق الزاهد، أنبأنا أبو نصر عمر بن محمد التيمي، أنبأنا هبة الله بن أحمد الشبلي، قالا: أنبأنا محمد بن محمد الهاشمي، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله البغوي حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا القاسم بن فضل الحداني عن النضر بن شيبان قال: قلت لأبي سلمة: حدثني بشيء سمعته من أبيك يحدث به عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: حدثني أبي في شهر رمضان قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "فرض "الله" عليكم شهر رمضان، وسننت لكم قيامة، فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا، خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه"3. هذا حديث حسن غريب. أخرجه النسائي، عن أبي راهويه، عن النضر بن   1 وقر: حمل. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3156، 3157" في كتاب الجزية والموادعة، باب: رقم "11"، وأبو داود "3043" في كتاب الخراج، باب: في أخذ الجزية من المجوس، والترمذي "1592، 1593" في كتاب السير، باب: ما جاء في أخذ الجزية من المجوس. 3 ضعيف دون الشطر الثاني منه: أخرجه النسائي "4/ 158" في كتاب الصيام، باب: ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير والنصر بن شيبان فيه، وابن ماجه "1328" في كتاب الصيام باب: ما جاء في قيام شهر رمضان، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" ضعيف والشطر الثاني منه صحيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 شميل. وابن ماجه، عن يحيى بن حكيم، عن أبي داود الطيالسي، جميعا عن الحداني. قال النسائي: الصواب حديث الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. أخبرنا محمد بن عبد السلام العصروي، أنبأنا عبد المعز بن محمد الهروي، أنبأنا تميم الجرجاني، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن النيسابوري، أنبأنا محمد بن أحمد الحيري، أنبأنا أحمد بن على الموصلي، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني مكحول، عن كريب، عن ابن عباس قال: جلسنا مع عمر، فقال: هل سَمِعْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئا أمر به المرء المسلم إذا سها في صلاته، كيف يصنع؟ فقلت: لا والله، أو ما سمعت أنت يا أمير المؤمين من رسول الله في ذلك شيئا؟ فقال: لا والله. فبينا نحن في ذلك أتى عبد الرحمن بن عوف فقال: فيم أنتما؟ فقال عمر: سألته، فأخبره. فقال له عبد الرحمن: لكني قد سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأمر في ذلك. فقال له عمر: فأنت عندنا عدل، فماذا سمعت؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إذا سها أحدكم في صلاته حتى لا يدري أزاد أم نقص، فإن كان شك في الواحدة والثنتين، فليجعلها واحدة، وإذا شك في الثنتين أو الثلاث، فليجعلها ثنتين، وإذا شك في الثلاث والأربع، فليجعلها ثلاثا حتى يكون الوهم في الزيادة، ثم يسجد سجدتين، وهو جالس، قبل أن يسلم، ثم يسلم" 1. هذا حديث حسن، صححه الترمذي، ورواه عن بندار، عن محمد بن خالد بن عثمة، عن إبراهيم بن سعد، فطريقنا أعلى بدرجة. ورواه الحافظ ابن عساكر في صدر ترجمة ابن عوف وفيه: فقال: فحدثنا، فأنت عندنا العدل والرضا. فأصحاب رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّ كانوا عدولا فبعضهم أعدل من بعض وأثبت. فهنا عمر قنع بخبر عبد الرحمن، وفي قصة الاستئذان يقول: ائت بمن   1 صحيح: أخرجه الترمذي "398" في كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي فيشك في الزيادة والنقصان، وابن ماجه "1209" في كتاب الإقامة، باب: ما جاء فيمن شك في صلاته فرجع إلى اليقين، وأحمد "1/ 190" وقال الألباني في "صحيح الجامع" "630": صحيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 يشهد معك1، وعلي بن أبي طالب يقول: كان إذا حدثني رجل عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استحلفته، وحدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر2، فلم يحتج على أن يستحلف الصديق، والله أعلم. قال المدائني: ولد عبد الرحمن بعد عام الفيل بعشر سنين3. وقال الزبير: ولد الحارث بن زهرة عبدا، وعبد الله، وأمهما قيلة. ومن ولد عبد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد. وكذا نسبه ابن إسحاق، وابن سعد، وأسقط البخاري والفسوي "عبدا" من نسبه، وقاله قبلهما عروة، والزهري. وقال الهيثم الشاشي وأبو نصر الكلاباذي وغيرهما: عبد عَوْف بْن عبد الحارث بْن زُهْرَةَ. وأم عبد الرحمن هي: الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة. قاله جماعة. وقال أبو أحمد الحاكم: أمه صفية بنت عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ويقال: الشفاء بنت عوف. إبراهيم بن سعيد: حدثني أبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قال: كان اسمي عبد عمرو، فلما أسلمت، سمّاني رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ الرحمن4. إبراهيم بن المنذر: حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت، عن سعيد بن زياد، عن حسن بن عمر، عن سهلة بنت عاصم قالت: كان عبد الرحمن بن عوف أبيض.   1 صحيح: أخرجه البخاري "6245" في كتاب الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثا، ومسلم "2153/ 34" في كتاب الآداب، باب: الاستئذان. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "1521" في كتاب الصلاة، باب: في الاستغفار، والترمذي "3017" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة آل عمران، وابن ماجه "1395" في كتاب الإقامة، باب: ما جاء أن الصلاة كفارة، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "1/ 407": هو حديث حسن. وكذلك قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "11/ 101" وقال الألباني في "صحيح الجامع" "5738": صحيح. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 66" عن يعقوب الأخنسي بإسناد ضعيف جدا. 4 أخرجه الحاكم "5332". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 أعين، أهدب الأشفار، أفتى، طويل النابين الأعليين، وربما أدمى نابه شفته، له جمة أسفل من أذنيه، أعنق، ضخم الكتفين. وروى زياد البكائي عن ابن إسحاق قال: كان ساقط الثنيتين، أهتم، أعسر، أعرج. كان أُصيب يوم أُحُدٍ فَهَتِم، وجُرِح عشرين جراحةً، بعضها في رجله، فعرج. الواقدي: حدثنا عبدَ الله بْن جَعْفَر، عَنْ يعقوب بن عتبة قال: وكان عبد الرحمن رجلا طوالا، حسن الوجه، رقيق البشرة، فيه جنأ، أبيض، مشربا حمرة، لا يغير شيبه. وقال ابن إسحاق: حدثنا صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: كنا نسير مع عثمان في طريق مكة، إذ رأى عبد الرحمن بن عوف، فَقَالَ عثمان: مَا يستطيع أحدٌ أن يعتدَّ على هذا الشيخ فضلًا في الهجرتين جميعًا. وروى نحوه العقدي عن عبد الله بن جعفر، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، وجماعة، قالوا: أنبأنا عبد الله بن عمر، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا أبو الحسن الداودي، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن عمر، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا أبو الحسن الداودي، أنبأنا أبو محمد بن حمويه، أنبأنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس أن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آخى بينه وبين عثمان، كذا هذا، فقال: إن لي حائطين، فاختر أيهما شئت. قال: بل دلني على السوق، إلى أن قال: فكثر ماله، حتى قدمت له سبعمائة راحلة تحمل البر والدقيق والطعام، فلما دخلت سمع لأهل المدينة رجة، فبلغ عائشة، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "عبد الرحمن لَا يدخل الجنة إلَّا حَبْوًا". فلمّا بلغه قال: يا أمه! إني أُشْهِدُكِ أَنَّها بأحمالها وأحلاسها1 في سبيل الله2.   1 الأحلاس: جمع حلس، وهو كل ما يوضع على ظهر البعير. 2 أخرجه أحمد "6/ 115". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 أخرجه أحمد في "مسند" عن عبد الصمد بن حسان، عن عمارة، وقال: حديث منكر. قلت: وفي لفظ أحمد: فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "قد رأيت عبد الرحمن لا يدخل الجنة إلا حبوا"، فقال: إن استطعت لأدخلنها قائما. فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله1. أخبرنا جماعة، كتابة، عن أبي الفرج بن الجوزي، وأجاز لنا ابن علان وغيره، أنبأنا الكندي، قالا: أنبأنا أبو منصور القزاز، أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا هذيل بن ميمون، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "دخلت الجنة فسمعت خشفة، فقلت: ما هذا؟ " قيل: بلال. إلى أن قال: "فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف، ثم جاء بعد الإياس. فقلت: عبد الرحمن؟ " فقال: بأبي وأمي يا رسول الله! ما خلصت إليك حتى ظننت أني لا أنظر إليك أبدا. قال: "وما ذاك" قال: من كثرة مالي أحاسب، وأمحص2. إسناده واه. وأما الذي قبله فتفرد به عمارة، وفيه لين. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ ابْنُ معين: صالح. وقال ابن عدي: عندي لا بأس به. قلت: لم يحتج به النسائي. وبكل حال فلو تأخر عبد الرحمن عن رفاقه للحساب، ودخل الجنة حبوا على سبيل الاستعارة، وضرب المثل، فإن منزلته في الجنة ليست بدون منزلة علي والزبير، رضي الله عن الكل. ومن مناقبه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد له بالجنة، وأنه من أهل بدر الذين قيل   1 هو لفظ أحمد السابق. 2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 259" وعلي بن يزيد ضعيف كما في "الميزان" "5966". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 لهم "اعملوا ما شئتم" 1 ومن أهل هذه الآية: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} 2 وقد صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وراءه3. أحمد في "المسند": حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن محمد، عن عمرو بن وهب الثقفي قال: كنا مع المغيرة بن شعبة، فسئل: هل أم النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد من هذه الأمة غير أبي بكر؟ فقال: نعم. فذكر إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ، ومسح على خفيه وعمامته، وأنه صلى خلف عبد الرحمن بن عوف، وأنا معه، ركعة من الصبح، وقضينا الركعة التي سبقنا4. ولحميد الطويل نحوه عن بكر بن عبد الله، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انتهى إلى عبد الرحمن بن عوف وهو يصلي بالناس، فأراد عبد الرحمن أن يتأخر، فأومأ إليه: أن مكانك، فصلى وصلى رسول الله بصلاة عبد الرحمن5. وروى الإمام أحمد في "المسند" عن الهيثم بن خارجة، عن رشدين، عن عبد الله بن الوليد، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه بنحوه. هشام: عن قتادة، عن الحسن، عن المغيرة بن شعبة، بمثل هذا. ورواه زرارة بن أوفى، عن المغيرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى خلف عبد الرحمن بن   1 ورد في قصة حاطب بن أبي بلتعة المشهورة، وذلك فيما أخرجه البخاري "3007" في كتاب الجهاد، باب: الجاسوس، ومسلم "2494" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أهل بدر، وأبو داود "2650" في كتاب الجهاد، باب: في حكم الجاسوس إذا كان مسلما، والترمذي "3316" في كتاب الجهاد، باب: في حكم الجاسوس إذا كان مسلما، والترمذي "3316" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الممتحنة، والنسائي في "الكبرى" "11585" وأحمد "1/ 79-80/ 105" وابن جرير في "تفسيره" "28/ 38" وأبو يعلى "394-398" والبيهقي في "سننه" "9/ 146" وفي "الدلائل" "5/ 17"، وابن حبان "6499" من حديث عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. 2 سورة الفتح: الآية 18. 3 صحيح: يأتي. 4 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 244" ومسلم "274/ 81" في كتاب الطهارة، باب: المسح على الناصية والعمامة، وأبو داود "150" في كتاب الطهارة، باب: المسح على الخفين، والترمذي "100" في كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الجوربين والعمامة، والنسائي "1/ 76" في كتاب الطهارة، باب: المسح على العمامة مع الناصية. 5 انظر السابق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 عوف1، وجاء عن خليد بن دعلج، عن الحسن، عن المغيرة، والحسن مدلس لم يسمع من المغيرة. عيسى بن يونس: عن عثمان بن عطاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَبْدَ الرحمن بن عوف في سرية وعقد له اللواء بيده2. عثمان ضعيف3، لكن روى نحوه أبو ضمرة، عن نافع بن عبد الله، عن فروة بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عن ابن عمر. معمر: عن قتادة {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِين} 4 قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشرط ماله أربعة آلاف دينار. فقال أناس من المنافقين: إن عبد الرحمن لعظيم الرياء. وقال ابن المبارك: أنبأنا معمر، عن الزهري قال: تصدق ابن عوف عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بشرط ماله أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، وحمل على خمسمائة فرس في سبيل الله، ثم حمل على خمسمائة راحلة في سبيل الله. وكان عامة ماله من التجارة5. أخرجه في "الزهد" له. سليمان ابن بنت شرحبيل: أنبأنا خَالِد بْن يَزِيد بْن أَبِي مالك، عَنْ أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "يابن عوف! إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفا، فأقرض الله تعالى، يطلق لك قدميك". قال: فما أقرض يا رسول الله؟ فأرسل إليه: "أتاني جبريل فقال: مُرْهُ فليضف الضيف، وليُعط في النائبة، وليُطعم المسكين" 6.   1 صحيح: انظر التخريج السابق. 2 إسناده ضعيف: انظر التعليق الآتي. 3 هو عثمان بْن عطاء بْن أَبِي مسلم الخُراسانيّ، ضعفه مسلم وابن معين والدارقطني، والجوزجاني وابن خزيمة، وقال دحيم: لا بأس به، وقال الحافظ ابن حجر: ضعيف وهو الراجح: والله أعلم. 4 سورة التوبة: 79. 5 مرسل. 6 أخرجه الحاكم "5358". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 خالد بن الحارث وغيره، قالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبيه قَالَ: رأيت الجنة، وأني دخلتُها حبْوًا، ورأيت أنه لا يدخلها إلا الفقراء. قلت: إسناده حسن، فهو وغيره منام، والمنام له تأويل. وقد انتفع ابن عوف -رضي الله عنه- بما رأى، وبما بلغه، حتى تصدق بأموال عظيمة، أطلقت له ولله الحمد قدميه، وصار من ورثة الفردوس، فلا ضير. أنبأنا ابن أبي عمر، أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، حدثنا ابن المذهب حدثنا أبو بكر، حدثنا عبد اللهن حدثني أبي، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن شقيق قال: دخل عبد الرحمن على أم سلمة، فقال: يا أم المؤمنين! إني أخشى أن أكون قد هلكت، إني من أكثر قريش مالا، بعت أرضا لي بأربعين ألف دينار. قالت: يا بني! أنفق، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن من أصحابي من لن يراني بعد أن أفارقه"، فأتيت عمر فأخبرته. فأتاها، فقال: بالله! أنا منهم؟ قالت: اللهم لا، ولن أبرئ أحدا بعدك1. رواه أيضا أحمد، عن أبي معاوية، عن الأعمش فقال: عن شقيق، عن أم سلمة. زائدة: عن عاصم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف شَيْءٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دعوا لي أصحابي أو أصيحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه" 2. وأما الأعمش فرواه عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري3، وفي الباب حديث زهير بن معاوية عن حميد، عن أنس. أبو إسماعيل المؤدب: عن إسماعيل بن أبي خالد، "عن الشعبي" عن ابن   1 أخرجه أحمد "6/ 290". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2540"، وابن ماجه "161" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والطبراني في "الأوسط" "687". وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه البخاري "3673" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل أبي بكر الصديق، ومسلم "2541" في كتاب فضائل الصحابة، باب: تحريم سب الصحابة، والترمذي "3887" في كتاب المناقب، باب: في من سب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم. 3 انظر التخريج السابق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 أبي أوفى قال: شكا عبد الرحمن بن عوف خالدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يا خالد! لَا تُؤْذِ رجلًا من أهل بدْر، فلو أنفقْتَ مثل أُحُدٍ ذهبا، لم تدرك عمله". قال: يقعون في فأرد عليهم. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تؤذوا خالدا، فإنه سيف من سيوف الله، صبه الله على الكفار" 1. لم يروه عن المؤدب سوى الربيع بن ثعلب. وقد روى نحوه جرير بن حازم، عن الحسن مرسلا. شعبة: أنبأنا حصين، سمعت هلال بن يساف يحدث عن عبد الله بن ظالم المازني، عن سعيد بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان على حراء ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف فقال: "أثبت حراء! فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد"2. وذكر سعيد أنه كان معهم. وكذا رواه جرير، وهشيم، وأبو الأحوض، والأبار، عن حصين. وأخرجه أرباب السنن الأربعة من طريق شعبة وجماعة كذلك، ورواه ابن إدريس ووكيع، عن سفيان، عن منصور عن هلال بن يساف. قال أبو داود: ورواه الأشجعي عن سفيان، عن منصور، فقال: عن هلال، عن ابن حبان، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد، تابعه قاسم الجرمي عن سفيان، وصححه الترمذي. وجاء عن سفيان، عن منصور وحصين، عن هلال عن سعيد نفسه. أبو قلابة الرقاشي: حدثنا عمر بن أيوب، حدثنا محمد بن معن الغفاري،   1 أخرجه الخطيب في "تاريخه" "12/ 149-150" وأخرجه الطبراني في "الكبير" "3801" مختصرا. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4648" في كتاب السنة، باب: في الخلفاء، والترمذي "3778" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعيد بن زيد، وابن ماجه "134" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "5928" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 حدثنا مجمع بن يعقوب، عن أبيه، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مجمع أن عمر قال لأم كلثوم بنت عقبة، امرأة عبد الرحمن بن عوف: أقال لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انكحي سيد المسلمين عبد الرحمن بن عوف؟ " قالت: نعم1. علي بن المديني: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح أن عمر سأل أم كلثوم بنحوه. ويروى عن حصين، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ أم كلثوم نحوه. معمر: عن الزهري: حدثني عبيد الله بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى رهطا فيهم عبد الرحمن بن عوف، فلم يعطه، فخرج يبكي. فلقيه عمر فقال: ما يبكيك؟ فذكر له، وقال: أخشى أن يكون منعه موجدة وجدها علي. فأبلغ عمر رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لكني وكلته إلى إيمانه"2. قريش بن أنس: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِي"، فأوصى لهن عبد الرحمن بحديقة، قومت بأربعمائة ألف3. قال عبد الله بن جعفر الزهري: حدثنا أُمُّ بَكْرٍ بِنْتَ الْمِسْوَرِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَاعَ أَرْضًا لَهُ مِنْ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفِ دينار، فقسمه فِي فُقَرَاءِ بَنِي زُهْرَةَ، وَفِي الْمُهَاجِرِينَ، وَأُمَّهَاتِ المؤمنين. قال المسور: فأتيت عائشة بنصيبها، فقالت: من أرسل بهذا؟ قلت: عبد الرحمن. قَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون". سَقَى اللَّهُ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ4.   1 إسناده ضعيف: أبو قلابة الرقاشي هو عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" "4210": صدوق يخطئ تغير حفظه لما سكن بغداد. 2 مرسل. 3 في إسناده نظر: قريش بن أنس ثقة، ولكنه اختلط قبل موته بست سنين كما في "الميزان" "6892". والحديث أخرجه الترمذي "3771" في كتاب المناقب، باب: مناقب عبد الرحمن بن عوف، دون ذكر المرفوع منه، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 حسن: أخرجه الترمذي "3370" في المصدر السابق، وزاد "وقد كان وصل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بمال بيعت بأربعين ألفا، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "2002" حسن. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" "312" من حديث المسور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 أخرجه أحمد في "مسنده". علي بن ثابت الجزري، عن الوازع، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نساءه في مرضه فقال: "سيحفظني فيكن الصابرون الصادقون"1. ومن أفضل أعمال عبد الرحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشورى، واختياره للأُمة من أشار به أهل الحل والعقد، فنهض في ذلك أتم نهوض على جمع الأمة على عثمان، ولو كان محابيا فيها لأخذها لنفسه، أو لولاها ابن عمه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقاص. ويروى عن عبد الله بن نيار الأسلمي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عوف ممّن يُفْتي فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر، وعمر بما سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ يزيد بن هارون: حدثنا أبو الْمُعَلَّى الْجَزَرِيُّ، عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابن عمر، أن عبد الرحمن قال لأهل الشُّورَى: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَخْتَارَ لَكُمْ وَأَنْفَصِلُ منها؟ قال علي: نعم. أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إنك أمين في أهل السماء، أمين في أهل الأرض"2. أخرجه الشاشي، في "مسنده" وأبو المعلى ضعيف. ذكر مجالد، عن الشعبي أن عبد الرحمن بن عوف حج بالمسلمين في سنة ثلاث عشرة3. جويرية بن أسماء: عن مالك، عن الزهري، عن سعيد أن سعد بن أبي وقاص أرسل إلى عبد الرحمن رجلا وهو قائم يخاطب: أن ارفع رأسك إلى أمر   1 إسناده ضعيف جدا: الوازع هو ابن نافع، متروك، كما في "الميزان" "9320". 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "2/ 71" وأبو المعلى الجزري هو فرات بن السائب، متروك كما في "الميزان" "6689". 3 مرسل إسناده ضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 الناس. أي إلى نفسك. فقال عبد الرحمن: ثكلتك أمك! إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس. تابعه أبو أويس عبد الله، عن الزهري. ابن سعد: أنبأنا عبد العزيز الأويسي، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، عن أبيها المسور قال: لما ولي عبد الرحمن بن عوف "الشوري" كان أحب الناس إليَّ أنه يليه، فإن ترك، فسعد. فلحقني عمرو بن العاص فقال: ما ظن خالك عبد الرحمن بالله، إن أولى هذا الأمر أحدا، وهو يعلم أنه خير منه؟ فأتيت عبد الرحمن فذكرت ذلك له. فقال: والله لأن تؤخذ مدية، فتوضع في حلقي ثم ينفذ بها "إلى الجانب الآخر"، أحب إليَّ من ذلك. ابن وهب: حدثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبي عبيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أزهر، عن أبيه، عن جده أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى رُعَافًا، فَدَعَا حُمْرَانَ، فَقَالَ: اكْتُبْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِي، فَكَتَبَ له، وانطلق حمران إلى عبد الرحمن، فقال: البشرى! قال: وما ذاك؟ قال: إن عثمان قد كَتَبَ لَكَ الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ. فَقَامَ بَيْنَ القبر والمنبر، فدعا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مِنْ تَوْلِيَةِ عُثْمَانَ إياي هذا الأمر، فأمتنى قبله. فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى قبضه الله. يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رجل، عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: كان أهل المدينة عيالا على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثا1. مبارك بن فضالة: عن عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كان بين طلحة وابن عوف تباعد. فمرض طلحة، فجاء عبد الرحمن يعوده، فقال طلحة: أنت والله يا أخي خير مني. قال: لا تفعل يا أخي، قال: بلى والله؛ لأنك لو مرضت ما عدتك2. ضمرة بن ربيعة، عن سعد بْن الحسن قَالَ: كان عبد الرحمن بْن عوف لَا يُعرف من بين عبيده.   1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 2 إسناده ضعيف: علي بن زيد ضعيف الحفظ، ومبارك يدلس، وقد عنعنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 شعيب بن أبي حمزة: عن الزهري، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن، قال: غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه حتى ظنوا أنه قد فاضت نفسه، حتى قاموا من عنده، وجللوه. فأفاق يكبر، فكبر أهل البيت، ثم قال لهم: غشي على آنفا؟ قالوا: نعم. قال: صدقتم! انطلق بي في غشيتي رجلان أجد فيهما شدة وفظاظة، فقالا: انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين، فانطلقا بي حتى لقيا رجلا، قال: أين تذهبان بهذا؟ قالا: نحاكمه إلى العزيز الأمين. فقال: ارجعا، فإنه من الذين كتب الله لهم السعادة والمغفرة وهم في بطون أمهاتهم، وإنه سيمتع به بنوه إلى ما شاء الله، نعاش بعد ذلك شهرا. رواه الزبيدي وجماعة عن الزهري، ورواه سعيد بن إبراهيم عن أبيه. ابن لهيعة: عن أبي الأسود، عن عروة أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله، فكان الرجل يعطى منها ألف دينار1. وعن الزهري أن عبد الرحمن أوصى للبدريين، فوجدوا مائة، فأعطى كل واحد منهم أربعمائة دينار، فكان منهم عثمان، فأخذها. وبإسناد آخر، عن الزهري: أن عبد الرحمن أوصى بألف فرس في سبيل الله. قال إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: سمع عليا يقول يوم مات عبد الرحمن بن عوف: اذهب يابن عوف! فقد أدركت صفوها وسبقت زنقها. الرنق: الكدر. قال سعد بن إبراهيم، عن أبيه قال: رأيت سعدا في جنازة عبد الرحمن بن عوف، وهو بين يدي السرير، وهو يقول: واجبلاه! رواه جماعة عن سعد. معمر: عن ثابت، عن أنس قال: رأيت عبد الرحمن بن عوف، قسم لكل امرأة من نسائه بعد موته مائة ألف. وروى هشام عن ابن سيرين قال: اقتسمن ثمنهن ثلاثمائة ألف وعشرين ألفا.   1 إسناده ضعيف: ابن لهيعة ضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 وروى نحوه ليث بن أبي سليم، عن مجاهد. وقد استوفى صاحب تاريخ دمشق أخبار عبد الرحمن في أربعة كراريس. ولما هاجر إلى المدينة كان فقيرا لا شيء له، فآخى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وبين سعد بن الربيع أحد النقباء، فعرض عليه أن يشاطره نعمته، وأن يطلق له أحسن زوجتيه، فقال له: بارَكَ الله لك في أهلك ومالك، ولكن دلني على السوق. فذهب. فباع واشترى، وربح ثم لم ينشب أن صار معه دراهم، فتزوج امرأة على زنة نواة من ذهب، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد رأى عليه أثرا من صفرة: "أولم ولو بشاة" 1، ثم آل أمره في التجارة إلى ما آل. أرخ المدائني، والهيثم بن عدي، وجماعة وفاته في سنة اثنتين وثلاثين وقال المدائني: ودفن بالبقيع، وقال يعقوب بن المغيرة: عاش خمسا وسبعين سنة. قال أبو عمر بن عبد البر: كان مجدودا في التجارة. خلف ألف بعير، وثلاثة آلاف شاة، ومائة فرس، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضجا. قلت: هذا هو الغني الشاكر، وأويس فقير صابر، وأبو ذر أو أبو عبيدة زاهد عفيف. حسين الجعفي: عن جعفر بن برقان قال: بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف بيت. 10- "ع" سعد بن أبي وقاص "ت 55هـ" واسم أبي وقاص: مالك بن أهيب بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ بْن مُرَّة بْن كعب بْن لؤي. الأمير أبو إسحاق القرشي الزهري المكي. أحد العشرة، وأحد السابقين الأولين، وأحد من شهد بدرا والحديبية، وأحد الستة أهل الشورى.   1 صحيح: أخرجه البخاري "2049" في كتاب البيوع، باب: ما جاء في قول الله عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} الآية، ومسلم "1427" في كتاب النكاح، باب: الصداق، والترمذي "1940" في كتاب البر والصلة، باب: مواساة الأخ، وابن ماجه "1907" في كتاب النكاح، باب: الوليمة، وأحمد "3/ 271، 274، 278" من حديث أنس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 روى جملة صالحة من الحديث، وله في "الصحيحين" خمسة عشر حديثا، وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث، ومسلم بثمانية عشر حديثا. حدث عنه: ابن عمر، وعائشة، وابن عباس، والسائب بن يزيد، وبنوه: عامر، وعمر، ومحمد، ومصعب، وإبراهيم، وعائشة، وقيس بن أبي حازم، وسعيد بن المسيب، وأبو عثمان النهدي، وعمرو بن ميمون، والأحنف بن قيس، وعلقمة بن قيس، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ومجاهد، وشريح بن عبيد الحمصي، وأيمن المكي، وبشر بن سعيد، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو صالح ذكوان، وعروة بن الزبير، وخلق سواهم. أخبرنا محمد بن عبد السلام بن المطهر التميمي، أنبأنا عبد المعز بن محمد، في كتابه، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة، عن أبي عون: سمعت جابر بن سمرة قال: قال عمر لسعد: قد شكوك في كل شيء حتى في الصلاة. قال: أما أنا، فإني أمد في الأوليين وأحذف في الأخريين، وما آلو ما اقتديت به من صَلاةُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ذاك الظن بك، أو كذاك الظن بك1. أبو عون الثقفي. هو محمد بن عبيد الله، متفق عليه. وبه، إلى أبي يعلى: حدثنا زهير، حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد، حدثني والدي، عن أبيه قال: مررت بعثمان في المسجد، فسلمت عليه، فملأ عينيه "مني" ثم لم يرد علي السلام: فأتيت عمر، فقلت: يا أمير المؤمنين! هل حدث في الإسلام شيء؟ قال: "لا" وما ذاك؟ قلت: "لا إلا" إني مررت بعثمان آنفا، فسلمت، "عليه فملأ عينيه   1 صحيح: أخرجه البخاري "755" في كتاب الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام، ومسلم "453" في كتاب الصلاة، باب: القراءة في الظهر والعصر، وأبو داود "803" في كتاب الصلاة، باب: تخفيف الأخريين، والنسائي "2/ 174" في كتاب الافتتاح، باب: الركود في الركعتين الأوليين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 مني" فلم يرد عليَّ. فأرسل عمر إلى عثمان، فأتاه، فقال: ما يمنعك أن تكون رددت على أخيك السلام؟ قال: ما فعلت: قلت: بلى، حتى حلف وحلفت، ثم إنه ذكر فقال: بلى، فأستغفر الله وأتوب إليه، إنك مررت بي آنفا، وأنا أحدث نفسي بكلمة سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا والله ما ذكرتها قط إلا يغشى بصري وقلبي غشاوة. فقال سعد: فأنا أنبئك بها. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر لنا أول دعوة، ثم جاءه أعرابي فشغله، ثم قام رسول الله، فاتبعته، فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله، ضربت بقدمي الأرض، فالتفتَ إلي، فالتفت، فقال: "أبو إسحاق"؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: "فَمَهْ" قلت: لا والله، إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا الأعرابي، فقال: "نعم، دعوة ذي النون: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} 1. فإنها لم يَدْعُ بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له" 2. أخرجه الترمذي من طريق الفريابي، عن يونس. ابن وهْب: حَدَّثَنِي أسامة بْن زيد اللَّيْثي، حدثني ابن شهاب أن عبد الرحمن بن المسور قال: خرجت مع أبي، وسعد، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث عام أذرح. فوقع الوجع بالشام، فأقمنا بسرغ خمسين ليلة، ودخل علينا رمضان، فصام المسور وعبد الرحمن، وأفطر سعد وأبي أن يصوم، فقلت له: يا أبا إسحاق! أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشهدت بدرا. وأنت تفطر وهما صائمان؟ قال: أنا أفقه منهما. ابن جريج: حدثني زكريا بن عمرو أن سعد بن أبي وقاص وفد على معاوية، فأقام عنده شهرا يقصر الصلاة، وجاء شهر رمضان. فأفطره منقطع. شعبة وغيره: عن حبيب بن أبي ثابت سمعت عبد الرحمن بن المسور قال: كنا في قرية من قرى الشام يقال لها: عمان، ويصلى سعد ركعتين، فسألناه، فقال: إنا نحن أعلم.   1 سورة الأنبياء: 87. 2 أخرجه أحمد "1/ 170"، وأخرجه الترمذي "3516" في كتاب الدعوات، باب: "81" مختصرا على المرفوع، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 ابن عيينة: عن عمرو قال: شهد سعد وابن عمر الحكمين. ابن عيينة عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عن سعد: قلت: يا رسول الله من أنا؟ قال: "سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة، من قال غير هذا، فعليه لعنة الله"1. قال ابن سعد: وأمه حمة بِنْت سفيان بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْد شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مناف. قال ابن منده: أسلم سعد ابن سبع عشرة سنة. وكان قصيرا، دحداحا، شثن الأصابع، غليظا، ذا هامة. توفي بالعقيق في قصره، على سبعة أميال من المدينة. وحمل إليها سنة خمس وخمسين. الواقدي: عن بكير بن مسمار عن عائشة بنت سعد قالت: كان أبي رجلا قصيرًا، دحداحًا غليظًا، ذا هامة، شثن الأصابع، أشعر، يخضب بالسواد. وعن إسماعيل بن محمد بن سعد، قال: كان سعد جعد الشعر، أشعر الجسد، آدم، أفطس، طويلا. يعقوب بن محمد الزهري: أنبأنا إسحاق بن جعفر، وعبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن جعفر بن المسور، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمير بن أبي وقاص عن بدر، استصغره، فبكى عمير، فأجازه، فعقدت عليه حمالة سيفه، ولقد شهدت بدرا وما في وجهي شعرة واحدة أمسحها بيدي2. جماعة: عن هاشم بن هاشم، عن سعيد بن المسيب، سمعت سعدا يقول: ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت، ولقد مكثت سبع ليال وإني لثلث الإسلام3.   1 إسناده ضعيف: أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" "1/ 144" وعلي بن زيد ضعيف الحفظ. 2 إسناده ضعيف: يعقوب بن محمد الزهري ضعيف الحفظ كما في "الميزان" "9826"، وعبد العزيز بن عمران متروك، ولكنه توبع. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3726" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، وابن ماجه "132" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 وقال يوسف بن الماجشون: سمعت عائشة بنت سعد تقول: مكث أبي يوما إلى الليل وإنه لثلث الإسلام. إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قال سعد بن مالك: مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أبويه لأحد قبلي. ولقد رأيته وإنه ليقل لي: "يا سعد ارم فداك أبي وأمي" 1. وإني لأول المسلمين رمى المشركين بسهم. ولقد رأيتني مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقَ السَّمُرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كما تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذَنْ وَضَلَّ سَعْيِي2. متفق عليه، رواه جماعة عن إسماعيل. وروى المسعودي عن القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن: أوّل من رمى بسهم في سبيل الله، سعد، وإنه من أخوال النبي -صلى الله عليه وسلم3. حاتم بن إسماعيل: عن بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ. قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ رسول الله: "ارم فداك أبي وأمي" فَنَزَعْتُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ، فَأَصَبْتُ جَبْهَتَهُ، فوقع وانكشفت عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بدت نواجذه4.   1 صحيح: أخرجه البخاري "4055" في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} ، ومسلم "2414" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل سعد بن أبي وقاص، والترمذي "3775" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، وابن ماجه "130" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3728" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، ومسلم "2966" في أول كتاب الزهد، والترمذي "2372"، 2373" في كتاب الزهد، باب: معيشة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي "الشمائل" له "374" وأبو نعيم في "الحلية" "31". 3 صحيح: ورد مفرقا، وأما شطره الأول فقد ورد ضمن الحديث السابق وأما شطره الثاني فقد أخرج الترمذي "3773" في المصدر السابق، عن جابر قال: أقبل سعد فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خالي فليرني امرؤ خاله"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 صحيح: تقدم تخريجه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 عبد الله بن مصعب، حدثنا موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قَالَ: قَتَلَ سَعْدٌ يَوْمَ أُحُدٍ بِسَهْمٍ رُمِيَ به، فقتل، فرد عليهم فرموا به، فأخذه سعد، فرمى به الثانية، فقتل، فرد عليهم، فرمى به الثالثة، فقتل، فعجب الناس مما فعل، إسناده منقطع. ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ بعض آل سعد، عن سعد أنه رمى يوم أحد، قال: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يناولني النبل ويقول: "ارم فداك أبي وأمي" حتى إنه ليناولني السهم ما له من نصل، فأرمى به1. قال ابن المسيب: كان جيد الرمي، سمعته يقول: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبويه يوم أحد2. أخرجه البخاري. وقد ساقه الحافظ ابن عساكر من بضعة عشر وجها. وساق حديث ابن أبي خالد عن قيس من سبعة عشر طريقا بألفاظها، وبمثل هذا كبر تاريخه. وساق حديث عبد الله بن شداد عن علي: ما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع أبويه لأحد غير سعد3، من ستة عشر وجها. رواه مسعر وشعبة وسفيان، عن سعد بن إبراهيم، عنه. ابن عيينة: عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قال علي: ما سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجمع أَبويه لأحد غير سعد4. تفرد به ابن عيينة، وقد رواه شعبة وزائدة، وغيرهما عن يحيى بن سعيد، عن سعد، وهو أصح. ابن زنجويه: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن عائشة بنت سعد، سمعتها تقول: أنا ابنة المهاجر الذي فداه رسول الله يوم أحد بالأبوين. الأعمش: عن إبراهيم، قال عبد الله بن مسعود: لقد رأيت سعدا يقاتل يوم   1 إسناده ضعيف: وقد تقدم بنحوه. 2 صحيح: وقد تقدم. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3776" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 صحيح: انظر السابق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 بدر قتال الفارس في الرجال1. رواه بعضهم عن الأعمش فقال: عن إبراهيم، عن علقمة. يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرحمن الوقاصي، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية، فِيهَا سعد بن أبي وقاص إلى جانب من الحجاز يُدعى رابغ، وَهُوَ من جانب الجُحْفَة، فانكفأ المشركون على المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، فكان هذا أول قتال في الإسلام، فقال سعد: ألا هل أتى رَسُول اللَّهِ أني ... حَمَيْتُ صَحابتي بصدور نَبْلِي فما يَعْتَدُّ رامٍ في عدُوٍ ... بسهمٍ يا رسول الله قبلي2 وفي البخاري: لمروان بن معاوية: أخبرني هاشم بن هاشم، سمعت سعيد بن المسيب، سمعت سَعْدًا يَقُولُ: نَثَلَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَالَ: "ارم! فداك أبي وأمي" 3. أنبأنا به أحمد بن سلامة، عن ابن كليب، أنبأنا ابن بيان، أنبأنا ابن مخلد، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا الصفار بن عرفة، حدثنا مروان فذكره. القعنبي، وخالد بن مخالد قالا: حدثنا سليمان بْن بلال، عَنْ يحيى بْن سعيد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عائشة قالت: أرق رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: "ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة". قالت: فسمعنا صوت السلاح، فقال رسول الله: "من هذا"؟ قال سعد بن أبي وقاص: أنا يا رسول الله جئت أحرسك، فنام رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سمعت غطيطه4. أبو بكر الحنفي عبد الكبير: حدثنا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أن أباه سعدا، كان في غنم له، فجاء ابنه عمر، فلما رآه قال: أعوذ بالله من شر هذا   1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 75". 2 مرسل. 3 صحيح: وقد تقدم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "2885" في كتاب الجهاد، باب: الحراسة في الغزو، ومسلم "2410" في كتاب فضائل الصحابة، باب: في فضل سعد بن أبي وقاص، والترمذي "3777" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 الراكب، فلما انتهى إليه، قال: يا أبة أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك، والناس يتنازعون في الملك بالمدينة، فضرب صدر عمر، وقال: اسكت، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن الله عز وجل يحب العبد التقي الغني الخفي" 1. روح، والأنصاري، واللفظ له: أنبأنا ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود، عن عامر بن سعد قال: قال سعد: لقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضحك يوم الخندق، حتى بدت نواجذه. كان رجل معه ترس، وكان سعد راميا، فجعل يقول كذا يحوي بالترس، ويغطي جبهته، فنزع له سعد بسهم، فلما رفع رأسه، رماه فلم يخط هذه منه يعني جبهته فانقلب، وأشال برجله، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ فعله، حتى بدت نواجذه2. يحيى القطان وجماعة: عن صدقة بن المثنى، حدثني جدي رياح بن الحارث، أن المغيرة كان في المسجد الأكبر، وعنده أهل الكوفة، "عن يمينه وعن يساره" فجاءه رجل "يدعى سعيد بن زيد، فحياه المغيرة وأجلسه عند رجليه على السرير، فجاء رجل من أهل الكوفة" فاستقبل المغيرة، فسب، وسب، فقال سعيد بن زيد: من يسب هذا يا مغيرة؟ قال: يسب علي بن أبي طالب، قال: يا مغير بن شعيب، يا مغير بن شعيب! ألا تسمع أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسبون عندك، ولا تنكر ولا تغير؟ فأنا أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما سمعت أذناني، ووعاه قلبي من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإني لم أكن أروى عنه كذبا، إنه قال: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة"، وتاسع المؤمنين في الجنة، ولو شئت أن اسميه لسميته، فضج أهل المسجد يناشدونه: يا صاحب رسول الله! من التاسع؟ قال: ناشدتموني بالله والله عظيم، أنا هو، والعاشر رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاللَّهُ لمشهد شهده رجل مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضل من عمل أحدكم، ولو عُمِّر ما عُمِّر نوح3.   1 صحيح: أخرجه مسلم "2965" في أول كتاب الزهد، وأحمد "1/ 168، 177". 2 أخرجه أحمد "1/ 186". 3 صحيح: أخرجه أبو داود "4650" في كتاب السنة، باب: في الخفاء، وابن ماجه "133" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من طريق صدقة. شعبة، عن الحر: سمعت رجلًا يقال "له" "عبد" الرحمن بن الأخنس، قال: خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي، فقام سعيد بن زيد فقال: ما تريد إلى هذا. أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقال: "عشرة في الجنة: رسول الله في الجنة، وأبو بكر في الجنة" 1 الحديث. الحر هو ابن الصياح. عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عبيد الله، حدثنا الحر، بنحوه. ابن أبي بديك: حدثنا موسى بن يعقوب. عن عمر بن سعيد بن سريج، أن عبد الرحمن بن حميد حدثه، عن أبيه حميد بن عبد الرحمن، حدثني سعيد بن زيد في نفر، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وسمَّى فيهم أبا عبيدة" 2. ابن عيينة: عن سعير بن الخمس، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر: قال رسول الله: "عشرة من قريش في الجنة، أبو بكر، ثم سمى العشرة"3. أخبرنا ابن أبي عمر وجماعة، إذنا، قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا هبة الله، أنبأنا ابن المذهب، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة، عن حصين، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم قال: خطب المغيرة فنال من علي. فخرج سعيد بن زيد فقال: ألا تعجب من هذا يسب عليًّا، أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنا كنا على حراء أو أُحُدٍ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اثبت حراء أو أحد! فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد" فسمى النبي، وأبا بكر، وعمر، وعثمان وعليا،، وطلحة، والزبير، وسعدا، وعبد الرحمن. وسمى سعيد نفسه، رضوان الله عليهم4. وله طرق.   1 صحيح: أخرجه أبو داود "4649" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 صحيح: وقد تقدم. 3 في إسناده ضعف: حبيب بن أبي ثابت يدلس كما في "التقريب" "1084" وقد عنعنه، وهو صحيح بما تقدم. 4 صحيح: وقد تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 ومنها: عاصم بن علي: حدثنا محمد بن طلحة، عن أبيه، عن هلال بن يساف، عن سعيد نفسه، وقال: "اسكن حراء". أخبرنا ابن أبي الخير، أنبأنا عبد الغني الحافظ، في كتابه إلينا، أنبأنا المبارك بن المبارك السمسار، أنبأنا النعالي، أنبأنا أبو القاسم بن المنذر، أنبأنا إسماعيل الصفار، حدثنا الدقيقي، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا الليث، عن يزيد بن الهادي، عن أبي بكر بن حزم قال: جاءت أروى بنت أويس إلى محمد بن عمرو بن حزم فقالت: إن سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قد بنى ضفيرة في حقي، فأته، فكلمه، فوالله لئن لم يفعل، لأصيحن به فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأته، فكلمه، فوالله لئن لم يفعل، لأصيحن به فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لها: لا تؤذي صاحب رسول الله! ما كان ليظلمك، ما كان ليأخذ لك حقا، فخرجت، فجاءت عمارة بن عمرو وعبد الله بن سلمة، فقالت لهما: ائتيا سعيد بن زيد، فإنه قد ظلمني، وبنى ضفيرة في حقي، فوالله لئن لم ينزع، لأصيحن به فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخرجا حتى أتياه في أرضه بالعقيق، فقال لهما: ما أتى بكما؟ قالا: جاء بنا أروى، زعمت أنك بنيت ضفيرة في حقها، وحلفت بالله لئن لم تنزع لتصيحن بك فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأحببنا أن نأتيك، ونذكرك بذلك، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "من أخذ شبرا من الأرض بغير حق، طوقه يوم القيامة من سبع أرضين" لتأتين، فلتأخذ ما كان لها من حق، اللهم إن كانت علي، فلا تمتها حتى تعمي بصرها، وتجعل منيتها فيها. ارجعوا فأخبروها بذلك، فجاءت، فهدمت الضفيرة، وبنت بيتا، فلم تمكث إلا قليلا حتى عميت، وكانت تقوم من الليل، ومعها جارية تقودها، فقامت ليلة، ولم توقظ الجارية فسقطت في البئر، فماتت1. هذا يؤخر إلى ترجمة سعيد بن زيد. أحمد في "مسنده": حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عن سعد قال: رأيت رجلين عن يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويساره يوم أحد، عليهما ثياب بيض، يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد2.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3198" في كتاب بدء الخلق، باب: ما جاء في سبع أرضين، ومسلم "1610" في كتاب المساقاة، باب: تحريم الظلم. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4045" في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} ، ومسلم "2306" في كتاب الفضائل، باب: في قتال جبريل وميكائيل، وأحمد "1/ 177"، وأبو نعيم في "الحلية" "3701"، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 254". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 الثوري: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ ابن مسعود قال: اشتركت أنا، وسعد، وعمار، يَوْم بدر فيما أصبنا من الغنيمة، فجاء سعد بأسيرين، ولم أجئ أنا وعمار بشيء1. شريك: عن أبي إسحاق قال: أشد الصحابة أربعة: عمر، وعلي، والزبير، وسعد. أبو يعلى في "مسنده" حدثنا محمد بن المثني، حدثنا عبد الله بن قيس الرقاشي، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قَالَ: كنا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة" فطلع سعد بن أبي وقاص2. رشدين بن سعد: عن الحجاج بن شداد، عن أبي صالح الغفاري، عن عبد الله بن عمرو أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أول من يدخل من هذا الباب رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَدَخَلَ سَعْدُ بْنُ أبي وقاص3. ابن وهب: أخبرني حيوة، أخبرنا عقيل، عن ابن شهاب، حدثني من لا أتهم، عن أنس قال: بينا نحن جلوس عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة" فطلع سعد4. الثوري، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} 5. قال: نزلت في ستة أنا وابن مسعود منهم6.   1 ضعيف: أخرجه أبو داود "3388" في كتاب البيوع، باب: في الشركة على غير رأس مال، والنسائي "7/ 319" في كتاب البيوع، باب: الشركة بغير مال، وابن ماجه "2288" في كتاب التجارات، باب: الشركة والمضاربة، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "735": ضعيف. 2 إسناده ضعيف: عبد الله بن قيس الرقاشي فيه ضعف كما في "الميزان" "4518" وانظر الآتي. 3 إسناده ضعيف: رشدين بن سعد ضعيف كما في "التقريب" "1942". 4 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 5 سورة الأنعام، الآية "52". 6 صحيح: أخرجه مسلم "2413" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل سعد بن أبي وقاص، وابن ماجه "4128" في كتاب الزهد، باب: مجالسة الفقراء، وأبو نعيم في "الحلية" "1215". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 مسلمة بن علقمة: حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي عثمان أن سعدا قال: نزلت هذه الآية في {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} 1. قال: كنت برا بأمي، فلما أسلمت، قالت: يا سعد! ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا، أو لا آكل، ولا أشرب، حتى أموت، فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه، قلت: لا تفعلي يا أمه، إني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوما لا تأكل ولا تشرب وليلة، وأصبحت وقد جهدت، فلما رأيت ذلك، قلت: يا أمه! تعلمين والله لو كان لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا، ما تركت ديني. إن شئت فكلي أو لا تأكلي فلما رأت ذلك، أكلت2. رواه أبو يعلى في "مسنده". مجالد: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أقبل سعد بن مالك فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خالي، فليرني امرؤ خاله" 3. قلت: لأن أم النبي -صلى الله عليه وسلم- زهرية، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف، ابنة عم أبي وقاص. يحيى القطان: عن الجعد بن أوس، حدثتني عائشة بنت سعد قالت: قال سعد: اشتكيت بمكة، فدخل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعودني، فمسح وجهي وصدري وبطني، وقال: "اللهم اشف سعدا" فما زلت يخيل إلي أني أجد برد يده -صلى الله عليه وسلم- على كبدي حتى الساعة4. أخرجه البخاري والنسائي. أحمد في "مسنده": حدثنا أبو المغيرة، حدثنا معان بن رفاعة، حدثني علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: جلسنا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكرنا، ورققنا.   1 سورة العنكبوت، الآية "8". 2 صحيح: أخرجه مسلم "1748" في المصدر السابق، والترمذي "3200" في كتاب التفسير باب: ومن سورة العنكبوت. 3 صحيح: وقد تقدم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "5659" في كتاب المرضى، باب: وضع اليد على المريض، وأخرج أصله النسائي "6/ 241، 244" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 فبكى سعد بن أبي وقاص، فأكثر البكاء. فقال: يا ليتني مت! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا سعد أتتمنى الموت عندي"؟ فردد ذلك ثلاث مرات، ثم قال: "يا سعد! إن كنت خلقت للجنة، فما طال عمرك أو حسن من عملك، فهو خير لك"1. محمد بن الوليد البسري، حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل، عن قيس أخبرني سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: $"اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاكَ"2. رواه جعفر بن عون، عن إسماعيل، عن قيس أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَهُ. عبد الرحمن بن مغراء: عن سعيد بن المرزبان، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أحد: "اللهم استجب لسعد" ثلاث مرات3. ابن وهب: حدثني أبو صخر: عن يزيد بن قسيط، عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، حدثني أبي: أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد: ألا تأتي ندعو الله تعالى، فخلوا في ناحية، فدعا سعد، فقال: يا رب! إذا لقينا العدو غدا، فلقني رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، أقاتله، ويقاتلني، ثم ارزقني الظفر عليه، حتى أقتله وآخذ سلبه. فأمن عبد الله، ثم قال: الله ارزقني غدا رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، فأقاتله، ويقاتلني، ثم يأخذني، فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدا قلت لي: يا عبد الله! فيم جدع أنفك وأذناك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت. قال سعد: كانت دعوته خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط. أبو عوانة وجماعة: حدثنا عَبْد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير، عَن جَابِرِ بْنِ سمرة قال:   1 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 266-267" وعلي بن يزيد هو الألهاني، ضعيف الحفظ. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3772" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 إسناده ضعيف: سعيد بن المرزبان ضعيف كما في "الميزان" "3271". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر، فقالوا: إنه لا يحسن أن يصلي. فقال سعد: أما أنا، فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله، صلاتي في العشي لا أحرم منها، أركُد في الأوليين وأحذَف في الأخريين، فقال عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق. فبعث رجالا يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لَا يأتون مسجدًا من مساجد الْكُوفَة، إلا قالوا خيرا، حتى أتوا مسجدا لبني عبْس، فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو سعدة: أما إذ نشدتمونا باللَّه، فإِنَّهُ كَانَ لَا يَعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية، فَقَالَ سعد: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا، فأعْمِ بصره، وأطل عُمره، وعرضه للفِتَن. قَالَ عَبْد الملك: فأنا رأيته بعدُ يتعرض للإماء في السكك. فإذا سئل كيف أنت؟ يقول: كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد1. متفق عليه. محمد بن جحادة: حدثنا الزبير بن عدي، عن مصعب بن سعد أن سعدا خطبهم بالكوفة فقال: يَا أَهْل الْكُوفَة! أي أمير كنت لكم؟ فقام رجل فقال: اللهم إن كنت مَا علمتك لَا تعدل في الرعية، وَلَا تقسم بالسوية، وَلَا تغزو في السرية، فَقَالَ سعد: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا، فاعْمٍ بصره، وعجل فَقْره، وأطِل عُمُرَه، وعرضه للفتن. قال: فما مات حتى عمي، فكان يلتمس الجدرات، وافتقر حتى سأل، وأدرك فتنة المختار فقتل بها. عمرو بن مرزوق: حدثنا شُعْبة، عَن سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بن المسيب قال: خرجت جارية لسعد عليها قميص جديد، فكشفتها الرِّيحُ، فَشَدَّ عُمَرُ عَلَيْهَا بِالدَّرَّةِ، وَجَاءَ سَعْدٌ ليمنعه، فتناوله بالدرة، فذهب سعد يدعو عَلَى عُمَرَ، فَنَاوَلَهُ الدَّرَّةَ وَقَالَ: اقْتَصْ، فَعَفَا عن عمر. أسد بن موسى: حدثنا يحيى بن زكريا، حدثنا إسماعيل عن قيس قال: كان لابن مسعود على سعد مال: فقال له ابن مسعود: أد المال! قال: ويحك مالي، ولك؟ مال: أد المال الذي قبلك. فقال سعد: والله إني لأراك لاق مني شرا، هل أنت إلا ابن مسعود وعبد بني هذيل. قال: أجل والله! وإنك لابن   1 صحيح: وقد تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 حمنة: فقال لهما هاشم بن عتبة: إنكما صاحبا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظر إليكما الناس. فطرح سعد عودا كان في يده، ثم رفع يده، فقال: اللهم رب السماوات! فقال له عبد الله: قل قولا ولا تلعن، فسكت، ثم قال سعد: أما والله لولا اتقاء الله، لدعوت عليك دعوة لا تخطئك. رواه ابن المديني، عن سفيان، عن إسماعيل وكان قد أقرضه شيئا من بيت المال. ومن مناقب سعد أن فتح العراق كان على يدي سعد، وهو كان مقدم الجيوش يوم وقعة القادسية، ونصر الله دينه، ونزل سعد بالمدائن، ثم كان أمير الناس يوم جلولاء فكان النصر على يده، واستأصل الله الأكاسرة. فروى زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عن قبيصة بن جابر قال: فقال ابن عم لنا رجل منا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نصره ... وسعد بباب الْقَادِسِيَّةِ مُعْصمٌ فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... ونسوة سعد ليس فيهن أيم فلما بلغ سعدا قال: اللهم اقطع عني لسانه ويده. فجاءت نشابة أصابت فَاهُ، فَخَرَسَ، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي الْقِتَالِ. وَكَانَ فِي جَسَدِ سَعْدٍ قُرُوحٌ، فَأَخْبَرَ النَّاسَ بعذره عن شهود القتال. وروى نحوه سيف بن عمر، عن عبد الملك. هشيم: عن أبي مسلم، عن مصعب بن سعد، إن رجلًا نال من عليّ، فنهاه سعد، فلم ينته، فدعا عَلَيْهِ. فما برح حَتَّى جاء بعير ناد1 فخبطه حتى مات. ولهذه الواقعة طرق جمة رواها ابن أبي الدنيا في "مجابي الدعوة" وروى نحوها الزبير بن بكار، عن إبراهيم بن حمزة، عن أبي أسامة، عن ابن عون، عن محمد بن محمد الزهري، عن عامر بن سعد. وحدث بها أبو كريب، عن أبي أسامة. ورواه ابن حميد، عن ابن المبارك، عن ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود.   1 ناد: شارد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 وقرأتها على عمر بن القواس، عن الكندي، أنبأنا أبو بكر القاضي، أنبأنا أبو إسحاق البرمكي، حضورا، أنبأنا ابن ماسي، أنبأنا أبو مسلم، حدثنا الأنصاري، حدثنا ابن عون، وحدث بها ابن علية، عن محمد بن محمد. ورواها ابن جدعان: عن ابن المسيب أن رجلا كان يقع في علي وطلحة والزبير، فجعل سعد ينهاه ويقول: لا تقع في إخواني، فأبى، فقام سعد: وصلى ركعتين ودعا، فجاء بختي يشق الناس، فأخذه بالبلاط، فوضعه بين كركرته والبلاط حتى سحقه، فأنا رأيت الناس يتبعون سعدا يقولون: هنيئا لك يا أبا إسحاق! استجيبت دعوتك1. قلت: في هذا كرامة مشتركة بين الداعي والذين نيل منهم. جرير الضبي: عن مغيرة، عَن أمه قالت: زرنا آل سعد، فرأينا جارية كان طولها شبرا. قلت: من هَذِهِ؟ قالْوَا: مَا تعرفينها؟ هَذِهِ بنت سعد، غمست يدها في طهوره، فقال: قطع الله قرنك، فما شبت بعد. وروى عبد الرزاق: عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، أن امرأة كانت تطلع على سعد، فينهاها، فلم تنته، فاطلعت يوما وهو يتوضأ، فقال: شاه وجهك، فعاد وجهها في قفاها. ميا: متروك2. حاتم بن إسماعيل: حدثنا يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ "أَبِي" لَبِيبَةَ، عن جده قال: دعا سعد بن أبي وقاص فقال: يا رب! بني صغار فأخر عني الموت حتى يبلغوا، فأخر عنه الموت عشرين سنة3. قال خليفة بن خياط: وفي سنة خمس عشرة وقعة القادسية، وعلى المسلمين سعد، وفي سنة إحدى وعشرين شكا أهل الكوفة سعدا أميرهم إلى عمر، فعزله.   1 إسناده ضعيف: ابن جدعان هو علي بن زيد، ضعيف الحفظ. 2 هو مينا بن أبي مينا، كذبه أبو حاتم، وقال ابن معين والنسائي. ليس بثقة. وقال الدارقطني: متروك. "الميزان" "8981". 3 إسناده ضعيف: يحيى بن عبد الرحمن ضعفه ابن معين كما في "الميزان" "9571". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 وقال الليث بن سعد: كان فتح جلولاء سنة تسع عشرة، افتتحها سعد بن أبي وقاص. قلت: قتل المجوس يوم جلولاء قتلا ذريعا، فيقال: بلغت الغنيمة ثلاثين ألف ألف درهم. وعن أبي وائل قال: سميت جلولاء فتح الفتوح. قال الزهري: لما استخلف عثمان، عزل عن الكوفة المغيرة، وأمر عليها سعدا. وروى حصين، عن عمرو بن ميمون، عن عمر أنه لما أصيب، جعل الأمر شورى في الستة وقال، من استخلفوه فهو الخليفة بعدي، وإن أصابت سعدا، وإلا فليستعن به الخليفة بعدي، فإنني لم أنزعه، يعني عن الكوفة، من ضعف ولا خيانة. ابن علية: حدثنا أيوب، عن محمد قال: نُبئت أن سعدًا قَالَ: مَا أزعم أني بقميصي هذا أحق مني بالخلافة، جاهدت وأنا أعرف بالجهاد، ولا أبخع نفسي إن كان رجلا خيرا مني، لا أقاتل حتى يأتوني بسيف له عينان ولسان، فيقول: هذا مؤمن وهذا كافر1 وتابعه معمر، عن أيوب. أخبرنا أبو الغنائم القيسي، وجماعة، كتابة، قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا هبة الله، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا كثير بن زيد، عن المطلب، عن عمر بن سعد، عن أبيه أنه جاءه ابنه عامر فقال: أي بني! أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسا؟ لا والله، حتى أعطى سيفا، إن ضربت به مسلما، نبا عنه، وإن ضربت كافرا، قتله، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن الله يحب الغني الخفي التقي" 2. الزبير: حدثنا مُحَمَّد بْن الضَّحّاك الحِزَامِيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قام عليٌّ على مِنبْرَ الكوفة، فقال حين اختلف الحَكَمان: لقد كنت نَهَيْتُكم عن هَذِهِ الحكومة، فعصيتموني. فقام إليه فتى آدم، فقال: إنك والله ما نهيتنا، بل أمرتنا وذمرتنا3،   1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 76" وفي إسناده جهالة. 2 صحيح: وقد تقدم. 3 ذمر: حض وشجع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 فَلَمَّا كان منها مَا تكرهُ، برَّأْتَ نَفْسَكَ، ونحلتنا ذنبك. فقال علي -رضي الله عنه: مَا أنت وهذا الكلام قبَّحَكَ الله! واللهِ لقد كَانَتِ الجماعة، فكنت فيها خاملًا، فَلَمَّا ظهرت الفتنة، نجمت فيها نجوم قرن الماعز: ثم التفت إلى الناس فَقَالَ: للَّهِ منزل نزله سعد بن مالك، وعبد الله بن عمر، والله لئن كان ذنبا، إِنَّهُ لصغير مغفور، ولئن كَانَ حسنًا، إِنَّهُ لعظيم مشكور. أبو نعيم: حدثنا أبو أحمد الحاكم، حدثنا ابن خزيمة، حدثنا عمران بن موسى، حدثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن جحاد، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حازم، عن حسين بن خارجة الأشجعي قال: لما قُتل عثمان، أشكلت علي الفتنة، فقلت: اللهم أرني من الحق أمرا أتمسك به، فرأيت في النوم الدنيا والآخرة بينهما حائط، فهبطت الحائط، فإذا بنفر، فقالوا: نحن الملائكة، قلت: فأين الشهداء؟ قالوا: اصعد الدرجات، فصعدت درجة ثم أخرى، فإذا محمد وإبراهيم -صلى الله عليهما- وإذا محمد يقول لإبراهيم: استغفر لأمتي، قال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم اهرقوا دماءهم، وقتلوا إمامهم، ألا فعلوا كما فعل خليلي سعد؟ قال: قلت: لقد رأيت رؤيا، فأتيت سعدا، فقصصتها عليه، فما أكثر فرحا، وقال: قد خاب من لم يكن إبراهيم -عليه السلام- خليله، قلت: مع أي الطائفتين أنت؟ قال: ما أنا مع واحد منهما، قلت: فما تأمرني؟ قال: هل لك من غنم؟ قلت: لا، قال: فاشتر غنما، فكن فيها حتى تنجلي. أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أنبانا هبة الله بن الحسن، أنبأنا عبد الله بن علي الدقاق، أخبرنا علي بن محمد، أنبأنا محمد بن عمرو، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان، عن الزهري، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ مرضت عام الفتح، مرضا أشفيت منه، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعودني، فقلت: يا رسول الله! إن لي مالا كثيرا، وليس يرثني إلا ابنة، أفأوصي بما لي كله؟ قال: "لا"، قال: فالشطر، قال: "لا"، قلت: فالثلث، قال: "والثلث كثير، إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس، لعلك تؤخر على جميع أصحابك، وإنك لن تتفق نفقة تريد بها وجه الله، إلا أجرت فيها، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك"، قلت: يا رسول الله إني أرهب أن أموت بأرض هاجرت منها، قال: "لعلك أن تبقى حتى ينتفع بك أقوام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 ويضر بك آخرون، اللهم امض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة" يرثي له أنه مات بمكة1. متفق عليه من طرق عن الزهري. وعن علي بن زيد: عن الحسن قال: لما كان الهيج في الناس، جعل رجل يسأل عن أفاضل الصحابة، فكان لا يسأل أحدا إلا دله على سعد بن مالك2. وروى عمر بن الحكم: عن عوانه أنه قال: دَخَلَ سعد عَلَى مُعَاوِيَة، فلم يسَلم عَلَيْهِ بالإمرة، فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَوْ شئت أن تقول غيرها لقلت، قَالَ: فنحن المؤمنون وَلَمْ نؤمرك، فإنك مُعجَب بما أنت فِيهِ، واللَّه مَا يسُرني أني عَلَى الّذي أنت عَلَيْهِ وإني هرقت محجمة دم. قلت: اعتزل سعد الفتنة، فلا حضر الجمل ولا صفين ولا التحكيم ولقد كان أهلا للإمامة، كبير الشأن -رضي الله عنه. روى نعيم بن حماد، حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين أن سعد بن أبي وقاص طاف عَلَى تسع جوارٍ في ليلة، ثُمَّ استيقظت العاشرة لما أيقظها، فنام هو، فاستحيت أن توقظه3. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بن سعد أنه قال: كان رأسي أَبِي فِي حِجْرِي، وَهُوَ يَقْضِي. فَبَكَيْتُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: أَيْ بُني مَا يُبْكِيكَ؟ قلت: لمكانك وما أرى بك. قال: لا تَبْكِ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُنِي أَبَدًا. وإني من أهل الجنة4. قلت: صدق والله، فهنيئا له.   1 صحيح: أخرجه البخاري "1295" في كتاب الجنائز، باب: رثاء النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعدَ بن خولة، ومسلم "1628" في كتاب الوصية، الوصية بالثلث، وأبو داود "2864" في كتاب الوصايا، باب: ما جاء في ما لا يجوز للموصي بماله، والترمذي "2123" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث، والنسائي "6/ 241، 242" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث، وابن ماجه "2708" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث، وأبو نعيم في "الحلية" 297". 2 إسناده ضعيف. 3 إسناده ضعيف: نعيم بن حماد ضعيف. 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 78". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 الليث: عن عقيل، عن الزهري أن سعد بن أبي وقاص لما احتضر، دعا بخلق جبة صوف، فقال: كفنوني فيها، فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر، وإنما خبأتها لهذا اليوم. ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا فروة بن زبيد عن عائشة بنت سعد قالت: أرسل أبي إلى مروان بزكاته خمسة آلاف، وترك يوم مات مائتي ألف وخمسين ألفا1. قَالَ الزبير بن بكار: كَانَ سعد قَدِ اعتزل في آخر عمره، في قصر بناه بطرف حمراء الأسد. وعن أم سلمة أنها قالت: لما مات سعد، وجيء بسريره، فأدخل عليها، جعلت تبكي وتقول: بقية أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. النعمان بن راشد: عن الزهري، عن عامر بن مسعد قال: كان سعد آخر المهاجرين وفاة. قال المدائني، وأبو عبيدة، وجماعة: توفي سنة خمس وخمسين. وروى نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد أن سعدا مات وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، في سنة ست وخمسين، وقيل: سنة سبع. وقال أبو نعيم الملائي: سنة ثمان وخمسين. وتبعه بن المحرز. والأول هو الصحيح. وقع له في "مسند بقي بن مخلد" مائتان وسبعون حديثا. فمن ذاك في الصحيح ثمانية وثلاثون حديثا. 11- "ع" سعيد بن زيد "ت 50هـ" بن عمرو بن نفيل بْن عبد العُزَّى بْن رياح بْن قُرط بْن رزَاح بْن عديّ بْن كعْب بن لؤي بن غالب، أبو الأعور القرشي العدوي. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن السابقين الأولين البدريين، ومن الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.   1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 79" ومحمد بن عمر هو الواقدي، متروك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 شهِدَ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشهد حصار دمشق وفتحها، فولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الأمة. وله أحاديث يسيرة، فله حديثان في الصحيحين. وانفرد البخاري له بحديث. رَوَى عَنْهُ ابن عمر، وأَبُو الطُّفَيْلِ، وعمرو بن حريث، وزر بن حبيش، وأبو عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن ظالم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وطائفة. قرأت على أحمد بن عبد الحميد، أخبركم الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وستمائة، أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة، بقراءتي، أنبأنا طراد بن محمد الزينبي، أنبأنا ابن رزقويه، أنبأنا أبو جعفر محمد بن يحيى الطائي، سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَن عَبْد الملك بْن عمير، عَن عَمْرو بن حريث، عن سعيد بن زيد بْن عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الكمأة من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل، وماؤها شفاء للعين" 1. أخرجه البخاري من طريق ابن عيينة فوقع لنا بدلا عاليا. قرأت على علي بن عيسى التغلبي، أخبركم محمد بن إبراهيم الصوفي سنة عشرين وستمائة، أنبأنا أبو طاهر السلفي، أنبأنا أبو عبد الله الثقفي، أنبأنا أحمد بن الحسن، أنبأنا حاجب بن أحمد، حدثنا عبد الرحيم، هو ابن منيب، حدثنا سفيان عن الزهري، عن طلحة عن سعيد بن زيد يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ ظلم من الأرض شبرا طوقه من سبع أرضين: ومن قتل دون ماله فهو شهيد" 2.   1 صحيح: أخرجه البخاري "4478" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} الآية، ومسلم "2049" في كتاب الأشربة، باب: فضل الكمأة، والترمذي "2074" في كتاب الطب، باب: الكمأة والعجوة، وابن ماجه "3454" في كتاب الطب، باب: الكمأة والعجوة. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4772" في كتاب السنة، باب: في قتال اللصوص، والترمذي "1423" في كتاب الديات، باب: فيمن قتل دون ماله فهو شهيد، والنسائي "7/ 115، 116" 6 في كتاب تحريم الدم، باب: من قتل دون ماله، وابن ماجه "2580" في كتاب الحدود، باب: من قتل دون ماله فهو شهيد، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "6445": صحيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 هذا حديث صالح الإسناد، لكنه فيه انقطاع؛ لأن طلحة بن عبد الله بن عوف لم يسمعه من سعيد. رواه مالك، ويونس، وشهيب وجماعة، عن الزهري فأدخلوا بين طلحة وسعيد: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ. أخرجه البخاري عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري. كان والده زيد بن عمرو ممن فر إلى الله من عبادة الأصنام، وساح في أرض الشام يتطلب الدين القيم، فرأى النصارى واليهود، فكره دينهم، وقال: اللهم إني على دين إبراهيم ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم -عليه السلام- كما ينبغي، ولا أرى من يوقفه عليها، وهو من أهل النجاة، فقد شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه "يبعث أمة وحدة" 1 وهو ابن عم الإمام عمر بن الخطاب، رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يعش حتى بعث، فنقل يونس بن بكير، وهو من أوعية العلم بالسير، عن محمد بن إسحاق قال: قد كان في نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ: زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نفيل، وورقة بن نوفل، وعثمان بن الحارث بن أسد، وعبيد بن جحش، وأميمة ابنة عبد المطلب حَضَرُوا قُرَيْشًا عِنْدَ وَثَنٍ لَهُمْ، كَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُ لِعِيدٍ مِنْ أَعْيَادِهِمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، خَلَا أولئك النفر بعضهم إلى بعض، وقالوا: تصادقوا وتكاتموا، فَقَالَ قَائِلُهُمْ: تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ مَا قَوْمُكُمْ عَلَى شيء، لقد أخطئوا دين إبراهيم وخالفوه، فما وَثَنٌ يُعْبَدُ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، فَابْتَغُوا لأنفسكم، قال: فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَ وَيَسِيرُونَ فِي الأَرْضِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ كتاب من اليهود والنصارى والملل كلها يتطلبون الحنيفية، فأما ورقة فتنصر، واستحكم في النصرانية، وحصل الكتب، وعلم علما كثيرا ولم يكن فيهم أعدل شأنا من زيد، اعتزل الأوثان والملل إلا دين إبراهيم يوحد الله تعالى ولا يأكل من ذبائح قومه، وكان الخطاب عمه قد آذاه، فنزح عنه إلى أعلى مكة، فنزل حراء، فوكل به الخطاب شبابا سفهاء لا يدعونه يدخل مكة، فكان لا يدخلها إلا سرا. وكان الخطاب أخاه أيضا من أمه، فكان يلومه على فراق دينه. فسار زيد إلى الشام والجزيرة والموصل يسأل عن الدين. أخبرنا يوسف بن أحمد بن أبي بكر الحجار، أنبأنا موسى بن عبد القادر، أنبأنا سعيد بن أحمد البنا، "ح" وأنبأنا أحمد بن المؤيد، أنبأنا الحسن بن إسحاق،   1 أخرجه أحمد "1/ 189-190" وفي إسناده المسعودي اختلط، وله شاهد مرسل عند ابن سعد "في الطبقات" "2/ 204". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني، وقرأت عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، فِي سَنَةِ ثلاث وتسعين، عن أبي اليمن الكندي، إجازة في سنة ثمان وستمائة، أنبأنا أبو الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المهتدي بالله، قالوا: أنبأنا محمد بن محمد الزينبي، أنبأنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا عيسى بن حماد، أنبأنا الليث بن سعد، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! والله ما فيكم أَحَدٌ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي، وَكَانَ يُحْيِي المؤودة، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: مه! لا تقتلها. أنا أكفيك مؤنتها، فَيَأْخُذَهَا، فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ، قَالَ لِأَبِيهَا: إِنْ شَئْتَ، دفعتها إليك، وإن شئت، كفيتك مؤنتها1. هذا حديث صحيح غريب، تفرد به الليث، وإنما يرويه عن هشام كتابة. وقد علقه البخاري في "صحيحه" فقال: وقال الليث: كتب إلى هشام، فذكره. وقد سمعه ابن إسحاق من هشام. وعندي بالإسناد المذكور إلى الليث، عن هشام نسخة، فمن أنكر ما فيها: عن أبيه عروة أنه قال: مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذب، يلصق ظهره بالرمضاء وهو يَقُولُ: أحد أحد، فَقَالَ ورقة: أحد أحد يا بلال، صبرا يا بلال، لِمَ تعذبونه؟ فوالذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا. يقول: لأتمسحن به. هذا مرسل. ورقة لو أدرك هذا، لعد من الصحابة، وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة كما في الصحيح. يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي هشام، عن أبيه، عن أسماء أن ورقة كان يقول: اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك، عبدتك به، ولكني لا أعلم، ثم يسجد على راحته2.   1 صحيح علقه البخاري "3828" في كتاب مناقب الأنصار، حديث زيد بن عمرو بن نفيل، وقد وصله النسائي في "الكبرى" "8187" وقال الألباني في تحقيقه "فقه السيرة" "ص97": حديث صحيح. 2 إسناده حسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 يونس بن بكير، وعدة: عن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ نُفَيْلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مر زيد بن عمرو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وزيد بن حارثة، فدعواه إلى سفرة لهما، فقال: يابن أخي، إني لا آكل مما ذبح على النصب، فما رئي رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد ذلك اليوم يأكل مما ذبح على النصب. المسعودي ليس بحجة1. أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" عن يزيد، عن المسعودي، ثم زاد في آخره: قال سعيد: فقلت يا رسول الله! إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك "ولو أدركك لآمن بك واتبعك" فاستغفر له. قال: "نعم، فأستغفر له، فإنه يبعث أمة وحدة"2. وقد رواه إبراهيم الحربي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا أبو قطن، عن المسعودي، عن نفيل، عن أبيه، عن جده قال: مر زيد برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبابن حارثة وهما يأكلان في سفره فدعواه، فقال: إني لَا آكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ. قَالَ: وما رئي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكلا مما ذُبح على النصب3. فهذا اللفظ مليح يفسر ما قبله. وما زال المصطفى محفوظا محروسا قبل الوحي وبعده ولو احتمل جواز ذلك، فبالضرورة ندري أنه كان يأكل من ذبائح قريش قبل الوحي، وكان ذلك على الإباحة، وإنما توصف ذبائحهم على التحريم بعد نزول الآية، كما أن الخمرة كانت على الإباحة، إلى أن نزل تحريمها بالمدينة بعد يوم أحد، والذي لا ريب فيه، أنه كان معصوما قبل الوحي وبعده وقبل التشريع من الزنى قطعا، ومن الخيانة، والعذر، والكذب، والسكر، والسجود لوثن، والاستقسام بالأزلام، ومن الرذائل، والسفه، وبذاء اللسان، وكشف العورة، فلم يكن يطوف عريانا، ولا كان يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة، بل كان يقف بعرفة. وبكل حال لو بدا منه شيء من ذلك، لما كان عليه تبعة لأنه كان لا يعرف، ولكن رتبة الكمال تأبى وقوع ذلك منه -صلى الله عليه وسلم تسليما.   1 وذلك لأنه اختلط. 2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 189-190". 3 إسناده ضعيف: المسعودي اختلط كما تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نفيل دوحتين" 1. غريب. رواه الباغندي عن الأشج، عنه. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أسماء قالت: رأيت زيد بن عمرو شَيْخًا كَبِيرًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ يقول: ويحكم يا معشر قريش! إياكم والزنى، فإنه يورث الفقر. أبو الحسن المدائني: عن إسماعيل بن مجالد عن أبيه، عن الشعبي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قال: قال زيد بن عمرو: شاممت النصرانية واليهودية، فكرهتهما، فكنت بالشام، فأتيت راهبا، فقصصت عليه أمري، فقال: أراك تريد دين إبراهيم -عليه السلام- يا أخا أهل مكة! إنك لتطلب دينا ما يوجد اليوم، فالحق ببلدك، فإن الله يبعث من قومك من يأتي بدين إبراهيم بالحنيفية، وهو أكرم الخلق على الله2. وبإسناد ضعيف: عن حجير بن أبي إهاب قال: رأيت زيد بن عمرو يراقب الشمس، فإذا زالت، استقبل الكعبة، فصلى ركعة، وسجد سجدتين. وأنشد الضحاك بن عثمان الحزامي لزيد: "و" أسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذبا زلالا3 إذا سقيت بلدة من بلاد ... سيقت إليها فسحت سجالا4 وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الأرض تحمل صخرا ثقالا دحاها فلما استوت شدها ... سواء وأرسى عليها الجبالا وروى هشام بن عروة فيما نقله عنه ابن أبي الزناد، أنه بلغه أن زيد بن عمرو كان بالشام. فلما بلغه خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اقبل يريده، فقتله أهل ميفعة بالشام5.   1 حسن بلفظ "درجتين": أخرجه ابن عساكر من الطريق المذكور كما في "الصحيحين" "1406" بلفظ "درجتين"، وقال الألباني: هذا سند حسن. 2 إسناده ضعيف: مجالد ضعيف كما تقدم. 3 المزن: السحاب. والزلال: الماء العذب الصافي البارد. 4 سحت: سالت. 5 إسناده ضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 وروى الواقدي أنه مات فدفن بأصل حراء، وقال ابن إسحاق: قتل ببلاد لخم. عبد العزيز بن المختار: أنبأنا موسى بن عقبة، أخبرني سالم، سمع ابن عمر يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لقي زيد بن عمرو أسفل بلدح1 قبل الوحي. فقدم إلى زيد سُفْرَةً فِيهَا لَحْمٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَقَالَ: لا آكل مما تذبحون على أنصابكم، أَنَا لَا آكُلُ إِلَّا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عليه2. أخرجه البخاري وزاد في آخره: وكان يعيب على قريش وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السماء، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غير اسم الله؟ أبو أسامة وغيره قالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عن زيد بن حارثة قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب، فذبحنا له ضمير له راجع إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شاة، ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت، جعلناها في سفرتنا، ثم أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسير، وهو مردفي، في أيام الحر. حتى إذا كنا بأعلى الوادي، أتى زيد بن عمرو، فحيى أحدهما الآخر، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفُوا لَكَ" أي: أبغضوك؟ قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة3 كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة، فخرجت أبغي الدين، حتى قدمت على أحبار أيلة، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فدللت على شيخ بالجزيرة، فقدمت عليه، فأخبرته، فقال: إن كل من رأيت في ذلالة، إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته، وقد خرج في أرضك نبي، أو هو خارج، ارجع إليه، وابتعه. فرجعت، فلم أحسن شيئا، فأناخ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البعير، ثم قدمنا إليه السفرة، فقال: "ما هذه"؟ قلنا: شاة ذبحناها للنصب كذا.   1 بلدح: واد قبل مكة من جهة المغرب. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3826" في كتاب مناقب الأنصار، باب: حديث زيد بن عمرو بن نفيل. 3 نائرة: عدواة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 قال: فقال: "إني لا آكل مما ذبح لغير الله"، ثم تفرقا، ومات زيد قبل المبعث، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يأتي أمة وحده" 1. رواه إبراهيم الحربي في "الغريب" عن شيخين له، عن أبي أسامة، ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان: إما أن زيدا فعله عن غير أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه كان معه، فنسب ذلك إليه؛ لأن زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه، وكيف يجوز ذلك وهو -عليه السلام- قد منع زيدا أن يمس صنما، وما مسه هو قبل نبوته، فكيف يرضى أن يذبح للصنم؟ هذا محال. الثاني: أن يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده. قلت: هذا حسن، فإنما الأعمال بالنية، زيد، أخذ بالظاهر، وكان الباطن لله، وربما النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإفصاح خوف الشر، فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان، نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش، ولا معلنا بمقتها قبل المبعث، والظاهر أن زيدا -رحمه الله- توفي قبل المبعث، فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات، وهي: رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ... تجنبت تنورا من النار حاميا بدينك ربا ليس أب كمثله ... وتركك أوثان الطواغي كما هيا وإدراكك الدين الذي قد طلبته ... ولم تك عن توحيد ربك ساهيا فأصبحت في دار كريم مقامها ... تعلل فيها بالكرامة لاهيا وقد يكرك الإنسان رحمة ربه ... ولو كان تحت الأرض سبعين واديا نعم، وعد عروة سعيد بن زيد في البدريين فقال: قدم من الشام بعد بدر، فكلم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَرَبَ لَهُ بسهمه وآجره، وكذلك قال موسى بن عقبة وابن إسحاق. وامرأته هي ابنة عمه فاطمة، أخت عمر بن الخطاب. أسلم سعيد قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الْأَرْقَمِ. وأخرج البخاري من ثلاثة أوجه، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم   1 أخرجه أبو يعلى "7212". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 قال: قال سعيد بن زيد لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام وأخته، ولو أن أحدا انقض بما صنعتم بعثمان لكان حقيقا1. وقد ذكرنا في إسلام عمر فضلا في المعنى. وذكر ابن سعد في "طبقاته" عن الواقدي، عن رجاله قالوا: لم تحين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصول عير قريش من الشام، بعث طلحة وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر، يتحسسان خبر العير فبلغا الحوراء، فلم يزالا مقيمين هناك، حتى مرت بهم العير، فتساحلت، فبلغ نبي الله الخبر قبل مجيئهما، فندب أصحابه، وخرج يطلب العير، فتساحلت وساروا الليل والنهار، ورجع طلحة وسعيد ليخبرا، فوصلا المدينة يوم الوقعة، فخرجا يؤمانه، وضرب لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسهمهما وأجورهما. وشهد سعيد أحدا والخندق والحديبية، والمشاهد2. وقد تقدمت عدة أحاديث في أنه من أهل الجنة، وأنه من الشهداء. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَن الشهادة لأبي بكر وعمر أنهما في الجنة، قال: نعم، اذهب إلى حديث سعيد بن زيد. هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ إِنَّ أَرْوَى بنت أويس ادعت أن سعيد بن زيد أخذ شيئا من أرضها، فخاصمته إلى مروان، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئا يعد الذي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ أخذ شيئا من الأرض طوقه إلى سبع أرضين" قال مَرْوَانُ: لَا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، فَاعْمِ بَصَرَهَا، واقتلها في أرضها، فما ماتت حتى عميت، وَبَيْنَا هِيَ تَمْشِي في أَرْضِهَا، إِذْ وَقَعَتْ في حفرة فماتت3. أخرجه مسلم. وروى عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن نحوه، عن أبيه وروى الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، نحوه.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3862" في كتاب مناقب الأنصار، باب: إسلام سعيد بن زيد - رضي الله عنه. 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 205" والواقدي متروك كما تقدم. 3 صحيح: وقد تقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 وقال ابن أبي حازم في حديثه: سألت أروى سعيدا أن يدعو لها، وقالت: قد ظلمتك. فقال: لا أرد على الله شيئا أعطانيه. قلت: لم يكن سعيد متأخرا عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة، وإنما تركه عمر -رضي الله عنه- لئلا يبقى له فيه شائبة حظ؛ لأنه ختنه وابن عمه، ولو ذكره في أهل الشورى لقال الرافضي: حابى ابن عمه. فأخرج منها ولده وعصبته فكذلك فليكن العمل لله. خالد الطحان: عن عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ. عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قال: كتب معاوية إلى مروان، وإلى المدينة، ليبايع لابنه يزيد، فقال رجل من جند الشَّام: مَا يحبسك؟ قَالَ: حَتَّى يجيء سَعِيد بن زيد فيبايع، فأَنَّهُ سيد أَهْل البلد، وإذا بايع، بايع الناس، قال: أفلا أذهب فآتيك به؟ وذكر الحديث1. أُنبئنا وأُخبرنا عن حنبل سماعا، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن حصين ومنصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن زيد. وقال ابن حصين: عن ابن ظالم، عن سعيد بن زيد. أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اسْكُنْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شهيد"، وعليه النبي، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وسعد، وعبد الرحمن، وسعيد بن زيد2. ابن سعد: أنبأنا أبو ضمرة، عن يحيى بن سعيد، أخبرني نافع، عن ابن عمر أنه استصرخ على سعيد بن زيد يوم الجمعة بعدما ارتفع النهار، فأتاه ابن عمر بالعقيق، وترك الجمعة3. أخرجه البخاري. وقال إسماعيل بن أمية: عن نافع قال: مات سعيد بن زيد وكان يذرب4. فقالت أم سعيد لعبد الله بن عمر: أتحنطه بالمسك؟ فقال: وأي طيب أطيب من المسك! فناولته مسكا.   1 عطاء بن السائب اختلط. 2 صحيح: وقد تقدم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3990" في كتاب المغازي، باب: رقم "10"، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 205-206". 4 الذرب: داء يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها، ولا تمسكه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 سليمان بن بلال: حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد قالت: مات سَعِيد بن زيد بالعقيق، فغسَله سعد بن أبي وقاص، وكفنه، وخرج معه. وقال غير واحد، عن مالك قال: مات سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ بالعقيق. قال الواقدي: توفي سعيد بن زيد سَنَة إحدى وخمسين، وَهُوَ ابن بضع وسبعين سنة، وقبر بالمدينة: نزل في قبره سعد، وابن عمر، وكذا قال أبو عبيد، ويحيى بن بكير، وشهاب. قال الواقدي: كان سعيد رجلا، آدم، طويلا، أشعر. وقد شذ الهيثم بن عدي فقال: مات بالكوفة. وقال عبيد الله بن سعد الزهري: مات سنة اثنتين وخمسين -رضي الله عنه. فهذا ما تيسر من سيرة العشرة. وهم أفضل قريش، وأفضل السابقين المهاجرين، وأفضل البدريين، وأفضل أصحاب الشجرة، وسادة هذه الأمة في الدنيا والآخرة. فأبعد الله الرافضة، ما أغواهم وأشد هواهم، كيف اعترفوا بفضل واحد منهم وبخسوا التسعة حقهم، وافتروا عليهم بأنهم كتموا النص في علي أنه الخليفة. فوالله ما جرى من ذلك شيء، وأنهم زورا الأمر عنه بزعمهم، وخالفوا نبيهم، وبادروا إلى بيعة رجل من بني تيم يتجر ويتكسب، لا لرغبة في أمواله ولا لرهبة من عشيرته ورجاله، ويحك! أيفعل هذا من له مسكة عقل؟ ولو جاز هذا على واحد لما جاز على جماعة، ولو جاز وقوعه من جماعة، لاستحال وقوعه، والحالة هذه، من ألوف من سادة المهاجرين والأنصار، وفرسان الأمة، وأبطال الإسلام، لكن لا حيلة في برء الرفض فإنه داء مزمن، والهدى نور من الله يقذفه الله في قلب من يشاء، فلا قوة إلا بالله. حديث مشترك، وهو منكر جدا. رواه الطبراني في "المعجم الكبير" حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، وقال أبو عمرو بن حمدان: حدثنا الحسن بن سفيان، في مسنده، قالا: حدثنا نصر بن علي، حدثنا عبد المؤمن بن عباد العبدي، حدثنا يزيد بن معن، حدثني عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسجد المدينة، فجعل يقول: "أين فلان، أين فلان"؟ فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 فقال: "إن محدثكم بحديث فاحفظوه، وعوه: إن الله اصطفى من خلقه خلقا يدخلهم الجنة، وإني مصطف منكم ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة. قم يا أبا بكر"! فقام، فقال: "إن لك عندي يدا، إن الله يجزيك بها، فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك، فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي، ادن يا عمر"! فدنا، فقال: "قد كنت شديد الشعب علينا، فدعوت الله أن يعز بك الدين أو بأبي جهل، ففعل الله بك ذلك، وأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة"، ثم آخى بينه وبين أبي بكر، ثم دعا عثمان، فلم يزل يدنيه حتى ألصق ركبته بركبته، ثم نظر إلى السماء، فسبح ثلاثا، ثم قال: "إن لك شأنا في أهل السماء، أنت ممن يرد على الحوض، وأوداجه تشخب، فأقول: من فعل بك هذا؟ فتقول: فلان"، ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: "ادن يا أمين الله، والأمين في السماء، يسلطك الله على مالك بالحق، أما إن لك عندي دعوة قد أخرتها"، قال: خر لي يا رسول الله! قال: "حملتني أمانى أكثر الله مالك"، وآخى بينه وبين عثمان، ثم دعا طلحة والزبير، فدنوا منه، فقال: "أنتما حواري كحواري عيسى"، وآخى بينهما، ثم دعا سعدا وعمارا. فقال: "يا عمار! تقتلك الفئة الباغية"، ثم آخى بينهما، ثم دعا أبا الدرداء وسلمان، فقال: "يا سلمان! أنت منا أهل البيت، وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر، يا أبا الدرداء! إن تنقدهم ينقدوك، وإن تتركهم يتركوك، وإن تهرب منهم يدركوك، فأقرضهم عرضك ليوم فقرك"، ثم آخى بينهما، ثم نظر إلى ابن عمر، فقال: "الحمد لله الذي يهدي من الضلالة"، فقال علي: يا رسول الله! ذهب روحي، وانقطع ظهري حين تركتني، فقال: "ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت عندي بمنزلة هارون من موسى، ووارثي"، قال: ما أرث منك؟ قال: "كتاب الله وسنة نبيه، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة". وتلا: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} 1. زيد لا يعرف إلا في هذا الحديث الموضوع. وقد رواه محمد بن جرير الطبري، عن حسين الدراع، عن عبد المؤمن. فأسقط منه عن رجل. وقال محمد بن الجهم السمري: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، حدثنا شعيب   1 سورة الحجر: الآية "47"، والحديث إسناده ضعيف، للجهالة فيه، وعبد المؤمن بن عباد ضعيف كما في "الميزان" "5275". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 بن يونس، حدثنا موسى بن صهيب، عن يحيى بن زكريا، عن عبد الله بن شرحبيل. عن رجل، عن زيد. ورواه مطين مختصرا، حدثنا ثابت بن يعقوب، حدثنا ثابت بن حماد النصري، عن موسى بن صهيب، عن عبادة بن نسي، عن عبد الله بن أبي أوفى. وقال الحسن بن علي الحلواني: حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا أبو عبد الله الباهلي يقال اسمه جعفر بن مرزوق، عن غياث بن شقير، عن عبد الرحمن بن سابط، عن سعيد بن عامر الجمحي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم "يا أبا بكر! تعال، ويا عمر! تعال"1. ذكر حديث المؤاخاة، إلا أنه خالف في أسماء الإخوان، وزاد ونقص منهم تفرد به شابة ولا يصح. والمحفوظ أنه آخى بين المهاجرين والأنصار، ليحصل بذلك مؤازرة ومعاونة لهؤلاء بهؤلاء. لسعيد بن زيد ثمانية وأربعون حديثا، اتفقا له على حديثين، وانفرد البخاري بثالث. السابقون الأولون هم: خديجة بنت خويلد. وعلي بن أبي طالب. وأبو بكر الصديق. وزيد بن حارثة النبوي، ثم عثمان، والزبير. وسعد بن أبي وقاص. وطلحة بن عبيد الله. وعبد الرحمن بن عوف، ثم أبو عبيد بن الجراح. وأبو سلمة بن عبد الأسد. وَالأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر، المخزوميان.   1 لم أجده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 وعثمان بن مظعون الجمحي. وعبيدة بن الحارث بن المطلب الْمُطَّلِبِيُّ. وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ العدوي، وأسماء بنت الصديق. وخباب بن الأرت الخزاعي، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ. وَعُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، أخو سعد. وعبد الله بن مسعود الهذلي، من حلفاء بني زهرة. ومسعود بن ربيعة القارئ من البدريين. وَسُلَيْطُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْعَامِرِيُّ. وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ. وامرأته أسماء بنت سلامة التميمية. وَخُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ. وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ العنزي، حليف آل الخطاب. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيُّ، حليف بني أمية. وجعفر بن أبي طالب الهاشمي. وَامْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. وَحَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ الجمجي. وامرأته فاطمة بنت المجلل العامرية. وأخوه خطاب. وامرأته فكيهة بنت يسار، وأخوهما: معمر بن الحارث. والسائب ولد عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَزْهَرَ بْنِ عبد عوف الزهري، وامرأته رملة بنت أبي عوف السهمية. والنحام نعيم بن عبد الله العدوي. وعامر بن فهيرة، مولى الصديق. وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وامرأته أميمة بنت خلف الخزاعية. وحاطب بن عمرو العامري. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة العبشمي. وواقد بن عبد الله بن عبد مناف التميمي اليربوعي، حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ. وَخَالِدُ، وَعَامِرُ، وَعَاقِلُ، وَإِيَاسُ، بنو البكير بن عبد ياليل الليثي، حلفاء بني عدي. وعمار بن ياسر بن عامر العنسي بنون، حليف بني مخزوم. وصهيب بن سنان بن مالك النمري، الرومي المنشأ، وولاؤه لعبد الله بن جدعان. وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري. وأبو نجيح عمرو بن عنبسة السلمي البجلي، لكنهما رجعا إلى بلادهما. فهؤلاء الخمسون من السابقين الأولين: وبعدهم أسلم: أسد الله حمزة بن عبد المطلب، والفاروق عمر بن الخطاب، عز الدين -رضي الله عنهم أجمعين. 12- مصعب بن عمير بْن هاشم بْن عَبْد مَنَاف بْن عبد الدارين بن قصي بن كلاب "ت 3هـ". السيد الشهيد السابق البدري القرشي العبدري قال البراء بن عازب: أول من قدم علينا من المهاجرين مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: هو مكانه، وأصحابه على أثري. ثم أتانا بعده عمرو بن أم مكتوم أخو بني فهر الأعمى. وذكر الحديث1. الْأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن نبتغي وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضي لسبيله لما يأكل من أجره شيئا، مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، ولم يترك إلا نمرة، كنا إذا غطينا رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   1 صحيح: أخرجه البخاري "3924، 3925" في كتاب مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المدينة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 ما بعد الخلفاء الراشدون حتى سنة 41هـ ... الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 فهرس الجزء الثالث من تاريخ الإسلام : الصفحة الموضوع 3 سيرة أبو بكر الصديق. 15 خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة. 20 قصة الأسود العنسي. 23 جيش أسامة بن زيد. 25 شأن فاطمة مع الصديق -رضي الله عنها. 29 خبر الردة. 33 مقتل مالك بن نويرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 721 الصفحة الموضوع 34 قتال مسيلمة الكذاب. 36 وقعة اليمامة ومقتل الكذاب مسيلمة. 37 وقعة جواثا. 40 توجيه المسلمين قبل فلسطين والشام. 41 وقعة مرج الصفر. 42 وقعة فحل. 43 سيرة عمر بن الخطاب. 57 ذكر نسائه وأولاده. 59 عزل خالد بن الوليد عن إمرة الشام. 65 فتح دمشق. 67 نجدة سعد بن أبي وقاص بالعراق. 68 وقعة الجسر. 69 فتح حمص وبعلبك. 69 فتح البصرة. 70 فتح الأردن ويوم اليرموك. 72 وقعة القادسية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 722 الصفحة الموضوع 74 فتح الأهواز والمدائن. 76 وقعة جلولاء. 77 فتح بيت المقدس وفتح إيلياء. 78 كتابة التاريخ. 79 استسقاء عمر للناس. 80 طاعون عمواس. 80 غزوة قيسارية. 81 فتح مصر. 81 غزوة تستر. 82 تقسيم عمر -رضي الله عنه- لخيبر وإجلاء اليهود عنها. 82 فتح الإسكندرية. 83 وقعة نهاوند. 87 خبر السد. 88 بعث عمر -رضي الله عنه- لسارية الدائلي إلى فسا. 91 سيرة عثمان بن عفان. 101 بيعة عثمان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 723 الصفحة الموضوع 104 انتقاض أهل الإسكندرية وغزو عمرو لهم. 105 غزو قبرس. 106 عزل عمرو عن مصر. 109 فتح إصطخر وانتقاض أذربيجان وغزوها. 111 فتح أرض أهل فارس. 112 بعث ابن عامر إلى مرو وفتحها. 112 فتح نيسابور صلحا. 114 غزوة ذي خشب. 132 مقتل عثمان -رضي الله عنه. 136 سيرة علي بن أبي طالب. 157 وقعة الجمل. 162 وقعة صفين. 168 التحكيم. 174 سير الخوارج لحرب علي -رضي الله عنه- وقعة النهروان. 178 هزيمة الخوارج بحروراء. 179 تعاهد الخوارج على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 724 الصفحة الموضوع 179 مقتل علي -رضي الله عنه. 180 6- "ع" أبو عبيدة بن الجراح عامر بن عبد الله. 190 7- "ع" طلحة بن عبيد الله بن عثمان. 200 8- "ع" الزبير بن العوام خويلد. 216 9- "ع" عبد الرحمن بن عوف. 230 10- "ع" سعد بن أبي وقاص. 249 11- "ع" سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. 261 السابقون الأولون هم. 263 12- "ت" مصعب بن عمير بن هاشم. 268 13- "ت، س، ق" أبو سلمة بن عبد الأسد. 269 14- عثمان بن مظعن بن حبيب بن وهب. 274 15- "خت، م، د، ت، ق" قدامة بن مظعون أبو عمرو الجمحي. 274 16- عبد الله بن مظعون الجمحي. 275 17- السائب بن عثمان بن مظعون الجمحي. 275 18- أبو حذيفة السيد الكبير الشهيد. 276 "18م ت، س، ق" أبي هاشم بن عتبة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 725 الصفحة الموضوع 276 19- سالم مولى أبي حذيفة. 279 شهداء بدر. 280 من قتل من المشركين. 281 20- حمزة بن عبد المطلب بن هاشم. 288 21- عاقل بن البكير. 288 22- خالد بن البكير أو ابن أبي البكير. 289 23- إياس بن أبي البكير. 289 24- عامر بن أبي البكير. 289 25- مسطح بن أثاثة بن عباد المطلب. 289 26- "خ، ت، س" أبو عبس بن جبر بن عمرو. 290 27- ابن التيهان، أبو الهيثم، مالك. 291 28- أبو جندل، العاص بن سهيل. 292 29- عبد الله بن سهيل. 293 30- سهيل بن عمرو أبوهما يكنى أبا يزيد. 293 31- البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم. 295 32- نوفل ابن عمّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَارِثَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 726 الصفحة الموضوع 295 33- الحارث بن نوفل. 296 34- "ع" عبد الله بن الحارث بن نوفل. 297 35- "خ، م، د، س" عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. 297 36- سعيد بن الحارث بن عبد المطلب. 297 37- أبو سفيان بن الحارث هو ابن عمِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- المغيرة بن الحارث. 299 38- جعفر بن أبي سفيان. 299 39- "س" جعفر بن أبي طالب، أبو عبد الله،. 307 40- "س، ق" عقيل بن أبي طالب الهاشمي. 308 41- "س، ق" زيد بن حارثة بن شراحيل. 314 42- "خ، خد، س، ق" عبد الله بن رواحة بن ثعلبة. 320 فصل شهداء يوم الرجيع. 321 شهداء بئر المعونة. 321 43- كلثوم بن الهدم بن امرئ القيس. 322 44- أبو دجانة الأنصاري سماك بن خرشة بن لَوْذَانَ بْنِ عَبْدِ وَدِّ بْنِ زَيْدٍ السَّاعِدِيُّ. 323 45- خبيب بن عدي بن عامر بن مجدعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 727 الصفحة الموضوع 324 46- معاذ بن عمرو بن الجموح بن كعب. 326 47- معوذ بن عمرو بن الجموح الأنصاري. 326 48- خلاد بن عمرو. 326 49- عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام. 328 50- عبيدة بن الحارث بن المطلب. 329 أعيان البدريين. 329 51- "ت، س" ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. 330 52- عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب. 331 53- "خ" خالد بن سعيد بن أبو العاص ابن أمية. 331 54- أبان بن سعيد أبو الوليد الأموي. 332 55- عمرو بن سعيد الأموي. 332 56- "ع" العلاء بن عبد الله الحضرمي. 334 57- سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك. 335 58- البراء بن معرور بن صخر بن خنساء. 336 59- بشر بن البراء من أشراف قومه. 337 60- "ع" سعد بْن عُبادة بن دُليم بْن حارثة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 728 الصفحة الموضوع 342 61- "خ" سعد بن مُعاذ بن النُّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل. 355 62- "خت، م، د" زيد بن الخطاب بن نفيل. 356 شهداء اليمامة. 356 63- أسعد بن زرارة بن عدس، بن عبيد. 359 64- "م، ت، س، ق" عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب. 360 65- عكاشة بن محصن السعيد الشهيد. 361 66- "خ، د، س" ثابت بن قيس بن شماس. 366 شهداء أجنادين واليرموك. 366 67- طليحة بن خويلد بن نوفل الأسدي. 366 68- سعد بن الربيع بن عمرو. 368 69- مَعْنُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْجَدِّ بْنِ الْعَجْلَانِ. 369 70- عبد الله بن عبد الله بن أبي بن مالك. 370 71- "ت" عكرمة بن أبي جهل. 371 72- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ ثعلبة. 373 73- "ق" يزيد بن أبي سفيان بن حرب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 729 الصفحة الموضوع 374 74- أَبُو العاص بْن الربيع بْن عَبْد العُزَّى. 376 75- زينب. 377 76- أمامة بنت أبي العاص. 377 77- أبو زيد. 377 78- عباد بن بشر بن وقش بن زُغبة. 379 79- "ع" أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك. 381 80- الطفيل بن عمرو الدوسي. 383 81- "ع" بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق. 392 82- ابن أم مكتوم: عبد الله بن قيس. 395 83- "خ، م، د، س، ق" خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله. 407 84- صفوان بن بيضاء. 407 85- سهيل بن بيضاء الفهري. 407 86- "ع" المقداد بن عمرو. 409 87- "ع" أبي بن كعب بن قيس بن عبيد. 417 88- "ع" النعمان بن مقرن. 419 89- "ع" عمار بن ياسر بن عامر بن مالك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 730 الصفحة الموضوع 433 90- أصحمة ملك الحبشة. 444 91- "ع" معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس. 456 92- "ع" عبد الله بن مسعود بن غافل. 481 93- عتبة بن مسعود الهذلي. 481 94- "ع" خبيب بن يساف بن عنبة. 482 95- "د" عويم بن ساعدة بن عائش. 483 96- "ع" سلمان الفارسي. 522 97- "ع" عُبادة بن الصامت بن قيس. 525 98- "س" عبد الله بن حُذافة بن قيس بن عدي. 528 99- "ع" أبو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 529 100- "ع" صُهيب بن سنان النمري من النمر بن قاسط. 535 101- "ع" أبو طلحة الأنصاري. 540 102- "ع" أبو بُردة بن نيار بن عمرو. 540 103- "س، ق" جبر بن عتيك بن قيس بن هيشة. 541 104- "ع" الأشعث بن قيس بن معدي كرب. 544 105- حاطب بن أبي بلتعة عمرو. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 731 الصفحة الموضوع 546 106- "ع" أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري. 568 107- العباس عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 585 جنازة العباس. 585 108- "ت، س" عمير بن سعد الأنصاري. 586 109- "خ، م، د، ت، س" أبو سفيان صخر بن حرب. 587 110- الحكم بن أبي العاص بن أمية. 588 111- كسرى آخر الأكاسرة مطلقا يزدجرد. 588 112- خديجة أم المؤمنين. 593 113- فاطمة بنت أسد بن هاشم. 594 114- "ع" فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 604 115- "ع" عائشة أم المؤمنين. 646 116- "ع" أم سلمة أم المؤمنين. 652 117- "ع" زينب أم المؤمنين بنت جحش. 657 118- زينب أم المؤمنين بنت خزيمة. 657 119- "ع" أم حبيبة أم المؤمنين. 660 120- "ق" أم أيمن الحبشية مولاة رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 732 الصفحة الموضوع 662 121- "ع" حفصة أم المؤمنين الستر الرفيع، بنت أمير المؤمنين عمر. 665 122- "ع" صفية أم المؤمنين بنت حُيي. 669 123- "ع" ميمونة أم المؤمنين بنت الحارث. 674 124- زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 677 125- رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 678 126- أمّ كلثوم بِنْت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 679 زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم. 679 127- العالية. 679 128- أسماء. 680 129- "خ، م، ت، س، ق" أم شريك امرأة أنصارية، النجارية. 680 130- سناء بنت أسماء بنت الصلت. 680 131- الكلابية. 681 132- الكندية. 683 133- قُتيلة. 683 134- "د" خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة. 683 135- "ع" جُويرية بنت الحارث بن أبي ضرار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 733 الصفحة الموضوع 685 136- "خ، د، س" سودة بنت زمعة بن قيس القرشية. 688 137- صفية بنت عبد المطلب، الهاشمية. 690 138- أروى، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 690 139- عاتكة، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 690 140- البيضاء، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 690 141- برة، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 691 142- أميمة، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 691 143- "د، س، ق" ضباعة، بنت عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 692 14- درة بِنْتُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 692 145- "خ، م، د، ت، س" أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقبة بْن أَبِي مُعيط. 693 146- "ع" أم عُمارة نسيبة بنت كعب. 696 147- "ع" أسماء بنت عُميس بن معبد. 698 148- "ع" أسماء بنت أبي بكر عبد الله. 704 149- "ع" أسماء بنت يزيد بن السكن. 705 150- "س" بريرة مولاة أم المؤمنين. 709 151- "خ، م، د، ت، س" أم سليم الغميصاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 734 الصفحة الموضوع 714 152- "ع" أم هانئ بنت عم النبي -صلى الله عليه وسلم. 716 153- "ع" أم الفضل بنت الحارث بن حزن. 717 154- "خ، م، د، س، ق" أم حرام بنت ملحان. 718 155- "ع" عطية الأنصارية. 718 156- "ع" فاطمة بنت قيس الفهرية. 721 فهرس الجزء الثالث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 735 المجلد الرابع الطبقة الخامسة: الحوادث من سنة 41 إلى 50 حوادث سنة واحد وأربعين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الخامسة: الحوادث من سنة41 إلى 50 حوادث سنة واحد وأربعين: ويسمى عام الجماعة لاجتماع الأمة فيه عَلَى خَلِيفَةٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُعَاوِيَةُ. قَالَ خَلِيفَةُ1: اجْتَمَعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بِمَسْكَنٍ2 وَهِيَ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَنْبَارِ فَاصْطَلَحَا وَسَلَّمَ الْحَسَنُ الْأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ أَوْ جُمَادَى الْأُولَى. وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ الْكُوفَةَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: سَارَ الْحَسَنُ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ يَطْلُبُ الشَّامَ، وَأَقْبَلَ فِي أَهْلِ الشَّامِ فَالْتَقَوْا، فَكَرِهَ الْحَسَنُ الْقِتَالَ، وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَنْ جَعَلَ الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ لِلْحَسَنِ، فَكَانَ أَصْحَابُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ لَهُ: يَا عَارَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَقُولُ: الْعَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: بَايَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ الْحَسَنَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَأَحَبُّوهُ أَكْثَرَ مِنْ أَبِيهِ. وَعَن عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَارَ الْحَسَنُ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ، وَبَعَثَ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى الْمُقَدِّمَّةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَبَيْنَا الْحَسَنُ بِالْمَدَائِنِ إِذْ نَادَى مُنَادٍ أَلَا إِنَّ قَيْسًا قَدْ قُتِلَ، فَاخْتَبَطَ3 النَّاسُ، وَانْتَهَبَ الْغَوْغَاءُ4 سُرَادِقَ الْحَسَنِ حَتَّى نَازَعُوُه بِسَاطًا تَحْتَهُ، وَطَعَنَهُ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ بِخِنْجَرٍ، فَوَثَبَ النَّاسُ عَلَى الرَّجُلِ فَقَتَلُوهُ، لَا رَحِمَهُ اللَّهُ، وَنَزَلَ الْحَسَنُ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ بِالْمَدَائِنِ، وَكَاتَبَ مُعَاوِيَةَ فِي الصلح.   1 انظر: تاريخ خليفة بن خياط "ص/ 203". 2 مسكن: اسم مكان على نهر دُجيل، عند دير الجاثليق. 3 اختبط: تحير واختلف. 4 أي سرق حثالة الناس ما في خيمة الحسن -رضي الله عنه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 وَقَالَ نَحْوَ هَذَا: أَبُو إِسْحَاقَ، وَالشَّعْبِيُّ. وَرُوِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا خَلَعَ نَفْسَهُ لِهَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: مَا ثَنَانَا1 عَنْ أَهْلِ الشَّامِ شَكٌّ وَلَا زَيْغٌ، لَكِنْ كُنْتُمْ فِي مُنْتَدَبِكُمْ إِلَى صِفِّينَ وَدِينُكُمْ أَمَامَ دُنْيَاكُمْ، فَأَصْبَحْتُمُ الْيَوْمَ وَدُنْيَاكُمْ أَمَامَ دِينِكُمْ. وَرُوِيَ أَنَّ الْخِنْجَرَ الَّذِي جُرِحَ بِهِ فِي إِلْيَتِهِ2 كَانَ مَسْمُومًا، فَتَوَجَّعَ مِنْهُ شَهْرًا ثُمَّ عُوفِيَ، وَللَّهِ الْحَمْدُ. وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِيُّ: ثَنَا أَبُو الْغَرِيفِ قَالَ: لَمَّا رُدَّ الْحَسَنُ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ أَبُو عَامِرٍ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَسْتُ بِمُذِلِّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَكُمْ عَلَى الْمُلْكِ3. وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْطِهِ لِمُعَاوِيَةَ: إِنَّ عَلَيَّ عِدَاتٍ وَدُيُونًا، فَأَطْلَقَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ. وَكَانَ الْحَسَنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سَيِّدًا لَا يَرَى الْقِتَالَ، وَقَدْ قَالَ جَدُّهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ" 4. وَقَالَ سُكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ: ثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لَوْ لَمْ تَذْهَلْ نَفْسِي عَنْكُمْ إِلَّا لِثَلَاثٍ لَذَهَلْتُ: لِقَتِلكُمْ أَبِي، وَطَعْنِكُمْ فِي فَخِذِي، وَانْتِهَابِكُمْ ثِقْلِي5. وَلَمَّا دَخَلَ مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ خَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْحَوْسَاءِ بِالنُخَيْلَةِ فِي جَمْعٍ، فَبَعَثَ لِحَرْبِهِ خَالِدَ بْنَ عَرْفَطَةَ، فَقَتَلَ ابْنَ أَبِي الْحَوْسَاءِ. وَفِي جُمَادَى الآخرة خَرَجَ بِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ سَهْمُ بْنُ غَالِبٍ الْهُجَيْمِيُّ والخطيم   1 ثنانا: منعنا. 2 الإلية: المقعدة. 3 إسناده ضعيف: فيه انقطاع. وأخرجه الحاكم "3/ 175" في مستدركه. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 244"، "9/ 71"، وأحمد "5/ 38"، و"5/ 44"، والحميدي "793"، وابن أبي شيبة "12/ 96"، "15/ 96" في مصنفه، والطبراني "3/ 23" في الكبير. 5 تاريخ الطبري "5/ 165". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 الْبَاهِلِيُّ، فَقَتَلَا عُبَادَةَ بْنَ قُرْطٍ اللَّيْثِيَّ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَاحِيَةِ الْأَهْوَازِ، فَانْتَدَبَ لِحَرْبِهِمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَخَافَا وَاسْتَأْمَنَا، فَأَمَّنَهُمَا وَقَتَلَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِمَا. وَفِيهَا وَلِيَ عَبْد اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْبَصْرَةَ، وَوَلِيَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ لِمُعَاوِيَةَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ عُتْبَةُ أَخُو مُعَاوِيَةَ. وَفِيهَا غَزَا إِفْرِيقِيَّةَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ الْفِهْرِيُّ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيُّ، وَحَفْصَةُ أُمُّ المؤمنين، ولبيد الشاعر المشهور، وفيه خلف1.   1 انظر: تاريخ الطبري "5/ 150-171"، الكامل "3/ 400-419"، البداية والنهاية "8/ 10-16". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 حوادث سنة اثنتين وأربعين : فيها تُوُفِّيَ بِخُلْفٍ: الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ. وَالْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ. وَحَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ. وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ. وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ. وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَفِي سَائِرِهِمْ خُلْفٌ.. وَفِيهَا وَجَّهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَلَى إِمْرَةِ سِجِسْتَانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ، وَكَانَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ مِنَ الشَّبَابِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، وَقِطْرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ، فَافْتَتَحَ زَرَنْجَ1 وَبَعْضَ كُوَرِ الْأَهْوَازِ. وَفِيهَا وَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ رَاشِدَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى ثَغْرِ الْهِنْدِ، فَشَنَّ الْغَارَاتِ وَتَوَغَّلَ فِي بِلَادِ السِّنْدِ2.   1 اسم بلدة تتبع سجستان، معجم البلدان "3/ 138". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 170"، الكامل "3/ 436". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 حوادث سنة ثلاث وأربعين : فيها تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعبد اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ الْحَبْرُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ. وأقام الحج مروان. وفيها فتح عبد الرحمن بْنُ سَمُرَةَ الرُّخَّجَ1 وَغَيْرَهَا مِنْ بِلَادِ سِجِسْتَانَ. وَفِيهَا افْتَتَحَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ الْفِهْرِيُّ كُوَرًا مِنْ بِلَادِ السُّودَانَ وَوَدَّانَ2 وَهِيَ مِنْ بُرْقَةَ. وفيها شتى3 بسر بن أرطأة بأرض الروم مرابطًا4.   1 الرخج: اسم بلدة من أعمال كابل: معجم البلدان "3/ 38". 2 ودان: اسم بلدة من نواحي جنوبي إفريقية، معجم البلدان "5/ 365". 3 شتى: قضى فترة الشتاء مرابطا. 4 انظر: تاريخ الطبري "5/ 211"، الكامل "3/ 439". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 حَوَادِثُ سَنَة أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ عَلَى الصَّحِيحِ: أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَيُقَالُ: فِيهَا تُوُفِّيَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ. وَحَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَمِيرُ. وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أُمُّ حَبِيبَةَ. وَقُتِلَ بِكَابُلَ أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ أَبُو رِفَاعَةَ، وَافْتَتَحَهَا ابْنُ سَمُرَةَ. وَفِيهَا غَزَا الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ أَرْضِ الْهِنْدِ، وَسَارَ إِلَى قِنْدَابِيلَ1، وَكَسَرَ الْعَدُوَّ وَسَلِمَ وَغَنِمَ، وَهِيَ أَوَّلُ غَزَوَاتِهِ. وَكَانَ مِنْ سَبْيِ كَابُلَ فِيمَا ذَكَرَ خَلِيفَةُ: مَكْحُولٌ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَكَيْسَانُ وَالِدُ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَسَالِمٌ الْأَفْطَسُ. وَفِيهَا اسْتَلْحَقَ مُعَاوِيَةُ زِيَادَ بْنَ أَبِيهِ. وَفِيهَا حَجَّ مُعَاوِيَةُ بالناس2.   1 اسم مدينة ببلاد السند. 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 214"، والكامل "3/ 441". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 حوادث سنة خمس وأربعين : فيها تُوُفِّيَ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ. وَالْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ الْفِهْرِيُّ. وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ. وَحَفْصَةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِخُلْفٍ1. وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ. وَفِيهَا عَزَلَ مُعَاوِيَةُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ عَنِ الْبَصْرَةِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو الْأَزْدِيَّ، ثُمَّ عزل عن قريب، وولى عليها زياد. وَقُتِلَ سَهْمُ بْنُ غَالِبٍ الْهُجَيْمِيُّ الَّذِي كَانَ قَدْ خَرَجَ فِي أَوَّلِ إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ وَصَلَبَهُ. وَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ إِفْرِيقِيَّةَ. وَفِيهَا سَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِوَارٍ الْعَبْدِيُّ فَافْتَتَحَ القيقان2 وغنم وسلم3.   1 الخلف: العوض أو البدل، أو الذرية، وهو المراد ههنا. 2 اسم بلدة من بلاد السند. 3 انظر: تاريخ الطبري "5/ 216"، الكامل "3/ 440". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 حَوَادِثُ سَنَة سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَقَدْ مَرَّ. وَفِيهَا عَزَلَ مُعَاوِيَةُ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ عَنْ سِجِسْتَانَ، وَوَلَّاهَا الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ الْحَارِثِيَّ، فَخَافَ التُّرْكَ. وَفِيهَا جَمَعَ كَابُلُ شَاهٍ وَزَحَفَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَحَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ كَابُلَ، ثُمَّ لَقِيَهُمُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَسَارَ وَرَاءَهُمُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الرُّخَّجِ. وَفِيهَا شَتَّى الْمُسْلِمُونَ بِأَرْضِ الروم، والله أعلم1.   1 تاريخ الطبري "5/ 226"، الكامل "3/ 453". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 حَوَادِثُ سَنَة سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ: فِيهَا غَزَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَارٍ الْعَبْدِيُّ الْقَيْقَانَ، فَجَمَعَ لَهُ التُّرْكُ وَالْتَقَوْا، فَاسْتُشْهِدَ عَبْدُ اللَّهِ، وَسَارَ ذَلِكَ الْجَيْشُ، وَغَلَبَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْقَيْقَانَ وَفِيهَا سَارَ رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ أَطْرَابُلُسَ الْمَغْرِبَ فَدَخَلَ إِفْرِيقِيَّةَ، ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ سَنَتِهِ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. وَفِيهَا عُزِلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ مِصْرَ وَأُمِّرَ عَلَيْهَا مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَفِيهَا شَتَّى مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ بِأَرْضِ الرُّومِ وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَهْبَانُ بْنُ أوس، وعتي بن ضمرة1.   1 تاريخ الطبري "5/ 230"، الكامل "3/ 456". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 حوادث سنة ثمان وأربعين : فيها عَزَلَ مُعَاوِيَةُ مَرْوَانَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَوَلَّاهَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ الْأُمَوِيَّ، وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى زِيَادٍ لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَّارٍ: انْظُرْ رَجُلًا يَصْلُحُ لِثَغْرِ الْهِنْدِ فَوَجِّهْهُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَوَجَّهَ زِيَادٌ سِنَانَ بْنَ سَلَمَةَ بْنَ الْمُحَبِّقِ الْهَذَلِيُّ. وَفِيهَا قُتِلَ بِالْهِنْدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ فِيهَا الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ الْجُعْفِيُّ الْفَقِيهُ صاحب ابن مسعود، وخزيمة الأسدي1.   1 تاريخ الطبري "5/ 231"، الكامل "3/ 456". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 حوادث سنة تسع وأربعين : فيها تُوُفِّيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَأَبُو بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْقَيْنِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ. وَفِيهَا قَتَلَ زِيَادٌ بِالْبَصْرَةِ: الْخَطِيمَ الْبَاهِلِيَّ الْخَارِجِيَّ. وَفِي وِلَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَلَى الْكُوفَةِ خَرَجَ شَبِيبُ بْنُ بَجْرَةَ الْأَشْجَعِيُّ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةَ: كَثِيرُ بْنُ شِهَابٍ الْحَارِثِيَّ فَقَتَلَهُ بِأَذْرَبِيجَانَ، وَكَانَ شَبِيبٌ مِمَّنْ شَهِدَ النَّهْرَوَانِ. وَفِيهَا شَتَّى مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ بِأَرْضِ الروم، وقيل: بل شتاها فضالة بن عبيد الأنصاري. وأقام الحج سعيد بن العاص1.   1 تاريخ الطبري "5/ 223"، الكامل "3/ 460"، البداية والنهاية "8/ 32". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 حَوَادِثُ سَنَةِ خَمْسِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ. وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ. وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ الشَّاعِرُ. وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. وَمِدْلَاجُ بْنُ عَمْرٍو. وَصَفِيَّةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ.. وَلَمَّا احْتَضَرَ الْمُغِيرَةُ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْكُوفَةِ ابْنَهُ عُرْوَةَ أَوْ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَجَمَعَ مُعَاوِيَةُ الْمِصْرَيْنِ الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ تَحْتَ إِمْرَةِ زِيَادٍ، فَعَزَلَ عَنِ سِجِسْتَانَ الرَّبِيعَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ. وَفِيهَا أَنْفَذَ مُعَاوِيَةُ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَخَطَّ الْقَيْرَوَانَ وَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَ سِنِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ عُقْبَةُ إِفْرِيقِيَّةَ وَوَقَفَ عَلَى مَكَانِ الْقَيْرَوَانِ قَالَ: يَا أَهْلَ الْوَادِي إِنَّا حالون إن شاء الله فاظعنوا1 -ثلاث مرات، قال: فما رأينا حجرا ولا شجرا إلا يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِهِ دَابَّةٌ حَتَّى هَبَطْنَ بَطْنَ الْوَادِي، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْزِلُوا بِاسْمِ اللَّهِ2. وَفِيهَا وَجَّهَ زِيَادٌ: الرَّبِيعَ الْحَارِثِيَّ إِلَى خُرَاسَانَ فَغَزَا بَلْخَ، وَكَانَتْ قَدْ أُغْلِقَتْ بَعْدَ رَوَاحِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْهَا، فَصَالَحُوا الرَّبِيعَ، ثُمَّ غزا الربيع قهستان3 ففتها عُنْوَةً4. وَفِيهَا فَتَحَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ فَتْحًا بالمغرب، وكان قد جاءه عبد الملك بن مَرْوَانَ فِي مَدَدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهَذِهِ أَوَّلُ غَزَاةٍ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. وَفِيهَا غَزْوَةُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، كَانَ أَمِيرُ الْجَيْشِ إِلَيْهَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مَعَهُ وُجُوهُ النَّاسِ، وَمِمَّنْ كَانَ مَعَهُ أَبُو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه.   1 أظعنوا: ارحلوا. 2 تاريخ الطبري "5/ 240". 3 قهستان: اسم بلدة من أعمال خراسان تحوطها الجبال، معجم البلدان "4/ 416". 4 عنوة: أي بالقتال والحرب، وليس بالاستسلام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ غَازِيَةٌ وَلَا صَائِفَةٌ، حَتَّى اجْتَمَعُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، فَأَغْزَى الصَّوَائِفَ وَشَتَّاهُمْ بِأَرْضِ الرُّومِ، ثُمَّ غَزَاهُمُ ابْنُهُ يَزِيدُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى أَجَازَهُمُ الْخَلِيجَ، وَقَاتَلُوا أَهْلَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ عَلَى بَابِهَا ثُمَّ قَفَلَ رَاجِعًا. وَفِيهَا دَعَا مُعَاوِيَةُ أَهْل الشَّامِ إِلَى الْبَيْعَةِ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ لِابْنِهِ يَزِيدَ فَبَايَعُوهُ. وَفِيهَا غَزَا سِنَانُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ الْقَيْقَانَ، فَجَاءَهُ جَيْشٌ عَظِيمٌ مِنَ الْعَدُوِّ، فَقَالَ سِنَانٌ لِأَصْحَابِهِ: أَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ: الْجَنَّةِ أَوِ الْغَنِيمَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَنَصَرَهُ وَمَا أُصِيبَ مِنَ المسلمين إلا رجل واحد1.   1 تاريخ الطبري "5/ 234"، الكامل "3/ 461 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 تراجم هذه الطبقة مرتبة على الأحرف : "حَرْفُ الْأَلِفِ": 1- الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ1 بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن عُمَرَ بْن مَخْزُومٍ الْمَخْزُومِيِّ، أَحَدُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَاسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ مَنَافٍ. اسْتَخْفَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَوَائِلِ الْإِسْلَامِ فِي دَارِهِ، وَهِيَ عِنْدَ الصَّفَا، شَهِدَ بَدْرًا وَعَاشَ إِلَى دَهْرِ مُعَاوِيَةَ، وَسَيَأْتِي. 2- الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعِ2 بْنِ حِمْيَرِ بْنِ عُبَادَةَ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ أَوَّلُ مَنْ قَصَّ3 بِجَامِعِ الْبَصْرَةِ. رَوَى عنه: الأحنف بن قيس، والحسين الْبَصْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ. يُقَالُ: توفي سنة اثنتين وأربعين.   1 الطبقات الكبرى "3/ 242"، التاريخ الكبير "2/ 46"، الجرح والتعديل "2/ 309"، الاستيعاب "1/ 107"، أسد الغابة "1/ 95". 23 الطبقات الكبرى "7/ 41"، التاريخ الكبير "1/ 445"، الجرح والتعديل "2/ 291"، الاستيعاب "1/ 92"، الإصابة "1/ 44، 45". 3 قص: من القصص، والقاص: هو الواعظ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 3- أُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ1 بْن الرَّبِيعِ بْن عَبْد العُزَّى بْن عَبْدِ شَمْسٍ الْأُمَوِيَّةُ النَّبَوِيَّةُ، بِنْتُ السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ الَّتِي كَانَ يَحْمِلُهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الصَّلَاةِ. تَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي إِمْرَةِ عُمَرَ، وَبَقِيَتْ مَعَهُ إِلَى أَنِ اسْتُشْهِدَ وَجَاءَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْمُغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَتُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ لَهُ يَحْيَى. 4- أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ2، الْأَسْلَمِيُّ أَبُو عُقْبَةَ، مُكَلِّمُ الذِّئْبِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ. رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا. 5- أُهْبَانُ بْنُ صَيْفِيٍّ -ت ق- الْغِفَارِيُّ3 أَبُو مُسْلِمٍ. نَزَلَ الْبَصْرَةَ. رَوَتْ عَنْهُ عَائِشَةُ، أَنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَتَاهُ بَعْدَ فِتْنَةِ الْجَمَلِ فَقَالَ: مَا خَلَّفَكَ عَنَّا؟! وَكَانَ قَدِ اتَّخَذَ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ. وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ صَحِيحَةٌ عَنْ بِنْتِهِ، قَالَ لَمَّا احْتَضَرَ: كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيْنِ، فَزِدْنَاهُ ثَوْبًا فَدَفَنَّاهُ فِيهِ، فَأَصْبَحَ ذَلِكَ الْقَمِيصَ مَوْضُوعًا عَلَى الْمِشْجَبِ4. "حرف الْجِيمِ": 6- جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ، التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ، أَبُو أَيُّوبَ، وَيُقَالُ: أَبُو يَزِيدَ5. لَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ بَطَلًا شُجَاعًا شَرِيفًا مُطَاعًا مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ، شَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ، ثُمَّ وَفَدَ بَعْدَهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ الْأَحْنَفَ. وَكَانَ سَفَّاكًا فَاتِكًا، وَيُدْعَى مُحَرِّقًا؛ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ وَجَّهَ ابن الحضرمي إلى البصرة بنعي عثمان وليستنفرهم، فَوَجَّهَ عَلِيٌّ جَارِيَةَ هَذَا، فَتَحَصَّنَ مِنْهُ ابْنُ الحضرمي كما   1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 232"، الاستيعاب "4/ 244"، أسد الغابة "5/ 400". 2 التاريخ الكبير "2/ 44"، والجرح والتعديل "3/ 309"، الاستيعاب "1/ 64"، أسد الغابة "1/ 137". 3 التاريخ الكبير "2/ 45" والجرح والتعديل "2/ 309"، أسد الغابة "1/ 138". 4 خبر حسن: أخرجه أحمد "5/ 69"، والطبراني "862"، "864" في الكبير. 5 الطبقات الكبرى "7/ 56"، الجرح والتعديل "2/ 520"، الاستيعاب "1/ 245"، أسد الغابة "1/ 263". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 ذَكَرْنَا، فَأَحْرَقَ عَلَيْهِ الدَّارَ، فَاحْتَرَقَ فِيهَا خَلْقٌ. وَيُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا بَلَغَهُ مَا صَنَعَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَأَةَ مِنَ السَّفْكِ بِالْحِجَازِ، فَبَعَثَ جَارِيَةَ هَذَا، فَجَعَلَ لَا يَجِدُ أَحَدًا خَلَعَ عَلِيًّا إِلَّا قَتَلَهُ وَحَرَّقَهُ بِالنَّارِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْيَمَنِ، فَسُمِّيَ مُحَرِّقًا1. 7- جَبلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ، أَبُو الْمُنْذِرِ الْغَسَّانِيُّ مَلِكُ آلِ جَفْنَةَ عَرَبِ الشَّامِ2، وَكَانَ يَنْزِلُ الْجَوْلَانَ. كَتَبَ إِلَيْهِ النّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً، فَلَمَّا كَانَ زَمَنَ عُمَرَ دَاسَ جَبَلَةُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ، فَوَثَبَ الْمُزَنيُّ فَلَطَمَهُ، فَأَخَذَهُ وَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالُوا: هَذَا لَطَمَ جَبَلَةَ قَالَ: فَلْيَلْطِمُهُ، قَالُوا: وَمَا يُقْتَلُ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ؟ قَالَ: لَا، فَغَضِبَ جَبَلَةُ وَقَالَ: بِئْسَ الدِّينُ هَذَا، ثُمَّ دَخَلَ بِقَوْمِهِ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ وَتَنَصَّرَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَمَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ ثُمَّ نَدِمَ عَلَى تَنَصُّرِهِ، فَلَمْ يُسْلِمْ فِيمَا عَلِمْتُ. 8- جَبَلَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَوْسِ بْنِ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ السَّاعِدِيُّ3. وَهِمَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: هُوَ أَخُو أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ: فَأَبُو مَسْعُودٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. شَهِدَ أُحُدًا وَغَيْرَهَا، وَشَهِدَ فَتَحَ مِصْرَ وَصِفِّينَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ فَاضِلًا مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ، وَرَوَى عَنْهُ: ثَابِتُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ بِمِصْرَ جَبَلَةُ الْأَنْصَارِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ، جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ رَجُلٍ وَابْنَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: غَزَا جَبَلَةُ بْنُ عَمْرٍو إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ سَنَةَ خَمْسِينَ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: نَفَّلَنَا4 مُعَاوِيَةُ بِإِفْرِيقِيَّةَ فَأَبَى جَبَلَةُ أن يأخذ من النفل شيئًا.   1 خبر ضعيف: أخرجه الطبري "5/ 112" في تاريخه. 2 تاريخ الطبري "3/ 570"، البداية والنهاية "8/ 63"، شذرات الذهب "1/ 27". 3 انظر: التاريخ الكبير "2/ 218"، والجرح والتعديل "2/ 508"، الاستيعاب "1/ 239"، أسد الغابة "1/ 269". 4 نفلنا: النفل الغنيمة، والجمع: أنفال، المعجم الوجيز "ص/ 628". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 9- جندب بن كعب1 -ت- بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَمٍ الْأَزْدِيُّ الْغَامِدِيُّ الَّذِي قَتَلَ السَّاحِرَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَكَانَ هَذَا السَّاحِرُ يَقْتُلُ رَجُلًا ثُمَّ يُحْيِيَهُ، وَيَدْخُلُ فِي فَمِ نَاقَةٍ وَيَخْرُجُ مِنْ حَيَاهَا، فَضَرَبَ جُنْدَبُ بْنُ كَعْبٍ عُنُقَهُ ثُمَّ قَالَ: أَحْيِ نَفْسَكَ. وَتَلَا: {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} [الأنبياء: 3] ، فَرَفَعُوا جُنْدَبًا إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَحَبَسَهُ، فَلَمَّا رَأَى السجان قومه وَصَلَاتَهُ أَطْلَقَهُ. وَقِيلَ: بَلْ قَتَلَ السَّجَّانُ أَقْرِبَاءُ جُنْدَبٍ وَأَطْلَقُوهُ، فَذَهَبَ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ يُجَاهِدُ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَكَانَ شَرِيفًا كَبِيرًا فِي الْأَزْدِ. وَقِيلَ: بَلِ الَّذِي قَتَلَ السَّاحِرَ جُنْدَبُ الْخَيْرِ الْمَذْكُورُ بَعْدَ السِّتِّينَ. 10- جَعْفَرُ بْنُ أَبِي سفيان، الهاشمي بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ابن ابن عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. شَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ أَبِيهِ وَثَبَتَا يَوْمَئِذٍ، لَا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ وَسَطَ إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ. [حرف الْحَاءِ] : 11- حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ رَافِعٍ -وَقِيلَ نَفْعٍ بَدَلَ رَافِعٍ، الْأَنْصَارِيُّ3 الْخَزْرَجِيُّ. أَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَبَقِيَ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ. 12- الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، الْجُعْفِيُّ4 الْكُوفِيُّ الْعَابِدُ. صَحِبَ عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ، بَلْ رَوَى عَنْهُ خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: إِذَا كُنْتَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَكَ الشَّيْطَانُ: إنك ترائي، فزدها طولًا.   1 الاستيعاب "1/ 218"، أسد الغابة "1/ 305"، الإصابة "1/ 250". 2 الطبقات الكبرى "4/ 55"، الجرح والتعديل "2/ 480"، والاستيعاب "1/ 213"، وأسد الغابة "1/ 286"، الإصابة "1/ 237". 3 الطبقات الكبرى "3/ 487"، الجرح والتعديل "3/ 253"، وأسد الغابة "1/ 358"، الإصابة "1/ 298". 4 الطبقات الكبرى "6/ 167"، التاريخ الكبير "2/ 279"، الجرح والتعديل "3/ 86"، الحلية "4/ 132". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 وَحَكَى عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى، وَيَحْيَى بْنُ هَانِئٍ الْمُرَادِيُّ. قَالَ خَيْثَمَةُ: كَانَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَانُوا مُعْجَبِينَ به، كان يجلس إليه الرجل والرجلان فيحدثهما، فإذا كثروا قام وتركهم1. وقال حَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ سِتَّةٌ: عَلْقَمَةٌ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَالْأَسْوَدُ، وَعُبَيْدَةُ، وَمَسْرُوقٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلٍ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُتِلَ الْحَارِثُ مَعَ عَلِيٍّ. وَأَمَّا خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: صَلَّى عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. 13- حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقُرَشِيُّ2 -د ق- الْفِهْرِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْهُ زِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ فِي النَّفْلِ3. وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ أَرْمِينِيَّةَ زَمَنَ عُثْمَانَ، ثُمَّ كَانَ مِنْ خَوَاصِّ مُعَاوِيَةَ، وَلَهُ مَعَهُ آثَارٌ مَحْمُودَةٌ شَكَرَهَا لَهُ مُعَاوِيَةُ4. يُرْوَى أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ: يَا حَبِيبُ رُبَّ مَسِيرٍ لَكَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، قَالَ: أَمَّا إِلَى أَبِيكَ فَلَا، قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ، وَلَقَدْ طَاوَعْتَ مُعَاوِيَةَ عَلَى دُنْيَاهُ وَسَارَعْتَ فِي هَوَاهُ، فَلَئِنْ كَانَ قَامَ بِكَ فِي دُنْيَاكَ لَقَدْ قَعَدَ بِكَ فِي دِينِكَ، فَلَيْتَكَ إِذْ أَسَأْتَ الْفِعْلَ أَحْسَنْتَ الْقَوْلَ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ، قِيلَ: لَمْ يَبْلُغُ الْخَمْسِينَ، وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا معظمًا. 14- حُجْر بن يزيد الكندي بْنِ سَلَمَةَ الْكِنْدِيُّ5 الْمَعْرُوفُ بِحُجْرِ الشَّرِّ؛ لِأَنَّهُ كان شريرًا.   1 خبر صحيح: وأخرجه أبو نعيم في الحلية، والمزي "4/ 273" في تهذيب الكمال. 2 الطبقات الكبرى "7/ 409"، التاريخ الكبير "2/ 310"، الجرح والتعديل "3/ 108"، أسد الغابة "1/ 374"، الإصابة "1/ 309". 3 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "2750"، وأحمد "4/ 159، 160"، والحميدي "871"، وابن ماجه "2851"، وابن حبان "1672"، والحاكم "2/ 133"، والطبري "3518"، "3519"، "3520"، وغيرها في الكبير، ونصه قال حبيب بن مسلمة -رضي الله عنه: "شهدت النبي -صلى الله عليه وسلم- نفل الربع في البدأة، والثلث في الرجعة". 4 السير "3/ 189". 5 انظر: تاريخ الطبري "5/ 263، 264"، أسد الغابة "1/ 387"، الكامل "3/ 476"، الإصابة "1/ 315". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 وَقَالُوا فِي حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ: حُجْرُ الْخَيْرِ. له وفادة على النبي -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَشَهِدَ الْحَكَمَيْنِ، ثُمَّ وَلَّاهُ مُعَاوِيَةُ أَرْمِينِيَّةَ. 15- الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ، بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَبُو مُحَمَّدَ الْهَاشِمِيُّ السَّيِّدُ، رَيْحَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن ابنته السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ1. وُلِدَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ: فِي نِصْفِ رَمَضَانَ مِنْهَا. قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْحَسَنُ، وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ السَّعْدِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ يُشْبِهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ وَأَنَسٌ فِيمَا صَحَّ عَنْهُمَا2، وَقَدْ رَآهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَلْعَبُ فَأَخَذَهُ وَحَمَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ وَقَالَ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ ... لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِيِّ3 وَعَلِيٌّ يَبْتَسِمُ. وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُنِي وَالْحَسَنَ فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا" 4. وَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بين فئتين من المسلمين" 5. أخرجه البخاري.   1 انظر: الاستيعاب "383"، أسد الغابة "2/ 9"، الكامل "3/ 460"، وفيات الأعيان "2/ 65"، الإصابة "1/ 328". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6/ 411" من حديث أبي جحيفة، والترمذي "3778" من حديث أنس -رضي الله عنه. 3 خبر صحيح: أخرجه البخاري "7/ 75"، والحاكم "3/ 168"، والطبراني "2527" في الكبير. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 70"، وأحمد "5/ 210"، وابن سعد "4/ 62" في الطبقات الكبرى، والترمذي "3871". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 74"، وأحمد "5/ 38، 44، 49"، وأبو داود "4662"، والترمذي "3775"، والنسائي "3/ 107"، والحاكم "3/ 174، 175". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 وقال يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 1. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى شَيْءٍ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ حَدِيثِي قُلْتُ: مَا هَذَا الَّذِي أَنْتَ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِ؟ فَكَشَفَ فَإِذَا حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عَلَى وِرْكَيْهِ، فَقَالَ: "هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا ابْنَتِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا"2. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. قُلْتُ: رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، مَدَنِيٌّ مَجْهُولٌ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي سَهْلٍ النَّبَّالِ -وَهُوَ مَجْهُولٌ أَيْضًا- عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ كَالْمَجْهُولِ -عَنْ أَبِيهِ، وَمَا أَظُنُّ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ ذِكْرٌ فِي رِوَايَةٍ إِلَّا فِي هَذَا الْوَاحِدِ، تَفَرَّدَ بِهِ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، عن عبد الله. وتحسين الترمذي لايكفي فِي الِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا مِنْ حَدِيثٍ حَسَنٍ، فَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِحُسْنِ إِسْنَادِهِ عِنْدَنَا كُلَّ حَدِيثٍ لَا يَكُونُ إِسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ وَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ شَاذًّا، وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوَ ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدَنَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّ أَهْلِ بَيْتِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ" وَكَانَ يَقُولُ لِفَاطِمَةَ: "ادْعِي لِي ابْنَيَّ، فَيَشُمَّهُمَا وَيَضُمَّهُمَا إِلَيْهِ"3. حَسَّنَةُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ: سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "هَذَا مَلَكٌ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الْأَرْضِ قَطُّ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يُسَلِّمَ   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "3/ 3، 62، 84"، والترمذي "3768"، والحاكم "3/ 166، 167" وصححه، وأقره الذهبي، والطبراني "2610" في الكبير، وله شواهد كثيرة. 2 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3769". 3 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3772". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 علي ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 1. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاضِعًا الْحَسَنَ عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ" 2. وصحح أيضا بهذا السند أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبصر الحسن والحسين فقال: "اللهم إني أحبهما فأحبهما" 3. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيِّ الْحَسَنِ وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ4. قَابُوسُ: حَسَنُ الْحَدِيثِ. وَمَنَاقِبُ الْحَسَنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَثِيرَةٌ، وَكَانَ سَيِّدًا حَلِيمًا ذَا سَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَحِشْمَةٍ، كَانَ يَكْرَهُ الْفِتَنَ وَالسَّيْفَ، وَكَانَ جَوَادًا مُمَدَّحًا، تَزَوَّجَ سَبْعِينَ امْرَأَةً وَيُطَلِّقُهُنَّ، وَقَلَّمَا كَانَ يُفَارِقُهُ أَربَعُ ضَرَائِرَ5. وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لَا تُزَوِّجُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِطْلَاقٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ لَنُزَوِّجَنَّهُ، فَمَا رَضِيَ أَمْسَكَ، وَمَا كَرِهَ طَلَّقَ6. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: تَزَوَّجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ امْرَأَةً فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ جَارِيَةٍ، مَعَ كُلِّ جَارِيَةٍ ألف درهم7.   1 حديث حسن: أخرجه أحمد "5/ 391"، والترمذي "3781"، والحاكم "3/ 151"، وصححه، وأقره الذهبي، وابن حبان "2229" مختصرًا. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 75"، ومسلم "2422"، والترمذي "3782". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 70"، وأحمد "5/ 210"، والترمذي "3882". 4 حديث حسن: أخرجه الطبراني "2658" في الكبير، وقال الهيثمي في المجمع "9/ 186": إسناده حسن. 5 السير "3/ 253". 6 السابق. 7 أخرجه أبو نعيم "2/ 38" في حلية الأولياء، وأورده المصنف في "السير" "3/ 253". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنَّ الْحَسَنَ كَانَ يُجِيزُ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ1. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَجَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةٍ2. وَقِيلَ: إِنَّهُ حَجَّ أَكْثَرَهُنَّ مَاشِيًا مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَإِنَّ نَجَائِبَهُ تُقَادُ مَعَهُ3. وَقَالَ جَرِيرٌ: بَايَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ الْحَسَنَ وَأَحَبُّوهُ أَكْثَرَ مِنْ أَبِيهِ4. رَوَى الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيِّ: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَمَلَ الْحَسَنَ عَلَى كَتِفِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: نِعْمَ الْمَرْكَبُ رَكِبْتَ يَا غُلَامُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَنِعْمَ الرَّاكِبُ هُوَ"5. شُعْبَةُ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّكَ تُرِيدُ الْخِلَافَةِ، فَقَالَ: قد كَانَتْ جَمَاعَةُ الْعَرَبِ فِي يَدِي، يُحَارِبُونَ مَنْ حَارَبْتُ وَيُسَالِمُونَ مَنْ سَالَمْتُ، تَرَكْتُهَا ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ وَحَقْنَ دِمَاءِ الْأُمَّةِ، ثُمَّ أَبْتَزُّهَا بِأَتْيَاسِ أَهْلِ الْحِجَازِ6. ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا أَبُو مُوسَى: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: اسْتَقْبَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لَا تُوَلِّيَ أَوْ تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا7. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ -وَكَانَ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ، مَنْ لِي بِذَرَارِيهِمْ، مَنْ لِي بِأُمُورِهِمْ، مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ؟ قَالَ: فَبَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، فَصَالَحَ الْحَسَنُ مُعَاوِيَةَ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ لَهُ، وَبَايَعَهُ بِالْخِلَافَةِ عَلَى شُرُوطٍ وَوَثَائِقَ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ مَالًا، يُقَالُ: خَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ فِي جُمَادَى الْأُولَى سنة إحدى وأربعين.   1 السير "3/ 253". 2 السير "3/ 253". 3 السابق. 4 السير "3/ 263". 5 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "2784"، والحاكم "3/ 170" فيه زمعة بن صالح، وهو متفق على تضعيفه. 6 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 170"، وأبو نعيم "2/ 36، 37" في الحلية. 7 أقرانها: أندادها، والنظراء أو الأمثال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ: قَدِمَ الْحَسَنُ فَاجْتَمَعَ بِمُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ إِلَيْهِ الْخِلَافَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَأُجِيزَنَّكَ بِجَائِزَةٍ مَا أَجَزْتُ بِهَا أَحَدًا قَبْلَكَ وَلَا أُجِيزُ بِهَا أَحَدًا بَعْدَكَ، فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَجَعَ بِآلِ بَيْتِهِ مِنَ الْكُوفَةِ ونزل المدينة. قال ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: عُدْنَا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَقَامَ وَخَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ قَدْ لَفَظْتُ طَائِفَةً1 مِنْ كَبِدِي قَلّبْتُهَا بِعُودٍ، وَإِنِّي قَدْ سُقِيتُ السُّمَّ مِرَارًا فَلَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ، فَحَرَّضَ بِهِ الْحُسَيْنُ أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ سَقَاهُ، فَلَمْ يُخْبِرْهُ وَقَالَ: اللَّهُ أَشَدُّ نِقْمَةً إِنْ كَانَ الَّذِي أَظُنُّ، وَإِلَّا فَلَا يقتل بي، والله، بريء2. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: لَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرَّةَ. وَقَالَ حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ الجرشي قال: لما بايع الحسن معاوية قال لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ: لَوْ أَمَرْتَ الْحَسَنَ فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ فَتَكَلَّمَ عَيِيَ عن المنطق، فيزهد فيه الناس، فقال معاوية: لا تفعلوا، فوالله لقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمص لسانه وشفته، وَلَنْ يَعْيَا لِسَانٌ مَصَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ شَفَةٌ، قَالَ: فَأَبُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَصَعَدَ مُعَاوِيَةُ الْمِنْبَرَ، ثُمَّ أَمَرَ الْحَسَنَ فَصَعَدَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ: إِنِّي قَدْ بَايَعْتُ مُعَاوِيَةَ، فَصَعَدَ فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ هَدَاكُمْ بِأَوَّلِنَا، وَحَقَنَ دِمَاءَكُمْ بِآخِرِنَا، وَإِنِّي قَدْ أَخَذْتُ لَكُمْ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ يَعْدِلَ فِيكُمْ وَأَنْ يُوَفِّرَ عَلَيْكُمْ غَنَائِمَكُمْ، وَأَنْ يُقَسِّمَ فِيكُمْ فَيْأَكُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: أَكَذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ هَبَطَ مِنَ الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111] فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالُوا: لَوْ دَعَوْتَهُ فَاسْتَنْطَقْتَهُ يَعْنِي اسْتَفْهَمْتَهُ مَا عَنِيَ بِالْآيَةِ، فَقَالَ: مَهْلًا، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَدَعَوْهُ فَأَجَابَهُمْ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: أَمَّا أَنْتَ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيكَ رَجُلَانِ، رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَادَّعَيَاكَ، فَلَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَبُوكَ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو الْأَعْوَرِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: ألم يعلن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَعْلًا وذكوان وعمرو بنت سُفْيَانَ3، وَهَذَا اسْمُ أَبِي الْأَعْوَرِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ يُعِينُهُمَا، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: أَمَا علمت أن رسول الله   1 طائفة: قطعة. 2 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 38"، وأورده المصنف "3/ 273" في السير. 3 أسماء قبائل غدرت بقراء القرآن في بئر معونة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَنَ قَائِدَ الْأَحْزَابِ وَسَائِقَهُمْ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَبُو سُفْيَانَ وَالْآخَرُ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ1. زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ثَنَا أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِيُّ، ثَنَا أَبُو الْغَرِيفِ قَالَ: كُنَّا فِي مُقَدِّمَةِ الْحَسَنِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا تَقْطِرُ سُيُوفُنَا مِنَ الْجِدَةِ عَلَيْهِ2، فَقَالَ الشَّامِيُّونَ: فَلَمَّا أَتَانَا صُلْحُ الْحَسَنِ لِمُعَاوِيَةَ كَأَنَّمَا كُسِرَتْ ظُهُورُنَا مِنَ الْغَيْظِ، قَالَ: وَقَامَ سُفْيَانُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَا تَقُلْ ذَاكَ، إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَكُمْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ3. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ قَتَادَةُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ: سَمَّ الْحَسَنَ زَوْجَتُهُ بِنْتُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كَانَ ذَلِكَ بِتَدْسِيسِ مُعَاوِيَةَ إِلَيْهَا، وَبَذَلَ لَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ لَهَا ضَرَائِرَ. قُلْتُ: هَذَا شَيْءٌ لَا يَصِحُّ فَمَنِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ؟. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رُوِينَا مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ لَمَّا احْتَضَرَ قَالَ: يَا أَخِي إِيَّاكَ أَنْ تَسْتَشْرِفَ4 لِهَذَا الْأَمْرَ فَإِنَّ أَبَاكَ اسْتَشْرَفَ لِهَذَا الْأَمْرِ فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ، وَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ اسْتَشْرَفَ لَهَا فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَشُكَّ وَقْتَ الشُّورَى أنَّهَا لَا تَعْدُوهُ، فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بُويِعَ، ثُمَّ نُوزِعَ حَتَّى جَرَّدَ السَّيْفَ، فَمَا صَفَتْ لَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ فِينَا النُّبُوَّةَ وَالْخِلَافَةِ، فَلَا أَعْرِفَنَّ مَا اسْتَخَفَّكَ سُفَهَاءُ الْكُوفَةِ فَأَخْرَجُوكَ، وَقَدْ كُنْتُ طَلَبْتُ إِلَى عَائِشَةَ أَنْ أُدْفَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهَا حَيَاءً، فَإِذَا مَا مِتُّ فَاطْلُبْ ذَلِكَ إِلَيْهَا، وَمَا أَظُنُّ الْقَوْمَ إِلَّا سَيَمْنَعُونَكَ، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا تُرَاجِعَهُمْ. فَلَمَّا مَاتَ أَتَى الْحُسَيْنُ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ، فَمَنَعَهُمْ مَرْوَانُ، فَلَبِسَ الْحُسَيْنُ وَمَنْ مَعَهُ السلاح   1 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد كما في "البداية" "8/ 42"، وأورده الذهبي في السير "3/ 272"، وانظر: تهذيب تاريخ دمشق "4/ 224، 225" لابن بدران. 2 الخوف عليه. 3 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 175"، وأورده المصنف "3/ 272"، في السير. 4 تستشرق: تتطلع إليها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 حَتَّى رَدَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، ثُمَّ دُفِنَ فِي الْبَقِيعِ إِلَى جَنْبِ أُمِّهِ، وَشَهِدَهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ الْأَمِيرُ، فَقَدَّمَهُ الْحُسَيْنُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَالَ: هِيَ السُّنَّةُ1. تُوُفِّيَ الْحَسَنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلَ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَرَّخَهُ فِيهَا الْمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيفَةُ الْعُصْفُرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَالْغُلَابِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ بِالْمَدِينَةِ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2. 16- الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الغفاري -خ4-، أَخُو رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو3، وَإِنَّمَا هُمَا مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ أَخِي غِفَارٍ. لِلْحَكَمِ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا فَاضِلًا، قَدْ وَلِيَ غَزْوَ خُرَاسَانَ فَسَبَاهُمْ وَغَنِمَ، وَتُوُفِّيَ بِمَروٍ. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَسَوَادَةُ بْنُ عَاصِمٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ. وَكَانَ مَحْمُودُ السِّيرَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: سَنَة خَمْسِينَ. هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ: إِنَّ زِيَادًا بَعَثَ الْحَكَمَ بْنَ عَمْرٍو عَلَى خُرَاسَانَ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: لَا تُقَسِّمَ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: بِاللَّهِ لَوْ كَانَتِ السماوات وَالْأَرْضُ رَتْقًا4 عَلَى عَبْدٍ فَاتَّقَى اللَّهَ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَخْرَجًا، وَالسَّلَامُ5. وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ نَظَرَ إِلَى الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو وَقَدْ خَضَبَ بِصُفْرَةٍ فَقَالَ: هَذَا خِضَابُ أَهْلِ الإيمان6.   1 أخرجه ابن عبد البر "1/ 376، 377"، في الاستيعاب، وأورده المصنف "3/ 278" في السير. 2 السير "3/ 277"، والاستيعاب "1/ 376، 377". 3 الطبقات الكبرى "7/ 28"، التاريخ الكبير "2/ 328"، الجرح والتعديل "3/ 119"، أسد الغابة "2/ 40"، السير "2/ 474"، الإصابة "2/ 273". 4 رتقًا: شيئا واحدا ملتئمًا. 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 28، 29" في الطبقات الكبرى، والحاكم "3/ 442" في المستدرك. 6 خبر ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 67"، السير "2/ 475". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 17- حَفْصَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ -ع- بِنْتُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ1. تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي2 مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُرْوَى أنَّهَا وُلِدَتْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ. لَهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهَا: أَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر، وحارثة بن وهب الخزاعي، وشتير بن شَكَلٍ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَأُمُّهُمَا -أَعْنِي حَفْصَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ- هِيَ زَيْنَبُ أُخْتُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَكَانَتْ حَفْصَةُ قَبْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَحْتَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، أَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا تَأَيَّمَتْ عَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَغَضِبَ عُمَرُ، ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: لَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ الْيَوْمَ، فَشَكَاهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: تَتَزَوَّجُ حَفْصَةُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عُثْمَانَ، وَيَتَزَوَّجُ عُثْمَانُ مَنْ هِيَ خَيْرٌ مِنْ حَفْصَةَ، ثُمَّ خَطَبَهَا مِنْهُ فَزَوَّجَهُ عُمَرُ، ثُمَّ لَقِيَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَقَالَ: لَا تجِدْ عَلِيَّ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ ذَكَرَ حَفْصَةَ فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّهُ، فَلَوْ تَرَكَهَا لَتَزَوَّجْتُهَا3. عَفَّانُ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: أَنْبَأَ أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَلَّقَ حَفْصَةَ، فَأَتَاهَا خَالَاهَا عُثْمَانُ وَقُدَامَةُ ابْنَا مَظْعُونٍ، فَبَكَتْ وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا طَلَّقَنِي عَنْ شَبَعٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَتَجَلْبَبَتْ فَقَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: رَاجِعْ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ" 4. حَدِيثٌ مُرْسَلٌ قَوِيُّ الْإِسْنَادِ. هُشَيْمٌ: أَنْبَأَ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا طَلَّقَ حَفْصَةَ أُمِرَ أَنْ يُرَاجِعْهَا5. عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى إِلَى حَفْصَةَ. مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: طلق رسول الله   1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 81"، والمستدرك "4/ 14، 15"، الاستيعاب "4/ 1811"، وأسد الغابة "7/ 65"، السير "2/ 227"، الإصابة "12/ 197". 2 تساميني: تشبهني، أو تماثلني أو تساويني. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 152"، وابن سعد "8/ 82" في طبقاته. 4 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "2283"، والنسائي "6/ 213"، وابن ماجه "6/ 201"، والحاكم "4/ 15"، وابن سعد "8/ 84" في طبقاته، وله شواهد. 5 حديث حسن لغيره: أخرجه الطبراني في الأوسط كما في المجمع "9/ 244"، والحاكم "4/ 15" وفيه ابن أبي جعفر، وهو من الضعفاء، وله شواهد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَفْصَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَحَثَا عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ وَقَالَ: مَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِعُمَرَ وَابْنَتَهُ بَعْدَهَا، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُرَاجِعَ حَفْصَةَ رَحْمَةً لِعُمَرَ"1. وَفِي رِوَايَةٍ: "وَهِيَ زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ"2. رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. تُوُفِّيَتْ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهَا مَرْوَانُ وَهُوَ وَالِي الْمَدِينَةَ. قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ3. 18- حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، -م ت ن ق- بن صيفي التميمي الحنظلي الأسيدي الْكَاتِبُ4، كَاتِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي حَكِيمِ الْعَرَبِ أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيِّ. كَانَ حَنْظَلَةُ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ، وَكَانَ بِالْكُوفَةِ، فَلَمَّا شَتَمُوا عُثْمَانَ انْتَقَلَ إِلَى قَرْقِيسْيَاءَ5. رَوَى عَنْهُ: مُرَقَّعُ بْنُ صَيْفِيِّ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَالْحَسَنُ، وَغَيْرُهُمْ. "حرف الْخَاءِ": 19- خُرَيْمُ بْنُ فاتك6 -4- أبو أيمن الأسدي، فاسم أبيه الأخرم بن شداد، وخريم هو أخو سبرة، والده فَاتِكٌ. قِيلَ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَنْ كَعْبٍ.   1 حديث صحيح لغيره: أخرجه الطبراني كما في المجمع "9/ 244". 2 انظر السابق. 3 الطبقات الكبرى "8/ 86"، والسير "2/ 229". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 55"، والتاريخ الكبير "3/ 36"، الجرح والتعديل "3/ 239"، الاستيعاب "1/ 279"، أسد الغابة "2/ 58"، الإصابة "1/ 359". 5 قرقيسياء: اسم بلدة في أقصى العراق. 6 الطبقات الكبرى "6/ 38"، التاريخ الكبير "3/ 224"، الجرح والتعديل "3/ 400"، الحلية "1/ 363"، أسد الغابة "2/ 112". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ فَاتِكٌ، وَوَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْمَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَشِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ. وَنَزَلَ الرَّقَّةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ يَا خُرَيْمُ لَوْلَا خُلَّتَيْنِ فِيكَ"، قُلْتُ: وَمَا هُمَا؟ قَالَ: "إِسْبَالُكَ إِزَارِكَ وَإِرْخَاؤُكَ شَعْرِكَ" 1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ شَهِدَ بَدْرًا، وَقَالَ: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كُنْيَتُهُ أَبُو يَحْيَى2. "حرف الدَّالِ": 20- دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، -د- بن فَرْوَةَ بْنِ فَضَالَةَ الْكَلْبِيُّ القُضَاعِيُّ3. أَرْسَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابِهِ إِلَى قَيْصَرَ، وَلَهُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَمَنْصُورُ ابن سَعِيدٍ. وَكَانَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَمِيرًا عَلَى كُرْدُوسٍ4، ثُمَّ سَكَنَ الْمِزَّةَ5. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَسْلَمَ دِحْيَةُ قَبْلَ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْهَا وَكَانَ يُشَبَّهُ بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبَقِيَ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ6. وَقَالَ عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يقول: "يأتيني   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 321، 322، 345"، والطبراني "4156"، "4157"، "4158"، "4159"، "4160" في الكبير. 2 التاريخ الكبير "3/ 244". 3 انظر الطبقات الكبرى "4/ 249"، وتاريخ الطبري "2/ 582، 583"، أسد الغابة "2/ 130"، الجرح والتعديل "3/ 439"، الاستيعاب "2/ 461"، الإصابة "3/ 191". 4 كردوس: كتيبة من الخيل. 5 المزة: قرية من قرى دمشق، تقع في الجنوب الغربي منها. 6 الطبقات الكبرى "4/ 249". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ" 1. وَكَانَ دِحْيَةُ رَجُلًا جَمِيلًا. وَقَالَ رَجُلٌ لِعَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ: أَجْمَلُ النَّاسِ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: بَلْ أَجْمَلُ النَّاسِ مَنْ يَنْزِلُ جِبْرِيلُ عَلَى صُورَتِهِ، يعني دحية. وقال ابن قتيبة عن حديث ابن عباس: كان دحية إذا قَدِمَ لَمْ تَبْقَ مُعْصِرٌ إِلَّا خَرَجَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ2. الْمُعْصِرُ: هِيَ الَّتِي دَنَتْ مِنَ الْحَيْضِ، وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي أَدْرَكَتْ. "حرف الرَّاءِ": 21- رُكَانَةُ بن عبد يزيد، -ت ق- بن هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ الْمُطَّلِبِيُّ3. مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، لَهُ صُحْبَةٌ ورواية. روى عنه: ابنه يزيد وغيره. وهو الَّذِي صَارَعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَ أَشَدَّ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنْ صَرَعْتَنِي آمَنْتُ بِكَ، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ سَاحِرٌ4. وَلَمَّا أَسْلَمَ أَعْطَاهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسِينَ وَسْقًا بِخَيْبَرَ، وَسَكَنَ الْمَدِينَةَ وَبِهَا تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. 22- رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ -د ت ن- النجاري5.   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 107"، والنسائي كما في الإصابة "3/ 191"، والطبراني في الأوسط كما في المجمع "9/ 378". 2 إسناده ضعيف: وأخرجه ابن عساكر في تاريخه كما في تهذيب تاريخ دمشق "5/ 223"، ورده بأن فيه الحسين الحنفي، وهو صاحب مناكير. 3 انظر: المعجم الكبير "4/ 67"، وأسد الغابة "2/ 187، 188"، والإصابة "1/ 520". 4 حديث ضعيف: أخرجه أبو داود "4060"، والترمذي "1844"، والطبراني "4614" في الكبير، وقال الترمذي: حديث غريب، وليس إسناده بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني، ولا ابن ركانة. 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 354"، والجرح والتعديل "3/ 520"، وأسد الغابة "2/ 191"، الإصابة "1/ 522". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ فَتَحَ مِصْرَ، وَرَوَى أَحَادِيثَ. روى عنه: حنش الصنعاني، وبشر بن عبد اللَّهِ، وَمُرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ. وَوَلِيَ غَزْوَ إِفْرِيقِيَّةَ لِمُعَاوِيَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ: تُوُفِّيَ بِبُرْقَةَ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَيْهَا، رَأَيْتُ قَبْرَهُ بِبُرْقَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. "حرف الزَّايِ": 23- زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ -ق- بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سِنَانٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخَزْرَجِيِّ1. أَحَدُ بَنِي بَيَاضَةَ، شَهِدَ بَدْرًا وَالْعَقَبَةَ، وَكَانَ لَبِيبًا فَقِيهًا، وَلِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَضْرَمَوْتَ، وَلَهُ أَثَرٌ حَسَنٌ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ2. رَوَى عَنْهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ -وَمَاتَ قَبْلَهُ، وَعَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَرِوَايَتُهُ مُرْسَلَةٌ. وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ وَسَكَنَ مَكَّةَ ثُمَّ هَاجَرَ، فَهُوَ أَنْصَارِيٌّ مُهَاجِرِيٌّ. لَهُ حَدِيثٌ فِي ذِهَابِ الْعِلْمِ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ3. 24- زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ -ع- بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ غَنَمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ أَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو خَارِجَةَ الْأَنْصَارِيِّ النَّجَّارِيُّ الْمُقْرِئُ الْفَرَضِيُّ، كَاتِبُ الْوَحْيِ4. قُتِلَ أَبُوه يَوْمَ بُعَاثٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَزَيْدٌ صَبِيُّ ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَسْلَمَ وَتَعَلَّمَ الْخَطَّ الْعَرَبِيَّ وَالْخَطَّ الْعِبْرَانِيَّ، وَكَانَ فَطِنًا ذَكِيًّا إِمَامًا في القرآن إمامًا في الفرائض.   1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 598"، والجرح والتعديل "3/ 543"، وأسد الغابة "2/ 317"، والإصابة "1/ 558"، والمستدرك "3/ 590". 2 انظر: المعجم الكبير "5289" للطبراني. 3 طبقات خليفة "101". 4 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 358"، والجرح والتعديل "3/ 558"، أسد الغابة "2/ 221-223"، وتذكرة الحافظ "1/ 30"، الإصابة "1/ 561". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 رَوَى: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعُرِض عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَارِجَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَعُبَيْدُ بْنُ السَّبَّاقِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَطَاوُسٌ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ طَائِفَةٌ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: عَرَضَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَمَا بَعْدَهَا. وَكَانَ عُمَرُ إِذَا حَجَّ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَهُوَ الَّذِي نَدَبَهُ عُثْمَانُ لِكِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى قِسْمَةَ غَنَائِمِ الْيَرْمُوكَ1. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَتَعَلَّمَ كِتَابَ يَهُودٍ، فَكُنْتُ أَقْرَأُ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، وَلَمَّا قَدِمَ أَبِي بِي إِلَيْهِ فَقَالُوا: هَذَا غُلَامٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَدْ قَرَأَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكَ بِضْعَ عَشْرَةَ سُورَةٍ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ وَقَالَ: "يَا زَيْدٌ تَعَلَّمَ لِي كِتَابَ يَهُودٍ، فإني والله ما آمنهم على كتابي" 2. قال: فَتَعَلَّمْتُهُ فَحَذقْتُهُ فِي نِصْفِ شَهْرٍ. وَعَنْ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نزل الْوَحِيُ بَعَثَ إِلَيَّ فَكَتَبْتُهُ3. وَقَالَ زَيْدٌ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَتَبَّعَ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. فَقُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!. قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ الله صدري لذلك4.   1 السير "2/ 427". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "13/ 161 تعليقا"، وأحمد "5/ 186"، وأبو داود "3645"، والترمذي "2716"، وابن سعد "2/ 358، 359" في طبقاته، والطبراني "4856" في الكبير، والحاكم "1/ 75" وصححه، وأقره الذهبي. 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "5/ 182"، والحاكم "3/ 422" وصححه، وأقره الذهبي، وابن سعد "2/ 358" في طبقاته، والطبراني "4928" في الكبير. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 8، 11"، وأحمد "5/ 188"، والطبراني "4901" في الكبير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 وقال أنس: جمع القرآن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أربعة كلهم من الأنصار: أبي، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وَأَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ. وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْرَضُ أُمَّتِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ" 1. وَيُرْوَى عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ، وَأَفْتَاهُمْ أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ الْجَرَّاحُ" 2. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ. قُلْتُ: هُوَ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ، رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْلَمُهُمْ بِالْفَرَائِضِ زَيْدٌ" 3. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: غَلَبَ زَيْدٌ النَّاسَ عَلَى اثْنَتَيْنِ: عَلَى الْفَرَائِضِ وَالْقُرْآنِ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ: كَانَ أَهْلُ الْفَتْوَى مِنَ الصَّحَابَةِ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو مُوسَى. وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ لَمَّا قَالَ قَائِلُ الْأَنْصَارِ: مِنْكُمْ أَمِيرٌ وَمِنَّا أَمِيرٌ، قَالَ: فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان من الْمُهَاجِرِينَ وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَزَاكُمُ اللَّهُ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ خَيْرًا وَثَبَّتَ قَائِلَكُمْ، لَوْ قُلْتُمْ غَيْرَ هَذَا مَا صَالَحْنَاكُمْ4. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: فَرَّقَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ فِي الْبُلْدَانِ، وَحَبَسَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِالْمَدِينَةِ يُفْتِي أَهْلَهَا5. وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: مَا كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يُقَدِّمَانِ أَحَدًا عَلَى زَيْدِ بن ثابت   1 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "2/ 359" في طبقاته، وله شواهد. 2 حديث حسن: أخرجه الترمذي "3790"، و"3791"، وابن حبان "2218"، والحاكم "3/ 422"، وصححه، وأقره الذهبي. 3 انظر السابق. 4 خبر صحيح: أخرجه أحمد "5/ 122"، والطيالسي "2/ 169" في مسنده. 5 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 359" في طبقاته من رواية الواقدي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَالْفَرَائِضِ وَالْقِرَاءَةِ. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَفَرَضَ لَهُ رِزْقًا1. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَوْ هَلَكَ عُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ لَهَلَكَ عِلْمُ الْفَرَائِضِ، لَقَدْ أَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وما يعلمهما غَيْرَهُمَا2. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيِّ: النَّاسُ عَلَى قِرَاءَةِ زَيْدٍ وَفَرْضِ زَيْدٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَدِمَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَأَخَذَ لَهُ بِرِكَابِهِ فَقَالَ: تَنَحَّ يَا ابن عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّا هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِعُلَمَائِنَا وَكُبَرَائِنَا3. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ فِي أَهْلِهِ وَمِنْ أَزْمَتِهِمْ عِنْدَ الْقَوْمِ4. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَاتَ حَبْرُ الْأُمَّةِ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ خَلَفًا5. الْأَنْصَارِيُّ: ثَنَا هِشَامُ بْنُ خَشَّانٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُرِيدُ الْجُمُعَةَ فَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ رَاجِعِينَ، فَدَخَلَ دَارًا، فَقِيلَ لَهُ: فَقَالَ: أَنَّهُ مَنْ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ النَّاسِ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ6. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَخَلِيفَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلَّاسُ: سَنَةَ إِحْدَى وخمسين.   1 الطبقات الكبرى "2/ 359". 2 خبر صحيح: أخرجه الدارمي "2/ 314" في سننه. 3 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "2/ 360"، والطبراني "4746" في الكبير، والحاكم "3/ 428". 4 أورده ابن بدران "5/ 453"، في تهذيب تاريخ دمشق. 5 إسناده منقطع: أخرجه ابن سعد "2/ 362" في طبقاته، والطبراني "4750" في الكبير. 6 السير "2/ 439". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ1. 25- زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ2، وَأُمُّهُ أُمُّ كلثوم بنت فاطمة الزهراء. قال عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: تُوُفِّيَ شَابًا وَلَمْ يُعَقِّبْ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَفَدْنَا مَعَ زَيْدِ بْنِ عُمَرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجْلَسَهُ عَلَى السَّرِيرِ، وهو يومئذ من جمل النَّاسِ، فَأَسْمَعَهُ بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَأَةَ كَلِمَةً، فَنَزَلَ إِلَيْهِ زَيْدٌ فَخَنَقَهُ حَتَّى صَرَعَهُ، وَبَرَكَ عَلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ هَذَا عَنْ رَأْيِكَ وَأَنَا ابْنُ الْخَلِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا زَيْدٌ وَقَدْ تَشَعَّثَ رَأْسُهُ وَعِمَامَتُهُ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ، وَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَأَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَنَحْنُ عِشْرُونَ رَجُلًا3. يُقَالُ: أَصَابَهُ حَجَرٌ فِي خَرِبَةٍ لَيْلًا فَمَاتَ. "حرف السِّينِ": 26- سَالِمُ بْنُ عُمَيْرِ، بْنِ ثَابِتِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ4. أَحَدُ الْبَكَّائِينَ، شَهِدَ بَدْرًا وَالمَشَاهِدَ، وَبَقِيَ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. 27- سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -م ت ن ق- بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ -وَقِيلَ: ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ- بْنِ حَطِيطِ بْنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيُّ الطَّائِفِيُّ5. وَلِيَ الطَّائِفَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ له رسول الله   1 السابق "2/ 441". 2 انظر: تاريخ الطبري "4/ 199"، والطبقات الكبرى "8/ 463"، والاستيعاب "1954" أسد الغابة "7/ 387"، الإصابة "4/ 492". 3 السير "3/ 502". 4 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 480"، وأسد الغابة "2/ 248"، والاستيعاب "2/ 69". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 514"، الجرح والتعديل "4/ 218"، الاستيعاب "2/ 66"، وأسد الغابة "2/ 319"، الإصابة "2/ 54". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ" 1. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَاصِمٌ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَاعِزٍ، وَآخَرُونَ. 28- سُفْيَانُ بْنُ مُجِيبٍ الْأَزْدِيُّ2. وَلِيَ بَعْلَبَكَّ لِمُعَاوِيَةَ، وَلَهُ صُحْبَةٌ. رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ حَجَّاجٍ الثُّمَالِيِّ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ مُجِيبٍ، وَكَانَ مِنْ قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ. 29- السَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ3 -د ن ق- صَيْفِيُّ بْنُ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ. مُخْتَلَفٌ فِي إِسْلَامِهِ، فَابْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ: قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا. ثُمَّ تَبعَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثُمَّ نَقَضَ الزُّبَيْرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ، وَالظَّاهِرُ إِسْلَامُهُ وَبَقَاؤُهُ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَأَنَّهُ هُوَ شَرِيكُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ. وَفِي السُّنَنِ حَدِيثٌ لِمُجَاهِدٍ، عَنْ قَائِدٍ السَّائِبِ، عَنِ السَّائِبِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. وَرَوَى الزُّبَيْرُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ كَعْبٍ مَوْلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ طَافَ فِي خِلَافَتِهِ بِالْبَيْتِ فِي جُنْدِهِ، فَزَحَمُوا السَّائِبَ بْنَ صَيْفِيِّ بْنِ عَائِذٍ فَوَقَعَ. فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُعَاوِيَةَ، تَصْرَعُونَنَا حَوْلَ الْبَيْتِ! أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ أُمُّكَ. قَالَ: لَيْتَكَ فَعَلْتَ، فَجَاءَتْ بِمِثْلِ وَلَدِكَ أَبِي السَّائِبِ. وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ السَّائِبَ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَأَنَّهُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ مَنْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ. وقد اختلف في اسم شريك النبي   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "38"، وأحمد "3/ 413"، "4/ 384"، والترمذي "2522"، وابن ماجه "3972"، وابن حبان "3543". 2 انظر: أسد الغابة "2/ 321"، والإصابة "2/ 57"، والكامل "2/ 431" في التاريخ. 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 242"، وأسد الغابة "2/ 253"، والإصابة "2/ 10". 4 حديث حسن: أخرجه أحمد "3/ 425"، وأبو داود "4815"، وابن ماجه "2287"، والنسائي "312" في عمل اليوم والليلة، والطبراني "6618"، "6619" في الكبير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَلَدُ السَّائِبِ هَذَا1. 30- سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ، بْنُ وَقْشٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ، أَبُو عَوْفٍ2. مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، كَانَ أَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْعَقَبَتَيْنِ، وَعَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ. رَوَى عَنْهُ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ فِي مُسنَدِ أَحْمَدَ. 31- سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثَمَةَ -ع- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْمَدَنِيُّ3. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ دَلِيلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُحُدٍ، وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا سِوَى بَدْرٍ، حدثني بذلك رجل من ولده. وأما الْوَاقِدِيُّ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَهَذَا غَلَطٌ. رَوَى عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَبُو لَيْلَى الْأَنْصَارِيَّانِ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ، وَابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَصَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ، وَبَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَآخَرُونَ. أَظُنُّهُ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ، وَفِي اسْمِ أَبِيهِ أَقْوَالٌ. 32- سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةَ -د ت- وَهِيَ أُمُّهُ، وَاسْمُ أَبِيهِ عَمْرُو -وَيُقَالُ: الرَّبِيعُ- بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ4. شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْهُ: بِشْرُ أَبُو قَيْسٍ التَّغْلِبِيُّ، وَأَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ. وَكَانَ رَجُلًا متوحدًا ما   1 الاستيعاب "2/ 102". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 68، 69"، وتاريخ الطبري "2/ 459"، والجرح والتعديل "4/ 161"، وأسد الغابة "2/ 336"، والإصابة "2/ 66". 3 انظر: التاريخ الكبير "4/ 97"، والاستيعاب "2/ 97"، وتاريخ الطبري "2/ 401"، والإصابة "2/ 86". 4 انظر: التاريخ الكبير "4/ 98"، والطبقات الكبرى "7/ 401"، والجرح والتعديل "4/ 195"، والاستيعاب "2/ 95"، والإصابة "2/ 86". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 يُجَالِسُ أَحَدًا، إِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةٍ، فَإِذَا انْصَرَفَ إِنَّمَا هُوَ فِي تَسْبِيحٍ وَذِكْرٍ، وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ، وَسَكَنَ الشَّامَ، وَتُوُفِّيَ فِي صَدْرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. "حرف الصَّادِ": 33- صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ -م4- بْنِ خَلَفٍ، أَبُو وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ الْمَكِّيُّ1. قُتِلَ أَبُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَسْلَمَ هُوَ يَوْمَ الْفَتْحِ بَلْ بَعْدَهُ، وَكَانَ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، ثُمَّ شَهِدَ الْيَرْمُوكَ أَمِيرًا عَلَى كُرْدُوسٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أُمَيَّةَ، وَابْنُ أَخِيهِ حُمَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحارث بن نوفل، وطاووس. وَشَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ بَعْدُ، وَأَعَارَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِلَاحًا وَأَدْرُعًا يَوْمَئِذٍ2. وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا كَثِيرَ الْمَالِ، وَرَدَ أَنَّهُ مَلَكَ قِنْطَارًا مِنَ الذَّهَبِ. يُقَالُ: أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَقْطَعَهُ زُقَاقَ صَفْوَانَ. وَعَن أَبِي حُصَيْنٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ: اسْتَقْرَضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ خَمْسِينَ أَلْفًا فَأَقْرَضَهُ3. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ صَفْوَانُ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ4. 34- صَفِيَّةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -ع- بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ بْنِ سَعْيَةَ، مِنْ سِبْطِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، ثُمَّ مِنْ وَلَدِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامِ. تَزَوَّجَهَا سَلَّامٌ الْيَهُودِيُّ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا كِنَانَةُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَكَانَا من شعراء   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 449"، والتاريخ الكبير "4/ 304"، والجرح والتعديل "4/ 421"، وأسد الغابة "3/ 23"، الإصابة "5/ 145"، السير "2/ 563". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "3/ 401"، "6/ 465"، وأبو داود "3562"، والحاكم "2/ 47، 48" وصححه، وأقره الذهبي، والبيهقي "6/ 89" في سننه الكبرى. 3 إسناده ضعيف: من رواية الواقدي كما في السير "2/ 566". 4 تاريخ خليفة "205"، والسير "2/ 567". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 اليهود، ثم قتل كنانة ثوم خَيْبَرَ، فَسَبَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خَيْبَرَ، وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا1. رَوَى عَنْهَا: عَلَيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، وَمَوْلَاهَا كِنَانَةُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِينَا أَنَّ جَارِيَةً لِصَفِيَّةَ أَتَتْ عُمَرَ، فَقَالَتْ: إِنَّ صَفِيَّةَ تُحِبُّ السَّبْتَ وَتَصِلَ الْيَهُودَ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا عُمَرَ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ: أَمَّا السَّبْتُ فَلَمْ أُحِبُّهُ مُنْذُ أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهِ الْجُمُعَةَ، وَأَمَّا الْيَهُودُ فَإِنَّ لِي فِيهِمْ رَحِمًا، فَأَنَا أَصِلُهَا، ثُمَّ قَالَتْ لِلْجَارِيَةِ: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ -قَالَتْ: الشَّيْطَانُ، قَالَتْ: فَاذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ2. وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ هَاشِمِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيِّ، حَدَّثَنَا كِنَانَةُ، حَدَّثَتْنَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ كَلَامٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "أَلَا قُلْتِ: وَكَيْفَ تَكُونَانِ خَيْرًا مِنِّي وَزَوْجِي مُحَمَّدٌ، وَأَبِي هَارُونُ، وَعَمِّي مُوسَى" 3. وَكَانَ بَلَغَهَا أَنَّهُمَا قَالَتَا: نَحْنُ أَكْرَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنْهَا، نَحْنُ أَزْوَاجُهُ، وَبَنَاتُ عَمِّهِ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: حَدَّثَتْنِي سُمَيَّةُ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَّ بِنِسَائِهِ، فَبَرَكَ بِصَفِيَّةَ جَمَلُهَا، فَبَكَتْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمّا أَخْبَرُوهُ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ دُمُوعَهَا بِيَدِهِ، وَهِيَ تَبْكِي، وَهُوَ يَنْهَاهَا، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاسِ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الرَّوَاحِ قَالَ لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: "افْقِرِي أُخْتَكِ جَمَلًا" -وَكَانَتْ مِنَ أَكْثَرَهُنَّ ظَهْرًا- فَقَالَتْ: أَنَا أُفْقِرُ يَهُودِيَّتَكَ4، فَغَضِبَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُكَلِّمْهَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمُحَرَّمَ وَصَفَرَ، فَلَمْ يَأْتِهَا، وَلَمْ يُقْسِمْ لَهَا، وَيَئِسَتْ مِنْهُ، فَلَمَّا كَانَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ؟ قال: وكان لها جارية تخبئها من رسول   1 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "7/ 360"، "9/ 111"، وَمُسْلِمٌ "1365"، وَأَبُو داود "2054"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1115"، وَالنَّسَائِيُّ "6/ 114"، وأحمد "3/ 123، 246". 2 الاستيعاب "4/ 348". 3 حديث صحيح لغيره: أخرجه الترمذي "3892"، والحاكم "4/ 29"، وفيه هاشم بن سعيد الكوفي من الضعفاء، وله شاهد من حديث أنس، أخرجه أحمد "3/ 135" والترمذي "3894". 4 تقصد بذلك صفية -رضي الله عنها- وأرضاها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: فُلَانَةٌ لَكَ. قَالَ: فَمَشَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سَرِيرِهَا، وَكَانَ قَدْ رُفِعَ، فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ، وَرَضِيَ عَنْ أَهْلِهِ1. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ مِنْ نِسَائِكَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهَا عَشِيرَةٌ، فَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ فَإِلَى مَنْ أَلْجَأُ قَالَ: "إِلَى عَلِيٍّ"2. مَالِكٌ مَجْهُولٌ، وَالْحَدِيثُ غَرِيبٌ. وَكَانَتْ مِنْ عُقَلَاءِ النِّسَاءِ، تُوُفِّيَتْ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ. "حرف الضَّادِ": 35- ضُبَاعَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ -د ن ق- بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيَّةَ3، بِنْتُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَوْجَةُ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ. رَوَى عَنْهَا: زَوْجُهَا، وَبِنْتُهَا كَرِيمَةُ بِنْتُ الْمِقْدَادِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّب، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْأَعْرَجُ4. "حرف الْعَيْنِ": 36- عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ -ن- بْنِ الْجَدِّ بْنِ الْعَجْلَانِ الْبَلَوِيُّ، أَبُو عَمْرٍو، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ5. حَلِيفُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، رَدَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَدْرٍ إِلَى مَسْجِدِ الضِّرَارِ لِشَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهُمْ، وَضَرَبَ بِهِ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ. وَطَالَ عُمْرُهُ، وَكَانَ سيد بني العجلان.   1 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 337، 338"، وابن سعد "8/ 126، 127" في الطبقات الكبرى. 2 حديث ضعيف جدا: أخرجه البخاري في التاريخ الكبير "7/ 311" وقال: لا يعرف مالك إلا بهذا الحديث الواحد، ولم يتابع عليه، قلت: فيه حسين الأشقر، وهو في عداد المتروكين. 3 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 46"، والاستيعاب "4/ 352"، وأسد الغابة "5/ 495"، والسير "2/ 274". 4 السير "2/ 275". 5 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 466"، والاستيعاب "3/ 134"، والجرح والتعديل "6/ 345"، والإصابة "2/ 246"، وأسد الغابة "3/ 75". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو الْبَدَّاحِ حَدِيثًا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الرَّوْحَاءِ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْعَالِيَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ مِائَةٌ وَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةٍ. كَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي سِنِّهِ. 37- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَنِيسٍ -م4- الْجُهَنِيُّ ثُمَّ الْأَنْصَارِيُّ، حَلِيفُ الأنصار الأنصار2. شهد العقبة، وبدر لَمْ يَشْهَدْهَا، بَلْ شَهِدَ أُحُدًا. كُنْيَتُهُ أَبُو يَحْيَى، وَقِيلَ: يُقَالُ لَهُ: الْجُهَنِيُّ، وَلَيْسَ بِجُهَنِيٍّ بَلْ ذَلِكَ لَقَبٌ لَهُ، وَهُوَ مِنْ قُضَاعَةَ. رَوَى أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَفَعَ إِلَيْهِ مِخْصَرَةً كَانَ يَتَخَصَّرُ بِهَا3، وَهُوَ الَّذِي رَحَلَ إِلَيْهِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مِصْرَ، وَسَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَ الْقِصَاصِ. تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَسَيُعَادُ. 38- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ -ع- بْنِ الْحَارِثِ، أَبُو يُوسُفَ الْإِسْرَائِيلِيُّ4 النَّسَبِ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ. أَسْلَمَ عِنْدَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، وَكَانَ اسْمُهُ الْحُصَيْنَ فَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتى بقصعة فقال: "يجيء رَجُلٌ مِنْ هَذَا الْفَجِّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَأْكُلُ هَذِهِ الْفَضْلَةَ" 5، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَأَكَلَهَا. رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَفَّانَ، عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَقَاضِي الْبَصْرَةِ، وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَأَبُو سعيد   1 حديث صحيح: أخرجه النسائي "5/ 273"، وابن سعد "3/ 466" في طبقاته. 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 1" والاستيعاب "2/ 258"، الحلية "2/ 5، 6"، أسد الغابة "3/ 119"، الإصابة "2/ 278". 3 حديث ضعيف: أخرجه الطبري "3/ 156، 157". 4 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 352"، والتاريخ الكبير "5/ 18"، والجرح والتعديل "5/ 62"، أسد الغابة "3/ 264"، والاستيعاب "3/ 921"، الإصابة "6/ 108". 5 حديث حسن: أخرجه أحمد "1/ 169، 183"، والحاكم "3/ 466" فيه ابن بهدلة، وهو صدوق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 الْمَقْبُرِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، وَابْنَاهُ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ، وَجَمَاعَةٌ. وَشَهِدَ فَتَحَ بَيْتِ المقدس مع عمر. وقيل: إنه من ذرية يوسف -عليه السلام، وحلفه في القوافل1، وَكَانَ مِنَ الْأَحْبَارِ. تَقَدَّمَ خَبَرُ إِسْلَامِهِ فِي التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَنَّ الْيَهُودَ شَهِدُوا فِيهِ أَنَّهُ عَالِمُهُمْ وَابْنُ عَالِمِهِمْ. وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لِأَحَدٍ: "مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ: إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ. وَقَالَ سَعْدٌ: فِيهِ نَزَلَتْ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10] . وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَأَى رُؤْيَا، فَقَصَّهَا على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال لَهُ: "تَمُوتُ وَأَنْتَ مُسْتَمْسِكٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى" 2. وَثَبَتَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ مُعَاذٌ قِيلَ: أَوْصِنَا، قَالَ: أَجْلِسُونِي، ثُمّ قَالَ: إن العلم وَالْإِيمَانَ مَكَانُهُمَا، مَنِ ابْتَغَاهُمَا وَجَدَهُمَا، فَالْتَمِسُوا الْعِلْمَ عَنْ أَرْبَعَةٍ: عِنْدَ عُوَيْمِرٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعِنْدَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ الَّذِي كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّهُ عَاشِرُ عَشْرَةٍ فِي الْجَنَّةِ" 3. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ، رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ رَفِيعٍ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهْنِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ. اتَّفَقُوا عَلَى وَفَاتِهِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ. 39- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْقَيْنِيُّ4. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، ولا تحفظ له رواية.   1 القوافل: إحدى قبائل الأنصار. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "12/ 353". 3 حديث حسن: أخرجه الترمذي "3804"، والبخاري في تاريخه الصغير "1/ 73"، والحاكم "3/ 416" وصححه، وأقره الذهبي. 4 الإصابة "2/ 361". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 40- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، بْنِ الْمُغِيرَةَ الْمَخْزُومِيُّ1. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَآهُ، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ مَعَ أَبِيهِ، وَسَكَنَ حِمْصَ. وَكَانَ أَحَدُ الْأَبْطَالِ كَأَبِيهِ، وَكَانَ مَعَهُ لِوَاءُ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّينَ. وَكَانَ يَسْتَعْمِلُهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى غَزْوِ الرُّومِ. وَكَانَ شَرِيفًا شُجَاعًا مُمَدَّحًا2. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ سَيْفٌ: كَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكَ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةٍ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ عَلَى كُرْدُوسٍ3. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلِيَ إِمْرَةَ حِمْصٍ مُدَّةً وَكَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سمرة، بْنِ حَبِيبِ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قُصَيٍّ، أَبُو سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ الْعَبْشَمِيُّ4. هَكَذَا نَسَبَهُ ابْنُ الْكَلْبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَزَادَ فِي نَسَبِهِ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَابْنُ أَخِيهِ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بَعْدَ حَبِيبٍ: رَبِيعَةٌ. أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ" 5. وَغَزَا سِجِسْتَانَ أَمِيرًا كَمَا مَضَى. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بن المسيب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وَحَيَّانُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَخُوهُ سَعِيدٌ. وَيُرْوَى أَنَّ اسْمَهُ كَانَ: عَبْدَ كَلَالٍ، فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم6.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 229"، والتاريخ الكبير "5/ 177"، والإصابة "3/ 67، 68". 2 نسب قريش "325". 3 رأس كتيبة. 4 انظر: التاريخ الكبير "5/ 242"، والجرح والتعديل "5/ 238"، وأسد الغابة "3/ 454"، والإصابة "2/ 400". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "13/ 110"، ومسلم "1652"، وأحمد "5/ 63"، وأبو داود "3277"، والترمذي "1529"، والنسائي "7/ 10". 6 السير "2/ 572". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ بِالْبَصْرَةِ، وَيُقَالُ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. 42- عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ السَّلَمِيُّ، -ن- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ1. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ قَوْمِهِ. نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَرَوَى عَنْهُ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. 43- عُتْبَةُ بْنُ أبي سفيان، صخر بن حرب بن أمية الْأُمَوِيُّ2. شَهِدَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ، وَدَارُهُ بِدِمَشْقَ بِدَرْبِ الْحَبَّالِينَ. وَلِيَ الْمَدِينَةَ وَإِمْرَةَ الْحَجِّ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَحَكَى عَنْهُ ابْنُهُ الْوَلِيدُ أَنَّهُ شَهِدَ الْجَمَلَ مَعَ عَائِشَةَ، ثُمَّ نَجَا وَلَحِقَ بِأَخِيهِ، وَذَهَبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَئِذٍ. وَوَلِيَ مِصْرَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا. تُوُفِّيَ بِثُغْرَ الإسكندرية فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَهُوَ أَخُو مُعَاوِيَةَ لِأَبِيهِ. 44- عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفِ، -د ن ق- ابن وَاهِبٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ3. لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَّاهُ عُمَرُ السَّوَادَ، وَتَوَلَّى مِسَاحَتَهُ بِأَمْرِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، وَعِمَارَةُ بْنُ خُرَيْمِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَكَانَ أَمِيرًا شَرِيفًا. شُعَيْبُ بْنُ أَبِي ضَمْرَةَ، مِمَّا رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ بِشْرٌ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ نَوْفَلَ بْنِ مُسَاحِقٍ قَالَ: انْتَجَى عُمَرُ وَعُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَالنَّاسُ مُحِيطُونَ بِهِمَا، فَلَمْ يَزَالَا يَتَجَادَلَانِ فِي الرَّأْيِ حَتَّى أَغْضَبَ عُثْمَانُ عُمَرَ، فَقَبَضَ مِنْ حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ قَبْضَةً ضَرَبَ بِهَا وَجْهَ عُثْمَانَ، فَشَجَّ الْحَصَى بِجَبْهَتِهِ آثَارًا مِنْ شِجَاجٍ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ كَثْرَةَ تَسَرُّبِ الدَّمِ عَلَى لِحْيَتِهِ قَالَ: امْسَحْ عَنْكَ الدَّمَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَهُولَنَّكَ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَنْتَهِكُ مَا وَلَّيْتَنِي أَمْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ أَكْثَرَ مِمَّا انْتَهَكْتَ مِنِّي، فَأُعْجِبَ بِهَا عُمَرُ مِنْ رَأْيِهِ وحلمه وزاد به عنده خيرًا4.   1 انظر: التاريخ الكبير "6/ 521"، والجرح والتعديل "6/ 373"، والإصابة "2/ 455"، والاستيعاب "3/ 119". 2 انظر: الاستيعاب "3/ 121"، وجمهرة أنساب العرب "ص/ 111، 112". 3 انظر: التاريخ الكبير "1/ 209"، والجرح والتعديل "6/ 146"، الاستيعاب "3/ 1033"، وأسد الغابة "3/ 577"، الإصابة "6/ 386". 4 إسناده حسن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 45- عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ -م د- بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ الْحَجَبِيُّ1. حَاجِبُ الْكَعْبَةِ، هَاجَرَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَخَالِدٍ ثُمَّ سَكَنَ مَكَّةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عُمَرَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ عَمِّهِ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَدَفَعَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ2. وَقَالَ عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ عَنْ رَجُلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى الْمِفْتَاحَ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ عَامَ الْفَتْحِ وَقَالَ: "دُونَكَ هَذَا فَأَنْتَ أَمِينُ اللَّهِ عَلَى بَيْتِهِ"3. قُلْتُ: شَيْبَةُ أَسْلَمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَّاهُ الْحِجَابَةَ لَمَّا اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعِرَّانَةَ مُشَارِكًا لِعُثْمَانَ هَذَا فِي الْحِجَابَةِ، فَإِنَّ شَيْبَةَ كَانَ حَاجِبَ الْكَعْبَةِ يَوْمَ قَالَ لَهُ عُمَرُ: أُرِيدُ أَنْ أُقَسِّمَ مَالَ الْكَعْبَةِ، كَمَا فِي الْبُخَارِيُّ4. فَعَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكَعْبَةَ يُصَلِّي، فَإِذَا فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَقَالَ: "يَا شَيْبَةُ اكْفِنِي هَذِهِ"5، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: طَيِّنْهَا ثُمَّ الْطَخْهَا بِزَعْفَرَانَ، فَفَعَلَ. وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ: أَخْبَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْكَعْبَةِ أَمَرَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ أَنْ يُغَيِّبَ قَرْنَيِ الْكَبْشِ -يَعْنِي كَبْشَ إِسْمَاعِيلَ- وَقَالَ: "لَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ يَشْغَلُهُ" 6. قتل طلحة يوم أحد مشركًا.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 448"، والجرح والتعديل "6/ 155"، وأسد الغابة "3/ 372"، والإصابة "5442". 2 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "2/ 136"، والطبراني "8395" في الكبير، وله شاهد عند البخاري "8/ 15". 3 حديث ضعيف: فيه انقطاع، وجهالة أحد الرواة. 4 صحيح البخاري "8/ 15". 5 حديث ضعيف: وأخرجه الطبراني "7/ 359" في الكبير، وانظر المجمع "3/ 295". 6 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 68"، "5/ 380"، وأبو داود "2030"، والحميدي "565"، والطبراني "8396" في الكبير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمِّلِ الْمَخْزُومِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خُذُوهَا يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ" 1 -يَعْنِي الْحِجَابَةَ. قَالَ مُصْعَبٌ: قُتِلَ بِأَجْنَادِينَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. 46- عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبِ -ن ق- بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ، أَبُو يَزِيدَ، وَيُقَالُ: أَبُو عِيسَى2، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ جَعْفَرٍ، وَعَلِيٍّ. أَسْلَمَ وَشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤَتَةَ، وَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَحَفِيدُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنُ طَلْحَةَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَكْرَمَهُ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ عَلِيٍّ بِعِشْرِينَ سَنَةٍ، وَعَاشَ بَعْدَهُ مُدَّةً، وَكَانَ عَلَّامَةً بِالنَّسَبِ وَأَيَّامَ الْعَرَبِ3. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ عَقِيلُ مِمَّنْ أُخْرِجَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَرْهًا إِلَى بَدْرٍ، فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ لَا مَالَ لَهُ، فَفَدَاهُ الْعَبَّاسُ. ثُمَّ هَاجَرَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ بَعْدَ شُهُودِهِ غَزْوَةَ مُؤَتَةَ، فَلَمْ نَسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ فِي الْفَتْحِ وَلَا مَا بَعْدَهَا، وَقَدْ أَطْعَمَهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَيْبَرَ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ وَسْقًا4. وَعَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أُعْطِيَ لِكُلِّ نَبِيٍّ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ، وَأُعْطِيتُ أَنَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ"5، فَذَكَرَ مِنْهُم عَقِيلًا.   1 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" كما في المجمع "3/ 285"، وفيه ابن المؤمل، وهو من الضعفاء. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 42"، التاريخ الكبير "7/ 50"، الجرح والتعديل "6/ 218"، أسد الغابة "3/ 422"، الإصابة "2/ 494". 3 السير "3/ 99". 4 السير "3/ 99". 5 حديث منكر: وأخرجه الطبراني "6/ 264" في الكبير، وابن الجوزي "1/ 281" في العلل المتناهية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 وَرُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ مُرْسَلَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَقِيلٍ: "يَا أَبَا يَزِيدَ إِنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ، حُبًّا لِقَرَابَتِكَ مِنِّي، وَحُبًّا لِحُبِّ أَبِي طَالِبٍ إِيَّاكَ"1. وَعَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَقِيلٌ وَمَعَهُ كَبْشٌ فَقَالَ: إِنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ أَحْمَقٌ، فَقَالَ عَقِيلٌ: أَمَّا أَنَا وَكَبْشِي فلا. وقال عطاء: رَأَيْتُ عَقِيلًا شَيْخًا كَبِيرًا يُقِلُّ غَرْبَ زَمْزَمَ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: أَتَى عَقِيلٌ عَلِيًّا بِالْعِرَاقِ لِيُعْطِيَهُ، فَأَبَى، فَقَالَ: أَذْهَبُ إِلَى مَنْ هُوَ أَوْصَلُ مِنْكَ، فَذَهَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَعَرَفَ لَهُ مُعَاوِيَةَ قُدُومَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا عَقِيلٌ وَعَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ، فَقَالَ: هَذَا مُعَاوِيَةُ وَعَمَّتُهُ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ2. وَقَالَ غَسَّانُ بْنُ مُضَرٍ: ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، ثَنَا حُميَدُ بْنُ هِلَالٍ، أَنَّ عَقيلًا سَأَلَ عَلِيًّا فَقَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَفَقِيرٌ. فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَخْرُجَ عَطَائِي، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ. فَقَالَ لِرَجُلٍ: خُذْ بِيَدِهِ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْحَوَانِيتِ، فَقُلْ: دُقَّ الْأَقْفَالِ وَخُذْ مَا فِي الْحَوَانِيتِ. فَقَالَ: تُرِيدُ أَنْ تَتَّخِذَنِي سَارِقًا!. قَالَ: وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَتَّخِذَنِي سَارِقًا وَأُعْطِيَكَ أَمْوَالَ النَّاسِ. قَالَ: لَآتِيَنَّ مُعَاوِيَةَ. قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ، فَأَتَى مُعَاوِيَةَ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ: اصْعَدْ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاذْكُرْ مَا أَوْلَاكَ عَلَيٌّ وَمَا أَوْلَيْتُكَ، قَالَ: فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُخْبِرُكُمْ أَنِّي أَرَدْتُ عَلِيًّا عَلَى دِينِهِ، فَاخْتَارَ دِينَهُ عَلَيَّ، وَأَرَدْتُ مُعَاوِيَة عَلَى دِينِهِ فَاخْتَارَنِي عَلَى دِينِهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّهُ أَحْمَقَ!! 3. تُوُفِّيَ عَقِيلٌ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. 47- عِمَارَةُ بْنُ حَزْمِ، بْنِ زَيْدِ بْنِ لَوْذَانَ الْأَنْصَارِيُّ النَجَّارِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ4. أَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا، ذَهَبَ بَصَرُهُ، وَبَقِيَ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ.   1 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 44" في طبقاته. 2 خبر ضعيف: إسناده منقطع. 3 إسناد حسن: وأورده ابن الأثير "3/ 423" في أسد الغابة. 4 انظر: التاريخ الكبير "6/ 494"، الطبقات الكبرى "3/ 486"، الجرح والتعديل "6/ 364"، أسد الغابة "4/ 48"، الإصابة "2/ 513". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 48- عمرو بن أمية، بن خُوَيْلِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِيَاسٍ، أَبُو أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ1. أَسْلَمَ بَعْدَ أُحُدٍ، وَشَهِدَ بِئْرَ مَعُونَةٍ وَمَا بَعْدَهَا، وَكَانَ مِنْ أُولِي النَّجْدَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْإِقْدَامِ، وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً وَحْدَهُ. وَبَعَثَهُ بِكِتَابِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ جَعْفَرُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ أَخِيهِ الزِّبْرِقَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو قِلَابَةَ الْجَرْمِيُّ. وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، وَشَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَبَقِيَ إِلَى أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ. 49- عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ -ن ق- الْخُزَاعِيِّ2. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَبَايَعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَسَمِعَ مِنْهُ. رَوَى عَنْهُ: رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرّ الْمَعَافِرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أحد الرؤوس الَّذِينَ سَارُوا إِلَى عُثْمَانَ، وَقَتَلَهُ ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ بِالْجَزِيرَةِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ يَوْم صِفِّينَ عَلَى خُزَاعَةَ مَعَ عَلِيٍّ. وَعَنِ الشَّعْبِيُّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ زِيَادٌ الْكُوفَةَ أَثَارَهُ عِمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ فَقَالَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ، فَسَيِّرْ إِلَيْهِ يَقُولُ: مَا هَذِهِ الزُّرَافَاتِ3 الَّتِي تَجْتَمِعُ عِنْدَكَ! مَنْ أَرَادَكَ أَوْ أَرَدْتَ كَلَامَهُ فَفِي الْمَسْجِدِ. وَعَنْهُ قَالَ: تَطَلَّبَ زِيَادٌ رُؤَسَاءَ أَصْحَابِ حُجْرٍ، فَخَرَجَ عَمْرُو إِلَى الْمَوْصِلِ هُوَ وَرِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، فَكَمُنَا فِي جَلٍّ، فَبَلَغَ عَامِلُ ذَلِكَ الرِّسْتَاقِ، فَاسْتَنْكَرَ شَأْنَهُمَا، فَسَارَ إِلَيْهِمَا فِي الْخَيْلِ، فَأَمَّا عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ فَكَانَ مَرِيضًا، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ امْتِنَاعٌ، وَأَمَّا رِفَاعَةُ فَكَانَ شَابًا، فَرَكِبَ وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ، فَأَفْرَجُوا لَهُ، ثُمَّ طَلَبَتْهُ الْخَيْلُ، وَكَانَ رَامِيًا فَرَمَاهُمْ فَانْصَرَفُوا، وَبَعَثُوا بِعَمْرٍو إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أم الحكم أمير الموصل، فكتب   1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 248"، الجرح والتعديل "6/ 220"، الاستيعاب "1162"، أسد الغابة 4/ 86". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 25"، والتاريخ الكبير "6/ 313"، والاستيعاب "2/ 523"، والجرح والتعديل "6/ 225"، أسد الغابة "4/ 100، 101". 3 الزرافات: الجماعات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 فِيهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ طَعَنَ عُثْمَانَ تِسْعَ طَعْنَاتٍ بِمَشَاقِصَ1، وَنَحْنُ لَا نَتَعَدَّى عَلَيْهِ فَاطْعَنْهُ كَذَلِكَ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَمَاتَ فِي الثَّانِيَةِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ هُنَيْدَةَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: أَوَّلُ رَأْسٍ أُهْدِيَ فِي الْإِسْلَامِ رَأْسُ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ2. وَقَالَ عَمَّارُ الدُّهْنِيُّ: أَوَّلُ رَأْسٍ نُقِلَ رَأْسُ ابْنُ الْحَمِقِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لُدِغَ فَمَاتَ، فَخَشِيَتِ الرسل أن تتهم به، فحزوا رَأْسَهُ وَحَمَلُوهُ. وَقُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ مِمَّا مَرَّ، فَإِنَّ ذَاكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ هَلْ قُتِلَ أَوْ لُدِغَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: قُتِلَ سَنَةَ خَمْسِينَ. 50- عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ -ع- بن وائل بن هاشم بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصٍ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، أبو عبد الله، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ السَّهْمِيُّ3. أَسْلَمَ فِي الْمَدِينَةِ وَهَاجَرَ، وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى جَيْشِ غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، لِخِبْرَتِهِ بِمَكِيدَةِ الْحَرْبِ. ثُمَّ وَلِيَ الْإِمْرَةَ فِي غَزْوَةِ الشَّامِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. ثُمَّ افْتَتَحَ مِصْرَ وَوَلِيَهَا لِعُمَرَ. وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَاسَةَ، وَآخَرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَسْلَمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَأَمَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سَرِيَّةٍ نَحْوَ الشَّامِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ فِيمَا ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ إِلَى السَّلَاسِلِ، ثُمَّ أَمَدَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِائَتَيْ فَارِسٍ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ وَلِيَ مِصْرَ لِمُعَاوِيَةَ، وَمَاتَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ سَنَةَ ثلاث وأربعين على الأصح، فصلى ابنه   1 المشاقص: سلاح صغير في حجم الخنجر ونحوه. 2 حسن لغيره: وانظر: أسد الغابة "4/ 100". 3 انظر: التاريخ الكبير "6/ 303، 304"، وتاريخ الطبري "4/ 558"، وأسد الغابة "4/ 115-118"، الإصابة "5884". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى النَّاسُ صَلَاةَ الْعِيدِ، ثُمَّ وَلِيَ مِصْرَ بَعْدَهُ عُتْبَةُ أَخُو مُعَاوِيَةَ، فَبَقِيَ سَنَةً وَمَاتَ، فَوَلِيَ مِصْرَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ، انْتَهَى. وَقَدِمَ عَمْرُو دِمَشْقَ رَسُولًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ إِلَى هِرَقْلَ، وَلَهُ بِدِمَشْقٍ دَارٌ عِنْدَ سَقِيفَةِ كُرْدُوسٍ، وَدَارٌ عِنْدَ بَابِ الْجَابِيَةِ، تُعْرَفُ بِبَنِي حُجَيْجَةَ، وَدَارٌ عِنْدَ عَيْنِ الْحِمَى. وَأُمُّهُ عَنَزِيَةٌ، وَكَانَ قَصِيرًا يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْنَا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ، هِشَامٌ وَعَمْرٌو" 1. ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أسلم النَّاسُ، وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ"2. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ صَالِحِي قُرَيْشٍ"3. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ. وَقَالَ ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب: أَخْبَرَنِي سُوَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سُمَيٍّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ يَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي، قَالَ: "إِنَّ الْإِسْلَامَ وَالْهِجْرَةَ يَجُبَّانِ مَا كَانَ قَبْلَهُمَا " 4، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا مَلَأْتُ عَيْنِيَ مِنْهُ وَلَا رَاجَعْتُهُ بِمَا أُرِيدُ، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ حَيَاءً مِنْهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: قَالَ رَجُلٌ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُحِبُّهُ، أَلَيْسَ رَجُلًا صَالِحًا؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: قَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُحِبُّكَ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَكَ، قَالَ: بَلَى، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَحُبًّا كَانَ لِي مِنْهُ، أَوِ اسْتِعَانَةً بِي، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ بِرَجُلَيْنِ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. فَقَالَ الرَّجُلُ: ذَاكَ قَتِيلُكُمْ يَوْمَ صِفِّينَ. قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ فعلنا5.   1 حديث حسن: أخرجه أحمد "2/ 304، 327، 353"، وابن سعد "4/ 191"، والحاكم "3/ 240، 452". 2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 161"، وفيه انقطاع. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي "3845"، وافيه انقطاع. 4 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 204"، وله شاهد من حديث عمرو بن العاص، أخرجه مسلم "121". 5 إسناده صحيح: وأخرجه أحمد "4/ 203". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 وروي أن عمرًا لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى عُمَانَ، فَأَتَاهُ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ بِذَلِكَ. قَالَ ضَمْرَةُ: عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُمَرَ نَظَرَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَمْشِي فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَمِيرًا1. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: ثَنَا أَشْيَاخُنَا أَنَّ الْفِتْنَةَ وَقَعَتْ، وَمَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ نَبَاهَةٌ أَعْمَى فِيهَا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَقَالَ: مَا زَالَ مُعْتَصِمًا بِمَكَّةَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ، حَتَّى كَانَتْ وَقْعَةُ الْجَمَلِ، فَلَمَّا فَرَغَتْ بَعَثَ إِلَى وَلَدَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا، وَلَسْتُمَا بِاللَّذَيْنِ تَرُدَّانِي عَنْ رَأْيِي، وَلَكِنْ أَشِيرَا عَلَيَّ، إِنِّي رَأَيْتُ الْعَرَبَ صَارُوا عِيرَيْنِ يَضْطَرِبَانِ، وَأَنَا طَارِحٌ نَفْسِي بَيْنَ جِدَارَيْ مَكَّةَ، وَلَسْتُ أَرْضَى بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، فَإِلَى أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ أَعْمَدُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَإِلَى عَلِيٍّ. قَالَ: إِنِّي إِنْ أَتَيْتُ عَلِيًّا قَالَ: إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ يَخْلِطُنِي بِنَفْسِهِ، يشركني فِي أَمْرِهِ، فَأَتَى مُعَاوِيَةَ2. وَعَن عُرْوَةَ، أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: دَعَا ابْنَيْهِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَلْزَمَ بَيْتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: أَنْتَ شَرِيفٌ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، وَنَابٌ مِنْ أَنْيَابِهَا، لَا أَرَى أَنْ تَتَخَلَّفَ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: أَمَّا أَنْتَ فَأَشَرْتَ عَلَيَّ بِمَا هُوَ خَيْرٌ لِي فِي آخِرَتِي، وَأَمَّا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ فَأَشَرْتَ عَلَيَ بِمَا هُوَ أَنْبَهُ لِذِكْرِي، ارْتَحِلَا، فَارْتَحَلُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَتَوا رَجُلًا قَدْ عَادَ الْمَرْضَى، وَمَشَى بَيْنَ الْأَعْرَاضِ، يَقُصُّ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً: يَا أَهْلَ الشَّامِ إِنَّكُمْ عَلَى خَيْرٍ وَإِلَى خَيْرٍ، تَطْلُبُونَ بِدَمِ خَلِيفَةٍ قُتِلَ مَظْلُومًا، فَمَنْ عَاشَ مِنْكُمْ فَإِلَى خَيْرٍ. وَمَنْ مَاتَ فَإِلَى خَيْرٍ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا أَرَى الرَّجُلَ إِلَّا قَدِ انْقَطَعَ بِالْأَمْرِ دُونَكَ، قَالَ: دَعْنِي وإياه، ثم إن عمرًا قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ أَحْرَقْتَ كَبِدِي بِقَصَصِكَ، أَتَرَى أَنَّا خَالَفْنَا عَلِيًّا لِفَضْلٍ مِنَّا عَلَيْهِ، لَا وَاللَّهِ، إِنْ هِيَ إِلَّا الدُّنْيَا نَتَكَالَبُ عَلَيْهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَتَقْطَعَنَّ لِي قِطْعَةً مِنْ دُنْيَاكَ، أَوْ لَأُنَابِذَنَّكَ، قَالَ: فَأَعْطَاهُ مِصْرَ، يُعْطِي أَهْلَهَا عَطَاءَهُمْ، وَمَا بَقِيَ فَلَهُ. وَيُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا كَتَبَ إِلَى عَمْرٍو يَتَأَلَّفُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابَ أَقْرَأَهُ مُعَاوِيَةَ وَقَالَ: قَدْ تَرَى، فَإِمَّا أَنْ تُرْضِيَنِي، وَإِمَّا أَنْ أَلْحَقَ بِهِ، قَالَ: فَمَا تريد؟ قال: مصر، فجعلها له.   1 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. 2 إسناده ضعيف: فيه جهالة بعض الرواة. وأورده المصنف في السير "2/ 72". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 وَعَن يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ، أَنَّ الْأَمْرَ لَمَّا صَارَ لِمُعَاوِيَةَ اسْتَكْثَرَ طُعْمَةَ مِصْرَ لِعَمْرٍو، وَرَأَى عَمْرٌو أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ قَدْ صَلُحَ بِهِ وَبِتَدْبِيرِهِ وَعَنَائِهِ، وَظَنَّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَيَزِيدُهُ الشَّامَ مَعَ مِصْرَ، فَلَمْ يَفْعَلْ مُعَاوِيَةُ، فَتَنَكَّرَ لَهُ عَمْرٌو، فَاخْتَلَفَا وَتَغَالَظَا، فَدَخَلَ بَيْنَهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حُديْجٍ، فَأَصْلَحَ أَمْرَهُمَا، وَكَتَبَ بَيْنَهُمَا كِتَابًا: أَنَّ لِعَمْرٍو وِلَايَةَ مِصْرَ سَبْعَ سِنِينَ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِمَا شُهُودًا، ثُمَّ سَارَ عَمْرٌو إِلَيْهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَمَا مَكَثَ نَحْوَ ثَلَاثَ سِنِينَ حَتَّى مَاتَ1. وَيُرْوَى أَنَّ عَمْرًا وَمُعَاوِيَةَ اجْتَمَعَا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَهُ: مَنِ النَّاسُ؟ قَالَ: أَنَا، وَأَنْتَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَزِيَادٌ، قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: أَمَّا أَنْتَ فَلِلتَّأَنِّيَ، وَأَمَّا أَنَا فَلِلْبَدِيهَةِ، وَأَمَّا مُغِيرَةُ فَلِلْمُعْضِلَاتِ، وَأَمَّا زِيَادٌ فَلِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، قَالَ: أَمَّا ذَانِكَ فَقَدْ غَابَا، فَهَاتِ أَنْتَ بِهَدِيَّتِكَ، قَالَ: وَتُرِيدُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ، فَأَخْرَجَهُمْ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُسَارُّكَ، قَالَ: فَأَدْنَى مِنْهُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: هَذَا مِنْ ذَاكَ، مَنْ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ حَتَّى أُسَارُّكَ؟! 2. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ أَنَّ عَمْرًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَلَّدْتُمْ لِقَتْلِ عُثْمَانَ قَرَمَ3 الْإِمَاءِ الْعَوَارِكِ4، أَطَعْتُمْ فُسَّاقَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي عُتْبَةَ، وَأَجْزَرْتُمُوهُ مُرَّاقَ أَهْلِ مِصْرَ، وَآوَيْتُمْ قَتَلَتَهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا تَكَلَّمُ لِمُعَاوِيَةَ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ عَنْ رَأْيِكَ، وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ لَأَنْتُمَا، أَمَّا أَنْتَ يَا مُعَاوِيَةُ فَزَيَّنْتَ لَهُ مَا كَانَ يَصْنَعُ، حَتَّى إِذَا حُصِرَ طَلَبَ مِنْكَ نَصْرَكَ، فَأَبْطَأْتَ عَنْهُ، وَأَحْبَبْتَ قَتْلَهُ وَتَرَبَّصْتَ بِهِ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَمْرُو، فَأَضْرَمْتَ5 الْمَدِينَةَ عَلَيْهِ، وَهَرَبْتَ إِلَى فِلَسْطِينَ تَسْأَلُ عَنْ أَبْنَائِهِ، فَلَمَّا أَتَاكَ قَتْلُهُ أَضَافَتْكَ عَدَاوَةُ عَلِيٍّ أَنْ لَحِقْتَ بِمُعَاوِيَةَ، فَبِعْتَ دِينَكَ مِنْهُ بِمِصْرَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: حَسْبُكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، عَرَّضَنِي لَكَ عَمْرٌو، وعرض نفسه6.   1 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. وأخرجه ابن سعد "4/ 258" في الطبقات الكبرى. 2 أورده المصنف بصيغة التضعيف. 3 قرم: صاحب الشهوة العالبة. 4 العوارك: الحيض. 5 أضرمت: أشعلت. 6 إسناده منقطع: وأخرجه ابن سعد "4/ 258" في الطبقات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 وَكَانَ عَمْرُو مِنْ أَفْرَادِ الدَّهْرِ دَهَاءً، وَجَلَادَةً، وَحَزْمًا، وَرَأْيًا، وَفَصَاحَةً. ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ الْجُمَحِيُّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا رَأَى رَجُلًا يَتَلَجْلَجُ فِي كَلَامِهِ قَالَ: خَالِقُ هَذَا وَخَالِقُ عَمْرَو بْنِ الْعَاصِ وَاحِدٌ1. وَقَالَ مجالد، عن الشعبي، عن قبيصة بن جابر قَالَ: صَحِبْتُ عُمَرَ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَقْرَأَ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْهُ، وَلَا أَفْقَهَ فِي دِينِ اللَّهِ مِنْهُ، وَلَا أَحْسَنَ مُدَارَاةً مِنْهُ، وَصَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَعْطَى لِجَزِيلٍ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، وَصَحِبْتُ مُعَاوِيَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحْلَمَ مِنْهُ، وَصَحِبْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَبْيَنَ -أَوْ قَالَ: أَنْصَعَ- طَرَفًا مِنْهُ، وَلَا أَكْرَمَ جَلِيسًا، وَلَا أَشْبَهَ سَرِيرَةً بِعَلَانِيَةٍ مِنْهُ، وَصَحِبْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَلَوْ أَنَّ مَدِينَةً لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، لَا يُخْرَجُ مِنْ بَابٍ مِنْهَا إِلَّا بِمَكْرٍ لَخَرَجَ مِنْ أَبْوَابِهَا كُلِّهَا2. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبِي: ثَنَا أَبُو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ عَمْرًا كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَقَلَّمَا كَانَ يُصِيبُ مِنَ الْعَشَاءِ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَأْكُلُ فِي السَّحَرِ3. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: وَقَعَ بَيْنَ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَلَامٌ، فَسَبَّهُ الْمُغِيرَةُ، فَقَالَ عَمْرُو: يَا هُصَيْصُ، أَيَسْتَبُّنِي ابْنُ شُعْبَةَ! فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ: إِنَّا للَّهِ، دَعَوْتَ بِدَعْوَى الْقَبَائِلِ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا. فَأَعْتَقَ ثَلَاثِينَ رَقَبَةً4. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَخْبَرَنِي مَوْلًى لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ عَمْرًا أَدْخَلَ فِي تَعْرِيشِ الْوَهْطِ -وَهُوَ بُسْتَانٌ له بالطائف- ألف أَلْفَ عُودٍ، كُلُّ عُودٍ بِدِرْهَمٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَمَاسَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الْوَفَاةُ بَكَى، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: لِمَ تَبْكِي، أجزعًا من الموت؟! قال: لا   1 انظر السابق: وأورده المصنف "2/ 57"، "2/ 73" في السير. 2 إسناده ضعيف: وأخرجه النسوي "1/ 457" في تاريخه، وأورده المصنف "2/ 74" في السير، وفيه مجالد بن سعيد من الضعفاء. 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1096"، وأبو داود "2343"، والترمذي "708"، وأحمد "4/ 197"، والنسائي "4/ 146"، والمرفوع فيه: "إن فصلا بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر". 4 إسناده ضعيف: فيه انقطاع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 والله ولكن لما بعده، قال: قد كُنْتَ عَلَى خَيْرٍ، فَجَعَلَ يُذَكِّرُهُ صُحْبَةَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وفتوحه الشام، فقال عمرو: تركت أفضل من ذلك كله، شهادة أن لا إله إلا الله، إِنِّي كُنْتُ عَلَى ثَلَاثِ أَطْبَاقٍ1، لَيْسَ مِنْهَا طَبَقَةٌ إِلَّا عَرَفْتُ نَفْسِي فِيهَا: كُنْتُ أَوَّلَ شَيْءٍ كَافِرًا، وَكُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَوْ مِتُّ حِينَئِذٍ لَوَجَبَتْ لِيَ النَّارُ، فَلَمَّا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ مِنْهُ حَيَاءً، مَا مَلَأْتُ عَيْنَيَّ مِنْهُ، فَلَوْ مِتُّ حِينَئِذٍ لَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لِعَمْرٍو، أَسْلَمَ عَلَى خَيْرٍ، وَمَاتَ عَلَى خَيْرِ أَحْوَالِهِ، ثُمَّ تَلَبَّسْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ، فَلَا أَدْرِي أَعَلَيَّ أَمْ لِي، فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَلَا يُبْكَى عَلَيَّ وَلَا تُتْبِعُونِي نَارًا، وَشُدُّوا عَلَيَّ إِزَارِي، فَإِنِّي مُخَاصَمٌ، فَإِذَا وَارَيْتُمُونِي فَاقْعُدُوا عِنْدِي قَدْرَ نَحْرِ جَزُورٍ وَتَقْطِيعِهَا، أَسْتَأْنِسُ بِكُمْ، حَتَّى أَعْلَمَ مَا أُرَاجِعُ رُسُلَ رَبِّي2. أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ حُمَيْدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ أَبَاهُ قَالَ حِينَ احْتُضِرَ: اللَّهُمَّ أَمَرْتَ بِأُمُورٍ وَنَهَيْتَ عَنْ أُمُورٍ، تَرَكْنَا كَثِيرًا مما أمرت، ووقعنا في كثير ممن نَهَيْتَ، اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. ثُمَّ أَخَذَ بِإِبْهَامِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يُهَلِّلُ حَتَّى تُوُفِّيَ3. وَقَالَ أَبُو فِرَاسٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: إِنَّ عَمْرًا تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ وَدَفَنَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ. قَالَ اللَّيْثُ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَابْنُ بُكَيْرٍ، وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ، زَادَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: وَسِنُّهُ نَحْوَ مِائَةِ سَنَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: وَعُمْرُهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ سنة. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. فَائِدَةٌ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: ثَنَا الْمُزَنِيُّ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ وَقَدْ أَصْلَحْتُ مِنْ دُنْيَايَ قَلِيلًا، وَأَفْسَدْتُ مِنْ دِينِي كَثِيرًا، فَلَوْ كَانَ مَا أَصْلَحْتُ هُوَ مَا أَفْسَدْتُ لَفُزْتُ، وَلَوْ كَانَ يَنْفَعُنِي أَنْ أَطْلُبَ طَلَبْتُ، وَلَوْ كَانَ يُنْجِينِي أَنْ أَهْرَبَ هَرَبْتُ، فعظني بموعظة   1 ثلاثة أطباق: ثلاثة أحوال. 2 خبر صحيح: أخرجه مسلم "121"، وأبو عوانة "1/ 70، 71". 3 إسناده صحيح: أورده الذهبي في السير "3/ 75". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 أنتفع بها يا ابن أَخِي، فَقَالَ: هَيْهَاتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُقَنِّطُنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، فَخُذْ مِنِّي حَتَّى تَرْضَى1. وَلِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَرَقَةً. 51- عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يكَرِبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُصَمَ بْنِ عَمْرِو بْنِ زُبَيْدٍ، أَبُو ثَوْرٍ الزُّبَيْدِيُّ2. له وفادة على النبي -صلى الله عليه وَسَلَّمَ-، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، وَكَانَ فَارِسًا بَطَلًا ضَخْمًا عَظِيمًا، أَجَشُّ الصَّوْتِ، إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا، وَهُوَ أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَارْتَدَّ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَقِيلَ: كَانَ يَأْكُلُ أَكْلَ جَمَاعَةٍ، أَكَلَ مَرَّةً عَنْزًا رَبَاعِيًا وَثَلَاثَةَ أَصْوُعٍ ذُرَةً3. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: شَهِدَ صِفِّينَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَبْنَاءَ خَمْسِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يكَرِبَ. تُوُفِّيَ عَمْرُو هَذَا فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ. 52- عُمَيْرُ بْنُ سَعْدِ -ت- بْنِ شَهِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ4. صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ مِنْ زُهَّادِ الصَّحَابَةِ وَفُضَلَائِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مَحْمُودٌ، وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: نَسِيجٌ وَحْدَهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى حِمْصَ. وَهِمَ ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: إِنَّهُ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدِ بْنُ عُبَيْدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِيهِ5. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ: وَلِيَ حِمْصَ بَعْدَ سَعِيدِ بْنِ عامر بن حذيم.   1 إسناده منقطع: والخبر ضعيف. 2 انظر: الاستيعاب "2/ 520"، تاريخ الطبري "3/ 132"، والجرح والتعديل "6/ 260"، وأسد الغابة "4/ 132-134"، والإصابة "3/ 18". 3 أورده بصيغة التضعيف. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 375"، التاريخ الكبير "6/ 531"، الجرح والتعديل "6/ 376"، الاستيعاب "3/ 1215"، أسد الغابة "4/ 294". 5 الطبقات الكبرى "4/ 374" لابن سعد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: فَبَقِيَ عَلَى إِمْرَةِ حِمْصَ حَتَّى قُتِلَ عُمَرُ، ثُمَّ نَزَعَهُ عُثْمَانُ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنُ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن عمير بن سعد قال: قال لِيَ ابْنُ عُمَرَ، مَا كَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلَ مِنْ أَبِيكَ1. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنَّ عُمَرَ مِنْ عُجْبِهِ بِعُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ كَانَ يُسَمِّيهِ: نَسِيجٌ وَحْدَهُ2. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبُخَارِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنْبَأَ أَبُو الْكَرَمِ عَلَيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بِهَمَذَانَ، أَنْبَأَ أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَابَةَ، ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَسَدِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دِيزِيلَ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بَعَثَ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ أَمِيرًا عَلَى حِمْصَ، فَأَقَامَ بِهَا حَوْلًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولَهُ، وَقَدْ كُنَّا قَدْ وَلَّيْنَاكَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا أَدْرِي مَا صَنَعْتَ، أَوَفَيْتَ بِعَهْدِنَا، أَمْ خُنْتَنَا، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- فَاحْمِلْ إِلَيْنَا مَا قِبَلَكَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَقْبِلْ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ". قَالَ: فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ مَاشِيًا مِنْ حِمْصَ، وَبِيَدِهِ عُكَّازُهُ، وَإِدَاوَةٌ، وَقَصْعَةٌ، وَجِرَابٌ، شَاحِبًا، كَثِيرَ الشَّعْرِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ قَالَ لَهُ: يَا عُمَيْرُ، مَا هَذَا الَّذِي أَرَى مِنْ سُوءِ حَالِكَ، أَكَانَتِ الْبِلَادُ بِلَادَ سُوءٍ، أَمْ هَذِهِ مِنْكَ خَدِيعَةٌ؟ قَالَ عُمَيْرٌ: يَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَلَمْ يَنْهَكَ اللَّهُ عَنِ التَّجَسُّسِ وَسُوءِ الظَّنِّ؟ أَلَسْتَ تَرَانِي ظَاهِرَ الدَّمِ، صَحِيحَ الْبَدَنِ وَمَعِيَ الدُّنْيَا بِقُرَابِهَا! قَالَ عُمَرُ: مَا مَعَكَ مِنَ الدُّنْيَا؟ قَالَ: مِزْوَدِي أَجْعَلُ فِيهِ طَعَامِي، وَقَصْعَةٌ آكُلُ فِيهَا، وَمَعِي عُكَّازَتِي هَذِهِ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأُجَاهِدُ بِهَا عَدُوًّا إِنْ لَقِيتُهُ، وَأَقْتُلُ بِهَا حَيَّةً إِنْ لَقِيتُهَا. فَمَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا! قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي مَا حَالُ مَنْ خَلَّفْتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: يُصَلُّونَ وَيُوَحِّدُونَ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ أَنْ نسأل عما وراء ذلك.   1 إسناده ضعيف: فيه عنعنة ابن إسحاق، وهو من المدلسين، وأورده المصنف "2/ 559" في السير. 2 إسناده منقطع: أورده المصنف "2/ 559، 560" في السير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 قَالَ: مَا صَنَعَ أَهْلُ الْعَهْدِ؟ قَالَ عُمَيْرٌ: أَخَذْنَا مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ. قَالَ: فَمَا صَنَعْتَ بِمَا أَخَذْتَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: وَمَا أَنْتَ وَذَاكَ يَا عُمَرُ! أَرْسَلْتَنِي أَمِينًا، فَنَظَرْتُ لِنَفْسِي، وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَغُمَّكَ لَمْ أُحَدِّثْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدِمْتُ بِلَادَ الشَّامِ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرْتُهُمْ بِمَا حَقَّ لَهُمْ عَلَيَّ فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَدَعَوْتُ أَهْلَ الْعَهْدِ، فَجَعَلْتُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُجِيبُهُمْ، فَأَخَذْنَاهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَمَجْهُودِيهِمْ، وَلَمْ يَنَلْكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَلَوْ نَالَكَ بَلَّغْنَاكَ إِيَّاهُ. قَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ يَتَبَرَّعُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ وَيَحْمِلُكَ عَلَى دَابَّةٍ، جِئْتَ تَمْشِي، بِئْسَ الْمُعَاهِدُونَ فَارَقْتَ، وَبِئْسَ الْمُسْلِمُونَ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يَقُولُ: "لَتُوطَأَنَّ حُرَمُهُمْ وَلَيُجَارَنَّ عَلَيْهِمْ فِي حُكْمِهِمْ، وَلَيُسْتَأْثَرَنَّ عَلَيْهِمْ بِفَيْئِهِمْ، وَلَيَلِيَنَّهُمْ رِجَالٌ إِنْ تَكَلَّمُوا قتلوهم، وإن سكتوا اجتاحوهم"1. فقال عمير: ما لك يا عمر تفرج بِسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَانْتِهَاكِ مَحَارِمِهِمْ! قَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهُوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ، ثُمَّ يَدْعُو خِيَارَكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"2. ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ قَالَ: هَاتُوا صَحِيفَةً لِنُجَدِّدَ لِعُمَيْرٍ عَهْدًا، قَالَ عُمَيْرٌ: وَاللَّهِ لَا أَعْمَلُ لَكَ، اتَّقِ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاعْفِنِي بِغَيْرِي. وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا مُنْكَرًا. وَرُوِيَ نَحْوَهُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ الْمُفَضَّلُ الْغَلابِيُّ: زُهَّادُ الْأَنْصَارِ ثَلَاثَةٌ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. 53- عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ -م4- بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ الْأُمَوِيُّ، أَبُو عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَانَ، وَيُقَالُ: أَبُو الْوَلِيدِ3. رَوَى عَنْ أُخْتِهِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ حَبِيبَةَ. وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَعَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رباح.   1 حديث منكر: وروا أبو حذيفة في "المبتدأ"، وانظر: السير "2/ 562". 2 انظر السابق. 3 انظر: التاريخ الكبير "7/ 36"، وأسد الغابة "4/ 151"، الإصابة "3/ 82". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 وَلَعَلَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدَ هَذَا الزَّمَانِ، لَكِنَّهُ حَجَّ بِالنَّاسِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ. "حرف الْقَافِ": 54- قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ -د ت ن- بْنِ سِنَانٍ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ الْمِنْقَرِيُّ1. قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَسْلَمَ، وَكَانَ عَاقِلًا حَلِيمًا كريمًا جوادًا شريفًا. قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ"2. وَيُرْوَى أَنَّ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ قِيلَ لَهُ: مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ الْحِلْمَ؟ قَالَ: مِنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ. وَيُقَالُ: إِنَّ قَيْسًا كَانَ مِمَّنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شُرْبَ الْخَمْرِ3. رَوَى عَنْهُ: الْأَحْنَفُ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَشُعْبَةُ بْنُ التَّوْأَمِ، وَابْنُهُ حَكِيمٌ بْنُ قَيْسٍ، وَحَفِيدُهُ خَلِيفَةُ بْنُ حُصَيْنٍ. يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ، وَيُقَالُ: كُنْيَتُهُ أَبُو طَلْحَةَ، وَقِيلَ: أَبُو قَبِيصَةَ. نَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَتُوُفِّيَ عَنِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ذَكَرًا مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ. حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ. "حرف الْكَافِ": 55- كَعْبُ بْنُ مَالِكِ -ع- بْنِ عَمْرِو بْنِ الْقَيْنِ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ السُّلَمِيُّ، أَبُو عبد اللَّهِ، وَيُقَالُ: أبو عبد الرحمن4. شاعر رسول الله -صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَأُحُدًا، وَحَدِيثُهُ فِي تخلفه عن غزوة تبوك في الصحيحين5.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 36"، والتاريخ الكبير "7/ 141"، والجرح والتعديل "7/ 101"، أسد الغابة "4/ 219"، الإصابة "3/ 252". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "7/ 36" في الطبقات الكبرى. 3 أخرجه ابن أبي الدنيا "24" في الحلم، وأورده ابن عبد البر "3/ 232" في الاستيعاب. 4 انظر: التاريخ الكبير "7/ 219"، الجرح والتعديل "7/ 160"، الاستيعاب "3/ 1323"، أسد الغابة "4/ 487"، الإصابة "8/ 304". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 86، 93"، ومسلم "2769". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ، وَعُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، وَحَفِيدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ. ويُروى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ طَلْحَةَ وَكَعْبِ بْنَ مَالِكٍ، وَقِيلَ: بَلْ آخَى بَيْنَ كَعْبٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ1. قَالَهُ عُرْوَةُ. وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ: إِنَّ كَعْبًا قَاتَلَ يَوْمَ أُحُدٍ قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى جُرِحَ سَبْعَةَ عَشْرَ جُرْحًا2. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ شُعَرَاءُ الصَّحَابَةِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الشُّعَرَاءِ مَا أَنْزَلَ، قَالَ: "إِنَّ الْمُجَاهِدَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ تَرْمُونَهُمْ بِهِ نضح النبل" 3. قال ابْنُ سِيرِينَ: أَمَّا كَعْبٌ فَكَانَ يَذْكُرُ الْحَرْبَ وَيَقُولُ: فَعَلْنَا وَنَفْعَلُ وَيُهَدِّدُهُمْ. وَأَمَّا حَسَّانُ فَكَانَ يَذْكُرُ عُيُوبَهُمْ وَأَيَّامَهُمْ. وَأَمَّا ابْنُ رَوَاحَةَ فَكَانَ يعيرهم بالكفر. وقد أسلمت دوس فرقًا مِنْ بَيْتٍ قَالَهُ كَعْبٌ: نُخَيِّرُهَا وَلَوْ نَطقَتْ لَقَالَتْ: ... قَوَاطِعُهُنَّ دَوْسًا أَوْ ثَقِيفًا4 وَعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: "مَا نَسِيَ رَبُّكَ -وَمَا كَانَ نَسِيًّا- بَيْتًا قُلْتَهُ". قَالَ: مَا هُوَ؟ قال: "أَنْشِدْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ"5، فَقَالَ: زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَنْ سَتَغْلِبُ رَبَّهَا ... وَلُيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ عَنِ الْهَيْثَمِ وَالْمَدَائِنِيُّ أن كعبًا مات سنة أربعين.   1 حديث ضعيف: أخرجه ابن إسحاق مرسلا كما في السير "2/ 524". 2 إسناده ضعيف: أخرجه الواقدي "1/ 236" في المغازي. 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "6/ 387"، وعبد الرزاق "20500" في مصنفه. 4 أسد الغابة "4/ 484"، الإصابة "8/ 305". 5 حديث ضعيف: أخرجه ابن منده، وابن عساكر في تاريخ دمشق، كما في الكنز "13/ 581". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ. وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ أَيْضًا: أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِينَ. "حرف اللَّامِ": 56- لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ، بْنِ مَالِكٍ أَبُو عُقَيْلٍ الْهَوَازِنِيُّ الْعَامِرِيُّ1. الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، الَّذِي لَهُ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهُ بَاطِلٌ ... وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلٌ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصْدَقُ كَلِمَةٍ 2 قَالَهَا شَاعِرٌ، كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا اللَّهُ بَاطِلٌ". يُقَالُ: إِنَّ لَبِيدًا عَاشَ مِائَةً وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ شِعْرًا بَعْدَ إِسْلَامِهِ، وَقَالَ: أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهِ الْقُرْآنَ. وَيُقَالُ: قَالَ بَيْتًا وَاحِدًا وَهُوَ: مَا عَاتَبَ الْمَرْءُ الْكَرِيمُ كَنَفْسِهِ ... وَالْمَرْءُ يُصْلِحُهُ الْقَرِينُ الصَّالِحُ وَكَانَ أَحَدُ أَشْرَافِ قَوْمِهِ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَكَانَ لَا تَهُبُّ الصَّبَا إِلَّا نَحَرَ وَأَطْعَمَ. وَكَانَ قَدِ اعْتَزَلَ الْفِتَنَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَى هَذَا الْوَقتِ، بَلْ تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ. وَقِيلَ: مَاتَ يَوْمَ دَخَلَ مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ. وَقَالَ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَوَيْتُ لِلَبِيدٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ. وَلِلَبِيدٍ: وَلَقَدْ سَئِمتُ مِنَ الْحَيَاةِ وَطُولِهَا ... وَسُؤَالِ هَذَا النَّاسِ كيف لبيد3   1 انظر: التاريخ الكبير "7/ 249"، والجرح والتعديل "7/ 181"، والاستيعاب "3/ 324". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 448"، ومسلم "2256"، وأبو داود "5011"، والترمذي "2848"، وابن سعد "6/ 33" في طبقاته. 3 أسد الغابة "4/ 262". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 "حرف الميم": 57- محمد بن مسلمة -ع- بن سَلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَجْدَعَةٍ. وَيُقَالُ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ حُرَيْشٍ الْأَشْهَلِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيدٍ1. شَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ بَعْدَهَا، وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّةً. وَكَانَ رَجُلًا طَوِيلًا، مُعْتَدِلًا، أَسْمَرَ، أَصْلَعَ، عَاشَ سَبْعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَهُوَ حَارِثِيُّ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ2. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مَحْمُودٌ، وَسَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَآخَرُونَ. وَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ عُمَرَ فِي قُدُومِهِ إِلَى الْجَابِيَةِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينه وَبَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَاسْتَخْلَفَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ عَلَى الْمَدِينَةِ3. قُلْتُ: وَكَانَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، مَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا فُسْطَاطُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقُلْتُ: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى النَّاسِ فَأَمَرْتَ وَنَهَيْتَ، فَقَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَكُونُ فُرْقَةٌ وَفِتْنَةٌ وَاخْتِلَافٌ، فَاكْسِرْ سَيْفَكَ وَاقْطَعْ وَتَرَكَ وَاجْلِسْ فِي بَيْتِكَ"4، فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ. وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ؛ إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لا تَضُرُّهُ الْفِتْنَةُ، فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ لَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ، وَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: لَا يَشْتَمِلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْصَارِكُمْ حَتَّى ينجلي الأمر5.   1 انظر الطبقات الكبرى "3/ 443"، والتاريخ الكبير "1/ 239"، والاستيعاب "2/ 1377"، وأسد الغابة "5/ 112"، الإصابة "9/ 131". 2 السير "2/ 370". 3 الطبقات الكبرى "3 443". 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 493"، فيه ابن جدعان، وهو من الضعفاء. 5 خبر صحيح: وأخرجه الحاكم "3/ 433" وصححه، وأقره الذهبي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 وَقَالَ عَبَابَةُ بْنُ رِفَاعَةٍ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مسلمة أسود طويلًا عظيمًا. وقال ابن عيينة: عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عِيسَى قَالَ: أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُشْرَبَةَ بَنِي حَارِثَةَ، فَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ تَرَانِي؟ قَالَ: أَرَاكَ كَمَا أُحِبُّ، وَكَمَا يَجِبْ لَكَ الْخَيْرُ، أَرَاكَ قَوِيًّا عَلَى جَمْعِ الْمَالِ، عَفِيفًا عَنْهُ، عَدْلًا فِي قِسْمَتِهِ، وَلَوْ مِلْتَ عَدَّلْنَاكَ كَمَا يُعَدَّلُ السَّهْمُ فِي الثِّقَافِ. فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي فِي قَوْمٍ إِذَا مِلْتُ عَدَّلُونِي1. وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنَا عُثْمَانُ فِي خَمْسِينَ رَاكِبًا، أَمِيرُنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ نُكَلِّمُ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ مِصْرَ فِي فِتْنَةٍ، فَاسْتَقْبَلَنَا رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَفِي يَدِهِ مُصْحَفٌ، مُتَقَلِّدًا سَيْفًا تَذْرِفُ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: هَا إِنَّ هَذَا يَأْمُرُنَا أَنْ نَضْرِبَ بِهَذَا عَلَى مَا فِي هَذَا، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: اسْكُتْ، فَنَحْنُ ضربنا بهذا على ما في هذا قبلك، وَقَبْلَ أَنْ تُولَدَ2. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفًا فَقَالَ: "جَاهِدْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِئَتَيْنِ يَقْتَتِلَانِ، فَاضْرِبْ بِهِ الْحَجَرَ حَتَّى تَكْسِرَهُ، ثُمَّ كُفَّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ، أَوْ يَدٌ خَاطِئَةٌ"3. فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ خَرَجَ إِلَى صَخْرَةٍ، فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ حَتَّى كَسَرَهُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يُقَالُ لَهُ: حَارِسُ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كُسِرَ سَيْفُهُ اتَّخَذَ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ، وَصَيَّرَهُ فِي الْجَفْنِ فِي دَارِهِ وَقَالَ: عَلَّقْتُهُ أُهَيِّبُ بِهِ ذَاعِرًا4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ وَمَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ، يَعْنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَبَلَغَ رَجُلًا شَقِيًّا مِنْ أهل الأردن جلوس محمد ابن مَسْلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَوْ مُعَاوِيَةَ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ المنزل فقتله5.   1 إسناده منقطع: والخبر ضعيف. وأورده المصنف في السير "2/ 372". 2 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 436" في مستدركه. 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 225": وإسناده مرسل. 4 خبر ضعيف: فيه ابن أبي فروة من الضعفاء. 5 خبر حسن: وأورده المصنف في السير "2/ 373". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَخَلِيفَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ فِي صَفَرٍ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ قَالَ: سَنَةَ سِتٍّ فَقَدْ غَلَطَ. 58- مِدْلَاجُ بْنُ عَمْرٍو، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ1 شَهِدَ بَدْرًا، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: مِدْلَجُ بْنُ عَمْرٍو، حَلِيفٌ لِبَنِي غَنْمِ بْنِ ذَوْدَانَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 59- الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ، الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ2. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ، سَيَأْتِي، وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ. رَوَى عَنْهُ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَغَيْرُهُ. 60- مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ، الرِّيَاحِيُّ3. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. لَا أَعْرِفُهُ، وَلَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. 61- مَعْقِلُ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ -د ن ت- وَيُقَالُ: مَعْقِلُ بْنُ أَبِي مَعْقِلٍ، وَيُقَالُ: مَعْقِلُ بْنُ أُمِّ مَعْقِلٍ، الْأَسَدِيُّ، حَلِيفٌ لَهُمْ4. لَهُ صُحْبَةٌ، حَدِيثُهُ فِي فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ، وَفِي النَّهْيِ عَنِ التَّغَوُّطِ إِلَى الْقِبْلَةِ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْهُ: مَوْلَاهُ أَبُو زَيْدٍ، وَأُمِّ مَعْقِلٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَتُوُفِّيَ فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ. 62- الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ -ع- ابن أَبِي عَامِرِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعْتِبٍ الثَّقَفِيُّ، أَبُو عِيسَى، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أبو محمد5.   1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 98" لابن سعد. 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 364"، والتاريخ الكبير "8/ 16"، والاستيعاب "3/ 482"، أسد الغابة "4/ 353". 3 انظر: الكامل "3/ 281-287". 4 انظر: التاريخ الكبير "7/ 391"، الجرح والتعديل "8/ 285"، أسد الغابة "4/ 398"، الإصبة "3/ 446". 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 284"، "6/ 20"، الجرح والتعديل "8/ 224"، أسد الغابة "4/ 406"، الإصابة "8181"، السر "3/ 21". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، وَكَانَ رَجُلًا طُوَالًا، ذَهَبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ. وَرَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ الرَّيَّانِ، عَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ الْمُغِيرَةُ أَصْهَبَ الشَّعْرِ جِدًّا، يَفْرِقُ رَأْسَهُ فُرُوقًا أَرْبَعَةً، أَقْلَصَ الشَّفَتَيْنِ، مَهْتُومًا، ضَخْمَ الْهَامَةِ، عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. قَالَ: وَكَانَ دَاهِيَةً، يُقَالُ لَهُ: مُغِيرَةَ الرَّأْيِ2. وَعَنِ الشَّعْبِيُّ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ سَارَ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الْكُوفَةِ خَمْسًا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: قَالَ الْمُغِيرَةُ: كُنَّا قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِدِينِنَا، وَنَحْنُ سَدَنَةُ3 اللَّاتِ، فَأَرَانِي لو رأيت قومنا قَدْ أَسْلَمُوا مَا تَبِعْتُهُمْ، فَأَجْمَعَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ الْوُفُودَ عَلَى الْمُقَوْقِسِ، وَإِهْدَاءُ هَدَايَا لَهُ، فَأَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ مَعَهُمْ، فَاسْتَشَرْتُ عَمِّي عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ، فَنَهَانِي وَقَالَ: لَيْسَ مَعَكَ مِنْ بَنِي أَبِيكَ أَحَدٌ، فَأَبَيْتُ وَخَرَجْتُ مَعَهُمْ، وَمَا مَعَهُمْ مِنَ الْأَحْلَافِ غَيْرِي، حَتَّى دَخَلْنَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَإِذَا الْمُقَوْقِسُ فِي مَجْلِسٍ مُطِلٍّ عَلَى الْبَحْرِ، فَرَكِبْتُ زَوْرَقًا حَتَّى حَاذَيْتُ مَجْلِسَهُ، فَنَظَر إِلَيَّ فَأَنْكَرَنِي، وَأَمَرَ مَنْ يَسْأَلُنِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِنَا وَقُدُومِنَا، فَأَمَرَ أَنْ نَنْزِلَ فِي الْكَنِيسَةِ، وَأَجْرَى عَلَيْنَا ضِيَافَةً، ثُمَّ أُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَى رَأْسِ بَنِي مَالِكٍ، فَأَدْنَاهُ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ الْقَوْمِ: أَكُلُّهُمْ مِنْ بَنِي مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِلَّا هَذَا، قَالَ: فَكُنْتُ أَهْوَنَ الْقَوْمِ عَلَيْهِ، وَسُرَّ بِهَدَايَاهُمْ، وَأَعْطَاهُمُ الْجَوَائِزَ، وَأَعْطَانِي شَيْئًا يَسِيرًا، وَخَرَجْنَا، فَأَقْبَلَتْ بَنُو مَالِكٍ يَشْتَرُونَ هَدَايَا لِأَهْلِهِمْ وَهُمْ مَسْرُورُونَ، وَلَمْ يَعْرِضْ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُوَاسَاةً، وَخَرَجُوا وَحَمَلُوا مَعَهُمُ الْخَمْرَ، فَكَانُوا يَشْرَبُونَ وَأَشْرَبُ مَعَهُمْ وَتَأْبَى نَفْسِي أَنْ تَدَعَنِي يَنْصَرِفُونَ إِلَى الطَّائِفِ بِمَا أَصَابُوا، وَيُخْبِرُونَ قَوْمِيَ بِكَرَامَتِهِمْ عَلَى الْمَلِكِ، وَتَقْصِيرِهِ بِي وَازْدِرَائِهِ4 إِيَّايَ، فَأَجْمَعْتُ عَلَى قَتْلِهِمْ، فَتَمَارَضْتُ وَعَصَبْتُ رَأْسِي، فَوَضَعُوا شَرَابَهُمْ، فَقُلْتُ: رَأْسِي يُصْدَعُ، وَلَكِنِّي أَجْلِسُ وَأَسْقِيكُمْ،   1 خبر ضعيف: وأورده المصنف "3/ 21" في السير. 2 السير "3/ 22". 3 سدنة: خدمة وحراس. 4 ازدرائه: احتقاره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 فَجَعَلْتُ أَصْرِفُ لَهُمْ، يَعْنِي لَا أَمْزِجُ، وَأَنْزَعُ الْكَأْسَ، فَيَشْرَبُونَ وَلا يَدْرُونَ، حَتَّى نَامُوا سُكْرًا، مَا يَعْقِلُونَ، فَوَثَبْتُ وَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا، وَأَخَذْتُ مَا مَعَهُمْ، فَقَدَمْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَجِدُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، وَعَلَيَّ ثِيَابُ سَفَرِي، "فَسَلَّمْتُ بِسَلَامِ الْإِسْلَامِ"1، فَعَرَفَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْإِسْلَامِ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِنْ مِصْرَ أَقْبَلْتُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْمَالِكِيُّونَ؟ قُلْتُ: قَتَلْتُهُمْ وَجِئْتُ بِأَسْلَابِهِمْ2 إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُخَمِّسَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا إِسْلَامُكَ فَنَقْبَلُهُ، وَأَمَّا أَمْوَالُهُمْ فَلَا آخُذُ مِنْهَا شَيْئًا، هَذَا غَدْرٌ، وَلَا خَيْرَ فِي الْغَدْرِ"، قَالَ: فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَتَلْتُهُمْ وَأَنَا عَلَى دِينِ قَوْمِي، ثُمَّ أَسْلَمْتُ حَيْثُ دَخَلْتُ عَلَيْكَ السَّاعَةَ، قَالَ: "فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ" 3. قَالَ: وَكَانَ قَدْ قَتَلَ ثَلَاثَةُ عَشَرَ نَفْسًا4، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الطَّائِفِ، فَتَدَاعَوْا لِلْقِتَالِ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا، عَلَى أَنْ تَحَمَّلَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ دِيَةً. قَالَ الْمُغِيرَةُ: وَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى كَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ سَنَةَ سِتٍّ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، وَكُنْتُ أَكُونُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَنْ يَلْزَمُهُ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فِي الصُّلْحِ، فَأَتَاهُ فَكَلَّمَهُ، وَجَعَلَ يَمَسُّ لِحْيَتَهُ، وَأَنَا قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ مُقَنَّعٌ فِي الْحَدِيدِ، فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: كُفَّ يَدَكَ قَبْلَ أَنْ لَا تَصِلَ إِلَيْكَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ، فَمَا أَفَظَّهُ وَأَغْلَظَهُ؟! فَقَالَ: "هَذَا ابْنُ أَخِيكَ الْمُغِيرَةُ"، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا غَسَلْتُ عَنِّي سوءتك إِلَّا بِالْأَمْسِ5. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عُرْوَةُ، وَحَمْزَةٌ، وَعَفَّارٌ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَزِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، وَغَيْرُهُمْ. وَرَوَى الشَّعْبِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةَ قَالَ: أَنَا آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، لما دفن   1 زيادة من الطبقات الكبرى "4/ 286". 2 الأسلاب: ما عليهم من ثياب، وما لهم من سلاح وأموال. 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "121"، وأحمد "4/ 199، 204، 205". 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 285، 286" في طبقاته، وهو من رواية الواقدي، وهو من الضعفاء. 5 جزء من حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 249" وغيره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْقَبْرِ، فَأَلْقَيْتُ خَاتَمِي وَقُلْتُ: يَا أَبَا حَسَنٍ خَاتَمِي، قَالَ: انْزِلْ فَخُذْهُ، قَالَ: فَنَزَلْتُ فَمَسَحْتُ يَدِي عَلَى الْكَفَنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ1. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، فَأَبْغَضُوهُ، فَعَزَلَهُ، فَخَافُوا أَنْ يَرُدَّهُ، فَقَالَ دِهْقَانُهُمْ2: إِنْ فَعَلْتُمْ مَا آمُرُكُمْ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا، قَالُوا: مُرْنَا، قَالَ: تَجْمَعُونَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَذْهَبُ بِهَا إِلَى عُمَرَ فَأَقُولُ: هَذَا اخْتَانَ هَذَا الْمَالَ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، فَجَمَعُوا لَهُ مِائَةَ أَلْفٍ وَأتي بِهَا عُمَرَ، فَدَعَا الْمُغِيرَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: كَذِبٌ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ إنما كانت مائتي ألف، قال: ما حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: الْعِيَالُ وَالْحَاجَةُ، فَقَالَ عُمَرُ لِلدِّهْقَانِ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَأَصْدُقَنَّكَ: وَاللَّهِ مَا دَفَعَ إِلَيَّ شَيْئًا، وَقَصَّ لَهُ أَمْرَهُ3. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُغِيرَةَ وَلِيَ الْبَصْرَةَ وَغَيْرَهَا لِعُمَرَ، وَكَانَ مِمَّنْ قَعَدَ عَنْ علي ومعاوية. وقال ابن أبي عروة، عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ أَبَا بَكْرَةَ، وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ، وَزِيَادًا، وَنَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ، سِوَى زِيَادٌ، أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يُولِجُهُ وَيُخْرِجُهُ، يَعْنِي يَزْنِي بِامْرَأَةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: وَأَشَارَ إِلَى زِيَادٍ: إِنِّي أَرَى غُلَامًا لَسِنًا لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، وَلَمْ يَكُنْ لِيَكْتُمَنِي شَيْئًا، فَقَالَ زِيَادٌ: لَمْ أَرَ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ، وَلَكِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رِيبَةً وَسَمِعْتُ نَفَسًا عَالِيًا، قَالَ: فَجَلَدَ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ4. وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: غَضِبَ عَلَيْكَ اللَّهُ كَمَا غَضِبَ عُمَرُ عَلَى الْمُغِيرَةَ، عَزَلَهُ عَنِ الْبَصْرَةِ فَوَلَّاهُ الْكُوفَةَ. قُلْتُ: وَقَدْ غَزَا الْمُغِيرَةَ بِالْجُيُوشِ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي إِمْرَتِهِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ لِعَلِيٍّ: ابْعَثْ إِلَى مُعَاوِيَةَ عَهْدَهُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اخْلَعْهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ فَاعْتَزَلَهُ الْمُغِيرَةُ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا اشْتَغَلَ علي   1 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 302، 303" وغيره، وفيه مجالد بن سعيد من الضعفاء، ولكنه توبع من عاصم الأحول، كما في السير "3/ 26"، ولكن فيه انقطاع. 2 الدهقان: كبير القوم، أو رئيس القرية. 3 حديث حسن: وأورده المصنف "2/ 26، 27" في السير. 4 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وأورده المصنف في السير "2/ 27" وقال: ذكر القصة سيف بن عمر، وأبو حذيفة البخاري مطولة بلا سندي. قلت: كلاهما تالف، فلا يعول عليه يحال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 وَمُعَاوِيَةُ، فَلَمْ يَبْعَثُوا إِلَى الْمَوْسِمِ أَحَدًا، جَاءَ الْمُغِيرَةُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَدَعَا لِمُعَاوِيَةَ1. قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُنْعَزِلًا بِالطَّائِفِ، فَافْتَعَلَ كِتَابًا عَامَ الْجَمَاعَةِ بِإِمْرَةِ الْمَوْسِمِ، فَقَدِمَ الْحَجَّ يَوْمًا خَشْيَةَ أَنْ يَجِيءَ أَمِيرٌ، فَتَخَلَّفَ عَنْهُ ابْنُ عُمَرَ، وَصَارَ مُعْظَمُ النَّاسِ مَعَ ابْنِ عُمَرَ2. قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ نَافِعٌ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ غَادُونَ مِنْ مِنًى، وَاسْتَقْبَلُونَا مُفِيضِينَ مِنْ جَمْعٍ، فَأَقَمْنَا بَعْدَهُمْ لَيْلَةً. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: دَعَا مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَهُمَا بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَعِنِّي عَلَى الْكُوفَةِ، قَالَ: فَكَيْفَ بِمِصْرَ؟ قَالَ: اسْتَعْمِلْ عَلَيْهَا ابْنَكَ عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ: فَنَعَمْ إِذَنْ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ طَوَّقَهُمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَكَانَ مُعْتَزِلًا بِالطَّائِفِ، فَنَاجَاهُ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَهُ: تُؤَمِّرُ عَمْرًا عَلَى الْكُوفَةِ وَابْنَهُ عَلَى مِصْرَ، وَتَكُونُ كَقَاعِدَةٍ بَيْنَ لَحْيَيِ الْأَسَدِ! قَالَ: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَنَا أَكْفِيكَ الْكُوفَةَ، قَالَ: فَافْعَلْ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرٍو حِينَ أَصْبَحَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ وَنَسْتَوْحِشُ إِلَيْكَ، فَفَهِمَهَا عَمْرُو فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمِيرِ الْكُوفَةِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَاسْتَعِنْ بِرَأْيِهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى الْمَكِيدَةِ، وَاعْزِلْ عَنْهُ الْمَالَ، كَانَ مَنْ قَبْلَكَ عُمَرُ وَعُثْمَانَ قَدْ فَعَلَا ذَلِكَ، قَالَ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَمَّرْتُكَ عَلَى الْجُنْدِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ ذَكَرْتُ سُنَّةَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَبْلِي، قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: قَدْ عُزِلَتِ الْأَرْضُ عَنْ صَاحِبِكُمْ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: إِنَّ الْمُغِيرَةَ أَحْصَنَ أَرْبَعَةً مِنْ بَنَاتِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ4. وَعَنِ الشَّعْبِيُّ قَالَ: دُهَاةُ الْعَرَبِ: مُعَاوِيَةُ، وَالْمُغِيرَةُ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَزِيَادٌ. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ امْرَأَةٍ5. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ نَكَّاحًا للنساء، ويقول: صاحب المرأة إن   1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وأورده المصنف في السير "2/ 29". 2 إسناده منقطع: وهو خبر ضعيف. 3 السير "3/ 30". 4، 5 السير "3/ 30، 31". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 مَرِضَتْ مَرِضَ، وَإِنْ حَاضَتْ حَاضَ، وَصَاحِبُ الْمَرْأَتَيْنِ بَيْنَ نَارَيْنِ تَشْتَعِلَانِ، وَكَانَ يَنْكِحُ أَرْبَعًا، ثُمَّ يُطَلِّقْهُنَّ جَمِيعًا1. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ تَحْتَ الْمُغِيرَةِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَصَفَّهُنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ: أَنْتُنَّ حِسَانُ الْأَخْلَاقِ، طَوِيلَاتُ الْأَعْنَاقِ، وَلَكِنِّي رَجُلٌ مِطْلَاقٌ، فَأَنْتُنَّ الطُلَّاقُ2. الْمُحَارِبِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يخطب في العيد على بعير، وَرَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ3. مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ: ثَنَا دَاوُدُ بْنُ خُلْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ خَضَبَ بِالسَّوَادِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. أَبُو عَوَانَةَ، وَمِسْعَرٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةٍ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ يَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا لِأَمِيرِكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعَافِيَةَ4. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: رَأَيْتُ زِيَادًا وَاقِفًا عَلَى قَبْرِ الْمُغِيرَةَ، وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ تَحْتَ الْأَحْجَارِ حَزْمًا وَعَزْمًا ... وَخَصِيمًا أَلَدَّ ذَا مِعْلَاقٍ حَيَّةٌ فِي الْوِجَارِ أَرْبَدُ لَا ينف ... ع مِنْهُ السَّلِيمَ نَفْثَةُ رَاقٍ5 قالْوَا: تُوُفِّيَ الْمُغِيرَةُ بِالْكُوفَةِ أَمِيرًا عَلَيْهَا سَنَةَ خَمْسِينَ، زَادَ بَعْضُهُمْ: فِي شَعْبَانَ. 63- الْمَغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلِ، بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ6. وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قبل الْهِجْرَةِ أَوْ بَعْدَهَا، كُنْيَتُهُ أَبُو يَحْيَى. تَزَوَّجَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بِأُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ. فَأَوْلَدَهَا يَحْيَى، وَكَانَ قَدْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. وَكَانَ شَدِيدَ الْقُوَّةِ، وَهُوَ الَّذِي أَلْقَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ بِسَاطًا لَمَّا رَآهُ يَحْمِلُ عَلَى النَّاسِ، ثم احتمله وضرب به   1 خبر ضعيف: السير "3/ 31"، البداية والنهاية "8/ 49". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 31" وسنده منقطع. 3 خبر حسن: وأخرجه ابن سعد "6/ 20" في الطبقات الكبرى. 4 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "6/ 21" بنحوه، والسير "3/ 31". 5 أسد الغابة "5/ 249"، السير "3/ 32". 6 انظر: الطبقات اكبرى "5/ 22، 23"، والتاريخ الكبير "7/ 318"، والجرح والتعديل "8/ 231"، وأسد الغابة "4/ 407، 408"، والإصابة "3/ 453". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 الْأَرْضَ، وَأَخَذَ مِنْهُ السَّيْفَ. لَهُ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَوَاهُ أَوْلَادُهُ عَنْهُ. وَذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الصَّحَابَةِ1. "حرف النُّونِ": 64- نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبِ، -4- بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ2. صَاحِبُ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَهُ رِوَايَةُ أَحَادِيثَ يَسِيرَةٍ، وَشَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ. رَوَى عَنْهُ عُروَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، وَيُقَالُ: أَنَّهُ خُزَاعِيُّ، وَلَيْسَ بشيء. 65- نعيمان بْنُ عَمْرِو، بْنِ رِفَاعَةَ الْأَنْصَارِيُّ3، مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ. هُوَ صَاحِبُ الْحِكَايَاتِ الظَّرِيفَةِ وَالْمِزَاحِ، شَهِدَ بَدْرًا. يُقَالُ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. اسْمُهُ النُّعْمَانُ. 66- نُعَيْمُ بْنُ هَمَّارٍ، -د ن- وَيُقَالُ: ابْنُ هَبَّارٍ، وَقِيلَ فِي أَبِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، الْغَطَفَانِيُّ4. شَامِيٌّ لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، وَقَيْسٌ الْحِذَامِيُّ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، فَلِهَذَا وَهِمَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: هُوَ تَابِعِيٌّ. 67- النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ، -م4- الْكِلَابِيُّ الْعَامِرِيُّ5. سَكَنَ الشَّامَ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.   1 الاستيعاب "3/ 386"، وأسد الغابة "4/ 408". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 314"، التاريخ الكبير "8/ 106، 107"، أسد الغابة "5/ 4، 5"، والاستيعاب "3/ 571، 572". 3 انظر: التاريخ الكبير "8/ 128"، والاستيعاب "3/ 573"، وأسد الغابة "5/ 26"، والإصابة "3/ 569". 4 انظر: الاستيعاب "3/ 558"، وأسد الغابة "5/ 35"، والإصابة "3/ 569". 5 انظر: التاريخ الكبير "8/ 126"، والجرح والتعديل "8/ 507"، والاستيعاب "3/ 569"، وأسد الغابة "5/ 45"، والإصابة "3/ 576". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 "حرف الْوَاوِ": 68- وَائِلُ بْنُ حُجْرِ، -م4- بْنُ سعد، هُنَيْدَةَ الْحَضْرَمِيُّ1. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ لَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَلْقَمَةُ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ، وَوَائِلُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَكُلَيْبُ بْنُ شِهَابٍ، وَآخَرُونَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ عَلَى رَايَةِ حَضْرَمَوْتَ بِصِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ2. وَرَوَى سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْطَعَهُ أَرْضًا، وَأَرْسَلَ مَعَهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ لِيُعَرِّفَهُ بِهَا. قَالَ: فَقَالَ لِي مُعَاوِيَةُ: أَرْدِفْنِي خَلْفَكَ، فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَا تَكُونُ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ، قَالَ: أَعْطِنِي نَعْلَكَ، فَقُلْتُ: انْتَعِلْ ظِلَّ النَّاقَةِ. فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ أَتَيْتُهُ، فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ فَذَكَّرَنِي الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَيْتَنِي كُنْتُ حَمَلْتُهُ بَيْنَ يَدَيَّ3. 69- وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ، -خ د ق- الْحَبَشِيُّ الْعَبْدُ، مَوْلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ4، وَقِيلَ: مَوْلَى ابْنِهِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ. هُوَ قَاتِلُ حَمْزَةَ، وَقَاتِلُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. لَمَّا أَسْلَمَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي" 5. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ حَرْبٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ. وَسَكَنَ حِمْصَ. "الْكُنَى": 70- أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ، اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ سُفْيَانَ، وَقِيلَ: عَمْرُو بن عبد الله بن   1 انظر: التاريخ الكبير "8/ 175"، والاستيعاب "3/ 646"، وأسد الغابة "5/ 81"، والإصابة "3/ 628". 2 السير "2/ 574". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 399". 4 انظر: الجرح والتعديل "9/ 45"، أسد الغابة "5/ 83، 84"، والاستيعاب "3/ 644". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 129"، وأحمد "3/ 501"، والواحدي "194" في أسباب النزول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 سُفْيَانَ1، وَيُقَالُ غَيْرُ ذَلِكَ. لَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَمِيرًا عَلَى كُرْدُوسٍ، وَكَانَ أَمِيرَ الْمَيْسَرَةِ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعَمْرٌو الْبِكَالِيُّ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مسلم: ثنا عثمان بن حصن، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ: غَزَا أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ قُبْرُسَ ثَانِيًا سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وعن سنان بن مالك أنه قال لأبي الأعور: إن الأشتر يدعوك إلى مبارزته، فسكت طويلًا ثم قال: إن الأشتر، خفته وسوء رأيه، حملاه على إجلاء عمال عثمان من العراق، ثم سار ألى عثمان، فأعان على قتله، لا حاجة لي بمبارزته. تُوُفِّيَ أَبُو الأعور فِي خلافة مُعَاوِيَة؛ لأني وجدت جَرِيرُ بْنُ عُثْمَان رَوَى عَن عَبْد الرحمن بن أبي عوف الجرشي قال: لما بايع الحسن معاوية قال له عمرو بن العاص وأَبُو الأعور عمرو بن سفيان السلمي: لَوْ أمرت الْحَسَن فتكلم عَلَى النَّاس عَلَى المنبر عيي عَن المنطق، فيزهد فِيهِ النَّاس، فقال معاوية: لا تفعلوا، فوالله لقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمص لسانه وشفته، فأَبُوا عَلَى مُعَاوِيَة2. وذكر الحديث، تقدم. 71- أَبُو بُرْدة بن نيار، -ع- بن عمرو بن عُبيد3. اسمه هانئ حليف الأنصار، وَهُوَ بدْري شهد بدرًا والمشاهد بَعْدَها. رَوَى عَنْهُ: ابن أخته البَرَاء بن عازب، وجابر بن عَبْد اللَّهِ، وبشير بن يَسَارٍ، وغيرهم. تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَة اثنتين وَأَرْبَعِينَ. 72- أم حبيبة أم المؤْمِنِينَ بِنْت أَبِي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموية، اسمها رملة4.   1 انظر: التاريخ الكبير "6/ 336"، والجرح والتعديل "6/ 234"، وأسد الغابة "5/ 138"، والإصابة "2/ 540، 541". 2 سبق تخريجه. 3 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 451"، والتاريخ الكبير "8/ 227"، والجرح والتعديل "9/ 99"، والاستيعاب "4/ 17". 4 السير "2/ 35". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 رَوَى عنها: أخواها مُعَاوِيَة، وعنبسة، وابن أخيها عَبْد اللَّهِ بن عُتبة، وعُرْوة، وأَبُو صالح السَمَان، وصفيَة بِنْت شيبة، وجماعة. وقد تزوجها أولًا عُبيد اللَّه بن جحش بن رباب الأسدي، حليف بني عَبْد شمس، فولدت مِنْهُ حبيبة بأرض الحبشة في الهجرة، ثُمَّ تُوُفِّيَ عبيد اللَّه وقد تنصّر بالحبشة، فكاتب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النجاشي، فزوّجها بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصدق عَنْهُ أربعمائة دينار في سَنَة ستٍ، وَكَانَ الذي ولي عقد النكاح خالد بن سَعِيد بن العاص بن أمية، وَدَخَلَ بِهَا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة سبع، وعمرها يومئذ بضع وثلاثون سَنَة1. قَالَ عُروة، عَن أم حبيبة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تزوجها وَهِيَ بالحبشة، زوّجها إياه النجاشي، ومهرها أربعة آلاف درهم من عنده، وبعث بِهَا مع شُرَحْبيل بن حسنة إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجهازها كله من عند النجاشي2. وَقَالَ حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب: 33] قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاصَّةً3. قَالَ الْوَاقدي والفسوي وأَبُو القاسم: توفيت أم حبيبة سَنَة أربع وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ المفضل الغلابيّ: توفيت سَنَة اثنتين وَأَرْبَعِينَ. ووَهم من قَالَ: توفيت قبل مُعَاوِيَة بسنة، إِنَّمَا تلك أم سلمة. توفيت أم حبيبة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- بالمدينة عَلَى الصحيح، وقيل: توفيت بدمشق، وكانت قَدْ أتتها تزور أخاها4. 73- أَبُو حثَمة، والد سهل بن أَبِي حثمة الْأَنْصَارِيّ الحارثي، اسمه عامر بن ساعدة5. شهد الخندق وَمَا بَعْدَها، وبعثه النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وعمر خارصًا6 إلى خيبر   1 السير "2/ 219". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "2107"، والنسائي "6/ 119"، وأحمد "6/ 427". 3 حديث حسن: وأخرجه الواحدي "733"، "734" في أسباب النزول من طريق آخر. 4 السير "2/ 222". 5 انظر: الاستيعاب "4/ 41"، وأسد الغابة "5/ 169"، الإصابة "4/ 42". 6 الخارص: هو من يحرز، ويحصي التمر المزروع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 غير مرة. تُوُفِّيَ في أول خلافة مُعَاوِيَة. 74- أَبُو رفاعة، -م ن- العدوي1. لَهُ صُحبة ورواية، عداده في البصْريين. رَوَى عَنْهُ: حُمَيد بن هلال، ومحمد بن سِيرين، وصلة بن أشيم، وغيرهم. قَالَ خَلِيفَة: وَهُوَ من فضلاء الصحابة، اسمه عَبْد اللَّهِ بن الحارث بن أسد، من بني عدي الرباب، وقيل: اسمه تميم بن أسَيْد، أخباره في الطبقات، علقتها في منتقى الاستيعاب. وَكَانَ صاحب ليل وعبادة وغزو، استشهد في سرية عليهم عَبْد الرَّحْمَنِ بن سَمُرَة، تهجد فنام عَلَى الطريق فذُبح غيلة2، 3. 75- أَبُو الغادية الجهني، وَجُهَينة قبيلة من قُضاعة، اسمه يَسَارُ بن أزهر -وقيل: ابن سبع- المزني، وقيل: اسمه مسلم4. وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبايعه. وَرَوَى عَنْهُ: ابنه سعد، وكلثوم بن جبر، وخالد بن مَعْدان، والقاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وغيرهم. وَقَالَ ابن عَبْد البر: أدرك النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ غُلَامٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وغيره: هُوَ قاتل عمّار بن ياسر يَوْم صِفّين. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: ثَنَا كُلْثُومُ بن جبر، عن أبي الغادية قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَشْتِمُ عُثْمَانَ، فَتَوَعَّدْتُهُ بِالْقَتْلِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ طَعَنْتُهُ، فوقع، فقتلته5.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 68"، والاستيعاب "4/ 67"، وأسد الغابة "1/ 214"، "5/ 193"، الإصابة "كنى/ 410"، السير "3/ 14". 2 غيلة: غدرا. 3 الطبقات الكبرى "7/ 69"، والسير "3/ 15". 4 انظر: الاستيعاب "4/ 1725"، وأسد الغابة "6/ 237"، السير "2/ 544"، الإصابة "11/ 289". 5 إسناده منقطع، وأخرجه أحمد "4/ 76، 198". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 76- أم كلثوم، بِنْت أَبِي بكر الصديق1. تزوجها طلحة بن عُبَيد اللَّه، وَهِيَ أم عائشة بِنْت طلحة. مولدها بَعْدَ موت أَبِي بكر، وتزوجت بَعْدَ طلحة برجل مخزومي، وَهُوَ عَبْد الرَّحْمَنِ ولد عَبْد اللَّهِ بن أَبِي ربيعة بن المغيرة، فولدت لَهُ أربعة أولاد. 77- أُمُّ كُلْثُومَ، بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط2. لها حديث في الصحيحين. وَهِيَ أخت عُثْمَان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لأمه، من المهاجرات الأُوَلُ. لها ترجمة أيضًا في الطبقات لابن سعد. 78- أم كُلْثوم بِنْت عَلِيّ بن أَبِي طالب الهاشمية3. ولدت في حياة جدها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتزوجها عمر وَهِيَ صغيرة، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْم الْقِيَامَةِ إِلَّا سببي ونسبي"4. فَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ5. وعَبْد اللَّهِ ضعيف الحديث. قَالَ الزُهري وغيره: ولدت لَهُ زيدًا. وَقَالَ ابن إِسْحَاق: تُوُفِّيَ عنها عمر، فتزوجت بعون بن جعفر بن أَبِي طالب، فحدثني أَبِي قَالَ: دَخَلَ الْحَسَن والحسين عليها لَمَّا مات عمر فقالا: إن مكَنت أباك من ذمَتك أنكحك بعض أيتامه، ولئن أردت أن تصيبي بنفسك مالًا عظيمًا لتصيبنه، فلم يزل بِهَا عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حَتَّى زوجها بعون فأحبته، ثُمَّ مات عنها6.   1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 462"، وأسد الغابة "5/ 611"، والإصابة "4/ 493". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 462"، وأسد الغابة "5/ 611"، والإصابة "4/ 493". 3 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 463"، الاستيعاب "1954"، وأسد الغابة "7/ 387"، والإصابة "4/ 492". 4 حديث صحيح لغيره: أخرجه ابن سعد "8/ 463" في طبقاته، والحاكم "3/ 142"، والبزار، والطبراني كما في المجمع "9/ 173"، وله شواهد. 5 السير "3/ 501". 6 خبر ضعيف: إسناده منقطع. وأورده ابن الأثير "7/ 388" في أسد الغابة، والمصنف "3/ 501" في السير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 قَالَ ابن إِسْحَاق: فزوجها أَبُوها بمحمد بن جعفر، فمات عنها، ثم زوجها بعبد اللَّه بن جعفر، فماتت عنده. قلت: وَلَمْ يجئها ولد من الإخوة الثلاثة. وَقَالَ الزهري: وَلدَت جارية من محمد بن جعفر اسمها نبتة. وَقَالَ غيره: ولدت لعمر زيدًا ورُقية، وقد انقرضا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: جئت وقد صَلَّى عَبْد اللَّهِ بن عمر عَلَى أخيه زيد بن عمر، وأمه أم كلثوم بِنْت عَلِيّ1. وَقَالَ حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، إن أم كلثوم وزيد بن عمر ماتا فكفنا، وصلى عليهما سَعِيد بن العاص، يعني إذ كَانَ أمير المدينة2. قَالَ ابن عَبْد البر: إن عمر قَالَ لعلي: زوجنيها أبا حَسَن، فإني أرصد من كرامتها مَا لَا يرصده أحد، قَالَ: فأنا أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتكها، يَعْتَلُّ بصغَرهَا، قَالَ: فبعثها إليه ببرده وَقَالَ لها: قولي لَهُ: هَذَا البرد الذي قلت لك، فقالت لَهُ ذلك، فَقَالَ: قولي لَهُ: قد رضيت، رضي اللَّه عنك، ووضع يده عَلَى ساقها فكشفها، فقالت: أتفعل هَذَا؟ لَوْلا أنك أمير المؤْمِنِينَ لكسرت أنفك، ثُمَّ مضت إِلَى أبيها فأخبرته وقالت: بعثتني إِلَى شيخ سوء، قَالَ: يَا بُنية إِنَّهُ زوجك3. رَوَى نحوًا من هَذَا سفيان بن عُيينة، عَن عمر بن دينار، عَن محمد بن عَلِيّ. 79- أَبُو موسى الأشعري هُوَ عَبْد اللَّهِ بن قيس بن سليم بن حضّار اليماني4، صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قدِم عَلَيْهِ مسلما سَنَة سبع، مع أصحاب السفينتين من الحبشة، وَكَانَ قِدم مكة، فحالف بِهَا أبا أحَيحة سَعِيد بن العاص، ثُمَّ رجع إِلَى بلاده، ثُمَّ خرج منها في خَمْسِينَ من قومه قَدْ أسلموا، فألقتهم سفينتهم والرياح إِلَى أَرْضِ الحبشة، فأقاموا عند جعفر بن أَبِي طالب، ثم قدموا معه.   1 خبر صحيح: وأخرجه البخاري "1/ 102" في الصغير مختصرًا، وابن سعد في الطبقات الكبرى "8/ 464". 2 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "8/ 464، 465" في طبقاته. 3 خبر صحيح: وسبق تخريجه. 4 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 344"، التاريخ الكبير "5/ 22"، الاستيعاب "3/ 979"، وأسد الغابة "3/ 367"، والإصابة "6/ 194". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا موسى عَلَى زبيد وعدن، ثُمَّ ولي الْكُوفَة والْبَصْرَة لعمر. وحفظ عَن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكثير، وَعَن أَبِي بكر، وعمر، ومُعاذ، وأبي بن كعب، وَكَانَ من أجِلاء الصحابة وفضلائهم1. رَوَى عَنْهُ: أنس، وَرِبْعي بن حِراش، وسَعِيد بن المسيب، وزَهدم الجرمي، وخلق كثير، وبنوه أَبُو بكر، وأَبُو بردة، وَإِبْرَاهِيم، وموسى. وفُتحت أصبهان عَلَى يده وتُسْتر وغير ذلك، وَلَمْ يكن في الصحابة أطيب صوتًا مِنْهُ. قَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: حدثني أَبُو يوسف صاحب مُعَاوِيَة، أن أبا موسى قِدم عَلَى مُعَاوِيَة، فنزل في بعض الدُور بدمشق، فخرج مُعَاوِيَة من الليل يتسمع قراءته2. وَقَالَ الهيثم بن عدي: أسلم أَبُو موسى بمكة، وهاجر إِلَى الحبشة. وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن بُرَيدة كَانَ أَبُو موسى قصيرًا أثطَ3 خفيف الجسم4 وَلَمْ يذكره ابن إِسْحَاق فيمن هاجر إِلَى الحبشة وَقَالَ أَبُو بُرْدَة، عَن أَبِي موسى قَالَ: قَالَ لنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قدِمْنا حين افتتحت خيبر: "لَكُمُ الْهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَهَاجَرْتُمْ إلي" 5. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ أَرَقُّ قُلُوبًا لِلْإِسْلَامِ مِنْكُمْ"، قَالَ: فَقَدِمَ الْأَشْعَرِيُّونَ، فِيهِمْ أَبُو مُوسَى، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ جَعَلُوا يَرْتَجِزُونَ: غَدًا نَلْقَى الْأَحِبَّةْ ... مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ   1 السير "2/ 381، 382". 2 خبر حسن: وانظر السير "2/ 382". 3 أثط: خفيف شعر اللحية. 4 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "4/ 105" في الطبقات الكبرى، وأورده الذهبي "2/ 383" في السير. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 371، 372"، ومسلم "2502"، وأحمد "4/ 395، 412"، وابن سعد "4/ 106"، في الطبقات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 فَلَمَّا أَنْ قَدِمُوا تَصَافَحُوا، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الْمُصَافَحَةَ1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا عِيَاضٌ الأَشْعَرِيُّ، عَنْ أبي موسى قال: لما نزل: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمْ قَوْمُكَ يَا أَبَا مُوسَى"2. صححه الحَاكم. وعياض نَزَلَ الْكُوفَة، مختَلف في صحبته، بقي إِلَى بَعْدَ السبعين، رواه ثقات، عَن شُعْبة بن سِماك، عَن عياض فَقَالَ: عَن أَبِي موسى. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ قَائِمٌ، وَإِذَا رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي، فَقَالَ لِي: "يَا بُرَيدَةُ أَتُرَاهُ يُرَائِي"، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ مُنِيبٌ"، ثُمَّ قَالَ: "لَقَدْ أُعْطِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرَ دَاوُدَ" 3، فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ أَبُو مُوسَى، فَأَخْبَرْتُهُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، فِي قِصَّةِ جَيْشِ أَوْطَاسٍ4 أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا" 5. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِنْ مَزَامِيرَ آلِ دَاوُدَ" 6. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَرَأَ أَبُو مُوسَى لَيْلَةً فَقَامَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَمِعْنَ لِقِرَاءَتِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: لو علمت لحبرته تحبيرًا ولشوقت تشويقًا7.   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "3/ 155، 222"، "3/ 251، 262"، وابن سعد "4/ 106" في طبقاته. 2 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 107"، في طبقاته، والحاكم "2/ 313"، وصححه، وأقره الذهبي. 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "793"، وأحمد "5/ 349". 4 أوطاس: المراد غزوة حنين. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 34"، ومسلم "2498". 6 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 450"، والنسائي "2/ 180"، وابن ماجه "1341". 7 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 108" في الطبقات الكبرى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 وقال أبو البختري: سَأَلْنَا عَلِيًّا عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَن أَبِي مُوسَى فَقَالَ: صُبِغَ فِي الْعِلْمِ صِبْغَةً ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ. وَقَالَ الأعلم بن يزيد: لَمْ أر بالْكُوفَة أعلم من عَلِيّ وأبي موسى. وَقَالَ مسروق: كَانَ القضاء في أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ستة: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي، وزيد بن ثابت، وأبي موسى1. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قضاة هَذِهِ الأمة أربعة: عمر، وعلي، وزيد بن ثابت، وأَبُو موسى2. وَقَالَ الْحَسَن: مَا قدِم الْبَصْرَةَ راكبٌ خيرٌ لأَهْلها من أَبِي موسى3. وَقَالَ قَتَادة: بلغ أبا موسى أن ناسًا يمنعهم من الجمعة أنه ليس لهم ثياب، قَالَ: فخرج عَلَى النَّاس في عباءة. وَقَالَ ابن شَوذَب: دَخَلَ أَبُو موسى الْبَصْرَةَ عَلَى جمل أورق، وعليه خَرَج لَمَّا عُزل. قلت: عزله عُثْمَان عنها، وأمر عليها عَبْد اللَّهِ بن عامر. وَقَالَ أَبُو بُرْدة: سمعت أَبِي يقسم باللَّه أَنَّهُ مَا خرج حين نزع عن البصرة إلا بستمائة درهم. وَقَالَ أَبُو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ: كَانَ عمر ربّما قَالَ لأبي موسى: ذكرنا يَا أبا موسى، فيقرأ. وَقَالَ أَبُو عُثْمَان النهدي: مَا سمعت مزمارًا وَلَا طنبورًا وَلَا صنجًا4 أحسن من صوت أَبِي موسى، إن كَانَ ليُصلي بنا، فنودّ أَنَّهُ قرأ "البقرة" من حُسْن صوته. رواه سليمان التيمي، عَن أبي عثمان5.   1 خبر صحيح: أخرجه أبو زرعة "504"، برقم "1922" في تاريخ دمشق، وأورده المصنف "2/ 388" في السير. 2 السير "2/ 389". 3 السابق "2/ 390". 4 الصنج: هو قرص مدور من نحاس يضرب به على آخر، فيحدث صوتا ذا رنين. 5 السير "2/ 392". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 وَعَن أَبِي بُردة قَالَ: كَانَ أَبُو موسى لَا تكاد تلقاه في يَوْم حارّ إِلَّا صائمًا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتَهَدَ الأَشْعَرِيُّ قَبْلَ مَوْتِهِ اجْتِهَادًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ رَفَقْتَ بِنَفْسِكَ؟ قَالَ: إِنَّ الْخَيْلَ إِذَا أُرْسِلَتْ فَقَارَبَتْ رَأْسَ مَجْرَاهَا أَخْرَجَتْ جَمِيعَ مَا عِنْدَهَا، وَالَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجَلِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ1. وَقَالَ أَبُو صالح بن السَمَان: قَالَ عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- في أمر الحَكَمين: يَا أبا موسى أحكم وَلَوْ عَلَى حَزِّ عُنُقي. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ الْبَكْرِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ: سَلامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَدْ بَايَعَنِي عَلَى مَا أُرِيدُ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ بَايَعْتَنِي عَلَى الَّذِي بَايَعَنِي عَلَيْهِ، لأَسْتَعْمِلَنَّ أَحَدَ ابْنَيْكَ عَلَى الْكُوفَةَ وَالآخَرَ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَلا يُغْلَقُ دُونَكَ بَابٌ، وَلا تُقْضَى دُونَكَ حَاجَةٌ، وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَيْهِ بِخَطِّ يَدِي، فَاكْتُبْ إِلَيَّ بِخَطِّ يَدِكَ، قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ إِنَّمَا تَعَلَّمْتُ الْمُعْجَمَ بَعْدَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ كِتَابًا مِثْلَ الْعَقَارِبِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ فِي جَسِيمِ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، فَمَاذَا أَقُولُ لِرَبِّي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِي فِيمَا عَرَضْتُ مِنْ حَاجَةٍ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ. قَالَ أَبُو بُرْدة: فلما ولي مُعَاوِيَة أتيته، فما أغلق دوني بابًا، وقضي حوائجي2. قَالَ أَبُو نُعَيم، وابن نُمَيْر وأَبُو بكر بن أَبِي شيبة، وقَعْنَب: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ الهيثم: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وَأَرْبَعِينَ، وحكاه ابن مَنْده. وَقَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين. وَقَالَ المدائني: تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث وخمسين3.   1 خبر حسن: السير "2/ 393". 2 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "4/ 111، 112" في طبقاته من طريق آخر. 3 السير "2/ 397". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 الطبقة السادسة: الحوادث من سنة 51 إلى 60 حَوَادِثُ سَنَة إحدى وخمسين: تُوُفِّيَ فِيهَا: زيد بن ثابت في قول. وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. وَجَرِيرُ بْنُ عَبْد اللَّهِ البجلي - بخلف. وعُثْمَان بن أَبِي العاص الثقفي. وأَبُو أيوب الْأَنْصَارِيّ. وكعب بن عُجْرة - في قول. وميمونة أم المؤْمِنِينَ. وعمرو بن الحَمِق في قول. وقُتل حُجْر بن عديّ وأصحابه، كما في ترجمته. ورافع بن عمر الغِفاري، وَيُقَالُ: سَنَة ثلاث، وله خمس وسبعون سَنَة. وَفِيهَا حج بالنَّاس مُعَاوِيَة وأخذهم ببيعة يزيد. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. قَالَ: قَدِمَ زِيَادٌ الْمَدِينَةَ فَخَطَبَهُمْ وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَسُنَ نَظَرُهُ لَكُمْ، وَأَنَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مَفْزَعًا تَفْزَعُونَ إِلَيْهِ، يَزِيدُ ابْنُهُ. فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: يا معشر بني أمية اختاروا منها بَيْنَ ثَلاثَةً، بَيْنَ سُنَّةِِ رَسُولِ اللَّهِ، أَوْ سُنَّةِ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ سُنَّةِ عُمَرَ، إِنَّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ كَانَ، وَفِي أَهْلِ بَيْتِ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لَوْ وَلاهُ ذَلِكَ، لَكَانَ لِذَلِكَ أَهَلا، ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ مَنْ لَوْ وَلاهُ، لَكَانَ لِذَلِكَ أَهْلا، فَوَلاهَا عُمَرَ فَكَانَ بَعْدَهُ، وَقَدْ كَانَ فِي أَهْلِ بَيْتِ عُمَرَ مَنْ لَوْ وَلاهُ ذَلِكَ، لَكَانَ لَهُ أَهْلًا، فَجَعَلَهَا فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَلَّا وَإِنَّمَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَجْعَلَوْهَا قَيْصَرِيَّةً، كُلَّمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 مَاتَ قَيْصَرُ كَانَ قَيْصَرُ، فَغَضِبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَقَالَ لعَبْد الرَّحْمَنِ: هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17] فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَذَبْتَ، إِنَّمَا أَنْزَلَ ذَلِكَ فِي فُلانٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَعَنَ أَبَاكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ1. وَقَالَ سالم بن عَبْد اللَّهِ: لَمَّا أرادوا أن يبايعوا ليزيد قَامَ مروان فَقَالَ: سَنَة أَبِي بكر الراشدة المهديّة، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: ليس بسُنّة أَبِي بكر، وقد ترك أَبُو بكر الأهل والعشيرة، وعدل إِلَى رَجُلٌ من بني عديّ، أن رأي أَنَّهُ لذلك أَهْلًا، ولكنها هِرَقْلية. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَنْ يبايع لابنه حَجَّ، فَقَدِمَ مَكَّةَ فِي نَحْوِ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنَهُ يَزِيدَ فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْهُ؟ ثُمَّ ارْتَحَلَ فَقَدِمَ مَكَّةَ، فَقَضَى طَوَافَهُ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَبَعَثَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَتَشَهَّدَ وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا ابْنَ عُمَرَ، إِنَّكَ كُنْتَ تُحَدِّثُنِي أَنَّكَ لا تُحِبُّ تَبِيتُ لَيْلَةً سَوْدَاءَ، لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا أَمِيرٌ، وَإِنِّي أُحَذِّرُكَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، أَوْ تَسْعَى فِي فَسَادِ ذَاتَ بَيْنِهِمْ. فَحَمِدَ ابْنُ عُمَرَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ قَدْ كَانَتْ قَبْلَكَ خُلَفَاءُ لَهُمْ أَبْنَاءٌ، لَيْسَ ابْنُكَ بِخَيْرٍ مِنْ أَبْنَائِهِمْ، فَلَمْ يَرَوْا فِي أَبْنَائِهِمْ مَا رَأَيْتَ فِي ابْنِكَ، وَلَكِنَّهُمْ اخْتَارُوا لِلْمُسْلِمِينَ حَيْثُ عَلِمُوا الْخِيَارَ، وَإِنَّكَ تُحَذِّرُنِيَ أَنْ أَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ أَكُنْ لأَفْعَلْ، إِنَّمَا أنا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى أَمْرٍ فَإِنَّمَا أنا رَجُلٌ مِنْهُمْ. فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَخَرَجَ ابْنُ عُمَرَ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْكَلامِ، فَقَطَعَ عَلَيْهِ كَلامَهُ، وَقَالَ: إِنَّكَ وَاللَّهِ لَوْدِدْتُ أنا وَكَّلْنَاكَ في أمر ابنك إلى الله، وَإِنَّا وَاللَّهِ لا نَفْعَلُ، وَاللَّهِ لَتَرُدُنَّ هَذَا الأَمْرَ شُورَى فِي الْمُسْلِمِينَ، أَوْ لنُعِيدُنَّهَا عَلَيْكَ جذعة2، ثُمَّ وَثَبَ وَمَضَى، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُمَّ اكْفَنِيهِ بِمَا شِئْتَ، ثُمَّ قَالَ: عَلَى رَسْلِكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، لَا تُشْرِفْنَ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَسْبِقُونِي بِنَفْسِكَ، حَتَّى أُخْبِرُ الْعَشِيَّةَ أنك قد بايعت،   1 إسناده منقطع. 2 جذعة: يقال: أعدت الأمر جذعا: جديدا كما بدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 ثُمَّ كُنْ بَعْدُ عَلَى مَا بَدَا لَكَ مِنْ أَمْرِكَ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: يَا بْنَ الزُّبَيْرِ، إِنَّمَا أَنْتَ ثَعْلَبٌ رَوَاغٌ، كُلَّمَا خَرَجَ مُنْ حُجْرٍ دَخَلَ آخَرَ، وَإِنَّكَ عَمَدْتَ إِلَى هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَنَفَخْتُ فِي مَنَاخِرِهِمَا وَحَمَلْتَهُمَا عَلَى غَيْرِ رَأْيِهِمَا. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنْ كُنْتَ قَدْ مَلِلْتَ الإِمَارَةَ فَاعْتَزِلْهَا، وَهَلُمَّ ابْنَكَ فَلنُبَايِعْهُ، أَرَأَيْتَ إِذَا بَايَعْنَا ابْنَكَ معك لأيكما تسمع ونطيع! لا نجمع الْبَيْعَةُ لَكُمَا أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ. وَصَعَدَ مُعَاوِيَةُ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّا وَجَدْنَا أَحَادِيثَ النَّاسِ ذَاتَ عَوَارٍ1، زَعَمُوا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، لَنْ يُبَايِعُوا يَزِيدَ، وَقَدْ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا وَبَايَعُوا لَهُ، فَقَالَ أَهْلُ الشَّامُ: وَاللَّهِ لا نرضى حتى يبايعوا على رؤوس الأَشْهَادِ، وَإِلَّا ضَرَبْنَا أَعْنَاقَهُمْ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى قُرَيْشٍ بِالشَّرِّ، لا أَسْمَعُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ، ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالَ النَّاسُ: بَايَعَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهُمْ يَقُولَوْنَ: لا وَاللَّهِ مَا بَايَعْنَا. فَيَقُولَ النَّاسُ: بَلَى، وَارْتَحَلَ مُعَاوِيَةُ فَلَحِقَ بِالشَّامِ2. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ، فَذَكَرَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيُبَايِعَنَّ أَوْ لأَقْتُلَنَّهُ، فَخَرَجَ إليه ابنه عبد الله فأخبره، فبكى ابن عمر، فقدم معاوية مكة، فنزل بذي طوى، فخرج إليه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّكَ تَقْتُلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ إِنْ لَمْ يُبَايِعْ ابْنَكَ -فَقَالَ: أنا أَقْتُلُ ابْنَ عُمَرَ! وَاللَّهِ لا أَقْتُلُهُ3. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ بُويِعَ يَزِيدُ: إِنْ كَانَ خَيْرًا رَضِينَا، وَإِنْ كَانَ بَلاءً صَبَرْنَا. وَقَالَ جُوَيْرية بن أسماء: سمعت أشياخ أَهْل المدينة يحدّثون: أنّ مُعَاوِيَة لَمَّا رحل عَن مَر4 قَالَ لصاحب حَرَسِه: لَا تدع أحدًا يسير معي إِلَّا من حملته أنا، فخرج يسير وحده حَتَّى إذا كَانَ وسط الأراك5، لقيه الحسين -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فوقف وقال: مرحبًا   1 عوار: أخطاء وآثام. 2 خبر حسن: وأخرجه خليفة بن خياط "ص/ 213، 214" في تاريخه. 3 خبر صحيح: وانظر السابق. 4 اسم مكان بينه وبين مكة خمسة أميال، كما في معجم البلدان "5/ 104". 5 شجر السواك، وهو بموضع اسمه: وادي الأراك قريبا من مكة المكرمة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 وَأَهْلًا بابن بِنْت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسيّد شباب المسلمين، دابة لأبي عَبْد اللَّهِ يركبها، فأتي بِبرذوْن فتحول عَلَيْهِ، ثُمَّ طلع عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي بكر، فَقَالَ: مرحبًا وَأَهْلًا بشيخ قريش وسيدها وابن صِديق الأمة، دابةً لأبي محمد، فأتي ببرْذَوْن فركبه، ثُمَّ طلع ابن عمر، فَقَالَ: مرحبًا وَأَهْلًا بصاحب رَسُول اللَّهِ، وابن الفاروق، وسيد المسلمين، فدعا لَهُ بدابّة فركبها، ثُمَّ طلع ابن الزُّبير، فَقَالَ: مرحبًا وَأَهْلًا بابن حواريّ رَسُول اللَّهِ، وابن الصدّيق، وابن عمّة رَسُول الله، ثُمَّ دعا لَهُ بدابة فركبها، ثُمَّ أقبل يسير بينهم لَا يسايره غيرهم، حَتَّى دَخَلَ مكة، ثُمَّ كانوا أول داخل وآخر خارج، وليس في الأرض صباح إِلَّا أولاهم حباءً وكرامة، وَلَا يعرض لهم بذكر شيء، حَتَّى قضى نُسكه وترحلت أثقاله، وقَرب سيره، فأقبل بعض القوم عَلَى بعض فَقَالَ: أيها القوم لا تخدعوا، إنّه واللَّه مَا صنع بكم مَا صنع لحبكم وَلَا لكرامتكم، وَلَا صنعه إِلَّا لَمَّا يريده، فأعدّوا لَهُ جوابًا1. وأقبلَوْا عَلَى الحسين فقالْوَا: أنت يَا أبا عَبْد اللَّهِ! فَقَالَ: وفيكم شيخ قريش وسيدها هُوَ أحق بالكلام. فقالْوَا لعَبْد الرَّحْمَنِ: يَا أبا محمد، قَالَ: لست هناك، وفيكم صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسيد المرسلين. فقالْوَا لابن عمر: أنت، قَالَ: لست بصاحبكم، ولكن وَلَّوُا الكلام ابن الزبير، قَالَ: نعم إن أعطيتموني عهودكم أن لَا تخالفوني، كفيتكم الرجل، قالْوَا: ذاك لك. قَالَ: فأذِن لهم وَدَخَلُوا، فحمد اللَّه مُعَاوِيَة وأثني عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ علمتم مسيري فيكم، وصِلَتي لأرحامكم، وصفحي عَنْكُم، ويزيد أخوكم، وابن عمَكم، وأحسن النَّاس فيكم رأيًا، وإنما أردت أن تقدموه، وأنتم الذين تنزعون وتؤمرون وتقسمون، فسكتوا، فَقَالَ: ألَّا تجيبوني! فسكتوا، فأقبل عَلَى ابن الزبير فقال: هات يابن الزبير، فإنك لعَمْري صاحب خطبة القوم. قَالَ: نعم يَا أمير المؤْمِنِينَ، نخيرك بَيْنَ ثلاث خصال، أيها مَا أخذتَ فهو لك، قَالَ: للَّهِ أَبُوك، اعرضهنّ، قَالَ: إن شئتَ صُنع مَا صنع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ صُنع مَا صنع أَبُو بكر، وإن شئت صُنع مَا صنع عمر. قَالَ: مَا صنعوا؟ قَالَ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يعهد عهدًا، وَلَمْ يستخلف أحدًا، فارتضي المسلمون أبا بكر. فَقَالَ: إِنَّهُ ليس فيكم الْيَوْم مثل أَبِي بكر، إن أبا بكر كَانَ رجلًا تُقطع دونه الأعناق، وإني لست آمن عليكم الاختلاف. قَالَ: صدقت، واللَّه مَا نحب أن تدعنا، فاصنع ما   1 خبر ضعيف: فيه جهالة الرواة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 صنع أَبُو بكر. قَالَ: للَّهِ أَبُوك وَمَا صنع؟ قَالَ: عمد إِلَى رَجُلٌ من قاصية1 قريش، ليس من رهطه فاستخلفه، فإن شئت أن تنظر أي رَجُلٌ من قريش شئت، ليس من بني عَبْد شمس، فنرضى بِهِ. قَالَ: فالثالثة مَا هِيَ؟ قَالَ: تصنع مَا صنع عمر. قَالَ: وَمَا صنع؟ قَالَ: جعل الأمر شورى في ستة، ليس فِيهِم أحد من ولده، وَلَا من بني أبيه، وَلَا من رهطه. قَالَ: فهل عندك غير هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فأنتم؟ قالْوَا: ونحن أيضَا. قَالَ: أما بَعْدَ، فإني أحببت أن أتقدم إليكم، أَنَّهُ قَدِ أعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ، وأَنَّهُ قَدْ كَانَ يقوم القائم منكم إِلَى فيكذبني عَلَى رؤوس النَّاس، فأحتمل لَهُ ذلك، وإني قائم بمقالة، إن صدقتُ فلي صدقي، وإن كذبتُ فعلي كذبي، وإني أقسم باللَّه لئن ردّ عَلِيّ إنسان منكم كلمة في مقامي هَذَا أَلَّا ترجع إليه كلمته حَتَّى يسبق إِلَى رأسه، فلا يرعين رَجُلٌ إِلَّا عَلَى نَفْسَهُ، ثُمَّ دعا صاحب حَرسَه فَقَالَ: أقم عَلَى رأس كل رَجُلٌ من هؤلاء رجلين من حرسك، فإن ذهب رَجُلٌ يرد عَلَى كلمة في مقامي، فليضربا عنقه، ثُمَّ خرج، وخرجوا معه، حَتَّى رقي الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم، لَا يُستبد بأمر دونهم، وَلَا يُقضى أمر إِلَّا عَن مشورتهم، أَنَّهُم قَدْ رضوا وبايعوا ليزيد ابن أمير المؤْمِنِينَ من بَعْده، فبايعوا بسم اللَّه، قَالَ: فضربوا عَلَى يده بالمبايعة، ثُمَّ جلس عَلَى رواحله، وانصرف النَّاس فلقوا أولئك النفر فقالْوَا: زعمتم وزعمتم، فلما أرضيتم وحييتم فعلتم، فقالوا: إنا واللَّه مَا فعلنا. قالْوَا: مَا منعكم؟ ثم بايعه الناس2، 3.   1 قاصية: آخر، أو أدنى. 2 خبر ضعيف: سبق تخريجه. 3 انظر: البداية "8/ 56-58"، تاريخ الطبري "5/ 270-276"، الكامل "3/ 490"، صحيح التوثيق "5/ 60". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 حوادث سَنَة اثنتين وخمسين: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَبُو بكرة الثقفي، في قول. وعمران بن حُصَين. وكعب بن عجرة ومعاوية بن حديج. وسَعِيد بن زيد، في قول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 وسفيان بن عوف الأزدي أمير الصوائف1. وحُوَيطب بن عبد العزى القرشي. وأبو قتادة الحارث بن رِبْعي الْأَنْصَارِيّ، بخُلْف فيهما. وَرُوِيَفع بن ثابت، أمير برقة. وَفِيهَا وُلد يزيد بن أَبِي حبيب فقيه أَهْل مصر. وَفِيهَا صالح عبيد اللَّه بن أَبِي بكرة الثقفي رتبيل وبلاده عَلَى ألف ألف درهم، وأقام الحج سَعِيد بن العاص. وَفِيهَا، أَوْ في حدودها، قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَن جَرِيرُ بْنُ يزيد قَالَ: خرج قريب وزحاف2 في سبعين رجلًا في رمضان فأتوا بني ضُبيعة، وهم في مسجدهم بالبصرة، فقتلوا رؤبة بن المخبل. قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: فحدثني الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد: أن رؤبة قَالَ في العشية التي قُتِلَ فِيهَا، لرجل في كلام: إن كنت صادقًا فرزقني اللَّه الشهادة قبل أن أرجع إِلَى بيتي3. قَالَ جَرِيرُ: عَن قطن بن الأزرق، عَن رَجُلٌ منهم، قَالَ: مَا شعرنا وإنا لقيام في المسجد، حَتَّى أخذوا بأَبُواب المسجد ومالْوَا في النَّاس، فقتلَوْهم، فوثب القوم إِلَى الجُدُر، وصعد رَجُلٌ المنارة فجعل ينادي: يَا خيل اللَّه اركبي، قَالَ: فصعدوا فقتلَوْه، ثُمَّ مضوا إِلَى مسجد المعاول، فقتلَوْا من فِيهِ، فحدثني جَرِيرُ بْنُ يزيد، أَنَّهُم انتهوا إِلَى رحبة بني عَلِيّ، فخرج عليهم بنو عَلِيّ، وكانوا رُماة، فرموهم بالنبل حَتَّى صرعوهم أجمعين4. قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: واشتد زياد بن أبيه في أمر الحَرُورية، بَعْدَ قُتِلَ قريب وزحاف فقتلهم، وأمر سَمُرَة بن جندب بقتلهم، فقتل منهم بشرًا كثيرًا. قَالَ أَبُو عبيدة: زحاف: طائي، وقريب: أودي.   1 الصوائف: جمع صائفة، وهي الهجوم على العدو في فترة الصيف، والمرابطة على الثغور في هذه الفترة من العام. 2 كلاهما من الخوارج، إحدى الفرق الضالة. 3 خبر صحيح: وأخرجه خليفة "219، 220" في تاريخه. 4 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. وانظر تاريخ خليفة "220". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 حَوَادِثُ سَنَة ثلاث وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: فَضَالَةُ بن عبيد الأنصاري، وقيل: سَنَة تسع. والضحاك بن فيروز الديلمي. وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي بكر الصدَيق، بمكة. وزياد بن أبيه. وعمرو بن حزم الْأَنْصَارِيّ، بخُلف فِيهِ. وَفِيهَا بَعْدَ موت زياد استعمل مُعَاوِيَة عَلَى الْكُوفَة الضحاك بن قيس الفِهْري، وعلى الْبَصْرَةِ سَمُرَة بن جندب، وعزل عُبيد اللَّه بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَن سِجِسْتَانَ وَوَلاهَا عباد بن زياد، فغزا ابن زياد القنُدُهار1 حَتَّى بلغ بيت الذهب، فجمع لَهُ الهند جمعًا هائلًا، فقاتلهم فهزمهم، وَلَمْ يزل عَلَى سجستان حَتَّى تُوُفِّيَ مُعَاوِيَة. وَفِيهَا شتى عَبْد الرَّحْمَنِ بن أم الحَكَم بأرض الروم. وأقام الموسم سَعِيد بن العاص. وَفِيهَا أمر مُعَاوِيَة عَلَى خُراسان عُبيد اللَّه بن زياد. وَفِيهَا قُتِلَ عائذ بن ثعلبة الْبَلَوِيُّ، أحد الصحابة، قتله الروم بالبُرلُس. يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنْبَأَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ -أَوْ عَن أُمِّهِ- أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ اتَّخَذَتْ خِنْجَرًا زَمَنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لِلصُوصِ، وَكَانُوا قَدِ اسْتَعَزُّوا بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَتْ تجعله تحت رأسها2، 3.   1 بلدة من أعمال السند قديما كما في معجم البلدان "4/ 402". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 253" في طبقاته، والحاكم "4/ 64" في مستدركه. 3 انظر أحداث هذه السنة: تاريخ الطبري "5/ 280-292"، صحيح التوثيق "5/ 60، 61". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 حَوَادِثُ سَنَة أربع وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: جبير بن مطعم. وَفِيهَا: أسامة بن زيد، عَلَى الصحيح. وثوبان مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعمرو بن حزم. وَفِيهَا حسان بن ثابت. وعَبْد اللَّهِ بن أنيْس الجُهَني. وسَعِيد بن يربوع المخزومي. وحكيم بن حزام. ومخرمة بن نوفل. وَفِيهَا بخُلف: حُوَيطب بن عَبْد العُزي، وأَبُو قتادة الحارث بن رِبْعي. وَفِيهَا عُزل عَن المدينة سَعِيد بن العاص بمروان. وَفِيهَا غزا عُبيد اللَّه بن زياد، فقطع النهر إِلَى بُخارى، وافتتح رَاميثَن1، ونصف، بيْكند2، فقطع النهر عَلَى الإبل، فكان أول عربي قطع النهر. وَفِيهَا وجه الضحاك بن قيس من الْكُوفَة مَصْقلة بن هبيرة الشيباني إلى طبرستان، فصالح أهلها على خمسمائة ألف درهم. وَفِيهَا عزل مُعَاوِيَة عَن الْبَصْرَةِ سَمُرَة، بعَبْد اللَّهِ بْن عمرو بن غيلان الثقفي. وحج بالنَّاس مروان. وَفِيهَا تُوُفيت سَوْدة أم المؤْمِنِينَ في قول، وقد مرت في خلافة عمر3.   1، 2 أسماء بلاد صغيرة في جهة بلاد خراسان القديم. 3 انظر: تاريخ الطبري "5/ 292، 293"، تاريخ خليفة "ص/ 223"، صحيح التوثيق "5/ 61". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 حَوَادِثُ سَنَة خمس وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: زيد بن ثابت في قول المدائني. وسعد بن أبي وقاص، على الأصح. والأرقم بن أَبِي الأرقم، في قول. وأَبُو اليَسَر. وكعب بن عمرو السلمي. وَفِيهَا عزل عَن الْبَصْرَةِ عبيد اللَّه الثقفي، ووليها عُبيد اللَّه بن زياد. وَفِيهَا غزا يزيد بن شجرة الرَهاوي، فقُتل، وقيل: لَمْ يُقْتل، إِنَّمَا قُتِلَ في سَنَة ثمان وخمسين. وأقام الحج مروان بن الحكم. وشتى بأرض الروم مالك بن عبد الله1.   1 انظر: تاريخ الطبري "5/ 301"، صحيح التوثيق "5/ 62". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 حَوَادِثُ سَنَة ست وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: عبد الله بن قرط الثُمالي. وجُوَيرية أم المؤْمِنِينَ المصْطَلقية، وقيل: توفيت سَنَة خَمْسِينَ. وَفِيهَا: إِسْحَاق بن طلحة بن عُبَيد اللَّه. وَفِيهَا: وُلد أَبُو جعفر محمد بن عَلَى، وعمرو بن دينار. وقد مر أن مُعَاوِيَة وَلَّى عَلَى البصرة عُبيد اللَّه بن زياد، فعزله في هَذِهِ السنة عَن خراسان، وأمَّر عليها سَعِيد بن عُثْمَان بن عفان، فغزا سَعِيد ومعه المهلب بن أَبِي صُفرة الأزدي، وطلحة الطلحات، وأوس بن ثعلبة سمرقند، وخرج إليه الصُغد فقاتلَوْه، فألجأهم إِلَى مدينتهم، فصالحوه وأعطوه رهائن. وَفِيهَا شتى المسلمون بأرض الروم. وَفِيهَا اعتمر مُعَاوِيَة في رجب. وَفِيهَا تُوفيت الكلابية1 التي تزوجها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستعاذت مِنْهُ، ففارقها، أرَّخها الواقدي2.   1 سبق ذكرها في "السيرة النبوية". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 303"، البداية والنهاية "8/ 86"، صحيح التوثيق "5/ 63". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 حَوَادِثُ سَنَة سبع وخمسين: فِيهَا تُوفيت أم المؤْمِنِينَ عائشة، أَوْ في سَنَة ثمان. وَفِيهَا: السائب بن أبي وداعة السهمي. ومعتب بن عوف بن الحمراء. وعَبْد اللَّهِ بن السعدي العامري. وفي قول: أَبُو هريرة. وَفِيهَا: كعب بن مرة، أَوْ مرة بن كعب البهزي. وقثم بن العباس. وَيُقَالُ تُوُفِّيَ فِيهَا سَعِيد بن العاص. وعَبْد اللَّهِ بن عامر بن كريز. وَفِيهَا عُزِل الضحاك عَن الْكُوفَة، ووليها عَبْد الرَّحْمَنِ بن أم الحكم. وَفِيهَا وجه مُعَاوِيَة حسان بن النعمان الغساني إِلَى إفريقية، فصالحه من يليه من البربر، وضرب عليهم الخراج، وبقي عليها حَتَّى تُوُفِّيَ مُعَاوِيَة. وَفِيهَا عزل مُعَاوِيَة مروان عَن المدينة، وأمَّر عليها الْوَليد بن عُتْبة بن أَبِي سفيان، وعزل عَن خُراسان سَعِيد بن عُثْمَان، وأعاد عليها عُبيد اللَّه بن زياد. وشتى عَبْد الله بن قيس بأرض الروم1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 224"، تاريخ الطبري "5/ 308"، صحيح التوثيق "5/ 64". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 حَوَادِثُ سَنَة ثمان وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: شداد بن أوس. وعَبْد اللَّهِ بن حوالة. وعُبيد اللَّه بن العباس. وعُقْبة بن عامر الجُهَني. وأَبُو هريرة. ويزيد بن شجرة الرَهاوي. وجُبَير بن مطعم، في قول المدائني. وَفِيهَا غزا عُقْبة بن نافع من قِبَل مَسْلمة بن مخلد، فاختط1 مدينة القيروان وابتناها. وصلى أبو هريرة عَلَى عائشة، وَكَانَ مروان غائبًا في العُمرة. وَفِيهَا حج بالنَّاس الْوَليد بن عُتبة2.   1 اختط: أو وضع خريطة لتأسيس بناء الشيء. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 224"، وتاريخ الطبري "5/ 308"، صحيح التوثيق "5/ 64". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 حَوَادِثُ سَنَة تسع وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: سَعِيد بن العاص الأموي، عَلَى الصحيح. وجُبير بن مُطعم، في قول. وأوس بن عوف الطائفي، لَهُ صُحْبة. وشيبة بن عُثْمَان الحُجُبي، في قول. وأَبُو محذورة المؤذن. وعبد اللَّه بن عامر بن كريز، عَلَى الصحيح. وأَبُو هريرة، في قول سَعِيد بن عُفَير. وَيُقَالُ: توفيت فِيهَا أم سلمة، وتأتي سَنَة إحدى وستين. وفيها وُلد عوف الأعرابي. وَفِيهَا غزا أَبُو المهاجر دينار فنزل عَلَى قُرْطاجَنة، فالتقوا، فكثُر القتل في الفريقين، وحجز الليل بينهم، وانحاز المسلمون من ليلتهم، فنزلَوْا جبلًا في قبلة تونس، ثُمَّ عاودوهم القتال، فصالحوهم عَلَى أن يخلو لهم الجزيرة، وافتتح أَبُو المهاجر1 ميلة، وكانت إقامته في هَذِهِ الغزاة نحوا من سنتين. وفيها شتى عمرو بن مرة بأرض الروم في البر. وأقام الحج للناس الوليد بن عتبة2.   1 اسم بلدة في إفريقية من أعمال تونس. 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 309، 314"، صحيح التوثيق "5/ 64". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 حَوَادِثُ سَنَة ستين: فِيهَا تُوُفِّيَ: مُعَاوِيَة بن أَبِي سفيان. وبلال بن الحارث المزَني. وسَمُرَة بن جُنْدب الفَزَاري. وعَبْد اللَّهِ بن مغفل. وفي قول الْوَاقدي: صفوان بن المعطل السلمي. وَفِيهَا تُوُفِّيَ في قولٍ: أَبُو حُمَيد الساعدي. وَفِيهَا: أَبُو أسَيد الساعدي، في قول ابن سعد. بيعة يزيد: قَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَكْرَهُوا إمرة معاوية، فإنكم لو فقدتموه رأيتم الرؤوس تَنْدُرُ1 عَنْ كَوَاهِلِهَا2، 3. قلت: قَدْ مضى أن مُعَاوِيَة جعل ابنه وَليّ عهده بَعْدَه، وأكره النَّاسَ عَلَى ذلك، فلما تُوُفِّيَ لَمْ يَدْخُلْ في طاعة يزيد: الحسين بن عَلِيّ، وَلَا عَبْد اللَّهِ بن الزبير، وَلَا من شايعهما. قَالَ أَبُو مُسْهر: ثَنَا خالد بن يزيد، حدثني سَعِيد بن حُرَيث قَالَ: لَمَّا كَانَ الغداة التي مات في ليلتها مُعَاوِيَة فزع النَّاس إِلَى المسجد، وَلَمْ يكن قبله خَلِيفَة بالشَّام غيره، فكنت فيمن أتى المسجد، فلما ارتفع النهار، وهم يبكون في الخضراء، وابنه يزيد غائب في البرية، وَهُوَ ولي عهده، وَكَانَ نائبه عَلَى دمشق الضحاك بن قيس الفِهْري، فدُفِن مُعَاوِيَة، فلما كَانَ بَعْدَ أسبوع بَلَغنا أن ابن الزبير خرج بالمدينة وحارب، وَكَانَ مُعَاوِيَة قَدْ غُشي عَلَيْهِ مرة، فركب بموته الرُكبان، فلما بلغ ذلك ابنَ الزبير خرج، فلما كَانَ يَوْم الجمعة صَلَّى بنا الضحاك ثُمَّ قَالَ: تعلمون أن خليفتكم يزيد قد قدم، ونحن   1 تندر: تقطع. 2 كواهلها: أماكنها. 3 إسناده ضعيف: فيه مجالد بن سعيد، من الضعفاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 غدًا متلقوه، فلما صَلَّى الصبح ركب، وركبنا معه، فسَارَ إِلَى ثنية العُقاب1، فإذا بأثقال يزيد، ثُمَّ سرنا قليلًا، فإذا يزيد في ركبٍ معه أخواله من بني كلب، وَهُوَ عَلَى بخْتي2، لَهُ رحل، ورائطة مَثْنِية في عنقه، ليس عَلَيْهِ سيف وَلَا عمامة، وَكَانَ ضخمًا سمينًا، قَدْ كثُر شعره وشعث، فأقبل النَّاس يسلمون عَلَيْهِ ويعزونه، وَهُوَ تُرى فِيهِ الكآبة والحزن وخَفْض الصوت، فالنَّاس يعيبون ذلك مِنْهُ ويقولَوْن: هَذَا الأعرابي الذي ولاه أمر النَّاس، واللَّه سائله عَنْهُ، فسَارَ، فقلنا: يَدْخُلُ من باب توما3، فلم يَدْخُلْ، ومضى إِلَى باب شرقي، فلم يَدْخُلْ مِنْهُ وأجازه، ثُمَّ أجاز باب كَيْسان إِلَى باب الصغير، فلما وافاه أناخ ونزل، ومشى الضحاك بَيْنَ يديه إِلَى قبر مُعَاوِيَة، فصفّنا خلفه، وكبّر أربعًا، فلما خرج من المقابر أتى ببغلة فركبها إِلَى الخضراء، ثُمَّ نودي الصلاة جامعة لصلاة الظهر، فاغتسل ولبس ثيابًا نقية، ثُمَّ جلس عَلَى المنبر، فحمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ، وذكر موت أبيه، وَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ يُغزيكم البرَ والبحرَ، ولستُ حاملًا واحدًا من المسلمين في البحر، وأَنَّهُ كَانَ يُشتيكم بأرض الروم، ولست مشْتيًا أحدًا بِهَا، وأَنَّهُ كَانَ يُخرج لكم العطاء أثلاثًا، وأنا أجمعه لكم كله. قَالَ: فافترقوا، وَمَا يفضلَوْن عَلَيْهِ أحدًا4. وَعَن عمرو بن ميمون: أن مُعَاوِيَة مات وابنه بحوارين، فصلى عَلَيْهِ الضحاك. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ إِنَّمَا عَهِدْتُ لِيَزِيدَ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ فَضْلِهِ، فَبَلِّغْهُ ما أملت وأعنه، وإن كنت إنما حملني حُبُّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ، فَاقْبِضْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ5. وَقَالَ حُمَيد بن عَبْد الرَّحْمَنِ: دَخَلَنا عَلَى بشير، وَكَانَ صحابيًا، حين استخلف يزيد فَقَالَ: يقولَوْن: إِنَّمَا يزيد ليس بخير أمة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنا أقول ذلك، ولكن لأن يجمع اللَّه أمة محمد أحب إلي من أن تفترق.   1 اسم موضع من أرض الشام. 2 اسم الدابة أو نوعها، ويقال هذا للإبل الخراسانية، وقيل: لكل ذات السنامين، والجمع بخاتي: المعجم الوجيز "ص/ 38". 3 إحدى المداخل المشهورة في الشام من أعمال سوريا. 4 إسناده حسن. 5 خبر ضعيف: فيه ابن أبي مريم، وهو من الضعفاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 وَقَالَ جُوَيرية بن أسماء: سمعت أشياخنا بالمدينة، مَا لَا أحصى -يقولَوْن: إن مُعَاوِيَة لَمَّا هلك، وعلى المدينة الْوَليد بن عُتْبة بن أَبِي سفيان، أتاه موته من جهة يزيد قَالَ: فبعث إِلَى مروان وبني أمية فأخبرهم، فَقَالَ مروان: ابعث الآن إِلَى الحسين وابن الزبير، فإن بايعا، وَإِلَّا فاضرب أعناقهما، فأتاه الزبير فنعى لَهُ مُعَاوِيَة، فترحم عَلَيْهِ، فَقَالَ: بايع يزيد، قَالَ: مَا هَذِهِ ساعة مبايعة ولا مثلي يبايع ههنا يَا بن الزرقاء، واستبا، فَقَالَ الْوَليد: أَخْرَجَهُمَا عني، وَكَانَ رجلًا رفيقًا سريًا كريمًا، فأخرجا، فجاء الحسين عَلَى تلك الحال، فلم يكلم في شيء، حَتَّى رجعا جميعًا، ثُمَّ رد مروان إِلَى الْوَليد فَقَالَ: واللَّه لَا تراه بعد مقامك إلا حيث يسوءك، فأرسل العيون في أثره، فلم يزد حين دَخَلَ منزله عَلَى أن توضأ وصلى، وأمر ابنه حمزة أن يقدم راحلته إِلَى ذي الحُلَيفة، مما يلي الفرع، وَكَانَ لَهُ بذي الحليفة مال عظيم، فلم يزل صافًا قدميه إِلَى السَحَر، وتراجعت عَنْهُ العيون، فركب دابة إِلَى ذي الحُلَيفة، فجلس عَلَى راحلته، وتوجه إِلَى مكة، وخرج الحسين من ليلته فالتقيا بمكة، فَقَالَ ابن الزبير للحسين: مَا يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك! فوالله لَوْ أن لي مثلهم مَا توجهت إِلَّا إليهم، وبعث يزيد بن مُعَاوِيَة عمر بن سَعِيد بن العاص أميرًا عَلَى المدينة، خوفًا من ضعف الْوَليد، فرقي المنبر، وذكر صنيع ابن الزبير، وتعوذه1 بمكة، يعني أَنَّهُ عاذ ببيت اللَّه وحرمه، فوالله لَنَغْزُوَنَه، ثُمَّ لئن دَخَلَ الكعبة لنُحَرَقنها عَلَيْهِ عَلَى رغم أنف من رَغِم2. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حزم: حدثنا محمد بن الزبير، حدثني رُزَيق مولى مُعَاوِيَة قَالَ: بعثني يزيد إِلَى أمير المدينة، فكتب إِلَى بموت مُعَاوِيَة، وأن يبعث إِلَى هؤلاء الرهط، ويأمرهم بالبيعة، قَالَ: فقدمْتُ المدينة ليلًا، فقلت للحاجب: استأذن لي، ففعل، فلما قرأ كتاب يزيد بوفاة مُعَاوِيَة جزع جزعًا شديدَا، وجعل يقوم عَلَى رِجْليه، ثُمَّ يرمي بنَفْسَهُ عَلَى فراشه، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى مروان، فجاء وعليه قميص أبيض وملاءة موردة، فنعي لَهُ مُعَاوِيَة وأخبره، فَقَالَ: ابعث إِلَى هؤلاء، فإن بايعوا، وَإِلَّا فاضرب أعناقهم، قَالَ: سبحان اللَّه! أقتل الحسين وابن الزبير! قَالَ: هُوَ مَا أقول لك. قلت: أما ابن الزبير فعاذ ببيت اللَّه، ولم يبايع، وَلَا دعا إِلَى نَفْسَهُ، وأما الحسين بن عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، فسَارَ من مكة لَمَّا جاءته كتب كثيرةٍ من عامة الأشراف بالكوفة، فسار   1 تعوذ: احتمى والتجأ. 2 خبر ضعيف: فيه جهالة مشايخ ابن أسماء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 إليها، فجرى مَا جرى {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] . مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيُّ. "ح" والواقدي مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَنَّ الْحُسَيْنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَدِمَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ -وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ- إِلَى الْكُوفَةِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيِّ، وَيَنْظُرُ إِلَى اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَيَكْتُبُ إِلَيْهِ بِخَبَرِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ، طَلَبَ هَانِئَ بْنَ عُرْوَةَ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُجْبِرَ عَدُوِّي وَتَنْطَوِيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَا بْنَ أَخِي إِنَّهُ جَاءَ حَقٌّ هو أحق من حقك، فوثب عبيد الله بِعَنْزَةٍ1 طَعَنَ بِهَا فِي رَأْسِ هَانِئٍ حَتَّى خَرَجَ الزُّجُّ2، وَاغْتَرَزَ فِي الْحَائِطِ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ، فَوَثَبَ بِالْكُوفَةِ، وَخَرَجَ بِمَنْ خَفَّ مَعَهُ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ مُسْلِمٌ، وَذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ سِتِّينَ3. وَرَوَى الْوَاقدي، والمدائني، بإسنادهم: أن مسلم بن عقيل بن أَبِي طالب خرج في أربعمائة، فاقتتلَوْا، فكثَّرهم أصحاب عُبيد اللَّه، وجاء الليل، فهرب مسلم حَتَّى دَخَلَ عَلَى امرأة من كِنْدة، فاستجار بِهَا، فدلّ عَلَيْهِ محمد بن الأشعث، فأتي بِهِ إِلَى عُبيد اللَّه، فبكّته4 وأمر بقتله، فَقَالَ: دعني أوصي، فَقَالَ: نعم، فنظر إِلَى عمر بن سعد بن أَبِي وقّاص فَقَالَ: إن لي إليك حاجة وبيننا رَحِم، فقام إليه فَقَالَ: يَا هَذَا ليس هنا رَجُلٌ من قريش غيري وغيرك وَهَذَا الحسين قَدْ أظلّك، فأرسل إليه فلينصرف، فإن القوم قَدْ غرّوه وخدعوه وكذّبوه، وعليّ دَيْن فاقضه عني، واطلب جثتي من عُبيد اللَّه بن زياد فوارِها5، فَقَالَ لَهُ عبيد اللَّه: ما قَالَ لك؟ فأخبره، فَقَالَ: أما مالك فهو لك لَا نمنعه منك، وأما الحسين فإن تَركَنا لَمْ نردّه، وأما جثته فإذا قتلناه لَمْ نبال مَا صُنع بِهِ، فقُتل رحمه اللَّه. ثُمَّ قضى عمر بن سعد دَين مسلم، وكفّنه ودفنه، وأرسل رجلًا عَلَى ناقة إِلَى الحسين يخبره بالأمر، فلقيه عَلَى أربع مراحل، وبعث عبيد الله برأس مسلم وهانئ إِلَى يزيد بن مُعَاوِيَة، فَقَالَ عَلِيّ لأبيه الحسين: ارجع يَا أبه، فَقَالَ بنو عقيل: ليس ذا وقت رجوع6.   1 عنزة: عصا مثل نصف رمح. 2 الزج: أسفل الرمح. 3 إسناده ضعيف: فيه مجالد، والواقدي، وكلاهما من الضعفاء. 4 بكته: وبخه وعاتبه. 5 الموارة: الدفن. 6 خبر ضعيف: انظر السابق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 تراجم أهل هذه الطبقة مرتبين على الأحرف "حرف الألف": 1- الأرقم بن أَبِي الأرقم، عَبْد مناف بن أسد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ بْن مخزوم المخزومي1، الذي استخفى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي داره المعروفة بدار الخيزران عند الصفا، أَبُو عَبْد اللَّهِ. نفّله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْم بدر سيفًا، واستعمله عَلَى الصدقات2. قَالَ ابن عَبْد البَر: ذكر ابن أَبِي خيثمة أن والد الأرقم قَدْ أسلم أيضًا، فغلط. وذكر أَبُو حاتم أن عَبْد اللَّهِ بن الأرقم هُوَ ولد الأرقم هَذَا، فغلط لأَنَّهُ زُهري، ولي بيت المال لعُثْمَان. وَقَالَ غيره: عاش الأرقم بضعًا وثمانين سَنَة، ومات بالمدينة، وصلى عَلَيْهِ سعد بن أَبِي وقاص بوصيّته، وبقي ابنه عَبْد اللَّهِ إِلَى حدود المائة3. وَرَوَى أَحْمَد في مسنده من حديث هشام بن زياد، عَن عُثْمَان بن الأرقم، عَن أبيه، في ذمّ تخطي الرقاب يَوْم الجمعة4، رفع الحديث. قَالَ عُثْمَان: تُوُفِّيَ أَبِي سَنَة ثلاث وخمسين، وله ثلاث وثمانون سَنَة. 2- أسامة بن زيد بن حارثه بن شراحيل الْكَلْبِيُّ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن   1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 242"، التاريخ الكبير "2/ 46"، الاستيعاب "1/ 131"، أسد الغابة "1/ 74"، الإصابة "1/ 40". 2 حديث حسن: أخرجه الحاكم "3/ 502"، وصححه، وأقره الذهبي، وفيه يحيى بن عمران، وهو لا بأس به. 3 الطبقات الكبرى "3/ 244"، السير "2/ 480". 4 حديث حسن: أخرجه أحمد "3/ 417". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 حِبّه ومولاه، أَبُو زيد، وَيُقَالُ: أَبُو محمد، وَيُقَالُ: أَبُو حارثة1. وَفِي "الصَّحِيحِ" عَنْ أُسَامَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُنِي وَالْحَسَنَ فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا" 2. وَرَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ حَسَنٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَعُرْوَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَأُمُّه أم أيمن بركة حاضنة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومولاته. وَكَانَ أسود كالليل، وَكَانَ أَبُوه أبيض أشقر. قاله إبراهيم بن سعد3. قالت عائشة: دخل مجزر الْمُدْلِجِيُّ الْقَائِفُ4 عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا، وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ، قَدْ غَطَّيَا رُؤُوسَهُمَا، وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ، فَسُرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ5. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ أَهْلِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "فَاطِمَةُ"، قَالَ: إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنِ الرِّجَالِ، قَالَ: "مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتُ عَلَيْهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ"، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَنْتَ"6، وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيُّ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَا يَنْبَغِي لأحد أن يبغض أسامة بعدما   1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 61-72"، التاريخ الكبير "2/ 20"، أسد الغابة "1/ 79"، الإصابة "1/ 54". 2 حديث حسن: أخرجه البخاري "7/ 70"، وأحمد "5/ 210"، وابن سعد "4/ 62" في الطبقات الكبرى. 3 السير "2/ 498". 4 القائف: من يتعرف على القرابة من خلال الآثار والملامح. 5 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "7/ 69"، وَمُسْلِمٌ "1459"، وَأَبُو داود "2267"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2129"، وَالنَّسَائِيُّ "6/ 184"، وابن ماجه "2349"، وأحمد "6/ 82، 226". 6 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3819"، والحاكم "3/ 596"، والطبراني "369" في الكبير، فيه ابن أبي سلمة، وهو من الضعفاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ" 1. هَذَا صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي شَأْنِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: مَنْ يَجْتَرِئ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا إِلَّا حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ أُسَامَةُ2. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أُسَامَةُ، مَا حَاشَى فَاطِمَةَ وَلَا غَيْرَهَا" 3. قَالَ زَيْدُ بن أسلم، عن أبيه، عم عُمَرَ أَنَّهُ فَرَضَ لِأُسَامَةَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ، وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لِمَ فَضَّلْتَهُ عَلَيَّ؟ فَوَاللَّهِ ما سبقتني إِلَى مَشْهَدٍ! قَالَ: لِأَنَّ زَيْدًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِيكَ، وَكَانَ أُسَامَةُ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْكَ، فَآثَرْتُ حب رسول الله أسامة4. قال ابن عمر: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ فَطَعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَالَ: "إِنْ يَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ"5. وَفِي الْمَغَازِي: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى جَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَلَهُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةٍ6. وَفِي: "صَحِيحِ مُسْلِمِ"، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَرَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَمْسَحَ مُخَاطَ أُسَامَةَ فَقُلْتُ: دَعْنِي حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَفْعَلُهُ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَحِبِّيهِ فإني أحبه" 7.   1 أخرجه أحمد "6/ 156، 157"، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، قاله الهيثمي في المجمع "9/ 286" ولكن يُخشى من عنعنة المغيرة، فقد كان يدلس. 2 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "6/ 377"، وَمُسْلِمٌ "1688"، وَأَبُو داود "4373"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1430"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 73"، وابن ماجه "2547"، والدارمي "2/ 173" في سننه. 3 حديث صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 596"، والطبراني "372" في الكبير، وصححه الحاكم، وأقره الذهبي، وأخرجه أبو يعلى كما في المجمع "9/ 286". 4 حديث ضعيف: وأخرجه الترمذي "3813"، وابن سعد "4/ 70" في الطبقات الكبرى. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 69"، ومسلم "2426"، والترمذي "3816"، وأحمد "2/ 20"، وابن سعد "4/ 65". 6 السير "2/ 500". 7 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3818"، وابن عساكر "2/ 398 -تهذيب تاريخ دمشق". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا أَنْ أَغْسِلَ وَجْهَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ صَبِيٌّ، قَالَتْ: وَمَا وَلَدْتُ، وَلَا أَعْرِفُ كَيْفَ يُغْسَلُ وَجْهُ الصِّبْيَانِ، فَآخُذُ فَأَغْسِلُهُ غَسْلًا لَيْسَ بِذَاكَ، قَالَتْ: فَأَخَذَهُ وَجَعَلَ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَقُولُ: "لَقَدْ أَحْسَنَ بِنَا أُسَامَةُ إِذْ لَمْ يَكُنْ جَارِيَةً، وَلَوْ كُنْتَ جَارِيَةً لَحَلَّيْتُكَ وَأَعْطَيْتُكَ" 1. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، مِنْ حَدِيثِ الْبَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَقُولُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَكَسَوْتُهُ وَحَلَّيْتُهُ حَتَّى أُنْفِقَهُ" 2. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَغَيْرِهِ قَالَ: لَمْ يَلْقَ عُمَرُ أُسَامَةَ قَطُّ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَاتَ وَأَنْتَ عَلَيَّ أَمِيرٌ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَرَضَ عُمَرُ لِأُسَامَةَ أَكْثَرَ مِمَّا فَرَضَ لِي فَقُلْتُ: إِنَّمَا هِجْرَتِي وَهِجْرَتُهُ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِيكَ، وَإِنَّهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنْكَ3. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ الرَّايَةَ صَارَتْ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: "فَهَلَّا إِلَى رَجُلٍ قُتِلَ أَبُوهُ"4، يَعْنِي أُسَامَةَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَاتَ أُسَامَةُ بِالْجَرْفِ، وَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَعَن سَعِيد المقْبُري قَالَ: شهدت جنازة أسامة، فَقَالَ ابن عمر: عجّلوا بِحِب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أن تطلعَ الشمس5. ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا يَزِيدُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ   1 حديث حسن لغيره: أخرجه أبو يعلى كما في "9/ 318 -تهذيب تاريخ دمشق" وله شواهد. 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 139، 222"، وابن سعد "4/ 21-62"، وابن ماجه "1976". 3 خبر صحيح: وسبق بنحوه. 4 حديث ضعيف: إسناده مرسل. وأورده في السير "2/ 502". 5 خبر صحيح: وأخرجه ابن عساكر "2/ 402" في تهذيب تاريخه، وأورده المصنف "2/ 507" في السير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَّرَ الإِفَاضَةَ مِنْ عَرَفَاتٍ مِنْ أَجْلِ أُسَامَةَ يَنْتَظِرُهُ، فَجَاءَ غُلامٌ أَسْوَدُ أَفْطَسُ، فَقَالَ أَهْلُ الْيَمَنِ: إِنَّمَا حَبَسَنَا مِنْ أَجْلِ هَذَا! فَلِذَلِكَ ارْتَدُّوا، يَعْنِي أَيَّامَ الصِّدِّيقِ1. وَقَالَ وكيع: سَلِمَ من الفتنة من المعروفين أربعة: سعد، وابن عمر، وأسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة، واختلط سائرهم. وَقَالَ ابن سعد: مات في آخر خلافة مُعَاوِيَة بالمدينة. قلت: وقد سكن المزّة مدّة، ثُمَّ انتقل إِلَى المدينة، وتوفي بِهَا، ومات وله قريب من سبعين سَنَة. وقيل: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين، فاللَّه أعلم. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: ثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مُضْطَجِعًا عَلَى بَابِ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، رَافِعًا عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى، وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ مَرْوَانُ فَقَالَ: أَتُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ؟! وَقَالَ لَهُ قَوْلًا قَبِيحًا ثُمَّ أَدْبَرَ، فَانْصَرَفَ أُسَامَةُ ثُمَّ قَالَ: يَا مَرْوَانُ إِنَّكَ فَاحِشٌ مُتَفَحِّشٌ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ"2. 3- إسحاق بن طلحة، بن عبيد اللَّه3. تُوُفِّيَ سَنَة ست وخمسين بخراسان. وَرَوَى عَن: أبيه، وعائشة. وعنه: ابنه مُعَاوِيَة، وابن أخيه إِسْحَاق بن يحيي. ووفد عَلَى مُعَاوِيَة، وخطب إليه أخته. وَهُوَ ابن خالة مُعَاوِيَة؛ لأن أمه أم أبان بِنْت عُتبة بن ربيعة. 4- أسماء بِنْت عميس –ع- الخثعمية4.   1 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 72" في الطبقات، وسنده مرسل. 2 إسناده ضعيف: أخرجه ابن حبان، والطبراني "405" في الكبير، وفي عنعنة ابن إسحاق، وهو من المدلسين. 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 166"، والجرح والتعديل "2/ 226"، والتاريخ الكبير "1/ 393". 4 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 280"، أسد الغابة "7/ 14"، الإصابة "12/ 16". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 هاجرت مع زوجها جعفر إِلَى الحبشة، فلما استشهد بمُؤتة تزوجها بَعْدَه أَبُو بكر، فولدت لَهُ محمدًا1. ويحيى بن عَلِيّ بن أَبِي طالب إخوة لأم. روت أحاديث. وعنها: ابنها عَبْد اللَّهِ، وابن أختها عَبْد اللَّهِ بن شدّاد بن الهاد، وسَعِيد بن المسيَب، وَالشَّعْبِيُّ، والقاسم بن محمد، وعُرْوة بن الزبير، وفاطمة بِنْت عَلِيّ بن أَبِي طالب، وفاطمة بِنْت الحسين، وآخرون. وَهِيَ أخت ميمونة أم المؤْمِنِينَ، وأم الفضل زوجة العباس من الأم. وقيل: كُنّ تسع أخوات. 5- أوس بن عوف، الطائفي2 قدم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وفد قومه ثقيف. قَالَ خَلِيفَة: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين. وَقَالَ أَبُو نُعَيم الحافظ: هُوَ أوس بن حُذَيفة، نُسب إِلَى جدّه الأعلى. وقيل: هُوَ أوس بن أَبِي أوس. رَوَى عَنْهُ: ابنه عَبْد اللَّهِ، وحفيده عُثْمَان بن عَبْد اللَّهِ. وقيل: هُوَ أوس الذي نَزَلَ الشَّام، وَهُوَ بعيد. "حرف الباء": 6- بلال بن الحارث المزني3 أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ. عداده في أَهْل المدينة -4. صحابي معروف عاش ثمانين سَنَة، وَكَانَ ينزل جبل مُزَينة المعروف بالأجرد، ويتردد إِلَى المدينة. رَوَى عَنْهُ: ابنه الحارث، وعلقمة بن وقّاص. وحديثه في السُنن.   1 السير "2/ 283". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5075"، الجرح والتعديل "2/ 303"، وأسد الغابة "1/ 139". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 395"، أسد الغابة "1/ 205"، الإصابة "1/ 164". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 "حرف الثاء": 7- ثوبان -م- مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ1 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. سُبي من نواحي الحجاز، فاشتراه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان يخدمه حَضَرًا وَسَفَرًا، وحفظ عَنْهُ كثيرًا، وسكن حمص. رَوَى عَنْهُ: جُبَير بن نُفَير، وخالد بن مَعْدان، وأَبُو أسماء الرحْبي، وراشد بن سعد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وجماعة كثيرة. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين. "حرف الجيم": 8- جُبَير بن الحُوَيْرث2 بن نُقَيد القرشي. أهدر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دم أبيه يَوْم الفتح، لكونه كَانَ مؤذيًا للَّهِ ورسوله3. ولجُبَيْر رؤية. رَوَى عَن: أَبِي بكر، وعمر، وشهد اليرموك. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرحمن بتن سعيد بن يربوع، وعُروة، وسَعِيد بن المسيب. 9- جُبَير بن مطعم –ع- بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بن قُصَيّ النوفلي أَبُو محمد، وَيُقَالُ: أَبُو عدي4. قدِم المدينة مشركًا في فداء أسَارَى بدر، ثُمَّ أسلم بَعْدَ ذلك وحسُن إسلامه، وَكَانَ من حلماء قريش وأشرافهم. وأَبُوه هُوَ الذي قام في نقض الصحيفة، وأجار رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى طاف بالبيت لَمَّا رجع من الطائف. ومات مشركًا5. لجبير أحاديث، رَوَى عَنْهُ: ابناه محمد، ونافع، وسليمان بن صرد، وسَعِيد بن المسيب، وآخرون.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 469"، الطبقات الكبرى "7/ 400"، أسد الغابة "1/ 249"، السير "3/ 15، 16". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 512"، والاستيعاب "234"، وأسد الغابة "1/ 322"، السير "3/ 439". 3 حديث ضعيف: أورده الزبير بن بكار، معضلا كما في السير "3/ 439". 4 انظر: التاريخ الكبير "2/ 223"، والاستيعاب "1/ 230"، وأسد الغابة "1/ 323". 5 السير "3/ 95". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 10- جَرير بن عَبْد اللَّهِ –ع- أَبُو عمرو البَجَلي، الأحْمَسي، اليمني1. وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة عشر، فأسلم في رمضان، فأكرم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقْدَمَهُ. وَكَانَ بديع الجمال، مليح الصورة إِلَى الغاية، طويلًا، يصل إِلَى سنام البعير، وَكَانَ نعله ذراعًا. قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى وجهه مسحة مَلَك" 2. وَرُوِيَ عَن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَرِيرُ يوسف هَذِهِ الأمة3. اعتزل عليًا وَمُعَاوِيَة، وأقام بنواحي الجزيرة. رَوَى عَنْهُ: حفيده أَبُو زُرْعة بن عمرو بن جَرِيرُ، والشَّعْبِيُّ، وزياد بن علاقة، وأَبُو إِسْحَاق السبيعي، وجماعة. تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين عَلَى الصحيح. وقيل: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين. قَالَ مغيرة: عَن الشَّعْبِيُّ، إن عمر كَانَ في بيت، فوجد ريحًا، فَقَالَ: عزمت عَلَى صاحب الريح لَمَّا قَامَ فتوضأ، فَقَالَ جَرِيرُ: يَا أمير المؤْمِنِينَ أَو نتوضأ جميعًا؟ -فَقَالَ عمر: نِعم السيد كنت في الجاهلية، ونِعم السيد أنت في الإسلام4. قَالَ ابن إِسْحَاق: وفيه يقول الشاعر: لَوْلا جريرٍ هلكتْ بُجَيله ... نِعْمَ الفَتَى وبِئسَتِ القبيلَهْ5 يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ، قَالَ جَرِيرٌ: لَمَّا دَنَوْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ حَلَلْتُ عَيْبَتِي، وَلَبِسْتُ حلَّتِي، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، وَإِذْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، فَرَمَانِي النَّاسُ بِالْحَدَقِ، فَقُلْتُ لِجَلِيسِي: هَلْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْرِي شَيْئًا؟ - قَالَ: نَعَمْ ذَكَرَكَ بِأَحْسَن الذكر6.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 22"، والاستيعاب "1/ 337"، وأسد الغابة "1/ 333". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 99"، ومسلم "2475"، وأحمد "4/ 364"، والحميد "800"، والترمذي "2258". 3 إسناده منقطع: وأورده في السير "2/ 535". 4 إسناده صحيح: لكن يخشى من عنعنة المغيرة، وانظر: الاستيعاب "2/ 142"، السير "2/ 535". 5 الاستيعاب "1/ 233". 6 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 359، 360، 364"، والطبراني "2483" في الكبير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 وَقَالَ جَرِيرٌ: مَا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي1. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْقَى إِلَيْهِ وِسَادَةً وَقَالَ: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ" 2. وقيل: رَمَى إِلَيْهِ بُرْدَةً لِيَجْلِسَ عَلَيْهَا3. 11- جعفر بن أَبِي سفيان بن الحارث بن عَبْد المطلب الهاشمي4. شهد مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُنَيْنًا، وبقي إِلَى زمن مُعَاوِيَة، وَهُوَ وأَبُوه من مسلمة الفتح. 12- جُوَيرية أم المؤْمِنِينَ -ع- بِنْت الحارث بن أَبِي ضرار المصطلقي5. سباها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْم المرَيْسيع في السنة الخامسة. وَكَانَ اسمها بَرة، فغيره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ6. وكانت قبله عند ابن عمها مسافع بن صفوان بن ذي الشفر، فتزوجها، وجعل صداقها عتق جَمَاعَة من قومها. ثُمَّ قدم أَبُوها الحارث بن أَبِي ضِرار عَلَى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأسلم. وعن جويرية قالت: تزوجني النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا بنت عشرين سنة7. زكريا بن أَبِي زائدة، عَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جويرية واستنكحها، وجعل صداقها عتْق كل مملَوْك من بني المصْطَلِق. وكانت في مِلْك اليمين، فأعتقها وتزوجها8. قَالَ ابن سعد وغيره: وبنو المصطلق من خزاعة. لها أحاديث، رَوَى عنها: ابن عباس، وعبيد بن السباق، وكريب، ومجاهد،   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 99"، ومسلم "2475"، والحميدي "800". 2 حديث حسن لغيره: أخرجه السراج وغيره كما في السير "2/ 532، 533"، وله شواهد عن عدد غفير من الصحب الكرام، انظر المرجع السابق. 3 انظر السابق. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 55"، أسد الغابة "1/ 286"، والسير "1/ 205". 5 انظر: الاستيعاب "4/ 1804"، وأسد الغابة "7/ 56"، السير "2/ 261". 6 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2140"، وأحمد "6/ 429، 430". 7 الطبقات الكبرى "8/ 120"، السير "2/ 263". 8 حديث ضعيف: إسناده مرسل. أخرجه ابن سعد "8/ 118"، والطبراني كما في المجمع "9/ 250". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 وأَبُو أيوب الأزدي يحيى بن مالك، وغيرهم. تُوُفيت بالمدينة سَنَة ستٌ وخمسين، وصلى عليها مروان. وَعَن عائشة قالت: كانت جويرية امْرَأَةً حُلْوَةً مُلاحَةً، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلا أخذت بنَفْسَهُ1. والحديث قَدْ مرّ في سَنَة خمس. "حرف الحاء": 13- الحارث بن كَلَدَة، الثقفي2 الطائفي، طبيب العرب. سافر البلاد، وتعلم الطّب بناحية فارس، وتعلم أيضًا ضرب العود بفارس وباليمن. وَيُقَالُ: أَنَّهُ بقى إِلَى أيام مُعَاوِيَة، وَهُوَ بعيد، فإن ابنه النضر بن الحارث ابن خالة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسر يَوْم بدر، وقتله عَلِيّ بالصفراء3. وَيُرْوَى أن سعد بن أَبِي وقاص لَمَّا مرض بمكة قَالَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أدعوا لَهُ الحارث بن كلدة"4. 14- حُجْر بن عَدِيّ ويدعي حُجْر بن الأدبر بن جَبَلَة الكنْدي الكوفي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ5. وقيل لأبيه: الأدبر؛ لأَنَّهُ طُعن موليًا. ولحُجْر صُحْبة ووفادة، مَا رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا. سمع من: عَلِيّ وعمار، وعنه: مولاه أَبُو ليلى، وأَبُو البَخْتري الطائي. شهد صِفّين أميرًا مع عَلِيّ. وَكَانَ صالحًا عابدًا، يلازم الْوَضوء، ويكثر من الأمر بالمعروف والنهي عَن المنكر،   1 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 277". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 507"، والاستيعاب "289"، الجرح والتعديل "3/ 87"، وأسد الغابة "1/ 345". 3 السيرة النبوية "2/ 348". 4 حديث ضعيف: وانظر: الجرح والتعديل "2/ 87". 5 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 217"، والجرح والتعديل "3/ 266"، الاستيعاب "329"، أسد الغابة "1/ 461"، السير "3/ 463". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 وَكَانَ يكذب زياد ابن أبيه الأمير عَلَى المنبر، وحصبه مرة فكتب فِيهِ إِلَى مُعَاوِيَة، فسر حُجْر عَن الْكُوفَة في ثلاثة آلاف بالسلاح، ثُمَّ تورع وقعد عَن الخروج، فسيره زياد إِلَى مُعَاوِيَة، وجاء الشهود فشهدوا عند مُعَاوِيَة عَلَيْهِ، وَكَانَ معه عشرون رجلًا فَهَمَّ مُعَاوِيَة بقتلهم، فأخرجوا إلى عذراء1. وقيل: إن رسول مُعَاوِيَة جاء إليهم لَمَّا وصلَوْا إِلَى عذراء يعرض عليهم التوبة والبراءة من عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فأبى من ذلك عشرة، وتبرأ عشرة، فقتل أولئك، فلما انتهى القتل إِلَى حُجْر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جعل يرعد، فقيل له: ما لك ترعد! فَقَالَ: قبر محفور، وكفن منشور، وسيف مشهور2. وَلَمَّا بلغ عَبْد اللَّهِ بن عمر قتلُه حُجْر قَامَ من مجلسه موليًا يبكي3. ولما حج مُعَاوِيَة استأذن عَلَى أم المؤْمِنِينَ عائشة فقالت لَهُ: أقتلتَ حُجْرًا! فَقَالَ: وجدت في قتله صلاح النَّاس، وخفت من فسادهم4. وقيل: إن مُعَاوِيَة ندم كل الندم عَلَى قتلهم، وَكَانَ قتلهم في سَنَة إحدى وخمسين. ابن عوف، عَن نافع قَالَ: كَانَ ابن عمر في السوق، فنُعي إليه حُجْر، فأطلق حُبْوَتَهُ وَقَامَ، وقد غلبه النحيب5. هشام، عَن ابن سيرين قَالَ: لَمَّا أتي مُعَاوِيَة بحُجْر قَالَ: السلام عليك يَا أمير المؤْمِنِينَ، قَالَ: وأمير المؤمنين أنا! اضربوا عنقه، فصلى ركعتين، وَقَالَ لمن حضر من أَهْله، لَا تطلقوا عني حديدًا، وَلَا تغسلَوْا عني دمًا، فإني مُلاقٍ مُعَاوِيَة على الجادة6. 15- حسان بن ثابت الأنصاري -سوى ت- بن المنذر بن حرام الْأَنْصَارِيّ النّجّاري، أَبُو عَبْد الرحمن7، شاعر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.   1 السَّيْرَ "3/ 463"، والعذراء: اسم قرية من قرى دمشق. 2 السير "3/ 466". 3 خبر صحيح: أخرجه أحمد "8/ 55" كما في البداية والنهاية، والسير "3/ 466". 4 خبر صحيح: أخرجه أحمد "8/ 55" كما في المصدر السابق، والسير "3/ 467". 5 انظر رقم "5". 6 السير "3/ 466". 7 انظر: التاريخ الكبير "3/ 29"، الاستيعاب "1/ 341"، أسد الغابة "2/ 5"، الإصابة "2/ 237". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم: "اللَّهم أيده بروح القُدُس" 1. رَوَى عَنْهُ: ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، وسَعِيد بن المسيب، وأَبُو سَلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وغيرهم. بَلَغَنَا أن حسان، وأباه، وجده، وجدّ أبيه، عاش كل منهم مائة وعشرين سَنَة. وَكَانَ في حسان جُبن، وأضر بأخْره. وله شِعْر فائق في الفصاحة. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين. 16- حكيم بن حزام –ع- بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصي بن كلاب القرشي الأسدي أَبُو خالد2، وعمته خديجة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَكَانَ يَوْم الفيل مراهقًا، وَهُوَ والد هشام، لَهُ صُحْبة، ورواية، وشرف في قومه، وحشمة. رَوَى عَنْهُ: ابنه حزام، وسَعِيد بن المسيب، وعَبْد اللَّهِ بن الحارث بن نوفل، وعُرْوة بن الزبير، وموسى بن طلحة، ويوسف بن ماهك، وغيرهم. حضر بدرًا مشركًا، وأسلم عام الفتح، وَكَانَ إِذَا اجْتَهَدَ فِي يَمِينِهِ قَالَ: لَا والذي نجاني يَوْم بدر من القتل. وله منقبة وَهُوَ أَنَّهُ وُلد في جوف الكعبة. وأسلم وله ستون سَنَة أَوْ أكثر، وَكَانَ من المؤلفة قلَوْبهم. أعطاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْم حُنين مائة من الإبل. قَالَه ابن إِسْحَاق3. حصَّل حكيم أموالًا من التجارة، وَكَانَ شديد الأدَمة نحيفًا. وَلَمَّا ضيقت قريش عَلَى بني هاشم بالشِعْب، كَانَ حكيم تأتيه العير، تحمل الحنطة، فيُقبلها الشِّعْبَ، ثُمَّ يضرب أعجازها، فتدَخَلَ عليهم. وَقَالَ عُرْوَةُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ: "مَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمٍ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دار بديل بن ورقاء فهو آمن"4.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6/ 221"، ومسلم "2485"، وأحمد "5/ 222، 223"، والنسائي "2/ 48". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 202"، الاستيعاب "1/ 320"، أسد الغابة "2/ 40"، السير "3/ 44". 3 السيرة النبوية "2/ 493". 4 إسناده مرسلٌ: ضعيفٌ بهذا اللفظ، وأخرجه موسى بن عقبة في "المغازي". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ" 1. وَكَانَ سَمْحًا جَوَادًا كَرِيمًا، عَالِمًا بِالنَّسَبِ، أَعْتَقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وفي الإسلام مائة رقبة، وَكَانَ ذا رأي وعقل تام، وَهُوَ أحد من دفن عُثْمَان سرًا. وباع دارًا لمعاوية بستين ألفًا، وتصدق بِهَا، وَقَالَ: اشتريتها في الجاهلية بزق خمر. وَرُوِيَ أن الزبير لَمَّا تُوُفِّيَ، قَالَ حكيم بن حزام لابن الزبير: كم عَلَى أخي من الدَين؟ -قَالَ: ألف ألف درهم، قال: علي منها خمسمائة ألف. وَدَخَلَ عَلَى حكيم عند الموت وَهُوَ يقول: لَا إله إِلَّا اللَّه، قَدْ كنت أخشاك، وأنا الْيَوْم أرجوك2. تُوُفِّيَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سَنَة أربع وخمسين. 17- حُوَيْطب بن عَبْد العُزي -خ م ن- العامري3. من مسلمة الفتح، لَهُ صُحبة، وَهُوَ أحد من دفن عُثْمَان، وَكَانَ حميد الإسلام. عُمر مائة وعشرين سَنَة. وَيُرْوَى أَنَّهُ باع من مُعَاوِيَة دارًا بالمدينة بأربعين ألف دينار4. رَوَى عَن عبد اللَّه بن السعدي، حديث رزق العامل5، رواه عَنْهُ السائب بن يزيد، وَهُوَ في الصحيحين، قَدِ اجْتمع في إسناده أربعة من الصحابة. تُوُفِّيَ حويطب سَنَة أربع، وَيُقَالُ: سَنَة اثنتين وخمسين. "حرف الخاء": 18- خالد بْن عُرْفُطة العذري6 –ت ق- يقال: له صحبة ورواية.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 122"، ومسلم "123"، وأحمد "3/ 434"، والحميدي "554". 2 السير "3/ 51". 3 انظر: الاستيعاب "1/ 384"، والجرح والتعديل "3/ 314"، وأسد الغابة "2/ 67". 4 المستدرك "3/ 493". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "12/ 133". 6 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 355"، الاستيعاب "1/ 413"، الإصابة "1/ 409". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 رَوَى عَنْهُ: مولاه مسلم، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعَبْد اللَّهِ بن يَسَارٍ. وَكَانَ أحد الأبطال المذكورين. تُوُفِّيَ بالْكُوفَة سَنَة ستين. قَالَ ابن سعد: وَكَانَ سعد ولي خالدًا القتال يَوْم القادسية، وَهُوَ الذي قَتَلَ الخوارج يَوْم النخيلة، وله بالْكُوفَة دار وعقب. 19- خراش بن أمية الكعبي الخزاعي1 لَهُ دار بالمدينة بسوق الدجاج. شهد بيعة الرضوان، وحلق رأس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذ، وتُوُفّي آخر أيام مُعَاوِيَة. قَالَ ابن سعد: لَمْ يرو شيئًا. "حرف الدال": 20- دَغْفَل بن حنظلة، الشيباني، الذُهْلي2، النَسابة. مختَلف في صحبته. وَقَالَ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: لَا أرى لَهُ صحبة، تُوُفِّيَ في دهر معاوية. "حرف الذال": 21- ذو مخمرالحبشي –د ق- وَيُقَالُ: ذو مِخْبَر الحبشي، ابن أخي النجاشي3. هاجر، وخدم النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: جُبَير بن نُفَير، وخالد بن مَعْدان، وأَبُو الزاهرية حُدَير بن كُرَيْب، ويزيد بن صُلَح. تُوُفِّيَ بالشَّام. "حرف الراء": 22- الربيع بن زياد، الحارثي الأمير، يكني أبا عَبْد الرَّحْمَنِ4. رَوَى عَن: أبي بن كعب، وكعب الأحبار.   1 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 96، 97"، الجرح والتعديل "3/ 392"، وأسد الغابة "2/ 108"، الاستيعاب "1/ 427". 2 انظر: الطبقات "7/ 140"، والجرح والتعديل "3/ 441"، والاستيعاب "1/ 477". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 425"، والاستيعاب "1/ 483"، وأسد الغابة "2/ 144". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 461"، وأسد الغابة "2/ 164"، والاستيعاب "1/ 516". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 وعنه: أَبُو مخلد لاحق، ومُطَرف بن الشخير، وحفصة بنت سيرين، وأرسل عَنْهُ قتادة. وَلِيَ خُراسان لمعاوية، وَكَانَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ كاتبًا لَهُ. رَوَى الهيثم، عَن مجالد، عَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: قَالَ عمر: دلَوْني عَلَى رَجُلٌ أستعمله، فذكروا لَهُ جَمَاعَة، فلم يُردْهم، قالْوَا: من تريد؟ قَالَ: من إذا كَانَ أميرهم كَانَ كأَنَّهُ رَجُلٌ منهم، وإذا لَمْ يكن أميرهم كَانَ كأَنَّهُ أميرهم، قالْوَا: مَا نعلمه إِلَّا الربيع بن زياد الحارثي، قَالَ: صدقتم1. قَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم في الكني: لَمَّا بلغ الربيع بن زياد مقتل حُجْر بن عدي، دعا فَقَالَ: اللَّهم إن كَانَ للربيع عندك خير، فاقبضه إليك وعجل، فزعموا أَنَّهُ لَمْ يبرح من مجلسه حَتَّى مات، رحمه الله2. 23- رُويفع بن ثابت لأنصاري -د ت ن- الْأَنْصَارِيّ أمير المغرب3. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين، وقد ذُكِرَ في الطبقة الماضية. وأما ابن يونس فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَة ستٍ وخمسين. "حرف الزاي": 24- زياد بن عُبَيد، الأمير4 الذي ادعي مُعَاوِيَة أَنَّهُ أخوه والتحق بِهِ، وجمع لَهُ إمرة الْعِرَاق، كنيته أَبُو المغيرة، أسلم في عهد أَبِي بكر، وَكَانَ كاتب أَبِي موسى في إمرته عَلَى الْبَصْرَةِ. سمع من عمر. رَوَى عَنْهُ: محمد بن سيرين، وعَبْد الملك بن عُمَير، وجماعة. ووُلد سَنَة الهجرة، وأمه سُمَيَّةٌُ جارية الحارث بن كَلَدَة الثقفي. قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أخو أبي بكرة الثقفي لأمه.   1 خبر ضعيف: وأورده ابن الأثير "2/ 164" في أسد الغابة، فيه الهيثم بن عدي، وهو من الضعفاء، وكذا مجالد ابن سعيد. 2 إسناده منقطع. 3 سبق الترجمة له. 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 99"، الاستيعاب "523"، أسد الغابة "2/ 271". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 وَكَانَ زياد لبيبًا فاضلًا، حازمًا، من دُهاة العرب، بحيث يُضرب بِهِ المثل1. يُقَالُ أَنَّهُ كتب لأبي موسى، وللمغيرة بن شُعْبة، ولعَبْد اللَّهِ بن عامر، وكتب بالْبَصْرَة لابن عباس. وذكر الشَّعْبِيُّ: أن عَبْد اللَّهِ بن عباس لَمَّا سَارَ من الْبَصْرَةِ مع عَلِيّ إِلَى صِفين استخلف زيادًا عَلَى بيت المال. وذكر عَوَانَةَ بن الحَكَم أن أبا سفيان بن حرب صار إِلَى الطائف فسكر، فالتمس بَغِيًّا، فأحضرت لَهُ سُمية، فواقعها، وكانت مزوجة بُعبيد مولى الحارث بن كَلَدَة، قَالَ: فولدت زيادًا، فادعاه مُعَاوِيَة في خلافته، وأَنَّهُ من ظَهْر أَبِي سفيان2. وَلَمَّا تُوُفِّيَ عَلِيّ كَانَ زياد عامله عَلَى فارس، فتحصن في قلعة، ثُمَّ كاتب مُعَاوِيَة أن يصالحه عَلَى ألفي ألف درهم، ثُمَّ أقبل زياد من فارس3. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: إِنَّ زِيَادًا قَالَ لِأَبِي بكرة، وهو أخوه لأمه: ألم تر أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَنِي عَلَى كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ وُلِدْتُ عَلَى فِرَاشِ عُبَيْدٍ وَأَشْبَهْتُهُ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" 4. ثُمَّ جَاءَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، وَقَدِ ادَّعَاهُ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا رأيت أحدًا أخطب من زياد. وقال قبيصة بن جابر: مَا رأيت أخصب ناديًا، وَلَا أكرم جليسًا، وَلَا أشبه سريرة بعلانية من زياد، مَا كَانَ إِلَّا عروسًا. وَقَالَ الفقيه الْوَزير أَبُو محمد بن حزم في كتاب الْفِضَلِ: ولقد امتنع زياد وَهُوَ فِقَعة القاع5 لَا عشيرة لَهُ وَلَا نسب، وَلَا سابقة، وَلَا قدم، فما أطاقه مُعَاوِيَة إِلَّا بالمداراة، حتى أرضاه وولاه6.   1 السير "3/ 495". 2 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 412" لابن بدران. 3 المصدر السابق. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "12/ 46"، ومسلم "63" من حديث سعد رضي الله عنه. 5 أي لا أصل له، ولا قيمة. 6 السير "3/ 496". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 وَقَالَ أَبُو الشعثاء جابر بن زيد: كَانَ أقتل لأَهْلِ دينه ممن يخالف هواه من الحّجّاج، وَكَانَ الحَجّاج أعلم بالقتل1. وَقَالَ ابن شَوْذَب: بلغ ابنَ عمر أن زيادًا كتب إِلَى مُعَاوِيَة: إني قَدْ ضبطت الْعِرَاق بيميني، وشمالي فارغة، فسأله أن يوليه الحجاز، فَقَالَ ابن عمر: اللَّهم إنك تجعل في القتل كفارة، فموتًا لابن سُمَيَّةَ لَا قتلًا، فخرج في إصبع زياد الطاعون، فمات. وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ: بلغ الحسنَ بنَ عَلِيّ أنْ زيادًا يتتّبع شيعة عَلِيّ بالْبَصْرَة فيقتلهم، فدعا عَلَيْهِ2. وَرَوَى ابن الكلبي: أن زيادًا جمع أَهْل الْكُوفَة ليعرضهم عَلَى البراءة من عليّ، فخرج خارجٌ من القصر فَقَالَ: إن الأمير مشغول، فانصرفوا، وإذا الطاعون قَدْ ضربه3. تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث وخمسين. وله أخبار تطول. 25- زيد بن ثابت -ع- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4، قَدْ ذُكر في الماضية. وَقَالَ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، والفلاس: تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين. وَقَالَ المدائني، وغيره: تُوُفِّيَ سَنَة خمس وخمسين. "حرف السين": 26- السائب بن خلاد -4- بن سُوَيد بن ثعلبة، أَبُو سهلة الْأَنْصَارِيّ الخزرجي5. لَهُ صُحبة، وأحاديث قليلة. رَوَى عَنْهُ: ابنه خلاد، وعطاء بن يَسَار، ومحمد بن كعب القرظي، وصالح بن   1 السابق. 2 السابق. 3 إسناده ضعيف جدا. اين الكلبي من المتروكين. 4 سبق الترجمة له. 5 انظر: الجرح والتعديل "4/ 240"، والاستيعاب "2/ 103"، وأسد الغابة "2/ 251". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 حيوان السَبائي، وعَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صعصعة. وقيل: هما اثنان، وأن والد خلاد مَا رَوَى عَنْهُ إِلَّا ولده. 27- السائب بن أَبِي وداعة، القُرَشي السهمي1. أسر يَوْم بدر، فَقَالَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تمسكوا بِهِ فإن له ابنًا كيسًا بمكة". فخرج ابنه عبد المطلب سرًّا حَتَّى قدِم، ففدى أباه بأربعة آلاف درهم، ثُمَّ أسلم السائب، وتوفي سَنَة سبع وخمسين. 28- سبرة بن معبد الجهني. –م- وَيُقَالُ: سَبْرة بن عَوْسَجة بن حَرْمَلَة الجُهَني2. لَهُ صُحبة ورواية. رَوَى عَنْهُ: ابنه الربيع أحاديث. أخرج لَهُ مسلم وغيره، وَكَانَ رسول عَلِيّ إِلَى مُعَاوِيَة من المدينة، بَعْدَ مقتل عُثْمَان. وكنيته: أَبُو ثرية. 29- سعد بن أَبِي وقاص -ع- مالك بن أهيب بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ بن مُرّة، أَبُو إِسْحَاق الزُهري3. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد السابقين الأولين، كَانَ يُقَالُ لَهُ: فارس الإسلام، وَهُوَ أول من رمي بسهم في سبيل اللَّه4. وَكَانَ مقدم الجيوش في فَتَحَ الْعِرَاق، مُجاب الدعوة، كثير المناقب، هاجر إِلَى المدينة قبل مَقْدم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد بدرًا. رَوَى عَنْهُ: بنوه عامر، ومُصْعَب، وَإِبْرَاهِيم، وعمر، ومحمد، وعائشة بنو سعد، وبسر بن سَعِيد، وسَعِيد بن المسيب، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعلقمة بن قيس، وعُرْوَة بن الزبير، وأَبُو صالح السمان، وآخرون. وأمه حمنة بِنْت سفيان بن أمية بن عَبْد شمس. أسلم وَهُوَ ابن تسع عشرة سَنَة، وَكَانَ قصيرًا دحداحًا غلظًا، ذا هامة، شثن   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 240"، والاستيعاب "2/ 102"، وأسد الغابة "2/ 257". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 348"، الاستيعاب "2/ 75"، أسد الغابة "2/ 260". 3 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 137، 138"، الجرح والتعديل "4/ 93"، الاستيعاب "2/ 18". 4 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "1/ 142" في الكبير، والحاكم "3/ 498" في مستدركه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 الأصابع، جعد الشعر، أشعر الجسد، آدم، أفطس1. قَالَ سَعِيد بن المسيب: سمعت سعدًا يقول: مكثت سبع ليالٍ، وإني لثلُث الإسلام2. وَقَالَ قيس بن أبي حازم: قال سعيد: مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَوَيْه لِأَحَدٍ قَبْلِي، قَالَ لِي: "يَا سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي". وَإِنِّي لَأَوَّلُ مَنْ رَمَى الْمُشْرِكِينَ بِسَهْمٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقَ السَّمُرِ3، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ مِثْلَ مَا تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذَنْ وَضَلَّ سَعْيِي4. وَقَالَ بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِرْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي" 5، قَالَ: فَنَزَعْتُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ، فَأَصَبْتُ جَبْهَتَهُ، فَوَقَعَ، فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَتَلَ سَعْدٌ يَوْمَ أُحُدٍ بِسَهْمٍ رُمِيَ بِهِ ثَلَاثَةٌ: رَمَوْا بِهِ، فَأَخَذَهُ سَعْدٌ، فَرَمَى بِهِ فَقَتَلَ، فَرَمَوْا بِهِ، فَأَخَذَهُ سَعْدٌ الثَّانِيَةَ، فَقَتَلَ، فَرَمَوْا بِهِ فَرَمَى بِهِ، سَعْدٌ ثَالِثًا، فَقَتَلَ ثَالِثًا، فَعَجب النَّاسُ مِنْ فِعْلِهِ6. قَالَ ابن المسيب: كَانَ سعد جيد الرمي. وَقَالَ عَلَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجمع أَبويه لأحد غير سعد7. وَقَالَ ابن مسعود: لقد رأيت سعدًا يقاتل يَوْم بدر قتال الفارس في الرجال. وَرَوَى عُثْمَان بن عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية   1 الطبقات الكبرى "3/ 137"، السير "1/ 93". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3726"، وابن ماجه "132"، والطبراني "1/ 138، 142" في الكبير. 3 نوع من أوراق يؤكل. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 124"، ومسلم "2966"، وأحمد "1/ 174، 181، 186". 5 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1412"، والطبراني "315" في الكبير. 6 إسناده منقطع: وأورده المصنف "1/ 99" في السير. 7 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4056"، ومسلم "2412"، والترمذي "3753" وابن ماجه "130". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 فِيهَا سعد بن أَبِي وقاص عَلَى رابغ1، وَهُوَ من جانب الجُحْفَة2، فانكفأ المشركون عَلَى المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، وَهَذَا أول قتال كَانَ في الإسلام، فَقَالَ سعد: أَلَّا أتى رَسُول اللَّهِ أني ... حَمَيْتُ صَحابتي بصدور نَبْلِي فما يَعْتَدُّ رامٍ في عدُوٍ ... بسهمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَبلي3 وَقَالَ ابن مسعود: اشتركت أنا، وسعد، وعمار، يَوْم بدر فيما نغنم، فجاء سعد بأسيرين، ولم أجئ أنا وَلَا عمار بشيء. وَعَن أَبِي إِسْحَاق قَالَ: كَانَ أشد الصحابة أربعة: عمر، وعلي، والزبير، وسعد. وَجَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ"4، فَدَخَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَقَالَ سَعْدٌ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعام: 52] . نزلت في ستة، وأنا وابن مسعود منهم5. أَخْرَجَهُ مسلم. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ" 6. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: حَدَّثَنِي سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاكَ". وَقَالَ عَبْد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير، عَن جَابِرِ بْنِ سَمُرة قَالَ: شكا أَهْل الْكُوفَة سعدًا -يعني لَمَّا كَانَ أميرًا عليهم- إِلَى عمر فقالْوَا: إِنَّهُ لَا يحسن يصلي، فَقَالَ سعد: أما إني كنت أصلي بهم صَلاةُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صلاتي العشاء، لَا أخْرمُ7 منها، أركُد في   1 رابغ: قرية على عشرة أميال من الجحفة، وهي من مواقيت الإحرام بالحج. 2 الجحفة: قرية، وهي من مواقيت الحج لأهل الشام. 3 الطبقات الكبرى "2/ 7". 4 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "2/ 222"، فيه رشد بن سعد من الضعفاء. 5 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2413"، وابن ماجه "4128". 6 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 97"، والترمذي "3753"، والحاكم "3/ 498"، والطبراني "323" في الكبير. 7 لا أخرم: لا أنقص. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 الأوليين وأحذَف1 في الأخريين، فَقَالَ: ذاك الظن بك يَا أبا إِسْحَاق، ثُمَّ بَعَثَ رجالًا يسألْوَن عَنْهُ، فكانوا لَا يأتون مسجدًا من مساجد الْكُوفَة إِلَّا قالْوَا خيرًا، حَتَّى أتوا مسجدًا من مساجد بني عبْس، فَقَالَ رَجُلٌ يقال له: أبو سعدة: أما إذ أنشدتمونا باللَّه، فإِنَّهُ كَانَ لَا يَعدل في القضية، وَلَا يقسم بالسوية، وَلَا يغزو في السرية، فَقَالَ سعد: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا، فأعْمِ بصره، وأطل عُمره، وعرضه للفِتَن، قَالَ عَبْد الملك: أنا رأيته بعدُ يتعرض للإماء في السكك، فإذا سئل كيف أنت؟ يقول: شيخ كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد2. وَقَالَ الزبير بن عدي، عَن مُصعب، إن سعدًا خطبهم بالْكُوفَة، ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْل الْكُوفَة، أي أمير كنت لكم؟ -فقام رَجُلٌ فَقَالَ: إن كنت مَا علمتك لَا تعدل في الرعية، وَلَا تقسم بالسوية، وَلَا تغزو في السرية؟ فَقَالَ: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا فاعْمٍ بصره، وعجل فَقْره، وأطِل عُمُرَه، وعرضه للفِتن، قَالَ: فما مات حَتَّى عُمِّر وافتقر وسأل، وأدرك فتنة المختار فقُتل فِيهَا3. وَقَالَ شُعْبة، عَن سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ لِسَعْدٍ، وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ جَدِيدٌ، فَكَشَفَهَا الرِّيحُ، فَشَدَّ عُمَرُ عَلَيْهَا بِالدَّرَّةِ، وَجَاءَ سَعْدٌ لِيَمْنَعُهُ فَتَنَاوَلَهُ بِالدَّرَّةِ، فَذَهَبَ سَعْدٌ لِيَدْعُو عَلَى عُمَرَ، فَنَاوَلَهُ الدَّرَّةَ وَقَالَ: اقْتَصْ، فَعَفَا عَنْ عُمَرَ4. وَقَالَ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ عَنْ عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جَابِرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَنَا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نَصْرَهُ ... وسعد بباب الْقَادِسِيَّةِ مُعْصمٌ فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... وَنِسْوَةُ سَعْدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أيَّمُ فَبَلَغ سَعْدًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اقْطَعْ عَنِّي لِسَانَهُ، فَجَاءَتْ نُشَّابَةٌ5، فأصابت فاه،   1 الحذف: التخفيف. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "755"، ومسلم "454"، وأبو داود "803"، وأحمد "1/ 175، 177، 179، 180"، والنسائي "2/ 217". 3 انظر السابق. 4 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "309" في الكبير. 5 نشابة: الناشب: الرامي بالنشاب، والجمع: نشابة، والنشاب: النبل. المعجم الوجيز "ص/ 614". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 فَخَرَسَ، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي الْقِتَالِ. وَكَانَ فِي جَسَدِ سَعْدٍ قُرُوحٌ، فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِعُذْرِهِ عَنِ الْقِتَالِ1. وَقَالَ مُصعب بن سعد، وغيره: إن رجلًا نال من عليّ، فنهاه سعد، فلم ينته، فدعا عَلَيْهِ، فما برح حَتَّى جاء بعير ناد، فخَبَطه حَتَّى مات. لها طُرق عَن سعد2. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ مغيرة، عَن أمه قالت: زرنا آل سعد بن أَبِي وقاص، فرأينا جارية كَانَ طولها شبر، قلت: من هَذِهِ؟ قالْوَا: مَا تعرفينها؟ هَذِهِ بنت سعد، غمست يدها في طهوره فقال: قطع اللَّه قرنك، فما شبت بَعْدَ3. قَدْ ذكرنا فيما مرّ أن سعدًا جعله عُمر أحَد الستة أَهْل الشورى، وَقَالَ: إن أصابت الخلافة سعدًا، وَإِلَّا فليستعن بِهِ الخليفة بَعْدي، فإني لم أعزله من ضعف وَلَا من خيانة. وسعد كَانَ ممن اعتزل عليًا وَمُعَاوِيَة. قَالَ أيوب، عَن ابن سيرين: نُبئت أن سعدًا قَالَ: مَا أزعم أني بقميصي هَذَا أحق مني الخلافة، قَدْ جاهدت إذ أنا أعرف الجهاد، وَلَا أبخع نفسي إن كَانَ رَجُلٌ خيرًا مِني، لَا أقاتل حَتَّى تأتوني بسيف لَهُ عينان ولسان وشفتان، فيقول: هَذَا مؤمن وَهَذَا كافر4. وقال محمد بن الضحاك الحزامي، عن أبيه، أن عليًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خطب بَعْدَ الحَكَمين فَقَالَ: للَّهِ منزل نزله سعد بن مالك وعبد الله بن عمر، والله لئن كَانَ ذنبًا -يعني اعتزالهما- إِنَّهُ لصغير مغفور، ولئن كَانَ حسنًا، إِنَّهُ لعظيم مشكور5. وَقَالَ عمر بن الحكم، عَن عَوَانة: دَخَلَ سعد عَلَى مُعَاوِيَة، فلم يسَلم عَلَيْهِ بالإمارة، فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَوْ شئت أن تقول غيرها لقلت، قَالَ: فنحن المؤمنون وَلَمْ نؤمرك، فإنك مُعجَب بما أنت فِيهِ، واللَّه مَا يسُرني أني عَلَى الّذي أنت عَلَيْهِ، وإني هرقت محجمة دم.   1 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "311" في الكبير. 2 خبر حسن بطرقه: خرجته في "مجابي الدعوة" لابن أبي الدنيا. 3 خبر ضعيف: وأخرجه ابن أبي الدنيا "33" في "مجابي الدعوة". 4 إسناده ضعيف: وأخرجه أبو نعيم "1/ 94" في الحلية، والطبراني "322" فيه انقطاع. 5 رواه الطبراني كما في المجمع "7/ 246". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 وَقَالَ محمد بن سيرين: إن سعدًا طاف عَلَى تسع جوارٍ1 في ليلة، ثُمَّ أيقظ العاشرة، فغلبه النوم، فاستحيت أن توقظه. وَقَالَ الزهري: إن سعدًا لَمَّا حضرته الْوَفاة، دعا بخَلقِ2 جُبةٍ من صوف فَقَالَ: كفنوني فِيهَا، فإني لقيت فِيهَا المشركين يَوْم بدر، وإِنَّمَا خبأتها لِهَذَا الْيَوْم3. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ رَأْسُ أَبِي فِي حِجْرِي، وَهُوَ يَقْضِي، فَبَكَيْتُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ مَا يُبْكِيكَ؟ قُلْتُ: لِمَكَانِكَ وَمَا أَرَى بِكَ، فَقَالَ: لا تَبْكِ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُنِي أَبَدًا، وَإِنِّي مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ4. وَعَن عائشة بِنْت سعد، أن أباها أرسل إِلَى مروان بزكاة عين ماله، خمسة آلاف، وخلف يَوْم مات مائتين وخمسين ألف درهم. قَالَ الزبير بن بكار: كَانَ سعد قَدِ اعتزل في الآخر في قصرٍ بناه بطرف حمراء الأسد. قَالَ الْوَاقدي، وابن المديني، وجماعة كثيرة: تُوُفِّيَ سَنَة خمس وخمسين. وَقَالَ قعنب بن المحرّر: سَنَة ثمان وخمسين، وقيل: سَنَة سبع، وليس بشيء. وَقَالَ ابن سعد: تُوُفِّيَ في قصره بالعقيق، عَلَى سبعة أميال من المدينة، وحُمل إِلَى المدينة، وصلى عَلَيْهِ مروان، وله أربع وسبعون سَنَة. 30- سعيد بن زيد -ع- ابن عمرو بن نُفَيْلِ بن عَبْد العُزّى، القرشي العدوي، أَبُو الأعور5. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وَكَانَ أميرًا عَلَى ربع المهاجرين، وولي دمشق نيابة لأبي عبيدة، وشهد فتحها.   1 جوار: مفردها جارية، وهي ملك اليمين، ولا حد لها في العدد. 2 خلق: قديم، أو بالي. 3 خبر ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 496"، والطبراني "316" في الكبير، وفيه انقطاع، فإن الزهري لم يسمع من سعد -رضي الله عنه. 4 خبر حسن: وأخرجه ابن سعد "3/ 1/ 104" في طبقاته. 5 انظر: الطبقات الكبى "3/ 379"، والجرح والتعديل "4/ 21"، وأسد الغابة "2/ 306". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 رَوَى عَنْهُ: ابن عمر، وأَبُو الطُّفَيْلِ، وعمرو بن حُرَيْث، وزر بن حُبَيْش، وحُمَيد بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وقيس بن أَبِي حازم، وعُرْوة بن الزبير، وجماعة. وقال أَهْل المغازي: إن سَعِيد بن زيد قدِم من الشَّام بُعَيد بدر، فكلم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فضرب لَهُ بسهمه وأجره. أسلم سَعِيد قبل دخول دار الأرقم، وَكَانَ مزوّجًا بفاطمة أخت عمر، وَهِيَ بِنْت عم أبيه. وَقَالَ سَعِيد: ولقد رأيتني وإن عمر لموثقي عَلَى الإسلام، فلم يكن عمر أسلم بَعْدَ1. وَعَن ابن مكيث أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ سَعِيدا وطلحة يتجسسان خبر عير قريش، فلهذا غابا عَن وقعة بدر، فرجعا إِلَى المدينة وقدِماها في يَوْم الْوَقعة، فخرجا يؤمّانَّهُ، وشهد سَعِيد أحدًا وَمَا بَعْدَها2. وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن ظالم المازني، عن سعيد بن زيد قال: أشهد عَلَى التسعة أَنَّهُم في الجنة، وَلَوْ شهدت عَلَى العاشر لَمْ آثم، يعني نَفْسَهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سألت أَبِي عَن الشهادة لأبي بكر وعمر بالجنة، فَقَالَ: نعم، اذهب إِلَى حديث سَعِيد بن زيد3. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، إِنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ ادَّعَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ أَرْضِهَا شَيْئًا، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ: أَنَا آخُذُ من أرضها شيئًا بعدما سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ" 4، فَقَالَ مَرْوَانُ: لَا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَاعْمِ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا، فَمَا مَاتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرَهَا، وَبَيْنَا هِيَ تَمْشِي في أَرْضِهَا إِذْ وَقَعَتْ فِي حفرة فماتت. رواه مسلم.   1 خبر صحيح: أخرجه البخاري "3862"، و"3867"، والحاكم "3/ 440". 2 الطبقات الكبرى "3/ 382، 383". 3 خبر صحيح: أخرجه أحمد "1/ 188، 189". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3198"، ومسلم "1231"، وأحمد "1/ 188، 189، 190"، وابن أبي شيبة "6/ 565، 566" في مصنفه، والبيهقي "6/ 98، 99" في سننه الكبرى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثار إن مُعَاوِيَة كتب إِلَى مروان بالمدينة يبايع لابنه يزيد، فَقَالَ رَجُلٌ من أَهْل الشَّام: مَا يحبسك؟ قَالَ: حَتَّى يجيء سَعِيد بن زيد فيبايع، فأَنَّهُ سيد أَهْل البلد، إذا بايع بايع النَّاس1. وَقَالَ نافع: إن ابن عمر لَمَّا سمع بموت سَعِيد بالعقيق، ذهب إليه، وترك الجمعة. وقالت عائشة بِنْت سعد بن أَبِي وقاص: مات سَعِيد بن زيد بالعقيق، فغسَله سعد وكفنه، وخرج معه. قَالَ مالك: كلاهما مات بالعقيق. وَقَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين، وَهُوَ ابن بضع وسبعين سَنَة، وقُبر بالمدينة، ونزل في قبره سعد وابن عمر، وَكَانَ رجلًا آدم، طويلًا، أشعر. وكذا وَرَّخ موته ابن بُكَير وجماعة، وشذ عُبَيد اللَّه بن سعد الزُهري فَقَالَ: سَنَة اثنتين وخمسين، وغلط الهيثم بن عدي فَقَالَ: تُوُفِّيَ بالْكُوفَة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ عبد الله بن ظالم المازني، عن سعيد بن زيد قَالَ: أشهد عَلَى التسعة أَنَّهُم في الجنة، فَقَالَ: نعم، أذهب إِلَى حديث سَعِيد بن زيد2. 31- سَعِيد بن العاص –م ن- ابن سَعِيد بن العاص بن أمية الأموي3، والد عمرو، ويحيى. قُتِلَ أَبُوه يَوْم بدر مشركًا وخلف سَعِيدا طفلًا. وَقَالَ أَبُو حاتم: لَهُ صحبة. رَوَى عَن: عمر، وعائشة. وعنه: ابناه، وعُروة بن الزبير، وسالم بن عَبْد اللَّهِ. وَكَانَ أحد الأشراف الأجواد الممدَّحين، والحلماء العقلاء.   1 خبر حسن: أخرجه البخاري في تاريخه الصغير "ص/ 60"، والحاكم "3/ 439"، والطبراني "345". 2 سبق تخريجه. 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 30"، والجرح والتعديل "4/ 48"، والاستيعاب "2/ 8-11"، وأسد الغابة "2/ 391". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 ولي إمرة المدينة غير مرة لمعاوية، وولي الْكُوفَة لعُثْمَان، واعتزل عليًا وَمُعَاوِيَة من عقله، فلما صفا الأمر لمعاوية وفد إليه، فأمر لَهُ بجائزة عظيمة، وقد غزا سَعِيد طبرستان في إمرته عَلَى الْكُوفَة، فافتتحها، وفيه يقول الفرزدق: ترى الغُر الجحاجح1 من قريش ... إذا مَا الأمر دون الحَدَثَان عالا قِيَامًا ينظرونَ إِلَى سَعِيد ... كأَنَّهُم يَرَوْنَ بِهِ هِلالا وَقَالَ ابن سعد: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولسَعِيد بن العاص أَبِي أحَيحة تسع سنين أَوْ نحوها. وَلَمْ يزل في نَاحِيَةِ عُثْمَان لقرابته مِنْهُ، فاستعمله عَلَى الْكُوفَة لَمَّا عزل عنها الْوَليد بن عُتبة، فقدِمها سَعِيد شابًا مترفًا، فأضر بأَهْلها إضرارًا شديدًا، وعمل عليها خمس سنين إِلَّا شهرًا، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ أَهْل الْكُوفَة وطردوه، وأمَّروا عليهم أبا موسى، فأبى عليهم، وجدد البيعة في رقابهم لعُثْمَان، وكتب إليه فاستعمله عليهم. وَكَانَ سَعِيد بن العاص يَوْم الدار مع عُثْمَان يقاتل عَنْهُ، وَلَمَّا خرج طلحة والزبير نَحْوَ الْبَصْرَةِ خرج معهم سَعِيد، ومروان، والمغيرة بن شُعبة، فلما نزلَوْا مَرَّ الظهران قَامَ سَعِيد خطيبًا، فحمد اللَّه، وأثني عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أما بَعْد، فإن عُثْمَان عاش حميدًا، وخرج شهيدًا، فضاعف اللَّه لَهُ حسناته، وقد زعمتم أنكم خرجتم تطلبون بدمه، فإن كنتم تريدون ذلك، فإن قَتَلَةَ عُثْمَان عَلَى صدور هَذِهِ المطي وأعجازها، فميلوا عليهم أسيافكم، فقال مروان: لا بل نضرب بعضهم ببعض، فمن قتل ظفرنا منه، ويبقى الباقي فنطلبه وقد وَهن، وَقَامَ المغيرة فَقَالَ: الرأي مَا رأي سَعِيد، وذهب إِلَى الطائف، ورجع سَعِيد بن العاص بمن اتبعه، فلم يزل بمكة حَتَّى مضت الجمل وصِفين2. وَقَالَ قَبِيصة بن جابر: إِنَّهُم سألوا مُعَاوِيَة: من ترى لِهَذَا الأمر بَعْدَك؟ قَالَ: أما كريمة قريش فسَعِيد بن العاص وأما فلان، وذكر جَمَاعَة3. ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا عَلَيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضِ بْنِ جَعْدِيَّةِ، عَنْ عبد الله بن   1 الكرام، فيقال للسيد الكريم: الجحجاح. 2 الطبقات الكبرى "5/ 31-35"، السير "3/ 446". 3 السير "3/ 446". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ1 قَالَ: خَطَبَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ أُمَّ كُلْثُومِ بِنْتِ عَلِيٍّ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبَعَثَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَخُوهَا الْحُسَيْنُ فَقَالَ: لَا تَزَوَّجِيهِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: أَنَا أُزَوِّجَهُ، وَاتَّعَدُوا لِذَلِكَ، وَحَضَرَ الْحَسَنُ، وَأَتَاهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَمَنْ مَعَهُ، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَيْنَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ الْحَسَنُ: سَأَكْفِيكَ، قَالَ: فَلَعَلَّ أَبَا عبد الله كره هذا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لا أدَخَلُ فِي شَيْءٍ يَكْرَهُهُ، وَرَجَعَ وَلَمْ يَعْرِضْ لِلْمَالِ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ الْوَليد بن مَزْيد: ثَنَا سَعِيد بن عَبْد العزيز قَالَ: عربية القرآن أقيمت عَلَى لسان سَعِيد بن العاص بن سَعِيد؛ لأَنَّهُ كَانَ أشبههم لهجة برَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَرَوَى الْوَاقدي، عَن رجاله، أن سَعِيد بن العاص خرج من الدار، فقاتل حَتَّى أم، ضربه رَجُلٌ ضربة مأمومة3، قَالَ الذي رآه: فلقد رأيته، ليسمع صوت الرعد، فيغشى عَلَيْهِ4. وَقَالَ هُشَيْم: قدِم الزبير الْكُوفَة زمن عُثْمَان، وعليها سَعِيد بن العاص، وبعث إلى الزبير بسبعمائة فقبلها. وَعَن صالح بن كَيْسان قَالَ: كَانَ سعيد بن العاص حليمًا وقورًا، ولقد كانت المأمومة التي أصابت رأسه يَوْم الدار، قد كاد أن يخف منها بعض الخفة، وَهُوَ عَلَى ذلك من أوقر الرجال وأحلمهم5. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قال: كان مروان أميرًا علينا بالمدينة ستَّ سنين، فكان يسب عليًا في الجُمَع، ثُمَّ عُزل، فاستعمل عليها سَعِيد بن العاص، فكان لَا يسب عليًا6. وَقَالَ ابن عُيينه: كَانَ سَعِيد بن العاص إذا سأله سائل، فلم يكن عنده شيء قال:   1 إسناده ضعيف: وأورده في السير "3/ 447". 2 خبر ضعيف: فيه انقطاع: وأخرجه ابن أبي داود "24" في المصاحف. 3 جرح يصل إلى أم الرأس. 4 إسناده ضعيف: من رواية الواقدي. 5 السير "3/ 447". 6 إسناده ضعيف: السير "3/ 447". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 اكتب عَلِيّ بمسألتكم سِجِلا إِلَى أيام مَيْسرَتي1. وَرَوَى الأصمعي أن سَعِيد بن العاص كَانَ يدعو إخوانه وجيرانه كل جمعة، فيصنع لهم الطعام، ويخلع عليهم الثياب الفاخرة، ويأمرهم بالجوائز الْوَاسعة2. وَرَوَى عَبْد الأعلى بن حماد قَالَ: استسقى سَعِيد بن العاص من دار بالمدينة، فسقوه، ثُمَّ حضر صاحب الدار في الْوَقت مع جَمَاعَة يعرض الدار للبيع، وَكَانَ عَلَيْهِ أربعة آلاف دينار، فبلغ ذلك سَعِيدا فَقَالَ: إن لَهُ عَلَيْهِ ذِمامًا لسَقيه، فأداها عَنْهُ3. وَعَن يحيى بن سَعِيد الأموي: أن سَعِيد بن العاص أطعم النَّاس في سَنَة جدبة، حَتَّى أنفق مَا في بيت المال وأدان، فعزله مُعَاوِيَة لذلك. وَيُرْوَى: أَنَّهُ تُوُفِّيَ وعليه ثمانون ألف دينار. الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بَعَثَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بَرِيدًا يُخْبِرُ مُعَاوِيَةَ، وَبَعَثَ مَرْوَانُ أَيْضًا بَرِيدًا، وَأَنَّ الْحَسَنَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ وَأَنَا حَيٌّ، فَلَمَّا دُفِنَ الْحَسَنُ بِالْبَقِيعِ، أَرْسَلَ مَرْوَانُ بِذَلِكَ وَبِقِيَامِهِ مَعَ بَنِي أُمَّيَةَ وَمَوَالِيهِمْ، وَأَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَقَدْتُ لِوْائِي، وَلَبِسْنَا السِّلاحَ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ، فَدَرَأَ اللَّهُ، أَنْ يَكُونَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثَالِثٌ أَبَدًا، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ الْمَظْلَوْمُ وَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ فَعَلُوا بِعُثْمَانَ مَا فَعَلُوا، وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ يَشْكُرُ لَهُ، وَوَلاهُ الْمَدِينَةَ، وَعَزَلَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَكَتَبَ إِلَى مَرْوَانَ أَنْ لا تَدَعَ لِسَعِيدً مَالا إِلا أَخَذْتُهُ، فَلَمَّا جَاءَ مَرْوَانُ الْكِتَابُ بَعَثَ بِهِ مَعَ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى سَعِيدٍ، فَلَمَّا قَرَأَهُ أَخْرَجَ كِتَابَيْنِ، وَقَالَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: اقْرَأْهُمَا، فَإِذَا فِيهِمَا: مِنْ مُعَاوِيَةَ إِلَى سَعِيدٍ، يَأْمُرُهُ حِينَ عُزِلَ مَرْوَانُ أَنْ يَقْبِضَ أَمْوَالَهُ، وَلَا يَدَعْ لَهُ عِذْقًا، فَجَزَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ خَيْرًا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنَّكَ جِئْتَنِي بِهَذَا الْكِتَابِ، مَا ذَكَرْتُ مِمَّا تَرَى حَرْفًا وَاحِدًا، فَجَاءَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِالْكِتَابِ إِلَى أَبِيهِ، قَالَ مَرْوَانُ: هُوَ كَانَ أَوْصَلَ لنا منا له4.   1 السابق. 2 إسناده منقطع. 3 إسناده منقطع: وانظر تهذيب تاريخ دمشق "6/ 144". 4 إسناده ضعيف: من رواية الواقدي، وأورده ابن بدران "6/ 142، 143" في تهذيب تاريخ دمشق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 وعن صالح بن كيسان قال: كان سعيد بن العاص أوقر الرجال وأحلمهم، وَكَانَ مروان حديد اللسان، سريع الجواب، ذلق اللسان، قلما صبر إن كَانَ في صدره حُبُّ أحدٍ أَوْ بُغْضُه إِلَّا ذَكَرَه، وَكَانَ سَعِيد خلاف ذلك ويقول: إن الأمور تغير، والقلَوْب تتغير، فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحًا الْيَوْم، غائبًا غدًا1. قَالَ الزبير: مات سَعِيد في قصره بالعَرَصَة، عَلَى ثلاثة أميال من المدينة، وحُمل إِلَى البقيع، وركب ابنه عمرو بن سَعِيد إلى معاوية، فباعه منزله وبستانه بالعرصة بثلاثمائة ألف درهم، قاله الزبير بن بكار. وفي ذلك المكان يقول عمرو بن الْوَليد بن عُقْبة: القصُر ذو النخلِ والجَمَّار2 فوقهما ... أشهى إِلَى النفس من أَبُواب جَيُرونِ قَالَ خَلِيفَة وغيره: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين. وَقَالَ مسدد: مات سَعِيد بن العاص، وعائشة، وأَبُو هريرة، وعَبْد اللَّهِ بن عامر: سَنَة سبع أَوْ ثمان وخمسين. وَقَالَ أَبُو معشر: سَنَة ثمان وخمسين. 32- سَعِيد بن يربوع المخزومي3. من مُسْلمة الفتح، وشهد حنينًا. كان ممن يجدد أنصاب الحرم لخبرته بحدود الحرم. رَوَى ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين، وعاش مائة وعشرين سَنَة، وَهُوَ من أقران حكيم بن حزام. 33- سفيان بن عوف، الأزدي الغامدي الأمير4. شهد فتح دمشق، وولي   1 إسناده ضعيف: فيه انقطاع. "6/ 143" تهذيب تاريخ دمشق. 2 الجمار: شحم النخل، وهو أغلى ما في النخلة. 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 72"، وأسد الغابة "2/ 316"، والتاريخ الكبير "3/ 453، 454"، والإصابة "2/ 51، 52". 4 انظر: تاريخ الطبري "5/ 134، 234، 299"، والإصابة "2/ 56". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 غزو الرصافة لمعاوية، وتوفي مرابطًا بأرض الروم سَنَة اثنتين وخمسين، وَلَا صُحبة لَهُ. 34- سَمُرَة بن جندب –ع- ابن هلال الفزاري1. لَهُ صحبة ورواية وشرف، ولي إمرة الْكُوفَة والْبَصْرَة خلافة لزياد. رَوَى عَنْهُ: ابنه سليمان، وأَبُو قِلابة الجَرْمي، وأَبُو رجاء العُطَاردي، وأَبُو نَضْرة العَبْدي، وعَبْد اللَّهِ بن بُريْدة، ومحمد بن سِيرين، والحسن بن أَبِي الْحَسَن، وسماعة مِنْهُ ثابت، فالصحيح لزوم الاحتجاج بروايته عَنْهُ، وَلَا عبرة بقول من قَالَ من الأئمة: لَمْ يسمع الْحَسَن من سَمُرة؛ لأن عندهم عِلما زائدًا عَلَى مَا عندهم من نفي سماعة مِنْهُ2. وَكَانَ سَمُرة شديدًا عَلَى الخوارج، فقتل منهم جَمَاعَة، وَكَانَ الْحَسَن وابن سيرين يُثْنيان عَلَيْهِ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَيْتٍ: "آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ"3. فِيهِمْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: فَكَانَ سَمُرَةُ آخِرُهُمْ مَوْتًا. أَبُو نَضْرَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَكِنْ لِلْحَدِيثِ مَعَ غَرَابَتِهِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَكِيمٍ - وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ بِجُرْحٍ- قَالَ: ثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: كُنْتُ أَمُرُّ بِالْمَدِينَةِ، فَأَلْقَى أَبَا هُرَيْرَةَ، فَلَا يَبْدَأُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَسْأَلَنِي عَنْ سَمُرَةَ، فَإِذَا أَخْبَرْتُهُ بِحَيَاتِهِ فَرِحَ، فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا عَشَرَةٌ فِي بَيْتٍ، وَإِنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ وَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا، وَأَخَذَ بِعُضَادَتَيِ الْبَابِ، ثُمَّ قَالَ: "آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ"4. فَقَدْ مَاتَ مِنَّا ثَمَانِيَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُ سَمُرَةَ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ من أن أكون قد ذقت الموت.   1 انظر: الطباقت الكبرى "6/ 34"، "7/ 49"، والتاريخ الكبير "4/ 176"، والجرح والتعديل "4/ 154"، والاستيعاب "2/ 77-79". 2 قال الذهبي في السير "3/ 184": قد ثبت سماع الحسن من سمرة، ولقيه بلا ريب، صرح بذلك في حديثين. 3 حديث ضعيف: وأورده المصنف في السير "3/ 184"، وقال: حديث غريب جدا، ولم يصح لأبي نضرة سماع من أبي هريرة. 4 حديث ضعيف: فيه أنس بن حكيم في عداد المجهولين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 وَرَوَى مِثْلَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا قَدِمْتُ عَلَى أَبِي مَحْذُورَةَ سَأَلَنِي عَنْ سَمُرَةَ، وَإِذَا قَدِمْتُ عَلَى سَمُرَةَ سَأَلَنِي عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَنَا وَسَمُرَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي بَيْتٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ"1، فَمَاتَ أَبُو هُرَيْرَةَ، ثُمَّ مَاتَ أَبُو مَحْذُورَةَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِآخَرَ: "آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ"2. فَمَاتَ الرَّجُلُ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغِيظَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَاتَ سَمُرَةَ، فَإِذَا سَمِعَهُ غُشِيَ عَلَيْهِ وَصُعِقَ، ثُمَّ مَاتَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَبْلَ سَمُرَةَ. وَقَتَلَ سَمُرَةُ بَشَرًا كَثِيرًا. وَقَالَ سليمان بن حرب: ثَنَا عامر بن أَبِي عامر قَالَ: كنّا في مجلس يونس بن عبيد في أصحاب الخزّ، فقالْوَا: مَا في الأرض بقعة نشفت من الدم مَا نشفت هَذِهِ البقعة -يعنون دار الإمارة- قُتِلَ بِهَا سبعون ألفًا، فجاء يونس بن عبيد، فقلت: إِنَّهُم يقولَوْن كذا وكذا، فَقَالَ: نعم من بَيْنِ قتيل وقطيع، قيل لَهُ: ومن فعل ذلك يَا أبا عَبْد اللَّهِ؟ قَالَ: زياد وابنه عبيد اللَّه وسمرة3. قَالَ البيهقي: نرجو لسَمُرَة بصحبته رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَبْد اللَّهِ بن مُعَاوِيَة الجُمَحي، عَن رَجُل: أن سَمُرة استجمر، فغفل عَن نَفْسَهُ، وغفلَوْا عَنْهُ حَتَّى أخذته. وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ أَبَا يَزِيدَ الْمَدِينِيَّ يَقُولُ: لَمَّا مَرِضَ سَمُرَةُ أَصَابَهُ بَرْدٌ شَدِيدٌ، فَأَوْقَدْتُ لَهُ نَارٌ فِي كَانُونٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانُونٍ خَلْفَهُ، وَكَانُونٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، فَجَعَلَ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَقُولُ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا فِي جَوْفِي، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ. وإن صحّ هَذَا فيكون إن شاء اللَّه قوله عَلَيْهِ السلام: "آخركم موتًا في النار" متعلقًا بموته في النار، لا بذاته.   1 حديث ضعيف: فيه ابن جدعان، وهو من الضعفاء، وأوس بن خالد من المجهولين. 2 حديث ضعيف: إسناده مرسل. وأورده الذهبي "3/ 185" في السير. 3 السير "3/ 185". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 قَالَ عَبْد اللَّهِ بن صبيح، عَن ابن سيرين: كَانَ سَمُرة -فيما علمت- عظيم الأمانة، صدوقًا، يحبّ الأسلام وأَهْله1. تُوُفِّيَ سَمْرة سَنَة تسع وخمسين، وَيُقَالُ: في أول سَنَة ستين. 35- سَوْدَة أم المؤْمِنِينَ2 مرت في خلافة عمر. قَالَ الْوَاقدي: الثابت عندنا أَنَّها توفيت سَنَة أربع وخمسين فيما حدثنا بِهِ محمد بن عَبْد اللَّهِ بن مسلم، عَن أبيه. "حرف الشين": 36- شداد بن أوس -ع- بن ثابت، أَبُو يعلى، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الأنصاري النجاري، ابن أخي حسّان بن ثابت3. لَهُ صُحْبة ورواية، أحد سادة الصحابة. رَوَى عَنْهُ: بشير بن كعب، وخالد بن مَعْدان، وأَبُو الأشعث الصنعاني شراحيل، وأَبُو إدريس الخَوْلاني، وأَبُو أسماء الرحبي، وجماعة، ومحمد، ويعلي ابناه. فعن عُبادة بن الصامت قَالَ: شداد ممن أوتي العلم والحِلم. ابْنُ جَوْصا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الْوَهاب بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْن شداد بن أوس: حدثني أَبِي، حدثنا أَبِي، عَن أبيه، عَن جده، قَالَ: كَانَ لأبي يعلى شداد بن أوس خمسة أولاد، منهم بِنْته أسماء لها نسل إِلَى سَنَة ثلاثين ومائة. ذكرت باقي الحديث في تلك السنة. قَالَ الْبُخَارِيُّ: شداد بن أوس، قيل: إِنَّهُ بدْري، وَلَمْ يصح. وَقَالَ محمد بن سنان القزاز -وليس بحجة: ثَنَا عمر بن يونس اليماني، أنبأ عَلَى بن محمد بن عمارة، سمعت شداد أنبأ عمار يحدث، عَن شداد بن أوس، وكان بدريًّا4.   1 السابق. 2 سبق الترجمة لها. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 401"، الجرح والتعديل "4/ 328"، أسد الغابة "2/ 507". 4 السير "2/ 362". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 وَقَالَ محمد بن سعد: لشداد بقية وعقب ببيت المقدس، وبها مات سَنَة ثمان وخمسين، وله خمس وسبعون سَنَة. وَعَن خالد بن مَعْدان قَالَ: لَمْ يبق من الصحابة بالشَّام أحد كَانَ أوثق وَلَا أفقه وَلَا أرضى من عُبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وعُمَير بن سعد الذي ولَّاه عمر حمص1. وذكر غير واحد وفاة شداد سَنَة ثمان وخمسين، إِلَّا مَا رواه ابن جَوْصا عَن محمد بن عَبْد الْوَهاب بن محمد المذكور، عَن آبائه، أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَة أربع وستين. وَقَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: فَضُلَ شدَادُ بْنُ أوس الأنصار بخصلتين: ببيان إذا نطق، وبكظم إذا غضب. وَقَالَ ابن سعد: كَانَ عابدًا مجتهدًا، قيل: إن أباه استشهد يَوْم أحُد، وَقَالَ غيره: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان اعتزل شداد الفتنة وتعَبْد2. وَقَالَ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَسَدِ بْنِ وَدَاعَةَ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْفِرَاشَ يَتَقَلَّبُ عَلَى فِرَاشِهِ، لَا يَأْتِيهِ النَّوْمُ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ النَّارَ أَذْهَبَتْ مِنِّي النَّوْمَ، فَيَقُومُ فَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ3. نَزَلَ شدّاد بيت المقدس، وأخباره في تاريخ دمشق. 37- شريك بن شدّاد الحضرمي التَّنعي4. أحد العشرة الذين قُتِلُوا مع حُجْر بعذراء صبرًا، في سَنَة إحدى وخمسين. وَهُوَ من التابعين. 38- شيبة بن عُثْمَان -خ د ق- بن أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى العَبْدري المكي الحجبي، أَبُو صفية، وَيُقَالُ: أبو عثمان5.   1 السير "2/ 464". 2 الطبقات الكبرى "7/ 401" لابن سعد. 3 إسناده ضعيف: وأخرجه أبو نعيم "1/ 264" في الحلية، وفيه ابن فضالة، وهو صدوق يدلس، وقد رواه بالعنعنة، وهو في السير "2/ 466". 4 انظر: تاريخ الطبري "5/ 271، 277". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 331"، والاستيعاب "2/ 158-160"، وأسد الغابة "3/ 7". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 حاجب الكعبة ابن أخت مُصْعَب بن عُمَير العَبْدري، وإليه ينسب بنو شيبة حَجَبة الكعبة. وأَبُوه قتله عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَوْم أُحُد، فلما كَانَ عام الفتح خرج شيبة مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كافرًا إِلَى حُنين، ومن نيته اغتيال رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ هداه اللَّه، ومن عَلَيْهِ بالإسلام، فأسلم، وقاتل يومئذ وثبت وَلَمْ يُوَلِّ1. وَرَوَى عَن: النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَن أَبِي بكر، وعمر. وعنه: ابناه مُصْعَب بن شيبة، وصفية بِنْت شيبة، وأَبُو وائل، وعكرمة، وحفيده مُسَافع بن عَبْد اللَّهِ. تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين، وقيل: سَنَة ثمان وخمسين. وحديثه في الْبُخَارِيُّ عَن عمر2. "حرف الصاد": 39- صَعصَعَة بن صُوحان -ن- بن حُجْر العَبْدي الكوفي3. أحد شيعة عليّ، أمره عَلَى بعض الكراديس يَوْم صِفين. وَكَانَ شريفًا، مطاعَا، خطيبًا، بليغًا، مفوّهًا، واجه عُثْمَان بشيء فأبَعْدَه إِلَى الشَّام. وَرَوَى عَن عَلِيّ، وغيره. وَرَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وأَبُو إِسْحَاق، وابن بُرَيْدة، والمنْهال بن عمرو. وَقَالَ ابن سعد: هُوَ ثِقَةٌ. وفد عَلَى مُعَاوِيَة فخطب، فَقَالَ مُعَاوِيَة: إن كنت لأبغض أن أراك خطيبًا، قَالَ: وأنا إن كنت لأبغض أن أراك خَلِيفَة4.   1 تاريخ الطبري "3/ 75". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 363"، وابن ماجه "3116". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 221"، الجرح والتعديل "4/ 446"، أسد الغابة "3/ 21"، الاستيعاب "717". 4 السير "3/ 529". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 وَقَالَ ابن سعد: تُوُفِّيَ في خلافة مُعَاوِيَة، وكنيته أَبُو عمر، لَهُ حكايات. 40- صفوان بن المعطّل، السُّلمي، الذي لَهُ ذِكْر في حديث الإفك1. قَدْ مرٌ في سَنَة تسع عشرة. وَقَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة ستين بسُمَيْساط2. 41- صيفي بن قشيل أو فشيل الربعي. كوفي3 من شيعة عَلَى، قُتِلَ صبْرًا بعذراء مع حُجْر بن عدي، وَكَانَ من رؤوس أصحابه. "حرف الطاء": 42- طارق بن عَبْد اللَّهِ المحاربي4 –ت- لَهُ صحبة ورواية. رَوَى عَنْهُ: رِبْعي بن حِراش وأَبُو صخرة جامع بن شداد. وله حديثان إسنادهما صحيح. وَهُوَ في عِداد أَهْل الْكُوفَة. "حرف العين": 43- عائشة أم المؤْمِنِينَ بِنْت أَبِي بكر الصِدِيق، التيمية أم عَبْد اللَّهِ5، فقيهة نساء الأمة. دَخَلَ بِهَا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في شوَال بَعْدَ بدر، ولها من العمر تسع سنين. رَوَى عنها: جَمَاعَة من الصحابة، والأسود، ومسروق، وابن المسيب، وعُرْوة، والقاسم، والشَّعْبِيُّ، ومجاهد، وعِكْرِمة، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيكة، ومُعاذة العدوية، وعمرة الأنصارية، ونافع مولى ابن عمر، وخلق كثير. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطعام" 6.   1 سبق الترجمة له. 2 اسم بلدة على شاطئ الفرات بالعراق، كما في معجم البلدان "3/ 258". 3 انظر: تاريخ الطبري "5/ 80، 266، 271"، الكامل "3/ 341، 477". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 42، 43"، والجرح والتعديل "4/ 485"، والاستيعاب "2/ 236". 5 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 58-81"، أسد الغابة "7/ 188"، السير "2/ 135". 6 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 73"، ومسلم "2446"، والترمذي "3887". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةٍ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: $"هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"1. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ: ثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ"، قُلْتُ: وَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا" 2. وَهَذَا صَحِيحٌ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوَهُ. وَقَالَ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ: ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلامٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بن سوقة، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى عَلِيٍّ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ فَقَالَ: حَلِيلَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. قُلْتُ: هَذَا حديث حَسَن، فإنّ مُصْعَبًا لَا بأس بِهِ إن شاء اللَّه. ومن عجيب مَا ورد أن أبا محمد بن حزم، مع كونه أعلم أَهْل زمانَّهُ، ذهب إِلَى أن عائشة أفضل من أبيها، وهذا ما خرق بِهِ الإجماع. قَالَ ابْنُ عُلَّيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلاءِ الْمَازِنِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ فَأَرْوَنِيهِ، فَلَمَّا مَرَّ قِيلَ لَهَا: هَذَا ابْنُ عُمَرَ، قَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيرِي؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا قَدْ غَلَبَ عَلَيْكَ وَظَنَنْتُ أَنَّكِ لَا تُخَالِفَينِهِ -يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ- قَالَتْ: أما إنك لو نهيتني ما خرجت -تعني مَسِيرَهَا فِي فِتْنَةِ يَوْمِ الْجَمَلِ4. أخبرنا عَبْد الخالق بن عَبْد السلام الشافعي، أنبأ ابن قدامة سنة إحدى عشرة وستمائة، أنبأ محمد هُوَ ابن البُطّي، أنبأ أَحْمَد بن الْحَسَن، أنبأ أَبُو القاسم بن بشران، ثَنَا أَبُو مسعود، أنبأ أَبُو الفضل بن خزيمة، ثنا محمد ابن أَبِي العوام، ثَنَا موسى بن داود، ثَنَا أَبُو مسعود الجرّار، عَن عَلِيّ بن الأقمر فقال: كَانَ مسروق إذا حدث عَن عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَ: حدثتني الصَّدّيقة بِنْت الصَّديق، حبيبة حبيب اللَّه، المبرأة من فوق سبع سموات، فلم أكذبها5.   1 حديث حسن: أخرجه الترمذي "3880"، وله شواهد. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 19"، ومسلم "2384". 3 خبر حسن. 4 خبر صحيح. 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 64، 66"، والطبراني "23/ 181" في الكبير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 وَقَالَ أَبُو بُرْدَة بن أَبِي موسي، عَن أبيه قَالَ: مَا أُشْكل علينا أصحاب محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديث قط، فسألنا عَنْهُ عائشة، إِلَّا وجدنا عندها مِنْهُ عِلما1. وَقَالَ مسروق: رأيت مشيخة الصحابة يسالْوَنها عَن الفرائض2. وَقَالَ عطاء بن أَبِي رباح: كانت عائشة أفقه النَّاس، وأحسن النَّاس رأيًا في العامة. وَقَالَ الزهري: لَوْ جمع علم عائشة إِلَى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق السبيعي، عَن عمرو بن غالب: إن رجلًا نال من عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عند عمار بن ياسر فَقَالَ: أُغْرُبْ مقبوحًا منبوحًا، أتؤذي حبيبة رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم3. صححه الترمذي. وَقَالَ عمّار أيضًا: هِيَ زوجته في الدنيا والآخرة4. قَالَ الترمذي: حَسَن صحيح. وَقَالَ عُرْوة: كَانَ النَّاس يتحرون بهداياهم يَوْم عائشة. وَقَالَ الزُهري، عَن القاسم بن محمد: إن مُعَاوِيَة لَمَّا قدِم المدينة حاجًا، دَخَلَ عَلَى عائشة، فلم يشهد كلامهما إلا ذكوان مولى عائشة فقالت لَهُ: أمِنْتَ أن أخبئ لك رجلًا يقتلك بأخي محمد! قَالَ: صدقت، ثُمَّ إِنَّهَا وعظته وحضته عَلَى الاتباع، فلما خرج اتكأ عَلَى ذَكوان وَقَالَ: واللَّه مَا سمعت خطيبًا ليس رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبلغ من عائشة5. وَقَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: قضى مُعَاوِيَة عَن عائشة ثمانية عشر ألف دينار.   1 خبر حسن: وأخرجه الترمذي "3883". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 66"، والحاكم "4/ 11"، والطبراني "23/ 182" في الكبير. 3 خبر صحيح: أخرجه الترمذي "3888"، وابن سعد "8/ 65"، وأبو نعيم "2/ 44" في الحلية، وأورده الذهبي في السير "2/ 179"، وقال: صححه الترمذي في بعض النسخ، وفي بعض النسخ: هذا حديث حسن. 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "13/ 47"، والترمذي "3889". 5 إسناده صحيح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 وَقَالَ عُروة بن الزبير: بَعَثَ مُعَاوِيَة مرّة إِلَى عائشة بمائة ألف، فَوَاللَّه مَا أمست حَتَّى فرَّقتها، فقالت لها مولاتها: لَوْ أشتريتِ لنا منن هَذِهِ الدراهم بدرهم لحمًا! فقالت: أَلَّا قلتِ لي1. وَقَالَ عُرْوة: مَا رأيت أعلم بالطب من عائشة، فَقَالَ: يَا خالة من أين تعلمتِ الطبّ؟ قالت: كنت أسمع النَّاس ينعت بعضهم لبعض2. وَعَن عُرْوة قَالَ: مَا رأيت أعلم بالشعر منها. وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي، وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ، وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَهَا" 3. وَقَالَ القاسم بن محمد: اشتكت عائشة، فجاء ابن عباس فَقَالَ: يَا أم المؤْمِنِينَ تقدمين عَلَى فَرَط صِدْق عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى أَبِي بكر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَلَوْ لَمْ يكن إِلَّا مَا في القرآن من البراءة لكفى بذلك شرفًا4، 5. ولهذا حظ وافر من الفصاحة والبلاغة، مع مَا لها من المناقب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. تُوفيت عَلَى الصحيح سَنَة سبع وخمسين بالمدينة، قاله هشام بن عُروة، وأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وشباب. وَقَالَ أَبُو عُبيدة، وغيره: في رمضان سَنَة ثمان. وَقَالَ الْوَاقدي: في ليلة سابع عشر رمضان. ودُفنت بالبقيع ليلًا، فاجتمع النَّاس وحضروا، فلم تُر ليلة أكثر ناسًا منها، وصلى عليها أَبُو هريرة، ولها ستٌ وستون سَنَة، وذلك في سَنَة ثمان6. ابن سعد: أنبأ محمد بن عمر حدّثني ابن أَبِي سبرة عن عثمان بن أبي عتيق،   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 67"، وأبو نعيم "2/ 47" في الحلية وغيرهما. 2 خبر صحيح: أخرجه أحمد "6/ 67"، وأبو نعيم "2/ 50" في الحلية، وغيرهما كما في المجمع "9/ 242". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 84"، ومسلم "2441"، "2442". 4 ما بين المعكوفتين من صحيح البخاري. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 83". 6 الطبقات الكبرى "8/ 77"، والسير "2/ 192". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 عَن أبيه قَالَ: رأيت ليلة ماتت عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- حُمل معها جريد في الخرق والزيت، فيه نارًا ليلًا، ورأيت النساء بالبقيع كأَنَّهُ عيد1. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ: شَهَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ بِالْبَقِيعِ، وَكَانَ خَلِيفَةَ مَرْوَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَقَدِ اعْتَمَرَ تِلْكَ الأَيَّامَ2. وَقَالَ هشام بن عُرْوة، عن أبيه: إِن عائشة دُفنت ليلًا. قَالَ حفص بن غياث: ثَنَا إسماعيل، عَن أَبِي إِسْحَاق قَالَ: قَالَ مسروق: لَوْلا بعض الأمر، لأقمت المناحة عَلَى أم المؤْمِنِينَ3. وَعَن عَبْد اللَّهِ بن عُبَيد اللَّه قَالَ: أما أَنَّهُ لَا يحزن عليها إِلَّا من كانت أمه. وخرَّج الْبُخَارِيُّ في تفسير النور من حديث ابن أَبِي مُلَيْكة: أن ابن عباس استأذن عليها وَهِيَ مغلوبة، فقالت: أخشى أن يثني عَلِيّ، فقيل: ابن عمّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا لَهُ، فَقَالَ: كيف تجدينك؟ قالت: بخير إن اتقيت، قَالَ: فأنت بخير إن شاء اللَّه، زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج بكْرًا غيرك، ونزل عذرك من السماء، فلما جاء ابن الزبير قالت: جاء ابن عباس، وأثنى علَيّ، ووددت أني كنت نَسْيًا مَنْسِيًّا4. أَبُو مُعَاوِيَة، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بن سلمة، عن عورة، عَنْ عَائِشَةَ، رَأَيْتُهَا تَصَدَّقُ بِسَبْعِينَ أَلْفًا، وَأَنَّهَا لَتُرَقِّعُ جَانِبَ دِرْعِهَا5. أَبُو مُعَاوِيَة: ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ قَالَتْ: بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَةَ بِمَالٍ فِي غَرَّارَتَيْنِ، يَكُونُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَدَعَتْ بِطَبَقٍ، فَجَعَلَتْ تُقْسِمُ فِي النَّاسِ، فَلَمَّا أَمْسَتْ قَالَتْ: يَا جَارِيَةُ هَاتِي فِطْرِي، فَقَالَتْ أُمُّ ذرة: يا أم المؤمنين، أما   1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 76، 77"، والحاكم "4/ 6"، وفيه الواقدي، وابن أبي سبرة، وكلاهما من الضعفاء. 2 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 3 أخرجه ابن سعد "8/ 78". 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 276، 349"، وابن سعد "8/ 75"، وأبو نعيم "2/ 45" في الحلية. 5 إسناده ضعيف: أورده الذهبي "2/ 187" في السير، وفيه عنعنة الأعمش. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 استطعت أن تشتري لَحْمًا مِمَّا أَنْفَقْتِ! فَقَالَتْ: لَا تُعَنِّفِينِي، لَوْ أَذْكَرْتِينِي لَفَعَلْتُ1. الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَخَرْتُ بمال أبي في الجاهلية، وكان ألف أَلْفَ أُوقِيَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ" 2. أَخْرَجَهُ س3. مُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ الْمِؤْمِنِينَ عَشْرَةَ آلافٍ، عَشْرَةَ آلافٍ، وَزَادَ عَائِشَةُ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ: أَنَّهَا حبيبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم4. شُعْبة: أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُومُ الدَّهْرَ5. حَجّاج بن الأعور، عَن ابن جُرَيج، عَن عطاء: كنت أتي عائشة أنا وعُبَيد بن عُمَير، وَهِيَ مجاورة في جوف ثبير، في قبة لها تركية، عليها غشاؤها، ولكن قَدْ رأيت عليها درعًا معصفرًا، وأنا صبي6. ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَخْفَى عَلِيَّ حِينَ تَرْضِينَ وَحِينَ تَغْضَبِينَ، فِي الرِّضَا تَحْلِفِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَفِي الْغَضَبِ تَحْلِفِينَ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ" 7، فَقُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. رواه أَبُو أسامة، عَن هشام، وفي آخره فقلت: واللَّه لَا أهجر إِلَّا اسمك. الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْحَكِيمِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: أَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عائشة بخيبر ثمانين وَعِشْرِينَ وَسَقًا8. سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَقُولُ: كَانَتْ عائشة   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 67". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 220"، ومسلم "2448". 3 رمز النسائي في "الكبرى". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 67"، والحاكم "4/ 8". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 67"، "8/ 75". 6 إسناده ضعيف: فيه ابن جريج، وهو مدلس. وأورده المصنف "2/ 188" في السير. 7 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 285"، ومسلم "2439". 8 حديث ضعيف: فيه الواقدي، وفيه انقطاع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 تَلْبَسُ الأَحْمَرَيْنِ الذَّهَبَ وَالْمُعْصَفَر وَهِيَ مُحْرِمَةٌ. وَقَالَ ابن أَبِي مُلَيْكة: رأيت عليها درعًا مضرَّجًا. مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: ثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا بَكْرَةُ بِنْتُ عُقْبَةَ، أنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي مُعَصْفَرَةٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنِ الحناء فقالت: شدرة طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ، وَسَأَلْتُهَا عَنِ الْحِفَافِ فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ فَاسْتَطَعْتِ أَنْ تنزعي مقلتيك، فتضعينهما أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا فَافْعَلِي1. المعلَّيان ثِقَتان. وَعَن مُعَاذة قالت: رأيت عَلَى عائشة ملحفة صفراء2. الْوَاقدي: قَالَ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رُبَّمَا رَوَتْ عَائِشَةُ الْقَصِيدَةَ سِتِّينَ بَيْتًا وَأَكْثَرَ3. هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَدَدْتُ أَنِّي إِذَا مِتُّ كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا. مِسْعَرٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ وَرَقَةً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ4. ابن أَبِي مُلَيْكة: أن ابن عباس دَخَلَ عَلَى عائشة، وَهِيَ تموت، فأثنى عليها، فقالت: دعني منك، فوالذي نفسي بيده لَوْددت أني كنت نَسْيًا منسيًا5. وَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ عَائِشَةَ إِذَا قَرَأَتْ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] بَكَتْ حين تبل خمارها -رضي الله عنها6.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 70، 71" في طبقاته. 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 71". 3 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 72، 73"، وفيه الواقدي من الضعفاء. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 74، 75"، وله طرق أخرى. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 371، 372". 6 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 81" وفيه الواقدي، وفيه انقطاع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 44- عَبْد اللَّهِ بن الأرقم، بن عَبْد يغوث بن وهب بن عَبْد مناف بن زهرة، الزُهري الكاتب1. وَكَانَ ممّن أسلم يَوْم الفتح، وحسُن إسلامه، وكتب للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لأبي بكر، وعمر. ثُمَّ ولي بيت المال لعمر، وعُثْمَان مُدَيدة. وَكَانَ من فضلاء الصحابة وصُلَحائهم. قال مالك: بلغني أَنَّهُ أجازه عُثْمَان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ عَلَى بيت المال بثلاثين ألف درهم، فأبى أن يقبلها2. وَعَن عمرو بن دينار: أنَّهَا كانت ثلاثمائة ألف درهم، فلم يقبلها، وَقَالَ: إِنَّمَا عملت للَّهِ، وإِنَّمَا أجري عَلَى اللَّه3. وَرُوِيَ عَن عمر أَنَّهُ قَالَ لعَبْد اللَّهِ بن الأرقم: لَوْ كانت لك سابقة مَا قدمت عليك أحدًا. وَكَانَ يقول مَا رأيت أخشى للَّهِ من عَبْد اللَّهِ بن الأرقم4. وَرَوَى عُبَيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبة، عَن أبيه قَالَ: واللَّه مَا رأيت رجلًا قطّ، أراه كَانَ أخشى من عَبْد اللَّهِ بن الأرقم5. قلت: رَوَى عَنْهُ عُرْوة، وغيره. 45- عَبْد اللَّهِ بن أنَيس الجُهَني6 –م 4. شذّ خَلِيفَة بن خياط فَقَالَ: شهد بدرًا. والمشهور أَنَّهُ شهد العَقَبة وَأُحُدًا. قَدْ ذكرنا من أخباره في الطبقة الماضية، وبَلَغَنا أن النبي -صَلَّى لله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثه وحده سرية إِلَى خالد ابن نبيح العنزي، فقتله7.   1 انظر: التاريخ الكبير "5/ 32، 33"، والاستيعاب "2/ 260-262"، وأسد الغابة "3/ 172"، والإصابة "6/ 4". 2 خبر ضعيف: أورده ابن الأثير "3/ 173" في أسد الغابة، والمصنف "2/ 482" في السير. 3 إسناده ضعيف: وانظر: السير "2/ 482". 4 إسناده ضعيف: وأخرجه البغوي "6/ 5" كما في الإصابة، والسير "2/ 483" فيه انقطاع. 5 السير "2/ 483". 6 انظر: التاريخ الكبير "5/ 14-17"، والجرح والتعديل "5/ 1"، والاستيعاب "2/ 258"، وأسد الغابة "3/ 119، 120". 7 حديث ضعيف: وأخرجه الواقدي "2/ 531" في المغازي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 رَوَى عَنْهُ: جابر بن عَبْد اللَّهِ ورحل إليه، وبسر بن سَعِيد، وضَمْرَة ابنه، وابنا كعب بن مالك: عَبْد اللَّهِ، وعَبْد الرَّحْمَنِ، وآخرون. تُوُفِّيَ سَنَة أربعٍ وخمسين. 46- عَبْد اللَّهِ بْن السعدي1 –خ م د ت. اسم أبيه عمرو بن وقدان عَلَى الصحيح، أَبُو محمد القرشي العامري. ولقُب عمرو بالسعدي؛ لأَنَّهُ كَانَ مسترضعًا في بني سعد. لعَبْد اللَّهِ صُحْبة ورواية، نَزَلَ الأردن. وَرَوَى عَن عمر بن الخطاب. رَوَى عَنْهُ: حُوَيْطب بن عَبْد الْعُزَّى، وعَبْد اللَّهِ بن مُحَيْريز، وبُسْر بن سَعِيد، وأَبُو إدريس الخوْلاني، وغيرهم. قَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة سبْعٍ وخمسين. 47- عَبْد اللَّهِ بْن حَوَالة2 -د- الأزدي. لَهُ صُحْبة ورواية، نَزَلَ الشَّام. رَوَى عَنْهُ جُبَير بن نُفَير، وكثير بن مُرّة، وربيعة بن يزيد القصير، وجماعة. كنيته أَبُو حَوَالة، وَيُقَالُ: أَبُو محمد. قَالَ ابن سعد: تُوُفِّيَ سَنَة ثمان وخمسين وله اثنتان وسبعون. 48- عبد الله بن عامر بن كُرَيز بن ربيعة بن حبيب بن عَبْد شمس القرشي، العَبْشَمي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ3. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ حَدِيثٌ وَهُوَ: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ" 4.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 454"، والجرح والتعديل "5/ 187"، والاستيعاب "2/ 384"، وأسد الغابة "3/ 175". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 28، 29"، والتاريخ الكبير "5/ 33"، والاستيعاب "2/ 290"، والطبقات الكبرى "7/ 414"، وأسد الغابة "3/ 418". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 44"، والاستيعاب "931"، أسد الغابة "3/ 191"، والسير "3/ 18". 4 حديث حسن لغيره: أخرجه الحاكم "3/ 639"، وفيه أحد الضعفاء ووالده، وله شواهد عند الشيخين وغيرهما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 رَوَى عَنْهُ: حنظلة بن قيس، وأسلم والده يَوْم الفتح، وبقي إِلَى زمن عُثْمَان، وقدِم الْبَصْرَةَ عَلَى ابنه عَبْد اللَّهِ في ولايته عليها. وَهُوَ خال عُثْمَان بن عفان، وابن عمة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولي عَبْد اللَّهِ الْبَصْرَةَ وغيرها، وافتتح خراسان، وأحرم من نيسابور شكرًا للَّهِ، وَكَانَ سخيًا كريمًا جوادًا1. وفد عَلَى مُعَاوِيَة، فزوّجه بابِنْته هند، وَكَانَ لَهُ بدمشق دار بالجُوَيْرة، تُعرف الْيَوْم ببيت ابن الحَرَسْتاني. قَالَ الزبير بن بكار: هُوَ الذي دعا طلحة والزبير إِلَى الْبَصْرَةِ، في نوبة الجمل يعني وَقَالَ: إن لي بِهَا صنائع، فشخصا معه. وَقَالَ ابن سعد: قالْوَا: إِنَّهُ وُلد بَعْدَ الهجرة بأربع سنين، وحنّكه النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عُمْرَةِ القضاء، وَهُوَ ابن ثلاث سنين، فتلمظ، وولد لَهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، وعمره ثلاث عشرة سَنَة. وَقَالَ غيره: هُوَ خال عُثْمَان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ كُرَيْزٍ أَتَى بِابْنِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ، فَتَفَلَ فِي فَمِهِ، فَجَعَلَ يُرَدِّدُ رِيقَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَتَلَمَّظُ، فَقَالَ: "إِنَّ ابْنَكَ هَذَا لَمُسْقَى"2، قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: لَوْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ قَدَحَ حَجَرًا أَمَامَهُ، يَعْنِي يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْهُ. قَالَ مُصْعَب بن الزبير: يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ لَا يعالج أرضًا إِلَّا ظهر لَهُ الماء3. وَقَالَ الأصمعي: أرْتُجَّ عَلَى ابن عامر بالْبَصْرَة في يَوْم أضحى، فمكث ساعة، ثُمَّ قَالَ: واللَّه لَا أجمع عليكم عِيًّا ولؤمًا، من أخذ شاة من السوق، فثمنها عَلِيّ4. وقد فَتَحَ اللَّه عَلَى يدي عَبْد اللَّهِ فتوحًا عظيمة، كما ذكرنا في حدود سنة ثلاثين.   1 السير "3/ 19". 2 حديث ضعيف: وأخرجه ابن سعد "5/ 45" في الطبقات، وابن عبد البر "2/ 359" في الاستيعاب. 3 خبر ضعيف: المستدرك "3/ 639". 4 خبر ضعيف: السير "3/ 19". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 وَكَانَ سخيًا، شجاعًا، وَصُولًا لرَحمهِ، فِيهِ رفق بالرعيّة، ربما غزا، فيقع الحمل في العسكر، فينزل بنَفْسَهُ، فيصلحه. قَالَ ابن سعد: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان حمل ابن عامر مَا في بيت مال الْبَصْرَةِ من الأموال، ثُمَّ سَارَ إِلَى مكة، فوافي بِهَا عائشة، وطلحة، والزبير، وهو يريدون الشَّام فَقَالَ: لَا، بل ائتوا الْبَصْرَةَ، فإن لي بِهَا صنائع، وَهِيَ أَرْضِ الأموال، وَفِيهَا عُدَد الرجال، فلما كَانَ من أمر وقعة الجمل مَا كَانَ، لحق بالشَّام فنزل بدمشق، وقد قُتِلَ ولده عَبْد الرَّحْمَنِ يَوْم الجمل، وَلَمْ نسمع لعَبْد اللَّهِ بِذكْر في يَوْم صِفَّين، ثُمَّ لَمَّا بايع النَّاس مُعَاوِيَة ولى على البصرة بسر ابن أرطأة، ثُمَّ عزله، فَقَالَ لَهُ ابن عامر: إن لي بِهَا ودائع، فإن لَمْ تولينَّها ذهبت، فولاه الْبَصْرَةَ ثلاث سنين1. ومات قبل مُعَاوِيَة بعام، فَقَالَ: يرحم اللَّه أبا عَبْد الرَّحْمَنِ، بمن نفاخر بَعْدَه، وبمن نباهي2!. وَقَالَ أبو بكر الهُذلي: قَالَ عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَوْم الجمل: أتدرون من حاربت، حاربت أمجد النَّاس، وأنجد النَّاس -يعني عَبْد اللَّهِ بن عامر، وأشجع النَّاس، -يعني الزبير، وأدهى النَّاس، يعني طلحة3. قَالَ خَلِيفَة ومحمد بن سعد: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين. 49- عَبْد اللَّهِ بن قُرْط -د ن- الأزدي الثُمالي4. ولي حمص لأبي عُبَيدة، وقيل: بل وليها لمعاوية. لَهُ صُحْبة. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فضل يَوْم النحر5، وَعَن خالد بن الوليد. وعنه: أبو عامر الهوزني عبد الله بن لحي، وسُلَيم بن عامر الخبايري، وشُرَيْح بن عُبَيد، وعمرو بن قيس السكُوني، وغيرهم. يُقَالُ: أَنَّهُ أخو عَبْد الرَّحْمَنِ بن قُرْط. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ زُرْعَةَ، عَنْ مسلم بن عبد الله الأزدي قال:   1 خبر ضعيف: الطبقات الكبرى "5/ 48". 2 طبقات ابن سعد "5/ 49". 3 خبر ضعيف جدا: الهذلي من المتروكين. 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 415"، والاستيعاب "2/ 373"، والإصابة "2/ 358". 5 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 350"، وأبو داود "1765"، والنسائي "2/ 242". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 جَاءَ ابْنُ قُرْطٍ الأَزْدِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا اسْمُكَ"؟ قال: شيطان بن قُرْطٍ، قَالَ: "أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ" 1. وَعَن جُنادة بن مروان: أن عَبْد اللَّهِ بن قُرْط والي حمص خرج يحرس ليلة عَلَى شاطئ البحر. فلقيه فاثور الروم، فقتله بَيْنَ بلنياس ومرقية2. يُقَالُ: أَنَّهُ استشهد سَنَة ست وخمسين. 50- عبد الله بن مالك –ع- بن بحينة -وَهِيَ أمه، أَبُو محمد الأزدي3. لَهُ عدّة أحاديث. نَزَلَ بطن ريم، عَلَى مرحلة من المدينة، وَكَانَ يصوم الدهر. رَوَى عَنْهُ: حَفْصُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، والأعرج، ومحمد بن يحيى بن حيان. تُوُفِّيَ في أواخر أيام مُعَاوِيَة. 51- عَبْد اللَّهِ بن مُغَفَّلُ بْن عَبْد نُهْم بْن عفيف المُزَنيّ، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيد، وَيُقَالُ: أَبُو زياد4. صحابي مشهور، شهد بيعة الشجرة، ونزل المدينة، ثُمَّ سكن الْبَصْرَةَ. قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بن مغَّفل أحد العشرة الذين بعثهم إلينا عمر بن الخطاب، يفقهون النَّاس5. مات والد عَبْد اللَّهِ بن مغفَّل بطريق مكة مع النَّاس، قبل فَتَحَ مكة. وَكَانَ عَبْد اللَّهِ من البكّائين الذين نزلت فيهم: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ} [التوبة: 91]   1 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 350". 2 من بلاد الشام القديم. 3 انظر: التاريخ الكبير "5/ 10، 11"، والاستيعاب "2/ 326"، وأسد الغابة "3/ 250". 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 13، 14"، والجرح والتعديل "5/ 149، 150"، أسد الغابة "3/ 398"، الإصابة "6/ 223". 5 أسد الغابة "3/ 399"، السير "2/ 484". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 وَقَالَ: إني لممّن رفع أغصانَ الشجرة يَوْم الحُديبية عَن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. عوف الأعرابي، عَن خُزاعي بن زياد المزَني قَالَ: أُرِيَ عَبْد اللَّهِ بن مغفَّل المزَني أن الساعة قَدْ قامت وأن النَّاس حُصروا، وَثَمَّ مكان، مَن جازه فقد نجا، وعليه عارض، فقيل لَهُ: أتريد أن تنجو وعندك مَا عندك! فاستيقظت فزعًا، قَالَ: فأيقظه أَهْله، وعنده عيبة مملَوْءة دنانير، ففرقها كلها2. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن، وَمُعَاوِيَة بن قُرَّةَ، وحميد بن هلال، ومطرف بْنِ عَبْد اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، وثابت البناني، وغيرهم. تُوُفِّيَ سَنَة ستين، وستأتي لَهُ قصة في ترجمة عبيد اللَّه بن زياد. 52- عَبْد اللَّهِ بْن نَوْفَلِ، بْن الْحَارِثِ بْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشم الهاشمي، أَبُو محمد، وَهُوَ أخو الحارث3. وَلِيَ القضاء بالمدينة زمن مُعَاوِيَة، فيما قيل: وَكَانَ يشبه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يُحفظ لَهُ سماع من النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. تُوُفِّيَ فِي خَلافة مُعَاوِيَة. وقيل: قُتِلَ يَوْم الْحَرَّةِ، سَنَة ثلاث وستين. 53- عَبْد اللَّهِ بن الحارث –خ 4- بن هشام بن المغيرة المخزومي، أَبُو محمد، والد أَبِي بكر الفقيه4 وإخوته، وأحد الذين عينهم عُثْمَان لكتابة مصاحف الأمصار. سمع: أباه، وعمر، وعُثْمَان، وعليًا، وحَفْصَة أم المؤْمِنِينَ، وجماعة. وعنه: ابنه أَبُو بكر، والشَّعْبِيُّ، وأَبُو قلابة الجَرْمي، وهشام بن عمرو الفَزَاري، ويحيى بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن حاطب. رَأَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يُحفظ عَنْهُ. وأرسلته عائشة إِلَى مُعَاوِيَة يكلمه في حُجْر بن الأدبر، فوجده قد قتله5.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "7858"، وأحمد "5/ 25، 54". 2 إسناده حسن: وأورده في السير "2/ 484، 485". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 21"، الاستيعاب "2/ 332"، وأسد الغابة "3/ 269"، والإصابة "2/ 377". 4 انظر: التاريخ الكبير "5/ 65"، الاستيعاب "2/ 281"، أسد الغابة "3/ 140"، والإصابة "3/ 58، 59". 5 السير "3/ 484". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 قَالَ ابن سعد قالت عائشة: لأن أكون قعدت عَن مسيري إِلَى الْبَصْرَةِ أحب إلي من أن يكون لي عشرة من الْوَلد من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثل عَبْد الرَّحْمَنِ بن الحارث بن هشام1. قلت: وَكَانَ من سادة بني مخزوم بالمدينة، وَهُوَ ابن أخي أَبِي جهل، تُوُفِّيَ في أيام مُعَاوِيَة في آخرها، وتوفي أَبُوه في طاعون عَمَواس. 54- عَبْد الرَّحْمَنِ بن شبل –د ن ق- بن عمرو الْأَنْصَارِيّ الأوسي2. أحد كُتّاب الأنصار، كَانَ فقيهًا فاضلًا نَزَلَ حمص، وله أحاديث عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عنه: أَبُو راشد الخيراني، وأَبُو سلام الأسود، وتميم بن محمود، وغيرهم. تُوُفِّيَ زمن مُعَاوِيَة. 55- عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي بَكْر الصديق –د ن ق. عَبْد اللَّهِ بن عُثْمَان، أَبُو محمد التيمي، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَان3، شقيق أم المؤْمِنِينَ عائشة. حضر بدرًا مشركًا، ثُمَّ أسلم قبل الفتح وهاجر، وَكَانَ أسن ولد أَبِي بكر، وَكَانَ شجاعًا راميًا، قتلَ يَوْم اليمامة سبعة4. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَن أبيه. وعنه: ابناه عَبْد اللَّهِ، وحَفْصَة، وابن أخيه القاسم بن محمد، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي ليلي، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعمرو بن أوس الثقفي، وابن أَبِي مُلَيْكة، وجماعة. وَكَانَ يتّجر إِلَى الشَّام. قَالَ مُصْعَب الزبيري: ذهب إِلَى الشَّام قبل الإسلام، فرأى هناك امرأة يقال لها   1 الطبقات الكبرى "5/ 6". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 243"، والاستيعاب "2/ 419"، والطبقات الكبرى "4/ 374"، والإصابة "2/ 403". 3 انظر: التاريخ الكبير "5/ 242"، والاستيعاب "2/ 825"، أسد الغابة "3/ 466"، الإصابة "6/ 295"، السير "2/ 471". 4 السير "2/ 471". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 ابنة الجُودي الغساني، فكان يذكرها في شعره ويهذي بِهَا1. وَقَالَ ابن سعد: إِنَّهُ أسلم في هدنة الحُدَيبية وهاجر، وأطعمه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بخيبر أَرْبَعِينَ وسقًا، وَكَانَ يُكَني أبا عَبْد اللَّهِ، ومات سَنَة ثلاث وخمسين. وَقَالَ هشام بن عُرْوة، عَن أبيه، إن عَبْد الرَّحْمَنِ قدِم الشَّامَ، فرأى ابنة الجودي عَلَى طُنْفسَة، وحولها ولائد، فأعجبته، فَقَالَ فِيهَا: تذكرت لَيْلَى والسماوَةُ دونَها ... فما لابنةِ الجودي ليلى وماليا وأنى تعاطي قلبه حارثية ... تُدَمَّنُ بُصْرى أَوْ تحُلٌ الجوابيا فوأنى يلاقيها؟ بلَى وَلَعَلها ... إن النَّاس حَجُّوا قابِلًا أنْ تُوافيا قَالَ: فلما بَعَثَ عمر جيشه إِلَى الشَّام قَالَ لمقدمهم: إنْ ظفرت بليلى بِنْت الجوديّ عَنوةً فادفعها إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ، فظفر بها، فدفعها إليه، فأعجب بِهَا، وآثرها عَلَى نسائه، حَتَّى شكونه إِلَى أخته عائشة، فقالت لَهُ: لقد أفرطتَ، فَقَالَ: والله إني أرشف بأنيابها2 حب الرمان، قَالَ: فأصابها وجع سقطت لَهُ قواها، فجفاها حَتَّى شكته إِلَى عائشة، فقالت: يَا عَبْد الرَّحْمَنِ لقد أحببتَ ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أنْ تجهزها إِلَى أَهْلها، فجهزها إِلَى أَهْلها، قَالَ: وكانت بِنْت ملك يعني من ملَوْك العرب3. قَالَ ابن أَبِي مُلَيْكة: إن عَبْد الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ بالصَّفاح4، فحُمِل فدُفن بمكة -والصِّفاح عَلَى أميال من مكة- فقدمتٌ أخته عائشة فقالت: أين قبر أخي؟ فأتته فصلت عَلَيْهِ5: رواه أيوب السختياني عَنْهُ. قَالَ الْوَاقدي، والمدائني، وغيرهما: تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاثٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْر: سَنَة أربع وخمسين.   1 انظر: نسب قريش "ص/ 276"، الأغاني "17/ 358". 2 في السير "2/ 473": بثناياها. 3 السير "2/ 473". 4 الصفاح: اسم مكان بين حُنين، وبدء الدخول إلى منطقة الحرم بمكة المكرمة حوالي ستة أميال. 5 خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "6535" في المصنف، والترمذي "1055". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 وقد صحّ في الْوَضوء من "صحيح مسلم" عَن سالم سبلان مولى المهري قَالَ: خرجت أنا وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي بكر إِلَى جنازة سعد بن أَبِي وقاص1. وصحّ أن سعدًا مات سَنَة خمس وخمسين. 56- عبيد اللَّه بن العباس -د ن- بن عَبْد المطلب، أَبُو محمد. ابن عمِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، لَهُ صُحبة ورواية، وَهُوَ أصغر من عَبْد اللَّهِ بسنة، وأمهما واحدة. رَوَى عَنْهُ: محمد بن سيرين، وسليمان بن يَسَارٍ، وعطاء بن أَبِي رباح. وأردفه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلفه. تُوُفِّيَ بالمدينة سَنَة ثمان وخمسين، وَكَانَ جوادًا ممدحًا، وَكَانَ يتعانى التجارة. ولي اليمن لعلي ابن عمّه، وبعث مُعَاوِيَة بُسر بن أَبِي أرطأة عَلَى اليمن، فهرب مِنْهُ عبيد اللَّه، فأصاب بُسر لعُبَيد اللَّه وَلَدَين صغيرين. فذبحهما، ثُمَّ وفد فيما بعدُ عُبيدُ اللَّه عَلَى مُعَاوِيَة، وقد هلك بُسْر، فذكر وَلَدَيه لمعاوية، فَقَالَ: مَا عزلته إِلَّا لقتلهما. وَكَانَ يُقَالُ بالمدينة: من أراد العلم والجمال والسخاء فلْيأتِ دار ابن عباس، أما عَبْد اللَّهِ فكان أعلم النَّاس، وأما عبيد الله فكان أكرم الناس، وأما الفضل فكان أجمل النَّاس3. وَرَوَى أن عُبَيد اللَّه كَانَ ينحر في كل يَوْم جَزُورًا، وَكَانَ يُسَمَّى "تيار الفرات". قَالَ خَلِيفَة وغيره: تُوُفِّيَ سَنَة ثمان وخمسين. وَقَالَ أَبُو عُبيد، ويعقوب بن شيبة وغيرهما: تُوُفِّيَ سَنَة سبع وثمانين، وأنا أستبَعْدَ أَنَّهُ بقي إِلَى هَذَا الوقت. وقيل: إنه مات باليمن.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "240". 2 انظر: الاستيعاب "2/ 429"، والإصابة "2/ 437". 3 الاستيعاب "2/ 430". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 57- عِتْبان بن مالك –خ م ن ق- بن عمرو بن العَجْلان الْأَنْصَارِيّ الخزرجي1. بدري كبير القدر، أضر بأخرة، لَهُ أحاديث. رَوَى عَنْهُ أنس، ومحمود بن الربيع، والحصين بن محمد السالمي. وتوفي في وسط خلافة مُعَاوِيَة. 58- عُثْمَان بن أَبِي العاص –م- الثقفي، أَبُو عَبْد اللَّهِ الطائفي. أخو الحَكَم2، ولهما صُحبة. قدِم عُثْمَان عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في وفد ثقيف، فأسلم، واستعمله عَلَى الطائف لِما رأى من فضله وحرصه عَلَى الخير والدين، وَكَانَ أصغر الْوَفد سنًا. وأقره أَبُو بكر، ثُمَّ عمر عَلَى الطائف، ثُمَّ استعمله عمر عَلَى عُمان والبحرين، وَهُوَ الذي افتتح تَوَّجَ ومصَّرها، وسكن الْبَصْرَةَ3. ذكره الحَسَن الْبَصْرِيُّ قَالَ: مَا رأيت أفضل مِنْهُ4. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد شهدت أمه ميلاد النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5. رَوَى عَنْهُ: سَعِيد بن المسيب، ونافع بن جيبر بن مطعم، ومطرف ابنا عَبْد اللَّهِ بن الشخَّير، وموسى بن طلحة ابن عُبيد اللَّه. تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين. رَوَى عَن عُثْمَان بن أَبِي العاص قَالَ: الناكح مغترِس، فلينظرْ أين يضع غرسه، فإن عِرْق السوء لَا بد أن يُنزع وَلَوْ بَعْدَ حين6.   1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 550"، التاريخ الكبير "7/ 80"، الاستيعاب "3/ 159"، والإصابة "2/ 452". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 508"، التاريخ الكبير "6/ 212"، الاستيعاب "3/ 1035"، أسد الغابة "3/ 579". 3 السير "2/ 374"، الطبقات الكبرى "5/ 509". 4 السير "2/ 375". 5 السابق. 6 بهجة المجالس "2/ 34" لابن عبد البر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 "فائدة": سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، عَنِ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ بَعَثَ غِلْمَانًا لَهُ تُجَّارًا، فَجَاءُوا، قَالَ: مَا جِئْتُمْ بِهِ؟ قَالُوا: جِئْنَا بِتِجَارَةٍ يَرْبَحُ الدِّرْهَمَ عَشْرَةً، قَالَ: مَا هِيَ؟ قالْوَا: خَمْرٌ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ شَرَابِهَا وَبَيْعِهَا!! فَجَعَلَ يَفْتَحُ أَفْوَاهَ الزِّقَاقِ وَيَصُبُّهَا1. 59- عديّ بن عَمِيرة الكِنْدي -م د م ق- أَبُو زرارة2. وفد عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَوَى عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: ابنه عدي، وأخوه العرس بن عَمِيرة، وقيس بن أَبِي حازم، ورجاء بن حيوة. وسكن الجزيرة، وَكَانَ من وجوه كِنْدة، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 60- عُقْبة بن عامر –ع- ابن عبْس الجُهَني، أَبُو حمّاد3. صحابي مشهور، لَهُ رواية وفضل. روى عنه: جبير بن نفيل، وأَبُو عُشَانة حيٌ بن يُؤمن، وأَبُو قبيل حييّ بن هانئ المعَافِري، وبَعْجَة الجُهَني، وسَعِيد المقبُري، وعلي بن رباح، وأَبُو الخير مَرثَد اليزَني، وطائفة سواهم. وقد ولي إمرة مصر لمعاوية، وليها بَعْدَ عُتبة بن أَبِي سفيان، ثُمَّ عزله مُعَاوِيَة، وأغزاه البحر في سَنَة سبع وَأَرْبَعِينَ، وَكَانَ يَخْضِب بالسواد. لَهُ معرفة بالقرآن والفرائض، وَكَانَ فصيحًا شاعرًا4. قَالَ أَبُو سَعِيد بن يونس: مُصْحَفه الآن موجود بخطّه، رأيته عند عَلِيّ بن الحسين بن قُدَيد، عَلَى غير التأليف الذي في مُصْحَف عُثْمَان، وَكَانَ في آخره: وكتب عُقْبة بن عامر بيده. وَلَمْ أزل أسمع شيوخنا يقولَوْن: إِنَّهُ مصحف عقبة، لا يشكون فيه.   1 خبر صحيح: السير "2/ 375" وذكر له طريقين. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 55"، الجرح والتعديل "7/ 2"، الاستيعاب "3/ 143"، الإصابة "2/ 470". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 430"، والجرح والتعديل "6/ 313". 4 السير "2/ 467". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 وَكَانَ عقبة كاتبًا قارئًا، لَهُ هجرة وسابقة. وَقَالَ عَبْد اللَّهِ: سَمِعْتُ حُيَيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَعْرِضْ عَلَيَّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ سورة براءة، فبكي عمر، ثُمَّ قَالَ: مَا كنت أظن أنَّهَا نزلت1. قلت: معناه مَا كأني كنت سمعت، لحسن مَا حبَّرها عُقبةُ بتلاوته، أَوْ يكون الضمير في نزلت عائدًا إِلَى آيات من السورة استغربها عمر، واللَّه أعلم. 61- عِمْران بن حُصَين -ع- ابن عُبَيد بن خلف، أَبُو نُجَيد الخُزاعي2. صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أسلم هو وأبوه، وأبو هريرة معًا، ولعمْران أحاديث. ولي قضاء الْبَصْرَةِ، وَكَانَ عمر بن الخطاب بعثه إليهم ليفقههم، وَكَانَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ يحلف مَا قدِم عليهم الْبَصْرَةَ بخير لهم من عِمْران بن حُصَين. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن، ومحمد بن سيرين، ومطرف بن عَبْد اللَّهِ بن الشّخّير، وزُرَاره بن أوفى، وزَهْدَم الجَرْمي، والشَّعْبِيُّ، وأَبُو رجاء العُطاردي، وعَبْد اللَّهِ بن بُريدة، وطائفة سواهم. قَالَ زُرارة بن أوفي: رأيت عِمْران بن حُصَين يلبس الخزّ. وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَينٍ، أَنَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَإِنَّهُ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ، فَلَمَّا اكْتَوَيْتُ، أَمْسَكَ، فَلَمَّا تَرَكْتُهُ عَادَ إِلَيَّ3. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، وَلِعمران غزوات مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ ببلاد قومه ويتردد إِلَى المدينة. أَبُو خُشينة حاجب بن عمر، عَن الحكم بن الأعرج، عَن عمران بن حُصَين قَالَ: مَا مسست ذَكَري بيميني منذ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4.   1 خبر حسن: وأورده المصنف "2/ 468" في السير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 287"، التاريخ الكبير "6/ 408"، الاستيعاب "3/ 1208"، أسد الغابة "4/ 281"، الإصابة "7/ 155". 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1226"، وأحمد "4/ 427"، وابن سعد "4/ 290" في الطبقات. 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 439"، وابن سعد "4/ 287"، في طبقاته، والحاكم "3/ 472" وصححه، وأقره الذهبي، والطبراني كما في المجمع "9/ 381". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 هشام، عَن ابن سيرين قَالَ: مَا قدِم الْبَصْرَةَ أحد يُفضلُ عَلَى عِمْران بن حُصَين1. هشام الدسْتَوائي، عَن قَتَادة: بلغني أن عِمْران بن حُصَين قَالَ: وددت أني رماد تذروني2. قلت: وَكَانَ ممن اعتزل الفتنة وذمّها. قَالَ أيوب، عَن حُمَيد بن هلال، عَن أبي قَتَادة قَالَ: قَالَ لي عِمْران بن حُصَين: الزَم مسجدك. قلت: فإن دُخل عَلِيّ؟ قَالَ: الزم بيتك، قلت: فإن دُخِلَ بيتي؟ فَقَالَ: لَوْ دَخَلَ عَلِيّ رَجُلٌ يريد نفسي ومالي، لرأيت أنْ قَدْ حل لي قتاله3. ثابت، عَن مُطَرَف، عَن عِمْران قَالَ: قَدِ اكتوينا، فما أفلحْنَ وَلَا أنجحْن يعني المكاوي4. قَتادة، عَن مطرف قَالَ: أرسل إليّ عِمْران بن حُصَين في مرضه، فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ يسَلَّم عَلَيّ -يعني الملائكة- فإن عشتُ، فاكتم عَليّ، وإن متٌ، فحدث بِهِ إن شئت5. حُمَيد بن هلال، عَن مطرف، قلت لعِمْران: مَا يمنعني من عيادتك إِلَّا مَا أرى من حالك، قَالَ: فلا تفعل، فإن أحبّه إِلَيّ أحبّه إِلَى اللَّه6. قَالَ يزيد بن هارون: أنبأ إِبْرَاهِيم بن عطاء مولى عِمْران بن حُصَين، عَن أبيه: أن عِمْران قضى عَلَى رَجُل بقضية، فَقَالَ: واللَّه لقد قضيت عَلَيّ بحور7، وما ألوت،   1 الطبقات الكبرى "4/ 287". 2 إسناده منقطع: أخرجه ابن سعد "4/ 287". 3 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "4/ 288". 4 خبر صحيح: أخرجه أحمد "4/ 427"، وأبو داود "3865"، والترمذي "2049"، وابن ماجه "3490". 5 خبر صحيح: وأخرجه الحاكم "3/ 472". 6 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 290". 7 جور: ظلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 قَالَ: وكيف ذلك؟ قَالَ: شهد عَلِيّ بزور، قَالَ: مَا قضيت عليك، فهو في مالي، وواللَّه لَا أجلس مجلسي هَذَا أبدًا1. وكان نقش خاتم عمران تمثال رجل، مقلدًا لسيف. شُعْبَةُ: ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ فَضَالَةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مِطْرَفِ خَزٍّ، لَمْ نَرَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ وَلَا بَعْدَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ" 2. وَقَالَ محمد بن سيرين: سَقَى3 بطنُ عِمْران بن حُصَين ثلاثين سَنَة، كل ذلك يُعرض عَلَيْهِ الكي فيأبى، حَتَّى كَانَ قبل موته بسنتين، فاكتوى4. رواه يزيد، عَن إِبْرَاهِيم، عَنْهُ. وَقَالَ عمْران بْنُ حُدَير، عَن أَبِي مِجْلَز قَالَ: كَانَ عِمْران ينهى عَن الكيّ فابتُلي، فاكتوى، فكان يعجّ5. وَقَالَ حُمَيد بن هلال، عَن مطرف: قَالَ لي عِمْران: لَمَّا اكتويت انقطع عني التسليم، قلت: أمن قِبَل رأسك كَانَ يأتيك التسليم؟ قَالَ: نعم، قلت: سيعود، فلما كَانَ بَعْدَ ذلك قَالَ: أشعرت أن التسليم عاد إِلَى، ثُمَّ لَمْ يلبث إِلَّا يسيرًا حَتَّى مات6. ابن عُلَيّة، عَن سلمة بن علقمة، عَن الْحَسَن: أن عِمْران بن حُصَين أوصى لأمهات أولاده بوصايا وَقَالَ: أيُّما امرأة منهن صرخت عَلَيّ، فلا وصية لها7. تُوُفِّيَ عِمْرانُ سَنَة اثنتين وخمسين. 62- عمرو بن الأسود العنسي -خ م د ن ق.   1 خبر صحيح: الطبقات الكبرى "4/ 287"، السير "2/ 510". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 438"، وابن سعد "4/ 291"، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو، أخرجه الترمذي "2819"، وله شواهد أخرى. 3 سقى: ماء أصفر يقع في البطن. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 289" في الطبقات الكبرى. 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 289"، والسير "2/ 511". 6 خبر صحيح: الطبقات "4/ 289" لابن سعد. 7 السير "2/ 511". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 ويسمى عُمَيْرًا1، سكن داريا، وَهُوَ مخضرم أدرك الجاهلية. وَرَوَى عَن: عمر، ومُعاذ، وابن مسعود، وجماعة. وعنه: خالد بن مَعْدان، وزياد بن فياض، ومجاهد بن جبر، وشُرَحْبيل بن مسلم الخَوْلاني، وابنه حُكَيْم بن عُمَير، وجماعة. وَكَانَ من عُباد التابعين وأتقيائهم، كنيته أَبُو عياض، وقيل: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ. قَالَ بقية، عَن صفوان بن عمرو، عَن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ جُبير بْنِ نُفير قَالَ: حج عمرو بن الأسود، فلما انتهى إِلَى المدينة نظر إليه عَبْد اللَّهِ بن عمر قائمًا يصلي، فسأل عنه، فقيل: هذا الرجل من أَهْل الشَّام يُقَالُ لَهُ: عمرو بن الأسود، فَقَالَ: مَا رأيت أحدًا أشبه صلاة وَلَا هَدْيًا وَلَا خشوعًا وَلَا لبسة برَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ هَذَا الرجل2. هكذا رواه عيسى بن المنذر الحمصي، عَن بقية. ورواه عَنْهُ عَبْد الْوَهاب بن نجدة، عَن أرطأة بن المنذر الحمصي، عَن بقية. ورواه عَنْهُ عَبْد الْوَهاب بن نجدة، عَن أرطأة بن المنذر، حدثني رُزيق أَبُو عبد الله الألهاني أن عمرو بن الأسود قدم المدينة، فرآه ابن عمر يصلي فقال: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلينظر إِلَى هَذَا. ثُمَّ بَعَثَ ابن عمر بقرًى ونفقة وعلف إليه، فقبل القِرى3 والعلف، وردّ النفقة. وأما مَا رواه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ ضَمرة بن حبيب وحكيم بن عُمْير قالا: قَالَ عمر بن الخطاب: من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فلينظر إلى عمر بن الأسود4. فهَذَا منقطع. وَعَن شرَحْبيل قَالَ: قال عمرو بن الأسود يدع كثيرًا من الشبع، مخافة الأشر. قرأت عَلَى أَحْمَد بن إِسْحَاق: أنبأ الفتح بن عَبْد السلام، أنبأ ابن الداية وأَبُو الفضل الأرموي، ومحمد بن أَحْمَد قالْوَا: أنبأ ابن المسلمة، أنبأ أَبُو الفضل الزهري،   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 442"، والتاريخ الكبير "6/ 315"، وأسد الغابة "4/ 84، 85". 2 خبر حسن بطرقه: انظر التالي. 3 القرى: الطعام الذي يقدم للضيف ونحوه. 4 حديث ضعيف: وفيه انقطاع، وابن أبي مريم من الضعفاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 أنبأ جعفر الفريابي: ثَنَا إِبْرَاهِيم بن العلاء الحمصي: ثنا إسماعيل بن عياش، عن بجير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود العنسي: أنه كان إذا خرج إلى المسجد، قبض بيمينه على شماله، فسئل عن ذلك فقال: مخافة أن تنافق يدي، يعني لئلًا يخطر بِهَا في مشيته، فيكون ذلك نفاقًا1. 63- عمرو بن حزم -ن ق- بن زيد بن لَوْذان بن حارثة، أَبُو الضّحّاك -وقيل: أَبُو محمد- الْأَنْصَارِيّ النجاري2. قَالَ ابن سعد: شهد الخندق، واستعمله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نجران، وَهُوَ ابن سبع عشرة سَنَة، وبعثه أيضًا بكتاب فِيهِ فرائض إِلَى اليمن. رَوَى عَنْهُ: ابنه محمد، وحفيده أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، والنضر بن عَبْد اللَّهِ السّلمي، وزياد الحضْرمي، وامرأته سَوْدة. تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث، وقيل: سَنَة أربع، وقيل: سَنَة إحدى وخمسين. 64- عمرو بن الحَمق. يُقَالُ: قُتِلَ سَنَة إحدى وخمسين. 65- عمرو بن عوف، بن زيد بن مُلَيْحة المزَني، أَبُو عَبْد اللَّهِ3. قديم الصّحْبة، وَكَانَ أحد البكائين في غزوة تبوك، شهد الخندق وسكن المدينة. رَوَى كثير بن عَبْد اللَّهِ بن عمرو، عَن أبيه، عَن جده، عدّة أحاديث، وكثير وَاهِي الحديث. تُوُفِّيَ عمرو في آخر زمن مُعَاوِيَة. 66- عمرو بن مُرة -ت- بن عبْس الجُهَني4. لَهُ صُحْبة ورواية قليلة، وَكَانَ قوّالًا بالحقّ، وقد وفد عَلَى مُعَاوِيَة، وَكَانَ ينزل   1 إسناده حسن. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 224"، أسد الغابة "4/ 98"، الإصابة "2/ 532". 3 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 363"، والتاريخ الكبير "6/ 307"، الاستيعاب "2/ 516"، أسد الغابة "4/ 124، 125". 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 347"، والاستيعاب "2/ 519"، أسد الغابة "4/ 130". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 فلسطين، وَكَانَ بطلًا شجاعًا، أسلم وَهُوَ شيخ، وكان معاوية يسميه أسد جُهَينة. رَوَى عَنْهُ: عيسى بن طلحة، والقاسم بن مُخَيْمَرة، وحُجْر بن مالك، وغيرهم. وهو والد طلحة، صاحب درب طلحة بداخل باب توما بدمشق. وبقي عمرو إِلَى أن غزا سَنَة تسع وخمسين، ولعلّه بقي بَعْدَها. 67- عُمَير بن جودان، العَبْدي. بَصْرِيٌّ1، أرسل عَن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعضهم يقول: لَهُ صُحْبة. رَوَى عَنْهُ: ابنه أشعث، ومحمد بن سيرين. 68- عياض بن حمار -م ع- المجاشعي التميمي2. لَهُ صُحْبَةٌ وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَلَمَّا وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- أَهْدَى لَهُ نَجِيبَةً فَقَالَ: "إِنَّا نُهِينَا أَنْ نَقْبَلَ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ"3، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَبِلَهَا مِنْهُ. رَوَى عَنْهُ: العلاء بن زياد العدوي، ومطرّف، ويزيد، ابنا عَبْد اللَّهِ بن الشخير، والحَسَن الْبَصْرِيُّ. وله حديث طويل في "صحيح مسلم"4. 69- عياض بن عمرو الأشعري. نَزَلَ الْكُوفَة، وله صُحْبة إن شاء اللَّه. رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْهُ أنه شهد عيدًا بالأنبار فقال: ما لي أراهم لَا يقلّسون5 كما كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقلس لهم6. وَقَالَ شُعبة، عَن سِماك، عَن عياض قَالَ: لما نزلت {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ} [المائدة: 54] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "هم قوم أبي موسى" 7.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 375"، والاستيعاب "2/ 493"، الإصابة "3/ 29، 30". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 36"، الاستيعاب "2/ 493"، أسد الغابة "4/ 2162". 3 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "7/ 36". 4 صحيح مسلم "2865". 5 التقليس: هو الضرب بالدف، ويكون في الأعياد، والأفراح. 6 حديث حسن: أخرجه البخاري "6/ 20" في تاريخه، وابن ماجه "1302". 7 سبق تاريخه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 "حرف الفاء": 70- فاطمة بِنْت قيس الفهرية -ع. أخت الضحاك بن قيس1 التي كانت تحت أَبِي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي، فطلقها، فخطبها مُعَاوِيَة وأَبُو جهم، فنصحها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأشار عليها بأسامة، فتزوجت بِهِ2. وَهِيَ التي تَروِيَ حديث السّكْنَى والنفقة في الطلاق والعدة3. وَهِيَ راوية حديث الجساسة4. رَوَى عنها: الشَّعْبِيُّ، وأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ بن الحارث، وغيرهم. تُوفْيت فيما أرى بَعْدَ الخمسين. 71- فَضَالَةُ بن عُبيد، -م 4- أَبُو محمد الْأَنْصَارِيّ5. قاضي دمشق. كَانَ أحد من بايع بَيْعة الرضوان، ولي الغزو لمعاوية، ثُمَّ ولي لَهُ قضاء دمشق، وناب عَنْهُ بِهَا. لَهُ عدّة أحاديث. رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّهِ بن مُحَيْريز، وحَنش الصنعاني، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن جُبير بن نُفَير، وعلاء بن رباح، والقاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وغيرهم. قَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: كَانَ أصغر من شهد بيعة الرضوان. وَقَالَ علاء بن رباح: أمسكت عَلَى فَضَالَةَ بن عُبيد القرآن، حَتَّى فرغ مِنْهُ. تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث وخمسين. قاله المدائني. وَقَالَ خَلِيفَة: توفي سنة تسع وخمسين.   1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 273"، أسد الغابة "5/ 526"، الإصابة "4/ 384". 2 حديث صحيح: أخرجه مالك "2/ 98" في الموطأ، ومسلم "1480"، وأبو داود "2284"، والترمذي "1135". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 421" وغيره. 4 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2942" وغيره. 5 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 401"، الاستيعاب "1262"، أسد الغابة "4/ 182". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 ورد أَنَّهُ قرأ: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} [القصص: 10]-بالزاي. 72- فيروز أَبُو الضَّحَّاك الدَّيَّلمي1 -4- قاتل الأسود العنسي، لَهُ صُحبة ورواية، وَهُوَ من أبناء الفرس الذين نزلَوْا اليمن، وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- برأس الأسود - فيما بلغنا - فوجده تُوُفِّيَ. رَوَى عَنْهُ: ابناه عَبْد اللَّهِ، والضحاك. وتوفي سَنَة ثلاث وخمسين. "حرف القاف": 73- قُثَم بن العباس عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، وأمه لبابة بِنْت الحارث الهلالية، وكانت أول امرأة أسلمت فيما قاله الكلبي بَعْدَ خديجة، وقد أردفه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلفه3. وَكَانَ آخر من خرج من لحْد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. قاله ابن عباس. وَلَمَّا ولي عَلِيّ الخلافة استعمل قُثَمًا عَلَى مكة، فلم يزل عليها حَتَّى استشهد عليّ، قاله خَلِيفَة. وَقَالَ الزبير بن بكار: استعمله عَلِيّ عَلَى المدينة، ثُمَّ إن قُثَمًا سَارَ أيام مُعَاوِيَة مع سَعِيد بن عُثْمَان إِلَى سمرقند، فاستشهد بِهَا5. قَالَ ابن سعد: غزا قُثَم خُراسان، وعليها سَعِيد بن عُثْمَان بن عفان، فَقَالَ لَهُ: أضرِبُ لك بألف سهم؟ -فَقَالَ: لَا بل خمّس، ثُمَّ اعطِ النَّاس حقوقهم، ثُمَّ اعطني بَعْدَ مَا شئتَ. وَكَانَ قُثَم ورعًا فاضلًا6. كَانَ يُشبه بالنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وله صُحْبة ورواية، وَلَمْ يُعقب. 74- قُطْبة بن مالك -م ت ن ق- الثعلبي الذبياني.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 533"، الاستيعاب "3/ 204"، وأسد الغابة "4/ 186". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 367"، الاستيعاب "1304"، أسد الغابة "4/ 392". 3 حديث حسن: أخرجه البخاري "7/ 194" في تاريخه الكبير، وأحمد "1/ 205". 4 السير "3/ 441". 5 السابق. 6 الطبقات الكبرى "7/ 367". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 صحابي معروف1، نَزَلَ الْكُوفَة، وله رواية. وعنه: ابن أخيه زياد بن علاقة. 75- قيس بن سعد -ع- بن عُبادة بن دُلَيم الْأَنْصَارِيّ الخزرجي المدني2. كَانَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْزِلَةِ صاحب الشرطة من الأمير، لَهُ عدّة أحاديث. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى، وعُرْوة بن الزبير، والشعبي، وميمون بن أَبِي شبيب، وعُريب بن حُمَيد الهمْداني، وجماعة. وَكَانَ ضخمًا جسيمًا طويلًا جدًا، سيدًا مُطاعًا، كثير المال، جوادًا كريمًا، يُعدّ من دُهاة العرب. قَالَ عمرو بن دينار: كَانَ ضخمًا جسيمًا، صغير الرأس، وَكَانَ ليست لَهُ لحية، وإذا ركب الحمار خطت رجلاهُ الأرض3. رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: $"المكر والخديعة في النار"4 لكنت من أمكر هَذِهِ الأمة. وَقَالَ مِسْعَر، عَن معَبْد بن خالد، كَانَ قيس بن سعد لَا يزال هكذا رافعًا إصبعه المسبحة، يدعو5. وَقَالَ الزُهري: أخبرني ثعلبة بن أَبِي مالك: أن قيس بن سعد كان صاحب لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ6. وَقَالَ جُوَيْرية بن أسماء: كَانَ قيس يستدين ويطعمهم، فَقَالَ أَبُو بكر وعمر: إن تركْنا هَذَا الفتي أَهْلك مال أبيه، فمشيا في النَّاس، فصلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- يومًا، فقام سعد   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 36"، أسد الغابة "4/ 206"، الاستيعاب "3/ 257". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 52"، والجرح والتعديل "7/ 99"، وأسد الغابة "4/ 215". 3 السير "3/ 103". 4 حديث حسن لغيره: أخرجه ابن حبان "1107"، والطبراني "10/ 169" في الكبير، والحاكم "4/ 607"، وأبو نعيم "1/ 209" في تاريخ أصفهان، وابن عدي "3/ 1193" في الكامل. 5 السير "3/ 107". 6 وبنحوه في السير "3/ 103". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 بن عبادة خلفه فَقَالَ: من يعذرني من ابن أَبِي قحافة وابن الخطاب يبخلان عَلَيَّ ابني1. وَقَالَ موسى بن عُقْبة: وَقَفَتْ عَلَى قيسٍ عجوزٌ فقالت: أشكو إليك قلة الجرذان، فقال: ما أحسن2 هذه الكناية، املؤوا بيتها خبزًا وسمنًا وتمرًا. وَقَالَ ابن سيرين: أمَّر عَلِيّ قيسَ بن سعد عَلَى مصر -زاد غيره في سَنَة ستٌ وثلاثين- وعزله سَنَة سبع؛ لأن أصحاب عَلِيّ شنعوا عَلَى أَنَّهُ قَدْ كاتب مُعَاوِيَة، فلما عُزل بمحمد بن أَبِي بكر، عرف قيس أن عليًا قَدْ خُدع، ثُمَّ كَانَ عَلِيٌّ بَعْد يطيع قيسًا في الأمر كله. قَالَ عُرُوة: كَانَ قيس بن سعد مع عَلِيّ في مقدمته، ومعه خمسة آلاف قَدْ حلقوا رؤوسهم بَعْدَ موت عَلِيّ، فلما دَخَلَ الجيش في بيعة مُعَاوِيَة، أبى قيس أن يَدْخُلَ، وَقَالَ لأصحابه: مَا شئتم، إن شئتم جالدتُ بكم أبدًا حَتَّى يموت الأعجل، وإن شئتم أخذت لكم أمانًا، قالْوَا: خذ لنا، ففعل، فلما ارتحل نَحْوَ المدينة جعل ينحر كل يَوْم جَزُورًا3. وَقَالَ أَبُو تُمَيْلة يحيي بن واضح: أخبرني أبو عثمان من ولد الحارث بن الصِّمةٌ قَالَ: بَعَثَ قيصر إِلَى مُعَاوِيَة: ابعثْ إليَّ سراويلَ أطول رَجُلٌ من العرب، فَقَالَ لقيس بن سعد: مَا أظننا إِلَّا قَدِ احتجنا إِلَى سراويلك، فقام فتنحّى، وجاء بِهَا فألقاها، فَقَالَ: ألا ذهبتَ إِلَى منزلك ثُمَّ بعثتَ بِهَا! فَقَالَ: أردّتُ بِهَا كي يعلم النَّاسُ أنَّهَا ... سراويلُ قَيس والْوَفودُ شُهودُ وأن يقولوا: غابَ قيسُ وَهَذِهِ ... سراويلُ عاديَّ نَمَتْهُ ثَمودُ وإني من الحيٌ اليمانيٌ لسَيّدٌ ... وَمَا النَّاسُ إِلَّا سيدٌ ومَسودُ فكِدْهم بمثْلي إن مثلي عليهمُ ... شديدٌ وخلقي في الرجال مديدُ فأمر مُعَاوِيَة أطول رَجُلٌ في الجيش فوضعها عَلَى أنفه، قلل: فوقفت بالأرض4.   1 السير "3/ 106". 2 السابق. 3 السير "3/ 111" وصرار: اسم مكان على ثلاثة أميال من طريق العراق. 4 خبر باطل: انظر: الاستيعاب "1289"، السير "3/ 112". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 قَالَ الْوَاقدي وغيره: إِنَّهُ تُوُفِّيَ في آخر خلافة مُعَاوِيَة. 76- قيس بن السكن، الأسدي الكوفي1. رَوَى عَن: عَلِيّ، وابن مسعود، وأبي ذَر، وَكَانَ ثِقَةٌ. تُوُفِّيَ زمن مُصْعَب بن الزبير، قاله محمد بن سعد، لَهُ أحاديث. 77- قيس بْن عمرو -د ت ق- وَيُقَالُ: قيس بن قهد، وَيُقَالُ: قيس بن عمرو بن قهد، وقيل: قيس بن سهل، وقيل: قيس بن عمرو بن سهل الْأَنْصَارِيّ النجاري2. لَهُ صُحبة ورواية. وَهُوَ جدٌ يحيى بن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ الفقيه. رَوَى عَنْهُ: ابنه سَعِيد، ومحمد بن إِبْرَاهِيم التميمي، وعطاء بن أَبِي رباح، وله أحاديث. قَالَ الترمذي: لَمْ يسمع مِنْهُ محمد بن إِبْرَاهِيم. "حرف الكاف": 78- كِدام بن حيان العَنَزي3. أحد من قُتِلَ بعذراء مع حجر بن عدي الكندي. 79- كُرْز بن عَلْقَمة الخزاعي4. لَهُ صُحْبة ورواية في "مُسنَد أَحْمَد" رَوَى عَنْهُ: عُرْوة بن الزبير، وغيره. قَالَ ابن سعد: هُوَ الذي قفا أثَر النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ، فانتهى إِلَى باب الغار فَقَالَ: هنا انقطع الأثر، قَالَ: وَهُوَ الذي نظر إِلَى قدم النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذِهِ القدم من تلك القدم التي في المقام، يعني قدم إِبْرَاهِيم -عَلَيْهِ السلام5. عُمّر كُرْز عمرًا طويلًا، وكتب مُعَاوِيَة إِلَى عاملة: مُرْ كُرْز بن علقمة يوقفكم عَلَى معالم الحرم، ففعل، فهي معالمه إِلَى الساعة.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 176"، أسد الغابة "4/ 216". 2 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 495"، وأسد الغابة "4/ 222"، والإصابة "3/ 255". 3 انظر: تاريخ الطبري "5/ 271، 277". 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 458"، أسد الغابة "4/ 237"، الاستيعاب "3/ 310". 5 حديث ضعيف: الطبقات "5/ 458". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 80- كعب بن عُجْرة –ع- الْأَنْصَارِيّ المدني1. شهد بيعة الرضوان، وله أحاديث. رَوَى عَنْهُ بنوه: سعد، ومحمد، وعَبْد الملك، والربيع، وأَبُو وائل، وطارق بن شهاب، وعَبْد اللَّهِ بن معقل، ومحمد بن سيرين، وأَبُو عبيدة بن عَبْد اللَّهِ بن مسعود، وجماعة. كنيته أَبُو محمد، وقيل: أَبُو عَبْد اللَّهِ، وأَبُو إِسْحَاق، وَكَانَ قَدِ استأخر إسلامه. وَقَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، إِنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ، فَرَأَيْتُهُ مُتَغَيِّرًا، قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، مَا لِي أَرَاكَ مُتَغَيِّرًا؟ قَالَ: "مَا دَخَلَ جَوْفِي مَا يَدْخُلُ جَوْفَ ذَاتِ كَبِدٍ مُنْذُ ثَلَاثٍ". قَالَ: فذهبت، فَإِذَا يَهُودِيٌّ يَسْقِي، فَسَقَيْتُ لَهُ عَلَى كُلِّ دلو بتمر، فَجَمَعْتُ تَمْرًا، فَأَتَيْتُهُ بِهِ وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "يَا كَعْبُ أَتُحِبُّنِي"؟ قُلْتُ: -بِأَبِي أَنْتَ- نَعَمْ، قَالَ: "إِنَّ الْفَقْرَ أَسْرَعُ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي مِنَ السَّيْلِ إِلَى مَجَارِيهِ، وَإِنَّهُ سَيُصِيبُكَ بَلَاءٌ، فَأَعِدْ لَهُ تَجْفَافًا". قَالَ: فَفَقَدَهُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا فَعَلَ كَعْبٌ"؟ قَالُوا: مَرِيضٌ، فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْشِرْ يَا كَعْبُ"، فَقَالَتْ أُمُّهُ: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ يَا كَعْبُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ هَذِهِ الْمُتَأَلِّيَةُ عَلَى اللَّهِ"؟ قَالَ: هِيَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "مَا يُدْريِكِ يَا أُمَّ كَعْبٍ، لَعَلَّ كعبًا قال ما لا ينفعه، أو منع ما لا يُغْنِيهِ" 2. وَقَالَ مِسْعَرٌ، عَنْ ثابت بن عُبَيد قَالَ: بعثني أَبِي إِلَى كعب بن عُجْرة، فأتيت رجلًا أقطع، فأتيت أَبِي فقلت: بعثتني إِلَى رَجُل أقطع؟ فَقَالَ: إن يده قَدْ دَخَلَتِ الجنة، وسيتبعها مَا بقي من جسده، إن شاء اللَّه3. قَالَ أَبُو عُبيد وجماعة: تُوُفِّيَ كعب بن عُجْرة سَنَة اثنتين وخمسين. 81- كعب بن مرة -ع-، وقيل: مُرَّة بن كعب البهزي4. صحابي نَزَلَ البصرة، ثم سكن الأردن، له أحاديث.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 160"، الاستيعاب "1321"، أسد الغابة "4/ 243". 2 حديث حسن: أخرجه الطبراني، وانظر: الإتحاف "7/ 461"، "8/ 194"، والترغيب "4/ 192". 3 السير "3/ 54". 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 414"، الجرح والتعديل "7/ 160"، وأسد الغابة "4/ 248، 249". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 رَوَى عَنْهُ: شُرَحْبيل بن السَّمْط، وجُبَير بن نُفَير، وأَبُو الأشعث الصنعاني، وغيرهم. تُوُفِّيَ بالأردن سَنَة سبع، أَوْ تسع وخمسين. "حرف الميم": 82- مالك بن الحُوَيْرث –ع- أَبُو سليمان الليثي1. قدم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأقام أيامًا، ثُمَّ أذن لَهُ في الرجوع إِلَى أَهْله، ثُمَّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ. رَوَى عنه: أبو عطية مولى بن عقيل، ونصر بن عاصم الليثي، وأَبُو قلابة عَبْد اللَّهِ بن زيد. 83- مالك بن عَبْد اللَّهِ الخثعمي، أَبُو حكيم الفلسطيني2، المعروف بمالك السرايا. يُقَالُ: لَهُ صُحبة، قدِم عَلَى مُعَاوِيَة برسالة عُثْمَان، وقاد الصوائف أَرْبَعِينَ سَنَة، وكُسر -فيما بَلغَنا- عَلَى قبره أربعون لِوَاءً، وَكَانَ صوامًا قوامًا. شتى سَنَة ستٍّ وخمسين بأرض الروم، وعاش بَعْدَ ذلك. 84- مجمع بن جارية -خ د ن ق- الْأَنْصَارِيّ المدني3. لَهُ صُحبة ورواية، وَهُوَ مجمّع بن يزيد بن جارية. وَرَوَى أيضًا عَن: خنساء بِنْت خِذام. وعنه: ابنه يعقوب، والقاسم بن محمد، وعكرمة بن سلمة. وقرأ القرآن في صباه. قَالَ الشَّعْبِيُّ: تُوُفِّيَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبقي عَلَى مجمّع سورتان. وَقَالَ محمد بن إِسْحَاق: كَانَ أَبُوه جارية ممّن اتخذ مسجد الضرار، فكان مجمّع يصلي بهم فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أُخرب، فلما كَانَ زمن عمر كُلم في مجمع ليصلي بهم،   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 44"، وأسد الغابة "4/ 277"، والاستيعاب "3/ 374". 2 انظر: الاستيعاب "3/ 375"، وأسد الغابة "4/ 283"، والإصابة "3/ 347". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 52"، الاستيعاب "3/ 414"، وأسد الغابة "4/ 303". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 فقال: أوليس بإمام المنافقين؟ فَقَالَ لعمر: واللَّه الذي لَا إله إِلَّا هُوَ ما علمت بشيء من أمرهم، فيقال: أَنَّهُ تركه يصلي بهم1. 85- مِحْجَن بن الأدرع السلمي2. لَهُ رِوَايَةٌ وَصُحْبَةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ"3. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ، وَرَجَاءُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ الْبَاهليُّ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيُّ. وَهُوَ الَّذِي اخْتَطَّ مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ. تُوُفِّيَ آخر خلافة معاوية. 86- محيصة بن مسعود -4- أبو أسعد، الْأَنْصَارِيّ الخزرجي4. أخو حُوَيصة، وَيُقَالُ فيهما بتشديد الياء وتخفيفهما. شهد أُحُدًا وَمَا بَعْدَها، ومُحَيصة الأصغر منهما، وَهُوَ أسلم قبل أخيه، لَهُ أحاديث. وعنه: حفيده حَرام بن سعد بن مُحَيصة، وابنه سعد، وبشير بن يَسَارٍ، ومحمد بن زياد الجُمَحي، وغيرهم. 87- مَخْرَمة بن نوفل، بن أهْيَب بن عَبْد مَنَاف بن زُهْرة الزُهْري5، والد المسْوَر. كَانَ من المؤلفة قلَوْبهم، لَهُ شرف وعقل وقعدد6، كساه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حلة باعها بأربعين أوقية7، وعمي في خلافة عثمان.   1 خبر ضعيف: من مقاطيع ابن إسحاق. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 316"، الجرح والتعديل "8/ 375"، وأسد الغابة "4/ 305". 3 حديث ضعيف: وأخرجه ابن سعد "7/ 12" من رواية الواقدي، وهو من الضعفاء. 4 انظر: التاريخ الكبير "8/ 53"، أسد الغابة "4/ 334"، والاستيعاب "3/ 498". 5 انظر: التاريخ الكبير "8/ 15"، والاستيعاب "3/ 1380"، أسد الغابة "5/ 125". 6 قعدد: هو القريب الآباء من الجد الأكبر، ويوصف بهذا أيضا، الخامل يقعد عن الكارم، كما في المعجم الوجيز "ص/ 510". 7 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "5/ 164"، وَمُسْلِمٌ "1058"، وَأَبُو داود "4028"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2818"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 205"، وأحمد "4/ 228". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 وَرَوَى أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَسْتَأْذِنُ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَوْتَهُ قَالَ: "بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ"، فَلَمَّا دَخَلَ بَشَّ بِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَعَهِدْتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ يُتَّقَى شَرُّهُ" 1. تُوُفِّيَ مخرمة -رحمة اللَّه- سَنَة أربع وخمسين، وله مائة وخمس عشرة سَنَة. 88- مسلم بن عقيل، بن أَبِي طالب الهاشمي2. قدمه ابن عمه الحسين -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بَيْنَ يديه إِلَى الكوفه، ليكشف لَهُ كيف اجتماع النَّاس عَلَى الحسين، فَدَخَلَ سرًا، ونزل عَلَى هانئ المرادي، فطلب عبيد اللَّه بن زياد أمير الْكُوفَة هانئًا، فَقَالَ: مَا حملك عَلَى أن تجير عدوي؟! قال: يابن أخي، جاء حقٌ هوِ أحقُ من حقك، فوثب عُبيد اللَّه فضربه بعنزة شك دماغة بالحائط، ثُمَّ أحضر مسلما من داره فقتله، وذلك في آخر سَنَة ستين3. 89- المستورد بن شداد –م د ت ن- بن عمرو القُرَشي الفِهْري4. لَهُ صُحبة ورواية، ولأبيه أيضًا صُحبة. وعنه: قيس بن أَبِي حازم، وعلى بن رباح، وأَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، ووقاص بن ربيعة، وعَبْد الكريم بن الحارث. 90- معتب بن عوف بن الحمراء، أَبُو عوف الخُزاعي5. حليف بني مخزوم، أحد المهاجرين إِلَى الحبشة وإلى المدينة، والحمراء هِيَ أمه، اتفقوا عَلَى أَنَّهُ شهد بدرًا، وَكَانَ يُدعي عيهامة. قَالَ غير واحد: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَة سبعٍ وخمسين، والعجب أن معتَّبًا بقي إِلَى هَذَا الْوَقت، وَمَا روى شيئًا.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 378"، ومسلم "2591"، وأبو داود "4791"، والترمذي "1996"، وأحمد "6/ 38". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 347، 350، 351، 354، 360". 3 تاريخ الطبري "5/ 368-381". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 61"، والاستيعاب "3/ 482"، وأسد الغابة "4/ 353". 5 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 264"، والاستيعاب "3/ 461"، أسد الغابة "4/ 394". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 91- مَعْقِلُ بن يَسَارَ المزَني1 -ع-: لَهُ صُحبة ورواية سكن البصرى وَهُوَ ممن بايع تحت الشجرة. وَرَوَى أيضًا عَن النعمان بن مقرن. وعنه: عِمران بن حُصَين -وَهُوَ أكبر مِنْهُ، والحسن الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاوِيَة بْنُ قُرَّةَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّانِ، وغيرهم. قَالَ محمد بن سعد: لَا نعلم في الصحابة من يكني أبا علي سواه. تُوُفِّيَ في آخر زمن مُعَاوِيَة. 92- مَعْمَر بن عبد الله -م د ت ق-. ابن نافع بن نضلة القُرشي العدوي2. أحد المهاجرين، وله هجرة إِلَى الحبشة، وَهُوَ الذي حلق رَأْسِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجة الْوَداع، وعمَّر بَعْدَه دهرًا، وحدّث عنه. روى عنه: سعيد بن المسيب، وبسر بن سَعِيد. 93- مُعَاوِيَة بن حُدَيْج -د ن ق- بن جفنة بن قتير التجيبي الكِنْدي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو نُعَيم3. أحد أمراء مُعَاوِيَة عَلَى مصر، لَهُ صُحبة ورواية، وَرَوَى أيضًا عَن عمر، وأبي ذَر. وعنه: ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، وسُوَيد بن قيس التُجيبي، وعُلَيّ بن رباح، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن شِمَاسة المهْري، وآخرون. وله عقب بمصر، وشهد اليرموك، وَكَانَ الْوَافد عَلَى عمر بفتح الإسكندرية، وذهبت عينه في غزوة النُوبة، وَكَانَ متغاليًا في عُثْمَان وفي محبته. وَقَالَ ابن لَهِيعَة: حدثني أَبُو قبيل قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حُجْر بن الأدبر وأصحابه، بلغ مُعَاوِيَة بن حُدَيج وَهُوَ بإفريقية، فقام في أصحابة فَقَالَ: يَا أشقائي في الرحم،   1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 264"، الاستيعاب "3/ 461"، أسد الغابة "4/ 394". 2 انظر: أسد الغابة "4/ 400"، الاستيعاب "3/ 441"، الإصابة "3/ 448". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 503"، أسد الغابة "4/ 383"، الإصابة "3/ 431". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 وأصحابي وجيرتي، أنقاتل لقريش في الملْك، حَتَّى إذا استقام لهم دفعوا يقتلَوْننا، أما واللَّه لئن أدركتها ثانيًا، لأقولنّ لمن أطاعني من أَهْل اليمن، اعتزلَوْا بنا، ودعوا قريشًا يقتل بعضُها بعضًا، فأيهم غَلب اتبعناه1. قَالَ ابن يونس: تُوُفِّيَ مُعَاوِيَة بمصر في سَنَة اثنتين وخمسين. 94- مُعَاوِيَة بن الحَكَم السّلمي –م د ن-. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ الْجَارِيَةِ السَّوْدَاءِ، الَّتِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" 2. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. ووَهِم من سمّاه: عمر. 95- مُعَاوِيَة بن أَبِي سفيان -ع- صخر بْن حرب بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قُصي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ القُرَشي الأموي، وأمه هند بِنْت عُتْبة بن رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ3. أسلم قبل أبيه في عُمرة القضاء، وبقي يخاف من الخروج إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أبيه. رَوَى عَن: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وعمر، وأخته أم المؤْمِنِينَ أم حبيبة. وعنه: ابن عباس، وسَعِيد بن المسيب، وأَبُو صالح السمان، والأعرج، وسَعِيد بن أَبِي سَعِيد، ومحمد بن سيرين، وهمام بن منبه، وعَبْد اللَّهِ بن عامر اليحصبي، والقاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وشعيب بن محمد والد عمرو بن شعيب، وطائفة سواهم. وأظهر إسلامه يوم الفتح.   1 إسناده ضعيف: أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب "الجمل"، وفيه ابن لهيعة. 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "537"، وعبد الرزاق "9501"، وأبو داود "918"، والنسائي "3/ 15، 16"، وابن أبي شيبة "8/ 33". 3 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 32"، والاستيعاب "1416"، وأسد الغابة "4/ 385". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 وَكَانَ رجلًا طويلًا، أبيض، جميلًا مَهِيبًا، إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وَكَانَ يَخْضِبُ بالصُفرة. قَالَ أَبُو عَبْد ربّ الدمشقي: رأيت مُعَاوِيَة يصفّر لحيته كأَنَّهُا الذَّهَب. وَعَن إِبْرَاهِيم بن عَبْد اللَّهِ بن قارظ قَالَ: سمعت مُعَاوِيَة عَلَى منبر المدينة يقول: أين فقهاؤكم يَا أَهْل المدينة، سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "يَنهى عَن هَذِهِ القُصة" 1، ثُمَّ وضعها عَلَى رأسه أَوْ خدّه، فلم أر عَلَى عروس وَلَا عَلَى غيرها أجمل منها عَلَى مُعَاوِيَة. وذكر المفضّل الغلابي: أن زيد بن ثابت كَانَ كاتب وَحْيِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مُعَاوِيَة كاتبه فيما بينه وبين العرب. كذا قَالَ. وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "ادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ" 2 وَكَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَدْعُونَا إِلَى السَّحُورِ: "هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ". ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِهِ الْعَذَابَ" 3. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَقَدْ وَهِمَ فِيهِ قُتَيْبَةُ، وأسقط منه أبا رهم والعرباض. وقيل أَبُو مُسْهِرٍ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمِيرَةَ الْمُزَنِيِّ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِهِ الْعَذَابَ" 4. هَذَا الْحَدِيثُ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، لَكِن اخْتَلَفُوا فِي صُحْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ، رُوِيَ نَحْوَهُ مِنْ وجوه أخر.   1 حديث صحيح: أخرجه مالك "2/ 231" في الموطأ، ومسلم "2127"، وأبو داود "4149"، والترمذي "2931"، والنسائي "8/ 186"، وأحمد "4/ 95، 97، 98". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 240، 335، 338". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 127" "4/ 216"، والترمذي "3840"، فيه الحارث بن زياد، الشامي، وهو ضعيف الحديث من حديث العرباض، وابن أبي عميرة. 4 انظر السابق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمِيرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لِمُعَاوِيَةَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَاهْدِهِ وَاهْدِ بِهِ" 1. رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، نَحْوَهُ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الذُّهْلِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ يُونُسَ بن ميسرة، عن عبد الله ابن بُسْرٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَأْذَنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي أَمْرٍ فَقَالَ: "أَشِيرُوا"، فَقَالَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: "ادْعُوا مُعَاوِيَةَ، أَحْضِرُوهُ أَمْرَكُمْ، فَإِنَّهُ قَوِيٌّ أَمِينٌ"2. وَقَدْ رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ شُعَيْبٍ مُرْسَلًا. قلت: هَذَا من مناكير نُعَيم، وَهُوَ صاحب أوابد. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبِ بْنِ وَحْشِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ قَالَ: أَرْدَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ خَلْفَهُ، فَقَالَ: "مَا يَلِينِي مِنْكَ؟ " قَالَ: بَطْنِي، قَالَ: "اللَّهُمَّ امْلَأْهُ عِلْمًا"، زَادَ أَبُو مُسْهِرٍ: "وَحِلْمًا"3. قَالَ صالح جزرة: لَا تشتغل بوحشي وَلَا بأبيه. وَقَالَ خَلِيفَة: جمع عمر لمعاوية الشَّام كلّه، ثُمَّ أقره عُثْمَان. وَعَن إسماعيل بن أمية أن عمر أفرد مُعَاوِيَة بالشَّام، ورزقه في كلٌ شهر ثمانين دينارًا، والمحفوظ أن الذي جمع الشَّام لمعاوية عُثْمَان4. وَقَالَ مسلم بن جندب، عَن أسلم مولى عمر قَالَ: قدِم علينا مُعَاوِيَة، وَهُوَ أبضّ النَّاس وأجملهم، فحج مع عمر، وَكَانَ عمر ينظر إليه، فيعجب لَهُ، ثُمَّ يضع إصبعه عَلَى متنه ويرفعها، عَن مثل الشراك. ويقول: بخٍ بخٍ، نحن إذا خير النَّاس، أن جُمع لنا خيرُ الدنيا والآخرة، فَقَالَ مُعَاوِيَة: يَا أمير المؤْمِنِينَ سأحدثك: إنا بأرض الحمّامات والريف، فَقَالَ عمر: سأحدثك، مَا بك إِلَّا إلطافك نفسك بأطيب الطعام، وتصبّحك   1 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 216"، والترمذي "3841". 2 حديث ضعيف: وانظر السير "3/ 127". 3 حديث ضعيف: السير "3/ 127". 4 السير "3/ 133". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 حتى تضرب الشمس منيتك، وذوو الحاجات وراء الباب، قَالَ: فلما جئنا ذا طُوًى، أخرج مُعَاوِيَة حُلة، فلبسها، فوجد عمر منها ريحًا طيبة، فَقَالَ: يعمد أحدكم فيخرج حاجًا تفلا1، حَتَّى إذا جاء أعظم بلدان اللَّه حُرْمة أخرج ثوبيه كأَنَّهُما كانا في الطيب فيلبسهما، فَقَالَ: إِنَّمَا لبستهما لأدَخَلَ فيهما عَلَى عشيرتي، واللَّه لقد بلغني أذاك ههنا وبالشَّام، واللَّه يعلم إني لقد عرفت الحياء فِيهِ، ونزع مُعَاوِيَة الثوبين، ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما2. وَقَالَ أَبُو الْحَسَن المدائني: كَانَ عمر إذا نظر إِلَى مُعَاوِيَة قَالَ: هَذَا كسرى العرب3. وَرَوَى ابن أَبِي ذئب، عَن المقْبُري قَالَ: تَعجبون من دَهاء هِرَقْلَ وكِسْرى، وتَدَعُون مُعَاوِيَة4. وَقَالَ الزُهري: استخلف عُثْمَان، فنزع عُمَير بن سعد، وجمع الشَّام لمعاوية. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَا تَكْرَهُوا إِمْرَةَ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّكُمْ لَوْ فقدتموه رأيتم الرؤوس تَنْدُرُ عَن كَوَاهِلْهَا5. وَرَوَى علقمة بن أَبِي علقمة، عَن أمه قالت: قدِم مُعَاوِيَة المدينة، فأرسل إِلَى عائشة: أرسلي إلي بأنبجانية رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشَعْره، فأرسلت بذلك معي أحمله، فأخذ الأنبجانية، فلبسها، وغسل الشعر بماء، فشرب مِنْهُ، وأفاض عَلَى جلده. وَرَوَى أَبُو بكر الْهُذَلِيُّ، عَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: لَمَّا قدِم مُعَاوِيَة المدينة عام الْجَمَاعَةِ، تلقته رجال قريش فقالوا: الحمد لله الذي أعز نصرك وأعلى أمرك، فما رد عليهم جوابًا، حَتَّى دَخَلَ المدينة، فعلا المنبر، ثُمَّ حمد اللَّه وَقَالَ: أما بَعْدَ، فإني -واللَّه- مَا وُلِّيتُ أمركم حين وليته، إِلَّا وأنا أعلم أنكم لَا تُسَرون بولايتي، وَلَا تحبونها، وإني لعَالم بما في نفوسكم، ولكن خالستكم بسيفي هذا مخالسة، ولقد رمت نفسي على   1 التفل: صاحب الرائحة المنفرة. 2 خبر حسن: أخرجه ابن المبارك في "الزهد" كما في البداية "8/ 125"، والسير "3/ 134". 3 خبر ضعيف: إسناده معضل. السير "3/ 134". 4 السير "3/ 135". 5 خبر ضعيف: سبق تخريجه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 عمل ابن أَبِي قُحافة، فلم أجدها تقوم بذلك، وأردتها عَلَى عمل عمر، فكانت عَنْهُ أشد نفورًا، وحاولتها عَلَى مثل سُنيات عُثْمَان فأبتْ عَلِيّ، وأين مثل هؤلاء، هيهات أن يُدْرِك فضلَهم أحدٌ من بَعْدهم، غير أني قد سلكت بها طريقًا لي فِيهِ منفعة، ولكم فِيهِ مثل ذلك، ولكل فِيهِ مؤاكلة حَسَنةٌ ومشاربة جميلة مَا استقامت السيرة، وحسُنَتِ الطاعة، فإن لَمْ تجدوني خيركم، فأنا خير لكم، واللَّه لَا أحمل السيف عَلَى من لَا سيف معه، ومهما تقدم مما قد علمتموه، فقد جعلته دُبر أُذُني، وإن لَمْ تجدوني أقوم بحقكم كله، فارضوا مني ببغضه، إِنَّهَا ليست بقائبة قوبها، وإن السيل إذا جاء تترى، وإن قل أغنى، وإياكم والفتنة، فلا تهموا بِهَا، فإِنَّها تفسد المعيشة، وتكدر النعمة، وتورث الاستئصال، واستغفر اللَّه لي ولكم، ثُمَّ نَزَلَ1. وَقَالَ جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ وَغَيْرُهُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إذا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوهُ"2. مجالد ضعيف. وقد رواه النَّاس عَن: عَلِيّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، عَن أَبِي نَضْرة، عَن أَبِي سَعِيد، فذكره. وَيُرْوَى عَن أَبِي بكر بن أَبِي داود قَالَ: هُوَ مُعَاوِيَة بن تابُوه رأس المنافقين، حلف أن يتغوط فوق المنبر. وَقَالَ بُسْر بن سَعِيد، عَن سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحدًا بَعْدَ عُثْمَان أقضى بحق من صاحب هَذَا الباب، يعني مُعَاوِيَة. وَقَالَ أَبُو بكر بن أَبِي مريم، عَن ثابت مولى أَبِي سفيان: أَنَّهُ سمع مُعَاوِيَة يخطب ويقول: إني لست بخيركم، وإن فيكم من هُوَ خير مني: عَبْد اللَّهِ بن عمر، وعَبْد اللَّهِ بن عمرو، وغيرهما من الأفاضل، ولكني عسيت أن أكون أنكاكم3 في عدوَكم، وأنعمكم لكم ولايةً، وأحسنكم خلقًا4.   1 خبر ضعيف: الهذلي من الضعفاء، وانظر البداية "8/ 132"، والسير "3/ 149". 2 حديث منكر: أخرجه ابن عدي "6/ 2416" في الضعفاء. 3 أنكاكم: أقواكم. 4 إسناده ضعيف: فيه ابن أبي مريم من الضعفاء. وانظر: السير "3/ 150". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 وَقَالَ همّام بن منبه: سمعت ابن عباس يقول: مَا رأيت رجلًا كان أخلَقَ للملْك من مُعَاوِيَة، كَانَ النَّاس يَرِدون مِنْهُ عَلَى أرجاء وادٍ رحَبٍ، لَمْ يكن بالضيَّق الحَصِر العُصْعُص المتغضب. يعني ابن الزبير1. وَقَالَ جَبَلَة بن سُحَيم، عَن ابن عمر: مَا رأيت أحدًا أسود من مُعَاوِيَة، قلت: وَلَا عمر؟ قَالَ: كَانَ عمر خيرًا مِنْهُ، وَكَانَ مُعَاوِيَة أسود مِنْهُ2. وَقَالَ أيوب، عَن أَبِي قلابة: إن كعب الأحبار قَالَ: لن يملك أحدٌ هَذِهِ الأمة مَا ملك مُعَاوِيَة3. قَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: نَبَّأَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ: سَمِعْتُ أَبَا قَبِيلٍ حُيَيَّ بْنَ هَانِئٍ يُخْبِرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَصَعَدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، فَقَالَ عِنْدَ خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الْمَالَ مَالُنَا، وَالْفَيْءَ فَيْئُنَا، مَنْ شِئْنَا أَعْطَيْنَا، وَمَنْ شِئْنَا مَنَعْنَا، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمْعَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمْعَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: كَلا، إِنَّمَا الْمَالُ مَالُنَا، وَالْفَيْءُ فَيْئُنَا، مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَكَّمْنَاهُ إِلَى اللَّهِ بِأَسْيَافِنَا. فَنَزَلَ مُعَاوِيَةُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: هَلَكَ، فَفَتَحَ مُعَاوِيَةُ الأَبْوَابَ، وَدَخَلَ النَّاسُ، فَوَجَدُوا الرَّجُلَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا أَحْيَانِي أَحْيَاهُ الله، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "سَتَكُونُ أَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي. يَقُولُونَ فَلا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُمْ، يَتَقَاحَمُونَ فِي النَّارِ تَقَاحُمَ الْقِرَدَةِ" 4، وَإِنِّي تَكَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ أَحَدٌ، فَخَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَكَلَّمْتُ الثَّانِيَةَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلِيَّ أَحَدٌ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنِّي مِنَ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَكَلَّمْتُ الْجُمْعَةَ الثَّالِثَةَ، فَقَامَ هَذَا فَرَدَّ عَلَيَّ فَأَحْيَانِي أَحْيَاهُ اللَّهُ، فَرَجَوْتُ أَنْ يُخْرِجَنِيَ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَأَعْطَاهُ وَأَجَازَهُ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى: ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: وَفَدَ الْمِقْدَامُ بْنُ معد يكرب، وعمرو ابن الأَسْوَدِ، وَرَجُلٌ مِنَ الأَسَدِ لَهُ صُحْبَةٌ إِلَى معاوية،   1 خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "20985" في مصنفه. 2 خبر صحيحٌ: له أكثر من طريق كما في السير "3/ 152، 153". 3 السير "3/ 153". 4 خبرٌ حسنٌ: وأخرجه الطبراني "19/ 393" في الكبير من هذا الطريق، وأبو يعلى كما في المجمع "5/ 236". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْمِقْدَامِ: تُوُفِّيَ الْحَسَنُ، فَاسْتَرْجَعَ، فَقَالَ: أَتَرَاهَا مُصِيبَةً؟ قَالَ: وَلَمْ لَا، وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حِجْرِهِ وَقَالَ: "هَذَا مِنِّي وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ" 1. فَقَالَ لِلأَسَدِيِّ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: جَمْرَةٌ أُطْفِئَتْ، فَقَالَ الْمِقْدَامُ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينهى عَنْ لِبْسِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ، وَعَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَنِيكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: عَرَفْتُ أَنِّي لا أَنْجُو مِنْكَ. قلت: تُوُفِّيَ كعب قبل أن يستخلف مُعَاوِيَة، وصدق كعب فيما نقله، فإن معاوية بقي خليفة عشرين سنة، لا ينازعه أحد الأمر في الأرض، بخلاف خلافة عَبْد الملك بن مروان، وأبي جعفر المنصور، وهارون الرشيد، وغيرهم، فإِنَّهُم كَانَ لهم مخالف، وخرج عَن أمرهم بعض الممالك. قلت: وَكَانَ يُضرب المثل بحلم مُعَاوِيَة، وقد أفرد ابنُ أَبِي الدُّنيا، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، تصنيفًا في حلم مُعَاوِيَة. قَالَ ابن عون: كَانَ الرجل يقول لمعاوية: واللَّه لتستقيمن بنا يَا مُعَاوِيَة أَوْ لنقومنك، فيقول: بماذا؟ فيقولَوْن: بالخُشُب، فيقول: إذا نستقيم2. وَعَن قبيصة بن جابر قَالَ: صحبت مُعَاوِيَة، فما رأيت رجلًا أثقل حلما، وَلَا أبطأ جهلًا، وَلَا أبَعْدَ أناةً مِنْهُ3. وَقَالَ جَرِيرُ، عَن مغيرة قَالَ: أرسل الْحَسَن بن عَلِيّ وعَبْد اللَّهِ بن جعفر إِلَى مُعَاوِيَة يسألانَّهُ، فبعث إليهما بمائة ألف، فبلغ عليًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لهما: ألا تستحيان، رَجُلٌ نطعن فِيهِ غدوةً وعشيةً، تسألانه المال! قالا: لأنك حَرَمْتَنا وجاد لنا4. وَقَالَ مالك: إن مُعَاوِيَة نتف الشَّيْبَ كذا وكذا سَنَة، وَكَانَ يخرج إِلَى الصلاة ورداؤه يُحمل، فإذا دَخَلَ مصلاه جعل عليه، وذلك من الكبر5.   1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "4131"، وأحمد "4/ 132". 2 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وانظر السير "3/ 154". 3 السير "3/ 153". 4 السير "3/ 155". 5 خبر ضعيف: فيه انقطاع. السير "3/ 155". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 وذكر غيره: أن مُعَاوِيَة أصابته اللقْوَة قبل أن يموت، وَكَانَ اطّلع في بئر عادِيةً بالأَبُواء لَمَّا حج، فأصابته لقوة، يعني بُطل نصفه1. الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: إِنَّ مَنْ زَرَعَ قَدِ اسْتَحْصَدَ، وَقَدْ طَالَتْ إِمْرَتِي عَلَيْكُمْ، حَتَّى مَلَلْتُكُمْ وَمَلَلْتُمُونِي، وَلَا يَأْتِيكُمْ بَعْدِي خَيْرٌ مِنِّي كَمَا أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلِي خَيْرٌ مِنِّي، اللَّهُمَّ قَدْ أَحْبَبْتُ لِقَاءَكَ، فأحبب لقائي2. الواقدي: ثنا أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَة لِيَزِيدَ وَهُوَ يوصيه: اتق الله، فقد وطأت لَكَ الأَمْرَ، وَوُلِيتَ مِنْ ذَلِكَ مَا وُلِّيتَ، فإن يك خَيْرًا، فَأَنَا أَسْعَدُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، شَقِيتَ بِهِ، فَارْفِقْ بِالنَّاسِ، وَإِيَّاكَ وَجَبْهَ أَهْلِ الشَّرَفِ وَالتَّكَبُّرَ عَلَيْهِمْ3. فِي كَلامٍ طَوِيلٍ، أَوْرَدَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ مَعِين، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ النَّرْسِيِّ -وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ- عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِيَزِيدَ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ شَيْئًا عَمِلْتُهُ فِي أَمْرِكَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَلَّمَ يَوْمًا أَظْفَارَهُ، وَأَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ، فَجَمَعْتُ ذَلِكَ، فَإِذَا مِتُّ فَاحْشُ بِهِ فَمِي وَأَنْفِي4. وَرَوَى عَبْد الأَعْلَى بْنُ مَيْمُونَ بْنِ مِهْران، عَن أبيه: أن مُعَاوِيَة قَالَ في مرضه: كنت أوضِّئ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا، فنزع قميصه وكسانيه، فرقعته، وخبأت قُلامة أظفاره في قارورة، فإذا متٌ فاجعلَوْا القميص عَلَى جلدي، واسحقوا تلك القُلامة واجعلَوْها في عيني، فعسى اللَّه أن يَرحَمَني بَبَركَتِها5. حُمَيْد بن هلال، عَن أَبِي بُرْدة بن أَبِي موسى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَة حين أصابته قُرحته فَقَالَ: هَلم ابنَ أخي، تحول فأنظر، فنظرت، فإذا هِيَ قَدْ سَرَتْ6.   1 خبر ضعيف: السير "3/ 156" وفيه مجالد بن سعيد، وهو من الضعفاء. 2 خبر ضعيف: وأخرجه القالي "2/ 311" في الآمالي، وفيه انقطاع. 3 خبر ضعيف: السير "3/ 159" وفيه الواقدي. 4 خبر ضعيف: السير "3/ 159" وفيه جهالة أحد الرواة. 5 السير "3/ 160". 6 الطبقات الكبرى "4/ 1/ 83". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 وَعَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: أول من خطب النَّاسَ قاعدًا معاويةُ، وذلك حين كثُر شحمُه وعظُم بطنُه1. وَعَن ابن سيرين قَالَ: أخذت معاويةَ قُرْحَةٌ، فاتخذ لُحُفًا تُلقى عَلَيْهِ، فلا يلبث أن يتأذى بِهَا، فإذا أخذت عَنْهُ، سأل أن تُرد عَلَيْهِ، فَقَالَ: قبحك اللَّه من دارٍ، مكثت فيك عشرين سَنَة أميرًا، وعشرين سَنَة خَلِيفَة، ثُمَّ صرت إِلَى مَا أرى. وَقَالَ أَبُو عمرو بن العلاء: لَمَّا حَضَرتْ مُعَاوِيَة، الْوَفاةُ قيل لَهُ: ألا توصي؟ فَقَالَ: هُوَ الموتُ لَا مَنْجي من الموتَ والذي ... نُحاذرُ بَعْدَ الموتِ أدهى وأفْظعُ اللَّهم أقِلِ العثْرةَ، واعفُ عَن الزلة، وتجاوزْ بحِلمك عَن جهل مَن لَمْ يَرْجُ غيرَك فما وراءك مذهب2. وَقَالَ أَبُو مُسْهِر: صَلَّى الضحاك بن قيس الفِهْريّ عَلَى مُعَاوِيَة، ودُفن بَيْنَ باب الجابية وباب الصغير فيما بلغني. وَقَالَ أَبُو معشر وغيره: مات مُعَاوِيَة في رجب سَنَة ستين، وقيل: إِنَّهُ عاش سبعًا وسبعين سَنَة. 96- ميمونة بِنْت الحارث -ع- أم المؤْمِنِينَ الهلالية3. تزوجها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة سبع. رَوَى عنها: مَوْلياها عطاء، وسليمان ابنا يَسَار، وابن أختها يزيد بن الأصم، وكُريْب مولى ابن عباس، وابن أختها عَبْد اللَّهِ بن عباس، وابن أختها عَبْد اللَّهِ بن شدّاد بن الهاد، وعُبَيد بن السباق، وجماعة. وكانت قبل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند أَبِي رُهْم بن عَبْد الْعُزَّى العامري، فتأيمت مِنْهُ، فخطبها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعلت أمرها إِلَى العباس، فزوجها منه، وبنى بها بسرف بطريق مكة، لما رجع من عمرة القضاء4.   1 السير "3/ 156". 2 السير "3/ 160". 3 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 132"، الاستيعاب "4/ 1914"، أسد الغابة "7/ 272". 4 السير "2/ 239". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 وَهِيَ أخت أسماء بِنْت عُمَيْس لأمها، وأخت زينب بِنْت خُزيمة أيضًا لأمها. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ اسْمُ مَيْمُونَةَ بَرَّةَ، فَسَمَّاهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- ميمونة1. وقيل: أنها لما ماتت صلى عليها ابن عباس ودخل قبرها، وهي خالته2. ابْنُ عُلَيَّةَ: ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: أَمَّرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَسَأَلْتُ يَزِيدَ بْنَ الْأَصَمِّ عَنْ نِكَاحِ مَيْمُونَةَ، فَقَالَ: نَكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَلَالًا بِسَرِف، وَبَنَى بِهَا حَلَالًا بِسَرِف، وَمَاتَتْ بِسَرِف، فَذَاكَ قَبْرُهَا تَحْتَ السَّقِيفَةِ3. وَرَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ الْجُبْنِ فَقَالَ: "اقْطَعْ بِالسِّكِّينِ وَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ"4. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: $"الْأَخَوَاتُ الْأَرْبَعُ مَيْمُونَةُ، وَأُمُّ الْفَضْلِ، وَسَلْمَى، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، أُخْتُهُنَّ لِأُمِّهِنَّ مُؤْمِنَاتٌ"5، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: توفيت سَنَة إحدى وستين، وَهِيَ آخر من مات من أمهات المؤْمِنِينَ. وَقَالَ خَلِيفَة: توفيت سَنَة إحدى وخمسين. وقيل إِنَّهَا ماتت أيضًا بسَرِف، ووَهِم من قَالَ: إِنَّهَا ماتت سَنَة ثلاث وستين. 97- ميمونة بِنْت سَعِيد-4- أَوْ سعد. خادم النبي6 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، لها صحبة ورواية.   1 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 137"، والحاكم "4/ 30" وصححه، وأقره الذهبي. 2 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 139، 140"، والحاكم "4/ 31" وصححه، وأقره الذهبي. 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1411"، وأبو داود "1843"، والترمذي "845"، وأحمد "6/ 333"، وابن ماجه "1964". 4 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 234"، وأخرجه الطبراني كما في المجمع "5/ 43"، وأبو نعيم "8/ 291" في الحلية. 5 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 98"، والنسائي في "الكبرى"، والحاكم "4/ 33"، والطبراني "11/ 415" في الكبير. 6 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 305"، وأسد الغابة "5/ 551"، والاستيعاب "4/ 408". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 رَوَى عنها: أيوب بن خالد، وزياد بن أَبِي سَوْدة، وعُثْمَان بن أَبِي سَودة، وأَبُو يزيد الضبي، وطارق بن عَبْد الرَّحْمَنِ القرشي، وغيرهم. "حرف الهاء": 98- هشام بن عامر -م 4- الأنصاري1. لَهُ صُحْبة ورواية، نَزَلَ الْبَصْرَةَ، واستُشْهد أَبُوه يَوْم أُحُد. رَوَى عَنْهُ: سعد بن هشام، ومُعَاذة العدوية، وأَبُو قَتَادة العدوي، وأَبُو الدهماء العدوي، وحُمَيد بن هلال. 99- هنِد بن حارثه، الأسلمي2 أخو أسماء. قَالَ الْوَاقدي: قَالَ أَبُو هريرة: مَا كنت أرى أسماء وهند إِلَّا خادمين لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من طول لزومهما بابه، وخدمتهما إياه. وَقَالَ غيره: كانا من أصحاب الصّفة، ولهما أخوة. تُوُفِّيَ هند في خلافة مُعَاوِيَة. "حرف الْوَاوِ": 100- وابصة بن معبد –د ت ق- بن عتبة الأسدي، أسد خُزَيمة3. وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة تسع في عشرة من رهطه، فأسلموا ورجعوا إِلَى أرضهم، ثُمَّ نَزَلَ وابصة الجزيرة، وسكن الرقة، وله بدمشق دار. رَوَى عَن: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَن ابن مسعود، وخُرَيم بن فاتك. وعنه: زِرّ بن حُبَيْش، والشَّعْبِيُّ، وعمرو بن ناشد، وهلال بن يساف، وابنه عمر بن وابصة، وجماعة. وقبره بالرقة عند الجامع، وكنيته أبو سالم.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 26"، وأسد الغابة "5/ 64"، والاستيعاب "3/ 496". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 323"، والاستيعاب "3/ 599". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 476"، الاستيعاب "3/ 641"، أسد الغابة "5/ 76". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 "حرف الياء": 101- يزيد بن شجرة الرهاوي1. و"رها": قبيلة من مَذْحِج. رَوَى عَنْهُ: مجاهد، وله صُحبة ورواية، وَكَانَ متألهًا متوقيًا. وَرَوَى عَنْهُ أيضًا أَبُو الزاهرية، وأرسل عَنْهُ الزُهرْي. وقد رَوَى هُوَ أيضًا عَن: أَبِي عُبيدة بن الجرَاح، ونزل الشَّام. وَكَانَ مُعَاوِيَة يستعمله عَلَى الغزو، وسيره مرة يقيم للناس الحج. استشهد يزيد وأصحابه في غزو البحر، وقيل: بالروم سَنَة ثمانٍ وخمسين، وقيل: سَنَة خمسٍ وخمسين. زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ شَجَرَةَ مِمَّنْ يُذَكِّرُنَا فَيَبْكِي، وَكَانَ يُصَدِّقُ بُكَاءَهُ بِفِعْلِهِ2. وَقَالَ الأعمش، عَن مُجاهد: خَطَبَنا يزيد بن شجرة الرّهاوي، وَكَانَ مُعَاوِيَة استعمله على الجيوش. والرهاوي قيده عبد الغني بالفتح، فخطّأه ابن ماكولا. 102- يَعْلَى بن أميّة -ع- بن أَبِي عبيدة التميمي المكي3. حليف قريش، وَهُوَ يعلي بن مُنْية بِنْت غزوان، أخت عُتْبة بن غزوان. أسلم يَوْم الفتح، وشهد الطائف وتبوكًا، وَرَوَى عَن: النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَن عمر. وعنه: بنوه محمد، وصفوان، وعُثْمَان، وأخوه عَبْد الرَّحْمَنِ، وابن أخيه صفوان بن عَبْد اللَّهِ، وعكرمة، وعَبْد اللَّهِ بن بابيه، ومجاهد، وعطاء بن أَبِي رباح، وآخرون. قَالَ ابن سعد: كَانَ يعلى يفتي بمكة.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 446"، وأسد الغابة "5/ 114"، الاستيعاب "3/ 653". 2 خبر صحيح: وأخرجه الطبراني "22/ 246" في الكبير. 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 301"، الاستيعاب "3/ 661"، وأسد الغابة "5/ 128". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 وقيل: إِنَّهُ عمل لعمر عَلَى نجران، وله أخبار في السخاء. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار قَالَ: كَانَ أول من ورّخ الكتب يعلى بن أمية، وَهُوَ باليمن. قلت: كَانَ قَدْ ولى صنعاء لعُثْمَان، وَكَانَ يعلى ممن شهد مع عائشة يَوْم الجمل، وأنفق أموالًا عظيمة في ذلك الجيش، فلما هُزم النَّاس هرب يعلى، وبقي إِلَى أواخر خلافة معاوية. وقيل: قتل بصفين مع علي، والله أعلم. أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُيَيٍّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَحْرُ مِنْ جَهَنَّمَ" 1. فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُهُ، وَلَا يُصِيبُنِي مِنْهُ قَطْرَةٌ حَتَّى أُعْرَضَ عَلَى اللَّهِ. قَالَ أَبُو عاصم: حلف عَلِيّ غيبٍ، وَهُوَ ممن أعان عَلَى عَلِيّ -رضي اللَّه عَنْهُ. 103- يعلى بن مرة الثقفي –ت ن ق- بن وهْب الثقفي وَيُقَالُ: العامري2، واسم أمه سيابة. شهد الحُديبية وخيبر، وله أحاديث، وسكن الْعِرَاق. رَوَى عَنْهُ: ابناه عُثْمَان، وعَبْد اللَّهِ، وعَبْد اللَّهِ بن حفص بن أَبِي عقيل الثقفي، وراشد بن سعد، وأبو البختري. وأرسل عَنْهُ: المنْهال بن عُمَرو، ويونس بن خباب، وعطاء بن السائب. وَكَانَ فاضلًا. "الكني": 104- أبو أروى الدوسي3.   1 حديث حسن: وأخرجه أحمد "4/ 223"، والبخاري في تاريخه الكبير "1/ 70"، "8/ 414"، والبيهقي "4/ 334"، والطبري "15/ 157" في تفسيره. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 40"، والجرح والتعديل "9/ 301"، والاستيعاب "3/ 664"، وأسد الغابة "5/ 129". 3 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 341"، والاستيعاب "4/ 10"، وأسد الغابة "5/ 134". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 لَهُ صُحبة ورواية، وَكَانَ من شيعة عُثْمَان، نَزَلَ ذا الحُلَيفة. وقد رَوَى عَن أَبِي بَكْر أيضًا. وعنه: أَبُو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وأَبُو واقد صالح بن مُحَمَّد بن زيادة المدَنِيّ. فرَوَى وُهَيْب، عَن أَبِي واقد، عَنْهُ، قَالَ: كنت أصلي العصر مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أتي الشجرة قبل غروب الشمس1. 105- أَبُو أيْوب الْأَنْصَارِيّ –ع-. اسمه خَالِد بن زيد بن كُليْب بن ثعلبة بن عَبْد عوف بن غَنْم بن مالك بن النّجار، الخزرجي، النجاري، المالكي، المدَنِيّ2. شهد بدرًا والعَقَبة، وعليه نَزَلَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- لمّا قدم المدينة، فبقي في داره شهرًا حَتَّى بنيت حُجَرُه ومسجده. وَكَانَ من نُجَباء الصحابة، وَرَوَى أيضًا عَن: أُبَيّ. وعنه: مولاه أفلح، والبراء بن عازب، وسَعِيد بن المسيب، وعُرْوَة، وعطاء بن يزيد، وموسى بن طلحة، وآخرون. رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَفَدَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ، فَفَرَّغَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُ دَارَهُ وَقَالَ: لأَصْنَعَنَّ بِكَ مَا صَنَعْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمْ عَلَيْكَ مِنَ الدَّيْنِ؟ قَالَ: عشرون ألفًا، فأعطاه أربيعن أَلْفًا، وَعِشْرِينَ مَمْلُوكًا وَقَالَ: لَكَ مَا فِي الْبَيْتِ كُلُّهُ3. وشهد أَبُو أيوب الجمل وصِفين مع علِيّ، وَكَانَ من خاصته، وَكَانَ عَلَى مقدمته يَوْم النهروان، ثُمَّ إِنَّهُ غزا الروم مع يزيد بن مُعَاوِيَة ابتغاء مَا عند اللَّه، فتُوفي عند القسطنطينية، فدُفن هناك، وأمر يزيد بالخيل، فمرّت عَلَى قبره حَتَّى عَفت أثره لئلًا يُنبَش، ثُمَّ إن الروم عرفوا مكان قبره، فكانوا إذا أمحلَوْا كشفوا عَن قبره فمرطوا، وقبره تجاه سور القسطنطينية4.   1 حديث حسن: أخرجه البزار كما في المجمع "1/ 307"، والطبراني "22/ 369" في الكبير، والدولابي "1/ 16" في الكنى. 2 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 484"، والاستيعاب "2/ 424"، أسد الغابة "2/ 94". 3 حديث ضعيف: فيه انقطاع. وأخرجه الحاكم "3/ 461"، والطبراني "3877" في الكبير. 4 السير "2/ 412". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين، أَوْ في آخر سَنَة خَمْسِينَ، ووَهِم من قَالَ: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين. 106- أَبُو بَرْزَة الأسلمي –ع-. اسمه نضلة بن عُبَيْد1، صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قيل: إِنَّهُ قَتَلَ ابن خطل يَوْم الفتح، وَهُوَ تحت أستار الكعبة. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْر. وعنه: ابنه المغيرة، وحفيدته منية بِنْت عُبَيْد، وأَبُو عُثْمَان النهدي، والأزرق بن قيس، وأَبُو المنْهال سيار بن سلامة، وأَبُو الرضى عباد بن نسيب، وكنانة بن نعيم العدوي، وجماعة. سكن البصرة، وتوفي غازيًا بخُراسان. وقيل: اسمه نضلة بن عُمَرو، وقيل: ابن عائذ، وقيل: ابن عَبْد اللَّهِ، وقيل: اسمه عَبْد اللَّهِ بن نضلة، وقيل: خالد ابن نضلة. وَكَانَ مع مُعَاوِيَة بالشَّام، وقيل: شهد صِفين مع عَلِيّ -رضي اللَّه عَنْهُ. وَعَن أَبِي برزة قَالَ: كُنَّا نقول في الجاهلية: من أكل الخمير سمن، فأجْهَضْنا، القوم يَوْم خيبر عَن خبرة لهم، فجعل أحدنا يأكل في الكسْرة ثُمَّ يَمَسُّ عِطْفَةً، هَلْ سَمِن2؟ وقيل: إن أَبَا بْرزَة كَانَ يقوم الليل، وله بر ومعروف3. تُوُفِّيَ سَنَة ستين قبل مُعَاوِيَة. وَقَالَ الحاكم: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وستين، فاللَّه أعلم. "فائدة": تدل عَلَى بقاء أَبِي برزة بعد هذا الوقت: قال الأنصاري: ثَنَا عوف، حدثني أَبُو المنْهال سيار بن سلامة قَالَ: لَمَّا خرج ابن زياد، ووثب ابن مروان بالشام، وابن الزبير   1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 298"، والاستيعاب "4/ 24"، وأسد الغابة "5/ 146". 2 أخرجه ابن منيع كما في المطالب "3/ 165"، وأورده في السير "3/ 42". 3 السير "3/ 42". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 بمكة، اغتَم أَبِي فَقَالَ: انطلق معي إِلَى أَبِي بَرْزة الأسلمي، فانطلقنا إليه في داره، فإذا هُوَ قاعد في ظل، فَقَالَ لَهُ أبي: يا أَبَا بَرْزَة ألا ترى! فكان أول شيء تكلم بِهِ أنْ قَالَ: إني أحتسب عند اللَّه أني أصبحت ساخطًا عَلَى أحياء قريش1- وذكر الحديث. قَالَ ابن سعد: مات أَبُو بَرْزَة بَمْرو، ثُمَّ رَوَى ابن سعد أنْ أَبَا بَرْزَة وأبا بكرة كانا متآخيين. وَقَالَ بعضهم: رَأَيْت أَبَا برزة أبيض الرأس واللحية. 107- أَبُو بَكْرة الثقفي –ع-. اسمه نُفَيع بن الحارث بن كَلَدَة بن عمرو2. وقيل: نفيع بن مسروح. وقيل: كَانَ عَبْدًا للحارث فاستلحقه، وَهُوَ أخو زياد بن أَبِيهِ لأمه، واسمها سُمَيَة مولاة الحارث بن كَلَدَة، وقد كَانَ تدلى يَوْم الطائف من الحصن ببكرة، وأتى إِلَى بَيْنَ يدي النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأسلم، وكُني يومئذ بأبي بكْرة. وله أحاديث، رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَنِ، وعَبْد العزيز، ومسلم، وروّاد، وعَبْد اللَّهِ، وكبشة أولاده، والأحنف بن قيس، وأَبُو عُثْمَان النَّهدي، وربعي بن حراش، والحسن، وابن سيرين. وسكن الْبَصْرَةَ، فعن الْحَسَن قَالَ: لَمْ ينزل الْبَصْرَةَ أفضل مِنْهُ ومن عِمران بن حُصَيْن. وَكَانَ أَبُو بَكْرة ممن شهد عَلَى المغيرة، فحده عُمَر لعدم تكميل أربعة شهداء، وأبطل شهادته، ثُمَّ قَالَ لَهُ: تُبْ لنقبل شهادتك، فَقَالَ: لَا أشهد بَيْنَ اثنين أبدًا. وَكَانَ أَبُو بَكْرة كثير العبادة. وَكَانَ أولاده رؤساء الْبَصْرَةِ شرفًا وعلما وولاية. مُغِيرَةُ بْنُ مُقْسِمٍ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ ثَقِيفًا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يرد إليهم أَبَا بَكْرَةَ عَبْدًا، فَقَالَ: "لَا، هُوَ طَلِيقُ الله وطليق رسوله"3.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 300"، وأبو نعيم "2/ 32" في الحلية. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 15"، والاستيعاب "1530"، وأسد الغابة "5/ 38، 151". 3 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "4/ 168"، وابن سعد "7/ 15" وفيه عنعنة المغيرة، وشباك تلميذ الشعبي، وكلاهما من المدلسين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 يزيد بن هارون: أنبأ عُيَيْنة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أخبرني أَبِي، أَنَّهُ رأي أَبَا بَكْرَة عَلَيْهِ مِطْرفُ خَز سُدَاهُ حرير. قَالَ خَلِيفَة: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين، وَقَالَ غيره: سَنَة إحدى وخمسين. 108- أَبُو بَصْرة الغفَاري –م د ن-. اسمه حُمَيْلُ بن بَصْرة1، لَهُ صُحْبة ورواية، وروى عن أبي ذر أيضًا. وعن أَبُو هُرَيْرَةَ -وَهُوَ من طبقته، وأَبُو تميم الجيشاني، وعبد الرحمن بن شماسة، وأَبُو الخير مَرْثد اليزَني، وأَبُو الهيثم سُلَيْمَان بن عُمَرو العُتْواري. وشهد فَتَحَ مصر، وسكنها، وبها تُوُفِّيَ. 109- أَبُو جهم بن حُذَيفة بن غانم الْقُرَشِيّ العدوي2. اسمه عُبَيْد، أسلم في الفتح، وابتنى دارًا بالمدينة، وَهُوَ صاحب الأنبجانية. تُوُفِّيَ في آخر خلافة مُعَاوِيَة. وَيُقَالُ: اسمه عامر، أسلم يَوْم الفتح، وشهد اليرموك، وحضر يَوْم الحَكَمين بدُوَمة الجندل، واستعمله النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الصدقة، وَكَانَ من مشيخة قريش ونَسابهم. والأصح أَنَّهُ بقي بَعْدَ مُعَاوِيَة. فسيُعاد. 110- أَبُو جهم بن الحارث –ع- بن الصمّة الْأَنْصَارِيّ3. ابن أخت أَبِي بن كعب، لَهُ صحبة ورواية. وعنه: بسر بن سَعِيد، وعُمَير مولى ابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّهِ بن يَسَار مولى ميمونة. تُوُفِّيَ في أواخر زمن معاوية. 11- أم حبيبة –ع- رملة بِنْت أَبِي سُفْيَان4، قَدْ تقدمت سَنَة أربع وأربعين.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 50"، والاستيعاب "1/ 405"، أسد الغابة "2/ 55". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 451"، والاستيعاب "4/ 32"، وأسد الغابة "5/ 451". 3 انظر: الاستيعاب "4/ 36"، وأسد الغابة "5/ 163"، والإصابة "4/ 36". 4 سبق الترجمة لها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 وَقَالَ أَحْمَد بن أَبِي خيثمة: تُوفيت قبل أخيها مُعَاوِيَة بعام. 112- أَبُو حُمَيْد الساعدي –ع- الْأَنْصَارِيّ1 المدَنِيّ، اسمه عَبْد الرَّحْمَنِ، وقيل: المنذر بن سعد. من فقهاء الصحابة. رَوَى عَنْهُ: جَابِر بن عَبْد اللَّهِ، وعُرْوة بن الزُبير، وعمرو بن سُلَيم الزرقي، وعباس بن سهل بن سعد، وخارجة بن زيد، ومحمد بن عمرو بن عطاء. تُوُفِّيَ سَنَة ستين، وقيل: تُوُفِّيَ قبلها بقليل. 113- أَبُو زيد عمرو بن أخطب الْأَنْصَارِيّ2 –م 4-. جد عُرْوة بن ثابت، قَالَ: مسح رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رأسي ودعا لي3. وَيُقَالُ: أَنَّهُ عاش مائة وعشرين سَنَة. رَوَى عَنْهُ: علباء بن أحمر، والحسن الْبَصْرِيُّ. وقيل: لَهُ أنصاري تجوزًا؛ لأنه من غير ذرية الأوس والخزرج، بل من ولد أخيهما عدي. وأَبُوهم هُوَ حارثه بن ثعلبة. 114- أم شريك4 –سوى د-. هِيَ التي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مختلفٌ في اسمها ونسبها، ولها أحاديث. رَوَى عَنْهَا: جَابِر بْنِ عَبْد اللَّهِ، وسَعِيد بْنِ الْمُسَيِّبِ، وعُرْوة، وشهر بن حَوْشَب، وغيرهم. وَهِيَ من بني عامر بن لؤي، وفي ذلك اضطراب.   1 انظر: الاستيعاب "4/ 24"، وأسد الغابة "5/ 174"، والجرح والتعديل "5/ 237". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 28"، والاستيعاب "4/ 77"، وأسد الغابة "5/ 204". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "5/ 77، 340، 341"، والترمذي "3629"، وابن حبان "2273"، "2274". 4 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 154"، والاستيعاب "4/ 464"، وأسد الغابة "5/ 595". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 115- أَبُو ضُبيس الجُهني1. كَانَ يلزم البادية، وبايع تحت الشجرة، وشهد الفتح. تُوُفِّيَ في آخر خلافة مُعَاوِيَة. قَالَه ابن سعد. 116- أَبُو عياش الزرقي2. قيل: عُبَيْد بن الصامت، وقيل: عُبَيْد بن مُعَاوِيَة، الْأَنْصَارِيّ الخزرجي، وَهُوَ والد النعمان بن أَبِي عياش. رَوَى عَنْهُ: مجاهد، وأَبُو صالح السمان، وقبلهما أنس بن مالك. وَهُوَ فارس "حلَوة"، وحلَوة فَرس كانت لَهُ، لَهُ غزوات مع النبي -صلى الله عليه وسلم. وتوفي في زمن مُعَاوِيَة بَعْدَ الخمسين، وقيل: قبلها. 117- أَبُو قَتَادة الْأَنْصَارِيّ3 السلمي، -ع- فارس النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اسمه عَلَى الصحيح الحارث بن ربعي، وقيل: النعمان، وقيل: عمرو، شهد أُحُدًا وَمَا بَعْدَها، وَكَانَ من فضلاء الصحابة. رَوَى عَنْهُ: أنس، وسَعِيد بن المسيب، وعطاء بن يَسَار، وعَبْد اللَّهِ بن رباح الْأَنْصَارِيّ، وعلي بن رباح، وعَبْد اللَّهِ بن معَبْد الزماني، وعمرو بن سليم الزرقي، وأَبُو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وابنه عَبْد اللَّهِ بن أَبِي قتادة، ونافع مولاه، وآخرون. وَقَالَ الْوَاقدي: اسم أَبِي قتادة النعمان. وَقَالَ الهيثم بن عدي: عُمَر. وَقَالَ ابن مَعِين وَالْبُخَارِيُّ وغيرهما: الحارث بن ربعي. وَفِي حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي مَسِيرِهِمْ إِعْوَازَهُمُ الْمَاءُ، وأن النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَعَسَ، فَدَعَمْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نبيه"4.   1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 348"، وأسد الغابة "5/ 231"، الإصابة "4/ 111". 2 انظر: الاستيعاب "4/ 130"، أسد الغابة "5/ 266"، والإصابة "4/ 142". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 15"، والاستيعاب "4/ 1731"، وأسد الغابة "6/ 250". 4 حديث صحيح: أخرجه مسلم "861"، وأحمد "5/ 302"، والطبراني "3271" في الكبير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ: إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَتَلَ مَسْعَدَةَ رَأْسَ الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"خَيْرُ فُرْسَانِنَا أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ"1. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين، وقيل: سَنَة اثنتين وخمسين، وشهد مع علِيّ مشاهده كلها. 118- أم قيس بِنْت مِحْصَن -ع-. أخت عُكَاشة2، من المهاجرات الأُوَلِ، -رضي اللَّه عَنْهَا. رَوَى عَنْهَا: مولاها عدي بن دينار، ووابصة بن مَعَبْد، وعبيد اللَّه بن عَبْد اللَّهِ بن عُتْبة، وعَمْرة، ونافع موليا حمنة، وغيرهم. تأخرت وفاتها. 119- أم كُرْز الكعبية –ع- الخُزَاعية المكْيَة3. لها صُحْبة ورواية. رَوَى عَنْهَا: سماع بن ثابت، وطاووس، وعرْوة، ومجاهد، وعطاء بن أَبِي رباح. وتأخرت وفاتها. 120- أبو لبابة لقرشي –خ م د ق- بن عَبْد المنذر الْأَنْصَارِيّ المدَنِيّ4. قَدْ ذكرنا في خلافة عُثْمَان أيضًا لَهُ ترجمة، وإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ هنا لرواية سالم بن عُبَيْد اللَّه، ونافع، وعبيد اللَّه بن أَبِي يزيد، عَنْهُ. 121- أَبُو محذورة –م 4- لمؤذن الجمحي المكي المؤذن5.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1807"، وأحمد "4/ 52، 53"، والطبراني "3270" في الكبير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 242"، والاستيعاب "4/ 485"، وأسد الغابة "5/ 609". 3 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 294"، والاستيعاب "4/ 493"، وأسد الغابة "5/ 611". 4 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 456"، والاستيعاب "4/ 168"، وأسد الغابة "5/ 248". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 450"، والاستيعاب "4/ 177"، وأسد الغابة "5/ 292". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 له صحبة ورواية، اختلفوا في اسمه ونسبه، وَهُوَ أوس بن معير عَلَى الصحيح، وَهُوَ من مسلمة الفتح. روى عنه: ابنه عبد الملك، وزوجته، والأسود بن يزيد، وابن أَبِي مُلَيْكة، وعَبْد اللَّهِ بن مُحَيْريز الجُمَحي، وغيرهم. وَكَانَ من أحسن النَّاس وأنداهم صوتًا. قاله الزبير بن بكار، قَالَ: وأنشدني عمي لبعضهم: أما وربُ الكعبةِ المستورهْ ... وَمَا تلا محمدٌ من سوره والنغمات من أَبِي محذُورَهْ ... لأفعلنَّ فِعلةً مذكُورَهْ تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين، وَكَانَ مؤذن المسجد الحرام، علمه النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأذان. 122- أَبُو مَسْعُود الْأَنْصَارِيّ1. مر سَنَة أَرْبَعِينَ، وَقَالَ الواقدي: مات في آخر خلافة معاوية بالمدينة. 123- أم هانئ –ع-. بِنْت أَبِي طَالِب الهاشمية، اسمها فاختة، وقيل: هند2. أَسْلَمَتْ عَامَ الْفَتْحِ، وَصَلَّى ابْنُ عَمِّهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِهَا يَوْمَ الْفَتْحِ صَلَاةَ الضُّحَى، وَقَالَ لَهَا "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ" 3، وَكَانَتْ قَدْ أَجَارَتْ رَجُلًا. رَوَى عَنْهَا: حفيدها يحيي بن جعدة، ومولاها أَبُو صالح باذام، وكُرَيْب مولى ابن عَبَّاس، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي ليلى، وعُرْوة، ومجاهد، وعطاء، وآخرون. لها عدة أحاديث، وتأخر موتها إلى بعد الخمسين، وكانت تحت هبيرة بن عمرو بن عائذ المخزومي، فهرب يَوْم الفتح إِلَى نجران، وولدت لَهُ: عمرو بن هُبيرة وهانئًا، ويوسف، وجعدة.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 16"، والاستيعاب "3/ 105"، وأسد الغابة "5/ 296". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 47"، والاستيعاب "4/ 503"، وأسد الغابة "5/ 624". 3 حديث صحيح: أخرجه مالك "1/ 152" في الموطأ، والبخاري "6/ 195، 196"، ومسلم "336". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 قَالَ ابن إِسْحَاق: لَمَّا بلغ هُبيرة إسلام أم هانئ قَالَ أبياتًا منها: وعاذلةٍ هبّتْ بلَيْلٍ تلَوْمُني ... وتعذلني بالليل ضَلَّ ضَلالها وتزْعُمُ أني إنْ أطعتُ عشيرتي ... سَأرْدَى وهل يُردِيني إِلَّا زوالُها فإنْ كنتِ قَدْ تابعتِ دِينَ مُحَمَّد ... وقطعتِ الأرحَامَ منك حبالُها فكُوني عَلَى أعلى سحيق بهضبة ... ململمة غبراء يبس اختلفوا بِلالُها 124- أَبُو هُريرة الدوْسي -رضي اللَّه عَنْهُ -ع- ودَوْس قبيلة من الأزد، اختلفوا في اسمه، واسمه عَبْد شمس1. وَقَالَ كناني أَبِي بأبي هُرَيْرَةَ؛ لأني كنت أرعى غنمًا فوجدت أولاد هِرّ وحشي، فأخذتهم، فلما رآهم أخبرته، فَقَالَ: أنت أَبُو هِرّ. قَالَ: وَكَانَ اسمي في الجاهلية عَبْد شمس. وَقَالَ المحرر بن أَبِي هُرَيْرَةَ: اسم أَبِي: عُمَرو بن عَبْد غَنْم. وساق ابن خُزَيْمة من حديث مُحَمَّد بن عُمَرو بن أَبِي سلمة، عَن أَبِي هريرة عبد شمس، وقال: هَذِهِ دلالة واضحة أن اسمه كَانَ عَبْد شمس، فإِنَّهُ إسناد متصل، وَهُوَ أحسن إسنادًا من سُفْيَان بن حسين، عَن الزّهري، عَن المحرر، اللَّهم إِلَّا أن يكون كَانَ لَهُ اسمان قبل الإسلام2. وَقَالَ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: اسمه عَبْد شمس، وَيُقَالُ: عَبْد غَنْم، وَيُقَالُ: سكين. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: اسمه عَبْد شمس، وَيُقَالُ: عَبْد غَنْم، وَيُقَالُ: عامر، قَالَ: وسُمي في الْإِسْلَام عَبْد اللَّهِ، وَيُقَالُ: عَبْد الرَّحْمَنِ. وقد استوعب الحافظ ابن عساكر أكثر مَا ورد في اسمه. وَكَانَ أحد الحُفْاظ المعدودين في الصحابة. رَوَى عَنْهُ: ابن عَبَّاس، وأنس، وجابر، وسَعِيد بن المسيب، وعلي بن الْحُسَيْن، وعُرْوة، والقاسم، وسالم، وعُبَيد اللَّه بن عَبْد اللَّهِ، والأعرج، وهمام بن منبه، وابن   1 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 362"، وأسد الغابة "5/ 315"، والاستيعاب "4/ 202". 2 السير "2/ 587". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 سِيرين، وحُمَيد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الزّهري، وحُمَيْد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الحِمْيَري، وأَبُو صالح السمان، وزُرارة بن أوفي، وسَعِيد بن أَبِي سَعِيد المَقْبُرِيّ، وأَبُوه، وسَعِيد بن مرجانة، وشهر بن حَوْشب، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعطاء بن أَبِي رباح، وخلق كثير. قدِم من أَرْضِ دَوْسٍ مسلما هُوَ وأمه وقت فَتَحَ خَيْبَر. قَالَ البخاري: روى عنه ثمانمائة رَجُلٌ أَوْ أكثر. قلت: يُرْوَى لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وسبعين حديثًا، في الصحيحين، منها ثلاثمائة وخمسة وعشرون حديثًا، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين، ومسلم بمائة وتسعين. وبَلغنا أَنَّهُ كَانَ رجلًا آدم، بعيد مَا بَيْنَ المنكبين، ذا ضفيرتين، أفرق الثنيتين، يَخضِب شيبته بالحُمْرة، وَلَمَّا أسلم كَانَ فقيرًا من أصحاب الصفة، ذاق جُوعًا وفاقة، ثُمَّ استعمله عُمَر وغيره، وولي إمرة المدينة في زمن مُعَاوِيَة، فمر في السوق يحمل حزمة حطب، وَهُوَ يقول: أوسِعوا الطريق للأمير1. وَقَالَ أسامة بن زيد، عَن عَبْد اللَّهِ بن رافع: قلت لأبي هُرَيْرَةَ: لَم اكتنيتَ بأبي هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: أما تَفْرُق مني! قلت: بلى واللَّه إني لأهابُك، قَالَ: كنت أرعى غنم أَهْلِي، وكانت لي هُريرة صغيرة، فكنت أضعها في شجرة بالليل، فإذا كَانَ النهار ذهبتُ بِهَا معي، فلُقبت بِهَا، وَكَانَ من أصحاب الصفة2. أَخْرَجَهُ الترمذي. وَقَالَ المقْبُري، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قلت: يَا رسول الله، أسمع منك أشياء فلا احفظها، فَقَالَ: $"أبسط رداءك"3، فبسطته، فحدث حديثًا كثيرًا، فما نسيت شيئًا حدثني بِهِ. وَقَالَ الْوَليد بن عَبْد الرَّحْمَنِ عَن ابن عُمَر أَنَّهُ قَالَ لأبي هُرَيْرَةَ: أنت كنتَ ألزمنا لرَسُول اللَّهِ واحفظنا لحديثه4. وَقَالَ الْأَعْرَجُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي أُكْثِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ   1 خبرٌ صحيحٌ: أخرجه أبو نعيم "1/ 384" في الحلية، وأورده المصنف في السير "2/ 614". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 329" في طبقاته، والترمذي "3840". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 38"، والترمذي "3923". 4 خبر صحيح: أخرجه الترمذي "3925"، وأحمد "2/ 3". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ الْمُوعِدُ، كُنْتُ رَجُلًا مِسْكِينًا أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفَقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا: "مَن بَسَطَ ثَوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي" 1، فَبَسَطْتُ ثَوْبِي، حَتَّى قَضَى حَدِيثَهُ، ضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ بَعْدُ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَا تُكْنُونِي أَبَا هُرَيْرَةَ، كَنَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبَا هِرٍّ، قَالَ لِي: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَبَا هِرٍّ"، وَالذَّكَرُ خَيْرٌ مِنَ الْأُنْثَى2. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ: شهدت خيبر مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ قيس بن أَبِي حازم عَنْهُ: جئت يَوْم خيبر بَعْدَما فرغوا من القتال. وَقَالَ ابن سيرين، عَنْهُ: لقد رأيتني أصرع بين القبر والمنبر من الجوع، حَتَّى يقول النَّاس: مجنون. وتمخط مرة فقال: الحمد لله الَّذِي تمخط أَبُو هُرَيْرَةَ في الكتان، لقد رأيتني وإني لأخر من الجوع، فيجلس الرجل عَلَى صدري، فأرفع رأسي، فأقول: ليس الَّذِي ترى، إِنَّمَا هُوَ الجوع3. وَقَالَ أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مُؤْمِنًا يَسْمَعُ بِي إِلَّا أَحَبَّنِي، قلت: وما علمك بذاك؟ قَالَ: إِنَّ أُمِّيَ كَانَتْ مُشْرِكَةً، وَكُنْتُ أَدْعُوهَا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ تَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا، فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُهُ أَبْكِي، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ"، فَخَرَجْتُ أَعْدُو أُبَشِّرُهَا، فَأَتَيْتُ فَإِذَا الْبَابُ مُجَافٌ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، وَسَمِعَتْ حِسِّي فَقَالَتْ: كَمَا أَنْتَ، ثُمَّ فَتَحَتْ، وَقَدْ لَبِسَتْ دِرْعَهَا، وَعَجَّلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُحَبِّبَنِي وَأُمِّيَ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْهُمْ إِلَيْهِمَا" 4. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَظُنُّهُ فِي مُسْلِمٍ.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 190"، "13/ 271"، ومسلم "2294". 2 حديث منكر: أورده المصنف "2/ 587" في السير، وفيه أبو معشر، وهو من الضعفاء. 3 الحلية "1/ 378"، السير "2/ 590". 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 219، 220"، ومسلم "2491". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 أَيوب، عَن مُحَمَّد قَالَ: تمخط أَبُو هُرَيْرَةَ وعليه ثوب من كتان ممشق، فتمخط فِيهِ، وَقَالَ: بخٍ بخٍ، يتمخط أَبُو هُرَيْرَةَ في الكتان، لقد رأيتني أخِر فيما بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحجرة عائشة، يجيء الجائي يظن بي جنونًا1، شُعْبة، عَن مُحَمَّد بن زياد قَالَ: رَأَيْت عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ كساء خزّ. وَقَالَ قتادة وغير واحد: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يلبس الخزّ. قيس بن الربيع، عَن أَبِي حُصين، عَن خَبْاب بن عُرْوة قَالَ: رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ عِمامة سوداء. إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: هَاجَرْتُ، فَأَبَقَ مِنِّي غُلَامٌ فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَايَعْتُهُ، وَجَاءَ الْغُلَامُ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلَامُكَ"، قُلْتُ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَعْتَقْتُهُ2. عَفَّانُ: ثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: نَشَأْتُ يَتِيمًا، وَهَاجَرْتُ مِسْكِينًا، وَكُنْتُ أَجِيرًا لِبُسْرَةَ بِنْتِ غَزَوَانَ، بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةَ رِجْلِي، وَكُنْتُ أَخْدِمُ إِذَا نزلوا، وأحذوا إِذَا رَكِبُوا، فَزَوَّجَنِيهَا اللَّهُ، فَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَعَلَ الدِّينَ قِوَامًا، وَجَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمَامًا3. ابن سيرين، عن أبي هريرة، أكريت نفسي من ابْنَة غزوان بطعام بطني وعُقْبة رِجلي، فقالت لي: لتردن حافيًا، ولتركبن قائمًا، ثُمَّ زوجنيها اللَّه بَعْدَ. وقد دعا لِنَفْسِهِ، وأمن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى دعائه4. فَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ صَدْرَانَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ، بَيْنَمَا أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَفُلَانٌ ذَاتَ يَوْمٍ فِي الْمَسْجِدِ نَدْعُو وَنَذْكُرُ رَبَّنَا، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا فَسَكَتْنَا، فَقَالَ: "عُودُوا لِلَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ"، فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبِي، فَأَمَّنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى دُعَائِنَا، ثُمَّ دَعَا أبو هريرة   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "13/ 258"، والترمذي "2367"، وابن سعد "4/ 327". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 117"، وأحمد "2/ 286"، وابن سعد "4/ 325" في طبقاته. 3 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم "1/ 379" في الحلية. 4 الحلية "1/ 380". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ صَاحِبِي، وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لَا يُنْسَى، فَقَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آمِينَ"، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْنُ نَسْأَلُكَ كَذَلِكَ، فَقَالَ: "سَبقَكُمَا بِهَا الْغُلَامُ الدَّوْسِيُّ" 1. قَالَ الطبراني: لَا يُرْوَى إِلَّا بِهَذَا الإسناد. وَقَالَ أَبُو نَضْرة العَبْدي، عَن الطفاوي قَالَ: قرأت عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ بالمدينة ستة أشهر، فلم أر مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلًا أشد تشميرًا وَلَا أقَوم عَلَى ضيفٍ مِنْهُ، فَدَخَلَت عَلَيْهِ ذات يَوْم ومعه كيس فِيهِ نوى أَوْ حصى يسبح بِهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ هَذَا الْيَمَانِيَّ -يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ- لَهُوَ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْكُمْ، مِنْهُ أَشْيَاءُ لَا نَسْمَعُهَا مِنْكُمْ، أَمْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ؟ قَالَ: أَمَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ نَسْمَعْ فَلا أَشُكُّ، كُنَّا أَهْلَ بُيُوتَاتٍ وَعَمَلٍ وَغَنَمٍ، فَنَأْتِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَكَانَ مِسْكِينًا لا مَالَ لَهُ، ضَيْفًا عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَدُهُ مَعَ يَدِهِ، وَلا أَجِدُ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ، يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ2. وَقَالَ محمد بن سعد: ثنا محمد بن عمر: ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وجابر يفتون بالمدينة، ويحدثون عَن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لدن توفي عُثْمَان إِلَى أن تُوفُوا، وهؤلاء الخمسة، إليهم صارت الفتوى. وَقَالَ أَبُو سعد السمعاني: سمعت أَبَا القاسم المعمر المبارك بن أَحْمَد الأرحبي يقول: سمعت أَبَا القاسم يوسف بن عَلِيّ الزنجاني الفقيه: سمعت أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَلِيّ الزنجاني الفقيه: سمعتُ أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الفيروزاباذي، سمعت أَبَا الطيب الطبري يقول: كُنَّا في حلقة النظر بجامع المنصور، فجاء شاب خُرَاساني، فسأل عَن مسألة المصَراة3، فطالب بالدليل، فاحتج   1 حديث حسن: أخرجه النسائي في "الكبرى"، والحاكم "3/ 508". 2 حديث حسن: إن سلم من عنعنة ابن إسحاق، وأخرجه الترمذي "3926"، والحاكم "3/ 511، 512" وأقره الذهبي. 3 المصراة: هي الناقة أو البقرة أو الشاة يحبس بها اللبن عدة أيام، وذلك لكي يدلس على المشتري. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 المستدل بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ الْوَارد فِيهَا، فَقَالَ الشاب - وكان حنيفًا: أَبُو هُرَيْرَةَ غير مقبول الحديث، فما استتمٌ كلامه حَتَّى سقطت عَلَيْهِ حيّة عظيمة من سقف الجامع، فوثب النَّاس من أجلها، وهرب الشابَ وَهِيَ تتبعه، فقيل لَهُ: تُب تُب، فغابت الحيّة، فلم يُر لها أثر1. الزنجاني ممن برع في الفقه على أبي إسحاق، توفي سنة خمسمائة. وَقَالَ حَمَدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ فَرُّوخٍ الْحَرِيرِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَالَ: تَضَيَّفَ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلاثًا، يُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا هَذَا وَيُصَلِّي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تَصُومُ؟ قَالَ: أَصُومُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثَلاثًا2. قَالَ الداني: عرض أَبُو هُرَيْرَةَ القرآن عَلَى أُبَيّ بن كعب قرأ عَلَيْهِ من التابعين: عَبْد الرَّحْمَنِ بن هرمز. وَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ مِهْرَانَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَحْكِي لَنَا قِرَاءَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] يَحْزنُهَا شَبَهُ الرِّثَاءِ. وَرَوَى عُمَر بن أَبِي زائدة، عَن أَبِي خَالِد الْوَالبي، أَنَّهُ كَانَ إذا قرأ بالليل خَفَضَ طَوْرًا ورفع طورًا، وذكر أنَّهَا قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. قُلْتُ: وكان أبو هريرة ممن يجهر "ببسم اللَّه" في الصلاة. وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْمَقْبُرِيِّ: مَرَّ أَبُو هُرَيْرَةَ بِقَوْمٍ، بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعُوهُ أَنْ يَأْكُلَ فَأَبَى وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ. وَعَن شراحبيل أن أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يصوم الخميس والاثنين. وَقَالَ خَالِد الحذاء عَن عكرمة: إنّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يسبِّح كل يَوْم اثني عشر ألف تسبيحة، ويقول: أسبح بقدر ذنبي4.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 309"، ومسلم "1515". 2 الحلية "1/ 382". 3 حديث ضعيف: إسناده معضل. 4 خبر صحيح: وأورده المصنف "2/ 610". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طُلَيْحَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: كَيْفَ وَجَدْتَ الإِمَارَةَ؟ قَالَ: بَعَثْتَنِي وَأَنَا كَارِهٌ، وَنَزَعْتَنِي وَقَدْ أَحْبَبْتُهَا، وَأَتَاهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ قَالَ: أَظَلَمْتَ أَحَدًا؟ قَالَ: لا، قال: فما جئت به لنفسك؟ قَالَ: عِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَهَا؟ قَالَ: كُنْتُ أَتَّجِرُ، قَالَ: انْظُرْ رَأْسَ مَالِكَ وَرَزْقَكَ فَخُذْهُ، وَاجْعَلِ الآخَرَ فِي بَيْتِ الْمَالِ1. وَقَالَ مُحَمَّد بن سيرين: استعمل عُمَر أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فَقَالَ لَهُ عُمَر: استأثرت بهَذِهِ الأموال يَا عدو اللَّه وعدو كتابه، قَالَ: لست بَعْدَوّ اللَّه وَلَا عدوّ كتابه، ولكني عدوّ مَن عاداهما، قَالَ: فمن أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ: خيل نتجت لي وغلة رقيق، وأعطية تتابعت عَلِيّ، فنظروا فوجدوه كما قَالَ. ثُمَّ بَعْدَ ذلك دعاه عُمَر ليستعمله فأبى2. وَرَوَى مَعْمَر، عَن مُحَمَّد بن زياد قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَة يبعث أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى المدينة، فإذا غضب عَلَيْهِ بَعَثَ مروان وعزل أَبَا هُرَيْرَةَ، فلم يلبث أن نزِع مروان وبعث أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لغلام أسود: قف عَلَى الباب، فلا تمنع أحدًا إِلَّا مروان، ففعل الغلام، وَدَخَلَ النَّاس، ومنع مراون، ثُمَّ جاء نوبة فَدَخَلَ وَقَالَ: حجبنا منك، فقال: إن أحقّ من لَا يُنكر هَذَا لأنت. قلت: كأَنَّهُ بدا مِنْهُ نَحْوَ هَذَا في حقّ أَبِي هُرَيْرَةَ3. وَقَالَ ثابت البُناني، عَن أَبِي رافع قَالَ: كَانَ مروان ربما استخلف أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى المدينة، فيركب حمارًا ببردعة، وخطامه ليف، فيسير فيلقي الرجل فيقول: الطريق، قَدْ جاء الأمير. وربما أتى الصبيانَ وهم يلعبون بالليل لُعْبة الأعراب، فلا يشعرون بشيء حَتَّى يلقي نَفْسَهُ بينهم، ويضرب برجليه، فيفزع الصبيان ويفرّون4. وَعَن ثعلبة بن أَبِي مالك قَالَ: أقبل أَبُو هُرَيْرَةَ في السوق يحمل حزمة حطب،   1 إسناده منقطع: أخرجه ابن سعد "4/ 335، 336" في الطبقات. 2 الطبقات الكبرى "4/ 335". 3 خبر حسن. 4 انظر السابق: وأورده ابن كثير "8/ 113" في البداية والنهاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 وهو يومئذ خلفة لمروان، فَقَالَ: أوسِع الطريقَ للأمير1. وَقَالَ سَعِيد المقْبُري: دَخَلَ مروان عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ في شكواه فَقَالَ: شفاك اللَّه يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: اللَّهمَّ إني أحب لقاءك فأحبّ لقائي قَالَ: فما بلغ مروان القطانين حَتَّى مات2. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ لَا تُدْرِكَنِي3 سَنَةَ سِتِّينَ، فَتُوفِّيَ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ. قَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَنَة تسع وخمسين، وله ثمان وسبعون سَنَة. وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ في رمضان سَنَة ثمان وخمسين. وَقَالَ هشام بن عُرْوة: مات أَبُو هُرَيْرَةَ وعائشة سَنَة سبع وخمسين، تابعه المدائني، وعلي بن المديني، وغيرهما. وَقَالَ أبو معشر، وحمزة، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن مغراء، والهيثم بن عديّ ويحيى بن بكير: تُوُفِّيَ سَنَة ثمان وخمسين. وَقَالَ الْوَاقدي، وقبله مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وبَعْدَه أَبُو عُبيد، وأَبُو عُمَر الضرير، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ بن نُمَير: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين. وقيل: صَلَّى عَلَيْهِ الْوَليد بن عُتْبة بالمدينة، ثُمَّ كتب إِلَى مُعَاوِيَة بوفاته، فكتب إلي الْوَليد: ادفع إِلَى ورثته عشرة آلاف درهم، وأحسِنْ جوارهم، فإِنَّهُ كَانَ مِمن ينصر عُثْمَان، وَكَانَ معه في الدار4. وقيل: كَانَ الذين تولَوْا حمل سريره ولد عُثْمَان5. 125- أَبُو اليسر السلمي –م 4-. من أعيان الأنصار، اسمه كعب بن عمرو6، وشهد العقبة وله عشرون سَنَة، وَهُوَ الذي أسر ابن العباس يوم بدر.   1 سبق تخريجه. 2 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "4/ 339". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة كما في الفتح "13/ 8"، وأورده الذهبي "2/ 626" في السير. 4 السير "2/ 627". 5 الطبقات الكبرى "4/ 340". 6 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 581"، والاستيعاب "4/ 219"، وأسد الغابة "5/ 323". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 رَوَى عَنْهُ: صيفيّ مولى أَبِي أيّوب الْأَنْصَارِيّ، وعْبادة بن الْوَليد الصامتي، وموسى بن طلحة بن عُبيد اللَّه، وحنظلة بن قيس الزّرقي، وغيرهم. وَكَانَ دحداحًا قصيرًا، ذا بطن، وَهُوَ الَّذِي انتزع راية المشركين يَوْم بدر، وقد شهد صِفّين مع عَلِيّ1. وتوفي بالمدينة سَنَة خمسة وخمسين، وَقَالَ بعضهم: وهو آخر من مات من البدريين. آخر هذه الطبقة، والحمد لله وحده دائمًا.   1 انظر المعجم الكبير "19/ 164" للطبراني. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 تراجم أهل هذه الطبقة مرتبين على الأحرف ... الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 الفهرس العام للكتاب الموضوع رقم الصفحة -الطبقة الخامسة- "حوادث سنة إحدى وأربعين" عام الجماعة. 3 مصالحة الحسن ومعاوية. 3 الحسن يبايع معاوية. 3 أهل الكوفة ومبايعتهم للحسن. 3 الغوغاء ينتهبون سرادق الحسن. 4 معاوية يطلق للحسن المال. 4 خروج ابن أبي الحوساء على معاوية. 4 مقتل عُبادة بن قرط. 5 عبد الله بن عامر يتولى البصرة. 5 مروان بن الحكم يتولى المدينة. 5 عتبة يحج بالناس. 5 عقبة بن نافع يغزو إفريقية. 5 المتوفون في هذه السنة. "حوادث سنة اثنتين وأربعين". 5 المتوفون في هذه السنة. 5 فتح زرنج وكور الأهواز. 5 راشد بن عمرو يتوغل في السند. "حوادث سنة ثلاث وأربعين". 6 المتوفون في هذه السنة. 6 مروان يقيم الحج. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 6 فتح الرخج وبلاد سجستان. 6 عقبة يفتح بلاد السودان وبرقة. 6 بُسر يشتي بأرض الروم. "حوادث سنة أربع وأربعين". 6 المتوفون هذه السنة. 6 المهلب يغزو الهند. 6 أسماء السبي من كابل. 6 معاوية يستلحق زياد. 6 معاوية يحج بالناس. "حوادث سنة خمس وأربعين". 7 المتوفون هذه السنة. 7 عزل ابن عامر عن البصرة. 7 مقتل سهم بن غالب. 7 معاوية بن حديج يغزو إفريقية. 7 ابن سوار يفتح القيقان. "حوادث سنة ست وأربعين". 7 المتوفون هذه السنة. 7 عزل ابن سمرة عن سجستان. 7 الربيع الحارثي يتولى سجستان. 7 الربيع بن زياد يهزم كابل شاه. 7 المسلمون يشتون بأرض الروم. "حوادث سنة سبع وأربعين". 7 ابن سوار يغزو القيقان. 7 استشهاد ابن سوار. 7 المشركون يغلبون على القيقان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 8 رويفع بن ثابت يدخل إفريقية. 8 عنبسة يقيم الموسم. 8 عزل عقبة بن عامر عن مصر. 8 مالك بن هبير يشتي بأرض الروم. 8 المتوفون هذه السنة. "حوادث سنة ثمان وأربعين". 8 ولاية سعيد بن العاص على المدينة. 8 توجيه سنان بن سلمة إلى الهند. 8 مقتل عبد الله بن عياش بالهند. 8 المتوفون في هذه السنة. "حوادث سنة تسع وأربعين". 8 المتوفون هذه السنة. 8 زياد يقتل الخطيم بالبصرة. 8 مقتل شبيب بن بجرة بأذربيجان. 8 المسلمون يشتون بأرض الروم. 8 سعيد بن العاص يقيم الحج. "حوادث سنة خمسين". 9 المتوفون هذه السنة. 9 البصرة والكوفة بإمرة زياد. 9 عزل الربيع عن سجستان. 9 عقبة يخط القيروان. 9 خطبة عقبة في القيروان. 9 الربيع الحارثي يغزو بلخ. 9 الربيع يغزو قُهستان. 9 معاوية بن حديج يفتح بالمغرب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 9 عبد الملك بن مروان يمد ابن حديج. 9 غزوة القسطنطينية. 10 الصوائف والشواتي أيام معاوية. 10 يزيد يقاتل أهل القسطنطينية. 10 مبايعة أهل الشام بولاية العهد ليزيد. 10 سنان بن سلمة يغزو القيقان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 تراجم أَهْل هَذِهِ الطبقة "حرف الألف". 10 1- الأرقم بن أبي الأرقم. 10 2- الأسود بن سريع. 11 3- أمامة بنت أبي العاص. 11 4- أهبان بن أوس. 11 5- أهبان بن صيفي. "حرف الجيم". 11 6- جارية بن قدامة. 12 7- جبلة بن الأيهم. 12 8- جبلة بن عمرو. 13 9- جندب بن كعب. 13 10- جعفر بن أبي سفيان. "حرف الحاء". 13 11- حارثة بن النعمان. 13 12- الحارث بن قيس. 14 13- حبيب بن مسلمة. 14 14- حُجر بن يزيد. 15 15- الحسن بن علي. 21 16- الحكم بن عمرو. 22 17- حفصة أم المؤمنين. 23 18- حنظلة بن الربيع. "حرف الخاء". 23 19- خُريم بن فاتك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 "حرف الدال". 24 20- دحية بن خليفة. "حرف الراء". 25 21- رُكانة بن عبد يزيد. 25 22- رُويفع بن ثابت الأنصاري. "حرف الزاي". 26 23- زياد بن لبيد. 26 24- زيد بن ثابت. 30 25- زيد بن عمر بن الخطاب. "حرف السين". 30 26- سالم بن عمير. 30 27- سفيان بن عبد الله. 31 28- سفيان بن مجيب الأزدي. 31 29- السائب بن أبي السائب. 32 30- سلمة بن سلامة. 32 31- سهل بن أبي حثمة. 32 32- سهل بن الحنظلية. "حرف الصاد". 33 33- صفوان بن أمية. 33 34- صفية أم المؤمنين. "حرف الضاد". 35 35- ضباعة بنت الزبير. "حرف العين". 35 36- عاصم بن عدي. 36 37- عبد الله بن أنييس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 36 38- عبد الله بن سلام. 37 39- عبد الله بن قيس. 38 40- عبد الرحمن بن خالد بن الوليد. 38 41- عبد الرحمن بن سمرة. 39 42- عتبة بن فرقد السلمي. 39 43- عتبة بن أبي سفيان. 39 44- عثمان بن حنيف. 40 45- عثمان بن طلحة. 41 46- عقيل بن أبي طالب. 42 47- عمارة بن حزم. 43 48- عمرو بن أمية. 43 49- عمرو بن الحمق. 44 50- عمرو بن العاص. 49 "فائدة". 50 51- عمرو بن معديكرب. 50 52- عمير بن سعد. 52 53- عنبسة بن أبي سفيان. "حرف القاف". 53 54- قيس بن عاصم. "حرف الكاف". 53 55- كعب بن مالك. "حرف اللام". 55 56- لبيد بن ربيعة. "حرف الميم". 56 57- محمد بن مسلمة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 58 58- مدلاج بن عمرو. 58 59- المستورد بن شداد. 58 60- معقل بن قيس. 58 61- معقل بن أبي الهيثم. 58 62- المغيرة بن شعبة. 63 63- المغيرة بن نوفل. "حرف النون". 64 64- ناجية بن جندب. 64 65- نُعيمان بن عمرو. 64 66- نُعيم بن همار. 64 67- النواس بن سمعان. "حرف الواو". 65 68- وائل بن حجر. 65 69- وحشي بن حرب. "الكنى". 65 70- أبو الأعور السلمي. 66 71- أبو بردة بن نيار. 66 72- أم حبيبة أم المؤمنين. 67 73- أبو حثمة. 68 74- أبو رفاعة. 68 75- أبو الغادية الجُهني. 69 76- أم كلثوم بنت أبي بكر. 69 77- أم كلثوم بنت عقبة. 69 78- أم كلثوم بنت علي. 70 79- أبو موسى الأشعري. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 الطبقة السادسة. "حوادث سنة إحدى وخمسين". 75 المتوفون هذه السنة. 75 معاوية يحج بالناس. 75 خطبة زياد بن أبيه بالمدينة. 76 قول مروان وعبد الرحمن بن أبي بكر في بيعة يزيد. 76 معاوية يحدث ابن عمر في يزيد. 76 معاوية يدعو عبد الرحمن بن أبي بكر. 77 معاوية يدعو الزبير. 77 خطبة معاوية. 77 معاوية يهدد بقتل ابن عمر. 77 معاوية يرحب بأبناء الصحابة. 78 ابن الزبير المتحدث باسم القوم. 78 الحوار بين ابن الزبير ومعاوية. 79 خطبة معاوية والبيعة. "حوادث سنة اثنتين وخمسين". 79 المتوفون في هذه السنة. 80 مولد يزيد بن أبي حبيب. 80 الصلح من بلاد رتبيل. 80 سعيد بن العاص يقيم الحج. 80 مقتل رُؤبة بن المخبل. 80 اشتداد زياد بأمر الحرورية. "حوادث سنة ثلاث وخمسين". 81 المتوفون في هذه السنة. 81 معاوية يستعمل الضحاك على الكوفة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 81 ابن أم الحكم يشتي بأرض الروم. 81 سعيد بن العاص يقيم الموسم. 81 عبيد الله بن زياد يتولى خراسان. 81 الروم يقتلون عائذ بن ثعلبة بالبرلس. 81 أسماء بنت أبي بكر تتخذ الخنجر. "حوادث سنة أربع وخمسين". 81 المتوفون هذه السنة. 82 عزل سعيد بن العاص عن المدينة. 82 عبيد الله بن زياد يفتح راميثن. 82 أول عربي يقطع النهر إلى بخارى. 82 مصقلة يصالح أهل طبرستان. 82 عزل سمُرة عن البصرة. 82 مروان يحج بالناس. 82 وفاة سودة أم المؤمنين. "حوادث سنة خمس وخمسين". 82 المتوفون هذه السنة. 83 عزل عبيد الله الثقفي عن البصرة. 83 غزوة يزيد بن شجرة. 83 مروان بن الحكم يقيم الحج. 83 مالك بن عبد الله يشتي بأرض الروم. "حوادث سنة ست وخمسين". 83 المتوفون في هذه السنة. 83 مولد أبي جعفر محمد بن علي. 83 مولد عمرو بن دينار. 83 عزل عبيد الله بن زياد عن البصرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 83 غزوة سعيد بن عثمان بلاد سمرقند. 83 الصغد يصالحون سعيد. 83 المسلمون يشتون بأرض الروم. 83 عمرة معاوية. 83 وفاة الكلابية. "حوادث سنة سبع وخمسين". 83 المتوفون هذه السنة. 84 عزل الضحاك عن الكوفة. 84 مصالحة البربر لحسان بن النعمان. 84 عزل مروان عن المدينة. 84 عزل سعيد بن عثمان عن خراسان. 84 عبد الله بن قيس يشتي بأرض الروم. "حوادث سنة ثمان وخمسين". 84 المتوفون هذه السنة. 85 عقبة بن نافع يخط القيروان. 85 أبو هريرة يصي على عائشة. 85 الوليد بن عتبة يحج بالناس. "حوادث سنة تسع وخمسين". 85 المتوفون هذه السنة. 85 مولد عوف الأعرابي. 85 أبو المهاجر ينزل على قرطاجنة. 85 أبو المهاجر يفتح ميلة. 85 عمرو بن مرة يشتي بأرض الروم. 85 الوليد بن عتبة يقيم الحج. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 "حوادث سنة ستين". 86 المتوفون هذه السنة. 86 بيعة يزيد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 "تراجم أَهْل هَذِهِ الطبقة". "حرف الألف". 90 1- الأرقم بن أبي الأرقم. 90 2- أسامة بن زيد. 94 3- إسحاق بن طلحة. 94 4- أسماء بنت عُميس. 95 5- أوس بن عوف. "حرف الباء". 95 6- بلال بن الحارث. "حرف الثاء". 96 7- ثوبان مولى الرسول. "حرف الجيم". 96 8- جبير بن الحويرث. 96 9- جبير بن مطعم. 97 10- جرير بن عبد الله "الشاعر". 98 11- جعفر بن أبي سفيان. 98 12- جُويرية أم المؤمنين. "حرف الحاء". 99 13- الحارث بن كلدة. 99 14- حُجر بن عدي. 100 15- حسان بن ثابت. 101 16- حكيم بن حزام. 102 17- حويطب بن عبد العزى. "حرف الخاء". 102 18- خالد بن عرفطة العُذري. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 103 19- خراش بن أمية. "حرف الدال". 103 20- دغفل بن حنظلة. "حرف الذال". 103 21- ذو مخمر. "حرف الراء". 103 22- الربيع بن زياد الحارث. 104 23- رُوَيفع بن ثابت الأنصاري. "حرف الزاي". 104 24- زياد بن عبيد الأمير. 106 25- زياد بن ثابت. "حرف السين". 106 26- السائب بن خلاد. 107 27- السائب بن أبي وداعة. 107 28- سبرة بن معبد. 107 29- سعد بن أبي وقاص. 112 30- سعيد بن زيد. 114 31- سعيد بن العاص. 118 32- سعيد بن يربوع. 118 33- سفيان بن عوف. 119 34- سمُرة بن جندب. 121 35- سودة أم المؤمنين. "حرف الشين". 121 36- شداد بن أوس. 122 37- شريك بن شداد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 122 38- شيبة بن عثمان. "حرف الصاد". 123 39- صعصعة بن صوحان. 124 40- صفوان بن المعطل. 124 41- صيفي بن قشيل. "حرف الطاء". 124 42- طارق بن عَبْد اللَّهِ المحاربي. "حرف العين". 124 43- عائشة أم المؤمنين. 131 44- عبد الله بن الأرقم. 131 45- عبد الله بن أنيس الجهني. 132 46- عبد الله بن السعدي. 132 47- عبد الله بن حوالة. 132 48- عبد الله بن عامر بن كُرَيز. 134 49- عبد الله بن قُرط الأزدي. 135 50- عبيد الله بن مالك بن بحينة. 135 51- عبد الله بن مغفل. 136 52- عبد الله بن نوفل. 136 53- عبد الله بن الحارث. 137 54- عبد الرحمن بن شبل. 137 55- عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. 139 56- عبيد الله بن العابس. 140 57- عتبان بن مالك. 140 58- عثمان بن أبي العاص. 141 "فائدة". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 141 59- عدي بن عميرة الكندي. 141 60- عقبة بن عامر. 142 61- عمران بن حصين. 144 62- عمرو بن الأسود العنسي. 146 63- عمرو بن حزم. 146 64- عمرو بن الحمق. 146 65- عمرو بن عوف. 146 66- عمرو بن مرة. 147 67- عمير بن جودان. 147 68- عياض بن حمار. 147 69- عياض بن عمرو الأشعري. "حرف الفاء". 148 70- فاطمة بنت قيس الفهرية. 148 71- فضالة بن عبيد. 149 72- فيروز أبو الضحاك الديلمي. "حرف القاف". 149 73- قُثم بن العباس. 149 74- قُطبة بن مالك. 150 75- قيس بن سعد. 152 76- قيس بن السكن. 152 77- قيس بن عمرو. "حرف الكاف". 152 78- كدام بن حيان العنزي. 152 79- كرز بن علقمة الخزاعي. 153 80- كعب بن عُجرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 153 81- كعب بن مرة. "حرف الميم". 154 82- مالك بن الحويرث. 154 83- مالك بن عبد الله الخثعمي. 154 84- مجمع بن جارية. 155 85- محجن بن الأدرع السلمي. 155 86- محيصة بن مسعود. 155 87- مخرمة بن نوفل. 156 88- مسلم بن عقيل. 156 89- المستورد بن شداد. 156 90- معتب بن عوف. 157 91- معقل بن يسار المُزني. 157 92- معمر بن عبد الله بن نافع. 157 93- معاوية بن حديج. 158 94- معاوية بن الحكم السلمي. 158 95- معاوية بن أبي سفيان. 166 96- ميمونة بنت الحارث. 167 97- ميمونة بنت سعيد. "حرف الهاء". 168 98- هشام بن عامر الأنصاري. 168 99- هند بن حارثة الأسلمي. "حرف الواو". 168 100- وابصة بن معبد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 "حرف الياء". 169 101- يزيد بن شجرة الرهاوي. 169 102- يعلى بن أمية. 170 103- يعلى بن مرة. "الكنى". 170 104- أبو أروى الدوسي. 171 105- أبو أيوب الأنصاري. 172 106- أبو برزة الأسلمي. 172 "فائدة". 173 107- أبو بكر الثقفي. 174 108- أبو بصرة الغفاري. 174 109- أبو جهم بن حُذيفة. 174 110- أبو جهم بن الحارث. 174 111- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان. 175 112- أبو حميد الساعدي. 175 113- أبو زيد عمرو بن أخطب. 175 114- أم شريك. 176 115- أبو ضبيس الجهني. 176 116- أبو عياش الزرقي. 176 117- أبو قتادة الأنصاري. 177 118- أم قيس بنت محصن. 177 119- أم كرز الكعبية. 177 120- أبو لبابة. 177 121- أبو محذورة. 178 122- أبو مسعود الأنصاري. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 178 123- أم هانئ بنت أبي طالب 179 124- أبو هريرة 186 125- أبو اليسر السلمي 189 فهرس الموضوعات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 المجلد الخامس الطبقة السابعة: الحوادث من سنة 61 إلى 70 حوادث سنة واحد وستين ... الطبقة السابعة: الحوادث من 61 سنة إلى 70 حوادث سنة واحد وَسِتِّينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: جَرْهَدٌ الْأَسْلَمِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَحَمْزَةُ بْنُ عُرْوَةَ الْأَسْلَمِيُّ، وَأُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَابِرُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ، وخالد بن عرفطة، وعثمان بن زياد ابن أبيه أخو عبيد الله، توفي شابا وله ثلاث وثلاثون سنة، وهمام بن الحارث، وهو مخضرم. مقتل الحسين: واستشهد مع الحسين ستة عشر رجلا من أهل بيته. وكان من قصته أَنَّهُ تَوَجَّهَ مِنْ مَكَّةَ طَالِبًا الْكُوفَةَ لِيَلِيَ الْخِلَافَةَ. وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، قَالَ بَعْدَ أن سَرَدَ عِدَّةَ أَسْطُرٍ، أَسَانِيدُ وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ: حَدَّثَنِي فِي هذا الحديث بطائفة، فكتبت جَوَامِعَ حَدِيثِهِمْ فِي مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالُوا: لَمَّا أَخَذَ الْبَيْعَةَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِهِ يَزِيدَ، كَانَ الْحُسَيْنُ مِمَّنْ لَمْ يُبَايِعْ، وَكَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَكْتُبُونَ إِلَى الْحُسَيْنِ يَدْعُونَهُ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ يَأْبَى، فَقَدِمَ منهم قوم إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أن يَخْرُجَ مَعَهُمْ، فَأَبَى، وَجَاءَ الْحُسَيْنُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا عَرَضُوا عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يُرِيدُونَ أن يَأْكُلُونَا وَيَشِيطُوا1 دِمَاءَنَا، فَأَقَامَ الْحُسَيْنُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مَهْمُومًا، يَجْمَعُ الْإِقَامَةَ مَرَّةً، وَيُرِيدُ أن يَسِيرَ إِلَيْهِمْ مَرَّةً، فَجَاءَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي لَكَ نَاصِحٌ وَمُشْفِقٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أن قَوْمًا مِنْ شِيعَتِكُمْ كَاتِبُوكَ، فَلَا تَخْرُجْ فِإِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَقَدْ مَلَلْتُهُمْ، وَأَبْغَضُونِي وَمَلُّونِي، وَمَا بَلَوْتُ مِنْهُمْ وَفَاءً، وَمَنْ فَازَ بِهِمْ، فَإِنَّمَا فَازَ بِالسَّهْمِ الْأَخْيَبِ، واللَّهِ مَا لَهُمْ ثَبَاتٌ وَلَا عَزْمٌ وَلَا صَبْرٌ عَلَى السَّيْفِ، قَالَ: وَقَدِمَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ الْفَزَارِيُّ وَعِدَّةٌ مَعَهُ إِلَى الْحُسَيْنِ، بَعْدَ وَفَاةِ الْحَسَنِ، فَدَعُوهُ إلى خلع   1يشيطوا: يسفكوا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 3 مُعَاوِيَةَ وَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا رَأْيَكَ وَرَأْيَ أَخِيكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو أن يُعْطِيَ اللَّهُ أَخِي عَلَى نِيَّتِهِ، وَأَنْ يُعْطِيَنِي عَلَى نِيَّتِي فِي حُبِّي جِهَادِ الظَّالِمِينَ. وَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: إني لست آمن أن يكون حسين مرضدًا لِلْفِتْنَةِ، وَأَظُنُّ يَوْمَكُمْ مِنْ حُسَيْنٍ طَوِيلًا. فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْحُسَيْنِ: إِنَّ مَنْ أَعْطَى اللَّهَ تَعَالَى صَفْقَةَ يَمِينِهِ وَعَهْدَهُ لَجَدِيرٌ بِالْوَفَاءِ، وَقَدْ أُنْبِئْتُ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةَ قَدْ دَعَوْكَ إِلَى الشِّقَاقِ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ مَنْ قَدْ جَرَّبْتَ، قَدْ أَفْسَدُوا عَلَى أَبِيكَ وَأَخِيكَ، فَاتَّقِ الله واذكر الميثاق، فإنك من تَكِدْنِي1 أَكِدْكَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ: أَتَانِي كِتَابَكَ، وَأَنَا بِغَيْرِ الَّذِي بَلَغَكَ عَنِّي جَدِيرٌ، وَمَا أَرَدْتُ لَكَ مُحَارَبَةً، وَلَا عَلَيْكَ خِلَافًا، وَمَا أَظُنُّ لِي عِنْدَ اللَّهِ عُذْرًا فِي تَرْكِ جِهَادِكَ، وَمَا أَعْظَمُ فتنة أعظم مِنْ وِلَايَتِكَ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنْ أَثَرْنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا أَسَدًا2. رَوَاهُ بِطُولِهِ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، وَعَنْ أَشْيَاخِهِمْ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ: لَقِيَ الْحُسَيْنُ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ3 رَاحِلَتِهِ، فَأَنَاخَ بِهِ، ثُمَّ سَارَّهُ طَوِيلًا وَانْصَرَفَ، فَزَجَرَ مُعَاوِيَةُ رَاحِلَتَهُ، وقَالَ لَهُ يَزِيدُ ابْنَهُ: لَا تَزَالُ رَجُلٌ قَدْ عَرَضَ لَكَ، فَأَنَاخَ بِكَ، قَالَ: دَعْهُ لَعَلَّهُ يَطْلُبُهُ مِنْ غَيْرِي، فَلَا يُسَوِّغُهُ، فَيَقْتُلُهُ4. مَرْوَانُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، ثُمّ قَالَ: رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الْأَوَّلِ. قَالُوا: وَلَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ أَرْسَلَ إِلَى يَزِيدَ فأوصاه وقال: انظر حسين بن فَاطِمَةَ، فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى النَّاسِ، فَصِلْ رَحِمَهُ، وارفق بِهِ، فَإِنَّ بِكَ مِنْهُ شَيْءٍ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكْفِيكَهُ اللَّهُ بِمَنْ قَتَلَ أباه وخذل أخاه5.   1 تكدني: الكد: التعب. 2 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 3 خطام: حبل. 4 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 330"، لابن بدران. 5 خبر ضعيف: إسناده منقطع. تهذيب تاريخ دمشق "4/ 330". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 4 وَلَمَّا بُويِعَ يَزِيدُ كَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ: أَنْ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، وَابْدَأْ بِوُجُوهِ قُرَيْشٍ، وَلْيَكُنْ أوَّلَ مَنْ تَبْدَأُ بِهِ الْحُسَيْنُ، وَارْفِقْ بِهِ، فَبَعَثَ الْوَلِيدُ فِي اللَّيْلِ إِلَى الْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخْبَرَهُمَا بِوَفَاةِ مُعَاوِيَةَ، وَدَعَاهُمَا إِلَى الْبَيْعَةِ، فَقَالَا: نُصْبِحُ وَنَنْظُرُ فِيمَا يَصْنَعُ النَّاسُ، وَوَثَبَا فَخَرَجَا، وأَغْلَظَ الْوَلِيدُ لِلْحُسَيْنِ، فَشَتَمَهُ الْحُسَيْنُ وَأَخَذَ بِعِمَامَتِهِ فَنَزَعَهَا، فَقَالَ الْوَلِيدُ: إِنْ هَجَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا أَسَدًا، فَقِيلَ لِلْوَلِيدِ: اقْتُلْهُ، قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَدَمٌ مَصُونٌ. وَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لِوَقْتِهِمَا إِلَى مَكَّةَ، وَنَزَلَ الْحُسَيْنُ بِمَكَّةَ دَارَ الْعَبَّاسِ. وَلَزِمَ عَبْدُ اللَّهِ الْحِجْرَ، فَلَبِسَ الْمَغَافِرَ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدُمَ الْعِرَاقَ وَيَقُولُ لَهُ: هُمْ شِيعَتُكُمْ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَهُ: لَا تَفْعَلْ. وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي مَتِّعْنَا بنفسك ولا تسر إلى الْعِرَاقِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلَكَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ ليتخذنا خَوَلًا1 أَوْ عَبِيدًا2. وَقَدْ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بالأبواء، مُنْصَرِفِينَ مِنَ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُمَا ابْنُ عُمَرَ: أُذَكِّرُكُمَا اللَّهَ إِلَّا رَجَعْتُمَا، فَدَخَلْتُمَا فِي صَالِحِ مَا يَدْخُلُ فِيهِ النَّاسُ، وَنَنْظُرُ، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَى يَزِيدَ النَّاسُ لَمْ تَشُذَّا، وَإِنِ افْتَرَقُوا عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي تُرِيدَانِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ: لَا تَخْرُجْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ، وَإِنَّكَ بُضْعَةٌ3 مِنْهُ، وَلَا تَنَالَهَا -يَعْنِي الدُّنْيَا- فَاعْتَنَقَهُ وَبَكَى، وَوَدَّعَه، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: غَلَبَنَا حُسَيْنُ بِالْخُرُوجِ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ رَأَى فِي أَبِيهِ وَأَخِيهِ عَبْرَةً، وَرَأَى مِنَ الْفِتْنَةِ وَخِذْلَانِ النَّاسِ لَهُمْ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَحَرَّكَ مَا عَاشَ. وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ؟ قَالَ: الْعِرَاقَ وَشِيعَتِي، قَالَ: إِنِّي لَكَارِهٍ لِوْجَهِكَ هَذَا، تَخْرُجُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ وَطَعَنُوا أَخَاكَ، حَتَّى تَرَكَهُمْ سَخْطَةً وَمَلَّهُمْ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُغَرِّرَ بنفسك.   1 خولا: خال فلان على أهله خولا: دبر أمورهم وكفاهم، فهو خائل، والجمع خوال، والخولي: الراعي الحسن القيام على الماشية وغيرها. انظر: المعجم الوجيز "ص/ 215". 2 الطبقات "5/ 145". 3 بضعة: قطعة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ مِنَ الْمَدِينَةَ، فَمَرَّ بِابْنِ مُطِيعٍ وَهُوَ يَحْفِرُ بِئْرَهُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي! مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ وَلَا تَسِرْ، فَأَبِي الْحُسَيْنِ، قَالَ: إِنَّ بِئْرِي هَذِهِ رَشْحُهَا، وَهَذَا الْيَوْمُ مَا خَرَجَ إِلَيْنَا فِي الدَّلْوِ، مَاءٌ، فَلَوْ دَعَوْتَ لَنَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: هَاتِ مِنْ مَائِهَا، فَأَتَى بِمَا فِي الدَّلْوِ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ مَضْمَضَ، ثُمَّ رَدَّهُ فِي الْبِئْرِ1. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: غَلَبَنِي الْحُسَيْنُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَقَدْ قَلْتُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَالْزَمْ بَيْتَكَ، وَلَا تَخْرُجْ عَلَى إِمَامِكَ، وَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَوْ أَنَّ حُسَيْنًا لَمْ يَخْرُجْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ. وَقَدْ كَتَبَتْ إِلَيْهِ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُعَظِّمُ عَلَيْهِ مَا يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ، وَتَأْمُرُهُ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ، وَتُخْبِرُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُسَاقُ إِلَى مَصْرَعِهِ وَتَقُولُ: أَشْهَدُ لَحَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يُقْتَلُ حُسَيْنٌ بِأَرْضِ بَابِلٍ"2. وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ كِتَابًا يُحَذِّرُهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَيُنَاشِدُهُ اللَّهَ أَنْ يَشْخَصَ إِلَيْهِمْ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ: إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا، وَرَأَيْتُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَنِي بِأَمْرٍ أَنَا مَاضٍ لَهُ، وَلَسْتُ بِمُخْبِرٍ أَحَدًا بِهَا حَتَّى أُلَاقِيَ عَمَلِي. وَلَمْ يَقْبَلِ الْحُسَيْنُ غَدًا، وَصَمَّمَ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ سَتُقْتَلُ غَدًا بَيْنَ نِسَائِكَ وَبَنَاتِكَ كَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَإِنِّي لَأَخَافُ أَنْ تَكُونَ الَّذِي يُقَادُ بِهِ عُثْمَانُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. فَقَالَ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ كَبِرْتَ، فَبَكَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ: أقررت عَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَلَمَّا رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ: قَدْ أَتَى مَا أَحْبَبْتَ، هَذَا الْحُسَيْنُ يَخْرُجُ وَيَتْرُكُكَ وَالْحِجَازَ. ثُمَّ تَمَثَّلَ: يَا لَكِ مِنْ قُنْبُرَةٍ3 بِمَعْمَرِ ... خَلَا لَكِ الْجَوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي وَنَقِّرِي ما شئت أن تنقري   1 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 2 حديث ضعيف: وأورده ابن كثير "3/ 163" في البداية. 3 القنبرة: هو جنس من الطيور من فصيلة القبريات، ورتبة الجواثم المخروطية المناقير سمر في أعلاها، ضاربة إلى بياض في أسفلها، وفي صدرها بقعة سوداء. المعجم الوجيز "ص/ 486". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 6 وَبَعَثَ الْحُسَيْنُ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَسَارَ إِلَيْهِ مَنْ خَفَّ مَعَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُمْ تِسْعَةُ عَشَرَ رَجُلًا، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، وَتَبِعَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ فَأَدْرَكَ أَخَاهُ الْحُسَيْنَ بِمَكَّةَ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْخُرُوجَ لَيْسَ لَهُ بِرَأْيٍ، يَوْمَهُ هَذَا، فَأَبَى الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ، فَحَبَسَ مُحَمَّدٌ وَلَدَهُ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ وَقَالَ: تَرْغَبُ بِوَلَدِكَ عَنْ مَوْضِعٍ أُصَابُ فِيهِ! وَبَعَثَ أَهْلُ الْعِرَاقِ إِلَى الْحُسَيْنِ الرُّسُلَ، وَالْكُتُبَ يَدْعُونَهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْعِرَاقِ، فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، فَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَمِيرِ الْكُوفَةِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ، وَتَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا سَلْمَةً مِنَ الْحُسَيْنِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَى الْحُسَيْنِ مَا لَا يَسُدُّهُ شَيْءٌ. وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: أَمَّا بَعْدُ، تَوَجَّهَ إِلَيْكَ الْحُسَيْنُ، وَفِي مِثْلِهَا تُعْتَقُ أَوْ تُسْتَرَقُّ كَمَا تُسْتَرَقُّ الْعَبِيدُ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: بَلَغَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ مَسِيرُ الْحُسَيْنِ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ، فَخَرَجَ عَلَى بِغَالِهِ هُوَ وَاثْنَا عَشَرَ رَجُلًا حَتَّى قَدِمُوا الْكُوفَةَ، فَاعْتَقَدَ أَهْلُ الْكُوفَةِ أَنَّهُ الْحُسَيْنُ وَهُوَ مُتَلَثِّمٌ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَرْحَبًا بِابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَارَ الْحُسَيْنُ حَتَّى نَزَلَ نَهْرَيْ كَرْبَلَاءَ، وَبَعَثَ عُبَيْدَ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ عَلَى جَيْشٍ. قَالَ: وَبَعَثَ شِمْرَ بْنَ ذيِ الْجَوْشَنِ فَقَالَ: إِنْ قَتَلَهُ وَإِلَّا فَاقْتُلْهُ وَأَنْتَ عَلَى النَّاسِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى وَالِيهِ بِالْعِرَاقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ: إِنَّ حُسَيْنًا صَائِرٌ إِلَى الْكُوفَةِ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِهِ زَمَانُكَ مِنْ بَيْنِ الْأَزْمَانِ، وَبَلَدُكَ مِنْ بَيْنِ الْبُلْدَانِ، وَأَنْتَ مِنْ بَيْنِ الْعُمَّالِ، وَعِنْدَهَا تُعْتَقُ أَوْ تَعُودُ عَبْدًا. فَقَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ1. وَقَالَ الزُّبَيْرِ بْنُ الْخِرِّيتِ: سَمِعْتُ الْفَرَزْدَقَ يَقُولُ: لَقِيتُ الْحُسَيْنَ بِذَاتِ عِرْقٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْكُوفَةَ، فَقَالَ لِي: مَا تَرَى أَهْلَ الْكُوفَةِ صَانِعِينَ؟ مَعِي حِمْلُ بَعِيرٍ مِنْ كُتُبِهِمْ؟ قُلْتُ: لَا شَيْءَ، يَخْذُلُونَكَ، لَا تَذْهَبْ إِلَيْهِمْ. فَلَمْ يُطِعْنِي. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي بُجَيْرٌ، مِنْ أَهْلِ الثَّعْلَبِيَّةِ، قَلْتُ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ حِينَ مَرَّ الْحُسَيْنُ؟ قَالَ: غُلَامٌ قَدْ أَيْفَعْتَ2، قَالَ: كَانَ فِي قلة من الناس، وكان أخي أسن   1 خبر ضعيف: إسناده منقطع. تهذيب تاريخ دمشق "4/ 335". 2 أيفعت: يفع الشيء أو الغلام: شب وترعرع، أو شارف الاحتلام، وناهز البلوغ، وكذا الفتاة. المعجم الوجيز "ص/ 686". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 مِنِّي، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، أَرَاكَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ! فَقَالَ بِالسَّوْطِ، وَأَشَارَ إِلَى حَقِيبَةِ الرَّحْلِ: هَذِهِ خَلْفِي مَمْلُوءَةٌ كُتُبًا. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَحَدَّثَنِي شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ يُرِيدُونَ الدَّيْلَمَ، فَصَرَفَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْحُسَيْنِ، فَلَقِيتُ حُسَيْنًا، فَرَأَيْتُهُ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، وَكَانَتْ فِيهِ غُنَّةٌ1. قَالَ شِهَابٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ، فَأَعْجَبَهُ قَوْلُهُ وَكَانَتْ فِيهِ غُنَّةٌ. ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، وَغَيْرِهِ، بِإِسْنَادِهِمْ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ رَجُلًا عَلَى نَاقَةٍ إِلَى الْحُسَيْنِ، يُخْبِرُهُ بِقَتْلِ مُسْلِمِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَكَانَ قَدْ بَعَثَهُ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ كَمَا مَرَّ فِي سَنَةِ سِتِّينَ، فَقَالَ لِلْحُسَيْنِ وَلَدُهُ عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ: يَا أَبَهِ ارْجِعْ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَغَدْرُهُمْ، وَقِلَّةُ وَفَائِهِمْ، وَلَا لَكَ بِشَيْءٍ، فَقَالَتْ بَنُو عُقَيْلٍ: لَيْسَ هَذَا حِينَ رُجُوعٍ، وَحَرَّضُوهُ عَلَى الْمُضِيِّ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ تَرَوْنَ مَا يَأْتِينَا، وَمَا أَرَى الْقَوْمَ إِلَّا سَيَخْذِلُونَنَا، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ، فَكَانَتْ خَيْلُهُمُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَرَسًا. وَأَمَّا ابْنُ زِيَادٍ فَجَمَعَ الْمُقَاتِلَةَ وَأَمَرَ لَهُمْ بِالْعَطَاءِ. وَقَالَ يَزِيدُ الرِّشْكُ: حَدَّثَنِي مَنْ شَافَهَ الْحُسَيْنُ قَالَ: رَأَيْتُ أبنية مَضْرُوبَةً بِالْفَلَاةِ2 لِلْحُسَيْنِ، فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا شَيْخٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَالدُّمُوعُ تَسِيلُ عَلَى خديه، فقلت: بأبي وأمي يا بن بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَنْزَلَكَ هَذِهِ الْبِلَادَ وَالْفَلَاةَ الَّتِي لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ -قَالَ: هَذِهِ كتب أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَيَّ، وَلَا أَرَاهُمْ إِلَّا قَاتِلِيَّ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَدَعُوا للَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكُوهَا، فَيُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُذِلُّهُمْ حَتَّى يَكُونُوا أَذَلَّ مَنْ فَرَمِ3 الْأَمَةِ، يَعْنِي مُقَنَّعَتَهَا4. قُلْتُ: نَدَبَ ابْنُ زِيَادٍ لِقِتَالِ الْحُسَيْنِ، عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. فروى الزبير   1 خبر ضعيف: السير "3/ 305"، وفيه جهالة أحد الرواة. 2 الفلاة: الصحراء. 3 فرم: شيء حقير كخرق الحيض، أو الإماء من العبيد. 4 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. أخرجه الطبري "5/ 394" في تاريخه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 ابن بَكَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِالْحُسَيْنِ أَيْقَنَ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ، فَقَامَ فِي أَصْحَابِهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ نَزَلَ بِنَا مَا تَرَوْنَ، إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ، وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا، وَاسْتَمَرَّتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلًا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ، وَإِلَّا خَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ، أَلَا تَرَوْنَ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ، والباطل لا ينتاهى عَنْهُ، لِيَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً، وَالْحَيَاةُ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَمًا1. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ، أَنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا أَرْهَقَهُ السِّلَاحُ قَالَ: أَلَا تَقْبَلُونَ مِنِّي مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْبَلُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ قِيلَ: وَمَا كَانَ يَقْبَلُ مِنْهُمْ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا جَنَحَ أَحَدُهُمْ لِلسِّلْمِ قَبِلَ مِنْهُ، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَدَعُونِي أَرْجِعُ، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَدَعُونِي آتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ. فَأَخَذَ لَهُ رَجُلٌ السِّلَاحَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ بِالنَّارِ، فَقَالَ: بِلْ إِنْ شَاءَ اللَّهِ بِرَحْمَةِ رَبِّي وَشَفَاعَةِ نَبِيِّي، قَالَ: فَقُتِلَ وَجِيءَ بِرَأْسِهِ حَتَّى وُضِعَ فِي طَسْتٍ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ زِيَادٍ، فَنَكَتَهُ بِقَضِيبِهِ وَقَالَ: لَقَدْ كَانَ غُلَامًا صَبِيحًا، ثُمَّ قَالَ: أيُّكُمْ قاتله؟ فقال الرجل، فقال: مَا قَالَ لَكَ؟ فَأَعَادَ الْحَدِيثَ، فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ2. وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ بِأَسَانِيدِهِ، قَالُوا: وَأَخَذَ الْحُسَيْنُ طَرِيقَ الْعُذَيْبِ3، حَتَّى نَزَلَ قَصْرَ أَبِي مُقَاتِلٍ، فَخَفَقَ خَفْقَةً، ثُمَّ انْتَبَهَ يَسْتَرْجِعُ وَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ فَارِسًا يُسَايِرُنَا وَيَقُولُ: الْقَوْمُ يَسِيرُونَ وَالْمَنَايَا تَسْرِي إِلَيْهِمْ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ نَعَى إِلَيْنَا أَنْفُسَنَا، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ كَالْمُكْرَهِ، وَاسْتَعْفَى عُبَيْدُ اللَّهِ فَلَمْ يَعْفِهِ، وَمَعَ الْحُسَيْنِ خَمْسُونَ رَجُلًا، وَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ مِنَ الْجَيْشِ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَكَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ تِسْعَةُ عَشَرَ رَجُلًا، وَقُتِلَ عَامَةُ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَبَقِيَ عَامَةُ نَهَارِهِ لَا يَقْدُمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَحَاطَتْ بِهِ الرَّجَّالَةُ، فَكَانَ يَشُدُّ عَلَيْهِمْ فَيَهْزِمُهُمْ، وَهُمْ يَتَدَافَعُونَهُ، يَكْرَهُونَ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِمْ شِمْرٌ: ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ مَاذَا تَنْتَظِرُونَ بِهِ؟ فَطَعَنَهُ سِنَانُ بْنُ أَنَسٍ النَّخَعِيُّ فِي تَرْقُوَتِهِ، ثُمَّ انْتَزَعَ الرُّمْحَ وَطُعِنَ فِي بَوَانِي4 صَدْرِهِ، فَخَرَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- صَرِيعًا، وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ خَوْلِيٌّ الْأَصْبَحِيُّ،   1 الحلية "2/ 39". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 310، 311" وفيه جهالة أحد الرواة. 3 العذيب: إحدى الطرق المشهورة بالماء عند القادسية بالعراق. 4 البواني: الأضلاع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 لَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا رَضِيَ عَنْهُ1. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ، عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَتِهِ: إِنَّ الْحُسَيْنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ حِينَ نَزَلُوا كَرْبَلَاءَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ قَالُوا: كَرْبَلَاءُ، قَالَ: كَرْبٌ وَبَلَاءٌ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فَقَابَلَهُمْ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا عُمَرُ اختر مني إحدى ثلاث: إما أن تتركني أن أرجع، أو أن تُسَيِّرُنِي إِلَى يَزِيدَ فَأَضَعُ يَدِي فِي يَدِهِ، فَيَحْكُمُ فِي مَا أَرَى، فَإِنْ أَبَيْتَ فَسَيِّرْنِي إِلَى التُّرْكِ، فَأُقَاتِلُهُمْ حَتَّى أَمُوتَ. فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ بِذَلِكَ، فَهَمَّ أَنْ يُسَيِّرَهُ إِلَى يَزِيدَ، فَقَالَ لَهُ شِمْرُ بْنُ جَوْشَنٍ -كَذَا قَالَ، وَالْأَصَحُّ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ: لَا أَيُّهَا الْأَمِيرُ، إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ. وَأَبْطَأَ عُمَرُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ شِمْرَ الْمَذْكُورَ فَقَالَ: إِنْ تَقَدَّمَ عُمَرُ وَقَاتَلَ وَإِلَّا فَاقْتُلْهُ وَكُنْ مَكَانَهُ، وَكَانَ مَعَ عُمَرَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالُوا: يَعْرِضُ عَلَيْكُمُ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ثَلَاثَ خِصَالٍ، فَلَا تَقْبَلُونَ مِنْهَا شَيْئًا! وَتَحَوَّلُوا مَعَ الْحُسَيْنِ فَقَاتَلُوا2. وَقَالَ عبّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَينٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ بَرُودٌ، وَرَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: عَمْرُو بْنُ خَالِد الطُّهَوِيُّ بِسَهْمٍ، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّهْمِ مُعَلَّقًا بِجَنْبِهِ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سِتَّةُ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ4. وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ قَالُوا: قَاتَلَ يَوْمَئِذٍ الْحُسَيْنُ، وَكَانَ بَطَلًا شُجَاعًا إِلَى أَنْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فِي حَنَكِهِ، فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَنَزَلَ شِمْرٌ، وَقِيلَ غَيْرُهُ، فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإنَا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَرَوَى شَرِيكٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: قَالَتْ مَرْجَانَةُ لِابْنِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا خَبِيثُ، قَتَلْتَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لَا تَرَى الجنة أبدًا.   1 تاريخ الطبري "5/ 449". 2 خبر ضعيف: تهذيب تاريخ دمشق "4/ 338". 3 السير "3/ 311". 4 السير "3/ 312". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَيْنٍ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: إِنَّا لَمُسْتَنْقَعِينَ فِي الفرات مع عمر بن سعد، إذ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ، فَقَالَ: قَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ عُبَيْدَ اللَّهِ جُوَيْرَةَ بْنَ بَدْرٍ التَّمِيمِيَّ، وَأَمَرَهُ إِنْ أَنْتَ لَمْ تُقَاتِلْ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُكَ، قَالَ: فَوَثَبَ عَلَى فَرَسِهِ، وَدَعَا بِسِلَاحِهِ وَعَلَا فَرَسُهُ، ثُمَّ سَارَ إِلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قَتَلَهُمْ، قَالَ سَعْدٌ: وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَإِنَّهُمْ لَقَرِيبُ مِائَةِ رَجُلٍ، فَفِيهِمْ مِنْ صُلْبِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خَمْسَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، وَعَشَرَةٌ مِنَ الْهَاشِمِيِّينَ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَآخَرُ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ. وَرَوَى أَبُو شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ مَكَثْنَا أَيَّامًا سَبْعَةً، إِذَا صَلَّيْنَا الْعَصْرَ نَظَرْنَا إِلَى الشَّمْسِ عَلَى أَطْرَافِ الْحِيطَانِ، كَأَنَّهَا الْمَلَاحِفُ الْمُعَصْفَرَةُ، وَبَصَرْنَا إِلَى الْكَوَاكِبِ، يَضْرِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا1. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرَكٍ، عَنْ جَدِّهِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، يُرَى فِيهَا كَالدَّمِ، فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ شَرِيكًا، فَقَالَ لِي: مَا أَنْتَ مِنَ الْأَسْوَدِ؟ فَقُلْتُ: هُوَ جَدِّي أَبُو أُمِّي، فَقَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَصَدُوقَ الْحَدِيثِ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: تَعْلَمُ هَذِهِ الْحُمْرَةَ فِي الْأُفُقِ مِمَّ؟ هُوَ مِنْ يَوْمِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ. رَوَاهُ سُلَيْمَان بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْهُ3. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَلِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَارَ الْوَرْسُ الَّذِي فِي عَسْكَرِهِمْ رَمَادًا، وَاحْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ، وَنَحَرُوا نَاقَةً فِي عَسْكَرِهِمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ فِي لَحْمِهَا النِّيَرانَ4. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْوَرْسَ عَادَ رَمَادًا، وَلَقَدْ رَأَيْتُ اللَّحْمَ كَأَنَّ فِيهِ النَّارَ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ5.   1 السير "3/ 312". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 312". 3 السابق. 4 السير "3/ 312". 5 الطبراني "2858" في الكبير. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ قَالَ: أَصَابُوا إِبِلًا فِي عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ يَوْمَ قُتِلَ، فَنَحَرُوهَا وَطَبَخُوهَا، فَصَارَتْ مِثْلَ الْعَلْقَمِ1. وَقَالَ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ بَلْهُجَيْمٍ، فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ هَذَا الْفَاسِقَ ابْنَ الْفَاسِقِ قَتَلَهُ اللَّهُ -يَعْنِي الْحُسَيْنَ، قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَرَمَاهُ اللَّهُ بِكَوْكَبَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ، فَطَمَسَ بَصَرُهُ، وَأَنَا رَأَيْتُهُ2. وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ: أوَ مَا عَرَفَ الزُّهريُّ تِلْكُمْ فِي مَجْلِسِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ؟، فَقَالَ الْوَليِدُ: تَعْلَمُ مَا فَعَلَتْ أَحْجَارُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّهُ لَمْ يُقْلَبْ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَ عَبْدُ الملك إلى ابن رأس جالوت فَقَالَ: هَلْ كَانَ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ عَلَامَةٌ؟ قَالَ: مَا كُشِفَ يَوْمَئِذٍ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ3. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَالِمٍ خَالَتِي قَالَتْ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ مُطِرْنَا مَطَرًا كَالدَّمِ عَلَى الْبُيُوتِ وَالْجُدُرِ. وقال علي بن زيد بن جدعان، عن أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ جِيءَ بِرَأْسِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ عَلَى ثَنَايَاهُ وَقَالَ: إِنْ كَانَ لَحَسَنَ الثَّغْرِ، فَقُلْتُ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ مَوْضِعَ قَضِيبِكَ مِنْ فِيهِ4. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنِصْفِ النَّهَارِ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَبِيَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، لَمْ أَزَلْ مُنْذُ الْيَوْمِ أَلْتَقِطُهُ، فَأُحْصِيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَوَجَدُوهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ5. وَعَنْ سَلْمَى أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَتْ: ما يبكيك؟ قالت:   1 السير "6/ 313". 2 خبر ضعيف: الطبراني "2830" في الكبير، وفيه جهالة أحد الرواة. 3 الطبراني "2857" في الكبير. 4 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "2878" في الكبير، وفيه ابن جدعان، وهو من الضعفاء. 5 حديث حسن: أخرجه أحمد "1/ 283"، والطبراني "2822" في الكبير. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنَامِ، عَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ التُّرَابُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ آنِفًا1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَالِد الْأَحْمَرِ: ثنا رَزِينٍ، حَدَّثَتْنِي سَلْمَى. قُلْتُ: رَزِينٌ هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ، كُوفِيٌّ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ أَمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ الْجِنَّ تَبْكِي عَلَى حُسَيْنٍ وَتَنُوحُ عَلَيْهِ2. وَرُوِيَ عَنْ أمَّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ كَرْبَلَاءَ، فَقُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ بِهَا: بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ نَوْحَ الْجِنِّ، فَقَالَ: مَا تَلْقَى أَحَدًا إِلَّا أَخْبَرَكَ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ، قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي مَا سَمِعْتَ أَنْتَ، قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ ... فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الْخُدُودِ أَبَوَاهُ من عليا قري ... ش وَجَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ3 رَوَاهُ ثَعْلَبٌ فِي أَمَالِيهِ. ثنا عُمَرُ بْنُ شَيْبَةَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ جُنَادٍ: ثنا عَطَاءٌ، فَذَكَرَهُ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: لَمَّا أُدْخِلَ ثَقْلُ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ وَوُضِعَ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَكَى يَزِيدُ وَقَالَ: نُفَلِّقُ هامًا من رجال أحبة ... إِلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا4 أَمَّا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ أَنَا صَاحِبُكَ مَا قَتَلْتُكَ أَبَدًا. فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: لَيْسَ هَكَذَا، قَالَ: فكيف يا بن أُمٍّ؟ قَالَ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] ، وَعِنْدَهُ عَبْدُ الرحمن بن الحكم أخو مروان، فقال:   1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3771" وفيه جهالة إحدى الرواة. 2 خبر ضعيف: السير "3/ 316" وسنده منقطع. 3 خبر ضعيف: أخرجه الطبراني "2865"، "2866" وفيه جهالة أحد الرواة. 4 خبر ضعيف: وانظر: تاريخ الطبري "5/ 460". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أدْنَى قَرَابَةً ... مِنَ ابْنِ زِيَادِ الْعَبْدِ ذِي النَّسَبِ الْوَغْلُ سُمَيَّةُ أَمْسَى نَسْلُهَا عَدَدَ الْحَصَى ... وَبِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ لَهَا نَسْلُ قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أبى الْحُسَيْنُ أَنْ يُسْتَأْسَرَ، فَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ، وَقُتِلَ ابْنَهُ وَأَصْحَابُهُ بِالطَّفِّ، وَانْطَلَقَ بِبَنِيهِ: عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَسُكَيْنَةَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَجَعَلَ سُكَيْنَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ، لِئَلَّا تَرَى رَأْسَ أَبِيهَا، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي غِلٍّ، فَضَرَبَ يَزِيدُ عَلَى ثَنِيَّتَيِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ الله عنه- وقال: فلق هَامًا مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا فَقَالَ عَلِيٌّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} فَثَقُلَ عَلَى يَزِيدَ أَنْ تَمَثَّلَ بِبَيْتٍ، وَتَلَا عَلِيٌّ آيَةً فَقَالَ: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ رَآنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَغْلُوبِينَ، لَأَحَبَّ أَنْ يَحِلَّنَا مِنَ الْغُلِّ، قَالَ: صَدَقْتَ، حُلُّوهُمْ، قَالَ: وَلَوْ وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بُعْدٍ لَأَحَبُّ أَنْ يُقَرِّبَنَا، قَالَ: صَدَقْتَ، قَرُّبُوهُمْ، فَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ وَسُكَيْنَةُ يَتَطَاوَلَانَ لِيَرِيَا رَأْسَ أَبِيهِمَا، وَجَعَلَ يَزِيدَ يَتَطَاوَلَ فِي مَجْلِسِهِ، فَيَسْتُرُهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ أمَرَ بِهِمْ فَجُهِّزُوا، وَأَصْلَحَ آلَتَهُمْ وَأُخْرِجُوا إِلَى الْمَدِينَةِ1. كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا أُتيَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ جَعَلَ يَنْكُتُ بِمَخْصَرَةٍ مَعَهُ سِنَّهُ وَيَقُولُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بَلَغَ هَذَا السِّنَّ، وَإِذَا لِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ قَدْ نُصِلَ مِنَ الْخِضَابِ الْأَسْوَدِ2. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، وَالْمَدِينِيِّ، عَنْ رِجَالِهِمَا، أن مُحَفَّزَ بْنَ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيَّ، عَائِذَةُ قُرَيْشٍ، قَدِمَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ فَقَالَ: أتيتك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَأْسِ أَحْمَقِ النَّاسِ وَأَلْأَمِهُمْ، قَالَ يَزِيدُ: مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُحَفِّزٍ أَحْمَقَ وَأَلْأَمَ، لكن الرجل لم يقرأ كتاب الله: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] ، الآية. ثم بعث يزيد برأس الحسين على عامله على المدينة، فقال: وددت أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ   1 خبر ضعيف: وأخرجه الطبراني "806" في الكبير، وفيه انقطاع. 2 خبر ضعيف: ابن أبي زياد من الضعفاء. السير "3/ 320". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 بِهِ إِلَيَّ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ، فَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ عِنْدَ قَبْرِ أُمِّهِ فَاطِمَةَ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا1. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ الْقَاضِي: ثنا سُلَيْمَان بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَهْرَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَيَّةَ الْكَلَاعِيَّ، سَمِعْتَ أَبَا كَرْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ تَوَثَّبُوا عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَكُنْتُ فِيمَنْ نَهَبَ خَزَائِنَهُمْ بِدِمَشْقَ، فَأَخَذْتُ سَفَطًا2 وَقُلْتُ: فِيهِ غَنَائِي، فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَ يَدَيَّ، وَخَرَجْتُ مِنْ بَابِ تَوْمًا، فَفَتَحْتُهُ، فإذا بحريرة فيها رأس مكتوب عليه: "هَذَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ "، فَحَفَرْتُ لَهُ بِسَيْفِي وَدَفَنْتُهُ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، أَنَّ يُونُسَ بْنَ حَبِيبٍ حَدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَبَنُو أَبِيهِ، بَعَثَ ابْنُ زياد برؤوسهم إِلَى يَزِيدَ، فَسُرَّ بِقَتْلِهِمْ أَوَّلًا، ثُمَّ ندِمَ فَكَانَ يَقُولُ: وَمَا عَلَيَّ لَوِ احْتَمَلْتُ الْأَذَى وَأَنْزَلْتُ الْحُسَيْنَ مَعِي، وَحَكَّمْتُهُ فِيمَا يُرِيدُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ وَهَنٌ فِي سُلْطَانِي حِفْظًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِعَايَةً لِحَقِّهِ وَقَرَابَتِهِ، لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ -يُرِيدُ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ وَاضْطَرَّهُ، وَقَدْ كَانَ سَأَلَ أَنْ يُخْلِيَ سَبِيلُهُ، وَيَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ أَقْبَلَ، أَوْ يأتيني فَيَضَعُ يَدَهُ فِي يَدَيَّ، أَوْ يَلْحَقَ بِثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَأَبَى ذَلِكَ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَأَبْغَضَنِي بِقَتْلِهِ الْمُسْلِمُونَ3. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ دَخَلْنَا الْكُوفَةَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ، فَدَخَلْنَا مَنْزِلَهُ، فَأَلْحَفْنَا، فَنِمْتُ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِحِسِّ الْخَيْلِ فِي الْأَزِقَّةِ، فَحَمَلْنَا إِلَى يَزِيدَ، فَدَمَعَتْ عَيْنُهُ حِينَ رَآنَا، وَأَعْطَانَا مَا شِئْنَا وَقَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي قَوْمِكَ أُمُورٌ، فَلَا تَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا كَانَ، كَتَبَ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ كِتَابًا فِيهِ أَمَانِي، فَلَمَّا فَرَغَ مُسْلِمٌ مِنَ الْحَرَّةِ بَعَثَ إِلَيَّ، فَجِئْتُهُ وَقَدْ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي، فَرَمَى إِلَيَّ بِالْكِتَابِ، فَإِذَا فِيهِ: اسْتَوْصِ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ خَيْرًا، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُمْ، فِي أَمْرِهِمْ فَأَمِّنْهُ وَاعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ4. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ ابْنُ عَمِّهِ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلِ بن أبي طالب، وقد   1 تاريخ الطبري "5/ 463". 2 السفط: الصندوق. 3 خبر ضعيف: تاريخ الطبري "5/ 506" وفيه انقطاع، والسير "3/ 317". 4 خبر حسن: السير "3/ 320، 321". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 كَانَ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتِّينَ، قَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ صَبْرًا، وَكَانَ الْحُسَيْنُ قَدْ قَدَّمَهُ إِلَى الْكُوفَةِ، لِيُخْبِرَ مَنْ بِهَا مِنْ شِيعَتِهِ بِقُدُومِهِ، فَنَزَلَ عَلَى هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيِّ، فَأَحَسَّ بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَقَتَلَ مُسْلِمًا وَهَانِئًا. وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِخْوَتُهُ بَنُو أَبِيهِ: جَعْفَرٌ، وَعَتِيقٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَالْعَبَّاسُ الْأَكْبَرُ بَنُو عَلِيٍّ، وَابْنُهُ الْأَكْبَرُ عَلِيٌّ -وَهُوَ غَيْرُ عَلِيِّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، وابنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَابْنُ أَخِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ الحسين، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَخُوهُ عَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَا مُسْلِمٍ بْنِ عَقِيلٍ، -رَضِيَ اللَّهُ عنهم1. وفيها: ظنًا وتخمينًا، قدم على ابن الزُّبَيْرِ وَهُوَ بمَكَّةَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ مِنَ الطَّائِفِ، وَكَانَ قَدْ طُرِدَ إِلَى الطَّائِفِ، وَكَانَ قَوِيُّ النَّفْسِ، شَدِيدُ الْبَأْسِ، يُظْهِرُ الْمُنَاصَحَةَ وَالدَّهَاءَ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَيَسْمَعُونَ مِنْهُ كَلَامًا ينكرونه، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدَ اسْتَأْذَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي الْمُضِيِّ إلى الْعِرَاقِ، فَأَذِنَ لَهُ وَرَكَنَ إِلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى الْعِرَاقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ يُوصِيهِ بِهِ، فَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى ابْنُ مُطِيعٍ، ثُمَّ أَخَذَ يَعِيبُ فِي الْبَاطِنِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَيُثْنِي عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ، وَيُحَرِّضُ أَهْلَ الْكُوفَةِ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ، وَيُكَذِّبُ وَيُنَافِقُ، فَرَاجَ أَمْرُهُ وَاسْتَغْوَى طَائِفَةً، وَصَارَ لَهُ شِيعَةٌ، إِلَى أَنْ خَافَهُ ابْنُ مُطِيعٍ، وَهَرَبَ مِنْهُ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.   1 السير "3/ 321". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 حوادث سنة اثنتين وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيُّ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ الدَّارَانِيُّ الزَّاهِدُ، وَعَلْقَمَةُ بن قيس النخعي الفقيه. الجارود أميرا على السند: وَفِيهَا: اسْتَعْمَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَمِيرُ الْعِرَاقِ عَلَى السِّنْدِ الْمُنْذِرَ بْنَ الْجَارُودِ الْعَبْدِيَّ، وَلِابْنِهِ الْجَارُودِ بْنِ عَمْرٍو صُحْبَةٌ. وَكَانَ الْمُنْذِرُ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ. وَفِيهَا: غَزَا سَلْمُ بْنُ أَحْوَرَ خَوَارِزْمَ فَصَالَحُوهُ عَلَى مَالٍ، ثُمَّ عَبَرَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَنَازَلَهَا، فَصَالَحُوهُ أَيْضًا. وَفِيهَا: نَقَضَ أَهْلُ كَابُلَ، وَأَخَذُوا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَسِيرًا، فَسَارَ أَخُوهُ يَزِيدُ فِي جَيْشٍ، فَهَجَمَ عَلَيْهِمْ، فَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ يَزِيدُ، وَقُتِلَ مَعَهُ زَيْدُ بْنُ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَصِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ الْعَدَوِيُّ، وَوَلَدَاهُ، وَعَمْرُو بْنُ قُثَمَ، وَبُدَيْلُ بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ آدَمَ الْعَدَوِيُّ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ. قَالَهُ خَلِيفَةُ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ لِلنَّاسِ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سفيان بن حرب1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 235، 236"، تاريخ الطبري "5/ 478"، صحيح التوثيق "5/ 94". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 حوادث سنة ثلاث وستين: المتوفون في هذه السنة فِيهَا تُوُفِّيَ: رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ، وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ. وَفِيهَا: وَقْعَةُ الْحَرَّةِ عَلَى بَابِ طِيبَةِ، وَاسْتُشْهِدَ فِيهَا خَلْقٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَفِيهَا: بَعَثَ سَلْمُ بْنُ زِيَادٍ: ابْنَ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيَّ وَالِيًا عَلَى سِجِسْتَانَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَفْدِيَ أَخَاهُ مِنَ الْأَسْرِ، فَفَدَاهُ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ، وَأَقْدَمَهُ عَلَى أَخِيهِ، وَأَقَامَ طَلْحَةُ بِسِجِسْتَانَ. فِيهَا: غَزَا عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ مِنَ الْقَيْرَوَانِ، فَسَارَ حَتَّى أَتَى السُّوسَ الْأَقْصَى، وَغَنِمَ وَسَلَّمَ، وَرَدَّ، فَلَقِيَهُ كُسَيْلَةُ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَالْتَقَيَا، فَاسْتُشْهِدَ فِي الْوَقْعَةِ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ، وَأَبُو الْمُهَاجِرِ دِينَارُ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، وَعَامَّةُ أَصَحابِهِمَا. ثُمَّ سَارَ كُسَيْلَةُ الْكَلْبُ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ خَلِيفَةُ عُقْبَةَ عَلَى الْقَيْرَوَانِ، فَقُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ كُسَيْلَةُ، وَهُزِمَ جُنُودُهُ، وَقُتِلَتْ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ كَبِيرَةٌ. قِصَّةُ الْحَرَّةِ: قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: سَمِعْتُ أشياخنا يَقُولُونَ: وَفَدَ إلى يَزِيدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ الْأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَفَدَ فِي ثَمَانِيَةِ بَنِينَ لَهُ، فَأَعْطَاهُ يَزِيدُ مِائَةَ أَلْفٍ، وَأَعْطَى لِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةَ آلَافٍ، سِوَى كِسْوَتِهِمْ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدَ رَجُلٍ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا بَنِيَّ هَؤُلَاءِ لَجَاهَدْتُهُ بِهِمْ، قَالُوا: إِنَّهُ قَدْ أَكْرَمَكَ وَأَعْطَاكَ، قَالَ: نَعَمْ وَمَا قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا لِأَتَقَوَّى بِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَّ النَّاسَ فَبَايَعُوهُ1. وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: دَعُوا إِلَى الرِّضَا وَالشُّورَى وَأَمَّرُوا عَلَى قُرَيْشٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ الْعَدَوِيَّ، وَعَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ، وَعَلَى قَبَائِلِ الْمُهَاجِرِينَ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيَّ، وَأَخْرِجُوا مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: خَلَعُوا يَزِيدَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا عَلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَأَرْسَلَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى مِيَاهِ الطَّرِيقِ، فَصَبُّوا فِي كُلِّ مَاءٍ زِقَّ قَطْرانٍ وَغَوَّرُوهُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ، فَمَا اسْتَقُوا بِدَلْوٍ. وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ يَزِيدَ لَمَّا بَلَغَهُ وُثُوبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِعَامِلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَنَفْيِهِمْ، جَهَّزَ لِحَرْبِهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبةَ الْمُرِّيَّ، وَهُوَ شَيْخٌ، وَكَانَتْ بِهِ النَّوْطَةُ2، وَجَهَّزَ مَعَهُ جَيْشًا كَثِيفًا، فَكَلَّمَ يَزِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا تَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسَكَ، فَقَالَ: أَجَلْ أَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسِي وَأَشْقَى، وَلَكَ عِنْدِي وَاحِدَةٌ، آمُرُ مُسْلِمًا أَنْ يَتَّخِذَ الْمَدِينَةَ طَرِيقًا، فَإِنْ هُمْ لَمْ يَنْصِبُوا لَهُ الْحَرْبَ، وَتَرَكُوهُ يَمْضِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُقَاتِلُهُ، وَإِنْ مَنَعُوهُ وَحَارَبُوهُ قَاتَلَهُمْ، فَإِنْ ظَفِرَ بِهِمْ قَتَلَ مَنْ أَشْرَفَ لَهُ وَأَنْهَبَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ لَا تَعْرِضُوا لِجَيْشِهِ، فَوَرَدَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، فَمَنَعُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْحَرْبَ، وَنَالُوا مِنْ يَزِيدَ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ وَأَنْهَبَهَا ثلاثًا، وسار إلى الزُّبَيْرِ، فَمَاتَ بِالْمُشَلَّلِ، وَعَهِدَ إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ لَيَالِي الْحَرَّةِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "من نزع يدًا من طاعة   1 تاريخ خليفة "ص/ 237". 2 النوطة: النوط كل ما يعلق بشيء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ مَوْتَةَ جَاهِلِيَّةٍ" 1. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تَوَجَّه مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ، وَيُقَالُ: فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ رَاجِلٍ، وَنَادَى مُنَادِي يَزِيدَ: سِيرُوا عَلَى أَخْذِ أعطياتكم، وَمَعُونَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا لِكُلِّ رَجُلٍ. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ لِيَزِيدَ: وَجَّهَنِي أكْفِكَ، قَالَ: لَا، لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا هَذَا، وَاللَّهِ لَا أَقْبَلُهُمْ بَعْدَ إِحْسَانِي إِلَيْهِمْ وَعَفْوِي عَنْهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةً، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عَشِيرَتِكَ وَأَنْصَارِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ رَجَعُوا إلى طَاعَتِكَ، أَتَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: إِنْ فَعَلُوا فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، يَا مُسْلِمُ إِذَا دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ ولَمْ تُصَدَّ عَنْهَا، وَسَمِعُوا وَأَطَاعُوا فَلَا تَعْرِضَنَّ لِأَحدٍ، وَامْضِ إلى الْمُلْحِدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِنْ صَدُّوكَ عَنِ الْمَدِينَةِ فَادْعُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ، فَسَتَجِدُهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ مَرْضَى، وَآخِرَهُ صُبْرًا، سُيُوفُهُمْ أَبْطَحِيَّةٌ، فَإِذَا ظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ قَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَجَرِّدِ السَّيْفَ وَاقْتُلِ الْمُقْبِلَ وَالْمُدْبِرَ، وَأَجْهِزْ عَلَى الْجَرِيحِ وانهبها ثَلَاثًا، وَاسْتَوْصِ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَشَاوِرْ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرَ، وَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ، فَوَلِّهِ الْجَيْشَ2. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْحَرَّةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَادَ يَنْجُو مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَقَدْ قُتِلَ ابْنَا زَيْنَبِ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَتَيْتُ بِهِمَا فَوَضَعْتُهُمَا بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمُصِيبَةَ عَلَيَّ فِيكُمَا لَعَظِيمَةٌ، وَهِيَ فِي هَذَا -وَأَشَارَتْ إِلَى أَحَدِهِمَا- أَعْظَمُ مِنْهَا فِي هَذَا -وَأَشَارَتْ إِلَى الْآخَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا بَسَطَ يَدَهُ، وَأَمَّا هَذَا فَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ، فَدُخِلَ عَلَيْهِ فَقُتِلَ، فَأَنَا أَرْجُو بِهِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: نهب مسرف بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ ثَلَاثًا، وَافْتَضَّ فِيهَا أَلْفَ عَذْرَاءَ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَخَافَهُ اللَّهُ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1851"، وأحمد "2/ 70، 123، 133"، وابن أبي عاصم "2/ 512" في السنة. 2 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 "اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صعصعة، عن عطاء بن السَّائِبِ، وَخَالَفَهُمْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ عَطَاءٍ فَقَالَ: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَتَحَدَّثُونَ قَالُوا: خَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّةِ بِجُمُوعٍ كَبِيرَةٍ، وَهَيْئَةٌ لَمْ يُرَ مِثْلَهَا، فَلَمَّا رَآهُمْ أَهْلُ الشَّامِ كَرِهُوا قِتَالَهُمْ، فَأَمَرَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بسريره، فَوُضِعَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيَهُ: قَاتِلُوا عَنِّي، أَوْ دَعُوا، فَشَدَّ النَّاسُ فِي قِتَالِهِمْ، فَسَمِعُوا التَّكْبِيرَ خَلْفَهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَأَقْحِمْ عَلَيْهِمْ بَنُو حَارِثَةَ وَهُمْ عَلَى الْحَرَّةِ، فَانْهَزَمَ النَّاسُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ مُتَسَانِدٌ إِلَى بَعْضِ بَنِيهِ يَغِطُّ نَوْمًا، فَنَبَّهَهُ ابْنُهُ، فَلَمَّا رَأَى مَا جَرَى أَمَرَ أَكْبَرَ بَنِيهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُقَدِّمُهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْرَ سَيْفِهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ2. وَقَالَ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ: هَا ذَاكَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ، فَقَالَ: لَا أُبَايِعُ عَلَيْهِ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانٍ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ تَمِيمٍ، كُلُّ قَدْ حَدَّثَنِي، قَالُوا: لَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْحَرَّةِ، وَأَخْرَجُوا بَنِي أُمَيَّةَ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَاجْتَمَعُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، وَبَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ: يَا قَوْمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ مَا خَرَجْنَا عَلَى يَزِيدَ حَتَّى خِفْنَا أَنْ نُرْمَى بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ، إِنَّهُ رَجُلٌ يَنْكِحُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، وَيَشْرَبُ الْخَلَّ وَيَدَعُ الصَّلَاةَ، قَالَ: فَكَانَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يَبِيتُ تِلْكَ اللَّيَالِي فِي الْمَسْجِدِ، وَمَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَشْرَبَ، يُفْطِرُ عَلَى شَرْبَةِ سَوِيقٍ وَيَصُومُ الدَّهْرَ، وَمَا رُؤِيَ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ إِخْبَاتًا، فَلَمَّا قَرُبَ الْقَوْمُ خَطَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ أَصْحَابَهُ، وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ، وَأَمَرَهُمْ بِالصِّدْقِ فِي اللِّقَاءِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنا   1 حديثٌ صحيحٌ: أخرجه أحمد "4/ 55"، وابن أبي شيبة "12/ 181" في مصنفه، وابن حبان "1039"، والطبراني "7/ 169، 171"، في الكبير. 2 خبر ضعيف: أخرجه الطبري "5/ 489"، في تاريخه، وفيه جهالة بعض الرواة. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 8"، ومسلم "1861"، وأحمد "4/ 41، 42". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 بِكَ وَاثِقُونَ، فَصَبَّحَ الْقَوْمُ الْمَدِينَةَ، فَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةَ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى كَثَّرَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ، وَدُخِلَتِ الْمَدِينَةُ مِنَ النَّوَاحِي كُلِّهَا، وَابْنُ حَنْظَلَةَ يَمْشِي بِهَا فِي عِصَابَةٍ مِنَ النَّاسِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِمَوْلًى لَهُ: احم لِي ظَهْرِي حَتَّى أُصَلِّي الظُّهْرَ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ، فَعَلَامَ نُقِيمُ؟ وَلِوَاؤُهُ قَائِمٌ مَا حَوْلَهُ إِلَّا خَمْسَةٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّمَا خَرَجْنَا عَلَى أَنْ نَمُوتَ، قَالَ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ كَالنَّعَامِ الشَّرُودِ، وَأَهْلُ الشَّامِ يَقْتُلُونَ فِيهِمْ، فَلَمَّا هُزِمَ النَّاسُ طَرَحَ الدِّرْعَ، وَقَاتَلَهُمْ حَاسِرًا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ وَهُوَ مَادٌّ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ، فَقَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ لَئِنْ نَصَبْتَهَا مَيْتًا لَطَالَمَا نَصَبْتَهَا حَيًّا1. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ مُمَعَّطَ اللِّحْيَةِ، فَقُلْتُ تَعْبَثُ بِلِحْيَتِكَ! فَقَالَ: لَا، هَذَا مَا لَقِيتُ مِنْ ظَلَمَةِ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ الْحَرَّةِ، دَخَلُوا عَلَيَّ زَمَنَ الْحَرَّةِ فَأَخَذُوا مَا فِي الْبَيْتِ، ثُمَّ دَخَلَتْ علي طائفة، فلم يَجِدُوا فِي الْبَيْتِ شَيْئًا، فَأسِفُوا وَقَالُوا: أضْجِعُوا الشَّيْخَ، فَأَضْجَعُونِي، فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِي خُصْلَةً2. عَنْ بَعْضِهِمْ قَالُوا: وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَنَهَبُوا وَأَفْسَدُوا، وَاسْتَحَلُّوا الْحُرْمَةَ. قَالَ خَلِيفَةُ: فَجَمِيعُ مَنْ أُصِيبَ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ يَوْمَ الْحُرَّةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةُ رِجَالٍ، ثُمَّ سَرَدَ أَسْمَاءَهُمْ فِي سِتِّ أَوْرَاقٍ، قَالَ: وَكَانَتِ الوقعة لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ يَوْمَ الْحَرَّةِ: هَلْ خَرَجَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: لَا، لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ مُسْرِفٌ وَقَتَلَ النَّاسَ، سَأَلَ عَنْ أَبِي، أَحَاضِرٌ هُوَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: مَا لِي لَا أَرَاهُ! فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبِي فَجَاءَهُ ومعه ابنا محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ، فَرَحَّبَ بِهِمْ، وَأَوْسَعَ لِأَبِي عَلَى سَرِيرِهِ وَقَالَ: كَيْفَ كُنْتَ؟ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكَ خَيْرًا، فَقَالَ: وَصَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: هُمَا ابْنَا عَمِّي، فَرَحَّبَ بهما. قلت: فممن أُصِيبَ يَوْمَئِذٍ: أَمِيرُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ، وَبَنُوهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ الَّذِي حَكَى وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعقل بن سنان   1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 67، 68" في طبقاته، وفيه الواقدي من الضعفاء. 2 خبر ضعيف: فيه عنعنة ابن فضالة، وهو من المدلسين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 الْأَشْجَعِيُّ، حَامِلُ لِوَاءِ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَوَاسِعُ بْنُ حِبَّانَ الْأَنْصَارِيُّ، مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، وَكَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَحَدُ مَنْ نَسَخَ الْمَصَاحِفَ الَّتِي سَيَّرَهَا عُثْمَانُ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى الْأَمْصَارِ، وَأَبُوهُ أَفْلَحُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، قُتِلَا مَعَ مَعْقِلِ الْأَشْجَعِيِّ صَبْرًا. وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ: سَعْدٌ، وَسُلَيْمَانُ، وَيَحْيَى، وَإِسْمَاعِيلُ، وَسَلِيطٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بَنُو زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لِصُلْبِهِ. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمِ النَّحَّامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ1. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ النحام أحد الرؤوس يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ زَوْجُ رُقَيَّةَ ابْنَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَقُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةَ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، وَيَزِيدُ، وَوَهْبُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَيَعْقُوبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو حَكِيمَةَ مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ الْقَارِئُ، الَّذِي أَقَامَهُ عُمَرُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ التَّرَاوِيحَ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ سَعِيدٌ الْمَقْبُريُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَمِنْهُمْ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أُنَيْسٍ، تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ. قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: أَتَى مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْأَسَدِيِّ فَقَالَ: بَايِعْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَةِ نَبِيِّهِ، فَامْتَنَعَ، فَأَمَرَ بِهِ مُسْلِمَ فَقُتِلَ2. وَقَالَ: دَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ3 لِيَزِيدَ، يَحْكُمُ فِي أَهْلِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مَا شَاءَ، حَتَّى أُتِيَ بِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَكَانَ صَدِيقًا لِيَزِيدَ وَصَفِيًّا لَهُ، فَقَالَ: بَلْ أُبَايِعُكَ على أني ابن عم أمير المؤمنين،   1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 170، 171"، وفيه الواقدي. 2 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. وأخرجه الطبري "5/ 492" في تاريخه. 3 عبيد وخدم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 يَحْكُمُ فِي دَمِي وَأَهْلِي، فَقَالَ: اضْرِبَا عُنُقَهُ، فَوَثَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ مُسْلِمٌ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُهُ أَبَدًا، وَقَالَ: إِنْ تَنَحَّى مَرْوَانَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُمَا مَعًا، فَتَرَكَهُ مَرْوَانُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَقُتِلَ أَيْضًا صَبْرًا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَجَاءَ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي الْجَهْمِ كَانَا فِي قَصْرِ العرصة، فَأَنْزَلَهُمَا مُسْلِمٌ بِالْأَمَانِ، ثُمَّ قَتَلَهُمَا، وَقَالَ لِمُحَمَّدٍ: أَنْتَ الْوَافِدُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَصَلَكَ وَأَحْسَنَ جَائِزَتَكَ، ثُمَّ تَشَهَّدَ عَلَيْهِ بِالشُّرْبِ1. وَقِيلَ: بَلْ قَالَ لَهُ: تُبَايِعُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنَّكَ عَبْدٌ قَنٍّ، إِنْ شَاءَ أَعْتَقَكَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّكَ، قَالَ: بَلْ أُبَايِعُ عَلَى أَنِّي ابْنُ عَمِّ لَئِيمٍ، فَقَالَ: اضْرِبُوا عُنُقَهُ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ من حملة القرآن سبعمائة. قلت: ولما فَعَلَ يَزِيدُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ، وَقُتِلَ الْحُسَيْنُ وَإِخْوَتُهُ وَآلُهُ، وَشَرِبَ يَزِيدُ الْخَمْرَ، وَارْتَكَبَ أَشْيَاءَ مُنْكَرَةً، بَغِضَهُ النَّاسُ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُبَارِكِ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو بِلَالِ مِرْدَاسِ بْنِ أُدَيَّةَ الْحَنْظَلِيُّ. قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ جَيْشًا لِحَرْبِهِ، فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَتَلَهُ أَبُو بِلَالٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أيَضًا عَبَّادَ بْنَ أَخْضَرَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَقَاتَلُوا أَبَا بِلَالٍ فِي سَوَادِ مَيْسَانَ، ثُمَّ قُتِلَ عَبَّادُ غِيلَةً. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيدٍ: خَرَجَ أَبُو بِلَالٍ أَحَدُ بَنِي رَبِيعَةَ بْنُ حَنَظْلَةَ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَلَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا، لَمْ يَعْرِضْ لِلسَّبِيلِ، وَلَا سَأَلَ، حَتَّى نَفَذَ زَادُهُمْ وَنَفَقَاتُهُمْ، حَتَّى صَارُوا يَسْأَلُونَ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِقِتَالِهِمْ جَيْشًا، عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِصْنٍ الثَّعْلَبِيُّ، فَهَزَمُوا أَصْحَابَهُ، ثُمَّ بَعَثَ عَلَيْهِمْ عَبَّادَ بْنُ أَخْضَرَ، فَقَتَلَهُمْ أَجْمَعِينَ2. وَرَوَى غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: خَرَجَ أَبُو بلال من البصرة في   1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. 2 خبر صحيح. أخرجه خليفة بن خياط "256". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا، فَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ فِي قَافِلَةٍ قَالَ: جَاءُونَا يَقُودُونَ خُيُولَهُمْ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بِلَالٍ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُمْ مَا كَانَ يُؤْتَى إِلَيْنَا، وَلَعَلَّنَا لَوْ صَبَرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَنَا، وَقَدْ أَصَابَتْنَا خَصَاصَةٌ1، فَتَصَدَّقُوا، إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ، قَالَ: فَجَاءَهُ التُّجَّارُ بِالْبُدَرِ2، فَوَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: لَا، إِلَّا دِرْهَمَيْنِ لِكُلِّ رَجُلٍ، فَلَعَلَّنَا لَا نَأْكُلُهَا حَتَّى نُقْتَلَ، فَأَخَذَ ثَمَانِينَ دِرْهَمًا لَهُمْ، قَالَ: فَسَارَ إِلَيْهِمْ جُنْدٌ فَقَتَلُوهُمْ3. وَقَالَ عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ: كَانَ أَبُو بِلَالٍ صَدِيقًا لِأَبِي الْعَالِيَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَبَا الْعَالِيَةِ خُرُوجُهُ، أَتَاهُ فَكَلَّمَهُ فَمَا نَفَعَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَبُو بِلَالٍ يَلْبَسُ سِلَاحَهُ فِي اللَّيْلِ، وَيَرْكَبُ فَرَسَهُ، فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَقُولُ: إِنِّي وَزَنْتُ الَّذِي يَبْقَى لِأَعْدِلَهُ ... مَا لَيْسَ يَبْقَى فَلَا وَاللَّهِ مَا اتَّزَنَا خَوْفُ الْإِلَهِ وَتَقْوَى اللَّهِ أَخْرَجَنِي ... وَيَبِيعُ نَفْسِي بِمَا لَيْسَتْ لَهُ ثَمَنَا وَخَرَجَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ فِي آخِرِ خِلَافَةِ يَزِيدَ، فَاعْتَرَضَ النَّاسُ، فَانْتَدَبَ لَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْسٍ الْعَبْشَمِيِّ الْقُرَشِيِّ، فَقُتِلَا كِلَاهُمَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي فِي جَيْشِ ابْنِ عُبَيْسٍ، فَلَقَيْنَاهُمْ بِدُولَابٍ، فَقُتِلَ مِنَّا خَمْسَةُ أُمَرَاءَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ قُرَّةُ بْنُ إياس المزني وأبو معاوية، وله صحبة ورواية. وقال أبو اليقطان: قَتَلَ رَبِيعَةُ السَّلِيطِيُّ مُسْلِمَ بْنَ عُبَيْسٍ فَارِسَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الْأَزْرَقِ رَأَّسَتِ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَاحُوزٍ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الْمَدَائِنِ. وَلَمَّا قُتِلَ مَسْعُودٌ الْمُعَنَّى غَلَبُوا عَلَى الْأَهْوَازِ وَجَبُوا الْمَالَ، وَأَتَتْهُمُ الْأَمْدَادُ مِنَ الْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ، وَخَرَجَ طَوَّافُ بْنُ الْمُعَلَّى السَّدُوسِيُّ فِي نَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ، فَخَرَجَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَحَكَّمَ أُبَيَّ قَالَ: لَا حُكْمَ إِلَّا عِنْدَ قَصْرِ أَوْسٍ، فَرَمَاهُ النَّاسُ بِالْحِجَارَةِ، وَقَاتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قُتِلَ وَتَمَزَّقَ جمعه4.   1 خصاصة: شدة. 2 البدر: أكياس أو صرر الأموال، والبدرة فيها عشرة آلاف. 3 تاريخ خليفة "256". 4 تاريخ خليفة "259". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 حوادث سنة أربع وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: رَبِيعَةُ الْجُرَشِيُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ بِمَرْجِ رَاهِطٍ1، وَشَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ السَّدُوسِيُّ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَمَعْنُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، وَابْنُهُ ثَوْرٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي آخرها، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الأموي، وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: لَمَّا فَرَغَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ مِنَ الْحَرَّةِ، تَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيَّ، فَأَدْرَكَ مُسْلِمًا الْمَوْتُ، وَعَهِدَ بِالْأَمْرِ إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرِ، فَقَالَ: انْظُرْ يَا بَرْذَعَةَ الْحِمَارِ، لَا تُرْعِ سَمْعَكَ قُرَيْشًا، وَلَا تَرُدَّنَّ أَهْلَ الشَّامِ عَنْ عَدُوِّهِمْ، وَلَا تُقِيمَنَّ إِلَّا ثَلَاثًا حَتَّى تُنَاجِزَ ابْنَ الزُّبَيْرِ الْفَاسِقَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَعْمَلْ عَمَلًا قَطُّ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَا أَرْجَى عِنْدِي مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ، فَقَدِمَ حُصَيْنٌ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ بَايَعَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَنَفِيُّ الْحَرُورِيُّ، فِي أُنَاسٍ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَجَرَّدَ أَخَاهُ الْمُنْذِرَ لِقِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَ مِمَّنْ شَاهَدَ الْحَرَّةَ، ثُمَّ لَحِقَ بِهِ فَقَاتَلَهُمْ سَاعَةً، ثُمَّ دعى إلى الْمُبَارَزَةِ، فَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ، وَخَرَّ مَيِّتًا، وَقَاتَلَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى قُتِلَ، صَابَرَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْقِتَالِ إِلَى اللَّيْلِ، ثُمَّ حَاصَرُوهُ بِمَكَّةَ شَهْرَ صَفَرَ، وَرَمَوْهُ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَكَانُوا يُوقِدُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَأَقْبَلَتْ شَرَرَةٌ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ، فَأَحْرَقَتِ الْأَسْتَارَ وَخَشَبَ السَّقْفِ، سَقْفُ الْكَعْبَةِ، وَاحْتُرِقَ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي فَدَى اللَّهُ به إِسْمَاعِيلَ، وكانا فِي السَّقْفِ. قَالَ: فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ مَوْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَنَادَى بِأَهْلِ الشَّامِ: إِنَّ طَاغِيَتَكُمْ قَدْ هَلَكَ، فَغَدَوْا يُقَاتِلُونَ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِلْحُصَيْنِ بن نُمَيْرٍ: أُدْنُ مِنِّي أُحَدِّثُكَ، فَدَنَا، فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ: لَا نُقَاتِلُكَ، فَائْذَنْ لَنَا نَطُفْ بِالْبَيْتِ وَنَنْصَرِفْ، فَفَعَلَ. وَذَكَرَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّ الْحُصَيْنَ سَأَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ مَوْعِدًا بِاللَّيْلِ، فَالْتَقَيَا بِالْأَبْطَحِ، فَقَالَ لَهُ الْحُصَيْنُ: إِنْ يَكُ هَذَا الرَّجُلُ قد هلك، فأنت أحق الناس بهذا   1 إحدى أشهر الأماكن في ديار الشام، وكانت عنده مواقع حاسمة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 الأمر، هلم نبايعك، ثم اخرج معي إلى الشَّامِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ وُجُوهُ أَهْلِ الشَّامِ وَفُرْسَانُهُمْ، فَوَاللَّهِ لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ، وَأَخَذَ الْحُصَيْنُ يُكَلِّمُهُ سِرًّا، وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَجْهَرُ جَهْرًا، وَيَقُولُ: أَفْعَلُ، فَقَالَ الْحُصَيْنُ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ لَكَ رَأْيًا، أَلَا أَرَانِي أُكَلِّمُكَ سِرًّا وَتُكَلِّمُنِي جَهْرًا، وَأَدْعُوكَ إِلَى الْخِلَافَةِ وَتَعِدُنِي الْقَتْلَ! ثُمَّ قَامَ وَسَارَ بِجَيْشِهِ، وَنَدِمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَأَرْسَلَ وَرَاءَهُ يَقُولُ: لَسْتُ أَسِيرُ إِلَى الشَّامِ، إِنِّي أَكْرَهُ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ، وَلَكِنْ بَايِعُوا لِي الشَّامَ، فَإِنِّي عَادِلٌ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ سَارَ الْحُصَيْنِ، وَقَلَّ عَلَيْهِمُ الْعَلْفُ، وَاجْتَرَأَ عَلَى جَيْشِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ، وَجَعَلُوا يَتَخَطَّفُونَهُمْ وَذُلُّوا، وَسَارَ مَعَهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ1. وَقَالَ غَيْرُهُ: سَارَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا صَدَرَ عَنِ الْأَبْوَاءِ هَلَكَ، وَأَمَّرَ عَلَى جَيْشِهِ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ الْكِنْدِيَّ، فَقَالَ: قَدْ دَعَوْتُكَ، وَمَا أَدْرِي أَسْتَخْلِفُكَ عَلَى الْجَيْشِ، أَوْ أُقَدِّمُكَ فَأَضْرِبُ عُنُقَكَ، قَالَ: أصلحك اللَّهُ، سَهْمُكَ، فَارْمِ بِهِ حَيْثُ شِئْتَ، قَالَ: إِنَّكَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ جَافٌّ، وَإِنَّ قُرَيْشًا لَمْ يُمَكِّنْهُمْ رَجُلٌ قَطُّ مِنْ أُذُنِهِ إِلَّا غَلَبُوهُ عَلَى رَأْيِهِ، فَسِرْ بِهَذَا الْجَيْشِ، فَإِذَا لَقِيتَ الْقَوْمَ فَاحْذَرْ أَنْ تُمَكِّنَهُمْ مِنْ أُذُنَيْكَ، لَا يَكُونُ إِلَّا الْوِقَافُ ثُمَّ الثِّقَافُ ثُمَّ الانصراف2. وفاة يزيد بن معاوية: وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ لَيْلًا، وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يَرُدُّونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، قال ابن عون: فقمت فِي مَشْرَبةٍ لَنَا فِي دَارِ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَصِحْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: يَا أَهْلَ الشَّامِ، يَا أَهْلَ النِّفَاقِ وَالشُّؤْمِ، قَدْ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَاتَ يَزِيدُ، فَصَاحُوا وَسَبُّوا وَانْكَسَرُوا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءَ شَابٌّ فَاسْتَأْمَنَ، فَأَمَّنَّاهُ، فَجَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ، وَأَشْيَاخٌ جُلُوسٌ فِي الْحِجْرِ، وَالْمِسْوَرُ يَمُوتُ فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ الشَّابُّ: إِنَّكُمْ مَعْشَرُ قُرَيْشٍ، إِنَّمَا هَذَا الْأَمْرُ أَمْرُكُمْ، وَالسُّلْطَانُ لَكُمْ، وَإِنَّمَا خَرَجْنَا فِي طَاعَةِ رَجُلٍ مِنْكُمْ، وَقَدْ هَلَكَ، فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تَأْذَنُوا لَنَا فَنَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَنَنْصَرِفُ إِلَى بِلَادِنَا، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى رَجُلٍ. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَا، وَلَا كَرَامَةَ، فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: لِمَ! بَلَى نَفْعَلُ ذَلِكَ، فَدَخَلَا على المسور   1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وانظر: تاريخ الطبري "5/ 502، 503". 2 تاريخ خليفة "254"، "255". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 فَقَالَ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [آل عمران: 114] ، الْآيَةَ، قَدْ خَرَّبُوا بَيْتَ اللَّهِ، وَأَخَافُوا عُوَّادَهُ، فَأَخِفْهُمْ كَمَا أَخَافُوا عُوَّادَهُ، فَتَرَاجَعُوا، وَغُلِبَ الْمِسْوَرُ وَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ1. قُلْتُ: وَكَانَ لَهُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ قَدْ أَصَابَهُ مِنْ حَجَرِ الْمَنْجَنِيقِ شَقَّهُ فِي خَدِّهِ فَهَشَمَ خَدُّهُ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، فَبَايَعُوهُ، وَأَبَى عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَقَالَا: حَتَّى تَجْتَمِعَ لَكَ الْبِلَادُ وَمَا عِنْدَنَا خِلَافٌ، فَكَاشَرَهُمَا ثُمَّ غَلَظَ عَلَيْهِمَا سنة سِتَّ وستين2. البيعة لابن الزبير: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا بَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ مَوْتُ يَزِيدَ بَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، لَمَّا خَطَبَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ إِنَّمَا يَدْعُو إِلَى الشورى، فبايعوه في رجب. البيعة لمعاوية بن يزيد: وَلَمَّا هَلَكَ يَزِيدُ بُويِعَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، فَبَقِيَ فِي الْخِلَافَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقِيلَ: شَهْرَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مُتَمَرِّضًا، والضحاك بْنُ قَيْسٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ فَأَبى وَقَالَ: مَا أَصَبْتُ مِنْ حَلَاوَتِهَا، فَلَمْ أَتَحَمَّلْ مَرَارَتَهَا3! وَكَانَ لَمْ يُغَيِّرْ أَحَدًا مِنْ عُمَّالِ أَبِيهِ. وَكَانَ شَابًّا صَالِحًا، أبيض جميلًا وَسِيمًا، عَاشَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَرَادَتْ بَنُو أُمَيَّةَ عُثْمَانَ هَذَا عَلَى الْخِلَافَةِ، فَامْتَنَعَ وَلَحِقَ بِخَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وقَالَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عِنْدَ موت معاوية: أقيموا أمركم قبل أن   1 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 2 انظر السابق. 3 خبر صحيح: أخرجه أبو زرعة "757" في تاريخ دمشق، وانظر: البداية "8/ 256"، وتاريخ الخلفاء "ص/ 334" للسيوطي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ شَامَكُمْ، فَتَكُونُ فِتْنَةً، فَكَانَ رَأْيُ مَرْوَانَ أَنْ يُرَدَّ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُبَايِعُهُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ هَارِبًا مِنَ الْعِرَاقِ، وَكَانَ عِنْدَمَا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ خَطَبَ النَّاسَ، وَنَعَى إِلَيْهِمْ يَزِيدَ وَقَالَ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَمِيرًا، فقَالُوا: نَخْتَارُكَ حَتَّى يَسْتَقِيمَ أَمْرُ النَّاسِ، فَوَضَعَ الدُّيُونَ وَبَذَلَ الْعَطَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ الرياحي بِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ، فَدَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَزْدِيُّ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ، قَالُوا: نَخْتَارُكَ، فَبَايَعُوهُ وَقَالُوا: أَخْرِجْ لَنَا إِخْوَانَنَا، وَكَانَ قَدْ مَلَأَ السُّجُونَ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّهُمْ يُفْسِدُونَ عَلَيْكُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَخْرَجَهُمْ، فَجَعَلُوا يُبَايِعُونَهُ، فَمَا تَتَامَّ آخِرُهُمْ حَتَّى أَغْلَظُوا لَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا فِي نَاحِيَةِ بَنِي تَمِيمٍ1. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَجَعَلُوا يَمْسَحُونَ أَيْدِيَهُمْ بِجُدُرِ بَابِ الْإِمَارَةِ، وَيَقُولُونَ: هَذِهِ بَيْعَةُ ابْنِ مَرْجَانَةَ، وَاجْتَرَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ حَتَّى نَهَبُوا خَيْلَهُ مِنْ مَرْبَطِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَهَرَبَ بِاللَّيْلِ، فَاسْتَجَارَ بِمَسْعُودِ بْنِ عَمْرِو رَئِيسِ الْأَزْدِ، فَأَجَارَهُ. ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ بَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيَّ بَبَّةَ، وَرَضُوا بِهِ أميرًا عليهم، واجتمع الناس لتتمة الْبَيْعَةِ، فَوَثَبَتِ الْحَرُوريَّةُ عَلَى مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَتَلُوهُ، وَهَرَبَ النَّاسُ، وَتَفَاقَمَ الشَّرُّ، وَافْتَرَقَ الْجَيْشُ فرقتين، وكانوا نحوًا من خَمْسِينَ أَلْفًا، وَاقْتَتَلُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَكَانَ عَلَى الْخَوَارِجِ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ. وَقَالَ الزُّبَيْرِ بْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ إِنَّ مَسْعُودًا جَهَّزَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ مِائَةً مِنَ الْأَزْدِ، فَأَقْدَمُوهُ الشَّامَ. وَرَوَى ابْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ الْجَهْضَمِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ زِيَادٍ: إِنِّي لَأَعْرِفُ سُورًا كَانَ فِي قَوْمِكَ، قَالَ الْحَارِثُ: فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ فَأَرْدَفْتُهُ عَلَى بَغْلَتِي، وَذَلِكَ لَيْلًا، وَأَخَذَ عَلَى بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: بَنُو سُلَيْمٍ، قَالَ: سَلِمْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ مَرَرْنَا عَلَى بَنِي نَاجِيَةَ وَهُمْ جُلُوسٌ مَعَهُمُ السِّلَاحُ، فَقَالُوا: مَنْ ذَا؟ قُلْتُ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، قَالُوا: امْضِ رَاشِدًا، فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا وَاللَّهِ ابْنُ مَرْجَانَةَ خَلْفَهُ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَوَضَعَهُ فِي كَوْرِ عِمَامَتِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدُ من هؤلاء؟ قلت:   1 تاريخ الطبري "5/ 505". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 الَّذِينَ كُنْتُ تَزْعُمُ أَنَّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ، هَؤُلَاءِ بَنُو نَاجِيَةَ، فَقَالَ: نَجَوْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ قَدْ أَحْسَنْتَ وَأَجْمَلْتَ، فَهَلْ تَصْنَعُ مَا أُشِيرَ بِهِ عَلَيْكَ، قَدْ عَرَفْتَ حَالَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو وَشَرَفَهُ وَسِنَّهُ، وَطَاعَةَ قَوْمِهِ لَهُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَذْهَبَ بِي إِلَيْهِ، فَأَكُونُ فِي دَارِهِ، فَهِيَ أَوْسَطُ الْأَزْدِ دَارًا، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَصَدَّعَ عَلَيْكَ قَوْمُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ، فَأُشْعِرَ مَسْعُودٌ وَهُوَ جَالِسٌ يُوقِدُ لَهُ بِقَصَبٍ عَلَى لَبِنَةٍ، وَهُوَ يُعَالِجُ أَحَدَ خُفَّيْهِ بِخَلْعِهِ، فَعَرَفَنَا فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ طَوَارِقِ السُّوءِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَفَتُخْرِجُهُ بَعْدَمَا دَخَلَ عَلَيْكَ بَيْتَكَ! فَأَمَرَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَ ابْنِهِ عَبْدِ الْغَافِرِ، وَرَكِبَ مَعِي فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَطَافَ فِي الْأَزْدِ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ قَدْ فُقِدَ، وَإِنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ نُلْطَخَ بِهِ، فَأَصْبَحَتِ الْأَزْدُ فِي السِّلَاحِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ قَدْ فَقَدُوا ابْنَ زِيَادٍ فَقَالُوا: أَيْنَ تَوَجَّهَ، مَا هُوَ إِلَّا فِي الْأَزْدِ؟ قَالَ خَلِيفَةُ: قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: فَسَارَ مَسْعُودٌ وَأَصْحَابُهُ يُرِيدُونَ دَارَ الْإِمَارَةِ، وَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ، وَقَتَلُوا قَصَّارًا كَانَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَنَهَبُوا دَارَ امْرَأَةٍ، وَبَعَثَ الْأَحْنَفُ حِينَ عَلِمَ بذَلِكَ إِلَى بَنِي تَمِيمٍ، فَجَاءُوا، وَدَخَلَتِ الْأَسَاوِرَةُ الْمَسْجِدَ فَرَمَوْا بِالنُّشَّابِ، فَيُقَالُ: فَقَأُوا عَيْنَ أَرْبَعِينَ نَفْسًا. وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى مَسْعُودٍ فَقَتَلَهُ، وَهَرَبَ مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ، فَلَجَأَ إِلَى بَنِي عَدِيٍّ، وَانْهَزَمَ النَّاسُ1. وقال الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَدِمَ الشَّامَ، وَقَدْ بَايَعَ أَهْلُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، مَا خَلَا أَهْلِ الْجَابِيَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، فَبَايَعَ هُوَ وَمَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ مُعَاوِيَةَ، فِي نِصْفِ ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ سَارُوا فَالْتَقَوْا هُمْ وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ الضَّحَّاكُ فِي سِتِّينَ أَلْفًا، وَكَانَ مَرْوَانُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَأقَامُوا عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لِمَرْوَانَ: إِنَّ الضَّحَّاكَ فِي فُرْسَانِ قَيْسٍ، وَلَنْ تَنَالَ مِنْهُمْ مَا تُرِيدَ إِلَّا بِمَكِيدَةٍ، فَسَلْهُمُ الْمُوَادَعَةَ، وَأَعِدَّ الْخَيْلَ، فَإِذَا كَفُّوا عَنِ الْقِتَالِ فادهمهم2، قَالَ: فَمَشَتْ بَيْنَهُمُ السُّفَرَاءُ حَتَّى كَفَّ الضَّحَّاكُ عَنِ الْقِتَالِ، فَشَدَّ عَلَيْهِمْ مَرْوَانُ فِي الْخَيْلِ، فَنَهَضُوا لِلْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ تَعْبِئَةٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَقُتِلَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ3. وسنورد من أخباره في اسمه.   1 تاريخ خليفة "258". 2 أي فجأهم بغتة. 3 تاريخ خليفة "259". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَمَّا مَاتَ يَزِيدُ انْتَقَضَ أَهْلُ الرَّيِّ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ أَمِيرُ الْكُوفَةِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَيْرِ بْنِ عُطَارِدٍ الدَّارَمِيَّ. وَكَانَ إِصْبَهْبَذَ الرَّيِّ1يَوْمَئِذٍ الْفَرُّخَانُ، فَانْهَزَمَ الْفَرُّخَانُ وَالْمُشْرِكُونَ. وَفِيهَا ظَهَرَتِ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ بِمِصْرَ، ودعوا إلى عبد اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانُوا يَظُنُّونَهُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَلَحِقَ بِهِ خَلْقٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ، فَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مِصْرَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ الْفِهْرِيَّ، فَوَثَبُوا عَلَى سَعِيدٍ الْأَزْدِيِّ فَاعْتَزَلَهُمْ. وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ بَعْدَ هُرُوبِ ابْنِ زِيَادٍ اصْطَلَحُوا عَلَى عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ الْجُمَحِيِّ، فَأَقَرَّهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَفِيهَا هَدَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ لَمَّا احْتَرَقَتْ، وَبَنَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا -الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَمَتْنُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، وَلَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ فِي الْبَيْتِ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ، بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ" 2، وَقَالَ: "إِنَّ قُرَيْشًا قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ، فَتَرَكُوا مِنْ أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ الْحِجْرَ، وَاقْتَصَرُوا عَلَى هَذَا"، وَقَالَ: "إِنَّ قَوْمَكِ عَمِلُوا لَهَا بَابًا عَالِيًا، لِيُدْخِلُوا مَنْ أَرَادُوا، أَوْ يَمْنَعُوا مَنْ أَرَادُوا". فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَبِيرًا، وَأَلْصَقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَوُلِّيَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَكَّةَ أَعَادَ الْبَيْتَ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَقَضَ حَائِطَهُ مِنْ جِهَةِ الْحِجْرِ فَصَغَّرَهُ، وَأَخْرَجَ مِنْهُ الْحِجْرَ، وَأَخَذَ مَا فَضَلَ مِنَ الْحِجَارَةِ، فَدَكَّهَا فِي أَرْضِ الْبَيْتِ، فَعَلَا بَابُهُ، وسد الباب الغربي3.   1 إصبهبذ: هو رئيس بلاد طبرستان، وكل من يتولى الحكم فيها يطلق عليه ذلك اللقب. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2/ 180"، ومسلم "1333"، والنسائي "5/ 216"، وأحمد "6/ 239، 253، 262"، والبيهقي "5/ 89" في سننه الكبري. 3 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 261"، وتاريخ الطبري "5/ 524، 530، 540" صحيح التوثيق "5/ 96". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 حوادث سنة خمس وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الله بن عمرو بن العاص، ومروان ابن الْحَكَمِ، وَسُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ، وَمَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ السُّكُونِيُّ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ، وَقِيلَ: فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الهمداني الأعور. البيعة لمروان بن الحكم: وَلَمَّا انْقَضَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ بَايَعَ أَكْثَرُ أَهْلِ الشَّامِ لِمَرْوَانَ، فَبَقِيَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ، وَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَفِيهَا: دَخَلَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ الْأَزْدِيُّ خُرَاسَانَ أَمِيرًا عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَلَّمَهُ أَمِيرُهَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ فِي قِتَالِ الْأَزَارِقَةِ1 وَالْخَوَارِجِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَمَدُّوهُ بِالْجُيُوشِ، فَسَارَ وَحَارَبَ الْأَزَارِقَةَ أَصْحَابَ ابْنِ الْأَزْرَقِ، وَصَابَرَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ حَتَّى كَسَرَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ أربع آلَافِ وَثَمَانِمِائَةٍ. وَفِيهَا: سَارَ مَرْوَانُ بِجُيُوشِهِ إِلَى مِصْرَ، وَقَدْ كَانَ كَاتِبُهُ كُرَيْبُ بْنُ أَبْرَهَةَ، وَعَابِسُ بْنُ سَعِيدٍ قَاضِي مِصْرَ، فَحَاصَرَ جَيْشَهُ وَالِي مِصْرَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَخَنْدَقَ عَلَى الْبَلَدِ، وَخَرَجَ أَهْلُ مِصْرَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يُسَمُّونَهُ يَوْمَ التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ مِصْرَ كَانُوا يَنْتَابُونَ الْقِتَالَ وَيَسْتَرِيحُونَ، وَاسْتَحَرَّ الْقَتْلَ فِي الْمَعَافِرِ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يزيد بن معديكرب الْكَلَاعِيُّ، أَحَدُ الْأَشْرَافِ، ثُمَّ صَالَحُوا مَرْوَانَ، فَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا بِيَدِهِ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ، وَأَخَذُوا فِي دفن قتلاهم وفي البكاء، ثم تجهز إلى مِصْرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَحْدَمٍ، وَأَسْرَعَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَضَرَبَ مَرْوَانُ عُنُقَ ثمانين رَجُلًا تَخَلَّفُوا عَنْ مُبَايَعَتِهِ. وَضَرَبَ عُنُقَ الْأُكَيْدِرِ بْنِ حَمَامٍ اللَّخْمِيِّ سَيِّدِ لَخْمٍ وَشَيْخِهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَكَانَ مَنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ جُمَادِي الْآخِرَةِ، يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَمَا قَدَرُوا يَخْرُجُونَ بِجِنَازَةِ عَبْدِ اللَّهِ، فَدَفَنُوهُ بِدَارِهِ. وَاسْتَوْلَى مَرْوَانُ عَلَى مِصْرَ، وَأَقَامَ بِهَا شَهْرَيْنِ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا ابْنَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ، وَتَرَكَ عِنْدَهُ أَخَاهُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ، وَمُوسَى بْنَ نُصَيْرِ وَزِيرًا، وَأَوْصَاهُ بِالْمُبَايَعَةِ فِي الإحسان إلى الأكابر، ورجع إلى الشام.   1 من الفرق الضالة كالخوارج، بل هي طائفة منهم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 وَفِيهَا وَفَدَ الزُّهْرِيُّ عَلَى مَرْوَانَ، قَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَفَدْتُ عَلَى مَرْوَانَ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ. قُلْتُ: وَهَذَا بَعِيدٌ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ وِفَادَتَهُ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي أَوَاخِرِ إِمَارَتِهِ. وَفِيهَا وَجَّهَ مَرْوَانُ حُبَيْشُ بْنُ دُلْجَةَ الْقَيْنِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، فَسَارَ وَمَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ أَخُو مَرْوَانَ، وَأَبُو الْحَجَّاجُ يُوسُفُ الثَّقَفِيُّ، وَابْنُهُ الْحَجَّاجُ وَهُوَ شَابٌّ، فَجَهَّزَ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ جيشاُ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَحُبَيْشٌ بِالرَّبَذَةِ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ، فَقُتِلَ حُبَيْشُ بْنُ دُلْجَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ الْجَيْشِ، وَهَرَبَ مَنْ بَقِيَ، فَتَخَطَّفَتْهُمُ الْأَعْرَابُ، وَهَرَبَ الْحَجَّاجُ1 رِدْفَ أَبِيهِ2. وفيها دعا ابن الزيبر إِلَى بَيْعَتِهِ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَحَصَرَهُ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ فِي جَمَاعَةِ مِنْ بَيْتِهِ وَشِيعَتِهِ وَتَوَعَّدَهُمْ. وفِيهَا خَرَجَ بَنُو مَاحُوزٍ بِالْأَهْوَازِ وَفَارِسٍ، وَتَقَدَّمَ عَسْكَرُهُمْ، فَاعْتَرَضُوا أَهْلَ الْمَدَائِنِ، فَقَتَلُوهُمْ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى أَصْبَهَانَ، وَعَلَيْهَا عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيُّ، فَقَتَلَ ابْنُ مَاحُوزٍ، وَانْهَزَمَ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ مَعَهُ، ثُمَّ أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ قَطَرِيَّ بْنَ الفُجَاءَةِ. وَأَمَّا نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ3 فَإِنَّهُ قَدِمَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي فِي جُمُوعِهِ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَاتَلُوا مَعَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ أَهْلُ الشَّامِ اجْتَمَعُوا بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَسَأَلُوهُ: مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ؟ فَقَالَ: تَعَالَوُا الْعَشِيَّةَ حَتَّى أُجِيبَكُمْ، ثُمَّ هَيَّأَ أَصْحَابَهُ بِالسِّلَاحِ، فَجَاءَتِ الْخَوَارِجُ، فَقَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ خَشِيَ الرَّجُلُ غَائِلَتَكُمْ، ثُمَّ دَنَا مِنْهُ فَقَالَ: يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ، وَابْغَضِ الْجَائِرَ، وَعَادِ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الضَّلَالَةَ، وَخَالِفْ حُكْمَ الْكِتَابِ، وَإِنْ خَالَفْتَ فَأَنْتَ مِنَ الَّذِينَ اسْتَمْتَعُوا بخلافهم، وَأَذْهَبُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا. ثُمَّ تَكَلَّمَ خطيب القوم عبيدة بن هلال، فأبلغ.   1 ردف: خلف سائق الدابة. 2 تاريخ الطبري "5/ 611، 612". 3 نسبة إلى بلدة حروراء بالعراق، وبها نشأت الخوارج واعتزلت. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 ثُمَّ تَكَلَّمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ فِي آخِرِ مَقَالَتِهِ: أَنَا وَلِيُّ عُثْمَانَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قالوا: فبريء الله منك يا عدو الله، فقال: وبريء مِنْكُمْ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، فَتَفَرَّقُوا عَلَى مِثْلِ هَذَا. وَرَحَلُوا، فَأَقْبَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ الْحَنْظَلِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ السَّعْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ إِبَاضٍ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ بَيْهَسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَابْنُ الْمَاحُوزِ الْيَرْبُوعِيُّ، حَتَّى قَدِمُوا الْبَصْرَةَ، وَانْطَلَقَ أَبُو طَالُوتَ، وَأَبُو فُدَيْكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْرٍ، وَعَطِيَّةُ الْيَشْكُرِيُّ، فَوَثَبُوا بِالْيَمَامَةِ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَجْدَةَ بْنِ عَامِرٍ الْحَنَفِيِّ الْحَرُورِيِّ. وَلَمَّا رَجَعَ مَرْوَانُ إِلَى دِمَشْقَ إِذَا مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ قَدِمَ فِي عَسْكَرٍ مِنَ الْحِجَازِ يَطْلُبُ فِلَسْطِينَ، فَسَرَّحَ مَرْوَانُ لِحَرْبِهِ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ، فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ مُصْعَبٍ. وَوَرَدَ أَنَّ مَرْوَانَ تَزَوَّجَ بِأُمِّ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ. وَفِيهَا: بَايَعَ جُنْدُ خُرَاسَانَ سَلْمَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَأَحَبُّوهُ حَتَّى يُقَالُ: سَمَّوْا بِاسْمِهِ تِلْكَ السَّنَةَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفَ مَوْلُودٍ، فَبَايَعُوهُ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِمْ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى خَلِيفَةٍ، ثُمَّ نَكَثُوا وَاخْتَلَفُوا، فَخَرَجَ سَلْمُ وَتَرَكَ عَلَيْهِمُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ، فَلَقِيَهُ بِنَيْسَابُورَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ السُّلَمِيُّ فَقَالَ: مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى خُرَاسَانَ؟ فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: مَا وَجَدْتُ فِي مِصْرَ رَجُلًا تَسْتَعْمِلْهُ حَتَّى فَرَّقْتَ خُرَاسَانَ بَيْنَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَأَزْدِ عُمَانَ! وَقَالَ: اكْتُبْ لِي عَهْدًا عَلَى خُرَاسَانَ، فَكَتَبَ لَهُ، وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَقْبَلَ إِلَى مَرْوَ، فَبَلَغَ الْمُهَلَّبَ الْخَبَرُ، فَتَهَيَّأَ وَغَلَبَ ابْنَ خَازِمٍ عَلَى مَرْوَ، ثُمَّ صَارَ إِلَى سُلَيْمَان بْنِ مَرْثَدٍ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، فَقُتِلَ سُلَيْمَانُ، ثُمَّ سَارَ ابْنُ خَازِمٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَرْثَدٍ وَهُوَ بِالطَّالَقَانِ1 في سبعمائة، فبلغ عمرًا، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَالْتَقَوْا فَقُتِلَ عَمْرٌو، وَهَرَبَ أَصْحَابُهُ إِلَى هَرَاةَ، وَبِهَا أَوْسُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، فَاجْتَمَعَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَقَالُوا: نُبَايِعُكَ، عَلَى أَنْ تُشِيرَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ فَيُخْرِجَ مُضَرَ مِنْ خُرَاسَانَ كُلِّهَا، فَقَالَ: هَذَا بَغْيٌ، وَأَهْلُ الْبَغْيِ مَخْذُولُونَ، فَلَمْ يُطِيعُوهُ، وَسَارَ إِلَيْهِمُ ابْنُ خَازِمٍ،   1 بلدة من أعمال خراسان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 فَخَنْدَقُوا عَلَى هَرَاةَ، فَاقْتَتَلُوا نَحْوَ سَنَةٍ، وَشَرَعَ ابْنُ خَازِمٍ يَلِينُ لَهُمْ، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ تُخْرِجَ مُضَرَ مِنْ خُرَاسَانَ، وَإِمَّا أَنْ يَنْزِلُوا عَنْ كُلِّ سِلَاحٍ وَمَالٍ، فَقَالَ ابْنُ خَازِمٍ، وَجَدْتُ إِخْوَانَنَا قَطْعًا لِلرَّحِمِ، قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ رَبِيعَةَ لَمْ تَزَلْ غَضَابًا عَلَى رَبِّهَا مُذْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مُضَرَ1. ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْسٍ بَعْدَ الْحِصَارِ الطَّوِيلِ وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ، أَثْخَنَ2 فِيهَا أَوْسٌ بِالْجَرَّاحَاتِ، وَقُتِلَتْ رَبِيعَةُ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَهَرَبَ أَوْسٌ إِلَى سِجِسْتَانَ فَمَاتَ بِهَا، وَقُتِلَ مِنْ جُنْدِهِ يَوْمَئِذٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنُ خَازِمٍ وَلَدَهُ عَلَى هَرَاةَ، وَرَجَعَ إِلَى مَرْوَ. وَفِيهَا: سَارَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ الثَّقَفِيِّ فِي رَمَضَانَ مِنْ مَكَّةَ، وَمَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَمِيرًا مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى خَرَاجِ الْكُوفَةِ، فَقَدِمَ المختار والكوفة وَالشِّيعَةُ، قَدِ اجْتَمَعَتْ عَلَى سُلَيْمَان بْنِ صُرَدَ، فَلَيْسَ يَعْدِلُونَ بِهِ، فَجَعَلَ الْمُخْتَارُ يَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، وَإِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، فَتَقُولُ الشِّيعَةُ: هَذَا سُلَيْمَانُ شَيْخُنَا، فَأَخَذَ يَقُولُ لَهْمُ: إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ قِبَلِ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَصَارَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الشِّيعَةِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى الْكُوفَةُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَنَبَّهُوهُ عَلَى أَمْرِ الشِّيعَةِ، وَأَنَّ نِيَّتَهُمْ أَنْ يَتُوبُوا، فَخَطَبَ الماس، وَسَبَّ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ وَلْيَخْرُجُوا ظَاهِرِينَ إِلَى قَاتِلِ الْحُسَيْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَقَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَنَا لَهُمْ عَلَى قِتَالِهِ ظَهِيرٌ، فَقِتَالُهُ أَوْلَى بِكُمْ، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، فَنَقَمَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَعَابَهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ فَسَبَّهُ، وَشَرَعُوا يَتَجَهَّزُونَ لِلْخُرُوجِ إِلَى مُلْتَقَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ الْخُزَاعِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ الْفَزَارِيُّ -وَهُمَا مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَمِنْ كِبَارِ أَصْحَابِهِ- خَرَجَا فِي رَبِيعِ الْآخَرَ يَطْلُبُونَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَنَادَوْا: يَا لِثَارَاتِ الْحُسَيْنِ، وَتَعَبَّدُوا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ ثَبَّطَ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: إِنَّ سُلَيْمَانَ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا، إِنَّمَا يُلْقِي بِالنَّاسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا خِبْرَةَ لَهُ بِالْحَرْبِ، وَقَامَ سُلَيْمَانُ فِي أَصْحَابِهِ، فَحَضَّ عَلَى الْجِهَادِ وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا فَلَا يَصَحَبْنَا، وَمَنْ أَرَادَ وَجْهَ اللَّهِ وَالثَّوَابَ فِي الْآخِرَةِ فَذَلِكَ، وَقَامَ صَخْرُ بْنُ حُذَيْفَةَ الْمُزَنِيُّ فقال: آتاك الله   1 مضر: من أشهر قبائل العرب، ومنها النبي -صلى الله عليه وسلم. 2 أثخن: بالغ في الأمر، وأثخن في العدوة بالغ في قتاله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 الرُّشْدَ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَخْرَجَتْنَا التَّوْبَةُ مِنْ ذُنُوبِنَا، وَالطَّلَبُ بِدَمِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّنَا لَيْسَ مَعَنَا دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنَّمَا نُقْدِمُ عَلَى حَدِّ السُّيُوفِ. وَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ الْأَزْدِيُّ فِي قَوْمِهِ، فَدَخَلَ عَلَى سُلَيْمَان بْنِ صُرَدَ فَقَالَ: إِنَّمَا خَرَجْنَا نَطْلُبُ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، وَقَتَلَتِهِ كُلِّهِمْ بِالْكُوفَةِ، عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَشْرَافُ الْقَبَائِلِ، فَقَالُوا: لَقَدْ جَاءَ بِرَأْيٍ، وَمَا نَلْقَى إِنْ سِرْنَا إِلَى الشَّامِ إِلَّا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَنَا أَرَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَعَبَّأَ الْجُنُودَ وَقَالَ: لَا أَمَانَ لَهُ عِنْدِي دُونَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ، فَأَمْضِي فِيهِ حُكْمِي، فَسِيرُوا إِلَيْهِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ خَائِفًا، لَا يَبِيتَ إِلَّا فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَأَتِيَا سُلَيْمَان بْنَ صُرَدَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ أَحَبُّ أَهْلِ بَلَدِنَا إِلَيْنَا، فَلَا تَفْجَعُونَا بِأَنْفُسِكُمْ، وَلَا تُنْقِصُوا عَدَدَنَا بِخُرُوجِكُمْ، أَقِيمُوا مَعَنَا حَتَّى نَتَهَيَّأَ، فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّ عَدُوَّنَا قَدْ شَارَفَ بِلَادَنَا خَرَجْنَا كُلُّنَا فَقَاتَلْنَاهُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: قَدْ خَرَجْنَا لِأَمْرٍ، وَلَا نَرَانَا إِلَّا شَاخِصِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: فَأَقِيمُوا حَتَّى نَعُبِّئَ مَعَكُمْ جَيْشًا كَثِيفًا، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ وَيَأْتِيكَ رَأْيِي. ثُمَّ سَارَ، وَخَرَجَ مَعَهُ كُلُّ مُسْتَمِيتٍ1، وَانْقَطَعَ عَنْهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا أَحَبَّ أَنْ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْكُمْ مَعَكُمْ، وَأَتَوْا قَبْرَ الْحُسَيْنِ فَبَكَوْا، وَقَامُوا يَوْمًا وَلَيْلَةً يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا رَبِّ إِنَّا قَدْ خَذَلْنَاهُ، فَاغْفِرْ لَنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا. ثُمَّ أَتَاهُمْ كتاب عبد الله بن يزيد مِنَ الْكُوفَةِ يَنْشُدُهُمُ اللَّهَ وَيَقُولُ: أَنْتُمْ عَدَدٌ يَسِيرٌ، وَإِنَّ جَيْشَ الشَّامِ خَلْقٌ، فَلَمْ يَلْوُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَدِمُوا قَرْقِيسِيَاءَ، فَنَزَلُوا بِظَاهِرِهَا وَبِهَا زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِلَابِيُّ قَدْ حَصَّنَهَا، فَأَتَى بَابِهَا الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ، فَأَخْبَرُوا بِهِ زُفَرَ فَقَالَ: هَذَا وَفَارِسُ مُضَرَ الْحَمْرَاءِ كُلِّهَا، وَهُوَ نَاسِكُ دِينٍ، فَأَذِنَ لَهُ وَلَاطَفَهُ، فَقَالَ: مِمَّنْ نَتَحَصَّنُ، إِنَّا وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ نُرِيدُ، فَأَخْرِجُوا لَنَا سُوقًا، فَأَمَرَ لَهُمْ بِسُوقٍ، وَأَمَرَ لِلْمُسَيَّبِ بِفَرَسٍ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِنْ عِنْدِهِ بِعَلَفٍ كَثِيرٍ، وَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ الْقَوْمِ بِعَشْرِ جَزَائِرَ وَعَلَفٍ وَطَعَامٍ، فَمَا احْتَاجُوا إِلَى شِرَاءِ شَيْءٍ مِنَ السُّوقِ، إِلَّا مِثْلَ سَوْطٍ أَوْ ثَوْبٍ، وَخَرَجَ فَشَيَّعَهُمْ وَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَعَثَ خَمْسَةَ أُمَرَاءَ قَدْ فَصَلُوا مِنَ الرَّقَّةِ: حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ السَّكُونِيَّ، وَشُرَحْبِيلَ بْنَ ذِي الْكَلَاعِ، وَأَدْهَمَ بْنَ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيَّ، وَرَبِيعَةَ بْنَ الْمُخَارِقِ الْغَنَوِيَّ، وَجَبَلَةَ الْخَثْعَمِيَّ، فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: عَلَى الله توكلنا، قال زفر:   1 مستميت: أي مقاوم عنيد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 فَتَدْخُلُونَ مَدِينَتَنَا، وَيَكُونُ أَمْرُنَا وَاحِدًا، وَنُقَاتِلُ مَعَكُمْ، فقال: قد أردنا أَهْلُ بَلَدِنَا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ نَفْعَلْ، قَالَ: فبادروهم إلى عَيْنِ الْوَرْدَةِ، فَاجْعَلُوا الْمَدِينَةَ فِي ظُهُورِكُمْ، وَيَكُونُ الرُّسْتَاقُ والماء فِي أَيْدِيكُمْ، وَلَا تُقَاتِلُوا فِي فَضَاءٍ، فَإِنَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْكُمْ، فَيُحِيطُونَ بِكُمْ، وَلَا تُرَامُوهُمْ، وَلَا تَصِفُّوا لَهُمْ، فَإِنِّي لَا أَرَى مَعَكُمْ رَجَّالَةً وَالْقَوْمُ ذَوُو رِجَالٍ وَفُرْسَانٍ، وَالْقَوْمُ كَرَادِيسُ1. قَالَ: فَعَبَّأَ سُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ كِنَانَتَهُ، وَانْتَهَى إِلَى عَيْنِ الْوَرْدَةِ، فَنَزَلَ فِي غَرَبِيَّهَا، وَأَقَامَ خَمْسًا، فَاسْتَرَاحُوا وَأَرَاحُوا خُيُولَهُمْ، ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ: إِنْ قُتِلْتُ فَأَمِيرُكُمُ الْمُسَيَّبُ، فَإِنْ أُصِيبَ فَالْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ، فَإِنْ قُتِلَ فَالْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَالٍ، فَإِنْ قُتِلَ فَالْأَمِيرُ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، رَحِمَ اللَّهُ مَنْ صَدَقَ مَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَهَّزَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ فِي أَرْبِعِمِائَةٍ، فَانْقَضُّوا عَلَى مُقَدِّمَةِ الْقَوْمِ، وَعَلَيْهَا شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، وَهُمُ غَارُّونَ، فَقَاتَلُوهُمْ فَهَزَمُوهُمْ، وَأَخَذُوا مِنْ خَيْلِهِمْ وَأَمْتِعَتِهِمْ وَرَدُّوا، فَبَلَغَ الْخَبَرُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ. فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ الْحُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ فِي اثْنَى عَشَرَ أَلْفَا، ثُمَّ رَدَفَهُمْ بِشُرَحْبِيلَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ، ثُمَّ أَمَدَّهُمْ مِنَ الصَّبَاحِ بِأَدْهَمَ بْنِ مُحْرِزٍ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، وَوَقَعَ الْقِتَالُ، وَدَامَ الْحَرْبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قِتَالًا لَمْ يُرَ مِثْلَهُ، وَقُتِلَ مِنَ الشَّامِيِّينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَقُتِلَ مِنَ التَّوَّابِينَ -وَكَذَا كَانُوا يُسَمَّوْنَ؛ لِأَنَّهُمْ تَابُوا إِلَى اللَّه مِنْ خِذْلَانِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَاسْتُشْهِدَ أُمَرَاؤُهُمُ الْأَرْبَعَةُ، لَمْ يُخْبِرْ رِفَاعَةُ بِمَنْ بَقِيَ وَرُدَّ إِلَى الْكُوفَةِ، وَكَانَ الْمُخْتَارُ فِي الْجَيْشِ، فَكَتَبَ إِلَى رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ: مَرْحَبًا بِمَنْ عَظَّمَ اللَّهُ لَهُمُ الْأَجْرَ، فَأَبْشِرُوا إِنَّ سُلَيْمَانَ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكْنُ بِصَاحِبِكُمُ الَّذِي بِه تُنْصَرُونَ، إِنِّي أَنَا الْأَمِيرُ الْمَأْمُونُ، وَقَاتِلُ الْجَبَّارِينَ، فَأَعِدُّوا وَاسْتَعِدُّوا، وَكَانَ قَدْ حَبَسَهُ الْأَمِيرَانِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، فَبَقِيَ أَشْهُرًا، ثُمَّ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَشْفَعُ فِيهِ إِلَى الْأَمِيرَيْنِ، فَضَمِنَهُ جَمَاعَةٌ وَأَخْرَجُوهُ، وَحَلَّفُوهُ فَحَلَفَ لَهُمَا مُضْمِرًا لِلشَّرِّ، فَشَرَعَتِ الشِّيعَةُ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ وَأَمْرُهُ يُسْتَفْحَلُ. وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ احْتَرَقَتْ فِي الْعَامِ الْمَاضِي مِنْ مَجْمَرٍ، عَلِقَتِ النَّارُ فِي الْأَسْتَارِ، فَأَمَر ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي هَذَا الْعَامِ بِهَدْمِهَا إِلَى الْأَسَاسِ، وَأَنْشَأَهَا مُحْكَمَةً، وَأَدْخَلَ مِنَ الْحِجْرِ فِيهَا سِعَةَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ، لِأَجْلِ الْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَتْهُ خَالَتُهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا نَقَضَهَا وَوَصَلُوا إِلَى الْأَسَاسِ، عَايَنُوهُ آخِذًا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ، وأن   1 كراديس: كتائب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 الستة أذرع مِنْ جُمْلَةِ الْأَسَاسِ، فَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَأَلْصَقُوا دَاخِلَهَا بِالْأَرْضِ، لَمْ يَرْفَعُوا دَاخِلَهَا، وَعَمِلُوا لَهَا بَابًا آخَرَ فِي ظَهْرِهَا، ثُمَّ سَدَّهُ الْحَجَّاجُ، فَذَلِكَ بَيِّنٌ لِلنَّاظِرِينَ، ثُمَّ قَصَّرَ تِلْكَ السِّتَّةَ الْأَذْرُعَ، فَأَخْرَجَهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَدَكَّ تِلْكَ الْحِجَارَةَ فِي أَرْضِ الْبَيْتِ، حَتَّى عَلَا كَمَا هُوَ فِي زَمَانِنَا، زَادَهُ اللَّهُ تَعْظِيمًا. وَغَلَبَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ، وَغَلَبَ مُعَاوِيَةُ الْكِلَابِيُّ عَلَى السِّنْدِ، إِلَى أَنْ قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْبَحْرَيْنِ، وَغَلَبَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَعَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ. وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ وَقْعَةِ عَيْنِ الْوَرْدَةِ مَرِضَ بِأَرْضِ الْجِزِيرَةِ، فَاحْتُبِسَ بِهَا وَبِقِتَالِ أَهْلِهَا عَنِ الْعِرَاقِ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ قَصَدَ الْمَوْصِلَ، وَعَلَيْهَا عَامِلُ الْمُخْتَارِ كما يأتي1.   1 انظر: تاريخ الطبري "5/ 612"، والبداية "8/ 281"، وصحيح التوثيق "5/ 116". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 حوادث سنة ست وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَهُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ، وَأَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، وَحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ. وَقِيلَ: إِنَّمَا قُتِلُوا فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ. وَفِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْكُوفَةِ، أَمِيرَهَا وَأَرْسَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ، فَخَرَجَ مِنَ السِّجْنِ الْمُخْتَارُ، وَقَدِ الْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنَ الشِّيعَةِ، وَقَوِيَتْ بَلِيَّتُهُ1، وَضَعُفَ ابْنُ مُطِيعٍ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَوَثَّبَ بِالْكُوفَةِ، فَنَاوَشَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ الْقِتَالَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ، وَغَلَبَ عَلَى الْكُوفَةِ، وَهَرَبَ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يَتْبَعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، وَقَتَلَ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَشِمْرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ الضَّبَابِيَّ وَجَمَاعَةً، وَافْتَرَى عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ يأتيه   1 بليته: مصيبته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ، فَلِهَذَا، قِيلَ لَهُ: الْمُخْتَارُ الْكَذَّابُ، كَمَا قَالُوا: مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابَ. وَلَمَّا قَوِيَتْ شَوْكَتُهُ فِي هَذَا الْعَامِ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ يَحِطُّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَيَقُولُ: رأيته مداهنًا1 لبني أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أَقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَا عَلَى طَاعَتِكَ، فَصَدَّقَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلَايَةِ الْكُوفَةِ، فَكَفَاهُ جَيْشُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَأَخْرَجَ مِنْ عِنْدِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأشتر، وقد جهزه للحرب ابْنِ زِيَادٍ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَشَيَّعَهُ الْمُخْتَارُ إِلَى دَيْرِ ابْنِ أُمِّ الْحَكَمِ، وَاسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ أَصْحَابَ الْمُخْتَارِ قَدْ حَمَلُوا الْكُرْسِيَّ الَّذِي قَالَ لَهُمُ الْمُخْتَارُ: هَذَا فِيهِ سِرٌّ، وَإِنَّهُ آيَةٌ لكم كما التَّابُوتُ آيَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: وَهُمْ يَدْعُونَ حَوْلَ الْكُرْسِيِّ وَيَحُفُّونَ بِهِ، فَغَضِبَ ابْنُ الْأَشْتَرِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، سُنَّةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا عَكَفُوا عَلَى الْعِجْلِ2. فَائِدَةٌ: وَافْتَعَلَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عَنِ ابْنِ الحنفية يأمره فيه بِنَصْرِ الشِّيعَةِ، فَذَهَبَ بَعْضُ الْأَشْرَافِ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ، فَوَثَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ، وَكَانَ بَعِيدُ الصَّوْتِ كَثِيرُ الْعَشِيرَةِ، فَخَرَجَ وَقَتَلَ إِيَاسَ بْنَ مُضَارِبٍ أَمِيرَ الشُّرْطَةِ، وَدَخَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ فَأَخْبَرَهُ، فَفَرِحَ وَنَادَى أَصْحَابَهُ فِي اللَّيْلِ بِشِعَارِهِمْ، وَاجْتَمَعُوا بِعَسْكَرِ الْمُخْتَارِ بِدِيرِ هِنْدٍ، وَخَرَجَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ فَنَادَى: يَا ثَارَاتِ الْحُسَيْنِ، أَلَا إِنَّ أَمِيرَ آلِ مُحَمَّدٍ قَدْ خَرَجَ. ثُمَّ الْتَقَى الْفَرِيقَانِ مِنَ الْغَدِ، فَاسْتَظْهَرَ الْمُخْتَارُ، ثُمَّ اخْتَفَى ابْنُ مُطِيعٍ، وَأَخَذَ الْمُخْتَارُ يَعْدِلُ وَيُحْسِنُ السِّيرَةَ، وَبَعَثَ فِي السِّرِّ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَكَانَ صَدِيقُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ: تَجَهَّزْ بِهَذِهِ وَاخْرُجْ، فَقَدْ شَعَرْتُ أَيْنَ أَنْتَ، وَوَجَدَ الْمُخْتَارُ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَبْعَةَ آلَافٍ، فَأَنْفَقَ فِي جُنْدِهِ قُوَّاهُمْ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي طُفَيْلُ بْنُ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِجَارٍ لِي زَيَّاتٍ، كُرْسِيٌّ، وَكُنْتُ قَدِ احْتَجْتُ، فَقُلْتُ لِلْمُخْتَارِ: إِنِّي كُنْتُ أَكْتُمُكَ شَيْئًا، وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ أَذْكُرَهُ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: كُرْسِيٌّ كَانَ أَبِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ، كَانَ يَرَى أَنَّ فِيهِ أثرة من علم، قال: سبحان الله!   1 المداهن: المنافق. 2 تاريخ الطبري "6/ 7". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 أَخَّرْتَهُ إِلَى الْيَوْمِ، قَالَ: وكَانَ رَكِبَهُ وَسَخٌ شَدِيدٌ، فَغُسِلَ وَخَرَجَ عَوَّادًا نَضَّارًا، فَجِيءَ بِهِ وقد غشي، فأمر لهم بِاثْنَى عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ دَعَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ أَمْرٌ إِلَّا وَهُوَ كَائِنٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ التَّابُوتُ، وَإِنَّ فِينَا مِثْلَ التَّابُوتِ، اكْشِفُوا عَنْهُ، فَكَشَفُوا الْأَثْوَابَ، وَقَامَتِ السَّبَائِيَّةُ1 فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ، فَقَامَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ يُنْكِرُ، فَضُرِبَ. فَلَمَّا قُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَخَبَرَهُ الْمَقْتَلَة الْآتِيَةَ، ازْدَادَ أَصْحَابُهُ بِهِ فِتْنَةً، وَتَغَالُوا فِيهِ حَتَّى تَعَاطُوا الْكُفْرَ، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، وَنَدِمْتُ عَلَى مَا صَنَعْتُ، فَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، فَغُيِّبَ، قَالَ مَعْبَدٌ: فَلَمْ أَرَهُ بَعْدُ2. قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ جَرِيرٍ: وَوَجَّهَ الْمُخْتَارُ فِي ذِي الْحِجَّةِ ابْنَ الْأَشْتَرِ لِقِتَالِ ابْنِ زِيَادٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ فراغ الْمُخْتَارِ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ السَّبِيعِ وَأَهْلِ الْكُنَاسَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى الْمُخْتَارِ، وَأَبْغَضُوهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَوْصَى ابْنَ الْأَشْتَرِ وَقَالَ: هَذَا الْكُرْسِيُّ لَكُمْ آيَةٌ، فَحَمَلُوهُ عَلَى بَغْلٍ أَشْهَبَ، وَجَعَلُوا يَدْعُونَ حَوْلَهُ ويَضَجُّونَ، وَيَسْتَنْصِرُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا اصْطَلَمَ3 أَهْلُ الشَّامِ ازْدَادَ شِيعَةُ الْمُخْتَارِ بِالْكُرْسِيِّ فِتْنَةً، فَلَمَّا رَآهُمْ كَذَلِكَ إبراهيم بن الأشتر تألم وقال: الله لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، سُنَّةُ بني إسرائيل إذ عَكَفُوا عَلَى العِجْلِ. وَكَانَ الْمُخْتَارِ يَرْبِطُ أَصْحَابَهُ بِالْمُحَالِ وَالْكَذِبِ، وَيَتَأَلَّفُهُمْ بِمَا أَمْكَنَ، وَيَتَأَلَّفُ الشِّيعَةُ بِقَتْلِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي مَعَ الْمُخْتَارِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ لَنَا: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ شُرْطَةَ اللَّهِ قَدْ حَسُوهُمْ بِالسُّيُوفِ بِنَصِيبِينَ أَوْ بِقُرْبِ نَصِيبِينَ، فَدَخَلْنَا الْمَدَائِنَ، فوالله إنه ليخطبنا إذ جَاءَتْهُ الْبُشْرَى بِالنَّصْرِ، فَقَالَ: أَلَمْ أُبَشِّرْكُمْ بِهَذَا؟ قَالُوا: بَلَى وَاللَّهِ. قَالَ: يَقُولُ لِي رَجُلٌ هَمْدَانِيٌّ مِنَ الْفُرْسَانِ: أَتُؤْمِنُ الْآنَ يَا شَعْبِيُّ؟ قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِأَنَّ الْمُخْتَارَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ، أَلَمْ يَقُلْ: إِنَّهُمُ انْهَزَمُوا، قُلْتُ: إِنَّمَا زَعَمَ أَنَّهُمْ هُزِمُوا بِنَصِيبِينَ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِالْخَازَرِ مِنَ الْمَوْصِلِ، فَقَالَ لِي: وَاللَّهِ لَا تُؤْمِنُ حتى ترى   1 السبائية: أتباع عبد الله بن سبأ، اليهودي الذي أظهر الإسلام، ليطعن فيه، ويوقع بين أهله. 2 تاريخ الطبري "6/ 83". 3 اصطلم: انهزم، أو رجعوا منهزمين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 الْعَذَابَ الْأَلِيمَ يَا شَعْبِيَّ1. وَرُوِيَ أَنَّ أَحَدَ عُمُومَةِ الْأَعْشَى كَانَ يَأْتِي مَجْلِسَ أَصْحَابِهِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ وُضِعَ الْيَوْمَ وَحيُ مَا سَمِعَ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ. وَعَنْ مُوسَى بْنِ عَامِرٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَصْنَعُ لَهُمْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَوْفٍ وَيَقُولُ: إِنَّ الْمُخْتَارَ أَمَرَنِي بِهِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ الْمُخْتَارُ. وَفِي الْمُخْتَارِ يَقُولُ سُرَاقَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْبَارِقِيُّ الْأَزْدِيُّ: كَفَرْتُ بِوَحْيِكُمُ وَجَعَلْتُ نَذْرًا ... عَلَيَّ هِجَاكُمْ حَتَّى الْمَمَاتِ أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تبصراه ... كلانا عالم بالترهات تفشي الطاعون بمصر: وَفِيهَا: وَقَعَ بِمِصْرَ طَاعُونٌ هَلَكَ فِيهِ خَلْقٌ من أهلها. ضرب الدنانير بمصر: وَفِيهَا: ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ بِمِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الْإِسْلَامِ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ الْتَقَى عَسْكَرُ الْمُخْتَارِ، وَكَانُوا ثلاثة آلاف، وعسكر ابن زياد فقتل قائد أَصْحَابُ ابْنِ زِيَادٍ، وَاتَّفَقَ أَنَّ قَائِدَ عَسْكَرِ الْمُخْتَارِ كَانَ مَرِيضًا فَمَاتَ مِنَ الْغَدِ، فَانْكَسَرَ بموته أصحابه وتحيزوا2.   1 انظر: السير "3/ 542"، والبداية "8/ 304". 2 انظر: تاريخ الطبري "6/ 38"، والبداية "8/ 293". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 حوادث سنة سبع وستين: المتوفون في هذه السنة فِيهَا تُوُفِّيَ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَالْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْكَذَّابُ، وَعُمَرُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَائِدَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، قُتِلَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ فِي حَرْبِ الْمُخْتَارِ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَمُرَاؤُهُ فِي أَوَّلِ الْعَامِ. ذِكْرُ وَقْعَةِ الْخَازَرِ: فِي الْمُحَرَّمِ، وَقِيلَ: كَانَتْ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ، وَكَانَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، وَبَيْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَكَانَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنَ الشَّامِيِّينَ، فَسَارَ ابْنُ الْأَشْتَرِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْرِعًا يُرِيدُ أَهْلَ الشَّامِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَسَبَقَهُمْ وَدَخَلَ الْمَوْصِلَ، فَالْتَقَوْا عَلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ مِنَ الْمَوْصِلِ بِالْخَازَرِ، وَكَانَ ابْنُ الْأَشْتَرِ قَدْ عَبَّأَ جَيْشَهُ، وَبَقِيَ لَا يَسِيرُ إِلَّا عَلَى تُقْيَةٍ1، فَلَمَّا تَقَارَبُوا أَرْسَلَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ السُّلَمِيُّ إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ: إِنِّي مَعَكَ. قَالَ: وَكَانَ بِالْجِزِيرَةِ خَلْقٌ مِنْ قَيْسٍ، وَهِمْ أَهْلُ خِلَافٍ لِمَرْوَانَ، وَجُنْدُ مَرْوَانَ يَوْمَئِذٍ كَلْبٌ2، وَسَيِّدُهُمُ ابْنُ بَحْدَلٍ، ثُمَّ أَتَاهُ عمير ليلًا فبايعه، وأخبره أنه على مسيرة ابْنِ زِيَادٍ، وَوَعَدَهُ أَنْ يَنْهَزِمَ بِالنَّاسِ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ: مَا رَأْيُكَ أُخَندِقُ عَلَى نَفْسِي؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، إِنَّا للَّهِ، هَلْ يُرِيدُ القوم إلا هذه، إن طاولوك وماطلوك فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، هُمْ أَضْعَافُكُمْ، وَلَكِنْ نَاجِزِ الْقَوْمَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ مُلِئُوا مِنْكُمْ رُعْبًا، وَإِنْ شَامُوا أَصْحَابَكَ وَقَاتَلُوهُمْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ أَنِسُوا بِهِمْ وَاجْتَرَءُوا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ نَاصِحٌ لِي، وَالرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ، وَإِنَّ صَاحِبِي بهذا الأمر أَمَدَّنِي، ثُمَّ انْصَرَفَ عُمَيْرُ، وَأتْقَنَ ابْنُ الْأَشْتَرِ أَمْرَهُ وَلَمْ يَنَمْ، وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ بِغَلَسٍ، ثُمَّ زَحَفَ بِهِمْ حَتَّى أَشْرَفَ مِنْ تَلٍّ عَلَى الْقَوْمِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَإِذَا أُولَئِكَ لَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَقَامُوا عَلَى دَهَشٍ وَفَشَلٍ، وَسَاقَ ابْنُ الْأَشْتَرِ عَلَى أُمَرَائِهِ يُوصِيهِمْ وَيَقُولُ: يَا أَنْصَارَ الدِّينِ وَشِيعَةَ الْحَقِّ، هَذَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْجَانَةَ قَاتِلُ الْحُسَيْنِ، حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُرَاتِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَنِسَاؤُهُ، وَمَنَعَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى بَلَدِهِ، وَمَنَعَهُ أَنْ يَأْتِيَ ابْنَ عَمِّهِ يَزِيدَ فَيُصَالِحُهُ حَتَّى قَتَلَهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَمِلَ فِرْعَوْنُ مِثْلَهُ، وَقَدْ جَاءَكُمُ الله به، وإني لأرجو أن يشفي صدروكم، وَيُسْفِكَ دَمَهُ عَلَى أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ نَزَلَ تَحْتَ رَايَتِهِ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَلَى الْخَيْلِ شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، فَحَمَلَ الْحُصَيْنُ عَلَى مَيْسَرَةِ ابْنِ الْأَشْتَرِ فَحَطَّمَهَا، وَقَتَلَ مُقَدِّمَهَا عَلِيُّ بْنُ مَالِكٍ الْجُشَمِيُّ، فَأَخَذَ رَايَتَهُ قُرَّةُ بْنُ عَلِيٍّ، فَقُتِلَ أَيْضًا، فَانْهَزَمَتِ الْمَيِسرَةُ، وَتَحَيَّزَتْ مَعَ ابْنِ الْأَشْتَرِ، فَحَمَلَ وَجَعَلَ يَقُولُ لِصَاحِبِ رَايَتِهِ: انْغَمِسْ بِرَايَتِكَ   1 تقية: خفاء أو سرية. 2 كلب: اشتدوا، وحرصوا على الشيء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 فِيهِمْ، ثُمَّ شُدَّ ابْنَ الْأَشْتَرِ، فَلَا يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ رَجُلًا إِلَّا صَرَعَهُ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى، فَانْهَزَمَ أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ: قَتَلْتُ رَجُلًا وَجَدْتُ مِنْهُ رَائِحَةَ الْمِسْكِ، شَرَّقَتْ يَدَاهُ وَغَرَّبَتْ رِجْلَاهُ، تَحْتَ رَايَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَلَى جَنْبِ النَّهْرِ، فَالْتَمَسُوهُ فَإِذَا هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، قَدْ ضَرَبَهُ فَقَدَّهُ1 بِنِصْفَيْنِ، وَحَمَلَ شَرِيكٌ التَّغْلِبِيُّ عَلَى الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فَاعْتَنَقَا، فَقَتَلَ أَصْحَابُ شَرِيكٍ حُصَيْنًا، ثُمَّ تَبِعَهُمْ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْتَرِ، فَكَانَ مَنْ غَرِقَ فِي الْخَازَرِ أَكْثَرُ مِمَّنْ قُتِلَ، ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ دَخَلَ الْمَوْصِلَ، وَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا وَعَلَى نصيبين ودارًا وسنجار، وبعث برؤوس عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْحُصَيْنِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ إِلَى الْمُخْتَارِ، فَأَرْسَلَهَا فنُصِبَتْ بِمَكَّةَ. وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ: هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ، وَمِمَّنْ قَتَلَهُ الْمُخْتَارُ حَبِيبُ بْنُ صُهْبَانَ الْأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بِالْكُوفَةِ. وَفِيهَا وَجَّهَ الْمُخْتَارُ أَرْبَعَةَ آلَافِ فَارِسٍ، عَلَيْهِمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُدَلِيُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ طَارِقٍ، فَكَلَّمَ الْجُدَلِيُّ عَبْدَ الله بن الزبير في محمد بن الحنيفة، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الشِّعْبِ، وَلَمْ يَقْدِرِ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَنْعِهِمْ، وَأَقَامُوا فِي خِدْمَةِ مُحَمَّدٍ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، حَتَّى قُتِلَ الْمُخْتَارُ، وَسَارَ مُحَمَّدٌ إِلَى الشَّامِ. فَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ غَضَبَ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَبَعَثَ لِحَرْبِهِ أَخَاهُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَوَلَّاهُ جَمِيعَ الْعِرَاقِ، فَقَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ إِلَى الْبَصْرَةِ يستنصران على المختار، فسير المختار إلى الْبَصْرَةِ أَحْمَرَ بْنَ شُمَيْطٍ، وَأَبَا عَمْرَةَ كَيْسَانَ فِي جَيْشٍ مِنَ الْكُوفَةِ، حَتَّى نَزَلُوا الْمَدَارِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُصْعَبُ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ وَمَيْسَرَتِهِ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، الْأَسَدِيُّ. وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمُ الْمُهَلَّبِ، فَأَلْجَأَهُمْ إِلَى دِجْلَةَ، وَرَمَوْا بِخُيُولِهِمْ فِي الْمَاءِ، وَانْهَزَمُوا، فَاتَّبَعُوهُمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمُ الْكُوفَةَ، وَقُتِلَ أَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ وَكَيْسَانُ، وَقُتِلَ مِنْ عَسْكَرِ مُصْعَبٍ: مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَدَخَلَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ الْكُوفَةَ، فَحَصَرُوا الْمُخْتَارَ فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ، فَكَانَ يَخْرُجُ فِي رِجَالِهِ، فَيُقَاتِلُ وَيَعُودُ إِلَى الْقَصْرِ، حَتَّى قتله طريف وطرف أَخَوَانِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةِ، فِي رَمَضَانَ، وَأَتَيَا بِرَأْسِهِ إِلَى مُصْعَبٍ، فَأَعْطَاهُمَا ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَقُتِلَ بين الطائفتين سبعمائة.   1 قده: قطعه أو شقه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 وَيُقَالُ: كَانَ الْمُخْتَارُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، فَقُتِلَ أَكْثَرُهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَتَلَ مُصْعَبٌ خَلْقًا بِدَارِ الْإِمَارَةِ غَدْرًا بَعْدَ أَنْ أمَّنَهُمْ، وَقَتَلَ عَمْرَةَ بِنْتَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ امْرَأَةَ الْمُخْتَارِ صبرًا؛ لأنها شهدت في المختار عَبْدٌ صَالِحٌ. وَبَلَغَنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَمَّا بَلَغَهُمْ مَجِيءُ مُصْعَبٍ تَسَرَّبُوا1 إِلَيْهِ إِلَى الْبَصْرَةِ، مِنْهُمْ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٌّ، وَتَحْتَهُ بَغْلَةٌ قَدْ قَطَعَ ذَنَبَهَا وَأُذُنَهَا، وَشَقَّ قِبَاءَهُ، وَهُوَ يُنَادِي: يَا غَوْثَاهْ، وَجَاءَ أَشْرَافُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَخْبَرُوا مُصْعَبًا بِمَا جَرَى، وَبِوُثُوبِ عَبِيدُهُمْ وَغُلْمَانُهُمْ عَلَيْهِمْ مَعَ الْمُخْتَارِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ، وَلَمْ يَكُنْ شَهِدَ وَقْعَةَ الْكُوفَةِ، بَلْ كَانَ فِي قصر له بقرب القادسية، فأكرمه مصعب وأدناه لِشَرَفِهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ -وَكَانَ عَامِلُ فَارِسٍ- لِيَقْدُمَ، فَتَوَانَى2 عَنْهُ، فَبَعَثَ مُصْعَبٌ خَلْفَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ لَهُ الْمُهَلَّبُ: مِثْلُكَ يَأْتِي بَرِيدًا؟ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بَرِيدُ أَحَدٍ، غَيْرَ أَنَّ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا غَلَبَنَا عَلَيْهِمْ عِبْدَاؤُنَا وَمَوَالِينَا، فَأَقْبَلَ الْمُهَلَّبُ بِجُيُوشٍ وَأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، وَهَيْئَةٍ لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَلَمَّا انْهَزَمَ جَيْشُ الْمُخْتَارِ انْهَدَّ لِذَلِكَ، وَقَالَ لِنَجِيٍّ لَهُ: مَا مِنَ الْمَوْتِ بُدٌّ، وَحَبَّذَا مَصَارِعَ الْكِرَامِ، ثُمَّ حُصِرَ الْقَصْرُ، وَدَامَ الْحِصَارُ أَيَّامًا، ثُمَّ فِي أَوَاخِرِ الْأَمْرِ كَانَ الْمُخْتَارُ يَخْرُجُ فَيُقَاتِلُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ قِتَالًا ضَعِيفًا، ثُمَّ جَهَدُوا وَقَلَّ عَلَيْهِمُ الْقُوتُ وَالْمَاءُ، وَكَانَ نِسَاؤُهُمْ يَجِئْنَ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ خِفْيَةً، فَضَايَقَهُمْ جَيْشُ مُصْعَبٍ، وَفتَّشُوا النِّسَاءَ، فَقَالَ الْمُخْتَارُ: وَيْحَكُمُ انْزِلُوا بِنَا نُقَاتِلُ حَتَّى نُقْتَلَ كِرَامًا، وَمَا أَنَا بِآيِسٍ إِنْ صَدَقْتُمُوهُمْ أَنْ تُنْصَرُوا، فَضَعُفُوا، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا وَاللَّهِ لَا أُعْطِي بِيَدِي، فَأَمَّلَسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْمَخْزُومِيُّ فَاخْتَبَأَ، وَأَرْسَلَ الْمُخْتَارُ إِلَى امْرَأَتِهِ بِنْتِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِطِيبٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ اغْتَسَلَ وَتَحَنَّطَ3 وَتَطَيَّبَ، ثُمَّ خَرَجَ حَوْلَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فِيهِمُ السَّائِبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ خَلِيفَتُهُ عَلَى الْكُوفَةِ، فَقَالَ السَّائِبُ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَنَا أَرَى أَمِ اللَّهُ يَرَى! قَالَ: بَلِ اللَّهُ يَرَى، وَيْحَكَ أَحْمَقُ أَنْتَ، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ انْتَزَى عَلَى الْحِجَازِ، وَرَأَيْتُ نَجْدَةَ انْتَزَى4 عَلَى الْيَمَامَةِ، وَرَأَيْتُ مَرْوَانَ انتزى   1 تسربوا: تسللوا. 2 توانى: تباطأ. 3 تحنط: لبس كفنه استعدادا للموت. 4 انتزى: وثب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 عَلَى الشَّامِ، فَلَمْ أَكُنْ بِدُونِهِمْ، فَأَخَذْتُ هَذِهِ الْبِلَادَ، فَكُنْتُ كَأَحَدِهِمْ، إِلَّا أَنِّي طَلَبْتُ بِثَأْرِ أهل البيت، فقالت: عَلَى حَسَبِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ نِيَّةً، قَالَ: إنّا لِلَّهِ، وَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِحَسَبِي! وَقَالَ لَهُمُ الْمُخْتَارُ: أَتُؤَمِّنُونِي؟ قَالُوا: لَا، إِلَّا عَلَى الْحُكْمِ، قَالَ: لَا أَحْكُمُكُمْ فِي نَفْسِي، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَمْكَنَ أَهْلَ الْقَصْرِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُصْعَبٌ: عبّادَ بْنَ الْحُصْيَنِ، فَكَانَ يُخْرِجُهُمْ مُكَتَّفِينَ، ثُمَّ قُتِلَ سَائِرُهُمْ. فَقِيلَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ قَالَ لِمُصْعَبٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ابْتَلَانَا بِالْإِسَارِ، وَابْتَلَاكَ أَنْ تَعْفُوَ عَنَّا، فَهُمَا مَنْزِلَتَانِ إِحْدَاهُمَا رِضَا اللَّهِ والثانية سخطه، من عفا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ عَاقَبَ لَمْ يَأْمَن الْقِصَاصَ، يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ نَحْنُ أَهْلُ قِبْلَتِكُمْ وعلى ملتكم، لسنا تركًا ولا ديمًا، فَإِنْ خَالَفْنَا إِخْوَانَنَا مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ، فَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَصَبْنَا وَأَخْطَأُوا، وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَخْطَأْنَا وَأَصَابُوا. فَاقْتَتَلْنَا كَمَا اقْتَتَلَ أَهْلُ الشَّامِ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا وَاجْتَمَعُوا، وَقَدْ مَلَكْتُمْ فَاسْجِحُوا، وقد قدرتم فاعفوا، فرق لهم مصعب، وأرد أن يخلي سبيلهم، فقام عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ: تُخَلِّي سَبِيلَهُمْ! اخْتَرْنَا وَاخْتَرْهُمْ، وَوَثَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ: قُتِلَ أَبِي وَخُمْسُمِائَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وَأَشْرَافِ الْعَشِيرَةِ ثُمَّ تُخَلِّهُمْ، وَوَثَبَ كل أهل البيت، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، فَنَادُوا: لَا تَقْتُلْنَا وَاجْعَلْنَا مُقَدِّمَتَكَ إلى أهل الشام غدًا، فواله مَا بِكَ عَنَّا غَنَاءُ، فَإِنْ ظَفِرْنَا فَلَكُمْ، وَإِنْ قُتِلْنَا لَمْ نُقْتَلْ حَتَّى نَرُقَّهُمْ لَكُمْ، فَأَبَى، فَقَالَ مُسَافِرُ بْنُ سَعِيدٍ: مَا تَقُولُ لِلَّهِ غَدًا إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَتَلْتَ أُمَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ صَبْرًا، حَكَّمُوكَ فِي دِمَائِهِمْ، فَكَانَ الْحَقُّ فِي دِمَائِهِمْ أَنْ لَا تَقْتُلَ نَفْسًا مُسْلِمَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ، فَإِنْ كُنَّا قَتَلْنَا عِدَّةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ، فَاقْتُلُوا عِدَّةً مِنَّا، وَخَلُّوا سَبِيلَ الْبَاقِي، فَلَمْ يَسْتَمِعْ لَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِكَفِّ الْمُخْتَارِ، فَقُطِعَتْ وَسُمِّرَتْ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ، وَبَعَثَ عُمَّالَهُ إِلَى الْبِلَادِ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ يَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِ وَيَقُولُ: إِنْ أَجَبْتَنِي فَلَكَ الشَّامُ وَأَعِنَّةُ1 الْخَيْلِ. وَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَيْضًا إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ: إِنْ بَايَعْتَنِي فَلَكَ الْعِرَاقُ، ثُمَّ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فَتَرَدَّدُوا، ثُمَّ قَالَ: لَا أُؤْثِرُ عَلَى مِصْرِي وَعَشِيرَتِي أَحَدًا، وَسَارَ إِلَى مُصْعَبٍ. قَالَ أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ مُصْعَبُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، يَعْنِي لَمَّا وَفَدَ عَلَى أَخِيهِ ابْنِ الزبير، فقال: أي عم، أسألك عن   1 أعنة: مقاليد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 قَوْمٍ خَلَعُوا الطَّاعَةَ وَقَاتَلُوا، حَتَّى إِذَا غُلِبُوا تَحَصَّنُوا وَسَأَلُوا الْأَمَانَ، فَأُعْطُوا، ثُمَّ قُتِلُوا بَعْدُ، قال: كم الْعَدَدُ؟ قَالَ: خَمْسَةُ آلَافٍ، قَالَ: فَسَبّحَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ قَالَ: عَمْرَكَ اللَّهِ يَا مُصْعَبٍ، لَوْ أَنَّ امْرَءًا أَتَى مَاشِيَةَ لِلزُّبَيْرِ، فَذَبَحَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلَافِ شَاةٍ فِي غَدَاةٍ، أَكُنْتَ تُعِدُّهُ مُسْرِفًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَرَاهُ إِسْرَافًا فِي الْبَهَائِمِ، وَقَتَلْتَ مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ، أَمَا كَانَ فِيهِمْ مُسْتَكْرِهٌ أَوْ جَاهِلٌ تَرْجَى تَوبَتُهُ! أَصِبْ يَا ابْنَ أَخِي مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ مَا اسْتَطَعْتَ فِي دُنْيَاكَ1. وَكَانَ الْمُخْتَارُ مُحْسِنًا إِلَى ابْنِ عُمَرَ، يَبْعَثُ إِلَيْهِ بِالْجَوَائِزِ وَالْعَطَايَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ زَوْجَ أُخْتِ الْمُخْتَارِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَكَانَ أَبُوهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ رَجُلًا صَالِحًا، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَالْجِسْرُ مُضَافٌ إِلَيْهِ، وَبَقِيَ وَلَدَاهُ بِالْمَدِينَةِ. فَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر، عن أم بكر بِنْتِ الْمِسْوَرِ، وَعْنَ رَبَاحِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قالوا: قدم أبو عبيد الله مِنَ الطَّائِفِ، وَنَدَبَ عُمَرُ النَّاسَ إِلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ إِلَيْهِا فَقُتِلَ، وَبَقِيَ الْمُخْتَارُ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ غُلَامًا يُعْرَفُ بِالِانْقِطَاعِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ خَرَجَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَقَامَ بِهَا يُظْهَرُ ذِكْرَ الْحُسَيْنِ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، فَأَخَذَهُ وَجَلَدَهُ مِائَةً، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الطَّائِفِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ2. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ: كَانَتِ الشِّيعَةُ تَكْرَهُ الْمُخْتَارَ، لِمَا كَانَ مِنْهُ فِي أمر الحسن بن علي يوم طعن، لما قَدِمَ مُسْلِمُ بْنُ عُقَيْلٍ الْكُوفَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْحُسَيْنِ نَزَلَ دَارَ الْمُخْتَارِ، فَبَايَعَهُ وَنَاصَحَهُ، فَخَرَجَ ابْنُ عُقَيْلِ يَوْمَ خَرَجَ وَالْمُخْتَارُ فِي قَرْيَةٍ لَهُ، فَجَاءَهُ خَبَرُ ابْنِ عُقَيْلٍ أَنَّهُ ظَهَرَ بِالْكُوفَةِ، وَلَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُ عَلَى مِيعَادٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِنَّمَا خَرَجَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ هَانِئَ بْنَ عُرْوَةَ قَدْ ضُرِبَ وَحُبِسَ، فَأَقْبَلَ الْمُخْتَارُ فِي مَوَالِيهِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ، فَلَمَّا رَأَى الْوَهْنَ نَزَلَ تَحْتَ رَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ لِتَنْصُرَ مُسْلِمَ بْنَ عُقَيْلٍ، قَالَ: كَلا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، وَضَرَبَهُ بِقَضِيبٍ شَتَرَ عَيْنَيْهِ، وَسَجَنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ فِيهِ إِلَى يَزِيدَ، لَمَّا بَكَتْ صَفِيةُ أُخْتُ الْمُخْتَارِ عَلَى زَوْجِهَا ابْنِ عُمَرَ، فَكَتَبَ: إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ حَبَسَ الْمُخْتَارِ، وهو صهري، وأنا أحب أن   1 تاريخ الطبري "6/ 113". 2 خبر ضعيف: فيه الواقدي. وأخرجه ابن سعد "5/ 148". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 يُعَافِيَ وَيُصْلِحَ، قَالَ: فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَخْرَجَهُ، وَقَالَ: إِنْ أَقَمْتَ بِالْكُوفَةِ بَعْدَ ثَلَاثٍ بَرِئَتْ مِنْكَ الذِّمَّةُ، فَأَتَى الْحِجَازَ، وَاجْتَمَعَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَحَضَّهُ عَلَى أَنْ يُبَايِعَ النَّاسَ، فَلْمَ يَسْمَعْ مِنْهُ، فَغَابَ عَنْهُ بِالطَّائِفِ نَحْوَ سَنَةٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ فَرَحَّبَ بِهِ، وَتَحَادَثًا، ثُمَّ إِنَّ الْمُخْتَارَ خَطَبَ وَقَالَ: إِنِّي جِئْتُ لِأُبَايِعَكَ عَلَى أَنْ لَا تَقْضِيَ الْأُمُورَ دُونِي، وَإِذَا ظَهَرْتَ اسْتَعَنْتَ بِي عَلَى أَفْضَلِ عَمَلِكِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَّةِ نَبِيِّهِ، فَبَايَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَا طَلَبَ، وَشَهِدَ مَعَهُ حِصَارَ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ لَهُ، وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا، وَأَنْكَى فِي عَسْكَرِ الشَّامِ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَتْهُ الْأَخْبَارُ أَنَّ الْكُوفَةَ كَغَنَمٍ بِلَا رَاعٍ، وَكَانَ رَأْيُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهُ، فَمَضَى بِلَا أَمْرٍ إِلَى الْكُوفَةِ، وَدَخَلَهَا مُتَجَمِّلًا فِي الزِّينَةِ وَالثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ، وَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشِّيعَةِ الْأَشْرَافِ قَالَ: أَبْشِرُ بِالنَّصْرِ وَالْيُسْرِ، ثُمَّ يَعِدُهُمْ أَنْ يَجْتَمِعَ بِهِمْ فِي دَارِهِ، قَالَ: ثم أظهر لهم أن المهدي بن محمد الْوَصِيَّ، يَعْنِي ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ، بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ أَمِينًا ووزيرًا وأميرًا، وأمني بِقِتَالِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَالطَّلَبِ بِدِمَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَهَوِيَتْهُ طَائِفَةٌ، ثُمَّ حَبَسَهُ مُتَوَلِّي الْكُوفَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثُمَّ إِنَّهُ قَوِيَتْ أَنْصَارُهُ، وَاسْتَفْحَلَ شَرُّهُ، وَأَبَادَ طَائِفَةً مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَاقْتَصَّ اللَّهُ مِنَ الْظَّلَمَةِ بِالْفَجَرَةِ، ثُمَّ سَلَّطَ عَلَى الْمُخْتَارِ مُصْعَبًا، ثُمَّ سَلَّطَ عَلَى مُصْعَبٍ عبد الملك: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] . وَاسْتَعْمَلَ مُصْعَبُ عَلَى أَذْرَبَيْجَانَ وَالْجِزِيرَةِ الْمُهَلَّبَ بْنَ أبي صفرة الأزدي1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 265"، والسير "3/ 543"، والبداية "8/ 310"، وصحيح التوثيق "5/ 124". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 حوادث سنة ثمان وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَمَلِكُ الرُّومِ قُسْطَنْطِينُ بْنُ قُسْطَنْطِينَ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَتُوُفِّيَ فِيهَا فِي قَوْلٍ: زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ. وَفِيهَا: عَزَلَ ابْنُ الزُّبْيَرِ أَخَاهُ مُصْعَبًا عَنِ الْعِرَاقِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا وَلَدَه حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ جَابِرَ بن الأسود الزهري، فأراد من سعيد ابن الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَامْتَنَعَ، فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا. كَذَا قَالَ خَلِيفَةُ. وَقَالَ الْمُسَبِّحِيُّ: عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لِكَوْنِهِ ضرب سعيد بْنَ الْمُسَيِّبِ سِتِّينَ سَوْطًا فِي بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَامَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى ذَلِكَ وَعَزَلَهُ. وَفِيهَا: كَانَ مَرْجِعُ الْأَزَارِقَةِ مِنْ نَوَاحِي فَارِسٍ إِلَى الْعِرَاقِ، حَتَّى قَارَبُوا الْكُوفَةَ وَدَخَلُوا الْمَدَائِنَ، فَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، وَعَلَيْهِمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْمَاحُوزِ، وَقَدْ كَانَ قَاتَلَهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ بِسَابُورَ، وَصَاحَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِأَمِيرِهِمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، الْمُلَقَّبُ بِالْقُبَاعِ، وَقَالُوا: انْهَضْ، فَهَذَا عَدُوٌّ لَيْسَتْ لَهُ تُقْيَةٌ، فَنَزَلَ بِالنُّخَيْلَةِ، فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ فَقَالَ: قَدْ سَارَ إِلَيْنَا عَدُوٌّ يَقْتُلُ الْمَرْأَةَ وَالْمَوْلُودَ، وَيُخَرِّبُ الْبِلَادَ، فَانْهَضْ بِنَا إِلَيْهِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَنَزَلَ دَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَقَامَ أَيَّامًا حَتَّى دَخَلَ شَبَثُ بْنُ رِبعِيُّ، فَكَلَّمَهُ بِنَحْوِ كَلَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَارْتَحَلَ وَلَمْ يَكَدْ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ بُطْءَ سَيْرِهِ رَجَزُوا فَقَالُوا: سَارَ بِنَا الْقُبَاعُ سَيْرًا نُكْرًا ... يَسِيرُ يَوْمًا وَيُقِيمُ شَهْرًا فَأَتَى الصَّرَاةَ، وَقَدِ انْتَهَى إِلَيْهَا الْعَدُوُّ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ سَارُوا إِلَيْهِمْ، قَطَعُوا الْجِسْرَ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ لِلْحَارِثِ الْقُبَاعِ: انْدُبْ مَعِي النَّاسَ حَتَّى أعبر إلى هؤلاء الكلاب، فأجيئك برؤوسهم السَّاعَةَ، فَقَالَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيُّ، وَأَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ، دَعْهُمْ فَلْيَذْهَبُوا، لَا تَبْدَأُوهُمْ بِقِتَالٍ، وَكَأَنَّهُمْ حَسَدُوا ابْنَ الْأَشْتَرِ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الْحَارِثَ عَمِلَ الْجِسْرَ، وَعَبَرَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ فَطَارُوا حَتَّى أَتَوْا الْمَدَائِنَ، فَجَهَّزَ خَلْفَهُمْ عَسْكَرًا، فَذَهَبُوا إِلَى إِصْبَهَانَ، وَحَاصَرُوهَا شَهْرًا، حَتَّى أَجْهَدُوا أَهْلَهَا، فَدَعَاهُمْ مُتَوَلِّيهَا عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَخَطَبَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى مُنَاجَزَةِ1 الْأَزْارِقَةِ، فَأَجَأَبُوهُ، فَجَمَعَ النَّاسَ وَعَشَّاهُمْ وَأْشَبَعَهُمْ، وَخَرَجَ بِهِمْ سَحَرًا، فَصَبَّحُوا الْأَزَارِقَةَ بَغْتَةً، وَحَمَلُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْمَاحُوزِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عِصَابَتِهِ، فَانْحَازَتِ الْأَزَارِقَةُ إِلَى قَطَريِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ، فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَأَتَى نَاحِيَةَ كِرْمَانَ، وَجَمَعَ الْأَمْوَالَ وَالرِّجَالَ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْأَهْوَازِ، فَسَيَّرَ مُصْعَبَ لِقِتَالِهِمْ، لَمَّا أَكْلَبُوا النَّاسَ، الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، فَالْتَقَوْا بِسُولَافَ2 غَيْرَ مَرَّةٍ، وَدَامَ الْقِتَالُ ثمانية أشهر.   1 مناجزة: محاربة. 2 اسم قرية من قرى خوزستان بخراسان. كما في معجم البلدان "3/ 285". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 وَفِيهَا: كَانَ مَقْتَلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ، وَكَانَ صَالِحًا عَابِدًا كُوفِيًّا، فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَقَاتَلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ عَلِيٌّ، -رَضِيَ الله عنه، رجع إلى الْكُوفَةِ، وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَتَبِعَهُ طَائِفَةٌ، فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ قَوِيَ وَصَارَ مَعَهُ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ، وَعَاثَ فِي مَالِ الْخَرَاجِ بِالْمَدَائِنِ، وَأَفْسَدَ بِالسَّوَادِ فِي أَيَّامِ الْمُخْتَارِ، فَلَمَّا كَانَ مُصْعَبُ ظَفِرَ بِهِ وَسَجَنَهُ، ثُمَّ شَفَعُوا فِيهِ فَأَخْرَجُوهُ، فَعَادَ إِلَى الْفَسَادِ وَالْخُرُوجِ، فَنَدِمَ مُصْعَبُ وَوَجَّهَ عَسْكَرًا لحربه، فكسرهم، ثم في الآخر قتل1.   1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 122، 123"، البداية "8/ 316"، صحيح التوثيق "5/ 128". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ صَاحِبِ النحو. الطاعون بالبصرة: وَكَانَ فِي أَوَّلِهَا طَاعُونُ الْجَارِفِ1 بِالْبَصْرَةِ، فَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ أَدْرَكَ الْجَارِفَ قَالَ: كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَمَاتَ فِيهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا. قَالَ خَلِيفَةُ: قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: مَاتَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ ثَمَانُونَ وَلَدًا، وَيُقَالُ: سَبْعُونَ. وَقِيلَ: مَاتَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَرْبَعُونَ وَلَدًا، وَقَلَّ النَّاسُ جِدًّا بِالْبَصْرَةِ، وَعَجَزُوا عَنِ الْمَوْتَى، حَتَّى كَانَتِ الْوُحُوشُ تَدْخُلُ الْبُيُوتَ فَتُصِيبَ مِنْهُمْ. وَمَاتَتْ أُمُّ أَمِيرِ الْبَصْرَةِ، فَلَمْ يَجِدُوا مَنْ يَحْمِلُهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ. وَمَاتَ لِصَدَقَةَ بْنِ عَامِرٍ المازني فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعَةُ بَنِينَ، فقال: اللهم إني مسلم مُسْلِمٌ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَطَبَ الْخَطِيبُ بْنُ عَامِرٍ، وَلَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلَتِ الْوُجُوهُ؟ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: تَحْتَ التُّرَابِ. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ عِشْرُونَ أَلْفِ عَرُوسٍ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ في رابع يوم ولم يَبْقَ حَيًّا إِلَّا الْقَلِيلُ، فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ الْأَمْرُ. وَمِمَّنْ قِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِيهَا: يَعْقُوبُ بْنُ بُجَيْرِ بْنُ أُسَيْدٍ، وَقَيْسُ بْنُ السَّكَنِ، ومالك   1 الجارف: الذي يموت فيه الكثيرون، كالسيل الجارف، الذي يأخذ كل ما أمامه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 ابن يُخَامِرَ السَّكْسَكِيُّ، وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَحَسَّانُ بْنُ فَائِدٍ الْعَبْسِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ عَامِرٍ الوادعي، وَحُرَيْثُ بْنُ قَبِيصَةَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ فُلَيْحٍ قَالَ: ركبني دين، فجلست يومًا إلى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَوَتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ ذَا، فَأَخْبِرْنِي مَنْ رَآهَا؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكِ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَا، قَالَ: يَقْتُلُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ يَكُونُ خَلِيفَةُ، فَرَكِبْتُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ، وَأَمَرَ لِي بِخَمْسِمِائَةِ دِيَنارٍ وَثِيَابٍ1. وَفِيهَا: أَعَادَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ مُصْعَبًا إِلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ، لِضَعْفِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْأُمُورِ وَتَخْلِيطِهِ، فَقَدِمَهَا مُصْعَبٌ، فَتَجَهَّزَ وَسَارَ يُرِيدُ الشَّامَ فِي جَيْشٍ كَبِيرٍ، وَسَارَ إِلَى حَرْبِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَسَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى آخِرِ وِلَايَتِهِ، وَهَجَمَ عَلَيْهِمَا الشِّتَاءُ فَرَجَعَا. قَالَ خليفة: كانا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَامٍ، حَتَّى قُتِلَ مصعب، واستناب مصعب على عمله إبراهيم بن الأشتر. فتح قرطاجنة: وَفِيهَا: عَقَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ أَمِيرُ مِصْرَ لِحَسَّانٍ الْغَسَّانِيِّ عَلَى غَزْوِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ، فَافْتَتَحَ قُرْطَاجَنَّةَ2، وَأَهْلُهَا إِذْ ذَاكَ رُومٌ عُبَّادُ صَلِيبٍ. وَفِيهَا: قُتِلَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ، مَالَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وقيل: اختلف عليه أصحابه فقتلوه.   1 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 2 قرطاجنة: هي أصل بلدة مدينة تونس اليوم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 حوادث سنة سبعين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ، وَبَشِيرُ بْنُ النَّضْرِ قَاضِي مِصْرَ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ، وَبِخُلْفٍ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ. وَفِيهَا: أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ سَهْلِ بْنِ الْأَبْرَدِ الْأَنْصَارِيِّ، وَعُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ، وَبَشِيرُ بْنُ عَقْرَبَةَ، وَيُقَالُ: بِشْرُ الْجُهَنِيُّ صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثَانِ، وَأَبُو الْجَلْدِ. وَيُقَالُ: إِنَّ طَاعُونَ الْجَارِفِ الْمَذْكُورَ كَانَ فِيهَا. وَفِيهَا: كَانَ الْوَبَاءُ بِمِصْرَ، فَهَرَبَ مِنْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الشَّرْقِيَّةِ، فَنَزَلَ حُلْوَانَ وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلًا، وَاشْتَرَاهَا مِنَ الْقِبْطِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِيَنارٍ، وَبَنَى بِهَا دَارَ الْإِمَارَةِ وَالْجَامِعَ، وَأَنْزَلَهَا الْجُنْدَ وَالْحَرَسَ. وَفِيهَا: سَارَتِ الرُّومُ وَاسْتَجَاشُوا1 عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، وَعَجَزَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَنْهُمْ، لِاشْتِغَالِهِ بِخَصْمِهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَصَالَحَ مَلِكَ الرُّومِ، عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ. وَفِيهَا: وَفَدَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى مَكَّةَ عَلَى أَخِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْد اللَّهِ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، وَتُحَفٍ وَأَشْيَاءَ فَاخِرَةٍ2. ذِكْرُ أَهْلِ هَذِهِ الطبقة مرتبين على الأحرف. "حَرْفُ الْأَلِفِ": 1- الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، -ع- التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ3 أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. وَرَّخَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ، وَالْأَصَحُّ وَفَاتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. 2- أُسَامَةُ بْنُ شَرِيكٍ، الذُّبْيَانِيُّ الثَّعْلَبِيُّ4. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: زِيَادَةُ بْنُ عِلَاقَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْأَقْمَرِ، وَغَيْرُهُمَا. حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَعِدَادُهُ فِي الْكُوفِيِّينَ. 3- أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ، بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، أبو حسان،   1 استجاشوا: تجرأوا وهجموا. 2 انظر: تاريخ الطبري "6/ 150"، والبداية "8/ 236"، وصحيح التوثيق "5/ 129". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 93"، الاستيعاب "1/ 126"، أسد الغابة "1/ 55". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 27"، الاستيعاب "1/ 60"، أسد الغابة "1/ 66، 67". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو هِنْدٍ1. مِنْ أَشْرَافِ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وعنه: ابنه مالك، وعلي بن ربيعة. وله وفادة على عبد الملك بن مروان، وفيه يَقُولُ الْقُطَامِيُّ: إِذَا مَاتَ ابْنُ خَارِجَةَ بْنُ حِصْنٍ ... فَلَا مَطَرَتْ عَلَى الْأَرْضِ السَّمَاءُ وَلَا رَجَعَ الْبَرِيدُ بِغُنْمِ جَيْشٍ ... وَلَا حَمَلَتْ عَلَى الطُّهْرِ النِّسَاءُ2 قَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: فَاخَرَ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ رَجُلًا فَقَالَ: أَنَا ابْنُ الْأَشْيَاخِ الْكِرَامِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَاكَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بن إسحاق -ذبيح الله- بن إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ3. إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ: أَتَيْتُ الْأَعْمَشُ، فَانْتُسِبْتُ لَهُ فَقَالَ: لَقَدْ قَسَّمَ جَدُّكَ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ قَسْمًا، فَنَسِيَ جَارًا لَهُ، فَاسْتَحْيَا أن يُعْطِيَهُ، وَقَدْ بَدَأَ بِآخَرَ قَبْلَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَالَ صَبًّا، أَفَتَفْعَلُ أَنْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟ 4. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ. 4- أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ-4، بْنِ السَّكَنِ، أُمُّ عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أُمُّ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ الْأَشْهَلِيَّةُ5. بَايَعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَتْ جُمْلَةَ أَحَادِيثَ، وقتلت بعمود خبائها يوم اليرموك   1 انظر: البداية "9/ 43"، تهذيب ابن عساكر "3/ 44"، السيرة "5/ 535". 2 أوردها ابن سلام في طبقاته "539" وعزاهما للقطامي. 3 إسناده ضعيف: وأورده المصنف في السير "3/ 536، 537"، وفيه عنعنة أبي إسحاق، وهو من المدلسين. 4 السير "3/ 536". 5 انظر: الاستيعاب "4/ 1787"، أسد الغابة "7/ 18"، الإصابة "12/ 124". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 تِسْعَةً مِنَ الرُّومِ، وَسَكَنَتْ دِمَشْقَ. رَوَى عَنْهَا: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَوْلَاهَا مُهَاجِرٌ، وَابْنُ أَخِيهَا مَحْمُودُ بْنُ عَمْرٍو، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ. قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ هِيَ: أُمُّ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ. قُلْتُ: وَقَبْرُ أُمِّ سَلَمَةَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَهِيَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هَذِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا شَهِدَتِ الْحُدَيْبِيَةَ، وَبَايَعَتْ يَوْمَئِذٍ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَأَخُوهُ عَمْرٌو، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بِنْتِ عَمِّ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَتْ: قَتَلْتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ تِسْعَةً1. أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرٍ-4-، بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ2. ابْنُ عَمِّ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقِيلَ: ابْنُ أَخِيهِ، وَأَخُو عَبَّادِ بْنِ بَشِيرٍ لِأُمِّهِ. شَهِدَ الْخَنْدَقَ وَغَيْرَهَا، وَأَبُوهُ عَقَبِيٌّ. لِأُسَيْدٍ أَحَادِيثُ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ رَافِعٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ بْنِ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُمْ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وروى عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. 6- أَفْلَحُ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ -م-3. رَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ، وَعُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. روى عنه: محمد بن سيرين، وعبد الله بن الحارث، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. وثقه أحمد بن عبد الله العجلي، وقتل يوم الحرة هو وابنه كثير بن أفلح. قال الواقدي: هو من سبي عين التمر، في خلافة أبي بكر.   1 خبر صحيح: أخرجه الطبراني، ورجاله ثقات، قاله الهيثمي في المجمع "9/ 260"، وأورده المصنف "2/ 297" في السير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 369"، وأسد الغابة "1/ 94"، والإصابة "1/ 123". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 86"، والتاريخ الكبير "2/ 52"، والجرح والتعديل "2/ 323". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 قال هشام بن حسان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: إِنَّ أَبَا أَيُّوبَ كَاتَبَ أَفْلَحَ عَلَى أَرْبَعِينَ ألفاُ، فَجَعَلُوا يُهَنِّئُونَهُ، فَنَدِمَ أَبُو أَيُّوبَ وقال: أحب أن ترد الكتاب وَتَرْجِعَ كَمَا كُنْتَ، فَجَاءَهُ بِمُكَاتَبَتِهِ، فَكَسَرَهَا، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوبَ: أَنْتَ حُرٌّ، وَمَا كَانَ لَكَ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَكَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، يُكْنَى أَبَا كَثِيرٍ. 7- إِيَاسُ بْنُ قَتَادَةَ الْعَبْشَمِيُّ1. ابْنُ أُخْتِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، بَصْرِيٌّ نَبِيلٌ، وَلِيَ قَضَاءَ الرَّيِّ. "حرف الْبَاءِ": 8- بُرَيْدَةُ بن الحصيب -ع، بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْلَمِيُّ2. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ، أَسْلَمَ قَبْلَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَهُ عِدَّةُ مَشَاهِدَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِدَّةُ أَحَادِيثَ، سَكَنَ مَرْوَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَبِهَا قَبْرُهُ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الْمَلِيحِ بْنُ أسامة، وجماعة. توفي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: غَزَا خُرَاسَانَ زَمَنَ عُثْمَانَ. أَنْبَأَ أَبُو النصر: ثنا شُعْبَةُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيَّ وَرَاءَ نَهْرِ بَلْخٍ وَهُوَ يَقُولُ: لَا عَيْشَ إِلَّا طِرَادَ الْخَيْلِ بِالْخَيْلِ3 وَقَالَ بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ، فَكُنْتُ فِيمَنْ شَهِدَ الثُّلْمَةَ4، فَقَاتَلْتُ حَتَّى رُئِيَ مكَانِي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 128"، الإصابة "1/ 90". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 241"، والاستيعاب "2/ 173"، وأسد الغابة "1/ 175". 3 إسناده ضعيف: الطبقات الكبرى "4/ 243" سنده فيه جهالة أحد الرواة. 4 الثلمة: هي الموضع الذي انثلم، ويقال: ثلم الجدار، ثلما أحدث فيه شقا. المعجم الوجيز "ص/ 87". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 أحمر، فما أعلم أني ركبت في الْإِسْلَامَ ذَنْبًا أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنْهُ لِلشُّهْرَةِ1. قُلْتُ: رُوِيَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا. 9- بَشِيرُ بْنُ عَقْرَبَةَ، وَيُقَالُ: بِشْرُ، أَبُو الْيَمَانِ الْجُهَنِيُّ2. صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثَانِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: ثنا ابْنُ الْحَارِثِ الرَّمْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الْكِنَانِيِّ، عَامِلُ الرَّمْلَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: شَهِدْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ لِبِشْرِ بْنِ عَقْرَبَةَ يَوْمَ قَتْلِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ: قَدِ احْتَجْتُ يَا أَبَا الْيَمَانِ إِلَى كَلَامِكَ الْيَوْمَ فَقُمْ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ قَامَ بِخُطْبَةٍ لَا يَلْتَمِسُ إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً وَقَفَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَوْقِفَ رياء وسمعة" 3. 10- بشير بن النضر، بن بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو. قَاضِي مِصْرَ، تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعِينَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْخَوْلَانِيُّ، وَكَانَ رِزْقَهُ فِي الْعَامِ أَلْفَ دِينَارٍ. "حرف التَّاءِ": 11- تَمِيمُ بْنُ حَذْلَمٍ، أَبُو سَلَمَةَ الضَّبِّيُّ4 الْكُوفِيُّ الْمُقْرِئُ. عَرَضَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ. وَرَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. قَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ حَذْلَمٍ قَالَ: قَرَأْتُ القرآن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ تَمِيمَ بْنَ حَذْلَمَ الضَّبِّيَّ قَرَأَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ إِلَّا قوله: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ} [النحل: 87] مده تميم، وقصره ابن   1 خبر صحيح: أخرجه البخاري "3/ 177 تعليقا"، وابن سعد "7/ 117"، في طبقاته. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 429"، والاستيعاب "1/ 152"، وأسد الغابة "1/ 197". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "3/ 500"، والطبراني "1227" في الكبير، وقال الهيثمي في المجمع "2/ 191": رجاله موثقون. 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 206"، والإصابة "1/ 187". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 مَسْعُودٍ، {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] ، قَرَأَهَا ابن مسعود مخففة1. وقد أدرك تميم أن أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ. رَوَى عَنْهُ أَيْضًا: الْعَلَاءُ بْنُ بَدْرٍ، وَالرُّكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَابْنُهُ أَبُو الْخَيِر بْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمْ. "حرف الثَّاءِ": 12- ثور بن معن، بن يَزِيدَ بْنِ الْأَخْنَسِ السُّلَمِيُّ2. أَحَدُ الْأَشْرَافِ، قُتِلَ بِمَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ، وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَقَدْ عَاشَ بَعْدَ ثَوْرٍ أَبُوهُ. "حرف الْجِيمِ": 13- جَابِرُ بن سمرة، -ع- بْنِ جُنَادَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. وَيُقَالُ: أَبُو خالد السوائي3، وَقِيلَ: اسْمُ جُنَادَةَ: عَمْرٌو، وَلَهُ وَلأَبِيهِ سَمُرَةَ صُحْبَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ. وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ: خَالِهِ سَعْدِ بْنِ أبي وقاص، وأبي أيوب. روى عَنْهُ: تَمِيمُ بْنُ طَرَفَةَ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَحَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ كَثِيرٌ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ. 14- جابر بن عتيك بن قَيْسٍ، وَيُقَالَ: جَبْرٌ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ4، أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا. وَتُوُفِّيَ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَلَهُ إِحْدَى وَتِسْعُونَ سَنَةً. وَرَّخَ مَوْتَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَابْنُ زَبْرٍ، وَابْنُ مَنْدَهْ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ الأَوْسِ يَوْمَ الْفَتْحِ.   1 إسناده ضعيف: فيه عنعنة هشيم، والمغيرة، وكلاهما من المدلسين. 2 انظر: الكامل "4/ 147"، والإصابة "1/ 205". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 24"، والاستيعاب "1/ 224"، وأسد الغابة "1/ 254". 4 انظر: الاستيعاب "1/ 223"، والطبقات الكبرى "3/ 469"، وأسد الغابة "1/ 258". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِر بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ، فَاسْتَرْجَعَ1. قُلْتُ: هُوَ آخِرُ الْبَدْرِيِّينَ مَوْتًا. 15- جَرْهَدُ الأَسْلَمِيُّ -د ت-2 الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ لِلَّهِ: "غَطِّ فَخْذَكَ" 3. رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وحفيده زرعة. توفي سنة إحدى وستين. له دار بالمدينة. 16- جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ4 قُتِلَ شَابًّا هُوَ وَإِخْوَتُهُ مَعَ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم- أجمعين. 17- جندب بن عبد الله -ع- بن سفيان البجلي العلقي5. وَعَلَقَةُ: حَيٌّ مِنْ بَجِيلَةَ، أَقَامَ بِالْبَصْرَةِ وَبِالْكُوفَةِ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ كَثِيرَةٌ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالأَسْوَدُ بْنِ قَيْسٍ، وَآخَرُونَ. 18- جُنْدُبُ الْخَيْرِ: هُوَ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -وَيُقَالُ: ابن كعب- الأزدي6، له صحبة ورواية.   1 حديث صحيح: أخرجه مالك "1/ 181" في الموطأ، وأحمد "5/ 445"، وأبو داود "3111"، والنسائي "4/ 13، 14"، وابن ماجه "2803"، وابن حبان "1616"، والحاكم "1/ 352". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 298"، والاستيعاب "1/ 254"، وأسد الغابة "1/ 277". 3 حديث حسن لغيره: أخرجه أبو داود "4/ 40"، والترمذي "2947"، "2948"، وقال: حديث حسن، وأحمد "3/ 478، 479"، والحميدي "857"، "858"، وابن حبان "353"، وأورده البخاري "1/ 105"، تعليقا، وقال: روى عن ابن عباس، وجرهد، ومحمد بن جحش عن النبي -صلى الله عليه وسلم: "الفخذ عورة"، قال أنس: حسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه، وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط حتى نخرج من اختلافهم. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 34"، والاستيعاب "1/ 210"، وأسد الغابة "1/ 286". 5 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 35"، والاستيعاب "1/ 256"، وأسد الغابة "1/ 304". 6 انظر: الاستيعاب "1/ 258"، وأسد الغابة "1/ 305"، والسير "3/ 175". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَحَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. فَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ"1. وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: كَانَ سَاحِرٌ يَلْعَبُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَيَأْخُذُ سَيْفَهُ فَيَذْبَحُ نَفْسَهُ وَلا يَضُرُّهُ، فَقَامَ جُنْدُبٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، ثُمَّ قَرَأَ {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} [الأنبياء: 3] . إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ2. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ كَانَ بِالْعِرَاقِ يَلْعَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاحِرٌ، فَكَانَ يَضْرِبُ عُنُقَ الرَّجُلِ، ثُمَّ يَصِيحُ بِهِ، فَيَقُومُ، فَتَرْتَدُّ إِلَيْهِ رَأْسُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ يُحْيِي الْمَوْتَى! فَرَآهُ رَجُلٌ مِنْ صَالِحِي الْمُهَاجِرِينَ، فَاشْتَمَلَ مِنَ الْغَدِ عَلَى سَيْفهِ، فَذَهَبَ السَّاحِرُ يَلْعَبُ لُعْبَهُ ذَلِكَ، فَاخْتَرَطَ الرَّجُلُ سَيْفَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. وَقَالَ: إِنْ كَانَ صَادِقًا فَيُنَجِّي نَفْسَهُ، فَأَمَرَ بِهِ الْوَلِيدُ فَسَجَنَهُ، فَأُعْجِبَ السَّجَّانُ نَحْوَ الرَّجُلِ فَقَالَ: أتستطيع أن تهرب؟ فقال: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْرُجْ، لا يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْكَ أَبَدًا3. 19- جَنْدَرَةُ بْنُ خَيْشَنَةَ أَبُو قِرْصَافَةَ الْكِنَانِيُّ4، صَحَابِيٌّ نَزَلَ الشَّامَ وَاسْتَوْطَنَ عَسْقَلانَ، لَهُ أَحَادِيثُ. روى عنه: حفيدته عزة بنت عياض بنت جَنْدَرَةَ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ الْفِلَسْطِينِيُّ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَزِيَادُ بْنُ سَيَّارٍ، وَعَطِيَّةُ بْنُ سَعِيدٍ الكنانيان، وزياد بن أبي جعد. ليس له في الكتب الستة شيء.   1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "1460"، والحاكم "4/ 360"، والدارقطني "3/ 114" فيه إسماعيل المكي، وهو في عداد الضعفاء. 2 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "1725" في الكبير. 3 السير "3/ 176"، وفيه ابن لهيعة متكلم فيه. 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 545"، والاستيعاب "1/ 274". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 "حرف الْحَاءِ": 20- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ الأَعْوَرُ الْكُوفِيُّ أَبُو زُهَيْرٍ1، صَاحِبُ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ فَقِيهًا فَاضِلا مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ، وَلَكِنَّهُ لين الحديث. روى عنه: الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن مرة، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم. قال أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْحَارِثُ: تَعَلَّمْتُ الْقُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ، وَالْوَحْيَ فِي ثَلاثِ سِنِينَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وعلي بن المديني، وأبو خيثمة: الحارث كذاب. قلت: هذا محمول من الشعبي على أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَذِبِ الْخَطَأَ وَإلا فَلأَيِّ شَيْءٍ يَرْوِي عَنْهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّسَائِيَّ مَعَ تَعَنُّتِهِ فِي الرِّجَالِ قَدِ احْتَجَّ بِالْحَارِثِ. وَقَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الْحَارِثِ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ. وَرَوَى مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الْحَارِثُ يَهِمُ. وقَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضًا: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ الْحَارِثُ أفْقَهَ النَّاسِ، وَأفْرَضَ النَّاسِ، وَأَحْسَبَ النَّاسِ، تَعَلَّمَ الْفَرَائِضَ مِنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَهُمْ يُقَدِّمُونَ خَمْسَةً، مَنْ بَدَأَ بِالْحَارِثِ الأَعْوَرِ ثَنَّى بِعُبَيْدَةَ، وَمَنْ بَدَأَ بِعُبَيْدَةَ ثَنَّى بِالْحَارِثِ، ثُمَّ عَلْقَمَةَ، ثُمَّ مَسْرُوقٍ، ثُمَّ شُرَيْحٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: الْحَارِثُ لَيْسَ بِهِ بأٍس. وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ. 21- الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْهُذَلِيُّ الْمَدَنِيُّ2 وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وحدث عن عمر بن الخطاب. قال ابْنُ سَعْدٍ. * الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ قَدْ ذُكِرَ.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 168"، والسير "4/ 152". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 59"، والتاريخ الكبرى "2/ 276". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 22- حبشي بن جنادة -د ت ق- أبو الجنوب السلولي1، نَزَلَ الْكُوفَةَ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ الشَّعِبيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ. وَقَدْ بَالَغَ ابْنُ عَدِيٍّ في الثقات له بذكره في الضعفاء، ثم طرز بذلك بِقَوْلِهِ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ" 2 الْحَدِيثَ. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ حُبْشِيٍّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي تَحْرِيمِ الْمسأَلَةِ3. وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُبْشِيٍّ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاثَةَ مَشَاهِدَ، وَشَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ ثَلاثَةَ مَشَاهِدَ مَا هُنَّ بِدُونِهَا4. قُلْتُ: وَلِحُبْشِيٍّ أَحَادِيثُ أُخَرَ، وَمَا أَدْرِي لأَيِّ شَيْءٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِسْنَادُهُ فِيهِ نَظَرٌ. 23- حَسَّانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلِ بْنِ أُنَيْفٍ الْأَمِيرُ5 أَبُو سُلَيْمَانَ الْكَلْبِيُّ. وَكَانَ عَلَى قُضَاعَةِ الشَّامِ بين صِفِّينَ، وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِأَمْرِ الْبَيْعَةِ لِمَرْوَانَ. وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ أَنَّهُمْ سَلَّمُوا بِالْخِلافَةِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً عَلَى حَسَّانِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ سَلَّمَهَا إِلَى مَرْوَانَ وَقَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَّا الْخَلِيفَةُ نَفْسُهُ ... فَمَا نَالَهَا إِلا وَنَحْنُ شُهُودٌ وَقَصْرُ حَسَّانٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ قَصْرُ الْبَحَادِلَةِ، ثُمَّ صَارَ يُعْرَفُ بِقَصْرِ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ. 24- الْحُسَيْنُ بْنُ علي -رضي الله عنه-6 بن أَبِي طَالِبٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ رَيْحَانَةُ رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن بِنْتِهِ فَاطِمَةَ، السَّعِيدُ الشَّهِيدُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. استشهد بكربلاء وله ست   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 37"، والاستيعاب "1/ 391"، وأسد الغابة "1/ 366". 2 حديث صحيح: وأخرجه أحمد "4/ 165"، والترمذي "916"، والطبراني "3509"، "3510" في الكبير، وله شواهد. 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 165"، والترمذي "648"، "649"، والطبراني "3504"، في الكبير. 4 حديث ضعيف: وأخرجه ابن عدي "2/ 848" في الكامل للضعفاء. 5 انظر: تاريخ الطبري "5/ 531"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 148"، السير "3/ 537". 6 انظر: الحلية "2/ 39"، الاستيعاب "392"، أسد الغابة "2/ 18"، الإصابة "1/ 332". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَقَدْ حَفِظَ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبَوَيْهِ، وَخَالِهِ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ الْحَسَنُ، وَابْنُهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ ابْنِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ، وَبِنْتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْفَرَزْدَقُ هَمَّامٌ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُقَيْلِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: مَوْلِدُهُ فِي خَامِسِ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: كَانَ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ طُهْرٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرُونِي ابْنِي مَا سَمَّيْتُمُوهُ"؟ قُلْتُ حَرْبًا. قَالَ: "بَلْ هُوَ حَسَنٌ"، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: "إِنَّمَا سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ شَبَرٍ وَشُبَيْرٍ ومشبر"1. قلت: وكان وقد وَلَدَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَهُمَا وَلَدًا فَسَمَّاهُ مُحْسِنًا. وَرَوَى الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: كُنْتُ أُحِبُّ الْحَرْبَ، فَلَمَّا وُلِدَ الحسن هَمَمْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ حَرْبًا فَسَمَّاهُ الْحُسَيْنَ، وَقَالَ: "سَمَّيْتُ ابْنَيَّ هَذَيْنِ بِاسْمِ ابْنَيْ هَارُونَ شَبَرٍ وَشُبَيْرٍ"2. رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ عِيسَى التَّمِيمِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَهُوَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ. وقال عكرمة: لما ولد فَاطِمَةُ حَسَنًا أَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمَّاهُ حَسَنًا، فَلَمَّا وَلَدَتْ حُسَيْنًا أَتَتْ بِهِ فَسَمَّاهُ، وَقَالَ: "هَذَا أَسَنُّ مِنْ هَذَا"3، فَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ حُسَيْنٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْحَسَنُ أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ، والحسين أشبه الناس بِرَسُولِ اللَّهِ، مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ4. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: حَدَّثَنِي أخي موسى، عن أبي، عن   1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 98، 118"، والطبراني "2773"، "2774"، في الكبير، وفيه عنعنة أبي إسحاق. 2 حديث ضعيف: وأخرجه الطبراني "2777" في الكبير. 3 حديث ضعيف: إسناده مرسل. السير "3/ 248". 4 أخرجه الترمذي "3781"، وابن حبان "2235" وفيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَالَ: "مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ"1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ، عَنْهُ. وَفِي الْمُسْنَدِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي" 2. وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَانِ ابْنَايَ مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي" 3. لَهُ عِلَّةٌ، وَهِيَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَرْسَلَهُ، وَأَسْقَطَ مِنْهُ عَبْدَ اللَّهِ. وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ أمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَّلَ عَلِيًّا، وَحَسَنًا، وَحُسَيْنًا، وَفَاطِمَةَ، كِسَاءً، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا" 4. لَهُ طُرُقٌ صِحَاحٌ عَنْ شَهْرٍ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ، يَعْنِي {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب: 33] . وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 5. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ بِإِسْنَادَيْنِ جَيِّدَيْنِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَأَنَسٍ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ مَرْدَانُبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أبي سعيد الخدري   1 حديث منكر: أخرجه الترمذي "3734"، وقال المصنف في السير "3/ 245": إسناده ضعيف والمتن منكر. 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "2/ 531"، والحاكم "3/ 171"، والبيهقي "4/ 28" في سننه الكبرى. 3 حديث حسن: يشهد له السابق. 4 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد "6/ 298، 304"، والترمذي "3205"، والطبراني "2664"، "2665" في الكبير، وله شواهد كثيرة. 5 حديث صحيح لغيره: وأخرجه الترمذي "3856". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَسْعَيَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَصَلَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الآخَرِ، فَجَعَلَ يَدَهُ على رقبته، ثم ضمه إلى إِبِطِهِ، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَضَمَّهُ إِلَى إِبِطِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: "إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا". وَقَالَ: "إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ" 2. رَوَى بَعْضَهُ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ فَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ. وَقَالَ كَامِلٌ أَبُو الْعَلاءِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاةِ الْعِشَاءِ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ رَكِبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ رَفَعَ رَفْعًا رَفِيقًا، ثُمَّ إِذَا سَجَدَ عَادَا، فَلَمَّا صَلَّى قُلْتُ: أَلا أَذْهَبُ بِهِمَا إِلَى أُمِّهِمَا؟ قَالَ: "لا" فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ فَلَمْ يَزَالا فِي ضَوْئِهَا حَتَّى دَخَلا عَلَى أُمِّهِمَا3. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عثمان بْن خثيم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ" 4. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ حُسَيْنُ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "صَدَقَ الله" {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "3/ 3، 62، 64، 84"، والترمذي "3768"، والحاكم "3/ 166"، وله شواهد. 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 172"، وابن ماجه "3696"، وله شواهد. 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 513"، والطبراني كما في المجمع "1/ 186"، والحاكم "3/ 167" فيه أحد المجهولين. 4 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 172"، واتمذي "3775"، وابن ماجه "144"، والحاكم "3/ 177"، وصححه، وأقره الذهبي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 [التغابن: 15] رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ثُمَّ أَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ1 إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ مَسْرُوقٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ، وَعَلَى ظَهْرِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَهُوَ يَقُولُ: "نِعْمَ الْحَمْلُ حَمْلُكُمَا وَنِعْمَ الْعَدْلانِ أَنْتُمَا"2. تَفَرَّدَ بِهِ هَذَا عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. مَهْدِيُّ بْنُ ميمون: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاةٍ فَجَاءَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْنُ -قَالَ مَهْدِيٌّ: وَأَكْبَرُ ظني أنه الحسين- فركب عُنُقَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَطَالَ السُّجُودَ بِالنَّاسِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالُوا لَهُ، فَقَالَ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أَعْجَلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ" 3. مُرْسَلٌ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ الْحُسَيْنُ فَقَالَ جَابِرٌ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا4، أَشْهَدُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُهُ. تَفَرَّدَ بِهِ الرَّبِيعُ، وَهُوَ صَدُوقٌ جُعْفِيٌّ. أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا سَلْمٌ الْحَدَّاءُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَالِمِ بْن أَبِي الْجَعْدِ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي" 5. إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَسَلْمٌ لَمْ يُضَعَّفْ وَلا يَكَادُ يُعْرَفُ وَلَكِنْ قَدْ رَوَى مِثْلَهُ أَبُو الْجَحَّافِ، عن أبي حازم.   1 حديث حسن: أخرجه أبو داود "1109"، والترمذي "3774"، وابن ماجه "3600"، والنسائي "3/ 193"، وأحمد "5/ 354". 2 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "2661"، وانظر المجمع "9/ 182". 3 حديث صحيح: وإسناده مرسل. وأخرجه أحمد "3/ 493، 494"، والنسائي "2/ 229، 230"، وله شواهد. 4 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. رواه أبو يعلى كما في المجمع "9/ 587"، وفيه ابن سابط لم يسمع من جابر -رضي الله عنه. 5 سبق تخريجه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 وقال أبو الحجاف، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَفَاطِمَةَ، فَقَالَ: "أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ سَلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ"1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ زيد بن أرقم. وقال بقية، عن بحير، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَسَنٌ مِنِّي وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ"2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يعقوب، عن ابن أبي نعم قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عن دم البعوض، فقال: ممن أنت؟ قال: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا" 3. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ على رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ عَلَى صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّهُمَا؟ قَالَ: "وَكَيْفَ لا أُحِبُّهُمَا وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا" 4. وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى الْعَامِرِيِّ قَالَ: قال رسول الله صلى الهه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسَبَاطِ، مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ حُسَيْنًا" 5. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ" 6. وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وابن عباس، وسلمان، وغيرهم.   1 حديث ضعيف: أخرجه الطيالسي "2/ 129، 130"، وأحمد "1/ 101"، والطبراني "2622" في الكبير. 2 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "2628" في الكبير، وفيه عنعنة بقية. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 77، 78"، وأحمد "2/ 93، 114"، والترمذي "3770". 4 حديث حسن لغيره: أخرجه الطبراني "3890"، في الكبير، وانظر المجمع "9/ 181". 5 سبق تخريجه. 6 سبق تخريجه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَوْضِعَ الْجَنَايِزِ، فَطَلَعَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَاعْتَرَكَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيهًا حَسَنٌ خُذْ حُسَيْنًا". فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى حُسَيْنٍ تُؤَلِّبُهَ وَحَسَنٌ أَكْبَرُ! فَقَالَ: "هَذَا جِبْرِيلُ يَقُولُ: إِيهًا حُسَيْنٌ"1. وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ في مسنده بِإِسْنَادٍ آخَرَ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: صَعِدْتُ الْمِنْبَرَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي وَاذْهَبْ إِلَى مِنْبَرِ أَبِيكَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْبَرٌ، فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ ذَهَبَ بِي إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ من علمك هذا؟ قلت: ما عَلَّمَنِيهِ أَحَدٌ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَهَلْ أَنْبَتَ على رؤوسنا الشَّعْرَ إِلا أَنْتُمْ، لَوْ جَعَلْتَ تَأْتِينَا وَتَغْشَانَا2. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: إِنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَطَاءَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ مِثْلَ عَطَاءِ أَبِيهِمَا خَمْسَةُ آلافٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَسَا عُمَرُ أَبْنَاءَ الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَبَعَثَ إِلَى الْيَمَنِ فَأَتَى لَهُمَا بِكِسْوَةٍ، فَقَالَ: الآنَ طَابَتْ نَفْسِي3. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي: أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَصَاحِبُ لَهْوٍ، وَأَمَّا الْحَسَنُ فَصَاحِبُ جَفْنَةٍ وَخِوَانُ فَتًى مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلَقَتَا الْبِطَانِ لَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ فِي الْحَرْبِ شَيْئًا، وَأَمَّا أَنَا وَحُسَيْنٌ فَنَحْنُ مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنَّا4. وَيُرْوَى أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ لِلْحُسَيْنِ: أَيْ أَخِي وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بَعْضَ شِدَّةِ قَلْبِكَ، فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ: وَأَنَا وَاللَّهِ وَدِدْتُ أن لي بعض بسط لسانك5.   1 حديث ضعيف جدًّا: فيه اللهبي في عداد المتروكين. 2 خبر صحيح: أخرجه الخطيب "1/ 141"، وصححه ابن حجر في الإصابة "1/ 333". 3 إسناده ضعيف: السير "3/ 285". 4 حديث ضعيف: وأخرجه الطبراني "2801" في الكبير، فيه عنعنة الأعمش، وابن أبي ثابت، وكلاهما من المدلسين. 5 السير "3/ 287". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ قَالَ: كُنَّا فِي جِنَازَةِ امْرَأَةٍ، مَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَلَمَّا أَقْبَلْنَا أَعْيَا الْحُسَيْنُ، فَقَعَدَ فِي الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ قَدَمَيْهِ بِطَرفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَنْتَ تَفْعَلَ هَذَا! فَقَالَ: فَوَاللَّهِ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِثْلَ مَا أَعْلَمُ لَحَمَلُوكَ عَلَى رِقَابِهِمْ1. وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُدْرَكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ صَاحِبَ مَطْهَرَتِهِ، فَلَمَّا حَاذَى نِينَوَى وَهُوَ سَائِرٌ إِلَى صِفِّينَ فَنَادَى: اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ. قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ فَقَالَ: "قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ فَحَدَّثَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ وَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ أَشُمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أَنْ فَاضَتَا" 2. وَرَوَى نَحْوَهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبيِّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ وَهُوَ بِشَطِّ الْفُرَاتِ: صَبْرًا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وقال عمارة بن زاذان: ثنا ثابت، عن أَنَسٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْقَطْرِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي يَوْمِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ احْفَظِي عَلَيْنَا الْبَابَ لا يَدْخُلُ عَلَيْنَا أَحَدٌ"، فَبَيْنَا هِيَ عَلَى الْبَابِ إِذْ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَاقْتَحَمَ الْبَابَ وَدَخَلَ، فَجَعَلَ يَتَوَثَّبُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْثِمُهُ، فَقَالَ الْمَلَكُ: أَتُحِبُّهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، إِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ، قَالَ: "نَعَمْ" فَجَاءَهُ بِسهْلَةٍ أَوْ تُرَابٍ أَحْمَرَ3. قَالَ ثَابِتٌ: فَكُنَّا نَقُولُ: إِنَّهَا كَرْبَلاءُ. عُمَارَةُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، رَوَاهُ النَّاسُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِنِسَائِهِ: "لا تُبْكُوا هَذَا الصَّبِيَّ" يَعْنِي حُسَيْنًا، فَكَانَ يوم أم سلمة،   1 السير "3/ 287". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "1/ 85"، والبزار كما في المجمع "9/ 187"، والطبراني "2811" في الكبير، وله شواهد. 3 حديث حسن في الشواهد: وأخرجه أحمد "3/ 242، 265"، والبزار، وأبو يعلى كما في المجمع "9/ 187"، والطبراني "3/ 28" وله شواهد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأُمِّ سَلَمَةَ: "لا تَدَعِي أَحَدًا يَدْخُلُ". فَجَاءَ حُسَيْنٌ فَبَكَى، فَخَلَّتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ يَدْخُلُ، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، قَالَ: "يَقْتُلُونَهُ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ" 1! قال: نعم، وأراه تربته. رواه الطَّبَرَانِيُّ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بن إسحاق، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ: ثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ كِلاهُمَا عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اضْطَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ، ثُمَّ اضْطَجَعَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ دُونَ الْمَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ رَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ، وَهُوَ يُقَلِّبُهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ التُّرْبَةُ؟ قَالَ: "أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ، وَهَذِهِ تُرْبَتُهَا" 2. وَقَالَ وَكِيعٌ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ -أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ شَكَّ عَبْدِ اللَّهِ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا: "دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنًا مَقْتُولٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا". رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ مِثْلَهُ، إِلا أَنَّهُ قَالَ أُمُّ سَلَمَةَ وَلَمْ يَشُكَّ. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّاسُ. وَرُوِيَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَأَبِي وَائِلٍ، كِلاهُمَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ. وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِتُرَابٍ مِنْ تُرَابِ الْقَرْيَةِ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا الْحُسَيْنُ، وَقِيلَ لَهُ: اسْمُهَا كَرْبَلاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَرْبٌ وَبَلاءٌ"3. كِلا الإِسْنَادَيْنِ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: عَنْ هَانِئِ بْنِ هانئ، عن علي قال: ليقتلن الحسين   1 حديث حسن: وانظر السير "3/ 289". 2 حديث حسن لغيره: أخرجه الطبراني "2821" في الكبير، وله شواهد. 3 حديث ضعيف: وأخرجه الطبراني "2819"، "2902" في الكبير، وفيه إرسال. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 قَتْلا، وَإِنِّي لأَعْرِفُ تُرْبَةَ الأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا، يُقْتَلُ بِقَرْيَةٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّهْرَيْنِ1. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَفَدَ الْحُسَيْنُ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ لَهُمَا فِي وَقْتِهِ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ زِيَادٍ حَيْثُ أُتِيَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: أَمَا إنه كان أشهبهها بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ إِلا شَعَرَاتٍ فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَصْبُغُ بِالْوَسْمَةِ، أَمَّا هُوَ فَكَانَ ابْنَ سِتِّينَ سَنَةٍ، وَكَانَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ شَدِيدَي السَّوَادِ. جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْحُسَيْنُ يَتَخَتَّمُ فِي الْيَسَارِ. الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ: عَنِ السُّدِّيِّ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ وَلَهُ جُمَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تَحْتِ عِمَامَتِهِ. يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ: رَأَيْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ مِطْرَفًا مِنْ خَزٍّ، قَدْ خَضَبَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. الشَّعْبِيُّ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَلَى الْحُسَيْنِ جُبَّةً مِنْ خَزٍّ. وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: أُصِيبَ الْحُسَيْنُ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ يَخْضِبُ بِالوَسْمَةِ يَتَخَتَّمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْحُسَيْنَ كَانَ يَخْضِبُ بِالْوَسْمَةِ. عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، عَنْ قَيْسٍ مَوْلَى خَبَّابٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. وَقَالَ طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَشَارَنِي الْحُسَيْنُ فِي الخروج، فقلت: لولا   1 إسناده ضعيف: وأخرجه الطبراني "2824" في الكبير، وفيه عنعنة أبي إسحاق، وهو مدلس. 2 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني "2878" وفيه ابن جدعان من الضعفاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 أَنْ يُزْرَى بِي وَبِكَ لَنَشَبْتُ يَدِي فِي رَأْسِكَ، فَقَالَ: لأَنْ أُقْتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذا أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَسْتَحِلَّ حُرْمَتَهَا -يَعْنِي الْحَرَمَ- فَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي سَلَى نَفْسِي عَنْهُ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَوْ أَنَّ الْحُسَيْنَ لَمْ يَخْرُجْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا كَانَ رَأْيُ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ، وَكلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَصْرَعِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ الرَّأْسَ قُدِمَ بِهِ عَلَى يَزِيدَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي حَمْزَةُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ امْرَأَةً مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَعْقَلِهِنَّ يُقَالُ لَهَا: رَيَّا حَاضِنَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، يُقَالُ: بَلَغَتْ مِائَةَ سَنَةٍ، قَالَتْ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى يَزِيدَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْشِرْ فَقَدْ مَكَّنَكَ اللَّهُ مِنَ الْحُسَيْنِ، فَحِينَ رآه خمر وجهه كأنه يشم منه رَائِحَةٍ، قَالَ حَمْزَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: أَقْرَعَ ثَنَايَاهُ بِقَضِيبٍ؟ قَالَتْ: إِيْ وَاللَّهِ2. ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَقَدْ كَانَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِهَا أَنَّهُ رَأَى رَأْسَ الْحُسَيْنِ مَصْلُوبًا بِدِمَشْقَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَحَدَّثَتْنِي رَيَّا أَنَّ الرَّأْسَ مَكَثَ فِي خَزَائِنِ السِّلاحِ حَتَّى وَلِيَ سُلَيْمَانُ الْخِلافَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَجِيءَ بِهِ وَقَدْ بَقِيَ عَظْمًا أَبْيَضَ، فَجَعَلَهُ فِي سَفَطٍ وَكَفَّنَهُ وَدَفَنَهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا دخلت الْمُسَوِّدَةَ سَأَلُوا عَنْ مَوْضِعِ الرَّأْسِ فَنَبَشُوهُ وَأَخَذُوهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا صُنِعَ بِهِ3. وَذَكَرَ الْحِكَايَةَ وَهِيَ طَوِيلَةٌ قَوِيَّةُ الإِسْنَادِ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْمَذْكُورِ. وَعَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ احْتَزُّوا رَأْسَهُ وَقَعَدُوا فِي أَوَّلِ مَرْحَلَةِ يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ قَلَمٌ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ حَائِطٍ فَكَتَبَ بِسَطْرِ دَمٍ: أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا ... شَفَاعَةَ جَدِّهِ يوم الحساب فهربوا وتركوا الرأس4. وسئل نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ قَبْرِ الْحُسَيْنِ، فلم يعلم أين هو.   1 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "2859" في الكبير، وانظر المجمع "9/ 192". 2 السير "3/ 319". 3 إسناده ضعيف: السير "3/ 319" في سنده جهالة بعض الرواة. 4 خبر ضعيف: أخرجه الطبراني "2873" في الكبير، وفيه انقطاع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 وَقَالَ الْجَمَاعَةُ: قُتِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءِ، زَادَ بَعْضُهُمْ يَوْمَ السَّبْتِ. قُلْتُ: فَيَكُونَ عُمْرُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَارِيخِ مَوْلِدِهِ سِتًّا وَخَمْسِينَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ قَتَّةَ يَرْثِيهِ: وَإِنَّ قَتِيلَ الطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... أَذَلَّ رِقَابًا مِنْ قُرَيْشٍ فَذَلَّتِ فَإِنْ يَتَّبِعُوهُ عَائِذَ الْبَيْتِ يُصْبِحُوا ... كَعَادٍ تَعَمَّتْ عَنْ هُدَاهَا فَضَلَّتِ مَرَرْتُ عَلَى أَبْيَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ ... فَأَلْفَيْتُهَا أَمْثَالَهَا حِينَ حَلَّتِ وَكَانُوا لَنَا غَنَمًا فعادوا رزية ... لقد عظمت تلك الزوايا وَجَلَّتِ فَلا يُبْعِدُ اللَّهُ الدِّيَارَ وَأهْلَهَا ... وَإِنْ أَصْبَحَتْ مِنْهُمْ بِرَغْمِي تَخَلَّتِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الأَرْضَ أَضْحَتْ مَرِيضَةً ... لِفَقْدِ حُسَيْنٍ وَالْبِلادُ اقْشَعَرَّتِ1 يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: أَذَلَّ رِقَابًا، أَيْ ذَلَّلَهَا، يَعْنِي أنهم لا يزعمون عن قتل قرشي بعد الحسين، وعائذ إلى الْبَيْتِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ. 25- حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ2 أَحَدُ أُمَرَاءِ الشَّامِ، وَهُوَ الَّذِي حَاصَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ وَأنَّهُ قُتِلَ بِالْجِزِيرَةِ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ. 26- الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ3 تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ. 27- حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَسْلَمِيُّ4 -م د ن- الَّذِي لَهُ صُحْبَةٌ ورواية. وروى أيضا عن: أبي بكر، وعمر. روى عنه: عروة بن الزبير، وسليمان بن سياه، وحنظلة بن علي الأسلمي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وابنه محمد بن حمزة. وهو كان البشير إلى أبي بكر بوقعة أجنادين، أخرج له مسلم، وأبو داود،   1 انظر: الاستيعاب "1/ 379"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 345"، والبداية "8/ 211"، والسير "3/ 318". 2 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "4/ 374"، والبداية والنهاية "8/ 224". 3 سبقت الترجمة له. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 315"، الاستيعاب "1/ 276"، أسد الغابة "2/ 50". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 والنسائي، وتوفي سنة إحدى وستين، وَقَدْ أَمَّرَهُ النبي -صلى الله عليه وسلم- على سرية، وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا يَسْرُدُ الصَّوْمَ. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. وَقَالَ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ الأَسْلَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَتَفَرَّقْنَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ دِحْمَسَةٍ، فَأَضَاءَتْ أَصَابِعِي حَتَّى جَمَعُوا عَلَيْهَا ظَهْرَهُمْ "وَمَا هَلَكَ مِنْهُمْ"1 وَإِنَّ أَصَابِعِي لَتُنِيرُ2. 28- حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ أَبُو مثنى الْهِلَالِيُّ3، شَاعِرٌ مَشْهُورٌ إِسْلامِيُّ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسِّنِّ، وَقَالَ الشِّعْرَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ، وَوَفَدَ عَلَى مَرْوَانَ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ يُشَبِّبُ بِجَمَلٍ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ الْمَذْكُورِينَ. رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ، أنَّ حُمَيْدَ بْنَ ثَوْرٍ وَفَدَ عَلَى بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ فَقَالَ: أَتَاكَ بِيَ اللَّهُ الَّذِي فَوْقَ عَرْشِهِ ... وخير معروف عَلَيْكَ دَلِيلُ وَمَطْوِيَّةُ الأَقْرَابِ أَمَّا نَهَارُها ... فَسَيْبٌ وَأَمَّا لَيْلُهَا فَذَمِيلُ وَيَطْوِي عَلَيَّ اللَّيْلُ حِصْنَيْهِ إنني ... لذاك إذا هاب الرجال فغول4 "حرف الذَّالِ": 29- ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ5 -ع- رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ قَارِئًا، فَصِيحًا، عَالِمًا. "حرف الرَّاءِ": 30- رَبِيعَةُ بْنُ عَمْرٍو6 وَيُقَالُ: ابْنُ الْحَارِثِ الْجُرَشِيُّ، أبو الغاز.   1 زيادة من "التاريخ الكبير" للبخاري. 2 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "2991"، في الكبير، وفيه كثير بن زيد متكلم فيه، وانظر المجمع "9/ 411". 3 انظر: الاستيعاب "1/ 367"، وأسد الغابة "1/ 53، 54". 4 إسناده منقطع. 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 295"، والجرح والتعديل "3/ 451"، والتهذيب "3/ 220". 6 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 438"، الجرح والتعديل "3/ 472"، أسد الغابة "2/ 170". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو هِشَامٍ الْغَازُ بْنُ رَبِيعَةَ وَلَدُهُ: قَالَ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ الناجي: سألت عن ربيعة الجرشي وكان فقيه النَّاسُ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فُقِئَتْ عَيْنُ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَقُتِلَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ1. وَقَالَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْخَيْرَ مِنْ أَحَدِكُمْ كَشِرَاكِ نَعْلِهِ، وَجَعَلَ الشَّرَّ مِنْهُ مُدَّ بَصَرِهِ. 31- رَبِيعَةُ بْنُ كعب -م 4- أبو فراس الأسلمي2. المدني، مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ. خَدَمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لَهُ أَحَادِيثُ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ. تُوُفِّيَ أَيَّامَ الْحَرَّةِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْأَلُ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: "أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ" 3. 32- الربيع بن خثيم -ع إلا هـ-. أبو يزيد الثوري الكوفي4. مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ وَفُضَلائِهِمْ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ. روى عنه: إبراهيم النخعي، والشعبي، وهلال بن يساف، وآخرون. وكان يعد من عقلاء الرجال، توفي قبل سنة خمس وستين.   1 الطبقات الكبرى "7/ 438". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 313"، والاستيعاب "1/ 506"، أسد الغابة "2/ 171، 172". 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "489"، والبخاري في الأدب المفرد "1218"، وأحمد "4/ 59"، وأبو داود "1306"، والترمذي "3476"، والنسائي "2/ 209، 227". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 182"، والسير "4/ 258". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 وعن أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَبِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِذْنٌ لأَحَدٍ حَتَّى يَفْرُغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ، فقال عبد اللَّهِ: يَا أَبَا يَزِيدَ، لَوْ رَآكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَأَحَبَّكَ وَمَا رَأَيْتُكَ إِلا ذَكَرْتُ الْمُخْبِتِينَ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا عَلِمْتَ، وَمَا اسْتُؤْثِرَ بِهِ عَلَيْكَ، فَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ؛ لأَنَا عَلَيْكُمْ فِي الْعَمْدِ أخْوَفُ مِنِّي عَلَيْكُمْ فِي الْخَطَإِ2. وَعَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: مَا لا نَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ يَضْمَحِلُّ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أَشَدُّ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَعًا. "حرف الزَّاي": 33- زيد بن أرقم -ع- بْنِ زَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ، أَبُو عمرو، وَيُقَالُ: أَبُو عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو أُنَيْسَةَ، الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ3، نَزِيلُ الْكُوفَةِ. قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ " الله قد "4 صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ"، وَكَانَ قَدْ نُقِلَ إِلَيْهِ أَنَّ ابْنَ أُبَيٍّ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8] ، فَتَوَقَّفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَفْلِهِ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ بِتَصْدِيقِهِ5. وَقَالَ زَيْدٌ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً. وَلِزَيْدٍ رِوَايَةٌ كَثِيرَةٌ، روى عنه: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عمرو الشيباني -واسمه سعيد بْنُ إِيَاسٍ- وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَيَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عَنْ بَعْضِ قَوْمِهِ، عَنْ زَيْدِ بْن أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَخَرَجَ بِي مَعَهُ إِلَى مُؤْتَةَ مردفي   1 خبرٌ صحيحٌ: وأخرجه أبو نعيم "2/ 106" في الحلية، وابن سعد "6/ 182، 183"، في طبقاته. 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "6/ 185"، وأبو نعيم "2/ 108". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 18"، والاستيعاب "1/ 556"، وأسد الغابة "2/ 319". 4 سقط من الأصل، والاستدراك من كتب الحديث. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 494، 497"، ومسلم "2772"، وأحمد "4/ 373". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ1. وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: رَدَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ نَفَرًا اسْتَصْغَرَهُمْ، مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ، وَأُسَامَةُ، وَالْبَرَاءُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَجَعَلَهُمْ حَرَسًا لِلذَّرَارِي وَالنِّسَاءِ بِالْمَدِينَةِ2. وَرَوى يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدٍ قَالَ: رَمَدْتُ، فَعَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا زَيْدُ إِنْ كَانَتْ عَيْنَكَ عَمِيَتْ لِمَا بِهَا كَيْفَ تَصْنَعُ"؟ قُلْتُ: أَصْبِرُ وَأَحْتَسِبُ، قَالَ: "إِنْ فَعَلْتَ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ" 3. وَرُوِيَ نَحْوُهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ. وَفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ أُنَيْسَةَ بِنْتِ زَيْدِ بْنِ أرقم، أن أباها عمي بعد مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ4. وَقَالَ أَبُو الْمِنْهَالِ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: سَلْ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي، وَأَعْلَمُ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. 34- زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ5 صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. سَيُعَادُ. "حرف السِّينِ": 35- السَّائِبُ بْنُ الأَقْرَعِ بْنِ جَابِرِ بْنِ سُفْيَانَ الثقفي6.   1 إسناده ضعيف: السير "3/ 166" فيه جهالة بعض الرواة. 2 إسناده مرسل: وهو من أنواع الضعيف، وأخرجه الطبراني "4962" بنحوه في الكبير، وفيه بعض المجاهيل. 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 375"، وأبو داود "3102"، والحاكم "1/ 342" وصححه، وأقره، والطبراني "5052" في الكبير. 4 إسناده ضعيف: وأخرجه الطبراني "5126" في الكبير، وفيه بعض المجاهيل. 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 344"، والاستيعاب "1/ 558"، وأسد الغابة "2/ 228". 6 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 102"، والاستيعاب "2/ 104"، وأسد الغابة "2/ 249". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَوَلاهُ عُمَرُ قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ يَوْمَ نَهَاوَنْدَ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ عَلَى أَصْبَهَانَ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ بِأَصْبَهَانَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، الثَّقَفِيُّ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. 36- سَعِيدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيُّ1، أَخُو حَسَّانٍ الْمَذْكُورِ. وَلِيَ إِمْرَةَ الْجِزِيرَةِ وَقِنَّسْرِينَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ دَيْرُ ابْنِ بَحْدَلٍ مِنْ إِقْلِيمِ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ. 37- سُلَيْمَانُ بن صرد -ع- بن الجون الخزاعي، أبو مطرف الكوفي2. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ. ورَوَى أَيْضًا عَنْ: أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. ورَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ صالحًا دينًا، من أشراف قومه، خرج في جَمَاعَةٍ تَابُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ خِذْلانِهِمُ الْحُسَيْنَ وَطَلَبُوا بِدَمِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، فَقُتِلَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ هُوَ وَعَامَّةُ جُمُوعِهِ، وَسُمُّوا جَيْشَ التَّوَّابِينَ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ حَوْشَبًا ذَا ظُلَيْمٍ يَوْمَ صِفِّينَ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: كَانَ مِمَّنْ كَاتَبَ الْحُسَيْنَ يَسْأَلُهُ الْقُدُومَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيُبَايِعُوهُ، فَلَمَّا عَجَزَ عَنْ نَصْرِهِ نَدِمَ. قِيلَ: عَاشَ ثَلاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. 38- سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الأَزْدِيُّ، وَيُقَالُ: السَّدُوسِيُّ3. وفد على النبي صلى الله عليه مِنْ نَوَاحِي الْبَلْقَاءِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَهُ صُحْبَةٌ رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعْدُ بْنُ جُبَيْرٍ، سَمِعْتُ أَبِي يقول ذلك. قلت: وروى ابْنُ عَسَاكِرَ حَدِيثَ إِسْلامِهِ، وَقِصَّتَهُ مَعَ رِئْيِهِ من الجن من طريق:   1 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "6/ 173". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 25"، والاستيعاب "2/ 63"، وأسد الغابة "2/ 351". 3 انظر: الاستيعاب "2/ 123"، وأسد الغابة "2/ 375"، الإصابة "2/ 96". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 سعيد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْهُ، وَأَرْسَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَإِسْنَادُ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ يَتَكَهَّنُ وَيَقُولُ الشِّعْرَ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَقَدْ دَاعَبَهُ عُمَرُ يَوْمًا فَقَالَ: مَا فَعَلَتْ كَهَانَتُكَ يَا سَوَادُ؟ فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ جَاهِلِيَّتِنَا وَكُفْرِنَا شَرٌّ مِنَ الْكَهَانَةِ، فَاسْتَحْيَا عُمَرُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِهِ فِي بِدْءِ الإِسْلامِ، وَمَا أَتَاهُ بِهِ رِئْيُهُ مِنْ ظُهُورِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. "حرف الشِّينِ": 39- شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2، قَدْ مَرَّ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. 40- شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلاعِ الْحِمْيَرِيُّ3 مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ الشَّامِ. قُتِلَ مَعَ ابْنِ زِيَادٍ. 41- شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ -ن- أبو الفضل السدوسي4 البصري، رَئِيسُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فِي الإِسْلامِ، وَكَانَ حَامِلُ رَايَتِهِمْ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَبُو وَائِلٍ. وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَقُتِلَ أَبُوهُ بِتُسْتَرَ مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. وَقَالَ غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، إِنَّ شَقِيقَ بْنَ ثَوْرٍ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ سَيِّدَ قَوْمِهِ، كَمْ مِنْ بَاطِلٍ قَدْ حَقَّقْنَاهُ وَحَقٍّ قَدْ أَبْطَلْنَاهُ5. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ ظَنًّا. 42- شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ6 الضَّبَّابِيُّ الَّذِي احْتَزَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ عَلَى الأشهر،   1 خبر صحيح: أخرجه البخاري "3866"، والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في الفتح "7/ 179". 2 سبق الترجمة له. 3 انظر: تاريخ الطبر "5/ 535، 594"، والكامل "4/ 149، 180" في التاريخ لابن الأثير. 4 انظر: الجرح والتعديل "4/ 372"، والسير "3/ 538". 5 السير "3/ 538". 6 انظر: تاريخ الطبري "6/ 52، 53"، ووفيات الأعيان "7/ 68". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَقَعَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُخْتَارِ فَبَيَّتُوهُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ هَارُونَ الْكُوفِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ يُصَلِّي مَعَنَا الْفَجْرَ، ثُمَّ يَقْعُدُ حَتَّى يُصْبِحَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ شَرِيفٌ تُحِبُّ الشَّرَفَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي شَرِيفٌ، فَاغْفِرْ لِي، فَقُلْتُ: كَيْفَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، وَقَد خَرَجْتَ إِلَى ابْنِ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأعَنْتَ عَلَى قَتْلِهِ؟ قَالَ: وَيْحَكَ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ، إِنَّ أُمَرَاءَنَا هَؤُلاءِ أَمَرُونَا بِأمرٍ، فَلَمْ نُخَالِفْهُمْ، وَلَوْ خَالَفْنَاهُمْ كُنَّا شَرًّا مِنْ هَذِهِ الْحُمُرِ1. قُلْتُ: وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، اسْمُهُ شُرَحْبِيلُ، وَيُقَالُ: أَوْسٌ، وَيُقَالُ: عُثْمَانُ الْعَامِرِيُّ الضَّبَابِيُّ، وَكُنْيَتُهُ -أَعْنِي شِمْرَ: أَبُو السَّابِغَةِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ، مَا رَأَيْتُ بِالْكُوفَةِ أَحَدًا عَلَيْهِ طَيْلَسَانَ غَيْرَهُ. وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى يَزِيدَ مَعَ آلِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. "حرف الصَّادِ": 43- صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ2 أَبُو الصَّهْبَاءِ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ، الْعَابِدُ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ. يُرْوَى لَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةُ -وَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَثَابِتُ الْبُنَانِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَغَيْرُهُمْ حِكَايَاتٍ. رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: صِلَةُ، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ كَذَا وَكَذَا"3. حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ كَمَا تَرَى. جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: كان أبو الصهباء يصلي   1 إسناده صحيح: تهذيب تاريخ دمشق "6/ 340". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 134"، وأسد الغابة "4/ 34"، والسير "3/ 497". 3 حديث ضعيف: وأخرجه أبو نعيم "2/ 241" في الحلية، وسنده معضل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 حَتَّى مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْتِيَ فِرَاشَهُ إِلا زَحْفًا1. وَقَالَتْ مُعَاذَةُ: كَانَ أَصْحَابُ صِلَةَ إِذَا الْتَقَوْا عَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا2. وَقَالَ ثَابِتٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ يَنْعِي أَخَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَدْنُ فَكُلْ، فَقَدْ نُعِيَ إِلَيَّ أَخِي مُنْذُ حِينٍ3، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] . وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبأ ثَابِتٌ أَنَّ صِلَةَ كَانَ فِي الْغَزْوِ، وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ تَقَدَّمْ فَقَاتِلْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ، فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ هُوَ فَقُتِلَ، فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، فَقَالَتْ: إِنْ كُنْتُنَّ جئتن لتهنئتي فَمَرْحَبًا بِكُنَّ، وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فارجعن4. وفي الزهد لابن المبارك، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ قَالَ: خَرَجْنَا فِي بَعْضِ قُرَى نَهْرِ تِيرَى وَأَنَا عَلَى دَابَّتِي فِي زَمَنِ فُيُوضِ الْمَاءِ، فَأَنَا أَسِيرُ عَلَى مُسَنَّاةٍ5 فَسِرْتُ يَوْمًا لا أَجِدُ شَيْئًا آكُلُهُ، فَلَقِيَنِي عِلْجٌ يَحْمِلُ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْئًا، فَقُلْتُ: ضَعْهُ، فَوَضَعَهُ، فَإِذَا هُوَ خُبْزٌ، فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي، قَالَ: إنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ فِيهِ شَحْمَ خِنْزِيرٍ، فَتَرَكْتُهُ، ثُمَّ لَقِيتُ آخَرَ يَحْمِلُ طَعَامًا فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي، فَقَالَ: تَزَوَّدْتُ بِهَذَا لِكَذَا وَكَذَا مِنْ يَوْمٍ، فَإِنْ أَخَذْتَ مِنْهُ شَيْئًا أَجَعْتَنِي، فَتَرَكْتُهُ وَمَضَيْتُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ خَلْفِي وَجْبَةً كَوَجْبَةِ الطَّيْرِ فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ شَيْءٌ مَلْفُوفٌ فِي سِبٍّ أَبْيَضَ -أَيْ خِمَارٍ- فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ دَوْخَلَّةٌ مِنْ رُطَبٍ فِي زَمَانٍ لَيْسَ فِي الأَرْضِ رُطَبَةٌ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ، ثُمَّ لَفَفْتُ مَا بَقِيَ، وَرَكِبْتُ الْفَرَسَ وَحَمَلْتُ مَعِي نَوَاهُنَّ6. قَالَ جَرِيرٌ: فَحَدَّثَنِي أَوْفَى بْنُ دَلْهَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ ذَلِكَ السِّبَّ مَعَ امْرَأَتِهِ ملفوفًا فيه مصحف، ثم فقد بعد.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 136" في الطبقات الكبرى. 2 السير "3/ 498". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 137"، وأبو نعيم "2/ 238" في الحلية. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 137"، والحلية "2/ 239". 5 المسناة: سد تبنى للسيل لكي ترد الماء. 6 خبر صحيح: وأخرجه أبو نعيم "2/ 239" في الحلية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَى نَحْوَهُ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ نَضْلَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: ثنا الْمُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ، أنا حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غُزَاةٍ إِلَى كَابِلَ، وَفِي الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ، فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ الْعَتْمَةِ، فَقُلْتُ: لأَرْمِقَنَّ عَمَلَهُ، فَصَلَّى، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ، ثُمَّ وَثَبَ فَدَخَلَ غَيْضَةً، فَدَخَلْتُ فِي أَثَرِهِ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَافْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَجَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ فَصَعِدْتُ فِي شَجَرَةٍ قَالَ: أَفَتَرَاهُ الْتَفَتَ إِلَيْهِ أَوِ اعْتَدَّ بِهِ حَتَّى سَجَدَ؟ فَقُلْتُ: الآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلا شَيْءَ، فَجَلَسَ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّهَا السَّبْعُ، اطْلُبْ رِزْقَكَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ لَزَئِيرًا، أَقُولُ: تصدع منه الجبال، فَمَا زَالَ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا، إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ أَوْ مِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ رجع، فأصبح كأنه بات على الحشايا، وَقَدْ أَصْبَحْتُ وَبِي مِنَ الْفَتْرَةِ شَيْءٌ اللَّهُ به عليم1. روى نحوها أبو النعيم فِي الْحِلْيَةِ بِإِسْنَادٍ لَهُ، إِلَى مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ هِلالٍ الْبَاهِلِيُّ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِصِلَةَ: يَا أَبَا الصَّهْبَاءِ، إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أُعْطِيتُ شَهَادَةً، وَأُعْطِيتَ شَهَادَتَيْنِ، فَقَالَ: تُسْتَشْهَدُ، وَأُسْتَشْهَدُ أَنَا وَابْنِي، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ لَقِيَهُمُ التُّرْكُ بسِجِسْتَانَ، فَكَانَ أَوَّلُ جَيْشٍ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ صِلَةُ: يَا بُنَيَّ ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ تُرِيدُ الْخَيْرَ لِنَفْسِكَ وَتَأْمُرُنِي بِالرُّجُوعِ! ارْجِعْ أنت، قال: وأما إذا قلت هذا فتقدم فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى أُصِيبَ، فَرَمَى صِلَةُ عَنْ جَسَدِهِ، وَكَانَ رَجُلا رَامِيًا، حَتَّى تَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَأَقْبَلَ حَتَّى أَقَامَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ2. قُلْتُ: وَذَلِكَ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وستين.   1 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم "2/ 240" في الحلية، وابن المبارك "813" في الزهد. 2 خبر صحيح: السير "3/ 500". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 "حرف الضَّادِ": 44- الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ1 الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ، أخو فاطمة بنت قيس وَعَنْهُ، وَكَانَتْ أَكْبَرُ مِنْهُ بِعَشْرِ سِنِينَ، لَهُ صُحْبَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرِوَايَةٌ، يُكْنَى أَبَا أُمَيَّةَ، وَيُقَالُ: أَبَا أُنَيْسٍ، وَيُقَالُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبَا سَعِيدٍ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: حَبِيبِ بْنِ مُسْلِمَةَ. رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوَيْدٍ الْفِهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَشَهِدَ فَتْحَ دمشق وسكنها، وكان على عسكر أهل الشام يَوْمَ صِفِّينَ. وَقَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي، مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ -وَهُوَ عَدْلُ عَلَى نَفْسِهِ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا يَزَالُ وَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى النَّاسِ"2. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ: ثنا حَمَّادٌ، أنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ كَتَبَ إِلَى قَيْسِ بْنِ الْهَيْثَمِ حِينَ مَاتَ يَزِيدُ: سَلامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ الدُّخَّانِ، يَمُوتُ فِيهَا قَلْبُ الرَّجُلِ كَمَا يَمُوتُ بَدَنُهُ"3. وَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَدْ مَاتَ، وَأَنْتُمْ إِخْوَانُنَا وَأَشِقَّاؤُنَا، فَلا تَسْبِقُونَا بِشَيْءٍ حَتَّى نَخْتَارَ لأَنْفُسِنَا. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَوَلاهُ الْكُوفَةَ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَى مُعَاوِيَةَ وَقَامَ بِخِلافَتِهِ حَتَّى قَدِمَ يَزِيدُ، وَكَانَ -يَعْنِي بَعْدَ مَوْتِ يَزِيدُ- قَدْ دَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَبَايَعَ لَهُ، ثُمَّ دَعَا لِنَفْسِهِ، وَفِي بَيْتِ أُخْتِهِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الشُّورَى، وَكَانَتْ نَبِيلَةُ، وَهِيَ رَاوِيَةُ حَدِيثِ الْجَسَّاسَةِ4. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ الضَّحَّاكُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- بسنتين.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 410"، والاستيعاب "2/ 205"، والسير "3/ 241". 2 حديث ضعيف: في سنده ابن طلحة، وهو في عداد المجهولين. 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 453"، وابن سعد "7/ 410"، وفيه ابن جدعان، وهو من الضعفاء. 4 السير "3/ 242". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ سَمِعَ مِنْهُ. وَذَكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، فَغَلَطَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ زِيَادُ بْنُ أَبِيهِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ بِالْكُوفَةِ، فَوَلاهَا مُعَاوِيَةُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ مِنْهَا، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى دِمَشْقَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ، وَبَقِيَ الضَّحَّاكُ عَلَى دِمَشْقَ حَتَّى هَلَكَ يَزِيدُ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ الضَّحَّاكَ خَطَبَ بِالْكُوفَةِ قَاعِدًا فَقَامَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِمَامُ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ يَخْطُبُ قَاعِدًا. وَكَانَ الضَّحَّاكُ أَحَدَ الأَجْوَادِ، كَانَ عَلَيْهِ بُرْدٌ قِيمَتُهُ ثَلاثُمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ لا يَعْرِفُهُ فَسَاوَمَهُ بِهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَقَالَ: شُحٌّ بِالرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ عِطَافَهُ، فَخُذْهُ فَالْبَسْهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَظْهَرَ الضَّحَّاكُ بَيْعَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِدِمَشْقَ وَدَعَا لَهُ، فَسَارَ عَامَّةُ بَنِي أُمَيَّةَ وَحَشَمُهُمْ وَأَصْحَابُهُمْ حَتَّى لَحِقُوا بِالأُرْدُنِّ، وَسَارَ مَرْوَانُ وَبَنُو بَحْدَلٍ إِلَى الضَّحَّاكِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أنا الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ، عَنْ حَرْبِ بْنِ خَالِدٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ لَمَّا مَاتَ دَعَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِحِمْصَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَدَعَا زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ أَمِيرُ قِنَّسْرِينَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَدَعَا الضَّحَّاكُ بدمشق إلى ابْنِ الزُّبَيْرِ سِرًّا لِمَكَانِ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي كليب، وَبَلَغَ حَسَّانَ بْنَ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ وَهُوَ بِفِلَسْطِينَ، وَكَانَ هَوَاهُ فِي خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، فَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ كِتَابًا يُعَظِّمُ فِيهِ حَقَّ بَنِي أُمَيَّةَ وَيَذُمُّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: إِنْ قَرَأَ الْكِتَابَ، وَإِلا فَاقْرَأْهُ أَنْتَ عَلَى النَّاسِ، وَكَتَبَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ يُعْلِمُهُمْ، فَلَمْ يَقْرَأِ الضَّحَّاكُ كِتَابَهُ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ اخْتِلافٌ، فَسَكَّنَهُمْ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، وَدَخَلَ الضَّحَّاكُ الدَّارَ، فَمَكَثُوا أَيَّامًا، ثُمَّ خَرَجَ الضَّحَّاكُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَذَكَرَ يَزِيدَ فَشَتَمَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ فَضَرَبَهُ بِعَصًا، فَاقْتَتَلَ النَّاسُ بِالسُّيُوفِ، وَدَخَلَ الضَّحَّاكُ داره، وَافْتَرَقَ النَّاسُ ثَلاثَ فِرَقٍ، فِرْقَةٌ زُبَيْرِيَّةٌ، وَفِرْقَةٌ بَحْدَلِيَّةٌ هَوَاهُمْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ، وَفِرْقَةٌ لا يُبَالُونَ، وَأَرَادُوا أَنْ يُبَايِعُوا الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَبَى وَهَلَكَ تِلْكَ اللَّيَالِي، فَأَرْسَلَ الضَّحَّاكُ إِلَى مَرْوَانَ، فَأَتَاهُ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الأَشْدَقُ، وَخَالِدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا يَزِيدَ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: اكْتُبُوا إِلَى حَسَّانٍ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَابِيَةَ وَنَسِيرُ إِلَيْهِ، ونستخلف أحدكم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 فَكَتَبُوا إِلَى حَسَّانٍ، فَأَتَى الْجَابِيَةَ، وَخَرَجَ الضَّحَّاكُ وبنوا أُمَيَّةَ يُرِيدُونَ الْجَابِيَةَ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّتِ الرَّايَاتُ مُوَجَّهَةً قَالَ مَعْنُ بْنُ ثَوْرٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَشْرَافِ قَيْسِ لِلضَّحَّاكِ: دَعَوْتَنَا إِلَى بَيْعَةِ رَجُلٍ أَحْزَمِ النَّاسِ رَأْيًا وَفَضْلا وَبَأْسًا، فَلَمَّا أَجَبْنَاكَ خَرَجْتَ إِلَى هَذَا الأَعْرَابِيِّ تُبَايِعُ لابْنِ أَخِيهِ؟ قَالَ: فَمَا الْعَمَلُ؟ قَالُوا: تَصْرِفُ الرَّايَاتِ، وَتَنْزِلُ فَتُظْهِرُ الْبَيْعَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَفَعَلَ وَتَبِعَهُ النَّاسُ، وَبَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ بِإِمْرَةِ الشَّامِ، وَنَفْيِ مَنْ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنَ الأُمَوِيِّينَ، فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ إِلَى الأُمَرَاءِ الَّذِينَ دَعَوْا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَتَوْهُ، فَلَمَّا رَأَى مَرْوَانُ ذَلِكَ سَارَ يُرِيدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ لِيُبَايِعَ لَهُ وَيَأْخُذَ الأَمَانَ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَلَقِيَهُمْ بِأذْرِعَاتٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مُقْبِلا مِنَ الْعِرَاقِ، فَحَدَّثُوهُ، فَقَالَ لِمَرْوَانَ: سبحان الله: أرضيت لنفسك بهذا، أتبايع لِأَبِي خُبَيْبٍ وَأَنْتَ سَيِّدُ قُرَيْشٍ وَشَيْخُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! وَاللَّهِ لأَنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ، قَالَ: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: الرَّأْيُ أَنْ تَرْجِعَ وَتَدْعُو إِلَى نَفْسِكَ، وَأَنَا أُكْفِيكَ قُرَيْشًا وَمَوَالِيهَا، فَرَجَعَ وَنَزَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِبَابِ الْفَرَادِيسِ1، فَكَانَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ كُلَّ يَوْمٍ، فَعَرضَ لَهُ رَجُلٌ فَطَعَنَهُ بِحَرْبَةٍ فِي ظَهْرِهِ، وَعَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ الدِّرْعِ، فَانْثَنَتِ الْحَرْبَةُ، فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَتَاهُ الضَّحَّاكُ يَعْتَذِرُ، وَأَتَاهُ بِالرَّجُلِ فَعَفَا عَنْهُ، وَعَادَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَا أُنَيْسٍ، الْعَجَبُ لَكَ، وَأَنْتَ شَيْخُ قُرَيْشٍ، تَدْعُو لابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنْتَ أَرْضَى عِنْدَ النَّاسِ مِنْهُ؛ لِأَنَّكَ لَمْ تَزَلْ مُتَمَسِّكًا بِالطَّاعَةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُشَاقٌّ مُفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ! فَأَصْغِي إِلَيْهِ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَالُوا: قَدْ أَخَذْتَ عُهُودَنَا وَبَيْعَتَنَا لِرَجُلٍ، ثُمَّ تدعو إلى خَلْعِهِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ أَحْدَثَ! وَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ، فعاد إلى الدُّعَاءِ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ: مَنْ أَرَادَ مَا تُرِيدُ لَمْ يَنْزِلِ الْمَدَائِنَ وَالْحُصُونَ، بَلْ يَبْرُزُ وَيَجْمَعُ إِلَيْهِ الْخَيْلَ فَاخْرُجْ عَنْ دِمَشْقَ وَضُمَّ إِلَيْكَ الْأَجْنَادَ، فَخَرَجَ وَنَزَلَ الْمَرْجَ، وَبَقِيَ ابْنُ زِيَادٍ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ مَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ بِتَدْمُرَ، وَابْنَا يَزِيدَ بِالْجَابِيَةِ عِنْدَ حَسَّانٍ، فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَرْوَانَ: ادْعُ النَّاسَ إِلَى بيعتك، ثم سر إلى الضحاك فقد أصحر لك، فبايع مروان بني أُمَيَّةَ، وَتَزَوَّجَ بِأُمِّ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهِيَ بِنْتُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَاجْتَمَعَ خَلْقٌ عَلَى بَيْعَةِ مَرْوَانَ، وَخَرَجَ ابْنُ زِيَادٍ فَنَزَلَ بِطَرَفِ الْمَرْجِ، وَسَارَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ فِي خَمْسَةِ آلافٍ، وَأَقْبَلَ مِنْ حُوَّارِينَ عباد بن زياد في ألفين من موليه، وَكَانَ بِدِمَشْقَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي النِّمْسِ فَأَخْرَجَ عَامِلُ الضَّحَّاكِ مِنْهَا، وَأَمَرَ مَرْوَانُ بِسِلاحٍ وَرِجَالٍ، فَقَدِمَ إِلَى الضَّحَّاكِ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِلابِيُّ مِنْ قِنَّسْرِينَ، وَأَمَدَّهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِشُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلاعِ فِي أَهْلِ حِمْصَ، فَصَارَ الضَّحَّاكُ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا، وَمَرْوَانُ فِي ثَلاثَةَ   1 أحد أبواب مدينة دمشق القديمة، ويقع شمال الجامع الأموي اليوم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 عَشَرَ أَلْفًا أَكْثَرِهِمْ مِنْ رِجَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي عَسْكَرِ مَرْوَانَ غَيْرَ ثَمَانِينَ عَتِيقًا نِصْفُهَا لِعَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ، فَأَقَامُوا بِالْمَرْجِ عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الأَشْدَقُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: إِنَّا لا نَنَالُ مِنَ الضَّحَّاكِ إلا بِمَكِيدَةً، فَادْعُ إِلَى الْمُوَادَعَةِ، فَإِذَا أَمِنُوا فَكِرَّ عَلَيْهِمْ، فَرَاسَلَهُ مَرْوَانُ، فَأَمْسَكَ الضَّحَّاكُ وَالْقَيْسِيَّةُ عَنِ الْقِتَالِ، وَهُمْ يَطْمَعُونَ أَنَّ مَرْوَانَ يُبَايِعُ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَعَدَّ مَرْوَانُ أَصْحَابَهُ وَشَدَّ عَلَى الضَّحَّاكِ، فَفَزِعَ قَوْمُهُ إِلَى رَايَاتِهِمْ، وَنَادَى النَّاسُ: يَا أَبَا أُنَيْسٍ أعَجْزًا بَعْدَ كَيْسٍ! فَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَعَمْ أَنَا أَبُو أُنَيْسٍ عَجْزٌ لَعَمْري بَعْدَ كَيْسٍ، وَالْتَحَمَ الْحَرْبُ، وَصَبَرَ الضَّحَّاكُ، فَتَرَجَّلَ مَرْوَانُ وَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ يُوَلِّيهِمُ الْيَوْمَ ظَهْرَهُ حَتَّى يَكُونَ الأَمْرُ لِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَصَبَرَتْ قَيْسُ عَلَى رَايَتِهَا يُقَاتِلُونَ عندها، فَاعْتَرَضَهَا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ، فَكَانَ إِذَا سَقَطَتِ الرَّايَةُ تَفَرَّقَ أَهْلُهَا، ثُمَّ انْهَزَمُوا، فَنَادَى مُنَادِي مَرْوَانَ لا تَتَّبِعُوا مُوَلِّيًا1. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قُتِلَتْ قَيْسُ بِمَرْجِ رَاهِطٍ مَقْتَلَةً لَمْ يُقْتَلْ مِنْهَا قَطُّ، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ الْكَلْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ مَقْتَلَ الضَّحَّاكِ قَالَ: مَرَّ بِنَا زَحْنَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الكلبي، لا يطعن أحدًا إلا صرعه، إذ حَمَلَ عَلَى رَجُلٍ فَطَعَنَهُ فَصَرَعَهُ، فَأَتَيْتُهُ فِإذَا هُوَ الضَّحَّاكُ، فَاحْتَزَزْتُ رَأْسُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ مَرْوَانَ، فَكَرِهَ قَتْلَهُ، وَقَالَ: الآنَ حِينَ كَبِرَتْ سِنِّي واقترب أجلي، أقبلت بالكتائب أَضْرِبُ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَأَمَرَ لِي بِجَائِزَةٍ2. "حرف العين": 45- عاصم بن عمرو بن الخطاب3 "ت م ق". أبو عمر العدوي. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ حَفْصٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُرْوَى عَنْهُ إِلا حَدِيثٌ واحد.   1 انظر: السير "3/ 243-245"، وتهذيب تاريخ دمشق "7/ 7، 9". 2 خبر ضعيف: فيه جهالة بعض الرواة. 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 15"، والاستيعاب "3/ 136"، وأسد الغابة "3/ 76". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 وَأُمُّهُ هِيَ جَمِيلَةُ بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيَّةُ الَّتِي كَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةُ، فَغَيَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْمَهَا، وَتَزَوَّجَتْ بعمد عُمَرَ يَزِيدَ بْنَ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيَّ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ. وَكَانَ عَاصِمٌ طَوِيلا جَسِيمًا، يُقَالُ: إِنَّ ذِرَاعَهُ كَانَ ذِرَاعًا وَنَحْوًا مِنْ شِبْرٍ، وَكَانَ خَيِّرًا فَاضِلا دَيِّنًا شَاعِرًا مُفَوَّهًا فَصِيحًا، وَهُوَ جَدُّ الْخَلِيفَةِ الْعَادِلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لأُمِّهِ. وَلَقَدْ رَثَاهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَقَالَ: فَلَيْتَ الْمَنَايَا كُنَّ خَلَّفْنَ عَاصِمًا ... فَعِشْنَا جَمِيعًا أَوْ ذَهَبْنَ بِنَا مَعًا وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَمْرِو، تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ. 46- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ1 التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو، عَابِدُ زَمَانِهِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. وعنه: الحسن، وابن سيرين، وأبو عبد الرحمن الحبلي وغيرهم. قال أحمد العجلي: كان ثقة من كبار التابعين. وقال أبو عبيد في القراءات: كان عامر بن عبد الله الذي يعرف بابن عبد قيس يقرئ الناس. ثنا عَبَّادٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عَامِرًا كَانَ يَقُولُ: مَنْ أُقْرِئُ؟ فَيَأْتِيهِ نَاسٌ، فَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ يُصَلِّي إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ يُقْرِئُ النَّاسَ إِلَى الْمَغْرِبِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَأْكُلُ رَغِيفًا وَيَنَامُ نَوْمَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يَقُومُ لِصَلاتِهِ، ثُمَّ يَتَسَحَّرُ رَغِيفًا2. وَقَالَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ وُشِيَ بِهِ إِلَى زِيَادٍ، وقيل: إلى ابن عامر، فقالوا له: ههنا رَجُلٌ قِيلَ لَهُ: مَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- خَيْرًا مِنْكَ، فَسَكَتَ وَقَدْ تَرَكَ النِّسَاءَ، قَالَ: فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ، أَنِ انفه إلى الشام على قتب، فلما   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 103"، والحلية "2/ 87"، والسير "4/ 15". 2 إسناده حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 جَاءَهُ الْكِتَابُ أَرْسَلَ إِلَى عَامِرٍ فَقَالَ: أَنْتَ قِيلَ لَكَ: مَا إِبْرَاهِيمُ خَيْرًا مِنْكَ، فَسَكَتَّ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا سُكُوتِي إِلا تَعَجُّبًا لَوَدِدْتُ إِنِّي غُبَارُ قَدَمَيْهِ، فَيَدْخُلُ بِي الْجَنَّةَ، قَالَ: وَلِمَ تَرَكْتَ النِّسَاءَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُنَّ إِلا إِنِّي قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهَا مَتَى تَكُونُ امْرَأَةٌ فَعَسى أَنْ يَكُونَ وَلَدٌ، وَمَتَى يَكُونُ وَلَدٌ تَشَعَّبَتِ الدُّنْيَا قَلْبِي، فَأَحْبَبْتُ التَّخَلِّي مِنْ ذَلِكَ، فَأَجْلاهُ عَلَى قَتَبٍ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَنْزَلَهُ مُعَاوِيَةُ مَعَهُ الْخَضْرَاءَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ، بِجَارِيَةً، وَأَمَرَهَا أَنْ تُعْلِمَهُ مَا حَالُهُ، فَكَانَ يَخْرُجُ مِنَ السَّحَرِ، فَلا تَرَاهُ إِلا بَعْدَ الْعَتْمَةِ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِطَعَامٍ، فَلا يَعْرِضُ لَهُ، وَيَجِيءُ مَعَهُ بِكِسْرٍ فَيَبِلُّهَا وَيَأْكُلُ مِنْهَا، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ النِّدَاءَ فيخرج، ولا تراه إلا مِثْلِهَا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ يَذْكُرُ حَالَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ: أَنِ اجْعَلْهُ أَوَّلَ دَاخِلٍ وَآخِرَ خَارِجٍ، وَمُرْ لَهُ بِعَشَرَةٍ مِنَ الدَّقِيقِ وَعَشَرَةٍ مِنَ الظَّهْرِ، فَأَحْضَرَهُ وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَ لَكَ بِكَذَا، قَالَ: إِنَّ عَلَيَّ شَيْطَانًا قَدْ غَلَبَنِي، فَكَيْفَ أَجْمَعُ عَلَى عَشَرَةٍ1. وَكَانَتْ لَهُ بَغْلَةٌ فَرَوَى بِلالُ بْنُ سَعْدٍ عَمَّنْ رَآهُ بِأَرْضِ الرُّومِ يَرْكَبُهَا عُقْبَةُ، وَيَحْمِلُ الْمُهَاجِرُ عُقْبَةَ. قَالَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ إِذَا فَصَلَ غَازِيًا يَتَوَسَّمُ -يَعْنِي مَنْ يُرَافِقَهُ- فَإِذَا رَأَى رِفْقَةً تُعْجِبُهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يخدمهم، وأن يؤذن، وأن ينفق عليهم طَاقَتَهُ2. رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ بِطُولِهِ فِي الزُّهْدِ. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عَامِرٌ يَسْأَلُ رَبَّهُ أن يَنْزَعَ شَهْوَةَ النِّسَاءِ مِنْ قَلْبِهِ، فَكَانَ لا يُبَالِي إِذَا لَقِيَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَسَأَلَ رَبَّهُ أن يَمْنَعَ قَلْبَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ ذَهَبَ عَنْهُ3. وَعَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمُجَاشِعِيِّ قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ. أَتُحَدِّثُ نَفْسَكَ فِي الصَّلاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى وَمُنْصَرفِي4. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى كَعْبُ الأَحْبَارِ عَامِرًا بِالشَّامِ قَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، فَقَالَ كَعْبٌ: هَذَا راهب هذه الأمة.   1 خبر حسن: وأخرجه ابن المبارك "867" في الزهد. 2 الزهد "350" لابن المبارك. 3 خبر صحيح: وأخرجه ابن المبارك "867" في الزهد. 4 خبر حسن: أخرجه ابن المبارك "861". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 وَرَوَى جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ: إِنَّكَ تَبِيتَ خَارِجًا، أَمَا تَخَافُ الأَسَدَ قَالَ: إني لأستحيي مِنْ رَبِّي أن أَخَافَ شَيْئًا دُونَهُ1. وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ قَتَادَةَ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ: لَقِيَ رَجُلٌ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ فَقَالَ: مَا هَذَا، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38] يَعْنِي: وَأَنْتَ لا تَتَزَوَّجُ، فَقَالَ: أَفَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَعَالَى2: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ السَّائِحِ، أنبأ أَبُو وَهْبٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ الْعَابِدِينَ، فَفَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ، يَقُومُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَلا يَزَالُ قَائِمًا إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَقَدِ انْتَفَخَتْ سَاقَاهُ فَيَقُولُ: يَا نَفْسُ إِنَّمَا خُلِقْتِ لِلْعِبَادَةِ، يَا أَمَّارَةَ بالسوء، فَوَاللَّهِ لأَعْمَلَنَّ بِكِ عَمَلا يَأْخُذُ الْفِرَاشُ مِنْكِ نَصِيبًا3. وَهَبَطَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ: وَادِي السِّبَاعِ، وَفِيهِ عَابِدٌ حَبَشِيٌّ، فَانْفَرَدَ يُصَلِّي فِي نَاحِيَةٍ وَالْعَابِدُ فِي نَاحِيَةٍ، أَرْبَعِينَ يَوْمًا لا يَجْتَمِعَانِ إلا فِي صَلاةِ الْفَرِيضَةِ4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ: إن عامرًا كان يأخذ عطاءه، فيجعله فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ، فَلا يَلْقَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْمَسَاكِينَ إِلا أَعْطَاهُ، فِإِذَا دَخَلَ بَيْتِهِ رَمَى بِهِ إِلَيْهِمْ، فَيَعُدُّونَهَا فَيَجِدُونَهَا سَوَاءً كَمَا أُعْطِيهَا5. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ: ثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ بَعَثَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ: مَا لَكَ لا تَزَوَّجُ النِّسَاءَ؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُهُنَّ، وَإِنِّي لَدَائِبٌ فِي الْخَطِيئَةِ، قَالَ: وَمَا لَكَ لا تَأْكُلُ الْجُبْنَ؟ قَالَ: أَنَا بِأَرْضٍ فِيهَا مَجُوسٌ، فَمَا شَهِدَ شاهدان من المسلمين   1 خبر حسن: أخرجه ابن المبارك "860" في الزهد. 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 106، 107" في الطبقات. 3 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم "2/ 88، 89" في الحلية. 4 الحلية "2/ 89". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن المبارك "862" في الزهد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 أَنَّ لَيْسَ فِيهِ مَيْتَةٌ أَكَلْتَهُ، قَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَ الأُمَرَاءَ؟ قَالَ: إِنَّ لَدَى أَبْوَابِكُمْ طُلَّابَ الْحَاجَاتِ، فَادْعُوهُمْ وَاقْضُوا حَوَائِجَهُمْ، وَدَعُوا مَنْ لا حَاجَةَ لَهُ إِلَيْكُمْ1. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: حَدَّثَنِي فُلانٌ أَنَّ عَامِرًا مَرَّ فِي الرَّحَبَةِ وَإِذَا ذِمِّيٌّ، يُظْلَمُ، فَأَلْقَى رِدَاءَهُ ثُمَّ قَالَ: لا أَرَى ذِمَّةَ اللَّهِ تُخْفَرُ وَأَنَا حَيٌّ، فَاسْتَنْقَذَهُ2. وَيُرْوَى أَنَّ سَبَبَ إِرْسَالِهِ إِلَى الشَّامِ كَوْنُهُ أَنْكَرَ وَخَلَّصَ هَذَا الذِّمِّيَّ، فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا الْجُرَيْرِيُّ قَالَ: لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ قَيْسٍ شَيَّعَهُ إِخْوَانُهُ، وَكَانَ بِظَهْرِ الْمِرْبَدِ، فَقَالَ: إِنِّي دَاعٍ فَأَمِّنُوا، قَالَ: اللَّهُمَّ مَنْ وَشَى بِي وَكَذَبَ عَلَيَّ وَأَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرِي وَفَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي، فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَصِحَّ جِسْمَهُ، وَأَطِلْ عُمْرَهُ3. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: بُعِثَ بِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَشَرَنِي رَاكِبًا. وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ لَمَّا احْتُضِرَ جَعَلَ يَبْكِي، فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلا حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ4. رَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ قَبْرَ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ. 47- عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو سَعْدٍ5، وَقِيلَ: أَبُو سَعِيدٍ الزُّرَقِيُّ الْأَنْمَارِيُّ، مُختَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهُ: يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ وَمَكْحُولٌ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ زَوْجُ أَسْمَاءَ بنت يزيد بن السكن، سكن دمشق.   1 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم "2/ 90" في الحلية. 2 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم "2/ 91" وفيه جهالة أحد الرواة. 3 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم "2/ 91". 4 خبر صحيح. 5 انظر: أسد الغابة "5/ 209"، والاستيعاب "4/ 92"، والإصابة "4/ 86". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 48- عائذ بن عمرو -خ م ن- بن هلال أبو هبيرة المزني1، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، شَهِدَ بَيْعَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَأَبُو جَمْرَةَ الضَّبُعِيُّ، وَأَبُو شِمْرٍ الضَّبُعِيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ. وَكَانَ مِنْ فُضَلاءِ الصَّحَابَةِ وَصَالِحِيهِمْ، وَأَوْصَى أن يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ. وَقَدْ دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَوَعَظَهُ، وَقَالَ: إِنَّ الدُّعَاءَ الْحُطَمَةُ2. 49- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ3 ابْنِ أَبِي عَامِرٍ عَبْدُ عَمْرِو بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ويقال: أبو بكر ابن الْغَسِيلِ غَسِيلُ الْمَلائِكَةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَيُعْرَفُ أَبُو عَامِرٍ بِالرَّاهِبِ، الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَحِبَهُ، وَرَوَى عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الله بن يزيد الخطمي، وابن أبي ملكية، وَضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَكَانَ رَأْسُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّة. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى نَاقَةٍ4. تَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ سَبْعِ سِنِينَ، وَأُصِيبَ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَلَدَتْهُ بعد مقتل أبيه. 50- عبد الله بن خثيمة الأَنْصَارِيُّ السَّالِمِيُّ5 الْخَزْرَجِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ أحدًا وبقي إلى دهر يزيد بن معاوية.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 20"، أسد الغابة "3/ 98"، الإصابة "2/ 262". 2 المعجم الكبير "18/ 18" للطبراني. 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 65"، والاستيعاب "2/ 286"، وأسد الغابة "3/ 147". 4 حديث حسن: أخرجه الترمذي "3/ 264"، والنسائي "5/ 270"، وابن ماجه "2/ 1009". 5 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 627"، والإصابة "2/ 303". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 51- عبد الله بن زيد بن عاصم الأَنْصَارِيُّ1 النَّجَّارِيُّ الْمَازِنِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَخُو حَبِيبٍ الَّذِي قَتَلَهُ مُسَيْلَمَةُ الْكَذَّابُ، وَعَمِّ عَبَّادٍ بْنِ تَمِيمٍ، وَهُوَ الَّذِي حَكَى وُضُوءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَهُ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَقِيلَ: إنه الذي قتل مسيلمة مع وحشي، واشتركا فِي قَتْلِهِ، وَأَخَذَ بِثَأْرِ أَخِيهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ عَبَّادٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمَسيِّبِ، وَوَاسِعُ بْنِ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْحَرَّةِ. 52- عَبْدُ الله بن السائب -م- بن أَبِي السَّائِبِ صَيْفِيِّ بْنِ عَابِدٍ الْمَخْزُومِيُّ2 الْعَابِدِيُّ، أَبُو السَّائِبِ وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْمَكِّيُّ، قَارِئُ أَهْلِ مَكَّةَ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ أَبُو السَّائِبِ شَرِيكَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الْمَبْعَثِ، وَأَسْلَمَ السَّائِبُ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَجَاءَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أمَّ النَّاسَ بِمَكَّةَ فِي رَمَضَانَ زَمَنَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عن ابن أبي ملكية قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا فَرَغُوا مِنْ قَبْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، وَقَامَ النَّاسُ عَنْهُ، قَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ فدعا له وانصرف3. روى عنه: ابن أبي ملكية، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَسِبْطُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَآخَرُونَ. قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ: مُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُ، وَآخِرُ مِنْ رَوَى عَنْهُ الْقُرْآنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ. تُوُفِّيَ بَعْدَ السَّبْعِينَ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ. وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ. 53- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ أَبُو مَعْمرٍ الأَزْدِيُّ4 الْكُوفِيُّ، تَابِعِيٌّ مَشْهُورٌ، وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، والمقداد بن الأسود، وخباب بن الأرت.   1 انظر: أسد الغابة "3/ 167"، والاستيعاب "2/ 312"، السير "2/ 377". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 445"، والاستيعاب "2/ 380"، وأسد الغابة "3/ 170". 3 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 445" فيه عنعنة ابن جريج، وهو مدلس. 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 73"، والجرح والتعديل "5/ 68". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 روى عنه: إبراهيم، ومجاهد، وعمارة بن العمير التَّيْمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 54- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاس1 بْن عَبْد المطّلب بن هاشم، الحبر أَبُو الْعَبَّاسِ، ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو الْخُلَفَاءِ. وُلِدَ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلاثِ سِنِينَ، وَذَكَر ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ قَدْ نَاهَزَ الاحْتِلامَ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ قَرَأْتُ "الْمُحْكَمَ"، فَتَحَقَّقَ هَذَا. وَصَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحِكْمَةِ مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ ابن مسعود: نعم ترجمان العرب الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِيهِ الْعَبَّاسِ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: أَنَسٌ، وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَابْنُهُ عَلِيٌّ، وَمَوَالِيهِ الْخَمْسَةُ: كُرَيْبٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَمِقْسَمٌ، وَأَبُو مَعْبَدٍ نافذ، وَدَفِيفٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَعُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْقَاسِمُ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو صَالِحٍ بَاذَامُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَخُوهُ سَعِيدٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَالضَّحَّاكُ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَمَعْتُ الْمُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُبِضَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ حِجَجٍ، قُلْتُ: وَمَا الْمُحْكَمُ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ2. خَالَفَهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: فَرَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال:   1 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 365"، أسد الغابة "3/ 290"، السير "3/ 331". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "11/ 75"، وأحمد "1/ 253، 287، 337"، والطيالسي "2/ 148". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَنَا خَتِينٌ1. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ، وَأَنَا قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى2. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لا خِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَنَا أَنَّهُ وُلِدَ فِي الشِّعْبِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثَ أَبِي بِشْرٍ الْمَذْكُورَ فَقَالَ: هَذَا عِنْدِي حَدِيثٌ وَاهٍ، وَحَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ يُوَافِقُ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: غَزَا ابْنُ عَبَّاسٍ إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا. وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، قَالَ: وَكَانَ أَبْيَضَ طَوِيلا مُشْرَبًا صُفْرَةً، جسيمًا، وَسِيمًا، صَبِيحًا، لَهُ وَفْرَةٌ، يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ لَنَا عَطَاءٌ: مَا رَأَيْتُ الْقَمَرَ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ إِلا ذَكَرْتُ وَجْهَ ابن عباس3. وقال إبراهيم بن الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ إِذَا مَرَّ فِي الطَّرِيقِ قَالَتِ النِّسَاءُ عَلَى الْحِيطَانِ: أَمَرَّ الْمِسْكُ أَمْ مَرَّ ابْنُ عَبَّاسٍ؟ 4. وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَوَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غُسْلا، فَقَالَ: "مَنْ وَضَعَ هَذَا"؟ قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ وَفَقِّهْهُ فِي الدِّينَ" 5. وَقَالَ وَرْقَاءُ: ثَنَا عُبْيَدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضُوءًا فَقَالَ: "اللَّهُمُّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وعلمه التأويل" 6.   1 إسناده فيه ضعف: أخرجه الطيالسي "2/ 149"، والحاكم "3/ 533"، وفيه عنعنة أبي إسحاق. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 472"، ومسلم "504"، وأحمد "1/ 264". 3 السير "3/ 336، 337". 4 السابق. 5 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 216، 314، 328، 335"، والحاكم "3/ 534" وصححه وأقره الذهبي، والطبراني "10587" في الكبير. 6 انظر السابق: وأخرجه البخاري "1/ 115"، و"7/ 78"، ومسلم "2477". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 وَرَوَى أَبُو مَالِكٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّخَعِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحِكْمَةِ مَرَّتَيْنِ1. أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ زَاجٌ: ثَنَا سَعْدَانُ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَطْلُبُ الْإِدَامَ، وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: "هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ"2، قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا فَإِنَّهُ حَبْرُ أُمَّتِكَ، أَوْ قَالَ: حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ. هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَعَبْدُ الْمُؤْمِنِ ثِقَةٌ، رَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ. قُلْتُ: جَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صُوَرَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، فَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَنْ يَمُوتَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى يَذْهَبَ بَصَرُهُ"3، فَكَانَ كَذَلِكَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنَ حُكَيْمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ: هَلُمَّ نَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ، فَقَالَ: يَا عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكِ، وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله من ترى! فترك الرَّجُلَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمُسَألَةِ، فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثَ عَنِ الرَّجُلِ، فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ، فَتَسْفِي الرِّيحُ عَلَى التُّرَابِ فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم الرسول، أَلا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيكَ؟ فَأَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ أن آتيك فأسألك، قال: فعاش الرجل رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ، فَقَالَ: هَذَا الْفَتَى أَعْقَلُ مِنِّي4. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ وَجَدُوا عَلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي إِدْنَائِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ دُونَهُمْ، قَالَ: وَكَانَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنِّي سَأُرِيكُمُ الْيَوْمَ مِنْهُ مَا تَعْرِفُونَ فَضْلَهُ بِهِ، فسألهم عن هذه السورة   1 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "2/ 365"، والترمذي "3823". 2 حديث منكر: وأخرجه أبو نعيم "1/ 316" في الحلية. 3 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "10586" في الكبير، وفيه أحد المجاهيل. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "2/ 367"، والحاكم "3/ 538" وصححه، وأقره الذهبي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمْرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِذَا رَأَى النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا أَنْ يَحْمَدَهُ وَيَسْتَغْفِرَهُ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَعْلَمَهُ مَتَّى يَمُوتُ. قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1، 2] فَهِيَ آيَتُكَ من الموت1 {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} . وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَأْذَنُ لِي مَعَ أَهْلِ بَدْرٍ. وَقَالَ الْمُعَافَى بْنُ عِمَرانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسْأَلُ عَنِ الأَمْرِ الْوَاحِدِ ثَلاثِينَ من أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم2. وقال أبو بكر الْهُذَلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الإِسْلامِ بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ يَقُومُ عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا، فَيَقْرَأُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَيُفَسِّرُهَا آيَةً آيَةً، وَكَانَ عُمَرُ إذا ذكره قال: ذلكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وَقَلْبٌ عَقُولٌ3. وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ الْقُرْآنِ أَعْلَمُهُ إِلا الرَّقِيمَ، وَغِسْلِينَ، وَحَنَانًا4. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ عَلِمْتَ عِلْمًا مَا عَلِمْنَاهُ5. سَنَدُهُ صَحِيحٌ. وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ قال: كَانَ عُمَرُ يَسْتَشِيرُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الأَمْرِ يهمه ويقول: غواص6.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 99"، وأحمد "1/ 337"، والترمذي "3362"، والحاكم "3/ 539". 2 خبر صحيح: السير "3/ 344". 3 خبر ضعيف: أخرجه الطبراني "10620" في الكبير، وفيه أبو بكر الهذلي من الضعفاء. وله طريق آخر عند الحاكم "3/ 539" وفيه انقطاع. 4 خبر حسن: أخرجه الطبري "15/ 199" في تفسيره. 5 خبر حسن: السير "3/ 345". 6 السير "3/ 346". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ عُمَرُ: لا يَلُومُنِي أَحَدٌ عَلَى حُبِّ ابْنِ عَبَّاسٍ1. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ إِنَّ عُمَرَ يُدْنِيكَ، فَاحْفَظْ عَنِّي ثَلاثًا: لا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَلا يُجَرِّبَنَّ عَلَيْكَ كَذِبًا2. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: حَرَّقَ عَلَيَّ نَاسًا ارْتَدُّوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ بِالنَّارِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ" وَلَقَتَلْتُهُمْ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" 3، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَقَالَ: وَيْحَ ابْنَ أُمِّ الْفَضْلِ، إِنَّهُ لَغَوَّاصٌ عَلَى الْهَنَاتِ4. وَعَنْ سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أَحَدًا أَحْضَرَ فَهْمًا، وَلا أَلَبَّ لُبًّا، وَلا أَكْثَرَ عِلْمًا، وَلا أَوْسَعَ حِلْمًا مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ يَدْعُوهُ لِلْمُعْضِلاتِ، فَلا يُجَاوِزُ قَوْلَهُ، وَإِنَّ حَوْلَهُ لأَهْلُ بَدْرٍ5. وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ أُعْطِيَ ابن عباس فهمًا لقنًا وَعِلْمًا، وَمَا كُنْتُ أَرَى عُمَرَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَدًا6. هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَوْ أَدْرَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْنَانَنَا مَا عَشِرَهُ مِنَّا أَحَدٌ7. وَفِي لَفْظٍ: مَا عَاشَرَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَكَذَا قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَغَيْرُهُ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَو أن هذا الغلام أدرك ما   1 السير "3/ 346". 2 إسناده ضعيف: وأخرجه أبو نعيم "1/ 318" في الحلية، والطبراني "1069" في الكبير، وفيه مجالد من الضعفاء. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6/ 106"، وأبو داود "4351"، والنسائي "7/ 104"، والترمذي "1458". 4 خبر صحيح: انظر السابق. 5 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 369" في الطبقات. 6 السابق "2/ 370". 7 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "2/ 366" في الطبقات، والحاكم "3/ 537" وصححه وأقره الذهبي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 أَدْرَكْنَا، مَا تَعَلَّقْنَا مَعَهُ بِشَيْءٍ1. قَالَ الأَعْمَشُ: وَسَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: وَلَنِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَامَ فَقَالَ: هَذَا يَكُونُ حَبْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَرَى عَقْلا وَفَهْمًا، وَقَدْ دَعَا لَهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا أَبُو بكر ابن أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: مَوْلاكَ وَاللَّهِ أَفْقَهُ مَنْ مَاتَ وَمَنْ عَاشَ3. وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالْحَجِّ4. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ مِثْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَقَدْ مَاتَ يَوْمَ مَاتَ، وَإِنَّهُ لَحَبْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ، كَانَ يُسمَّى الْبَحْرَ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ. وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ فَاتَ النَّاسَ بِخِصَالٍ: بِعِلْمِ مَا سُبِقَ إِلَيْهِ، وَفِقْهٍ فيما احتيج إليه، وحلم نسب وَنَائِلٍ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمُ بِمَا سَبَقَهُ مِنْ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا بِقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، مِنْهُ، وَلا أَعْلَمُ بِمَا مَضَى، وَلا أَثْقَبَ رَأْيًا فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ كُنَّا نَحْضُرُ عِنْدَهُ، فَيُحَدِّثُنَا الْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي الْمَغَازِي، وَالْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي النَّسَبِ، وَالْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي الشعر5. رواه ابن أسعد، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ. وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: أَجْمَلُ النَّاسِ، وَإِذَا نَطَقَ قُلْتُ: أَفْصَحُ النَّاسِ، وَإِذَا تَحَدَّثَ قُلْتُ: أَعْلَمُ النَّاسِ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: مَا رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ باطلًا قط.   1 خبر صحيح: السير "3/ 347". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 348". 3 خبر ضعيف: السير "3/ 348" فيه الواقدي من الضعفاء. 4 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 369". 5 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 368" فيه الواقدي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 وَقَالَ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ملكية قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا نَزَلَ قَامَ شَطْرَ اللَّيْلِ، وَيُرَتِّلُ الْقُرْآنَ حَرْفًا حَرْفًا، وَيُكْثِرُ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّشِيجِ وَالنَّحِيبِ1. وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ دِرْهَمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَسْفَلَ مِنْ عَيْنَيْهِ مِثْلَ الشِّرَاكِ الْبَالِي مِنَ الْبُكَاءِ2. وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ. وَقَدْ وَلِيَ الْبَصْرَةَ لِعَلِيٍّ، وَشَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ، فَكَانَ عَلَى مَيْسَرَتِهِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَكْرَمَهُ وَأَجَازَهُ، وَجَاءَ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ حِلَّةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ، عَنْ شَيْخٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ شَهِدَ الْجَمَلَ مَعَ عَلِيٍّ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَقَامَ عَلِيٌّ بَعْدَ الْجَمَلِ خَمْسِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَلَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ حَمَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَبْلَغًا مِنَ الْمَالِ وَلَحِقَ بِالْحِجَازِ، وَاسْتُخْلِفَ عَلَى الْبَصْرَةِ3. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ رِشْدِينَ بْنِ كريب، عن أبيه قال: رأين ابْنَ عَبَّاسٍ يعتم بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ خُرْقَانِيَّةٍ، وَيُرْخِيهَا شِبْرًا. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا اتَّزَرَ أَرْخَى مُقَدَّمَ إِزَارِهِ، حَتَّى تَقَعَ حَاشِيَتَهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ. ابْنُ جُرَيْجٍ: أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ ينهى عن كتاب العلم، وأنه قال: إنها أَضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْكُتُبُ. حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْعَطَّافِ -وَهُوَ وَاهٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكُتُبِ. نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُمْ كَلَّمُوا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْ يَحِجَّ بِهِمْ وَعُثْمَانَ مَحْصُورٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَحِجَّ بِالنَّاسِ، فَحَجَّ بهم، فلما قدم وجد   1 خبر صحيح: السير "3/ 352". 2 السير "3/ 352". 3 خبر ضعيف: السير "3/ 353" فيه مجالد من الضعفاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: إنْ أَنْتَ قُمْتَ بِهَذَا الأَمْرِ الآنَ أَلْزَمَكَ النَّاسُ دَمَ عُثْمَانَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَرَّفَ بِالْبَصْرَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، كَانَ مَثِجًا، كَثِيرَ الْعِلْمِ، قَالَ: فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَفَسَّرَهَا آيَةً آيَةً. ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سُئِلَ عَنِ الأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ أَخْبَرَ بِهِ، وَإِلا اجْتَهَدَ رَأْيَهُ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَيُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ قَالا: مَا نُحْصِي مَا سَمِعْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ يُسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ مِنَ الْقُرْآنِ، فَيَقُولُ: هُوَ كَذَا، أَمَا سَمِعْتَ الشَّاعِرَ يَقُولُ: كَذَا وَكَذا. أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ صَوْمُكَ؟ قَالَ: أَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ. مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَلْبَسُ الْخَزَّ، وَيَكْرَهُ الْمُصْمَتَ منه. أبو عوانة، عن أبي الجويرية: رأين إِزَارَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ1. شَريِكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ طَوِيلَ الشَّعْرِ أَيَّامَ مِنًى، أَظُنَّهُ قَصَّرَ، وَرَأَيْتُ فِي إِزَارِهِ بَعْضَ الْإِسْبَالِ. ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُصَفِّرُ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ. يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُثْمَانُ عَلَى الْحَجِّ وَهُوَ مَحْصُورٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا صَدَرَ عَنِ الْمَوْسِمِ إِلَى الْمَدِينَةِ، بَلَغَهُ وَهُوَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَتْلُ عُثْمَانَ، فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: يَا ليتني لا أصل حتى يأتيني قَاتِلُهُ فَيَقْتُلُنِي، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ، يَعْنِي فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَلَمَّا سَارَ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ: خَلا لَكَ وَاللَّهِ يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ الْحِجَازُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَوْنَ إِلا أَنَّكُمْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، وَتَكَالَمَا حَتَّى عَلَتْ أصواتهما، حَتَّى سكَّنَهُمَا رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ ابْنُ عباس وابن الحنيفة قَدْ نَزَلا بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ فِتْنَةِ ابْنِ الزبير، فطلب منهما أبن يُبَايِعَاهُ، فَامْتَنَعَا وَقَالا: أَنْتَ وَشَأْنُكَ لا نَعْرِضُ لك ولا لغيرك.   1 خبر صحيح: السير "3/ 355". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 وَعَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَلَحَّ عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْعَةِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعَنَّ أَوْ لأَحُرِّقَنَّكُمْ بِالنَّارِ، فَبَعَثَا أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ واثلة إلى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ، فَانْتَدَبَ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَسَارُوا فَلَبِسُوا السِّلاحَ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ، وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا النَّاسُ، وَانْطَلَقَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْمَسْجِدِ هَارِبًا، وَيُقَالُ: تَعَلَّقَ بِالأَسْتَارِ، وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَمَثُلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ عَمِلَ حَوْلَ دُورِهِمُ الْحَطَبَ لِيَحْرَقَهَا، فَخَرَجْنَا بِهِمْ حَتَّى نَزَلْنَا بِهِمُ الطَّائِفَ1. قُلْتُ: فَأَقَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةً أَوْ سنَتَيْنِ لم يبايع أحدًا. وقال ابن الحنيفة لَمَّا دُفِنَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْيَوْمُ مَاتَ رَبَّانِيُّ هذه الأمة. رواه مسلم بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي كُلْثُومٍ، عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ: لَمَّا مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ. وَرَوَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نحوه، وَزَادَ: فَمَا رُؤِيَ بَعْدُ2. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. رَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ يَسَارٍ قَالَ: لَمَّا أُدْرِجَ ابن عباس في كفنه دخل فيه طَائِرٌ أَبْيَضُ، فَمَا رُؤِيَ حَتَّى السَّاعَةِ. عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مَاتَ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا أُخْرِجَ بِنَعْشِهِ، جَاءَ طَائِرٌ عَظِيمٌ أَبْيَضُ مِنْ قِبَلِ وَجٍّ3 حتى خالط أكفانه، فلم يدر أين يذهب، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4. 55- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بن العاص5 بن وَائِلِ بْنِ هَاشِمٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْقُرَشِيُّ السَّهْمِيُّ مِنْ نُجَبَاءِ الصَّحَابَةِ، وعلمائهم.   1 خبر ضعيف: السير "3/ 355" وفيه عطية العوفي من الضعفاء. 2 خبر حسن بطرقه: أخرجه الفسوي "1/ 540" في تاريخه، والحاكم "3/ 543". 3 اسم جبل. 4 السير "3/ 358". 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 261"، الاستيعاب "956"، أسد الغابة "3/ 349". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 كَتَبَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكَثِيرَ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: حَفِيدُهُ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ، وَطَاوُسٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَوَهْبُ بْنُ مُنَبَّهٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَأَسْلَمَ قَبْلَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْغَرَ مِنْ أَبِيهِ إِلا بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً. وَكَانَ وَاسِعَ الْعِلْمِ، مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةَ، عَاقِلا يَلُومُ أَبَاهُ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ مُعَاوِيَةَ بِأَدَبٍ وَتُؤَدَةٍ. قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ رجُلا سَمِينًا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْعُرْيَانِ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ، فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ، أَحْمَرُ، عَظِيمُ الْبَطْنِ، فَقُلْتُ: مَنْ ذَا؟ قِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو1. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "نِعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ: عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ". وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَكِيمِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ" 2، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعُ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، فَأَبَى. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ وَاهِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ فِي أَحَدِ إِصْبَعَي سَمْنًا، وَفِي الأُخْرَى عَسَلا، وَأَنَا أَلْعَقُهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "تَقْرَأُ الكتابين: التوراة والفرقان3"، فكان يقرأهما.   1 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "4/ 265" فيه ابن جدعان من الضعفاء. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 84"، ومسلم "1159". 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 222"، وأبو نعيم "1/ 286" في الحلية وفيه ابن لهيعة، ورواية غير العبادلة عنه ضعيفة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 وَعَنْ شُفَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْفَ مَثَلٍ1. وَقَالَ أَبُو قَبِيلٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَكْتُبُ مَا يَقُولُ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ مِنْكَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، فَإِنِّي لا أَقُولُ إِلا حَقًّا" 3. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنِّي، إلا ما كان من عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ، وَكُنْتُ لا أَكْتُبُ4. وَقَالَ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَتَنَاوَلْتُ صَحِيفَةً تَحْتَ رَأْسِهِ، فَتَمَنَّعَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: تَمْنَعُنِي شَيْئًا مِنْ كُتُبِكَ! فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ الصَّادِقَةَ الَّتِي سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ، فَإِذَا سَلِمَ لِي كِتَابُ اللَّهِ، وَسَلِمَتْ لِي هَذِهِ الصَّحِيفَةُ وَالْوَهْطُ، لَمْ أُبَالِ مَا ضَيَّعْتُ الدُّنْيَا5. الْوَهْطِ: بُسْتَانُه بِالطَّائِفِ. وَقَالَ عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لأَنْ أَكُونَ عَاشِرَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ عَاشِرَ عَشَرَةَ أَغْنِيَاءَ، فَإِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا، يَقُولُ: يَتَصَدَّقُ يَمِينًا وَشِمَالا6. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ أَصْنَعُ الْكُحْلَ لِعَبْدِ الله بن   1 حديث ضعيف: السير "3/ 87" فيه ابن لهيعة. 2 حديث صحيح: وأخرجه أبو زرعة "1514" في تاريخ دمشق، والسير "3/ 87". 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 207، 215"، وأبو داود "3646"، والدارمي "1/ 125"/ والحاكم "1/ 105، 106" وصححه، وأقره الذهبي. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 184". 5 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "2/ 273"، والمصنف في السير "3/ 89". 6 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "1/ 288" في الحلية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 عَمْرٍو، وَكَانَ يُطْفِئُ السِّرَاجَ ثُمَّ يَبْكِي، حَتَّى رَسِعَتْ عَيْنَاهُ1. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْتِي فَقَالَ: "أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَكَلَّفْتَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَصِيَامَ النَّهَارِ"؟ قُلْتُ: إِنِّي لأَفْعَلُ. قَالَ: "إِنَّ مَنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ" 2، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى مَيْمَنَةِ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ، وَقَدْ وَلاهُ مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا الْعَوَّامُ، حَدَّثَنِي أَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ، كُلُّ وَاحِدٍ يَقُولُ: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لِيَطِبْ أَحَدُكُمَا بِهِ نَفْسًا لِصَاحِبِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ". فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا عَمْرُو أَلا تَرُدَّ عَنَّا مَجْنُونَكَ، فَمَا بَالُكَ مَعَنَا! قَالَ: إِنَّ أَبِي شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: "أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا"، فَأَنَا مَعَكُمْ، وَلَسْتُ أقاتل3. وقال ابن أبي مليكة: قال ابن عمرو: ما لي ولصفين، ما لي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ قَبْلَهَا بِعِشْرِينَ سَنَةً، أَمَّا وَاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مَا ضَرَبْتُ بِسَيْفٍ، وَلا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَتِ الرَّايَةُ بِيَدِهِ4. وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي رَهْطٍ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَقُلْنَا: لَوْ نَظَرْنَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُحَدِّثُنَا، فَدُلِلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَأَتَيْنَا مَنْزِلَهُ، فَإِذَا قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ رَاحِلَةٍ، فَقُلْنَا: عَلَى كُلِّ هَؤُلاءِ حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ! قَالُوا: نَعَمْ، هُوَ وَمَوَالِيهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبَيْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، بَيْنَ بُرْدَيْنِ قِطْريَّيْنِ، عَلَيْهِ عِمَامَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ5.   1 خبر حسن: وأخرجه أبو نعيم "1/ 290" في الحلية، ورسعت: تغيرت وفسدت. 2 حديث صحيح: وله شواهد. أخرجه أحمد "2/ 200"، وأصله في الصحيحين. 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 164". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 366". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 267". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 رَوَاهُ حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ فَقَالَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْغَنَوِيِّ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَتُوُفِّيَ بِمِصْرَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: مَاتَ بِالطَّائِفِ. وَقِيلَ: مَاتَ بِمَكَّةَ. وَقِيلَ: مَاتَ بِالشَّامِ. 56- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيُّ1 وَيُقَالُ: ابْنُ مَسْعُودٍ، وَيُدْعَى صَاحِبَ الْجُيُوشِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا عَلَى غَزْوِ الرُّومِ. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ الْحَافِظُ ابن عَسَاكِرَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَنَزَلَ دِمَشْقَ وَبَعَثَهُ يَزِيدُ مُقَدَّمًا عَلَى جُنْدِ دِمَشْقَ فِي جُمْلَةِ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ إِلَى الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَايَعَ مَرْوَانَ بِالْجَابِيَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعَدَةَ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَهَا فِي صَلاةٍ2، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ مَسْعَدَةَ مِنْ سَبْيِ فَزَارَةَ، وَهَبَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَأَعْتَقَتْهُ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَانَ ابْنُ مَسْعَدَةَ شَدِيدًا فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَجَرَحَهُ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَمَا عَادَ لِلْحَرْبِ حَتَّى انْصَرَفُوا. 57- عَبْدُ الله بن يزيد –ع. ابْنِ زَيْدِ بْنِ حِصْنٍ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الْخَطْمِيُّ، أبو موسى3، شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَرَوَى أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ حُذَيْفَةَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ بِنْتِهِ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الصَّحَابَةِ، كَانَ الشَّعْبِيُّ كَاتِبَهُ وَشَهِدَ أَبُوهُ يَزِيدَ أُحُدًا، وَمَاتَ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَشَهِدَ أَبُو مُوسَى مَعَ عَلِيٍّ صِفَّينَ وَالنَّهْرَوانِ، وَوَلَّى إِمْرَةَ الْكُوفَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَاسْتَكْتَبَ الشَّعْبِيَّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ صُرِفَ بِعَبْدِ الله بن مطيع.   1 انظر: أسد الغابة "3/ 367"، الاستيعاب "2/ 327"، والإصابة "2/ 367". 2 حديث ضعيف: فيه عنعنة ابن جريج، وهو من المدلسين. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 18"، والتاريخ الكبير "5/ 12، 13". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 مِسْعَرٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَطَيْلَسَانًا مُدبَّجًا. الْوَاقِدِيُّ: ثنا جَحَّافُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أن الْفِيلَ لَمَّا بَرَكَ عَلَى أَبِي عُبَيْدِ يَوْمَ الْجِسْرِ فَقَتَلَهُ، هَرَبَ النَّاسُ، فَسَبَقَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ فَقَطَعَ الْجِسْرَ وَقَالَ: قَاتِلُوا عَنْ أَمِيرِكُمْ، ثُمَّ قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ فَأَسْرَعَ السَّيْرُ، وَأَخْبَرَ عُمَرَ خَبَرَهُمْ1. 58- عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ2 بْنِ جَحْشِ بْنِ رَبَابٍ الأَسَدِيُّ، اسْمُ أَبِيهِ عَبْدٌ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُسَيْنُ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَشَجِّ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ سَمْحًا جَوَّادًا، وَكَانَ أَبُوهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ: قَدِمْتُ مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ بِثِلاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَقَمْتُ سَنَةً، وَحَاسَبْتُ قَوَّامِي فَوَجَدْتُنِي قَدْ أَنْفَقْتُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، لَيْسَ بِيَدِي مِنْهَا إِلا رَقِيقٌ وَغَنَمٌ وَقُصُورٌ، فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَقِيتُ كَعْبَ الأَحْبَارِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتَ مِنَ النَّخْلِ3. قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَيُقَوِّي وَهْنَهُ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ: فَلَقِيتُ كَعْبًا، وَكَعْبُ قَدْ مَاتَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، قَبْلَ أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ بِسِنِينَ. 59- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَزْهَرَ الزُّهْرِيُّ4 ابْنُ عَمِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وشهد حنينًا. روى عنه: ابناه عبد الرحمن، وَعْبَدُ الْحَمِيدِ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ. وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وهُوَ مُقِلٌّ مِنَ الرِّوَايَةِ، لَهُ أَرْبَعَةُ أحاديث.   1 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 2 انظر: التاريخ الكبير "5/ 240"، والاستيعاب "2/ 406"، والإصابة "2/ 389". 3 خبر ضعيف. 4 انظر: الجرح والتعديل "5/ 208"، والاستيعاب "2/ 406". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 60- عبد الرحمن بن الأسود1 –خ د ق- ابْنِ عَبْدِ يَغُوث بْنِ وَهْبٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ القرشي الزهري المدني. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ -وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ- وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ. قِيلَ: إِنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ، وَأنَّهُ مِمَّنْ عُيِّنَ فِي حُكُومَةِ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ وَلا لِأَبِيهِ هِجْرَةٌ، وَكَانَ ذَا مَنْزِلَةٍ مِنْ عَائِشَةَ، وَأَبُوهُ مِمَّنْ نَزَلَ فيه {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ} . قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ، اطَّلَعَ مِنْ فَوْقِ دَارِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ عَلَى الْعِرَاقِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَرَكْعَتَيْنِ أَرْكَعُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَةِ الْعِرَاقِ. 61- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ2 بْنِ عَمْرٍو، وَأَبُو يَحْيَى اللَّخْمِيُّ، رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَوَالِدِهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ فَقِيهًا ثِقَةً. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. 62- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن حسان3 بن ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْمَدَنِيُّ، الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، ابْنُ شَاعِرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 7"، والإصابة "2/ 390". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 64"، والاستيعاب "2/ 427"، والإصابة "2/ 394". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 266"، والجرح والتعديل "5/ 222". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 وَأُمُّهُ شِيرِينُ الْقِبْطِيَّةُ أُخْتُ مَارِيَةَ سَرِيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُمُّ إِبْرَاهِيمَ. حَكَى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قال له ابنه يزيد: ألا ترى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ يُشَبِّبُ بِابْنَتِكَ؟ فَقَالَ: وَمَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: هِيَ زَهْرَاءُ مِثْلَ لؤلؤة الغـ ... ـواص مِيزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونِ فَقَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ: فإذا مَا نسبتها لَمْ تجدها ... فِي سناء من المكارم دون قَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ: ثُمَّ خَاصَرْتُهَا إِلَى الْقِبَّةِ الخض ... راء أَمْشِي فِي مَرْمرٍ مَسْنونِ1 وَفِيهِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: فَمَنْ لِلْقَوَافِي بَعْدَ حَسَّانٍ وَابْنِهِ ... وَمَنْ لِلْمَثَانِي بَعْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ 63- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الحكم2 بن أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو حَرْبٍ، وَيُقَالُ: أَبُو الْحَارِثِ الأُمَوِيُّ، أَخُو مَرْوَانَ. شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، شَهِدَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: وَأَكْرَمُ مَا تَكُونُ عَلَيَّ نَفْسِي ... إِذَا مَا قَلَّ فِي الْكُرُبَاتِ مَالِي فَتَحْسُنُ سِيرَتِي وَيَصُونُ عِرْضِي ... وَيَجْمُلُ عِنْدَ أَهْلِ الرَّأْيِ حَالِي وَقَدْ عَاشَ إِلَى يَوْمِ مَرْجِ رَاهِطٍ، فَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ: لَحَا اللَّهُ قَيْسًا قَيْسُ عَيْلانَ إِنَّهَا ... أَضَاعَتْ فُرُوجَ الْمُسْلِمِينَ وَوَلَّتِ أَتَرْجِعُ كَلْبٌ قَدْ حَمَتْهَا رِمَاحُهَا ... وَتَتْرُكُ قَتْلَى رَاهِطٍ مَا أحْنَتِ فَشَاوِلْ بِقَيْسٍ فِي الطِّعَانِ وَلا تَكُنْ ... أَخَاهَا إِذَا مَا الْمَشْرَفِيَّةُ سُلَّتِ أَلا إِنَّمَا قَيْسُ بْنُ عَيْلانَ قِلَّةٌ ... إِذَا شَرِبَتْ هَذَا الْعَصِيرَ تَغَنَّتِ 64- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الخطاب3 –ن.   1 الأغاني "15/ 109" للأصفهاني. 2 انظر: تاريخ الطبري "4/ 535"، "5/ 544"، وتاريخ دمشق "1/ 56، 65" لأبي زرعة. 3 انظر: الاستيعاب "2/ 425"، الطبقات الكبرى "5/ 49"، وفيات الأعيان "6/ 274". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 ابن نفيل بن عبد العزى العدوي. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ. وَوَلَّى إِمْرَةَ مَكَّةَ لِيَزِيدَ. قَالَ الزُّبَيْرُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِيمَا زَعَمُوا مِنْ أَطْوَلِ الرِّجَالِ وَأَتَمِّهِمْ، وَكَانَ شَبِيهًا بِأَبِيهِ، وَكَانَ عُمَرُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ: أَخُوكُمْ غَيْرُ أَشْيَبَ قَدْ أَتَاكُمْ ... بِحَمْدِ اللَّهِ عَادَ لَهُ الشَّبَابُ1 وَزَوَّجَهُ عُمَرُ بِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَجَدُّهُ أَبُو لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. وَتُوُفِّيَ أَيَّامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلاهُ يَزِيدُ مَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. 65- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أبي عميرة -ت-2 المزني، صَحَابِيٌّ، لَهُ أَحَادِيثُ، وَقَدْ سَكَنَ حِمْصَ وَتَاجَرَ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقَصِيرُ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ تَابِعِيٌّ. 66- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ3 بن عبيد الله الْمَعْرُوفُ أبوه بِزِيَادِ بْنِ أَبِيهِ عِنْدَ النَّاسِ، وعند بني أمية بزياد ابن أبي سفيان، فقد ذكرنا أن زيادًا استلحقه معاوية وجعله أخاه، ولي أَبُو حَفْصٍ عُبَيْدَ اللَّهِ إِمْرَةَ الْكُوفَةِ لِمُعَاوِيَةَ، ثُمَّ لِيَزِيدَ، ثُمَّ وَلاهُ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ. وَقَدْ رَوَى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَغَيْرِهِ.   1 خبر ضعيف: إسناده منقطع. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 417"، والاستيعاب "2/ 407"، والإصابة "2/ 414". 3 انظر: وفيات الأعيان "6/ 344"، والبداية "8/ 283". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 قَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: ذَكَرُوا أن عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ كَانَ لَهُ وَقْتَ قُتِلَ الحسين ثمان وعشرون سنة. وقال ابن مَعِينٍ: هُوَ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَهِيَ أُمَةٌ. وَعَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى زِيَادٍ: أَنْ أَوْفِدْ عَلَيَّ ابْنَكَ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَفَعَلَ، فَمَا سَأَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَنْ شَيْءٍ إِلا أَنْفَذَهُ لَهُ، حَتَّى سَأَلَهُ عَنِ الشِّعْرِ، فَلَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ مِنْ رِوَايَةِ الشِّعْرِ؟ قَالَ: كَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ كَلامَ اللَّهِ وَكَلامَ الشَّيْطَانِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: أُغْرُبْ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الرِّكَابِ يَوْمَ صِفِّينَ مِرَارًا، مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهَزِيمَةِ إِلا أَبْيَاتُ ابْنِ الإِطْنَابَةَ، حَيْثُ يَقُولُ: أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَأَبَى بَلائِي ... وَأَخْذِي الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ وَإِعْطَائِي عَلَى الإِعْدَامِ مَالِي ... وَإِقْدَامِي عَلَى الْبَطَلِ الْمُشِيحِ وَقُولِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ ... مكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي1 وَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ فَرَوَّاهُ الشِّعْرَ، فَأَسْقَطَ عَلَيْهِ مِنْهُ بَعْدَ شَيْءٍ. قَالَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ: وَلَّى مُعَاوِيَةُ عُبَيْدَ اللَّهِ الْبَصْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ، فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ الْخِلافَةَ ضَمَّ إِلَيْهِ الْكُوفَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَلَّى مُعَاوِيَةُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ خُرَاسَانَ، وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ غَزَا عُبَيْدُ اللَّهِ خُرَاسَانَ وَقَطَعَ النَّهْرَ إِلَى بُخَارَى عَلَى الإِبِلِ، فَكَانَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ قَطَعَ النَّهْرَ، فَافْتَتَحَ رَامِينَ ونَسْفَ وَبِيكَنْدَ مِنْ عَمَلِ بُخَارَى. وَقَالَ أَبُو عَتَّابٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ أُمَّ عُبَيْدِ اللَّهِ -يَعْنِي مَرْجَانَةَ- كَانَتْ بِنْتُ بَعْضِ مُلُوكِ فَارِسٍ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ بِالْبَصْرَةِ، فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ تَلُّ مِنْ وَرَقٍ، ثَلاثَةُ آلافِ أَلْفٍ مِنْ خَرَاجِ أَصْبَهَانَ، فَقَالَ: مَا ظَنُّكَ بِرَجُلٍ يَمُوتُ وَيَدَعُ مِثْلَ هَذَا؟ فَقُلْت: فَكَيْفَ إِذَا كَانَ غُلُولٌ! قَالَ: ذَاكَ شَرٌّ عَلَى شَرٍّ. وَرَوَى السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَمَّرَهُ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ، غُلامًا، سَفِيهًا، يَسْفِكُ الدِّمَاءَ سَفْكًا شَدِيدًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الله المزني   1 الشعر والشعراء "1/ 126"، والعقد الفريد "1/ 104"، عيون الأخبار "1/ 126". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 فَقَالَ: انْتَهِ عَمَّا أَرَاكَ تَصْنَعُ، فَإِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطْمَةُ، قَالَ: مَا أَنْتَ وَذَاكَ، إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ حُثَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: وَهَلْ كَانَ فِيهِمْ حُثَالَةٌ، لا أُمَّ لَكَ، بَلْ كَانُوا أَهْلَ بُيُوتَاتٍ وَشَرَفٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَا مِنْ إِمَامٍ وَلا وَالٍ بَاتَ لَيْلَةً غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" 1. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، وَنَحْنُ نَعْرِفُ فِي وَجْهِهِ مَا قَدْ لَقِيَ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَا زِيَادٍ، مَا كُنْتَ تصنع بكلام هذا السفيه على رؤوس النَّاسِ! فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ عِنْدِي عِلْمٌ خَفِيٌّ مِنْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ لا أَمُوتَ حَتَّى أَقُولَ بِهِ عَلانِيَةَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ دَارَهُ وَسِعَتْ أَهْلَ الْمِصْرِ، حَتَّى سَمِعُوا مَقَالَتِي وَمَقَالَتَهُ، قَالَ: فَمَا لَبِثَ الشَّيْخُ أَنْ مَرِضَ، فَأَتَاهُ الْأَمِيرُ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعُودُهُ، قَالَ: أَتَعْهَدُ إِلَيْنَا شَيْئًا نَفْعَلُ فِيهِ الَّذِي تُحِبَّ؟ قَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ لا تُصَلِّيَ عَلَيَّ، وَلا تَقُومَ عَلَى قَبْرِي. قَالَ الْحَسَنُ: وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ رَجُلا جَبَانًا فَرَكِبَ، فَإِذَا النَّاسُ فِي السِّكَكِ، فَفَزِعَ وَقَالَ: مَا هَؤُلاءِ؟ قَالُوا: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، فوقف حتى مر بسريره، فقال: أما إنه لَوْ كَانَ سَأَلَنَا شَيْئًا فَأَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ لَسِرْنَا مَعَهُ. لَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ، وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَنَّ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ وَكَلَّمَهُ عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ، وَلَعَلَّهُمَا وَاقِعَتَانِ، فَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: ثنا الْحَسَنُ، أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو دَخَلَ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "شَرُّ الرِّعَاءِ الْحُطْمَةُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ" 2، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ: هَلْ هَؤُلاءِ كَانَ لَهُمْ نُخَالَةٌ! إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ. الْمُحَارِبيُّ: ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ أَحَدَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عُمَرُ إِلَى الْبَصْرَةِ لِيُفَقِّهُوهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيْنَا أَبَا زِيَادٍ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ يَنْفَعُنَا بِكَ، قَالَ: هَلْ أَنْتَ فَاعِلٌ مَا آمُرُكَ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِذَا مُتُّ لا تُصَلِّ عَلَيَّ3، وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الحديث.   1 حديث صحيح: وأخرجه البخاري "8/ 107"، ومسلم "227"، وأحمد "5/ 25". 2 انظر السابق. 3 إسناده ضعيف: فيه عنعنة ابن إسحاق، وسبق تخريجه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 وَقْد ذَكَرْنَا مَقْتَلَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. كَذَا وَرَّخَهُ أَبُو الْيَقْظَانِ. وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ أبي الطفيل قال: عزلنا سبعة رؤوس وَغَطَّيْنَاهَا، مِنْهَا رَأْسُ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَجِئْتُ فَكَشَفْتُهَا، فَإِذَا حَيَّةٌ فِي رَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ تَأْكُلُهُ. رَوَى التِّرْمِذِيُّ نحوه، وصححه مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: جِيءَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْتُ وَهُمْ يَقُولُونَ: جَاءَتْ، فَإِذَا حَيَّةٌ قد جاءت تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عُبَيْدِ اللَّهِ، فَمَكَثَتْ هُنَيْهَةً، ثَمَّ خَرَجَتْ، فَذَهَبَتْ حَتَّى تَغَيَّبَتْ ثُمَّ قَالُوا: قَدْ جَاءَتْ قَدْ جَاءَتْ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا1. 67- عَبْدُ المطلب بن ربيعة2 -م ت هـ ن- بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ بن عبد مناف. لَهُ صُحْبَةٌ وَحَدِيثٌ رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بن الحارث بن نوفل، وروى عن عَلِيٌّ حَدِيثًا. تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ، وَدَارَهُ بِزُقَاقِ الْهَاشِمِيِّينَ، وَكَانَ شَابًّا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ أَبُوهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيُوَلِّيَهُ عُمَّالَهُ3، وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ. وَفِي الْمُسْنَدِ وَالتِّرْمِذِيِّ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ، فَفَعَلَ وَسَكَنَ الشَّامَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ4. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي دَوْلَةِ يَزِيدَ. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. 68- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ5، وَأُمُّهُ لَيْلَى بِنْتُ مَسْعُودِ بْنِ خَالِدِ التَّمِيمِيِّ، أُخْتُ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ.   1 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3869" وسبق تخريجه. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 57"، وأسد الغابة "3/ 331"، والسير "3/ 112". 3 صحيح مسلم "1072". 4 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 166"، وانظر السير "3/ 113". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 117"، وتاريخ الطبري "6/ 104، 115". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 قَدِمَ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَوَصَلَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قُتِلَ مَعَهُ فِي مُحَارَبَةِ الْمُخْتَارِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ. 69- عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ1 –ع- بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْحَشْرَجِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ، أَبُو طَرِيفٍ الطائي، ويكنى أبا واهب، وَلَدُ حَاتِمٍ الْجُودِ. وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ، فَأَكْرَمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ سَيِّدُ قَوْمِهِ. لَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَمُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَخَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ طُرْفَةَ، وَهَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. قَدِمَ الشَّامَ مَعَ خَالِدٍ مِنَ الْعِرَاقِ، ثُمَّ وَجَّهَهُ خَالِدٌ بِالأَخْمَاسِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَسَكَنَ الْكُوفَةَ مَرَّةً، ثُمَّ قَرْقِيسِيَاءَ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ النَّاسَ عَنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِي لا آتِيهِ، فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْثُ بُعِثَ فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ، حَتَّى كُنْتُ فِي أَقْصَى أَرْضٍ مِمَّا يَلِي الرُّومَ، فَكَرِهْتُ مَكَانِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ، وَإنْ كَانَ صَادِقًا اتَّبَعْتُهُ فَأَقْبَلْتُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ اسْتَشْرَفَنِي النَّاسُ، وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: "يَا عَدِيُّ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ"، قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "أَلَسْتَ رُكُوسِيًّا 2 تَأْكُلُ الْمِرْبَاعَ؟ " 3؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ". فَتَضَعْضَعْتُ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا عَدِيُّ أسْلِمْ تَسْلَمْ، فَأَظُنُّ مِمَّا يَمْنَعُكَ أَنْ تُسْلِمَ خَصَاصَةٌ تَرَاهَا بِمَنْ حَوْلِي، وَأَنَّكَ تَرَى النَّاسَ عَلَيْنَا إِلْبًا وَاحِدًا، هَلْ أَتَيْتَ الْحِيرَةَ"؟ قُلْتُ: لَمْ آتِهَا وَقَدْ عَلِمْتُ مَكَانَهَا، قَالَ: "تُوشِكُ الظَّعِينَةُ أَنْ تَرْتَحِلَ مِنَ الْحِيرَةِ بِغَيْرِ جَوَارٍ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْنَا كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ"، قُلْتُ: كِسْرى بْنُ هُرْمُزَ؟! قَالَ: "كسرى بن هرمز". مرتين أو   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 22"، وأسد الغابة "3/ 392"، والإصابة "2/ 468". 2 ركوسيا: هو دين بين النصارى والصابئة. 3 المرباع: ربع الغنيمة، وكانوا يسمونه في الجاهلية: المرباع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 ثَلاثًا، "وَلَيَفِيضَنَّ الْمَالُ حَتَّى يُهِمَّ الرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ مَالَه صَدَقَةً". قَالَ عَدِيٌّ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَتَيْنِ، وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ لَتَجِيئَنَّ الثَّالِثَةَ، يَعْنِي فَيْضَ الْمَالِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وغير، إِنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: أَعْرِفُكَ، آمَنْتَ إِذَا كَفَرُوا، وَوَفَّيْتَ إِذَا غَدَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذَا أَدْبَرُوا. رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَتَى عُمَرَ يَسْأَلُهُ مِنَ الْمَالِ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ أُسَيْدٍ، عَنْ نَائِلِ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِلَى بَابِ عُثْمَانَ وَأَنَا عَلَيْهِ، فَمَنَعْتُهُ، فَلَمَّا خَرَجَ عُثْمَانُ إِلَى الظُّهْرِ عَرَضَ لَهُ، فَلَمَّا رَآهُ عُثْمَانُ رَحَّبَ بِهِ وَانْبَسَطَ لَهُ، فَقَالَ عَدِيٌّ: انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِكَ وَقَدْ عَمَّ إِذْنَكَ النَّاسَ، فَحَجَبَنِي هَذَا، فَالْتَفَتَ عُثْمَانُ إِلَيَّ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: لا تَحْجُبْهُ وَاجْعَلْهُ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ، فَلَعَمْرِي إِنَّا لَنَعْرِفُ حَقَّهُ وَفَضْلَهُ وَرَأْيَ الْخَلِيفَتَيْنِ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ، فَقَدْ جَاءَنَا بِالصَّدَقَةِ يَسُوقُهَا، وَالْبِلادُ كَأَنَّهَا شُعَلُ النَّارِ، مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ، فَحَمِدَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَا رَأَوْا مِنْهُ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حُدِّثْتُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ قَالَ: مَا دَخَلَ وَقْتُ صَلاةٍ حَتَّى أَشْتَاقَ إِلَيْهَا3. وَعَنْ عَدِيٍّ قَالَ: مَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلا وَأَنَا عَلَى وُضُوءٍ4. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَلَى طَيِّئٍ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: لا تَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ، فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ صِفِّينَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قُلْتَ: لا تَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ؟ فَقَالَ: بَلَى، وَتُفْقَأُ عُيُونٌ كَثِيرَةٌ5. وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ عَدِيًّا رَجُلا جَسِيمًا أَعْوَرَ، فَرَأَيْتُهُ يَسْجُدُ على جدار   1 السير "3/ 164". 2 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 3 خبر ضعيف: السير "3/ 164" وفيه انقطاع. 4 السير "3/ 164". 5 السابق "3/ 165". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 ارْتِفَاعُهُ مِنَ الأَرْضِ ذِرَاعٌ أَوْ نَحْوُ ذِرَاعٍ1. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: قَالُوا: وَعَاشَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ مِائَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً، فَلَمَّا أَسَنَّ اسْتَأْذَنَ قَوْمَهُ فِي وِطَاءٍ يَجْلِسُ فِيهِ فِي نَادِيهِمْ، وَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَظُنَّ أَحَدُكُمْ أَنِّي أرى أن لي فَضْلا، وَلَكِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَرَقَّ عَظْمِي2. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَحْنَظَلَةُ الْكَاتِبُ، مِنَ الْكُوفَةِ، فَنَزَلُوا قَرْقِيسِيَاءَ وَقَالُوا: لا نُقِيمُ بِبَلَدٍ يُشْتَمُ فِيهِ عُثْمَانُ3. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ عَدِيٌّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. 70- عروة بن الجعد -ع- ويقال: ابن أبي الجعد، البارقي الأسدي4 وَبَارِقٌ جَبَلٌ نَزَلَهُ قَوْمُهُ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةُ وثلاثة أَحَادِيثَ. اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ قَبْلَ شُرَيْحٍ. قَالَهُ الشَّعْبِيُّ. وروى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَلَمَازَةُ بْنُ زَبَّارٍ، وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَشَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَةً، فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ رَبِحَ فِيهِ5. وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ: رَأَيْتُ فِي دَارِ عُرْوَةَ يَعْنِي الْبَارِقِيَّ سبعين فرسًا مربوطة.   1 السير "3/ 165". 2 السابق. 3 إسناده منقطع: وأخرجه الخطيب "1/ 191" في تاريخه، وانظر السير "3/ 165". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 34"، والإصابة "3/ 476". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3642"، وأحمد "4/ 375، 376"، والحميدي "843"، والطبراني "17/ 158" في الكبير. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عُرْوَةُ مُرَابِطًا، وَلَهُ أَفْرَاسٌ، فِيهَا فَرَسٌ أَخَذَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ1. 71- عَطِيَّةُ الْقُرَظِيُّ2 -4- لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ قَلِيلَةٌ. رَوَى عنه: مجاهد، وكثير من السَّائِبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ. وَقَالَ: كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ، فَكُتِبْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ، فَتُرِكْتُ. 72- عُقْبَةُ بن الحارث3 -خ د ت ن. ابن عامر نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ أَبُو سروعة القرشي النوفلي المكي. أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعُبَيْدُ بن أبي مريم المكي، وابن أبي ملكية، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ قَاتِلُ خُبَيْبٌ. وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابن أبي ملكية. فَإِنَّ أَبَا سًرْوَعَةَ قَدِيمُ الْوَفَاةِ. حَمَّادُ بْنُ زيد: ثنا أيوب، عن ابن أبي ملكية: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ، وَحَدَّثَنِي صَاحِبٌ لِي، وَأَنَا لِحَدِيثِ صَاحِبِي أَحْفَظُ، قَالَ عُقْبَةُ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْنَا جَمِيعًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّهَا كَاذِبَةٌ، قَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ! وَقَدْ قَالَتْ مَا قَالَتْ، دعها عنك" 4.   1 الطبقات الكبرى "6/ 34". 2 انظر: الاستيعاب "3/ 146"، والإصابة "2/ 485". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 447"، والاستيعاب "3/ 107"، والإصابة "2/ 488". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "88"، "2052"، وأبو داود "3586"، والترمذي "1161"، والنسائي "6/ 109"، وأحمد "4/ 7، 8"، وبلفظه أخرجه الطبراني "17/ 353" في الكبير. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 قُلْتُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِ الشُّبُهَاتِ، وَفِيهِ الرُّجُوعِ مِنَ الْيَقِينِ إِلَى الظَّنِّ احْتِيَاطًا وَوَرَعًا، واستبراء للعرض والدين. 73- عقبة بن نافع1 بن عَبْدِ قَيْسِ بْنِ لَقِيطٍ الْقُرَشِيِّ الْفِهْرِيُّ الْأَمِيرُ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ: يُقَالُ: إِنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَلَمْ يَصِحَّ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَاخْتَطَّ بِهَا، وَوَلَّى الْمَغْرِبَ لِمُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى قَيْرَوَانَ إِفْرِيقِيَّةَ وَأَنْزَلَهَا المسلمين، قتله الْبَرْبَرُ بِهَوْذَةَ مِنْ أَرْضِ الْمَغْرِبِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَوَلَدُهُ بِمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ، وَحَكَى عَنْ مُعَاوِيَةَ، رَوَى عَنْهُ قَوْلَهُ: ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَرَّةً وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَعَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِصْرَ بَعَثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْقُرَى الَّتِي حَوْلَهَا الْخَيْلُ يَطَأَوهُمْ، فَبَعَثَ عُقْبَةُ بن نافع بن عبد قيس، وكان نافخ أَخَا الْعَاصِ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ لأُمِّهِ، فَدَخَلَتْ خُيُولُهُمْ أَرْضَ النُّوبَةِ غَزَاةً غَزْوًا كَصَوَائِفِ الرُّومِ، فَلَقِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ النُّوبَةِ قِتَالا شَدِيدًا، رَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَلَقَدْ جُرِحَ عَامَّتُهُمْ، وَانْصَرَفُوا بِحَدَقٍ مُفَقَّأَةٍ2. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمَّا وُلِّيَ مُعَاوِيَةُ وَجَّهَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ عَلَى عَشَرَةِ آلافٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَافْتَتَحَهَا وَاخْتَطَّ قَيْرَوَانَهَا، وَقَدْ كَانَ مَوْضِعُهُ غَيْضَةً لا تُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ إِلا خَرَجَ هَارِبًا بِإِذْنِ اللَّهِ، حَتَّى إِنْ كَانَتِ السِّبَاعُ وَغَيْرُهَا لَتَحْمِلُ أَوْلادَهَا، فحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَادَى عُقْبَةُ: "إِنَّا نَازِلُونَ فَأَظْعِنُوا" فَخَرَجْنَ مِنْ جُحُورِهِنَّ هَوَارِبَ3. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ إِفْرِيقِيَّةَ وَقَفَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْوَادِي إِنَّا حالون إن شاء الله، فاظعنوا، ثلاث مرات، قال: فما رأينا حجرا ولا شجرا إلا يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِهِ دَابَّةٌ، حَتَّى هَبَطْنَ بَطْنَ الْوَادِي، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْزِلُوا بِاسْمِ اللَّهِ.   1 انظر: الاستيعاب "3/ 108"، وأسد الغابة "4/ 59"، والبداية "8/ 217". 2 خبر ضعيف: فيه الواقدي من الضعفاء. وانظر السير "3/ 533". 3 خبر ضعيف: السابق "3/ 533". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 وَعَنْ مُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، وَغَيْرِهِ قَالُوا: كَانَ عُقْبَةُ بْنِ نَافِعٍ مُجَابُ الدَّعْوَةِ1. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: قَدِمَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ عَلَى يَزِيدَ، فَرَدَّهُ وَالِيًا عَلَى إِفْرِيقِيَّةِ سَنَةَ اثنين وَسِتِّينَ، فَخَرَجَ سَرِيعًا لِحِينِهِ عَلَى أَبِي الْمُهَاجِرِ دِينَارٍ -هُوَ مَوْلَى مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ- فَأَوْثَقَ أَبَا الْمُهَاجِرِ فِي الحديد، ثُمَّ غَزَا إِلَى السُّوسِ الأَدْنَى، وَأَبُو الْمُهَاجِرِ مَعَهُ مُقَيَّدٌ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ سَبَقَهُ أَكْثَرُ الْجَيْشِ، فَعَرَضَ لَهُ كُسَيْلَةُ فِي جَمْعٍ مِنَ الْبَرْبَرِ وَالرُّومِ، فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ عُقْبَةُ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو الْمُهَاجِرِ2. 74- عَلْقَمَةُ بْنُ قيس3 -ع- بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، أَبُو شِبْلٍ النَّخَعِيُّ الكوفي، الْفَقِيهُ الْمَشْهُورُ، خَالُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَشَيْخُهُ، وَعَمُّ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ. أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَسَمِعَ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا الدَّرْدَاءِ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا مُوسَى، وَحُذَيْفَةَ، وَتَفَقَّهَ بِابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ النّخَعِيُّ، وَهَنِيُّ بْنُ نُوَيْرَةَ، وَأَبُو الضُّحَى مُسْلِمٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ أَخُو الأَسْوَدِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ، وَأَبُو ظَبْيَانَ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ نَضْلَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ فَقِيهًا إِمَامًا مُقْرِئًا، طَيِّبَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، ثَبَتًا حُجَّةً، وَكَانَ أَعْرَجَ، دَخَلَ دِمَشْقَ وَاجْتَمَعَ بِأَبِي الدَّرْدَاءِ بِالْجَامِعِ، وَكَانَ الأَسْوَدُ أَكْبَرَ مِنْهُ، فَإِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ قَالَ: قَالَ الأْسَوَدُ: إِنِّي لَأذْكُرُ لَيْلَةَ بُنِيَ بِأُمِّ عَلْقَمَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَنَّى عَلْقَمَةَ أَبَا شِبْلٍ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ عَقِيمًا لا يُولَدُ لَهُ، وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ سَنَتَيْنِ. وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّ الأسود وعلمقة كانا يسافران مع أبي بكر وعمر.   1 السابق. 2 السابق. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 86"، السير "4/ 53"، الإصابة "3/ 110". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ يشبه بعبد الله ين مَسْعُودٍ فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ1. وَقَالَ الأَعْمَشُ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِنَا إلى أَشْبَهِ النَّاسِ هَدْيًا وَدَلًا وَأَمْرًا بِعَبْدِ اللَّهِ، فَقُمْنَا مَعَهُ لَمْ نَدْرِ مَنْ هُوَ، حَتَّى دَخَلَ بِنَا عَلَى عَلْقَمَةَ2. وَقَالَ دَاوُدُ الأَوْدِيُّ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ أبْطَنَ الْقَوْمِ بِهِ، وَكَانَ مَسْرُوقٌ قَدْ خَلَطَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أَسَدَّهُمِ اجْتِهَادًا، وَكَانَ عَبِيدَةَ يُوَازِي شُرَيْحًا فِي الْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ3. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ الذين يقرأون وَيُفْتُونَ: عَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَعَبِيدَةُ، وَالْحَارِثُ بْنُ قيس، وعمرو بْنُ شُرَحْبِيلَ. وَقَالَ مُرَّةُ بْنُ شَرَاحِيلَ: كَانَ عَلْقَمَةُ مِنَ الرَّبَّانِيِّينَ. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلا وَعَلْقَمَةُ يَقْرَأُ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ، أيهما أفضل؟ فقال: كان علقمة من البطيء وَيُدْرِكُ السَّرِيعَ. وَقَالَ أَبُو قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ: قُلْتُ لِأَبِي: كَيْفَ تَأْتِي عَلْقَمَةَ، وَتَدَعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: يَا بَنِي إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ كَانُوا يَسْأَلُونَهُ4. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي خمس، والأسود في ست، وعبد الرحمن ين يَزِيدَ فِي سَبْعٍ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنْ كَانَ أهل بين خُلِقُوا لِلْجَنَّةِ فَهُمْ أَهْلُ هَذَا الْبَيْتِ: عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قُلْنَا لِعَلْقَمَةَ: لَوْ صَلَّيْتَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَنَجْلِسُ مَعَكَ فَتُسْأَلُ، قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُقَالُ هَذَا   1 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "6/ 86". 2 خبر حسن: وأخرجه ابن سعد "6/ 86"، وأبو نعيم "2/ 98" في الحلية. 3 خبر حسن. 4 الحلية "2/ 98". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 عَلْقَمَةُ، قَالُوا: لَوْ دَخَلْتَ عَلَى الأُمَرَاءِ فَعَرَفُوا لَكَ شَرَفَكَ، قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَنْتَقِصُوا مِنِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَنْتَقِصُ مِنْهُمْ1. وَقَالَ عَلْقَمَةُ لِأَبِي وَائِلٍ وَقَدْ دَخَلَ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ مِنْ دُنْيَاهُمْ شَيْئًا إلا أَصَابُوا مِنْ دِينِكَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، مَا أَحَبَّ أَنَّ لِي مَعَ ألْفَيَّ أَلْفَيْنِ، وَإِنِّي مِنْ أَكْرَمِ الْجُنْدِ عَلَيْهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ أَبَا بُرْدَةَ كَتَبَ عَلْقَمَةَ فِي الْوَفْدِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: امْحُنِي امْحُنِي. وَقَالَ عَلْقَمَةُ: مَا حَفِظْتُ وَأَنا شَابٌّ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ. قَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ عَلْقَمَةُ فِي خلافة يزيد. وقال أبو النعيم: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وغيره: توفي سنة اثتنين وسبعين، وهو غلط. 75- عمر بن سعد2 –ن. ابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ، أَبُو حَفْصٍ المدني نزيل الكوفة. روى عنه: أَبِيهِ. وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَابْنُ ابْنِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَرْسَلَ عَنْهُ قَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَلِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ جَمَاعَةٌ إِخْوَةٌ: عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ، أَحَدُ مِنْ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ. وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ أَيْضًا يَوْمَ الْحَرَّةِ. وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَامِرُ بْنُ سَعْدٍ: مَاتَا بَعْدَ الْمِائَةِ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: وَلَهُ رِوَايَةٌ. وَإِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى: ذكر تراجمهم ابن سعد.   1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد "6/ 88" فيه عنعنة الأعمش، وهو من المدلسين. 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 168"، والجرح والتعديل "6/ 111"، والبداية "8/ 273". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 وقد مر أنه قَاتَلَ الْحُسَيْنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَشَهِدَ دُومَةَ الْجَنْدَلِ مَعَ أَبِيهِ. وَقَالَ بُكَيْرِ بْنُ مِسْمَارٍ: سمعت عامر بن يَقُولُ: كَانَ سَعْدُ فِي إبِلِهِ أَوْ غَنَمِهِ، فَأَتَاهُ ابْنُهُ عُمَرُ، فَلَمَّا لاحَ قَالَ: أَعُوذُ بالله من شر هذا الراكب، فلما اتنهى إِلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَتِ أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ أَعْرَابِيًّا فِي إِبلِكَ وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ! فَضَرَبَ صَدْرَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْخَفِيَّ الْغَنِيَّ" 1. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ سَالِمٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لِلْحُسَيْنِ: إِنَّ قَوْمًا مِنَ السُّفَهَاءِ يَزْعُمُونَ إِنِّي قَاتِلُكَ، قَالَ: لَيْسُوا بِسُفَهَاءَ وَلَكِنَّهُمْ حُلَمَاءُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَقَرُّ عَيْنِي أَنَّكَ لا تَأْكُلُ بُرَّ الْعِرَاقِ بَعْدِي إِلا قَلِيلا2. وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا قُمْتَ مَقَامًا تُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَتَخْتَارُ النَّارَ. وَيُرْوَى عن عقبة بن سمعان قال: كان اللَّهِ قَدْ جَهَّزَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ لِقِتَالِ الدَّيْلَمِ، وَكَتَبَ لَهُ عَهْدَهُ عَلَى الرَّيِّ، فَلَمَّا أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ طَالِبًا لِلْكُوفَةِ دَعَا عُبَيْدُ اللَّهِ عُمَرًا وَقَالَ: سِرْ إِلَى الْحُسَيْنِ، قَالَ: إِنْ تُعْفِينِي، قَالَ: فَرُدَّ إِلَيْنَا عَهْدَنَا، قَالَ: فَأَمْهِلْنِي الْيَوْمَ أَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَانْصَرَفَ يَسْتَشِيرُ أَصْحَابَهُ، فَنَهَوْهُ3. وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ -وَلَيْسَ بِثِقَةٍ لَكِنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ بِالأَخْبَارِ: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، وَالصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ أَنَّهُمَا الْتَقَيَا مِرَارًا -الْحُسَيْنَ، وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ- قَالَ: فَكَتَبَ عُمَرُ إلى عبيد الله: أما بعد، فإن بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَطْفَأَ الثَّائِرَةَ، وَجَمَعَ الْكَلِمَةَ، وَأَصْلَحَ أَمْرَ الأُمَّةِ، فَهَذَا حُسَيْنٌ قَدْ أَعْطَانِي أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ أَتَى، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَضَعُ يَدَهُ فِي يَدِهِ، أَوْ أَنْ يَسِيرَ إِلَى ثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَيَكُونُ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَهُ مَا لَهْمُ وَعَلَيْهِ، وَفِي هَذَا لَكُمْ رِضًا، وَلِلأُمَّةِ صَلاحٌ. فَلَمَّا قَرَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْكِتَابَ قَالَ: هَذَا كِتَابُ نَاصِحٌ لِأَمِيرِهِ، مُشْفِقٌ عَلَى قَوْمِهِ، نَعَمْ قَدْ قَبِلْتُ، فَقَامَ إِلَيْهِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ فَقَالَ: أَتَقْبَلُ هَذَا منه وقد نزل بأرضك وإلى   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2965". 2 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. 3 تاريخ الطبري "5/ 409". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 جَنْبِكَ: وَاللَّهِ لَئِنْ خَرَجَ مِنْ بِلادِكَ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ فِي يَدِكَ لَيَكُونَنَّ أَوْلَى بِالْقُوَّةِ وَالْعِزِّ، وَلْتَكُونَنَّ أَوْلَى بِالضَّعْفِ وَالْعَجْزِ، فَلا تُعْطِهِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ فَإِنَّهَا مِنَ الْوَهَنِ، وَلَكِنْ لِيَنْزِلْ عَلَى حُكْمِكَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَإِنْ عَاقَبْتَ فَأَنْتَ وَلِيَّ الْعُقُوبَةِ، وَإِنْ غَفَرْتَ كَانَ ذَلِكَ لَكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ حُسَيْنًا وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ يَجْلِسَانِ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَيَتَحَدَّثَانِ عَامَّةَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ: نِعْمَ مَا رَأَيْتُ الرَّأْيَ رَأْيَكَ1. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ": ثنا مُوسَى بْنُ إسماعيل، ثنا سليمان بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ طُعِنَ فِي سُرَادِقِ الْحُسَيْنِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، فَرَأَيْتُ عُمَرَ وَوَلَدَيْهِ قَدْ ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، ثُمَّ عُلِّقُوا عَلَى الْخَشَبِ، ثُمَّ أُلْهِبَ فِيهِمُ النَّارُ2. وَعَنْ أَبِي جَعْفَرِ الْبَاقِرِ: إِنَّمَا أَعْطَاهُ الْمُخْتَارُ أَمَانًا بِشَرْطِ أَلا يُحْدِثُ -وَنَوَى بِالْحَدَثِ دُخُولَ الْخَلاءِ- ثُمَّ قَتَلَهُ3. وَقَالَ عِمْرَانُ بْنِ مِيثَمٍ: أَرْسَلَ الْمُخْتَارُ إِلَى دَارِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مَنْ قَتَلَهُ وَجَاءَهُ بِرَأْسِهِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَّنَهُ، فَقَالَ ابْنُهُ حَفْصٌ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ فَقَالَ الْمُخْتَارُ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، ثُمَّ قَالَ: عُمَرُ بِالْحُسَيْنِ، وَحَفْصُ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَلا سَوَاءٌ4. قُلْتُ: هَذَا عَلِيٌّ الأَكْبَرُ لَيْسَ هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَسَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ قُتِلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى فِرَاشِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَنَةَ سَبْعٍ. 76- عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْد المطلب5 –ع-، وَهَذَا عُمَرُ الأَكْبَرُ قُتِلَ مَعَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عَلِيٌّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو زرعة عمرو بن جابر   1 خبر ضعيف جدًّا: انظر تاريخ الطبري "5/ 414". 2 خبر صحيح. 3 البداية والنهاية "8/ 273". 4 السابق. 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 117"، والجرح والتعديل "6/ 124"، والسير "4/ 134". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 الْحَضْرَمِيُّ، وَلابْنِهِ مُحَمَّدٍ حَدِيثٌ عَنْهُ فِي السُّنَنِ. قُتِلَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ سَنَةَ سَبْعٍ. 77- عَمْرُو بن الحارث -ع- بن أبي ضرار الخزاعي1 المصطلقي، أَخُو أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ جُوَيْرِيَةَ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَرَوَى أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَوْجَتِهِ زَيْنَبَ. رَوَى عَنْهُ: مَوْلاهُ دِينَارٌ، وَأَبُو وائل، وأبو عبيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَهُوَ صِهْرُ ابْنِ مَسْعُودٍ. 78- عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ2 بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ، وأمه أُمُّ خَلِدِ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيَّةِ. سَمِعَ: أَبَاهُ وَأَخَاهُ، وَلا نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً، وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ خُصُومَةٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ الْمُطَرِّفَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَمَّا اسْتَشْرَفُوا جَمَالَهُ قَالُوا: هَذَا حَسَنٌ مُطْرَّفٌ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ مُنْقَطِعَ الْجَمَالِ، وَكَانَ يُقَالُ: مَنْ يُكَلِّمُ عَمْرَو بن الزبير يندم، كان شديد المعارضة، مَنِيعَ الْحَوْزَةِ، وَكَانَ يَجْلِسُ بِالْبِلادِ وَيَطْرَحُ عَصَاهُ، فَلا يَتَخَطَّاهَا أَحَدٌ إِلا بِإِذْنِهِ، وَكَانَ قَدِ اتَّخَذَ مِنَ الرَّقِيقِ مِائَتَيْنِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بكر، وحدثني شرحبيل بن أبي عون، عن أَبِيهِ، وَابْنِ أَبِي الزِّنَادِ قَالُوا: كَتَبَ يَزِيدُ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ جُنْدًا، فَسَأَلَ: مَنْ أعَدْى النَّاسِ لَهُ، فَقِيلَ: عَمْرُو أَخُوهُ، فَوَلاهُ شُرْطَةَ الْمَدِينَةِ، فَضَرَبَ نَاسًا مِنْ قُرْيَشٍ وَالأَنْصَارِ بِالسِّيَاطِ وَقَالَ: هَؤُلاءِ شِيعَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ فِي أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى قتال أخيه عبد الله، فنزل بذي   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 196"، وأسد الغابة "4/ 96"، والإصابة "2/ 530". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 185"، وتاريخ الطبري "4/ 460". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 طُوَى، فَأَتَاهُ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: جِئْتُ لِأَنْ يُعْطِيَ أَخِي الطَّاعَةَ لِيَزِيدَ وَيَبَرَّ قَسَمَهُ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلْتُهُ، فَقَالَ لَهُ جُبَيْرُ بْنُ شَيْبَةَ: كَانَ غَيْرُكَ أَوْلَى بِهَذَا مِنْكَ، تَسِيرُ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ وَأَمْنِهِ، وَإِلَى أَخِيكَ فِي سِنِّهِ وَفَضْلِهِ، تَجْعَلُهُ فِي جَامِعَةٍ! مَا أَرَى النَّاسَ يَدْعُونَكَ وَمَا تُرِيدُ، قَالَ: إِنِّي أُقَاتِلُ مَنْ حَالَ دُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَنَزَلَ دَارَهُ عِنْدَ الصَّفَا، وَجَعَلَ يُرْسِلُ إِلَى أَخِيهِ، وَيُرْسِلُ إِلَيْهِ أَخُوهُ، وَكَانَ عَمْرُو يَخْرُجُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَعَسْكَرَهُ بِذِي طُوَى، وَابْنُ الزُّبَيْرِ أَخُوهُ مَعَهُ يُشَبِّكُ أَصَابِعَهُ وَيُكَلِّمُهُ فِي الطَّاعَةِ، وَيَلِينُ لَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ، إِنِّي لَسَامِعٌ مُطِيعٌ، أَنْتَ عَامِلُ يَزِيدَ، وَأَنَا أُصَلِّي خَلْفَكَ مَا عِنْدِي خِلَافٌ، فَأَمَّا أَنْ تَجْعَلَ فِي عُنُقِي جَامِعَةً، ثُمَّ أُقَادُ إِلَى الشَّامِ، فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي ذَلِكَ، فَرَأَيْتُ لا يَحِلُّ لِي أَنْ أَحُلَّهُ بِنَفْسِي، فَرَاجِعْ صَاحِبَكَ وَاكْتُبْ إِلَيْهِ، قَالَ: لا وَاللَّهِ، مَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَهَيَّأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ قَوْمًا وَعَقَدَ لَهُمْ لِوَاءً، وَأَخَذَ بِهِمْ من أسفل مكة، فلم يشعر أنيس الأسلمي إلا بالقوم وهم على عسكر عمر، قالتقوا، فَقُتِلَ أُنَيْسٌ، وَرَكِبَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي طَائِفَةٍ إِلَى عَمْرِو، فَلَقَوْهُ، فانهزم أصحابه والعسكر أيضًا، وجاء عبيد بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَخِي أَنَا أُجِيرُكَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَاءَ بِهِ أَسِيرًا وَالدَّمُ يَقْطُرُ عَلَى قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ أَجَرْتُهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا حَقِّي فَنَعَمْ، وَأمَّا حَقُّ النَّاسِ فَلأَقْتَصَّنَّ مِنْهُ لِمَنْ آذَاهُ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَ: مَنْ كَانَ يَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ فَلْيَأْتِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي فَيَقُولُ: قَدْ نَتَفَ شُفَارِيَ، فَيَقُولُ: قم فانتف أشفاره، وجعل الرجل يقول: قَدْ نَتَفَ لِحْيَتِي، فَيَقُولُ: انْتِفْ لِحْيَتَهُ، فَكَانَ يُقِيمُهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَدْعُو النَّاسَ لِلْقَصَاصِ مِنْهُ، فَقَامَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: قَدْ جَلَدَنِي مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَأَمَرَهُ فَضَرَبَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَمَاتَ، وَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَصُلِبَ. رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَقَالَ: بَلْ صَحَّ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبُ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنَ السِّجْنِ، فَرآهُ جَالِسًا بِفِنَاءِ مَنْزِلِهِ فَقَالَ: أَلا أَرَاهُ حَيًّا، فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ إِلَى السِّجْنِ، فَلَمْ يَبْلُغْهُ حَتَّى مَاتَ، فَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَطُرِحَ فِي شِعْبِ الْخَيْفِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ عبد الله بعد1. 79- عمرو بن شرحبيل2 –ع سوى ق. أبو ميسرة الهمداني الكوفي.   1 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "5/ 185، 186" في الطبقات، وفيه الواقدي. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 106"، والحلية "4/ 41"، والسير "4/ 135". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ سَيِّدًا صَالِحًا عَابِدًا، إِذَا جَاءَهُ عَطَاءٌ تَصَدَّقَ بِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ هَمْدَانيًا أَحَبَّ إِليَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلاخِهِ، مِنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ1. شَريِكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: مَا اشْتَمَلَتْ هَمْدَانِيَّةُ عَلَى مِثْلِ أَبِي مَيْسَرَةَ، قِيلَ: وَلا مَسْرُوقَ؟ فَقَالَ: وَلا مَسْرُوقَ2. أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، وَقِيلَ لَهُ: مَا يَحْبِسُكَ عِنْدَ الإِقَامَةِ؟ قَالَ: إِنِّي أُوتِرُ، وَلَمَّا احْتُضِرَ أَوْصَى أَنْ لا يُؤْذَنَ بِجِنَازَتِهِ أَحَدٌ، وَكَذَلِكَ أَوْصَى عَلْقَمَةَ3. إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ فِي جِنَازَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ آخِذًا بِقَائِمَةِ السَّرِيرِ حَتَّى أُخْرِجَ، ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ أَبَا مَيْسَرَةَ4. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي وِلَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ بالكوفة. 80- عمرو بن عبسة5 –م 4- ابْنِ عَامِرِ بْنِ خَالِدٍ، أَبُو نَجِيحٍ السُّلَمِيُّ، نزيل حِمْصَ، وَأَخُو أَبِي ذَرٍّ لأُمِّهِ، قدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، فَكَانَ رَابِعَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرَجَعَ ثُمَّ هَاجَرَ فِيمَا بَعْدُ إِلَى الْمَدِينَةِ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَشَدَّادٌ أَبُو عُمَارَةَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَمَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وضمرة بن حبيب، وأبو إدريس الخوني، وَخَلْقٌ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَسْعُودٍ -مَعَ جَلالَتِهِ- وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 106" في طبقاته. 2 خبر حسن: وأخرجه ابن سعد "6/ 106". 3 إسناده ضعيف: فيه عنعنة أبي إسحاق. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 109". 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 214"، والاستيعاب "2/ 498"، وأسد الغابة "4/ 130"س. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 ولا علم هَلْ مَاتَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ أَوْ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ، وَكَانَ أَحَدُ الأُمَرَاءِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي سَلامٍ الدِّمَشْقِيِّ، وعمرو بن عبد الله، سمعنا أَبَا أُمَامَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، رَأَيْتُ أَنَّهَا آلِهَةٌ بِاطِلَةٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ1. 81- عمرو بن سعيد2 –م ت ن ق. ابْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأموي، أبو أمية المعروف بالأشدق. وَلِيَ الْمَدِينَةَ لِيَزِيدَ، ثُمَّ سَكَنَ دِمَشْقَ، وَكَانَ أَحَدَ الأَشْرَافِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَدْ رَامَ الْخِلافَةَ، وَغَلَبَ عَلَى دِمَشْقَ، وَادَّعَى أَنَّ مَرْوَانَ جَعَلَهُ وَلِيَّ الْعَهْدِ بَعْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ. حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ مُوسَى، وَأُمَيَّةُ، وَسَعِيدٌ، وَخُثَيْمُ بْنُ مَرْوَانَ. وَكَانَ زَوْجَ أُخْتِ مَرْوَانَ أُمِّ الْبَنِينِ شَقِيقَةِ مَرْوَانَ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جَمَعَ بَنِيهِ فَقَالَ: أيُّكُمُ يَكْفُلُ دَيْنِي؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: مَا لَكُمْ لا تُكَلِّمُونِ؟ فَقَالَ عَمْرُو الْأَشْدَقُ، وَكَانَ عَظِيمَ الشِّدْقَيْنِ: وَكَمْ دَيْنُكَ يَا أَبَتِ؟ قَالَ: ثَلاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، قَالَ: فِيمَ اسْتَدَنْتَهَا؟ قَالَ: فِي كَرِيمٍ سَدَدْتُ فَاقَتَهُ3 وَلَئِيمٍ فَدَيْتُ عِرْضِي مِنْهُ، فَقَالَ: هِيَ عَلَيَّ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُئِلَ عَنْ خُطَبَاءِ قُرْيَشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: الأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَسُئِلَ عَنْ خُطَبَائِهِمْ فِي الإِسْلامِ فَقَالَ: مُعَاوِيَةُ، وَابْنُهُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، وَابْنُهُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَيُرْعَفَنَّ عَلَى مِنْبَرِي جَبَّارٌ مِنْ جبابرة   1 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 217" في طبقاته. 2 انظر: الاستيعاب "1177"، والبداية "8/ 310"، والإصابة "3/ 170". 3 الفاقة: الحاجة أو الشدة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 بَنِي أُمَيَّةَ"1. قَالَ عَلِيٌّ: فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ رَعِفَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ وَلاهُ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ وَلاهُ يَزِيدُ، فَبَعَثَ عَمْرُو بَعْثًا لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ عَمْرُو يَدَّعِي أَنَّ مَرْوَانَ جَعَلَ إِلَيْهِ الأَمْرَ بَعْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ نَقَضَ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، فَلَمَّا شَخَصَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى حَرْبِ مُصْعَبٍ إِلَى الْعِرَاقِ، خَالَفَ عَلَيْهِ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ، وَغَلَّقَ أَبْوَابَ دِمَشْقَ، فَرَجَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَحَاطَ بِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ أَمَانًا، ثُمَّ غَدَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَعَيْنَيَّ جُودِي بِالدُّمُوعِ عَلَى عَمْرِو ... عَشِيَّةَ تُبْتَزُّ الْخِلافَةُ بِالْغَدْرِ؟ كَأَنَّ بَنِي مَرْوَانَ إِذْ يَقْتُلُونَهُ ... بِغَاثٍ من الطير اجتمعن على صقر غدرتم بعمرو يَا بَنِي خَيْطِ بَاطِلٍ ... وَأَنْتُمْ ذَوُو قُرَبَائِهِ وَذَوُو صِهْرِ فَرُحْنَا وَرَاحَ الشَّامِتُونَ عَشِيَّةً ... كَأَنَّ عَلَى أَكْتَافِنَا فِلَقُ الصَّخْرِ لَحَا اللَّهُ دُنْيَا يَدْخُلُ النَّارَ أَهْلُهَا ... وَتَهْتِكُ مَا دُونَ الْمَحَارِمِ مِنْ سِتْرِ وَكَانَ مَرْوَانَ يُلَقَّبُ بِخَيْطِ بَاطِلٍ. وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا سَارَ يَؤُمُّ الْعِرَاقَ، جَلَسَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، فَتَذَاكَرَا مِنْ أَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَسِيرِهِمَا مَعَهُ عَلَى خَدِيعَةٍ مِنْهُ لَهُمَا، فَرَجَعَ عَمْرُو إِلَى دِمَشْقَ فَدَخَلَهَا وَسُورُهَا وَثِيقٌ، فَدَعَا أَهْلَهَا إِلَى نَفْسِهِ، فَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ، وَفَقَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَرَجَعَ بِالنَّاسِ إِلَى دِمَشْقَ، فَنَازَلَهَا سِتَّ عَشْرَةَ لَيْلةً حَتَّى فَتَحَهَا عَمْرُو لَهُ وَبَايَعَهُ، فَصَفَحَ عَنْهُ عَبْدُ الْمَلِكِ؛ ثُمَّ أَجْمَعَ عَلَى قَتْلِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَوْمًا يَدْعُوهُ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا رِسَالَةُ شَرٍّ، فَزَلَفَ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَهُ، لَبِسَ دِرْعًا مُتَكَفِّرًا بِهَا، ثُمَّ دَخَلَ إِلَيْهِ، فَتَحَدَّثَا سَاعَةً، وَقَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَى يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، مَا هَذِهِ الْغَوَائِلُ وَالزُّبَى الَّتِي تُحْفَرُ لَنَا! ثُمَّ ذَكَّرَهُ مَا كَانَ مِنْهُ، وَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، وَلَمْ يُقْدِمْ عَلَيْهِ يَحْيَى، فَشَتَمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ أَقْدَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ2. قَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ سَبْعِينَ خَلَعَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ عَبْدَ الْمَلِكِ، وأخرج عامله عبد   1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 522" وفيه ابن جدعان من الضعفاء. 2 الطبقات الكبرى "5/ 238". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ عَنْ دِمَشْقَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَلَى أَنَّ لِعَمْرٍو مَعَ كُلِّ عَامِلٍ عَامِلًا، وَفَتَحَ دِمَشْقَ، وَدَخَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ غَدَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، فَحَدَّثَنِي أَبُو الْيَقْظَانِ قَالَ: قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، لَوْ أعْلَمْ أَنَّكَ تَبْقَى وَتُصْلِحُ قَرَابَتِي لَفَدَيْتُكَ وَلَوْ بِدَمِ النَّوَاظِرِ، وَلَكِنَّهُ قَلَّمَا اجْتَمَعَ فَحَلانِ فِي إِبِلٍ إِلا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: قُتِلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 82- عَمْرُو الْبِكَالِيُّ أَبُو عُثْمَانَ1، صَحَابِيٌّ، شَهِدَ الْيَرْمُوكَ. وَرَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: مَعْدَانُ بْنُ أبي طلحة، وأبو تميمة الهجيمي طريف، وأسماء الرَّحَبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّ النَّاسَ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ، رَوَى الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَإِذَا بِهِمْ يَطُوفُونَ بِرَجُلٍ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا أَفْقَهُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا عَمْرُو الْبِكَالِيُّ، وَرَأَيْتُ أَصَابِعَهُ مَقْطُوعَةً، فَقِيلَ: قُطِعَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ2. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: قَدِمَ عَمْرُو الْبِكَالِيُّ مِصْرَ مَعَ مَرْوَانَ، فَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرَةَ. وَقِيلَ: هُوَ أَخُو نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ تَابِعِيٌّ ثقة. "حرف القاف": 83- قباث بن أشيم3 –ت. الليثي، صَحَابِيٌّ، شَهِدَ الْيَرْمُوكَ أَمِيرًا، وَطَالَ عُمْرُهُ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، وَأَبُو الْحُوَيْرِثِ.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 421"، وأسد الغابة "4/ 89"، والإصابة "3/ 23، 24". 2 خبر حسن: وأخرجه ابن عبد البر "2/ 533، 534" في الاستيعاب. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 411"، والاستيعاب "3/ 168"، والإصابة "3/ 221". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا مُشْرِكًا، وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْضَ الْمَشَاهِدِ، وَكَانَ عَلَى مُجَنَّبَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. وَقَالَ دُحَيْمٌ مَاتَ بِالشَّامِ، وَأَدْرَكَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، فَسَأَلَهُ عَنْ سِنِّهِ، فَقَالَ: أَنَا أَسَنُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ لِقُبَاثِ بْنِ أشْيَمَ اللَّيْثِيِّ: يَا قُبَاثُ، أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْبَرُ، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ، وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ1 الْفِيلِ وَوَقَفَتْ بِي أُمِّي عَلَى رَوْثِ الْفِيلِ مجيلًا أَعْقِلُهُ. اسْمُ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنْ قُبَاثٍ قَالَ: انْهَزَمْتُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي، لَمْ يُرَ مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ قَطُّ، فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَسْتَأْمِنَهُ قَالَ: قُلْتُ: لَمْ أَرَ مِثْلَ أَمْرِ اللَّهِ قَطُّ فَرَّ مِنْهُ إِلا النِّسَاءَ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَرَمْرَمَتْ بِهِ شَفَتَايَ، وَمَا كَانَ إِلا شَيْءٌ عَرَضَ لِي فِي نَفْسِي2. 84- قبيصة بن جابر3 –ن- بن وَهْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، أَبُو الْعَلاءِ، مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَالْعُرْيَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ. وَشَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ، وَكَانَ أَخَا مُعَاوِيَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَقَدْ وَفَدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَاتِبَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْكُوفَةَ، وَكَانَ يُعَدُّ مِنَ الْفُصَحَاءِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيثُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قبيصة قال:   1 سبق تخريجه. 2 إسناده منقطع. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 145"، وأسد الغابة "4/ 191"، والجرح والتعديل "7/ 125". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 أَلا أُخْبِرُكُمْ عَمَّنْ صَحِبْتُ؟ صَحِبْتُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْهُ، وَلا أَحْسَنَ مُدَارَسَةً مِنْهُ، وصحبت طلحة بن عبيد الله، فما رأيت أَحَدًا أَعْطَى لِجَزِيلٍ مِنْهُ عَنْ غَيْرِ مُسَأَلَةٍ، وَصَحِبْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْصَعَ ظَرْفًا مِنْهُ، وَصَحِبْتُ مُعَاوِيَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ حُلْمًا وَلا أَبْعَدَ أَنَاةً مِنْهُ، وَصَحِبْتُ زِيَادًا، فَمَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ جَلِيسًا مِنْهُ، وَصَحِبْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَلَوْ أَنَّ مَدِينَةً لَهَا أَبْوَابٌ لا يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْهَا إِلا بِالْمَكْرِ لَخَرَجَ مِنْ أَبْوَابِهَا كُلِّهَا1. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ قَبِيصَةُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 85- قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ2. أَبُو يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ الشاعر الْمَشْهُورُ، مِنْ بَادِيَةِ الْحِجَازِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يشبب بأم معمر لبني بنت الحباب الكعبي، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ أَخَا الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عِيسَى الْجَعْفَرِيُّ: أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ أَبِي جَهْمَةَ اللَّيْثِيُّ، وَكَانَ مُسِنًّا، قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ رَجُلا مَنًّا، وَكَانَ ظَرِيفًا شَاعِرًا، وَكَانَ يَكُونُ بِقُدَيِدٍ بِسَرِفَ وَبِوَادِي مَكَّةَ، وَخَطَبَ لُبْنَى مِنْ خُزَاعَةَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي كَعْبٍ فَتَزَوَّجَهَا وَأُعْجِبَ بِهَا، وَبَلَغَتْ عِنْدَهُ الْغَايَةَ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ أُمِّهِ وَبَيْنَهَا فَأَبْغَضَتْهَا، وَنَاشَدَتْ قَيْسًا فِي طَلاقِهَا، فَأَبَى، فَكَلَّمَتْ أَبَاهُ، فأمر بِطَلاقِهَا، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: لا جَمَعَنِي وَإيِّاكَ سَقْفٌ أَبَدًا حَتَّى تُطَلِّقَهَا، ثُمَّ خَرَجَ فِي يَوْمٍ قَيْظٍ فقَالَ: لا أَسْتَظِلُّ حَتَّى تُطَلِّقَهَا، فَطَلَّقَهَا وَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ آخِرُ عَهْدِكَ بِي، ثُمَّ إِنَّه اشْتَدَّ عَلَيْهِ فِرَاقُهَا وَجَهِدَ وَضَمُرَ، وَلَمَّا طَلَّقَهَا أَتَاهَا رِجَالُهَا يَتَحَمَّلُونَهَا، فَسَأَلَ: مَتَى هُمْ رَاحِلُونَ؟ قَالُوا: غَدًا نَمْضِي، فَقَالَ: وَقَالُوا غَدًا أَوْ بَعْدَ ذَاكَ ثَلاثَةٌ ... فِرَاقُ حَبِيبٍ لَمْ يَبِنْ وَهُوَ بَائِنُ فَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي ... بِكَفِّي إِلا أَنَّ مَا حَانَ حَائِنُ ثُمَّ جَعَلَ يَأْتِي مَنْزِلَهَا وَيَبْكِي، فَلامُوهُ، فَقَالَ: كَيْفَ السُّلُوُّ وَلا أَزَالُ أَرَى لها ... ربعًا كحاشية اليماني المخلق   1 خبرٌ حسنٌ: تهذيب تاريخ دمشق "5/ 413"، والبداية "8/ 135". 2 الأغاني "9/ 181". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 ربعًا لواضحة الجبين به فِي عِزَّةٍ ... كَالشَّمْسِ إِذ طَلَعَتْ رَخِيمَ الْمَنْطِقِ قَدْ كُنْتُ أَعْهَدُهَا بِهِ فِي عِزَّةٍ ... وَالْعَيْشُ صَافٍ وَالْعِدَى لَمْ تَنْطِقِ حَتَّى إِذَا هَتَفُوا وَأذَّنَ فِيهِمُ ... دَاعِي الشَّتَاتِ بِرِحْلَةٍ وَتَفَرُّقِ خَلَتِ الدِّيَارُ فَزُرْتُهَا فَكَأَنَّنِي ... ذُو حَيَّةٍ مِنْ سِمِّهَا لَمْ يَفْرُقِ1 وَهُوَ الْقَائِلُ: وَكُلُّ مُلِمَّاتِ الزَّمَانِ وَجَدْتُهَا ... سِوَى فُرْقَةِ الأَحْبَابِ هَيِّنَةَ الْخَطْبِ وَمِنْ شعره: ولو أنني أسطيع صَبْرًا وَسُلْوةً ... تَنَاسَيَتُ لُبْنَى غَيْرَ مَا مُضْمِرٍ حِقْدَا وَلَكِنَّ قَلْبِي قَدْ تَقَسَّمَهُ الْهَوَى ... شَتَاتًا فَمَا أَلْفَى صَبُورًا وَلا جَلَدًا سَلِ اللَّيْلَ عَنِّي كَيْفَ أَرْعَى نُجُومَهُ ... وَكَيْفَ أُقَاسِي الْهَمَّ مُسْتَخْلِيًا فَرْدَا كَأَنَّ هُبُوبُ الرِّيحِ مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمْ ... تُثِيرُ قَنَاةَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ النَّدَا وَعَنْ أبي عمرو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَامْتَدَحَهُ، فَأَدْنَاهُ وَأَمَرَ لَهُ بِخْمَسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ وَقَالَ: كَيْفَ وَجْدُكَ بِلُبْنَى؟ قَالَ: أشد وجد، قال: فترضى زواجها؟ قال: ما لي فِي ذَلِكَ مِنْ حَاجَةٍ قَالَ: فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: تَأْذَنُ لِي فِي الإِلْمَامِ بِهَا، وَتَكْتُبُ إِلَى عَامِلِكَ، فَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَوْتُ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَأَنْشَدَهُ: أَضَوْءُ سَنَا بَرْقٍ بَدَا لَكَ لَمْعُهُ ... بِذِي الأَثْلِ مِنْ أَجْرَاعِ بثنة تَرْقُبُ نَعَمْ إِنَّنِي صَبٌّ هُنَاكَ مُوَكَّلٌ ... بِمَنْ لَيْسَ يُدَنِّينِي وَلا يَتَقَرَّبُ مَرِضْتُ فَجَاءُوا بِالْمُعَالِجِ وَالرُّقَى ... وَقَالُوا: بَصِيرٌ بِالدَّوَاءِ مُجَرَّبُ فَلَمْ يُغْنِ عَنِّي مَا يَعْقِدُ طَائِلا ... وَلا مَا يُمَنِّينِي الطَّبِيبُ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ أُنَاسٌ وَالظُّنُونُ كَثِيرَةً ... وَأَعْلَمُ شَيْءٍ بِالْهَوَى مَنْ يُجَرِّبُ أَلا إِنَّ فِي الْيَأْسِ الْمُفَرِّقُ رَاحَةً ... سَيُسْلِيكَ عَمَّنْ نَفْعُهُ عنك يعزب   1 خبر ضعيف: الأغاني "9/ 220" فيه انقطاع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 فَكُلُّ الَّذِي قَالُوا بَلَوْتُ فَلَمْ أَجِدْ ... لِذِي الشَّجْوِ أَشْفَى مِنْ هَوَى حِينَ يَقْرُبُ عَلَيْهَا سَلامُ اللَّهِ مَا هَبَّتِ الصِّبَا ... وَمَا لاحَ وَهْنًا فِي دُجَى اللَّيْلِ كَوْكَبُ فَلَسْتُ بِمُبْتَاعٍ وِصَالًا بَوَصْلِهَا ... وَلَسْتُ بِمُفْشِ سِرَّهَا حِينَ أَغْضَبُ وَقَالَ: يَقُولُونَ: لُبْنَى فِتْنَةٌ، كُنْتَ قَبْلَهَا ... بِخَيْرٍ فَلا تَنْدَمْ عَلَيْهَا وَطَلِّقِ فَطَاوَعْتُ أَعْدَائِي وَعَاصَيْتُ نَاصِحِيَّ ... وَأَقْرَرْتُ عَيْنَ الشَّامِتِ الْمُتَخَلِّقِ وَدِدْتُ وَبَيْتِ اللَّهِ أَنِّي عَصَيْتُهُمْ ... وَحَمَلْتُ فِي رِضْوَانِهَا كُلَّ مُوبِقِ وَكُلِّفْتُ خَوْضَ الْبَحْرِ وَالْبَحْرُ زَاخِرٌ ... أَبِيتُ عَلَى أَثْبَاجِ مَوْجٍ مُغَرَّقِ كَأَنِّي أَرَى النَّاسَ الْمُحِبِّينَ بَعْدَهَا ... عُصَارَةَ مَاءِ الْحَنْظَلِ الْمُتَفَلِّقِ فَتُنْكِرُ عَيْنِي بَعْدَهَا كُلَّ مَنْظَرٍ ... وَيَكْرَهُ سَمْعِي بَعْدَهَا كل منطق فقال كعاوية: هَذَا وَأَبِيكَ الْحُبُّ، وَأَذِنَ لَهُ فِي زِيَارَتِهَا، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى امْرَأَةٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا: بُرَيْكَةُ، وَأَهْدَى لَهَا وَلِلُبْنَى هَدَايَا وَأَلْطَافًا، وَأَخْبَرَهَا بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ عَمِّ مَا تُرِيدُ إلى الشُّهْرَةِ، فَأَقَامَ أَيَّامًا، فَبَلَغَ زَوْجَ لُبْنَى قُدُومُهُ، فَمَنَعَ لُبْنَى بُرَيْكَةَ، وَأَيَسَ قَيْسٌ مِنْ لِقَائِهَا، فَبَقِيَ مُتَرَدِّدًا فِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ، فَرَآهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ يَوْمًا، فَقَالَ: يا أعرابي ما لي أَرَاكَ مُتَحَيِّرًا؟ قَالَ: دَعْنِي بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، قَالَ: أَخْبَرْنِي بِشَأْنِكَ، فَإِنِّي عَلَى مَا تُرِيدُ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ: لا أَرَانِي إِلا فِي طَلَبِ مِثْلِكَ، وَانْطَلَقَ بِهِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ لَيْلَةً يُحَدِّثُهُ وَيُنْشِدُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ رَكِبَ فَأَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، ارْكَبْ مَعِي فِي حَاجَةٍ، فَرَكِبَ مَعَهُ، وَاسْتَنْهَضَ ثَلاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ، وَلا يَدْرُونَ مَا يُرِيدُ، حَتَّى أَتَى بِهِمْ بَابَ زَوْجِ لُبْنَى، فَخَرَجَ فَإِذَا وُجُوهُ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكُمْ، مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: حَاجَةٌ لابْنِ أَبِي عَتِيقٍ اسْتَعَانَ بِنَا عَلَيْكَ، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ حُكْمَهُ جَائِزٌ عَلَيَّ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ: اشْهَدُوا أَنَّ امْرَأَتَهُ لُبْنَى مِنْهُ طَالِقٌ، فَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِرْأَسِهِ ثُمَّ قَالَ: لِهَذَا جِئْتَ بِنَا! فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكُمْ، يُطَلِّقُ هَذَا امْرَأَتَهُ وَيَتَزوَّجُ بِغَيْرِهَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَا إِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَلَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ: وَاللَّهِ لا أَبْرَحُ حَتَّى تَنْقُلَ مَتَاعَهَا، فَفَعَلَتْ، وَأَقَامَتْ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 أَهْلِهَا، حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا قَيْسٌ، وَبَقِيَا دَهْرًا بِأَرْغَدِ عَيْشٍ، فَقَالَ قَيْسٌ: جَزَى الرَّحْمَنُ أَفْضَلَ مَا يُجَازِي ... عَلَى الإِحْسَانِ خَيْرًا مِنْ صَدِيقِ فَقَدْ جَرَّبْتُ إِخْوَانِي جَمِيعًا ... فَمَا ألْفَيْتُ كَابْنِ أَبِي عَتِيقِ سَعَى فِي جَمْعِ شَمْلِي بَعْدَ صَدْعٍ ... وَرَأَيٍ حِدْتُ فِيهِ عَنِ الطَّرِيقِ وَأَطْفَأَ لَوْعَةً كَانَتْ بِقَلْبِي ... أَغَصَّتَنِي حَرَارَتُهَا بِرِيقِي هَذِهِ رِوَايَةٌ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَبَايَةَ قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ إِلَى الْمَدِينَةِ يَبِيعُ نَاقَةً، فَاشْتَرَاهَا زَوْجُ لُبْنَى وَهُوَ لا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ لِقَيْسٍ: انْطَلِقْ مَعِي لِتَأْخُذَ الثَّمَنَ، فَمَضَى مَعَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ الْبَابَ إِذَا لُبْنَى اسْتَقْبَلَتْ قَيْسًا، فَلَمَّا رَآهَا وَلَّى هَارِبًا، وَاتَّبَعَهُ الرَّجُلُ بِالثَّمَنِ، فَقَالَ: لا تَرْكَبْ لِي مَطِيَّتَيْنِ أَبَدًا، قَالَ: وَأَنْتَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَذِهِ لُبْنَى، فَقِفْ حَتَّى أُخَيِّرُهَا، فَإِنِ اخْتَارَتَكَ طَلَّقْتُهَا، وَظَنَّ الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ فِي قَلْبِهَا مَوْضِعًا، فَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ قَيْسًا، فَطَلَّقَهَا فَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ1. وَلَقَدْ قِيلَ لِقَيْسٍ: إِنَّ مِمَّا يُسْلِيكَ عَنْهَا ذِكْرُ مَعَايِبَهَا، فَقَالَ: إِذَا عِبْتُهَا شَبَّهْتُهَا الْبَدْرَ طَالِعًا ... وَحَسْبُكُ مِنْ عَيْبٍ بِهَا شِبْهُ الْبَدْرِ لَهَا كَفَلٌ يَرْتَجُّ مِنْهَا إِذَا مَشَتْ ... وَمتْنٌ كَغُصْنِ الْبَانِ مُضْطَمِرُ الْخِصْرِ وَلِقَيْسٍ: أُرِيدُ سُلُوًّا عَنْ لُبَيْنَى وَذِكْرِهَا ... فَيَأْبَى فُؤَادِي الْمُسْتَهَامُ الْمُتَيَّمُ إِذَا قُلْتُ أَسْلُوهَا تَعَرَّضَ ذِكْرُهَا ... وَعَاوَدَنِي مِنْ ذَاكَ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ صَحَا كُلُّ ذِي وِدٍّ عَلِمْتُ مَكَانُه ... سِوَايَ فَإِنِّي ذَاهِبُ الْعَقْلِ مُغْرَمُ وَلَهُ: هَلِ الْحُبُّ إِلا عَبْرةٌ بَعْدَ زَفْرَةٍ ... وَحِزٌ عَلَى الأَحْشَاءِ لَيْسَ لَهُ بُرْدُ وَفَيْضُ دُمُوعِ تَسْتَهِلُّ إِذَا بَدَا ... لَنَا علم من أرضكم لم يكن يبدو   1 خبر ضعيف: الأغاني "9/ 220". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 86- قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ1 –م ن. سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَالْأَشْعَثَ بْنَ قيس. روى عَنْهُ: عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو إِسْحَاقَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ مُصْعَبٍ. 87- قَيْسُ الْمَجْنُونُ2: وَمَنْ بِهِ يُقَاسُ الْمُحِبُّونَ. هُوَ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوِّحِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَقِيلَ: قَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ، وَقِيلَ: اسْمُهُ الْبُحْتُرِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَجْنُونُ لَيْلَى بِنْتِ مَهْدِيٍّ أُمِّ مَالِكٍ الْعَامِرِيَّةِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَقِيلَ: مِنْ بَنِي كَعْبٍ بْنِ سَعْدٍ. سَمِعْنَا أَخْبَارَهُ فِي جُزْءٍ أَلَّفَهُ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ، وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ لَيْلَى وَالْمَجْنُونَ، وَهَذَا دَفَعَ بِالصَّدْرِ، فَلَيْسَ مَنْ لا يَعْلَمُ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَ، ولا الثبت كَالنَّافِي، فَعَنْ لَقِيطِ بْنِ بُكَيْرٍ الْمُحَارِبِيِّ: أن الْمَجْنُونَ عَلِقَ لَيْلَى عَلاقَةَ الصِّبَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا كانا صَغِيرَيْنِ يَرْعَيَانِ أَغْنَامًا لِقَوْمِهِمَا، فَعَلِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ، وَكَبُرَا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَبُرَا حُجِبَتْ عَنْهُ، فَزَالَ عَقْلُهُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ: تعلقت ليلة وَهِيَ ذَاتُ ذُؤَابَةٍ ... وَلَمْ يَبْدُ لِلأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ صَغِيرَيْنِ نَرْعَى الْبَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى الْيَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ الْبَهْمُ3 وَذَكَرَ ابْنُ دَآبٍ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَامِرِيِّ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي عَامِرٍ جَارِيَةٌ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، لَهَا عَقْلٌ وَأَدَبٌ، يُقَالُ لَهَا: لَيْلَى بِنْتُ مَهْدِيٍّ، فَبَلَغَ الْمَجْنُونَ خَبَرُهَا، وَكَانَ صَبًّا بِمُحَادَثَةِ النِّسَاءِ، فَلَبِسَ حُلَّةً ثُمَّ جَلَسَ إِلَيْهِا وَتَحَادَثَا، فَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ، فَظَلَّ يَوْمَهُ يُحَادِثُهَا، فَانْصَرَفَ فَبَاتَ بِأَطْوَلِ لَيْلَةٍ، ثُمَّ بَكَّرَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَمْسَى، وَلَمْ تَغْمُضْ لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَيْنٌ، فَأَنْشَأَ يقول:   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 176"، والجرح والتعديل "7/ 98"، وتهذيب الكمال "2/ 1135". 2 انظر: السير "4/ 5-7"، شذرات الذهب "1/ 277". 3 السير "4/ 6"، والأغاني "2/ 11، 12". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 نَهَارِي نَهَارُ النَّاسِ حَتَّى إِذَا بَدَا ... لِيَ اللَّيْلُ هَزّتْنِي إِلَيْكِ الْمَضَاجِعُ أُقَضِّي نَهَارِي بِالْحَدِيثِ وَبِالْمُنَى ... وَيَجْمَعُنِي وَالْهَمُّ بِاللَّيْلِ جَامِعُ1 وَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا مِثْلُ الَّذِي وَقَعَ بِقَلْبِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا يُحَدِّثُهَا، فَجَعَلَتْ تُعْرِضُ عَنْهُ، تُرِيدُ أن تَمْتَحِنَهُ، فَجَزِعَ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ: كِلانَا مُظْهِرٌ لِلنَّاسِ بُغْضًا ... وَكُلٌّ عِنْدَ صَاحِبِهِ مَكِينُ فَسُرِّيَ عَنْهُ، وَقَالَتْ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أن أَمْتَحِنَكَ، وَأَنَا مُعْطِيَةٌ لِلَّهِ عَهْدًا: لا جَالَسْتُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَحَدًا سِوَاكَ، فَانْصَرَفَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ: أَظُنُّ هواها بتاركي بِمَضَلَّةٍ ... مِنَ الأَرْضِ لا مَالٌ لَدَيَّ وَلا أَهْلُ وَلا أَحَدٌ أُفْضِي إِلَيْهِ وَصِيَّتِي ... وَلا وَارِثٌ إِلا الْمَطِيَّةُ وَالرَّحْلُ مَحَا حُبُّهَا حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا ... وَحلَّتْ مَكَانًا لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ قُلْتُ: ثُمَّ اشْتَدَّ بَلاؤُهُ بِهَا، وَشَغَفَتْهُ حُبًّا، وَوُسْوِسَ فِي عَقْلِهِ، فَذَكَرَ أبو عبيدة: أن الْمَجْنُونَ كَانَ يَجْلِسُ فِي نَادِي قَوْمِهِ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ، فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ بَاهِتَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ لا يَفْهَمُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ، ثُمَّ يَثُوبُ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَيُسْأَلُ عَنِ الْحَدِيثِ فَلا يَعْرِفُهُ، حَتَّى قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّكَ لَمَخْبُولٌ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَجْلِسُ فِي النَّادِي أُحَدِّثُهُمْ ... فَأَسْتَفِيقُ وَقَدْ غَالَتْنِي الْغُولُ يَهْوِي بِقَلْبِي حَدِيثُ النفس نحوكم ... حتى يقول جليسي: أَنْتَ مَخْبُولُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَتَزَايَدَ بِهِ الأَمْرُ حَتَّى فُقِدَ عَقْلُهُ، فَكَانَ لا يَقِرُّ فِي مَوْضِعٍ، وَلا يُؤْوِيهِ رَحْلٌ، وَلا يَعْلُوهُ ثَوْبٌ، إِلا مَزَّقَهُ، وَصَارَ لا يَفْهَمُ شَيْئًا مِمَّا يُكَلَّمُ بِهِ إِلا أن تُذْكَرَ لَهُ لَيْلَى فَإِذَا ذُكِرَتْ لَهُ أَتَى بِالْبَدَائِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَوْمَ لَيْلَى شَكَوْا مِنْه إِلَى السُّلْطَانِ، فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ إِنَّ قَوْمَهَا تَرَحَّلُوا مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، فَأَشْرَفَ فَرَأَى دِيَارَهُمْ بَلاقِعَ، فَقَصَدَ مَنْزِلَهَا، وَأَلْصَقَ صَدْرَهُ بِهِ، وَجَعَلَ يُمَرِّغُ خَدَّيْهِ عَلَى التُّرَابِ وَيَقُولُ: أَيَا حَرَجَاتِ الْحَيِّ حَيْثُ تَحَمَّلُوا ... بِذِي سَلَمٍ لا جَادَكُنَّ رَبِيعُ   1 الأغاني "2/ 40". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 وَخَيْمَاتُكِ اللَّاتِي بمُنْعَرَجِ اللِّوَى ... بَلِينَ بَلَى لَمْ تَبْلَهُنَّ رُبُوعُ نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي نَدَامَةً ... كَمَا نَدِمَ الْمَغْبُونُ حِينَ يَبِيعُ قَالَ ابن المرزبان: قال أبو عمرو الشَّيْبَانِيُّ: لَمَّا ظَهَرَ مِنَ الْمَجْنُونِ مَا ظَهَرَ، وَرَأَى قَوْمُهُ مَا ابْتُلِيَ بِهِ اجْتَمَعُوا إِلَى أَبِيهِ وَقَالُوا: يَا هَذَا، تَرَى مَا بِابْنِكَ، فَلَوْ خَرَجْتَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ فَعَاذَ بِبَيْتِ اللَّهِ، وَزَارَ قَبْرَ رَسُولِهِ، وَدَعَا اللَّهَ رَجَوْنَا أن يُعَافَى، فَخَرَجَ بِهِ أَبُوهُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَجَعَلَ يَطُوفُ بِهِ وَيَدْعُو لَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: دَعَا الْمُحْرِمُونَ اللَّهَ يَسْتَغْفِرُونَهُ ... بِمَكَّةَ وَهْنًا أَنْ تُحَطَّ ذُنُوبَهَا فَنَادَيْتُ أَنْ يَا رَبُّ أَوَّلُ سُؤْلَتِي ... لِنَفْسِي لَيْلَى ثُمَّ أَنْتَ حَسِيبُهَا فَإِنْ أُعْطَ لَيْلَى فِي حَيَاتِي لا يَتُبْ ... إِلَى اللَّهِ خَلْقٌ تَوْبَةً لا أَتُوبُهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بِمِنًى نَادَى مُنَادٍ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْخِيَامِ: يَا لَيْلَى، فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ، وَنَضَحُوا عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ، وَأَبُوهُ يَبْكِي، فَأَفَاقَ وَهُوَ يَقُولُ: وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى ... فَهَيَّجَ أَطْرَافَ الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِي دَعا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِرًا كَانَ فِي صَدْرِي1 وَنَقَلَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ: لَمَّا شَبَّبَ الْمَجْنُونُ بِلَيْلَى وَشَهَّرَ بِحُبِّهَا اجْتَمَعَ أَهْلُهَا وَمَنَعُوهُ مِنْهَا وَمِنْ زِيَارَتِهَا، وَتَوَعَّدُوهُ بِالْقَتْلِ، وَكَانَ يَأْتِي امْرَأَةً تَتَعَرَّفُ لَهُ خَبَرَهَا، فَنَهَوْا تِلْكَ الْمَرْأَةَ، وَكَانَ يَأْتِي غَفَلاتِ الْحَيِّ فِي اللَّيْلِ، فَسَارَ أَبُو لَيْلَى فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَشَكَوْا إِلَى مروان مِنْ قَيْسِ بْنِ الْمُلَوِّحِ، وَسَأَلُوهُ الْكِتَابَ إِلَى عامله يَمْنَعُهُ عَنْهُمْ وَيَتَهَدَّدُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَهْدَرَ دَمَهُ، فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى عَامِلِ مَرْوَانَ، بعث إلى قيس وأبيه وأهل بيته، فجمعه وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ، وَقَالَ لِقَيْسٍ: اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، فَانْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ: أَلا حُجِبَتْ لَيْلَى وَآلَى أَمِيرُهَا ... عَلَيَّ يَمِينًا جَاهِدًا لا أزورها وَأَوْعَدَنِي فِيهَا رِجَالٌ أَبُوهُمُ ... أَبِي وَأَبُوهَا خُشِّنَتْ لِي صُدُورُهَا عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي أحبها ... وأن فؤادي عند ليلى أسيرها   1 ديوان المجنون "ص/ 190". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 فَلَمَّا يَئِسَ مِنْهَا صَارَ شَبِيهًا بِالتَّائِهِ، وَأَحَبَّ الْخَلْوَةَ وَحَدِيثَ النَّفْسِ، وَجَزِعَتْ هِيَ أَيْضًا لِفِرَاقِهِ وَضَنِيَتْ1. وَيُرْوَى أن أَبَا الْمَجْنُونِ قَيَّدَهُ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِرَاعَيْهِ وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ، فَأَطْلَقَهُ، فَكَانَ يَدُورُ فِي الْفَلاةِ عُرْيَانًا2. وَلَهُ: كَأَنَّ الْقَلْبَ لَيْلَةً قِيلَ يُغْدَى ... بِلَيْلَى الْعَامِرِيَّةِ أَوْ يُرَاحُ قَطَاةٌ عَزَّهَا شَرَكٌ فَبَاتَتْ ... تُجَاذِبُهُ وَقَدْ عَلِقَ الْجَنَاحُ وَقِيلَ: إِنَّ لَيْلَى زُوِّجَتْ، فَجَاءَ الْمَجْنُونُ إِلَى زَوْجِهَا فَقَالَ: بِرَبِّكَ هَلْ ضَمَمْتَ إِلَيْكَ لَيْلَى ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ أَوْ قَبَّلْتَ فَاهَا وَهَلْ رَفَّتْ عَلَيْكَ قُرُونُ لَيْلَى فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِذْ حلَّفْتُنِي فَنَعَمْ، وَكَانَ بَيْنَ يَدَيِ الزَّوْجِ نَارٌ يَصْطَلِي بِهَا، فَقُبِضَ الْمَجْنُونُ بِكِلْتَيْ يَدَيْهِ مِنَ الْجَمْرِ، فَلْمَ يَزَلْ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ3. وكانت له داية يَأْنَسُ بِهَا، فَكَانَتْ تَحْمِلُ إِلَيْهِ إِلَى الصَّحْرَاءِ رَغِيفًا وَكُوزًا، فَرُبَّمَا أَكَلَ وَرُبَّمَا تَرَكَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ يَوْمًا فَوَجَدَتْهُ مُلْقًى بَيْنَ الأَحْجَارِ مَيِّتًا، فاحتملوه إلى الحي فغسلوه فدفنوه، وَكَثُرَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَالشَّبَابِ عَلَيْهِ، وَاشْتَدَّ نَشِيجُهُمْ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي الْمُنْتَظِمِ: رُوِينَا أَنَّهُ كان يه فِي الْبَرِّيَّةِ مَعَ الْوَحْشِ يَأْكُلُ مِنْ بَقْلِ الأَرْضِ، وَطَالَ شَعْرُهُ، وَأَلِفَهُ الْوَحْشُ، وَسَارَ حَتَّى بَلَغَ حُدُودَ الشَّامِ، فَكَانَ إِذَا ثَابَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، سَأَلَ مَنْ يَمُرُّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَنْ نَجْدٍ، فَيُقَالُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ نَجْدٍ، أَنْتَ قَدْ شَارَفْتَ الشَّامَ، فَيَقُولُ: أَرُونِي الطَّرِيقَ، فَيَدُلُّونَهُ4. وَشِعْرُ الْمَجْنُونِ كَثِيرٌ سَائِرٌ، وَهُوَ فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فِي الْحُسْنِ وَالرِّقَّةِ، وَكَانَ مُعَاصِرًا لِقَيْسِ بْنِ ذَرِيحٍ صَاحِبِ لُبْنَى، وَكَانَ في إمرة ابن الزبير، والله أعلم.   1 الأغاني "2/ 68، 288". 2 خبرٌ منكرٌ. 3 الأغاني "2/ 25". 4 الأغاني "2/ 52". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 "حرف الْكَافِ": 88- كَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ -ن- مَوْلَى أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ1، أَحَدُ كُتَّابِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي أَرْسَلَهَا عُثْمَانُ إِلَى الأَمَصَارِ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. روى عنه: محمد بن سيرين. وقال النسائي: روى عنه الزهري مرسلا لم يلحقه، فإن كثيرا أصيب يوم الحرة، وروى عنه ابنه. "حرف الميم": 89- محمد بن الأشعث -د ن- بن قيس2 بن معديكرب، أبو القاسم الكندي الكوفي، ابْنُ أُمِّ فَرْوَةَ أُخْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِأَبِيهِ، تَزَوَّجَ بِهَا الأَشْعَثُ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ. حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ. روى عنه: الشعبي، ومجاهد، وسليمان بن يسار، وابنه قيس بن محمد، وغيرهم. ووفد على معاوية. ومولده في حدود سنة ثلاث عشرة، وكان شريفا مطاعا في قومه، قتل مع مصعب في سنة سبع وستين، فأقام ابنه مقامه. 90- محمد بن أبي بن كعب الأنصاري3. أبو معاذ الأنصاري. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَضْرَمِيُّ بْنُ لاحِقٍ، وَبُسْرُ بن سعيد. وكان ثقة، قتل بالحرة.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 198"، والجرح والتعديل "7/ 149"، وتهذيب الكمال "3/ 1141". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 65"، أسد الغابة "4/ 311"، والإصابة "3/ 509". 3 انظر: الاستيعاب "3/ 325"، وأسد الغابة "4/ 310"، والإصابة "3/ 471". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 91- محمد بن ثابت بن قيس بن شماس1 الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ. حَنَّكَهُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرِيقِهِ. وَرَوَى عَنْ: رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِيهِ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حذيفة. روى عنه: ابناه إسماعيل، ويوسف، وعاصم بْنُ عَمِّهِ بْنِ قَتَادَةَ، وَأَرْسَلَ عَنْهُ الزُّهْرِيَّ. قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةَ. 92- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حزم2 -ن- بن يزيد الأنصاري النجاري. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ هُوَ الَّذِي كَنَّاهُ أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ. أُصِيبَ يَوْمَ الحرة. الواقدي، عن ملك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده اشْتَرَى مِطْرَفَ خَزٍّ بِسَبْعِمِائَةٍ، فَكَانَ يَلْبَسُهُ3. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ: صَلَّى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَجِرَاحُهُ تَثْعَبُ دَمًا، وَمَا قُتِلَ إِلا نَظْمًا بِالرِّمَاحِ4. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَصْدِقُوهُمُ الضَّرْبَ، فَإِنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ عَلَى طَمَعِ دُنْيَاهُمْ، وَأَنْتُمْ تُقَاتِلُونَ عَلَى الآخِرَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَحْمِلُ عَلَى الكتيبة مِنْهُمْ فَيَفُضَّهَا حَتَّى قُتِلَ5. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَأَكْثَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي أَهْلِ الشَّامِ الْقَتْلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ، كَانَ يَحْمِلُ عَلَى الْكُرْدُوسِ مِنْهُمْ فَيَفُضَّهُ، وَكَانَ فارسًا، ثم حملوا عليه حتى   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 781"، والاستيعاب "3/ 321"، وأسد الغابة "4/ 313". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 69"، وأسد الغابة "4/ 327"والاستيعاب "3/ 353". 3 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "5/ 69" وفيه الواقدي، وهو من الضعفاء. 4 الطبقات الكبرى "5/ 70". 5 السابق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 نَظَّمُوهُ بِالرِّمَاحِ، فَلَمَّا وَقَعَ انْهَزَمَ النَّاسُ1. 93- مَالِكُ بْنُ عِيَاضٍ الْمَدَنِيُّ يُعْرَفُ بِمَالِكِ الدَّارِ. سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ. وَكَانَ خَازِنًا لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 94- مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّكُونِيُّ2. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةُ حَدِيثٍ وَاحِدٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اليزني، وَأَبُو الأَزْهَرِ الْمُغِيرَةُ بْنُ فَرْوَةَ. وَوَلِيَ لِمُعَاوِيَةَ حِمْصَ، وَكَانَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ مَرْوَانَ. 95- مَالِكُ بْنُ يخامر السكسكي3 -خ 4- الحمصي، يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ ثِقَةً كَبِيرَ الْقَدْرِ مُتَأَلِّهًا. رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. حدث عنه: معاوية على المنبر، وجبير بن نفير، وعمير بن هانئ، ومكحول، وسليمان بن موسى، وخالد بن معدان، وآخرون. قال أبو مسهر: أكبر أصحاب معاذ: مالك بن يخامر، كان رأس القوم. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. قَالَ أَبُو عبيد: توفي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 96- الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ4 الثَّقَفِيُّ الكّذَّابُ، الَّذِي خَرَجَ بِالْكُوفَةِ، وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الحسين يقتلهم.   1 السابق. 2 انظر: التاريخ الكبير "7/ 304"، والجرح والتعديل "8/ 213". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 441"، وأسد الغابة "4/ 297"، والإصابة "3/ 358". 4 انظر: الاستيعاب "3/ 533"، وأسد الغابة "4/ 336"، والسير "3/ 538". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ" 1 فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْمُخْتَارُ، كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَادَّعَى أَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِيهِ، وَالآخَرُ: الْحَجَّاجُ. قَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، ثنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، ثنا السُّدِّيُّ، عَنْ رِفَاعَةَ الْفِتْيَانِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَأَلْقَى لِي وِسَادَةً وَقَالَ: لَوْلا أَنَّ جِبْرِيلَ قَامَ عَنْ هَذِهِ لأَلْقَيْتُهَا لَكَ، فَأَرَدْتُ أن أضرب عنقه، فتذكرت حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَمَّنَ مُؤْمِنًا عَلَى ذِمَّةٍ فَقَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ" 2. مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَقْرَأَنِي الأَحْنَفُ كِتَابَ الْمُخْتَارِ إِلَيْهِ، يَزْعُمُ فِيهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ3. قُلْتُ: قُتِلَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ فِي هَوَى نفسه، كما قدمنا. 97- مروان بن الحكم4 -خ ع- ابن أبي العاص بن أمية بن عبد الملك القرشي الأموي، وَقِيلَ: أَبُو الْقَاسِمِ، وَيُقَالُ: أَبُو الْحَكَمِ. وُلِدَ بِمَكَّةَ بَعْدَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكِنَّ لَهُ رِوَايَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَ الْحُدَيْبِيَةِ بِطُولِهِ، وَفِيهِ إِرْسَالٌ، لكن أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ5. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. رَوَى عَنْهُ: سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عبد الله، وابنه عبد الملك، ومجاهد.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2545"، والترمذي "2220"، "3944"، وأحمد "2/ 26". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "5/ 222، 223"، وابن ماجه "2688". 3 خبر ضعيف: فيه مجالد بن سعيد من الضعفاء. 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 35"، والاستيعاب "3/ 425"، وأسد الغابة "4/ 348". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 64". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 وَكَانَ كَاتِبُ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَوَلَّى إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ وَالْمَوْسِمِ لِمُعَاوِيَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَبَايَعُوهُ بِالْخِلافَةِ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي الْمَصَافِّ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَعَلَى الشَّامِ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْحِجَازِ كُلِّهِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِمَرْوَانَ ثَمَانِ سِنِينَ، وَلَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا1. وَأُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْكِنَانِيَّةُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ الْحَكَمُ فِي الْفَتْحِ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَطَرَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ المدينة، ومات زمن عُثْمَانَ؛ لِأَنَّهُ زَوَّرَ عَلَى لِسَانِهِ كِتَابًا فِي شَأْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: كَانَ مَرْوَانُ قَصِيرًا، أَحْمَرَ الْوَجْهِ، أَوْقَصَ الْعُنُقِ، كَبِيرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ "خَيْطَ بَاطِلٍ" لِدِقَّةِ عُنُقِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ الْجَمَلِ: كَانَ عَلِيٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْهُ! قَالَ: تَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ2. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: بَعَثَنِي زِيَادُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي حَوَائِجَ، فَقُلْتُ: مَنْ تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَسَمَّى جَمَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ، الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ، الشَّدِيدُ فِي حُدُودِ الله: مَرْوَانُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُقَالُ: كَانَ عِنْدَ مَرْوَانَ قَضَاءٌ، وَكَانَ يَتْبِعُ قَضَاءَ عُمَرَ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ: أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَنْحَرَ ابْنَهَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ تَسْتَفْتِي، فَجَاءَتِ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: لا أَعْلَمُ فِي النَّذْرِ إِلا الْوَفَاءَ، قَالَتْ: أَفَأَنْحَرُ ابْنِي؟ قَالَ: قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فقال: أمر الله الوفاء بالنذر، وَنَهَاكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ إِنْ تَوَافَى لَهُ عَشَرَةُ رَهْطٍ أَنْ يَنْحَرَ أَحَدَهُمْ، فَلَمَّا تَوَافَوْا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَصَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، أَهُوَ أَوْ مِائَةٌ مِنَ الإبل، ثم أقرع ثانية بين   1 الطبقات الكبرى "5/ 36". 2 إسناده منقطعٌ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 الْمِائَةِ وَبَيْنَهُ، فَصَارَتِ الْقُرَعَةُ عَلَى الإِبِلِ، فَأَرَى أَنْ تَنْحَرِي مِائَةً مِنَ الإِبِلِ مَكَانَ ابْنِكِ، فَبَلَغَ الْحَدِيثُ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: مَا أَرَاهُمَا أَصَابَا، إِنَّهُ لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ تَعَالَى وَتُوبِي إِلَيْهِ، وَاعْمَلِي مَا اسْتَطَعْتِ مِنَ الْخَيْرِ، فَسُرَّ النّاسُ بِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُمْ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يُفْتُونَ بِأَنَّهُ لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي شُرَحْبيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ ابْنَ النَّبَّاعِ اللَّيْثِيَّ يَوْمَ الدَّارِ يُبَادِرُ مَرْوَانَ فكأني أنظر إلى قِبَائِهِ قَدْ أَدْخَلَ طَرَفَيْهِ فِي مَنْطِقَتِهِ، وَتَحْتَ القباء الدرع، فضرب مروان مَرْوَانُ عَلَى قَفَاهُ ضَرَبَةً قَطَعَ عِلابِيَّ2 عُنُقِهِ، ووقع وجهه، فَأَرَادُوا أَنْ يُدَفِّفُوا عَلَيْهِ، فَقِيلَ: أَتُبَضِّعُونَ اللَّحْمَ، فَتُرِكَ3. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أبيه، وذكر مروان فقال: والله لقد ضربت كَعْبُهُ، فَمَا أَحْسَبُهُ إِلا قَدْ مَاتَ، وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ أَحْفَظَتْنِي، قَالَتْ: مَا تَصْنَعُ بِلَحْمِهِ أَنْ تُبَضِّعَهُ، فَأَخَذَنِي الْحُفَّاظُ، فَتَرَكْتُهُ4. وَقَالَ خَلِيفَةُ: إِنَّ مَرْوَانَ وَلِيَ الْمَدِينَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قال: كان مروان أميرا علينا سِتَّ سِنِينَ، فَكَانَ يَسُبُّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عُزِلَ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَبَقِيَ سَعِيدٌ سَنَتَيْنِ، فَكَانَ لا يَسُبُّهُ، ثُمَّ أُعِيدَ مَرْوَانُ، فَكَانَ يَسُبُّهُ، فَقِيلَ لِلْحَسَنِ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا! فَجَعَلَ لا يَرُدُّ شَيْئًا، قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَجِيءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَدْخُلُ فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه سلم فَيَقْعُدُ فِيهَا، فَإِذَا قُضِيَتِ الْخُطْبةُ خَرَجَ فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ حَتَّى أَهْدَاهُ لَهُ فِي بَيْتِهِ، قَالَ: فَإِنَّا لَعِنْدَهُ إِذْ قِيلَ: فُلانٌ بِالْبَابِ، قَالَ: ائْذَنْ لَهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَظُّنُهُ قَدْ جَاءَ بِشَرٍّ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ، إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ سُلْطَانٍ وجئتك بعزمه، قال: تكلم، قال: أرسل مرون وَيْكَ بِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ، وَيْكَ وَيْكَ وَيْكَ، وَمَا وَجَدْتُ مِثْلَكَ إِلا مِثْلَ الْبَغْلَةِ، يُقَالُ لَهَا: مَنْ أَبُوكِ، فتَقُولُ: أُمِّي الْفَرَسُ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنِّي وَاللَّهِ لا أَمْحُو عَنْكَ شَيْئًا مِمَّا قلت، فَلَنْ أَسُبَّكَ، ولكن موعدي موعدك اللَّهَ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَجَزَاكَ اللَّهُ بِصِدْقِكَ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَاللَّهُ أَشَدُّ نَقْمَةً، وَقَدْ أكرم الله جدي أن يكون   1 خبر صحيح. 2 علابي: عروقي. 3 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 37" وفيه الواقدي. 4 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "5/ 37". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 مِثْلَهُ -أَوْ قَالَ مِثْلِي- مِثْلُ الْبَغْلَةِ، فَخَرَجَ الرجل، فلما كان في الحجرة لقي الحسين، فَقَالَ: مَا جِئْتَ بِهِ؟ قَالَ: رِسَالَةٌ. قَالَ: وَاللَّهِ لَتُخْبِرُنِي أَوْ لَآمُرَنَّ بِضَرْبِكَ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَرَجَعَ، فَلَمَّا رَآهُ الْحَسَنُ قَالَ: أَرْسِلْهُ، قَالَ: إِنِّي لا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: إِنِّي قَدْ حَلَفْتُ، قَالَ: قَدْ لَجَّ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: أَكَلَ فُلانٌ بَظْرَ أُمِّهِ إِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ عَنِّي مَا أَقُولُ لَهُ، قُلْ لَهُ: وَيْلٌ لك ولأبيك ولقومك، وَآيَةٌ بَيْنِي وَبَيْنِكَ أَنْ يَمْسِكَ مَنْكِبَيْكَ مِنْ لَعْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ وَزَادَ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السائب، عن أبي يحيى قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ الْحَسْنِ وَالْحُسَيْنِ وَمَرْوَانَ، وَالْحُسَيْنُ يُسَابُّ مَرْوَانَ، فَجَعَلَ الْحَسْنُ يَنْهَاهُ، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مَلْعُونُونَ، فَغَضِبَ الْحُسَيْنُ وَقَالَ: وَيْلَكَ، قُلْتَ هَذَا، فَوَاللَّهِ لَقَدْ لَعَنَ اللَّهُ أباك على لسان نبيه وأنت في صلبه2. رَوَاهُ جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى النَّخَعِيِّ. وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كانا يصليان خلف مروان، فقيل: أما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما؟ قالا: لا وَاللَّهِ3. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ ثَلاثِينَ رَجُلا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلا، ودين الله دغلًا، وعبادة اللَّهِ خَوَلا"4. سَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَكَانَ عَطِيَّةُ مَعَ ضَعْفِهِ شِيعِيًّا غَالِيًا، لَكِنَّ الْحَدِيثُ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِذَا بَلَغَتْ بَنُو أُمَيَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلا اتخذوا عبادة اللَّهِ خَوَلا، وَمَالَ اللَّهِ دُوَلا، وَكِتَابَ اللَّهِ دغلًا"5. 6 إسناده منقطع.   1 السير "3/ 478". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 478". 3 خبر حسن: السير "3/ 478"، البداية والنهاية "8/ 358". 4 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 80". 5 دغلًا: فسادًا. 6 حديث ضعيف: أخرجه الحاكم "4/ 479" في المستدرك، وانظر البداية "8/ 259". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 وَذَكَرَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّ مَرْوَانَ قَدِمَ بِبَنِي أُمَيَّةَ عَلَى حَسَّانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بحدل وهو بالجابية فقال: أتيتني بنفسك إذ أَبَيْتُ أَنْ آتِيكَ، وَاللَّهِ لَأُجَادِلَنَّ عَنْكَ فِي قبائل اليمن، أو أسلمها إِلَيْكَ، فَبَايَعَ حَسَّانُ أَهْلِ الأُرْدُنِّ لِمَرْوَانَ، عَلَى أَنْ يُبَايِعَ مَرْوَانُ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَلَهُ إِمْرَةُ حِمْصَ، وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ إِمْرَةُ دِمَشْقَ، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ ذِي الْقَعْدَةِ1. وَقَالَ أَبُو مسهر: بايع مروان أَهْلِ دِمَشْقَ، وَسَائِرُ النَّاسِ زُبَيْرِيُّونَ، ثُمَّ اقْتَتَلَ مَرْوَانُ وشيعة ابْنِ الزُّبَيْرِ يَوْمَ رَاهِطٍ فَظَفِرَ مَرْوَانُ وَغَلَبَ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَبَقِيَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ. قَالَ اللَّيْثُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَذْكُرُ مَرْوَانَ يَوْمًا، فَقَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ أصبحت فِيمَا أَنَا فِيهِ مِنْ هَرْقِ الدِّمَاءِ، وَهَذَا الشَّأْنُ2. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانُوا يَنْقِمُونَ عَلَى عُثْمَانَ تَقْرِيبَ مَرْوَانَ وَتَصَرُّفَهُ، وَكَانَ كَاتِبَهُ، وَسَارَ مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ يطلبون بدم عثمان، فقالت يَوْمَ الْجَمَلِ أَشَدَّ قِتَالٍ، فَلَمَّا رَأَى الْهَزِيمَةَ رَمَى طَلْحَةَ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَقَدْ أَصَابَتْهُ جِرَاحٌ يَوْمَئِذٍ، وَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ، فَدَاوُوهُ وَاخْتَفَى، فَأَمَّنَهُ عَلِيٌّ، فَبَايَعَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى اسْتُخْلِفَ مُعَاوِيَةُ، وَقَدْ كَانَ يَوْمَ الْحَرَّةِ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ، وَحَرَّضَهُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ أَطْمَعَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، وَعَقَدَ لِوَلَدَيْهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَخَذَ يَضَعُ مِنْهُ وَيُزْهِدُ النَّاسَ فِيهِ، وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَهُ، فَدَخَلَ يَوْمًا فَزَبَرَهُ وَقَالَ: تَنَحَّ يَا ابْنَ رَطْبَةِ الإست، والله ما لك عَقْلٌ، فَأَضْمَرَتْ أُمُّهُ السُّوءَ لِمَرْوَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ: هَلْ قَالَ لَكِ خَالِدٌ شَيْئًا؟ فَأَنْكَرَتْ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا، فَقَامَ، فَوَثَبَتْ هِيَ وجواريها فعمدت إلى وِسَادَةٍ فَوَضَعَتْهَا عَلَى وَجْهِهِ، وَغَمَرَتْهُ هِيَ وَالْجَوَارِي حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ صَرَخْنَ وَقُلْنَ: مَاتَ فَجْأَةً3. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ مَرْوَانَ: مَاتَ مَطْعُونًا بِدِمَشْقَ.   1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. 2 السير "3/ 479". 3 السير "3/ 479". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 98- مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ1 الَّذِي يُقَالُ لَهُ: مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ رَبَاحِ بْنِ أسَعْدَ، أَبُو عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ صِفِّينَ عَلَى الرَّجَّالَةِ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ صَاحِبُ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، وَدَارُهُ بِدِمَشْقَ مَوْضِعُ الْخَشَبِ الْكَبِيرِ قِبْلِيَّ دَارِ الْبِطِّيخِ، هَلَكَ بِالْمُشَلَّلِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَهُوَ قَاصِدٌ إِلَى قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، أَظُنُّهُ الْوَاقِدِيَّ قَالَ: قَالَ ذَكْوَانُ مَوْلَى مروان: شرب مسلم دواء بعدما نَهَبَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا بِالْغَدَاءِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: لا تَعَجَّلْ، قَالَ: وَيْحَكَ إِنَّمَا كُنْتُ أُحِبُّ الْبَقَاءَ حَتَّى أُشْفِيَ نَفْسِي مِنْ قَتَلَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، فَقَدْ أَدْرَكْتُ مَا أَرَدْتُ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمَوْتِ عَلَى طَهَارَتِي، فَإِنِّي لا أَشُكُّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَنِي مِنْ ذُنُوبِي بِقَتْلِ هَؤُلاءِ الأَرْجَاسِ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ خَارِجَةَ قَالَ: خَرَجَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَتَبِعَتْهُ أُمُّ وَلَدٍ لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ تَسِيرُ وَرَاءَهُمْ، وَمَاتَ مُسْرِفٌ فَدُفِنَ بِثَنِيَّةِ الْمُشَلَّلِ، فَنَبَشَتْهُ ثُمَّ صَلَبَتْهُ عَلَى الْمُشَلَّلِ3. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: وَكَانَ قَدْ قُتِلَ مَوْلاهَا أَبَا وَلَدِهَا. وَقِيلَ: إِنَّهَا نَبَشَتْهُ، فَوَجَدَتْ ثُعْبَانًا يَمُصُّ أَنْفَهُ، وَأنَّهَا أَحْرَقَتْهُ، فَرَضِيَ الله عنه- وَشَكَرَ سَعْيَهَا. 99- مَسْرُوقُ بْنُ الأْجَدَعِ4 –ع- وَاسْمُ الأَجْدَعِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو عَائِشَةَ الْهَمْدَانِيُّ، ثُمَّ الْوَادِعِيُّ الْكُوفِيُّ. مُخَضْرَمٌ، سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذًا، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَخَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ، وَعَائِشَةَ، وَطَائِفَةً. رَوَى عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الضُّحَى، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَأبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، وَآخَرُونَ. وَقَدِمَ الشَّامَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَشَهِدَ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى الْقَصِيرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى أَيَّامِ الْحَكَمَيْنِ، وَفُسْطَاطِي إِلَى جَنْبِ فُسْطَاطِهِ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ لَحِقُوا بِمُعَاوِيَةَ من الليل،   1 انظر: وفيات الأعيان "3/ 438"، تاريخ الطبري "5/ 483- 496". 2، 3 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 76"، الحلية "2/ 95"، السير "4/ 63". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو مُوسَى رَفَعَ رَفْرَفَ فُسْطَاطِهِ، فَقَالَ: يَا مَسْرُوقُ بْنَ الأَجْدَعِ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ أَبَا مُوسَى، قَالَ: إِنَّ الإِمَارَةَ مَا أُؤْتُمِرَ فِيهَا، وَإِنَّ الْمُلْكَ مَا غُلِبَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مَسْرُوقٌ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شيئًا. قال الْبُخَارِيُّ: رَأَى أَبَا بَكْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الْأَجْدَعُ شَيْطَانٌ". أَنْتَ مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: كَانَ الْأَجْدَعُ أَفْرَسَ فَارِسٍ بِالْيَمَنِ. وابنه مسروق ابن أخت عمرو بن معديكرب. وقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ الطَّائِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ، قَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الْقَيَّاسِينَ، مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ كَانَ أطْلَبَ للعلم فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ مِنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَسْرُوقٍ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَقِيَ عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شيئًا. وعن مسروق قال: اخلتفت إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، مَا أَغُبُّهُ يَوْمًا. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا مَسْرُوقُ إِنَّكَ مِنْ وَلَدِي، وَإِنَّكَ لَمِنْ أَحَبَّهُمْ إِلَيَّ، فها عِنْدَكَ عِلْمٌ بِالْمُخْدَجِ2. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ يَقُولُ: مَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةُ مِثْلَ مَسْرُوقٍ. وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إبراهيم قال: كان أصحاب عبد الله الذي يُقْرِئُونَ النَّاسَ وَيُعَلِّمُونَهُمُ السُّنَّةَ: عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ، وَعُبَيْدَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ3.   1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 31"، وأبو داود "4957" وفيه مجالد من الضعفاء. 2 انظر: صحيح مسلم "1066". 3 خبر صحيح: أخرجه الخطيب "13/ 233". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ أَعْلَمَ بِالْفَتْوَى مِنْ شُرَيْحٍ، وَشُرَيْحٌ أَعْلَمُ مِنْهُ بِالْقَضَاءِ، وَكَانَ شُرَيْحُ يَسْتَشِيرُ مَسْرُوقًا، وَكَانَ مَسْرُوقُ لا يَسْتَشِيرُ شُرَيْحًا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: بَقِيَ مَسْرُوقُ بَعْدَ عَلْقَمَةَ لا يفضل عليه أحدًا. وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ حِينَ قَدِمَ الْكُوفَةَ قَالَ: أَيُّ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَفْضَلُ؟ قَالُوا: مَسْرُوقٌ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إِنْ كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ خُلِقُوا لِلْجَنَّةِ فَهَؤُلاءِ: الأَسْوَدُ، وَعَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: لَمْ يَزَلْ شُرَيْحٌ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ، فَأَحْدَرَهُ مَعَهُ زِيَادٌ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَقَضَى مَسْرُوقٌ حَتَّى رَجَعَ شُريْحٌ، وَذَكَرَ أَنَّ شُرَيْحًا غَابَ سَنَةً. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ لا يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ رِزْقًا. عَارِمٌ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ مُجَالِدٍ: أن مَسْرُوقًا قَالَ: لأَنْ أَقْضِيَ بِقَضِيَّةٍ فَأُوَافِقُ الْحَقَّ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ رِبَاطِ سَنَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: لأَنْ أُفْتِيَ يَوْمًا بِعَدْلٍ وَحَقٍّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَنَةً1. وَقَالَ شُعْبَةُ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر بن أَخِي مَسْرُوقٍ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ عَامِلَ الْبَصْرَةِ أَهْدَى إِلَى مَسْرُوقٍ ثَلاثِينَ أَلْفًا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْتَاجٌ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَصْبَحَ مَسْرُوقٌ يَوْمًا وَلَيْسَ لِعِيَالِهِ رِزْقٌ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ قَمِيرُ فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، إِنَّهُ مَا أَصْبَحَ لِعِيَالِكَ الْيَوْمَ رِزْقٌ، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَيَأْتِيَنَّهُمُ اللَّهُ بِرِزْقٍ3. وَقَالَ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ: كَلَّمَ مَسْرُوقٌ زِيَادًا لِرَجُلٍ فِي حَاجَةٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِوَصِيفٍ، فَرَدَّهُ، وَحَلَفَ ألا يكلم له في حاجة أبدًا.   1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "6/ 82" وفيه مجالد، من الضعفاء. 2 الطبقات الكبرى "6/ 79". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 79". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: انْتَهَى الزُّهْدُ إلى ثمانية من التابعين: عامر بن عبيد قَيْسٍ، وَهَرِمِ بْنِ حَيَّانَ، وَأُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَالأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ مَسْرُوقًا زَوَّجَ بِنْتَهُ بِالسَّائِبِ بْنِ الأَقْرَعِ عَلَى عَشَرَةِ آلافٍ اشْتَرَطَهَا لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: جَهِّزْ أَنْتَ امْرَأَتَكَ مِنْ عِنْدِكَ، وَجَعَلَهَا مَسْرُوقٌ فِي الْمُجَاهِدِينَ وَالْمَسَاكِينَ. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: غَابَ مَسْرُوقٌ فِي السِّلْسِلَةِ سَنَتَيْنِ يَعْنِي عَامِلا عَلَيْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ نَظَرَ أَهْلُهُ فِي خَرْجِهِ فَأَصَابُوا فَأْسًا بِغَيْرِ عُودٍ، فَقَالُوا: غِبْتَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ جِئْتَنَا بِفَأْسٍ بِغَيْرِ عُودٍ! قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ، تِلْكَ فَأْسٌ اسْتَعَرْنَاهَا، نَسِينَا نَرُدُّهَا. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: بَعَثَهُ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى السِّلْسِلَةِ، فَانْطَلَقَ، فَمَاتَ بِهَا. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: وَاللَّهِ مَا عَمِلْتُ عَمَلا أَخْوَفَ عِنْدِي أَنْ يُدْخِلَنِي النَّارَ مِنْ عَمَلِكُمْ هَذَا، وَمَا بِي أَنْ أَكُونَ ظَلَمْتُ فِيهِ مُسْلِمًا وَلا مُعَاهِدًا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَلَكِنَّ مَا أَدْرِي مَا هَذَا الْجَعْلُ الَّذِي لَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَبُو بَكْرٍ، وَلا عُمَرُ، قِيلَ: فَمَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: لَمْ يَدَعْنِي زِيَادٌ، وَلا شُرَيْحٌ، وَلا الشَّيْطَانُ، حَتَّى دَخَلْتُ فِيهِ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَالَ لِي مَسْرُوقٌ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيهِ إِلا أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوهَنَا فِي التُّرَابِ وَمَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلا السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ إِسْحَاقُ: حَجَّ مَسْرُوقٌ، فَمَا نَامَ إِلا سَاجِدًا حَتَّى رَجِعَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ قَالَتْ: مَا كَانَ مَسْرُوقٌ يُوجَدُ إِلا وَسَاقَاهُ قَدِ انْتَفَخَتا مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَجْلِسُ خَلْفَهُ، فَأَبْكِي رَحْمَةً لَهُ2. وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ. وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنْ مسَرْوُقٍ: إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَيْتِ شِعْرٍ فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَجِدَ في صحيفتي شعرًا3.   1 السابق "6/ 83". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 81" وغيره. 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 80". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شُلَّتْ يَدُ مَسْرُوقٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، وَأَصَابَتْهُ آمَّةُ1. وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنْ مسَرْوُقٍ، وَكَانَ رَجُلا مَأْمُومًا، فَقَالَ: مَا أَحَبَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِي، لَعَلَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بِي، كُنْتُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْفِتَنِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ عَلِيٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلا سَعْدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: مَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ إِذَا قِيلَ لَهُ: أَبْطَأْتَ عَنْ عَلِيٍ وَعَنْ مَشَاهِدِهِ وَلَمْ يَكْنُ شَهِدَ مَعَهُ يَقُولُ: أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّهُ صَفَّ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَأَخَذَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضِ السِّلاحِ، يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَنَزَلَ مَلَكٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 25] ، أَكَانَ ذَلِكَ حَاجِزًا لَكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ بِهَا مَلَكٌ كَرِيمٌ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ، وَإِنَّهَا لَمُحْكَمَةٌ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ2. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النُّجُودِ: ذُكِرَ أَنَّ مَسْرُوقًا أَتَى صِفَّينَ، فَوَقَفَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ مُنَادِيًا، فذكر نحوه، ثم ذهب. وعن أَبِي لَيْلَى قَالَ: شَهِدَ مَسْرُوقٌ النَّهْروَانَ مَعَ عَلِيٍّ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: مَا مَاتَ مَسْرُوقٌ حَتَّى اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْ تَخَلُّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ أَبُو النعيم: تُوُفِّيَ مَسْرُوقٌ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ: سَنَةَ ثَلاثٍ. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ: هُوَ مَدْفُونٌ بِالسِّلْسِلَةِ بواسط. 100- مسلمة بن مخلد3 -د. ابن الصامت الأنصاري الخزرجي، أبو معن، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيُقَالُ: أبو معمر، له صحبة ورواية.   1 خبر ضعيف جدًّا: السابق "6/ 77" فيه الكلبي من المتروكين، وابنه من الضعفاء. 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 77، 78". 3 انظر: الاستيعاب "3/ 463"، السير "3/ 424". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِي عَشْرُ سِنِينَ1. رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ مَعَ جَلالَتِهِ، وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو قَبِيلٍ حُيَيُّ بْنُ هَانِئٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَاسَةَ، وَشَيْبَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّينَ، كَانَ عَلَى أَهْلِ فِلَسْطِينَ، وَقِيلَ: لَمْ يَفِدْ عَلَى مُعَاوِيَةَ إِلا بَعْدَ انْقِضَاءِ صِفَّينَ، وَلَّى إِمْرَةَ مِصْرَ لِمُعَاوِيَةَ وَلِيَزِيدَ، وَذَكَرَ أنَّ لَهُ صُحْبَةً جَمَاعَةً مِنْهُمْ: ابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ الْبُخَارِيُّ كَتَبَ أَنَّ لِمَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ صُحْبَةً، فَغَيَّرَ أَبِي ذَلِكَ، وَقَالَ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُسْلِمَةَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، وأنا ابن أربع سنين، توفي وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ2. وَقَالَ وَكِيعٌ: عَنْ مُوسَى بِخِلافِ ذَلِكَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: وُلِدْتُ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ. وَرَجَعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَقَالَ: هُوَ أَقْرَبُ عَهْدًا بِالْكِتَابِ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ نُزِعَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ مِصْرَ، وَوُلِّيَ مُسْلِمَةُ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَلَّيْتُ خَلْفَ مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَمَا تَرَكَ وَاوًا وَلا أَلِفًا. وَقَالَ اللَّيْثُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: فِي ذِي الْقَعْدَةِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ. 101- الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ3 بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بْنِ زُهْرَةَ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَانَ الزُّهْريُّ بْنُ عاتكة أخت عبد الرحمن بن عوف.   1 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 504". 2 انظر السابق. 3 انظر: أسد الغابة "4/ 365"، والإصابة "3/ 419". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 له صحبة ورواية، روى أَيْضًا عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَخَالِهِ. رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَوَلَدَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأُمُّ بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ. وَقَدِمَ بَرِيدًا لِدِمَشْقَ مِنْ عُثْمَانَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَيَّامَ حَصْرِ عُثْمَانَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي خِلافَتِهِ، وَكَانَ مِمَّنْ يَلْزَمُ عُمَرَ وَيَحْفَظُ عَنْهُ، وَانْحَازَ إِلَى مَكَّةَ كَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَرِهَ إِمْرَةَ يَزِيدَ، وَأَصَابَهُ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ لما حاصر الحصين بن نمير ابن الزبير. قال الزبير بن بكار: وكانت الْخَوَارِجُ تَغْشَاهُ وَتُعَظِّمُهُ وَيَنْتَحِلُونَ رَأْيَهُ، حَتَّى قُتِلَ تِلْكَ الأَيَّامَ. وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ: أَنْبَأَ عبد الله بن جعفر، عن أم بكر أَنَّ أَبَاهَا احْتَكَرَ طَعَامًا، فَرَأَى سَحَابًا مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ فَكَرِهَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى السُّوقِ فَقَالَ: مَنْ جَاءَنِي وَلَّيْتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ بِالسُّوقِ فَقَالَ: أَجُنِنْتَ يَا مِسْوَرُ! قَالَ: لا وَاللَّهِ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ سَحَابًا مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ، فَكَرِهْتُهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أَرْبَحَ فِيهِ، وَأَرَدْتُ أَنْ لا أَرْبَحَ فِيهِ فَقَالَ عُمَرُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. وَقَالَ إِسْحَاقُ الْكَوْسَجُ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ ثِقَةٌ، إِنَّمَا كَتَبْتُ هَذَا لِلتَّعَجُّبِ، فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى صُحْبَةِ الْمِسْوَرِ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا حَيْوَةُ، ثنا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ الْمِسْوَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَلا بِهِ فَقَالَ: يَا مِسْوَرُ، مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الأَئِمَّةِ؟ قَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا، وَأَحْسِنْ فِيمَا قَدِمْنَا لَهُ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَاللَّهِ لَتُكَلِّمُنِي بِذَاتِ نَفْسِكَ بِالَّذِي تَعِيبُ عَلَيَّ، قَالَ: فَلَمْ أَتْرُكْ شَيْئًا أَعِيبُهُ عَلَيْهِ إِلا بَيَّنْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: لا أَبْرَأُ مِنَ الذَّنْبِ، فَهَلْ تَعُدُّ لَنَا يَا مِسْوَرُ بِمَا نَلِي مِنَ الإِصْلاحِ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، أَمْ تَعُدُّ الذُّنُوبَ وَتَتْرُكُ الإِحْسَانَ! قُلْتُ: لا وَاللَّهِ مَا نَذْكُرُ إِلا مَا نَرَى مِنَ الذُّنُوبِ، فَقَالَ: فَإِنَّا نَعْتَرِفُ لِلَّهِ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، فَهَلْ لَكَ يَا مِسْوَرُ ذُنُوبٌ فِي خَاصَّتِكَ تَخْشَى أَنْ تَهْلِكَكَ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا يَجْعَلُكَ بِرَجَاءِ الْمَغْفِرَةِ أَحَقَّ مِنِّي فَوَاللَّهِ مَا أَلِي مِنَ الإِصْلاحِ أَكْثَرَ مِمَّا تَلِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا أُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، بَيْنَ اللَّهِ وَغَيْرِهِ إِلا اخْتَرْتُ اللَّهَ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَإِنِّي لَعَلَى دِينٍ يُقْبَلُ فيه العمل، ويجزى فيه بالحسنات، ويجزى فيه بالذنوب، إِلا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهَا، وَإِنِّي أَحْتَسِبُ كُلَّ حَسَنَةٍ عَمِلْتُهَا بِأَضْعَافِهَا مِنَ الأَجْرِ، وَأَلِي أُمُورًا عِظَامًا مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 وَالْجِهَادِ، وَالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ خَصَمَنِي لَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمْ أَسْمَعِ الْمِسْوَرَ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ إِلا صَلَّى عَلَيْهِ1. وَعَنْ أمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ لِكُلِّ يَوْمٍ غَابَ عَنْهَا سَبْعًا، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ الله بن جعفر، عن عتمة أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ وَجَدَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ إِبْرِيقَ ذَهَبٍ عَلَيْهِ الْيَاقُوتُ وَالزَّبَرْجَدُ، فَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ، فَلَقِيَهُ فَارِسيٌّ فَقَالَ: آخُذُهُ بِعَشَرَةِ آلافٍ، فَعَرَفَ أَنَّهُ شَيْءٌ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَنَفَلَهُ إِيَّاهُ، وَقَالَ: لا تَبِعْهُ بِعَشَرَةَ آلافٍ، فَبَاعَهُ لَهُ سَعْدٌ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَدَفَعَهَا إِلَى الْمِسْوَرِ، وَلَمْ يُخَمِّسْهَا3. وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ. قَالَ الواقدي: وحدثني شرحبيل بن أبي عون. عن أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا دَنَا الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ أَخْرَجَ الْمِسْوَرُ سِلاحًا قَدْ حَمَلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَدُرُوعًا فَفَرَّقَهَا فِي مَوَالٍ لَهُ كُهُولٍ فُرُسٍ جُلُدٍ، فَدَعَانيِ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِسْوَرٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: اخْتَرْ دِرْعًا، فَاخْتَرْتُ دِرْعًا وَمَا يُصْلِحُهَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلامٌ حَدَثٌ، فَرَأَيْتُ أُولَئِكَ الْفُرْسَ غَضِبُوا وَقَالُوا: تُخَيِّرُهُ عَلْيَنَا! وَاللَّهِ لَوْ جَدَّ الْجِدُّ تَرَكَكَ، فَقَالَ: لَتَجِدَنَّ عِنْدَهُ حَزْمًا، فَلَمَّا كَانَ الْقِتَالُ أَحْدَقُوا بِهِ، ثُمَّ انْكَشَفُوا عَنْهُ، وَاخْتَلَطَ الناس، والمسور يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ فِي الرَّعِيلِ الأَوَّلِ يَرْتَجِزُ قَدَمًا، وَمَعَهُ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَفْعَلانِ الأَفَاعِيلَ، إِلَى أَنْ أَحْدَقَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِالْمِسْوَرِ، فَقَامَ دُونَهُ مَوَالِيهِ، فَذَبُّوا عنه كل الذب، وجعل يصيح بهم، فما خَلُصَ إِلَيْهِ، وَلَقَدْ قَتَلُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَئذٍ نَفَرًا4. قَالَ: وَحَدَّثَنِي عبدَ اللَّهِ بْن جَعْفَر، عَنْ أمِّ بَكْرٍ، وَأَبِي عَوْنٍ قَالا: أمات المسور   1 خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "7/ 207" في مصنفه، والمصنف في السير "3/ 150، 151، 392". 2 السير "3/ 392". 3 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 4 خبر ضعيف: فيه الواقدي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 حَجَرُ الْمَنْجِنيقِ، ضُرِبَ الْبَيْتُ فَانْفَلَقَ مِنْهُ فَلْقَةٌ، فَأَصَابَتْ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَمَرِضَ مِنْهَا أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ يَزِيدَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ لا يُسَمَّى بِالْخِلافَةِ، بَلِ الأَمْرُ شُورَى1. زَادَتْ أمُّ بَكْرٍ: كُنْتُ أَرَى الْعِظَامَ تُنْزَعُ مِنْ صَفْحَتِهِ، وَمَا مَكَثَ إِلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ. فَذَكَرْتُهُ لِشُرَحْبِيلَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ لِي الْمِسْوَرُ: هَاتِ دِرْعِي، فَلَبِسَهَا، وَأَبِي أَنْ يَلْبَسَ الْمِغْفَرَ، قَالَ: وَتُقْبِلُ ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ، فَيَضْرِبُ الأَوَّلُ الرُّكْنَ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ فَخَرَقَ الْكَعْبَةَ حَتَّى تَغَيَّبَ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ الثَّانِي فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ الثَّالِثُ فِينَا، وَتَكَسَّرَ مِنْهُ كَسْرَةٌ، فَضَرَبَتْ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَصُدْغَهُ الأَيْسَرِ، فَهَشَّمَتْهُ هَشْمًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَاحْتَمَلْتُهُ أَنَا وَمَوْلًى لَهُ، وَجَاءَ الْخَبَرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ يَعْدُو، فَكَانَ فِيمَنْ حَمَلَهُ، وَأَدْرَكَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبيدُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَمَكَثَ يَوْمَهُ لا يَتَكَلَّمُ، فَأَفَاقَ مِنَ اللَّيْلِ، وَعَهِدَ بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ، وَجَعَلَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ هَؤُلاءِ؟ فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ قُتِلْنَا، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يُفَارِقُهُ بِمَرَضِهِ حَتَّى مَاتَ، فَوَلِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ غُسْلَهُ، وَحَمَلَهُ فِيمَنْ حَمَلَهُ إِلَى الْحَجُونِ، وَإِنَّا لَنَطِأَ، بِهِ الْقَتْلَى وَنَمْشِي بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ، فَصَلَّوْا مَعَنَا عَلَيْهِ2. قُلْتُ: لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا يَوْمَئِذٍ بِمَوْتِ يَزِيدَ، وَكَلَّمَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فِي أَنْ يُبَايِعَهُ بِالْخِلافَةِ، وَبَطُلَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ. وَعَنْ أُمِّ بَكْرٍ قَالَتْ: وُلِدَ الْمِسْوَرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ لِهِلَالِ رَبِيعِ الآخَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِنْ حَجَرِ الْمَنْجَنِيقِ، فَوَهِمَ أَيْضًا، اشْتُبِهَ عَلَيْهِ بِالْحِصَارِ الأَخِيرِ. وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَعَلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: يَحْيَى بن بكير، وأبو عبيد، والفلاس، وغيرهم. 102- المسيب بن نجبة -ت- بْنِ رَبِيعَةَ الْفَزَارِيُّ3 صَاحِبُ عَلِيٍّ. سَمِعَ: عَلِيًّا، وابنه الحسن، وحذيفة.   1 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 2 انظر السابق. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 216"، والإصابة "3/ 495". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 وروى عَنْهُ: عُتْبَةُ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ، وَسَوَّارُ أَبُو إِدْرِيسَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَقَدِمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ الْعِرَاقِ، وَشَهِدَ حِصَارَ دِمَشْقَ، وَكَانَ أَحَدُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْكِبَارِ فِي جَيْشِ التَّوَّابِينَ الَّذِينَ خَرَجُوا يَطْلُبُونَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، وَقُتِلَ بِالْجِزِيرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ كَمَا ذَكَرْنَا بَعْدَمَا قَاتَلَ قِتَالا شَدِيدًا. 103- مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ1، أَحَدُ الْكِبَارِ الَّذِينَ كانوا مع ابن الزبير، وقتل معه فِي الْحِصَارِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. كَانَ مُصْعَبٌ هَذَا قَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةَ، وَشُرْطَتَهَا فِي إِمْرَةِ مَرْوَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا، لَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، قَتَلَ عِدَّةً مِنَ الشَّامِيِّينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَلَمَّا مَاتَ هُوَ وَالْمِسْوَرُ دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى نَفْسِهِ. 104- مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو حَلِيمَةَ الأَنْصَارِيُّ2 الْمَدَنِيُّ الْقَارِئُ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. قَالَتْ عَمْرَةُ: مَا كَانَ يُوقِظُنَا مِنَ اللَّيْلِ إِلا قِرَاءَةُ مُعَاذٍ الْقَارِئِ. قُتِلَ مُعَاذٌ يَوْمَ الْحَرَّةِ. 105- مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ3 -ع- جَدُّ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نزل بالبصرة ثُمَّ غَزَا خُرَاسَانَ وَمَاتَ بِهَا. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ حَكِيمٌ، وَحُمَيْدٌ الْمُرِّيُّ رَجْلٌ مَجْهُولٌ. حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، أَعْنِي مُعَاوِيَةَ. 106- مُعَاوِيَةُ بْنُ يزيد4 بْن مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الأُمَوِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو يَزِيدَ، وَيُقَالُ: أَبُو لَيْلَى، استُخْلِفَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيهِ عِنْدَ مَوْتِهِ فِي رَبِيعِ الأَوَّلِ، وَكَانَ شَابًّا صَالِحًا لَمْ تَطُلْ خِلافَتُهُ، وَأُمُّهُ هِيَ أُمُّ هَاشِمٍ بِنْتُ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثلاث وأربعين.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 157"، تاريخ الطبري "5/ 345، 497". 2 انظر: أسد الغابة "4/ 378"، وتهذيب الكمال "3/ 1339". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 35"، وأسد الغابة "4/ 385"، والإصابة "3/ 432". 4 انظر: البداية "8/ 256"، تاريخ الخلفاء "ص/ 334"، صحيح التوثيق "5/ 106". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ: رَأَيْتُ صِفَتَهُ فِي كِتَابٍ أَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ شَدِيدًا، كَثِيرَ الشَّعْرِ، كَبِيرَ الْعَيْنَيْنِ، أَقْنَى الأَنْفِ، جَمِيلَ الْوَجْهِ، مُدَوَّرَ الرَّأْسِ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَلَمْ يَزَلْ مَرِيضًا، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ اسْتَخْلَفَهُ أَبُوهُ، فَوَلِيَ شَهْرَيْنِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قِيلَ: لَوِ استَخْلفْتَ، فَقَالَ: كَفَلْتُهَا حَيَاتِي، فَأَتَضَمَّنُهَا بَعْدَ مَوْتِي. وَأَبَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ1. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسِ: مَلَكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ، وَغَيْرُهُ: عَاشَ عِشْرِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ. 107- مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ2 لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ حَامِلَ لِوَاءِ قَوْمِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ بَرْوَعَ. رَوَى عَنْهُ: عَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَكَانَ يَكُونُ بِالْكُوفَةِ، فَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ، فَرَأَى مِنْهُ قَبَائِحَ، فَسَارَ إِلَى المدينة وخلع يزيد، وكان من رؤوس أَهْلِ الْحَرَّةِ. قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ: كُنْيَتَهُ أَبُو سِنَانٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو يَزِيدَ، مِنْ غَطْفَانَ، قُتِلَ صَبْرًا يَوْمَ الْحَرَّةِ، فَقَالَ الشَّاعِرُ: أَلا تِلْكُمُ الأَنْصَارُ تَبْكِي سَرَاتَهَا ... وَأَشْجَعُ تَبْكِي مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ زِيَادٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ قد صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَمَلَ لِوَاءَ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ شَابًّا طَرِيًّا، وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَبَعَثَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ بِبَيْعَةِ يَزِيدَ، فَقَدِمَ الشَّامَ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعْقِلُ وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ فَقَالَ، وَكَانَ قَدْ آنَسَهُ وَحَادَثَهُ: إِنِّي خَرَجْتُ كُرْهًا بِبَيْعَةِ هَذَا، وَقَدْ كَانَ مِنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خُرُوجِي إِلَيْهِ   1 سبق تخريجه. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 282"، وأسد الغابة "4/ 397"، والإصابة "3/ 446". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 رَجُلٌ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَنْكِحُ الْحُرُمَ، ثُمَّ نَالَ مِنْهُ وَاسْتَكْتَمَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَذْكُرَ ذَلِكَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمِي هَذَا فَلا وَاللَّهِ، وَلَكِنْ لِلَّهِ عَلَيَّ عَهْدٌ وَمِيثَاقٌ إِنْ مُكِّنْتُ مِنْكَ لأَضْرِبَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ، فَلَمَّا قَدِمَ مُسْلِمٌ الْمَدِينَةَ وَأَوْقَعَ بِهِمْ، كَانَ مَعْقِلٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَأُتِيَ بِهِ مَأْسُورًا، فَقَالَ: يَا مَعْقِلُ أَعَطِشْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أحْضِرُوا لَهُ شَرْبَةً بِبَلَّوَرٍ، فَفَعَلُوا، فَشَرِبَ، وَقَالَ: أَرُويِّتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ لا تَتَهَنَّأُ بِهَا، يَا مُفَرِّجُ قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ1. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَوَانَةَ، وَأَبِي زَكَرِيَّا الْعَجْلانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ: إِنَّ مُسْلِمًا لَمَّا دَعَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَيْعَةِ، يَعْنِي بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، قَالَ: لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ، وَكَانَ لَهُ مُصَافِيًا، فَخَرَجَ ناس من أشجع، فأصابه فِي قَصْرِ الْعَرَصَةِ، وَيُقَالُ: فِي جَبَلِ أُحُدٍ، فَقَالُوا لَهُ: الأَمِيرُ يُسْأَلُ عَنْكَ فَارْجِعْ إِلَيْهِ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ، إِنَّهُ قَاتِلِي، قَالُوا: كَلا، فَأَقْبَلَ مَعَهُمْ، فَقَالَ لَهُ: مَرْحبًا بِأَبِي مُحَمَّدٍ، أَظُنُّكَ ظَمْآنَ، وَأَظُنُّ هَؤُلاءِ أَتْعَبُوكَ، قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: شَوِّبُوا لَهُ عَسَلا بِثَلْجٍ، فَفَعَلُوا وَسَقَوْهُ، فَقَالَ: سَقَاكَ اللَّهُ أَيُّهَا الأَمِيرُ مِنْ شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَالَ: لا جَرَمَ وَاللَّهِ لا تَشْرَبُ بَعْدَهَا حَتَّى تَشْرَبَ مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ، قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ، قَالَ: أَلَسْتَ قُلْتَ لِي بِطَبَرِيَّةَ وَأَنْتَ مُنْصَرِفٌ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ أَحْسَنَ جَائِزَتَكَ: سِرْنَا شَهْرًا وَخَسِرْنَا ظَهْرًا، نَرْجِعُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَخْلَعُ الْفَاسِقَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، عَاهَدْتُ اللَّهَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ لا أَلْقَاكَ فِي حَرْبٍ أَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلا قَتَلْتُكَ، وَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ2. 108- مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ -ع- المزني البصري3، مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مقرن. روى عنه: عمران بْنُ حُصَيْنٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو الْمَلِيحِ بْنُ أُسَامَةَ الْهُذَلِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّانِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لا نَعْلَمُ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ يكنى أبا علي سواه.   1 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 2 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 283". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 14"، والاستيعاب "3/ 409"، والإصابة "3/ 447". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 109- مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ1 بْنِ الأَخْنَسِ بْنِ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ، لَهُ وَلِأَبِيهِ وَجَدِّهِ الأَخْنَسِ صُحْبَةٌ. وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا أَوْ حَدِيثَيْنِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ حِطَّانُ بْنُ خُفَافٍ الْجَرْمِيُّ، وَسُهَيْلُ بْنُ ذَرَّاعٍ، وَغَيْرُهُمَا. وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ، شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ، وَلَهُ بِهَا دَارٌ، وَشَهِدَ صِفَّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ، عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا وَأَبِي، وَجَدِّي، فَأَنْكَحَنِي، وَخَطَبَ عَلَيَّ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: إِنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الأَخْنَسِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، كَانَ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ تَمَامُ عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَلا أَعْلَمُ رَجُلا وَابْنَهُ وَابْنَ ابْنِهِ شَهِدُوا بَدْرًا مُسْلِمِينَ غَيْرَهُمْ. قُلْتُ: لا نَعْلَمُ لِيَزِيدَ مُتَابِعٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَضَّلُ الْغِلابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُمْ صُحْبَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: سَمِعْتُ بَكَّارَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا وَلَدَتْ قُرَشَيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خيرًا لها في دينها مِنْ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا وَلَدَتْ قُرَشَيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خَيْرًا لَهَا فِي دُنْيَاهَا مني، فقال معن بن يزيد: ما وَلَدَتْ قُرَشِيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ شَرًّا لَهَا فِي دُنْيَاهَا مِنْكَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ عَوَّدْتَهُمْ عَادَةً كَأَنِّي بِهِمْ قَدْ طَلَبُوهَا مِنْ غَيْرِكَ، فَكَأَنِّي بِهِمْ صَرْعَى فِي الطَّرِيقِ، قَالَ: وَيْحَكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُكَاتِمُهَا نَفْسِي مُنْذُ كَذَا وَكَذَا2. قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ وَغَيْرُهُ: قُتِلَ مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الأَخْنَسِ، وَأَبُوهُ بِرَاهِطٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَقِيَ مَعْنٌ يَسِيرًا بَعْدَ رَاهِطٍ. 110- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي شِهَابٍ الْمَخْزُومِيُّ3 قَالَ يَحْيَى الذِّمَارِيُّ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى الْمُغِيرَةَ بْنِ أَبِي شِهَابٍ، وَقَرَأَ الْمُغِيرَةُ عَلَى عُثْمَانَ بن عفان.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 36"، وأسد الغابة "4/ 401"، وتهذيب الكمال "1358". 2 خبر ضعيف: وأخرجه الطبراني "19/ 440" برقم "1068"، وانظر المجمع "9/ 355". 3 انظر: معرفة القراء "1/ 48، 49". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 111- الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ1 لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَكَانَ سَيِّدًا جَوَّادًا شَرِيفًا وَلِيَ إِصْطَخْرَ لِعَلِيٍّ، ثُمَّ وَلِيَ ثَغْرَ الْهِنْدِ مِنْ قِبَلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَمَاتَ هُنَاكَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَلَهُ سِتُّونَ سَنَةٌ. وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الطَّبَقَةِ الآتية. 112- المنذر بْنُ الزُّبَيْرِ2 بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، أَبُو عُثْمَانَ الأَسَدِيُّ، ابْنُ حَوَارِيِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ. وُلِدَ فِي آخِرِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَغَزَا القُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ، وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ يَزِيدُ وَفَدَ عَلَيْهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: فَحَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ غَاضَبَ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ، فَسَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجَازَهُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَقْطَعَهُ، فَمَاتَ مُعَاوِيَةُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُنْذِرُ الْجَائِزَةَ، وَأَوْصَى مُعَاوِيَةُ أَنْ يَدْخُلَ الْمُنْذِرُ فِي قَبْرِه3. وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ أَخِيهَا الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَخُوهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنَ الشَّامِ قَالَ: وَمِثْلِي يُصْنَعُ بِهِ هَذَا وَيُفْتَاتُ عَلَيْهِ! فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ، فَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا كُنْتُ لِأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِيه، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاقًا4. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَرِيبَةُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: لَمَّا وَرَدَ عَلَى يَزِيدَ خِلافُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنَ الْمُنْذِرِ وَيَبْعَثَ بِهِ، فَأَخْبَرَهُ بِالْكِتَابِ، وَقَالَ: اذْهَبْ وَأَنَا أَكْتُمُ الْكِتَابَ ثَلاثًا، فَخَرَجَ الْمُنْذِرُ، فَأَصْبَحَ اللَّيْلَةَ الثَّامِنَةَ بِمَكَّةَ صَبَاحًا، فارتجز حاديه:   1 انظر: وفيات الأعيان "6/ 349"، والإصابة "3/ 480". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 182"، تاريخ الطبري "5/ 269، 344". 3 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. 4 خبر صحيح: أخرجه مالك "1171" في الموطأ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 قَاسَيْنَ قَبْلَ الصُّبْحِ لَيْلا مُنْكَرَا ... حَتَّى إِذَا الصُّبْحُ انْجَلَى وَأَسْفَرَا أَصْبَحْنَ صَرْعَى بِالْكَثِيبِ حُسَّرَا ... لَوْ يَتَكَلَّمْنَ شَكَوْنَ الْمُنْذِرَا فَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ صَوْتَ الْمُنْذِرِ عَلَى الصَّفَا، فَقَالَ: هَذَا أَبُو عُثْمَانَ حَاشَتْهُ الْحَرْبُ إِلَيْكُمْ1. فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزبير، وعثمان تبن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يُقَاتِلانِ أَهْلَ الشَّامِ بِالنَّهَارِ، وَيُطْعِمَانهمْ بِاللَّيْلِ. وَقُتِلَ الْمُنْذِرُ فِي نَوْبَةِ الْحُصَيْنِ، وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً. "حرف النُّونِ": 113- النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ2: الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ أَبُو لَيْلَى، لَهُ صُحْبَةٌ وَوِفَادَةٌ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: عَاشَ النَّابِغَةُ مِائَةَ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّابِغَةَ قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ: المرء يهوى أن يعيـ ... ش وطول عمر قد يضره وتتابع الأيام حـ ... تى ما يرى شيئًا يسره تفنى بشاشته ويب ... قى بعد حلو العيش مره ثم دخل بيته فلم يخرج حتى مات3. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ، وَلَيْسَ بِثِقَةٍ: سَمِعْتُ النَّابِغَةَ يَقُولُ: أَنْشَدْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلَغَنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا ... وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا فَقَالَ: "أَيْنَ الْمَظْهَرُ يَا أَبَا لَيْلَى"؟ قُلْتُ: الْجَنَّةُ، قَالَ: "أَجَلْ إِنْ شاء الله"، ثم قلت:   1 خبر ضعيف: نسب قريش "245" للزبيري. 2 انظر: الاستيعاب "3/ 581"، أسد الغابة "5/ 2-4". 3 الأمالي للقالي "2/ 8". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 وَلا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ ... بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا وَلا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَلِيمٌ إِذَا مَا أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرَا فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ"1، مَرَّتَيْنِ. قُلْتُ: كَانَ النَّابِغَةُ يَتَنَقَّلُ فِي الْبِلادِ وَيَمْدَحُ الْكِبَارَ؛ وَعُمِّرَ دَهْرًا وَمَاتَ فِي أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدَسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَعْدَةَ. رُوِيَ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ نابغة بني جَعْدَةَ لَمَّا أَقْحَمَتِ السَّنَةُ أَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فَأَنْشَدَهُ فِي الْمَسْجِدِ: حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقَ لَمَّا وَلِيتَنَا ... وَعُثْمَانَ وَالْفَارُوقَ فَارْتَاحَ مُعْدَمُ وَسَوَّيْتَ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْحَقِّ فَاسْتَوَوْا ... فَعَادَ صَبَاحًا حَالِكُ اللَّيْلِ مُظْلِمُ فِي أَبْيَاتٍ، فَأَمَرَ لَهُ بِسَبْعِ قَلائِصَ وَرَاحِلَةِ تَمْرٍ وَبُرٍّ، وَقَالَ لَهُ: لَكَ فِي مَالِ اللَّهِ حَقَّانِ، حَقٌّ لِرُؤْيَتِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَقٌّ لِشَرِكَتِكَ أَهْلَ الإِسْلامِ2، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 114- نجدة بن عامر الحنفي الحروري، من رؤوس الْخَوَارِجِ، مَالَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَتَلُوهُ بِالْجِمَارِ. وَقِيلَ: اخْتَلَفَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَتَلُوهُ فِي سنة تسع وستين. 115- النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرِ3 بْنِ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالَ: أَبُو مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ. شَهِدَ أَبُوهُ بَدْرًا. وَوُلِدَ النُّعْمَانُ سنة اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَحَفِظَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث. روى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن عوف، وأبو سلام   1 حديث ضعيف: أخرجه أبو نعيم "1/ 74" في تاريخ أصفهان، والبيهقي "5/ 251" في الدلائل. 2 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وأخرجه ابن عبد البر "3/ 588" في الاستيعاب. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 322"، وأسد الغابة "5/ 32"، والاستيعاب "3/ 550". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 الأَسْوَدِ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَمَوْلاهِ حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَوَلاهُ الْكُوفَةَ مُدَّةً، وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ بَعْد فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ حِمْصَ مُدَّةً. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وُلِدَ عَامَ الْهِجْرَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ لِلأَنْصَارِ. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أَعْشَى هَمْدَانَ وَفَدَ عَلَى النُّعْمَانِ وَهُوَ أَمِيرُ حِمْصَ فَقَالَ لَهُ: مَا أقَدَمَكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِتَصِلَنِي، وَتَحْفَظُ قَرَابَتِي، وَتَقْضِيَ دَيْنِي، فَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ: هَهْ، كَأنَّهُ ذَكَرَ شَيْئًا، فَقَامَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ حِمْصَ؟ وَهُمْ فِي الدِّيُوانِ عِشْرُونَ أَلْفًا هَذَا ابْنُ عَمِّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ، وَالشَّرَفِ قَدِمَ عَلَيْكُمْ يَسْتَرْفِدُكُمْ، فَمَا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمْيِرَ احْتَكَمَ لَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، قَالُوا: فَإِنَّا قَدْ حَكَمْنَا لَهُ عَلَى أَنْفُسِنَا مِنْ كُلِّ رَجُلٍ فِي الْعَطَاءِ بِدِينَارَيْنِ دِينَارَيْنِ، فَعَجَّلَهَا لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَبَضَهَا1. حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَاللَّهِ مِنْ أَخْطَبَ مَنْ سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا يَتَكَلَّمُ. وَرُوِيَ أَنَّ النُّعْمَانَ لَمَّا دَعَا أَهْلَ حِمْصَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ احْتَزُّوا رَأْسَهُ2. وَقِيلَ: قُتِلَ بِقَرْيَةِ بِيرِينَ، قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ بَعْدَ وَقْعَةِ مَرْجِ رَاهِطٍ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. 116- نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيُّ3 -خ م ن- لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ وشهد الفتح، وغزا مَعَ الصِّدِّيقِ سَنَةَ تِسْعٍ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُطِيعٍ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَنَزَلَ الْمَدِينَةَ فِي بَنِي الدِّيلِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ، وَكَانَ لَهُ ذِكْرٌ وَنِكَايَةٌ، قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي خلافة معاوية.   1 السير "3/ 412". 2 السير "3/ 412". 3 انظر: الاستيعاب "3/ 538"، وأسد الغابة "5/ 47"، والإصابة "3/ 578". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ. وَقِيلَ: عَاشَ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّينَ فِي الإِسْلامِ. وَكَانَ سَلْمَى بْنُ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيِّ جَوَّادًا مُمَدَّحًا، وَفِيهِ يَقُولُ الْجَعْفَرِيُّ: يَسُودُ أَقْوَامٌ وَلَيْسُوا بِسَادَةٍ ... بَلِ السَّيِّدُ الْمَحْمُودُ سَلْمَى بن نوفل "حرف الهاء": 117- هبيرة بن بريم -ع- أَبُو الْحَارِثِ الشِّبَامِيُّ1 وَيُقَالُ: الْخَارِفِيُّ الْكُوفِيُّ. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وأبو فاختة. وقال الإمام أحمد: لا بَأْسَ بِحَدِيثِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ضَعِيفٌ. 118- هَمَّامُ بْنُ قَبِيصَةَ بْنِ مَسْعُودِ2 بْنِ عُمَيْرٍ النُّمَيْرِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ. كَانَ مِنْ أَبْطَالِ مُعَاوِيَةَ، كَانَ عَلَى قَيْسِ دِمَشْقَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَكَانَ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ صَارَتْ لابْنِ جَوْصَا الْمُحَدِّثِ، عِنْدَ حَمَّامِ الْجُبْنِ. قُتِلَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ. وَلَهُ شِعْرٌ. 119- هِنْدُ بْنُ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيُّ3، سِبْطُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، خديجة -رضي الله عنها- قُتِلَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. وَقِيلَ: مَاتَ فِي الطَّاعُونِ بِالْبَصْرَةِ. "حرف الواو": 120- الوليد بْن عُتْبَة4 بْن أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ الأُمَوِيُّ، وَلاه عَمُّهُ معاوية   1 انظر: الطبقات "6/ 170"، الجرح والتعديل "9/ 109". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 307"، وجمهرة أنساب العرب "279". 3 انظر: أسد الغابة "5/ 73"، والإصابة "3/ 612". 4 انظر: الجرح والتعديل "9/ 12"، والسير "3/ 534". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 الْمَدِينَةَ، وَكَانَ جَوَّادًا حَلِيمًا فِيهِ دِينٌ وَخَيْرٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يُوَلِّي عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّةً مَرْوَانَ وَمَرَّةً الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَكَذَا وَلاهُ يَزِيدُ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ، وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، آخِرُهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ الْوَلِيدُ رَجُلَ بَنِي عُتْبَةَ، وَكَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا، تُوُفِّيَ مُعَاوِيَةُ فَقَدِمَ عَلَيْهِ رَسُولُ يَزِيدَ، فَأَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا سِرًّا، فَقَالا: نُصْبِحُ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: إِنْ خرجنا مِنْ عِنْدَكَ لَمْ نَرَهُمَا، فَنَافَرَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَتَغَالَظَا حَتَّى تَوَاثَبَا، وَقَامَ الْوَلِيدُ يُحَجِّزُ بَيْنَهُمَا، فَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِيَدِ الْحُسَيْنِ وَقَالَ: امْضِ بِنَا، وَخَرَجَا، وَتَمَثَّلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لا تَحْسبَنِّي يَا مُسَافِرُ شَحْمَةً ... تَعَجَّلَهَا مِنْ جَانِبِ الْقِدْرِ جَائِعُ فَأَقْبَلَ مَرْوَانُ عَلَى الْوَلِيدِ يَلُومُهُ فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ، مَا كُنْتُ لأَسْفِكُ دِمَاءَهُمَا، وَلا أَقْطَعُ أَرْحَامَهُمَا. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجَادٍ، وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَرَادُوا الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَأَبَى وَهَلَكَ تلك لليالي. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: أَرَادَ أَهْلُ الشَّامِ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَطُعِنَ فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ يَصِحَّ إِنَّهُ قَدِمَ للصة عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَصَابَهُ الطَّاعُونُ فِي صَلاتِهِ، عَلَيْهِ، فَلَمْ يُرْفَعْ إلا وَهُوَ مَيِّتٌ1. "حرف الْيَاءِ": 121- يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ2 بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الحميري البصري الشاعر. كان أحد الشعراء الإسلاميين، وَكَانَ كَثِيرَ الْهَجْوِ وَالشَّرِّ لِلنَّاسِ. فَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ أَرَادَ قَتْلَ ابْنِ مُفَرِّغٍ لِكَوْنِهِ هَجَا أَبَاهُ زِيَادًا ونِفَارُهُ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ، فَمَنَعَهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ قَتْلِهِ، وَقَالَ: أَدِّبْهُ: فَسَقَاهُ مُسْهِلا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى حِمَارٍ، وَطَوَّفَ بِهِ وَهُوَ يَسْلَحُ فِي الأَسْوَاقِ عَلَى الحمار، فقال:   1 السير "3/ 534". 2 انظر: السير "3/ 522، 523"، العقد الفريد "4/ 404"، "6/ 133". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 يَغْسِلُ الْمَاءُ مَا صَنَعْتَ وَشِعْرِي ... رَاسِخٌ مِنْكَ فِي الْعِظَامِ الْبَوَالِي وَقَالَ يُخَاطِبُ مُعَاوِيَةَ: أَتَغْضَبُ أَنْ يُقَالَ: أَبُوكَ حُرٌّ ... وَتَرْضَى أَنْ يُقَالَ: أَبُوكَ زَانِي فَأَشْهَدُ أَنَّ رَحِمَكَ مِنْ زِيَادٍ ... كَرَحِمِ الْفِيلِ مِنْ وَلَدِ الأَتَانِ1 مَاتَ ابْنُ مُفَرِّغٍ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ أَيَّامِ مُصْعَبٍ. 122- يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ2 بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، أَبُو خَالِدٍ الأُمَوِيُّ، وَأُمُّهُ مَيْسُونَ بِنْتُ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيَّةُ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. بُويِعَ بِعَهْدِ أَبِيهِ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ: كَانَ يَزِيدُ كَثِيرَ اللَّحْمِ، ضَخْمًا، كَثِيرَ الشِّعْرِ. وَقَالَ أَبُو مُسْهَرٍ: حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ الْكَلْبِيُّ قَالَ: تَزَوَّجَ مُعَاوِيَةُ مَيْسَونَ بِنْتَ بَحْدَلٍ، وَطَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِيَزِيدَ، فَرَأَتْ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ قَمَرًا خَرَجَ مِنْ قِبَلِهَا، فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَى أُمِّهَا، فَقَالَتْ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَتَلِدِيَنَّ مَنْ يُبَايَعُ لَهُ بِالْخِلافَةِ3. وَفِي سَنَةِ خَمْسِينَ غَزَا يَزِيدُ أَرْضَ الرُّومِ وَمَعَهُ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: حَجَّ بِالنَّاسِ يَزِيدُ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَسَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَسَنَةَ ثَلاثٍ. وَقَالَ أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عُقْبَةَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، عُمَرُ الْفَارُوقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، ابْنُ عَفَّانَ ذُو النُّورَيْنِ قُتِلَ مَظْلُومًا يُؤْتَى كِفْلَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ، مُعَاوِيَةُ وَابْنُهُ مَلَكَا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، وَالسَّفَّاحُ، وَسَلامٌ، وَمَنْصُورٌ، وَجَابِرٌ وَالْمَهْدِيُّ، وَالأَمِينُ، وَأَمِيرُ الْعُصَبِ، كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، كُلُّهُمْ صَالِحٌ، لا يُوجَدُ مِثْلُهُ4.   1 انظر: الأغاني "18/ 265، 271"، وفيات الأعيان "6/ 350". 2 انظر: وفيات الأعيان "6/ 347-349"، والأغاني "7/ 120". 3 خبر حسن. 4 إسناده ضعيف. في متنه نكارة، فإن ابن العاص لم يشهد الدولة العباسية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 رَوَى نَحْوَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِينَ بَعَثَهُ يَزِيدُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: تَعْلَمُ: إِنِّي أَجِدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّكَ سَتُعَنَّى وتُعَنَّى وَتَدَّعِي الْخِلافَةَ وَلَسْتَ بِخَلِيفَةَ، وَإِنِّي أَجِدُ الْخَلِيفَةَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ. وَرَوَى زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ قَالَ: زُرْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الحسن، فَخَلَوْتُ بِهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَرَى مَا النَّاسُ فِيهِ؟ فَقَالَ لِي: أَفْسَدَ أَمْرَ النَّاسِ اثْنَانِ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَوْمَ أَشَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ، فَحُمِلَتْ، وَقَالَ: أَيْنَ الْقُرَّاءُ، فَحَكَمَ الْخَوَارِجُ، فَلا يَزَالُ هَذَا التَّحْكِيمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَإِنَّهُ كَانَ عَامِلَ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْكُوفَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ: إِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ مَعْزُولا، فَأَبْطَأَ عَنْهُ، فلما وَرَدَ عَلَيْهِ قَالَ: مَا أَبْطَأَ بِكَ؟ قَالَ: أَمْرٌ كُنْتُ أُوَطِّئُهُ وَأُهَيِّئُهُ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الْبَيْعَةُ لِيَزِيدَ من بعدك، قال: أوفعلت؟ قال: نعم، قال: ارجع إلى عَمَلِكَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: وَضَعْتُ رِجْلَ مُعَاوِيَةَ فِي غَرْزِ غَيٍّ لا يَزَالُ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَايَعَ هَؤُلاءِ لِأَبْنَائِهِمْ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَكَانَتْ شُورَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَرَوَى هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ وَفَدَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ بِمَنْ تَسْتَخْلِفُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: نَصَحْتَ وَقُلْتُ بِرَأْيِكَ، وَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلا ابْنِي وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَابْنِي أَحَقُّ. وقال أبو بكر بن أبي مريم، عن عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ إِنَّمَا عَهِدْتُ لِيَزِيدَ لَمَّا رأيت من فضله، فبلغه ما أملت وأعنه، وَإِنْ كُنْتُ إِنَّمَا حَمَلَنِي حُبُّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَأنَّهُ لَيْسَ لِمَا صَنَعْتُ بِهِ أَهْلا، فَاقْبِضْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ السَّعِيدِيُّ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يعطي عبد الله بن   1 خبر ضعيف: فيه ابن أبي مريم من الضعفاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 جَعْفَرٍ كُلَّ عَامٍ أَلْفَ أَلْفٍ، فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى يَزِيدَ أَعْطَاهُ أَلْفَ أَلْفٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَمَرَ لَهُ بألفا ألف أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّهِ لا أَجْمَعُهُمَا لِأَحَدٍ بَعْدَكَ. مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، ثنا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، ثنا مُهَاجِرٌ أَبُو مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَوَّلُ مَنْ يُبَدِّلُ سُنَّتِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: يَزِيدُ"1. أَخْرَجَهُ الرُّويَانِيُّ فِي "مُسْنَدِه"، عَنْ بُنْدَارٍ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عَوْفٍ، وَلَيْسَ فِيهِ أَبُو مُسْلِمٍ. وَفِي "مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى": ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي قَائِمًا بِالْقِسْطِ، حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُ مَنْ يَثْلَمُهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالَ لَهُ: يَزِيدُ"2. وَرَوَاهُ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخَشْنِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَهُ. لَمْ يَلْقَ مَكْحُولٌ أَبَا ثَعْلَبَةَ، وَقَدْ أَدْرَكَهُ وَصَدَّقَةُ السَّمِينُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ جُوَيْرِيَةَ تَلْعَبُ وَتُغَنِّي فِي يَزِيدَ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: لَسْتَ مِنَّا وَلَيْسَ خَالُكَ مِنَّا ... يَا مُضِيعَ الصَّلاةِ لِلشَّهَوَاتِ فَدَعَا بِهَا وَقَالَ: لا تَقُولِي: لَسْتَ مِنَّا قُولِي: أَنْتَ مِنَّا. وَقَالَ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ، ثُمَّ تَشَهَّدَ وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانٍ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْغَدْرِ أَلا يَكُونَ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلا على   1 حديث ضعيف: فيه انقطاع. 2 حديث ضعيف: إسناده مرسل. وانظر المجمع "5/ 241". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يَنْكُثُ" 1 فَلا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ. وَزَادَ فِيهِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ: فَمَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية، فأرادوا عَلَى خَلْعِ يَزِيدَ، فَأَبَى، وَقَالَ ابْنُ مُطِيعٍ: إِنَّ يَزِيدَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَتْرُكُ الصَّلاةَ، وَيَتَعَدَّى حُكْمَ الْكِتَابِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِنْهُ مَا تَذْكُرُونَ، وَقَدْ أَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَرَأَيْتُهُ مُوَاظِبًا لِلصَّلاةِ، مُتَحَرِيًّا لِلْخَيْرِ، يَسْأَلُ عَنِ الْفِقْهِ، قَالَ: كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَصَنُّعًا لَكَ وَرِيَاءً. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَنْشَدَنِي عَمِّي لِيَزِيدَ: آبَ هَذَا الْهَمُّ فَاكْتَنَعَا ... وَأَمَرَ النَّوْمَ فَامْتَنَعَا رَاعِيًا لِلنَّجْمِ أَرْقُبُهُ ... فَإِذَا مَا كَوْكَبٌ طَلَعَا حَامَ حَتَّى إِنَّنِي لأَرَى ... أَنَّهُ بِالْغَوْرِ قَدْ وَقَعَا وَلَهَا بِالْمَاطِرُونَ إِذَا ... أَكَلَ النَّمْلُ الَّذِي جَمَعَا نَزْهَةٌ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ ... نَزَلَتْ مِنْ جِلَّقٍ بِيَعَا فِي قِبَابٍ وَسْطَ دَسْكَرةٍ ... حَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ رَجُلٌ يَزِيدَ فَقَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: تَقُولُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عِشْرِينَ سَوْطًا. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ يَزِيدُ فِي نِصْفِ رَبِيعِ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. 123- يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ2 وَالِدُ الْحَجَّاجِ. قَدِمَ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى الشَّامِ، وَذَهَبَ إِلَى مِصْرَ وَإِلَى الْمَدِينَةِ. لَهُ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقِيلَ: عَنِ ابْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَكَانَ مَعَ مَرْوَانَ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ.   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 48". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 612"، الكامل "4/ 191". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 الكنى: 124- أبو الأسود الدؤلي1 "ع" ويقال: الديلي، قَاضِي الْبَصْرَةِ، اسْمُهُ ظَالِمُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى الأَشْهَرِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كعب، وابن مسعود، وأبي ذر، وَالزُّبَيْرِ. قال الداني: وقرأ القرآن على: عثمان، وعلي. قرأ عليه: ابنه أبو حرب، ونصر بن عاصم، وحمران بن أعين، ويحيى بن يعمر. روى عنه: ابنه أبو حرب، ويحيى بن يعمر، وعبد الله بن بريدة، وعمر مولى غفرة. قال أحمد العجلي: ثقة، وهو أول من تكلم في النحو. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَاتَلَ يَوْمَ الْجَمَلِ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ مِنْ وُجُوهِ شِيعَتِهِ، وَمِنْ أَكْمَلَهُمْ رَأْيًا وَعَقْلا، وَقَدْ أمره علي -رضي الله عنهم- بِوَضْعِ النَّحْوِ، فَلَمَّا أَرَاهُ أَبُو الأَسْوَدِ مَا وَضَعَ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا النَّحْوَ الَّذِي نَحَوْتَ، وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْوُ نَحْوًا. وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَدَّبَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ. وَذَكَرَ ابْنُ دَأْبٍ أَنَّ أَبَا الأْسَوَدِ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهم، فَأَدْنَى مَجْلِسَهُ وَأَعْظَمَ جَائِزَتَهُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: وَمَا طَلَبُ الْمَعِيشَةِ بِالتَّمَنِّي ... وَلَكِنْ أَلْقِ دَلْوَكَ فِي الدلاء نجيء بمثلها طَوْرًا وَطَوْرًا ... تَجِيءُ بِحِمْأَةٍ وَقَلِيلِ مَاءٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: أَبُو الأَسْوَدِ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ بَابَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَالْمُضَافَ، وَحَرْفَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ وَالْجَزْمِ، فَأَخَذَ عَنْهُ ذَلِكَ يَحْيَى بن يعمر2.   1 انظر: الأمالي "2/ 12، 202" للقالي، الطبقات الكبرى "7/ 99". 2 طبقات الشعراء "ص/ 12". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 وقال أبو عبيدة ابن الْمُثَنَّى: أَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ الْعَرَبِيَّةَ أَبُو الأَسْوَدِ، فَسَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ: {إِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِهُ} [التوبة: 3] فَقَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَمْرَ النَّاسِ قَدْ صَارَ إِلَى هَذَا، فَقَالَ لِزِيَادِ الأَمِيرِ: ابْغِنِي كَاتِبًا لَقِنًا، فَأَتَى بِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الأَسْوَدِ: إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ فَتَحْتَ فَمِي بِالْحَرْفِ فَانْقُطْ نُقْطَةً أَعْلاهُ، وَإِذَا رَأَيْتَنِي ضَمَمْتُ فَمِي فَانْقُطْ نُقْطَةً بَيْنَ يَدَيِ الْحَرْفِ، وَإِنْ كَسَرْتُ فَانْقُطْ تَحْتَ الْحَرْفِ، فَإِذَا أَتْبَعْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غُنَّةً فَاجْعَلْ مَكَانَ النُّقْطَةِ نُقْطَتَيْنِ. فَهِذِهِ نُقَطُ أَبِي الأَسْوَدِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ ثنا الْمَازِنِيُّ قَالَ: السَّبَبُ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ أَبَّوَابُ النَّحْوِ، أَنَّ ابْنَةَ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَتْ: مَا أَشَدُّ الْحَرِّ؟ قَالَ: الْحَصْبَاءُ بِالرَّمْضَاءِ، قالت: إنما تعجبت من شدته، فقال: أوقد لَحَنَ النّاسُ؟ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلِيًّا عَلَيْهِ الرُّضْوَانُ، فَأَعْطَاهُ أُصُولا بَنَى مِنْهَا، وَعَمِلَ بَعْدَهُ عَلَيْهَا. وهو أول من نقط المصاحف. وأخذ عنه النَّحْوِ عَنْبَسَةُ الْفِيلِ، وَأَخَذَ عَنْ عَنْبَسَةَ مَيْمُونٌ الأَقْرَنُ، ثُمَّ أَخَذَهُ عَنْ مَيْمُونٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرِميُّ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: عِيسَى بْنُ عُمَرَ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: عِيسَى الْخَلِيلُ، وَأَخَذَهُ عَنِ الْخَلِيلِ: سِيبَوَيْهِ، وَأَخَذَهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ: سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الأَخْفَشُ1. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سَلْمٍ الْبَاهِلِيُّ: ثنا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ فَرَأَيْتُهُ مُطْرِقًا، فَقُلْتُ فِيمَ تُفَكِّرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ بِبَلَدِكُمْ لَحْنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ كِتَابًا فِي أُصُولِ الْعَرَبِيَّةِ، فَقُلْتُ: إِنْ فَعَلْتَ هَذَا أَحْيَيْتَنَا، فَأَتَيْتُهُ بَعْد أَيَّامٍ، فَأَلْقَى إِلَيَّ صَحِيفَةٍ فِيهَا: الْكَلامُ كُلُّهُ: اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ، فَالاسْمُ مَا أَنْبَأَ عَنِ الْمُسَمَّى، وَالْفِعْلُ مَا أَنْبَأَ عَنْ حَرَكَةِ الْمُسَمَّى، وَالْحَرْفُ مَا أَنْبَأَ عَنْ مَعْنًى لَيْسَ بِاسْمٍ وَلا فِعْلٍ. ثُمَّ قَالَ: تَتَبَّعْهُ وَزِدْ فِيهِ مَا وَقَعَ لَكَ، فَجَمَعْتُ أَشْيَاءَ، ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ: ثنا حَيَّانُ بْنُ بِشْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو الأَسْوَدِ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ: أَرَى الْعَرَبَ قَدْ خَالَطَتِ الْعَجَمَ، فَتَغَيَّرَتْ أَلْسِنَتُهُمْ، أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَصْنَعَ لِلْعَرَبِ كَلامًا يُقِيمُونَ بِهِ كَلامَهُمْ؟ قَالَ: لا، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، تُوُفِّيَ أَبَانَا وَتَرَكَ بَنُونٌ، فَقَالَ: ادْعُ لِي أَبَا الأَسْوَدِ، فَقَالَ: ضَعْ لِلنَّاسِ الَّذِي نهيتك عنه أن تضع لهم.   1 الأغاني "12/ 298". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 قَالَ الْجَاحِظُ: أَبُو الأَسْوَدِ مُقَدَّمٌ فِي طَبَقَاتِ النَّاسِ، كَانَ مَعْدُودًا فِي الْفُقَهَاءِ، وَالشُّعَرَاءِ، وَالْمُحَدِّثِينَ، وَالأَشَّرَافِ، وَالْفُرْسَانِ، وَالأُمَرَاءِ، وَالزُّهَّادِ، وَالنُّحَاةِ، وَالْحَاضِرِي الْجَوَابِ، وَالشِّيعَةِ، وَالْبُخَلاءِ، وَالصُّلَعِ الأَشَّرَافِ. تُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ سنة وقيل: قبل ذَلِكَ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 125- أَبُو بَشِيرٍ الأنصاري –خ م د-السَّاعِدِيُّ1، وَقِيلَ: الْمَازِنِيُّ، اسْمُهُ: قَيْسٍ الأَكْبَرُ بْنُ عبيد. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، وَضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ نَافِعٍ. لَهُ حَدِيثُ: "لا تَبْقَى فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلادَةٌ إِلا قُطِعَتْ" 2، وَحَدِيثَانِ آخَرَانِ. وَقَدْ جُرِحَ يَوْمَ الْحَرَّةِ جِرَاحَاتٍ. 126- أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ3 الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ، الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ، وَاذْهَبُوا بِهَذِهِ الْخَمِيصَةِ إِلَيْهِ" 4، وَكَانَ لَهَا أَعْلامٌ. وَاسْمُهُ عُبَيْدٌ، وَهُوَ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، أُحْضِرَ فِي تَحْكِيمِ الْخَصْمَيْنِ، وَكَانَ عَالِمًا بِالنَّسَبِ، وَقَدْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُصَدِّقًا، وَكَانَ مُعَمَّرًا بَنَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعَهُمُ الْكَعْبَةَ، ثُمَّ بَقِيَ حَتَّى بَنَى فِيهَا مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ابْتَنَى أَبُو جَهْمٍ بِالْمَدِينَةِ دَارًا وكان عمر -رضي الله عنهم- قَدْ أَخَافَهُ وَأَشْرَفَ عَلَيْهِ حَتَّى كَفَّ مِنْ غَرْبِ لِسَانِهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ سُرَّ بِمَوْتِهِ، وَجَعَلَ يَوْمَئِذٍ يَحْتَبِشُ فِي بَيْتِهِ، يَعْنِي يَقْفِزُ عَلَى رِجْلَيْهِ5. وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: طَلَّقَنِي زَوْجِي الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ أَبْتَغِي النَّفَقَةَ، فَقَالَ:   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 236"، والاستيعاب "4/ 24"، والإصابة "4/ 20، 21". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 18"، ومسلم "2115"، وأبو داود "2552"، وأحمد "5/ 216". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 451"، والاستيعاب "4/ 32"، وأسد الغابة "5/ 162". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 99"، ومسلم "565"، وأبو داود "4052"، وأحمد "6/ 37، 199"، وابن ماجه "3550". 5 الطبقات الكبرى "5/ 451". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، وَعَلَيْكِ الْعِدَّةٌ، انْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ، وَلا تُفَوِّتِينِي بِنَفْسِكِ" ثُمَّ قَالَ: "أُمُّ شَرِيكٍ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِخْوَتُهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ". فَلَمَّا حَلَلْتُ خَطَبَنِي مُعَاوِيَةُ وَأَبُو جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما معاوية فعائل لا شي له، وأما أبو جهم فإنه ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ أُسَامَةَ" 1، فَكَأَنَّ أَهْلَهَا كَرِهُوا ذَلِكَ، فَنَكَحَتْهُ. وَقَدْ شَهِدَ أَبُو جَهْمٍ الْيَرْمُوكِ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَرْوِ شَيْئًا مَعَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ. وَحَكَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ أَنَّ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ فِيكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْمَسِيحِ: نَمِيلُ عَلَى جَوَانِبِهِ كَأَنَّا ... نَمِيلُ إِذَا نَمِيلُ عَلَى أَبِينَا نُقَلِّبَهُ لنخبر حالتيه ... فنخبر منهما كَرَمًا وَلِينًا فَأَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: وَفَدَ أَبُو جَهْمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ، وَاعْتَذَرَ فَلَمْ يَرْضَ بِهَا، فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ وَفَدَ عَلَيْهِ، فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ أَلْفًا، فَقُلْتُ: غُلامٌ نَشَأَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، وَمَعَ هَذَا فَابْنُ كَلْبِيَّةٍ، فَأَيُّ خَيْرٍ يُرْجَى مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَتَيْتُهُ وَافِدًا، فَقَالَ: إِنَّ عَلَيْنَا مُؤَنًا وَحِمَالاتٍ، وَلَمْ أَجْهَلْ حَقَّكَ، فَإِنِّي غَيْرُ مُخَيِّبِ سَفَرَكَ، هَذِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا، فَقُلْتُ: مَدَّ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَمْ تَقُلْ هَذَا لِمُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ، وَقَدْ نِلْتَ مِنْهُمَا مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا، قُلْتُ: نَعَمْ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قُلْتُ هَذَا، وَخِفْتُ إِنْ أَنْتَ هَلَكْتَ أَنْ لا يَلِي أَمْرَ النَّاسِ بَعْدَكَ إِلا الْخَنَازِيرُ. 127- أمَّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ2 هندَ بنتَ أَبِي أُمَيّة بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر بْن مَخْزُومٍ الْمَخْزُومِيَّةُ بِنْتُ عَمِّ أَبِي جَهْلٍ، وَبِنْتُ عَمِّ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. بَنَى بِهَا النَّبِيُّ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ، وَهُوَ أَخُو النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الرضاعة.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1480"، وابن ماجه "1869"، وأحمد "6/ 412". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 86-98"، والاستيعاب "4/ 454"، وأسد الغابة "5/ 588". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهَا: الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو وَائِلٍ شَقِيقٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ بْنِ مُطْعِمٍ، وَنَافِعٌ مَوْلاهَا، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، وَطَالَ عُمْرُهَا، وَعَاشَتْ تِسْعِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَهِيَ آخِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَفَاةً، وَقَدْ حَزِنَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَبَكَتْ عَلَيْهِ، وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي خِلافَةِ يَزِيدَ. وَأَبُوهَا أَبُو أمية يقال: اسمه حذيفة ويلقب بزاد الركب، وَكَانَ أَحَدَ الأَجْوَادِ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: اسْمَهَا رَمْلَةَ. وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ سَعِيدًا وَأَبَا هُرَيْرَةَ تُوُفِّيَا قَبْلَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ سَلَمَةَ حَزِنْتُ حُزْنًا شَدِيدًا -لَمَّا ذَكَرُوا لَهَا مِنْ جَمَالِهَا- فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى رَأَيْتُهَا وَاللَّهِ أَضْعَافَ مَا وُصِفَتْ لِي فِي الْحُسْنِ والجمال، فذكرت ذلك لحفصة -وكانت يَدًا وَاحِدَةً- فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ إِنَّهَا الْغَيْرَةُ وَمَا هِيَ كَمَا تَقُولِينَ إِنَّهَا لَجَمِيلَةٌ، فَرَأَيْتُهَا بَعْدُ فَكَانَتْ كَمَا قَالَتْ حَفْصَةُ، وَلَكِنَّ كُنْتُ غَيْرَى1. قَالَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِد الزَّنْجِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: "إِنِّي قد أهديت إلى النجاشي أواق مِنْ مِسْكٍ وَحُلَّةً، وَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ مَاتَ، وَلا أَرَى الْهَدِيَّةَ إِلا سَتُرَدُّ، فَإِذَا رُدَّتْ فهي لك"2.   1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 94" في طبقاته. 2 حديث ضعيف: وأخرجه ابن سعد "8/ 94". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 قَالَتْ: فَكَانَ كَمَا قَالَ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ مِسْكٍ، وَأَعْطَى سَائِرَهُ أُمَّ سَلَمَةَ، وَأَعْطَاهَا الْحُلَّةَ. الْقَعْنَبِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكَانَ يَوْمُهَا، فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِيَهُ1. الْوَاقِدِيُّ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: صَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ. قُلْتُ: هَذَا مِنْ غَلَطِ الْوَاقِدِيِّ، أَبُو هُرَيْرَةَ مَاتَ قَبْلَهَا. *أَبُو رُهْمٍ السَّمَاعِيُّ –د ن ق- ويقال: السمعي2. اسمه أحزاب بن أسيد، ويقال: أسد، الظهري، ويقال: بِكَسْرِ الظَّاءِ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ أَوْلادِ السَّمَعِ -وَيُقَالُ: السَّمَعُ بِكَسْرِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ- بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَمَنْ قَالَ: لا صُحْبَةَ لَهُ جَعَلَ الْحَدِيثَ مُرْسَلا. وَرَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَارِثُ بْنُ زِيَادٍ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ، وَمَكْحُولٌ الشَّامِيُّ، وَشُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، وجماعة. روى له أبو دَاوُدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. 128- أَبُو الرَّبَابِ الْقُشَيْرِيُّ3 وَاسْمُهُ مُطَرِّفُ بْنُ مَالِكٍ، بَصْرِيٌّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَثِقَاتِهِمْ. لَقِيَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَكَعْبَ الأَحْبَارِ، وَأَبَا مُوسَى، وَشَهِدَ فَتْحَ تُسْتَرَ. رَوَى عَنْهُ: زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن سيرين.   1 حديث ضعيف: إسناده مرسل. وأخرجه أحمد "6/ 291"، وابن سعد "8/ 95" في الطبقات. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 438"، أسد الغابة "5/ 196"، الإصابة "4/ 75". 3 انظر: التاريخ الكبير "7/ 396"، والجرح والتعديل "8/ 312". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الدرداء نعوده، وهو يومئذ أَمِيرٌ، وَكُنْتُ خَامِسَ خَمْسَةٍ فِي الَّذِينَ وُلُّوا قَبْضَ السُّوسِ، فَأَتَانِي رَجُلٌ بِكِتَابٍ فَقَالَ: بِيعُونِيهِ، فإنه كتاب الله أحسن أقرأه ولا تُحْسِنُونَ، فَنَزَعْنَا دَفَّتَيْهِ، فَاشْتَرَاهُ بِدِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجْنَا إِلَى الشَّامِ، وَصَحِبَنَا شَيْخٌ عَلَى حِمَارٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ يَقْرَأُهُ ويبكي، فقلت: ما أشبه هذا المصحف بمصحف شأنه كذا وكذا، فقال: إنه ذاك، قلت: فَأَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أَرْسِلْ إِلَيَّ كَعْبُ الأَحْبَارِ عَامَ أَوَّلَ فَأَتَيْتُهُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَيَّ، فَهَذَا وَجْهِي إِلَيْهِ، قُلْتُ: فَأَنَا مَعَكَ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا الشَّامَ، فَقَعَدْنَا عِنْدَ كَعْبٍ، فَجَاءَ عِشْرُونَ مِنَ الْيَهُودِ فِيهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ بِحَرِيرَةٍ فَقَالُوا: أَوْسَعُوا أَوْسَعُوا، وَرَكِبْنَا أَعْنَاقَهُمْ، فَتَكَلَّمُوا فَقَالَ كَعْبٌ: يَا نُعَيْمُ، أَتُجِيبُ هَؤُلاءِ أَوْ أُجِيبُهُمْ؟ قَالَ: دَعُونِي حَتَّى أَفْقَهَ هَؤُلاءِ مَا قَالُوا، ثُمَّ أُجِيبُهُمْ، إِنَّ هَؤُلاءِ أَثْنَوْا عَلَى أَهْلِ مِلَّتِنَا خَيْرًا، ثُمَّ قَلَبُوا أَلْسِنَتَهُمْ، فَزَعَمُوا أَنَّا بِعْنَا الآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، هَلُمَّ فَلْنُوَاثِقْكُمْ، فَإِنْ جِئْتُمْ بِأَهْدَى مِنْهُ لَتَتَّبِعُنَّا، قَالَ: فَتَوَاثَقُوا، فَقَالَ كَعْبٌ: أَرْسِلْ إِلَيَّ ذَلِكَ الْمُصْحَفَ، فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أن يَكُونَ هَذَا بَيْنَنَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، لا يُحْسِنْ أَحَدٌ يَكْتُبُ مِثْلَهُ الْيَوْمَ، فَدَفَعَ إِلَى شَابٍّ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ كَأَسْرَعِ قَارِئٍ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى مَكَانٍ مِنْهُ نَظَرَ إِلَى أصحابه كَالرَّجُلِ يُؤْذِنُ صَاحِبَهُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ جَمَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ بِهِ، فَنَبَذَهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: آهِ، وَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَقَرَأَ، فَأَتى عَلَى آيَةٍ مِنْهُ، فَخَرُّوا سُجَّدًا، وَبَقِيَ الشَّيْخُ يَبْكِي، فَقِيلَ: وَمَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: وَمَالِي لا أَبْكِي، رَجُلٌ عَمِلَ فِي الضَّلالَةِ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، وَلَمْ أَعْرِفِ الإِسْلامَ حَتَّى كَانَ الْيَوْمَ. هَمَّامٌ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَصَبْنَا دَانِيَالَ بِالسُّوسِ1 فِي بَحْرٍ مِنْ صَفَرٍ، وَكَانَ أَهْلُ السُّوسِ إِذَا اسْتَقَوَا اسْتَخْرَجُوهُ فاستسقوا به، وأصبنا معه ربطتي كِتَّانٍ، وَسِتِّينَ جَرَّةً مَخْتُومَةً، فَفَتَحْنَا جَرَّةً، فَوَجَدْنَا فِي كُلِّ جَرَّةِ عَشْرَةَ آلافٍ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ رَبْعَةً فِيهَا كِتَابٌ، وَكَانَ مَعَنَا أَجِيرٌ نَصْرَانِيُّ يُقَالُ لَهُ: نُعَيْمٌ، فَاشْتَرَاهَا بِدِرْهَمَيْنِ. قَالَ هَمَّامٌ: قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو حَسَّانٍ أَنَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: حُرْقُوصٌ، فَأَعْطَاهُ مُوسَى الرَّيْطَتَيْنِ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، ثُمَّ إِنَّهُ طَلَبَ أن يرد عليه الريطتين،   1 السوس: بلدة من أعمال خراسان، وُجد بها قبر نبي الله دانيال -عليه السلام. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 فَأَبَى، فَشَقَّقَهُمَا عَمَائِمَ، فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَعَا اللَّهَ أَنْ لا يَرِثَهُ إِلا الْمُسْلِمُونَ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَادْفِنْهُ. قَالَ هَمَّامٌ: وثنا فَرْقَدٌ، ثنا أَبُو تَمِيمَةَ أَنَّ كِتَابَ عُمَرَ جَاءَ: أَنِ اغْسِلْهُ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ مُطَرِّفٍ قَالَ: فَبَدَا لِي أَنْ آتِيَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَبَيْنَا أَنَا فِي الطريق إذ أَنَا بِرَاكِبٍ شَبَّهْتُهُ بِذَلِكَ الْأَجِيرِ النَّصْرَانِيِّ، فَقُلْتُ: نُعَيْمٌ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: مَا فَعَلَتْ نَصْرَانِيَّتُكَ؟ قَالَ: تَحَنَّفْتُ بَعْدَكَ، ثُمَّ أَتَيْنَا دِمَشْقَ، فَلَقِينَا كَعْبًا، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَاجْعَلُوا الصَّخْرَةَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا ثَلاثِينَ، حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لِكَعْبٍ: أَلا تُعْدِينِي عَلَى أَخِيكَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ، فَجَعَلَ لَهَا مِنْ كُلِّ ثَلاثِ لَيَالٍ لَيْلَةً، ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَسَمِعَتِ الْيَهُودُ بِنُعَيْمٍ وَكَعْبٍ، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ كعب: إن هذا كتاب قديم، وغنه بِلُغَتِكُمْ فَاقْرَأُوهُ، فَقَرَأَهُ قَارِئُهُمْ، فَأَتَى عَلَى مَكَانٍ مِنْهُ، فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ، فَغَضِبَ نُعَيْمٌ، فَأَخَذَهُ وَأَمْسَكَهُ، ثم قَرَأَ قَارِئُهُمْ حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانَ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] فَأَسْلَمَ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ حَبْرًا، وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ فَفَرَضَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ وَأَعْطَاهُمْ. قَالَ هَمَّامٌ: وَحَدَّثَنِي بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَمَرَّ بِهِمْ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ فَقَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتُمْ، إِنَّ كَعْبًا لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ: أَلا رَجُلٌ أَئْتَمِنُهُ عَلَى أَمَانَةٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَدَفَعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْكِتَابَ وقال: راكب الْبُحَيْرَةَ، فَإِذَا بَلَغْتَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَاقْذِفْهُ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ كَعْبٍ فَقَالَ: هَذَا كِتَابٌ فِيهِ عِلْمٌ، وَيَمُوتُ كَعْبٌ، لا أُفَرِّطُ بِهِ، فَأَتَى كَعْبًا وَقَالَ: فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي، قَالَ: وَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعَلِمَ كَذِبَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى رَدَّ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَلَمَّا أَيْقَنَ كَعْبٌ بِالْمَوْتِ قَالَ: أَلا رَجُلٌ يُؤَدِّي أَمَانَتِي؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَرَكِبَ سَفِينَةً، فَلَمَّا أَتَى ذَلِكَ الْمَكَانَ ذَهَبَ لِيَقْذِفَهُ، فَانْفَرَجَ لَهُ الْبَحْرُ حَتَّى رَأَى الأرض، فقذفه فأتاه وأخبره، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا التَّوْرَاةُ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، مَا غُيِّرَتْ وَلا بُدِّلِتْ، وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ نَتَّكِلَ عَلَى مَا فِيهَا، وَلَكِنْ قُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَلَقِّنُوهَا مَوْتَاكُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ هُدْبَةَ، ثنا هَمَّامٌ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 129- أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ الْعَدَوِيُّ الْكَعْبِيُّ1، مِنْ عَرَبِ الْحِجَازِ، فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، أَشْهَرُهَا خُوَيْلِدُ بْنُ عَمْرٍو. أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَصَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ. حَدَّثَ عَنْهُ: نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَابْنُهُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ بِالْمَدِينَةِ. 130- أُمُّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةُ نُسَيْبَةُ2، الَّتِي أَمَرَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُغِسِّلَ بِنْتَهُ زَيْنَبَ3. رَوَى عَنْهَا: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأُخْتُهُ حَفْصَةُ، وَأُمُّ شَرَاحِيلَ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير. هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبع غَزَوَاتٍ، فَكُنْتُ أَصْنَعُ لَهْمُ طَعَامَهُمْ، وَأَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، وَأُدَاوِي الْجَرْحَى، وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى4. وَعَنْ أُمِّ شَرَاحِيلَ مَوْلاةِ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: كَانَ علي -رضي الله عنهم- يقيل عِنْدِي، فَكُنْتُ أَنْتِفُ إبْطَهُ بِوَرْسَةٍ. 131- أَبُو كَبْشَةَ –د ت ق- الْأَنْمَارِيُّ الْمَذْحِجِيُّ، اسْمُهُ عُمَرُ5، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ سعد. له صحبة ورواية، نزل الشام. روى عنه: ثَابِتُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ الطَّائِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْحَبْرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يحيى أبو عامر الهوزني.   1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 295"، والاستيعاب "4/ 101"، والإصابة "4/ 101". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 455"، وأسد الغابة "5/ 603"، والإصابة "4/ 476". 3 حديث صحيح: أخرجه مالك "1/ 222"، والبخاري "3/ 102"، ومسلم "939"، وأبو داود "3142"، والترمذي "990"، والنسائي "4/ 28"، وابن ماجه "1458". 4 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1812"، وابن سعد "8/ 455" في طبقاته. 5 انظر: أسد الغابة "5/ 281"، الاستيعاب "44/ 166"، الإصابة "4/ 164". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 132- أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ1 لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وَاسْمُهُ مختلف فيه، فقيل: كعب بن عاصم، وَقِيلَ: عَامِرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. رَوَى أَحَادِيثُ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن غنم، وأم الدرداء، وربيعة الجرشي، وأبو سلام الأسود، وشهر بن حوشب، وعطاء بن يسار، وشريح بن عبيد. وكان يكون بالشام. قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ، قَدِيمُ الْمَوْتِ بِالشَّامِ، اسْمُهُ كَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ أَبُو مَالِكٍ فِي خِلافَةِ عُمَرَ. وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ غَنْمٍ قَالَ: طُعِنَ مُعَاذٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَبُو مَالِكٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا رِوَايَةِ أَبِي سَلامٍ وَمَنْ بَعْدَهُ، عَنْ أَبِي مالك مرسلة منقطعة، وهذا الإرسال كثير في حديث الشاميين. روى صفوان بن عمرو، عَنْ شُرَيْحٍ عَنْ عُبَيْدٍ، أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: يَا سَامِعَ الأَشْعَرِيِّينَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "حُلْوَةٌ الدُّنْيَا مُرَّةٌ الآخِرَةُ وَمُرَّةٌ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ الآخِرَةِ" 2، 3. 133- أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ4 الدَّارَانِيُّ الزَّاهِدُ، سَيِّدُ التَّابِعِينَ بِالشَّامِ. اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: ابْنُ ثَوَابٍ، وَقِيلَ: ابْنُ عُبَيْدٍ، وَقِيلَ: ابْنُ مُسْلِمٍ، وَقِيلَ: اسْمُهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَوْفٍ. قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي عبيدة، وأبي ذر، وعبادة بن الصامت.   1 انظر: أسد الغابة "5/ 288"، والإصابة "3/ 294". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "5/ 342"، والحاكم "4/ 310"، والطبراني "3/ 331" في الكبير. 3 في الأصل: ينبغي أن تحول ترجمته إلى طبقة معاذ، وحولت إلى طبقة معاذ أخصر من هذا فليعلم، فمن أراد أن يكملها من هنا فليفعل. 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، والاستيعاب "2/ 272"، والسير "4/ 7". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ الْخَوْلانِيُّ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَعُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَفِي بَعْضِ هَؤُلاءِ مِنْ رِوَايَتُهُ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا شُرَحْبِيلُ بن مسلم قال: أتى أبو مُسْلِمٌ الْخَوْلانِيُّ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: ثنا شُرَحْبِيلُ أَنَّ الأَسْوَدَ تَنَبَّأَ بِالْيَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَتَاهُ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى أَبَا مُسْلِمٍ فِيهَا، فَلَمْ تَضُرَّهُ، فَقِيلَ لِلأَسْوَدِ: إِنْ تَنْفِ هَذَا عَنْكَ أَفْسَدَ عليك من اتبعك، فأمره بالرحيل، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ، فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الْكَذَّابُ بِالنَّارِ، قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوبٍ، قَالَ: فَنَشَدْتُكَ بِاللَّهِ أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيقِ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ1. رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ، فذَكَرَهُ. وَيُرْوَى عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ كَعْبًا رَأَى أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ قَالَ: هَذَا حَكِيمُ هَذِهِ الأُمَّةِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهري قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَانَ يَتَنَاوَلُ عائشة، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ قَدْ أُوتِيَ حِكْمَةً؟ قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ، سَمِعَ أَهْلَ الشَّامِ يَنَالُونَ مِنْ عَائِشَةَ فَقَالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَثَلِي وَمَثَلِ أُمِّكُمْ هَذِهِ، كَمَثَلِ عَيْنَيْنِ فِي رَأْسٍ يُؤْذِيانِ صَاحِبَهُمَا، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعَاقِبَهُمَا إِلا بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ لهما، فَسَكَتَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِيهِ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةَ: عَلّقَ أَبُو مُسْلِمٍ سَوْطًا فِي مَسْجِدِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَوْلَى بِالسَّوْطِ مِنَ الْبَهَائِمِ، فَإِذَا دَخَلَتْهُ فَتَرَةٌ مَشَقَ سَاقَيْهِ سَوْطًا أَوْ سوطين.   1 خبر حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 176 قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الْجَنَّةَ عِيَانًا وَالنَّارَ مَا كَانَ عِنْدِي مُسْتَزَادٌ1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ: إِنَّ رَجُلَيْنِ أَتِيَا أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يَجِدَاهُ، فَأَتِيَا الْمَسْجِدَ فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ، فَانْتَظَرَا انْصِرَافَهُ، وَأَحْصَيَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ رَكَعَ ثَلاثَمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَالآخَرُ أَرْبَعَمِائَةِ رَكْعَةٍ، قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ2. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةَ أن أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ سَمِعَ رَجُلا يَقُولُ: من سبق اليوم؟ فقل: أَنَا السَّابِقُ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَا أَبَا مُسْلِمٍ؟ قَالَ: أُدْلِجْتُ مِنْ دَارِنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَكُمْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ غَازٍ فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَقَدِ احْتَفَرَ جُوَرَةً فِي فُسْطَاطِهِ، وَجَعَلَ فِيهَا نَطْعًا، وَأَفْرَغَ فِيهِ الْمَاءَ، وَهُوَ يَتَصَلِّقُ فِيهِ، قَالُوا: مَا حَمَلَكَ عَلَى الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ؟ قَالَ: لَوْ حضر قتال لأفطر وَلَتَهَيَّأْتُ لَهُ وَتَقَوَّيْتُ، إِنَّ الْخَيْلَ لا تَجْرِي الْغَايَاتَ وَهِيَ بُدَّنٌ، إِنَّمَا تَجْرِي وَهِيَ ضُمْرٌ، أَلا وَإِنَّ أَمَامَنَا بَاقِيَةً جَائِيَةً لَهَا نَعْمَلُ3. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ يُكْثِرُ أَنْ يُرْفَعَ صَوْتُهُ بِالتَّكْبِيرِ، حَتَّى مَعَ الصِّبْيَانِ، وَيَقُولُ: اذْكُرِ اللَّهَ حَتَّى يَرَى الْجَاهِلُ أَنَّكَ مَجْنُونٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ -وَأَرَاهُ مُنْقَطِعًا- أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا أَرْضَ الرُّومِ، فَمَرُّوا بِنَهْرٍ قَالَ: أَجِيزُوا بِاسْمِ اللَّهِ، وَيَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَيَمُرُّونَ بِالنَّهْرِ الْغَمْرِ، فَرُبَّمَا لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الدَّوَابِّ إِلا الرَّاكِبُ، فَإِذَا جَازُوا قَالَ: هَلْ ذَهَبَ لَكُمْ شَيْءٌ، فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ مِخْلَاتَهُ، فَلَمَّا جَاوَزُوا قَالَ: مِخْلاتِي وَقَعَتْ، قَالَ: اتَّبِعْنِي، فَاتّبَعْتُهُ، فَإِذَا بِهَا مُعَلَّقَةٌ بِعُودٍ فِي النَّهْرِ، فَقَالَ: خُذْهَا4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ: إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَتَى عَلَى دِجْلَةَ، وَهِيَ تَرْمِي بِالْخَشَبِ مِنْ مَدِّهَا، فَوَقَفَ عَلَيْهَا ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مسيرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ لَهَزَ دَابَّتَهُ، فَخَاضَتِ الْمَاءَ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ حتى قطعوا، ثم قال:   1 الحلية "2/ 127". 2 خبر ضعيف: الحلية "2/ 127" فيه جهالة الرجلين. 3 خبر ضعيف: فيه ابن أبي مريم من الضعفاء. حلية الأولياء "2/ 127". 4 خبر ضعيف: إسناده منقطع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 فقدتم شيئًا، فأدعوا اللَّهَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ؟ 1. وَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ إِذَا اسْتَسْقَى سُقِيَ. وَقَالَ بَقِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ: إِنَّ امْرَأَةً خَبَّبَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَذَهَبَ بَصَرُهَا، فَأَتَتْهُ، فَاعْتَرَفَتْ وَقَالَتْ: إِنِّي لا أَعُودُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَارْدُدْ بَصَرَهَا، فَأَبْصَرَتْ2. وَقَالَ ضمرة بن ربيعة، عن بلال بن كعب قَالَ: قَالَ الصِّبْيَانُ لِأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْنَا هَذَا الظَّبْيَ فَنَأْخُذُهُ، فَدَعَا اللَّهَ فَحَبَسَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَخَذُوهُ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: قَالَتِ امْرَأَةُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيّ: لَيْسَ لَنَا دَقِيقٌ. فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: دِرْهَمٌ بِعْنَا بِهِ غَزْلًا، قَالَ: ابْغِنِيهِ، وَهَاتِي الْجِرَابَ، فَدَخَلَ السُّوقَ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ وَأَلَحَّ، فَأَعْطَاهُ الدِّرْهَمَ، وَمَلأَ الْجِرَابَ مِنْ نُحَاتَةِ النَّجَّارَةِ مَعَ التُّرَابِ، وَأَتَى وَقَلْبُهُ مَرْعُوبٌ مِنْهَا، فَرَمَى الْجِرَابَ وَذَهَبَ، فَفَتَحَتْهُ، فَإِذَا بِهِ دَقِيقٌ حُوَّارَى فَعَجَنَتْ وَخَبَزَتْ، فَلَمَّا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ هَوِيٌّ جَاءَ فَنَقَرَ الْبَابَ، فَلَمَّا دَخَلَ وَضَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ خِوَانًا وَأَرْغِفَةً، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ: مِنَ الدَّقِيقِ الَّذِي جِئْتَ بِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَيَبْكِي3. رَوَاهَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عُثْمَانَ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ اسْتَبْطَأَ خَبَرَ جَيْشٍ كَانَ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، إِذْ دَخَلَ طَائِرٌ فَوَقَعَ وَقَالَ: أَنَا رَتَبَايِيلُ مُسِلُّ الْحُزْنَ مِنْ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ ذَلِكَ الْجَيْشَ، فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: مَا جِئْتَ حَتَّى اسْتَبْطَأْتُكَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ يَرْتَجِزُ يَوْمَ صِفَّينَ ويقول:   1 خبر حسن. 2 خبر ضعيف: فيه بقية، وهو مدلس. الحلية "2/ 129". * وخببت: أفسدت. 3 إسناده ضعيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 178 مَا عِلَّتِي مَا عِلَّتِي ... وَقَدْ لَبِسْتُ دِرْعَتِي أَمُوتُ عَبْدَ طَاعَتِي وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، حَدَّثَنِي يُونُسُ الْهَرِمُ، أن أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، إِنَّمَا أَنْتَ قَبْرٌ مِنَ الْقُبُورِ، إِنْ جِئْتَ بِشَيْءٍ كَانَ لَكَ شَيْءٌ، وَإِلا فَلا شَيْءَ لَكَ، يَا مُعَاوِيَةُ، لا تَحْسَبُ أَنَّ الْخِلافَةَ جَمْعُ الْمَالِ وَتفْرِقَتُهُ، إِنَّمَا الْخِلافَةُ الْقَوْلُ بِالْحَقِّ، وَالْعَمَلُ بالْمَعْدَلَةُ، وَأَخْذُ النَّاسِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، يَا مُعَاوِيَةُ، إِنَّا لا نُبَالِي بِكَدَرِ الأَنْهَارِ إِذَا صَفَا لَنَا رَأْسُ عَيْنِنَا، إِيَّاكَ أَنْ تَمِيلَ عَلَى قَبِيلَةٍ، فَيَذْهَبُ حَيْفُكَ بِعَدْلِكَ، ثُمَّ جَلَسَ. فقال مُعَاوِيَةُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَامَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ فَقَالَ: السَّلامُ عَلْيَكَ أيها الأجير، فقالوا: مه. قال: دعوه فَهُوَ أَعْرَفُ بِمَا يَقُولُ، وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، ثُمَّ وَعَظَهُ وَحَثَّهُ عَلَى الْعَدْلِ1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الرُّومَ لا يَزَالُ فِي الْمُقَدِّمَةِ، حَتَّى يُؤْذَنَ لِلنَّاسِ، فَإِذَا أُذِنَ لَهُمْ كَانَ فِي السَّاقَةِ، وَكَانَتِ الْوُلاةُ يُتَيَمَّنُونَ بِهِ، فَيُؤَمِّرُونَهُ عَلَى الْمُقَدِّمَاتِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: تُوُفِّيَ أَبُو مُسْلِمٍ بِأَرْضِ الرُّومِ، وَكَانَ قَدْ شَتَّى مَعَ بُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَأَةَ، فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ، فَأَتَاهُ بُسْرٍ في مرضه، فقال له أبو مسل: اعْقُدْ لِي عَلَى مَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى لِوَائِهِمْ. وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: حُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَةِ دِمَشْقَ قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، فَمَرَرْنَا بِالْعُمَيْرِ، عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ حِمْصَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَاطَّلَعَ الرَّاهِبُ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: إِذَا أَتَيْتُمُوهُ فَأَقْرِئُوهُ السَّلامَ، فَإِنَّا نَجِدُهُ فِي الْكُتُبِ رَفِيقَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، أَمَّا إِنَّكُمْ لا تَجِدُونَهُ حَيًّا، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْغُوطَةِ بَلَغَنَا مَوْتُهُ2. قَالَ الْحَافِظُ ابن عَسَاكِرَ: يَعْنِي سَمِعُوا ذَلِكَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِأَرْضِ الروم كما حكينا.   1 خبر ضعيف: الحلية "2/ 125". 2 خبر ضعيف: الحلية "2/ 128" فيه جهالة بعض الرواة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 وَقَالَ ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّمَا الْمُصِيبَةُ كُلُّ الْمُصِيبَةِ بِمَوْتِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَكُرَيْبِ بْنِ سَيْفٍ الأَنْصَارِيِّ1. هَذَا حَدِيثٌ حسن الإسناد، يعطي أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ تُوُفِّيَ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ. وَقَدْ قَالَ الْمُفَضِّلُّ بْنُ غَسَّانَ: تُوُفِّيَ عَلْقَمَةُ وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. *- أَبُو مَيْسَرَةَ الْهَمْدَانِيُّ2 هُوَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ، مَرَّ. 134- أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِي3 -ع- لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَشَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَكَانَ يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ وَبِمَكَّةَ، وَبِمَكَّةَ تُوُفِّيَ. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو مُرَّةَ مولى عقيل المدنيون.   1 خبر حسن: أخرجه أبو زرعة "2/ 690" في تاريخه. 2 سبق ذكره. 3 انظر: الاستيعاب "4/ 215"، أسد الغابة "5/ 319"، الإصابة "4/ 215". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180 الطبقة الثامنة حوادث سنة إحدى وسبعين ... الطبقة الثامنة: أحداث الحوادث سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بن أبي حدر الأَسْلَمِيُّ. وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ. وَفِيهَا: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْرٍ أَحَدُ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بِالْبَحْرَيْنِ، فَوَجَّهَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى قِتَالِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْإِسْكَافَ، فَالْتَقَوْا بِجَوَاثَا فَانْهَزَمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالنَّاسُ. وَفِيهَا: حَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَعَرَّفَ بِمِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرَّفَ بِمِصْرَ. يَعْنِي اجْتَمَعَ النَّاسُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَدَعَا لَهْمُ أَوْ وَعَظَهُمْ. وَفِيهَا، أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا. قُتِلَ بَخُرَاسَانَ أَمِيرُهَا أَبُو صَالِحٍ عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ، أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ وَالأَبْطَالِ الْمَعْدُودِينَ. وَيُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، ثَارَ بِهِ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَقَتَلَهُ وَكِيعُ بْنُ الدَّوْرَقِيَّةَ. وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ كِتَابًا بِوِلايَةِ خُرَاسَانَ، فَمَزَّقَ كِتَابَهُ وَسَبَّ رَسُولَهُ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بُكَيْرِ بْنِ وَشَّاحٍ: إِنْ قَتَلْتَ ابْنَ خَازُمٍ فَأَنْتَ الأَمِيرُ، فَعَمِلَ عَلَى قَتْلِهِ وَتَأَمَّرَ بُكَيْرٌ عَلَى الْبِلادِ حَتَّى قَدِمَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَكَانَ في خلافة عثمان -رضي الله عنهم- قَدْ جَمَعَ قَارَنَ بِهَرَاةَ، وَأَقْبَلَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَهَرَبَ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ وَتَرَكَ الْبِلادَ، فقام بأمر المسلمين عبد الله بن خازم هَذَا، وَجَمَعَ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَلَقِيَ قَارِنًا فَهَزَمَ جُنُودَهُ وَقُتِلَ قَارِنٌ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ بِالْفَتْحِ، فَأَقَرَّهُ ابْنُ عَامِرٍ أَمِيرُ الْعِرَاقِ عَلَى خُرَاسَانَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فِيهَا افْتَتَحَ عبد الملك قيسارية1.   1 انظر: البداية "8/ 247"، تاريخ الطبري "6/ 166"، الكامل "4/ 335"، صحيح التوثيق "5/ 130-132". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 حَوَادِثُ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ. وَالأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ. وَعُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ. وَالْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ التَّيْمِيُّ. وَقُتِلَ فِيهَا: مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ. وَعِيسَى وَعُرْوَةُ وَلَدَا مُصْعَبٍ. وَمُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ. وَكَانَ مُصْعَبُ قَدْ سَارَ كَعَادَتِهِ إِلَى الشَّامِ إِلَى قِتَالِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَاسْتِئْصَالِهِ، وَسَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَجَرَتْ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ بِدِيرِ الْجَاثَلِيقِ1، وَمَسْكَنٍ بِالْقُرْبِ مِنْ أَوَانَا2. وَكَانَ قَدْ كَاتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ جَمَاعَةً مِنَ الأَشْرَافِ الْمَائِلِينَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَغَيْرِ الْمَائِلِينَ يُمَنِّيهِمْ وَيَعِدُهُمْ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ وَإِمْرَةَ أَصْبَهَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَأَجَابُوهُ. وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأَتَى بِكِتَابِهِ مُصْعَبًا، وَفِيهِ إِنْ بَايَعَهُ وَلاهُ الْعِرَاقَ. وَقَالَ لِمُصْعَبٍ: قَدْ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابُكَ بِمِثْلِ كِتَابِي فَأَطِعْنِي وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَقَالَ: إِذًا لا تُنَاصِحُنَا عَشَائِرُهُمْ، قَالَ: فَأَوْقِرْهُمْ حَدِيدًا وَأَسْجِنْهُمْ بِأَبْيَضِ كِسْرَى وَوَكِّلَ بِهِمْ مَنْ إِنْ غُلِبْتَ ضَرَبَ أَعَنْاقَهُمْ، وَإِنْ نُصِرْتَ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: يَا أَبَا النُّعْمَانَ إِنِّي لَفِي شُغْلٍ عَنْ ذَلِكَ، يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَحْرٍ -يَعْنِي الأَحْنَفَ- إِنْ كَانَ لَيُحَذِّرُ غَدْرَ الْعِرَاقِ. وَقَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ: هَمَّ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِالْغَدْرِ بِمُصْعَبٍ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ: وَيْحَكُمْ لا تُدْخِلُوا أَهْلَ الشَّامِ عَلَيْكُمْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ تطعموا بعيشكم ليصفين عليكم منازلكم.   1 دير الجاثليق: أحد الأديرة الشهيرة قديما ببغداد من العراق. 2 أوانا: بلدة كثيرة البساتين ببغداد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَشَارَ عَلَيْهِ بِقَتْلِ زِيَادِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بْنِ مِسْمَعٍ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ قَلَبَ الْقَوْمُ أَتْرِسَتَهُمْ وَلَحِقُوا بِعَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: لَمَّا تَدَانَى الْجَمْعَانِ حَمَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ فَأَزَالَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ هَرَبَ عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَكَانَ عَلَى الْخَيْلِ مَعَ مُصْعَبٍ. وَجَعَلَ مُصْعَبُ كُلَّمَا قَالَ لِمُقَدَّمٍ مِنْ عَسْكَرِهِ: تَقَدَّمْ، لا يُطِيعُهُ. فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ: أُخْبِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ بِمَسِيرِ مُصْعَبٍ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ: أَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ؟ قِيلَ: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى فَارِسٍ. قَالَ: فَمَعَهُ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ؟ قَالُوا: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَوْصِلِ قَالَ: فَمَعَهُ عَبَّادُ بْنُ الْحُصَيْنِ؟ قِيلَ: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ. فَقَالَ ابْنُ خَازِمٍ: وَأَنَا بِخُرَاسَانَ. ثُمَّ تَمَثَّلَ: خُذِينِي وَجُرِّينِي ضِبَاعٌ وَأَبْشِرِي ... بِلَحْمِ امْرِئٍ لَمْ يَشْهَدِ الْيَوْمَ نَاصِرُهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَقَالَ مُصْعَبٌ لابْنِهِ عِيسَى: ارْكَبْ بِمَنْ مَعَكَ إِلَى عَمِّكَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَدَعْنِي فَإِنِّي مَقْتُولٌ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُخْبِرُ قُرَيْشًا عَنْكَ أَبَدًا، وَلَكِنِ الْحَقْ بِالْبَصْرَةِ فَهُمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالطَّاعَةِ، قَالَ: لا تَتَحَدَّثُ قُرَيْشٌ إِنِّي فَرَرْتُ بِمَا صَنَعَتْ رَبِيعَةُ مِنْ خِذْلانِهَا، وَلَكِنْ: أُقَاتِلُ، فَإِنْ قُتِلْتُ فَمَا السَّيْفُ بِعَارٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ: أَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعَ أَخِيهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ إِلَى مُصْعَبٍ: إِنِّي مُعْطِيكَ الأَمَانَ يَا ابْنَ الْعَمِّ، فَقَالَ مُصْعَبٌ: إِنَّ مِثْلِي لا يَنْصَرِفُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْمَوْقِفِ إِلا غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا. وَقِيلَ: إِنَّ مُصْعَبًا أَبَى الأَمَانَ، وَأَنَّهُمْ أَثْخَنُوهُ بِالرَّمْيِ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ الثَّقَفِيُّ، فَطَعَنَهُ وَقَالَ: يَا لِثَارَاتِ الْمُخْتَارِ. وَكَانَ مِمَّنْ قَاتَلَ مَعَ مُصْعَبٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا تَفَرَّقَ عَنْ مُصْعَبٍ جُنْدُهُ قِيلَ لَهُ: لَوِ اعْتَصَمْتَ بِبَعْضِ الْقِلاعِ وَكَاتَبْتَ مَنْ بَعُدَ عَنْكَ كَالْمُهَلَّبِ وَفُلانٍ، فَإِذَا اجْتَمَعَ لَكَ مَنْ تَرْضَاهُ لَقِيتَ الْقَوْمَ فَقَدْ ضَعُفْتَ جِدًّا وَاخْتَلَّ أَصْحَابُكَ، فَلَبِسَ سِلاحَهُ وَخَرَجَ فِيمَنْ بَقِيَ مَعَهُ وَهُوَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرٍ طَرِيفٍ الْعَنْبَرِيِّ الَّذِي كَانَ يُعَدُّ بِأَلْفِ فَارِسٍ بِخُرَاسَانَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 عَلامَ أَقُولُ السَّيْفَ يُثْقِلُ عَاتِقيِ ... إِذَا أَنَا لَمْ أَرْكَبْ بِهِ الْمَرْكَبَ الصَّعْبَا سَأَحْمِيكُمْ حَتَّى أَمُوتَ وَمَنْ يَمُتْ ... كَرِيمًا فَلا لَوْمًا عَلَيْهِ وَلا عَتْبَا وَرَوَى غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الأَشْتَرِ لِمُصْعَبٍ: ابْعَثْ إِلَى زِيَادِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بن مسمع ووجوه من وجوه أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَغْدُرُوا بِكَ، فَأَبَى، فَقَالَ ابْنُ الأَشْتَرِ: فَإِنِّي أَخْرُجُ الآنَ فِي الْخَيْلِ، فَإِذَا قُتِلْتُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: فَخَرَجَ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَقَالَ الْفَسَوِيُّ: قُتِلَ مَعَ مُصْعَبٍ ابْنُهُ عِيسَى، وَجُرِحَ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ فَقَالَ: احْمِلُونِي إِلَى خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، فَحُمِلَ إِلَيْهِ، فَاسْتَأْمَنَ لَهُ. وَوَثَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ ظَبْيَانَ عَلَى مُصْعَبٍ فَقَتَلَهُ عِنْدَ دَيْرِ الْجَاثَلِيقِ، وَذَهَبَ بِرَأْسِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَسَجَدَ لِلَّهِ. وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَاتِكًا رَدِيئًا، فَكَانَ يَتَلَهّفُ وَيَقُولُ: كَيْفَ لَمْ أَقْتُلْ عَبْدَ الْمَلِكِ يَوْمَئِذٍ حِينَ سَجَدَ، فَأَكُونُ قَدْ قَتَلْتُ مَلِكَيَّ الْعَرَبِ. وَقالَ أَبُو الْيَقْظَانِ وَغَيْرُهُ: طَعَنَهُ زَائِدَةُ وَاحْتَزَّ1 رَأْسَهُ ابْنُ ظَبْيَانَ. وَلابْنِ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ: لَقَدْ أَوْرَثَ الْمِصْرَيْنِ حُزْنًا وَذِلَّةً ... قَتِيلٌ بِدَيْرِ الْجَاثَلِيقِ مُقِيمُ فَمَا قَاتَلَتْ فِي اللَّهِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ ... وَلا صَبَرَتْ عِنْدَ اللِّقَاءِ تَمِيمُ وَكُلُّ ثُمَالِيِّ عِنْدَ مَقْتَلِ مُصْعَبٍ ... غَدَاةَ دَعَاهُمْ لِلْوَفَاءِ دُحَيْمُ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: إِنَّ مُصْعَبًا قَالَ يَوْمًا وَهُوَ يَسِيرُ لِعُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَخْبِرْنِي عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- كَيْفَ صَنَعَ حِينَ نَزَلَ بِهِ، فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُهُ عَنْ صَبْرِهِ، وَإِبَائِهِ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ، وَكَرَاهِيَّتِهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي طَاعَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ، قَالَ: فَضُرِبَ بِسَوْطِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ فَرَسِهِ وَقَالَ: وَإِنَّ الأُلَى بِالطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... تَأَسَّوْا فَسَنُّوا لِلْكِرَامِ التَّأَسِّيَا قَالَ: فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ أَنَّهُ لا يَفِرُّ، وَأنَّهُ سيصبر حتى يقتل.   1 اختز: قطع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 وقال: وَالْتَقَيَا بِمَسْكِنَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَيْلَكُمْ مَا أَصْبَهَانُ هَذِهِ؟ قِيلَ. سُرَّةُ الْعِرَاقِ، قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ كَتَبَ إِلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ ثَلاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْعِرَاقِ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ: إِنْ خَبِبْتَ بِمُصْعَبٍ فَلِي أَصْبَهَانُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَكَتَبَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمْ: أَنْ نَعَمْ، فَلَمَّا الْتَقَوْا قَالَ مُصْعَبٌ لِرَبِيعَةَ: تَقَدَّمُوا لِلْقِتَالِ. فَقَالُوا: هَذِهِ عَذْرَةٌ بَيْنَ أَيْدِينَا فَقَالَ: مَا تَأْتُونَ أَنْتَنَ مِنَ الْعَذِرَةَ، يَعْنِي تَخَلُّفَكُمْ عَنِ الْقِتَالِ. وَقَدْ كَانَتْ رَبِيعَةُ قَبْلُ مُجْمِعَةً عَلَى خِذْلانِهِ، فَأَظْهَرَتْ ذَلِكَ، فَخَذَّلَهُ النَّاسُ. وَلَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ يُقَاتِلُ دُونَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: الْمَرْءُ مَيِّتٌ، فَلأَنْ يَمُوتَ كَرِيمًا أَحْسَنَ بِهِ مِنْ أَنْ يَضْرَعَ إِلَى مَنْ قَدْ وَتَرَهُ، لا أَسْتَعِينُ بِرَبِيعَةَ أَبَدًا وَلا بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مَا وَجَدْنَا لَهُمْ وَفَاءً، انْطَلِقْ يَا بُنَيَّ إِلَى عَمِّكَ فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَدَعْنِي. فَإِنِّي مَقْتُولٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُخْبِرُ نِسَاءَ قُرَيْشٍ بِصَرْعَتِكَ أَبَدًا، قَالَ: فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُقَاتِلَ فَتَقَدَّمْ حَتَّى أَحْتَسِبُكَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرَ فَقَاتَلَ قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى أَخَذَتْهُ الرِّمَاحُ فَقُتِلَ، وَمُصْعَبُ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نَفَرٌ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَاتَلَ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى قُتِلَ، وَاحْتَزَّ ابْنُ ظَبْيَانَ رَأْسَهُ. وَبَايَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَدَخَلَهَا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْكُوفَةِ أَخَاهُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ. قِيلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا بَلَغَهُ مَقْتَلُ أَخِيهِ مُصْعَبٍ قَامَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَصْرَعَ أَخِيهِ فَقَالَ: أَلا إِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَهْلُ الْغَدْرِ وَالنِّفَاقِ أَسْلَمُوهُ وَبَاعُوهُ، وَاللَّهِ مَا نَمُوتُ عَلَى مَضَاجِعِنَا كَمَا يَمُوتُ بَنُو أَبِي الْعَاصِ، فَمَا قُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فِي زَحْفٍ وَلا نَمُوتُ إِلا قَعْصًا بِالرِّمَاحِ، وَتَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ. وَفِيهَا: خَرَجَ أَبُو فُدَيْكٍ فَغَلَبَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ هُوَ الَّذِي قَتَلَ نَجْدَةَ الحروري، فَسَارَ إِلَيْهِ جَيْشٌ مِنَ الْبَصْرَةِ، عَلَيْهِمْ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الأُمَوِيُّ أَخُو أَمِيرِهَا خَالِدٍ، فَهَزَمَهُ أَبُو فُدَيْكٍ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى خَالِدٍ يُعَنِّفَهُ لِكَوْنِهِ اسْتَعْمَلَ أُمَيَّةَ عَلَى حَرْبِ الْخَوَارِجِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلِ الْمُهَلَّبِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ، وَيَسْتَعِينَ بِرَأْيِ الْمُهَلَّبِ، وَلا يَعْمَلُ أَمْرًا دُونَهُ. وَكَتَبَ إِلَى بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ يَمُدَّهُ بِخَمْسَةِ آلافٍ، عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَسَارَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 خالد بالناس حتى قدم الأهواز، وَسَارَتْ إِلَيْهِ الأَزَّارِقَةُ، فَتَنَازَلَ الْجَيْشَانِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ زَحَفَ إِلَيْهِمْ خَالِدٌ فَأَخَذُوا يَنْحَازُونَ، فَاجْتَرَأَ عَلَيْهِمُ النَّاسُ، وَكَثُرَتْ عَلَيْهِمُ الْخَيْلُ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ عَلَى حَمِيَّةٍ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، واتبعهم داود بن قحذم أَمِيرُ الْمَيْسَرَةِ وَعَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَجَعَلُوا يَتَطَلَّبُونَهُمْ بِفَارِسٍ، حَتَّى هَلَكَتْ خُيُولُ الْجُنْدِ وَجَاعُوا، وَرَجَعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مُشَاةً. قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ: وَفِيهَا: كَانَتْ وَقَعَتْ بَيْنَ ابْنِ خَازِمٍ بِخُرَاسَانَ وَبَيْنَ بَحِيرِ بْنِ وَرْقَاءَ بِقُرْبِ مَرْوَ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ فِي الْوَقْعَةِ، وَلِيَ قَتْلَهُ وَكِيعُ بْنُ عُمَيْرَةَ بْنِ الدَّوْرَقِيَّةِ. وَيُقَالَ: اعْتَوَرَ1 عَلَيْهِ بَحِيرٌ، وَعَمَّارٌ الْجُشَمِيُّ، وَابْنُ الدَّوْرَقِيَّةِ وَطَعَنُوهُ فَصَرَعُوهُ، فَقِيلَ لِوَكِيعٍ: كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: غَلَبْتُهُ بِفَضْلِ الْقَنَا، وَلَمَّا صُرِعَ قَعَدْتُ عَلَى صَدْرِهِ، فَحَاوَلَ الْقِيَامَ فَلَمْ يَقْدِرْ، وَقُلْتُ: يَا ثَارَاتَ دُوَيْلَةَ -وَهُوَ أَخُو وَكِيعٍ لأُمِّهِ قُتِلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ- قَالَ: فَتَنَخَّمَ فِي وَجْهِي وَقَالَ: لَعَنَكَ اللَّهُ!، تَقْتُلُ كَبْشَ مُضَرَ بِأَخِيكَ عِلْجٍ لا يَسْوَى كَفًّا من نَوَى، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ رِيقًا مِنْهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ. ثُمَّ أَقْبَلَ بُكَيْرُ بْنُ وَسَّاجٍ، فَأَرَادَ أَخْذَ رَأْسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ، فَمَنَعَهُ بَحِيرٍ، فَضَرَبَهُ بُكَيْرٌ بِعَمُودٍ وَأَخَذَ الرَّأْسَ، وَقَيَّدَ بَحِيرًا، وَبَعَثَ بِالرَّأْسِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. ثُمَّ حَكَى ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ الْخِلَافَ فِي أَنَّ ابْنَ خَازِمٍ إِنَّمَا قُتِلَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنَّ رَأْسَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَرَدَ عَلَى ابْنِ خَازِمٍ، فَحَلَفَ أَنْ لا يُعْطِيَ عَبْدَ الْمَلِكِ طَاعَةً أَبَدًا، وَإِنَّهُ دَعَا بِطَسْتٍ فَغَسَّلَ الرَّأْسَ وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى آلِ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ. قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ رَأْسُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَعَثَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ مَعَ سَوْرَةَ النُّمَيْرِيِّ: أَنَّ لَكَ خُرَاسَانَ سَبْعَ سِنِينَ عَلَى أَنْ تُبَايِعَنِي، فقال للرسول: لَوْلا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ بَنِي سُلَيْمٍ وَبَنِي عَامِرٍ لَقَتَلْتُكَ، وَلَكِنْ كُلْ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ، فَأَكَلَهَا. وَفِيهَا: سَارَ الْحَجَّاجُ إِلَى حَرْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَوَّلُ قِتَالٍ كَانَ بَيْنَهُمَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، ودام الحصار أشهرًا2.   1 اعتور: اجتمع أو أحاط. 2 انظر: تاريخ الطبري "6/ 169-178"، الكامل "4/ 343، 345". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 حَوَادِثُ سَنَةِ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَعَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ الْمُعَلَّى الأَنْصَارِيُّ. وَرَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ الْعَدَوِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، قُتِلُوا ثَلاثَتُهُمْ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَفِيهَا: تُوُفِّيَ: مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ الرَّبَعِيُّ، وَأَوْسُ بْنُ ضَمْعَجٍ بِخُلْفٍ فِيهِ. وَفِيهَا: حَاصَرَ الْحَجَّاجُ مَكَّةَ وَبِهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ حَصَّنَهَا، وَنَصَبَ الْحَجَّاجُ عَلَيْهَا الْمَنْجَنِيقَ. فَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيُّ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ بِحَدِيثٍ طَوِيلٍ مِنْهُ: وَقَاتَلَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَيَّامًا، وَأَحْرَقَ فُسْطَاطًا لَهُ نَصَبَهُ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَطَارَ الشَّرَرُ إِلَى الْبَيْتِ، وَاحْتَرَقَ يَوْمَئِذٍ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي فَدَى بِهِ إِسْحَاقَ1، إِلَى أَنْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَخَطَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَقَالَ: مَنْ لابْنِ الزُّبَيْرِ؟ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَسْكَتَهُ، ثُمَّ أَعَادَ قَوْلَهُ، فَقَالَ: أَنَا، فَعَقَدَ لَهُ عَلَى جَيْشٍ إِلَى مَكَّةَ، فَنَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَرَمَى بِهِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَجَعَلَ ابْنُ الزبير على الحجر الأسود بيضة يعني   1 الصواب أن إسماعيل -عليه السلام- هو الذبيح، وهذا هو الذي عليه الجمهور. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 خَوْذَةً تَرُدُّ عَنْهُ، فَقِيلَ لابْنِ الزُّبَيْرِ: أَلا تكلمهم في الصلح، فقال: أوحين صُلْحٍ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَوْ وَجَدُوكُمْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ لَذَبَحُوكُمْ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ: وَلَسْتُ بِمُبْتَاعِ الْحَيَاةِ بِسُبَّهٍ ... وَلا مُرْتَقٍ مِنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ سُلَّمَا أُنَافِسُ سَهْمًا إِنَّهُ غَيْرُ بَارِحٍ ... مُلَاقِي الْمَنَايَا أَيَّ صَرْفٍ تَيَمَّمَا قَالَ: وَكَانَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ طَائِفَةٌ مِنْ أَعَوْانِ ابْنِ الزُّبَيْرِ يَرْمُونَ عَدُوَّهُ بِالآجُرِّ، وَحَمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَأَصَابَتْهُ آجُرَّةٌ فِي مَفْرَقِهِ فَلَقَتْ رَأْسَهُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، وثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالُوا: لَمَّا قَتَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ مُصْعَبًا بَعَثَ الْحَجّاجُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَلْفَيْنِ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، وَبَقِيَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى عَرَفَةَ، وَيَبْعَثُ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْثًا فَتُهْزَمُ خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَيُرَدُّ أَصْحَابُ الْحَجّاجِ إِلَى الطَّائِفِ، فَكَتَبَ الْحَجّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي دُخُولِ الْحَرَمِ وَمُحَاصَرَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنْ يَمُدَّهُ بِجَيْشٍ، فَأَجَابَهُ وَكَتَبَ إِلَى طَارِقِ بْنِ عَمْرٍو فَقَدِمَ عَلَى الْحَجَّاجِ فِي خَمْسَةِ آلافٍ، فَحَجَّ الْحَجَّاجُ بِالنَّاسِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ يَعْنِي، ثُمَّ صَدَرَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَطَارِقُ وَلَمْ يَطُوفَا بِالْبَيْتِ وَلا قَرُبَا النِّسَاءَ حَتَّى قتل ابن الزُّبَيْرِ فَطَافَا. وَحُصِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ لَيْلَةِ هِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَقَدِمَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ حُبْشَانُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ فَلا يَقَعَ لَهُمْ مِزْرَاقٌ إلا فِي إِنْسَانٍ، فَقَتَلُوا خَلْقًا. وَكَانَ مَعَهُ أَيْضًا مِنْ خَوَارِجِ أَهْلِ مِصْرَ، فَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ ذَكَرُوا عُثْمَانَ فَتَبَرَّءُوا مِنْهُ، فَبَلَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَنَاكَرَهُمْ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ. وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَبِالْقِتَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَحَبَسَ عَنْهُمُ الْمِيرَةَ فَجَاعُوا، وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ زَمْزَمَ فَتَعْصِمُهُمْ، وَجَعَلَتِ الْحِجَارَةُ تَقَعُ فِي الْكَعْبَةِ. وَثنا شُرَحْبِيلُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: انْظُرُوا كَيْفَ تَضْرِبُونَ بِسِيُوفِكُمْ، وَلْيَصُنِ الرَّجُلُ سَيْفَهُ كَمَا يَصُونُ وَجْهَهُ، فَإِنَّهُ قَبِيحٌ بِالرَّجُلِ أَنْ يُخْطِئَ مَضْرِبَ سَيْفِهِ، فَكُنْتَ أَرْمُقُهُ إِذَا ضَرَبَ فَمَا يُخْطِئُ مَضْرِبًا وَاحِدًا شِبْرًا مِنْ ذُبَابِ السَّيْفِ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْحَوَارِيِّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ قَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَقَاتَلَهُمْ أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَجَعَلَ الْحَجّاجُ يَصِيحُ بأصحابه: يا أهل الشام، يَا أَهْلَ الشَّامِ، اللَّهَ اللَّهَ فِي الطَّاعَةِ، فَيَشُدُّونُ الشَّدَّةَ الْوَاحِدَةَ حَتَّى يُقَالَ: قَدِ اشْتَمَلُوا معليه، فَيَشُدُّ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُفَرِّجَهُمْ وَيَبْلُغَ بِهِمْ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ ثُمَّ يَكِرُّ وَيَكِرُّونَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مَعَهُ أَعْوَانٌ، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا حَتَّى جَاءَهُ حَجَرٌ عَائِرٌ1 مِنْ وَرَائِهِ فَأَصَابَهُ فِي قَفَاهُ فَوَقَذَهُ فَارْتَعَشَ سَاعَةً، ثُمَّ وَقَعَ لِوَجْهِهِ، ثُمَّ انْتَهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ، وَابْتَدَرَهُ النَّاسُ، وَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَضَرَبَ الرَّجُلَ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى مِرْفَقِهِ الأَيْسَرِ، وَجَعَلَ يَضْرِبُهُ وَمَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْهَضَ حَتَّى كَثَّرُوهُ، فَصَاحَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الدَّارِ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَاهْ قَالَ: وَابْتَدَرُوهُ فَقَتَلُوهُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وقال الواقدي: حدثني إسحاق بن يحيى، عن يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ: رَأَيْتُ الْمَنْجَنِيقَ يُرْمَى بِهِ، فَرَعَدَتِ السَّمَاءُ وَبَرَقَتْ، وَاشْتَدَّ الرَّعْدُ، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ أَهْلَ الشَّامِ وَأَمْسَكُوا، فَجَاءَ الْحَجَّاجُ وَرَفَعَ الْحَجَرُ بِيَدِهِ وَرَمَى مَعَهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ جَاءَتْهُمْ صَاعِقَةٌ تَتْبَعُهَا أُخْرَى، فَقَتَلَتْ مِنْ أَصْحَابِهِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا، فَانْكَسَرَ أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لا تُنْكِرُوا هَذِهِ فَهَذِهِ صَوَاعِقَ تِهَامَةَ، ثُمَّ جَاءَتْ صَاعِقَةٌ فَأَصَابَتْ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْغَدِ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ مَعَهُ خِذْلانًا شَدِيدًا، وَجَعَلُوا يَخْرُجُونَ إِلَى الْحَجَّاجِ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ آلافٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مِمَّنْ فَارَقَهُ وَلَعَلَّهُ مِنَ الْجُوعِ ابْنَاهُ حَمْزَةُ وَخُبَيْبٌ، فَخَرَجَا إِلَى الْحَجّاجِ وَطَلَبَا أَمَانًا لِأَنْفُسِهِمَا3. فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أُمِّهِ وَقَالَ: يَا أُمَّهْ خَذَلَنِي النَّاسُ حَتَّى وَلَدَيْ وَأَهْلِي، وَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ دَفْعِ أَكْثَرَ مِنْ صَبْرِ سَاعَةٍ، وَالْقَوْمُ يُعْطُونِي مَا أَرَدْتُ مِنَ الدُّنْيَا، فَمَا رَأْيُكِ؟ قَالَتْ: أَنْتَ أَعْلَمُ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ عَلَى حَقٍّ وَإِلَيْهِ تَدْعُو فَامْضِ لَهُ، فَقَدْ قُتِلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُكَ، وَلا تُمَكِّنْ مِنْ رَقَبَتِكَ يَتَلَعَّبُ بِهَا غِلْمَانُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ الدُّنْيَا فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنْتَ، أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَكَ. فَقَبَّلَ رأسها وقال: هذا رأيي الَّذِي قُمْتُ بِهِ، مَا رَكَنْتُ إِلَى الدُّنْيَا، وَمَا دَعَانِي إِلَى الْخُرُوجِ إلا الْغَضَبُ لِلَّهِ، فانظري فإني   1 عائر: أي أصابه بالخطأ. 2، 3 خبر ضعيف: تاريخ الطبري "6/ 187"؛ لأنه من رواية الواقدي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 مَقْتُولٌ، فَلا يَشْتَدُّ حُزْنُكِ، وَسَلِّمِي لِأَمْرِ اللَّهِ، في كلام طويل بينهما1. وقال: وجعل الزُّبَيْرِ يَحْمِلُ فِيهِمْ كَأَنَّهُ أَسَدٌ فِي أَجَمَةٍ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَيَقُولُ: لَوْ كَانَ قِرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهُ وَبَاتَ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ سَابِعَ عَشْرَ جُمَادَى الأُولَى وَقَد أَخَذَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالأَبْوَابِ، فَبَاتَ يُصَلِّي عَامَّةَ اللَّيْلِ، ثُمَّ احْتَبَى بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ فَأَغْفَى، ثُمَّ انْتَبَهَ بِالْفَجْرِ، فَصَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ: {نْ وَالْقَلَمِ} [القلم: 1] حَرْفًا حَرْفًا، ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَأَوْصَى بِالثَّبَاتِ. ثُمَّ حَمَلَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجُونَ، فَأُصِيبَ بِآجُرَّةٍ فِي وَجْهِهِ شَجَّتَهُ، فَقَالَ: وَلَسْنَا عَلَى الأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا تَقْطُرُ الدِّمَا ثُمَّ تَكَاثَرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَبُعِثَ بِرَأْسِهِ، وَرَأْسَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، وَعُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ أَنْ نُصِبُوا بِالْمَدِينَةِ. وَاسْتُوسِقَ2 الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْحَرَمَيْنِ الْحَجّاجَ بْنَ يُوسُفَ، فَنَقَضَ الْكَعْبَةَ الَّتِي مِنْ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَتْ تَشَعَّثَتْ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ، وَانْفَلَقَ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ فَشَعَّبُوهُ، وَبَنَاهَا الْحَجَّاجُ عَلَى بِنَاءِ قُرَيْشٍ وَلَمْ يَنْقُضْهَا إِلا مِنْ جِهَةِ الْمِيزَابِ، وَسَدَّ الْبَابَ الَّذِي أَحْدَثَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَكَانِ. وَفِيهَا: غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَيْسَارِيَّةَ وَهَزَمَ الرُّومَ. وَفِيهَا: سَارَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي نَحْوِ عَشَرَةِ آلافٍ لِحَرْبِ أَبِي فُدَيْكٍ، فَالْتَقَوْا، فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ أَخُوهُ عُمَرُ بْنُ مُوسَى. فَانْكَسَرَتِ الْمَيْسَرَةُ، وَأُثْخِنَ أَمِيرُهَا بِالْجِرَاحِ، وَأَخَذَهُ الْخَوَارِجُ فَأَحْرَقُوهُ، فِي الْحَالِ، ثُمَّ تَنَاخَى الْمُسْلِمُونَ وَحَمَلُوا حَتَّى اسْتَبَاحُوا عَسْكَرَ الْخَوَارِجِ، وَقُتِلَ أَبُو فُدَيْكٍ وَحَصَرُوهُمْ فِي الْمُشَقِّرِ، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى الْحَكَمِ فَقُتِلَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْهُمْ نَحْوَ سِتَّةِ آلافٍ، وَأُسِرَ ثَمَانِمِائَةٍ. وَكَانَ أَبُو فُدَيْكٍ قَدْ أَسَرَ جَارِيَةَ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَصَابُوهَا وَقَدْ حَبِلَتْ مِنْ أَبِي فُدَيْكٍ. وَفِيهَا: عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ خَالِدًا عَنِ الْبَصْرَةِ وَأَضَافَهَا إِلَى أَخِيهِ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ. وَاسْتَعْمَلَ عَلَى خُرَاسَانَ بُكَيْرَ بن وشاح3.   1 انظر السابق. 2 استوسق: استتب أو اشتد أو اجتمع له. 3 انظر: تاريخ الطبري "6/ 194". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 190 حَوَادِثُ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ. وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ. وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ. وَخَرَشَةُ بْنُ الْحُرِّ الْكُوفِيُّ يَتِيمُ عُمَرَ. وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ، لَهُ رُؤْيَةٌ. وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ. وَمَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيُّ جَدُّ مَالِكٍ الإِمَامِ. وَأَبُو جُحَيْفَةَ السُّوَائِيُّ. وَفِيهَا: فِي أَوَّلِهَا قِيلَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ تُوُفِّيَ، وَقَدْ ذُكِرَ. وَفِيهَا: سَارَ الْحَجَّاجُ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَمَا بَنَى الْبَيْتَ الْحَرَامِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ يَتَعَنَّتَ أَهْلَهَا، وَبَنَى بِهَا مَسْجِدًا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَهُوَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ. وَاسْتَخَفَّ فِيهَا بِبَقَايَا الصَّحَابَةِ وَخَتَمَ فِي أَعْنَاقِهِمْ. فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَمَّنْ رَأَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مَخْتُومًا فِي يَدِهِ، وَرَأَى أَنَسًا مَخْتُومًا فِي عُنُقِهِ، يُذِلُّهُمْ بِذَلِكَ2. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ أَرْسَلَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فَقَالَ: مَا منعك لأن تَنْصُرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتَ، قَالَ: كَذَبْتَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَخُتِمَ فِي عنقه برصاص3.   1، 2 خبر ضعيف: فيه الواقدي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 وَفِيهَا -ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ- وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ حَرْبَ الأَزَارِقَةِ، فَشُقَّ ذَلِكَ عَلَى بِشْرٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ أَرَادَ مِنْ جَيْشِ الْعِرَاقِ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ رَامَهُرْمُزَ، فَلَقِيَ بِهَا الْخَوَارِجَ، فَخَنْدَقَ عَلَيْهِ. وَفِيهَا: عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بُكَيْرَ بْنَ وِشَاحٍ عَنْ خُرَاسَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا أُمَيَّةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، عَزَلَ بُكَيْرًا خَوْفًا مِنَ افْتِرَاقِ تَمِيمٍ بِخُرَاسَانَ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ ابْنَ عَمِّهِ بَحِيرًا مِنَ الْحَبْسِ، فَالْتَفَّ عَلَى بَحِيرٍ خَلْقٌ، فَخَافَ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَكَتَبُوا إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ قُرَشِيًّا لا يَحْسِدُ وَلا يَتَعَصَّبُ عَلَيْهِ، فَفَعَلَ. وَكَانَ أُمَيَّةُ سَيِّدًا شَرِيفًا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبُكَيْرٍ وَلا لِعُمَّالِهِ، بَلْ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ شُرْطَتَهُ، فَامْتَنَعَ، فَوَلَّى بَحِيرَ بْنَ وَرْقَاءَ. وَيُقَالُ: فِيهَا كَانَ مَقْتَلُ أَبِي فُدَيْكٍ، وقد مر في سنة ثلاث1.   1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 195، 211"، تاريخ خليفة "ص/ 169"، صحيح التوثيق "5/ 140". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 حَوَادِثُ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُّ. وَأَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ. وَكُرَيْبُ بن أبرهة الأصبحي أمير الإسكندرية. وَبِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ أَمِيرُ الْعِرَاقِ. وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الأَوْدِيُّ فِيهَا، وَقِيلَ: فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَسُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ التُّجِيبِيُّ قَاضِي مِصْرَ وَقَاصُّهَا. وَفِيهَا: وَفَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ عَلَى أَخِيهِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مِصْرَ زِيَادَ بْنَ حُنَاطَةَ التُّجِيبِيَّ، فتُوُفِّيَ زِيَادُ فِي شَوَّالٍ، وَاسْتَخْلَفَ أَصْبَغُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. وَفِيهَا: حَجَّ بِالنَّاسِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَخَطَبَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَسُيِّرَ عَلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْكُوفَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا بَعْدَ أَنْ وَهَبَ الْبَشِيرُ ثَلاثَةَ آلافِ دِينَارٍ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 قَالَ الْوَليِدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ عَامِلا لِعَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مَكَّةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُ فِي نَفَرٍ ثَمَانِيَةٍ أَوْ تِسْعَةٍ عَلَى النَّجَائِبِ، فَلَمَّا كُنَّا بِمَاءٍ قَرِيبٍ مِنَ الْكُوفَةِ نَزَلَ فَاخْتَضَبَ وَتَهَيَّأَ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، ثُمَّ رَاحَ مُعْتَمًّا قَدْ أَلْقَى عَذْبَةَ الْعِمَامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مُتَقلَّدًا سَيْفَهُ، حَتَّى نَزَلَ عِنْدَ دَارِ الإِمَارَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِالأَذَانِ الأَوَّلِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ الْحَجَّاجُ وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ، فَجَمَعَ بِهِمْ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ عَلَيْهِ فَسَكَتَ، وَقَدِ اشْرَأَبُّوا إِلَيْهِ وَجَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ وَتَنَاوَلُوا الْحَصَى لِيَقْذِفُوهُ بِهَا، وَقَدْ كَانُوا حَصَبُوا عَامِلا قَبْلَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَسَكَتَ سَكْتَةً أَبْهَتَتْهُمْ، وَأَحَبُّوا أَنْ يَسْمَعُوا كَلامَهُ، فَكَانَ بَدْءُ كَلامِهِ أَنْ قَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، يَا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَيَا أَهْلَ النِّفَاقِ، وَاللَّهِ إنْ كَانَ أَمْرُكُمْ لَيَهُمُّنِي قَبْلَ أن آتي إليكم، ولقد كنت أدعوا اللَّهَ أَنْ يَبْتَلِيَكُمْ بِي، فَأَجَابَ دَعْوَتِي، إِلا أَنِّي سَرَيْتَ الْبَارِحَةَ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي، فَاتَّخَذْتُ هَذَا مكَانَهُ -وَأَشَارَ إِلَى سَيْفِهِ- فَوَاللَّهِ لَأَجُرَّنَّهُ فِيكُمْ جَرَّ الْمَرْأَةِ ذَيْلَهَا، وَلَأفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ. قَالَ يَزِيدُ: فَرَأَيْتُ الْحَصَى مُتَسَاقِطًا مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: قُومُوا إِلَى بَيْعتِكُمْ، فَقَامَتِ الْقَبَائِلُ قَبِيلَةً قَبِيلَةً تُبَايِعُ، فَيَقُولُ: مَنْ؟ فَتَقُولُ: بَنُو فُلانٍ، حَتَّى جَاءَتْهُ قَبِيلَةٌ فَقَالَ: مَنْ؟ قَالُوا النَّخَعُ، قَالَ: مِنْكُمْ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ؟ قَالُوا: أَيُّهَا الأَمِيرُ شَيْخُ كَبِيرٌ، قَالَ: لا بَيْعَةَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرُبُونِ حَتَّى تَأْتُونِي بِهِ. قَالَ: فَأَتَوُهُ بِهِ مَنْعُوشًا فِي سَرِيرٍ حَتَّى وَضَعُوهُ إِلَى جَانِبِ الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: أَلا لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ الدَّارَ غَيْرَ هَذَا، فَدَعَا بِنَطْعٍ وَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ الْحَجَّاجَ حِينَ قَدِمَ الْعِرَاقَ، فَبَدَأَ بِالْكُوفَةِ، فَنُودِيَ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَالْحَجَّاجُ مُتَقَلِّدٌ قَوْسًا عَرَبِيَّةً وَعَلَيْهِ عِمَامَةُ خَزٍّ حَمْرَاءُ مُتَلَثِّمًا، فَقَعَدَ وَعَرَضَ الْقَوْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى امْتَلأَ الْمَسْجِدُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرٍ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَمْنَعُهُ الْعَيُّ، وَأَخَذْتُ فِي يَدِي كَفًّا مِنْ حَصًى أَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ بِهِ وَجْهَهُ، فَقَامَ فَوَضَعَ نِقَابَهُ، وَتَقَلَّدَ قَوْسَهُ، وَقَالَ: أَنَا ابْنُ جَلا وَطَلاعُ الثَّنَايَا ... مَتَى أَضَعُ الْعِمَامَةَ تعرفوني إني لأرى رؤوسًا قَدْ أينعت وحان قطافها، كأني أنظر إلى الدماء بَيْنَ الْعَمَائِمُ وَاللِّحَى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 لَيْسَ بَعِشَّكِ فَادْرِجِي ... قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا فَشَمِّرِي هَذَا أَوَانُ الْحَرْبِ فَاشْتَدِّي زِيَمْ ... قَدْ لفها اليل بِسَوَّاقٍ حُطَمْ لَيْسَ بِرَاعِي إِبِلٍ وَلا غَنَمْ ... وَلا بِجَزَّارٍ عَلَى ظَهْرٍ وَضَمْ قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِعَصْلَبي ... مُهَاجِرٌ لَيْسَ بِأَعْرَابِيٍّ مُهَاجِرٌ لَيْسَ بِأَعْرَابِيٍّ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَغْمِزُ غَمْزَ التِّينِ، وَلا يُقَعْقَعُ لِي بِالشِّنَانِ، وَلَقَدْ فُرِرْتُ عَنْ ذَكَاءٍ، وَفُتِّشْتُ عَنْ تَجْرُبَةٍ، وَجَرَيْتُ إِلَى الْغَايَةِ، فَإِنَّكُمْ يَا أَهْلِ الْعِرَاقِ طَالَمَا أَوْضَعْتُمْ فِي الضَّلالَةِ، وَسَلَكْتُمْ سَبِيلَ الْغُوَايَةِ، أَمَّا وَاللَّهِ لأَلْحُوَنْكُمُ الْعُودَ، وَلأَعَصِبَنَّكُمْ عَصْبَ السَّلَمَةِ، وَلأَقْرَعَنَّكُمْ قَرْعَ الْمَرْوَةِ، وَلأَضْرِبَنَّكُمْ ضَرْبَ غَرَائِبِ الإِبِلِ، أَلا إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَثَلَ كِنَانَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعُجِمَ عِيدَانُهَا، فَوَجَدَنِي أَمَرَّهَا عُودًا وَأَصْلَبُهَا مَكْسَرًا، فَوَجَّهَنِي إِلَيْكُمُ، فَاسْتَقِيمُوا وَلا يَمِيلَنَّ مِنْكُمْ مَائِلٌ، وَاعْلَمُوا أَنِّي إِذَا قُلْتُ قَوْلا وَفَيْتُ بِهِ، مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَنْ بَعْثَ الْمُهَلَّبَ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، فَإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدًا بَعْدَ ثَلاثَةٍ إلا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِيَّايَ وَهَذِهِ الزَّرَافَاتِ، فَإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدًا يَسِيرُ فِي زَرَافَةٍ إِلا سَفَكَتْ دَمَهُ، وَاسْتَحَلْلَتْ مَالَهُ. ثُمَّ نَزَلَ1. رَوَاهُ الْمُبَرِّدُ بِنَحْوِهِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، بِإِسْنَادٍ، وَزَادَ فِيهِ: قُمْ يَا غُلامُ فَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ بِالْكُوفَةِ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ. فَسَكَتُوا، فَقَالَ: اكْفُفْ يَا غُلامُ، ثم أقبل عليهم فَقَالَ: يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلا تَرُدُّونَ عَلَيْهِ شَيْئًا، هَذَا أَدَبُ ابْنِ نِهْيَةَ. أَمَّا وَاللَّهِ لَأُؤَدِّبَنَّكُمْ غَيْرَ هَذَا الأَدَبِ أَوْ لَتَسْتَقِيمُنَّ. اقْرَأْ يَا غُلامُ، فَقَرَأَ قَوْلَهُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ إلا قَالَ: وَعَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلامُ. الْعَصْلَبِيُّ: الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ. وَالسُّوَاقُ الْحُطَمُ: الْعَنِيفِ فِي سَوْقِهِ. وَالوَضَمِ: كُلُّ شَيْءٍ وَقَيْتَ بِهِ اللَّحْمَ مِنَ الأَرْضِ مِنْ خِوَانٍ وَقَرْمِيَّةٍ. وَعَجَمْتُ الْعُودَ إِذَا عَضَضْتُهُ بِأَسْنَانِكَ. وَالزَّرَافَاتُ: الْجَمَاعَاتُ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فَأَوَّلُ مَنْ خَرَجَ عَلَى الْحَجَّاجِ بِالْعِرَاقِ عَبْدُ اللَّهِ بن الجارود،   1 خبر ضعيف: فيه الهذلي من الضعفاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ نَدَبَهُمْ إِلَى اللِّحَاقِ بِالْمُهَلَّبِ، ثُمَّ خَرَجَ فَنَزَلَ رُسْتَقُبَاذَ وَمَعَهُ وُجُوهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُهَلَّبِ يَوْمَانِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: إِنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَكُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فِي أَعْطِيَاتِكُمْ زِيَادَةُ فَاسِقٍ مُنَافِقٍ لَسْتُ أُجِيزُهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ فَقَالَ: بَلْ هِيَ زِيَادَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَذَّبَهُ وَتَوَعَّدَهُ، فَخَرَجَ ابْنُ الْجَارُودِ عَلَى الحجاج، وتابعه خلق، فَقُتِلَ ابْنُ الْجَارُودِ فِي طَائِفَةٍ مَعَهُ. وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى الْمُهَلَّبِ وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ: أَنْ نَاهِضُوا الْخَوَارِجَ، قَالَ: فَنَاهِضُوهُمْ وَأَجْلَوْهُمْ عَنْ رَامَهُرْمُزَ، فَقَالَ الْمُهَلَّبُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُخَنْدِقَ عَلَى أَصْحَابِكَ فَافْعَلْ، وَخَنْدَقَ الْمُهَلَّبُ عَلَى نَفْسِهِ كَعَادَتِهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ ابْنِ مِخْنَفٍ: إِنَّمَا خَنْدَقْنَا سُيُوفَنَا، فَرَجَعَ الْخَوَارِجُ لِيُبَيِّتُوا النَّاسَ، فَوَجَدُوا الْمُهَلَّبَ قَدْ أَتْقَنَ أَمْرَ أَصْحَابِهِ، فَمَالُوا نَحْوَ ابْنِ مِخْنَفٍ، فَقَاتَلُوهُ، فَانْهَزَمَ جَيْشُهُ، وَثَبَتَ هُوَ فِي طَائِفَةٍ، فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا، فَبَعَثَ الْحَجَّاجُ بَدَلَهُ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ، وَتَأَسَّفُوا عَلَى ابْنِ مِخْنَفٍ، وَرَثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: ثُمَّ فِي ثَالِثِ يَوْمٍ مِنْ مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ الْكُوفَةَ أَتَاهُ عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ الْبُرْجُمِيُّ، وَهُوَ الْقَائِلُ: هَمَمْتُ وَلَمْ أَفْعَلْ، وَكِدْتُ وَلَيْتَنِي ... تَرَكْتُ عَلَى عُثْمَانَ تَبْكِي حَلائِلُهْ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَخِّرُوهُ، أَمَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ فَتَغْزُوهُ بِنَفْسِكَ، وَأمَّا الْخَوَارِجُ الأَزَارِقَةُ فَتَبْعَثْ بَدِيلا، وَكَانَ قَدْ أَتَاهُ بِابْنِهِ فَقَالَ: إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَهَذَا ابْنِي مَكَانِي، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فضربت عُنُقُهُ. وَاسْتَخْلَفَ الْحَجَّاجُ لَمَّا خَرَجَ عَلَى الْكُوفَةِ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَقَدِمَ الْبَصْرَةَ يَحُثُّ عَلَى قِتَالِ الأَزَارِقَةِ. وَفِيهَا: خَرَجَ دَاوُدُ بْنُ النُّعْمَانِ الْمَازِنِيِّ بِنَوَاحِي الْبَصْرَةِ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ الْحَكَمَ بْنَ أَيُّوبَ الثَّقَفِيَّ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ، فَظَفِرَ بِهِ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَ شَاعِرُهُمْ: أَلا فَاذْكُرْنَ دَاوُدَ إِذْ بَاعَ نَفْسَهُ ... وَجَادَ بِهَا يَبْغِي الْجِنَانَ الْعَوَالِيَا وَفِيهَا: غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الصَّائِفَةَ عِنْدَ خُرُوجِ الرُّومِ بِنَاحِيَةِ مَرْعَشٍ. وَفِيهَا: خَطَبَهُمْ عَبْدُ الْمَلِكِ بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ، فَحَدَّثَ أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ كَانَ مَنْ قَبْلِي مِنَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 الْخُلَفَاءِ يَأْكُلُونَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَيُؤْكَلُونَ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لا أُدَاوِي أَدْوَاءَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلا بِالسَّيْفِ، وَلَسْتُ بِالْخَلِيفَةِ الْمُسْتَضْعَفِ -يَعْنِي عُثْمَانَ- وَلا الْخَلِيفَةِ الْمُدَاهِنِ -يَعْنِي مُعَاوِيَةَ- وَلا الْخَلِيفَةِ الْمَأْبُونِ -يَعْنِي يَزِيدَ- وَإِنَّمَا نَحْتَمِلُ لَكُمْ مَا لَمْ يكن عقد راية. أو وثوب عَلَى مِنْبَرٍ، هَذَا عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ حَقَّهُ حَقَّهُ وَقَرَابَتَهُ قَرَابَتَهُ، قَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا، فَقُلْنَا بِسَيْفِنَا هَكَذَا، أَلا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ. وَفِيهَا: ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ، فهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الإِسْلامِ. وَحَجَّ فِيهَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَخَطَبَ بِالْمَوْسِمِ غَيْرَ مَرَّةً، وَكَانَ مِنَ الْبُلَغَاءِ الْعُلَمَاءِ الدُّهَاةِ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ سِيرَةَ السُّلْطَانِ تَدُورُ مَعَ النَّاسِ، فَإِنْ ذَهَبَ الْيَوْمَ مَنْ يَسِيرُ بِسِيرَةِ عُمَرَ، وَأُغِيرَ عَلَى النَّاسِ فِي بُيُوتِهِمْ، وَقُطِعَتِ السُّبُلُ، وَتَظَالَمَ النَّاسُ، وَكَانَتِ الْفِتَنُ، فَلا بُدَّ لِلْوَالِي أَنْ يَسِيرَ كُلَّ وَقْتٍ بِمَا يُصْلِحُهُ، نَحْنُ نَعَامٌ وَاللَّهِ أَنَّا لَسْنَا عِنْدَ اللَّهِ وَلا عِنْدَ النَّاسِ كَهَيْئَةِ عُمَرَ وَلا عُثْمَانَ، وَنَرْجُو خَيْرَ مَا نَحْنُ بِإِزَائِهِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَواتِ وَالْجِهَادِ وَالْقِيَامِ لِلَّهِ بِالَّذِي يُصْلِحُ دِينَهُ، وَالشِّدَّةِ عَلَى الْمُذْنِبِ، وَحسْبُنَا الله ونعم الوكيل1.   1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 202"، تاريخ خليفة "ص/ 170"، صحيح التوثيق "5/ 140-142". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 حَوَادِثُ سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: حَبَّةُ بن جوين العني. وَزُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ. وَفِيهَا، أَوْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ تُوُفِّيَ: سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ الخيواني. وفيها: خرج صالح بن مُسَرِّحٌ التَّمِيمِيُّ، وَكَانَ صَالِحًا نَاسِكًا مُخْبتًا، وَكَانَ يَكُونُ بِدَارَا وَالْمَوْصِلَ، وَلَهُ أَصَحْابٌ يُقْرِئُهُمْ وَيُفَقِّهُهُمْ وَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ يَحِطُّ عَلَى الْخَلِيفَتَيْنِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ كَدَأْبِ الْخَوَارِجِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُمَا وَيَقُولُ: تَيَسَّرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ لِجِهَادِ هَذِهِ الأَحْزَابِ الْمُتَحَزِّبَةِ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْفَنَاءِ إِلَى دَارِ الْبَقَاءِ، وَلا تَجْزَعُوا مِنَ الْقَتْلِ فِي اللَّهِ، فَإِنَّ الْقَتْلَ أَيْسَرُ مِنَ الْمَوْتِ، وَالْمَوْتُ نَازِلٌ بِكُمْ. فَلَمْ يَنْشَبْ1 أَنْ أَتَاهُ كِتَابُ شَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ شَيْخُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَنْ نَعْدِلَ بِكَ أَحَدًا، وَقَدْ دَعَوْتَنِي فاستجبت لك، وإن أردت تأخير ذلك   1 لم ينشب: لم يستمر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 أَعْلَمْتَنِي، فَإِنَّ الْآجَالَ غَادِيَةٌ وَرَائِحَةٌ، وَلا آمَنُ أَنْ تَخْتَرِمَنِي الْمَنِيَّةُ وَلَمْ أُجَاهِدِ الظَّالِمِينَ، فَيَا لَهُ غَبْنًا، وَيَا لَهُ فَضْلا مَتْرُوكًا، جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِمَّنْ يُرِيدُ بِعَمَلِهِ اللَّهَ وَرِضْوَانَهُ. فرد عليه الجواب يحضه عَلَى الْمَجِيءِ، فَجَمَعَ شَبِيبٌ قَوْمَهُ، مِنْهُمْ أَخُوهُ مُصَادٌ، وَالْمُحَلَّلُ بْنُ وَائِلٍ الْيَشْكِرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَجَرٍ الْمُحَلِّمِيُّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَامِرٍ الذُّهْلِيُّ، وَقَدِمَ عَلَى صَالِحٍ وَهُوَ بِدَارًا، فَتَصَمَّدُوا مِائَةً وَعشْرَةَ أَنْفُسٍ. ثُمَّ وَثَبُوا عَلَى خَيْلٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ فَأَخَذُوهَا، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ وَأَخَافُوا الْمُسْلِمِينَ. وَفِيهَا: غَزَا حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ إِفْرِيقِيَّةَ وَقَتَلَ الْكَاهِنَةَ. وَلَمَّا خَرَجَ صَالِحُ بْنُ مُسَرِّحٍ بِالْجِزِيرَةِ نُدِبَ لِحَرْبِهِ عَدِيُّ بْنُ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ الْكِنْدِيُّ، فَقَاتَلَهُمْ، فَهَزَمَ عَدِيًّا، فَنُدِبَ لِقِتَالِهِ خَالِدُ بْنُ جَزْءٍ السُّلَمِيُّ، وَالْحَارِثُ الْعَامِرِيُّ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، وَانْحَازَ صَالِحٌ إِلَى الْعِرَاقِ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ إلى لِحَرْبِهِ عَسْكَرًا، فَاقْتَتَلُوا، ثُمَّ مَاتَ صَالِحُ بْنُ مُسَرِّحٍ مُثْخَنًا بِالْجِرَاحِ فِي جُمَادِي الآخِرَةِ، وَعَهِدَ إلى شبيب بن يزيد، فاقتفى شَبِيبٌ هُوَ وَسَوْرَةُ بْنُ الْحُرِّ، فَانْهَزَمَ سَوْرَةُ بَعْدَ قِتَالٍ شَدِيدٍ. ثُمَّ سَارَ شَبِيبٌ فَلَقِيَ سَعِيدَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ، فَاقْتَتَلُوا، ثُمَّ انْصَرَفَ شَبِيبٌ فَهَجَمَ عَلَى الْكُوفَةِ، وَقَتَلَ بِهَا أَبَا سُلَيْمٍ مَوْلَى عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَالِدَ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَقَتَلَ بِهَا عَدِيَّ بْنَ عَمْرٍو، وَأَزْهَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيَّ، ثُمَّ خَرَجَ عَنِ الْكُوفَةِ فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ زَائِدَةَ بْنَ قُدَامَةَ الثَّقَفِيَّ ابْنَ عَمِّ الْمُخْتَارِ، فِي جَيْشٍ كَبِيرٍ، فَالْتَقَوْا بِأَسْفَلِ الْفُرَاتِ، فَهَزَمَهُمْ وَقَتَلَ زَائِدَةَ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَلَمْ يُقَاتِلْهُ. وَكَانَ مَعَ شَبِيبِ امْرَأَتُهُ غَزَالَةُ، وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالشَّجَاعَةِ، فَدَخَلَتْ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ تِلْكَ الليلة وَقَرَأَتْ وِرْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ نَذَرَتْ أَنْ تَصْعَدَ الْمِنْبَرَ فَصَعِدَتْ. ثُمَّ حَارَ الْحَجَّاجُ فِي أَمْرِهِ مَعَ شَبِيبٍ، فَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ عُثْمَانَ بْنَ قَطَنٍ الْحَارِثِيَّ، فَالْتَقَوْا فِي آخِرِ الْعَامِ، فَقُتِلَ عُثْمَانُ وَانْهَزَمَ جَمْعُهُ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مِمَّنْ مَعَهُ سِتُّمِائَةِ نَفْسٍ، مِنْهُمْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ كِنْدَةَ، وَقُتِلَ مِنَ الأَعْيَانِ: عَقِيلُ بْنُ شَدَّادٍ السَّلُولِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ نَهِيكٍ الْكِنْدِيُّ، وَالأَبْرَدُ بْنُ رَبِيعَةَ الكندي. واستفحل أمر شبيب، وَتَزَلْزَلَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَوَقَعَ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ شَبِيبٍ، وَحَارَ الْحَجَّاجُ، فكان يقول: أعياني شبيب1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 171، 172"، تاريخ الطبري "6/ 218- 223"، الكامل "4/ 393"، صحيح التوثيق "5/ 145-147". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 حَوَادِثُ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ بِمِصْرَ. وَشُرَيْحُ الْقَاضِي وَفِيهِ خِلَافٌ. وَفِيهَا: سَارَ شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ، فَنَزَلَ الْمَدَائِنَ، فَنَدَبَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِهِ أَهْلَ الْكُوفَةِ كُلَّهُمْ، عَلَيْهِمْ زُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ السَّعْدِيُّ، شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ بَاشَرَ الْحُرُوبَ. وَبَعَثَ إِلَى حَرْبِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنَ الشَّامِ سُفْيَانَ بن الأبرد، وَحَبِيبًا الْحَكَمِيَّ فِي سِتَّةِ آلافٍ. ثُمَّ قَدِمَ عتاب بن وراق عَلَى الْحَجَّاجِ مُسْتَعْفِيًا مِنْ عِشْرَةِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، فَاسْتَعْمَلَهُ الْحَجَّاجُ عَلَى الْكُوفَةِ، وَلِجَمْعِ جَمِيعِ الْجَيْشِ خَمْسِينَ أَلْفًا. وَعَرَضَ شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ جُنْدَهُ بِالْمَدَائِنِ، فَكَانُوا أَلْفَ رَجُلٍ، فَقَالَ: يا قوم إن الله يَنْصُرُكُمْ وَأَنْتُمْ مِائَةٌ أَوْ مِائَتَانِ، فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ مِئُونٌ. ثُمَّ رَكِبَ، فَأَخَذُوا يَتَخَلَّفُونَ عَنْهُ وَيَتَأَخَّرُونَ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ تَكَامَلَ مَعَ شَبِيبٍ سِتُّمِائَةٍ، فَحَمَلَ فِي مِائَتَيْنِ عَلَى مَيِسرَةِ النَّاسِ فَانْهَزَمُوا، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، وَعَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ جَالِسٌ هُوَ وَزُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ عَلَى طِنْفَسَةٍ فِي الْقَلْبِ، فَقَالَ عَتَّابٌ: هَذَا يَوْمٌ كَثُرَ فِيهِ الْعَدَدُ وقل الغناء، والهفي على خمسة مِنْ رِجَالِ تَمِيمٍ. وَتَفَرَّقَ عَنْ عَتَّابٍ عَامَّةُ الْجَيْشِ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ شَبِيبٌ، فَقَاتَلَ عَتَّابٌ سَاعَةً وَقُتِلَ، وَوَطِئَتِ الْخَيْلُ زُهْرَةُ فَهَلَكَ، فَتَوَجَّعَ لَهُ شَبِيبٌ لَمَّا رَآهُ صَرِيعًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَمُنْذُ اللَّيْلَةِ لَمُتَوَجِّعٌ لِرَجُلٍ مِنَ الْكَافِرِينَ! قَالَ: إِنَّكَ لَسْتَ أَعْرَفَ بِضَلَالَتِهِمْ مِنِّي، إِنِّي أَعْرَفُ من قديم أمرهم ما لا تَعْرِفُ، لَوْ ثَبَتُوا عَلَيْهِ كَانُوا إِخْوَانَنَا. وَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ: عَمَّارُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلْبِيُّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 ثُمَّ قَالَ شَبِيبٌ لِأَصْحَابِهِ: ارْفَعُوا عَنْهُمُ السَّيْفَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى طَاعَتِهِ وَبَيْعَتِهِ، فَبَايَعُوهُ، ثُمَّ هَرَبُوا لَيْلا. هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ جَيْشُ الشَّامِ، فَتَوَجَّهَ شَبِيبٌ نَحْوَ الْكُوفَةِ، وَقَدْ دَخَلَهَا عَسْكَرُ الشَّامِ، فَشَدُّوا ظَهْرَ الْحَجَّاجِ وَانْتَعَشَ بِهِمْ، وَاسْتَغْنَى بِهِمْ عَنْ عَسْكَرِ الْكُوفَةِ، وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَرَادَ بِكُمُ الْعِزَّ، الْحَقُوا بِالْحِيرَةِ، فَانْزِلُوا مَعَ اليهود والنصارى، ولا تقاتلوا معنا. وحنق بهم، وَهَذَا مِمَّا يَزِيدُهُمْ فِيهِ بُغْضًا. ثُمَّ إِنَّهُ وَجَّهَ الْحَارِثَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الثَّقَفِيَّ فِي أَلْفِ فَارِسٍ فِي الْكَشْفِ، فَالْتَمَسَ شَبِيبٌ غَفْلَتَهُمْ وَالْتَقَوْا، فَحَمَلَ شَبِيبٌ عَلَى الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَانْهَزَمَ مَنْ معه. ثم جاء شبيب فنزل الْكُوفَةَ. وَحَفِظَ النَّاسُ السِّكَكَ، وَبَنَى شَبِيبٌ مَسْجِدًا بِطَرَفِ السَّبْخَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو الْوَرْدِ مَوْلَى الْحَجَّاجِ فِي عِدَّةِ غِلْمَانٍ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ خَرَجَ طُهْمَانَ مَوْلَى الْحَجَّاجِ فِي طَائِفَةٍ، فَقَتَلَهُ شَبِيبٍ. ثُمَّ أَنَّ الْحَجَّاجَ خَرَجَ مِنْ قَصْرِ الْكُوفَةِ، فَرَكِبَ بَغْلا، وَخَرَجَ فِي جَيْشِ الشَّامِ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ نَزَلَ الْحَجَّاجُ وَقَعَدَ عَلَى كُرْسِيٍّ، ثُمَّ نَادَى: يَا أَهْلَ الشَّامِ، أَنْتُمْ أَهْلُ السَّمَعِ وَالطَّاعَةِ وَالصَّبْرِ وَالْيَقِينِ، لا يَغْلِبَنَّ بَاطِلُ هَؤُلاءِ حَقَّكُمْ، غُضُّوا الأَبْصَارَ، وَاجْثُوا عَلَى الرَّكْبِ، وَأَشْرِعُوا إِلَيْهِمْ بِالأَسِنَّةِ. وَكَانَ شَبِيبٌ فِي سِتِّمِائَةٍ، فَجَعَلَ مِائَتَيْنِ مَعَهُ كُرْدُوسًا، وَمِائَتَيْنِ مَعَ سُوَيْدِ بْنِ سُلَيْمٍ، وَمِائَتَيْنِ مَعَ الْمُحَلَّلِ بْنِ وَائِلٍ، فَحَمَلَ سُوَيْدٌ عَلَيْهِمْ، حَتَّى إِذَا غشي أطراف الأسنة وثبوا في وجوههم يطعنونهم قُدُمًا قُدُمًا، فَانْصَرَفُوا، فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ بِتَقْدِيمِ كُرْسِيَّةٍ، وصاح في أصحابه فحمل عليهم شبيب، فثبتوا، وطال القتال، فلما رَأَى شَبِيبٌ صَبْرَهُمْ نَادَى: يَا سُوَيْدُ احْمِلْ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ لَعَلَّكَ تُزِيلُ أَهْلَهَا عنها، فتأتي الحجاج من وراءه وَنَحْنُ مِنْ أَمَامِهِ، فَحَمَلَ سُوَيْدٌ عَلَى أَهْلِ السِّكَّةِ، فَرُمِيَ مِنْ فَوْقِ الْبُيُوتِ، فَرُدَّ. قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَحَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ لَقِيطٍ الْخَارِجِيُّ قَالَ: فَقَالَ لَنَا شَبِيبٌ يَوْمَئِذٍ: يَا أَهْلَ الإِسْلامِ، إِنَّمَا شَرَيْنَا اللَّهَ، وَمَنْ شَرَى اللَّهَ لَمْ يَكْثُرْ عَلَيْهِ مَا أَصَابَهُ، شَدَّةٌ كَشَدَّاتِكُمْ فِي مَوَاطِنِكُمُ الْمَعْرُوفَةِ، وَحَمَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَوَثَبَ أَصْحَابُ الْحَجَّاجِ طَعْنًا وَضَرْبًا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 فَنَزَلَ شَبِيبٌ وَقَوْمُهُ، فَصَعِدَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَسْجِدِ شَبِيبٍ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ رَجُلا وَقَالَ: إِذَا دَنَوْا فَارْشِقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَاقْتَتَلُوا عَامَّةَ النَّهَارِ أَشَدَّ قِتَالٍ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى أَقَرَّ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْآخَرِ. ثُمَّ إِنَّ خَالِدَ بْنَ عَتَّابِ بْنِ وَرْقَاءَ قَالَ لِلْحَجَّاجِ: ائْذَنْ لِي فِي قِتَالِهِمْ، فَإِنِّي مَوْتُورٌ وَمِمَّنْ لا يُتَّهَمُ فِي نَصِيحَةٍ، فَأَذِنَ لَهُ، فَخَرَجَ فِي عِصَابَةٍ وَدَارَ مِنْ وَرَائِهِمْ، فَقُتِلَ مُصَادًا أَخَا شَبِيبٍ، وَغَزَالَةُ أَمْرَأَةُ شبيب، وأضم النِّيرَانَ فِي عَسْكَرِهِ. فَوَثَبَ شَبِيبٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى خُيُولِهِمْ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: احْمِلُوا عَلَيْهِمْ فَقَدْ أُرْعِبُوا، فَشَدُّوا عَلَيْهِمْ فَهَزَمُوهُمْ، وَتَأَخَّرَ شَبِيبٌ فِي حَامِيَةِ قَوْمِهِ. فَذَكَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ شَبِيبٌ أَنَّهُ جَعَلَ يَنْعَسُ وَيَخْفُقُ بِرَأْسِهِ وَخَلْفَهُ الطَّلَبُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْتَفِتْ فَانْظُرْ مَنْ خَلْفَكَ، فَالْتَفَتَ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ ثُمَّ أَكَبَّ يَخْفِقُ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّهُمْ قَدْ دَنَوْا، فَالْتَفَتَ ثم أقبل يخفق. وبعث الحجاج إلى خيل أَنْ دَعُوهُ فِي حَرْقِ النَّارِ، فَتَرَكُوهُ وَرَجَعُوا. وَمَرَّ أَصْحَابُ شَبِيبٍ بِعَامِلٍ لِلْحَجَّاجِ عَلَى بَلَدٍ بِالسَّوَادِ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوْا بِالْمَالِ عَلَى دَابَّةٍ فَسَبَّهُمْ شَبِيبٌ عَلَى مَجِيئِهِمْ بِالْمَالِ وَقَالَ: اشْتَغَلْتُمْ بالدنيا، ثم رمى بالمل فِي الْفُرَاتِ. ثُمَّ سَارَ بِهِمْ إِلَى الأَهْوَازِ وَبِهَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَخَرَجَ لِقِتَالِهِ وَسَأَلَ مُحَمَّدٌ الْمُبَارَزَةَ، فَبَارَزَهُ شَبِيبٌ وَقَتَلَهُ. وَمَضَى إِلَى كِرْمَانَ فَأَقَامَ شَهْرَيْنِ وَرَجَعَ إِلَى الأَهْوَازِ فَنَدَبَ لَهُ الْحَجَّاجِ جَيْشِ الشَّامِ: سُفْيَانَ بْنَ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيَّ، وَحَبِيبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَكَمِيَّ، فَالْتَقَوْا عَلَى جِسْرِ دُجَيْلٍ، فَاقْتَتَلُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ ذَهَبَ شَبِيبٌ، فَلَمَّا صَارَ عَلَى جِسْرِ دُجَيْلٍ قَطَعَ الْجِسْرَ، فَوَقَعَ شَبِيبٌ وَغَرِقَ، وَقِيلَ: نَفَرَ به فرسه فألقاه في الماء وعليه الحديد، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَغَرْقًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: 96] فَأَلْقَاهُ دُجَيْلٌ إِلَى سَاحِلِهِ مَيِّتًا، فَحُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَأَمَرَ بِهِ فَشَقَّ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ قَلْبَهُ، فَإِذَا هُوَ كَالْحَجَرِ، إِذَا ضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ نَبَا عَنْهَا، فَشَقُّوهِ فَإِذَا فِي دَاخِلِهِ قَلْبٌ صَغِيرٌ1. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ: ثُمَّ أَنْفَقَ الْحَجَّاجُ الأَمْوَالَ، وَوَجَّهَ سُفْيَانَ بن   1 خبر ضعيف: فيه لوط أبو مخنف من المتروكين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 الأبرد فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، قَالَ: وَأَقَامَ شَبِيبٌ بِكِرْمَانَ، حَتَّى إِذَا انْجَبَرَ وَاسْتَرَاشَ كَرَّ رَاجِعًا، فَيَسْتَقْبِلُهُ ابن الأبرد بِجِسْرِ دُجَيْلٍ، فَالْتَقَيَا فَعَبَرَ شَبِيبٌ إِلَى ابْنِ الأبرد فِي ثَلاثَةِ كَرَادِيسَ، فَاقْتَتَلُوا أَكْثَرَ النَّهَارِ، وَثَبَتَ الْفَرِيقَانِ، وَكَرَّ شَبِيبٌ وَأَصْحَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ كَرَّةً، وَابْنُ الأَبْرَدِ ثَابِتٍ، ثُمَّ آلَ أَمْرُهُمْ إِلَى أَنِ ازْدَحَمُوا عِنْدَ الْجِسْرِ، وَاضْطَرَّ شَبِيبٌ أَصْحَابَ ابْنِ الأَبْرَدِ إِلَى الْجِسْرِ، وَنَزَلَ فِي نَحْوِ مِائَةٍ، فَتَقَاتَلُوا إِلَى اللَّيْلِ قِتَالا عَظِيمًا، ثُمَّ تَحَاجَزُوا. وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: حَدَّثَنِي فَرْوَةُ قَالَ: مَا هُوَ إِلا أَنِ انْتَهَيْنَا إِلَى الْجِسْرِ، فَعَبَرَنَا شَبِيبٌ فِي الظُّلْمَةِ وَتَخَلَّفَ فِي آخِرِنَا فَأَقْبَلَ عَلَى فَرَسِهِ، وَكَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجْرَةٌ فَنَزَا فَرَسُهُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَلَى الْجِسْرِ، فَاضْطَرَبَتِ الْمَاذَيانَةُ وَنَزَلَ حَافِرُ الْفَرَسِ عَلَى حَرْفِ السفينة فنزل فِي الْمَاءِ فَلَمَّا سَقَطَ قَالَ: {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال: 42] فَانْغَمَسَ ثُمَّ ارْتَفَعَ فَقَالَ: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: 96] . قَالَ: وَقِيلَ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ قَدْ أَصَابَ مِنْ عَشَائِرِهِمْ وَأَبْغَضُوهُ، فَلَمَّا تَخَلَّفَ فِي السَّاقَةِ اشْتَوَرُوا فَقَالُوا: نَقْطَعُ بِهِ الْجِسْرُ، فَفَعَلُوا، فَمَالَتِ السُّفُنُ، وَنَفَرَ فَرَسُهُ فَسَقَطَ وَغَرِقَ. ثُمَّ تَنَادَوْا بَيْنَهُمْ: غَرِقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَاسْتَخْرَجُوهُ وَعَلَيْهِ الدِّرْعُ1. قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَسَمِعْتُهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ شُقَّ بَطْنُهُ فَأُخْرِجَ قَلْبُهُ، فَكَانَ مُجْتَمِعًا صُلْبًا، كَأَنَّهُ صَخْرَةٌ، وَأَنَّهُ كَانَ يُضْرَبُ بِهِ الأَرْضُ فَيَثِبُ قَامَةَ الإِنْسَانِ2. وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ أَخْبَارِهِ أَيْضًا. وَفِيهَا: أَمْرُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بِجَامِعِ مِصْرَ، فَهُدِمَ وَزَيْدُ فِيهِ مِنْ جهاته الأربع. وأمر ببناء حصن الإسكندرية، وَكَانَ مَهْدُومًا مُنْذُ فَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. وَفِيهَا: افْتَتَحَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ هِرْقَلَةَ وَهِيَ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ دَاخِلَ بِلادِ الرُّومِ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَفِيهَا: توغل عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأُمَوِيُّ بِسِجِسْتَانَ، فَأُخِذَ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ، فَأَعْطَى مَالا حَتَّى خَلَّوْا عَنْهُ، فَعَزَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَوَجَّهَ مَكَانَهُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ بْنِ عبيد الله3.   1، 2 خبر ضعيف: أبو مخنف من المتروكين. 3 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 171-173"، تاريخ الطبري "6/ 262-318"، الكامل "4/ 448"، البداية "9/ 20-24"، صحيح التوثيق "5/ 148-150". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ. وَأَبُو الْمِقْدَامِ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: فِيهَا أَمَّرَ الْحَجَّاجُ عَلَى سِجِسْتَانَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيَّ، فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَبَا بَرْدَعَةَ فَأَخَذَ عَلَيْهِ الْمَضِيقَ، وَقُتِلَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ الْحَارِثِيُّ، وَأَصَابَ الْعَسْكَرَ ضِيقٌ وَجُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى هَلَكَ عَامَّتُهُمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَلاكَ شَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ. قَالَ: وَكَذَلِكَ قِيلَ فِي هَلاكِ قَطْرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ هلال. وعبد ربه الكبير، رؤوس الْخَوَارِجِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: فِيهَا وَلِيَ خُرَاسَانَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: فِيهَا غَزَا مُحْرِزُ بْنُ أَبِي مُحْرِزٍ أَرْضَ الرُّومِ وَفَتَحَ أَزْقَلَةَ، فَلَمَّا قَفَلَ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ شَدِيدٌ مِنْ وَرَاءِ دَرْبِ الْحَدَثِ، فَأُصِيبَ فِيهِ نَاسٌ كَثِيرٌ. وَفِيهَا: قُتِلَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَنْدِيرَ الْقُشَيْرِيُّ، قَتَلَهُ أَصْحَابُ الْحَجَّاجِ. وَفِيهَا: جَرَتْ حُرُوبٌ وَوَقَعَاتٌ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَالْمَغْرِبِ، وَوَلِيَ فِيهَا إِمْرَةَ الْمَغْرِبِ كُلِّهِ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيُّ، فَسَارَ إِلَى طَنْجَةَ وَقَدِمَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ الصَّدَفِيُّ مَوْلاهُمُ الَّذِي افْتَتَحَ الأَنْدَلُسَ، وَأَصَابَ فِيهَا الْمَائِدَةَ الَّتِي يَتَحَدَّثُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهَا مَائِدَةُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ. وَفِيهَا: حَجَّ بِالنَّاسِ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ. وَفِيهَا: وَثَبَتِ الرُّومُ عَلَى مَلِكِهِمْ فَخَلَعَتْهُ وَقَطَعَتْ أَنْفَهُ وَنَفَتْهُ إِلَى بَعْضِ الْجَزَائِرِ. قَالَهُ الْمُسَبِّحِيُّ. وَفِيهَا: فَرَغَ الْحَجَّاجُ مِنْ بِنَاءِ وَاسِطَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا وَسَطٌ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ. وَقِيلَ: بُنِيَتْ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ1.   1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 319-321"، تاريخ خليفة "ص173، 174"، الكامل "4/ 418"، صحيح التوثيق "5/ 151". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ. وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ بسِجِسْتَانَ. وَقَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ بِطَبَرِسْتَانَ، بِخُلْفٍ فِيهِ. وَفِيهَا: اسْتَعْمَلَ الحجاج على البحرين محمد بن صعصة الْكِلابِيِّ وَضَمَّ إِلَيْهِ عُمَانَ فَخَرَجَ عَلَيْهِ الرَّيَّانُ النُّكْرِيُّ، فَهَرَبَ مُحَمَّدٌ وَرَكِبَ الْبَحْرَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى الْحَجَّاجِ. وَفِيهَا: وَلَّى الْحَجَّاجُ هَارُونَ بْنَ ذِرَاعٍ النَّمَرِيَّ ثَغْرَ الْهِنْدِ وَأَمَرَهُ بِطَلَبِ الْعِلافِيِّينَ، وَهُمَا مُحَمَّدٌ وَمُعَاوِيَةُ ابْنَا الْحَارِثِ مِنْ بَنِي سَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ، كَانَا قَدْ قَتَلَا عَامِلَ الْحَجَّاجِ هُنَاكَ، فَظَفِرَ هَارُونُ بِأَحَدِهِمَا فَقَتَلَهُ، وَهَرَبَ الآخَرُ. وَفِيهَا: غَزَا الْوَلِيدُ ابْنُ أميرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نَاحِيَةِ مَلَطْيَةَ، فَغَنِمَ وَسَبَى. وَقَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: أَوَّلُ قَبِيلٍ غَزَاهُمْ مُوسَى بْنُ النصير مِنَ الْبَرْبَرِ الَّذِينَ قَتَلُوا عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ، فسار إليهم بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ وَسَبَى، وَهَرَبَ مَلِكُهُمْ كُسَيْلَةُ. يُقَالُ: بَلَغَ سَبْيُهُمْ عِشْرِينَ أَلْفًا. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وفيها: أصحاب أَهْلَ الشَّامِ الطَّاعُونُ حَتَّى كَادُوا يَفْنَوْنَ مِنْ شِدَّتِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فِيهَا كَانَ مَصْرَعُ قَطَرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ وَاسْمُ الْفُجَاءَةِ جَعُونَةُ بْنُ مَازِنِ بْنِ يَزِيدَ التَّمِيمِيُّ الْمَازِنِيُّ أَبُو نَعَامَةَ، خَرَجَ فِي زَمَنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَبَقِيَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً يُقَاتِلُ وَيُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ وَبِإِمْرَةِ المؤمنين، وتغلب على بلاد الفرس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 وَوَقَائِعَةٌ مَشْهُورَةٌ، قَدْ ذَكَرَ مِنْهَا الْمُبَرِّدُ قِطْعَةً فِي كَامِلِهِ. وَقَدْ سَيَّرَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِهِ جَيْشًا بَعْدَ جَيْشٍ وَهُوَ يَهْزِمُهُمْ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ عَلَى فَرَسٍ أَعْجَفَ، وَبِيَدِهِ عَمُودٌ خَشَبٌ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَكَشَفَ قَطَرِيٌّ وَجْهَهُ، فَوَلَّى الرَّجُلُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قال: لا يستحيي الإِنْسَانُ أَنْ يَفِرَّ مِنْ مِثْلِكَ. تَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ سُفْيَانُ بْنُ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ وَظَفِرَ بِهِ وَقَتَلَهُ. وَقِيلَ: بَلْ عَثَرَتْ بِهِ فَرَسُهُ فَانْدَقَّتْ فَخْذُهُ، فَلِذَلِكَ ظَفِرُوا بِهِ بِطَبَرِسْتَانَ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى الْحَجَّاجِ. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ سَوْرَةُ بْنِ الدَّارِمِيُّ. وَكَانَ قَطَرِيٌّ مَعَ شَجَاعَتِهِ الْمُفْرِطَةِ وَإِقْدَامِهِ مِنْ خُطَبَاءِ الْعَرَبِ الْمَشْهُورِينَ بِالْبَلاغَةِ وَالشِّعْرِ، وَلَهُ أَبْيَاتٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْحَمَاسَةِ1، وَاللَّهُ أعلم.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 175، 176"، تاريخ الطبري "6/ 325"، الكامل "4/ 453"، البداية "9/ 35-38"، صحيح التوثيق "5/ 153". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ. وَأَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ. وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ الْفَقِيهُ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْقَارِيِّ. وَنَاعِمُ بْنُ أُجَيْلٍ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَرِيرٍ الْغَافِقِيُّ. وَجُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ. وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، بِخُلْفٍ فِيهِمَا. وَفِيهَا: صَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْبدًا الْجُهَنِيَّ عَلَى إِنْكَارِهِ الْقَدَرِ. قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ. وَفِيهَا: تُوُفِّيَ: سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ -قَالَهُ أَبُو نُعَيْمٍ- وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ. قَالَهُ ابْنُ معين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي. قَالَهُ ابْنُ نُمَيْرٍ. وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَحَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ بِالرُّومِ. وَفِيهَا: كَانَ سَيْلُ الْجُحَافِ، وَهُوَ سَيْلٌ عَظِيمٌ جَاءَ بِمَكَّةَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجَرَ الأَسْوَدِ، فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْحَجَّاجِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ نَافِعٍ الْخُزَاعِيَّ قَالَ: كَانَ مِنْ قِصَّةِ الْجُحَافِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَحَطُوا، ثُمَّ طَلَعَ فِي يَوْمٍ قِطْعَةُ غَيْمٍ، فَجَعَلَ الْجُحَافُ يَضْرِطُ بِهِ وَيَقُولُ: إِنْ جَاءَنَا شَيْءٌ فَمِنْ هَذَا، فَمَا بَرِحَ مِنْ مَكَانِه حَتَّى جَاءَ سَيْلٌ فَحَمَلَ الْجِمَالَ وَغَرَّقَ الْجُحَافَ. وفيها: غَزَا الْبَحْرَ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي الْكَنُودِ حَتَّى بَلَغَ قُبْرُسَ. وَفِيهَا: هَلَكَ أَلْيُونُ الْمَلِكُ عَظِيمُ الرُّومِ لا رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِيهَا: سَارَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ فَالْتَقَى هُوَ وَالرَّيَّانِ النُّكْرِيُّ بِالْبَحْرَيْنِ، وَمَعَ الرَّيَّانِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَزْدِ تُقَاتِلُ، اسْمُهَا جَيْدَاءُ، فَقُتِلَ هُوَ وَهِيَ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِمَا، وَصُلِبَ هُوَ. وَفِيهَا: أَوَّلُ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ: وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ شَدِيدُ الْبُغْضِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ الْكِنْدِيِّ، يَقُولُ: مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ إِلا أَرَدْتُ قَتْلَهُ. ثُمَّ إِنَّهُ أَبْعَدَهُ عَنْهُ وَأَمَّرَهُ عَلَى سِجِسْتَانَ فِي هَذَا الْعَامِ بَعْدَ مَوْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، فَسَارَ إِلَيْهَا فَفَتَحَ فُتُوحًا، وَسَارَ يَنْهَبُ بِلادَ رُتْبِيلَ وَيَأَسُرُ وَيُخَرِّبُ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ مَعَ هَذَا كُتُبًا يَأْمُرُهُ بِالْوُغُولِ فِي تِلْكَ الْبِلادِ وَيُضْعِفُ هِمَّتَهُ وَيُعَجِّزُهُ، فَغَضِبَ ابْنُ الأَشْعَثِ وَخَطَبَ الناس، وكان معه رؤوس أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَكُمْ كَتَبَ إِلَيَّ بِتَعْجِيلِ الْوُغُولِ بِكُمْ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَهِيَ الْبِلادُ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا إِخْوَانُكُمْ بِالأَمْسِ، وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، أَمْضِي إِذَا مَضَيْتُمْ وَآبَى إذا أَبَيْتُمْ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالُوا: لا بَلْ تَأْبَى عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ وَلا نَسْمَعُ لَهُ وَلا نُطِيعُ. وَقَالَ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ الْكِنَانِيُّ: إِنَّ الْحَجَّاجَ مَا يَرَى بِكُمْ إِلا مَا رَأَى الْقَائِلُ الأَوَّلُ: "احْمِلْ عَبْدَكَ عَلَى الْفَرَسِ، فَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ، وَإِنْ نَجَا فَلَكَ" إِنَّ الْحَجَّاجَ مَا يُبَالِي، إِنْ ظَفِرْتُمْ أَكَلَ الْبِلادِ وَحَازَ الْمَالَ، وَإِنْ ظَفِرَ عَدُوُّكُمْ كُنْتُمْ أَنْتُمُ الأَعْدَاءُ الْبُغَضَاءُ، اخْلَعُوا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 عَدُوَّ اللَّهِ الْحَجَّاجِ وَبَايِعُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَنَادُوا: فَعَلْنَا فَعَلْنَا، ثُمَّ أَقْبَلُوا كَالسَّيْلِ الْمُنْحَدِرِ، وَانْضَمَّ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ جَيْشٌ عَظِيمٌ، فَعَجَزَ عَنْهُمُ الْحَجَّاجُ، وَاسْتَصْرَخَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَزِعَ لِذَلِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَجَهَّزَ الْعَسَاكِرَ الشَّامِيَّةَ فِي الْحَالِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ1. تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 135- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ2 وَاسْمُ الأَشْتَرِ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ. كَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الأُمَرَاءِ الْمَشْهُورِينَ بِالشَّجَاعَةِ وَالرَّأْيِ، وَلَهُ شَرَفٌ وَسِيَادَةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ يَوْمَ الْخَازَرِ، ثُمَّ كَانَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ أُمَرَائِهِ، وَقُتِلَ مَعَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. 136- الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ3 –ع- بن معاوية بن حصين، أبو بحر التميمي الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْحِلْمِ. مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَأَشْرَافِهِمْ. اسْمُهُ الضَّحَّاكُ، وَيُقَالُ: صَخْرٌ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ الأَحْنَفُ لاعْوِجَاجِ رِجْلَيْهِ. وَكَانَ سَيِّدًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ. أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ. وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالْعَبَّاسِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ جَاوَانَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَخُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ. وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفَّينَ. قَالَ ابن سَعْدٍ: كَانَ الأَحْنَفُ ثِقَةً مَأْمُونًا قَلِيلَ الْحَدِيثِ، وكان صديقًا لمصعب بن   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 175"، تاريخ الطبري "6/ 326". 2 انظر: البداية "8/ 323"، السير "4/ 35". 3 سبق الترجمة له. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 الزُّبَيْرِ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ إِلَى الْكُوفَةِ، فُتُوُفِّيَ عِنْدَهُ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ أَحْنَفَ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلا بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ: وَكَانَ اسْمُهُ صَخْرَ بْنَ قَيْسٍ أَحْدَ بَنِي سَعْدٍ، وَأُمُّهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَاهِلَةٍ، فَكَانَتْ تُرَقِّصُهُ وَتَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْلا حَنَفٌ بِرِجْلِهِ ... وَقِلَّةٌ أَخَافُهَا مِنْ نَسْلِهِ مَا كَانَ فِي فِتْيَانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِ وَقَالَ الْمَرْزُبَانِيُّ: قِيلَ إِنَّ اسْمَهُ الْحَارِثُ، وَقِيلَ: حُصَيْنٌ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمِ: هُوَ افْتَتَحَ مَرْوَ الرُّوذِ، وَكَانَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ فِي جَيْشِهِ ذَلِكَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَقَالَ: أَلا أُبَشِّرُكَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قَوْمِكَ بَنِي سَعْدٍ أَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَجَعَلْتُ أُخْبِرُهُمْ وَأَعْرِضُ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى خَيْرٍ، وَمَا أَسْمَعُ إِلا حَسَنًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَحْنَفِ"1. وَكَانَ الأَحْنَفُ يَقُولُ: فَمَا شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ". وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَاحْتَبَسَنِي عِنْدَهُ حَوْلا، فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ، إِنِّي قَدْ بَلَوْتُكَ وَخَبِرْتُكَ فَرَأَيْتُ عَلانِيَتَكَ حَسَنَةً، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُكَ مِثْلَ عَلانِيَتِكَ، وَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ2. وَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ: ثنا الْعَلاءُ بْنُ حَرِيزٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ   1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 372"، وفيه ابن جدعان من الضعفاء. 2 خبر ضعيف: فيه ابن جدعان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 تُسْتَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ تُسْتَرَ، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا، يَعْنِي الأَحْنَفَ، الَّذِي كَفَّ عَنَّا بَنِي مُرَّةَ حِينَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَدَقَاتِهِمْ، وَقَدْ كَانُوا هَمُّوا بِنَا، قَالَ الأَحْنَفُ: فَحَبَسَنِي عُمَرُ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً، يَأْتِينِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَلا يَأْتِيهِ عَنِّي إِلا مَا يُحِبُّ، فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ دَعَانِي فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ هَلْ تَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ1، فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، فَاحْمِدِ اللَّهَ يَا أَحْنَفُ. قُلْتُ: وَكَانَ الأَحْنَفُ فَصِيحًا مُفَوَّهًا. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ، وَكَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَعْوَرَ أَحْنَفَ، دَمِيمًا قَصِيرًا كَوْسَجًا، لَهُ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، حَبَسَهُ عُمَرُ عِنْدَهُ سَنَةً يَخْتَبِرْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ السَّيِّدُ. قُلْتُ: ذَهَبَتْ عَيْنُهُ بِسَمَرْقَنْدَ. ذَكَرَهُ الْهَيْثَمُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: خَطَبَ الأَحْنَفُ عِنْدَ عُمَرَ، فَأَعْجَبَهُ مَنْطِقُهُ، فَقَالَ: كنت أخشى أن تكون منفقًا عَالِمًا، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنًا، فَانْحَدِرْ إِلَى مِصْرِكَ. قُلْتُ: مِصْرُهُ هِيَ الْبَصْرَةُ. وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: مَا كَذَبْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلا مَرَّةً، سَأَلَنِي عُمَرُ عَنْ ثَوْبٍ بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ فَأَسْقَطْتُ ثُلُثَيِ الثَّمَنِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ إِلَى خُرَاسَانَ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ الأَحْنَفُ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَحْمِلُ، يَعْنِي فِي قِتَالِ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَيَقُولُ: إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيسٍ حَقًّا ... أَنْ يَخْضِبَ الصَّعْدَةَ أَوْ يَنْدَقَّا قَالَ: وَسَارَ الأَحْنَفُ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ، وَمِنْهَا إِلَى بَلْخٍ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ أَتَى الأَحْنَفُ خَوَارِزْمَ، فَلَمْ يُطِقْهَا، فَرَجَعَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: خَرَجَ ابْنُ عَامِرٍ مِنْ خُرَاسَانَ قَدْ أَحْرَمَ مِنْ نَيْسَابُورَ بِعُمْرَةٍ، وَخَرَجَ عَلَى خُرَاسَانَ الأَحْنَفُ فَجَمَعَ أَهْلَ خُرَاسَانَ جَمْعًا كَبِيرًا، وَاجْتَمَعُوا بمرو،   1 حديث حسن: أخرجه أحمد "1/ 22، 44". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 فَقَاتَلَهُمُ الأَحْنَفُ وَهَزَمَهُمْ وَقَتَلَهُمْ، وَكَانَ جَمْعًا لَمْ يَجْتَمِعْ مِثْلُهُ قَطُّ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عَمْرًا ذَكَرَ بَنِي تَمِيمٍ فَذَمَّهُمْ فَقَامَ الْأَحْنَفُ فَقَالَ: إِنَّكَ ذَكَرْتَ بَنِي تَمِيمٍ فَعَمَّمْتَهُمْ بِالذَّمِّ، وَإِنَّمَا هُمْ مِنَ النَّاسِ، فِيهِمُ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ. فَقَامَ الْحُتَاتُ -وَكَانَ يُنَاوِئُهُ- فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ائْذَنْ لِي فَلأَتَكَلَّمَ، قَالَ: اجْلِسْ، فَقَدْ كَفَاكُمْ سَيِّدُكُمُ الأَحْنَفُ1. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى: ائْذَنْ لِلْأَحْنَفِ، وَشَاوِرْهِ، وَاسْمَعْ مِنْهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ شَرِيفَ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الأَحْنَفِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَفِرُّ مِنَ الشَّرَفِ وَالشَّرَفُ يَتَّبِعُهُ. وَقَالَ وَالِدُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ: قِيلَ لِلأَحْنَفِ: إِنَّكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَإِنَّ الصِّيَامَ يُضْعِفُكَ قَالَ: إِنِّي أَعُدُّهُ لِسَفَرٍ طَوِيلٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ رُدَيْحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كَانَ الأَحْنَفُ عَامَّةَ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ يَضَعُ إِصْبَعَهُ عَلَى السِّرَاجِ فَيَقُولُ: حِسَّ. ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَحْنَفُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا2. غَيْرُهُ يَقُولُ: ابْنُ ذَرِيحٍ. وَقَالَ أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ: ثنا أَبُو الأَصْفَرِ، أَنَّ الأَحْنَفَ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يُوقِظْ غِلْمَانَهُ، وَذَهَبَ يَطْلُبُ الْمَاءَ، فَوَجَدَ ثلجًا فكسره واغتسل. وقال مروان الأصغر: سَمِعْتُ الأَحْنَفَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ تَغْفِرْ لِي فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذَلِكَ. وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنَا أَهْلٌ لِذَلِكَ. وقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ: قَالَ الأَحْنَفُ: ذَهَبَتْ عَيْنِي مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، مَا شَكَوْتُهَا إِلَى أَحَدٍ. وَيُرْوَى أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فقال: أنت الشاهر علينا سيفك يوم صفين والمخذل   1 خبر ضعيف: تهذيب تاريخ دمشق "7/ 15" لابن بدران، فيه انقطاع. 2 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ: لا تُؤَنِّبْنَا بِمَا مَضَى مِنَّا، وَلا تَرُدَّ الأُمُورَ عَلَى أَدْبَارِهَا، فَإِنَّ الْقُلُوبَ الَّتِي أَبْغَضْنَاكَ بِهَا بَيْنَ جَوَانِحِنَا، وَالسُّيُوفُ الَّتِي قَاتَلْنَاكَ بِهَا عَلَى عَوَاتِقِنَا، فِي كَلامِ غَيْرِهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ قَالَتْ أُخْتُ مُعَاوِيَةَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَتَهَدَّدُ؟ قَالَ: هَذَا الَّذِي إِنْ غَضِبَ غَضِبَ لِغَضَبِهِ مِائَةُ أَلْفٍ مِنْ تَمِيمٍ، لا يَدْرُونَ فِيمَ غَضِبَ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ شَيْئًا، وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ: فَقَالَ معاوية: يا أبا بحر، ما لك لا تَتَكَلَّمُ: قَالَ: أَخْشَى اللَّهَ إِنْ كَذَبْتُ وَأَخْشَاكُمْ إِنْ صَدَقْتُ. وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْرِي فِي مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ، كَيْفَ يَتَكَبَّرُ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: قَالَ الأَحْنَفُ: مَا أَتَيْتُ بَابَ هَؤُلاءِ إِلا أَنْ أُدْعَى، وَلا دَخَلْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يُدْخِلانِي بَيْنَهُمَا، وَلا ذَكَرْتُ أَحَدًا بَعْدَ أَنْ يَقُومَ مِنْ عِنْدِي إِلا بِخَيْرٍ. وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ فَكَانَ فَوْقِي إِلا عَرَفْتُ لَهُ قَدْرَهُ، وَلا كَانَ دُونِي إِلا رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ، وَلا كَانَ مِثْلِي إلا تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ الأَحْنَفُ: لَسْتُ بِحَلِيمٍ، وَلَكِنِّي أَتَحَالَمُ. وَبَلَغَنَا أَنَّ رجُلا قَالَ لِلأَحْنَفِ: لَئِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً لَتَسْمَعَنَّ عَشْرًا، فَقَالَ لَهُ: لَكِنَّكَ لَئِنْ قُلْتَ عَشْرًا لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً. وَإِنَّ رَجُلا قَالَ لَهُ: بِمَ سُدْتَ قَوْمَكَ؟ قَالَ: بِتَرْكِي مِنْ أَمْرِكَ مَا لا يَعْنِينِي كَمَا عِنْدَكَ مِنْ أَمْرِي مَا لا يَعْنِيكَ. وَعَنْهُ قَالَ: مَا يَنْبَغِي لِلأَمِيرِ أَنْ يَغْضَبَ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ فِي الْقُدْرَةِ لِقَاحِ السَّيْفِ وَالنَّدَامَةِ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا الأَحْنَفُ الْكُوفَةَ مَعَ مُصْعَبٍ، فَمَا رَأَيْتُ خُصْلَةً تُذَمُّ إِلا رَأَيْتُهَا فِيهِ، كَانَ ضَئِيلا، صَغِيرَ الرَّأْسِ، مُتَرَاكِبَ الأَسْنَانِ، مَائِلَ الذَّقْنِ، نَاتِئَ الْوَجْهِ، بَاخِقَ الْعَيْنَيْنِ، خَفِيفَ الْعَارِضَيْنِ، أَحْنَفَ الرِّجْلِ، فَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ جَلا عَنْ نَفْسِهِ. بِاخَقٌ: مُنْخَسِفُ الْعَيْنِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: الأحْنَفُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ أَنْ تُقْبَلَ كُلُّ رِجْلٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا. وَلِلأَحْنَفِ أَشْيَاءُ مُفِيدَةٌ أَوْرَدَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ جُمْلَةً مِنْهَا. وَكَانَ زِيَادُ بْنِ أَبِيهِ كَثِيرَ الرِّعَايَةِ لِلأَحْنَفِ، فَلَمَّا وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ تَغَيَّرَتْ حَالُ الأَحْنَفِ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصَارَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ مَنْ دُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِأَشْرَافِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ: أَدْخِلْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ، فَكَانَ فِي آخِرِهِمُ الأَحْنَفُ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ سِيَادَتِهِ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَحْرٍ إِلَيَّ، وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَأَخَذُوا فِي شُكْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَكَتَ الأَحْنَفُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَهُ: لِمَ لا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُمْ، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجُوا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَرُومُ الإِمَارَةَ، ثُمَّ أَتَوْا مُعَاوِيَةَ بَعْدَ ثَلاثٍ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصًا، وَتَنَازَعُوا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا بَحْرٍ؟ قَالَ: إِنْ وَلَّيْتَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَسُدَّ مَسَدَّ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدْ أَعَدْتُهُ، فَلَمَّا خَرَجُوا خَلا مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ: كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الَّذِي عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ؟ فَلَمَّا عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْعِرَاقِ، جَعَلَ الأَحْنَفَ خَاصَّتَهُ وَصَاحِبَ سِرِّهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَضَرْتُ جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بِالْكُوفَةِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ، فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مُدَّ بَصَرِي، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي، فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ. رَوَاهَا ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ. تُوُفِّيَ الأَحْنَفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ الْفَسَوِيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ عَلَى الْعِرَاقِ. وَلَمْ يُعَيِّنُوا سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. 137- أَسْمَاءُ بِنْتُ أبي بكر الصديق1 –ع- أم عبد الله ذات النطاقين، آخر   1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 249"، البداية "8/ 346"، أسد الغابة "5/ 292". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 الْمُهَاجِرِينَ وَالْمُهَاجِرَاتِ وَفَاةً، وَأُمُّهَا قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيَّةُ. لَهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهَا: عَبْدُ اللَّهِ، وَعُرْوَةُ ابْنَا الزُّبَيْرِ، وَابْنَاهُمَا عُبَادَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمَوْلاهَا عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَتُوُفِّيَا قَبْلَهَا، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبَّادُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو نَوْفَلٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي عَقْرَبٍ، ووهب بْنُ كَيْسَانَ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ. وَشَهِدَتِ الْيَرْمُوكَ مع ابنها عبد الله وزوجها. وهي وابنها وأبوها وجدها صحابيون. رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ، نَسْأَلُهَا عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَتْ: قَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا1. قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ. قُلْتُ: فَعُمْرُهَا عَلَى هَذَا إِحْدَى وَتِسْعُونَ سَنَةً. وَأَمَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَقَالَ: عَاشَتْ مِائَةَ سَنَةٍ وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تَصَدَّعُ فَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا فَتَقُولُ: بِذَنْبِي وَمَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ أَكْثَرَ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ شَيْءٌ غَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُهُ وَأَسُوسُهُ، وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ، وَأَعْلِفُهُ، وَأَسْتَقِي، وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، فَكَانَ يَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ جماعة، فدعاني فقال: "إخ إخ" 3.   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "6/ 348". 2 الطبقات "8/ 251" لابن سعد. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 281، 282"، ومسلم "2182"، وأحمد "6/ 347، 352"، وابن سعد "8/ 250" في طبقاته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، فَمَضَى، فَلَمَّا أتَيْتُ أَخْبَرْتُ الزُّبَيْرَ، فَقَالَ: وَاللَّه لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ، فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: ضَرَبَ الزُّبَيْرُ أَسْمَاءَ، فَصَاحَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أُمَّكَ طَالِقٌ إِنْ دَخَلَتْ! قَالَ: أَتَجْعَلُ أُمِّي عُرْضَةً لِيَمِينِكَ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ وَخلَّصَهَا، فَبَانَتْ مِنْهُ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، إِنَّ الزُّبَيْرَ طَلَّقَ أَسْمَاءَ، فَأَخَذَ عُرْوَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ. وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ سَخِيَّةَ النَّفْسِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ قَالَتْ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا بَنَاتِي تَصَدَّقْنَ وَلا تَنْتَظِرْنَ الْفَضْلَ فَإِنَّكُنَّ إِنِ انْتَظَرَتُنَّ الفضل لن تجدنه، وإن تصدقن لن تَجِدْنَ فَقْدَهُ2. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَتَيْنِ قَطُّ أَجْوَدَ مِنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، وَجُودُهُمَا يَخْتَلِفُ، أَمَّا عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَجْمَعُ الشَّيْءَ إِلَى الشَّيْءِ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَ عِنْدَهَا وَضَعَتْهُ مَوَاضِعَهُ، وأما أسماء فكانت لا تدخر شيء لِغَدٍ3. قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كَانَتْ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط تحت الزُّبَيْرِ، وَكَانَتْ فِيهِ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ، وَكَانَتْ له كارهة تسأل الطَّلاقَ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، وَقَالَ: لا تَرْجِعُ إِلَيَّ أَبَدًا4. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَهَا   1 إسناده منقطع: السير "2/ 292". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 252". 3 خبر صحيح: السير "2/ 292". 4 الطبقات "8/ 230، 231"، لابن سعد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 ثَلاثًا، يَعْنِي لِتَمَاضِرَ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ: وَكَانَ أَبُو سلمة أمه تماضر بن الأَصْبَغِ. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ تُمَاضِرَ، حِينَ طَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَكَانَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ طَلَّقَهَا. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ: فَرَضَ عُمَرُ أَلْفًا أَلْفًا لِلْمُهَاجِرَاتِ، مِنْهُنَّ أُمُّ عَبْدٍ، وَأَسْمَاءُ. وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ: إِنَّ جَدَّتَهَا أَسْمَاءَ كَانَتْ تَمْرَضُ الْمَرْضَةَ، فَتُعْتِقُ كُلَّ مَمْلُوكٍ لَهَا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَخَذَتْ عَنْ أَبِيهَا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّهِ: أَنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ تَقُولُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ يُقَاتِلُ الْحَجَّاجَ: لِمَنْ كَانَتِ الدَّوْلَةُ الْيَوْمَ؟ فَيُقَالُ لَهَا: لِلْحَجَّاجِ. فَتَقُولُ: رُبَّمَا أَمَرَ الْبَاطِلُ. فَإِذَا قِيلَ لَهَا: كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ انْصُرْ أَهْلَ طَاعَتِكَ وَمِنْ غَضِبَ لَكَ1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ، قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ بِعشْرِ لَيَالٍ، وَإِنَّهَا لَوَجِعَةٌ، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: وَجِعَةٌ، قَالَ: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَعَافِيَةً. قَالَتْ: لَعَلَّكَ تَشْتَهِي مَوْتِي، فَلا تَفْعَلْ، وَضَحِكَتْ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَشْتَهِي أَنْ أَمُوتَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ أَحَدُ طَرَفَيْكَ، إِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبُكَ، وَإِمَّا أَنْ تَظْفَرَ فَتَقَرَّ عَيْنِي، وَإِيَّاكَ أَنْ تَعْرِضَ عَلَيَّ خِطَّةً لا تُوَافِقُ، فَتَقْبَلَهَا كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ2. إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ عوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي، أَنَّ الْحَجَّاجَ دَخَلَ عَلَى أَسْمَاءَ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَكَ أَلْحَدَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَذَاقَهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. قَالَتْ: كَذَبَ، كَانَ بَرًّا بِوَالِدَيْهِ، صَوَّامًا قَوَّامًا، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ   1 خبر ضعيف: فيه الواقدي من الضعفاء. 2 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 56" في الحلية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 214 سَيَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابَانِ، الْآخِرُ مِنْهُمَا شَرٌّ مِنَ الأَوَّلِ، وَهُوَ مُبِيرٌ1. إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَبُو الْمُحَيَّاةِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ وَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّهْ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكِ فَهَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَتْ: لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ، وَلَكِنِّي أُمُّ الْمَصْلُوبِ عَلَى رَأْسِ الْبَنِيَّةٍ، وَمَا لِي مِنْ حَاجَةٍ، وَلَكِنْ أُحَدِّثُكَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَخْرُجُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ" 2. فَأَمَّا الْكَذَّابُ، فَقَدْ رَأَيْنَاهُ؟ تَعْنِي الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ وَأمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ، فَقَالَ لَهَا: مُبِيرُ الْمُنَافِقِينَ. أَبُو المُحَيَّاةِ هُوَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنْبَأَ الأَسْوَدُ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِي عَقْرَبٍ، أَنَّ الْحَجَّاجَ لَمَّا قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَلَبَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّهِ أَنْ تَأْتِيَهُ، فَأبَتْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا لَتَأْتِيَنَّ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ مَنْ يَسْحَبُكِ بقُرُونِكِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: وَاللَّهِ لا آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثَ إِلَيَّ مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُونِي. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَتَى إِلَيْهَا فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ تُعَيِّرُهُ بِابْنِ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، وَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ، فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا3. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ: ثنا ابْنُ أَبِي عَبَّادٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّ أَسْمَاءَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَذَلِكَ حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَصْلُوبٌ، فَمَالَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْجُثَثَ لَيْسَتْ بِشْيَءٍ، وَإِنَّمَا الأَرْوَاحُ عِنْدَ اللَّهِ، فَاتَّقِي اللَّهَ، وَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ. فَقَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ. رَوَاهُ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْمُبَارَكِ. أنا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى بِنْتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بكر -وكان أبو بكر طلقها في   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2545"، وأحمد "2/ 26"، والترمذي "2220"، "3944". 2 انظر السابق. 3 خبر صحيح: "تاريخ دمشق /23/ تراجم النساء". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 الْجَاهِلِيَّةِ- بِهَدَايَا، زَبِيبٍ وَسَمْنٍ وَقَرَظٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا، وَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ: سَلِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لِتُدْخِلْهَا وتقبل هَدِيَّتَهَا. وَنَزَلَتْ {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} . [الممتحنة: 60] ، الآية. شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَهِيَ كَبِيرَةٌ عَمْيَاءُ، فَوَجَدْتُهَا تُصَلِّي، وَعِنْدَهَا إِنْسَانٌ يُلَقِّنُهَا: قُومِي اقْعُدِي افْعَلِي1. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ، فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا صَلَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى أُوتَى به أحنطه وَأُكَفِّنَهُ، فَأُتِيَتْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهَا، فَجَعَلَتْ تُحَنِّطُهُ بِيَدِهَا وَتُكَفِّنُهُ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهَا2. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَتْ أَسْمَاءُ بَعْدَ وَفَاةِ ابْنِهَا بِلَيَالٍ. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَفَّنَتْهُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَمَا أَتَتْ عليه جمعة حتى ماتت. 138 الأسود بن يزيد3 –ع- بن قَيْسٍ النَّخَعِيُّ، الْفَقِيهُ أَبُو عَمْرٍو، وَيُقَالُ: أَبُو عبد الرحمن، أو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ أَخِي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم بن زيد النَّخَعِيِّ. وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ عَلْقَمَةَ. رَوَى عَنْ: مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَبِلالٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ وَأَخُوهُ، وَابْنُ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمُ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَخَلْقٌ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ. وَكَانَ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالْحَجِّ عَلَى أَمْرِ كَبِيرٍ. فَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَجَّ الأَسْوَدُ ثَمَانِينَ مِنْ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ4. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يزيد فقال: كان صوامًا قوامًا حجاجًا5.   1 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 255". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن عساكر "ص/ 27/ تراجم النساء" من تاريخ دمشق. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 70"، الحلية "2/ 102"، البداية "9/ 12". 4، 5 الحلية "2/ 103". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَنْدَلٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ عياض، عَنْ مَيْمُونٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ: وَكَانَ يَنَامُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سِتِّ لَيَالٍ1. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: ثنا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثدٍ قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ، يَصُومُ حَتَّى يَخْضَرَّ وَيَصْفَرَّ، فَلَمَّا احْتُضِرَ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا الجزع؟ فقال: ما لي لا أَجْزَعُ، وَاللَّهِ لَوْ أَتَيْتُ بِالْمَغْفِرَةِ مِنَ اللَّهِ لأَهَمَّنِي الْحَيَاءُ مِنْهُ مِمَّا قَدْ صَنَعْتُ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ الذَّنْبُ الصَّغِيرُ، فَيَعْفُو عَنْهُ، فَلا يَزَالُ مُسْتَحْيِيًا مِنْهُ2. فِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ، أَحَدُهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. 139- أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 –ع. الْعَدَوِيُّ أَبُو زَيْدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو خَالِدٍ، مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ. وَقِيلَ: حَبَشِيٌّ. وَقِيلَ: مِنْ سَبْيِ الْيَمَنِ. وَقَدِ اشْتَرَاهُ عُمَرُ بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ بالناس سنة إحدى عشر فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يَقُولُ: نَحْنُ قَوْمٌ من الأشعريين، ولكنا لا نُنْكِرُ مِنَّةَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاذًا، وَأَبَا عبيدة، وابن عمر، وَابْنَ عُمَرَ، وَكَعْبَ الأَحْبَارِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ زَيْدٌ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. قَالَ الزُّهْريُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَسْلَمَ قَالَ: قَدِمْنَا الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ، فَأَتَيْنَا بِالطِّلاءِ وَهُوَ مِثْلُ عَقِيدِ الرُّبِّ.   1 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 103" في الحلية. 2 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 103". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 10"، أسد الغابة "1/ 77"، السير "4/ 98-100". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَجَّ عُمَرَ بِالنَّاسِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَابْتَاعَ فِيهَا أَسْلَمَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا: ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اشْتَرَانِي عُمَرُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا بِالأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَسِيرًا، فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيدِ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ، حَتَّى كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَسْمَعُ الأَشْعَثَ يَقُولُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ اسْتَبْقِنِي لِحَرْبِكَ، وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ، فَمَنَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ1. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ الأَسْوَدُ الْحَبَشِيُّ: وَاللَّهِ ما أُرِيدَ عَيْبَهُ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا أَبَا خَالِدٍ، إِنِّي أَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَلْزَمُكَ لُزُومًا لا يَلْزَمُهُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ، لا يَخْرُجُ سَفَرًا إِلا وَأَنْتَ مَعَهُ، فَأَخْبِرْنِي عَنْهُ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَوْلَى الْقَوْمِ بِالظِّلِّ، وَكَانَ يُرَحِّلُ رَوَاحِلَنَا وَيُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَحْدَهُ، وَلَقَدْ فَزِعْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ رَحَّلَ رِحَالِنَا وَهُوَ يُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَيَرْتَجِزُ: لا يَأْخُذُ اللَّيْلُ عَلَيْكَ بِالْهَمْ ... وَالْبَسَنْ له قميص وَاعْتَمْ وَكُنْ شَرِيكَ رَافِعٍ وَأَسْلَمْ ... وَاخْدُمِ الْأَقْوَامَ حَتَّى تُخْدَمْ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أبيه. قال أبو عبيد: تُوُفِّيَ أَسْلَمُ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 140- أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ2 وَاسْمُ أَبِيهَا عَبْدُ بْنُ بِجَادٍ التَّيْمِيُّ، وَهِيَ بِنْتُ أُخْتِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ لأُمِّهَا. عِدَادُهَا فِي صَحَابُيَّاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْهَا: ابْنَتُهَا حُكَيْمَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ بِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا، وَبِأَنَّهَا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والحديث في "الموطأ".   1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 10" في الطبقات الكبرى. 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 255"، أسد الغابة "5/ 407"، الإصابة "4/ 240". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 141- أوس بن طمعج -م 4- الكوفي الْعَابِدُ1. ثِقَةٌ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ. رَوَى عَنْ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ الأَنْصَارِيِّ، وَعَائِشَةَ. رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. "حرف الْبَاءِ": 142- بجالة بن عبدة التميمي -خ د ت ن- البصري2. كَاتِبُ جَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَمُّ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ -رَضِيَ الله عنهم. رَوَى عَنْهُ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حُكَيْمٍ، وَطَالِبُ بْنُ السَّمَيْدَعِ. وَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بن معاوية. 143- البراء بن عازب3 –ع. ابْنِ الْحَارِثِ أَبُو عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ الْحَارِثِيُّ الْمَدَنِيُّ، نَزِيلُ الْكُوفَةَ. صَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو جُحَيْفَةَ السُّوَائِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن يزيد الخطمي، الصحابيان، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَسَعْدُ بْنُ عَبِيدَةَ، وَأَبُو عُمَرَ زَاذَانَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَاستُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَشَهِدَ غَيْرَ غزوةٌ مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: اسْتَصْغَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ فَرَدَّنِي، وَغَزَوْتُ مَعَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَمَا قَدِمَ عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ حتى قرأت سورًا من المفصل4.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 510"، والجرح والتعديل "2/ 304"، وأسد الغابة "1/ 147". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 130"، والجرح والتعديل "2/ 437"، والإصابة "1/ 170". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 17"، الاستيعاب "1/ 155"، وأسد الغابة "1/ 171". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 226"، وابن سعد "4/ 367". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 شُعْبَةُ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، رَأَيْتُ عَلَى البراء خاتم ذهب. وقال البراء: كنت أنا وابن عمر لدة. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى وسبعين. 144- بسر بن أبي أرطأة1 –د ت ن. عُمَيْرُ بْنُ عُوَيْمِرِ بْنِ عِمْرَانَ، وَيُقَالُ: بُسْرُ بْنُ أَرْطَأَةَ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيُّ الْقُرَشِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَيْنِ، وَهُمَا: "اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا" 2. وَحَدِيثَ: "لا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي الْغَزْوِ" 3. رَوَى عَنْهُ جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَأَيُّوبُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَأَبُو رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَنَتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمِصْرِيُّ: كَانَ صَحَابِيًّا شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ: وَلَهُ بِهَا دَارٌ وَحَمَّامٌ، وَكَانَ مِنْ شِيعَةِ مُعَاوِيَةَ، وَوَلَّى الْحِجَازَ وَالْيَمنَ لَهُ، فَفَعَلَ أَفْعَالا قَبِيحَةً، وَشُوِّشَ فِي آخر أيامه. قلت: وكان أميرًا سريًا شجاعًا بطلًا فَاتِكًا، سَاقَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ فِي تَارِيخِهِ، فَمِنْ أَخْبَثِ أَخْبَارِهِ الَّتِي مَا عَمِلَهَا الْحَجَّاجُ، عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ بُسْرًا لا صُحْبَةَ لَهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ وَبُسْرٌ صَغِيرٌ. قَالَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ: ثنا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلامَةَ، عَنْ أَبِي الزَّيَّاتِ، وَآخَرَ، سَمِعَا أَبَا ذَرٍّ يَتَعَوَّذُ مِنْ يَوْمِ الْعَوْرَةِ، قَالَ زَيْدٌ: فَقُتِلَ عُثْمَانُ، ثُمَّ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَرْطَأةَ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَبَى نِسَاءً مُسْلِمَاتٍ، فأقمن في السوق.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 409"، والسير "3/ 409"، وأسد الغابة "1/ 179، 180". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 181"، وابن حبان "2424"، "2425"، والطبراني "1196" في الكبير، والحاكم "3/ 591". 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 181"، وأبو داود "4408"، والترمذي "1450"، والنسائي "8/ 91"، والطبراني "1195" في الكبير. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 220 وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَتَلَ بُسْرُ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَقُثَمَ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالْيَمَنِ. وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنُ جَسْرَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَأَةَ إِلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ يَقْتُلُ مَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ عَلِيٍّ، فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ شَهْرًا لا يُقَالُ لَهُ: هَذَا مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ، إِلا قَتَلَهُ. وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى الْيَمَنِ، فَمَضَى بُسْرُ إِلَيْهَا فَقَتَلَ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَتَلَ عَمْرَو بْنَ أَرَاكَةَ الثَّقَفِيَّ، وَقَتَلَ مِنْ هَمْدَانَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ، وَقَتَلَ مِنَ الأَبْنَاءِ طَائِفَةً. وَذَلِكَ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ، وَبَقِيَ إِلَى خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ1. وَيُرْوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ بُسْرًا هَدَمَ بِالْمَدِينَةِ دُورًا كَثِيرَةً، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وصاح: يا دينار، شيخ سمح عهدته ههنا بِالأَمْسِ، مَا فَعَلَ -يَعْنِي عُثْمَانَ- يَا أَهْلَ المدينة لولا عهد أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَرَكْتُ بِهَا مُحْتَلِمًا إِلا قَتَلْتُهُ، ثُمَّ مَضَى إِلَى الْيَمَنِ فَقَتَلَ بِهَا ابْنَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، صَبِيَّيْنِ مُلَيْحَيْنِ، فهامت أمهما بهما. قلت: وقالت فيهما أبيات سَائِرَةً، وَبَقِيَتْ تَقِفُ لِلنَّاسِ مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ، وَتُنْشِدُ في الموسم منها: ها من أحسن بابني الذين هُمَا ... كَالدُّرَّتَيْنِ تَجَلَّى عَنْهُمَا الصَّدَفُ 145- بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ2: ابْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ. كَانَ سَمْحًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا. وَلِيَ إِمْرةَ الْعِرَاقَيْنِ لِأَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ عِنْدَ عَقَبَةَ الْكَتَّانِ، وَجمَعَ لَهُ أَخُوهُ إِمْرَةَ الْعِرَاقَيْنِ. فَعَنِ الضَّحَّاكِ الْعَتَّابِيِّ قَالَ: خَرَجَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ إِلَى بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَدِمَ فَرَأَى النَّاسَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ بِلا اسْتِئْذَانٍ، فَقَالَ: مَنْ يُؤْذِنُ الأَمِيرَ بِنَا؟ قَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ حِجَابٌ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: يُرَى بَارِزًا لِلنَّاسِ بِشْرٌ كَأَنَّهُ ... إِذَا لاحَ فِي أَثْوَابِهِ قمر بدر   1 خبر ضعيف: فيه الواقدي من الضعفاء. 2 انظر: البداية "9/ 7"، وشذرات الذهب "1/ 83". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 بعيد مراة العين مارد طَرْفُهُ ... حَذَارِ الْغَوَاشِي رَجْعُ بَابِ وَلا سَتْرُ وَلَوْ شَاءَ بِشْرُ أَغْلَقَ الْبَابَ دُونَهُ ... طَمَاطَمُ سُودٌ أَوْ صَقَالِبَةٌ حُمْرُ وَلَكِنَّ بِشْرًا يَسَّرَ الْبَابَ لِلَّتِي ... يَكُونُ لَهُ فِي جَنْبِهَا الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ فَقَالَ: تَحْتَجِبُ الْحُرُمَ، وَأَجْزَلَ صِلَتَهُ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ أَخَاهُ بِشْرًا عَلَى الْعِرَاقَيْنِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ حِينَ وَصَلَهُ الْخَبَرُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ شَغَلْتَ إِحْدَى يَدَيْ، وَهِيَ الْيُسْرَى، وَبَقِيَتِ الأُخْرَى فَارِغَةٌ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَةِ الحجاز واليمن، فلما بَلَغَهُ الْكِتَابُ حَتَّى وَقَعَتِ الْقُرْحَةُ فِي يَمِينِهِ، فَقِيلَ لَهُ: نَقْطَعُهَا مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ، فَجَزَعَ، فَمَا أَمْسَى حَتَّى بَلَغَتِ الْمِرْفَقَ، ثُمَّ أَصْبَحَ وقد بلغت الْكَتِفَ، وَأَمْسَى وَقَدْ خَالَطَتِ الْجَوْفَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ، قَالَ: فَجَزِعَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَأَمَرَ الشُّعَرَاءَ فَرَثَوْهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: قَالَ الْحَسَنُ: قَدِمَ عَلَيْنَا بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ الْبَصْرَةَ وَهُوَ أَبْيَضُ بَضَّ، أَخُو خَلِيفَةٍ، وَابْنُ خَلِيفَةٍ، فَأَتَيْتُ دَارَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْحَاجِبِ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. قَالَ: ادْخُلْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُطِيلَ الْحَدِيثَ وَلا تُمِلَّهُ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ عَلَيْهِ فرش قد كاد أن يغوص فيها، وَرَجُلٌ مُتَّكِئٌ عَلَى سَيْفِهِ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ، فَسلَّمْتُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. فَأَجْلَسَنِي، ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُولُ فِي زَكَاةِ أموالنا، ندفعها للسلطان أَمْ إِلَى الْفُقَرَاءِ؟ قُلْتُ: أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى الَّذِي عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: لِشَيْءٍ مَا يَسُودَ مِنْ سود، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَشِيِّ، وَإِذَا هُوَ قَدِ انْحَدَرَ مِنْ سَرِيرِهِ إِلَى أَسْفَلَ وَهُوَ يَتَمَلْمَلُ، وَالأَطِبَّاءُ حَوْلَهُ، ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الْغَدِ وَالنَّاعِيَةُ تَنْعَاهُ، وَالدَّوَابُّ قَدْ جَزُّوا نَوَاصِيَهَا. وَدُفِنَ فِي جَانِبِ الصَّحْرَاءِ. وَوَقَفَ الْفَرَزْدَقُ عَلَى قَبْرِهِ وَرَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلا بَكَى1. قَالَ خَلِيفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وسبعين، وهو أول أمير مات في بالبصرة.   1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 254". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 تُوُفِّيَ وَعُمْرُهُ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً. "حرف التَّاءِ": 146- تَوْبَةُ بْنُ الْحُمَيِّرِ1 صَاحِبُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ، أَحَدُ الْمُتَيَّمِينَ. وَكَانَ لا يَرَى لَيْلَى إِلا مُتَبَرْقِعَةً، وَكَانَ يَشِنُّ الْغَارَةَ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَتْ بَيْنَ أَرْضِ بَنِي عُقَيْلٍ وَبَيْنَ مُهْرَةَ، فَكَمَنُوا لَهُ وَقَتَلُوهُ، فَرَثَتْهُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ بِأَبْيَاتٍ. وَمِنْ شِعْرِه قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمْنَعُوا لَيْلَى وَحُسْنَ حَدِيثِهَا ... فَلَنْ تَمْنَعُوا مِنِّي الْبُكَا وَالْقَوَافِيَا فَهَلا مَنَعْتُمْ إِذْ مَنَعْتُمْ كَلَامَهَا ... خَيَالا يُمْسِينَا عَلَى النَّأْيِ هَادِيَا لَعَمْرِي لَقَدْ أَسْهَرْتِنِي يَا حمامة ال ... عقيق وَقَدْ أَبْكَيْتِ مَنْ كَانَ بَاكِيَا ذَكَرْتُكِ بِالْغَوْرِ التِّهَامِيِّ فَأَصْعَدَتْ ... شُجُونَ الْهَوَى حَتَّى بَلَغْنَ التَّرَاقِيَا وَلَهُ شِعْرٌ سَائِرٌ جَيِّدٌ. ذَكَرَ تَرْجَمَتَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ تَقْرِيبًا فِي حُدُودِ سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ. "حرف الثَّاءِ": 147- ثَابِتَ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ2 -ع، أبو زيد الأنصاري الأشهلي. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ لَهُ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ نَحْوُهَا عِنْدَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ فِي الْحَلِفِ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلامِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ: عَنْ أَبِي قِلابَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادٍ نازل.   1 انظر: الشعر والشعراء "ص/ 360"، أمالي القالي "1/ 87، 130" وغيرهما. 2 انظر: الاستيعاب "1/ 197"، أسد الغابة "1/ 225". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أن ابْنَ سَعْدٍ غَلَطَ فِي عُمْرِهِ كَمَا تَرَى. "حرف الْجِيمِ": 148- جَابِرُ بن عبد الله1 –ع- بن عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ أَبُو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَنُو سَلَمَةَ بَطْنٌ مِنَ الْخَزْرَجِ. رَوَى الْكَثِيرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. وَقَدْ رَوَى عَنْ: أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ، وَهِيَ تَابِعِيَّةٌ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَالشَّعْبِيُّ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ مِينَا، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الَّذِينَ أَمَدَّهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ وَهُوَ يُحَاصِرُ دِمَشْقَ. قَالَ عُرْوَةُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ شَهِدَ الْعَقَبَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ، وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ، وَأَرَادَ شُهُودَ بَدْرٍ، فَخَلَّفَهُ أَبُوهُ عَلَى أَخَوَاتِهِ، وَكُنَّ تِسْعًا وخلفه يوم أحد فاستشهد يومئذ، وكان أبوه عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا مِنَ النُّقَبَاءِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَابِرٍ -يَعْنِي الْجُعْفِيَّ- عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَأَخْرَجَنِي خَالِي وَأَنَا لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرْمِي الْحَجَرَ2. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: حَمَلَنِي خَالِي الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ فِي السَّبْعِينَ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ من الأنصار، فخرج إلينا ومعه العباس.   1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 574"، وأسد الغابة "1/ 256"، السير "3/ 189". 2 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "1741" فيه جابر الجعفي من الضعفاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224 وذكر البخاري، عن عمرو، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ شَهِدَ الْعَقَبَةَ. وَفِي مُسْنَدِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْتَحُ لِأَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ1. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا وَهْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قُلْتُ: صَدَقَ، فَإِنَّ زَكَرِيَّا بْنَ إِسْحَاقَ رَوَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمْ أَشْهَدْ بَدْرًا وَلا أُحُدًا، مَنَعَنِي أَبِي فَلَمَّا قُتِلَ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ غَزْوَةٍ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: شَهِدْنَا بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ سَبْعُونَ رَجُلا، فَوَالَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْعَبَّاسُ يُمْسِكُ بِيَدِهِ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقْولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ" 3. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ: ثَنَا لَيْثُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِي: "هَلْ تَزَوَّجْتَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ"؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبٌ قَالَ: "فَهَلا بِكْرًا تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ"؟، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهَا وَإِنَّهَا، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ لِتَقُومَ عَلَى أَخَوَاتِي، قَالَ: "أَصَبْتَ أَرْشَدَكَ اللَّهُ" 4. وَبِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اسْتَغْفَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْبَعِيرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً5. صححه الترمذي.   1 حديث ضعيف: أخرجه البخاري في تاريخه "2/ 207"، والحاكم "3/ 565"، فيه عنعنة الأعمش، وهو من المدلسين. 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1813". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 341"، ومسلم "1856". 4 حديث صحيح مختصرًا: وبلفظه أخرجه ابن عساكر "تهذيب تاريخ دمشق 3/ 390". 5 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3852". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَصْعَدُ ثِنَّيةَ الْمُرَارِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ"، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ صَعِدَهَا خَيْلُنَا خَيْلُ بَنِي الْخَزْرَجِ، وَتَتَابَعَ النَّاسُ، فَقَالَ: "كلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ"، فَقُلْنَا: تَعَالَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ1. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدَنِي لا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: رَأَيْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَلَقَةً فِي الْمَسْجِدِ يُؤْخَذُ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى الحجاج: فلما سَلَّمْتُ عَلَيْهِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِنَّ جَابِرًا كُفَّ بَصَرُهُ3. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ أُبَيِّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنا بمنى، فجعلنا نخب جَابِرًا بِمَا نَرَى مِنْ إِظْهَارِ قُطْفِ الْخَزِّ وَالْوَشْيِ، يَعْنِي السُّلْطَانَ وَمَا يَصْنَعُونَ، فَقَالَ: لَيْتَ سَمْعِي قَدْ ذَهَبَ كَمَا ذَهَبَ بَصَرِي حَتَّى لا أَسْمَعَ مِنْ حَدِيثِهِمْ شَيْئًا وَلا أُبْصِرُهُ4. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ جَابِرًا دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا حَجَّ، فَرَحَّبَ بِهِ، فَكَلَّمَهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَصِلَ رِحَابَهُمْ، فَلَمَّا خرج في أَمَرَ لَهُ بِخَمْسَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَبِلَهَا5. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ: ثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: هَلَكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَحَضَرْنَا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَرِيرُهُ مِنْ حُجْرَتِهِ إِذَا حَسَنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ، فَيَأْبَى عَلَيْهِمْ فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ إِلا خَرَجَ فَخَرَجَ، وَجَاءَ الْحَجَّاجُ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ حَتَّى وُضِعَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْقَبْرِ، فَإِذَا حسن بن   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2880". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 56"، وأحمد "3/ 298". 3 السير "3/ 193". 4، 5 خبر ضعيف فيه الواقدي. السير "3/ 193". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 حَسَنٍ قَدْ نَزَلَ فِي الْقَبْرِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ فَأَبَى، فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ بالله، فخرج، فاقتحم الحجاج الحفر حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ1. هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، فَإِنَّ جَابِرًا تُوُفِّيَ وَالْحَجَّاجُ عَلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَاشَ أَرْبَعًا وتسعين سنة. 149- جبير بن نفير2 –م 4- بن مَالِكِ بْنِ عَامِرٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيُّ الحمصي. أَدْرَكَ زَمَانَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ، وَمَكْحُولٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَآخَرُونَ. قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: اسْتَقْبَلْتُ الْإِسْلَامَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَرَى فِي النَّاسِ صَالِحًا وَطَالِحًا3. وَكَانَ جُبَيْرُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّامِ. قَالَ بَقِيَّةُ. ثنا عَلِيُّ بْنُ زُبَيْدٍ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ سُمَيٍّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى أَبِيهِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ قَدْ نَشَرَ فِي مِصْرِي حَدِيثًا، فَقَدْ تَرَكُوا الْقُرْآنَ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى جُبَيْرٍ، فَجَاءَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ يَزِيدَ، فَعَرَفَ بَعْضَهُ وَأَنْكَرَ بَعْضَهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لأَضْرِبَنَّكَ ضَرْبًا أَدَعُكَ لِمَنْ بعدك نكالًا، وقال: يَا مُعَاوِيَةُ، لا تَطْغَ فِيَّ، إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ انْكَسَرَ عِمَادُهَا، وَانْخَسَفَتْ أَوْتَادُهَا، وَأَحَبَّهَا أَصْحَابُهَا، قَالَ: فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخَذَ بِيَدِ جُبَيْرٍ وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِهِ جُبَيْرٌ لَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَلَوْ شَاءَ جُبَيْرٌ أَنْ يُخْبِرَ أَنَّ مَا سَمِعَهُ مِنِّي لَفَعَلَ4.   1 خبر منكر: أخرجه الطبراني "1788" في الكبير، وانظر: المجمع "3/ 31". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 440"، الاستيعاب "1/ 234"، أسد الغابة "1/ 272". 3 الطبقات الكبرى "3/ 145"، "7/ 240". 4 السير "4/ 77". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، جُبَيْرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي أَيَّامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، بَلْ كَانَ شَابًّا لَمْ يُؤْخَذْ عَنْهُ بَعْدُ، وَأُخْرَى فَيَزِيدُ كَانَ صَغِيرًا بِمَرَّةٍ فِي أَيَّامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَعَلَّ بَعْضَهُ قَدْ جَرَى. وَقَدْ رَوَى جُبَيْرٌ أَيْضًا، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ، وَمَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: تُوُفِّيَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 150- جنادة بن أبي أمية1 –خ- الأزدي الدوسي، وَاسْمُ أَبِيهِ كَبِيرٌ، وَلَهُ صُحْبَةٌ. رَوَى جُنَادَةُ عَنْ: مُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبُسْرِ بْنِ أَرْطَأَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سُلَيْمَانُ وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُجَاهِدُ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَالصُّنَابِحِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٍ الْيَزَنِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَقَيْسُ بْنُ هَانِئٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، وَآخَرُونَ. وَوَلَّى الْبَحْرَ لِمُعَاوِيَةَ، وَشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَقَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بن نعيم، وَقِيلَ لَهُ: جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ لَهُ صُحْبَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصامت؟ قال: هو هو. وعده ابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ، وَطَائِفَةٌ فِي تَابِعِي أَهْلِ الشَّامِ، وَهُوَ الْحَقُّ. وَلَهُ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ صَحَّ فَيَكُونُ مُرْسَلا. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانين. قال الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: تُوُفِّيَ سنة سبع وسبعين.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 439"، والاستيعاب "1/ 242"، والسير "4/ 62، 63". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. 151- جُهَيْمٌ الْعَنَزِيُّ1: عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَسَعْدٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقِيلَ: اسْمُهُ جَهْمٌ. "حرف الْحَاءِ": 152- الْحَارِثُ بْنُ الأَزْمُعِ الْعَبْدِيُّ، وَيُقَالُ: الْوَادِعِيُّ2. عَنْ: عُمَرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السبيعي. قال أَبُو حَاتِمٍ. 153- الْحَارِثُ بْنُ سَعِيدٍ الْكَذَّابُ3 الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ بِالشَّامِ. دِمَشْقِيُّ، يُقَالُ: إِنَّهُ مَوْلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. فَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: كَانَ الْحَارِثُ الْكَذَّابُ دِمَشْقِيًّا، وَكَانَ مَوْلَى لِأَبِي الْجُلاسِ، وَكَانَ لَهُ أَبٌ بِالْحُولَةِ. وَكَانَ مُتَعَبِّدًا زَاهِدًا لَوْ لَبِسَ جُبَّةً مِنْ ذَهَبٍ لَرُؤيَتْ عَلَيْهِ زُهَادَةٌ، وَكَانَ إِذَا أَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ إِلَى كَلامِ أَحْسَنَ مِنْ كَلامِهِ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ بِالْحُولَةِ: يَا أَبَتَاهُ أَعْجِلْ عَلَيَّ، فَقَدْ رَأَيْتَ أَشْيَاءَ أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْطَانُ قَدْ عَرَضَ لِي، قَالَ: فَزَادَهُ أَبُوهُ غَيًّا فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَقْبِلْ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: فِي الشَّيَاطِينِ: {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 222] وَلَسْتَ بِأَفَّاكٍ وَلا أَثِيمٍ. وَكَانَ يَجِيءُ إِلَى أَهْلِ المسجد رجل فيذاكره أمره، ويأخذ عليهم العهد والميثاق   1 انظر: التاريخ الكبير "2/ 251"، الجرح والتعديل "2/ 540". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 119"، والاستيعاب "1/ 288". 3 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "3/ 445"، ولسان الميزان "2/ 151". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 إِنْ رَأَى مَا يَرْضَى قَبِلَ، وَإِلا كَتَمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُرِيهُمُ الْأَعَاجِيبَ، يَأْتِي رُخَامَةً فِي الْمَسْجِدِ فَيَنْقُرُهَا بِيَدِهِ فَتُسَبِّحُ، وَيُطْعِمُهُمْ فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، وَيَقُولُ: اخْرُجُوا حَتَّى أُرِيَكُمُ الْمَلائِكَةَ، فَيُخْرِجُهُمْ إِلَى دَيْرِ مُرَّانَ فَيُرِيهِمْ رِجَالا عَلَى خَيْلٍ. فَتَبِعَهُ بَشَرٌ، كَثِيرٌ، وَفَشَا الأَمْرُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَثُرَ أَصْحَابُهُ، فَوَصَلَ الأَمْرُ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: فَعَرَضَ عَلَى الْقَاسِمِ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي نَبِيٌّ. قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، وَلا عَهْدَ لَكَ عِنْدِي، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ إِذْ لَمْ تَلِنْ حَتَّى تَأْخُذَهُ، الآنَ يَفِرُّ، قَالَ: وَقَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَعْلَمَهُ بِالأَمْرِ، وَطُلِبَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَخَرَجَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَنَزَلَ الصِّنَّبْرَةَ وَاتَّهَمَ عَامَّةَ عَسْكَرِهِ بِالْحَارِثِ أَنْ يَكُونُوا يَرَوْنَ رَأْيَهُ. وَأَتَى الْحَارِثُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مُخْتَفِيًا، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَخْرُجُونَ يَلْتَمِسُونَ الرِّجَالَ يُدْخِلُونَهُمْ عَلَيْهِ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةَ قَدْ أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ، فَسَمِعَ الْبَصْرِيُّ كَلامًا حَسَنًا، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِ وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّ كَلامَكَ حَسَنٌ، وَلَكِنْ فِي هَذَا نَظَرٌ، ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ كَلامَهُ، فَقَالَ: قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي كَلامُكَ، وَقَدْ آمَنْتُ بِكَ، هَذَا الدِّينُ الْمُسْتَقِيمُ، فَأَمَرَ أَنْ لا يُحْجَبَ، فَأَقْبَلَ الْبَصْرِيُّ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ وَيَعْرِفُ مَدَاخِلَهُ وَحِيَلَه وَأَيْنَ يَهْرُبُ، حَتَّى اخْتَصَّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِي، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى الْبَصْرَةِ أَكُونُ دَاعِيًا لَكَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهُ، فَأَسْرَعَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ بِالصِّنَّبَرَةِ1، ثُمَّ صَاحَ: النَّصِيحَةَ النَّصِيحَةَ، فَأُدْخِلَ وَأُخْلِيَ، فَقَالَ لَهُ: مَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: الْحَارِثُ، فَلَمَّا ذكر الحارث طَرَحَ نَفْسَهُ مِنْ سَرِيرِهِ وَقَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَصَّ شَأْنَهُ، قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُهُ، وَأَنْتَ أَمِيرُ بَيْتِ المقدس، وأمير ما ههنا، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ، قَالَ: ابْعَثْ مَعِي أَقْوَامًا لا يَفْقَهُونَ الْكَلامَ، فَأَمَرَ أَرْبَعِينَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ فَرْغَانَةَ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا مَعَ هَذَا فَأَطِيعُوهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: إِنَّ فُلانًا أَمِيرٌ عَلَيْكَ فَأَطِعْهُ، فَلَمَّا قَدِمَ أَعْطَاهُ الْكِتَابَ فَقَالَ: مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، فَقَالَ: اجْمَعْ لِي إِنْ قَدِرْتَ كُلَّ شَمْعَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَادْفَعْ كُلَّ شَمْعَةٍ إِلَى رَجُلٍ، وَرَتِّبْهُمْ عَلَى أَزِقَّةِ الْبَلَدِ، فَإِذَا قُلْتُ: أَسْرِجُوا، فَأَسْرِجُوا جَمِيعًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ الْبَصْرِيُّ وَحْدَهُ إِلَى مَنْزِلِ الْحَارِثِ، فَأَتَى الْبَابَ، فَقَالَ لِلْحَاجِبِ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ، فَقَالَ: فِي هَذِهِ السَّاعَةِ مَا نُؤْذِنُ عَلَيْهِ حَتَّى نُصْبِحَ، قَالَ: أَعْلِمْهُ أَنِّي إِنَّمَا رَجَعْتُ شَوْقًا إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ أَصِلَ، فدخل فأعلمه كلامه وأمره، قال:   1 اسم مكان في الأردن، وبين بحيرة طبرية ثلاثة أميال. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 فَفَتَحَ الْبَابَ، ثُمَّ صَاحَ الْبَصْرِيُّ أَسْرِجُوا، فَأُسْرِجَتِ الشُّمُوعُ حَتَّى كَأَنَّهُ النَّهارُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ مَرَّ بِكُمْ فَاضْبِطُوهُ، وَدَخَلَ كَمَا هُوَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَعْرِفُهُ، فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ لا يَجِدُهُ، فَطَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: هَيْهَاتَ، تُرِيدُونَ أَنْ تَقْتُلُوا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَطَلَبَهُ فِي شَقٍّ كَانَ قَدْ هيأه سَرَبًا، قَالَ: فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الشَّقِّ، فَإِذَا بِثَوْبِهِ فَاجْتَرَّهُ فَأَخْرَجَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْفَرْغَانِيِّينَ: ارْبُطُوا، فَرَبَطُوهُ، قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ يَسِيرُونَ به إذ قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28] . الآيَةَ. فَقَالَ أَهْلُ فَرْغَانَةَ: هَذَا كُرْآنَنَا فَهَاتِ كُرْآنَكَ، فَسَارَ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَمَرَ بِخَشَبَةٍ فَنُصِبَتْ، وَصَلَبَهُ، وَأَمَرَ رَجُلا بِحَرْبَةٍ فَطعَنَهُ، فَأَصَابَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلاعِهِ، فَكَفَّتِ الْحَرْبَةُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَصِيحُونَ: الأَنْبِيَاءُ لا يَجُوزُ فِيهِمُ السِّلاحُ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَنَاوَلَ الْحَرْبَةَ وَمَشَى إِلَيْهِ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ1. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فقال: لو حضرت مَا أَمَرْتُكَ بِقَتْلِهِ، قَالَ: وَلِمَ؟! قَالَ: كَانَ بِهِ الْمُذْهبُ، فَلَوْ جَوَّعْتَهُ ذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ. قَالَ الْوَلِيدُ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ خَالِدَ بْنَ اللَّجْلاجِ يَقُولُ لِغَيْلانَ: وَيْحَكَ يَا غَيْلانُ، أَلَمْ نَأْخُذْكَ فِي شَبِيبَتِكَ تُرَامِي النِّسَاءَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالتُّفَّاحِ، ثُمَّ صِرْتَ حَارِثِيًّا تَحْجُبُ امْرَأَتَهُ، وَتَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ صِرْتَ قَدَرِيًّا زِنْدِيقًا؟. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عَامِرٍ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ الْقَاسِمُ بْنَ مُخَيْمِرَةَ عَلَى أَبِي إِدْرِيسَ فَقَالَ: إِنَّ حَارِثًا لَقِيَنِي فَأَخَذَ عَهْدِي لأَسْمَعَنَّ مِنْهُ، فَإِنْ قَبِلْتَهُ قَبِلْتَهُ وَإِنْ سخطته كتمت علي. فزعم أن رَسُولُ اللَّهِ، قُلْتُ: إِنَّهُ أَحَدُ الدَّجَّالِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ الساعة لا تقوم حتى يخرج ثلاثين دَجَّالا، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَهُوَ أَحَدُهُمْ، فَارْفَعْ شَأْنَهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ أَبُو إِدْرِيسَ: أَسَأْتَ، لَوْ أَدْنَيْتَهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَأْخُذَهُ، قَالَ: وَرَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَطَلَبَهُ وَتَغَيَّبَ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فَصَلَبَهُ، فَحَدَّثَنِي مِنْ سَمِعَ عُتْبَةَ الأَعْوَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ: مَا غَبَطْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بِشَيْءٍ مِنْ وِلَايَتِهِ إِلا بِقَتْلِهِ حَارِثًا. وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْلَةَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ الْحَارِثُ أَتَاهُ مَكْحُولٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، وجَعَلا لَهُ الأَمَانَ، وسألاه عن أمره، فأخبرهما، فكذبا وردا   1 إسناده ضعيف: فيه عنعنة ابن مسلم، وهو من الضعفاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 عَلَيْهِ، وَقَالا: لا أَمَانَ لَكَ، ثُمَّ أَتِيَا عَبْدَ الْمَلِكِ فَأَخْبَرَاهُ، قَالَ: وَهَرَبَ الْحَارِثُ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ حَتَّى أُتِيَ بِهِ فَقَتَلَهُ1. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ الْعُرْضِيُّ: ثنا شَيْخ يُكَنَّى أَبَا الرَّبِيعِ، وَقَدْ أَدْرَكَ نَاسًا مِنَ الْقُدَمَاءِ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ الْحَارِثُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ، وَجُعِلَتْ فِي عُنُقِهِ جَامِعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَشْرَفَ عَلَى عَقَبَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَتَلا: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} [سبأ: 50] قَالَ: فَتَقَلْقَلَتِ الْجَامِعَةُ ثُمَّ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ وَرَقَبَتِهِ إِلَى الأرض، فوثب إلي الْحَرَسُ فَأَعَادُوهَا، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى عَقَبَةٍ أُخْرَى قَرَأَ آيَةً أُخْرَى، فَسَقَطَتْ مِنْ رَقَبَتِهِ وَيَدِهِ، فأعادوها عليه، فلما تقدموا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ حَبَسَهُ، وَأَمَرَ رِجَالا كَانُوا معه فِي السِّجْنِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ أَنْ يَعِظُوهُ وَيُخُوِّفُوهُ بِاللَّهِ، وَيُعَلِّمُوهُ أَنَّ هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ، فَأَمَرَ به فصلب، وطعنه رجل بحربة، فانثت الْحَرْبَةُ، فَقَالَ النَّاسُ: مَا يَنْبَغِي لِمِثْلِ هَذَا أَنْ يُقْتَلَ، ثُمَّ أَتَاه حَرَسِيٌّ بِرُمْحٍ فَطَعَنَهُ بَيْنَ ضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلاعِهِ، ثُمَّ هَزَّهُ فَأَنْفَذَهُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ وَلا اثْنَيْنِ يَقُولُونَ: إِنَّ الَّذِي طَعَنَهُ بِالْحَرْبَةِ فَانْثَنَتْ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: أذَكَرْتَ اللَّهَ حِينَ طَعَنْتَهُ؟ قَالَ: نَسِيتُ، أَوْ قَالَ: لا، قَالَ: فَاذْكُرِ اللَّهَ ثُمَّ اطْعَنَهُ، قَالَ: فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهَا2. قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ. 154- الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْد –ع- التيمي الكوفي3. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ كَبِيرُ الْقَدْرِ، رَفِيعًا، ثِقَةً نَبِيلًا. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَعُمَارَةُ بْنِ عُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُمَا. كُنْيَتَهُ أَبُو عَائِشَةَ. 155- حَبَّةُ بْنُ جوين العرني الكوفي4، أبو قدامة.   1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 445". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 448". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 167"، والاستيعاب "1/ 300"، والسير "4/ 156". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 177"، وأسد الغابة "1/ 367". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ. وعنه: مسلم الملائي، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتبة. وكان من شيعة علي، شهد معه النهروان. ضعفه يحيى بن معين. وقال النسائي: ليس بالقويّ. قَالَ ابْن سعد: توفي سنة ست وسبعين. وهو ضعيف له أحاديث. 156- حسان بن كريب الرعيني1، أبو كريب مصري، شهد فتح مصر. وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ. وَعَنْهُ: مَرْثَدُ الْيَزَنِيُّ، وَوَاهِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيُّ، وَآخَرُونَ. رَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدٍ، عَنْهُ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْقَائِلُ الْفَاحِشَةَ وَالَّذِي سَمِعَ فِي الإِثْمِ سَوَاءٌ. قَالَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ"، عَنْ أَبِي مُوسَى الزَّمِنِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ. 157- حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ2 مِنْ أُمَرَاءِ عَرَبِ الشَّامِ، يُقَالُ: إِنَّهُ ابْنُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ. رَوَى عَنْ عُمَرَ. وَلاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ غَزْوَ الْمَغْرِبِ فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ. رَوَى عَنْهُ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَبُو قَبِيلٍ حَيُّ بْنُ يُؤْمِنَ. وَكَانَ غَازِيًا مجاهدًا، وكان له بدمشق دار.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 234"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 147". 2 انظر: السير "4/ 140"، شذرات الذهب "1/ 88". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 قَالَ خَلِيفَةُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ: وَجَّهَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَصَالَحَهُ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَوَضَعَ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ. وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ قَفَلَ حَسَّانُ مِنَ الْقَيْرَوَانِ وَاسْتَخْلَفَ سُفْيَانَ بن ملك الثقفي وقد عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَرَدَّهُ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ، وَزَادَهُ أَطْرَابُلُسَ. وَفِي سَنَةِ ثَمَانِينَ غَزَا حَسَّانُ بِأَهْلِ الشَّامِ الْبَحْرَ. وَقِيلَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ أَغْزَى عَبْدُ الْمَلِكِ حَسَّانَ بْنَ النُّعْمَانِ الْمَغْرِبَ، فَبَلَغَ الْقَيْرَوَانَ، فَبَعَثَتِ الْكَاهِنَةُ ابْنَهَا، فَطَلَبَ حَسَّانَ، فَهَزَمَهُ وَحَصَرَهُ حَتَّى أَكَلُوا الدَّوَابَّ، ثُمَّ حَمَلَ حسَّانُ وَالْمُسْلِمُونَ فَأَفْرَجُوا لَهُمْ، وَنَزَلَ الْعَسْكَرُ بِقُصُورِ حَسَّانٍ. وَكَتَبَ حَسَّانُ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ، فَسَارَ إِلَى الكاهن، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ. ثُمَّ قُتِلَتِ الْكَاهِنَةُ وَابْنُهَا. وَافْتَتَحَ حَسَّانُ عِدَّةَ حُصُونٍ، وَصَالَحَ أَهْلَ إِفْرِيقِيَةَ وَالْبَرْبَرَ، وَافْتَتَحَ فَاسَ وَمَصَّرَ الْقَيْرَوَانَ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ حَسَّانُ بِأَرْضِ الرُّومِ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 158- حَارِثَةُ بْنُ مُضَرِّبٍ -4- الْعَبْدِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَلْمَانَ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حسن الحديث. 159- حارثة بن وهب –ع- الخزاعي2، أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لأُمِّهِ، وَأُمُّهُمَا أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتِ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيَّةُ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ حَفْصَةَ عَمَّةِ أَخِيهِ. وَعَنْهُ: مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ. 160- حِطَّانُ بن عبد الله –م 4- الرقاشي3. البصري. ثقة مشهور.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 86" وأسد الغابة "1/ 358". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 26" وأسد الغابة "1/ 359". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 128"، التاريخ الكبير "3/ 118". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةُ. وَعَنْهُ: أَبُو مِجْلَزٍ لاحِقٌ، وَيُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي مُوسَى. قَرَأَ عَلَيْهِ: الْحَسَنُ. وَثَّقَةُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. 161- حُمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ1 –ع- مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ. كَانَ لِلْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ عُثْمَانُ -رَضِيَ الله عنهم- وَأَعْتَقَهُ. سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَابْنِ عمر، ومعاوية. روى عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَجَامِعُ بْنُ رَاشِدٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَتْ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ. وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَإِذَا أَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانٍ مَدَّ رِجْلَهُ، فَابْتَدَرُه مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ لِكَيْ يغمزانه، وَكَانَ الْحَجَّاجُ قَدْ أَغْرَمَ حُمْرَانَ مِائَةَ أَلْفٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ حُمْرَانَ أَخُو مَنْ مَضَى وَعَمُّ مَنْ بَقِيَ، فَارْدُدْ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ، فَدَعَا بِحُمْرَانَ، فَقَالَ: كَمْ أغْرَمْنَاكَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ مَعَ غِلْمَانٍ، فَقَالَ: هِيَ لَكَ مَعَ الْغِلْمَانِ. وَقَسَّمَهَا حُمْرَانُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَأَعْتَقَ الْغِلْمَانَ2. وَإِنَّمَا أَغْرَمَهُ الْحَجَّاجُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِي بَعْضَ نَيْسَابُورَ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يَأْذَنُ عَلَيْهِ مَوْلاهُ حُمْرَانَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: ثنا اللَّيْثُ أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى شَكَاةً، فخاف فأوصى،   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 148"، السير "4/ 182"، البداية "9/ 12". 2 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. انظر تهذيب تاريخ دمشق "4/ 439". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 وَاسْتَخْلَفَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْحَجِّ، وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ كِتَابَهُ حمران، فاستكتمه وعوفي، فقدم عَبْد الرَّحْمَن، فلقيه حمران فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِيشْ فَعَلْتَ لا بُدَّ أَنْ أُخْبِرَهُ، قَالَ: إِذًا وَاللَّهِ يُهْلِكُنِي. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسَعُنِي فَأَتْرُكُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَأْمَنَكَ عَلَى مِثْلِهَا، وَلَكِنْ لا أَفْعَلُ حَتَّى أَسْتَأْمِنُهُ لَكَ فَأَخْبَرَهُ، فَدَعَا بِهِ عُثْمَانُ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ جَلَدْتُكَ مِائَةً، وَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ عَنِّي، فَاخْتَارَ الْخُرُوجَ، فَخَرَجَ إِلَى الْكُوفَةِ1. وَقَالَ خَلِيفَةُ. مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسٍ وسبعين. 162- حفصة بنت عبد الرحمن –م د ت ق- بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ2. عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي قحافة التيمي. رَوَتْ عَنْ: أَبِيهَا، وَعَمَّتِهَا عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. روى عَنْهَا: عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَيُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ. 163- حَنْظَلَةُ أَبُو خَلَدَةَ بَصْرِيُّ3 قَدِيمٌ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ. وعنه: سوادة بن أبي الأسود، وجويرية بن بشير، وأبو ثمامة محمد بن مسلم. ذكره ابن أبي حاتم، وغيره. 164- حيان بن حصين4 أبو الهياج الأسدي والد منصور. سمع: عليا، وعمارا. وعنه: أبو وائل، وعامر الشعبي، وابنه جرير.   1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 468"، التهذيب "12/ 410". 3 انظر: التاريخ الكبير "3/ 42"، الجرح والتعديل "3/ 240". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 223"، والجرح والتعديل "3/ 243"، والتهذيب "3/ 67". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 236 "حرف الخاء": 165- خرشة بن الحر –ع- الكوفي1. كَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عُمَرَ، وَأُخْتُهُ سَلامَةُ لَهَا صُحْبَةٌ. يَرْوِي عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ. وعنه: ربعي بن خراش، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، والمسيب بن رافع، وسليمان بن مسهر، وآخرون. توفي سنة أربع وسبعين. "حرف الراء": 166- رافع بن خديج2 بن رافع بن عدي –ع- بن يزيد الأنصاري الخزرجي. شهد أحد وَالْخَنْدَقَ، وَاستُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَيُقَالُ: أَصَابَهُ سَهْمٌ يَوْمَ أُحُدٍ فَنَزَعَهُ وَبَقِيَ النصل إِلَى أن مَاتَ. وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا أَشْهَدُ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3. وَشَهِدَ رَافِعٌ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ، وَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أحاديث. روى عنه: بَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ، وَحْنَظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ الزُّرَقِيُّ، وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَنَافِعٌ، وَابْنُهُ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ، وَحَفِيدُهُ عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ، وَآخَرُونَ. شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَخَذَ بِعَمُودَيْ جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ السَّرِيرِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ، وَقَالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ يعذب ببكاء الحي4.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 147"، والاستيعاب "1/ 439"، والإصابة "1/ 423". 2 انظر: الاستيعاب "1/ 495"، وأسد الغابة "2/ 151"، والإصابة:1/ 495". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 378"، والطبراني "4/ 282"، والحاكم "3/ 561". 4 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 562". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ، وَعَاشَ سِتًّا وَثَمَانِينَ سَنَةً، رحمه الله تعالى. وَكَانَ يَتَعَانَى الْمَزَارِعَ وَيَفْلَحُهَا. قَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْهَدَادِيُّ -وَهُوَ ثِقَةٌ: ثنا بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَنِسْوَةُ يَبْكِينَ وَيُوَلْوِلْنَ عَلَى رَافِعٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَافِعًا شَيْخٌ كَبِيرٌ لا طَاقَةَ لَهُ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْمَيِّتُ يُعذَّبُ ببكاء أهله عليه" 1. 167- الربيع بنت معوذ –ع- بن عفراء الأنصارية2 النجارية. لَهَا صُحْبَةٌ، دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَبِيحَةَ بَنَى بِهَا. رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ، وَطَالَ عُمْرُهَا. رَوَى عَنْهَا: خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَعُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بن االصامت، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَنَافِعٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عقيل، وآخرون. 168- ربيعة بن عبد الله –خ د- بن الهدير القرشي3 التيمي عَمُّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيُ، وَغَيْرُهُمْ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ أَوْ بَعْدَهَا.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 127"، ومسلم "928"، وبلفظه أخرجه الطبراني "4244" في الكبير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 447"، والاستيعاب "4/ 308"، والسير "3/ 516". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 27"، وأسد الغابة "2/ 170"، والسير "3/ 516". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 "حرف الزَّايِ": 169- زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ معاز1، أَبُو الْهُذَيْلِ الْكِلابِيُّ. مِنْ أُمَرَاءِ الْعَرَبِ. سَمِعَ: عَائِشَةَ، وَمُعَاوِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَغَيْرُهُ. سَكَنَ الْبَصْرَةَ، ثُمَّ الشَّامَ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى أَهْلِ قِنَّسْرِينَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَشَهِدَ يَوْمَ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَهَرَبَ فَتَحَصَّنَ بِقَرْقِيسِيَاءَ. وَلَهُ شِعْرٌ. تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 170- زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ الْمِصْرِيُّ2. شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَسَكَنَهَا وَيُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ. قَتَلَتْهُ الرُّومُ بِبَرْقَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ الصريح أَتَاهُمْ بِمِصْرَ أن الرُّومَ نَزَلُوا عَلَى بَرْقَةَ، فَأَمَرَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ بِالنُّهُوضِ، وَكَانَ وَاجِدًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَاتَلَهُ بِنَاحِيَةِ أَيْلَةَ، إِذْ دَخَلَ مَرْوَانُ مِصْرَ، وَسَيَّرَ ابْنَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ إِلَى مِصْرَ عَلَى طَرِيقِ أَيْلَةَ، فَخَرَجَ زُهَيْرٌ عَلَى الْبَرِيدِ مُغَاضِبًا فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا، فَلَقِيَ الرُّومَ فَأَرَادَ أن يَكُفَّ حَتَّى يَلْحَقَهُ النَّاسُ، فَقَالَ فَتًى مَعَهُ: جَبُنْتَ أَبَا شَدَّادٍ: فَقَالَ: قَتَلْتَنَا فَقَتَلْتَ نَفْسَكَ، ثُمَّ لاقَى الْعَدُوَّ، فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ. لَهُ حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ سُوَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، مَجْهُولٌ. 171- زِيَادُ بْنُ حُدَيْرٍ أَبُو الْمُغِيرَةَ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ3. سَمِعَ: عَلِيًّا، وَعُمَرَ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَحَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَ أبو حاتم: ثقة.   1 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "5/ 379"، تاريخ الطبري "5/ 531، 535". 2 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "5/ 396"، والإصابة "1/ 555". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 130"، والإصابة "1/ 580". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 وَقَالَ حَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ: يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرحمن. 172- زيد بن خالد الجهني1 –ع. أبو عبد الرحمن، وَيُقَالُ: أَبُو طَلْحَةَ. صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ بَعْدَ الْمَدِينَةِ. وَحَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَأَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٍ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ فِيمَا قِيلَ وَلَمْ أَرَ لِلْكُوفِيِّينَ عَنْهُ رِوَايَةً. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. 173- زَيْنَبُ بِنْتُ أبي سلمة2 –ع- عبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومية، رَبِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُخْتُ عُمَرَ، وَلَدَتْهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ بِالْحَبَشَةِ. رَوَتْ عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وعن أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الأَرْبَعَةِ: أُمِّهَا، وَزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ. رَوَى عَنْهَا: حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَعُرْوَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَكُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَابْنُهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَآخَرُونَ. رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ الْحَسَنَ فِي شِقِّ، وَالْحُسَيْنَ فِي شِقٍّ، وَفَاطِمَةَ فِي حِجْرِهِ فَقَالَ: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] وَأَنَا وَأُمُّ سَلَمَةَ جَالِسَتَانِ، فَبَكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: خَصَصْتَهُمْ وَتَرَكْتَنِي وَبِنْتِي، قَالَ: "أَنْتِ وَابْنَتُكِ مِنْ أَهْلِ البيت" 3. هذا حديث جيد السند. توفيت قريبًا من سنة أربع وسبعين.   1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 344"، والاستيعاب "1/ 558"، وأسد الغابة "2/ 228". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 461"، والاستيعاب "4/ 319"، وأسد الغابة "5/ 468". 3 حديث حسن: أخرجه الطبراني "24/ 281" في الكبير، وله شواهد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240 "حَرْفُ السِّينِ": 174- سُرَاقَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ الأَزْدِيُّ الْبَارِقِيُّ1، شاعر مشهور. هرب من المختار بن أبي عُبَيْدٍ إِلَى دِمَشْقَ، وَكَانَ قَدْ هَجَاهُ. وَكَانَ مَعَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْعِرَاقِ. وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَرِيرٍ مُهَاجَاةٌ. وَذَكَرْنَا لَهُ بَيْتَيْنِ فِي "المختار". سعد بن مالك هُوَ أَبُو سَعِيدٍ. يَأْتِي بِكُنْيَتِهِ. 175- سَعِيدُ بْنُ وهب –م ن- الهمداني الخيواني الكوفي2. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ": سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ وَهْبٍ مِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لُزُومًا لِعَلِيٍّ، كَانَ يُقَالُ لَهُ: الْقُرَادُ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ. أنبأ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بن وهب، وقد كان عَرِّيفَ قَوْمِهِ. وَقَالَ يُونُسُ: وَرَأَيْتُهُ مَخْضُوبًا بِالصُّفْرَةِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. كذا قَالَ. وَرَوَى عَنْ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ. 176- سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ3، رَبِيبُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ابْنَ أُمِّ سَلَمَةَ، لَهُ رُؤْيَةٌ وَلا يُحْفَظُ لَهُ رِوَايَةٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: زَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أُمَامَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَقَالَ: "هَلْ جَزَيْتَ سَلَمَةَ"؟ يَقُولُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَلَمَةَ هُوَ ابْنُ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم   1 انظر تهذيب تاريخ دمشق "6/ 71". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 170"، السير "4/ 180". 3 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 234"، والاستيعاب "2/ 87". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241 سَلَمَةَ، فرأى رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ جزاه بما صنع. ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَ سَلَمَةُ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. 177- سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ1 أَبُو سَلَمَةَ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ، قَاضِي مِصْرَ وَقَاصُّهَا وَمُذَكِّرُهَا، وَكَانَ يُسَمَّى النَّاسِكُ لِشِدَّةِ عِبَادَتِهِ. حَضَرَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ. وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو قَبِيلٍ، وَمِشْرَحُ بْنُ عَاهَانَ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَابْنُ عَمِّهِ الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَكَانَ سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ يَقُصُّ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا قَالَ: وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاثَ خَتْمَاتٍ، وَيَأْتِي امْرَأَتَهُ وَيَغْتَسِلُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَأَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ: رَحِمَكَ اللَّهُ، لَقَدْ كُنْتُ تُرْضِي رَبَّكَ وَتُرْضِي أَهْلَكَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ قَالَ: اخْتُصِمَ إِلَى سُلَيْمِ بْنِ عِتْرٍ فِي مِيرَاثٍ، فَقَضَى بَيْنَ الْوَرَثَةِ، ثُمَّ تَنَاكَرُوا فَعَادُوا إِلَيْهِ، فَقَضَى بَيْنَهُمْ، وَكَتَبَ كِتَابًا بِقَضَائِهِ، وَأَشْهَدَ فِيهِ شُيُوخَ الْجُنْدِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سُجِّلَ لِقَضَائِهِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ سُلَيْمَ بْنَ عِتْرٍ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. وَقَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عِتْرٍ قَالَ: لَمَّا قَفَلْتُ مِنَ الْبَحْرِ تَعَبَّدْتُ في غار بالإسكندرية سَبْعَةَ أَيَّامٍ، مَا أَكَلْتُ وَلا شَرِبْتُ وَلَوْلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ أَضْعُفَ لَزِدْتُ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ يَزِيدُ كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بَيْعَتَهُ، وَكَانَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ بالإسكندرية، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَسْلَمَةُ كُرَيْبَ بْنَ أَبْرَهَةَ، وَعَابِسَ بْنَ سَعِيدٍ، وَمَعَهُمَا سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاصُّ أَهْلِ الشَّامِ وَقَاضِيهِمْ، فَوَعَظُوا عَبْدَ اللَّهِ فِي بَيْعَةِ يَزِيدَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَنَا أَعْلَمُ بِأَمْرِ يَزِيدَ مِنْكُمْ، وَأَنَا لأَوَّلُ النَّاسِ أَخْبَرَ بِهِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ سَيُسْتَخْلَفُ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أن يلي هو بيعتي.   1 انظر: تاريخ الطبري "4/ 125"، السير "4/ 131". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 وَقَالَ لِكُرَيْبٍ: أَتَدْرِي مَا مَثَلُكَ يَا كُرَيْبُ كَقَصْرٍ فِي صَحَرَاءَ غَشِيَهُ النَّاسُ، قَدْ أَصَابَهُمُ الْحَرُّ، فَدَخَلُوا يَسْتَظِلُّونَ فِيهِ، فَإِذَا هُوَ مَلْآنُ مِنْ مَجَالِسِ النَّاسِ وَإِنَّ صَوْتَكَ فِي الْعَرَبِ كُرَيْبُ بْنُ أَبْرَهَةَ، وَلَيْسَ عِنْدَكَ شَيْءٌ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَابِسُ، فَبِعْتَ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا سُلَيْمُ كُنْتَ قَاصًّا، فَكَانَ مَعَكَ مَلَكَانِ يُعِينَانِكَ وَيُذَكِّرَانِكَ، ثُمَّ صِرْتَ قَاضِيًا وَمَعَكَ شَيْطَانَانِ يُزِيغَانِكَ وَيَفْتِنَانِكَ1. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ بِدِمْيَاطَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 178- سَفِينَةُ مَوْلَى2 رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- م 4- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَانَ عَبْدًا لأُمِّ سَلَمَةَ فَأَعْتَقَتْهُ، وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أن يَخْدُمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا عَاشَ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُمَرُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَصَالِحٌ أَبُو الْخَلِيلِ، وَأَبُو رَيْحَانَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَطَرٍ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ. وَاسْمُهُ مِهْرَانُ، وَقِيلَ: رُومَانُ، وَقِيلَ: قَيْسٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَدْ حَمَلَ مَرَّةً مَتَاعَ الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- له: "ما أنت إلى سَفِينَةُ"، فَلَزِمَهُ. وَرَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْهُ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ، فَانْكَسَرَ بِهِمُ الْمَرْكَبُ، فَأَلْقَاهُ الْبَحْرُ إِلَى السَّاحِلِ، فَلَقِيَ الأَسَدَ فَقَالَ لَهُ: أَنَا سَفِينَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَلَّهُ الأَسَدُ عَلَى الطَّرِيقِ3، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 179- سَلَمَةُ بْنُ الأكْوَعِ4 –ع- هُوَ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سِنَانِ بْنِ عبد الله بن قشير الأسلمي المدني، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَدُ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَالأَكْوَعُ لَقَبُ سنان.   1 إسناده ضعيف: فيه ابن لهيعة متكلم فيه. 2 انظر: الاستيعاب "2/ 129"، وأسد الغابة "2/ 324"، والسير "3/ 172". 3 حديث ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 606"، والطبراني "6432" في الكبير، وفيه انقطاع. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 305"، والاستيعاب "2/ 87"، والسير "3/ 326". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ إِيَاسٌ، وَمَوْلاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. كُنْيَتُهُ: أَبُو مُسْلِمٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو إِيَاسٍ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ: رَأَيْتُ أَبَا سَلَمَةَ يُصَفِّرُ لحيته. وقال عرمة بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ شِعَارُنَا لَيْلَةَ بَيَّتْنَا هَوَازِنَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، أَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمِتْ أمِتْ، وَقَتَلْتُ بِيَدِي لَيْلَتَئِذٍ سَبْعَةَ أَهْلِ أَبْيَاتٍ1. وَقَالَ عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَزِينٍ: أَتَيْنَا سَلَمَةَ بْنَ الأكْوَعِ بِالرَّبَذَةِ، فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا يَدًا ضَخْمةً كَأَنَّهَا خُفُّ الْبَعِيرِ، فَقَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِيَدِي هَذِهِ، فَأَخَذْنَا يَدَهُ فَقَبَّلْنَاهَا2. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: ثَنَا علي بن يزيد الأسلمي: ثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أردفي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِرَارًا، وَمَسَحَ عَلَى وَجْهِي، مِرَارًا، وَاسْتَغْفَرَ لِي مِرَارًا، عَدَدَ مَا فِي يَدَيَّ مِنَ الأَصَابِعِ3. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ: ثَنَا يَزِيدُ، عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْبَدْوِ، فَأَذِنَ لَهُ4. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ نَجْدَةُ وَجَبَى الصَّدَقَاتِ قِيلَ لِسَلَمَةَ: أَلَا تُبَاعِدَ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أَتَبَاعَدُ وَلا أُبَايِعُهُ، قَالَ: وَدَفَعَ صَدَقَتَهُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: وَأَجَازَ الْحَجَّاجُ سَلَمَةَ بِجَائِزَةٍ فَقَبِلَهَا5. ابْنُ عجلان، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: رأيت سلمة تبن الأكوع يحفي شاربه أخي الحلق6.   1 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 46"، وأبو داود "2638"، وابن سعد "4/ 305"، وابن ماجه "2840". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 306". 3 حديث حسن: أخرجه الطبراني "6267"، وانظر المجمع "9/ 363". 4، 5 الطبقات الكبرى "4/ 307، 308". 6 السابق "4/ 308". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وَجَابِرٌ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ، مَعَ أَشْبَاهٍ لَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْتُونَ بِالْمَدِينَةِ، وَيُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ لدن توفي عثمان، إلى أن توفوا1. وَقَالَ سَلَمَةُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعَ غَزَوَاتٍ. وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ: مَا كَذَبَ أَبِي قَطُّ، -رَضِيَ الله عنهم. وَفِي الْبُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ، وَجَاءَهُ أَوْلادٌ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إِلَى قَبْلِ أَنْ يموت بليال، فنزل المدينة. وقال الْوَاقِدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. وَأَوْرَدْنَا مِنْ أَخْبَارِهِ فِي "الْمَغَازِي". 180- سُوَيْدِ بْنُ مَنْجُوفِ بْنِ ثَوْرِ2 بْنِ عُفَيْرِ السَّدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ. رَأَى عَلِيًّا وَسَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ. وَهُوَ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ. رَوَى عَنْهُ الْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. "حرف الشِّينِ": 181- شَبَثُ بْنُ رِبْعِيِّ بْنِ حُصَيْنٍ التَّمِيمِيُّ الْيَرْبُوعِيُّ3، أَحَدُ الأَشْرَافِ، كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ عَلَى عَلِيٍّ، ثُمَّ أَنَابَ وَرَجَعَ. قَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: شهدت جنازة شبث، فأقاموا   1 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 234"، والتاريخ الكبير "4/ 143". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 216"، الإصابة "2/ 163". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 الْعَبِيدَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْجَوَارِي عَلَى حِدَةٍ، وَالْخَيْلَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْجِمَالَ عَلَى حِدَةٍ، وَذَكَرَ الْأَصْنَافَ، وَرَأَيْتَهُمْ يَنُوحُونَ عَلَيْهِ يَلْتَدِمُونَ، ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَدْ رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ. وعنه محمد بمن كعب القرظي، وسليمان التيمي. له حديث واحد في سنن. 182- شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ1 بْنِ نُعَيْمِ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الصَّلْتِ الشَّيْبَانِيُّ الْخَارِجِيُّ، خَرَجَ بِالْمَوْصِلِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ خَمْسَةَ قُوَّادٍ، فَقَتَلَهُمْ واحد بَعْدَ وَاحِدٍ. ثُمَّ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ وَقَاتَلَ الْحَجَّاجُ وَحَاصَرَهُ، كَمَا ذَكَرْنَا. وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ غَزَالَةُ من الشجاعة والفروسية بِالْوَضْعِ الْعَظِيمِ مِثْلَهُ، هَرَبَ الْحَجَّاجُ مِنْهَا وَمِنْهُ، فَعَيَّرَهُ بَعْضُ النَّاسِ بِقَوْلِهِ: أَسَدٌ عَلَيَّ وَفِي الْحُرُوبِ نَعَامَةٌ ... فَتَخَاءُ تَنْفِرُ مِنْ صَفِيرِ الصَّافِرِ هَلا بَرَزْتَ إِلَى غَزَالَةَ فِي الْوَغَى ... بِلْ كَانَ قَلْبُكَ فِي جَنَاحَيْ طَائِرِ وَكَانَتْ أُمُّهُ جَهِيزَةُ تَشْهَدُ الْحُرُوبَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْتُ شَبِيبًا وقد دخل الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ طَيَالِسَةٌ، عَلَيْهَا نُقَطٌ مِنْ أَثَرِ الْمَطَرِ، وَهُوَ طَوِيلٌ، أَسْمَطُ، جَعْدٌ، آدَمُ، فَبَقِيَ الْمَسْجِدُ يَرْتَجُّ لَهُ. وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ، وَغَرِقَ بِدُجَيْلٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أُحْضِرَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ رَجُلٌ وَهُوَ عَتْبَانُ الْحَرُورِيُّ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَلَسْتَ الْقَائِلَ: فَإِنْ يَكُ مِنْكُمْ كَانَ مَرْوَانُ وَابْنُهُ ... وَعَمْرُو وَمِنْكُمْ هَاشِمٌ وَحَبِيبُ فَمِنَّا حُصَيْنٌ وَالْبَطِينُ وَقَعْنَبٌ ... وَمِنَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ شَبِيبُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا قُلْتُ وَمِنَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَصَبَهُ عَلَى النِّدَاءِ، فَاسْتَحْسَنَ قَوْلَهُ وَأَطْلَقَهُ. وَجَهِيزَةُ هِيَ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْحُمْقِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا حَمَلَتْ قَالَتْ: فِي بطني   1 انظر: السير "4/ 146"، البداية "9/ 17". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 شَيْءٌ يَنْقُزُ، فَقِيلَ: أَحْمَقُ مِنْ جَهِيزَةَ. وَيُرْوَى عَنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحُمْقِ، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ شَبَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَلادُ بْنُ يَزِيدَ الأَرْقَطُ قَالَ: كَانَ شَبِيبٌ يُنْعَى لِأُمِّهِ، فَيُقَالَ لَهَا: قُتِلَ، فَلا تَقْبَلُ، فَلَمَّا قِيلَ لَهَا: إِنَّهُ غَرِقَ، قَبِلَتْ، وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ حِينَ وَلَدْتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي شِهَابُ نَارٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لا يُطْفِئُهُ إِلا الْمَاءُ. 183- شُرَيْحُ بن الحارث1 -ن- بن قَيْسِ بْنِ الْجَهْمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَامِرٍ القاضي: أبو أمية الكندي الكوفي قَاضِيهَا. وَيُقَالُ: شُرَيْحُ بْنُ شَرَاحِيلَ، وَيُقَالُ: ابْنُ شُرَحْبِيلَ، وَيُقَالُ: أَنَّهُ مِنْ أَوْلادِ الْفُرْسِ الَّذِينَ كَانُوا بِالْيَمَنِ. وَقَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَوَفَدَ مِنَ الْيَمَنِ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلَّى قَضَاءَ الْكُوفَةِ لِعُمَرَ. وَرَوَى عَنْهُ: وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. رَوَى عنه: الشعبي، وإبراهيم النَّخَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَمُرَّةُ الطَّيَبُ، وَتَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ. وَهُوَ مَعَ فَضْلِهِ وَجَلالَتِهِ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سُئِلَ شُرَيْحٌ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِمَّنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالإِسْلامِ، وَعِدَادِي فِي كِنْدَةَ. وَقَالَ: كَانَ شريج شاعرا، راجزا، قائفا، وكان كوسجا. وَقَالَ الشعبي: كَانَ شُرَيْحٌ أَعْلَمَهُمْ بِالْقَضَاءِ، وَكَانَ عُبَيْدَةُ يُوازِيهِ فِي عِلْمِ الْقَضَاءِ، وَأَمَّا عَلْقَمَةُ فَانْتَهَى إِلَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُجَاوِزْهُ، وَأَمَّا مَسْرُوقٌ، فَأَخَذَ مِنْ كُلٍّ، وَأَمَّا الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ فَأَقَلُّ الْقَوْمِ عِلْمًا وَأَشَدُّهُمْ وَرَعًا. وَقَالَ أَبُو وَائِلٌ: كَانَ شُرَيْحٌ يُقِلُّ غَشْيَانَ عَبْدَ اللَّهِ لِلاسْتِغْنَاءِ. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبيِّ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ ابْنَ سُوَرٍ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ، وَبَعَثَ شُرَيْحًا على قضاء الكوفة.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 131"، الحلية "4/ 132"، والاستيعاب "2/ 148". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ رَزَقَ شُريْحًا مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى الْقَضَاءِ1. وَقَالَ هُشَيْمٌ: ثنا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبيِّ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ شُرَيْحًا عَلَى الْقَضَاءِ قَالَ: انْظُرْ مَا تَبَيَّنَ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَلا تَسْأَلْ عَنْهُ أَحَدًا، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاتَّبِعْ فِيهِ السُّنَّةَ، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ فِي السُّنَّةِ فَاجْتَهِدْ فِيهِ رَأْيَكَ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى شُرَيْحٍ إِذَا أتاك أمر في كتب اللَّهِ فَاقْضِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كتاب الله فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاقْضِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَاقْضِ بِمَا قَضَى بِهِ أَئِمَّةُ الْهُدَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلا فِيمَا قَضَى بِهِ أَئِمَّةُ الهدى فأنت الخيار، إِنْ شِئْتَ تَجْتَهِدْ رَأْيَكَ، وَإِنْ شِئْتَ تُؤَامِرْنِي، وَلا أَرَى مُؤَامَرَتَكَ إِيَّايَ إِلا أَسْلَمَ لَكَ3. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ: أَنَّ عَلِيًّا جَمَعَ النَّاسَ فِي الرَّحْبَةِ وَقَالَ: إِنِّي مُفَارِقُكُمْ، فَاجْتَمَعَ فِي الرَّحْبَةِ رِجَالٌ أَيُّمَا رِجَالٍ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ حَتَّى نَفَدَ مَا عِنْدَهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ إِلا شُرَيْحٌ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اذْهَبْ، فَأَنْتَ أَقْضَى الْعَرَبِ4. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ وَشَطْرُ النَّاسِ عَلَيَّ غِضَابٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اخْتُصِمَ إِلَى شُرَيْحٍ فِي وَلَدِ هِرَّةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي، وَقَالَتِ الأُخْرَى: هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي. فَقَالَ شُرَيْحٌ: أَلْقِهَا مَعَ هَذِهِ فَإِنْ هِيَ قَرَّتْ وَدَرَّتْ وَاسْبَطَرَّتْ فَهِيَ لَهَا، وَإِنْ هِيَ هَرَّتْ وَفَرَّتْ وَاقْشَعَرَّتْ -وَفِي لَفْظٍ: وَأَزْبَأَرَّتْ- فَلَيْسَ لَهَا. اسْبَطَرَّتِ: امْتَدَّتْ لِلِإرْضَاعِ. وتزبئر: تنتفش.   1 إسناده ضعيف: فيه مجالد من الضعفاء. تهذيب تاريخ دمشق "6/ 306". 2 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 306". 3 السابق "6/ 307". 4 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "4/ 134" في الحلية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ رَجُلا أَقَرَّ عِنْدَ شُرَيْحٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ ذَهَبَ يُنْكِرُ فَقَالَ: قَدْ شَهِدَ عَلَيْكَ ابْنُ أُخْتِ خَالَتِكَ1. وقال جويرية، عن مغيرة قال: شُرَيْحُ يَدْخُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَيْتًا يَخْلُو فِيهِ، لا يَدْرِي النَّاسُ مَا يَصْنَعُ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: لَبِثَ شُرَيْحٌ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِينَ لا يُخْبِرُ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ سلمت قال: فكيف بِالْهَوَى. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: كَانَ شُرَيْحٌ يَقْرَأُ {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12] وَيَقُولُ: إِنَّمَا يَعْجَبُ مَنْ لا يَعْلَمُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: كَانَ شُرَيْحٌ شَاعِرًا معجباُ بِرَأْيِهِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ قَالَ: أَوْصَى شُرَيْحٌ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِالْجَبَّانَةِ، وَأَنْ لا يُؤَذِّنَ بِهِ أَحَدٌ، وَلا تَتَبِعَهُ صَائِحَةٌ، وَأَنْ لا يُجْعَلَ عَلَى قَبْرِهِ ثَوْبٌ، وأن يسرع به في السَّيْرُ، وَأَنْ يُلْحَدَ لَهُ2. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ شُرَيْحٌ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَثَمَانِ سِنِينَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. وَكَذَا قَالَ فِي مَوْتِهِ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ. وَقَالَ خَلِيفَةُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ: سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَجَاءَ أَنَّهُ اسْتَعْفَى مِنَ الْقَضَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. 184- شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ3 –م 4- أبو المقدام الحارثي المذحجي الكوفي: أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -وكان من أصحابه- وعمر، وعائشة، وسعد، وأبي هريرة. روى عنه: ابناه محمد، والمقدام، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وحبيب بن أبي ثابت، ويونس بن أبي إسحاق.   1 الطبقات الكبرى "6/ 135". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "6/ 144". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 128"، السير "4/ 107"، والإصابة "2/ 166". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 وشهد تحكيم الحكمين، ووفد على معاوية يشفع في كثير بن شهاب، فأطلقه له. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ أَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ أَبَا مُوسَى وَمَعَهُ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ، عَلَيْهِمْ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ. وَمَعَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَيَلِي أَمْرَهُمْ، يَعْنِي إِلَى دُومَةَ الْجَنْدَلِ1. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ جَاهِلِيًّا إِسْلامِيًا، قَالَ فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ: أَصْبَحْتُ ذَا بَثٍّ أُقَاسِي الْكِبَرَا ... قَدْ عِشْتُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ أَعْصُرَا ثَمَّتَ أَدْرَكْتُ النَّبِيَّ الْمُنْذِرَا ... وَبَعْدَهُ صِدِّيقَهُ وَعُمَرَا وَالْجَمْعُ فِي صِفَّينِهِمْ وَالنَّهَرَا ... وَيَوْمَ مِهْرَانَ ويوم تسترا وبا جُمَيْرَاوَاتِ وَالْمُشَقَّرَا ... هَيْهَاتَ مَا أَطْوَلَ هَذَا عُمرَا قال القاسم بن مخيمرة: ما رأت حَارِثِيًا أَفْضَلَ مِنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ أَنَّهُ عَاشَ مِائَةَ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَلَّى الْحَجَّاجُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ سِجِسْتَانَ، فَوَجَّهَ أَبَا برذعة، فَأَخَذَ عَلَيْهِ الْمَضِيقَ، وَقُتِلَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ. "حرف الصاد": 185- صلة بن زفر -ع- العبسي الكوفي2. رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الْكُوفِيِّينَ وَثِقَاتِهِمْ، لَهُ قلب منور.   1 خبر ضعيف: فيه الواقدي، ومجالد، وكلاهما من الضعفاء. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 195"، السير "4/ 517". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 "حرف العين": 186- عاصم بن ضمرة –ع- السَّلُولِيُّ الْكُوفِيُّ1 صَاحِبُ عَلِيٍّ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَلَيَّنَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. 187- عَبْدُ الله بن جعفر2 –ع- بن أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، أبو جعفر الهاشمي الْجَوَّادُ ابْنُ الْجَوَّادِ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وُلِدَ بِالْحَبَشَةِ مِنْ أَسْمَاءَ عُمَيْسٍ، وَيُقَالُ: لَمْ يَكُنْ فِي الإِسْلامِ أَسْخَى مِنْهُ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبَوَيْهِ، وَعَنْ عَمِّهِ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ إِسْمَاعِيلُ، وَإِسْحَاقُ، وَمُعَاوِيَةُ، وَابْنُ مُلَيْكَةَ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبَّاسُ بْنُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ آخِرُ مِنْ رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ3. قَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ علين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا فَدَخَلَ حَائِطًا، فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَنَّ وذرفت عيناه4 -الحديث.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 222"، والجرح والتعديل "6/ 345". 2 انظر: الاستيعاب "2/ 275"، أسد الغابة "3/ 139"، والسير "3/ 456". 3 السير "3/ 456". 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 204، 205"، ومسلم "1/ 268" مختصرا، وأبو داود "2549"، والحاكم "2/ 99، 100". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمَلَةَ قَالَ: وَفَدَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ عَلَى يَزِيدَ، فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَيْ أَلْفٍ1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ بَايَعَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُمَا ابْنَا سَبْعِ سِنِينَ، فَلَمَّا رَآهُمَا تَبَسَّمَ وَبَسَطَ يَدَهُ وَبَايَعَهُمَا2. وَقَالَ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ يَلْعَبُ بالتراب فقال: "اللهم بارك له فِي تِجَارَتِهِ"3. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ4. وَقَالَ جرير بن حازم: ثنا محمد بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتاهم بعدما أَخْبَرَهُمْ بِقَتْلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ ثَلاثَةٍ، فَقَالَ: "لا تَبْكُوا أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ". ثُمَّ قَالَ: "ائْتُونِي بِبَنِي أَخِي"، فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّنَا أَفْرُخٌ، فَقَالَ: "ادْعُوا لِيَ الْحَلاقَ"، فَأَمَرَهُ، فحلق رؤوسنا، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبَهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَشَبَهُ خَلْقِي وَخُلُقِي"، ثم أخذ بيدي فأشالها وقال: "اللهم اخلف جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي صَفْقَتِهِ"، قَالَ: فَجَاءَتْ أُمُّنَا فَذَكَرَتْ يُتْمَنَا، فَقَالَ: "العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا وَالآخِرَةِ"! 5 حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ أبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ يَفِدُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَيُعْطِيهِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَقْضِي لَهُ مِائَةَ حَاجَةٍ6، وَذَكَرَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَقَفَ فِي الْمَوْسِمِ عَلَى مَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: ما عندنا ما نصلك، ولكن عليك   1 السير "3/ 459". 2 حديث ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 566، 567". 3 حديث ضعيف: أخرجه أبو يعلى، والطبراني كما في المجمع "9/ 286". 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "7/ 62". 5 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 204"، وأبو داود "4192"، والنسائي "8/ 182". 6 خبر ضعيف: السير "3/ 459" وفيه انقطاع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 بِابْنِ جَعْفَرٍ، فَأَتَاهُ الأَعْرَابِيُّ، فَإِذَا ثَقَلُهُ قَدْ سَارَ، وَرَاحِلَةٌ بِالْبَابِ عَلَيْهَا مَتَاعُهَا، وَسَيْفٌ مُعَلَّقٌ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ، فَأَنْشَأَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ ... صَلاتُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ طَهُورُ أَبَا جَعْفَرٍ ضَنَّ الأَمِيرُ بِمَالِهِ ... وَأَنْتَ عَلَى مَا فِي يَدَيْكَ أَمِيرُ أَبَا جَعْفَرٍ يَا بْنَ الشَّهِيدِ الَّذِي لَهُ ... جَنَاحَانِ فِي أَعْلَى الْجِنَانِ يَطِيرُ أَبَا جَعْفَرٍ مَا مِثْلُكَ الْيَوْمَ أَرْتَجِي ... فَلا تَتْرُكَنِّي بِالْفَلاةِ أَدُورُ فَقَالَ: يا أعرابي سار الثقل، فعليك الرَّاحِلَةُ بِمَا عَلَيْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنِ السَّيْفِ، فَإِنِّي أَخَذْتُهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ1. قَالَ عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أنبأ هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَرَّ عُثْمَانُ بِسَبْخَةٍ فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ قِيلَ: لِفُلانٍ، اشْتَرَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِسِتِّينَ أَلْفًا. قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي. قَالَ: فَجَزَّأَهَا عَبْدُ اللَّهِ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، وَأَلْقَى فِيهَا الْعُمَّالَ، ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ: أَلا تَأْخُذُ عَلَى يَدَيِ ابْنِ أَخِيكَ وَتَحْجُرُ عَلَيْهِ، اشْتَرَى سَبْخَةً بِسِتِّينَ أَلْفًا، مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي. قَالَ: فَأَقْبَلْتُ، فَرَكِبَ عُثْمَانُ ذَاتَ يَوْمٍ فَمَرَّ بِهَا، فَأَعْجَبَتْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنْ وَلِّنِي جُزْءَيْنِ مِنْهَا، قَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ دُونَ أَنْ تُرْسَلَ إِلَى الَّذِينَ سَفَّهْتَنِي عِنْدَهُمْ فَيَطْلُبُونَ ذَلِكَ إِلَيَّ، فَلا أَفْعَلُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَاللَّهِ لا أَنقُصُكَ جُزْءَيْنِ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُمَا. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَسْلَفَ الزُّبَيْرَ أَلْفَ أَلْفٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: إِنِّي وَجَدْتُ فِي كُتُبِ أَبِي أَنَّ لَهُ عَلَيْكَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قال: هُوَ صَادِقٌ، فَاقْبِضْهَا إِذَا شِئْتَ، ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدُ فَقَالَ: إِنَّمَا وَهِمْتُ عَلَيْكَ، الْمَالُ لَكَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَهُوَ لَهُ، قَالَ: لا أُرِيدُ ذَلِكَ2. قُلْتُ: هَذِهِ الْحِكَايَةُ مِنْ أَبْلَغِ مَا بَلَغَنَا فِي الْجُودِ. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بِدَجَاجَةٍ مَسْمُوطَةٍ فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ! هَذِهِ الدَّجَاجَةُ كَانَتْ مِثْلَ بِنْتِي تُؤْنِسُنِي وَآكُلُ مِنْ بَيْضِهَا، فَآلَيْتُ أَنْ لا أَدْفِنَهَا إِلا فِي أَكْرَمِ مَوْضِعٍ أَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلا وَاللَّهِ مَا فِي الأَرْضِ مَوْضِعٍ أَكْرَمُ مِنْ   1 السير "3/ 459". 2 إسناده ضعيف: السير "3/ 460، 461" فيه جهالة أحد الرواة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 بَطْنِكَ، قَالَ: خُذُوهَا مِنْهَا وَاحْمِلُوا إِلَيْهَا مِنَ الْحِنْطَةَ كَذَا، وَمِنَ الْتَّمْرِ كَذَا، وَمِنَ الدَّرَاهِمِ كَذَا، وَعَدَّدَ شَيْئًا كَثِيرًا، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ: بِأَبِي! إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ1. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: جَلَبَ رَجُلٌ سُكَّرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَسَدَ عَلَيْهِ فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، فَأَمَرَ قَهْرمَانَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَأَنْ يهبه الناس. ولعبد الله -رضي الله عنهم- من هذا الأنموذج أخبار في السخاء. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَمُصْعَبُ الزُّبيْرِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وثمانين. قال: ويقال: سنة ثمانين. وقال أبو عبيد: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ، وَيُقَالُ: سَنَةَ تِسْعِينَ. 188- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ2 الأَسْلَمِيُّ أَبُو مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْقَعْقَاعُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ فَرْوَةَ الأَسْلَمِيُّ. وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا كعب ضع الشطر" 3، قال: قد فعلت.   1 خبر ضعيف: السير "3/ 461" فيه انقطاع. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 309"، الاستيعاب "2/ 288"، الإصابة "2/ 294". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 121"، ومسلم "1558"، وأبو داود "3595"، وأحمد "6/ 287، 290". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ، إِلا خَلِيفَةَ فَقَالَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. وَقَدْ طَوَّلَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ تَرْجَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، وَسَاقَهَا فِي كَرَّاسٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لا صُحْبَةَ لَهُ، وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا بَلْ أَفَادَنَا الْعِلْمُ بِأَنَّ لَهُ صُحْبَةً. وَقَدْ عَلَّقْتُ حَاشِيَةً فِي ذَلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ". 189- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ1 شَذَّ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فَقَالَ: قَدِمَ مِصْرَ مَعَ مَرْوَانَ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَقَدْ مَرَّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ. 190- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ2، أَبُو صَالِحٍ السُّلَمِيُّ أَمِيرُ خُرَاسَانَ، أَحَدُ الأَبْطَالِ الْمَشْهُورِينَ وَالشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَيُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَلا يَصِحُّ. رَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ الأَزْرَقِ، وَسَعْدُ بْنُ عُثْمَانَ الرَّازِيُّ. وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى خُرَاسَانَ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ، وَقَدْ حَضَرَ مَوَاقِفَ مَشْهُورَةً وَأَبْلَى فِيهَا، وَوَلِيَ خُرَاسَانَ زَمَانًا، وَأَفْتَتَحَ الطَّبَسَيْنِ. وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ مِنْ أَخْبَارِهِ. 191- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزبير3 –ع- بن الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ، أَبُو بَكْرٍ، وأبو خبيب القرشي الأسدي. أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلامِ بِالْمَدِينَةِ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ عُرْوَةُ، وَابْنَاهُ عَامِرٌ، وَعَبَّادٌ، وَابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ كيسان، وسعيد بن مينا، وابن   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 414"، أسد الغابة "3/ 148"، الإصابة "2/ 300". 2 انظر: البداية "8/ 326"، الإصابة "2/ 301". 3 انظر: الاستيعاب "2/ 300"، وأسد الغابة "3/ 161"، والسير "3/ 363". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 ابْنِهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ ابْنِهِ الآخَرُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَشَهِدَ وَقْعَةَ الْيَرْمُوكِ، وَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَغَزَا الْمَغْرِبَ، وَلَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، وَكَانَ فَارِسَ قُرَيشٍ فِي زَمَانِهِ. بُوِيعَ بِالْخِلافَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَحَكَمَ عَلَى الْحِجَازِ، وَالْيَمَنِ، وَمِصْرَ، وَالْعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَأَكْثَرِ الشَّامِ، وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ ثَمَانِ سِنِينَ وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. رَوَى شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ قَالَ: خَرَجَتْ أَسْمَاءُ حِينَ هَاجَرَتْ حُبْلَى، فَنَفِسَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بِقُبَاءٍ، قَالَتْ: أَسْمَاءُ: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرِ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ رَآهُ مُقْبِلا، ثُمَّ بَايَعَهُ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ يتيم عروة قال: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ أَقَامُوا لا يُولَدُ لَهُمْ، فَقَالُوا سَحَرَتْنَا يَهُودٌ، حَتَّى كَثُرَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ، فَكَانَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً حَتَّى ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ فَأَذَّنَ فِي أُذُنَيْهِ بِالصَّلاةِ2. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَارِضَا ابْنِ الزُّبَيْرِ خَفِيفَيْنِ، فَمَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ حَتَّى بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةٍ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا هُنَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهُوَ يَحْتَجِمُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ اذْهَبْ بِهَذَا الدَّمِ فَأَهْرِقْهُ حَيْثُ لا يَرَاكَ أَحَدٌ"، فَلَمَّا بَرَزَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَدَ إِلَى الدَّمِ فَشَرِبَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: "مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ"؟، قَالَ: عَمَدْتُ إِلَى أخْفَى مَوْضِعٍ علمت فجعلته فيه، قال: "لَعَلَّكَ شَرِبْتَهُ" 3، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "وَلِمَ شَرِبْتَ الدَّمَ، وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ، وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ الناس".   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2146". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 365" فيه الواقدي من الضعفاء. 3 حديث حسن: أخرجه البزار، والطبراني كما في المجمع "8/ 72"، والحاكم "3/ 554". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 256 قَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَاصِمٍ فَقَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْقِوَّةَ الَّتِي بِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ. وَرَوَاهُ تَمْتَامٌ، عَنْ مُوسَى. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ يُوسُفَ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، وَالْحَارِثِ قَالَ: طَالَمَا حَرِصَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الإِمَارَةِ، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلِصٍّ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ سَرَقَ، قَالَ: اقْطَعُوهُ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ فِي إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ سَرَقَ، وَقَدْ قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَجِدُ لَكَ شَيْئًا إِلا مَا قَضَى فِيكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أَمَرَ بِقَتْلِكَ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ أُغَيْلِمَةً مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، أَنَا فِيهِمْ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمِّرُونِي عَلَيْكُمْ، فَأَمَّرْنَاهُ عَلَيْنَا، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَقَتَلْنَاهُ1. وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ: ثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ أَنَّ نَوْفًا قَالَ: إِنِّي لأَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسَ الْخُلَفَاءِ2. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَلْقَى ابْنَ الزُّبَيْرِ فَيَقُولُ: مَرْحَبًا بِابْنِ عَمَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنِ حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأْمُرُ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ3. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: ذُكِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، عَفِيفٌ فِي الإِسْلامِ، أَبُوهُ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيجَةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَاللَّهِ لَأُحَاسِبَنَّ لَهُ نَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْ بِهَا لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ4. وَقَالَ عَمْرُو بن دينار: ما رأيت مصليًا أحسن صلاة مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ5. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا قَامَ فِي الصَّلاةِ كَأَنَّهُ عُودٌ، وحدث أن أبا بكر كان كذلك6.   1 حديث ضعيف: تهذيب تاريخ دمشق "7/ 398". 2 السير "3/ 367". 3 السابق. 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "8/ 245"، والحاكم "3/ 549"، وأبو نعيم "1/ 334" في الحلية. 5 الحلية "1/ 335". 6 الحلية "1/ 335". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: كُنْتُ أَمُرُّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَقَامِ كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَنْصُوبَةٌ لا يَتَحَرَّكُ1. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنِ الثِّقَةِ بِسَنَدِهِ قَالَ: قَسَّمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الدَّهْرَ عَلَى ثَلاثِ لَيَالٍ، فَلَيْلَةٌ هُوَ قَائِمٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ رَاكِعٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ سَاجِدٌ حَتَّى الصَّبَاحِ2. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ الْمَكِّيِّ قَالَ: رَكَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمًا رَكْعَةً، فَقَرَأْنَا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ وَالْمَائِدَةَ، وَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ3. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي فِي الْحِجْرِ، وَحَجَرُ الْمَنْجَنِيقِ يُصِيبُ طَرَفَ ثَوْبِهِ، فَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ4. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي كأنه غصن تصفقها الريح، والمنجنيق يقع ههنا، ويقع ههنا5. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْظَمَ سَجْدَةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ6. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بَيْتَهُ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي، فَسَقَطَتْ حَيَّةٌ عَلَى ابْنِهِ هَاشِمٍ، فَصَاحُوا: الْحَيَّةَ الْحَيَّةَ، ثُمَّ رَمَوْهَا، فَمَا قَطَعَ صَلاتَهُ7. وعن أم جعفر بنت النعمان أنها سَلَّمَتْ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَتْ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَوَّامَ اللَّيْلِ صَوَّامَ النَّهَارِ، وَكَانَ من يسمى حمامة المسجد.   1 السير "3/ 369". 2 السابق. 3 السابق. 4 السابق. 5 الحلية "1/ 335". 6 السير "3/ 369، 370". 7 السابق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَإِذَا أَفْطَرَ اسْتَعَانَ بِالسَّمْنِ حَتَّى يَلِينَ بِالسَّمْنِ1. وَرَوَى لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَا كَانَ بَابٌ فِي الْعِبَادَةِ يَعْجَزُ النَّاسُ عَنْهُ إِلا تَكَلَّفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ الْبَيْتَ فَجَعَلَ يَطُوفُ سِبَاحَةً2. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يُنَازَعُ فِي شَجَاعَةٍ وَلا عِبَادَةٍ وَلا بَلاغَةٍ3. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْريُّ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وسعيد بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوا الْقُرْآنَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدٌ فِي شَيْءٍ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ4. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنيًّا يُصَلِّي فِيهِ، وَكَانَ صَيِّتًا، إِذَا خَطَبَ تَجَاوَبَ الْجَبَلانِ، وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى الْعُنُقِ وَلِحْيَةٌ صَفْرَاءُ5. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا أَبِي وَالزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبٍ قَالا: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيرٌ فِي عَسْكَرِنَا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، يَعْنِي فِي غَزْوَةِ إِفْرِيقِيَّةَ، قَالَ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ، وَرَأَيْتُ غِرَّةً مِنْ جُرْجِيرٍ بَصُرْتُ بِهِ خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تُظِلانِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيسِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَيْشِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ، فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَنَدَبَ لِي النَّاسَ، فَاخْتَرْتُ ثَلاثِينَ فَارِسًا، وَقُلْتُ لِسَائِرِهِمْ: الْبِثُوا عَلَى مَصَافِّكُمْ، وَحَمَلْتُ وَقُلْتُ لِلثَّلاثِينَ: احْمُوا لِي ظَهْرِي، فَخَرَقْتُ الصَّفَّ إِلَيْهِ، فَخَرَجْتُ صَامِدًا، وما يحسب هو وأصحابه إلا أني رسول إليه، حتى دنوت منه، فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَتَبَادَرَ بِرْذَونَةُ مُوَلِّيًا، فَأَدْرَكْتُهُ فَطَعَنْتُهُ، فسقط، ثم احتززت رأسه، فنصبته على رمحي،   1 السابق. 2 السابق. 3 السابق. 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "9/ 13، 18". 5 السير "3/ 370". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ، فَأَرْفَضَّ الْعَدُوُّ وَمَنَحَ اللَّهُ أَكْتَافَهُمْ1. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أُخِذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ وَسَطَ الْقَتْلَى يَوْمَ الْجَمَلِ، وَبِهِ بِضْعٌ وَأَرْبَعُونَ ضَرْبَةً وَطَعْنَةً2. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: أَعْطَتْ عَائِشَةُ لِلَّذِي بَشَّرَهَا أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ3. وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ4. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ فِي رَبِيعِ الآخَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ قَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، وَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةَ إِلَى الْبَيْعَةَ فَأبَيَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ لَهُ، فَبَقِيَ يُدَارِيهِمَا سِنِينَ، ثُمَّ أَغْلَظَ عَلَيْهِمَا وَدَعَاهُمَا فَأَبَيَا5. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرُهُ: كَانَ يُقَالُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: عَائِذُ بَيْتِ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أم بكر، وحدثني شرحبيل بن أبي عون، عَنْ أَبِيهِ، وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَغَيْرُهُمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالُوا: لَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَلَزِمَ الْحِجْرَ وَلَبِسَ الْمَغَافِرَ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَمَشَى إِلَى يَحْيَى بْنِ حَكِيمٍ الْجُمَحِيِّ وَإِلَى مَكَّةَ، فَبَايَعَهُ لِيَزِيدَ، فَقَالَ: لا أَقْبَلُ هَذَا حَتَّى يُؤْتِيَ بِهِ فِي جَامِعَةٍ وَوِثَاقٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ادْفَعِ الشَّرَّ عَنْكَ مَا انْدَفَعَ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ رَجُلٌ لَجُوجٌ وَلا يُطِيعُ لِهَذَا أَبَدًا، وَإِنْ تُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ فَهُوَ خَيْرٌ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنَّ فِي أَمْرِكَ لَعَجَبًا، قَالَ: فَادْعُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَسَلْهُ عَمَّا أَقُولُ، فَدَعَاهُ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَهُمَا، فقال   1 السير "3/ 371". 2 السير "3/ 371". 3 السابق. 4 السابق. 5 خبر ضعيف: فيه الواقدي، وهو من الضعفاء، السير "3/ 372". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 عَبْدُ اللَّهِ: أَصَابَ أَبُو لَيْلَى وَوُفِّقَ، فَأَبى أَنْ يَقْبَلَ، وَامْتَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يَذِلَّ نَفْسَهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِبَيْتِكَ، فَمِنْ يومئذ سُمِّيَ الْعَائِذَ. وَأَقَامَ بِمَكَّةَ لا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى وَالِي الْمَدِينَةِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَيْهِ جُنْدًا، فَبَعَثَ لِقِتَالِهِ أَخَاهُ عَمْرًا فِي أَلْفٍ، فَظَفِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِأَخِيهِ وَعَاقَبَهُ، وَنحَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ عَنِ الصَّلاةِ بِمَكَّةَ، وَجَعَلَ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَكَانَ لا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يُشَاوِرُهُمْ فِي الأُمُورِ وَلا يَسْتَبِدُّ بِشَيْءٍ، وَيُصَلِّي بِهِمُ الْجُمُعَةَ، وَيَحُجُّ بِهِمْ، وَكَانَتِ الْخَوَارِجُ وَأَهْلُ الأَهْوَاءِ كُلُّهُمْ قَدْ أَتَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَالُوا: عَائِذُ بَيْتِ اللَّهِ، وَكَانَ شِعَارُهُ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ. فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ، وَحَجَّ عَشْرَ سِنِينَ بِالنَّاسِ آخِرُهَا سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَبَايَعُوهُ، وَفَارَقَتْهُ الْخَوَارِجُ، فَوَلَّى عَلَى الْمَدِينَةِ أَخَاهُ مُصْعَبًا، وَعَلَى الْبَصْرَةِ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَلَى الْكُوفَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ، وَعَلَى مِصْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ الْفِهْرِيَّ، وَعَلَى الْيَمَنِ آخَرَ، وَعَلَى خُرَاسَانَ آخَرَ، وَأَمَّرَ عَلَى الشَّامِ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، فَبَايَعَ لَهُ عَامَّةُ الشَّامِ، وَأَطَاعَهُ النَّاسُ، إِلا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مَعَ مَرْوَانَ1. قُلْتُ: ثُمَّ قَوِيَ أَمْرُ مَرْوَانَ، وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ، وَسَارَ فِي جُيُوشِهِ إِلَى مِصْرَ فَأَخَذَهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا وَلَدَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ. وَعَاجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ، فَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى أَخَذَ الْبِلادَ، وَدَانَتْ لَهُ الْعِبَادُ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ يَزِيدَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكِ بِسِلْسِلَةٍ فِضَّةٍ، وَقَيْدٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَجَامِعَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَحَلَفْتُ لَتَأْتِيَنِّي فِي ذَلِكَ، قَالَ فَأَلْقَى الْكِتَابَ وَقَالَ: وَلا أَلِينُ لِغَيْرِ الْحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلِينَ لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرِ2 قَالَ خَلِيفَةُ: ثُمَّ حَضَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْمَوْسِمَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، وَلَمْ يَقِفُوا الْمَوْقِفَ، وَحَجَّ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بِأَهْلِ الشَّامِ، وَلَمْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ. وَرَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَإِنْ كَانَ ليُطَيِّبُهَا حَتَّى يَجِدَ رِيحَهَا مَنْ دَخَلَ الْحَرَمِ.   1 السابق "3/ 372، 373". 2 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 550"، وأبو نعيم "1/ 331" في الحلية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 زَادَ غَيْرُهُ: كَانَتْ كِسْوَتُهَا الأَنْطَاعَ1. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبٍ الْحَجَبِيُّ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ لَمَّا جَرَّدَ الْكَعْبَةَ كَانَ فِيمَا نُزِعَ عَنْهَا كِسْوَةٌ من ديباج، مكتوب عليها لعبد الله أَبِي بَكْرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ2. وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ لابْنِ الزُّبَيْرِ مِائَةُ غُلامٍ، يَتَكَلَّمُ كُلُّ غُلامٍ مِنْهُمْ بِلُغَةٍ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِلُغَتِهِ، وَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنِ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ. وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى رَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْمِسْكِ مَا لَوْ كَانَ لِي كَانَ رَأْسَ مَالٍ. قُلْتُ: وَكَانَ فِي ابْنِ الزُّبَيْرِ بُخْلٌ ظَاهِرٌ، مَعَ مَا أُوتِيَ مِنَ الشَّجَاعَةِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَاوِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُعَاتِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِي الْبُخْلِ وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ وَجَارُهُ جَائِعٌ" 3. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُكْثِرُ أَنْ يُعَنِّفَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالْبُخْلِ، فَقَالَ: لِمَ تُعَيِّرُنِي؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَشْبَعُ وَجَارُهُ وَابْنُ عَمِّهِ جَائِعٌ" 4. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ حَيْثُ حُصِرَ: إِنَّ عِنْدِي نَجَائِبَ قَدْ أَعْدَدْتُهَا لَكَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تُحَوِّلَ إِلَى مَكَّةَ فَيَأْتِيَكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَكَ؟ قَالَ: لا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يلحد بِمَكَّةَ كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، عليه مثل نصف أوزار الناس"5. رواه   1 المصنف "9087" لعبد الرزاق. 2 السير "3/ 374". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري في الأدب المفرد "112"، وابن أبي شيبة "100" في الإيمان وغيرهما. 4 انظر السابق. 5 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "1/ 64". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ، عَنِ الْقُمِّيِّ. وَقَالَ عَبَّاسُ التَّرَقُفِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يُلْحِدُ بِمَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالَ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ، عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ الْعَالَمِ"1، فَوَاللَّهِ لا أَكُونُهُ، فَتَحَوَّلَ مِنْهَا، فَسَكَنَ الطَّائِفَ. قُلْتُ: مُحَمَّدُ هُوَ الْمِصِّيصِيُّ، ضَعِيفٌ، احْتَجَّ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ. قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ: يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ إِيَّاكَ وَالإِلْحَادَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، فَإِنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يُلْحِدُ بِهَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَوْ وُزِنَتْ ذُنُوبُهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ لَوَزَنَتْهَا" 2، قَالَ: فانظر أن لا تكونه يا بن عَمْرٍو، فَإِنَّكَ قَدْ قَرَأْتَ الْكُتُبَ وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ هَذَا وَجْهِي إِلَى الشَّامِ مُجَاهِدًا. وقال الزبير بن كبار: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْخَصِيبِ نَافِعٌ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَرَ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ يَهْوِي حَتَّى أَقُولُ: لَقَدْ كَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِحْيَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنْ أُبَالِيَ إِذَا وَجَدْتُ ثَلاثَمِائَةٍ يَصْبِرُونَ صَبْرِي لَوْ أَجْلَبَ عَلَيَّ أَهْلُ الأَرْضِ3. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجُهَيْمِ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ خِذْلانًا شَدِيدًا، وَجَعَلُوا يَخْرُجُونَ إِلَى الْحَجَّاجِ، وَجَعَلَ الْحَجَّاجُ يَصِيحُ: أَيُّهَا النَّاسُ عَلامَ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ، مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ لَكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ، وفي حرم الله وأمنه، ورب هذه البنية لا أَغْدُرُ بِكُمْ، وَلا لَنَا حَاجَةٌ فِي دِمَائِكُمْ، فَيَسْلِكُ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ آلافٍ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ4. وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَضَرْتُ قتل ابن الزبير، جعلت الجيوش   1 حديث ضعيف: السير "3/ 376". 2 حديث صحيح: السير "3/ 376". 3 السير "3/ 376". 4 السير "3/ 377". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَكُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ بَابٍ حَمَلَ عَلَيْهِمْ وَحْدَهُ حَتَّى يُخْرِجُهُمْ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ إِذَا جَاءَتْ شُرْفَةٌ مِنْ شُرُفَاتِ الْمَسْجِدِ فَوَقَعَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَصَرَعَتْهُ، وَهُوَ يَتَمَثَّلُ: أَسْمَاءُ يَا أَسْمَاءُ لا تَبْكِينِي ... لَمْ يَبْقَ إِلا حَسَبِي وَدِينِي وَصَارِمٌ لاثَتْ بِهِ يَمِينِي1 وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ ثنا فَرْوَةُ بْنُ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: مَا أَرَانِي الْيَوْمَ إِلا مَقْتُولا، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي كَأَنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ لِي فَدَخَلْتُهَا، فَقَدْ وَاللَّهِ مَلَلْتُ الْحَيَاةَ وَمَا فِيهَا، وَلَقَدْ قَرَأَ فِي الصُّبْحِ يَوْمَئِذٍ مُتَمَكِّنًا {نْ وَالْقَلَمِ} حَرْفًا حَرْفًا، وَإِنَّ سَيْفَهُ لَمَسْلُولٌ إِلَى جَنْبِهِ، وَإِنَّهُ لَيُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ كَهَيْئَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ التَّكْبِيرَ فِيمَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ إِلَى الْحَجُونِ حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَمَنْ كَانَ كَبَّرَ حِينَ وُلِدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَكْثَرُ وَخَيْرٌ مِمَّنْ كَبَّرَ عَلَى قَتْلِهِ3. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: مَا شَيْءٌ كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ كَعْبُ إِلا قَدْ أَتَى عَلَى مَا قَالَ، إِلا قَوْلَهُ: ثَقِيفٌ يَقْتُلُنِي، وَهَذَا رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيَّ، يَعْنِي الْمُخْتَارَ4. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَصَّاصِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِغُلامِهِ: لا تَمُرَّ بِي عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، يَعْنِي وَهُوَ مَصْلُوبٌ. قَالَ: فَغَفَلَ الْغُلامُ فَمَرَّ بِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَآهُ، فَقَالَ: رحِمَكَ اللَّهُ، مَا عَلِمْتُكَ إِلا صَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولا لِلرَّحِمِ، أَمَّا وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو مَعَ مَسَاوِئِ مَا قَدْ عَمِلْتَ مِنَ الذُّنُوبِ أَنْ لا يُعَذِّبَكَ اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ يَعْمَلُ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فِي الدنيا"5.   1 أخرجه أبو نعيم "1/ 333" في الحلية. 2، 3 خبر ضعيف: السير "3/ 378". 4 السير "3/ 378". 5 حديث ضعيف: وأخرجه البزار كما في المجمع "7/ 12". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 264 وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْخُلَفَاءِ: وَصُلِبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُنَكَّسًا، وَكَانَ آدَمَ نَحِيفًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، يُكَنَّى: أَبَا بَكْرٍ، وَأَبَا خُبَيْبٍ، وَبَعَثَ عُمَّالَهُ عَلَى الْحِجَازِ وَالْمَشْرِقِ كُلِّهِ1. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ جَدَّتِهِ، أَنَّ أَسْمَاءَ بنت أبي بكر غسلت ابن الزبير بعدما تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، وَجَاءَ الإِذْنُ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا، وَحَنَّطَتْهُ وَكَفَّنَتْهُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَتْ فِيهِ شَيْئًا حِينَ رَأَتْهُ يَتَفَسَّخُ إِذَا مَسَّتْهُ2. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَمَلَتْهُ فَدَفَنَتْهُ فِي الْمَدِينَةِ فِي دَارِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، ثُمَّ زِيدَتْ دَارَ صَفِيَّةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَهُوَ مَدْفُونٌ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ: قُتِلَ فِي جُمَادِي الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. وَقَالَ ضَمْرَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ. 192- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيُّ الْمِصْرِيُّ4، مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَمُحِبِّيهِ. وَفَدَ عَلَى عَلِيٍّ مِنْ مِصْرَ. يَرْوِي عَنْهُ: مَرْثَدُ الْيَزَنِيُّ، وَعَيّاشُ الْقِتْبَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيرةَ السَّبَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 193- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِيُّ5 الأَوْسِيُّ. لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ الْجَابِيَةَ وَخَيبرَ، فَشَهِدَهَا وَلَهُ فِيمَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَتُوُفِّيَ بَعْدَ مَقْتَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ. وَاسْتُشْهِدَ أَبُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَجَدُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ.   1 السير "3/ 379". 2 سبق تخريجه. 3 السير "3/ 379". 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 510"، والجرح والتعديل "5/ 62"، والتاريخ الكبير "5/ 95". 5 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 501"، وأسد الغابة "3/ 172"، والإصابة "2/ 316". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 وَقَدْ تَفَرّدَ رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ، وَكُلُّ مِنْهُمَا ثِقَةٌ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ: أَشَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالْعَقَبةَ مَعَ أَبِي رديفًا. رواه عاصم، وأبو داود، وأبو أحمد الزبيري، عَنْ رَبَاحٍ. 194- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ -4- الْمُرَادِيُّ1 عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَصَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ الْبُخَارِيّ: لا يُتَابَعُ فِي حَدِيثِهِ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: كَانَ قَدْ كَبِرَ، فَكَانَ يُحَدِّثُنَا فَنَعْرِفُ وَنُنْكِرُ. وَيُقَالُ: لَقِيَ عُمَرَ. 195- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابٍ2 أَبُو الْجَزْلِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ وَعَائِشَةَ. وعنه: الشعبي وخيثمة بن عبد الرحمن، وشبيب بن غرقدة. ذكره ابن أبي حاتم. 196- عبد الله بن الصامت –م 4- الغفاري البصري3، من جلة التابعين. روى عن: عمه أبو ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَجَمَاعَةٍ. وَقَدْ تَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ عَنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ، فَسَيُعَادُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. 197- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ4 -م ن ق- بن أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبٍ، أَبُو صَفْوَانَ الجمحي المكي.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 73"، التهذيب "5/ 430". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 153"، التهذيب "5/ 254"، 255". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 212"، والتهذيب "5/ 264". 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 465"، وأسد الغابة "3/ 185". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَفْصَةَ، وَصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيدٍ. وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: حَفِيدُهُ أُمَيَّةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ. وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ وَأَشْرَافِهِمْ، وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جَعْدَبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ مَكَّةَ لَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ عَلَى بَعِيرٍ، فَسَايَرَهُ، فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ: مِنَ هَذَا الأَعْرَابِيُّ الَّذِي سَايَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ إِذَا الْجَبَلُ أبيض من غنى عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ أَلْفَا شَاةٍ أَجْزَرْتُكَهَا، فَقَسَّمَهَا مُعَاوِيَةُ فِي جُنْدِهِ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا أَسْخَى مِنَ ابْنِ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الأَعْرَابِيِّ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: مَا بَلَغَ ابْنُ صَفْوَانَ مَا بَلَغَ؟ قُلْتُ: سَأُخْبِرُكَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ عَبْدًا وَقَفَ عَلَيْهِ يَسُبُّهُ مَا اسْتَنْكَفَ عَنْهُ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِ أَحَدٌ قَطُّ إِلا كَانَ أَوَّلَ خَلْقِ اللَّهِ تَسَرُّعًا إِلَيْهِ بِالرِّجَالِ، وَلَمْ يَسْمَعْ بِمَفَازَةٍ إِلا حَفَرَهَا، وَلا ثَنِيَّةٍ إِلا سَهَّلَهَا. وَعَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ وَصَفَ ابْنَ صَفْوَانَ بِالْحِلْمِ وَالاحْتِمَالِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ قَالَ: وَفَدَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدُيُّ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَطَالَ الْخِلْوَةَ مَعَهُ، فَجَاءَ ابْنُ صَفْوَانَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ شَغَلَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ؟ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَرَبِ بِالْعِرَاقِ؛ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُهَلَّبَ، فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: مَنْ هَذَا الذي يسأل عني يا أمير المؤمنين؟ قال: سَيِّدُ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ. قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: رَأَيْتُ رَأْسَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَرَأْسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَرَأْسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ أُتِيَ بِهَا إِلَيْنَا الْمَدِينَةُ. رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى. وَقَالَ خَلِيفَةُ: قُتِلَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثلاث وسبعين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 198- عبد الله بن عتبة -غير: ت- بن مسعود الهذلي1 المدني. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَوَى عَنْهُ حَدِيثًا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ الْفَقِيهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَوْنُ الزَّاهِدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، رَفِيعًا، كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَالْفُتْيَا. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. 199- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بن الخطاب2 –ع. أبو عبد الرحمن القرشي العدوي، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنُ وَزِيرِهِ. هَاجَرَ بِهِ أَبُوهُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ، وَاسْتُصْغِرَ عَنْ أُحُدٍ، وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَمَا بَعْدَهَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ شَقِيقُ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أُمُّهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونٍ. رَوَى عِلْمًا كَثِيرًا عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن أبي بكر، وَعُمَرَ، وَالسَّابِقِينَ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ حَمْزَةُ، وَسَالِمٌ، وَبِلالٌ، وَزَيْدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمَوْلاهُ نَافِعٌ، وَمَوْلاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَزَيْدُ بن أسلم، وأبوه أَسْلَمَ، وَآدَمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَبِشْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَجَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَرْقِيُّ: كَانَ رَبْعَةً، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: شَهِدَ الْغَزْوَ بفارس.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 58"، وأسد الغابة "3/ 202". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 142"، السير "3/ 203". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ آدَمَ جَسِيمًا ضَخْمًا لَهُ إِزَارٌ إِلَى نِصْفِ السَّاقَيْنِ يَطُوفُ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةً. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالا: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ بَدْرًا، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ. وَقَالَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَأَجَازَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: عُرِضْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَاسْتَصْغَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَرَوَى سَالِمٌ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا، عَزَبًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، لَهَا قُرُونٌ كَقُرُونِ الْبَقَرِ، فَرَأَيْتُ فِيهَا نَاسًا قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَنَا مَلَكٌ فَقَالَ: لَنْ تُرَعَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ" 2. قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لا يَنَامُ بَعْدُ مِنَ اللَّيْلِ إِلا قَلِيلا. وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ قَالَ: "إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ". وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مِنْ أمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ3. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ مُتَوَافِرُونَ، وَمَا فِينَا شَابٌّ هُوَ أمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ: ثنا أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حذيفة قال: ما منا أحد   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 302". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 5، 6"، ومسلم "2479"، والترمذي "3825". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 144"، وأبو نعيم في الحلية "1/ 294". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 لَوْ فُتِّشَ إِلا فُتِّشَ عَنْ جَائِفَةٍ1 أَوْ مُنَقِّلَةٍ2 إِلا عُمَرُ وَابْنُهُ3. وَقَالَ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَا مِنَّا أَحَدٌ أَدْرَكَ الدُّنْيَا إِلا وَقَدْ مَالَتْ بِهِ، إلا ابن عمر4. وعن عائشة قال: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَلْزَمَ لِلأَمْرِ الأَوَّلِ مِنَ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْعَلاءِ أَخُو أَبِي عَمْرٍو، وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لابْنِ عُمَرَ: مَا مَنَعَكَ أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلا قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْكِ وَظَنَنْتُكِ لَنْ تُخَالِفِيهِ، يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ5. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ فِي الْفَضْلِ مِثْلُ أَبِيهِ6. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَوْ شَهِدْتُ لِأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَشَهِدْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ7. وَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ8. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ رُبَّمَا لَبِسَ الْمِطْرَفَ الْخَزَّ ثَمَنُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ9. أَبُو أُسَامَةَ: ثنا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لأَظُنُّ قُسِمَ لِي مِنْهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ لِأَحَدٍ إِلا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ10. يَعْنِي الْجِمَاعَ. تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ، وَهُوَ ثِقَةٌ. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، أن ابن عمر تقلد سيف   1 الجائفة: الطعنة الواصلة إلى الجوف. 2 المنقلة: هي التي ينقل منها العظام. 3 إسناده ضعيف: السير "3/ 211" فيه البقال من الضعفاء. 4 الحلية "1/ 294". 5 السير "3/ 211". 6 السابق. 7 السابق. 8، 9 السابق. 10 السير "3/ 223". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 270 عُمَرَ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَكَانَ مُحَلَّى، قُلْتُ: كَمْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ؟ قَالَ: أَرْبَعُمِائَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا لا يَزِيدُ وَلا يُنْقِصُ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ1. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّبِعُ أَمْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَآثَارَهُ وَحَالَهُ وَيَهْتَمُّ بِهِ حَتَّى كَانَ قَدْ خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ مِنَ اهْتِمَامِهِ بِذَلِكَ2. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَوْ نَظَرْتَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ إِذَا اتَّبَعَ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ لَقُلْتُ: هَذَا مَجْنُونٌ3. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّبِعُ آثَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كُلِّ مَكَانٍ صَلَّى فِيهِ، حَتَّى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَعَاهَدُهَا فَيَصُبُّ فِي أَصْلِهَا الْمَاءَ لِكَيْلا تَيْبَسُ4. وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ" 5. قَالَ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِي قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا بَكَى6. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ يَقُصُّ، فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَعَيْنَاهُ تُهْرَاقَانِ دَمْعًا7. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ: ثنا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ قَالَ: قِيلَ لِنَافِعٍ: مَا كَانَ يَصْنَعُ ابْنُ عُمَرَ فِي مَنْزِلِهِ؟ قَالَ: لا تُطِيقُونَهُ، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما8.   1 السير "3/ 213". 2 السير "3/ 213". 3 الحلية "1/ 310". 4 أسد الغابة "3/ 341"، السير "3/ 213". 5 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 162". 6، 7 السير "3/ 214". 8 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 170". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 وقال عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ أَحْيَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِ1. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أنبأ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ يَصِيرُ إِلَى الْفِرَاشِ، فَيَغْفَى إِغْفَاءَةَ الطَّائِرِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَوَضَّأُ وَيُصلِّي، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ أربع مدات أَوْ خَمْسَةً2. وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَصُومُ فِي السَّفَرِ، وَلا يَكَادُ يُفْطِرُ فِي الْحَضَرِ3. وَقَالَ سَالِمٌ: مَا لَعَنَ ابْنُ عُمَرَ خَادِمًا، لَهُ إِلا مَرَّةً، فَأَعْتَقَهُ4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابن عمر إلى مكة فعرسنا، فانحدر علينا رَاعٍ مِنْ جَبَلٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَرَاعٍ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: بِعْنِي شَاةً مِنَ الْغَنَمِ؟ قَالَ: إِنِّي مَمْلُوكٌ. قَالَ: قُلْ لِسَيِّدِكَ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ. قَالَ: فَأَيْنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَيْنَ اللَّهُ، ثُمَّ بَكَى، وَاشْتَرَاهُ بَعْدُ فَأَعْتَقَهُ5. وَرَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوًا مِنْهُ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَا أَعْجَبُ ابْنَ عُمَرَ شَيْءٌ إِلا قَدَّمَهُ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عمرو بْنِ حَمَاسٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَرت هَذِهِ الآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] ، فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَارِيَتِي رُمَيْثَةَ، فَعَتَقْتُهَا، فَلَوْلا أَنِّي لا أَعُودُ فِي شَيْءٍ جَعَلْتُهُ لِلَّهِ لَنَكَحْتُهَا، فَأَنْكَحْتُهَا نَافِعًا، فَهِيَ أَمُّ وَلَدِهِ6. وَقَالَ قُتَيْبَةُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، ثنا عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ رَقِيقُ عَبْدِ اللَّهِ رُبَّمَا شَمَّرَ أَحَدُهُمْ فَيَلْزَمُ الْمَسْجِدَ فيُعْتِقُهُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: إِنَّهُمْ   1 خبر صحيح: الحلية "1/ 303"، السير "3/ 215". 2 خبر صحيح: السير "3/ 215". والمهراس: هو صخرة منقورة يعمل منها حياض الماء. 3، 4 السير "3/ 215". 5 خبر حسن: أخرجه الطبراني كما في المجمع "9/ 347"، وانظر: السير "3/ 216". 6 بنحوه في السير "3/ 218"، الحلية "1/ 296". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 يَخْدَعُونَكَ، فيَقُولُ: مَنْ خَدَعَنَا بِاللَّهِ انْخَدَعْنَا لَهُ، وَمَا مَاتَ حَتَّى أَعْتَقَ أَلْفَ إِنْسَانٍ أَوْ زَادَ، وَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً1. الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ كُتُبٌ يَنْظُرُ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى النَّاسِ. الصَّائِغُ صَدُوقٌ، قال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال ابْنُ وَهْبٍ: أنبأ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَاتَبَ غُلامًا لَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَخَرَجَ إِلَى الْكُوفَةَ، فَكَانَ يَعْمَلُ عَلَى حُمُرٍ لَهُ حَتَّى أَدَّى خَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفًا، فَجَاءَهُ إنسان فقال: أمجنون أنت ههنا تُعَذِّبُ نَفْسَكَ وَابْنُ عُمَرَ يَشْتَرِي الرَّقِيقَ، وَيُعْتِقُ! ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ: قَدْ عَجَزْتُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ عَجَزْتُ وَهَذِهِ صَحِيفَتِي فَامْحُهَا، قَالَ: لا، وَلَكِنْ أَمْحُهَا إِنْ شِئْتَ، فَمَحَاهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، أَحْسَنْتَ، أَحْسِنْ إِلَى ابْنَيَّ هَذَيْنِ. قَالَ: هُمَا حُرَّانِ. قَالَ: أَحْسِنْ إِلَى أُمَّيْهِمَا. قَالَ: هما حرتان، فَأَعْتَقَ الْخَمْسَةَ2. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَعْطَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر بن عُمَرَ بِنَافِعٍ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ امْرَأَتِهِ فَأَخْبَرَهَا، قَالَتْ: فَمَا تَنْتَظِرُ! قَالَ: فَهَلا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ هُوَ حرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ3. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يَلْعَنَ خَادِمًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ الْعَ، فَلَمْ يُتِمَّهَا، وَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لا أُحِبُّ أَنْ أَقُولَهَا4. وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَتَى ابْنُ عمر ببضعة وعشرين ألفًا، فما قَامَ حَتَّى فَرَّقَهَا وَزَادَ عَلَيْهَا5. وَرَوَى بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: إِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَيُقَسِّمُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ ثَلاثِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَأْتِي عَلَيْهِ شَهْرٌ مَا يَأْكُلُ مزعة من لحم.   1 الحلية "1/ 296". 2 خبر صحيح: السير "3/ 217". 3 خبر صحيح: الحلية "1/ 296". 4 خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "19533"، وأبو نعيم "1/ 307" في الحلية. 5 الحلية "1/ 296". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 273 وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَمَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ1. وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: اشْتَهَى ابْنُ عُمَرَ الْعِنَبَ فِي مرضه في غير وقته، فجاؤوه بِسَبْعِ حَبَّاتِ عِنَبٍ بِدِرْهَمٍ فَجَاءَ سَائِلٌ، فَأَمَرَ لَهُ بِهِ وَلَمْ يَذُقْهُ2. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ نَافِعٍ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتِيَ بِجَوَارِشَ3 فَكَرِهَهُ وَقَالَ: مَا شَبِعْتُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا4. وقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِالْمَالِ، فَيَقْبَلُهُ وَيَقُولُ: لا أَسْأَلُ أَحَدًا، وَلا أَرُدُّ مَا رَزَقَنِي اللَّهُ عز وجل5. قلت: والمختار هُوَ أَخُو صَفِيَّةَ زَوْجَةِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ قبيصة، ثنا سفيان، عن أبي الوازع، قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَاكَ اللَّهُ لَهُمْ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنِّي لَأَحْسَبُكَ عِرَاقِيًّا، وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُغْلِقُ عَلَيْهِ ابْنُ أُمِّكَ بَابَهُ! 6. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنِّي لأَخْرُجُ وَمَا لِي حَاجَةٌ إِلا لأُسَلِّمَ عَلَى النَّاسِ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيَّ. قَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، مَكَثَ سِتِّينَ سَنَةً يُفْتِي النَّاسَ7. وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ قائمًا يصلي، فلو رَأَيْتَهُ مُقْلَوْلِيًا، وَرَأَيْتُهُ يَفُتُّ الْمِسْكَ فِي الدُّهْنِ يدهن به.   1 خبر صحيح: الحلية "1/ 296". 2 خبر صحيح: أخرجه الطبراني كما في المجمع "9/ 347"، وابن سعد "4/ 158"، وأبو نعيم "1/ 297". 3 الجوارش: المسهل للطعام، والمقوي للمعدة. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 150"، وأبو نعيم "1/ 300" في الحلية. 5 خبر صحيح: الطبقات الكبرى "4/ 150". 6 خبر حسن: الطبقات الكبرى "4/ 161". 7 تاريخ بغداد "1/ 172" للخطيب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لابْنِ عُمَرَ: اقْضِ بَيْنَ النَّاسِ، قال: أوتعفيني يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: فَمَا تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ يَقْضِي؟! قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْعَدْلِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَفْلِتَ مِنْهُ كَفَافًا"1 فَمَا أَرْجُو بَعْدَ ذَلِكَ؟. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّكَ مَحْبُوبٌ إِلَى النَّاسِ، فَسِرْ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: بِقَرَابَتِي وَصُحْبَتِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالرَّحَمِ الَّتِي بَيْنَنَا، فَلَمْ يُعَاوِدْهُ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعْثَ إِلَيَّ عَلِيٌّ: إِنَّكَ مُطَاعٌ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَسِرْ، فَقَدْ أَمَّرْتُكَ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ وَقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّه وَصُحْبَتِي إِيَّاهُ إِلا مَا أَعْفَيْتَنِي، فَأَبَى عَلِيٌّ، فَاسْتَعَنْتُ عَلَيْهِ بِحَفْصَةَ، فَأَبَى، فَخَرَجْتُ لَيْلا إِلَى مَكَّةَ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَبَعَثَ فِي أَثَرِي، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ حَفْصَةُ: إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى الشَّامِ، إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ3. وَقَالَ مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنَّا وَابْنُ عُمَرَ شَاهِدٌ، قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ أَحَقُّ مِنْكَ مِنْ ضَرَبَكَ عَلَيْهِ وَأَبَاكَ، فَخِفْتُ الْفَسَادَ4. وَرَوَى عِكْرِمَةُ، عَنْ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْحَكَمَيْنِ فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فليطلع إلى قرنه، فلنحن أحق بهذا الأمر، قَالَ: فَحَلَلْتُ حَبْوَتِي وَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ به من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ الْجَمْعَ وَتُسْفِكُ الدِّمَاءَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجِنَانِ5. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَدِمَ أَبُو مُوسَى، وَعَمْرُو لِلتَّحْكِيمِ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: لا أَرَى لِهَذَا الأَمْرِ غَيْرَ عبد الله بن عمر، فقال عمرو   1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "1322"، وفيه ابن أبي جميلة، وهو من المجاهيل. 2 خبر ضعيف: السير "3/ 224" فيه ليث بن أبي سليم من الضعفاء. 3 خبر صحيح: السير "3/ 224". 4 الطبقات "4/ 182". 5 خبر صحيح: أخرجه البخاري "7/ 309"، وعبد الرزاق "5/ 465" في مصنفه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 275 لابْنِ عُمَرَ: أَمَا تُرِيدُ أَنْ نُبَايِعَكَ؟ فَهَلْ لك أن تعطى مالا عظيما، على أن تدع هذا الأمر لمن هو أحرص عليك منه، فَغَضِبَ وَقَامَ، فَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّمَا قَالَ: تُعْطَى مَالا عَلَى أَنْ أُبَايِعَكَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أعطي عليها ولا أعطى عليها وَلا أَقْبَلُهَا إِلا عَنْ رِضَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ1. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ نَزَّالٍ الأيْلِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ قَالَ: قَالَ مَرْوَانُ لابْنِ عُمَرَ: أَلا تَخْرُجُ إِلَى الشَّامِ فَيُبَايِعُوكَ؟ قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: تُقَاتِلُهُمْ بِأَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ يُبَايِعَنِي النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلا أَهْلَ فدك، وإني أقاتلهم فَقُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنِّي أَرَى فِتْنَةَ تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... وَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا2 قُلْتُ: أَبُو لَيْلَى هُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ فِطْرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ عُمَرَ: مَا أَحَدٌ شَرٌّ لأُمَّةِ مُحَمَّدِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْكَ، قَالَ: وَلِمَ! قَالَ: إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ مَا اخْتَلَفَ فِيكَ اثْنَانِ، قَالَ: مَا أَحَبَّ أَنَّهَا أَتَتْنِي وَرَجُلٌ يَقُولُ: لا، وَآخَرُ يَقُولُ: بَلَى3. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى الْخَشَبِيَّةِ4 وَالْخَوَارِجِ وَهُمْ يَقْتَتِلُونَ، فَقَالَ: مَنْ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ أَجَبْتُهُ، وَمَنْ قَالَ: حَيَّ عَلَى قَتْلِ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ وَأَخْذِ مَالِهِ، فَلا5. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا بن عُمَرَ فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ أمر هذا الأُمَّةِ مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ أُقَاتِلَ هَذِهِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةِ كَمَا أَمَرَنِي اللَّهُ، فقلنا له: ومن ترى هذه الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ؟ قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ بَغَى عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ، فَأَخْرَجَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَنَكَثَ عَهْدَهُمْ6.   1 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "1/ 293، 294" في الحلية. 2 خبر حسن: السير "3/ 227". 3 خبر حسن: السابق. 4 الخشبية: هم أصحاب الملحد المختار بن أبي عبيد. 5 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 169"، وأبو نعيم "1/ 309" في الحلية. 6 خبر صحيح: السير "3/ 229". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ عَيَّاشٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلا عَلَى ثَلاثٍ: ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ، وَمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ، وَأنِّي لَمْ أُقَاتِلْ هَذِهِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ بِنَا، يَعْنِي الْحَجَّاجَ1. قُلْتُ: هَذَا ظَنٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَإِلا فَهُوَ قَدْ قَالَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَصَابَتِ ابْنَ عُمَرَ عَارِضَةُ الْمَحْمَلِ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ، فَمَرِضَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ، فَلَمَّا رآه ابن عمر أغمض عينيه، قال: فَكَلَّمَهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَقُولُ: إِنِّي عَلَى الضَّرْبِ الأَوَّلِ2. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدِمَ حَاجًّا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ وَقَدْ أَصَابَهُ زُجُّ رُمْحٍ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَكَ؟ قَالَ: أَصَابَنِي مَنْ أَمَرْتُمُوهُ بِحَمْلِ السِّلاحِ فِي مَكَانٍ لا يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ3، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ: ثنا خَالِدُ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَرَّفَ كِتَابَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عمر: كذبت كذبت، ما يستطيع لا ذلك وأنت مَعَهُ، فَقَالَ: اسْكُتْ فَإِنَّكَ قَدْ خَرِفْتَ وَذَهَبَ عَقْلُكَ يُوشِكُ شَيْخٌ أن يُضْرَبَ عُنُقَةُ فَيُجَرُّ، قَدِ انْتَفَخَتْ خُصْيَتَاهُ، يَطُوفُ بِهِ صِبْيَانُ أَهْلِ البقيع4. وقال أيوب، وغيره، عن نافع قال: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ، فَحَلَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ لَيَقْتُلَنَّ ابْنَ عُمَرَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ تَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ: إِيها، جِئْتَنَا لِتَقْتُلَ ابْنَ عُمَرَ! قَالَ: وَمَنْ يَقُولُ هَذَا، وَمَنْ يَقُولُ هَذَا. زَادَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: وَاللَّهِ لا أَقْتُلُهُ5. وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَ ابْنُ عُمَرَ سَبْعًا وَثَمَانِينَ سنة.   1 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 185". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 186". 3 خبر صحيح: أخرجه البخاري "2/ 379"، وابن سعد "4/ 186". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 184". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 183" وغيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277 قُلْتُ: بَلَغَ أَرْبَعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالْهَيْثَمُ، وَأَبُو نعيم، وابن المديني، وأبو بكر بن شَيْبَةَ، وَأَبُو مُسْهِرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَخَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. قُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى عَلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. وَعَنْ نَافِعٍ، وَغَيْرِهِ، أن ابْنَ عُمَرَ أَوْصَى عِنْدَ الْمَوْتِ: ادْفِنُونِي خَارِجَ الْحَرَمِ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْحَجَّاجِ، قَالَ: فَدَفَنَّاهُ بِفَخٍّ1 فِي مَقْبَرَةِ الْمُهَاجِرِينَ2. زَادَ بَعْضُهُمْ: وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ. 200- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ رَبِيعَةَ3 بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الهاشمي. قال خليف: قُتِلَ بِسِجِسْتَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، كَذَا قَالَ فِي "تَارِيخِهِ". وَقَالَ فِي "الطَّبَقَاتِ": إِنَّ الَّذِي قُتِلَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بِسِجِسْتَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمَخْزُومِيُّ الَّذِي وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. 201- عَبْدُ الله بن عياش بن أبي ربيع عَمْرُو بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ4. وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَلَهُ رُؤْيَةٌ وَشَرَفٌ، وَكَانَ مِنْ أَقْرَأِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأقْوَمِهِمْ بِهِ. قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسمع من: عمر، وَأَبِيهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْحَارِثُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سعيد بن   1 فخ: اسم واد بمكة المكرمة. 2 الطبقات الكبرى "4/ 188". 3 انظر: تاريخ خليفة "277". 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 144"، وأسد الغابة "3/ 262"، والإصابة "2/ 371". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 278 الْعَاصِ، وَزِيَادُ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ مَوْلاهُ أَيْضًا، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ: ثنا مَالِكٌ، قَالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ حَدِيثًا لا أَدْرِي عَمَّنْ حَدَّثَ بِهِ قَالَ: "يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لا تَدَعْ أحدًا في قلبه من الخير إِلا أَمَاتَتْهُ" 1. وَقَدْ قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَيَّاشٍ الْقُرْآنَ مَوْلاهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحَدُ الْعَشَرَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى مَوْلاهُ عَبْدِ اللَّهِ. وَالَّذِي أَعْتَقِدُ أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بَقِيَ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ كَمَا غَلَطَ بَعْضُهُمْ وَصَحَّفَ سَبْعِينَ بِأَرْبَعِينَ. 202- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ2 بْنِ الأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَلَهُ حَدِيثٌ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ". وَقَدْ وَلاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْكُوفَةِ، فَلَمَّا غَلَبَ عَلَيْهَا الْمُخْتَارُ هَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَدِمَ مَكَّةَ، فَكَانَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَكَانَ عَلَى قُرَيْشٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ أَيْضًا. الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ: كَيْفَ نَجَوْتَ يَوْمَ الْحَرَّةِ؟ قَالَ: كنا نَقُولُ: لَوْ أَقَامُوا شَهْرًا مَا فَعَلُوا بِنَا شَيْئًا، فلما صنع بنا وَوَلَّى النَّاسُ ذَكَرْتُ قَوْلَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: وَعَلِمْتُ أَنِّي إِنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا ... أُقْتَلْ وَلا يَضْرُرْ عَدُوِّي مَشْهَدِي فَتَوَارَيْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ قَالَ عِيسَى: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: نَجَا ابْنُ مُطِيعٍ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ، ثُمَّ لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَنَجَا وَلَحِقَ بِالْعِرَاقِ، وَكَثُرَ عَلَيْنَا فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَكِنْ مِنْ رَأْيِي الصَّفْحَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ من قومي3.   1 صح الحديث من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 144"، والاستيعاب "2/ 327"، والبداية "8/ 345". 3 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 146، 147" وفيه الواقدي من الضعفاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قَالَ: اسْتَعْمَلَ أَبِي عَلَى الْكُوفَةِ ابْنَ مُطِيعٍ. وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَقَدِمَ الْمُخْتَارُ الْكُوفَةَ، وَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، فَهَرَبَ ابْنُ مُطِيعٍ مِنَ الْكُوفَةِ، وَلَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَانَ مَعَهُ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِيَسِيرٍ فِي الْحِصَارِ، أَصَابَهُ حَجَرُ الْمَنْجَنِيقِ فَقَتَلَهُ بِمَكَّةَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ. 203- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلُولِيُّ1 الْكُوفِيُّ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الْفُصَحَاءِ. مَدَحَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ أَنْ هَجَاهُ لَمَّا استُخْلِفَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَبْيَاتٍ: شَرِبْنَا الْغَيْظَ حَتَّى لَوْ سُقِينَا ... دِمَاءَ بَنِي أُمَيَّةَ مَا رَوِينَا وَلَوْ جَاءُوا بِرَمْلَةَ أَوْ بهِنْدِ ... لَبَايَعْنَا أَمِيرَةَ مُؤْمِنِينَا 204- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى –ع- الخزاعي مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ2. اسْتَنَابَهُ نَافِعٌ عَلَى مَكَّةَ حِينَ انْتَقَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عُسْفَانَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: ابْنُ أَبْزَى، وَقَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ سَكَنَ الْكُوفَةَ وَوَلِيَهَا مِرَّةً. وَلَهُ صُحْبَةٌ ورواية، وروى أيضا عن: أبي بكر، وعمر، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَمَّارٍ. روى عنه: ابناه سعيد، وعبد الله، والشعبي، وعلقمة بن مرثد، وأبو إسحاق السبيعي، وجماعة. وذكر ابن الأثير أن عَلِيًّا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى خُرَاسَانَ. وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ قَالَ: ابْنُ أَبْزَى مِمَّنْ رَفَعَهُ اللَّهُ بِالْقُرْآنِ. 205- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ3 –ع- الْهُذَلِيُّ الْكُوفِيُّ. تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَقَدْ حَفِظَ عَنْ أَبِيهِ شَيْئًا. وَرَوَى عَنْ: علي، والأشعث بن قيس، ومسروق، وغيرهم.   1 انظر: طبقات الشعراء "2/ 625"، خزانة الأدب "3/ 638". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 462"، والاستيعاب "2/ 417"، والإصابة "2/ 388". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 181"، والتهذيب "6/ 215، 216". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 280 روى عنه: ابناه القاسم ومعن وهما علواء الْكُوفَةِ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ لا هُوَ وَلا أَخُوهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ أَبِيهِمَا شيئًا. قلت: وحدثه في الصحيحين عن مسروق وحديثة في السنين الأربعة عن أبيه وهو قليل الحديث. 206- عبد الرحمن بن عبد القاري –ع- المدني1. وَالْقَارَّةُ وَعَضَلٌ أخَوَانِ مِنْ ذُرِّيَّةِ مُدْرِكَةِ بْنِ إلياس. قال أبو داود: لأتى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو صغير، قلت: روى عن عمر والي طلحة بن زيد بن سطل وأبي أيوب خالد بن زيد. وروى عنه: عروة وعبيد الله بن عبد اللَّهِ وَالأَعْرَجُ وَالزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَعَاشَ ثَمَانِيًا وَسَبْعِينَ سنة، توفي سنة ثمانين، وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ الْكِبَارِ. 207- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عثمان –م د ن-بن عبيد الله القرشي2 التيمي، ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، أَسْلَمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الْفَتْحِ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَمِّهِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ، وَعُثْمَانُ، وَمُعَاذُ، وَهِنْدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: شَارِبُ الذَّهَبِ. وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيِّ. قُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ. 208- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسيلة3 أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيُّ الصُّنَابِحِيُّ نَزِيلُ الشَّامِ. هَاجَرَ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ قدومه بخمس أو ست ليال.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 57"، وأسد الغابة "3/ 307"، والسير "4/ 14، 15". 2 انظر: الاستيعاب "2/ 404"، الإصابة "2/ 410". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 509"، والاستيعاب "2/ 426"، والبداية "8/ 323". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 281 وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَمُعَاذٍ، وَبِلالٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ، وَمَكْحُولٌ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، وَمَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ صَالِحًا، عَارِفًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ. قَالَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَهْ، لِمَ تَبْكِي، فَوَاللَّهِ لَئِنِ اسْتُشْهِدْتُ لأَشْهَدَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لأَشْفَعَنَّ لَكَ، وَلَئِنِ اسْتَطَعْتَ لأَتَّبِعَنَّكَ. ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلا حَدَّثْتُكُمُوهُ، إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ فِي الْمَوْتِ وَقَدْ أُحِيطَ بِنَفْسِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: مَا فَاتَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا بِخَمْسِ لَيَالٍ، قُبِضَ وَأَنَا بِالْجُحْفَةِ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، وَأَصْحَابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوافرون، فَسَأَلْتُ بِلالا عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَلَمْ تُعْتِمْ. فقال: لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثنا رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: كُنَّا عِنْدِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَأَقْبَلَ الصُّنَابِحِيُّ، فَقَالَ عُبَادَةُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إلى رجل كأنما زقي بِهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَعَمِلَ عَلَى مَا رَأَى فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيُّ أَدْرَكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، يَرْوِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَعَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ يَرْوِي عَنْهُ الْمَدَنِيُّونَ، يُشْبِهُ أن يكون له صحبة. وقال علي بن الْمَدِينِيِّ: الَّذِي رَوَى عَنْهُ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ فِي الْحَوْضِ هُوَ الصُّنَابِحُ بْنُ الأَعْسَرِ الأَحْمَسِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الرحمن بن عسيلة   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "الإيمان/ 47"، والترمذي "2638" والنسائي "7/ 76"، وأحمد "5/ 318". 2 أخرجه ابن سعد "7/ 510" ويخشى من عنعنة ابن إسحاق، إمام المغازي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 282 الصُّنَابِحِيُّ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هَؤُلاءِ الصُّنَابِحِيُّونَ إِنَّمَا هُمُ اثْنَانِ فَقَطْ: الصُّنَابِحُ الْأَحْمَسِيُّ، وَهُوَ: الصُّنَابِحُ بْنُ الأَعْسَرِ، فَمَنْ قَالَ: الصُّنَابِحِيُّ فِيهِ فَقَدْ أَخْطَأَ، يَرْوِي عَنْهُ الْكُوفِيُّونَ، قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَغَيْرُهُ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيُّ، يَرْوِي عَنْهُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَأَهْلُ الشَّامِ، دَخَلَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثَلاثِ أَوْ أَرْبَعِ لَيَالٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَبِلالٍ، وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَمَنْ قَالَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيُّ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَمَنْ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَجَعَلَ كُنْيَتَهُ اسْمَهُ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ. 209- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ1 نَزِيلُ فِلَسْطِينَ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو سَلامٍ مَمْطُورٌ الْحَبَشِيُّ الأَسْوَدُ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمَكْحُولٌ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بَعَثَهُ عُمَرُ إِلَى الشَّامِ يُفَقِّهُ النَّاسَ. وَكَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ هَاجَرَ مَعَ أَبِي مُوسَى. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ. قُلْتُ: وَخَرَّجَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ لَهُ أَحَادِيثُ، وَهِيَ مَرَاسِيلُ فِيمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ. وَذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فِي الصَّحَابَةِ. وَذُكِرَ عَنِ اللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيعَةَ أَنَّهُمَا قَالا: له صحبة.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 441"، والسير "4/ 45"، والإصابة "3/ 97". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 283 وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: وَبِفِلَسْطِينَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ، وَهُوَ رَأْسُ التَّابِعِينَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ، وَخَلِيفَتُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. 210- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ1 أَبُو حَاتِمٍ الثَّقَفِيُّ الأَمِيرُ، ابْنُ صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمِيرُ سِجِسْتَانَ. وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَكَانَ أَحَدَ الْكِرَامِ الأَجْوَادِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ ثَلاثِ وَخَمْسِينَ عُزِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ سِجِسْتَانَ، وَكَانَ قَدْ وَلِيَهَا فِي سَنَةِ خَمْسِينَ، ثُمَّ وَلِيَهَا فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ. كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ أَسْوَدَ اللَّوْنِ. قَالَ أَبُو هِلالٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ رَأَيْنَاهُ يَتَوَضَّأُ بِالْبَصْرَةِ هَذَا الْوُضُوءِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، فَقُلْتُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْحَبَشِيُّ يَلُوطُ إِسْتَهُ، يَعْنِي يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ. وقال أحمد العجلي: وهو تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ مُؤَرِّجٍ قَالَ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ مِنَ الأَجْوَادِ، فَاشْتَرَى جَارِيَةً يَوْمًا بِمَالٍ عَظِيمٍ، فَطَلَبَ دَابَّةً تُحْمَلُ عَلَيْهَا، فَجَاءَ رجل فنزل عن دابته، فحملها عليها، وقال لَهُ: اذْهَبْ بِهَا إِلَى مَنْزِلِكَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ يُنْفِقُ عَلَى جِيرَانِهِ، يُنْفِقُ عَلَى أَرْبَعِينَ دَارًا عَنْ يَمِينِهِ، وَأَرْبَعِينَ عَنْ يَسَارِهِ، وَأَرْبَعِينَ أمامه، وأربعين ورائه، سَائِرُ نَفَقَاتِهِمْ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بِالتُّحَفِ وَالْكِسْوَةِ وَيُزَوِّجُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمُ التَّزْوِيجَ، وَيُعْتِقُ فِي كُلِّ عيد مائة عبد.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 190"، السير "4/ 138". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 وَرَوَى قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَجَّهَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ أَصَابَتْنِي عِلَّةٌ، فَوُصِفَ لِي لَبَنُ الْبَقَرِ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِسَبْعِمِائَةِ بَقَرَةً وَرُعَاتِهَا. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بن محارب؟ وذكره الكلبي؟ أنه يَزِيدَ بْنَ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيَّ قَدِمَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ بِسِجِسْتَانَ، فَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسِينَ أَلْفًا، فَانْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ: يُسَائِلُنِي أَهْلُ الْعِرَاقِ عَنِ النَّدَى ... فَقُلْتُ: عُبَيْدُ اللَّهِ حِلْفُ الْمَكَارِمِ فَتَى حَاتِمِيٍّ فِي سِجِسْتَانَ دَارُهُ ... وَحَسْبُكَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ كَحَاتِمِ سَمَا لِبِنَاءِ الْمَكْرُمَاتِ فَنَالَهَا ... بِشِدَّةِ ضِرْغَامٍ وَبَذْلِ الدَّرَاهِمِ وقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ بِسِجِسْتَانَ. 211- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ الْقُرَشِيُّ1 الْعَامِرِيُّ الْحِجَازِيُّ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الْمُجَوِّدِينَ. مَدَحَ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي أَيَّامِ عُمَرَ. وَهُوَ الْقَائِلُ: خَلِيلَيَّ مَا بَالُ الْمَطَايَا كَأَنَّهَا ... نَرَاهَا عَلَى الْأَدْبَارِ بِالْقَوْمِ تَنْكُصُ الأَبَيْاتُ الْمَشْهُورَةُ. وَقِيلَ لِأَبِيهِ: قَيْسُ الرُّقَيَّاتِ؛ لِأَنَّ لَهُ جَدَّاتٍ عِدَّةً يُسَمَّيْنَ رُقَيَّةَ. 212- عُبَيْدُ بْنِ نُضَيْلَةَ –م 4- أبو معاوية الخزاعي2 الكوفي المقرئ، مُقْرِئُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. سَمِعَ: الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، ومسروقًا، وعبيد السَّلْمَانِيَّ، وَأَرْسَلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ على علقمة. قرأ عليه: حمران بن أعين، ويحيى بن وثاب، وروى عنه: إبراهيم النخعي، وأشعث بن سليم، والحسن العرني.   1 انظر: الشعر والشعراء "2/ 450"، والبداية "8/ 328". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 117"، والتاريخ الكبير "6/ 5". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 قيل: إنه توفي في ولاية بشر بن مروان العراق، وكان مقرئ أهل الكوفة في زمانه، ويقال: قَرَأَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ الْكِسَائِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، قُلْتُ: فَيَحْيَى عَلَى مَنْ قَرَأَ؟ قَالَ: عَلَى عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ، وَقَرَأَ عُبَيْدٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ. 213- عُبَيدُ بْنُ عُمَيْرِ1 بْنِ قَتَادَةَ أَبُو عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ الْجُنْدَعِيُّ الْمَكِّيُّ الْوَاعِظُ الْمُفَسِّرُ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِيهِ عُمَيْرٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ، وَكَانَ ثِقَةً إِمَامًا. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَصَّ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لَهُ: خَفِّفْ فَإِنَّ الذِّكْرَ ثَقِيلٌ، تَعْنِي إِذَا وَعَظْتَ3. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ: رَأَيْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى قَفَاهُ، وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ. تُوُفِّيَ قَبْلَ وَفَاةِ ابْنِ عُمَرَ بِيَسِيرٍ، وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. 214- عَبِيدَةُ بْنُ عَمْرٍو السَّلْمَانِيُّ4 الْمُرَادِيُّ، من سَلْمَانَ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ مُرَادٍ. كَانَ أَحَدَ الفقهاء الكبار بالكوفة.   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 463"، والاستيعاب "2/ 441"، أسد الغابة "3/ 353". 2 الطبقات الكبرى "5/ 463". 3 خبر صحيح: الطبقات الكبرى "5/ 463". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 93"، أسد الغابة "3/ 356"، البداية "8/ 328". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 286 أَسْلَمَ زمَنَ الْفَتْحِ، وَلَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعيُّ، وَالشَّعْبيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، وَأَبُو حَسَّانٍ مُسْلِمُ الأَعْرَجُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ عَبيدَةُ يُوَازِي شُرَيْحًا فِي الْقَضَاءِ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ عَبِيدَةُ أَعْوَرَ، وَكَانَ أَحَدَ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِينَ يُفْتُونَ وَيُقْرِئُونَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَشَدَّ تَوَقِّيًا مِنْ عَبِيدَةَ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ مُكْثِرًا عَنْ عَبِيدَةَ. هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: سَمِعْتُ عَبِيدَةَ يَقُولُ: أَسْلَمْتُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَنَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ وَلَمْ أَلْقَهُ. هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الأَشْرِبَةِ، فَمَا لِي شَرَابٌ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً إِلا الْعَسَلُ وَاللَّبَنُ وَالْمَاءُ. هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ: قُلْتُ لِعَبِيدَةَ: إِنَّ عِنْدَنَا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَسٍ، فَقَالَ: لأَنْ يَكُونَ عِنْدِي مِنْهُ شَعْرةٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ1. تُوُفِّيَ عَلَى الصَّحِيحِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: كُنْيَتُهُ أَبُو مُسْلِمٍ، وَأَبُو عَمْرٍو. 215- الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ2 أَبُو نَجِيحٍ السُّلَمِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَحَدُ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ الَّتِي بِمَسْجِدِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ البكائين الذين نَزَلَ فِيهِمْ {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} [التوبة: 92] الآيَةَ. سَكَنَ حِمْصَ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي عبيدة.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 95". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 276"، والحلية "2/ 113"، والسير "3/ 419". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو رُهْمٍ السَّمَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي الْمُطَاعِ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَالْمُهَاجِرُ بْنُ حَبِيبٍ، وَحُجْرُ بْنُ حُجْرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا سَعِيدُ بن أَيُّوبَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُقْبَضَ، فَكَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي وَوَهَنَ عَظْمِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا يَوْمًا فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ أُصَلِّي وَأَدْعُو أَنْ أُقْبَضَ إِذَا أَنَا بِفَتًى شَابٍّ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَعَلَيْهِ دُوَّاجٍ أَخْضَرَ1، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي تَدْعُو بِهِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ أدعو يا بن أَخِي؟ قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ حَسِّنِ الْعَمَلَ وَبَلِّغِ الأَجَلَ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا رَتَبَايِيلُ الَّذِي يَسِلُّ الْحُزْنَ مِنْ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا2. وَقَالَ إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ وَلَهُ اسْمٌ لا يُحِبُّهُ غَيَّرَهُ، وَلَقَدْ أَتَيْنَاهُ وَإِنَّا لَسَبْعَةٌ من بني سليم، أكبرنا العرباض بن سارية، فَبَايَعْنَاهُ3. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا أَبُو بَكْر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: لَوْلا أَنْ يُقَالَ: فَعَلَ أَبُو نَجِيحٍ لأَلْحَقْتُ مَالِي سُبُلَهُ، ثُمَّ لَحِقْتُ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَةِ لُبْنَانَ، فَعَبَدْتُ اللَّهَ حَتَّى أَمُوتَ4. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ: سَمِعْتُ عُمَرَ أَبَا حَفْصٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: أَعْطَى مُعَاوِيَةُ الْمِقْدَامَ حِمَارًا مِنَ الْمَغْنَمِ، فَقَالَ لَهُ الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ: مَا كَانَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَكَ، كَأَنِّي بِكَ فِي النَّارِ تَحْمِلُهِ عَلَى عُنُقِكَ، فَرَدَّهُ5. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.   1 داوج أخضر: نوع من الثياب. 2 السير "3/ 421". 3 حديث حسن: أخرجه الطبراني كما في "المجمع" "8/ 51، 52". 4 الطبقات الطبرى "4/ 276". 5 السير "3/ 422". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 216- عَطِيَّةُ بْنُ بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ1 –ت- أَخُو عَبْدِ اللَّهِ، وَلَهُمَا صُحْبَةٌ. ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهِمَا فَقَدَّمَا لَهُ تمرًا وزبدًا، وكان يحب الزبد. قال صَدَقَةُ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ ابْنَيْ بُسْرٍ وَلَمْ يُسَمِّهِمَا. 217- عَطِيَّةُ السعدي –د ت ق- بن عروة، وَيُقَالُ: ابْنُ سَعْدٍ، وَيُقَالُ: ابْنُ عَمْرِو بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الْقَيْنِ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَنَزَلَ الْبَلْقَاءَ بِالشَّامِ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ بِالْبَلْقَاءِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ أَبُو عُرْوَةَ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ. قَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الْيَدُ الْمُعْطِيَةُ خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السفلى" 2. 218- عقبة بن صهبان –خ م د ق- الأزدي البصري3. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ عَمَّارٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ، وَقَتَادَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ وِلايَةِ الْحَجَّاجِ عَلَى الْعِرَاقِ، قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً. 219- عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ –ع- الليثي العتواري المدني4. جَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ. سَمِعَ: عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَمْرٌو، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وكان قليل الرواية.   1 انظر: الاستيعاب "3/ 145"، الإصابة "2/ 484"، البداية "8/ 328". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 226"، وله شواهد. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 146"، والجرح والتعديل "6/ 312". 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 60"، والاستيعاب "3/ 126"، وأسد الغابة "4/ 15". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 220- عمارة بن رؤيبة -م د ت ن- الثقفي1. صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، كُنْيَتُهُ أَبُو زُهَيْرَةَ. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَهُوَ الَّذِي رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَخْطُبُ رَافِعًا يَدَيْهِ، فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. 221- عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ2 بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالٍ، أَبُو حَفْصٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، رَبِيبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ خَطَأٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلُ. وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَتَيْنِ. قُلْتُ: لَمَّا تُوُفِّيَ وَالِدُهُ أَبُو سَلَمَةَ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْلادٍ: عُمَرُ، وَهُوَ الأَكْبَرُ فِيمَا أَرَى، وَسَلَمَةُ، وَزَيْنَبُ، وَدُرَّةُ، وَقَدْ تَزَوَّجَ عُمَرُ، وَاسْتَفْتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، وَقَدْ تَزَوَّجَ نَبِيُّ اللَّهِ بِأُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَوَرَدَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَوَّجَ أُمَّهُ3، وَأنَّهُ كَانَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا. وَكَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي أُطُمِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ مَعَ النِّسَاءِ، فَكَانَ يَحْمِلُ ابْنَ الزُّبَيْرِ لِيَنْظُرَ، فَهَذِهِ الأَشْيَاءُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلَ عَامِ الْهِجْرَةِ وَلا بُدَّ. وَكَانَ عِنْدَ أُمِّهِ أمِّ سَلَمَةَ، وَعَلَّمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا بُنَيَّ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" 4. وروى عن أمه.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 40"، والاستيعاب "3/ 20"، وأسد الغابة "4/ 49". 2 انظر: الاستيعاب "2/ 474"، أسد الغابة "4/ 79"، والتهذيب "7/ 455". 3 حديث صحيح: أخرجه النسائي "6/ 81". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 458"، ومسلم "2022"، وأبو داود "3787"، والترمذي "1858". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 رَوَى عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَابْنُ الُمُسَيِّبُ، وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، وَقُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَأَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَّهُ مِنَ الرَّضَاعِ1. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ. ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ الْأَثِيرِ قَدْ وَرَّخَ مَوْتَهُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ، فَيُؤَخَّرُ. 222- عَمْرُو بْنُ أَخْطَبَ –م 4- أبو زيد الأنصاري2 الخزرجي الأعرج. غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاثَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ" 3 فَبَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ، وَلَمْ يَبْيَضَّ مِنْ شَعْرِهِ إِلا الْيَسِيرُ. نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَلَهُ بِهَا مَسْجِدٌ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ بَشِيرٌ، وَيَزِيدُ الرِّشْكُ، وعلباء بْنُ أَحْمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. 223- عَمْرُو بْنُ الأَسْوَدِ4 وَيُقَالُ: عُمَيْرُ بْنُ الأَسْوَدِ، أَبُو عِيَاضٍ الْعَنْسِيُّ الْحِمْصِيُّ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ سَكَنَ دَارَيَّا، وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مِنْ كِبَارِ تَابِعِيِّ الشَّامِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأُمِّ حَرَامِ بِنْتِ ملحان، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَأَبُو رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ سَيْفٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنَ سُمَيْعٍ: عَمْرُو بْنُ الأَسْوَدِ هُوَ عُمَيْرُ بْنُ الأَسْوَدِ، يُكَنَّى أَبَا عِيَاضٍ. قُلْتُ: وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحُ البخاري في الجهاد: عمير بن الأسود.   1 السير "3/ 408". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 28"، والاستيعاب "2/ 524"، وأسد الغابة "4/ 190". 3 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "7/ 28"، وأحمد "5/ 77، 341"، والترمذي "3629". 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 442"، السير "4/ 79"، الإصابة "3/ 120". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 291 وقال أحمد في مسنده: ثنا أَبُو الْيَمَانِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَحَكَى ابْنُ عُمَيْرٍ قَالا: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلينظر إلى هَدْيِ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ"1، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ فَقَطْ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى عُمَرَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا بَقِيَّةُ، عَنْ أَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنِي زُرَيْقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الألهاني، أن عمرو بن الأسود قدم المدينة، فرآه ابن عمر يصلي، فقال: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلينظر إلى هَذَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ بِقِرًى وَعَلَفٍ وَنَفَقَةٍ. فَقَبِلَ الْقِرَى وَالْعَلَفَ وَرَدَّ النَّفَقَةَ، فقال بن عُمَرَ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَفْعَلُ ذَلِكَ2. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوهِيُّ. أنا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنبأ أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْقَاضِي قَالُوا: نا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُسْلِمَةِ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، ثنا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بن العلاء الحمصي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سعيد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود العنسي أنه كان إذا خرج إلى المسجد قبض بيمينه على شماله، فسأل عن ذلك، فقال: مخافة أن تنافق يدي3. قُلْتُ: لِئَلا يَخْطُرَ بِهَا فِي مِشْيَتِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يَدَعُ كَثِيرًا مِنَ الشَّبَعِ مَخَافَةَ الْأَشَرِ. 224- عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ الْقُرَشِيُّ4 الْمَخْزُومِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ بِالْكُوفَةَ. قُلْتُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سنة خمس وثمانين.   1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 18، 19"، وأبو نعيم "5/ 156" في الحلية. 2 خبر ضعيف: السير "4/ 80" فيه عنعنة بقية، وهو من المدلسين. 3 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 156" في الحلية. 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 23"، الاستيعاب "2/ 515"، السير "3/ 417". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 225- عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ1 بْنُ فَرْقَدٍ السُّلَمِيُّ الْكُوفِيُّ الزَّاهِدُ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسُبَيْعَةَ الأسلمية. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَحَوْطُ بْنُ رَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ الْهَمْدَانِيُّ، لَكِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يَرْعَى رِكَابَ أَصْحَابِهِ وَغَمَامَةً تُظِلُّهُ، وَكَانَ يُصَلِّي وَالسَّبُعُ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ يَحْمِيهِ2. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقدٍ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلا تُعِينَنِي عَلَى ابْنِي؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا عَمْرُو، أَطِعْ أَبَاكَ. فَقَالَ: يَا أَبَهْ، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ أَعْمَلُ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِي فَدَعْنِي، فَبَكَى أَبُوهُ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي لَأُحِبُّكَ حُبَّيْنِ، حُبًّا لِلَّهِ، وَحُبَّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، قَالَ: يَا أَبَهْ إِنَّكَ كُنْتَ أتَيْتَنِي بِمَالٍ بَلَغَ سَبْعِينَ أَلْفًا، فَإِنْ أَذِنْتَ لِي أَمْضَيْتُهُ. قَالَ: قَدْ أَذِنْتُ لَكَ، فَأَمْضَاهُ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ3. وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: قَامَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يُصَلِّي، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} [غافر: 18] الآيَةَ. فَبَكَى حَتَّى انْقَطَعَ، ثُمَّ قَعَدَ، فَعَلَ ذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحَ. وَيُرْوَى أَنَّ حَنَشًا جَاءَهُ فِي الصَّلاةِ، فَالْتَفَّ عَلَى رِجْلِهِ، فَلَمْ يَتْرُكْ صَلاتَهُ4. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ يَخْرُجُ عَلَى فَرَسِهِ لَيْلا، فَيَقِفُ عَلَى القبور، فيقول: يا أهل الْقُبُورِ قَدْ طُوِيَتِ الصُّحُفُ، وَقَدْ رُفِعَتِ الأَعْمَالُ، ثُمَّ يَبْكِي وَيَصُفُّ قَدَمَيْهِ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَرْجعُ فَيَشْهَدُ صَلاةَ الصُّبْحِ5. رَوَاهَا النَّسَائِيُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي السُّنَنِ، وعيسى لم يدرك عمرًا.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 206"، التهذيب "8/ 75"، الحلية "4/ 155". 2 الحلية "4/ 157". 3 إسناده ضعيف: الحلية "4/ 156" فيه عنعنة الأعمش. 4 الحلية "4/ 158". 5 خبر حسن: أخرجه ابن المبارك "29" في الزهد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يُفطِرُ عَلَى رَغِيفٍ وَيَتَسحَّرُ بِرَغِيفٍ1. وَقَالَ فُضَيْلٌ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: سَأَلْتُ اللَّهَ ثَلاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَأَنَا أَنْتَظِرُ الثَّالِثَةَ: سَأَلْتُهُ أَنْ يُزَهِّدَنِي فِي الدُّنْيَا فَمَا أُبَالِي مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُقَوِّيَنِي عَلَى الصَّلاةِ فَرَزَقَنِي مِنْهَا، وَسَأَلْتُهُ الشَّهَادَةَ، فَأَنَا أَرْجُوهَا2. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: خَرَجْنَا وَمَعَنَا مَسْرُوقٌ، وَعَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ، وَمِعْضَدٌ الْعِجْلِيُّ غَازِينَ، فَلَمَّا بَلَغْنَا مَاسَبَذَانَ، وَأَمِيرُهَا عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ، فَقَالَ لَنَا ابْنُهُ عَمْرُو: إِنَّكُمْ إِنْ نَزَلْتُمْ عَلَيْهِ صَنَعَ لَكُمْ نُزُلا، وَلَعَلَّ أَنْ تَظْلِمُوا فِيهِ أَحَدًا، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ قُلْنَا فِي ظِلِّ هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَأَكَلْنَا مِنْ كَسْرِنَا، ثُمَّ رُحْنَا، فَفَعَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا الأَرْضَ قَطَعَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ جُبَّةً بَيْضَاءَ فَلَبِسَهَا فَقَالَ: وَاللَّهِ إنْ تَحَدَّرَ الدَّمُ عَلَى هَذِهِ لَحَسَنٌ، فَرَمَى، فَرَأَيْتُ الدَّمَ يَنْحَدِرُ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ3. وقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ دَخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ عَلَى أُخْتِهِ، فَقَالَ: أخبرينا عَنْهُ، فَقَالَتْ: قام ذات ليلة فاستفتح سورة "حم" فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر: 18] فَمَا جَاوَزَهَا حَتَّى أَصْبَحَ4. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَحِكَايَةٌ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَهُوَ فِي طَبَقَةِ أَبِي وَائِلٍ، وَشُرَيْحٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْقُدَمَاءِ من حيث الوفاة. أما أبو عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ فَمِنْ أَشْرَافِ بَنِي سُلَيْمٍ، شَهِدَ فَتْحَ خَيْبَرَ فِيمَا قِيلَ، وَصَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلِيَ إِمْرَهَ الْمَوْصِلِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَهُ بِهَا مَسْجِدٌ مَعْرُوفٌ وَدَارٌ، وَلا أَعْلَمُ لِعُتْبَةَ رِوَايَةً. 226- عَمْرُو بْنُ عثمان -ع- بْنِ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ5 بْنِ أُمَيَّةَ القرشي الأموي.   1 الحلية "4/ 157". 2 السابق "4/ 155، 156". 3 الحلية "4/ 155". 4 الحلية "4/ 155". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 150"، السير "4/ 353". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الُمَسيِّبِ، وَأَبُو الزِّنَادِ. تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ الثَّمَانِينَ، وَكَانَ زَوْجَ رَمْلَةَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ. 227- عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ1 الأَوْدِيُّ الْمَذْحِجِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَلَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمَ الشَّامَ مَعَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، ثُمَّ نَزَلَ الْكُوفَةَ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُونَ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قَالَ أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ2. وَفِي الْمُسْنَدِ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذٌ الْيَمَنَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الشِّحْرِ، رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، أَجَشَّ الصَّوْتِ، فَأُلْقِيَتْ عَلَيْهِ مَحَبَّتِي، فَمَا فَارَقْتُهُ حَتَّى حَثَوْتُ عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى أَفْقَهِ النَّاسِ بَعْدَهُ، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ3، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: رَأَيْتُ قِرْدَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: حَجَّ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ سِتِّينَ ما بين حجة وعمرة.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 117"، السير "4/ 158". 2 إسناده ضعيف: فيه عنعنة أبي إسحاق، وهو من المدلسين. 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "5/ 231، 232"، وأبو داود "432". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَمَّا كَبِرَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أُوتِدَ لَهُ فِي الْحَائِطِ، وَكَانَ إِذَا سُئِمَ مِنَ الْقِيَامِ أَمْسَكَ بِهِ، أَوْ يَرْبِطُ حَبْلا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ إِذَا رُؤِيَ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، وَسُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ الْتَقَيَا، فَاعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. 228- عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ الْمُجَاشِعِيُّ1 قَاتَلَ حواريّ رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، قتله تقربًا بذلك إلى علي، وقال: لَمَّا جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ "بَشِّرْ قَاتِلَ الزُّبَيْرِ بِالنَّارِ"2، فَنَدِمَ وَسُقِطَ فِي يَدِهِ، وَبَقِيَ كَالْبَعِيرِ الأَجْرَبِ، كُلُّ يَتَجَنَّبَهُ وَيُهَوِّلُ عَلَيْهِ مَا صَنَعَ، وَرَأَى مَنَامَاتٍ مُزْعِجَةً. وَلَمَّا وَلِيَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ خَافَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ، ثُمَّ جَاءَ بِنَفْسِهِ إِلَى مُصْعَبٍ وَقَالَ: أَقِدْنِي بِالزُّبَيْرِ، فَكَاتَبَ أَخَاهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَى مُصْعَبٍ: أَنَا أَقْتُلُ ابْنَ جُرْمُوزٍ بِالزُّبَيْرِ! وَلا بِشِسْعِ نَعْلِهِ أَقْتُلُ أَعْرَابِيًّا بِالزُّبَيْرِ، خَلِّ سَبِيلَهُ، فَتَرَكَهُ، فَكَرِهَ الْحَيَاةَ لِذَنْبِهِ، وَأَتَى بَعْضَ السواد، وهنالك قَصْرٌ عَلَيْهِ زُجٌّ فَأَمَرَ إِنْسَانًا أَنْ يَطْرَحَهُ عَلَيْهِ، فَطَرَحَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ. 229- عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ الْبُرْجُمِيُّ3 مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ. اتَّهَمَهُ الْحَجَّاجُ بِأَنَّهُ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، فَقَتَلَهُ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَا دَخَلَ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ فِي سَنَةِ خمس. 230- عمير بن آبِيُّ اللَّحْمِ4 -م 4- لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ خَيْبَرَ مَعَ مَوْلاهُ، وَحَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.   1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 110"، والإصابة "1/ 528". 2 حديث ضعيف: انظر البداية "7/ 250". 3 انظر: تاريخ الطبري "4/ 318، 404"، "6/ 207-210". 4 انظر: الإصابة "3/ 38"، والتهذيب "8/ 151". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَيَزِيدُ بن أبي عبيد، ويزيد ابن عبد الله بن الهاد، ومحمد بن زيد بْنُ الْمُهَاجِرِ، عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. 231- عَمِيرَةُ بْنُ سَعْدٍ الشِّبَامِيُّ الْهَمْدَانِيُّ1. سَمِعَ عَلِيًّا. وَعَنْهُ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَعِرَارُ بْنُ سُوَيْدٍ. يُكَنَّى أَبَا السَّكَنِ. 232- عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ2 الأَشْجَعِيُّ الْغَطَفَانِيُّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. شَهِدَ الْفَتْحَ، وَلَهُ أَحَادِيثُ. وَعَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَالشَّعْبيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَشَدَّادُ أَبُو عَمَّارٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَآخَرُونَ. وَشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ. قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ: نا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ سَيْفًا مِنَ السَّمَاءِ تُدَلَّى، وَأَنَّ النَّاسَ تَطَاوَلُوا، وَأَنَّ عُمَرَ فَضَّلَهُمْ بِثَلاثَةِ أَذْرُعٍ. قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ خَلِيفَةٌ مِنْ خُلَفَاءِ اللَّهِ، وَلا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ شَهِيدًا قَالَ: فَقَصَصْتُهَا عَلَى الصِّدِّيقِ، فَطَلَبَ عُمَرَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: يَا عَوْفُ قُصَّهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أبَنْتُ لَهُ أَنَّهُ خَلِيفَةٌ مِنْ خُلَفَاءِ اللَّهِ قَالَ: أَكُلُّ هَذَا يَرَى النَّائِمُ؟. فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ رَآنِي بِالْجَابِيَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَدَعَانِي فَأَجْلَسَنِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ قال: قُصَّ عَلَيَّ رُؤْيَاكَ فَقُلْتُ لَهُ: أَلَسْتَ قَدْ جَبَهْتَنِي عَنْهَا؟ قَالَ: خَدَعْتُكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ. فَلَمَّا قَصَصْتُهَا عَلَيْهِ قَالَ: أَمَّا الْخِلافَةُ فَقَدْ أُوتِيتُ مَا تَرَى، وَأَمَّا أَنْ لا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنِّي ذَلِكَ، وَأَمَّا أَنْ أُقْتَلَ فَأَنَّى لِي بِالشَّهَادَةِ وَأَنَا فِي جِزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ مَعَ ذَلِكَ كَأَنَّ دِيكًا يَنْقُرُ سُرَّتِي، وَمَا أمتنع عنه بشيء3.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 23"، التهذيب "8/ 152". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 400"، والاستيعاب "3/ 131"، وأسد الغابة "4/ 312". 3 خبر حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الأَمِينُ -أَمَّا هُوَ إِلَيَّ فَحَبِيبٌ، وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ- عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبعة أن ثَمَانِيَةً أَوْ تِسْعَةً فَقَالَ: "أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ"؟ فَرَدَّدَهَا ثَلاثًا، فَقَدَّمْنَا أَيْدِيَنَا فَبَايَعْنَاهُ1، وَذَكَرَ الحديث. وقال عمارة بن زاذان: ثنا ثابت عَنْ أَنَسٍ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَالصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ رَايَةُ أَشْجَعَ يَوْمَ الْفَتْحِ مَعَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ2. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ عَوْفٍ قَالَ: عَرَّسَ3 بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَوَسَّدَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ، فَانْتَبَهْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، فَإِذَا أَنَا لا أُرِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ رَاحِلَتِهِ، فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ أَلْتَمِسُهُ، فَإِذَا أَنَا بِمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى، وَإِذَا هُمَا قَدْ أفزعهما ما أفزعني، فبينا نحن كذلك إذ سَمِعْنَا هَزِيزًا عَلَى أَعْلَى الْوَادِي كَهَزِيزِ الرَّحَى. قَالَ: فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِنَا، فَقَالَ: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَخَيَّرَنِي بَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ"، فَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالصُّحْبَةُ لِمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ، قَالَ: "فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي" 4، قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ، فَإِذَا هُمْ قَدْ فَزِعُوا حِينَ فَقَدُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، ثنا ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: شَتَوْنَا فِي حِصْنٍ دُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَعَلَيْنَا عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، فَأَدْرَكَنَا رَمَضَانُ وَنَحْنُ فِي الْحِصْنِ، فَقَالَ عَوْفٌ: قَالَ عُمَرُ: صِيَامُ يَوْمٍ لَيْسَ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِطْعَامُ مِسْكِينٍ يَعْدِلُ صِيَامَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ أَصْبُعَيْهِ. قَالَ ثَابِتٌ: هُوَ تَطَوُّعٌ، مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تركه، يعني الإطعام5.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1043". 2 الطبقات الكبرى "4/ 281". 3 عرس: نزل في أحد الأودية للاستراحة ليلًا. 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "6/ 28"، والترمذي "2441"، وابن حبان "2592"، "2593". 5 السير "2/ 490". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 وَرَوَى جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: مَا مِنْ ذَنْبٍ إِلا وَأَنَا أَعْرِفُ تَوْبَتَهُ، قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا تَوْبَتُهُ؟ قَالَ: أَنْ تَتْرُكَهُ ثُمَّ لا تَعُودُ إِلَيْهِ. قُلْتُ: وَقِيلَ: إِنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو حَمَّادٍ، وَقِيلَ: أَبُو عَمْرٍو، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَخَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ، وَتُوُفِّيَ بِالشَّامِ. قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. 233- عِيَاضُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَرِيُّ1 سَمِعَ: أَبَا عُبَيْدَةَ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَعِيَاضَ بْنَ غَنْمٍ الْفِهْرِيَّ، وَجَمَاعَةً. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَأَحْسِبُهُ نَزَلَ الْكُوفَةَ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَرَّ عِيَاضُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَرِيُّ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ: مَالِي لا أَرَاهُمْ يُقَلِّسُونَ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ. قَالَ هُشَيْمٌ: التَّقْلِيسُ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا غُنْدَرٌ نا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ: سَمِعْتُ عِيَاضًا الأَشْعَرِيَّ قَالَ: شَهِدْتُ الْيَرْمُوكَ وَعَلَيْنَا خَمْسَةُ أُمَرَاءُ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، وَعِيَاضُ هُوَ ابْنُ غَنْمٍ، وَقَالَ عُمَرُ: إِذَا كَانَ قِتَالٌ فَعَلَيْكُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: فَكَتَبْنَا إِلَيْهِ: إِنَّهُ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا الْمَوْتُ، فَاسْتَمْدَدْنَاهُ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا، إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي، وَأَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا وَأَحْصَنُ جُنْدًا: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَأَشْهِدُوهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ نُصِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَقَلِّ مِنْ عِدَّتِكُمْ، قَالَ: فَقَاتَلْنَاهُمْ فَهَزَمْنَاهُمْ وَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبعَ فَرَاسِخَ، وَأَصَبْنَا أَمْوَالا، قَالَ: فَتَشَاوَرُوا، فَأَشَارَ عَلَيْنَا عِيَاضُ أَنْ نُعْطَى عَنْ كُلِّ رَأْسٍ عَشْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ يُسَابِقْنِي؟ فَقَالَ لَهُ شَابٌّ: أَنَا إِنْ لَمْ تَغْضَبْ، قَالَ: فَسَبَقَهُ: فَرَأَيْتُ عَقِيصَتَيْ2 أَبِي عُبَيْدَةَ تَنْقُزَانِ وَهُوَ خَلْفَهُ على فرس عربي3.   1 انظر: الاستيعاب "3/ 129"، الإصابة "3/ 49". 2 عقيصتي: ضفائر الشعر. 3 خبر حسن: أخرجه أحمد "1/ 49". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 "حرف الْغَيْنِ": 234- غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ1 بْنِ زُنَيْمٍ، أَبُو أَسْمَاءَ السَّكُونِيُّ. مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ. رَوَى عن: عمر، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَبِلالٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِذٍ الْيَمَانِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَكْحُولٌ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَشُرَحْبِيلُ بن مسلم، وأبو راشد الحبراني، وجماعة. وسكن حمص. فروى العلاء بن يزيد الثمالي: ثنا عِيسَى بْنُ أَبِي رَزِينٍ الثُّمَالِيُّ: سَمِعْتُ غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ قَالَ: كُنْتُ صَبِيًّا أَرْمِي نَخْلَ الأَنْصَارِ، فَأَتَوْا بِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَسَحَ بِرَأْسِي وَقَالَ: "كُلْ مَا سَقَطَ وَلا تَرْمِ نَخْلَهُمْ"2. رَوَاهُ خَيْثَمَةُ الأَطْرَابُلُسِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلاءَ فَذَكَرَهُ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ فَهُوَ صَحَابِيٌّ. وَيُقَوِّيهِ مَا رَوَى مَعْنٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، بن صالح، عن يونس بن سيف، عن غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاضِعًا يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلاةِ3. وَقَالَ يُونُسُ الْمُؤَدِّبُ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ بُرْدٍ أَبِي الْعَلاءِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ مَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٌ. فَلَقِيتُ أَبَا ذَرِّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي اسْتَغْفِرْ لِي، قُلْتُ: أَنْتَ صاحب رسول اله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٍ، وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ" 4. وَرَوَى نَحْوَهُ مكحول، عن غضيف.   1 الطبقات الكبرى "7/ 429"، السير "3/ 453"، أسد الغابة "4/ 340". 2 حديث ضعيف: فيه انقطاع. 3 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "4/ 105"، "5/ 290"، وابن سعد "7/ 429". 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "5/ 145، 165، 177"، وأبو داود "2962"، وابن ماجه "108". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِنْدِيُّ ثقة، في الطبقة الأولى من تابعي أَهْلِ الشَّامِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَقِيلَ: فِيهِ الْحَارِثُ بْنُ غُضَيْفٍ، وَقَالَ أَبِي، وَأَبُو زُرْعَةَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سُمَيْعٍ: غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ الثُّمَالِيُّ مِنَ الأَزْدِ، حِمْصِيٌّ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو: إِنَّ غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ كَانَ يَتَوَلَّى لَهُمْ صَلاةَ الْجُمُعَةِ بِحِمْصَ إِذَا غَابَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ. وَقَالَ بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ غُضَيْفٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَقَالَ: يَا أَبَا أَسْمَاءَ، قَدْ جَمَعْنَا النَّاسَ عَلَى أَمْرَيْنِ، رَفْعِ الأَيْدِي عَلَى الْمَنَابِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْقَصَصِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، قَالَ غُضَيْفٌ: أَمَّا إِنَّهَا أَمْثَلُ بِدْعَتِكُمْ عِنْدِي، وَلَسْتُ مُجِيبُكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا، قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ"1. فَتَمَسُّكٌ بِسُّنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "الْمُسْنَدِ". "حَرْفُ الفاء": 235- فروة بن نوفل -م 4- الأشجعي الكوفي2. لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَلِيًّا، وَعَائِشَةَ. رَوَى عَنْهُ: هِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ أَيْضًا، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ. "حرف الْقَافِ": 236- قُرْطُ بْنُ خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيُّ3 عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب، وأبي موسى.   1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 105" فيه عنعنة بقية، وابن أبي مريم من الضعفاء. 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 82"، التهذيب "8/ 266". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 146"، الثقات "5/ 325" لابن حبان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ مِخْرَاقٍ، وَأَبُو الأَسْوَدِ، وَطَلْقُ بن خساف، وَدَاوُدُ بْنُ نُفَيْعٍ. قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ. 237- قَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ1 وَاسْمُ أَبِيهِ جَعُونَةُ بْنُ مَازِنِ بْنِ يَزِيدَ التَّمِيمِيُّ الْمَازِنِيُّ، أَبُو نَعَامَةَ، رَأْسُ الْخَوَارِجِ فِي زَمَانِهِ. كَانَ أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ، خَرَجَ فِي خِلافَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَبَقِيَ يُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْتَظْهِرُ عَلَيْهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَسُلِّمَ عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ جهز إليه الْحَجَّاجُ جَيْشًا بَعْدَ جَيْشٍ، وَهُوَ يَسْتَظْهِرُ عَلَيْهِمْ وَيَكْسِرُهُمْ، وَتَغَلَّبَ عَلَى نَوَاحِي فَارِسٍ وَغَيْرِهَا، وَوَقَائِعُهُ مَشْهُورَةٌ. وَقِيلَ لِأَبِيهِ الْفُجَاءَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ سَفَرٍ فَجَاءَةً. وَلِقَطَرِيٍّ، وَكَانَ مِنَ الْبُلَغَاءِ: أَقُولُ لَهَا وَقَدْ طَارَتْ شَعَاعًا ... مِنَ الأبطال ويحك لن تُرَاعِي فَإِنَّكِ لَوْ سَأَلْتِ بَقَاءَ يَوْمٍ ... عَلَى الأَجَلِ الَّذِي لَكِ لَمْ تُطَاعِي فَصبْرًا فِي مَجَالِ الْمَوْتِ صَبْرًا ... فَمَا نَيْلُ الْخُلُودِ بِمُسْتَطَاعِ وَلا ثَوْبُ الْحَيَاةِ بِثَوْبِ عَزٍّ ... فَيَطْوِي عَنْ أَخِي الْخَنْعِ الْيَرَاعِ سَبِيلُ الْمَوْتِ غَايَةُ كُلِّ حَيٍّ ... وَدَاعِيَهِ لِأَهْلِ الأَرْضِ دَاعٍ وَمَنْ لَمْ يُعْتَبَطْ يَسْأَمْ وَيَهْرَمْ ... وَتُسْلِمْهُ الْمَنُونُ إِلَى انْقِطَاعِ وَمَا لِلْمَرْءِ خَيْرٌ فِي حَيَاةٍ ... إِذَا مَا عُدَّ مَنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وسبعين اندقت عنقه، إذ عَثَرَتْ بِهِ فَرَسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: بَلْ قتل. "حرف الكاف": 238- كثير بن الصلت -ن- بن معديكرب2 الكندي المدني أخو الزبير.   1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 308-310"، الكامل "4/ 438-443". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 14"، وأسد الغابة "4/ 212"، والاستيعاب "3/ 318". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 302 قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. رَوَى عَنْهُ: يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَوْفٍ. رَوَى أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ كَانَ اسْمُهُ قَلِيلا، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَثِيرًا1. وَخَالَفَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَعَلَ الَّذِي غَيَّرَ اسْمَ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ لَهُ شَرَفٌ وَحَالٌ جَمِيلَةٌ، وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ كَبِيرَةٌ بِالْمُصَلَّى. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: تَابِعيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ كَاتِبًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى الرَّسَائِلِ. 239- كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ2 -4- أَبُو شَجَرَةَ، وَيُقَالُ: أَبُو الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ. سَمِعَ: عُمَرَ، وَرَوَى عَنْ: مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ، وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، وَتَمِيمِ الدَّارِيِّ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَمْرُو بْنُ جَابِرٍ الْمِصْرِيَّانِ، وأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ سَبْعِينَ بَدْرِيًّا. قَالَهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ. رَوَى نَصْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيهِ مَحْفُوظٍ: عَنِ ابْنِ عَائِذٍ قَالَ: قَالَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ لِمُعَاذٍ وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ: مَنِ الْمُؤْمِنُونَ؟ قَالَ مُعَاذٌ: أَمُبَرْسَمٌ! وَالْكَعْبَةِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّكَ أَفْقَهُ مِمَّا أَنْتَ، هُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا وَصَامُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ.   1 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "5/ 14"، والبخاري في التاريخ الكبير "7/ 208" وغيرهما. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، الإصابة "3/ 312". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَدْرَكَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ عَبْدَ الْمَلِكِ، يَعْنِي وَفَاةَ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَهُ الْبُخَارِيُّ. قُلْتُ: فَيُؤَخَّرُ إِلَى الطَّبَقَةِ التَّاسِعَةِ. 240- كُرَيْبُ بْنُ أبْرَهَةَ1 بْنِ مَرْثَدٍ أَبُو رِشْدِينَ الأَصْبَحِيُّ الْمِصْرِيُّ، الأَمِيرُ، أَحَدُ الأَشْرَافِ. رَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ أبي حبيب: إن عبد العزيز بن مروان قَالَ لِكُرَيْبِ بْنِ أبْرَهَةَ: أَشَهِدْتَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ؟ قَالَ: حَضَرْتُهَا وَأَنَا غُلامٌ أَسْمَعُ وَلا أَدْرِي مَا يَقُولُ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُرَيْبُ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَأَدْرَكْتُ قَصْرَهُ بِالْجِيزَةِ، هَدَمَهُ ذَكَاءُ الأَعْوَرُ، وَبَنَى عِوَضَهُ قَيْسَارِيَّةَ ذَكَاءُ يُبَاعُ فِيهَا الْبَزُّ، قَالَ: وَوَلَّى كُرَيْبٌ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ أَمِيرِ مِصْرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ثَوْبَانُ بْنُ شَهْرٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ، وأَبُو سَلِيطٍ شُعْبَةُ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ التَّجِيبِيُّ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ. وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ قَالَ: رَأَيْتُ كُريْبَ بْنَ أبْرَهَةَ يَخْرُجُ من عنده عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَيَمْشِي تَحْتَ رِكَابِهِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ حِمْيَرٍ. 241- كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ النَّخَعِيُّ2 شَرِيفٌ مُطَاعٌ. من كبار شيعة علي -رضي الله عنهم. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. قتله الحجاج. روى عنه: أبو إسحاق، وعبد الرحمن بن عائش، والأعمش، وجماعة. وثقه ابن معين.   1 انظر: الاستيعاب "3/ 323"، أسد الغابة "4/ 238". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 179"، والإصابة "3/ 318". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 304 "حرف اللام": 242- ليلى الأخيلية1 الشاعرة المشهورة. كانت من أشعر النساء، لا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا فِي الشِّعْرِ غَيْرَ الْخَنْسَاءِ. وَقِيلَ: إِنَّ النَّابِغَةَ الْجَعْدِيَّ هَجَاهَا فَقَالَ: وَكَيْفَ أُهَاجِي شَاعِرًا رُمْحُهُ اسْتُهُ ... خَضِيبَ الْبَنَانِ لا يَزَالُ مُكَحَّلا فَأَجَابَتْهُ: أعَيَّرْتَنِي دَاءً بِأُمِّكِ مِثْلُهُ ... وَأَيُّ حِصَانٍ لا يُقَالُ لَهَا: هَلا2 وَدَخَلَتْ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَقَدِ أَسَنَّتْ، فَقَالَ لَهَا: مَا رَأَى تَوْبَةُ مِنْكِ حَتَّى عَشِقَكِ؟ قَالَتْ: مَا رَأَى النَّاسُ مِنْكَ حَتَّى جَعَلُوكَ خَلِيفَةً، فَضَحِكَ وَأَعْجَبَهُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لَهَا: هَلْ كَانَ بَيْنَكُمَا سُوءٌ قَطُّ؟ قَالَتْ: لا وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ، إِلا أَنَّهُ غَمَزَ يَدِي مَرَّةً. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مَوْلَى لِعَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْحَجَّاجِ، فَأُدْخِلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ، فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَجَلَسَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ أَسَنَّتْ، حَسَنَةُ الْخَلْقِ، وَمَعَهَا جَارِيَتَانِ لَهَا، فَإِذَا هِيَ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ، فَقَالَ: يَا لَيْلَى، مَا أَتَى بِكِ؟ قَالَتْ: إِخْلَافُ النُّجُومِ، وَقِلَّةُ الْغُيُومِ، وَكَلَبُ الْبَرْدِ، وَشِدَّةُ الْجَهْدِ، وَكُنْتَ لَنَا بَعْدَ اللَّهِ الرِّفْدَ، وَالنَّاسُ مُسْنَتُونَ، وَرَحَمَةُ اللَّهِ يَرْجُونَ، وَإِنِّي قَدْ قُلْتُ فِي الأَمِيرِ قَوْلا، قَالَ: هَاتِي، فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ: أَحَجَّاجُ لا يُفْلَلْ سِلَاحُكَ إِنَّمَا ال ... منايا بِكَفِّ اللَّهِ حَيْثُ يَرَاهَا إِذَا هَبَطَ الْحَجَّاجُ أَرْضًا مَرِيضَةً ... تَتَبَّعُ أَقْصَى دَائِهَا فَشَفَاهَا شَفَاهَا مِنَ الدَّاءِ الْعُضَالِ الَّذِي بِهَا ... غُلامٌ إِذَا هَزَّ الْقَنَاةَ سَقَاهَا إِذَا سَمِعَ الْحَجَّاجُ رِزْءَ كَتِيبَةٍ ... أَعَدَّ لَهَا قَبْلَ النُّزُولِ قِرَاهَا ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِي الْقَصَّةِ بِطُولِهَا وَأَنَّ الْحَجَّاجَ وَصَلَهَا بمائة ناقة، وقال لجلسائه: هذه   1 انظر: العقد الفريد "6/ 4"، شرح أدب الكاتب "74، 145، 300". 2 الشعر والشعراء "1/ 359". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 305 لَيْلَى الأخْيَلِيَّةُ الَّتِي مَاتَ تَوْبَةُ الْخَفَاجِيُّ مِنْ حُبِّهَا، أَنْشِدِينَا بَعْضَ مَا قَالَ فِيكِ، قَالَتْ: نعم، قال في: وهل تبكي لَيْلَى إِذَا مُتُّ قَبْلَهَا ... وَقَامَ عَلَى قَبْرِي النساء النوائح كما لو أصاب ليلى الموت بَكَيْتُهَا ... وَجَادَ لَهَا دَمْعٌ مِنَ الْعَيْنِ سَافِحُ وَأُغْبَطُ مِنْ لَيْلَى بِمَا لا أَنَالُهُ ... أَلا كُلَّمَا قَرَّتْ بِهِ الْعَيْنُ صَالِحُ وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الأخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَدُونِي جَنْدَلٌ وَصَفَائِحُ لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ... إِلَيْهَا صَدًى مَنْ جَانِبِ الْقَبْرَ صَائِحُ قَالَ الْحَجَّاجُ: فَهَلْ رَابَكِ مِنْهُ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لا وَالَّذِي أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَكَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لِي مَرَّةً: ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ خَضَعَ لِأَمْرٍ، فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ: وَذِي حَاجَةٍ قُلْنَا لَهُ: لا تَبُحْ بِهَا ... فَلَيْسَ إِلَيْهَا مَا حَيِيتَ سَبِيلُ لَنَا صَاحِبٌ لا يَنْبَغِي أَنْ نَخُونَهُ ... وَأَنْتَ لأخرى فارغ وخليل1 243- لمازة بن زبار2 –د ت ق- أبو لبيد الجهضمي البصري. رَوَى عَنْ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، وَمَطَرُ بْنُ حُمْرَانَ، وَطَالِبُ بْنُ السُّمَيْدِعِ. وَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ. قَالَ ابن سعد: سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ، وَكَانَ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبُو لَبِيدٍ صَالِحُ الْحَدِيثِ. سَيُعَادُ. "حرف الْمِيمِ": 244- مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ –ع- الأصبحي المدني3، جد مالك بن أنس.   1 خبر ضعيف: الأمالي "1/ 86، 89" فيه جهالة أحد الرواة. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 213"، والجرح والتعديل "7/ 182". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 63"، البداية "9/ 6". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَعْبِ الْحَبْرِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ أَنَسٌ، وَأَبُو سَهْلٍ نَافِعٌ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بن يسار، وغيرهم. وكان ثقة فاضلًا. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. 245- مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ أَبُو غَسَّانَ الرَّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ1. كَانَ سَيِّدُ رَبِيعَةَ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ رَئِيسًا حَلِيمًا، يُذْكَرُ فِي نُظَرَاءِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فِي الشَّرَفِ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وسبعين. 246- محمد بن إياس –د- بن البكير2. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وعنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن، ونافع مولى ابن عمر، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وغيرهم. 247- محمد بن حاطب –ت ن ق- بن الحارث القرشي3 الجمحي، أَخُو الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ. لَهُ صُحْبَةٌ، وَحَدِيثَانِ، وَاحِدٌ فِي الضَّرْبِ بِالدُّفِّ فِي النِّكَاحِ. وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ أَيْضًا. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ الْحَارِثُ، وَعُمَرُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَحَفِيدُهُ عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو بَلْجٍ، يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، وَهُوَ رَضِيعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.   1 انظر: البداية "8/ 347"، الإصابة "3/ 485". 2 انظر: أسد الغابة "4/ 312"، التهذيب "9/ 68". 3 انظر: الاستيعاب "3/ 340"، وأسد الغابة "4/ 314". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 وَقِيلَ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ فِي الإِسْلامِ مُحَمَّدًا. وُلِدَ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ: وُلِدَ بِالْحَبَشَةِ. وَفِي الصَّحَابَةِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمَةَ كَبِيرٌ مَشْهُورٌ لَكِنَّهُ سُمِّيَ مُحَمَّدًا قَبْلَ الإِسْلامِ. تُوُفِّيَ ابْنُ حَاطِبٍ هَذَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. 248- مَسْرُوحُ بْنُ سَنْدَرٍ الْجُذَامِيُّ1، مَوْلَى رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ، كُنْيَتَهُ أَبُو الأَسْوَدِ. قَدِمَ مِصْرَ بَعْدَ فَتْحِهَا بِكِتَابٍ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنِ لَقِيطٍ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 249- مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ2 بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، أَبُو عِيسَى، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ. حَكَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَاسْتَعْمَلَهُ أَخُوهُ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَقَتَلَ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ أَخُوهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعِرَاقِ، فَأَقَامَ بِهَا يُقَاوِمُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وَيُحَارِبُهُ إِلَى أن قُتِلَ. وَأُمُّهُ الرَّبَابُ بنت أنيف الكلبي. وكان يسمى آنية النحل من كرمه وجوده. وفيه يَقُولُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ: إِنَّمَا مُصْعَبُ شِهَابٌ مِنَ الل ... هـ تَجَلَّتْ عَنْ وَجْهِهِ الظَّلْمَاءُ مُلْكُهُ مُلّكُ عِزَّةٍ لَيْسَ فِيهِ ... جَبَرُوتٌ مِنْهُ وَلا كِبْرِيَاءُ يَتَّقِي الله في الأمور وقد أف ... لح من كان همه الاتقاء   1 انظر: الإصابة "3/ 407، 408". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 182"، والسير "4/ 140"، والبداية "8/ 317". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 وَفِيهِ يَقُولُ أَيْضًا: لَوْلا الإِلَهُ وَلَوْلا مُصْعَبٌ لَكُمْ ... بِالطَّفِّ قَدْ ضَاعَتِ الأَحَسْابُ وَالذِّمَمُ أَنْتَ الَّذِي جِئْتَنَا وَالدِّينُ مُخْتَلَسٌ ... وَالْحُرُّ مُعْتَبَدٌ وَالْمَالُ مُقْتَسَمُ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَمْيَاهَا وَأَنْقَذَنَا ... بِسَيْفٍ أَرْوَعَ من عِرْنِينِهِ شَمَمُ مُقَلَّدٌ بِنَجَادِ السَّيْفِ فَضْلُهُ ... فِعْلُ الملوك لا عَيْبَ وَلا قِرْمُ فِي حِكَمِ لُقُمَانَ يَهْدِي مع نقيبته ... يرمي به الأعداء وَيَنْتَقِمُ وَبَيْتُهُ الشَّرَفُ الأَعْلَى سَوَابِغُهَا ... فِي الدَّارَعَيْنِ إذا ما سَأَلْتِ الْخَدَمُ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: وَمُصْعَبُ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ مُصْعَبٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: قَالَ الشَّعْبيُّ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ عَلَى مِنْبَرٍ أَحسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانَ مُصْعَبٌ يُحْسَدُ عَلَى الْجَمَالِ، فَنَظَرَ يَوْمًا وَهُوَ يَخْطُبُ إِلَى أَبِي خَيْرَانَ الْحِمَّانِيُّ، فَصَرَفَ وَجْهُهُ عَنْهُ، ثم دخل ابن جوادان الْجَهْضَمِيُّ، فَسَكَتَ وَجَلَسَ، وَدَخَلَ الْحَسَنُ فَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتمَعَ فِي الْحِجْرِ عَبْدُ اللَّهِ، وَمُصْعَبٌ، وَعُرْوَةُ بَنُو الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالُوا: تَمَنَّوْا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْخِلافَةَ، وَقَالَ عروة: أما أنا فأتمن أَنْ يُؤْخَذَ عَنِّي الْعِلْمُ، وَقَالَ مُصْعَبٌ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى إِمْرَةَ الْعِرَاقِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، وَسُكَيْنَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ، فَنَالُوا مَا تَمَنَّوْا، وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ غُفِرَ لَهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ جَمَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْعِرَاقَ لِأَخِيهِ مُصْعَبٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ الْمُلْكَ بِأَحَدٍ قَطُّ أَلْيَطَ مِنْهُ بِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 309 وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ: بَلَغَ مُصْعَبًا عَنْ عَرِّيفِ الأَنْصَارِ شَيْءٌ فَهَمَّ بِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "اسْتَوْصُوا بِالأَنَصْارِ خَيْرًا، اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ" 1، فَأَلْقَى مُصْعَبٌ نَفْسَهُ عَنِ السَّرِيرِ، وَأَلْزَقَ خَدَّهُ بِالْبُسَاطِ، وَقَالَ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ، وَتَرَكَهُ. رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أُهْدِيَتْ لِمُصْعَبٍ نَخْلَةٌ مِنْ ذهب عثاكلها من صنوف الجواهر، فَقُوِّمَتْ بِأَلْفَيْ ألف دِينَارٍ، وَكَانَتْ مِنْ مَتَاعِ الْفُرْسِ، فَدَفَعَهَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا كَتَبَ لِلرَّجُلِ بِجَائِزَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَعَلَهَا مُصْعَبٌ مِائَةَ أَلْفٍ. وَسُئِلَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَيُّ ابْنَيِ الزُّبَيْرِ أَشْجَعُ؟ قَالَ: كِلاهُمَا جَاءَ الْمَوْتُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ. وَعَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَوْمًا لِجُلَسَائِهِ: مَنْ أَشْجَعُ الْعَرَبِ؟ قِيلَ: شَبِيبٌ، قَطَرِيُّ، فلان، فُلانٌ، فَقَالَ: إِنَّ أَشْجَعَ الْعَرَبِ لَرَجُلٌ وَلِيَ الْعِرَاقَيْنِ خَمْسَ سِنِينَ، فَأَصَابَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَأَلْفَ أَلْفٍ، وَأَلْفَ أَلْفٍ، وَتَزَوَّجَ سُكَيْنَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ، وَعَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ، وَأَمَةَ الْحميدِ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَأُمُّهُ رَبَابُ بِنْتُ أُنَيْفٍ الْكَلْبِيُّ، وَأُعْطِيَ الأَمَانَ، فَأَبَى وَمَشَى بِسَيْفِهِ حَتَّى مَاتَ، ذَاكَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْقَصْرَ بِالْكُوفَةِ، فَإِذَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ الْقَصْرَ بِالْكُوفَةِ، فَإِذَا رَأْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُخْتَارِ، ثُمَّ دَخَلْتُ الْقَصْرَ، فَإِذَا رَأْسُ الْمُخْتَارِ بَيْنَ يَدَيْ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ دَخَلْتُ بَعْدُ، فَرَأَيْتُ رَأْسَ مُصْعَبٍ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُتِلَ مُصْعَبٌ يَوْمَ الْخَمِيسِ، النِّصْفُ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ غيره: قتل وله أربعون سنة.   1 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد "3/ 240، 241" وله شواهد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 وَلابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ يَرْثِيهِ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ يَوْمَ مس ... كن وَالْمُصِيبَةَ وَالْفَجِيعَهْ بِابْنِ الْحَوَارِيِّ الَّذِي ... لَمْ يَعْدُهُ يوم الوقيعه غدرت به مضر العرا ... ق وأمكنت منه ربيعه فأصبت وترك يا ربي ... ع وَكُنْتُ سَامِعَةً مُطِيعَهْ يَا لَهْفَ لَوْ كَانَتْ لَهُ ... بِالدَّيْرِ يَوْمَ الدَّيْرِ شِيعَهْ أَوْ لَمْ تَخُونُوا عَهْدَهُ ... أَهْلُ الْعِرَاقِ بَنُو اللَّكِيعَهْ لَوَجَدْتُمُوهُ حين يح ... در لا يُعَرِّسُ بِالْمَضِيعَهْ 250- مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ1 أَبُو زُرْعَةَ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. كَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ جُهَيْنَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ أَلْزَمَهُمْ لِلْبَادِيَةِ. أَخَذَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَيْضًا. رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَغَيْرُهُ. وَلا رِوَايَةٌ له في شيء من الكتب السنة. وَعَاشَ ثَمَانِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. فَأَمَّا مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ صَاحِبُ الْقَدْرِ فَسَيَأْتِي. 251- مَعْدَانُ بن أبي طلحة –م 4- اليعمري الشامي2. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَهْلُ الشَّامِ يَقُولُونَ: مَعْدَانُ بْنُ طَلْحَةَ، وَهُمْ أَثْبَتُ فِيهِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَثَوْبَانَ. رَوَى عَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ وَالسَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ الْكَلاعِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الجعد، ويعيش بن الوليد، وغيرهم.   1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 338"، والإصابة "3/ 439"، وأسد الغابة "4/ 390". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 444"، التهذيب "10/ 228". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي الصَّحَابَةَ. 252- الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ1 مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وُلِّيَ إِمْرَةَ إِصْطَخْرَ لِعَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهم-، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ وُلِّيَ السِّنْدَ مِنْ قِبَلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. يُقَالُ: إِنَّهُ قُتِلَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَدِمَ الْجَارُودُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنَشٍ الْعَبْدِيُّ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ نَصْرَانِيًّا. وَقَالَ غَيْرُهُ: لِلْجَارُودِ صُحْبَةٌ. وَقُتِلَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بِفَارِسٍ. كُنْيَةُ الْمُنْذِرِ أَبُو الأَشْعَثِ، وَيُقَالُ: أَبُو عَتَّابٍ. "حرف النُّونِ": 253- نَاعِمُ بْنُ أجيل –م- الهمداني المصري، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ2. سُبِيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاشْتَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَأَعْتَقَتْهُ فَرَوَى عَنْهَا، وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةَ، وَالأَعْرَجُ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ بمصر. توفي سنة ثمانين. 254- نافع3 مولى أم سلمة –ن- أَيْضًا مِنَ الْقُدَمَاءِ. رَوَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي صِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ حَدِيثًا تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ.   1 انظر: البداية "9/ 17"، الإصابة "3/ 480". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 298"، وأسد الغابة "5/ 7". 3 انظر: تهذيب الكمال "3/ 1405". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 312 255- نُبَيْطُ بْنُ شَرِيطٍ الأَشْجَعِيُّ1 –د ن ق- لَهُ صُحْبةٌ وَرِوَايَةٌ. زَوَّجَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فُرَيْعَةَ بِنْتَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، وَعَاشَ دَهْرًا. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سَلَمَةُ، وَنُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَأَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ سَعْدُ بن طارق. 256- النزال بن سبرة –خ د ن ق- الهلالي الكوفي2. روى عن: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. "حرف الْهَاءِ": 257- هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ3 الْعَبْدِيُّ الرَّبَعِيُّ -وَيُقَالُ: الأَزْدِيُّ- الْبَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَكَانَ مِنْ سَادَةِ الْعُبَّادِ، وُلِّيَ بَعْضَ الْحُرُوبِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِأَرْضِ فَارِسٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَامِلا لِعُمَرَ، وَكَانَ ثِقَةً لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ. وَقِيلَ: سُمِّيَ هَرِمًا؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ سَنَتَيْنِ حَتَّى طَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ. قَالَ أَبُو عِمَرانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ أَنَّهُ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالْعَالِمَ الْفَاسِقَ، فَبَلَغَ عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَأَشْفَقَ مِنْهَا: مَا الْعَالِمُ الْفَاسِقُ؟ فَكَتَبَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَرَدْتُ إِلا الْخَيْرَ، يَكُونُ إِمَامٌ يَتَكَلَّمُ بِالْعِلْمِ، وَيَعْمَلُ بِالْفِسْقِ، وَيُشَبَّهُ عَلَى النَّاسِ فَيَضِلُّوا4. قُلْتُ: إِنَّمَا أَنْكَرَ عليه عمر أنهم لَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَ الْعَالِمَ إِلا مَنْ عَمِلَ بعلمه.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 29، 30"، الإصابة "3/ 551". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 84"، وأسد الغابة "5/ 15". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 131"، السير "4/ 48-50". 4 الطبقات "7/ 133"، لابن سعد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْقَحْذَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ الْعَاصِ وَجَّهَ هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ إِلَى قَلْعَةٍ فَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: خَرَجَ هَرِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ بْنُ كُرَيْزٍ، فَبَيْنَمَا رَوَاحِلُهُمَا تَرْعَى إذ قَالَ هَرِمٌ: أيَسُرُّكَ أَنَّكَ كُنْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ، لَقَدْ رَزَقَنِي اللَّهُ الإِسْلامَ، وَإِنِّي لأَرْجُو مِنْ رَبِّي، فَقَالَ هَرِمٌ: لَكِنِّي وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، فَأَكَلَتْنِي هَذِهِ النَّاقَةُ، ثُمَّ بَعَرَتْنِي، فَاتُّخِذْتُ جِلَّةً، وَلَمْ أكابد الحساب، ويحك يا ابن عامر إِنِّي أَخَافُ الدَّاهِيَةَ الْكُبْرَى1. قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ وَاللَّهِ أَفْقَهَهُمَا وَأَعْلَمَهُمَا بِاللَّهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ يَقُولُ: مَا أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ إِلا أَقَبْلَ اللَّهُ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ حَتَّى يَرْزُقَهُ مَوَدَّتَهُمْ وَرَحْمَتَهُمْ. وَقَالَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ: قَالَ هَرِمٌ: صَاحِبُ الْكَلامِ عَلَى إِحْدَى مَنْزِلَتَيْنِ، إِنْ قَصَّرَ فِيهِ خَصَمَ، وَإِنْ أَغْرَقَ فِيهِ أَثِمَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ هَرِمٌ: مَا رَأَيْتُ كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا، وَلا كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَاتَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَلَمَّا دُفِنَ جَاءَتْ سَحَابَةٌ قَدْرُ قَبْرِهِ فَرَشَّتْهُ ثُمَّ انْصَرَفَتْ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَغَيْرُهُ: قِيلَ لِهَرِمٍ: أَلا تُوصِي؟ قَالَ: قَدْ صَدَقَتْنِي نَفْسِي فِي الْحَيَاةِ وَمَا لِي شَيْءٌ أُوصِي، وَلَكِنْ أُوصِيكُمْ بِخَوَاتِيمِ سُورَةِ النَّحْلِ2. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَدِمَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ دِمَشْقَ فِي طَلَبِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيُّ. 258- هَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ النَّخَعِيُّ3 –ع- يَرْوِي عَنْ، عُمَرَ: وَعَمَّارٍ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَحُذَيْفَةَ وَجَمَاعَةٍ، رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَوَبَرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ معين.   1 الحلية "2/ 119، 120". 2 الطبقات الكبرى "7/ 133"، الحلية "2/ 122". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 118"، الإصابة "3/ 609". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 314 وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ زَمَنَ الْحَجَّاجِ. وَقَالَ حُصَيْنٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: إِنَّ هَمَّامَ بْنَ الْحَارِثِ كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ اشْفِنِي مِنَ النَّوْمِ بِالسَّيْرِ، وَارْزُقْنِي سَهَرًا فِي طَاعَتِكَ. فَكَانَ لا يَنَامُ إِلا هُنَيْهَةً وَهُوَ قَاعِدٌ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ: كَانَ النَّاسُ يَتَعَلَّمُونَ هَدْيَهُ وَسَمْتَهُ، وَكَانَ طَوِيلَ السَّهَرِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. "حرف الْيَاءِ": 259- يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ1 بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأُمَوِيُّ. رَوَى: عَنْ مُعَاذٍ. رَوَى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ أُسَامَةَ. وَوَلِيَ الْمَدِينَةَ لابْنِ أَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ وَلِيَ حِمْصَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ فِيهِ حُمْقٌ فَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِلا إِذْنٍ، فَعَزَلَهُ. وَذَكَرَ الْعُتْبِيُّ أن عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَالَ: كَيْفَ لَنَا بِمِثْلِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ: هَيْفَاءُ مُقْبِلةٌ عَجْزَاءُ مُدْبِرَةٌ ... لَفَّاءُ غَامِضَةُ الْعَيْنَيْنِ مِعْطَارُ خُوذٌ مِنَ الْخَفِرَاتِ الْبِيضِ لَمْ يَرَهَا ... بِسَاحَةِ الدَّارِ لا بَعْلٌ وَلا جاز وَعَنْ جُنَادَةَ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِمْصَ، فَأَمَرَ بِإِسْحَاقَ بْنِ الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ صَبْرًا، فَتَكَلَّمَ أَهْلُ حِمْصَ فَنُودِيَ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ. وَقَالَ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ذِي الْكَلاعِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَسْنَا بِأَهْلِ الْكُوفَةَ، ولكنا الذين قاتلنا معك مصعب بن   1 انظر تاريخ الطبري "6/ 355"، "7/ 67". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 315 الزُّبَيْرِ، وَأَنْتَ تَقُولُ يَوْمَئِذٍ: وَاللَّهِ يَا أَهْلَ حِمْصَ لَأُوسِيَنَّكُمْ وَلَوْ بِمَا تَرَكَ مَرْوَانُ، وَعَلَيْكَ يَوْمَئِذٍ قِبَاؤُكَ الأَصْفَرُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: اعْزِلْ عَنَّا سَفِيهَكَ يَحْيَى بْنَ الْحَكَمِ. فَقَالَ: ارْحَلْ عَنْ جِوَارِ الْقَوْمِ. 260- يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ الْجُرَشِيُّ1 أسلم فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمَ الشَّامَ، وَسَكَنَ بِقَرْيَةِ زِبْدِينَ فِي الْغُوطَةِ، وَلَهُ دَارٌ بِدَاخِلِ بَابٍ شَرْقِيٍّ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ: يَا أَبَا الأَسْوَدِ، كَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَدْرَكْتُ الْعُزَّى تُعْبَدُ فِي قَرْيَةِ قَوْمِي. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ -رَجُلٌ تَابِعِيٌّ- عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: اكْتُبُوا فِي الْغَزْوِ، قَالُوا: قَدْ كَبَّرْتُ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، اكْتُبُونِي فَأَيْنَ سَوَادِي فِي الْمُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: أَمَّا إِذَا فَعَلْتَ فَأَفْطِرْ وَتَقَوَّ عَلَى الْعَدُوِّ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَانِي أَبْقَى حَتَّى أُعَاتِبَ فِي نَفْسِي. وَاللَّهِ لا أُشْبِعُهَا مِنْ طَعَامٍ، وَلا أُوطِئُهَا مِنْ مَنَامٍ حَتَّى تَلْحَقَ بِالَّذِي خَلَقَهَا. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: ثنا صَفْوَانُ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، إِنَّ السَّمَاءَ قَحَطَتْ، فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ وَأَهْلُ دِمَشْقَ يَسْتَسْقُونَ، فَلَمَّا قَعَدَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: أَيْنَ يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ الْجَرَشِيُّ؟ فَنَادَاهُ النَّاسُ، فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ، فَأَمَرَهُ مُعَاوِيَةُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَعَدَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ بِخَيْرِنَا وَأَفْضَلِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ بِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، يَا يَزِيدُ ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اللَّهِ، فَرَفَعَ يَزِيدُ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ النَّاسُ، فَمَا كَانَ بِأَوْشَكَ أَنْ ثَارَتْ سَحَابةٌ كَأَنَّهَا تُرْسٌ، وَهَبَّتْ لَهَا رِيحٌ فَسُقِينَا حَتَّى كَادَ النَّاسُ أَنْ لا يَبْلُغُوا مَنَازِلَهُمْ2. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي عُمَرَ السَّيْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، إِنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ اسْتَسْقَى بِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سُقُوا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا خَرَجَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ رَحَلَ مَعَهُ يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ، فَلَمَّا الْتَقَوْا قَالَ: اللَّهُمَّ احْجُزْ بَيْنَ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ، وَوَلِّ الأَمْرَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْكَ، فَظَفِرَ عَبْدُ الملك.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 444"، أسد الغابة "5/ 103". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 444". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 316 رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقُرَشِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الْمَشْيَخَةِ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الأَسْوَدِ الْجُرَشِيَّ كَانَ يَسِيرُ هُوَ وَرَجُلٌ فِي أَرْضِ الرُّومِ، فَسَمِعَ مُنَادِيًا يَقُولُ: يَا يَزِيدَ إنك لمن المقربين، وإن صحبك لَمِنَ الْعَابِدِينَ، وَمَا نَحْنُ بِكَاذِبِينَ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَسَاكِرَ الْحَافِظُ: بَلَغَنِي أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الأَسْوَدِ كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ الآخِرَةَ بمسجد دمشق، ويخرج إلى زبدين، فتضيء إِبْهَامُهُ الْيُمْنَى، فَلا يَزَالُ يَمْشِي فِي ضَوْئِهَا حَتَّى يَبْلُغَ زِبْدِينَ. قُلْتُ: وَقَدْ حَضَرَهُ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ عِنْدَ الْمَوْتِ. 261- يَزِيدُ بْنُ شَرِيكٍ –ع- التيمي الكوفي، مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ لا تَيْمِ قُرَيْشٍ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةَ. روى عنه: ابنه إبراهيم التيمي، وإبراهيم النخعي، والحكم بن عتبة، وغيرهم. وثقه يحيى بن معين. مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: كَانَ عَلَى أَبِي قَمِيصٌ مِنْ قُطْنٍ، فَقُلُتْ: يَا أبَهْ، لَوْ لَبِسْتَ! فَقَالَ: لَقَدْ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ، فَأَصَبْتَ آلَافًا فَمَا اكْتَرَثْتُ بِهَا فَرَحًا، وَلا حَدَّثْتُ نَفْسِي بِالْكُرْهِ أَيْضًا، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ كُلَّ لُقْمَةٍ طَيِّبَةٍ أَكَلْتُهَا فِي فَمِ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: إِنَّ ذَا الدِّرْهَمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ حِسَابًا مِنْ ذِي الدِّرْهَمِ. سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: لَمَّا قَصَّ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ أَخْرَجَهُ أَبُوهُ رَحِمَهُ اللَّهُ. 262- يَزِيدُ بْنُ عَمَيْرَةَ –د ن- الزبيدي1، وَيُقَالُ: الْكِنْدِيُّ، وَيُقَالُ: السّكْسَكِيُّ الْحِمْصِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، وغيرهم.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 440"، والإصابة "3/ 675". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 317 وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: شَاميٌّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَكْبَرُ أَصْحَابِ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ؛ وَكَانَ رَأْسَ الْقَوْمِ يَزِيدُ بْنُ عَمِيرَةَ الزبيدي. "الكنى": 263- أبو إدريس الخولاني1 –ع- اسمه عائذ اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ، فقيه أَهْل دمشق، وقاضي دمشق. وقيل: اسمه عَبْد اللَّهِ بْن إدريس بْن عائذ اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبة. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام حُنَيْن. وحدّث عَنْ: أَبِي ذَرّ، وأَبِي الدرداء، وحُذَيْفة، وعُبادة بْن الصّامت، وأَبِي موسى، والمُغِيرَة بْن شُعْبة، وأَبِي هريرة، وعُقْبة بْن عامر، وعَوْف بْن مالك، وشدّاد بْن أوس، وابْن عَبَّاس، وأَبِي مسلم الخَوْلانيّ، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: مكحول، وأَبُو سلام الأسود، وأَبُو قلابة الْجَرْميّ، والزُّهْريّ، وربيعة بْن يَزِيد، ويحيى بْن يحيى الغسّاني، وأَبُو حازم الأعرج، ويونس بْن مَيْسَرة، وآخرون كثيرون. قَالَ العَبَّاس بْن سالم الدمشقيّ، وهُوَ ثقة: سَمِعْت أَبَا إدريس الخَوْلانيّ قَالَ: لَمْ أنس عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود قائمًا عَلَى دَرَج كنيسة دمشق يحدّثنا بالأحاديث. قَالَ أَبُو زُرْعة الدمشقيّ: قلت لدُحَيْم: أيُّ الرَّجُلين عندك أعلم: جُبَير بْن نُفَيْر، أو أَبُو إدريس الخَوْلانيّ؟ قَالَ: أَبُو إدريس عندي المقدّم، ورفع من شأن جُبَير لإسناده وأحاديثه. وقَالَ الزُّهْري: حَدَّثَنِي أَبُو إدريس، وكَانَ من فُقهاء أَهْل الشام. وقَالَ مكحول: ما رأيت مثل أَبِي إدريس الخَوْلانيّ. عَنْ سَعِيد بْن عبد العزيز قَالَ: كَانَ أَبُو إدريس عالمَ الشام بَعْد أبي الدرداء.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، أسد الغابة "5/ 134"، السير "4/ 272". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 318 وقَالَ مُحَمَّد بْن شُعيب بْن شابور، أخبرني يَزِيد بْن عُبَيدة أنّه رأى أَبَا إدريس فِي زمن عَبْد الْمَلِكِ، وأنّ حَلِق المسجد بدمشق يقرأون الْقُرْآن يدرسون جميعًا، وأَبُو إدريس جالس إِلَى بعض العُمُد، فكُلَّما مرّت حلقةٌ بآية سَجْدةٍ بعثوا إليه يقرأ بها، فأنصتوا لَهُ وسجد بهم، وسجدوا جميعًا بسجوده، وربّما سجد بهم اثنتي عشرة سجْدة، حتّى إذا فرغوا من قراءتهم قام أَبُو إدريس يقُصّ. ثم قدّم الْقَصَصَ بَعْد ذَلِكَ. وقَالَ خَالِد بْن يَزِيد بْن أَبِي مالك، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنّا نجلس إِلَى أَبِي إدريس الخَوْلاني فيحدّثنا، فحدّث يومًا بغزاةٍ حتّى استوعبها، فقَالَ رجل: أحَضَرْتَ هذه الغَزَاة؟ قَالَ: لا، فقَالَ: قد حضرتُها مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأنْتَ أحْفَظُ لها مني. وقَالَ سعيد بْن عبد العزيز: عزل عَبْد الْمَلِكِ بلالا عَنِ القضاء وولّى أَبَا إدريس. وقَالَ الوليد عَنِ ابْن جابر: إنّ عَبْد الْمَلِكِ عزل أَبَا إدريس عَنِ القَصص وأقرَّه عَلَى القضاء، فقَالَ: عزلتموني عَنْ رغبتي، وتركتموني فِي رهْبتي. وقَالَ أَبُو عُمَر بْن عبد البَرّ: سماع أَبِي إدريس عندنا من مُعاذ صحيح. قَالَ خَلِيفَة: تُوُفِّيَ سَنَة ثمانين. 264- أَبُو بحرية التراغمي1 الحمصي. اسمه عَبْد اللَّهِ بْن قَيْس. شهِد خُطبة الجابية. وحدّث عَنْ: مُعاذ، وأَبِي هريرة، ومالك بْن يَسَار. روى عنه: خالد بن معدان، وضمرة بن حبيب، ويزيد بن قطب، ويونس بن ميسرة، وأبو بكر بن أبي مريم، وغيرهم. أدرك الجاهلية. ووثقه ابن معين، وغيره، وفي لقي ابن أبي مريم له نظر. قال بقية: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن أَبِي مريم، عَنْ يحيى بْن جَابِر، عَنْ أَبِي بحرية قَالَ: إذا رأيتموني ألتفت فِي الصّفّ فأوجئوا فِي لحيْي حتّى أسْتوي. وحكى عَبْد اللَّهِ القطربليّ، عَنِ الْوَاقِدِيّ أَنَّ عُثْمَان كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَة: أَنْ أغْزِ الصَّائِفَةَ رَجُلا مَأْمُونًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، رَفِيقًا بِسِيَاسَتِهِمْ، فَعَقَدَ لأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بن   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 442"، والسير "4/ 594". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 319 قَيْس الكِنْديّ، وكَانَ فقيهًا ناسكًا يُحمَل عَنْهُ الْحَدِيث، وكَانَ عُثمانيّ الهوى حَتَّى مات فِي زمن الوليد، وكَانَ مُعَاوِيَة وخلفاء بني أُمَيَّةَ تُعَظِّمُه. يُؤخَّر إِلَى الطبقة التاسعة. 265- أَبُو تميم الجيشاني1 –م ت ن ق. اسمه عَبْد اللَّهِ بْن مالك بْن أَبِي الأسحم المصري أَخُو سيف. وُلد فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقدما المدينة زمن عُمَر. روى أبو تميم عَنْ: عُمَر، وعَلِيّ، وأَبِي ذَرّ، وقرأ الْقُرْآن عَلَى مُعاذ بْن جَبَل. رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّهِ بْن هُبَيْرة، وكعب بْن علقْمة، ومَرْثَد بن عبد الله اليزني، وبكر بن سوادة، وغيرهم. قَالَ يَزِيد بْن أَبِي حبيب: كَانَ من أعبد أَهْل مصر. قلت: تُوُفِّيَ فِي سَنَة سبع وسبعين. نقله سَعِيد بْن عفير. وقَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ المقرئ: ثنا ابْن لَهيعة، حَدَّثَنِي ابْن هُبَيرة: سَمِعْت أَبَا تميم الْجَيْشَانيّ يَقُول: أقرأني مُعاذ بْن جَبَل الْقُرْآن حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى اليمن. قلت: وتعلّم مُعاذ كثيرًا من الْقُرْآن من ابْن مَسْعُود، قاله الأعمش، عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعيّ. قَالَ ابْن مَسْعُود: جاء مُعَاذ، فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أقْرِئه" 2، فأقرأتُهُ ما كَانَ معي، ثمّ كنت أنا وهُوَ نختلف إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقْرِئنا. 266- أَبُو ثعلبة الخُشنّي3 –ع- اسمه عَلَى أشهر ما قيل: جرثوم بْن ناشم. لَهُ صُحبة ورواية، ورَوَى أَيْضًا عَنْ: أبي عُبَيدة، ومُعاذ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيد بْن المسيّب، وجُبَير بْن نُفَير، وأَبُو إدريس الخَوْلاني، وأَبُو رجاء العُطَارديّ، وأَبُو الزاهرية، وعُمَير بن هانئ.   1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 510"، أسد الغابة "5/ 152"، الإصابة "4/ 72". 2 انظر: المجمع "8/ 257". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 416"، الإصابة "4/ 29"، السير "2/ 567". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 320 وسكن الشام، وكَانَ يكون بداريّا. وقيل: إنّه سكن قرية البلاط وله ذرية بها. وقَالَ الدارَقُطْنيُّ وغيرُه: بايع بَيْعة الرضوان، وضرب لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسَهْمٍ يوم خَيْبر، وأرسله إِلَى قومه فأسلموا. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا عَبْدُ الرّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قَلابَةَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُبْ لِي بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا بِالشَّامِ -لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَئِذٍ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ هَذَا"؟ 1 فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَظْهَرَنَّ عَلَيْهَا. قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ بِهَا. وقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: بينا أبو ثعلبة الخشني، وكعب جالسين، إذ قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، مَا مِنْ عَبْدٍ تَفَرَّغَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ إِلا كَفَاهُ الله مؤونة الدنيا، قال: أشيء سمعته من رسول الله صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ شَيْءٌ تَرَاهُ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ أَرَاهُ، قَالَ: فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ مَنْ جَمَعَ هُمُومَهُ هَمًّا وَاحِدًا، فَجَعَلَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ، وَكَانَ رِزْقُهُ عَلَى اللَّهِ، وَعَمَلُهُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ فَرَّقَ هُمُومَهُ، فَجَعَلَ فِي كُلِّ وَادٍ هَمًّا، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّهَا هَلَكَ، ثُمَّ تَحَدَّثا سَاعَةً، فَمَرَّ رَجُلٌ يَخْتَالُ بَيْنَ بُرْدَيْنِ، فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ بِئْسَ الثوب ثوب الْخُيَلَاءُ، فَقَالَ: أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ أَرَاهُ، قَالَ: فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَضَعَهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ يُحِبَّهُ2. وقَالَ خَالِد بْن مُحَمَّد الوهْبيّ والد أَحْمَد: سَمِعْت أَبَا الزَّاهرية قَالَ: سَمِعْت أَبَا ثعلبة يَقُول: إنّي لأرجو أن لا يخنُقني اللَّهُ عزَّ وجلَّ كما أراكم تُخنقون عند الموت، قَالَ: فبينما هُوَ يصلي فِي جوف الليل قُبض وهُوَ ساجد3. قَالَ أَبُو حسّان الزّياديّ: تُوُفِّيَ سَنَة خمس وسبعين. 267- أَبُو جُحَيفة السُّوائيّ –ع- اسمه وهْب بْن عَبْد اللَّهِ4، ويقَالَ لَهُ: وهب   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 192، 193"، وعبد الرزاق "8503" في مصنفه. 2 حديث حسن لغيره: ورواه الطبراني كما في المجمع "4/ 61" وله شواهد. 3 السير "2/ 570، 571". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 63"، والسير "3/ 202". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 321 الخير من صغار الصَّحَابَة، تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُراهق، وكَانَ صاحب شُرطة عَلِيّ، وكَانَ إذا خطب عَلِيّ يقوم تحت منبره. رَوَى عَنْ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعَنْ عَلِيّ، والبَرَاء. رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن الأقمر، وسلمة بْن كهيل، والحَكَم بْن عُتْبة، وابنه عَوْن بْن أَبِي جُحَيْفة، وإسماعيل بن أَبِي خَالِد، وغيرهم. تُوُفِّيَ سَنَة إِحْدَى وسبعين، والأصحّ أنّه تُوُفِّيَ سَنَة أربعٍ وسبعين، وقيل: أنّه بقي إِلَى سَنَة نيّفٍ وثمانين. 268- أمّ خالد الأموية1 –خ د ن- بنت خَالِد بْن سَعِيد بْن العاص بْن أمية الأموية، اسمها أمة. ولدت لأبيها بالحَبَشة. ولها صُحْبة ورواية حديثين. وتزوّجها الزُّبيْر بْن العوَّام فولدت لَهُ عَمْرًا، وخالدًا. رَوَى عنها: سَعِيد بْن عَمْرو بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ، وموسى بْن عُقبة. وأظنُّها آخر من مات من النّساء الصَّحابيّات. الْوَاقِدِيّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْن مُحَمَّد بْن خَالِد، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ: سَمِعْتُ النَّجَاشِيَّ يَوْمَ خَرَجْنَا يَقُولُ لأَصْحَابِ السَّفِينَتَيْنِ: أَقْرِئُوا جَمِيعًا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنِّي السَّلامَ، قَالَتْ: فَكُنْتُ فِيمَنْ أَقْرَأَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ النَّجَاشِيِّ السَّلامَ2. أَبُو نُعَيْمٍ، وَالطَّيَالِسِيُّ قَالا: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَتْنِي أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ قَالَتْ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ، فَقَالَ: "مَنْ تَرَوْنَ أكْسُو هَذِهِ"؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: "ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ" 3، فَأُتِيَ بِي أُحْمَلُ، فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَالَ: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي" يَقُولُهَا مَرَّتَيْنِ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ أَحْمَرَ   1 انظر: الطبقات "8/ 234"، السير "3/ 470، 471". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 234" فيه الواقدي. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 236"، وأبو داود "4024". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 322 وَأَصْفَرَ، فَقَالَ: "هَذَا سَنَا يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَا" وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى الْعَلَمِ. وَالسَّنَا بلسان الحبش: الحسن. قال إسحاق: فحدثتني امرأة من أهلي أنّها رأت الخَميصة عند أم خالد. 269- أبو سالم الجيشاني1 –م د ن- اسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ هَانِئٍ الْمَصْرِيُّ. شهدِ فتحَ مصر، ووفد عَلَى عَلِيّ -رَضِيَ الله عنهم. وروى عَنْ: عَلِيّ وأَبِي ذَرّ، وزيد بْن خَالِد الْجُهَنيّ. رَوَى عَنْهُ: ابنه سالم، وابْن ابنه سعيد بْن سالم، وبكر بْن سوادة، ويَزِيد بْن حبيب، وعَبْد اللَّهِ بْن أَبِي جَعْفَرٍ. 270- أَبُو سَعِيد الخُدْرِيّ2 –ع- صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ من فُضَلاء الصَّحَابَة بالمدينة. وهُوَ سَعِيد بْن مالك بْن سنان بْن ثعلبة بْن عُبَيد الأَنْصَارِيّ الخزْرجيّ الخُدْرِيّ. روى الكثير عن النبي -صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وعُمر، وأخيه لأمّه قَتَادة بْن النُّعمان. رَوَى عَنْهُ: زيد بْن ثابت، وابْن عَبَّاس، وجَابِر بْن عَبْد اللَّهِ، وسَعِيد بْن المسيّب، وطارق بْن شهاب، وسَعِيد بْن جُبَير، وأَبُو صالح السّمّان، وعطاء بْن يسار، والحسن، وأبو الوداك، وعمرو بْن سُلَيْم الزُّرَقيّ، وأَبُو سَلَمَةَ، ونافع مولى ابْن عُمَر، وخلْق. وقُتل أَبُوهُ يوم أُحُد. قَالَ أَبُو هارون العبديّ: كَانَ أَبُو سَعِيد الخُدْرِيّ لا يَخْضب، كَانَت لحيته بيضاء خَضْلاء. وقَالَ ابْن سَعْد، وغيره، شهد أَبُو سَعِيد الخنْدق وما بعدها من المشاهد. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: عُرِضْتُ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابن   1 انظر: أسد الغابة "2/ 322"، السير "4/ 74". 2 انظر: الحلية "1/ 369"، الاستيعاب "2/ 609". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 323 ثَلاثَ عَشْرَةَ فَجَعَلَ أَبِي يَأْخُذُ بِيَدِي فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ عَبْلُ الْعِظَامِ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَعِّدُ في النظر يصوبه، ثُمَّ قَالَ: رُدَّهُ فَرَدَّنِي1. وقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أنا إسماعيل بن عياش، حدثني عقيل بن مُدْرَكٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلا أَتَاهُ فَقَالَ: أَوْصِنِي يَا أَبَا سَعِيدٍ، قَالَ: عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهَا رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الإِسْلامِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ رَوْحُكَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَذِكْرُكَ فِي أَهْلِ الأَرْضِ، وَعَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلا فِي حَقٍّ فَإِنَّكَ تَغْلِبُ الشَّيْطَانَ2. وقَالَ حنظلة بْن أَبِي سُفْيَان، عَنْ أشياخه، إنّه لَمْ يكن أحدٌ من أحداث أصحاب النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعلم من أَبِي سَعِيد الخُدْرِيّ. وقَالَ وهْب بْن جَرِير: ثنا أَبُو عَقِيلٍ الدَّوْرَقِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَصْرَةَ يُحَدِّثُ قَالَ: وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ غَارًا، فَدَخَلَ فِيهِ عَلَيْهِ رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ تَقْتُلَهُ، فَلَمَّا انْتَهَى الشَّامِيُّ إِلَى بَابِ الْغَارِ، قَالَ لأَبِي سَعِيدٍ، وَفِي عُنُقِ أَبِي سَعِيدٍ السَّيْفُ: اخْرُجْ إِلَيَّ، قَالَ: لا أَخْرُجُ وَإِنْ تَدْخُلْ عَلِيَّ أَقْتُلْكَ، فَدَخَلَ الشَّامِيُّ عَلَيْهِ، فَوَضَعَ أَبُو سَعِيدٍ السَّيْفَ، وَقَالَ: بُؤْ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ وَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ، قَالَ: أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمَ. قَالَ: فَاسْتَغْفِرْ لِي غَفَرَ اللَّهُ لَكَ3. خَالِد بْن مَخْلَد: ثنا عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر، عَنْ وهْب بْن كَيْسان قَالَ: رأيت أَبَا سَعِيد الخُدْرِيّ يلبس الخَزّ. الثَّوريّ، عَنِ ابْن عَجْلان، عَنْ عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع: رأيت أَبَا سَعِيد يحفِي شاربه كأخي الحلق. قَالَ الْوَاقِدِيّ والجماعة: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وسبعين. وقَالَ ابْن المَدينيّ قولين لَمْ يُتابع عليهما.   1 حديث ضعيف: من رواية الواقدي. 2 حديث ضعيف: إسناده منقطع: وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق". 3 خبر حسن: تهذيب تاريخ دمشق "6/ 114". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 324 وقَالَ إسماعيل القاضي: سمعته يَقُول: تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاث وَسِتِّينَ. وقَالَ البخاريّ: قَالَ عَلِيّ: مات بعد الحرة بسنة. أبو سعيد بن المعلى الأنصاري1 –خ د ن ق- المدني، قيل: اسمه رافع. له صُحْبة ورواية. رَوَى عَنْهُ: حفص بْن عاصم، وعُبَيد بْن حُنَين. تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاث وسبعين. قَالَ الْوَاقِدِيّ: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وسبعين، يعني أَبَا سَعِيد بْن المُعَلِيّ. وقَالَ ابْن سَعْد: هُوَ أَبُو سَعِيد بْن أوس بْن المُعَلِيّ بْن لَوْذان من بني جُشَم بْن الخزرج. 271- أَبُو الصَّهْباء البكْريّ صُهَيب2. عَنْ: عَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وابْن عَبَّاس. وَعَنْهُ: سَعِيد بْن جُبَير، وطاوس، وأَبُو نَضْرة، ويحيى بْن الجزّار. قَالَ أَبُو زُرْعة الرازيّ: مدنيِّ ثقة. وقَالَ البُخاريّ: سمَعَ عليًّا، وابنَ مَسْعُود. 272- أبو عامر الهوزني3 –د ن ق- عبد الله بن لحي الحمصي، والد أَبِي اليَمان عامر. من قُدماء التَّابعين، أدرك الإسلام، من أوّله، وسمَعَ: عُمَر، ومعاذ بْن جَبَل، وبلالا، وعَبْد اللَّهِ بْن قُرْط، ومُعَاوِيَة، وجماعة. وشهد خُطْبة الجابية. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سلام الأسود، وراشد بْن سَعْد"، وأزهر الحَرَازيّ، وابنه أَبُو اليَمَان، وحَيْوَة بْن عُمَر.   1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 600"، وأسد الغابة "5/ 211". 2 انظر: التاريخ "4/ 315"، والتهذيب "4/ 439". 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 145"، والتهذيب "5/ 373". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 325 وقَالَ أَبُو زُرْعة الدمشقيّ: كَانَ من أصحاب أَبِي عُبَيْدة. ووثّقه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بن عمار. 273- أبو عبد الله الأشعري1 –د ق- الشامي الدمشقي. رَوَى عَنْ: مُعَاذ، وخَالِد بْن الوليد، وأَبِي الدرداء، ويَزِيد بْن أَبِي سُفْيَان. روى عنه: أبو صالح الأشعري، وإسماعيل بن أبي المهاجر، وزيد بن واقد. 274- أبو عبد الرحمن السلمي2 –ع- مقرئ الْكُوفَة بلا مُدَافَعة. اسمه عَبْد اللَّهِ بْن حبيب بْن ربيعة. قرأ الْقُرْآن عَلَى: عُثْمَان، وعَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وسمَعَ مِنْهُمْ ومن عُمَر. رَوَى حسين بْن عَلِيّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن أبان، عَنْ عَلْقَمة بْن مَرْثَد قَالَ: تعلّم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الْقُرْآن من عُثْمَان، وعَرَض عَلَى عَلِيّ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيم النَّخَعيّ، وسَعِيد بْن جُبَير، وعَلْقمة بْن مَرْثَد، وعطاء بْن السّائب، وإسماعيل السُّدّيّ، وغيرهم. وأقرأ بالْكُوفَة من خلافة عُثْمَان إِلَى إمرة الحَجّاج، قرأ عَلَيْهِ عاصم بْن أَبِي النَّجُود. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وسبعين، وقيل: سَنَة ثَلاث، وقيل: تُوُفِّيَ فِي إمرة بِشْر بْن مَرْوَان، وقيل غير ذَلِكَ. وأمّا قول ابْن قانع: إنّه تُوُفِّيَ سَنَة خمس ومائة، فَوَهْم لا يُتابَعُ عَلَيْهِ. وعَلَيْهِ تلقّن عاصمُ الْقُرْآن. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أقرأ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ فِي المسجد أربعين سَنَة. وقَالَ عطاء بْن السّائب: دخلنا عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ نَعُودُه، فذهب بعضُهم يُرَجّيه، فقَالَ: أنا أرجو ربّي وقد صُمْتُ لَهُ ثمانين رمضانًا. وقَالَ حَجّاج، عَنْ شُعبة: إنّه لم يسمَعَ من عُثْمَان ولا من ابن مسعود، وهذا فيه   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 400"، التهذيب "12/ 147". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 172"، السير "4/ 267". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 326 نظر، فإنّ روايته عَنْ عُثْمَان فِي الصّحيح، وفي كَتَبَ القراءات إنّه قرأ عَلَى عُثْمَان، وعَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وزيد بْن ثابت. قَالَ أَبُو بَكْر بْن عيّاش، عَنْ عاصم إنّ أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ قرأ عَلَى عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وقَالَ ابْن مجاهد فِي كتاب السبعة: أول من أقرأ الناس بالْكُوفَة بالقراءة التي جمَعَ الناس عليها عُثْمَان أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، فجلس فِي مسجدها الأعظم، ونصب نفسه لتعليم الْقُرْآن أربعين سَنَة. قلت: روايته عَنْ عُمَر فِي "سُنَن النَّسَائِيّ". ويقَالَ: إنّه أضرّ1 بآخره، رحمه اللَّه تعالى. قَالَ الدّانيّ: أَخَذَ القراءة عَرْضًا عَنْ: عُثْمَان، وعَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وأَبِي بْن كعب، وزيد بْن ثابت. عرض عَلَيْهِ: عاصم، وعطاء بْن السّائب، ويحيى بْن وثّاب، وأَبُو إِسْحَاق، وعَبْد اللَّهِ بْن عيسى بْن أَبِي ليلى، ومُحَمَّد بْن أَبِي أَيُّوب، وعامر الشَّعبيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد. وكَانَ من المعمَّرين. شُعبة، عَنْ علْقمة بْن مَرْثَد، عَنْ سَعْد بْن عُبيدة أنّ أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ أقرأ في خلافة عُثْمَان إِلَى أن تُوُفِّيَ فِي إمارة الحَجّاج. 275- أَبُو عطية الوادعيّ الكوفِي2 –سوى ق. رَوَى عَنْ: ابْن مَسْعُود، وعائشة. وعنه: محمد بن سيرين، وخيثمة بن عبد الرحمن، وعمارة بن عمير، وأبو إسحاق، وغيرهم. وثقه ابن معين. وقد ورد أن الأعمش رَوَى عَنْهُ، فإنْ كَانَ قد سمع منه فيؤخر عن هنا.   1 أي أصيب بالعمى. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 121"، التهذيب "12/ 169". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 327 276- أَبُو غَطفان المُرّيّ الحجازيّ1 –م د ن ق. رَوَى عَنْ: سَعِيد بْن زَيْدِ بْن عَمْرو بْن نُفَيْلٍ، وأَبِي هريرة، وابْن عَبَّاس، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ: إسماعيل بْن أُمَيَّةَ، وقانط بْن شيبة الزُّهْريّ، ويعقوب بْن عُتْبة بْن الأخنس، وآخرون. 277- أَبُو قِرْصافة الكناني2، جَنْدَرة بْن خَيْشَنَة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. صَحَابيّ معروف، نزل عسقلان ورَوَى أحاديث. رَوَى ضَمْرة بْن ربيعة، عَنْ بلال بْن كعب قَالَ: زُرْنا يحيى بْن حسّان أنا وإِبْرَاهِيم بْن أدهم فِي قريته، فقَالَ: أمَّنا فِي هَذَا المسجد أَبُو قِرْصافة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعين سَنَة، يصوم يومًا ويُفْطر يومًا، فوُلد لأَبِي غلامٌ، فدعاه فِي اليوم الَّذِي يصومه فأفطر. رواه البخاري فِي "الأدب" لَهُ. 278- أبو مراوح الغفاري –خ م ن ق- ويقال: الليثي المدني3. قَالَ مسلم: اسمه سَعْد. قلت: رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرّ، وحَمْزَة بْن عَمْرو الأَسْلَمِيّ. وعنه: عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وزيد بن أسلم، وغيرهم. وكان ثقة نبيلا، يقال: إنه ولد في زمن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 279- أَبُو مُعْرض الأسديّ أَخُو خُزَيْمة4. كوفِي شاعر، اسمه مُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ ويُعرف بالأقَيْشِر. وُلد فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبقي إِلَى أن وفد عَلَى عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَان. وهُوَ القائل في أم الخبائث:   1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 176"، التهذيب "12/ 99". 2 انظر: الاستيعاب "1/ 274"، التهذيب "2/ 119". 3 انظر: التهذيب "12/ 227"، الثقات "2035" للعجلي. 4 انظر: البداية "9/ 6"، الشعر والشعراء "2/ 463". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 328 تريك القذى من دونها وهي دونه ... لوجهِ أخيها فِي الإناء قطوب كميت إذا شجت وفي الكأس وردةٌ ... لها فِي عظام الشاربين دَبيبُ وقيل لَهُ: الأقَيْشر لأنّه كَانَ أحمرَ الوجه أقْشَر. وله شِعْر كثير. 280- أَبُو عمّار الهمذاني1 اسمه عريب بْن حُمَيد، عداده فِي الكوفيّين. سمَعَ: عمّار بْن ياسر، وقَيْس بْن سَعْد. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق السَّبيعيّ، والقاسم بْن مُخَيْمِرَة. 281- أبو قُرَّةَ الكِنْديّ كوفِي2، اسمه سَلَمَةُ بْن مُعَاوِيَة بْن وهْب. عَنْ: ابْن مَسْعُود، وسَلْمان، والمُغِيرَة بْن شُعْبة، وعَلْقمة. وَعَنْهُ: الشّعبيّ، وتميم بْن حذْلَم الضَّبَيّ، وأَبُو إِسْحَاق. 282- أَبُو الكَنُود3 يقَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن عِمران الأزديّ، ويقَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن عُوَيْمر، ويقَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن عامر. سمَعَ: ابنَ مَسْعُود، وخبَّاب بنَ الأرتّ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق السَّبيعيُّ، وأَبُو سَعْد الأزْديٍّ. وهُوَ مُقلّ. 283- أَبُو كنف العبْدي4 سمع: ابنَ مَسْعُود، وسَعْد بْن أَبِي وقّاص، وأَبَا هُرَيرة. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ الْخَارِقِيُّ، وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ. 284- أَبُو نملة الأَنْصَارِيُّ الظَّفَرِيُّ5 قِيلَ: اسْمُهُ عَمَّارُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ زُرَارَةَ. قَالَ أبو أحمد الحاكم: له صحبة.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 32"، التهذيب "7/ 91". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 148"، الثقات "5/ 587" لابن حبان. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 177"، التهذيب "12/ 213". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 201"، الجرح والتعديل "9/ 431". 5 انظر: التهذيب "12/ 259"، والإصابة "2/ 512". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 329 أَدْرَكَ الْحَرَّةَ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ. وَمَاتَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وِلَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ نَمْلَةُ بْنُ أَبِي نَمْلَةَ شَيْخُ الزُّهْرِيِّ. وَلَهُ حَدِيثٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ": "إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ" 1. 285- أَبُو يَحْيَى الْكُوفِيُّ2 هُوَ حَكِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْحَنَفِيُّ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ: عِمْرَانُ بْنُ ظَبْيَانَ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ به بأس. 286- أبو يحيى الأعرج المُعَرْقَب مَوْلَى3 مُعَاذ بْن عَفْراء الأَنْصَارِيّ. اسمه مِصْدع، قاله عَمْرو بْن دينار. وقَالَ ابْن معين: أَبُو يحيى الأعرج اسمه زِيَاد. رَوَى عَنْ: عَلِيّ، وعائشة، وابْن عَبَّاس. وعنه: سعيد بن أبي الحسن، وسعد بن أوس العدوي. 287- أبو مسلم الجليلي4 من أهل جبل الجليل، أدرك النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكَانَ معلِّمَ كَعْبِ الأحبار، أسلم فِي عهد عُمَر، وقيل: فِي عهد مُعَاوِيَة. حكى عَنْهُ: أَبُو مسلم الخَوْلانيّ، وأَبُو قلابة، وحزام بْن حكيم، وجُبَير بْن نُفَير، ومسلم بْن مشْكم، وشُرَيْح بْن عقيل، ولُقمان بْن عامر، وغيرهم. رَوَى قاسم الرحّال، عَنْ أَبِي قلابة أنّ أَبَا مسلم الجليليّ أسلم عَلَى عهد مُعَاوِيَة، فأتاه أَبُو مسلم الخَوْلاني فقَالَ: ما منعك أن تُسْلم عَلَى عهد أَبِي بَكْرٍ وعُمَر؟! فقَالَ: إني وجدت فِي التَّوراة أنّ هذه الأمة ثلاث أصناف، صنف يدخل الجنة بغير حساب،   1 حديث صحيح لغيره: أخرجه البخاري "8/ 160" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 2 انظر: التهذيب "2/ 453"، تهذيب الكمال "3/ 1590". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 477"، والتهذيب "10/ 157". 4 انظر: الجرح والتعديل "9/ 436"، وتهذيب الكمال "3/ 1648". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 330 وصنْف يحاسبون حسابًا يسيرًا، وصنْف يصيبهم شيءً ثم يدخلون الجنة، فأردت أن أكون من الأوّلين، فإنْ لَمْ أكن مِنْهُمْ كنت ممن يُحاسَب حسابًا يسيرًا، فإنْ لَمْ أكن مِنْهُمْ كنت من الآخرين. صالح المُرّيّ، عَنْ أَبِي عَبْد اللَّهِ الشامي، عَنْ مكحول، عَنْ أَبِي مسلم الخَوْلانيّ أنّه لقي أَبَا مسلم الْجَلُوليّ، وكَانَ مترهَّبا، نزل من صَوْمَعَته أيّام عُمَر وأسلم، فقَالَ: تركت الإسلام عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعهد أَبِي بَكْرٍ، وذكر الْحَدِيث. الجريريّ، عَنْ عُقْبة بْن وسّاج: كَانَ لأَبِي مسلم الخَوْلانيّ جارّ يهوديّ يُكَنّى أَبَا مسلم كَانَ يمرّ به فيَقُول: يا أَبَا مسلم أسْلمْ تَسْلَم، فمرّ به يومًأ وهُوَ يصلّي، وذكر شِبْهَ حديث أَبِي قلابة. قَالَ ابْن مَعين: أَبُو مسلم الجليلّيّ، ويقال: الجلولي، شامي. 288- الأغر بن سليك1 –ن- ويقال: ابن حنظلة الكوفي. عَنْ: عَلِيّ، وأَبِي هريرة. وَعَنْهُ: سِمَاك بْن حرب، وعَلِيّ بْن الأقمر، وأَبُو إِسْحَاق السَّبيعيّ. رَوَى لَهُ النَّسَائِيّ. آخر الطبقة الثامنة والحمد لله أولًا وآخرًا.   1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 243"، التهذيب "1/ 365". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 331 الفهرس العام للكتاب : الطبقة السابعة : الصفحة الموضوع "حوادث سنة إحدى وستين" 3 المتوفون في هذه السنة 3 مقتل الحسين بن علي -رضي الله عنه- 16 قدوم المختار الثقفي على ابن الزبير "حوادث سنة اثنتين وستين" 16 المتوفون في هذه السنة 16 استعمال المنذر بن الجارود أميرا على السند 17 غزو سلم بن أحور خوارزم 17 انتقاض أهل كابل. 17 الحج هذا الموسم "حوادث سنة ثلاث وستين" 17 المتوفون في هذه السنة 17 وقعة الحرة 17 ولاية طلحة الخزاعي على سجستان. 17 غزوة عقبة بن نافع إلى السوس الأقصى. 17 قصة الحرة "حوادث سنة أربع وستين" 25 المتوفون في هذه السنة 25 قتال الحصين بن نُمير وابن الزبير 25 احتراق ستائر الكعبة وسقفها 25 لقاء الحُصَين وابن الزبير بالأبطح 26 وفاة يزيد بن معاوية 27 البيعة لابن الزبير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 333 الصفحة الموضوع 27 البيعة لمعاوية بن يزيد بالخلافة. 27 وفاة معاوية بن يزيد. 28 إمرة عبيد الله بن زياد على العراق. 28 خروج الخوارج على ابن زياد. 28 انتهاب خيل ابن زياد. 28 استجارة ابن زياد بمسعود رئيس الأزد. 28 بيعة أهل البصرة لعبد الله بن الحارث الهاشمي. 28 خبر مسعود رئيس الأزد ومقتله. 29 الحرب بن الضحاك بن قيس ومروان بن الحكم. 29 مقتل الضحاك بن قيس. 30 انتقاض أهل الري 30 ظهور الخوارج بمصر. 30 اصطلاح أهل الكوفة على عامر بن مسعود. 30 هدم الكعبة وإعادة بنائها على يد ابن الزبير. "حوادث سنة خمس وستين" 30 المتوفون في هذه السنة. 31 البيعة لمروان بن الحكم بالخلافة. 31 إمارة المهلب بن أبي صفرة على خراسان. 31 مسير مروان بالجيش إلى مصر. 32 وفادة الشهاب الزهري على مروان بن الحكم. 32 توجيه حُبيش بن دلجة إلى المدينة ومقتله. 32 حصار ابن الزبير لابن الحنفية. 32 خروج بني ماحوز بالأهواز وفارس. 32 اجتماع الحرورية بابن الزبير. 33 خلاف الحرورية وخروجهم على ابن الزبير. 33 انهزام مصعب بن الزبير أمام ابن الأشدق. 33 بيعة جند خراسان لسلم بن زياد. 34 موت أوس بن ثعلبة بسجستان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 334 الصفحة الموضوع 34 خروج المختار إلى الكوفة والدعوة لنفسه. 36 خبر حريق الكعبة وإعادة بنائها. 37 غلبة الأمراء على خراسان والسند والبحرين. 37 مرض عبيد الله بن زياد بأرض الجزيرة. "حوادث سنة ست وستين" 37 المتوفون في هذه السنة. 38 خروج المختار من السجن وتعاظم أمره. 38 افتعال المختار كتابا عن أبي الحنفية. 40 تفشي الطاعون بمصر. 40 ضرب الدنانير بمصر. 40 التقاء عسكر المختار وابن زياد. "حوادث سنة سبع وستين" 40 المتوفون في هذه السنة. 41 ذكر وقعة الخازر. 42 غضب ابن الزبير على المختار. 43 تسرب أهل الكوفة إلى المصعب بن الزبير. 44 كتابة عبد الملك بن مروان لابن الأشتر. 45 رواية الطبري عن كراهية الشيعة للمختار. 46 استعمال المهلب على أذربيجان والجزيرة. "حوادث سنة ثمان وستين" 46 المتوفون في هذه السنة. 46 عزل ابن الزبير لأخيه مصعب عن العراق. 47 عزل ابن الزبير لابن الأشعث عن المدينة. 47 مَرْجِعُ الْأَزَارِقَةِ مِنْ نَوَاحِي فَارِسٍ إِلَى الْعِرَاقِ. 48 مقتل عُبيد الله بن الحُرّ. "حوادث سنة تسع وستين" 48 المتوفون في هذه السنة. 48 الطاعون الجارف بالبصرة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 335 الصفحة الموضوع 49 إعادة ابن الزبير أخاه مُصعَب إلى العراق 49 غزوة حسان الغساني إلى إفريقية وفتح قرطاجنة 49 مقتل نجدة الحروري "حوادث سنة سبعين" 49 المتوفون في هذه السنة 50 الوباء بمصر 50 مسير الروم إلى الشام 50 وفادة مصعب من العراق على أخيه بمكة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 336 ذكر أهل هذه الطبقة: الصفحة الموضوع "حرف الألف" 50 1- الأحنف بن قيس. 50 2- أسامة بن شريك. 50 3- أسامة بن خارجة. 51 4- أسماء بنت يزيد. 52 5- أسيد بن ظهير. 52 6- أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري. 53 7- إياس بن قتادة العبشمي. "حرف الباء" 53 8- بريدة بن الحصيب. 54 9- بشير بن عقربة. 54 10- بشير بن النضر. "حرف التاء" 54 11- تميم بن حذلم. "حرف الثاء" 55 12- ثور بن معن. "حرف الجيم" 55 13- جابر بن سَمُرة. 55 14- جابر بن عتيك. 56 15- جرهد الأسلمي. 56 16- جعفر بن علي بن أبي طالب. 56 17- جندب بن عبد الله البجلي العلقي. 56 18- جندب الخير بن عبد الله الأزدي. 57 19- جندرة بن خيشنة. "حرف الْحَاءِ" 58 20- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ. 58 21- الحارث بن عمرو الهذلي المدني. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 337 الصفحة الموضوع 58 21- الحارث بن قيس. 59 22- حبشي بن جنادة السلولي. 59 23- حسان بن مالك بن بحدل الكلبي. 59 24- الحسين بن علي –رضي الله عنه. 70 25- حصين بن نمير السكوني. 70 26- الحكم بن أبي العاص الثقفي. 70 27- حمزة بن عمرو الأسلمي. 71 28- حميد بن ثور الهلالي الشاعر. "حرف الذال" 71 29- ذكوان مولى عائشة. "حرف الراء" 71 30- ربيعة بن عمرو الجرشي. 72 31- ربيعة بن كعب الأسلمي. 72 32- الربيع بن خثيم الثوري. "حرف الزاي" 73 33- زيد بن أرقم. 74 34- زيد بن خالد الجهني. "حرف السين" 74 35- السائب بن الأقرع الثقفي. 75 36- سعيد بن مالك بن بحدل الكلبي. 75 37- سليمان بن صرد الخزاعي. 75 38- سواد بن قارب الأزدي. "حرف الشين" 76 39- شداد بن أوس. 76 40- شرحبيل بن ذي الكلاع الحميري. 76 41- شقيق بن ثور السدوسي. 76 42- شمر بن ذي الجوشن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 338 الصفحة الموضوع "حرف الصاد" 77 43- صلة بن أشيم العدوي. "حرف الضاد" 80 44- الضحاك بن قيس الفهري. "حرف العين" 83 45- عاصم بن عمر بن الخطاب. 84 46- عامر بن عبد قيس العنبري. 87 47- عامر بن مسعود الزُرقي. 88 48- عائذ بن عمرو المزني. 88 49- عبد الله بن حنظلة الأوسي. 88 50- عبد الله بن خيثمة الأنصاري. 89 51- عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري. 89 52- عبد الله بن السائب المخزومي. 89 53- عبد الله بن سخبرة الأزدي. 90 54- عبد الله بن عباس. 98 55- عبد الله بن عمرو بن العاص. 102 56- عبد الله بن مسعدة الفزاري. 102 57- عبد الله بن يزيد الأوسي الخطمي. 103 58- عبد الله بن أحمد الأسدي.. 103 59- عبد الرحمن بن أزهر الزهري. 104 60- عبد الرحمن بن الأسود الزهري. 104 61- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ. 104 62- عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. 105 63- عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص. 105 64- عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. 106 65- عبد الرحمن بن أبي عميرة المُزَني.. 106 66- عبيد الله بن زياد. 109 67- عبد المطلب بن ربيعة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 339 الصفحة الموضوع 109 68- عبيد الله بن علي بن أبي طالب. 110 69- عدي بن حاتم الطائي. 112 70- عروة بن الجعد البارقي. 113 71- عطية القرظي. 113 72- عقبة بن الحارث بن عامر النوفلي. 114 73- عقبة بن نافع الفهري. 115 74- علقمة بن قيس النخعي. 117 75- عمر بن سعد بن أبي وقاص. 119 76- عمر بن علي بن أبي طالب. 120 77- عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ الْخُزَاعِيُّ. 120 78- عمرو بن الزبير بن العوام. 121 79- عمرو بن شرحبيل الهمداني. 122 80- عمرو بن عبسة بن عامر السلمي. 123 81- عمرو بن سعيد بن العاص الأموي. 125 82- عمرو البكالي. "حرف القاف" 125 83- قُباث بن أشْيَم الليثي. 126 84- قبيصة بن جابر بن وهب الأسدي. 127 85- قيس بن ذريح الليثي الشاعر. 131 86- قيس بن السكن الأسدي. 131 87- قيس بن الملوح المجنون. "حرف الكاف" 135 88- كثير بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري. "حرف الميم" 135 89- محمد بن الأشعث بْنِ قَيْسِ الكندي. 135 90- محمد بن أُبي بن كعب الأنصاري. 136 91- محمد بن ثابت بن قيس بن شماس. 136 92- محمد بن عمرو بن حزم النجاري. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 340 الصفحة الموضوع 137 93- مالك بن عياض المدني. 137 94- مالك بن هبيرة السكوني. 137 95- مالك بن يخامر السكسكي. 137 96- المختار بن أبي عبيد الثقفي. 138 97- مروان بن الحكم بن أبي العاص. 143 98- مسلم بن عُقبة المري. 143 99- مسروق بن الأجدع. 147 100- مسلمة بن مخلد الأنصاري. 148 101- المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري. 151 102- المسيب بن نجبة الفزاري. 152 103- مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ. 152 104- معاذ بن الحارث الأنصاري. 152 105- معاوية بن حيدة القشيري. 152 106- معاوية بن يزيد بن معاوية. 153 107- معقل بن سنان الأشجعي. 154 108- معقل بن يسار المزني. 155 109- معن بن يزيد بن الأخنس السلمي. 155 110- المغيرة بن أبي شهاب المخزومي. 156 111- المنذر بن الجارود العبدي. 156 112- المنذر بن الزبير بن العوام. "حرف النون" 157 113- النابغة الجعدي الشاعر. 158 114- نجدة بن عامر الحنفي الحروري. 158 115- النعمان بن بشير الأنصاري. 159 116- نوفل بن معاوية الديلي. "حرف الهاء" 160 117- هبيرة بن يريم الشبامي. 160 118- همام بن قبيصة بن مسعود النميري. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 341 الصفحة الموضوع 160 119- هِنْدُ بْنُ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيُّ. "حرف الواو" 160 120- الوليد بن عتبة بن أبي سفيان. "حرف الْيَاءِ" 161 121- يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ رَبِيعَةَ الحميري الشاعر. 162 122- يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. 165 123- يوسف بن الحكم الثقفي والد الحجاج. "الكنى" 166 124- أبو الأسود الدؤلي. 168 125- أبو بشير الأنصاري الساعدي. 168 126- أبو جهم بن حُذيفة القرشي. 169 127- أم سلمة أم المؤمنين.. 171 * أبو رُهم السماعي. 171 128- أبو الرباب القشيري. 174 129- أبو شُرَيح الخزاعي. 174 130- أم عطية الأنصارية. 174 131- أبو كبشة الأنماري. 175 132- أبو مالك الأشعري. 175 133- أبو مسلم الخولاني. 180 * أبو ميسرة الهمداني. 180 134- أبو واقد الليثي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 342 الطبقة الثامنة : الصفحة الموضوع "حوادث سنة إحدى وسبعين" 181 المتوفون في هذه السنة. 181 خروج عبد الله بن ثور في البحرين. 181 الحج في هذا الموسم. 181 وقوف عبد العزيز بن مروان يوم عرفة بمصر. 181 مقتل أمير خراسان عبد الله بن خازم. 181 فتح عَبْدُ الْمَلِكِ قَيْسَارِيَّةَ. "حَوَادِثُ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ" 182 المتوفون في هذه السنة. 182 وقعة دير الجاثليق بين مصعب وعبد الملك. 182 مقتل مصعب بن الزبير. 183 بيعة أهل العراق لعبد الملك بن مروان. 185 كلام ابن الزبير في مقتل أخيه مُصعب. 185 خروج أبي فُدَيك وتغلُّبه على البحرين. 186 الوقعة بين ابن خازم وبين بحير بخراسان. 186 مقتل عبد الله بن خازم. 186 إرسال رأس ابن خازم إلى عبد الملك. 187 مسير الحجاج لحرب ابن الزبير. "حوادث سنة ثلاث وسبعين" 187 المتوفون في هذه السنة. 187 حصار الحجاج ابن الزبير بمكة. 187 مقتل عبد الله بن الزبير. 189 كلام أم عبد الله بن الزبير قبل مقتله. 190 نقض الحجاج للكعبة. 190 القتال بين عمر بن عبيد الله التيمي وأبي فُديك. 190 مقتل أبي فُديك. 191 إضافة البصرة إلى بشر بن مروان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 343 الصفحة الموضوع 191 استعمال بكير بن وشاح على خراسان. "حوادث سنة أربع وسبعين" 191 المتوفون في هذه السنة. 191 بناء الحجاج مسجده في بني سلمة. 191 استخفاف الحجاج ببقايا الصحابة وختم أعناقهم. 192 ولاية المهلب بن أبي صفرة حرب الأزارقة. 192 عزل بكير بن وشاح عن خراسان. "حوادث سنة خمس وسبعين" 192 المتوفون في هذه السنة. 192 وفادة عبد العزيز بن مروان على أخيه عبد الملك. 192 وفاة زياد بن حناطة التجيبي والي مصر. 192 حج عبد الملك بن مروان بالناس. 192 تأمير الحجاج على العراق. 193 خطبة الحجاج على العراق. 193 قتل كُميل بن زياد. 194 رواية أخرى لخطبة الحجاج. 195 خروج عبد الله بن الجارود على الحجاج. 195 مقتل عبد الله بن الجارود. 195 مقتل عبد الرحمن بن مخنف بيد الخوارج. 195 قتل الحجاج لعمير بن ضابئ البرجمي. 195 استخلاف الحجاج لعروة بن المغيرة على الكوفة. 195 قدم الحجاج البصرة للحث على قتال الأزارقة. 195 خروج داود بن النعمان المازني بنواحي البصرة وقتله. 195 غزوة محمد بن مروان الصائفة إلى الروم. 195 خطبة عبد الملك في الحج. 196 ضرب عبد الملك للدنانير. 196 من خطبة عبد الملك في الحج أيضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 344 الصفحة الموضوع "حوادث سنة ست وسبعين" 196 المتوفون في هذه السنة. 196 خروج صالح بن مسرح التميمي. 196 انحياز شبيب بن يزيد إلى ابن مسرح بقومه. 197 وثوب الخوارج على خيل محمد بن مروان. 197 غزوة حسان بن النعمان إفريقية وقتل الكاهنة. 197 خروج صالح بن مسرح بالجزيرة ومقاتلته. 197 مهاجمة شبيب بن يزيد الكوفة. 197 ذكر غزالة زوجة شبيب وصعودها منبر الكوفة. 197 حيرة الحجاج في استفحال أمر شبيب. "حوادث سنة سبع وسبعين" 198 المتوفون في هذه السنة. 198 نزول شبيب بن يزيد المدائن. 198 قدوم عتاب بن ورقاء على الحجاج. 198 استعراض شبيب جُنْده بالمدائن. 199 الحرب بين الحجاج وشبيب. 201 غرق شبيب. 201 شق قلب شبيب. 201 الزيادة في جامع مصر. 201 بناء حصن الإسكندرية. 201 فتح عبد الملك هِرقلة. 201 الحج هذا الموسم. 201 توغل عبد الله بن أمية في سجستان. 202 ولاية موسى بن طلحة على سجستان. "حوادث سنة ثمان وسبعين" 202 المتوفون في هذه السنة. 202 إمارة عبيد الله بن أبي بكرة على سجستان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345 الصفحة الموضوع 202 رواية الطبري عن هلاك شبيب بن يزيد. 202 ولاية المهلب بن أبي صفرة خراسان. 202 غزو محرز بن أبي محرز أرض الروم. 202 مقتل سليمان بن كندير القشيري. 202 الحرب بإفريقية والمغرب في إمرة موسى بن نصير. 202 الحج هذا الموسم. 203 وثوب الروم على ملكهم. 203 فراغ الحجاج من بناء واسط. "حوادث سنة تسع وسبعين" 203 المتوفون في هذه السنة. 203 استعمال محمد بن صعصعة الكلابي على البحرين. 203 ولاية هارون بن ذراع النمري ثغر الهند. 203 غزوة الوليد بن عبد الملك ناحية ملطية. 203 غزوة موسى بن نصير في البربر قتلة عقبة. 203 إصابة أهل الشام بالطاعون. 203 مصرع قطري بن الفجاءة. "حوادث سنة ثمانين" 204 المتوفون في هذه السنة. 204 صلب معبد الجهني لإنكاره القدر. 204 المتوفون في هذه السنة أيضا. 205 سيل الجحاف بمكة. 205 غزوة ابن الكنود إلى قبرس من الإسكندرية. 205 هلاك أليون ملك الروم. 205 القتال بين ابن أبي كبشة والريان النكري بالبحرين. 205 بداية فتنة ابن الأشعث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 346 "تراجم أهل هذه الطبقة" الصفحة الموضوع "حرف الألف" 206 135- إبراهيم بن الأشتر النخعي. 206 136- الأحنف بن قيس التميمي. 211 137- أسماء بنت أبي بكر الصديق. 216 138- الأسود بن يزيد النخعي. 217 139- أسلم مولى عمر بن الخطاب. 218 140- أميمة بنت رُقيقة. 219 141- أوس بن ضمعج. "حرف الباء" 219 142- بجالة بن عبدة التميمي. 219 143- البراء بن عازب. 220 144- بُسْر بن أبي أرطأة. 221 145- بِشر بن مروان بن الحكم. "حرف التاء" 223 146- توبة بن الحُمَيِّر. "حرف الثاء" 223 147- ثابت بن الضحاك. "حرف الجيم" 224 148- جابر بن عبد الله الأنصاري. 227 149- جُبير بن نُفير الحضرمي. 228 150- جُنادة بن أبي أمية. 229 151- جُهيم العنزي. "حرف الحاء" 229 152- الحارث بن الأزمع. 229 153- الحارث بن سعيد الكذاب. 232 154- الحارث بن سُوَيْد التيمي. 232 155- حبة بن جوين العرني. 233 156- حسان بن النعمان الغساني. 233 157- حارثة بن مضرِّب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 347 الصفحة الموضوع 234 158- حارثة بن وهب الخزاعي. 234 159- حطان بن عبد الله الرقاشي. 234 160- حمران بن أبان. 235 161- حفصة بنت عبد الرحمن. 236 162- حنظلة أبو خلدة. 236 163- حيان بن حصين. "حرف الخاء" 236 164- خرشة بن الحر. "حرف الراء" 237 165- رافع بن خديج. 237 166- الربيع بنت معوذ. 238 167- ربيعة بن عبد الله بن الهُديَر. "حرف الزاي" 238 168- زُفَر بن الحارث الكلابي. 239 169- زهري بن قيس البَلَوي. 239 171- زياد بن حُدَير الأسدي. 239 171- زيد بن خالد الجُهَني. 240 172- زينب بنت أبي سلمة. "حرف السين" 240 173- سُراقة بن مِرداس البارقي. 241 174- سعد بن مالك. 241 175- سعيد بن وهب الهمداني. 241 176- سلمة بن أبي سلمة المخزومي. 242 177- سُليم بن عتر التجيبي. 243 178- سفينة مولى رسول الله. 243 179- سلمة بن الأكوع السلمي. 245 180- سويد بن منجوف. "حرف الشين" 245 181- بن ربعي اليربوعي. 246 182- شبيب بن يزيد الشيباني. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 348 الصفحة الموضوع 247 183- شريح بن الحارث الكندي. 249 184- شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ. "حرف الصَّادِ" 250 185- صِلَةُ بْنُ زفر العبسي. "حرف العين" 251 186- عاصم بن ضمرة السلولي. 251 187- عبد الله بن جعفر الهاشمي. 254 188- عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي. 255 189- عبد الله بن حوالة. 255 190- عبد الله بن خازم السلمي. 255 191- عبد الله بن الزبير. 265 192- عبد الله بن زرير الغافقي. 265 193- عبد الله بن سعد الأوسي. 266 194- عبد الله بن سلمة المرادي. 266 195- عبد الله بن شهاب أبو الجزل. 266 196- عبد الله بن الصامت الغفاري. 266 197- عبد الله بن صفوان الجمحي. 268 198- عبد الله بن عتبة الهذلي. 268 199- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب. 278 200- عَبْد الله بن عياش الهاشمي. 278 201- عبد الله بن عياش المخزومي. 289 202- عبد الله بن مطيع القرشي. 280 203- عبد الله بن همام السلولي. 280 204- عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي. 280 205- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. 281 206- عبد الرحمن بن عبد القاري المدني. 281 207- عبد الرحمن بن عثمان القرشي. 281 208- عبد الرحمن بن عسيلة. 283 209- عبد الرحمن بن غنم الأشعري. 284 210- عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 349 الصفحة الموضوع 285 211- عبيد الله بن قيس الرقيات. 285 212- عبيد بن نضيلة الخزاعي. 286 213- عبيد بن عمير الليثي. 286 214- عبيدة بن عمرو السلماني. 287 215- العرباض بن سارية. 289 216- عطية بن بسر المازني. 289 217- عطية السعدي. 289 218- عقبة بن صهبان الأزدي. 289 219- علقمة بن وقاص العتواري. 290 220- عمارة بن رؤيبة الثقفي. 290 221- عمر بن أبي سلمة المخزومي. 290 222- عمرو بن أخطب الخزرجي. 291 223- عمرو بن الأسود العنسي. 292 224- عمرو بن حريث القرشي. 293 225- عمرو بن عتبة السلمي. 294 226- عمرو بن عثمان بن عفان. 295 227- عمرو بن ميمون الأودي. 296 228- عمير بن حرموز المجاشعي. 296 229- عمير بن ضابئ البرجمي. 296 230- عمير آبي اللحم. 297 231- عميرة بن سعد الشبامي. 297 232- عوف بن مالك الأشجعي. 299 233- عياض بن عمرو الأشعري. "حرف الغين" 300 234- غضيف بن الحارث. "حرف الفاء" 301 235- فروة بن نوفل الأشجعي. "حرف القاف" 301 236- قرط بن خيثمة البصري. 302 237- قطري بن الفجاءة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 350 الصفحة الموضوع "حرف الكاف" 302 238- كثير بن الصلت الكندي. 303 239- كثير بن مرة الحضرمي. 304 240- كريب بن أبرهة. 304 241- كميل بن زياد النخعي. "حرف اللام" 305 242- ليلى الأخيلية. 306 243- لمازة بن زبار. "حرف الميم" 306 244- مالك بن أبي عامر. 307 245- مالك بن مسمع. 307 246- محمد بن إياس بن البكير. 307 247- محمد بن حاطب الجمحي. 308 248- مسروح بن سندر. 308 249- مصعب بن الزبير. 311 250- معبد بن خالد الجهني. 311 251- معدان بن أبي طلحة. 312 252- المنذر بن الجارود العبدي. "حرف النون" 312 253- ناعم بن أجيل. 312 254- نافع مولى أم سلمة. 313 255- نبيط بن شريط. 313 256- النزال بن سبرة. "حرف الهاء" 313 257- هرم بن حيان. 314 258- همام بن الحارث النخعي. "حرف الْيَاءِ" 315 259- يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي العاص. 316 260- يزيد بن الأسود الجُرشي. 317 261- يزيد بن شريك التيمي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 351 الصفحة الموضوع 317 262- يَزِيدُ بْنُ عَمِيرَةَ الزُّبَيْدِيُّ. "الكنى" 318 263- أَبُو إدريس الخولاني. 319 264- أبو بحرية التراغمي. 320 265- أبو تميم الجيشاني. 320 266- أبو ثعلبة الخشني. 321 267- أبو جحيفة السوائي. 322 268- أم خالد الأموية. 323 269- أبو سالم الجيشاني. 323 270- أبو سعيد الخدري. 325 * أبو سعيد بن المعلى. 325 271- أبو الصهباء البكري. 325 272- أبو عامر الهوزني. 326 273- أبو عبد الله الأشعري. 326 274- أبو عبد الرحمن السلمي. 327 275- أبو عطية الوادعي. 328 276- أبو غطفان المزي. 328 277- أبو قرصافة الكناني. 328 278- أبو مراوح الغفاري. 328 279- أبو معرض الأسدي. 329 280- أبو عمار الهمداني. 329 281- أبو قرة الكندي. 329 282- أبو الكنود الأزدي. 329 283- أبو كنف العبدي. 329 284- أبو نملة الأنصاري. 330 285- أبو يحيى الكوفي. 330 286- أبو يحيى الأعرج المُعرْقب. 330 287- أبو مسلم الجليلي. 331 288- الأغر بن سُليك. 333 فهرس الموضوعات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 352 المجلد السادس الطبقة التاسعة أحداث الحوادث من سنة 81 إلى 90 حوادث سنة إحدى وثمانين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة التاسعة أحداث الحوادث من سنة 81 إلى 90: حوادث سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ. وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَفِيهَا خَلَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ الطَّاعَةَ، وَتَابَعَهُ النَّاسُ، وَسَارَ يَقْصِدُ الْحَجَّاجَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ سَبَبَ خُرُوجِهِ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: لَمَّا أَجْمَعَ ابْنُ الأَشْعَثِ الْمَسِيرَ مِنْ سِجِسْتَانَ وَقَصَدَ الْعِرَاقَ، لَقِيَ ذَرًّا الْهَمْدَانِيُّ، فَوَصَلَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَحُضَّ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُصُّ كلَّ يومٍ، وَيَنَالُ مِنَ الْحَجَّاجِ، ثُمَّ سَارَ الْجَيْشُ وَقَدْ خَلَعُوا الْحَجَّاجَ، وَلا يَذْكُرُونَ خَلْعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَاسْتَصْرَخَ الْحَجَّاجُ بِعَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ سَارَ، وَقَدَّمَ الْحَجَّاجُ طَلِيعَتَهُ، فَالْتَقَى ابْنَ الأَشْعَثِ وَهُمْ عِنْدَ دُجَيْلَ يَوْمَ الأَضْحَى، فَانْكَشَفَ عَسْكَرُ الْحَجَّاجِ وَانْهَزَمَ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَتَبِعَهُ ابْنُ الأَشْعَثِ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ خلقٌ مِنَ الْمُطَّوَّعَةِ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَدَخَلُوهَا، فَخَرَجَ الْحَجَّاجُ إِلَى طَفِّ الْبَصْرَةِ1. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَرَأَيْتُ ابْنَ الأَشْعَثِ مُتَرَبِّعًا عَلَى الْمِنْبَرِ يَتَوَعَّدُ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْهُ تَوَعُّدًا شَدِيدًا. قَالَ غَيْرُهُ: فَبَايَعَهُ عَلَى حَرْبِ الْحَجَّاجِ وَعَلَى خَلْعِ عَبْدِ الْمَلِكِ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ، ثُمَّ خندق ابن الأشعث على البصرة وحصنها2.   1 انظر الكامل في التاريخ "4/ 465". 2 انظر الكامل في التاريخ "4/ 465". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 3 وَفِيهَا غَزَا مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ كَعَادَتِهِ بِالْمَغْرِبِ، فقتل وسبى أَهْلِ طُبْنَةَ1 وَفِيهَا أَصَابَتِ الصَّاعِقَةُ صَخْرَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَفِيهَا قُتِلَ بَحِيرُ بْنُ وَرْقَاءَ الصُّرَيْمِيُّ وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْقُوَّادِ بِخُرَاسَانَ، قَاتَلَهُ ابْنُ خَازِمٍ وَظَفَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ قَتَلَ بُكَيْرَ بْنَ وَسَّاجٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَهْطُ بُكَيْرٍ فَقَتَلُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ2، وَحَجَّتْ مَعَهُ أُمُّ الدرداء.   1 بلد في طرف إفريقية. 2 انظر الكامل في التاريخ "4/ 466" وتاريخ الطبري "6/ 34". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 4 أحداث سنة اثنتين وَثَمَانِينَ: فِيهَا: قُتِلَ جَمَاعَةٌ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ. وَمَاتَ: سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ الْخَوْلانِيُّ. وَأَبُو عُمَرَ زَاذَانُ الْكِنْدِيُّ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ الزَّاوِيَةِ بِالْبَصْرَةِ بَيْنَ ابْنِ الأَشْعَثِ وَبَيْنَ جَيْشِ الْحَجَّاجِ. وَلابْنِ الأَشْعَثِ مَعَ الْحَجَّاجِ وَقَعَاتٌ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا وَقْعَةُ دُجَيْلَ الْمَذْكُورَةُ يَوْمَ عِيدِ الأَضْحَى، وَهَذِهِ الْوَقْعَةُ، وَوَقْعَةُ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ1، وَوَقْعَةُ الأَهْوَازِ. فَيُقَالُ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَ ابْنُ الأَشْعَثِ ثلاثةٌ وَثَلاثُونَ أَلْفَ فَارِسٍ، ومائةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ راجل، فِيهِمْ عُلَمَاءُ وَفُقَهَاءُ وَصَالِحُونَ، خَرَجُوا مَعَهُ طَوْعًا عَلَى الْحَجَّاجِ. وَقِيلَ: كَانَ بَيْنَهُمَا أربعٌ وَثَمَانُونَ وَقْعَةً فِي مِائَةِ يَوْمٍ، فَكَانَتْ مِنْهَا ثلاثٌ وَثَمَانُونَ عَلَى الْحَجَّاجِ، وَوَاحِدَةٌ لَهُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ2: كَانَتْ وَقْعَةُ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ جرير: وَفِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ هِيَ فِي سَنَةِ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. فَذَكَرَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ يَحْيَى قال: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَخَرَجَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَسْتَقْبِلُونَهُ، فَقَالَ لِي: اعْدِلْ عَنِ الطَّرِيقِ لا يَرَى النَّاسُ جِرَاحَتَكُمْ، فَإِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ يستقبلهم الجرحى، فلما   1 بلدة بظاهر الكوفة. 2 في التاريخ "4/ 346". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 4 دَخَلَ الْكُوفَةَ مَالُوا إِلَيْهِ كُلُّهُمْ، وَحَفَّتْ بِهِ حمدان، إِلا أَنَّ طَائِفَةً مِنْ تَمِيمٍ أَتَوْا مَطَرَ بْنَ نَاجِيَةَ، وَقَدْ كَانَ وَثَبَ عَلَى قَصْرِ الْكُوفَةِ، فَلَمْ يُطِقْ قِتَالَ النَّاسِ، فَنَصَبَ ابْنُ الأَشْعَثِ السَّلالِمَ عَلَى الْقَصْرِ فَأَخَذُوهُ، وَأَتَوْا بِمَطَرِ بْنِ نَاجِيَةَ، فَقَالَ لابن الأشعث: اسْتَبْقِنِي فَإِنِّي أَفْضَلُ فُرْسَانِكَ وَأَعْظَمُهُمْ غِنَاءً عَنْكَ، فَحَبَسَهُ، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ أَتَاهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَتَفَوَّضَتْ إِلَيْهِ الْمَسَالِحُ وَالثُّغُورُ، وَجَاءَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعْدَ أَنْ قَاتَلَ الْحَجَّاجُ بِالْبَصْرَةِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. وَأَقْبَلَ الْحَجَّاجُ مِنَ الْبَصْرَةِ يسير مِنْ بَيْنِ الْقَادِسِيَّةِ وَالْعُذَيْبِ، فَنَزَلَ دَيْرِ قُرَّةَ، وَكَانَ أَرَادَ نُزُولَ الْقَادِسِيَّةِ، فَجَهَّزَ لَهُ ابْنُ الأَشْعَثِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْعَبَّاسِ، فَمَنَعَهُ مِنْ نُزُولِهَا، وَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِيُّ دَيْرَ الْجَمَاجِمِ، فَكَانَ الْحَجَّاجُ بَعْدُ يَقُولُ: أَمَا كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَزْجُرُ الطَّيْرَ حَيْثُ رَآنِي نَزَلْتُ بِدَيْرِ قُرَّةَ، وَنَزَلَ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ. وَاجْتَمَعَ جُلُّ النَّاسِ عَلَى قِتَالِ الْحَجَّاجِ لِظُلْمِهِ وَسَفْكِهِ الدِّمَاءَ، فَكَانُوا مِائَةَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ فَجَاءَتْهُ أَمْدَادُ الشَّامِ، فَنَزَلَ وَخَنْدَقَ عَلَيْهِ، وَكَذَا خَنْدَقَ ابْنُ الأَشْعَثِ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ كَانَ الْجَمْعَانِ يَلْتَقُونَ كُلَّ يَوْمٍ، وَاشْتَدَّ الْحَرْبُ، وَثَبَتَ الْفَرِيقَانِ. وَأَشَارَ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقَالُوا: إِنْ كَانَ إِنَّمَا يَرْضَى أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ تَنْزِعَ عَنْهُمُ الْحَجَّاجَ فَانْزِعْهُ عَنْهُمْ تَخْلُصُ لَكَ طَاعَتُهُمْ، فَبَعَثَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْمَوْصِلِ، فَسَارَ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَعْرِضَا عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ نَزْعَ الْحَجَّاجِ عَنْهُمْ، وَأَنْ يُجْرِيَ عَلَيْهُمُ الْعَطَاءَ، وَأَنْ يَنْزِلَ ابْنُ الأَشْعَثِ أَيُّ بلدٍ شَاءَ مِنَ الْعِرَاقِ، يَكُونُ عَلَيْهِ وَالِيًا، فَإِنْ قَبِلُوا فَاعْزِلا عَنْهُمُ الْحَجَّاجَ، وَمُحَمَّدٌ أَخِي مَكَانَهُ، وَإِنْ أَبَوْا فَالْحَجّاجُ أَمِيرُكُمْ كُلُّكُمْ وَوَلِيُّ الْقِتَالِ، قَالَ: فَقَدِمُوا عَلَى الْحَجَّاجِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَشُقَّ عَلَيْهِ الْعَزْلُ، فَرَاسَلُوا أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَجَمَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ النَّاسَ وَخَطَبَهُمْ، وَأَشَارَ عَلَيْهُمْ بِالْمُصَالَحَةِ، فَوَثَبَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَهُمْ، وَأَصْبَحُوا فِي الأَزْلِ وَالضَّنْكِ وَالْمَجَاعَةِ وَالْقِلَّةِ فَلا نَقْبَلُ. وَأَعَادُوا خَلْعَ عَبْدِ الْمَلِكِ ثَانِيَةً، وَتَعَبَّئُوا لِلْقِتَالِ، فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ حَجَّاجُ بْنُ جَارِيَةِ الْخَثْعَمِيُّ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ الْأَبْرَدُ بْنُ قُرَّةَ التَّمِيمِيُّ، وَعَلَى الْخَيْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ، وَعَلَى الرَّجَّالَةِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 5 الْمُجَنَّبَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِزَامٍ الْحَارِثِيُّ، وَعَلَى المطوعة والصلحاء جبلة بن زحر الْجُعْفِيُّ. وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ الْحَجَّاجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمٍ الْكَلْبِيُّ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عُمَارَةُ بْنُ تَمِيمٍ اللَّخْمِيُّ، وَعَلَى الْخَيَّالَةِ سُفْيَانُ بْنُ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ تَأْتِيهِمُ الأَمْدَادُ وَالْخَيْمَاتُ مِنَ الْبَصْرَةِ، وَجَيْشُ الْحَجَّاجِ فِي ضِيقٍ وَغَلَاءِ سِعْرٍ. فَيُقَالُ إِنَّ يَوْمَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ كَانَ فِي رَبِيعِ الأَوَّلِ، وَلا شَكَّ أَنَّ نَوْبَةَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ كَانَتْ أَيَّامًا، بَلْ أَشْهُرًا، اقْتَتَلُوا هُنَاكَ مِائَةَ يَوْمٍ، فَلَعَلَّهَا كَانَتْ فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ، وَأَوَائِلِ سَنَةِ ثلاثٍ. فَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ فِي خَيْلِ جَبَلَةَ بْنِ زَحْرٍ، وَكَانَ عَلَى الْقُرَّاءِ، فَحَمَلَ عَلَيْنَا عَسْكَرُ الْحَجَّاجِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَنَادَانَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، لَيْسَ الْفِرَارُ بأحدٍ مِنَ النَّاسِ بِأَقْبَحِ مِنْكُمْ، وَبَقِيَ يُحَرِّضُ عَلَى الْقِتَالِ1. وَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَاتِلُوهُمْ عَلَى دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا الشَّعْبِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَاتِلُوهُمْ عَلَى جَوْرِهِمْ وَاسْتِذْلالِهِمُ الضُّعَفَاءَ، وَإِمَاتَتِهِمُ الصَّلاةَ. قَالَ: ثُمَّ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ حَمْلَةً صَادِقَةً، فَبَدَّعْنَا فِيهِمْ، ثُمَّ رَجَعْنَا، فمررنا بجبلة بن زحر صَرِيعًا فَهَدَّنَا ذَلِكَ، فَسَلانَا أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، فَنَادُونَا: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ هَلَكْتُمْ، قُتِلَ طَاغُوتُكُمْ2. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: ثنا غَسَّانُ بْنُ مُضَرٍ قَالَ: خَرَجَ الْقُرَّاءُ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَفِيهِمْ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَكَانَ شِعَارُهُمْ يَوْمَئِذٍ يَا ثَارَاتِ الصَّلاةِ. وَقِيلَ إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ الأَبْرَدِ حَمَلَ على ميسرة ابن الأَشْعَثِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا هَرَبَ الْأَبْرَدُ بْنُ قُرَّةَ التَّمِيمِيُّ، وَلَمْ يُقَاتِلْ كَبِيرَ قِتَالٍ، فَأَنْكَرَهَا مِنْهُ النَّاسُ، وَكَانَ شُجَاعًا لا يَفِرُّ، وَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ خَامَرَ، فَلَمَّا انْهَزَمَ تَقَوَّضَتِ الصُّفُوفُ، وَرَكِبَ النَّاسُ وُجُوهَهُمْ. وَكَانَ ابْنُ الأَشْعَثِ عَلَى منبرٍ قَدْ نُصِبَ لَهُ يُحَرِّضُ عَلَى الْقِتَالِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ ذَوُو الرَّأْيِ: انْزِلْ وَإِلا أُسِرْتَ، فَنَزَلَ وَرَكِبَ، وَخَلَّى أَهْلَ الْعِرَاقَ، وَذَهَبَ، فَانْهَزَمَ أهل   1 تاريخ الطبري "6/ 357". 2 تاريخ الطبري "6/ 358". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 6 الْعِرَاقِ كُلُّهُمْ، وَمَضَى ابْنُ الأَشْعَثِ مَعَ ابْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ فِي أناسٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، حَتَّى إِذَا حَاذُوا قَرْيَةَ بَنِي جَعْدَةَ عبر في مَعْبَرَ الْفُرَاتِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ بِالْكُوفَةِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ، وَعَلَيْهِ السِّلاحُ لَمْ يَنْزِلْ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ بِنْتُهُ، فَالْتَزَمَهَا، وَخَرَجَ أَهْلُهُ يَبْكُونَ، فَوَصَّاهُمْ وَقَالَ: لا تَبْكُوا، أَرَأَيْتُمْ إِنْ لَمْ أَتْرُكْكُمْ، كَمْ عَسَيْتُ أَنْ أَعِيشَ مَعَكُمْ، وَإِنْ أَمُتْ فَإِنَّ الَّذِي يَرْزُقُكُمْ حَيٌّ لا يَمُوتُ، وَوَدَّعَهُمْ وَذَهَبَ. وَقَالَ الْحَجَّاجُ: اتْرُكُوهُمْ فَلْيَتَبَدَّدُوا، وَلا تَتْبَعُوهُمْ، وَنَادَى مُنَادِيهِ: مَنْ رَجَعَ فَهُوَ آمِنٌ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْكُوفَةِ فَدَخَلَهَا، وَجَعَلَ لا يُبَايِعُ أَحَدًا مِنْهَا إِلا قَالَ لَهُ: اشْهَدْ عَلَى نَفْسِكَ أَنَّكَ كَفَرْتَ، فَإِذَا قَالَ نَعَمْ بَايَعَهُ، وَإِلا قَتَلَهُ، فَقَتَلَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ تَحَرَّجَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ. وَجِيءَ بِرَجُلٍ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: مَا أَظُنُّ هَذَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَخَادِعِي عَنْ نَفْسِي، أَنَا أَكْفَرُ أَهْلِ الأَرْضِ، وَأَكْفَرُ مِنْ فِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ، فَضَحِكَ وَخَلاهُ. وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَنَزَلَ بَعْدَ الْوَقْعَةِ بِالْمَدَائِنِ، فَتَجَمَّعَ إِلَيْهِ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَخَرَجَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ الْعَبْشَمِيُّ، فَأَتَى الْبَصْرَةَ وَبِهَا ابْنُ عَمِّ الْحَجَّاجِ أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ، فَأَخَذَ الْبَصْرَةَ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ الْخَلْقُ، وَقَالَ ابْنُ سَمُرَةَ لَهُ: إِنَّمَا أَخَذْتُ الْبَصْرَةَ لَكَ، وَلَحِقَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ بِهِمْ، فَسَارَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِمْ، وَخَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ إِلَى مَسْكِنَ عَلَى دُجَيْلَ. وَتَلاوَمَ أَصْحَابُ ابْنِ الأَشْعَثِ عَلَى الْفِرَارِ، وَتَبَايَعُوا عَلَى الْمَوْتِ، فَخَنْدَقَ ابْنُ الأَشْعَثِ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَسَلَّطَ الْمَاءَ فِي الْخَنْدَقِ، وَأَتَتْهُ النَّجْدَةُ مِنْ خُرَاسَانَ، فَاقْتَتَلُوا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَقُتِلَ مِنْ أُمَرَاءِ الْحَجَّاجِ زِيَادُ بْنُ غُنَيْمٍ الْقَيْنِيُّ. ثُمَّ عَبَّأَ الْحَجَّاجُ جَيْشَهُ وَصَرَخَ فِيهِمْ وَحَمَلَ بِهِمْ، فَهَزَمَ أَصْحَابَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَقُتِلَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَكُسِرَ بِسْطَامُ بْنُ مَصْقَلَةَ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ جُفُونَ سُيُوفُهُمْ وَثَبَتُوا، وَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، كَشَفُوا فِيهِ عَسْكَرَ الْحَجَّاجِ مِرَارًا، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: عَلَيَّ بِالرُّمَاةِ، قَالَ: فَأَحَاطَ بِهِمُ الرُّمَاةُ، فَقَتَلُوا خَلْقًا مِنْهُمْ بِالنَّبْلِ، وَانْهَزَمَ ابْنُ الأَشْعَثِ فِي طائفةٍ، وَطَلَبَ سِجِسْتَانَ، فَأَتْبَعَهُمْ جَيْشُ الْحَجَّاجِ، عَلَيْهُمْ عُمَارَةُ بْنُ تَمِيمٍ، فَالْتَقَوْا بِالسُّوسِ، فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً، ثُمَّ انْهَزَمَ ابْنُ الأَشْعَثِ، فَأَتَى سَابُورَ، وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ الأَكْرَادُ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ عُمَارَةُ، فَقُتِلَ عُمَارَةُ وَانْهَزَمَ عَسْكَرَهُ، ثُمَّ مَضَى ابْنُ الأَشْعَثِ إِلَى بُسْتَ، وَعَلَيْهَا عَامِلُهُ، فَأَنْزَلَهُ وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَوَثَبَ عَامِلُ بُسْتَ عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 7 فَأَوْثَقَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ يَدًا عِنْدَ الْحَجَّاجِ. وَقَدْ كَانَ رُتْبِيلُ سَمِعَ بِمَقْدِمِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَسَارَ فِي جُيُوشِهِ حَتَّى أَحَاطَ بِبُسْتَ، فَرَاسَلَ عَامِلَهَا يَقُولُ لَهُ: وَاللَّهِ لَئِنْ آذَيْتَ ابْنَ الأَشْعَثِ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْتَنْزِلَكَ، وَأَقْتُلَ جَمِيعَ مَنْ مَعَكَ، فَخَافَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ ابن الأشعث، فأكرمه رتبيل، قال ابْنُ الأَشْعَثُ: إِنَّ هَذَا كَانَ عَامِلِي فَغَدَرَ بِي وَفَعَلَ مَا رَأَيْتَ، فَأْذَنْ لِي فِي قَتْلِهِ، قَالَ: قَدْ أَمَّنْتُهُ، ثُمَّ مَضَى ابْنُ الأَشْعَثِ مَعَ رُتْبِيلَ إِلَى بِلادِهِ، فَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ. وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ الأَشْرَافِ وَالْكِبَارِ، مِمَّنْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانِ الْحَجَّاجِ، ثُمَّ تَبِعَ أَثَرَ ابْنِ الأَشْعَثِ خَلْقٌ مِنْ هَذِهِ الْبَابَةِ حَتَّى قَدِمُوا سِجِسْتَانَ، وَنَزَلُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْبَعَّارِ، فَحَصَرُوهُ، وَكَتَبُوا إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ بِعَدَدِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمُ ابْنُ الأَشْعَثِ بِمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ غَلَبُوا عَلَى مَدِينَةِ سِجِسْتَانَ، وَعَذَّبُوا ابْنَ عَامِرٍ. وَحَبَسُوهُ، ثُمَّ لَمْ يَشْعُرِ ابْنُ الأَشْعَثِ إِلا وَقَدْ فَارَقَهُ عبيد الله ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَسَارَ فِي أَلْفَيْنِ، فَغَضِبَ ابْنُ الأَشْعَثِ وَرَجَعَ إِلَى رُتْبِيلَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: سَارُوا مَعَ الْهَاشِمِيِّ فَقَاتَلَهُمْ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، فَأَسَرَ مِنْهُمْ وَهَزَمَهُمْ، وَفِي تَفْصِيلِ ذَلِكَ اخْتِلافٌ وَمِنْ بَقِيَّةِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ: قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: كَانَ بَيْنَهُمْ إِحْدَى وَثَمَانُونَ وَقْعَةً، كُلُّهَا عَلَى الْحَجَّاجِ، إِلا آخِرَ وَقْعَةٍ كَانَتْ عَلَى ابْنِ الأَشْعَثِ، وَقُتِلَ مِنَ الْقُرَّاءِ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ خَلْقٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: أَتَى الْقُرَّاءُ يَوْمَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيَّ يُؤَمِّرُونَهُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي، فَأَمِّرُوا رَجُلا مِنَ الْعَرَبِ، فَأَمَّرُوا جَهْمَ بْنَ زَحْرٍ الخثعي عَلَيْهِمْ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: رَأَيْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ، وَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِالرُّمْحِ فطعنه، وانكشف ابن الأشعث فأتى لبصرة، وَتَبِعَهُ الْحَجَّاجُ، فَخَرَجَ مِنْهَا إِلَى أَرْضِ دُجَيْلَ الأهواز، واتبعه الحجاج، فالتقوا بمسكين، فَانْهَزَمَ ابْنُ الأَشْعَثِ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ ناسٌ كَثِيرٌ، وَغَرِقَ مِنْهُمْ نَاسٌ كَثِيرٌ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: افْتُقِدَ بِمَسْكِنَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو فَرْوَةَ قَالَ: افْتُقِدَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِسُورَاءَ، وَأَسَرَ الْحَجَّاجُ نَاسًا كَثِيرًا مِنْهُمْ: عِمْرَانُ بْنُ عِصَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ، وَأَعْشَى هَمْدَانَ، قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: قَتَلَهُمْ جَمِيعًا. وَقَالَ خَلِيفَةُ: أَوَّلُ وقعةٍ كَانَتْ فِي يَوْمِ النَّحْرِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ، وَالْوَقْعَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ بِالزَّاوِيَةِ، وَالْوَقْعَةُ الثَّالِثَةُ بِظَهْرِ الْمِرْبَدِ فِي صَفَرٍ، وَالْوقْعَةُ الرَّابِعَةُ بَدَيْرِ الْجَمَاجِمِ فِي جُمَادَى، وَالْوَقْعَةُ الْخَامِسَةُ لَيْلَةَ دُجَيْلَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. قَالَ: ثُمَّ سَارَ ابْنُ الأَشْعَثِ يُرِيدُ خُرَاسَانَ، وَتَبِعَهُ طائفةٌ قليلةٌ، فَتَرَكَهُمْ وَصَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَقَامَ بِأَمْرِ الْحَرْبِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ الْهَاشِمِيُّ، وَمَعَهُ الْقُرَّاءُ، فَالْتَقَى هُوَ وَمُتَوَلِّي هَرَاةَ مُفَضَّلُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، فَهَزَمَهُ الْمُفَضَّلُ، ثُمَّ قَتَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَسَرَ عِدَّةً مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالْهِلْقَامُ بْنُ نُعَيْمٍ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ وَلِيَ بِلادَ فَارِسٍ وَغَزَا التُّرْكَ، ثُمَّ خَلَعَ عَبْدَ الْمَلِكِ وَفَعَلَ الأَفَاعِيلَ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ. قَالَ خَلِيفَةُ: تَسْمِيَةُ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ. مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيُّ، وَأَبُو مِرَانَةَ الْعِجْلِيُّ، وَقَدْ قُتِلَ، وَعُقْبَةُ بْنُ عبد الغافر الْعَوْذِيُّ فَقُتِلَ، وَعُقْبَةُ بْنُ وَسَّاجٍ الْبُرْسَانِيُّ، وَقُتِلَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ الْجَهْضَمِيُّ، فَقُتِلَ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ، وَقُتِلَ، وَالنَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعِمْرَانُ وَالِدُ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ، وَأَبُو المنهال سيار بن سلامة الرِّيَاحِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، وَمُرَّةُ بْنُ دَبَّابٍ الْهَدَاوِيُّ وَأَبُو نُجَيْدٍ الْجَهْضَمِيُّ، وَأَبُو شَيْخٍ الْهَنَائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ، وَأَخُوهُ الْحَسَنُ، وَقَالَ: أُكْرِهْتُ عَلَى الْخُرُوجِ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِّيُّ: قِيلَ لابْنِ الأَشْعَثِ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلُوا حَوْلَكَ كَمَا قُتِلُوا حَوْلَ الْجَمَلِ مَعَ عَائِشَةَ فَأَخْرِجِ الْحَسَنَ. وَمَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَالْمَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَزُبَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ الْيَامَيَانُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ. قَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: مَا صُرِعَ أحدٌ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ إِلا رُغِبَ لَهُ عَنْ مَصْرَعِهِ، وَلا نَجَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا حَمَدَ اللَّهَ الَّذِي سَلَّمَهُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 9 وَقَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: قَتَلَ الْحَجَّاجُ بِمَسْكِنَ خَمْسَةَ آلافِ أَوْ أَرْبَعَةَ آلافِ أَسِيرٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: فِيهَا -يَعْنِي سَنَةَ اثْنَتَيْنِ- قَتَلَ قُتَيبةُ بْنُ مُسْلِمٍ: عُمَرَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ، وَأَخَاهُ، وَمُوسَى بْنَ كَثِيرٍ الْحَارِثِيَّ، وَبُكَيْرَ بْنَ هَارُونَ الْبَجَلِيَّ. وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بِأَرْمِينِيَةَ، فَهَزَمَ الْعَدُوَّ، ثُمَّ صَالَحُوهُ، فَوَلَّى عَلَيْهِمْ أَبَا شَيْخِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَغَدَرُوا بِهِ وَقَتَلُوهُ. وَفِيهَا فَتَحَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِصْنَ سِنَانٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْمِصِّيصَةِ. وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ صِنْهَاجَةَ بِالْمَغْرِبِ. وَأُسِر يَوْمَ الْجَمَاجِمِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ صَبْرًا، وَقُتِلَ مَاهَانُ الأَعْوَرُ الْقَاصُّ، وَالْفُضَيْلُ بْنُ بَزْوَانَ يومئذٍ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الزَّاوِيَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ أَبُو قُرَيْشٍ الْجَهْضَمِيُّ: إِنِّي لأَرَى أَمْرًا مَا بِي صَبَرَ، رُوحُوا بِنَا إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَكَانَ يُوجَدُ مِنْ رِيحِ قَبْرِهِ الْمِسْكُ. وَكَانَ عَابِدًا لَهُ أَوْرَادٌ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ بَنِيَّ مَاتُوا وَلَمْ أَتَمَتَّعْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ. رَوَى ابْنُ غَالِبٍ عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وروى عنه: عطاء السليمي، وغيره. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 أحداث سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ: كَانَتْ فِيهَا غَزْوَةُ عَطَاءِ بْنِ رَافِعٍ صِقِلِّيَةَ، وَخَرَجَ عِمْرَانُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَلَى الْبَحْرِ، وَجَعَلَ عَلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَبْدَ الْمَلِكِ ابن أَبِي الْكَنُودِ. وَفِيهَا عُزِلَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَوُلِّيَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ. وَفِي سَنَةَ ثلاثٍ بَنَى الْحَجَّاجُ مَدِينَةَ وَاسِطٍ. وَاسْتَعْمَلَ عَلَى فَارِسٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيَّ وَأَمَرَهُ بِقَتْلِ الْأَكْرَادَ. وَفِيهَا بَعَثَ الْحَجَّاجُ عُمَارَةَ بْنَ تَمِيمٍ الْقَيْنِيَّ إِلَى رُتْبِيلَ فِي أَمْرِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقُيِّدَ هُوَ وجماعةٌ فِي الْحَدِيدِ، وَقُرِنَ بِهِ فِي الْقَيْدِ أَبُو الْعَنْزِ، وَسَارُوا بِهِمْ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 كَانُوا بِالرُّخَّجِ1 طَرَحَ ابْنُ الأَشْعَثِ نَفْسَهُ مِنْ فَوْقَ بُنْيَانٍ فَهَلَكَ هُوَ وَقَرِينُهُ، فقُطِعَ رَأْسُهُ وَحُمِلَ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَرَأْسُهُ مَدْفُونٌ بِمِصْرَ وَجُثَّتُهُ بِالرُّخَّجِ. وَكَانَ قَدْ أَمَّرَهُ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ قَتْلِ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ. وَفِي سَنَةَ ثلاثٍ ضَمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ إِمْرَةَ أَذْرَبَيْجَانَ وَأَرْمِينِيَةَ مَعَ إِمْرَةِ الْجَزِيرَةِ، وَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ الْوَلِيدِ. وله غزوات وفتوحات كثيرة.   1 الرخج مدينة من نواحي كابل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عُتْبَةُ بْنُ النُّدَّرِ السُّلَمِيُّ، صَحَابِيٌّ شَامِيٌّ. وَالأَسْوَدُ بْنُ هًلالٍ الْمُحَارِبِيُّ. وَزَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيُّ. وَعِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ السَّدُوسِيُّ. وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ. وَقِيلَ فِيهَا ظَفَرُوا بِابْنِ الأَشْعَثِ وَطِيفَ بِرَأْسِهِ فِي الأَقَالِيمِ. وَفِيهَا قَتَلَ الْحَجَّاجُ أَيُّوبَ بْنَ الْقَرِّيَّةِ، وَكَانَ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ وَبُلَغَائِهِمْ، خَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَاسْمُهُ أَيُّوبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ قَيْسٍ أَبُو سُلَيْمَانَ الْهِلالِيُّ، ثُمَّ نَدِمَ الْحَجَّاجُ عَلَى قَتْلِهِ1. وَفِيهَا وَلِيَ إِمْرَةَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ التُّجِيبِيُّ. وَبَعَثَ فِيهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِالشَّعْبِيِّ إِلَى مِصْرَ، إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ سَنَةً. وَفِيهَا فُتِحَتِ الْمِصِّيصَةُ، عَلَى يَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ بَلَدَ أُولِيَةَ مِنَ الْمَغْرِبِ، فَقَتَلَ وَسَبَى، حَتَّى قِيلَ إِنَّ السَّبْيَ بَلَغَ خَمْسِينَ أَلْفًا. وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ أَرْمِينِيَةَ فَهَزَمَهُمْ وحرق كنائسهم وضياعهم، وتسمى سنة الحريق.   1 انظر تاريخ الطبري "6/ 385". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 أحداث سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ. وَعَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ الْجَرْمِيُّ. وَوَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ -تُوُفِّيَ فِيهَا أَوْ فِي الَّتِي تَلِيهَا. وَعَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ الْهَمْدَانِيُّ. وَيَسَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ. وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ. وَفِيهَا، عَلَى مَا صَرَّحَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ1 هَلاكُ ابْنِ الأَشْعَثِ، قَالَ: فَتَتَابَعَتْ كُتُبُ الْحَجَّاجِ إِلَى رُتْبِيلَ أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِابْنِ الأَشْعَثِ، وَإِلا فَوَاللَّهِ لَأُوطِئَنَّ أَرْضَكَ أَلْفَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَوَعَدَهُ بِأَنْ يُطْلَقَ لَهُ خَرَاجُ بِلادِهِ سَبْعَ سِنِينَ، فَأَسْلَمَهُ إِلَى أَصْحَابِ الْحَجَّاجِ، فَقِيلَ إِنَّهُ رَمَى بِنَفْسِهِ مِنْ علٍ فَهَلَكَ. وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُلَيْكَةَ بِنْتَ يَزِيدَ تَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلا وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِي عَلَى فَخِذِي، يَعْنِي مِنْ جُرْحٍ بِهِ، فَلَمَّا مَاتَ حَزَّ رَأْسَهُ رُتْبِيلُ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ. قُلْتُ: هَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ، وَأَبُو مِخْنَفٍ كَذَّابٌ. وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ أَرْمِينِيَةَ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً، وَوَلَّى عَلَيْهَا عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ حَاتِمِ بْنِ النُّعْمَانِ الْبَاهِلِيَّ، فَبَنَى مَدِينَةَ دَبِيلَ وَمَدِينَةَ برذعة.   1 انظر تاريخه "6/ 389 وما بعدها". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 12 وَفِيهَا قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ: بَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ مُقِيمٌ بِالْمِصِّيصَةَ يَزِيدَ بْنَ حُنَيْنٍ فِي جيشٍ، فَلَقِيَتْهُ الرُّومُ فِي جمعٍ كَثِيرٍ، فَأُصِيبَ النَّاسُ، وَقُتِلَ مَيْمُونٌ الْجُرْجُمَانِيُّ فِي نَحْوَ أَلْفِ نفسٍ مِنْ أَهْلِ أَنْطَاكِيَةَ، وَكَانَ مَيْمُونٌ أَمِيرُ أَنْطَاكِيَةَ مِنْ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ، مشهورٌ بِالْفُرُوسِيَّةِ، وَتَأَلَّمَ غَايَةَ الأَلَمِ لِمُصَابِهِمْ. وَفِيهَا عُزِلَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ عَنْ خُرَاسَانَ، وَوُلِّيَ أَخُوهُ الْمُفَضَّلُ يَسِيرًا، ثُمَّ عُزِلَ وَوُلِّيَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَفِيهَا قُتِلَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ السُّلَمِيُّ، وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا وَسَيِّدًا مُطَاعًا، غَلَبَ عَلَى تِرْمِذَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ مُدَّةَ سِنِينَ، وَحَارَبَ الْعَرَبَ، مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَالتُّرْكُ مِنْ تِيكَ الْجِهَةِ، وَجَرَتْ لَهُ وَقَعَاتٌ، وَعَظُمَ أَمْرُهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا وَالِدَهُ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ، وَآخِرُ أَمْرِ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ لَيْلَةً فِي هَذَا الْعَامِ لِيُغِيرَ عَلَى جيشٍ فَعَثَرَ بِهِ فَرَسُهُ، فَابْتَدَرَهُ ناسٌ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَقَتَلُوهُ. وَقَدِ اسْتَوْفَى ابْنُ جَرِيرٍ أَخْبَارَهُ وحروبه1. وقيل قُتِلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ. وَبَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى مِصْرَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَعَقَدَ بِالْخِلافَةِ مِنْ بَعْدِهِ لابْنَيْهِ الْوَلِيدِ، ثُمَّ سُلَيْمَانَ، وَفَرِحَ بِمَوْتِ أَخِيهِ، فَإِنَّهُ عَزَمَ عَلَى عَزْلِهِ مِنْ ولاية العهد، فجاءه موته.   1 انظر تاريخ الطبري "6/ 398 وما بعدها". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيُّ. وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ. وَفِيهَا -وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانِ وَهُوَ أَصَحُّ- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى. وَفِيهَا كَانَ طَاعُونُ الْفَتَيَاتِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأنَّهُ بَدَأَ فِي النِّسَاءِ، وَكَانَ بِالشَّامِ وَبِوَاسِطَ وَبِالْبَصْرَةِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 وَفِيهَا سَارَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ مُتَوَجِّهًا إِلَى وِلايَتِهِ، فَدَخَلَ خُرَاسَانَ، وَتَلَقَّاهُ دَهَاقِينُ بَلْخٍ، وَسَارُوا مَعَهُ، وَأَتَاهُ أَهْلُ صَاغَانَ بِهَدَايَا وَمِفْتَاحٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَسَلَّمُوا بِلادَهُمْ بِالأَمَانِ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حِصْنَ بُولَقَ وَحِصْنَ الأَخْرَمِ. وَعَقَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ لابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مِصْرَ، فَدَخَلَهَا فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، وَعُمْرُهُ يومئذٍ سبعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَقَرَّهُ أَخُوهُ الْوَلِيدُ عَلَيْهَا لَمَّا اسْتُخْلِفَ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَذَكَرَ أَنَّ الْوَلِيدَ عَزَلَ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ عَنْ مِصْرَ بِقُرَّةَ بْنِ شَرِيكٍ أَوَّلَ مَا اسْتُخْلِفَ. وَفِيهَا هَلَكَ مَلِكُ الرُّومِ الأَخْرَمُ بُورِي لا رَحِمَهُ اللَّهُ، قَبْلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ بِشَهْرٍ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ يُونُسُ بْنُ عَطِيَّةَ الْحَضْرَمِيُّ قَاضِي مِصْرَ، فَوُلِّيَ ابْنُ أَخِيهِ أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطِيَّةِ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ قَلِيلا وَعُزِلَ، وَوُلِّيَ الْقَضَاءَ مُضَافًا إِلَى الشُّرَطِ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، ثم عزل بعد ستة أشهر بعمران ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ. وَوَلِيَ الخلافة الوليد بعهدٍ من أبيه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 14 أحداث سَنَةَ سبعٍ وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: عُتْبَةُ بْنُ عبْدٍ السُّلَمِيُّ. وَالْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، وَالأَصَحُّ وَفَاتَهُ سَنَةَ تِسْعٍ. وَيُقَالُ فِيهَا افْتَتَحَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ بِيكَنْدَ. وَفِيهَا شَرَعَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي بِنَاءِ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَكَتَبَ إِلَى أَمِيرِ الْمَدِينَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِبِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وُلِّيَ عُمَرُ الْمَدِينَةَ وَلَهُ خمسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَصُرِفَ عَنْهَا هِشَامُ   1 انظر تاريخ خليفة "301". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 14 ابن إِسْمَاعِيلَ، وَأُهِينَ وَوَقَفَ لِلنَّاسِ، فَبَقِيَ عُمَرُ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ عَزَلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ. وَفِيهَا قَدِمَ نَيْزَكُ طَرْخَانَ عَلَى قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، فَصَالَحَهُ وَأَطْلَقَ مَنْ فِي يَدِهِ مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ نَوَاحِي بُخَارَى، فَكَانَتْ هُنَاكَ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ وَمَلْحَمَةٌ هَائِلَةٌ، هَزَمَ اللَّهُ فِيهَا الْمُشْرِكِينَ، وَاعْتَصَمَ نَاسٌ مِنْهُمْ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ صَالَحَهُمْ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا رَجُلا مِنْ أَقَارِبِهِ، فَقَتَلُوا عَامَّةَ أَصْحَابِهِ وَغَدَرُوا، فَرَجَعَ قُتَيْبَةُ لِحَرْبِهِمْ وَقَاتَلَهُمْ، ثُمَّ افْتَتَحَهَا عَنْوةً، فَقَتَلَ وَسَبَى وَغَنِمَ أَمْوَالا عَظِيمَةً. وَفِيهَا أَغْزَى أَمِيرُ الْمَغْرِبِ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ عِنْدَمَا وَلاهُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِمْرَةَ الْمَغْرِبِ جَمِيعَهُ وَلَدَهُ عَبْدَ اللَّهِ سِرْدَانِيَّةَ، فَافْتَتَحَهَا وَسَبَى وَغَنِمَ. وَفِيهَا أغزى موسى بن نصير ابن أَخِيهِ أَيُّوبَ بْنَ حَبِيبٍ مَمْطُورَةَ، فَغَنِمَ وَبَلَغَ سَبْيُهُمْ ثَلاثِينَ أَلْفًا. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَافْتَتَحَ قُمْقُمَ وَبُحَيْرَةَ الْفُرْسَانِ، فَقَتَلَ وَسَبَى. وَيَسَّرَ اللَّهُ فِي هَذَا الْعَامِ بِفُتُوحَاتٍ كِبَارٍ عَلَى الإِسْلامِ. وَأَقَامَ لِلنَّاسِ الْمَوْسِمَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَوَقَفَ غَلَطًا يَوْمَ النَّحْرِ، فَتَأَلَّمَ عُمَرُ لِذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمُ يُعْرَفُ النَّاسَ"1. وَكَانُوا بِمَكَّةَ فِي جَهْدٍ مِنْ قِلَّةِ الْمَاءِ، فَاسْتَسْقَوْا وَمَعَهُمْ عُمَرُ، فَسُقُوا، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَرَأَيْتُ عُمَرَ يَطُوفُ وَالْمَاءُ إِلَى أنصاف ساقيه.   1 حديث ضعيف بلفظ عرفة يوم يعرف الناس. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده "ص93" والدارقطني "257" والديلمي "2/ 292" بإسناده مرسل وله شاهد من طريق الواقدي عند الدارقطني كذاب انظر الضعيفة "3863". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 15 أحداث سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ. وَأَبُو الأَبْيَضِ الْعَنْسِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِيهَا جَمَعَ الرُّومُ جَمْعًا عَظِيمًا وَأَقْبَلُوا فَالْتَقَاهُمْ مُسْلِمَةُ وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْخَلِيفَةِ الْوَلِيدِ، فَهَزَمَ اللَّهُ الرُّومَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، وَافْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ جُرْثُومَةَ وَطُوَّانَةَ1. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ التُّرْكُ وَمَعَهُمُ الصُّغْدُ وَأَهْلُ فَرْغَانَةَ، وَعَلَيْهِمُ ابْنُ أُخْتِ مَلِكِ الصِّينِ، وَيُقَالُ بَلَغَ جَمْعُهُمْ مِائَتَيْ أَلْفٍ، فَكَسَرَهُمْ قُتَيْبَةُ، وَكَانَتْ مَلْحَمَةً عَظِيمَةً. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وابن أخيه العباس، وتعبؤا بِقُرَى أَنْطَاكِيَةَ، ثُمَّ التقوا الرُّومَ وَحَجَّ بِالنَّاسِ عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَيُقَالُ إِنَّ فِيهَا شَرَعَ الْوَلِيدُ بِبِنَاءِ الْجَامِعِ وَكَانَ نِصْفُهُ كَنِيسَةً لِلنَّصَارَى، وَعَلَى ذَلِكَ صَالَحَهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ الْوَلِيدُ لِلنَّصَارَى: إِنَّا قَدْ أَخَذْنَا كَنِيسَةَ تُومَا عَنْوَةً، يَعْنِي كَنِيسَةَ مريم فأنا أهدمها، وكانت أكبر من النِّصْفِ الَّذِي لَهُمْ، فَرَضُوا بِإِبْقَاءِ كَنِيسَةِ مَرْيَمَ، وَأُعْطُوا النِّصْفَ وَكَتَبَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَالْمِحْرَابُ الْكَبِيرُ هو كان باب الكنيسة، ومات الوليد وهم بَعْدُ فِي زَخْرَفَةِ بِنَاءِ الْجَامِعِ، وَجَمَعَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ الْحَجَّارِينَ وَالْمُرَخِّمِينَ مِنَ الأَقْطَارِ، حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا قِيلَ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ مُرَخِّمٍ، وَغَرِمَ عَلَيْهَا قَنَاطِيرَ عَدِيدَةً مِنَ الذَّهَبِ، فَقِيلَ إِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ بَلَغَتْ سِتَّةَ آلافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَذَلِكَ مِائَةُ قنطارٍ وَأَرْبَعَةُ وَأَرْبَعُونَ قِنْطَارًا بِالْقِنْطَارِ الدِّمَشْقِيِّ. وَفِيهَا أَمَرَ الْوَلِيدُ عَامِلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ عمر بن عبد العزيز ببناء مسجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ مِنْ جِهَاتِهِ الأَرْبَعِ، وَأَنْ يُعْطِيَ النَّاسَ ثَمَنَ الزِّيَادَاتِ شَاءُوا أَوْ أَبُوا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سعد: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ مَنَازِلَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ هَدَمَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَزَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ بُيُوتًا بِاللَّبِنِ، وَلَهَا حُجَرٌ مِنْ جَرِيدٍ مطرورٌ بِالطِّينِ، عَدَدْتُ تِسْعَةَ أبياتٍ بِحُجَرِهَا، وَهِيَ مَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِي بَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعَ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: أَدْرَكْتُ حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، عَلَى أَبْوَابِهَا الْمُسُوحُ مِنْ شعرٍ أَسْوَدَ، فَحَضَرْتُ كِتَابَ الْوَلِيدِ يُقْرَأُ بِإِدْخَالِ الْحُجَرِ فِي الْمَسْجِدِ، فَمَا رَأَيْتُ بَاكِيًا أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ   1 بلد بثغرر المصيصة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 16 ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَوْ تَرَكُوهَا فَيَقْدَمُ الْقَادِمُ مِنَ الآفَاقِ فَيَرَى مَا اكْتَفَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَيَاتِهِ. وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ قَالَ: ذَرْعُ السِّتْرِ الشَّعَرِ ذِرَاعٌ فِي طُولِ ثَلاثَةٍ. وَفِيهَا كَتَبَ الْوَلِيدُ، وَكَانَ مُغْرَمًا بِالْبِنَاءِ، إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِحَفْرِ الأَنْهَارِ بِالْمَدِينَةِ، وَبِعَمَلِ الْفَوَّارَةِ بِهَا، فَعَمِلَهَا وَأَجْرَى مَاءَهَا، فَلَمَّا حَجَّ الْوَلِيدُ وَقَفَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا فَأَعْجَبَتْهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُهَاجِرٍ -وَكَانَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْوَلِيدِ: حَسَبُوا مَا أَنْفَقُوا عَلَى الْكَرْمَةِ الَّتِي فِي قِبْلَةِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَكَانَ سَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَقَالَ أَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُذْرِيُّ: حَسَبُوا مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَكَانَ أَرْبَعَمِائَةِ صُنْدُوقٍ، فِي كُلِّ صُنْدُوقٍ ثمانيةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ دِينَارٍ. قُلْتُ: جُمْلَتُهَا عَلَى هَذَا: أَحَدَ عَشْرَ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ وَنَيِّفٍ. قَالَ أَبُو قُصَيٍّ: أَتَاهُ حَرَسِيُّهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَحَدَّثُوا أَنَّكَ أَنْفَقْتَ الأَمْوَالَ فِي غَيْرِ حَقِّهَا، فَنَادَى: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، وَخَطَبَهُمْ فَقَالَ: بَلَغَنِي كَيْت وكَيْت، أَلا يَا عُمَرُ قُمْ فَأَحْضِرِ الأَمْوَالَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَأَتَتِ الْبِغَالُ تَدْخُلُ بِالْمَالِ، وَفَضَّتْ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى الأَنْطَاعِ، حَتَّى لَمْ يُبْصِرْ مَنْ فِي الْقِبْلَةِ مَنْ فِي الشَّامِ، وَوُزِنَتْ بِالْقَبَابِينَ، وَقَالَ لِصَاحِبِ الدِّيوَانِ: أَحْصِ مِنْ قِبَلِكَ مِمَّنْ يَأْخُذُ رِزْقَنَا، فَوَجَدُوا ثَلاثَمِائَةِ أَلْفٍ فِي جَمِيعِ الأَمْصَارِ، وَحَسَبُوا مَا يُصِيبُهُمْ، فَوَجَدُوا عِنْدَهُ رِزْقَ ثَلاثِ سِنِينَ، فَفَرِحَ النَّاسُ، وَحَمِدُوا اللَّهَ، فَقَالَ: إِلَى أَنْ تَذْهَبَ هَذِهِ الثَّلاثُ السِّنِينَ قَدْ أَتَانَا اللَّهُ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِهِ، إِلا وَإِنِّي رَأَيْتُكُمْ يَا أَهْلَ دِمَشْقٍ تَفْخَرُونَ عَلَى النَّاسِ بِأَرْبَعٍ: بِهَوَائِكُمْ، وَمَائِكُمْ، وَفَاكِهَتِكُمْ، وَحَمَّامَاتِكُمْ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ مَسْجِدَكُمُ الْخَامِسُ، فَانْصَرَفُوا شَاكِرِينَ دَاعِينَ. وَرُوِيَ عَنِ الْجَاحِظِ، عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أحدٌ أَشَدَّ شَوْقًا إِلَى الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ دمشق، لما يرون من حسن مسجدهم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 17 أحداث سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَيُقَالُ: تُوُفِّيَ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ. وَأَبُو ظَبْيَانَ. وَأَبُو وَائِلٍ، وَالصَّحِيحُ وَفَاتُهُمْ فِي غَيْرِهَا. وَفِيهَا افْتَتَحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ جَزِيرَتَيْ مَيُورْقَةَ وَمَنُورْقَةَ، وَهُمَا جَزِيرَتَانِ فِي الْبَحْرِ، بَيْنَ جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ وَجَزِيرَةِ الأَنْدَلُسِ، وَتُسَمَّى غَزْوَةُ الأَشْرَافِ، فَإِنَّهُ كَانَ مَعَهُ خلقٌ مِنَ الأَشْرَافِ وَالْكِبَارِ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ وَرْذَانَ خُذَاهْ ملك بخارى، فلم يُطِقْهُمْ، فَرَجَعَ. وَفِيهَا أَغْزَى مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ ابْنَهُ مَرْوَانَ السُّوسَ الأَقْصَى، فَبَلَغَ السَّبْيُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَمُّورِيَّةَ، فَلَقِيَ جَمْعًا مِنَ الرُّومِ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهَا وَلِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مَكَّةَ، وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا وَلِيَ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنْ قَضَاءِ مِصْرَ عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، وَلَهُ خمسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الْوَاقِدِيَّ زَعَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ صَالِحٍ حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ مَكَّةَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّهُمَا أَعْظَمُ، خَلِيفَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ، أَمْ رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ؟ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَعْلَمُوا فَضْلَ الْخَلِيفَةِ إِلا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ اسْتَسْقَى فَسَقَاهُ اللَّهُ مِلْحًا أُجَاجًا، وَاسْتَسْقَاهُ الْخَلِيفَةُ فَسُقِيَ عَذْبًا فُرَاتًا، بِئْرًا حَفَرَهَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْحَجُونِ، وَكَانَ يُنْقَلُ مَاؤُهَا فَيُوضَعُ فِي حَوْضٍ مِنْ أَدَمٍ إِلَى جَنْبِ زَمْزَمَ، لِيُعْرَفَ فَضْلُهُ عَلَى زَمْزَمَ. قَالَ: ثُمَّ غَارَتِ الْبِئْرُ فَذَهَبَتْ، فَلا يُدْرَى أَيْنَ مَوْضِعُهَا. قُلْتُ: مَا أَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا وقع. والله أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 18 أحداث سَنَةَ تِسْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ الْمِصْرِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمِسْوَرِ الزهري. وأبو ظبيان الجنبي. ويزيد بْنُ رَبَاحٍ. وَعُرْوَةُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ الْمِصْرِيَّانِ. وَقَالَ أَبُو خَلَدَةَ: تُوُفِّيَ فِيهَا فِي شَوَّالٍ أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيُّ: تُوُفِّيَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ سَنَةَ تِسْعِينَ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ: تُوُفِّيَ فِيهَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ فِيهَا مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ الزُّرَقِيُّ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ وَرْذَانَ خداه الْغَزْوَةَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَصْرَخَ عَلَى قُتَيْبَةَ بِالتُّرْكِ، فَالْتَقَاهُمْ قُتَيْبَةُ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ وَفَضَّ جَمْعَهُمْ. وَفِيهَا غَزَا الْعَبَّاسُ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَلَغَ الأَرْزَنَ ثُمَّ رَجَعَ. وَفِيهَا أَوْقَعَ قُتَيْبَةُ بِأَهْلِ الطَّالِقَانِ بِخُرَاسَانَ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَصَلَبَ مِنْهُمْ طُولَ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ فِي نِظَامٍ وَاحِدٍ، وَسَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ مَلِكَهَا غَدَرَ وَنَكَثَ، وَأَعَانَ نَيْزَكَ طَرْخَانَ عَلَى خَلْعِ قُتَيْبَةَ. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ. وَفِيهَا سَارَ قُرَّةُ بْنُ شَرِيكٍ أَمِيرًا عَلَى مِصْرَ عَلَى الْبَرِيدِ فِي شَهْرِ رَبِيعِ الأَوَّلِ، عِوَضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 تَرَاجِمُ رِجَالِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الأموي، أبو سعيد1 -م4.   1 انظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 151 وما بعدها" والجرح والتعديل لابن أبي حاتم "2/ 295" وتحفة الأشراف "3/ 134" للمزي، وسير أعلام النبلاء للمصنف "4/ 351 وما بعدها" وتهذيب الكمال "2/ 16 وما بعدها". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 سَمِعَ: أَبَاهُ، وَزَيْدَ بْنَ نَابِتٍ. وَعَنْهُ: عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَجَمَاعَةٌ. وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيثُ عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ بِهِ صَمَمٌ ووضحٌ كَثِيرٌ، وَأَصَابَهُ الْفَالِجُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: أَبَان وَعُمَرُ وَأُمُّهُمَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ جُنْدُبِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ، وَأَبَانٌ تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ وِلَايَةُ أَبَانٍ عَلَى الْمَدِينَةِ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ الصَّلْتِ: ثنا أَبُو الزِّنَادِ قَالَ: مَاتَ أبان قَبْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ عَشَرَةٌ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَانَ. وَقَالَ مَالِكٌ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ كَانَ يَتَعَلَّمُ مِنْ أَبَانَ الْقَضَاءَ. وَقَالَ أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرَوِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ، عَمَّنْ قَالَ، قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمُ بحديثٍ وَلا فقهٍ مِنْ أَبَانَ. 2- أَدْهَمُ بْنُ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيُّ الْحِمْصِيُّ1، الأَمِيرُ، أَوَّلُ مَنْ وُلِدَ بِحِمْصَ، شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ نَاصِبِيًّا2 سَبَّابًا. حَكَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الْقَيْنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَفَرْوَةُ بْنُ لَقِيطٍ. قَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي سَاسَانَ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ الصَّيْرَفِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْحَجَّاجَ وَهو يَقُولُ لِرَجُلٍ: أَنْتَ هَمْدَانُ مَوْلَى عَلِيٍّ؟ فَقَالَ: سُبَّهُ، قَالَ: مَا ذَاكَ جَزَاؤُهُ مِنِّي، رَبَّانِي وَأَعْتَقَنِي، قال: فما كنت تسمعه يقرأ من الْقُرْآنَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُهُ فِي قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وذهابه ومجيئه يتلو: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ   1 انظر تاريخ الطبري "4/ 404، 5/ 28، 599، 602" والكامل في التاريخ "3/ 303، 304، 46، 180، 182، 184" والإصابة "1/ 101". 2 الناصبي هو المؤيد للأمويين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام: 44] الآية. قَالَ: فَابْرَأْ مِنْهُ. قَالَ: أَمَّا هَذِهِ فَلا، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: تُعْرَضُونَ عَلَى سَبِّي فَسُبُّونِي، وَتُعْرَضُونَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي، فَلا تَبْرَأُوا مِنِّي فَإِنِّي عَلَى الإِسْلامِ، قَالَ: أَمَا لَيَقُومَنَّ إِلَيْكَ رجلٌ يَتَبَرَّأُ مِنْكَ وَمِنْ مَوْلاكَ، يَا أَدْهَمُ بْنَ مُحْرِزٍ قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَامَ يَتَدَحْرَجُ كَأَنَّهُ جَعْلٌ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا ثَارَاتِ عُثْمَانَ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَطْيَبَ نَفْسًا بِالْمَوْتِ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ فَنَدَرَ رَأْسَهُ. إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. 3- الأَسْوَدُ بْنُ هلال -خ م د ن- المحاربي الكوفي، أبو سلام. مِنَ الْمُخَضْرَمِينَ1. رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْدِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ. 4- الأَعْشَى الْهَمْدَانِيُّ -الشَّاعِرُ، هُوَ أَبُو الْمُصْبِحِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَحَدُ الْفُصَحَاءِ الْمُفَوَّهِينَ بِالْكُوفَةِ2. كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَ عَلَى الشِّعْرِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ إِلَى حِمْصَ وَمَدَحَهُ، فَيُقَالُ إِنَّهُ حَصَلَ لَهُ مِنْ جَيْشِ حِمْصَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ إِنَّ الأَعْشَى خَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَكَانَ هُوَ وَالشَّعْبِيُّ كُلٌّ منهما زوج أخت الآخر.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 119" والجرح والتعديل "2/ 292، 402" وتهذيب الكمال "3/ 33" وأسد الغابة "1/ 88". 2 انظر تاريخ الطبري "5/ 607، 6/ 58، 59، 69" والسير للمصنف "4/ 185" والكامل في التاريخ "4/ 197، 186، 240". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 21 5- الأغر بن سليك -ن- ويقال ابن حنظلة. كُوفِيٌّ1. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ، وَسِمَاكُ بْنُ حرب. مقل. 6- أمية بن عبد الله -ن ق- بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأُمَوِيُّ2. رَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام، وَالْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَوَلِيَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَثَمَانِينَ. 7- أَيُّوبُ بْنُ الْقَرِّيَّةَ وَاسْمُ أَبِيهِ يَزِيدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ سَلْمٍ النَّمَرِيُّ الْهِلالِيُّ، وَالْقَرِّيَّةُ أُمُّهُ3. كَانَ أَعْرَابِيًّا أُمِّيًّا، صَحِبَ الْحَجَّاجَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ. قَدِمَ في عام قحط عين التمر، وعليها عَامِلٌ، فَأَتَاهُ مِنَ الْحَجَّاجِ كتابٌ فِيهِ لُغَةٌ وَغَرِيبٌ، فَأَهَمَّ الْعَامِلُ مَا فِيهِ، فَفَسَّرَهُ لَهُ أَيُّوبُ، ثُمَّ أَمْلَى لَهُ جَوَابَهُ غَرِيبًا، فَلَمَّا قَرَأَهُ الْحَجَّاجُ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ إِنْشَاءِ عَامِلِهِ، وَطَلَبَ مِنَ الْعَامِلِ الَّذِي أَمْلَى لَهُ الْجَوَابَ، فَقَالَ: لابْنِ الْقَرِّيَّةَ، فَقَالَ لَهُ: أَقِلْنِي مِنَ الْحَجَّاجِ، قَالَ: لا بَأْسَ عَلَيْكَ، وَجَهَّزَهُ إِلَيْهِ، فَأُعْجِبَ بِهِ، ثُمَّ جَهَّزَهُ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ الأَشْعَثِ كَانَ أيوب بن   1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 243" والجرح والتعديل "2/ 308" والثقات لابن حبان "4/ 53" وتهذيب الكمال "3/ 317، 318". 2 انظر الطبري "5/ 318، 6/ 174" وطبقات ابن سعد "5/ 478" والجرح والتعديل "2/ 301" وتهذيب الكمال "3/ 334 وما بعدها". 3 انظر تاريخ الطبري "6/ 385، 386" والكامل في التاريخ "4/ 498" والسير "4/ 197". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 22 الْقَرِّيَّةَ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجَّاجَ بَعَثَهُ رَسُولا إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ خَطِيبًا، وَأَنْ يَخْلَعَ الْحَجَّاجَ وَيَسُبَّهُ أَوْ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولٌ، قَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لك، ففعل، وأقام مع ابن الأَشْعَثِ، فَلَمَّا انْكَسَرَ ابْنُ الأَشْعَثِ أُتِيَ بِأَيُّوبَ أَسِيرًا إِلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ، قَالَ: سَلْ، قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بحقٍ وَبَاطِلٍ، قَالَ: فَأَهْلُ الْحِجَازِ، قَالَ: أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَى فِتْنَةٍ، وَأَعْجَزُهُمْ فِيهَا، قَالَ: فَأَهْلُ الشَّامِ؟ قَالَ: أَطْوَعُ النَّاسِ لأُمَرَائِهِمْ، قَالَ: فَأَهْلُ مِصْرَ؟ قَالَ: عَبِيدُ مَنْ طَلَبَ، قَالَ: فَأَهْلُ الْمُوصِلَ؟ قَالَ: أَشْجَعُ فُرْسَانٍ، وَأَقْتَلُ لِلْأَقْرَانِ، قَالَ: فَأَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: أَهْلُ سمعٍ وَطَاعَةٍ، وَلُزُومِ لِلْجَمَاعَةِ. ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَعَنِ الْبُلْدَانِ، وَهُوَ يُجِيبُ، فَلَمَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ نَدِمَ. وَفِي تَرْجَمَتِهِ طُولٌ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ، وَابْنُ خَلِّكَانَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. "حرف الْبَاءِ": بَحِيرُ بْنُ وَرْقَاءَ الْبَصْرِيُّ الصَّرِيمِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ وَالْقُوَّادِ بِخُرَاسَانَ1. وَهُوَ الَّذِي حارب ابن خازم السُّلَمِيِّ وَظَفِرَ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى قَتْلَ بُكَيْرِ بْنِ وَسَّاجٍ بِأَمْرِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأُمَوِيِّ، فَعَمِلَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ رَهْطِ بُكَيْرٍ فَقَتَلُوهُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. 9- بَشِيرُ بْنُ كعب بن أبي -خ4- أبو أيوب الحميري العدوي البصري. يُقَالُ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى شيءٍ مِنَ الْمَصَالِحِ2. رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، وَقَتَادَةُ، وَالْعَلاءُ بن زياد، وثابت البناني، وغيرهم.   1 انظر تاريخ الطبري "5/ 624، 6325" والكامل في التاريخ "4/ 45، 89، 346". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 223" والجرح والتعديل "2/ 395" وتاريخ الطبري "3/ 404" وتهذيب الكمال "4/ 184" وسير أعلام النبلاء "4/ 351". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 23 وكان أحد القراء والزهاد. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 10- وَأَمَّا: بَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ الْعَلَوِيُّ شاعر كَانَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ، لَهُ ذِكْرٌ. "حرف التَّاءِ": 11- تَيَاذُوقُ الطَّبِيبُ1 كَانَ بَارِعًا فِي الطِّبِّ، ذَكِيًّا عَالِمًا، وَكَانَ عَزِيزًا عِنْدَ الْحَجَّاجِ وَلَهُ أَلْفَاظٌ فِي الْحِكْمَةِ. تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ تِسْعِينَ، وَقَدْ شَاخَ2. صَنَّفَ كُنَاشًا كَبِيرًا3 وَكِتَابَ الأَدْوِيَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ. تُوُفِّيَ بِوَاسِطٍ. "حرف الْحَاءِ": 12- الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ الْمَكِّيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْقُبَاعِ4 -م ن. وَلِيَ إِمْرَةَ الْبَصْرَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ، وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: سُمِّيَ الْقُبَاعَ لِأنَّهُ وَضَعَ لَهُم مِكْيالا سَمَّاهُ الْقُبَاعَ. وَقِيلَ: كَانَتْ أُمُّهُ حَبَشِيَّةٌ. قَالَ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَيْثُ يَكْذِبُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، يَقُولُ سَمِعْتُهَا، تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:   1 انظر الوافي بالوفيات "10/ 449-950" والبداية "9/ 81". 2 شاخ أي بلغ من الكبر عتيًا. 3 الكناش هو. 4 انظر طبقات ابن سعد "5/ 28-29" والجرح والتعديل "3/ 77" وتاريخ الطبري "5/ 396". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 24 "يا عائشة لولا حدثان قومك بالكفر، لنفضت الْبَيْتَ حَتَّى أَزِيدَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ، فَإِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرُوا عَنِ الْبِنَاءِ" 1، فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: لا تقُلْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُحَدِّثُ هَذَا، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ سَمِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ لَتَرَكْتُهُ عَلَى بِنَاءِ ابْنِ الزبير. 13- حجر بن عنبس -د ت- الحضرمي أبو العنبس، ويقال أبو السكن. مُخَضْرَمٌ كَبِيرٌ2. صَحِبَ عَلِيًّا وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَمُوسَى بْنُ قَيْسٍ. وَذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ3، وَوَثَّقَهُ وَقَالَ: قَدِمَ الْمَدَائِنَ. 14- حُجْرُ الْمَدَرِيُّ الْيَمَانِيُّ4 -د ت ق- عَنْ: زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: طَاوُسُ، وَشَدَّادُ بْنُ جَابَانَ. وَلَهُ حَدِيثٌ فِي السُّنَنِ الثَّلاثَةِ. 15- حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ أَمِيرُ الْمَغْرِبِ5. قِيلَ إِنَّهُ هُوَ حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ الْغَسَّانِيُّ، ابْنُ زَعِيمِ عَرَبِ الشَّامِ. حَكَى عَنْهُ أَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ. وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا غَزَّاءً، وَلِيَ فتوحاتٍ بِالْمَغْرِبِ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَتْ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ. وَجَّهَهُ مُعَاوِيَةُ سَنَةَ سبعٍ وَخَمْسِينَ، فَصَالَحَ الْبَرْبَرَ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِمُ الخراج.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "126، 1583" ومسلم "1333" والنسائي "5/ 216" وأحمد "6/ 239". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 266" والثقات لابن حبان "4/ 177" وتهذيب الكمال "5/ 473-474" وأسد الغابة "1/ 386". 3 "8/ 374" برقم "4374". 4 طبقات ابن سعد "5/ 536" والجرح والتعديل "3/ 267" والثقات لابن حبان "4/ 177" وتهذيب الكمال "5/ 475-476". 5 انظر سير أعلام النبلاء "4/ 140" والعبر "1/ 92" وشذرات الذهب "1/ 88". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25 ثُمَّ وَفَدَ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ نيفٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ تَمَكَّنَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَدَانَتْ لَهُ، وَهَذَّبَهَا بَعْدَ قَتْلِ الْكَاهِنَةِ، فَلَمَّا وُلِّيَ الْوَلِيدُ أَرْسَلَ إِلَى نُوَّابِهِ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْجِهَادِ وَيُبَالِغُ، وَأَمَرَهُمْ بِعَمَلِ الْمَرَاكِبِ وَالإِكْثَارِ مِنْهَا، وَبِحَرْبِ الرُّومِ وَالْبَرْبَرِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَعَزَلَ حَسَّانَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ بتحفٍ عَظِيمَةٍ وَأَمْوَالٍ وَجَوَاهِرٍ، وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنّما خرجت مجاهدا فِي سبيل اللَّه وليس مثلي من خان اللَّه وأمير المؤمنين، فَقَالَ: أَنَا أَرُدُّكَ إِلَى عَمَلِكَ، فَحَلَفَ أَنَّهُ لا وَلِيَ لِبَنِي أُمَيَّةَ وِلايَةً أَبَدًا. وَكَانَ حَسَّانُ يُسَمَّى الشَّيْخَ الأَمِينَ لِثِقَتِهِ وَأَمَانَتِهِ. وَأَمَّا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فَقَالَ: إِنَّ مَوْتَ حَسَّانٍ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 16- حُصَيْنُ بْنُ مَالِكِ -ت ق- بْنِ الْخَشْخَاشِ1، وَهُوَ حُصَيْنُ بْنُ أَبِي الْحُرِّ التميمي العنبري البصري، جَدُّ الْقَاضِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ. عَنْ: جَدِّهِ الْخَشْخَاشِ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الْحَسَنُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَقِيلَ يُونُسُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ. مَاتَ فِي حَبْسِ الْحَجَّاجِ. 17- حَكِيمُ بْنُ جَابِرِ بْنِ طَارِقٍ الأَحْمَسِيُّ الْكُوفِيُّ2. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وعنه: بيان بن بشير، وإسماعيل بن أبي خالد، وطارق بن عبد الرحمن البجلي، وغيرهم. وثقه ابن معين. 18- حكيم بن سعد أبو تحيا الكوفي3.   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 125" وتاريخ الطبري "3/ 372" والثقات لابن حبان "4/ 156" وتهذيب الكمال "6/ 533". 2 طبقات ابن سعد "6/ 288" والجرح والتعديل "3/ 201" وتاريخ الطبري "4/ 405" وتهذيب الكمال "7/ 162-165". 3 انظر التاريخ لابن معين "2/ 128" وتهذيب الكمال "3/ 1590" والمشتبه "1/ 110". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26 حدث عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى، وَأُمِّ سَلَمَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَعِمْرَانُ بْنُ ظَبْيَانَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُسْلِمٍ، وَآخَرُونَ. شَهِدَ وَقْعَةَ النَّهْرَوَانِ مَعَ عَلِيٍّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 19- حُمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ -ع- مَوْلَى عُثْمَانَ1، مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ، كَانَ. لِلْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ، فَابْتَاعَهُ عُثْمَانُ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، وَمُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَطَائِفَةٌ. قال صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ: سَبَاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ عَيْنِ التَّمْرِ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: إِنَّمَا هو حمران بن أبا، فقال بنوه: ابن أبان. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَادَّعَى وَلَدَهُ أَنَّهُمْ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ حُمْرَانُ يُصَلِّي مَعَ عُثْمَانَ، فَإِذَا أَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَأْذَنُ عَلَى عُثْمَانَ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: كَانَ كَاتِبَ عُثْمَانَ، وَكَانَ مُحْتَرَمًا فِي دَوْلَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَطَالَ عُمْرُهُ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ الثَّمَانِينَ. 20- حميد بن عبد الرحمن -ع- الحميري2 يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَسَيَأْتِي. 21- حَنَشُ بن المعتمر-د ت- ويقال ابن ربيعة الكناني، ثم الكوفي3.   1 انظر الطبقات لابن سعد "5/ 283، 7/ 148" والجرح والتعديل "3/ 265" والثقات لابن حبان "4/ 50" وتهذيب الكمال "7/ 301-306". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 147" والجرح والتعديل "3/ 225" والثقات للعجلي "رقم 340" وتاريخ الطبري "3/ 202" وتهذيب الكمال "1/ 176". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 225" والجرح والتعديل "3/ 291" وتاريخ الطبري "5/ 555" وتهذيب الكمال "7/ 432-433". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27 رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ. وَيَأْتِي سَنَةَ مِائَةٍ حَنَشُ الصَّنْعَانِيُّ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْ ذَا وَأَوْثَقُ. وَأَمَّا هَذَا فَرَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَسِمَاكٌ، وَسَعِيدُ بْنُ أَشْوَعَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِي حَدِيثِهِ. وَقَالَ ابْنُ عدي وغيره: لا بَأْسَ بِهِ. "حرف الْخَاءِ": 22- خَالِدُ بْنُ عُمَيْرٍ الْبَصْرِيُّ -م ن ق- شَهِدَ خُطْبَةَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ1. عَنْهُ: أَبُو نَعَامَةَ عَمْرُو بْنُ عِيسَى الْعَدَوِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 23- خَالِدُ بن يزيد -د- ابْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَبُو هَاشمٍ الأموي الدمشقي، أَخُو مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ2. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ. وَعَنْهُ: رجاء بن حيوة، وعلي بن رباح، والزهري، وأبو الأعيس الخولاني. قال الزبير: كان خالد بن يزيد موصوفا بالعلم وقول الشعر. وقال ابن سميع: داره هي دار الحجارة بدمشق. وقال أبو زرعة: كان هو وأخوه من صالحي القوم. وقال عقيل، عَنِ الزُّهْرِيِّ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَصُومُ الْأَعْيَادَ كُلَّهَا: الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالأَحَدَ. وَيُرْوَى أَنَّ شَاعِرًا وَفَدَ عَلَيْهِ وَقَالَ:   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 343" والثقات لابن حبان "4/ 204" وتهذيب الكمال "8/ 145-1478" وأسد الغابة "2/ 90". 2 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 355-358" والجرح والتعديل "3/ 357" وتاريخ الطبري "5/ 461" وتهذيب الكمال "8/ 201-208" وسير أعلام النبلاء "4/ 382-383" وأسد الغابة "2/ 97". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 28 سالت الندى وَالْجُودَ: حُرَّانِ أَنْتُمَا؟ ... فَقَالا جَمِيعًا: إِنَّنَا لعبيد فَقُلْتُ: فَمَنْ مَوْلاكُمَا؟ فَتَطَاوَلا ... عَلَيَّ وَقَالا: خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَقَدْ كَانَ ذُكِرَ خَالِدٌ لِلْخِلافَةِ عِنْدَ مَوْتِ أَخِيهِ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ بُويِعَ مروان على أَنَّ خَالِدًا وَلِيُّ عَهْدِهِ، فَلَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَهَدَّدَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بِالْحِرْمَانِ وَالسَّطْوَةِ، فَقَالَ: أَتَهُدِّدْنِي وَيَدُ اللَّهِ فَوْقَكَ مَانِعَةٌ، وَعَطَاؤُهُ دُونَكَ مَبْذُولٌ؟ وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قِيلَ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ: مَا أَقْرَبُ شَيْءٍ؟ قَالَ: الأَجَلُ، قِيلَ: فَمَا أَبْعَدُ شَيْءٍ؟ قَالَ: الأَمَلُ، قِيلَ: فَمَا أَرْجَى شَيْءٍ؟ قَالَ: الْعَمَلُ. وَعَنْهُ قَالَ: إِذَا كَانَ الرّجِلُ لَجُوجًا مماريًا معجبًا برأيه، فقد تمت خسارته. توفي سنة تسعين، وقيل: أربعٍ وَثَمَانِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ. وَلَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ. وَنَقَلَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْكِيمْيَاءَ، وَأَنَّهُ صَنَّفَ فِيهَا ثَلاثَ رَسَائِلَ. وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: كَانَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ يُوصَفُ بِالْحِلْمِ، وَيَقُولُ الشِّعْرَ. وَزَعَمُوا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ حَدِيثَ السُّفْيَانِيِّ، وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ فِيهِ طَمَعٌ حِينَ غَلَبَ مَرْوَانُ عَلَى الأَمْرِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذَا وهمٌ مِنْ مُصْعَبٍ، أَمْرُ السُّفْيَانِيِّ قَدْ تَتَابَعَتْ فِيهِ رِوَايَاتٌ. 24- خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ الْجُعْفيِّ الْكُوفِيِّ1، أَبُوهُ وَجِدُّهُ صَحَابِيَّانِ. يَرْوِي عَنْ: أَبِيهِ، وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، وطائفة سواهم. ولم يلق ابن مسعود.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 286، 287" والجرح والتعديل "3/ 393، 394" والثقات للعجلي "145، ولابن حبان "4/ 213". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 29 رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَمَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ، لَمْ يَنْجُ مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ بِالْكُوفَةِ إِلا هُوَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. وَحَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. وَكَانَ سَخِيًّا كَرِيمًا يَرْكَبُ الْخَيْلَ. "حرف الذَّالِ": 25- ذَرُّ بن عبد الله1 -ع- الهمداني الكوفي. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَابْنُهُ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ: كَانَ مُرْجِئًا. "حرف الرَّاءِ": 26- الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمِ بْنِ عَائِذٍ الثَّوْرِيُّ، أَبُو يَزِيدَ الْكُوفِيُّ2. أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَمِعَ: ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا أَيُّوبَ، وَعَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَهِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَآخَرُونَ. وكان عبدًا صالحًا جليلًا ثقة نبيلًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ. 27- رَبِيعَةُ بْنُ لَقِيطٍ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ3.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 293" والجرح والتعديل "3/ 453" وتهذيب الكمال "8/ 511-513" وميزان الاعتدال "322". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 182-193" والجرح والتعديل "3/ 459" والثقات للعجلي "154-156" ولابن حبان "4/ 224-225". 3 انظر الثقات لابن حبان "3/ 130، 4/ 230" والجرح والتعديل "3/ 475" وسير أعلام النبلاء "4/ 509، 510" والإصابة "1/ 531". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 30 عَنْ: عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ حَوَالَةَ. وَعَنْهُ: ابنه إِسْحَاقَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. وَلَهُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. 28- رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ أَبُو زُرْعَةَ الْجُذَامِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ، وَيُقَالُ أَبُو زِنْبَاعٍ1. حَدَّثَ عَنْ: أبيه، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وكعب الأحبار، وغيرهم. وعنه: ابنه روح بن روح، وشرحبيل بن مسلم، ويحيى الشيباني، وعبادة بن نسي، وجماعة. وكان ذا اختصاص بعبد الملك، لا يَكَادُ يَغِيبُ عَنْهُ، وَهُوَ كَالْوَزِيرِ لَهُ. وَلِأَبِيهِ زِنْبَاعِ بْنِ رَوْحِ بْنِ سَلامَةَ صُحْبَةٌ، وَكَانَ لِرَوْحٍ دَارٌ بِدِمَشْقَ فِي طَرَفِ الْبُزُورِيِّينَ، أَمَّرَهُ يَزِيدُ عَلَى جُنْدِ فِلَسْطِينَ، وَشَهِدَ يَوْمَ رَاهِطَ مَعَ مَرْوَانَ. وَقَالَ مُسْلِمٌ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَلَمْ يُتَابِعْ مُسْلِمًا أحدٌ. وَرَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْحَمَّامِ أَعْتَقَ رَقَبَةً. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. 29- رِيَاحُ بن الحارث -د ن ق- النخعي الكوفي2. عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ: حَفِيدُهُ صَدَقَةُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ رِيَاحٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَبُو حَمْزَةَ الضُّبَعِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ في الثقات   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 494" وتاريخ الطبري "5/ 496، 531، 536" وسير أعلام النبلاء "4/ 251، 252". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 153" والجرح والتعديل "3/ 511" والثقات لابن حبان "4/ 238" وللعجلي "162" وتهذيب الكمال "9/ 256-157". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 31 "حرف الزاي": 30- زاذان أبو عمر الكندي مولاهم1 الكوفي البزاز الضرير -م4- شَهِدَ خِطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ، وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَلْمَانَ، وَحُذَيْفَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَرِيرِ بْنِ عبد الله، والبراء، وابن عمر. روى عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ. وَكَانَ ثِقَةً، قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحاكم: ليس بالمتين عندهم. وعن أبي هاشم الرُّمَّانِيُّ قَالَ: قَالَ زَاذَانُ: كُنْتُ غُلامًا حَسَنَ الصَّوْتِ، جَيِّدَ الضَّرْبِ بِالطُّنْبُورِ، وَكُنْتُ أَنَا وَصَحْبٌ لِي، وَعِنْدَنَا نَبِيذٌ، وَأَنَا أُغَنِّيهِمْ، فَمَرَّ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَدَخَلَ فَضَرَبَ الْبَاطِيَةَ بَدَّدَهَا، وَكَسَرَ الطُّنْبُورَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ مَا أَسْمَعُ مِنْ حُسْنِ صَوْتِكَ هَذَا يَا غُلامُ بِالْقُرْآنِ كُنْتُ، أَنْتَ أَنْتَ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْنُ مَسْعُودٍ، فَأَلْقَى فِي نَفْسِي التَّوْبَةَ، فَسَعَيْتُ وَأَنَا أَبْكِي، ثُمَّ أَخَذْتُ بِثَوْبِهِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا صَاحِبُ الطُّنْبُورِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَاعْتَنَقَنِي وَبَكَى، ثُمّ قَالَ: مَرْحَبًا بِمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، اجْلِسْ مَكَانَكَ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ إِلَيَّ تَمْرًا. وَقَالَ زُبَيْدٌ: رَأَيْتُ زَاذَانَ يُصَلِّي كَأَنَّهُ جِذْعُ خَشَبَةٍ. وَرَوَى ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ زَاذَانُ يَوْمًا: إِنِّي جَائِعٌ، فَسَقَطَ عَلَيْهِ مِنَ الرَّوْزَنَةِ رَغِيفٌ مِثْلُ الرَّحَى. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ: كَانَ زَاذَانُ إِذَا جَاءَهُ رَجُلٌ يَشْتَرِي الثَّوْبَ نَشَرَ الطَّرَفَيْنِ وَسَامَهُ سَوْمَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ عَنْ زَاذَانَ فَقَالَ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، عَنْ يحيى بن معين: هو ثقة.   1 طبقات ابن سعد "6/ 178، 179" والجرح والتعديل "3/ 614" والثقات لابن حبان "4/ 238" وتاريخ الطبري "4/ 211" وتهذيب الكمال "9/ 263-265". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 32 وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. 31- زِرُّ بن حبيش1 -ع- ابْنُ حُبَاشَةَ بْنِ أَوْسٍ، أَبُو مَرْيَمَ الأَسَدِيُّ الكوفي. ويقال أبو مريم وأبو مطرف. أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَعُمِّرَ دَهْرًا. حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَالْعَبَّاسِ، وَصَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ على: علي، وابن مسعود، وأقرأه. وقرأ عليه: عاصم، ويحيى بن وثاب، وأبو إسحاق، والأعمش، وَحَدَّثَ عَنْهُ: عَاصِمٌ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وعدي ابن ثَابِتٍ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. قَالَ عَاصِمٌ: كَانَ زِرٌّ مِنْ أَعْرَبِ النَّاسِ، كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْعَرَبِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ هَمَّامٌ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى. ذَلِكَ حِرْصِي عَلَى لِقَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَقِيتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَغَزَوْتُ مَعَهُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً2. وَقَالَ شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: خَرَجْتُ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الكوفة، وايم الله إن حرضني على الوفادة إِلَّا لِقَاءُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَكَانَا جَلِيسَيَّ وَصَاحِبَيَّ، فَقَالَ أُبَيُّ: يَا زِرُّ مَا تُرِيدُ أَنْ تَدَعَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةً إِلا سَأَلْتَنِي عَنْهَا. شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ عِيدٍ، فَإِذَا عُمَرُ ضخم أصلع، كأنه على دابةٍ مشرف.   1 طبقات ابن سعد "6/ 104-105" والجرح والتعديل "3/ 622" وتهذيب الكمال "9/ 335" وسير أعلام النبلاء "1/ 250". 2 انظر الحلية "4/ 182". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 33 حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَزِمْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأُبَيًّا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا كَانُوا يَتَّخِذُونَ هَذَا اللَّيْلَ جَملا، يَلْبَسُونَ الْمُعَصْفَرَ، وَيَشْرَبُونَ نَبِيذَ الْجَرِّ، لا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا، مِنْهُمْ زِرٌّ، وَأَبُو وَائِلٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ عُثْمَانِيًّا، وَكَانَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ عَلَوِيًّا، وَمَا رَأَيْتُ وَاحِدًا مِنْهُمَا قَطُّ تَكَلَّمَ فِي صَاحِبِهِ حَتَّى مَاتَا، وكان زر أكبر من أبي وائل، فكانا إِذَا جَلَسَا جَمِيعًا لَمْ يُحَدِّثْ أَبُو وَائِلٍ مَعَ زِرٍّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: رَأَيْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ وَإِنَّ لَحْيَيْهِ لَيَضْطَرِبَانِ مِنَ الْكِبَرِ، وَقَدْ أَتَى عَلَيْهِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ زِرٌّ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ، وَالْفَلَّاسُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَعَنْ عَاصِمٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَقْرَأَ مِنْ زِرٍّ. 32- زِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ التَّميْمِيُّ1 -ت- دِمَشْقِيٌّ فَاضِلٌ مِنْ قُدَمَاءِ التَّابِعِينَ، لا نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً إِلا عَنْ حَبِيبِ بْنِ مُسْلِمَةَ. رَوَى عَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسَ وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ. وَلَهُ دَارٌ غَرْبِيَّ قَصْرِ الثَّقَفِيِّينَ. قال سعيد بن عبد العزيز: كان زياد بْنُ جَارِيَةَ إِذَا خَلا بِأَصْحَابِهِ قَالَ أَخْرِجُوا مُخَبَّآتَكُمْ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ مَرْوَانَ الْعَنْسِيُّ: دَخَلَ زِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ مَسْجِدَ دِمَشْقَ وَقَدْ تَأَخَّرَتْ صَلاتُهُمْ بِالْجُمُعَةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدَ مُحَمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَكُمْ بِهَذِهِ الصَّلاةِ. قَالَ: فَأُخِذَ فَأُدْخِلَ الْخَضْرَاءَ، فَقُطِعَ رَأْسُهُ، وَذَلِكَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عبد الملك.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 275" والثقات لابن حبان "4/ 252" وتهذيب الكمال "9/ 439" وميزان الاعتدال "2/ 87". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 34 قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ فَقَالَ: شَيْخٌ مَجْهُولٌ. 33- زَيْدُ بن عقبة الفزاري1 -د ت ن- الكوفي. عَنْ: سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدٌ، وَمَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ. وَكَانَ ثِقَةً. قَالَهُ النَّسَائِيُّ. 34- زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الجهني2 -ع- أبو سليمان، كُوفِيٌّ قَدِيمُ اللِّقَاءِ، رَحَلَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُبِضَ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ. سَمِعَ: عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رَفِيعٍ، وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ بَعْدَ وَقْعَةِ الْجَمَاجِمِ. وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ. "حرف السين": 35- سعد بن هشام3 -ع- بن عامر الأنصاري، ابْنُ عَمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَكَانَ مُقْرِئًا، صَالِحًا، فَاضِلا، نَبِيلًا.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 569" والثقات لابن حبان "4/ 247" وللعجلي "171" وتهذيب الكمال "10/ 93-195". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 102-103" والجرح والتعديل "3/ 574" والثقات لابن حبان "4/ 250" وتهذيب الكمال "10/ 111-115" وسير أعلام النبلاء "4/ 196". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 209" والجرح والتعديل "4/ 96" والثقات لابن حبان "4/ 294" وتهذيب الكمال "10/ 307-309". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 35 36- سعيد بن علاقة1 -ت ق- وهو أبو فاختة، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وَوَالِدُ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ. وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُمِّ هَانِئٍ، وَعَائِشَةَ، وَالأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ. وعنه: ابنه، وعمرو بن دينار، ويزيد بن أبي زياد، وإسحاق بن سويد العدوي. وثقه العجلي. 37- سفيان بن وهب أبو أيمن الخولاني المصري2. صحب النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَعَنْ عُمَرَ، وَالزُّبَيْرِ. وَغَزَا الْمَغْرِبَ، وَسَكَنَ مِصْرَ، وَطَالَ عُمْرُهُ. طَلَبَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ لِيُحَدِّثَهُ، فأتي به شيخٌ كبيرٌ محمول. روى عَنْهُ: أَبُو عُشَانَةَ الْمَعَافِرِيُّ، وَبَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَآخَرُونَ. عَدَّهُ فِي الصَّحَابَةِ أَحْمَدُ بْنُ الْبَرْقِيِّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ يُونُسَ، وَذَكَرَهُ فِي التَّابِعِينَ ابْنُ سَعْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ. 38- سُلَيْمُ بْنُ أَسْوَدَ هو أبو الشعثاء3. 39- سنان بن سلمة ن المحبق الهذلي4 -م د ت ق- كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ أَبُو حَبْتَرٍ، أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ. قِيلَ إِنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سنانًا5.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 176" والجرح والتعديل "4/ 51" والثقات لابن حبان "4/ 288" وتهذيب الكمال "11/ 28". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 440" والجرح والتعديل "4/ 217" والثقات لابن حبان "4/ 319" وأسد الغابة "2/ 323". 3 انظر ترجمته في أبي الشعثاء. 4 انظر طبقات ابن سعد "7/ 124، 212" والجرح والتعديل "4/ 250" والثقات لابن حبان "3/ 178" وتهذيب الكمال "12/ 149-151". 5 انظر تهذيب الكمال "12/ 150". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 36 وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدٍ سَنَةَ خَمْسِينَ عَلَى غَزْوِ الْهِنْدِ. وَلَهُ رِوَايَةٌ يَسِيرَةٌ. رَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا، فَهُوَ مُرْسَلٌ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ. رَوَى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ جُنَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ سَمُرَةَ، وَخُبَيْبٌ أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ الأَزْدِيُّ، وخلد الأشج، وَقَتَادَةُ. وَطَالَ عُمْرُهُ وَبَقِيَ إِلَى أَوَاخِرِ أَيَّامِ الْحَجَّاجِ. وَقَدْ وَلِيَ غَزْوَ الْهِنْدِ سَنَةَ خَمْسِينَ. 40- سَهْمُ بْنُ مِنْجَابٍ بْنِ رَاشِدٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ1 -م د ن ق. شَرِيفٌ، لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَقَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ، وقزعة بن يحيى، وهو أصغر منه. وعنه: إبراهيم النخعي، وأبو سنان ضرار بن مرة الشيباني، وعطية بن يعلى الضبي، وآخرون. 41- سويد بن غفلة -ع- ابْنُ عَوْسَجَةَ بْنِ عَامِرٍ2، أَبُو أُمَيَّةَ الْكُوفِيُّ مِنْ كِبَارِ الْمُخَضْرَمِينَ، وَقِيلَ إِنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَحِبَهُ، وَلَمْ يَصِحَّ، بَلْ أَسْلَمَ فِي حَيَاتِهِ، وَسَمِعَ كِتَابَهُ إِلَيْهِمْ، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وبلال، وأبي ذر. روى عَنْهُ: أَبُو لَيْلَى الْكِنْدِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وعبد العزيز ابن رفيع، وغيرهم.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 191" والثقات لابن حبان "4/ 321" وتاريخ الطبري "3/ 268" وتهذيب الكمال "12/ 215-216". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 68-70" والجرح والتعديل "4/ 234" وتاريخ الطبري "3/ 589". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 قَالَ نُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: حَدَّثَنِي بَعْضُهُمْ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: أَنَا لِدَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وُلِدْتُ عَامَ الْفِيلِ1 وَرَوَى زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَامِرٍ، يَعْنِي الشَّعْبِيَّ قَالَ: قَالَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ: أَنَا أَصْغَرُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَنَتَيْنِ2. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا هُشَيْمٌ، أَنَا هِلالُ بْنُ خَبَّابٍ، ثنا مَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَسَمِعْتُ عَهْدَهُ3. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شَمِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْدَبَ الشَّعْرِ، مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، وَاضِحَ الثَّنَايَا، أَحْسَنَ شَعْرٍ وَضَعَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ إِنْسَانٍ. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ أَبِي عَطَاءٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ: أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكَ صَلَّيْتَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّةً؟ قَالَ: لا، بَلْ مِرَارًا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نُودِيَ بِالأَذَانِ، كَأَنَّهُ لا يَعْرِفُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ. قُلْتُ: الْحَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ. وَقَدْ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ثنا الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ الرُّحَيْلِ الْجُعْفِيُّ قَالَ: قَدِمَ الرُّحَيْلُ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ حِينَ فَرَغُوا مِنْ دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ صَحَابَةِ الْحَجَّاجِ عَلَى مُؤَذِّنٍ جُعْفِيٍّ وَهُوَ يُؤَذِّنُ، فَأَتَى الْحَجَّاجَ فَقَالَ: أَلا تَعْجَبُ مِنْ أَنِّي سمعت مؤذنًا يُؤَذِّنُ بِالْهَجِيرِ؟ قَالَ: فَأَرْسَلَ فَجَاءَ بِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: لَيْسَ لِي أمرٌ، إِنَّمَا سُوَيْدُ الَّذِي يَأْمُرُنِي بِهَذَا، فَأَرْسَلَ إِلَى سُوَيْدٍ، فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الصَّلاةِ؟ قَالَ: صَلَّيْتُهَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَلَمَّا ذَكَرَ عُثْمَانَ جَلَسَ وَكَانَ مُضْطَجِعًا، فَقَالَ: أَصَلَّيْتَهَا مَعَ عُثْمَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لا تُؤَمِّنْ قَوْمُكَ، وَإِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ فَسُبَّ عَلِيًّا. قَالَ: نعم، سمعًا وطاعة،   1 انظر المعرفة والتاريخ "1/ 235". 2 انظر حلية الأولياء "4/ 174" وتهذيب الكمال "12/ 266". 3 أخرجه النسائي "5/ 29-30" وأبو داود "1579" وابن ماجه "1801". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 38 فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ الْحَجَّاجُ: لَقَدْ عَهِدَ الشَّيْخُ الناس وهو يُصَلُّونَ الصَّلاةَ هَكَذَا1. وَقَالَ الْخُرَيْبِيّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ صَالِحٍ يَقُولُ: بَلَغَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةً، لَمْ يُرَ مُحْتبِيًا قَطُّ وَلا مُتَسَانِدًا، فَأَصَابَ بِكْرًا، يَعْنِي فِي الْعَامِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ: تَزَوَّجَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ بِكْرًا، وَهُوَ ابْنُ مائةٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ إِذَا قِيلَ لَهُ: أُعْطِيَ فُلانُ وَوُلِّيَ فُلانُ، قَالَ: حَسْبِي كِسْرَتِي وَمِلْحِي. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ مَنْزِلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَمَا شَبَّهْتُهُ إِلا بِمَا وُصِفَ مِنْ بَيْتِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ مِنْ زُهْدِهِ وَتَوَاضُعِهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إحدى وثمانين. قال ابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَهَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. "حرف الشِّينِ": 42- شَبَثُ بْنُ رِبْعِيِّ التَّمِيمِيُّ الْيَرْبُوعِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَحُذَيْفَةَ. وَعَنْهُ: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْحَرُورِيَّةِ3، ثُمَّ تَابَ وأناب 43- شبيب أبو روح الوحاظي -د ن- الحمصي4 عَنْ: رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَزِيدَ بن حمير.   1 انظر حلية الأولياء "4/ 175". 2 طبقات ابن سعد "6/ 216" والجرح والتعديل "4/ 388" وتاريخ الطبري "3/ 274، 4/ 483" والثقات لابن حبان "4/ 371" وتهذيب الكمال "12/ 351-353". 3 الحرورية فرقة من الفرق وكانت على عهد الصحابة. 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 358" والثقات لابن حبان "4/ 359" وتهذيب الكمال "12/ 371-373" والإصابة "2/ 170". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39 وَعَنْهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسِنَانُ بْنُ قَيْسٍ شَامِيٌّ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ. وَقَدْ وُثِّقَ. 44- شتير بن شكل -خ م4- بن حميد، أبو عيسى العبسي الكوفي1. عَنْ: أَبِيهِ -وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ- وَعَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحَفْصَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الضُّحَى، وَبِلالُ بْنُ يَحْيَى الْعَبْسِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 45- شَرَاحِيلُ بْنُ آدة2 -م4- عَلَى الصَّحِيحِ، أَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، صَنْعَاءُ دِمَشْقَ. فِي الْكُنَى بَعْدَ الْمِائَةِ، فَيُحَوَّلُ إِلَى هُنَا. وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، فَوَهِمَ؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ روى عنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ويحيى بن الحارث الدماري، وَطَبَقَتُهُمَا. 46- شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّد -4- بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، أَبُو عمرو الْقُرَشِيُّ السَّهْمِيُّ3. سَكَنَ الطَّائِفَ، وَحَدَّثَ عَنْ: جَدِّهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سفيان. واختلف في سماعه مِنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أُولُو الْمَعْرِفَةِ في سماعه مِنْ جَدِّهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَمْرٌو، وَعُمَرَ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، وغيرهم.   1 طبقات ابن سعد "6/ 181" والجرح والتعديل "4/ 387" والثقات لابن حبان "4/ 370" وتهذيب الكمال "12/ 376". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 536" والجرح والتعديل "4/ 373" والثقات لابن حبان "4/ 365-366" وتهذيب الكمال "12/ 408". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 243" والجرح والتعديل "4/ 351-352" والثقات لابن حبان "4/ 357" وتهذيب الكمال "12/ 534-536". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40 وَأَمَّا أَبُوهُ مُحَمَّدٌ فَقَلَّ مَنْ ذَكَرَ لَهُ تَرْجَمَةً، بَلْ هُوَ كَالْمَجْهُولِ. 47- شَقِيقٌ أَبُو وَائِلٍ -ع- ابن سلمة الأسدي شَيْخٌ إِمَامٌ مُعَمَّرٌ1. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ -وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ- وَحُذَيْفَةَ، وَعَائِشَةَ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَمُعَاذٍ، وَعَمَّارٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَائِفَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشُ، وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مِنَ الْأَذْكِيَاءِ الْحُفَّاظِ، وَالأَوْلِيَاءِ الْعُبَّادِ. قَالَ أَبُو الأَحْوَصِ: ثنا مُسْلِمٌ الأَعْوَرُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ: كُنْتُ مَعَ عُمَرَ بِالشَّامِ، فَمَرَّ دَهْقَانُ فَسَجَدَ لَهُ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَكَذَا نَفْعَلُ بِالْمُلُوكِ. فَقَالَ: اسْجُدْ لِرَبِّكَ الَّذِي خَلَقَكَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَمِعَ أَبُو وَائِلٍ بِالشَّامِ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: أَدْرَكَتْ سَبْعَ سِنيِنَ مِنْ سِنِّي الْجَاهِلِيَّةُ. وَقَالَ أَبُو الْعَنْبَسِ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا غُلامٌ شَابٌّ2. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بكبشٍ لِي فَقُلْتُ: صَدِّقْ هَذَا، قَالَ: لَيْسَ فِيهِ صَدَقَةٌ3. فَقَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي أَبُو وَائِلٍ: وَقَعْتُ مِنْ جَمَلِي يَوْمَ الرِّدَّةِ، أَفَرَأَيْتَ لَوْ مِتُّ، أَلَيْسَ كَانَتِ النَّارُ، وَكُنَّا قَدْ هَرَبْنَا مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَوْمَ بُزَاخَةَ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنْتُ يومئذٍ ابْنَ إحدى عشرة سنة.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 96، 180" والجرح والتعديل "4/ 371": والثقات لابن حبان "4/ 354" وحلية الأولياء "4/ 101-112". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 96". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 196" وتهذيب الكمال "12/ 551". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41 وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: مَا مِنْ قريةٍ إِلا وَفِيهَا مَنْ يُدْفَعُ عَنْ أَهْلِهَا بِهِ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَبُو وَائِلٍ مِنْهُمْ. وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ، وَهُمْ يَعُدُّونَ أَبَا وَائِلٍ مِنْ خِيَارِهِمْ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: قُلْتُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: مَنْ أَعْلَمُ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ؟ قَالَ: أَبُو وَائِلٍ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَبَا وَائِلٍ قَالَ: الثَّابِتُ، وَإِذَا رَأَى الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ قَالَ: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج: 34] . وقال مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شَقِيقٍ أَنَّهُ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فِي شَهْرَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ ثنا سُفْيَانُ قَالَ: أَمَّهُمْ أَبُو وَائِلٍ، فَرَأَى من صَوْتَهُ، قَالَ: كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ، فَتَرَكَ الإِمَامَةَ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ إِذَا خَلا يَنْشِجُ، وَلَوْ جُعِلَ لَهُ الدُّنْيَا عَلَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَأَحَدٌ يَرَاهُ لَمْ يَفْعَلْ وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ التيمي يقص في منازل أبي وائل، فكان أبو وَائِلٍ يَنْتَفِضُ انْتِفَاضَ الطَّائِرِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: كَانَ لِأَبِي وَائِلٍ خُصٌّ يَكُونُ فِيهِ هُوَ وَفَرَسُهُ، فَإِذَا غَزَا نَقَضَهُ، وَإِذَا رَجَعَ بَنَاهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ كَانَ عَطَاءُ أَبِي وَائِلٍ أَلْفَيْنِ فَإِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ أَمْسَكَ مَا يَكْفِي أَهْلَهُ سَنَةً، وَتَصَدَّقَ بِمَا سِوَاهُ. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ عِرْفَانَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُكَ عَلَى السُّوقِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ جِئْتَنِي بِمَوْتِهِ كَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ، إِنِّي لأَكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتِي مَنْ عَمِلَ عَمَلَهُمْ، فَقَالَ عَاصِمٌ: كَانَ ابْنُهُ عَلَى قَضَاءِ الْكُنَاسَةِ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي شَقِيقٌ: أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ: دَانِقٌ، قِيرَاطٌ، أَيُّهُمَا أَكْبَرُ، الدَّانِقُ أَوِ الْقِيرَاطُ؟ وَقَالَ عَاصِمٌ: مَا رَأَيْتُ أَبَا وَائِلٍ مُلْتَفِتًا فِي صلاةٍ وَلا غَيْرِهَا، وَلا سَمِعْتُهُ سَبَّ دَابَّةً، إِلا أَنَّهُ ذَكَرَ الْحَجَّاجَ يَوْمًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَطْعِمْهُ مِنْ ضريعٍ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ، ثُمَّ تَدَارَكَهَا فَقَالَ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ. وَلا رَأَيْتُهُ قَائِلا لأحدٍ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ، وَلا كَيْفَ أَمْسَيْتَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42 وَقَالَ عَاصِمٌ: قُلْتُ لِأَبِي وَائِلٍ: شَهِدْتَ صِفِّينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَبِئْسَتِ الصُّفُونَ كَانَتْ، فَقِيلَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ، عَلِيٌّ أَوْ عُثْمَانُ؟ قَالَ: عَلِيٌّ، ثُمَّ صَارَ عُثْمَانُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي أَبُو وَائِلٍ: إِنَّ أُمَرَاءَنَا هَؤُلاءِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ تَقْوَى أَهْلِ الإِسْلامِ، وَلا أَحْلَامُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا عَامِرُ بْنُ شَقِيقٍ، سَمِعَ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: اسْتَعْمَلَنِي ابْنُ زِيَادٍ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَأَتَانِي رَجُلٌ بِصَكٍّ: أَعْطِ صَاحِبَ الْمَطْبَخِ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقُلْتُ لَهُ: مَكَانَكَ، فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَقُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مَا سَقَى الْفُرَاتُ، وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عَلَى الصَّلاةِ وَالْجُنْدِ، وَرَزَقَهُمْ كُلَّ يومٍ شَاةً، فَجَعَلَ نِصْفَهَا وَسَقَطَهَا لِعَمَّارٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الصَّلاةِ، وَالْجُنْدِ، وَجَعَلَ لِعَبْدِ اللَّهِ رُبْعَهَا، وَلِعُثْمَانَ رُبْعَهَا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مَالا يُؤْكَلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ شَاةً لَسَرِيعُ الْفَنَاءِ. فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: ضَعِ الْمَفَاتِيحَ وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ. وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ الْحَجَّاجُ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: مَا بَعَثَ إِلَيَّ الأَمِيرُ إِلا وَقَدْ عَرِفَ اسْمِي، قَالَ: مَتَى نَزَلْتَ هَذَا الْبَلَدَ؟ قُلْتُ: لَيَالِيَ نَزَلَهُ أَهْلُهُ، قَالَ: إِنِّي مُسْتَعْمِلُكَ عَلَى السِّلْسِلَةِ، قُلْتُ: إِنَّ السِّلْسِلَةَ لا تَصْلُحُ إِلا برجالٍ يَعْمَلُونَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا أَنَا فَرَجُلٌ ضَعِيفٌ أَخْرَقُ، أَخَافُ بِطَانَةَ السُّوءِ، فَإِنْ يَعْفِنِي الأَمِيرُ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَإِنْ يُقْحِمْنِي أَقْتَحِمْ، إِنِّي وَاللَّهِ لأَتَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَذْكُرُ الأَمِيرَ، فَلا أَنَامُ حَتَّى أُصْبِحَ، وَلَسْتُ لَهُ عَلَى عَمَلٍ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ النَّاسَ هَابُوا أَمِيرًا قَطُّ هَيْبَتَكَ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلا أَحْرَى عَلَى ذَمٍّ مِنِّي، وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنْ يُعْفِنِي الْأَمِيرُ، فَإِنْ وَجَدْنَا غَيْرَكَ أَعْفَيْنَاكَ، ثُمَّ قَالَ: انصرف، قال: فمضيت فغفلت على الْبَابِ كَأَنِّي لا أُبْصِرُ، فَقَالَ: أَرْشِدُوا الشَّيْخَ قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ أَبُو وَائِلٍ بَعْدَ الْجَمَاجِمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ مَاتَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. "حرف الصَّادِ": 48- صَالِحُ بْنُ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ الأَنْصَارِيُّ المدني1 -ع.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 259" والثقات لابن حبان "4/ 372، 373" والجرح والتعديل "4/ 399" وتهذيب التهذيب "4/ 387". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 43 عَنْ: أَبِيهِ، وَخَالِهِ عُمَرَ، وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَوَّاتٌ، وَالْقَاسِمُ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 49- صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ السَّكُونِيُّ الْحِمْصِيُّ1. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَغُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ، وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ. روى عنه: ابنه محمد، وعيسى بن أبي رزين، ومحمد بن زياد الألهاني، وعمرو بن حريث. وذكر أبو الحسن والد تمام الرازي أَنَّهُ كَانَ كَاتِبًا لِأَبِي عُبَيْدَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: رَأَيْتُ أبا عبيدة -رضي الله عنهم- يَمْسَحُ عَلَى فَرَاهِيجَتَيْنِ. رَوَاهُ جُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ عِيسَى أَيْضًا، فَرَوَى عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ، أَحَدُ الأَثْبَاتِ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ مَرْوَانَ -وَقَدْ ضُعِّفَ- عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي رَزِينٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ قُرْطٍ الثُّمَالِيِّ بِحِمْصَ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ دِمَشْقَ يُرِيدُ قِنَّسْرِينَ، فَلَمَّا تَغَدَّى قَالَ لَهُ ابْنُ قُرْطٍ: لَوْ نَزَعْتَ فَرَاهِيجَيْكَ وَتَوَضَّأْتَ، قَالَ: مَا نَزَعْتُهُمَا مُنْذُ خَرَجْتُ مِنْ دِمَشْقَ، وَلا أَنْزَعُهُمَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْهَا. تَفَرَّدَ بِهِ جُنَادَةُ، عَنْ عِيسَى، عَنْ صَالِحٍ، وَلا تَقُومُ بِهَؤُلاءِ الْحُجَّةُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ كَاتِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَمِيرًا لِأَبِي عُبَيْدَةَ عَلَى حِمْصَ. سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ، وَالنُّعْمَانَ بْنَ الرَّازِيَّةَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: بَقِيَ إِلَى وَسَطِ إِمْرَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ. صُدَيُّ بْنُ عَجْلانَ -ع- أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ2. يَأْتِي فِي الْكُنَى مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ. 50- صَفْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أمية بن خلف -م ن ق- الجمحي   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 405" والثقات لابن حبان "4/ 376". 2 انظر في أبي أمامة الباهلي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44 المكي1، زوج الدرداء بنت أبي الدرداء. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ عُمَرَ. وعنه: الزهري، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، وغيرهم. وثقه أحمد العجلي. قال عبد الملك بن أبي سليمان، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَلَقِيتُهُ بِالسُّوقِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمَتْنِهِ: "دُعَاءُ الرَّجُلِ مُسْتَجَابٌ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ"2. 51- صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ ابْنِ عُثْمَانَ الْحَجَبِيِّ3، -ع- القرشية العبدرية. يُقَالَ إِنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَهَّى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ. رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كِتَابَيْ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، فَهُوَ مُرْسَلٌ. وَرَوَتْ عَنْ: عَائِشَةَ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِنَّ. رَوَى عَنْهَا: ابْنُهَا مَنْصُورُ بْنُ صَفِيَّةَ -وَهُوَ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَبِيُّ- وَسَبْطُهَا وَمُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْحَجَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَقَتَادَةُ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ السَّهْمِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ معين: لم يسمع منها ابن جريح بل أدركها. وفي كِتَابِ ابْنِ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ، دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَبِهَا عِيدَانٌ فَكَسَرَهَا4.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 474" والجرح والتعديل "4/ 421" والثقات لابن حبان "4/ 380" والعجلي "228". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري في الأدب "625" ومسلم "الذكر والدعاء ح88". ". 3 انظر طبقات ابن سعد "8/ 469" والثقات لابن حبان "3/ 197" والعجلي "520" وتهذيب الكمال "3/ 1687". 4 انظر سنن ابن ماجه "2947" وهو صحيح. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 45 52- صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ1 -م د ن ق- أُخْتُ الْمُخْتَارُ الْكَذَّابُ، زَوْجَةُ ابْنِ عُمَرَ. رَوَتْ عَنْ: عُمَرَ، وَحَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهَا: سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَنَافِعٌ، وَحُمَيْدٌ الأَعْرَجُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُمْ. "حرف الضَّادِ": 53- ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م د ت- عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي مُوسَى، وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ، فِي الثِّقَاتِ. "حرف الطَّاءِ": 54- طارق بن شهاب ابن عبد شمس بن مسلمة3 -ع- الأحمسي البجلي. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَزَا غَيْرَ مَرَّةٍ فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ. وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَبِلالٍ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْكِبَارِ. رَوَى عَنْهُ: قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَمُخَارِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَغَزَوْتُ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ بِضْعًا وَأَرْبَعِينَ، أَوْ قَالَ: بِضْعًا وَثَلاثِينَ مِنْ بَيْنَ غزوة أو سرية4.   1 انظر طبقات ابن سعد 8/ 472" والثقات للعجلي "520" وتهذيب الكمال "3/ 1687" والإصابة "4/ 351". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 103" والجرح والتعديل "4/ 469" والثقات لابن حبان "4/ 390" وتهذيب الكمال "13/ 255-256". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 66" والجرح والتعديل "4/ 485" والثقات لابن حبان "3/ 401" وسير أعلام النبلاء "3/ 486". 4 انظر مسند أحمد "4/ 314-315" والطيالسي "2/ 46" والطبراني في المعجم الكبير "8204". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 46 تُوُفِّيَ طَارِقٌ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَهَذَا وهمٌ فَاحِشٌ. 55- الطُّفَيْلُ بْنُ أُبَيِّ بن كعب1 -ت ق- يكنى أبا بطن لعظم بطنه. روى عنه: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وكان صديقا لابن عمر. وعنه: عبد الله بن محمد بن عقيل، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وغيرهما. قال ابن سعد: ثقة قليل الحديث. "حرف العين": 56- عابس بن ربيعة النخعي2 -ع- عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مُخَضْرَمًا. 57- عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدٍ السَّكُونِيُّ -د ن ق- الحمصي3. عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: أزهر الحرازي، وعمرو بْنُ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. وثقه الدارقطني. 58- عامر بن سعد -م د ت ن-البجلي الكوفي4.   1 انظر الطبقات لابن سعد "5/ 76-77" والجرح والتعديل "4/ 489-490" والثقات لابن حبان "4/ 397" وتهذيب الكمال "3/ 387-389". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 122" والجرح والتعديل "7/ 35" والثقات لابن حبان "5/ 285" وتهذيب الكمال "13/ 472". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 443" والجرح والتعديل "6/ 342" والثقات لابن حبان "5/ 235" وتهذيب الكمال "13/ 481". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 321" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 450" الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47 يَرْوِي عَنْ: أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَجَرِيرِ الْبَجَلِيِّ، وأبي هريرة. روى عنه: العيزار بن حريث، وإبراهيم بن عامر الجمحي، وأبو إسحاق السبيعي. 59- عباد بن زياد -م ن ن- أَخُو عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، أَبُو حَرْبٍ1. وَلِيَ إِمْرَةَ سِجِسْتَانَ لِمُعَاوِيَةَ بَعْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَكَانَ يَوْمَ مَرْجٍ رَاهِطٍ مَعَ مَرْوَانَ. وَلَهُ حَدِيثٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ يَرْوِيهِ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عَبَّادٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَحَمْزَةَ ابْنَيِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِمَا، لَكِنْ أَخْطَأَ مَالِكٌ فِيهِ، إِذْ نَسَبَ عَبَّادًا أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الصَّوَابِ2. وَسَيُعَادُ، فَإِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ. 60- عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ3 كَانَ عَظِيمَ الْقَدْرِ عِنْدَ وَالِدِهِ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْقَضَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ صَادِقَ اللَّهْجَةِ. كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ أَبَاهُ يَعْهَدُ إِلَيْهِ بِالْخِلافَةِ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِيهِ، وَجَدَّتِهِ أَسْمَاءَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى، وَابْنُ عَمِّهِ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَابْنُ أَخِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ حَمْزَةَ، وَابْنُ عَمِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وآخرون. 61- عبد الله بن أم أَوْفَى4 عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيُّ، ثُمَّ الأَسْلَمِيُّ، أَبُو إِبْرَاهِيمَ، وَيُقَالُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيُقَالُ أبو محمد صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَحَدُ مَنْ بَايَعَ بَيْعَةَ الرضوان، وله عدة أحاديث.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 80" وتاريخ الطبري "5/ 168، 315" والثقات لابن حبان "7/ 158" وتهذيب الكمال "14/ 119-122". 2 والحديث في صحيح مسلم "274". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 82" وتاريخ الطبري "1/ 159" والثقات لابن حبان "5/ 140" وللعجلي "247" وسير أعلام النبلاء "4/ 217". 4 انظر الطبقات لابن سعد "4/ 301-302" والجرح والتعديل "5/ 120" والثقات لابن حبان "3/ 222" وتاريخ الطبري "2/ 621، 3/ 411" وتهذيب الكمال "14/ 317-319" والإصابة "2/ 279-280". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 48 قَالَ أَبُو يَعْفُورٍ، عَنْهُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبع غزواتٍ نَأْكُلُ الْجَرَادَ1. وَبَلَغَنَا أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بكتابٍ مِنْ عُمَرَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ الْهَجَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ السَّكْسَكِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالأَعْمَشُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشيباني، وسعيد بن جهمان، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَخَلِيفَةُ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وثمانين. وقال البخاري: سنة سبعٍ أو ثمانٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْكُوفَةِ. وَمِمَّنْ مَاتَ فِي عَشْرِ الْمِائَةِ بِيَقِينٍ أَوْ تَجَاوَزَ الْمِائَةَ: 62- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بسر -ع- ابن أبي بسر، أبو صفوان المازني، نَزِيلُ حِمْصَ2. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَحْصُبِيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَسَّانُ بْنُ نُوحٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَغَزَا قُبْرُسَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ أَخُو عَطِيَّةَ بْنِ بُسْرٍ، وَالصَّمَّاءِ بِنْتِ بُسْرٍ، وَلَهُمْ وَلِأَبِيهِمْ صُحْبَةٌ. قَالَ حَرِيزٌ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ لَهُ جُمَّةٌ، لَمْ أَرَ عَلَيْهِ قَمِيصًا وَلا عِمَامَةً. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن محمد البغوي: ثنا زياد بْنُ أَيُّوبَ، ثنا مَيْسَرَةُ، ثنا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ وثيابه مشمرة، ورداؤه فوق القميص، وشعره   1 خبر صحيح: أخرجه البخاري "الصيد بأكل الجراد" ومسلم "1952" وأبو داود "2/ 38" والنسائي "7/ 210" والترمذي "1822". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 413" والجرح والتعديل "5/ 11" والثقات لابن حبان "3/ 232-233" وتهذيب الكمال "14/ 333- 335. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 49 مفروقٌ يغطي أذنيه، وَشَارِبَهُ مَقْصُوصٌ مَعَ الشَّفَةِ، وَكُنَّا نَقِفُ عَلَيْهِ وَنَتَعَجَّبُ لَهُ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: رَأَيْتُ فِي جَبْهَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَثَرَ السُّجُودِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: ثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، أَبُو حَيْوَةَ شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "يَعِيشُ هَذَا الْغُلامُ قَرْنًا". فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةً1. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَنْمَاطِيُّ، ثنا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا حَيْوَةُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَلَفْظُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ: "يَعِيشُ هَذَا الْغُلامُ قَرْنًا" فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةً. وَكَانَ فِي وَجْهِهِ ثُؤْلُولٌ، فَقَالَ: "لا يَمُوتُ هَذَا الْغُلامُ حَتَّى يَذْهَبُ هَذَا الثُّؤْلُولُ" فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى ذَهَبَ2. وَقَالَ عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ شَامَةً فِي قَرْنِهِ، فَوَضَعْتُ إِصْبَعِي عَلَيْهَا، فَقَالَ: وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِصْبَعَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: "لَتَبْلُغَنَّ قَرْنًا". رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ3. وَقَالَ جُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحِمْصِيُّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ: أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَنَا حَيْسًا4 وَدَعَا لَنَا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَأَنَا غُلامٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي، ثُمَّ قَالَ: "يَعِيشُ هَذَا الْغُلَامُ قَرْنًا". قَالَ: فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةً5. رَوَى نَحْوَهُ سَلَمَةُ بْنُ جَوَّاسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ فِي قَرْيَتِهِ، وَزَادَ فِيهِ: فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمِ الْقَرْنُ؟ قَالَ: "مِائَةُ سَنَةٍ". وَرَوَى صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ: سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ: كَيْفَ حَالُنَا مِنْ حَالِ مَنْ قَبْلَنَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لَوْ نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ مَا عَرَفُوكُمْ إلا أن يجدوكم قيامًا تصلون.   1 أخرجه الحاكم "4/ 500" والبيهقي في الدلائل "6/ 503". 2 أخرجه الحاكم "4/ 500". 3 أخرجه أحمد "4/ 188". 4 طعام فيه لبن وتمر وسمن. 5 تقدم انظر رقم "1". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 50 وَقَالَ يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ هَاشِمٍ الطَّائِيَّةُ قَالَتْ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَتَوَضَّأُ فَخَرَجَتْ نَفْسُهُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالشَّامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ، وَلَهُ أربعٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً، وَرَّخَهُ فِيهَا جَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدمشقي: توفي سَنَةِ مِائَةٍ. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ الْقَاضِي: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 63- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بن صعير العذري1 -خ د ن- أبو محمد المدني، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَعَى ذَلِكَ. وَقِيلَ: بَلْ وُلِدَ عَامَ الْفَتْحِ، وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ. وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ، وَأَبِيهِ ثَعْلَبَةَ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَأَخُو الزُّهْرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ. وَكَانَ شَاعِرًا نَسَّابَةً. قَالَ مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: إِنَّهُ كَانَ يُجَالِسُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ، وَكَانَ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْأَنْسَابَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَسَأَلَهُ عَنْ شيءٍ مِنَ الْفِقْهِ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ هَذَا فَعَلَيْكَ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَطَائِفَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَثَمَانِينَ. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. 64- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ -د ن ق- أبو الحارث الزبيدي2.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 19-20" والثقات لابن حبان "3/ 246" وتهذيب الكمال "14/ 353-355" وسير أعلام النبلاء "3/ 503". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 497" والثقات لابن حبان "3/ 239" وتهذيب الكمال "14/ 392-393". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 51 شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَسَكَنَهَا، وَهُوَ آخِرُ الصَّحَابَةِ بِهَا مَوْتًا. لَهُ أَحَادِيثُ. رَوَى عَنْهُ الأَئِمَّةُ: عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي جبيب، وعمرو بن جابر الضرمي، وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ بِقَرْيَةِ سَفْطِ الْقُدُورِ مِنْ أَسْفَلِ مِصْرَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، وَقَدْ عَمِيَ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ سبعٍ، أَوْ سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَهُوَ ابْنُ أَخِي مَحْمِيَّةَ بْنِ جَزْءٍ. 65- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحارث بن نوفل -ع- ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ النوفلي المدني، نزيل البصر. وَلَقَبُهُ بَبَّهْ1. فَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ أُمَّهُ، وَهِيَ هِنْدٌ أُخْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ كَانَتْ تُنَقِّزُهُ وَتَقُولُ: يَا ببه يَا ببه: ... لَأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جَارِيَةً خِدَبَّهْ ... تَسُودُ أَهْلَ الْكَعْبَهْ اصْطَلَحَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ عَلَى تَأْمِيرِهِ عَلَيْهِمْ عِنْدَ هُرُوبِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ إِلَى الشَّامِ، وَكَتَبُوا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بِالْبَيْعَةِ لَهُ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهِمْ روى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَالْعَبَّاسِ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَأُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَجَمَاعَةٍ. وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَهُوَ مَوْلاهُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَآخَرُونَ.   1 طبقات ابن سعد "5/ 24، 74/ 100" والجرح والتعديل "5/ 30-31" والثقات لابن حبان "5/ 9" وتاريخ الطبري "1/ 447، 2/ 319". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 52 وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَّهَ ثِقَةٌ تَابِعِيٌّ، أُتِيَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَفَلَ فِي فِيهِ وَدَعَا لَهُ1. قَالَ: وَخَرَجَ هَارِبًا مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى عُمَانَ مِنَ الْحَجَّاجِ عِنْدَ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ فَمَاتَ بِعُمَانَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاث. 66- عبد الله بن الحارث الزبيدي -م4- الكوفي المكتب2. رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَطَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ. وعنه: حميد الأعرج الكوفي لا الْمَدَنِيُّ، وَأَبُو سُفْيَانَ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ. قال ابن معين: ثبت. 67- عبد الله بن خليفة الهمداني3 الكوفي -ق- روى عَنْ: عُمَرَ، وَجَابِرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَابْنُهُ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. وَلَهُ رِوَايَةٌ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مَاجَهْ. 68- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْخَلِيلِ -4- وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي الْخَلِيلِ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ5. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَالأَعْمَشُ. 69- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رُبَيِّعَةَ بْنِ فرقد السلمي5 -د ن.   1 انظر الطبقات "5/ 24". 2 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 466" والجرح والتعديل "5/ 31" والثقات لابن حبان "5/ 24" وتهذيب الكمال "14/ 402". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 230" والجرح والتعديل "5/ 45" والثقات لابن حبان "5/ 3، 29" وتهذيب الكمال "14/ 457-458". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 230" والجرح والتعديل "4/ 45" والثقات لابن حبان "5/ 13، 29" وتهذيب الكمال "14/ 457-458". 5 انظر الطبقات "6/ 196"، والجرح والتعديل "5/ 54"، والثقات لابن حبان "5/ 61" وتهذيب الكمال "14/ 494-495". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 53 يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَحَدِيثُهُ مُرْسَلٌ. وَلَهُ عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ، وابن عباس. روى عنه: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعمرو بن ميمون الأودي، ومنصور بن المعتمر ابن أخي عتاب بن ربيعة السلمي، وعطاء بن السائب، وعلي بن الأقمر. وقال شعبة: عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُبَيِّعَةَ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. تُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ بَعْدَ الثَّمَانِينَ تَقْرِيبًا. وَرُبَيِّعَةُ مُشَدَّدٌ. 70- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ سُلَيْمٍ -وَيُقَالُ ابْنُ الأَسْلَمِ- بْنِ الأَعْشَى أَبُو كَبِيرٍ، وَيُقَال أَبُو سَعْدٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ الشَّاعِرُ1. وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ فَامَتَدَحَهُمَا. وَضَبَطَ اسْمَ أَبِيهِ عَبْدَ الْغَنِيِّ وَغَيْرَهُ، وَقَالَ: هُوَ الشَّاعِرِ الَّذِي أَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ مُسْتَحْمَلا، فَحَرَمَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إليك، قال: وهو وراكبها. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيَّ دَخَلَ عَلَى مُصْعَبٍ بِالْعِرَاقِ، فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ: أَنْتَ الْقَائِلُ: إِلَى رجبٍ أَوْ غُرَّةِ الشَّهْرِ بَعْدَهُ ... تُوَافِيكُمْ بِيضُ الْمَنَايَا وَسُودُهَا ثَمَانِينَ أَلْفًا دِينُ عُثْمَانَ دِينُهَا ... مُسَوَّمَةً جِبْرِيلُ فِيهَا يَقُودُهَا فَفَزِعَ وَقَالَ: نَعَمْ أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَعْظَمَ جَائِزَتَهُ. يقال: مات في أيام الحجاج. 71- عبد الله بن زرير -د ن ق- الغافقي المصري2.   1 انظر مروج الذهب "1816، 1898، 2061" والأغاني "14/ 220" والبداية والنهاية "8019، 81". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 85" والجرح والتعديل "5/ 93" والثقات لابن حبان "3/ 330" وتهذيب الكمال "15/ 13-14" وسير أعلام النبلاء "3/ 426". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 54 رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ. روى عنه: عياش القتباني، ومرثد بن عبد الله اليزني، وبكر بن سوادة، وعبد الله بن هبيرة، والحارث بن يزيد، وغيرهم. توفي سنة ثمانين، وقيل سنة إحدى وثمانين. وقد مر اسمه. 72- عبد الله بن سرجس -م4- المزني البصري1، حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ. لَهُ صُحْبَةٌ، صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَغْفَرَ لَهُ2. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، وَقَتَادَةُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صُحْبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لا يَخْتَلِفُونَ فِي ذِكْرِهِ فِي الصَّحَابَةِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي اللِّقَاءِ وَالسَّمَاعِ، وَأَمَّا عَاصِمٌ فَأَحْسَبُهُ أَرَادَ الصُّحْبَةَ الَّتِي يَذْهَبُ إِلَيْهَا الْعُلَمَاءُ، وَأُولَئِكَ قَلِيلٌ كَالْعَشَرَةِ. 73- عَبْدُ الله بن شداد بن الهاد الليثي -ع- المدني، أبو الوليد3. كَانَ يَأْتِي الْكُوفَةَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ سَلْمَى بِنْتُ عُمَيْسٍ تَحْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، -رَضِيَ الله عنهم-، فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ تَزَوَّجَهَا شَدَّادٌ، فَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللَّهِ، وَمُعَاذٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ، وَمَنْصُورٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ الدهني، وذر الهمداني.   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 58" والجرح والتعديل "5/ 93" والثقات لابن حبان "3/ 230" وتهذيب الكمال "15/ 13-14". 2 خبر صحيح أخرجه مسلم "2346". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 61، 6/ 126" والجرح والتعديل "5/ 80" والثقات لابن حبان "5/ 20" وتهذيب الكمال "15/ 81-85". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55 وَعَدَّهُ خَلِيفَةُ فِي تَابِعِيِّ أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الأُولَى مِنْ تَابِعِيِّ أهل المدينة: روى عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ شِيعيًّا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ يَأْتِي الْكُوفَةَ كَثِيرًا فَيَنْزِلُهَا، وَخَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ فَقُتِلَ لَيْلَةَ دُجَيْلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السائب: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي قُمْتُ عَلَى الْمِنْبَرِ مِنْ غدوةٍ إِلَى الظُّهْرِ، فَأَذْكُرُ فَضَائِلَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السلام، ثم أنزل فتضرب عنقي. رواها خَالِدٌ الطَّحَّانُ، ثنا عَطَاءٌ، فَذَكَرَهَا. 74- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ لَمْ يَلْحَقِ الرِّوَايَةَ عَنْ أَبِيهِ1. وَرَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مِنَ الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. 75- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ضَمْرَةَ السَّلُولِيُّ2 -ت ق- عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ. وَعَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَعَطَاءُ بْنُ قُرَّةَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ أَخُو عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ. 76- عَبْدُ الله بن أبي طلحة -م ن- زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حِزَامٍ3، وَالِدُ الْفَقِيهِ إسحاق، وأخو أنس بن مالك لأمه. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّ سليم ليلة مات ابنها، فأصبح   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 81-82" وتاريخ أبي زرعة "1/ 431" وأسد الغابة "3/ 183" والوافي بالوفيات "17/ 207". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 88" والثقات لابن حبان "5/ 34، 51" وللعجلي "262" وتهذيب الكمال "15/ 129-130". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 74-76" والجرح والتعديل "5/ 75" والثقات لابن حبان "3/ 243، 5/ 13" وتهذيب الكمال "15/ 133، 134". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 56 أَبُو طَلْحَةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ فِي لَيْلَتِكُمْ" 1. وَقِيلَ إِنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي تُوُفِّيَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ هُوَ أَبُو عُمَيْرٍ الَّذِي مَازَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمَّا وُلِدَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا قَالَ أَنَسٌ: حَمَلْتُهُ وَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْسَلَتْنِي بِهِ أُمِّي وَأَرْسَلَتْ مَعِي تَمْرَاتٍ فَحَنَّكَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا بَعْدَ أَنْ مَضَغَهَا، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ. تُوُفِّيَ عبد الله بالمدينة زمن الوليد، وقيل: قُتِلَ بِفَارِسٍ، وَكَانَ لَهُ عَشَرَةُ أَوْلادٍ كُلُّهُمْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَرَوَى أَكْثَرُهُمُ الْعِلْمَ، وَاشْتَهَرَ مِنْهُمْ إِسْحَاقُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، رَوَيَا عَنْهُ. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو طُوَالَةَ، وَسُلَيْمَانُ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ، وَأَخِيهِ أَنَسٍ. 77- عَبْدُ الله بن عامر بن ربيعة بن -ع- محمد العنزي2، وَعَنْزٌ أَخُو بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ الْمَدَنِيِّ حَلِيفِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. اسْتَشْهَدَ أَخُوهُ وَسَمِيُّهُ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ الطَّائِفِ، وَكَانَ أَبُوهُ عَامِرٌ من كبار الصحابة. روى عنه: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. وولد سنة ست من الهجرة، وروى عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ كَوْنِ الْحَدِيثِ فِيهِ إِرْسَالٌ هُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ3. رَوَى عَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ عُبَيدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ الْوَقَّاصِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ. 78- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيُّ4 -م4- قيل إنه توفي سنة ثمانٍ وثمانين،   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 345" ومسلم "2144" وابن سعد في طبقاته "5/ 54، 8/ 317". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 9" والجرح والتعديل "5/ 122" والثقات لابن حبان "3/ 219، 5/ 61" وتهذيب الكمال "15/ 140-141". 3 انظر في سنن أبي داود "4991" كتاب الأدب باب في التشديد في الكذب. 4 انظر الكبرى لابن سعد "6/ 113-115" والجرح والتعديل "5/ 121" والثقات لابن حبان "3/ 247" وتهذيب الكمال "15/ 317-320". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 57 وَاخْتَلَفُوا فِي صُحْبَتِهِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل مَوْتِهِ بِشَهْرَيْنِ: $"لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ"1. رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ مُوسَى الْجُهَنِيُّ، عَنِ ابْنَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَتْ: كَانَ أَبِي يُحِبُّ عُثْمَانَ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى يُحِبُّ عَلِيًّا وكان مُتَآخِيَيْنِ، فَمَا سَمِعْتُهُمَا يَذْكُرَانُهُمَا بشيءٍ قَطُّ، إِلا أَنِّي سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَوْ أَنَّ صَاحِبَكَ صَبَرَ أَتَاهُ النَّاسُ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ قَدْ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 79- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ غَيْلانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ2. نَزَلَ دِمَشْقَ، وَوَلاهُ مُعَاوِيَةَ إِمْرَةَ الْبَصْرَةِ. وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وغيرهما. روى عنه: يزيد بن ظبيان الجنبي، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية، وقتادة بن دعامة. ولي البصرة بعد سمرة بن جندب سنة خمسٍ وخمسين. 80- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ أَبُو الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ الدمشقي القاري3. رأى عثمان، وَرَوَى عَنْ: أَبِي جُمْعَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَبَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ، وَكَعْبٍ. روى عنه: الزهري، ورجاء بن أبي سلمة. يحول من هذه الطبقة، فإن عمر بن عبد العزيز استعمله في شيءٍ. 81- عبد الله بن غالب الحداني -ت بخ- البصري، عَابِدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقَاصُّهُمْ4، يُكَنَّى أَبَا فِرَاسٍ، وقيل أبا قريش.   1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "4147" والنسائي "2/ 192" وابن ماجه "3613" والبيهقي "1/ 14" وأحمد "4/ 310-311". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 117" والثقات لابن حبان "5/ 67" وتاريخ الطبري "5/ 216" ولسان الميزان "3/ 322". 3 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 68" والجرح والتعديل "5/ 125" والوافي بالوفيات "17/ 391". 4 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 225" والجرح والتعديل "5/ 134" والثقات لابن حبان "5/ 20" وتهذيب الكمال "15/ 419-423". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58 لَهُ عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حديثٌ وَاحِدٌ. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ السُّلَمِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، وَعَوْنُ بْنُ أَبِي شَدَّادٍ، وَأَبُو مُسْلِمَةَ سَعِيدُ بن يزيد، وقتادة، والقاسم ابن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، وَأَبِي الْمَكَارِمِ اللَّبَّانِ قَالا: أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو بَحْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ الْحُدَّانِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَصْلَتَانِ لا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: الْبُخْلُ، وَسُوءُ الْخُلُقِ"1. وَأُنْبِئْتُ عَنِ اللَّبَّانِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا صَدَقَةُ بِهَذَا، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الْفَلاسِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ: ثنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، ثنا عَوْنُ بْنُ أَبِي شَدَّادٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَالِبٍ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى مِائَةَ رَكْعَةٍ وَيَقُولُ: لِهَذَا خُلِقْنَا وَبِهَذَا أُمِرْنَا، وَيُوشِكُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ أَنْ يُكْفَوْا وَيُحْمَدُوا. قَالَ نَصْرٌ: وَنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ خَالِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَالِبٍ كان يقص ي الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ عَلَيْهِ الْحَسَنُ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَى أَصْحَابِكَ. فَقَالَ: مَا أَرَى أَعْيُنَهُمُ انْفَقَأَتْ، وَلا ظُهُورَهُمُ انْدَقَّتْ، وَاللَّهُ يَأْمُرُنَا يَا حَسَنُ أَنْ نَذْكُرَهُ كَثِيرًا، وَتَأْمُرُنَا أَنْ نَذْكُرَهُ قَلِيلا {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 9] ، ثُمَّ سَجَدَ. قَالَ الْحَسَنُ: بِاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، مَا أَدْرِي أَسْجُدُ أَمْ لا. قَالَ غَسَّانُ بْنُ مُضَرٍ: ثنا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَجَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ، وَمَضَى رَجُلٌ إِلَى الْجِسْرِ فَاشْتَرَى حَاجَةً وَرَجَعَ، وَهُوَ سَاجِدٌ. جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ غَالِبٍ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ سَفَهَ أَحْلامِنَا، وَنَقْصَ عِلْمِنَا، وَاقْتِرَابَ، آجَالِنَا، وَذَهَابَ الصَّالِحِينَ مِنَّا. الْقَوَارِيرِيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَبُو فُلانٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الزاوية رأيت ابن   1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "1962" والبخاري في الأدب "282" وأبو نعيم في الحلية "2/ 389" وفي إسناده صدقه بن موسى: ضعيف لسوء حفظه انظر الضعيفة "1119". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 59 غَالِبٍ دَعَا بماءٍ فَصَبَّهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَكَانَ صَائِمًا فِي الْحَرِّ، وَحَوْلَهُ أَصْحَابُهُ، فَكَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: رُوحُوا إِلَى الْجَنَّةِ، فَنَادَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ: أَبَا فِرَاسٍ أَنْتَ آمِنٌ أَنْتَ آمِنٌ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ، وَضَرَبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا دُفِنَ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ كَأَنَّهُ مسكٌ يَصُرُّونَهُ فِي ثِيَابِهِمْ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ فِي الْجَمَاجِمِ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. 82- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخٍ1. سَمِعَ: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلامٍ الأَسْوَدُ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَزَيْدُ بْنُ سَلامٍ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ شَامِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَى عَنْهُ مُبَارَكٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَهُوَ مَجْهُولٌ. قُلْتُ: مَا هُوَ بِمَجْهُولٍ. 83- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فيروز الديلمي -د ن ق- أبو بشر2، وقيل أبو بسر، أَخُو الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ. عَنْ: أَبِيهِ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: وَهْبُ بْنُ خَالِدٍ الْحِمْصِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، ويحيى بن أبي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ يَسْكُنُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: كُنْتُ ثَالِثَ ثَلاثَةٍ مِمَّنْ يَخْدِمُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 137" والعلل لابن أبي حاتم "1882" والثقات للعجلي "271" وتهذيب الكمال "15/ 424-427". 2 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 336-338، 601" والثقات لابن حبان "5/ 23" وتهذيب الكمال "15/ 435-437" والإصابة "3/ 138-139. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 60 84- عبد الله بن قيس بن مخرمة -م4- بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ القرشي المطلبي المدني1. قِيلَ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عُمَرَ، وزيد بن خالد الجهني. روى عنه: ابنه المطلب، وإسحاق بن يسار أبو محمد، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. ووفد على عبد الملك، وكان قاضي المدينة في أيامه، وولي له بالبصرة أيضا. 85- عبد الله بن معانق أبو معانق الأشعري الشامي2، وقيل الأزدي روى عَنْ: أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، وَعَبْدِ الله بن سلام. وعنه: شهر بن حوشب، ويحيى بن أبي كثير، وأبو سلام ممطور، وبسر بن عبيد الله. قال البرقاني، عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ: مَجْهُولٌ لا شَيْءٌ، قَالَ: أَمَّا الْجَهَالَةُ فَمَعْدُومَةٌ. 86- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مقرن -سوى ق- المزني3، أبو الوليد الكوفي. لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. روى عنه: أبو إسحاق، وعبد الملك بن عمير، ويزيد بن أبي زياد، وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم. قَالَ أَحْمَد العجلي: ثقة من خيار التابعين، وَقَالَ: تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وثمانين.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 239" والثقات لابن حبان "5/ 10، 44" وتهذيب الكمال "15/ 453-456". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 168" والثقات لابن حبان "5/ 36" وتهذيب الكمال "2/ 744" وميزان الاعتدال "2/ 506". 3 انظر الطبقات لابن سعد "6/ 175" والجرح والتعديل "5/ 169" والثقات لابن حبان "5/ 35" وتهذيب الكمال "2/ 745". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 61 87- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -م4- رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 88- عَبْدُ اللَّهِ بن نجي الحضرمي -د ن ق- الكوفي2 عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَحُذَيْفَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، وَالْحَارِثُ الْعِجْلِيُّ، وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 89- عَبْدُ اللَّهِ بن أبي الهذيل3 -م ت ن- أبو المغيرة العنزي الكوفي، الْعَابِدُ الْوَرِعُ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْكِبَارِ. رَوَى عَنْهُ: الأَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَوَاصِلُ الأَحْدَبُ، وَأَبُو التَّيَّاحِ الضُّبَعِيُّ وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ أَبُو التَّيَّاحِ: مَا رَأَيْتُهُ إِلا وَكَأَنَّهُ مذعور. وقال العوام بن حوشب: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ: إِنِّي لأَتَكَلَّمُ حَتَّى أَخْشَى اللَّهَ، وَأَسْكُتُ حَتَّى أَخْشَى اللَّهَ 90- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ آدَمَ الْبَصْرِيُّ -م د- صاحب السقاية4، وهو إن شاء   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 173" والثقات لابن حبان "5/ 36" وتهذيب الكمال "2/ 744" وميزان الاعتدال "2/ 5074". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 234" والجرح والتعديل "5/ 184" والثقات لابن حبان "5/ 30" وللعجلي "282". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 115-116" وتاريخ أبي زرعة "1/ 626" والجرح والتعديل "5/ 196" والثقات لابن حبان "5/ 25" وتهذيب الكمال "2/ 750" وسير أعلام النبلاء "4/ 170-171". 4 انظر الجرح والتعديل "5/ 209" والثقات لابن حبان "5/ 83" وتهذيب الكمال "2/ 773" وسير أعلام النبلاء "4/ 252". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 62 اللَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ، أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُرْثُنٍ، أَوِ ابْنِ بُرْثُمٍ، وَكَانَتْ أُمُّ بُرْثُنٍ قَدْ تَبَنَّتْهُ، وَهُوَ مَجْهُولُ الأَبِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ آدَمَ، إِنَّمَا نُسِبَ إِلَى آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ. قُلْتُ: رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَابِرٍ. وعنه: أبو العالية الرياحي -وهو أكبر منه- وقتادة، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي. قال المدائني: استعمل عبيد الله بن زياد عبد الرحمن بن أُمِّ بُرْثُنٍ، ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ، فَعَزَلَهُ وَأَغْرَمَهُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَخَرَجَ إِلَى يَزِيدَ، قَالَ: فَنَزَلْتُ عَلَى مرحلةٍ مِنْ دِمَشْقَ، وَضُرِبَ لِيَ خِبَاءٌ وَحُجْرَةٌ، فإني لجالسٌ إذا كلبٌ سلوقي قد دخل في عنقه طوقٌ من ذهب، فأخذته، وطلع فارسٌ، فلما رأيته هبته، فأدخلته الحجرة، وأمرت بفرسه فجرد، فلم ألبث أَنْ تَوَافَتِ الْخَيْلُ، فَإِذَا هُوَ يَزِيدُ بن معاوية، فقال لي بعدما صَلَّى: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ كَتَبْتُ لَكَ مِنْ مَكَانِكَ، وَإِنْ شِئْتَ دَخَلْتَ. قَالَ: فَأَمَرَ فَكَتَبَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنْ رُدَّ عَلَيْهِ مِائَةَ ألفٍ، فَرَجَعْتُ، قَالَ: وَأَعْتَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يومئذٍ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كُتِبَ لَهُ فِيهِ الْكِتَابُ ثَلاثِينَ مَمْلُوكًا، وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ مَعِي فَلْيَرْجِعْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَأَلَّهُ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَرَمَى غُلامًا لَهُ يَوْمًا بِسَفُّودٍ فَأَخْطَأَهُ، وَأَصَابَ ابْنَهُ، فَنَثَرَ دِمَاغَهُ، فَخَافَ الْغُلامُ، فَدَعَاهُ وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِكَ لِأَنِّي رَمَيْتُكَ مُتَعَمِّدًا، فَلَوْ قَتَلْتُكَ هَلَكْتُ، وَأَصَبْتَ ابْنِي خَطَأً، ثُمَّ عَمِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بعدٌ، وَمَرِضَ، فَدَعَا اللَّهَ أَنْ لا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْحَكَمُ، يَعْنِي ابْنَ أَيُّوبَ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ، وَمَاتَ فِي مَرَضِهِ، وَشُغِلَ الْحَكَمُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: إِنَّ أُمَّ بُرْثُنٍ كَانَتْ تُعَالِجُ الطِّيبَ، وَتُخَالِطُ نِسَاءَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَأَصَابَتْ غُلامًا لَقَطَتْهُ فَرَبَّتْهُ وَتَبَنَّتْهُ، وَسَمَّتْهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَنَشَأَ، فَوَلاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمِّ بُرْثُنٍ. قُلْتُ: وَكَانَ الْحَكَمُ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ الأَشْعَثِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ هَرَبَ الْحَكَمُ وَلَحِقَ بِالْحَجَّاجِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَاتَ قَبْلَ خُرُوجِ ابْنِ الأَشْعَثِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 63 91- عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني -م4- البصري القاضي1 رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: دَرَّاجٌ أَبُو السَّمْحِ، وَالْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَنَضْلَةُ بْنُ كُلَيْبٍ. وَكَانَ أَمِيرُ مِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَدْ جَمَعَ لَهُ الْقَضَاءَ وَالْقَصَصَ وَبَيْتَ الْمَالِ، وَكَانَ رِزْقُهُ فِي الْعَامِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَلا يَدَّخِرُهَا، رَحِمَهُ اللَّهُ. كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. 92- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ -4- الْهَمْدَانِيُّ2 كَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ يَوْمَ الزَّاوِيَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. رَوَى عَنْهُ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَقَبَّانُ النَّهْمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقِيلَ: كَانَ يَوْمُ الزَّاوِيَةِ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَغَيْرِهِ. 93- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي ليلى -ع- أَبُو عِيسَى الأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ، وَيُقَالُ أَبُو مُحَمَّدٍ الفقيه المقرئ3. روى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأُبَيّ بن كعب، وَصُهَيْبٍ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدِ بن عبادة، وأبي أيوب، وَالْمِقْدَادِ -وَرِوَايَتِهِ عَنْ مُعَاذٍ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، ولم يلحقه- وطائفة سواهم. ولأبيه صحبة.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 227" والثقات لابن حبان "5/ 96" وتهذيب الكمال "2/ 782-783". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 230" والجرح والتعديل "5/ 270" والثقات لابن حبان "5/ 99" وتهذيب الكمال "2/ 808-809". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 109-113" والجرح والتعديل "5/ 301" والثقات لابن حبان "5/ 100" وتهذيب الكمال "2/ 813-814". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 64 وُلِدَ فِي وَسَطِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَهُوَ يَصْغُرُ عن السماع عنه، بَلْ رَآهُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالأَعْمَشُ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ الْقُرْآنَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ كَأَنَّهُ أَمِيرٌ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: كُنَّا إِذَا قَعَدْنَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ لِرَجُلٍ: اقْرَأِ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَدُلُّنِي عَلَى مَا تُرِيدُونَ، نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا، وَهَذِهِ فِي كَذَا. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: أَدْرَكْتُ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الأَنْصَارِ، إِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ شيءٍ وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ1. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ أَبِي لَيْلَى عَلَى الْقَضَاءِ، ثُمَّ عَزَلَهُ، ثُمَّ ضُرِبَ لَيَسُبَّ عليًّا -رضي الله عنهم- وَكَانَ قَدْ شَهِدَ النَّهْرَوَانَ مَعَ عَلِيٍّ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ أَنَّ النِّسَاءَ وَلَدْنَ مِثْلَ هَذَا. قُلْتُ: وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَدْ خَرَجَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فِيمَنْ خَرَجَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَغَرِقَ لَيْلَةَ دُجَيْلَ، وَقِيلَ: قُتِلَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَاجِمِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ، وَقِيلَ: ابْنُ بِلالٍ، وَقِيلَ ابْنُ دَاوُدَ بْنِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلاحِ بْنِ الْحَرِيشِ بْنِ جَحْجَبَا بْنِ كَلْفَةَ. وَقَالَ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَفَدَ أَبِي عَلَى مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ شُعْبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: صَحِبْتُ عَلِيًّا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُونَ عَنْهُ بَاطِلٌ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَقَدْ ضَرَبَهُ الْحَجَّاجُ، وَكَأَنَّ ظَهْرَهُ مِسْحٌ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى ابْنِهِ، وَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ: الْعَنِ الْكَذَّابِينَ، فَيَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ الْكَذَّابِينَ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب، عَبْد اللَّه بْن الزبير، المختار ابن أَبِي عُبَيْدٍ. قَالَ: وَأَهْلُ الشَّامِ كَأَنَّهُمْ حَمِيرٌ لا يَدْرُونَ مَا يَقُولُ، وَهُوَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اللعن.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 110". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 65 وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: افْتُقِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمَسْكِنَ. وَقَالَ شُعْبَةُ: قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَاقْتَحَمَ بِهِمَا فَرَسَاهُمَا الْفُرَاتَ، فَذَهَبَا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قُتِلَ بِوَقْعَةِ الْجَمَاجِمِ. 94- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ بن قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، أَمِيرُ سِجِسْتَانَ1. قَدْ ذَكَرْنَا حُرُوبَهُ لِلْحَجَّاجِ، وَآخِرُ الأَمْرِ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى الْمَلِكِ رُتْبِيلَ، فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو: لا أَدْخُلُ مَعَكَ لِأَنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ، وَكَأَنِّي بِكِتَابِ الْحَجَّاجِ قَدْ جَاءَ إِلَى رُتْبِيلَ يُرَغِّبُهُ وَيُرْهِبُهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ بَعَثَ بِكَ سَلْمًا أَوْ قَتَلَكَ، وَلَكِنْ هَا هُنَا خَمْسَمِائَةٍ قَدْ تَبَايَعْنَا عَلَى أَنْ نَدْخُلَ مَدِينَةً وَنَتَحَصَّنُ فِيهَا، وَنُقَاتِلُ حَتَّى نُعْطَى أَمَانًا أَوْ نَمُوتُ كِرَامًا، فَقَالَ: أَمَّا لَوْ دَخَلْتَ مَعِي لَوَاسَيْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ. فَأَبَى عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى رُتْبِيلَ، وَأَقَامَ الْخَمْسُمِائَةٍ حَتَّى قَدِمَ عُمَارَةُ بْنُ تَمِيمٍ، فَقَاتَلُوا حَتَّى أَمَّنَهُمْ وَوَفَى لَهُمْ. وَتَتَابَعَتْ كُتُبُ الْحَجَّاجِ إلى رتبيل في شأن ابن الأشعث، إلا أَنْ بَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ، وَتَرَكَ لَهُ الْحِمْلَ الَّذِي كَانَ يُؤَدِّيهِ سَبْعَ سِنيِنَ. وَيُرْوَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَصَابَهُ سُلٌّ وَمَاتَ، فَقَطَعُوا رَأْسَهُ، وَبَعَثُوا بِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ. وَيُرْوَى أَنَّ الْحَجَّاجَ بَعَثَ إِلَى رُتْبِيلَ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ عُمَارَةَ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا يَطْلُبُونَ ابْنَ الأَشْعَثِ، فَأَبَى أَنْ يُسَلِّمَهُ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ عُبَيْدُ بْنُ أَبِي سُبَيْعٍ، فَأَرْسَلَهُ مَرَّةً إِلَى رُتْبِيلَ، فَخَفَّ عَلَى رُتْبِيلَ، وَاخْتَصَّ بِهِ، فَقَالَ القاسم بن محمد بن الأشعث لأخيه: إِنِّي لا آمَنُ غَدْرَ هَذَا، فَاقْتُلْهُ، فَهَمَّ بِهِ، وَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَخَافَ، فَوَشَى بِهِ إِلَى رُتْبِيلَ، وَخَوَّفَهُ الْحَجَّاجَ، وَهَرَبَ سِرًّا إِلَى عُمَارَةَ، فاستعجل فِي ابْنِ الأَشْعَثِ أَلْفَ أَلْفٍ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ عُمَارَةُ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ أَعْطِ عُبَيْدًا وَرُتْبِيلَ مَا طَلَبَا، فَاشْتَرَطَ أَشْيَاءَ فَأُعْطِيَهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ وَإِلَى ثَلاثِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَدْ أَعَدَّ لَهُمُ الْجَوَامِعَ وَالْقُيُودَ فَقَيَّدَهُمْ، وَأَرْسَلَهُمْ جَمِيعًا إِلَى عُمَارَةَ، فَلَمَّا قَرُبَ ابْنُ الأَشْعَثِ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ قصرٍ فَمَاتَ، وذلك في سنة أربعٍ وثمانين.   1 انظر تاريخ الطبري "6/ 264-266" وسير أعلام النبلاء "4/ 183-184" ووفيات الأعيان "7/ 114" والبداية والنهاية "9/ 53". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 66 95- عبد الرحمن بن عمرو بن سهل -خ ت- الأنصاري1 وهو عبد الرحمن بن سهل. سَمِعَ: سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقِيلَ: لَقِيَ عُثْمَانَ. وَعَنْهُ: طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ. وَيُقَالُ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ، فَيُقَدَّمُ. 96- عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة2 -م- بْنِ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَبُو الْمِسْوَرِ الْفَقِيهُ. سَمِع: أَبَاهُ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبَا رَافِعٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جَعْفَرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالزُّهْرِيُّ. وَكَانَ ثِقَةٌ قَلِيلَ الْحَدِيثِ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ. 97- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بن قيس -ع- النخعي3 أبو بكر الفقيه، أَخُو الأَسْوَدِ وَابْنُ أَخِي عَلْقَمَةَ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَسَلْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَمَنْصُورٌ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ فِي حُدُودِ سَنَةَ اثنتين وثمانين. 98- عبد العزيز بن مروان -د- أبو الأصبغ الأموي4، أمير مصر، وولي   1 والجرح والتعديل "5/ 266" والثقات لابن حبان "5/ 90-91" وتهذيب الكمال "2/ 806". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 114" والجرح والتعديل "5/ 283" والثقات لابن حبان "5/ 101" وتهذيب الكمال "2/ 816". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 121-122" والجرح والتعديل "5/ 299" والثقات لابن حبان "5/ 86" وتهذيب الكمال "2/ 826". 4 انظر طبقات ابن سعد "5/ 236" والجرح والتعديل "5/ 393" وتهذيب الكمال "2/ 843" وسير أعلام النبلاء "4/ 249-251". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 67 عَهْدِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ أَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بعهدٍ مِنْ مَرْوَانَ، إِنْ صَحَّحْنَا خِلافَةَ مَرْوَانَ، فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بَاغٌ، فَلا يَصِحُّ عَهْدُهُ إِلَى وَلَدَيْهِ، إِنَّمَا تَصِحُّ إِمَامَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ يَوْمِ قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَلَمَّا مَلَكَ مَرْوَانُ الشَّامَ وَغَلَبَ عَلَيْهَا سَارَ إِلَى مِصْرَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا عَبْدَ الْعَزِيزِ وَلَدَهُ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَشَهِدَ بِقَتْلِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الأَشْدَقِ بِدِمَشْقَ. وَكَانَتْ دَارُهُ الْخَانَقَاهَ السُّمَيْسَاطِيَّةُ1، وَانْتَقَلَتْ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى ابْنِهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَبَحِيرُ بْنُ ذَاخِرٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: بَعَثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ بِأَلْفِ دِينَارٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَجِئْتُهُ فَدَفَعْتُ بْنُ مَرْوَانَ بِأَلْفِ دِينَارٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَجِئْتُهُ فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ، فَقَالَ: أَيْنَ الْمَالُ؟ فَقُلْتُ: حَتَّى أَصْبَحَ. فَقَالَ: لا وَاللَّهِ، لا أبيت الليلة وَلِي أَلْفَ دِينَارٍ، فَجِئْتُهُ بِهَا فَفَرَّقَهَا. وَقَالَ ابن أبي مليكة: شَهِدْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنُ مروان يَقُولُ عِنْدَ الْمَوْتِ: يَا لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ شَيْئًا، يَا لَيْتَنِي كَهَذَا الْمَاءِ الْجَارِي. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: لَمَّا حَضَرَتْ عَبْدَ الْعَزِيزِ الْوَفَاةُ قَالَ: ائْتُونِي بِكَفَنِي، فَلَمَّا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاهُمْ ظَهْرَهُ، فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يَقُولُ: أُفٍّ لَكَ أُفٍّ لَكَ مَا أَقْصَرَ طَوِيلَكِ وَأَقَلَّ كَثِيرَكِ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ مُوسَى قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ أَتَاهُ بشيرٌ يُبَشِّرُهُ بِمَالِهِ الَّذِي كَانَ بِمِصْرَ حِينَ كَانَ عَامِلا عَلَيْهَا عَامَهُ، فَقَالَ: هَذَا مَالُكَ، هذه ثلاثمائة مدي من ذهب، فقال: ما لي وَلَهُ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ بَعْرًا حَائِلا بنجد.   1 قلعة على الفرات. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَهُوَ غَلَطٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ، زَادَ الزِّيَادِيُّ فَقَالَ: فِي جُمَادَى الأُولَى. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَبْلَ أَخِيهِ بِسَنَةٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ستٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَكَأَنَّ هَذَا أَيْضًا وهمٌ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ. وَقَدْ كَانَ مَاتَ بِمِصْرَ قَبْلَهُ بِسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ابْنُهُ الأَصْبَغُ فَحَزِنَ عَلَيْهِ، وَمَرِضَ، وَمَاتَ بِحُلْوَانَ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ الَّتِي بَنَاهَا عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ مِصْرَ وَحُمِلَ إِلَى مِصْرَ فِي النِّيلِ. وَلَمَّا بَلَغَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ مَوْتُهُ بَايَعَ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لابْنَيْهِ الْوَلِيدِ ثُمَّ سُلَيْمَانَ، بَعْدَ أَنْ كَانَ هَمَّ بِخَلْعِ أَخِيهِ. 99- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ الْخَلِيفَةُ، أَبُو الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ1. بُويِعَ بعهدٍ مِنْ أَبِيهِ فِي خِلافَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَبَقِيَ عَلَى مِصْرَ وَالشَّامِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى بَاقِي الْبِلادِ مُدَّةَ سَبْعِ سِنِينَ، ثُمَّ غَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الْعِرَاقِ، وَمَا وَالاهَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَبَعْدَ سنةٍ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَاسْتَوْسَقَ2، الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ عَابِدًا نَاسِكًا بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْخِلافَةِ، وَشَهِدَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ أَبِيهِ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَحَفِظَ أَمْرَهُمْ: قَالَ: وَاسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى المدينة وهو ابن ست عشرة سنة.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 223-235" وتاريخ أبي زرعة "1/ 191-193" والثقات لابن حبان "5/ 119-120" وتهذيب الكمال "2/ 862". 2 أي احتمع الأمر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 69 قُلْتُ: هَذَا لا يُتَابِعُ ابْنَ سعدٍ عَلَيْهِ أحدٌ مِنَ اسْتِعْمَالِ مُعَاوِيَةَ لَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ وَجِيهٍ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ صِفَةِ الْخُلَفَاءِ فِي خِزَانَةِ الْمَأْمُونِ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ رَجُلا طَوِيلا، أَبْيَضَ، مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، كَبِيرَ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفَ الأَنْفِ، رَقِيقَ الْوَجْهِ، حَسَنَ الْجِسْمِ، لَيْسَ بِالْقَضِيفِ1 وَلا الْبَادِنِ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. قُلْتُ: سَمِعَ عُثْمَانَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَبُرَيْرَةَ مَوْلاةَ عائشة، وابن عمر، ومعاوية. روى عنه: عروة، وخالد بن معدان، وإسماعيل بن عبيد الله، ورجاء بن حيوة، وربيعة بن يزيد، ويونس بن ميسرة، والزهري، وحريز بن عثمان، وطائفة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنَ امرئٍ مُسْلِمٍ لا يَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ يُجَهِّزُ غَازِيًا، أَوْ يَخْلُفُهُ بخيرٍ إِلا أَصَابَهُ اللَّهُ بقارعةٍ قَبْلَ الْمَوْتِ" 2. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ فِي الإِسْلامِ عَبْد الْمَلِكِ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: أُمُّهُ هِيَ عَائِشَةُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ. وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ أَشْيَاخِ قُرَيْشٍ يُوشَكُ أَنْ تَنْقَرِضُوا، فَمَنْ نَسْأَلُ بَعْدَكُمْ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِمَرْوَانَ ابْنًا فَقِيهًا فَسَلُوهُ. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ الْيَمَامِيِّ، عَنْ سُحَيْمٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ غلامٌ شابٌّ، فَقَالَ: هَذَا يملك العرب. محمد بن أيوب مجهول.   1 أي النحيف. 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "2503" وابن ماجه "2762" والطبراني "8/ 211" والبيهقي "9/ 48". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 70 وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ وَمَا بِهَا شَابٌّ أَشَدُّ تَشْمِيرًا، وَلا أَفْقَهُ، وَلا أَنْسَكُ، وَلا أَقْرَأُ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَلَدَ النَّاسُ أَبْنَاءً، وَوَلَدَ مَرْوَانُ أَبًا. وَعَنْ عَبْدَةَ بْنِ رِيَاحٍ الْغَسَّانِيِّ، أَنَّ أُمَّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ تَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ؟ مَا زِلْتُ أَتَخَيَّلُ هَذَا الأَمْرَ فِيكَ مُنْذُ رَأَيْتُكَ. قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْكَ مُحَدِّثًا، وَلا أَحْلَمَ مِنْكَ مُسْتَمِعًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ: قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ صلى في المسجد بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَفِتْيَانٌ مَعَهُ، كَانُوا إِذَا صَلَّى الإِمَامُ الظُّهْرَ قَامُوا فَصَلُّوا إِلَى الْعَصْرِ، فَقِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: لَوْ قُمْنَا فَصَلَّيْنَا كَمَا يُصَلِّي هَؤُلاءِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: لَيْسَتِ الْعِبَادَةُ بِكَثْرَةِ الصَّلاةِ وَلا الصَّوْمِ، إِنَّمَا الْعِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَالْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا جَالَسْتُ أَحَدًا إِلا وَجَدْتُ لِي عَلَيْهِ الْفَضْلَ، إِلا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَإِنِّي مَا ذَاكَرْتُهُ حَدِيثًا إِلا زَادَنِي فِيهِ، وَلا شِعْرًا إِلا زَادَنِي فِيهِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: قَالَ لِي أَبُو خَالِدٍ: أَغْزَى مُسْلِمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ مُعَاوِيَةَ بْنَ حديج سَنَةَ خَمْسِينَ، وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ، أَنِ ابْعَثْ عَبْدَ الْمَلِكِ عَلَى بَعْثِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَقَدِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَدَخَلَ إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ معاوية بن حديج، فبعثه ابن حديج إِلَى حصنٍ، فَحَصَرَ أَهْلَهُ، وَنَصَبَ عَلَيْهِ الْمَنْجَنِيقَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَ حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، أَنَّ يَهُودِيًّا أسلم، وكان اسمه يوسف، قد قرأ الكتب، فَمَرَّ بِدَارِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: ويلٌ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الدَّارِ. فَقُلْتُ لَهُ: إِلَى مَتَى؟ قَالَ: حَتَّى تَجِيءَ راياتٌ سودٌ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ. وَكَانَ صَدِيقًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَضَرَبَ يَوْمًا عَلَى مَنْكِبِهِ وَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، إِذَا مَلَكْتَهُمْ. فَقَالَ: دَعْنِي وَيْحَكَ، وَدَفَعَهُ، مَا شَأْنِي وَشَأْنُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ فِي أَمْرِهِمْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 71 قَالَ: وَجَهَّزَ يَزِيدُ جَيْشًا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ، أَيَبْعَثُ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ فَضَرَبَ يُوسُفُ بِمَنْكِبِهِ وَقَالَ: جَيْشُكَ إِلَيْهِمْ أَعْظَمُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ: أَمِنْ هَذَا الْجَيْشِ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَتَدْرِي إِلَى من تسير؟ إلى أول مولودٍ ولد ف الإِسْلامِ، وَإِلَى ابْنِ حَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَى ابْنِ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، وَإِلَى مَنْ حَنَّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ جِئْتَهُ نَهَارًا وَجَدْتَهُ صَائِمًا، وَلَئِنْ جِئْتَهُ لَيْلا لَتَجِدَنَّهُ قَائِمًا، فَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الأَرْضِ أَطْبَقُوا عَلَى قَتْلِهِ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فِي النَّارِ. فَلَمَّا صَارَتِ الْخِلافَةُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَجَّهْنَا مَعَ الْحَجَّاجِ حَتَّى قَتَلْنَاهُ. وَقَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: أَفْضَى الأَمْرُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ، فَأَطْبَقَهُ وَقَالَ: هَذَا آخِرُ الْعَهْدِ بِكَ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا عَبَّادُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَكِبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِكْرًا، فَأَنْشَأَ قَائِدُهُ يَقُولُ: يَأَيُّهَا الْبِكْرُ الَّذِي أَرَاكَا ... عَلَيْكِ سهل الأَرْضِ فِي مَمْشَاكَا وَيْحَكَ هَلْ تَعْلَمُ مَنْ عَلاكَا ... خَلِيفَةُ اللَّهِ الَّذِي امْتَطَاكَا لَمْ يَحْبُ بِكْرًا مِثْلَ مَا حَبَاكَا فَلَمَّا سَمِعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ: إيها يَا هَنَاهْ، قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: يَا أَمِيرَ المؤمنين، عجل عليك الشيب، فقل: وَكَيْفَ لا، وَأَنَا أَعْرِضُ عَقْلِي عَلَى النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ. وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أفقٍ مِنَ الآفَاقِ قَالَ: اعْفِنِي مِنْ أَرْبَعٍ، وَقُلْ بَعْدَهَا مَا شِئْتَ: لا تَكْذِبْنِي فَإِنَّ الْمَكْذُوبَ لا رَأْيَ لَهُ، وَلا تُجِبْنِي فِيمَا لا أَسْأَلُكَ، فإن فيما أسألك عنه شغلًا، وَلا تُطْرِنِي فَإِنِّي أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْكَ، وَلا تحملني عَلَى الرَّعِيَّةِ، فَإِنِّي إِلَى الرِّفْقِ بِهِمْ أَحْوَجُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَكَتَبَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 72 وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الدِّينَارِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَفِي الْوَجْهِ الآخَرِ: "لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"، وَطَوَّقَهُ بِطَوْقٍ فِضَّةٍ، وَكَتَبَ فِيهِ ضُرِبَ بِمَدِينَةِ كَذَا، وَكَتَبَ فِي خَارِجِ الطَّوْقِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: لَحَنَ جليسٌ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَالَ رَجُلٌ: زد ألف، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَأَنْتَ فَزِدْ أَلْفًا. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِذَا قَعَدَ لِلْحُكْمِ قَيِمَ عَلَى رَأْسِهِ بِالسُّيُوفِ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حرب الزيادي قال: قيل لعبد الملك ابن مَرْوَانَ: مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ؟ قَالَ: مَنْ تَوَاضَعَ عَنْ رفعةٍ وَزَهِدَ عَنْ قُدْرَةٍ، وَأَنْصَفَ عَنْ قُوَّةٍ. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: لعمري لَقَدْ عُمِّرْتُ فِي الدَّهْرِ بُرْهةً ... وَدَانَتْ لِيَ الدُّنْيَا بِوَقْعِ الْبَوَاتِرِ فَأَضْحَى الَّذِي قَدْ كَانَ مِمَّا يَسُرُّنِي ... كَلَمْحٍ مَضَى فِي الْمُزْمِنَاتِ الْغَوَابِرِ فَيَا لَيْتَنِي لَمْ أَعْنِ بِالْمُلْكِ سَاعَةً ... وَلَمْ أَلْهُ فِي لَذَّاتِ عيشٍ نَوَاضِرِ وَكُنْتُ كَذِي طِمْرَيْنِ عَاشَ ببلغةٍ ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى زَارَ ضَنْكَ الْمَقَابِرِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ كَثِيرًا مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ بِدِمَشْقَ، فَقَالَتْ لَهُ مَرَّةً: بَلَغَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّكَ شَرِبْتَ الطِّلاءَ بَعْدَ النُّسُكِ وَالْعِبَادَةِ، فَقَالَ: أَيْ وَاللَّهِ، والدماء، قَدْ شَرِبْتُهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَانَ أَبْخَرَ، وَأَنَّهُ وُلِدَ لِسَتَّةِ أَشْهُرٍ. وَذَكَرَ ابْنُ عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَانَ فَاسِدَ الْفَمِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: خَطَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي عِظَامٌ، وَإِنَّهَا صِغَارٌ فِي جَنْبِ عَفْوِكَ، فاغفرها لِيَ يَا كَرِيمُ. قَالُوا: تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمَلِكِ في شوال سنة ست وثماني، وَخِلافَتُهُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا مِنْ وَسَطِ سَنَةِ ثلاثٍ وسبعين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 73 وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا احْتَضَرَ دَخَلَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ ابْنُهُ، فَتَمَثَّلَ: كَمْ عائدٍ رَجُلا وَلَيْسَ يَعُودُهُ ... إِلا لِيَعْلَمَ هَلْ تَرَاهُ يَمُوتُ وَتَمَثَّلَ أَيْضًا: ومستخبرٌ عَنَّا يُرِيدُ بِنَا الرَّدَى ... ومستخبراتٌ وَالْعُيُونُ سَوَاجِمُ فَجَلَسَ الْوَلِيدُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا هَذَا، تَحِنُّ حَنِينَ الأَمَةِ إِذَا مِتُّ فَشَمِّرْ وَائْتَزِرْ وَالْبَسْ جِلْدَ النَّمِرِ، وَضَعْ سَيْفَكَ عَلَى عَاتِقِكَ، فَمَنْ أَبْدَى ذَاتَ نَفْسِهِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَمَنْ سَكَتَ مَاتَ بِدَائِهِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ: لَمَّا أَيْقَنَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْمَوْتِ دَعَا مَوْلاهُ أَبَا عِلاقَةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مُنْذُ وُلِدْتُ إِلَى يَوْمِي هَذَا حَمَّالا. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْبَنَاتِ إِلا وَاحِدَةً، وَهِيَ فَاطِمَةُ، وَكَانَ قَدْ أَعْطَاهَا قِرْطَيْ مَارِيَّةَ، وَالدُّرَّةَ الْيَتِيمَةَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أُخْلِفْ شَيْئًا أَهَمَّ مِنْهَا إِلَيِّ فَاحْفَظْهَا، فَتَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَوْصَى بَنِيهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الْفُرْقَةِ وَالاخْتِلافِ، وَقَالَ: انْظُرُوا مُسْلِمَةَ وَاصْدُرُوا عَنْ رَأْيِهِ؟ يَعْنِي أَخَاهُمْ؟ فَإِنَّهُ مَجَنَّكُمُ الَّذِي بِهِ تَجْتَنُّونَ وَنَابَكُمُ الَّذِي عَنْهُ تَفْتَرُّونَ، وَكُونُوا بَنِي أُمٍّ بَرَرَةً، وَكُونُوا فِي الْحَرْبِ أَحْرَارًا، وَلِلْمَعْرُوفِ مَنَارًا، فَإِنَّ الْحَرْبَ لَمْ تُدْنِ مَنِيَّةً قَبْلَ وَقْتِهَا، وَإِنَّ الْمَعْرُوفَ يَبْقَى أَجْرُهُ وَذِكْرُهُ، وَاحْلَوْلَوْا فِي مَرَارَةٍ، وَلِينُوا فِي شِدَّةٍ، وَكُونُوا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الشَّيْبَانِيُّ: إِنَّ الْقِدَاحَ إِذَا اجْتَمَعْنَ فَرَامَهَا ... بِالْكَسْرِ ذُو حنقٍ وبطشٍ أَيِّدِ عَزَّتْ فَلَمْ تُكْسَرْ، وَإِنْ هِيَ بُدِّدَتْ ... فَالْكَسْرُ وَالتَّوْهِينُ لِلْمُتَبَدِّدِ يَا وَلِيدُ اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا أُخْلِفُكَ فِيهِ، وَاحْفَظْ وَصِيَّتِي، وَخُذْ بِأَمْرِي، وَانْظُرْ إِلَى أَخِي مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ ابْنُ أُمِّي، وَقَدِ ابْتُلِيَ فِي عَقْلِهِ بِمَا عَلِمْتَ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَآثَرْتُهُ بِالْخِلافَةِ، فَصِلْ رَحِمَهُ، وَاحْفَظْنِي فِيهِ، وَانْظُرْ أَخِي مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ، فَأَقِرَّهُ عَلَى الْجَزِيرَةِ، وَلا تعْزِلْهُ، وَانْظُرْ أَخَاكَ عبد الله، فلا توآخذه، وَأَقْرِرْهُ عَلَى عَمَلِهِ بِمِصْرَ، وَانْظُرِ ابْنَ عَمِّنَا هذا علي ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ إِلَيْنَا بِمَوَدَّتِهِ وَهَوَاهُ وَنَصِيحَتِهِ، وَلَهُ نسبٌ وَحَقُّ، فَصِلْ رَحِمَهُ وَاعْرَفْ حَقَّهُ، وَانْظُرِ الْحَجَّاجَ فَأَكْرِمْهُ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي وَطَّأَ لَكُمُ الْمَنَابِرَ، وَهُوَ سَيْفُكَ يَا وَلِيدُ، وَيَدُكَ عَلَى مَنْ نَاوَأَكَ، فَلا تَسْمَعَنَّ فِيهِ قَوْلَ أحدٍ، وَأَنْتَ إِلَيْهِ أَحْوَجُ مِنْهُ إِلَيْكَ. وَادْعُ النَّاسَ إِذَا مِتُّ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَمَنْ قَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 74 فَقُلْ بِسَيْفِكَ هَكَذَا، ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ: فَهَلْ مِنْ خالدٍ إِمَّا هَلَكْنَا ... وَهَلْ بِالْمَوْتِ يَا لِلنَّاسِ عَارُ وَعَاشَ إِحْدَى وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُ سَبَعَةَ عَشَرَ وَلَدًا. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: فَمِنْ أَوْلادِهِ: الْوَلِيدُ، وَسُلَيْمَانُ، وَمَرْوَانُ الأَكْبَرُ، وَعَائِشَةُ، وَأُمُّهُمْ وَلادَةُ بِنْتُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مَازِنٍ. وَيَزِيدُ، وَمَرْوَانُ الأَصْغَرُ، وَمُعَاوِيَةُ، وَأُمُّ كُلْثُومَ، وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وَهِشَامٌ، وَأُمُّهُ أُمُّ هِشَامٍ بِنْتُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ. وَأَبُو بَكْرٍ، وَأُمُّهُ عَائِشَةُ بِنْتُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ. وَالْحَكَمُ، وَمَاتَ قَدِيمًا، أُمُّهُ أُمُّ أَيُّوبَ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَفَاطِمَةُ، وَأُمُّهَا أُمُّ الْمُغِيرَةِ بِنْتُ الْمُغِيرَةِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْعَاصِ الْمَخْزُومِيَّةُ. وَمُسْلِمَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَالْمُنْذِرُ، وَعَنْبَسَةُ، وَالْحَجَّاجُ، لأُمَّهَاتِ أَوْلادِ. وَتَزَوَّجَ أَيْضًا بِأُمِّ أَبِيهَا بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَبِنْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. 100- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ1. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. وَقَدِمَ الشَّامَ غَازِيًا صُحْبَةَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، ثُمَّ سَكَنَ مِصْرَ مُدَّةً. رَوَى عَنْهُ: أَبُو تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيُّ، وَحَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وآخرون. 101- عبيد الله بن الأسود -خ م د- ويقال ابن الأسد الخولاني2، رَبِيبُ مَيْمُونَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. رَوَى عَنْهَا، وَعَنْ: عثمان، وابن عباس، وزيد بن خالد.   1 انظر تاريخ دمشق "24/ 378-379". 2 انظر الثقات لابن حبان "5/ 67-68" وتهذيب الكمال "2/ 873-874" وتهذيب التهذيب "7/ 3". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 75 رَوَى عَنْهُ: بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ. 102- عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -ن- الهاشمي1. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ شَقِيقُ عَبْدِ اللَّهِ. قِيلَ لَهُ رُؤْيَةٌ، وَرِوَايَتُهُ فِي النَّسَائِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ. وَكَانَ أَحَدَ الأَجْوَادِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ: كَانَ أَصْغَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بسنةٍ وَاحِدَةٍ. سمع من النبي -صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ رَجُلا تَاجِرًا، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ، فَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى زَمَنِ يَزِيدَ. قُلْتُ: وَوَلِيَ الْيَمَنَ لِعَلِيٍّ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ. وَقِيلَ إِنَّهُ أَعْطَى رَجُلا مَرَّةً مِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَالْفَسَويُّ: مَاتَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ ثمانٍ وَخَمْسِينَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَثَمَانِينَ. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ -خ م د ن- يُؤَخَّرُ إِلَى الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 103- عُبَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ أَبُو جَنْدَلٍ النُّمَيْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالرَّاعِي2، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ وَصْفِهِ لِلإِبِلِ فِي شِعْرِهِ وَكَانَ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ فِي صَدْرِ الإِسْلامِ، لَهُ ذِكْرٌ. وَقَدْ هَجَاهُ جَرِيرٌ بِقَصِيدَتِهِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نميرٍ ... فَلا كَعْبًا بلغت ولا كلابا   1 انظر تاريخ الطبري "4/ 442-443" وتهذيب الكمال "2/ 789" وتهذيب التهذيب "7/ 19" وتاريخ الثقات للعجلي "317". 2 انظر الأغاني "24/ 205-218" والعقد الفريد "3/ 41" والفهرست لابن النديم "62" ومعجم البلدان "4/ 435". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 76 104- عبيد بن السباق -ع- المدني الثقفي1. رَوَى عَنْ: زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَجُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه: ابنه سعيد، والزهري، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف. وهو من علماء أهل المدينة. 105- عبد خير بن يزيد -4- ويقال عبد خير بن يجمد بن خولي الهمداني2، أبو عمارة الكوفي. أدرك الجاهلية، وَسَمِعَ: عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَغَيْرَهُمْ. وَقَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ. 106- عُتْبَةُ بْنُ عبد السلمي3 -د ق- أبو الوليد، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَلُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَاسِحٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ زَيْدٍ الْبِكَالِيُّ وَطَائِفَةٌ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بن عياش، عم ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد قال: قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَأَى الاسْمَ لا يُحِبُّهُ حَوَّلَهُ، وَلَقَدْ أَتَيْنَاهُ وَإِنَّا لَسَبْعَةٌ من بني سليم، أكبرنا العرباض بن سارية، فبايعناه جميعًا4.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 252" والجرح والتعديل "5/ 407" والثقات لابن حبان "5/ 133" وتهذيب الكمال "2/ 893". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 221" والجرح والتعديل "6/ 37-38" والثقات لابن حبان "5/ 130-131" وتهذيب الكمال "2/ 770". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 3/ 4" والجرح والتعديل "6/ 371، 72" والثقات لابن حبان "3/ 297" وتهذيب الكمال "2/ 903". 4 نسبه الهيثمي في المجمع إلى الطبراني "8/ 51-52". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 77 وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: كَانَ اسْمِي عَتَلَةَ، فَسَمَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُتْبَةَ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ أَرْبَعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَوَرَّخَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَطَائِفَةٌ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ. تُوُفِّيَ بِحِمْصَ. 107- عُتْبَةُ بْنُ النُّدَّرِ السُّلَمِيُّ2 -ق- لَهُ صُحْبَةٌ، وَحَدِيثَانِ، نَزَلَ الشَّامَ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ. وَذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ: الْبَغَوِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وابن البرقي. وتفرد بحديثه سُوَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يَنْزِلُ دِمَشْقَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. 108- عُرْوَةُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ3 مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، الْمَصْرِيُّ الْفَقِيهُ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. روى عنه: بكير بن الأشج، وعبيد الله بن أبي جعفر، وسعيد بن عبد الله بن راشد، وسلام بن غيلان، وعبد العزيز بن صالح. وكان من الفقهاء. يؤخر، فإن ابن يونس قَالَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ وَرَّخَهُ أَنَّهُ توفي سنة تسعين. 109- عروة بن المغيرةبن شعبة -ع- الثقفي الكوفي4، أخو حمزة، وعقار.   1 انظر الاستيعاب "3/ 117" والإصابة "2/ 454". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 413" والجرح والتعديل "6/ 374" والثقات لابن حبان "3/ 298" وتهذيب الكمال "2/ 904" والإصابة "2/ 456". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 397". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 269" وتاريخ أبي زرعة "1/ 663" والثقات لابن حبان "5/ 195" وتهذيب الكمال "2/ 630". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 78 وَلِيَ إِمْرَةَ الْكُوفَةَ مِنْ قِبَلِ الْحَجَّاجِ. رَوَى عنه: الشعبي، وعباد بن زياد ابن أَبِيهِ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا لَبِيبًا، وَكَانَ أَفْضَلَ الإِخْوَةِ، وَكَانَ أحول. تُوُفِّيَ سَنَةَ بضعٍ وَثَمَانِينَ. رَوَى الْيَسِيرَ عَنْ والده. 110- وعقار أخوه1 -ت ن ق- رَوَى عَنْهُ: فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وعنه: مجاهد، ويعلى بن عطاء العامري، وحسان بن أبي وجزة، وعبد الملك بن عمير، وجماعة. له حديث في الكتب الثلاثة وهو: لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى، وَفِي لَفْظِ الْكُتُبِ الثلاثة فقد بريء مِنَ التَّوَكُّلِ2. 111- عَرِيبُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو عَمَّارٍ -ن ق- الدهني الهمداني الكوفي3. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ. روى عنه: طلحة بن مصرف، وأبو إسحاق السبيعي، والأعمش، وغيرهم. وهو بكنيته أشهر. 112- عقبة بن عبد الغافر4 -خ م ن- الأزدي العوذي البصري. رَوَى عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بن مغفل.   1 طبقات ابن سعد "6/ 269" والجرح والتعديل "7/ " والثقات لابن حبان "5/ 287" وتهذيب الكمال "2/ 943". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2055" وابن ماجه "2489" وأحمد "4/ 249-253" والبيهقي "9/ 341". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 32" والثقات لابن حبان "5/ 283" وتهذيب الكمال "2/ 931" وتهذيب التهذيب "7/ 91". 4 انظر طبقات ابن سعد "7/ 225" والجرح والتعديل "6/ ب313" والثقات لابن حبان "5/ 224" وتهذيب الكمال "2/ 945". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79 روى عنه: سليمان التيمي، ويحيى بن أبي كثير، وابن عون، وقتادة، وغيرهم. قيل هلك في وقعة الجماجم. وثقه أحمد العجلي وغيره. وقال مرة بن دباب: مررت بعقبة بن عبد الغافر وهو جريح في الخندق، فقال لِي: يَا فُلانُ، ذَهَبَتِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ أَيُّوبُ ذَكَرَ الْقُرَّاءَ الذي خَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقَالَ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْهُمْ قُتِلَ إِلا رُغِبَ لَهُ عَنْ مَصْرَعِهِ، وَلا نَجَا فَلَمْ يُقْتَلْ إِلا نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ. 113- عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ ابن ظبيان -خ د ت- السدوسي البصري1، أَحَدُ رُءُوسِ الْخَوَارِجِ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه: محمد بن سيرين، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة. قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج، ثم ذكر عمران بن حطان، وأبا حسان الأعرج. وقال الفرزدق: كان عمران بن حطان من أشعر الناس، لأنه لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ مِثْلَنَا لَقَالَ، وَلَسْنَا نَقْدِرُ أَنْ نَقُولَ مِثْلَ قَوْلِهِ. وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: تَزَوَّجَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ امْرَأَةً مِنَ الْخَوَارِجِ، فَكَلَّمُوهُ فِيهَا، أَوْ فَكَلَّمُوهَا فِيهِ، فَقَالَ: سَأَرُدُّهَا إِلَى الْجَمَاعَةِ، يَعْنِي قَالَ: فَصَرَفَتْهُ إِلَى مَذْهَبِهَا. وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، وَكَانَ دَمِيمًا قَبِيحًا، فَأَعْجَبَتْهُ مَرَّةً، فَقَالَتْ: أَنَا وَأَنْتَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ؟ قَالَتْ: لِأَنَّكَ أُعْطِيتَ مِثْلِي، فَشَكَرْتَ، وَابْتُلِيتَ بِمِثْلِكَ، فَصَبَرْتُ، وَالشَّاكِرُ وَالصَّابِرُ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حِطَّانَ كَانَ ضَيْفًا لِرَوْحِ بن زنباع، فذكره   1 طبقات ابن سعد "7/ 155" والجرح والتعديل "6/ 296" والثقات لابن حبان "5/ 222" وتهذيب الكمال "2/ 1056". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 80 لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ: اعْرِضْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَنَا، فَأَعْلَمَهُ رَوْحٌ ذَلِكَ، فَهَرَبَ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى رَوْحٍ: يَا رَوْحُ كَمْ مِنْ كَرِيمٍ قَدْ نَزَلْتُ بِهِ ... قَدْ ظَنَّ ظَنَّكَ مِنْ لخمٍ وَغَسَّانِ حَتَّى إِذَا خِفْتُهُ زَايَلْتُ مَنْزِلَهُ ... مِنْ بَعْدَمَا قِيلَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانِ قَدْ كُنْتُ ضَيْفَكَ حَوْلا مَا تُرَوِّعُنِي ... فِيهِ طَوَارِقُ مِنْ إِنْسٍ وَمِنْ جَانِ حَتَّى أَرَدْتَ بِي الْعُظْمَى فَأَوْحَشَنِي ... مَا يُوحِشُ النَّاسَ مِنْ خَوْفِ ابْنِ مَرْوَانِ فَاعْذِرْ أَخَاكَ ابْنَ زِنْبَاعٍ فَإِنَّ لَهُ ... فِي الْحَادِثَاتِ هناتٍ ذَاتَ أَلْوَانِ لَوْ كُنْتُ مُسْتَغْفِرًا يَوْمًا لطاغيةٍ ... كُنْتَ الْمُقَدَّمَ فِي سِرِّي وإعلاني لكن أبت لي آيَاتٌ مُفَصَّلَةٌ ... عَقْدَ الْوِلايَةِ فِي طَهَ وَعِمْرَانِ وعن قتادة قال: لقيني عمران بن حطتن فَقَالَ: يَا أَخِي احْفَظْ عَنِّي هَذِهِ الأَبْيَاتَ: حَتَّى مَتَى تُسقَى النُّفُوسُ بِكَأْسِهَا ... رَيْبَ الْمَنُونِ وَأَنْتَ لاهٍ تَرْتَعُ أَفَقَدْ رَضِيتَ بِأَنْ تُعَلَّلَ بِالْمُنَى ... وَإِلَى الْمَنِيَّةِ كُلَّ يومٍ تُدْفَعُ أَحْلَامُ نومٍ أَوْ كظلٍ زائلٍ ... إِنَّ اللَّبِيبَ بِمِثْلِهَا لا يخدع وَمِنْ شِعْرِهِ فِي قَاتِلِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم: يا ضربة من تقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأذكره حينا فأحسبه ... أوفى البرية عند الله مِيزَانَا أَكْرِمْ بقومٍ بُطُوِنِ الطَّيْرِ أَقْبُرُهُمْ ... لَمْ يَخْلِطُوا دِينَهُمْ بَغْيًا وَعُدْوَانَا فَبَلَغَ شِعْرُهُ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَدْرَكَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَنَذَرَ دَمَهُ، وَوَضَعَ عَلَيْهِ الْعُيُونَ، فَلَمْ تَحْمِلْهُ أرضٌ حَتَّى أَتَى رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ، فَأَقَامَ فِي ضِيَافَتِهِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الأَزْدِ، فَبَقِيَ عِنْدَهُ سَنَةً، فَأَعْجَبَهُ إِعْجَابًا شَدِيدًا، فَسَمَرَ رَوْحٌ لَيْلَةً عِنْدَ عبد الملك، فتذاكرا شِعْرَ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ هَذَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَوْحٌ تَحَدَّثَ مَعَ عِمْرَانَ، وَأَخْبَرَهُ بِالشِّعْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَنْشَدَهُ عِمْرَانُ بَقِيَّتَهُ، فَلَمَّا أَتَى عَبْدَ الْمَلِكِ قَالَ: إِنَّ فِي ضِيَافَتِي رَجُلا مَا سَمِعْتُ مِنْكَ حَدِيثًا قَطُّ إِلا حَدَّثَنِي بِهِ وَبِأَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَقَدْ أَنْشَدْتُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81 الْبَارِحَةَ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَهُمَا عِمْرَانُ فِي ابْنِ ملجم، فأنشدني القصيدة كلها، فقال: صفه لِي، فَوَصَفَهُ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَتَصِفُ صِفَةَ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، اعْرِضْ عَلَيْهِ أَنْ يَلْقَانِي، قَالَ: نَعَمْ. فَانْصَرَفَ رَوْحٌ إِلَى مَنْزِلِهِ وَقَصَّ عَلَى عِمْرَانَ الأَمْرَ، فَهَرَبَ وَأَتَى الْجَزِيرَةَ، ثُمَّ لَحِقَ بِعُمَانَ، فَأَكْرَمُوهُ، فَأَقَامَ بِهَا حَيَاتَهُ. وَوَرَدَ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَانَ يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ هَذِهِ: أَرَى أَشْقِيَاءَ النَّاسِ لا يَسْأَمُونَهَا ... عَلَى أنَّهُمْ فِيهَا عراةٌ وَجُوَّعُ أَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ تُحَبُّ فَإِنَّهَا ... سَحَابَةُ صيفٍ عَنْ قليلٍ تَقَشَّعُ كركبٍ قَضَوْا حاجاتهم وَتَرحَّلُوا ... طَرِيقُهُمْ بَادِي الْعَلامَةِ مَهْيَعُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. قَالَهُ ابْنُ قَانِعٍ. 114- عِمْرَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عبيد الله -د ت ق- بن عثمان بن كعب التيمي المدني1. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، وعلي بن أبي طالب. روى عَنْهُ: ابْنَا أَخِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَسَعْدُ بْنُ طَرِيفٍ. وَلَهُ وِفَادَةٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: هُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قد انقرض ولده. وقيل: إن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ. 115- عِمْرَانُ بْنُ عِصَامٍ أَبُو عِمَارَةَ الضُّبَعِيُّ2، وَالِدُ أَبِي جَمْرَةَ. مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَمِمَّنْ خَرَجَ عَلَى الْحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَكَانَ صَالِحًا، عَابِدًا، مُقْرِئًا، يَقُصُّ بِالْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَقِيلَ: عن رجلٍ، عن عمران، وهو الصحيح.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 166" والجرح والتعديل "6/ 299" والثقات لابن حبان "5/ 217-218" وتهذيب الكمال "2/ 1058". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 300" والثقات لابن حبان "5/ 221-222" وتهذيب الكمال "2/ 1058" وتهذيب التهذيب "8/ 134-135". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82 قَالَ الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ: أَدْرَكْتُ عِمْرَانَ بْنَ عِصَامٍ، وَهُوَ إِمَامُ مَسْجِدِ بَنِي ضُبَيْعَةَ، يَؤُمُّهُمْ فِي رَمَضَانَ، وَيَخْتِمُ بِهِمْ فِي كُلِّ ثلاثٍ، ثُمَّ أَمَّهُمْ قَتَادَةُ، فَكَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ سَبْعٍ. رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَبُو التَّيَّاحِ، وَابْنُهُ أَبُو جَمْرَةَ. وَظَفَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ فَامْتَحَنَهُ، وَقَالَ: أَتَشْهَدُ عَلَى نَفْسِكَ بِالْكُفْرِ؟ قَالَ: مَا كَفَرْتُ بِاللَّهِ مُنْذُ آمَنْتُ بِهِ، فَقَتَلَهُ فِي سَنَةِ ثلاثٍ وثمانين. 116- عمر بن أبي سلمة -ع- عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مخزوم1، أَبُو حَفْصٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، رَبِيبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَهُ صحبة ورواية. وَرَوَى عَنْ أُمِّهِ أَيْضًا. وَعَنْهُ: أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، وَعُرْوَةُ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، وَأَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ عُرْوَةُ: مَوْلِدُهُ بِالْحَبَشَةِ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَعَ النِّسْوَةِ فِي أُطُمِ حَسَّانٍ، فَكَانَ يُطَأْطِئُ لِي مَرَّةً، فَأَنْظُرُ، وَأُطَأْطِئُ لَهُ مَرَّةً فَيَنْظُرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ: كَانَ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى فَارِسٍ وَعَلَى الْبَحْرَيْنِ. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وثمانين بالمدينة. قُلْتُ: وَكَانَ شَابًّا فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَزَوَّجَ إِذْ ذَاكَ، وَاسْتَفْتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ تَقْبِيلِ زوجته وهو صائم2.   1 انظر الثقات لابن حبان "3/ 263" وتاريخ الطبري "3/ 164" وانظر الجرح والتعديل "6/ 117" وسير أعلام النبلاء "3/ 404". 2 خبر صحيح: انظره في صحيح مسلم "1108". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتَيْهِ: دُرَّةَ، وَزَيْنَبَ، وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُمْ سَنَةَ ثلاثٍ، فَلَعَلَّ مَوْلِدَ عُمَرَ قَبْلَ عَامِ الْهِجْرَةِ بعامٍ أَوْ عَامَيْنِ. وَقَدْ رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ فِي فَارِعِ حَسَّانٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَمَعَهُمْ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَإِنِّي لأَظْلِمُهُ يومئذٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَتَيْنِ فَأَقُولُ لَهُ: تَحْمِلُنِي حَتَّى أَنْظُرَ، فَإِنِّي أَحْمِلُكَ إِذَا نَزَلْتَ، فَإِذَا حَمَلَنِي ثُمَّ سَأَلَنِي أَنْ يَرْكَبَ، قُلْتُ: هَذِهِ الْمَرَّةُ. قُلْتُ: هُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ. 117- عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ الله بن معمر بن عُثْمَانَ، أَبُو حَفْصٍ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الأَمِيرُ1، أَحَدُ وُجُوهِ قُرَيْشٍ وَأَشْرَافِهَا وَشُجْعَانِهَا الْمَذْكُورِينَ، وَكَانَ جَوَّادًا مُمَدَّحًا. وَلِيَ فُتُوحَاتٍ عَدِيدَةٌ، وَوَلِيَ الْبَصْرَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ. وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنُ عَوْنٍ. وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَتُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ، وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ فَارِسٍ. قَالَ المدائني: ولد هو، وعمر بن سعد أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَامَ قَتْلِ عُمَرَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْقَحْذَمِيُّ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى الْمُهَلَّبِ فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيرُ أَخْبِرْنَا عَنْ شُجْعَانِ الْعَرَبِ. قَالَ: أَحْمَرُ قُرَيْشٍ، وَابْنُ الْكَلْبِيَّةِ، وَصَاحِبُ النَّعْلِ الدَّيْزَجُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا نَعْرِفُ مِنْ هَؤُلاءِ أَحَدًا، قَالَ: بَلَى، أَمَّا أَحْمَرُ قُرَيْشٍ فَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، وَاللَّهِ مَا جَاءَتْنَا سَرَعَانُ خيلٍ قَطُّ إِلا رَدَّهَا، وَأَمَّا ابْنُ الْكَلْبِيَّةِ فَمُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أُفْرِدَ فِي سَبْعَةٍ، وَجُعِلَ لَهُ الأَمَانُ، فَأَبَى حَتَّى مَاتَ عَلَى بَصِيرَتِهِ. وَأَمَّا صَاحِبُ النَّعْلِ الدَّيْزَجُ فَعَبَّادُ بْنُ الْحُصَيْنِ الْحَبَطِيُّ، وَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِنَا شدةٌ إِلا فَرَّجَهَا، فَقَالَ لَهُ الْفَرَزْدَقُ، وَكَانَ حَاضِرًا: إِنَّا لِلَّهِ، فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خازم قَالَ: إِنَّمَا ذَكَرْنَا الإِنْسَ وَلَمْ نَذْكُرِ الْجِنَّ.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 120" وتاريخ الطبري "5/ 318، 357" وسير أعلام النبلاء "4/ 172-173". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 84 وَقَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ قَالَ: بَعَثَ مَعِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَأَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فِي مُسْتَحَمِّهِ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ، فَصَبَبْتُهَا فِيهَا، فَقَالَ: وَصَلَتْهُ رحمٌ لَقَدْ جَاءَتْنَا عَلَى حَاجَةٍ، فَأَتَيْتُ الْقَاسِمَ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: إِنْ كَانَ الْقَاسِمُ ابْنَ عَمِّهِ فَأَنَا ابْنَةُ عَمَّتِهِ فَأَعْطِنِيهَا، فَأَعْطَيْتُهَا. وَذَكَرَ الْحَرْمَازِيّ أَنَّ إِنْسَانًا مِنَ الأَنْصَارِ وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ بِفَارِسٍ، فَوَصَلَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا. وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ اشْتَرَى مَرَّةً جَارِيَةً بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَتَوَجَّعَتْ لفراق سَيِّدِهَا وَقَالَتْ أَبْيَاتًا، وَهِيَ: هَنِيئًا لَكَ الْمَالُ الَّذِي قَدْ أصَبْتَه ... وَلَمْ يَبْقَ فِي كَفَّيَّ إِلا تَفَكُّرِي أَقُولُ لِنَفْسِي وَهِيَ فِي كَرْبٍ غشيةٍ ... أَقِلِّي فَقَدْ بَانَ الْخَلِيطُ أَوْ أَكْثِرِي إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الأَمْرِ عِنْدَكِ حيلةٌ ... وَلَمْ تَجِدِي بُدًّا مِنَ الصَّبْرِ فَاصْبِرِي فَقَالَ مَوْلاهَا: وَلَوْلا قُعُودُ الدَّهْرِ بِي عَنْكِ لَمْ يَكُنْ ... يُفَرِّقُنَا شيءٌ سِوَى الْمَوْتِ فَاعْذُرِي أَأُوُبُ بحزنٍ مِنْ فِرَاقِكِ موجعٌ ... أُنَاجِي بِهِ قَلْبًا طَوِيلَ التَّذَكُّرِ عَلَيْكِ سلامٌ لا زِيَارَةَ بَيْنَنَا ... وَلا وصلٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ ابْنُ مَعْمَرِ فَقَالَ: خُذْهَا وَثَمَنَهَا. وَقَالَ مُسْلِمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ زَائِرًا لابْنِ أَبِي بَكْرَةَ بِسِجِسْتَانَ، فَأَقَامَ أَشْهُرًا لا يَصِلُهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّي اشْتَقْتُ إِلَى الأَهْلِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: سَوْءَةٌ مِنْ أَبِي حَفْصٍ أَغْفَلْنَاهُ، كَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ، قَالُوا: أَلْفَ أَلْفٍ وَسَبْعَمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ: احْمِلُوهَا إِلَيْهِ، فحملت إليه. رواها الْمَدَائِنِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ مُسْلِمَةَ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 118- عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الْهَاشِمِيُّ1. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَوَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ لِيَوَلِّيَهُ صَدَقَةَ أَبِيهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ: وُلِدْتُ لِأَبِي بَعْدَمَا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غلامٌ، فَقَالَ: هِبْهُ لِي. قَالَ: هُوَ لَكَ. قَالَ: قَدْ سَمَّيْتُهُ عُمَرَ وَنَحَلْتُهُ غُلامِي مُوَرِّقًا. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَلَقِيتُ عِيسَى فَحَدَّثَنِي بِذَلِكَ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرُ، وَرُقَيَّةُ ابْنَا عَلِيٍّ تَوْءَمٌ أُمُّهُمَا الصَّهْبَاءُ التَّغْلِبِيَّةُ مِنْ سَبْيِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَيَّامَ الرِّدَّةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَذَكَرَ مُصْعَبٌ: أَنَّ الْوَلِيدَ لَمْ يُعْطِهِ صَدَقَةَ عَلِيٍّ، وَكَانَ عَلَيْهَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَقَالَ: لا أُدْخِلُ عَلَى بَنِي فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- غيرهم، فانصرف غضبان ولك يَقْبَلْ مِنْهُ صِلَةً. وَقِيلَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَلِيٍّ قُتِلَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَيَّامَ الْمُخْتَارِ. قُلْتُ: فَلَعَلَّهُ أَخُوهُ وَسَمِيُّهُ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ أَنَّ الَّذِي قُتِلَ مَعَ مُصْعَبٍ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. 119- عمرو بن حريث2 -ع- المخزومي بن عمرو بن عثمان المخزومي، أَخُو سَعِيدٍ. وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَكَنَ الْكُوفَةَ. روى عنه: ابنه جعفر، والحسن العرني، ومغيرة بن سبيع، والوليد بن سريع، وعبد الملك بن عمير، وإسماعيل ابن أبي خالد.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 117" والجرح والتعديل "6/ 124" والثقات لابن حبان "5/ 146" وتهذيب الكمال "2/ 102". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 23" والجرح والتعديل "6/ 226" وتهذيب الكمال "2/ 1028" وسير أعلام النبلاء "3/ 417-419". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 86 وآخر من رآه خلف بن خليفة، شيخ الحسن بن عرفة، فابن عرفة من أتباع التابعين. توفي عمرو سنة خمسٍ وثمانين. 120- عمرو بن سلمة -خ د ن- أَبُو بُرَيْدٍ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ1. وَقِيلَ: أَبُو يَزِيدَ، الَّذِي كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- وَيُقَالُ: هُوَ لَهُ وِفَادَةٌ مَعَ أَبِيهِ وصحبةٌ مَا. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لِأَيُّوبَ. وَرَّخَ موته أَحْمَدُ بن حنبل. 121- عمرو بن سلمة -بخ- الهمداني الكوفي2 سَمِعَ: عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَحَضَرَ النَّهْرَوَانَ مَعَ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَدُفِنَ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فِي يومٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: وَأَبُوهُ بِكَسْرِ اللامِ كَالْجَرْمِيِّ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ. 122- وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ -بِالْفَتْحِ- فَشَيْخٌ مَجْهُولٌ لِلْوَاقِدِيِّ3. وَلَهُ شَيْخٌ آخَرُ قَزْوِينِيٌّ. يَرْوِي عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 235" والثقات لابن حبان "3/ 278" وتهذيب الكمال "2/ 1035" وتقريب التهذيب "2/ 71". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 171" والجرح والتعديل "6/ 235" والثقات لابن حبان "5/ 172" وتهذيب الكمال "2/ 1035". 3 ومن ثم فالواقدي متروك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 87 123- عمرو بن عثمان بن عفان -ع- الأموي1، أخ أَبَانَ، وَسَعِيدٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأُسَامَةَ بْنِ يزيد. وعنه: علي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، وأبو الزناد، وابنه عبد الله بن عمرو. له حديث: "لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ" 2 فِي الكتب الستة. 214- عنترة بن عبد الرحمن -ن- أبو وكيع الشيباني3. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ، أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ. "حرف الْفَاءِ": 125- فَرُّوخُ بْنُ النُّعْمَانِ أَبُو عَيَّاشٍ الْمَعَافِرِيُّ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَغَيْرِهِمْ. حَدَّثَ بِمِصْرَ. رَوَى عَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَبَكْرُ بْنُ سَوَّادٍ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ. ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. "حرف الْقَافِ": 126- قبيصة بن ذؤيب -ع- أبو سعيد الخزاعي المدني، الفقيه4.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 150-151" والجرح والتعديل "6/ 248" والثقات لابن حبان "5/ 168" وتهذيب الكمال "2/ 1044". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 11" وأبو داود "2909" والترمذي "2190" وابن ماجه "2729" وأحمد "2/ 200-208". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 35" والثقات للعجلي "376" وتهذيب الكمال "2/ 1064" وتهذيب التهذيب "8/ 162-163". 4 انظر طبقات ابن سعد "5/ 176، 7/ 447" والجرح والتعديل "7/ 125" وتاريخ الطبري "2/ 239" وتهذيب الكمال "2/ 119". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 88 يُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ عَامَ الْفَتْحِ، وَأُتِيَ بِهِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موت أَبِيهِ لِيَدْعُوَ لَهُ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَبِلالٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ إِسْحَاقَ، وَمَكْحُولٌ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وهارون بن رياب. وَآخَرُونَ. وَكَانَ عَلَى الْخَاتَمِ وَالْبَرِيدِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَسَكَنَ دِمَشْقَ، وَأُصِيبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَلَهُ دارٌ بِبَابِ الْبَرِيدِ. وَكَنَّاهُ ابْنُ سَعْدٍ: أَبَا إِسْحَاقَ، وَقَالَ: شَهِدَ أَبُوهُ ذُؤَيْبُ بْنُ حَلْحَلَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفَتْحَ، وَكَانَ يَسْكُنُ قُدَيْدًا1، وَكَانَ قَبِيصَةُ آثَرَ النَّاسَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ عَلَى الْخَاتَمِ وَالْبَرِيدِ، فَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ إِذَا وَرَدَتْ، ثُمَّ يَدْخُلُ بِهَا عَلَى الْخَلِيفَةِ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ رَابِعُ أربعةٍ فِي الْفِقْهِ وَالنُّسُكِ، هُوَ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيُّ: ثنا حَفْصُ بْنُ نَبِيهٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ كَانَ مُعَلِّمَ كِتَابٍ. وَعَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ قَبِيصَةُ كَاتِبَ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أعلم مِنْ قَبِيصَةَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ قَبِيصَةُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِقَضَاءِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدَائِنِيِّ وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، وقيل: سنة سبعٍ أو سنة ثمانٍ.   1 قرية لخزاعة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 89 127- قدامة بن عبد الله -ت ن ق- بن عمار الكلابي1. لَهُ صُحْبَةٌ، وَرَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْمِي الْجِمَارَ، رَوَاهُ عَنْهُ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ الْمَكِّيُّ أَحَدُ صِغَارِ التَّابِعِينَ. 128- قَيْسُ بْنُ عَائِذٍ أَبُو كَاهِلٍ الأَحْمَسِيُّ، نَزِيلُ الْكُوفَةِ2. رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب عَلَى ناقةٍ، وَحَبَشِيٌّ ممسكٌ بِخِطَامِهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْهُ. 129- قَيْسُ بْنُ عباد سوى3 -ق- أبو عبد الله القيسي الضبعي البصري، رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وأبي ذر، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو مِجْلَزٍ لاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو نَضْرَةَ الْمُنْذِرُ بْنُ مَالِكٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ وَالْغَزْوِ، وَلَكِنَّهُ شِيعِيٌّ، وَقَدْ رَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَصَلَّى مَعَ عُمَرَ. وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَبَّادٍ وَفَدَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَسَاهُ رِيطَةً مِنْ رِيَاطِ مِصْرَ، فَرَأَيْتُهَا عَلَيْهِ قَدْ شَقَّ عَلَمَهَا. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يونس المؤدب: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ النَّضْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ فرسٌ عَرَبِيَّةٌ، كُلَّمَا نَتَجَتْ مُهْرًا حَمَلَ عَلَيْهِ؟ إِذَا أُدْرِكَ؟ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى بِهِمُ الْغَدَاةَ لَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى يَرَى السَّقَّائِينَ قَدْ مَرُّوا بِالْمَاءِ، مَخَافَةَ أَنْ يَصِيرَ أُجَاجًا أَوْ يَصِيرَ غَوْرًا، أَوْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَطْلَعِهَا، مَخَافَةَ أن تطلع من مغربها.   1 انظر المغازي للواقدي "1107" والجرح والتعديل "7/ 127" والثقات لابن حبان "3/ 344" وتهذيب الكمال "2/ 1125". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 102" والثقات لابن حبان "3/ 342" وتهذيب الكمال "3/ 1639" والاستيعاب "4/ 164". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 131" والجرح والتعديل "7/ 101" والثقات لابن حبان "5/ 308-309" وتهذيب الكمال "2/ 1137". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 وَعَنْ أَبِي مِخْنَفٍ قَالَ: عَاشَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ حَتَّى قَاتَلَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَبَلَغَ الْحَجَّاجَ فَعَائِلُهُ، وَأَنَّهُ يَلْعَنُ عُثْمَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. قُلْتُ: ابْنُ مِخْنَفٍ واهٍ. 130- قَيْصَرُ الدِّمَشْقِيُّ1. عَنِ ابن عُمَر. وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَيزيْدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. "حرف الْكَافِ": 131- كثير بن العباس2 -م د ن- بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الْهَاشِمِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأَخِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ إِنَّهُ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَى عَنْهُ: الأَعْرَجُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الأَصْبَغِ مَوْلَى بَنِي سُلَيْمٍ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ فَقِيهًا فَاضِلا لا عَقِبَ لَهُ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَ يَسْكُنُ بقريةٍ عَلَى فراسخ من المدينة. وَوَرَدَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 132- كُلَيْبُ بْنُ شِهَابِ -4- بْنِ الْمَجْنُونِ الْجَرْمِيُّ الْكُوفِيُّ3. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى الأشعري، وأبي هريرة، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَاصِمٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مهاجر. ووثقه أبو زرعة، وغيره.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 148" والثقات لابن حبان "5/ 325". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 153-154" والثقات لابن حبان "5/ 329" وتاريخ الطبري "3/ 75" وأسد الغابة "3/ 5". 3 انظر الطبقات لابن سعد "9/ 123" والجرح والتعديل "7/ 167" والثقات لابن حبان "3/ 337" وتهذيب الكمال "3/ 1149". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 91 133- كميل بن زياد بن نهيك بن هيثم النخعي الصهباني الكوفي1. حدث عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ ذَرِيحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الصَّهْبَانِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَالأَعْمَشُ. وَقَدِمَ دِمَشْقَ زَمَنَ عُثْمَانَ، وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا ثِقَةً عَابِدًا عَلَى تَشَيُّعِهِ، قَلِيلَ الْحَدِيثِ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَفِي الْكُوفَةِ مِنَ الْعُبَّادِ: أُوَيْسٌ، وَعَمْرُو بْنُ عَنْبَسَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، وَهَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمِعْضَدٌ الشَّيْبَانِيُّ، وَجُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَكُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: كُمَيْلٌ رَافِضِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ حَسَّانٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَنَعَ الْحَجَّاجُ النَّخَعَ أَعْطِيَاتِهُمْ حَتَّى يَأْتُوهُ بِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ كُمَيْلٌ أَقْبَلَ عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: أَبْلِغُونِي الْحَجَّاجَ فَأَبْلَغُوهُ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: يَا أَهْلَ الشَّامِ، هَذَا كُمَيْلٌ الَّذِي قَالَ لِعُثْمَانَ أَقِدْنِي مِنْ نَفْسِكَ، فَقَالَ كُمَيْلٌ: فَعَرَفَ حَقِّي، فَقُلْتُ: أَمَّا إِذْ أَقَدْتَنِي فَهُوَ لَكَ هِبَةٌ، فَمَنْ كَانَ أَحْسَنَ قَوْلا أَنَا أَوْ هُوَ، فَذَكَرَ الْحَجَّاجُ عَلِيًّا، فَصَلَّى عَلَيْهِ كُمَيْلٌ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: وَاللَّهِ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكَ إِنْسَانًا أَشَدَّ بُغْضًا لِعَلِيٍّ مِنْ حُبِّكَ لَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ ابْنَ أَدْهَمَ الْحِمْصِيَّ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ كُمَيْلٌ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً. أَنْبَأَ رُبَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، أَنْبَأَ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أنبأ ابن فادشاه، ثنا الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ألا أدلك   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 179" والجرح والتعديل "7/ 174" والثقات لابن حبان "5/ 341" وتهذيب الكمال "3/ 1150". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 عَلَى كنزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ"؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، وَلا مَنْجَى مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ" 1. "حَرْفُ الميم": 134- محمد بن أسامة بن زيد -ت- بن حارثة الكلبي، ابْنُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. مَدَنِيٌّ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَيَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ. 135- مُحَمَّدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ البكير بْنِ عَبْدِ يَالِيلَ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ، مِنْ أَوْلادِ الْبَدْرِيِّينَ3. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه، أبو سلمة بن عبد الرحمن، ونافع، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. 136- محمد بن حاطب4 ورخه أبو نعيم في سنة ستٍ وثمانين. وقد مر في الطبقة الماضية.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 162" ومسلم "2704" وأبو داود "1526" والترمذي "3528" وابن ماجه "3824" وأحمد "2/ 298". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 246" والجرح والتعديل "7/ 205" والثقات لابن حبان "5/ 353" وتهذيب الكمال "3/ 1166". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 205" والثقات لابن حبان "5/ 379" وتهذيب الكمال "3/ 1176" وتهذيب التهذيب "9/ 68". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 224" وتهذيب الكمال "3/ 1182" وسير أعلام النبلاء "3/ 435-436" وأسد الغابة "4/ 314-315". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 93 137- محمد بن سعد1 -سوى د- بن أبي وقاص، أبو القاسم الزهري. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، وَإِسْمَاعِيلُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خُلْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. لَهُ أَحَادِيثُ عَدِيدَةٌ، وَأُسِرَ يَوْمَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ، فَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ. 138- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب -ع- أبو القاسم الهاشمي2، ابن الحنفية، وَاسْمُهَا خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ مِنْ سَبْيِ الْيَمَامَةِ، وَهِيَ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ. وُلِدَ فِي صَدْرِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَرَأَى عُمَرَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُثْمَانَ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ الْحَسَنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُمَرُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: صَرَعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَرْوَانَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ، فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى ابْنِهِ ذَكَّرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: عفواُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُكَافِئَكَ بِهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: سَمَّتْهُ الشِّيعَةُ الْمَهْدِيَّ، فَأَخْبَرَنِي عَمِّي قَالَ: قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ: هُوَ الْمَهْدِيُّ أَخْبَرَنَاهُ كعبٌ ... أَخُو الأَحْبَارِ فِي الحقب الخوالي3 فقيل لكثير: ولقيت كعبًا؟ قال: قلته بالوهم.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 167، 6/ 221" والجرح والتعديل "7/ 261" وتاريخ الطبري "4/ 211" والثقات لابن حبان "5/ 354" وتهذيب الكمال "3/ 1201". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 91-116" والجرح والتعديل "8/ 26" وتاريخ الطبري "10/ 396" وسير أعلام النبلاء "4/ 110-129". 3 انظر الأغاني "9/ 16". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 وَقَالَ أَيْضًا: أَلا إِنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ قريشٍ ... وُلاةَ الْحَقِّ أَرْبَعَةٌ سَوَاءُ عَلِيُّ وَالثَّلاثَةُ مِنْ بَنِيهِ ... هُمُ الْأَسْبَاطُ لَيْسَ بِهِمْ خَفَاءُ فسبطٌ سِبْطُ إِيمَانٍ وَبِرٍّ ... وسبطٌ غَيَّبَتْهُ كَرْبَلاءُ وسبطٌ لا تَرَاهُ الْعَيْنُ حَتَّى ... يَقُودَ الْخَيْلَ يَقْدُمُهَا لِوَاءُ تَغَيَّبَ لا يُرَى عَنْهُمْ زَمَانًا ... بِرَضْوَى عِنْدَهُ عسلٌ وَمَاءُ1 قَالَ الزُّبَيْرُ: وَكَانَتْ شِيعَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ. وَفِيهِ يَقُولُ السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ: أَلا قُلْ لِلْوَصِيِّ فَدَتْكَ نَفْسِي ... أَطَلْتَ بِذَلِكَ الْجَبَلِ الْمُقَامَا أَضَرَّ بمعشرٍ وَالَوْكَ مِنَّا ... وَسَمَّوْكَ الْخَلِيفَةَ وَالإِمَامَا وَعَادَوْا فِيكَ أَهْلَ الأَرْضِ طُرًّا ... مُقَامُكَ عَنْهُمْ سِتِّينَ عَامَا وَمَا ذَاقَ ابْنُ خَوْلةَ طَعْمَ موتٍ ... وَلا وَارَتْ لَهُ أرضٌ عِظَامَا لَقَدْ أَمْسَى بِمُورِقِ شِعْبِ رضوى ... تُرَاجِعُهُ الْمَلائِكَةُ الْكَلامَا وَإِنَّ لَهُ بِهِ لَمَقِيلَ صدقٍ ... وَأَنْدِيَةً تُحَدِّثُهُ كِرَامَا هَدَانَا اللَّهُ إِذْ حُزْتُمْ لأمرٍ ... بِهِ وَعَلَيْهِ نلتمس التمام تَمَامَ مَوَدَّةِ الْمَهْدِيِّ حَتَّى ... تَرَوْا رَايَاتِنَا تَتْرَى نِظَامَا وَقَالَ السَّيِّدُ أَيْضًا: يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لِمَنْ بِكَ لا يُرَى ... وَبِنَا إِلَيْهِ مِنَ الصَّبَابَةِ أَوْلَقُ حَتَّى مَتَى؟ وَإِلَى مَتَى؟ وكم المدى ... يابن الْوَصِيِّ وَأَنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَوْلِدُهُ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: رَأَيْتُ أُمَّ مُحَمَّدِ بن الحنفية سنديةً سوداء، وكانت   1 انظر الأبيات في الأغاني "9/ 14-15" والبداية والنهاية "9/ 38". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 95 أَمَةٌ لِبَنِي حُنَيْفَةَ، وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الرَّقِيقِ، وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: كَانَتْ رخصةً لعلي -رضي الله عنهم- قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ وُلِدَ لِي بعدك ولدٌ أسميه باسمك، وأكنه بِكُنْيَتِكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ" 1. قُلْتُ: وَكَانَ يُكْنَى أَيْضًا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ: ثنا سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ، فَقُلْتُ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ الْكُنْيَتَيْنِ. وَعَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، بإسنادٍ صحيحٍ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، لَكِنَّ ابْنَ حُمَيْدٍ ضَعِيفٌ. وَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، سَمِع ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: دَخَلَ عُمَرُ وَأَنَا عِنْدَ أُخْتِي أُمِّ كُلْثُومٍ، فَضَمَّنِي وَقَالَ: أَلْطِفِيهِ بِالْحَلْوَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ: جِئْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مَكْحُولٌ مَخْضُوبٌ بِحُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وَقَالَ سَالِمُ بن أبي حفصة، عن منذر، عن ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: حسن وَحسين خَيْرٌ مِنِّي، وَلَقَدْ عَلِمَا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَخْلِينِي دُونَهُمَا، وَأَنِّي صَاحِبُ الْبَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ رَجُلٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: مَا بَالُ أَبِيكَ كَانَ يَرْمِي بِكَ فِي مرامٍ لا يَرْمِي فِيهَا الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمَا كَانَا خَدَّيْهِ، وَكُنْتُ يَدَهُ، فَكَانَ يَتَوَقَّى بِيَدِهِ عَنْ خَدَّيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ خَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَأَقَامَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ حَتَّى سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشِ مسرفٍ أَيَّامَ الْحَرَّةِ، فَرَحَلَ إِلَى مَكَّةَ، فَقَعَدَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ دَعَاهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَأَبَيَا حَتَّى تَجْتَمِعَ لَهُ الْبِلادُ، فَكَاشَرَهُمَا، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ، وَغَلُظَ الأَمْرُ حَتَّى خَافَاهُ، وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَةُ، فَأَسَاءَ جِوَارَهُمْ وَحَصَرَهُمْ، وَأَظْهَرَ شَتْمَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَمَرَهُمْ وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يلزموا   1 حديث: أخرجه أبو داود "4967" والترمذي "2846". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 96 شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ، وَقَالَ فِيمَا قَالَ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعُنَّ أَوْ لأَحْرِقَنَّكُمْ بِالنَّارِ، فَخَافُوا. قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَرَأَيْتُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَحْبُوسًا بِزَمْزَمَ، فَقُلْتُ: لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ، فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَا لَكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: دَعَانِي إِلَى الْبَيْعَةِ. فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ، فَأَنَا كَأَحَدِهِمْ. فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا، فاذهب، فأقريء ابْنَ عباسٍ السَّلامَ وَقُلْ: مَا تَرَى؟ فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ذَاهِبُ الْبَصَرِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ: رُبَّ أنصاريٍ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ عَدُوِّنَا، فَقُلْتُ: لا تَخَفْ، أَنَا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ، وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: قُلْ لَهُ لا تُطِعْهُ وَلا نُعْمَةَ عينٍ، إِلا مَا قُلْتَ، وَلا تَزِدْهُ عَلَيْهِ، فَأَبْلَغْتُهُ، فَهَمَّ أَنْ يَقْدَمَ الْكُوفَةَ؛ وَبَلَغَ ذَلِكَ المختار ابن أَبِي عُبَيْدٍ، فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُومُهُ. قُلْتُ: وَقَدْ كان يدعو إليه قال: إِنَّ فِي الْمَهْدِيِّ عَلامَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُمْ هَذَا، فَيَضْرِبُهُ رجلٌ فِي السُّوقِ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ لا تَضُرُّهُ وَلا تَحِيكُ فِيهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ، فَأَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيعَتِكَ بِالْكُوفَةِ فَأَعْلَمْتُهُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ، فَبَعَثَ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ، فَقَدِم عَلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّا لا نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاءِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ، فَجَهَّزَ الْمُخْتَارُ بَعْثًا إِلَى مَكَّةَ، فَانْتَدَبَ مِنْهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ، فَعَقَدَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ لَهُ: سِرْ، فَإِنْ وَجَدْتَ بَنِي هَاشِمٍ فِي الْحَيَاةِ فَكُنْ لَهُمْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَضُدًا، وَانْفُذْ لِمَا أَمَرُوكَ بِهِ، وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُمْ، فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ لا تَدَعْ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ شَعْرًا وَلا ظُفْرًا. وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللَّهِ، لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْمَسِيرِ، وَلَكُمْ بِهَذَا الْوَجْهِ عَشْرُ حججٍ وَعَشْرُ عُمَرٍ. فَسَارُوا حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ، فَجَاءَ الْمُسْتَغِيثُ: أَعْجِلُوا، فَمَا أَرَاكُمْ تُدْرِكُونَهُمْ، فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ ثَمَانِمِائَةٍ، عَلَيْهِمْ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، فَأَسْرَعُوا حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ، فَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَانْطَلَقَ هابًا، وَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ. قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَصْحَابِهِمَا فِي دورٍ وَقَدْ جُمِعَ لَهُمُ الْحَطَبُ، فَأُحِيطَ بِهِمُ الْحَطَبُ حَتَّى بَلَغَ رُءُوسَ الْجُدُرِ، لَوْ أَنَّ نَارًا تَقَعُ فِيهِ مَا رُؤِيَ مِنْهُمْ أحدٌ، فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ، فَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكُنَّا صَفَّيْنِ نَحْنُ وهم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 في المسجد نهارنا، ولا نَنْصَرِفُ إِلا إِلَى الصَّلاةِ حَتَّى أَصْبَحْنَا، وَقَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ فِي الْجَيْشِ، فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: ذَرُونَا نُرِحِ النَّاسَ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالا: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ مَا أَحَلَّهُ لأحدٍ إِلا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاعَةً، فَامْنَعُونَا وَأَجِيرُونَا، قَالَ: فتحملوا، وإن مناديًا لينادي فِي الْجَبَلِ، مَا غَنِمَتْ سريةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ، إِنَّ السَّرِيَّةَ إِنَّمَا تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءَنَا، فَخَرَجُوا بِهِمْ حَتَّى أَنْزَلُوهُمْ مِنِّي، ثُمَّ انْتَقَلُوا إِلَى الطَّائِفِ وَأَقَامُوا. وَتُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَبَقِينَا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَافَى ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى عَرَفَةَ، فَوَقَفَ وَوَافَى نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَنَفِيُّ الْحَرُورِيُّ فِي أَصْحَابِهِ، فَوَقَفَ نَاحِيَةً، وَحَجَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى لواءٍ، فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَقَامَ الْحَجَّ تِلْكَ السَّنَةِ، وَحَجَّ ابن الحنفية في الخشبية1، وهو أَرْبَعَةُ آلافٍ، نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ سَعَى فِي الْهُدْنَةِ وَالْكَفِّ حَتَّى حَجَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ الأَرْبَعِ، قَالَ: وَوَقَفْتُ تِلْكَ الْعَشِيَّةِ إِلَى جَنْبِ غبن الْحَنَفِيَّةِ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ادْفَعْ، وَدَفَعْتُ مَعَهُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: ح، وَنا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: كَانَ الْمُخْتَارُ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ أَشَدَّ شيءٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لِأَبِي الْقَاسِمِ -يَعْنِي ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ- ثُمَّ ظَلَمَهُ إِيَّاهُ، وَجَعَلَ يَذْكُرُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَحَالَهُ وَوَرَعَهُ، وَأَنَّهُ يَدْعُو لَهُ، وَأَنَّهُ بَعَثَهُ، وَأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا، وَكَانَ يَقْرَأُه عَلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ وَيُبَايِعُونَهُ سِرًّا، فَشَكَّ قومٌ وَقَالُوا: أَعْطَيْنَا هَذَا الرَّجُلَ عُهُودَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ، لَيْسَ هُوَ مِنَّا بِبَعِيدٍ، فَشَخَصَ مِنْهُمْ قومٌ فَأَعْلَمُوهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ، فَقَالَ: نَحْنُ قومٌ حَيْثُ تَرَوْنَ مَحْبُوسُونَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ، فَاحْذَرُوا الْكَذَّابِينَ، وَانْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَدِينِكُمْ، فَذَهَبُوا على هذا3.   1 قيل: لأنهم كانوا يحملون عصيًّا من الخشب بدل السيوف. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 103". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 199". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 98 وَجَعَلَ أَمْرُ الْمُخْتَارِ يَكْبُرُ كُلَّ يومٍ وَيَغْلُظُ، وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ فَقَتَلَهُمْ، وَبَعَثَ ابْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَ الْمُخْتَارُ بِرَأْسِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَدَعَتْ بَنُو هَاشِمٍ لِلْمُخْتَارِ، وَعَظُمَ عِنْدَهُمْ. وَكَانَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَكْرَهُ أَمْرَهُ، وَلا يُحِبُّ كَثِيرًا ممّا يَأْتِي بِهِ. ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ: لِمُحَمَّدِ بْنِ علي، مِنَ الْمُخْتَارِ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لا حَرَجَ إِلا فِي دَمِ امرئٍ مسلمٍ. فَقُلْتُ لابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: تَطْعَنُ عَلَى أَبِيكَ؟ قَالَ: لَسْتُ أَطْعَنُ عَلَى أَبِي، بَايَعَ أَبِي أُولُو الأَمْرِ، فَنَكَثَ ناكثٌ فَقَاتَلَهُ، وَمَرَقَ مارقٌ فَقَاتَلَهُ، وَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَحْسُدُنِي عَلَى مَكَانِي هَذَا، وَدَّ أَنِي أُلْحَدُ فِي الْحَرَمِ كَمَا أُلْحِدَ. وَقَالَ قَبِيصَةُ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرأً أَغْنَى نَفْسَهُ، وَكَفَّ يَدَهُ، وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ، وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ لَهُ مَا احْتَسَبَ وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ أَلا إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ، أَلا إِنَّ لِأَهْلِ الَحِّق دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمِنَّا كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَامِ الأَعْلَى، وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خيرٌ وَأَبْقَى. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: ثنا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ: كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ، فَقَالَ: أَجَلْ، أَنَا رجلٌ مَهْدِيٌّ، أَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالْخَيْرِ، اسْمِي مُحَمَّدٌ، فَلْيَقُلْ أَحَدُكُمْ إِذَا سَلَّمَ: سلامٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، أَوْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا: وقتل المختار سنة ثمانٍ وستين، فلما دلت سَنَةَ تسعٍ أَرْسَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ عُرْوَةَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكَ: إِنِّي غَيْرُ تَارِكِكَ أَبَدًا حَتَّى تُبَايِعَنِي، أَوْ أُعِيدُكَ فِي الْحَبْسِ، وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِرَاقَ عَلَيَّ، فَبَايِعْ، وَإِلا فَهِيَ الْحَرْبُ بيني وبينك. فقال: ما أسرع أخاك على قَطْعِ الرَّحِمِ وَالاسْتِخْفَافِ بِالْحَقِّ، وَأَغْفَلَهُ مِنْ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ اللَّهِ، مَا يَشُكُّ أَخُوكَ فِي الْخُلُودِ، وَاللَّهِ مَا بَعَثْتُ الْمُخْتَارَ دَاعِيًا وَلا نَاصِرًا، وَلِلْمُخْتَارُ كَانَ أَشَدَّ انْقِطَاعًا إِلَيْهِ مِنْهُ إِلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ كَذَّابًا فَطَالَمَا قَرَّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، وَمَا عِنْدِي خِلَافٌ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي خلاف ما أقمت في جواره،   1 طبقات ابن سعد "5/ 94". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 ولخرجت إلى من يدعوني، ولكن ههنا، وَاللَّهِ لِأَخِيكَ قَرْنٌ يَطْلُبُ مِثْلَ مَا يَطْلُبُ أَخُوكَ، كِلاهُمَا يُقَاتِلانِ عَلَى الدُّنْيَا، عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ بِجُيُوشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيكَ، وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَ عَبْدَ الْمَلِكِ خَيْرٌ لِي مِنْ جِوَارِ أَخِيكَ، وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قِبَلِهِ وَيَدْعُونِي إِلَيْهِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَسْتَخِيرُ اللَّهَ، وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِكَ. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: وَاللَّهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، فَقَالَ: وَعَلَى مَاذَا جَاءَ برسالةٍ مِنْ أَخِيهِ، وَلَيْسَ فِي الْغَدْرِ خَيْرٌ، وأنتم تعلمون أن رأيي لو اجتمع الناس علي كلهم إلا إنسانًا واحدًا لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَ أَخَاهُ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تَعْرِضَ لَهُ، دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ، وَيَغِيِب وَجْهَهُ، فَعَبْدُ الْمَلِكِ أَمَامَهُ لا يَتْرُكُهُ يَحُلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ، وَهُوَ لا يَفْعَلُ أَبَدًا، حَتَّى يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَإِمَّا حَبَسَهُ أَوْ قَتَلَهُ. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فَسِرْنَا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ1، بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ بزيادةٍ عَلَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ كَتَبَ لِمُحَمَّدٍ عَهْدًا، عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَصْطَلِحَ النَّاسُ عَلَى رجلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ محمدٌ الشَّامَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي، وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي، وَنَحْنُ يومئذٍ سَبْعَةُ آلافٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي. فَفَعَلَ، فَقَامَ فَحَمَدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثم قال: فَقَامَ فَحَمَدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَلِيُّ الأُمُورِ كُلِّهَا، وَحَاكِمُهَا، مَا شاء الله كان، وما لم يشأ لم يَكُنْ، كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، عَجِلْتُمْ بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِي أَصْلابِكُمْ لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ محمدٍ مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلَ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخِرٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَعُودُنَّ فِيهِمْ كَمَا بَدَأَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءَكُمْ، وَأَحْرَزَ دِينَكُمْ، مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَأْتِيَ مَأْمَنَهُ إِلَى بَلَدِهِ آمِنًا مَحْفُوظًا فَلْيَفْعَلْ. فَبَقِيَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رجلٍ، فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْيًا، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ ندخل الرحم تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ: لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ، وَرَجَعْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ، دَعْنَا نَدْخُلُ، فَلْنَقْضِ نُسُكَنَا، ثُمَّ نَخْرُجُ عَنْكَ. فَأَبَى، وَمَعَنَا الْبُدْنُ قَدْ قَلَّدْنَاهَا، فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ، وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الْعِرَاقَ، فَلَمَّا سار مضينا فقضينا نسكنا، وقد   1 المعروفة بالعقبة الآن. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ1. قُلْتُ: هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ، وَفِيهِ أَنَّهُمْ قَضَوْا نُسُكَهُمْ بَعْدَ عِدَّةَ سِنِينَ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ لَمَّا قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: قَدْ قُتِلَ عَدُوُّ اللَّهِ. فَقَالَ أَبِي: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ. قَالَ: وَاللَّهِ لَأقْتُلَنَّكَ، قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يومٍ ثَلاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ لَحْظَةً، فِي كُلِّ لحظةٍ مِنْهَا ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَضْيَةً، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكْفِينَاكَ فِي قَضْيَةٍ. قَالَ: فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَتَاهُ كِتَابُهُ فَأَعْجَبَهُ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَتَهَدَّدَهُ، أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً. ثُمَّ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلًافٌ، وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ فَارْفِقْ بِهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَهُ: مَا بَقِيَ شيءٌ، فَبَايَعَ، فَكَتَبَ بِالْبَيْعَةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وبايع الْحَجَّاجُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ رَأَى على محمد بن الحنفية حبرة تجلل الغزار، وَكَانَ لَهُ بُرْنُسٌ خَزٌّ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ: أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِعَرَفَةَ وَاقِفًا، عَلَيْهِ مِطْرَفٌ خَزٌّ. وَقَالَ يَعلَى بْنُ عُبَيْدٍ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَرَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ مَخْضُوبُينَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَرَوَى إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى: أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ سُئِلَ عَنِ الْخِضَابِ بِالْوَسْمَةِ، فَقَالَ: هُوَ خِضَابُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثنا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَتَلَوَّى عَلَى فِرَاشِهِ وَيَنْفُخُ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: يَا مَهْدِيُّ مَا يَلْوِيكَ مِنْ أَمْرِ عَدُوِّكَ؟ هَذَا ابْنُ الزُّبَيْرِ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا بِي هَذَا، وَلَكِنْ بِي مَا يُؤْتَى فِي حَرَمِهِ غَدًا، ثُمَّ رفع يديه إلى السماء:   1 انظر الطبقات لابن سعد "5/ 108-109". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 101 فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَعْلَمُ مما علمتني منها يَخْرُجُ مِنْهَا إِلا قَتِيلا يُطَافُ بِهِ فِي الأَسْوَاقِ. عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ، ثنا عَبْدُ رَبِّهِ أَبُو شِهَابٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ يَتَّخِذُهُمُ النَّاسُ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، نَحْنُ، وَبَنُو عَمِّنَا هَؤُلاءِ، يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. وَقَالَ أَبُو زُبَيْدٍ عَنْتَرٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، نَتَّخِذُ مِنْ دُونِ الله أندادًا، نحن، وبنو عمنا. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْمَدَنِيِّ -وَلَيْسَ بِالأَنْصَارِيِّ- قَالَ: رَأَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لا يَمُوتُ حَتَّى يَمْلُكَ أَمْرَ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: لا يَمْلُكُ وَلا أحدٌ مِنْ وَلَدِهِ، وَإِنَّ هَذَا الْمَلِكَ مِنْ بَنِي أَبِيكَ لَفِي غَيْرِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ رِضَا بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عَلَى بَابِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا غُلامٌ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ، إِنَّ أَبِي يُقْرِئُكُمُ السَّلامَ، وَيَقُولَ لَكُمْ: إِنَّا لا نُحِبُّ اللَّعَّانِينَ وَلا الطَّعَّانِينَ، وَلا نُحِبُّ مُسْتَعْجِلِي الْقَدَرِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: إِنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمَقَامِ، فَزَجَرَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: بِالْبَقِيعِ، قُلْتُ: أَيُّ سَنَةٍ؟ قَالَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْفَلَّاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ. وَهَذَا غَلَطٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدَائِنِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ، وَهَذَا أَفْحَشُ مِمَّا قَبْلِهِ. 139- مَاهَانُ الْحَنَفِيُّ أَبُو سالم الأعور الكوفي1، ويقال له المسبح.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 227" والجرح والتعديل "8/ 434" وتاريخ الطبري "4/ 558" وتهذيب التهذيب "10/ 25". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ: عَمَّارٌ الدهني، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، وَطَلْحَةُ بْنُ الأَعْلَمِ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ: كَانَ لا يَفْتُرُ مِنَ التَّسْبِيحِ، فَأَخَذَهُ الْحَجَّاجُ وَصَلَبَهُ، وَكَانَ يُسَبِّحُ وَيَعْقِدُ، قَالَ: فَطُعِنَ، وَقَدْ عَقَدَ تِسْعًا وَسِتِّينَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حُنَيْفَةَ: رَأَيْتُ مَاهَانَ الْحَنَفِيُّ حَيْثُ صُلِبَ، فَجَعَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى عَقَدَ عَلَى تسعٍ وَعِشْرِينَ، فَطُعِنَ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ شهرٍ عَاقِدًا عَلَيْهَا، وَكُنَّا نُؤْمَرُ بِالْحَرَسِ عَلَى خَشَبَتِهِ، فَنَرَى عِنْدَهُ الضَّوْءَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: قَطَعَ الْحَجَّاجُ أَرْبَعَتَهُ وَصَلَبَهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَتَلَ الْحَجَّاجُ مَاهَانَ أَبَا سَالِمٍ الْحَنَفِيَّ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَاهَانُ أَبُو صَالِحٍ، وَهُوَ وَهْمٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: قُتِلَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ. 140- مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ عُطَارِدِ بْنِ حَاجِبٍ1، أَبُو عُمَيْرٍ التَّمِيمِيُّ، الدَّارِمِيُّ، الْكُوفِيُّ. أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ. وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَجْوَدَ مُضَرٍ، وَصَاحِبَ رَبْعِ تَمِيمٍ. وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقَدْ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. وَقِيلَ فِيهِ: عَلِمَتْ مَعَدُّ وَالْقَبَائِلُ كُلُّهَا ... أَنَّ الْجَوَّادَ مُحَمَّدُ بْنُ عُطَارِدِ 141- مرثد بن عبد الله -ع- أبو الخير اليزني المصري2. وَيَزَنُ بطنٌ مِنْ حِمْيَرَ. رَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ ثابت، وعمرو   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 40" والثقات لابن حبان "5/ 361" وتاريخ الطبري "5/ 270، 353" والإصابة "3/ 516-517". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 517" والجرح والتعديل "8/ 299" والثقات لابن حبان "5/ 439" وتهذيب الكمال "3/ 1314". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 103 ابن الْعَاصِ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو، وجماعة. وكان يلزم عقبة. روى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَاسَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وعبيد الله بن أبي جعفر، وعياش ابن عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الْأَعْلامِ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي أَيَّامِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ، يَعْنِي أَمِيرَ مِصْرَ، يُحْضِرُهُ مَجْلِسَهُ لِلْفُتْيَا، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعين. 142- مرة الطيب1 -ع- ويلقب أيضًا مرة الخير، لِعِبَادَتِهِ وَخَيْرِهِ، وَهُوَ ابْنُ شَرَاحِيلَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ. مُخَضْرَمٌ كَبِيرُ الْقَدْرِ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وعمر، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. روى عَنْهُ: أَسْلَمُ الْكُوفِيُّ، وَزُبَيْدٌ الْيَامِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وثقه يحيى بن معين. ابن عيينة: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ يَقُولُ: رَأَيْتُ مُصَلَّى مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ مِثْلَ مَبْرَكِ الْبَعِيرِ. وَقَالَ عَطَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ: كَانَ مُرَّةُ يُصَلِّي كُلَّ يومٍ سِتَّمِائَةِ رَكْعَةٍ. وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ سَجَدَ حَتَّى أَكَلَ التُّرَابُ جَبْهَتَهُ. 143- الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ الأَحْنَفِ الْكُوفِيُّ2 -م4- عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وصِلة بْنِ زفر.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 116-117" والجرح والتعديل "8/ 366" والثقات لابن حبان "5/ 446" وتهذيب الكمال "3/ 1315". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 195" والجرح والتعديل "8/ 365" والثقات لابن حبان "5/ 451" وتهذيب الكمال "3/ 1319". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَأَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ. 144- مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ الربيع -م4- أبو هارون الأنصاري، الزرقي، الْمَدَنِيُّ1. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عِيسَى، وَإِسْمَاعِيلُ، وَقَيْسٌ، وَيُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّهْريُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ سَرِيًّا مُثْرِيًا ثِقَةً. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ. 145- مُعَاذَةُ بنت عبد الله -ع- أم الصهباء العدوية، العابدة البصرية2. رَوَتْ عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، وَهِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ. رَوَى عَنْهَا: أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَيَزِيدُ الرِّشْكُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَأَيُّوبُ، وَعُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَآخَرُونَ. وَوَثَّقَهَا ابْنُ مَعِينٍ. وَبَلَغَنا أَنَّهَا كَانَتْ تُحْيِي اللَّيْلَ وَتَقُولُ: عَجِبْتُ لعينٍ تَنَامُ وَقَدْ عَلِمَتْ طُولَ الرُّقَادِ فِي ظُلَمِ الْقُبُورِ. وَلَمَّا قُتِلَ زَوْجُهَا صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ وَابْنُهَا فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ، اجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِكُنَّ إِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِتُهَنِّئْنَنِي، وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَارْجِعْنَ. وَكَانَتْ تَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ الْبَقَاءَ إِلا لِأَتَقَرَّبَ إِلَى رَبِّي بِالْوَسَائِلِ، لَعَلَّهُ يَجْمَعُ بَيْنِي وبين أبي الصهباء وولده في الجنة.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 73-74" والثقات لابن حبان "5/ 440" وتهذيب الكمال "3/ 1322" وتقريب التهذيب "2/ 243". 2 انظر طبقات ابن سعد "8/ 483" وتاريخ الطبري "5/ 473" والثقات لابن حبان "5/ 466" وتهذيب الكمال "3/ 1698". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 105 وَرَّخَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي سَنَةِ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. 146- مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ1 -خ م د ت- أَخُو مُحَمَّدٍ، وَمَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ أَقْدَمُ إِخْوَتِهِ مَوْلِدًا وَوَفَاةً. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. رَوَى عَنْهُ: أَخَوَانِ مُحَمَّدٌ، وَأَنَسٌ. 147- مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ الْبَصْرِيُّ -ق- أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْقَدَرِ2. روى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَحُمْرَانَ بْنِ أَبَانٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَزَيْدُ بْنُ رَفِيعٍ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، وَعَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ فِي الْحَدِيثِ. قُلْتُ: هُوَ مَعْبَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُوَيْمِرٍ، وَيُقَالُ: مَعْبَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عكيم، وَلَدَ الَّذِي رَوَى: "لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بإهابٍ وَلا عَصَبٍ" 3. وَقِيلَ: هُوَ مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ. وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَحْمَدَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْقُرَّاءُ إِلَى مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ دَوْمَةَ الْجَنْدَلِ مَوْضِعَ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالُوا لَهُ: قَدْ طَالَ أَمْرُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَلَوْ لَقِيتَهُمَا فَسَأَلْتَهُمَا عَنْ بَعْضِ أَمْرِهِمَا، فَقَالَ: لا تُعَرِّضُونِي لأمرٍ أَنَا لَهُ كارهٌ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ أُقْفِلَتْ بِأَقْفَالِ الْحَدِيدِ، وَأَنَا صَايِرٌ إِلَى مَا سَأَلْتُمْ، قَالَ مَعْبَدٌ:   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 206" والجرح والتعديل "8/ 280" والثقات لابن حبان "5/ 432" وتهذيب الكمال "3/ 1349". 2 انظر طبقات ابن سعد "4/ 348" والجرح والتعديل "8/ 280" والمجروحين "3/ 35-36" وتهذيب الكمال "31/ 1350" وميزان الاعتدال "4/ 141". 3 تقدم تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 106 فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: صحِبْتُ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُنْتَ مِنْ صَالِحِي أَصْحَابِهِ، وَاسْتَعْمَلَكَ، وَقُبِضَ وَهُوَ عَنْكَ راضٍ، وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ هَذِهِ الأَمَّةِ، فَانْظُرْ مَا أَنْتَ صانعٌ، فَقَالَ: يَا مَعْبَدُ غَدًا نَدْعُو النَّاسَ إِلَى رجلٍ لا يَخْتَلِفُ فِيهِ اثْنَانِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَزَلَ صَاحِبَهُ، فَطَمِعْتُ فِي عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُهُ وَهُوَ رَاكِبٌ بَغْلَتَهُ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ، فَأَخَذْتُ بِعَنَانِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّكَ قَدْ صحِبْتُ رَسُولَ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكنت من صَالِحِي أَصْحَابِهِ، قَالَ: بِحَمْدِ اللَّهِ. قُلْتُ: وَاسْتَعْمَلَكَ، وَقُبِضَ رَاضِيًا عَنْكَ. قَالَ: بِمَنِّ اللَّهِ. ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ شَزَرًا، فَقُلْتُ: قَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَانْظُرْ مَا أَنْتَ صانعٌ، فَنَزَعَ عَنَانَهُ مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: إِيهًا تَيْسَ جُهَيْنَةَ، مَا أَنْتَ وَهَذَا؟ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ السِّرِّ وَلا الْعَلانِيَةِ، وَاللَّهِ مَا يَنْفَعُكَ الْحَقُّ وَلا يَضُرُّكَ الْبَاطِلُ، فَأَنْشَأَ مَعْبَدُ يَقُولُ: إِنِّي لَقِيتُ أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرَنِي ... بِمَا أَرَدْتُ وَعَمْرُو ضَنَّ بِالْخَبَرِ شَتَّانَ بَيْنَ أَبِي مُوسَى وَصَاحِبِهِ ... عَمْرٍو لَعَمْرِكَ عِنْدَ الْفَضْلِ وَالْخَطَرِ هَذَا لَهُ غفلةٌ أَبْدَتْ سَرِيرَتَهُ ... وَذَاكَ ذُو حذرٍ كَالْحَيَّةِ الذَّكَرِ قَالَ أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ الْجَوْزَجَانِيُّ: كَانَ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْقَدَرِ احْتَمَلَ النَّاسُ حَدِيثَهُمْ لِمَا عُرِفُوا مِنَ اجْتِهَادِهِمْ فِي الدِّينِ وَالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، لَمْ يُتَوَهَّمْ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ، وَإِنْ بُلُوا بِسُوءِ رَأْيِهِمْ، فَمِنْهُمْ: قَتَادَةُ، وَمَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، وَهُوَ رَأْسُهُمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ فِي الْقَدَرِ رجلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، يُقَالُ لَهُ سَوْسَنَ، كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَنَصَّرَ، فَأَخَذَ عَنْهُ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، وَأَخَذَ غَيْلانُ عَنْ مَعْبَدٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ قَالَ: كُنَّا فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ مُرَّ بِمَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ هذا لهو البلاء، فسمعت خالد بن معدان يقول: إن الْبَلاءُ كُلُّ الْبَلاءِ إِذَا كَانَتِ الأَئِمَّةُ مِنْهُمْ. وَقَالَ مَرْحُومٌ الْعَطَّارُ: حَدَّثَنِي أَبِي وَعَمِّي قَالا: سَمِعْنَا الْحَسَنَ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَمَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ، فَإِنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ الْحَسَنَ وَهُوَ يَعِيبُ قَوْلَ مَعْبَدٍ، يَقُولُ: هُوَ ضَالٌّ مُضِلٌّ، قَالَ: ثُمَّ تَلَطَّفَ لَهُ مَعْبَدٌ، فَأَلْقَى فِي نَفْسِهِ مَا أَلْقَى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 وَعَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: إِنَّ مَعْبَدًا يَقُولُ بِقَوْلِ النَّصَارَى. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قل لَنَا طَاوُسٌ: احْذَرُوا مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ فَإِنَّهُ كَانَ قَدَرِيًّا. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: لَقِيتُ مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ بِمَكَّةَ بَعْدَ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ وَهُوَ جَرِيحٌ، وَقَدْ قَاتَلَ الْحَجَّاجَ فِي الْمَوَاطِنِ، فَقَالَ: لَقِيتُ الْفُقَهَاءَ وَالنَّاسَ، لَمْ أَرَ مِثْلَ الْحَسَنِ، يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَاهُ، كَأَنَّهُ نادمٌ عَلَى قِتَالِ الْحَجَّاجِ. وَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ يُعَذِّبُ مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ بِأَصْنَافِ الْعَذَابِ، وَلا يَجْزَعُ وَلا يَسْتَغِيثُ، قَالَ: فَكَانَ إِذَا تُرِكَ مِنَ الْعَذَابِ يَرَى الذُّبَابَةَ مُقْبِلَةً تَقَعُ عَلَيْهِ، فَيَصِيحُ وَيَضُجُّ، فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا مِنْ عَذَابِ بَنِي آدَمَ، فَأَنَا أَصْبِرُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الذُّبَابُ فَمِنْ عَذَابِ اللَّهِ، فَلَسْتُ أَصْبِرُ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ. قُلْتُ: وَعَذَابُ بَنِي آدَمَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي سَلَّطَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجَ، وَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ فَلا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ ذَلِكَ وَلا قَدَّرَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ صَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ بِدِمَشْقٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ قَبْلَ التِّسْعِينَ. 148- الْمَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ1 -ع- أبو أمية الأسدي الكوفي. عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: وَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَالأَعْمَشُ، وَمُغِيرَةُ الْيَشْكُرِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُهُ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، أَسْوَدَ الرَّأْسِ واللحية. 149- المقدام بن معد يكرب2 ابن عمرو -خ4- بن يزيد الكندي، أبو   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 118" والجرح والتعديل "8/ 415-1416" وتاريخ الطبري "3/ 539" وتهذيب الكمال "3/ 1352". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 415" والجرح والتعديل "8/ 302" والثقات لابن حبان "3/ 395" وتهذيب الكمال "3/ 1369". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 كريمة عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: أَبُو زَيْدٍ، وَقِيلَ: أَبُو صَالِحٍ، وَيُقَالُ: أَبُو بِشْرٍ، وَيُقَالُ أَبُو يَحْيَى، نَزِيلُ حِمْصَ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَشُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو عَامِرٍ الْهَوْزَنِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَيَحْيَى ابْنَا جَابِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَابْنُهُ يَحْيَى، وَحَفِيدُهُ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى. رَوَى أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْكَلاعِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ الْمِقْدَامَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا يَزِيدَ، إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لَمْ تَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ وَأَنَا أَمْشِي مَعَ عَمِّي، فَأَخَذَ بِأُذُنِي هَذِهِ، وَقَالَ لِعَمِّي: أتَرَى هذا، يذكره أَبَاهُ وَأُمَّهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الأَبْرَشُ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْلَحْتَ يَا قُدَيْمُ إِنْ مِتَّ وَلَمْ تَكُنْ أَمِيرًا وَلا جَابِيًا وَلا عَرِّيفًا"1. قَالَ خَلِيفَةُ: وَالْفَلَّاسُ، أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ، زَادَ الْفَلاسُ: وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَبْرُهُ بِحِمْصَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي الْبُيُوعِ2. 150- الْمُهَلَّبُ بن أبي صفرة3 -د ت ن- ظَالِمُ بْنُ سُرَّاقِ بْنِ صُبْحِ بْنِ كِنْدِيِّ بْنِ عَمْرٍو، الأَمِيرُ أَبُو سَعِيدٍ الأَزْدِيُّ الْعَتَكِيُّ، أَحَدُ أَشْرَافِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَوُجُوهِهِمْ، وَفُرْسَانِهِمْ، وَأَبْطَالِهِمْ، ودهاتهم، وأجوادهم.   1 حديث ضعيف: أخرجه أبو داود "2933" وأحمد "4/ 133" والبيهقي "6/ 361" وفي إسناده صالح بن يحيى بن المقدام بن معديكرب قال البخاري: فيه نظر وقال الحافظ: لين. 2 انظره في "3/ 22 فتح". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 129" والجرح والتعديل "8/ 369" وتاريخ الطبري "6/ 354" والثقات لابن حبان "5/ 451". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 قِيلَ: وُلِدَ عَامَ الْفَتْحِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم، وَغَزَا فِي خِلافَةِ عُمَرَ. قُلْتُ: أَحْسَبُ هَذَا الْكَلامَ فِي حَقِّ أَبِيهِ. وَرَوَى عَنْ: سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَالْبَرَاءِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ سَيْفٍ، وَآخَرُونَ. الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنْ بَيَّتُّمُ اللَّيْلَةَ فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ: حم لا يُنْصَرُونَ" 1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو صُفْرَةَ مِنْ أَزْدَ دَبَاءَ فِيمَا بَيْنَ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ، ارْتَدَّ قَوْمُهُ، فَقَاتَلَهُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَظَفَرَ بِهِمْ، فَبَعَثَ بِذَرَارِيهِمْ إِلَى الصِّدِّيقِ، فِيهِمْ أَبُو صُفْرَةَ غُلامٌ لَمْ يَبْلُغْ، ثُمَّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ فِي إِمْرَةِ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ الْمُهَلَّبُ يَمُرُّ بِنَا وَنَحْنُ فِي الْكُتَّابِ رجلٌ جَمِيلٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ غَزَا الْمُهَلَّبُ أَرْضَ الْهِنْدِ، وَوَلِيَ الْجَزِيرَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ، وَوَلِيَ حَرْبَ الْخَوَارِجِ كَمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ وَلِيَ خُرَاسَانَ. وَقَدْ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ وجهٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ بَالَغَ فِي إِكْرَامِ الْمُهَلَّبِ لَمَّا رَجَعَ مِنْ حَرْبِ الأَزَارِقَةِ، فَإِنَّهُ بَدَّعَ فِيهِمْ وَأَبَادَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ فِي وقعةٍ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَةَ آلافٍ وَثَمَانِينَ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ أَفْضَلَ مِنَ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، وَلا أَسْخَى، وَلا أَشْجَعَ لِقَاءً، وَلا أَبْعَدَ مِمَّا تَكْرَهُ، وَلا أَقْرَبَ مِمَّا تُحِبُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: كَانَ بِالْبَصْرَةِ أربعةٌ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي زَمَانِهِ لا نَعْلَمُ فِي الأَنْصَارِ مِثْلَهُ: الأَحْنَفُ فِي حِلْمِهِ وَعَفَافِهِ وَمَنْزِلَتِهِ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَالْحَسَنُ فِي زُهْدِهِ وَفَصَاحَتِهِ وَسَخَائِهِ وَمَحَلِّهِ مِنَ الْقُلُوبِ، وَالْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، فَذَكَرَ أَمْرَهُ، وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي فِي عَفَافِهِ وَتَحَرِّيهِ لِلْحَقِّ. وَعَنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: يُعْجِبُنِي فِي الرَّجُلِ خَصْلَتَانِ: أَنْ أَرَى عَقْلَهُ زَائِدًا عَلَى لِسَانِهِ، وَلا أَرَى لِسَانَهُ زَائِدًا عَلَى عَقْلِهِ.   1 أخرجه أبو داود "2597" وأحمد "4/ 65، 5/ 377" وابن سعد "2/ 1/ 52" والطبري "4/ 174". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 110 وَقَالَ قَتَادَةُ: سَمِعْتُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ -وَكَانَ عَاقِلا- يَقُولُ: نِعْمَ الْخِصْلَةُ السَّخَاءُ تَسُدُّ عَوْرَةَ الشَّرِيفِ، وَتَمْحَقُ خَسِيسَةَ الْوَضِيعِ، وَتُحَبِّبُ الْمَزْهُوَّ. وَقَالَ رَوْحُ بْنُ قَبِيصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: مَا شيءٌ أَبْقَى لِلْمُلْكِ مِنَ الْعَفْوِ، وَخَيْرُ مَنَاقِبِ الْمُلْكِ الْعَفْوُ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ الْمُهَلَّبُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ آخَرُ: تُوُفِّيَ غَازِيًا بِمَرْوِ الرُّوذِ فِي ذِي الْحِجَّةِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ الْمُهَلَّبُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثلاثٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ يَزِيدُ خُرَاسَانَ. 151- مَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ الْكُوفِيُّ1 -د ن- شَهِدَ قِتَالَ الْحَرُورِيَّةِ مَعَ عَلِيٍّ، وَسَمِعَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَهِلالُ بْنُ خَبَّابٍ، وعطاء بن السائب. 152- ميسرة الطهوي2 -د ن ق- أبو جميلة الكوفي، صاحب راية عَلِيٍّ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ. وعنه: ابنه عبد الله، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وعطاء بن السائب، وحصين بن عبد الرحمن. 153- ميمون بن أبي شبيب3 -ع- أبو نصر الربعي الكوفي. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أبي ثابت، ومنصور بن منصور بن زاذان.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 303" والجرح والتعديل "8/ 252" والثقات لابن حبان "5/ 426" وتهذيب الكمال "3/ 1396". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 224"، والجرح والتعديل "8/ 252" والثقات لابن حبان "5/ 427"، وتهذيب الكمال "3/ 1396". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 234" والثقات لابن حبان "5/ 416-417" وتهذيب الكمال "3/ 1397". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 111 كان تاجرًا خيرًا فَاضِلا. وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ. "حرف النُّونِ": 154- نَاجِيَةُ بن كعب1 -د ت ن- الأسدي الكوفي. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو حَسَّانٍ الأَعْرَجُ، وَوَائِلُ بْنُ دَاوُدَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: إِنَّمَا هُوَ نَاجِيَةُ بن خفاف. 155- نصر بن عاصم2 -م د ن ق- الليثي البصري الْعَرَبِيَّةِ. يُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ الْعَرَبِيَّةِ. حَكَاهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَحَدَّثَ عَنْ: مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَأَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. رَوَى عَنْهُ: حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَقَتَادَةُ، وَالزُّهْريُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمَلَكُ بْنُ دِينَارٍ الزَّاهِدُ. وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ. وَقَالَ الدَّانِيُّ: قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الأَسْوَدِ. قَرَأَ عَلَيْهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إسحاق، وأبو عمرو بن العلاء.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 228" والجرح والتعديل "8/ 486" وتاريخ الثقات "446" وتهذيب الكمال "3/ 1401". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 464" والثقات لابن حبان "5/ 475" وتهذيب الكمال "3/ 1409" وتذكرة الحفاظ "1/ 106". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 112 156- نَوْفَلُ بْنُ فَضَالَةَ الْبِكَالِيُّ الشَّامِيُّ1، ابْنِ امْرَأَةِ كَعْبِ الأَحْبَارِ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَكَعْبٍ. وعنه: يحيى بن أبي كثير، ونسير بن ذعلوق، وآخرون. كان يقص. 157- نوفل بن مساحق بن عبد الله القرشي العامري الحجازي2. روى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. روى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ عَلَى صَدَقَاتِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ، وَلِيَ الْقَضَاءَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ، وَكَانَ أَحَدَ الأَشْرَافِ الأَجْوَادِ. "حرف الهاء": 158- الهرماس بن زياد -د ن- أبو حدير الباهلي. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ بِمِنًى عَلَى نَاقَتِهِ3. رَوَى عَنْهُ: حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. 159- هُزَيْلُ بْنُ شرحبيل4 -خ4- الأودي الكوفي. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي مُوسَى. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو قَيْسٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ، وَطَلْحَةُ بن مصرف، وأبو إسحاق السبيعي.   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 452" والثقات لابن حبان "5/ 483" وتهذيب الكمال "3/ 1427". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 242" والجرح والتعديل "8/ 488" والثقات لابن حبان "5/ 478" وتهذيب الكمال "3/ 1428". 3 انظر سنن أبي داود "1954" وأحمد "3/ 485، 5/ 7" وابن سعد "5/ 553". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 176" والثقات للعجلي "456" وتهذيب الكمال "3/ 1437" وتهذيب التهذيب "11/ 31". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 113 160- هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ابْنُ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ1، أَبُو الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، حَمُو عبد الملك ابن مَرْوَانَ وَأَمِيرُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ الَّذِي ضَرَبَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لَمَّا امْتَنَعَ مِنَ الْبَيْعَةِ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لِلْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لا يَجُوزُ، وَقَالَ: أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَضَرَبَهُ هِشَامٌ سِتِّينَ سَوْطًا، وَطَوَّفَ بِهِ وَسَجَنَهُ، فَبَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى هِشَامٍ يُعَنِّفُهُ وَيَلُومُهُ. قَالَ أَبُو الْمِقْدَامِ: مَرُّوا عَلَيْنَا بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَنَحْنُ فِي الْكُتَّابِ، وَقَدْ ضُرِبَ مِائَةَ سَوْطٍ، وَعَلَيْهِ تُبَّانُ شعرٍ، وَأَوْهَمُوهُ أَنَّهُمْ يَسْلُبُونَهُ. وَقَدْ أَرْسَلَ هِشَامٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَسَّانٍ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ. وَقِيلَ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ دِرَاسَةَ الْقُرْآنِ فِي جَامِعِ دِمَشْقَ فِي السَّبْعِ. وَهُوَ جَدُّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لأُمِّهِ، وَلَمَّا وَلِيَ الْوَلِيدُ عَزَلَهُ عَنِ الْمَدِينَةِ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَمُرَةَ، عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كان هشام بن إسماعيل يؤذي علي بْنَ الْحُسَيْنِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ، يَخْطُبُ بِذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَيَنَالُ مِنْ عَلِيٍّ، فَلَمَّا وَلِيَ الْمَدِينَةَ عَزَلَهُ، وَأَمَرَ بِأَنْ يُوقَفَ لِلنَّاسِ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لِوَلَدِهِ مُحَمَّدٍ: لا تُؤْذِهِ فَإِنِّي أدَعُهُ لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ، وَمَرَّ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ هِشَامٌ: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} . وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ شَفَعَ فِيهِ إِلَى الْوَلِيدِ حَتَّى خَلاهُ وَعَفَا عَنْهُ. "حرف الواو": 161- واثلة بن الأسقع بن كعب -ع- بن عامر الليثي2، وقيل: ابن أبي   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 244" والجرح والتعديل "9/ 52" وتاريخ أبي زرعة "2/ 713" والثقات لابن حبان "5/ 501". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 407-408" والجرح والتعديل "9/ 47" والثقات لابن حبان "38/ 426" وتهذيب الكمال "3/ 1457". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 114 الأَسْقَعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ يَالِيلَ، أَبُو الْخَطَّابِ، وَيُقَالُ أَبُو الأَسْقَعِ، وَيُقَالُ أَبُو شَدَّادٍ. أَسْلَمَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَجَهَّزُ إِلَى تَبُوكَ، فَشَهِدَهَا مَعَهُ، وَكَانَ مِنْ فُقَرَاءِ أَهْلِ الصِّفَةِ. لَهُ أَحَادِيثُ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَامِرٍ، وَبُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ الْبَصْرِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَآخَرُونَ، آخِرُهُمْ وَفَاةً مَعْرُوفٌ الْخَيَّاطُ شَيْخُ دُحَيْمٍ، وَغَيْرُهُ. وَشَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ، وَسَكَنَهَا، وَمَسْجِدُهُ معروفٌ بِدِمَشْقَ إِلَى جَانِبِ حَبْسِ بَابِ الصَّغِيرِ وَدَارُهُ إِلَى جَانِبِ دَارِ ابْنِ الْبَقَّالِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: ثنا سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا أَبِي، ثنا مَعْرُوفٌ أَبُو الْخَطَّابِ الدِّمَشْقِيّ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ يَقُولُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمْتُ، فَقَالَ: "اغْتَسِلْ بماءٍ وَسِدْرٍ"1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مَعْرُوفٌ الْخَيَّاطُ قَالَ: رَأَيْتُ وَاثِلَةَ يُمْلِي عَلَى النَّاسِ الأَحَادِيثَ وَهُمْ يَكْتُبُونَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَرَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَيَعْتَمُّ بعمامةٍ سَوْدَاءَ يُرْخِي لَهَا مِنْ خَلْفِهِ قَدْرَ شبرٍ، وَيَرْكَبُ حِمَارًا. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: ثنا أَبُو عَمَّارٍ، رجلٌ مِنَّا، حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ قَالَ: جِئْتُ أُرِيدُ عَلِيًّا فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: انْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدعوه، فاجلس، قال: فجاءه مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلا، وَدَخَلْتُ مَعَهُمَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَسَنًا وَحُسَيْنًا، وَأَجْلَسَ كُلَّ واحدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخْذِهِ، وَأَدْنَى فَاطِمَةَ مِنْ حِجْرِهِ وَزَوْجَهَا، ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ فَقَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] "اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلِي"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِكَ؟ قَالَ: "وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي"، قَالَ وَاثِلَةُ: إِنَّهَا لَمِنْ أَرْجَى مَا أَرْجُو. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سَكَنَ وَاثِلَةُ الْبَلاطَ خَارِجًا مِنْ دِمَشْقَ عَلَى ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ، الْقَرْيَةُ الَّتِي كَانَ يَسْكُنُ فِيهَا بُسْرَةُ بْنُ صَفْوَانَ؛ ثُمَّ تَحَوَّلَ وَنَزَلَ بيت المقدس وبها مات.   1 أخرجه الطبراني في الكبير "22/ 82" وفي الصغير "2/ 42-43" والحاكم "3/ 570" قال الهيثمي في المجمع "1/ 283" وفيه سليم بن منصور بن عمار وهو ضعيف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 115 قُلْتُ: إِنَّمَا هِيَ عَلَى فرسخٍ وَاحِدٍ مِنْ دِمَشْقَ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالْبُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ، وَلَهُ ثمانٍ وَتِسْعُونَ سَنَةً. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ: كَانَ آخِرَ الصَّحَابَةِ مَوْتًا بِدِمَشْقَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ. 162- وَرَّادٌ كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ1 بْنِ شُعْبَةَ -ع- وَمَوْلاهُ. رَوَى عَنْهُ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمَرَةَ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ. 163- وفاء بن شريح -د- الحضرمي2 مِصْرِيٌّ. عَنِ: الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ، وَرُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ، وَبَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَغَيْرُهُمَا. 164- الْوَلِيدُ بْنُ عبادة بن الصامت3 -سوى د- أبو عبادة الأنصاري. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ فَقَطْ. رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَالأَعْمَشُ، وَابْنُهُ عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ. "حرف الياء": 165- يحيى بن جعدة -د ت ق- بْنِ هُبَيْرَةَ بْنُ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو4 بْنِ عَائِذِ المخزومي.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 48" والثقات لابن حبان "5/ 498" وتهذيب الكمال "3/ 1460". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 49" والثقات لابن حبان "5/ 497، 498" وتهذيب الكمال "3/ 1462". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 80" والجرح والتعديل "9/ 8" وتاريخ الطبري "1/ 32" والثقات لابن حبان "5/ 490" وتهذيب الكمال "3/ 1469". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 133" والثقات لابن حبان "5/ 520، 521" وتهذيب الكمال "3/ 1491". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 116 سَمِعَ: جَدَّتَهُ أُمَّ هَانِئِ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ. رَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ. 166- يحيى بن الجزار -م- العرني الكوفي1، مِنْ غُلاةِ الشِّيعَةِ. رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَالْحَسَنُ الْعُرَنِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ. 167- يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ2 الْيَزَنِيّ لا الرَّحْبِيُّ، وَكِلاهُمَا حِمْصِيٌّ، وَهَذَا الْكَبِيرُ، وَذَاكَ مِنْ طَبَقَةِ قَتَادَةَ. رَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وعوف بن مالك، وكعب الأحبار. روى عنه: بسر بن عبيد الله الحضرمي، وشريح بن عبيد، وشبيب بن نعيم، وفضيل بن فضالة الحمصيون. 168- يزيد بن رباح3 -م ق- أبو فراس الرومي كَانَ رَبَاحٌ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. روى عنه أهل مصر: بكر بن سوادة، وَيزيْدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. توفي سنة تسعين.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 294" والجرح والتعديل "9/ 133" والثقات لابن حبان "5/ 519" وتهذيب الكمال "3/ 1491". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 258-259" والثقات لابن حبان "5/ 53" وتهذيب الكمال "3/ 1533". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 260-261" والثقات لابن حبان "5/ 537" وتهذيب الكمال "3/ 1532". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 117 169- يسير بن جابر -خ م ن- هُوَ يُسَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ1، أَبُو الخيار العبدي البصري. تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ، فَيُقَالُ إِنَّهُ رَآهُ. وَقَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مُرْسَلٌ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ وعلي، وابن مسعود، وسهل بن حنيف. روى عَنْهُ: زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو نَضْرَةَ الْعَبْدِيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَأَبُو نَضْرَةَ يُسَمِّيهِ: أَسِيرَ بْنَ جَابِرٍ. وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ2. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ، وَسِنُّهُ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَحَدِيثُهُ عَنْ سَهْلٍ متفقٌ عَلَيْهِ. 170- يُونُسُ بْنُ عَطِيَّةَ الْحَضْرَمِيُّ قَاضِي3 مِصْرَ وَصَاحِبُ الشُّرْطَةَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وثمانين، وولي بعده القضاء ابن أخيه أويس بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطِيَّةَ، ثُمَّ عُزِلَ. الْكُنَى: 171- أَبُو الأَبْيَضِ الْعَنْسِيُّ4 الشَّامِيُّ -ن- حَدَّثَ عَنْ: حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه: ربعي بن حراش، ويمان بن المغيرة، وإبراهيم بن أبي عبلة، وغيرهم. ويقال: اسمه عيسى.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 146-147" والجرح والتعديل "9/ 308" والثقات لابن حبان "5/ 557". 2 انظره في صحيح مسلم "2542". 3 انظر أخبار القضاه لوكيع بن الجراح "3/ 225-226-325". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 336" والثقات للعجلي "489" وتهذيب الكمال "3/ 1573". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 118 قَالَ يَمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: ثنا أَبُو الأَبْيَضِ قَالَ: قَالَ لِي حُذَيْفَةُ: أَقَرُّ أَيَّامِي لَغَيْرُ يومٍ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَيَشْكُونَ الْحَاجَةَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْلَةَ: لَمْ يَكُنْ أحدٌ بِالشَّامِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعِيبَ الْحَجَّاجَ عَلانِيَةً إِلا ابْنُ مُحَيْرِيزٍ، وَأَبُو الأَبْيَضِ الْعَنْسِيُّ، فَقَالَ الْوَلِيدُ لِأَبِي الأَبْيَضِ: لَتَنتَهِيَنَّ أَوْ لأَبْعَثَنَّ بِكَ إِلَيْهِ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: قُتِلَ فِي غَزْوَةِ طَوَّانَةَ سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ جماعةٌ مِنْهُمْ أَبُو الأَبْيَضِ الْعَنْسِيُّ. 172- أَبُو الأَحْوَصِ عَوْفُ1 بْنُ مَالِكِ -م4- بن نضلة الجشمي الكوفي. رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَابْنِهِ مَالِكٍ. رَوَى عَنْهُ: مَسْرُوقٌ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. قَتَلَهُ الْخَوَارِجُ. 173- أَبُو الأَحْوَصِ2. عَنْ: أَبِي ذَرٍّ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ. مَجْهُولٌ. أَبُو إِدْرِيسَ تَقَدَّمَ3. أَبُو أَيُّوبَ الْحِمْيَرِيُّ وَهُوَ بشير بن كعب. قد ذكر4.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 181-182" والجرح والتعديل "7/ 14، 62" والثقات لابن حبان "5/ 274-275" وتاريخ الطبري "6/ 87". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 335" وتاريخ أبي زرعة "1/ 419" والثقات لابن حبان "5/ 564" وتهذيب الكمال "3/ 1574". 3 انظره في اسمه وهو عائذ الله بن عبد الله أبو إدريس الخولاني. 4 راجعه في بشير بن كعب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 119 174- أبو أيوب الأزدي1 -سوى ت- العتكي البصري، يُقَالُ: اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ. وَقِيلَ: حَبِيبُ بْنُ مَالِكٍ. رَوَى عَنْ: أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ جُوَيْرِيَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَسَمُرَةَ بن جندب، وابن عباس. روى عَنْهُ: أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَيُقَالُ لَهُ الْمَرَاغِيُّ، فَقِيلَ: هُوَ نِسْبَةٌ إِلَى قبيلةٍ مِنَ الأَزْدِ، وَقِيلَ: هُوَ موضعٌ بِنَاحِيَةِ عُمَانَ. 175- أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ2 -ع- صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزِيلُ حمص، اسمه صدي بن عجلان ابن وَهْبِ بْنِ عَرِيبٍ مِنْ أَعْصَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ عَيْلانُ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عُمَرَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ حَزَوَّرَ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَائِفَةٌ. تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ ثَلاثُونَ سَنَةً. وَرُوِيَ أَنَّهُ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: أَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْنِي غَزْوًا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشِّهَادَةِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ" فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا، وَقَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ" فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ لا يُلْفَوْنَ إِلا صيامًا3.   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 226" والجرح والتعديل "9/ 190" والثقات لابن حبان "5/ 529" وتهذيب الكمال "3/ 1578". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 411-412" والجرح والتعديل "4/ 454" وتاريخ الطبري "1/ 151" والثقات لابن حبان "3/ 195" وتهذيب الكمال "13/ 158-164". 3 حديث صحيح: أخرجه النسائي "4/ 1654" وأحمد "5/ 248-249" وابن حبان "929-930" والطبراني "7463" والحاكم "1/ 421" وقال: صحيح ووافقه الذهبي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120 وَقَالَ أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَاهِلَةَ، فَأَتَيْتُهُمْ وَهُمْ عَلَى طَعَامٍ لَهُمْ، فَرَحَّبُوا بي وأكرموني، وقالوا: كل، فقلت: جئت أنهاكم عَنْ هَذَا الطَّعَامِ، وَأَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِتُؤْمِنُوا بِهِ، فَكَذَّبُونِي وَرَدُّونِي، فَانْطَلَقْتُ مِنْ عِنْدِهِمْ وَأَنَا جَائِعٌ ظَمْآنُ، قَدْ نَزَلَ بِي جهدٌ شَدِيدٌ، فَنِمْتُ فَأُتِيتُ فِي مَنَامِي بشربةٍ مِنْ لبنٍ، فَشَرِبْتُ فَشَبِعْتُ وَرُوِيتُ فَعَظُمَ بَطْنِي، فَقَالَ الْقَوْمُ: رجلٌ مِنْ أَشْرَافِكُمْ وَخِيَارِكُمْ رَدَدْتُمُوهُ، اذْهَبُوا إِلَيْهِ فَأَطْعِمُوهُ، فَأَتَوْنِي بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ، فَقُلْتُ: لا حَاجَةَ لِي فِي طَعَامِكُمْ وَشَرَابِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَطْعَمَنِي وَسَقَانِي، فَنَظَرُوا إِلَى حَالَتِي الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا، فَآمَنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ صَدَقةَ بْنِ هُرْمُزَ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي غَالِبٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا أُمَامَةَ أَتَى عَلَى رجلٍ ساجدٍ يَبْكِي وَيَدْعُو، فَقَالَ: أَنْتَ أَنْتَ، لَوْ كَانَ هَذَا فِي بَيْتِكَ. وَقَالَ يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ مَعَ مَكْحُولٍ، وَابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، فَنَظَرَ إِلَى أَسْيَافِنَا، فَرَأَى فِيهَا شَيْئًا مِنْ وضحٍ، فَقَالَ: إِنَّ الْمَدَائِنَ وَالأَمْصَارَ فُتِحَتْ بسيوفٍ مَا فِيهَا الذَّهَبُ وَلا الْفِضَّةُ، فَقُلْنَا: إِنَّهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هُوَ ذَاكَ، أَمَا إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا أَسْمَحَ مِنْكُمْ، كَانُوا لا يَرْجُونَ عَلَى الْحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، وَأَنْتُمْ تَرْجُونَ ذَلِكَ وَلا تَفْعَلُونَهُ، فَقَالَ مَكْحُولٌ لَمَّا خَرَجْنَا: لَقَدْ دَخَلْنَا عَلَى شَيْخٍ مُجْتَمِعِ الْعَقْلِ. وَقَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ، فَيُحَدِّثُنَا حَدِيثًا كَثِيرًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَقُولُ: اعْقِلُوا وَبَلِّغُوا عَنَّا مَا تَسْمَعُونَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا بْنُ جَابِرٍ، عَنْ مَوْلاةٍ لِأَبِي أُمَامَةَ قَالَتْ: كَانَ أَبُو أُمَامَةَ يُحِبُّ الصَّدَقَةَ، وَلا يَقِفَ بِهِ سائلٌ إِلا أَعْطَاهُ، فَأَصْبَحْنَا يَوْمًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ، فَوَقَفَ بِهِ سائلٌ، فَأَعْطَاهُ دِينَارًا، ثُمَّ آخَرُ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ آخَرُ فَكَذَلِكَ، قُلْتُ: لم يبق شيءٌ، ثُمَّ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِه صَائِمًا، فَرَقَقْتُ لَهُ، وَاقْتَرَضْتُ لَهُ ثَمَنَ عَشَاءٍ، وَأَصْلَحْتُ فِرَاشَهُ، فَإِذَا تَحْتَ الْمِرْفَقَةِ ثَلاثُمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمَّا دَخَلَ ورأى ما هيأت له حمد   1 انظر المستدرك "3/ 641-642" والإصابة "2/ 182". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121 اللَّهَ وَتَبَسَّمَ وَقَالَ: هَذَا خيرٌ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ تَعَشَّى، فَقُلْتُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ جِئْتَ بِمَا جِئْتَ بِهِ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ بِمَوْضِعِ مَضْيَعَةٍ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: الذَّهَبُ. وَرَفَعْتُ الْمِرْفَقَةَ، فَفَزِعَ لِمَا رَأَى تَحْتَهَا وَقَالَ: مَا هَذَا وَيْحَكِ قُلْتُ: لا عِلْم لِي. فَكَثُرَ فَزَعُهُ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أُمَامَةَ عَنْ كِتَابَةِ الْعِلْمِ، فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدٍ الأَزْدِيِّ، وَرَوَاهُ عُتْبَةُ بْنُ السَّكَنِ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، وَاللَّفْظُ لِإِسْمَاعِيلَ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا أُمَامَةَ وهو في النزع، فقال لي: يا سعيد إذا أنا مِتُّ فَافْعَلُوا بِي كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَنَا: "إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَنَثَرْتُمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ فَلْيَقُمْ رجلٌ مِنْكُمْ عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلانُ بْنَ فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ، وَلَكِنَّهُ لا يُجِيبُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلانُ بْنَ فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي جَالِسًا، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلانُ بْنَ فُلانَةَ، يَقُولُ: أَرْشِدْنَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: أُذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللَّهِ رَبًّا، وبمحمدٍ نَبِيًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَخَذَ مُنْكَرُ وَنَكِيرُ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ اخْرُجْ بِنَا مِنْ عِنْدَ هَذَا، مَا نَصْنَعُ بِهِ وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ"1. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيفَةُ وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَثَمَانِينَ. وَشَذَّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. 176- أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ2 الدِّمَشْقِيُّ -د ت ن- قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَجَمَاعَةٌ: اسْمُهُ يُحْمِدَ. رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَكَعْبٍ الْخَيِّرِ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ. عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ اللَّخْمِيُّ، وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ مَكْلَبَةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سفيان الثقفي. أدرك الجاهلية.   1 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "8/ 98، 299" قال الهيثمي في مجمع الزوائد "3/ 45" وفي إسناده جماعة لم أعرفهم. 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 314" وتاريخ أبي زرعة "1/ 387" وتهذيب الكمال "3/ 1578" وانظر الثقات لابن حبان "5/ 558". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122 177- أَبُو الْبَخْتَرِيِّ1 الطَّائِيُّ -ع- مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ الْعَابِدُ، اسْمُهُ سَعِيدُ بْن فَيْرُوزَ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَرِوَايَتُهُ عَنْهُمَا مُرْسَلَةٌ، وَسَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا بَرَزَةَ الأَسْلَمِيَّ، وَابْنَ عُمَرَ، وَأَبَا سَعِيدٍ. رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَيُونُسُ بْنُ خَبَّابٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَكَانَ مُقَدَّمَ الْقُرَّاءِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَاجِمِ، وَكَانَ نَبِيلًا جَلِيلا. قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: اجتمعت أَنَا وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، فكان أبو البختري أعلمنا وأفقهنا رحمه الله. 178- أبو الجوزاء2 أَوْسُ -ع- بن عبد الله الربعي البصري. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عنه: أبو الأشهب العطاردي، وعمرو بن مالك النكبري، وبديل بن ميسرة وجماعة. يقال: قتل في وقعة الجماجم. وكان قويا. روى نوح بن قيس، عَنْ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو الْجَوْزَاءِ يُوَاصِلُ فِي الصَّوْمِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَيَقْبِضُ عَلَى ذِرَاعِ الشَّابِّ فَيَكَادُ يَحْطِمُهَا، رَحِمَهُ اللَّهُ. 179- أبو حذيفة3 -م د ت ن- وَاسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ صُحَيْبَةَ، أَوْ صُهَيْبٍ الْهَمْدَانِيُّ الكوفي.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 292-293" والجرح والتعديل "4/ 54" وتاريخ الطبري "4/ 14، 6/ 350-357" وتهذيب الكمال "11/ 32-35". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 223-224" والجرح والتعديل "2/ 304-305" والثقات لابن حبان "4/ 42-43" وتهذيب الكمال "3/ 392-393". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 209" والجرح والتعديل "4/ 165" والثقات لابن حبان "4/ 317" وتهذيب الكمال "11/ 291-295". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 123 عَنْ: عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وعلي بن الأقمر. 180- أم الدرداء الصغرى1 ع، هجيمة، وقيل جهيمة الأوصابية الحميرية. رَوَتْ عَنْ: زَوْجِهَا أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ وَقَرَأَتْ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ؟ ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَكَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَكَانَتْ فَاضِلَةً عَالِمَةً زَاهِدَةً، كَبِيرَةَ الْقَدْرِ. رَوَى عَنْهَا: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو قِلابَةَ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَمَكْحُولٌ، وَعَطَاءٌ الْكَيْخَارَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الدِّمَشْقِيُّ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أُمُّ الدَّرْدَاءِ هُجَيْمَةُ بِنْتُ حُيَيٍّ الْوَصَّابِيَّةُ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ الْكُبْرَى خَيِّرَةُ بِنْتُ أَبِي حَدْرَدٍ صَحَابِيَّةٌ. وَجَاءَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: هُجَيْمَةُ، وَجُهَيْمَةُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: اسْمُ أُمِّ الدَّرْدَاءِ الْفَقِيهَةِ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ وَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ هُجَيْمَةُ بِنْتُ حُيَيٍّ الأَوْصَابِيَّةُ. وَقالت أُمُّ جابر، وابن أبي العاتكة: كانت أُمُّ الدَّرْدَاءِ يَتِيمَةً فِي حُجْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، تَخْتَلِفُ مَعَهُ فِي برنسٍ تُصَلِّي فِي صُفُوفِ الرِّجَالِ، وَتَجْلِسُ فِي حِلَقِ الْقُرَّاءِ تُعَلِّمُ الْقُرْآنَ، حَتَّى قَالَ لَهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يَوْمًا: الْحَقِي بِصُفُوفِ النِّسَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْن صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، أَنَّهَا قَالَتْ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ الْمَوْتِ: إِنَّكَ خَطَبْتَنِي إِلَى أَبَوَيَّ فِي الدُّنْيَا فَأَنْكَحُوكَ، وَأَنَا أَخْطُبُكَ إِلَى نَفْسِكَ فِي الآخِرَةِ، قَالَ: فَلا تُنْكَحِينَ بَعْدِي، فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ، فَأَخْبَرَتْهُ بِالَّذِي كَانَ، فَقَالَ: عَلَيْكِ بِالصِّيَامِ. رَوَاهُ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، وزاد فيه: وكان لها جمالٌ وحسن.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 463" والثقات لابن حبان "5/ 517" وتهذيب الكمال "3/ 1702-1703" وسير أعلام النبلاء "4/ 277-279". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 124 وَقَالَ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عن أم الدرداء قالت: قال لي أَبُو الدَّرْدَاءِ: لا تَسْأَلِي أَحَدًا شَيْئًا، فَقُلْتُ: إِنِ احْتَجْتُ؟ ، قَالَ: تَتَبَّعِي الْحَصَّادِينَ فَانْظُرِي مَا يسقط منهم، فخذيه واخلطيه، ثُمَّ اطْحَنِيهِ وَكُلِيهِ. قَالَ مَكْحُولٌ: كَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ فَقِيهَةً. وَرَوَى الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَنَذْكُرُ اللَّهَ عِنْدَهَا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ: كَانَ النِّسَاءُ يَتَعَبَّدْنَ مَعَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، فَإِذَا ضَعُفْنَ عَنِ الْقِيَامِ فِي صَلاتِهِنَّ تَعَلَّقْنَ بِالْحِبَالِ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عن عثمان بْنِ حَيَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ: إِنَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ لا يُمْطِرَ عَلَيْهِ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا يُرْزَقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا فَلْيَقْبَلْ، فَإِنْ كَانَ عَنْهُ غَنِيًّا فَلْيَضَعْهُ فِي ذِي الْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فليستعين بِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ جَالِسًا فِي صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقِدِس، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ مَعَهُ جالسةٌ، حَتَّى إِذَا نُودِيَ لِلْمَغْرِبِ قَامَ، وَقَامَتْ تَتَوَكَّأُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الْمَسْجِدَ فَتَجْلِسَ مَعَ النِّسَاءِ، وَمَضَى عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْمَقَامِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ كَثِيرًا مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ بِدِمَشْقَ. وَعَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَجَّتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. كَانَتْ لأُمِّ الدَّرْدَاءِ حرمةٌ وجلالةٌ عَجِيبَةٌ. 181- أَبُو سَالِمٍ الْجَيْشَانِيُّ1 -م د ن- حَلِيفٌ لَهُمْ، اسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ هانيء الْمَصْرِيُّ. شهدِ فتحَ مِصْرَ، وَوَفَدَ عَلَى عَلِيّ -رَضِيَ الله عنهم- وَكَانَ مِصْرِيًّا عَلَوِيًّا، وَهَذَا نَادِرٌ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ عثمانيون.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 219" والثقات لابن حبان "5/ 565" وتهذيب الكمال "11/ 199-200" وأسد الغابة "2/ 322". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 125 رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ خالد الجهني، وغيرهم. وعنه: ابنه سالم، وبكر بن سوادة، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن أبي جعفر، وحفيده سعيد بن سالم بن أبي سالم، وآخرون. وتوفي بالإسكندرية في خلافة عبد الملك. 182- أبو راشد الحبراني1 -د ت ق- الحمصي، قِيلَ: اسْمُهُ أَخْصَرُ، وَقِيلَ: النُّعْمَانُ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ. وَغَزَا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَشَهِدَ غَزْوَةَ قُبْرُسَ. رَوَى عَنْهُ: شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَلُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، لَمْ يَكُنْ فِي دِمَشْقَ فِي زَمَانِهِ أَفْضَلَ مِنْهُ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: رَأَيْتُ أَبَا رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيَّ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ هَذِهِ الطبقة. 183- أبو الشعثاء المحاربي2 -ع- الكوفي سليم بن أسود. رَوَى عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي أيوب الأنصاري، وَأَبِي موسى، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هريرة، وَابْنِ عُمَرَ، وجماعة. روى عنه: ابنه الأشعث، وأبو صخرة جامع بن شداد، وإبراهيم بن مهاجر، وحبيب بن أبي ثابت. قال أبو حاتم الرازي: لا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قتل يوم الزاوية مع ابن الأشعث.   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 457" والجرح والتعديل "3/ 483" وتهذيب الكمال "9/ 8-11" وميزان الاعتدال "2/ 35". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 195" والجرح والتعديل / 211" وتهذيب الكمال "11/ 341-342" وسير أعلام النبلاء "4/ 179". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 126 وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ كُلَّ شَيْءٍ. 184- أَبُو صَادِقٍ الأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ1 -ق- عَنْ: أَخِيهِ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ وَغَيْرِهِ. وَأَرْسَلَ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، وَشُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ النَّسَائِيُّ: اسْمُهُ عَبْدُ الله بن ناجد. 185- أبو صالح الحنفي2 -م د ن- الكوفي اسمه عبد الرحمن بن قيس رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. وثقه يحيى بن معين. روى أحاديث يسيرة. 186- أبو ظبيان3 -ع- هو حُصَيْنُ بْنُ جُنْدُبِ بْنِ عَمْرٍو الْجَنْبِيُّ الْكُوفِيُّ، وَالِدُ قَابُوسَ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ؟ إن صحت روايته عَنْ هَؤُلاءِ؟ ، وَرَوَى عَنْ: أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ قَابُوسُ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، والأعمش، وآخرون.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 295-296" وتهذيب الكمال "3/ 1614" وانظر التاريخ لابن معين "2/ 710". 2 انظر طبقات "2276" والجرح والتعديل "5/ 276، 277" والثقات لابن حبان "5/ 103" وتهذيب الكمال "2/ 812". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 224" والجرح والتعديل "3/ 190" والثقات لابن حبان "4/ 165" وتهذيب الكمال "6/ 514-517". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 127 تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَثَمَانِينَ، وَقِيلَ سَنَةَ تِسْعِينَ. ورد أَنَّهُ غَزَا قُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ. 187- أَبُو ظَبْيَةَ1 السلفي -د ق- ثم الكلاعي الحمصي. قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: يُقَالُ فِيهِ أَبُو طَبْيَةَ -بِطَاءٍ مُهْمَلَةٍ- وَهَذَا وَهْمٌ، فَعَلَى الأَوَّلِ مُسْلِمٌ، وَالْحُسَيْنُ الْقَبَّانِيُّ، وَابْنُ مَاكُولا، وَآخَرُونَ. شَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ. وَرَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَعَمْرِو بْنِ عبسة، والمقداد بن الأسود، وعمرو بن العاص. روى عنه: شهر بن حوشب، وثابت البناني، وشريح بن عبيد، ومحمد بن سعد الأنصاري. قال عمر بن عطية، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا أَبُو أُمَامَةَ جالسٌ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو ظَبْيَةَ، مِنْ أَفْضَلِ رجلٍ بِالشَّامِ، إِلا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا أَعْرِفُ أَحَدًا سميه. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 188- أَبُو الْعَالِيَةِ2 الرِّيَاحِيُّ -ع- قَالَ أَبُو قَطَنٍ، عَنْ أَبِي خَلَدَةَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعِينَ. وَسَيُعَادُ فِي سَنَةِ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. 189- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ3 بْنِ مَسْعُودٍ -ع- الهذلي، أخو عبد الرحمن،   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 399" والثقات لابن حبان "5/ 573" وتهذيب الكمال "3/ 1618". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 112-117" والجرح والتعديل "3/ 510" وتاريخ الطبري "1/ 110-118" والثقات لابن حبان "4/ 239". 3 طبقات ابن سعد "21016" والجرح والتعديل "9/ 403" والثقات لابن حبان "5/ 561" وتهذيب الكمال "14/ 61-63". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 128 يقال: اسمه عامر، وكان ممن عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلا، وَعَنْ: أَبِي مُوسَى، وَكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَالِمٌ الأَفْطَسُ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَخُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. 190- أَبُو عَطِيَّةَ الْوَادِعِيُّ1 -سوى ق- الهمداني الكوفي، مالك بن عامر، وَقِيلَ: ابْنُ أَبِي عَامِرٍ، وَقِيلَ: ابْنُ حُمْرَةَ، وَقِيلَ: اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ جُنْدُبٍ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى، وَمَسْرُوقِ. وَعَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيُّ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنٌ، وَالأَعْمَشُ، وَآخَرُونَ. 191- أَبُو عِنَبَةَ الْخَوْلانِيُّ -ق- لَهُ صُحْبَةٌ2، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ، وَصَحِبَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَسَكَنَ حِمْصَ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الأَلْهَانِيُّ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةَ حُدَيْرٌ، وَبَكْرُ بْنُ زُرْعَةَ، وَطَلْقُ بْنُ سُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ، ثنا بَكْرُ بْنُ زُرْعَةَ: سَمِعْتُ أَبَا عِنَبَةَ الْخَوْلانِيُّ، وَكَانَ مِمَّنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَكَلَ الدَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ في هذا الدين غرسًا يستعملهم لطاعته" 3.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 121" والجرح والتعديل "8/ 213" وتهذيب الكمال "3/ 1627" وتهذيب التهذيب "12/ 169-170". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 436" والجرح والتعديل "9/ 418" والثقات لابن حبان "3/ 453" وتهذيب الكمال "3/ 1633". 3 حديث صحيح: أخرجه ابن ماجه "8" ومسند أحمد بن حنبل "4/ 200" وابن حبان في صحيحه "88". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 129 قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: قَالَ أَهْلُ حِمْصَ إِنَّهُ من كبار التابعين، وأنكروا أن تكون هل صُحْبَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسنَدِهِ: ثنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، ثنا بَقِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عِنَبَةَ؟ قَالَ سُرَيْجٌ وَلَهُ صُحْبَةٌ؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَه" قِيلَ: وَمَا عَسَلَهُ؟ قَالَ: "يَفْتَحُ لَهُ عَمَلا صَالِحًا ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ" 1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: أَسْلَمَ أَبُو عِنَبَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيٌّ، وَصَحِبَ مُعَاذًا. أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ حَيْوَةُ، عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مختلفٌ فِي صُحْبَتِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ: قَدْ رَأَيْتُهُ وَكَانَ هُوَ وَأَبُو فَالِجٍ الْأَنْمَارِيُّ قَدْ أَكَلا الدَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يَصْحَبَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَبُو فَاخِتَةَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ عِلاقَةَ. ذُكِرَ2. 192- أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -م د ن- يُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ، اسْمُهُ تَمِيمُ بْنُ نَذِيرٍ وَيُقَالُ: نَذِيرُ بْنُ قُنْفُذٍ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 193- أَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ الدِّمَشْقِيُّ4 -خ د ت ن- رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو، وسهل بن الحنظلية.   1 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2142" وأحمد "5/ 224" وابن أبي عاصم في السنة "1/ 175". 2 انظره في سعيد بن علاقة. 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 130" والجرح والتعديل "2/ 441" والثقات لابن حبان "4/ 85" وتهذيب الكمال "3/ 1638". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 430" والثقات لابن حبان "5/ 563" وللعجلي "508" وتهذيب الكمال "3/ 1640". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 130 رَوَى عَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَأَبُو سَلامٍ الأَسْوَدُ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هو شامي ثقة. قال الوليد بن مزيد البيروتي: ثنا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: قَدِمَ أَبُو كَبْشَةَ دِمَشْقَ فِي وِلايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ: لَعَلَّكَ قَدِمْتَ تَسْأَلُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا؟ فَقَالَ: وَأَنَا أَسْأَلُ أَحَدًا بَعْدَ الَّذِي حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، قَالَ: قدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَقْرَعُ وَعُيَيْنَةُ فَسَأَلاهُ، فَدَعَا مُعَاوِيَةَ فَأَمَرَهُ بشيءٍ، فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِصَحْفَتَيْنِ، فَأَلْقَى إِلَى كُلِّ واحدٍ وَاحِدَةً، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبِعْتُهُ فَقَالَ: "إِنَّهُ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا ظَهْرُ الْغِنَى؟ قَالَ: "أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ عِنْدَ أَهْلِكَ مَا يُغَدِّيهِمْ أَوْ يُعَشِّيهِمْ" فَأَنَا أَسْأَلُ أَحَدًا بَعْدَ هَذَا شَيْئًا؟ 1. 194- أَبُو كَبْشَةَ السَّكُونِيُّ2. عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَعَنْهُ: إِيَادُ بْنُ لَقِيطٍ، وَغَيْرُهُ. اسْمُهُ الْبَرَاءُ السَّكُونِيُّ، مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ صَحَّفَ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا فَقَالُوا: أَبُو كَبْشَةَ. وَأَمَّا عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَصْرِيُّ فَقَالَ: أَبُو كَيِّسَةَ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. 195- أَبُو كثير الزبيدي الكوفي3 -د ت ن- زهير بن الأقمر، وقيل: عبد الله بن مالك، وقيل: هما رجلان. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وعبد الله بن عمرو. وعنه: عبد الله بن الحارث الزبيدي المؤدب. وثقه النسائي.   1 أخرجه أحمد "1/ 147" بنحوه. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 399" والثقات لابن حبان "4/ 77" وتهذيب الكمال "3/ 1640". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 586" والثقات لابن حبان "4/ 264" وتهذيب التهذيب "12/ 210-211". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131 196- أبو الكنود الأزدي الكوفي1 -ق- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، أَوِ ابْنِ عُوَيْمِرٍ وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ حَبَشِيٍّ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ ابن سَعْدٍ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَخَبَّابٍ. وَعَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ الأَزْدِيُّ الْقَارِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. لَهُ حَدِيثٌ فِي سنن ابن ماجه. 197- أبو مريم2 -د- الثقفي المدائني، ويقال الحنفي الكوفي، وكأنهما اثنان. روى عن: علي، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ: نُعَيْمٌ، وعبد الملك ابنا حكيم المدائني. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: اسْمُهُ قَيْسٌ. 198- أَبُو مَرْيَمَ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ3، إِيَاسُ بْنُ صُبَيْحٍ، قَالَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ. وعنه: ابنه عبد الله، ومحمد بن سيرين، والأعمش، وآخرون. قال أبو أحمد الحاكم: هو أول من قضى بالبصرة، استعمله أبو موسى. 199- أبو معمر الأزدي4 -ع- عبد الله بن سخبرة. كَانَ أَحَدَ الْعَشَرَةِ الْمَعْدُودِينَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِالْكُوفَةِ. رَوَى عَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْمُعَلِّمُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كُوفِيٌّ ثِقَةٌ.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 177" وتهذيب الكمال "3/ 64" وتهذيب التهذيب "12/ 213". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 106" والثقات لابن حبان "5/ " وتاريخ الطبري "4/ 487، 5/ 91-92" وتهذيب الكمال "3/ 1647". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 91" والجرح والتعديل "2/ 280" والثقات لابن حبان "4/ 34". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 103" والجرح والتعديل "5/ 68" والثقات لابن حبان "5/ 25" وتهذيب الكمال "15/ 6-8". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 200- أَبُو النَّجِيبِ الْعَامِرِيُّ1 -بخ د ن- مَوْلَى عبد الله بن سعد ابن أبي سرح المصري، ويقال أبو نجيب -بِالتَّاءِ- اسْمُهُ ظُلَيْمٌ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَعَنْهُ: بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ. قَالَ عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ: تُوُفِّيَ بِإِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ ثمانٍ وثمانين، وكان فقيهًا. آخر الطبقة التاسعة ولله الحمد والمنة2.   1 انظر الثقات لابن حبان "5/ 575" وتهذيب الكمال "3/ 1652" وتهذيب التهذيب "12/ 254" وتقريب التهذيب "2/ 480". 2 وللمزيد انظر أحداث سنة إحدى وثمانين: 1- تاريخ خليفة "ص176". 2- وتاريخ الطبري "6/ 331". 3- والبداية والنهاية "9/ 38". 4- وصحيح التوثيق "ص153". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 133 الطبقة العاشرة : أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: سَهْلُ بْنُ سعد. والسائب بن يزيد. والسائب بن خلاد الأنصاري. وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فِي قَوْلِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَغَيْرِهِ. وَكَذَا فِي سَهْلٍ، وَالَّذِي بَعْدَهُ خِلَافٌ. وَفِيهَا: مُحَمَّدُ ابْنُ أَمِيرِ الْيَمَنِ أَخُو الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ. وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ خَالِدٍ الْفَهْمِيُّ الْمَصْرِيُّ نَائِبُ قُرَّةَ بْنِ شَرِيكٍ عَلَى مِصْرَ. وَفِيهَا سَارَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ، فَهَرَبَ مَرْزُبَانُهَا، فَصَلَبَ قُتَيْبَةُ وَلَدَيْهِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الطَّالِقَانِ، فَلَمْ يُحَارِبْهُ صَاحِبُهَا، فَكَفَّ قُتَيْبَةُ عَنْهُ، وَقَتَلَ لُصُوصًا كَثِيرَةً بِهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَمْرَو بْنَ مُسْلِمٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى أَنْ وَصَلَ الْفَارِيَابَ1، فَخَرَجَ إِلَيْهِ مَلِكُهَا سَامِعًا مُطِيعًا، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَامِرَ بْنَ مَالِكٍ، ثُمَّ دَخَلَ بَلْخَ، وَأَقَامَ بِهَا يَوْمًا، فَأَقْبَلَ نِيزَكُ، فَعَسْكَرَ بِبَغْلانَ2، فَاقْتَتَلَ هُوَ وَقُتَيْبَةُ أَيَّامًا، ثُمَّ أَعْمَلَ قُتَيْبَةَ الْحِيَلَ عَلَى نِيزَكَ، وَوَجَّهَ إِلَيْهِ مِنْ خَدَعَهُ، حَتَّى جَاءَ بِرِجْلَيْهِ إِلَى قُتَيْبَةَ مِنْ غَيْرِ أَمَانٍ، فَجَاءَ مُعْتَذِرًا إِلَيْهِ مِنْ خَلْعِهِ، فَتَرَكَهُ أَيَّامًا ثُمَّ قَتَلَهُ، وَقَتَلَ سَبْعَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ3. وَفِيهَا عَزَلَ الْوَلِيدُ عَمَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ عَنِ الْجَزِيرَةِ وَأَذْرَبِيجَانَ، وَوَلاهَا أَخَاهُ مُسْلِمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَغَزَا مُسْلِمَةُ فِي هَذَا الْعَامِ إِلَى أَنْ بَلَغَ الْبَابَ مِنْ بَحْرِ أَذْرَبَيْجَانَ، فَافْتَتَحَ مَدَائِنَ وحصونًا، ودان له من وراء الباب.   1 من المدن المشهورة بخراسان. 2 بلدة بنواحي بلخ. 3 وللمزيد انظر تاريخ الطبري "6/ 454-458". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 135 وَفِيهَا افْتَتَحَ قُتَيْبَةُ أَمِيرَ خُرَاسَانَ شُومَانَ1، وَكَسَّ2، وَنَسْفَ، وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ فِرْيَابَ3، فَأَحْرَقَهَا، وَجَهَّزَ أَخَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُسْلِمٍ إِلَى السُّغْدِ إلى طَرَخُونَ أَمْوَالا، وَتَقَهْقَرَ إِلَى أَخِيهِ إِلَى بُخَارَى، فَانْصَرَفُوا حَتَّى قَدِمُوا مَرْوَ، فَقَالَتِ السُّغْدُ لِطَرَخُونَ: إِنَّكَ قَدْ رَضِيتَ بِالذُّلِّ وَأَدَّيْتَ الْجِزْيَةَ، وَأَنْتَ شيخٌ كَبِيرٌ، فَلا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ، ثُمَّ عَزَلُوهُ وَوَلَّوْا عَلَيْهِمْ غَوْزَكَ، فَقَتَلَ طَرَخُونُ نَفْسَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ عَصَوْا وَنَقَضُوا الْعَهْدَ. وَفِيهَا حَجَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ. ثُمَّ إِنَّهُ كَتَبَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مُتَوَلِّي الْمَدِينَةِ أَنْ يَهْدِمَ بُيُوتَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُوَسِّعُ بِهَا الْمَسْجِدَ. فَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ قال: كان على أبوابها المسموح مِنَ الشَّعْرِ، ذَرَعْتُ السَّتْرَ فَوَجَدْتُهُ ثَلاثَةَ أذرعٍ فِي ذِرَاعٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتَنِي فِي مجلسٍ فِيهِ جماعة، وإنهم ليبكون حين قريء الْكِتَابُ بِهَدْمِهَا، فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ: لَيْتَهَا تُرِكَتْ حَتَّى يَقْصُرَ الْمُسْلِمُونَ عَنِ الْبِنَاءِ، وَيَرَوْنَ مَا رَضِيَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- ومفاتيح خزائن الدنيا بيده4.   1 بلد من وراء نهر جيجون. وهي مدينة أصغر من ترمد. 2 مدينة تقارب سمرقند. 3 بلدة من نواحي بلخ. 4 وللمزيد انظر أحداث سنة إحدى وتسعين: 1- تاريخ خليفة "193". 2- تاريخ الطبري "6/ 454". 3- الكامل "4/ 554". 4- البداية والنهاية "9/ 89، 93". 5- النجوم الزاهرة. 6- صحيح التوثيق "176". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 136 أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ التَّيْمِيُّ. وَخَبِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَطُوَيْسُ الْمُغَنِّي صَاحِبُ الأَلْحَانِ. وَفِيهَا وَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ عِيَاضُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَاجِذٍ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ الثَّقَفِيُّ مَدِينَةَ أَرْمَائِيلَ صُلْحًا وَمَدِينَةَ قَنَّزْبُورَ. وَسَارَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى رُتْبِيلَ فَصَالَحَهُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ1. وَافْتَتَحَ إِقْلِيمَ الأَنْدَلُسِ، وَهِيَ جَزِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِبَرِّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ مِنْ جِهَةِ الشَّمَالِ، وَالْبَحْرِ الْكَبِيرِ مِنْ غَرْبِيِّهَا وَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ بَحْرُ الرُّومِ مِنْ جَنُوبِيِّهَا، ثُمَّ دَارَ إِلَى شَرْقِيِّهَا، ثُمَّ اسْتَدَارَ إِلَى شَمَالِيِّهَا قَلِيلا. وَهِيَ جَزِيرَةٌ مُثَلَّثَةُ الشَّكْلِ، افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَهَا فِي رَمَضَانَ مِنْهَا عَلَى يَدِ طَارِقٍ أَمِيرِ طَنْجَةَ، مِنْ قِبَلِ مَوْلَاهُ أَمِيرِ الْمَغْرِبِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ2. وَطَنْجَةُ هِيَ أَقْصَى الْمَغْرِبِ، فَرَكِبَ طَارِقٌ الْبَحْرَ وَعَدَّى مِنَ الزُّقَاقِ لِكَوْنِ الْفِرَنْجِ اقْتَتَلُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَاشْتَغَلُوا، فَانْتَهَزَ الْفُرْصَةَ. وَقِيلَ: بَلْ عَبَرَ بِمُكَاتَبَةِ صَاحِبِ الْجَزِيرَةِ الْخَضْرَاءِ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى عَدُوِّهِ، فَدَخَلَ طَارِقٌ وَاسْتَظْهَرَ عَلَى الْعَدُوِّ، وَأَمْعَنَ فِي بِلادِ الأَنْدَلُسِ، وَافْتَتَحَ قُرْطُبَةَ، وَقَتَلَ مَلِكَهَا لُذَرِيقَ، وَكَتَبَ إِلَى مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ بِالْفَتْحِ، فَحَسَدَهُ مُوسَى عَلَى الانْفِرَادِ بِهَذَا الْفَتْحِ الْعَظِيمِ، وَكَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ يُبَشِّرُهُ بِالْفَتْحِ وَيَنْسِبُهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَكَتَبَ إِلَى طَارِقٍ يَتَوَعَّدُهُ لِكَوْنِهِ دَخَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ لا يَتَجَاوَزَ مَكَانَهُ حَتَّى يَلْحَقَهُ، وَسَارَ مُسْرِعًا بِجُيُوشِهِ، وَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ وَمَعَهُ حَبِيبُ بْنُ أبي عبيدة الفهري، فتلقها طَارِقٌ وَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا مَوْلاكَ، وَهَذَا الْفَتْحُ لَكَ3. وَأَقَامَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ غَازِيًا وَجَامِعًا لِلأَمْوَالِ نَحْوَ سَنَتَيْنِ، وَقَبَضَ عَلَى طَارِقٍ، ثُمَّ   1 انظر تاريخ الطبري "6/ 468" والكامل في التاريخ "4/ 569". 2 انظر تاريخ الطبري "6/ 468" والكامل "4/ 556". 3 انظر الكامل "4/ 564، 566". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137 اسْتَخْلَفَ عَلَى الأَنْدَلُسِ وَلَدَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مُوسَى، وَرَجَعَ بأموالٍ عَظِيمَةٍ، وَسَارَ بِتُحَفِ الْغَنَائِمِ إِلَى الْوَلِيدِ. وَمِمَّا وَجَدَ بِطُلَيْطِلَةَ لَمَّا افْتَتَحَهَا: مَائِدَةُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَهِيَ مِنْ ذهبٍ مُكَلَّلَةٌ بِالْجَوَاهِرِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى طَبَرِيَّةَ بَلَغَهُ مَوْتُ الْوَلِيدِ وَقَدِ اسْتَخْلَفَ سُلَيْمَانَ أَخَاهُ، فَقَدَّمَ لِسُلَيْمَانَ مَا مَعَهُ. وَقِيلَ: بَلْ لَحِقَ الْوَلِيدَ وَقَدَّمَ مَا مَعَهُ إِلَيْهِ. وَقِيلَ إِنَّ هَذِهِ الْمَائِدَةَ كَانَتْ حِمْلَ جَمَلٍ. وَتَتَابَعَ فَتْحُ مَدَائِنِ الأَنْدَلُسِ. وَفِي هَذَا الْحِينِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِلادَ التُّرْكِ وَغَيْرَهَا، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَكَانَ أَكْثَرَ جُنْدِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ الْبَرْبَرُ، وهم قوم موصفون بِالشَّهَامَةِ وَالشَّجَاعَةِ، وَفِيهِمْ صدقٌ وَوَفَاءٌ، وَلَهُمْ هممٌ عَالِيَةٌ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَبِهِمْ مَلِكُ الْبِلادِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيُّ، وَبَنُو عُبَيْدٍ، وَتاشَفِينُ، وَابْنُهُ يُوسُفَ، وَابْنُ تُومَرْتَ، وَعَبْدُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُلْكُ فِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ. وَفِيهَا تَوَجَّهَ طائفةٌ مِنْ عَسْكَرِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ فِي الْبَحْرِ إِلَى جَزِيرَةِ سَرْدَانِيَةَ، فَأَخَذُوهَا وَغَنِمُوا، وَلَكِنَّهُمْ غَلُّوا فَلَمَّا عَادُوا سَمِعُوا قَائِلا يَقُولُ: اللَّهُمَّ غَرِّقْ بِهِمْ، فَغَرِقُوا عَنْ آخِرِهِمْ، ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْفِرَنْجُ1. وَقَدْ غَزَاهَا مُجَاهِدٌ الْعَامِرِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا الْفِرَنْجُ فِي الْعَامِ كَمَا سَيَجِيءُ إن شاء الله تعالى، وبه العون2.   1 الكامل في التاريخ "4/ 567-568". 2 وللمزيد انظر أحداث سنة اثنتين وتسعين: 1- تاريخ الطبري "6/ 468". 2- الكامل "4/ 569". 3- صحيح التوثيق "ص177". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 138 أحداث سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ. وَأَبُو الْعَالِيَةَ الرِّيَاحِيُّ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى الْبَصْرِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ. وَبِلَالُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيُّ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيُّ الدَّيْبُلَ1 وَغَيْرَهَا، وَلاهُ الْحَجَّاجُ ابْنُ عَمِّهِ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَفِيهِ يَقُولُ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ: إِنَّ الشَّجَاعَةَ وَالسَّمَاحَةَ وَالنَّدَى ... لِمُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَادَ الْجُيُوشَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً ... يَا قُرْبَ ذَلِكَ سُؤْدُدًا مِنْ مَوْلِدِ قَالَ كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ: كُنْتُ مَعَهُ، فَجَاءَنَا الْمَلِكُ داهِرٌ فِي جمعٍ كثيرٍ وَمَعَهُ سبعٌ وَعِشْرُونَ فِيلا، فَعَبَرْنَا إِلَيْهِمْ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَهَرَبَ دَاهِرٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ أَقْبَلَ دَاهِرٌ وَمَعَهُ جمعٌ كَثِيرٌ مُصْلِتِينَ، فَقُتِلَ دَاهِرٌ وَعَامَّةُ أُولَئِكَ، وَتَبِعْنَا مَنِ انْهَزَمَ، ثُمَّ سَارَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ فَافْتَتَحَ الْكَيْرَجَ وَبَرَّهُمَا2. قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: وَفِي أَوَّلِهَا غَزَا مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ، فَأَتَى طَنْجَةَ، ثُمَّ سَارَ لا يَأْتِي عَلَى مدينةٍ فَيَبْرَحُ حَتَّى يَفْتَحَهَا، أو ينزلوا على حكمه، ثم ساروا إِلَى قُرْطُبَةَ، ثُمَّ غَرَّبَ وَافْتَتَحَ مَدِينَةَ بَاجَةَ وَمَدِينَةَ الْبَيْضَاءِ، وَجَهَّزَ الْبُعُوثَ، فَجَعَلُوا يَفْتَتِحُونَ وَيَغْنِمُونَ3. قَالَ خَلِيفَةُ4: وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ خوارزمٍ، فَصَالَحُوهُ عَلَى عَشَرَةِ آلافِ رَأْسٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَقَاتَلُوهُ قِتَالا شَدِيدًا، وَحَاصَرَهُمْ حَتَّى صَالَحُوهُ عَلَى أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ، وَعَلَى أَنْ يُعْطُوهُ تِلْكَ السَّنَةَ ثَلاثِينَ أَلْفِ رأس.   1 مدينة على ساحل بحر الهند. 2 انظر تاريخ خليفة "304-305". 3 تاريخ خليفة "305". 4 انظر تاريخ خليفة "305". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 139 قَالَ: وَفِيهَا غَزَا الْعَبَّاسُ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَرْضَ الرُّومِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ حِصْنًا. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَافْتَتَحَ مَا بَيْنَ الْحِصْنِ الْجَدِيدِ مِنْ نَاحِيَةِ مَلَطْيَةَ1. وَغَزَا مَرْوَانُ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدَ فَبَلَغَ خَنْجَرَةَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ2: سَارَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى سَمَرْقَنْدَ بَغْتَةً في جيشٍ عظيم، فنازلها، فاستنجد بِمَلِكِ الشَّاشِ وَفَرْغَانَةَ، فَأَنْجَدُوهُمْ، فَنَهَضُوا لِيُبَيِّتُوا الْمُسْلِمِينَ، فَعَلِمَ قُتَيْبَةُ، فَانْتَخَبَ فُرْسَانًا مَعَ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ وَأَكْمَنَهُمْ عَلَى جَنْبَتَيْ طَرِيقِ التُّرْكِ، فَأَتَوْا نِصْفَ اللَّيْلِ، فَخَرَجَ الْكَمِينُ عَلَيْهِمْ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَفْلِتْ مِنَ التُّرْكِ إِلا الْيَسِيرُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: أَسَرْنَا طَائِفَةً فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقَالُوا: مَا قَتَلْتُمْ مِنَّا إِلا ابْنَ ملك، أو بطلًا، أو عظيمًا، فاحتزرنا الرؤوس، وَحَوَيْنَا السَّلَبَ، وَالأَمْتِعَةَ الْعَظِيمَةَ، وَأَصْبَحْنَا إِلَى قُتَيْبَةَ، فَنَفَّلْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ، ثُمَّ نَصَبْنَا الْمَجَانِيقَ عَلَى أَهْلِ السُّغْدِ، وَجَدَّ فِي قِتَالِهِمْ حَتَّى قَارَبَ الْفَتْحَ، ثُمَّ صَالَحَهُمْ، وَبَنَى بِهَا الْجَامِعَ وَالْمِنْبَرَ3. قَالَ: وَأَمَّا الْبَاهِلِيُّونَ فَيَقُولُونَ: صَالَحَهُمْ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ رَأْسٍ، وَبُيُوتِ النِّيرَانِ، وَحِلْيَةِ الأَصْنَامِ، فَسُلِبَتْ ثُمَّ أُحْضِرَتْ إِلَى بَيْنَ يَدَيْهِ، فَكَانَتْ كَالْقَصْرِ الْعَظِيمِ -يَعْنِي الأَصْنَامَ- فَأَمَرَ بِتَحْرِيقِهَا، فَقَالُوا: مَنْ حَرَّقَهَا هَلَكَ. قَالَ قُتَيْبَةُ: أَنَا أَحْرِقُهَا بِيَدَيَّ، فَجَاءَ الْمَلِكُ غَوْزَكُ فَقَالَ: إِنَّ شُكْرَكَ عَلَيَّ واجبٌ، لا تَعْرِضَنَّ لِهَذِهِ الأَصْنَامِ، فَدَعَا قُتَيْبَةُ بِالنَّارِ وَكَبَّرَ، وَأَشْعَلَ فِيهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ أُضْرِمَتْ، فَوَجَدُوا بَعْدَ الْحَرِيقِ مِنْ بَقَايَا مَا كَانَ فِيهَا مِنْ مَسَامِيرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خَمْسِينَ أَلْفِ مِثْقَالٍ4. ثُمَّ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ أَخَاهُ، وَخَلَّفَ عِنْدَهُ جَيْشًا كَثِيفًا، وَقَالَ: لا تَدَعْنَ مُشْرِكًا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ إِلا وَيَدُهُ مَخْتُومَةٌ، وَمَنْ وَجَدْتَ مَعَهُ حَدِيدَةً أَوْ سِكِّينًا فَاقْتُلْهُ، وَلا تَدَعَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يَبِيتُ فِيهَا، وانصرف قتيبة إلى مرو5.   1 انظر تاريخ خليفة "305" وتاريخ الطبري "6/ 469". 2 في التاريخ "6/ 469". 3 تاريخ الطبري "6/ 474". 4 تاريخ الطبري "6/ 475". 5 وللمزيد انظر أحداث سنة ثلاث وتسعين: 1- تاريخ الطبري "6/ 482". 2- البداية والنهاية "9/ 89". 3- صحيح التوثيق "77/ 178". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 140 أحداث سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ. وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَمَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ السُّلَمِيُّ. وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَرَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ. وَتَمِيمُ بْنُ طُرْفَةَ. وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ بَلَدَ كَابُلَ وَحَصَرَهَا حَتَّى افْتَتَحَهَا، ثُمَّ غَزَا فَرْغَانَةَ، فَحَصَرَهَا وَافْتَتَحَهَا عُنْوَةً، وَبَعَثَ جَيْشًا فَافْتَتَحُوا الشَّاشَ1 وَفِيهَا قَتَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيُّ صَصَّةَ بْنَ دَاهِرٍ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُسْلِمَةُ سَنْدَرَةً مِنْ أَرْضِ الرُّومِ. وَغَزَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ فَافْتَتَحَ مَدِينَتَيْنِ مِنَ السَّاحِلِ. وَغَزَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ حَتَّى بَلَغَ غزالة.   1 انظر تاريخ الطبري "6/ 483" والكامل "4/ 581". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 141 وَحَجَّ بِالنَّاسِ الأَمِيرُ مُسْلِمَةُ. وَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى الإِسْلامِ فُتُوحًا عَظِيمَةً فِي دَوْلَةِ الْوَلِيدِ، وَعَادَ الجهاد شبيهًا بأيام عمر -رضي الله عنهم. وَفِي شَعْبَانَ عُزِلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَوَلِيَهَا عُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الْمُرِّيُّ بَعْدَهُ سَنَتَيْنِ وَشَهْرًا حَتَّى عَزَلَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ مَالِكٌ: وَعَظَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابُهُ نَفَرًا فِي شيءٍ، وَكَانَ فِيهِمْ مَوْلَى لابْنِ حَيَّانَ، فَبَعَثَ لابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابَهُ فَضَرَبَهُمْ لِكَلامِهِمْ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ: تَتَكَلَّمُونَ فِي مِثْلِ هَذَا. قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَظْلَمُ مِنِّي مَنْ وَلَّى عُثْمَانَ بْنَ حَيَّانَ الْحِجَازَ، يَنْطِقُ بِالأَشْعَارِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلَّى قُرَّةَ بْنَ شَرِيكٍ مِصْرَ، وَهُوَ أَعْرَابِيٌّ، جافٍ أَظْهَرَ فِيهَا الْمَعَازِفَ، وَاللَّهُ المستعان1.   1 وللمزيد انظر أحداث سنة وأربع وتسعين: 1- تاريخ خليفة "195". 2- تاريخ الطبري "6/ 403". 3- الكامل "4/ 582". 4- البداية والنهاية "9/ 106". 5- صحيح التوثيق "179". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 أحداث سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ شَهِيدًا. وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَأَخُوهُ حُمَيْدٌ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ قَاضِي مِصْرَ. وَفِيهَا أَوْ سَنَةِ سِتٍّ جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 وَفِيهَا الْحَجَّاجُ. وَفِيهَا قَالَ خَلِيفَةُ: افْتَتَحَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمُولْتَانَ. وَقَفَلَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْوَلِيدِ، وَحَمَلَ الأَمْوَالَ عَلَى الْعَجَلِ، وَمَعَهُ ثَلاثُونَ أَلْفَ رَأْسٍ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُسْلِمَةُ مَدِينَةَ الْبَابِ مِنْ أَرْمِينِيَةَ وَخَرَّبَهَا، ثُمَّ بَنَاهَا مُسْلِمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتِسْعِ سِنِينَ. وَحَدَّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ رجلٍ مِنْ بِاهِلَةَ حَضَرَ مُسْلِمَةَ قَالَ: نَزَلَ مُسْلِمَةُ عَلَى مَدِينَةِ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ أَنْ يُؤَمِّنَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَيَدُلُّهُ عَلَى عَوْرَةِ الْمَدِينَةِ، فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ، فَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ، وَبَدَرَ بِهِمُ الْعَدُوُّ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ كَبَّرَ شَيْخٌ وَقَالَ: الظَّفْرُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ مُسْلِمَةَ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ الشَّاشَ ثَانِيًا، فَأَتَتْهُ وَفَاةُ الْحَجَّاجِ، فَرَجَعَ إِلَى مَرْوَ. وَيُقَالُ: فِيهَا تُوُفِّيَ صِلَةُ بْنُ أُشَيْمٍ. وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ. وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى. وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. وَأَبُو تَمِيمَةَ طَرِيفُ بْنُ مُجَالِدٍ الْهُجَيْمِيُّ. وَالْفَضْلُ بْنُ زَيْدٍ الرَّقَاشِيُّ أبو سنان، أحد العابدين1.   1 للمزيد لأحداث سنة خمس وتسعين انظر صحيح التوثيق "178-185". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 143 أحداث سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقُتِلَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ: مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ. وَمَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ -فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ. وَقُرَّةُ بْنُ شَرِيكٍ الْقَيْسِيُّ. وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. وَآخَرُونَ بخلافٍ فِيهِمْ. وَفِيهَا اسْتُخْلِفَ سُلَيْمَانُ، فَأَغْزَى الصَّائِفَةَ أَخَاهُ مُسْلِمَةَ. وَغَزَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَافْتَتَحَ طُوبَسَ وَالْمَرْزُبَانِينَ، وَأُصِيبَ جِدَارُ الْعُذْرِيِّ الشَّامِيِّ وَمَنْ مَعَهُ بِأَرْضِ الرُّومِ، وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ لأُمِّهِ، وَقَدْ روى عنه1.   1 وللمزيد ل أحداث سنة ست وتسعين انظر صحيح التوثيق "186-198". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 144 أحداث سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ -أَوْ فِي سَنَةِ ثمانٍ. وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ. وَسَعِيدُ بْنُ مُرْجَانَةَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ الْمَصْرِيُّ. وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ -فِي قَوْلٍ. وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. وَالسَّائِبُ بْنُ خَبَّابٍ. وَفِي بَعْضِهِمْ خلفٌ يَأْتِي فِي تَرَاجِمِهِمْ. وَمُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ. وَفِيهَا غزا يزيد المهلب جرجان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 144 قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: غَزَاهَا وَلَمْ تَكُنْ يومئذٍ مَدِينَةً، إِنَّمَا هِيَ جبالٌ محيطةٌ بِهَا، وَتَحَوَّلَ صَوْلُ الْمَلِكِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ جَزِيرَةً فِي الْبَحْرِ، وَكَانَ يَزِيدُ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا، فَدَخَلَهَا يَزِيدُ، فَأَصَابَ أموالًا، ثم خرج إلى البحيرة، فحاصره، فَكَانَ يَخْرُجُ فَيُقَاتِلُ، فَمَكَثُوا كَذَلِكَ أَشْهُرًا، ثُمَّ انْصَرَفَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ. وَذَكَرَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ: أَنَّ يَزِيدَ صَالَحَهُمْ عَلَى خَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْعَامِ. وَرَوَى حَاتِمُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ شَهِدَ ذَلِكَ مَعَ يَزِيدَ، قَالَ: صَالَحَهُمْ عَلَى خَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ، وَبَعَثُوا إِلَيْهِ بثِيَابٍ وَطَيَالِسَةٍ وَأَلْفِ رَأْسٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بَرْجَمَةَ، وَحِصْنَ ابْنِ عَوْفٍ، وَافْتَتَحَ أَيْضًا حِصْنَ الْحَدِيدِ، سَرْدَوْسَلَ، وَشَتَّى بِنَوَاحِي الرُّومِ. وَأَقَامَ الْحَجَّ الْخَلِيفَةُ سُلَيْمَانُ. وَفِيهَا بَعَثَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الْمَغْرِبِ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ مَوْلَى قُرَيْشٍ، فَوَلِيَ سَنَتَيْنِ فَعَدَلَ، وَلَكِنَّهُ عَسَفَ بِآلِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ، وَقَبَضَ عَلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى وَسَجَنَهُ، ثُمَّ جَاءَهُ الْبَرِيدُ بِأَنْ يَقْتُلَهُ، فَوَلِيَ قَتْلَ عَبْدِ اللَّهِ: خَالِدُ بْنُ خَبَّابٍ، وَكَانَ أَخُوهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُوسَى عَلَى الأَنْدَلُسِ، ثُمَّ ثَارُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ فِي سَنَةِ تسعٍ وَتِسْعِينَ، لِكَوْنِهِ خَلَعَ طَاعَةَ سُلَيْمَانَ، قَتَلَهُ وَهُوَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ نافع الفهري1.   1 وللمزيد لأحداث سنة سبع وتسعين انظر صحيح التوثيق "198". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 أحداث سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: كُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ. وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيُّ أَبُو عُبَيْدٍ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ النَّخَعِيُّ. وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ الْفَقِيهُ. وَآخَرُونَ مختلفٌ فِيهِمْ. وَفِيهَا غَزَا يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ طَبَرِسْتَانَ، فَسَأَلَهُ الأَصْبَهْبَذُ الصُّلْحَ، فَأَبَى، فَاسْتَعَانَ بِأَهْلِ الْجِبَالِ وَالدَّيْلَمِ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ مَصَافٌّ كَبِيرٌ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ صُولِحَ الأَصْبَهْبَذُ عَلَى سَبْعِمِائَةِ أَلْفٍ، وَقِيلَ خَمْسِمِائَةٍ فِي السَّنَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَتَاعِ وَالرَّقِيقِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: غَدَرَ أَهْلُ جُرْجَانَ بِمَنْ خَلَّفَ يزيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صُلْحِ طَبَرِسْتَانَ سَارَ إِلَيْهِمْ، فَتَحَصَّنُوا، فَقَاتَلَهُمْ يَزِيدُ أَشْهُرًا، ثُمَّ أَعْطُوا بِأَيْدِيهِمْ، وَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَقَاتَلَ الْمُقَاتِلَةَ، وَصَلَبَ مِنْهُمْ فَرْسَخَيْنِ، وَقَادَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ نفسٍ إِلَى وَادِي جُرْجَانَ فَقَتَلَهُمْ، وَأَجْرَى الْمَاءَ فِي الْوَادِي عَلَى الدَّمِ، وَعَلَيْهِ أَرْحَاءُ تَطْحَنُ بِدِمَائِهِمْ، فَطَحَنَ وَاخْتَبَزَ وَأَكَلَ، وَكَانَ قَدْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَفِيهَا شَتَّى مُسْلِمَةُ بِضَوَاحِي الرُّومِ، وَشَتَّى عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْبَحْرِ، فَسَارَ مُسْلِمَةُ مِنْ مَشْتَاهُ حَتَّى صَارَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، إِلَى أَنْ جَاوَزَ الْخَلِيجَ، وَافْتَتَحَ مَدِينَةَ الصَّقَالِبَةِ، وَأَغَارَتْ خَيْلُ بُرْجَانَ عَلَى مُسْلِمَةَ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَخَرَّبَ مُسْلِمَةُ مَا بَيْنَ الْخَلِيجِ وقسطنطينية. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ نَزَلَ بِدَابِقٍ، وَكَانَ مُسْلِمَةُ عَلَى حِصَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ المغير، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَتُفتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ وَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا"1 فَدَعَانِي مُسْلِمَةُ، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَغَزَاهُمْ. قَالَ ابن المديني: راويه مجهول.   1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد وابنه في زوائده "4/ 235" والحاكم "4/ 422" والطبراني في الكبير "1/ 119/ 2". في إسناده عبد الله بن بشر الغنوي قال الشيخ الألباني رحمه الله في الضعيفة "878" لم أجد من ترجمه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 146 وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَخْبَرَنِي مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ أَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ هَمَّ بِالإِقَامَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَجَمَعَ النَّاسَ وَالأَمْوَالَ بِهَا، وَقَدِمَ عَلَيْهِ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَبَرُ أَنَّ الرُّومَ خَرَجَتْ عَلَى سَاحِلِ حِمْصَ فَسَبَتْ جَمَاعَةً فِيهِمُ امْرَأَةٌ لَهَا ذِكْرٌ، فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا هُوَ إِلا هَذَا، نَغْزُوهُمْ وَيَغْزُونَا، وَاللَّهِ لأَغْزُوَنَّهُمْ غَزْوَةً أَفْتَحُ فِيهَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ أَوْ أَمُوتَ دُونَ ذَلِكَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى مُسْلِمَةَ وَمُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ. فَقَالَ مُوسَى: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ أَرَدْتَ ذَلِكَ فَسِرْ سِيرَةَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا فَتَحُوهُ مِنَ الشَّامِ وَمِصْرَ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، ومن العراق إلى خراسان، كُلَّمَا فَتَحُوا مَدِينَةً اتَّخَذُوهَا دَارًا وَحَازَوْهَا لِلإِسْلامِ، فَابْدَأْ بِالدُّرُوبِ فَافْتَحْ مَا فِيهَا مِنَ الْحُصُونِ وَالْمَطَامِيرِ وَالْمَسَالِحِ، حَتَّى تَبْلُغَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَقَدْ هُدِّمَتْ حُصُونُهَا وَأُوهِيَتْ قُوَّتُهَا، فَإِنَّهُمْ سَيُعْطُونَ بِأَيْدِيهِمْ. فَالْتَفَتَ إِلَى مُسْلِمَةَ فَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: هَذَا الرَّأْيُ إِنْ طَالَ عمرٌ إِلَيْهِ، أَوْ كَانَ الَّذِي يَبْنِي عَلَى رَأْيِكَ، وَلا تَنْقُضُهُ، رَأَيْتُ أَنْ تَعْمَلَ مِنْهُ مَا عَمِلْتَ وَلا يَأْتِي عَلَى مَا قَالَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَكِنِّي أرى أن تغزي جماعةً من المسامين فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَيُحَاصِرُونَهَا، فَإِنَّهُمْ مَا دَامَ عَلَيْهِمُ الْبَلاءُ أَعْطُوا الْجِزْيَةَ أَوْ فَتَحُوهَا عُنْوَةً، وَمَتَى مَا يَكُونُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَا دُونَهَا مِنَ الْحُصُونِ بِيَدِكَ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ: هَذَا الرَّأْيُ. فَأَغْزَى جَمَاعَةَ أَهْلِ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ فِي الْبَرِّ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، وَأَغْزَى أَهْلَ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ فِي الْبَحْرِ فِي أَلْفِ مَرْكَبٍ، عَلَيْهِمْ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيُّ، وَعَلَى الْكُلِّ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَأَخْبَرَنِي غَيْرُ واحدٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ أَخْرَجَ لَهُمُ الأَعْطِيَةَ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى غَزْوِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَالإِقَامَةِ عَلَيْهَا، فَاقْدِرُوا لِذَلِكَ قَدْرَهُ، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ فَصَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَكَلَّمَ النَّاسَ، وَأَخْبَرَهُمْ بِيَمِينِهِ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا مِنْ حِصَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَانْفِرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ثُمَّ الصَّبْرِ، وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ دَابِقًا، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَرَحَلَ مُسْلِمَةُ. وَفِيهَا ثَارَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْفِهْرِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ النَّابِغَةِ التَّمِيمِيُّ بِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ مُتَوَلِّي الأَنْدَلُسِ فَقَتَلُوهُ وَأَمَّرُوا عَلَى الأَنْدَلُسِ أَيُّوبَ ابْنَ أُخْتِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 147 ثُمَّ الأُمُورُ مَا زَالَتْ مُخْتَلِفَةٌ بِالأَنْدَلُسِ زَمَانًا لا يَجْمَعُهُمْ والٍ، إِلَى أَنْ وَلِيَ السَّمْحُ بْنُ مَالِكٍ الْخَوْلانِيُّ فِي حُدُودِ الْمِائَةِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مُسْلِمَةُ فَسَارَ بِالْجُيُوشِ، وَأَخَذَ مَعَهُ إِلْيُونَ الرُّومِيَّ الْمَرْعَشِيَّ لِيَدُلَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَالْعَوَارِ، وَأَخَذَ عُهُودَهُ وَمَوَاثِيقَهُ عَلَى الْمُنَاصَحَةِ وَالْوَفَاءِ، إِلَى أَنْ عَبَرُوا الْخَلِيجَ وَحَاصَرُوا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، إِلَى أَنْ بَرَحَ بِهِمُ الْحِصَارُ، وَعَرَضَ أَهْلُهَا الْفِدْيَةَ عَلَى مُسْلِمَةَ، فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَهَا إِلا عُنْوَةً، قَالُوا: فَابْعَثْ إِلَيْنَا إِلْيُونَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِنَّا وَيَفْهَمُ كَلامَنَا مُشَافَهَةً، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِمْ، فَسَأَلُوهُ عَنْ وَجْهِ الْحِيلَةِ، فَقَالَ: إِنْ مَلَّكْتُمُونِي عَلَيْكُمْ لَمْ أَفْتَحَهَا لِمُسْلِمَةَ، فَمَلَّكُوهُ، فَخَرَجَ وَقَالَ لِمُسْلِمَةَ: قَدْ أَجَابُونِي أَنَّهُمْ يَفْتَحُونَهَا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَفْتَحُونَهَا مَا لَمْ تُنَحِّ عَنْهُمْ، قَالَ: أَخْشَى غَدْرَكَ، فحلف لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ كُلَّ مَا فِيهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَدِيبَاجٍ وَسَبْيٍ، وَانْتَقَلَ عَنْهَا مُسْلِمَةُ، فَدَخَلَ إِلْيُونُ فَلَبِسَ التَّاجَ، وَقَعَدَ عَلَى السَّرِيرِ، وَأَمَرَ بِنَقْلِ الطَّعَامِ وَالْعُلُوفَاتِ مِنْ خَارِجٍ، فَمَلَأُوا الأَهْرَاءَ1 وَشَحَنُوا الْمَطَامِيرَ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ مُسْلِمَةَ، فَكَرَّ رَاجِعًا، فَأَدْرَكَ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ، فَغَلَّقُوا الأَبْوَابَ دُونَهُ، وَبَعَثَ إِلَى إِلْيُونَ يُنَاشِدُهُ وَفَاءَ الْعَهْدِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ إِلْيُونُ يَقُولُ: مَلِكُ الرُّومِ لا يُبَايِعُ بِالْوَفَاءِ، وَنَزَلَ مُسْلِمَةُ بِفَنَائِهِمْ ثَلاثِينَ شَهْرًا، حَتَّى أَكَلَ النَّاسُ فِي الْعَسْكَرِ الْمَيْتَةَ، وقتل خلق، ثم ترحل2.   1 الأهراء: البيت الكبير الذي يجمع فيه طعام السلطان. 2 وللمزيد لأحداث سنة ثمان وتسعين انظر: 1- تاريخ الطبري "6/ 530-531". 2- الكامل في التاريخ "5/ 27-28". 3- صحيح التوثيق "198-199". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 احداث سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: الْخَلِيفَةُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ. وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. وَأَبُو سَاسَانَ حضين بْنُ الْمُنْذِرِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيَّ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 وَمَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَلَى الصَّحِيحِ. وَآخَرُونَ بِخِلَافٍ. وفيها أَغَارَتِ الْخَزَرُ عَلَى أَرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ، وَأَمِيرُ تِلْكَ الْبِلادِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ حَاتِمٍ الْبَاهِلِيُّ، فَكَانَتْ وَقْعَةً قَتَلَ اللَّهُ فِيهَا عَامَّةَ الْخَزَرِ، وَكَتَبَ بِالنَّصْرِ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبَاهِلِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَوَّلُ مَا وَلِيَ الْخِلافَةَ. وَكَانَتْ وَفَاةُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِدَابِقَ غَازِيًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، عَاشِرَ صَفَرٍ. وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِحَمْلِ الطَّعَامِ وَالدَّوَابِّ إِلَى مُسْلِمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَمَرَ مَنْ كَانَ لَهُ حميمٌ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ، فَأَغَاثَ النَّاسَ، وَأَذِنَ لَهُمْ فِي الْقُفُولِ مِنْ غَزْوِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. وَفِيهَا قَدِمَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ مِنْ خُرَاسَانَ، فَمَا قَطَعَ الْجِسْرَ إِلا وَهُوَ مَعْزُولٌ، وَقَدِمَ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ وَالِيًا عَلَى الْبَصْرَةِ مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَتَى يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ عَدِيٌّ وَقَيَّدَهُ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَحَبَسَهُ حَتَّى مَاتَ. وَبَعَثَ عُمَرُ الجَّراحَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ عَلَى إِمْرَةِ خُرَاسَانَ، وَقَالَ لَهُ: لا تَغْزُوا، وَتَمَسَّكُوا بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ. وَعَزَلَ عُمَرُ عَنْ إِمْرَةِ مِصْرَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ رِفَاعَةَ بِأَيُّوبَ بْنِ شُرَحْبِيلَ. وَاسْتَقْضَى عَلَى الْكُوفَةِ الشَّعْبِيَّ. وَجَعَلَ الْفُتْيَا بِمِصْرَ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَقَالَ عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثنا بَقِيَّةُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ قَالَ: غَزَوْنَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَجُعْنَا حَتَّى هَلَكَ ناسٌ كَثِيرٌ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَخْرُجُ إِلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالآخَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ أَقْبَلَ ذَاكَ إِلَى رَجِيعِهِ فَأَكَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَخْرُجُ إِلَى الْمَخْرَجِ فَيُؤْخَذُ فَيُذْبَحُ وَيُؤْكَلُ، وَإِنَّ الأَهْرَاءَ مِنَ الطَّعَامِ كَالتِّلالِ لا نَصِلُ إِلَيْهَا، يُكَايِدُ بِهَا أَهْلُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ خَلِيفَةُ: فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْقُدُومِ. وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ عُمَرُ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلاهُمْ، فَوَصَلَ إِلَيْهَا سَنَةَ مِائَةٍ، وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ، فَأَسْلَمَ خلقٌ مِنَ الْبَرْبَرِ فِي وِلَايَتِهِ1.   1 وللمزيد لأحداث سنة تسع وتسعين انظر: - 1- وتاريخ خليفة "202-502". 2- وتاريخ الطبري "6/ 550-554". 3- النجوم الزاهرة "1/ 306". 4- البداية "9/ 198-206". 5- صحيح التوثيق "200-215". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 149 أحداث سَنَةَ مِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ. وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ. وَتَمِيمُ بْنُ مُسْلِمَةَ. وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَدُخَيْنُ بْنُ عَامِرٍ. وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ. وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ. وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ الزَّاهِدُ الْمَدَنِيُّ. وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ. وَيُقَالُ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو عُثْمَانُ النَّهْدِيُّ. وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ. وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ. وَأَبُو خَالِدٍ الْوَالِبِيُّ. وَفِيهَا وُلِدَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 ويقال: فيها توفي: حنش الصَّنْعَانِيُّ، وَعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَأَبُو الطُّفَيْلِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيُّ. وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَفِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ لِلنَّاسِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 تَرَاجِمُ رِجَالِ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 201- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سويد النخعي -م4- الأعور1. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، وَعَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَزُبَيْدٌ الْيَامِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 202- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ2 بن قارظ -م د ت ن- وَيُقَالُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ الكناني المدني. رَأَى عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَرَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وجبر، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، والسائب بن يزيد، وغيرهم. روى عنه: ابن أخيه سعيد بن خالد، وسلمان الأغر، وعمر بن عبد العزيز، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ويحيى ابن أبي كثير، وآخرون. 203- إبراهيم بن عبد الله بن معبد3 -د م ن ق- بن عباس.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 103" والثقات لابن حبان "6/ 6" وتهذيب الكمال "2/ 104" ومشاهير علماء العصر "1290". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 58" والجرح والتعديل "2/ 109" والثقات لابن حبان "6/ 7" وتهذيب الكمال "2/ 126". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 108" والثقات لابن حبان "6/ 6" وتهذيب الكمال "2/ 130" ومشاهير علماء الأمصار "1124". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 عَنْ: عَمِّ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ أَبِيهِ، وَمَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ عَبَّاسٌ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. 204- إِبْرَاهِيمُ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللَّهِ -خ د ن- بن أبي ربيعة المخزومي1 المدني، وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْتُ الصِّدِّيقِ. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَخَالَتِهِ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّهِ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه: ابناه إسماعيل، وموسى، والزهري، وأبو حازم سلمة، والضحاك بن عثمان. 205- إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف2 -سوى ت- أَبُو إِسْحَاقَ، وَيُقَالُ أَبُو مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَعَمَّارٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. روى عنه: ابناه: سعد، وصالح، والزهري، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن عمرو، وغيرهم. وأمه هي أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط، وَأَخَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ، وَحُمَيْدٌ. وَرَدَ أَنَّهُ شَهِدَ الدَّارَ مَعَ عُثْمَانَ. تُوُفِّي سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَوَثَّقَهُ النسائي، وغيره. 206- إبراهيم النخعي -ع- ابْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسِ بْنِ الأَسْوَدِ3، أَبُو عمران النخعي الكوفي، فَقِيهُ الْعِرَاقِ. رَوَى عَنْ: عَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ، وَخَالِهِ الأسود بن يزيد، والربيع بن خثيم،   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 111" والثقات لابن حبان "6/ 6" وتهذيب الكمال "2/ 132-134" وتاريخ الطبري "1/ 180". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 55-56" وتهذيب الكمال "2/ 1034-136" والثقات لابن حبان "4/ 4". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 270-284" والجرح والتعديل "2/ 144-145" وتاريخ الطبري "1/ 114-116" والثقات لابن حبان "4/ 8-9". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي، وَصِلَةَ بْنِ زُفَرَ، وَعُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، وسيد بْنِ غَفَلَةَ، وَعَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، وهني بْن نويرة، وَخَلْقٍ. وَدَخَلَ عَلَى عائشة -رضي الله عنهما- وَهُوَ صَبِيٌّ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ مُعَتِّبٍ، وَالْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن شُبْرُمَةُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَطَائِفَةٌ. وَتَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ. قِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا احْتَضَرَ جَزَعَ جَزَعًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: وَأَيُّ خَطَرٍ أَعْظَمُ مِمَّا أَنَا فِيهِ، أَتَوَقَّعُ رَسُولا يرد عَلَيَّ من ربي، إما بِالْجَنَّةِ وَإِمَّا بِالنَّارِ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّها تَلَجْلَجُ فِي حَلْقِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ سَنَةَ ستٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ، وَلَهُ تسعٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ الْحَجَّاجِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ. قُلْتُ: مَاتَ الْحَجَّاجُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، وَسَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. روى عنه: الشعبي، ومنصور، ومغيرة بن مقسم، وغيرهن من التابعين. وقال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْنَا نَنْتَظِرُ إِبْرَاهِيمَ، فَيَخْرُجُ وَالثِّيَابُ عَلَيْهِ مُعَصْفَرَةٌ، وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الْمَيْتَةَ قَدْ حَلَّتْ لَهُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: جَهِدْنَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنْ نُجْلِسَهُ إِلَى سَارِيَةً، وَأَرَدْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَبَى، وَكَانَ يَأْتِي الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ قِبَاءٌ وريطة مُعَصْفَرَةٌ. قَالَ: وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَ الشُّرَطِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ ذَكِيًّا حَافِظًا، صَاحِبَ سنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 153 وَعَنِ الشَّعْبِيِّ إِنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ: مَا تُرِكَ بَعْدَهُ خلفٌ. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: تَبِعْتُ الشَّعْبِيَّ، فَمَرَرْنَا بِإِبْرَاهِيمَ، فَقَامَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: أَنَا أَفْقَهُ منك حيًا، وأنت أفقه مني ميتًا، وذاك أَنَّ لَكَ أَصْحَابًا يَلْزَمُونَكَ، فُيُحْيُونَ عِلْمَكَ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَعْوَرُ. قَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُظْهِرَ الرَّجُلُ مَا خَفِيَ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِحِ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ رَجُلا عَالِمًا، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ أَقْدَمَ وَأَكْثَرَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَبِيهِ: كُنْتُ فِيمَنْ دَفَنَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ لَيْلا سَابِعَ سَبْعَةٍ، أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَدَفَنْتُمْ صَاحِبَكُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا تَرَكَ أَحَدًا أَعْلَمَ أَوْ أَفْقَهَ مِنْهُ، قُلْتُ: وَلا الْحَسَنَ، وَابْنَ سِيرِينَ؟ قَالَ: ولا الحسن وَابْنَ سِيرِينَ، ولا من أهل البصرة، ولا من أهل الكوفة، ولا من أهل الحجاز. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: مات مختفيا من الحجاج. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ إِذَا طَلَبَهُ إِنْسَانٌ لا يُحِبُّ أَنْ يَلْقَاهُ، خَرَجَتِ الْجارية فَقَالَتْ: اطلبوه فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ قَيْسٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي ذَكَرْتُ رَجُلا بشيءٍ، فَبَلَغَهُ عَنِّي، فَكَيْفَ أَعْتَذِرُ، قَالَ: تَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَيَعْلَمُ مَا قُلْتُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَا كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ أَوْحَشَ رَدًّا لِلآثَارِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ لِقِلَّةِ مَا سَمِعَ، فَذُكِرَ لِحَمَّادٍ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ: فِي الْفَأْرَةِ جزاءٌ إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ. قَالَ الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ. قرأ عليه: الأعمش، وطلحة بن مصرف. وقال وكيع: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِدْعَةٌ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 154 207- إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ التَّيْمِيُّ1 -ع- تَيْمُ الرَّبَابِ، أَبُو سَمَاءَ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ الْعَابِدُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَالأَعْمَشُ، وَآخَرُونَ. قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ، وَقِيلَ: مَاتَ فِي حَبْسِهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ أربعٍ وَتِسْعِينَ، وَهُوَ شَابٌّ لَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعِينَ سَنَةً؛ وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: رُبَّمَا أَتَى عَلَيَّ شَهْرٌ لا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلا أَشْرَبُ شَرَابًا، لا يَسْمَعَنَّ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ. وَقَالَ الأعمش: كان إذا سجد كأنه إِذَا سَجَدَ كَأَنَّهُ جَذْمُ حَائِطٍ تَنْزِلُ عَلَى ظَهْرِهِ الْعَصَافِيرُ. 208- الأَخْطَلُ النَّصْرَانِيُّ الشَّاعِرُ2 اسْمُهُ غِيَاثُ بْنُ غَوْثٍ التَّغْلِبِيُّ، شَاعِرُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَهُوَ مِنْ نُظَرَاءِ جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ عَلَيْهِمَا. وَقَدْ قِيلَ لِلْفَرَزْدَقِ: مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ؟ قَالَ: كَفَاكَ بِي إِذَا افْتَخَرْتُ، وَبِجَرِيرٍ إِذَا هَجَا. وَبِابْنِ النَّصْرَانِيَّةِ إِذَا امْتَدَحَ. وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يُجْزِلُ عَطَاءَ الأَخْطَلِ وَيُفَضِّلُهُ فِي الشِّعْرِ عَلَى غَيْرِهِ. وَلَهُ: وَالنَّاسُ هَمُّهُمُ الْحَيَاةُ وَلا أَرَى ... طُولَ الْحَيَاةِ يَزِيدُ غَيْرَ خَبَالِ وَإِذَا افْتَقَرْتَ إِلَى الذَّخَائِرِ لَمْ تَجِدْ ... ذُخْرًا يَكُونُ كَصَالِحِ الأَعْمَالِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَائِشَةَ قَالَ: قَالَ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى دِمَشْقٍ، فَإِذَا كنيسة، وإذا الأخطل في ناحيتها،   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 285-286" والجرح والتعديل "2/ 145" والثقات لابن حبان "4/ 7-8" وتهذيب الكمال "2/ 232-233". 2 انظر تاريخ الطبري "7/ 290" والكامل في التاريخ "4/ 310-311، 317" ووفيات الأعيان "1/ 321-324". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 155 فَسَأَلَ عَنِّي فَأُخْبِرَ، فَقَالَ: يَا فَتَى إِنَّ لَكَ شَرَفًا وَمَوْضِعًا وَإِنَّ الْأُسْقُفَ قَدْ حَبَسَنِي، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَهُ وَتُكَلِّمَهُ فِي إِطْلاقِي، قُلْتُ: نَعَمْ، فَذَهَبْتُ إِلَى الأُسْقُفِّ، فَقَالَ لِي: مَهْلا، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَكَلَّمَ فِي مِثْلِ هَذَا، فَإِنَّهُ ظالمٌ يَشْتِمُ النَّاسَ وَيَهْجُوهُمْ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَامَ مَعِي، فَدَخَلَ الْكَنِيسَةَ فَجَعَلَ يَتَوَعَّدُهُ وَيَرْفَعُ عَلَيْهِ الْعَصَا، وَيَقُولُ: تَعُودُ، وَهُوَ يَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: لا، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَالِكٍ، تَهَابُكَ الْمُلُوكُ وَتُكْرِمُكَ الْخُلَفَاءُ، وَذِكْرُكَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: إِنَّهُ الدِّينُ، إِنَّهُ الدِّينُ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا أَنْشَدَ الأخطل كلمته لعبد الملك التي قول فِيهَا: شُمْسُ الْعَدَاوَةِ حَتَّى يُسْتَقَادَ لَهُمْ ... وَأَعْظَمُ النَّاسِ أَحْلامًا إِذَا قَدَرُوا قَالَ: خُذْ بِيَدِهِ يَا غُلامُ فَأَخْرِجْهُ ثُمَّ أَلْقِ عَلَيْهِ مِنَ الْخِلَعِ مَا يَغْمُرُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ قومٍ شَاعِرًا، وَإِنَّ شَاعِرَ بَنِي أُمَيَّةَ الأَخْطَلُ، فَمَرَّ بِهِ جَرِيرٌ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَ خَنَازِيرَ أُمِّكَ؟ قَالَ: كَثِيرَةٌ، وَإِنْ أَتَيْتَنَا قَرَيْنَاكَ مِنْهَا، قال: فكيف تَرَكْتَ أَعْيَارَ أُمِّكَ؟ قَالَ: كَثِيرَةٌ، وَإِنْ أَتَيْتَنَا حَمَلْنَاكَ عَلَى بَعْضِهَا. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: دَخَلَ الأَخْطَلُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ: ويحك، صِفْ لِيَ السُّكْرَ، قَالَ: أَوَّلُهُ لذةٌ، وَآخِرُهُ صُدَاعٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ سَاعَةٌ لا أَصِفُ لَكَ مَبْلَغَهَا، فقال: ما مبلغها؟ قال: لملكك يا أيمر الْمُؤْمِنِينَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ شِسْعِ نَعْلِي، وَأَنْشَأَ يَقُولُ: إِذَا مَا نَدِيمِي عَلَّنِي ثُمَّ عَلَّنِي ... ثَلاثَ زُجَاجَاتٍ لَهُنَّ هَدِيرُ خَرَجْتُ أَجُرُّ الذَّيْلَ حَتَّى كَأَنِّي ... عَلَيْكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمِيرُ 209- أَرْقَمُ بن شرحبيل1 -ق- الأودي الكوفي أَخَذَ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَصَحِبَ ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَى الشَّامِ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعيُّ، وَأَبُو قَيْسٍ الأَوْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وقال أبو زرعة: كوفي ثقة.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 177" والجرح والتعديل "2/ 310" والثقات لابن حبان "4/ 54" وتهذيب الكمال "2/ 314-315". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 210- أسلم بن يزيد -د ت ق- أبو عمرتن التجيبي المصري1، مَوْلَى عُمَيْرِ بْنِ تَمِيمٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَصَفِيَّةَ أُمَّيِ المؤمنين، وجماعة. وعنه: سعيد بن أبي هلال، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن عياض. وكان وجيها في مصر، وكانت الأمراء يسألونه. وثقه النسائي. أسير بن جابر-خ م- وَيُقَالُ يُسَيْرُ2 سَيَأْتِي، وَقَدْ تقدم 211- الأغر أبو مسلم -م تم-3 المدني نَزِيلُ الْكُوفَةِ. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ وَكَانَا اشْتَرَكَا فِي عِتْقِهِ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَعَطَاءُ ابن السَّائِبِ، وَجَمَاعَةٌ. وَأَمَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرُّ ففي الكنى. 212- أنس بن مالك4 -ع- ابْنُ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمَ بْنِ زَيْدِ بْن حَرَامِ بْن جُنْدُب بْن عَامِرِ بْن غَنْمِ بْنِ عَدِيّ بْنِ النَّجَّارِ، أَبُو حَمْزَةَ الأَنْصَارِيُّ النجاري الخزرجي، خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتًا. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا كَثِيرًا، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأُمِّهِ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَخَالَتِهِ أَمِّ حَرَامٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي ذر، وطائفة.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 307" والثقات للعجلي "63" ولابن حبان "4/ 64" وتهذيب الكمال "2/ 528-529". 2 انظر ترجمته في يسير بن جابر. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 308" والثقات لابن حبان "4/ 53" وتهذيب الكمال "3/ 317-318". 4 انظر طبقات ابن سعد "7/ 17-26" والجرح والتعديل "2/ 286" والثقات لابن حبان "3/ 4" وتهذيب الكمال "3/ 353-378". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157 رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وعمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو قِلابَةَ، وَطَائِفَةٌ مِنْ هَذِهِ الطائفة، ثُمَّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وخلقٌ كَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَآخَرُونَ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ، وَعُمَرُ بْنُ شَاكِرٍ، وَكَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَنَاسٌ قَلِيلٌ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ الَّتِي انْقَرَضَتْ بَعْدَ السَّبْعِينَ وَمِائَةٍ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا مَنْ يُحتَجُّ بِهِ. وَرَوَى عَنْهُ بَعْدَهُمْ نَاسٌ مُتَّهَمُونَ بِالْكَذِبِ كَخِرَاشٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ هُدْبَةَ، وَدِينَارٍ أَبُو مُكَيَّسٍ، حَدَّثُوا فِي حُدُودِ الْمِائَتَيْنِ. فَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَنَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَقْلَةٍ أَجْتَنِيهَا، يَعْنِي حَمْزَةَ1. وَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا ابن عشرٍ، وَكَانَ أُمَّهَاتِي يَحْثُثْنَنِي عَلَى خِدْمَتِهِ2. وَقَالَ عَلِيّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ -وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَأَخَذَتْ أُمِّي بِيَدِي، فَانْطَلَقَتْ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ رجلٌ وَلا امرأةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلا وَقَدْ أَتْحَفَكَ بِتُحْفَةٍ، وَإِنِّي لا أَقْدِرُ عَلَى مَا أُتْحِفُكَ بِهِ، إِلا ابْنِي هَذَا، فَخُذْهُ فَلْيَخْدُمْكَ مَا بَدَا لَكَ، فَخَدَمْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرُ سنسن، فَمَا ضَرَبَنِي وَلا سَبَّنِي سَبَّةً، وَلا عَبَسَ فِي وَجْهِي3. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِأَطْوَلِ مِنْ هَذَا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ قال: جاءت بي أم سليم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَزَّرَتْنِي بِنِصْفِ خِمَارِهَا وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، فَقَالَتْ: هَذَا أُنَيْسٌ ابْنِي أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكَ، فَادْعُ الله له، فقال: "اللهم أكثر ماله   1 انظر الترمذي "8/ 39" والطبراني في الكبير "1/ 239". 2 خبر صحيح: أخرجه مسلم "2029" وأحمد "3/ 110" وابن سعد في الطبقات الكبرى "7/ 19". 3 انظره في الترمذي "589، 2678، 2698" وللمزيد انظر مجمع الزوائد "1/ 271-272". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 158 وَوَلَدَهُ". قَالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي يَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوٍ مِنْ مِائَةٍ الْيَوْمَ1. وَرَوَى نَحْوَهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسٌ خَادِمُكَ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ"، فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ وَلَدِي أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ2. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ حَيَاتَهُ" فَاللَّهُ أَكْثَرَ مَالِي حَتَّى أَنَّ كَرْمًا لِي لَيَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَوُلِدَ لِصُلْبِي مِائَةٌ وَسِتَّةٌ3. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، ثنا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ، وَمُحَمَّدُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ السُّوذَرْجَانِيُّ4، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَضِيُّ، ثنا أَبُو عَمْرٍو حَكِيمٌ، ثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثَنَا محمد بْنُ عبد الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، فَقَالَ: "أَعِيدُوا تَمْرَكُمْ فِي وِعَائِكُمْ وَسَمْنَكُمْ فِي سِقَائِكُمْ فَإِنِّي صَائِمٌ"، ثم قال فِي نَاحِيَة الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِنَا صَلاةً غَيْرَ مَكْتُوبَةٍ، فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَلِأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أم سليم: يا رسول الله إِنَّ لِي خُوَيْصَةٌ، قَالَ: "وَمَا هِيَ"؟ قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخرةٍ وَلا دُنْيَا إِلا دَعَا لِي بِهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالا وَوَلَدًا وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ " 5، فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالا. وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أَمِينَةُ أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ صُلْبِي إِلَى مَقْدَمِ الْحَجَّاجُ الْبَصْرَةَ تسعةٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، عن أبي خلدة قال: قلت   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 229" ومسلم "2481" والترمذي "3829" وأحمد "3/ 194". 2 تقدم تخريجه. 3 تقدم تخريجه وهو في البخاري في كتاب الأدب المفرد "222-223". 4 نسبة إلى بلد من قرى أصبهان. 5 حديث صحيح: تقدم تخريجه وانظر البخاري "4/ 198، 199". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 لِأَبِي الْعَالِيَةِ: سَمِعَ أَنَسٌ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الْفاكِهَةَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ فِيهَا رَيْحَانُ يَجِيءُ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ. أَبُو خَلَدَةَ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثنا الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَوْلَى لِأَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: شَهِدْتَ بَدْرًا؟ فَقَالَ: لا أُمَّ لَكَ، وَأَيْنَ غِبْتُ عَنْ بدرٍ؟ قَالَ الأَنْصَارِيُّ: خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو غُلامٌ يَخْدُمُهُ. وَقَدْ رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثُمَامَةَ قَالَ: قِيلَ لِأَنَسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قُلْتُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي قَالَ هَذَا. وَعَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَالَ: غَزَا أَنَسٌ ثَمَانِ غَزَوَاتٍ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ؛ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ ابْنِ أُمِّ سُلَيْمٍ، يَعْنِي أَنَسًا1. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ: كَانَ أَنَسٌ أَحْسَنَ النَّاسِ صَلاةً فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ. وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ قَالَ: كَانَ أَنَسٌ يُصَلِّي حَتَّى تَقْطُرُ قَدَمَاهُ دَمًا مِمَّا يُطِيلُ الْقِيَامَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا ثَابِتٌ قَالَ: جَاءَ قَيِّمُ أَرْضِ أَنَسٍ فَقَالَ: عَطِشَتْ أَرَضُوكَ، فَتَرَدَّى أَنَسٌ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْبَرِيَّةِ، ثُمَّ صَلَّى وَدَعَا، فَثَارَتْ سحابةٌ وَغَشَتْ أَرْضَهُ وَمَطَرَتْ حَتَّى مَلأَتْ صِهْرِيَةً لَهُ، وَذَلِكَ فِي الصَّيْفِ، فَأَرْسَلَ بَعْضَ أَهْلِهِ فَقَالَ: انْظُرْ أَيْنَ بَلَغَتْ، فَإِذَا هِيَ لَمْ تَعْدُ أَرْضَهُ إِلا يَسِيرًا. رَوَى نَحْوَهُ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثُمَامَةَ. وَقَالَ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مَنْ صَحِبَ أَنَسًا قَالَ: لَمَّا أَحْرَمَ لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أُكَلِّمَهُ حَتَّى حَلَّ من شدة إبقائه عَلَى إِحْرَامِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ إِلَى أنس بن مالك ليوجهه على البحرين ساعيًا، فدخل عليه عمر فقال: إني أردت أن أبعث هذا على البحرين،   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 20-21". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 160 وَهُوَ فَتًى شَابٌّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ابْعَثْهُ، فَإِنَّهُ لبيبٌ كاتبٌ، فَبَعَثَهُ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: هَاتِ مَا جِئْتَ بِهِ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْبَيْعَةُ أَوَّلا، فَبَسَطَ يَدَهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي أَبُو بَكْرٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَدِمْتُ وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَنَسٌ، أَجِئْتَنَا بظهرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: جِئْتَنَا بِالظَّهْرِ، وَالْمَالُ لَكَ. قُلْتُ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ، فَهُوَ لَكَ. وَكَانَ أَرْبَعَةَ آلافٍ. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ يَخْدُمُنِي، وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الأَنْصَارَ يَفْرَحُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ، فَلا أَرَى أَحَدًا مِنْهُمْ إِلا خَدَمْتُهُ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: كَتَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْدَ مَوْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ إِلَى أَنَسٍ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ بِالْبَصْرَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَقَالَ الأَعْمَشُ: كَتَبَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، يَعْنِي لَمَّا آذَاهُ الْحَجَّاجُ: إِنِّي خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَ سِنِينَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ النَّصَارَى أَدْرَكُوا رَجُلا خَدَمَ نَبِيَّهُمْ لأَكْرَمُوهُ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ بِالْقَصْرِ، وَالْحَجَّاجُ يُعَرِّضُ النَّاسَ لَيَالِيَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَجَاءَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: يَا خَبِيثُ جوالٌ فِي الْفِتَنِ، مَرَّةً مَعَ عَلِيٍّ، وَمَرَّةً مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَرَّةً مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَسْتَأْصِلَنَّكَ كَمَا تُسْتَأْصَلُ الصَّمْغَةُ، وَلَأُجَرِّدَنَّكَ كَمَا يُجَرَّدُ الضَّبُّ. قَالَ: يَقُولُ أَنَسٌ: مَنْ يَعْنِي الأَمِيرُ؟ قَالَ: إِيَّاكَ أَعْنِي، أَصَمَّ اللَّهُ سَمْعَكَ، فَاسْتَرْجَعَ أَنَسٌ، وَشُغِلَ الْحَجَّاجُ، وَخَرَجَ أنسٌ، فَتَبِعْنَاهُ إِلَى الرَّحْبَةِ، فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي ذَكَرْتُ وَلَدِي وَخَشِيتُهُ عَلَيْهِمْ بَعْدِي لَكَلَّمْتُهُ بكلامٍ لا يَسْتَحْيِينِي بَعْدَهُ أَبَدًا1. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ فِي الْخَيْلِ الَّذِينَ بَيَّتُوا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَكَانَ فِيمَنْ يُؤَلِّبُ عَلَى الْحَجَّاجِ، وَكَانَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَأَتَوْا بِهِ الْحَجَّاجَ، فَوَسَمَ فِي يَدِهِ: "عَتِيقُ الحجاج".   1 انظر الطبراني "1/ 247" ومجمع الزوائد "7/ 274". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 161 وَقَالَ الأَعْمَشُ: كَتَبَ أَنَسٌ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَ سِنِينَ، وَإِنَّ الْحَجَّاجَ يُعَرِّضُنِي لِحَوَكَةِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ: يَا غُلامُ، أُكْتُبْ إِلَيْهِ: وَيْلَكَ قَدْ خَشِيتُ أَنْ لا يُصْلَحَ عَلَى يَدِكَ أحدٌ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا. فَقُمْ إِلَى أَنَسٍ حَتَّى تَعْتَذِرَ إِلَيْهِ، قَالَ الرَّسُولُ: فَلَمَّا جِئْتُهُ قَرَأَ الْكِتَابَ ثُمَّ قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ بِمَا هُنَا؟ قُلْتُ: إِيْ وَاللَّهِ، وَمَا كَانَ فِي وَجْهِهِ أَشَدُّ مِنْ هَذَا، قَالَ: سمعٌ وَطَاعَةٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَعْلَمْتُهُ، فَأَتَيْتُ أَنَسًا، فَقُلْتُ: أَلا تَرَى قَدْ خَافَكَ، وَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ إِلَيْكَ، فَقُمْ إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى دَنَا مِنْهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ غَضِبْتَ؟ قَالَ: كَيْفَ لا أَغْضَبُ؟ تُعَرِّضُنِي لِحَوَكَةِ الْبَصْرَةِ قَالَ: إِنَّمَا مِثْلِي وَمِثْلُكَ كَقَوْلِ الَّذِي قَالَ: "إِيَّاكَ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَةُ"، أَرَدْتُ أَنْ لا يَكُونَ لأحدٍ عَلَيَّ مَنْطِقٌ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَبْرَصَ، وَبِهِ وضحٌ شديدٌ، وَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ، فَيَلْقَمُ لُقَمًا كِبَارًا. وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: يَقُولُونَ: لا يَجْتَمِعُ حُبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ حُبَّهُمَا فِي قُلُوبِنَا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا رَأَتْ أَنَسًا مُتَخَلِّقًا بِالْخَلُوقِ، وَكَانَ بِهِ برصٌ، فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُولُ لِأَهْلِهِ: لَهَذَا أَجْلَدُ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ سَهْلٍ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا لِي. وَقَالَ خَلِيفَةُ: قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: مَاتَ لِأَنَسٍ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ ثَمَانُونَ ابْنًا، وَيُقَالُ سَبْعُونَ فِي سَنَةِ تسعٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: ثنا عِمْرَانُ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: ضَعُفَ أَنَسٌ عَنِ الصَّوْمِ، فَصَنَعَ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ، وَدَعَا ثَلاثِينَ مِسْكِينًا فأطعمهم. قلت: أنس -رضي الله عنهم- مِمَّنِ اسْتَكْمَلَ مِائَةَ سَنَةٍ بيقينٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ. وَقَدْ قَالَ شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا مُعْتَمِرٌ عَنْ حُمَيْدٍ: أَنَّ أَنَسًا مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَأَبُو عبيدة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 162 وقال الواقدي: سنة اثنتين وتسعين، تَابَعَهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابنٍ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَالْمَدَائِنِيُّ، وَالْفَلَّاسُ، وَخَلِيفَةُ، وَقَعْنَبُ، وَغَيْرُهُمْ سَنَةَ ثَلاثٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ: اخْتَلَفَ عَلَيْنَا مَشْيَخَتُنَا فِي سِنِّ أَنَسٍ، فَقَالَ بَعْضُهْم: بَلَغَ مِائَةً وَثَلاثَ سِنِينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلَغَ مِائَةً وَسَبْعَ سِنِينَ. وقال يحيى بن بكير: نوفي أَنَسٌ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَسَنَةٍ. قُلْتُ: وَفِي الصَّحَابَةِ. 213- أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْكَعْبِيُّ1 -4- الْقُشَيْرِيُّ أَبُو أُمَيَّةَ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ لَفْظُهُ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ2. رَوَى عَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَادَةَ الْقُشَيْرِيُّ. حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ. 214- أَوْسُ بْنُ ضَمْعَجَ3 -م4- الحضرمي، ويقال النخعي الكوفي. عن: سلمان، وَأَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعيُّ، وَابْنُهُ عِمْرَانُ بْنُ أَوْسٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: كَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ الأُوَلِ، وَذُكِرَ لَهُ فَضْلا، وَأَثْنَى عَلَيْهِ شُعْبَةُ. رَوَى له الخمسة حديثًا واحدًا في الإمامة4.   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 45" والجرح والتعديل "2/ 286" والثقات لابن حبان "3/ 5" وتهذيب الكمال "3/ 387-380". 2 أخرجه أبو داود "2408" والنسائي "2/ 180-182" والترمذي "711" وابن ماجه "1667" وحسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة "2042، 2043، 2044". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 213" والجرح والتعديل "2/ 304" وتهذيب الكمال "3/ 290-392" والثقات للعجلي "74". 4 وهو حديث "ليؤمكم أقروكم لكتاب الله ... " الحديث: أخرجه مسلم "673" وأبو داود "582-584" والنسائي "2/ 76" والترمذي "235" وابن ماجه "980". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 163 215- أوسط البجلي الحمصي1 -ق بخ- ابن إسماعيل، وَقِيلَ: ابْنُ عَامِرٍ، وَقِيلَ: ابْنُ عَمْرٍو. نَزَلَ دمشق، وروى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. وعنه: سليم بن عامر الخبايري، ولقمان بن عامر، وحبيب بن عبيد. له حديثٌ واحد في سؤال العافية، عَنِ الصِّدِّيقِ. 216- أَيْمَنُ الْحَبَشِيُّ2 -خ- مَوْلَى عُتْبَةَ بن أبي لهب الهاشمي، وعتيق ابن مَخْزُومٍ، وَهُوَ وَالِدُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَسَعْدٍ، وَجَابِرٍ. لم يرو عنه إلا ابنه. قال أبو زرعة: ثقة. قلت: لم يخرج له إلا البخاري. 217- أيوب بن بشير -د ت- بْنِ سَعْدِ بْنِ النُّعْمَانِ3 الأَنْصَارِيُّ الْمُعَاوِيُّ الْمَدَنِيُّ أبو سليمان. وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَرْسَلَ عَنْهُ، وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ. وَتُوُهِّمَ أَنَّهُ أَخُو النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو طُوَالَةَ، وَعَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، شَهِدَ الْحَرَّةَ وَجُرِحَ بِهَا جِرَاحَاتٍ كَثِيرَةً، وَمَاتَ بَعْدَ ذلك. 218- أيوب بن خالد -م ت ن- بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ الْمَدَنِيُّ4، نزيل برقة.   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 441" والجرح والتعديل "2/ 346" وتهذيب الكمال "3/ 394" والثقات للعجلي "74". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 318" وتهذيب الكمال "3/ 451" والكاشف "1/ 92" وتهذيب التهذيب "1/ 394". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 79" والجرح والتعديل "2/ 242" والثقات لابن حبان "6/ 56" وتهذيب الكمال "3/ 453-445". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 245" والثقات لابن حبان "6/ 54" وتهذيب الكمال "3/ 468-470". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 164 عَنْ: أَبِيهِ، وَجَابِرٍ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: عُمَرُ مَوْلَى عَفْرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ: "خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ" 1 الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ. 219- أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَلِيَ غَزْوَ الصائفة2، ورشحه أبو لِوِلايَةِ الْعَهْدِ، فَمَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ بِأَيَّامٍ. وَفِيهِ يَقُولُ جَرِيرٌ: إِنَّ الإِمَامَ الَّذِي تُرْجَى نَوَافِلُهُ ... بعد الإمام ولي الْعَهْدِ أَيُّوبُ "حرف الْبَاءِ": 220- بَجَالَةُ بْنُ عَبْدَةَ التميمي -خ د ت ن- العنبري البصري3، كَاتِبُ جَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَنْ كِتَابِ عُمَرَ فِي الْمَجُوسِ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقُشَيْرُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَتَادَةُ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. 221- بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى بَنِي الْحَضْرَمِيِّ4 السَّيِّدُ الْعَابِدُ الْفَقِيهُ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٍ. رَوَى عَنْهُ: بُكَيْرٌ، وَيَعْقُوبُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم التيمي، وزيد بن اسلم، وآخرون.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2789" وأحمد "2/ 327". 2". 2 انظر تاريخ الطبري "6/ 451" والكامل في التاريخ "1/ 572-573" 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 130." والجرح والتعديل "2/ 437" وتهذيب الكمال "4/ 8-9" والثقات لابن حبان "4/ 83". 4 انظر طبقات ابن سعد "5/ 281-282" والجرح والتعديل "2/ 423" والثقات لابن حبان "4/ 78، 79". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 165 وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَبْلَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْمُنْقَطِعِينَ وَالزُّهَّادِ، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، وَوَرَدَ أَنَّ الْوَلِيدَ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ المدينة؟ قَالَ: مَوْلَى لِبَنِي الْحَضْرَمِيِّ يُقَالُ لَهُ بُسْرٌ. وَقِيلَ: إِنَّ رَجُلا وَشَى عَلَى بُسْرٍ عِنْدَ الْوَلِيدِ بِأَنَّهُ يَعِيبُكُمْ، فَأَحْضَرَهُ وَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لِمَ أَقُلْهُ، وَاللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَأرِنِي بِهِ آيَةً، فَاضْطَرَبَ الرَّجُلُ حَتَّى مَاتَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَاتَ بُسْرٌ وَمَا خَلَّفَ كفنًا. 222- بسر بن محجن -ن- الديلي1 المدني روى عن: أبيه في صلاة الجماعة. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، حَدِيثَهُ فِي الْمُوَطَّأِ. وَالأَصَحّ أَنَّهُ بِشْرٌ بِالْكَسْرِ، وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: بِالضَّمِّ وَالإِهْمَالِ. 223- بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ -ع- أبو الشعثاء البصري2 عَنْ: بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَّةِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَهُ عَنْهُ صَحِيفَةٌ. وَعَنْهُ: أَبُو الْوَلِيدِ بَرَكَةُ الْمُجَاشِعِيُّ، وأبو مجلزلاحق، وَالنَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ، وَخَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ. وَكَانَ صَالِحًا مِنَ الثِّقَاتِ. وَشَذَّ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. بشير بن كعب العلوي تقدم.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 423" والثقات لابن حبان "4/ 9" وتهذيب الكمال "4/ 77-78". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 223" والجرح والتعديل "2/ 379" والثقات لابن حبان "4/ 70-71" وتهذيب الكمال "4/ 18، 182". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 166 224- بِلالُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ1 الدِّمَشْقِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَامْرَأَةَ أَبِيهِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ زيد ابن جُدْعَانَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَسَنُّ مِنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: بِلالُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَمِيرُ الشَّامِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَلِيَ الْقَضَاءَ، ثُمَّ فضالة بن عبيد، ثن النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، ثُمَّ بِلالُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَزَلَهُ بِأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. 225- بِلالُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ2. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاءَ، وَغَيْرُهُمَا. شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَبَقِيَ إِلَى خِلافَةِ سُلَيْمَانَ. قَالَ رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ: إِنَّهُ دَخَلَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَإِلَى جَانِبِهِ بِلالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَلَى السَّرِيرِ. "حرف التَّاءِ": 226- تَمِيمُ بن سلمة -م د ت ق- الكوفي3 عَنْ: شُرَيْحٍ الْقَاضِي، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلالٍ الْعَبْسِيُّ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَلا تُعْلَمُ لَهُ رِوَايَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَمَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَتُوُفِّيَ سنة مائة.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 397" والثقات لابن حبان "4/ 64" وتهذيب الكمال "4/ 285-288". 2 انظر الثقات لابن حبان "4/ 65". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 287" والجرح والتعديل "2/ 441" والثقات لابن حبان "4/ 86". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 167 227- تميم بن طرفة -م د ن ق- الطائي الكوفي1. يَرْوِي عَنْ: جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. روى عنه: سماك بن حرب، وعبد العزيز بن رفيع، والمسيب بن رافع. وثقه النسائي. توفي سنة أربعٍ وتسعين. "حرف الثاء": 228- ثابت بن عبد الله بن الزبير ابن العوام2، أبو مصعب، ويقال: أبو حكمة الأسدي الزبيري. روى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ. وعنه: نافع، وإسحاق والد عباد بن إسحاق. ووفد على عبد الملك بعد مقتل والده، ثم على سليمان بن عبد الملك. قال الزبير بن بكار: كان لسان آل الزبير جلدا وفصاحة وبيانا. وَحَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ قَالَ: لَمْ يَزَلْ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ خَبِيبٌ، وَحَمْزَةُ، وَثَابِتٌ، عِنْدَ جَدِّهِمْ مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانٍ بِالْبَادِيَةِ، حَتَّى تَحَرَّكَ ثَابِتٌ فَقَالَ: الْحَقُوا بِنَا بِأَبِينَا، فَزَعَمُوا أَنَّ ثَابِتًا جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ، وَكَانَ يَشْهَدُ الْقِتَالَ مَعَ أَبِيهِ وَيُبَارِزُ، وَكَانَ قَدْ أَشَارَ عَلَى أَبِيهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمْ يُطِعْهُ، وَقَيَّدَهُ خَوْفًا مِنْ هَرَبِهِ. لَهُ أَخْبَارٌ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ. 229- ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مالك -خ د ق- القرظي3 حَلِيفُ الأَنْصَارِ، إِمَامُ مَسْجِدِ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: سِنَّهُ سِنُّ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، وَقِصَّتُهُ كقصته.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 288" والجرح والتعديل "2/ 442" والثقات لابن حبان "4/ 85، 804". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 454" والثقات لابن حبان "4/ 90". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 79" والجرح والتعديل "2/ 463" وتهذيب الكمال "4/ 397-398" والإصابة "1/ 201". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 168 رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، وَعَمُّهُ مَوْلَى عَفْرَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وجماعة. "حرف الْجِيمِ": جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ. في الكنى. 230- جعفر بن عمرو1 -سوى د- بن أمية الضمري المدني، أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مِنَ الرِّضَاعَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَوَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه: سليمان بن يسار، وأبو قلابة، والزهري، وغيرهم. وثقه أحمد العجلي. توفي سنة خمسٍ أو ست وتسعين. 231- جميل بن عبد الله2، ابن معمر، أبو عمرو العذري، الشاعر المشهور، صَاحِبُ بُثَيْنَةَ. رَوَى عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَهُوَ الْقَائِلُ: أَلا لَيْتَ رَيْعَانَ الشَّبَابِ جَدِيدُ ... وَدَهْرًا تَوَلَّى يَا بُثَيْنُ يَعُودُ فَكُنَّا كَمَا كُنَّا نَكُونُ وَأَنْتُمْ ... صديقٌ وَإِذْ مَا تَبْذُلِينَ زَهِيدُ لِكُلِّ حديثٍ عِنْدَهُنَّ بشاشةٌ ... وَكُلُّ قتيلٍ عِنْدَهُنَّ شَهِيدُ وَلَهُ يَرْوِيهِ ثَعْلَبٌ: خَلِيلَيَّ فِيمَا عِشْتُمَا هَلْ رَأَيْتُمَا ... قَتِيلا بَكَى من حب قاتله قبلي؟   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 247" والجرح والتعديل "28/ 484" وتاريخ الطبري "2/ 541" والثقات لابن حبان "4/ 104". 2 انظر الأغاني "8/ 90" وسير أعلام النبلاء "4/ 181" وشذرات الذهب "1/ 397". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 169 أَفِي أُمِّ عَمْرٍو تَعْذِلانِي هُدِيتُمَا ... وَقَدْ تَيَّمَتْ قلبي بِهَا عَقْلِي وَلَهُ يَرْوِيهِ الصَّنْدَلِيُّ: أَرَيْتُكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ الْوِدّ عَنْ قِلًى ... وَلَمْ يَكُ عِنْدِي إِنْ أَبَيْتَ إِبَاءُ أَتَارِكَتِي لِلْمَوْتِ أَنْتِ فميتٌ ... وَعِنْدَكِ لِي لَوْ تَعْلَمِينَ شِفَاءُ فَوَاكَبِدِي مِنْ حب من لا يجيبني ... وَمِنْ عبراتٍ مَا لَهُنَّ فَنَاءُ وَأَنْشَدَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ لِجَمِيلٍ: خَلِيلِيَّ عُوجَا الْيَوْمَ عنّي فَسَلِّما ... عَلَى عَذْبَةِ الأَنْيَابِ طَيِّبَةِ النَّشْرِ فَإِنَّكُمَا إِنْ عِجْتُمَا بِي سَاعَةً ... شَكَرْتُكُمَا حَتَّى أُغَيَّبَ فِي قبري وما لي لا أَبْكِي وَفِي الأَيْكِ نائحٌ ... وقد فارقتني شختة الكشح والخصر أيبكي حمام الأيك من فقد إلفه ... وأصبر مالي عَنْ بُثَيْنَةَ مِنْ صَبْرِ يَقُولُونَ: مسحورٌ يُجَنُّ بِذِكْرِهَا ... فَأُقْسِمُ مَا بِي مِنْ جنونٍ وَلا سِحْرِ وَأُقْسِمُ لا أَنْسَاكِ مَا ذَرَّ شارقٌ ... وَمَا أَوْرَقَ الأَغْصَانُ فِي وَرَقِ السِّدْرِ ذَكَرْتُ مَقَامِي لَيْلَةَ الْبَابِ قَابِضًا ... عَلَى كَفِّ حَوْرَاءِ الْمَدَامِعِ كَالْبَدْرِ فَكِدْتُ وَلَمْ أَمْلِكُ إِلَيْهَا صَبَابَةً ... أَهِيمُ، وَفَاضَ الدَّمْعُ مِنِّي عَلَى النَّحْرِ أَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... كليلتنا حَتَّى يرى ساطع الفجر فليت إلهي قَدْ قضى ذاك مرة ... فَيَعْلَمُ رَبِّي عِنْدَ ذَلِكَ مَا شُكْرِي وَلَوْ سَأَلَتْ مِنِّي حَيَاتِي بَذَلْتُهَا ... وَجُدْتُ بِهَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِي وَلِجَمِيلٍ: أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادِي الْقُرَى إِنِّي إِذًا لَسَعِيدُ إِذَا قُلْتُ مَا بِي يَا بُثَيْنَةُ قَاتِلِي ... مِنَ الْحُبِّ قَالَتْ ثابتٌ وَيَزِيدُ وَإِنْ قُلْتُ رُدِّي بَعْضَ عَقْلِي أَعِشْ بِهِ ... مَعَ النَّاسِ قَالَتْ ذَاكَ مِنْكَ بَعِيدُ فَلا أَنَا مردودٌ بِمَا جِئْتُ طَالِبًا ... وَلا حُبُّهَا فِيمَا يبيد يبيد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 170 وَلَهُ: لَمَّا دَنَا الْبَيْنُ بَيْنَ الْحَيِّ وَاقْتَسَمُوا ... حَبْلَ النَّوَى فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمْ قُطَعُ جَادَتْ بِأَدْمُعِهَا لَيْلَى فَأَعْجَبَنِي ... وَشْكُ الْفِرَاقِ فَمَا أَبْكِي وَلا أَدَعُ يَا قَلْبُ وَيْحَكَ لا عَيْشَ بِذِي سلمٍ ... وَلا الزَّمَانَ الَّذِي قَدْ مَرَّ يَرْتَجِعُ أَكُلَّمَا مَرَّ حَيٌّ لا يُلايِمُهُمْ ... وَلا يُبَالُونَ أَنْ يَشْتَاقَ مَنْ فَجَعُوا عَلَّقَتْنِي بِهَوًى مِنْهُمْ فَقَدْ كَرَبْتُ ... مِنَ الْفِرَاقِ حَصَاةُ الْقَلْبِ تَنْصَدِعُ وَلَهُ مَطْلَعُ قَصِيدَةٍ: أَلا أَيُّهَا النُّوَّامُ وحكم هُبُّوا ... أُسَائِلُكُمْ هَلْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ الْحُبُّ؟ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قَالَ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ السَّاعِدِيُّ: بَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ، إِذْ لَقِيَنِي رجلٌ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي جميلٍ نَعُودُهُ، فَإِنَّهُ ثَقِيلٌ؟ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، وَمَا يُخَيَّلُ إِلَيّ أَنَّ الْمَوْتَ بَكَّرَ بِهِ، فَقَالَ: يَا بْنَ سَهْلٍ، مَا تَقُولُ فِي رجلٍ لَمْ يَشْرَبِ الْخَمْرَ قَطُّ، وَلَمْ يَزْنِ، وَلَمْ يَقْتُلْ نَفْسًا يَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهَ؟ قُلْتُ: أَظُنُّهُ قَدْ نَجَا، فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَنَا. فَقُلْتُ: مَا أَحْسَبُكَ سَلِمْتَ، أَنْتَ تُشَبِّبُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً بِبُثَيْنَةَ. فَقَالَ: لا نَالَتْنِي شَفَاعَةُ محمدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنْ كُنْتُ وَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهَا لريبةٍ. فَمَا بَرِحْنا حَتَّى مات، رحِمه اللَّه تَعَالَى. "حرف الحاء": 232- حبيب بن صهبان1 -بخ- الأسدي الكاهلي الكوفي. عَنْ: عُمَرَ، وَعَمَّارٍ. وَعَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَأَبُو حُصَيْنٍ الأَسَدِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ. 233- الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بن الْحَكَمِ2 بْنِ أَبِي عُقَيْلِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، أمير العراق، أبو محمد.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 166" والجرح والتعديل "3/ 103" والثقات لابن حبان "4/ 138" وتهذيب الكمال "5/ 382-383". 2 الجرح والتعديل "3/ 168" وتاريخ أبي زرعة "1/ 192، 480" وسير أعلام النبلاء "4/ 343" والبداية والنهاية "9/ 117". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 171 وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، أَوْ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ. وَرَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ، وَابْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ. وَكَانَ لَهُ بِدِمَشْقَ آدُرُ. وَلِيَ إِمْرَةَ الْحِجَازِ، ثُمَّ وَلِيَ الْعِرَاقَ عِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلا مَأْمُونٍ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْصَحَ مِنَ الْحَسَنِ وَالْحَجَّاجِ، وَالْحَسَنُ أَفْصَحُهُمَا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: مَا بَالُ الْحَجَّاجِ لا يُهَيِّجُكَ كَمَا يُهَيِّجُ النَّاسَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مَعَ أَبِيهِ، فَصَلَّى، فَأَسَاءَ الصَّلاةِ، فَحَصَبْتُهُ، فَقَالَ: لا أزل أُحْسِنُ صَلاتِي مَا حَصَبَنِي سَعِيدٌ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ1 أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَنَا $"أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا"، فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَقَدْ رَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فلاف إِخَالُكَ إِلا إِيَّاهُ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ: أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ يَخْطُبُ وَابْنُ عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ، فَخَطَبَ النَّاسَ حَتَّى أَمْسَى، فَنَادَاهُ ابْنُ عُمَرَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ الصَّلاةُ، فَأُقْعِدَ، ثُمَّ نَادَاهُ الثَّانِيَةَ، فَأُقْعِدَ، ثُمَّ نَادَاهُ الثَّالِثَةَ، فَأُقْعِدَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ نَهَضْتُ أَتَنْهَضُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَنَهَضَ فَقَالَ: الصَّلاةُ فَلا أَرَى لَكَ فِيهَا حَاجَةً، فَنَزَلَ الْحَجَّاجُ فَصَلَّى، ثُمَّ دَعَا بِهِ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: إِنَّمَا نَجِيءُ لِلصَّلاةِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلِّ لِوَقْتِهَا، ثُمَّ نَقْنِقْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شِئْتَ مِنْ نَقْنَقَةٍ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَدِمَ مَرْوَانُ مِصْرَ وَمَعَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُوهُ، فَبَيْنَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّ بِهِمْ سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ، وَكَانَ قَاصَّ الْجُنْدِ، وَكَانَ خِيَارًا، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَوْ أجد هذا خلف   1 انظر صحيح مسلم "2545" والترمذي "2317" وأحمد "2/ 26" وهو حديث صحيح. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 172 حَائِطِ الْمَسْجِدِ وَلِي عَلَيْهِ سلطانٌ لَضَرَبْتُ عُنُقَهُ، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يُثَبِّطُونَ عَنْ طَاعَةِ الْوُلاةِ، فَشَتَمَهُ وَالِدُهُ وَلَعَنَهُ وَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِ الْقَوْمَ يَذْكُرُونَ عَنْهُ خَيْرًا، ثُمَّ تَقُولُ هَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ رَأْيِي فِيكَ أَنَّكَ لا تَمُوتُ إِلا جَبَّارًا شَقِيًّا. وَكَانَ أَبُو الْحَجَّاجِ فَاضِلا. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَكَّةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ، فَخَرَجَ فِي نفرٍ ثَمَانِيَةٍ أَوْ تِسْعَةٍ عَلَى النَّجَائِبِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: مَا رُؤِيَ مِثْلُ الْحَجَّاجِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَلا مِثْلُهُ لِمَنْ عَصَاهُ. وَرَوَى ابْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعَ الْحَجَّاجُ تَكْبِيرًا فِي السُّوقِ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ صَعَدَ الْمِنْبَرَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، وَأَهْلَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَمَسَاوِئِ الأَخْلاقِ، قَدْ سَمِعْتُ تَكْبِيرًا لَيْسَ بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ اللَّه فِي التَّرْهِيبِ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يُرَادُ التَّرْغِيبُ، إِنَّهَا عجاجةٌ تَحْتَهَا قصفٌ، أَيْ بَنِي اللَّكِيعَةِ، وَعَبِيدِ الْعَصَا، وَأَوْلَادِ الإِمَاءِ، أَلا يَرْقَأُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَلَى ظَلْعِهِ، وَيُحْسِنُ حَمْلَ رَأْسِهِ، وَحَقْنَ دَمِهِ، وَيُبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمِهِ، وَاللَّهِ مَا أَرَى الأُمُورَ تَثْقُلُ بِي وَبِكُمْ حَتَّى أُوقِعَ بِكُمْ وَقْعَةً تَكُونُ نِكَالا لِمَا قَبْلَهَا، وَتَأْدِيبًا لِمَا بَعْدَهَا. وَقَالَ سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ، رَجُلٌ خَطَمَ نَفْسَهُ وَزَمَّهَا، فَقَادَهَا بِخِطَامِهَا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَعَنَجَها بِزِمَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَخْطُبُ فَقَالَ: امرؤٌ رَدَّ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْحِسَابُ إِلَى غَيْرِهِ، امْرُؤٌ نَظَرَ إِلَى مِيزَانِهِ، فَمَا زَالَ يَقُولُ امْرُؤٌ حَتَّى أَبْكَانِي. وَعَنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: امرؤٌ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ؛ امرؤٌ أَفَاقَ وَاسْتَفَاقَ وَأَبْغَضَ الْمَعَاصِي وَالنِّفَاقَ، وَكَانَ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالأَشْوَاقِ. وعن الحجاج أن خَطَبَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ الصَّبْرُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ أَيْسَرُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى عَذَابِ اللَّهِ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: ويحك مَا أَصْفَقَ وَجْهَكَ، وَأَقَلَّ حَيَاءَكَ، تَفْعَلُ مَا تَفْعَلُ، ثُمَّ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا؟ فَأَخَذُوهُ، فَلَمَّا نَزَلَ دَعَا بِهِ فَقَالَ: لَقَدِ اجْتَرَأْتَ، فَقَالَ: يَا حَجَّاجُ، أَنْتَ تَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ فَلا تُنْكِرُهُ عَلَى نَفْسِكَ، وَأَجْتَرِئُ أَنَا عَلَيْكَ فَتُنْكِرُهُ عَلَيَّ، فَخَلَّى سبيله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 173 وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ الْحَجَّاجُ يَوْمًا: مَنْ كَانَ لَهُ بَلاءٌ فَلْيَقُمْ فَلْنُعْطِهِ عَلَى بَلائِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَعْطِنِي عَلَى بَلائِي. قَالَ: وَمَا بَلاؤُكَ؟ قَالَ: قَتَلْتُ الْحُسَيْنَ. قَالَ: وَكَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: دَسَرْتُهُ بِالرُّمْحِ دَسْرًا، وَهَبَرْتُهُ بِالسَّيْفِ هَبْرًا، وَمَا أَشْرَكْتُ مَعِي فِي قَتْلِهِ أَحَدًا، قَالَ: أَمَا إِنَّكَ وَإِيَّاهُ لَنْ تَجْتَمِعَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ. وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الملك بن عمير. ورواه صالح بن موسى الطلحي، عن عاصم بن بهدلة أنهم ذكروا الحسين -رضي الله عنهم، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَمْ يَكُنْ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ: كَذِبْتَ أَيُّهَا الأَمِيرُ، فَقَالَ: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا قُلْتُ ببينةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ لأقتلنك. فقال قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ} [الأنعام: 84] إلى قوله {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بِأُمِّهِ، قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَا حَمَلَكَ عَلَى تَكْذِيبِي فِي مَجْلِسِي؟ قَالَ: مَا أَخَذَ اللَّهُ على الأنبياء لتبيننه للناس ولا تكتمونه. قَالَ: فَنَفَاهُ إِلَى خُرَاسَانَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ، وَذَكَرَ هَذِهِ الآيَةَ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: 16] ، فَقَالَ: هَذِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ، لِأَمِينِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ، لَيْسَ فِيهَا مَثُوبَةٌ، وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتُ رَجُلا يَخْرُجُ مِنْ بَابِ هَذَا الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ مِنْ غَيْرِهِ لَحَلَّ لِي دَمُهُ وَمَالُهُ، وَاللَّهِ لَوْ أَخَذْتُ رَبِيعَةَ بِمُضَرَ لَكَانَ لِي حَلالا، يَا عَجَبًا مِنْ عَبْدِ هُذَيْلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ قُرْآنًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، مَا هُوَ إِلا رَجْزٌ مِنْ رَجِزِ الأَعْرَابِ، وَاللَّهِ لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه. رواها وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى شَيْخٌ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ. قَاتَلَ اللَّهُ الْحَجَّاجُ مَا أَجْرَأَهُ عَلَى اللَّهِ، كَيْفَ يَقُولُ هَذَا فِي الْعَبْدِ الصَّالِحِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: ذَكَرْتُ قَوْلَهُ هَذَا لِلأَعْمَشِ، فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ. وَرَوَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، فَزَادَ: وَلا أَجِدُ أَحَدًا يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ إِلا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَلأَحُكَّنَّهَا مِنَ الْمُصْحَفِ وَلَوْ بضلع خنزير. وروها ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة. وَقَالَ الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ: ابْنُ مَسْعُودٍ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ، لَوْ أَدْرَكْتُهُ لأَسْقَيْتُ الأَرْضَ مِنْ دَمِهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 174 وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: رُبَّمَا دَخَلَ الْحَجَّاجُ عَلَى دَابَّتِهِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى حَلَقَةِ الْحَسَنِ، فَيَسْتَمِعَ إِلَى كَلامِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ يَقُولُ: يَا حَسَنُ لا تُمِلَّ النَّاسَ. قَالَ: فَيَقُولُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلا مَنْ لا حَاجَةَ لَهُ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ يَعْرِفُ عَيْبَهُ، فَعِبْ نَفْسَكَ. قَالَ: أَعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا لجوجٌ حقودٌ حسودٌ، فَقَالَ: مَا فِي الشَّيْطَانِ شَرٌّ مِمَّا ذَكَرْتَ. وَقَالَ عبد الله بن صالح: ثنا معاوية بن صَالِحٍ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، قَالَ: أُخْبِرَ عُمَرُ بِأَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ قَدْ حَصَبُوا أَمِيرَهُمْ، فَخَرَجَ غَضْبَانُ، فَصَلَّى فَسَهَا فِي صَلاتِهِ، حَتَّى جَعَلُوا يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: من ههنا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ؟ فَقَامَ رَجُلٌ، ثُمَّ آخَرُ، ثُمَّ قُمْتُ أَنَا، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الشَّامِ اسْتَعِدُّوا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ بَاضَ فِيهِمْ وَفَرَّخَ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ قَدْ لَبَّسُوا عَلَيَّ فَالْبِسْ عَلَيْهِمْ، وَعَجِّلْ عَلَيْهِمْ بِالْغُلامِ الثَّقَفِيِّ، يَحْكُمُ فيها بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ، لا يَقْبَلُ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَلا يَتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيئِهِمْ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم- لِرَجُلٍ: لا مِتَّ حَتَّى تُدْرِكَ فَتَى ثَقِيفَ، قِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا فَتَى ثَقِيفَ؟ قَالَ: لَيُقَالَنَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اكْفِنَا زَاوِيَةً مِنْ زَوَايَا جَهَنَّمَ، رجلٌ يَمْلِكُ عِشْرِينَ سَنَةً، أَوْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، لا يَدَعُ لِلَّهِ مَعْصِيَةً إِلا ارْتَكَبَهَا. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ عَلِيًّا كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي ائْتَمَنْتُهُمْ. فَخَافُونِي، وَنَصَحْتُهُمْ فَغَشُّونِي، اللَّهُمَّ فَسَلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلامَ ثَقِيفَ يَحْكُمُ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ: قَالَ رَأَيْتُ أَنَسًا -رضي الله عنهم- مَخْتُومًا فِي عُنُقِهِ خَتْمَةَ الْحَجَّاجِ، أَرَادَ أَنْ يُذِلَّهُ بِذَلِكَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ واحدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، يُرِيدُ أَنْ يُذِلَّهُمْ بِذَلِكَ، وَقَدْ مَضَتْ لَهُمُ الْعِزَّةُ بصُحبة رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ مُوسَى الضَّبِّيِّ قَالَ: أَمَرَ الْحَجَّاجُ أَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 175 تُوجَأَ عُنُقُ أَنَسٍ، وَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ هَذَا خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَلْتُهُ بِهِ لِأَنَّهُ سَيِّئُ الْبِلاءِ فِي الْفِتْنَةِ الأُولَى، غَاشُّ الصَّدْرِ فِي الْفِتْنَةِ الآخِرَةِ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زمانٌ يُصَلُّونَ فِيهِ عَلَى الْحَجَّاجِ. وَعَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ قَالَ: أَرَادَ الْحَجَّاجُ قَتْلَ الْحَسَنِ مِرَارًا، فَعَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُ، وَاخْتَفَى مَرَّةً فِي بَيْتِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ سَنَتَيْنِ. قُلْتُ: لِأَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَذُمُّ الأُمَرَاءَ الظَّلَمَةَ مُجْمَلا، فَأَغْضَبَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ. وَعَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: إِنَّ الْحَجَّاجَ عقوبةٌ سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَلا تَسْتَقْبِلُوا عُقُوبَةَ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، وَلَكِنِ اسْتَقْبِلُوهَا بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: حَدَّثَنِي جليسٌ لِهِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِعَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ: أَخْبِرْنِي بِبَعْضِ مَا رَأَيْتَ مِنْ عَجَائِبِ الْحَجَّاجِ. قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَهُ لَيْلَةً، فَأُتِيَ برجلٍ، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ وَقَدْ قُلْتُ: لا أَجِدُ فِيهَا أَحَدًا إِلا فَعَلْتُ بِهِ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لا أَكْذِبُ الأَمِيرَ، أُغْمِيَ عَلَى أُمِّي مُنْذُ ثلاثٍ، فَكُنْتُ عِنْدَهَا، فَلَمَّا أَفَاقَتِ السَّاعَةَ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ، فَإِنَّهُمْ مَغْمُومُونَ لِتَخَلُّفِكَ عَنْهُمْ، فَخَرَجْتُ، فَأَخَذَنِي الطَّائِفَ، فَقَالَ: نَنْهَاكُمْ وَتَعْصُونَا اضْرِبْ عُنُقَهُ. ثُمَّ أُتِيَ برجلٍ آخَرَ، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لا أَكْذِبُكَ، لَزِمَنِي غريمٌ فَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ أَغْلَقَ الْبَابَ وَتَرَكَنِي عَلَى بَابِهِ، فَجَاءَنِي طَائِفُكَ فَأَخَذَنِي، فَقَالَ: اضْرِبُوا عُنُقَهُ. ثُمَّ أُتِيَ بِآخَرَ، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: كُنْتُ مَعَ شربةٍ أَشْرَبُ، فَلَمَّا سَكِرْتُ خَرَجْتُ، فَأَخَذُونِي، فَذَهَبَ عَنِّي السُّكْرُ فَزَعًا، فَقَالَ: يَا عَنْبَسَةُ مَا أَرَاهُ إِلا صَادِقًا، خَلُّوا سَبِيلَهُ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَنْبَسَةَ، فَمَا قُلْتَ لَهُ شَيْئًا؟ فَقَالَ: لا. فَقَالَ عُمَرُ لِآذِنِهِ: لا تَأْذَنَ لِعَنْبَسَةَ عَلَيْنَا، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي حَاجَةٍ. وَقَالَ بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: خَرَجْتَ عَلَى الْحَجَّاجِ؟ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ عَلَيْهِ حَتَّى كَفَرَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ: أَحْصُوا مَا قَتَلَ الْحَجَّاجُ صَبْرًا، فَبَلَغَ مِائَةَ ألفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ قَحْذَمٍ قَالَ: أَطْلَقَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي غداةٍ واحدةٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 176 واحدًا وثمانين ألف أسيرًا، وَعُرِضَتِ السُّجُونُ بَعْدَ مَوْتِ الْحَجَّاجِ، فَوَجَدُوا فِيهَا ثَلاثَةَ وَثَلاثِينَ أَلْفًا، لَمْ يَجِبْ عَلَى أحدٍ مِنْهُمْ قطعٌ وَلا صلبٌ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، وَفِي سِجْنِهِ ثَمَانُونَ أَلْفًا، مِنْهُمْ ثَلاثُونَ أَلْفَ امْرَأَةٍ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَوْ تَخَابَثَتِ الأُمَمُ، وَجِئْنَا بِالْحَجَّاجِ لَغَلَبْنَاهُمْ، مَا كَانَ يَصْلُحُ لِدُنْيَا وَلا لِآخِرَةٍ، وَلِيَ الْعِرَاقَ، وَهُوَ أَوْفَرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْعِمَارَةِ، فَأَخَسَّ بِهِ حَتَّى صَيَّرَهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَلَقَدْ أُدِّيَ إِلَيَّ فِي عَامِي هَذَا ثَمَانُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَزِيَادَةً. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ الْحَجَّاجِ، فَإِنَّمَا نَلْتَفِتُ إِلَى مَا عَلَيْنَا مِنَ الشَّمْسِ، فَقَالَ: إِلَى مَا تَلْتَفِتُونَ، أَعْمَى اللَّهُ أَبْصَارَكُمْ، إِنَّا لا نَسْجُدُ لشمسٍ وَلا لقمرٍ، وَلا لحجرٍ، وَلا لِوَبَرٍ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ: مَا بَقِيَتْ لِلَّهِ حُرْمَةٌ إِلا وَقَدِ انْتَهَكَهَا الْحَجَّاجُ. وقال طاوس: إني لأعجب من أهل العراف، يُسَمُّونَ الْحَجَّاجَ مُؤْمِنًا، وَقَالَ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: ذَكَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ لَعْنَ الْحَجَّاجِ أَوْ بَعْضِ الْجَبَابِرَةِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] وَكَفَى بِالرَّجُلِ عَمًى. أَنْ يَعْمَى عَنْ أَمْرِ الْحَجَّاجِ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: قِيلَ لِأَبِي وَائِلٍ: تَشْهَدُ عَلَى الْحَجَّاجِ أَنَّهُ فِي النَّارِ؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَحْكُمُ عَلَى اللَّهِ. وَقَالَ عَوْفٌ: ذُكِرَ الْحَجَّاجُ عِنْدَ ابْنِ سِيرِينَ، فَقَالَ: مِسْكِينٌ أَبُو مُحَمَّدٍ، إِنْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ فَبِذَنْبِهِ، وَإِنْ يَغْفِرْ لَهُ فَهَنِيئًا. وَقَالَ رَجُلٌ لِلثَّوْرِيِّ: اشْهَدْ عَلَى الْحَجَّاجِ وَأَبِي مُسْلِمٍ أَنَّهُمَا فِي النَّارِ. فَقَالَ: لا، إِذَا أَقَرَّا بِالتَّوْحِيدِ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ الأَزْرَقُ: عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى قَالَ: مَرَّ الْحَجَّاجُ فِي يَوْمِ جمعةٍ، فَسَمِعَ اسْتِغَاثَةً، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قِيلَ: أَهْلُ السُّجُونِ يَقُولُونَ: قَتَلَنَا الْحَرُّ، فَقَالَ: قُولُوا لَهُمْ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] ، قَالَ: فَمَا عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا أَقَلَّ مِنْ جمعة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 177 وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: بَنَى الْحَجَّاجُ وَاسِطًا فِي سَنَتَيْنِ وَفَرَغَ مِنْهُ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثنا الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: مَرِضَ الْحَجَّاجُ، فَأَرْجَفَ بِهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَلَمَّا عُوفِيَ صَعَدَ الْمِنْبَرَ وَهُوَ يَتَثَنَّى عَلَى أَعْوَادِهِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَالْمِرَاقِ، نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي مَنَاخِرِكُمْ، فَقُلْتُمْ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، فَمَهْ، وَاللَّهِ مَا أَرْجُو الْخَيْرَ إِلا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمَا رَضِيَ اللَّهُ الْخُلُودَ لأحدٍ مِنْ خَلْقِهِ إِلا لِأَهْوَنِهِمْ عَلَيْهِ إِبْلِيسَ، وَقَدْ قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ سُلَيْمَانُ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] فَكَانَ ذَلِكَ، ثُمَّ اضْمَحَلَّ وَكَأَنْ لَمْ يَكُنْ، يا أيها الرَّجُلُ، وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ، كَأَنِّي بِكُلِّ حَيٍّ مَيِّتٌ، وَبُكِلِّ رَطْبٍ يَابِسٌ، وَبِكُلِّ امرئٍ فِي ثِيَابٍ طَهُورٍ إِلَى بَيْتِ حُفْرَتِهِ، فَخُدَّ لَهُ فِي الأَرْضِ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ طُولا فِي ذِرَاعَيْنِ عَرْضًا، فَأَكَلَتِ الأَرْضُ مِنْ لَحْمِهِ، وَمَصَّتْ مِنْ صَدِيدِهِ وَدَمِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَبْغَضُ الْحَجَّاجَ، فَنَفَّسَ عَلَيْهِ بِكَلِمَةٍ قَالَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لا تَفْعَلُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: مَا حَسَدْتُ الْحَجَّاجَ عَدُوَّ اللَّهِ عَلَى شيءٍ حَسَدِي إِيَّاهُ عَلَى حُبِّهِ الْقُرْآنَ وَإِعْطَائِهِ أَهْلَهُ، وَقَوْلِهِ حِينَ احْتُضِرَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لا تَفْعَلُ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ الْحَجَّاجُ لَمَّا احْتَضَرَ: يَا رَبِّ قَدْ حَلِفَ الأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا ... بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ وَيْحَهُمُ ... مَا عِلْمُهُمْ بِكَثِيرِ الْعَفْوِ سَتَّارِ فَأُخْبِرَ الْحَسَنُ فَقَالَ: إِنْ نَجَا فَبِهِمَا. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو الْمَخْزُومِيُّ: ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ، فَأُخْبِرَ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ، فَسَجَدَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، فَبَكَى مِنَ الْفَرَحِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ سبعٍ وَعِشْرِينَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 178 قُلْتُ: عَاشَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ أَشْعَثَ الْحُدَّانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ فِي مَنَامِي بحالٍ سَيِّئَةٍ، قُلْتُ: مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: مَا قَتَلْتُ أَحَدًا قَتْلَةً، إِلا قَتَلَنِي بِهَا، قُلْتُ: ثُمَّ مَهْ. قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِي إِلَى النَّارِ، قُلْتُ: ثُمَّ مَهْ. قَالَ: ثُمَّ أَرْجُو مَا يَرْجُو أَهْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: إِنِّي لأَرْجُو لَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّه لَيُخْلِفَنَّ اللَّهُ رَجَاءَهُ فِيهِ. ذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ مَاتَ بِوَاسِطَ، وَعُفِيَ قَبْرُهُ وَأَجْرَوْا عَلَيْهِ الْمَاءَ. وَعِنْدِي مُجَلَّدٌ فِي أَخْبَارِ الْحَجَّاجِ فِيهِ عَجَائِبُ، لَكِنْ لا أَعْرِفُ صحتها. 234- حرملة مولى أسامة -خ- بن زيد عَنْ1: مَوْلَاهُ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -وَلَزِمَهُ مُدَّةً حَتَّى نُسِبَ إِلَيْهِ- وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَالزُّهْرِيُّ. حَسَّانُ بْنُ بِلالٍ الْمُزَنِيُّ البصري2. عَنْ: عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. وَثَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ. 235- حَسَّانُ بْنُ أَبِي وَجْزَةَ -ن- مَوْلَى قُرَيْشٍ3 عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَعَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَيَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ. لَهُ فِي السُّنَنِ، عَنْ عَقَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ حَدِيثٌ: "مَا تَوَكَّلَ مَنِ اكْتَوَى واسترقى" 4.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 304" والجرح والتعديل "3/ 273" والثقات لابن حبان "4/ 173" وتهذيب الكمال "5/ 552، 553". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 234" والثقات لابن حبان "4/ 164"، وتهذيب الكمال "6/ 13-16". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 234، 235" والثقات لابن حبان "4/ 164"، وتهذيب الكمال "4/ 44". 4 أخرجه الترمذي "2055". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 179 236- الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب -ن- بن عبد المطلب بن هاشم1، أبو محمد المدني. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. وعنه: ابنه عبد الله، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية، وسهيل بن أبي صالح، وإسحاق بن يسار، والوليد بن كثير، وفضيل بن مرزوق. قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلانَ، عَنْ سُهَيْلٍ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ رَأَى رَجُلا وَقَفَ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو لَهُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: لا تَفْعَلْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا تَتَّخِذُوا بَيْتِي عِيدًا، وَلا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي"2. هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ: أُمُّ الْحَسَنِ هَذَا هِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ مَنْظُورٍ الْفَزَارِيِّ، وَهِيَ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ، وَدَاوُدَ، وَأُمُّ الْقَاسِمَ، بَنُو مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ بْن عُبَيْد اللَّهِ التَّيْميّ، قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ وَصِيُّ أَبِيهِ، وَوَلِيُّ صَدَقَةِ عَلِيٍّ، قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ يَوْمًا وَهُوَ يُسَايِرُهُ فِي مَوْكِبِهِ بِالْمَدِينَةِ، إِذْ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ: أَدْخِلْ عَمَّكَ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ مَعَكَ فِي صَدَقَةِ عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ عَمُّكَ وَبَقِيَّةُ أَهْلِكَ، قَالَ: لا أُغَيِّرُ شَرْطَ عَلِيٍّ. قَالَ: إِذًا أَدْخِلْهُ مَعَكَ. فَسَافَرَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَرَحَّبَ بِهِ وَوَصَلَهُ، وَكَتَبَ لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ كِتَابًا لا يُجَاوِزُهُ. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو مُصْعَبٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَى هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَامِلِ الْمَدِينَةِ: بَلَغَنِي أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ يُكَاتِبُ أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي فَاسْتَحْضِرْهُ. قَالَ: فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: يَا بْنَ عَمِّ، قُلْ كَلِمَاتِ الْفَرَجِ "لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لا إِلَهَ إِلا الله رب   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 319-320" والجرح والتعديل "3/ 5" والثقات لابن حبان "4/ 121، 122" وتهذيب الكمال "6/ 89-95". 2 إسناده ضعيف مرسل: أخرجه مرسل: أخرجه عبد الرزاق "6726" قال المصنف: هذا حديث مرسل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 180 السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" 1 قَالَ: فَخُلِّيَ. ورويتْ مِنْ وجهٍ آخَرَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: لَكِنْ قَالَ: كَتَبَ الْوَلِيدُ إِلَى عُثْمَانَ الْمُرِّيِّ: انْظُرِ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ فَاجْلِدْهُ مِائَةَ ضربةٍ، وَقِفْهُ لِلنَّاسِ يَوْمًا، وَلا أُرَانِي إِلا قَاتِلَهُ، قَالَ: فَعَلَّمَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ كلماتٍ لِلْكَرْبِ. وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ لرجلٍ مِنَ الرَّافِضَةِ: إِنَّ قَتْلَكَ قربةٌ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ تَمْزَحُ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ مِنِّي بِمُزَاحٍ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ لرجلٍ مِنَ الرَّافِضَةِ: وَيْحَكُمْ أَحِبُّونَا، فَإِنْ عَصَيْنَا اللَّهَ فَأَبْغِضُونَا، فَلَوْ كَانَ اللَّهُ نَافِعًا أَحَدًا بِقَرَابَتِهِ من رسول الله لِغَيْرِ طاعةٍ لَنَفَعَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ. 237- الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُرَنِيُّ الْكُوفِيُّ2 -سوى ت- عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، وَعُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، وَيَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ. وَعَنْهُ: عَزْرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَأَبُو الْمُعَلَّى يَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ. 238- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الحنفية -ع- أبو محمد3، وَأَخُو أَبِي هَاشِمٍ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ الْحَسَنُ هُوَ الْمُقَدَّمُ فِي الْهَيْئَةِ وَالْفَضْلِ. رَوَى عَنْ: جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَأَبُو سعد البقال، وآخرون.   1 الحديث صحيح مرفوع: أخرجه البخاري "11/ 133" ومسلم "2730". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 295" والثقات لابن حبان "4/ 125" والجرح والتعديل "3/ 45" وتهذيب الكمال "6/ 195، 196". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 328" والجرح والتعديل "3/ 35" وسير أعلام النبلاء "4/ 130، 131". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181 قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمُ، بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، مَا كَانَ زُهْرِيُّكُمْ إِلا غُلامًا مِنْ غِلْمَانِهِ. وَقَالَ مِسْعَرٌ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُفَسِّرُ قَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنَّا" لَيْسَ مِثْلَنَا. وَقَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ: قَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنَ الْمُرْجِئَةِ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ رجلٌ مِنْ بني هَاشِمٍ يُقَالُ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، وَمَيْسَرَةَ، أَنَّهُمَا دَخَلا على الحسن ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلامَاهُ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي وَضَعَهُ فِي الإِرْجَاءِ، فَقَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ وَلَمْ أَكْتُبْهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَاطِبٍ: أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، كُنْتُ حَاضِرًا يَوْمَ تَكَلَّمَ، وَكُنْتُ فِي حَلَقَتِهِ مَعَ عَمِّي، وَكَانَ فِي الْحَلَقَةِ جُنْدُبٌ وَقَوْمٌ مَعَهُ، فَتَكَلَّمُوا فِي عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَآلِ الزُّبَيْرِ، فَأَكْثَرُوا، فَقَالَ الْحَسَنُ: سَمِعْتُ مَقَالَتَكُمْ هَذِهِ، وَلَمْ أَرَ مِثْلَ أَنْ يُرْجَأَ عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَلا يَتَوَلَّوْا وَلا يُتَبَرَّأُ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَامَ، فَقُمْنَا، وَبَلَغَ أَبَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ مَا قَالَ، فَضَرَبَهُ بِعَصًا فَشَجَّهُ، وَقَالَ: لا تُوَلِّي أَبَاكَ عَلِيًّا قَال: وَكَتَبَ الرِّسَالَةَ الَّتِي ثَبَّتَ فِيهَا الْإِرْجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ، وَكَانَ مِنْ ظُرَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَعُقَلائِهِمْ، وَلا عَقِبَ لَهُ. وَأُمُّه جَمَالُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ. قُلْتُ: الْإِرْجَاءُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُرْجِئُ أَمْرَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ إِلَى اللَّهِ، فَيَفْعَلُ فِيهِمْ مَا يَشَاءُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَخْبَارَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي مسند علي -رضي الله عنهم- لِيَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ، فَأَوْرَدَ فِي ذَلِكَ كِتَابَهُ فِي الإِرْجَاءِ، وَهُوَ نَحْوَ وَرَقَتَيْنِ، فِيهَا أَشْيَاءُ حَسَنَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَوَارِجَ تَوَلَّتِ الشَّيْخَيْنِ، وَبَرِئَتْ مِنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، فَعَارَضَتْهُمُ السَّبَائِيَّةُ، فَبَرِئَتْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَتَوَلَّتْ عَلِيًّا وَأَفْرَطَتْ فِيهِ، وَقَالَتِ الْمُرْجِئَةُ الأُولَى: نَتَوَلَّى الشَّيْخَيْنِ وَنُرْجِئُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا فَلا نَتَوَلاهُمَا وَلا نَتَبَرَّأُ مِنْهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْيَامِيُّ: قَالَ: اجْتَمَعَ قُرَّاءُ الْكُوفَةِ قَبْلَ الْجَمَاجِمِ فَأجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَاتِ وَالْبَرَاءَاتِ بِدْعَةٌ، مِنْهُمْ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182 وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أَبِي، فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ إِخْوَانُهُ، فَيَقُولُ لِي: اقْرَأْ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الرسالة، فكنت أقرؤها: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا نُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَنَحُثُّكُمْ عَلَى أَمْرِهِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَنُضِيفُ وِلايَتَنَا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَنَرْضَى مِنْ أَئِمَّتِنَا بِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ أَنْ يُطَاعَا، وَنَسْخَطُ أَنْ يعصيا، ونرجيء أَهْلَ الْفِرْقَةِ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، لَمْ تَقْتَتِلْ فِيهِمَا الأُمَّةُ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِمَا الدَّعْوَةُ، وَلَمْ يُشَكَّ فِي أَمْرِهِمَا، وَإِنَّمَا الْإِرْجَاءُ فِيمَا غَابَ عَنِ الرِّجَالِ وَلَمْ يَشْهَدُوهُ، فَمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْنَا الْإِرْجَاءَ وَقَالَ: مَتَى كَانَ الْإِرْجَاءُ؟ قُلْنَا: كَانَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى، إِذْ قَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى، قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ} [طه: 51، 52] ، إِلَى أَنْ قَالَ: مِنْهُمْ شِيعَةٌ مُتَمَنِّيَةٌ يَنْقِمُونَ الْمَعْصِيَةَ عَلَى أهلها ويعلمون بِهَا، اتَّخَذُوا أَهْلَ بيتٍ مِنَ الْعَرَبِ إِمَامًا، وَقَلَّدُوهُمْ دِينَهُمْ، يُوَالُونَ عَلَى حُبِّهِمْ، وَيُعَادُونَ عَلَى بُغْضِهِمْ، جفاةٌ لِلْقُرْآنِ، أَتْبَاعٌ لِلْكُهَّانِ، يَرْجُونَ الدَّوْلَةَ فِي بعثٍ يَكُونُ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ، حَرَّفُوا كِتَابَ اللَّهِ وَارْتشوا فِي الْحُكْمِ، وَسَعَوْا فِي الأَرْضِ فَسَادًا، وَذَكَرَ الرِّسَالَةَ بِطُولِهَا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَرَأْتُ رسال الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَبِي الشَّعْثَاءِ، فَقَالَ لِي: مَا أَحْبَبْتُ شَيْئًا كَرِهَهُ، وَلا كَرِهْتُ شَيْئًا أَحَبَّهُ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَوَانَةَ قَالَ: قَدِمَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفَةَ بَعْدَ قَتْلِ الْمُخْتَارِ، فَمَضَى إِلَى نَصِيبِينَ، وَبِهَا نفرٌ مِنَ الْخَشَبِيَّةِ، فَرَأَّسُوهُ عَلَيْهِمْ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُسْلِمُ بْنُ الأَسِيرِ مِنَ الْمَوْصِلِ، وَهُوَ مِنْ شِيعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَهَزَمَهُمْ وَأَسَرَ الْحَسَنَ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَسَجَنَهُ بِمَكَّةَ فَقِيلَ: إِنَّهُ هَرَبَ مِنَ الْحَبْسِ، وَأَتَى أَبَاهُ إِلَى مِنًى. قَالَ الْعِجْلِيُّ: هُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 239- حصين بن قبيصة -د ن ق- الفزاري الكوفي1.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 180" والجرح والتعديل "3/ 195" والثقات لابن حبان "4/ 175" وتهذيب الكمال "6/ 530". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 183 عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْمُغِيرَةِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالرُّكَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْفَزَارِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. حُصَيْنٌ أَبُو سَاسَانَ فِي الْكُنَى. 240- حَفْصُ بْنُ عاصم بن عمر بن الخطاب -ع- القرشي العدوي المدني1. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ، وَأَبِي سَعِيدِ بن النعلى. رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ، وَعِيسَى، وَرَبَاحٌ بَنُوهُ، وَابْنُ عَمِّهِ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَنَسِيبُهُ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّانِ، وَخُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ بَنِي عَدِيٍّ، مجمعٌ عَلَى ثِقَتِهِ. 241- الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ الثَّقَفِيُّ2، ابْنُ عَمِّ الْحَجَّاجِ. رَوَى عَنْ: أبي هريرة وعنه: الجريري. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَلِيَ الْبَصْرَةَ لَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْعِرَاقَ، فلما وثب ابن الأشعث على البصرة لحق بالحجاج. 242- حمزة بن أبي أسيد -خ د ق- مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي المدني3. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ الأَنْصَارِيِّ.   1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 117-119" والجرح والتعديل "3/ 184" والثقات لابن حبان "4/ 152". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 114" والثقات لابن حبان "4/ 145" وتاريخ الطبري "6/ 209، 279". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 271" والجرح والتعديل "3/ 214" والثقات لابن حبان "4/ 168" وتهذيب الكمال "7/ 311". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 روى عنه: ابناه مالك، ويحيى، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وعبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل. وقال ابن الغسيل: توفي زمن الوليد. 243- حمزة بن المغيرة بن شعبة1 الثقفي -م ن ق- عَنْ أَبِيهِ فِي الْمَسْحِ. وَعَنْهُ: بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَغَيْرُهُمَا. 244- حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ2 -ع- الزهري المدني، وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ، وَهِيَ أُخْتُ عُثْمَانَ بْنِ عفان لأمه. روى عن: سَعْدُ، ابْنُ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَتَادَةُ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: إنه أدرك عمر، والصحيح أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ. وَكَانَ فَقِيهًا نَبِيلًا شَرِيفًا. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، وَأَمَّا سَنَةَ خَمْسِ وَمِائَةٍ فغلطٌ. 245- حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ3 الْبَصْرِيُّ -ع- عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وثلاثةٍ من ولد سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَدَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيُّ، وجماعة.   1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 270" والجرح والتعديل "3/ 214" والثقات لابن حبان "4/ 168" وتهذيب الكمال "7/ 339، 340". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 153" والجرح والتعديل "3/ 225" والثقات لابن حبان "4/ 146" وتهذيب الكمال "7/ 378-381". 3 انظر طبقات ابن سعد "4/ 147" والجرح والتعديل "3/ 225" والثقات لابن حبان "4/ 147" وتهذيب الكمال "7/ 381-383". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 185 قَالَ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: هُوَ أَفْقَهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قلت: رواه منصور بن زاذان، وعن ابْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ هِشَامٌ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: كَانَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَعْلَمَ أَهْلِ الْمِصْرَيْنِ يَعْنِي الْكُوفَةَ وَالْبَصْرَةَ. 246- حَنَشُ بْنُ عَبْدِ الله بن عمرو1 -م4- بن حنظلة، أبو رشدين السبائي الصنعاني، صَنْعَاءُ دِمَشْقَ لا صَنْعَاءُ الْيَمَنِ. رَوَى عَنْ: فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَرُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْحَارِثُ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، وَعَامِرُ بْنُ يَحْيَى الْمَعَافِرِيُّ، وَالْجُلاحُ أَبُو كَثِيرٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ سُلَيْمٍ. وَغَزَا الْمَغْرِبَ، وَسَكَنَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَلِهَذَا عَامَّةُ أَصْحَابِهِ مِصْرِيُّونَ. وَتُوُفِّيَ غَازِيًا بِإِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَأَمَّا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فَقَالَ: حَنَشُ الصَّنْعَانِيُّ كان مع عَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ، وَقَدِمَ مِصْرَ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ، وَغَزَا الْمَغْرِبَ مَعَ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَانَ فِيمَنْ ثَارَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأُتِيَ بِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فِي وَثَاقٍ، فَعَفَا عَنْهُ، وَلَهُ عَقِبٌ بِمِصْرَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَلِيَ عُشُورَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي وَفَاةِ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ. قُلْتُ: وَهِمَ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي أَنَّهُ صَاحِبُ عَلِيٍّ، لِأَنَّ صَاحِبَ عَلِيٍّ اسْمُهُ كَمَا ذَكَرْنَا حَنَشُ بْنُ رَبِيعَةَ أَوِ ابْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَهُوَ كِنَانِيٌّ كُوفِيٌّ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ جماعةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، كَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا مِصْرَ ولا إفريقية، فتبين أنهما رجلان.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 536" والجرح والتعديل "3/ 291" والثقات لابن حبان "4/ 184" وتاريخ الطبري "3/ 217". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 186 وَلِحَنَشٍ صَاحِبِ عَلِيٍّ تَرْجَمَةٌ فِي الْكَامِلِ لابْنِ عَدِيٍّ، وَقَالَ مَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ غَيْرِهِمَا. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَتُهُ. 247- حَنْظَلَةُ بْنُ علي الأسلمي1 -م د ن ق- المدني يَرْوِي عَنْ: حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَخَفَّافِ بْنِ إِيمَاءٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، وَعِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 248- حنظلة بن قيس2 -سوى ت- الأنصاري الزرقي المدني. يَرْوِي عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ -إِنْ صَحَّ- وَعَنْ أَبِي الْيَسَرِ السُّلَمِيِّ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَكَانَ عَاقِلا ذَا رَأْيٍ وَنُبْلٍ وَفَضْلٍ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ. 249- حَوْشَبُ بْنُ سَيْفٍ أَبُو هُرَيْرَةَ السَّكْسَكِيُّ3، وَيُقَالُ الْمَعَافِرِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَنْ: فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَمَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ. وَعَنْهُ: صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَشَدَّادُ بْنُ أَفْلَحَ الْمَغْرَانِيُّ. وثقه أحمد العجلي.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 251" والجرح والتعديل "3/ 239" والثقات لابن حبان "4/ 165" وتهذيب الكمال "7/ 451، 452". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 73" والجرح والتعديل "3/ 240" والثقات لابن حبان "4/ 166" وتهذيب الكمال "7/ 453، 454". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 280" والثقات لابن حبان "4/ 184" وللعجلي "137". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 187 "حرف الخاء": 250- خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لواذن1، أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ النَّجَّارِيُّ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ، وَأُمُّهُ أُمُّ سَعْدِ بِنْتُ أَحَدِ النُّقَبَاءِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ يَزِيدَ، وَأُمِّ الْعَلاءِ الأَنْصَارِيَّةِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سُلَيْمَانُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ يُفْتِي بِالْمَدِينَةِ مَعَ عُرْوَةَ وَطَبَقَتِهِ، عَدُّوهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ فِي زَمَانِهِمَا يُسْتَفْتَيَانِ وَيَنْتَهِي النَّاسُ إِلَى قَوْلِهِمَا، وَيُقَسِّمَانِ الْمَوَارِيثَ مِنَ الدُّورِ وَالنَّخْلِ وَالأَمْوَالِ بَيْنَ أَهْلِهَا، وَيَكْتُبَانِ الْوَثَائِقَ للناس. وقال معن القزاز: ثنا زبد بْنُ السَّائِبِ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَجَازَ خَارِجَةَ بْنَ زيدٍ بمالٍ فَقَسَّمَهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ غلمانٌ شبابٌ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ فَدُفِنَ فِي مُؤَخَّرِ الْبَقِيعِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدِمَ قادمٌ السَّاعَةَ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زيدٍ مَاتَ، فاسترجع عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَصَفَّقَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَقَالَ: ثُلْمَةٌ وَاللَّهِ فِي الإِسْلامِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْجَمَاعَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً. 251- خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ الكوفي -خ ت ق- مولى أبي مسعود البدري2.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 262، 263" والجرح والتعديل "3/ 274" والثقات لابن حبان "4/ 211". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 334" والثقات لابن حبان "4/ 197" وتهذيب الكمال "8/ 79-81". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 188 عَنْ: مَوْلاهُ، وَحُذَيْفَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٌ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبُو حُصَيْنٍ الأَسَدِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 252- خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ1 -م- ابن المغيرة المخزومي. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ. وَكَانَ شَاعِرًا شَرِيفًا، اتَّهَمَ مُعَاوِيَةَ بِأَنْ يَكُونَ سَقَى عَمَّهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خالد سمًا، فنابذ بني أمية، وكان عم ابن الزبير. روى عنه مُسْلِمٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: اتَّهَمَ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَكُونَ دَسَّ إِلَى عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ طَبِيبًا يُقَالُ لَهُ ابْنُ أُثَالٍ، فَسَقَاهُ فِي شربةٍ سُمًّا، فَاعْتَرَضَ ابْنُ أُثَالٍ فَقَتَلَهُ. قُلْتُ: وَقِيلَ إِنَّ الَّذِي قَتَلَ ابْنَ أُثَالٍ هُوَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ. 253- خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ -ن- ابن العوام الأسدي2. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذْ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ الْوَلِيدِ خَمْسِينَ سَوْطًا، وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ قِرْبَةً فِي يومٍ بَارِدٍ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَوْمًا، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ. قُلْتُ: رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَائِشَةَ. وعنه: ابنه الزبير، ويحيى بن عبد الله بن مالك، والزهري، وغيرهم.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 351" والثقات لابن حبان "4/ 197" وسير أعلام النبلاء "4/ 415". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 387" وطبقات ابن سعد "3/ 108" وتاريخ الطبري "5/ 344" وتهذيب الكمال "8/ 223-227". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 189 وقيل: إنه أدرك كعب الأحبار، وكان من النساك. قال الزبير بن بكار: أدركت أصحابنا يذكرون أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ عِلْمًا كَثِيرًا لا يَعْرِفُونَ وَجْهَهُ وَلا مَذْهَبَهُ فِيهِ، يُشْبِهُ مَا يَدَّعِي النَّاسُ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ. وَلَمَّا مَاتَ نَدِمَ عُمَرُ وَسُقِطَ فِي يَدِهِ وَاسْتَعْفَى مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانُوا إِذَا ذَكَرُوا لَهُ أَفْعَالَهُ الْحَسَنَةَ وَبَشَّرُوهُ يَقُولُ: فَكَيْفَ بِخُبَيْبٍ. وَقِيلَ: أَعْطَى أَهْلَهُ دِيَتَهُ، قَسَّمَهَا فِيهِمْ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُمْ نَقَلُوا خُبَيْبًا إِلَى دَارِ عُمَرَ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَاجْتَمَعُوا عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ جُلُوسٌ إِذْ جَاءَهُمُ الْمَاجِشُونَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مُسَجًّى، وَكَانَ الْمَاجِشُونَ يَكُونُ مَعَ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ: كَأَنَّ صَاحِبَكَ فِي مريةٍ مِنْ مَوْتِهِ، اكْشِفُوا عَنْهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَجَعَ، قَالَ الْمَاجِشُونَ: فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَوَجَدْتُهُ كَالْمَرْأَةِ الْمَاخِضِ قَائِمًا وَقَاعِدًا، فَقَالَ لِي: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقُلْتُ: مَاتَ الرَّجُلُ، فَسَقَطَ إِلَى الأَرْضِ فَزَعًا، وَاسْتَرْجَعَ، فَلَمْ يَزَلْ يُعْرَفُ فِيهِ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ، وَاسْتَعْفَى مِنَ الْمَدِينَةِ وَامْتَنَعَ مِنَ الْوِلايَةِ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: إِنَّكَ فَعَلْتَ فَأَبْشِرْ، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ بِخُبَيْبٍ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَحُدِّثْتُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ خُبَيْبُ وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ، إِذْ وَقَفَ ثُمَّ قَالَ: سَأَلَ قَلِيلا فَأُعْطِيَ كَثِيرًا، وَسَأَلَ كَثِيرًا فَأُعْطِيَ قَلِيلا، فَطَعَنَهُ فَأَذْرَاهُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: قُتِلَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ السَّاعَةَ، ثُمَّ ذَهَبَ فَوَجَدَ أَنَّ عَمْرًا قُتِلَ يومئذٍ، وَلَهُ أَشْبَاهُ هَذَا فِيمَا يُذْكَرُ. 254- خلاد بن السائب -ع- بْنِ خَلادٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: أَبِيهِ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ. وَعَنْهُ: حَيَّانُ بْنُ وَاسِعٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ الله بن حنطب، والزهري، وقتادة. 255- خلاس بن عمرو -ع- الهجري البصري2.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 270" والجرح والتعديل "3/ 364" والثقات لابن حبان "4/ 208" وتهذيب الكمال "8/ 354". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 149" والمجروحين لابن حبان "1/ 285" والجرح والتعديل "3/ 402" وتهذيب الكمال "8/ 364-467". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 190 رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هند، وعوف الأعرابي. وثقه أحمد، وغيره. ويروي عَنْ عَلِيٍّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كتابٌ وَقَعَ لَهُ فَرَوَاهُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: لَمْ يَسْمَعْ خِلَاسٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا. 256- خُلَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَصَرِيُّ -م د- البصري1 قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، وَرَوَى عن أبي الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وعلي، والأحنف. روى عنه: قتادة، وأبان بن أبي عياش، وأبو الأشهب العطاردي بن جعفر، وغيرهم. وهو ثقة. "حرف الدال": 257- دخين بن عامر -د ن ق- الحجري2 أبو ليلى، كَاتِبُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. رَوَى عَنْ: عُقْبَةَ. وَعَنْهُ: بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ نَهِيكٍ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ الْمَصْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بن أنعم. قال ابن يونس: قتلته الرُّومُ بِتِنِّيسَ، سَنَةَ مِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 258- دِرْبَاسٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَكِّيٌّ قَرَأَ على مولاه ابن عباس وقرأ عَلَيْهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ، وزمعة بن صالح. قال أبو عمرو الداني.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 383" وتهذيب الكمال "8/ 309-312" وانظر حلية الأولياء "2/ 232، 234" وتهذيب التهذيب "3/ 159". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 442" والثقات لابن حبان "230" وتهذيب الكمال "8/ 476" وتهذيب التهذيب "3/ 207". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 191 "حرف الرَّاءِ": 259- رَبِيعَةُ بْنُ عِبَادٍ الدِّيلِيُّ الْحِجَازِيُّ1 رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وأبو الزناد. وقال الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَأَبُوهُ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ، قَيَّدَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ. وَقَيَّدَهُ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ ابْنُ مَنْدَهْ، وَهُوَ قَوْلٌ مُنْكَرٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عُبَادٌ بِالضَّمِّ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عبّاد مُشَدَّدٌ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَقَدْ شهِدَ الْيَرْمُوكَ. قُلْتُ: لا شَكَّ فِي سَمَاعِهِ مِنَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُسْلِمٌ. 260- رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ2 -خ د- تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ، وَلَهُ سبعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْ: طَلْحَةَ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيهِ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا الْمُنْكَدِرِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ. 261- رَبِيعَةُ بْنُ لَقِيطٍ ابْن حَارِثَةَ التجيبي المصري3.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 472" والثقات لابن حبان "3/ 230" وتاريخ الطبري "2/ 248" والاستيعاب "1/ 509". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 27" والجرح والتعديل "4/ 473" والثقات لابن حبان "3/ 129" وتهذيب الكمال "9/ 120-121". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 475" والثقات لابن حبان "4/ 230" وسير أعلام النبلاء "4/ 509". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 192 حَدَّثَ عَنْ: مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ. وشهد صفين مع الشاميين. روى عنه: ابنه إِسْحَاقَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَثَّقَهُ أحمد العجلي. قال يزيد بن أبي حبيب: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ لَقِيطٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَامَ الْجَمَاعَةِ، وَهُمْ رَاجِعُونَ مِنْ مَسْكِنَ، وَمُطِرُوا دَمًا عَبِيطًا1. قَالَ رَبِيعَةُ: فَلَقَدْ رَأَيْتَنِي أَنْصُبُ الإِنَاءَ فَيَمْتَلِئُ دَمًا عَبِيطًا، فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّمَا هِيَ، يَعْنِي السَّاعَةَ، وَمَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَقَامَ عَمْرٌو فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَصْلِحُوا مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَلا يَضُرُّكُمْ لَوِ اصْطَدَمَ هَذَانِ الْجَبَلانِ. رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ2. وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ، وَلَفْظُهُ: إِنَّهُمْ كَانُوا مَعَ مُعَاوِيَةَ حِينَ قَفَلُوا مِنَ الْعِرَاقِ، فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ بِدِجْلَةَ دَمًا عَبِيطًا، وَظَنُّوا الظُّنُونَ وَقَالُوا الْقِيَامَةُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 262- الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ ابْنُ عَائِذٍ، أَبُو يَزِيدَ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ، الزَّاهِدُ، أَحَدُ الْأَعْلَامِ3. أرسل عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ. وَهُوَ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَهِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ خُزيْمَةَ، وَآخَرُونَ.   1 أي طربًا. 2 رقم "561". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 459" وطبقات ابن سعد "6/ 182-193" والثقات لابن حبان "4/ 224". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 193 قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِنَادٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إذنٌ لأحدٍ حَتَّى يَفْرُغَ كُلُّ واحدٍ مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَا أَبَا يَزِيدَ، لَوْ رَآكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَأَحَبَّكَ، وَمَا رَأَيْتُكَ إِلا ذَكَرْتُ الْمُخْبِتِينَ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ: أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا أَبُو الْمَكَارِمِ اللَّبَّانِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الطبراني، ثنا عبدان ابن أَحْمَدَ، ثنا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ فَذَكَرَهُ، بِالإِسْنَادِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو حَامِدِ بْنُ صِلَةٍ، ثنا السَّرَّاجُ، ثنا هَنَّادٌ، ثنا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ يَسْأَلُهُ قَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا عَلِمْتَ وَمَا اسْتُؤْثِرَ بِهِ عَلَيْكَ، فَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ، لأَنَا عَلَيْكُمْ فِي الْعَمْدِ أَخْوَفُ مِنِّي عَلَيْكُمْ فِي الْخَطَأِ، وَمَا خَيْرُكُمُ الْيَوْمَ بِخَيِّرٍ، وَلَكِنَّهُ خيرٌ مِنْ آخَرَ شَرٍّ مِنْهُ، وَمَا تَتَّبِعُونَ الْخَيْرَ حَقَّ اتِّبَاعِهِ، وَمَا تَفِرُّونَ مِنَ الشَّرِّ حَقَّ فِرَارِهِ، وَلا كُلُّ مَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَدْرَكْتُمْ، وَلا كُلُّ ما تقرأون تَدْرُونَ مَا هُوَ، ثُمَّ يَقُولُ: السَّرَائِرَ السَّرَائِرَ اللاتِي تُخْفُونَ مِنَ النَّاسِ، وَهِيَ لِلَّهِ بوادٍ، الْتَمِسُوا دَوَاءَهُنَّ، وَمَا دَوَاؤُهُنَّ إِلا أَنْ تَتُوبَ ثُمَّ لا تَعُودَ. الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ فُلانٌ: مَا أَرَى الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ تَكَلَّمَ بكلامٍ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً إِلا بِكَلِمَةٍ تُصْعِدُهُ. الثَّوْرِيُّ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ صَحِبَ ابْنَ خُثَيْمٍ عِشْرِينَ عَامًا مَا سَمِعَ مِنْهُ كَلِمَةً تُعَابُ. الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَالَسْتُ الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ سِنِينَ، فَمَا سَأَلَنِي عَنْ شيءٍ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ، إِلا أَنَّهُ قَالَ لِي مَرَّةً: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ إِذَا قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: ضُعَفَاءَ مُذْنِبِينَ نَأْكُلُ أَرْزَاقَنَا وَنَنْتَظِرُ آجَالَنَا. خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَخِي حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، فَإِذَا هُوَ جالسٌ فِي مَسْجِدِهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ وَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قُلْنَا: جِئْنَا لِنَذْكُرَ اللَّهَ مَعَكَ ونحمده، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ تَقُولا جئنا لتشرب ونشرب معك، ولا لنزني معك، رواها آخَرُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194 وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَ: كُلُّ مَا لا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ يضمحل. الأعمش، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ: أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ قَالَ لِأَهْلِهِ: اصْنَعُوا لِي خَبِيصًا؟ وَكَانَ لا يَكَادُ يَتَشَهَّى عَلَيْهِمْ شَيْئًا؟ قَال فَصَنَعُوهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى جارٍ لَهُ مُصَابٌ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَلُعَابُهُ يَسِيلُ، قَالَ أَهْلُهُ: مَا يَدْرِي مَا أَكَلَ. قَالَ الرَّبِيعُ: لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي. سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَرِيَّةَ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَتْ: كَانَ الرَّبِيعُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ وَفِي حجره الْمُصْحَفُ يَقْرَأُ فِيهِ فَيُغَطِّيهِ. وَعَنْ بِنْتِ الرَّبِيعِ بْنِ خثيم قالت: كنت أَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ أَلا تَنَامُ؟ فَيَقُولُ: يَا بُنَيَّةُ، كَيْفَ يَنَامُ مَنْ يَخَافُ الْبَيَاتَ؟ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ يُقَادُ إِلَى الصَّلاةِ وَبِهِ الْفَالِجُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا يَزِيدَ، قَدْ رُخِّصَ لَكَ، قَالَ: إِنِّي أَسْمَعُ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَأْتُوهَا وَلَوْ حَبْوًا. الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مَاعِزٍ قَالَ: كَانَ فِي وَجْهِ الرَّبِيعِ بن خثيم شيء، فكان فمه يسيل، فرأى في وجهي المساءة، فقال: يا أبا بكر، ما يسرني أَنَّ هَذَا الَّذِي بِي بِأَعْتَى الدَّيْلَمِ عَلَى اللَّهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ: لَوْ تَدَاوَيْتَ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ عَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا، كَانَتْ فِيهِمْ أَوْجَاعٌ، وَكَانَتْ لَهُمْ أطباء، فَمَا بَقِيَ الْمُدَاوَى وَلا الْمُدَاوِي، إِلا وَقَدْ فَنِيَ. ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا مَالِكُ بْنُ مغولٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا جَلَسَ رَبِيعٌ فِي مجلسٍ مُنْذُ اتَّزَرَ بإزارٍ، يَقُولُ: أَخَافُ أَنْ أرى حاملًا، أخاف أن أَرُدَّ السَّلامَ، أَخَافُ أَنْ لا أُغْمِضَ بَصَرِي. الثَّوْرِيُّ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ قَالَ: مَا رُؤِيَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ قَطُّ غَيْرَ مَرَّةٍ. مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ عِنْدَ هَذِهِ السَّارِيَةِ، وَكَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ. وَعَنْ مُنْذِرٍ قَالَ: كَانَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا أَخَذَ عَطَاءَهُ قَسَّمَهُ، وَتَرَكَ قَدْرَ مَا يَكْفِيهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 195 وعن ياسين الزيات قال: جاء ابن الْكَوَّاءِ إِلَى الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى مَنْ هُوَ خيرٌ مِنْكَ. قَالَ: نَعَمْ، مَنْ كَانَ مَنْطِقُهُ ذِكْرًا، وَصَمْتُهُ تَفَكُّرًا، وَمَسِيرُه تَدَبُّرًا، فَهُوَ خيرٌ مِنِّي. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أَشَدَّ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَعًا. زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أَبِي لَيْلَى، عَنْ امرأةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ لَيْلَةً بِثُلُثِ الْقُرْآنِ"؟ فَأَشْفَقْنَا أَنْ يَأْمُرَنَا بأمرٍ نَعْجَزُ عَنْهُ، فَسَكَتْنَا، قَالَ: "إِنَّهُ مَنْ قَرَأَ: اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ، فَقَدْ قَرَأَ ليلتئذٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ" 1. أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْمَكَارِمِ الْمُعَدِّلِ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خلاد، ثنا محمد بن غالب، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا زَائِدَةُ فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ خمسةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ. 263- الرَّبِيعُ بْنُ عميلة2 -م4- الفزاري الكوفي. عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَأَخِيهِ يُسَيْرِ بْنِ عُمَيْلَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الرُّكَيْنُ، وَهِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الزاي": 264- زرارة بن أوفى -ع- أبو حاجب العامري3، قاضي البصرة.   1 إسناده صحيح: أخرجه النسائي "2/ 171-172" والترمذي "2896" وأحمد "5/ 418، 419" في رواية الترمذي. عن امرأة وهي امرأة أبي أيوب. قال الترمذي: حديث حسن قلت وأصله عند البخاري "6643" ومسلم "811". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 176" والجرح والتعديل "3/ 467" والثقات لابن حبان "4/ 226" وتهذيب الكمال "9/ 96-98". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 150" والجرح والتعديل "3/ 603" والثقات لابن حبان "4/ 266" وتهذيب الكمال "9/ 339". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 196 كَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ وَصُلَحَائِهَا. سَمِعَ: عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: أَيُّوبُ، وَقَتَادَةُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَبَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ الْقُشَيْريُّ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَثَبَتَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا تَلا {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: 8] خَرَّ مَيِّتًا، وَذَلِكَ فِي سنة ثلاثٍ وتسعين. 265- زهدم بن مضرب -خ م ت ق- الأزدي الجرمي البصري1، أبو مسلم. عَنْ: أَبِي مُوسَى، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَعَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ، وَأَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْوَرَّاقُ، وَقَتَادَةُ. 266- زِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ الدِّمَشْقِيُّ2 -د- لَهُ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ، وَقِيلَ لَهُ صُحْبَةٌ. وَلَهُ عَنْ: حَبِيبِ بْنِ مُسْلِمَةَ فِي النَّفْلِ. رَوَى عَنْهُ: مَكْحُولٌ، ويُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَنْكَرَ زَمَنَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ تَأْخِيرَ الْجُمُعَةِ، فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ. 267- زِيَادُ بْنُ ربيعة الحضرمي3 -د ت ق- المصري وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ، فَيُقَالُ: زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ. رَوَى عَنْ: زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ، وابن عمر، وأبي أيوب الأنصاري، وغيرهم.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 4794" والثقات لابن حبان "4/ 269" وتهذيب الكمال "9/ 396" وتقريب التهذيب "1/ 263". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 527" والثقات لابن حبان "4/ 252" وتهذيب الكمال "9/ 439-441" وميزان الاعتدال "2/ 87". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 548" والثقات لابن حبان "4/ 257-258" وتهذيب الكمال "9/ 460-462". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 197 وَعَنْهُ: بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الإِفْرِيقِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. 268- زِيَادُ بْنُ صُبَيْحٍ الْحَنَفِيُّ1 الْمَكِّيُّ -د ن- ويقال البصري. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ، وَالأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٌ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. 269- زَيْدُ بن وهب الجهني2 -ع- الكوفي مُخَضْرَمٌ، وَقَدْ ذُكِرَ. قَالَ ابْنُ مَنْدَوَيْهِ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ. "حرف السِّينِ": 270- سَالِمٌ الْبَرَّادُ3 -د ن- أبو عبد الله، كُوفِيٌّ. عَنْ: أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين. 271- سالم بن أبي الجعد4 -ع- الأشجعي مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ، أَخُو عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَيْدٍ، وَزِيَادٍ، وَعِمْرَانَ، وَمُسْلِمٍ، وَأَشْهَرُهُمْ سَالِمٌ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَثَوْبَانَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وعبد الله بن عمر، وَأَنَسٍ، وَأَبِيهِ رَافِعٍ أبي الجعد، وجماعة. روى عنه: قتادة، ومنصور، والأعمش، والحكم، وحصين بن عبد الرحمن، وآخرون. كان ثقة نبيلًا.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 535" والثقات لابن حبان "4/ 255" وتهذيب الكمال "9/ 483-484". 2 تقدم ذكره. 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 300" والجرح والتعديل "4/ 190" وتهذيب الكمال "10/ 175-177". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 291" والجرح والتعديل "4/ 281" والثقات لابن حبان "4/ 305". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 توفي سنة مائة، وقيل قبلها، ويقال بعدها بسنة. وقد روى أيضا عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ في سنن النسائي وذلك مرسل. 272- سالم أبو الغيث1 -ع- مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَطْ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ الْمَقْبُرِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ التَّيْمِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابن معين. 273- السائب بن مالك2 -ع- وَقِيلَ ابْنُ يَزِيدَ، أَوْ زَيْدٍ الثَّقَفِيِّ، مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 274- السَّائِبُ بْنُ يزيد ع ابْنُ سَعِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ3، أَبُو يَزِيدَ الْكِنْدِيُّ المدني، ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ، يُعْرَفُونَ بِذَلِكَ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ ثُمَامَةَ حَلِيفَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ. قَالَ السَّائِبُ: حَجَّ بِي أَبِي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ. وَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ نتلقى رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ4. وَقَالَ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ وجعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي، وَرَأَيْتُ بين كتفيه خاتم النبوة5.   1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 301" والجرح والتعديل "4/ 189-190" والثقات لابن حبان "4/ 306" وتهذيب الكمال "10/ 179". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 252" والجرح والتعديل "4/ 242" والثقات لابن حبان "4/ 326" وتهذيب الكمال "10/ 192-193". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 241" وتاريخ الطبري "2/ 492" وتهذيب الكمال "10/ 193-196". 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "4/ 61" والترمذي "925" وأحمد "3/ 449". 5 خبر صحيح: أخرجه البخاري "4/ 390"، وأبو داود "2779"، والترمذي "2779". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 199 وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَخَالَهُ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَطَلْحَةَ، وَحُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْجَعْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنِ السَّائِبِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ يَوْمَ الْفَتْحِ، اسْتَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتَ الْأَسْتَارِ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ، ثُمَّ قَالَ: "لا يُقْتَلُ قُرَشِيُّ بَعْدَ هَذَا صَبْرًا" 1. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: ثنا عَطَاءٌ مَوْلَى السَّائِبِ قَالَ: كَانَ السَّائِبُ رَأْسُهُ أَسْوَدَ مِنْ هَامَتِهِ إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وَسَائِرُ رَأْسِهِ وَمُؤَخِّرُهُ وَعَارِضُهُ وَلِحْيَتُهُ أَبْيَضَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا رَأَيْتُ أَعْجَبَ شَعْرًا مِنْكَ فَقَالَ لِي: أَوَ تَدْرِي مِمَّ ذَاكَ يَا بُنَيَّ؟ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِي وَأَنَا أَلْعَبُ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، وَقَالَ: "بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ" 2 فَهُوَ لا يَشِيبُ أَبَدًا. يَعْنِي: مَوْضِعَ كَفِّهِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاضِيًا، وَلا أَبُو بَكْرٍ، وَلا عُمَرُ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ لِلسَّائِبِ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ: لَوْ رَوَّحْتَ عَنِّي بَعْضَ الأَمْرِ حَتَّى كَانَ عُثْمَانُ. وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى الْفَرْوِيُّ: رَأَيْتُ عَلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ مِطْرَفَ خَزٍّ، وَجُبَّةَ خَزٍّ، وَعِمَامَةَ خَزٍّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، وَهُوَ ابْنُ ثمانٍ وثمانين سنة، ويروى عن الجعد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ وَفَاتَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ. سعد بن إياس أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ. فِي الْكُنَى. سَعْدُ بْنُ عبيد هو أبو عبيد في الكنى.   1 الحديث المرفوع صحيح: أخرجه مسلم "1782" وأحمد "4/ 213" والدرامي "2/ 198". 2 أخرجه الطبراني "6693" وفي الصغير "1/ 249". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 200 275- سعيد بن جبير1 -ع- ابن هشام الأسدي الوالبي مَوْلاهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ. سَمِعَ: ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، وَغَيْرَهُمْ. وروى عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ وَرَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَرَأَ عَلَيْهِ: الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ. وَرَوَى عَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وابنه الآخر عبد الملك، والقاسم ابن أَبِي بَزَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَمُسْلِمٌ الْبَطِينُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -وَقَدْ أَتَاهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَسْأَلُونَهُ- فَقَالَ: أَلَيْسَ فِيكُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَعَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: جِهْبِذُ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: مَا خَلَّفَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ اللَّوْنِ. خَرَجَ مَعَ ابْنِ الأشعث على الحجاج، ثن إِنَّهُ اخْتَفَى وَتَنَقَّلَ فِي النَّوَاحِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ وَقَعُوا بِهِ، فَأَحْضَرُوهُ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: يَا شَقِيَّ بْنَ كُسَيْرٍ --يَعْنِي مَا أَنْتَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ- أَمَا قَدِمْتَ الْكُوفَةَ وَلَيْسَ يَؤُمُّ بِهَا إِلا عَرَبِيٌّ فَجَعَلْتُكَ إِمَامًا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: أَمَا وَلَّيْتُكَ الْقَضَاءَ، فَضَجَّ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَقَالُوا: لا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ إِلا عَرَبِيٌّ، فَاسْتَقْضَيْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى وَأَمَرْتُهُ أَنْ لا يَقْطَعَ أَمْرًا دُونَكَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَمَا جَعَلْتُكَ فِي سُمَّارِي وَكُلُّهُمْ رُءُوسُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَمَا أَعْطَيْتُكَ مِائَةَ أَلْفٍ تُفَرِّقُهَا عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَمَا أَخْرَجَكَ عَلَيَّ؟ قَالَ: بَيْعَةٌ كَانَتْ فِي عُنُقِي لابْنِ الأَشْعَثِ. فَغَضِبَ الْحَجَّاجُ وَقَالَ: أَمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُنُقِكَ مِنْ قَبْلُ يَا حَرَسِيُّ اضْرِبْ عُنُقَهُ. فَضَرَبَ عُنُقَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ بِوَاسِطٍ، وَقَبْرُهُ ظَاهِرٌ يُزَارُ.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 256-267" والجرج والتعديل "4/ 9-10" والتاريخ لابن معين "2/ 196-198" ولابن زرعة "1/ 515". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 201 وَقَالَ مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لا يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ إِذَا أتي بالرجل قال له: أكفرت إذا خَرَجْتَ عَلَيَّ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، تَرَكَهُ، وَإِنْ قَالَ: لا، قَتَلَهُ، فَأُتِيَ بِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فقال لَهُ: أَكَفَرْتَ إِذْ خَرَجْتَ عَلَيَّ؟ قَالَ: مَا كَفَرْتُ مُنْذُ آمَنْتُ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ أَقْتُلُكَ؟ فَقَالَ: اختَرْ أَنْتَ فَإِنَّ الْقِصَاصَ أَمَامَكَ. وَقَالَ رَبِيعَةُ الرَّأْيِ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مِنَ الْعُبَّادِ الْعُلَمَاءِ، فَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ، وَجَدَهُ فِي الْكَعْبَةِ وَنَاسًا فِيهِمْ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، فَسَارُوا بِهِمْ إِلَى الْعِرَاقِ، فَقَتَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ، إِلا بِالْعِبَادَةِ، فَلَمَّا قتل سَعِيدًا خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيرٌ، حَتَّى رَاعَ الْحَجَّاجَ، فَدَعَا طَبِيبًا، فَقَالَ: مَا بَالُ دَمِهِ كَثِيرًا؟ قَالَ: قَتَلْتَهُ وَنَفْسُهُ مَعَهُ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: عَنْ أَبِيهِ: مَاتَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى علمه. وَعَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: دَخَلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الْكَعْبَةَ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: عَنْ سَعِيدٍ إِنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ. وَلَهُ تَرْجَمَةٌ جَلِيلَةٌ فِي الْحِلْيَةِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ: لَدَغَتْ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عقربٌ، فَأَقْسَمَتْ أُمُّهُ عَلَيْهِ لَيَسْتَرْقِيَنَّ، فَنَاوَلَ الرَّقَّاءَ يَدَهُ الَّتِي لَمْ تُلْدَغْ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا فِي رَمَضَانَ، فَيَقْرَأُ لَيْلَةً بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَيْلَةً بِقِرَاءَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَقَالَ عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ خَصِيفٍ قَالَ: أَعْلَمُهُمْ بِالطَّلاقِ سَعِيدُ بْنُ المسيب، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَجِّ عَطَاءٌ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ طَاوُسٌ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالتَّفْسِيرِ مُجَاهِدٌ، وَأَجْمَعُهُمْ لِذَلِكَ كُلِّهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بن يزيد: ثنا الْفَضْلُ بْنُ سُوَيْدٍ، ثنا الضَّبِّيُّ قَالَ: كُنْتُ فِي حِجْرِ الْحَجَّاجِ فَقَدَّمُوا سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَنَا شَاهِدٌ، فَأَخَذَ الْحَجَّاجُ يُعَاتِبُهُ كَمَا يُعَاتِبُ الرَّجُلُ وَلَدَهُ، فَانْفَلَتَتْ مِنْ سَعِيدٍ كَلِمَةً فَقَالَ إِنَّهُ عَزَمَ عَلَيَّ، يَعْنِي ابْنَ الأَشْعَثِ. وَيُرْوَى أَنَّ الْحَجَّاجَ رُؤِيَ فِي النَّوْمِ، فَقِيلَ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: قَتَلَنِي بِكُلِّ قتيل قتلته، قتلة، وقتلني بسعيد ابن جُبَيْرٍ سَبْعِينَ قَتْلَةً. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 202 رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ كَانَ يَغُوصُ ثُمَّ يفيق ويقول: ما لي وما لك يَا سَعِيدُ بْنَ جُبَيْرٍ. قُلْتُ: صَحَّ أَنَّهُ قَالَ لابْنِهِ: مَا يُبْكِيكَ، مَا بَقَاءُ أَبِيكَ بَعْدَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَذَلِكَ حِينَ دُعِيَ لِيُقْتَلَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. رَوَاهَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ. 276- سَعِيدُ بْنُ عبد الرحمن بن أبزى -ع- الكوفي1 عَنْ: أَبِيهِ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. وَعَنْهُ: ذر الْهَمْدَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَزُبَيْدٍ الْيَامِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. 277- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أُسيد بْنِ أَبِي الْفَيْضِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ أَحَدُ الأَشْرَافِ بِالْبَصْرَةِ. كَانَ نَبِيلًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا، لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: زَعَمُوا أَنَّهُ أَعْطَى شَاعِرًا ثَلاثَةَ آلافِ دينار. 287- سعيد بن مرجانة -خ م ت ن- أبو عثمان مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ2. وَمَرْجَانَةُ هِيَ أُمُّهُ. كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، مَعَ جَلالَتِهِ وَقِدَمِهِ، وَابْنَاهُ: أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَعُمَرُ، وَوَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وُلِدَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سبع وتسعين. 279- سعيد بن المسيب3 -ع- ابن حَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ، الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ القرشي المخزومي المدني عَالِمُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِلا مُدَافَعَةٍ. وُلِدَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْهَا، وَقِيلَ لِسَنَتَيْنِ مضتا منها.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 39" وتهذيب التهذيب "4/ 54". 2 انظر الكاشف للمصنف "1/ 295" وتهذيب التهذيب "4/ 78، 79". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 119-134" والجرح والتعديل "4/ 59-61" والمراسيل لابن أبي حاتم "714" وسير أعلام النبلاء "4/ 217-246". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 203 وَرَأَى عُمَرَ، وَسَمِعَ: عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَجُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِيَّ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَطَائِفَةً مِنَ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَبُكَيْرِ ابن الأَشَجِّ، وَشَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ هُوَ وَاللَّهِ أَحَدُ الْمُفْتِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَكَذَا قَالَ مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: غَضِبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَلَى الزُّهْرِيِّ وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ حَدَّثْتَ بَنِي مَرْوَانَ حَدِيثِي فَمَا زَالَ غَضْبَانَ عَلَيْهِ حَتَّى أَرْضَاهُ بَعْدُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا مَالِكٌ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: أَسَأَلْتَ أَحَدًا غَيْرِي؟ قَالَ: نَعَمْ عُرْوَةَ، وَفُلانًا وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: أَطِعِ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُنَا وَعَالِمُنَا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، سَمِعَ مَكْحُولا يَقُولُ: طُفْتُ الأَرْضَ كُلَّهَا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، فَمَا لَقِيتُ أَحَدًا أعلم مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ: إِنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ. وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَا شَيْءٌ عِنْدِي الْيَوْمَ أَخْوَفَ مِنَ النِّسَاءِ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ يُقَالُ لابْنِ الْمُسَيِّبِ رواية عُمَرَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَتْبَعُ أَقْضِيَةَ عُمَرَ يَتَعَلَّمُهَا، وَإِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَيُرسِلُ إِلَيْهِ يَسْأَلَهُ. مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَنْ أَكَلَ الْفُجْلَ وَسَرَّهُ أَنْ لا يُوجَدَ مِنْهُ رِيحُهُ فَلْيَذْكُرِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ أَوَّلِ قَضْمَةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: مَا فَاتَتْنِي التَّكْبِيرَةُ الأُولَى مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً. وَعَنْهُ قَالَ: حَجَجْتُ أَرْبَعِينَ حَجَّةً. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 204 وَعَنْهُ قَالَ: مَا نَظَرْتُ إِلَى قَفَا رَجُلٍ فِي الصَّلاةِ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً، يَعْنِي لِمُحَافَظَتِهِ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ. وَكَانَ سَعِيدُ مُلازِمًا لِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَانَ زَوْجَ ابْنَتِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ رَجُلا صَالِحًا لا يَأْخُذُ الْعَطَاءَ، وَلَهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ؟ يَتَّجِرُ بِهَا فِي الزَّيْتِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لا أَعْلَمُ فِي التَّابِعِينَ أَوْسَعَ عِلْمًا مِنْهُ، هُوَ عِنْدِي أَجَلُّ التَّابِعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: مُرْسَلاتُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ صِحَاحٌ. قُلْتُ: قَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ ضَرَبَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سِتِّينَ سَوْطًا. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ضَرَبَ سَعِيدًا حِينَ دَعَاهُ إِلَى بَيْعَةِ الْوَلِيدِ، إِذْ عَقَدَ لَهُ أَبُوهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْخِلافَةِ، فَأَبَى سَعِيدٌ وَقَالَ: أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَضَرَبَهُ هِشَامٌ وَطَوَّفَ بِهِ وَحَبَسَهُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَمْ يرضه، فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ، أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ، فَعَقَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ لابْنَيْهِ الْعَهْدَ، وَكَتَبَ بِالْبَيْعَةِ لَهُمَا إِلَى الْبُلْدَانِ، وَأَنَّ عَامِلَهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ هِشَامٌ الْمَخْزُومِيُّ، فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَبَايَعُوا، وَأَبَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا، وَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ، فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا، وَطَافَ بِهِ فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ حَتَّى بَلَغَ بِهِ رأس الثَّنِيَّةِ، فَلَمَّا كَرُّوا بِهِ قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالُوا: السِّجْنِ. قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ الصَّلْبُ مَا لَبِسْتُ هَذَا التُّبَّانَ أَبَدًا، فَرَدُّوهُ إِلَى السِّجْنِ. وَكَتَبَ هِشَامٌ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِخِلافِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلُومُهُ فِيمَا صَنَعَ به، ويقول: سعيد وَاللَّهِ أَحْوَجَ إِلَى أَنْ تَصِلَ رَحِمَهُ مِنْ أَنْ تَضْرِبَهُ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ مَا عِنْدَ سَعِيدٍ شِقَاقٌ وَلا خِلَافٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ السِّجْنَ، فَإِذَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 205 هُوَ قَدْ ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ، فَجَعَلَ الْإِهَابَ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قضبًا رَطْبًا، وَكَانَ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَى عَضُدَيْهِ قَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْنِي مِنْ هِشَامٍ. وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ دَخَلَ عَلَى سَعِيدٍ السِّجْنَ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ وَيَقُولُ: إِنَّكَ خَرَقْتَ بِهِ وَلَمْ تَرْفُقْ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ اتَّقِ اللَّهَ وَآثِرْهُ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: إِنَّكَ خَرَقْتَ بِهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ وَاللَّهِ أَعْمَى الْبَصَرِ وَالْقَلْبِ، ثُمَّ نَدِمَ هِشَامٌ بَعْدُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونُ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِالسُّوقِ، فَمَرَّ بَرِيدٌ لِبَنِي مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: مِنْ رُسُلِ بني أمية أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ تَرَكْتَهُمْ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ. قَالَ: تَرَكْتَهُمْ يُجِيعُونَ النَّاسَ وَيُشْبِعُونَ الْكِلابَ؟ قَالَ: فَاشْرَأَبَّ الرَّسُولُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَجِّيهِ حَتَّى انْطَلَقَ، ثُمَّ قُلْتُ لِسَعِيدٍ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، تُشِيطُ بِدَمِكَ بِالْكَلِمَةِ هَكَذَا تُلْقِيهَا، قَالَ: اسْكُتْ يَا أُحَيْمَقُ، فَوَاللَّهِ لا يُسْلِمُنِي اللَّهُ مَا أَخَذْتُ بِحُقُوقِهِ. وَقَالَ سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَرَى نَفْسَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَتْ أهون عَلَيْهِ فِي اللَّهِ مِنْ نَفْسِ ذُبَابٍ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ قَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الآثَارِ وَأَفْقَهُهُمْ فِي رَأْيِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسِيرُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَوِّيُّ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا سعيد بن المسيب جالس وحده، فقلت: ما له؟ قَالُوا: نَهَى أَنْ يُجَالِسَهُ أَحَدٌ. وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إِمَامًا أَيْضًا فِي تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا. قَالَ أَبُو طَالِبٍ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ حُجَّةٌ؟ قَالَ: هُوَ عِنْدَنَا حُجَّةٌ، قَدْ رَأَى عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ، إِذَا لَمْ يُقْبَلْ سَعِيدُ عَنْ عُمَرَ فَمَنْ يقبل؟ قال ابن خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ: ثنا لُوَيْنٌ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ ابن المسيب قال: لو رأيتني لبالي الْحَرَّةِ، وَمَا فِي الْمَسْجِدِ غَيْرِي، مَا يَأْتِي وَقْتُ صَلاةٍ إِلا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 سَمِعْتُ الأَذَانَ مِنَ الْقَبْرِ، ثُمَّ أُقِيمُ فَأُصَلِّي، وإن أهل الشام ليدخلوا الْمَسْجِدَ زُمَرًا فَيَقُولُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ الْمَجْنُونِ. قُلْتُ: عَبْدُ الْحَمِيدِ لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ وَكِيعٌ: ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: مَا أَحَدٌ أعلم بقضاءٍ قَضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا أَبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرَ مِنِّي. وَمِنْ مُفْرَدَاتِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلاثًا تَحِلُّ لِلأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ. تُوُفِّيَ سَعِيدٌ فِي قَوْلِ الْهَيْثَمِ، وَسَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَغَيْرِهِمْ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: فَأَمَّا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. ثنا الأَصَمُّ، ثنا حَنْبَلٌ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَاتَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. 280- سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ1 -م ن- الكوفي. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَالصَّوَابُ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَرَوَى الْيَسِيرَ. 281- سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ يَسَارٌ -ع- أَخُو الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ2 رَوَى عَنْ: أُمِّهِ خَيِّرَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بكر الثقفي، وابن عباس. روى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعَوْفٌ الأعرابي، وجماعة.   1 انظر الطبقات لابن سعد "6/ 170" والجرح والتعديل "4/ 69، 70" وسير أعلام النبلاء "4/ 180" والإصابة "2/ 113". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 178-179" والجرح والتعديل "4/ 72-73" وسير أعلام النبلاء "4/ 588-589" وتهذيب التهذيب "4/ 16-17". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 207 وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ، وَيُقَالُ إِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْحَسَنِ بِسَنَةٍ، وَالأَوَّلُ أَثْبَتُ. وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ. 282- سُلَيْمَانُ بْنُ سِنَانٍ الْمُزَنِيُّ مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. قَالَهُ ابْنُ يونس. 283- سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ2 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو أَيُّوبَ. وَكَانَ مِنْ خِيَارِ مُلُوكِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَلِيَ الْخِلافَةَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ بَعْدَ الْوَلِيدِ بِالْعَهْدِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَبِيهِ. وَرَوَى قَلِيلا عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُنَيْدَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَالزُّهْرِيُّ. وَكَانَتْ دَارُهُ مَوْضِعَ سِقَايَةِ جَيْرُونَ3، وَلَهُ دَارٌ بَنَاهَا بِدَرْبِ مُحْرِزٍ بِدِمَشْقَ، فَجَعَلَهَا دَارَ الْخِلافَةِ، وَجَعَلَ لَهَا قُبَّةً صَفْرَاءَ كَالْقُبَّةِ الْخَضْرَاءَ الَّتِي بِدَارِ الْخِلافَةِ، وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا مُؤْثِرًا لِلْعَدْلِ، مُحِبًّا لِلْغَزْوِ، وَجَهَّزَ الْجُيُوشَ مَعَ أَخِيهِ مُسْلِمَةَ لِحِصَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَحَاصَرَهَا مُدَّةً حَتَّى صَالَحُوا عَلَى بِنَاءِ جَامِعٍ بالقسطنطينية. وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتِّينَ. وَقَالَتِ امْرَأَةٌ: رَأَيْتُهُ أَبْيَضَ عَظِيمَ الْوَجْهِ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، يَضْرِبُ شَعْرُهُ مِنْكِبَيْهِ، مَا رَأَيْتُ أَجْمَلَ مِنْهُ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْبَيْعَةَ أَتَتْ سليمان وهو يشارف   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 118" والتاريخ الكبير "4/ 17" وتهذيب التهذيب "4/ 198-199" والكاشف "1/ 315". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 130" والتاريخ الكبير "4/ 25" وتاريخ الطبري "6/ 546-549" وسير أعلام النبلاء "5/ 111-113". 3 أحد أبواب الجامع الأموي بدمشق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 208 الْبَلْقَاءَ، فَأَتَى، بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَأَتَتْهُ الْوُفُودُ فَلَمْ يَرَوْا وِفَادَةً كَانَتْ أَهْيَأُ مِنَ الْوِفَادَةِ إِلَيْهِ، كَانَ يَجْلِسُ فِي قُبَّةٍ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ مِمَّا يَلِي الصخرة، وَيَجْلِسُ النَّاسُ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، وَتُقَسَّمُ الأَمْوَالُ وَتُقْضَى الْأَشْغَالُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَلِيَ سُلَيْمَانُ وَهُوَ إِلَى الشَّبَابِ وَالتَّرَفُّهِ مَا هُوَ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَبَا حَفْصٍ، إِنَّا وَقَدْ وُلِّينَا مَا قَدْ تَرَى، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا بِتَدْبِيرِهِ عِلْمٌ، فَمَا رَأَيْتَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَمُرْ بِهِ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ عَزَلَ عُمَّالَ الْحَجَّاجِ، وَأَخْرَجَ مَنْ كَانَ فِي سِجْنِ الْعِرَاقِ، وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُهُ: أَنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ قَدْ أُمِيتَتْ فَأَحْيُوهَا وَرُدُّوهَا إِلَى وَقْتِهَا، مَعَ أمورٍ حَسَنَةٍ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ عُمَرَ فِيهَا، فَأَخْبَرَنِي مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ هَمَّ بِالإِقَامَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلا، ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَدَّمْنَا فِي سَنَةِ ثمانٍ وَتِسْعِينَ، مِنْ نُزُولِهِ بِقِنَّسْرِينَ مُرَابِطًا. وَحَجَّ سُلَيْمَانُ فِي خِلافَتِهِ سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَجَّ سُلَيْمَانُ، فَرَأَى النَّاسَ بِالْمَوْسِمِ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَمَا تَرَى هَذَا الْخَلْقَ الَّذِي لا يُحْصِي عَددَهُمْ إِلا اللَّهُ وَلا يَسَعُ رِزْقَهُمْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَؤُلاءِ الْيَوْمَ رَعِيَّتُكَ، وَهُمْ غَدًا خُصَمَاؤُكَ فَبَكَى سُلَيْمَانَ بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: بِاللَّهِ أَسْتَعِينُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَخْطُبُنَا كُلَّ جُمُعَةٍ، لا يَدَعُ أَنْ يَقُولَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلُ الدُّنْيَا عَلَى رَحِيلٍ لَمْ تَمْضِ بِهِمْ نِيَّةٌ وَلَمْ تَطْمَئِنَّ لَهُمْ دَارٌ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ. لا يَدُومُ نَعِيمُهَا وَلا تُؤْمَنُ فجائعها، وَلا يُتَّقَى مِنْ شَرِّ أَهْلِهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: 205-207] . وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، افْتَتَحَ خِلَافَتَهُ بِإِحْيَائِهِ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، وَاخْتَتَمَهَا بِاسْتِخْلافِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَكَانَ سُلَيْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْغِنَاءِ، وَقِيلَ: كَانَ مِنَ الأَكَلَةِ الْمَذْكُورِينَ، فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغِلابِيُّ -وَلَيْسَ بِثِقَةٍ- ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَكَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْبَعِينَ دَجَاجَةً تُشْوَى لَهُ عَلَى النَّارِ عَلَى صِفَةِ الْكَبَابِ، وَأَكَلَ أَرْبَعًا وَثَمَانِينَ كُلْوَةً بِشُحُومِهَا وثمانين جردقة1.   1 أي الرغيف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 209 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ: أَنَّ سُلَيْمَانَ حَجَّ فَأَتَى الطَّائِفَ، فَأَكَلَ سَبْعِينَ رُمَّانَةً وَخَرُوفًا وَسِتَّ دَجَاجَاتٍ، وَأُتِيَ بِمَكُّوكِ1 زَبِيبٍ طَائِفِيٍّ، فَأَكَلَهُ أَجْمَعَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَكُولا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي بَيْتٍ أَخْضَرَ عَلَى وِطَاءٍ أَخْضَرَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ فَأَعْجَبَهُ شَبَابُهُ وَجَمَالُهُ فَقَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبِيًّا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ صِدِّيقًا، وَكَانَ عُمَرُ فَارُوقًا، وَكَانَ عُثْمَانُ حَيِيًّا، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ حَلِيمًا، وَكَانَ يَزِيدُ صَبُورًا، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ سَائِسًا، وَكَانَ الْوَلِيدُ جَبَّارًا، وَأَنَا الْمَلِكُ الشَّابُّ. فَمَا دَارَ عَلَيْهِ الشَّهْرُ حَتَّى مَاتَ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ مِنْ فَرْقِهِ إِلَى قَدَمِهِ وَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ الشَّابُّ، فَلَمَّا نَزَلَ بِمَرْجِ دَابِقٍ حُمَّ وَفَشَتِ الْحُمَّى فِي عَسْكَرِهِ، فَنَادَى بعض خَدَمِهِ، فَجَاءَتْ بِطِسْتٍ، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: مَحْمُومَةٌ. قَالَ: فَأَيْنَ فُلانَةُ؟ قَالَتْ: مَحْمُومَةٌ، فَمَا ذَكَرَ أَحَدًا إِلا قَالَتْ: مَحْمُومَةٌ، فَالْتَفَتَ إِلَى خَالِهِ الْوَلِيدِ بْنِ الْقَعْقَاعِ الْعَبْسِيِّ وَقَالَ: قَرِّبْ وَضُوءَكَ يَا وَلِيدُ فَإِنَّمَا ... هَذِي الْحَيَاةُ تعلةٌ وَمَتَاعُ فَقَالَ الْوَلِيدُ: فَاعْمَلْ لِنَفْسِكِ فِي حَيَاتِكَ صَالِحًا ... فَالدَّهْرُ فِيهِ فُرْقَةٌ وَجَمَاعُ وَمَاتَ فِي مَرَضِهِ. وَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: عَرَضَتْ لِسُلَيْمَانَ سعلةٌ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَنَزَلَ وَهُوَ مَحْمُومٌ، فَمَا جَاءَتِ الْجُمُعَةُ الأُخْرَى حَتَّى دُفِنَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حسان الكناني قال: لما مرض سليمان بدابق قَالَ لِرَجَاءِ بْنِ حَيَوَةَ: مَنْ لِهَذَا الأَمْرِ بَعْدِي، أَسْتَخْلِفُ ابْنِي؟ قَالَ: ابْنُكَ غَائِبٌ، قَالَ: فَابْنِي الآخَرُ، قَالَ: صَغِيرٌ، قَالَ: فَمَنْ تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَسْتَخْلِفَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: أَتَخَوَّفُ إِخْوَتِي لا يَرْضَوْنَ، قَالَ: فول عمر، ومن بعده   1 مكيال يسع صاعًا ونصف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 210 يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَتَكْتُبُ كِتَابًا وَتَخْتِمُ عَلَيْهِ وَتَدْعُوهُمْ إِلَى بَيْعَتِهِ مَخْتُومًا، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَ؛ ائْتِنِي بقرطاس، فَدَعَا بِقِرْطَاسٍ، فَكَتَبَ فِيهِ الْعَهْدَ، وَدَفَعَهُ إِلَى رَجَاءٍ، وَقَالَ: اخْرُجْ إِلَى الناس فليبايعوا على ما فيه مختوما، فخرج، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا لِمَنْ فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالُوا: وَمَنْ فِيهِ؟ قَالَ: هُوَ مَخْتُومٌ لا تُخْبَرُونَ بِمَنْ فِيهِ حَتَّى يَمُوتَ. قَالُوا: لا نُبَايِعُ. فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ وَالْحَرَسِ، فاجمع الناس ومرهم بالبيعة، فمن أبى فاضرب عُنُقَهُ، قَالَ: فَبَايَعُوهُ عَلَى مَا فِيهِ. قَالَ رَجَاءُ بْنُ حَيَوَةَ: فَبَيْنَا أَنَا رَاجِعٌ إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةَ مَوْكِبٍ، فَإِذَا هِشَامٌ، فَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ قَدْ عَلِمْتُ مَوْقِعَكَ مِنَّا، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَنَعَ شَيْئًا مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَزَالَهَا عَنِّي، فَإِنْ يَكُنْ قَدْ عَدَلَهَا عَنِّي فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نَفْسٌ حَتَّى يَنْظُرَ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أطلعك عليه، لا يكون ذا أبدا، قال: فَأَدَارَنِي وَلاحَانِي، فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، فَانْصَرَفَ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةً خَلْفِي، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَمْرٌ كَبِيرٌ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جعلها إلي ولست أقوم بهذا الشأن، فأعلمني ما دام في الأمر نفس لعلي أتخلص مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أُطْلِعَكَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَثَقُلَ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا مَاتَ أَجْلَسْتُهُ مَجْلِسَهُ وَأَسْنَدْتُهُ وَهَيَّأْتُهُ وَخَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: كَيْفَ أَصْبَحَ أمير المؤمنين؟ قلت: أصبح ساكنا، وقد أحب أَنْ تُسَلِّمُوا عَلَيْهِ وَتُبَايِعُوا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، فَدَخَلُوا وَأَنَا قَائِمٌ عِنْدَهُ، فَلَمَّا دَنَوْا قُلْتُ: إِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِالْوُقُوفِ، ثُمَّ أخذت الكتاب من عنده وتقدمت إليهم وَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَبَايَعُوا وَبَسَطُوا أيديهم. فلما بَايَعْتُهُمْ وَفَرَغْتُ قُلْتُ: آجَرَكُمُ اللَّهُ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالُوا: فَمَنْ؟ فَفَتَحْتُ الْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ الْعَهْدُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا سَمِعُوا: "وَبَعْدَهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ" كَأَنَّهُمْ تَرَاجَعُوا فَقَالُوا: أَيْنَ عُمَرُ، فَطَلَبُوهُ فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَوْهُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، فَعُقِرَ بِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعِ النُّهُوضَ حَتَّى أَخَذُوا بِضَبْعَيْهِ، فَدَنَوْا بِهِ إِلَى الْمِنْبَرِ وَأَصْعَدُوهُ، فَجَلَسَ طَوِيلا لا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَجَاءٌ: أَلا تَقُومُونَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَتُبَايِعُونَهُ، فنهض القوم إليه فبايعوه رجلٌ رجلٌ وَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِمْ، قَالَ فَصَعَدَ إِلَيْهِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ قَالَ: يَقُولُ هِشَامٌ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَال عُمَرُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، حِينَ صَارَ يَلِي هَذَا الأَمْرَ أَنَا وَأَنْتَ. ثُمَّ قَالَ: فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 211 ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَسْتُ بِفَارِضٍ وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ، وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ وَلَكِنِّي مُتَّبِعٌ، وَإِنَّ مَنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَمْصَارِ وَالْمُدُنِ إِنْ هُمْ أَطَاعُوا كَمَا أَطَعْتُمْ فَأَنَا وَالِيكُمْ، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَلَسْتُ لَكُمْ بوالٍ. ثُمَّ نَزَلَ فَأَتَاهُ صَاحِبُ الْمَرَاكِبِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: مَرْكَبُ الْخَلِيفَةِ. قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ، ائْتُونِي بِدَابَّتِي، فَأَتَوْهُ بِدَابَّتِهِ فَانْطَلَقَ إِلَى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ دَعَا بِدَوَاةٍ فَكَتَبَ بِيَدِهِ إِلَى عُمَّالِ الأَمْصَارِ. قَالَ رَجَاءٌ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ سَيَضْعُفُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ صُنْعَهُ فِي الْكِتَابِ عَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَقْوَى. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ: صَلَّى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ سَنَةَ تسعٍ وَتِسْعِينَ. قَالَ الْهَيْثَمُ وَجَمَاعَةٌ: عَاشَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ آخَرُونَ عَاشَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: تِسْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَخِلافَتُهُ سَنَتَانِ وَتِسْعَةُ أشهر وعشرون يومًا. 284- سميط بن عمير -ن م ق- أَوِ ابْنُ عَمْرٍو أَوِ ابْنِ سُمَيْرٍ أَبُو عبد الله السدوسي البصري1. يُقَالُ إِنَّهُ سَارَ إِلَى عُمَرَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُوسَى، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَنَسٍ؛ وَقِيلَ الَّذِي روى عَنْ أَنَسٍ آخَرُ. وَعَنْهُ: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَبُو حَاتِمٍ، وَخَالَفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2. 285- سَهْلُ بْنُ سعد -ع- ابن مالك أبو العباس الساعدي الأنصاري صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَبِيهِ أَيْضًا صُحْبة. رَوَى عَن: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَغَيْرِهِ.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 317" وتاريخ ابن معين "2/ 240" وتاريخ البخاري "4/ 203-204" وتهذيب التهذيب "4/ 240". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 50-51" والتاريخ للبخاري "4/ 97-98" وسير أعلام النبلاء "3/ 422-424". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 212 رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ. وَهُوَ: آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ قَارَبَ الْمِائَةَ سَنَةٍ. وَقَالَ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ اسْمُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ حَزَنًا فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَهْلا1. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: تَزَوَّجَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً. وَرُوِيَ أَنَّهُ حَضَرَ وَلِيمَةً فِيهَا تِسْعَةٌ مِنْ مُطَلَّقَاتِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ وَقَفْنَ لَهُ وَقُلْنَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ؟ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بِمِصْرَ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ الْخِلَعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّازُ، أَنْبَأَ أَبُو الطاهر أحمد بن محمد الميني، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدٍ الأَعْلَى، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، سَمِعَهُ يقول: اطلع رجل من حجر فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِدْرًى2 يَحُكُّ بِهِ رَأْسِهِ، فَقَالَ: $"لَوْ أَعْلَمُ أنَّكَ تَنْظُرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ"3. اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، إِلا مَا ذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَالْبُخَارِيُّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ. 286- سَوَاءٌ الْخُزَاعِيُّ4 -د ن- عَنْ: حَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ. "حرف الشين": 287- شبيل بن عوف -ع- أبو الطفيل5 الأحمسي البجلي الكوفي.   1 خبر ضعيف: أخرجه الطبراني "6/ 149" بإسناد ضعيف فيه عبد المهيمن وهو ضعيف. 2 أي مشط. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 309-310". 4 انظر التاريخ الكبير للبخاري "4/ 202" وتهذيب التهذيب "4/ 265". 5 انظر الجرح والتعديل "4/ 381" والتاريخ الكبير "4/ 258" للبخاري والتاريخ لابن معين "2/ 248". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 213 مُخَضْرَمٌ سَمِعَ عُمَرَ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. وَهُوَ وَالِدُ الْحَارِثِ، وَمُغِيرَةَ. 288- شَهْرُ بْنُ حوشب1 -م- مقرون الأشعري الشامي، مولى أسماء بنت يزيد -رضي الله عنهما. رَوَى عَنْ: مَوْلاتِهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عمرو، وخلق. وقرأ القرآن على ابن عباس، وأرسل عَنْ سَلْمَانَ، وَبِلالٍ، وَأَبِي ذَرٍّ. رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالْحَكَمُ بن عيينة، وَأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحُدَّانِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زياد الْمَكِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، وَطَائِفَةٌ آخِرُهُمْ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ. قَالَ أَبَانُ بْنُ سَمْعَةَ: قُلْتُ لِشَهْرٍ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، وَبِهَا كَنَّاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ شَهْرٍ قَالَ: عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ. وَعَنْ أَبِي نَهِيكٍ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَمَاعَةٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَقْرَأَ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَةِ شَهْرٍ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وقال علي بن عباس: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ قَالَ: أَتَى عَلَى شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَرَأَيْتُهُ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، طَرَفُهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَعِمَامَةٍ أُخْرَى، قَدْ أَوْثَقَ بِهَا وَسَطَهُ سَوْدَاءَ، وَرَأَيْتُهُ مَخْضُوبًا خِضَابَةً سَوْدَاءَ فِي حُمْرَةٍ، وَوَفَدَ عَلَى بِلالِ بْنِ مِرْدَاسَ الْفَزَارِيِّ بِحَوْلايَا، فَأَجَازَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهَا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ نُوَيْرَةَ قَالَ: دُعِيَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ إِلَى وَلِيمَةٍ وَأَنَا معه، فأصبنا من طعامهم، فلما سمع شهر المزمار وضع إصبعه في أذنيه وخرج.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 449" والجرح والتعديل "4/ 382-383" وميزان الاعتدال "2/ 283-285". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 214 قَالَ حَرْبٌ الْكِرْمَانِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، فَوَثَّقَهُ وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ حَدِيثَهُ. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: شَهْرٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قَالَ التِّرْمِذِيّ: قَالَ مُحَمَّدٌ -يَعْنِي الْبُخَارِيَّ: شَهْرٌ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَقَوَّى أَمْرَهُ وَقَالَ: إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ عَوْنٍ، ثُمَّ رَوَى عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: شَهْرٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: شَهْرٌ مِمَّنْ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَلا يُتَدَيَّنُ بِهِ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثنا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا أَعْيَنُ الإِسْكَافُ قَالَ: آجَرْتُ نَفْسِي مِنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَ لَهُ غُلامٌ دَيْلَمِيٌّ مغنٍ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلا قَالَ لَهُ: تَنَحَّ فَاخْلِ، فَاسْتَذْكِرْ غِنَاءَكَ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَيْنَا فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا يَنْفُقُ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ: عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَأَخَذَ خَرِيطَةً فِيهَا دَرَاهِمُ، فَقِيلَ فِيهِ: لَقَدْ بَاعَ شهرٌ دِينَهُ بخريطةٍ ... فَمَنْ يَأْمَنُ الْقُرَّاءَ بَعْدَكَ يَا شَهْرُ أَخَذْتَ بِهَا شَيْئًا طَفِيفًا وَبِعْتَهُ ... مِنَ ابْنِ جريرٍ إِنَّ هَذَا هُوَ الْغَدْرُ وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ فَسَرَقَ عَيْبَتِي. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: إِنَّ شَهْرًا تَرَكُوهُ، قَالَ النَّضْرُ: يَعْنِي طعنوا به. وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: مَنْ رَكِبَ مَشْهُورًا مِنَ الدَّوَابِّ أَوْ لَبِسَ مَشْهُورًا مِنَ الثِّيَابِ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى اللَّهِ كَرِيمًا. قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ، تَابَعَهُ الْمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيفَةُ، وَالْهَيْثَمُ، وَآخَرُونَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 وَيُرْوَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ، وَلا يَصِحُّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ومائة. 289- شويس بن جياش1 -بالجيم أبو بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ- عَنْ: عُمَرَ، وَعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ. وَعَنْهُ: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَأَبُو نَعَامَةَ عَمْرُو بْنُ عِيسَى الْعَدَوِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ كَيْسَانَ الْعَدَوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. لَهُ حَدِيثٌ فِي الشَّمَائِلِ. "حرف الصَّادِ": 290- صَالِحُ بن أبي مريم أبو الخليل -ع- الضبعي2، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: سَفينَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَأَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ -وَهُمَا أَسَنُّ مِنْهُ- وَقَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَمَنْصُورٌ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَقَدْ أرسل عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. 291- صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيُّ البصري3، أحد الأئمة العابدين. روى عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عمر، وعمران بن حصين، وحكيم بن حزام.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 389" وتهذيب التهذيب "4/ 372". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 415" والتاريخ الكبير "4/ 289" وتهذيب التهذيب "4/ 402-403" والكاشف "2/ 22". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 147" والجرح والتعديل "4/ 423" والتاريخ الكبير "4/ 305-306". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 216 رَوَى عَنْهُ: جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَقَتَادَةُ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَآخَرُونَ. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ لَهُ فَضْلٌ وَوَرَعٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ قَدِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ سَرَبًا يَبْكِي فِيهِ، وَكَانَ وَاعِظًا عَابِدًا. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَقِيتُ أَقْوَامًا كَانُوا فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ أَزْهَدُ مِنْكُمْ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَصَحِبْتُ أَقْوَامًا كَانَ أَحَدُهُمْ يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ وَيَنَامُ عَلَى الأَرْضِ، مِنْهُمْ صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ كَانَ يَقُولُ: إِذَا أَوَيْتُ إِلَى أَهْلِي وَأَصَبْتُ رَغِيفًا فَجَزَى اللَّهُ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا شَرًّا، وَاللَّهِ مَا زَادَ عَلَى رَغِيفٍ حَتَّى مَاتَ، كَانَ يَظَلُّ صَائِمًا، وَيُفْطِرُ عَلَى رَغِيفٍ، وَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُصْحَفَ فَيَتْلُو حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ، ثُمَّ يُصَلِّي، ثُمَّ يَنَامُ إِلَى الظُّهْرِ، فَكَانَتْ تِلْكَ نَوْمَتُهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، وَيُصَلِّي مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ، وَيَتْلُو فِي الْمُصْحَفِ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشمس. 292- صفوان بن أبي زيد1 -بخ ن- وقيل ابن يزيد المدني. عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ اللَّجْلاجِ -وَاسْمُهُ حُصَيْنُ بْنُ اللَّجْلاجِ، وَقِيلَ خَالِدٌ، وَقِيلَ الْقَعْقَاعُ، وَقِيلَ أَبُو الْعَلاءِ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: سهيل بن أبي صالح، وعبيد الله بن أبي جعفر المصري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وصفوان بن سليم. له أحاديث يسيرة، وثقه ابن حبان. 293- صفوان بن يعلى2 -سوى ق- بن أمية التميمي حَلِيفُ قُرَيْشٍ. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ أبي رباح، وعمرو بن الحسن، والزهري.   1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "4/ 307" وتهذيب التهذيب "4/ 431-432". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 423" والبخاري في التاريخ الكبير "4/ 308" وتهذيب التهذيب "4/ 32". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 217 "حرف الضاد": 294- الضحاك بن فيروز -د ت ق- الديلمي1 الأنباري اليماني، نَزِيلُ الشَّامِ. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: أَبُو وَهْبٍ الْجَيْشَانِيُّ، وَكَثِيرٌ الصَّنْعَانِيُّ. لَهُ عَنْ أَبِيهِ: أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. "حرف الطَّاءِ": 295- طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ الْمَغْرِبِيُّ الْبَرْبَرِيُّ2 مَوْلَى مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ الأَمِيرِ. وَيُقَالُ هُوَ مَوْلَى الصَّدِفِ. عَدَّى الْبَحْرَ مِنَ الزُّقَاقِ السَّبْتِيِّ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَنَزَلَ بِالْجَبَلِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا إِلا اثْنَيْ عَشَرَ نَفْسًا، سَائِرُهُمْ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَفِيهِمْ قَلِيلٌ مِنَ الْعَرَبِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ أَنَّ طَارِقًا لَمَّا رَكِبَ الْبَحْرَ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَرَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَوْلَهُ الصَّحَابَةُ وَقَدْ تقلَّدُوا السُّيُوفَ وَتَنَكَّبُوا الْقِسِيَّ فَدَخَلُوا قُدَّامَهُ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَقَدَّمْ يَا طَارِقُ لِشَأْنِكَ، فَانْتَبَهَ مُسْتَبْشِرًا وَبَشَّرَ أَصْحَابَهُ وَلَمْ يَشُكَّ فِي الظَّفْرِ، قَالَ: فَشَنَّ الْغَارَةَ وَافْتَتَحَ سَائِرَ الْمَدَائِنِ، وَوُلِّيَ سَنَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ دَخَلَ مَوْلاهُ مُوسَى، فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنَ الْفَتْحِ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ. 296- طَرِيفُ بن مجالد3 -خ4- أبو تميمة الهجيمي البصري، وَهُوَ بِكُنْيَتِهِ أَشْهَرُ. عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، وَأَبِي جَرِيرٍ الْهُجَيْمِيِّ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَحَكِيمٌ الأَثْرَمُ، وَالْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وسليمان التيمي، وآخرون.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 461" والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 333" وتهذيب التهذيب "4/ 448". 2 انظر تاريخ الرسل والملوك "4/ 468" والكامل في التاريخ "4/ 556". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 492" والتاريخ لابن معين "2/ 277" والاستيعاب لابن عبد البر "1616". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 218 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، قَالَهُ الْفَلاسُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَنَةَ سَبْعٍ. 297- طلحة بن عبد الله بن عوف1 -خ4- القرشي الزهري، قَاضِي الْمَدِينَةِ فِي أَيَّامِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. يَرْوِي عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. وَكَانَ فَقِيهًا نَبِيلًا عَالِمًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا، وَهُوَ طَلْحَةُ النَّدَى أَحَدُ الطَّلَحَاتِ الْمَوْصُوفِينَ بِالْكَرَمِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. 298- طُوَيْسٌ صَاحِبُ2 الْغِنَاءِ اسْمُهُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْمَدَنِيُّ الْمُغَنِّي كَانَ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْحِذْقِ بِالْغِنَاءِ وَقَالَ الشَّاعِرُ: تَغَنَّى طُوَيْسٌ وَالسُّرَيْجيُّ بَعْدَهُ ... وَمَا قَصَبَاتُ السَّبْقِ إِلا لِمَعْبَدِ وَكَانَ أَحْوَلَ، مُفْرِطًا فِي الطُّولِ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: "أَشْأَمَ مِنْ طُوَيْسٍ " لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا قِيلَ، وَفُطِمَ فِي يَوْمِ وَفَاةِ الصِّدِّيقِ، وَبَلَغَ يَوْمَ مَقْتَلِ عُمَرَ، وَتَزَوَّجَ يَوْمَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، وَوُلِدَ لَهُ يَوْمَ مَقْتَلِ علي.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 160" والجرح والتعديل "4/ 472" وسير أعلام النبلاء "4/ 174-175". 2 انظر الأغاني "3/ 27-44" وسير أعلام النبلاء "4/ 364" والبداية والنهاية "9/ 84". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 219 تُوُفِّيَ بِالسُّوَيْدَاءِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فِي دَرْبِ الشَّامِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَأَصْلُ اسْمُهُ طَاوُسٌ. "حرف الْعَيْنِ": 299- عَامِرُ بْنُ لُدَيْنٍ أَبُو سَهْلٍ1 الأَشْعَرِيُّ وَقِيلَ أَبُو عَمْرٍو، وَقِيلَ أَبُو بِشْرٍ، شَامِيٌّ مِنْ أَهْلِ الأُرْدُنِّ. وُلِّيَ الْقَضَاءُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَحَدَّثَ عَنْ: بِلالٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي لَيْلَى الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ لَمْ يُخَرِّجُوا له شيئًا. 300- عباد بن تميم -ع- المازني الأنصاري المدني2. عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي بَشِيرٍ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَوُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ ابْنَا أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بن حبان. 301- عباد بن حمزة بن -م ن- عبد الله بن الزبير3. عَنْ: جِدَّةِ أَبِيهِ أَسْمَاءَ، وَعَائِشَةَ ابْنَتَيِ الصِّدِّيقِ، وَجَابِرٍ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَالسَّرِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيُّ. قَالَ الزُّبَيْرُ فِي النَّسَبِ: كَانَ سَرِيًّا سَخِيًّا حُلْوًا، يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِحُسْنِهِ. قَالَ الأَحْوَصُ يَصِفُ امْرَأَةً: لَهَا حُسْنُ عبادٍ وَجِسّمُ ابْنِ واقدٍ ... وَرِيحُ أَبِي حفصٍ وَدِينُ ابن نوفل   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 327" والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 453-454" وأسد الغابة "3/ 93". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 77" والتاريخ الكبير "6/ 35" وتهذيب التهذيب "5/ 90-91". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 87" وتهذيب التهذيب "5/ 91-92". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 220 ابْنُ وَاقِدٍ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبُو حَفْصٍ هُوَ عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ نَوْفَلٍ إِنْسَانٌ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَهُ حَدِيثٌ فِي الثَّانِي مِنْ حَدِيثِ زُغْبَةَ، أَخْرَجَهُ خ فِي كِتَابِ الأَدَبِ، وَآخَرُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. 302- عَبَّادُ بْنُ زِيَادِ1 ابْنِ أَبِيهِ -م د ن- أَخُو عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. عَنْ: حَمْزَةَ، وَعُرْوَةَ ابْنَيِ الْمُغِيرَةِ فِي الْوُضُوءِ. وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أَخْطَأَ فِيهِ مَالِكٌ خَطَأً قَبِيحًا حَيْثُ يَقُولُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ: مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ، وَالصَّوَابُ: عَنْ عَبَّادٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: عَزَلَ مُعَاوِيَةُ عبيد اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ سِجِسْتَانَ، وَوَلاهَا عَبَّادَ بْنَ زِيَادٍ، فَغَزَا حَتَّى بَلَغَ بَيْتِ الذَّهَبِ2، وَجَمَعَ لَهُ الْهِنْدَ فَهَزَمَ اللَّهُ الْهِنْدَ، وَبَقِيَ عَبَّادٌ عَلَى سِجِسْتَانَ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ. قَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ بِجَيْرُودَ مِنْ عَمَلِ دِمَشْقَ. 303- عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ السَّاعِدِيُّ3 قِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقِيلَ قَبْلَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، كَمَا يَأْتِي. 304- عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ -ع- الأنصاري الزرقي المدني4. عَنْ: جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَأَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو حَيَّانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وثقه ابن معين.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 10" والتاريخ الكبير "6/ 32" وميزان الاعتدال "2/ 366" وتهذيب التهذيب "5/ 93-94". 2 مدينة من بلاد السند أو الهند. 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 271" والجرح والتعديل "6/ 210" وسير أعلام النبلاء "5/ 261" وتهذيب التهذيب "5/ 118-119". 4 تاريخ ابن معين "2/ 295" والتاريخ للبخاري "7/ 37" وتهذيب التهذيب "5/ 136". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 221 305- عبد الله بن بسر المازني الصحابي1 -ع- قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَاتَ قَبْلَ سَنَةِ مِائَةٍ قَدْ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجُسِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 306- عَبْدُ اللَّهِ بن الحارث -ع- أبو الوليد2، البصري، زَوْجُ أُخْتِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وعنه: أيوب، وخالد الحذاء، وعاصم الأحول، وابنه يوسف بن عبد الله، وجماعة. وثقه أبو زرعة، وليس هو بالمشهور. 307- عبد الله بن رباح3 أَبُو خالد -م4- الأنصاري المدني، نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ: أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ. روى عنه: ثابت البناني، وأبو عمران الجوني، وقتادة، وخالد الحذاء. وهو ثقة. جليل القدر. قال شعبة: عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَقَفْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ وَنَحْنُ نُقَاتِلُ الأَزَارِقَةَ مَعَ الْمُهَلَّبِ، فَبَكَى، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: قَدْ كَانَ فِي قِتَالِ أَهْلِ الشرك غنى عن قتال أهل القبلة.   1 انظر الطبقات لابن سعد "7/ 413" والجرح والتعديل "5/ 11" والتاريخ الكبير "5/ 14" وسير أعلام النبلاء "3/ 430-433". 2 انظر تاريخ ابن معين "2/ 301" والتاريخ الكبير "5/ 64" وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 405". 3 انظر التاريخ لابن معين "2/ 306" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 84" وتهذيب التهذيب "5/ 206-207". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 222 308- عبد الله بن زياد -خ ت- أبو مريم الأسدي الكوفي1. عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ. وَعَنْهُ: شَمِرُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَأَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو حصين عثمان ابن عَاصِمٍ، وَغَيْرُهُمْ. 309- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَاعِدَةَ2 أَبُو مُحَمَّدٍ الْهُذَلِيُّ الْمَدَنِيُّ يَرْوِي عَنْ عُمَرَ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. 310- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ3 -م4- ابن أَخِي أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ. عَنْ: عَمِّهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَحُذَيْفَةَ، وَالْحَكَمِ، وَرَافِعٍ ابْنَيْ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ الْبَرَاءُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. 311- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارث -خ م د ن- بْن نوفل بْن الحارث بْن عَبْد المطَّلب4 أبو يحيى الهاشمي المدني أَخُو إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ عَوْنٌ الزُّهْرِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. وَكَانَ مِنْ صَحَابَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الملك.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 60" والتاريخ لابن معين "2/ 308" وتهذيب التهذيب "5/ 221". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 60". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 84" والتاريخ لابن معين "2/ 313" وميزان الاعتدال "2/ 447" وتهذيب التهذيب "5/ 264". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 317". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 223 قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ، قَتَلَتْهُ السَّمُومُ بِالأَبْوَاءِ سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ وَهُوَ مَعَ سُلَيْمَانَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. 312- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عبد الرحمن -د ن- بن أبزى الخزاعي1 مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: أَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ، وَأَسْلَمُ الْمِنْقَرِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَجَمَاعَةٌ. 313- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ2 بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ. وَلِيَ الْغَزْوَ فِي أَيَّامِ أَبِيهِ، وَبَنَى الْمِصِّيصَةَ، وَكَانَتْ دَارُهُ بِمَحَلَّةِ الْقِبَابِ عِنْدَ بَابِ الْجَامِعِ. وَوَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ بَعْدَ عَمِّهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَنْ عُزِلَ سَنَةَ تِسْعِينَ بُقُرَّةَ بْنِ شَرِيكٍ. وَعَنْ مَعْنٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: مَاتَ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ وَلَمْ يَدَعْ كَفَنًا، وَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَتَرَكَ ثَمَانِينَ مُدًى ذَهَبٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. 314- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ3 الأَنْصَارِيُّ -خ م ق- مَوْلَى أَنَسِ بْنُ مَالِكٍ. عَنْ: مَوْلاهُ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ -وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ- وَجَابِرٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 315- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عفان -م د ت ن- أبو محمد الأموي4، سبط ابن عمر.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 94" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 132" وتهذيب التهذيب "5/ 290". 2 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 419-420" والوافي بالوفيات "17/ 310". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 124" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 158" وتهذيب التهذيب "5/ 312". 4 انظر الجرح والتعديل "5/ 117-118" والتاريخ الكبير "5/ 153-154" وتهذيب التهذيب "5/ 338-339". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 224 مَدَنِيٌّ، كَانَ يُقَالُ لَهُ الْمِطْرَفُ مِنْ حُسْنِهِ وَمَلاحَتِهِ، وَهُوَ وَالِدُ مُحَمَّدٍ الدِّيبَاجُ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ الدِّيبَاجُ. وَكَانَ شَرِيفًا كَبِيرَ الْقَدْرِ جَوَّادًا، مَدَحَهُ الْفَرَزْدَقُ، وَمُوسَى شَهَوَاتٌ. تُوُفِّيَ بِمِصْرَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ. وَعَنْ جَمِيلٍ أَنَّهُ قَالَ لِبُثَيْنَةَ: مَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ يَخْطُرُ عَلَى الْبَلاطِ إِلا أَخَذَتْنِي الْغِيرَةُ عَلَيْكِ وَأَنْتِ بِخِبَائِكِ. 316- عَبْدُ الله بن أبي قتادة -ع- الحارث بن ربعي الأنصاري1. رَوَى عَنْ أَبِيهِ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. مَاتَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَثِقَاتِهِمْ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. 317- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ2 -م4- وَيُقَالُ ابْنُ قَيْسٍ، أَبُو الأَسْوَدِ، وَيُقَالُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُوسَى مَوْلَى عَطِيَّةَ، شَامِيٌّ حِمْصِيٌّ. رَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي ذَرٍّ وَعَائِشَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ. روى عَنْهُ: عِيسَى بْنُ رَاشِدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. عبيد اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو بَحَرِيَّةَ. فِي الْكُنَى.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 247" والتاريخ الكبير "5/ 175-176" وتهذيب التهذيب "5/ 360". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 140" والتاريخ الكبير "5/ 172-173" وتهذيب التهذيب "5/ 365، 366". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 225 318- عبد الله بن قيس الرقيات1 المدني المشهور الذي يَقُولُ فِي كَثِيرَةَ زَوْجَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: عَادَ لَهُ مِنْ كَثِيرَةَ الطَّرَبُ ... فَعَيْنُهُ بِالدُّمُوعِ تَنْسَكِبُ كُوفِيَّةٌ نازحٌ مَحَلَّتُهَا ... لا أممٌ دَارُهَا وَلا صَقَبُ وَاللَّهِ مَا إِنْ صَبَتْ إِلَيَّ وَلا ... يُعْرَفُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا نسب إلا الذي أورثت كثيرة في ال ... قلب وَلِلْحُبِّ سورةٌ عَجَبُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ2 -خ م ن ق- تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ أَوْ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ فَيُحَوَّلُ. 320- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كعب الحميري3 مولى عثمان -رضي الله عنهم. عن: عمر ابن أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمَا. يُؤَخَّرُ. 321- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ -ع- بْنِ الْحَنَفيَّةِ أَبُو هَاشِمٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ الْمَدَنِيُّ4. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ صِهْرٍ لَهُ صَحَابِيٍّ مِنَ الأَنْصَارِ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَابْنُهُ عِيسَى أبو محمد. وهو نزر الحديث.   1 انظر الأغاني "5/ 73-100" ووفيات الأعيان "3/ 88، 196". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 272" والجرح والتعديل "5/ 142" والثقات لابن حبان "126" وتهذيب التهذيب "5/ 369". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 142" والتاريخ الكبير "5/ 180" وتهذيب التهذيب "5/ 369". 4 انظر الطبقات الكبرى "5/ 327-328" والجرح والتعديل "5/ 155" والتاريخ الكبير "5/ 187" وتهذيب التهذيب "5/ 166". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 226 وَفَدَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِالْبَلْقَاءِ فِي رُجُوعِهِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كان أبو هاشم صَاحِبَ الشِّيعَةِ، فَأَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَالِدِ السَّفَّاحِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ وَصَرَفَ الشِّيعَةَ إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ وَكَانَ الشِّيعَةُ يُلْقُونَهُ وَيَنْتَحِلُونَهُ، فَلَمَّا احْتَضَرَ أَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَقَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمر، وهو في والدك، وَصَرَفَ الشِّيعَةَ إِلَيْهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ مَرَّةً أُخْرَى: ثنا الْحَسَنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابنا محمد بن علي. وكان عبد الله يجمع أحاديث السبائية1. وقال أبو أسامة: أحدهما مرجئ -يعني الحسن- والآخر شيعي. قال يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا حُجْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ وَذَكَرَ أَبَا هَاشِمٍ فَقَالَ: كَانَ قَبِيحَ الْخُلُقِ، قَبِيحَ الْهَيْئَةِ، قَبِيحَ الدَّابَّةِ، فَمَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الْقُبْحِ إِلا نَسَبَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: وَكَانَ لا يُذْكَرُ أَبِي عِنْدَهُ -أَبُوهُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ- إِلا عَابَهُ، فَبَعَثَ إِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى بَابِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَتَى أَبَا هَاشِمٍ، فَكَتَبَ عَنْهُ الْعِلْمَ، وَكَانَ يَأْخُذُ بِرِكَابِهِ، فَكَفَّهُ ذَلِكَ عَنْ أَبِينَا، وَكَانَ أَبِي يُلَطِّفُ مُحَمَّدًا بِالشَّيْءِ يَبْعَثُ بِهِ إِلَيْهِ مِنْ دِمَشْقَ، فَيَبْعَثُ بِهِ مُحَمَّدُ إِلَى أَبِي هَاشِمٍ. وَأَعْطَاهُ مَرَّةً بَغْلَةً فكَبُرَتْ عِنْدَهُ، قَالَ: وَكَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يَخْتَلِفُونَ إِلَى أَبِي هَاشِمٍ، فَمَرِضَ وَاحْتَضَرَ، فَقَالَ لَهُ الْخُرَاسَانِيَّةُ: مَنْ تَأْمُرُنَا نَأْتِي بَعْدَكَ؟ قَالَ: هَذَا، قَالُوا: وَمَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالُوا: وَمَا لَنَا وَلِهَذَا؟ قَالَ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْهُ وَلا خَيْرًا مِنْهُ، فاختلفوا إِلَيْهِ. قَالَ عِيسَى: فَذَاكَ سَبَبُنَا بِخُرَاسَانَ. وَرُوِيَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، وَعَنْ غَيْرِهِ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ دَسَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ مَنْ سَمَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ، فَهَيَّأَ أُنَاسًا، وَجَعَلَ عِنْدَهُمْ لَبَنًا مَسْمُومًا، فَتَعَرَّضُوا لَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَاشْتَهَى اللَّبَنَ وَطَلَبَهُ مِنْهُمْ، فَشَرِبَهُ، فَهَلَكَ، وَذَلِكَ بِالْحُمَيْمَةِ2 فِي سنة ثمانٍ وتسعين، وقيل سنة تسع وتسعين.   1 طائفة اسمها السبئية وأسسها عبد الله بن سبأ ومن المعتقدات عندهم ألوهية علي ورجعته. 2 بلد من أعمال عمان طرف الشام. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 حَدِيثُهُ بعلوٍ فِي جزء البانياسي. 322- عَبْدُ اللَّهِ بن محيريز -ع- ابْنِ جُنَادَةَ بْنِ وَهْبٍ1 الْقُرَشِيُّ الْجُمَحِيُّ الْمَكِّيُّ أبو محيريز، نَزِيلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. لا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ أَبَاهُ فِي الصَّحَابَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مُسْلِمَةَ الْفَتْحِ. رَوَى عَنْ: عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي مَحْذُورَةَ الْمُؤَذِّنُ الْجُمَحِيُّ، وَكَانَ زَوْجَ أُمِّهِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَالصُّنَابِحِيُّ وَغَيْرِهِمْ. وَاسْمُ أَبِي مَحْذُورَةَ سَلَمَةُ بْنُ مِعْيَرٍ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَمَكْحُولٌ، وَحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى الشَّيْبَانِيُّ أَبُو زُرْعَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ عَالِمًا عَابِدًا قَانِتًا لِلَّهِ. قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا يَقْدَمُ فِلَسْطِينَ فَيَلْقَى ابْنَ مُحَيْرِيزٍ فَتَتَقَاصَرُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ. وَقَالَ عَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محيريز: كَانَ جدي يختم فِي كلّ جمعة، وربما فرشنا لَهُ فراشا، فيصبح عَلَى حاله لَمْ ينم عَلَيْهِ. وَقَالَ مروان الطاطري: ثنا رباح بْن الوليد؟ قلتُ: وقد وثقه أَبُو زُرْعة؟ النصري، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عبلة قَالَ: قَالَ رجاء بْن حيوة: إنَّ يفخر عَلَيْنَا أَهْل المَدِينَةِ بعابدهم عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فإنا نفخر عليهم بعبادنا عَبْد اللَّه بْن محيريز. وَقَالَ مُحَمَّد بْن حمير: عَنْ ابن أَبِي عبلة، عَنْ رجاء قَالَ: إنَّ كَانَ أَهْل المدينة يرون ابن عُمَر فيهم إماما فإنا نرى ابن محيريز فينا إماما، وكان صموتا معتزلا فِي بيته. روى رجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ خَالِد بْن دريك قَالَ: كَانَتْ فِي ابن محيريز خصلتان مَا كانتا فِي أحدٍ ممن أدركت، كَانَ أبعد النّاس أن يسكت عَنْ حقٍ فِي اللَّه من غضب ورضا، وكان من أحرص النّاس أن يكتم من نفسه أحسن مَا عِنْدَهُ. وَقَالَ ضَمْرَةُ: عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مقبل بْن عَبْد اللَّه الكناني قال: ما   1 انظر الطبقات الكبرى "7/ 447" والجرح والتعديل "5/ 168" والثقات لابن حبان "126". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 228 رَأَيْت أحدا أحرى أن يستر خيرا من نفسه، ولا أقول لحق إذا رآه من ابن محيريز. ولقد رَأَى عَلَى خَالِد بْن يزيد بْن معاوية جبة خزٍ، فَقَالَ: أتلبس الخز؟ فَقَالَ: إنّما ألبسها لهؤلاء -وأشار إلى عَبْد الملك- فغضب ابن محيريز وَقَالَ لَهُ: مَا ينبغي أن تعدل خوفك من اللَّه بأحد من النّاس. وعن الأوزاعي قَالَ: من كَانَ مقتديا فليقتد بمثل ابن محيريز، فإن اللَّه لَمْ يكن ليضل أمة فِيهَا ابن محيريز. وقال يحيى بن أبي عَمْرو السيباني: قَالَ لَنَا ابن محيريز إني أحدثكم فَلا تقولوا حَدَّثَنَا ابن محيريز، فإني أخشى أن يصرعني ذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَةِ مصرعا يسوءني. وَقَالَ عَبْد الواحد بْن مُوسَى: سَمِعتُ ابن محيريز يَقُولُ: اللَّهُمّ إني أسألك ذكرا خاملا. وقال رجاء بن أبي سلمة: كَانَ ابن محيريز يجيء إلى عَبْد الملك بالصحيفة فِيهَا النصيحة فيقرئه إياها، فإذا فرغ منها أخذ الصحيفة. وَعَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيَوَةَ قَالَ: بَقَاءُ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أمانٌ لِلنَّاسِ. وَقَالَ ضمرةٌ: مَاتَ فِي وِلايَةِ الْوَلِيدِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 323- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1. يَرْوِي عَنِ: الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَابْنِ عُمَرَ، ومسروق. روى عنه: منصور، والأعمش. وثقه ابن معين. توفي سنة مائة. 324- عبد الله بن مسافع2 -د ن- بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَكْبَرِ بْنِ شَيْبَةَ بْنِ عثمان بن أبي طلحة الحجبي المكي.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 290" والجرح والتعديل "5/ 165-166" وتهذيب التهذيب "6/ 24-25". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 176" وتاريخ أبي زرعة "1/ 515" وتهذيب التهذيب "6/ 26-27". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 229 سمع من: عمته صفية، وابن عَمَّتِهِ مُصْعَبِ بْنِ عُثْمَانَ. وَعَنْهُ: مَنْصُورُ بْنُ صَفِيَّةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَمَاتَ مُرَابِطًا مَعَ سُلَيْمَان بْن عَبْد الملك. لَهُ حديثٌ فِي سجود السَّهْوِ فِي السُّنَنِ. 325- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ1 بن زمعة -ت ق- بن الأسود الأسدي الزمعي المدني الأصغر، أن أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ الأَكْبَرَ قُتِلَ يَوْمَ الدَّارِ. عَنْ: أُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ: هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَحَفِيدُهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 326- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْحُبُلِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. يُذْكَرُ فِي الْكُنَى. 327- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ2. أَبُو بَحْرٍ، وَيُقَالُ أَبُو حَاتِمٍ. سَمِع: أَبَاهُ، وَعَلِيًّا. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أبي وحشية، وخالد بن الحذاء، وآخرون. وهو أول مولود بِالْبَصْرَةِ، وَكَانَ ثِقَةً جَلِيلَ الْقَدْرِ، قَدْ وَفَدَ مَعَ أَبِيهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَقْرَأُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قَالَ هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ يَقُولُ: أَنَا أَنْعَمُ النَّاسِ، أَنَا أَبُو أَرْبَعِينَ، وَعَمُّ أَرْبَعِينَ، وَخَالُ أَرْبَعِينَ، وَأَبِي أَبُو بَكْرَةَ وَعَمِّي زِيَادٌ، وَأَنَا أَوَّلُ مولود ولد بالبصرة، فنحرت علي جزور.   1 انظر الطبقات الكبرى "189" والجرح والتعديل "5/ 188-189" والتاريخ الكبير "5/ 218" وأسد الغابة "3/ 273". 2 انظر التاريخ لابن معين "2/ 345" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 260" وتهذيب التهذيب "6/ 148-149". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 230 وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: اشْتَكَى رَجُلٌ فَوُصِفَ لَهُ لَبَنُ الْجَوَامِيسِ، فَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ: ابْعَثْ إِلَيْنَا بِجَامُوسَةٍ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى قَيِّمِهِ: كَمْ حَلُوبٌ لَنَا؟ قَالَ: تِسْعُمِائَةٍ. قَالَ: ابْعَثْ بِهَا إِلَيْهِ. وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَهِيَ بِهِ أَشْبَهُ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَابْنُ مَعِينٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 328- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذَيْنَةَ1 الْعَبْدِيُّ -ق- قَاضِي الْبَصْرَةِ. يَرْوِي عَنْ: أَبِيهِ أُذَيْنَةَ بْنِ سَلَمَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَوَلاهُ الْحَجَّاجُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ، وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ سَنَةِ خمسٍ وَتِسْعِينَ وَمَاتَ. 329- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأسود -ع- ابْنِ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ أَبُو حَفْصٍ2 النَّخَعِيُّ الكوفي. يَرْوِي عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عَلْقَمَةَ بن قيس، وعائشة، وابن الزبير. وأدرك عمر. روى عنه: الأعمش، وإسماعيل بن خالد، ومحمد بن إسحاق، وحجاج بن أرطأة، ومالك بن مغول، وزبيد اليامي، وأبو إسرائيل الملائي، وعبد الرحمن المسعودي، وأبو بكر النهشلي، وآخرون. وكان فقيها عابدا ثقة فاضلا. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثنا الصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ: كَانَ أَبِي يَبْعَثُنِي إِلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنهما- فَلَمَّا احْتَلَمْتُ أَتَيْتُهَا، فَنَادَيْتُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: يا أم   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 210" والتاريخ الكبير "5/ 255" وتهذيب التهذيب "6/ 134-135". 2 انظر الطبقات الكبرى "6/ 289" والجرح والتعديل "5/ 209" والمراسيل لابن أبي حاتم "129" وتهذيب التهذيب "6/ 140-141". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 231 الْمُؤْمِنِينَ، مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟ فَقَالَتْ: أَفَعَلْتَهَا يَا لُكَعُ؟ إِذَا الْتَقَتِ الْمَوَاسِي1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْأَلَ كَمَا سَأَلَ إِبْرَاهِيمُ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يُقَالُ: جَرِّدُوا الْقُرْآنَ. وَقَالَ زُبَيْدٌ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمِهِ فِي رَمَضَانَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَرْوِيحَةً، وَيُصَلِّي لِنَفْسِهِ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَيَقْرَأُ بِهِمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَكَانَ يَقُومُ بِهِمْ لَيْلَةَ الْفِطْرِ. وَرَوَى مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَإِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَعَدَدْتُ لَهُ سِتًّا وَخَمْسِينَ رَكْعَةً، ثُمَّ صَلَّى الْجُمُعَةَ، ثُمَّ قَامَ، فَعَدَدْتُ لَهُ مِثْلَهَا حَتَّى سَهَوْتُ أَوْ تَرَكَ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ حاجًَّا فَاعْتُلَّتْ رِجْلُهُ، فَقَامَ يُصَلِّي عَلَى قدمٍ حَتَّى أَصْبَحَ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثنا هِلالُ بْنُ خَبَّابٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، وَعُقْبَةُ مَوْلَى رُوَيْمٍ، وَسَعْدٌ أَبُو هِشَامٍ، يُحْرِمُونَ مِنَ الْكُوفَةِ، وَيَصُومُونَ يَوْمًا وَيُفْطِرُونَ يَوْمًا حَتَّى يَرْجِعُوا. وَيُرْوَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ صَامَ حَتَّى أَحْرَقَ الصَّوْمُ لِسَانَهُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَهْلُ بَيْتٍ خلقا لِلْجَنَّةِ، عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَعَنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بَكَى، فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَسَفًا عَلَى الصَّلاة وَالصَّوْمِ، وَلَمْ يَزَلْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ حَتَّى مَاتَ. وَرُؤِيَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ أَوْ تسعٍ وَتِسْعِينَ. وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 330- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بشر2 بن مسعود -م د ن- الأنصاري المدني الأزرق.   1 أي العانات. 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 215" والتاريخ لابن معين "2/ 345" والتاريخ الكبير "5/ 261" وتهذيب التهذيب "6/ 145". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 232 عَنْ: أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، وَخَبَّابٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو حُصَيْنٍ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، وَآخَرُونَ. 331- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ -ع- الشَّاعِرُ1 رَوَى عَنْ: سَعِيد بْن زَيْدِ بْن عَمْرو بْنِ نُفَيْلٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَمْرِو بن عبسة، وابن عمر، وغيرهم. روى عنه: حبيب بن أبي ثابت، وزيد بن أسلم، وربيعة الرأي، ومحمد ابنه. لينه أبو حاتم. توفي في خلافة الوليد، وقيل كان أشعر شعراء اليمن. 332- عبد الرحمن بن جبير2 -م د ت ق- المصري المؤذن يَرْوِي عَنْ: عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمَا. رَوَى عَنْهُ: بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الْمِصْرِيُّونَ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ عَالِمًا بِالْفَرَائِضِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مُعْجَبًا بِهِ يَقُولُ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُخْبِتِينَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: هُوَ مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَبْدِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ الْعَامِرِيِّ. شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ أَوْ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. 333- عبد الرحمن بن عائذ -ع- الأزدي الثمالي الحمصي3، أبو عبد الله، يقال له صحبة ولا يصح.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 216" والتاريخ الكبير "5/ 263-264" وتحفة الأشراف للمزي "13/ 270" وتهذيب التهذيب "1/ 474". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 221" والتاريخ الكبير "5/ 267" وتهذيب التهذيب "6/ 154-155". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 270" والتاريخ الكبير "5/ 324-325" والمراسيل "124" وميزان الاعتدال "2/ 571". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 233 رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَلِيٍّ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَالْعِرْبَاضِ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مَحْفُوظُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَيَحْيَى بْنُ جَابِرٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ: كَانَ مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ وَيَتَطَلَّبُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا مَاتَ خَلَّفَ كُتُبًا وَصُحُفًا مِنْ عِلْمِهِ، وَخَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ فَأُسِرَ يَوْمَ الْجَمَاجِمِ وَأُدْخِلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَعَفَا عَنْهُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ بَقِيَّةُ: حدثني ثور بن زيد قال: كان من أَهْلُ حِمْصَ يَأْخُذُونَ كُتُبَ ابْنِ عَائِذٍ، فَمَا وَجَدُوا فِيهَا مِنَ الأَحْكَامِ، عَمَدُوا بِهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ قَنَاعَةً بِهَا وَرِضًا بِحَدِيثِهِ. وَحَدَّثَنِي أَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: اقْتَسَمَ رِجَالٌ مِنَ الْجُنْدِ كُتُبَ ابْنِ عَائِذٍ بَيْنَهُمْ بِالْمِيزَانِ لِقَنَاعَتِهِ فِيهِمْ. رَوَى جُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أُتِيَ الْحَجَّاجُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ يَوْمَ الْجَمَاجِمِ، وَكَانَ بِهِ عَارِفًا، قَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: كَمَا لا يُرِيدُ اللَّهُ، وَلا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ، وَلا أُرِيدُ، قَالَ: وَيْحَكَ مَا تَقُولُ قَالَ: نَعَمْ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ أَكُونَ عَابِدًا زَاهِدًا، وَمَا أَنَا كَذَلِكَ، وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ أَكُونَ فَاسِقًا مَارِقًا، وَمَا أَنَا كَذَلِكَ، وَأُرِيدُ أَنْ أَكُونَ مُخَلًّى فِي سَرَبِي آمِنًا فِي أَهْلِي، وَمَا أَنَا كَذَلِكَ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَدَبٌ عِرَاقِيٌّ ومولدٌ شَامِيٌّ وَجِيرَانُنَا إِذْ كُنَّا بِالطَّائِفِ، خَلُّوا عَنْهُ. 334- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ1 -ع- أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ الْجُمَحِيُّ الشَّامِيُّ، وَهُوَ الصَّغِيرُ. وَرَوَى عَنْ: فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، وَمَكْحُولٌ، وَأَبُو قلابة الجرمي. صدوق.   1 انظر تهذيب التهذيب "6/ 268". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 234 335- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ1 الْكِنْدِيُّ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ. قَاضِي مِصْرَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ وَصَاحِبُ شُرْطَتِهِ وَنَائِبِهِ عَلَى مِصْرَ إِذَا غاب، ولهذا قَالَ شُعْبَةُ بْنُ عُفَيْرٍ: جُمِعَ لَهُ الْقَضَاءُ وَخِلافَةُ السُّلْطَانِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَصْرَةَ الغفاري، وعبد الله بن عمر. وروى عنه: يزيد بن أبي حبيب، وعقبة بن مسلم، وواهب المعافري، وسويد بن قيس. ووفد على الوليد بن عبد الملك ببيعة أهل مصر له. توفي سنة خمسٍ وتسعين. كنيته أبو معاوية، ولم يخرجوا له شيئا. 336- عبد الرحمن بن يزيد بن جارية الأنصاري2 -خ4- المدني، أَخُو مُجَمِّعٍ، وَابْنُ أَخِي مُجَمِّعٍ. وُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عَمِّهِ، وَأَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَخَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ. رَوَى عَنْهُ: الْقَاسِمُ بْنُ محمد، والزهري، وعبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ. وَرُوِيَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. 337- عبد الرحمن بن وعلة -م4- ويقال ابن أسميفع-3 السبائي المصري. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: أَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَجَعْفَرُ بن ربيعة، وآخرون.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 284" والتاريخ الكبير "5/ 350" وتهذيب التهذيب "6/ 271-272". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 299" والتاريخ الكبير "5/ 363" وتهذيب التهذيب "6/ 298-299". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 296" والتاريخ الكبير "5/ 259" وميزان الاعتدال "28/ 596". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 235 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ أَحَدَ الأَشْرَافِ بِمِصْرَ. 338- عَبْدُ الْمَلِكِ الشَّابُّ النَّاسِكُ الْعَابِدُ وَلَدُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ1. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ ابنٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا أَبَهْ أَقِمِ الْحَقَّ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ. وَكَانَ يُفَضَّلُ عَلَى عُمَرَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ: ثنا بَعْضُ الْمَشْيَخَةِ قَالَ: كُنَّا نَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنَّمَا أَدْخَلَهُ فِي الْعِبَادَةِ مَا رَأَى مِنَ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إلق عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لِغُلامِهِ: اسْتَأْذِنْ لِي، فَسَمِعْتُ صَوْتَهُ: أدخل، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا خوانٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، عَلَيْهِ ثَلاثَةُ أقرصةٍ وقصعةٌ فِيهَا ثَرِيدٌ، فَقَالَ: كُلْ فَمَا مَنَعَنِي مِنَ الأَكْلِ إِلا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِ، فَاعْتَلَلْتُ بِشَيْءٍ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا غُلامَهُ وَأَعْطَاهُ فُلُوسًا، فَقَالَ: جِئْنَا بعنبٍ، فَجَاءَ بشيءٍ صَالِحٍ، وَكَانَ عُمَرُ مُنِعَ مِنَ الْعَصِيرِ، فَرُخِّصَ الْعِنَبُ، فَقَالَ: اللَّهُ كَانَ مَنَعَكَ الإِبْقَاءُ عَلَيْنَا فَكُلْ مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ رَخِيصٌ، قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ مَعَاشُكَ؟ قَالَ: أرضٌ لِي أَسْتَدِينُ عَلَيْهَا، قُلْتُ: فَلَعَلَّكَ تَسْتَدِينُ مِنْ رجلٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ لِمَكَانِكَ؟ قَالَ: لا إنما هي دراهم لصاحبتي استقرضها، قُلْتُ: أَفَلا أُكَلِّمُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُجْرِي عَلَيْكَ رِزْقًا، فَأَبَى ذَلِكَ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرَى عَلَيَّ شَيْئًا مِنْ صُلْبِ مَالِهِ دُونَ إِخْوَتِي الصِّغَارِ، فَكَيْفَ يُجْرِي عَلَيَّ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ: عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ آثَرُ وَلَدِي عِنْدِي، وَقَدْ زُيِّنَ عَلَيَّ عِلْمِي بِفَضْلِهِ، فَاسْتَثِرْهُ لِي ثُمَّ ائْتِنِي بِعِلْمِهِ وَعَقْلِهِ، فَأَتَيْتُهُ، فَجَاءَ غُلامُهُ فَقَالَ: قَدْ أَخْلَيْنَا الْحَمَّامَ، فَقُلْتُ: الْحَمَّامُ لَكَ؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَطْرُدَ عَنْهُ غَاشِيَتَهُ وَتَدْخُلَ وَحْدَكَ فَتَكْسِرَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ غُلَّتَهُ، ويرجع من جاءه متعينًا قَالَ: أَمَّا صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَإِنِّي أَرْضَيْتُهُ، قُلْتُ: هَذِهِ نَفَقَةُ سرفٍ يُخَالِطُهَا كبرٌ. قَالَ: يَمْنَعُنِي أَنَّ الرِّعَاعَ يَدْخُلُونَ بِغَيْرِ إِزَارٍ وَكَرِهْتُ أَدَبَهُمْ على الإزار فقد وعظتني   1 انظر حلية الأولياء "5/ 353-364" والكامل في التاريخ "5/ 64-65" وصفة الصفوة "2/ 127-130". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 236 مَوْعِظَةً انْتَفَعْتُ بِهَا فَاجْعَلْ لِي مِنْ هَذَا فَرَجًا، فَقُلْتُ: ادْخُلْ لَيْلا، فَقَالَ: لا جَرَمَ لا أَدْخُلُهُ نَهَارًا وَلَوْلا شِدَّةُ بَرْدِ بِلادِنَا مَا دَخَلْتُهُ، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَكْتُمَنَّ هَذِهِ عَنْ أَبِي فَإِنِّي مُعْتِبُكَ، قُلْتُ: فَإِنْ سَأَلَنِي: هَلْ رَأَيْتَ مِنْهُ شَيْئًا، أَتَأْمُرُنِي أَنْ أَكْذِبَ وَإِنَّمَا أَبْغِي عَقْلَهُ مَعَ وَرَعِهِ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، ولكن قُلْ: رَأَيْتُ عَيْبًا فَفَطَّنْتُهُ، لَهُ، فَأَسْرَعَ إِلَى مَا أَحْبَبْتُ، فَإِنَّهُ لَنْ يَسْأَلَكَ عَنِ التَّفْسِيرِ، لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَاذَهُ مِنْ بَحْثِ مَا سَتَرَ اللَّهُ. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيّ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ قَالَ: جَلَسْتُ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقُلْتُ: هَلْ خَصَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ جَعَلَ لَكَ مَطْبَخًا أَوْ كَذَا؟ فَقَالَ: إِنِّي فِي كفايةٍ، وَيْحَكَ يَا سُلَيْمَانُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَوَلاهُ فَأَحْسَنَ مَعُونَتَهُ مُنْذُ وَلاهُ، وَاللَّهِ لِأَنْ تَخْرُجَ نَفْسُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَخْرُجَ نَفْسُ هَذَا الذُّبَابِ، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ: هُوَ فِي نِعَمِ اللَّهِ فِي عِنَايَتِهِ بِالْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَلَسْتُ آمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجِيئَهُ بَعْضُ مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْلا أَنْ أَكُونَ زُيِّنَ لِي مِنْ أَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَا يُزَيَّنُ فِي عَيْنِ الْوَالِدِ لَرَأَيْتُهُ أَهْلا لِلْخِلافَةِ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ: ثنا نَافِعٌ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَرَ لِأَبِيهِ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَمْضِيَ لِلَّذِي تُرِيدُ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُبَالِي لَوْ غَلَتْ بِي وَبِكَ الْقُدُورُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يُعِينُنِي عَلَى هَذَا الأَمْرِ، يَا بُنَيَّ لَوْ تَأَهَّبَ النَّاسُ بِالَّذِي تَقُولُ لَمْ آمَنُ أَنْ يُنْكِرُوهَا فَإِذَا أَنْكَرُوهَا لَمْ أَجِدْ بُدًّا مِنَ السَّيْفِ، وَلا خَيْرَ فِي خيرٍ لا يَجِيءُ إِلا بِالسَّيْفِ، إِنِّي أَرُوضُ النَّاسَ رِيَاضَةَ الصَّعْبِ، فَإِنْ يَطُلْ بِي عُمْرٌ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُنْفِذَ اللَّهُ مَشِيئَتِي، وَإِنْ تَغْدُو عَلَيَّ مَنِيَّةٌ فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ الَّذِي أُرِيدُ. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعَفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبان قَالَ: جَمَعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قُرَّاءَ أَهْلِ الشَّامِ؛ فِيهِمُ ابْنُ أبي زكريا الخزاعي فقال: إني جمعنكم لِأَمْرٍ قَدْ أَهَمَّنِي، هَذِهِ الْمَظَالِمُ الَّتِي فِي أَيْدِي أَهْلِ بَيْتِي مَا تَرَوْنَ فِيهَا؟ فَقَالُوا: مَا نَرَى وِزْرَهَا إِلا عَلَى مَنِ اغْتَصَبَهَا، فَقَالَ لابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ: مَا تَرَى؟ قَالَ: مَا أَرَى مَنْ قَدِرَ عَلَى رَدِّهَا فَلَمْ يَرُدَّهَا وَالَّذِي اغْتَصَبَهَا إِلا سَوَاءً، فَقَالَ: صَدَقْتَ أبي بُنَيَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 237 وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لابْنِهِ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: فِي الْمَوْتِ. قَالَ: لِأَنْ تَكُونَ فِي مِيزَانِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ فِي مِيزَانِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَبَهْ، لِأَنْ يَكُونَ مَا تُحِبُّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَا أُحِبُّ. قِيلَ إِنَّهُ عَاشَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَلَهُ حِكَايَاتٌ فِي زُهْدِهِ وَخَوْفِهِ. 339- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَعْلَى اللَّيْثِيُّ قَاضِي البصر1. عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ رَجُلٍ صَحَابِيٍّ مِنْ قَوْمِهِ، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَجَمَاعَةٌ آخِرُهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ، كَذَا قَالَ وَلا أَرَاهُ إِلا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ قُرَّةَ بْنَ خَالِدٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ رَوَيَا عَنْهُ وَأَدْرَكَاهُ. لَمْ يخرجوا له 340- عبيد الله بن أبي -ع- رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. سَمِع: أَبَاهُ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ كَاتِبَهُ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ، وعلي بن الحسين، وابنه محمد بن علي، وَابْنُ ابْنِهِ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 341- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -ع- ابْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ3، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الهذلي المدني الضرير، أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَأَخُو عَوْنٍ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 375" والطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 217" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 437". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 307" والتاريخ لابن معين "2/ 382" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 381". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 250" والجرح والتعديل "5/ 319-320" وحلية الأولياء "2/ 188-189" وسير أعلام النبلاء "4/ 475-479". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 238 رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ. وَكَانَ إمامًا حجةً حافظًا مجتهدًا. قال: مَا سَمِعْتُ حَدِيثًا قَطُّ فَأَشَاءُ أَنْ أَعِيَهُ إِلا وَعَيْتُهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ما رويت عن عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ أَكْثَرَ مِمَّا رَوَيْتُ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا مَا صَدَرْتُ إِلا عَنْ رَأْيِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإسكندراني، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ عُبَيْدَ اللَّهِ يَقُولُ: مَا سَمِعْتُ حَدِيثًا قَطُّ فَأَشَاءُ أَنْ أَعِيَهُ إِلا وَعَيْتُهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَثِيرَ الْعِلْمِ، وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَخْدُمُهُ وَيَصْحَبُهُ، حَتَّى أَنْ كَانَ لَيَنْزَحُ لَهُ الْمَاءَ. وَسُئِلَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ: مَنْ أَفْقَهُ مَنْ رَأَيْتَ؟ قَالَ: أَعْلَمُهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَغْزَرُهُمْ فِي الْحَدِيثِ عُرْوَةُ، وَلا تَشَاءُ أَنْ تَفْجُرَ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بَحْرًا إِلا فَجَرْتَهُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَدْرَكْتُ أَرْبَعَةَ بُحُورٍ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ عُبَيْدَ اللَّهِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ شَيْئًا كثيرًا من العلم، فظننت أني التقيت، حَتَّى لَقِيتَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لِأَنْ يَكُونَ لِي مجلسٌ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ. وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَيْضًا مِنَ الشُّعَرَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ مُؤَدِّبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ يَحْمِلُ جِنَازَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ. 342- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ1 بن عدي بن نوفل -خ م د ت- النوفلي.   1 انظر التاريخ الكبير "5/ 391" والجرح والتعديل "5/ 329" وتهذيب التهذيب "6/ 36-38". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 239 تُوُفِّيَ فِي آخِرِ خِلافَةِ الْوَلِيدِ. فَيُحَوَّلُ مِنَ الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ إِلَى هُنَا 343- عُبَيْدُ بْنُ فَيْرُوزَ1 -4- أبو الضحاك الشيباني مولاهم رَوَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، رَوَى عَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُمَا وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 344- الْعَجَّاجُ أَبُو رُؤْبَةَ صَاحِبُ الرَّجَزِ، هُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ عَبْدُ الله بن رؤية بْنِ صَخْرٍ2 التَّمِيمِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ. وعنه: ابنه رؤبة. وفد على الوليد، ومات في خلافته بعد أَنْ كَبُرَ وَأُقْعِدَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ رَفَعَ الرجز وشبهه بالقصيد وجعل له أوائل. ولقي بالعجاج ببيتٍ قاله. 345- عروة بن الزبير -ع- ابْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ3، الإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ الزُّبَيْرِ، وَعَلِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ. وَكَانَ ثَبْتًا حَافِظًا فَقِيهًا عَالِمًا بِالسِّيرَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الْمَغَازِي. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ هِشَامٌ، وَهُوَ أَجَلُّهُمْ، وَيَحْيَى، وَعُثْمَانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ وَمُحَمَّدٌ، وَابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَفِيدُهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُهُ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَخَلْقٌ. وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ: قَالَهُ مُصْعَبٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وُلِدَ سَنَةَ ثلاث وعشرين.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 411-412" والتاريخ الكبير "6/ 1-2" وتهذيب التهذيب "7/ 72". 2 انظر تهذيب تاريخ دمشق "7/ 397-399" والشعر والشعراء "493-494". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 178-182" والتاريخ الكبير "7/ 31-32" وسير أعلام النبلاء "4/ 421-437". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 240 وَمُصْعَبٌ أَخْبَرَ بِنَسَبِهِ، وَيُقَوِّيهِ قَوْلُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَذْكُرُ أَنَّ أَبِي الزُّبَيْرِ كَانَ يَنْقُزُنِي وَيَقُولُ: مباركٌ مِنْ وَلَدِ الصِّدِّيقِ ... أبيضٌ مِنْ آلِ أَبِي عَتِيقِ أَلَذُّهُ كَمَا أَلَذُّ رِيقِي وَيُقَوِّي قَوْلَ خَلِيفَةَ مَا رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيِّ قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ: وَقَفْتُ وَأَنَا غلامٌ وَقَدْ حَصَرُوا عُثْمَانَ. رَوَى الْفَسَوِيُّ فِي تَارِيخِهِ عِنْدَ ذِكْرِ عُرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ هِلالٍ السُّلَيْحِيُّ، ثنا أَبُو حَيَوَةَ شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ، ثنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا لِي ذُؤَابَتَانِ، فَقُمْتُ أَرْكَعُ، فَبَصُرَ بِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَعَهُ الدرة؟ فقررت مِنْهُ، فَأَحْضَرَ فِي طَلَبِي حَتَّى تَعَلَّقَ بِذُؤَابَتِي، فَنَهَانِي، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا أَعُودُ. قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ مَعَ نَظَافَةِ رِجَالِهِ. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رُدِدْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمَ الْجَمَلِ وَاسْتُصْغِرْنَا. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَانَ عُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ: مَا مَاتَتْ عَائِشَةُ حَتَّى تَرَكْتُهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثِ سِنِينَ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَنِي قَبْلَ مَوْتِ عَائِشَةَ بِأَرْبَعِ حِجَجٍ وَأَنَا أَقُولُ: لَوْ مَاتَتِ الْيَوْمَ مَا نَدِمْتُ عَلَى حديثٍ عندها إلا وقد وعيته. ولقد يَبْلُغُنِي عَنِ الرَّجُلِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْحَدِيثُ فَآتِيهِ فَأَجِدُهُ قَدْ قَالَ، فَأَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ فَأَسْأَلُهُ عَنْهُ، يَعْنِي إِذَا خَرَجَ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ لاحِقٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أحدٌ أَعْلَمُ مِنْ عُرْوَةَ وَمَا أَعْلَمُهُ يَعْلَمُ شَيْئًا أَجْهَلُهُ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةٌ: ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَقَبِيصَةُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَقَالَ أَبُو عُيَيْنَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عُرْوَةَ بَحْرًا لا تُكَدِّرُهُ الدِّلاءُ. وَكَانَ يَتَأَلَّفُ النَّاسَ عَلَى حَدِيثِهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 241 وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّهُمْ لَيَسْأَلُونَ عُرْوَةَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: إِنَّ أَبَاهُ حَرَقَ كُتُبًا لَهُ، فِيهَا فِقْهٌ، ثُمَّ قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ فَدَيْتُهَا بِأَهْلِي وَمَالِي. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَرْوَى لِلشِّعْرِ مِنْ عُرْوَةَ. وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: الْعِلْمُ لواحدٍ مِنْ ثَلاثَةٍ، لِذِي حَسَبٍ يُزَيِّنُهُ، أَوْ ذِي دينٍ يَسُوسُ بِهِ دِينَهُ، أَوْ مُخْتَلِطٌ بِسُلْطَانٍ يُتْحِفُهُ بِعِلْمِهِ. وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا أَشْرَطَ لِهَذِهِ الخلال من عروة بن الزبير وعمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: كان عروة يقرأ الْقُرْآنِ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْمُصْحَفِ نَظَرًا، وَيَقُومُ بِهِ اللَّيْلَ، فَمَا تَرَكَهُ إِلا لَيْلَةَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ، وَكَانَ وَقَعَ فِيهَا الأَكَلَةُ فَنَشَرَهَا، وَكَانَ إِذَا كَانَ أَيَّامُ الرُّطَبِ يَثْلِمُ حَائِطَهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فَيَدْخُلُونَ فَيَأْكُلُونَ وَيَحْمِلُونَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَقَعَتْ فِي رِجْلِ عُرْوَةَ الآكِلَةُ فَصَعِدَتْ فِي سَاقِهِ، فَدَعَا بِهِ الْوَلِيدُ، ثُمَّ أَحْضَرَ الأَطِبَّاءَ وَقَالُوا: لا بُدَّ مِنْ قَطْعِ رِجْلِهِ، فَقُطِعَتْ، فَمَا تَضَوَّرَ وَجْهُهُ. وَقَالَ عَامِرُ بْنُ صَالِحٍ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: إِنَّ أَبَاهُ خَرَجَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي الْقُرَى، وَجَدَ فِي رِجْلِهِ شَيْئًا فَظَهَرَتْ بِهِ قُرْحَةٌ، ثُمَّ تَرَقَّى بِهِ الْوَجَعُ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى الْوَلِيدِ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اقْطَعْهَا. قَالَ: دُونَكَ، فَدَعَا لَهُ الطَّبِيبَ وَقَالَ لَهُ: اشْرِبِ الْمُرْقِدَ1. فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَطَعَهَا مِنْ نِصْفِ السَّاقِ، فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ يَقُولَ: حَسِّ حَسِّ. فَقَالَ الْوَلِيدُ: مَا رَأَيْتُ شَيْخًا قَطُّ أَصْبَرَ مِنْ هَذَا. وَأُصِيبَ عُرْوَةُ فِي هَذَا السَّفَرِ بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ، رَكَضَتْهُ بغلةٌ فِي إِصْطَبْلٍ، فَلَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ كَلِمَةً فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ بِوَادِي الْقُرَى قَالَ: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62] اللَّهُمَّ كَانَ لِي بَنُونَ سَبْعَةٌ فَأَخَذْتَ مِنْهُمْ وَاحِدًا وَأَبْقَيْتَ لِي سِتَّةً، وَكَانَ لِي أطرافٌ أربعةٌ فَأَخَذْتَ طَرَفًا وَأَبْقَيْتَ ثَلاثَةً، فَإِنِ ابْتَلَيْتَ لَقَدْ عَافَيْتَ، وَلَئِنْ أَخَذْتَ لقد أبقيت. ولهذه الحكاية طرق.   1 دواء من شربه رقد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 242 وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ نَظَرَ إِلَى رِجْلِهِ فِي الطَّسْتِ فَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مَا مَشَيْتُ بِهَا إِلَى مَعْصِيَةٍ قَطُّ، وَأَنَا أَعْلَمُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: كَانَ أَبِي يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَمَاتَ وَهُوَ صَائِمٌ، جَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: افْطِرْ، فَلَمْ يُفْطِرْ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ ابْنُ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِينَ وَأَبِي مَعَهُ. وَعَنْ أَبِي الأَسْوَدِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ زَوَّجَ بِنْتَهُ سَوْدَةَ مِنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَسَارَ عُرْوَةُ مِنْ مَكَّةَ بِالأَمْوَالِ، فَأَوْدَعَهَا بِالْمَدِينَةِ، وَأَسْرَعَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِ الْخَبَرِ، فَقَالَ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِالْبَابِ، فَقَالَ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: قُلْ لَهُ كذا، فدخل، فقال: ههنا رجلٌ عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، قَالَ: كَيْتَ وَكَيْتَ. قَالَ: ذَاكَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأْذَنْ لَهُ، فَلَمَّا رَآهُ زَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ: كَيْفَ أَبُو بَكْرٍ -يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ؟ قَالَ: قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: فَنَزَلَ عَنِ السَّرِيرِ فَسَجَدَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: إِنَّ عُرْوَةَ قَدْ خَرَجَ وَالْأَمْوَالُ عِنْدَهُ، قَالَ: فَكَلَّمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا تَدَعُونَ الشَّخْصَ حَتَّى يَأْخُذَ بِسَيْفِهِ فَيَمُوتَ كَرِيمًا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ أَعْرِضْ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: مَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ يَذْكُرُ أَبِي بشرٍ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: مَا بَرَّ وَالِدَهُ مَنْ شَدَّ طَرْفَهُ إِلَيْهِ. وَقَالَ نَوْفَلُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ أَبِي مِنْ بِنَاءِ قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ، وَحَفَرَ بِئَارَهُ، دَعَا جَمَاعَةً فَأَطْعَمَهُمْ. وَقَالَ أَبُو ضَمْرَهَ: عَنْ هِشَامٍ قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ قَصْرَهُ بِالْعَقِيقِ قَالُوا: جَفَوْتَ مَسْجِدَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ مَسَاجِدَهُمْ لَاهِيَةً، وَأَسْوَاقَهُمْ لاغِيَةً، وَالْفَاحِشَةَ فِي فِجَاجِهِمْ عَالِيَةً، فَكَانَ فِيمَا هُنَالِكَ عَمَّا هُمْ فِيهِ عَافِيَةً. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَخَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَالْفَلَّاسُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ خَمْسٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 243 346- عروة بن المغيرة بن شعبة -ع- أبو يعفور1، أَخُو عَقَّارٍ، وَحَمْزَةَ. وَلِيَ بِالْكُوفَةِ الصَّلاةَ زَمَنَ الْوَلِيدِ، وَكَانَ سَيِّدَ ثقيفٍ فِي وَقْتِهِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَائِشَةَ. وعنه: الحسن البصري، وبكر بن عبد الله المزني، ونافع بن جبير بن مطعم، وآخرون. عطاء بن فروخ الحجازي2 -ن ق- عَنْ: عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بن جدعا، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 348- عَطَاءُ بن مينا المدني -ع- وقيل: البصري3 رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ. وَكَانَ مِنْ صُلَحَاءِ الناس وفضلائهم. روى عنه: سعيد المقبري، وأيوب بن موسى، وعمرو بن دينار، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ. 349- عطاء بن يسار4 قيل: سنة أربعٍ وتسعين، وقيل: سنة سبعٍ وتسعين، وقيل: سنة ثلاثة ومائة، كما يأتي إن شاء الله تعالى. 350- عقبة بن وساج الأزدي -خ- البصري5 روى عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بن عمرو، وأنس، وغيرهم.   1 الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 269" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 32" وتهذيب التهذيب "7/ 189". 2 انظر التاريخ الكبير "6/ 467" وتهذيب التهذيب. 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 477" وتاريخ أبي زرعة "1/ 524". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 173، 174" والجرح والتعديل "6/ 338" وميزان الاعتدال "3/ 77". 5 انظر الجرح والتعديل "6/ 318" وتاريخ أبي زرعة "1/ 501" وتهذيب التهذيب "7/ 251-252". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 244 رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَيَحْيَى السَّيْبَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أبي عبلة، وأبو عبيدة حاجب سليمان. ونزل الشَّامَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 351- عَلْقَمَةُ بْنُ وائل بن حجر1 -م4- الحضرمي الكندي أَخُو عَبْدِ الْجَبَّارِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. روى عنه: سماك بن حرب، وعبد الملك بن عمير، وعمرو بن مرة، وعوف الأعرابي، وآخرون. 352- علي بن الحسين بن الإمام -ع- عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن هاشم الهاشمي المدني زين العابدين2، أبو الحسن ويقال أبو الحسين، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ الْحَسَنِ، وابن عباس، وعائشة، وأبي هريرة، وجابر، ومسور بن مخرمة، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَصَفِيَّةَ أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَرْوَانَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ، وَزَيْدٌ، وَعُمَرُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَمُسْلِمٌ الْبَطِينُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ ابن هُرْمُزَ. وَحَضَرَ مَصْرعَ وَالِدِهِ الشَّهِيدِ بِكَرْبَلاءَ، وَقَدِمَ إِلَى دِمَشْقَ، وَمَسْجِدُهُ بِهَا مَعْرُوفٌ بِالْجَامِعِ. قَالَ الْفَسَوِيُّ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أُمُّهُ غَزَالَةُ، وَأَخُوهُ عَلِيٌّ الأَكْبَرُ قُتِلَ مَعَ أَبِيهِ. وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يَعْتَمُّ بعمامةٍ بيضاء يرخيها من ورائه.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 405" والطبقات الكبرى "6/ 316" وتاريخ أبي زرعة "2/ 719" وتهذيب التهذيب "7/ 280". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 178-179" وتاريخ أبي زرعة "1/ 406" والتاريخ للطبري "6/ 491" وسير أعلام النبلاء "4/ 386-401". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 245 وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ قُرَشِيًّا أَفْضَلَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَكَانَ مَعَ أَبِيهِ يَوْمَ قُتِلَ، وَلَهُ ثَلاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: لا تَعَرَّضُوا لِهَذَا الْمَرِيضِ. قَالَ: وَكَانَ عَلِيٌّ مِنْ أَحْسَنِ أَهْلِ بَيْتِهِ طَاعَةً وَأَحَبَّهُمْ إِلَى مَرْوَانَ وَإِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: مَا رَأَيْتُ فِيهِمْ مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَطُّ. وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ: مَا رَأَيْتُ هَاشِمِيًّا أَفْضَلَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: اللَّهُمَّ لا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فأعجز عَنْهَا، وَلا تَكِلْنِي إِلَى الْمَخْلُوقِينَ فَيُضَيِّعُونِي. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ أَبَاهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ قَاسَمَ اللَّهَ مَالَهُ مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْمُذْنِبَ التَّوَّابَ. وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ يَحْمِلُ الْخُبْزَ عَلَى ظَهْرِهِ بِاللَّيْلِ يَتَتَبَّعُ بِهِ الْمَسَاكِينَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَيَقُولُ: إِنَّ الصَّدَقَةَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ: قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَبْخُلُ، فَلَمَّا مَاتَ وَجَدُوهُ يَعُولُ مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ: أَعْتَقَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ غُلامًا أَعْطَاهُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّهُمْ لَمَّا رَجَعُوا مِنَ الطَّفِّ كَانَ أَتَى بِهِ يَزِيدُ أَسِيرًا فِي رهطٍ هُوَ رَابِعُهُمْ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَوْرَعَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: بَعَثَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكَرِهَ أَنْ يَقْبَلَهَا، وَخَافَ أَنْ يَرُدَّهَا، فَأَخَذَهَا فَاحْتَبَسَهَا عِنْدَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ، كَتَبَ فِي أَمْرِهَا إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: يَابْنَ عَمِّ خُذْهَا فَقَدْ طَيَّبْتُهَا لَكَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 246 وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِذَا مَشَى لا يَخطِرُ بِيَدِهِ، وَكَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ أَخَذَتْهُ رعدةٌ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: تَدْرُونَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ أَقُومُ وَمَنْ أُنَاجِي؟ . وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ بْنِ أَبِي عِيسَى، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ قَالَ: دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: عَلَيَّ دينٌ، قَالَ: كَمْ؟ قَالَ: بِضْعَةُ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، قَالَ: فَهِيَ عَلَيَّ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: إِنِّي لأستحيي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَسْأَلَ لِلأَخِ مِنْ إِخْوَانِي الْجَنَّةَ وَأَبْخَلُ عَلَيْهِ بِالدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قِيلَ لِي: لَوْ كَانَتِ الْجَنَّةُ بِيَدِكَ لَكُنْتَ بِهَا أَبْخَلُ وَأَبْخَلُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عَنِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: كِتَابُ اللَّهِ وَكَلامُهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: سَأَلَ رجلٌ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ: مَا كَانَ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: كَمَنْزِلَتِهِمَا السَّاعَةَ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْقَبْرِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: جِئْتُكَ فِي حَاجَةٍ وَمَا جِئْتُكَ حَاجًّا وَلا مُعْتَمِرًا، قُلْتُ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِأَسْأَلَكَ مَتَى يُبْعَثُ عَلِيٌّ، فَقُلْتُ لَهُ: يُبْعَثُ وَاللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُهِمُّهُ نَفْسُهُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ قَالَ: جَاءَ قَوْمٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا أَجْرَأَكُمْ وَأَكْذَبَكُمْ عَلَى اللَّهِ، نَحْنُ مِنْ صَالِحِي قَوْمِنَا فَحَسْبُنَا أَنْ نَكُونَ مِنْ صَالِحِيهِمْ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ -وَكَانَ أَفْضَلَ هَاشِمِيٍّ أَدْرَكْتُهُ- يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَحِبُّونَا حُبَّ الإِسْلامِ. فَمَا بَرِحَ بِنَا حُبُّكُمْ حَتَّى صَارَ عَلَيْنَا عَارًا. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمْ يَكُنْ لِلْحُسَيْنِ عقبٌ إِلا مِنَ ابْنِهِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ وَلَدٌ إِلا مِنْ بِنْتِ عَمِّهِ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ الْحَسَنِ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: لَوِ اتَّخَذْتُ السراري لعل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 247 اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَكَ مِنْهُنَّ. فَقَالَ: مَا عِنْدِي مَا أَشْرِي بِهِ. قَالَ: فَأَنَا أُقْرِضُكَ، فَأَقْرَضَهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَاتَّخَذَ السَّرَارِي، فَوُلِدَ لَهُ جماعة، لم يَأْخُذْ مِنْهُ مَرْوَانُ ذَلِكَ الْمَالَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَجَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَلَمَّا أَحْرَمَ أصفر لونه وانتفض، ووقه عَلَيْهِ الرَّعْدَةُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُلَبِّي، فَقِيلَ لَهُ: مَالَكَ لا تُلَبِّي؟ قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَقُولَ لَبَّيْكَ، فَيُقَالُ لِي: لا لَبَّيْكَ، فَلَمَّا لَبَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، وَسَقَطَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، وَلَمْ يَزَلْ يَعْتَرِيهِ ذَلِكَ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: أَحْرَمَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: لَبَّيْكَ، أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى سَقَطَ مِنْ نَاقَتِهِ، فَهُشِّمَ، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ. قَالَ: وكان يسمى بالمدينة: زَيْنُ الْعَابِدِينَ لِعِبَادَتِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الشَّيْبَانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ قَالَ: كَانَ بَيْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ وَبَيْنَ عَلِيِّ ابن الْحُسَيْنِ شَيْءٌ، فَجَاءَ حَسَنٌ فَمَا تَرَكَ شَيْئًا إِلا قَالَهُ وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ، فَذَهَبَ حَسَنٌ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَتَاهُ عَلِيٌّ، فَقَرَعَ بَابَهُ، فَخَرَجَ إليه، فقال له: يابن عَمِّ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَغَفَرَ اللَّهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ. فَالْتَزَمَهُ حَسَنٌ وَبَكَى حَتَّى رَثَى لَهُ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ -ثِقَةٌ- قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنِ الْمُخْتَارِ فَقَالَ: قَامَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ فَلَعَنَ الْمُخْتَارَ، فَقَالَ لَهُ رجلٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، تَلْعَنُهُ وَإِنَّمَا ذُبِحَ فِيكُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا أَبُو إِسْرَائِيلَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: إِنَّا لَنُصَلِّي خَلْفَهُمْ فِي غَيْرِ تَقِيَّةٍ، وَأَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُمْ فِي غَيْرِ تَقِيَّةٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ -شيخٌ لِلْمَدَائِنِيِّ- عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَاللَّهِ مَا قُتِلَ عُثْمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ كساءٌ أَصْفَرُ يَلْبَسُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كساء خز وجبة خز. وَرَوَى مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَمِّهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ يَشْتَرِي كِسَاءَ الْخَزِّ بِخَمْسِينَ دِينَارًا يَشْتُو فِيهِ، ثُمَّ يَبِيعُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 248 وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى بْنَ الْحُسَيْنِ يَعْتَمُّ وَيُرْخِي خَلْفَ ظَهْرِهِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: ثنا عَمِّي وَمُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ وَمَنْ لا أُحْصِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ قَالَ: مَا أَوَدُّ أَنَّ لِي بِنَصِيبِي مِنَ الذُّلِّ حُمُرَ النَّعَمِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ يَلْبَسُ كِسَاءَ خَزٍّ بِخَمْسِينَ دِينَارًا، يَلْبَسُهُ فِي الشِّتَاءِ، فَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، وَيَلْبَسُ فِي الصَّيْفِ ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ مِنْ ثِيَابِ مِصْرَ، وَيَقْرَأُ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 22] . وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ إِذَا سَارَ عَلَى بَغْلَتِهِ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، لَمْ يَقُلْ لأحدٍ: الطريق، وَكَانَ يَقُولُ: الطَّرِيقُ مُشْتَرَكٌ لَيْسَ لِي أَنْ أُنَحِّيَ عَنْهُ أَحَدًا. وَرُوِيَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ حَجَّ قَبْلَ الْخِلافَةِ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ اسْتِلامَ الْحَجَرَ زُوحِمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِذَا دَنَا مِنَ الْحَجَرِ تَفَرَّقُوا عَنْهُ إِجْلالا لَهُ، فَوَجَمَ لِذَلِكَ هِشَامٌ وَقَالَ: مَنَ هَذَا فَمَا أعرفه؟ وَكَانَ الْفَرَزْدَقُ وَاقِفًا فَقَالَ: هَذَا الَّذِي تَعْرِفُ الْبَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ ... وَالْبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالْحِلُّ وَالْحَرَمُ هَذَا ابْنُ خيرٍ عِبَادِ اللَّهِ كُلِّهِمُ ... هَذَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ الْعَلِمُ إِذَا رَأَتْهُ قريشٌ قَالَ قَائِلُهَا ... إِلَى مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الْكَرَمُ يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانُ رَاحَتِهِ ... رُكْنَ الْحَطِيمِ إِذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ يُغْضِي حَيَاءً وَيُغْضِي مِنْ مَهَابَتِهِ ... فَلا يُكَلَّمُ إِلا حِينَ يَبْتَسِمُ هَذَا ابْنُ فاطمةٍ إِنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ ... بِجَدِّهِ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ قَدْ خُتِمُوا وَهِيَ طَوِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ، فَأَمَرَ هِشَامٌ بِحَبْسِ الْفَرَزْدَقِ، فَحُبِسَ بِعُسْفَانَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: اعْذُرْ أَبَا فراسٍ، فَرَدَّهَا وَقَالَ: مَا قُلْتُ ذَلِكَ إِلا غَضَبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَرَدَّهَا عَلَيٌّ وَقَالَ: بِحَقِّي عليك لَمَا قَبِلْتَهَا فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ نِيَّتَكَ وَرَأَى مَكَانَكَ، وَقَبِلَهَا. وَهَجَا هِشَامًا بِقَوْلِهِ: أَيَحْبِسُنِي بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالَّتِي ... إِلَيْهَا قُلُوبُ النَّاسِ يَهْوِي مُنِيبُهَا يُقَلِّبُ رَأْسًا لَمْ يَكُنْ رَأْسَ سيدٍ ... وَعَيْنَيْنِ حَوْلاوَيْنِ بادٍ عيوبها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249 قلت: وليس للحسين -رضي الله عنهم- عقبٌ إِلا مِنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، وَأُمُّهُ أمةٌ، وَهِيَ سُلافَةُ بِنْتُ يَزْدَجِرْدَ آخِرِ مُلُوكِ فَارِسٍ. وَقِيلَ: غَزَالَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحُسَيْنِ مَوْلاهُ زُبَيْدٌ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ بن زبيد، قاله محمد ابن سَعْدٍ. وَهِيَ عَمَّةُ أُمِّ الْخَلِيفَةِ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: عَاشَ أَبِي ثمانين وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ، وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، والفلاس، وروى عن جعفر ابن مُحَمَّدٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْهَاشِمِيِّ الْحَسَنِيُّ: مَاتَ فِي رَابِعَ عَشَرَ رَبِيعَ الأَوَّلِ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَخَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَنَة ثلاثٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْر: سَنَة خَمْسٍ. وَالأَوَّلُ الصَّحِيحُ. 353- عَلِيُّ بْنُ ربيعة الوالبي1 -ع- الأسدي الكوفي أبو المغيرة. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ، وابن عمر. روى عنه: سعد بن عبيد الطائي، وسلمة بن كهيل، وعثمان بن المغيرة، وعاصم بن بهدلة، وأبو إسحاق، وإسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء. وثقه ابن معين. 354- علي بن عبد الله الأزدي2 -م4- الْكُوفِيُّ الْبَارِقِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي الوليد. سَمِع: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عُمَرَ. وَعَنْهُ: يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وحميد الطويل، وآخرون.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 226" والجرح والتعديل "6/ 185" وسير أعلام النبلاء "4/ 489" وتهذيب التهذيب "7/ 320". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 193" والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 283" وميزان الاعتدال "3/ 142". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250 عمارة بن عمير الليثي1 -ع- أبو سليمان الكوفي. رَوَى عَنْ: عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ، وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي، والحارث بن سويد، وأبي عطية الوادعي. روى عنه: الحكم بن عتيبة وزبيد اليامي، ومنصور الأعمش. قال ابن المديني: له ثمانين حديثا. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلًا. 356- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيُّ2 -خ م د ن. عَنْ: سُبَيْعَةَ الأسلمية. 357- عمرو بن أوس3 -ع- بن أبي أوس الثقفي المكي. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيُّ. وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الثِّقَاتِ. عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ 358- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ4. كَانَ عَلَى خَاتَمِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. عَنْ: عَائِشَةَ، وَمَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَأَبِي بَحَرِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ. 359- عَمْرُو بْنُ5 سَلَمَةَ الْجَرْمِيُّ أَحْسَبُهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ التسعين. وقد تقدم.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 288" والجرح والتعديل "6/ 366-367" وتهذيب التهذيب "7/ 421-422". 2 انظر تهذيب التهذيب "7/ 467-468" والكاشف "2/ 473". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 220" وتهذيب التهذيب "8/ 706". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 225" والتاريخ الكبير "6/ 320". 5 انظر الطبقات الكبرى "7/ 89" والجرح والتعديل "6/ 235" وسير أعلام النبلاء "3/ 523" وأسد الغابة "4/ 234". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 251 360- عمرو بن الشريد1 -سوى ت- بن سويد الثقفي الطائفي. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَيَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 361- عمرو بن سليم بن خلدة2 -ع- الزرقي المدني. رَوَى عَنْ: أَبِي حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ رِبْعِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالزُّهْرِيُّ، ومحمد بن يحيى بن حبان، وجماعة. 362- عمرو بن مالك الجنبي -4- المصري3 روى عن: فضالة بن عبيد، وأبي سعيد الخدروي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُمَيْرٍ الرُّعَيْنِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 363- عمران بن الحارث -م ن- أبو الحكم السلمي الكوفي4. سَمِعَ: ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَقَتَادَةُ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرحمن. وهو قليل الحديث.   1 انظر الطبقات الكبرى "5/ 518" والجرح والتعديل "6/ 238" والتاريخ الكبير "6/ 343" وتهذيب التهذيب "8/ 47-48". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 236" والتاريخ الكبير "6/ 333" وميزان الاعتدال "2/ 263". 3 انظر التاريخ لابن معين "2/ 452" والجرح والتعديل "6/ 259" وميزان الاعتدال "3/ 286" وتهذيب التهذيب "9518-96". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 296" وتهذيب التهذيب "8/ 124". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 252 364- عمرة بنت عبد الرحمن -ع- ابْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الأَنْصَارِيَّةُ الْمَدَنِيَّةُ الْفَقِيهَةُ1. كَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ فَأَكْثَرَتْ عَنْهَا، وَرَوَتْ أَيْضًا عَنْ: أُمِّ سَلَمَةَ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَأُخْتِهَا لأُمِّهَا أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ. رَوَى عَنْهَا: ابْنُهَا أَبُو الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَاهُ حَارِثَةُ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ أُخْتِهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَابْنَاهُ مُحَمَّدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَالزُّهْرِيُّ، ويحيى بن سعيد، وآخرون. وكان ثِقَةً حُجَّةً خَيِّرَةً كَثِيرَةَ الْعِلْمِ. رَوَى الزُّهْرِيُّ -وَفِي الإِسْنَادِ إِلَيْهِ ابْنُ لَهِيعَةَ- أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فَعَلَيْكَ بِعَمْرَةَ فَإِنَّهَا مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِهَا، وَكَانَتْ تَحْتَ حِجْرِهَا. تُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ، وَيُقَالُ: سَنَةَ ستٍ وَمِائَةٍ. رَوَى أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لِي: يا غلامٌ أراك تحرص على طلب العلم، أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى وِعَائِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: عليك بعمرة فإنها كانت في حجر عائشة، فَأَتَيْتُهَا فَوَجَدْتُهَا بَحْرًا لا يُنْزَفُ. 365- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ2 بْنِ سَعِيدٍ -خ م د- بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ أَبُو خَالِدٍ، وَيُقَالُ أبو أيوب، أَخُو عَمْرٍو الأَشْدَقِ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه: أبو قلابة، والزهري، وأسماء بن عبيد، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وثقه ابن معين. وقال الدارقطني: كان جليسًا للحجاج.   1 انظر طبقات ابن سعد "8/ 484" وسير أعلام النبلاء "4/ 507-508" وتهذيب التهذيب "12/ 438-439". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 398" والتاريخ الكبير "7/ 35" وتهذيب التهذيب "8/ 155". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 253 366- عوف بن الحارث الأزدي1 -خ د ن ق- المدني رَضِيعُ عَائِشَةَ وَابْنُ أُخْتِهَا لأُمِّهَا. رَوَى عَنْ: عائشة، وأخيه رُمَيْثَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَهِشَامُ بْنُ عروة. 367- العلاء بن زياد ابن مطر -ق- بن شريح2، أبو نصر العدوي البصري. أرسل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثًا. وَحَدَّثَ عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ الْمُجَاشِعِيِّ، وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ، وَأُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الْعَدَوِيُّ، وَأَوْفَى بْنُ دَلْهَمٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَقَدْ كَانَ زَاهِدًا خَاشِعًا قَانِتًا لِلَّهِ بَكَّاءً. لَهُ تَرْجَمَةٌ فِي حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ. ذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِالشَّامِ فِي آخِرِ وِلايَةِ الْحَجَّاجِ سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ. قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْعَلاءُ بْنُ زِيَادٍ قَدْ بَكَى حَتَّى غَشِيَ بَصَرُهُ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَقْرَأَ جَهَشَهُ الْبُكَاءُ، وَكَانَ أَبُوهُ زِيَادُ بْنُ مَطَرٍ قَدْ بَكَى حَتَّى عَمِيَ. وَعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ فَقَالَ: أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي وَقَالَ: ائْتِ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ فَقُلْ لَهُ: لِمَ تَبْكِ، قَدْ غُفِرَ لَكَ. فَبَكَى، وَقَالَ: الآنَ حِينَ لا أَهْدَأُ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدٍ: رَأَى الْعَلاءُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمَكَثَ ثَلاثًا لا تَرْقَأُ لَهُ دمعةٌ وَلا يَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلا يَذُوقُ طَعَامًا، فَأَتَاهُ الْحَسَنُ فَقَالَ: أَيْ أَخِي، أتقتل   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 14" والتاريخ الكبير "7/ 57" وتهذيب التهذيب "6/ 168". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 217-218" والتاريخ الكبير "6/ 507" والجرح والتعديل "6/ 355". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 254 نَفْسَكَ أَنْ بُشِّرْتَ بِالْجَنَّةِ، فَازْدَادَ بُكَاءً عَلَى بكائه، فلم يفارقه الحسن -رضي الله عنهم- حتى أمسى، وكان صائمًا فطعم شيئًا. رواها مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبُرْجُلانِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيّ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَسْأَلُ هِشَامَ بْنَ زِيَادٍ الْعَدَوِيَّ؟ قُلْتُ هُوَ أَخُو صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ؟ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَنَا بِهِ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: تَجَهَّزَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِلْحَجِّ، فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ: ائْتِ الْبَصْرَةَ، فَائْتِ بِهَا الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ ربعةٌ أَقْصَمُ الثَّنِيَّةِ بسامٌ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، فَقَالَ: رُؤْيَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ. فَأَتَانِي فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، وَجَاءَهُ بوعيدٍ، فَأَصْبَحَ وَتَجَهَّزَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبُيُوتِ، إِذَا الَّذِي أَتَاهُ فِي مَنَامِهِ يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا نَزَلَ فَقَدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى دَخَلَ الْبَصْرَةَ، قَالَ هِشَامٌ: فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْعَلاءِ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ الْعَلاءُ؟ فَقُلْتُ: لا، وَقُلْتُ: أَنْزِلْ رَحِمَكَ اللَّهُ فضع رحلك، فقال: لا، أَيْنَ الْعَلاءُ، فَقُلْتُ: فِي الْمَسْجِدِ، وَأَتَيْتُ الْعَلاءَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَجَاءَ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَ تَبَسَّمَ فَبَدَتْ ثَنِيَّتُهُ فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ صَاحِبِي، فَقَالَ الْعَلاءُ: هَلا حَطَطْتَ رَحْلَ الرَّجُلِ، أَلا أَنْزَلْتَهُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ فَأَبَى، فَقَالَ الْعَلاءُ: انزل رحمك الله، فقال: أخلني، فَدَخَلَ الْعَلاءُ مَنْزِلَهُ وَقَالَ: يَا أَسْمَاءُ تَحَوَّلِي إِلَى الْمَنْزِلِ الآخَرِ، وَدَخَلَ الرَّجُلُ وَبَشَّرَهُ بِرُؤْيَاهُ، ثُمَّ خَرَجَ، فَرَكِبَ، قَالَ: وَقَامَ الْعَلاءُ فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَبَكَى ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ قَالَ: سَبْعَةَ أَيَّامٍ، لا يَذُوقُ فِيهَا طَعَامًا وَلا شَرَابًا وَلا يَفْتَحُ بَابَهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي حَالِ بُكَائِهِ: أَنَا أَنَا، وَكُنَّا نَهَابُهُ أَنْ نَفْتَحَ بَابَهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَمُوتَ، فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَجَاءَ فَدَقَّ عَلَيْهِ، فَفَتَحَ وَبِهِ مِنَ الضُّرِّ شيءٌ اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، وَكَلَّمَهُ الحسن، ثم قال: رحمك الله وَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أفقاتلٌ نفسك أنت قَالَ هِشَامٌ: فَحَدَّثَنَا الْعَلاءُ لِي وَلِلْحَسَنِ بِالرُّؤْيَا، وَقَالَ: لا تُحَدِّثُوا بِهَا مَا كُنْتُ حَيًّا. وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: مَا يَضُرُّكَ شَهِدْتَ عَلَى مُسْلِمٍ بكفرٍ أَوْ قَتَلْتَهُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ: كَانَ قُوتُ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ رَغِيفًا كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: وَكَانَ يَصُومُ حَتَّى يَخْضَرَّ، وَيُصَلِّي حَتَّى يَسْقُطَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ فَقَالا: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْكَ بِهَذَا كُلِّهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا عبدٌ مملوكٌ لا أَدَعُ مِنَ الاسْتِكَانَةِ شَيْئًا إِلا جِئْتُهُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ أَوْفَى بْنِ دَلْهَمٍ قَالَ: كَانَ لِلْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ مالٌ ورقيقٌ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 255 فَأَعْتَقَ بَعْضَهُمْ وَبَاعَ بَعْضَهُمْ، وَتَعَبَّدَ، وَبَالَغَ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَتَذَلَّلُ لِلَّهِ لَعَلَّهُ يَرْحَمُنِي. قُلْتُ: عَلَّقَ الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ حم "الْمُؤْمِنِ" قَوْلا فِي: {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] . وَرَوَى حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ الدُّنْيَا عَجُوزًا شَوْهَاءَ هَتْمَاءَ، عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زينة ولحية، وَالنَّاسُ يَتْبَعُونَهَا، فَقُلْتُ: مَا أَنْتِ؟ قَالَتِ: الدُّنْيَا، قُلْتُ: أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُبَغِّضَكِ إِلَيَّ. قَالَتْ: نَعَمْ إِنْ أَبْغَضْتَ الدَّرَاهِمَ. 368- الْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ العبدي -م د ن ت- الكوفي1. رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ. روى عنه: ابنه الوليد، وأبو إسحاق السبيعي، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي، وجرير بن أيوب البجلي. وثقه ابن معين، وكأنه تأخر. 369- عيسى بن طلحة بن عبيد2 الله -ع- القرشي التيمي المدني، أبو محمد. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةَ. روى عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، وطلحة بن يحيى، والزهري، وغيرهم. وكان من حلماء قريش وأشرافهم، وفد على معاوية. وثقه ابن معين. روى أيوب بن عباية، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِرْبَاعٍ قَالَ: دَخَلَ رجلٌ إِلَى عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ فَأَنْشَدَ عِيسَى:   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 307" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 79" والجرح والتعديل "7/ 36-37" وتهذيب التهذيب "8/ 203-204". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 164" والجرح والتعديل "6/ 279" والتاريخ الكبير "6/ 385" وسير أعلام النبلاء "4/ 367". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 256 يَقُولُونَ: لَوْ عَزَّيْتَ قَلْبَكَ لارْعَوَى ... فَقُلْتُ: وَهَلْ لِلْعَاشِقِينَ قُلُوبُ عَدِمْتُ فُؤَادِي كَيْفَ عَذَّبَهُ الْهَوَى ... أَمَا لِفُؤَادِي مِنْ هَوَاهُ طَبِيبُ فَقَامَ الرَّجُلُ فَأَسْبَلَ إِزَارَهُ وَمَضَى إِلَى بَابِ الْحُجْرَةِ يَتَبَخْتَرُ ثُمَّ يرجع، حَتَّى عَادَ لِمَجْلِسِهِ طَرَبًا، وَقَالَ: أَحْسَنْتَ، فَضَحِكَ عِيسَى وَجُلَسَاؤُهُ لِطَرَبِهِ. مَاتَ عِيسَى فِي حُدُودِ سَنَةَ مِائَةٍ. 370- عِيسَى بْنُ هِلالٍ الصدفي -د ت- المصري1. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عَنْهُ: دَرَّاجٌ أَبُو السَّمْحِ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أُبَيٍّ، وَعَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْمِصْرِيُّونَ. "حرف الغين": 371- غزوان أبو مالك -د ت ن- الغفاري كُوفِيٌّ2. يَرْوِي عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْبَرَاءِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَحُصَيْنٌ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ بِالْكُنْيَةِ أَشْهَرُ. 372- غَزْوَانُ بْنُ يَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ أَحَدُ الْخَائِفِينَ، أَصَابَ ذِرَاعَهُ شرارةٌ فَلَمَّا آلَمَتْهُ حلف أن لا ياره اللَّهُ ضَاحِكًا حَتَّى يَعْلَمَ أَفِي الْجَنَّةِ هُوَ أَمْ فِي النَّارِ، فَلَبِثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يُرَ ضَاحِكًا مُكَشِّرًا. رَوَاهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَجْلانَ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ أَنَّ غَزْوَانَ أَصَابَ ذِرَاعَهُ، فَقِيلَ أَنَّهُ بَلَغَ الْحَسَنَ فَقَالَ: عَزَمَ غَزْوانُ فَفَعَلَ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ أَنَّ غَزْوَانَ كَانَ إِذَا سَافَرَ هَدَمَ خصه فإذا رجع أعاده.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 385" والجرح والتعديل "6/ 290" وتهذيب التهذيب "8/ 236". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 55" وتهذيب التهذيب "8/ 245". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 257 373- غنيم بن قيس -م4- أبو العنبر المازني الكعبي البصري1. أَدْرَكَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَدَ عَلَى عمر -رضي الله عنهم، وَغَزَا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَسَعْدَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَذَّاءِ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَسَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ. وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الْبَصْرِيِّينَ. "حرف الْفَاءِ": 374- فَرْوَةُ بْنُ مُجَاهِدٍ اللَّخْمِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ2. أَرْسَلَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الرَّمْلِيُّ، وَأُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانُوا لا يَشُكُّونَ أَنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي مُغِيرَةُ بْنُ مُغِيرَةَ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ طَاغِيَةَ الرُّومِ لَمَّا دَعَاهُ وَأَصْحَابَهُ إِلَى قِتَالِ برجان ووعدهم تخلية سبيلهم إن نصرتهم عَلَيْهِمْ، فَأَجَبْنَاهُ إِلَى ذَلِكَ، فَقَالَ لِي أَصْحَابِي: كَيْفَ نُقَاتِلُهُمْ بِلا دَعْوَةٍ إِلَى الإِسْلامِ؟ فَقُلْتُ: لا يُجِيبُنَا الطَّاغِيَةُ، وَلَكِنِّي سَأَرْفِقُ، فَقُلْتُ لِلطَّاغِيَةِ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَنَا فِي إِقَامَةِ الصَّلاةِ، وَنَجْمَعُهَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ قُولُوا أَنْتُمْ: جَاءَنَا مددٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَتَكُونُ صَلاتُنَا مُصَدِّقًا لِمَا قُلْتُمْ مِنْ ذَلِكَ فَأَجَابَنَا إِلَى ذَلِكَ، وَأَقَمْنَا الصَّلاةَ، فَصَلَّيْنَا، ثُمَّ قَاتَلْنَاهُمْ، فَنَصَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَخَلَّى سَبِيلَنَا. 375- الْفُضَيْلُ بْنُ زيد أبو سنان3 الرقاشي   1 انظر الطبقات لابن سعد "7/ 123-124" والجرح والتعديل "7/ 58" وتهذيب التهذيب "8/ 251". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 82" والتاريخ الكبير "7/ 127-128" وتهذيب التهذيب "8/ 264-265". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 129" والجرح والتعديل "7/ 72" والتاريخ الكبير "7/ 119". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 258 أَحَدُ زُهَّادِ الْبَصْرَةِ وَعُبَّادِهَا، لَهُ ذكرٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. "حرف الْقَافِ": 376- قُتَيْبَةُ بْنُ مسلم بن عَمْرِو بْنِ الْحُصَيْنِ بْنِ رَبِيعَةَ1، أَبُو حفصٍ الْبَاهِلِيُّ. أَمِيرُ خُرَاسَانَ كُلِّهَا بَعْدَ إِمْرَةِ الرَّيِّ، وكان من الشجاعة والجزم وَالرَّأْيِ بمكانٍ، وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ خُوَارَزْمَ وَبُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، وَقَدْ كَانُوا كَفَرُوا وَنَقَضُوا، ثُمَّ افْتَتَحَ فَرْغَانَةَ وَالتُّرْكَ فِي سَنَةِ خمسٍ وَتِسْعِينَ. وَوَلِيَ خُرَاسَانَ عَشْرَ سِنِينَ. وَقَدْ سَمِعَ، مِنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَلَمَّا مَاتَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ نَزَعَ الطَّاعَةَ، فَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ النَّاسِ. وَكَانَ قُتَيْبَةُ قَدْ عَزَلَ وَكِيعَ بْنَ حَسَّانِ بْنِ قَيْسٍ الْغُدَانِيَّ عَنْ رِيَاسَةِ تَمِيمٍ، فَحَقَدَ عَلَيْهِ، وَسَعَى فِي تَأْلِيبِ الْجُنْدِ، ثُمَّ وَثَبَ عَلَى قُتَيْبَةَ فِي أَحَدَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَتَلُوهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ تسعٍٍ وَتِسْعِينَ، وَلَهُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً. وَقُتِلَ أَبُو صَالِحٍ، أَبُوهُ، مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَبَاهِلَةُ قَبِيلَةٌ منحطةٌ بَيْنَ الْعَرَبِ، كَمَا قِيلَ: وَمَا يَنْفَعُ الأَصْلُ مِنْ هاشمٍ ... إِذَا كَانَتِ النَّفْسُ مِنْ بَاهِلَهْ وَقَالَ آخَرُ: وَلَوْ قِيلَ لِلْكَلْبِ يَا بَاهِلِيُّ ... عَوَى الْكَلْبُ مِنْ لُؤْمِ هَذَا النَّسَبِ وَعَنْ قُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ لِهُرَيْرَةَ بْنِ مَسْرُوحٍ: أَيُّ رجلٍ أَنْتَ، لَوْ كَانَ أَخْوَالُكَ مِنْ غَيْرِ سَلُولَ فَلَوْ بَادَلْتَ بِهِمْ. قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، بَادِلْ بِهِمْ مَنْ شِئْتَ وَجَنِّبْنِي بَاهِلَةَ. وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ بَاهِلِيُّ وَأَنَّكَ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ؟ قال: أي والله بشرط أن لا تعلم أَهْلُ الْجَنَّةِ أَنِّي بَاهِلِيٌّ. وَيُرْوَى أَنَّ أَعْرَابِيًّا لَقِيَ آخَرَ فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ باهلة، فرثى له الأعرابي،   1 انظر تاريخ الطبري "6/ 506" والكامل في التاريخ لابن الأثير "5/ 12" وسير أعلام النبلاء "4/ 410-411". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 259 فَقَالَ: وَأَزِيدُكَ، إِنِّي لَسْتُ مِنْ صَمِيمِهِمْ بَلْ مِنْ مَوَالِيهِمْ، فَأَخَذَ الأَعْرَابِيُّ يُقَبِّلُ يَدَيْهِ وَيَقُولُ: مَا ابْتَلاكَ اللَّهُ بِهَذِهِ الرَّزِيَّةِ فِي الدُّنْيَا إِلا وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قُلْتُ: قُتَيْبَةُ لَمْ يَنَلْ مَا نَالَهُ بِالنَّسَبِ، بَلْ بِالشَّجَاعَةِ وَالرَّأْيِ وَالدَّهَاءِ وَالسَّعْدِ وَكَثْرَةِ الْفُتُوحَاتِ. 377- قُرَّةُ بْنُ شَرِيكِ بْنِ مَرْثَدِ1 بْنِ حَرَامٍ الْعَبْسِيُّ الْقِنَّسْرِينِيُّ، أَمِيرُ مِصْرَ مِنْ قِبَلِ الْوَلِيدِ، وَكَانَ ظَالِمًا فَاسِقًا جَبَّارًا. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ خَلِيعًا، مَاتَ عَلَى إِمْرَةِ مِصْرَ فِي سَنَةِ ستٍ وَتِسْعِينَ، بَعْدَ أَنْ وَلِيَهَا سَبْعَ سِنِينَ، أَمَرَهُ الْوَلِيدُ بِبِنَاءِ جَامِعِ الْفُسْطَاطِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ، قَالَ: وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ الصُّنَّاعُ مِنْ بِنَاءِ الْجَامِعِ دَخَلَهُ فَدَعَا بِالْخَمْرِ وَالطَّبْلِ وَالْمِزْمَارِ وَيَقُولُ: لَنَا ليلٌ وَلَهُمْ نَهَارٌ، وَكَانَ مِنْ أَظْلَمِ خَلْقِ اللَّهِ. هَمَّتِ الإِبَاضِيَّةُ بِاغْتِيَالِهِ، وَتَبَايَعُوا عَلَى ذَلِكَ، فَعَلِمَ بِهِمْ، فَقَتَلَهُمْ. قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ وَغَيْرُهُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْوَلِيدُ بِالشَّامِ، وَالْحَجَّاجُ بِالْعِرَاقِ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الْمُرِّيُّ بِالْحِجَازِ، وَقُرَّةُ بِمِصْرَ، امْتَلأَتِ الأرض والله جورًا. ويروى أن نعي الحجاج وَقُرَّةَ وَرَدا عَلَى الْوَلِيدِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ قُرَّةَ عَاشَ بَعْدَ الْحَجَّاجِ سِتَّةَ أشهرٍ. 378- قَزَعَةُ بْنُ يَحْيَى2 أَبُو الْغَادِيَةِ -ح- البصري، مَوْلَى زِيَادِ ابْنِ أَبِيهِ، وَقِيلَ مَوْلَى غَيْرِهِ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَرَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقَصِيرُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ كَثِيرَ الْحَجِّ، وَيَسْبِقُ الْحَجَّاجَ إِلَى مَكَّةَ فِي أَيَّامِ معاوية. وهو من الثقات.   1 انظر تاريخ الطبري "6/ 522" وسير أعلام النبلاء "4/ 409-410"، والبداية والنهاية "9/ 169". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 139" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 191-192" وتهذيب التهذيب "8/ 377". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 260 379- قسامة بن زهير المازني -ت ن- البصري1. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ.. قُلْتُ: وَقَعَ حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي الْقَطِيعِيَّاتِ. 380- قَيْسُ بْنُ أَبِي حازم -ع- عَبْدُ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ2، وَيُقَالُ عَوْفُ بْنُ عبد الحارث الأحمسي البجلي، مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ. تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَيْسٌ فِي الطَّرِيقِ قَدْ قَدِمَ لِيُبَايِعَهُ، وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالزُّبَيْرِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَطَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَالأَعْمَشُ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعِيسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ كُوفِيًّا عُثْمَانِيًّا، وَذَلِكَ نَادِرٌ. رَوَى حَفْصُ بْنُ سَلْمٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ -وَهُوَ متهمٌ واهٍ- عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قيسٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ مَعَ أَبِي، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ وَأَنَا ابْنُ سبعٍ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ. وَقَالَ جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ لأُبَايِعَهُ، فَجِئْتُ وَقَدْ قُبِضَ، وَأَبُو بَكْرٍ قائمٌ فِي مَقَامِهِ. كَانَ قَيْسٌ مَعَ خَالِدٍ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ من السماوة.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 152" والجرح والتعديل "7/ 147" وتهذيب التهذيب "2/ 162". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 67" وتاريخ أبي زرعة "1/ 656" والجرح التعديل "7/ 102". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 261 وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: أَمَّنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْيَرْمُوكِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ تُرَوِّحُهُ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وشمٍ فِي ذِرَاعِهَا، فَقَالَ لِأَبِي: يَا أَبَا حَازِمٍ قَدْ أَجَزْتُ لَكَ فَرَسَكَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قيسٌ سَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَطَلْحَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مَسْعُودٍ، وَجَرِيرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَكَانَ عُثْمَانِيًّا. وَرَوَى عَنْ بلال ولم يلقه. قال ابن عيينة: ما كان بالكوفة أروى من الصحابة منه. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى عَنْ تسعةٍ مِنَ الْعَشَرَةِ، لَمْ يَرْوِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ أَوْثَقُ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: ثنا قيس بن أبي حازم هذه الأصطوانة. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ كِلابِ الْحَوْأَبِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: أَمَّنَا قيسٌ كَذَا وَكَذَا، فَمَا رَأَيْتُهُ مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِنَا، وَكَانَ عُثْمَانِيًّا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي غَنِيَّةَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: كَبُرَ قيسٌ حَتَّى جَاوَزَ الْمِائَةَ بِسِنِينَ كثيرةٍ حَتَّى خَرِفَ وَذَهَبَ، فَاشْتَرَوْا لَهُ جَارِيَةً سَوْدَاءَ أَعْجَمِيَّةً فِي عُنُقِهَا قَلَائِدُ مِنْ عهنٍ وودعٍ وَأَجْرَاسٍ، فَجُعِلَتْ عِنْدَهُ، وَأُغْلِقَ عَلَيْهِمَا، فَكُنَّا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، فَيَأْخُذُ تِلْكَ الْقَلائِدَ فَيُحَرِّكُهَا بِيَدِهِ وَيَضْحَكُ فِي وَجْهِهَا. قَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: قَالُوا: كَانَ يَحْمِلُ عَلَى عَلِيٍّ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ عُثْمَانَ، وَلِذَلِكَ تَجَنَّبَ كثيرٌ مِنْ قُدَمَاءِ الْكُوفِيِّينَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ. قَالَ الْهَيْثَمُ: مَاتَ فِي آخِرِ خِلافَةِ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَخَلِيفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وتسعين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 262 وَغَلَطَ الْفَلاسُ وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ. 381- قيس بن حبتر1 -د- النهشلي الكوفي. حَدَّثَ بِالْجَزِيرَةِ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ، وَغَالِبُ بْنُ عُبَادَةَ. وَثَّقَهُ ن. 382- قَيْسُ بْنُ رَافِعٍ الأَشْجَعِيُّ الْقَيْسِيُّ الْمِصْرِيُّ2، أَحَدُ الْعُلَمَاءِ. روى عن: أبي هريرة، وابن عمر. وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وعبد الكريم بن الحارث، والحسن بن ثوبان، وإبراهيم بن نشيط، وعياش بن عقبة. قال عبد الكريم بن الحارث عَنْ قَيْسٍ: ويلٌ لِمَنْ كَانَ دِينُهُ دُنْيَاهُ وَهَمُّهُ بَطْنُهُ. 383- قَيْسُ بْنُ كُلَيْبٍ الْحَضْرَمِيُّ3 حَاجِبُ الأُمَرَاءِ بِمِصْرَ. حَجَبَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُتْبَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بَعْدَهُ، ثُمَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، وَمُسْلِمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ، وَسَعِيدَ بْنَ مَخْلَدٍ، وَسَعِيدَ بْنَ مَخْلَدٍ، وَسَعِيدَ بْنَ يَزِيدَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ، وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ، وَعُمَرَ بْنَ مَرْوَانَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ. وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ التِّسْعِينَ. "حرف الْكَافِ": 384- كُرَيْبُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ4 الْمَكِّيُّ -ع- مولى ابن عباس، كنيته أبو رشدين.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 207" والجرح والتعديل "7/ 95" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 148". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 96" والتاريخ الكبير "7/ 152" وتهذيب التهذيب "8/ 391". 3 انظر الولاة والقضاة للكندي "54". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 293" والجرح والتعديل "7/ 168" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 231". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 263 أَدْرَكَ عُثْمَانَ، وَرَوَى عَنْ: زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَأُمِّ هَانِئٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ رِشْدِينُ، وَمُحَمَّدٌ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُحَمَّدٌ، وَمُوسَى بَنُو عُقْبَةَ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمَخْرَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَفْوَانُ بن سليم، وطائفة. وبعثته أُمُّ الْفَضْلِ وَالِدَةُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ رَسُولا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَضَعَ عِنْدَنَا كُرَيْبٌ حِمْلَ بعيرٍ -أَوْ عَدْلَ بعيرٍ- مِنْ كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فكان علي بن عبد الله ابن عَبَّاسٍ إِذَا أَرَادَ الْكِتَابَ كَتَبَ إِلَيْهِ: ابْعَثْ إلي بصحيفة كذا وكذا، قَالَ: فَنَنْسَخُهَا وَنَبْعَثُ إِلَيْهِ إِحْدَاهُمَا، رَوَاهَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْهُ. وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَغَيْرِهِ: أَنَّ كُرَيْبًا تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وقد رأى عثمان -رضي الله عنهم. 385- كنانة بن نعيم العدوي1 -م د- البصري. رَوَى عَنْ: قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ، وَأَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ. رَوَى عَنْهُ: عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَهَارُونُ بْنُ رِيَابٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ. وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الرِّوَايَةَ. "حرف الْمِيمِ": 386- مالك بن أوس بن -ع- الحدثان أبو سعيد النصري المدني2.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 222" والجرح والتعديل "7/ 169" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 236". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 56-57" والجرح والتعديل "8/ 203" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 305". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 264 أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. وَرَأَى أَبَا بَكْرٍ، وَقِيلَ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ يَصِحَّ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَالْعَبَّاسِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَابْنُ مُطْعِمٍ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، وَآخَرُونَ. وَحَضَرَ الْجَابِيَةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ مَعَ عُمَرَ، وَكَانَ عَرِّيفًا عَلَى قَوْمِهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ، وَكَانَ مِنْ أَفْصَحِ الْعَرَبِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ. قَالَ الْفَلاسُ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَنَقَلَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ ركب الْخَيْلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. 387- مَالِكُ بن الحارث -م د ن- السلمي1 الرقي ويقال: الكوفي. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بن ربيعة، وعلقمة. وعبد الله بن يزيد النخغيين. روى عنه: منصور، والأعمش. ووثقه ابن معين. وتوفي سنة أربعٍ وتسعين. 388- مالك بن مسمع أبو غسان2 الربعي من أشراف أهل البصرة وسادتهم. ذكره ابن عساكر وَقَالَ: وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وتسعين.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 294" والجرح والتعديل "8/ 207" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 307". 2 انظر تاريخ خليفة "258-259". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 265 389- محمد بن أسامة بن زيد -ت- بن حارثة الكلبي1، ابْنُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَدَنِيٌّ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ قُسَيْطٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ. 390- مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ شُرَحْبِيلَ2، أَبُو مُصْعَبٍ الْعَبْدَرِيُّ الْمَدَنِيُّ، عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ابناه: مصعب، وإبراهيم، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويزيد بن عيبد الله بن قسيط، وآخرون. له حديثٌ في كتاب الأدب للبخاري. 391- محمد بن جبير -ع- بن مطعم بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ3، أبو سعيد القرشي النوفلي المدني، أخو نافع. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ: جُبَيْرٌ، وَعُمَرُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَسَعِيدٌ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيَّانِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ قُرَيْشٍ وَأَشْرَافِهَا. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّ محمد بن جبير بن مطعم احتسب   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 246" والجرح والتعديل "7/ 205" والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 19-20". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 215-216" والتاريخ الكبير "1/ 50" وتهذيب التهذيب "9/ 83-84". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 205" والتاريخ الكبير لابن سعد "5/ 205" والجرح والتعديل "7/ 218". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 266 بِعِلْمِهِ وَجَعَلَهُ فِي بيتٍ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا، وَدَفَعَ المفتاح إِلَى مولاةٍ لَهُ، وَقَالَ لَهَا: مَنْ جَاءَكِ يَطْلُبُ مِنْكِ مِمَّا فِي هَذَا الْبَيْتِ شَيْئًا فَادْفَعِي إِلَيْهِ الْمُفْتَاحَ، وَلا تُذْهِبِينَ مِنَ الْكُتُبِ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقِيلَ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 392- مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1، أَبُو بَكْرٍ، وَيُقَالُ أَبُو عَامِرٍ. رَوَى عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلَّى فِي ثوبٍ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ وَفِيهِ: كَانَ مَا كَانَ، رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، أخبرني محمد بن أبي سُفْيَانَ، فَذَكَرَهُ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يُرِدْ هَوَانَ قريشٍ أَهَانَهُ اللَّهُ" 2. وَرَوَى الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ أَبِي عُمَرَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، سَمِعَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ، عَنْ بِلالٍ فِي الأَذَانِ. 393- مُحَمَّدُ بْنُ عبد الرحمن -م- بن ثوبان القرشي العامري مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ3. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدٍ مَوْلَى الأَسْوَدِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَيَزِيدُ بن عبد الله بن قسيط، ويحيى ابن سعيد، وآخرون. وهو ثقة.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 275" والتاريخ الكبير "1/ 103" وتهذيب التهذيب "9/ 192-193". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3905" وأحمد "1/ 71، 176، 183" والحاكم "4/ 71" وانظر الصحيحة "3/ 173". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 312" والتاريخ الكبير "1/ 145" وتهذيب التهذيب "9/ 294". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 394- محمد بن عبد الرحمن بن الحارث -م ن- بن هشام المخزومي أَخُو الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ1. رَوَى: عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ. وَهُوَ مُقِلّ لا يَكَادُ يُعْرَفُ. 395- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ -4- بْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ2. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ الأَسْوَدِ، وعم أبيه علقمة. روى عنه: الحسن بن عمرو الفقيمي، وزبيد اليامي، والحكم، ومنصور الأعمش، والأكابر. قال أبو زرعة: كان رفيع القدر من الجلة. وقال ابن معين: ثقة. 396- محمد بن عروة بن الزبير -ت- بن العوام، الَّذِي ضَرَبَهُ فرسٌ فَمَاتَ3. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ بَارِعَ الْجَمَالِ يُضْرَبُ بِحُسْنِهِ الْمَثَلُ. رَوَى عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ هِشَامٌ، وَالزُّهْرِيُّ. 397- محمد بن عمرو بن الحسن -خ م د ن- بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ المدني4.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 313" والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 145-146" وميزان الاعتدال "7/ ". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 298" والجرح والتعديل "7/ 321-322" والتاريخ الكبير "1/ 153". 3 انظرالجرح والتعديل "7/ 48" والتاريخ الكبير "16/ 201". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 29" والتاريخ الكبير "189-190". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 رَوَى عَنْ: جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه: سعد بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وأبو الجحاف داود بن أبي عوف. وثقه أبو زرعة الرازي، والنسائي. 398- محمد بن يوسف الثقفي أخو الحجاج. كان أمير اليمن1. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خُشْكٍ، عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: كَيْفَ بِكَ إِذَا أُمِرْتَ أَنْ تَلْعَنَنِي؟ قُلْتُ: وكائنٌ ذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: الْعَنِّي وَلا تَبْرَأْ مِنِّي. قَالَ: فَأَمَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنْ يَلْعَنَ عَلِيًّا، فَقَالَ: إِنَّ الأَمِيرَ أَمَرَنِي أَنِ ألْعَنَ عَلِيًّا فَالْعَنُوهُ. لَعَنَهُ اللَّهُ، فَمَا فَطِنَ لَهَا إِلا رجلٌ. قُلْتُ: حُجْرٌ الْمَدَرِيُّ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: صَلَّيْتُ أَنَا وَطَاوُسٌ الْمَغْرِبَ خَلْفَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ طَاوُسٌ فَشَفَعَ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ. وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا غَشُومًا. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: الْوَلِيدُ بِالشَّامِ وَالْحَجَّاجُ بِالْعِرَاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بِالْيَمَنِ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ بِالْحِجَازِ، وَقُرَّةُ بْنُ شَرِيكٍ بِمِصْرَ، امْتَلأَتْ وَاللَّهِ الأَرْضُ جُورًا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: مَاتَ بِالْيَمَنِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إحدى وتسعين. 399- محرر بن أبي هريرة -د ق- الدوسي اليماني2. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عُمَرَ. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عقيل، والزهري، والمثنى بن الصباح. توفي في أيام عمر بن عبد العزيز.   1 التاريخ للطبري "2/ 156-498" والكامل "1/ 458". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 188" والجرح والتعديل "8/ 408" والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 22". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 269 400- محمود بن الربيع -ع- أَبُو سُرَاقَةَ1 بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، أَبُو محمد، ويقال أبو نعيم، وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ أَبِي صَعْصَعَةَ بْنِ زَيْدٍ النَّجَّارِيَّةُ الأَنْصَارِيَّةُ الْمَدَنِيَّةُ. عَقَلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِهِ مِنْ بئرٍ فِي دَارِهِمْ وَلَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ2. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعُتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. رَوَى عَنْهُ: رَجَاءُ بْنُ حَيَوَةَ، وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ. قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ خَتَنُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، نَزَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ أَمَدٌ الْعِجْلِيُّ: ثقةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: اجْتَازَ بِدِمَشْقَ غَازِيًا إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَكَذَا ورخه علي بن عبد الله التميمي. وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 401- مَحْمُودُ بْنُ عمرو -د ن- بن يزيد بن السكن الأنصاري المدني3. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ يَزِيدَ، وَعَمَّتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَحُصَيْنُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بن معاذ الأشهلي.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 289" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 402" وأسد الغابة "5/ 116" وتهذيب التهذيب "10/ 63". 2 خبر صحيح: أخرجه البخاري "1/ 157" ومسلم "265". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 290" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 403". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 270 402- محمود بن لبيد -م4- بْنِ عُقْبَةَ، أَبُو نُعَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ الأَشْهَلِيُّ الْمَدَنِيُّ1. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ أَحَادِيثَ، لَكِنَّ حُكْمَهَا الْإِرْسَالُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَقَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. رَوَى عَنْهُ: بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَانْقَرَضَ عقبه، وَفِي أَبِيهِ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ فِيمَنْ لا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ أَسَنُّ مِنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ. تُوُفِّيَ ابْنُ لَبِيدٍ سَنَةَ سَبْعِ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ وتسعين. 403- مرقع بن صيفي -د ن ق- التميمي الأسدي الكوفي2. رَوَى عَنْ: عَمِّ أَبِيهِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي الرَّبِيعِ الْكَاتِبِ، وَجَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَأَبِي ذَرٍّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عمر، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ. 404- مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ3 يُرْوَى أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ فِي خِلافَتِهِ كلامٌ، فقال: يابن اللَّخْنَاءِ، فَفَتَحَ مَرْوَانُ فَاهُ لِيُجِيبَهُ، فَأَمْسَكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِفِيهِ، وَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ، إِمَامُكَ وَأَخُوكَ وَلَهُ السِّنُّ، فَسَكَتَ، وَقَالَ: قَتَلْتَنِي وَاللَّهِ، قَالَ: كَلا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ، لَقَدْ رَدَدْتُ فِي جَوْفِي أَحَرَّ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى حَتَّى مَاتَ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ وَجْدًا شديدًا.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 77" والجرح والتعديل "8/ 289" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 402". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 418" وتهذيب التهذيب "10/ 88". 3 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 347". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 271 405- مزاحم مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ أنْجَبَ مَوَالِيهِ، وَكَانَ بَرْبَرِيَّ الْجِنْسِ1. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعُيَيْنَةُ أَبُو سُفْيَانَ الْهِلالِيُّ. وَكَانَ ذَا فَضْلٍ وَعِبَادَةٍ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَيْقَظَنِي لِشَأْنِي مُزَاحِمٌ، حَبَسْتُ رَجُلا فَكَلَّمَنِي فِي إِطْلاقِهِ، فَقُلْتُ: لا أُخْرِجُهُ، فَقَالَ: يا عُمَرُ، أُحَذِّرُكَ لَيْلَةَ تُمَخَّضُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَاللَّهِ لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أَنْسَى اسْمَكَ مِمَّا أَسْمَعُ "قَالَ الأَمِيرُ، وَأَمَرَ الأَمِيرُ" فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أنى قَالَ ذَاكَ، فَكَأَنَّمَا كُشِفَ عَنِّي غطاءٌ، فَذَكِّرُوا أَنْفُسَكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ. قُلْتُ: قَالَ لَهُ هَذَا هو أميرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ الْخِلافَةِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِمُزَاحِمٍ مَوْلاهُ: قَدْ جَعَلْتُكَ عَيْنًا عَلَيَّ إِنْ رَأَيْتَ مِنِّي شَيْئًا فَعِظْنِي وَنَبِّهْنِي عَلَيْهِ. تُوُفّيَ مُزَاحِمٌ سَنَةَ مائة. 406- مسلم بن يسار2 -د ن ق د- أبو عبد الله البصري الفقيه الزاهد، مولى بني أمية، وقيل مولى طلحة ابن عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ. رَوَى عَنْ: عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَلَمْ يَلْقَهُ، وَعَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَأَبِيهِ يَسَارٍ. وَيُقَالُ: لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، وَأَيُّوبُ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَآخَرُونَ. قال ابن عون: كان لا يُفَضَّلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً فَاضِلا عَابِدًا وَرِعًا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أبا عبد   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 405" والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 23" وتهذيب التهذيب "10/ 110". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 186-188" والجرح والتعديل "8/ 198" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 275". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 272 اللَّهِ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ بِالْعِرَاقِ مَنْ هو أفضل منك أتانا بِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ لَوْ رَأَيْتُمْ أَبَا قِلابَةَ الْجَرْمِيَّ. رَوَاهَا ضَمْرَةُ عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ يُعَدُّ خَامِسَ خمسةٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ كُنْتَ مُتَمَنِّيًا لَتَمَنَّيْتُ فِقْهَ الْحَسَنِ، وَوَرَعَ ابْنِ سِيرِينَ، وَصَوَابَ مُطَرِّفٍ، وَصَلاةَ مسلم ابن يَسَارٍ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ هَذَا الْمَسْجِدَ وَمَا فِيهِ حلقةٌ تنسب إلى القفقه إِلا حَلَقَةَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إِذَا صَلَّى كَأَنَّهُ وتدٌ لا يَمِيلُ هَكَذَا وَلا هَكَذَا. وَقَالَ غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ إِذَا صَلَّى كَأَنَّهُ ثوبٌ مُلْقَى. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ يَقُولُ لِأَهْلِهِ إِذَا دَخَلَ فِي صَلاتِهِ: تَحَدَّثُوا فَلَسْتُ أَسْمَعُ حَدِيثَكُمْ. وَجَاءَ أَنَّهُ وَقَعَ حريقٌ فِي دَارِهِ وأطفأوه، فَلَمَّا ذُكِرَ بِهِ بَعْدُ قَالَ: مَا شَعَرْتُ. رَوَاهَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، عَنْ مَعْدِيِّ بن سليمان. وقال هشام ابن عَمَّارٍ، وَغَيْرُهُ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ يَحُجُّ كُلَّ سنةٍ، وَيَحُجُّ مَعَهُ رِجَالٌ مِنْ إِخْوَانِهِ تَعَوَّدُوا ذَلِكَ، فَأَبْطَأَ عَامًا حَتَّى فَاتَتْ أَيَّامُ الْحَجِّ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اخْرُجُوا، فَقَالُوا: كيف؟ قال: لا بد أَنْ تَخْرُجُوا، فَفَعَلُوا اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَأَصَابَهُمْ حِينَ جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ إعصارٌ شَدِيدٌ حَتَّى كَادَ لا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَأَصْبَحُوا وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى جِبَالِ تِهَامَةَ، فَحَمِدُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: مَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ فِي الْكَلامِ فِي الْقَدَرِ: هُمَا وَادِيَانِ عَمِيقَانِ، يَسْلُكُ فِيهِمَا النَّاسُ، لَنْ يُدْرِكَ غَوْرَهُمَا، فَاعْمَلْ عَمَلَ رجلٍ تَعْلَمُ أَنَّهُ لا يُنْجِيكَ إِلا عَمَلُكَ، وَتَوَكَّلْ تَوَكُّلَ رجلٍ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَكَ إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: لَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ يَعْنِي نَوْبَةَ ابْنِ الأَشْعَثِ، خَفَّ مُسْلِمٌ فِيهَا، وَأَبْطَأَ الْحَسَنُ، وَارْتَفَعَ الْحَسَنُ وَاتَّضَعَ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِّيُّ: قِيلَ لابْنِ الأَشْعَثِ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُقْتَلُوا حَوْلَكَ كَمَا قُتِلُوا حَوْلَ جَمَلِ عَائِشَةَ، فَأَخْرِجْ مَعَكَ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ، فَأَخْرَجَهُ مُكْرَهًا. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ: قَالَ لِي مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: إِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ أَنِّي لَمْ أَضْرِبْ فِيهَا بِسَيْفٍ. قُلْتُ: فَكَيْفَ بِمَنْ رَآكَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ؟ فَقَالَ: هَذَا لا يُقَاتِلُ إِلا عَلَى حَقٍّ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَبَكَى وَاللَّهِ، حَتَّى وَدِدْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ فَدَخَلْتُ فِيهَا. قَالَ أَيُّوبُ فِي الْقُرَّاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْهُمْ قُتِلَ إِلا رُغِبَ لَهُ عَنْ مَصْرَعِهِ أَوْ نَجَا إِلا نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ الْحَسَنُ، لَمَّا مَاتَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: وَامُعَلِّمَاهُ. قَالَ خَلِيفَةُ والفلاس. مات سنة مائة. وقال الهيثم: سنة إِحْدَى وَمِائَةٍ. قُلْتُ: لَهُ تَرْجَمَةٌ حَافِلَةٌ فِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ. وَمِنْ طَبَقَتِهِ: 407- مُسْلِمُ بْنُ يسار -د ت ق- المصري أبو عثمان الطنبذي1 رَضِيعُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَطُنْبُذُ مِنْ قُرَى مِصْرَ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. روى عنه: بكر بن عمرو المعافري، وأبو هانئ، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وجماعة. وهو صدوق. 408- مصدع أبو يحيى الأعرج2 -م- عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أبي طالب -إن   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 199" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 275-276" وسير أعلام النبلاء "4/ 514". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 429" والتاريخ الكبير "8/ 65" وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 118". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 274 صَحَّ- وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ الْعَدَوِيُّ، وَهِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَعَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ، وَشِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ بْنِ السَّائِبِ، وَغَيْرُهُمْ. يُقَالُ لَهُ الْمُعَرْقَبُ. 409- مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1 بْنِ الشِّخِّيرِ -ع- ابْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحرشي العامري البصري، أَحَدُ الْأَعْلَامِ. حَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِيهِ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ يَزِيدُ أَبُو الْعَلاءِ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بن واسع، وثابت، والجريري، وغيلان ابن جَرِيرٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَأَبُو التَّيَّاحِ، وَآخَرُونَ، وَلَقِيَ أَبَا ذَرٍّ بِالشَّامِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: رَوَى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعُثْمَانَ، وعلي، وكان ثقةً له فضل وورعٌ وَأَدَبٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ أَسَنَّ مِنَ الْحَسَنِ بِعِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: لَقِيتُ عَلِيًّا فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا بطَّأ بِكَ أَحُبُّ عثمانَ؟ ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذاك لَقَدْ كَانَ أَوْصَلَنَا لِلرَّحِمِ وَأَتْقَانَا لِلرَّبِّ. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لَقَدْ كَانَ خَوْفُ النَّارِ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ مُطَرِّفٌ: ما يسرني أني كذبن كذبةً واحدةً وأن لي الدنيا وَمَا فِيهَا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَخَذَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 14-16" والجرح والتعديل "8/ 312" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 396-397". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 275 وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غيلان بْنِ جَرِيرٍ: إِنَّ مُطَرِّفًا كَانَ يَلْبَسُ الْمَطَارِفَ وَالْبَرَانِسَ وَالْمُوَشَّى، وَيَرْكَبُ الْخَيْلَ، وَيَغْشَى السَّلَاطِينَ، وَلَكِنَّهُ إِذَا أَفْضَيْتَ إِلَيْهِ أَفْضَيْتَ إِلَى قرة عينٍ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ: أَتَى مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرُورِيَّةُ يَدْعُونَهُ إِلَى رَأْيِهِمْ فَقَالَ: يَا هَؤُلاءِ إِنَّهُ لَوْ كَانَ لِي نَفْسَانِ بَايَعْتُكُمْ بِإِحْدَاهِمَا وَأَمْسَكْتُ الأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَقُولُونَ هُدًى أَتْبَعْتُهَا الأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ ضَلالَةً هَلَكَتْ نفسٌ وَبَقِيَتْ لِي نفسٌ، وَلَكِنْ هِيَ نفسٌ واحدةٌ فَلا أَغُرِّرُ بِهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لِأَنْ أُعَافَى فَأَشْكُرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُبْتَلَى فَأَصْبِرَ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثنا عقيل الدروقي، ثنا يَزِيدُ قَالَ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَبْدُو، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ جَاءَ لِيَشْهَدَ الْجُمُعَةَ، فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ سَطَعَ مِنْ رَأْسِ سَوْطِهِ نورٌ لَهُ شُعْبَتَانِ، فَقَالَ لابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ خَلْفَهُ: أَتُرَانِي لَوْ أَصْبَحْتُ فَحَدَّثْتُ النَّاسَ بِهَذَا كَانُوا يُصَدِّقُونِي؟ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَهَبَ. وَرُوِيَ نَحْوُهَا مِنْ وجهٍ آخَرَ، عَنْ غُلامِ مُطَرِّفٍ، عَنْهُ. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلانَ، قَالَ: أَقْبَلَ مُطَرِّفٌ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ إِذْ سَمِعَ فِي طَرَفِ سَوْطِهِ كَالتَّسْبِيحِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَسِيرُ مَعَ صَاحِبٍ لَهُ، فَإِذَا طَرَفُ سَوْطِ أَحَدِهِمَا عِنْدَهُ ضَوْءٌ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: كَانَ مُطَرِّفٌ إِذَا دَخَلَ بَيْتِهِ سَبَّحَتْ مَعَهُ آنِيَةُ بَيْتِهِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُطَرِّفٍ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ شيءٌ، فَكَذِبَ عَلَى مُطَرِّفٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَعَجَّلَ اللَّهُ حَتْفَكَ، فَمَاتَ الرَّجُلُ مَكَانَهُ، وَاسْتَعْدَى أَهْلُهُ زِيَادًا عَلَى مُطَرِّفٍ، فَقَالَ: هَلْ ضَرَبَهُ؟ هَلْ مَسَّهُ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: دَعْوَةُ رجلٍ صَالِحٍ وَافَقَتْ قَدَرًا. وَرُوِيَ نَحْوُهَا عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: كَانَ مُطَرِّفٌ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، قَالَ لرجلٍ: إِنْ كُنْتَ كَذِبْتَ فَأَرِنَا بِهِ، فَمَاتَ مكانه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 276 وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلانَ قَالَ: كَانَ ابْنُ أَخِي مُطَرِّفٍ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ فَلَبِسَ مُطَرِّفٌ خُلْقَانَ ثِيَابِهِ، وَأَخَذَ عُكَّازًا وَقَالَ: أَسْتَكِينُ لِرَبِّي لَعَلَّهُ أَنْ يُشَفِّعَنِي فِي ابْنِ أَخِي. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَقُولُ لِإِخْوَانِهِ: إِذَا كَانَتْ لَكُمْ حَاجَةٌ فَاكْتُبُوهَا فِي رقعةٍ لِأَقْضِيَهَا لَكُمْ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى ذُلَّ السُّؤَالِ فِي الْوَجْهِ. قَالَ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ستٍ وَثَمَانِينَ. قَالَ الْعِجْلِيُّ: لَمْ يَنْجُ مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ بِالْبَصْرَةِ إِلا مُطَرِّفٌ، وَابْنُ سِيرِينَ. 410- مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 بن عثمان -خ م ن- بن عبيد الله القرشي التيمي أَخُو عُثْمَانَ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَحُمْرَانَ بْنِ أبان، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَدْرَكَ زَمَانَ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، وجماعة. 411- معاوية بن سبرة السوائي العامري -ع- أبو العبيدين الكوفي الأعمى2. عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَمُسْلِمٌ الْبَطِينُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَهُوَ مُقِلٌّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ، وَلَهُ في بخ. 412- معاوية بن سويد3 -ع- بن مقرن المزني الكوفي.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 247" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 363-364" ولابن معين "2/ 572". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 378" وتاريخ أبي زرعة "1/ 480" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 329". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 378" والتاريخ الكبير "7/ 330" وتهذيب التهذيب "10/ 208". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 277 رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. روى عنه: سلمة بن كهيل، وأشعث بن أبي الشعثاء، وأبو السفر، وعمرو بن مرة. واسم أبي السفر سعيد بن محمد. 413- معاوية بن عبد الله -ن ق- بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي المدني1. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ. روى عنه: ابنه عبد الله، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والزهري، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وآخرون. وهو قليل الحديث نبيلٌ فاضل، وفد على يزيد بن معاوية وبقي إلى أَنْ وَفَدَ عَلَى ويزيد بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ صَدِيقًا لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ خَاصًّا بِهِ. وَذَكَرَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ أن معاوية وفى عن أبيه عبد الله بْنِ جَعْفَرٍ مِنَ الدُّيُونِ أَلْفَ أَلْفِ درهمٍ. 414- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ2 -4- سَارَ فِي هَذَا الزَّمَانِ، بَلْ فِي سَنَةِ مِائَةٍ إِلَى غَزْوِ الْبَحْرِ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقِيلَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَحْرِ "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" 3. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَغَيْرُهُ. 415- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي شِهَابٍ الْمَخْزُومِيُّ4. قَرَأَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 377" والطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 329" وتهذيب التهذيب "10/ 212-213". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 219" والتاريخ الكبير "7/ 323" وميزان الاعتدال "4/ 159" وتهذيب التهذيب "10/ 257". 3 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "83" والنسائي "1/ 50، 176" والترمذي "69" وابن ماجه "386، 387، 388" وأحمد "2/ 237، 361". 4 انظر معرفة القراء للمصنف "1/ 48". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 278 وَعَلَيْهِ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الدِّمَشْقِيُّ. نَقَلَ الْقَصَّاعُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَلَهُ تسعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. 416- الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ الْكُوفِيُّ1 -م د ن. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ الْيَشْكُرِيِّ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَالْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَجَمَاعَةٌ. 417- مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 اللَّخْمِيُّ أَمِيرُ الْمَغْرِبِ، كَانَ مَوْلَى امرأة من لخم، وقيل مَوْلَى لِبَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ أَعْرَجَ. رَوَى عَنْ: تميم الدراي. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَيَزِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْيَحْصُبِيُّ. وَشَهِدَ مَرْجَ رَاهِطٍ، وَوَلَّى غَزْوَ الْبَحْرِ لِمُعَاوِيَةَ، فَغَزَا جَزِيرَةَ قُبْرُسَ وَبَنَى هُنَاكَ حُصُونًا كالماغوصةَ وَحِصْنِ يَانِسَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا افْتِتَاحَهُ الأَنْدَلُسَ، وَجَرَتْ لَهُ عَجَائِبُ وأمورٌ طَوِيلَةٌ هَائِلَةٌ. وَقِيلَ انْتَهَى إِلَى آخِرِ حِصْنٍ مِنْ حُصُونِ الأَنْدَلُسِ، فَاجْتَمَعَ الرُّومُ لِحَرْبِهِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وقعةٌ مَهُولَةٌ، وَطَالَ الْقِتَالُ، وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً وَهَمُّوا بِالْهَزِيمَةِ، فَأَمَرَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ بِسُرَادِقِهِ فَكَشَفَ عَنْ ثِيَابِهِ وَحُرَمِهِ حَتَّى يُرَوْنَ، وَبَرَزَ بَيْنَ الصُّفُوفِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالْبُكَاءِ، فَأَطَالَ، فَلَقَدْ كُسِرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَغْمَادُ السُّيُوفِ، ثُمَّ فَتَحَ اللَّهُ وَنَزَلَ النَّصْرُ. قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَأَلَ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ عَنْ أَعْجَبِ شَيْءٍ رَآهُ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى جَزِيرَةٍ فِيهَا سِتَّ عَشْرَةَ جرةٍ خَضْرَاءَ، مَخْتُومَةً بِخَاتَمِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَأَمَرْتُ بِأَرْبَعَةٍ مِنْهَا، فأخرجت،   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 224" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 319" وتهذيب التهذيب "10/ 263". 2 انظر سير أعلام النبلاء "4/ 496" والبداية والنهاية "9/ 171". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 279 وَأَمَرْتُ بِوَاحِدَةٍ فَنُقِبَتْ، فَإِذَا شيطان يَقُولُ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالنُّبُوَّةِ لا أَعُودُ بَعْدَهَا أُفسِدُ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ نَظَرَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى بها سليمات وَلا مُلْكَهُ، فَانْسَاخَ فِي الأَرْضِ، فَذَهَبَ، فَأَمَرْتُ بِالْبَوَاقِي فَرُدَّتْ إِلَى مَكَانِهَا. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: إِنَّ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ بَعَثَ ابْنَهُ مَرْوَانَ عَلَى جيشٍ، فَأَصَابَ مِنَ السَّبْيِ مِائَةَ ألفٍ، وَبَعَثَ ابْنَ أَخِيهِ فِي جيشٍ فَأَصَابَ مِنَ السَّبْيِ مِائَةَ ألفٍ أُخْرَى، فَقِيلَ لِلَّيْثِ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: الْبَرْبَرُ، فَلَمَّا جَاءَ كِتَابُهُ بِذَلِكَ، قَالَ النَّاسُ: إِنَّ ابْنَ نُصَيْرٍ وَاللَّهِ أَحْمَقُ، مِنْ أَيْنَ لَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفًا يَبْعَثُ بِهِمْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْخُمْسِ؟ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لِيَبْعَثُوا مَنْ يَقْبِضُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا فَتَحُوا الأَنْدَلُسَ جَاءَ رجلٌ فَقَالَ: ابْعَثْ مَعِي أَدُلُّكَ عَلَى كنزٍ، فَبَعَثَ مَعَهُ فقال لهم: انزحوا ههنا، فَنَزَحُوا فَسَالَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ مَا أَبْهَتَهُمْ فَقَالُوا: لا يُصَدِّقُنَا مُوسَى، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَجَاءَ وَنَظَرَ، قَالَ اللَّيْثُ: إِنْ كَانَتِ الطِّنْفَسَةُ لَتُوجَدُ مَنْسُوجَةً بِقُضْبَانِ الذَّهَبِ، تُنْظَمُ السِّلْسِلَةُ الذَّهَبِ بِاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ، فَكَانَ الْبَرْبَرِيَّانِ رُبَّمَا وَجَدَاهَا فَلا يَسْتَطِيعَانِ حَمْلَهَا حَتَّى يَأْتِيَا بِالْفَأْسِ فَيُقَسِّمَانَهَا. وَلَقَدْ سُمِعَ يَوْمَئِذٍ منادٍ يُنَادِي وَلا يَرَوْنَهُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ فُتِحَ عَلَيْكُمْ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ. وَقِيلَ: لَمَّا دَخَلَ مُوسَى إِفْرِيقِيَّةَ وَجَدَ أَكْثَرَ مُدُنِهَا خَالِيَةً لاخْتِلافِ أَيْدِي الْبَرْبَرِ عَلَيْهَا، وَكَانَتِ الْبِلادُ فِي قحطٍ، فَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ وَالصَّلاةِ وَإِصْلاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الصَّحْرَاءِ وَمَعَهُ سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَوْلادِهَا، فَوَقَعَ الْبُكَاءُ وَالضَّجِيجُ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ صَلَّى وَخَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَلِيدَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلا تَدْعُو لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: هَذَا مقامٌ لا يُذْكَرُ فِيهِ إِلا اللَّهُ، فَسُقُوا حَتَّى رُوُوا وَأُغِيثُوا. قَالَ أَبُو شَبِيبٍ الصَّدَفِيُّ: لَمْ نَسْمَعْ فِي الإِسْلامِ بِمِثْلِ سَبَايَا مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ. وَقِيلَ: إِنَّ مُوسَى تَمَادَى فِي سَيْرِهِ بِأَرْضِ الأَنْدَلُسِ مُجَاهِدًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَرْضٍ تَمِيدُ بِأَهْلِهَا، فَقَالَ لَهُ جُنْدُهُ: إِلَى أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ تَذْهَبَ بِنَا، حَسْبُنَا مَا بِأَيْدِينَا فَرَجَعَ وَقَالَ: لو أطعتموني لوصلت إلى القسطنطينية. ولم افْتَتَحَ مُوسَى أَكْثَرَ الأَنْدَلُسِ رَجَعَ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ وَلَهُ نيفٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بغلٍ اسْمُهُ كَوْكَبٌ وَهُوَ يَجُرُّ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيْهِ جَرًّا، أَمَرَ بِالْعِجْلِ تَجُرُّ أَوْقَارَ الذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ وَالتِّيجَانِ وَالثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ وَمَائِدَةِ سُلَيْمَانَ، ثُمَّ استخلف ولده الجزء: 6 ¦ الصفحة: 280 بأفريقية، وأخذ معه مائةً من رءوس الْبَرْبَرِ، وَمِائَةً وَعِشْرِينَ مِنَ الْمُلُوكِ وَأَوْلادِهِمْ، وَقَدِمَ مِصْرَ فِي أبهةٍ عَظِيمَةٍ، فَفَرَّقَ الأَمْوَالَ، وَوَصَلَ الأَشْرَافَ وَالْعُلَمَاءَ، ثُمَّ سَارَ يَطْلُبُ فِلَسْطِينَ، فَتَلَقَّاهُ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ، فَوَصَلَهُ بمبلغٍ كبيرٍ، وَتَرَكَ عِنْدَهُ بَعْضَ أَهْلِهِ وَخَدَمِهِ، فَأَتَاهُ كِتَابُ الْوَلِيدِ بِأَنَّهُ مَرِيضٌ، وَيَأْمُرُهُ بِشِدَّةِ السَّيْرِ لِيُدْرِكَهُ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يُبَطِّئُهُ فِي سَيْرِهِ فَإِنَّ الْوَلِيدَ فِي آخِرِ نفسٍ، فَجَدَّ فِي السَّيْرِ، فَآلَى سُلَيْمَانُ إِنْ ظَفِرَ بِهِ لَيَصْلُبَنَّهُ، وَأَرَادَ سُلَيْمَانُ أَنْ يُبْطِئَ لِيَتَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى، فَقَدِمَ قَبْلَ مَوْتِ الْوَلِيدِ بأيام، فأتاه بالدر والجوهر وَالنَّفَائِسِ وَمِلاحِ الْوَصَائِفِ وَالتِّيجَانِ وَالْمَائِدَةِ، فَقَبَضَ ذَلِكَ كله، وأمر بباقي الذهب وَالتَّقَادُمِ فَوُضِعَ بِبَيْتِ الْمَالِ، وَقُوِّمَتِ الْمَائِدَةُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِمُوسَى رِضَا الْوَلِيدِ، واستخلف سليمان فأحضره وعنفه وَأَمَرَ بِهِ فَوَقَفَ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرَّ؟ وَكَانَ سَمِينًا بَدِينًا؟ فَوَقَفَ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاقِفٌ يَتَأَلَّمُ لَهُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَفْصٍ مَا أَظُنُّ إِلا أَنَّنِي خَرَجْتُ مِنْ يَمِينِي، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَضَمَّهُ؟ فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ: أَنَا أَضَمُّهُ. قَالَ: فَضُمَّهُ إِلَيْكَ وَلا تضيق عَلَيْهِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ أَيَّامًا، وَتَوَسَّطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُلَيْمَانَ وَافْتُدِيَ مِنْهُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَيُقَالُ: إن يزيد قَالَ لَهُ: كَمْ تَعُدُّ مِنْ مَوَالِيكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ؟ قَالَ: كَثِيرٌ. قَالَ يَزِيدُ: يَكُونُونَ أَلْفًا؟ قَالَ: وألف أَلْفٍ، وَقَالَ يَزِيدُ: وَأَنْتَ عَلَى هَذَا وَتُلْقِي بِيَدِكَ إِلَى التَّهْلُكَةِ، أَفَلا أَقَمْتَ فِي قَرَارِ عِزِّكَ وَسُلْطَانِكَ وَبَعَثْتَ بِالتَّقَادُمِ، فَإِنْ أعطيت الرضا، وإلا فائت عَلَى عِزِّكَ قَالَ: لَوْ أردت ذَلِكَ لَصَارَ، وَلَكِنِّي آثَرْتُ اللَّهَ وَلَمْ أَرَ الْخُرُوجَ، قَالَ يَزِيدُ: كُلُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ، أَرَادَ بِذَلِكَ قُدُومَهُ هو على الحجاج. وقال سُلَيْمَانُ يَوْمًا لِمُوسَى: مَا كنت تَفْزَعُ إِلَيْهِ عِنْدَ حَرْبِكَ؟ قَالَ: الدُّعَاءُ وَالصَّبْرُ، قَالَ: فَأَيُّ الْخَيْلِ رأيتها أصبر؟ قَالَ: الشُّقْرُ، قَالَ: فَأَيُّ الأُمَمِ أَشَدُّ قِتَالا؟ قَالَ: هُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَصِفَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الرُّومِ، قَالَ: أسدٌ فِي حُصُونِهِمْ، عقبانٌ عَلَى خُيُولِهِمْ، نساءٌ فِي مَرَاكِبِهِمْ، إِنْ رَأَوْا فُرْصَةً افْتَرَصُوهَا، وَإِنْ رَأَوْا غَلَبَةً فَأَوْعَالٌ تَذْهَبُ فِي الْجِبَالِ، لا يَرَوْنَ الهزيمة عارًا، قال: فأخبرني عن البربر، قال: هم أشبه العجم بالعرب لقاءً ونجدة وصبرًا وفروسيةً وشجاعةً، غير أنهم أغدر الناس، ولا وفاء لهم ولا عهد، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ الأَنْدَلُسِ، قَالَ: مُلُوكٌ مُتْرَفُونَ وَفُرْسَانٌ لا يَجْبُنُونَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الفرنج، قال: هناك العدد والجلد والشدة والبأس والنجدة، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ؟ قَالَ: أَمَّا هَذَا فَوَاللَّهِ مَا هُزِمَتْ لِي رايةٌ قَطُّ، وَلا بُدِّدَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 281 جَمْعِي، وَلا نُكِبَ الْمُسْلِمُونَ مَعِي مُنْذُ اقْتَحَمْتُ الأَرْبَعِينَ إِلَى أَنْ بَلَغْتُ الثَّمَانِينَ، ثُمّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثْتُ لِأَخِيكَ الْوَلِيدِ بتورٍ مِنْ زبرجدٍ أَخْضَرَ كَانَ يُجْعَلُ فِيهِ اللَّبَنُ حَتَّى يُرَى فِيهِ الشَّعْرَةُ الْبَيْضَاءُ، ثُمَّ جَعَلَ يُعَدِّدُ مَا أَصَابَ مِنَ الْجَوْهَرِ وَالزَّبَرْجَدِ حَتَّى بُهِتَ سُلَيْمَانُ وَتَعَجَّبَ. وَبَلَغَنَا أَنَّ النُّصَيْرِيَّ مِنْ وَلَدِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ قَالَ: دَخَلَ مُوسَى مَعَ مَرْوَانَ مِصْرَ، فَتَرَكَهُ مَعَ ابْنِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، ثُمَّ كَانَ مَعَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ وَزِيرًا بِالْعِرَاقِ. وَقَالَ الْفَسَوِيُّ: وَلِيَ مُوسَى إِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ تسعٍ وَسَبْعِينَ، فَافْتَتَحَ بِلادًا كَثِيرَةً، وَكَانَ ذَا حزمٍ وَتَدْبِيرٍ. وَذَكَرَ النُّصَيْرِيُّ أَنَّ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ قَالَ يَوْمًا: أَمَا وَاللَّهِ لَوِ انْقَادَ النَّاسُ إِلَيَّ لَقُدْتُهُمْ حَتَّى أُوقِفَهُمْ عَلَى رُومِيَّةَ ثُمَّ لَيَفْتَحَنَّهَا اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ إن شاء الله. ولم قَدِمَ مِصْرَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ تَوَجَّهَ إِلَى الْوَلِيدِ، فَلَمَّا جَلَسَ الْوَلِيدُ يَوْمَ جمعةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ أَتَى مُوسَى وَقَدْ أَلْبَسَ ثَلاثِينَ رَجُلا التِّيجَانَ، عَلَى كُلِّ واحدٍ تَاجُ الْمَلِكِ وَثِيَابُهُ، وَدَخَلَ بِهِمُ الْمَسْجِدَ فِي هَيْئَةِ الْمُلُوكِ، فَلَمَّا رَآهُمُ الْوَلِيدُ، بُهِتَ ثُمَّ حمد اللَّهَ وَشَكَرَ، وَهُمْ وُقُوفٌ تَحْتَ الْمِنْبَرِ، وَأَجَازَ مُوسَى بجائزةٍ عَظِيمَةٍ، وَأَقَامَ مُوسَى بِدِمَشْقَ حَتَّى مَاتَ الْوَلِيدُ وَاسْتُخْلِفَ سُلَيْمَانُ، وَكَانَ عَاتِبًا عَلَى مُوسَى، وَحَبَسَهُ وَطَالَبَهُ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، ثُمَّ حَجَّ سُلَيْمَانُ وَمَعَهُ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ، فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ. وَقِيلَ: مَاتَ بِوَادِي الْقُرَى. وَقِيلَ: لَمْ يُسْمَعْ فِي الإِسْلامِ بِمِثْلِ سَبَايَا مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ وَكَثْرَتِهِمْ. وَرُوِيَ أَنَّ مُوسَى قَالَ لِسُلَيْمَانَ يَوْمًا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ كَانَتِ الشِّيَاهُ الأَلْفُ تُبَاعُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَمُرُّ النَّاسُ بِالْبَقَرَةِ لا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهَا، وتباع الناقة بعشرة دَرَاهِمَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْعِلْجَ الْفَارِهَ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلادَهُ يُبَاعُونَ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا. 418- مَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ الْكُوفِيُّ -د ن- مَوْلَى كِنْدَةَ1. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ، وَشَهِدَ قِتَالَ الْخَوَارِجِ مع علي.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 223" والجرح والتعديل "8/ 252" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 374". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 282 وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَهِلالُ بْنُ خَبَّابٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. "حرف النُّونِ": 419- نَاعِمُ بْنُ أُجَيْلٍ -م ن- مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. هَمْدَانِيُّ النَّسَبِ، أَصَابَهُ سِبَاءٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ1. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ. وَعَنْهُ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَانِئٍ الأَعْرَجُ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْحَارِثُ بْنُ يزيد، وغيرهم. 420- نافع بن جبير ابن مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيُّ الْنَّوْفَلِيُّ الْمَدَنِيُّ2، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَالْعَبَّاسِ، وَالزُّبَيْرِ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَعَائِشَةَ، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: حَكِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنْ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: أَصْحَابُ زيدٍ الَّذِينَ كَانُوا يَأْخُذُونَ عَنْهُ وَيُفْتُونَ بِفَتْوَاهُ مِنْهُمْ مَنْ لَقِيَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَلْقَهُ، وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا، فَذَكَرَ مِنْهُمْ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ: كَانَ ثِقَةً أَحَدَ الأَئِمَّةِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَحُجُّ مَاشِيًا وَرَاحِلَتُهُ تُقَادُ مَعَهُ، وَكَانَ مِنَ الْفُصَحَاءِ الأَلْبَاءِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ: إِنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ لِنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَذَكَرَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَهُوَ الَّذِي قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، لَيْتَنِي ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، قَالَ: أراد الله بك خيرًا مما   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 508" والتاريخ الكبير "8/ 125" وتهذيب التهذيب "10/ 403". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 205" والجرح والتعديل "8/ 451" والتاريخ الكبير "8/ 82-83" وتهذيب التهذيب "10/ 404-4015". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 283 أَرَدْتَ بِنَفْسِكَ، قَالَ: صَدَقْتَ، ثُمَّ قَالَ الْحَجَّاجُ: عُمَرُ الَّذِي يَقُولُ: سَيَكُونُ لِلنَّاسِ نفرةٌ مِنْ سُلْطَانِهِمْ، أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ يُدْرِكَنِي وَإِيَّاكُمْ ذَلِكَ أَهْوَاءٌ مُتَّبَعَةٌ، وَمَا كَانَ عَلَى عُمَرَ لَوْ أَدْرَكَ ذَلِكَ، فَقَالَ بِالسَّيْفِ هَكَذَا وَهَكَذا، وَقَالَ نَافِعٌ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْرِ الأُمَرَاءِ؟ قَالَ: صَدَقْتَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ: رَأَيْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. وَرَوَى مَعْنٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ مَرْبُوطَةٌ أَسْنَانُهُ بِخِرْصَانِ الذَّهَبِ. وَقِيلَ: غَزَا الدَّيْلَمَ زَمَنَ الْحَجَّاجِ. تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، قَالَهُ غَيْرُ واحد. 421- نافع بن عباس -ع- أبو عياش مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ1. رَوَى عَنْ: مَوْلاهُ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بن أفلج، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 422- نافع بن عجير بن عبد يزيد -د- بن هاشم بن المطلب المطلبي2. عَنْ: عَمِّهِ رُكَانَةَ، وَأَبِيهِ عَلِيٍّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُطَّلِبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَوَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 423- النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ3 -سوى د- أبو سلمة الأنصاري الزرقي المدني، فَاضِلٌ نَبِيلٌ. رَوَى عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وجابر، وخولة بنت عامر.   1 انظر الطبقات الكبرى "5/ 304" والجرح والتعديل "8/ 454" والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 83". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 454" والتاريخ الكبير "8/ 84" وتهذيب التهذيب "10/ 408". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 445" والتاريخ الكبير "8/ 77" وتهذيب التهذيب "10/ 455". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 284 رَوَى عَنْهُ: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَسُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَعَبْدُ اللَّهِ الْمَاجِشُونُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَابْنِ عَجْلانَ. "حرف الْهَاءِ": 424- هَانِئُ بْنُ كُلْثُومَ1 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيُّ، وَيُقَالُ: الْكِنْدِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ. أَرَادَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى إِمْرَةِ فِلَسْطِينَ فَأَبَى عَلَيْهِ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَمَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ دَهْقَانَ، وَأُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ شَرِيفًا جَلِيلا عَابِدًا مُجَاهِدًا غَازِيًا. تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 425- هِلالُ بْنُ يساف أبو الحسن2 -م4- الأشجعي مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ، مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. رَوَى: عَنْ أبي الدرداء، وسعيد بن زيد مرسلًا، وعن: عائشة، وعمران بن حصين، وسويد بن مقرن، وسمرة بن جندب، والبراء بن عازب، وعن طائفة من التابعين. وروى عنه: حصين بن عبد الرحمن، وعبدة بن أبي لبابة، ومنصور، والأعمش، وسعيد بن مسروق الثوري، وآخرون. وثقه ابن معين وغيره. 426- هنيدة بن خالد -د ن- الخزاعي3 ويقال النخعي. كانت أمه تحت عمر بن الخطاب.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 101" والتاريخ الكبير "8/ 230" وتهذيب التهذيب "11/ 22". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 72" والتاريخ الكبير "8/ 200" وتهذيب التهذيب "11/ 86، 87". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 120" والتاريخ الكبير "8/ 248" وتهذيب التهذيب "11/ 73". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 285 رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَحَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَالْحُرُّ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الْعَدَوِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 427- الْهَيْثَمُ بْنُ شفي1 أبو الحصين -د ن ق- الرعيني الحجري المصري. يَرْوِي عَنْ: أَبِي عَامِرٍ الْحُجَرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي رَيْحَانَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ، وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. قَالَ: الدَّارَقُطْنِيُّ: وَشَفِيٌّ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ، وَغَلَطَ مَنْ ضَمَّهُ. "حرف الْوَاوِ": 428- واسع بن حبان2 بن منقذ -ع- بن عمرو الأنصاري المدني. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ الأَنْصَارِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ حِبَّانُ، وَابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ. 429- الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ3 بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو الْعَبَّاسِ الأُمَوِيُّ، اسْتُخْلِفَ بعهدٍ مِنْ أَبِيهِ بَعْدَهُ. قَالَ الْعُتْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ: كَانَ دَمِيمًا، إِذَا مَشَى تَبَخْتَرَ فِي مِشْيَتِهِ، وَكَانَ أَبَوَاهُ يُتْرِفَانَهُ، فَشَبَّ بِلا أَدَبٍ، وَكَانَ سَائِلَ الأَنْفِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: كَانَ الْوَلِيدُ طَوِيلا أَسْمَرَ، بِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ، وَبِمُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ شمطٌ لَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلا لِحْيَتِهِ غيره، أفطس.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 79-80" والتاريخ الكبير "8/ 212-213" وميزان الاعتدال "9/ 79". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 48" والتاريخ الكبير "8/ 190" وتهذيب التهذيب "11/ 102". 3 انظر فوات الوفيات "4/ 254-255" والبداية والنهاية "9/ 70/ 161". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 286 وَرَوَى ابْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيّ أَنَّ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وهو مهموم، فقال: فكرت فيما أُوَلِّيهِ أَمْرَ الْعَرَبِ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقُلْتُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنِ الْوَلِيدِ؟ قَالَ: إِنَّهُ لا يُحْسِنُ النَّحْوَ. قَالَ: فَقَالَ لِي: رُحْ إِلَيَّ الْعَشِيَّةَ فَإِنِّي سَأُظْهِرُ كَآبَةً، فَسَلْنِي، قَالَ: فَرُحْتُ إِلَيْهِ، وَالْوَلِيدُ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لا يسوءك اللَّهُ مَا هَذِهِ الْكَآبَةِ؟ قَالَ: فَكَّرْتُ فِيمَنْ أُوَلِّيهِ أَمْرَ الْعَرَبِ، فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ رَيْحَانَةِ قريشٍ وَسَيِّدِهَا الْوَلِيدِ فقال لِي: يَا أَبَا زِنْبَاعٍ إِنَّهُ لا يَلِي الْعَرَبَ إِلا مَنْ تَكَلَّمَ بِكَلامِهِمْ. قَالَ: فَسَمِعَهَا الْوَلِيدُ، فَقَامَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَجَمَعَ أَصْحَابَ النَّحْوِ، وَجَلَسَ مَعَهُمْ فِي بَيْتٍ وَطَيَّنَ عَلَيْهِ سِتَّةَ أشهرٍ، ثُمَّ خرج وَهُوَ أَجْهَلُ مِمَّا كَانَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ أُعْذِرَ. وَقَدْ غَزَا الْوَلِيدُ أَرْضَ الرُّومِ فِي خِلافَةِ أَبِيهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ ثمانٍ وَسَبْعِينَ. وَرَوَى الْعُتْبِيّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ أَوْصَى بَنِيهِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأُمُورٍ، ثُمّ قَالَ لِلْوَلِيدِ: لا أُلْفِيَنَّكَ إِذَا مِتُّ تَعْصُرُ عَيْنَيْكَ وَتَحِنُّ حَنِينَ الأَمَةِ، وَلَكِنْ شَمِّرْ وَائْتَزِرْ وَالْبَسْ جِلْدَ نمرٍ وَدَلِّنِي فِي حُفْرَتِي وَخَلِّنِي وَشَأْنِي، ثُمَّ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَمَنْ قَالَ هَكَذَا، فَقُلْ بِالسَّيْفِ هَكَذَا. وَبُويِعَ الْوَلِيدُ فِي شَوَّالٍ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيّ عَنْ كَثِيرٍ أَبِي الْفَضْلِ الطُّفَاوِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ صَلَّى الْجُمُعَةَ وَالشَّمْسُ عَلَى الشُّرَفِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ. قُلْتُ: كَثِيرٌ هُوَ ابْنُ يَسَارٍ، بَصْرِيٌّ. رَوَى عَنْهُ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَجَمَاعَةٌ. لَمْ يضعف، وَبَنُو أُمَيَّةَ مَعْرُوفُونَ بِتَأْخِيرِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا. وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: قَالَ لِي الْوَلِيدُ: كَيْفَ أَنْتَ وَالْقُرْآنُ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْتِمُهُ فِي كُلِّ جُمَعَةٍ، قُلْتُ: فَأَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: وَكَيْفَ مَعَ الأَشْغَالِ، قُلْتُ: عَلَى ذَاكَ، قَالَ: فِي كُلِّ ثَلاثٍ. قَالَ عَلِيٌّ: فذكرت ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ فَقَالَ: كَانَ يَخْتِمُ فِي رَمَضَانَ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 287 وَقَالَ ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي عَبْلَةَ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ الْوَلِيدَ وَأَيْنَ مِثْلُ الْوَلِيدِ، افْتَتَحَ الْهِنْدَ والأندلس وَبَنَى مَسْجِدَ دِمَشْقَ، وَكَانَ يُعْطِينِي قِصَاعَ الْفِضَّةِ أُقَسِّمُهَا عَلَى قُرَّاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ الْبَابِ الأَصْغَرِ، فَوَجَدَ رَجُلا عِنْدَ الْحَائِطِ عِنْدَ الْمِئْذَنَةِ الشَّرْقِيَّةِ يَأْكُلُ وَحْدَهُ، فَجَاءَ فَوَقَفَ عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا هُوَ يَأْكُلُ خُبْزًا وَتُرَابًا، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ انْفَرَدْتَ مِنَ النَّاسِ قَالَ: أَحْبَبْتُ الْوِحْدَةَ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَكْلِ التُّرَابِ، أَمَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا يُجْرَى عَلَيْكَ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ رَأَيْتُ الْقُنُوعَ، قَالَ: فَرَدَّ الْوَلِيدُ إِلَى مَجْلِسِهِ ثُمَّ أَحْضَرَهُ، فَقَالَ: إِنَّ لَكَ لَخَبَرًا لَتُخْبِرْنِي بِهِ وَإِلا ضَرَبْتُ مَا فِيهِ عَيْنَاكَ، قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ جَمَّالًا وَمَعِي ثَلاثَةُ أَجْمَالٍ مُوقَرَةٌ طَعَامًا حَتَّى أَتَيْتُ مَرْجَ الصُّفَّرِ فَقَعَدْتُ فِي خربةٍ أَبُولُ فَرَأَيْتُ الْبَوْلَ يَنْصَبُّ فِي شِقٍّ، فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى كَشَفْتُهُ، فَإِذَا غطاء عَلَى حَفِيرٍ، فَنَزَلْتُ، فَإِذَا مَالٌ صبيبٌ، فَأَنَخْتُ رَوَاحِلِي وَأَفْرَغْتُ أَعْكَامِي، ثُمَّ أَوْقَرْتُهَا ذَهَبًا وَغَطَّيْتُ الْمَوْضِعَ، فَلَمَّا سِرْتُ غَيْرَ يَسِيرٍ وَجَدْتُ مَعِي مِخْلاةً فِيهَا طَعَامٌ، فَقُلْتُ: أَنَا أَنْزِلُ الْكُسْوَةَ فَفَرَّغْتُهَا وَرَجَعْتُ لِأَمْلأَهَا فَخَفِيَ عَنِّي الْمَوْضِعُ، وَأَتْعَبَنِي الطَّلَبُ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْجِمَالِ فَلَمْ أَجِدْهَا، وَلَمْ أَجِدِ الطَّعَامَ، فَآلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلا آكُلَ شَيْئًا إِلا الْخُبْزَ بِالتُّرَابِ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: كَمْ لَكَ مِنَ الْعِيَالِ؟ فَذَكَرَ عِيَالا. قَالَ: يُجْرَى عَلَيْكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلا تُسْتَعْمَلْ فِي شَيْءٍ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَحْرُومُ. قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَذُكِرَ لَنَا أَنَّ الإِبِلَ جَاءَتْ إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَأَنَاخَتْ عِنْدَهُ، فَأَخَذَهَا أَمِينُ الْوَلِيدِ فَطَرَحَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، قَالَهُ الْكِنَانِيُّ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ الْغِلابِيُّ: ثنا نُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: لَوْلا أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ آلَ لوطٍ فِي الْقُرْآنِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا. وَقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: ثنا أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحافة: 27] ، وَتَحْتَ الْمِنْبَرِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: وَدِدْتُهَا وَاللَّهِ. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: كَانَ الْوَلِيدُ لَحَّانًا كَأَنِّي أَسْمَعُهُ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: يَا أهل الْمَدِينَةِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 288 قُلْتُ: وَكَانَ الْوَلِيدُ جَبَّارًا ظَالِمًا، لَكِنَّهُ أَقَامَ الْجِهَادَ فِي أَيَّامِهِ، وَفُتِحَتْ فِي خِلافَتِهِ فُتُوحَاتٌ عَظِيمَةٌ كَمَا ذَكَرْنَا. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: لَمَّا وَلانِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ خُرَاسَانَ وَدَّعَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لِي: يَا يَزِيدَ اتَّقِ اللَّهَ، إِنِّي حِينَ وَضَعْتُ الْوَلِيدَ فِي لَحْدِهِ إِذَا هُوَ يَرْكُضُ فِي أَكْفَانِهِ، يَعْنِي ضَرَبَ الأَرْضَ برجله. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: هَلَكَ الْوَلِيدُ بِدَيْرِ مُرَّانَ فَحُمِلَ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ فَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: عَاشَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ سَنَةً. قُلْتُ: كَانَتْ خِلافَتُهُ تِسْعَ سِنِينَ وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَبَلَغَنَا أَنَّ الْبَشِيرَ لَمَّا جَاءَ الْوَلِيدَ بِفَتْحِ الأَنْدَلُسِ جَاءَهُ أَيْضًا بشيرٌ بِفَتْحِ مدينةٍ مِنْ خُرَاسَانَ، قَالَ الْخَادِمُ: فَأَعْلَمْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَسَجَدَ لِلَّهِ طَوِيلًا وَحَمِدَهُ وَبَكَى. وَقِيلَ: كَانَ يَخْتِنُ الْأَيْتَامَ وَيُرَتِّبُ لَهُمُ الْمُؤَدِّبِينَ وَيُرَتِّبُ لِلزَّمْنَى مَنْ يَخْدُمُهُمْ وَلِلأَضِرَّاءِ مَنْ يَقُودُهُمْ مِنْ رَقِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَمَّرَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَسَّعَهُ، وَرَزَقَ الْفُقَهَاءَ وَالْفُقَرَاءَ وَالضُّعَفَاءَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهُمْ سُؤَالَ النَّاسِ، وَفَرَضَ لَهُمْ مَا يكفيهم وضبط الأموال أَتَمَّ ضبطٍ. "حرف الْيَاءِ": 430- يُحَنَّسُ بْنُ أَبِي موسى -م ن- المدني مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ1. رَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ، وَالزُّبَيْرِ. روى عنه: قطن بن وهب، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وغيرهم. وثقه النسائي.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 313" والتاريخ الكبير "8/ 427" وتهذيب التهذيب "11/ 174". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 289 431- يحيى بن سعيد بن العاص1 -م- الأموي المدني أَخُو عُمَرَ، والأشدق، وعنبسة، وعبد اللَّه. لَمَّا قَتَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَخَاهُمْ عَمْرًا سَيَّرَهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ. رَوَى هَذَا عَنْ: أَبِيهِ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ. روى عنه: الربيع بن سبرة، والزهري. 432- يحيى بن عمارة2 -ع- بن أبي حسن الأنصاري المازني المدني. عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، وَأَبُو طُوَالَةَ عَبْدُ اللَّهِ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 433- يَحْيَى بْنُ يعمر3 العدواني البصري -ع- أبو سليمان، ويقال: أبو عدي، قَاضِي مَرْوَ أَيَّامَ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى بْنُ عُقَيْلٍ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ الْمُصْحَفَ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُصَحَاءِ أَخَذَ الْعَرَبِيَّةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ قد نفاه، فقبله قتيبة، وولاه القضاء بخراسان، فكان إذا انتقل من بلدٍ إلى بلد استخلف على القضاء بها. ثم إن قتيبة عزله لما بلغه عنه شرب المنصف.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 238" والجرح والتعديل "9/ 149" والتاريخ الكبير "8/ 275". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 175" والتاريخ الكبير "8/ 295" وتهذيب التهذيب "11/ 259". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 368" والجرح والتعديل "9/ 196" والتاريخ الكبير "8/ 311-312". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 290 وقال الداني: روى عنه القراءة عرضا عبد الله بن أبي إسحاق، وأبو عمرو ابن العلاء. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَنْبَأَ عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فُطَيْمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ: قال عثمان -رضي الله عنهم: فِي الْقُرْآنِ لحنٌ سَتُقِيمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ قَبْلَ التِّسْعِينَ. 434- يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ1 سنة 153. 435- يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ2 ابْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ بِشْرٍ الثَّقَفِيِّ الْبَصْرِيِّ الشَّاعِرِ. حَدَّثَ عَنْ: عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ. رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ. وَفِي الْأَغَانِي بإسنادٍ ضَعِيفٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ دَعَا يَزِيدَ بْنَ الْحَكَمِ الثَّقَفِيَّ فَوَلاهُ كُوَرَ فَارِسٍ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ بِهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ لِيُوَدِّعَهُ اسْتَنْشَدَهُ، فَأَنْشَدَهُ قَوْلَهُ يَفْتَخِرُ: وَأَبِي الَّذِي صَلَبَ ابْنَ كِسْرَى راية ... بيضاء تخفق كالعقاب الطائر فغضب الحجاج وَعَزَلَهُ، فَقَالَ فِي الْحَجَّاجِ: فَوَرِثْتُ جَدِّي مَجْدَهُ وَنَوَالَهُ ... وَوَرِثْتَ جَدَّكَ أَعْنُزًا بِالطَّائِفِ ثُمَّ لَحِقَ بِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَامْتَدَحَهُ فَوَصَلَهُ وَجَعَلَ لَهُ فِي السَّنَةِ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَمِنْ شِعْرِهِ: شريت الصبا والجهل بالحلم والتقى ... وراجعت عقلي والحليم يراجع أبى الشيب والإسلام أن أتبع الهوى ... وفي الشيب والإسلام للمرء وازع 436- يزيد بْنُ طَرِيفٍ الْبَجَلِيُّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَخِي عُثْمَانُ بن طريف أيام الجماجم،   1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 299" والجرح والتعديل "9/ 193" والتاريخ الكبير "8/ 308" وسير أعلام النبلاء "4/ 379-382". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 257" وسير أعلام النبلاء "4/ 519-520". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 291 فَلَمَّا دُفِنَ وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى قَبْرِهِ، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ أَخِي أعرفه ضَعِيفًا يَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي، قَالَ الآخَرُ: فَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: الإِسْلامُ ديني. 437- يزيد بن عبد الرحمن1 الأودي -د ق- الكوفي، جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ إِدْرِيسُ، وَدَاوُدُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ الْعَطَّارُ. 438- يَزِيدُ مولى المنبعث2 المدني -ع- عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 439- يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ3 الْمَدَنِيُّ -م د ت ن- كَانَ رَأْسَ الْمَوَالِي يَوْمَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه: قيس بن سعد المكي، والزهري، والحارث بن عبد الرحمن ابن أبي ذباب، وآخرون. وثق. 440- يسير بن عمرو -خ م ن- وَيُقَالُ: يُسَيْرُ بْنُ جَابِرٍ4، وَيُقَالُ: أُسَيْرٌ، يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَقِيلَ: رُؤْيَةٌ، وَهُوَ أَشْبَهُ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَسَلْمَانَ. وعنه: زرارة بن أوفى، وأبو قتادة العدوي، وأبو نضرة العبدي، وأبو إسحاق السيباني. يقال: ولد في حدود عام بدر.   1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 234" والجرح والتعديل "9/ 277" وتهذيب التهذيب "11/ 345". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 299" والتاريخ الكبير "8/ 362-363" وتهذيب التهذيب "11/ 375". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 284" والجرح والتعديل "9/ 293-294" والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 367-368". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 146-147" والجرح والتعديل "9/ 307-308" والتاريخ الكبير "8/ 422". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 292 قال العوام بن حوشب: مات سنة خمسٍ وثمانين. 441- يعقوب بن عاصم1 بن عروة -م د ن- بن مسعود الثقفي الطائفي. عَنِ: الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَيْكَةَ، وَغَيْرُهُمْ. 422- يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلام -ع- ابْنِ الْحَارِثِ، أَبُو يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ حَلِيفُ الأَنْصَارِ2. سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ3، وَلَهُ رؤيةٌ وروايةٌ حَدِيثَيْنِ حُكْمُهُمَا الْإِرْسَالُ. وَرَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعِيسَى بْنُ مَعْقِلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الأَعْوَرُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَوْنُ بن عبد الله، ويحيى ابن أَبِي الْهَيْثَمِ الْعَطَّارُ، وَغَيْرُهُمْ. وَشَهِدَ مَوْتَ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْقَ. قَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ الأَعْوَرِ، عَنْ يُوسُفَ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ كِسْرَةً فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً وَقَالَ: "هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ". فَأَكَلَهَا4. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ: يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ وَلَدِ يُوسُفَ نَبِيِّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَكَانَ ثِقَةً وَلَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ. وَقَالَ ابن أبي حاتم: له رؤية.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 211" والتاريخ الكبير "8/ 388" وتهذيب التهذيب "11/ 389". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 225" والتاريخ الكبير "8/ 371" وأسد الغابة "3/ 264". 3 إسناده صحيح: أخرجه البخاري في الأدب "838" وأحمد في المسند "4/ 35، 6/ 6". 4 إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود "3830" في إسناده مجهول وهو يزيد بن أبي أمية الأعور. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 293 وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: إِنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 443- يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ أَبُو غلاب -ع- الباهلي البصري1. حَكَى صَلاةَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ بِأَصْبَهَانَ، وَرَوَى عَنْ: جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَحَطَّانَ الرَّقَاشِيِّ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ عَوْنٍ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. روى أَنَّهُ أَوْصَى أَنَّ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. "الْكُنَى": 444- أَبُو الأَشْعَثِ الصنعاني الدمشقي2 -م4- أصح ما قيل: إن اسْمَهُ شَرَاحِيلُ بْنُ آدَةَ. رَوَى عَنْ: عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَثَوْبَانَ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وَأَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ. وَعَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ يَمَانِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَعَلَّهُ مِنْ صَنْعَاءِ دِمَشْقَ. 445- أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ3 -م4- قَالَ ابْنُ زَبْرٍ: وَالرَّحْبَةُ قريةٌ رَأَيْتُهَا عَامِرَةً بينها وبين دمشق ميل.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 236-237" والتاريخ الكبير "8/ 401-402" وتهذيب التهذيب "11/ 436". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 373" والطبقات الكبرى "5/ 536" وسير أعلام النبلاء "4/ 357". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 259" والتاريخ الكبير "9/ 5" وسير أعلام النبلاء "4/ 491". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 294 اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ مَرْثَدٍ، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ أَسْمَاءَ. رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَعَنْ ثَوْبَانَ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَبُو سَلامٍ مَمْطُورٌ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَأَبُو قِلابَةَ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 446- أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سهل1 بن حنيف -ع- الأنصاري الأوسي المدني، واسمه أسعد، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْكُنْيَةِ، وَسُمِّيَ بِجَدِّهِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ النَّقِيبِ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَآهُ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ الأَشَجِّ، وَابْنَاهُ: مُحَمَّدٌ، وَسَهْلٌ. وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ. قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ: رَأَيْتُهُ وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ وَكَانَ مِنْ عِلِّيَّةِ الأَنْصَارِ وَعُلَمَائِهِمْ وَمِنْ أَبْنَاءِ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا. وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: كَتَبَ مَعِي عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لا مَوْلَى لَهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لا وَارِثَ لَهُ" 2. وَقَالَ يوسف الْمَاجِشُونِ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: آخِرُ خرجةٍ خَرَجَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ حَصَبَهُ النَّاسُ، فَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاةِ، فَصَلَّى لِلنَّاسِ يومئذٍ أَبُو أمامة بن سهل بن حنيف.   1 انظر الطبقات الكبرى "5/ 72" والجرح والتعديل "2/ 344" والتاريخ الكبير "2/ 63". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2103" وابن ماجه "2737" وأحمد "1/ 218، 46" وابن ماجه "2227". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 295 قَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. 447- أَبُو بَحْرِيَّةَ هُوَ عبد الله -ع- بن فيس1 الْكِنْدِيُّ التَّرَاغِمِيُّ الْحِمْصِيُّ. شَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ، وروى عن: معاذ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ قُطَيْبٍ، وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَابْنُهُ بَحْرِيَّةُ، وَأَبُو ظَبْيَةَ الْكَلاعِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. وكان فاضلًا ناسكًا مجاهدًا. روى عَنِ الْوَاقِدِيّ أَنَّ عُثْمَان كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَة أَنْ أغْزِ الصَّائِفَةَ رَجُلا مَأْمُونًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، رَفِيقًا بِسِيَاسَتِهِمْ، فَعَقَدَ لأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْد اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ -وَكَانَ نَاسِكًا فَقِيهًا يُحْمَلُ عَنْهُ الْحَدِيثُ- حَتَّى مَاتَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ وَخُلَفَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ تُعَظِّمُهُ. 448 أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ2 بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَجَدَّتِهِ الشِّفَاءِ، وأبي هريرة، وابن عمر. روى عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، والزهري، وصالح بن كيسان، ويزيد بن عبد الله بن قسيط. وقد روى له البخاري مقرونا بآخر. 449- أبو بكر بن عبد الرحمن -ع- ابن الحارث3 بن هشام بن المغيرة المخزومي الفقيه. أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. الأصح أَنَّ اسْمَهُ كُنْيَتُهُ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، وله عدة إخوة هو أجلهم.   1 انظر الطبقات الكبرى "7/ 442" والجرح والتعديل "5/ 138" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 171". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 223" والجرح والتعديل "9/ 431" والتاريخ الكبير "9/ 13" وتهذيب التهذيب "12/ 25". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 207" والجرح والتعديل "9/ 336" والتاريخ الكبير للبخاري "9/ 9" وحلية الأولياء "2/ 187". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 296 رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُطِيعٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسُمَيٌّ مَوْلاهُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ أَخِيهِ، مُحَمَّدٍ، وَخَلْقٌ مِنْهُمْ أَيْضًا ابْنَاهُ عُمَرُ، وَسَلَمَةُ، وَأَشْهَرُ أَوْلادِهِ عَبْدُ اللَّهِ شَيْخُ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ. قَالَ الزُّبَيْرُ: وَكَانَ يُسَمَّى الرَّاهِبُ، وَكَانَ مِنْ سَادَةِ قُرَيْشٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وُلِدَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ رَاهِبُ قُرَيْشٍ لِكَثْرَةِ صَلاتِهِ، وَكَانَ مَكْفُوفًا. وَقَالَ سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ فَقِيهًا ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَاقِلا سخيًا. وقال هشام ابن عُرْوَةَ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ كِسَاءَ خَزٍّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ مُكْرِمًا لِأَبِي بَكْرٍ مُجِلا لَهُ، يَقُولُ: إِنِّي لأهم بِالشَّيْءِ أَفْعَلُهُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ لِسُوءِ أَثَرِهِمْ عِنْدَنَا، فَأَذْكُرُ أبا بكر بن عبد الرحمن، فأستحيي مِنْهُ، وأدع ذَلِكَ الأَمْرَ لَهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَالْبُخَارِيُّ: سَنَةَ أربعٍ. 450- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ1 بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ. كَانَ أَسَنَّ مِنْ عُمَرَ أَخِيهِ لِأَبَوَيْهِ، وكان خيرًا فاضلًا، له ابنان: بالحكم وَمَرْوَانُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 451- أَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ اسْمُهُ طَرِيفُ بْنُ مجالد2. من فضلاء أهل البصرة. تقدم.   1 تاريخ الرسل والملوك "6/ 414". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 152" والجرح والتعديل "4/ 492" والتاريخ الكبير "4/ 355-356". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 297 قَالَ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. 452- أَبُو جميلة الطهوي -د ن ق- الكوفي1 صاحب راية علي -رضي الله عنهم. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ. وعنه: ابنه عبد الله، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وعطاء بن السائب، وجماعة. اسمه ميسرة بن يعقوب. وثقه ابن حبان. 453- أبو حازم الأشجعي -ع- الكوفي2 اسمه سلمان مَوْلَى عَزَّةَ الأَشْجَعِيَّةِ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَكْثَرَ، وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَفُرَاتُ الْقَزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، وَنُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. وَتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ جَالَسَ أَبَا هريرة خمس سنين. 454- أبو خالد الوالبي3 الكوفي -د ت ق- اسمه هرمز، ويقال هرم. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وعنه: منصور، والأعمش، وفطر بن خليفة. 455- أبو رافع الصائغ4 المدني -ع- ثم البصري مَوْلَى آلِ عُمَرَ، اسْمُهُ نُفَيْعٌ، يُقَالُ إِنَّهُ أدرك الجاهلية.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 252" والتاريخ الكبير "7/ 347" وتهذيب التهذيب "10/ 387". 2 انظر الطبقات الكبرى "6/ 294" والجرح والتعديل "4/ 397" والتاريخ الكبير "4/ 137". 3 انظر التاريخ لابن معين "2/ 702" ولأبي زرعة "1/ 294" وتهذيب التهذيب "12/ 83". 4 انظر الطبقات الكبرى "7/ 122" والجرح والتعديل "8/ 489" وسير أعلام النبلاء "4/ 414-415". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 298 وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وأبي موسى، وأبي هريرة، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وجماعة سواهم. روى عنه: الحسن البصري، وبكر المزني، وقتادة، وعلي بن زيد جدعان، وعطاء بن أبي ميمونة، وآخرون. وثقه أحمد العجلي وغيره. وقال أبو حاتم: ليس به بأس. وقال ثابت البناني: لما أعتق بكى، وَقَالَ: كَانَ لِي أجران فذهب أحدهما. 456- أبو رزين1 -م- اسمه مسعود بن مالك الأسدي الكوفي. رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وعمرو بن أم كلثوم، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ فَقِيهًا مُسِنًّا. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: ضُرِبَتْ رَقَبَتُهُ عَلَى مَنَارَةِ جَامِعِ الْبَصْرَةِ، وَرُمِيَ بِرَأْسِهِ. 457- أبو الزاهرية -م د ن ق- حدير بن كريب الحمصي2. سَمِع: أَبَا أُمَامَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ، وَجُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةَ، وَجَمَاعَةٌ مُرْسَلا. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَالأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى فِي تاريخه: زعموا أَنَّهُ أَدْرَكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَكَانَ أُمِّيًّا لا يكتب. وثقه ابن معين وغيره.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 284" والتاريخ الكبير "7/ 423" وتهذيب التهذيب "10/ 118". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 295" والتاريخ الكبير "3/ 98" وسير أعلام النبلاء "5/ 193". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 299 قَالَ قُتَيْبَةُ: ثنا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَغْفَيْتُ فِي صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَجَاءَتِ السَّدَنَةُ فَأَغْلَقُوا عَلَيَّ الْبَابَ، فَمَا انْتَبَهْتُ إِلا بِتَسْبِيحِ الْمَلائِكَةِ، فَوَثَبْتُ مَذْعُورًا، فَإِذَا الْمَكَانُ مَصْفُوفٌ. فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ وَخَلِيفَةُ فَقَالا: سَنَةَ تسعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 458- أَبُو زرعة بن عمرو -ع- بْن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ1. اسْمُهُ فيما قيل: هرم وَقِيلَ: اسْمُهُ بِاسْمِ أَبِيهِ، فَإِنَّ أَبَاهُ مَاتَ فِي حَيَاةِ جَدِّهِ وَكَفَلَهُ جَدُّهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَأَى عَلِيًّا. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَخَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَمُّهُ إِبْرَاهِيمُ، وَحَفِيدَاهُ جَرِيرٌ، وَيَحْيَى ابْنَا أَيُّوبَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيُّ، وَالْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ، وَعُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، وَمُوسَى الْجُهَنِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، ويحيى ين سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلًا شَرِيفًا كثير الْعِلْمِ، وَفَدَ مَعَ جَدِّهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ. 459- أَبُو ساسان -م د ت ق- اسْمُهُ حُضَيْنُ2 بْنُ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ، وَيُكَنَّى أيضًا بأبي محمد. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَالْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ، وَابْنُهُ يَحْيَى بْنُ حُضَيْنٍ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ ثُمَّ نَزَلَ مَرْوَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَكَانَ قُتَيْبَةُ بْنُ مسلم يستشيره في أموره.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 297" والتاريخ الكبير "8/ 243" وسير أعلام النبلاء "5/ 8". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 155" والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 128" والجرح والتعديل "3/ 311-312". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 300 وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ حَامِلَ رَايَةِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ. وَرَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ صَاحِبَ شُرْطَةِ عَلِيٍّ. وَعَنِ الْمَازِنِيِّ قَالَ: قِيلَ لِحُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ: بِمَ سُدْتَ قَوْمَكَ؟ قَالَ: بِحَسَبٍ لا يُطْعَنُ فِيهِ، ورأيٍ لا يُسْتَغنَى عَنْهُ، وَمِنْ تَمَامِ السُّؤْدُدِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ ثَقِيلَ السَّمْعِ، عَظِيمَ الرَّأْسِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ: كَانَ مِنْ سَادَاتِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ يَبْخَلُ، وَفِيهِ يَقُولُ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم: لِمَنْ رايةٌ سَوْدَاءُ يَخْفِقُ ظِلُّهَا إِذَا قِيلَ قَدِّمْهَا حُضَيْنُ تَقَدَّما قَالَ: ثُمَّ وَلاهُ إِصْطَخْرَ. وَفِيهِ يَقُولُ زِيَادٌ الْأَعْجَمُ: يَسُدُّ حُضَيْنُ بَابَهُ خَشْيَةَ الْقِرَى ... بِإِصْطَخْرَ وَالشَّاةُ السَّمِينُ بِدِرْهَمٍ وَعَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَذُكِرَ الْحُضَيْنُ فَقَالَ: هُوَ بَاقِعَةُ الْعَرَبِ وَدَاهِيَةُ النَّاسِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: أَدْرَكَ خِلافَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: توفي سنة سبع وتسعين. 460- أبو سخلية1 عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ. وَسَلْمَانَ. وَعَنْهُ: الْخِضْرُ بْنُ الْقَوَّاسِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ، وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ. وَلَهُ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ. 461- أبو سعيد المقبري -ع- كيسان2 مَوْلَى الْجُنْدَعِيِّينَ، كَانَ يَنْزِلُ الْمَقَابِرَ بِالْمَدِينَةِ، وَيُقَالُ لَهُ صَاحِبُ الْعَبَاءِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بن عامر، وعبد الله بن وديعة، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدٌ، وَحَفِيدُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ. تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التابعين وثقاتهم.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 388" وتهذيب التهذيب "12/ 105". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 85" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 234-235" والجرح والتعديل "7/ 166". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 301 462- أبو سعيد مولى المهري -م د ت ن- مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ1. رَوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ، إِنْ صَحَّ، وَعَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ سَعِيدٌ، وَيَزِيدُ، وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الحضرمي. 463- أَبُو سُفْيَانَ -ع- مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ2. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَخَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ، وَغَيْرُهُمَا. اسْمُهُ: قَزْمَانُ، وَقِيلَ: وَهْبٌ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، ثِقَةٌ. 464- أبو سلمة بن عبد الرحمن -ع- ابن عوف3 الزهري المدني الفقيه. قَالَ مَالِكٌ: اسْمُهُ كُنْيَتُهُ، وَقِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ إِسْمَاعِيلُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي أسيد الساعدي، وَأَبِي هريرة، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَكَانَ يُنَاظِرُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَيُمَارِيهِ، فَحُرِمَ بِذَلِكَ كَثِيرًا مِنْ عِلْمِهِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ. وَرَوَى عَنْهُ: سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَابْنُ أَخِيهِ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَابْنُهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سعيد الأنصاري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو سَلَمَةَ: زَمَنَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَنَا أَفْقَهُ مَنْ بَالَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي المبارك. رواها ابن عيينة عنه.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 377" والتاريخ الكبير للبخاري "9/ 35" وتهذيب التهذيب "12/ 111-112". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 307". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 155-157" والجرح والتعديل "5/ 93-94" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 130". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 302 وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ مَعَ قومٍ، فَرَأَوْا قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِكَ أَنْ أَكُونَ خَلِيفَةً فَاسْقِنَا مِنْ لَبَنِهَا، فَانْتَهَى إِلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ تيوسٌ كُلُّهَا. وَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ مَرَّةً، وَهُوَ حدثٌ: إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ الْفَرُّوجِ يَسْمَعُ الدِّيَكَةَ تَصِيحُ فَيَصِيحُ. وَكَانَ إِمَامًا حُجَّةً، وَاسِعَ الْعِلْمَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَدْرَكْتُ أَرْبَعَةً بُحُورًا: عُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَدِمَ أَبُو سَلَمَةَ الْكُوفَةَ، فَكَانَ يَمْشِي بَيْنِي وَبَيْنَ رجلٍ، فَسُئِلَ عَنْ أَعْلَمِ مَنْ بَقِيَ، فَتَمَنَّعَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: رجلٌ بَيْنَكُمَا. وَقَالَ ابْنُ مَهِينٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ ثلاثٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ. 465- أَبُو الشعثاء -ع- جابر1 بن زيد الأزدي اليحمدي، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الْخَوْفِيُّ. وَالْخَوْفُ نَاحِيَةٌ مِنْ عُمَانَ. كَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ. قَالَ عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ نَزَلُوا عِنْدَ قَوْلِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ لأَوْسَعَهُمْ عِلْمًا عَمَّا فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ وَفِيكُمْ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: كَانَتْ لِأَبِي الشَّعْثَاءِ حَلْقَةٌ فِي جَامِعِ الْبَصْرَةِ يُفْتِي فِيهَا قَبْلَ الْحَسَنِ، وَكَانَ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْعِبَادَةِ. وَكَانُوا يُفَضِّلُونَ الْحَسَنَ عَلَيْهِ، حَتَّى خَفَّ الحسن في أمر ابن الأشعث.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 197-182" والجرح والتعديل "2/ 494-495" والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 204". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 303 وَقَالَ أَيُّوبُ: رَأَيْتُ أَبَا الشَّعْثَاءِ وَكَانَ لَبِيبًا. وَقَالَ قَتَادَةُ يَوْمَ مَوْتِهِ: الْيَوْمَ دُفِنَ عِلْمُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، أَوْ قَالَ: عَالِمُ الْعِرَاقِ. وَعَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَمُفْتِيهِمْ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ. وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: لَوِ ابتليت بِالْقَضَاءِ لَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي وَهَرَبْتُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْفَلَّاسُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَنَةَ ثلاثٍ ومائة. 466- أبو صالح الحنفي -م د ن- الكوفي، اسمه عبد الرحمن بن قيس عَلَى الصَّحِيحِ1. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: اسْمُهُ مَاهَانُ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الصَّقَفِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وثقه ابن معين. 467- أبو الضحى مسلم -ع- بن صبيح الكوفي العطار2، مَوْلَى هَمْدَانَ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاس، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَأَبُو يَعْفُورٍ عبد الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَعَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 468- أبو الطفيل3 -ع- عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو الليثي الكناني. آخِرُ مِنْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا بِالإِجْمَاعِ، وَكَانَ مِنْ شِيعَةِ علي.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "2/ 615" والجرح والتعديل "5/ 276-277" وسير أعلام النبلاء "5/ 38". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 288" والجرح والتعديل "8/ 186" والتاريخ الكبير "7/ 264". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 457" والجرح والتعديل "6/ 328" والتاريخ الكبير "6/ 446". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 304 رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتِلامَهُ الرُّكْنَ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَسَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وَمَعْرُوفُ بْنُ خَرْبُوذَ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ. قَالَ مَعْرُوفٌ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا غلامٌ شَابٌّ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: دَخَلَ أَبُو الطُّفَيْلِ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ: مَا أَبْقَى لَكَ الدَّهْرُ مِنْ ثُكْلِكَ عَلِيًّا قَالَ: ثُكْلُ الْعَجُوزُ الْمِقْلاتُ وَالشَّيْخُ الرَّقُوبُ، قَالَ: فَكَيْفَ حُبُّكَ لَهُ؟ قَالَ: حُبُّ أُمِّ مُوسَى لِمُوسَى، وَإِلَى اللَّهِ أَشْكُو التَّقْصِيرَ. كَانَ أَبُو الطُّفَيْلِ مِنْ أَعْوَانِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وَحَضَرَ مَعَهُ حُرُوبَهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ أَوْ نَحْوَهَا. قَالَ: وَيُقَالُ: سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ مِنْ حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِ سِنِينَ2. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ثنا مُوسَى، ثنا مُبَارَكٌ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كُنْتُ بِمَكَّةَ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ، فَرَأَيْتُ جِنَازَةً فَسَأَلْتُ عَنْهَا، فَقَالُوا: هَذَا أَبُو الطُّفَيْلِ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِثُبُوتِ إِسْنَادِهِ وَهُوَ مطابقٌ لما قبله. 469- أبو ظبيان3 -ع- الْجَنْبِيُّ الْكُوفِيُّ، حُصَيْنُ بْنُ جُنْدُبِ بْنِ عَمْرِو بن الحارث.   1 خبر صحيح: أخرجه مسلم "1275" وأبو داود "1879" وابن ماجه "2949". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 64" والترمذي "1/ 152" والإصابة "4/ 113-114". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 112-117" والجرح والتعديل "3/ 510" والتاريخ الكبير "3/ 326 رقم 1103". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 305 رَوَى عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَعَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَرِيرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ قَابُوسُ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالأَعْمَشُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. 470- أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ -ع- مَوْلَى امرأة1 مِنْ بَنِي رِيَاحِ بْنِ يَرْبُوعَ، حَيَّ مِنْ تَمِيمٍ. أَحَدَ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ وَأَئِمَّتِهَا، اسْمُهُ رَفِيعُ بْنُ مِهْرَانَ. أَسْلَمَ فِي إمْرَةِ الصِّدِّيقِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَصَلَّى خَلْفَ عُمَرَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي موسى، وَأَبِي أيوب الأنصاري، وَابْنِ عباس. قال الدّاني: أخذ القراءة عَرْضَا عَنْ أُبَيِّ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَيُقَالُ: قَرَأَ عَلَى عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الْقِرَاءَةَ عَرْضًا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ، وَالأَعْمَشُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ. قُلْتُ: وَجَمَاعَةٌ. وَيُقَالُ: قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَ عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَبُو خَلْدَةَ خُلْدُ بْنُ دِينَارٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَثَابِتٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ. قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ بَعْدَ وَفَاةِ نَبِيِّكُمْ بِعَشْرِ سِنِينَ. وَقَالَ خَالِدٌ أَبُو الْمُهَاجِرِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ مَعَ أَبِي ذَرٍّ. وَقَالَ مُعْتمِرٌ وَغَيْرُهُ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو الْعَالِيَةِ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى عُمَرَ ثلاثَ مِرَارٍ. وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ يَقُولُ: كُنَّا عَبِيدًا مَمْلُوكِينَ، منا من يؤدي   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 224-241" والجرح والتعديل "3/ 190" والتاريخ الكبير "3/ 2-3". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 306 الضَّرَائِبَ، وَمِنَّا مَنْ يَخْدُمُ أَهْلَهُ، فَكُنَّا نختم كُلَّ لَيْلَةٍ، فَشُقَّ عَلَيْنَا، حَتَّى شَكَا بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، فَلَقِيَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَّمُونَا أَنْ نَخْتِمَ كلَّ جمعةٍ، فَصَلَّيْنَا وَنِمْنَا وَلَمْ يشق عَلَيْنَا. وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: ذُكِرَ الْحَسَنُ لِأَبِي الْعَالِيَةَ فَقَالَ: رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَدْرَكَنَا الْخَيْرُ، وَتَعَلَّمْنَا قَبْلَ أَنْ يُولَدَ الْحَسَنُ، وَكُنْتُ آتِي ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، فُيُجْلِسُنِي عَلَى السَّرِيرِ، وقريشٌ أَسْفَلُ، فَتَغَامَزَتْ قريشٌ بِي، فَقَالَتْ: يُرْفَعُ هَذَا الْعَبْدُ عَلَى السَّرِيرِ ففطن بهم، فقال: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ يَزِيدُ الشَّرِيفَ شَرَفًا، وَيُجْلِسُ الْمَمْلُوكَ عَلَى الأَسِرَّةِ. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: كَانَ أَشْبَهَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عِلْمًا بِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَبُو الْعَالِيَةِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كُنْتُ أَرْحَلُ إِلَى الرَّجُلِ مَسِيرَةَ أَيَّامٍ لِأَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَتَفَقَّدُ صَلاتَهُ، فَإِنْ وجدته يُحْسِنُهَا أَقَمْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَجِدْهُ يُضَيِّعُهَا رَحَلْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَقُلْتُ: هُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ: حَابَيْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ فِي ثوبٍ فَأَبَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنِّي. وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لَمَّا كَانَ زَمَانُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَإِنِّي لَشَابٌّ الْقِتَالُ أَحَبُّ إلي مِنَ الْطَّعَامِ الطَّيِّبِ، فَتَجَهَّزْتُ بِجَهَازِ حسنٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَإِذَا صَفَّانِ مَا يُرَى طَرَفَاهُمَا، إِذَا كَبَّرَ هَؤُلاءِ كَبَّرَ هَؤُلاءِ، وَإِذَا هَلَّلَ هَؤُلاءِ هَلَّلَ هَؤُلاءِ، فَرَاجَعْتُ نَفْسِي فَقُلْتُ: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أُنْزِلُهُ كَافِرًا، وَمَنْ أَكْرَهَنِي عَلَى هَذَا، فَمَا أَمْسَيْتُ حَتَّى رَجَعْتُ وَتَرَكْتُهُمْ. وَقَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: كَانَ أَبُو الْعَالِيَةِ إِذَا جَلَسَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ من أربعة قام تركهم. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: أَنْتُمْ أَكْثَرَ صَلاةً وَصِيَامًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَلَكِنَّ الْكَذِبَ قَدْ جَرَى عَلَى أَلْسِنَتِكُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثنا حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 307 رِيَاحٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَعْنِي الَّذِي يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلاةِ أَنَّ عَلَى الضَّاحِكِ الْوُضُوءَ1. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: لَيْسَ أحدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أعلم بِالْقُرْآنِ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَبَعْدَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. قَالَ أَبُو خَلْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ فِي شَوَّالٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: سنة ستٍ ومائة. 471- أبو العباس الشاعر -ع- المكي2 الأعمى، اسمه السائب بن فروخ، وَهُوَ وَالِدُ الْعَلاءِ. سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَابْنَ عُمَرَ. وَعَنْهُ: عَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ. وَهُوَ قَدِيمُ الْوَفَاةِ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَلَهُ حَدِيثَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ. 472- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرُّ3 الْمَدَنِيُّ -ع- مَوْلَى جُهَيْنَةَ، اسْمُهُ سَلْمَانُ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. روى عنه: ابناه عبد الله، وعبيد الله، وبكير بن عبد الله بن الأشج، والزهري، وصفوان بن سليم، وزيد بن رباح، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وأما أبو مسلم الأغر الكوفي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَرَجُلٌ آخَرُ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَصْرِيُّ، وَقَبْلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فَوَهِمَا. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ الأَغَرُّ قَاصًّا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَضِيًّا. 473- أَبُو عَبْدِ الله الجدلي4 الكوفي -د ت- عَبْدُ بْنُ عَبْدٍ، وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عبد.   1 انظر المراسيل لأبي داود وهو حديث ضعيف. 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 477" والجرح والتعديل "4/ 243" والتاريخ الكبير "4/ 154" وتهذيب الكمال "1/ 464". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 284" والجرح والتعديل "4/ 297" والثقات لابن حبان "4/ 333". 4 انظر الطبقات الكبرى "6/ 228" والتاريخ الكبير "5/ 319" وتهذيب الكمال "3/ 1620". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 308 عَنْ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَشِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَمُسْلِمٌ الْبَطِينُ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين، وغيره. 474- أبو عبد الله الأشعري -د ق- الدمشقي1. رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ الأَشْعَرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَإِسْمَاعِيلُ بن عبيد الله بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ. 475- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ2 -م ع- عبد الله بن يزيد المعافري المصري، نَزِيلُ إِفْرِيقِيَّةَ، وَأَحَدُ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ. رَوَى: عَنْ أَبِي ذَرٍّ -وَذَلِكَ فِي جَامِع التِّرْمِذِيِّ- وَعَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَأَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وعياش ابن عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الإِفْرِيقِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ فِيمَا قَالَهُ عَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ: قُلْتُ لِحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ صِفَةُ سُلَيْمِ بْنِ عِتْرٍ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ بأفريقية وكان رجلًا صالحًا فاضلًا.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 400" والتاريخ الكبير "9/ 48". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 511" والتاريخ الكبير "5/ 226". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 309 أبو عبيد مولى ابن أزهر1 -ع- اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيُّ الزُّهْرِيُّ مَوْلاهُمْ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ. روى عنه: الزهري، وسعيد بن خالد القارظي. وكان فقيها مقرئا ثقة نبيلا، توفي سنة ثمانٍ وتسعين. وابن أزهر هو عبد الرحمن بن أزهر الزهري. له صحبة. 477- أبو عثمان النهدي البصري2 عبد الرحمن بن مل. أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَسَمِعَ مِنْ: عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَبِلالٍ، وَسَلْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ. رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ. وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ، وَحَجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَدَّى الصَّدَقَةَ إِلَى عُمَّالِهِ، وَصَحِبَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ صَوَّامًا قَوَّامًا قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا. وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ، وَكَانَ ثِقَةً إِمَامًا ثَبْتًا، هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ عُمَرَ. رَوَى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغْتُ مِائَةً وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَرَوَى عَنْهُ عَاصِمٌ قَالَ: رَأَيْتُ يَغُوثَ صَنَمًا مِنْ رَصَاصٍ يُحْمَلُ عَلَى جملٍ أَجْرَدَ فَإِذَا بَلَغَ وَادِيًا بَرَكَ فِيهِ، وَقَالُوا: قَدْ رَضِيَ لَكُمْ رَبُّكُمْ هَذَا الْوَادِي. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلُ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عُثْمَانَ وَأَنَا أَسْمَعُ: هَلْ أَدْرَكْتَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: نِعْمَ أَسْلَمْتُ عَلَى عَهْدِهِ وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ ثَلاثَ صدقاتٍ وَلَمْ أَلْقَهُ، وَغَزَوْتُ الْيَرْمُوكَ وَالْقَادِسِيَّةَ وجَلُولاءَ وَنَهَاوَنْدَ وَتُسْتَرَ وَأَذْرَبِيجَانَ وَرُسْتُمَ.   1 انظر الطبقات الكبرى "5/ 86" والجرح والتعديل "4/ 90" وتهذيب الكمال "3/ 1623". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 97-98" والجرح والتعديل "5/ 283" وتهذيب الكمال "2/ 819". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 310 وَرُوِيَ أَنَّهُ سَكَنَ الْكُوفَةَ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ تَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَحَجَّ سِتِّينَ حَجَّةً مَا بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْهُ: أَتَيْتُ عُمَرَ بِالْبِشَارَةِ يَوْمَ نَهَاوَنْدَ. وَقَالَ مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبُو عُثْمَانَ يُصَلِّي حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ عِبَادَةَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَخَذَهَا مِنْ أَبِي عُثْمَانَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: إِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ كَانَ لا يُصِيبُ ذَنْبًا، كَانَ لَيْلَهُ قَائِمًا وَنَهَارَهُ صَائِمًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ عَرِّيفَ قَوْمِهِ وَكَانَ ثِقَةً. وَقَالَ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. 478- أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ -4- سَعْد بْن إياس الكوفي1 مِنْ بَنِي شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَعُمِّرَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَرْعَى إِبِلا بِكَاظِمَةَ. وَقَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ: كَانَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ فِي الْمَسْجِدِ الأَعْظَمِ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ فَاتَّهَمَنِي بِهَوًى. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. 479- أبو الغيث2 هو سالم -ع- المدني مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ الْعَدَوِيُّ. رَوَى عن: أبي هريرة فقط.   1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 104" والتاريخ الكبير "4/ 47-48" والجرح والتعديل "4/ 78-79". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 310" والجرح والتعديل "4/ 189-190" والتاريخ الكبير "4/ 118". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 311 رَوَى عَنْهُ: ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، وصفوان بن سليم، وجماعة. وثقه ابن معين. 480- أبو لبيد الجهضمي1 بصري أسمه لمازه بن زبار. روى عن: عمر، وعلي، وأبي موسى، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، وَطَالِبُ بْنُ السَّمَيْدَعِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: قَدْ رَأَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَبَا لَبِيدٍ، وَأَبُو لَبِيدٍ رَأَى عَلِيًّا. وَقَالَ ابن سعد: سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ وَكَانَ ثِقَةً. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا لَبِيدٍ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَكَانَتْ تَبْلُغُ سُرَّتَهُ، وَقَدْ قَاتَلَ عَلِيًّا يَوْمَ الْجَمَلِ، وَقِيلَ لَهُ: أَتُحِبُّ عَلِيًّا؟ قَالَ: كَيْفَ أُحِبُّ رَجُلا قَتَلَ مِنْ قَوْمِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ فِي يَوْمٍ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ: وَكَانَ شَتَّامًا. وَقِيلَ لابْنِ مَعِينٍ: مَنْ كَانَ يَشْتُمُ؟ قَالَ: نَرَى أَنَّهُ كَانَ يَشْتُمُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عنهم. يُؤَخَّرُ إِلَى طَبَقَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ أَجْلِ رواية جرير عنه. 481- أبو ليلى الكندي2 مولاهم -د ق- الْكُوفِيُّ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وخباب بن الأرت، وغيرهم. وروى عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو جعفر الفراء، وعثمان بن أبي زرة الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 482- أَبُو مَدِينَةَ السَّدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ3 اسمه عبد الله بن حصين.   1 انظر الطبقات الكبرى "7/ 213" والجرح والتعديل "7/ 182" وتهذيب الكمال "3/ 1152". 2 انظر تهذيب الكمال "3/ 1642" والثقات للعجلي "509". 3 انظر الطبقات الكبرى "7/ 189" والجرح والتعديل "5/ 39". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 312 قِيلَ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ يَصِحَّ. سَمِعَ: أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَغَيْرَهُمَا. رَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. أَخْبَرَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: أَنْبَأَ الْحَدَّادُ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الطَّبَرَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُسْتَمْلِي، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي مَدِينَةَ الدَّارِمِيِّ -وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ: كَانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1] إِلَى آخِرِهَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ. قُلْتُ: هَذَا حديثٌ غريبٌ جِدًّا وَرُوَاتُهُ مَشْهُورُونَ. 483- أبو مرة مولى1 -ع- عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَاسْمُهُ يَزِيدُ. رَوَى عَنْ: عَقِيلٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُثْمَانَ بن عثمان، وأم هانيء بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ. وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلا. 484- أَبُو الْمُهَلَّبِ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م4- عَمُّ أَبِي قِلابَةَ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وأبي مسعود البدري، وعمران بن حصين، وجماعة. روى عنه: أبو قلابة، ومحمد بن سيرين، وعوف الأعرابي. 485- أبو نجيح3 يسار مولى الأخنس بن شريق الثقفي المكي.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 299" وتهذيب الكمال "3/ 1547". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 126" والجرح والتعديل "6/ 260". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 473" والجرح والتعديل "9/ 306". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 313 أرسل عن: عمر وسعيد، وَقَيْسِ بْنِ عُبَادَةَ، وَرَوَى عَنْ: مُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وعبيد بن عمير الليثي وطائفة. وعنه: ابنه عبد الله بن أبي نجيح، وعمرو بن دينار، وميمون أبو مغلس، وآخرون. وثقه وكيع، وجماعة. 486- أبو الهيثم1 -4- كان تحت حجر أبي سعيد الخدري فأكثر عنه، كان أبوه أوصى به إليه، واسمه سليمان ابن عمرو العتواري. سكن مصر وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ. رَوَى عَنْهُ: دَارِجٌ أَبُو السَّمْحِ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، عنه. 487- أبو الوداك2 -م د ت ق- اسْمُهُ جَبْرُ بْنُ نَوْفٍ الْهَمْدَانِيُّ الْبِكَالِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي، خَالِدٍ، وَقَيْسُ بْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو التَّيَّاحِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَيُونُسُ ابن أَبِي إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 488- أَبُو يونس3 مولى -م د د ت- عَائِشَةَ رَوَى عَنْ: عائشة. روى عنه: زيد بن أسلم، والقعقاع بن حكيم، وأبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن. عداده في أهل المدينة. آخر الطبقة العاشرة، والحمد لله.   1 الجرح والتعديل "4/ 131" والتاريخ الكبير "4/ 27". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 532-533" وتهذيب الكمال "1/ 184". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 296" وتهذيب التهذيب "12/ 283-284". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 314 الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة الطبقة التاسعة "سنة إحدى وثمانين" 3 المتوفون في هذه السنة. 3 خلع عبد الرحمن بن الأشعث طاعة الحجاج. 3 الحرب بين الحجاج وابن الأشعث. 4 غزوة موسى بن نصير إلى طبنة. 4 الصاعقة تصيب صخرة بيت المقدس. 4 مقتل ابن ورقاء وابن ساج وابن حازم. 4 الحج هذا الموسم. 4 "سنة اثنين وثمانين". 4 المتوفون في هذه السنة. 4 وقعة دير الجماجم بين ابن الأشعث والحجاج. 9 تَسْمِيَةُ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ. 10 غزوة محمد بن مروان بأرمينية. 10 فَتَحَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِصْنَ سِنَانٍ. 10 غزوة صنهاجة بالمغرب. 10 ترجمة عبد الله بن غال الجهضمي. "سنة ثلاث وثمانين". 10 غزوة عطاء بن رافع صقلية. 10 عزل أبان بن عثمان عن المدينة. 10 بناء الحجاج مدينة واسط. 10 استعمال محمد بن القاسم الثقفي على فارس. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 315 11 مهلك ابن الأشعث. 11 إمرة محمد بن مروان على أذربيجان وأرمينية. "سنة أربع وثمانين". 11 المتوفون في هذه السنة. 11 الطواف برأس ابن الأشعث. 11 مقتل زيوب بن القرية. 11 ولاية عياض بن غنم إمرة الإسكندرية. 12 فتح مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ بَلَدَ أُولِيَةَ مِنَ الْمَغْرِبِ. 12 غزوة محمد بن مروان أرمينية. "سنة خمس وثمانين". 12 المتوفون في هذه السنة. 12 رواية الطبري في هلاك ابن الأشعث. 12 رواية أبي خنف عن هلاك ابن الأشعث. 12 غزو محمد بن مروان أرمينية. 13 بناء مدينتي دبيل وبرذعة. 13 مقتل ميمون الجرجماني. 13 عزل يزيد بن المهلب عن خراسان. 13 ولاية قتيبة بن مسلم على خراسان. 13 مقتل موسى بن عبد الله بن خازم. 13 بيعة عبد الملك لابنيه الوليد وسليمان. "سنة ست وثمانين". 13 المتوفون في هذه السنة. 13 طاعون الفتيات بالسام وواسط والبصرة. 13 دخول قتيبة بن مسلم ولايته خراسان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 316 14 مسلمة بن عبد الملك يفتح حصني بولق والأخرم. 14 عبد الملك يعقد لابنه عبد الله على مصر. 14 موت ملك الروم. 14 وفاة يونس بن عطية قاضي مصر. 14 الوليد يلي الخلافة بعهد من أبيه. "سنة سبع وثمانين". 14 المتوفون في هذه السنة. 14 قتيبة بن مسلم يفتح ببكند. 14 شروع الوليد ببناء جامع دمشق. 14 كتابة الوليد بِبِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. 14 ولاية عمر بن عبد العزيز المدينة. 15 الصُلح بن نيزك طرخان وقتيبة بن مسلم. 15 قتيبة بن مسلم يغزو نواحي بخارى. 15 فتح جزيرة سردانية. 15 أيوب بن حبيب يغزو ممطورة. 15 مسلمة بن عبد الملك يفتح قمقم وبُحيرة الفراسان. 15 وقوف عمر بن عبد العزيز يوم النحر غلطا. "سنة ثمان وثمانين". 15 المتوفون في هذه السنة. 16 هزيمة الروم وفتح جرثومة وطُوانة. 16 قتيبة يكسر الترك والصفد وأهل فرغانة. 16 غزوة مسلمة وابن أخيه العباس نواحي أنطاكية. 16 الحج هذا الموسم. 16 بناء الوليد جامع دمشق. 16 الوليد يأمر بِبِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والزيادة به. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 317 16 رواية محمد بن سعد عن الزيادة في المسجد. 16 رواية الواقدي عن حُجَر أَزْوَاجِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. 17 الوليد بأمر بحفر الأنهار بالمدينة. 17 مقدار ما أتفق علي مسجد دمشق. 17 رواية الجاحظ في مسجد دمشق. "سنة تسع وثمانين". 17 المتوفون في هذه السنة. 18 غزوة الأشراف وفتح جزيرتي ميروقة ومنورقة. 19 غزوة قتيبة إلى ملك بخارى وعودته. 19 غزوة مروان بن موسى بن نصير السوس الأقصى. 19 غزوة مسلمة بن عبد الملك عمورية. 19 ولاية خالد بن عبد الله القسري مكة. 19 عزل عمران بن عبد الرحمن عن قضاء مصر. 19 رواية الواقدي عن البئر التي حفر الوليد. "سنة تسعين". 19 المتوفون في هذه السنة. 19 غزوة قتيبة التُرك وهزيمتهم. 19 غزوة العباس بن الوليد إلى الأرزن. 19 قتيبة يوقع بأهل الطالقان بخراسان. 19 إمرة قرة بن شريك على مصر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 318 -تراجم رجال هذه الطبقة- 19 1- أبان بن عثمان بن عفان. 20 2- أدهم بن محرز الباهلي. 21 3- الأسود بن هلال المحاربي. 22 4- الأعشى الهمذاني "أبو المصبح عبد الرحمن". 22 5- الأغر بن سليك. 22 6- أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الأُمَوِيُّ. 7- أيوب بن القرية الهلالي. 22 "حرف الباء". 23 8- بخير بن ورقاء. 23 9- بشير بن كعب بن أبي الحميري. 24 10- بشير بن كعب العلوي الشاعر. "حرف التاء". 24 11- تياذوق الطبيب. "حرف الْحَاءِ". 24 12- الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ "القُباع". 25 13- حُجْرر بن عنْيس الحضرمي. 25 14- حُجْر المَدَري اليماني. 25 15- حسان بن النعمان أمير المغرب. 26 16- حُصين بن مالك بن الخشخاش. 26 17- حكيم بن جابر بن طارق الأحمسي. 26 18- حكيم بن سعد أو تحيا الكوفي. 27 19- حمران بن أبان مولى عثمان. 27 20- حميد بن عبد الرحمن الحميري. 27 21- حنش بن المعتمر الكوفي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 319 "حرف الخاء" 28 22- خالد بن عُمَير البصري. 28 23- خالد بن يزيد بن معاوية الأموي. 29 24- خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ. "حرف الذَّالِ". 30 25- ذَرُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ. "حرف الراء". 30 26- الربيع بن خيثم بن عائذ الثوري. 27- ربيعة بن لُقَيط التجيبي. 30 31 28- روح بن زِنْباع الجُذامي الفلسطيني. 31 29- رياح بن الحارث النخعي. "حرف الزاي". 32 30- زاذان أبو عمر الكندي الضرير. 33 31- زر بن حبيش بن حُباشة الأسدي. 34 32- زياد بن جارية التيميمي. 35 33- زيد بن عقبة الفزاري. 35 34- زيد بن وهب الجهني. "حرف السِّينِ". 35 35- سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ بْنِ عَامِرٍ الأنصاري. 36 36- سعيد بن علاقة أبو فاختة. 36 37- سفيان بن وهب الخولاني. 36 38- سليم بن أسود أبو الشعثاء. 37 39- سنان بن سلمة بن المحبق. 37 40- سهم بن منجاب الضبي. 37 41- سويد بن غلفة بن عوسجة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 320 "حرف الشين". 39 42- شبث بن ربعي اليربوعي. 39 43- شبيب أبو روح الوحاظي. 40 44- شتير بن شكل العبسي. 40 45- شراحيل بن آدة الصنعاني. 40 46- شعيب بن محمد بن عبد الله. 41 47- شقيق بن سلمة بن أبو وائل. "حرف الصَّادِ". 43 48- صَالِحُ بْنُ خَوَّاتِ بْنِ جُبير الأنصاري. 44 49- صالح بن شريح السكوني الحمصي. 44 * صدي بن عجلان. 44 50- صفوان بن عبد الله بن صفوان. 45 51- صفية بنت شيبة العبدرية. 46 52- صفية بنت أبي عبيد الثقفي. "حرف الضاد". 46 53- ضبة بن محصن أبو بطن. "حرف الطَّاءِ". 54- طَارِقُ بْنُ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ شمس الأحمسي. 46 47 55- الطفيل بن أبي بن كعب. "حرف العين". 47 56- عابس بن ربيعة النخعي. 47 57- عاصم بن حميد السكوني الحمصي. 47 58- عامر بن سعد البجلي. 48 59- عباد بن زياد الأمير. 48 60- عباد بن عبد الله بن الزبير. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 321 48 61- عبد الله بن أبي أوفي علقمة. 48 62- عبد الله بن بسر المازني. 51 63- عبد الله بن ثعلبة العذري. 51 64- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ. 52 65- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيَّ. 53 66- عبد الله بن الحارث الزبيدي المكتب. 53 67- عبد الله بن خليفة الهمداني الكوفي. 53 68- عبد الله بن الخليل الحضرمي. 53 69- عبد الله بن ربيعة بن فرقد. 54 70- عبد الله بن الزبير بن سليم. 54 71- عبد الله بن زُرَير الغافقي. 55 72- عبد الله بن سرجس المزني. 55 73- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ. 56 74- عبد الله بن شرحبيل بن حسنة. 56 75- عبد الله بن ضمرة السلولي. 56 76- عبد الله بن أبي طلحة. 57 77- عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي. 58 78- عبد الله بن عكيم الجهني. 58 79- عبد الله بن عمرو بن غيلان. 58 80- عبد الله بن عوف الكناني. 58 81- عبد الله بن غالب الحداني. 60 82- عبد الله بن فروخ. 60 83- عبد الله بن فيروز الديلمي. 61 84- عبد الله بن قيس بن مخرمة. 61 85- عبد الله بن معانق الأشعري. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 322 61 86- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معقل بن مقرن. 62 87- عبد الله بن معبد الزماني. 62 88- عبد الله بن بجي الحضرمي. 62 89- عبد الله بن أبي الهذيل. 62 90- عبد الرحمن بن آدم البصري. 64 91- عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني. 64 92- عبد الرحمن بن عوسجة الهمداني. 64 93- عبد الرحمن بن أبي ليلى. 66 94- عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. 67 95- عبد الرحمن بن عمرو بن سهل. 67 96- عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة. 67 97- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ. 67 98- عبد العزيز بن مروان الأموي. 69 99- عبد الملك بن مروان الخليفة. 75 100- عبد الملك بن أبي ذر الغفاري. 75 101- عبيد الله بن الأسود الخولاني. 76 102- عبيد الله بن العباس الهاشمي. 76 * عُبيد الله بن عدي بن الخيار. 76 103- عبيد بن حصين النميري الشاعر. 77 104- عبيد بن السباق المدني. 77 105- عبدُ خير بن يزيد الهمداني. 77 106- عتبة بن عبد السلمي. 78 107- عتبة بن النذر السلمي. 78 108- عروة بن أبي قيس المصري. 78 109- عروة بن المغيرة الثقفي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 323 79 110- عقار بن المغيرة. 79 111- عريب بن حميد الدهني. 79 112- عقبة بن عبد الغافر العوذي. 80 113- عمران بن حطان. 82 114- عمران بن طلحة التيمي. 82 115- عمران بن عصام الضبعي. 83 116- عمر بن أبي سلمة. 84 117- عمر بن عبيد الله بن معمر. 86 118- عمر بن علي بن أبي طالب. 86 119- عمرو بن حريث المخزومي. 87 120- عمرو بن سلمة الجرمي. 87 121- عمرو بن سلمة الهمداني. 87 122- عمرو بن سلمة. 88 123- عمرو بن عثمان بن عفان. 88 124- عنترة بن عبد الرحمن الشيباني. "حرف الفاء". 88 125- فروخ بن النعمان المعافري.. "حرف القاف". 88 126- قبيصة بن ذُؤيب الخزاعي. 90 127- قدامة بن عبد الله الكلابي. 90 128- قيس بن عائذ الأحمسي. 90 129- قيس بن عباد الضبعي. 91 130- قيصر الدمشقي. "حرف الكاف". 91 131- كثير بن العباس الهاشمي. 91 132- كليب بن شهاب الجرمي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 324 92 133- كميل بن زياد الصهباني.. "حَرْفُ الْمِيمِ". 93 134- مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ. 93 135- محمد بن إياس بن البكير. 93 136- محمد بن حاطب. 94 137- محمد بن سعد بن أبي وقاص. 94 138- محمد بن علي بن أبي طالب. 102 139- ماهان الحنفي الأعور. 103 140- محمد بن عمير بن عطار الدارمي. 103 141- مرثد بن عبد الله اليزني. 103 142- مرة الطيب. 103 143- المستورد بن الأحنف الكوفي. 105 144- سعود بن الحكم الزرقي. 105 145- معاذة بنت عبد الله العدوية. 106 146- معبد بن سيرين. 106 147- معبد الجهني البصري. 108 148- المعرور بن سويد الأسدي. 108 149- المقدام بن معد يكرب. 109 150- المهلب بن أبي صفرة. 111 151- ميسرة أبو صالح الكوفي. 111 152- ميسرة الطهوي. 111 153- ميمون بن أبي شبيب. "حرف النون". 112 154- ناجية بن كعب الأسدي. 112 155- نصر بن عاصم الليثي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 325 113 156- نوفل بن فضالة البكالي. 113 157- نوفل بن مساحق العامري. "حرف الهاء". 113 158- الهرماس بن زياد الباهلي. 113 159- هُزَيل بن شرحبيل الأودي. 114 160- هشام بن إسماعيل المخزومي. "حرف الواو". 114 161- وائلة بن الأسقع. 116 162- وراد كاتب المغيرة. 116 163- وفاء بن شريح الحضرمي. 116 164- الوليد بن عبادة بن الصامت. "حرف الْيَاءِ". 116 165- يَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ. 117 166- يحيى بن الجزار العرني. 117 167- يزيد بن خمير اليزني. 117 168- يزيد بن رباح الرومي. 118 169- يسير بن جابر العبدي. 118 170- يونس بن عطية الحضرمي. "الكنى". 118 171- أبو الأبيض العنسي الشامي. 119 172- أبو الأحوص عوف بن مالك. 119 173- أبو الأحوص. 119 * - أبو إدريس. 119 * - أبو أيوب الحميري 120 174- أبو أيوب الأزدي. 120 175- أبو أمامة الباهلي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 326 122 176- أبو أمية الشعباني. 123 177- أبو البختري الطائي. 123 178- أبو الجوزاء الربعي. 123 179- أبو حذيفة الهمداني. 124 180- أم الدرداء الصغرى. 125 181- أبو سالم الجيشاني. 126 182- أبو راشد الحبراني. 126 183- أبو الشعثاء المحاربي. 127 184- أبو صادق الأزدي. 127 185- أبو صالح الحنفي. 127 186- أبو ظبيان الجنبي. 128 187- أبو ظبية السلفي. 128 188- أبو العالية الرياحي. 128 189- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. 129 190- أبو عطية الوادعي. 129 191- أبو عنبة الخولاني. 130 * - أبو فاختة "سعيد بن علاقة". 130 192- أبو قتادة العدوي البصري. 130 193- أبو كبشة السلولي. 131 194- أبو كثير الزبيدي. 131 195- أبو كثير الزبيدي. 132 196- أبو الكنود الأزدي. 132 197- أبو مريم الثقفي. 132 198- أبو مريم الحنفي. 132 199- أبو محمر الأزدي 133 200- أبو النجيب العامري. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 327 الطبقة العاشرة. "سنة إحدى وتسعين" 135 المتوفون في هذه السنة. 135 مسير قتيبة بن مسلم إلى مرو الروذ. 135 دخول قتيبة بلخ وقتلة نيزك. 135 عزل محمد بن مروان عن الجزيرة وأذربيجان. 136 غزوة مسلمة بن عبد الملك إلى الباب. 136 قتيبة يفتح شومان وكس ونسف. 136 السغد يعزلون طرخون فينتحر. 136 الحج هذا الموسم. 136 الوليد يكتب بهدم بُيُوتَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. "سنة اثنتين وتسعين". 136 المتوفون في هذه السنة. 137 ولاية عياض بن عبيد الله قضاء مصر. 137 محمد بن القاسم يفتح أرمائيل وقنزبور. 137 مصالة رُتبيل وقتيبة بن مسلم. 137 الحج هذا الموسم. 137 فتح الأندلس على يد طارق. 137 موسى بن نصير يقبض على طارق. 138 العثور على مائدة سليمان –عليه السلام-. 138 فتح بلاد الترك. 138 تعريف المؤلف –رحمه الله- بالبربر. 138 فتح سردانية وغرق الفاتحين. "سنة ثلاث وتسعين". 138 المتوفون في هذه السنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 328 139 محمد بن القاسم الثقفي يفتح الديبل. 139 فتح الكيرج. 139 فتح موسى بن نصير لكثير من مدن الأندلس. 139 قتيبة بن مسلم يغزو خوارزم. 139 العباس بن الوليد يغزو أرض الروم. 140 مسلمة يفتح ما بين الحصن الجديد. 140 مروان بن الوليد يغزو إلى خنجرة. 140 الحج هذا الموسم. 140 قتيبة يفتح سمرقند ويبني بها الجامع. 141 قتيبة يستعمل أخاه عبد الله على سمرقند. "سنة أربع وتسعين". 141 المتوفون في هذه السنة. 141 قتيبة بن مسلم يغزو كابل وفرغانة. 141 محمد بن القاسم يقتل صصة بن داهر. 141 مسلمة يفتح سندرة من أرض الروم. 141 العباس بن الوليد يفتح مدينتين على الساحل. 141 عبد العزيز بن الوليد يغزو إلى غزالة. 142 الحج هذا الموسم. 142 عُزِلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْمَدِينَةِ. 142 ولاية عثمان بن حيان المدينة. "سنة خمس وتسعين". 142 المتوفون في هذه السنة. 143 محمد بن القاسم يفتح المولتان. 143 موسى بن نصير يحمل الأموال إلى الوليد. 144 مسلمة يفتح الباب من أرمينية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 329 143 قتيبة يغزو الشاس ثانية ويرجع إلى مرو. 143 المتوفون في هذه السنة كما يقال. "سنة ست وتسعين". 143 المتوفون في هذه السنة. 144 استخلاف سليمان وغزو مسلمة الصائفة. 144 العباس بن الوليد يفتح طويس والمرزبانين. "سنة سبع وتسعين". 144 المتوفون في هذه السنة. 145 يزيد بن المهلب يغزو جرجان. 145 مسلمة بن عبد الملك يغزو برجمة. 145 الحج هذا الموسم. 145 ولاية محمد بن يزيد مولى قريش على المغرب. 145 مقتل محمد بن يزيد والي المغرب. "سنة ثمان وتسعين". 145 المتوفون في هذه السنة. 146 يزيد بن المهلب يغزو طبرستان. 146 غدر أهل جرجان بأصحاب يزيد بن المهلب. 146 غزوة مسلمة إلى القسطنطينية. 147 نزول سليمان بن عبد الملك بدابق. 147 خروج الروم إلى ساحل حمص. 147 قسم سليمان بغزو القسطنطينية. 147 غزو أهل الشام ومصر في البر والبحر. 147 ثورة حبيب الفهري وزياد بن النابغة بالأندلس. 148 ولاية السمح بن مالك الخولاني الأندلس. 148 حصار مسلمة القسطنطينية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 330 148 غدر إليون وتملكه على الروم. "سنة تسع وتسعين". 148 المتوفون في هذه السنة. 149 غارة الخزر على أرمينية وأذربيجان وهزيمتهم. 149 وفاة الخليفة سليمان بن عبد الملك بدابق. 149 عمر بن عبد العزيز يغيث مسلمة وجنده. 149 عزل يزيد بن المهلب من خراسان. 149 ولاية عدي بن أرطأة على البصرة. 149 إمرة الجراح الحكمي على خراسان. 149 ولاية عدي بن أرطأة على البصرة. 149 إمرة الجراح الحكمي على خُراسان. 149 الحج هذا الموسم. 149 عزل عبد الملك بن رفاعة عن إمرة مصر. 149 استقضاء الشعبي على الكوفة. 149 الفتيا بمصر. 149 هلاك الناس أثناء حصار القسطنطينية. 150 استعمال إسماعيل بن عبيد الله على إفريقية. "سنة مائة". 150 المتوفون في هذه السنة. 150 الوليد بن هشام يغزو الصائفة. 150 الحج هذا الموسم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 331 -تَرَاجِمُ رِجَالِ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ-"حَرْفُ الأَلِفِ" 151 201- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سويد النخعي. 151 202- إبراهيم بن عبد الله بن قارظ. 151 203- إبراهيم بن عبد الله بن معبد. 152 204- إِبْرَاهِيمُ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللَّهِ. 152 205- إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. 155 206- إبراهيم بن يزيد النخعي. 155 207- إبراهيم بن يزيد التميمي. 156 208- الأخطل النصراني الشاعر. 156 209- أرقم بن شرحبيل الأودي. 156 210- أسلم بن يزيد التجيبي. 156 - أسير بن جابر. 156 211- الأغر أبو مسلم المدني. 156 - أبو عبد الله الأغر. 156 212- أنس بن مالك. 163 213- أنس بن مالك الكعبي. 163 214- أوس بن ضمعج. 164 215- أوسط البجلي الحمصي. 164 216- أيمن الحبشي. 164 217- أيوب بن بشير. 164 218- أيوب بن خالد النجاري. 165 219- أيوب بن سليمان بن عبد الملك. "حرف الباء". 165 220- بجالة بن عبدة التميمي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 332 166 221- بُسْر بن سعيد المدني. 166 222- بسر بن محجن الديلي. 166 223- بشير بن نهيك. 166 - بشير بن كعب العلوي. 167 224- بلال بن أبي الدرداء الدمشقي. 167 225- بلال بن أبي هريرة الدوسي. "حرف التاء". 167 226- تميم بن سلمة الكوفي. 168 227- تميم بن طرفة الطائي. "حرف الثاء". 168 228- ثابت بن عبد الله بن الزبير. 168 229- ثعلبة بن أبي مالك القرظي. "حرف الجيم". 169 - جابر بن زيد. 169 230- جعفر بن عمرو الضمري. 169 231- جميل بن عبد الله العذري. "حرف الحاء". 171 232- حبيب بن صُهبان الأسدي. 171 233- الحجاج بن يوسف الثقفي. 179 234- حرملة مولى أسامة. 179 235- حسان بن أبي وجزة. 180 236- الحسن بن الحسن بن علي. 181 237- الحسن بن عبد الله العرني. 181 238- الحسن بن محمد ابن حنيفة. 183 239- حصين بن قبيصة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 333 184 - حصين أبو ساسان. 184 240- حَفْصُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 184 241- الحكم بن أيوب بن الحكم الثقفي. 184 242- حمزة بن أبي أسيد. 185 243- حمزة بن المغيرة بن شعبة الثقفي. 185 244- حميد بن عبد الرحمن بن عوف. 185 245- حميد بن عبد الرحمن الحميري. 186 246- حنش بن عبد الله السبائي. 187 247- حنظلة بن علي الأسلمي. 187 248- حنظلة بن قيس الأنصاري. 187 249- حوشب بن سيف السكسكي. "حرف الخاء". 188 250- خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري. 188 251- خالد بن سعد الكوفي. 189 252- خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. 189 253- خُبيب بن عبد الله بن الزبير. 190 254- خلاد بن السائب الأنصاري. 190 255- خلاس بن عمرو الهجري. 191 256- خليد بن عبد الله العصري. "حرف الدال". 191 257- دخين بن عامر الحجري. 191 258- درباس مولى عبد الله بن عباس. "حرف الرَّاءِ". 192 259- رَبِيعَةُ بْنُ عِبَادٍ الدِّيلِيُّ الْحِجَازِيُّ. 192 260- ربيعة بن عبد الله بن الهدير. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 334 192 261- ربيعة بن لقيط. 193 262- الربيع بن خثيم. 196 263- الربيع بن عميلة الفزاري. "حرف الزاي". 196 264- زرارة بن أوفى العامري. 197 265- زهدم بن مضرب الأزدي. 197 266- زياد بن جارية الدمشقي. 197 267- زياد بن ربيعة الحضرمي. 198 268- زياد بن صبيح الحنفي المكي. 198 269- زيد بن وهب الجهني. "حرف السين". 198 270- سالم البراد. 198 271- سالم بن أبي الجعد. 199 272- سالم أبو الغيث. 199 273- السائب بن مالك. 199 274- السائب بن يزيد الكندي. 200 - سعد بن إياس. 200 - سعيد بن عبيد. 201 275- سعيد بن جبير الوالبي. 203 276- سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي. 203 277- سعيد بن عبد الرحمن بن عتاب. 203 278- سعيد بن مرجانة. 203 279- سعيد بن المسيب. 207 280- سعيد بن وهب الهمداني. 207 281- سعيد بن أبي الحسن يسار. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 335 208 282- سليمان بن سنان. 208 283- سليمان بن عبد الملك الخليفة. 212 284- سميط بن عمير. 212 285- سهل بن سعد الساعدي. 213 286- سواء الخزاعي. "حرف الشين". 213 287- شبيل بن عوف. 214 288- شهير بن حوشب. 216 289- شويس بن جياش. "حرف الصاد". 216 290- صالح بن أبي مريم. 216 291- صفوان بن محرز. 217 292- صفوان بن أبي زيد. 217 293- صفوان بن يعلى. "حرف الضاد". 218 294- الضحاك بن فيروز. "حرف الطاء". 218 295- طارق بن زياد المغربي. 218 296- طريف بن مجالد الهجيمي. 219 297- طلحة بن عبد الله بن عوف. 219 298- طويس صاحب الغناء. "حرف العين". 220 299- عامر بن لُدَين الأشعري. 220 300- عباد بن تميم المازني. 220 301- عباد بن حمزة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 336 221 302- عباد بن زياد ابن أبيه. 221 303- عباس بن سهل الساعدي. 221 304- عباية بن رفاعة. 222 305- عبد الله بن بسر المازني. 222 306- عبد الله بن الحارث البصري. 222 307- عبد الله بن بن رباح الأنصاري. 223 308- عبد الله بن زياد الأسدي. 223 309- عبد الله بن ساعدة الهذلي. 223 310- عبد الله بن الصامت. 223 311- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. 224 312- عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبْزى. 224 313- عبد الله بن عبد الملك بن مروان. 224 314- عبد الله بن أبي عتبة الأنصاري. 224 315- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عفان. 225 316- عبد الله بن أبي قتادة. 225 317- عبد الله بن أبي قيس. 225 - عبد الله بن قيس أبو بحرية. 226 318- عبد الله بن قيس الرقيات. 226 319- عبد الله بن كعب بن مالك. 226 320- عبد الله بن كعب بن مالك مولى عثمان. 226 321- عبد الله بن محمد ابن الحنفية. 228 322- عبد الله بن محيريز. 228 323- عبد الله بن مرة الهمداني. 228 324- عبد الله بن مسافع الحجبي. 230 325- عبد الله بن وهب الزمعي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 337 230 326- عبد الله بن يزيد الحبلي. 230 327- عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي. 231 328- عبد الرحمن بن أذينة العبدي. 231 329- عبد الرحمن بن الأسود. 232 330- عبد الرحمن بن بشر الأزرق. 233 331- عبد الرحمن بن البيلماني الشاعر. 233 332- عبد الرحمن بن جبير المصري المؤذن. 233 333- عبد الرحمن بن عائذ الأزدي. 234 334- عبد الرحمن بن محيريز. 235 335- عبد الرحمن بن معاوية بن حُدَيج. 235 336- عبد الرحمن بن يزيد بن جارية. 235 337- عبد الرحمن بن وعْلة. 235 338- عبد الملك الشاب الناسك. 238 339- عبد الملك يعلى الليثي القاضي. 238 340- عبيد الله بن أبي رافع. 238 341- عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبَة. 239 342- عبيد الله بن عدي بن الخيار. 240 343- عبيد بن فيروز الشيباني. 240 344- العجاج بن رؤبة. 240 345- عروة بن الزبير. 244 346- عروة بن المغيرة بن شعبة. 244 347- عطاء بن فروخ الحجازي. 244 348- عطاء بن مينا المدني. 244 349- عطاء بن يسار. 244 350- عقبة بن وساج الأزدي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 338 245 351- علقمة بن وائل بن حجر. 245 352- عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. 250 353- علي بن ربيعة الوالبي. 250 354- علي بن عبد الله الأزدي. 251 355- عمارة بن عمير الليثي. 251 356- عمر بن عبد الله بن الأرقم. 251 357- عمرو بن أوس الثقفي. 251 358- عمرو بن الحارث العامري. 251 359- عمرو بن سلمة الجرمي. 252 360- عمرو بن الشريد الثقفي. 252 361- عمرو بن سليم بن خلدة. 252 362- عمرو بن مالك الجنبي. 252 363- عمران بن الحارث. 253 364- عمرة بنت عبد الرحمن. 253 365- عنبسة بن سعيد بن العاص. 254 366- عوف بن الحارث الأزدي. 254 367- العلاء بن زياد بن مضر. 256 368- العيزار بن حريث. 256 369- عيسى بن طلحة. 257 370- عيسى بن هلال. "حرف الغين". 257 371- غزوان أبو مالك الغفاري. 257 372- غزوان بن يزيد الرقاشي. 258 373- غنيم بن قيس المازني. "حرف الفاء". 258 374- فروة بن مجاهد اللخمي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 339 258 375- الفضيل بن زيد. "حرف القاف". 259 376- قتيبة بن مسلم الباهلي. 260 377- قرة بن شريك. 260 378- قزعة بن يحيى. 261 379- قسامة بن زهير المازني. 261 380- قيس بن أبي حازم. 263 381- قيس بن حسبتر. 263 382- قيس بن رافع الأشجعي. 263 383- قيس بن كليب الحضرمي. "حرف الكاف". 263 384- كريب بن أبي مسلم. 264 385- كنانة بن نعيم العدوي. "حرف الْمِيمِ". 264 386- مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ. 265 387- مالك بن الحارث السلمي. 265 388- مالك بن مسمع. 266 389- محمد بن أسامة بن زيد. 266 390- محمد بن ثابت بن شرحبيل. 266 391- محمد بن جبير بن مطعم. 267 392- محمد بن أبي سفيان الثقفي. 267 393- محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. 268 394- محمد بن عبد الرحمن بن الحارث. 268 395- محمد بن عبد الرحمن بن يزيد. 268 396- محمد بن عروة بن الزبير. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340 268 397- محمد بن عمرو بن الحسن. 269 398- محمد بن يوسف الثقفي. 269 399- محرر بن أبي هريرة. 270 400- محمود بن الربيع الأنصاري. 270 401- محمود بن عمرو بن يزيد. 271 402- محمود بن لبيد بن عقبة. 271 403- مرقع بن صيفي. 271 404- مروان بن عبد الملك. 272 405- مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز. 272 406- مسلم بن يسار. 274 407- مسلم بن يسار المصري. 274 408- مصدع أبو يحيى الأعرج. 275 409- مطرف بن عبد الله بن الشخير. 277 410- معاذ بن عبد الرحمن. 277 411- معاوية بن سبرة السوائي. 277 412- معاوية بن سويد. 278 413- معاوية بن عبد الله بن جعفر. 278 414- المغيرة بن أبي بُردة. 279 415- المغيرة بن أبي شهاب المخزومي. 279 416- المغيرة بن عبد الله اليشكري. 279 417- موسى بن نصير. 282 418- ميسرة أبو صالح الكوفي. "حرف النون". 283 419- ناعم بن أجيْل. 283 420- نافع بن جبير بن مطعم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 341 284 421- نافع بن عباس. 284 422- نافع بن عجير. 284 423- النعمان بن أبي عياش. "حرف الهاء". 285 424- هانئ بن كلثوم. 285 425- هلال بن يساف. 285 426- هنيدة بن خالد الخزاعي. 286 427- الهيثم بن شفي. "حرف الواو". 286 428- واسع بن حبان. 286 429- الوليد بن عبد الملك. "حرف الْيَاءِ". 289 430- يُحَنَّسُ بْنُ أَبِي مُوسَى الْمَدَنِيُّ. 290 431- يحيى بن سعيد بن العاص. 290 432- يحيى بن عمارة المازني. 290 433- يحيى بن يعمر العدواني. 291 434- يحيى بن وثاب. 291 435- يزيد بن الحكم الشاعر. 291 436- يزيد بن طريف البجلي. 292 437- يزيد بن عبد الرحمن الأودي. 292 438- يزيد مولى المنبعث. 292 439- يزيد بن هرمز المدني. 292 440- يسير بن عمرو. 293 441- يعقوب بن عاصم بن عروة. 293 442- يوسف بن عبد الله بن سلام. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 342 294 434- يونس بن جبير الباهلي. "الكنى". 294 444- أبو الأشعث الصنعاني. 294 445- أبو أسماء الرحبي. 295 446- أبو أمامة بن سهل. 296 447- أبو بحرية التراغمي. 296 448- أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ. 296 449- أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث. 297 450- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. 297 451- أبو تميمة الهجيمي. 298 452- أبو جميلة الطهوي. 298 453- أبو حازم الأشجعي. 298 454- أبو خالد الوالبي"هرمز". 298 455- أبو رافع الصائغ"نفيع". 299 456- أبو رزين الأسدي"مسعود". 299 457- أبو الزاهرية الحمصي"حدير". 300 458- أبو زرعة بن عمرو"هرِم". 300 459- أبو ساسان"حُضين بن المنذر". 301 460- أبو سخيلة. 301 461- أبو سعيد المقبُري"كَيْسان". 302 462- أبو سعيد مولى المهري. 302 463- أبو سفيان مولى عبد الله بن أبي أحمد 304 466- أبو صالح الحنفي"عبد الرحمن بن قيس". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 343 304 467- أبو الضُحَى"مسلم بن صُبَيْح". 304 468- أبو الطفيل عامر بن واثلة. 305 469- أبو ظبيان الجنبي"حصين". 306 470- أبو العالية الرياحي"رُفيع". 308 471- أبو العباس الشاعر المكي الأعمى. 308 472- أبو عبد الله الأعز المدني"سلمان". 308 - أبو مسلم الأغر الكوفي. 308 473- أبو عبد الله الجَدَلي"عبد بن عبد". 309 474- أبو عبد الله الأشعري. 309 475- أبو عبد الرحمن الحُبْلي"عبد الله". 310 476- أبو عبيد مولى ابن أزهر"سعد". 310 477- أبو عثمان النهدي"عبد الرحمن بن مُل". 311 478- أبو عمرو الشيباني"سعد بن إياس". 311 479- أبو الغيث"سالم المدني". 312 480- أبو لَبِيد الجهضمي"لُمازة". 312 481- أبو ليلى الكندي. 312 482- أبو مدينة السدوسي"عبد الله بن حصين". 313 483- أبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب. 313 484- أبو المهلب الجرمي البصري. 313 485- أبو نجيح"يسار مولى الأخنس". 314 486- أبو الهيثم"سليمان بن عمرو". 314 487- أبو الوداك"جبر بن نوف". 314 488- أبو يونس مولى عائشة. 315 فهرس الموضوعات. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 344 المجلد السابع الطبقة الحادية عشر حوادث من سنة 101 إلى 110 حوادث سنة إحدى ومائة ... الطبقة الحادية عشرة: حوادث من سنة 101 إلى 110 حَوَادِثُ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: ذَكْوَانُ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ. رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ الْعَبْسِيُّ الكوفي. عمارة بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأُمَوِيُّ. الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمَرَةَ فِيهَا فِي قَوْلٍ. مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ وَالِدُ مَرْوَانَ الْحَمَّارُ. مِقْسَمٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِيهَا استُخْلِفَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ في رجب. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3 حَوَادِثُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ. عَدِيُّ بْنُ أَرْطَأَةَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ. مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِ جَمَاعَةٍ. يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَمِيرُ. يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الثَّقَفِيُّ كَاتِبُ الْحَجَّاجِ. أَبُو الْمُتَوَكِّلِ التَّاجِيُّ. عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ الْعَقْرِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ كَرْبَلاءَ مِنَ الْعِرَاقِ بَيْنَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَبَيْنَ مُسْلِمَةَ بن عبد الملك بن المروان، قُتِلَ فِيهَا يَزِيدُ وَكُسِرَ جَيْشُهُ وَانْهَزَمَ آلُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3 الْمُهَلَّبِ، ثُمَّ ظَفَرَ بِهِمْ مُسْلِمَةُ فَقَتَلَ فِيهِمْ وَبَدَّعَ، وَقَلَّ مَنْ نَجَا مِنْهُمْ، وَكَانَ يَزِيدُ قَدْ خَرَجَ عَلَى الْخِلافَةِ لَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَشَأْتُ وَهُمْ يَقُولُونَ ضَحَّى بَنُو أُمَيَّةَ يَوْمَ كَرْبَلاءَ بِالدِّينِ وَيَوْمَ الْعَقْرِ بِالْكَرَمِ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: ثُمَّ بَعَثَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هِلالَ بْنَ أَحْوَزَ الْمَازِنِيَّ إِلَى قَنْدَابِيلَ فِي طَلَبِ آلِ الْمُهَلَّبِ فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ الْمُفَضَّلُ بْنُ الْمُهَلَّبِ وانهزم أصحابه وخدمه، وقتل هلال بن الاحوز جَمَاعَةً مِنَ آلِ الْمُهَلَّبِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلنِّسَاءِ وَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَحَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا قَدِمَ بِآلِ الْمُهَلَّبِ عَلَيْهِ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ قِبَلَ آلِ الْمُهَلَّبِ دم فيلقم، فَقَامَ نَاسٌ، فَدَفَعَهُمْ إِلَيْهِمْ حَتَّى قُتِلَ نحوٌ مِنْ ثَمَانِينَ نَفْسًا. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بن محمد أن الحجاج عزل يزد بْنَ الْمُهَلَّبِ عَنْ خُرَاسَانَ، وَكَتَبَ بِوِلايَتِهَا إِلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ، فَوَلِيَهَا سَبْعَةَ أشهرٍ، فَافْتَتَحَ بَاذَغِيسَ وَغَيْرَهَا، وَقَسَّمَ الْغَنِيمَةَ بَيْنَ النَّاسِ، فَأَصَابَ الرَّجُلُ ثَمَانِمِائَةَ دِرْهَمٍ. قُلْتُ: وُثِّقَ الْمُفَضَّلُ، وَلَهُ حديث عن النعمان بن البشير فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ حَاجِبِ عَنْهُ، وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَكَانَ جَوَّادًا مُمَدَّحًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 4 حَوَادِثُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: عَطَاءُ بن يسار مولى ميمونة في قوله. عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث. عمر بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدَةَ، مِصْرِيٌّ مُقِلٌّ. مُجَاهِدٌ، فيها أو في سنة اثنين. مُصْعَبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ مُقْرِئُ الْكُوفَةَ. يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ نَزِيلُ الرِّقَّةِ. يَزِيدُ بْنُ حُصَيْنٍ السَّكُونِيُّ. وَفِيهَا قُتِلَ أَمِيرُ الأَنْدَلُسِ السَّمْحُ بْنُ مَالِكٍ الْخَوْلانِيُّ، قَتَلَتْهُ الرُّومُ يوم التروية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 4 حوادث سنة أربع ومائة ... حوادث سنة أربعة وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ الْكُلاعِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، فِيهَا، قِيلَ قَبْلَ المائة. عامرالشعبي عَالِمُ الْعِرَاقِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ الشَّاعِرُ. عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَدِيٍّ الْبَهْرَانِيُّ. عبد الأعلى بن الهلال السَّلَمِيُّ أَبُو النَّضْرِ. عُمَيْرٌ مَوْلَى آلِ الْعَبَّاسِ. مجاهد في فول الْقَطَّانِ. وَابْنُ الْمَدِينِيِّ. يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحطاب اللَّخْمِيُّ. أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ. أبو سلمة بن عبد الرحمن، فيها في قَوْلٌ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ نَهْرِ الرَّانِ، فَالْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ، وَعَلَى أُولَئِكَ ابْنُ الْخَاقَانِ، وَذَلِكَ بِقُرْبِ بَابِ الأَبْوَابِ، وَنَصَرَ اللَّهُ الإِسْلامَ وَرَكَبَ الْمُسْلِمُونَ أُقْفِيَةَ التُّرْكِ قَتْلا وَأَسْرًا وَسَبْيًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 5 حَوَادِثُ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي قَوْلٍ. رُزَيْقُ بْنُ حَيَّانَ بْنِ الْفَزَارِيِّ مَوْلاهُمْ. سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. فِي قَوْلِ الْمَدَائِنِيِّ، وَالصَّحِيحُ سَنَةَ بضعٍ وَتِسْعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ. سُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيُّ. سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ الْمَدَنِيُّ. عِمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ. وَالْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ الأَسَدِيُّ. يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَفِيهَا زَحَفَ الْخَاقَانُ وَخَرَجَ مِنَ الْبَابِ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ مِنَ التُّرْكِ وَقَصَدَ أَرْمِينِيَّةَ، فَسَارَ إِلَيْهِ الْجَرَّاحُ الْحَكَمِيُّ فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، ثُمَّ كَانَتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى الْكُفَّارِ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 6 حَوَادِثُ سَنَةَ ستٍّ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ فِي قَوْلٍ. سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعَدَوِيُّ الْفَقِيهُ. طَاوُسُ بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ. أَبُو مِجْلَزٍ لاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ السَّدُوسِيُّ. وَفِيهَا عُزِلَ مُتَوَلِّي الْعِرَاقِ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ بِخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ فَدَخَلَ خَالِدٌ وَاسِطَ بَغْتَةَ وَأَبُو الْمُثَنَّى عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ يَتَهَيَّأُ لِصَلاةِ الْجُمْعَةِ وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: هَكَذَا تَقُومُ السَّاعَةُ بَغْتَةً، فَقَيَّدَهُ خَالِدٌ وَأَلْبَسَهُ مِدْرَعَةَ صوفٍ وَحَبَسَهُ، ثُمَّ إِنَّ غِلْمَانَ ابْنِ هُبَيْرَةَ اكْتَرَوْا دَارًا إِلَى جَانِبِ السِّجْنِ فَنَقَّبُوا سَرَبًا إِلَى السِّجْنِ وَأَخْرَجُوهُ مِنْهُ، فَهَرَبَ إِلَى الشَّامِ، وَاسْتَجَارَ بِالأَمِيرِ مَسْلَمَةَ أَخِي الْخَلِيفَةِ، فَأَجَارَهُ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ، وَقَدْ وُلِّيَ الْعِرَاقَ ثَلاثَةَ أَعْوَامٍ. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَسْلَمَ فَرْغَانَةَ، فَلَقِيَهُ ابْنُ خَاقَانَ فِي جَمْعٍ كبيرٍ من تركستان، فَقُتِلَ ابْنُ أَخِي خَاقَانَ فِي طائفةٍ كَبِيرَةٍ. وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ خالدٌ الْقَسْرِيُّ عَلَى إِقْلِيمِ خُرَاسَانَ أَخَاهُ أَسَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نِيَابَةً عَنْهُ. وَفِيهَا دَخَلَ الْجَرَّاحُ الْحَكَمِيُّ وَغَوَّرَ فِي أَرْضِ الْخَزَرِ، فَصَالَحَتْهُ اللانُ، وَأَعْطُوهُ الْجِزْيَةَ وَخَرَاجَ أَرْضِهِمْ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ خَلِيفَةُ الْوَقْتِ هِشَامٌ، وَاللَّهُ أعلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 6 حَوَادِثُ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ الله عنهما. وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ. وعِكْرِمَةُ الْبَرْبَرِيُّ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ بخلفٍ فيه. والقاسم أبو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ الْخُزَاعِيُّ. وَفِيهَا عُزِلَ الْجَرَّاحُ الْحَكَمِيّ عَنْ إِمْرَةِ أَذْرَبَيْجَانَ وَأَرْمِينِيَّةَ بِمُسْلِمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَنَهَضَ مُسْلِمَةُ فَغَزَا قَيْصَرِيَّةَ الرُّومِ وَافْتَتَحَهَا بِالسَّيْفِ. وَفِيهَا غَزَا أَسَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مُتَوَلِّي خُرَاسَانَ بِلادِ غَرْشِسْتَانَ، فَانْكَسَرَ الْمُسْلِمُونَ وَاسْتُشْهِدَ طائفةٌ وَرَجَعَ الْجَيْشُ مَجْهُودِينَ جَائِعِينَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 7 حَوَادِثُ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ فِي قولٍ. مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقَرَظِيُّ الْمَدَنِيُّ. يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشِّخِّيرُ أَبُو الْعَلاءِ. أَبُو نَضْرَةَ الْعَبْدِيُّ الْمُنْذِرُ. وَفِيهَا غَزَا أَسَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ بِلادَ الْغُورِ، فَالْتَقُوهُ فِي جيشٍ لَجْبٍ، فَهَزَمَهُمْ أَسَدٌ. وَفِيهَا زَحَفَ ابْنُ الْخَاقَانِ إِلَى أذربيجان ونازل مدينة ورثان، ورماها بِالْمَجَانِيقِ، فَسَارَ إِلَيْهِ مُتَوَلِّي تِلْكَ النَّاحِيَةِ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ ابْنُ الْخَاقَانِ، وقُتِلَ خلقٌ مِنْ جَيْشِهِ، وَاسْتُشْهِدَ أَيْضًا الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو. وَفِيهَا غَزَا وَلَدُ الْخَلِيفَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ أَرْضَ الرُّومِ، فَجَهَّزَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْبِطَّالَ إِلَى خَنْجَرَةَ فَافْتَتَحَهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 حَوَادِثُ سَنَةَ تسعٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: بِشْرُ بْنُ صَفْوَانَ الْكَلْبِيُّ أَمِيرُ الْمَغْرِبِ. سَعْدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ. أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ. أَبُو نَجِيحٍ يَسَارٌ الْمَكِّيُّ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ. وَفِيهَا غَزَا فِي الصَّيْفِ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَافْتَتَحَ حِصْنًا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، وَغَزَا أَيْضًا مُسْلِمَةُ فَجَهَّزَ جَيْشًا شَتُّوا بِأَذْرَبِيجَانَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 حَوَادِثُ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ الأَعْرَجُ. جَرِيرٌ التّيمي الشَّاعِرُ. الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ سَيِّدُ زَمَانِهِ. أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ فِي قولٍ. عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْمَذْبُوحُ فِي قَوْلِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 الْفَرَزْدَقِ وَهُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبٍ. مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ الْبَصْرِيُّ. وَنُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ الأَشْجَعِيُّ الْكُوفِيُّ. وَفِيهَا غَزَا مُسْلَمَةُ بِلادَ الْخَزَرِ، وَتُسَمَّى غزوة الطين، التقى هو وملك الخزر وَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، وَكَانَتْ مَلْحَمَةً مَشْهُورَةً هَزَمَ اللَّهُ فِيهَا الْكُفَّارَ فِي سَابِعِ جُمادَى الآخِرَةِ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُعَاوِيَةُ وَلَدُ هِشَامٍ حِصْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ. وَفِيهَا قَدِمَ إِلَى إِفْرِيقِيَةَ عُبَيْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّكْوَانِيُّ أَمِيرًا عَلَيْهَا، فَجَهَّزَ وَلَدَهُ وَأَخَاهُ، فَالْتَقَوْا الْمُشْرِكِينَ، فَنَصَرَ اللَّهُ تَعَالَى وَأُسِرَ طَاغِيَةُ الْقَوْمِ وَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 تَرَاجِمُ أَعْيَانِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ1 -م4- بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُميَّةَ، أَبُو سَعِيدٍ القرشي الأموي المدني، وَإِنَّمَا أَعَدْتُهُ لِلْخُلْفِ فِي مَوْتِهِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَنَبِيهُ بْنُ وَهْبٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ الثِّقَاتُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ بِهِ وضحٌ كَثِيرٌ وصممٌ وَأَصَابَهُ الْفَالِجُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. تُوُفِّيَ أَبَانٌ بِالْمَدِينَةِ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ قَبْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 2- إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن حنين2 -ع- أبو إسحاق المدني مولى آل العبّاس.   1 الطبقات الكبرى "5/ 151-153"، والجرح والتعديل "2/ 295" والتاريخ الكبير "1/ 450-451"، تهذيب الكمال "2/ 16-19" سير أعلام النبلاء "4/ 351-353" تهذيب التهذيب "1/ 97"، البداية والنهاية "9/ 233". 2 التاريخ الكبير "1/ 99-300"، الجرح والتعديل "2/ 108"، تهذيب الكمال "2/ 124"، تهذيب التهذيب "1/ 133-134"، سير أعلام النبلاء "4/ 604-605". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَرْسَلَ عَنْ عليّ -رضي الله عنهم. وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَاللَّيْثِيُّ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عبد الله1 -م د ن- بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الهاشمي المدني. سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَمَيْمُونَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَكَانَ ثِقَةً. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بن طلحة2 -بخ م4- بْن عُبَيْد الله القرشي التيمي المدني أَبُو إسحاق. رَوَى عَنْ: سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وأبي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعِدَّةٍ، وَكَانَ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ قَوَّالا بِالْحَقِّ بَلِيغًا وَقُورًا كَبِيرَ الْقَدْرِ. رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَاضِي، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى أَحَدُ بَنِي عَمِّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّلْحِيُّ، وَآخَرُونَ. وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَجْلَسَهُ عَلَى فَرْشِهِ فَنَصَحَهُ وَوَعَظَهُ. قَالَ الْعِجْلِيُّ: تابعيٌّ ثقةٌ رجلٌ صَالِحٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يُسَمَّى أَسَدُ قُرَيْشٍ، كَانَ شَرِيفًا صَبَّارًا أَعْرَجَ وُلِّيَ خَرَاجُ الْعِرَاقِ لابن الزّبير. توفي سنة عشرٍ ومائة.   1 التاريخ الكبير "1/ 302-303" الجرح والتعديل "2/ 108" تهذيب الكمال "2/ 130"، تهذيب التهذيب "1/ 137". 2 الطبقات الكبرى "5/ 52"، التاريخ الكبير "1/ 315-316"، الجرح والتعديل "2/ 124" الثقات لابن حبان "4/ 5"، تهذيب التهذيب "1/ 153-154"، سير أعلام النبلاء "4/ 562-563". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 10 5- الأَحْوَصُ الشَّاعِرُ1 أَبُو عَاصِمٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَانَ بن عبد الله بن محمد بْنِ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيُّ. نَفَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى دَهْلَكَ لِكَثْرَةِ هِجَائِهِ. قَالَ عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَلَطَمَ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ الْغِفَارِيَّ وَجَرَّ بِرِجْلِهِ، وَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَرْكَبٍ فِي الْبَحْرِ، فَنَفَاهُ إِلَى دَهْلَكَ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا الأَحْوَصَ، فَكَانَ أَهْلُهَا يَقُولُونَ: جَزَى اللَّهُ عَنَّا يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ خَيْرًا، أَخَذَ عَنَّا رَجُلا عَلَّمَ أَوْلادَنَا الْبَاطِلَ وَأَقْدَمَ عَلَيْنَا رَجُلًا علَّمَنَا الْخَيْرَ. وَالْحَوْصُ هُوَ ضيقٌ فِي آخِرِ الْعَيْنِ. وَقِيلَ: بَلِ الَّذِي نَفَاهُ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَكَانَ يُشَبِّبُ بِعَاتِكَةَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ إِذْ يَقُولُ: يَا بَيْتَ عَاتِكَةَ الَّتِي أَتَغَزَّلُ ... حَذَرَ الْعِدَى وَبِهِ الْفُؤَادُ مُوَكَّلُ إنِّي لأَمْنَحُكَ الصُّدُودَ وَإِنَّنِي ... قَسَمًا إِلَيْكَ مَعَ الصُّدُودِ لأَمْيَلُ وَلَقَدْ نَزَلْتَ مِنَ الفؤاد بمنزلٍ ... ماكان غَيْرُكَ وَالأَمَانَةُ يُنْزَلُ وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْكَ بَعْضَ صَبَابَتِي ... وَلِمَا كَتَمْتُ مِنَ الصَّبَابَةِ أَطْوَلُ هَلْ عَيْشُنَا بِكَ فِي زَمَانِكَ راجعٌ ... فَلَقَدْ تَفَحَّشَ بُعْدُكَ الْمُتَعَلِّلُ أَعْرَضْتُ عَنْكَ وَلَيْسَ ذَاكَ لبغضةٍ ... أَخْشَى مَقَالَةَ كاشحٍ لا يَعْقِلُ 6- إِسْحَاقُ بْنُ عبد الله2 د -بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَبُو يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيُّ البصري. عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُمِّ الْحَكَمِ بِنْتِ الزبير بن عبد المطلب. وعنه: قتادة، وحمبد الّطَوِيلُ، وَعَوْفٌ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَآخَرُونَ. وثقه أحمد بن عبد الله العجلي.   1 طبقات ابن سلام "655"، سير أعلام النبلاء "4/ 593"، الأغاني "4/ 224-268". 2 التاريخ الكبير "1/ 394-395" الجرح والتعديل "2/ 227"، تهذيب الكمال "2/ 442-443"، الطبقات الكبرى "5/ 223"، الثقات لابن حبان "6/ 46"، تهذيب التهذيب "1/ 239". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 11 7- إسحاق بن قبيصة1 -ق- بن ذؤيب الخزاعي الدمشقي. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ نَاظِرَ دِيوَانِ الزَّمْنَى بِدِمَشْقَ، لَهُ حديث واحدٌ عند ابن ماجه. 8- إسحاق مولى زائدة2 -م د ن- رَوَى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْه: ابْنُهُ عُمَرُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ، وأسامة بن زيد الليثي، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَالْعَلاءُ بن عبد الرحمن، وآخرون. وثقه ابن معين. 9- أسلم العجلي3 -د ت ن- عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَبِشْرِ بْنِ شَغَافٍ، وَأَبِي مُرَايَةَ الْعِجْلِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَشْعَثُ، وَشُمَيْطُ بْنُ عَجْلانَ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 10- الأَسْوَدُ بْنُ سعيد الهمذاني4 -د- الكوفي، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَمَعْنُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَبُو إسرائيل الملائي.   1 التاريخ الكبير "1/ 400"، الجرح والتعديل "2/ 231-232"، تهذيب الكمال "2/ 468-469"، تهذيب التهذيب "1/ 427". 2 الطبقات الكبرى "5/ 306"، التاريخ الكبير "1/ 396-3978"، الثقات لابن حبان "4/ 23"، الجرح والتعديل "2/ 239-239"، تهذيب الكمال "2/ 500-501"، تهذيب التهذيب "1/ 258". 3 التاريخ الكبير "2/ 24" الجرح والتعديل "2/ 306-307"، الثقات لابن حبان "6/ 46"، تهذيب الكمال "2/ 529"، تهذيب التهذيب "265-266". 4 التاريخ الكبير "1/ 446"، الجرح والتعديل "2/ 292-293"، تهذيب الكمال "3/ 223-224"، تهذيب التهذيب "1/ 339". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 12 له حديث في الملاحم. 11- أصبغ عن نباتة1 -ق- الدرامي ثم المجاشعي الكوفي، أبو القاسم، عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ. وَعَنْهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَالأَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: منُكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: كَانَ يَقُولُ بِالرَّجْعَةِ. 12- أَيْفَعُ بْنُ عَبْدِ الْكَلاعِيِّ2 شَامِيٌّ أَظُنُّهُ خَطَبَ بِحِمْصَ. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَرْسَلَ حَدِيثَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عَن صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو وَقَالَ: أُمِّرَ عَلَيْنَا مَرَّةً فِي الْغَزْوِ، وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ حِمْصٍ، قَدْ غَلَطَ غَيْرَ وَاحِدٍ وَعَدَّهُ فِي الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عَبْدَانُ الْمَرْوَزِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ، وَاغْتَرُّوا بِمَا أَرْسَلَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ. 13- أَيُّوبُ بن بشير3 -د- بن كعبٍ العدوي البصري. له وفادةٌ على سليمان بن عبد الملك. رَوَى عَنْ رجلٍ تَابِعِيٍّ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَقَتَادَةُ، وَسِمَاكٌ الْمِرْبَدِيُّ. وَهُوَ مقلٌ لا يكاد يعرف.   1 التاريخ الكبير "2/ 35"، الجرح والتعديل "2/ 319-320"، الكامل لابن عدي "1/ 398"، المجرومين لابن حبان "1/ 173"، ميزان الاعتدال "1/ 271"، تهذيب التهذيب "1/ 362-363". 2 التاريخ الكبير "2/ 63-64"، الجرح والتعديل "2/ 341"، تهذيب الكمال "3/ 442"، الكامل لابن عدي "1/ 410"، ميزان الاعتدال "1/ 283"، تهذيب التهذيب "1/ 391-392". 3 التاريخ الكبير "1/ 409"، الجرح والتعديل "2/ 242"، ميزان الاعتدال "1/ 285"، تهذيب التهذيب "1/ 397". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 13 14- أَيُّوبُ بْنُ شُرَحْبِيلِ1 بْنِ أكْسُومِ بْنِ أَبْرَهَةَ بْنِ الصَّبَّاحِ الأَصْبَحِيُّ الْحِمْيَرِيُّ، وَأُمُّهُ أُمُّ أيُّوبَ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ. وُلِّيَ مِصْرُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْه أَبُو قَبِيلٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِهْرَانَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ. "حرف الباء": 15- بسر بن عبيد الله2 -ع- الحضرمي الشامي. عَنْ: وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَرُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَزَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً جَلِيلَ الْقَدْرِ. قَالَ أَبُو مِسْهَرٍ: هُوَ أَحْفَظُ أَصْحَابِ أَبِي إِدْرِيسَ رَحِمَهُ اللَّهُ. 16- بِشْرُ بن صفوان الكللبي3 أَمِيرُ إِفْرِيقِيَةَ. وُلِّيَ الْمَغْرِبَ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ، وَلَمَّا احْتَضَرَ وُلِّيَ عَلَى النَّاسِ قعاس بْنُ قُرْطٍ الْكَلْبِيُّ. تُوُفِّي بِشْرُ سَنَةَ تسعٍ وَمِائَةٍ. 17- بُشَيْرُ بن يسار المدني4 -ع- مولى الأنصار.   1 كتاب الولاة وكتاب القضاة "67-69"، النجوم الزاهرة "1/ 237". 2 التاريخ الكبير "2/ 142"، الجرح والتعديل "2/ 423"، الثقات لابن حبان "6/ 109"، تهذيب الكمال "4/ 75-77"، سير أعلام النبلاء "4/ 592"، تهذيب التهذيب "1/ 438". 3 كتاب الولاة وكتاب القضاة للكندي "69-71"، النجوم الزاهرة "1/ 244-245". 4 الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 303"، الجرح والتعديل "2/ 394-395"، تهذيب الكمال "4/ 187-188"، سير أعلام النبلاء "4/ 591-592"، تهذيب التهذيب "1/ 472". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 14 عَنْ: رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثَمَةَ، وَسُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، وَمُحَيَّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ فَقِيهًا أَدْرَكَ عَامَّةَ الصَّحَابَةِ. قلت: وليس هُوَ أخا لسليمان بْن يسار. 18- بَعْجَةُ بْنُ عبد الله1 -خ م ت ن ق- بن بدر الجهني، مِنْ بَادِيَةِ الْحِجَازِ. عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبُو حَازِمٍ الْمَدِينِيُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَثَّقَهُ النسائي. 19- بكر بن عبد الله2 -ع- ابْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، أَحَدُ الأَعْلامِ. عَنْ: الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَابْنِ عباس، وابن عمر، وأنس، وَابْنِ رَافِعٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَحَبِيبٌ الْعَجَمِيُّ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ، وَغَالِبٌ الْقَطَّانُ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً ثبتًا كثيرا الْحَدِيثِ حُجَّةً فَقِيهًا. قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: الْحَسَنُ شَيْخُ الْبَصْرَةِ، وَبَكْرٌ الْمُزَنِيُّ فَتَاهَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ الْمُزَنِيُّ: حَدَّثَتْنِي أُخْتِي أَنَّهَا سمعت أبانا يقول: عزمت على   1 التاريخ الكبير "2/ 149"، الجرح والتعديل "2/ 427"، تهذيب التهذيب "1/ 473"، الإصابة "1/ 182". 2 الطبقات الكبرى "7/ 209-211"، التاريخ الكبير "2/ 90-91"، الجرح والتعديل "2/ 388"، الثقات لابن حبان "4/ 74"، حلية الأولياء "2/ 224-232"، سير أعلام النبلاء "4/ 532-536"، البداية والنهاية "9/ 256"، تهذيب التهذيب "1/ 484". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 15 نَفْسِي أَنْ لا أَسْمَعَ قَوْمًا يَذْكُرُونَ الْقَدَرَ إِلا قُمْتُ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ1. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ أَيْضًا: سَمِعْتُ فُلانًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أَنَّهُ كَانَ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ فَرَقَّ فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي فِيهِمْ لَقُلْتُ: قَدْ غُفِرَ لَهُمْ2. أَبُو هِلالٍ، عَنْ غَالِبٍ، عَنْ بَكْرٍ أَنَّهُ لَمَّا ذُهِبَ بِهِ لِلْقَضَاءِ قَالَ: إِنِّي سَأُخْبِرُكَ عَنِّي أَنِّي لا عِلْمَ لِي وَاللَّهِ بِالْقَضَاءِ، فَإِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَمَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تستعملني، وإن كنتت كاذبًا فيما يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ كَاذِبًا3. حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ بَكْرٍ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَعِيشَ عَيْشَ الأَغْنِيَاءِ وَأَمُوتَ مَوْتَ الْفُقَرَاءِ، فَكَانَ لِذَلِكَ يَلْبَسُ كِسْوَتَهُ ثُمَّ يَجِيءُ إِلَى الْمَسَاكِينَ فَيَجْلِسُ مَعَهُمْ يُحَدِّثُهُمْ وَيَقُولُ: إِنَّهُمْ يَفْرَحُونَ بِذَلِكَ4. مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ قِيمَةُ كِسْوَتِهِ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَكَانَتْ أُمُّهُ ذَاتَ ميسرةٍ، وكَانَ لَهَا زوجٌ كَثِيرُ الْمَالِ5. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو التَّقِيُّ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَوْشَنٍ قَالَ: اشْتَرَى بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ طَيْلَسَانًا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَرَادَ الْخَيَّاطُ أَنْ يَقْطَعَهُ، فَذَهَبَ لِيَذُرَّ عَلَيْهِ تُرَابًا، فَقَالَ لَهُ بَكْرٌ: كَمَا أَنْتَ، فَأَمَرَ بكافورٍ فَسُحِقَ، ثُمَّ ذَرَّهُ عَلَيْهِ6. عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ: ثَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ: سَمِعْتُ بَكْرًا الْمُزَنِيَّ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: أَصْبَحْتُ لا أَمْلِكُ مَا أَرْجُو وَلا أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي مَا أَكْرَهُ، أَمْرِي بِيَدِ غَيْرِي، وَلا فَقِيرَ أَفْقَرُ مِنِّي7. أَبُو الأَشْهَبِ: سَمِعْتُ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا رِزْقًا يَزِيدُ لَكَ شُكْرًا، وَإِلَيْكَ فَاقَةً وَفَقْرًا، وبك عمن سواك غنى8.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 209"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 225". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 209". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 227". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210". 6 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210". 7 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210-211". 8 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 211"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 225". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 16 مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَضَرَ الْحَسَنُ جَنَازَةَ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى حِمَارٍ، فَرَأَى النَّاسَ يَزْدَحِمُونَ فَقَالَ: مَا يُؤْزِرُونَ أَكْثَرُ مِمَّا يُؤْجَرُونَ، كَانَ الْقَوْمُ يَنْظُرُونَ، فَإِنْ قَدِرُوا عَلَى عَمَلِ الْجَنَازَةِ أَعْقَبُوا إِخْوَانَهُمْ1. قَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: تُوُفِّيَ بَكْرٌ سَنَةَ ستٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُ واحدٍ: سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَأَظُنُّهُ أَصَحُّ. 20- بَكْرُ بْنُ مَاعِزٍ أَبُو حَمْزَةَ الْكُوفِيُّ2. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ، وَالرَّبِيعِ بن خيثم. وَعَنْهُ: يونس بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَنُسَيْرُ بْنُ ذُعْلُوقٍ، وَسَعْدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْكُوفِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. "حرف التَّاءِ": 21- تُبَيْعُ بْنُ عَامِرٍ الْحِمْيَرِيّ3 -ن- ابْنِ امْرَأَةِ كَعْبٍ الأَحْبَارِ. نَزَلَ الشَّامَ. يُقَالُ إِنَّهُ أَسْلَمَ زَمَنَ الصِّدِّيقِ. رَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَكَعْبٍ. وعنه: مجاهد، وعطاء، وأبو قبيل المصري، وحكيم بن عمير الحمصي، وحيان أبو النضر، وغيرهم. وكان يقال له تبيع صَاحِبُ الْمَلاحِمِ، قَرَأَ الْكُتُبَ وَنَظَرَ فِي سِيَرِ الأَوَّلِينَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى ومائة.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 211". 2 الطبقات الكبرى "6/ 310"، الجرح والتعديل "2/ 392"، الثقات لابن حبان "6/ 102"، تهذيب الكمال "4/ 226-227"، تهذيب التهذيب "1/ 486-487". 3 الطبقات الكبرى "7/ 452"، التاريخ الكبير "2/ 159"، الجرح والتعديل "2/ 447"، سير أعلام النبلاء "4/ 413-414"، تهذيب الكمال "4/ 312-318"، تهذيب التهذيب "1/ 508-509"، الإصابة "1/ 187". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 17 يُكْنَى أَبَا غُطَيْفٍ، قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَإِنَّهُ كلاعيٌ مِنْ أُلْهَانَ. وَكَنَّاهُ الْبُخَارِيُّ أَبَا عُبَيْدٍ. وكناه صَاحِبُ تَارِيخِ حِمْصٍ: أَبَا عُبَيْدَةَ، مَاتَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ. 22- تَمِيمُ بْنُ نُذَيْرٍ1 أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وَعَنْهُ: حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الثاء": 23- ثمامة بن حزن2 -م ت س- القشيري البصري. مخضرمٌ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ وَلَهُ خمسٌ وَثَلاثُونَ سنة. وثقه ابن مَعِينٍ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَغَلَطَ مَنْ قَالَ لَهُ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْهُ: الْجُرَيْرِيُّ، وَالأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الفضل الحراني. وثقة ابن مَعِينٍ، وَحَدِيثُهُ مِنْ أَعْلَى شيءٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. "حرف الْجِيمِ": 24- جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ3 أَبُو الشَّعْثَاءِ، فَقِيهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، قَدْ مَرَّ. وَقَالَ ابن سعد: توفي سنة ثلاثٍ ومائة.   1 التاريخ الكبير "2/ 151"، الجرح والتعديل "2/ 441"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 88"، الإصابة "1/ 188". 2 التاريخ الكبير "2/ 176-177"، الجرح والتعديل "2/ 465"، تهذيب الكمال "4/ 401-403"، أسد الغابة "1/ 248"، تهذيب التهذيب "2/ 27". 3 الطبقات الكبرى "7/ 179-182"، التاريخ الكبير "2/ 204"، الجرح والتعديل "2/ 492-495"، حلية الأولياء "3/ 85-91"، تهذيب الكمال "4/ 434-436"، سير أعلام النبلاء "4/ 481-483"، البداية والنهاية "9/ 93"، تهذيب التهذيب "2/ 38-39". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 18 25- جَرِيرُ بْنُ الْخَطَفَى1 وَهُوَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ سَلَمَةَ، أَبُو حَزْرَةَ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ. مَدَحَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الأُمَوِيِّينَ، وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهَى وَإِلَى الْفَرَزْدَقِ فِي حُسْنِ النَّظْمِ. فَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرًا وَمَا يَضُمُّ شَفَتَيْهِ مِنَ التَّسْبِيحِ، فَقُلْتُ: ما ينفعك هذا وأنت تقذق الْمُحْصَنَاتِ! فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا الله لا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 115] وعد من الله حقٌ. وعن بشار قَالَ: كَانَ جَرِيرٌ يُحْسِنُ ضُرُوبًا مِنَ الشِّعْرِ لا يحسنها الفرزدق. روى عن مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ عَنْ يُونُسَ قَالَ: كَانَ الْفَرَزْدَقُ يَتَضَوَّرُ وَيَجْزَعُ إِذَا أَنْشَدَ لِجَرِيرٍ، وَكَانَ جَرِيرٌ أَصْبَرَهُمَا. قَالَ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الشَّامِ عَلَى جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ وَالأَخْطَلِ، وَالأَخْطَلُ دُونَهُمَا، وَمِمَّنْ فَضَّلَ جَرِيرًا عَلَى الْفَرَزْدَقِ: ابْنُ هَرِمَةَ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ هِلالٍ. قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ: قَالَ الْفَرَزْدَقُ لامْرَأَتِهِ النَّوَّارِ: أَنَا أَشْعَرُ أَمِ ابْنُ الْمَرَاغَةِ؟ قَالَتْ: غَلَبَكَ عَلَى حُلْوِهِ وَشَرِكَكَ فِي مُرِّهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: ذَاكَرْتُ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ فَقَالَ: ذَهَبَ الْفَرَزْدَقُ بِالْفَخَارِ وَإِنَّمَا ... حُلْوُ الْقرِيضِ وَمُرُّهُ لِجَرِيرٍ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنِ أَبِيهِ، أَنَّ أَعْرَابيًّا مَدَحَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فَأَحْسَنَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: تَعْرِفُ أَهْجَى بيتٍ فِي الإِسْلامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْلُ جَرِيرٍ: فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نميرٍ ... فَلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلَابَا قَالَ: أَصَبْتَ، فَهَلْ تَعْرِفُ أَرَقَّ بَيْتٍ قِيلَ فِي الإِسْلامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْلُ جَرِيرٍ. إِنَّ الْعُيُونَ الَّتِي فِي طَرْفِهَا مَرَضٌ ... قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلانَا يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حَتَّى لا حَرَاكَ بِهِ ... وَهُنَّ أَضْعَفُ خلق الله أركانا   1 الأغاني "8/ 1-89"، البداية والنهاية "9/ 260-265"، سير أعلام النبلاء "4/ 590-591"، شذرات الذهب "1/ 140". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 19 قَالَ: أَحْسَنْتَ، فَهَلْ تَعِرفُ جَرِيرًا؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ وَإِنِّي إِلَى رُؤْيَتِهِ لَمُشْتَاقٌ، قَالَ: فَهَذَا جَرِيرٌ، وَهَذَا الأَخْطَلُ، وَهَذَا الْفَرَزْدَقُ، فَأَنْشَأَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: فَحَيَّا الإِلَهُ أَبَا حزرةٍ ... وَأَرْغَمَ أَنْفَكَ يَا أخْطَلُ فَأَنْشَأَ الْفَرَزْدَقَ يَقُولُ: بَلْ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفًا أَنْتَ حَامِلُهُ ... يَا ذَا الْخَنَا وَمَقَالِ الزُّورِ والْخَطَلِ مَا أَنْتَ بِالْحَكَمِ لِتَرْضَى حُكُومَتَهُ ... وَلا الأَصِيلُ وَلا ذِي الرَّأْيِ وَالْجَدَلِ فَغَضِبَ جَرِيرٌ وَقَالَ أَبْيَاتًا، ثُمَّ وَثَبَ فَقَبَّلَ رَأْسَ الأَعْرَابِيِّ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَائِزَتِي لَهُ؟ وَكَانَتْ كُلَّ سَنَةٍ خَمْسَةُ عَشْرَ أَلْفًا؟ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَهُ مِثْلُهَا مِنِّي. قَالَ نَفْطَوَيْهِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُزَنِيُّ أَنَّ جَارِيَةً قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: يَدْخُلُ عَلَيْكَ جَرِيرٌ فَيُشَبِّبُ بِالْحُرُمِ، قَالَ: مَا عَلِمْتُهُ إِلا عَفِيفًا، قَالَتْ: فَأَخْلِنِي وَإِيَّاهُ، فأخلاهما، فقالت: يا جرير، فنكس رأسه، وَقَالَ هَأَنَذَا، قَالَتْ: بِاللَّهِ أَنْشِدْنِي قَوْلَكَ: أُوَانِسُ أَمَّا مَنْ أَرَدْنَ عَنَاءَهُ ... فعانٍ وَمَنْ أَطْلَقْنَ فَهُوَ طَلِيقُ دَعَوْنَ الْهَوَى ثُمَّ ارْتَمَيْنَ قُلُوبَنَا ... بِأَسْهُمِ أعداءٍ وَهُنَّ صَدِيقُ فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ هَذَا وَلَكِنِّي الْقَائِلُ: وَمَنْ يَأْمَنُ الْحَجَّاجَ أَمَّا نَكَالُهُ ... فصعبٌ وَأَمَّا عَهْدُهُ فَوَثِيقُ يُسِرُّ لَكَ الْبَغْضَاءَ كُلُّ منافقٍ ... كَمَا كُلُّ ذِي دينٍ عَلَيْكَ شَفِيقُ وَلِجَرِيرٍ: يَا أُمَّ نَاجِيَةَ السَّلامُ عَلَيْكُمُ ... قَبْلَ الرَّحِيلِ وَقَبْلَ يَوْمِ الْمَعْدَلِ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ آخِرَ عَهْدِكُمْ ... يَوْمَ الرَّحِيلِ فَعَلْتُ مَا لَمْ أَفْعَلِ تُوُفِّيَ جَرِيرٌ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ بَعْدَ الْفَرَزْدَقِ بِشَهْرٍ. 26- جعفر بن عمرو بن حريث1 -م د ن ق- أبو عون المخزومي الكوفي.   1 التاريخ الكبير "2/ 193"، والجرح والتعديل "2/ 484"، تهذيب الكمال "1/ 198"، تهذيب التهذيب "2/ 101". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 20 عَنْ: أَبِيهِ وَعَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. وَعَنْهُ: مُسَاوِرٌ الْوَرَّاقُ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَمَعْنٌ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَسْعُودِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ جَدُّ الْمُحَدِّثِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ الْعُمَرِيِّ. 27- جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ1 أَبُو الأَسْوَدِ التَّيْمِيُّ تَيْمُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ، كُوفِيٌّ جَلِيلٌ. عَنْ: عَائِشَةَ: وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: صَدَقَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَكَثِيرٌ النَّوَّاءُ، وَحَكِيمُ بن جبير، وأبو الجحاف دواو بْنُ أَبِي عَوْفٍ، وَالصَّلْتُ بْنُ بِهْرَامَ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كوفيٌ مِنْ عُتَقِ الشِّيعَةِ مَحَلُّهُ الصَدْقُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: هُوَ مِنْ أَكْذَبِ النَّاسِ، كَانَ يَقُولُ الْكَرَاكِيُّ تَفْرِخُ فِي السَّمَاءِ ولا تقع فراخها. وقال ابن حيان: رافضيٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ. "حرف الْحَاءِ": 28- الْحَارِثُ بْنُ مِخْمَرٍ2 أَبُو حَبِيبٍ الظَّهْرَانِيُّ الْحِمْصِيُّ، وُلِّيَ قَضَاءُ حِمْصَ وَقَضَاءُ دِمَشْقَ زَمَنَ الْوَلِيدِ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ مُنْقَطِعَةٌ، وَسَمِعَ مِنَ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ. وَعَنْهُ: الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حريز بن عثمان، وعن الحارث بن مخمر، عن   1 التاريخ الكبير "2/ 2424"، الجرح والتعديل "2/ 532"، الكامل في الضعفاء "3/ 588"، المجروحين لابن حبان "1/ 218"، تهذيب الكمال "1/ 204"، ميزان الاعتدال "1/ 421"، تهذيب التهذيب "2/ 111-112". 2 التاريخ الكبير "2/ 281"، الجرح والتعديل "3/ 89-90"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 460". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 21 أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: الإِيمَانُ يَنْقُصُ وَيَزْدَادُ. 29- حِبَّانُ بْنُ رُفَيْدَةَ الْكُوفِيُّ1 عَنِ الْحَسَنِ، وَمَسْرُوقٍ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، ابْنُهُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَيَحْيَى الْجَابِرُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ. 30- حِبَّانُ بْنُ جَزِيءٍ السَّلَمِيُّ2 -ت ق- عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ وَأَبِيهِ -وَلَهُمَا صُحْبَةٌ- وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن عثمان خُثَيْمٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي طَلِيقٍ، وَآخَرُونَ. لَهُ حديث عن الترمذي، وابن ماجه. 31- حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ3 -م4- كَاتِبُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَمَوْلاهُ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ عَرْفَطَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ، وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ ثِقَةٌ. 32- حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ4 أَبُو مَرْزُوقٍ التُّجِيبِيُّ، شَيْخٌ مصريٌ وَلَيْسَ بِالْبَصْريِّ. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْكُنِّيَةِ، وَكَانَ يَنْزِلُ بِطَرَابُلُسَ الْمَغْرِبِ، وكان فقيهًا.   1 التاريخ الكبير "3/ 132-133"، الثقات لابن حبان "4/ 193"، ميزان الاعتدال "1/ 448". 2 التاريخ الكبير "3/ 89-90"، الجرح والتعديل "3/ 268"، تهذيب الكمال "1/ 224"، تهذيب التهذيب "2/ 171". 3 التاريخ الكبير "2/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 102"، تهذيب الكمال "1/ 227"، ميزان الاعتدال "1/ 455"، تهذيب التهذيب "2/ 184". 4 التاريخ الكبير "9/ 72"، الجرح والتعديل "9/ 442"، تهذيب الكمال "3/ 1464"، ميزان الاعتدال "3/ 572". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 22 قال ابن يونس: توفي سنة تسعٍ مائة. 33- حبيب بن يسار1 -ت ن- الكندي الكوفي. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ: زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْكِنْدِيُّ، وَأَبُو الْجَارُودِ زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَيُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وغيره، وحديثه قليل. 34- الحسن البصري2 -ع- ابن أبي الحسن يسار، أبو سعيد مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَيُقَالُ: مَوْلَى جَمِيلِ بْنِ قُطْبَةَ، إِمَامُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بَلْ إِمَامُ أَهْلِ الْعَصْرِ، وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ خَيِّرَةُ مَوْلاةً لأُمِّ سَلَمَةَ، فَكَانَتْ تَذْهَبُ لأُمِّ سَلَمَةَ فِي الْحَاجَةِ وَتُشَاغِلُهُ أُمُّ سَلَمَةَ بَثْدَيِهَا، فَرُبَّمَا دَرَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ نَشَأَ بِوَادِي الْقُرَى. وَقَدْ سَمِعَ عَنْ عُثْمَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ، وَشَهَد يَوْمَ الدَّارِ، وَرَأَى طَلْحَةَ وَعَلِيًّا. وَرَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَمْرِو بْنِ ثَعْلَبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ كَالأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، وَحِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَصَارَ كَاتِبًا فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ لِلرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ مُتَوَلِّي خُرَاسَانَ. رَوَى عَنْهُ: أَيُّوبُ، وَثَابِتٌ، وَيُونُسُ بْنُ عَوْنٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَيَزِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَالرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، وَأَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ، وَأَشْعَثُ بْنُ عبد الملك،   1 التاريخ الكبير "2/ 327"، الجرح والتعديل "3/ 110-111"، تهذيب الكمال "1/ 230-231"، تهذيب التهذيب "2/ 192". 2 الطبقات الكبرى "7/ 156-178"، الزهد لأحمد "258"، التاريخ الكبير "2/ 289-290"، تهذيب الكمال "1/ 255-259"، الجرح والتعديل "3/ 40-42"، سير أعلام النبلاء "4/ 563-588"، حلية الأولياء "2/ 131-161"، تهذيب التهذيب "2/ 263-270". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 23 وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَشَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ، وَحَزْمٌ الْقُطَعِيُّ، وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ، وَشُمَيْطُ بْنُ عَجْلانَ، وأممٌ لا يُحْصَوْنَ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْكِبَارِ: لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَلا مِنْ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبٍ وَلا مِنَ الأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ وَلا مِنْ عِمْرَانَ وَلا مِنْ أَبِي بَكْرَةَ. قُلْتُ: وَكَانَ يُدَلِّسُ وَيُرْسِلُ وَيُحَدِّثُ بِالْمَعَانِي، وَمَنَاقِبُهُ كثيرةٌ وَمَحَاسِنُهُ غزيرةٌ، كَانَ رَأْسًا فِي الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ، إِمَامًا مُجْتَهِدًا كَثِيرَ الاطِّلاعِ، رَأْسًا فِي الْقُرْآنِ وَتَفْسِيرِهِ، رَأْسًا فِي الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ، رَأْسًا فِي الْحِلْمِ وَالْعِبَادَةِ، رَأْسًا فِي الزُّهْدِ وَالصِّدْقِ، رَأْسًا فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَلاغَةِ، رَأْسًا فِي الأَيْدِ وَالشَّجَاعَةِ. رَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ زَنْدًا أَعْرَضَ مِنْ زند الحسن البصري، كنا عَرْضُهُ شِبْرًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ: أَصْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ مَيْسَانَ. وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ هَذَا الشَّيْخِ، يَعْنِي الْحَسَنَ1. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ: الْزَمُوا هَذَا الشَّيْخَ فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ بِعُمَرَ -رَضِيَ الله عنهم- مِنْهُ، يَعْنِي الْحَسَنَ2. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَلُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ حَفِظَ وَنَسِينَا. وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: لَمَّا ظَهَرَ الْحَسَنُ جَاءَ كَأَنَّمَا كَانَ فِي الآخِرَةِ، فَهُوَ يُخْبِرُ عَمَّا عَايَنَ. وروى ضمرة بن ربيعة، عن الإصبع بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: ما أشبهه الْحَسَنَ إِلا بِنَبِيٍّ أَقَامَ فِي قَوْمِهِ سِتِّينَ عَامًا يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْفُضَيْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: أَنَا يَوْمَ الدَّارِ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سنةٍ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ، فَأَنْظُرُ إِلَى طَلْحَةَ بن عبيد الله، وذكر قصةً.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 162". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 161". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 24 وَقَالَ غَالِبٌ الْقَطَّانُ، عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَفْقَهِ مَنْ رَأَيْنَا فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْحَسَنِ. مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ الَّذِي كَانَ أَسْوَدَ مِنَ الحسن. قال الحسن: احتملت سَنَةَ صِفِّينَ1. وَعَنْ أَمَةَ الْحَكَمِ قَالَتْ: كَانَ الْحَسَنُ يَجِيءُ إِلَى حَطَّانَ الرِّقَاشِيِّ، فَمَا رَأَيْتُ شَابًا قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْهُ. غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ وَعَلَيْهِ عُمَامَةً سَوْدَاءَ2. وَقَالَ سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ، رَأَيْتُ عَلَى الْحَسَنِ طَيْلَسَانًا كَأَنَّمَا يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ. وَخَمِيصَةً كَأَنَّهَا خَزٌّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبَوَايَ لرجلٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَلَمَةَ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَاقَهُمَا إِلَى الْمَرْأَةِ مِنْ مَهْرِهَا فَأَعْتَقَتْهُمَا، وَيُقَالُ بَلْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلاةً لأُمِّ سلمة، فولد الْحَسَنِ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ، قَالَ: فَيَذْكُرُونَ أَنَّ أُمَّهُ رُبَّمَا غَابَتْ فَيَبْكِي، فَتُعْطِيهِ أُمُّ سَلَمَةَ ثَدْيَهَا تُعلِّلُهُ بِهِ إِلَى أَنْ تَجِيءَ أُمُّهُ، فَدَرَّ عَلَيْهِ ثَدْيُهَا فَشَرِبَهُ، فَيَرَوْنَ أَنَّ تِلْكَ الْحِكْمَةَ وَالْفَصَاحَةَ مِنْ بَرَكَةِ ذَلِكَ. أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُكَيْرٍ، ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يَخْطُبُ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سنةٍ قَائِمًا وَقَاعِدًا3. مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ، قَالَ الْحَسَنُ: فَلا أَدَعُهُ أَبَدًا4. مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا هِلالٌ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: كَانَ مُوسَى لا يَغْتَسِلُ إِلا مُسْتَتِرًا، فَقِيلَ لَهُ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ5.   1 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 157". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 160". 3 خبر حسن لغيره: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 157". 4 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 158". 5 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 157". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 25 مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: ثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاثًا: الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَالْوِتْرُ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصِيَامُ ثلاثةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ1. وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ مِثْلَهُ حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بن زيد. حماد بن سلمة، عن حميد قال: كان علم الحسن في صحيفةٍ مثل هذه، وعقد عفان بالإبهامين والسبابتين2. حماد بن سلمة، عن يزيد بن الرِّشْكِ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ عَلَى الْقَضَاءِ3. عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: جِئْتُ بكتابٍ مِنْ قَاضِي الْكُوفَةِ إِلَى إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَجِئْتُ وَقَدْ عُزِلَ وَاسْتُقْضِيَ الْحَسَنُ4. قَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصفِّرُ لِحْيَتَهُ5. وَقَالَ جُرْثُومَةُ مَوْلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ. وَقَالَ أَبُو خُلْدَةَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ6. وَقَالَ عَفَّانُ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الْحَسَنِ ثَوْبًا سَعِيدِيًا مُصَلَّبًا وَعُمَامَةً سَوْدَاءَ7. أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ عَلَيْهِ عمامةٌ سَوْدَاءُ مَرْخِيَّةً مِنْ وَرَائِهِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ وبردٌ صغير مرتديًا به8.   1 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد في المسند "2/ 229"، وابن سعد في طبقاته "7/ 158"، والنسائي "2404" من طريق آخر عن أبي هريرة، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي "2404"، وللحديث شواهد في البخاري ومسلم. 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 159". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 159". 4 حبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 159". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 160". 6 خبر صحيح لغيره: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 160". 7 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 160". 8 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 161". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 26 حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالا: قَدْ رَأَيْنَا الْفُقَهَاءَ، فَمَا رَأَيْنَا أجمع من الحسن1. حماد بن زيد، عَنْ أيُّوبَ قَالَ: قِيلَ لابْنِ الأَشْعَثِ: إِنَّ سَرَّكَ أَنْ يُقْتَلُوا حَوْلَكَ كَمَا قُتِلُوا حَوْلَ عَائِشَةَ فأَخْرِجِ الْحَسَنَ فَأَرْسِلْ إِلَيْهِ فأَكْرِهْهُ2. عَفَّانُ: ثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ: ثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: قَالُوا: لابْنِ الأَشْعَثِ: أَخْرِجْ هَذَا الشَّيْخَ، يَعْنِي الْحَسَنَ، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بَيْنَ الْجِسْرَيْنِ عَلَيْهِ عمامةٌ سَوْدَاءُ، فَغَفِلُوا عَنْه، فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الأَنْهَارِ حَتَّى نجا منهم، وكاد يهلك يومئذ3. سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّبْعِيُّ قَالَ: لَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الأَشْعَثِ، إِذْ قَاتَلَ الْحَجَّاجَ، انْطَلَقَ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ فِي طائفةٍ فَدَخَلُوا عَلَى الْحَسَنِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا تَقُولُ فِي قِتَالِ هَذَا الطَّاغِيَةِ الَّذِي سَفَكَ الدَّمَ الْحَرَامَ، وَأَخَذَ الْمَالَ الْحَرَامَ، وَتَرَكَ الصَّلاةَ وَفَعَلَ وَفَعَلَ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ لا تُقَاتِلُوهُ فَإِنَّهَا إِنْ تَكُنْ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ، فَمَا أَنْتُمْ بِرَادِّي عُقُوبَةَ اللَّهِ بِأَسْيَافِكُمْ، وَإِنْ يَكُنْ بَلاءً فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ، فَخَرَجُوا وَهُمَ يَقُولُونَ: نَطْرَحُ هَذَا الْعلْجَ، قَالَ: وَهُمْ قومٌ عَرَبٌ، وَخَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ فَقُتِلُوا4. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا سُلِّطَ الْحَجَّاجُ إِلا عُقُوبَةَ فَلا تَعْتَرِضُوا عُقُوبَةَ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالتَّضَرُّعِ5. رَوْحُ بْنُ عبادة: ثنا حجاج الأسود قال: تمنى رجلٌ فقال: ليتني بزهد الحسن، وورع ابن سيرين، وعبادة عامر ابن عبد قيس، وفقه سعيد بن المسيب، وذكر مطرفا بشيءٍ، فنظروا فوجدوا ذلك كاملا كله في الحسن6.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 162". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 163". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 163". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 163-164". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 164". 6 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 165". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 27 روحٌ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْريِّ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ لِلْحَسَنِ: أَرَأَيْتَ مَا تُفْتِي النَّاسَ، أَشَيْئًا سَمِعتَهُ أَمْ بِرَأْيِكَ؟ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ مَا كُلُّ مَا نُفْتِي بِهِ سَمِعْنَاهُ، وَلَكِنَّ رُأْيَنَا لَهُمْ خيرٌ مِنْ رُأْيِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ1. قَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي قَصَصِهِ فِي الدُّعَاءِ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ2. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ: كَانَ الْحَسَنُ يَشْتَرِي كُلَّ يومٍ لَحْمًا بِنِصْفِ درهمٍ3. وَقَالَ سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: أَهِينُوا هَذِهِ الدُّنْيَا، فَوَاللَّهِ لأَهْنَأُ مَا تَكُونُ إِذَا أَهَنْتُمُوهَا4. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، أَنَّ عَطَاءً سُئِلَ عَنْ شيءٍ فَقَالَ: لا أَدْرِي فَقِيلَ: إِنَّ الْحَسَنَ يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ لَيْسَ بَيْنَ جَنْبَيَّ مِثْلُ قَلْبِ الْحَسَنِ5. وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ابْنَ آدَمَ لَمْ تَكُنْ فَكُوِّنْتَ، وَسَأَلْتَ فَأُعْطِيتَ، وَسُئِلْتَ فَمَنَعْتَ، فَبِئْسَ مَا صَنَعْتَ6. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: ثَنَا يُونُسُ أَنَّ الْحَسَنَ أَخَذَ عَطَاءَهُ فَجَعَلَ يُقَسِّمُهُ، فَذَكَرَ أَهْلُهُ حَاجَةً، فَقَالَ: دُونَكُمْ بَقِيَّةَ الْعَطَاءِ، أَمَا إِنَّهُ لا خَيْرَ فِيهِ إِنْ لَمْ يُصْنَعْ بِهِ هَكَذَا7.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 165". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 168". 6 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 170". 7 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 171". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 28 وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَثْرَةُ الضَّحِكِ مِمَّا يُمِيتُ الْقَلْبَ1. قَالَ أَبُو حُرَّةَ: وَكَانَ الْحَسَنُ لا يَأْخُذُ عَلَى قَضَائِهِ2. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: ثَنَا عُقْبَة بْنُ خَالِدٍ الْعَبْدِيُّ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: ذَهَبَ النَّاسُ وَالنَّسْنَاسُ، نَسْمَعُ صَوْتًا وَلا نَرَى أَنِيسًا3. وَقَالَ يَزِيدُ بن هارون: أنبأ هشام قال: بعث مسملة بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى الْحَسَنِ بجبةٍ وَخَمِيصَةٍ فَقَبِلَهُمَا، فَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ وَقَدْ سَدَلَ الْخَمِيصَةَ عَلَى الْجُبَّةِ4. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: ثَنَا أَبِي، رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصَلِّي وَعَلَيْهِ خميصةٌ كَثِيرَةُ الْأَعْلَامِ، فَلا يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْهَا إِذَا سَجَدَ5. وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: لَمْ يَحُجَّ الْحَسَنُ إِلا حَجَّتَيْنِ6. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ الْحَسَنِ عَلَى الْبَوَادِي، وَكَانَ الْحَسَنُ يَحْلِقُ رَأْسَهُ كُلَّ عَامٍ يَوْمَ النَّحْرِ7. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ: ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا فَرْقَدٌ وَهُوَ يَأْكُلُ خَبِيصًا فَقَالَ: تَعَالَ فَكُلْ، فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ لا أُؤَدِّي شُكْرَهُ، قَالَ الْحَسَنُ: وَيْحَكَ وَتُؤَدِّي شُكْرَ الْمَاءِ الْبَارِدِ8. قَالَ حَجَّاجٌ، وَثَنَا عُمَارَةُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ أَنَّهُ كَانَ يكره الأصوات بالقرآن هذا التطريب9.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 171"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 152". 2 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 173"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 152"، وفيه أبو حرة واصل بن عبد الرحمن، وكان يدلس عن الحسن، التهذيب "7666", 3 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 172". 4 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 173"، وفيه هشام بن حسان وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال؛ لأنه قيل: كان يرسل عنهما. التهذيب "7568". 5 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 173". 6 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 175". 7 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 176". 8 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 176". 9 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 177". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 29 وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ الْحَسَنَ لَقُلْتَ إِنَّكَ لَمْ تُجَالِسْ فَقِيهًا قَطُّ1. وَعَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: مَا زَالَ الْحَسَنُ يَعِي الْحِكْمَةَ حَتَّى نَطَقَ بِهَا وَقِيلَ: كان الحسن إذا ذكر عند أبي حعفر الْبَاقِرِ قَالَ: ذَاكَ الَّذِي يُشْبِهُ كَلامُهُ كَلامَ الأَنْبِيَاءِ2. وَعَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ابْنُ آدَمَ إِنَّمَا أَنْتَ أيامٌ كُلَّمَا ذَهَبَ يومٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ3. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: فَضَحَ الْمَوْتُ الدُّنْيَا فَلَمْ يَتْرُكْ فِيهَا لِذِي لُبٍّ فَرَحًا4. قَالَ قَتَادَةُ: مَا جَمَعْتُ عِلْمَ الْحَسَنِ إِلَى عِلْمِ أحدٍ إِلا وَجَدْتُ لَهُ عَلَيْهِ فَضْلا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ شيءٌ كَتَبَ فِيهِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَسْأَلُهُ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: كَانَ الرَّجُلُ يَجْلِسُ إِلَى الْحَسَنِ ثَلاثَ حججٍ مَا يَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ هَيْبَةً لَهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: قُلْتُ لِأَشْعَثَ: قَدْ لَقِيتَ عَطَاءً وَعِنْدَكَ مَسَائِلُ، أَفَلا سَأَلْتَهُ؟ قَالَ: مَا لَقِيتُ أَحَدًا، يَعْنِي بَعْدَ الْحَسَنِ، إِلا صَغُرَ فِي عَيْنِي. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: يُقَالُ: مَا خَلَتِ الأَرْضُ قَطُّ مِنْ سَبْعَةِ رهطٍ بِهِمْ يُسْقَوْنَ وَبِهِمْ يُدْفَعُ عَنْهُمْ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ الْحَسَنُ أَحَدَ السَّبْعَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا كَانَ أحدٌ أَكْمَلَ مُرُوءَةً مِنَ الْحَسَنِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: لَمْ أَرَ أَقْرَبَ قَوْلًا مِنْ فعلٍ مِنَ الْحَسَنِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِي، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى الْحَسَنِ عَشْرَ سِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ يومٍ إِلا أَسْمَعُ مِنْهُ مَا لَمْ أَسْمَعْ قبل ذلك.   1 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 147". 2 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 147". 3 خبر ضعيف: أخرجه أحمد في الزهد "225"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 148". 4 خبر صحيح: أخرجه أحمد في الزهد "209"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 149". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 30 روى حوشب، عن الحسن قال: يابن آدَمَ وَاللَّهِ إِنْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ثُمَّ آمَنْتَ بِهِ لَيَطُولَنَّ فِي الدُّنْيَا حُزْنُكَ وَلَيَشْتَدَّنَّ خَوْفُكَ وَلَيَكْثُرَنَّ بُكَاؤُكَ1. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عِيسَى الْيَشْكُرِيُّ: مَا رَأَيْتَ أَحَدًا أَطْوَلَ حُزْنًا مِنَ الْحَسَنِ، وَمَا رَأَيْتُهُ إِلا حَسِبْتُهُ حَدِيثَ عهدٍ بِمُصِيبَةٍ2. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَصِيرِ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ شيءٍ فَقُلْتُ: إِنَّ الْفُقَهَاءَ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: وَهَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا بِعَيْنِكَ، إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا الْبَصِيرُ بِدِينِهِ، الْمُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ3. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ: لَقِيتُ مُسْلِمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَسَنِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، أخبرك عنه بعلم أما جَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ وَجَلِيسُهُ فِي مَجْلِسِهِ، أَشْبَهُ النَّاسِ سَرِيرَةً بِعَلانِيَةٍ وَأَشْبَهُ قَوْلا بفعلٍ، إِنْ قَعَدَ عَلَى أمرٍ قَامَ بِهِ، وَإِنْ قَامَ عَلَى أمرٍ قَعَدَ بِهِ، وَإِنْ أَمَرَ بِأَمْرٍ كَانَ أَعْمَلَ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ نَهَى عَنْ شيءٍ كَانَ أتْرَكَ النَّاسِ لَهُ، رَأَيْتُهُ مُسْتَغْنِيًا عَنِ النَّاسِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِ، قَالَ: حَسْبُكَ يَا خَالِدُ، كَيْفَ يضلٌ قومٌ هَذَا فِيهِمْ4. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَسَّانَ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا أَعَزَّ أحدٌ الدِّرْهَمَ إِلا ذَلَّ5. وَقَالَ حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: بِئْسَ الرَّفِيقَانِ: الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ لا يَنْفَعَانَكَ حَتَّى يُفَارِقَانَكَ6. قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِ "سُؤَالاتِ الْآجُرِيِّ" لَهُ: كَانَ الْحَسَنُ يَكُونُ بِخُرَاسَانَ، وَكَانَ يرافق مثل قطري ابن الْفُجَاءَةِ، وَالْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، كَانَ مِنَ الشجعان.   1 خبر حسن لغيره: أخرجه أحمد في الزهد "210"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 133-134". 2 خبر ضعيف أخرجه أحمد في الزهد "209"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 133". 3 خبر حسن: أخرجه أحمد في الزهد "216"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 147". 4 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 147-148". 5 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 152". 6 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 155". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 31 قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: كَانَ الْحَسَنُ أَشْجَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: مَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنَ الْحَسَنِ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ، وَكَانَ الْمُهَلَّبُ إِذَا قَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ يُقَدِّمُهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: لَمَّا وُلِّيَ الْحَسَنُ الْقَضَاءَ كَلَّمَنِي رجلٌ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي مَالِ يتيمٍ يُدْفَعُ إِلَيْهِ وَيَضُمُّهُ قَالَ: فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ: أَتَعْرِفُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: كَلَّمْتُ مَطَرًا الْوَرَّاقَ فِي بَيْعِ الْمَصَاحِفِ، فَقَالَ: خُذْ: كَانَ حَبْرَا الأُمَّةِ؟ أَوْ قَالَ فَقِيهَا الأُمَّةِ؟ لا يَرَيَانِ بِهِ بَأْسًا: الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ مَطَرٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ فَمَا كَانَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ لا فراشٌ وَلا بساطٌ وَلا حَصِيرٌ إِلا سريرٌ مرمولٌ هُوَ عَلَيْهِ. ذِكْرُ غَلَطِ مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْقَدَرِ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعِيبَ الْحَسَنَ إِلا بِهِ -يَعْنِي الْقَدَرَ- أَنَا نَازَلْتُهُ فِي الْقَدَرِ غَيْرَ مرةٍ حَتَّى خَوَّفْتُهُ السُّلْطَانَ فَقَالَ: لا أَعُودُ فِيهِ بَعْدَ الْيَوْمِ، وَقَدْ أَدْرَكْتُ الْحَسَنَ وَاللَّهِ مَا يَقُولُهُ1. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ: ثَنَا أَبُو هِلالٍ، سَمِعْتُ حُمَيْدًا، وَأَيُّوبَ يَقُولانِ، فَسَمِعْتُ حُمَيْدًا يَقُولُ لِأَيُّوبَ: لَوَدِدْتُ أَنَّهُ قُسِّمَ عَلَيْنَا غرمٌ، وَأَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ2. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَيْضًا، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: كَذَبَ عَلَى الْحَسَنِ ضَرْبَانِ مِنَ النَّاسِ: قومٌ الْقَدَرُ رَأْيُهُمْ ليُنْفِقُوهُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَسَنِ، وقومٌ فِي صُدُورِهِمْ شنآنٌ وبغضٌ لِلْحَسَنِ، وَأَنَا نَازَلْتُهُ غَيْرَ مرةٍ فِي الْقَدَرِ حَتَّى خَوَّفْتُهُ بِالسُّلْطَانِ، فَقَالَ: لا أَعُودُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: اللَّهُ خَلَقَ الشَّيْطَانَ وَخَلَقَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 32 وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54] . قَالَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الإِيمَانِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ، كُلَّهُ عَلَى الْحَسَنِ، فَفَسَّرَهُ لِي أَجْمَعَ عَلَى الإِثْبَاتِ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: 200] . قَالَ: الشِّرْكُ سَلَكَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ. وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ} [المؤمنون: 63] . قَالَ: أعمالٌ سَيَعْمَلُونَهَا لَمْ يَعْمَلُوهَا. وَقَالَ حَمَّادُ بن زيد، وعن خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ: سَأَلَ رجلٌ الْحَسَنَ فَقَالَ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118-119] . قَالَ: أَهْلُ رَحْمَتِهِ لا يَخْتَلِفُونَ: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] . فَخَلَقَ هَؤُلاءِ لِجَنَّتِهِ وَهَؤُلاءِ لِنَارِهِ. قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ آدَمُ خُلِقَ لِلسَّمَاءِ أَمْ لِلأَرْضِ؟ قَالَ: لِلأَرْضِ خُلِقَ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوِ اعْتَصَمَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ بدٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، فَقُلْتُ: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ، إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 162-163] . قَالَ: نَعَمْ، الشَّيَاطِينُ، لا يُضِلُّونَ إِلا مَنْ أَحَبَّ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَصْلَى الْجَحِيمَ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ يَوْمَ جمعةٍ وَلَمْ يَكُنْ جَمَّعَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَمَا جَمَّعْتَ؟ قَالَ: أَرَدْتُ ذَاكَ وَلَكِنْ مَنَعَنِي قَضَاءُ اللَّهِ. قَالَ سُلَيْمَانُ، وَثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَمَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، قَالا: سَأَلْنَا الْحَسَنَ عَنْ مَا بَيْنَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 1] ، إِلَى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] . فَفَسَّرَهُ عَلَى الإِثْبَاتِ. قُلْتُ: عَلَى إِثْبَاتِ أَنَّ الْأَقْدَارَ لِلَّهِ. وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ فَقَدْ كَفَرَ1. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِي الْحَسَنِ وَمَا كَانَ يَنْحَلُ إِلَيْهِ أَهْلُ الْقَدَرِ فَقَالَ: كَانُوا يَأْتُونَ الشَّيْخَ بِكَلامٍ مجملٍ لَوْ فَسَّرَهُ لهم لساءهم.   1 خبر حسن: أخرجه أحمد في الزهد "231". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 33 قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي كِتَابِ طَبَقَاتِ النُّسَّاكِ: كَانَ يَجْلِسُ إِلَى الْحَسَنِ طائفةٌ مِنْ هَؤُلاءِ، وَكَانَ هُوَ يَتَكَلَّمُ فِي الْخُصُوصِ حَتَّى نَسَبَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ إِلَى الْجَبْرِ، وَتَكَلَّمَ فِي الاكْتِسَابِ حَتَّى نَسَبَتْهُ السُّنَّةُ إِلَى الْقَدَرِ، كُلُّ ذلك لافتتانه وَتَفَاوُتِ النَّاسِ عِنْدَهُ، وَتَفَاوتِهِمْ فِي الأَخْذِ عَنْهُ، وَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ الْقَدَرِ، وَمِنْ كُلِّ بدعةٍ، فلما توفي تكشفت أصاحبه وَبَانَتْ سَرَائِرُهُمْ وَمَا كَانُوا يَتَوَهَّمُونَهُ مِنْ قَوْلِهِ بِدَلائِلَ يُلْزِمُونَهُ بِهَا لا نَصًّا مِنْ قَوْلِهِ، فَأَمَّا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَأَظْهَرَ الْقَدَرَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الْخَيْرُ بقدرٍ وَالشَّرُّ لَيْسَ بِقَدَرٍ، هكذا رواه أحمد بن علي على الأبار في تاريخه، قال: ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قُلْتُ: هَذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا الْحَسَنُ ثُمَّ أفاق على نفسه ورجع عنه وَتَابَ مِنْهَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَيْضًا: كَانَ عَامَّةُ نُسَّاكِ الْبَصْرَةِ يَأْتُونَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلامَهُ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ مِنَ الْمُلازِمِينَ لَهُ، وَكَانَ لِلْحَسَنِ مجلسٌ خاصٌ فِي مَنْزِلِهِ، لا يَكَادُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ إِلا فِي مَعَانِي الزُّهْدِ وَالنُّسُكِ وَعُلُومِ الْبَاطِنِ، فَإِنْ سَأَلَهُ إنسانٌ غَيْرَهَا تَبَرَّمَ بِهِ، وَقَالَ: إِنَّمَا خَلَوْنَا مَعَ إِخْوَانِنَا نَتَذَاكَرُ، فَأَمَّا حَلَقَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَكَانَ يَمُرُّ فِيهَا الْحَدِيثُ، وَالْفِقْهُ، وَعُلُومُ الْقُرْآنِ، وَاللُّغَةِ، وَسَائِرُ الْعُلُومِ، وَكَانَ رُبَّمَا يُسْأَلُ عَنِ التَّصَوُّفِ فَيُجِيبُ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَصْحَبُهُ لِلْحَدِيثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَصْحَبُهُ لِلْقُرْآنِ وَالْبَيَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَصْحَبُهُ لِلْبَلاغَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَصْحَبُهُ لِلْإِخْلَاصِ وَعِلْمِ الْخُصُوصِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي: كُلُّ شيءٍ قَالَ الْحَسَنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدْتُ لَهُ أَصْلا ثَابِتًا مَا خَلا أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ الْحَسَنُ جَامِعًا عَالِمًا رَفِيعًا حُجَّةً ثِقَةً عَابِدًا كَثِيرَ الْعِلْمِ فَصِيحًا جَمِيلا وَسِيمًا، وَمَا أَرْسَلَهُ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ1. قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: تُوُفِّيَ الحسن في رجب سنة عشر ومائة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 157-158". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 34 وَقَالَ عَارِمٌ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: مَاتَ الْحَسَنُ لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ، وَغَسَّلَهُ أَيُّوبُ، وَحُمَيْدٌ، وَأُخْرِجَ حِينَ انْصَرَفَ النَّاسُ، وَذَهَبَ بِي أَبِي مَعَهُ1. وَقِيلَ: تُوُفِّي فِي أَوَّلِ رَجَبٍ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ عَقِيبَ الْجُمْعَةِ وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، حَتَّى أَنَّ صَلاةَ الْعَصْرِ لَمْ تُقَمْ فِي جَامِعِ الْبَصْرَةِ. 35- الحسن بن مسلم2 -سوى ت- بن يناق المكي، كهلٌ ثِقَةٌ، تُوُفِّيَ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ. حَدَّثَ عن: صفية بنت شيبة، وطاوس، وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، وَعَمْرَةُ بْنُ مُرَّةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ مِنْ أَعْلَى أَصْحَابِ طَاوُسَ، وَمَاتَ قَبْلَ طَاوُسَ وَكَانَ يحدث عن طاوس بحضرته، وقد بقي أَبُوهُ حَتَّى سَمِعَ مِنْهُ شُعْبَةُ. 36- الْحُصَيْنُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْخَشْخَاشِ3، أَبُو الْقَلُوصِ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ، جَدُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَجَدِّهِ -وَلَهُمَا صُحْبَةٌ- وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَسَمُرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الْحَسَنُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَهُوَ الْحُصَيْنُ بْنُ أَبِي الْحُرِّ، وَقِيلَ إِنَّهُ كَبِيرُ السِّنِّ، وُلِّيَ عِمَالَةَ مَيْسَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَامْتَدَّتْ حَيَاتُهُ، وَيُقَالُ: مَاتَ فِي سِجْنِ الْحَجَّاجِ. 37- حِطَّانُ بْنُ خُفَافٍ الْجَرْمِيُّ4 أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ، وهو بكنيته أشهر.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 177-178". 2 الطبقات الكبرى "5/ 497"، التاريخ الكبير "2/ 306"، الجرح والتعديل "3/ 36"، تهذيب التهذيب "2/ 322". 3 الطبقات الكبرى "7/ 125"، التاريخ الكبير "3/ 9"، تهذيب الكمال "1/ 297-299"، الثقات لابن حبان "4/ 156"، تهذيب التهذيب "1/ 183". 4 الطبقات الكبرى "6/ 322"، التاريخ الكبير "3/ 118"، الجرح والتعديل "3/ 304"، تهذيب التهذيب "2/ 396". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 35 روى عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 38- حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ1 -ع- أم الهذيل البصرية. رَوَتْ عَنْ: أُمِّ عَطِيَّةَ، وَأُمِّ الرَّائِحِ الرَّبَابِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَوْلاهَا مِنْ أَعْلَى، وَأَبِي الْعَالِيَةِ. وَعَنْهَا: أَخُوهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا أُفضِّلُهُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، قَرَأَتِ الْقُرْآنَ وَلَهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَتْ سَبْعِينَ سَنَةً، فَذَكَرُوا لَهُ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ فقال: أما أَنَا فَلا أُفَضِّلُ عَلَيْهَا أَحَدًا. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: مَكَثَتْ حَفْصَةُ ثَلاثِينَ سَنَةً لا تَخْرُجُ مِنْ مُصَلاهَا إِلا قَائِلَةً أَوْ لِأَجْلِ حَاجَةٍ. قُلْتُ: كَانَتْ عَدِيمَةَ النَّظِيرِ فِي نِسَاءِ وَقْتِهَا، فَقِيهَةً صَادِقَةً فَاضِلَةً كَبِيرَةَ الْقَدْرِ، تُوُفِّيَتْ بَعْدَ الْمِائَةِ. 39- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ2 -م د ت ن- الأعرج. رَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ أخيه، أبو خشينة حاجب بن عمرو، وينس بْنُ عُبَيْدٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أحمد بن حنبل: ثقة.   1 الطبقات الكبر ى "8/ 484"، تهذيب الكمال "3/ 1679"، سير أعلام النبلاء "4/ 507"، تهذيب التهذيب "12/ 409". 2 الطبقات الكبرى "7/ 213"، التاريخ الكبير "2/ 332"، الجرح والتعديل "3/ 120"، الثقات لابن حبان "6/ 186"، ميزان الاعتدال "1/ 576"، تهذيب التهذيب "2/ 428-429". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 36 40- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدَلٍ الأَسَدِيُّ الشَّاعِرُ1 شاعرٌ مفلقٌ خَبِيثُ الْهِجَاءِ، مَدَحَ الْكِبَارَ، وَوَفَدَ مِنَ الْكُوفَةِ عَلَى عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ بِوَاسِطٍ. وَشِعْرُهُ سائرٌ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْأَغَانِي لِأَبِي الْفَرَجِ الْأَصْفَهَانِيِّ، مَا عِنْدِي الآنَ مِنْ شِعْرِهِ مَا أُورِدُهُ. 41- الْحَكَمُ بْنُ مِينَا الأَنْصَارِيُّ2 -م ن ق- رأى بلالًا -رضي الله عنهم- يَتَوَضَّأُ بِدِمَشْقَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وعنه: سعد بن إبراهيم، والضحاك بن عثمان الحزامي، وأبو سلام ممطور، وحجاج بن أرطأة، وابنه شبيب بن الحكم. وثقه أبو زرعة. 42- حكيم بن أبي حرة3 -خ ق- الأسلمي المدني. عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَسِنَانِ بْنِ سَنَّةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ حِبَّانَ. 43- حَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ4 -4- بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: ابْنِ عَمِّهِمْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، وَمَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ الزُّرَقِيِّ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ عُثْمَانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إسحاق. وثقه ابن حبان.   1 الأغاني "2/ 404-427"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 399-402"، وفيات الأعيان "2/ 201-204"، الأعلام "2/ 267". 2 التاريخ الكبير "2/ 343"، الجرح والتعديل "3/ 127-128"، تهذيب الكمال "1/ 314-315"، تهذيب التهذيب "2/ 440". 3 التاريخ الكبير "3/ 14"، الجرح والتعديل "3/ 203"، تهذيب الكمال "1/ 317"، تهذيب التهذيب "4/ 446". 4 التاريخ الكبير "3/ 17"، الجرح والتعديل "3/ 202"، الثقات لابن حبان "6/ 214"، ميزان الاعتدال "1/ 584"، تهذيب التهذيب "2/ 448". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 37 حكيم بن عمير1 -د ق- بن الأحوص الحمصيّ. عن: العرباض بن سارية، وعتبة بن عبد، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، وَأَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو بكر بن أبي مريم، ومعاوية بن صالح، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: رَأَيْتُ فِي جَبْهَتِهِ أَثَرَ السُّجُودِ رَحِمَهُ اللَّهُ. 45- حَكِيمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ2 -4- بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَبُو بَهْزٍ. رَوَى عن: أبيه -رضي الله عنهم. وَعَنْهُ: بَنُوهُ بَهْزٌ، وَسَعِيدٌ، وَمِهْرَانُ، وَسَعِيدٌ وَالْجُرَيْرِيُّ، وَأَبُو قُزْعَةَ سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، خَرَّجَ لَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. 46- حَمَّادٌ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: أَبُو الْعُمَيْسِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيُّ، وَهُوَ مُقِلٌّ. 47- حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 -ع- العدوي المدني. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمَّتِهِ حَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهاد، موسى بْنُ عُقْبَةَ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ وفقهائهم، وسالم أجل منه.   1 التاريخ الكبير "3/ 16"، الجرح والتعديل "3/ 206"، تهذيب الكمال "1/ 320"، تهذيب التهذيب "2/ 450". 2 التاريخ الكبير "3/ 12"، تهذيب الكمال "1/ 321"، تهذيب التهذيب "2/ 451". 3 الطبقات الكبرى "5/ 203"، التاريخ الكبير "3/ 47-48"، الجرح والتعديل "3/ 212"، الثقات لابن حبان "4/ 6"، تهذيب الكمال "1/ 333"، تهذيب التهذيب "3/ 30". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 38 48- حمزة بن أبي أسيد1 مالك بن ربيعة السَّاعِدِيُّ الْمَدَنِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ. وعنه: ابنه مالك، والزهري، ومحمد بن عمرو، وعبد الرحمن بن الغسيل، وغيرهم. قال: الهيثم: توفي في أيام الوليد، وقيل: تأخر. 49- حميد بن عقبة2 أبو سنان الدمشقي. روى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، وَالْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ فِلَسْطِينَ، وَلَهُ حَدِيثَانِ. 50- حُمَيْدُ بْنُ مَالِكِ3 بْنِ خُثَمَّ، مَدَنِيٌّ. عَنْ: سَعْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ. لَهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِي أَدَبِ الْبُخَارِيِّ حَدِيثٌ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 51- حَوْطُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ4 بْنِ رَافِعٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ: ابْنِ مَسْعُودٍ -وَأَرَاهُ مُنْقَطِعًا- وَعَنْ: تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ. وَعَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَمِسْعَرٌ، وَالصَّلْتُ بْنُ بِهْرَامَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَلَمْ يُخَرِّجُوا له.   1 الطبقات الكبرى "5/ 271-272"، التاريخ الكبير "3/ 46-47"، الجرح والتعديل "3/ 214"، تهذيب الكمال "1/ 331"، تهذيب التهذيب "3/ 26"، الإصابة "1/ 352". 2 التاريخ الكبير "2/ 349-350"، الجرح والتعديل "3/ 226". 3 التاريخ الكبير "2/ 347-348"، الجرح والتعديل "3/ 228"، تهذيب الكمال "1/ 338"، الثقات لابن حبان "4/ 148"، تهذيب التهذيب "3/ 47-48". 4 التاريخ الكبير "3/ 91-92"، الجرح والتعديل "3/ 228". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 39 52- حيّان بن عمير1 -م د ن- الجريري البصري. عَنْ: سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وسليمان التّيمي، وعوف بن أبي جميلة. له حديثٌ واحدٌ فِي الْكُتُبِ، حَدِيثُ الْكُسُوفِ. "حرف الخاء": 53- خالد بن معدان2 -ع- بن أَبِي كَرْبٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَلاعِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَنْ: ثَوْبَانَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَجَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَبِنْتُهُ عَبْدَةُ ابْنَةُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ صَفْوَانُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَقِيتُ سَبْعِينَ صَحَابِيًّا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَمَّا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ مِنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ متّصلٌ قَدْ أَدْرَكَهُ. وَقَالَ بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ: ما رأيت أحدًا ألزم للعلم منه، وكان علمه في مصحفٍ له أزرار وعرى. وعن حبيب بن صالح قَالَ: مَا خِفْنَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ مَا خِفْنَا خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: رَأَيْتُ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ إِذَا عَظُمَتْ حَلَقَتُهُ قَامَ كَرَاهِيَةَ الشُّهْرَةِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَا أُقَدِّمُ عَلَى خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ أَحَدًا.   1 التاريخ الكبير "3/ 54"، الجرح والتعديل "3/ 244"، تهذيب الكمال "1/ 346"، تهذيب التهذيب "3/ 67-68". 2 الطبقات الكبرى "7/ 455"، التاريخ الكبير "3/ 176"، الجرح والتعديل "3/ 351"، حلية الأولياء "5/ 210-221"، تهذيب الكمال "1/ 363"، سير أعلام النبلاء "4/ 536-541"، تهذيب التهذيب "3/ 118". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 40 وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ -وَكَانَ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ- قَالَ: لَوْ كَانَ لِلْمَوْتِ غَايَةٌ تُعْرَفُ مَا سَبَقَنِي أحدٌ إِلَيْهِ، إِلا بِفَضْلِ قُوَّةٍ. وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُسَبِّحُ فِي الْيَوْمِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ1. وَبَلَغَنَا أَنَّهُ مَاتَ صَائِمًا، رَحِمَهُ اللَّهُ2. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحِمْصِيِّينَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ، وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ. وَكَانَ كَثِيرَ الْجِهَادِ. 54- خُلَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَصَرِيُّ3 أَبُو سُلَيْمَانَ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ. وَكَأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ، فَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، قَالَ: كَانَ خُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ يَصُومُ الدَّهْرَ4. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شِهَابٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خُلَيْدٍ قَالَ: أَلا إِنَّ كُلَّ حَبِيبٍ يُحِبُّ أَنْ يَلْقَى حَبِيبَهُ فَأَحِبُّوا اللَّهَ وَسِيرُوا إِلَيْهِ5. "حرف الدَّالِ": 55- دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمِ6 بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ الطَّائِفِيُّ ثُمَّ الْمَكِّيُّ. رَوَى عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 210". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 455"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 210". 3 التاريخ الكبير "3/ 198"، الجرح والتعديل "3/ 383"، تهذيب الكمال "1/ 377"، حلية الأولياء "2/ 232-234"، تهذيب التهذيب "3/ 159". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 233". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 232". 6 الطبقات الكبرى "5/ 488"، التاريخ الكبير "3/ 230"، الجرح والتعديل "3/ 421"، تهذيب التهذيب "3/ 189". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 41 وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. 56- دِينَارُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظُ1 -م ن- مدنيٌّ جَلِيلٌ. رَوَى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عُمَرُ بْنُ نُبَيْهٍ الْكَعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وآخرون. وكان ذال صَلاحٍ وَوَقَارٍ وَفَضْلٍ. 57- دِينَارُ عقيصا أَبُو سَعِيدٍ2. عن: عليٍّ -رضي الله عنهم. وَعَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جِحَادَةَ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. "حرف الذَّالِ": 85- ذَفِيفٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ3. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: حُمَيْدٌ الأَعْرَجُ الْمَكِّيُّ وَحْدُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَمِائَةٍ، وَلَهُ حديثٌ أَوْ حَدِيثَانِ. ذكوان هُوَ أَبُو صالح السمان، يأتي في الكنى. 59- ديّال بْنُ حَرْمَلَةَ الأَسَدِيُّ4. عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ.   1 التاريخ الكبير "3/ 244"، الجرح والتعديل "3/ 430"، تهذيب الكمال "1/ 395"، تهذيب التهذيب "3/ 217". 2 التاريخ الكبير "3/ 247"، الجرح والتعديل "3/ 430"، ميزان الاعتدال "2/ 30". 3 التاريخ الكبير "3/ 267"، الجرح والتعديل "3/ 443"، الثقات لابن حبان. 4 التاريخ الكبير "3/ 261"، الجرح والتعديل "3/ 451". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 42 وَعَنْهُ: حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَآخَرُونَ. "حرف الرَّاءِ": 60- رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ الْحِمْصِيُّ1 -4- يُقَالُ فِيهَا وَقِيلَ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ. 61- الرَّاعِي الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ2 هُوَ أَبُو جَنْدَلٍ عُبَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ النُّمَيْرِيُّ الَّذِي هَجَاهُ جَرِيرٌ، حَيْثُ يَقُولُ: فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نميرٍ ... فَلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلَابَا وَلُقِّبَ بِالرَّاعِي لِكَثْرَةِ وَصْفِهِ لِلْإِبِلِ فِي نَظْمِهِ، وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَللرَّاعِي تَرْجَمَةٌ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: وَلَقَدْ هجا الرّاعي فأوجع، وهو القائل في ابن الرِّقَاعِ الْعَامِلِيِّ الشَّاعِرِ: لَوْ كُنْتَ مِنْ أَحَدٍ يُهْجَى هَجَوْتُكُمْ ... يَابْنَ الرِّقَاعِ وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أحدٍ تَأْبَى قُضَاعَةُ أَنْ يُعْزَى لَكُمْ نَسَبًا ... وَابْنَا نزارٍ فَأَنْتُمْ بَيْضَةُ الْبَلَدِ وَأَوَّلُ قَصِيدَةِ جرير التي هجاه بها: أقلّي اللّؤم عَاذِلٌ وَالْعَتَابَا ... وَقُولِي إِنْ أَصَبْتُ لَقَدْ أَصَابَا إِذَا غَضِبَتْ عَلَيَّ بَنُو تميمٍ ... حَسِبْتُ النَّاسَ كُلَّهُمْ غِضَابَا أَلَمْ تَرَ أَنَّ كَلْبَ بَنِي كليبٍ ... أَرَادَ حِيَاضَ دِجْلَةَ ثُمَّ هَابَا 62- رِبْعِيُّ بن حراش -ع3- ابْنِ جَحْشِ بْنِ عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ ثُمَّ الْعَبْسِيُّ   1 الطبقات الكبرى "7/ 456"، التاريخ الكبير "3/ 292"، الجرح والتعديل "3/ 483"، تهذيب الكمال "1/ 398"، الثقات لابن حبان "4/ 233"، ميزان الاعتدال "2/ 35"، تهذيب التهذيب "3/ 225-226". 2 الأغاني "24- 205-217"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 152-153"، لسان العرب "6/ 146". 3 الطبقات الكبرى "6/ 127" التاريخ الكبير "3/ 327"، سير أعلام النبلاء "4/ 359-362"، أسد الغابة "2/ 162"، تهذيب التهذيب "3/ 236-237"، الإصابة "1/ 525". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 43 الكوفي، أَحَدُ كِبَارِ التَّابِعِينَ الْمُعَمَّرِينَ، وَهُوَ أَخُو الرَّجُلِ الصَّالِحِ مَسْعُودِ بْنُ حِرَاشٍ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ الْمَوْتِ. سَمِعَ: عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ وَعَلِيًّا، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبَا مُوسَى، وَأَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ، وَأَبَا بَكْرَةَ الثَّقَفِيَّ، وَجَمَاعَةً. وَعَنْهُ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، وَمَنْصُورٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُونَ. قَالَ عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ: خَطبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ1. وَعَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: وَكَتَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حِرَاشِ بْنِ جَحْشٍ فَمَزَّقَ كِتَابَهُ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بن عليّ السّمليّ: رَأَيْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حراشٍ وَمَرَّ بِعَشَّارٍ وَمَعَهُ مالٌ، فَوَضَعَهُ عَلَى قَرَبُوسِ سِرْجِهِ ثُمَّ غَطَّاهُ وَمَرَّ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَتَى رجلٌ الْحَجَّاجَ فَقَالَ: إِنَّ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ زَعَمُوا لا يَكْذِبُ، وَقَدْ قَدِمَ ابْنَاهُ عَاصِيَيْنِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنَاكَ؟ قَالَ: هُمَا فِي الْبَيْتِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: هُمَا لَكَ. وَأَعْجَبَهُ صِدْقَهُ. رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، فَزَادَ: قَالُوا مَنْ ذَكَرْتَ يَا أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: ذَكَرْتُ رِبْعِيًّا وَتَدْرُونَ مَنْ رِبْعِيٍّ! كَانَ رِبْعِيٌّ مِنْ أَشْجَعَ، زَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ قَطُّ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حِرَاشٍ: رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ صَدُوقٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْبُرْجُلَانِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عون، أخبرني بكربن مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ، عَنِ الْحَارِثِ الْغَنَوِيِّ قَالَ: آلَى ربعيّ ابن حِرَاشٍ أَلا تَفْتَرَّ أَسْنَانُهُ ضَاحِكًا حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ مَصِيرُهُ، قَالَ الْحَارِثُ فَأَخْبَرَ غَاسِلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُبْتَسِمًا عَلَى سَرِيرِهِ وَنَحْنُ نُغَسِّلُهُ، حتى فرغنا منه.   1 تهذيب تاريخ دمشق. 2 حديث موضوع: أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 127"، وفيه محمد بن السائب الكلبي وهو متهم بالكذب، التهذيب "6124". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 44 قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: بَنُو حِرَاشٍ ثَلاثَةٌ: رِبْعِيٌّ، وَرَبِيعٌ، وَمَسْعُودٌ. قَالَ هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ: ثنا أصحابنا أنّ ربعيًّا توفّي سسنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ الْجَمَاجِمِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُمَا: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سَنَةَ مِائَةٍ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَنَةَ أربع ومائة. 63- رزيق بن حبّان1 -م- أبو المقدام الفزاريّ، مَوْلاهُمْ كَاتِبُ دِيوَانِ الْعُشْرِ بِدِمَشْقَ. رَوَى عَنْ: مُسْلِمِ بْنِ قُرْظَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأخوه يزيد بن يزيد، ويحيى بن حمزة، فتحرر وفاة هذا الشيخ، ورواية يحيى عنه. قال يحيى: إنما كتب العلم في أول دولة بني العباس. وورد أَنَّهُ وُلِّيَ دِيوَانَ الْعُشْرِ بِمِصْرَ لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: تُوُفِّيَ فِي إِمَارَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَرْضِ الرُّومِ مِنْ سَهْمٍ أَصَابَهُ فِي الْغَزَاةِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. "حرف الزاي": 64- زهير بن سالم2 -د ق- العنسيّ -بِالنُّونِ- أَبُو الْمُخَارِقِ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَغَيْرِهِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن جبير بن نفير.   1 التاريخ الكبير "3/ 381"، الجرح والتعديل "3/ 505"، تهذيب الكمال "1/ 413"، تهذيب التهذيب "2/ 273-274". 2 التاريخ الكبير "3/ 427"، الجرح والتعديل "3/ 587-588"، تهذيب الكمال "1/ 424"، ميزان الاعتدال "2/ 83"، تهذيب التهذيب "3/ 344". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 45 وَعَنْهُ: أَبُو وَهْبٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ الْكَلاعِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ مُقِلٌّ. 65- زِيَادُ الْأَعْجَمُ1 -د ن ق- وهو زياد بن سليم، أبو أمامة مولى عبد القيس، كانت فِي لِسَانِهِ عجمهٌ، وَقَدْ شَهِدَ فَتْحَ إِصْطَخْرَ مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَطَالَ عُمْرُهُ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُوسَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: طَاوُسُ، وَهِشَامُ بْنُ قَحْذَمٍ، وَأَخُوهُ الْمُحَبَّرُ بْنُ قَحْذَمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَلَهُ وفادةٌ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ أَحَدُ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، امْتَدَحَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرَهُ، وَلَهُ فِي الْمُغِيرَةِ مَدَائِحُ، وَهُوَ الْقَائِلُ يُرْثِي الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ بِأَبْيَاتٍ سَائِرَةٍ، مِنْهَا. مَاتَ الْمُهَلَّبُ بَعْدَ طُولِ تعرّضٍ ... لِلْمَوْتِ بَيْنَ أسنّةٍ وَصَفَائِحِ فَإِذَا مَرَرْتَ بِقَبْرِهِ فَاعْقِرْ بِهِ ... كُومَ الْهِجَانِ وَكُلَّ طرفٍ سَابِحِ. وَانْضِحْ جَوَانِبَ قَبْرِهِ بِدِمَائِهَا ... فَلَقَدْ يَكُونُ أَخَا دمٍ وذبائح. 66- زياد بن جبير2 -ع- بن حيّة الثقفيّ البصريّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالْمُغِيرةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيهِ سَعِيدٌ، وَمُغِيرَةُ ابْنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَالْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 67- زِيَادُ بن الحصين3 -م ن ق- بن قيس الحنظليّ البصري.   1 سير أعلام النبلاء "4/ 597"، تهذيب الكمال "1/ 441-442"، تهذيب التهذيب "3/ 370-373". 2 التاريخ الكبير "3/ 347"، الجرح والتعديل "3/ 526-527"، تهذيب الكمال "1/ 441"، سير أعلام النبلاء "4/ 516"، تهذيب التهذيب "3/ 357-358". 3 التاريخ الكبير "3/ 349"، الجرح والتعديل "3/ 29"، تهذيب الكمال "1/ 439-440"، الثقات لابن حبان "6/ 319"، تهذيب التهذيب "3/ 363-364". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 46 عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ. وعنه: الأعمش، وعاصم الأحول، وعوف الأعرابيّ، فوطر بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. وَقِيلَ: لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَنَاهُ بَعْضُهُمْ أَبَا جَهْمَةَ. قَالَ أَبُو حاتم: أبو جهمة، عن ابن عَبَّاسٍ مُرْسَلٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. 68- زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ1 ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ، وَالِدُ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ الْحَسَنِ بن زيد. سمع: أباه، ابن عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ حَسَنٌ -وَالِدُ السَّيِّدَةِ نَفِيسَةَ- وَيَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ، وَأَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي حَقِّهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ زَيْدَ بْنَ الْحَسَنِ شَرِيفُ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَدُّوا إِلَيْهِ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعِنْهُ يَا هَذَا عَلَى مَا اسْتَعَانَكَ عَلَيْهِ. وَلِزَيْدٍ وفادةٌ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ: رَأَيْتُهُ أَتَى الْجُمْعَةَ مِنْ ثَمَانِيَةِ أميالٍ إِلَى الْمَدِينَةِ2. وَقِيلَ: كَانَ النَّاسُ يُعجَبُونَ مِنْ عِظَمِ خِلْقَتِهِ. وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَزَلَهُ عَنْ صَدَقَاتِ آلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ. مَاتَ بِالْبَطْحَاءِ عَلَى سِتَّةِ أميالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَشَيَّعَهُ الْخَلْقُ، وَكَانَ جَوَّادًا مُمَدَّحًا، عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً، وَقَلَّمَا رَوَى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْوَلِيدَ كَتَبَ إِلَى زيد بن   1 الطبقات الكبرى "5/ 318-319"، التاريخ الكبير "3/ 392"، الجرح والتعديل "3/ 560"، تهذيب الكمال "1/ 451-452"، سير أعلام النبلاء "4/ 487"، تهذيب التهذيب "3/ 406". 2 خبر ضعيف: وفيه أبو معشر وهو ضعيف التهذيب "7380". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 47 الْحَسَنِ يَسْأَلُهُ أَنْ يُبَايِعَ لابْنِهِ، وَيَخْلَعَ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ، فَفَرَّقَ زَيْدٌ، وَأَجَابَ الْوَلِيدَ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ سُلَيْمَانُ، وَجَدَ كِتَابَ زَيْدٍ بِذَلِكَ إِلَى الْوَلِيدِ، فَكَتَبَ سُلَيْمَانُ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ: ادْعُ زَيْدًا فَأَقْرِئْهُ هَذَا الْكِتَابَ، فَإِنْ عَرَفَهُ فَاكْتُبْ إِلَيَّ، وَإِنْ هُوَ نَكَلَ فَحَلِّفْهُ، قَالَ: فَخَافَ اللَّهَ وَاعْتَرَفَ، وَبِذَلِكَ أَشَارَ عَلَيْهِ الْقَاسِمُ، فَكَتَبَ بِذَلِكَ ابْنُ حَزْمٍ، فَكَانَ جَوَابُ سُلَيْمَانَ أَنِ اضْرِبْهُ مِائَةَ سوطٍ وَدَرِّعْهُ عَبَاءَةً وَمَشِّهِ حَافِيًا، قَالَ: فَحَبَسَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّسُولَ فِي عَسْكَرِ سُلَيْمَانَ، وَقَالَ حَتَّى أُكَلِّمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا كَتَبَ بِهِ، وَمَرِضَ سُلَيْمَانُ، ثُمَّ مَاتَ، فَحَرَّقَ عُمَرُ الْكِتَابَ. وَلِلشُّعَرَاءِ فِي زيدٍ مَدَائِحُ. 69- زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ1 أَبُو الْقَمُوصِ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْجَارُودِ بْنِ الْمُعَلَّى الْعَبْدِيِّ. وعنه: قتادة، وعوف الأعرابي، وغيرهما. "حرف السين": 70- سالم بن أبي سالم الجيشاني2 -م د ن- واسم سفيان بن هانيء الْمَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو. عنه: ابنه عبد الله بن سالم، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر، وغيرهم. له حديثٌ واحدٌ في الكتب.   1 التاريخ الكبير "3/ 403"، الجرح والتعديل "3/ 568"، تهذيب الكمال "1/ 456"، تهذيب التهذيب "3/ 420-423". 2 التاريخ الكبير "4/ 111"، الجرح والتعديل "4/ 182"، تهذيب الكمال "1/ 460"، تهذيب التهذيب "3/ 435". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 48 71- سالم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ1 -ع- العدوي، أبو عمر، يقال: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ، أَحَدُ الْأَعْلَامِ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَائِشَةَ، وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَفِينَةَ، وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرَهُمْ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَمُوسَى، بْنُ عُقْبَةَ، وَعَبْدُ الله بن عمرو2، وَحَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَقَدِمَ الشَّامَ وَافِدًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِبَيْعَةِ وَالِدِهِ لَهُ، ثُمَّ عَلَى الْوَلِيدِ وَعَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ عِيسَى الْجُهَنِيُّ، ثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يُرْسِلْهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ3. تَفَرَّدَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ شَيْخٌ صَالِحٌ لَيِّنٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُهُ سَالِمًا؟ قُلْتُ: لا، قَالَ بِاسْمِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ سَالِمُ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ، عَالِيًا مِنَ الرِّجَالِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُشْبِهُ أَبَاهُ، وَكَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُشْبِهُ أَبَاهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ أحدٌ فِي زَمَانِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَشْبَهَ بِمَنْ مَضَى مِنَ الصَّالِحِينَ فِي الزُّهْدِ وَالْقَصْدِ وَالْعَيْشِ مِنْهُ، كَانَ يَلْبِسُ الثَّوْبَ بِدِرْهَمَيْنِ، وَيَشْتَرِي الشِّمَالَ يَحْمِلُهَا. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِسَالِمٍ، وَرَآهُ خَشِنَ السِّحْنَةِ: أَيُّ شيءٍ تَأْكُلُ؟ قَالَ:   1 الطبقات الكبرى "5/ 195-201"، التاريخ الكبير "4/ 115"، الجرح والتعديل "4/ 184"، تهذيب الكمال "1/ 460"، حلية الأولياء "2/ 193-198"، سير أعلام النبلاء "4/ 457-467"، البداية والنهاية "9/ 234"، تهذيب التهذيب "3/ 436-438"، صفة الصفوة "3/ 163". 2 كما في التهذيب. 3 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3386"، والحاكم في المستدرك "1/ 536" وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "433". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 49 الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ، وَإِذَا وَجَدْتُ اللَّحْمَ أَكَلْتُهُ. وَرَوَى زَيْدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَلْقَى وَلَدَهُ سَالِمًا، فَيُقَبِّلُهُ وَيَقُولُ: شيخٌ يُقَبِّلُ شَيْخًا. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُلامُ فِي حُبِّ سَالِمٍ، فَيَقُولُ: يَلُومُونَنِي فِي سالمٍ وَأَلُومُهُمْ ... وَجِلْدَةُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالأَنْفِ سَالِمُ1 مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ:: قُلْتُ لسالمٍ: أَسَمِعْتَ كَذَا مِنَ ابْنِ عُمَرَ؟ فَقَالَ: مَرَّةً وَاحِدَةً! أَكْثَر مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَكْرَهُونَ اتِّخَاذَ الإِمَاءِ حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ فُقَهَاءٌ، فَفَاقُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ عِلْمًا وَتُقًى وَعِبَادَةً، فَرَغِبُوا حينئذٍ فِي السَّرَارِيِّ. وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: فُقَهَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ يُصْدِرُونَ عَنْ رَأْيِهِمْ سَبْعَةٌ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْقَاسِمُ، وَعُرْوَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، لا يَقْضِي القاضي حتى يرفع إليهم. رواها يعقوب الْفَسَوِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْعَسْقَلانِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: فُقَهَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَؤُلاءِ -فَسَمَّى الْمَذْكُورِينَ- وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، وَأَبَا سَلَمَةَ، وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ كُلِّهَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ. هَمَّام بْن يَحْيَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: دَفَعَ الْحَجَّاجُ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله رجلًا ليقتله، فقال للرجل: أمسلمٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَصَلَّيْتَ الْيَوْمَ الصُّبْحَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَدَّهُ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَرَمَى بِالسَّيْفِ وَقَالَ: ذَكَرَ أَنَّهُ مسلمٌ، وَأَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذمة الله" 2، فقال:   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 196". 2 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد في المسند "2/ 111" والطبراني في الكبير "13211"، وفي الباب عن جندب بن عبد الله أخرجه مسلم "657"، والترمذي "222". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 50 لَسْنَا نَقْتُلُهُ عَلَى صلاةٍ، وَلَكِنَّهُ مِمَّنْ أَعَانَ على قتل عثمان، فقال: ههنا مَنْ هُوَ أَوْلَى بِعُثْمَانَ مِنِّي، قَالَ: فَبَلَغَ ذلك ابن عمر، فقال: مكيسٌ مِكْيَسٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: دَخَلْتُ عَلَى سَالِمٍ، وَكَانَ لا يَأْكُلُ إِلا وَمَعَهُ مِسْكِينٌ1. وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: كَانَ لِسَالِمٍ حِمَارٌ هَرِمٌ، فَنَهَاهُ بَنُوهُ عَنْ رُكُوبِهِ، فَأَبَى، فَجَدَعُوا أُذُنَهُ، فَأَبَى أَنْ يَدَعَ رُكُوبَهُ، فَقَطَعُوا ذَنَبَهُ، فَأَبَى أَنْ يَدَعَهُ، وَرَكِبَهُ أَجْدَعَ الأُذُنَيْنِ مَقْطُوعَ الذَّنَبِ. وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيِّ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ إِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَضَاهُ، ثُمَّ يَصِلُ مِنْهُ وَيَتَصَدَّقُ. سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدُ اللَّهِ يَلْبِسُ الصُّوفَ، وَكَانَ عَلِجَ الْخَلْقُ2 يُعَالِجُ بِيَدَيْهِ وَيَعْمَلُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: دَخَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا هُوَ بِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: سَلْنِي حَاجَةً، قَالَ: إِنِّي أَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَسْأَلَ فِي بَيْتِهِ غَيْرَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ فِي أَثَرِهِ فَقَالَ: الآنَ قَدْ خَرَجْتَ فَسَلْنِي حَاجَةً، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُ الدُّنْيَا مَنْ يَمْلِكُهَا، فَكَيْفَ أَسْأَلُهَا مَنْ لا يَمْلِكُهَا؟ 3. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ إِذَا خَلا حَدَّثَنَا حَدِيثَ الْفِتْيَانِ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ غَلِيظًا؛ كَأَنَّهُ جَمَّالٌ، سُئِلَ: مَا أُدَامُكَ؟ قَالَ: الْخَلُّ وَالزَّيْتُ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ تَشْتَهْهُ؟ قَالَ: أَدَعُهُ حَتَّى أَشْتَهِيَهُ4. وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وقال: كَانَ سَالِمٌ عَلَى سَمْتِ وَالِدِهِ عَبْدِ اللَّهِ فِي عَدَمِ الرَّفَاهِيَةِ. الْعُتْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَالِمًا دَخَلَ فِي هيئةٍ رثةٍ وَثِيَابٍ غَلِيظَةٍ، فَرَحَّبَ بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَجْلَسَهُ معه على السرير.   1 خبر ضعيف: وفيه عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ التهذيب "7878". 2 عالج الخلق: شديد معالج للأمور. 3 تاريخ دمشق "7/ 16ب"، وصفة الصفوة "2/ 91". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 200-201". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 51 قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَالِمٌ ثقةٌ وَرِعٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ. رَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَابْنُ شَوْذَبٍ، وَطَائِفَةٌ أَنَّ سَالِمًا تُوُفِّي سَنَةَ ستٍ وَمِائَةٍ، زَادَ ابْنُ سَعْدٍ1: وَهِشَامُ يومئذٍ بِالْمَدِينَةِ، كان حج تلك السَّنَةَ، فَوَافَقَ مَوْتَ سَالِمٍ. وَعَنْ أَفْلَحَ وَغَيْرِهِ، أَنَّ هِشَامًا صَلَّى عَلَى سَالِمٍ بِالْبَقِيعِ، لِكَثْرَةِ النَّاسِ، فَلَمَّا رَأَى هِشَامُ كَثْرَتَهُمْ قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ بن هشام المخزومي: اضرب على أهل الْمَدِينَةِ بَعَثَ أَرْبَعَةَ آلافٍ، فَكَانَ النَّاسُ إِذَا دَخَلُوا الصَّائِفَةَ، خَرَجَ أَرْبَعَةُ آلافٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَى السَّوَاحِلِ، فَكَانُوا هُنَاكَ إِلَى قُفُولِ النَّاسِ وَمَجِيئِهِمْ مِنَ الصَّائِفَةَ2. قَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ: حَجَّ هِشَامٌ، فَأَعْجَبَتْهُ سِحْنَةَ سَالِمٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا تَأْكُلْ؟ قَالَ الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ، قَالَ: فَإِذَا لَمْ تَشْتَهِهُ؟ قَالَ: أَدَعُهُ حَتَّى أَشْتَهِيهِ، فَعَانَهُ هِشَامٌ؟ أَيْ أَصَابَهُ بِالْعَيْنِ؟ فَمَرِضَ وَمَاتَ، فَشَهِدَهُ هِشَامٌ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ فِي جِنَازَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لكثيرٌ، فَضَرَبَ عَلَيْهِمْ بَعْثًا خرج فيه جَمَاعَةٌ لَمْ يَرْجِعُوا، فَتَشَاءَمَ بِهِشَامٍ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا عَانَ فَقِيهَنَا، وَعَانَ بَلَدَنَا وَأَهْلَهُ3. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: حَدَّثَنِي أَشْعَبُ قَالَ: قَالَ لِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لا تَسْأَلْ أَحَدًا غَيْرَ اللَّهِ. وَيُقَالُ: تُوُفِّيَ سَالِمٌ فِي أَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. 72- سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله النصري4 -م د ن ق- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ، وَهُوَ سَالِمٌ سَبَلانُ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ وَهُوَ سَالِمٌ السَّدُوسِيُّ مَوْلاهُمْ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ. عُمِّرَ دَهْرًا، وَرَوَى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَآخَرُونَ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ، وَاحْتَجَّ به مسلم وغيره.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 200". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 201". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 201". 4 الطبقات الكبرى "5/ 301"، التاريخ الكبير "4/ 109-110"، الجرح والتعديل "4/ 184"، الثقات لابن حبان "4/ 307-308"، تهذيب الكمال "1/ 464"، سير أعلام النبلاء "4/ 595-596"، تهذيب التهذيب "3/ 438-439". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 52 73- سَالِمُ أَبُو الزُّعَيْزَعَةِ الدِّمَشْقِيُّ1. مَوْلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَكَاتِبُهُ، وَكَاتِبُ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَصَاحِبُ حرسه. روى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْه: عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، والنضر بن محرز، وعمرو بن عبيد. وهو مقل. 74- سعد بن عبيدة2 -ع- أبو حمزة السلمي الكوفي، زَوْجُ ابْنَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ. حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عُمَرَ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَالْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الأَحْنَفِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَزُبَيْدٌ الْيَامِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 75- سَعْدٌ أَبُو هَاشِمٍ السِّنْجَارِيُّ3 حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وعنه: علي بن بذيمة، وخصيف، وعبد الكريم الجزري، وهلال بن خباب، وإسماعيل بن سالم. وثقه ابن معين، وقيل: هو بصريٌ نزل سنجار. 76- سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ4 بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، قاضي المدينة، قال   1 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 59"، والكنى والأسماء للدولابي "1/ 83". 2 الطبقات الكبرى "6/ 289"، التاريخ الكبير "4/ 60"، الجرح والتعديل "4/ 89"، تهذيب الكمال "1/ 474"، سير أعلام النبلاء "5/ 9"، تهذيب التهذيب "4/ 478". 3 التاريخ الكبير "4/ 66-67"، الجرح والتعديل "4/ 98"، الثقات لابن حبان "4/ 296". 4 التاريخ الكبير "3/ 481"، الجرح والتعديل "4/ 25"، تهذيب الكمال "1/ 492"، تهذيب التهذيب "4/ 42-43". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 53 مَالِكٌ: كَانَ فَاضِلا عَابِدًا، أُرِيدَ عَلَى الْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ، فَكَلَّمَهُ إِخْوَانُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَقَالُوا: الْقَضِيَّةُ نقضيها بحقٍ أَفْضَلُ مِنْ كَذَا وَكَذَا مِنَ التَّطَوُّعِ، فَلَمْ يُجِبْ، فَأُكْرِهَ، فَكَانَ أَوَّلَ شيءٍ قَضَى بِهِ عَلَى الأَمِيرِ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّصْرِيِّ مُتَوَلِّي الْمَدِينَةِ، أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ مَالا عَظِيمًا لِلْفُقَرَاءِ فَقَسَّمَهُ، وَبِذَلِكَ السَّبَبِ عُزِلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ. قَالَ مصعب بن عثمان الزبيري: كن عبد الواحد صالحًا بارزًا للأمراء، ولا يَسْتُرُ شَيْئًا، وَكَانَ إِذَا أَتَى بِرِزْقِهِ فِي الشَّهْرِ، وَهُوَ ثَلاثُمِائَةَ دِينَارٍ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِي يَخُونُ بَعْدَكَ لَخَائِنٌ. وَرُوِيَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ تَوَجَّعَ لِعَزْلِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَجَزَعَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمْ يُقْدِمْ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ والٍ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّصْرِيِّ، كَانَ لا يوصل أمرًا إلا استشارًا الْقَاسِمَ وَسَالِمًا. 77- سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ1 -ع- تَقَدَّمَ، وَقَدْ قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَمَالَ إِلَى هذا الحاكم. 78- سعيد بن أبي هند2 -ع- مَوْلَى سَمُرَةَ. رَوَى عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، ومطرف بن عبد الله بن الشخير. وعنه: ابنه عبد الله بن سعيد، ويزيد بن أبي حبيب، ومحمد بن أبي إسحاق، ونافع بن عمر الجمحي، وآخرون. كان ثقة فاضلا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ هِشَامٍ. 79- سعيد بن أبي الحسن3 -خ م- يسار، أخو الحسن البصري.   1 تقدم في الطبقة الماضية. 2 التاريخ الكبير "3/ 518-519"، الجرح والتعديل "4/ 71"، تهذيب الكمال "1/ 509"، سير أعلام النبلاء "5/ 9-10"، تهذيب التهذيب "4/ 93-94". 3 الطبقات الكبرى "7/ 178-179"، التاريخ الكبير "3/ 462-463"، الزهد لأحمد "287"، الجرح والتعديل "4/ 72-73"، تهذيب الكمال "1/ 486"، سير أعلام النبلاء "4/ 588"، تهذيب التهذيب "4/ 16". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 54 رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وعنه: قتادة، وعوف الأعرابي، ويحيى بن أبي إسحاق، وعلي بن علي الرفاعي، وآخرون. وثقه أبو زرعة وغيره. قال ابن حبان: مات بفارس سنة ثمانٍ، وقيل: سنة تسعٍ ومائة، وقيل: سنة مائة. ابن علية، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ طَالَ حُزْنُ الْحَسَنِ عَلَيْهِ وَبَكَى، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّكَ إمامٌ يُقْتَدَى بِكَ! فَقَالَ: دَعُونِي، فَمَا رَأَيْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَابَ عَلَى يَعْقُوبَ طُولَ الْحُزْنِ. قَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: دَخَلَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْحَسَنِ وَهُوَ يَبْكِي عَلَى أَخِيهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا سعيد، إنك تعلم الناس ويحتجون ببكائك عند الْمُصِيبَةِ! فَحَمَدَ اللَّهَ، وَقَدْ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ هَذِهِ الرَّحْمَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّمَا الْجَزَعُ مَا كَانَ بِاللِّسَانِ أَوِ الْيَدِ، فَرَحِمَ اللَّهُ سَعِيدًا مَا عَلِمْتُ فِي الأَرْضِ مِنْ شدةٍ كَانَتْ تَنْزِلُ بِي إِلا يَوَدُّ أَنَّهُ وَقَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ. 80- سُلَيْمَانُ بْنُ بريدة1 -م4- بن الحصيب الأسلمي، وُلِدَ هُوَ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ في بطنٍ في خِلافَةِ عُمَرَ، وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُفَضِّلُهُ عَلَى أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَمُحَارِثُ بْنُ دَثَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةِ، وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. 81- سُلَيْمَانُ بْنُ سَعْدٍ الْخُشَنِيُّ2 مَوْلاهُمُ الْكَاتِبُ، قِيلَ إِنَّ هَذَا هُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَلَ حِسَابَ الدِّيوَانِ مِنَ الرُّومِيَّةِ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ. وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الرِّجَالِ، وَكَانَ كَاتِبَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَالْوَلِيدِ، وَسُلَيْمَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. حَكَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلا رِوَايَةَ لَهُ.   1 التاريخ الكبير "4/ 4"، الجرح والتعديل "4/ 102"، تهذيب الكمال "1/ 532"، ميزان الاعتدال "2/ 1974"، تهذيب التهذيب "4/ 174". 2 تاريخ خليفة "299-312-319" تهذيب تاريخ دمشق "6/ 278". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 55 قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِسُلَيْمَانَ بْنِ سَعْدٍ: بَلَغَنِي أَنَّ فُلانًا عَامِلَنَا زِنْدِيقٌ، قَالَ: وَمَا يَضُرُّكَ؟ كَانَ أَبُو النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَافِرًا، فَمَا ضَرَّهُ ذَلِكَ، فَغَضِبَ عُمَرُ وَقَالَ: وما وَجَدْتَ مَثَلا إِلا ذَا، فَعَزَلَهُ. 82- سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1 مَوْلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَقَائِدُهَا، وَيُقَالُ لَهُ: سُلَيْمٌ، يُكْنَى أَبَا عِمْرَانَ. حَدَّثَ عَنْهَا، وَعَنْ ذِي الأَصَابِعِ الصَّحَابِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ. وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيَوَةَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 83- سليمان بنت عتيق المكي2 -م د س ق- عَنْ: جَابِرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَطَلَقِ بْنِ حَبِيبٍ. وَعَنْهُ: حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ الأَعْرَجُ، وَزِيَادُ بْنُ سَعدٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صِرْمَا، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، قَالا: أَنْبَأَ أَبُو الْفَضْلِ الأرموي، أنبأ أبو الحسن بن النقور، أنبأ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرَمِيّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ معين، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُتَيْقٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ3. 84- سُلَيْمَانُ بْنُ قَتَّةَ الْبَصْرِيُّ4 مولى بني تميم. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَرَضًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَمِعَ منه ومن معاوية، وعمرو بن العاص.   1 التاريخ الكبير "4/ 22"، الجرح والتعديل "4/ 125". 2 التاريخ الكبير "4/ 29"، الجرح والتعديل "4/ 133"، تهذيب الكمال "1/ 543-544"، ميزان الاعتدال "2/ 214"، تهذيب التهذيب "4/ 210". 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1554"، وأبو داود "3374"، والنسائي "4542"، وابن ماجه "2218"، وأحمد في المسند "3/ 309". 4 التاريخ الكبير "4/ 32" الجرح والتعديل "4/ 136"، سير أعلام النبلاء "4/ 596". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 56 قَرَأَ عَلَيْهِ: عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ مُوسَى بن أبي عائشة، وحميد بن الطَّوِيلُ، وَأَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ شُعَرَاءِ وَقْتِهِ، وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ معن، وَقَتَّةُ هِيَ أُمُّهُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: وَقَدْ يَحْرِمُ اللَّهُ الْفَتَى وَهُوَ عاقلٌ ... وَيُعْطِي الْفَتَى مَالا وَلَيْسَ لَهُ عَقْلُ 85- سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ الْمَدَنِيُّ1 -ع- أَخُو عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ. كَاتَبَ سُلَيْمَانُ أُمَّ سَلَمَةَ -رَضِيَ الله عنهما، وَرَوَى عَنْهَا، وَعَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَيْمُونَةَ، وزيد بن ثاب، وَأَبِي رَافِعٍ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَسَالِمُ أَبُو النَّضْرِ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَآخَرُونَ. وَكَانَ فَقِيهًا إِمَامًا مُجْتَهِدًا، رَفِيقَ الذِّكْرِ. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: سُلَيْمَانُ عِنْدَنَا أَفْهَمُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ2. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امرأةٌ فَرَاوَدَتْهُ، فَامْتَنَعَ، فَقَالَتْ: إِذًا أَفْضَحُكَ، فَتَرَكَهَا فِي مَنْزِلِهِ وَهَرَبَ، فَحُكِيَ أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوْمِ يُوسُفَ الصِّدِّيقَ عَلَيْهِ السّلام يقول: أنا يوسف الذي همم، وأنت سليمان الذي لم تهمّ3.   1 الطبقات الكبرى "5/ 174"، التاريخ الكبير "4/ 41-42"، الجرح والتعديل "4/ 149"، الثقات لابن حبان "6/ 394"، حلية الأولياء "2/ 190-193"، صفة الصفوة "2/ 82-85"، تهذيب الكمال "1/ 548"، سير أعلام النبلاء "4/ 444-448"، تهذيب التهذيب "4/ 228-230"، البداية والنهاية "9/ 244". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 174". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 190-191"، وصفوة الصفوة "2/ 82". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 57 وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ السَّائِلَ يَأْتِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَيَقُولُ: اذْهَبْ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ سُلَيْمَانُ مِنْ عُلَمَاءِ النَّاسِ بَعْدَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً عَالِمًا فَقِيهًا، كَثِيرَ الْحَدِيثِ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَ ابْنُ خَلِيلٍ، أنا أبو المكارم اللّبّان، أنبأ أو عليّ المقريء، أنبأ أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لَهُ نَاتِلٌ أَخُو أَهْلِ الشَّامِ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدِّثْنَا حديثاُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَوَّلُ النَّاسِ يُقْضَى فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثلاثةٌ: رجلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ اللَّهُ نِعْمَةً فعرفها، فقال: ما علمت فيها؟ قال: قاتلت في سبيلك حتى استشهدت، فقال: كذب، إنما أردت أن يقال فلانٌ جريٌ، وَقَدْ قِيلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ العلم وعلّمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذب، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عالمٌ. وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى النَّارِ. ورجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نعمة، فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: مَا تَرَكْتُ مِنْ شَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يُنْفَقَ فِيهِ إِلا أَنْفَقْتُ فِيهِ لَكَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ، إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فلانٌ جوادٌ، فَقَدْ قِيلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى ألقي في النار" 1. وهذا حديثٌ صَحِيحٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَدَعَاهُ أَبِي إِلَى الْحَمَّامِ، وَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمَصْرِيُّ: كَانَ أَبُوهُ يسار فارسيًّا.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1905"، والترمذي "2382"، والنسائي "3137"، وأحمد في المسند "2/ 322"، والبيهقي في السنن الكبرى "9/ 168". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 58 وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: يُكْنَى أَبَا أَيُّوبَ. وَقَدْ وُلِّيَ سوق لأميرها عمر بن عبد العزيز1. وقال ابن الْمَدِينِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَآخَرُونَ: كُنْيَتُهُ أَبُو أَيُّوبَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقَدِّمِيُّ: يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَعْلَمَ أَهْلِهَا بِالطَّلاقِ، فَقِيلَ: سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ يَصُومُ الدَّهْرَ، وَكَانَ أَخُوهُ عَطَاءٌ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْفَلَّاسُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، وَالْبُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَمِائَةٍ، وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ، تُوُفِّيَ فِي عُشْرِ الثَّمَانِينَ. 86- سَلامَانُ بْنُ عَامِرٍ الشَّعْبَانِيُّ الْمَصْرِيُّ2 عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَبِي عُثْمَانَ صَاحِبٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ رَجُلا صَالِحًا، تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 87- سِنَانُ بْنُ أَبِي سنان3 -خ م ت ن- الدّيلي المدني. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، وَجَابِرٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 88- سَوَادَةُ بْنُ عَاصِمٍ4 -4- أَبُو حَاجِبٍ الْعنَزَيُّ الْبَصْرِيُّ.   1 خبر ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 175"، وفيه الواقدي وهو من المتروكين. 2 التاريخ الكبير "4/ 213"، الجرح والتعديل "4/ 322". 3 الطبقات الكبرى "5/ 249"، التاريخ الكبير "4/ 162-163"، الجرح والتعديل "4/ 250-251"، تهذيب التهذيب "4/ 242". 4 التاريخ الكبير "4/ 184-185"، والجرح والتعديل "4/ 292"، تهذيب الكمال "1/ 559"، تهذيب التهذيب "4/ 267". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 59 عَنْ: الْحَكَمِ بْنِ الأَقْرَعِ الْغِفَارِيِّ -وَاسْمُ أَبِيهِ عَمْرٌو، وَعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ. وَعَنْهُ: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ. وَهُوَ ثِقَةٌ. 89- سَيَّارٌ مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ1 نَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَرَوَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْرٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ. "حرف الشِّينِ": 90- شُرَحَبيلُ بْنُ شفعة2 -ت- أبو يزيد الشامي. عَنْ: شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وُعُتْبَةَ بْنِ الْعَاصِ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَأَبِي عُتْبَةَ الْخَوْلانِيِّ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ. قَالَ أَبُو دَاوُدُ: شُيُوخُ حَرِيزٍ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. 91- شُعْبَةُ بْنُ دِينَارٍ3 -د- مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَدَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ به.   1 التاريخ الكبير "4/ 160"، الجرح والتعديل "4/ 254"، تهذيب الكمال "1/ 565"، تهذيب التهذيب "4/ 293". 2 التاريخ الكبير "4/ 250"، الجرح والتعديل "4/ 339"، تهذيب الكمال "2/ 576"، تهذيب التهذيب "4/ 324". 3 التاريخ الكبير "4/ 244"، الكامل لابن عدي "4/ 1339-1345"، الجرح والتعديل "4/ 368"، المجروحين لابن حبان "1/ 361"، تهذيب الكمال "2/ 583-584"، تهذيب التهذيب "4/ 346-347". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 60 92- شفيّ بن ماتع1 -د ت ن- الأصبحي المصري. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: ابْنُهُ حُسَيْنٌ، وَأَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ، وَأَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ، وَعَنْهُ ابْنُ مُسْلِمٍ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِهِ: كَانَ شُفَيُّ عَالِمًا حَكِيمًا، ثُمَّ سَاقَ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ شُفَيٍّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَأَقْبَلَ شَفَيٌّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: جَاءَكُمْ أَعْلَمُ مَنْ عَلَيْهَا؛ فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبِرْنَا يَا أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ، مَا الْخَيْرَاتُ الثَّلاثُ، وَمَا الشَّرَّاتُ الثَّلاثُ؟ قَالَ: الْخَيْرَاتُ الثَّلاث: لسانٌ صَدُوقٌ، وقلبٌ تقيٌ، وامرأةٌ صالحة. والشّرّات الثَّلاثُ: لسانٌ كاذبٌ، وقلبٌ كافرٌ، وَامْرَأَةُ سُوءٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. وَرَوَى أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ شُفَيٍّ قَالَ: مَنْ كَثُرَ كَلامُهُ كَثُرَتْ خَطَايَاهُ2. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. 93- شَقِيقُ بْنُ عُقْبَةَ الْكُوفِيُّ3 -م- عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ. 94- شُيَيْمُ بْنُ بَيْتَانَ الْقِتْبَانِيُّ الْمَصْرِيُّ4 -د ت ن- عَنْ أَبِيهِ، وَجُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، ورويفع بن ثاب، وأبي سالم الجيشاني، وغيرهم.   1 التاريخ الكبير "4/ 266"، الجرح والتعديل "4/ 389-390"، المعجم الكبير للطبراني "7/ 372"، الثقات لابن حبان "4/ 371"، تهذيب الكمال "2/ 587"، حلية الأولياء "5/ 166-169"، أسد الغابة "2/ 399"، تهذيب التهذيب "4/ 360". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 167". 3 التاريخ الكبير "4/ 247"، الجرح والتعديل "4/ 371"، تهذيب الكمال "2/ 588"، تهذيب التهذيب "4/ 363". 4 التاريخ الكبير "4/ 260"، الجرح والتعديل "4/ 384"، تهذيب الكمال "2/ 592"، تهذيب التهذيب "4/ 379". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 61 وعنه: خير بن نعيم، وعياش بن عباس القتباني. وثقه يحيى بن معين. "حرف الصاد": 95- صالح بن أبي حسان المدني1 -ت ن- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْغَسِيلِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ الْيَاسَ، وَبَكِيرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. وَثَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ: صَالِحُ بْنُ حَسَّانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: يَجِيءُ هَذَا بَعْدَ سنة خمسيبن ومائة. 96- صالح بن أبي صالح ذكوان2 -م ن- السّمّان المدني، أبو عبد الرحمن، مَوْتُهُ قريبٌ مِنْ مَوْتِ وَالِدِهِ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأنَسَ بْنَ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ مقلٌّ. 97- صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3 أَبُو الْوَلِيدِ الْكَاتِبُ. كَانَ فَصِيحًا جَمِيلا مِنْ سَبْيِ سِجِسْتَانَ، سَرِيعَ الْحِفْظِ، عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَلَ الدِّيوَانَ مِنَ الْفَارِسِيَّةِ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ. وَيُقَالُ: بَذَلَ لَهُ كُتَّابُ الْفُرْسِ ثَلاثَمِائَةَ ألفٍ عَلَى أَنْ لا يَفْعَلُ ذَلِكَ فَأَبَى، وَبِهِ تَخَرَّجَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي كِتَابَةِ الدِّيوَانِ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَدْ وَلاهُ خَرَاجَ الْعِرَاقِ، ثُمَّ وَلاهُ يَزِيدُ، فَتَعَقَّبَهُ أَمِيرُ الْعِرَاقِ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيُّ فَقَتَلَهُ.   1 التاريخ الكبير "4/ 275"، الجرح والتعديل "4/ 399"، تهذيب الكمال "2/ 595"، ميزان الاعتدال "2/ 292"، تهذيب التهذيب "4/ 395-386". 2 التاريخ الكبير "4/ 279"، الجرح والتعديل "4/ 400-101"، تهذيب الكمال "2/ 597"، تهذيب التهذيب "4/ 394". 3 تاريخ خليفة "313، 318، 319"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 373". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 62 98- صَخْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَزَارِيُّ1 أَعْرَابِيٌّ. رَوَى عَنْ: ابْنِ ضَلِيعٍ وَجَزِيِّ بْنِ بُكَيْرٍ. رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُمْ. "حرف الضَّادِ": 99- الضَّحَّاكُ بْنُ عبد الرحمن2 -ت ق- بْنِ عَرْزَبٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشْعَرِيُّ الشَّامِيُّ الطبراني، وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ، ووالده عبد الرحمن. وعنه: مكحول، ومحمد بن زياد الألهاني، وأبو طلحة الخولاني، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وحريز بن عثمان، والأوزاعي، وآخرون. وثقه أحمد العجلي وغيره. قال أبو مسهر: كان من خير الولاة. وقال عبد الله بن العلاء: سمعته يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُقَالَ: أَلَمْ أُصِحَّ جِسْمَكَ وَأُرْوِكَ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ"3. وَعَرْزَبُ بِالْبَاءِ أصحّ. 100- الضّحّاك بن مزاحم الهلاليّ4 الخراسانيّ   1 التاريخ الكبير "4/ 311-312"، الجرح والتعديل "4/ 426"، تهذيب التهذيب "4/ 413-414". 2 التاريخ الكبير "4/ 333"، الجرح والتعديل "4/ 459"، تهذيب الكمال "2/ 626"، سير أعلام النبلاء "4/ 603-604"، ميزان الاعتدال "2/ 324"، تهذيب التهذيب "4/ 446"، الإصابة "2/ 217". 3 حديث ضعيف: أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "1/ 412"، أو "7/ 7". 4 الطبقات الكبرى "6/ 300-302"، التاريخ الكبير "4/ 332-333"، الجرح والتعديل "4/ 458"، تهذيب الكمال "2/ 618"، سير أعلام النبلاء "4/ 598-600"، ميزان الاعتدال "2/ 33"، تهذيب التهذيب "4/ 453-454". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 63 أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو الْقَاسِمِ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ، وَلَهُ أَخَوَانِ: مُحَمَّدٌ، وَمُسْلِمٌ، كَانَ يَكُونُ بِسَمَرْقَنْدَ وببلخ. حدّث عن: ابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الْخُدْرِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالأَسْوَدِ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: جُوَيْبِرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَأَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعُمَرُ بْنُ الرَّمَّاحِ، وَنَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُقَاتِلٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، وَأَبُو رَوْقٍ عَطِيَّةُ، وَأَبُو جَنَابِ يَحْيَى بْنُ أَبِي حِيَّةَ الْكَلْبِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَضَعَّفَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مُدَلِّسًا، وَوَرَدَ أَنَّهُ كَانَ فَقِيهَ مكتبٍ فِيهِ ثَلاثَةُ آلافِ صبيٍّ، وَكَانَ يَرْكَبُ حِمَارًا وَيَدُورُ عَلَيْهِمْ. وَلَهُ يدٌ طُولَى فِي التَّفْسِيرِ وَالْقَصَصِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ الضَّحَّاكُ يُعَلِّمُ وَلا يَأْخُذُ أَجْرًا. وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ مُشَاشٍ قَالَ: سَأَلْتُ الضَّحَّاكَ: هَلْ لَقِيتَ ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: لا. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: لَمْ يَلْقَ الضَّحَّاكُ ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّمَا لَقِيَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ بِالرَّيِّ فَأَخَذ عَنْهُ التَّفْسِيرَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: كَانَ شُعْبَةُ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الضَّحَّاكُ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَطُّ، ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: وَالضَّحَّاكُ عِنْدَنَا ضَعِيفٌ. وَرَوَى أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: جَاوَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ قَبِيصَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ: كَانَ الضَّحَّاكُ إِذَا أَمْسَى بَكَى، فَيُقَالُ لَهُ! فَيَقُولُ: لا أَدْرِي مَا صَعَدَ الْيَوْمَ مِنْ عَمَلِي. وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي الضَّحَّاكِ قَالَ: أَدْرَكْتُهُمْ وَمَا يَتَعَلَّمُونَ إِلا الْوَرَعَ1. وَقَالَ قُرَّةُ: كَانَ هِجِّيرُ2 الضَّحَّاكِ إِذَا سَكَتَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ وَرَوَى مَيْمُونٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: حقٌ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا، وَتَلا قَوْلَهُ تَعَالَى: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} [آل عمران: 79] . وَرَوَى زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ بَشِيرٍ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الضَّحَّاكِ: كُنْتُ ابن ثمانين جلدًا غزّاءً.   1 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى "6/ 301". 2 هجير: دأبه وعادته وديدنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 64 قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ الضَّحَّاكُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْكُوفِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمس ومائة. وقال الحسين ابن الوليد: سنة ستٍّ ومائة. 101- الضّحّاك المشرقي1 -خ م- أبو سعيد الكوفي، وَمِشْرَقٌ بطنٌ مِنْ هَمْدَانَ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سعيد الخدريّ. وعنه: حبيب بن أبي ثاب، والزهري، والأعمش، وآخرون. قيل: اسم أبيه: شراحيل، وقيل شرحبيل. 102- ضمضم بن جوس الهفاني2 اليمامي-4. عن أبى هريرة، وعبد الله بن حنظلة الغسيل. وعَنْه: يحيى بْن أَبِي كثير، وعِكْرِمة بْن عمار. وثقة يحيى بن معين وغيره. "حرف الطاء": 103- طاوس بن كيسان3 -ع- أبو عبد الرحمن اليماني الجندي أحد الأعلام، كان من أبناء الفرس الذين سَيَّرهُمْ كِسْرَى إِلَى الْيَمَنِ، مِنْ مَوَالِي بَحِيرِ بْنِ رَيْسَانَ الْحِمْيَرِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْلَى لِهَمْدَانَ. سمع: زيد بن ثاب، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَطَائِفَةً. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نُجَيْحٍ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ مسلم   1 التاريخ الكبير "4/ 335"، الجرح والتعديل "4/ 461"، تهذيب الكمال "2/ 615"، سير أعلام النبلاء "4/ 604"، ميزان الاعتدال "2/ 324"، تهذيب التهذيب "4/ 444-445". 2 التاريخ الكبير "4/ 337-338"، الجرح والتعديل "4/ 467-468"، تهذيب الكمال "2/ 620-621"، والثقات لابن حبان "4/ 389"، تهذيب التهذيب "4/ 426". 3 الطبقات الكبرى "5/ 537-542"، التاريخ الكبير "4/ 365"، الجرح والتعديل "4/ 500-5014"، تهذيب الكمال "2/ 623"، حلية الأولياء "4/ 3- 23"، صفة الصفوة "2/ 284-290"، سير أعلام النبلاء "5/ 38-49"، تهذيب التهذيب "5/ 8-10"، البداية والنهاية "9/ 235-244". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 65 ابن يَنَّاقٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ عَمْرُو بن دينار: ما رأيت أحدًا مثل طاوس. وَرَوَى عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنِّي لأَظُنُّ طَاوُسًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ طَاوُسٌ فِينَا مِثْلَ ابْنِ سِيرِينَ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن أَبِي نُجَيْحٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ لِطَاوُسٍ: رَأَيْتُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُصَلِّي فِي الْكَعْبَةِ وَالنَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَابِهَا يَقُولُ لَكَ: "اكْشِفْ قِنَاعَكَ وَبَيِّنْ قِرَاءَتَكَ"، قَالَ: أَسْكُتْ لا يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ، ثُمَّ خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّهُ انْبَسَطَ فِي الْكَلامِ، يَعْنِي فَرَحًا بِالْمَنَامِ1. رَوَى هِشَامُ بْنُ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: لا يَتِمُّ نُسُكُ الشَّابِّ حَتَّى يَتَزَوَّجَ2. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّ الأَسَدَ حَبَسَ لَيْلَةً النَّاسَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ، فَدَقَّ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ ذَهَبَ عَنْهُمْ، فَنَزَلُوا وَنَامُوا وَقَامَ طَاوُسُ يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَلا تَنَامُ؟ قَالَ: هل يَنَامُ أحدٌ السَّحَرَ؟ 3. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَسَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ الزُّبَيْرِ الصَّنْعَانِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ أَمِيرَ الْيَمَنِ بَعَثَ إِلَى طَاوُسٍ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا4. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِطَاوُسٍ: ارْفَعْ حَاجَتَكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ حاجةٍ5، فَكَأَنَّهُ عَجِبَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: ابْنُ عُيَيْنَةُ فَحَلِفَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ عِنْدَهُ بمنزلةٍ إِلا طَاوُسًا6. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَجَاءَ وَلَدُ سُلَيْمَانَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ طَاوُسٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَقِيلَ له: ابن أمير المؤمنين، فلم يلتف، ثُمّ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ لِلَّهِ عبادًا يزهدون فيما في يديه7.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 5". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 6". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 3"، وصفة الصفوة "2/ 285". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية " "4/ 3"، وصفة الصفوة "2/ 287". 5 انظر العزو السابق. 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 14-16". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 16". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 66 وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ: كُنْتُ لا أَزَالُ أَقُولُ لِأَبِي: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخْرَجَ عَلَى هَذَا السُّلْطَانِ وَأَنْ يُفْعَلَ بِهِ، قَالَ: فَخَرَجْنَا حُجَّاجًا فَنَزَلْنَا فِي بَعْضِ الْقُرَى وَفِيهَا عاملٌ لِنَائِبِ الْيَمَنِ، يُقَالُ لَهُ أَبُو نُجَيْحٍ، وَكَانَ مِنْ أَخْبَثَ عُمَّالِهِمْ، فَشَهِدْنَا الصُّبْحَ في السمجد، فَإِذَا أَبُو نُجَيْحٍ قَدْ عَلِمَ بِطَاوُسٍ، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ كَلَّمَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ عَدَلَ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا بِهِ قُمْتُ إِلَيْهِ، فَمَدَدْتُ بِيَدِهِ، وَجَعَلْتُ أُسَائِلُهُ، وقلت: إن أبا عبد الرحمن لم يعرفك، فَقَالَ: بَلَى مَعْرِفَتُهُ بِي فَعَلَتْ بِي مَا رأي، قال: فمضى وهو ساك، فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَنْزِلَ قَالَ لِي: يَا لُكَعُ، بَيْنَمَا أَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ عَلَيْهِمْ بِسَيْفِكَ، لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَحْبِسَ عَنْهُمْ لِسَانَكَ1. حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ إِذَا تَشَدَّدَ النَّاسُ فِي شَيْءٍ رَخَّصَ فِيهِ، وَإِذَا رَخَّصَ النَّاسُ فِي شيءٍ شَدَّدَ فِيهِ، قَالَ لَيْثٌ: وَذَلِكَ الْعِلْمُ. عنبسة بن عبد الواحد، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَالِمًا قَطُّ يَقُولُ لا أَدْرِي أَكْثَرَ مِنْ طَاوُسٍ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ طَاوُسُ يَتَشَيَّعُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: أَقَامَ طَاوُسٌ عَلَى رَقِيقٍ لَهُ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ. قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: رَأَيْتُ طَاوُسًا يَخْضِبُ بِحِنَّاءٍ شَدِيدِ الْحُمْرَةِ2. وَقَالَ فِطْرٌ: كَانَ طَاوُسُ يَتَقَنَّعُ وَيَصْبِغُ بِالْحِنَّاءِ3. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُلَيْكِيُّ: رَأَيْتُ طَاوُسًا وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ أثَرُ السُّجُودِ4. وَرَوَى سفيان الثّورريّ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ طَاوُسٍ: اللَّهُمَّ احْرِمْنِي الْمَالَ وَالْوَلَدَ وَارْزُقْنِي الإِيمَانَ وَالْعَمَلَ5. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عَجِبْتُ لِإِخَوَتِنَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يُسَمُّونَ الْحَجَّاجَ مُؤْمِنًا6. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ اسْتَعْمَلَ طَاوُسًا عَلَى بَعْضِ الصَّدَقَةِ، فَسَأَلْتُ طَاوُسًا: كَيْفَ صنعت؟ قال: كنا نقول للرجل: تزكّى   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 16". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 538". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 538". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 539". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 540". 6 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 540". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 67 رَحِمَكَ اللَّهُ بِمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، فَإِنْ أَعْطَانَا أَخَذْنَا، وَإِنْ تَوَلَّى لَمْ نَقُلْ تَعَالَ1. وَرَوَى عبد السلام بن هشام، عن الحرّ ابن أَبِي الْحُصَيْنِ الْعَنْبَرِيِّ، أَنَّ طَاوُسًا مَرَّ برآسٍ قَدْ أَخْرَجَ رَأْسًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ إِذَا رَآى تِلْكَ الرُّءُوسَ الْمَشْوِيَّةَ لَمْ يَتَعَشَّ2 تِلْكَ اللَّيْلَةَ. عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَنَّ رَجُلا كَانَ يَسِيرُ مَعَ طَاوُسٍ، فَسَمِعَ غُرَابًا فَقَالَ: خَيْرٌ، فَقَالَ طَاوُسٌ: أَيُّ خَيْرٍ عِنْدَ هَذَا، أَوْ شرٍّ، لا تَصْحَبْنِي3. ابْنُ أَبِي نُجَيْحٍ: إِنَّ طَاوُسًا قَالَ لِأَبِي: مَنْ قَالَ وَاتَّقَى اللَّهَ خيرٌ مِمَّنْ صَمَتَ وَاتَّقى اللَّهَ4. عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ خَمْسِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5. أُنْبِئْتُ عَنِ اللَّبَانِ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْحَاقُ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصَّنْعَانِيِّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ، أَوْ أَيُّوبَ بْنَ يَحْيَى بَعَثَ إِلَى طَاوُسٍ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقِيلَ لِلرَّسُولِ: إِنْ أَخَذَهَا مِنْكَ فَإِنَّ الأَمِيرَ سَيُحْسِنُ إِلَيْكَ، فَقَدِمَ بِهَا عَلَى طَاوُسٍ الْجَنَدِ، فَأَرَادَهُ عَلَى أَخْذِهَا فَأَبَى، فَغَفِلَ طَاوُسٌ، فَرَمَى بِهَا الرَّجُلُ في كوّة البي، ثُمَّ ذَهَبَ، وَقَالَ: أَخَذَهَا، ثُمَّ بَلَغَهُمْ عَنْ طاوس شيء يَكْرَهُونَهُ، فَقَالَ: ابْعَثُوا إِلَيْهِ، فَلْيَبْعَثْ إِلَيْنَا بِمَالِنَا، فَجَاءَهُ الرَّسُولُ فَقَالَ: الْمَالُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ الأَمِيرُ، قَالَ: مَا قَبَضْتَ مِنْهُ شَيْئًا، فَرَجَعَ الرَّسُولُ، وَعَرَفُوا أَنَّهُ صادقٌ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ الرَّجُلَ الأَوَّلَ، فَقَالَ لَهُ: الْمَالُ الَّذِي جِئْتُكَ بِهِ، قَالَ: هَلْ قَبَضْتُ مِنْكَ شَيْئًا؟! قَالَ: لا. قَالَ: فَانْظُرْ حَيْثُ وَضَعْتَهُ، فَمَدَّ يَدَهُ، فَإِذَا بالصّرّة قد نبت عليها العنكبو، فَأَخَذَهَا6. رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ؛ تُوُفِّيَ طَاوُسٌ بِمُزْدَلِفَةَ، أَوْ بِمِنًى، فَلَمَّا حُمِلَ أخذ عبد الله ابن الْحَسَنِ بِقَائِمَةِ السَّرِيرِ، فَمَا زَايَلَهُ حَتَّى بَلَغَ القبر7.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 541". 2 أخرجه ابن سعد في الحلية "4/ 4". 3 أخرجه ابن سعد في الحلية "4/ 4-5". 4 أخرجه ابن سعد في الحلية "4/ 5". 5 أخرجه ابن سعد في الحلية "4/ 10". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 14-15"، وصفة الصفوة "286". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 3". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 68 قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: شَهِدْتُ جَنَازَةَ طَاوُسٍ بِمَكَّةَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍّ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ، وَهُوَ غَلَطٌ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ هِشَامٌ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ صَلَّى هِشَامٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَخْبَارُهُ مُسْتَوْفَاةٌ فِي التَّهْذِيبِ. 104- طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَنَزِيُّ1 الْبَصْرِيُّ -م4. عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ. وَعَنْهُ: مَنْصُورٌ، والأعمش، وسليمان التّيمي، وعوف الأعرابيّ، ومصعب ابن شَيْبَةَ، وَجَمَاعَةٌ، وَكَانَ صَالِحًا عَابِدًا شَدِيدَ الْبِرِّ بأمه طيّب الصّت بِالْقُرْآنِ، فَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَخْشَى اللَّهَ. وَرَوَى عَاصِمٌ الأَحْوَلٌ، عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: لَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الأَشْعَثِ، قَالَ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ: اتَّقُوهَا بِالتَّقْوَى، فَقِيلَ لَهُ صِفْ لَنَا التَّقْوَى، قَالَ: الْعَمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ، رَجَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ، وَتَرْكُ مَعَاصِي اللَّهِ، عَلَى نورٍ مِنَ اللَّهِ، مَخَافَةَ عَذَابِ اللَّهِ2. وَرَوَى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ طَلْقٍ قَالَ: إِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِهَا الْعِبَادُ، وَإِنَّ نِعَمَ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَلَكِنْ أَصْبِحُوا تَائِبِينَ وَأَمْسُوا تَائِبِينَ3. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: كَانَ يُقَالُ: فِقْهُ الْحَسَنِ، وَوَرَعُ ابْنِ سِيرِينَ، وَحِلْمُ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، وَعُبَادَةُ طَلْقٌ. وَكَانَ طَلْقٌ يَتَكَلَّمُ عَلَى النَّاسِ وَيَعِظُ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا من أعبد من طلق من حبيب. قيل إنّ الحجّاج قتل طلب بْنَ حَبِيبٍ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: طَلْقٌ صدوق، كان يرى الإرجاء.   1 الطبقات الكبرى "7/ 227-228"، التاريخ الكبير "4/ 359"، الجرح والتعديل "4/ 490-491"، الثقات لابن حبان "4/ 396"، تهذيب الكمال "2/ 632"، حلية الأولياء "3/ 63-66"، سير أعلام النبلاء "4/ 601-603" ميزان الاعتدال "2/ 345"، تهذيب "5/ 31-32"، البداية والنهاية "9/ 101". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 64". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 65". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 69 وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْكَرِيمِ يَقُولُ: كَانَ طَلْقٌ لا يَرْكَعُ إِذَا افْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، حَتَّى يَبْلُغَ الْعَنْكَبُوتَ، وَكَانَ يَقُولُ: كَانَ طَلْقٌ لا يركع هذا افْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، حَتَّى يَبْلُغَ الْعَنْكَبُوتَ، وَكَانَ يَقُولُ: أَشْتَهِي أَنْ أَقُومَ حَتَّى يَشْتَكِي صُلْبِي1. قَالَ غُنْدَرٌ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمَ الْخَائِفِينَ لَكَ، وَخَوْفَ الْعَالِمِينَ بِكَ، وَيَقِينَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ، وَتَوَكُّلَ الْمُوقِنِينَ بِكَ، وَإِنَابَةَ الْمُخْبَتِينَ إِلَيْكَ، وَإِخْبَاتَ الْمُنِيبِينَ إِلَيْكَ، وَشُكْرَ الصَّابِرِينَ لَكَ، وَصَبْرَ الشَّاكِرِينَ لَكَ، وَلِحَاقًا بِالأَحْيَاءِ الْمَرْزُوقِينَ عِنْدَكَ2. "حرف الْعَيْنِ": 105- عَامِرُ بْنُ سَعْد بْنِ أبي وقاص3 -ع- الزّهري المدني، وَلَهُ ثَمَانِيَةُ إِخْوَةٍ: سَمِعَ أَبَاهُ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ دَاوُدُ، وَابْنَا أَخَوَيْهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثقة شريفًا، كثير الحديث، توفي سنة أربعٍ ومائة. 106- عامر بن شراحيل4 -ع- الشّعبيّ، شَعْبُ هَمْدَانَ، أَبُو عَمْرٍو، عَلامَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي زِمَانَةَ، وُلِدَ فِي وَسَطِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ يَسِيرًا، وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَرِيرِ الْبَجَلِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَلْقَمَةَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ. قَرَأَ عَلَيْهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَرَوَى عنه إسماعيل بن أبي   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 64"، وصفوة الصفوة "3/ 258". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 63-64". 3 الطبقات الكبرى "5/ 167"، التاريخ الكبير "6/ 449"، الجرح والتعديل "6/ 321"، تهذيب الكمال "2/ 641"، سير أعلام النبلاء "4/ 349"، تهذيب التهذيب "5/ 63-64". 4 الطبقات الكبرى "6/ 246-256"، التاريخ الكبير "6/ 450-451"، الجرح والتعديل "6/ 322-323"، تهذيب الكمال "3/ 643-644"، حلية الأولياء "4/ 3140-338"، تهذيب التهذيب "5/ 65-69". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 70 خَالِدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالأَعْمَشُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَمُجَالِدٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: مُرْسَلُ الشَّعْبِيِّ صَحِيحٌ، لا يَكَادُ يُرْسِلُ إِلا صَحِيحًا. قَالَ الشَّعْبِيُّ: وُلِدْتُ عَامَ جَلُولَاءِ1، قَالَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، وَجَلُولَاءُ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ. وَقَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلِ: كَانَ الشَّعْبِيُّ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنَ الْحَسَنِ، وَأَكْبَرَ مِنْهُ بِسَنَتَيْنِ2، وُلِدَ لِأَرْبَعٍ بَقَيْنَ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وعشرين، وقيل غَيْرُ ذَلِكَ، شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغُدَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَدْرَكْتُ خَمْسَمِائَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ أَكْثَرَ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَلا حَدَّثَنِي رَجُلٌ بحديثٍ قَطُّ إِلا حَفِظْتُهُ، وَلا أَحْبَبْتُ أَنْ يُعِيدَهُ عَلَيَّ. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ عَنْهُ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا ابْنُ شُبْرُمَةَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: مَا سَمِعْتُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً رَجُلا يُحَدِّثُ بحديثٍ إِلا وَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ نَسِيتُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَوْ حَفِظَهُ رجلٌ لَكَانَ بِهِ عَالِمًا4. وَقَالَ نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الطَّامِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ وَادِعٍ الرَّاسِبِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا أَرْوِي شَيْئًا أَقَلَّ مِنَ الشِّعْرِ، وَلَوْ شِئْتُ لأَنْشَدْتُكُمَ شَهْرًا لا أُعِيدُ5. رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، عن نوح أيضًا، لكنّه قَالَ: عَنْ يُونُسَ، وَوَادِعٍ، كِلاهُمَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: كَانَ عُمَرُ فِي زَمَانِهِ، وكان بعده ابن عبّاس، وكان بعده الشّعبيّ، وكان بعده الثّوريّ فِي زَمَانِهِ6. قَالَ مَحْمُودُ بْنُ غِيلانَ: وَكَانَ بَعْدَ الثَّوْرِيِّ يَحْيَى بْنِ آدَمَ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: مَرَّ ابن عباس بِالشَّعْبِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ الْمَغَازِي، فَقَالَ: كَأَنَّهُ كَانَ شَاهِدًا مَعَنَا، وَلَهُوَ أَحْفَظُ لَهَا مِنِّي وَأَعْلَمُ7.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 248". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 238". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 321"، وصفة الصفوة "3/ 75". 4 تاريخ بغداد "12/ 229"، تاريخ دمشق "158". 5 تاريخ بغداد "12/ 229"، تاريخ دمشق "160". 6 أخرجه البخاري في تاريخه "6/ 451"، والخطيب في تاريخ بغداد "9/ 154"، وابن عساكر في تاريخ دمشق "160-161". 7 أخرجه الخطيب في تاريخه "12/ 232"، وابن عساكر في تاريخه "164". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 71 وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ. قُلْتُ: وَلا شُرَيْحَ، قَالَ: تُرِيدُ أَنْ تُكَذِّبَنِي. وَقَالَ أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قال: قدمت الكوفة وَلِلشَّعْبِيِّ حلقةٌ عَظِيمَةٌ، وَالصَّحَابَةُ يومئذٍ كَثِيرٌ، وَرَوَى سليمان التّيمي، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ مَكْحُولٌ: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بسنّةٍ ماضيةٍ مِنَ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ: مَا جَالَسْتُ أحدًا من أعلم الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَلا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الأَعْوَرِ، يَأْتِينِي بِاللَّيْلِ فَيَسْأَلُنِي، وَيُفْتِي بِالنَّهَارِ1، يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ. وَرَوَى أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بِهْرَامَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا بَلَغَ مَبْلَغَ الشَّعْبِيِّ أَكْثَرَ مِنْهُ، يَقُولُ: لا أَدْرِي، وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا جَاءَهُ شيءٌ اتَّقَاهُ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ وَيَقُولُ، وَكَانَ مُنْقَبِضًا، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ مُنْبَسِطًا، إِلا فِي الْفَتْوَى. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: كَانَ الشَّعْبِيّ صَاحِبُ آثَارٍ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ صَاحِبُ قِيَاسٍ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: مَا اجْتَمَعَ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ إِلا سَكَتَ إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: سُئِلَ الشَّعْبِيّ عَنْ شيءٍ فَلَمْ يُجِبْ، فَقَالَ رجلٌ عِنْدَهُ: أَبُو عَمْرٍو يَقُولُ فِيهِ كَذَا، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هَذَا فِي الْمَحْيَا، فَأَنْتَ فِي الْمَمَاتِ أَكْذَبُ عَلَيَّ. قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: وَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِالشَّعْبِيِّ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: تَدْرِي يَا شَعْبِيُّ مَا كَتَبَ بِهِ مَلِكُ الرُّومِ؟ قُلْتُ: وَمَا كَتَبَ؟ قَالَ كَتَبَ: الْعَجَبُ لِأَهْلِ دِينِكَ كَيْفَ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا رَسُولَكَ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ رَآنِي وَلَمْ يَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. رَوَاهَا الأَصْمَعِيُّ، وَفِيهَا: يا شعبيّ إنّما أرد أَنْ يُغْرِينِي بِقَتْلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرُّومِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلا ذَلِكَ2. جَابِرُ بْنُ نُوحٍ الْحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْعِرَاقَ سَأَلَنِي عَنْ أَشْيَاءٍ مِنَ الْعِلْمِ فَوَجَدَنِي بِهَا عَارِفًا، فَجَعَلَنِي عَرِّيفًا عَلَى الشَّعْبِيِّينَ وَمُنْكَبًا عَلَى جَمِيعِ هَمْدَانَ، وَفَرَضَ لِي، فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ بِأَشْرَفِ منزلةٍ، حَتَّى كَانَ ابْنُ الأَشْعَثِ، فَأَتَانِي قُرَّاءُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَالُوا: يَا أَبَا عَمْرٍو إِنَّكَ زَعِيمُ القرّاء، فلم يزالوا   1 أخرجه ابن عساكر في تاريخه "174". 2 أخرجه ابن عساكر في تاريخه "179". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 72 حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُمْ، فَقُمْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَذْكُرُ الْحَجَّاجَ وَأَعِيبُهُ بِأَشْيَاءَ، فَبَلَغَنِي أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ: أَلا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الشَّعْبِيِّ الْخَبِيثِ، أَمَا لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ لأَجْعَلَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْهِ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ حَمَلٍ، قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا أَنْ هُزِمْنَا، فَجِئْتُ إِلَى بَيْتِي وَأَغْلَقْتُ عَلَيَّ فَمَكَثْتُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَنُدِبَ النَّاسُ لِخُرَاسَانَ، فَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَنَا لَهَا، فَوَلاهُ خُرَاسَانَ، وَنَادَى مُنَادِيهِ: مَنْ لَحِقَ بِقُتَيْبَةَ فَهُوَ آمنٌ، فاشترى مولى لي حمارًا وزوّدني، فخرج، فكنت في العسكر، فلم أزل معه حتى أتينا فرغانة، فجلس ذات يوم وقد سر، فنظرت إليه فقلت: أيها الأمير، عندي علمٌ، قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أُعِيذُكَ، لا تَسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ، فَعَرِفَ أَنِّي مِمَّنْ يَخْتَفِي، فَدَعَا بكتابٍ وَقَالَ: اكْتُبْ نُسْخَةً، قُلْتُ: لَسْتَ تَحْتَاجُ إلى ذلك، فجعلت أملّ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَنْظُرُ، حتى فرغ من كتاب الفتح، قَالَ: فَحَمَلَنِي عَلَى بغلةٍ، وَبَعَثَ إِلَيَّ بسرقٍ1 مِنْ حَرِيرٍ، وَكُنْتُ عِنْدَهُ فِي أَحْسَنِ منزلةٍ، فإنّي ليلةً أتعشّى معه، إذا أَنَا بِرَسُولِ الْحَجَّاجِ بكتابٍ فِيهِ: إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا، فَإِنّ صَاحِبَ كِتَابِكَ الشَّعْبِيُّ، فإن فَاتَكَ قَطَعْتُ يَدَكَ عَلَى رِجْلِكَ وَعَزَلْتُكَ، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِليَّ وَقَالَ: مَا عَرَفْتُكَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الأَرْضِ، فَوَاللَّهِ لأَحْلِفَنَّ لَهُ بِكُلِّ مُمْكِنٍ يَمِينٍ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيرُ، إِنَّ مِثْلِي لا يَخْفَى، قَالَ: فَأَنْتَ أَعْلَمُ، وَبَعَثَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ: إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى خَضْرَاءِ وَاسِطٍ فَقَيِّدُوهُ، ثُمَّ أَدْخِلُوهُ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ وَاسِطَ اسْتَقْبَلَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَرَ إِنِّي أَضِنُّ بِكَ عَلَى الْقَتْلِ، إِذَا دَخَلْتَ، فَقُلْ: كَذَا وكذا، فلما دخلت قَالَ: لا مَرْحَبًا وَلا أَهْلا، فَعَلْتُ بِكَ وَفَعَلْتُ، ثُمَّ خَرَجْتَ عَلَيَّ! وَأَنَا سَاكِتٌ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ. قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، كُلُّ مَا قُلْتَهُ حَقٌّ، وَلَكِنَّا قَدِ اكْتَحَلْنَا بَعْدَكَ السَّهَرَ وَتَحَلَّسْنَا2 الْخَوْفَ، وَلَمْ نَكُنْ مَعَ ذَلِكَ بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، وَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي، وَاسْتَقْبَلْتَ بِي التَّوْبَةَ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا أُدْخِلَ الشَّعْبِيُّ عَلَى الْحَجَّاجِ قَالَ: هِيهْ يَا شَعْبِيُّ، فَقَالَ: أَحْزَنَ بِنَا الْمَبْرَكَ وَاكْتَحَلْنَا السَّهَرَ، وَاسْتَحْلَسْنَا الْخَوْفَ، فَلَمْ نَكُنْ فِيمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، قَالَ: لِلَّهِ دَرُّكَ3. وَقَالَ جَهْمُ بْنُ وَاقِدٍ: رَأَيْتُ الشَّعْبيَّ يَقْضِي فِي أَيَّامِ   1 بسرق: جمع سرقة: وهي القطعة من جيد الحرير. 2 تحلسنا: واستحلس الخوف بفلان إذا لم يفارقه الخوف. 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 325". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 73 عمر بن عبد العزيز. ومالك بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا بَكَيْتُ مِنْ زمانٍ إِلا بَكَيْتُ عَلَيْهِ1. مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَجُلا لَقِيَهُ وَامْرَأَةٌ، فقال: أيكما الشعبي، فقلت: هذه. وقيل: كان الشعبي ضئيلا نحيفا، فقيل له في ذلك، فقال: زوحمت في الرّحم، وكان توءمًا2. مجالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: فَاخَرْتُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ فغلبتهم بأهل الكوفة، والأحنف ساك، فَلَمَّا رَآنِي قَدْ غَلَبْتُهُمْ، أَرْسَلَ غُلامًا لَهُ، فَجَاءَهُ بكتابٍ فَقَالَ لِي: هَاكَ اقْرَأْ، فَقَرَأْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ مِنَ الْمُخْتَارِ إِلَيْهِ يَذْكُرُ أَنَّهُ نبيٌّ، فَقَالَ الأَحْنَفُ: أَفِيهَا مِثْلُ هَذَا؟ رَوَاهَا الْفَسَوِيُّ3 عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَالِدٍ. وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَذُمُّ الرَّأْيَ وَيُفْتِي بِالنَّصِّ، قَالَ مجالد: سمعت الشّعبيّ يقول: لعن الله رأيت4. وروى الثّوريّ، عمّن سمع الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَنْفَلِتُ مِنْ عِلْمِي كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِيهِ شَيْءٍ، فَقِيلَ لَهُ: قُلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ، فَقَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِرَأْيِي، بَلْ عَلَى رَأْيِي5. رَوَى سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا أَنَا بعالمٍ، وَمَا أَتْرُكُ عَالِمًا6. قَالَ أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ يَلْبِسُ الْخَزَّ، وَيُجَالِسُ الشُّعَرَاءَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مُسْلِمَةَ فَقَالَ: مَا يَقُولُ فِيهَا بَنُو اسْتَهَا، يَعْنِي الْمَوَالِيَ7، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ عِمَامَةً بَيْضَاءَ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: سَمِعْتُ لَيْثًا يَقُولُ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ وَمَا أَدْرِي مِلْحَفَتَهُ أَشَدَّ حُمْرَةً أَوْ لِحْيَتَهُ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الزَّيَّاتُ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ مِطْرَفَ خزٍّ أَصْفَرَ. وَقَالَ رَوْحٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ قُلُنْسُوَةَ خزٍّ خَضْرَاءَ. وقال دواد بْنُ أَبِي هِنْدٍ: كَانَ يَلْبِسُ الْمُعَصْفَرَ. وَقَالَ   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 323". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 247". 3 أخرجه الفسوي في المعرفة "2/ 31، 32، 255". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 320". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 250". 6 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 250". 7 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 251". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 74 عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلَكِ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ جَالِسًا عَلَى جِلْدِ أَسَدٍ. وَرَوَى قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ مُجَالِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ قِبَاءَ سِنَّوْرٍ. جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا اخْتَلَفَتْ أمّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا إِلا ظَهَرَ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقِّهَا1. قُتَيْبَةُ: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ يُسَلِّمُ عَلَى مُوسَى النَّصْرَانِيِّ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَوَلَيْسَ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي رَحْمَتِهِ هَلَكَ. الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ قُتِلَ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَقُتِلَ طفلٌ، أَكَانَتْ دِيَتُهُمَا سَوَاءً، أَمْ يُفَضَّلُ الأَحْنَفُ لِعَقْلِهِ وَحِلْمِهِ؟ قُلْتُ: بَلْ سَوَاءً، قَالَ: فَلَيْسَ الْقِيَاسُ بِشَيْءٍ2. أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي: ثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: نِعْمَ الشَّيْءُ الْغَوْغَاءِ يَسُدُّونَ السُّبُلُ، ويطفئون الْحَرِيقَ، وَيَشْغَبُونَ عَلَى وُلاةِ السَّوْءِ3، ابْنُ شُبْرُمَةَ قَالَ: وَلَّى ابْنُ هُبَيْرَةَ الشَّعْبِيَّ الْقَضَاءَ، وَكَلَّفَهُ أَنْ يُسَامِرَهُ فَقَالَ: لا أَسْتَطِيعُ، فَأَفْرِدْنِي بِأَحَدِهِمَا. إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنِ الأَعْمَشِ: سَأَلَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ: مَا اسْمُ امْرَأَةِ إِبْلِيسَ؟ قَالَ: ذَاكَ عرسٌ مَا شَهِدْتُهُ4. سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَغَيْرُهُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عنهم- جَلَدَ شِرَاحَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ، وَرَجَمَهَا مِنَ الْغَدِ، وَقَالَ جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ: تُوُفِّيَ الشَّعْبِيُّ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سنة ستٍّ ومائة، وقيل غير ذلك.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 313". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 320". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 324". 4 أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق "232". 5 خبر صحيح: أخرجه أحمد في المسند "1/ 93، 107، 140، 141، 143، 153"، والحاكم في المستدرك "4/ 365". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 75 عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ أَبُو الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيُّ. 107- عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ1 وَيُقَالُ ابْنُ عَوْفٍ. هُوَ أَحَدُ مَنْ قَدِمَ مَعَ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ إِلَى عَذْرَاءَ فَسَلِمَ وَأُطْلِقَ. رَوَى عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 108- عبادة بن الوليد2 -سوى ت- بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَبُو الصّام، وَهُوَ أَخُو يَحْيَى. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَأَبِيهِ، وَالرُّبَيْعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ. وعنه: أبو حرزة يعقوب بن مجاهد، ويحيى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وابن إسحاق، وآخرون. وثّقه أبو زرعة. 109- عائشة بنت طلحة3 -ع- بن عبيد الله التّيمي، وأمها أُمُّ كُلْثُومٍ ابْنَةُ الصَّدِّيقِ، تَزَوَّجَتْ بِابْنِ خالها عبد الله ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَبَعْدَهُ بِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَصْدَقَهَا مُصْعَبٌ مِائَةَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَكَانَتْ أَجْمَلَ أَهْلِ زَمَانِهَا وَأَحْسَنَهُنَّ وَأَرْأَسَهُنَّ، فَلَمَّا قُتِلَ مُصْعَبٌ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَصْدَقَهَا أَيْضًا أَلْفَ أَلْفٍ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: بُضْعُ الْفَتَاةِ بِأَلْفِ ألفٍ كاملٍ ... وَتَبِيتُ سادات الجيوش جياع   1 التاريخ الكبير "6/ 483-484"، الجرح والتعديل "6/ 348"، تهذيب الكمال "2/ 639"، ميزان الاعتدال "2/ 356"، تهذيب تاريخ دمشق "7/ 131-132"، لسان الميزان "7/ 253"، تهذيب التهذيب "5/ 54-55". 2 التاريخ الكبير "6/ 94"، الجرح والتعديل "6/ 96"، الكنى والأسماء "2/ 11"، تهذيب الكمال "2/ 655"، سير أعلام النبلاء "5/ 107"، تهذيب التهذيب "5/ 114". 3 الطبقات الكبرى 8/ 467"، تهذيب الكمال "3/ 1690"، الأغاني "11/ 176-194"، شذرات الذهب "1/ 122"، تهذيب التهذيب "12/ 436-437"، سير أعلام النبلاء "4/ 369-370"، البداية والنهاية "9/ 302". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 76 حدّثت عن خالتها عائشة -رضي الله عنهما. وَعَنْهَا: حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، وَابْنُ أَخِيهَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، وَابْنُ أَخِيهَا الآخَرُ مُعَاوِيَةُ بن إسحاق، وابن ابن أَخِيهَا مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَفُضَيْلٌ الْفُقَيْمِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَفَدَتْ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَكْرَمَهَا وَاحْتَرَمَهَا. وَثَّقَهَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَمِنْ أَعْجَبِ مَا تَمَّ لَهَا. مَا روى هشيم قال: أنا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ قَالَتْ: إِنْ تَزَوَّجَتْ مُصْعَبًا فَهُوَ عَلَيْهَا كَظَهْرِ أُمِّهَا، فَتَزَوَّجَتْهُ، فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَأُمِرَتْ أَنْ تُكَفِّرَ، فَأَعْتَقَتْ غُلامًا لَهَا، ثَمَنُهُ أَلْفَانِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي "سُنَنِهِ". 110- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أمامة1 -د ق- بن ثعلبة الأنصاريّ البلوي المدني. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ. وَعَنْهُ: صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُهَاجِرٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 111- عَبْدُ الله بن باباه2 -م4- ويقال ابن بابيه المكيّ. لَهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وعنه: حبيب بن أبي ثابت. 112- عبد الله بن حنين3 -ع- المدني، مَوْلَى الْعَبَّاسِ، وَيُقَالُ: مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مخرمة.   1 التاريخ الكبير "5/ 45"، الجرح والتعديل "5/ 10"، تهذيب الكمال "2/ 666"، تهذيب التهذيب "5/ 149". 2 التاريخ الكبير "5/ 48"، الجرح والتعديل "5/ 12"، تهذيب الكمال "2/ 667"، تهذيب التهذيب "5/ 152-153". 3 الطبقات الكبرى "5/ 286"، التاريخ الكبير "5/ 69-70"، الجرح والتعديل "5/ 40"، تهذيب الكمال "2/ 676"، سير أعلام النبلاء "4/ 604"، تهذيب التهذيب "5/ 193-194". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 77 وعنه: ابنه إبراهيم، ومحمد بن المنكدر، وشريك بن أبي نمر، وأسامة بن زيد، وآخرون. حديثه في الأصول الستة. 113- عبد الله بن رافع1 -م4- أبو رافع المدني، مولى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ: أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَأَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَأَيُّوبُ بْنُ خَالِدٍ، وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 114- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ2 أَبُو سَلَمَةَ الْحَضْرَمِيُّ الْمَصْرِيُّ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَمْرِو بْنِ معديكرب، وَابْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ. وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وعيّاش ابن عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، وَعَيَّاشُ بْنُ عُقْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. 115- عَبْدُ اللَّهِ بن زيد3 -ت ق- أو ابن يزيد الدمشقيّ الأزرق القاصّ، كَانَ يَقُصُّ فِي غَزْوِ الرُّومِ مَعَ مُسْلِمَةَ، رَوَى عَنْ: عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَعَنْهُ: بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَأَخُوهُ يَعْقُوبُ، وَأَبُو سَلامٍ مَمْطُورٌ، وَزَيْدُ بْنُ سَلامٍ، وَابْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَآخَرُونَ.   1 الطبقات الكبرى "5/ 297"، التاريخ الكبير "5/ 90"، الجرح والتعديل "5/ 53"، تهذيب الكمال "2/ 680"، الثقات لابن حبان "5/ 30"، تهذيب التهذيب "5/ 206". 2 التاريخ الكبير "5/ 90"، الجرح والتعديل "5/ 53-54"، تهذيب الكمال "2/ 680"، تهذيب التهذيب "5/ 206". 3 التاريخ الكبير "5/ 93"، الجرح والتعديل "5/ 58" تهذيب الكمال "2/ 685"، ميزان الاعتدال "2/ 426"، تهذيب التهذيب "5/ 226-227". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 78 116- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الْكُوفِيّ1 -خ م ت ن- أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ. سَمِعَ أَبَاهُ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ السَّبِيعِيُّ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ. قَالَ السِّخْتِيَانِيُّ: كَانُوا يَعُدُّونَهُ أَفْضَلَ مِنْ أَبِيهِ، يعني فِي الْعِبَادَةِ. 117- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ2 -م د ن- مَوْلَى آلِ الْمُنْكَدِرِ. رَوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عُمَرَ -فقيل لم يلقهم، وعن عَبْد الله بْن عَبْد الله بْن عُمَر، والنعمان بن أبي عياش، وعمرو بن قيس الزرقيين، وجماعة. وعنه: ابنه عبد العزيز، وحكيم بن عبد الله بن قيس، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن إسحاق، وآخرون. وثقه النسائي. وَقَالَ حَفِيدُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: تُوُفِّيَ جَدِّي سَنَةَ ستٍّ وَمِائَةٍ. 118- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -م4- رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ. وَعَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَعُمِّرَ دَهْرًا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: ثقة. وكان سليمان التّيميّ سيئ الرَّأْيِ فِيهِ لِكَوْنِهِ كَانَ يَنَالُ مِنْ عَلِيٍّ بَعْضَ الشَّيْءِ، قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ. 119- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ4 -سوى ق- العدوي   1 التاريخ الكبير "5/ 103"، الجرح والتعديل "5/ 70"، تهذيب الكمال "2/ 688"، تهذيب التهذيب "5/ 236". 2 التاريخ الكبير "5/ 100"، الجرح والتعديل "5/ 70"، تهذيب الكمال "2/ 690"، تهذيب التهذيب "5/ 343". 3 الطبقات الكبرى "7/ 126"، التاريخ الكبير "5/ 116"، الجرح والتعديل "5/ 81"، تهذيب الكمال "2/ 693"، ميزان الاعتدال "2/ 439"، تهذيب التهذيب "5/ 253-254". 4 الطبقات الكبرى "5/ 201-202"، التاريخ الكبير "5/ 125"، الجرح والتعديل "5/ 90"، تهذيب الكمال "2/ 701"، الثقات "5/ 6"، أسد الغابة "3/ 199"، تهذيب التهذيب "5/ 285-286". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 79 المدني، وَصِيُّ أَبِيهِ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُمْ. وثقه وكيع. تُوُفِّيَ سنة خمس، قبل أخيه سالم بعام. 120- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزّبير1 -سوى د- بن العوّام، أبو بكر الأسديّ المدني، لَهُ جَمَاعَةٌ إِخْوَةٌ، وَهُوَ أَكْبَرُهُمْ، وَأَبُوهُ أَكْبَرُ مِنْهُ بِخَمْسِ عَشْرَةَ سَنَةً. رَوَى عَنْ: الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَدَّتِهِ أَسْمَاءَ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ هِشَامٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ، وَنَافِعٌ الْقَارِئُ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ الَّذِي خَرَجَ رَسُولا مِنْ عَمِّهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ السَّكُونِيِّ. وَكَانَ سَيِّدًا نَبِيلا فَصِيحًا، يُشَبَّهُ بِعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ فِي بَيَانِهِ، وَبَنُو عُرْوَةَ، هُوَ، وَيَحْيَى، وَمُحَمَّدٌ، وَعُثْمَانُ، وَهِشَامٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ. 121- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ2 أَبُو الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ الشَّامِيُّ. رَأَى عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وَرَوَى عَنْ: أَبِي جُمْعَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَبَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ، وَكَعْبٍ الأَحْبَارِ. وعنه: الزهري، وحجر بن الحارث، ورجاء بن أبي سلمة. وقد ولي خراج فلسطين، لعمر بن عبد العزيز. 122- عبد الله بن غابر3 -ن ق- أبو عامر الألهاني الحمصيّ. أدرك عمر -رضي الله عنهم، وَحدَّثَ عَنْ: ثَوْبَانَ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ. وعنه: أرطأة بن المنذر، وثور بن يزيد، وحريز بن عثمان، ومعاوية بن صالح.   1 الطبقات الكبرى "5/ 167"، التاريخ الكبير "5/ 163"، الجرح والتعديل "5/ 33"، تهذيب الكمال "2/ 711"، تهذيب التهذيب "5/ 319-320". 2 التاريخ الكبير "5/ 156"، الجرح والتعديل "5/ 125". 3 التاريخ الكبير "5/ 167"، الجرح والتعديل "5/ 135"، تهذيب الكمال "2/ 721"، تهذيب التهذيب "5/ 354". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 80 123- عبد الله بن أبي قيس النّصريّ1 -م4- أبو الأسود الحمصي. روى عن: عمر، وأبي ذرّ، وأبي الدرداء -وَأَرَى ذَلِكَ مُنْقَطِعًا- وَرَوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. وعنه: محمد بن زياد الألهاني، ويزيد بن خمير، ومعاوية بن صالح. وثقه النسائي. 124- عبد الله بن قدامة أبو سوار العنبريّ2، قاضي البصرة، وأبو قاضيها، روى عَنْ: أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ. وَعَنْهُ: تَوْبَةُ الْعَنْبَرِيُّ. ذَكَرَهُ أَبُو حاتم الرازي ولم يضعفه. 125- عبد الله بن أبي عتيق3 -خ م ن ق- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الصّدّيق التّيمي، وَالِدُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ. عَنْ: أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَخَالِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ أَمْرَأً صَالِحًا، وَفِيهِ دُعَابَةٌ، مَرَّ بِهِ رجلٌ مَعَهُ كَلْبٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: وَثَّابٌ. قَالَ: فَمَا اسْمُ كَلْبِكَ؟ قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ: وَاخْلافَاهُ. وَحَكَى مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: لَقِيَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّ إِنْسَانًا هَجَانِي، فَقَالَ: أَذْهَبْتَ مَالَكَ غَيْرَ مُتْرَكٍ ... فِي كُلِّ مومسةٍ وَفِي الْخَمْرِ ذَهَبَ الإِلَهُ بِمَا تَعِيشُ بِهِ ... فَبَقِيتَ وَحْدَكَ غَيْرَ ذِي وَفْرِ فَقَالَ لَهُ: أَرَى أَنْ تَصْفَحَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَفْعَلَنَّ بِهِ -لا يُكَنَّى- فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سُبْحَانَ اللَّهِ لا تَتْرُكِ الْهَزْلَ، وَافْتَرَقَا، ثُمَّ لَقِيَهُ فقال: قد أولجت فيه.   1 التاريخ الكبير "5/ 172-173"، الجرح والتعديل "5/ 140"، تهذيب الكمال "2/ 725"، الثقات لابن حبان "5/ 44"، تهذيب التهذيب "5/ 365-366". 2 التاريخ الكبير "5/ 176" الجرح والتعديل "5/ 141"، تهذيب الكمال "2/ 723"، تهذيب التهذيب "5/ 361". 3 الطبقات الكبرى "5/ 194"، التاريخ الكبير "5/ 184-185"، الجرح والتعديل "5/ 154"، تهذيب الكمال "2/ 735-736"، تهذيب التهذيب "6/ 11". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 81 فَأَعْظَمَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَتَأَلَّمَ! فَقَالَ: امْرَأَتِي وَاللَّهِ الَّتِي قَالَتِ الْبَيْتَيْنِ. قَالَ مُصْعَبٌ: وَامْرَأَتُهُ هِيَ أُمُّ إِسْحَاقَ بِنْتُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَتْ قَدْ غَارَتْ عَلَيْهِ، وَلَهُ مُزَاحٌ وَنَوَادِرُ. 126- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَوْهِبٍ الشَّامِيُّ1 -4- وُلِّيَ قَضَاءَ فِلَسْطِينَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَحَدَّثَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ يَزِيدُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الملك بن أبي جميلة، وعبد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز، وَآخَرُونَ. وَالأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ تَمِيمًا، وَإِنَّمَا هُوَ: ابْنُ مَوْهِبٍ عَنْ قَبِيصَةَ عَنْ تَمِيمٍ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي غِيلانَ الْفِلَسْطِينِيُّ، قَالَ: ثلاثٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْقَاضِي فَلَيْسَ بقاضٍ: يَسْأَلُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، وَلا يَسْمَعُ مِنْ أَحَدٍ دَعْوَى إِلا مَعَ خَصْمِهِ، وَلا يَقْضِي إِلا بَعْدَ أَنْ يَفْهَمَ. 127- عَبْدُ الله بن واقد2 -م د ق- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. عن: جدّه، وعائشة. وعنه: الزّهري، وفضيل ابن غَزْوَانَ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَرَآهُ مَالِكٌ. ثُمّ وَجَدْتُ وَفَاتَهُ سَنَةَ سبع عشرة وَمِائَةٍ، وَرَّخَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَيُؤَخَّرُ. 128- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ الْجُهَنِيُّ3 الْكُوفِيُّ -د ن- شَيْخُ مُعَمَّرٍ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ صرد، وغيرهم.   1 التاريخ الكبير "5/ 198-199"، الجرح والتعديل "5/ 174"، تهذيب الكمال "2/ 746-747"، تهذيب التهذيب "6/ 47". 2 التاريخ الكبير "5/ 219"، الجرح والتعديل "5/ 190"، تهذيب الكمال "2/ 571"، تهذيب التهذيب "6/ 65". 3 التاريخ الكبير "5/ 234"، الجرح والتعديل "5/ 202"، تهذيب الكمال "2/ 758"، تهذيب التهذيب "6/ 84-85". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 وَعَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَشْوَعَ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 129- عبد الله البهي1 -م4- مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ. رَوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وعروة بن الزبير. وعنه: أبو إسحاق السبيعي وإسماعيل السدي، وإسماعيل بن أبي خالد، والعباس بن ذريح، والصلت بن بهرام، وآخرون. وهو من تابعي أهل الكوفة وثقاتهم. 130- عبد الأعلى بن عديّ2 -ن ق- البهراني الحمصي القاضي. عَنْ ثَوْبَانَ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْهُ: أَحْوَصُ بْنُ حُكَيْمٍ، وَلُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبَّهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. 131- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ هِلالٍ3 أَبُو النَّضْرِ السَّلَمِيُّ الْحِمْصِيُّ. رَوَى عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَأَبِي أُمَامَةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ الأَيْهَمِ. وَرِوَايَتُهُ فِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 132- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبَانٍ4 -4- بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الأُمَوِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَحَدُ سَادَاتِ بَنِي أُمَيَّةَ وكبرائهم. سمع أباه.   1 التاريخ الكبير "5/ 56"، تهذيب الكمال "2/ 759"، تهذيب التهذيب "6/ 89-90". 2 التاريخ الكبير "6/ 72-73"، الجرح والتعديل "6/ 25"، تهذيب الكمال "2/ 761"، تهذيب التهذيب "6/ 79". 3 التاريخ الكبير "6/ 68-69"، الجرح والتعديل "6/ 25". 4 التاريخ الكبير "4/ 254"، الجرح والتعديل "5/ 210"، تهذيب الكمال "2/ 771"، سير أعلام النبلاء "5/ 10-11" تهذيب التهذيب "6/ 130-131". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 83 رَوَى عَنْه: عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعُمَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ ابْنَا أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحْمَدَ لِلدِّينِ وَالْحِكْمَةِ وَالشَّرَفِ مِنْهُ. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبَانٍ يَشْتَرِي أَهْلَ الْبَيْتِ، ثُمَّ يَكْسُوهُمْ، ثُمَّ يَعْرِضُهُمْ عَلَيْهِ وَيُعْتِقَهُمْ، وَيَقُولُ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَسْتَعِينُ بِكُمْ عَلَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ، فَمَاتَ وَهُوَ نائمٌ فِي مَسْجِدِهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَبْدُ الرحمن من خيار المسملين، كَانَ كَثِيرَ الصَّلاةِ، فَرَآهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَأَعْجَبَهُ هَدْيُهُ وَنُسْكُهُ وَقَالَ: أَنَا أَقْرَبُ رَحِمًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ، وَأَوْلَى بِهَذِهِ الْحَالِ، فَمَا زَالَ مُجْتَهِدًا حَتَّى مَاتَ. 133- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ1 -ع- أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ بِالْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنِ الأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، وَعَنْ عليٍّ إِنْ صَحَّ. وَعَنْهُ: أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وإسحاق بن سويد، آخرون. وَكَانَ ثِقَةً كَبِيرَ الْقَدْرِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نَحَرُوا جَزُورًا يَوْمَ مَوْلِدِهِ وَهُمْ بِالْخُرَيْبَةَ، فَكَفَتَهُمْ، وَكَانُوا قَدْرَ ثَلاثِمِائَةِ رجلٍ. قُلْتُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا ضَبَطَ وَفَاتَهُ، وَهِيَ بَعْدَ الْمِائَةِ بِقَلِيلٍ. 134- عبد الرحمن بن جابر2 -ع- عبد الله الأنصاري. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَمُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَحِزَامُ بْنُ عُثْمَانَ، وَآخَرُونَ. وكان ثقةً، قاله الْعِجْلِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لا يُحْتَجُّ به.   1 الطبقات الكبرى "7/ 190"، التاريخ الكبير "5/ 260"، تهذيب الكمال "2/ 779"، الثقات لابن حبان "5/ 77"، سير أعلام النبلاء "4/ 319-320"، تهذيب التهذيب "6/ 148-149". 2 الطبقات الكبرى "5/ 275"، التاريخ الكبير "5/ 266"، الجرح والتعديل "5/ 220"، تهذيب الكمال "2/ 779"، الثقات لابن حبان "5/ 77"، ميزان الاعتدال "3/ 553"، تهذيب التهذيب "6/ 153". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 84 135- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ1 -ق- الأنصاريّ المدنيّ، الشَّاعِرُ ابْنُ الشَّاعِرِ، الْمُؤَيَّدُ بُرُوحِ الْقُدُسِ، وَهُوَ ابن خالة إبراهيم ابن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْ: أُمِّهِ سِيرِينَ الْقِبْطِيَّةِ، وَعَنْ أَبِيهِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُهْمَانَ. لَهُ حديثٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَحِبَ عُمَرَ. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ بهمان، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ2، وَلَكِنَّ ابْنَ بُهْمَانَ لا يُعْرَفُ. رَوَى مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عبد الله مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، لَقِيَهُ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: تَلَقَّانِي النَّاسُ كُلُّهُمْ غَيْرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! قَالَ: لَمْ يَكُنْ لَنَا دوابٌ، قَالَ: فَأَيْنَ النَّوَاضِحُ؟ قَالَ: عَقَرْنَاهَا فِي طَلَبِكَ وَطَلَبِ أَبِيكَ يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لَنَا: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً" 3 قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا أَمَرَكُمْ؟ قَالَ: أَمَرَنَا بِأَنْ نَصْبِرُ، قَالَ فَاصْبِرُوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانَ بن ثاب، فَقَالَ: أَلا أَبْلِغْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حربٍ ... أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَثَا كَلامِي فَإِنَّا صَابِرُونَ وَمُنْظِرُوكُمْ ... إِلَى يَوْمِ التَّغَابُنِ وَالْخِصَامِ أَبُو عُبَيْدٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَنَّ يَزِيدَ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: أَلا تَرَى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ يشبب بابنتك ويقول:   1 الطبقات الكبرى "5/ 266"، التاريخ الكبير "5/ 266"، تهذيب الكمال "2/ 783"، الجرح والتعديل "5/ 222"، سير أعلام النبلاء "5/ 64-65"، تهذيب التهذيب "6/ 126-163"، الإصابة "3/ 76"، الأغاني "15/ 110-121، 157-173، 21/ 269". 2 حديث صحيح لغيره: أخرجه ابن ماجه "1574"، وأحمد في المسند "3/ 442-443"، والحاكم في المستدرك "1/ 374"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "3/ 233"، وفي الباب عن ابن عابس: أخرجه أبو داود "3236"، والترمذي "320"، والنسائي "2042"، وابن ماجه "1575"، وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة: أخرجه الترمذي "1056"، وابن ماجه "1576"، وأحمد في المسند "2/ 337". 3 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد في المسند "5/ 304"، وفي الباب عن عبد الله أخرجه البخاري "3603"، ومسلم "1843"، والترمذي "2190". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 85 هي زهراء مثل لؤلؤة الغـ ... ـواص مِيزَتْ مِنْ جوهرٍ مَكْنُونِ فَقَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ: فإذا مَا نسبتها لَمْ تجدها ... في سناءٍ من المكارم دون فَقَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ: ثُمَّ خَاصَرْتُهَا إِلَى الْقُبَّةِ الْخَضْـ ... ـرَاءِ نَمْشِي فِي مرمرٍ مَسْنُونِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: كَذَبَ. قَوْلُهُ خَاصَرْتُهَا: أَخَذْتُ بِيَدِهَا. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ. 136- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ الْمَدَنِيُّ1 -م د ق- رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُو مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ نُفَيْلٍ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 137- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ الْكُوفِيُّ2 مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. رَوَى عَنْ: مَوْلاهُ، وَعَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبُو شَيْبَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 138- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ3 أَبُو مُحَمَّدٍ، عَاشَ ثمانين سنة. روى عَنْ: أَبِيهِ حَدِيثًا، وَعَنْ عُثْمَانَ. وَعَنْهُ: أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَحَفِيدَاهُ: عَمْرٌو، وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَهُوَ مُقِلٌّ.   1 التاريخ الكبير "5/ 287"، والجرح والتعديل "5/ 237"، تهذيب الكمال "2/ 790"، تهذيب التهذيب "6/ 184". 2 التاريخ الكبير "5/ 287"، الجرح والتعديل "5/ 237"، تهذيب التهذيب "6/ 186". 3 التاريخ الكبير "5/ 288-289"، الجرح والتعديل "5/ 239"، تهذيب الكمال "2/ 791"، تهذيب التهذيب "6/ 187". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 86 139- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيُّ الْمَصْرِيّ1 -م4- عن: زيد بن ثاب، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَرَوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ، فَلَعَلَّهُ مُرْسَلٌ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 140- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضحاك، بن قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ2، أَحَدُ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، وُلِّيَ إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ، فَأَحْسَنَ إِلَى أَهْلِهَا. رَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ خَطَبَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهما، فَأَبَتْ، فَأَلَحَّ عَلَيْهَا، فَشَكَتْهُ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَغَضِبَ لَهَا وَعَزَلَهُ، وَغَرَّمَهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دينارٍ، وَطَوَّفَ بِهِ فِي جُبَّةٍ صوفٍ. وأبوه الْمَقْتُولِ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ. 141- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ3 -خ م د ن- بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ السَّلَمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَرَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَعَمِّهِ عُبَيْدِ الله بن كعب، وأبي هريرة، وجابر. وعنه: الزهري، ومحمد بن أبي أمامة بن سهل، وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أحد الفقهاء بالمدينة. 142- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عمار4 -م4- القرشي المكي، الملقب بالقس، لِعِبَادَتِهِ وَدِينِهِ، وَهُوَ صَاحِبُ سَلامَةَ وَلَهُ مَعَهَا أَخْبَارٌ، وَكَانَ قَدْ هَوِيَهَا. روى عَن: أبي هُرَيْرَةَ، وجابر، وشداد بْن الهاد، وعبد الله بْن بابيه، وجماعة. وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. 143- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عبسة5 -د ت ق- السلمي الشامي.   1 التاريخ الكبير "5/ 295-296"، الجرح والتعديل "5/ 243"، تهذيب الكمال "2/ 794"، تهذيب التهذيب "6/ 195". 2 تاريخ خليفة "325، 327، 328، 332، 334، 335"، نسب قريش "447". 3 التاريخ الكبير "5/ 303، 304"، الجرح والتعديل "5/ 249"، تهذيب الكمال "2/ 800"، تهذيب التهذيب "6/ 214-215". 4 التاريخ الكبير "5/ 301"، الجرح والتعديل "5/ 249"، تهذيب التهذيب "1/ 487". 5 التاريخ الكبير "5/ 325"، تهذيب الكمال "2/ 807"، تهذيب التهذيب "6/ 237-238". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 87 عن: العرباض بن سارية، وعتبة بن عبد. وَعَنْهُ: ابْنُهُ جَابِرٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ صَدُوقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. 144- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الأنصاري1 -ع- المدني القاص، فِي اسْمِ أَبِيهِ أَقْوَالٌ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَعَنْ عُثْمَانَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُبَادَةَ بن الصام، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ عُثْمَانَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَشَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَهِلالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ. وَثَّقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. 145- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ الْجُرْشِيّ2 -د ن- قَاضِي حِمْصَ. وروى عن: مرو بْنِ الْعَاصِ، وَأَبِي هِنْدٍ الْبَجَلِيِّ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ معديكرب. وعنه: ثزر بْنُ يَزِيدَ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بن عمرو. 146- عبد الرحمن بن كعب3 -ع- بن مالك الأنصاري السلمي المدني. عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَأَبُو عَامِرٍ صَالِحُ بْنُ رستم الخزاز، وَابْنَاهُ: كَعْبٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ. 147- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مطعم4 -ع- بن عبد الله، أبو المنهال البناني   1 التاريخ الكبير "5/ 237"، الجرح والتعديل "5/ 273"، تهذيب الكمال "2/ 808"، تهذيب التهذيب "6/ 243"، الإصابة "3/ 72". 2 التاريخ الكبير "5/ 336"، الجرح والتعديل "5/ 274"، تهذيب الكمال "809"، الثقات لابن حبان "5/ 104"، تهذيب التهذيب "6/ 246". 3 الطبقات الكبرى "5/ 432"، الجرح والتعديل "5/ 280"، تهذيب الكمال "2/ 813"، تهذيب التهذيب "6/ 259". 4 التاريخ الكبير "5/ 352"، الجرح والتعديل "5/ 284"، تهذيب الكمال "2/ 817"، تهذيب التهذيب "6/ 270". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 88 البصري، وقيل الكوفي، نَزِيلُ مَكَّةَ. حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. وعنه: حبيب بن أبي ثابت -م ن- وَسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ -خ- وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ-ع- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ -ع. 148- عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي1 -ع- أبو الحكم الكوفي، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. عَنْهُ: ابْنُهُ الْحَكَمُ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، وَصَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، وَعِمَارَةُ بْنُ القعقاع، وفضل بن غزوان، وفضيل ابن مَرْزُوقٍ، وَيَزِيدُ بْنُ مِرْدَانُبَةَ. وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ الْعَابِدِينَ. قَالَ بُكَيْرُ بْنُ عَامِرٍ: كَانَ لَوْ قِيلَ لَهُ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ مَلَكُ الْمَوْتِ، مَا كَانَ عِنْدَهُ زيادةٌ، وَكَانَ يَمْكُثُ نِصْفَ شهرٍ لا يَأْكُلُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ يُحْرِمُ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ، وَيَقُولُ: لَبَّيْكَ، لَوْ كَانَ رِيَاءً لاضْمَحَلَّ. وَقِيلَ: إِنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى الْحَجَّاجِ كَثْرَةَ سَفْكِهِ لِلدِّمَاءِ، فهمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ فِي بَطْنِهَا أَكْثَرُ مِمَّنْ عَلَى ظَهْرِهَا. رَوَاهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيرَةَ2. وَرَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، وَهُوَ يُلَبِّي بِصَوْتٍ حَزِينٍ، ثُمَّ يَأْتِي خُرَاسَانَ وَأَطْرَافَ الأَرْضِ، ثُمَّ يُوَافِي مَكَّةَ وَهُوَ محرمٌ، وَكَانَ يُفْطِرُ فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ3. أخبرنا إسحاق الصفار، أنا يوسف الخليل، أَنَا اللَّبَّانِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَرْدَانُبَةَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أبي سعيد قال: قال   1 الطبقات الكبرى "6/ 298"، التاريخ الكبير "5/ 356"، الجرح والتعديل "5/ 295"، تهذيب الكمال "2/ 822"، سير أعلام النبلاء "5/ 62-63"، ميزان الاعتدال "2/ 595"، حلية الأولياء "5/ 69-73"، تهذيب التهذيب "6/ 286". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 70". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 69". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 89 رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 1. 149- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هِلالٍ الْعَبْسِيُّ2 الْكُوفِيُّ -م د س ق- عَنْ: جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ تَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 150- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ3 بْن أَبِي سُفْيان الأمويّ الدمشقي، كان مِنْ خِيَارِ بَنِي أُمَيَّةَ وَصُلَحَائِهِمْ. سَمِعَ ثَوْبَانَ. وَعَنْهُ: أَبُو طُوَالَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدُ بن قيس، وعبد الرحمن بن يزيد ابن جَابِرٍ، وَغَيْرُهُمْ. رَوَى رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وعن الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَرِقُّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، لِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ النُّسُكِ، فَرَفَعَ دَيْنًا عَلَيْهِ إِلَى عُمَرَ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ آلافٍ، فَوَعَدَهُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ وَقَالَ: وَكِّلْ أَخَاكَ الْوَلِيدَ، فَوَكَّلَهُ، وَقَالَ عُمَرُ لِلْوَلِيدِ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَقْضِيَ عَنْ رجلٍ واحدٍ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ، وَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَنْفَقَهَا فِي حَقٍّ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يُقَالُ: مِنْ أَخْلاقِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُنْجِزَ مَا وَعَدَ، قَالَ: وَيْحُكَ، وَضَعْتَنِي هَذَا الْمَوْضِعَ، فَلَمْ يَقْضِ عَنْهُ شَيْئًا. قَالَ الْمُفَضَّلُ الْغَلابِيُّ: كَانَ يُقَالُ: جَمَاعَةٌ كلُّهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكُلُّهُمْ عَابِدٌ قُرَشِيٌّ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن زياد بن أبي سفيان، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعبد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: اجْتَهَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ فِي الْعِبَادَةِ حَتَّى صَارَ كالشن.   1 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3768"، وأحمد في المسند "3/ 62، 64، 82"، والطبراني في الكبير "2611-2612"، وابن حبان في صحيحه "6959"، والحاكم في المستدرك "3/ 166-167"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 71"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "3180، 3181، 3182". 2 الجرح والتعديل "5/ 297"، تهذيب الكمال "2/ 824"، تهذيب التهذيب "6/ 292". 3 التاريخ الكبير "5/ 364"، الجرح والتعديل "5/ 299"، تهذيب الكمال "2/ 826"، سير أعلام النبلاء "4/ 49"، تهذيب التهذيب "6/ 300". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 90 قلت: لعل هذا الرجل أفضل عند اللَّهِ مِنْ آبَائِهِ. 151- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُهَنِيُّ1 -م4- مَوْلَى الْحَرَقَةَ. أَكْثَرَ عَنْ أَبِي هريرة. روى عنه: ابنه العلاء بن عبيد الرحمن، وابن عجلان، وسالم أبو النضر، ومحمد بن عمرو بن علقمة. قال أبو عبد الرحمن النسائي: ليس به بأس. 152- عبد العزيز بن أبي بكرة2 -د ت ق- الثقفي البصري. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ بَكَّارُ بْنُ عبد العزيز، وسار أَبُو حَمْزَةَ، وَأَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ رَبِّهِ، وَبَحْرُ بْنُ كَنِيزٍ السَّقَّاءُ. 153- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جُرَيْجٍ الْمَكِّيُّ3 مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ: عائشة، وابن عباس، وابن أبي مليكة، وسعيد بن كثير، وروى عَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ أيضًا، عن عَائِشَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ شَيْخُ مَكَّةَ، وخصيف الجزري. قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وذكره ابن حبان في الثقات. وفي رواية أحمد في مسنده: ثنا محمد بن سلمة، عن خصيف، عن عبد العزيز بن جريج: سألت عائشة عن الوتر. حسنه الترمذي. 154- عبد العزيز بن عبد الله4 -د ت ن- بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بن أمية الأموي المكي أَمِيرُ مَكَّةَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ مُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ.   1 التاريخ الكبير "5/ 366"، الجرح والتعديل "5/ 301"، تهذيب الكمال "2/ 826"، الثقات لابن حبان "5/ 108"، تهذيب التهذيب "6/ 301". 2 التاريخ الكبير "6/ 9"، الجرح والتعديل "5/ 398"، تهذيب الكمال "2/ 835"، الثقات لابن حبان "5/ 122"، تهذيب التهذيب "6/ 332". 3 التاريخ الكبير "6/ 23"، الجرح والتعديل "5/ 379"، تهذيب الكمال "2/ 835"، ميزان الاعتدال "2/ 624"، تهذيب التهذيب "6/ 333". 4 التاريخ الكبير "6/ 11-12"، الجرح والتعديل "5/ 386"، تهذيب الكمال "2/ 838"، تهذيب التهذيب "342-343". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 91 وَعَنْهُ: حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَمُزَاحِمٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَدْ حَجَّ فَأَقَامَ الْمَوْسِمَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. وَحَكَى الزبير بن بكار أن سليمان بن عد الْمَلِكِ لَمَّا حَجَّ فِي خِلافَتِهِ قَالَ: مَنْ سَيِّدُ أَهْلِ مَكَّةَ؟ قَالُوا لَهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَتَنَازَعَانِ الشَّرَفَ، فَقَالَ: مَا سُوِّيَ عَمْرُو بِعَبْدِ الْعَزِيزِ فِي سُلْطَانِنَا وَهُوَ ابْنُ عَمِّنَا، أَلا وَهُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ، ثُمَّ خَطَبَ ابْنَةَ عمروٍ وَتَزَوَّجَ بِهَا، وَكَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ جَوَّادًا مُمَدَّحًا. تُوُفِّيَ بِرُصَافَةَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ زَائِرًا لَهُ، فَرَثَاهُ أَبُو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ بأبياتٍ. 155- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ1 بن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الأَمِيرُ أَبُو الأَصْبَغِ الأُمَوِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، سَعَى أَبُوهُ الْوَلِيدُ فِي خَلْعِ سُلَيْمَانَ مِنَ الْعَهِد وَتَوْلِيَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَذَا فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مَا رَامَهُ، وَقَدْ وُلِّيَ نِيَابَةَ دِمَشْقَ لِأَبِيهِ، وَدَارُهُ بِنَاحِيَةِ الْكُشْكِ قِبْلِيِّ دَارِ الْبِطِّيخِ الْعَتِيقَةِ، وَلَهُ ذُرَّيَّةٌ بِالْمَرْجِ بِقَرْيَةِ الْجَامِعِ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: أَرَادَ الْوَلِيدُ أَنْ يُبَايِعَ لابْنِهِ، فَأَرَادَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: لِسُلَيْمَانَ بيعةٌ فِي أَعْنَاقِنَا، فَأَخَذَهُ الْوَلِيدُ وَطَيَّنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَتَحَ عَنْهُ بَعْدَ ثلاثٍ فَأَدْرَكُوهُ وَقَدْ مَالَتْ عُنُقُهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: فَكَانَ ذَلِكَ الْمَيْلُ فِيهِ حَتَّى مَاتَ. وَحَكَى نَحْوَ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ: خُنِقَ بمنديلٍ حَتَّى صَاحَتْ أُخْتُهُ أُمُّ الْبَنِينِ، فَشَكَرَ سُلَيْمَانُ لِعُمَرَ ذَلِكَ وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِالْخِلافَةِ. وَقَدْ حَجَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بِالنَّاسِ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ، وَغَزَا الرُّومَ فِي سَنَةِ أربعٍ وَتِسْعِينَ، وَكَانَ مِنْ أَلِبَّاءِ بَنِي أُمَيَّةَ وَعُقَلائِهِمْ. رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شِبْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: يا بن أُخْتِي، بَلَغَنِي أَنَّكَ سِرْتَ إِلَى دِمَشْقَ تَدْعُو إِلَى نَفْسِكَ، وَلَوْ فَعَلْتَ مَا نَازَعْتُكَ. قَالَ عَامِرُ بْنُ شِبْلٍ: أَنَا مِمَّنْ سَارَ مَعَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى دِمَشْقَ، فَجَاءَنَا الْخَبَرُ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ بُوِيعَ وَنَحْنُ بِدِيرِ الْجُلْجُلِ، فَانْصَرَفْنَا. 156- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بكر2 -ع- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ   1 سير أعلام النبلاء "5/ 148-149". 2 التاريخ الكبير "5/ 407-408" الجرح والتعديل "5/ 344"، تهذيب الكمال "2/ 851"، الثقات لابن حبان "7/ 93"، تهذيب التهذيب "6/ 387". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 92 ابن المغيرة المخزومي المدني، أَخُو الْحَارِثِ وَعُمَرَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَخَلادِ بْنِ السَّائِبِ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وقيل: إنه روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ جَوَّادًا سَخِيًّا سَرِيًّا، قَرَنَهُ الْبُخَارِيُّ بِغَيْرِهِ. 157- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ رِفَاعَةَ1 بْنِ خَالِدٍ الْفَهْمِيُّ الْمَصْرِيُّ الأَمِيرُ. وُلِّيَ مِصْرَ لِلْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ عَزَلَهُ بِأَيُّوبَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، ثُمَّ إِنَّهُ وُلِّيَ مِصْرَ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فِي أَوَّلِ سَنَةِ تسعٍ، فَمَاتَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَوُلِّيَ مِصْرَ بَعْدَهُ أَخُوهُ الْوَلِيدُ بْنُ رِفَاعَةَ. 158- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ الطَّائِفِيُّ2 رَوَى عَنْ: عَبَّاسٍ، وَأَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ. وَعَنْهُ: حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَعُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ، وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أحدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ. 159- عَبْدُ الملك بن المغيرة3 -ق- بْن نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشم أبو محمد الهاشمي المدنيّ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وما أحسبه أدرك عليا. روى عنه: ابنه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وبكير بن عبد الله بن الأشج، والزهري، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وثّقه يحيى بْن معين. 160- عَبْد الملك بْن نافع4 الشيباني الكوفي قيل هو عبد الملك بن أبي القعقاع. روى عن ابن عمر.   1 النجوم الزاهرة "1/ 365-366"، كتاب الولاة، وكتاب القضاة للكندي "64-67". 2 التاريخ الكبير "5/ 433"، الجرح والتعديل "5/ 365"، تهذيب الكمال "2/ 683"، تهذيب التهذيب "6/ 426". 3 الطبقات الكبرى "5/ 222"، التاريخ الكبير "5/ 433"، الجرح والتعديل "5/ 365"، تهذيب الكمال "2/ 863"، تهذيب التهذيب "6/ 425-426". 4 التاريخ الكبير "5/ 433-434"، الجرح والتعديل "5/ 371-372"، تهذيب الكمال "2/ 363"، الكامل في الضعفاء "5/ 1944"، المجروحين لابن حبان "2/ 132"، تهذيب التهذيب "6/ 427". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 93 وَعَنْهُ: أُبو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ يُسْتَغْرَبُ. 161- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَسَارٍ1 -س- مَوْلَى مَيْمُونَةَ، أَخُو عَطَاءٍ، وَسُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ، مَدَنِيُّونَ. رَوَى عَنْهُ أَخُوهُ سُلَيْمَانُ. 162- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عبد الله2 -خ4- بن بسر، أبو بسر النصري الشامي. رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَجْلانَ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ رُؤْبَةَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. قَالَ أَبُو زرعة الدمشقي: هُوَ جدنا، وَلِيَ إمرة حمص وإمرة المدينة، وكان محمود السيرة. 163- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ، مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَخَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ، فَاسْتُشْهِدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، لا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً. 164- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 -ع- العدوي المدني: سَمِعَ أَبَاهُ، وَصُمَيْتَةَ اللَّيْثِيَّةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَآخَرُونَ. يُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ.   1 التاريخ الكبير "5/ 437-438"، الجرح والتعديل "5/ 375"، تهذيب الكمال "2/ 864"، ميزان الاعتدال "2/ 668"، تهذيب التهذيب "6/ 429". 2 التاريخ الكبير "6/ 55"، الجرح والتعديل "6/ 22"، الثقات لابن حبان "5/ 127"، تهذيب التهذيب "6/ 436-437". 3 التاريخ الكبير "5/ 387"، الجرح والتعديل "5/ 320"، تهذيب الكمال "2/ 880"، تهذيب التهذيب "7/ 25". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 94 165- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ الْقُرَشِيُّ1 -سِوَى ت- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ: أَبُو حَازِمٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. 166- عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ التَّيْمِيُّ2 -سِوَى ت- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 167- عبيد بن حصين النّميري3 الشاعر، وهو الْمَشْهُورُ بِالرَّاعِي. قَدْ ذُكِرَ وَمِنْ شِعْرِهِ: إِنَّ الزمان الذين ترجو هودايه ... يَأْتِي عَلَى الْحَجَرِ الْقَاسِي فَيَنْفَلِقُ مَا الدَّهْرُ والناس إلا مثل وارده ... إذا ما مَضَى عنقٌ مِنْهَا بَدَا عُنُقُ 168- عُبَيْدُ بْنُ حنين المدني4 -ع- أبو عبد الله، مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ: أَبِي موسى الأشعري، وزيد بن ثاب، وأبي هريرة، وابن عباس، وجماعة. وعنه سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَأَبُو طَوَالَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَآخَرُونَ، وَلَهُ أَخَوَانِ: عَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ.   1 التاريخ الكبير "5/ 397"، الجرح والتعديل "5/ 333"، تهذيب الكمال "2/ 889"، تهذيب التهذيب "7/ 50". 2 التاريخ الكبير "5/ 444"، الجرح والتعديل "5/ 403"، الثقات لابن حبان "5/ 133"، تهذيب التهذيب "7/ 62". 3 سير أعلام النبلاء "4/ 597-598"، الأغاني "24/ 205-217". 4 التاريخ الكبير "5/ 446"، الجرح والتعديل "5/ 404"، تهذيب الكمال "2/ 892"، تهذيب التهذيب "7/ 63". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 95 169- عبيدة بن سفيان1 -م4- بن الحارث الحضرميّ المدنيّ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وعنه: بسر بن سعيد، وإسماعيل بن أبي حكيم، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وكان ثقة قليل الحديث. 170- عبيدة بن أبي المهاجر2 سمع من: معاوية، وأرسل عَنْ حُذَيْفَةَ، وَكَعْبٍ الأَحْبَارِ، وعنه: ابنه يزيد عبيدة، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر. 171- عثمان بن حيّان3 -م ن- بن معبد المزني مَوْلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ أَوْ مَوْلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، غَزَا الرُّومَ فِي سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ، وَحَدَّثَ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَكَانَ ظَلُومًا عَسَّافًا جَائِرًا، كَانَ يَرْوِي فِي خُطَبِهِ الشِّعْرَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْوَلِيدُ بِالشَّامِ، وَالْحَجَّاجُ بِالْعِرَاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بِالْيَمَنِ، وعثمان ابن حَيَّانَ بِالْحِجَازِ، وَقُرَّةُ بْنُ شَرِيكٍ بِمِصْرَ، امْتَلأَتْ وَاللَّهِ الأَرْضُ جَوْرًا. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ حَيَّانَ الْمُرِّيَّ إِذْ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ: وَعَظَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وأصحابه نفرا في شيء، وكان فيهم مولى لابْنِ حَيَّانَ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ حَيَّانَ فَضَرَبَ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابَهُ لِإِنْكَارِهِمْ وَقَالَ: تَتَكَلَّمُونَ فِي مِثْلِ هَذَا!. 172- عَجْلَانُ الْمَدَنِيُّ4 -م ن- رَوَى عَنْ مَوْلاتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ ربيعة، وزيد بن ثاب، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، قَالَ النَّسَائِيُّ: لا بَأْسَ به. 173- عدي بن أرطأة الفزاريّ5 الدمشقيّ   1 التاريخ الكبير "6/ 82"، تهذيب الكمال "2/ 898"، تهذيب التهذيب "7/ 83-84". 2 التاريخ الكبير "6/ 83"، الجرح والتعديل "6/ 91". 3 التاريخ الكبير "6/ 217"، الجرح والتعديل "6/ 148"، تهذيب الكمال "2/ 907"، تهذيب التهذيب "7/ 113-114". 4 التاريخ الكبير "7/ 61"، الجرح والتعديل "7/ 18"، تهذيب الكمال "2/ 922"، تهذيب التهذيب "7/ 162". 5 التاريخ الكبير "7/ 44"، الجرح والتعديل "7/ 3"، تهذيب الكمال "2/ 923"، ميزان الاعتدال "3/ 61"، سير أعلام النبلاء "5/ 53"، تهذيب التهذيب "263"، شذرات الذهب "1/ 124". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 96 أَخُو زَيْدٍ، وُلِّيَ الْبَصْرَةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَحَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلامٍ الأَسْوَدُ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَبُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعُرْوَةُ بْنُ قُبَيْصَةَ. قَالَ عَبَّادُ بْنُ منصور: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَأَةَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدَائِنِ، فَوَعَظَ حَتَّى بَكَى وَأَبْكَانَا ثُمَّ قَالَ: كُونُوا كرجلٍ قَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ لا تُصَلِّ صَلاةً إِلا ظَنَنْتَ أَنَّكَ لا تُصَلِّي بَعْدَهَا غَيْرَهَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَ مَعْمَرٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَأَةَ: "أَمَّا بَعْدَ، فَإِنَّكَ غَرَرْتَنِي بِعِمَامَتِكَ السَّوْدَاءِ، وَمُجَالَسَتِكَ الْقُرَّاءِ، وَإِرْسَالِكَ الْعِمَامَةِ مِنْ وَرَائِكَ، وَأَظْهَرْتَ لِي الْخَيْرَ، وَقَدْ أَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّا تَكْتُمُونَ" زَادَ غَيْرُهُ: قَاتَلَكُمُ اللَّهُ، أَمَا تَمْشُونَ بَيْنَ الْقُبُورِ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ قَدِمَ عَدِيٌّ وَالِيًا مِنْ قِبَلِ عُمَرَ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَأَتَى يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَقَيَّدَهُ عَدِيٌّ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَحَبَسَهُ. قُلْتُ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ انْفَلَتَ يَزِيدُ مِنَ الْحَبْسِ، وَقَصَدَ الْبَصْرَةَ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَتَسَمَّى بِالْقَحْطَانِيِّ، وَنَصَبَ رَايَاتٍ سَوْدَاءَ، وَقَالَ: أَدْعُو إِلَى سِيرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَامَ الْحَسَنُ البصريُّ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَذَمَّ يَزِيدَ وَخُرُوجَهُ، فَأَرْسَلَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَاهُ مُسْلِمَةَ فِي جيشٍ، فَحَارَبَ ابْنَ الْمُهَلَّبِ، فَظَفَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، فَوَثَبَ ابْنُه مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، فَقَتَلَ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَأَةَ وَجَمَاعَةً صَبْرًا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: عَدِيٌّ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. قُلْتُ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ. 174- عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَامِلِيُّ1 الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الرِّقَاعِ، مَدَحَ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرَهُ، وَهَاجَى جَرِيرًا، وَكَانَ أَبْرَصَ، وَفِيهِ يَقُولُ الرَّاعِي. لو كنت من أحدٍ يهجى هجوتكم ... بابن الرِّقَاعِ وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَحَدٍ تَأْبَى قُضَاعَةُ أَنْ تَعْرِفَ لَكُمْ نَسَبًا ... وَابْنَا نزارٍ فَأَنْتُمْ بيضة البلد   1 سير أعلام النبلاء "5/ 110"، الأغاني "9/ 307-317". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 97 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: ثَنَا أَبُو الْغَرَّافِ قَالَ: دَخَلَ جَرِيرٌ عَلَى الْوَلِيدِ وَعِنْدَهُ ابْنُ الرِّقَاعِ، فَقَالَ لِجَرِيرٍ: أَتَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: لا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: هَذَا رَجُلُ مِنْ عَامِلَةَ، قَالَ: الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} [الغاشية: 3-4] ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ. يَقْصُرُ بَاعُ الْعَامِلِيِّ عَنِ الْعُلا ... وَلَكِنَّ أَيْرَ الْعَامِلِيَّ طَوِيلُ فَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ: أَأُمُّكَ يَا ذَا خَبَّرَتْكَ بِطُولِهِ ... أَمْ أَنْتَ أمرؤٌ لَمْ تَدْرِ كَيْفَ تَقُولُ فَقَالَ: لا، بَلْ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ أَقُولُ، فَوَثَبَ ابْنُ الرِّقَاعِ إِلَى الْوَلِيدِ فَقَبَّلَ رِجْلَهُ، وَقَالَ أَجِرْنِي مِنْهُ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: لَئِنْ سَمَّيْتَهُ لَأُسْرِجَنَّكَ وَلأَلْجُمَنَّكَ وَلَيَرْكَبَنَّكَ فَتُعَيِّرُكُ الشُّعَرَاءُ بِذَلِكَ. 175- عَدِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَمَّارِ1 الْعَبَّادِيُّ التَّمِيمِيُّ الشَّاعِرُ: جَاهِلِيٌّ نَصْرَانِيٌّ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، ذَكَرْتُهُ هُنَا تَمْيِيزًا لَهُ مِنَ ابْنِ الرِّقَاعِ الْعَامِلِيِّ، وَأَظُنُّهُ مَاتَ قَبْلَ الإِسْلامِ أَوْ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ فِي الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ: هُمْ أَرْبَعَةُ فُحُولٍ: طُرْفَةُ بْنُ الْعَبْدِ، وَعُبَيْدُ بْنُ الأَبْرَصِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ، وَعَدِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحِمَارِ، وَأَمَّا أَبُو الْفَرَجِ صَاحِبُ "الْأَغَانِي" فَقَالَ: ابْنُ الْخُمَارِ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ. رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ خَالِد بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: أَوْفَدَنِي يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي وَفْدِ الْعِرَاقِ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: هات يا بن صَفْوَانَ، قُلْتُ: إِنَّ مَلِكًا مِنَ الْمُلُوكِ خَرَجَ مُتَنَزِّهًا فِي عامٍ مِثْلَ عَامِنَا هَذَا إِلَى الْخَوَرْنَقِ، وَكَانَ ذَا عِلْمٍ مَعَ الْكَثْرَةِ وَالْغَلَبَةِ، فَنَظَرَ وَقَالَ لِجُلَسَائِهِ لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: لِلْمَلِكِ، قَالَ: فَهَلْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا أُعْطِيَ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ؟ قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَقَايَا حَمَلَةِ الْحُجَّةِ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ عَنْ أمرٍ أَفَتَأْذَنُ لِي بِالْجَوَابِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ مَا أَنْتَ فِيهِ، أشيءٌ لَمْ تَزَلْ فِيهِ أَمْ شيءٌ صَارَ إِلَيْكَ مِيرَاثًا، وَهُوَ زائلٌ عَنْكَ إِلَى غَيْرِكَ، كَمَا صَارَ إِلَيْكَ؟ قَالَ: كَذَا هُوَ، قَالَ: فَتَعَجَّبَ بشيءٍ يَسِيرٍ لا تَكُونُ فِيهِ إِلا قَلِيلا وَتُنْقَلُ عَنْهُ طَوِيلا، فَيَكُونُ عَلَيْكَ حِسَابًا، قَالَ: وَيْحُكَ فَأَيْنَ المهرب، وأين المطلب؟ وأخذته   1 الأغاني "2/ 95-154"، تاريخ خليفة "482-483". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 98 قَشْعَرِيرَةٌ. قَالَ: إِمَّا أَنْ تُقِيمَ فِي مُلْكِكَ فَتَعْمَلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَلَى مَا سَاءَكَ وَسَرَّكَ، وَإِمَّا أَنْ تَنْخَلِعَ مِنْ مُلْكِكَ وَتَضَعَ تَاجَكَ وَتُلْقِي عَلَيْكَ أَطْمَارَكَ وَتَعْبُدَ رَبَّكَ، قَالَ: إِنِّي مفكّرٌ اللَّيْلَةَ وَأُوَافِيكَ السَّحَرَ، فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ قَرَعَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَقَالَ: إِنِّي اخْتَرْتُ هَذَا الْجَبَلَ وَفَلَوَاتِ الأَرْضِ، وَقَدْ لَبِسْتُ عَلَيَّ أَمْسَاحِي فَإِنْ كُنْتَ لِي رَفِيقًا لا تُخَالِفْ، فَلَزِمَا وَاللَّهِ الْجَبَلَ حَتَّى مَاتَا. وَفِيهِ يَقُولُ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعِبَادِيُّ: أَيُّهَا الشَّامِتُ الْمُعَيِّرُ بالدّهـ ... ـر أَأَنْتَ الْمُبَرَّأُ الْمَوْفُورُ أَمْ لَدَيْكَ الْعَهْدُ الْوَثِيقُ من الأيـ ... ـام بَلْ أَنْتَ جاهلٌ مَغْرُورُ مَنْ رَأَيْتَ الْمَنُونَ خَلَّدْنَ أَمْ مَنْ ... ذَا عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يُضَامَ خَفِيرُ أَيْنَ كِسْرَى كِسْرَى الْمُلُوكِ أَبُو سا ... سان أَمْ أَيْنَ قَبْلَهُ سَابُورُ وَبَنُو الأَصْفَرِ الْكِرَامُ ملوك الـ ... ـرّوم لَمْ يَبْقَ مِنْهُمُ مَذْكُورُ وَأَخُو الْحَضْرِ إِذْ بناه وإذ دجـ ... ـلة تجبى إليه والخابور شاد مرمرًا وجلّله كلـ ... ـسًا فَلِلطَّيْرِ فِي ذُرَاهُ وَكُورُ لَمْ يَهَبْهُ رَيْبَ المنون فباد المـ ... ـلك عَنْهُ فَبَابُهُ مَهْجُورُ وَتَذَكَّرْ رَبَّ الْخَوَرْنَقِ إِذْ أشـ ... ـرف يَوْمًا وَللْهُدَى تَذْكِيرُ سَرَّهُ حَالُهُ وَكَثْرَةُ مَا يمـ ... ـلك وَالْبَحْرُ معرضٌ وَالسَّدِيرُ فَارْعَوَى قَلْبُهُ وَقَالَ: وَمَا غبـ ... ـطة حيٍّ إِلَى الْمَمَاتِ يَصِيرُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي هذه القصيدة: ثم بعد الفلاح والمك والإمّـ ... ـة وَارَتْهُمُ هُنَاكَ الْقُبُورُ ثُمَّ صَارُوا كَأَنَّهُمْ ورقٌ جـ ... ـفّ فَأَلْوَتْ بِهِ الصِّبَا وَالدَّبُورُ وَزِدْتُ أَنَا: فَافْعَلِ الخير ما استطعت ولا تبـ ... ـغ فكلٌّ بِبَغْيهِ مَأْسُورُ وَاتَّقِ اللَّهَ حَيْثُ كُنْتَ وأتبع ... سيئ الْفِعْلَ صَالِحًا فَهُوَ نُورُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 99 قَالَ: فَبَكَى هِشَامٌ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، وَأَمَرَ بِنَزْعِ أَبْنِيَتِهُ، وَطَيِّ فَرْشِهِ، وَلَزِمَ قَصْرَهُ، فَأَقْبَلَتِ الْمَوَالِي وَالْحَشَمُ عَلَى خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ الأَهْتَمِ وَقَالُوا: مَاذَا أَرَدْتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ لَذَّتَهُ؟! فَقَالَ: إِلَيْكُمْ عَنِّي فَإِنِّي عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ لا أَخْلُو بِمَلِكٍ إِلا ذَكَّرْتُهُ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ: فَبَعَثَ هِشَامٌ إِلَى كُلِّ واحدٍ مِنَ الْوَفْدِ بِجَائِزَةٍ، وَكَانُوا عَشَرَةَ أنفسٍ، وَبَعَثَ إِلَى خَالِدٍ بِمِثْلِ جَمِيعِ مَا وَجَّهَ إِلَيْهِمْ. رَوَاهُ غَيْرُ واحدٍ عَنْ بُهْلُولِ بْنِ حَسَّانَ الأَنْبَارِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ زِيَادٍ بِنَحْوِهِ. وَمِنْ شِعْرِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ هَذِهِ الْكَلِمَةُ السَّائِرَةُ، رَوَاهَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ وَخَلَفُ الأَحْمَرُ: أَيْنَ أَهْلُ الدِّيَارِ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ ... ثُمَّ عادٍ مِنْ بَعْدِهِمْ وَثَمُودُ أَيْنَ آبَاؤُنَا وَأَيْنَ بَنُوهُمْ ... أَيْنَ آبَاؤُهُمْ وَأَيْنَ الْجُدُودُ سَلَكُوا مَنْهَجَ الْمَنَايَا فَبَادُوا ... وَأَرَانَا قَدْ حَانَ مِنَّا ورود بينما هم على الأسرّة والأنـ ... ـماط أَفْضَتْ إِلَى التُّرَابِ الْخُدُودُ ثُمَّ لَمْ يَنْقَضِ الْحَدِيثُ وَلَكِنَّ ... بَعْدَ ذَاكَ الْوَعِيدُ وَالْمَوْعُودُ وَأَطِبَّاءُ بَعْدَهُمْ لَحِقُوهُمْ ... ضَلَّ عَنْهُمْ سُعُوطُهُمْ وَاللَّدُودُ وصحيحٌ أَضْحَى يَعُودُ مَرِيضًا ... هُوَ أَدْنَى لِلْمَوْتِ مِمَّنْ يعود 176- العريان بن الهيثم1 -س- بن الأسود النّخعي الكوفي. رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ قَدْ وَفَدَ مَعَ وَالِدِهِ الْهَيْثَمِ عَلَى يَزِيدَ. وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ، وَقُبَيْصَةَ بْنِ جَابِرٍ. وعنه: عبد الملك بن عمير، وعلي بن زيد بن جدعان. وولي شرطة الكوفة في أيام خالد القسري، وكان شريفا مطاعا في قومه، خرج له النسائي. 177- عراك بن مالك الغفاري2 المدني -ع- الْفَقِيهُ الصَّالِحُ مِنْ جلّة   1 الجرح والتعديل "7/ 38"، تهذيب الكمال "2/ 931"، التاريخ الكبير "7/ 85"، تهذيب التهذيب "190-191". 2 الجرح والتعديل "7/ 38"، تهذيب الكمال "2/ 927"، سير أعلام النبلاء "5/ 63-64"، ميزان الاعتدال "3/ 63"، تهذيب التهذيب "172-174". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 100 التَّابِعِينَ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكٍ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ. قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَكْثَرَ صَلاةً مِنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ. وَكَانَ عِرَاكٌ يُحَرِّضُ عُمَرَ عَلَى انْتِزَاعِ مَا بِأَيْدِي بَنِي أُمَيَّةَ من المظالم، فوجدوا عله، فَلَمَّا استُخْلِفَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ نَفَاهُ إِلَى دَهْلَكَ، فَلَمْ يَطُلْ مَقَامُهُ بِهَا، وَانْتَقَلَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَيَّامِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 178- عُرْوَةُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ1 مَوْلَى عمرر بن العاص، فقيه فاضل. روى عنه: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وعنه: بكير بن الأشج، وعبيد الله بن أبي جعفر، وسعيد بن راشد، وعبد العزيز بن صالح، وآخرون. قال أبو سعيد بن يونس: توفي قريبا من سنة عشرٍ ومائة. 179- عروة بن عياض القرشي القاري2 -م س- أَمِيرُ مَكَّةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه: عمرو بن دينار، وسعيد بن حسان، وابن جريج، وهو ثقة غزير الحديث. 180- عروة بن محمد بن عطيّة السّعدي3 -د- الأمير. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ. وَعَنْهُ: رَجَاءُ بن أبي سلمة، وحنظلة بن أبي سُفْيَانَ، وَأَبُو وَائِلٍ الْقَاصُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ، وَوُلِّيَ إِمْرَةَ الْيَمَنِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز وقبله، وكان ذا زهدٍ   1 التاريخ الكبير "7/ 43"، الجرح والتعديل "6/ 397". 2 التاريخ الكبير "7/ 32-33"، الجرح والتعديل "6/ 396"، تهذيب الكمال "2/ 929"، تهذيب التهذيب "7/ 186-187". 3 التاريخ الكبير "7/ 34"، الجرح والتعديل "6/ 397"، تهذيب الكمال "2/ 929"، تهذيب التهذيب "7/ 187-188". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 101 وَصَلاحٍ. وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ يَزِيدُ عَزَلَهُ، فَخَرَجَ عَنِ الْيَمَنِ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ وَمُصْحَفِهِ فَقَطْ رَاكِبًا رَاحِلَتَهُ، وَرَوَى حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا اسْتُعْمِلْتُ عَلَى الْيَمَنِ، قَالَ لِي أَبِي: إِذَا غَضِبْتَ فَانْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَكَ وَالأَرْضِ تحتك، ثم أعظم خالقهما. 181- عزرة بن عبد الرحمن1 -م د ت س- بن زرارة الخزاعيّ الكوفيّ الأعور، عَنْ عَائِشَةَ مُرَسَّلا، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَالْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ المديني، ويحيى. 182- عطاء بن يزيد اللّيثي2 -ع- أبو محمد الجندعي المدني. نزل الشام، وحدّث عن تميم الدَّارِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَابْنُهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْحَاجِبُ، وَآخَرُونَ، وَعُمِّرَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَثِقَاتِهِمْ، تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ خمسٍ ومائة. 183- عطاء بن يسار3 -ع- أبو محمد المدني الفقيه، مَوْلَى مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ أَخُو سُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ قَاصًّا وَاعِظًا ثقةً جليل القدر. أرسل عن أبي ابن كَعْبٍ وَغَيْرِهِ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَزَيْدِ بن ثاب، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَهِلالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ -عَلَى الأَرْجَحِ- وَشَرِيكُ بْنُ أبي نمر.   1 التاريخ الكبير "7/ 65"، الجرح والتعديل "7/ 21"، تهذيب الكمال "2/ 931"، الثقات لابن حبان "7/ 300"، تهذيب التهذيب "7/ 192-193". 2 التاريخ الكبير "6/ 459-461"، الجرح والتعديل "6/ 338"، تهذيب الكمال "2/ 938"، الثقات لابن حبان "5/ 200"، ميزان الاعتدال "3/ 77"، تهذيب التهذيب "7/ 217". 3 الطبقات الكبرى "5/ 173"، التاريخ الكبير "6/ 461"، الجرح والتعديل "6/ 338"، تهذيب الكمال "2/ 938"، الثقات لابن حبان "5/ 199"، سير أعلام النبلاء "4/ 448-449"، ميزان الاعتدال "3/ 177"، تهذيب التهذيب "7/ 217-218". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 102 قال ابن وهب: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَانَ أَبُو حَازِمٍ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَلْزَمَ لِمَسْجِدِ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ أَبِي: كَانَ عَطَاءٌ يُحَدِّثُنَا حَتَّى يُبْكِينَا أَنَا وَأَبُو حَازِمٍ، ثُمَّ يُحَدِّثُنَا حَتَّى يُضْحِكُنَا، وَيَقُولُ: مَرَّةً هَكَذَا، وَمَرَّةً هَكَذَا. ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرٍ، وَكَانَ ثِقَةً، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ قَبْلُ الْمِائَةِ. رَوَى ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أحدًا كان أزين لِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَدْ سَمِعَ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ. 184- عَطِيَّةُ بْنُ قيس -م4 "1"- أبو يحيى الكلبي مَوْلاهُمُ الْحِمْصِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْمُقْرِئُ، وَيُعْرَفُ بِالْمَذْبُوحِ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ، وَأَرْسَلَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَدَّثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَعْدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ الْعَسْقَلانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي حملة -وقرءوا عَلَيْهِ- وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَآخَرُونَ، وَسَأُعِيدُهُ لاخْتِلافِهِمْ فِي مَوْتِهِ. رَوَى سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْهُ قَالَ: غَزَوْتُ فَارِسًا زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، فَبَلَغَ نَفْلِي مِائَتَيْ دِينَارٍ، فَتَحْنَا شَمَّاسَةَ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ذَكَرْتُ لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قِدَمَ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّهُ كَانَ فِيمَنْ غَزَا القسطنطينة زمن معاوية. وقال دحيم: كان هو وإسماعيل بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَارِئَ الْجُنْدِ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ قَيْسٍ: كَانَ النَّاسُ يُصْلِحُونَ مَصَاحِفَهُمْ عَلَى قِرَاءَةِ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ وَهُمْ جلوسٌ عَلَى دَرَجِ الْكَنِيسَةِ مِنَ الْمَسْجِدِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا كَانَ أَحَدٌ يَطْمَعُ أَنْ يَفْتَحَ فِي مَجْلِسِهِ ذِكْرَ الدُّنْيَا. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُولُ: كَانَ مَوْلِدُ عَطِيَّةَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَةَ سبعٍ، وَمَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: أَنْبَأَ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ مائةٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ. وَكَذَا رواه جماعة عن ابن مسهر.   1 الطبقات الكبرى "7/ 460"، التاريخ الكبير "7/ 9"، الجرح والتعديل "6/ 383-384"، تهذيب الكمال "2/ 942"، سير أعلام النبلاء "5/ 324-325"، تهذيب التهذيب "7/ 228". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 103 185- عَطِيَّةُ مَوْلَى سَلَمِ بْنِ زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ1 عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَانِقٍ الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، وَبُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. 186- عِكْرِمَةُ بن عبد الرحمن2 -خ م د س- بن الحرث بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المخزومي، أَخُو أَبِي بَكْرٍ، سَمِعَ أَبَاهُ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو. وعنه: ابناه عبد الله، ومحمد، والزهري، ويحيى بن محمد بن صيفي. قال ابن سعد: ثقة. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ. 187- عِكْرِمَةُ الْبَرْبَرِيّ3 -ع- ثم المدني، أبو عبد الله مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الرَّبَّانِييِّنَ. رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -وَذَلِكَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عَمْرٍو، وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ وَثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، وعقيل بن خالد، وعبد الرحمن ابن الْغَسِيلِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأَفْتَى فِي حَيَاةِ مَوْلاهُ، وَقَالَ: طَلَبْتُ الْعِلْمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، مَلَكَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، إِذْ وُلِّيَ الْبَصْرَةَ، لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلا يَبْعُدُ سَمَاعُهُ مِنْ عَلِيٍّ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: كَانَ عِكْرِمَةُ بَرْبَرِيًّا لِلْحُصَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُرِّ الْعَنْبَرِيِّ، فَوَهَبَهُ لابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ وُلِّيَ الْبَصْرَةَ. ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ أَبَا الشَّعْثَاءِ يَقُولُ: هَذَا عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، هَذَا أعلم الناس4.   1 التاريخ الكبير "7/ 12"، الجرح والتعديل "6/ 384"، الثقات لابن حبان "7/ 277". 2 التاريخ الكبير "7/ 50"، الجرح والتعديل "7/ 10"، تهذيب الكمال "2/ 949"، تهذيب التهذيب "7/ 260-261". 3 الطبقات الكبرى "5/ 287"، التاريخ الكبير "7/ 49"، الجرح والتعديل "7/ 7-9"، تهذيب الكمال "2/ 950-952"، حلية الأولياء "3/ 326-347"، سير أعلام النبلاء "5/ 12-36"، ميزان الاعتدال "3/ 93-97"، تهذيب التهذيب "7/ 263-273". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 327". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 104 ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: وَفَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَانَا يَسْمُرَانِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ أَوْ أَكْثَرَ، فَرَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ: رَأَيْتُ عِكْرِمَةَ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ عِمَامَةٌ بَيْضَاءُ، طَرَفُهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قَدْ أَدَارَهَا تَحْتَ حَنَكِهِ، وَقَمِيصُهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَرِدَاؤُهُ أَبْيَضٌ، قَدِمَ عَلَى بِلالِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْفَزَارِيِّ وَالِي الْمَدَائِنِ فَأَجَازَهُ بِثَلاثَةِ آلافٍ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزبير بن الخرّي، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَضَعُ فِي رِجْلِي الْكَبْلَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَالسُّنَنِ1. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ} [الأعراف: 16] . فَقَالَ: لَمْ أَدْرِ، أَنَجُوا أَمْ هَلَكُوا، فَمَا زِلْتُ أُبَيِّنُ لَهُ أَبَصِّرُهُ حَتَّى عَرِفَ أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا، فَكَسَانِي حُلَّةً2. أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: انْطَلِقْ فأف، فَمَنْ جَاءَكَ يَسْأَلُكَ عَمَّا يَعْنِيهِ فَأَفْتِهِ3. ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ قَالَ: بَاعَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةَ مِنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِينَارٍ. فَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَا خِيرَ لَكَ، بِعْتَ عِلْمَ أَبِيكَ! فَاسْتَقَالَ خَالِدًا، فَأَقَالَهُ وَأَعْتَقَ عِكْرِمةَ4. رَوَى أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ مِثْلَهُ. وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ عِكْرِمَةُ حَبْرُ الأُمَّةِ. وَقَالَ مُغِيرَةُ: قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، عِكْرِمَةُ5. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ عِكْرِمَةَ6. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِالتَّفْسِيرِ عِكْرِمَةُ7. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دينار: كنت إذا سمعت عكرمة   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 287"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 326". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 287"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 331". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 327". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 287". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 326". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 326". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 326". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 105 يُحَدِّثُ عَنْهُمْ كَأَنَّهُ مشرفٌ عَلَيْهِمْ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ. قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: قَالَ عِكْرِمَةُ: إِنِّي لأَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ فَأَسْمَعُ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، فَيَنْفَتِحُ لِي خَمْسُونَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ1. وَقَالَ لَنَا عِكْرِمَةُ مَرَّةً: أَيُحْسِنُ حَسَنُكُمْ مِثْلَ هَذَا؟ 2 قُلْتُ: وَكَانَ عِكْرِمَةُ كَثِيرَ التَّطواف، كَثِيرَ الْعِلْمِ وَيَأْخُذُ جَوَائِزَ الأُمَرَاءِ. قَالَ شَبَابَةُ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِكْرِمَةَ قَادِمًا مِنْ سَمَرْقَنْدَ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ تَحْتَهُ جوالقان حَرِيرٌ، أَجَازَهُ بِذَلِكَ عَامِلُ سَمَرْقَنْدَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا جَاءَ بِكَ إِلَى هُنَا؟ قَالَ: الْحَاجَةُ3. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَدِمَ عِكْرِمَةُ الْجَنَدَ، فَحَمَلَهُ طَاوُسُ عَلَى نجيبٍ لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي ابْتَعْتُ عِلْمَهُ بِهَذَا الْجَمَلِ. قَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: إِنِّي لَفِي سُوقِ الْبَصْرَةِ إِذَا رَجُلٌ عَلَى حِمَارٍ فَقِيلَ لِي: هَذَا عِكْرِمَةُ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَمَا قَدِرْتُ عَلَى شَيْءٍ أَسْأَلُهُ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ وَأَنَا أَحْفَظُ. قِيلَ لِأَيُّوبَ: كَانُوا يَتَّهِمُونَهُ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَّا فَلَمْ أَكُنْ أَتَّهِمُهُ4. ابْنُ لَهِيعَةَ: قَالَ أَبُو الأَسْوَدِ: هَيَّجْتُ عِكْرِمَةَ عَلَى السَّيْرِ إِلَى إِفْرِيقِيَةَ، فَلَمَّا قَدِمَهَا اتَّهَمُوهُ، قَالَ: وَكَانَ قَلِيلَ الْعَقْلِ خَفِيفًا، كَانَ قَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ ذَا وَمِنْ ذَا، فَيُحَدِّثُ بِهِ مَرَّةً عَنْ هَذَا وَمَرَّةً عَنْ هَذَا، فَيَقُولُونَ: مَا أَكْذَبَهُ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَكَانَ يُحَدِّثُ بِرَأْيِ نَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ، أَتَاهُ فَأَقَامَ عِنْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ جَاءَ الْخَبِيثُ. الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَدَّانِيُّ: ثَنَا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ قَالَ كَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ الْمُرِّيِّ: سَلْ عِكْرِمَةَ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَمِنَ الدُّنْيَا هُوَ أَوْ مِنَ الآخِرَةِ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ: سَمِعْتُ رَجُلا قَالَ لِعِكْرِمَةَ: فلانٌ سَبَّنِي فِي النَّوْمِ، قَالَ: اضْرِبْ ظِلَّهُ ثَمَانِينَ. أَيُّوبُ: بَلَغَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَوْ كَفَّ عِكْرِمَةُ عَنْ بَعْضِ حديثه لشدّت إليه المطايا5.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 288". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 289"، وابن عدي في الكامل "5/ 1909". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 291". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 289"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 328". 5 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1905". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 106 وقال طاوس: لو ترك مِنْ حَدِيثِهِ وَاتَّقَى اللَّهَ لَشُدَّتْ إِلَيْهِ الرِّحَالُ. وَمِنْ كَلامِهِمْ فِي عِكْرِمَةَ، وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْبُخَارِيُّ وَالْجُمْهُورُ يَحْتَجُّونَ بِهِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُحَتجُّ بِهِ إِذَا كَانَ عَنْ ثِقَةٍ، أَصْحَابُ ابْنُ عَبَّاسٍ عيالٌ فِي التَّفْسِيرِ عَلَى عِكْرِمَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ فَهُوَ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ، وَلا بَأْسَ بِهِ. رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُرَّةَ: قُلْتُ: لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: كَيْفَ تَرَى فِي هَذِهِ الأَوْعِيَةِ، فَإِنَّ عِكْرِمَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرَّمَ النَّقِيرَ وَالدُّبَّاءَ وَالْحَنْتَمَ1، فَقَالَ عِكْرِمَةُ كَذَّابٌ. ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِنَافِعٍ: لا تَكْذِبْ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، هَذَا ضَعِيفُ السَّنَدِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو خَلَفٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُهُ. أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ لِغُلامِهِ برد: لا تكذب علي كما كذب عبد ابن عباس. رواه إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ المسيّب أنه قال لبرد: لا تَكْذِبْ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَمَّنْ مَشَى بَيْنَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعِكْرِمَةَ فِي رجلٍ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَقَالَ سَعِيد يُوفِي بِهِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لا يُوفِي بِهِ، فَأَخْبَرَ الرَّجُلُ سَعِيدًا بِقَوْلِ عِكْرِمَةَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: لا يَنْتَهِي عِكْرِمَةُ حَتَّى يُلْقَى فِي عُنُقِهِ حَبْلٌ وَيُطَافُ بِهِ، فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى عِكْرِمَةَ فَأَبْلَغَهُ، فَقَالَ: أَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ كَمَا أَبْلَغْتَنِي عَنْهُ، فَأَبْلِغْهُ عَنِّي، قُلْ لَهُ: هَذَا النَّذْرُ للَّهِ أَمْ لِلشيَّطَانِ، وَاللَّهِ لَئِنْ قَالَ: لِلَّهِ لَيَكْذِبَنَّ، وَإِنْ قَالَ: لِلشَّيْطَانِ، لَيَكْفُرَنَّ، وَلَئِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَا فِيهِ وَفَاءٌ. هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ: قُلْتُ: لِعَطَاءٍ: إِنَّ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَبَقَ الْكِتَابَ الْمَسْحَ، فَقَالَ: كَذِبَ عِكْرِمَةُ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لا بَأْسَ بِالْمَسْحِ، ثُمَّ قَالَ عَطَاءٌ: وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ لَيَرَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ يُجزِئُ2. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عن فطر مثله.   1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "3694" مختصرًا وأحمد في المسند "1/ 361"، وله رواية أخرى عن ابن عباس أخرجه البخاري "53"، ومسلم "17"، وأبو داود "3692"، وأحمد في المسند "1/ 228، 274". 2 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1905". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 107 جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ مُقَيَّدٌ، قُلْتُ: مَا هَذَا! قَالَ: إِنَّهُ يَكْذِبُ عَلَى أَبِي. مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا الصَّلْتُ أَبُو شُعَيْبَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: ما يسوءني أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلَكِنَّهُ كَذَّابٌ1. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيّ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ، ثَنَا أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: كَانَ عِكْرِمَةُ مِنْ أَعْلَمَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُ يَرَى رَأْيَ الصُّفْرِيَّةِ، وَلَمْ يَدَعْ مَوْضِعًا إِلا خَرَجَ إِلَيْهِ: خُرَاسَانَ، وَالشَّامِ، وَالْيَمَنِ، وَمِصْرَ، وَإِفْرِيقِيَةَ، كَانَ يَأْتِي الأُمَرَاءَ فَيَطْلُبُ جَوَائِزَهُمْ2، وَيُقَالُ: إِنَّمَا أَخَذَ أَهْلُ إِفْرِيقِيَةَ رَأْيَ الصُّفْرِيَّةِ مِنْ عِكْرِمَةَ. قَالَ وُهَيْبٌ: شَهِدْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيَّ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ فَذَكَرَا عِكْرِمَةَ، فَقَالَ يَحْيَى: كَانَ كَذَّابًا، وَقَالَ أَيُّوبُ: لا. إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ أَنْ يَذْكُرَ عِكْرِمَةَ وَلا يَرَى أَنْ يُرْوَى عَنْهُ3. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَ فَسَمَّى عِكْرِمَةَ إِلا فِي حديثٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: "لا أَرَى لأحدٍ أَنْ يَقْبَلَ حَدِيثَ عِكْرِمَةَ. يَحْيَى الْقَطَّانُ: حَدَّثُونِي وَاللَّهِ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ عِكْرِمَةُ وَأَنَّهُ لا يُحْسِنُ الصَّلاةَ، فَقَالَ أَيُّوبُ: وَكَانَ يُصَلِّي. الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، عَنْ رِشْدِينٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِكْرِمَةَ قَدْ أُقِيمَ فِي لَعِبِ النَّرْدِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قَدِمَ عِكْرِمَةُ، فَأَتَاهُ أَيُّوبُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَيُونُسُ، فَبَيْنَا هُوَ يُحَدِّثُهُمْ؛ إِذْ سَمِعَ صَوْتَ غناءٍ، فَقَالَ اسْكُتُوا، ثُمَّ قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَجَادَ، فَأَمَّا سُلَيْمَانُ وَيُونُسُ فَمَا عَادَا إِلَيْهِ. عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ: ثَنَا خَلادُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: كُنَّا بِالْمَغْرِبِ وَعِنْدَنَا عِكْرِمَةُ فِي وَقْتِ الْمَوْسِمِ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَدِدْتُ أَنَّ بِيَدِي حربةٌ أَعْتَرِضُ بِهَا مَنْ شَهِدَ الْمَوْسِمَ، قَالَ: فَرَفَضَهُ أَهْلُ إِفْرِيقِيَةَ. عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: وَقَفَ عِكْرِمَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَا فِيهِ إِلا كَافِرٌ، قَالَ: وَكَانَ يَرَى رَأْيَ الإِبَاضِيَّةِ، قَالَ ابْنُ المديني: كان   1 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1905". 2 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1905-1906". 3 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1908". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108 يَرَى رَأْيَ نَجْدَةَ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يرى رأي الخوارج، وادّعى على ابن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُصْعَبٍ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ كَانَ إِبَاضِيًّا. إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُتِيَ بِجِنَازَةِ عِكْرِمَةَ وَكُثَيْرِ عَزَّةَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ حَلَّ حَبْوَتَهُ إِلَيْهِمَا. قَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ: مَاتَا فِي يومٍ وَاحِدٍ فَمَا شَهِدَهُمَا إِلا سُودَانُ الْمَدِينَةِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَا سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ، وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ ستٍّ وَمِائَةٍ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَجَمَاعَةٌ: سَنَةَ سبعٍ، وقال يحيى بن معين والمدائني: سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَأَظُنُّ هَذَا الْقَوْلَ غَلَطًا، لَمْ يَبْقَ إِلَى هَذَا التَّارِيخِ قَطُّ. 188- عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -م ت ن ق- رَوَى عَنْ: أَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بن أحطب -رضي الله عنهم، وعن عكرمة. وعنه: عزرة بن ثاب، وداود بن أبي الفرا، وَحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَحُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ الرّحبيّ، وثّقه يحيى بن معين. 189- عار بن سعد القرظ2 -ق- بن عائذ المؤذّن. عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَخِيهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو الْمِقْدَامِ هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ. 190- عَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ التُّجِيبِيُّ3 أَحَدُ مَنْ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَعُمِّرَ دَهْرًا. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وعنه: الضحاك بن شرحبيل، وعطاء بن دينار، توفي سنة خمس ومائة. 191- عمارة بن أكيمة الليثي4 ثم الجندعي، حجازي. روى عَنْ أَبِي هريرة.   1 الجرح والتعديل "7/ 28"، تهذيب الكمال "2/ 953"، تهذيب التهذيب "7/ 273-274". 2 التاريخ الكبير "7/ 26"، الجرح والتعديل "6/ 390"، تهذيب الكمال "2/ 996"، ميزان الاعتدال "3/ 165"، تهذيب التهذيب "7/ 401". 3 التاريخ الكبير "7/ 27"، الجرح والتعديل "6/ 390"، تهذيب الكمال "2/ 996"، تهذيب التهذيب "7/ 401-402". 4 التاريخ الكبير "6/ 498"، الجرح والتعديل "6/ 362"، تهذيب الكمال "2/ 999"، ميزان الاعتدال "3/ 173"، تهذيب التهذيب "7/ 401-411". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 109 لم يرو عنه غير الزّهري. حديثه في السنن. 192- عمارة بن خزيمة1 -4- بن ثابت الأنصاري. روى عَنْ: أَبِيهِ ذِي الشَّهَادَتَيْنِ، وَعَمِّهِ، وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، وَعَمْرُو بْنُ خُزَيْمَةَ الْمُزَنِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. 193- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ2 عُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ، أَحَدُ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ بِالْحِجَازِ. وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَامْتَدَحَهُ، فَوَصَلَهُ بمالٍ عظيمٍ لِشَرَفِهِ وَبَلاغَةِ نَظْمِهِ، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَحدث عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ وُلِدَ في زمن عمر -رضي الله عنهم. رَوَى عَنْهُ: مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، وَعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَخْشَى أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ عَطَّافٍ عَنْهُ مُنْقَطِعَةٌ، فَمَا أَرَاهُ بَقِيَ إِلَى حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنَّهُ مِنْ طَبَقَةِ جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ. حَكَى الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ، وَإِلَى جَمِيلِ بْنِ مَعْمَرٍ الْعُذْرِيِّ، وَإِلَى كُثَيِّرِ عَزَّةَ، وَأَوْقَرَ نَاقَةً ذَهَبًا وَفِضَّةً، ثُمّ قَالَ: لَيُنْشِدَنِي كُلُّ واحدٍ مِنْكُمْ ثَلاثَةَ أَبْيَاتٍ، فَأَيُّكُمْ كَانَ أَغْزَلَ شِعْرًا، فَلَهُ النَّاقَةُ وَمَا عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ: فَيَا لَيْتَ أَنِّي حَيْثُ تَدْنُو مَنِيَّتِي ... شَمَمْتُ الَّذِي مَا بَيْنَ عَيْنَيْكِ وَالْفَمِ وَلَيْتَ طَهُورِي كَانَ رِيقُكِ كُلَّهُ ... وَلَيْتَ حَنُوطِي مِنْ مُشَاشِكِ وَالدَّمِ وَلَيْتَ سُلَيْمَى فِي الْمَنَامِ ضَجِيعَتِي ... لَدَى الْجَنَّةِ الْخَضْرَاءِ أَوْ فِي جَهَنَّمَ وَقَالَ جَمِيلٌ: حَلَفْتُ يَمِينًا يَا بُثَيْنَةُ صَادِقًا ... فَإِنْ كُنْتُ فِيهَا كَاذِبًا فَعَمِيتُ حَلَفْتُ لَهَا بِالْبُدْنِ تُدْمِي نُحُورَهَا ... لَقَدْ شَقِيَتْ نفسي بكم وعييت   1 التاريخ الكبير "6/ 498"، الجرح والتعديل "6/ 365"، تهذيب الكمال "2/ 1000"، تهذيب التهذيب "7/ 416". 2 الجرح والتعديل "6/ 119"، البداية والنهاية "9/ 92"، الأغاني "61-248". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 110 وَلَوْ أَنَّ رَاقِي الْمَوْتِ يَرْقِي جَنَازَتِي ... بِمَنْطِقِهَا فِي النَّاطِقِينَ حَيِيتُ فَقَالَ كُثَيِّرٌ: بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتِ مِنْ مَعْشُوقَةٍ ... ظَفِرَ الْعَدُوُّ بِهَا فَغَيَّرَ حَالَهَا وَمَشَى إِلَيَّ بِبَيْنِ عَزَّةَ نسوةٌ ... جَعَلَ الْمَلِيكُ خُدُودَهُنَّ نِعَالَهَا لَوْ أَنَّ عَزَّةَ خَاصَمَتْ شَمْسَ الضُّحَى ... فِي الْحُسْنِ عِنْدَ موفّقٍ لَقَضَى لَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: خُذِ النَّاقَةَ يَا صَاحِبَ جَهَنَّمَ. وَكَانَ يُقَالُ: مَنْ أَرَادَ رِقَّةَ الْغَزَلِ وَالنَّسِيبِ فَعَلَيْهِ بِشِعْرِ عُمَرَ بْنِ أَبِي ربيعة. ومن شعره رَوَاهُ الأَنْبَارِيُّ: لَبِثُوا ثَلاثَ مِنًى بِمَنْزِلِ قلعةٍ ... وَهُمُ عَلَى عرضٍ لَعَمْرُكَ مَا هُمُ مُتَجَاوِرِينَ بِغَيْرِ دَارِ إقامةٍ ... لَوْ قَدْ أَجَدَّ رَحِيلُهُمْ لَمْ يَنْدَمُوا وَلَهُنَّ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ لبانةٌ ... وَالْبَيْتُ يعرفهن لو يتكلم لو كان حيا قبلهن ظَعَائِنًا ... حَيَّا الْحَطِيمُ وُجُوهَهُنَّ وَزَمْزَمُ لَكِنَّهُ مِمَّا يَطِيفُ بِرُكْنِهِ ... مِنْهُنَّ صَمَّاءُ الصَّدَا مُسْتَعْجَمُ وَكَأَنَّهُنَّ وَقَدْ صَدَرْنَ عَشِيَّةً ... بيضٌ بِأَكْنَافِ الْخِيَامِ مُنَظَّمُ وَفِي كِتَابِ النَّسَبِ لِلزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ: نَظَرْتُ إِلَيْهَا بِالْمُحَصِّبِ مِنْ مِنَى ... وَلِي نظرٌ لَوْلا التَّحَرُّجُ عَارِمُ فَقُلْتُ: أشمسٌ أَمْ مَصَابِيحُ بيعةٍ ... بَدَتْ لَكَ تَحْتَ السِّجْفِ أَمْ أَنْتَ حَالِمُ بَعِيدَةُ مَهْوَى الْقُرْطِ إِمَّا لنوفلٌ ... أَبُوهَا وَإِمَّا عَبْدُ شمسٍ وَهَاشِمٌ فَلَمْ أَسْتَطِعْهَا غَيْرَ أَنْ قَدْ بَدَا لَنَا ... عَشِيَّةَ رَاحَتْ وَجْهُهَا وَالْمَعَاصِمُ قَالَ الزُّبَيْرُ: وَثَنَا سَلَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَنْشَدَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، قَوْلَ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ: أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُجِدُّ ابْتِكَارَا ... قَدْ قَضَى مِنْ تِهَامَةَ الأَوْطَارَا إِنْ يَكُنْ قَلْبُكَ الْغَدَاةَ جَلِيدَا ... فَفُؤَادِي بِالْحُبِّ أَمْسَى مُعَارَا لَيْتَ ذَا الدَّهْرِ كَانَ حَتْمًا عَلَيْنَا ... كُلَّ يَوْمَيْنِ حِجَّةً وَاعْتِمَارَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 111 فقال سعيد: لقد كلّف المسلمسن شَطَطًا. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ: إِنِّي قَدْ أَنْشَدْتُ مِنَ الشِّعْرِ مَا بَلَغَكَ، وَرَبُّ هَذِهِ الْبُنَيَّةِ مَا حَلَلْتُ إِزَارِي عَلَى فرجٍ حرامٍ قطّ. وروي أنّ عمر ابن أَبِي رَبِيعَةَ غَزَا الْبَحْرَ، فَاحْتَرَقَتْ سَفِينَتُهُ وَاحْتَرَقَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 194- عُمَرُ بْنُ خَلْدَةَ1 قَاضِي الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، لِهِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ رَجُلا مَهِيبًا عَفِيفًا، لَمْ يَرْتَزِقْ عَلَى الْقَضَاءِ شَيْئًا. قَالَ رَبِيعَةُ الرَّأْيُ: كَانَ يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ ابْنُ خَلْدَةَ قَاضِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُه يَقْضُونَ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ ابْنُ خَلْدَةَ يَجْلِسُ مَعَ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَمَعَ رَبِيعَةَ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: آذَيْتَنَا وَأَبْرَمْتَنَا، فَيَقُولُ: لا تُقِيمُونِي مِنْ عِنْدِكُمْ دَعُونِي أَتَحَدَّثُ مَعَكُمْ، فَإِذَا جَاءَ الْخَصْمَانِ تَحَوَّلْتُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ عُدْتُ. وَذَكَرَ الواقديّ، عن ابن أبي ذِئْبٍ قَالَ: حَضَرْتُ عُمَرَ بْنَ خَلْدَةَ يَقُولُ لخصمٍ: اذْهَبْ يَا خَبِيثُ فَاسْجُنْ نَفْسَكَ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ وَلَيْسَ مَعَهُ حرسيٌّ، وَتَبِعْنَاهُ وَنَحْنُ صِبْيَانُ حَتَّى أَتَى السَّجَّانَ فَحَبَسَ نَفْسَهُ2. 195- عُمَرُ بْنُ عبد الله بن عروة3 -خ م ن- بن الزّبير، تُوُفِّيَ شَابًّا. رَوَى الْقَلِيلَ عَنْ جَدِّهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ. وَكَانَ ثِقَةً خَيَّارًا. 196- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ4 بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شمسٍ بْن عَبْد مَناف بْن قصيّ ابن كِلابٍ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو حفصٍ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ -رضي الله عنهم- وَأَرْضَاهُ، وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ سِتِّينَ، عام تُوُفِّيَ معاوية أو بعده بسنة، وأمّه   1 التاريخ الكبير "6/ 152"، الجرح والتعديل "6/ 106"، تهذيب الكمال "2/ 1008"، وميزان الاعتدال "2/ 192"، تهذيب التهذيب "7/ 442-443"، والطبقات الكبرى "5/ 279". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 279". 3 التاريخ الكبير "6/ 167"، الجرح والتعديل "6/ 117"، تهذيب الكمال "2/ 1015"، تهذيب التهذيب "7/ 469". 4 الطبقات الكبرى "5/ 530-408"، التاريخ الكبير "6/ 174-175"، الجرح والتعديل "6/ 122"، تهذيب الكمال "2/ 1016-1018"، حلية الأولياء "5/ 253-353"، صفة الصفوة "2/ 113-127"، سير أعلام النبلاء "5/ 114-148"، تهذيب التهذيب "7/ 475-478". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 112 هِيَ أُمُّ عَاصِمِ بِنْتُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَنَسَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْن جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب، وابن قارظ، وأرسل عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَخَوْلَةَ بِنْتِ حُكَيْمٍ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَيُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحَدُ شُيُوخِهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَيْدٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَوَلَدَاهُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَانَتْ خِلافَتُهُ تسعةً وعشرين شهارًا، كَأَبِي بكرٍ الصِّدِّيقِ. قَالَ الْخُرَيْبِيُّ: وُلِدَ عَامَ قتل الحسين -رضي الله عنهم. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ: رَأَيْتُ صِفَتَهُ فِي كتابٍ: أَبْيَضَ، رَقِيقَ الْوَجْهِ، جَمِيلا، نَحِيفَ الْجِسْمِ، حَسَنَ اللِّحْيَةِ، غَائِرَ الْعَيْنَيْنِ، بِجَبْهَتِهِ أَثَرٌ حَافِرِ دَابَّةٍ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَشَجُّ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَدْ وَخَطَّهُ الشَّيْبُ، قَالَ ثَرْوَانُ مَوْلَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُ دَخَلَ إِلَى إِصْطَبْلِ أَبِيهِ وَهُوَ غُلامٌ، فَضَرَبَهُ فَرَسُهُ فَشَجَّهُ، فَجَعَلَ أَبُوهُ يَمْسَحُ عَنْهُ الدَّمَ وَيَقُولُ: إِنْ كُنْتَ أَشَجَّ بَنِي أُمَيَّةَ إِنَّكَ لَسَعِيدٌ1. رَوَاهُ ضَمْرَةُ عَنْهُ. نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ ضِمَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَكَى وَهُوَ غُلامٌ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: ذِكْرُ الْمَوْتِ -وَكَانَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَهُوَ غلامٌ صَغِيرٌ- فَبَكَتْ أُمُّهُ. سَعِيدُ بْنُ عفير، وعن يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ أَمِيرَ مِصْرَ بَعَثَ ابْنَهُ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَتَأَدَّبُ بِهَا، وَكَتَبَ إِلَى صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَنْ يَتَعَاهَدَهُ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَسْمَعُ مِنْهُ الْعِلْمَ، فَبَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ يَنْتَقِصُ عَلِيًّا، فَقَالَ لَهُ: مَتَى بَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ سَخَطَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ بَعْدَ أَنْ رَضِيَ عَنْهُمْ! فَفَهِمَ، وَقَالَ: مَعْذِرَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ لا أَعُودُ. وَقَالَ غَيْرَهُ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْعَزِيزِ، طَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى دِمَشْقَ، فزوّجه بِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، وَكَانَ الَّذِينَ يَعِيبُونَ عُمَرَ مِنْ حُسَّادِهِ لا يَعِيبُونَهُ إِلا بِالإِفْرَاطِ فِي التَّنَعُّمِ وَالاخْتِيَالِ فِي الْمِشْيَةِ، هَذَا قَبْلَ الإِمَرَةِ، فَلَمَّا ولي الوليد الخلافة،   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 331". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 113 أَمَّرَ عُمَرَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَوُلِيَهَا مِنْ سَنَةِ ستٍّ وَثَمَانِينَ، إِلَى سَنَةِ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ، وَعُزِلَ، فَقَدِمَ الشَّامَ، ثُمَّ إِنَّ الْوَلِيدَ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَعْزِلَ أَخَاهُ سُلَيْمَانَ مِنَ الْعَهْدِ وَأَنْ يَجْعَلَ وَلِيَّ عَهْدِهِ وَلَدَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْوَلِيدِ، فَأَطَاعَهُ كثيرٌ مِنَ الأَشْرَافِ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَصَمَّمَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَامْتَنَعَ، فَطَيَّنَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الأَحَدِ بْنُ اللَّيْثِ الْفِتْيَانِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: أَتَى فَتَيَانِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالُوا: إِنَّ أَبَانَا تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالا عِنْدَ عَمِّنَا حُمَيْدٍ الأَمَجِيِّ، فَأَحْضَرَهُ عُمَرُ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الْقَائِلُ: حُمَيْدٌ الَّذِي أمجٌ دَارُهُ ... أَخُو الْخَمْرِ ذُو الشَّيْبَةِ الأَصْلَعُ أَتَاهُ الْمَشِيبُ عَلَى شُرْبِهَا ... فَكَانَ كَرِيمًا فَلَمْ يَنْزَعُ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا أَرَانِي إِلا حَادُّكَ، أَقْرَرْتُ بِشُرْبِهَا، وَأَنَّكَ لَنْ تَنْزَعَ عَنْهَا، قَالَ: أَيْنَ يُذْهَبُ بِكَ، أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 224-226] قَالَ: أَوْلَى لَكَ يَا حُمَيْدُ مَا أَرَاكَ إِلا قَدْ أُفْلِتَّ، وَيْحَكَ يَا حُمَيْدُ، كَانَ أَبُوكَ رَجُلا صالحًا وأنت رجل سوءٍ، قال: أصلحك الله وَأَيُّنَا يُشْبِهُ أَبَاهُ، كَانَ أَبُوكَ رَجُلَ سوءٍ، وأنت رجلٌ صالحٌ، قَالَ: إِنَّ هَؤُلاءِ زَعَمُوا أَنَّ أَبَاهُمْ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالا عِنْدَكَ، قَالَ: صَدَقُوا، وَأَحْضَرَهُ بِخَتْمِ أَبِيهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَبَاهُمْ مَاتَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَكُنْتُ أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِي، وَهَذَا مَالُهُمْ، قَالَ: مَا أحدٌ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْكَ، فَامْتَنَعَ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أسلم: قال أنس -رضي الله عنهم: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إمامٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشْبَهَ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْفَتَى، يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ عُمَرَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: فَكَانَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَيُخَفِّفُ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ. رَوَاهُ الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ1. قَالَ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمُلائِيُّ: سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: هُوَ نَجِيبُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتِ الْعُلَمَاءُ مَعَ عُمَرَ بْنِ   1 خبر صحيح: أخرجه النسائي "980"، وأحمد في المسند "3/ 225"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي "980". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 114 عَبْدِ الْعَزِيزِ تَلامِذَةً! أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، الْتَفَتَ إِلَيْهَا وَبَكَى، ثُمّ قَالَ: يَا مُزَاحِمُ أَتَخْشَى أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ نَفَتْهُ الْمَدِينَةُ؟ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمَرْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيْلَةً فَقَالَ: كُلُّ مَا حُدِّثْتُ اللَّيْلَةَ قَدْ سَمِعْتُهُ، وَلَكِنَّكَ حَفِظْتَ وَنَسِيتُ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: يَا آلِ عُمَرَ، كُنَّا نَتَحَدَّثُ -وَفِي لَفْظٍ: يَزْعَمُ النَّاسُ- أَنَّ الدُّنْيَا لا تَنْقَضِي حَتَّى يَلِي رجلٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِ عُمَرَ، قَالَ: فَكَانَ بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِوَجْهِهِ شَامَةٌ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ هُوَ، حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أُمُّهُ بِنْتُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي تَارِيخِهِ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَفَّانُ بْنُ عُثْمَانُ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ لاحِقٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ مِنْ وَلَدِي رَجُلا بِوَجْهِهِ شينٌ، يَلِي فَيَمْلَأُ الأَرْضَ عَدْلا، قَالَ نَافِعٌ: فَلا أَحْسِبُهُ إِلا عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ. مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَيْتَ شِعْرِي مَنْ هَذَا الَّذِي مِنْ وَلَدِ عُمَرَ فِي وَجْهِهِ علامةٌ، يملأ الأرض عدلًا! 1. أيوب بن محمد بن الْوَزَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالا: ثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، عَنْ رِيَاحِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الصَّلاةِ، وشيخٌ متوكّئٌ عَلَى يَدِهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَّ هَذَا لشيخٌ جافٍ، فَلَمَّا صَلَّى وَدَخَلَ لَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، مِنَ الشَّيْخِ الَّذِي كَانَ يتّكئ عَلَى يَدِكَ؟ قَالَ: يَا رِيَاحُ رَأَيْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: مَا أَحْسِبُكَ إِلا رَجُلا صَالِحًا، ذاك أخي الخضر، أتاني فأعلمني أنّي سَأَلِي أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَنِّي سَأَعْدِلُ فِيهَا. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ هَزَّانَ بْنِ سَعِيدٍ: حَدَّثَنِي رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ قَالَ: لَمَا ثَقُلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، رَآنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الدَّارِ فَقَالَ: يَا رَجَاءُ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُذَكِّرَنِي أَوْ تُشِيرَ بِي، فَوَاللَّهِ مَا أَقْدَرُ عَلَى هَذَا الأَمْرِ، فَانْتَهَرْتُهُ وَقُلْتُ: إِنَّكَ لحريصٌ عَلَى الْخِلافَةِ، أتطمع أن أشير عليه بك، فاستحيا، ودخل، فَقَالَ لِي سُلَيْمَانُ: يَا رَجَاءُ، مَنْ تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ؟ قُلْتُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّكَ قادمٌ عَلَى رَبِّكَ وَسَائِلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، وَمَا صَنَعْتَ فِيهِ، قَالَ: فَمَنْ تَرَى؟ قُلْتُ: عُمَرُ بن عبد العزبز. قَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِعَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَيَّ، وَإِلَى الْوَلِيدِ فِي ابْنَيْ عَاتِكَةٌ، أَيُّهُمَا بَقِيَ؟ قلت تجعله من   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 254". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 115 بعده، قال: أصب، هَاتِ صَحِيفَةً، فَكَتَبَ عَهْدَ عُمَرَ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ دَعَوْتُ رِجَالا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: عَهْدِي فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ مَعَ رَجَاءٍ، اشْهَدُوا وَاخْتُمُوا الصَّحِيفَةَ، فَمَا لَبَثَ أَنْ مَاتَ، فَكَفَفْتُ النِّسَاءَ عَنِ الصِّيَاحِ، وَخَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: كَيْفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ مُنْذُ اشْتَكَى أَسْكَنَ مِنْهُ السَّاعَةَ، قالوا لله الحمد1. الوليد بن المسلم، عن عبد الرحمن بن حسان الكناني قال: لما مرض سليمان بدابق، قال لرجاء بن حَيْوَةَ: مَنْ لِلأَمْرِ أَسْتَخْلِفُ ابْنَيْ؟ قَالَ: ابْنُكَ غَائِبٌ، قَالَ: فَالآخَرُ، قَالَ: صَغِيرٌ، قَالَ: فَمَنْ ترى؟ قال: أرى أن تستخلف عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: أَتَخَوَّفُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ! قَالَ: وَلِّ عُمَرَ، وَمِنْ بَعْدِهِ يَزِيدَ، وَاخْتُمِ الْكِتَابَ، وَتَدْعُوهُمْ إِلَى بَيْعَتِهِ مَخْتُومًا، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَ، ائْتِنِي بِقِرْطَاسٍ، فَدَعَا بقرطاسٍ، وَكَتَبَ الْعَهْدَ، وَدَفَعَهُ إِلَى رَجَاءٍ، وَقَالَ: اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَلْيُبَايعُوا عَلَى مَا فِيهِ مَخْتُومًا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَامْتَنَعُوا، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ الْحَرَسِ وَالشُّرَطِ فاجمع الناس ومرهم بالبيعة، فمن أبى فاضرب عُنُقَهُ، فَفَعَلَ، فَبَايَعُوا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، قَالَ رَجَاءٌ: فَبَيْنَا أَنَا رَاجِعٌ إِذَا بِمَوْكِبِ هِشَامٍ، فَقَالَ: تَعْلَمُ مَوْقِعَكَ مِنَّا، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ صَنَعَ شَيْئًا مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَزَالَهَا عَنِّي، فَإِنْ يَكُنْ عَدَلَهَا عَنِّي فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نفسٌ، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يستكتمني أمير المؤمنين أمرا أطلعك عليه، لا يَكُونَ ذَا أَبَدًا! قَالَ: فَأَدَارَنِي وَأَلاحَنِي، فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، وَانْصَرَفَ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ، إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةً خَلْفِي، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أمرٌ كَبِيرٌ أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ جَعَلَهَا إليَّ، وَلَسْتُ أَقْوَمُ بِهَذَا الشَّأْنِ، فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نفسٌ، لعلي أتخلص منه ما دام حيا، قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ، يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أطلعك عليه! فأدارني وَأَلاحَنِي، فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، وَثَقُلَ سُلَيْمَانُ، وَحُجِبَ النَّاسُ، فَلَمَّا مَاتَ أَجْلَسْتُهُ وَسَنَّدْتُهُ وَهَيَّأْتُهُ، وَخَرَجْتُ إِلَى الناس، فقالوا: كيف أصبح أمير المؤمنين؟ قلت: أَصْبَحَ سَاكِنًا، وَقَدْ أَحَبَّ أَنْ تُسَلِّمُوا عَلَيْهِ وَتُبَايِعُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَذِنْتُ لِلنَّاسِ، فَدَخَلُوا، وَقُمْتُ عنده، فقلت إن أمير المؤمنين   1 خبر صحيح بطرقه: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 335"، ومن طريقه الطبري في تاريخه "6/ 650"، من طريق الواقدي، ومن طريق آخر أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 339"، ومن طريق آخر حسن أخرجه ابن أبي خيثمة كما في مناقب عمر لابن الجوزي "63-64"، وأخرجه ابن سعد من طريق آخر "5/ 340" مختصرًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 116 يَأْمُرُكُمْ بِالْوُقُوفِ، ثُمَّ أَخَذْتُ الْكِتَابَ مِنْ عِنْدِهِ، وتقدمت إليهم، وَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَبَايَعُوا وَبَسَطُوا أيديهم، فلما بايعبهم وفرغ، قُلْتُ لَهُمْ: آجَرَكُمُ اللَّهُ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالُوا: فَمَنْ؟ فَفَتَحْتُ الْكِتَابَ، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ، فلما قرءوا: بَعْدَهُ يَزِيدُ فَكَأَنَّهُمْ تَرَاجَعُوا، فَقَالُوا: أَيْنَ عُمَرُ؟ فَطَلَبُوهُ، فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَوْا فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، فَعُقِرَ بِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعِ النُّهُوضَ، حَتَّى أَخَذُوا بِضَبْعَيْهِ فَأَصْعَدُوهُ الْمِنْبَرَ، فَجَلَسَ طَوِيلا لا يَتَكَلَّمُ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَجَاءُ جَالِسِينَ، قَالَ: ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه رَجُلا رَجُلا، وَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِمْ، فَصَعَدَ إِلَيْهِ هِشَامٌ، فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ قَالَ: يَقُولُ هِشَامٌ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَال: إنا للَّهِ حِينَ صَارَ يَلِي هَذَا الأَمْرَ أَنَا وَأَنْتَ، ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَسْتُ بقاضٍ وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ، ولست بمبتدعٍ، ولكني متبعٌ، وَإِنْ أَبَوْا فَلَسْتُ لَكُمْ بوالٍ، ثُمَّ نَزَلَ يَمْشِي، فَأَتَاهُ صَاحِبُ الْمَرَاكِبِ، فَقَالَ: مَا هَذَا! قال مركب الخلافة، قال: ائْتُونِي بِدَابَّتِي، ثُمَّ إِنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْعُمَّالِ فِي الأَمْصَارِ، قَالَ رَجَاءٌ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ سَيَضْعُفُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ صُنْعَهُ فِي الْكِتَابِ عَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَقْوَى1. قَالَ عُمَرُ بْنُ مُهَاجِرٍ: صَلَّى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: وَذَلِكَ يَوْمُ الْجُمْعَةِ عَاشِرُ صَفَرٍ سَنَةَ تسعٍ. قُلْتُ: وَكَانَ عُمَرُ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ كَالْوَزِيرِ لَهُ. أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ دَابِقَ، وَكَانَ مُجْتَمَعَ غَزْوِ النَّاسِ، فَمَاتَ سُلَيْمَانُ، وَكَانَ رَجَاءٌ صَاحِبَ مَشُورَتِهِ وَأَمْرِهِ، فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِمَوْتِهِ، وَصَعَدَ الْمِنْبَرَ، وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ كِتَابًا وَعَهِدَ عَهْدًا وَمَاتَ، أَفَسَامِعُونَ أَنْتُمْ مُطِيعُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: نَسْمَعُ وَنُطِيعُ إِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِخْلافُ رجلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: فَجَذَبَهُ النَّاسُ حَتَّى سَقَطَ وَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، فَقَالَ رَجَاءٌ: قُمْ يَا عمر، فقال عمر: والله إن هذا لأمر مَا سَأَلْتُهُ اللَّهَ قَطُّ. وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عثمان قال:   1 خبر صحيح تقدم فيما قبله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 117 لَمَّا انْصَرَفَ عُمَرُ عَنْ قَبْرِ سُلَيْمَانَ، قَدَّمُوا لَهُ مَرَاكِبَ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ: فَلَوْلا التُّقَى ثُمَّ النُّهَى خشْيَةَ الرَّدَى ... لَعَاصَيْتُ فِي حُبِّ الصِّبَى كل زاجر قضى ما قضى فيما مضى ثُمَّ لا تُرَى ... لَهُ صبوةٌ أُخْرَى اللَّيَالِي الْغَوَابِرِ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، قَدِّمُوا بَغْلَتِي. خَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ: ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ جَاءَهُ أَصْحَابُ الْمَرَاكِبِ يَسْأَلُونَهُ الْعُلُوفَةَ وَرِزْقَ خَدَمِها، قَالَ: ابْعَثْ بِهَا إِلَى أَمْصَارِ الشَّامِ يَبِيعُونَهَا فِيمَنْ يَزِيدُ، وَاجْعَلْ أَثْمَانَهَا فِي مَالِ اللَّهِ، تَكْفِينِي بَغْلَتِي هَذِهِ الشَّهْبَاءُ. سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ: ثنا ابن عيينة، عن عمرو بن زاذان مولى عمرو بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ، إِذَا رَجَعَ من جنازة سليمان: ما لي أَرَاكَ مُغْتَمًّا؟ قَالَ: لَمِثْلُ مَا أَنَا فِيهِ فَلْيُغْتَمُّ، لَيْسَ أحدٌ مِنَ الأُمَّةِ إِلا وَأَنَا أُرِيدَ أَنْ أُوصِلَ إِلَيْهِ حَقَّهُ غَيْرَ كاتبٍ إِلَيَّ فِيهِ، وَلا طَالِبَهُ مِنِّي. إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ، أَنَّ عُمَرَ بن عبد العزيز لما استخلف قام في النَّاسِ، فَحَمَدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لا كِتَابَ بَعْدَ الْقُرْآنِ، ولا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلا وَإِنِّي لَسْتُ بقاضٍ، وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ، وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ، وَلَكِنِّي متبعٌ، إِنَّ الرَّجُلَ الْهَارِبَ مِنَ الإِمَامِ الظَّالِمِ لَيْسَ بظالمٍ، أَلا لا طَاعَةَ لمخلوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. رَوَاهُ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَزَادَ فِيهِ: لَسْتُ بخيرٍ مِنْ أحدٍ مِنْكُمْ، وَلَكِنِّي أَثْقَلُكُمْ حِمْلا. أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ: ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، يَكْتُبُ إِلَيْهِ بِسِيرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الصَّدَقَاتِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِالَّذِي سَأَلَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّكَ إِنْ عَمِلْتَ بِمِثْلِ عَمَلِ عُمَرَ فِي زَمَانِهِ، وَرِجَالِهِ فِي مِثْلِ زَمَانِكَ وَرِجَالِكَ، كُنْتَ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا مِنْ عُمَرَ. حَمَّادُ بْنُ يزيد، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَعُمَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَإِذَا رَجُلانِ يَخْتَصِمَانِ، وَأَنْتَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَالِسٌ، فَقَالَ لَكَ: يَا عُمَرُ إِذَا عَمِلْتَ فَاعْمَلْ بِعَمَلِ هَذَيْنِ -لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ- فَاسْتَحْلَفَهُ عُمَرُ بِاللَّهِ لرأيت هذا؟ فحلف له فبكى1. ورويت   1 خبر ضعيف: لجهالة الراوي: أورده ابن القيم في الروح ص34. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 118 مِنْ وجهٍ آخَرَ، وَأَنَّ الرَّائِيَ عُمَرَ نَفْسَهُ. قال ميمون ابن مِهْرَانَ: إِنَّ اللَّهَ يَتَعَاهَدُ النَّاسَ بنبيٍ بَعْدَ نبي، إن اللَّهَ تَعَاهَدَ النَّاسَ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَكَى، فَقَالَ: يَا أَبَا فُلانُ أَتَخْشَى عَلَيَّ؟ قَالَ: كَيْفَ حُبُّكَ لِلدِّرْهَمِ؟ قَالَ: لا أُحِبُّهُ، قَالَ: لا تَخَفْ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُعِينُكَ. جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مَرْوَانَ حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ لَهُ فَدَكٌ يُنْفِقُ مِنْهَا، وَيَعُودُ مِنْهَا عَلَى صَغِيرِ بَنِيهِمْ، وَيُزَوِّجُ مِنْهَا أَيِّمَهُمْ، وَإِنَّ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنهما- سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا، فَأَبَى، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَيَاةُ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ، قَالَ: ثُمَّ أَقْطَعَهَا مَرْوَانُ، ثُمَّ صَارَتْ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَرَأَيْتُ أَمْرًا مَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ، لَيْسَ لِي بحقٍ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ إِنِّي قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَدَأَ بِلُحْمَتِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَأَخَذَ ما بأيديهم، وسمى أموالهم مظالم، ففرغت بَنُو أُمَيَّةَ إِلَى عَمَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مَرْوَانَ، فَأَتَتْهُ لَيْلا، فَأَنْزَلَهَا عَنْ دَابَّتِهَا، فَلَمَّا أَخَذَتْ مَجْلِسَهَا قَالَ: يَا عَمَّةُ أَنْتِ أَوْلَى بِالْكَلامِ فَتَكَلَّمِي، قَالَتْ: تَكَلَّمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ رَحْمَةً، ثُمَّ اخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ، فَقَبَضَهُ اللَّهُ، وَتَرَكَ لَهُمْ نَهْرًا شُرْبُهُمْ سواءٌ، ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَتَرَكَ النَّهْرَ عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ وُلِّيَ عُمَرُ فَعَمِلَ عَمَلَ صَاحبِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ النَّهْرُ يَشُقُّ مِنْهُ يَزِيدُ، وَمَرْوَانُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَالْوَلِيدُ، وَسُلَيْمَانُ، حَتَّى أَفْضَى الأَمْرُ إِلَيَّ، وَقَدْ يَبِسَ النَّهْرُ الأَعْظَمُ، وَلَنْ يُرْوَى أَصْحَابُ النَّهْرِ الأَعْظَمِ حَتَّى يَعُودَ النَّهْرُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: حَسْبُكَ قَدْ أَرَدْتُ كَلامَكَ وَمُذَاكَرَتَكَ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مَقَالَتُكَ هَذِهِ فَلَسْتُ بذاكرةٍ لَكَ شَيْئًا، فَرَجَعْت إِلَيْهِمْ فَأَبْلَغَتْهُمْ كَلامَهُ. هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: لَوْ أَقَمْتُ فِيكُمْ خَمْسِينَ عَامًا مَا اسْتَكْمَلْتُ فِيكُمُ الْعَدْلَ، إِنِّي لَأُرِيدُ الأَمْرَ فَأَخَافُ أَنْ لا تَحْمِلَهُ قُلُوبُكُمْ، فَأُخْرِجُ مِنْهُ طَمَعًا مِنْ طَمَعِ الدُّنْيَا، فَإِنْ أَنْكَرَتْ قُلُوبُكُمْ هَذَا سَكَنَتْ إِلَى هَذَا.   1 خبر صحيح: أخرجه ابن الجوزي في مناقب عمر "131". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 119 ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قُلْتُ لِطَاوُسٍ: هُوَ الْمَهْدِيُّ؟ يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: هُوَ مهديٌّ وَلَيْسَ بِهِ، إِنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلِ الْعَدْلَ كُلَّهُ. ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الطَّلَاءِ قَالَ: نَهَى عَنْه إِمَامُ هُدًى، يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: الْخُلَفَاءُ خَمْسَةً: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ نَحْوُهُ. ابْنُ وَهْبٍ: حدثني ابن زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلَ يَجِيءُ بِالْمَالِ الْعَظِيمِ فَيَقُولُ: اجْعَلُوا هَذَا حَيْثُ تَرَوْنَ، فَمَا يَبْرَحُ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَالِهِ كُلِّهِ، قَدْ أَغْنَى عُمَرُ النَّاسَ. سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: ثَنَا جُوَيْرِيَةُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى فاطمة بنة عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَثْنَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَتْ: لَوْ كَانَ بَقِيَ لَنَا مَا احْتَجْنَا بَعْدُ إِلَى أحدٍ. إِبْرَاهِيمُ الْجَوْزَجَانِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ امْرَأَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مُصَلاهُ تَسِيلُ دُمُوعُهُ عَلَى لِحْيَتِه، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ألشيءٍ حَدَثَ؟ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ إِنِّي تَقَلَّدْتُ مِنْ أَمْرِ أُمَّةِ محمدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْوَدَهَا وَأَحْمَرَهَا، فَتَفَكَّرْتُ فِي الْفَقِيرِ الْجَائِعِ، وَالْمَرِيضِ الضَّائِعِ، وَالْعَارِي الْمَجْهُودِ، وَالْمَظْلُومِ الْمَقْهُورِ، وَالْغَرِيبِ الأَسِيرِ، وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَذِي الْعِيَالِ الْكَثِيرِ وَالْمَالِ الْقَلِيلِ، وَأَشْبَاهِهِمْ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ وَأَطْرَافِ الْبِلادِ فَعَلِمْتُ أَنَّ رَبِّي سَائِلِي عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَخَشِيتُ أَنْ لا تَثْبُتُ لِي حُجَّةً، فَبَكَيْتُ1. الْفِرْيَابِيُّ: ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ، وَعِنْدَهُ أَشْرَافُ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ: تُحِبُّونَ أَنْ أُوَلِّيَ كُلَّ رجلٍ مِنْكُمْ جُنْدًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: لِمَ تَعْرِضْ عَلَيْنَا مَا لا تَفْعَلُهُ! قَالَ: تَرَوْنَ بِسَاطِي هَذَا، إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى بِلًى وفناءٍ، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تُدَنِّسُوهُ بِأَرْجُلِكُمْ، فَكَيْفَ أُوَلِّيكُمْ دَيْنِي، أُوَلِّيكُمْ أَعْرَاضَ المسمين وَأَبْشَارَهُمْ، هَيْهَاتَ لَكُمْ هَيْهَاتَ! فَقَالُوا لَهُ: لِمَ أَمَا لَنَا حقٌّ؟ قَالَ: مَا أَنْتُمْ وَأَقْصَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدِي فِي هَذَا الأَمْرِ إِلا سَوَاءَ إِلا رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَبَسَهُ عني طول شقته2.   1 خبر حسن. 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 270-271". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 120 حماد بن سلمة: أنبأ حميد قال: أملى عَلَيْنَا الْحَسَنُ رِسَالَةً إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَبْلَغَ، ثُمَّ شَكَا الْحَاجَةَ وَالْعِيَالَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ لا تُهَجِّنْ هَذَا الْكِتَابَ بِالْمَسْأَلَةِ، اكْتُبْ هَذَا فِي غَيْرِ ذَا، قَالَ: دَعْنَا مِنْكَ، فَأَمَرَ بِعَطَائِهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ اكْتُبْ إِلَيْهِ فِي الْمَشُورَةِ فَإِنَّ أَبَا قِلابَةَ قَالَ: كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْوَحْيِ، فَمَا مَنَعَهُ ذَلِكَ أَنْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالْمَشُورَةِ، فَقَالَ نَعَمْ، فَكَتَبَ بِالْمَشُورَةِ، فَأَبْلَغَ فِيهَا أَيْضًا. أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَاقِبَ رَجُلا حَبَسَهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ عَاقَبَهُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَعْجَلَ فِي أَوَّلِ غَضَبِهِ. مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ صَلَّى بِهُمُ الْجُمْعَةَ، ثُمَّ جَلَسَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ مَرْقُوعُ الْجَيْبِ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَاكَ، فَلَوْ لَبِسْتَ، فَنَكَّسَ مَلِيًّا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: أُفَضِّلُ الْقَصْدَ عِنْدَ الْجِدَّةِ، وَأُفَضِّلُ الْعَفْوَ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ1. سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بن أسماء قال: قال عمر بن بعد الْعَزِيزِ: إِنَّ نَفْسِي نفسٌ تواقةٌ، لَمْ تُعْطَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا إِلا تَاقَتْ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، قَالَ سَعِيدٌ: يُرِيدُ الْجَنَّةَ2. حَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: النَّاسُ يَقُولُونَ: إِنِّي زاهدٌ، إِنَّمَا الزَّاهِدُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَّذِي أَتَتْهُ الدُّنْيَا فَتَرَكَهَا. الَفِسَوِيُّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: دَعَانِي الْمَنْصُورُ قَالَ: كَمْ كَانَتْ غَلَّةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ أَفْضَتْ إِلَيْهِ الْخِلافَةُ؟ قُلْتُ: خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: كَمْ كَانَتْ غَلَّتُهُ يَوْمَ مَاتَ؟ قُلْتُ: مَا زَالَ يَرُدُّهَا حَتَّى كَانَتْ مِائَتَيْ دِينَارٍ. وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَإِذَا عَلَيْهِ قميصٌ وسخٌ فَقُلْتُ لامْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ، وَهِيَ أُخْتُ مُسْلِمَةَ، اغْسِلُوا قَمِيصَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ: نَفْعَلُ، ثم عدت فإذا القميص   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 240". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن الجوزي "ص81" في مناقب عمر من طريقين. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 121 عَلَى حَالِهِ، فَقُلْتُ لَهَا! فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لَهُ قميصٌ غَيْرُهُ1. إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ، قَالَ: كَانَتْ نَفَقَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ. سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى زَوْجَتِهِ فَقَالَ: عِنْدَكِ دِرْهَمٌ نَشْتَرِي بِهِ عِنَبًا؟ قَالَتْ: لا، أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لا تَقْدِرُ عَلَى دِرْهَمٍ! قَالَ: هَذَا أَهْوَنُ مِنْ مُعَالَجَةِ الْأَغْلَالِ فِي جَهَنَّمَ2. يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكَاهِلِيُّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَلْبِسُ الْفَرْوَةَ الْكُبُلَ، وَكَانَ سِرَاجُ بَيْتَهُ عَلَى ثَلاثِ قَصَبَاتٍ، فَوْقَهُنَّ طِينٌ. وَعَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ غُلامَهَ أَنْ يُسَخِّنَ لَهُ مَاءً، فَانْطَلَقَ فَسَخَّنَ قُمْقُمًا فِي مطبخ العامة، فأمره عمر أن يأخذ بردهم حَطَبًا يَضَعَهُ فِي الْمَطْبَخِ. ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ: أَنْبَأَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بن حميد، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهَا: أَخْبِرِينِي عَنْ عُمَرَ، قَالَتْ: مَا اغْتَسَلَ مِنْ جنابةٍ مُنْذُ اسْتُخْلِفَ3. يَحْيَى بْنُ حمزة: ثنا عمرو من مهاجر أن عمر ين عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يُسْرِجُ عَلَيْهِ الشَّمْعَةَ مَا كَانَ فِي حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَوَائِجِهِمْ أَطْفَأَهَا، ثُمَّ أَسْرَجَ عَلَيْهِ سِرَاجَهُ. خَالِدُ بن مرداس: ثَنَا الْحَكَمُ قَالَ: كَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز ثلاثمائة حرسيٌ، وثلاثمائة شرطي، قشهدته يَقُولُ لِحَرَسِهِ: إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ بِالْقَدَرِ حَاجِزًا، وَبِالأَجَلِ حَارِسًا، مَنْ أَقَامَ مِنْكُمْ فَلَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَلْحَقْ بِأَهْلِهِ. إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ: اشْتَهَى عمر بن عبد العزيز   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 297"، والفسوي في المعرفة "1/ 600"، وابن الجوزي في سيرة عمر "ص153". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 259". 3 أخرجه ابن المبارك في الزهد "890"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 259". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 122 تُفَّاحًا، فَأَهْدَى لَهُ رجلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ تُفَّاحًا، فَقَالَ: مَا أَطْيَبَ رِيحَهُ وَأَحْسَنَهُ، ارْفَعْهُ يَا غُلامُ لِلَّذِي أَتَى بِهِ، وَأَقْرِئْ فُلانًا السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ: إِنَّ هَدِيَّتَكَ وَقَعَتْ عِنْدَنَا بِحَيْثُ نُحِبُّ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ابْنُ عَمِّكَ ورجلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، وَقَدْ بَلَغَكَ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّ الْهَدِيَّةَ كَانَتِ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً، وَهِيَ الْيَوْمِ لَنَا رِشوةٌ. ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: قَالَ لِي رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ: مَا أَكْمَلَ مروءة أبيك، سمرت عنده ليلةٍ فَعَشِي السِّرَاجُ، فَقَالَ لِي: مَا تَرَى السِّرَاجَ قَدْ عَشِيَ، قُلْتُ بَلَى، قَالَ: وَإِلَى جَانِبِه وَصِيفٌ رَاقِدٌ قُلْتُ: أَلا أُنَبِّهُهُ؟ قَالَ: لا، أَفَلا أَقُومُ؟ قَالَ: لَيْسَ مِنْ مُرُوءَةِ الرَّجُلِ اسْتِخْدَامُهُ ضَيْفَهُ، فَقَامَ إِلَى بَطَّةِ الزَّيْتِ وَأَصْلَحَ السِّرَاجَ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ قُمْتُ وَأَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَجَعْتُ وَأَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ رَجَاءٍ أَبِي الْمِقْدَامِ الرَّمْلِيِّ، عَنْ نُعَيْمٍ كَاتِبِ عُمَرَ بن عبد العزيز قَالَ: إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي مِنْ كثيرٍ مِنَ الْكَلامِ مَخَافَةُ الْمُبَاهَاةِ1. سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ حُكَيْمٍ: قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ امْرَأَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنَّهُ يَكُونُ فِي النَّاسِ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ صَلاةً وَصِيَامًا مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَشَدَّ فَرَقًا مِنْ رَبِّهِ مِنْ عُمَرَ، كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ قعد في مسجده، ثم يرفع يده، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى تَغْلِبَهُ عَيْنُهُ، ثُمَّ يَنْتَبِهُ، فَلا يَزَالُ يَدْعُو رَافِعًا يَدَيْهِ يَبْكِي حَتَّى تَغْلِبَهُ عَيْنُهُ. رَوَى مِثْلَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَزَادَ: يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ لَيْلَةِ أَجْمَعَ2. هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، عَنْ مكحول قال: لو حلفت لصدق، مَا رَأَيْتُ أَزْهَدَ وَلا أَخْوَفَ لِلَّهِ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. أَبُو جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ: ثَنَا النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٌّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَانَ لا يَكَادُ يَبْكِي، إِنَّمَا هُوَ يَنْتَفِضُ أَبَدًا، كَأَنَّ عَلَيْهِ حزن الخلق.   1 أخرجه ابن المبارك في الزهد "137". 2 أخرجه ابن المبارك في الزهد "884"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 260". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 123 الفسوي: حدثني إبراهيم بن هشام بن يحيى، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: حَدِّثْنِي، فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثًا بَكَى مِنْهُ بُكَاءً شَدِيدًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ عَلِمْتُ لَحَدَّثْتُكَ حَدِيثًا أَلْيَنَ مِنْهُ. قَالَ: يَا مَيْمُونُ إِنَّا نَأْكُلُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الْعَدَسَ، وَهِيَ مَا عَلِمْتَ، مرقةٌ لِلْقَلْبِ معزرةٌ لِلدَّمْعَةِ، مذلةٌ لِلْجَسَدِ. عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَجْمَعُ كُلَّ ليلةٍ الْفُقَهَاءَ، فَيَتَذَاكَرُونَ الْمَوْتَ وَالْقِيَامَةَ، ثُمَّ يَبْكُونَ، حَتَّى كَأَنَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ جَنَازَةً. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَغَيْرِهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ إِذَا ذُكِرَ الْمَوْتُ اضْطَرَبَتْ أَوْصَالُهُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنِي أَرْطَأَةُ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ جَعَلْتَ عَلَى طَعَامِكَ أَمِينًا لا تغتال، وحرسًا إذا صلي، وَتَنَحَّ عَنِ الطَّاعُونَ؛ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنِّي أَخَافُ يَوْمًا دُونَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلا تُؤَمِّنْ خَوْفِي. رَوَى عَنِ ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: لَقِيَنِي يَهُودِيٌّ فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَيَلِي، ثُمَّ لَقِيَنِي آخِرَ وِلايَةِ عُمَرَ، فَقَالَ: صَاحِبُكَ قَدْ سُقِيَ فَمُرْهُ فَلْيَتَدَارَكْ، فَأَعْلَمْتُ عُمَرَ، فقال: قاتله الله، وما أَعْلَمَهُ؟ لَقَدْ عَلِمْتُ السَّاعَةَ الَّتِي سُقِيتُ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ شِفَائِي أَنْ أَمْسَحَ شَحْمَةَ أُذُنِي وَأُوتَى بطيبٍ فَارْفَعْهُ إِلَى أَنْفِي مَا فَعَلْتُ. رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ ضَمْرَةَ عَنْهُ، وَلَكِنَّ بَعْضُهُمْ قَالَ: عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ، بَدَلَ الْوَلِيدِ. مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ مُشْكَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيَّ؟ قُلْتُ: يَقُولُونَ مَسْحُورٌ، قَالَ: مَا أَنَا بمسحورٍ، ثُمَّ دَعَا غُلامًا لَهُ فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُسْقِينِي السُّمَّ؟ قَالَ: أَلْفُ دينارٍ أُعْطِيتُهَا، عَلَى أَنْ أُعْتَقَ، قَالَ: هَاتِهَا، فَجَاءَ بِهَا، فَأَلْقَاهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَالَ: اذْهَبْ حَيْثُ لا يَرَاكَ أَحَدٌ1. قُلْتُ: كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ قَدْ تَبَرَّمَتْ بِعُمَرَ، لِكَوْنِهِ شَدَّدَ عَلَيْهِمْ، وَانْتَزَعَ كَثِيرًا مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ مِمَّا قَدْ غَصَبُوهُ، وكان قد أهمل التحرز، فسقوه السم.   1 خبر صحيح. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 124 سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَبُوكَ عِنْدَ مَوْتِهِ؟ فَقَالَ: كَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ أَنَا، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَعَاصِمٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَكُنَّا أُغَيْلِمَةً، فَجِئْنَا كَالْمُسَلِّمِينَ، عَلَيْهِ وَالْمُوَدِّعِينَ لَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَرَكْتَ وَلَدَكَ لَيْسَ لَهُمْ مالٌ، وَلَمْ تُؤْوِهِمْ إِلَى أَحَدٍ! فَقَالَ: مَا كُنْتُ لَأُعْطِيَهُمْ مَا لَيْسَ لَهُمْ، وَمَا كُنْتُ لِآخُذَ مِنْهُمْ حَقًّا هُوَ لَهُمْ، وَإِنَّ وَلِيِّي فِيهِمُ اللَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، وَإِنَّمَا هُمْ أَحَدُ رَجُلَيْنِ، رجلٌ صَالِحٌ أَوْ فَاسِقٌ1، وَقِيلَ إِنَّ الَّذِي كَلَّمَهُ فِيهِ خَالُهُمْ مُسْلِمَةُ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَتَيْتَ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ مُتَّ دُفِنْتَ فِي مَوْضِعِ الْقَبْرِ الرَّابِعِ، مَوْضِعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لِأَنْ يُعَذِّبَنِي اللَّهُ بِكُلِّ عَذَابٍ إِلا النَّارَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنِّي أَنِّي أَرَانِي لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَهْلا2. رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ مِثْلَهُ. جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ حُكَيْمٍ: قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ بِنْتُ عد الْمَلِكِ: كُنْتُ أَسْمَعُ عُمَرَ فِي مَرَضِهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَخْفِ عَلَيْهِمْ أَمْرِي وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا: أَلا أَخْرُجُ عَنْكَ، فَإِنَّكَ لَمْ تَنَمْ، فَخَرَجْتُ عَنْهُ، فَجَعَلْتُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83] . مِرَارًا، ثُمَّ أَطْرَقَ فَلَبِثَ طَوِيلا لا يُسْمَعُ لَهُ حسٌ، فَقُلْتُ لِوَصِيفٍ: وَيْحَكَ انْظُرْ، فَلَمَّا دَخَلَ صَاحَ، فَدَخَلْتُ فَوَجَدْتُهُ مَيِّتًا، قَدْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى الْقِبْلَةِ، وَوَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى فِيهِ. وَالأُخْرَى عَلَى عَيْنَيْهِ. هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ الرَّقِّيُّ: ثَنَا أَبِي، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الرَّقِّيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: اخْرُجُوا عَنِّي، فَقَعَدَ مُسْلِمَةُ، وَفَاطِمَةُ عَلَى الْبَابِ فَسَمِعُوهُ يَقُولُ: مَرْحَبًا بِهَذِهِ الْوُجُوهِ، لَيْسَتْ بِوُجُوهِ إنسٍ وَلا جانٍ، ثُمَّ قَالَ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ} [القصص: 83] الآيَةَ، ثُمَّ هَدَأَ الصَّوْتُ، فَقَالَ مُسْلِمَةُ لِفَاطِمَةَ: قَدْ قُبِضَ صَاحِبُكِ، فدخلوا فوجدوه قد قبض3.   1 خبر حسن: أخرجه الفسوي "1/ 620"، وابن الجوزي في مناقب عمر "319". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 404"، والفسوي في تاريخه "1/ 608"، وابن الجوزي في مناقب عمر "323". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 407"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 335" بسند صحيح. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 125 رَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ خَالِدٍ الرَّبَعِيِّ قال: إنا نجد في التوارة أن السماوات والأرض تبكي على عمر بن عد العزيز أربعين صَبَاحًا. جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَاتَ خَيْرُ النَّاسِ1. سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الأَقْطَعِ: ثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الْخَصِيُّ غُلامُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَهْلِ الدَّيْرِ، فَقَالَ: إِنْ بِعْتُمُونِي مَوْضِعَ قَبْرِي، وَإِلا تَحَوَّلْتُ عَنْكُمْ2. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ صَالِحَ بْنَ عَلِيٍّ لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ سَأَلَ عَنْ قَبْرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُخْبِرُهُ، حَتَّى دُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَقَالَ: قَبْرُ الصِّدِّيقِ تُرِيدُونَ، هُوَ فِي تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ. مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ وَغَيْرُهُ: أَنَا عَبَّادُ بْنُ عَمْرٍو الْوَاشِجِيُّ: ثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ -لَقِيتُهُ مِنْ نَحْوِ خَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ فَاضِلا خَيِّرًا- عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ نُسَوِّي التُّرَابَ عَلَى قَبْرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، إِذْ سَقَطَ عَلَيْنَا كتابٌ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أمانٌ مِنَ اللَّهِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ النَّارِ. الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ القحذفي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ، بِدَيْرِ سَمْعَانَ، مِنْ أَعْمَالِ حِمْصٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ ابْنُ تسعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ: تُوُفِّيَ بِدَيْرِ سَمْعَانَ، لِعَشْر بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَآخَرُونَ قَالُوا: فِي رَجَبٍ، وَلَمْ يُؤَرِّخُوا الْيَوْمَ. وَمَنَاقِبُهُ طويلةٌ اكْتَفَيْنَا بِهَذَا. 197- عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ3 -خ م- مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ. عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَسَفِينَةَ، وَابْنِ سَفِينَةَ، وَنَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأَخُوهُ سَعْدِ بن سعيد، وابن عون.   1 خبر حسن. 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 404-405". 3 التاريخ الكبير "6/ 188"، الجرح والتعديل "6/ 130"، تهذيب الكمال "2/ 1022"، تهذيب التهذيب "7/ 493". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 126 قال النسائي: ثقة. 198- عمر بن هبيرة1 بن مُعَيَّةَ بْنِ سُكَيْنٍ، أَبُو الْمُثَنَّى الْفَزَارِيُّ أَمِيرُ الْعِرَاقَيْنِ، وَلِّيهُمَا لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ هِشَامٌ عَزَلَهُ، قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: في سنة سبعٍ وتسعين غزا مسلمة القسطنطينة، وَكَانَ عَلَى أَهْلِ الْبَحْرِ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَجُمِعَتْ إِمْرَةُ الْعِرَاقِ فِي أول سنة ثلاث مائة لابْنِ هُبَيْرَةَ، فرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ جَمَعَ فُقَهَاءَ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَكْتُبُ إِلَيَّ فِي أُمُورٍ أَعْمَلُ بِهَا؟ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَنْتَ مأمورٌ، وَالتَّبِعَةُ عَلَى مَنْ أَمَرَكَ، فَأَقْبَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قَدْ قَالَ هَذَا، قَالَ: فَقُلْ أَنْتَ، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَكَأَنَّكَ بِمَلَكِ الْمَوْتِ قَدْ أَتَاكَ فَاسْتَنْزَلَكَ عَنْ سَرِيرِكَ هَذَا، وَأَخْرَجَكَ مِنْ سَعَةِ قَصْرِكَ إِلَى ضِيقِ قَبْرِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ يُنَجِّيكَ مِنْ يَزِيدَ، وَلا ينجيك زيد مِنَ اللَّهِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تعرض لِلَّهِ بِالْمَعَاصِي، فَإِنَّهُ لا طَاعَةَ لمخلوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَطَاؤُهُمْ وَفَضَلَ الْحَسَنُ2. قال ابن عون: أرسل عمر بن هبيرة إلى ابن سيرين، فأتاه فقال: كيف تركت أهل مصر؟ قَالَ: تَرَكْتُهُمْ وَالظُّلْمُ فِيهِمْ فَاشٍ، فَغَضِبَ، وَأَبُو الزِّنَادِ حاضرٌ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِنَّهُ شيخٌ، إِنَّهُ شَيْخٌ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا استُخْلِفَ هِشَامٌ بَعَثَ عَلَى الْعِرَاقِ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ، فَدَخَلَ وَاسِطَ، وَقَدْ تَهَيَّأَ ابْنُ هُبَيْرَةَ لِلْجُمُعَةِ، وَالْمِرْآةُ فِي يَدِهِ يُسَوِّي عِمَّتَهُ، إِذْ قِيلَ: هَذَا خالدٌ قَدْ دَخَلَ، فَقَالَ: هَكَذَا تَقُومُ السَّاعَةُ بَغْتَةً، فَأَخَذَهُ خَالِدٌ فَقَيَّدَهُ وَأَلْبَسَهُ عَبَاءَةً، فَقَالَ: بِئْسَ مَا سَنَنْتَ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ، أَمَا تَخَافُ أَنْ تُؤْخَذَ بِمِثْلِ هَذَا! قَالَ: فَاكْتَرَى مَوَالِي ابْنِ هُبَيْرَةَ دَارًا نَقَّبُوا مِنْهَا سَرَبًا إِلَى السِّجْنِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ، وَقَدْ تَوَلَّى الْعِرَاقَيْنِ أَيْضًا وَلَدُهُ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ. 199- عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ3 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. كَانَ لَعَّابًا مُتَنَعِّمًا، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ فَحْلُ بَنِي مَرْوَانَ؛ لِأَنَّهُ كان يركب معه ستون ابنًا لصلبه.   1 سير أعلام النبلاء "4/ 562"، تاريخ دمشق "36/ 195-198". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 149-150". 3 تاريخ خليفة "302-311، 312"، المعرفة والتاريخ "1/ 575". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 127 200- عَمْرُو بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبَدَةَ الْمَصْرِيُّ1 -ق- مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ فَقَطْ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ مائة. 201- عَمْرُو بْنُ هَرِمٍ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيّ2 -م ت ن ق- عَنْ: أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: حَبِيبُ بن أبي حبيب الحرمي، وَسَالِمٌ الْمُرَادِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ. 202- عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3 ابْنِ الأَمِيرِ شُرَحْبِيل بْن حَسَنة الكِندي الْمَصْريّ القاضي، أَبُو شُرَحبِيلٍ. رَوَى عَنْ أَبِي خراش، صحابي. وعنه: عياش بن عباس القتابي، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ قَاضِي مِصْرَ وَصَاحِبَ شُرَطِهَا فِي سَنَةِ تسع وثمانين وقبلهما، ثُمَّ وُلِّيَ مِصْرَ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ. عِمْرَانُ بْنُ مِلْحَانَ -ع- هُوَ أَبُو رَجَاءٍ. سَيَأْتِي. 203- عمير مولى أم الفضل4 -خ م د ن- وَقِيلَ مَوْلَى ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. عن: ابن عباس، وأسامة بن زيد، وأبو جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةَ، وَأُمِّ الْفَضْلِ بنة الْحَارِثِ. وَعَنْهُ سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَالأَعْرَجُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَمَاتَ سَنَةَ أربعٍ ومائة.   1 التاريخ الكبير "6/ 378"، الجرح والتعديل "6/ 266"، تهذيب الكمال "2/ 1054"، ميزان الاعتدال "3/ 292"، تهذيب التهذيب "8/ 116-117". 2 التاريخ الكبير "3/ 380"، الجرح والتعديل "6/ 267"، وميزان الاعتدال "3/ 291"، تهذيب الكمال "2/ 1053"، تهذيب التهذيب "8/ 113". 3 التاريخ الكبير "6/ 420"، الجرح والتعديل "6/ 301". 4 التاريخ الكبير "6/ 532"، الجرح والتعديل "6/ 380"، تهذيب الكمال "2/ 1062". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 128 204- عَنْبَسَةُ بْنُ سُحَيْمٍ الْكَلْبِيُّ الأَمِيرُ1، مُتَوَلِّي بِلادِ الأندلس من قبل بني أمية. قال ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. 205- عِيَاضُ بن عبد الله2 -ع- بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيُّ الْحِجَازِيُّ، ولد أمير الْمِصْرِيَّةِ لِعُثْمَانَ، نَشَأَ بِمِصْرَ، الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَ بِمِصْرَ وَالْحِجَازِ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وعنه: بكير بن الأشج، وزيد بن أسلم، وسعيد المقبري -وهو من أقرانه- وابن عجلان، وإسماعيل بن أمية، وداود بن قيس، وعبيد الله بن عمر، وآخرون. ثقةٌ حجة. 206- عيسى بن عاصم الكوفي3 -د ن ق- عَنِ: الْقَاضِي شُرَيْحٍ، وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَعَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ. وَعَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ صالح، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَغَيْرُهُمْ وَكَانَ صَدُوقًا نَزَلَ أَرْمِينِيَّةَ. "حرف الْفَاءِ": 207- الْفَرَزْدَقُ4 مُقدَّمُ شُعَرَاءِ الْعَصْرِ: أَبُو فِرَاسٍ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ عِقَالٍ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: عَليّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحُسَيْنِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَالطِّرِمَّاحِ الشَّاعِرِ. وَعَنْهُ الكميت الشاعر، ومروان الأصغر، وخالد الحذاء، وأشعث بن عبد الملك، والصعق بن ثاب، وَآخَرُونَ، وَابْنُ لَبَطَةَ بْنِ الْفَرَزْدَقِ، وَحَفِيدُهُ أَعْيَنُ بن لبطة. ووفد   1 الكامل في التاريخ "5/ 136-490". 2 الطبقات الكبرى "5/ 242"، التاريخ الكبير "8/ 21"، الجرح والتعديل "6/ 408"، تهذيب الكمال "2/ 1076"، الثقات لابن حبان "5/ 264"، سير أعلام النبلاء "4/ 516"، تهذيب التهذيب "8/ 200-201". 3 التاريخ الكبير "6/ 395"، الجرح والتعديل "6/ 283"، تهذيب الكمال "2/ 1080"، تهذيب التهذيب "216-217". 4 سير أعلام النبلاء "4/ 590"، الأغاني "9/ 324"، الشعر والشعراء "1/ 381-392"، البداية والنهاية "9/ 265-266". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 129 عَلَى الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ، وَمَدَحَهُمَا، وَلَمْ أَرَ لَهُ وِفَادَةً عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَلَمْ يَصِحَّ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: كَانَ غَلِيظَ الْوَجْهِ جَهْمًا، لُقِّبَ الفرزدق، وهو الرغيف الضخم، شبه وجهه ذلك. قَالَ مُسَدَّدٌ: ثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعَ الْجَارُودُ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي رِيَاحٍ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ وَثِيلٍ الْفَرَزْدَقُ بماءٍ يظهر الْكُوفَةِ، عَلَى أَنْ يَعْقِرَ هَذَا مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَهَذَا مِائَةً مِنَ الإِبِلِ إِذَا وَرَدْتُ الْمَاءَ، فَلَمَّا وَرَدَتْ قَامَا إِلَيْهَا بِالسُّيُوف يَكْسَعَانِ عَرَاقِيبَهَا، فَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ يُرِيدُونَ اللحم، وعلي -رضي الله عنهم- بِالْكُوفَةِ، فَخَرَجَ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُنَادِي: لا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِهَا فَإِنَّهُ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ. قَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أحدٌ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ بِالْبَادِيَةِ أَحْسَنَ دِينًا مِنْ صَعْصَعَةَ جَدِّ الْفَرَزْدَقِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ، وَهُوَ الَّذِي أَحْيَا الْوَئِيدَةَ، وَبِهِ يَفْتَخِرُ الْفَرَزْدَقُ حَيْثُ يَقُولُ: وجدي الذي منع الوائدا ... ت فأحيا الوئيد فلم يوءد فقيل: إنه أحيا ألف موءدةٍ، وَحُمِلَ عَلَى أَلْفِ فَرَسٍ. وَقَدْ رَوَى الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدِيثَ وِفَادَةِ صَعْصَعَةَ بْنِ نَاجِيَةَ الْمُجَاشِعِيِّ، وَأَنَّهُ جَدُّ الْفَرَزْدَقِ. رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْفَرَزْدَقِ، فَتَحَرَّكَ، فَإِذَا فِي رِجْلَيْهِ قَيْدٌ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا أَبَا فِرَاسٍ؟ قَالَ: حَلَفْتُ أَنْ لا أُخْرِجُهُ مِنْ رِجْلِي حَتَّى أَحْفَظَ الْقُرْآنَ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: لَمْ أَرَ بَدَوِيًّا أَقَامَ بِالْحَضَرِ إِلا فَسَدَ لِسَانُهُ غَيْرُ رُؤْبَةَ وَالْفَرَزْدَقِ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: كَانَ الْفَرَزْدَقُ أَشْعَرَ النَّاسِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ النَّحْوِيُّ: مَا شَهِدْتُ مَشْهَدًا قَطُّ، وَذُكِرَ فِيهِ جَرِيرٌ وَالْفَرَزْدَقُ فَأَجْمَعَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ وَأَهْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَكَانَ يُونُسُ يُقَدِّمُ الْفَرَزْدَقَ بِغَيْرِ إِفْرَاطٍ. وَقَالَ ابْنُ دَابٍ: الْفَرَزْدَقُ أَشْعَرُ عَامَّةً، وَجَرِيرُ أَشْعَرُ خَاصَّةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: أَتَى الْفَرَزْدَقُ الْحَسَنَ فَقَالَ: إِنِّي هَجَوْتُ إِبْلِيسَ، فاسمع. قال: لا حاجة لنا بما تَقُولُ، قَالَ: لَتَسْمَعَنَّ أَوْ لأَخْرُجَنَّ فَلأَقُولَنَّ لِلنَّاسِ: إن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 130 الْحَسَنَ يَنْهَى عَنْ هِجَاءِ إِبْلِيسَ، قَالَ: اسْكُتْ فَإِنَّكَ عَنْ لِسَانِهِ تَنْطِقُ. وَقِيلَ لابْنِ هُبَيْرَةَ: مَن سَيِّدُ أَهْلِ الْعِرَاقِ؟ قَالَ الْفَرَزْدَقُ هَجَانِي مَلِكًا، وَمَدَحَنِي سُوقَةً. رَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو قَالَ: دَخَلَ الْفَرَزْدَقُ عَلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ فَقَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْيَمَنِ إِلا أَبُو مُوسَى حَجَمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَمَ بِلالُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: ترى أنه ذهب على هذا، أو ليس كثيرٌ لِأَبِي مُوسَى أَنْ يَحْجِمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا فَعَلَ هَذَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلا بَعْدَهُ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ: أَبُو مُوسَى كَانَ أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يُجَرِّبَ الْحِجَامَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ الْفَرَزْدَقُ زِيرَ نساءٍ وَصَاحِبَ زِيٍّ عَلَى مَا ذَكَرَ الْجَاحِظُ، وَقَالَ: وَكَانَ لا يُحْسِنُ بَيْتًا وَاحِدًا فِي صِفَاتِهِنَّ وَاسْتِمَالَةِ أَهْوَائِهِنَّ، وَلا فِي صِفَّةِ عشقٍ وَتَبَارِيحِ حُبٍّ، وَجَرِيرٌ ضِدَّهُ فِي إِرَادَتِهِنَّ، وَخِلافَهُ فِي وَصْفِهِنَّ، أَحْسَنُ خَلْقِ اللَّهِ تَشْبِيبًا، وَأَجْوَدُهُمْ نَسِيبًا، وَهَذَا ظاهرٌ مَعْرُوفٌ. الأَصْمَعِيُّ: ثَنَا أَبُو مَوْدُودٍ، ثَنَا شَفْقَلُ رِوَايَةَ الْفَرَزْدَقِ قَالَ: طَلَّقَ الْفَرَزْدَقُ امْرَأَتَهُ النَّوَّارَ ثَلاثًا، وَقَالَ لِي: يَا شَفْقَلُ، امْضِ بِنَا إِلَى الْحَسَنِ حَتَّى نُشْهِدَهُ عَلَى طَلاقِ نَوَّارٍ، قُلْتُ: أَخْشَى أَنْ يَبْدُو لَكَ فِيهَا، فَيَشْهَدُ عَلَيْكَ الْحَسَنُ فَتُجْلَدُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَكُمَا، فَقَالَ: لا بدَ مِنْهُ، فَمَضَيْنَا إِلَى الْحَسَنِ فِي حَلَقَتِهِ، فَقَالَ لَهُ الْفَرَزْدَقُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، عَلِمْتَ أَنِّي قَدْ طَلَّقْتُ النَّوَّارَ ثَلاثًا، فَقَالَ: قَدْ شَهِدْنَا عَلَيْكَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ فَأَعَادَهَا، فَشَهِدَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَأَنْشَأَ الْفَرَزْدَقُ يَقُولُ: نَدِمْتُ نَدَامَةَ الْكُسَعِيِّ لَمَّا ... مَضَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَّارُ وَكَانَتْ جَنَّتِي فَخَرَجْتُ مِنْهَا ... كَآدَمَ حِينَ أَخْرَجَهُ الضِّرَارُ فَلَوْ أَنِّي مَلَكْتُ يَدِي وَقَلْبِي ... لكان علي للقدر الخيار روى الأصمعي وغيره أن النوار مات، فَخَرَجَ الْحَسَنُ فِي جَنَازَتِهَا، فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: يَا أبا سعيد، يَقُولُ النَّاسُ حَضَرَ هَذِهِ الْجَنَازَةَ خَيْرُ النَّاسِ وَشَرُّ النَّاسِ، فَقَالَ الْحَسَنُ: لَسْتُ بِخَيْرِ النَّاسِ ولست بشرهم، ما أعدت لِهَذَا الْيَوْمِ يَا أَبَا فِرَاسٍ؟ قَالَ: شَهَادَةُ أن لا الله إِلا اللَّهُ مُنْذُ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَفِي رِوَايَةٍ: مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً، قَالَ الْحَسَنُ: نَعَمِ الْعُدَّةُ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْفَرَزْدَقُ يَقُولُ: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 131 أَخَافُ وَرَاءَ الْقَبْرِ إِنْ لَمْ يُعَافِنِي ... أَشَدَّ مِنَ الْقَبْرِ الْتِهَابًا وَأَضْيَقَا إِذَا جَاءَنِي يَوْمُ الْقِيَامَةِ قائدٌ ... عنيفٌ وسواقٌ يَسُوقُ الْفَرَزْدَقَا لَقَدْ خَابَ مِنْ أَوْلادِ آدَمَ مَنْ مَشَى ... إِلَى النَّارِ مَشْدُودَ الْقِلادَةِ أَزْرَقَا وَفِي رِوَايَةٍ: يُسَاقُ إِلَى نَارٍ الْجَحِيمِ مُسَرْبَلا ... سَرَابِيلَ قطرانٍ لِبَاسًا مُحْرِقَا إِذَا شَرِبُوا فِيهَا الْحَمِيمَ رَأَيْتَهُمْ ... يَذُوبُونَ مِنْ حَرِّ الصَّدِيدِ تُمَزَّقَا قَالَ: فَأَبْكَى النَّاسَ. وللفرزدق مما رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّ الْمَهَالِبَةَ الْكِرَامَ تَحَمَّلُوا ... دَفْعَ الْمَكَارِهِ عَنْ ذَوِي الْمَكْرُوهِ زَانُوا قَدِيمَهُمْ بِحُسْنِ حَدِيثِهِمْ ... وَكَرِيمَ أخلاقٍ بِحُسْنِ وُجُوهِ أَبُو الْعَيْنَاءِ: ثَنَا أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ، عن أبي عمرو بن العلاء قال: حضرت الفرزدق وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ ثِقَةً بالله منه، قَالَ: وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ عشرٍ وَمِائَةٍ، فَلَمْ أَنْشُبْ أَنْ قَدِمَ جَرِيرٌ مِنَ الْيَمَامَةِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَمَا أَنْشَدَهُمْ وَلا وَجَدُوهُ كَمَا عَهِدُوهُ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَطْفَأَ وَاللَّهِ الْفَرَزْدَقُ جَمْرَتِي، وَأَسَالَ عَبْرَتِي، وَقَرَّبَ مَنِيَّتِي، ثُمَّ رَدَّ إِلَى الْيَمَامَةِ، فَنُعِيَ لَنَا فِي رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ. قُلْتُ: وَكِتَابُ مُنَاقَضَاتِ جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ مشهورٌ، وَفِيهِ كثيرٌ مِنْ شِعْرِهِمَا. 208- فُضَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ1 -م ت ن ق- أَحَدُ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَمَاتَ شَابًا قَبْلَ أَنْ يَتَكَهَّلَ. رَوَى عَنْهُ أَخُوهُ الْحَسَنُ، وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَالْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو إِسْرَائِيلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيفَةَ الْمُلائِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ حُجَّةٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ.   1 الطبقات الكبرى "6/ 334"، التاريخ الكبير "7/ 120"، الجرح والتعديل "7/ 73"، تهذيب الكمال "2/ 1102-1103"، الثقات لابن حبان "7/ 314"، تهذيب التهذيب "8/ 293". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 132 209- فُضَيْلُ بْنُ فَضَالَةَ الْهَوْزَنِيُّ الشَّامِيُّ1 -ن- أَرْسَلَ عن: النبي -صلى الله عليه وسلم، وروى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَكَانَ ثِقَةً. "حرف الْقَافِ": 210- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر الصِّدّيق2 -ع- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْن عَامِرِ بْن عمرو بْن كعب بن سعد بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَحَدُ الْأَعْلَامِ. وُلِدَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَكَانَ خَيْرًا مِنْ أَبِيهِ بِكَثِيرٍ، نَشَأَ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ فِي حِجْرِ عَمَّتِهِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رَضِيَ الله عنهما، فَسَمِعَ مِنْهَا، وَمِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَصَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَطَائِفَةٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَأَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَآخَرُونَ، وَحَدِيثُهُ أَعْلَى شيءٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ رَوَى فِي صَحِيحِهِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ أَفْلَحَ عَنْهُ أَحَادِيثَ، وَكَانَ فَقِيهًا إِمَامًا مُجْتَهِدًا وَرِعًا عَابِدًا ثِقَةً حُجَّةً، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا بِالْمَدِينَةِ نُفَضِّلُهُ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ3. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَفْضَلَ مِنَ الْقَاسِمِ، لَقَدْ تَرَكَ مِائَةَ ألفٍ هِيَ لَهُ حَلالٌ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قَلَنْسُوَةَ خزٍ، رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ وهيب، سمع أيوب يقول ذلك.   1 التاريخ الكبير "7/ 120"، الجرح والتعديل "7/ 74"، تهذيب الكمال "2/ 1105"، تهذيب التهذيب "8/ 298". 2 الطبقات الكبرى "5/ 187-194"، التاريخ الكبير "7/ 157"، الجرح والتعديل "7/ 118"، تهذيب الكمال "2/ 115"، حلية الأولياء "2/ 183-187"، سير أعلام النبلاء "5/ 53-60"، تهذيب التهذيب "8/ 333-335". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 184". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 133 وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ ثلاثة: القاسم، وعروة، وعمرة، وقال علي بن الْمَدِينِيُّ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ -أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ- وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ -فَذَكَرَ حَدِيثًا. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا أَعْلَمَ مِنَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ1. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أبيه قال: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِالسُّنَةِ مِنَ الْقَاسِمِ بن محمد2. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ تَرْجَمَةً مُشَبَّكَةً بِالذَّهَبِ. ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قال: سبعةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نُظَرَاءُ، إِذَا اخْتَلَفُوا أُخِذَ بِقَوْلِ أَحَدِهِمْ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَالْقَاسِمُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: صَارَت الْفَتْوَى إِلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ عَشَرَةٌ، فَذَكَرَ مِنْهُمُ الْقَاسِمَ. يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: ثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: جَاءَ أعرابيٌ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ أَمْ سَالِمٌ؟ قَالَ: ذَاكَ مَنْزِلُ سَالِمٍ، لَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَا. ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحَدَّ ذِهْنًا مِنَ الْقَاسِمِ، إِنْ كَانَ لَيَضْحَكُ مِنْ أَصْحَابِ الشُّبَهِ كَمَا يَضْحَكُ الْفَتَى. خَالِدُ بْنُ خِرَاشٍ: ثَنَا مَالِكٌ قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ رَجُلا عَاقِلا، وَكَانَ ابْنُهُ يُحَدِّثُ عَنْهُ أَنَّ الذُّنُوبَ لاحقةٌ بِأَهْلِهَا. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَسْأَلُ الْقَاسِمَ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي، لا أَعْلَمُ. فَلَمَّا أَكْثَرَ قَالَ: وَاللَّهِ لا نَعْلَمُ كُلَّ مَا تَسْأَلُونَا عَنْهُ3. حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: لِأَنْ يَعِيشُ الرَّجُلُ جَاهِلا بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَ حَقَّ اللَّهِ خيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَقُولَ مَا لا يَعْلَمُ4. قَالَ مَالِكٌ: مَا حَدَّثَ الْقَاسِمُ مِائَةَ حديثٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قال: لو كان لي في   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 184". 2 صفة الصفوة "2/ 89". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 184". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 184". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 134 الأَمْرِ شَيْءٌ لَوَلَّيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْخِلافَةِ. قُلْتُ: إِنَّمَا بَايَعُوا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالْخِلافَةِ مَشْرُوطًا بِأَنَّ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ لِيَزِيدَ، فَلِهَذَا قَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِنَ الأَمْرِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ كَانَ إِلَيَّ أَنْ أَعْهَدَ مَا عَدَوْتُ أَحَدَ رَجُلَيْنِ: صَاحِبُ الأَحْوَصِ، يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَّيَةَ، وَكَانَ خِيَارًا، أَوْ أعيمش بني تميم، يَعْنِي الْقَاسِمَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: فَبَلَغَتِ الْقَاسِمَ فَقَالَ: إِنَّ الْقَاسِمَ لَيَضْعُفُ عَنْ أَهْلِيهِ فَكَيْفَ بِأَمْرِ الأُمَّةِ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ الْقَاسِمُ مِمَّنْ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ بِحُرُوفِهِ، ابْنُ وَهْبٍ: ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ لا يَكَادُ يردٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَعِيبُ عَلَيْهِ، فَتَكَلَّمَ رَبِيعَةُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ، فَلَمَّا قَامَ الْقَاسِمُ وَهُوَ متكئ عَلَيَّ قَالَ لِي: لا أَبًا لِغَيْرِكَ، أَتَرَى النَّاسَ كَانُوا غَافِلِينَ عَمَّا يَقُولُ صَاحِبُنَا؟ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ قَالَ: أَرْسَلَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيُّ إِلَى الْقَاسِمِ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ لا يُفَسِّرُ، يَعْنِي الْقُرْآنَ. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: مَا كَانَ الْقَاسِمُ يُجِيبُ إِلا فِي الشَّيْءِ الظَّاهِرِ، وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: إِنَّ الْقَاسِمَ قَالَ فِي شَيْءٍ: أَرَى وَلا أَقُولُ إِنَّهُ الْحَقُّ1. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ، وَسَالِمًا يَلْعَنَانِ الْقَدَرِيَّةُ. قَالَ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى الدِّمَشْقِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ يُمْلِي عَلَيَّ أَحَادِيثَ، فَقَالَ: إِنَّ الأَحَادِيثَ كَثُرَتْ عَلَى عَهْدِ عمر -رضي الله عنهم، فَأَنْشَدَ النَّاسَ أَنْ يَأْتُوهُ بِهَا، فَلَمَّا أَتَوْهُ بِهَا أَمَرَ بِتَحْرِيقِهَا، ثُمَّ قَالَ: مَثْنَاةَ2 كَمَثْنَاةِ أَهْلِ الْكِتَابِ! قَالَ: فَمَنَعَنِي الْقَاسِمُ يومئذٍ أَنْ أَكْتُبَ حَدِيثًا3. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ مَجْلِسُ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ فِي الْمَسْجِدِ وَاحِدًا، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 187". 2 المثناة: كتاب وضعه أحبار بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام. 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 188". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 135 بَعْدَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ بَعْدَهُمَا مَالِكٌ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ1. أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القاسم قال: اختلاف الصحبة رحمة. ومحمد بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ، ابْنُ أَبِي الْمَوَّالِ قَالَ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ يَأْتِي الْمَسْجِدَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَجْلِسُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَسْأَلُونَهُ. سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ قَدْ ضَعُفَ جِدًّا، فَكَانَ يَرْكَبُ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى يَأْتِيَ مَسْجِدَ مِنًى، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ، فَيَمْشِي مِنْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ إِلَى الْجِمَارِ وَيَرْمِيهَا2. قَالَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: رَأَيْتُ عَلَى الْقَاسِمِ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ حَلَقَةً فِيهَا اسْمُهُ، فِي خِنْصَرِه الْيُسْرَى. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ لا يُحْفِي شَارِبَهُ جِدًّا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ قال: رأيت على القاسم جبة خزٍ، وكساء خز، وعمامة خز، وقد أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ: كَانَ الْقَاسِمُ يَلْبِسُ جُبَّةَ خَزٍّ، وَقَالَ الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ صَفْرَاءُ، وَرِدَاءُ مُقَبَّبٌ3. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْعَلاءِ قَالَ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَرَأَيْتُ عَلَى رَحْلِهِ قَطِيفَةً مِنْ خزٍ، غَبْرَاءَ، وَعَلَيْهِ رداءٌ مُعَصْفَرٌ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَيْدٍ: دَخَلْتُ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ فِي قَبَّوَةٍ معصفرةٍ، وَتَحْتَهُ فِرَاشٌ مُعَصْفَرٌ، وَقَالَ مَعْنٌ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الْقَاسِمِ، عِمَامَةً بَيْضَاءَ، قَدْ سَدَلَ خَلْفَهُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ شِبْرٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ الْقَاسِمُ يَخْضِبُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ، وَقَالَ آخَرُ: لَمْ أَرَهُ يَخْضِبُ. وَقَالَ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَاتَ الْقَاسِمُ بِقُدَيْدٍ، فَقَالَ: كَفِّنُونِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيهَا، قَمِيصِي وَإِزَارِي وَرِدَائِي، هَكَذَا كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ، وَالْحَيُّ   1 خبر ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 188"، وفيه الواقدي وهو من المتروكين. 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 190". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 191". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 136 أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ1. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: أَوْصَى الْقَاسِمُ أَنْ لا يُبْنَى عَلَى قَبْرِهِ، وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ: مَاتَ بِقُدَيْدٍ وَدُفِنَ بِالْمُشَلَّلِ، وَبَيْنَهُمَا ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرهُ2. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ، أَوْ أَوَّلِ سَنَةِ سبعٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الهيثم، وابن بكير: سنة سبع. قال ابْنُ الْمَدِينِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ: سَنَةَ ثمانٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشَرَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ قولٌ شاذٌ. 211- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ الشَّامِيُّ3 عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ. وَعَنْهُ: قَيْسُ بْنُ الأَحْنَفِ، وَعُثْمَانُ بْنُ الأَحْنَفِ، وَعُثْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي رَوَى عَنْ مُعَاوِيَةَ هو القاسم أبو عبد الرحمن. القاسم بن مخيمرة في الطبقة الآتية. 212- الْقُطَامِيُّ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ4 عَمْرُو بْنُ شُيَيْمٍ، وَيُقَالُ شُيَيْمُ بْنُ عَمْرٍو التَّغْلِبِيُّ، كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَمَدَحَ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَغَيْرَهُ، وَهُوَ صَاحِبُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ السَّائِرَةِ الَّتِي أَوَّلِهَا: إِنَّا مُحَيُّوكَ فَاسْلَمْ أَيُّهَا الطُّلَلُ ... وَإِنْ بَلِيتَ وَإِنْ طَالَتْ بِكَ الطِّيَلُ وَمَا هَدَانِي لتسليمٍ عَلَى دمنٍ ... بِالْعُمْرِ غَيْرُهُنَّ الأَعْصَرُ الأَوَّلُ وَالنَّاسُ مَنْ يَلْقَ خَيْرًا قَائِلُونَ لَهُ ... مَا يَشْتَهِي وَلأُمِّ الْمُخْطِئِ الْهَبَلُ قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ ... وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ وَرُبَّمَا فَاتَ قَوْمًا بَعْضَ أَمْرِهِمْ ... مِنَ التَّأَنِّي وَكَانَ الْحَزْمُ لَوْ عَجَلُوا وَالْعَيْشُ لا عَيْشَ إِلا مَا تَقَرُّ بِهِ ... عينٌ وَلا حَالَ إِلا سَوْفَ تنتقل   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 193". 2 خبر ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 194" وفيه الواقدي وهو متروك. 3 التاريخ الكبير "7/ 157، 158"، الجرح والتعديل "7/ 118". 4 الشعر والشعراء "2/ 609-612"، الكامل في الأدب "1/ 37"، الأغاني "24/ 16-50"، طبقات الشعراء لابن سلام "452-457". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 137 أَمَّا قريشٌ فَلَنْ تَلْقَاهُمُ أَبَدًا ... إِلا وَهُمْ خَيْرُ مَنْ يَحْفَى وَيَنْتَعِلُ قومٌ هُمْ أُمَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ ... رَهْطُ الرَّسُولِ فَمَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلُ 213- الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ الْمَدَنِيُّ1 -م4- عَنْ: عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سُمَيٌّ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَابْنُ عَجْلانَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ. 214- قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ2 -د- عَنْ عبادة بن الصام، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ ابن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ. 215- قَيْسُ بْنُ عَبَايَةَ3 -4- أَبُو نَعَامَةَ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَسَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ بِالْكُنْيَةِ أَشْهَرُ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. "حرف الْكَافِ": 216- كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ4 -د- مولى أبي بكر الصديق.   1 التاريخ الكبير "7/ 188"، الجرح والتعديل "7/ 136"، تهذيب الكمال "2/ 1131"، تهذيب التهذيب "8/ 383". 2 التاريخ الكبير "7/ 151-152"، الجرح والتعديل "7/ 95"، تهذيب الكمال "2/ 1132"، تهذيب التهذيب "8/ 386". 3 التاريخ الكبير "7/ 156"، الجرح والتعديل "7/ 102"، تهذيب الكمال "2/ 1137"، تهذيب التهذيب "8/ 400-401"، ميزان الاعتدال "3/ 397". 4 التاريخ الكبير "7/ 206"، الجرح والتعديل "7/ 155"، تهذيب الكمال "2/ 1144"، تهذيب التهذيب "8/ 423-424". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 138 عن عائشة، وزيد بن ثاب، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدٌ، وَحَفِيدُهُ عَنْبَسَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، ومجالد بن سعيد. 217- كثير عزة الشاعر المشهور1 هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود الخزاعي، أبو صخر المدني، قدم الشام، ومدح عبد الملك بن مروان وغيره. قال الزبير بن بكار: كان شيعيا يَقُولُ بِتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ، وَيَقْرَأُ {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 8] ، قَالَ: وَكَانَ خَشَبِيًّا يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ، يَعْنِي رَجْعَةَ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهم- إلى الدنيا. قال عمر بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ جَعُونَةَ قَالَ: كَانَ لا يَقُومُ خَلِيفَةٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلا سَبَّ عَلِيًّا، فَلَمْ يَسُبُّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ كُثَيِّرٌ: وُلِّيتَ فَلَمْ تَشْتُمْ عَلِيًّا وَلَمْ تُخِفْ ... بَنِيهِ وَلَمْ تَتْبَعْ سَجِيَّةَ مُجْرِمِ وَقُلْتَ فَصَدَّقْتَ الَّذِي قُلْتَ بِالَّذِي ... فَعَلْتَ فَأَضْحَى رَاضِيًا كُلُّ مُسْلِمِ وَكَانَ قَدْ أَحَبَّ عَزَّةَ وَشَبَّبَ بِهَا، فَمِنْ ذَلِكَ: وَإِنِّي وَتَهْيَامِي بِعَزَّةَ بَعْدَ مَا ... تَخَلَّيْتُ مِمَّا بَيْنَنَا وَتَخَلَّتِ لَكَالْمُرْتَجِي ظِلَّ الغمامة كلما ... تبوء مِنْهَا لِلْمَقِيلِ اضْمَحَلَّتِ وَقُلْتُ لَهَا: يَا عَزُّ كلُّ مصيبةٍ ... إِذَا ذُلِّلَتْ يَوْمًا لَهَا النَّفْسُ ذَلَّتِ قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ النَّحْوِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ: كُثَيِّرٌ أَشْعَرُ أَهْلِ الإِسْلامِ، وَرَأَيْتُ ابْنَ أَبِي حَفْصَةَ يُعْجِبُهُ مَذْهَبُهُ فِي الْمَدِيحِ جِدًّا، يَقُولُ: كَانَ يَسْتَقْصِي الْمَدِيحَ، وَكَانَ فِيهِ خطلٌ وعجبٌ، وَكَانَتْ لَهُ عِنْدَ قريشٍ منزلةٌ وقدرٌ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقِيَتِ امرأةٌ كُثَيِّرَ عَزَّةَ -وَكَانَ قَلِيلا دَمِيمًا- فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: كُثَيِّرُ عَزَّة، فَقَالَتْ: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خيرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ، قَالَ: مهٍ أَنَا الَّذِي أَقُولُ: فَإِنْ أَكُ مَعْرُوقَ الْعِظَامِ فَإِنَّنِي ... إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن   1 الأغاني "9/ 3-39"، "12/ 174-191"، سير أعلام النبلاء "5/ 152-153"، طبقات الشعراء لابن سلام "457". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 139 قالت: وكيف تكون القوم وَازِنًا وَأَنْتَ لا تُعْرَفُ إِلا بِعَزَّةَ! قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ ذَاكَ لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ بها قدري، وزين بها شعري، وإنها لكلما قُلْتُ: وَمَا رَوْضَةٌ بِالْحُزْنِ طَاهِرَةُ الثَّرَى ... يَمُجُّ النَّدَى جَثْجَاثُهَا وَعَرَارُهَا بِأَطْيَبَ مِنْ أَرْدَانِ عَزَّةَ مَوْهِنًا ... وَقَدْ أُوقِدَتْ بِالْمَنْدِلِ الرَّطِبِ نَارُهَا مِنَ الْخَفِرَاتِ الْبِيضِ لَمْ تَلْقَ شِقْوَةً ... وَبِالْحَسَبِ الْمَكْنُونِ صافٍ نَجَارُهَا فَإِنْ بَرَزَتْ كَانَتْ لِعَيْنِكَ قُرَّةً ... وإن غِبْتَ عَنْهَا لَمْ يَعْمَمْكَ عَارُهَا قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي لأَعْرِفُ صَلاحَ بَنِي هَاشِمٍ وَفَسَادَهُمْ بِحُبِّ كثير؛ لِأَنَّهُ كَانَ خَشَبِيًّا يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: مَاتَ كُثَيِّرٌ وَعِكْرِمَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَاحْتَفَلَتْ قريشٌ فِي جَنَازَةِ كُثَيِّرٍ، وَلَمْ يُوجَدْ لِعِكْرِمَةَ مَنْ يَحْمِلُهُ. قَالَ الْغَلابِيُّ: مَاتَا فِي سَنَةِ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: سَنَةَ سبعٍ ومائة. 218- كردوس الثعلبي1 -د ن- الكوفي القاص. رَوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبِي مُوسَى، وَعَائِشَةَ. وعنه: عبد الملك بن عمير، وابن عون، ومنصور بن المعتمر، وآخرون. "حرف اللام": 219- لِمَازَةُ بْنُ زَبَّارٍ2 أَبو لَبِيدٍ الْجَهْضَمِيَّ الْبَصْرِيَّ. روى عَنْ عُمَرَ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حُكَيْمٍ، وَجَمَاعَةٌ. حَضَرَ وَقْعَةَ الْجَمَلِ مَعَ عَائِشَةَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الحديث.   1 التاريخ الكبير "7/ 242-243"، الجرح والتعديل "7/ 157"، تهذيب الكمال "3/ 1146"، تهذيب التهذيب "8/ 431-432". 2 التاريخ الكبير "7/ 251"، الكنى والأسماء "2/ 92"، الجرح والتعديل "7/ 182"، تهذيب التهذيب "8/ 457-458"، ميزان الاعتدال "3/ 419". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 140 وَقَالَ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ أَبَا لَبِيدٍ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ، وَكَانَتْ تَبْلُغُ سُرَّتَهُ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، وكان شتامًا، قال ابن معين: نَرَى أَنَّهُ كَانَ يَشْتُمُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عنهم. وروى الزبير بن الخري، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ: وَفَدْنَا إِلَى يَزِيدَ فَقَالُوا: هُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، فَهَاجَتْ ريحٌ فَأَلْقَتْ خَيْمَتَهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ نَشَرَ الْمُصْحَفَ وَهُوَ يَقْرَأُ. قُلْتُ: مَا يُلامُ الشِّيعِيُّ عَلَى بُغْضِ هذا الناصبي اليزيدي الذي ينال مِنْ عَلِيٍّ وَيَرْوِي مَنَاقِبَ يَزِيدَ. "حرف الْمِيمِ": 220- مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ1 ابْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ الشَّاعِرُ، وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَحَكَى الْعُتْبِيُّ، أَنَّهُ كَانَ عَامِلا لِلْحَجَّاجِ عَلَى الْحِيرَةِ، وَكَانَ صِهْرًا لَهُ، فَبلَغَهُ عَنْهُ شيءٌ فَعَزَلَهُ، فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ قَالَ: أَنْتَ الْقَائِلُ: حَبَّذَا لَيْلَتِي بِحَيْثُ نُسَقَّى ... قَهْوَةً مِنْ شَرَابِنَا وَنُغَنَّى حَيْثُ دَارَتْ بِنَا الزُّجَاجَةُ حَتَّى ... حَسِبَ الْجَاهِلُونَ أَنَّا جُنِنَّا وَنَزَلْنَا بنسوةٍ عطراتٍ ... وسماعٍ وقرقفٍ فَنَزَلْنَا فَقَالَ: بَلْ أَنَا الْقَائِلُ: رُبَّمَا قَدْ لُقِيتُ أَمْسِ كَئِيبًا ... أَقْطَعُ اللَّيْلَ عَبْرَةً وَنَحِيبَا أَيُّهَا الْمُشْفِقُ الْمُلِحُّ حِذَارًا ... إِنَّ لِلْمَوْتِ طَالِبًا وَرَقِيبَا فَصْلُ مَا بَيْنَ ذِي الْغِنَى وَأَخِيهِ ... أَنْ يُعَارَ الْغَنِيُّ ثَوْبًا قَشِيبَا فَرَقَّ الْحَجَّاجُ ورقت عَيْنُهُ، ثُمَّ حَبَسَهُ، وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ عَمَلِهِ يَكْشِفُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا بَيْنَهُمْ: هَذَا صِهْرُ الأَمِيرِ، يَغْضَبُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ، وَيَرْضَى عَنْهُ غَدًا، فَلَمَّا دَخَلُوا قَالَ كَبِيرُهُمْ: مَا وَلِيَنَا أحدٌ قَطُّ أَعَفَّ مِنْهُ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ الْكَبِيرِ ثَلاثَمِائَةَ سوطٍ، ثُمَّ سَأَلَ أَصْحَابَهُ، فَرَفَعُوا كلَّ شيءٍ، فَقَالَ له الحجاج: ما تقول يا ملك؟ قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، مِثْلِي وَمِثْلُكَ وَمِثْلُ هَؤُلاءِ، وَالْمَضْرُوبُ مِثْلُ أسدٍ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الصيد   1 سير أعلام النبلاء "4/ 357"، الأغاني "17/ 229-239"، لسان الميزان "5/ 2". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 141 فَيَصْحَبَهُ ذئبٌ وثعلبٌ، فَاصْطَادُوا حِمَارَ وحشٍ وَتَيْسًا وأرنبًا، فقال الأسد للذئب: ومن يَكُونُ الْقَاضِي؟ فَقَالَ: وَمَا الْحَاجَةُ إِلَيْهِ! الْحِمَارُ لَكَ، وَالتَّيْسُ لِي، وَالأَرْنَبُ لِلثَّعْلَبِ، فَضَرَبَهُ الأَسَدُ ضَرْبَةً وَضَعَ رَأْسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلثَّعْلَبِ: مَنْ يُقَسِّمُ هَذَا؟ قَالَ: أَنْتَ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ، أَنَا الأَمِيرُ، وَأَنْتَ الْقَاضِي، قَالَ: فَالْحِمَارُ لِغَدَائِكَ، وَالتَّيْسُ لِعَشَائِكَ، وَالأَرْنَبُ تَتَفَكَّهُ بِهِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا أَبَا الْحُصَيْنِ، مَا أَعْدَلَكَ مَنْ عَلَّمَكَ الْقَضَاءَ؟ قَالَ: عَلَّمَنِيهِ رَأْسُ الذِّئْبِ، فَالشَّيْخُ الْمَضْرُوبُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَ هَؤُلاءِ. فَضَحِكَ الْحَجَّاجُ، وَوَصَلَ الْمَضْرُوبَ، وَخَلَّى سَبِيلَ مَالِكٍ. رَوَاهَا أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَمَّنْ شَهِدَ الْحَجَّاجَ. وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بإسنادٍ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ يُنْشِدُ قَوْلَ مَالِكِ بْنِ أَسْمَاءَ: يَا مُنَزِّلَ الْغَيْثَ بَعْدَمَا قَنِطُوا ... وَيَا وَلِيَّ النَّعْمَاءِ وَالْمِنَنِ يَكُونُ مَا شَئْتَ أَنْ يَكُونَ وَمَا ... قَدَّرْتَ أَنْ لا يَكُونَ لَمْ يَكُنِ لَوْ شِئْتَ إِذْ كَانَ حُبُّهَا عَرَضًا ... لَمْ تَرَنِي وَجْهَهَا وَلَمْ تَرَنِي يَا جَارَةَ الْحَيِّ كُنْتِ لِي سَكَنًا ... وَلَيْسَ بَعْضُ الْجِيرَانِ بِالسَّكَنِ أَذْكُرُ مِنْ جَارَتِي وَمَجْلِسِهَا ... طَرَائِفًا مِنْ حَدِيثِهَا الْحَسَنِ وَمِنْ حَدِيثِ يَزِيدُنِي مِقَةً ... مَا لِحَدِيثِ الْمَحْبُوبِ مِنْ ثَمَنِ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَّاجُ: فَضَّ اللَّهُ فَاهُ مَا أَشْعَرَهُ. قَالَ: مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ وَغَيْرُهُ: رَأَى ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ رَجُلا فِي الطَّوَافِ قَدْ بَهَرَ النَّاسَ بِحُسْنِهِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ: هُوَ مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ الْفَزَارِيُّ، فَجَاءَهُ وَعَانَقَهُ وَقَالَ: أَنْتَ أَخِي، قَالَ: فَمَنْ أَنَا وَمَنْ أَنْتَ. رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ رَجُلٍ، لِمَالِكِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ: أَمُغَطَّى مِنِّي عَلَى بصري بالـ ... ـحب أَمْ أَنْتِ أَكْمَلُ النَّاسِ حُسْنَا وحديثٍ أَلَذَّهُ هُوَ مِمَّا ... تَشْتَهِيهِ النُّفُوسُ يُوزَنُ وَزْنَا منطقٌ صائبٌ وَتَلْحَنُ أَحْيَا ... نًا وَخَيْرُ الْحَدِيثِ مَا كان لحنًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 142 121- مجاهد بن جبر1 -ع- أبو الحجاج المكي الْمُقرِئُ الْمُفَسِّرُ، أَحَدُ الأَعْلامِ، مَوْلَى السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيِّ، وَوُلِدَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ. وَسَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمَّ هَانِئٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَأُسَيْدَ بْنَ ظُهَيْرٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ -وَلَزِمَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً- وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَرَافِعَ بْنَ خُديْجٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَخَلْقًا سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ، وَطَاوُسُ، وجماعةٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَقَتَادَةُ، وَمْنَصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَمَعْرُوفُ بْنُ مِشْكَانَ، وَخَلْقٌ. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ: ثننا الْفَضْلُ بْنُ مَيْمُونٍ، سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُولُ: عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عباسٍ ثَلاثِينَ مَرَّةً2. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عباسٍ ثلاث عرضا، أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيةٍ، أَسْأَلُهُ فِيمَ نَزَلَتْ وَكَيْفَ كَانَتْ3. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ثَنَا الشَّافِعِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى شِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ، وَقَرَأَ عَلَى ابْنِ كَثِيرٍ، وَأَخْبَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ، وَقَرَأَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: خُذُوا التفسير، على أربعةٍ: مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَالَ خُصَيْفٌ: كَانَ مُجَاهِدٌ أَعْلَمَهُمْ بِالتَّفْسِيرِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالتَّفْسِيرِ مُجَاهِدٌ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: قُلْتُ: لِلأَعْمَشِ: مَا لَهُمْ يَتَّقُونَ تَفْسِيرَ مُجَاهِدٍ؟ قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ يَسْأَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ4. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعَ مجاهدٌ عَائِشَةَ، وَقَالَ الْقَطَّانُ: لَمْ يَسْمَعْ منها.   1 الطبقات الكبرى "5/ 466-467"، التاريخ الكبير "7/ 411-412"، التاريخ لابن معين "2/ 549-551"، الكنى والأسماء "1/ 144"، الجرح والتعديل "8/ 319"، الثقات لابن حبان "5/ 419"، حلية الأولياء "3/ 279-310"، تهذيب الكمال "3/ 1305"، ميزان الاعتدال "3/ 439-440"، سير أعلام النبلاء "4/ 449-457"، الإصابة "3/ 485-486"، تهذيب التهذيب "10/ 42-44". 2 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى "5/ 266"، وأبو نعيم في الحلية، "3/ 280". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 279-280"، وصفة الصفوة "2/ 209". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 467". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 143 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لِأَنْ أَكُونَ سَمِعْتُ مِنْ مُجَاهِدٍ فَأَقُولُ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي ومالي. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَجَمَاعَةٌ: مجاهدٌ ثِقَةٌ. وَقِيلَ: سكن الكوفة بأخرة. قال سلمة من كُهَيْلٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُرِيدُ بِهَذَا الْعِلْمِ وَجْهَ اللَّهِ إِلا هَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ: عَطَاءٌ، وَمُجَاهًد، وَطَاوُسٌ. بَقِيَّةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: اسْتَفْرَغَ عِلْمِي الْقُرْآنَ. شُعْبَةُ، عَنْ رجلٍ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُولُ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَخْدِمَهُ، فَكَانَ يَخْدِمُنِي1. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: رُبَّمَا أَخَذَ لِي ابْنُ عُمَرَ بِالرِّكَابِ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: كنت إذ رَأَيْتُ مُجَاهِدًا ازْدَرَيْتُهُ مُبْتَذِلا، كَأَنَّهُ خربندجٌ2 ضَلَّ حماره وهو متهم3. الأَجْلَحُ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: طَلَبْنَا هَذَا الْعِلْمَ وَمَا لَنَا فِيهِ نِيَّةٌ، ثُمَّ رَزَقَ اللَّهُ النِّيَّةَ بَعْدَ. وَقَالَ مَنْصُورٌ: قَالَ مُجَاهِدٌ: لا تُنَوِّهُوا بِي فِي الْخَلْقِ. وَقَالَ حُصَيْنٌ، عَنْ مجاهد: بينا أنا أصلي، إذا قَامَ مِثْلُ الْغُلامِ ذَاتَ ليلةٍ، فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ لِآخُذَهُ، فَوَثَبَ، فَوَقَعَ خَلْفَ الْحَائِطِ، حَتَّى سَمِعْتُ وَقْعَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُمْ يَهَابُونَكُمْ كَمَا تَهَابُونَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُلْكِ سُلَيْمَانَ. وَعَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: كُنْتُ إِذَا نَظَرْتُ إِلَى مجاهدٍ كَأَنَّهُ جَمَّالٌ فَإِذَا نَطَقَ خَرَجَ مِنْ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ. قَالَ حُمَيْدٌ الأَعْرَجُ: كَانَ مُجَاهِدٌ يُكَبِّرُ مِنْ: {وَالضُّحَى} . وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: بَلَغَ مُجَاهِدٌ ثَلاثًا وَثَمَانِينَ سَنَةً4. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، سَمِعْتُ شُيُوخَنَا يَقُولُونَ: تُوُفِّيَ مُجَاهِدٌ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ، وَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَتَبِعَهُ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَآخَرُونَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ، زَادَ بَعْضُهُمْ: تُوُفِّيَ وَهُوَ سَاجِدٌ. وَقَالَ يَحْيَى بن   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 285-286". 2 خربندج: مؤجر الحمار أو حارسه. 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 466-467"، وأبو نعيم في الحلية "1/ 711-712". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 467". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 144 الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. 222- مُحَمَّدُ بْنُ أَوْسِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْهُ: الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَبُو الأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَغَزَا مَعَ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ، وَكَانَ عَلَى بَحْرِ تُونُسَ، وَلِيَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ، وَلَمَّا قُتِلَ أَمِيرُ إِفْرِيقِيَةَ يزيد ابن أَبِي مُسْلِمٍ اجْتَمَعَ أَهْلُهَا فَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ مُحَمَّدَ بْنَ أَوْسٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 223- مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ2 -ع- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العدوي. رَوَى عَنْ: سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَدِّهِ. وعنه بنوه الخمسة: عاصم، وعمر، وواقد، وزيد، وأبو بكر، والأعمش، وغيرهم، وله وفادة على هشام بن عبد الملك. وثقه أبو حازم وغيره. 224- محمد بن سويد3 -ن- بن كلثوم القرشي الفهري. وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ إِمْرَةَ الطَّائِفِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ عَمِّ أَبِيهِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 225- مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ4 أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ، الإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ، صَاحِبُ التَّعْبِيرِ، مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، كَانَ سِيرِينُ مِنْ سَبْيِ جَرْجَرَايَا، فَكَاتَبَ أَنَسًا عَلَى مالٍ جليلٍ فَوَفَّاهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ سيرين: ولد أخي محمد لسنتين بقيتا في خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَوُلِدْتُ بَعْدَهُ بِسَنَةٍ، سَمِعَ: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، وَأَنَسًا، وَعُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيَّ، وشريحًا، وطائفة.   1 تاريخ خليفة "326"، الكامل في التاريخ "4/ 108". 2 التاريخ الكبير "1/ 84"، الجرح والتعديل "7/ 256"، تهذيب الكمال "3/ 1199"، تهذيب التهذيب "9/ 172-173". 3 التاريخ الكبير "1/ 107"، الجرح والتعديل "7/ 287-279"، تهذيب الكمال "3/ 1208"، تهذيب التهذيب "9/ 210-211". 4 التاريخ الكبير "1/ 90-92"، الطبقات الكبرى "7/ 193-206"، الزهد لأحمد "372-410"، الجرح والتعديل "7/ 280-281"، حلية الأولياء "2/ 263-282"، صفة الصفوة "3/ 241-248"، تهذيب الكمال "3/ 1208-1209"، الكنى والأسماء "1/ 122"، سير أعلام النبلاء "4/ 606-623"، التهذيب "9/ 214-217". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 145 وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعَوْفٌ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعُقْبَةُ الأَصَمُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَجَّ بِنَا وَنَحْنُ سَبْعَةُ وَلَدُ سِيرِينَ، فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قِيلَ لَهُ: هَؤُلاءِ بَنُو سِيرِينَ، فَقَالَ: هَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ وَهَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَا لأُمٍّ، فَمَا أَخْطَأَ وَاحِدًا، وَكَانَ مَعْبَدٌ أَخَا مُحَمَّدٍ لِأَبَوَيْهِ. قَالَ هِشَامٌ: أَدْرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ثَلاثِينَ صَحَابِيًّا. قال عمر بن شبة: ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بن سيرين، وكان قصيرًا، عظيم البطن، وله وَفْرَةٌ، يَفْرُقُ شَعْرَهُ، كَثِيرَ الْمِزَاحِ وَالضَّحِكِ، يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ عَلَى حُرُوفِهِ، وَكَانَ الْحَسَنُ صَاحِبُ مَعْنًى، وَقَالَ عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ: ثَنَا هِشَامُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَصْدَقُ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ الْبَشَرِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيريِنَ1، وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ: كُنْتُ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ طَاوُسٍ قَطُّ، فَقَالَ أَيُّوبُ؟ وَكَانَ جَالِسًا: وَاللَّهِ لَوْ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ لَمْ يَقُلْهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَنْ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ نَسِيجَ وَحَدَهُ، وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ: كَانَ الشَّعْبِيّ يَقُولُ لَنَا: عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ الأَصَمِّ، يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ أَفْطَنَ مِنَ الْحَسَنِ فِي أَشْيَاءٍ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَوْفٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَسُنَ الْعِلْمِ بِالْفَرَائِضِ وَالْقَضَاءِ وَالْحِسَابِ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَدْرَكَ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ مِنَ الْحَسَنِ، وَقَالَ أَشْعَثُ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ حَتَّى يَكُونَ كَأَنَّهُ لَيْسَ بِالَّذِي كان. قال مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ فِي وَرَعِهِ وَلا أَوْرَعَ فِي فِقْهِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ أَبُو قِلابَةَ: مَنْ يَسْتَطِيعُ مَا يَطِيقُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَرْكَبُ مِثْلَ حَدِّ السِّنَانِ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ مَرَّ فِي السُّوقِ، فَمَا رَآهُ أَحَدٌ إلا ذكر الله تعالى.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 194". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 146 وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ زُهَيْرٍ الأَقْطَعِ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا ذُكِرَ الْمَوْتُ مَاتَ كُلُّ عضوٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ1. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَعْظَمَ رَجَاءً لِأَهْلِ الإِسْلامِ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلا رَأَيْتُ أَسْخَى مِنْهُ، وقال مهدي بن ميمون: رأيت ابن سيرين يَتَكَلَّمُ بِأَحَادِيثَ النَّاسِ وَيُنْشِدُ الشِّعْرَ وَيَضْحَكُ حَتَّى يَمِيلَ، فَإِذَا جَاءَ الْحَدِيثَ مِنَ السُّنَّةِ كَلِحَ وَتَقَبَّضَ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: قَالَ لِي مُحَمَّدٌ: لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنِي مِنْ مُجَالَسَتِكُمْ إِلا خَوْفَ الشُّهْرَةِ، فَلَمْ يَزَلْ بِي الْبَلاءُ حَتَّى أَخَذَ بِلِحْيَتِي، فَأَقَمْتُ عَلَى الْمَصْطَبَةِ، فَقِيلَ: هَذَا ابْنُ سِيرِينَ أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ، قَالَ: وَكَانَ عَلَيْهِ دينٌ كَثِيرٌ2. وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّهُ اشْتَرَى زَيْتًا بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَوَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً فَبَدَرَهُ. قُلْتُ: شَكٌّ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ الْفَأْرَةَ فِي زقٍ وَقَالَ: الْفَأْرَةُ كَانَتْ فِي الْمَعْصَرَةِ. قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ صَاحِبُ ضَحِكٍ وَمِزَاحٍ، وقال هشيم بن مَنْصُورٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَضْحَكُ حَتَّى تَدْمَعَ عَيْنَاهُ، وَكَانَ الْحَسَنُ يُحَدِّثُنَا وَيَبْكِي. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، فَوُضِعَتِ الْجَنَازَةُ وَدَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ صِهْرِيجًا يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالُوا: يَتَوَضَّأُ، قَالَ: صَبًّا صَبًّا، دَلْكًا دلْكًا، عذابٌ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِهِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: أَنْبَأَ ابْنُ عَوْنٍ: سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَنْهَى عَنِ الْجِدَالِ إِلا رَجَاءً إِنْ كَلَّمْتَهُ أَنْ يَرْجِعَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: كَاتَبَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَبِي أَبَا عَمْرَةَ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ درهمٍ فَأَدَّاهَا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ: هَذِهِ مُكَاتَبَةُ سِيرِينَ عِنْدَنَا، وَكَانَ قِنًّا. قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ ابن سِيرِينَ بِوَاسِطٍ، فَلَمْ أَرَ أَجْبَنَ عَنْ فُتْيَا وَلا أَجْرَأَ عَلَى رُؤْيَا مِنْهُ. قَالَ يُونُسُ بن عبيد: لم يكن يعرض لمحمد ابن سِيرِينَ أَمْرَانِ فِي دِينِهِ إِلا أَخَذَ بِأَوْثَقِهِمَا. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَتَّجِرُ، فَإِذَا ارْتَابَ فِي شيءٍ تَرَكَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَشَدَّ النَّاسِ إِزْرَاءً عَلَى نَفْسِهِ. وَقَالَ غَالِبٌ الْقَطَّانُ: خُذُوا بِحِلْمِ ابْنِ سِيرِينَ، وَلا تَأْخُذُوا بِغَضَبِ الْحَسَنِ.   1 أخرجه أحمد في الزهد "374"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 272". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 199"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 271". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا1. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ يَصُومُ مُحَمَّدٌ عَاشُورَاءَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يُفْطِرُ بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمَيْنِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ سِيرِينَ فَذَكَرَ رَجُلا فقال: ذاك الأسود، ثم قال: إنا لِلَّهِ، أَرَانِي قَدِ اغْتَبْتُهُ. وَقَالَ مُعَاذٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعَثَ إِلَى الْحَسَنِ فَقَبِلَ، وَبَعَثَ إِلَى ابْنِ سِيرِينَ فَلَمْ يَقْبَلْ. وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ رَجَاءٍ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَجِيءُ إِلَى السُّلْطَانِ وَيَعِيبُهُمْ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لا يَجِيءُ إِلَيْهِمْ وَلا يَعِيبُهُمْ. وَقَالَ هِشَامٌ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا عِنْدَ سُلْطَانٍ أَصْلَبَ مِنَ ابْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ فِي الْمَنَامِ مُقَيَّدًا، وَرَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّدًا. أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ، عَنْ هِشَامٍ: أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ اشْتَرَى طَعَامًا بَيْعًا مَنُونِيًّا فَأَشْرَفَ فِيهِ عَلَى رِبْحِ ثَمَانِينَ أَلْفًا، فَعَرَضَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ فَتَرَكَهُ؛ قَالَ هِشَامٌ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِرِبًا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَأَلْتُ مُحَمَّد بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيّ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ حَتَّى حُبِسَ، قَالَ: اشتري طعامًا بأربعين ألف درهم، فأخبر عَن أصل الطعام بشيءٍ فكرهه فتركه، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، فَحُبِسَ عَلَى الْمَالِ، حَبَسَهُ مَالِكُ بْنُ الْمُنْذِرِ. قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: تَرَكَ مُحَمَّدٌ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فِي شيءٍ مَا تَرَوْنَ بِهِ الْيَوْمَ بَأْسًا. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: إِنِّي لأَعْرِفُ الَّذِي حَمَلَ عَلَيَّ الدَّيْنَ، قُلْتُ لِرَجُلٍ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً: يَا مُفْلِسُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ وَقَدْ بَلَغَهُ هَذَا: قَلَّتْ ذُنُوبُهُمْ فَعَرَفُوا مِنْ أَيْنَ أَتَوْا، وَكَثُرَتْ ذُنُوبُنَا فَلَمْ نَدْرِ مِنْ أَيْنَ نؤتى. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ عَيَّرَ مَرَّةً رَجُلا بِالْفَقْرِ، فَابْتُلِيَ بِهِ. وَقَالَ قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ: ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ السَّجَّانَ قَالَ لابْنِ سِيرِينَ: إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَاذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَتَعَالَ، قَالَ: لا وَاللَّهِ لا أُعِينُكَ عَلَى خِيَانَةِ السُّلْطَانِ. وَقَالَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى: تَرَكَ مُحَمَّدٌ رِبْحَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، قَالَ لِي التَّيْمِيُّ: وَاللَّهِ لَقَدْ تَرَكَهَا فِي شَيْءٍ مَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ مَعْمَرٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ سِيرِينَ فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً الْتَقَمَتْ لؤلؤةً   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 200"، وأحمد في الزهد "373". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 148 فَخَرَجَتْ مِنْهَا أَعْظَمَ مِمَّا كَانَتْ، وَرَأَيْتُ حَمَامَةً الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ أَصْغَرَ مِمَّا دَخَلَتْ، وَرَأَيْتُ حَمَامَةً أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ مِنْهَا كَمَا دَخَلَتْ سَوَاءُ، فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أَمَّا الَّتِي خَرَجَتْ أَعْظَمَ مِمَّا دَخَلَتْ، فَذَاكَ الْحَسَنُ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ فَيُجَوِّدُهُ بِمَنْطِقِهِ، وَيَصِلُ فِيهِ مِنْ مَوَاعِظِهِ، وَأَمَّا الَّتِي خَرَجَتْ أَصْغَرَ مِمَّا دَخَلَتْ، فَهُوَ محمد ابن سِيرِينَ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ فَيُنْقِصُ مِنْهُ، وَأَمَّا الَّتِي خرجت كما دخل، فَهُوَ قَتَادَةُ، فَهُوَ أَحْفَظُ النَّاسِ. ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ، كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ سِيرِينَ فَتَرَكْتُهُ وَجَالَسْتُ الإِبَاضِيَّةَ، فَرَأَيْتُ كَأَنِّي مَعَ قَوْمٍ يَحْمِلُونَ جَنَازَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ فَذَكَرْتُهُ لَهُ فَقَالَ: مَالَكَ جَالَسْتَ أَقْوَامًا يُرِيدُونَ أَنْ يَدْفِنُوا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: قَصَّ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ بِيَدِي قَدَحًا مِنْ زُجَاجٍ فِيهِ ماء، فانكسر القدح وَبَقِيَ الْمَاءُ فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّكَ لَمْ تَرَ شَيْئًا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: فَمَنْ كَذِبَ فَمَا عَلَيَّ سَتَلِدُ امرأتك وتموت ويبقى ولدها، فلما خرج الرجل قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، فَمَا لَبِثَ أَنْ وُلِدَ لَهُ وَمَاتَتِ امْرَأَتُهُ قَالَ: وَدَخَلَ آخَرُ فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي وَجَارِيَةً سَوْدَاءُ، نَأْكُلُ فِي قَصْعَةٍ سَمَكَةً، قَالَ: أَتُهَيِّئُ لِي طَعَامًا وَتَدْعُونِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَفَعَلَ، فَلَمَّا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ، إِذَا جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ سِيرِينَ: هَلْ أَصَبْتَ هَذِهِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَادْخُلْ بِهَا الْمَخْدَعَ، فَدَخَلَ بِهَا، فَصَاحَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، رَجُلٌ وَاللَّهِ! قَالَ: هَذَا الَّذِي شَارَكَكَ فِي أَهْلِكَ. أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ سِيرِينَ فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ الْجَوْزَاءَ تَقَدَّمَتِ الثُّرَيَّا، فَقَالَ هَذَا الْحَسَنُ يَمُوتُ قَبْلِي ثُمَّ أَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَرْفَعُ مِنِّي1. وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي التَّفْسِيرِ عَجَائِبُ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا، وَكَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ تَأْيِيدٌ إِلَهِيٌّ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ لِمُحَمَّدٍ سَبْعَةُ أَوْرَادٍ، فَإِذَا فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ قَرَأَهُ بِالنَّهَارِ. وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا كَانَ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ قلت: كَانَ عنده وسواس، وقد ذكرنا تطويله فِي الوضوء يوم وفاة أخته. قَالَ مهدي بْن ميمون: رأيت مُحَمَّدًا إذا توضأ فغسل رجليه بلغ عضلة ساقيه.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 277". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 149 وقَالَ قرة بْن خَالِد وغيره: كَانَ نقش خاتم ابن سيرين كنيته أَبُو بَكْر. قَالَ مهدي: رأيته يتختم في الشمال. وقال مُحَمَّدً بْن عَمْرو: سَمِعْتُ ابن سيرين يَقُولُ: عققت عَن نفسي بختية1. وقَالَ مهدي بْن ميمون: رأيت ابن سيرين يلبس طيلسانا ويلبس كساء أبيض فِي الشتاء وعمامة بيضاء وفروة وقَالَ سُلَيْمَان بْن المغيرة: رأيت ابن سيرين يلبس الثياب الثمينة والطيالس والعمائم. وقَالَ يَحْيَى ابن خليف: ثَنَا أَبُو خلدة قَالَ: رأيت ابن سيرين يتعمم بعمامة بيضاء لاطية، قد أرخى ذوائبها من خلفه، ورأيته يخضب بالصفرة. وقال أَبُو الأشهب: رأيت عَلَيْهِ ثياب كتان. وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو: رأيت ابن سيرين خضب بحناء وكيم، ورأيته لا يحفي شاربه. وقَالَ حميد الطويل: أمر ابن سيرين سويدا أن يجعل لَهُ حلة حبرة يكفن فيها. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حسان: حدثتني حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ قَالَتْ: كَانَتْ أُمُّ مُحَمَّدٍ حِجَازِيَّةٌ، وَكَانَ يُعْجِبُهَا الصَّبْغَ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشترى لها ثويًا اشْتَرَى أَلْيَنَ مَا يَجِدُ، فَإِذَا كَانَ عيدٌ صَبَغَ لَهَا ثِيَابًا، وَمَا رَأَيْتُهُ رَافِعًا صَوْتَهُ عَلَيْهَا، كَانَ إِذَا كَلَّمَهَا كَالْمُصْغِي إِلَيْهَا. قَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا كَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ أُمِّهِ لَوْ رآه رجلٌ لا يعرفه، ظن بِهِ مَرَضًا مِنْ خَفْضِ كَلامِهِ عِنْدَهَا. أَزْهَرُ، عن ابن عون قال: كان إِذَا ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجُلا بِسَيِّئَةٍ ذَكَرَهُ هُوَ بِأَحْسَنَ مَا يَعْلَمُ، وَجَاءَهُ نَاسٌ فَقَالُوا: إِنَّا نِلْنَا مِنْكَ، فَاجْعَلْنَا فِي حلٍ، فَقَالَ: لا أُحِلُّ لَكُمْ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللَّهُ. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ: ثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ الْبَزَّ: فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ بِالْكُوفَةِ، فَسَاوَمْتُهُ، فَجَعَلَ إِذَا بَاعَنِي صِنْفًا مِنْ أَصْنَافِ الْبَزِّ قَالَ: هَلْ رَضِيتَ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ، فَيُعِيدُ ذَلِكَ عَلَيَّ ثَلاثَ مرارٍ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلَيْنِ فَيُشْهِدُهُمَا، وَكَانَ لا يَشْتَرِي وَلا يَبِيعُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْحَجَّاجِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَرَعَهُ مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ حاجتي أجده عنده إلا اشتريه، حتى لفائف البز.   1 بختيه: الأنثى من الجمال. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 150 أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا وَقَعَ عِنْدَهُ دِرْهَمٌ زَيْفٌ أَوْ سَتُّوقٌ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ فَمَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَعِنْدَهُ خَمْسُمِائَةُ سَتُّوقَةٍ وَزُيُوفٍ. عَارِمٌ: ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ غَالِبٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدًا -وَذُكِرَ مِزَاحُهُ- فَسَأَلْتُهُ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ: تُوُفِّيَ الْبَارِحَةَ، أما شعرت؟ فقلت: إنا لله وإنا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. "ذِكْرُ وَفَاتِهِ" قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ: أَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَتْ وَصِيَّةُ ابْنِ سِيرِينَ: "ذِكْرُ مَا أَوْصَى بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ، أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَأُوصِيهُمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132] أوصيكم أَنْ لا يَدَّعُوا أَنْ يَكُونُوا إِخْوَانَ الأَنْصَارِ وَمَوالِيَهُمْ فِي الدِّينِ، فَإِنَّ الْعَفَافَ وَالصِّدْقَ خيرٌ وَأَبْقَى وَأَكَرْمُ مِنَ الزِّنَا وَالْكَذِبِ، وَأُوصِي فِيمَا أَتْرُكُ إِنْ حَدَثَ بِي حدثٌ قَبْلَ أَنْ أغير وصيتي" قال ابن سَعْدٍ: أَنْبَأَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا ضَمَنْتُ عَنْ أَبِي دَيْنَهُ قَالَ: بِالْوَفَاءِ، قُلْتُ: بِالْوَفَاءِ، فَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، فَقَضَى عَبْدُ اللَّهِ عَنْهُ ثَلاثِينَ أَلْفَ درهمٍ، فَمَا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى قَوَّمْنَا مَالَهُ ثَلاثَمِائَةَ أَلْفَ درهمٍ أَوْ نَحْوَهَا1. وَقَالَ أَيُّوبُ: أَنَا زَرَرْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ، يَعْنِي الْقَمِيصَ لَمَّا كَفَّنَهُ. وَرَوَى أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُجْعَلَ لِقَمِيصِ الْمَيِّتِ أَزْرَارٌ وَيُكَفُّ. قَالَ غَيْرُ واحدٍ: مَاتَ ابْنُ سِيرِينَ بَعْدَ الْحَسَنِ بِمِائَةِ يَوْمٍ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ عشرٍ وَمِائَةٍ، وَعَاشَ بِضْعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَقَدْ مَرَّ مَوْلِدُهُ أَنَّهُ فِي خِلافَةِ عُمَرَ. قَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: مَاتَ ابْنُ سِيرِينَ لتسعٍ مَضَيْنَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي يحيى بْنُ أَيُّوبَ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَوَاخَيَا فَتَعَاهَدَا إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا وَجَدَ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَرَآهُ صَاحِبُهُ فِي النَّوْمِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: ذَاكَ مَلَكٌ فِي الْجَنَّةِ لا يَعْصِي، قَالَ: فَابْنُ سِيرِينَ قَالَ: ذَاكَ فِيمَا شَاءَ وَاشْتَهَى، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا، قَالَ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ أدرك الحسن؟ قال: بشدة الخوف والحزن.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 205". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 151 وَقَالَ الْمُحَارِبِيُّ: ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ الْحَكَمُ بْنُ جَحْلٍ صَدِيقًا لابْنِ سِيرِينَ، فَحَزَنَ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ حَتَّى كَانَ يُعَادُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ: رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ فِي حَالِ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلْتُهُ لَمَّا سَرَّنِي: فَمَا صَنَعَ الْحَسَنُ؟ قَالَ: رُفِعَ فَوْقِي بِسَبْعِينَ دَرَجَةً، قُلْتُ: بِمَ، فَقَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّكَ فَوْقَهُ؟ قَالَ: بِطُولِ الْحُزْنِ1. رَوَاهُمَا جَمَاعَةٌ عَنِ الْمُحَارِبِيِّ. 226- محمد بن طلحة2 -د ق- بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ الْقُرَشِيُّ الْمُطَّلِبِيُّ الْمَكِّيُّ، ثم المدني. عَنْ: إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَجَمَاعَةٌ، قِيلَ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ هِشَامٍ، وثقه يحيى ابن مَعِينٍ، وَتُوُفِّيَ أَخُوهُ يَزِيدُ بْنُ طَلْحَةَ بَعْدَهُ بيسير. 227- محمد بن عباد3 -ع- بن جعفر القرشي المخزومي المكي. عَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: زِيَادُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلا. 228- مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ4 -ع- أَبُو حَمْزَةَ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ سُلَيْمٍ. كَانَ أَبُوهُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَنَزَلَ الْكُوفَةَ، وَوُلِدَ بِهَا مُحَمَّدٌ فِيمَا قِيلَ. وَقَدْ أخبرنا محمد بن قايماز وغيره قالوا: أَنْبَأَ ابْنُ اللُّتِّيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْجَرَّاحِ، أَنْبَأَ ابْنُ مَحْبُوبٍ، ثَنَا أَبُو عِيسَى الترمذي:   1 أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق "15/ 230". 2 الجرح والتعديل "7/ 291"، التاريخ الكبير "1/ 120"، تهذيب الكمال "3/ 1214-1215"، تهذيب التهذيب "9/ 239-240". 3 التاريخ الكبير "1/ 275"، الجرح والتعديل "8/ 13-14"، تهذيب الكمال "3/ 1215-1216"، تهذيب التهذيب "9/ 243". 4 التاريخ الكبير "1/ 261"، الجرح والتعديل "8/ 68"، الثقات لابن حبان "5/ 351"، حلية الأولياء "3/ 212-221"، الكنى والأسماء "1/ 156"، تهذيب الكمال "3/ 1262-1263"، سير أعلام النبلاء "5/ 65-68"، شذرات الذهب "1/ 136". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَقِيلَ: نَشَأَ مُحَمَّدٌ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ بِهِ أَبُوهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَاشْتَرَى بِهَا أَمْلاكًا. رَوَى عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَشَبْثِ بْنِ رِبْعِيٍّ، وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ، وَأَحْسِبُ رِوَايَتَهُ عَنْ علي وذويه مرسلة. وقد قال أبو دواد: سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَأُسَامَةُ بن زيد الليثي، وعاصم بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، وَأَبُو الْمِقْدَامِ هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، وَآخَرُونَ. رَوَى عَنْهُ أَبُو الْمِقْدَامِ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِخُنَاصِرَةَ وَكَانَ عَهْدِي بِهِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ حَسَنُ الْجِسْمِ وَالشَّعْرِ، وَقَدْ حَالَ لَوْنُهُ وَنَحُلَ جِسْمُهُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ ثِقَةً عَالِمًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَرَعًا مِنْ حُلَفَاءِ الأَوْسِ. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبًا كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُنْبِتْ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَتُرِكَ. وَثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ، ثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ" 2. الْفَسَوِيُّ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا أَبُو صَخْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِ الْكَاهِنَيْنِ رَجُلٌ يَدْرُسُ الْقُرْآنَ دِرَاسَةً لا يَدْرُسُهَا أَحَدٌ بَعْدَهُ" 3. قَالَ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ: قَالَ رَبِيعَةُ: فَكُنَّا نَقُولُ: هُوَ محمد بن كعب. والكاهنان:   1 قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: لم يصح "5/ 65". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2910"، وابن أبي شيبة "7/ 3/ 1، 2، 3" كتاب فضائل القرآن وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة "660". 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد في المسند "6/ 11"، والطبراني في الكبير "22/ 518، 794"، وذكره الهيثمي في المجمع، وعزاه أيضًا للبزار وأشار إلى أن عبد الله بن مغيث سكت عنه أبو حاتم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 153 قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ. رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ بِنَحْوِهِ. يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ مِنَ الْقُرَظِيِّ. زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: قَالَتْ: أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: يَا بُنَيَّ لَوْلا أَنِّي أَعْرِفُكَ صَغِيرًا طيبًا كبيرًا طَيِّبًا لَظَنَنْتُ أَنَّكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا مُوبِقًا لِمَا أَرَاكَ تَصْنَعُ بِنَفْسِكَ! قَالَ: يَا أَمَتَاهُ، وَمَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى قَدِ اطَّلَعَ عَلَيَّ وَأَنَا فِي بَعْضِ ذُنُوبِي فَمَقَتَنِي فَقَالَ: اذْهَبْ فَلا أَغْفِرُ لَكَ، مَعَ أَنَّ عَجَائِبَ الْقُرْآنِ تُورِدُنِي عَلَى أمورٍ حَتَّى إِنَّهُ لَيَنْقَضِي اللَّيْلُ وَلَمْ أَفْرُغْ مِنْ حَاجَتِي1. ابْنُ الْمُبَارَكِ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهِبٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ: لأَنْ أقرأ في ليلتي حتى أصبح بإذا زلزل، وَالْقَارِعَةُ، وَأَتَرَدَّدُ وَأَتَفَكَّرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أهذ القرآن ليلي هذًّا، أو قال: أنثره نثرًا2. بسرة بن صَفْوَانَ: ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: رَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ إِلَى مَنْزِلِهِ مِنَ الْجُمْعَةِ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ جَلَسَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا تَتَمَنَّوْنَ أَنْ تُفْطِرُوا عَلَيْهِ؟ قَالُوا كُلُّهُمْ: طَبِيخٌ، قَالَ: تعالوا ندعو اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا طَبِيخًا، فَدَعُوا اللَّهَ، فَإِذَا خَلْفَهُمْ مِثْلُ رَأْسِ الْجَزُورِ يَفُورُ، فَأَكَلُوا. مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بعبدٍ خَيْرًا زَهَّدَهُ فِي الدُّنْيَا وَفَقَّهَهُ فِي الدِّينِ وَبَصَّرَهُ بِعُيُوبِهِ3. نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: أَصَابَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ مَالا، فَقِيلَ لَهُ: ادَّخِرْ لِوَلَدِكَ، قَالَ: لا، وَلَكِنْ أَدَّخِرُهُ لِنَفْسِي عِنْدَ رَبِّي، وَأَدَّخِرُ رَبِّي لولدي. أبو القداد هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ عَلامَةِ الْخُذْلانَ، قَالَ: أَنْ يَسْتَقْبِحَ الرَّجُلُ مَا كَانَ يَسْتَحْسِنُ، وَيَسْتَحْسِنُ مَا كان قبيحًا4.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 214-215". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 214-215". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 213". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 214". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 154 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ قَالَ: كَانَ لِمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ جُلَسَاءُ كَانُوا مِنْ أَعْلَمَ النَّاسِ بالتفسير، وكانوا مجتمعين في مسجده الرَّبَذَةِ، فَجَاءَتْ زَلْزَلَةٌ، فَسَقَطَ عَلَيْهِمُ الْمَسْجِدُ، فَمَاتُوا جَمِيعًا تَحْتَهُ. قَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَقَعْنَبٌ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ، وَالْفَلاسُ، وَخَلِيفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ: سَنَةَ سَبْعٍ عشرة ومائة. وَرَوَى هَذَا ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ ابن مَعِينٍ: سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ قَوْلٌ عَنِ الْهَيْثَمِ أَيْضًا. وَغَلَطَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ فَقَالَ: سَنَةَ تسعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَسَأُعِيدُهُ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ مُخْتَصَرًا. 229- مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ1 بْنِ أَبِي الْعَاصِ الأُمَوِيُّ الأمير. سَمِعَ أَبَاهُ، وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُ. وُلِّيَ الْجَزِيرَةَ لِأَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ. رَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ قَوِيًّا فِي بَدَنِهِ، شَدِيدَ الْبَأْسِ، فَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَحْسِدُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ يَفْعَلُ أَشْيَاءَ لا يَزَالُ يَرَاهَا مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتَوْثَقَ الأَمْرُ بَعْدَ الْمُلْكِ جَعَلَ يُبْدِي لَهُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ مِمَّا فِي نَفْسِهِ، وَيُقَابِلُهُ بِمَا يَكْرَهُ، فَلَمَّا رَأَى مُحَمَّدٌ ذَلِكَ تَهَيَّأَ لِلرَّحِيلِ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ، وَأَصْلَحَ جِهَازَهُ، وَرَحَلَتْ إِبِلُهُ، وَدَخَلَ يُوَدِّعُ أَخَاهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا بَعَثَكَ عَلَى ذَلِكَ! فَأَنْشَأَ يَقُولُ: وَإِنَّكَ لا تَرَى طَرْدًا لِحُرٍّ ... كَالصَّاقِ بِهِ بَعْضَ الْهَوَانِ فَلَوْ كُنَّا بِمَنْزِلَةٍ جَمِيعًا ... جَرَيْتَ وَأَنْتَ مُضْطَرِبُ الْعَنَانِ فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلا مَا أَقَمْتَ، فَوَاللَّهِ لا رَأَيْتَ مركوهًا بَعْدَهَا، فَأَقَامَ. ولمحمدٍ عِدَّةُ وَقَعَاتٍ ومصافاتٍ مَعَ الرُّومِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ، ذَكَرَهَا ابْنُ عَائِذٍ وَغَيْرُهُ. وَهُوَ وَالِدُ مَرْوَانَ الْخَلِيفَةِ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سنة إحدى ومائة.   1 المعرفة والتاريخ "2/ 241"، جمهرة أنساب العرب "107-110". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 155 230- محمد بن المنتشر1 -ع- بن الأجذع الهمداني الكوفي، عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ مَسْرُوقٍ، وَأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَآخَرُونَ. 231- مُحَمَّدُ بْنُ نَشْرٍ الْهَمَدَانِيُّ2 مُؤَذِّنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. رَوَى عَنْ: ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمَسْرُوقٍ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَكَثِيرُ النَّوَا، وَمُجَالِدٌ. خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ خَارِجَ الصَّحِيحِ. 232- مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ مَوْلَى الأَنْصَارِ مِنْ صَحَابَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْهُ: دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَلَمَّا قَتَلَ أَهْلُ إِفْرِيقِيَةِ مُتَوَلِّيهِمْ يَزِيدَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ لِعَسَفِهِ أَخْرَجُوا مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ مِنْ سِجْنِهِ وَأَمَّرُوهُ عَلَيْهِمْ، فَأَقَرَّهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَكَانَ قَدْ كَتَبَ الرَّسَائِلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقَلَّمَا رَوَى. 233- مُحَمَّدُ بن يوسف3 -ت- بن عبد الله بن سلام المدني. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وعنه: عثمان بن الضحاك، وعبد الملك بن عمير، ومحمد بن عجلان. 234- مسافع بن عبد الله4 -م د ت- بْنِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ الْحَجَبِيُّ المكي، أبو سليمان، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ الأَكْبَرِ، وَعَمَّتِهِ صَفِيَّةَ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَدِّهِ شَيْبَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَمِّهِ مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، وَابْنُ عَمَّتِهِ مَنْصُورُ بْنُ صَفِيَّةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وجويرية بن أسماء. وثقه العجلي وغيره.   1 التاريخ الكبير "1/ 219"، الجرح والتعديل "8/ 425"، تهذيب الكمال "3/ 1275-1276"، الثقات لابن حبان "7/ 399"، تهذيب التهذيب "9/ 471". 2 الجرح والتعديل "8/ 108-109"، ميزان الاعتدال "4/ 55"، تهذيب التهذيب "9/ 488". 3 التاريخ الكبير "1/ 262-263"، الجرح والتعديل "8/ 118"، تهذيب الكمال "3/ 1294"، تهذيب التهذيب "9/ 534". 4 التاريخ الكبير "8/ 70"، الجرح والتعديل "8/ 432"، تهذيب الكمال "3/ 1318"، الثقات لابن حبان "5/ 464"، تهذيب التهذيب "10/ 102". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 156 235- مسلم بن جندب الهذلي1 -ت- أبو عبد الله قَاصُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَارِئُهُمْ، قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ الْقَارِئِ، وَابْنِ عُمَرَ، روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَابْنِ عُمَرَ. قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ نَافِعٌ، وَهُوَ أَحَدُ شُيُوخِهِ الْخَمْسَةِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَآخَرُونَ، رَزَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ دِينَارَيْنِ فِي الشَّهْرِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُصُّ بِلا رِزْقٍ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ جُنْدَبٍ مِنْ فُصَحَاءِ النَّاسِ. قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْمَعْ قِرَاءَةَ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدَبٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحُلْوَانِيُّ، عَنْ قَالُونَ: كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لا يَهْمِزُونَ، حَتَّى هَمَزَ ابْنُ جُنْدَبٍ فَهَمَزُوا قوله "مستهزئون" و"يستهزي". قُلْتُ: ذَكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى غَيْرِ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ: "تُوُفِّيَ مُسْلِمُ بْنُ جُنْدَبٍ سَنَةَ ستٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ هِشَامٍ. 236- مُسْلِمُ بْنُ مِشْكَمٍ الْخُزَاعِيُّ2 -د س ق- أو عبيد الله الدمشقي كاتب أبي الدرداء، روى عن أبي الدردراء، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وعمرو بن غيلان الثقفي. وقيل: إنه قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ. رَوَى عَنْهُ: زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَبْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ طَوِيلَ الْعُمْرِ. مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ عَابِدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَعَالِمُهُمْ مَعَ الْحَسَنِ، وَمَنْ كَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي صَلاتِهِ وَخُشُوعِهِ، وَمَنْ قَالَ الحسن البصري لما توفي، وامعلماه.   1 التاريخ الكبير "7/ 258"، الجرح والتعديل "8/ 128"، تهذيب الكمال "3/ 1324"، تهذيب التهذيب "10/ 124". 2 التاريخ الكبير "7/ 272"، تهذيب الكمال "3/ 1328"، تهذيب التهذيب "10/ 138-139". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 157 قَدْ ذُكِرَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، قَالَ خَلِيفَةُ والفلاس: مات سنة مائة، وقال الهيثم: سنة إِحْدَى وَمِائَةٍ. 238- مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: عُمَرُ بْنُ دِينَارٍ، هَذَا حِجَازِيٌّ. 239- مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ1 أَبُو عُثْمَانَ الطِّنْبِذِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عمرو بن أبي نعيمة، وغيره، وكان رضيع عبد الملك بن مروان. 240- المسيب بن رافع2 -ع- أبو العلاء الأسدي الكاهلي الكوفي. رَوَى عَنْ: جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، وأبو إسحاق السبيعي، ومنصور، والأعمش، وآخرون. قال ابن معين: لم يسمع أحدًا مِنَ الصَّحَابَةِ إِلا الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَأَبَا إياس عَامِرِ بْنَ عَبْدَةَ. قَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ: حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ دَعَا الْمُسَيِّبَ بْنَ رَافِعٍ لِيُوَلِّيهِ الْقَضَاءَ، فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي وُلِّيتُ الْقَضَاءَ وَأَنَّ لِي سَوَارِيَّ مَسْجِدِكُمْ هَذَا ذَهَبًا. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: قَالُوا: تُوُفِّيَ الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. 241- مصعب بن سعد3 -ع- بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَبُو زُرَارَةَ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصُهَيْبٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَآخَرِينَ. وَعَنْهُ: سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَمُوسَى الْجُهَنِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ، تُوُفِّيَ رحمه الله سنة ثلاثٍ ومائة.   1 الجرح والتعديل "8/ 199"، تهذيب الكمال "3/ 1328"، تهذيب التهذيب "10/ 141-142". 2 الطبقات الكبرى "6/ 293"، التاريخ الكبير "7/ 407-408"، الجرح والتعديل "8/ 293"، تهذيب الكمال "3/ 1330-1331" سير أعلام "5/ 102-103"، تهذيب التهذيب "10/ 153". 3 الطبقات الكبرى "7/ 350-351"، الجرح والتعديل "8/ 303"، تهذيب الكمال "3/ 1332"، تهذيب التهذيب "1/ 160". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 158 242- مضارب بن حزن1 -ق- التيمي المجاشعي البصري. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 243- مُعَاذُ بْنُ رفاعة2 -خ د ت س- بن رافع الزرقي المدني أَخُو عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وجابر بن عبد الله. وعنه: ابن ابن أخيه رفاعة بن يحيى، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، وَمُحَمَّدُ بن إسحاق، وآخرون. ثقة. 244- معاوية بن عبد الله3 -س ق- بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المطلب الهاشمي المدني. وَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاويَة، وطالت حياته إلى أن وفد على يزيد بن عبد الْمَلِكِ، فُيُحَوَّلُ مِنَ الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ إِلَى هُنَا. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَالسَّائِبِ بن يزد. روى عنه: ابنه عبد الله، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والزهري، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وآخرون. وقليل الحديث، نبيل فاضل، وفد على يزيد بن معاوية، وبقي إلى أَنْ وَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بن عبد الملك، وكان صديقًا ليزيد ابن مُعَاوِيَةَ خَاصًّا بِهِ. وَذَكَرَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ أن معاوية وفى عن أبيه عبد الله بْنِ جَعْفَرٍ مِنَ الدُّيُونِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. 245- معبد بن كعب4 -خ م س ق- بن مالك الأنصاري السلمي المدني.   1 التاريخ الكبير "8/ 19"، الجرح والتعديل "8/ 393"، تهذيب الكمال "3/ 1334"، تهذيب التهذيب "10/ 166-167". 2 التاريخ الكبير "7/ 361"، الجرح والتعديل "8/ 247"، تهذيب الكمال "3/ 1339"، تهذيب التهذيب:10/ 190". 3 الطبقات الكبرى "5/ 329"، التاريخ الكبير "7/ 331"، الجرح والتعديل "8/ 377"، تهذيب الكمال "3/ 1346"، الثقات لابن حبان "5/ 412"، تهذيب التهذيب "10/ 212-213". 4 الجرح والتعديل "8/ 279"، تهذيب التهذيب "10/ 224"، تهذيب الكمال "3/ 1349"، الثقات لابن حبان "5/ 432". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 159 عَنْ: أَبِي قَتَادَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، ولم يروا عَنْ أَبِيهِ بَلْ عَنْ أَخَوَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِمَا. وَعَنْهُ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَعَ لَنَا حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي الدَّارَمِيِّ وهُوَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْه، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ حَدِيثَ: "مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ"1. 246- مُغِيثُ بْنُ سُمَيٍّ الأَوْزَاعِيُّ الشَّامِيُّ2 -ق- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَمْرٍو، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَكَعْبٍ الأَحْبَارِ. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، وَزَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَدْرَكَ أَلْفًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ إِخْبَارِيًّا صَاحِبَ كُتُبٍ كَوَهْبٍ، وَأَبِي الْجَلَدِ، وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. 247- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ3 -4- وَيُقَالُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، حِجَازِيٌّ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، وَمُوسَى بْنُ أَشْعَثَ البلوي. 248- المغيرة بن سبيع العجلي4 -ت س ق- عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، لَهُ حَدِيثَانِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو فَرْوَةَ الْهَمَدَانِيُّ، وَأَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ الْكَبِيرُ. 249- الْمُغِيرَةُ بْنُ شُبَيْلٍ الأَحْمَسِيُّ5 الْكُوفِيُّ -4- عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ   1 حديث حسن: أخرجه ابن ماجه "35"، وأحمد في المسند "5/ 297"، والدارمي في سننه "237"، وحسنه الشيخ الألباني في الصحيحة "1753". 2 التاريخ الكبير "8/ 24"، الجرح والتعديل "8/ 391"، تهذيب الكمال "3/ 1359"، تهذيب التهذيب "10/ 255". 3 التاريخ الكبير "8/ 323"، الجرح والتعديل 8/ 219"، تهذيب الكمال "3/ 1359"، ميزان الاعتدال "4/ 159"، تهذيب التهذيب "10/ 256-257". 4 التاريخ الكبير "7/ 319"، الجرح والتعديل "8/ 222"، تهذيب الكمال "3/ 1360"، تهذيب التهذيب "10/ 260". 5 التاريخ الكبير "7/ 317"، الجرح والتعديل "8/ 224". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 160 الْبَجَلِيِّ، وَطَارِقِ بْن شِهَابٍ، وَقَيْسِ بْن أَبِي حَازِمٍ. وَعَنْهُ: جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَكَانَ ثِقَةً. 250- مَمْطُورٌ أَبُو سَلامٍ الدمشقي1 -م4- الأعرج الأسود الحبشي، وَهَذِهِ نِسْبَتُهُ إِلَى حَيٍّ مِنْ حِمْيَرٍ لا إِلَى الْحَبَشَةِ. مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّينَ وَعُلَمَائِهِمُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصام، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَثَوْبَانَ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وأبي أمامة، وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحْبِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ غَنْمٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ حَفِيدَاهُ: زَيْدٌ، وَمُعَاوِيَةُ ابْنَا سَلامِ بْنِ أَبِي سَلامٍ، وَمَكْحُولٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَابْنُ زَبْرٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَآخَرُونَ. رَوَى عَنْهُ بالإجازة يحي بنت أَبِي كَثِيرٍ جَمَاعَةَ أَحَادِيثَ. وَقَدِ اسْتَقْدَمَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلافَتِهِ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى خُنَاصِرَةَ لِيُشَافِهَهُ بِمَا سَمِعَ فِي ذِكْرِ الْحَوْضِ مِنْ ثَوْبَانَ، فَقَالَ لِعُمَرَ: شَقَقْتَ عَلَيَّ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعَ أَبُو سَلامٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. قُلْتُ: وَهُوَ بِكُنْيَتِهِ أَشْهَرُ. 251- مُنْذِرُ بْنُ يَعْلَى2 -ع- أبو يعلى النوري الكوفي. لازَمَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَحَفِظَ عَنْهُ، وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معين. 252- مهاجر بن عكرمة3 -د ت س- بن عبد الرحمن المخزومي المدني. عن: جابر بن عبد الله، وعن ابن عمه عبد الله بن أبي بكر.   1 التاريخ الكبير "8/ 75-85" الجرح والتعديل "8/ 431". 2 التاريخ الكبير "7/ 357"، والكنى والأسماء "2/ 169". 3 التاريخ الكبير "7/ 380"، الجرح والتعديل "8/ 260". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 161 عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ. 253- مُهَاجِرُ بْنُ عَمْرٍو النَّيَّالُ1 -د ت ق- عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ أَبِي زُرْعَةَ الثَّقَفِيُّ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وصفوان بن عمرو الحمصي. له فيمن لبث ثوب شهرة. 254- مورق العجلي2 -ع- أبو المعتمر، بَصْرِيٌّ كَبِيرُ الْقَدْرِ، وَأَظُنُّهُ تُوُفِّيَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. رَوَى عَنْ عُمَرَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي ذر، وَابْنِ عُمَرَ، وجندب، وعبد الله بن جعفر، وجماعة. وعنه: توبة العنبري، وقتادة، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد. قال ابن سعيد: كان ثقة عابدا، توفي في ولاية عمر بن هبيرة على العراق. قال يوسف بن عطية: ثَنَا مُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ قَالَ: قَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: مَا مِنْ أمرٍ يَبْلُغُنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَوْتِ أَحَبَّ أَهْلِي إِلَيَّ، وَقَالَ: تَعَلَّمْتُ الصَّمْتَ فِي عَشْرِ سِنِينَ وَمَا قُلْتُ شَيْئًا قَطُّ إِذَا غَضِبْتُ أَنْدَمُ عَلَيْهِ إِذَا زَالَ غَضَبِي3. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ: كَانَ مُوَرِّقٌ يَجِيئُنَا فَيَقُولُ: أَمْسِكُوا لَنَا هَذِهِ الصُّرَّةَ فَإِنِ احْتَجْتُمْ فَأَنْفِقُوهَا، فَيَكُونُ آخِرَ عَهْدِهِ بِهَا4. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ مُوَرِّقٌ يَتَّجِرُ فَيُصِيبُ الْمَالَ، فَلا تَأْتِي عَلَيْهِ جُمُعَةُ وَعِنْدَهُ منه شيء5. 255- موسى بن طلحة6 -ع- بن عبيد الله، أبو عيسى القرشي التيمي المدني نَزِيلُ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ: وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عِمْرَانُ، وَحَفِيدُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عِيسَى، وبنو إخوته معاوية، وموسى ابنا   1 التاريخ الكبير "7/ 380"، الجرح والتعديل "8/ 261". 2 الطبقات الكبرى "7/ 213-216"، الزهد لأحمد "371". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 213-214". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 215". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 215". 6 الطبقات الكبرى "5/ 161، 6/ 211"، التاريخ الكبير "7/ 286". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 162 إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ، وَطَلْحَةُ، وَإِسْحَاقُ ابْنَا يَحْيَى، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن موهب، وولداه محمد، وعمرو ابنا عثمان، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم الرازي: هُوَ أفضل ولد طلحة بعد مُحَمَّدً. قلت: ولد لطلحة جماعة أولاد، فأجلهم مُحَمَّدً، وقد قتل مَعَ أَبِيهِ يوم الجمل، ثُمَّ أفضلهم مُوسَى، ثُمَّ عيسى، وقد مر سنة مائة، وأخوتهم يَحْيَى وله عدة بنين، وَيَعْقُوب كَانَ أحد الأجواد قتل يوم الحرة، وزكريا وهو ابن أم كلثوم بِنْت الصديق، وإسحاق وله عدة أولاد بالكوفة، وعمران وكان لَهُ أولاد انقرضوا. ذكر ذَلِكَ ابن سعد بعد ترجمة مُوسَى بْن طلحة، ويقال: كَانَ يسمى المهدي. وثقه أَحْمَد العجلي وغيره. وقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ قَالَ: لَمَّا ظهر المختار الكذاب بالكوفة هرب منه ناس، فقدموا علينا البصرة، فكان منهم وموسى بْن طلحة، وكان فِي زمانه يرون أَنَّهُ المهدي فعشيناه، فإذا هُوَ رَجُل طويل السكوت شديد الكآبة والحزن إلى أن رفع رأسه فَقَالَ: والله لأن اعلم أنَّها فتنة لَهَا انقضاء أحب إلي من كذا وكذا وأعظم الخطر! فَقَالَ لَهُ رَجُل: يا أبا مُحَمَّدً، وما الَّذِي ترهب أن يكون أعظم من الفتنة؟ قَالَ: الهرج، قَالُوا: وما الهرج؟ قَالَ: الَّذِي كَانَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يحدثونا القتل القتل حتى تقوم الساعة وهم عَلَى ذَلِكَ1. وروى صالح بْن مُوسَى الطلحي، عَن عَاصِم بْن أبي النجود قَالَ: فصحاء النَّاس ثلاثة: مُوسَى بْن طلحة التيمي، وقبيصة بْن جَابِر الأسدي، ويحيى بْن يعمر، وقَالَ مثل ذَلِكَ عَبْد الملك بن عمير، وعن موسى بن طلة قال: صحبت عثمان -رضي الله عنهم- ثنتي عشرة سنة. وقَالَ ابن موهب: رأيت مُوسَى بْن طلحة يخضب بالسواد. وقَالَ عيسى بن عَبْد الرَّحْمَن: رأيت عَلَى مُوسَى بْن طلحة برنس خز2. تُوُفِّيَ آخِرَ سَنَةِ ثلاثٍ وَمِائَةٍ على الصحيح.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 162-163"، وأبو نعيم في الحلية "4/ 371-372". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 163"، وأبو نعيم في الحلية "4/ 371". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 163 "حرف النُّونِ": 256- نَافِعٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيُّ الْمَدَنِيُّ1 الأَقْرَعُ رَوَى عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ رِبْعِيٍّ مَوْلاهُ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَعُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي سَالِمٍ الْبَرَّادُ. وَقِيلَ: وَلاؤُهُ لِعُقَيْلَةَ الغفارية. 257- النضر بن أنس بن مالك2 -ع- بن النضر الأنصاري البصري، عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَبَشِيرِ بْنِ نُهَيْكٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَحَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 258- نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ الأَشْجَعِيُّ الْكُوفِيّ3 -م ت س ق- وَاسْمُ أَبِيهِ النُّعْمَانُ بْنُ أَشْيَمَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، وَابْنُ عَمِّ أَبِي مَالِكٍ الأشجعي. وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، رَوَى عَنْ: أَبِيهِ وَنُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، وَسُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، وَآخَرِينَ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَمِّهِ أَبُو مَالِكٍ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وشعبة، وشيبان النحوي، وهما آخر من حَدَّثَ عَنْهُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ. "حرف الْهَاءِ": 259- هِلالُ بْنُ سِرَاجٍ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ4 رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي هريرة، وعبيد الله بن عمر.   1 الطبقات الكبرى "5/ 253"، التاريخ الكبير "8/ 83". 2 التاريخ الكبير "8/ 87"، الجرح والتعديل "8/ 473". 3 الطبقات الكبرى "6/ 306"، التاريخ الكبير "8/ 96". 4 التاريخ الكبير "8/ 208"، الجرح والتعديل "9/ 73". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 164 رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَالدَّخِيلُ بْنُ إِيَاسٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَطَرٍ، وَغَيْرُهُمْ. 260- هِلالُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 بْنِ الْمَصْرِيُّ مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ. وَعَنْهُ: حَفْصُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُلَيْلٍ. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَذَا ابْنُ سِرَاجٍ لَهُ وِفَادَةٌ. 261- الْهَيْثَمُ بْنُ الأَسْوَدِ2 أَبُو الْعُرْيَانِ الْمَذْحِجِيُّ الْكُوفِيُّ أَحَدُ الْمُعَمَّرِينَ الشُّعَرَاءِ، وَلَهُ شَرَفٌ وَبَلاغَةٌ وَفَصَاحَةٌ، أَدْرَكَ عليًّا -رضي الله عنهم، وسمع عبد الله بن عمرو، وغزا القسطنطينة سنة ثمانٍ وتسعين مع مسلمة. روى عنه: ابنه العريان، والأعمش، وغيرهما. وهو صاحب الأبيات المشهورة الرجز فِي الكبر. قَالَ أَحْمَد العجلي: ثقةٌ من خيار التابعين. قَالَ مُحَمَّدً بْن زياد بْن الأعرابي: قَالَ عَبْد الملك بْن مروان للهيثم بْن الأسود: ما مالك؟ قَالَ: الغني عَن النَّاس والبلغة الجميلة، فقيل له: لِمَ لَمْ تخبره؟ قَالَ: إني إن أخبرته أنني غنيٌ حسدني، وإن أخبرته أنني فقير حقرني. حبان بْن عَليّ العنزي، عَن عَبْد الملك بْن عمير، عَن عَمْرو بْن حريث قَالَ: دخل رَجُل عَلَى الهيثم بْن الأسود فَقَالَ: كيف تجدك يا أبا العريان؟ قال: أجدني والله قد اسود مني ما أحب أن يبيض، وابيض مني ما أحب أن يسود، واشتد مني ما أحب أن يلين، ولان مني ما أحب أن يشتد، وسأنبئك عَن آيات الكبر: تقارب الخطو وضعفٌ فِي البصر ... وقلة الطعم إذا الزاد حضر وقلة النوم إذا الليل اعتكر ... وكثرة النسيان فِي ما يدكر وتركي الحسناء من قبل الطهر ... والناس يبلون كما تبلى الشجر   1 التاريخ الكبير "8/ 211". 2 التاريخ الكبير "8/ 211-212"، الثقات لابن حبان "5/ 507". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 165 262- الْهَيْثَمُ بْنُ مَالِكٍ الطَّائِيُّ1 الشَّامِيُّ الأَعْمَى. عَنْ: النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَيْهَمَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّونَ. لَهُ فِي الأَدَبِ لِلْبُخَارِيِّ. "حرف الْوَاوِ": 263- وَضَّاحٌ الْيَمَنِ لُقِّبَ2 بِالْوَضَّاحِ لِحُسْنِهِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ كَلالٍ، قِيلَ: إِنَّهُ وَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَحْسَنَ صِلَتَهُ، لَهُ حِكَايَةٌ فِي اعْتِلالِ الْقُلُوبِ لِلْخَرَائِطِيِّ فِي مَحَبَّتِهِ لأُمِّ الْبَنِينِ، وَلَهُ أشعارٌ مَلِيحَةٌ. "حرف الياء": 264- يحيى بن عبد الرحمن3 -م4- بْنِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ اللَّخْمِيُّ، أَبُو محمد المدني، حَلِيفُ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، رَوَى عَنْ: أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وعثمان بن عبد الرحمن التيمي. وعنه: أسامة بن زيد الليثي، وبكير بن الأشج، ومحمد بن عمرو، وهشام بن عروة. وثقه النسائي وغيره، ولد في إمرة عثمان، وتوفي سنة أربعٍ ومائة. 265- يحيى بن أبي المطاع الأردني4 -ق- هو ابن أخت بلال بن رباح، رَوَى عَنْ: الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وعنه: عطاء الخراساني، وعبيد الله بن العلاء بن زبر، والوليد بن سليمان بن أبي السائب. وثقه دحيم.   1 التاريخ الكبير "8/ 214"، الجرح والتعديل "9/ 80". 2 الأغاني "6/ 209-241"، النجوم الزاهرة "1/ 226". 3 الطبقات الكبرى "5/ 250"، التاريخ الكبير "8/ 289". 4 التاريخ الكبير "8/ 306"، الجرح والتعديل "9/ 192". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 166 266- يحيى بن وثاب الأسدي1 -خ م ت س ق- مولاهم قارئ أهل الكوفة. أخذ القراءة عرضا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ، وَعُبَيْدَةَ، وَمَسْرُوقٍ، وزر، وأبي عمرو الشيباني، وأبي عبد الرحمن السلمي. روى عنه القراءة عرضا: طلحة بن مصرف، والأعمش، وأبو حصين، وحمران بن أعين. قاله أبو عمرو الداني. وقال محمد بن جرير الطبري: كان مقرئ أهل الكوفة في زمانه. قَالَ الأعمش: كَانَ يَحْيَى بْن وثاب لا يقرأ: بسم الله الرَّحْمَن الرحيم، فِي عرض ولا فِي غيره، وقَالَ أَبُو بَكْر بْن عياش: كنت إذا قرأت عَلَى عَاصِم قَالَ: اقرأ قراءة يَحْيَى بْن وثاب، فإنه قرأ عَلَى عُبَيْد بْن نضيلة كل يومٍ آية2. وروى يَحْيَى بْن عيسى، عَن الأعمش قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْن وثاب من أحسن النَّاس قراءة، وكان إذا قرأ لم تحس فِي المسجد حركة، كأن لَيْسَ فِي المسجد أحد. وقَالَ: عُبَيْد الله بْن مُوسَى: كَانَ الأعمش يَقُولُ: يَحْيَى بْن وثاب أقرأ من بال عَلَى التراب. وعن غير واحد قَالُوا: قرأ يَحْيَى بْن وثاب عَلَى عُبَيْد بْن نضيلة. وقَالَ أَحْمَد بْن جُبَيْر الأنطاكي: ثَنَا الكسائي ثَنَا زائدة قَالَ: قلت للأعمش: عَلَى من قرأ يحيى؟ قال: على علقمة، والأسود، ومسروق. وقال يحيى بن آدم: حدَّثَنِي حسن بْن صالح، قَالَ: قرأ يَحْيَى عَلَى علقمة، وقرأ علقمة عَلَى ابن مَسْعُود. قلت: وحدث عَن ابن عَبَّاس، وابن عُمَر، ومسروق، وأبي عَبْد الرَّحْمَن السلمي. وعنه: الأعمش، وَعَاصِم بْن أبي النجود، وأبو العميس، وأبو حصين عثمان بْن عَاصِم وآخرون، وكان من جلة العلماء، لَهُ قدر وفضل وعبادة، قَالَ الأعمش: كنت إذا رأيت يَحْيَى بْن وثاب قلت: هذا قد وقف للحساب، وإذا كَانَ فِي الصلاة كأنما يخاطب رجلا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ، صَاحِبَ قرآن. توفي بالكوفة سنة ثلاثٍ ومائة.   1 الطبقات الكبرى "6/ 299"، التاريخ الكبير "8/ 308". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 299". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 167 267- يزيد بن الأصم1 -م4- أبو عوف العامري البكائي الكوفي، نَزِيلُ الرِّقَّةِ. رَوَى عَنْ: خَالَتِهِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ، وَعَنِ ابْنِ خَالَتِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَمُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيهِ عَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ، وَكَانَ ثِقَةً إِمَامًا، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، وَأُمُّهُ هِيَ بَرْزَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلالِيَّةُ. عَن عُبَيْد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ، عَن عمه قَالَ: دخلت عَلَى خالتي ميمونة، فوقفت فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصلى فبينا أَنَا كذلك، إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فاستحيت خالتي، لوقوفي فِي مسجده، فقالت: يا رسول الله، ألا ترى إلى هذا الغلام وريائه، فَقَالَ: دعيه، فلأن يرائي بالخير، خير من أن يرائي بالشر2. هذه حديث منكر لا يصح بوجهٍ. وقد أخرج ابن منده يزيد فِي الصحابة معتمدا عَلَى هذا الخبر الساقط، وقَالَ: اسم الأصم عَمْرو، وقيل يزيد بْن عَبْد عُمَرو. تُوُفِّيَ يَزِيد بن الأصم سنة ثلاثٍ ومائة. قاله الْوَاقِدِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ أربعٍ. 268- يزيد بن حصين بن نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ الْحِمْصِيُّ3، مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَرَوَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَبَنِيهِ. حَكَى عَنْهُ عَلاءُ بْنُ رَبَاحٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ ومائة. 269- يزيد بن الحكم4 بن أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّاعِرُ، لَهُ نَظْمٌ فائق وشعر سائر.   1 الطبقات الكبرى "7/ 479"، التاريخ الكبير "8/ 318". 2 حديث منكر: كما نبه على ذلك المصنف. 3 سير أعلام النبلاء "4/ 519-520"، الجرح والتعديل "9/ 257". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 168 مَدَحَ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرَهُ، وَرَوَى عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ. وَعَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ. وَقَدْ وَلاهُ الْحَجَّاجُ لِشَرَفِهِ وَقَرَابَتِهِ مِنْهُ مَمْلَكَةَ فَارِسٍ، فَلَمَّا دَخَلَ لِيُوَدِّعَهُ أَنْشَدَ أَبْيَاتًا يَفْتَخِرُ فِيهَا، مِنْهَا: وأبي الَّذِي سلب ابن كسرى راية ... بيضاء تخفق كالعقاب الطائر فغضب الحجاج من فخره وعزله، فهجاه، ولحق بسليمان بن عبد الملك، فقال له سُلَيْمَان: كم كَانَ الحجاج جعل لك عَلَى ولاية فارس؟ قَالَ: عشرين ألفا، قَالَ: هي لك ما عشت. ومن شعره: شربت الصبا والجهل بالحلم والتقى ... وراجعت عقلي والحليم يراجع أبى الشيب والإسلام أن أتبع الهوى ... وفي الشيب والإسلام للمرء وازع 270- يزيد بن حبان التيمي الْكُوفيّ1 -م د ت ن- عَن زيد بْن أرقم وغيره. وعنه: ابن أخيه أَبُو حيان يَحْيَى بْن سَعِيد التيمي، وسعيد بْن مسروق، وفطر بْن خليفة. وثقه النسائي. 271- يَزِيدُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ2 -د ت ق- عَنْ عَائِشَةَ، وَثَوْبَانَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَكَعْبٍ، وَأَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ شَدَّادِ بْنِ حَيٍّ. وَعَنْهُ: حَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. 272- يَزِيدُ بن صهيب الفقير3 -سوى ت- أبو عثمان الكوفي. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمِسْعَرٌ، وَآخَرُونَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وغيره: صدوق.   1 التاريخ الكبير "8/ 324-325"، الجرح والتعديل "9/ 256". 2 التاريخ الكبير "8/ 341"، الجرح والتعديل "9/ 271". 3 الطبقات الكبرى "6/ 305"، التاريخ الكبير "8/ 432-433". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 169 273- يزيد بن عبد الله بن الشخير1 -ع- أبو العلاء العامري البصري، أَحَدُ الأَئِمَةِ، عَنْ: أَبِيهِ، وَأَخِيهِ مُطَرِّفٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَالْحَذَّاءُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَكَهْمَسٌ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَكْبَرُ مِنَ الْحَسَنِ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلا، وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ. 274- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ2 ابْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَبُو خَالِدٍ الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، وَلِيَ الْخِلافَةَ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بعهدٍ مِنْ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ، مَعْقُودٌ فِي تَوْلِيَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَأُمُّهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. قَالَ سَعِيد بْن عفير: كَانَ جسيما أبيض مدور الوجه أفقم3 لم يشب. قَالَ عَبْد العزيز، عَن ابن جَابِر: بيَّنَّا نَحْنُ عِنْدَ مكحول، إذ أقبل يزيد بْن عَبْد الملك، فهممنا أن نوسع لَهُ، فَقَالَ مكحول: دعوه يجلس حيث انتهى به المجلس، يتعلم التواضع. أَبُو ضمرة، عَن مُحَمَّدً بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن بشار قَالَ: إني لجالس فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد حج يزيد بْن عَبْد الملك قبل أن يكون خليفة، فجلس مَعَ المقبري، وابن أبي الغياث، إذ جاء أَبُو عَبْد الله القراظ، فوقف عَلَيْهِ فَقَالَ: أنت يزيد بْن عَبْد الملك؟ فالتفت يزيد إلى الشيخين فَقَالَ: أمجنونٌ هذا! فذكروا لَهُ فضله وصلاحه وقالوا: هذا أَبُو عَبْد الله القراظ صاحب أَبِي هُرَيْرَةَ، حتى رق لَهُ ولان، فَقَالَ: نعم أَنَا يزيد، فَقَالَ لَهُ: ما أجملك، إنك تشبه أباك إن وليت من أمر النَّاس شيئا، فاستوص بأهل المدينة خيرا، فأشهد عَلَى أبي هُرَيْرَةَ لحدثني عَن حبه وحبي صاحب هذا البيت -وأشار إلى الحجرة- أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خرج إلى ناحية من المدينة، يقال لها بيوت السقيا، وخرجت معه، فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: "إن إبراهيم خليلك   1 الطبقات الكبرى "7/ 155-156"، التاريخ الكبير "8/ 345". 2 سير أعلام النبلاء "5/ 150-151"، البداية والنهاية "9/ 231". 3 الفقم: تقدم الثنايا العليا فلا تقع على السفلى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 170 دعاك لأهل مكة، وأنا نبيك ورسولك أدعوك لأهل المدينة، اللَّهُمَّ بارك لهم فِي مدهم وصاعهم وقليلهم وكثيرهم، ضعفي ما باركت لأهل مكة، اللهم ارزقهم من ههنا وههنا -وأشار إلى نواحي الأرض كلها- اللهم من أرادهم بسوءٍ فأذبه كَمَا يذوب الملح فِي الماء" 1. ثُمَّ التفت إلى الشيخين فَقَالَ: ما تقولان؟ قالا: حديثٌ معروفٌ مرويٌ، وقد سمعنا أيضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: "من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين هذين" 2. وأشار كل واحدٍ منهما إلى قلبه، رَوَاهُ ابن أَبِي خيثمة فِي تاريخه عَن الحزامي عَنْهُ. قَالَ ابن وهب: ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بن زيد بْن أسلم قَالَ: لَمَّا توفي عمر بن عَبْد العزيز وولى يزيد قَالَ: سيروا بسيرة عُمَر بْن عَبْد العزيز، قَالَ: فأتى بأربعين شيخا فشهدوا لَهُ: ما عَلَى الخلفاء حساب ولا عذاب. وقال روح ابن عباد: ثَنَا حجاج بْن حسان التيمي، ثَنَا سليم بْن بشير قَالَ: كَتَبَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ إِلَى يزيد بْن عَبْد الملك حين احتضر: سلامٌ عليك، أما بعد فإني لا أرى إلا ملما بي، فالله، الله، فِي أمة محمدٍ فإنك تدع الدُّنْيَا لمن لا يحمدك، وتفضي إلى من لا يعذرك، والسلام. قَالَ الزبير بْن بكار: ثَنَا هَارُونَ الفروي، حدَّثَنِي مُوسَى بن جعفر بن كثير، وابن الماجشون قالا: لما مات عمر ابن عَبْد العزيز قَالَ يزيد: والله ما عُمَر بأحوج إلى الله مني، فأقام أربعين يوما يسير بسيرة عُمَر، فَقَالَت حبابة لخصي لَهُ؟ كَانَ صاحب أمره: ويحك قربني منه حَيْثُ يسمع كلامي، ولك عشرة آلاف درهم، ففعل، فلما مر يزيد بِهَا قَالَتْ: بكيت الصبا جهدا فمن شاء لامني ... ومن شاء آسى فِي البكاء وأسعدا ألا لا تلمه اليوم أن يتبلدا ... فقد منع المحزون أن يتجلدا والشعر للأحوص، فلما سمعها قَالَ: ويحك قل لصاحب الشرط يصلي بالناس.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1386"، والحميدي "1167"، وابن ماجه "3114"، وأحمد في المسند "2/ 230-231"، والدارمي "2072"، وابن حبان في صحيحه "3737". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد في المسند "3/ 354"، وذكره الهيثمي في المجمع "3/ 306"، وقال: رجال أحمد رجال الصحيح وذكره المنذري في الترغيب "1823"، وصححه، وصححه الشيخ الألباني. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 171 وقَالَ يوما: والله إني لأشتهي أن أخلو بِهَا فلا أرى غيرها، فأمر ببستانٍ لَهُ فهيئ، وأمر حاجبه أن لا يعلمه بأحدٍ، قَالَ: فبينما هُوَ معها أسر شيء بِهَا، إذ حذفها بحبة رمانٍ أو بعنبة، وهي تضحك، فوقعت في فيها، فشرقت فمات، فأقامت عنده فِي البيت حتى جيفت أو كاد، واغتم لَهَا، وأقام أياما، ثُمَّ إنه خرج إلى قبرها فَقَالَ: فإن تسل عنك النفس أو تدع البكا ... فباليأس أسلو عنك لا بالتجلد وكل خليلٍ زارني فهو قائل ... من أجلك هذا هامة اليوم أو غد ثُمَّ رجع، فما خرج من منزله إلا عَلَى النعش، قَالَ الهيثم بْن عِمْرَانَ العبسي: مات يزيد بْن عَبْد الملك بسواد الأردن، مرض بطرفٍ من السل. وقَالَ أَبُو مسهر: مات يزيد بأربد، وقَالَ غير واحد: مات لخمسٍ بقين من شعبان سنة خمسٍ ومائة، وكانت خلافته أربع سنين وشهرا. 275- يَزِيدُ بْنُ مَرْثَدٍ الْهَمْدَانِيُّ الصَّنْعَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1، أرسل عَنْ: مُعَاذٍ وَأَبِي ذَرٍّ، وأدرك عبادة بن الصام، وشداد ابن أَوْسٍ، وَعَنْهُ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَالْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَكَانَ خَاشِعًا بَكَّاءً عَابِدًا عَالِمًا، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ أَنْ تُوَاعِدَنِي إِنْ أَنَا عَصَيْتُهُ أَنْ يَسْجِنَنِي فِي الْحَمَّامِ لَكَانَ حَرِيًّا أَنْ لا تَنْقَطِعَ دُمُوعُ عَيْنِي. وَقِيلَ: إِنَّهُ طُلِبَ لِلْقَضَاءِ، فَقَعَدَ يَأْكُلُ فِي الطَّرِيقِ، فَتَخَلَّصَ بِذَلِكَ، وَرَغِبُوا عَنْهُ. وَقَدْ أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْعَنْكَبُوتُ شيطانٌ فَاقْتُلُوهُ"2. 276- يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ أَبُو الْعَلاءِ الثَّقَفِيُّ3، مَوْلاهُمُ الأَمِيرُ، كَاتِبُ الْحَجَّاجِ وَوَزِيرُهُ وَخَلِيفَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ، أقره الوليد عَلَى إمرة العراق أربعة أشهرٍ، ومات الوليد، فعزله سُلَيْمَان، وكان رأسا فِي الكتابة، فهم سُلَيْمَان أن يجعله كاتبه، فَقَالَ عُمَر: نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تحيي ذكر الحجاج، قال: إني قد كشفت   1 التاريخ الكبير "8/ 357-358"، الجرح والتعديل "9/ 288". 2 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 189" وابن عدي في الكامل "6/ 2317"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "151"، وقال: موضوع. وأخرجه مرسلًا: أبو داود في مراسيله "3/ 89". 3 حلية الأولياء "5/ 315"، تاريخ خليفة "308، 326، 334". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 172 عَلَيْهِ فلم أجد عَلَيْهِ خيانة، فَقَالَ عُمَر بن عبد العزيز: إبليس أعف منه في الدينار والدرهم، وقد أهلك الخلق، فترك ذَلِكَ، ثُمَّ ولاه إفريقية، فبقي عَلَى المغرب سنة، وفتكوا بِهِ،؛ لأنه أساء السيرة وظلم -وفي المغاربة زعارةٌ ويبس- فقتلوه وأراح الله منه فِي سنة اثنتين ومائة. وكان قصيرا قبيح الوجه، ذا بطنٍ، ثُمَّ ولوا عليهم مُحَمَّدً بْن يزيد مولى الأنصار، وقد ذكرناه. 277- يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ1 بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ الأَمِيرُ، قُتِلَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ كَمَا مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ عَدِيِّ بْنِ أَرْطَأَةَ. وَكَانَ شَرِيفًا جَوَّادًا بَطَلا شُجَاعًا مِنْ جِلَّةِ أُمَرَاءِ زَمَانِهِ، وَلَكِنَّهُ تَحَرَّكَ بحركةٍ نَاقِصَةٍ أَفْضَتْ إِلَى اسْتِئْصَالِ شَأْفَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي الْحَوَادِثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 278- يَزِيدُ بْنُ نِمْرَانَ الدِّمَشْقِيُّ2 وَيُقَالُ يَزِيدُ بْنُ غَزْوَانَ الْمَذْحِجِيُّ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَنْهُ: مَوْلاهُ سَعِيدٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَقَدْ شَهِدَ مَرَجَ رَاهِطٍ مَعَ مَرْوَانَ. "الْكُنَى": أَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ الدمشقي -م4- أصح ما قيل إنه اسمه شراحيل ابن آذة. تَقَدَّمَ. 279- أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ3 -ع- الفقيه، قَاضِي الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَحُذَيْفَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: حَفِيدُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَابْنُهُ بِلالٌ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَشَجِّ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَخَلْقٌ كثَيِرٌ. وَكَانَ إِمَامًا ثِقَةً وَاسِعَ الْعِلْمِ، قِيلَ: اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قيس بن حضار،   1 سير أعلام النبلاء "4/ 503-506"، تاريخ خليفة "215، 284، 295، 313، 322". 2 التاريخ الكبير "8/ 365-366" تهذيب الكمال "3/ 1544". 3 الطبقات الكبرى "6/ 268-269"، التاريخ الكبير "447-448". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 173 وَلِيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ بَعْدَ شُرَيْحٍ مُدَّةً، ثُمَّ عَزَلَهُ الْحَجَّاجُ وَوَلَّى أَخَاهُ أَبَا بَكْرٍ. قَالَ الروياني: ثمنا أَحْمَدُ بْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، ثَنَا عَمِّي، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ وَلِيَ خُرَاسَانَ فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَى رجلٍ كاملٍ بِخِصَالِ الْخَيْرِ، فَدُلَّ عَلَى أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، فَلَمَّا رَآهُ رَأَى رَجُلا فَائِقًا، فَلَمَّا كَلَّمَهُ رَأَى مِنْ مَخْبَرَتِهِ أَفْضَلَ مِنْ مَرْآتِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي وَلَّيْتُكَ كَذَا وَكَذَا مِنْ عَمَلِي، فَاسْتَعْفَاهُ، فأبى، فقال: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ تَوَلَّى عَمَلا وهو يعلم أنه ليس له بأهلٍ، فليبيتوا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"1. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَتَعَلَّمُ مِنْهُ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. وقَالَ الواقدي: تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ ومائة. 280- أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ2 -م- سَمِعَ أَبَاهُ، وَعُتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، وَمَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ، وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 281- أَبُو بكر بن أبي موسى الأشعري3 -ع- الكوفي. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِيهِ أَبِي مُوسَى، وَابْنِ عباس، وجابر ابن سَمُرَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ الضُّبَعِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَآخَرُونَ، وَكَانَ كُوفِيًّا عُثْمَانِيًّا وُلِّيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ. 282- أَبُو بَكْرِ بْنُ عمارة4 -م د ت- بن رؤيبة الثقفي البصري. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِسْعَرُ بْنُ كدام. 283- أبو بكر أخو عبد الله5 -خ- بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ التَّيْمِيُّ المكي، عن: عائشة، وعثنمان بن عبد الرحمن التيمي، وعبيد بن عمير، وعنه: ابنه   1 حديث ضعيف: أخرجه ابن عساكر في تاريخه "7/ 178". 2 التاريخ الكبير "9/ 12"، والجرح والتعديل "9/ 340". 3 التاريخ الكبير "9/ 12"، الجرح والتعديل "9/ 340". 4 تهذيب الكمال "3/ 1585"، تهذيب التهذيب "2/ 399". 5 الطبقات الكبرى "5/ 573"، تهذيب الكمال "3/ 1085". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 174 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَغَيْرُهُمْ. خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مقرونًا بغيره، وما علمت بِهِ بَأْسًا. أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 284- أَبُو حَاجِبٍ1 هُوَ سَوَادَةُ بْنُ عَاصِمٍ الْعَنَزِيُّ، مِنْ رِجَالِ السُّنَنِ. 285- أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ2 -م د ت ق- عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَزَاذَانَ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَأَبُو الْيَقْظَانِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ مَشْهُورٌ صَدُوقٌ، لَهُ أَحَادِيثُ. وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى وَالِدِهِ، قَرَأَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ بْنُ أعين، وغيره. 286- أبو رجاء العطاري3 -ع- وهو عمران بن مليحان، وقيل ابن تيم. مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَمْ يَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَأَى أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ. حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَمُرَةَ، وَتَلَقَّنَ الْقُرْآنَ مِنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَرَضَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ تَلاءً لِكِتَابِ اللَّهِ. قَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَسَلَمُ بْنُ زرير، وصخر ابن جُوَيْرِيَةَ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. سَمِعَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ يَقُولُ: بَلَغَنَا أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ عَلَى ماءٍ لَنَا، فَانْطَلَقْنَا نَحْوَ الشَّجَرَةِ هَارِبِينَ بِعِيَالِنَا، فَبَيْنَا أَنَا أَسُوقُ بِالْقَوْمِ، إِذْ وَجَدْتُ كُرَاعَ ظبيٍ طريٍ فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ الْمَرْأَةَ فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَعِيرٌ؟ فَقَالَتْ: قَدْ كَانَ فِي وعاءٍ لَنَا عَامَ أَوَّلِ شَيْءٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَمَا أَدْرِي بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لا، فَأَخَذَتْهُ فنفضته، فاستخرجت منه ملء كفٍ من شَعِيرٍ، فَرَضَخْتُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، ثُمَّ أَلْقَيْتُهُ وَالْكُرَاعَ في برمة، ثم قمت على بعيرٍ فَفَصَدْتُهُ إِنَاءً مِنْ دمٍ، ثُمَّ أَوْقَدْتُ تَحْتَهُ، ثُمَّ أَخَذْتُ عُودًا، فَلَبَكْتُهُ بِهِ لَبْكًا شَدِيدًا حَتَّى أَنْضَجْتُهُ، ثُمَّ أَكَلْنَا. فَقُلْتُ لَهُ: مَا طَعْمَ الدَّمِ؟ قَالَ: حُلْوٌ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا أبو عمرو قال: قلت   1 التاريخ الكبير "4/ 184-185"، الجرح والتعديل "4/ 292". 2 الطبقات الكبرى "7/ 226"، والتاريخ الكبير "9/ 23". 3 الطبقات الكبرى "7/ 138-140"، التاريخ الكبير "6/ 410". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 175 لِأَبِي رَجَاءٍ: مَا تَذْكُرُ؟ قَالَ: أَذْكُرُ قَتْلَ بَسْطَامٍ، ثُمَّ أَنْشَدَ: وَخَزَّ عَلَى الأَلاءَةِ لَمْ يُوَسَّدْ ... كَأَنَّ جَبِينَهُ سيفٌ صَقِيلُ قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قتل بسطام قبل الإسلام بقليل. أبو يلمة التَّبُوذَكِيُّ: ثَنَا أَبُو الْحَارِثِ الْكَرْمَانِيُّ -ثِقَةٌ- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ: أَدْرَكْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا شَابٌّ أَمْرَدُ وَلَمْ أَرَ نَاسًا كَانُوا أَضَلَّ مِنَ الْعَرَبِ، كَانُوا يَجِيئُونَ بِالشَّاةِ الْبَيْضَاءِ فَيُقَيِّدُونَهَا، فَيَخْتَلِسُهَا الذِّئْبُ، فَيَأْخُذُونَ أخرى مكانها فيقيدونها، وإذا رأوا صخرة ً حَسَنَةً جَاءُوا بِهَا وَصَلُّوا إِلَيْهَا، فَإِذَا رَأَوْا أَحْسَنَ مِنْهَا رَمَوْهَا، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِي فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ لَحِقْنَا بِمُسَيْلِمَةَ. وَقِيلَ اسْمُ أَبِي رَجَاءٍ: عُثْمَانُ بْنُ تَيْمٍ، وَبَنُو عُطَارِدٍ بطنٌ مِنْ تَمِيمٍ، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا رَجَاءٍ كَانَ يَخْضِبُ رَأْسَهُ دُونَ لِحْيَتِهِ. قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: كَانَ أَبُو رَجَاءٍ عَابِدًا، كَثِيرَ الصَّلاةِ وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، كَانَ يَقُولُ: مَا آسَى عَلَى شيءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلا أَنْ أُعَفِّرَ فِي التُّرَابِ وَجْهِي كُلَّ يومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ أَبُو رَجَاءٍ رَجُلا فِيهِ غَفْلَةٌ وَلَهُ عِبَادَةٌ، عُمِّرَ طَوِيلا أَزْيَدَ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، ومات سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ذَكَرَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ: اجْتَمَعَ فِي جَنَازَةِ أَبِي رَجَاءٍ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالْفَرَزْدَقُ، فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: "يَا أَبَا سَعِيدٍ، يَقُولُ النَّاسُ: اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْجَنَازَةِ خَيْرُ النَّاسِ وَشَرُّهُمْ، فقال الحسن: لست بخيرالناس وَلَسْتُ بِشَرِّهِمْ، لَكِنَّ مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ يَا أَبَا فِرَاسٍ؟ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لا الله لا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ النَّاسَ مَاتَ كَبِيرُهُمْ ... وَقَدْ كَانَ قَبْلُ الْبَعْثِ بَعْثُ مُحَمَّدِ وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ الْيَوْمَ سَبْعُونَ حَجَّةً ... وَسِتُّونَ لَمَّا بَاتَ غَيْرَ مُوَسَّدِ إِلَى حفرةٍ غَبْرَاءَ يَكْرَهُ وِرْدَهَا ... سِوَى أَنَّهَا مَثْوَى وضيعٍ وَسَيِّدِ وَلَوْ كَانَ طُولُ الْعُمْرِ يُخَلِّدُ وَاحِدًا ... وَيَدْفَعُ عَنْهُ عَيْبَ عُمْرِ مُمَرِّدِ لَكَانَ الَّذِي رَاحُوا بِهِ يَحْمِلُونَهُ ... مُقِيمًا وَلَكِنْ لَيْسَ حيٌ بِمُخَلَّدِ نَرُوحُ وَنَغْدُو وَالْحُتُوفُ أَمَامَنَا ... يَضَعْنَ لَنَا حَتْفَ الرَّدَى كل مرصد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 176 287- أبو السليل1 -م4- ضريب بن نقير -وقيل ابن نفير بِالْفَاءِ- الْجُرَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ -وَلَمْ يَلْقَهُمَا- وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رباح، وزهدم الجرمي. وعنه سليمان التميم، وَسَعِيدٌ وَالْجُرَيْرِيُّ، وَكَهْمَسٌ، وَآخَرُونَ، وَثَّقُوهُ. أَبُو سَلامٍ الْحَبَشِيُّ، مَمْطُورٌ قَدْ ذُكِرَ. أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ كَمَا أَوْرَدْنَاهُ. 288- أَبُو السَّوَّارِ الْعَدَوِيُّ2 -خ م ن- بصريٌ نَبِيلٌ اسْمُهُ حَسَّانُ بْنُ حُرَيْثٍ. رَوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَجُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ، وَعَنْهُ. قَتَادَةُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَثَّقُوهُ. 289- أبو صالح السمان3 -ع- ذكوان مَوْلَى جُوَيْرِيَة الْغَطَفَانِيَّةِ، مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، كَانَ يَجْلِبُ السَّمْنَ وَالزَّيْتَ إِلَى الْكُوفَةِ، قِيلَ إِنَّهُ شَهِدَ حِصَارَ يَوْمِ الدَّارِ، وَسَمِعَ: سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا سَعِيدٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَجَمَاعَةً، وَعَنْهُ: ابْنُهُ سُهَيْلٌ، والأَعْمَش، وَسُمَيٌّ، وَزَيْدُ بن أسلم، وبكير ابن الأَشَجِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَخَلْقٌ. ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: ثقةٌ ثِقَةٌ، مِنْ أَجَلَّ النَّاسِ وَأَوْثَقَهُمْ، وَقِيلَ كَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَتْ لِأَبِي صَالِحٍ لحيةٌ طَوِيلَةٌ، فَإِذَا ذُكِرَ عُثْمَانُ بَكَى، فَارْتَجَّتْ لِحْيَتُهُ وَقَالَ: هَاهْ هَاهْ، وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ فَضْلِهِ، وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ مُؤَذِّنًا فَأَبْطَأَ الإِمَامُ، فَأَمَّنَا، فَكَانَ لا يَكَادُ يجيزها من الرقة والبكاء، وقال أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، صَالِحُ الْحَدِيثِ، يُحتَجُّ بِحَدِيثِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ إِذَا رَآهُ قَالَ: مَا عَلَى هَذَا أَلا يَكُونُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. وَقَالَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي صَالِحٍ   1 الطبقات الكبرى "7/ 222"، التاريخ الكبير "4/ 342". 2 الطبقات الكبرى "7/ 151"، التاريخ الكبير "3/ 30". 3 الطبقات الكبرى "5/ 301"، التاريخ الكبير "3/ 260-261". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 177 السَّمَّانِ أَلْفَ حَدِيثٍ. قلت: تُوُفِّيَ سنة إحدى ومائة، رحمه الله. 290- أَبُو السَّائِبِ1 -م4- مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ، مدنيٌ مَشْهُورٌ لَمْ يُسَمَّ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَالْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَشَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَآخَرُونَ، وَهُوَ ثقةٌ مُكْثِرٌ. 291- أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ الكوفي2 -د ت ق- قيل اسمه عبد الله بن عباس. رَوَى عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ، وَغَيْرِهِ، وَأَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ، والأعمش، وغيرهما. 292- أبو سعيد مولى عبد الله بن عامر3 -م ت ق- بْنِ كُرَيْزٍ الْقُرَشِيِّ الْمَدَنِيِّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 392- أَبُو شَيْخٍ الْهُنَائِيّ4 -د ن- حَيْوَانُ، وَقِيلَ خَيْوَانُ الْمُقْرِئُ. قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ، وَقَرَأَ عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَيُونُسُ بْنُ مِهْرَانَ. قال شباب: وهو بَصْرِيٌّ، مَاتَ بَعْدَ الْمِائَةِ. 294- أَبُو صَادِقٍ الأَزْدِيُّ الكوفي5 -ق- مُسْلِمُ بْنُ يَزِيدَ، وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ناجذ أَخُو رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِذٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ ناجذ، وعن علي، وأبي هريرة مرسلًا، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ، وَعَنْهُ: الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، وَالْحَكَمُ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَجَمَاعَةٌ.   1 الطبقات الكبرى "5/ 307"، التاريخ الكبير "9/ 38". 2 التاريخ الكبير "9/ 40"، الجرح والتعديل "9/ 385". 3 التاريخ الكبير "9/ 34"، الجرح والتعديل "9/ 376". 4 التاريخ الكبير "3/ 130"، الجرح والتعديل "3/ 401". 5 التاريخ الكبير "7/ 277"، الجرح والتعديل "8/ 199". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 178 قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ بَابَةُ أَبِي الْبَخْتَرِيُّ. 295- أَبُو الصِّدِّيقِ الناجي البصري1 -ع- بكر بن عمرو، وقيل ابن قيس. سَمِعَ: عَائِشَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَزَيْدٌ الْعَمِّيُّ، وَعَامِرٌ الأَحْوَلُ، وَآخَرُونَ، مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ. أَبُو الطفيل: قد ذكر. 296- أبو العالية البصري2 -خ م- البراء، قِيلَ اسْمُهُ زِيَادُ، وَقِيلَ: كُلْثُومٌ. حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصام، وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيَّ، وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظُ دِينَارٌ قد تقدم. 297- أبو العلاء بن الشخير3 -ع- هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ العامري البصري، أَخُو مُطَرِّفٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ: وَأَخِيهِ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ، وَأَحْنَفَ بْنِ قَيْسٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَكَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ الأَثْبَاتِ، ذُكِرَ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنَ الْحَسَنِ بِعَشْرِ سِنِينَ، فَلَعَلَّهُ وُلِدَ فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ، قَالَ أَبُو هِلالٍ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ الشِّخِّيرِ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: رَأَيْتُ أَبَا الْعَلاءِ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ فِي مَجْلِسٍ، فَقِيلَ لِأَبِي الْعَلاءِ يَزِيدَ بْنِ عبد الله بن الشخير: تكلم، فقال: أوهناك أَنَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْكَلامَ وَمُؤْنَتَهُ وَتَبِعَتَهُ. تُوُفِّيَ أَبُو الْعَلاءِ يَزِيدُ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سنة إحدى عشرة.   1 الجرح والتعديل "3/ 390"، تهذيب الكمال "3/ 1616". 2 تهذيب الكمال "3/ 1619"، تهذيب التهذيب "12/ 143-144". 3 الطبقات الكبرى "7/ 155-156" التاريخ الكبير "8/ 345". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 298- أَبُو عَلْقَمَةَ1 -م4- مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، سَكَنَ مِصْرَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: "أَبُو الْخَلِيلِ صَالِحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَيَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الإِفْرِيقِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: أَحَادِيثُهُ صِحَاحٌ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَارِسِيُّ مَوْلَى لابْنِ عَبَّاسٍ، وُلِّيَ قَضَاءَ إِفْرِيقِيَةَ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ. أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ اسْمُهُ تَمِيمٌ، قَدْ ذُكِرَ. 299- أَبُو قِلابَةَ2 -ع- هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَحَدُ أَعْلامِ التَّابِعِينَ، رَوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَعَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ، وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، وَزَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ، وَخَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ، وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ -رَضِيعُ عَائِشَةَ- وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقُبَيْصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، وَقُبَيْصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ، وَأَبِي الْمُلَيْحِ الْهُذَلِيِّ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَآخَرُونَ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلَةٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ. وَرَوَى عَنْ حُذَيْفَةَ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ، وَهُوَ مُرْسَلٌ أَيْضًا. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَغَيْرُهُ: قِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: هَذَا أَبُو قلابة قدم، قَالَ: مَا أَقْدَمَهُ؟ قَالَ: مُتَعَوِّذًا مِنَ الْحَجَّاجِ، أَرَادَهُ عَلَى الْقَضَاءِ، فَكَتَبَ لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ بِالْوِصَاةِ، فَقَالَ أَبُو قِلابَةَ: لَنْ أَخْرُجَ مِنَ الشَّامِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ، دِيوَانُهُ بِالشَّامِ، قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ: قُلْتُ لِأَبِي قِلابَةَ مَا هَذِهِ الصَّلاةِ الَّتِي يصليها أميرالمؤمنين عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عشرةٌ من أفضل   1 التاريخ الكبير "9/ 59"، الجرح والتعديل "9/ 419". 2 الطبقات الكبرى "7/ 183-185"، التاريخ الكبير "5/ 92". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 180 مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهَا صَلاةُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقِرَاءَتُهُ وَرُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ. قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: مَاتَ أَبُو قِلابَةَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ تَرَكَ حِمْلَ بغلٍ كُتُبًا. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلابَةَ، إِنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ لِأَبِي قِلابَةَ: لا يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرِ مَا أَبْقَاكَ اللَّهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ1. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ذَكَرَ أَيُّوبُ أَبَا قِلابَةَ فَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ ذَوِي الأَلْبَابِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لا يُعْرَفُ لِأَبِي قِلابَةَ تَدْلِيسٌ. وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا قِلابَةَ خَرَجَ حَاجًّا، فَتَقَدَّمَ أَصْحَابَهُ فِي يومٍ صائفٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَصَابَهُ عطشٌ شَدِيدٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قادرٌ عَلَى أَنْ تُذْهِبَ عَطَشِي مِنْ غَيْرِ فِطْرٍ، فَأَظَلَّتْهُ سحابةٌ فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِ، حَتَّى بَلَّتْ ثَوْبَيْهِ، وَذَهَبَ عَنْهُ الْعَطَشُ. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: كُنَّا نَأْتِي أَبَا قِلابَةَ، فَإِذَا حَدَّثَنَا بِثَلاثَةِ أَحَادِيثَ قَالَ: قَدْ أكثرت2. قال أيوب السختياني: لم يكن ههنا أعلم بالقضاء من أبي قِلابَةَ، لا أَدْرِي مَا مُحَمَّدٌ. وَقَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذَيْنَةَ الْقَاضِي ذُكِرَ أَبُو قِلابَةَ لِلْقَضَاءِ، فَهَرَبَ حَتَّى أَتَى الْيَمَامَةَ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ! فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ مِثْلَ الْقَاضِي الْعَالِمِ إِلا مِثْلَ رجلٍ وقع في بحرٍ فكما عَسَى أَنْ يَسْبَحَ حَتَّى يَغْرَقَ3. قَالَ أَيُّوبُ: كَانَ يُرَادُ عَلَى الْقَضَاءِ، فَيَفِرُّ، مَرَّةً إِلَى الشَّامِ، وَمَرَّةً إِلَى الْيَمَامَةِ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ الْبَصْرَةَ كَانَ يَخْتَفِي. عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: لا تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ، فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلالَتِهِمْ أَوْ يُلْبِسُوا عَلَيْكُمْ بَعْضَ مَا تَعْرِفُونَ، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ: قَالَ أَبُو قِلابَةَ لِأَيُّوبَ: يَا أَيُّوبُ، إِذَا أَحْدَثَ اللَّهُ لَكَ عِلْمًا فَأَحْدِثْ لَهُ عِبَادَةُ، وَلا يَكُنْ هَمُّكَ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ النّاسَ. أَيُّوبُ قَالَ: مَرِضَ أَبُو قِلابَةَ، فَعَادَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ: تَشَدَّدْ يَا أَبَا قِلابَةَ، لا يَشْمَتُ بِنَا الْمُنَافِقُونَ4. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مرض أبو قلابة بالشام، فأوصى بكتبه   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 284". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 287". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 183". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 185". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 181 لِأَيُّوبَ وَقَالَ: إِنْ كَانَ حَيًّا وَإِلا فَأَحْرِقُوهَا فَأَرْسَلَ أَيُّوبُ فَجِيءَ بِهَا عَدْلَ رَاحِلَةٍ. شَبَابَةُ: ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ أَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَقُلْنَا لَهُ: لَوْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ بِالْعِرَاقِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْكَ لَجَاءَنَا بِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ لَوْ رَأَيْتُمْ أَبَا قِلابَةَ! فَمَا لَبِثْنَا أَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو قِلابَةَ، وَقَالَ أَيُّوبُ: رَآنِي أَبُو قِلابَةَ وَقَدِ اشْتَرَيْتُ تَمْرًا رَدِيئًا، فَقَالَ: مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ نَزَعَ مِنْ كُلِّ رَدِيءٍ بَرَكَتَهُ! وَعَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: لَيْسَ شيءٌ أَطْيَبَ مِنَ الرَّوْحِ، مَا انْتُزِعَ مِنْ شيءٍ إِلا أَنْتَنَ، وَعَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: إِذَا حَدَّثْتَ الرَّجُلَ بِالسُّنَّة فَقَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا وَهَاتِ كِتَابَ اللَّهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ ضَالٌّ1. قُلْتُ: وَإِذَا رَأَيْتَ الْمُتَكَلِّمَ يَقُولُ: دَعْنَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهَاتِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ أَبُو جَهْلٍ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْعَارِفَ يَقُولُ: دَعْنَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْعَقْلِ، وَهَاتِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الذَّوْقُ وَالْوَجْدُ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ شرٌ مِنْ إِبْلِيسَ، وَأَنَّهُ ذُو اتِّحَادٍ وَتَلْبِيسٍ. قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: يُقَالُ: رَجُلُ قِلابَةَ، إِذَا كَانَ أَحْمَرَ الْوَجْهِ. وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا قِلابَةَ كَانَ يَسْكُنُ دَارِيَا. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَنَةَ أربعٍ أَوْ خمسٍ وَمِائَةٍ، وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: سَنَةَ ستٍّ أَوْ سبعٍ وَمِائَةٍ، رَحِمَهُ الله. 300- أبو المتوكّل النّاجي البصريّ2 -ع- اسمه علي بن دؤاد، حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ، وَأَبُو عقيل بشير ابن عُقْبَةَ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلا مِنْ جِلَّةِ التَّابِعِينَ. توفّي سنة اثنتين ومائة. 301- أبو مجلز3 -ع- هُوَ لاحِقُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ السَّدُوسِيُّ البصري   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 184". 2 الطبقات الكبرى "7/ 225"، التاريخ الكبير "6/ 273". 3 الطبقات الكبرى "7/ 216"، التاريخ الكبير "8/ 258-259". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182 الأعور، سَمِعَ: جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيَّ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَسَمُرَةَ بْنَ جُنْدَبٍ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَأَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ، وَحُذَيْفَةَ، وَالْكِبَارِ. وَعَنْهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، وهاشم بن حسّان، وأبو هاشم الرمّاني يحيى ابن دِينَارٍ، وَآخَرُونَ. وَقَدْ دَخَلَ خُرَاسَانَ صُحْبَةَ أَمِيرِهَا قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَكَانَ أَحَدَ عُلَمَاءِ زَمَانِهِ. قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو مِجْلَزٍ مِنْ حذيفة. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: كَانَ أَبُو مِجْلَزٍ قَصِيرًا قَلِيلا، فَإِذَا تَكَلَّمَ كَانَ مِنَ الرِّجَالِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: هَذَا أَبُو مِجْلَزٍ تَجِيئُنَا عَنْهُ أَحَادِيثُ كَأَنَّهُ شِيعِيٌّ، وَتَجِيئُنَا عَنْهُ أَحَادِيثُ كَأَنَّهُ عُثْمَانِيٌّ. وَرَوَى عمْران بْنُ حُدَير، عَن أَبِي مِجْلَز قَالَ: شَهِدْتُ بشهادةٍ عِنْدَ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى وَحْدِي، فَقَضَى بِهَا وَبِئْسَ مَا صَنَعَ. 302- أَبُو مُصْبِحٍ المقرائيّ1 -د- الأوزاعيّ الحمصي. عَنْ: ثَوْبَانَ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَجَابِرٍ، وَكَعْبٍ الأَحْبَارِ، وَوَاثِلَةَ، وَطَائِفَةٍ، وَعَنْهُ صُبَيْحُ بْنُ مُحْرِزٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَالأَوْزَاعِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. 303- أَبُو مَرْزُوقٍ التُّجِيبِيُّ2 -د ق- مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ، حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ. عَنْ: حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، وَمُغِيرَةَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ، نَزَلَ إِفْرِيقِيَةَ فَانْتَفَعُوا بِهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَمِائَةٍ. أَبُو الْمَلِيحِ الْهُذْلِيُّ -ع- وَرَّخَهُ خَلِيفَةُ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَسَيَأْتِي. 304- أَبُو المنيب الحرشي الدمشقي3 -د- الأحدب. أرسل عن معاذ، وأبي هريرة، وجماعة، روى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 305- أبو نضرة العبدي4 -م4- المنذر بن مالك بن قطعة العوقي، وَالْعُوقَةُ بَطْنٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، بصريٌّ كَبِيرٌ أَدْرَكَ طَلْحَةَ أَحَدَ الْعَشْرَةِ، وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وأبي   1 التاريخ الكبير "9/ 74"، الجرح والتعديل "9/ 445". 2 التاريخ الكبير "9/ 72"، الجرح والتعديل "9/ 442". 3 التاريخ الكبير "9/ 70"، الجرح والتعديل "9/ 440". 4 الطبقات الكبرى "7/ 208"، التاريخ الكبير "7/ 355-356". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 183 مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَكَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَدَّانِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ كُلُّ أحدٍ يَحْتَجُّ بِهِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ ومائة. 306- أبو نهيك الأزدي1 -د- الفراهيدي البصري، صَاحِبُ الْقِرَاءَاتِ. يُقَالُ: اسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وعنه: قتادة، وزيادة بن سعد، وحسين بن واقد، وآخرون، وحدث بمرو. 307- أبو يزيد المديني2 -خ ن- حَدَّثَ بِالْبَصْرَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأُمِّ أَيْمَنَ مُرْسَلا، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَرَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ، وَذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ، وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ. وَثَّقَهُ ابن معين، الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. تَمَّتِ الطَّبَقَةُ الْحَادِيَةُ عَشْرَةُ، والحمد لله.   1 التاريخ الكبير "9/ 76"، تهذيب الكمال "3/ 1654". 2 التاريخ الكبير "9/ 81"، تهذيب الكمال "3/ 1659". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 184 الطبقة الثانية عشرة: الحوادث من 111 إلى 120 حوادث سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَطِيَةُ الْعَوْفِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخيْمَرَةَ فِي قَوْلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ الشِّخِّيرِ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا قَالَ خَلِيفَةُ: عُزِلَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ، وَأُعِيدَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ فَسَارَ إِلَى تَفْلِيسَ، وَأَغَارَ عَلَى مَدِينَةِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي لِلخَزَرِ فَافْتَتَحَهَا وَرَجَعَ، فَجَمَعَتِ الْخَزَرُ جُمُوعًا عَظِيمَةً كَثِيرَةً مَعَ ابْنِ خَاقَانَ، فَدَخَلُوا أَرْمِينِيَّةَ وَحَاصَرُوا أَرْدَبِيلَ. وَفِيهَا أَغْزَى الأَمِيرُ عُبَيْدَةُ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ إِفْرِيقِيَةَ مُسْتَنِيرَ بْنَ الْحَارِثِ فِي الْبَحْرِ، وفي مائةٍ وَثَمَانِينَ مَرْكِبًا، وَهَجَمَ الشِّتَاءُ فَقَفَلَ، وَجَاءَتْ ريحٌ مزعجةٌ، فَغَرَّقَتْ عَامَّةَ تِلْكَ الْمَرَاكِبِ وَمَنْ فِيهَا، فَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهَا إلا سَبْعَةَ عَشَرَ مركبًا1، فما شاء الله كان.   1 تاريخ خليفة "341". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 185 حوادث سنة اثنتي عشر ومائة ... حَوَادِثُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَقَدْ مَرَّ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقَدْ قَالَ شُعْبَةُ: لَقِيتُ شَهْرًا، فَلَمْ أعتدّ به. وفيها تُوُفِّيَ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي سعيد الخردي، وَأَبُو عَبْدِ رَبِّ الدِّمَشْقِيُّ الزَّاهِدُ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامِيُّ، وَأَبُو الْمَلِيحِ الْهُذَلِيُّ. وَفِيهَا زَحَفَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ بَرْذَعَةَ إِلَى ابْنِ خَاقَانَ لِيَدْفَعَهُ عَنْ أَرْدَبِيلَ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ وَعَظُمَ الْقِتَالُ، وَاشْتَدَّ الْبَلاءُ وَانْكَسَرَ الْمُسْلِمُونَ، وَقُتِلَ خلقٌ مِنْهُمُ الْجَرَّاحُ وَكَانَ أَحَدَ الأَبْطَالِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَغَلَبَتِ الْخَزَرُ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ، عَلَى أَذرَبَيْجَانَ، وَبَلَغَتْ خُيُولُهُمْ إِلَى الْمَوْصِلِ1، وَحَصَلَ وهنٌ عظيمٌ عَلَى الإِسْلامِ لَمْ يُعْهَدْ.   1 تاريخ خليفة "342"، والطبري "7/ 70". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 185 وَفِيهَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ مَدِينَةَ فَرْغَانَةَ، وَعَلَيْهِمْ أَشْرَسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، فَالْتَقَاهُمُ التُّرْكُ وَأَحَاطُوا بِالْمُسْلِمِينَ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَبَادَرَ بِتَوْلِيَةِ جُنَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُرِّيِّ عَلَى بِلادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، لِيَحْفَظَ ذَلِكَ الثَّغْرَ. وَفِيهَا أَخَذَتِ الْخَزَرُ أَرْدَبِيلَ بِالسَّيْفِ، وَاسْتَبَاحُوهَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ وَجَّهَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى أَذرَبَيْجَانَ سَعِيدَ بْنَ عُمَيْرٍ الْحَرَشِيَّ فَسَاقَ وَبَيَّتَ الْخَزَرَ، وَاسْتَنْقَذَ مِنْهُمْ بَعْضَ السَّبْيِ، ثُمَّ رَكِبَ فِي الْبَحْرِ وَكَسَرَ طَاغِيَةَ الْخَزَرِ، وَقَتَلَ خلقٌ مِنَ الْخَزَرِ وَنَزَلَ النَّصْرُ1. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: خَرَجَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي طَلَبِ التُّرْكِ، وَذَلِكَ فِي الْبَرَدِ وَالثَّلْجِ، فَسَارَ حَتَّى جَاوَزَ الْبَابَ، وَخَلَّفَ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو الطَّائِيَّ فِي بُنْيَانِ الْبَابِ وَتَحْصِينِهِ وَإِحْكَامِهِ، وَبَثَّ سَرَايَاهُ، وَافْتَتَحَ حُصُونًا، فَحَرَّقَ الْمَلاعِينُ أَنْفُسَهُمْ فِي حُصُونِهِمْ عِنْدَ الْغَلَبَةِ2. وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ صِقَلِيَّةَ، فَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ وَسَبُوا3. وَفِيهَا سَارَ مُعَاوِيَةُ وَلَدُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَافْتَتَحَ خَرْشَنَةَ مِنْ نَاحِيَةِ مَلَطْيَةَ، وَاللَّهُ أعلم.   1 تاريخ خليفة "343"، والطبري "7/ 70". 2 تاريخ خليفة "343"، والطبري "7/ 71". 3 تاريخ خليفة "345". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 حَوَادِثُ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: حَرَامُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَيْصَةَ الْمَدَنِيُّ. وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ الْحِمْصِيُّ، فِي قَوْلِ ابْنِ سَعْدٍ. وَأَبُو السِّفْرِ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، أَوْ فِي آخِرِ الْمَاضِيَةِ. وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ بُخْتٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ الْمَكِّيُّ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 وَعَبْدُ اللَّهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَطَّالُ. وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قرّة أبو إياس المزني البصري. ومكحول الدمشقي الفقيه. وَيُوسُفُ بْنُ مَاهِكٍ. وَفِيهَا غَزَا الْجُنَيْدُ الْمُرِّيُّ نَاحِيَةَ طَخَارَسْتَانَ، فَجَاشَتِ التُّرْكُ بِسَمَرْقَنْدَ، فَالْتَقَاهُمُ الْجُنَيْدُ بِقُرْبِ سَمَرْقَنْدَ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، ثُمَّ تَحَاجَزُوا، فكتب الجنيد إلى سورة بن أبجر الدَّارَمِيِّ نَائِبِهِ عَلَى سَمَرْقَنْدَ بِالإِسْرَاعِ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ فَلَقِيَهُ التُّرْكُ عَلَى غرّةٍ، فَقَتَلَتْهُ فِي طَائِفَةٍ مِنْ جُنْدِهِ، ثُمَّ إِنَّ الْجُنَيْدَ الْتَقَاهُمْ ثَانِيَةً، فَهَزَمَهُمْ وَدَخَلَ سَمَرْقَنْدَ1 وَفِيهَا أُعِيدَ مُسْلِمَةُ إِلَى إِمْرَةِ أَذْرَبَيْجَانَ، فَأَخَذَ مُتَوَلِّيهَا سَعِيدَ بْنَ عَمْرٍو فَسَجَنَهُ، فَجَاءَ أَمْرُ هِشَامٍ بِأَنْ يُطْلِقَهُ. وَسَأَلَ مُسْلِمَةُ أَهْلَ حَيْزَانَ الصُّلْحَ فَأَبُوا عَلَيْهِ، فَقَاتَلَهُمْ وَجَدَّ فِي قِتَالِهِمْ، فَطَلَبُوا الصُّلْحَ وَالأَمَانَ، فَحَلَفَ لَهُمْ أَلا يَقْتُلُ مِنْهُمْ رَجُلا وَلا كَلْبًا2، فَنَزَلُوا، فَقَتَلَ الْجَمِيعَ إِلا رَجُلا وَاحِدًا وَكَلْبًا وَرَأَى أَنَّ هَذَا سَائِغًا لَهُ، وَأَنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ. ثُمَّ إِنَّهُ سَارَ إِلَى أَرْضِ شَرْوَانَ3، فَسَأَلَهُ مَلِكُهَا الصُّلْحَ، فَصَالَحَهُمْ وَغَوَّرَ فِي بِلادِهِمْ، فَقَصَدَهُ خَاقَانُ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، وَكَادَ الْعَدُوُّ أَنْ يَظْفَرُوا، فَتَحَيَّزَ مُسْلِمَةُ بِالنَّاسِ، ثُمَّ الْتَقَاهُمْ ثَانِيًا انْهَزَمَ فِيهَا خَاقَانُ4. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ هَائِلَةٌ بِأَرْضِ الرُّومِ، انْكَسَرَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ وَتَمَزَّقُوا، وَكَانُوا ثَمَانِيَةَ آلافٍ، عَلَيْهِمْ مالك ابن شَبِيبٍ الْبَاهِلِيُّ، وَكَانَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فِي بِلادِ الرُّومِ، فَحَشَدُوا لَهُ، فَاسْتُشْهِدَ فِي هَذِهِ الوقعة مَالِكٌ الأَمِيرُ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ بُخْتٍ، وَالْبَطَّالُ الذي تضرب الأمثال بشجاعته5.   1 تاريخ خليفة "344". 2 تاريخ خليفة "344". 3 شروان: مدينة من نواحي باب الأبواب، معجم البلدان "3/ 339". 4 تاريخ خليفة "344". 5 تاريخ الطبري "7/ 88". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 187 حَوَادِثُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، فِي قَوْلِ شُعْبَةَ. وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلاءُ بْنُ رَبَاحٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ. وَيَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيُّ قَاضِي مِصْرَ. وَفِي أَوَّلِ السَّنَةِ عَزَلَ هِشَامٌ أَخَاهُ مُسْلِمَةَ عَنْ أَذْرَبَيْجَانَ وَالْجَزِيرَةِ بِابْنِ عَمِّهِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَسَارَ مَرْوَانُ بِجَيْشِهِ حَتَّى جَاوَزَ نَهْرَ الزَّمِّ، فَقَتَلَ وَسَبَى، وَأَغَارَ عَلَى الصَّقَالِبَةِ1. وَفِيهَا غَزَا الْجُنَيْدُ الْمُرِّيُّ بِلادَ الصَّغَانِيَانِ مِنَ التُّرْكِ فَرَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: وَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ بِلادَ الرُّومِ وَأَسَرَ الْمُسْلِمُونَ قُسْطَنْطِينَ2 وَقَالَ غَيْرُهُ: فِيهَا وُلِّيَ إِمْرَةَ الْمَغْرِبِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ السَّلُولِيُّ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا تِسْعَ سِنِينَ، وَكَانَ خَبِيرًا حَازِمًا وَشَاعِرًا كَاتِبًا، وَهُوَ الَّذِي بَنَى جَامِعَ تُونُسَ، وَقَدْ وُلِّيَ إِمْرَةَ دِيَارِ مِصْرَ قُبَيْلَ هَذَا، وَمِنْهَا سَارَ إِلَى إِفْرِيقِيَةَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مِصْرَ وَلَدَهُ الْقَاسِمَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَمْلَكَةِ الأَنْدَلُسِ عُقْبَةَ بْنَ حَجَّاجٍ، وَصَرَفَ عَنْبَسَةَ. وَافْتَتَحَ فِي أَيَّامِهِ عدّة فتوحا، وَأَوْطَأَ الْبَرْبَرُ، خَوْفًا وَهَوَانًا وَذُلا، وَكَانَ مُقَدَّمَ جيوشه حبيب بن أبي عبيدة الفهري.   1 تاريخ خليفة "344". 2 تاريخ خليفة "345". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 188 حوادث سنة خمس عشرة ومائة : وفيها تُوُفِّيَ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَلَى الأَشْهَرِ. وَالْجُنَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُرِّيُّ أَمِيرُ خُرَاسَانَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ. وَعُمَرُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. وَعُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ. وَفِيهَا خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ، وَتَغَلَّبَ عَلَى مَرْوَ وَالْجَوْزَجَانِ، فَحَارَبَهُ عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ الْحَارِثَ قَطَعَ بِهِمْ نَهْرَ بَلْخٍ، فَسَارَ فِي طَلَبِهِ أَمِيرُ خارسان أَسَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ الْحَارِثُ وَنَجَا، وَأَسَرَ أَسَدٌ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ وبدّع فيهم1.   1 تاريخ خلفة "346". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 حَوَادِثُ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ. وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْوَفِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْمُرَادِيُّ الْجَمَلِيُّ. وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَعَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ. وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ. وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلٍ. وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ الْقَاضِي. وَمَيْمُونُ بْنُ مهران الجوزري فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا كَتَبَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى ابْنِ الْحَبْحَابِ السَّلُولِيِّ تَقْلِيدًا بِوِلايَةِ إِفْرِيقِيَةَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ جُرَيْجٍ بِطَنْجَةَ، وَكَانَ صُفْرِيًّا، فَالْتَقَى عَسْكَرَ ابْنِ الْحَبْحَابِ فَهَزَمَهُمْ1. وَفِيَها بَعَثَ ابْنُ الْحَبْحَابِ جَيْشًا إِلَى بِلادِ السُّودَانِ، فَغَنِمُوا وَسَبُوا. وَفِيهَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْبَحْرِ مِمَّا يَلِي صِقِلِّيَةَ، فَأُصِيبُوا فَلِلَّهِ الأمر.   1 تاريخ خليفة "347". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 حَوَادِثُ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، وَقَدْ ذُكِرَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا الْخُزَاعِيُّ. وَسُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ. وَشُرَيْحُ بْنُ صَفْوَانَ بِمِصْرَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزٍ الأَعْرَجُ. وَعَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ. وَعُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ. وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَقَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ الْمُفَسِّرُ، وَقِيلَ بَعْدَهَا. وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ. وَمُوسَى بْنُ وَرْدَانَ الْقَاصُّ بِمِصْرَ. وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، أَوْ فِي عَامِ أَوَّلِ. وَأَبُو الْبَدَّاحِ بْنُ عَاصِمٍ الْمَدَنِيُّ. وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعَدَوِيِّ. وَفِيهَا جَاشَتِ التُّرْكُ بِخُرَاسَانَ وَمَعَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ الْخَارِجِيُّ، وَعَلَيْهِمُ الْخَاقَانُ الْكَبِيرُ، فَعَاثُوا وَأَفْسَدُوا، وَوَصَلُوا إِلَى بَلَدِ مَرْوِ الرُّوذِ، فَسَارَ أسدٌ الْقَسْرِيُّ فَالْتَقَاهُمْ فَهَزَمَهُمْ، وَكَانَتْ وَقْعَةً هَائِلَةً قُتِلَ فِيهَا مِنَ التُّرْكِ خَلائِقُ1. وَفِيهَا افْتَتَحَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُتَوَلِّي أَذْرَبَيْجَانَ ثَلاثَةَ حُصُونٍ، وَأَسَرَ تُومَانْشَاهَ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْخَلِيفَةِ هِشَامٍ، فَمَنَّ عَلَيْهِ وَأَعَادَهُ إِلَى مَمْلَكَتِهِ. وَفِيهَا غَزَا ابْنُ الْحَبْحَابِ أَمِيرُ المغرب فغنم وسلم2.   1 تاريخ خليفة "347-348". 2 تاريخ خليفة "348". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 190 حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ. وَحُكَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ. وَأَبُو عُشَانَةَ حَيُّ بْنُ يُومِنٍ الْمَعَافِرِيُّ. وَعُبَادَةُ بْنُ نَسِيٍّ الْكِنْدِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مُقْرِئُ الشَّامِ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ الْجُمَحِيُّ. وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ الْمَدَنِيُّ. وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبَ السَّهْمِيُّ. وَمُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ. وَمَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَدَلِيُّ الْكُوفِيُّ. وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بن عليّ الباقر، وفي قَوْلِ ابْنِ مَعِينٍ. وَفِيهَا غَزَا مَرْوَانُ الْحِمَارُ نَاحِيَةَ وَرْتَنِيسَ، وَظَفَرَ بِمَلِكِهِمْ فَقَتَلَ وَسَبَى1. وَغَزَا معاوية بن هشام بأرض الروم2.   1 تاريخ خليفة "348". 2 تاريخ خليفة "349". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 191 حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ فِي قَوْلٍ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي قَوْلٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الْفَقِيهُ بِدِمَشْقَ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ الْفَقِيهُ بِمَكَّةَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ الأَمِيرُ بِأَرْضِ الرُّومِ. وَفِيهَا غَزَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ غَزْوَةَ السَّائِحَةِ، فَدَخَلَ بِجَيْشِهِ فِي بَابِ اللانِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى خَرَجَ إِلَى بِلادِ الْخَزَرِ، وَمَرَّ بِبَلَنْجَرَ وَسَمَنْدَرَ، وَانْتَهَى إِلَى الْبَيْضَاءِ مَدِينَةِ الْخَاقَانِ، فَهَرَبَ الْخَاقَانُ1. وَفِيهَا جَهَّزَ أَمِيرُ إِفْرِيقِيَةَ الْمَغْرِبِ جَيْشًا، عَلَيْهِمْ قُثَمُ بْنُ عَوَانَةَ، فَأَخَذُوا قَلْعَةَ سَرْدَانِيَةَ مِنْ بِلادِ الْمَغْرِبِ، وَرَجَعُوا فَغَرِقَ قُثَمُ بْنُ عَوَانَةَ هُوَ وجماعة2. فيها حَجَّ بِالنَّاسِ مُسْلِمَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الملك.   1 تاريخ خليفة "349". 2 تاريخ خليفة "349". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 192 حَوَادِثُ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَنَسُ بن سيرين على الصحيح. وأسيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ الأَمِيرُ. وَالْجَلاحُ أَبُو كَثِيرٍ الْقَاصُّ. وَالْجَارُودُ الْهُذَلِيُّ. وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ فِي قَوْلٍ. وَأَبُو مَعْشَرٍ زِيَادُ بْنُ كُلَيْبٍ الْكُوفِيُّ. وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الصَّفَرِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ مُقْرِئُ أَهْلِ مَكَّةَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ الأَوْدِيُّ. وَعَدِيُّ بْنُ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ الْكِنْدِيُّ. وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ الْكُوفِيُّ. وَعَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ. وَقَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيُّ الْكُوفِيُّ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 192 وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ فِي قَوْلٍ. وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَوَاصِلٌ الأَحْدَبُ. وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِيهَا عُزِلَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ عَنْ إِمْرَةِ الْعِرَاقِ بِيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلايَةِ خَالِدٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الوليد بعث به إلى يوسف فقتله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 193 ترجمة رجال هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 308- أَبَانُ بْنُ صَالِ بْنِ عُمَيْرٍ1 حِجَازِيٌّ ثقةٌ ورعٌ كَبِيرُ الْقَدْرِ. رَوَى عَنْ: أَنَسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وشهر بن حشوب، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَجَمَاعَةٌ. مَاتَ فِي الْكُهُولَةِ. 309- إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ، قَيْسٌ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ. سَمِعَ أَبَا وَائِلٍ، وَنَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَالْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. مَاتَ شَابًّا. 310- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ2 الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَسَعِيدِ ين الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ، وَسُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ. صَدَّقَهُ أَبُو حاتم. 311- إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي3 -خ د ن- أبو إسماعيل الكوفي. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَأَبِي وائل، وأبي بردة. وعنه العوام بن   1 التاريخ الكبير "1/ 451-452"، الجرح والتعديل "2/ 297". 2 التاريخ الكبير "1/ 307"، الجرح والتعديل "2/ 118". 3 التاريخ الكبير "1/ 295-296"، الكنى والأسماء "1/ 96". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 193 حَوْشَبٍ، وَمِسْعَرٌ، وَالْمَسْعُودِيُّ. قَالَ النِّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 312- إبراهيم بن عبيد1 -م- بن رفاعة الزرقي المدني. عن أبيه، وعائشة، وجابر. وعنه ابن جريح، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 313- الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ الْحَارِثِيّ2 -خ د ق- ثِقَةٌ كُوفِيٌّ. عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي رِيمَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ، وَالْحَمَّادَانِ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ. 314- إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ الْمَدَنِيُّ3 مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرمَةَ الْمُطَّلِبِيِّ. رَأَى مُعَاوِيَةَ وَرَوَى عَنْ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد الله. وعنه ابنه صَاحِبُ السِّيرَةِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاءَ. وثقه ابن معين وغيره. له في كتاب مراسيل أبي داود. 315- أسد بن عبد الله بن يزيد4، الأمير أبو عبد الله القسري متولي خراسان، وأخو أمير العراقين خالد بن عبد الله. كان شجاعا مقداما سائسا جوادا ممدحا. روى عَنْ أَبِيهِ، وَالْحَجَّاج. وَعَنْهُ سالم بن قتيبة، وسعيد بن خثيم، وغيرهما. وله دار بِدِمَشْقَ بِالزَّقَّاقَيْنِ عِنْدَ دَارِ الْبِطِّيخِ. وَفِيهِ يَقُولُ سُلَيْمَانُ بْنُ قَتَةَ: سَقَى اللَّهُ بَلْخًا حَزْنَ بلخٍ وَسَهْلَهَا ... وَمَرْوَيْ خُرَاسَانَ السَّحَابَ الْمُجَمَّمَا وَمَا بِي لِسُقْيَاهُ وَلَكِنْ لحفرةٍ ... بِهَا غَيِّبُوا شِلْوًا كَرِيمًا وَأَعْظُمَا مُرَاجِمَ أقوامٍ وَمُرْدِي عَظِيمَةً ... وَطَلابَ أوتارٍ عفرني عثمثا لَقَدْ كَانَ يُعْطِي السَّيْفَ فِي الْبَذَعِ حَقَّهُ ... وَيَرْوِي السِّنَانُ الزَّاعِبِيُّ الْمُقَوَّمَا قَالَ: خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَأَمَّا أَخُوهُ فَتَأَخَّرَ بَعْدَهُ مُدَّةً. 316- إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَوْسَطَ الْبَجَلِيُّ5 أَمِيرُ الْكُوفَةِ. يُرْسِلُ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَلَهُ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأنماري.   1 التاريخ الكبير "1/ 304"، الجرح والتعديل "2/ 113-114". 2 تاريخ خليفة "351"، التاريخ لابن معين "2/ 21-22". 3 التاريخ الكبير "1/ 405"، الجرح والتعديل "2/ 237-238". 4 التاريخ الكبير "2/ 50"، الكامل في الضعفاء "1/ 390". 5 تاريخ خليفة "358"، ميزان الاعتدال "1/ 222". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 194 وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ لِلْقَتْلِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. رَوَى عَنْهُ الْمَسْعُودِيُّ. تُوُفِّيَ سنة سبع عشر ومائة. 317- إسماعيل بن رجاء1 -م4- بن ربيعة الزبيدي الكوفي، أبو إسحاق. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ. وَعَنْهُ الأَعْمَشُ، وَشُعْبَةُ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. 318- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الرحمن2 -ن- بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ، وَيُقَالُ ابْنُ ذُؤَيْبٍ الأَسَدِيُّ المدني. عن ابن عمر، وعطاء ابن يَسَارٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَارِظِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ. لَهُ حَدِيثَانِ، وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 319- أُكَيْلٌ مُؤَذِّنُ إِبْرَاهِيمَ3 النَّخَعِيِّ عَنْهُ، وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أُكَيْلٌ ضَرِيرًا وَاسْمُهُ مَعْبَدٌ. 320- أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ4 -ع- الأنصاري، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ، آخِرُ بَنِي سِيرِينَ مَوْتًا. وُلِدَ فِي آخِرِ خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَدَخَلَ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عُمَرَ، ومسروق، وجماعة. وعنه: ابن عون، وخالد بن حذاء، وشعبة، والحمادان، وهمام، وأبان، وخلق. وثقه ابن معين وغيره. توفي سنة عشرين ومائة على الصحيح. ويقال: توفي سنة ثماني عشرة. 321- إياد بن لقيط5 -م د ت س- السدوسي الكوفي. عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَالْبَرَاءِ بْنِ قَيْسٍ، وَأَبِي رِمْثَةَ الْبَلَوِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعَامِرِيِّ، وَالْحَارِثِ بْنِ حَسَّانَ صَحَابِيٍّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَمِسْعَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحديث.   1 التاريخ الكبير "1/ 353"، الكنى والأسماء "1/ 100". 2 التاريخ الكبير "1/ 362-363"، الجرح والتعديل "2/ 183". 3 التاريخ الكبير "2/ 65"، الجرح والتعديل "2/ 348". 4 الطبقات الكبرى "7/ 207"، التاريخ الكبير "7/ 32"، تهذيب التهذيب "1/ 84". 5 التاريخ الكبير "2/ 69"، الجرح والتعديل "2/ 345". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 195 322- إياس بن سلمة1 -ع- بن الأكوع الأسلمي المدني. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَأَبُو الْعُمَيْسِ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَيَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. "حرف الْبَاءِ": 323- بَاذَامُ أَبُو صَالِحٍ2 -وَيُقَالُ: بَاذَانُ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ. عَن مَوْلاتِهِ وَأَخِيهَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَالأَعْمَشُ، وَالسُّدِّيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، ومحمد بن سوقة، ومالك ابن مِغْوَلٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَطَائِفَةٌ آخِرُهُمْ عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَإِذَا حَدَّثَ عَنْهُ الْكَلْبِيُّ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا تَرَكَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ تَفْسِيرُ مَا أَقَلَّ مَا لَهُ مِنَ الْمُسْنَدِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 324- بَحِيرُ بْنُ ذَاخِرِ بن عامر3، أبو علي المعارفي النَّاشِرِيُّ الْمَصْرِيُّ، سَيَّافٌ الأَمِيرُ سَلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ. روى عن عمر بْنِ الْعَاصِ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَمُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْروٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ بَحِيرٍ، وَالأَسْوَدُ بْنُ مَالِكٍ الْحِمْيَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَيْضًا مِنْ حَرَسِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. جَوَّدَهُ ابْنُ مَاكُولا، وَرَدَّ عَلَى مَنْ جَعَلَهُ رَجُلَيْنِ، بَلْ هُمَا وَاحِدٌ. 325- بُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ4 السَّلُولِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَنْ أَنَسٍ، وَأَبِي الْجَوْزَاءِ السَّعْدِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَوَلَدُهُ يُونُسُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَشُعْبَةُ، وَمَعْمَرٌ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وغيره.   1 الطبقات الكبرى "5/ 248"، التاريخ الكبير "1/ 439". 2 التاريخ الكبير "2/ 144"، المجروحين "185". 3 التاريخ الكبير "2/ 138"، الجرح والتعديل "2/ 411". 4 التاريخ الكبير "2/ 140"، الجرح والتعديل "2/ 426". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 196 326- بَشِيرُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو1 الْخَوْلانِيُّ الْمَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي فِرَاسٍ، وَالْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وعنه سعيد ابن أَبِي أَيُّوبَ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 327- بُكَيْرُ بْنُ الأَخْنَسِ الْكُوفِيُّ2 -م د ن ق- عَنْ أَنَسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَجَمَاعَةٍ، وَقِيلَ إِنَّهُ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَمِسْعَرٌ، وأَبُو عَوَانَةَ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. 328- بُكَيْرُ بْنُ فَيْرُوزٍ الرُّهَاوِيُّ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْه: زَيْدٌ وَيَحْيَى ابْنَا أَبِي أُنَيْسَةَ، وقتادة ابن الْفَضْلِ الرُّهَاوِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرُّهَا، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 329- بِلالُ بْنُ سعد4 -ت- ابن تميم، أبو عمرو الدمشقي، الْمُذَكِّرُ، وَاعِظُ أَهْلِ الشَّامِ وَعَالِمُهُمْ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَطَائِفَةٌ. وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ النَّفَّاعِينَ بِحُسْنِ مَوَاعِظِهِ، وَبَلِيغِ قَصَصِهِ. قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانَ مِنَ الْعِبَادَةِ عَلَى شيءٍ لم نسمع أحدًا قوي عليه، كان لَهُ كُلَّ يومٍ وليلةٍ أَلْفُ رَكْعَةٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَشَبَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، كَانَ لِأَهْلِ الشَّامِ مِثْلُ الْحَسَنِ بِالْعِرَاقِ، وَكَانَ قَارِئَ الشَّامِ، وَكَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ، حَدَّثَنِي رجلٌ مِنْ وَلَدِهِ أَنَّهُ مَاتَ فِي إِمْرَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ: ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ وَاعِظًا قَطُّ أَبْلَغَ مِنْ بِلالِ بْنِ سَعْدٍ5. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ تَمِيمٍ: سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ سَعْدٍ يقول: يا أهل   1 التاريخ الكبير "2/ 100"، الجرح والتعديل "2/ 377". 2 الطبقات الكبرى "6/ 311"، التاريخ الكبير "2/ 112". 3 التاريخ الكبير "2/ 111-112"، الجرح والتعديل "2/ 402". 4 الطبقات الكبرى "7/ 461"، التاريخ الكبير "2/ 108". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 222". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 197 الْخُلُودِ، يَا أَهْلَ الْبَقَاءِ، إِنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا لِلْفَنَاءِ، وَإِنَّمَا تُنْقَلُونَ مِنْ دارٍ إِلَى دَارٍ، كَمَا نُقِلْتُمْ مِنَ الأَصْلابِ إِلَى الأَرْحَامِ، وَمِنَ الأَرْحَامِ إِلَى الدُّنْيَا، وَمِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْقُبُورِ، وَمِنَ الْقُبُورِ إِلَى الْمَوْقِفِ، وَمِنَ الْمَوْقِفِ إِلَى الْخُلُودِ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي الأَبْرقُوهِيِّ: أَخْبَرَكُمُ الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ الْجَرَّاحِ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَحِيرُوزٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ، سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: لا تَنْظُرْ إِلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ، وَلَكِنَّ انْظُرْ مَنْ عَصَيْتَ1. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ إِمَامَ الْجَامِعِ بِدِمَشْقَ، وَقَالَ خَيْثَمَةُ: ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ: أَنْبَأَ أَبِي، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: كَانَ لِبِلالِ بْنِ سَعْدٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وليلةٍ أَلْفُ رَكْعَةٍ، وَعَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قال: كان بلال ابن سَعْدٍ إِمَامَ الْجَامِعِ، وَكَانَ إِذَا كَبَّرَ سُمِعَ صَوْتُهُ مِنَ الأَوْزَاعِ، وَتَبِينُ قِرَاءَتُه مِنَ الْعَقَبَةِ الَّتِي فِيهَا دَارُ الضِّيَافَةِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْعُمْرَانُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ: رَأَيْتُ بِلالَ بْنَ سَعْدٍ يَعِظُ النَّاسَ فِي غَدَاةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى إِلَى جَانِبِ الْمِنْبَرِ، حَتَّى يَخْرُجَ الْخَلِيفَةُ، فَإِذَا خَرَجَ، جَلَسَ بِلالٌ. وَمِنْ كَلامِهِ مِمَّا سَمِعَهُ مِنْهُ الأَوْزَاعِيُّ: وَاللَّهِ لَكَفَى بِهِ ذَنْبًا، أَنَّ اللَّهَ يُزَهِّدُنَا فِي الدُّنْيَا، وَنَحْنُ نَرْغَبُ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الشَّعْبَانِيُّ، ثَنَا الضَّحَّاكُ عَنْ: بِلالِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: عِبَادَ اللَّهِ أَنْتُمُ الْيَوْمَ تَتَكَلَّمُونَ، وَاللَّهُ سَاكِتٌ، وَيُوشِكُ اللَّهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَتَسْكُتُونَ، ثُمَّ يَثُورُ مِنْ أَعْمَالِكُمْ دخانٌ تَسْوَدُّ مِنْهُ الْوُجُوهُ2. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: خَرَجُوا يَسْتَقُونَ بِدِمَشْقَ وَفِيهِمْ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ، فَقَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ حَضَرَ، أَلَسْتُمْ مُقِرُّونَ بِالإِسَاءَةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتُ: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] وَقَدْ أقررنا بالإساءة فاعف عنا واسقنا، فسقينا يومنا ذلك3، وتوفي بِلالٌ فِي إِمْرَةِ هِشَامٍ، وَتَرْجَمَتُهُ فِي تَارِيخِ دمشق في نيفٍ وعشرين ورقة.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 223". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 224". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 226". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 198 330- بَيَانُ بْنُ سَمْعَانَ التَّيْمِيُّ النَّهْدِيُّ1، لَعَنَهُ اللَّهُ. ظَهَرَ بِالْعِرَاقِ، وَقَالَ بِآلُهِيَّةِ عَليٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وَأَنَّ فِيهِ جُزْءًا مِنَ الآلُهِيَّةِ، مُتَّحِدًا بِنَاسُوتَهْ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ بَعْدِهِ فِي ابْنِهِ مُحَمَّدِ بن الحنيفة، ثُمَّ فِي وَلَدِهِ أَبِي هَاشِمٍ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ فِي بَيَانٍ، يَعْنِي نَفْسَهُ، ثُمَّ أَنَّهُ كَتَبَ كِتَابًا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ يَدْعُوهُ إلى نفسه وأنه نبي. قتله خالد ابن عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ أَمِيرُ الْعِرَاقِ. "حرف التَّاءِ": 331- تَوْبَةُ بْنُ نَمِرِ بْنِ حَرْمَلِ بْنِ تَغْلِبَ2 الْحَضْرَمِيُّ الْبُسْتِيُّ، أَبُو مِحْجَنٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ قاض مِصْرَ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: جُمِعَ لَهُ الْقَضَاءُ وَالقَصَصُ بِمِصْرَ. قُلْتُ: رَوَى يَسِيرًا عَنِ التَّابِعِينَ. حَدَّثَ عَنْهُ زِيَادُ بْنُ عَجْلانَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ: لَمَّا وُلِّيَ تَوْبَةُ بْنُ نَمِرٍ الْقَضَاءَ، قَالَ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ الطَّلاقُ، فَصَاحَتْ، فَقَالَ لَهَا: إِنْ كَلَّمْتِنِي فِي خصمٍ وذكرتني به، فإن كنت لَتَرَى دَوَاتَهُ قَدِ احْتَاجَتْ إِلَى أَنْ تُلاقَ، فَلا تُصْلِحُهَا خَوْفًا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ شَيْءٌ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الثَّاءِ": 332- ثَابِتُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ3 -م4- عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْبَرَاءِ، وَعِدَّةٍ، وَعَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَمِسْعَرٌ، وَسُفْيَانُ، وَآخَرُونَ، وَأَظُنُّ رِوَايَتَهُ عَنْ مَوْلاهُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مُنْقَطِعَةٌ. 333- ثالبت بْنُ عِيَاضٍ الْعَدَوِيُّ4 -خ م د ن- مَوْلاهُمُ الأَعْرَجُ الأَحْنَفُ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ، وَفُلَيْحٌ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لا بأس به.   1 المعرفة والتاريخ "2/ 776"، الكامل في التاريخ "5/ 207-209". 2 أخبار القضاة "3/ 230-231"، حسن المحاضرة "2/ 87". 3 الطبقات الكبرى "6/ 294"، التاريخ الكبير "2/ 166". 4 التاريخ الكبير "2/ 160-161"، الجرح والتعديل "2/ 454-455". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 199 344- ثماية بْنُ شُفَيٍّ الْهَمْدَانِيُّ الْمَصْرِيُّ1 -م د ن ق- نَزِيلُ الإِسْكَنْدَرِيَةِ. عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، وعمرو ابن الْحَارِثِ، وَإِسْحَاقُ، وَغَيْرُهُمْ. وثقه النسائي. مات قبل العشرين. 335- ثمامة بن عبد الله2 -ع- بن أنس بن مالك الأنصاري، عن جده، والبراء بن عازب، وعنه ابن عَوْنٍ، وَمَعْمَرٌ، وَعَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَآخَرُونَ. وَلِيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ يَقُولُ صَحِبْتُ جَدِّي ثَلاثِينَ سَنَةً. "حرف الْجِيمِ": 336- الْجَارُودُ بْنُ سَبْرَةَ الْهُذَلِيُّ3 أَحَدُ الأَشْرَافِ بِالْبَصْرَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ عَشَرَةٍ وَمِائَةٍ. 337- جامع بن شداد4 -ع- أبو صخرة المحاربي الكوفي، أَحَدُ الْعُلَمَاءِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانٍ، وَأَبِي بردة، وصفوان ابن مُحْرِزٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحْرِزٍ، وَعَنْهُ الأَعْمَشُ، وشعبة، ومسعر، وَالثَّوْرِيُّ، وَشَرِيكٌ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 338- جَبْرُ بْنُ حَبِيبٍ5 -ق- عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهُ، الْجُرَيْرِيُّ، وَأَبُو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. له حديث واحد. 339- جبير بن محمد6 -د- بن جبير بن طعم بن عدي النوفلي. عن أبيه،   1 التاريخ الكبير "2/ 177"، الجرح والتعديل "2/ 466". 2 الطبقات الكبرى "7/ 239"، التاريخ الكبير "2/ 177". 3 التاريخ الكبير "2/ 237"، الجرح والتعديل "2/ 525". 4 الطبقات الكبرى "6/ 318"، التاريخ الكبير "2/ 240-241". 5 التاريخ الكبير "2/ 243"، الجرح والتعديل "2/ 533". 6 التاريخ الكبير "2/ 224"، الجرح والتعديل "2/ 513". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 200 عَنْ جَدِّهِ حَدِيثَ الأَطِيطِ1. رَوَى عَنْهُ يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ. 340- الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ2 الأَمِيرُ أَبُو عُقْبَةَ، لَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرٍ، وُلِّيَ الْبَصْرَةَ فِي دَوْلَةِ الْوَلِيدِ، مِنْ تَحْتِ يَدِ الْحَجَّاجِ، ثُمَّ وُلِّيَ خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَكَانَ مِنْ صُلَحَاءِ الأُمَرَاءِ وَمُجَاهِدِيهِمْ. رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ عَطِيَّةَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَرَبِيعَةُ بْنُ فَضَالَةَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ حَكَمٍ قَالَ: قَالَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ وَكَانَ فَارِسَ أَهْلِ الشَّامِ: تَرَكْتُ الذُّنُوبَ حَيَاءً أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ أَدْرَكَنِي الْوَرَعُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وَلِيَ الْجَرَّاحُ خُرَاسَانَ لِيَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَهُوَ مِنْ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ، فَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ الْجَرَّاحَ كَانَ إِذَا مَشَى فِي جَامِعِ دِمَشْقَ يُمِيلُ رَأْسَهُ عَنِ الْقَنَادِيلِ مِنْ طُولِهِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الزُّرَقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَامِلَ خُرَاسَانَ كُلِّهَا، حَرْبِهَا وَصَلاتِهَا، وَمَالِهَا، وَقَالَ الْوَلِيدُ: ثَنَا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ غَزَا الْجَرَّاحُ أَرْضَ التُّرْكِ، فَدَخَلَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَأَدْرَكَتْهُ التُّرْكُ، فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ: كَانَ الْجَرَّاحُ عَلَى أَرْمِينِيَةَ، وَكَانَ رجلًا صالحًا، فقتله الخزر، ففرغ النَّاسُ لِقَتْلِهِ فِي الْبُلْدَانِ. وَرَوَى صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْجَرَّاحِ، وَعِنْدَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ، فَإِذَا بِهِ قَدْ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعُوا، فَمَكَثَ طَوِيلا، ثُمَّ قَالَ لِي يَا أَبَا يَحْيَى، تَدْرِي مَا كُنَّا فِيهِ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: سَأَلْنَا اللَّهَ الشَّهَادَةَ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهُمْ أحدٌ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ إِلا اسْتُشْهِدَ، قَالَ: فَبَعَثَ الْجَرَّاحُ إِلَى الأُمَرَاءِ أَنْ يَنْضَمُّوا إِلَيْهِ حِينَ دُهِمُوا فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: زَحَفَ الْجَرَّاحُ مِنْ بَرْذَعَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ إِلَى ابن خاقان،   1 حديث ضعيف: أخرجه أبو داود "4726"، وابن عاصم في السنن "575"، وابن خزيمة في التوحيد "1/ 239-240"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن أبي داود "47269". 2 التاريخ الكبير "2/ 226-227"، الجرح والتعديل "2/ 522-523"، سير أعلام النبلاء "5/ 189-190"، البداية والنهاية "9/ 303". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 201 وَهُوَ محاصٌر أَرْدبِيلَ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ الْجَرَّاحُ لثمانٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَغَلَبَتِ الْخَزَرُ عَلَى أَذْرَبَيْجَانَ، وبلغت خيولهم على الْمَوْصِلِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ الْبَلاءُ بِمَقْتَلِ الْجَرَّاحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَظِيمًا، فَبُكِيَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ جندٍ مِنْ أَجْنَادِ الْعَرَبِ وَفِي الأَمْصَارِ، رَحِمَهُ الله تعالى. 341- جريد1 بن زيد2 -خ م ن- أبو سلمة الأزدي البصري، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أُبَيٍّ، وَتُبَيْعٍ الحميري، وسالم ابن عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنَا أَخِيهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَيَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ. 342- جُعْثُلُ بْنُ هاعان3 -4- أبو سعيد الرعيني الفتباني المصري، قاضي إفريقية، عن أبي تميمٍ الجيشاني. وَعَنْهُ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 343- الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ4 مُؤَدِّبُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمَارِ، وَلِهَذَا يُقَالُ لَهُ مَرْوَانُ الْجَعْدِيُّ. كَانَ الْجَعْدُ أَوَّلُ مِنْ تَفَوَّهَ بِأَنَّ اللَّهَ لا يَتَكَلَّمُ، وَقَدْ هَرَبَ مِنَ الشَّامِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْجَهْمَ بْنَ صَفْوَانَ أَخَذَ عَنْهُ مَقَالَةَ خَلْقِ الْقُرْآنِ، وَأَصْلُهُ مِنْ حران. فبلغنا عَنْ عُقَيْلِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: وَقَفَ الْجَعْدُ عَلَى وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنِ الصُّفَّهِ، فَقَالَ: يَا جَعْدُ، وَيْلَكَ، أَنْقِصْ مِنَ الْمَسْأَلَةِ، إِنِّي لأَظُنُّكَ مِنَ الْهَالِكِينَ، لو لم يخبرنا الله في كتابه أنه لَهُ يَدًا، مَا قُلْنَا ذَلِكَ، وَأَنَّ لَهُ عَيْنًا، مَا قُلْنَا ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ الْجَعْدُ أَنْ صُلِبَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ: كان الجعد زنديقًا. وروى أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الأَضْحَى بِوَاسِطٍ، وَقَالَ: ضَحُّوا يَقْبَلُ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ، فَإِنِّي مضحٍ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خليلًا، لم يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا، ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ. وَهَذِهِ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ رَوَاهَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ الصَّبَاحِ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ، عَنِ ابن أبي سفيان المعمري.   1 جرير بن زيد كما في التهذيب وليس جريد بن زيد كما في المطبوع. 2 التاريخ الكبير "2/ 212"، الجرح والتعديل "2/ 503". 3 الجرح والتعديل "2/ 542"، تهذيب الكمال "4/ 558-560". 4 سير أعلام النبلاء "5/ 433"، ميزان الاعتدال "1/ 399". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 202 وَأَمَّا الْجَهْمُ فَسَيَأْتِي فِيمَا بَعْدَ. 344- جَعْفَرُ بْنُ عبد الله بن الحكم1 -م4- بن رافع بن سنان الأوسي الأنصاري، مِنْ نُبَلاءِ التَّابِعِينَ، رَوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، وَعَلْبَاءَ السَّلَمِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وحمود بْنِ لَبِيدٍ، وَعَمِّهِ الْحَكَمِ، وَرَافِعِ بْنِ أَسِيدِ بْنِ ظَهِيرٍ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ اللَّيْثِ وَثِقَاتِهِمْ. 345- الْجُنَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 الْمُرِّيُّ الدِّمَشْقِيُّ الأَمِيرُ. وُلِّيَ خُرَاسَانَ وَالسِّنْدِ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ مِنَ الأَجْوَادِ، ولكن لم يخمد فِي الْحُرُوبِ. 346- الْجَهْمُ بْنُ دِيَنارٍ3 وَيُقَالُ؛ هُوَ ابْنُ مَيْسَرَةَ. رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ الرُّمَّانِيُّ، وَأَشْعَثُ بْنُ سِوَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ الْغَنَوِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: صَدُوقٌ. 347- جَوَّابُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ4 الْكُوفِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ التَّيْمِيِّ، وَمَعْرُوفِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَجُوَيْبِرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَطَائِفَةٌ. وَكَانَ قَاصًّا وَاعِظًا، سَكَنَ جُرْجَانَ مُدَّةً، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، مَعَ أَنَّ ابْنَ مَعِينٍ قَدْ وَثَّقَهُ. 348- الْجَلاحُ أَبُو كَثِيرٍ الرُّومِيُّ5 -م د ت ن- مَوْلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَمِعْرِفَةٌ، جَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَاصَّ الإِسْكَنْدَرِيةَ. يَرْوِي عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وابن لهيعة، والليث بن سعد. مات سنة عشرين ومائة.   1 التاريخ الكبير "2/ 195"، الجرح والتعديل "2/ 482". 2 تاريخ خليفة "342، 344، 345، 358، 359"، شذرات الذهب "1/ 151". 3 التاريخ الكبير "2/ 230"، الجرح والتعديل "2/ 522". 4 التاريخ الكبير "2/ 246"، الجرح والتعديل "2/ 535-536". 5 التاريخ الكبير "2/ 254"، الجرح والتعديل "2/ 551". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 203 "حرف الحاء": 349- الحارث بن يزيد1 -خ م ن ق- العكلي التيمي الكوفي الفقيه. عَنْ: إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجِيٍّ الْحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيِّ. وَعَنْهُ: مُغِيرَةُ بْنُ مُقْسِمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ، وَصَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ فَقِيهًا مِنْ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِنْ عَلِيَّتِهِمْ، وَكَانَ ثِقَةً قَدِيمَ الْمَوْتِ. 350- حِبَّانُ بْنُ واسع بن حبان2 -م د ت ق- بن منقذ الأنصاري المازني المديني، ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ. سَمِعَ أَبَاهُ، وَخَلادَ بْنَ السَّائِبِ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَابْنُ لَهِيعَةَ. 351- حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ3 قَيْسُ بْنُ دِينَارٍ، وَقِيلَ قَيْسُ بْنُ هند، الكوفي أَحَدُ الأَعْلامِ. عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: مِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَآخَرُونَ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنَ الكبار: عطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ، وَكَانَ هُوَ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فَقِيهَيِّ الْكُوفِيَّةِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ: قَدِمْتُ مَعَ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الطَّائِفَ، فَكَأَنَّمَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ نَبِيٌّ4. وَقَالَ غَيْرُ واحدٍ: حَبِيبٌ ثِقَةٌ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَالْبُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: وَضَعَ جَبِينَهُ لِلَّهِ فَقَدْ برئ من الكبر5.   1 التاريخ الكبير "2/ 285"، الجرح والتعديل "3/ 93". 2 التاريخ الكبير "3/ 112"، الجرح والتعديل "3/ 296-297". 3 الطبقات الكبرى "6/ 320"، تاريخ خليفة "349". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 60". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 61". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 204 وَعَنْ كَامِلٍ أَبِي الْعَلاءِ قَالَ: انْفَقَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَلَى الْقُرَّاءِ مِائَةَ أَلْفٍ1. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: رَأَيْتُ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ سَاجِدًا، فَلَوْ رَأَيْتَهُ قُلْتَ مَيِّتٌ، يَعْنِي مِنْ طُولِ السُّجُودِ2، رَحِمَهُ اللَّهُ. 352- حبيب بن عبيد الرحبي الحمصي3 -م4. أبو حفص، عن العرياض بْنِ سَارِيَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَأُمَامَةَ، وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَطَائِفَةٍ، وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَعِصْمَةُ بْنُ رَاشِدٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ سَبْعِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَيُرْوَى أَنَّهُ أَدْرَكَ خِلافَةَ عُمَرَ، وَفِيهِ بُعْدٌ. 353- حَرَامُ بْنُ حُكَيْمِ بْنِ خَالِدٍ الأَنْصَارِيُّ4: وَيُقَالُ الْعَنْسِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ -وَلَهُ صحبة، وأبي هريرة، وأبي مسلم الخولاني، وأرسل عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ الْعَلاءُ بْنُ الْحَارِثِ، وَزَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابن الْمُهَاجِرِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ، وَغَيْرُهُ. وَيُقَالُ كَانَ لَهُ بِدِمَشْقَ دارٌ فِي سُوقِ الْقَمْحِ. 354- حَرَامُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَيَّصَةَ5 بْنِ مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ فَقَطْ. وَهُوَ ثِقَةٌ، وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ. 355- الْحُرُّ بْنُ الصَّيَّاحِ النَّخَعِيُّ6 الْكُوفِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَر، وَأَنَسٍ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَرِيكٌ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 61". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 61". 3 الطبقات لخليفة "311"، التاريخ الكبير "2/ 321-322". 4 التاريخ الكبير "3/ 101"، الجرح والتعديل "3/ 282". 5 الطبقات الكبرى "5/ 258"، التاريخ الكبير "3/ 101". 6 التاريخ الكبير "3/ 81-82"، الجرح والتعديل "3/ 377". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 205 356- حَزْنُ بْنُ بَشِيرٍ الْخَثْعَمِيُّ1 الْكُوفِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَشَرِيكٌ، وَعَنْبَسَةُ قَاضِي الرَّيِّ. وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 357- الْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ الْحِمْصِيُّ2 -ت ق- عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ معديكرب، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيُّ. 358- الْحَسَنُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَعْبَدٍ الْكُوفِيُّ3 -م د ن ق- مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهم، عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَأَخُوهُ أَبُو الْعُمَيْسِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 359- الْحُسَيْنُ بن الحارث الجدلي4 -د ن- أبو القاسم الكوفي. عن: ابن عمر، والعمان بْنِ بَشِيرٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. وَعَنْهُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَشُعْبَةُ، وَغَيْرُهُمَا. 360- الْحَضْرَمِيُّ بْنُ لاحِقٍ5 -د ن- اليماني الأعرج. عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ مُرْسَلا، وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي صَالِح السَّانِيِّ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 361- حفص بن عبيد الله6 -سوى د- بن أنس بن مالك الأنصاري   1 التاريخ الكبير "3/ 111"، الجرح والتعديل "3/ 294". 2 التاريخ الكبير "2/ 288"، الجرح والتعديل "3/ 4". 3 التاريخ الكبير "2/ 295"، الجرح والتعديل "3/ 16". 4 التاريخ الكبير "2/ 382"، الجرح والتعديل "3/ 50". 5 التاريخ الكبير "3/ 125"، الجرح والتعديل "3/ 302". 6 التاريخ الكبير "2/ 360" الجرح والتعديل "3/ 176". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 206 البصري. عَنْ: جَدِّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ إِلا مِنْ جَدِّهِ. قُلْتُ: حَدِيثُهُ عن جابر في صحيح البخاري. 362- حفص بن أبي أخي أنس بن مالك1 -د ن- قِيلَ هُوَ: حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة، وقيل هو: حفص ابن عبد اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. عَنْ عَمِّهِ. وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، وَخَلَفُ بْنُ خليفة، وثقه الدارقطني. 363- الحكم بن حجلٍ الْبَصْرِيُّ2 -ن- عَنْ حُجْرٍ الْعَدَوِيِّ، وَعَطاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ دِيَنارٍ، وسعيد بن أبي عروبة. وثقه ابن معين. 364- الحكم بن عتيبة3 -ع- أبو محمد الكندي، مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ، الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَعْلامِ. عَنْ: أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي، وَأَبِي وَائِلٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، وَمِسْعَرٌ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، حمزة الزَّيَّاتُ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَخَلْقٌ. قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: حَجَجْتُ، فَلَقِيتُ عَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ، فَقَالَ لِي: هَلْ لَقِيتَ الْحَكَمَ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَالْقَهُ، فَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَفْقَهُ مِنْهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَفْقَهُ النَّاسَ فِي إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا كَانَ بِالْكُوفَةِ مِثْلُ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ. وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: كَانَ الْحَكَمُ صَاحِبَ عِبَادَةٍ وَفَضْلٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ الْحَكَمُ ثِقَةً، ثَبْتًا، فَقِيهًا، مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ صَاحِبَ سنةٍ وَاتِّبَاعٍ. وَقَالَ مُغِيرةُ بْنُ مُقْسِمٍ: كَانَ الْحَكَمُ إِذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَخْلُوا لَهُ سَارِيَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِلَيْهَا، وَقَالَ الشَّاذَكُونِيُّ: أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: كَانَ الْحَكَمُ يُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، الشَّاذَكُونِيُّ ضَعِيفٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ الزُّهْرِيُّ في أصحابه كالحكم في أصحابه، وقال أبو إِسْرَائِيلَ الْمُلائِيُّ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ رُومِيٍّ قَالَ: ما كنت   1 التاريخ الكبير "2/ 360"، الجرح والتعديل "3/ 176". 2 التاريخ الكبير "2/ 336"، الجرح والتعديل "3/ 114-115". 3 الطبقات الكبرى "6/ 331-332"، تاريخ خليفة "346-361". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 207 أَعْرِفُ فَضْلَ الْحَكَمِ إِلا إِذَا اجْتَمَعَ عُلَمَاءُ النَّاسِ فِي مَسْجِدِ مِنًى، نَظَرْتُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا هُمْ عِيَالٌ عَلَيْهِ. قَالَ شُعْبَةُ: مَاتَ الْحَكَمُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَقَالَ آخَرُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. 365- حُكَيْمُ بْنُ عبد الله1 -م4- بن قيس بن مخرمة القرشي المطلبي. عن: نافع بن جبير، وعن عامر بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، وَرَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَآخَرُونَ، وثقه ابن حِبَّانَ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 366- حَمَّادُ بن أبي سليمان2 -م4- الفقيه الكوفي، أبو إسماعيل بن مسلم مَوْلَى الأَشْعَرِيِّينِ، أَحَدُ الأَعْلامِ، أَصْلُهُ مِنْ أَصْبَهَانَ، روى عن: أنس، وابن الْمُسَيِّبِ، وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ، وَتَفَقَّهَ بِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعَنْهُ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، وَمِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَكَانَ سَخِيًّا جَوَّادًا، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إياس: سألت إبراهيم والنخعي: مِنْ نَسْأَلُ بَعْدَكَ! قَالَ: حَمَّادٌ. وَقَالَ مُغِيرَةُ: قُلْتُ: لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: إِنَّ حَمَّادًا قَدْ قَعَدَ يُفْتِي! قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُ، وَقَدْ سَأَلَنِي عَمَّا لم تسألوني عن عشره، قال شُعْبَةُ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ يَقُولُ: وَمَنْ فِيهِمْ مِثْلُ حَمَّادٍ! يَعْنِي أَهْلَ الْكُوفَةِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ مِنْ حَمَّادٍ، قِيلَ: وَلا الشَّعْبِيُّ؟ قَالَ: وَلا الشَّعْبِيُّ. وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ حَمَّادٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الأَشْعَرِيُّ مِنَ الأَجْوَادِ، كَانَ يُفْطِرُ كُلَّ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ كُلَّ ليلةٍ خَمْسَمِائَةِ إنسانٍ، وَيُعْطِيهِمْ لَيْلَةَ الْعِيدِ مِائَةً مِائَةً. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، كَانَ يُفْطِرُ خَمْسِينَ إِنْسَانًا، قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَمَّادٌ صَدُوقُ اللِّسَانِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ، إِلا أَنَّهُ مُرْجِئٌ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: حَمَّادٌ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، مَا رَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ وَالْقُدَمَاءُ، وَلَكِنَّ حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمَةُ عِنْدَهُ عَنْهُ تَخْلِيطٌ، قُلْتُ لِأَحْمَدَ: أَبُو مَعْشَرٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَمْ حَمَّادٌ فِي إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا، وَحَمَّادٌ كَانَ يُرْمَى بِالإِرْجَاءِ.   1 التاريخ الكبير "3/ 94"، الجرح والتعديل "3/ 286-287". 2 الطبقات الكبرى "6/ 332-333"، تاريخ خليفة "162". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 208 وَرَوَى وَرْقَاءُ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ جَلَسَ الْحَكَمُ وَأَصْحَابُهُ إِلَى حَمَّادٍ، حَتَّى أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ، يَعْنِي الإِرْجَاءَ. ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ لا يَحْفَظُ، يَعْنِي أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ كَانَ الْفِقْهُ. حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ حَمَّادٌ وَمُغِيرَةُ أَحْفَظَ مِنَ الْحَكَمِ، يَعْنِي مَعَ سُوءِ حِفْظِ حَمَّادٍ الآثَارِ، كَانَ أَحْفَظَ مِنَ الْحَكَمِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَمَّادٌ صَدُوقٌ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي الْفِقْهِ، فَإِذَا جَاءَ الآثَارَ شَوَّشَ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: كَانَ حَمَّادٌ أَفْقَهَ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَتْ بِهِ مُوتَةٌ، كَانَ رُبَّمَا حَدَّثَ فَتَعْتَرِيهِ، فَإِذَا أَفَاقَ أَخَذَ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَقَعُ فِي حَدِيثِهِ أَفْرَادٌ وَغَرَائِبُ، وَهُوَ مُتَمَاسِكٌ فِي الْحَدِيثِ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا: وَكَانَ حَمَّادٌ ضَعِيفًا فِي الْحَدِيثِ، وَاخْتَلَطَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ وَكَانَ مُرْجِئًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ، تُوُفِّيَ حَمَّادٌ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَيُقَالُ: سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا برجلٍ آخَرَ، وَأَهْلُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ. 367- حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ الكوفي1 -ق- المقرئ، قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى الْكِبَارِ، أَبِي الأَسْوَدِ ظَالِمِ بْنِ عَمْرٍو، وَقِيلَ: بَلْ قَرَأَ عَلَى وَلَدِهِ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، وَعَلَى عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ: أَبُو خَالِدٍ الْقَمَّاطُ، وَحَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ -وَقَرَأَ عَلَيْهِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ فَقَالَ: كَانَ رَافِضِيًّا، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ، قُلْتُ لَهُ فِي سُنَنِ ق حَدِيثَانِ. 368- حَمْزَةُ بْنُ بيضٍ الْحَنَفِيُّ2 أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، كوفيٌّ شَاعِرٌ مُجَوِّدٌ، سَائِرُ القَوْلِ، كَثِيرُ الْمُجُونِ، وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَوَلَدِهِ، ثُمَّ إِلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بردة، حصل له أموال كَثِيرَةً إِلَى الْغَايَةِ مِنْ ذَهَبٍ وَخَيْلٍ وَرَقِيقٍ، وَقِيلَ إِنَّهُ حَصَّلَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَمَاتَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. وَبِيضٌ: بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَرَّخَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَأَخْبَارُهُ مُسْتَوْفَاةٌ فِي كِتَابِ الأَغَانِي.   1 التاريخ الكبير "3/ 80"، الجرح والتعديل "3/ 265". 2 الأغاني "16/ 202-225"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 443-445". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 209 369- حمزة بن عمرو الضبي1 -م د ن- العائذ البصري، عائذ الله بن ضبة، رَوَى عَنْ: أَنَسٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، وعنه: ابنه عمر، وعوف، وشعبة، وثقه النسائي. 370- حميد بن نافع الأنصاري2 -ع- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَشُعْبَةُ، وَصَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: هُوَ مَوْلَى صَفْوَانَ بْنِ خَالِدٍ. وَيُقَالُ: مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، حَجَّ مَعَ أَبِي أَيُّوبَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ عَاصِمًا عَنِ الْمَرْأَةِ تَحُدُّ، فَقَالَ: قَالَتْ: حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ: كَتَبَ حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ إِلَى حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ زَيْنَبَ. قَالَ شُعْبَةُ: فَكَانَ عَاصِمٌ يَرَى أَنَّهُ مَاتَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ. 371- حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ الْعَدَوِيُّ3 -ع- عَدِيُّ تَمِيمٌ، بصريٌ نَبِيلٌ، رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَجَمَاعَةٍ، وَعَنْهُ أَيُّوبُ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَشُعْبَةُ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ: مَا كَانَ بِالْبَصْرَةِ أحدٌ أَجَلُّ مِنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَلْقَ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ عِنْدِي أَبَا رِفَاعَةَ الْعَدَوِيَّ، قال أَبُو هِلالٍ: ثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: مَا كَانُوا يُفَضِّلُونَ أَحَدًا عَلَى حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ فِي الْعِلْمِ بِالْبَصْرَةِ، يَعْنِي بَعْدَ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: رَأَيْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ يَلْبِسُ الثِّيَابَ الثَّمِينَةَ وَالطَّيَالِسَةَ وَالْعَمَائِمَ، تُوُفِّيَ حُمَيْدٌ فِي إِمْرَةِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القسري، وموته قريبٌ من موت قتادة.   1 التاريخ الكبير "3/ 49"، الجرح والتعديل "3/ 212". 2 التاريخ الكبير "2/ 347"، الجرح والتعديل "3/ 229-230". 3 الطبقات الكبرى "7/ 231"، التاريخ الكبير "2/ 346-347". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 210 372- حُمَيْدٌ الشَّامِيُّ1 عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَسُلَيْمَانَ المُنَبِّهِيِّ، وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَغَيْلانُ بْنُ جَامِعٍ، وَسَالِمٌ الْمُرَادِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: لا نَعْرِفُهُ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ فِي مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ. 373- حَيَّانُ أَبُو النَّضْرِ2 الأَسَدِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَجُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، وَمُدْرِكٌ الْفَزَارِيُّ، وَالْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السائب، وثقه ابن مَعِينٍ، وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: صَالِحٌ. حَيُّ بْنُ يُومِنٍ أَبُو عُشَانَةَ الْمَصْرِيُّ، فِي الْكُنَى، يَأْتِي. 374- حَيَّانُ الأَعْرَجُ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ3، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَنْهُ: قَتَادَةُ -مع تَقَدَّمَهُ- وَمَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. "حرف الْخَاءِ": 375- خَالِدُ بْنُ بَابٍ الرِّبْعِيُّ الْبَصْرِيُّ4 عَنْ عَمِّهِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَعَنْهُ عَوْفٌ، وَجَسْرُ بْنُ فَرْقَدٍ، وَسَلَمُ بْنُ زُرَيْرٍ، وَغَيْرُهُمْ. تَرَكَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 376- خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ الْعَسْقَلانِيُّ5 -4- وَقِيلَ: الدِّمَشْقِيُّ، وَقِيلَ: الرَّمْلِيُّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقُبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، وَأَرْسَلَ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ، وَأَبُو بِشْرٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وسفيان بن حسين وغيرهم. وثقه النسائي.   1 الجرح والتعديل "3/ 232"، تهذيب الكمال "1/ 341". 2 التاريخ الكبير "3/ 55"، الجرح والتعديل "3/ 244-245". 3 الجرح والتعديل "3/ 246-247"، تهذيب الكمال "1/ 346". 4 التاريخ الكبير "3/ 141-142"، الجرح والتعديل "3/ 322". 5 التاريخ الكبير "3/ 146"، الجرح والتعديل "3/ 328". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 211 377- خَالِد بْنُ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيُّ1 عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَنْهُ: عَنْبَسَةُ قَاضِي الرَّيِّ، وَشَرِيكٌ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. 378- خَالِدُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ الْمَدَنِيّ2 -ق- نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. عَنْ: رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْهُ: خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَغَيْرُهُمْ، وَثَّقَهُ ابْنُ حبان. 379- خالد بن اللجلاج العامري3 -د ت ن- أبو إبراهيم الدمشقي. سَمِعَ أَبَاهُ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَايِشٍ، وَقُبَيْصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ، وَقَدْ أَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وعنه: أبو قلابة، ومكحول، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزبز، وزيد بن واقد، والأوزاعي، وجماعة، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَن مكحول: كَانَ ذا سنٍ وصلاح، وله جرأة عَلَى الملوك وغلظةٌ عليهم. وَقِيلَ: كان من بِنَاءِ جَامِعِ دِمَشْقَ، قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ يُفْتِي مَعَ مَكْحُولٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعَ مِنْ عُمَرَ، وَالْبُخَارِيُّ لَيْسَ بِالْخَبِيرِ بِرِجَالِ الشَّامِ، وَهَذِهِ مِنْ أَوْهَامِهِ. 380- خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ4 عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَنْهُ: الزُّبَيْدِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَهْلُ حِمْصَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَهُوَ مُقِلٌّ. "حرف الذَّالِ": 381- ذُو الرُّمَّةِ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ5 هُوَ غَيْلانُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ بُهَيْشٍ، مُضَرِيُّ النَّسَبِ، وَكَانَ كَثِيرَ التَّشْبِيبِ بِمَيَّةَ بِنْتِ مُقَاتِلٍ الْمِنْقَرِيَّةِ، ثُمَّ شَبَّبَ بِالْخَرْقَاءِ، وَلَهُ مَدَائِحُ فِي بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: فتح الشعر بامرئ القيس، وختم   1 التاريخ الكبير "3/ 149"، الجرح والتعديل "3/ 331". 2 التاريخ الكبير "3/ 155-156"، الجرح والتعديل "3/ 336-337". 3 التاريخ الكبير "3/ 170"، الجرح والتعديل "3/ 349". 4 التاريخ الكبير "3/ 172"، الجرح والتعديل "3/ 350". 5 الأغاني "18/ 1-52"، سير أعلام النبلاء "5/ 267". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 212 بِذِي الرُّمَّةِ، وَقِيلَ إِنَّ الْفَرَزْدَقَ وَقَفَ عَلَى ذِي الرُّمَّةِ وَهُوَ يُنْشِدُ، فَاسْتَحْسَنَ شِعْرَهُ، وَكَانَ ذُو الرُّمَّةِ يَنْزِلُ بِبَادِيَةِ الْعِرَاقِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَدَحَهُ. وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ، وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ النَّحْوِيُّ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْوَلِيدَ سَأَلَ الْفَرَزْدَقَ: مَنْ أَشْعَرَ النَّاسِ؟ قَالَ: أَنَا، قَالَ: فَتَعْلَمُ أَحَدًا أَشْعَرَ مِنْكَ؟ قَالَ: لا، إِلا غُلامًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ يَرْكَبُ أَعْجَازَ الإِبِلِ، يَعْنِي ذَا الرُّمَّةِ، وَلَهُ: وَعَيْنَانِ قَالَ اللَّهُ: كُونَا، فَكَانَتَا ... فَعُولانِ بِالأَلْبَابِ مَا تَفْعَلُ الْخَمْرُ وَلَهُ: إِذَا هَبَّتِ الأَرْوَاحُ مِنْ نَحْوِ جَانِبٍ ... بِهِ أَهْلُ مَيٍّ هَاجَ قَلْبِي هُبُوبُهَا هَوًى تَذْرِفُ الْعَيْنَانِ مِنْهُ وَإِنَّمَا ... هَوَى كُلِّ نفسٍ حَيْثُ حَلَّ حَبِيبُهَا تُوُفِّيَ ذُو الرُّمَّةِ بِأَصْبَهَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، عَنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. "حرف الرَّاءِ": 382- رَاشِدُ بن سعد المقرائي1 -ع- وَيُقَالُ الْحُبْرَانِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَثَوْبَانَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو بَكْرِ بن أبي مريم، ومعاوية بن صالح الحمصيون. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَكْحُولٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: توفي سنة ثلاث عشرة ومائة. وقيل: سنة ثمانٍ. 383- راشد بن أبي سكنة2 أبو عبد الملك العبدري مولاهم الشامي. أرسل عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَدَّثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ. وَوَلِيَ خَرَاجَ مِصْرَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ مُحَمَّدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ، وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ ومائة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 456"، التاريخ الكبير "3/ 292". 2 التاريخ الكبير "3/ 292"، الجرح والتعديل "3/ 484". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 213 384- الربيع بن سبرة1 -م- بن معبد الجهني المدني. عَنْ أَبِيهِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَعِمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْن عُمَر بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَخَلْقٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ الزُّهْرِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَزِيدُ بْنُ أبي حبيب. وكان من علماء التابعين، العجلي والنسائي. 385- ربيعة بن سيف2 -د ت ن- بن ماتع المعافري الإسكندراني. عَنْ: شُفَيٍّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنْهُ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، وَاللَّيْثُ، وَصَمْصَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: لَعَلَّهُ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّةً. 386- رَبِيعَةُ بْنُ عطاء3 -م ن- بن يعقوب المدني، مَوْلَى ابْنِ سِبَاعٍ. صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ عُرْوَةَ، وَالْقَاسِمِ، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ. 387- رجاء بن حيوة4 -م4- أبو نصر الكندي، وأبو المقدام الشامي. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أبي سُفْيَانَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقُبَيْصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، وَخَلْقٌ. وَكَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. رَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ مَكْحُولٌ: مَا زِلْتُ مُضَطَّلِعًا عَلَى مَنْ نَاوَأَنِي حَتَّى عَاوَنَهُمْ عَلَيَّ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الشَّامِ فِي أَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: مَا رَأَيْتُ شَامِيًّا أَفْضَلَ مِنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. وَرَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: مَا مِنْ رجلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ مِنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: رَأَيْتُ ثَلاثَةً مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُمْ: ابْنَ سِيرِينَ بِالْعِرَاقِ، والقاسم   1 التاريخ الكبير "3/ 273"، الجرح والتعديل "3/ 462". 2 التاريخ الكبير "3/ 290"، الجرح والتعديل "3/ 477". 3 التاريخ الكبير "3/ 289"، الجرح والتعديل "3/ 477". 4 الطبقات الكبرى "7/ 454-455"، التاريخ الكبير "3/ 312-313". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 214 بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام، قال: وَكَانَ هَؤُلاءِ يَأْتُونَ بِالْحَدِيثِ بِحُرُوفِهِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، يَأْتُونَ بِالْمَعَانِي1. وَقَالَ رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يُجْرِي عَلَى رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ثَلاثِينَ دِينَارًا فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَلَمَّا وُلِّيَ هِشَامٌ الْخِلافَةَ قَطَعَهَا، فَرَأَى أَبَاهُ فِي النَّوْمِ يُعَاتِبُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَجْرَاهَا، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ الأَزْدِيُّ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى بَابِ سليمان بن عبد الملك، إذا أَتَانِي رَجُلٌ لَمْ أَرَهُ قَبْلَ وَلا بَعْدَ، فَقَالَ: يَا رَجَاءُ، إِنَّكَ قَدِ ابْتُلِيتَ بِهَذَا وَابْتُلِيَ بِكَ فَعَلَيْكَ بِالْمَعْرُوفِ وَعَوْنِ الضَّعِيفِ، يَا رَجَاءُ أَنَّهُ مَنْ كَانَ لَهُ مَنْزِلَةٌ مِنْ سُلْطَانٍ، فَرَفَعَ حَاجَةَ ضعيفٍ لا يَسْتَطِيعُ رَفْعَهَا، لَقِيَ اللَّهَ، وَقَدْ شَدَّ قَدَمَيْهِ لِلْحِسَابِ بَيْنَ يَدَيْهِ2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ بإسنادٍ فِيهِ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ: قِيلَ لِرَجَاءٍ: إِنَّكَ كُنْتَ تَأْتِي السُّلْطَانَ فتركتهم! قال: يكفيني لذي أَدَعُهُمْ لَهُ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، فَكَانَ يَدْعُو بَعْدَ الصُّبْحِ بِدَعَوَاتٍ، قَالَ: فَغَابَ، فَتَكَلَّمَ رجلٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ، فَقَالَ رَجَاءٌ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا يَا أَبَا الْمِقْدَامِ، فَقَالَ: اسْكُتْ، فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَسْمَعَ الْخَيْرَ إِلا مِنْ أَهْلِهِ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ الْقَارِئُ الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، فَتَذَاكَرْنَا شُكْرَ النِّعَمِ، فَقَالَ: مَا أَحَدٌ يَقُومُ بِشُكْرِ نعمةٍ وَخَلْفُنَا رجلٌ عَلَى رَأْسِهِ كِسَاءٌ، فَقَالَ: وَلا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فقلنا: وما ذكر أمير المؤنين هُنَا! وَإِنَّمَا هُوَ رجلٌ مِنَ النَّاسِ، فَغَفَلْنَا عَنْهُ، فَالْتَفَتَ رَجَاءٌ فَلَمْ يَرَهُ، فَقَالَ: أَتَيْتُمْ مِنْ صَاحِبِ الْكِسَاءِ، وَلَكِنْ إِنْ دُعِيتُمْ فَاسْتُحْلِفْتُمْ فَاحْلِفُوا، فَمَا عَلِمْنَا إِلا بِحَرَسِيٍّ قَدْ أَقْبَلَ، فَقَالَ: أَجِيبُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَتَيْنَا بَابَ هِشَامٍ، فَأَذِنَ لِرَجَاءٍ وَحْدَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هَيْهَ يَا رَجَاءُ، يُذْكَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلا تَحْتَجَّ لَهُ! قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: ذَكَرْتُمْ شُكْرَ النِّعَمِ، فَقُلْتُمْ: مَا أحدٌ يَقُومُ بِشُكْرِهَا، قِيلَ لَكُمْ: وَلا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَقُلْتَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ رجلٌ مِنَ النَّاسِ، فَقُلْتُ: لَمْ يَكُنْ ذَاكَ، قَالَ: آللَّهِ، قُلْتُ: آللَّهِ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ السَّاعِي، فَضُرِبَ سَبْعِينَ سَوْطًا، وَخَرَجَ وَهُوَ مُتَلَوِّثٌ فِي دَمِهِ، فَقَالَ: هَذَا وَأَنْتَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ! فَقُلْتُ: سَبْعُونَ سوطًا في ظهرك،   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 454"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 170". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 171". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 215 خيرٌ مِنْ دَمٍ مؤمنٍ، قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَكَانَ رَجَاءٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا جَلَسَ الْتَفَتَ وَقَالَ: احْذَرُوا صَاحِبَ الْكِسَاءِ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ رَجَاءٌ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: وَرَجَاءٌ هُوَ الَّذِي نَهَضَ بِأَخْذِ الْخِلافَةِ لعمر بن عبد العزيز، وكان الوزير لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ. 388- رُدَيْنِيُّ بْنُ أَبِي مِجْلَزٍ1 لاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، وعنه زياد بن حدير، والمنذر بن ثعلبة، وقرة بن خالد، وما أعلم به بأسا. 389- رياح بن عبيدة السلمي2 -د ت ق- الكوفي، لا الباهلي البصري، ذاك فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. رَوَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وغيرهما. وعنه: ابنه إسماعيل، وحجاج بن أرطأة، وعمرو بن عثمان بن موهب. له حديث، وفيه اضطراب كثير. "حرف الزاي": 390- زايدة بن عمير الطائي3 الكوفي عن ابن عباس، وعنه أبو إسحاق ويونس بن أبي إسحاق وشعبة، وثقه يحيى بن معين. 391- الزبرقان بن عمرو4 -د ن ق- بن أمية الضمري، أرسل عن زيد بن ثاب، وأسامة بن زيد، روى عَنْ عُرْوَةَ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِمَا: وَعَنْهُ: بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي حُكَيْمٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَثَّقَهُ النسائي. 392- زرارة بن مصعب5 -ت- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ، جَدُّ أَبِي مُصْعَبٍ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادَةَ، رَوَى عَنْ عَمِّهِ أبي سلمة،   1 التاريخ الكبير "3/ 330"، الجرح والتعديل "3/ 515-516". 2 التاريخ الكبير "3/ 329"، الجرح والتعديل "3/ 511". 3 التاريخ الكبير "3/ 431"، الجرح والتعديل "3/ 612". 4 التاريخ الكبير "3/ 433، 334"، الجرح والتعديل "3/ 611". 5 التاريخ الكبير "38/ 439"، الجرح والتعديل "3/ 604". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 216 وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ -إِنْ صَحَّ- وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أبي المليكي، وغيرهم، وثقه النسائي. 393- زياد الأعلم1 -خ د ن- وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ بْنِ قُرَّةَ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَنْهُ: الْحَمَّادَانِ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَهَمَّامٌ، وَجَمَاعَةٌ، وكان أحد الثقات، له أحاديث قليلة. 394- زيادب بْنُ أَبِي سَوْدَةَ الْمَقْدِسِيُّ2 رَوَى عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَيْمُونَةَ خَادِمَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْسَلا، وَعَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَصَدَقَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرُهُمْ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ. 395- زِيَادُ بن كليب3 -م د ت ن- أبو معشر التميمي الحنظلي الْكُوفِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَنْهُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَشُعْبَةُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 396- زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ أَبُو النَّضْرِ4، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَهُوَ صَدُوقٌ. 397- زَيْدُ بْنُ أَرْطَأَةَ الْفَزَارِيُّ5 -د ت ن- أَخُو الأَمِيرِ عديٌ. أَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَغَيْرِهِ، وَرَوَى عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَعَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. "حرف السين": 398- سعيد بن أبي برردة6 -ع- بن أبي موسى الأشعري الكوفي. عن أبيه،   1 التاريخ الكبير "3/ 345"، الجرح والتعديل "3/ 552". 2 التاريخ الكبير "3/ 357"، الجرح والتعديل "3/ 534". 3 التاريخ الكبير "3/ 367"، الجرح والتعديل "3/ 542". 4 التاريخ الكبير "3/ 376"، الجرح والتعديل "3/ 547". 5 التاريخ الكبير "3/ 387-388"، الجرح والتعديل "3/ 556". 6 التاريخ الكبير "3/ 460"، تهذيب الكمال "1/ 478". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 217 وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَمِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَطَائِفَةٌ آخِرُهُمْ أَبُو عَوَانَةَ، وَكَانَ ثِقَةً. 399- سَعِيدُ بْنُ سَمْعَانَ الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيّ1 -د ت ن- مَوْلَى الأَنْصَارِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْهُ سَابِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، يَقَعُ غَالِبًا حَدِيثُهُ فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 400- سَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ الْكَلْبِيُّ2 عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَعُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُبَيْدَةَ الأَمْلُوكِيِّ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بْنِ هِلالٍ. وَعَنْهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْجَةَ، وَكَأَنَّهُ حِمْصيٌّ. 401- سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ3 -د ت ق- الثقفي المدني. عَنْ أَبِيهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ زَيْدٍ، وأرسل عن أبي هريرة، وعنه الزهري، ومحمد بن إسحاق، وفليح بن سليمان، وآخرون، وثقه النسائي. 402- سعيد بن عمرو بن أشوع الهمداني4 -خ م ت- قَاضِي الْكُوفَةِ. عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَشُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ الصَّايِدِيِّ، وَعَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَآخَرُونَ، قَالَ النسائي: ليس به بأس، توفي سنة سبع بِضْعَ عَشْرَةَ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ: سَعِيدُ بْنُ أَشْوَعَ قَاضِي الْكُوفَةِ، غالٍ زَائِغٍ. 403- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ5 الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بن عبد الله بن مسعود، وعنه يونس بن أبي إسحاق، والقاسم بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَبْدُ الله بن خرداش: صَدُوقٌ. سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 404- سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ الْقُرَشِيُّ6، عن جده، وأبي هريرة،   1 التاريخ الكبير "3/ 479-480"، الجرح والتعديل "4/ ". 2 التاريخ الكبير "3/ 477"، الجرح والتعديل "4/ 29". 3 التاريخ الكبير "3/ 496"، الجرح والتعديل "4/ 46". 4 التاريخ الكبير "3/ 500"، الجرح والتعديل "4/ 50". 5 التاريخ الكبير "3/ 500"، الجرح والتعديل "4/ 49". 6 التاريخ الكبير "3/ 514"، الجرح والتعديل "4/ 57-58". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 218 وَوَالِدِهِ، وَعَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَوْهِبٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُخَرَّمِيُّ، مَا أَعْلَمُ بِهِ بأسًا. 405- سعيد بن مينًا1 -سوى ن- الوليد، حجازيٌ نَبِيلٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَابِرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَنْهُ أَيُّوبُ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَسُلَيْمُ بْنُ حِبَّانَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ. 406- سَعِيدُ بْنُ يُحْمَدَ2 -ع- أبو السفر الهمداني الكوفي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَنَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشُ، ومالك بن مغول ويويس بن أبي إسحاق، وثقه ابن معين وغيره، وتوفي سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 407- سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ3 -ع- أبو الحباب المدني، مَوْلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ، وَقِيلَ: مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عباس، وابن عمر، وزيد بن خالد الجهني، وعنه ابن أخيه معاوية بن أبي مزرد، وسعيد بن المقبري، وأبو طوالة سهيل بن أبي صالح، وابن عجلان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن إسحاق، وآخرون، وكان من العلماء الأثبات، مات سنة ست عشرة، أو سبع عشرة ومائة. 408- سعيد بن هاني الخولاني4 -ن ق- شاميٌ صَدُوقٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وعلي بن زبيد الخولانيان، ومعاوية بن صالح، وغيرهم. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، كَذَا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، فَيُؤَخَّرُ. 409- سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ5 بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيَّةُ، يُرْوَى عَنْهَا حديثٌ عَنْ أَبِيهَا، وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، فَتَزَوَّجَهَا مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ الزبير   1 الطبقات الكبرى "5/ 311"، التاريخ الكبير "3/ 512". 2 الطبقات الكبرى "6/ 299"، التاريخ الكبير "3/ 519-520". 3 الطبقات الكبرى "5/ 284"، التاريخ الكبير "3/ 520". 4 التاريخ الكبير "3/ 518"، الجرح والتعديل "4/ 70". 5 الطبقات الكبرى "8/ 475"، تهذيب الكمال "3/ 1428". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 219 ابن بَكَّارٍ: اسْمُهَا أَمِينَةُ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ الأَكْبَرُ، فَقُتِلَ يوم كربلاء قبل أن يدخل بِهَا، ثُمَّ تزوجها مصعب، فقتل عَنْهَا، وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَرْقِيِّ: كَانَتْ مِنْ أَجْلَدِ النِّسَاءِ، دَخَلَتْ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلَكِ فِي قَوَاعِدِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، فَسَلَبَتْهُ مِنْطَقَتَهُ وَعِمَامَتَهُ وَمِطْرَفَهُ، فَقَالَ لَهَا، لِمَا طَلَبَتْ ذَلِكَ مِنْهُ: أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ: مَا أُرِيدُ غَيْرَهُ، وَكَانَ هِشَامٌ يَعْتَمُّ فَأَعْطَاهَا ذَلِكَ، وَدَعَا لَهَا بِثِيَابٍ، وَكَانَتْ إِذَا لَعَنَ مَرْوَانُ عَلِيًّا لَعَنَتْهُ وَأَبَاهُ. وَيُرْوَى فِي بَعْضِ الآثَارِ، أَنَّ مُصْعَبًا سَارَ عَنِ الْكُوفَةِ أَيَّامًا، فَكَتَبَ إِلَى سُكَيْنَةَ. وَكَانَ عَزِيزًا أَنْ أَبِيتَ وَبَيْنَنَا ... شعارٌ، فَقَدْ أَصْبَحْتُ مِنْكِ عَلَى عَشْرِ وَأَبْكَاهُمَا، وَاللَّهِ، لِلْعَيْنِ، فَاعْلَمِي ... إِذَا ازْدَدْتُ مِثْلَيْهَا فَصِرْتُ عَلَى شَهْر وَأَبْكَى لِعَيْنِي مِنْهُمَا الْيَوْمَ أَنَّنِي ... أخافٌ بِأَنْ لا نَلْتَقِي آخِرَ الدَّهْرِ فَلَمَّا قُتِلَ، قَالَتْ: فَإِنْ تَقْتُلُوهُ تَقْتُلُوا الْمَاجِدَ الَّذِي ... يَرَى الْمَوْتَ إِلا بِالسِّيُوفِ حَرَامَا وَقَبْلَكَ مَا خَاضَ الْحُسَيْنُ مَنِيَّةً ... إِلَى السَّيْفِ حَتَّى أَوْرَدُوهُ حِمَامَا عَبْدُ اللَّهِ بن صالح: ثا الليث، عن يونس، وعن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: زَوَّجَتْ سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ نَفْسَهَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِلا وَلِيٍّ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنْ فَرِّقْ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، فَلَهَا صَدَاقُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَرَوَى عَنْ رَجُلٍ قَالَ: حَجَجْتُ فَأَتَيْتُ منزل سكينة، فإذا بابها جَرِيرُ، وَالْفَرَزْدَقُ، وَجَمِيلٌ، وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ، فَخَرَجَتْ جاريةٌ مليحةٌ فَقَالَتْ: سَيِّدَتِي تَقُولُ لِلْفَرَزْدَقِ: أَنْتَ الْقَائِلُ: هُمَا دَلَّيَانِي مِنْ ثَمَانِينَ قَامَةً ... كَمَا انْقَضَّ بازٍ أَقْثَمَ الرِّيشِ كَاسِرُهْ فَلَمَّا اسْتَوَتْ رِجْلايَ فِي الأَرْضِ نَادَتَا ... أَحَيٌّ يُرَجَّى أَمْ قَتِيلٌ نُحَاذِرُهْ فَأَصْبَحَتْ فِي الْقَوْمِ الْقُعُودِ وأصبحت ... مغلقةً دوني عليها دساكره فقال: سوءة لَكِ قُضِيَتْ حَاجَتُكِ ثُمَّ هَتَكْتَ سِتْرَهَا! ثُمَّ سَاقَ قِصَّةً طَوِيلَةٌ، وَأَمَرَتْ لِلشُّعَرَاءِ بِأَلْفِ أَلْفٍ، وَقِيلَ: أَنَّهَا لَمَّا تُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ أَخَذُوا لَهَا كَافُورًا بِثَلاثِينَ دِينَارًا، وَصَلَّى عَلَيْهَا شَيْبَةُ بْنُ نِصَاحٍ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ: مَاتَتْ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 220 410- سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ1 بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَعُقَيْلٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. 411- سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2 -4- الْفَقِيهُ، أَحَدُ الأَعْلامِ، أَبُو أَيُّوبَ، وَيُقَالُ: أَبُو الرَّبِيعِ مَوْلَى آلِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَيُعْرَفُ بِالأَشْدَقِ، رَوَى عَنْ وَاثِلَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَمَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَطَائِفَةٍ، وَعَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَحَفْصُ بْنُ غِيلانَ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، وَآخَرُونَ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ الشَّامِ بَعْدَ مكحول. قال ابن لهيعة: ما لقيت مثله، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مَكْحُولٍ أَفْقَهَ مِنْهُ، وَلا أَثْبَتَ، وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يُدْرِكْ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى كَثيرَ بْنَ مُرَّةَ، وَلا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غَنْمٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: تَفَرَّدَ بِأَحَادِيثَ وَهُوَ عِنْدِي ثبتٌ صَدُوقٌ، وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ: قَالَ لِي الزُّهْرِيُّ: إِنَّ مَكْحُولا يَأْتِينَا وَسُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ سُلَيْمَانَ لأَحْفَظَ الرَّجُلَيْنِ3، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: قَدِمَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَلَى هِشَامٍ الرُّصَافَةَ، فَسَقَاهُ طبيبٌ لِهِشَامٍ شَرْبَةً فَقَتَلَهُ، فَسَقَى هِشَامُ طَبِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّوَاءِ فَقَتَلَهُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: أَرْفَعُ أَصْحَابِ مَكْحُولٍ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، ثُمَّ الْعَلاءُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقَالَ ابْنُ جَابِرٍ: كُنْتُ أَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، وَقَدْ صَلُّوا، فَيُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، وَأَتَقَدَّمُ فَأُصَلِّي بِهِ، وَكُنْتُ أَدْخُلُ مَعَ مَكْحُولٍ، وَقَدْ صَلُّوا فَيُؤَذِّنُ مَكْحُولٌ، وَيُقِيمُ، وَيَتَقَدَّمُ فَيُصَلِّي بِي، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَفَاتُهُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 412- سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ4 مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ أَبُو   1 التاريخ الكبير "4/ 80-81"، الجرح والتعديل "4/ 164". 2 التاريخ الكبير "4/ 38-39"، الجرح والتعديل "4/ 141-142". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 87". 4 التاريخ الكبير "4/ 1-2"، الجرح والتعديل "4/ 151". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 221 المقدام هشام بن يزيد، وَخَلَفُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَزْرَجُ بْنُ عُثْمَانَ بَيَّاعُ السَّابِرِيِّ، لَهُ حديثٌ أَوْ حَدِيثَانِ. 413- سُلَيْمَانُ وَيُقَالُ: سُلَيْمٌ أَبُو عِمْرَانَ الأَنْصَارِيُّ1، مولى أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَقَائِدِهَا، رَوَى عَنْهَا، وَعَنْ ذِي الأَصَابِعِ أَحَدِ الصَّحَابَةِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، وَأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ، وَعَنْهُ فَرْوَةُ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. 414- سُلَيْمُ بْنُ عامر الكلاعي2 -م- الخبائري الحمصي، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، وَجَمَاعَةٍ، وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يزيد بن جابر، والزبيدي، وحريز ابن عُثْمَانَ، وَعُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَآخَرُونَ. وَعُمِّرَ دَهْرًا طَوِيلا، وَكَانَ يَقُولُ: اسْتَقْبَلْتُ الإِسلامَ مِنْ أَوَّلِهِ، وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ وَلَمْ يَرَهُ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ الْحِمْصِيَّ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ الكَلاعِيُّ زَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ عُمَرَ، وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: شَهِدَ فَتْحَ الْقَادِسِيَّةِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْحِمْصِيُّ: عَاشَ سليم بن اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، قُلْتُ: أَحْسِبُ هَذَا وَهْمًا، وَلَوْ كَانَ سُلَيْمٌ بَقِيَ إِلَى هَذَا التَّارِيخِ لَسَمِعَ مِنْهَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ، والله أعلم. 415- سماك بن الوليد الحنفي3 -م4- أبو زميل اليمامي، نزل الكوفة، وروى عن ابن عباس، وابن عمر، ومالك ابن مرثد، وعنه عكرمة بن عمار، والأوزاعي، ومسعر، وشعبة، وغيرهم، وثقه أحمد وغيره. 416- سهل بن معاذ4 -د ت ق- بن أنس الجهني، مِنْ أَوْلادِ الصَّحَابَةِ بِمِصْرَ، عَنْ أَبِيهِ نُسْخَةً، رَوَى عَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَزَبَّانُ بْنُ فايد، والليث، وابن لهيعة، ضعفه   1 التاريخ الكبير "4/ 125-126"، الجرح والتعديل "4/ 151". 2 الطبقات الكبرى "7/ 464"، التاريخ الكبير "4/ 125". 3 التاريخ الكبير "4/ 173"، الكنى والأسماء "1/ 183". 4 التاريخ الكبير "4/ 98"، الجرح والتعديل "4/ 203-204". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 222 ابْنُ مَعِينٍ، وَمَشَّاهُ غَيْرُهُ. 417- سَهْلُ بْنُ أُمَامَةَ1 -م4- بن سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي. عَنْ أَبِيهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ، وَخَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ المهدي، وعيسى ابن عمر القاري، وثقه ابن مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، مَاتَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ فِي حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 418- سَوَادَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْقُشَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م د ت ن- رَأَى عَلِيًّا، وَرَوَى عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَشُعْبَةُ، وَهَمَّامٌ، وَأَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ. 419- سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -م4- وَالِدُ فَرْعَةَ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَحَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جُنْدَةَ، وَآخَرِينَ، وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَشُعْبَةُ، وَمَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وُثِّقَ. 420- سَيَّارُ بن سلامة4 -ع- أبو المنهال الرياحي البصري، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، وَالْبَرَاءِ السُّلَيْطِيِّ، وَعَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعَوْفٌ الأعرابي، وَشُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 421- سَيَّارٌ أَبُو حَمْزَةَ الْكُوفِيّ5 -د ت- أَكْبَرُ مِنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ الْوَاسِطِيِّ. رَوَى عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ أبجر، وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ بَشِيرُ بْنُ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامَ، وثقه أبو حبان.   1 تهذيب التهذيب "3/ 534". 2 التاريخ الكبير "4/ 185"، الجرح والتعديل "4/ 243". 3 التاريخ الكبير "4/ 147"، الجرح والتعديل "4/ 235-236". 4 تاريخ خليفة "286"، التاريخ الكبير "4/ 160"، الجرح والتعديل "4/ 254"، الكنى والأسماء "2/ 129"، الثقات لابن حبان "4/ 335"، تهذيب الكمال "1/ 565"، تهذيب التهذيب "4/ 290-291". 5 التاريخ الكبير "4/ 160"، الجرح والتعديل "4/ 255". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 223 "حرف الشِّينِ": 422- شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ1 -م4- مَوْلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَوَاثِلَةَ، وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحْبِيِّ، وَعَنْهُ عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ، وَعِكْرِمَةُ بن عمار، والأوزاعي، وجماعة. وقال صلح جَزْرَةُ: صَدُوقٌ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. 423- شريح بن عبيد المقرائي2 -د ن ق- أبو الصلت الحمصي، عَنْ ثوبان، وفَضَالة بْن عُبَيْد ومعاوية بْن مالك ابن يخامر السكسكي، وطائفة كبيرة، وأرسل عَنْ أَبِي ذَرّ، وأَبِي الدِّرْداء، رَوَى عَنْه ثور بْن يزيد، وصَفْوان بْن عَمْرو، وضمضم بْن زُرْعَة، ومعاوية بْن صالح، وآخرون، وثقه النسائي. 424- شعلة مولى ابن عباس3 -د- أَبُو يحيى الْمَدَنِيّ، عَنِ ابن عَبَّاس، وعَنْه جَابِر الْجُعْفي، وحفص بْن عُمَر المؤذّن، وابن أَبِي ذئب، ضعّفه مالك، وقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وقَالَ ابْنُ عَدِيّ: أرجو أَنَّهُ لا بأس به. 425- شمر بن عطية4 -ت- الكاهلي الكوفي، عَنْ أَبِي وائل، وزِر بْن حبيش، وشهر بْن حَوْشَب، وعَنْه الأعمش، وفِطْر بْن خليفة، وقَيْس بْن الربيع، وجماعة، وكان عثمانيًا، وثَّقه النّسائي. 426- شَيْبَة بْن مُسَاور الواسطي5 ويقال المكي، عن ابن عباس، وعن عمر بن عَبْد العزيز، وعَنْه عَبْد الكريم أَبُو أُمَّية، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر الْعُمَرِيُّ، وسُفْيان بْن حُسَين، وما أعلم أحدًا تكلّم فيه. "حرف الصاد": 427- صالح بْن جُبَيْر الصُّدائي6 الطَّبَراني ويُقال الفلسطيني. عن أبي جمعة،   1 التاريخ الكبير "4/ 226"، الجرح والتعديل "4/ 329". 2 التاريخ الكبير "4/ 230"، الكنى والأسماء "2/ 11". 3 التاريخ الكبير "4/ 243"، الجرح والتعديل "4/ 367-368". 4 التاريخ الكبير "4/ 256"، تهذيب الكمال "2/ 588". 5 التاريخ الكبير "4/ 242"، الجرح والتعديل "4/ 336". 6 التاريخ الكبير "4/ 274"، الجرح والتعديل "4/ 396-397". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 224 الأنصَارِيّ، وأَبِي أسماء الرَّحبي، ورجاء بْن حَيْوَة، وعَنْه أَسِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن الخثعميّ، ورجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ، ومعاوية بْن صالح، وغيرهم. ويقال: إنَّ هشام بْن سعد لَقِيَه، وثَّقه يحيى بْن مَعِين. وقَالَ أَبُو حاتم: مجهول، قَالَ رجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ: قَالَ عُمَر بْن عَبْد العزيز: وَلَّيْنَا صالحَ بْن جُبَيْر، فوجدناه كاسمه. قُلْتُ: ولي ديوانَ الخراج والْجُنْد لعُمَر، وذكره خليفة بْن خيّاط فِي عُمّال يزيد بْن عَبْد الملك عَلَى الخَراج والرسائل، ثم عزله بأُسَامة بْن زيد. 428- صالح بْن درهم1 -د- أبو الأزهر الباهلي البصري، خرّج لَهُ أَبُو دَاوُد حديثًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ورَوَى أيضًا عَنْ سَمُرَة، وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، وابن عُمَر، وعنه ابنه إبراهيم، ومسلمة بن سالم الجهني، وشعبة. وقد ذكر ابن أبي حاتم أن يحيى القطّان رَوَى عَنْه حديثًا، وذكر ابن حَبّان فِي الثقات أنّ مروان بْن معاوية رَوَى عَنْه، فإنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فقد عاش إلى بعد الأربعين ومائة. 429- صالح بْن رُسْتُم2 أَبُو عَبْد السّلام الدمشقي، مولى بني هاشم، عَنْ ثَوْبَان وعَبْد اللَّه بْن حوالة، وعَنْه سَعِيد بْن أيّوب، وعَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيدَ بْن جَابِر ووالده عَبْد الرَّحْمَن. قَالَ أَبُو حاتم: مجهول، كذا قَالَ. 430- صالح بْن سُعَيْد3 حجازيٌ صَدُوق، عَنْ نافع بْن جُبَيْر بْن مُطْعِم، وسُلَيْمَان بْن يَسار، وعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وعنه سَعِيد بْن السّائب الطّائفي، وابن جُرَيْج، وعُبَيْد اللَّه بْن عد اللَّه بْن مَوْهب. لَهُ حديث فِي اليوم والليلة للنّسائي. 431- صالح بْن أَبِي عَرِيب4 -د س ق- واسم أَبِيهِ قُلَيْب بْن حرمل الحضْرَمِيّ، رَوَى عَنْ كثير بْن مُرَّة، وخلاد بن السائب، وعنه الحميد بْن جَعْفَر، وحَيْوَة بْن شُرَيْح، واللَّيْث، وابن لَهِيعَة، وثَّقه ابن حِبّان. 432- الصَّلت بْن عبد الله5 -د ت- بْن نوفل بْن الحارث بْن عَبْد المطَّلب   1 التاريخ الكبير "4/ 278"، الجرح والتعديل "4/ 400". 2 التاريخ الكبير "4/ 279"، الجرح والتعديل "4/ 403". 3 التاريخ الكبير "4/ 281"، الجرح والتعديل "4/ 404". 4 التاريخ الكبير "4/ 287"، الجرح والتعديل "4/ 410". 5 التاريخ الكبير "4/ 299"، تهذيب الكمال "2/ 612". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 225 الهاشمي، ابن عمّ عَبْد اللَّه بْن الحارث بَبَّه، رَوَى عَنِ ابن عَبَّاس، وعَنْه الزُّهْرِيّ، وابن إسحاق، ويوسف بْن يعقوب بْن حاطب، وثَّقه ابن حِبّان، وقَالَ الزُّبَيْر: كَانَ فقيهًا عابدًا، وقد ولي أَبُوهُ قضاءَ المدينة زمن معاوية. 433- صَيْفي بْن زياد الأنصَارِيّ1 -م د ن ت- مولاهم الْمَدَنِيّ، عَنْ أَبِي اليُسْر كعب بْن عَمْرو، وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، وأَبِي السّائب مولى هشام بْن زُهْرة، وعَنْه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، وابن عَجْلان، وابن أَبِي ذئب، ومالك، وآخرون، وأما النّسائي فعدهما رجلين فقال: صيفي يروي عنه ابن عِجْلان، ثقة. 434- صَيْفي مولى أفلح2 رَوَى عَنْه ابن أَبِي ذئب. لَيْسَ بِهِ بأس. "حرف الضاد": 435- الضَّحَّاك بْن شُرَحْبِيل الغافقيّ3 -د ق- عن أبي هريرة، وابن عمر، وغيرهما، وعنه حَيْوَة بْن شُرَيْح، وسَعِيد بْن أَبِي هلال، ورِشْدين بْن سعد، وابن لَهِيعَة، وعَبْد اللَّه بْن المسيّب، قَالَ أَبُو زُرْعَة: صَدُوق. 436- ضَمْرَةُ بْن حبيب الزُّبَيْدِيُّ الحمصي4 -4- عَنْ شدّاد بْن أوس، وعوف بن مالك الأشجعي، وأَبِي أُمَامة، وجماعة، وعَنْه ابنهُ عتْبَة، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي مريم، ومعاوية بن صالح، وعبد الرحمن بن يزيد بن جَابِر، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. "حرف الطاء": 437- طلْحة بْن عَبْد اللَّه5 -ن ق- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِيقِ   1 التاريخ الكبير "4/ 323"، الجرح والتعديل "4/ 448". 2 قال ابن حجر في التهذيب "4/ 441": قال النسائي: صيفي روى عنه ابن عجلان ثقة قال: صيفي مولى أفلح ليس به بأس، روى عنه ابن أبي ذئب. كذا فرق بينهما وهما واحد. 3 التاريخ الكبير "4/ 335"، الجرح والتعديل "4/ 459". 4 التاريخ الكبير "4/ 337"، الجرح والتعديل "4/ 467". 5 التاريخ الكبير "4/ 345-346"، الجرح والتعديل "4/ 475". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 226 التيمي المدني، وأمّه عَائِشَةُ بنت طلْحة، رَوَى عَنْ أبَوَيْه، وعائشة، وأسماء ومعاوية بْن جاهمة السلمي، وعفير بن أبي عفير، ولهما صحبة، روى عنه ولداه مُحَمَّد، وشُعَيْب، وعثمان بْن أَبِي سُلَيْمَان، وعطاف بْن خَالِد. لَهُ فِي الكتابين حديث واحد، وكان مِنْ أَشْرَاف أهل المدينة. 438- طلحة بن مصرف1 -ع- أَبُو عَمْرو بْن كعب، أَبُو مُحَمَّد اليامي الهمداني الكوفي، أحد الأئمّة الأعلام، ومقرئ الكوفة فِي زمانه، قرأ عَلَى يحيى بْن وثّاب وغيره، وحدّث عَنْ أنس بْن مالك، وابن أَبِي أَوْفَى، وزيد بْن وهب، ومُرّه الطّيّب، ومجاهد، وخَيْثَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن، وذَرّ الهَمْداني، وأَبِي صالح السّمّان، وغيرهم، وعَنْه ابنه مُحَمَّد، ومنصور، والأعمش، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وشُعْبَة، وخلْق كثير. قَالَ أَبُو خَالِد الأحمر: أُخْبِرْتُ أن طلحة بْن مُصَرِّف شُهِر بالقراءة، فقرأ عَلَى الأعمش لينسلخ ذَلِكَ عَنْه، فسمعت الأعمش يَقُولُ: كَانَ يأتي فيجلس عَلَى الباب حتى أخرج، فيقرأ، فما ظنكم برجلٍ لا يخطئ ولا يلحن، وقَالَ مُوسَى الْجُهَنِيُّ: سَمِعْتُ طلحة بْن مُصَرِّف يَقُولُ: قد أكثرتُم فِي عثمان، ويأبى قلبي إلا أن يحبَّه، وعَنْ عَبْد الملك بْن أبجر قَالَ: ما رأيت طلحة بْن مُصَرِّف فِي مَلأ، إلا رأيت لَهُ الفضْلَ عليهم2. وقَالَ الحَسَن بْن عَمْرو: قَالَ لي طلحة بْن مُصَرِّف: لولا أنّي عَلَى وضوءٍ لأخبرتُك بما تقول الرافضة، وقال فضيل ابن غزوان: قيل لطلحة بن مُصَرِّف: لو ابتعتَ طعامًا ربِحْتَ فيه، قَالَ: إنّي اكره أن يعلم اللَّه مِنْ قلبي غلًّا على المسلمين3، وقال فضيل بْن عِياض: بلغني عَنْ طلحة أَنَّهُ ضحك يومًا، فوثب عَلَى نفسه وقال: فيم الضِّحْك، إنّما يضحك مِنْ قطع الأهوالَ، وجاز الصرّاط، ثم قَالَ: آلَيْتُ ألا أَفْتَرَّ ضاحكًا حتى أعلم بم تقع الواقعة، فما رؤي ضاحكًا حتى صار إلى الله4.   1 الطبقات الكبرى "6/ 308-309"، التاريخ الكبير "4/ 346-347". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 20". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 15". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 15". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 227 وقَالَ ابن عُيَيْنَة، عَنْ أَبِي خبَّاب قَالَ: سَمِعْتُ طلحة بْن مُصَرِّف يَقُولُ: شهدْتُ الجماجمَ، فما رميتُ ولا طعنتُ ولا ضربتُ، وَلَوَدِدْتُ أن هذه سقطت من ههنا ولم أكنْ شهدتُها1، وقَالَ لَيْثُ بْن أَبِي سُلَيْم: حَدَّثتُ طلحة بْن مُصَرّف فِي مرضه، أنّ طاوسًا كره الأنين، فما سُمع طلحةُ يئنّ حتى مات. وقَالَ شُعْبَة: كنّا فِي جنازة طلحة بْن مُصَرّف، فأثنى عَلَيْهِ أَبُو مَعْشَر وقَالَ: ما خلَّف مثْلَه، وقَالَ أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الْعِجْليُّ: كَانَ طلحة يحرّم النبيذ. قُلْتُ: وكان يفضِّل عثمانَ عَلَى عليّ، وهاتان عزيزيتان فِي أهل الكوفة، تُوُفِّي فِي آخر سنة اثنتي عشرة. 439- طليق بن عمروان2 -ق- بْن حُصَيْن، وقيل: بل طُلَيْق بْن مُحَمَّد بن عمران بن حصين. روى عَنْ عِمران، وأَبِي بُردَة بْن أَبِي مُوسَى، وعنه إبراهيم بن إِسْمَاعِيل بْن مجمع، وابنه خَالِد بْن طُلَيْق، سليمان التيمي، وصالح بن كيسان، وذكره ابن حبان في الثقات. "حرف العين": 440- عاصم بْن عُمَر بْن قتادة3 -ع- بْن النُّعْمان الظَّفَري، أبو عُمَر، وقيل: أَبُو عمرو المدني، عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه، ومحمود بْن لَبِيد، وجدّته رُمَيْثَة -ولها صُحبة، وأنس بْن مالك، وعَنْه بُكَيْر بْن الأشجّ، ومُحَمَّد بْن عَجْلان، وعَبْد الرَّحْمَن بْن الْغَسِيلِ، وجماعة، وكان ثقة عارفًا بالمغازي، واسع العلم، وثَّقه أَبُو زُرْعة والنّسائي، تُوُفِّي سنة تسع عشرة، وقيل: سنة عشرين، وهو أصح، وقيل: سنة ستٍ أو سبعٍ وعشرين. 441- عامر بن جشيب الحمصي4 -ن- أبو خالد، عَنْ أَبِي أُمَامة الباهلي، وعَنْ خَالِد بْن مَعْدان، وغير واحد، وعَنْه لُقمان بْن عامر، والزبيدي، ومعاوية بن صالح، وثقه ابن حبان.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 15" وصفة الصفوة "3/ 97". 2 التاريخ الكبير "4/ 359"، الجرح والتعديل "4/ 499". 3 الطبقات الكبرى "3/ 452، 5/ 349"، تاريخ خليفة "350". 4 التاريخ الكبير "6/ 457"، الجرح والتعديل "6/ 319-320". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 228 442- عامر بن يحيى1 -م ت ن- بن حبيب، أبو خنيس المعافري المصري، عن حنش الصنعاني، وأبي عبد الرحمن الحبلي، وعنه عمرو بن الحارث، والليث بن سعد، وابن لَهِيعَة، وآخرون، وثَّقه أَبُو دَاوُد، وهو راوي حديث البطاقة، قَالَ ابن يونس: تُوُفِّي قبل سنة عشرين ومائة. 443- عُبَادة بْن نُسَيّ الْكِنْدِيُّ2 -4- أَبُو عُمَر الأَزْدِيّ قاضي طَبَرَيَّة. رَوَى عَنْ أُبَيّ بْن عمارة، وشدّاد بْن أوس، وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، ومعاوية، وغيرهم، وعَنْه بُرْد بْن سِنان، وعَبْد الرَّحْمَن بْن زياد الإفريقي، وعليّ بْن أَبِي حَمَلة، وهشام بْن الغاز، وخلق كثير. وكان شريفًا نبيلا، موصوفًا بالصّلاح والفضل والجلالة، وثقه ابن مَعِين، ولي قضاءَ الأردنّ لعبد الملك بْن مروان، وولي جُنْدَ الأردنَّ لعُمَر بْن عَبْد العزيز. قال أبو مسهر: سَمِعْتُ كاملَ بْن مَسْلَمةُ بْن رجاء بْن حَيْوَة يَقُولُ: قَالَ هشام بْن عَبْد الملك: مَن سيّد أهل فلسطين؟ قالوا: رجاء بْن حَيْوَة، قَالَ: فمن سيّد أهل الأردنّ؟ قالوا: عُبَادَةُ بْن نُسيّ، قَالَ: فمن سيّد أهل دمشق؟ قالوا: يَحْيَى بْن يَحْيَى الغسّاني، قَالَ: فمن سيّد أهل حمص؟ قالوا: عَمْرو بْن قَيْس، قَالَ: فمن سيّد الجزيرة؟ قالوا: عَدِيّ بْن عدي الكندي، قال مُغِيرة بْن مُغِيرة الرَّمْلِيُّ: قَالَ مَسْلَمةُ بْن عَبْد الملك: إنّ فِي كِنْدَة لثلاثة، إنّ اللَّه بهم يُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وينصرُ بهم عَلَى الأعداء: رجاء بْن حَيْوَة، وعُبَادةُ بْن نُسَيّ، وعَدِيّ بْن عَدِيّ. وَرَوَى ضَمْرَةُ بْن ربيعة، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عثمان الأَزْدِيّ، قَالَ: كَانَ عُبَادَةُ بْن نُسَيّ عَلَى القضاء، فأهدى لَهُ رجلٌ قُلَّةَ عسلٍ، فقبلها وهو يخاصم إِلَيْهِ، فقضي عَلَيْهِ، ثم قَالَ: يا فلان، ذهبت القُلَّة، قَالَ غير واحد: تُوُفِّي عُبَادَةُ ابن نُسَيّ سنة ثماني عشرة ومائة. 444- عَائِشَةُ بنت سعد بن أبي وقاص3 -خ د ت ن- الزهرية المدينة. رأت سِتًّا مِنْ أُمَّهات المؤمنين، وروت عَنْ أبيها وغيره، وعنها أيوب السختياني،   1 التاريخ الكبير "6/ 457"، الجرح والتعديل "6/ 329". 2 الطبقات الكبرى "7/ 456"، التاريخ الكبير "6/ 95". 3 الطبقات الكبرى "8/ 342"، تهذيب الكمال "3/ 1690". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 229 والْجُعَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن، وعُبَيْدة بْن نابل، وصخر بْن جُوَيْرية، وعدد مِنَ العلماء، آخرهم وفاةً مالك بْن أنس. وَهِيَ مِنَ الثّقات، تُوُفِّيت باتفاقٍ سنة سبع عشرة، ولها أربعٌ وثمانون سنة. 445- العباس بن ذريح الكلبي1 الكوفي -د ن ق- عَنْ شُرَيْح القاضي، وشُرَيْح بْن هانئ، وكميل بْن زياد، والشَّعْبي، وجماعة، وعَنْه زكريّا بْن أَبِي زائدة، ومِسْعَر، وشَرِيك وجماعة، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صالح. 446- الْعَبَّاس بْن سالم الدمشقي2 عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَولاني، وأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ، وعَنْه ابن أخيه الصَّقْر بْن فَضَالَةَ، ومُحَمَّد بْن مهاجر. وثقه العجلي. 447- العباس بن سهل3 -سوى ن- بن سعد الأنصاري الساعدي المدني. عَنْ أَبِيهِ، وسَعِيد بْن زيد، وأَبِي حُمَيْد السّاعدي، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وجماعة، مولده فِي أول خلافة عثمان، وعَنْه ابناه أُبَيّ، وعَبْد المهيمن، والعلاء ابن عَبْد الرَّحْمَن، وابن إسحاق، وفُلَيْح بْن سُلَيْمَان، وابن الغسيل، وثقه ابن مَعِين وغيره. وقد آذاه الحَجَّاج وضربه؛ لأنّه كان من أصحاب ابن الزبير، فأتى أبو سهل فَقَالَ: ألا تحفظ فينا وصيَّة رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ: "اقبَلُوا مِنْ محسنهم وتجاوزا عَنْ مُسِيئهم" 4 فأطلَقَه. يقال: تُوُفِّي قريبًا مِنْ سنة عشرين ومائة. 448- عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ5 -ع- بن الحصيب، أبو سهل الأسلمي، قاضي مرو بعد أخيه سليمان، وهما توءمان. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي مُوسَى، وعَائِشَة، وعِمران بْن حُصَيْن، وسَمُرَة، وابن مسعود، والمغِيرة بْن شُعْبَة، وعَبْد اللَّه بْن مُغَفَّلٍ، وعَنْ أَبِي الأسود الدؤلي، ويحيى بن يعمر، وطائفة.   1 التاريخ الكبير "7/ 7"، الجرح والتعديل "6/ 214". 2 التاريخ الكبير "7/ 7، الجرح والتعديل "6/ 214". 3 الطبقات الكبرى "5/ 271"، تاريخ خليفة "308". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3801"، ومسلم "2510"، والترمذي "3907"، وأحمد في المسند "3/ 176، 272"، وابن حبان في صحيحه "7265". 5 الطبقات الكبرى "7/ 221"، تاريخ خليفة "361". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 230 وعَنْه حُسَين المعلِّم، والْجُرَيْري، ومالك بْن مِغْوَلٍ، ومقاتل بن حيان، وأجلح الْكِنْدِيُّ، وَكَهْمَسُ بْن الحَسَن، والحُسَين بْن واقد قاضي مَرْو، وخلق آخرُهُم معاوية بْن عَبْد الكريم الضال. قال أبو تميلة: ثنا عَبْد المؤمن بْن خَالِد، عَنِ ابن بُرَيْدَةَ قَالَ: ينبغي للرجل أن يتعاهد مِنْ نفسه ثلاثةَ أشياء: أَلا يدع المشي فإنّه إن احتاج إِلَيْهِ لم يقدْر عَلَيْهِ، وَأَلا يدعَ الأكلَ فإنّ أمعاءه تَضيق، وَأَلا يدعَ الجماع فإن البئر إذا لم تنزح ذهب ماؤها. وقَالَ أَحْمَد فِي مُسْنَدِه: ثنا زيد بْن الحُبَاب، حدّثني حُسَين، حدّثني ابن بُرَيْدَةَ قَالَ: دخلت أَنَا وأَبِي عَلَى معاوية، فأجلَسَنَا عَلَى الفرش، ثم أكلنا ثم شرب معاوية، فناول أَبِي، ثم قَالَ: ما شرِبته مند حَرَّمَه رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ، ثم قَالَ معاوية: كنتُ أجملَ شبابِ قريشٍ وأجوَدَهم ثغرًا، وما شيء كنت أجد لَهُ لذَّةً وأنا شابٌ، يجده اليوم، غير اللّبن، أو إنسان حَسَن الحديث يحدّثني1. وَعَنِ ابن بُرَيْدَةَ قَالَ: وُلدتُ أَنَا وأخي لثلاثٍ خَلَوْن مِنْ خلافة عُمَر. قُلْتُ: أراهُ وُلد بعد ذَلِكَ بمُدَيْدَة، فإنّ الفضل السّيناني رَوَى عَنْ حُسَين بن واقد، عَنْه قَالَ: جئتُ إلى أمّي فقلت: يا أُمّاه، قُتِل عثمان، فقالت: يا بُنَيّ اذهب فالعب مَعَ الغِلْمان، وكان يزيد بن المهلب استقضى عبد الله ابن مَرْو. وقَالَ ابن خِراش: صَدُوق، وقَالَ ابن حِبّان: ولي قضاء مَرْو بعد أخيه سُلَيْمَان سنة خمسٍ، إلى أن مات سنة خمسَ عشرةَ ومائة، وقَالَ وكيع: كانوا بعد موت سُلَيْمَان بْن بُرَيْدَةَ عَلَى أخيه عَبْد اللَّه. 449- عَبْد اللَّه بْن حَنشَ الأَوْدِيُّ الكوفي2 عَنِ البَرَاء، وابن عُمَر، وشُرَيْح القاضي، والأسود، وغيرهم. وعَنْه: مُحَمَّد بْن جُحَادة، وشُعْبَة، وسُفْيان، وأَبُو عوانة، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بأس به.   1 أخرجه أحمد في المسند "5/ 347". 2 التاريخ الكبير "5/ 68"، الجرح والتعديل "5/ 39". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 231 450- عَبْد اللَّه بْن أَبِي زكريّا الخُزَاعي1 أَبُو يحيى فقيه دمشق، وأحد الأعلام، عَنْ أَبِي الدرداء، وسلمان، وعبادة بن الصم، وأكثر ذَلِكَ مراسيل، ورَوى عَنْ أم الدِّرْداء، وغيرها. وعَنْه: عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وصَفْوان بْن عَمْرو، وعليّ بْن أَبِي جملة، والأوزاعي، وخالد بن دهقان، وسعيد عَبْد العزيز، وخلق، وقَالَ أَبُو مُسْهر: كَانَ سيد أهل المسجد، قيل: بم سادهم؟. قَالَ: بحُسْن الخُلُق. وقَالَ الواقدي: كَانَ يُعْدَلُ بعُمَر بْن عَبْد العزيز. وَرَوَى عليّ بْن عيّاش، عَنِ اليَمَان بْن عَدِيّ قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي زكريّا عابدَ أهلِ الشّام، وكان يَقُولُ: ما عالجتُ مِنَ العبادة شيئًا أشدَّ مِنَ السكُوت. وقَالَ الأَوزاعيّ: لم يكن بالشام رَجُل يُفَضَّلُ عَلَى ابن أَبِي زكريّا. وَرَوَى بقّية، عَنْ مُسْلِم بْن زياد، قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي زكريّا لا يكاد يتكلّم إلا أن يُسأل، وكان مِنْ أكثر النَّاسَ تبسُّمًا، قَالَ: ما مَسَسْتُ دينارًا، ولا درهمًا قط، ولا شربت شيئًا قطّ، ولا بعتُه إلا مرّة، وكان له إخوة يكفونه. وقال ابن سعيد: كَانَ ثقةً قليل الحديث، صاحب غزو، كَانَ عُمَر بْن عَبْد العزيز يُجْلِسُه معه عَلَى السّرير، تُوُفِّي عَبْد الله سنة سبْعَ عشرةَ ومائة. 451- عَبْد اللَّه بْن أَبِي إسحاق2 زيد بْن الحارث بْن عَبْد اللَّه الحضْرَمِيّ الْبَصْرِيّ، مولى لهم، أحد الأئمّة فِي القراءة والنَّحْو، هُوَ أخو يحيى بْن أَبِي إسحاق، وجدّ مقرئ البصرة يعقوب بْن إسحاق الحضْرَمِيّ. أخذ القرآن عَنْ يحيى بْن يَعْمَر، ونصر بْن عاصم، وروى عن أبيه وجده، عن علي، وروى أيضًا عن أنس. وروى عنه حفيده يعقوب بن زيد الحضرمي، وهارون بْن مُوسَى النَّحْوِيُّ الأعور. ذكره ابن حِبّان فِي الثقات. قَالَ أَبُو عُبَيْدة: اختلف النَّاسَ إلى أَبِي الأسود يتعلّمون منه العربية، فكان أبرعَ أصحابه عَنْبَسَةُ بْن مَعْدان، ثم اختلف النَّاسَ إلى عَنْبَسَةَ بْن مَعْدان، فكان أبرعَ أصحابه ميمون الأقرع، فتخرّج بِهِ عَبْد اللَّه بْن أَبِي إسحاق. وعَنْ أَبِي عُبَيْدة قَال: أول من وضع العربية أبي الأسود، ثم ميمون، ثم عنبسة الفيل، ثم عبد الله بن أبي إسحاق، كذا قَالَ هنا أَبُو عُبَيْدة: ميمون قبل عَنْبَسَةَ. وقال غيره: كان مع عبد الله ابن أبي إسحاق أبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن   1 الطبقات الكبرى "7/ 456-457"، التاريخ الكبير "5/ 96". 2 التاريخ الكبير "5/ 43-44"، الجرح والتعديل "5/ 4-5"، تهذيب التهذيب "5/ 148". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 232 عمر الثقفي، فمات قبلها، وكان أَبُو عَمْرو أوسَعَ فِي معرفة كلام العرب، وكان عَبْد اللَّه بْن أَبِي إسحاق أشدّ تجريدًا للقياس، فجمع بينهما بلال بْن أَبِي بُردَة، فتناظرا، فكان أَبُو عَمْرو يَقُولُ: غلبني عَبْد اللَّه يومئذ بالهَمْز، فنظرت فيه بعدُ وبالغتُ فيه. وقَالَ مُحَمَّد بْن سلام الْجُمَحِي: سَمِعْتُ يونس يسأل عَنِ ابن أَبِي إسحاق، فَقَالَ: هُوَ والنَّحْو سواء، أي هُوَ الغاية، قَالَ: وكان ابن أَبِي إسحاق يُكْثِر الردَّ على الفرزدق ويتعنته، الفَرَزْدَق: فلو كَانَ عَبْد اللَّه مَوْلى هَجَوْتُهُ ... ولكن عبد الله مولى المواليا وكان المولى لآل الحضرمي حليف بني عبد الشمسٍ، والحليفُ عند العرب كالمولَى، وكان ابن أَبِي إسحاق أول مِنْ بَعَجَ النَّحْو، ومدّ القياس، وَشَرَحَ الْعِلَلَ. ومات عَبْد اللَّه وقَتَادة فِي يوم واحد في البصرة، سنة سبع عشرة ومائة. وقيل: إنه عاس ثمانيًا وثمانين سنة، ولم يصحّ. ونقل ابن حِبّان: إنّه تُوُفِّي سنة تسعٍ وعشرين ومائة. 452- عَبْد اللَّه بْن أَبِي سَلَمَةَ الماجَشُون الْمَدَنِيُّ1 -م د ن- والد عَبْد العزيز، وأخو يعقوب. أرسل عَنْ عَائِشَةَ، وأمّ سَلَمَةَ، ولعلّه أدركها، وَرَوَى عَنِ ابن عُمَر، والنُّعْمان بْن أَبِي عياش، وعروة، وعنه ابنه، وبكير بن الأشح، وعمرو بن الحارث، وابن إسحاق، وآخرون. 453- عَبْد اللَّه بْن أَبِي سُلَيْمَان2 -د- مَوْلَى أمير المؤمنين عثمان. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وجُبَيْر بْن مُطْعِم. وعَنْه مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المكّي، وإسحاق بْن إبْرَاهِيم الثقفي، وخَلَف بْن إِسْمَاعِيل الخُزاعي، وحمّاد بْن سَلَمَةَ. قَالَ أَبُو حاتم: شَيْخ. 454- عَبْد اللَّه بْن سهل أَبُو ليلى الأنصَارِيّ3 الحارث عَنْ عَائِشَةَ، وسهل بْن أَبِي حَثَمَة، وجابر بْن عَبْد اللَّه. وعَنْه ابن إسحاق، ومالك. كناه الحاكم.   1 التاريخ الكبير "5/ 100"، الجرح والتعديل "5/ 70"، تهذيب الكمال "2/ 960". 2 التاريخ الكبير "5/ 108"، الجرح والتعديل "5/ 75-76". 3 التاريخ الكبير "5/ 98-99"، الجرح والتعديل "5/ 67-68". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 233 455- عبد الله بن عامر1 -م ت- بن يزيد بن تميم، أبو عمران اليحصبي، مقرئ أهل الشّام. قرأ القرآن عَلَى المُغيرة بْن أَبِي شهاب المخزومي، عَنْ عثمان. ويقال: إن ابن عامر سَمِعَ قراءةَ عثمان فِي الصَّلاة. ويقال: إنّه قرأ عَلَيْهِ نصفَ القرآن، ولم يصحّ. وروينا بإسنادٍ قويّ أَنَّهُ قرأ القرآنَ عَلَى أَبِي الدرداء، والنفس من هذا الشيء، مَعَ أنّ ذَلِكَ محتَمَل عَلَى بعدٍ، بناءً عَلَى ما رَوَى عَنْ خَالِد بْن يزيد المري، أنه أعني بن عامر، وُلِد سنة ثمانٍ مِنَ الهجرة، وأمّا صاحبُه يحيى الذماريّ. فَقَالَ: ولُد ابن عامر سنة إحدى وعشرين مِنَ الهجرة، وورد أيضًا أَنَّهُ قرأ عَلَى فَضَالَةَ بْن عُبَيْد. وحدّث عَنْه، وعَنْ معاوية، والنُّعْمان بْن بشير، وواثلة بْن الأسقع، وطائفة. وعَنْه: ربيعة بْن يزيد، وعَبْد اللَّه بْن العلاء بْن يزيد، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يزيد ابن جابر، وآخرون. وثقه النسائي وغيره، وخلفه فِي القراءة صاحبُهُ الذماريّ، قَالَ: الْهَيْثَمُ بْن عِمران: كَانَ ابن عامر رئيس أهلِ المسجد زمنَ الوليد وبَعْده. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: ضرب ابن عامر عطيَّة بْن قيس حين رفع يديه فِي الصَّلاة، فرَوى عَمْرو بْن مهاجر أنّ ابن عامر استأذن عَلَى عُمَر بْن عبد العزيز، فلم يأذن لَهُ، وقَالَ: ضرب أخاه عطيّةَ أنْ رَفَعَ يديه، إنْ كنّا لَنُؤَدّب عليها في المدينة. قُلْتُ: فِي كنية ابن عامر تسعةُ أقوال، أصحّها أَبُو عِمران، وقد ولي قضاءَ دمشق بعد أَبِي إدريس الخَوْلاني. وقَالَ هشام بْن عمّار: ثنا الْهَيْثَمُ بْن عِمران قَالَ: كَانَ فِي رأس المسجد بدمشق فِي زمان عَبْد الملك، وبعده ابن عامر، وكان يُغْمَز فِي نَسَبه، فجاء رمضان، فقالوا: مَن يَؤُمُّنا؟ فذكروا المهاجر بن أَبِي المهاجر، فقيل: ذا مولى، ولسنا نريد أن يَؤُمَّنا مولى، فَبَلَغتْ سُلَيْمَان، فلما استُخْلِف بعث إلى المهاجر، فَقَالَ: إذا كَانَ أول لَيْلَةٍ فِي رمضان قفْ خلفَ الإِمَام، فإذا تقدّم ابن عامر، فخُذْ بثيابه واجْذُبْه، وقل: تأخَّرْ، فلن يتقدَّمَنا دَعِيٌّ وَصَلِّ أنتَ بالنَّاسَ، ففعل ذَلِكَ. وكان ابن عامر يزعم أنه مِنْ حِمْيَر. قُلْتُ: الأصحّ أَنَّهُ ثابت النَّسَب. وقال يحيى بن الحارث: وكان ابن العامر قاضي الْجُنْد، وكان عَلَى بناء مسجد دمشق، وكان رئيس المسجد لا يرى فيه بِدْعَةً إلا غيرها. ومات يومَ عاشوراء، سنة ثماني عشرة ومائة، وله سبعٌ وتسعون سنة، رحمه اللَّه تعالى.   1 التاريخ الكبير "5/ 156"، الجرح والتعديل "5/ 122-123". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 234 456- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِر1 -ع- بن عتيك الأنصاري المدني. عَنِ ابن عُمَر، وأنس بْن مالك، وجدّه لأُمّه عَتِيك بْن الحارث. وعَنْه مِسْعَر، وشُعْبَة، ومالك، وغيرهم. 457- عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه2 -ع- بن عبد الله بن أبي ملكية زهير بْن عَبْد اللَّه بْن جُدْعان، الإِمَام أَبُو مُحَمَّد، وأَبُو بَكْر التَّيْمي المكّي الأحول، مؤذّن الحَرمَ، ثم قاضى مكة لابن الزُّبَيْر. روى عن جده أبي ملكية، وله صُحْبة، وعَنْ عَائِشَةَ، وأم سَلَمَةَ، وابن عَبَّاس، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وطائفة. وعنه عمرو بن دينار، وأيوب، وحاتم بن أبي صغيرة، وابن جريج، ونافع بن عمر الجمحي، وعبد الواحد بن أيمن، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وجرير بن حازم، وأبو عامر الخزاز، وعبد الجبار بن الورد، وابن لهيعة، والليث بن سعد، وخلق كثير. روى أيوب، عَنِ ابن أَبِي ملكية قَالَ: بعثني ابن الزُّبَيْر عَلَى قضاء الطائف، فكنت أسأل عن ابن عَبَّاس. قُلْتُ: وثَّقه غير واحد، ومات سنة سبعَ عشرةَ ومائة. قَالَ خَالِد بْن أبي يزيد الهدادي: رأيت ابن أبي ملكية يَخْضِب بالحِنّاء. وقَالَ جَعْفَر بْن سُلَيْمَان، عَنِ الصلت بالدينار، عن أبي ملكية قال: أدركت أكثر من خمسمائة مِنَ الصّحابة، كلّهم خاف النّفاق عَلَى نفسه. كذا رواه الصلت، والصحيح رواية ابن جريح عَنْه أَنَّهُ قَالَ: أدركتُ ثَلاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 458- عَبْد اللَّه بنت عبد الله قاضي الري3 -د ت ق- كوفيٌّ مِنْ موالي بني هاشم. سَمِعَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى، وسعيد بْن جبير، وجماعة. وعَنْه الحَكَم بْن عُتَيْبَةَ، والأعمش، وحَجَّاج بْن أرطأة، وفِطْر بْن خليفة، وابن أَبِي ليلى. وثَّقه أَحْمَد وغيره، وهو ابن سريّة علي وضي الله عنه. 459- عبد الله بن زيد العابدين علي بن حسين الهاشمي4 -ت ن- رَوَى عَنْ جدّه -رَضِيَ الله عنهم- مُرْسلا، وعَنْ جدّه لأُمّه الحَسَن بْن عليّ، وعن أبيه. وعنه عمارة بن   1 التاريخ الكبير "5/ 126"، الجرح والتعديل "5/ 90". 2 الطبقات الكبرى "5/ 473"، التاريخ الكبير "5/ 137". 3 التاريخ الكبير "5/ 127"، الجرح والتعديل "5/ 92"، تهذيب الكمال "2/ 701". 4 التاريخ الكبير "5/ 148"، الجرح والتعديل "5/ 114". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 235 غَزِيّة، وموسى بْن عُقّبَة، ويزيد بْن أَبِي زياد، وغيرهم، كعبد العزيز بْن عُمَر العُمَري. ذكره ابن حبان في كتاب الثقات. 460- عبد الله بن عبيد1 -م- بْن عُمَيْر بْن قَتَادةُ اللَّيْثي الْجُنْدُعي، أَبُو هاشم المكي. عَنْ أَبِيهِ، وعَائِشَة، وابن عَبَّاس، وابن عُمَر، وجماعة. وعنه ابن جريح، والأوزاعي، وعكرمة بن عمّار، وجرير بْن حازم، وابنه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه المُحْرِم. قَالَ دَاوُد العطّار: كَانَ عَبْد اللَّه مِنْ أفصح أهل مكّة. وقَالَ أَبُو حاتم ثقة. تُوُفِّي سنة ثلاث عشرةَ ومائة. 461- عَبْد اللَّه بْن كثير2 مقرئ أهل مكة، أَبُو مَعْبَد، مولى عَمْرو بْن عَلْقَمَة الكِنانيّ. أصله فارسيّ، ويقال لَهُ، الدّاريّ العطّار نسبةً إلى عكر دارين. أما البخاريّ فَقَالَ: هُوَ قُرَشِيّ مِنْ بني عَبْد الدار. وقَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد: الدار بطن مِنْ لخم، منهم تميم الدّاريّ. وَعَنِ الأصمعيّ قَالَ: الداريّ الَّذِي لا يبرح فِي داره، ولا يطلب مَعَاشًا. وكان عَبْد اللَّه بْن كثير عطّارًا مِنْ أبناء فارس الَّذِي بعثهم كِسْرَى إلى صَنْعاء، فطردوا عَنْهَا الحَبَشَة. قَالَ ابن المَديني: قد رَوَى عَنِ ابن كثير الداريّ أيّوب، وابن جريح، وكان ثقة. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيثُ صالحة. حَجَّاج، عَنْ حمّاد بْن سَلَمَةَ قَالَ: رأيت أَبَا عَمْرو يقرأ عَلَى عَبْد اللَّه بْن كثير. وقَالَ ابن عُيَيْنَة: لم يكن بمكة أحدٌ أقرأ مِنْ حُمَيْد، وعَبْد اللَّه بْن كثير. وقال جرير بن حازم: رأيت بن كثير فصيحًا بالقرآن. وذكر الدّاني أَنَّهُ أخذ القراءة عَنْ عَبْد اللَّه بْن السّائب. وقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا أَبَا بَكْر فِي جنازة عَبْد اللَّه بْن كثير وأنا غلام، فِي سنة عشرين ومائة، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَن. وقَالَ بشْرُ بْن مُوسَى: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيان، ثنا قاسم الرحّال فِي جنازة عَبْد اللَّه بْن كثير؟ قَالَ: رأيتُهُ سنة ثنتين وعشرين ومائة أسمع قَصَصَه وأنا غلام، وكان قاصَّ الجماعة. قُلْتُ: فأمّا: 462- عَبْد اللَّه بن كثير3 بن المطلب بن أبي وداعة السهمي المكي، فلجده   1 التاريخ الكبير "5/ 143"، الكنى والأسماء "2/ 148". 2 الطبقات الكبرى "5/ 484"، التاريخ الكبير "5/ 181". 3 تهذيب الكمال "2/ 725-726"، ميزان الاعتدال "2/ 473-474". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 236 صُحْبة، وهو فلا يكاد يُعْرَف إلا فِي حديثٍ واحد، سَنَدُهُ مضطَّرب، وهو حديث عَائِشَةَ فِي استغفاره لأهل البَقيع1. رواه ابن وهب، عن جريح، عَنْه، عَنْ مُحَمَّد بْن قيس بْن مَخْرَمَة، عن عائشة، رواه مسلم، ورواه حجاج بن أبي جُرَيْج فَقَالَ: عَنْ عَبْد اللَّه رَجُل مِنْ قُرَيْش. قُلْتُ: قرأ القرآن عَلَى مجاهد باتفاقٍ، وورد أَنَّهُ قرأ القرآن أيضًا عَلَى عَبْد اللَّه بْن السّائب المخزوميّ صاحب أَبِي بْن كعب. قرأ عَلَيْهِ طائفة منهم شِبْلُ بْن عباد، وأبو عَمْرو بْن العلاء، ومعروف بْن مِشْكَان، وإِسْمَاعِيل بن عبد القُسْط. وقد حدّث عَنِ ابن الزُّبَيْر، وأَبِي المِنْهال عَبْد الرَّحْمَن بْن مُطْعِم، وعِكْرِمة. وعَنْه أيوب، وابن جريج، جرير بن حازم، وحُسَين بْن واقد، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وآخرون، وثَّقه عليّ بْن المَدِيني وغيره، وكان أبيض اللّحْية طويلا جسيمًا، أسمر أشْهَلَ العينين، عَلَيْهِ سَكِينة ووقار، وكان فصيحًا مُفَوَّهًا واعظًا، ويقال: إنّ ابن عُيَيْنَة سَمِعَ منه، وهو بعيد، إنّما شهِد جنازَتَه، تُوُفِّي سنة عشرين ومائة، وله خمسٌ وسبعون سنة، رحمه اللَّه، وثَّقه النّسائي. 463- عبد الله بن كيسان2 -ع- أبو عمر التيمي المدني، مولى أسماء بنت أَبِي بَكْر، عَنْ أسماء وابن عُمَر، وعَنْه عَبْد الملك بْن أَبِي سليمان، وحجاج بن أرطأة، وجُرَيْج، وَالْمُعَلَّى بْن زياد، وغيرهم، وثَّقُوه. 464- عَبْد اللَّه بْن أَبِي المجالد3 -خ د س ق- روى عن مولاه عبد الله بن أبي أوفى، وعبد الرحمن بن أبزى، ووَرَّاد كاتب المغيرة، وعَبْد اللَّه بْن شدّاد، وعنه إسماعيل السدي، والحسن بْن عمارة، وأَبُو إسحاق الشّيباني، وشُعْبَة، لكنّ شُعْبَة سمّاه مُحَمَّدًا فَوَهِمَ، وثَّقه أَبُو زرعة وغيره. 465- عَبْد اللَّه بْن نِيَار4 رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وعُرْوَة، وعَمْرو بْن شاس. وعَنْه أَبُو الزناد، وعبد الرحمن بن حولة، وجماعة.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "974"، والنسائي "2036، 3973"، وابن ماجه "1546"، وأحمد في المسند "6/ 221"، وابن حبان في صحيحه "7110". 2 التاريخ الكبير "5/ 178"، الكنى والأسماء "2/ 40". 3 الجرح والتعديل "5/ 182"، تهذيب الكمال "2/ 732". 4 التاريخ الكبير "5/ 214"، الجرح والتعديل "5/ 185". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 237 466- عبد الله بن واقد1 بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. عَنْ جدّه، وعَائِشَة، وعنه الزهري، وفضيل بن غزوان، وعمر بن محمد، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَرَآهُ مَالِكٌ، ثُمّ وَجَدْتُ وفاته سنة سبعَ عشرةَ ومائة. 467- عَبْد اللَّه أَبُو مُحَمَّد البطّال2 ويقال: أَبُو يحيى، أحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام، ومَن سارت بذِكْره الرُّكْبان، كَانَ أحد أمراء بني أُمّية، وكان عَلَى طلائع مسلمة بن عبد الله الملك، وكان ينزل بأنطاكية، شهد عدّةَ حُرُوب، وأوطأ الرومَ خوفًا وذُلا، ولكنْ ما يحدّ ولا يوصف، ما كذبوا عَلَيْهِ مِنَ الخُرافات المستحيلات، وعنه عَبْد الملك، أَنَّهُ أوصى مَسْلَمةُ، فَقَالَ: صَيِّر عَلَى طلائعك البطّال، وَمُرْهُ فلْيَعسّ باللّيل، فإنّه أمينٌ شجاع مِقْدام، وقَالَ الوليد بْن مُسْلِم: حدّثني بعضُ شيوخنا أنّ مَسْلَمةُ عقد للبطّال عَلَى عشرة آلاف، فجعلهم يَعْني يَزَكًا3. وحدّثني أبو مروان الأنطاكي قَالَ: كنت أغازي مَعَ البطّال، وقد أَوْطأَ الرومَ ذُلا، قَالَ البطّال: فسألني بعض ولاةٍ بني أُميَّة عَنْ أعجب ما كَانَ مِنْ أمري، فقلت: خرجتُ فِي سَريّةٍ ليلا، فأتينا قريةً، وقلت لأصحابي: ارفعوا لجم خيولكم، ولا تُهَيِّجوا، ففعلوا واخترقوا فِي أزِقَّتِها، ودفعتُ فِي ناس مِنْ أصحابي إلى بيتٍ فيه سراجٌ وامرأة تُسْكِتُ ولَدَها مِنْ بُكائه وتقول: اسكُتْ أو لأَدّفَعَنَّك إلى البطّال، ثم انتَشَلَتْه مِنْ سريره وقالت: خذه يا بطّال، قَالَ: فأخذْتُه. وخرجت يومًا وحدي على فرسي لأصيب غفلةٍ، ومعي شواء وغيره، فأكل، ودخلت بستانًا، وأسهلني بطني، فاختلفتُ مرارًا، وخفتُ مِنَ الضَّعف، فركبتُ وأسهلتُ عَلَى سرجي، كرهت أن أنزل فأضعفَ عَنِ الركوب، ولزِمتُ عُنُقَ الفَرَس، وذهب بي لا أدري إلى أَيْنَ، فسمِعت وَقْعَ حوافره عَلَى بلاطٍ، فأفتح عينيَّ فإذا دَيْر، وإذا نسوةٌ يتطلَّعن مِنْ أبواب الدير، فلما رأين حالي وضعفي، وقوف فرسي، رَطَنَتْ واحدةٌ منهنّ، فنزعن عنّي ثيابي، وغسلن ما بي وألبسنني ثيابًا، وسَقْيَنني تِرْياقًا أو دواءً، ووُضعتُ عَلَى سريرٍ، فأقمت يومًا وليلةً مسبوتًا، وذهب عنّي ذَلِكَ ثاني يوم، وأنا ضعيف عَنِ الركوب، فجاءها فِي اليوم الثالث بطريقٌ أقبل فِي مركبه، فأمَرَتْ بفَرَسي فغُيِّبَ، وأغلقتْ علي بيتًا، ودخل   1 التاريخ الكبير "5/ 219"، الجرح والتعديل "5/ 190"، تهذيب الكمال "2/ 751". 2 الكامل في التاريخ "5/ 248"، البداية والنهاية "9/ 331-334". 3 يزكًا: أي حرسًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 238 البَطْريقُ، فسَمعْتُ بعضَ النّسوَة تُخبر أنّه خاطب لها، فبلغه شأني، فَهَمَّ أن يهجم عَلَيَّ، فأَقسَمَتْ إنْ فَعَلَ لا نال حاجَتَه، فأمسك، ثم تزوّج، وخرجتُ فدعوتُ بِفَرَسي، فقالت: لا آمن أن يَكْمُن لك، دعه يذهب، فأبيتُ وركبتُ وقَفَوْتُ الأثر حتى لَحِقتُه، وشدَدْتُ عَلَيْهِ، فانفرج عَنْه أصحابُه، فقتلته، وطلبت أصحابَه فهربوا، فأخذت فَرسَه وسمطْتُ رأسه، ورددت إلى الدَّير، فألقيت الرأس، ودعوتُها ومَن معها مِنَ النّساء والخَدَم، فوقفن بين يديّ، وأمرتها بالرحلة ومن معها عَلَى الدّوابّ، وسرت بها وبهنّ إلى العسكر، فنفلت المرأة بعينها وسلَّمتُ سائرَ الغنيمة، واتّخذتُها، فهي أمّ بَنِيَّ. قَالَ الوليد بْن مُسْلِم: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن راشد الخُزاعي، يُخبر عمّن سَمِعَ مِنَ البطَّال، أَنَّهُ ولي المصِّيصة وما يليها، فبعث سَرِيَّةً، فأبطأ عَلَيْهِ خبرُها، فأشفق مِنْ مصيبة، قَالَ: فخرجتُ مُفْرَدًا، فلم أجد لهم خبرًا، ثم أُعْطِيتُ خَبَرَهم، فخفت عليهم مِنَ العدوّ، ولم أجد أحدًا يخبرني بشيءٍ، فسرتُ حتى أقف بباب عمورِيّة، فضربتُ بابها وقلت للبوّاب: افتح لفلانٍ وسيّافِ الملِك ورسولِه، وكنت أشبه بِهِ، فأعلمه، فأمره ففتح لي، فصرت إلى بلاطها، وأمرت مِنْ يشتدّ بين يديّ إلى باب بَطْرِيقها، ففعل، ووافَيْتُه وقد جلس لي، فنزلت عَنْ فرسي وأنا متلثّم، فأذِن لي ورحَّب بي، فقلت: أَخْرِجْ هَؤُلاءِ فإنّي قد حملتُ إليك أمرًا، فأخرجهم، وشدَّدْتُ عَلَيْهِ حتى أغلق بابَ الكنيسة وأتى إليّ، فاخترطْتُ سيفي وقلت: وقد وقعتُ بهذا الموضع، فأعطني عهدًا حتى أكلّمك بما أردت حتى أرجع مِنْ حيث جئت، ففعل، فقلت: أَنَا البطّال، فاصْدُقْني وانصحني، وإلا قتلتك، قَالَ: سل. فقلت: السّرِيّة. قَالَ: نعم، وافت البلاد غارةٌ لا يدفع أهلها يد لامس، فوغلوا في البلاد وملئوا أيديهم غنائهم، وهذا آخر خبر جاءني بأنّهم بوادي كذا وكذا، قد صَدَقْتُك. فغمدت سيفي، وقلت: ادعُ لي بطعامٍ، فدعا بِهِ، ثم قمت وقَالَ: سيروا بين يدي رسول الملك حتى يخرج، ففعلوا، وقصدت السّريّة وخرجت بهم وبما غنموا. وعَنْ أَبِي بَكْر بْن عيّاش قَالَ: قِيلَ للبطّال: ما الشجاعة؟ قَالَ: صبرُ ساعة، وقَالَ الوليد: أخبرني ابن جدابر، حدّثني مَن سَمِعَ البطّال يخبر مالك بْن شبيب أميرُ مُقَدِّمة الجيش الَّذِي قُتِل فيه، عَنْ خبر بَطْرِيق أقرن صهْر البطّال، أنّ ليُون طاغيةَ الروم قد أقبل نحوه فِي مائة ألف فذكر قصّة، فيها إشارةُ البطّال عَلَيْهِ باللّحاق ببعض مدن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 239 الروم والتحصُّن بِهِ، حتى يلحقهم الأمير سُلَيْمَان بْن هشام، وذكر عصيان مالك فِي رأيه، قَالَ: ولقينا ليون، فقاتل مالك يومئذٍ ومَن معه حتى قتل فِي جماعة، والبطّال عصمة لمن بقي، ووالٍ لهم قد أمرهم ألا يذكروا لَهُ اسمًا، فتجمَّعوا عَلَيْهِ، فحمل البطّال، فصاح بعضُ مَن معه باسمه وفداه، فشدّتْ عَلَيْهِ فرسانُ الروم حتى شالتْهُ برماحها عَنْ سَرْجه وألقتْه إلى الأرض، وأقبلت تشدّ عَلَى بقية النَّاسَ مَعَ اصفرار الشمس. قَالَ الوليد: قَالَ غير ابن جَابِر: وليون طاغيتُهم قد نزل، ورفعوا أيديهم يستنصرون على المسلمين، ورأوا من قلة المسلمين وقلة مِنْ بقي، فَقَالَ: نادِ يا غلام برفْع السيف، وترك بقيّة القوم لله وانصرفوا، قَالَ ابن جَابِر: فأمر البطّال مناديًا، فنادى: أيّها النَّاسَ، عليكم بسنادة، فتحصّنوا فيها، وأمر رجلا عَلَى مقدِّمتهم، وآخر عَلَى ساقتِهم يحمل الجريح والضعيف، وَثَبَتَ البطّال مكانه، ومعه قرابةٌ لَهُ فِي مواليه، وأمر مِنْ يسير فِي أوائلهم يَقُولُ: أيّها النَّاسَ الحقوا فإنّ البطّال يسير بأُخراكم، وأمر مِنْ ينادي في أُخراهم: الحقوا فإن البطال في أولاكم، فلم يصبحوا إلا وقد دخلوها، يعني سنادة، وأصبح البطّال فِي المعركة وبه رمق، فلما كَانَ مِنَ الغد، ركب ليون بجيشه، فأتى المعركة، فوجد البطال وأصحابه، فأخبر بِهِ، فأتى حتى وقف عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَبَا يحيى كيف رأيت؟ قَالَ: وما رأيت، كذلك الأبطال تقتُل وَتُقْتَلُ! فَقَالَ ليون: عليّ بالأطبّاء، فأتي بهم، فنظروا فِي جراحة، فوجدوه قد أنفذت مقاتله، فَقَالَ: هَلْ مِنْ حاجة؟ قَالَ: نعم، فأمُرْ مَن ثبت معي بولايتي وكَفني والصلاةِ عليّ، ثم تُخلي سبيلَهم، ففعل. قَالَ أَبُو عُبَيْدة: قُتِل البطّال سنة اثنتي عشرة ومائة، وقَالَ أَبُو حسّان الزيادي: سنة ثلاث عشرة، وقَالَ خليفة: سنة إحدى وعشرين. 468- عَبْد الجبّار بْن وائل بْن حُجْر1 الحضْرَمِيّ الكوفي -م4- عَنْ أَبِيهِ، وأخيه عَلْقَمَة، وغيرهما، وعَنْه ابنه سَعِيد، وزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وأَبُو إسحاق السّبيعي، ومُحَمَّد بْن جُحَادة، ومِسْعَر بْن كدام، وفِطْر بْن خليفة، والمسعودي، وغيرهم، قَالَ ابن مَعِين: ثبت، ولم يسمع مِنْ أَبِيهِ شيئًا. قلت: روايته عن أبيه في السنن الأربعة.   1 التاريخ الكبير "6/ 106-107"، الجرح والتعديل "6/ 30". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 240 469- عبد الحميد بن عبد الرحمن1 -ع- بْن زيد بْن الْخَطَّاب، أَبُو عُمَر العدوي المدني الأعرج، أخو أَسِيد، وعَبْد العزيز، ولي إمرةَ الكوفة لعُمَر بْن عَبْد العزيز، سأل ابن عَبَّاس، وَرَوَى عَنْ مُسْلِم بْن يَسار، ومُقْسِم، ومُحَمَّد بْن سعد بْن أَبِي وقّاص، وعَنْه ابناه عُمَر، وزيد، والزُّهْرِيّ، وزيد بْن أَبِي أنيسة، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وغيرهم. وثقه ابن خراش وغيره، روى المدائني، عَنْ يعقوب بْن زيد، أنّ عُمَر بْن عَبْد العزيز أجاز عاملَه عَلَى الكوفة عَبْد الحميد بعشرة آلافٍ. تُوُفِّي عَبْد الحميد بحِرَّان سنة نيّف عشرة ومائة. 470- عَبْد الحميد بْن محمود الْمِعْولِيُّ الْبَصْرِيّ2 -د ت س- عَنِ ابن عَبَّاس وأنس، وعَنْه ابنه حمزة، ويحيى بْن هانئ المُرَادي، وعَمْرو بْن هَرِم، قَالَ أَبُو حاتم: شيْخ. 471- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيُّ الْمَدَنِيّ3 -م4- عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي حُمَيْد السّاعدِي، وعَنْه ابناه ربيح، وسَعِيد، وَزَيْدِ بْن أَسْلَمَ، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صَالِحٍ، وجماعة، وثَّقه النّسائي، مات سنة ثنتي عشرة ومائة. 472- عبد الرحمن بن ثروان4 -خ4- أبو قيس الأودي الكوفي، عَنْ عَلْقَمَة، والقاضي شُرَيْح، وهُزَيْل بْن شُرَحْبيل، وسُوَيْد بْن غَفْلَة، وعَنْه الأعمش، وَالثَّوْرِيُّ، وشُعْبَة، وحماد بن سلمة، وآخرون، وثقه ابن مَعِين، وليَّنَه أَبُو حاتم، وغيره، مات سنة عشرين ومائة. 473- عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر بْن نُفَيْر الحضْرَمِيّ الحمصي5 -م4- عَنْ أَبِيهِ، وخَالِد بْن مَعْدان، وكثير بْن مُرَّة، وغيرهم، وعَنْه الزُّبَيْدِيّ، وثور بْن يزيد، ويحيى بْن جَابِر، وصَفْوان بْن عَمْرو، وطائفة، آخرُهم موتًا إِسْمَاعِيل بْن عيّاش. وثَّقه النّسائي وغيره، تُوُفِّي سنة ثماني عشرة ومائة.   1 التاريخ الكبير "6/ 145"، الجرح والتعديل "6/ 15-16". 2 الجرح والتعديل "6/ 18"، تهذيب الكمال "2/ 769". 3 الطبقات الكبرى "5/ 267-268"، ميزان الاعتدال "2/ 567". 4 التاريخ الكبير "5/ 265"، الجرح والتعديل "5/ 2148". 5 التاريخ الكبير "5/ 267-268"، الجرح والتعديل "5/ 221". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 241 474- عَبْد الرَّحْمَن بْن رافع التنوخي الْمَصْريّ1 -د ت ن- قاضي إفريقية، يُكنَّى أَبَا الْجَهْمُ، وقيل أَبَا الحجر، رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعُقْبَةَ بْن الحارث، وعنه ابنه إبراهيم، وشراحيل بن يزيد، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال البخاري: في حديثه مناكير. وقَالَ أَبُو حاتم: شيْخ مغربيّ إنْ صحّت الروايةُ عَنْه، عَنْ عَبْد اللَّه بن عَمْرو، قُلْتُ: يشير إلى حديثه الَّذِي رواه عَنْه ابن أنعم الأفريقي وحده: "إذا رفع الرجل رأسه مِنْ آخر سجدة ثم أحدث فقد تمّت صلاته"2. قُلْتُ: مات سنة ثلاث عشرةَ ومائة. 475- عَبْد الرَّحْمَن بْن سابط الْجُمَحِي المكي3 -م د ت ق- وهو عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن سابط، رَوَى عَنْ أَبِيهِ وله صُحبة، وعَنْ عَائِشَةَ، وجابر، وأَبِي أُمَامة، وأرسل عَنْ مُعاذ، وغيره، وعَنْه حسّان بْن عطيّة، وابن جُرَيْج، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان، واللَّيْث بْن سعد، وجماعة، وكان أحد الفقهاء، وثَّقوه، لكن كَانَ ابن مَعِين يعدّ أنّ أكثر رواياته مُرْسَلَة. مات سنة ثماني عشرة ومائة. 476- عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد4 بْن وهْب الهَمْداني الكوفي عَنْ أَبِيهِ، وأرسل عَنْ عَائِشَةَ، وعَنْه خَالِد الحذّاء، وابن عَجْلان، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وشُعْبَة، وثَّقه أَبُو حاتم. 477- عَبْد الرَّحْمَن بْن سَلَمَةَ الْقُرَشِيّ5 عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وعَنْه خَالِد بْن محمد الثقفي، وإسماعيل بْن أَبِي المهاجر، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز. 478- عَبْد الرَّحْمَن بْن عابس بْن ربيعة النَّخْعي الكوفي6 -خ م د ن ق-   1 التاريخ الكبير "5/ 280"، الجرح والتعديل "5/ 232". 2 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "408"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الترمذي "408". 3 التاريخ الكبير "5/ 294-295"، الجرح والتعديل "5/ 240". 4 التاريخ الكبير "5/ 288"، الجرح والتعديل "5/ 239". 5 التاريخ الكبير "5/ 290"، الجرح والتعديل "5/ 240-241". 6 التاريخ الكبير "5/ 327"، الجرح والتعديل "5/ 269-270". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 242 عَنْ أَبِيهِ، وابن عَبَّاس، وأم يعقوب الأسَدِيّة. وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى، وعنه حجاج بْن أرطأة، وشعبة والثوري، وقيس بْن الربيع، وثقه ابن مَعِين. تُوُفِّي سنة تسعَ عشرة. 479- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الغافقي1 أمير الأندلس وعاملها لهشام بْن عَبْد الملك. رَوَى عَنِ ابن عُمَر. وعَنْه عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز، وعَبْد اللَّه بْن عِياض. استُشْهد سنة خمس ومائة فِي حربٍ بينه وبين النَّصَارَى. 480- عَبْد الرحمن بن هرمز2 الأعرج -ع- أبو داود المدني، مولى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وأبا سَعِيد، وعَبْد الله بن مالك بن بحينة، وطائفة، وسمع أيضًا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، وعُمَيْر مولى ابن عَبَّاس، وعدّة. وكان يكتب المصاحف ويُقرِئُ القرآن. رَوَى عَنِ الزُّهْرِيّ، وأَبُو الزّناد، وصالح بْن كَيْسَان، ويحيى بْن سَعِيد الأنصَارِيّ، وعبد الله بن لهيعة، وخلق. وكان ثقة ثبتا، عالما بأبي هريرة، انتقل في آخر أيامه إلى مصر، وتوفي غريبا بالإسكندرية سنة سبع عشرة ومائة على الصحيح. 481- عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني3 -ت- القاص الأبناوي. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عُمَر، وعَنْه عَبْد الله بن بحير ابن رَيْسان القَصَّاص، وهمام أَبُو عَبْد الرزّاق، والمنذر بْن النُّعْمان، وغيرهم. قَالَ عَبْد اللَّه بْن بَحِير: كَانَ أعلم بالحلال والحرام مِنْ وهب بْن منّبه. وذكره ابن حِبّان فِي الثقات. لَهُ فِي الجامع حديث واحد. 482- عَبْد الملك بن ميسرة الهلالي العامري4 -ع- أبو زيد الكوفي الزراد.   1 الجرح والتعديل "5/ 256"، ميزان الاعتدال "2/ 576". 2 الطبقات الكبرى "5/ 283-284"، التاريخ الكبير "5/ 360". 3 تهذيب الكمال "2/ 962"، تهذيب التهذيب "6/ 300". 4 الطبقات الكبرى "6/ 319"، التاريخ الكبير "5/ 430-431". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 243 عن ابن عمر، وأبي الكفيل، وزيد بْن وهب، وغيرهم، وعَنْه زيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ ومِسْعَر، وشُعْبَة، وجماعة. وكان ثقة نبيلا. 483- أما عَبْد الملك بْن مَيْسرة المكّي1 فشيخ. رَوَى عَنْه أَبُو دَاوُد الطيالسي، وعَبْد الملك بْن مُحَمَّد الصَّنَعانيّ مِنْ أهل طبقة شُعْبَة. 484- عَبْد المُلْك بْن أَبِي مَحْذَورة الْجُمَحِي الْمَكَّيّ2 -د ت ن- عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ الله عنهم، وعن ابن محيريز. وعَنَه إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك، ووالده، وعمّاه مُحَمَّد وإسماعيل، وابن عمّه إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل، والنُّعْمان بْن راشد، ونافع بْن عُمَر الْجُمَحِي. 485- عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَرْوَة العَبْدِي الْبَصْرِيّ3 الأحمر، واسم أبيه رزيق، روى عن عائشة، وعقبة بن صهبان، وعمته، وعنه جابر بن صبح، وهشام الدستوائي، والقاسم بن المفضل الحداني، وشعبة، وغيرهم. لا بأس به. 486- عبيد الله بن عبد الله بن حصين4 الخطمي المدني عن جابر بن عبد الله وعبد الملك بن عمرو. وعنه ابن الهاد، والوليد بن كثير، ومحمد بن إسحاق، وعبد الرحمن بن النعمان، وجماعة، وثقه أبو زرعة. 487- عبيد الله بن القبطية5 عن أمّ سَلَمَةَ، وجابر بْن سَمُرَة، وابن أَبِي ربيعة، وعنه عبد العزيز بن رفيع، ومسعر ابن كدام. وثقه ابن معين. له حديثان. 488- عثمان بن حاضر6 -د ق- سَمِعَ ابن عَبَّاس، وجابرًا، وابن عُمَر، وَأَنَسًا، وغيرهم، وعَنْه إِسْمَاعِيل بْن أميّة، وعَمْرو بن ميمون بن مهران، والخليل بن   1 التاريخ الكبير "5/ 431"، الجرح والتعديل "5/ 366". 2 التاريخ الكبير "5/ 430"، تهذيب الكمال "2/ 861". 3 التاريخ الكبير "5/ 376"، الجرح والتعديل "5/ 214". 4 التاريخ الكبير "5/ 388"، الجرح والتعديل "5/ 321". 5 التاريخ الكبير "5/ 396-397"، الجرح والتعديل "5/ 331". 6 التاريخ الكبير "6/ 217-218"، الجرح والتعديل "6/ 147-148". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 244 أَحْمَد العَرُوضي، وزَمْعَة بْن صالح، وابن إسحاق، وجماعة. قَالَ أَبُو زُرْعة: حِمْيَرِيّ ثِقة. 489- عثمان بْن أَبِي سَوْدَة المقِدسي1 -ت ق- أخو زياد. يروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وأمّ الدِّرْداء، وميمونة مولاة رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وسلم. وعنه زيد بن واقد، وشيب بْن شَيْبة، وعَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، والأَوزاعيّ. وكان كثيرَ الجهاد، لَهُ فضل وعِبادة، وأبوه مِنْ موالي عَبْد اللَّه بْن عَمْرو. 490- عثمان بْن عَبْد اللَّه بْن سُرَاقة2 -خ ق- بْن المُعْتمر بْن أنس الْقُرَشِيّ العدوي الْمَدَنِيّ، وأمه زينب بنت عُمَر بْن الْخَطَّاب. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وجابر، وخاله ابن عُمَر. ورأى أَبَا قَتَادةُ الأنصَارِيّ، وولي إمرةَ مكة. وعَنْه الزُّهْرِيّ، والوليد بْن أَبِي الوليد، وابن أبي الذئب، وأَبُو المنيب عُبَيْد اللَّه المَرْوزي، وعدّة. وثَّقه أَبُو زُرْعة والنّسائي. وسُراقة جدّه الأعلى، فإنه عثمان بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن سُراقة. مات سنة ثماني عشرة ومائة. أرّخه الواقدي، وروايته عَنْ جدّه عُمَر مُرْسَلَة. 491- عَدِيّ بْن ثابت الكوفي3 -ع- وهو عَدِيّ بْن أبان بْن ثابت بْن قيس بن الخطيم الأنصاري الظفري. وقَالَ يحيى بْن مَعِين: هُوَ عَدِيّ بْن ثابت بْن دينار. وقيل: عَدِيّ بْن ثابت بْن عُبَيْد بْن عازب، فالبراء بْن عازب أخو جدّه عَلَى هذا. رَوى عَنْ جدّه لأمه عَبْد اللَّه بْن يزيد الخطمي، وعَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدّه، وسُلَيْمَان بْن صرد، والبَرَاء بْن عازب، وابن أَبِي أوفى، وأبي حازم الأشجعي، وطائفة. وعنه زيد بن أبي أنيسة، والأعمش، ويحيى بن سعيد الأنصاري ومسعر، وشعبة، وخلق. قال أبو حاتم: كان إمام مسجد الشيعة وقاصهم، وهو صدوق. وقال غيره: ثقةٌ ثب، مات سنة ست عشرةَ ومائة. 492- عَدِيّ بْن عَدِيّ بْن عَمِيرة بن فروة الكندي4 -د ن ق- أبو فروة سيّد اهل الجزيرة. رَوَى عَنْ أَبِيهِ -وله صحبة- وعمه العرس، ورجاء بن حيوة،   1 التاريخ الكبير "6/ 226"، الجرح والتعديل "6/ 153-154". 2 التاريخ الكبير "6/ 230-231"، الجرح والتعديل "6/ 155". 3 التاريخ الكبير "7/ 44"، تاريخ خليفة "561". 4 التاريخ الكبير "7/ 44"، تاريخ خليفة "274، 316، 323، 350". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 245 وجماعة. وعَنْه أيّوب، وشُعْبَة، وجرير بْن حازم، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وآخرون. وكان فقيهًا ناسكًا كبير القدر. إمرة الجزيرة وأذربيجان. وثقه ابن مَعِين وغيره. مات سنة عشرين ومائة. 493- العَرجّي الشاعر1 هُوَ أَبُو عُمَر عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَمْرو بْن عثمان بْن عفّان الأموي. وكان ينزل بعَرْج الطّائف فنُسِب إِلَيْهِ، وكان أحد الأبطال المذكورين غزا القسطنطينية فِي البحر، ثم وقع منه أمرٌ، واتُّهِم بدمٍ، فسُجن بمكة إلى أن مات فِي خلافة هشام. وهو القائل: أضاعوني وأيَّ فتى أضَاعُوا ... ليوم كريهةٍ وسَدَادِ ثَغْر وخَلُّوني لِمُعْتَرَكِ الْمَنَايَا ... وقد شُرِعَتْ أسِنَّتُها لِنَحْرِي كأنّي لم أكنْ فيهم وَسِيطًا ... ولم تَكُ نِسْبَتي فِي آلِ عَمْرو 494- عُرْوة بْن عَبْد اللَّه بْن قُشَيْر الْجُعْفي الكوفي2 -د ت ق- عَنِ ابن الزُّبَيْر، وابن سِيرِين، ومعاوية بْن قُرَّةَ، وعَنْ عَنْبَسَةَ بْن أَبِي سُفْيان ولم يدركه. وعَنْه زهير بْن معاوية، وسُفْيان الثَّورِي. 495- عطاء بْن أبي رباح المكي3 -ع- أبو محمد بن أسلم مولى قريش، أحد أعلام التّابعين. وُلد فِي خلافة عثمان، وسمع: عَائِشَةَ، وأبا هُرَيْرَةَ، وأسامة بْن زيد، وأمّ سَلَمَةَ، وابن عَبَّاس، وابن عُمَر، وأبا سَعِيد الْخُدْرِيَّ، وخلقًا كثيرًا، منهم جَابِر، وصَفْوان بْن يَعْلَى، وعُبَيْد بْن عُمَيْر، وأَبُو الْعَبَّاس الشاعر. وعنه: أيوب، والحكم، حسين المعلّم، وابن إسحاق، وجرير بْن حازم، وأَبُو حنيفة، والأَوزاعيّ، وهمام بْن يحيى، وأسامة بْن زيد اللَّيْثي، وإبْرَاهِيم الصّائغ، وأيّوب بْن مُوسَى، وحبيب بن أبي ثاب، وحبيب بن الشهيد، وحجاج ابن أرطاة، وزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وسلمة بْن كُهَيْلٍ، وطلحة بْن عَمْرو، وعُبَادة بْن منصور الباجي، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح وعَبْد اللَّه بْن المؤمّل المخزوميّ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن حبيب بن   1 التاريخ الكبير "5/ 153-154"، الجرح والتعديل "5/ 117-118". 2 الجرح والتعديل "7/ 34"، الكنى والأسماء "2/ 135". 3 الطبقات الكبرى "5/ 467-470"، تاريخ خليفة "346". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 246 أردك، وعبد المجيد بن سهيل، وعثمان بن الأسود، وعقبة بن عبد الله الأصم، وعِكْرِمة بْن عمّار، وعليّ بْن الحَكَم البَنَاني، وعَمْرو بْن دينار، وعَمْران القصّار، وقيس بْن سعد، وكثير بن شنظير، وابن أَبِي ليلى، وأَبُو شهاب مُوسَى بن نافع، وأَبُو المليح الرَّقّي، ومَعْقِلُ بْن عُبَيْد اللَّه، واللَّيْث بْن سعد، وابن جُرَيْج، ويزيد بْن إبْرَاهِيم التُّسْتَرِيُّ، وخلق كثير. وكان إمامًا سيّدًا أسود مُفَلْفَلَ الشَّعْر، مِنْ مُوَلَّدِي الْجَنَد، فصيحًا عَلامة، انتهت إِلَيْهِ الفتوى بمكة مَعَ مجاهد، وكان يَخْضِب بالحِنّاء. قَالَ أَبُو حنيفة: ما رأيت أحدًا أفضل مِنْ عطاء. وقَالَ ابن جُرَيْج: كَانَ المسجد فراش عطاء عشرين سنة1، وكان مِنَ أحَسَن النَّاسَ صلاةً. وقَالَ الأَوزاعيّ: مات عطاء يوم مات، وهو أرضى أهلِ الأرض عند النَّاسَ. وقَالَ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عثمان: ما رأيت فتِيًّا خيرًا مِنْ عطاء، إنّما كَانَ مجلسُه ذِكر اللَّه لا يفتر، وهم يخوضون، فإن سُئل أحسن الجواب2. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أُمَّية: كَانَ عطاء يُطِيلُ الصَّمْت، فإذا تكلّم خُيِّلَ إلينا أنّه مُؤَيَّد3. وقَالَ عثمان بْن عطاء الخراساني: كَانَ عطاء أسودَ شديدًا فصيحًا، إذا تكلّم، فما قَالَ بالحجاز قُبِلَ منه. وقَالَ ابن عباس: يا أهل مكة، تجتمعمون عليّ وعندكم عطاء4. وَرَوَى سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادةُ قَالَ: هَؤُلاءِ أئمّة الأمصار: الحَسَن، وإبْرَاهِيم بالعراق، وسَعِيد بْن المسيّب، وعطاء بالحجاز. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن عيّاش: سَأَلت عَبْد الله بن عثمان بن خيثم: ما كَانَ عيش عطاء؟ قَالَ: نَيْلُ السلطان وصِلة الإخوان. وقَالَ الأصمعيّ: دخل عطاء عَلَى عَبْد الملك بْن مروان، وهو عَلَى السرير، فقام إِلَيْهِ وأجلسه معه، وقعد بين يديه، فوعظه عطاء. ورَوى عُمَر بْن قيس الْمَكِّيّ، عَنْ عطاء قَالَ: أَعْقِلْ مقتلَ عثمان5 ووُلدت لعامين من خلافته. وقَالَ أَبُو المليح الرَّقّي:   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 310". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 469". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 496"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 313". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 311". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 468". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 247 لما بلغ ميمونَ بْن مهران موتُ عطاء قَالَ: ما خلَّف بعده مثْلَه1. وعَنْ ربيعة الرأي قَالَ: فاق عطاءُ أهلَ مكة فِي الفتوى. وقال ابن المعين: كَانَ عطاء معلَّم كُتّابٍ دهرًا. وقَالَ جرير بْن حازم: رأيت يدَ عطاء شلاء، ضُرِبتْ أيام ابن الزُّبَيْر. قَالَ ابن سعد: وكان عطاء أعور. وقَالَ أَبُو عاصم الثقفي: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَر الباقر يَقُولُ للناس، وقد أكثروا عَلَيْهِ: عليكم بعطاء، فهو والله خيرٌ لكم منّي. وقَالَ أَبُو جَعْفَر أيضًا: ما أجد أحدًا أعلم بالمناسك مِنْ عطاء2. وقَالَ رَجُل لابن جُرَيْج: لولا هذان الأسودان ما كَانَ لنا فقهٌ: مجاهد، وعطاء، فَقَالَ: فَضَّ اللَّه فاكَ، تَقُولُ لهما الأسودان! وقَالَ عَمْرو بْن ذَرّ: ما رأيت عَلَى عطاء ثوبًا يسوى خمسةَ دراهم3 وَرَوَى ليث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سابط قَالَ: والله ما أرى إيمان أهل الأرض يَعْدِلُ إيمان أَبِي بَكْر، ولا أرى إيمانَ أهلِ مكة يَعْدِلُ إيمانَ عطاء. وقَالَ عمران بْن حدير: رأيت عَمامةَ عطاء مُخرَّقةً، فقلت: أُعطيك عمامتي؟ فَقَالَ: إنّا لا نقبل إلا مِنَ الأمراء. قُلْتُ: يريد بيتَ المال. قَالَ ابن سعد: عطاء مِنْ مُوَلَّدِي الْجَنَد، نشأ بمكة، وهو مولى لبني فِهْر، أو لِجُمَح، إِلَيْهِ انتهت فتوى أهل مكة، وإلى مجاهد، وأكثر ذَلِكَ إلى عطاء، فسمعت بعضَ العلماء يَقُولُ: كَانَ عطاء أسودَ، أعورَ، أفْطَسَ، أشَلَّ أعرجَ، ثم عُمِي، وكان ثقةً فقيهًا. قَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ والد عطاء نوبيًا يعيل المكاتل. وقيل: حجّ عطاء نيّفًا عَلَى سبعين حِجّة، وكان يشرب الماء فِي رمضان ويقول: إنّي أُطعِم أكثر مِنْ مسكين. وقَالَ يحيى القطّان: مُرسَلات مجاهد أحبّ إليّ مِنْ مُرسَلات عطاء بكثير، فإنّ عطاء كَانَ يأخذ عَنْ كل أحدٍ. وقَالَ أَحْمَد وابن مَعِين: ليست مُرسَلات عطاء بذاك. وقَالَ عليّ بْن المَديني: كَانَ عطاء اختلط باخْرة، فتركه ابن جُرَيْج، وقيس بْن سعد. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن دَاوُد:   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 470". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 468". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 311". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 248 سَمِعْتُ مالكًا يَقُولُ: كَانَ عطاء أسودَ، ضعيف العقل. قُلْتُ: عطاء حُجَّة بالإجماع إذا أسند. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: لَيْسَ فِي المُرسَلات شيء أضعف من مرسلات الحسن، وعطاء، كان يأخذان عَنْ كلّ أحد. قَالَ أَبُو المليح، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وأَحْمَد، وجماعة: تُوُفِّي عطاء سنة أربعَ عشرةَ ومائة. وقَالَ ابن جُرَيْج والواقديّ: سنة خمسَ عشرةَ، وقيل: غير ذَلِكَ، والأول أصح، وعاش تسعين سنة، وكان موته فِي رمضان، ومن قَالَ: عاش مائة سنة فقد وَهِم، والله أعلم. 496- عطاء بن أبي مروان الأسلمي1 -ن- أبو مصعب، مدنّي نزل الكوفة. رَوى عَنْ أَبِيهِ، وعَنْه موسى بن عقبة، ومِسْعَر، وشُعْبَة، وشَريك. 497- عطيّة بْن سعد بْن جنادة2 -د ت ق- العوفي، أبو الحسن الكوفي. عَنِ ابن عَبَّاس. وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، وابن عُمَر، وغيرهم، وعَنْه ابنه الحَسَن، وأبان بْن تَغْلِب، وحَجَّاج بْن أرطأة، وقُرّة بْن خَالِد، وزكريّا بْن أَبِي زائدة، ومُحَمَّد بْن جُحَادة، ومِسْعَر بْن كِدام، وفُضَيْل بْن مرزوق، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: ضعيف يُكتب حديثُه، وكذا ضعّفه غير واحد، وَيُرْوَى أنّ الحَجَّاج ضربه اربعمائَة سوطٍ، عَلَى أن يلعن عليًّا، فلم يفعل، وكان شيعيًّا رحمَه اللَّه، ولا رحِم الحَجَّاج. قَالَ مُطَيِّن: تُوُفِّي سنة إحدى عشرة ومائة. وقَالَ خليفة: مات سنة سبعٍ وعشرين ومائة، وهذا القول غَلَط. 498- عُقْبة بْن حُرَيْث التَّغلِبيّ الكوفي3 -م ن- سَمِعَ ابنَ عُمَر، وسَعِيد بْن المسيّب، وعَنْه شُعْبَة، وفُرات بْن الأحنف. 499- عُقْبة بْن مُسْلِم التُّجَيْبي الْمَصْريّ4 -4- أَبُو مُحَمَّد، إمام جامع مصر وقاصُّها. رَوى عَنْ شُفَيّ بن ماتع، وأبي عبد الرحمن الحلبي، وعن عقبة بن عامر، وعبيد الله بن عمرو أيضا. وأراه مرسلا. وعنه حيوة بن شريح، والوليد بن أبي   1 التاريخ الكبير "6/ 471-472"، الكنى والأسماء "2/ 115". 2 التاريخ الكبير "7/ 8-9"، الجرح والتعديل "6/ 382-383". 3 التاريخ الكبير "6/ 433"، الجرح والتعديل "6/ 309". 4 التاريخ الكبير "6/ 473"، الجرح والتعديل "6/ 316". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 249 الوليد المدني، وابن لهيعة، وثقه أحمد العجلي وغيره. 500- عكرمة بن خالد بن العاص1 -خ م د ت ن- بْن هشام بْن المُغِيرَة بْن عبد الله المكي، أبو خالد المقرئ، قرأ القرآن عَلَى ابن عَبَّاس عَرْضًا، وسَمِعَ منه، ومن أَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عُمَر، وأَبِي الطُّفَيْلِ، وسَعِيد بْن جُبَيْر، وغيرهم. رَوى القراءة عَنْه عَرْضًا أَبُو عَمْرو بْن العلاء، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان، فيما قاله أَبُو عَمْرو الداني، ورَوى عَنْه قَتَادةُ، وعَبْد اللَّه بْن طاوس، وابن جُرَيْج، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وَمَعْقِلُ بْن عُبَيْد اللَّه الْجَزَرِيُّ، وجماعة، تُوُفِّي بعد عطاء بْن أَبِي رباح بيسير. وثَّقه جماعة. وكان أحدَ العلماءِ الأشراف. ولجدّه العاص صُحبة ورواية فِي المُسْنَد. 501- أما عِكْرِمة بْن خالد2 بن سلمة بن العاص بْن هشام بْن المُغِيرَة بْن عَبْد اللَّه المخزومي، فهو ولد ابن عمّ عِكْرِمة بْن خَالِد. وهو ضعيف مُقِلّ، أدركه مُسْلِم بْن إبْرَاهِيم. 502- عَلْقَمَة بن مرثد الحضرمي3 -ع- أبو الحارث الكوفي، أحد الأئمة. رَوى عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السلمي. وطارق بْن شهاب، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى، وسعد بْن عُبَيْدة، وجماعة. وعَنْه غيلان بْن جامع، وأَبُو حنيفة، والأَوزاعيّ، وشُعْبَة، ومِسْعَر، وسُفْيان، والمسعودي. قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الحديث. قُلْتُ: تُوُفِّي سنة عشرين ومائة. 503- علي بن الأقمر4 -ع- بْن عَمْرو بْن الحارث الهَمْداني الوادعي، أَبُو الوازع الكوفي. عَنْ أَبِي جُحَيْفَة، وأسامة بْن شَرِيك، وَعَنِ الأغرّ أَبِي مُسْلِم، وأَبِي حُذَيْفَةَ سَلَمَةَ بْن صُهَيْبَة، وأَبِي الأحوص الحَبَشي، وغيرهم. وعَنْه الأَعْمَشِ، وشُعْبَة، وسُفْيان، والحَسَن بْن صالح، وشَرِيك، وآخرون. وثَّقه جماعة. 504- عليّ بْن ثابت5 بْن أَبِي زيد، عَمْرو بْن أحطب الأنصَارِيّ، أخو عَزْرَة   1 الطبقات الكبرى "5/ 475"، التاريخ الكبير "7/ 49". 2 التاريخ الكبير "7/ 49"، الضعفاء للعقيلي "3/ 372-373". 3 الطبقات الكبرى "6/ 331"، تاريخ خليفة "351". 4 الطبقات الكبرى "6/ 311"، التاريخ الكبير "6/ 561". 5 التاريخ الكبير "6/ 264"، الجرح والتعديل "6/ 177". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 250 ابن ثابت. رَوى عَنْ نافع ومُحَمَّد بْن زياد الْقُرَشِيّ، وغيرهما. ومات شابا. روى عنه سعيد بن أبي عروبة، والحمادان، وعمران القطان، وسعيد بن إبراهيم. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بأس بِهِ. 505- عُلَيُّ بْن رباح1 -م4- بن قَصِير بْن قَشِيب بْن يَيْنَع اللَّخْمِيّ الْمَصْريّ، واسمه علي لكنَّه صُغِّر. قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ: بنو أُمَّية إذا سمعوا بمولودٍ اسمه عليّ قتلوه، فبلغ ذَلِكَ رباحًا، فَقَالَ: هُوَ عُلَيّ. قُلْتُ: قوله مولود لا يستقيم؛ لأنّ عَلِيًّا هذا وُلد فِي أول خلافة عثمان، أو قبل ذلك بقليل، وكان في خلافة ابن أمية رجلا لا مولودًا. سَمِعَ مِنْ عمرو بن العاص، وعقبة بْن عامر، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وأَبِي قَتَادةُ، وفَضَالة بْن عُبَيْد، وغيره مِنَ الصّحابة. وعُمِّر مائة سنةٍ إلا قليلا. وعَنْه: ابنه مُوسَى، فأكثر عَنْه، ويزيد بْن أَبِي حبيب، وحُمَيْد بْن هانئ، ومعروف بْن سُوَيْد، وآخرون. وكان ثقة عالمًا إمامًا، وفد عَلَى معاوية. وقد قَالَ: كنت خلف مؤدبي، فسمعته يبكي، فقلت: ما لك؟ قَالَ: قُتِل أمير المؤمنين عثمان، وكنتُ بالشّام. وأمّا ابن يونس فذكر، أَنّه وُلِد عامَ اليرموك قَالَ: وذَهَبتْ عينُه يوم ذات الصَّواري فِي البحر مَعَ عَبْد اللَّه بْن سعد ابن أَبِي سَرْح سنة أربعٍ وثلاثين، وكانت لَهُ منزلة من عبد العزيز بْن مروان، وهو الَّذِي زَفَّ بنتَه أمّ البنين بنت عَبْد العزيز إلى الشّام، فدخل بها زوجُها الوليد بْن عَبْد الملك، ثُمَّ تغيّر عَلَيْهِ عَبْد العزيز، فأغزاه إفريقية، فلم يزل مرابطًا بها إلى أن تُوُفِّي بها، سُئل عَنْه أَحْمَد بْن حنبل فَقَالَ: ما علِمتُ إلا خيرًا. يقال: تُوُفِّي سنة أربع عشرة ومائة. فقال الحَسَن بْن عليّ العدّاس: تُوُفِّي سنة سبع عشرة ومائة. 506- عَليّ بْن عَبْد الله بن عباس2 -م4- بن عَبْد المطّلب الهاشمي الْمَدَنِيّ، أَبُو مُحَمَّد السجاد، والد مُحَمَّد، وعيسى، ودَاوُد، وسُلَيْمَان، وإِسْمَاعِيل، وعَبْد الصّمد، وصالح، وعَبْد اللَّه، وُلد أيام قُتِل علي -رضي الله عنهم، فسُمِّي باسمه. رَوى عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر، وجماعة. وعنه بنوه عيسى،   1 الطبقات الكبرى "7/ 512"، التاريخ الكبير "6/ 274". 2 الطبقات الكبرى "5/ 312-314"، تاريخ خليفة "199، 349". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 251 وداود، وسليمان، وعبد الصمد، والزهري، وسعد بن إبراهيم، ومنصور بن المعتمر، وعلي بن أبي جملة وآخرون. وأمه هي زرعة بنت الملك مشرح بن عدي الكندي أحد ملوك الأربعة، وكان جسيما وسيما طويلا إلى الغاية، جميلًا مهيبًا، ذا لحية مليحةٍ، يخضب بالوسمة، ذكر الأوزاعي وغيره، أَنَّهُ كَانَ يسجد كلّ يومٍ ألف سجدة. قَالَ ابن سعد: ثقة قليل الحديث، وقَالَ: قَالَ لَهُ عَبْد الملك بْن مروان: لا أحتمل لك الاسم والكنية جميعًا فغيره، وكناه أَبَا مُحَمَّد. وقَالَ عِكْرِمة: قَالَ لي ابن عَبَّاس، ولابنه عليًّا: انطلِقا إلى أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ فاسمعا مِنْ حديثه، فأتيناه فِي حائطٍ لَهُ. وقَالَ ميمون بْن زياد: ثنا أَبُو سِنان قَالَ: كَانَ عليّ بْن عَبْد اللَّه معنا بالشّام، وكانت لَهُ لِحْيَةٌ طويلة يَخْضِبهَا بالوَسمَة، وكان يصلّي كلّ يومٍ ألفَ رَكْعَةٍ، وكان عليّ بْن أَبِي جملةٍ يَقُولُ: دخلت عَلَى عليّ بْن عَبْد اللَّه، وكان آدم جسيمًا، ورأيت لَهُ مسجدًا كبيرًا فِي وجهه، يعني أثرَ السّجود. وقَالَ ابن المبارك: كَانَ له خمسمائة شجرة، يصلّي عند كلّ شجرة رَكعتين، وَذَلِكَ كل يوم. وعن أبي المعز المُغِيرة قَالَ: إنْ كنّ لَنَطْلب لعليّ بْن عَبْد اللَّه الخُفَّ والنَّعْلَ، فما نجده حتى يستعمله لِكَبرِ رِجْلِه. قُلْتُ: وكان عليّ بْن عَبْد اللَّه السّجّاد قد أُسْكِن الشَّرَاةَ بالحُمَيْمَة مِنَ البَلْقاء، وهو جدّ الخلفاء، تُوُفِّي سنة ثماني عشرة ومائة. 507- عليّ بْن مُدْرِك النَّخْعي الكوفي1 -ع- عَنْ أَبِي زُرْعة البَجَلي، وإِبْرَاهِيم النخعي، وهلال بن يساف، وعنه الأعمش، والمسعودي، وشعبة، وغيرهم، تُوُفِّيَ سنة عشرين ومائة. وثقه غير واحد. 508- عمارة بْن راشد الليثي2 مولاهم الدمشقي، أرسل عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، وغيره، وروى عَن جُبَيْر بْن نفير، وأبي إدريس الخولاني، وعمر بْن عَبْد العزيز، وعنه عتبة بْن أَبِي حكيم، وعبد الرَّحْمَن بْن زياد بْن أنعم، وعبد الله بن عيسى بن أبي   1 التاريخ الكبير "6/ 294"، الجرح والتعديل "6/ 203". 2 التاريخ الكبير "6/ 499-500"، الجرح والتعديل "6/ 365". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 252 ليلى، وما أظن به بأسًا، لكن قَالَ أَبُو حاتم: مجهول. 509- عِمْرَانَ بْن أَبِي أنس الْقُرَشِيّ العامري الْمَصْرِيّ1 -م د ت س- عَن عَبْد الله بْن جَعْفَر، وحنظلة بْن عَليّ الأسلمي، وسهل بْن سعد، وسُلَيْمَان بْن يسار، وطائفة، وعنه أسامة بْن زيد الليثي، والضحاك بْن عثمان، وعبد الحميد بْن جَعْفَر، ويونس الأيلي، والليث بْن سعد، وآخرون، وثقه أَبُو حاتم، وغيره. تُوُفِّيَ سنة سبع عشرة ومائة. 510- عُمَر بْن ثابت الخزرجي الْمَدَنِيّ2 -م4- عن أبي أيوب الأنْصَارِيّ فِي صوم ستٍّ من شوال. وعنه: الزُّهْرِيّ، وصفوان بْن سليم، وسعد بْن سَعِيد الأنْصَارِيّ، ومالك، وآخرون. وثقه النسائي، وله حديث آخر فِي ذكر الدجال. 511- عُمَر بْن الحكم بن رافع بن سنان3 -م د ن ق- أبو حفص. عَن أَبِي الخير كعب بْن عَمْرو، وأبي هُرَيْرَةَ، وعبد الله بْن عَمْرو، وجابر. وعنه: سَعِيد بْن أَبِي هلال، وعمران بْن أَبِي أنس، وابن ابن أخيه عَبْد الحميد بْن جَعْفَر بْن عَبْد الله، وغيرهم، وثقه أَبُو زرعة. 512- عمر بن الحكم بن ثوبان4 -م د ن ق- أبو حفص المدني. قَالَ ابن معين: هُوَ والآخر واحد. عَن سعد بْن أَبِي وقاص، وأبي هُرَيْرَةَ، وأبي سَعِيد، وعبد الله بْن عَمْرو، وجماعة، وعنه يحيى بن أبي كثير، ويحيى بن سعيد الأنْصَارِيّ، وَمُحَمَّد بْن عَمْرو، وموسى بْن عبيدة، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة سبع عشرة، عَن ثمانين سنة.   1 التاريخ الكبير "6/ 423"، الجرح والتعديل "6/ 294". 2 الطبقات الكبرى "5/ 280"، التاريخ لابن معين "2/ 425". 3 التاريخ الكبير "6/ 147"، الجرح والتعديل "6/ 101-102". 4 الطبقات الكبرى "5/ 281"، التاريخ الكبير "6/ 146". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 253 513- عُمَر بْن سالم الْمَدَنِيّ1 أَبُو عثمان، قاضي مرو. رأى ابن عَبَّاس، وسَمِعَ مِنَ القاسم بْن مُحَمَّد، وغيره. وعَنْه مُطَرِّف بْن طَرِيفٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، ومهدي بْن ميمون، والربيع بْن مُسْلِم، وغيرهم. 514- عُمَر بن علي بن الحسين2 -م ت س- بن علي الهاشمي المدني الأصغر. أرسل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ورَوى عَنْ أبيه، وسَعِيد بْن مُرْجَانة، وعنه ابنه مُحَمَّدً. وعلي ابن أخيه حسين بْن زيد، ويزيد بن الهاد، وابن إِسْحَاق، وفُضَيْل بْن مرزوق. وكان سيّدًا، كثير العبادة والاجتهاد، لَهُ فضل وعِلم. 515- عُمَر بْن مروان بْن الحَكَم3 الأموي ويقال عَمْرو. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يونس: لم يكن بمصر رَجُل من بني أمية أفضل منه. وكان أولاد أخيه يستشيرونه. رَوى عَنْه يزيد بْن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر. تُوُفِّي سنة خمس عشرة ومائة. قَالَ: وولده بالأندلس إلى اليوم. 516- عَمْرو بْن سعد الفَدَكي4 -ن ق- ويقال اليمامي. عَنْ مُحَمَّد بْن كعب القرظي، ونافع، وعَمْرو بْن شُعَيْب، ومات شابًّا. رَوى عَنْه: يحيى بْن أَبِي كثير -مَعَ تقدُّمه- وعِكْرِمة بْن عمّار، والأَوزاعيّ، وغيرهم، وثَّقه دُحَيْم. 517- عَمْرو بْن سَعِيد الثقفي5 الْبَصْرِيّ -م4- عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكٍ، وسَعِيد بْن جُبَيْر، ووَرَّاد كاتب المُغِيرة، وأَبِي زُرْعة البَجَلي. وعَنْه أيّوب، وابن عون، ويونس، وجرير بْن حازم، وآخرون، وثَّقه النّسائي. 518- عمرو بن شُعيب 6 -3- بن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن العاص، أَبُو إبْرَاهِيم السَّهْمِيّ الطائفي، وكناه بعضُهم أَبَا عَبْد اللَّه. سَمِعَ مِنْ زينب بنت أبي سلمة -رضي الله عنهما، ومن أبيه، وسعيد بن المسيب، وعطاء ابن أبي رباح، وطاوس، وعمرو بن الشَّرِيد، وسُلَيْمَان بْن يَسار، وغيرهم. وعَنْه عطاء، وقتادة،   1 التاريخ الكبير "6/ 161-162"، الكنى والأسماء "2/ 26". 2 التاريخ الكبير "6/ 179"، الجرح والتعديل "6/ 124". 3 كتاب الولاة والقضاة للكندي "325". 4 التاريخ الكبير "6/ 340-341"، الجرح والتعديل "6/ 236-237". 5 التاريخ الكبير "6/ 338-339"، الجرح والتعديل "6/ 236". 6 التاريخ الكبير "6/ 342-343"، الجرح والتعديل "6/ 238-239". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 254 ومكحول، والزُّهْرِيّ، وأيّوب، وحسين المعلّم، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، ودَاوُد بْن أَبِي هند، وابن لَهِيعَة، وابن إسحاق، وخلق كثير. وكان ثقةً صدوقًا، كثيرَ العِلم، حَسَنَ الحديث. قَالَ يحيى بْن مَعِين: عَمْرو بْن شُعَيْب عندنا واهٍ. وقَالَ معتمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِي عَمْرو بن العلاء قال: كان قتادة، وعمرو بْن شُعَيْب، لا يغيب عليهما شيء، يأخذان عَنْ كلّ أحدٍ، وكان ينزل الطّائفَ. قَالَ الأَوزاعيّ: ما رأيت قُرَشِيًّا أكملَ من عَمْرو بْن شُعَيْب. ووثّقه يحيى بْن مَعِين، وابن رَاهَوَيْه، وصالح جَزْرة. وقَالَ التِّرْمِذِيّ قَالَ البُخاري: رأيت أحمدَ وابن المَدِيني، وإسحاق، يحتجُّون بحديث عمرو بن شُعَيْب، فَمَنِ النَّاسَ بَعْدَهم. وقَالَ إسحاق بْن راهويه: إذا كَانَ الراوي عَنْ عَمْرو ثِقة، فهو كأيوب، عَنْ نافع، عَنِ ابن عُمَر. قَالَ الدارَقُطْنيُّ وغيره: قد ثُبت سماعُ عَمْرو مِنْ أَبِيهِ، وسماعُ أَبِيهِ مِنْ جدّه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو. وقَالَ أَبُو زكريّا النَّوَوِيُّ: الصّحيح المختار الاحتجاج بِهِ. وقَالَ صالح بْن مُحَمَّد: حديث عَمْرو بْن شُعَيْب، عَنْ أَبِيهِ صحيفة ورثوها. وقَالَ بعض العلماء: ينبغي أن تكون تِلْكَ الصّحيفة أصحّ من كلّ شيءٍ؛ لأنّها ممّا كتبه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو عَنِ النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ، والكتابة أضبط مِنْ حِفْظ الرجال. وقَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ يَقُولُ: أهل الحديث إذا شاءوا احتجُّوا بعَمْرو بْن شُعَيْب، وإذا شاءوا تركوه. قُلْتُ: يعني يقولون: حديثه مِنْ صحيفة موروثة، فقد يُخْرِجون هذا القول فِي معرض التضعيف. وقَالَ أَبُو عُبَيْد الآجُرِي: سُئل أبو داود عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدّه أحُجَّة؟ قَالَ: لا، ولا نصف حُجَّة. قُلْتُ: لا أعلم لمن ضَعَّفَهُ مُستَنَدًا طائلا أكثر مِنْ أنّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جدّه يحتمِل أن يكون الضميرُ فِي قوله: عَنْ جدّه، عائدًا إلى جدّه الأقرب، وهو مُحَمَّد، فيكون الخبر مُرسِلا، ويحتمِل أن يكون جدّه الأعلى، وهذا لا شيء؛ لأنّ فِي بعض الأوقات يأتي مبيَّنًا، فيقول عَنْ جدّه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، ثم إنا لا نعرف لأبيه شعيب، عن جدّه مُحَمَّد رواية صريحة أصلا، وأحسب مُحَمَّدًا مات الجزء: 7 ¦ الصفحة: 255 فِي حياة عَبْد اللَّه بْن عَمْرو والده، وخلَّف ولَدَه شُعَيْبًا، فنشأ فِي حجْر جدّه، وأخذ عَنْه العلم، فأما أخْذُه عَنْ جدّه عَبْد اللَّه، فمتيقنٌ، وكذا أخْذُ ولدِه عَمْرو عَنْه فثابت. تُوُفِّي بالطّائف سنة ثماني عشرة ومائة. 519- عمرو بن مرة1 -ع- بن عَبْد اللَّه بْن طارق المرادي الْجَمَلي، أَبُو عبد الله الكوفي، أحد الأعلام، الحفاظ وكان ضريرًا. سَمِعَ ابن أَبِي أوَفى، وسَعِيد بْن المسيّب، ومُرَّة الطّيّب، وأَبَا وائل، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أبي ليلى، وأَبَا عُمَر زاذان، وطائفة. وعَنْه زيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، والأعمش، وسُفْيان وشُعْبَة، ومِسْعَر، وقيس بْن الربيع، وخلق. لَهُ نحو مائتي حديث. قال مسعر، مع جلالته: ما أدركت أحدًا أفضل مِنْ عَمْرو بْن مُرَّة. وعَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ قَالَ: هُوَ مِنْ حُفَّاظ الكوفة. وقَالَ قراد: ثنا شُعْبَة قَالَ: ما رأيت عَمْرو بْن مُرَّة يصلّي صلاةً قطّ، فظننت أَنَّهُ ينصرف حتى يُغْفَرَ لَهُ. وقَالَ مِسْعَر: سَمِعْتُ عَبْد الملك بْن مَيْسرة، ونحن في جنازة عَمْرو بْن مُرَّة يَقُولُ: إنّي لأحسبه خيرَ أهلِ الأرض2. ويقال: إنّ عُمَرًا دخل فِي شيءٍ مِنَ الإرجاء، وهو مجمعٌ عَلَى ثِقته وإمامته. تُوُفِّي سنة ستّ عشرة ومائة. وعَنْ عَمْرو قَالَ: أكره أن أمرّ بمَثَل فِي القرآن لا أعرفه؛ لأنّ اللَّه تعالى يَقُولُ: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] . ورَوى أَبُو سِنان، عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة قَالَ: نظرت إلى امرأةٍ فأعجبتني، فكُفَّ بَصَرِي، فأنا أرجو. أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الحافظ، أَنَا ابنُ اللَّتي، أَنَا أَبُو الوق، أَنَا أَبُو منصور بْن عفيف، أَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد، أَنَا أَبُو القاسم الْبَغَوِيُّ، ثنا مُحَمَّد بْن حُمَيْد الرازي، ثنا جرير، عَنْ مُغِيرة قَالَ: لم يزل فِي النَّاسَ بقيّة حتى دخل عَمْرو بْن مُرَّة فِي الإرجاء، فتهافت النَّاسَ فيه. 520- عُمَيْر بْن سَعِيد النَّخْعي الكوفي3 -خ م د ق- عَنْ عليّ، وابن مسعود، وعمّار، وأَبِي مسعود، وسعد بن وقاص. وهو من أقران مسروق   1 الطبقات الكبرى "6/ 315"، التاريخ الكبير "6/ 368-369". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 315". 3 التاريخ الكبير "6/ 532-533"، الكنى والأسماء "2/ 165". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 256 والكبار، لكنّه عُمِّر إلى هذا الوقت، وحديثه عَنْ عليّ فِي الصَّحِيحَين. رَوى عَنْه أَبُو حُصَيْن الأسدي، والأعمش، وأشعث بْن سِوار، وفِطْر بْن خليفة، وحَجَّاج بْن أرطأة، ومِسْعَر، وجماعة. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّي سنة خمسٍ ومائة. 521- عَوْن بْن عَبْد الملك بن عتبة بن مسعود1 -م4- أبو عبد الله الهذلي الكوفي الزاهد، أحد الأئمة. رَوى عَنْ أَبِيهِ، وأخيه أَبِي عَبْد اللَّه الفقيه، وعَائِشَة، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وسَعِيد بْن المسيّب. وقيل: إنّ روايته عَنْ عَائِشَةَ، وأَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلَة، وقد أرسل عَنِ ابن مسعود، وغيره. وعَنْه إسحاق بنو يزيد الْهُذَلِيُّ، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وصالح بْن حيّ، ومالك بْن مِغْوَلٍ، والمسعوديّ، وابن عَجْلان، وأَبُو حنيفة، ومِسْعَر، وآخرون. وثَّقه أَحْمَد، وغيره. وقَالَ ابن المديني: صلى خلف أبي هريرة. وقَالَ ابن سعد: لما ولي عُمَر بْن عبد العزيز الخلافة، رحل إليه عون ابن عَبْد اللَّه، وموسى بْن أَبِي كثير، وعُمَر بْن ذَرّ، فكلّموه فِي الإرجاء وناظروه، فزعموا أَنَّهُ لم يخالفهم فِي شيءٍ منه، قَالَ: وكان عَوْن ثقةً يُرْسِل كثيرًا. وقَالَ البُخَاري: عَوْن سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ. وقَالَ الأصمعيّ: كَانَ عون من آدب أهل المدينة وأفقههم، وكان مُرْجِئًا، ثم تركه، وقَالَ أبياتًا فِي مفارقة الإرجاء. ورَوى جرير، عَنْ مُغِيرة قَالَ: بلغ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه أنّ أخاه عَوْنًا حدث، فَقَالَ: قد قامت القيامة. وقيل: إنّ عَوْنًا خرج مَعَ ابن الأشعث، ثم إنّه هرب إلى نَصِيبيّن، فأمّنه مُحَمَّد بْن مروان، وألزمه ابنه مروان الَّذِي استُخْلِف، ثم قَالَ لَهُ مُحَمَّد: كيف رأيتَ ابنَ أخيك؟ قَالَ: ألزمتني رجلا إنْ قَعْدت عَنْه عَتَب، وإنْ جئتُه حَجَب، وإن عاتبته صخب، وإن صاحبته غضب، فتركه ولزم عُمَر بْن عَبْد العزيز، فكانت لَهُ منه مكانةٌ، وطال مقام جريرٍ بباب عُمَر، فكتب إلى عون: يَا أَيُّهَا الْقَارِئُ الْمُرْخِي عِمَامَتَهُ ... هَذَا زَمَانُكَ إنّي قد مضى زمني أَبْلِغْ خليفتَنا إنْ كنتَ لاقِيه ... أنِّي لدى الباب كالمصْفودِ فِي قَرَنِ ورَوى جرير، عَنْ مُغِيرة قَالَ: كَانَ عَوْن بْن عَبْد اللَّه يقُصّ، فإذَا فرغ أمر جاريةٍ   1 الطبقات الكبرى "6/ 313"، التاريخ الكبير "7/ 13-14". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 257 لَهُ أنّ تغنّي وتُطْرِب، فأردتُ أن أرسل إليه: إنك مِنَ أهل بيتِ صدقٍ، وإنّ اللَّه لم يبعث نبيَّه بالحُمْق، وصنيعك هذا حُمْق. زيد بن عوف، نا سعيد بن زرْبى. عَنْ ثابت البُنَانيّ قَالَ: كَانَ لِعَوْن جاريةٌ يقال لها بُسْرَة، تقرأ بألحانٍ فَقَالَ لها يومًا: اقرئي عَلَى إخواني، فكانت تقرأ بصوتٍ وجيعٍ، فرأيتهُم يُلْقُون العمائم، ويبكون، فَقَالَ لها يومًا: يا بُسْرَة، قد أعطيتُ لك ألفَ دينارٍ لحُسنِ صَوتِك، اذهبي فأنت حرةٌ لوجه الله. مات سنة بِضْعَ عشرةَ ومائة. 522- عَوْن بْن أَبِي جحيفة1 -ع- وهب السوائي الكوفي. عَنْ أَبِيهِ، والمنذر بْن جرير البَجَلي، وعَبْد الرَّحْمَن بْن سمير. وعَنْه حَجَّاج بْن أرطأة، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وعُمَر بْن أَبِي زائدة، وشعبة، وسفيان، وقيس بن الربيع. وثقه ابن مَعِين. 523- عيّاش بْن عَمْرو الكوفي2 -م ن- عَنِ ابن أَبِي أوفى، وإبْرَاهِيم التَّيْمي، وسَعِيد بْن جُبَيْر، وزاذان أَبِي عَمْرو. وعَنْه ابنه عَبْد اللَّه، وشُعْبَة وسُفْيان، وشَرِيك، وغيرهم. وثَّقه النّسائي. 524- عيسى بْن جارية المَدَني3 -ق- عَنْ جرير بْن عَبْد اللَّه، وجابر بْن عَبْد اللَّه، وشَرِيك -صَحَابيٌّ لا اعرفه- سَعِيد بْن المسيب. وعنه زيد بن أبي أنيسة، وعنبسة بْن سَعِيد الرازي، ويعقوب القُمّي، وأَبُو صخْر حُمَيْد بْن زياد. وهو مُقِلّ، اختلفوا فِي توثيقه. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بذاك، عنده مناكير. وقَالَ أَبُو زُرْعة: لَا بَأْسَ بِهِ. وقَالَ أَبُو دَاوُد: مُنْكَر الحديث. 525- عيسى بْن سِيلان المُزَني الْمَكِّيّ4 حدّث بمصر عَنْ أَبِي هريرة. وعنه زيد بن أسلم، والليث بن سعد، وابن لهيعة.   1 التاريخ الكبير "7/ 15"، الجرح والتعديل "6/ 385". 2 التاريخ الكبير "7/ 48"، الجرح والتعديل "7/ 6". 3 التاريخ الكبير "6/ 385"، الجرح والتعديل "6/ 273". 4 الجرح والتعديل "276-277"، تهذيب التهذيب "6/ 331". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 258 "حرف الغين": غيلان بن عقبة هو ذو الرمة الشاعر. تقدم في الذال. 526- غيلان القدري1 أبو مروان، صاحب مَعْبَد الْجُهَني. ناظَرَه الأَوزاعيّ بحضرة هشام بْن عَبْد الملك، فانقطع غَيْلان، ولم يتُب. وكان قد أظهر الْقَدَرَ فِي خلافة عُمَر بْن عَبْد العزيز، فاستتابه عُمَر، فقال: لقد كنت ضالا فهدَيْتني، وقَالَ عُمَر: اللَّهُمَّ إن كان صادقًا، وإلا فاصلبه واقطع يدَيه ورِجْلَيه، ثم قَالَ: أَمِّنْ يا غَيْلان، فَأمَّن عَلَى دُعائه. وروينا عَنْ حسان بْن عطية أنّه قَالَ: يا غَيْلان، والله لئن كنتَ أُعطِيتَ لسانًا لم نُعْطَه، إنّا لَنَعْرِفْ باطلَ ما جئتَ بِهِ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ سالم، عن الأحوص بن حكيم، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصامت قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ، يُقَالُ لَهُ غَيْلان، أضَرّ عَلَى أمّتي مِنْ إبليس"2. مروان واهي الحديث. وقد حجّ بالنَّاسَ هشام بْن عَبْد الملك سنة ستٍ ومائة، فِي أول خلافته، وكان معه غَيْلان يُفتي النَّاسَ ويحدّثهم وكان ذا عبادة وتألُّه وفصاحة وبلاغة، ثم نفذتْ فيه دعوةُ الإِمَام الراشد عُمَر بْن عَبْد العزيز، فأُخِذ وقُطِّعَتْ أربَعَتُهُ وصُلِب بدمشق فِي القَدَر، نسأل اللَّه السلامةَ، وذلك فِي حياة عُبَادَةَ بْن نَسِيّ، فإنّه أحد من فرِح بصَلْبِه. "حرف الفاء": 527- فاطمة بنت الحسين3 -د ت ق- بنة علي بن أبي طالب، أخت سُكَيْنَة. روت عَنْ أبيها، وعَنْ عَائِشَةَ، وابن عَبَّاس، وعَنْ جدّتها فاطمة الزَّهراء مُرسِلا. وَعَنْهَا بنوها حسن، وإِبْرَاهِيم، وعَبْد اللَّه، وأمّ جَعْفَر، أولاد الحَسَن بْن الحَسَن بْن عليّ، ورَوى عَنْهَا أيضًا ابنُها مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عثمان   1 التاريخ الكبير "7/ 102-104"، المجروحين لابن حبان "2/ 200". 2 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 47"، وقال: هذا حديث موضوع: قال أبو حاتم البستي: لا أصل لهذا الحديث والأحوص كان يروي المناكير عن المشاهير فبطل الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: مروان ليس بثقة. وقال الكسائي والدارقطني متروك. 3 الطبقات الكبرى "8/ 473-474"، الثقات لابن حبان "3/ 216". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 259 الديباج، وأَبُو المقدام هشام بْن زياد، وشَيْبة بْن نَعَامة، وآخرون. قَالَ يحيى بْن بُكَيْر: ثنا اللَّيْث قَالَ: أَبَى الحُسَين أن يُستَأمر، فقاتلوه وقتلوه، وقتلوا ابنه وأصحابه، وَانْطَلَقَ بِبَنِيهِ عَلِيٍّ، وَفَاطِمَةَ، وَسُكَيْنَةَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يَزِيدَ، فَجَعَلَ سُكَيْنَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ لِئَلَّا تَرَى رَأْسَ أبيها. وقَالَ الزبير وغيره: مات الحسن بن الحسن عَنْ فاطمة، فتزوجّها عَبْد اللَّه المُطَرِّف، ويقال: أصْدَقَها ألفَ ألفِ دِرهم. قَالَ ابن عُيَيْنَة: بقيت فاطمة إلى سنة نيِّف عشرة ومائة، وَيُرْوَى أنّها وَفَدت عَلَى هشام بْن عَبْد الملك. 528- فاطمة بنت عَبْد الملك بْن مروان1 تزوجّها ابنُ عمّها عُمَر بْن عَبْد العزيز، ثم خلف عليها سليمان بن داود ابن مروان بْن الحَكَم، وكان أعْوَر، فقيل: هذا الْخَلَفَ الأعور، فَوَلَدتْ لَهُ عَبْد الملك، وهشامًا. وحكى عنها عطاء ابن أَبِي رَبَاح، والمُغيرة بْن حكيم. تُوُفِّيت فِي خلافة أخيها هشام فيما أرى. 529- فاطمة الصُّغْرَى ابنة الإمام علي2 -ن- بن أبي طالب. رَوَتْ عَنْ أبيها مُرسِلا، وعَنْ أسماء بنت عُمَيْس. وَعَنْهَا الحَكَم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نعم، وموسى الْجُهَني، ونافع بْن أَبِي نُعَيم، وآخرون. تزوّجت بغير واحدٍ مِنْ أشراف قُرَيش، منهم ابن عمّها أَبُو سَعِيد بْن عَقِيل. وفي سُنَن النّسائي أنّ مُوسَى الْجُهَني قال: دخلت عليها، فقيل لها: كم لك؟ فقالت: ستٌ وثمانون سنة، قُلْتُ: ما سَمِعْتُ شيئًا؟ قالت: لا، ولكن أخبرَتْني أسماءُ بنتُ عُمَيْس أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يا عليّ أنتَ منّي بمنزلة هارون مِنْ مُوسَى" 3. تُوُفِّيت سنة سبعَ عشرةَ ومائة. 530- فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام4 -ع- الأسدية المدينة.   1 المعرفة والتاريخ "1/ 569-571" جمهرة أنساب العرب "88". 2 تهذيب الكمال "3/ 1639"، تهذيب التهذيب "12/ 443". 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد في المسند "6/ 369-438"، من الطريق الذي أتى المصنف، وللحديث شواهد أخرى، وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص أخرجه البخاري "4416"، ومسلم "2404"، والترمذي "3724-3731"، وابن ماجه "115"، وأحمد في المسند "1/ 173، 177، 179، 185"، وابن حبان في صحيحه "6643، 6926، 6927"، وفي الباب أيضًا عن جابر أخرجه الترمذي "3730". 4 الطبقات الكبرى "8/ 477"، المعرفة والتاريخ "3/ 13". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 260 رَوَتْ عَنْ جدّتها أسماء بنت أَبِي بَكْر، وأمّ سَلَمَةَ. رَوى عَنْهَا زوجها هشام بْن عُرْوَة، ومُحَمَّد بْن سُوقة، وإسحاق. وثّقها أَحْمَد الْعِجْلِيُّ. وكانت أسنّ مِنْ زوجها بثلاث عشرة سنة. 531- الفضل بْن الحَسَن بْن عَمْرو بْن أُمَّية الضَّمْريّ1 حدث بمصر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عُمَر، وابن أمّ الحَكَم. رَوى عَنْه ابنه حسن، وعُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر، ويزيد بن أبي حبيب، وعياش بن عقبة، وابن إسحاق، وآخرون. ما أعلم بِهِ بأسًا. 532- الفضل بْن قُدَامة2 أَبُو النَّجْم الْعِجْلِيُّ الراجز، مِنْ طبقة العَجَّاج فِي الرَّجْز، وربّما قدَّمه بعضُهم عَلَى العَجَّاج. لَهُ مدائح فِي هشام بن عبد الملك وغيره. ومن رَجْزِه: أوْصَيْتُ مِنْ بَرَّةَ قلبًا حُرَّا ... بالكلب خيرا والحماة شرا لا تسأمي خنقا لها وجَرًا ... حتى تَرَى حلَو الحياةَ مُرَّا ومن شعره: لقد عَلِمَتْ عُرْسِي فلانةٌ أنّني ... طويل سنى ناري بعيدٌ خُمُودُها إذا حلَّ ضَيْفي بالفلاةِ فلم أجدْ ... سوى مَنْبِتِ الأطنابِ شَبَّ وَقُودُها وله: والمرءُ كالحالم فِي المنام ... يَقُولُ إنّي مدركٌ أمامي فِي قابلٍ ما فاتَني فِي العام ... والمرءُ يُدْنيه مِنَ الحِمامِ مَرُّ اللّيالي السُّودِ والأيامِ ... إنّ الفَتَى يصحّ للأسقامِ كالغرض المنصوبِ للسِّهامِ ... أخطأ رامٍ وأصابَ رامِ حكى الزبير بن بكار قال: قَالَ هشام للشعراء: صِفُوا لي إِبلا، قَالَ أَبُو النَّجم: فذهب بي الرَّوِيُّ إلى أنْ قلت: وصارت الشمس كعين الأحول   1 التاريخ الكبير "7/ 114-115"، الجرح والتعديل "7/ 60". 2 الأغاني "10/ 150-161"، عيون الأخبار "2/ 86"، "4/ 51-58". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 261 فغضب هشام -وكان أحْوَل- فَقَالَ: أَخْرِجوا هذا، ثم بعد مدة أدخلت عليه، فقالت: أَلَك أهلٌ؟ قُلْتُ: نعم، وابنتان، قَالَ: هَلْ زوَّجْتَهُما؟ قُلْتُ: إحداهما، قَالَ: فما أوصَيْتَها؟ قُلْتُ: أوصيت من برة قلبا حرا ... بالكلب خيرا والحماة شرا لا تسأمي خنقا لها وجرا ... والحيُّ عُمِّيهم بشرٍ طُرَّا وإنْ حَبَوُكِ ذَهَبًا ودُرًّا ... حتى يَرَوْا حُلْوَ الحياةِ مُرّا فضحك هشام حتى استلقى وقَالَ: ما هذه، وصيَّةُ يعقوب بَنِيه! قُلْتُ: يا أمير المؤمنين، ولا أَنَا مثل يعقوب عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَ: فما زِدْتَها؟ قُلْتُ: سبي الحماة وابْهَتِي عليها ... وإنْ دَنَتْ فازْدَلِفي إليها واقْرَعي بالفِهْرِ مِرْفَقَيْها ... وظاهِري اليد بِهِ عَلَيْهَا لا تُخْبِري الدَّهْرَ بِهِ ابنَتَيْها وقال: فما فعلت أختها؟ قُلْتُ: دَرَجَت بين أبيات الحيّ ونَفَعَتْنا، قَالَ: فما قُلْتُ فيها؟ قُلْتُ: كأنّ ظَلامَةَ أختَ شَيْبانْ ... يتيمةٌ ووالداها حَيَّانْ الرأسُ قملٌ كُلُّهُ وصئبان ... وليس في الرجلان إلا خَيْطانْ فهي التي يَذْعر منها الشَّيْطَانْ فَوَصَلني هشامُ بدنانير، وقَالَ: اجْعَلْها فِي رِجْلَيْ ظَلامَة. وهو القائل: أَنَا أَبُو النَّجْم وشِعْري شعْري "حرف القاف": 533- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن1 -خ4- بن عَبْد اللَّه بْن مسعود الْهُذَلَيُّ، أَبُو عَبْد الرحمن الفقيه، قاضي الكوفة، وكان ممّن لم يأخذ عَلَى القضاء رِزْقًا، وهو أخو مَعَن، رَوى عَنْ أبيه، وابن عمر، وجابر بن سمرة، ومسروق، وغيرهم، وعنه   1 الطبقات الكبرى "6/ 306"، الكنى والأسماء "2/ 68". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 262 الأعمش، وابن أبي ليلى، ومسعر، والمسعودي، وآخرون، وثقه ابن معين وغيره، قال محارب بن دثار: صحبناه إلى بيت المقدس، ففضلنا بكثرة الصلاة وطول الصمت وبالسخاء. وقال ابن عيينة: قُلْتُ لمِسْعَر: مَن أشدّ مِنْ رأيتَ تَوَقّيًا للحديث؟ قَالَ: القاسم بن عبد الرحمن، وقال ابن المديني: لم يلق ابن عمر، وقال خليفة بن خيّاط: عزله ابن هُبَيْرَة عَنِ القضاء سنةَ ثلاثٍ ومائة بالحُسَين بْن الحَسَن الْكِنْدِيِّ، قَالَ الأعمش: كنت أجلس إلى القاسم وهو قاضٍ. قَالَ ابن قانع: مات سنة ستّ عشرة ومائة، وقيل: مات سنة اثنتي عشرة. 534- القاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الدمشقي1 -4- مولى عَبْد الرَّحْمَن بْن خَالِد بْن يزيد بْن معاوية، أحد الأعلام؛ وهو القاسم بْن أَبِي القاسم. رَوى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وفَضَالة بْن عُبَيْد، وأَبِي أُمَامة، ومعاوية بْن أَبِي سُفْيان، وأرسل عَنْ عليّ، وابن مسعود، وتميم الدّاري، وغيره. وعنه يحيى بن الحارث الذماري، وثور بن يزيد، وعبد الله بن العلاء بن زبر، ومعاوية بن صالح، وابن جابر، وآخرون. قال ابن سعد: هو مولى أمّ المؤمنين أمّ حبيبة بنت أَبِي سُفْيان، وقيل مولى معاوية، وله حديث كثير، وفي حديث الشاميّين أَنَّهُ أدرك بَدْريًا. وذكر البُخَاري فِي تاريخه: أَنَّهُ سَمِعَ عليًّا وابن مسعود، فَوَهِم. وقَالَ ابن مَعِين: ثقة. وقَالَ ابن شابور، عَنْ يحيى الذِّماري: سَمِعْتُ القاسم أَبَا عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: لقيت مائةً مِنَ الصّحابة. وقَالَ يحيى بْن حمزة، عَنْ عُرْوَة بْن رُوَيْم، عَنِ القاسم أَبِي عَبْد الرَّحْمَن قَالَ: قدِم علينا سَلْمان الفارسيّ دمشقَ. قُلْتُ: أنكر أَحْمَد بْن حنبل هذا وقَالَ: كيف يكون لَهُ هذا الّلقاء، وهو مولى لخَالِد بْن يزيد بْن معاوية! وقَالَ عَبْد اللَّه بْن صالح: ثنا معاوية بْن صالح، عَنْ سُلَيْمَان أَبِي الربيع، عَنِ القاسم قَالَ: رأيت النَّاسَ مجتمعين عَلَى شيخٍ، فقلت: مَن هذا؟ فقالوا: سهل بْن الحنظليّة. وقَالَ دُحَيْم: كَانَ القاسم مولى جُوَيْرية بنت أَبِي سُفْيان فوُرِثَتْ. وقَالَ صَدَقَةَ بْن خَالِد: ثنا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: ما رأيت أحدًا   1 الطبقات الكبرى "7/ 449-450"، التاريخ الكبير "7/ 159". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 263 أفضل من القاسم أبي عبد الرحمن، كنا بالقسطنطينة، وكان النَّاسَ يُرْزَقون رغيفين رغيفين، فكان يتصدّق برغيف، ويصوم ويُفْطِر عَلَى رغيف. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: فِي حديث القاسم مناكير ممّا يرويه الثِّقات. وقَالَ يعقوب بْن شَيْبَة: القاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَن منهم مِنْ يُضَعِفُه. وقَالَ أحمد بن حنبل: حديث القاسم عَنْ أَبِي أُمَامة: الدِّباغ طَهُور مُنْكر. قَالَ أَبُو عُبَيْد: تُوُفِّي سنة اثنتي عشرة ومائة. 535- القاسم بْن عَوْف الشَّيْباني الكوفي1 -م ق- عَنْ أَبِي بَرزة الأسلمي، وزيد أرقم، وعَبْد اللَّه بْن أوفى. وعَنْه قَتَادةُ، وأبو أيوب السختياني، وزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وغيرهم. قَالَ أَبُو حاتم: محلُّه الصِّدْق. قُلْتُ: حديثه عَنْ زيد بْن أرقم مضطرّب، توقّف فيه عليّ بْن المَدِيني. 536- القاسم بن مخيمرة -م4 "2"- أبو عروة الهمداني الكوفي نزيل دمشق، رَوَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرو، وشُرَيْح بْن هانئ، وعلقمة، وعَبْد اللَّه بْن حُكَيْم. وعَنْه حسّان بن عطية، والحكم، وسلمة ابن كُهَيْلٍ، وأَبُو إسحاق السّبيعي، وعُمَر بْن أَبِي زائدة، والأَوزاعيّ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز وآخرون، وثَّقه ابن معين وغيره، وكان يؤدب بالكوفة، وكان من العلماء العالمين، قال يزيد بن أبي مريم: كان القاسم بْن مُخَيْمِرة يتوضّأ مِنَ النهر الَّذِي يخرج من باب الصّغير. قُلْتُ: لعلّه توضّأ منه، وقد أبعد عَنِ البلد وصفًا. قَالَ مُحَمَّد بْن كثير، عَنِ الأَوزاعيّ قَالَ: جلست إلى القاسم بن مخيمرة حين احتملت. وقَالَ ابن أَبِي خَالِد: كنّا فِي كُتّاب القاسم، وكنا لا يأخذ منّا، وعَنْ منصور بْن نافع قَالَ: كَانَ القاسم يأمرنا بجهازه للغزو ويقول: لا تُماكِسُوا فِي جهازنا فإنّ النّفقة فِي سبيل اللَّه مضاعَفَة. وَعَنِ القاسم، أَنَّهُ كَانَ لا ينصرف حتى يستأذن الوالي، ويقرأ: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا} [النور: 62] الآية. أَبُو مُسْهِرٍ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ القاسم بْن مُخَيْمِرة قَالَ: دخلت عَلَى عُمَر بْن عَبْد العزيز، فقضى عنّي سبعين دينارًا، وحملني عَلَى بغلةٍ، وفرض لي في   1 التاريخ الكبير "7/ 166"، الجرح والتعديل "7/ 114-115". 2 الطبقات الكبرى "6/ 303"، التاريخ الكبير "7 167". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 264 خمسين، فقلت: أغنيتَني عَنِ التجارة، فسألني عَنْ حديثٍ، فقلت: هنّيني يا أمير المؤمنين، قَالَ سَعِيد: كأنّه كرِه أن يحدّثه عَلَى هذا الوجه1. قَالَ: وقَالَ القاسم: ما اجتمع عَلَى مائدتي لونان من طعام واحد، ولا أغلقت بابي ولي خلفه همٌّ. وعَنْه قَالَ: كنت أدعو بالموت، فلما نزل بي كرِهْتُه2 قَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّي سنة إحدى عشرة ومائة، وقَالَ غير واحد: مات سنة إحدى ومائة، والأوّل هُوَ الصّحيح، والله أعلم. 537- قتادة بن دعامة3 -ع- بن قتادة بن عزبز، وقيل غير ذَلِكَ فِي نَسَبه، أَبُو الْخَطَّاب السَّدُوسي الْبَصْرِيّ الأعمى الحافظ، أحد الأئمّة الأعلام، رَوى عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَرْجِس، وَأَنَسٍ بْن مالك، وأَبِي الطُّفَيْلِ، وأَبِي رافِع، وأَبِي أيّوب المراغي وأَبِي الشَّعْثاء، وزُرَارة بْن أَوْفَى، والشَّعْبي، وعَبْد اللَّه بْن شقيق، ومُطَرِّف بْن الشِّخَّير، وسَعِيد بْن المسيّب، وأَبِي العالية، وصَفْوان بْن مُحْرِز، وَمُعَاذَةَ العدوية، وأَبِي عثمان النَّهْدِيِّ، والحَسَن، وخَلْق. وعَنْه سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبة، ومَعْمَر، ومِسْعَر، وشُعْبَة، والأَوزاعيّ، وعَمْرو بْن الحارث الْمَصْريّ، وأبان بن يزيد، وهمّام، وجرير بْن حازم، وشَيْبَان النَّحْوِيُّ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وسَعِيد بْن بشير، وأَبُو عوانة، وخلق كثير، وكان أحَدَ مَنْ يُضْرَب الْمَثَلُ بحِفْظه. قَالَ مَعْمَر: أقام قَتَادةُ عند سَعِيد بْن المسيّب ثمانيةَ أيام، فَقَالَ لَهُ فِي اليوم الثامن: ارتِحلْ يا أعمى، فقد أنزقْتَني4. وقَالَ قَتَادةُ: ما قُلْتُ لمحدثٍ قطّ أعِدْ عليّ، وما سَمِعْتُ أُذُناي شيئًا قطّ إلا وعاه قلبي. وقَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين: قَتَادةُ أحفظ النَّاسَ. وقَالَ مَعْمَر: سَمِعْتُ قَتَادةُ يَقُولُ: ما فِي القرآن آيةٌ إلا وقد سَمِعْتُ فيها شيئًا. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: قَتَادةُ عالم بالتفسير وباختلاف العلماء، ثم وصفه أَحْمَد بالفِقْه والحِفْظ، وأطنب فِي ذِكْره وقَالَ قلَّما تجد مِنْ يتقدّمه، تُوُفِّي سنة سبع عشرة، وقَالَ همّام: سَمِعْتُ قَتَادةُ يَقُولُ: ما أفتيتُ بشيءٍ مِنْ رأيي منذ عشرين سنة، وقد ذكر سُفْيان الثَّورِي قَتَادةُ مَرَّة فَقَالَ: وكان فِي الدنيا مثل قَتَادةُ. وقَالَ مَعْمَر: قُلْتُ: للزُّهْرِيّ: قتادة أعلم أم مكحول؟ قال: لا، بل قتادة. وقال   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 83". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "69/ 81". 3 الطبقات الكبرى "7/ 229-231"، التاريخ الكبير "7/ 185-186". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 229"، والبخاري في التاريخ "7/ 186". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 265 أحمد بن حنبل: "كان قتادة أحفظ أهل البصرة، لا يسمع شيئًا إلا حفِظَه، قُرِئت عَلَيْهِ صحيفةُ جَابِر مرَّة واحدةً فحفِظَها، وقَالَ شُعْبَة: نَصَصْتُ عَلَى قَتَادةُ سبعين حديثًا، كلّها يَقُولُ: سَمِعْتُ أنس بْن مالك إلا أربعة. قُلْتُ: قد دلّس قَتَادةُ عَنْ جماعة. وقَالَ شُعْبَة: لا يُعرف لقَتَادةُ سماعٌ مِنْ أَبِي رافع. وقَالَ يحيى بْن مَعِين: لم يسمع قَتَادةُ مِنْ سَعِيد بْن جُبَيْر، ولا مِنْ مجاهد. وقَالَ القطّان: لم يسمع مِنْ سُلَيْمَان بْن يَسار. وقَالَ أَحْمَد: لم يسمع مِنْ مُعَاذَة. قُلْتُ: وقد تفّوه قَتَادةُ بشيءٍ مِنَ القَدَر. وقَالَ وَكيع: كَانَ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبة، وهشام الدّسْتوائي وغيرهما يقولون: قَالَ قَتَادةُ: "كلُّ شيءٍ بقدرٍ إلا المعاصي. وقَالَ ابن شوذب: ما كان قتادة يرضى حتى يصيح بِهِ صياحًا، يعني القَدَر. قُلْتُ: وكان قَتَادةُ أيضًا رأسًا فِي العربية، والغريب، وأيام العرب، وأنسابها، قَالَ أَبُو عَمْرو بْن العلاء: كَانَ قَتَادةُ مِنْ أنسب النَّاسَ. ونقل القِفْطيُّ فِي تاريخ النُّحاة قَالَ: كَانَ الرجلان مِنْ بني أُمَّية يختلفان فِي البيت مِنَ الشِّعر، فيُبْرِدان بريدًا إلى العراق، يسأل قَتَادةُ عَنْه، وثَّقه غير واحدٍ. ومات سنة سبع عشرة ومائة، وقيل سنة ثماني عشرة بواسط، وله سبعٌ وخمسون سنة، رحِمه اللَّه. 538- قيس بْن سعد الْمَكِّيّ الحبشي1 -م د ن ق: مولى نافع بْن عَلْقَمَة، أحد الفقهاء، رَوى عَنْ طاوس، ومجاهد، وعطاء، ويزيد بن هرمز. وعنه يزيد بن إبراهيم التستري، وجرير بن حازم، والحمادان، والربيع بن صبيح، ومعاوية بن عبد الكريم الضال، وآخرون، وكان قد خلف عطاء بمكة في   1 الطبقات الكبرى "5/ 483"، التاريخ الكبير "7/ 154". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 266 الفتوى وفي مجلسه، ولم تطل أيامه، ولا عمر1. وثقه أحمد، ومات سنة تسع عشرة. 539- قيس بن مسلم2: بن عمرو الجدلي الكوفي، أحد الأئمة. روى عَنْ طارق بْن شهاب، وعبد الرحنمن بْن أَبِي ليلى، ومجاهد، وغيرهم، وعنه أيوب بن عائذ، ومسعر بن كدام، وأبو العميس عتبة بن عبد الله، وأبو حنيفة، وسفيان، وشعبة، وآخرون، وثقه أحمد، وغيره. وقال أبو داود: كان مرجئا، وروى أحمد بن حنبل، عَنْ سُفْيان بْن عُيَيْنَة قَالَ: كانوا يقولون: ما رفع قيس بْن مُسْلِم رأسَه إلى السماء منذ كذا وكذا تعظيمًا لله. قلت: تُوُفِّي عشرين ومائة. "حرف اللام": 540- لُقمان بْن عامر الوصابي3 -د ن: أبو عامر الحمصي، ويقال فيه الأوصابي، رَوى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وعُتْبَة بْن عَبْد، وأَبِي أُمَامة، وعَبْد اللَّه بْن بُسْر، وكثير بْن مُرّة، وجماعة، رَوى عَنْه عقيل بْن مدرِك، ومُحَمَّد بْن الوليد الزُّبَيْدِيُّ، وعيسى بْن أبي رزين، وفرج بْن فَضَالَةَ، وجماعة. قَالَ أَبُو حاتم: يُكْتَبُ حديثه. "حرف الميم": 541- محارب بن دثار4 -ع- بن كردوس بن قرواش السدوسي الكوفي الفقيه. ولي قضاءَ الكوفة لخَالِد بْن عَبْد اللَّه القسري. وحدث عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وعَبْد اللَّه بْن يزيد الخطْمي، والأسود بن يزيد، وغيرهم. وعنه زبيد اليامي، ومسعر، وسفيان، وشعبة، وقيس بن الربيع، وخلق. وكان ثقة ثبتا. وقال سفيان الثوري: ما يخيل إلي أني رأيت أحدا أفضله على محارب بن دثار. وقال ابن سعد: كان من المرجئة الأولى الذين يرجئون عليًّا وعثمان   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 483". 2 الطبقات الكبرى "6/ 317"، والتاريخ الكبير "7/ 154". 3 التاريخ الكبير "7/ 251"، الجرح والتعديل "7/ 182". 4 الطبقات الكبرى "6/ 307"، التاريخ الكبير "8/ 28-29". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 267 إلى أمر الله، ولا يشهدون عليهما بإيمان ولا بكفر. وقَالَ ابن مَعِين وأحمد وغيرُهما: ثقة. وقال عثمان بْن عُيَيْنَة: رأيت مُحَاربًا يقضي فِي المسجد. ورَوى عَبْد اللَّه بْن إدريس عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رأيت الحَكَم، وحمّاد بْن أَبِي سُلَيْمَان فِي مجلس حُكْم مُحَارب بْن دِثار، أحدهما عَنْ يمينه والآخر عَنْ شماله. وقَالَ الثَّورِي: استُعْمِل مُحَاربُ عَلَى القضاء، فبكى أهلُه، وعُزل عَنِ القضاء فبكى أهلُه. وقَالَ سعد بْن الصَّلْت: ثنا هارون بْن الْجَهْمُ، ثنا عَبْد الملك بْن عُمَيْر قَالَ: كنت فِي مجلس قضاء مُحَارب، فادّعى رَجُل عَلَى رَجُل فأنكر، فَقَالَ: ألك بَيِّنَة؟ قَالَ: نعم، فلان. قَالَ خصْمه: إنّا لله، لئن شهِد عليّ ليشهدنّ بزورٍ، ولئن سألتَني عَنْه لأُزَكِيَّنه، فلما جاء الشاهد، قَالَ مُحَارب: حدّثنا ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الطَّير لَتَضْرِب بمناقيرها وتقذف ما فِي حواصلها مِنْ هَوْلِ يوم القيامة، وإنّ شاهد الزُّور لاتقار قَدَمَاهُ عَلَى الأرض حتى يُقْذَفَ بِهِ فِي النار"1. ثم قَالَ: بِمَ تشهد؟ قَالَ: قد نسي، أرجعُ فأتذكَّر. تُوُفِّي مُحَارب بْن دِثار سنة ستّ عشرة ومائة. 542- محفوظ بْن عَلْقَمَة الحضْرَمِيّ الحمصي2، أبو جنادة رَوى عَنْ أَبِيهِ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن عائذ، وغيرهما، وأرسل عَنْ سَلْمان الفارسيّ، وغيره. رَوى عَنْه أخوه نصر بْن عَلْقَمَة، والوضين بْن عطاء، وثور بْن يزيد، ومُحَمَّد بْن راشد. وثَّقه دُحَيْم، وابن مَعِين. 543- مُحِلُّ بْن خليفة الطائي الكوفي3 عَنْ جدّه عَدِيّ بْن حاتم، وأَبِي السَّمح خادم النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ. وعَنْه سعد أَبُو مجاهد الطّائي، وأَبُو الزَّعْراء يحيى بْن الوليد الطّائي، وشُعْبَة وسُفْيان، وغيرهم. وثَّقه ابن مَعِين. 544- مُحَمَّد بْن إبْرَاهِيم بْن الحارث التَّيْمي القرشي4، أبو عبد الله المدني وكان جدُّه الحارث بْن صَخْر مِنَ المهاجرين، وهو ابن عم أبو بكر الصديق. روى   1 حديث موضوع: أخرجه ابن ماجه "2373"، والحاكم في المستدرك "4/ 98"، والعقيلي في الضعفاء "354"، وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة، وقال: موضوع، وفيه: محمد بن الفرات وقد كذبه أحمد، وقال البخاري: منكر الحديث. 2 التاريخ الكبير "8/ 20"، الجرح والتعديل "8/ 422". 3 التاريخ الكبير "8/ 20"، المعرفة والتاريخ "2/ 657". 4 التاريخ الكبير "1/ 22-23"، الجرح والتعديل "7/ 184". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 268 عَنْ أسامة بْن زيد، وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، وجابر بْن عَبْد اللَّه، وعلقمة بْن وقّاص، وعيسى بْن طلحة بْن عُبَيْد اللَّه، وطائفة مِنْ قُدَماء التّابعين، ورأى سعد بْن أَبِي وقاص، وغيره. وكان أحد الفقهاء الثقات. وروى عن يحيى ابن سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة، وابن موسى بن محمد، ويزيد بن عبد الهاد، ويحيى بن أبي كثير، وأبو عمرو الأَوزاعيّ، وابن إسحاق، وآخرون. وكان عريف بني تميم، تُوُفِّي سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة. 545- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر بْن العوَّام1 الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيّ عَنْ عمّه عُرْوَة، وابن عمه عباد بن عبد اللَّه. وعَنْه عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر، وابن جريح، والوليد بن كثير، وإبن إسحاق، وغيرهم. وهو معدود فِي الفقهاء، وثَّقه النسائي، وتوفي شابًّا، وكان أبو ممّن طال عمره، وبقى إلى خلافة سُلَيْمَان بن عَبْد الملك. 546- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن المسيّب2 المخزومي الْمَدَنِيّ عَنْ أَبِيهِ. وعَنْه ابناه عمران، وطلحة، ويحيى بْن سَعِيد الأنصَارِيّ، وابن إِسْحَاق. 547- مُحَمَّد بْن سهل بْن أَبِي حَثْمَة الأَوْسي الأنصَارِيّ3 رَوى عَنْ أَبِيهِ ورافع بْن خُدَيْج، ومُحيّصَة بْن مسعود. وعنه بريد بن أبي حبيب، وحجاج بن أرطأة. 548- محمد بن عبيد الله بن سعيد4 -خ م د ت س- أبو عون الثقفي الكوفي الأعور. روى عن جابر بن سمرة، وابن الزبير، والقاضي شُرَيْح، ووَرَّاد كاتب المُغيرة، وأَبِي صالح الحنفي عَبْد الرَّحْمَن. وعَنْه الْعَبَّاس بْن ذَرِيح وابن سوقة، ومسعر، وسفيان، وشُعْبَة. قَالَ أَبُو أسامة، عَنْ أبي جناب قَالَ: حدّثني أَبُو عَوْن الثقفي قَالَ: كنت أقرأ عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السَّلَميّ. قَالَ خليفة: مات أَبُو عَوْن سنة عشرين ومائة. وثقه ابن مَعِين وأَبُو زُرْعة. 549- مُحَمَّدُ بْن عَليّ بْن الحسين5 -ع- بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ، أبو جعفر الباقر سيّد بني هاشم فِي زمانه. رَوى عَنْ جديه الحسن،   1 التاريخ الكبير "1/ 54-56"، الجرح والتعديل "7/ 221". 2 التاريخ الكبير "1/ 92"، الجرح والتعديل "7/ 262". 3 التاريخ الكبير "1/ 107-108"، الجرح والتعديل "7/ 277". 4 التاريخ الكبير "1/ 170-171"، الجرح والتعديل "8/ 1". 5 الطبقات الكبرى "5/ 320-324"، تاريخ خليفة "349". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 269 والحُسَين، وعَائِشَة، وأمّ سَلَمَةَ، وابن عَبَّاس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وجابر، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن جعفر، وأبيه، وسعيد بن المسيب، وطائفة. وعنه ابن جعفر الصادق، وعمرو بن دينار، والأعمش، وربيعة الرأي، وابن جريح، والأوزاعي، ومرة بن خالد، ومخول بن راشد، وحرب بن سريج، والقاسم بن الفضل. الحراني، وآخرون. قال أحمد بن البرقي: مولده سنة ستٍّ وخمسين. قُلْتُ: فَعَلِيٌّ هذا لم يسمع مِنْ عَائِشَةَ، ولا مِنْ جَدَّيْه، مع أنه روايته عَنْ جدّه الحَسَن بخطّه، وعَنْ عَائِشَةَ، فِي سُنَن النّسائي، فهي مُنقطعه، وروايته عَنْ سَمُرَة عند أَبِي دَاوُد. وكان أحد مِنْ جمع العلم، والفِقْه، والشَرَف، والديانة، والثّقة، والسُّؤْدُد، وكان يَصْلُح للخلافة، وهو أحد الاثَنْي عشر الذين تعتقد الرّافضةُ عِصْمَتَهُم، ولا عصمة إلا لنبيّ؛ لأنّ النّبيّ إذا أخطأ لا يُقَرّ عَلَى الزَّلَّة، بل يعاتب بالوحي عَلَى هفوةٍ إنْ ندر وُقُوعُها منه، ويتوب إلى اللَّه تعالى، كما جاء فِي سجدة "ص" أنّها توبة نبيُّ، وأما قولهم الباقر، فهو مِنْ بقر الْعِلْمَ أي شَقَّة فعرف أصله وخَفِيِّه. قَالَ ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة: سَأَلت أَبَا جَعْفَر وابنه جَعْفَر الصّادق، عَنْ أَبِي بَكْر، وعُمَر، فقالا لي: يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى1. هذه حكاية مليحة؛ لأن روابيها سالمُ وابنُ فُضَيْل، من أعيان الشّيعة، لكنّ شيعةَ زمانِنا عثَّرَهُم اللَّهُ ينالون مِنَ الشّيخَيْن، يحملون هذا القول مِنَ الباقر والصّادق رحِمَهُما الله على التقية، قال إسحاق الأرزق، عَنْ بسّام الصَّيْرَفي: سَأَلت أَبَا جَعْفَر، عَنْ أَبِي بَكْر، وعُمَر، فَقَالَ: والله إنّي لأتَوَلاهما، وأستغفر لهما، وما أدركتُ أحدًا مِنْ أهل بيتي إلا هو يتولاهما2. وعَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عقيل قَالَ: كنت أَنَا وأَبُو جَعْفَر نختلف إلى جَابِر، نكتب عَنْه فِي ألواح، ورَوى أن أَبَا جَعْفَر كَانَ يصلّي فِي اليوم والليلة مائة وخمسين ركعةً، وقد عدّه النّسائي وغيره فِي فُقَهاء التّابعين بالمدينة. قَالَ لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم: دخلت عَلَى أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن عليّ وهو يبكي ويذكر ذنوبَه، تُوُفِّي أَبُو جَعْفَر سنة أربع عشرة ومائة، قاله أَبُو نُعَيم، ومُصْعَب الزُّبَيْرِيّ، وسَعِيد بْن عُفَيْر، وقيل: سنة سبع عشرة ومائة، وله إخوة أشراف: زيد الذي صلب،   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 321". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 321". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 270 وعُمَر، وحُسَين، وعَبْد اللَّه بنو زَيْن العابدين، رحمه اللَّه عليهم. 550- مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عطاء القرشي1 -ع- العامري أبو عبد الله. عَنْ أَبِي حُمَيْد السّاعدِي، فِي عشرة مِنَ الصّحابة، فِي وصف صلاة النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عَبَّاس، وأبي قتادة، وعن سعيد ابن المسيّب، وغيرهم، وعَنْه مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حلحلة، وعمرو بن يحيى المازني، والوليد بْن كثير، وابن عَجْلان، وعَبْد الحميد بْن جَعْفَر، وابن إسحاق، وابن أَبِي ذئب، وآخرون. قَالَ ابن سعد: كانت لَهُ هيئة ومروءة، كانوا يتحدثون أن تُفْضي الخلافَة أليه لهيبته وعقله وكماله، لقي ابن عَبَّاس وغيره، وكان ثقةً لَهُ أحاديث. تُوُفِّي فِي آخر خلافة هشام بْن عَبْد الملك. 551- محمد بن قيس بن مخرمة2 -م ت س- بْن المطَّلب بْن عَبْد مَنَاف المُطَّلبي الحجازي، عَنْ عَائِشَةَ، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وعَنْه ابنه حُكَيْم، وعمرو بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَيْصن، وابن عَجْلان، وابن إسحاق، وغيرهم، وثَّقه أَبُو دَاوُد. 552- مُحَمَّد بْن كعب القُرَظي3 -ع- مختلفٌ فِي وفاته، وقد مرّ فِي الطبقة الماضية، وقد قَالَ الواقديّ، وخليفة، والفلاس: إنه توفي سنة سبع عشرة. قَالَ الواقدي: عاش ثمانيًا وسبعين سنة، وكان ممّن جمع بين العِلْم والعمل. 553- مُحَمَّد بْن أَبِي المجالد4 -خ د س ق- روى عن مولاه عبد الله بن أبي أوفى، وعَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، وعَنْه أَبُو إسحاق السّبيعي، وشُعْبَة، والحَسَن بْن عمارة، وغيرهم، وكان ثقة. 554- مروان الأصغر5 -خ م د ت- أبو خلف البصري، عَنِ ابن عُمَر، وأنس بْن مالك، ومسروق، وأَبِي وائل، وغيرهم، وعَنْه خَالِد الحذّاء، وعَوْف، وشعبة وجماعة.   1 التاريخ الكبير "1/ 189"، الجرح والتعديل "8/ 29". 2 التاريخ الكبير "1/ 211-212"، تاريخ خليفة "323". 3 التاريخ الكبير "1/ 216-217"، الجرح والتعديل "8/ 67". 4 التاريخ الكبير "1/ 231"، الجرح والتعديل "8/ 106-107". 5 التاريخ الكبير "7/ 369"، الجرح والتعديل "8/ 271". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 271 555- مروان أَبُو لُبابة الورّاق1 -ت س- بصريٌ، ثقة، سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ. وعَنْه هشام بْن حسّان، وحمّاد بْن زيد، يقع حديثه عاليا فِي الصّيام لأبي يوسف القاضي. 556- مُسْلِم بْن مخراق2 -م د ن- أبو الأسود والد سوادة العبدي الْبَصْرِيّ القطان. عَن ابن عباس، ومعقل بن يسار، وأبي بكر الثقفي، وأسماء بِنْت أَبِي بَكْر، وعنه ابن عون، وشعبة، وابنه سوادة، والقاسم بْن الفضل الحداني. وثقه النسائي. 557- مسلم بْن يناق3 الخزاعي مولاهم الكوفي م س- عَن ابن عَبَّاس، وابن عُمَر، وعنه إِبْرَاهِيم بْن نَافِع الْمَكِّيّ، وحاتم بْن أَبِي صغيرة وشعبة، وثق هو والد الْحَسَن. 558- مُسْلِم البطين4 أَبُو عَبْد الله الكوفي، عن إبراهيم التيمي، وعلي بن الْحُسَيْن، وسعيد بْن جُبَيْر، ومجاهد، وغيرهم، وعنه مخول بْن راشد، وابن عون، والأعمش، وعبد الرَّحْمَن المسعودي، وآخرون. وثقه أَحْمَد وغيره. 559- مَسْلَمةُ بن عبد الله بن ربعي5 -د س ق- الجهني الدمشقي الداراني. رَوى عن عمّه أَبِي مشجعة، خَالِد بْن اللَّجلاج، وعُمَر بْن عَبْد العزيز وغيرهم. وعَنْه مُحَمَّد بْن عَبْد الشّيعي، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عُلاثة الْعُقَيْليُّ، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز، وغيرهم، وما علمت فيه جَرْحًا. 560- مَسْلَمةُ بن عبد الملك6 -د- بن مروان بْن الحَكَم الأمير أَبُو سَعِيد، وأَبُو الأصبغ الأموي، ويسمى الجرادة الصفراء، سمع عمر بن عبد العزبز. رَوى عَنْه معاوية بْن صالح، ويحيى بْن يحيى الغسّاني، وجماعة، وله دار بدمشق، ولي غزو   1 التاريخ الكبير "7/ 372"، الجرح والتعديل "8/ 272". 2 التاريخ لابن معين "2/ 563"، التاريخ الكبير "7/ 271". 3 التاريخ الكبير "7/ 277"، الجرح والتعديل "8/ 198". 4 التاريخ الكبير "7/ 268-269"، الكنى والأسماء "2/ 6". 5 التاريخ الكبير "7/ 388"، الجرح والتعديل "8/ 269". 6 التاريخ الكبير "7/ 378"، تهذيب الكمال "3/ 1329". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 272 القسطنطينية لأخيه سُلَيْمَان، وغزا الرومَ مرّات، وكان بطلا شجاعًا مهيبًا، لَهُ آثار حميدة فِي الحروب، وقد ولي لأخيه يزيد بْن عَبْد الملك إمرةَ العراقَيْن، ثم عُزِل، وولي أرمينية حِفْظًا لذلك الثغر، وأول ما ولي غزوَ الروم فِي آخر دولة أَبِيهِ، فافتتح ثلاثةَ حصون. وفي سنة تسعٍ وثمانين غزا عَمُّورِية، والتقى المشركين فهزمهم. وفي سنة تسعين، افتتح خمسة حصون، وفي سنة إحدى عُزِل مُحَمَّد بْن مروان عَنْ أرمينية، وأَذْرَبَيْجان بمَسْلَمةُ، فغزا عامئذٍ التُّرْكُ حتى بلغ البابَ، مِنْ قِبَل بحر أذربيجان، فافتتح مدائن وحصونا، ودان له مِنْ وراء الباب، ثم افتتح سَنْدَرَة، ثم حج بالناس، ثم افتتح بعد ذَلِكَ فتحًا كبيرًا، وشهد غير مَصَافّ. قَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: أَنْبَأَ الْوَلِيدُ بْنُ المغيرة، عن عبد الله بن بشير الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لتفتحن القسطنطينة، ولَنِعْم الأميرُ أميرُها"1 قَالَ: فَدَعَانِي مُسْلِمَةُ، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَغَزَاهُمْ، رَوَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، عَنْ زَيْدٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَآخِرُ عَنْ زَيْدٍ فَقَالَ: الْخَثْعَمِيُّ، بَدَلَ الْغَنَوِيِّ. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَسَارَ مُسْلِمَةُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فِي طَلَبِ التُّرْكِ، وَذَلِكَ فِي شِدَّةِ الثَّلْجِ وَالْمَطَرِ، حَتَّى جَاوَزَ الْبَابَ، وَخَلَّفَ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو الطَّائِيَّ فِي بُنْيَانِ الْبَابِ وَتَحْصِينِهِ، فَافْتَتَحَ عِدَّةَ حُصُونٍ، فَحَرَقَ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَنفُسَهُمْ فِي مَدَائِنِهِمْ عِنْدَ الْغَلَبَةِ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: فِي سَنَةِ تسعٍ وَمِائَةٍ غَزَا مَسْلَمةُ التُّرْكَ وَالسِّنْدَ. وقَالَ ابن عُيَيْنَة: ثنا أَبِي: سَمِعْتُ مَسْلَمةُ بْن عَبْد الملك يَقُولُ: لو رأيتَني أَنَا وعُمَر بْن عَبْد العزيز ننتهي إلى الزَّرْعَ فيُقْحِمُ عُمَر فَرَسَه، وأكُفُّ فَرَسِي، وسمعت مسلمة بقول: إن أقلّ النَّاسَ همًّا فِي الدنيا، أقلّهم همًّا فِي الآخرة. قَالَ أَبُو الحَسَن المدائني: قَالَ مَسْلَمةُ لنَصِيب: سلْني! قَالَ: لا، فإنّ كفَّكَ بالجزيل أكثر مِنْ مسألتي باللّسان، فأعطاه ألفَ دينار، وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: أوصى مَسْلَمةُ بثُلُثِ ماله لطّلاب الأدب، وقَالَ: إنّها صناعة مَجْفُوُّ أهلُها. قَالَ الزُّبَيْر بْن بكّار   1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد في المسند "4/ 335"، والطبراني في الكبير "1216"، والحاكم في المستدرك "4/ 421-422"، وضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة "878". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 273 للوليد بْن يزيد، يرثي عمّه مَسْلَمةُ: أقول وما الْبُعْدُ إلا الردَّى ... أمسلمٌ لا تَبْعَدَنْ مسلمة فقد كنت نورًا لنا في البلا ... د مُضِيئًا فقد أصْبَحَتْ مُظْلِمَة ونَكْتُمُ موتَكَ نخشَى اليقيـ ... ـن فأبدى اليقينُ عَنِ الْجُمْجُمَهْ تُوُفِّي مَسْلَمةُ سنة عشرين ومائة. قاله خليفة. وقَالَ ابن عائذ: سنة إحدى. 561- مشرح بن هاعان1 أبو مصعب المعافري المصري، عَنْ عُقبة بْن عامر، وغيره. وعَنْه بَكْر بن عمر، وعبد الله ابن المغيرة، والليث بن سعد، وابن لهيعة، وآخرون، وثقه ابن مَعِين، وقد ليَّنَه ابن حِبّان فَقَالَ: لَهُ مناكير، وقَالَ ابن يونس: تُوُفِّي قريبًا مِنْ عشرين، وكان على المنجيق الَّذِي رمى بِهِ الكعبة. 562- مُصْعَب بْن شَيْبة بن جبير بن شيبة2 -م4- بن عثمان الحجبي المكي القرشي العبدري، عَن صفيّة بنت شَيْبة عمّه أَبِيهِ، وطَلْق بْن حبيب. وعَنْه ابنه زُرَارة وزكريّا بْن أَبِي زائدة، وابن جُرَيْج، ومِسْعَر، وآخرون، قَالَ أبو حاتم، لا يحمدونه. وقَالَ الدارَقُطْنيُّ: لَيْسَ بالقويّ، احتجّ بِهِ مُسْلِم وغيره. 563- المطَّلِب بْن عَبْد اللَّه بْن حَنْطَب القرشي المخزومي3 عن عمر، وغيره مرسلًا، وعن أبي هُرَيْرَةَ، وابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وجابر بن عبد الله، وجماعة، وعنه ابناه حكم، وعبد العزيز، وعبد الله بن طاوس، ومولاه عمرو بن أبي عمرو، وابن جريج، والأوزاعي، وزهير بن محمد التميمي، وآخرون، وثقه أبو زرعة والدارقطني، وكان مروان بن الحكم خاله، ويروى عَنْ خاله الآخر أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ أَبُو حاتم: لم يدرك عَائِشَةَ، وعامّة حديثه مَرَاسيل، وقَالَ أَبُو زُرْعة: أرجو أن يكون سَمِعَ منها. وقَالَ ابن سعد: لَيْسَ يُحْتَجّ بحديثه لأنّه ممن يُرْسِل كثيرًا. قُلْتُ: وفد عَلَى هشام بْن عَبْد الملك، فوصله لقَرابته بسبعة عشر ألف دينار. بقي إلى حدود العشرين ومائة، ولعلّه عاش بعد ذَلِكَ، فالله أعلم.   1 التاريخ الكبير "8/ 54"، الكنى والأسماء "2/ 115". 2 التاريخ الكبير "7/ 352"، الجرح والتعديل "8/ 305". 3 التاريخ الكبير "8/ 7"، الجرح والتعديل "8/ 359". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 274 564- مُعَاذ بْن عَبْد اللَّه بْن خُبَيب الْمَدَنِيّ1 عن أبيه، وعقبة بْن عامر، وابن عَبَّاس، وجابر بْن عَبْد اللَّه، وعَنْ سَعِيد بْن المسيّب، وجماعة. وعَنْه زيد بن أسلم، وبُكَيْر بْن الأشجّ، وأسامة بْن زيد الليثي، وهشام بن سعد، وثقه ابن مَعِين، مات سنة ثماني عشرة ومائة. 565- معاوية بن قرة -ع-2 بن إياس بْن هلال، أَبُو إياس المُزَني الْبَصْرِيّ، عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي أيّوب الأنصَارِيّ، وابن عَبَّاس، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عُمَر، ومَعْقِلِ بْن يَسار، وعَبْد اللَّه بْن مُغَفَّلٍ، وعائذ بْن عَمْرو المُزَنّيين، وعدّة. وعَنْه ابنه إياس القاضي، وثابت البُنَانيّ، وخَالِد بْن مَيْسرة، وقَتَادة، وقُرّة بْن خَالِد، وشُعْبَة، والقاسم الحُدّاني، وشبيب بْن شَيْبة، وخلق آخرهم أَبُو عَوَانَة، سَمِعَ منه أَبُو عَوَانَة فردٍ حديثٍ، وهو أكبر شيْخ لَهُ. وثَّقه أَبُو حاتم وغيره. ويقال إنّه وُلد يوم الجمل، وكان يومُ الجمل فِي سنة ثلاثٍ وثلاثين مِنَ الهجرة، قَالَ معاوية بْن قُرّة: لقيت ثلاثين صحابيًّا، وقَالَ ابن المبارك فِي كتاب الزُّهد: أَنْبَأَ سُفْيان الثَّورِي قَالَ: وفد الحَجَّاج عَلَى عَبْد الملك بْن مروان، وممّن معه معاوية بْن قُرّة، فسأله عَنِ الحَجَّاج فَقَالَ: إنْ صَدَقْناكم قتلتمونا، وإنْ كَذَبْناكم خِفْنا اللَّه تَعالى، فنظر إِلَيْهِ الحَجَّاج، فَقَالَ عَبْد الملك: لا تعرِضْ لَهُ، فنفاه الحَجَّاج إلى السَّنْد. وقَالَ حمّاد بْن سَلَمَةَ: ثنا حَجَّاج الأسود، أنّ معاويةَ بْن قُرّة قَالَ: مِنْ يدلّني عَلَى رَجُل بكاءٍ باللّيل بسامٍ بالنّهار، وقَالَ أسد بْن مُوسَى: ثنا عَوْن بْن مُوسَى، سَمِعَ معاوية بْن قُرّة يَقُولُ: لأنْ يكون فِي نَفاق أحبّ إليّ مِنْ كذا، أعُمَرُ بْن الْخَطَّاب يخشاه، وآمنُه أَنَا؟ قُلْتُ: كَانَ معاوية بْن قُرّة مِنْ جِلَّة علماء التابعين بالبصرة: توفي بها ثلاث عشرة ومائة، رحمة اللَّه تعالى. قَالَ أَبُو عُبَيْد القاسم بْن سلام: قُرّة بْن إياس من مزنية، ومزنية امْرَأَة، وهي بنت كلب بْن وَبْرة، وقَالَ ضمرة، عن ابن شَوْذب، قَالَ: لقي الْحَسَنُ معاويةَ، فاعتنقه وضمّه إِلَيْهِ فما انشرح لذلك مُعَاويَة، وقَالَ عَوْن بْن مُوسَى: سَمِعْتُ معاويةَ بْن قُرّة يَقُولُ: عوِّدوا نساءكم: لا، وقَالَ حَجَّاج بْن مُحَمَّد: ثنا شعبة: قلت لمعاوية: أكان   1 التاريخ الكبير "7/ 362"، الجرح والتعديل "8/ 426-427". 2 الطبقات الكبرى "7/ 221"، تاريخ خليفة "257"، التاريخ الكبير "7/ 330". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 275 أبوك مِنَ الصّحابة؟ قَالَ: لا، ولكنْ كَانَ على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- قد حلب وصر، قال أَبُو دَاوُد، ثنا شُعْبَة، عَنْ معاوية بْن قُرّة، عَنْ أَبِيهِ، إِنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد حلب وَصَرَّ. 556- معاوية بْن هشام بْن عَبْد الملك1 بْن مروان، أَبُو شاكر الأموي، الدمشقي، وهو والد صقر بني أُمَّية عَبْد الرَّحْمَن بْن معاوية الدّاخل إلى الأندلس، عند غَلَبة بني الْعَبَّاس عَلَى الأمر، وكان مُعَاويَة هذا جوادًا ممدَّحًا، ولي غزْوَ الصّائفة فِي خلافة أَبِيهِ غير مرّة، وكان البطّال عَلَى طلائعه، وقد افتتح عدَّة حُصون، مات سنة تسع عشرة ومائة. 567- مَعْبَد بن خالد الجدلي الكوفي القاص العابد2 -ع- أبو القاسم، رَوى عَنْ جَابِر بْن سَمُرَة، والمستورد بْن شدّاد، وحارثة بْن وهب، وعَنْ مسروق، وعَبْد اللَّه بْن شدّاد بْن الهاد، وطائفة، وعَنْه حَجَّاج بْن أرطأة، ومِسْعَر، وسُفْيان، وشُعْبَة، وثّقوه، ومات سنة ثماني عشرة ومائة. 568- المغيرة بْن حكيم الصنعاني3 من أبناء فارس. روى عَنْ أَبِيهِ، وابن عُمَر، وصفية بنت شيبة، وأم كُلْثُوم بنت وطاوس، وغيرهم. وعَنْه، ابن جُرَيْج، وجرير بْن حازم، وعَبْد العزيز بْن أَبِي رواد، وعقيل بْن خَالِد، وآخرون. وثَّقه ابن مَعِين وغيره. 569- المغيرة بْن سَعِيد البَجَلي الكوفي4، لعنه اللَّه. قَالَ أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْمٍ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ: كان يَقُولُ إن معبوده عَلَى صورة رَجُل عَلَى رأسه تاج وإن أعضاءه عَلَى عدد حروف الهجاء. وإنه لما أراد أن يخلق خلق تكلم باسمه أفطار فوقع عَلَى تاجه ثم كتب بإصبعه أعمال العباد من المعاصي   1 نسب قريش "167"، المعرفة والتاريخ "2/ 394". 2 التاريخ الكبير "7/ 399"، الجرح والتعديل "8/ 280". 3 التاريخ الكبير "7/ 317"، الطبقات الكبرى "5/ 367". 4 الجرح والتعديل "8/ 223"، التاريخ لابن معين "2/ 579". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 276 والطاعات، فلما رأى المعاصي ارفضّ عرقًا، فاجتمع مِنْ عَرَقِهِ بحران أحدهما ملح مظلم والثاني عذب، فاطّلع فِي البحر فرأى ظلّه فأخذه فقلع ظلّه فخلق مِنْ عيني ظلّه الشمس والقمر، وخلق الكُفّار مِنَ البحر الملح. وقَالَ أَبُو بَكْر بْن عيّاش: رأيت خَالِد بْن عَبْد اللَّه حين أتى بالمغيرة بْن سَعِيد وأصحابه فقتل منهم رجلا ثم قَالَ للمغيرة أخيه -وكان يريهم أَنَّهُ يحيى الموتى- فقَالَ: والله ما أحيي الموتى: فأمر الأمير خَالِد بطن1 قصبٍ فأضرم نارًا ثُمَّ قَالَ للمغيرة: اعتنقه فتمنّع، فعدا رَجُل مِنْ أصحابه فاعتنقه فأكلته النار، فَقَالَ خَالِد: هذا والله كَانَ أحق بالرياسة منك ثم قتله وقتل أصحابه. قَالَ ابن عَوْن: سَمِعْتُ إبْرَاهِيم النَّخْعي يَقُولُ: إياكم والمغيرة بْن سَعِيد وأبا عَبْد الرَّحْمَن فإنهما كذّابان. ورَوى الفضل بْن مُوسَى السيناني، عمّن أخبره، عَنِ الشَّعْبي أَنَّهُ قَالَ للمغيرة بْن سَعِيد: ما فعل حبّ عليٍّ -رَضِيَ اللَّه عنهم؟ قَالَ فِي العَظْم واللَّحم والعُرُوق، فَقَالَ الشَّعْبي: اجمعه قبل أن يغلي. وقَالَ شبابة: ثنا عَبْد الأعلى بْن أَبِي المساور: سَمِعْتُ المغيرة الكذّاب يَقُولُ: إن اللَّه يأمر بالعدل "عَليّ" والإحسان "فاطمة" وإيتاء ذي القربى "الحَسَن والحُسَين" وينهى عَنِ الفحشاء "أَبِي بَكْر" والمنكر "عُمَر" والبغي "عثمان". ورَوى أَبُو معاوية، عَنِ الأعمش قال: أدركت الناس يسمونهم الكذابين ولا عليكم أن تذكروا ذَلِكَ عني فإني لا آمنهم أن يقولوا وجدنا الأعمش عَلَى امْرَأَة، وقد آتاني المغيرة بْن سَعِيد فوثب وثبة صار فِي قبلة البيت فقلت: ما شانك؟ قَالَ: إن حيطانكم نجسة. فقلت: أكان عليّ يحيى الموتى؟ قَالَ: إي والذي نفسي بيده لو شاء لأحيا عادًا وثمود. قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ علمت؟ قَالَ: إني أتيت رجلا مِنْ أهل البيت فتفل فِي فيّ فما بقي شيء إلا وأنا أعلمه، ثم تنفس الصعداء. فقلت: ما شأنك؟ قَالَ: طوبى لمن رَوى مِنْ ماء الفرات. قُلْتُ: وهل لنا شراب غيره؟ قَالَ: أترى أشرب منه: قُلْتُ: فمن أَيْنَ تشرب؟ قَال: مِنْ بئر لبعض هَؤُلاءِ المرجئة. وعَنْ أَبِي يوسف القاضي قَالَ: لما وقع المغيرة فيما وقع مِنَ الخزي أتيته فقال: يا   1 الطن: حزمة القصب. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 277 أَبَا مُحَمَّد طوبى لمن شرب شربة مِنْ ماء الفرات، قلت: أولست على أفنية الفرات؟ قَالَ: يختلسه عنا أصحاب ابن هبيرة. وقَالَ الجوزجاني: قتل المغيرة بْن سَعِيد عَلَى ادّعاء النُّبُّوة. وقَالَ أَبُو عَوَانَة، عَنِ الأعمش قَالَ: أتاني المغيرة بْن شُعْبَة فذكر عليًّا وذكر الأنبياء ففضّل عليًّا عليهم ثم قَالَ: كَانَ عليّ بالبصرة فأتى أعمى فمسح يده عَلَى عينيه فأبصر ثم قَالَ للأعمى: أتحب أن ترى الكوفة؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فأمر بالكوفة فحملت إِلَيْهِ حتى نظر إليها ثم قَالَ لها: ارجعي، فرجع، فقلت: سبحان اللَّه سبحان اللَّه، فلما رأى إنكاري عَلَيْهِ تركني وقام. وقد ذكره ابن عَدِيّ فِي الضعفاء فقال: لم يكن بالكوفة ألعن مِنَ المغيرة بْن سَعِيد فيما يُرْوَى عَنْه مِنَ التزوير عَلَى عليّ -رَضِيَ اللَّه عنهم- وعلى أهل البيت وهو دائم الكذب عليهم ولا أعرف لَهُ حديثًا مسندًا. 570- الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1، بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام بن المغيرة المخزومي أخو أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن، رَوى عَنْ أَبِيهِ. وعَنْه: ابنه يحيى، وابن إسحاق، ومالك بْن أنس. وكان سيدًا جوادًا سخيًا غازيًا مجاهدًا، ولا أعلم بِهِ بأسًا إن شاء اللَّه، وهو مقلّ، أرسل عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وعن خَالِد بْن الوليد. قَالَ الواقدي: خرج المغيرة إلى الشّام غير مرة غازيًا وكان فِي جيش مسلمة الذين احتبسوا بالروم -يعني بقسطنطينة- حتى أقفلهم عُمَر بْن عَبْد العزيز، وذهبت عينه، وكان ثقة قليل الحديث. وقَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. قُلْتُ: الأخبار فِي جودة وبذله كثيرة. 571- المغيرة بْن فروة الدمشقي2 -د- عَنْ معاوية بْن أَبِي سُفْيان، ومالك بْن هبيرة.   1 التاريخ الكبير "7/ 320"، الجرح والتعديل "8/ 325". 2 التاريخ الكبير "7/ 320"، الجرح والتعديل "8/ 227". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 278 وعَنْه: عَبْد الله بْن العلاء بْن زيد، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز. 572- المغيرة بْن النُّعْمان النَّخْعي1 الكوفي -سوى ت- عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وغيره. وعَنْه: مِسْعَر، وسُفْيان، وشُعْبَة، وشَرِيك. وثَّقه أَبُو دَاوُد، تُوُفِّي فِي حدود العشرين ومائة، وهو قليل الرواية. 573- مكحول بْن أَبِي مسلم2 -م4- أبو عبد الله. فقيه الشام وشيخ أهل دمشق. أرسل عَنِ النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ، وعَنْ أَبِي بْن كعب، وعُبَادَةُ بْن الصام، وعَائِشَة، وطائفة. ورَوى عَنْ: أَبِي أُمَامة، وواثلة بْن الأسقع، وأنس بْن مالك وعَبْد الرَّحْمَن بْن غنم، وابن محيريز، ومحمود بْن الربيع، وأَبِي سلام الأسود، وأَبِي إدريس الخَوْلاني، وشرحبيل بْن السمط، وخلق كثير. وعَنْه: أيّوب بْن مُوسَى، وثور بْن يزيد، والعلاء بْن الحارث، وعامر الأحول، وحجاج بن أرطأة، وحفص بْن غيلان، وزيد بْن واقد، وابن زَبْر، والأَوزاعيّ، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز، وابن إِسْحَاق، وعلى بْن أَبِي حملة، ومُحَمَّد بن راشد، وحميد الطويل، وخلق كثير. وداره بدمشق فِي طرف سوق الأحد. وكان أَبُوهُ مولى امْرَأَة مِنْ هُذَيْلٍ ويقال هُوَ مِنْ أولاد كسرى واسمه زبر. وقيل: هُوَ زبر بْن شاذل بْن سند بْن شروان بْن كسرى مِنْ سبي كابل. روى سَعِيد بْن عَبْد العزيز، عَن مكحول أَنَّهُ كَانَ يرمي ويقول: أَنَا الغلام الهذلي. وأما عبد الله بن العلاء بْن زَبْر فَقَالَ: سَمِعْتُ مكحولا يَقُولُ: كنت عبدًا لسعيد بْن العاص فوهبني لامرأة مِنْ هذيل فأنعم اللَّه عليّ -يعني بمصر- فما خرجت منها   1 التاريخ الكبير "7/ 325"، الطبقات الكبرى "6/ 329". 2 التاريخ الكبير "8/ 21"، الطبقات الكبرى "7/ 453". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 279 حتى ظننت أَنَّهُ لَيْسَ بها علم إلا وقد سمعته، ثم قدمت المدينة فما خرجت منها حتى ظننت أَنَّهُ لَيْسَ بها علم إلا وقد سَمِعْتُهُ، ثم لقيت الشَّعْبي فلم أر مثْلَه، رواها الوليد بْن مُسْلِم، عَنْه. وقَالَ يحيى بْن حمزة، عَنْ أَبِي وهب الكلاعي -عَبْد الله بن عبيد، عن مكحول قَالَ: أعتقت بمصر فلم أدع بها علمًا إلا حَوَيْته فيما أرى، ثم أتيت العراق فلم أدع بها علمًا إلا حويت عَلَيْهِ فيما أرى، ثم أتيت المدنية فكذلك ثم أتيت الشّام فغربلتها، كل ذَلِكَ أسأل عَنِ النقل، وذكر الحديث فِي النقل. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ مكحولا يَقُولُ: طفت الأرض كلها فِي طلب العلم. وقَالَ الزُّهري: العلماء ثلاثة فذكر منهم مكحولا. وقَالَ أَبُو حاتم الرازي: ما أعلم بالشام أفقه مِنْ مكحول. وقَالَ ابن زيد: سَمِعْتُ الزُّهْرِيّ يَقُولُ: العلماء أربعة: سَعِيد بالمدينة والشعبي بالكوفة، والحَسَن بالبصرة، ومكحول بالشّام. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: قَالَ: مكحول: ما سَمِعْتُ شيئًا فاستودعته صدري إلا وجدته حين أريد، ثم قَالَ سَعِيد: كَانَ مكحول أفقه مِنَ الزُّهْرِيّ وكان بريئًا مِنَ القَدَر. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: صحبت مكحولا فِي أسفار كثيرة يحمل فيها ديكًا لا يفارقه. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: أعطى مكحول مرة عشرة آلاف دينار فكان يعطي الرجل خمسين دينارًا ثمن الفرس. وقَالَ عثمان بْن عطاء الخراساني: كَانَ مكحول يَقُولُ: كل من لا يستطيع أن يَقُولُ "قل" كَانَ أعجميًا. وقَالَ أَحْمَد الْعِجْلِيُّ: مكحول ثقة دمشقي. وقَالَ ابن خراش: صَدُوق يرى القَدَر. وقَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ قَدَرِيًّا ثم رجع عَنْه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 280 وقَالَ الأَوزاعيّ: لم يبلغنا أن أحدًا مِنَ التابعين تكلم فِي القدر إلا الحَسَن، ومكحول، فكشفنا عَنْ ذَلِكَ فإذا هُوَ باطل. وقَالَ سعيد بن عيد العزيز: جلس مكحول وعطاء بْن أَبِي رباح يفتيان النَّاسَ يعني فِي الموسم، فكان لمكحول الفضل عَلَيْهِ حتى بلغا جزاء الصيد فكأن عطاء كَانَ أنفذ فِي ذَلِكَ منه، قَالَ سَعِيد: وسئل مكحول عَنِ الرجل يدرك مِنَ الجمعة ركعة فقال: ما أفتيت فيها منذ ثلاثين سنة. قَالَ أَبُو زُرْعة: دلّنا قوله عَلَى أَنَّهُ أفتى فِي أيام عَبْد الملك. قَالَ سَعِيد: وكان إذا سئل يَقُولُ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، هذا رأي والرأي يخطئ ويصيب. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، عَنْ تميم بْن عطية قَالَ: كثيرًا ما كنت أسمع مكحولًا يسأل فيقول: ندانم يعني: لا أدري. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: لم يكن عندنا أحد أحسن سمتًا فِي العبادة مِنْ مكحول، وربيعة بْن يزيد. ورَوى غير واحد، عَنْ مكحول قَالَ: لأن أقْدَمَ فتُضْربَ عُنُقي أحب إليّ مِنْ أنْ ألي القضاء، ولأن أليَ القضاء أحبّ إليّ مِنْ أن أَلِيَ بيت المال. وقَالَ: إن يكن فِي مخالطة النَّاسَ خير فالعزلة أسلم. وقَالَ ابن جَابِر: أقبل يزيد بْن عَبْد الملك إلى مكحول فِي أصحابه فهممنا بالتوسعة فَقَالَ مكحول: مكانكم، دعوه يجلس حيث أدرك يتعلّم التواضع. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: كانوا يؤخّرون الصَّلاة فِي أيام الوليد بْن عَبْد الملك ويستحلفون النَّاسَ أنهم ما صلّوا، فأتى عَبْد اللَّه بْن أَبِي زكريّا فاستحلف ما صلّى فحلف، وأتى مكحول فاستحلف، فَقَالَ: فلِمَ جئنا إذًا؟ فترك. ورَوى نُعَيم بْن حمّاد قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كتب عمر بْن عَبْد العزيز أن انظروا إلى الأحاديث التي رواها مكحول فِي الدِّيات أحرقوها، قَالَ: فأُحرقت. وقَالَ رجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْد مولى سُلَيْمَان قَالَ: ما سَمِعْتُ رجاء بْن حَيْوَة يلعن أحدًا إلا يزيد بْن المهلّب، ومكحولا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 281 قُلْتُ: لعنه لكلامه فِي القدر. قَالَ عليّ بْن أَبِي حمله: كُنَّا عَلَى ساقية بأرض الروم والناس يمرُّون وذلك فِي الغَلَس وأَبُو شَيْبة يقصّ فدعا فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارزقنا طيبًا واستعملنا صالحًا. وقَالَ مكحول وهو في القوم: إن اللَّه لا يرزق إلا طيبًا، ورجاء بن حيوة وعدي بْن عَدِيّ ناحية، فَقَالَ أحدهما لصاحبه: أتسمع؟ قَالَ: نعم فقيل لمكحول: إنهما سمعا قولك: فشُق عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه بْن زيد: أَنَا أكفيك رحمًا قَالَ: فأتاه فأجرى ذكر مكحول وقَالَ: دعه أليس هُوَ صاحب الكلمة؟ قَالَ: فما تَقُولُ فِي رَجُل قتل يهوديًّا فأخذ منه ألف دينار فكان ينفق منها أرزقٌ رزقه اللَّه؟! قَالَ: كلٌ مِنْ عند اللَّه. قَالَ ابن أَبِي حملة: أَنَا شهدتهما حين تكلما. وقَالَ عاصم بْن رجاء بْن حَيْوَة: جاء مكحول إلى أَبِي فَقَالَ: يا أَبَا المقدام إنهم يريدون دمي! قَالَ: قد حذَّرتك القرشيين ومُجالستَهم ولكن أدنَوْك وقرّبوك فحدّثتهم بأحاديث فلما أفشوها عنك كرهتها. وقَالَ رجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ: قَالَ مكحول: ما زلت مستقلا بمريعاتي حتى أعانهم عليّ رجاء، وذلك أَنَّهُ رَجُل أهل الشّام فِي أنفسهم. ورَوى إبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن نُعَيم، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سألني مكحول خَلاء فأخليته فتشهّد ثم ذكر أَنَّهُ رفع إلى الضَّحَّاك بْن عَبْد الرَّحْمَن أَنَّهُ رأس القدرية فأمر الضَّحَّاك الحاجب أن لا يدخله كما يدخلني فِي الخاصة، فتّبرأ مكحول مِنْ ذَلِكَ وسأل أَبِي أن يعلم الضَّحَّاك ذَلِكَ ففعل حتى رددته إلى منزلته. وقَالَ أَبُو مسهر: كَانَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز يبرّئ مكحولا ويرفعه عَنِ القدر. قَالَ أبو مسهر وطائفة: توفي مكحول سنة ثلاثة عشرة. وقَالَ أَبُو نُعَيم، ودُحَيم: سنة اثنتي عشرة ومائة. ويقال: سنة ثماني عشرة، وهو وَهْم. 574- مكحول أَبُو عَبْد اللَّه الأَزْدِيّ1 الْبَصْرِيّ -ب خ- عن ابن عمر، وأنس   1 التاريخ الكبير "8/ 22"، الجرح والتعديل "8/ 407". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 282 ابن مالك. وعنه: عمارة بن زاذان، وهارون بْن مُوسَى، والربيع بْن صبيح. قَالَ أَبُو حاتم الرّازيّ: لا بأس بِهِ، ما أقرب أحاديثه عَنِ ابن عُمَر، وهو بَصْرِيّ. وقَالَ عباس: عن ابن مَعِين: ثقة. 575- المنهال بْن عَمْرو الأسدي1 -خ4- مولاهم الكوفي. عَنْ: أنس بْن مالك، وعَبْد الرَّحْمَن وزِرّ بْن حبيش، وأَبِي عُمَر زاذان، وسَعِيد بْن جُبَيْر. وعَنْه: حَجَّاج بْن أرطأة، وزيدُ بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وشُعْبَة، والمسعودي، وسوار بْن مُصْعَب، وآخرون. ثم إن شُعْبَة ترك الرواية عَنْه لكونه سَمِعَ مِنْ داره آله الطرب. ووثقه ابن مَعِين وغيره. وقَالَ الدارَقُطْنيُّ: صَدُوق. وقَالَ أَبُو مُحَمَّد بْن حزم: لَيْسَ بالقوي. قُلْتُ: تفرّد بحديث منكر ونكير عَنْ زاذان عَنِ البَرَاء، وقد قرأ القرآن عَلَى سَعِيد بْن جُبَيْر، قرأ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى القاضي. وقَالَ الأَعْمَشُ عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ إِلَى السَّمَاءِ الدنيا ليلة القدر جملة فَدُفِعَ إِلَى جِبْرِيلَ فَكَانَ يُنَزِّلُهُ. 576- مُوسَى بْن أنس بْن مالك2 -ع- عَنْ أَبِيهِ. وعَنْه: ابن عَوْن، وعُبَيْد اللَّه بْن مُحْرِز، وشُعْبَة، وغيرهم. وولي قضاء البصرة، وكان مِنْ ثقات البصريين. 577- مُوسَى بْن أَبِي تميم3، عَنْ سَعِيد بن يسار.   1 التاريخ الكبير "8/ 12"، الجرح والتعديل "8/ 356". 2 الطبقات الكبرى "7/ 192"، الجرح والتعديل "8/ 133". 3 تهذيب التهذيب "10/ 338"، الخلاصة "30". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 283 وعَنْه مالك وسُلَيْمَان بْن بلال. 578- مُوسَى بْن أَبِي عثمان التُّبّان1 -د ن ق. عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي يحيى الْمَكِّيّ، وسَعِيد بْن جُبَيْر، وجماعة. وعنه: أَبُو الزناد، وشُعْبَة، وسُفْيان. وثَّقه ابن حِبّان. 579- موسى بن وردان2 -د ت ق- القرشي العامري المصري القاص أبو عمر مولى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ. رَوى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وكعب بْن عجرة، وأَبِي سَعِيد، وجابر، وأنس بْن مالك، وسَعِيد بْن المسيّب، وأرسل عَنْ أَبِي الدِّرْداء، وجماعة. وعَنْه: الحَسَن بْن ثَوْبَان، ومُحَمَّد بْن أبي حميد، وعياش بن عباس القتباني، واللَّيْث بْن سعد وابن لَهِيعَة، وضمام بْن إسماعيل، وآخرون. وكان صاحب مال وتجارة، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ به بأس. وقال أبو دواد: ثقة. قال ابن يونس: توفي سنة سبع عشرة ومائة. 580- موسى بن يسار المدني3 -م د ن ق- مولى قيس بْن مَخْرَمَة. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ. وعَنْه: ابن أخيه مُحَمَّد بن إسحاق، ودواد بْن قيس، وعَبْد الرَّحْمَن بْن الغسيل. وثَّقه ابن مَعِين. 581- ميمون بْن سُياه أَبُو بحر الْبَصْرِيّ4 -خ ن:   1 التاريخ الكبير "7/ 290"، تهذيب التهذيب "10/ 360". 2 التاريخ الكبير "7/ 297"، الجرح والتعديل "8/ 165". 3 تاريخ أبي زرعة "1/ 384"، الجرح والتعديل "8/ 167". 4 التاريخ الكبير "7/ 339"، الجرح والتعديل "8/ 233". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 284 وكان أسنّ مِنَ الحَسَن الْبَصْرِيّ، قاله كهمس. رَوى عَنْ: جُنْدُب البجلي، وأنس بْن مالك، وشهر بْن حوشب، وغيرهم. وعَنْه: حُمَيْد الطويل، وسلام بْن مسكين، ومنصور بْن سعد، وصالح المرّي، وحزم القُطَعي. وكان يقال لَهُ سيد القراء لعبادته وفضله رحمه اللَّه. وثَّقه أَبُو حاتم. وقال أَبُو داود: ليس بذاك. وصعفة ابن مَعِين. وحديثه بعُلُوٌّ فِي جزء الحفار. 582- ميمون بن مهران الجزري1 -م4. الفقيه أبو أيوب عالم الجزيرة وسيّدها، أعتقته امْرَأَة مِنْ بني نصر بْن معاوية بالكوفة فنشأ بها ثم سكن الرقة. ورَوى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وعَائِشَة، وابن عباس، وابن عمر، وأم الدِّرْداء، وطائفة، وأرسل عَنْ عُمَر، والزُّبَيْر بن العوام. وعنه: ابنه عمر، وأبو بشر جعفر بن إياس، وحجاج بن أرطأة، وخصيف، وسالم بن أبي المهاجر، والأوزاعي، وجعفر بن برقان، ومعقل بن عبد الله، وأبو المليح الحسن بن عمر الرقيان، وخلق كثير. قال أحمد بن حنبل: هو أوثق من عكرمة وقيل مولده عام توفي علي -رضي الله عنهم. وقد وثقه النسائي وغيره. وروى سعيد بن عبد العزيز، عَنْ سُلَيْمَان بْن مُوسَى قَالَ: هَؤُلاءِ الأربعة علماء النَّاسَ فِي زمن هشام بن عبد الملك: مكحول، والحسن، والزهري، وميمون بْن مهران. ورَوى إِسْمَاعِيل بْن عُبَيْد اللَّه، عَنْ ميمون بْن مهران قَالَ: كنت أفضِّل عليَا عَلَى عثمان، فَقَالَ لي عُمَر بْن عَبْد العزيز: أيهما أحب إليك، رَجُل أسرع في الدماء، أو   1 التاريخ الكبير "7/ 338"، الطبقات الكبرى "4/ 165"، "5/ 371، 380". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 285 رَجُل أسرع فِي المال؟ فرجعت وقلت: لا أعود، وقَالَ: كنت عند عُمَر بْن عَبْد العزيز فلما قمت قَالَ: إذا ذهب هذا وضرباؤه وصار النَّاسَ بعده رجراجة1. قَالَ أَبُو المليح الرَّقّي: ما رأيت رجلا أفضل مِنْ ميمون بْن مهران. وقَالَ عَمْرو بْن ميمون بْن مهران: قَالَ أَبِي: وددت أن أصبعي قُطعت من ههنا وأني لم ألِ لعُمَر بْن عَبْد العزيز ولا لغيره. قُلْتُ: كَانَ قد ولي لَهُ خراج الجزيرة وقضاءها. وروي أن ميمون بْن مهران صلّى فِي سبعة عشر يومًا سبعة عشر ألف ركعة، فلما كَانَ فِي اليوم الثامن عشر انقطع فِي جوفه شيءٍ فمات، وعَنْ ميمون بْن مهران قَالَ: لا يكون الرجل تقيًا حتى يكون أشد محاسبة لنفسه مِنَ الشريك لشريكه، وحتى يعلم مِنْ أَيْنَ ملبسه ومشربه. وقَالَ أَبُو المليح الرَّقّي: جاء رَجُل يخطب بنت ميمون بْن مهران، فَقَالَ: لا أرضاها لك لأنها تحب الحليّ وَالْحُلَلَ! قَالَ: فعندي هذا. قَالَ: الآن لا أرضاك لها. وقَالَ مَعْمَر بْن سُلَيْمَان، عَنْ فرات بْن السائب، عَنْ ميمون بْن مهران قَالَ: ثلاث لا تبلونّ نفسك بهن: لا تدخل عَلَى السلطان وإن قُلْتُ: آمرُهُ بطاعة اللَّه، ولا تُصغينَّ سمعك الَّذِي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه. ولا تدخل عَلَى امرأة وإن قُلْتَ: أُعلّمها كتاب اللَّه. وقَالَ أَبُو المليح، عَنْ حبيب بْن أَبِي مرزوق قَالَ: قَالَ ميمون: وددت أن عيني ذهبت وبقيت الأخرى أتمتع بها وأني بها وأني أعمل عملا قط، وقَالَ أَبُو المليح عَنْ ميمون قَالَ: لا تضرب المملوك فِي كل ذنب ولكن احفظ لَهُ، فإذا عصى اللَّه فعاقبه عَلَى المعصية وذكَّره الذنوب التي بينك وبينه. وقَالَ أَبُو الحَسَن الميموني: قَالَ لي أَحْمَد بْن حنبل: إني لأُشَبِّه ورع جدِّك بورع ابن سيرين. وقَالَ أَبُو المليح: قَالَ ميمون: إذا أتى أحد باب السلطان فاحتجب عنه فليأت بيت الرحمن فإنه مفتوح فليصل ركعتين وليسأل حاجته.   1 الرجرجة من الناس: من لا عقل له ومن لا خير فيه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 286 توفي ميمون سنة سبع عشرة ومائة عَلَى الصحيح. "حرف النون": 583- نافع مولى ابن عمر1 -ع- أَبُو عَبْد اللَّه. أحد الأئمة الكبار بالمدينة، بربري الأصل وقيل نيسابوري وقيل كابلي وقيل ديلمي وقيل طالقاني. رَوى عَنْ: مولاه، وعَائِشَة، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وأم سَلَمَةَ، ورافع بْن خُدَيْج، وأَبِي لبابة بْن عَبْد المنذر، وصفية بنت أبي عبيد، وطائفة. وعنه: أيوب، والزهري، وبكير بْن الأشجّ، وابن عَوْن، وعُبَيْد اللَّه بْن عمر، وابن جريج، وعقيل، والأوزاعي، ويزيد ابن الهاد. ويونس بْن يزيد، ويونس بْن عُبَيْد، وأسامة بْن زيد اللَّيْثي، والعمري، وإِسْمَاعِيل بْن أُمَّية، وأيوب بْن مُوسَى، وجرير بْن حازم، وجويرية بن أسماء، وحجاج بن أرطأة، وحميد بن زياد، ورقبة بن مصقلة، والضحاك بْن عثمان، وزيد، وعاصم، وعُمَر أَبُو مُحَمَّد بْن زيد، ومالك بْن مِغْوَلٍ، ومالك بْن أنس، وفُلَيْح بْن سُلَيْمَان، واللَّيْث، ونافع بْن أَبِي نُعَيم، وخلق كثير. وقَالَ الْبُخَارِيّ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ: مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عُمَر. وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر: بعث عُمَر بْن عَبْد العزيز نافعًا إلى أهل مصر يعلّمهم السُّنَن. وقَالَ الأصمعي: ثنا العمري، عَنْ نافع قَالَ: دخلت مَعَ مولاي عَلَى عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر فأعطاه فيّ اثني عشر ألفًا، فأبى وأعتقني أعتقه اللَّه. وقَالَ زيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ نافع: سافرت مَعَ ابن عُمَر بضعًا وثلاثين حجَّة وعُمرة. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: إذا اختلف نافع وسالم ما أقدم عليهما. وقَالَ ابن وهب: قَالَ مالك: كنت آتي نافعًا وأنا حديث السنّ ومعي غلام لي   1 التاريخ لابن معين "2/ 602"، التاريخ الكبير "8/ 84-85". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 287 فيقعد ويحدّثني، وكان صغير النفس، وكان فِي حياة سالم لا يفتي شيئًا. ورَوى مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، عَنْ مالك قَالَ: كَانَ فِي نافع حِدَّة، ثم حكى أَنَّهُ كَانَ يلاطفه ويداريه، وقيل: كَانَ فِي نافع لكْنَه. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أُمَّية: كُنَّا نرد عَلَى نافع اللحن فيأبى. ورَوى الواقدي، عَنْ جماعة قالوا: كَانَ كتاب نافع الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ ابن عمر صحيفة، فكنا نقرؤها. وقَالَ عَبْد العزيز بْن أَبِي دَاوُد: احتضر نافع فبكى، فقيل: ما يبكيك؟ قَالَ: ذكرت سعد بْن مُعَاذ وضَغْطَةَ القبر. قَالَ النّسائي: نافع ثقة، أثبت أصحابه مالك، عن أيّوب، ثم عُبَيْد اللَّه ثم يحيى بْن سَعِيد، ثم ابن عَوْن، ثم صالح بْن كيسان، ثم موسى بن عقبة، ثم ابن جُرَيْج، ثم كثير بْن فرقد، ثم الليث. واختلف سالم، ونافع، على ابن عُمَر فِي ثلاثة أحاديث. وسالم أجلّ منه، لكن أحاديث نافع الثلاثة أولى بالصواب. وقَالَ يونس بْن يزيد: قَالَ نافع: مَنْ يعذرني مِنْ بربريكم يأتيني فأحدّثه عَنِ ابن عُمَر. ثم يذهب إلى سالم فيقول: هَلْ سَمِعْتُ هذا مِنْ أبيك؟ فيقول: نعم. فيحدّث عَنْ سالم ويدعني. والسياق مِنْ عندي. ابن وهب، عَنْ مالك قَالَ: كنت آتي نافعًا وأنا غلام حديث السنّ معي غلام فينزل ويحدّثني، وكان يجلس بعد الصبح فِي المسجد لا يكاد يأتيه أحد، فإذا طلعت الشمس خرج، وكان يلبس كساء وربما يضعه عَلَى فمه لا يكلّم أحدًا، وكنت أراه بعد صلاة الصبح يلتفّ بكساء لَهُ أسود. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أويس، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نختلف إلى نافع، وكان سيّئ الخلق فقلت: ما أصنع بهذا العبد؟ فتركته ولزمه غيري فانتفع بِهِ. قَالَ حمّاد بْن زيد، وابن سعد، وعدّة: تُوُفِّي نافع سنة سبع عشرة ومائة. وأعلى ما يقع حديثه اليوم فِي جزء أَبِي الْجَهْمُ وجزء بهي. وقَالَ ابن عُيَيْنَة وأحمد: مات سنة تسع عشرة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 288 قَالَ الْهَيْثَمُ وأَبُو عُمَر الضرير: سنة عشرين ومائة. 584- نُصَيْب بْن رَبَاح الأسود1، أَبُو مِحْجَن مولى عَبْد العزيز بْن مروان. شاعر مشهور مدح عَبْد الملك بْن مروان وأولاده. وكان مِنْ فحول الشعراء. يُعدّ مَعَ جرير وكُثير عَزَّة. تنسّك فِي أواخر عمره. وقد قَالَ لَهُ عُمَر: أنت الَّذِي تَقُولُ فِي النساء؟ قَالَ: قد تركت ذَلِكَ، وأثنى عَلَيْهِ الحاضرون، فكتب بناته فِي الديوان. ومن شعره: بزينبَ أَلْمِمْ قبل أن يرحلَ الرَّكْبُ ... وَقُلْ: إنْ تملّينا فما ملك القلب وقل في تجنّيها لك الذنب إنما ... عتابك أن عَاتبتِ فيما لَهُ عُتْبُ خليليَّ مِنْ كعبٍ أَلَمَّا هُدِيتُما ... بزيْنَبَ لا تَفْقُدكُما أبدًا كَعْبُ وقولا لَهَا: ما فِي البعاد لِذِي الْهَوَى ... بعاد وما فيه لصدع الهوى شعب مساكين أهل العشق ما كنت أشتري ... حياة جميع العاشقين بدِرْهمِ وذلك أن النَّاسَ فازوا من الهوى ... بسهمٍ وفي كفّايَ تِسعةَ أَسْهُمِ وَعَنِ الضَّحَّاك بْن عثمان الحزامي قَالَ: نزلت خيمة بالأبواء عَلَى امْرَأَة اعجبني حسنها فتمثّلت بقول نُصَيْب: فقالت المرأة لي: تعرف زينب صاحبة نصيب؟ قُلْتُ: لا! قالت: أَنَا هِيَ واليوم وعدني أن يأتيني. فلم أرم حتى جاء نصيب فنزل وسلّم ثم ناجاها ثم أنشدها شعرًا. وأخبار نصيب مستوفاة فِي تاريخ ابن عساكر. 585- النُّعْمان بْن سالم الطائفي2 -م4. عَنْ: ابن عُمَر، وعَمْرو بْن أوس الثقفي. وعَنْه: دَاوُد بْن أَبِي هند، وحاتم بْن أبي صغيرة، وشعبة. وثّقه النّسائي.   1 الشعر والشعراء "410-421"، الأغاني "1/ 324". 2 الجرح والتعديل "8/ 445"، تهذيب التهذيب "10/ 453". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 289 586- نُعَيم بْن عَبْد اللَّه المجْمِر1، مولى آل عمر -رضي الله عنهم. كَانَ يبخّر مسجد النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ. جالس أَبَا هُرَيْرَةَ مدة، وسَمِعَ أيضًا مِنَ ابن عُمَر، وجابر، وطائفة. وعَنْه: سَعِيد بْن أَبِي هلال، والعلاء بْن عَبْد الرَّحْمَن، ومالك بْن أنس، وفُلَيْح ابن سُلَيْمَان، وهشام بْن سعد، ومُسْلِم بْن خَالِد الزنجي، وآخرون. وثقة أَبُو حاتم وغيره. وبقي إلى حدود العشرين ومائة. قَالَ سَعِيد بْن أَبِي مريم، عَنْ مالك: سَمِعَ نعيمًا المجمر يَقُولُ: جالست أَبَا هُرَيْرَةَ عشرين سنة. "حرف الهاء": 587- هشام بْن أَبِي رقية اللخمي الْمَصْريّ2. عُمِّر دهرًا طويلًا. وروى عن: عمر بْنِ الْعَاصِ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَمُسْلِمَةَ بْنِ مخلد. وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وخالد بن أبي عمران، ويزيد بن أبي مريم، وغيرهم. قال ابن يونس: توفي سنة خمس عشرة ومائة. 588- هشام بن زيد بن أنس بن مالك3 -ع- عَنْ جدّه. وعَنْه: ابن عوف، وشعبة، وحمّاد بن سملة. قَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. 589- هلال بْن عَبْد اللَّه4، أَبُو طعمة مولى عُمَر بْن عَبْد العزيز. رَوى عَنْ مولاه، وَعَنِ ابن عُمَر. وعَنْه: عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز ويزيد بْن يزيد بْن جَابِر وابن لهيعة. وهو قليل الحديث.   1 التاريخ الكبير "8/ 96"، الجرح والتعديل "8/ 460". 2 التاريخ الكبير "8/ 192"، الجرح والتعديل "9/ 57". 3 التاريخ الكبير "8/ 194"، الجرح والتعديل "9/ 58". 4 الجرح والتعديل "9/ 77". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 290 "حرف الواو": 590- واصل بْن حيّان الأسدي الكوفي الأحدب1 -ع- بيّاع السابَري. رَوى عَنْ: زر، وأَبِي وائل، والمعرور بْن سُوَيْد، وإِبْرَاهِيم. وعنه: شعبة، وسفيان، ومهدي بن ميمون، وقيس بن الربيع، وآخرون. وثقه ابن معين. قال أبو نعيم: مات سنة عشرين ومائة. 591- واقد بن عمرو2 -م د ت ق- بن سعد بْن مُعَاذ بْن النُّعْمان الأشهلي أَبُو عبد الله المدني. رَوى عن: جَابِر بْن عَبْد اللَّه، وأنس، ونافع بْن جُبَيْر. وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عمرو بن علقمة وآخرون. وثقه ابن سعد. توفي سنة عشرين ومائة. 592- وبرة بن عبد الرحمن المسلي الكوفي3 -خ م د ت. عَنْ: ابن عُمَر، وابن عَبَّاس، وهمام بْن الحارث، وطائفة. وعَنْه: بيان بْن بشر، وإِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، ومجالد، ومِسْعَر. وثَّقه أَبُو زُرْعة. 593- الوليد بْن رفاعة الفهمي4، الأمير. ولي إقليم مصر لهشام. وحدثّ. رَوى عَنْه اللَّيْث بْن سعد. تُوُفِّي سنة ثماني عشرة ومائة.   1 التاريخ الكبير "8/ 171"، الطبقات الكبرى "6/ 386". 2 التاريخ الكبير "8/ 174"، الجرح والتعديل "9/ 32". 3 التاريخ الكبير "8/ 182"، الجرح والتعديل "9/ 42". 4 التاريخ الكبير "8/ 143"، الجرح والتعديل "9/ 4". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291 594- الوليد بْن سَريع1 -م ن. عَنْ: مولاه عَمْرو بْن حريث المخزومي، وابن أَبِي أوفي. وعَنْه: أَبُو حنيفة، ومِسْعَر، والمسعودي، وخلف بْن خليفة. وكان صدوقًا. 595- الوليد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْجُرَشي الحمصي2. عَنْ: ابن عُمَر، وأَبِي أُمَامة الباهلي، وجُبَيْر بْن نفير. وعَنْه دَاوُد بْن أَبِي هند، وإبْرَاهِيم بْن أَبِي عبلة، وعَبْد اللَّه بْن العلاء بْن زبر. وثَّقه أَبُو حاتم. 596- الوليد بْن العَيْزار بْن حريث الكوفي3 -خ م ت ن. عَنْ: أَبِي عَمْرو السيباني، وأبيه العيزار، وعِكْرِمة، ورأى أنسًا. وعَنْه: شُعْبَة، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وإسرائيل، وآخرون. وثَّقه أَبُو حاتم. 597- الوليد بْن مُسْلِم أَبُو بِشْر العنبري الْبَصْرِيّ4 -م د ن. عَنْ: جُنْدُب بْن عَبْد اللَّه، وعَنْ حمران بْن أبان، وأَبِي الصِّدِّيق الناجي. وعَنْه: خَالِد الحذّاء، ومنصور بْن زاذان، وسَعِيد بْن أَبِي عروبة، وجماعة. وثَّقه أَبُو حاتم الرازي وغيره. 598- الوليد بْن قيس أَبُو همام السَّكوني5 -ن. عَنْ: عَمْرو بْن ميمون الأودي، وسويد بْن غفلة، والقاسم بْن حسان. وعَنْه: الثَّورِي، وزهير بْن معاوية، ومحمد بن طلحة.   1 التاريخ الكبير "8/ 144"، الجرح والتعديل "9/ 6". 2 التاريخ لابن معين "2/ 633"، التاريخ الكبير "8/ 147". 3 التاريخ الكبير "8/ 174"، الجرح والتعديل "9/ 10". 4 التاريخ الكبير "8/ 152"، الجرح والتعديل "9/ 16". 5 التاريخ الكبير "8/ 51"، الجرح والتعديل "9/ 13". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 292 وثّقه ابن مَعِين. ولم يدركه ولده أَبُو بدر شجاع. 599- وهب بن منبّه1 -خ د ت ن- بن كامل بن سيج بن الأسوار الأبناوي أبو عبد الله الصنعاني العالم الحبر. عَنْ: ابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وجابر، وأَبِي سَعِيد، وأخيه همّام بْن منّبه. وعاش همّام بعده. وعَنْه: ابن أخيه عَبْد الصمد بْن مُغَفَّلٍ، وإسرائيل بْن مُوسَى، وسماك بْن الفضل، وعَمْرو بْن دينار، وعَوْف الأعرابي، وصالح بْن عُبَيْد، وخلق سواهم. وثَّقه أَبُو زُرْعة، والعجلي، والنّسائي. وكان صدوقًا عالمًا قد قرأ في كتب الأولين وعرف قصص الأنبياء عليهم السلام وكان يُشبَّه بكعب الأحبار فِي زمانه وكلاهما تابعيّ لكن مات قبله بنحوٍ مِنْ ثمانين سنة. فمولد وهب قريب مِنْ وفاة كعب، وفي الصحيحين حديث عمرو بن دينار، عَنْ وهب بْن منبّه، عَنْ أخيه همام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ العِجْلي: وهب تابعي ثقة كَانَ عَلَى قضاء صنعاء. وقَالَ غيره: كان أبوه منبه من أهل هراة فأرسل إلى اليمن زمن كسرى فأسالم فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحسُن إسلامه. وعَنْ وهب قَالَ: كانوا يقولون عَبْد اللَّه بْن سلام أعلم أهل زمانه وكان كعب أعلم أهل زمانه أفرأيت مِنْ جمعهما، يعني نفسه. وقَالَ مثَّنى بْن الصباح: لبث وهب أربعين سنة لم يسبّ شيئًا فيه روح، ولبث عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وضوءًا. ثم قَالَ وهب: قرأت ثلاثين كتابًا نزلت عَلَى ثلاثين نبيًا. وقَالَ عَبْد الصمد بْن مُغَفَّلٍ: صحبت عمّي وَهَبًا أشهُرًا يصلّي العداةَ بوضوء العشاء. وقيل: لبث أربعين سنة لم يرقد على فراش.   1 الطبقات الكبرى "6/ 395"، التاريخ الكبير "8/ 164". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 293 روى عَبْد المنعم بْن إدريس، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ وهب يحفظ كلامه فإن سلم يومه أفطر وإلا طوى. ورَوى عَبْد الصمد، عَنِ الْجَعْد بْن درهم قَالَ: ما كلَّمت عالمًا قط إلا حلّ حَبْوَتَه أو غضبٍ إلا وهب بْن منبّه. مَعْمَر، عَنْ سماك بْن الفضل قَالَ: كنّا عند عُرْوَة أمير اليمن إلى جنبه وهب فِي قوم، فشكوا عاملهم وذكروا منه شيئًا قبيحًا، فتناول وهُب عصا فضرب بها رأس العامل حتى سال دمه، فضحك عُرْوَة بْن مُحَمَّد وقَالَ: يعيب علينا أَبُو عَبْد اللَّه الغضب وهو يغضب فَقَالَ: ما لي لا أغضب وقد غضب الَّذِي خلق الأحلام فَقَالَ: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55] . ويرى أنهم قالوا لوهب: إنك تحدّثنا بالرؤيا فتقع حقًّا. فَقَالَ: هيهات ذهب ذَلِكَ عنّي مذ وليت القضاء. ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثنا حَسَّانُ بْنُ إبراهيم، ثنا يحيى بن ريان، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ مَوْلَى لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلانِ أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ وَهْبٌ يَهَبُ اللَّهُ لَهُ الْحِكْمَةَ، وَالآخَرُ يُقَالُ لَهُ غَيْلَانُ، هُوَ أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ"1. قَالَ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ رَيَّانٍ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُمَا. وَقَدْ رَوَى مِثْلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ سَالِمِ، عن الأحوص بن حكيم، عن خالد بن مَعْدَانَ، عَنْ عُبَادَةَ، لَكِنَّ مَرْوَانَ واهٍ. قَالَ العِجْلي: وكان وهب ثقة عَلَى قضاء صنعاء. وقَالَ أَحْمَد بْن حنبل: كَانَ يُتَّهم بشيء مِنَ القَدَر، ورجع. وقَالَ عَمْرو بْن دينار: دخلت عَلَى وهب بصنعاء، فأطعمني مِنْ جوزة في داره   1 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 47"، وقال: هذا حديث موضوع. قال أبو حاتم البستي: لا أصل لهذا الحديث، والأحوص كان يروي المناكير عن المشاهير فبطل الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: مروان ليس بثقة، وقال الكسائي، والدارقطني: متروك. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 294 فقلت له: وددت أنك لم تكن كتبت فِي القدر كتابًا، فَقَالَ: وأنا والله وَدِدْتُ ذَلِكَ. وقَالَ حمّاد بْن سَلَمَةُ: ثنا أَبُو سنان، سَمِعْتُ وهب بْن منِّبه يَقُولُ: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعًا وسبعين كتابًا مِنْ كتب الأنبياء مِنْ جعل شيئًا مِنَ المشيئة إلى نفسه فقد كفر، فتركت قولي. وقَالَ عَبْد الرزاق: سَمِعْتُ أَبِي همّامًا يَقُولُ: حجّ عامّة الفقهاء سنة مائة فحجّ وهب، فلما صلّوا العشاء أتاه نفر فيهم عطاء والحَسَن وهم يريدون أن يكلّموه فِي القدر قال: فأخذ في باب الحمد فما زال حتى طلع الفجر فافترقوا ولم يسألوه. وعَنْ وهب قَالَ: لا بُدَّ لك مِنَ النَّاسَ فكن فيهم أصمَّ سميعًا أعمى بصيرًا أخْرَسَ نَطُوقًا. ورَوى أَبُو سلام -رَجُل لا أعرفه- عَنْ وهب قَالَ: العِلْم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيمته، والصبر أمير جنوده، والرفق أَبُوهُ، واللّين أخوه. وعَنْ وهب قَالَ: احتمال الذُّلّ خير مِنَ انتصارٍ يزيد صاحبَهُ قماءة. وقد حُبس وهب وامتحن. قال حبان بن وزهير العدوي: حَدَّثَني أَبُو الصيد صالح بْن طريف قال: لما قدم يوسف بن عمر العراق بكيت وقلت: هذا الَّذِي ضرب وهب بْن منّبه حتى قتله. وقَالَ عَبْد الصمد بْن معقِل: مات وهب فِي المحرَّم سنة أربع عشرة ومائة. وقَالَ الواقدي: سنة عشر ومائة. "حرف الياء": 600- يحيى بن عبد الله1 -ع- بن محمد بن صيفي المخزومي المكي. عَنْ: أَبِي معبد مولى ابن عَبَّاس، وسَعِيد بْن جُبَيْر، وغيرهما. وعَنْه: ابن أَبِي نجيح، وزكريّا بْن إسحاق، والسائب بْن عُمَر، وابن جريج المكيون. وثقه ابن معين وغيره.   1 التاريخ الكبير "8/ 184"، الجرح والتعديل "9/ 162". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 295 601- يحيى بْن الحصين الأحمسي1 -م د ن ق- صَدُوق. رَوى عَنْ: جدّته أم الحصين، ولها صُحْبه. وعَنْه: يزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وشُعْبَة. وثَّقه ابْن مَعِين. 602- يحيى بْن عبّاد أَبُو هُبَيرة الأنصَارِيّ الكوفي2 -م4. عَنْ: أنس، وأرسل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وخبّاب بْن الأرتّ. وعنه: سليمان التيمي، وأشعث بن سوار، ومسعر. وكان فاضلا عابدا صدوقا. 603- يحيى بن عروة بن الزبير3 -خ م د. عَنْ أَبِيهِ. وعَنْه: أخوه هشام، وابنه مُحَمَّد، والزُّهْرِيّ، وابن إسحاق، وغيرهم. وثَّقه النّسائي، وقَالَ: كَانَ أعلم مِنْ أخيه هشام. 604- يحيى بْن عُقَيْل الخزاعي4 -م د ن ق- بَصْرِيّ نزل مرو. عَنْ: عمران بْن حُصَيْن، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي أوفى، وأنس، ويحيى بْن يعمر. وعَنْه: واصل مولى أَبِي عُيَيْنَة، وسُلَيْمَان التَّيْمي، وعزرة بْن ثابت، والحُسَين بْن واقد، وآخرون. وهو ثقة. 605- يحيى بْن عُمَر البَهْراني الكوفي5 -م د ن ق- عَنِ ابن عَبَّاس. وعَنْه أَبُو إسحاق، وزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وشُعْبَة. قَالَ أبو حاتم: صدوق.   1 التاريخ الكبير "8/ 266"، الجرح والتعديل "9/ 135". 2 التاريخ الكبير "8/ 291"، الجرح والتعديل "9/ 172". 3 التاريخ الكبير "8/ 296"، الجرح والتعديل "9/ 175". 4 التاريخ الكبير "8/ 292"، الجرح والتعديل "9/ 176". 5 لم أجده في كتاب الجرح والتعديل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 296 606- يحيى بْن ميمون الحضْرَمِيّ1 -د ن- قاضي مصر. عَنْ سهل بْن سعد الساعدي، وربيعة الجرشي، وأَبِي سالم الجيشاني. وعَنْه: عَمْرو بْن الحارث، وعياش بن عقبة، وابن لَهِيعَة. قَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. 607- يزيد بن خمير الرحبي الهمداني2 -م ع- أبو عمر. عَنْ: أَبِي أُمَامة، وعَبْد اللَّه بْن بسر، وخَالِد بْن معدان. وعَنْه: صَفْوان بْن عَمْرو، وشُعْبَة وأَبُو عَوَانَة، وجماعة. وثَّقه شُعْبَة. 608- أما يزيد بْن خمير اليزني3 فحمصي مِنْ قدماء التابعين. 609- يزيد بْن أَبِي سُلَيْمَان الكوفي4. عَنْ أَبِي وائل، وزِر بْن حبيش. وعَنْه: العلاء بْن المسيّب، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وحبيب بْن خَالِد، وجابر بْن يزيد العِجْلي -لا الجعفي، وغيرهم. 610- يزيد بْن شُرَيْح الحضْرَمِيّ الحمصي5. عن: عائشة، وثوبان، وكعب مرسلًا، وسمع أباحى المؤذّن. وعَنْه: الزُّبَيْدِيُّ، وثور بْن يزيد. قَالَ الدارَقُطْنيُّ: يُعتبر بِهِ. 611- يزيد بن رومان6 -ع- أبو روح المدني المقرئ مولى آل الزبير.   1 التاريخ الكبير "8/ 303"، الجرح والتعديل "9/ 188". 2 التاريخ الكبير "8/ 329"، الجرح والتعديل "9/ 258". 3 التاريخ الكبير "8/ 329"، الجرح والتعديل "9/ 258". 4 الجرح والتعديل "9/ 269"، الخلاصة "432". 5 التاريخ الكبير "8/ 341"، الجرح والتعديل "9/ 271". 6 التاريخ الكبير "8/ 331"، الجرح والتعديل "9/ 260". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 297 رَوى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ -وما أحسبه لقيه- وَعَنِ ابن الزُّبَيْر، وعُرْوَة وصالح ابن خوّات، وغيرهم، وقرأ القرآن عَلَى عَبْد اللَّه بْن عيّاش المخزومي باتفاق، وقيل إنّه قرأ عَلَى زيد بْن ثابت ولا يصح ذَلِكَ. وهُوَ أحد شيخ نافع الخمسة الذين أسند عَنْهُمُ القراءة. رَوى عَنْه: أَبُو حازم الأعرج، وابن إسحاق، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وجرير بْن حازم، ومالك، وآخرون. قَالَ ابن سعد: كَانَ ثقة عالمًا كثير الحديث، قِيلَ: تُوُفِّي سنة عشرين ومائة وهُوَ أشبه، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثلاثين. قَالَ النّسائي: ثقة. 612- يزيد بْن قُطَيْب السَّكوني الشامي المقرئ1. سَمِعَ أَبَا بحرية عَبْد اللَّه بْن قيس. وعَنْه: أَبُو إبراهيم الكلبي، والولد بْن سُفْيان الغسّاني، وصَفْوان بْن عَمْرو. وغيرهم. 613- يزيد بْن أَبِي منصور الأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ2 -ت. رَوى بمصر وبأفريقية عَنْ عَائِشَةَ -إنْ صحّ- وعَنْ ذي اللحية الكلابي وأنس بْن مالك. وعَنْه: سهل العدوي، وعَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن أنعم، وموسى بْن عليّ، وعَبْد العزيز. ورجع فِي آخر عمره إلى البصرة. قَالَ أَبُو حاتم: لَيْسَ بِهِ بأس. 614- يزيد بْن ميسرة بن حلبس الدمشقي3.   1 التاريخ الكبير "8/ 353"، الجرح والتعديل "9/ 385". 2 التاريخ الكبير "8/ 363"، التاريخ لابن معين "2/ 677". 3 التاريخ الكبير "8/ 355"، الجرح والتعديل "9/ 288". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 298 روى عنه: أم الدِّرْداء، وأَبِي إدريس الخَوْلاني. وعَنْه: أخوه يونس، وصَفْوان بْن عَمْرو، ومعاوية بْن صالح، وآخرون. سكن حمص، وكان واعظًا زاهدًا عارفًا. ومن كلامه قَالَ: إن ظللت تدعو عَلَى مِنْ ظلمك فإن اللَّه يَقُولُ: إن آخر يدعو عليك إن شئت لك وله وإن شئت آخّرتكما إلى يوم القيامة ووسعكما عفوي. ورَوى الوليد بْن مُسْلِم عَنِ الأَوزاعيّ قَالَ: قدم عطاء الخراساني عَلَى هشام بْن عَبْد الملك فنزل على مكحول فقال له: ههنا أحد يحرّكنا؟ قَالَ: نعم يزيد بْن مَيْسرة، فأتوه فَقَالَ عطاء: حرّكنا رحمك اللَّه، قَالَ: كَانَ العلماء إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شغلوا، فإذا شغلوا فقدوا، فإذا فقدوا طلبوا، فإذا طلبوا هربوا، ثم استعاده فأعاد عَلَيْهِ، فرجع عطاء ولم يلق هشامًا وتركه. 615- يزيد بْن نُعَيم بْن هَزَّالٍ الأسلمي1 -م د ن. عَنْ: جدّه وجَابِر بْن عَبْد اللَّهِ، وسَعِيد بْن المسيّب. وعَنْه: يحيى بْن أَبِي كثير، وعِكْرِمة بْن عمار، وهشام بْن سعد. 616- يعقوب بن أبي سلمة الماجشون2 -م د ت ن. أبو يوسف المدني مولى آل المنكدر التَّيْمي. سَمِعَ ابن عُمَر، وأبا سَعِيد، والأعرج. وعَنْه: ابناه يوسف، وعَبْد العزيز، وابن أخيه عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه الماجشون. وكان يعلم الغناء ويتّخذ القِيان وأمره فِي ذَلِكَ ظاهر مَعَ صدقه فِي الرواية، وكان يجالس عُرْوَة، ويجالس عُمَر بْن عَبْد العزيز أيام ولايته عَلَى المدينة فلما استُخلف وَفَد يعقوب عَلَيْهِ فَقَالَ: إنا تركناك حين تركنا لبس الخزّ. قَالَ مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ: وكان الماجشون أول مِنْ علم الغناء مِنْ أهل المروءة بالمدينة. وقَالَ سوار بْن عَبْد اللَّه: ثَنَا أَبِي، ثنا إسحاق بْن عيسى بْن مُوسَى، عَنِ ابن الماجشون قَالَ: عُرِّج برُوح أَبِي الماجشون فوضعناه عن مغتسله وأعلمنا الناس فدخل   1 التاريخ الكبير "8/ 364"، الجرح والتعديل "9/ 292". 2 الطبقات الكبرى "5/ 415"، التاريخ الكبير "8/ 392". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 299 غاسل فرأى عرقًا يتحرك من أسفل قدمه فَقَالَ لنا: أرى عِرْقًا يتحرك مِنْ أسفل قدمه، فاعتللنا عَلَى النَّاسَ وقلنا: لم يتهيأ، فأصبحنا وأتى الغاسل والناس فرأى العِرق يتحرك. قَالَ: فاعتذرنا إلى النَّاسَ بالأمر الَّذِي رأيناه فمكث ثلاثًا، ثم إنّه نشغ فاستوى جالسًا فَقَالَ: ائتوني بسويق فأتيَ بِهِ فشربه فقلنا: خبّرنا قَالَ: نعم إنّه عُرج بروحي إلى السماء فصعد بي المَلَك حتى انتهى إلى السماء السابعة فقيل لَهُ: مِنْ معك؟ قَالَ: الماجشون. فقيل لَهُ: لم يأن لَهُ بقي مِنْ عمره كذا وكذا سنة، ثم هبط فرأيت النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْر عَنْ يمينه وعُمَر عَنْ يساره وعُمَر بْن عَبْد العزيز بين يديه، فقلت للذي معي: مَن هذا؟ وأحبببت أن أستثبته قال: أوتعرفه! هذا عُمَر بْن عَبْد العزيز، قُلْتُ: إنّه لقريب المقعد مِنَ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ: قَالَ: إنّه عمل بالحق فِي زمن الجور وإنهما عملا بالحق فِي زمن الحق. توفي في خلافة هشام وولد فِي زمن عثمان سنة أربع وثلاثين. 617- يعقوب بن خالد بن المسيب المخزومي1. عَنْ: أَبِي صالح السمان، وإِسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم الشيباني. وعَنْه: يحيى بْن سَعِيد الأنصَارِيّ، ويزيد بْن الهاد، وعمرو بن أَبِي عُمَر. ومات شابًا. 618- يعقوب بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي طلحة الأنصَارِيّ2 -م- عَنْ عمه أنس. وعَنْه: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وأسامة بْن زيد اللَّيْثي. وثَّقه أَبُو زُرْعة. 619- يعلى بْن عطاء العامري الطائفي3 -م4- نزيل واسط. رَوى عَنْ: أَبِيهِ، ووكيع بْن عدس، وعمارة بْن حديد، وعمرو بن الشريد، وجماعة كثيرة. وعنه: شعبة، وحماد بن سلمة، وشريك، وأبو عوانة، وهشيم.   1 الجرح والتعديل "9/ 207". 2 التاريخ الكبير "8/ 389"، تهذيب التهذيب "11/ 396". 3 الطبقات الكبرى "5/ 520"، التاريخ الكبير "8/ 415". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 300 وثقه أحمد، وقَالَ غير واحد: تُوُفِّي سنة عشرين ومائة. 620- يعلي بْن مُسْلِم بْن هُرْمُز1 -م د ن. بَصْرِيّ نزل مكة. وحدّث عَنْ: أَبِي الشعثاء، وسَعِيد بْن جُبَيْر، ومجاهد. وعنه: ابن جريج، وسفيان بن حسين، وشعبة. وثقه ابن معين. 621- يوسف بن سعد الجمحي2 -ت ن- مولاهم البصري. عَنْ: الحَسَن بْن عليّ، والحارث بْن حاطب. وعَنْه: القاسم بْن الفضل الحُدّاني، والربيع بْن مُسْلِم، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وآخرون. أثنوا عَلَيْهِ. 622- يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن الحارث الأنصَارِيّ3 -م ت ن ق- مولاهم الْبَصْرِيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وخاله مُحَمَّد بْن سيرين، وأنس بْن مالك، وأَبِي العالية. وعَنْه: خَالِد الحذّاء، ومهدي بْن ميمون، وسُلَيْمَان بْن المغيرة، وحمّاد بْن سلمة. وثقه ابن مَعِين. 623- يوسف بْن ماهك الفارسي4 -ع- مولى المكيين. رَوى عَنْ: حكيم بن حزم، وابن عباس، وأبي هريرة، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وعَبْد اللَّه بْن صفوان بن أمية، وعبيد ابن عُمَيْر، وغيرهم. وعَنْه: أيّوب، وعطاء، وأَبُو بشر، وحميد الطويل، وابن جريج، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "8/ 417"، الجرح والتعديل "9/ 302". 2 التاريخ الكبير "8/ 373"، التاريخ لابن معين "2/ 685". 3 التاريخ لابن معين "2/ 685"، التاريخ الكبير "8/ 372". 4 الطبقات الكبرى "5/ 470"، التاريخ الكبير "8/ 375". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 301 وثقه ابن مَعِين. قَالَ الواقدي ويحيى بْن بُكَيْر والفلاس: تُوُفِّي سنة ثلاث عشرة ومائة. وقَالَ الْهَيْثَمُ بْن عَدِيّ سنة عشر، وقيل سنة أربع عشرة والأول أصح. 624- يونس بْن سيف الكلاعي الحمصي1 -د ق. عَنْ: الحارث بْن زياد، وأَبِي إدريس الخَوْلاني. وعَنْه: الزُّبَيْدِيُّ، ومعاوية بْن صالح، وغيرهما. تُوُفِّي سنة عشرين ومائة. "الكنَى": 625- أبو البداع بن عاصم2 -ع- بن عدي البلوي أبو عمرو الْمَدَنِيّ. عَنْ: أَبِيهِ. وعَنْه: أَبُو بَكْر بْن حزم، وعبد الملك بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارث، وابنه عاصم. توفي سنة سبع عشرة وقيل: سنة عشر ومائة. 622- أبو بكر بن حفص3 -ع- بْن عُمَر بْن سَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيّ الْمَدَنِيّ، واسمه عبد الله. رَوى عَنْ: ابن عُمَر، وأنس، وعُرْوَة بْن الزبير. وعنه: زيد بن أَبِي أُنَيْسَةَ، ومُحَمَّد بْن سوقة، وشُعْبَة. وكان ثقة. 627- أَبُو بكر بْن عَبْد اللَّه بْن أبي الجهم4 -م ت ن ق- بن حذيفة العدوي.   1 التاريخ الكبير "8/ 405"، الجرح والتعديل "9/ 239". 2 الجرح والتعديل "9/ 348"، تهذيب التهذيب "12/ 17". 3 التاريخ الكبير "9/ 10"، الجرح والتعديل "9/ 338". 4 الجرح والتعديل "9/ 338"، تهذيب التهذيب "12/ 26". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 302 عن: ابن عمر، وفاطمة بنت قيس، وغيرهما. وعَنْه: أَبُو بَكْر النَّهْشَلِيُّ، وشُعْبَة، وشَرِيك. 628- أَبُو بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ1 -ع- الأنصاري النجاري المدني. قاضي المدينة وأميرها وكان أعلم زمانة بالقضاء فيما قَالَ. رَوى عَنْ عبّاد بْن تميم وسلمان الأغرّ وعَبْد اللَّه بْن قيس بْن مخرمة وعمرو بن سليم الزرقي أبي حَبّة البدري وخالته عمرة. وعَنْه ابناه عَبْد اللَّه ومُحَمَّد وأفلح بْن حُمَيْد والأَوزاعيّ والمسعودي وآخرون. وثقه ابن مَعِين. وقَالَ مالك: لم يل عَلَى المدينة أمير أنصَارِيّ غيره. وقيل: كَانَ كثير العبادة والتهجُّد. وقَالَ الواقدي: هُوَ الَّذِي كَانَ يصلّي بالناس ويتولَّى أمرهم واستقضى ابن عمّه أَبَا طوالة. وقَالَ أَبُو الغصن الْمَدَنِيّ: رأيت فِي يدي أَبِي بَكْر بْن حزم خاتم ذهب فَصّه ياقوتة حمراء. ورَوى عطاف بْن خَالِد، عَنْ أُمّه، عَنْ زَوْجَة ابن حزم أَنَّهُ ما اضطَّجع عَلَى فراشة بالليل منذ أربعين سنة. وقيل: كان له في الشهر ثلاثمائة دينار. وقَالَ مالك: ما رأيت مثل ابن حزم أعظم مروءة وأتم حالا ولا رأيت من أوتي مثل ما أوتي: ولاية المدينة والقضاء والموسم. قِيلَ: تُوُفِّي سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة سبع عشرة. 629- أَبُو بَكْر بْن المنكدر التيمي2 -سوى ق- أسن الإخوة.   1 الطبقات الكبرى "8/ 480-481"، التاريخ الكبير "9/ 10". 2 التاريخ الكبير "9/ 13"، الجرح والتعديل "9/ 342". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 303 رَوى عَنْ: جَابِر، وأَبِي أُمَامة بْن سهل. وعَنْه: بُكَيْر بْن الأشجّ، وعُمَر بْن مُحَمَّد العمري، وشُعْبَة، وثقوه. 630- أَبُو ذبيان1 -خ م ن- عَن ابن الزبير. وعَنْه: حفصة بنت سيرين -مَعَ تقدّمها- وجعفر بْن ميمون، وشُعْبَة. وثَّقه النّسائي، واسمه خليفة بْن كعب التميمي. 631- أَبُو رافع مولى أم سَلَمَةَ2، واسمه عَبْد اللَّه بْن رافع. عَنْ: أم سَلَمَةَ، وأَبِي هُرَيْرَةَ. وعَنْه: سَعِيد المَقْبُري، وأيوب بْن خَالِد، ومُحَمَّد بْن إسحاق. وثَّقه أَبُو زُرْعة. مِنْ سادات التابعين وزُهّادهم، وكان ابن جزء الزُّبَيْدِيُّ إذا رآه قَالَ: ما لأحد عَلَى أَبِي زُرْعة فضل إلا بالصَّحْبَة. 632- أَبُو زُرْعة التجيبي3، مولى بني سَوْم الْمَصْريّ. وقَالَ عَبْد الملك بن مروان: وهو والله خير بنى سوم. وقَالَ غيره: قتل وهيب فخرج القُرّاء يطلبون بدمه وممن كَانَ معهم أَبُو زُرْعة، فقُتل فيمن قُتِل سنة سبع عشرة ومائة، وكان من الصالحين الكبار. 633- أبو رجاء مولى أبي قلابة4 -خ م د ن- اسمه سلمان. عَنْ: مولاه، وعَنْ عَنْبَسَةَ بْن سَعِيد بْن العاص وعُمَر بْن عَبْد العزيز، وأبي المهلب. وعنه: أيوب السختياني، وحميد الطويل، وابن عَوْن، وحَجَّاج الصواف. وهُوَ مُقِلّ.   1 تهذيب التهذيب "3/ 162". 2 الجرح والتعديل "5/ 53"، تهذيب التهذيب "5/ 206". 3 لم أجد له ترجمة. 4 الجرح والتعديل "4/ 299"، تهذيب التهذيب "4/ 140". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 304 634- أَبُو السائب1 -م ع- مولى هشام بْن زهرة. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وأَبِي سَعِيد. وعَنْه: بُكَيْر بْن الأشجّ، والعلاء بْن عَبْد الرَّحْمَن، والزُّهْرِيّ، وشَرِيك بْن أَبِي نَمِر، وغيرهم. ويحتمل أَنَّهُ مات فِي الطبقة الماضية. 635- أَبُو سَعِيد الرعيني2 -4- القتابي المصري قاضي إفريقية. عن: أبي تميم الجيشاني، وعَبْد اللَّه بْن مالك اليَحْصُبي. وعَنْه: بَكْر بْن سوارة، وعُبَيْد اللَّه بْن زحر. مات فِي حدود سنة خمس عشرة ومائة، اسمه جُعْثُل بْن هَاعَان. 636- أَبُو سُفْيان طلحة بْن نافع الإسكاف3 -خ م ت د. عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه وأنس بْن مالك وابن عَبَّاس وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَيْر. وعَنْه: حُصَيْن، والأعمش، وحَجَّاج بْن أرطأة، وابن إسحاق، وشُعْبَة. قَالَ أَبُو حاتم: أَبُو الزُّبَيْر أحبّ إلي منه. وقال ابن عُيَيْنَة: إنما أَبُو سُفْيَان عَن جَابِر صحيفة. وقَالَ أَحْمَد بْن حنبل وغيره: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شيء. قُلْتُ: قرنه الْبُخَارِيّ بآخر. 637- أَبُو عَبْد رب الزّاهد الدمشقي4 -ق- مولى روميّ اسمه قسطْنطين. رَوى عن: فَضَالَةَ بْن عُبَيْد، ومعاوية، وأُوَيْس القرني.   1 تهذيب التهذيب "12/ 104". 2 التاريخ لابن معين "2/ 83"، تهذيب التهذيب "2/ 79". 3 التاريخ الكبير "4/ 346"، الجرح والتعديل "4/ 475". 4 تاريخ أبي زرعة "1/ 247"، تهذيب التهذيب "12/ 152". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 305 وعنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهما. وقد خرج عن عشرة آلاف دينار الله، وكان يختار الفقر عَلَى الْغِنَى، ولم يخلّف إلا ثمن كفنٍ، وكان كبير الشأن. رَوى سَعِيد بْن عَبْد العزيز، عَنْ أَبِي عَبْد ربّ قَالَ: لو سَالَتْ بَرَدِي ذهبًا أو فضّةً ما قمت إليها، ولو قِيلَ لي: من احتضن هذا العمود مات لَقُمْتُ إِلَيْهِ1! قَالَ سَعِيد: ونَحْنُ نعلم أَنَّهُ صادق. مات سنة اثنتي عشرة ومائة. 638- أَبُو عُبَيْد الحاجب2 -م د- مولى سُلَيْمَان بْن عَبْد الملك وحاجبه. عَنْ: عَمْرو بْن عَبْسَةَ، وأنس بْن مالك، وعدة. وعَنْه: ابن عَجْلان، والأَوزاعيّ، ومالك، وآخرون. وثَّقه أَبُو زُرْعة، وكان بعد الحجابة مِنَ العلماء العاملين رحمه اللَّه تعالى. قَالَ بِشْر بْن عَبْد اللَّه: لم أر أحدًا أعلم بالعلم من أبي عبيد. وروى وليد، عن عبد الرحمن بن حسان الكناني أنا أبا عبيد كَانَ يحجب سُلَيْمَان، فلمّا ولي عُمَر بْن عَبْد العزيز قَالَ: أَيْنَ أَبُو عُبَيْد؟ فدنا منه فَقَالَ: هذه الطريق إلى فلسطين وأنت أهلها فالْحق بها، فقالوا: بعد يا أمير المؤمنين لو رأيت أَبَا عُبَيْد وتشميره للخير والعبادة، قَالَ: ذاك أحقّ أن لا نفتنه، كانت فيه أبهةٌ عَنِ العامّة، وفي لفظ: للعامة. 639- أبو عبيدة بن عَبْد اللَّهِ3 -م د ت ق- بن زمعة بن الأسود القرشي الأسدي. عَنْ: أَبِيهِ، وأمّه زينب بنت أَبِي سَلَمَةَ، وجدَّته أمّ سَلَمَةَ. وعَنْه: الزُّهْرِيّ، وابن إسحاق، وجماعة.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 160". 2 تهذيب التهذيب "12/ 158". 3 الجرح والتعديل "9/ 404". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 306 640- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ1 -4- بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ العنسيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وجابر، والرّبيع بنت معوّذ. وعَنْه: سعد بْن إبْرَاهِيم، وابن إسحاق، وجماعة وَيُكْنَى أَبَا سَلَمَةَ. 641- أَبُو عُشّانة المعافريّ2 -د ت ق- حي بن يؤمن المصري. عن: رويفع بن ثاب، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وعَنْه: حرملة بْن عمران، وعمرو بن الحارث، والليث، وعدة. وكان من أجناد اليمن، مات سنة ثمان عشرة ومائة. 642- أَبُو الفيض3 -د ت ن- واسمه موسى بن أيوب، حمصيّ. عَنْ: معاوية، وأَبِي قرصافة جَنْدَرَة. وعَنْه: زيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وشُعْبَة. وثَّقه ابْن مَعِين. 643- أبو كثير السحيمي4 -م4- اليمامي الأعمى وزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن وقيل: ابن عَبْد اللَّه. روى عن أبي هريرة. وعنه: يحيى بن أبي كثير، وعقبة بن التوءم، وعِكْرِمة بْن عمّار، والأَوزاعيّ، وأيوب بْن عُتْبَة، وجماعة. وثَّقه أَبُو حاتم وغيره. 644- أَبُو لُبابة التيمي الوراق5 -ت ن- واسمه مروان. عن: عائشة، وأنس.   1 التاريخ الكبير "9/ 52"، تهذيب التهذيب "12/ 160". 2 التاريخ لابن معين "2/ 141"، التاريخ الكبير "3/ 119". 3 التاريخ لابن معين "2/ 592"، الجرح والتعديل "8/ 134". 4 الجرح والتعديل "9/ 276"، تهذيب التهذيب "12/ 211". 5 الجرح والتعديل "8/ 372"، تهذيب التهذيب "10/ 99". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 307 وعَنْه: هشام بْن حسّان، وحمّاد بْن زيد. وثقه ابن مَعِين يقال: إنّه مولى لعائشة -رَضِيَ اللَّه عنهما. 645- أبو مريم النصاري1 -د ت. ويقال الحضرمي الشامي صاحب القناديل وقيّم مسجد حمص وقيل: إنّه قرره خالد بن الوليد لذلك. روى عن: أبي هريرة، وجابر. وعنه: يحيى بن أبي عمرو السيباني، ومعاوية بن صالح، وحريز بن عثمان، وصفوان بن عمرو، وقيل: إن فرج بن فضالة لحقه. قال أحمد بن حنبل: رأيتهم بحمص يثنون عليه. وقال العجلي: أبو مريم مولى أبي هريرة تابعي ثقة. وفرق البخاري بين هذا وبين خادم مسجد حمص، وجمعهما أبو حاتم. 646- أبو المليح بن أسامة الهذلي2 -ع- اسمه عامر وقيل: زيد بَصْرِيّ ثقة. رَوى عَنْ: أَبِيهِ، وعَائِشَة، وبريدة بْن الحصيب، وعَوْف بْن مالك وابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وجماعة. وعَنْه: أيّوب السختياني، وأَبُو بِشرْ، وخَالِد الحذّاء، وحَجَّاج بْن أرطأة، وقَتَادة، وأَبُو بَكْر الْهُذَلِيُّ. وكان عاملا عَلَى الأُبّلة. قَالَ ابن سعد وابن أَبِي عاصم: توفي سنة اثنتي عشرة ومائة. 647- أبو المهزم التيمي3 -د ت ق. بَصْرِيّ اسمه يزيد بْن سُفْيان وقيل: عَبْد الرَّحْمَن بْن سفيان. عن أبي هريرة.   1 التاريخ الكبير "9/ 68"، الجرح والتعديل "9/ 436-437". 2 الطبقات الكبرى "7/ 219"، التاريخ الكبير "6/ 449". 3 الطبقات لابن معين "2/ 671"، الجرح والتعديل "9/ 269". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 308 وعَنْه: حُسَين المعلّم، وحبيب المعلّم، وشُعْبَة -ثم تركه- وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وعَبْد الوارث بْن سَعِيد. وهُوَ أقدم شيْخ لعبد الوارث، وأحسبه عاش بعد العشرين ومائة. ضعّفه ابن مَعِين. وقال النسائي: متروك. 648- أبو نوقل بن أبي عقرب1 -د ن. رَوى عَنْ: أَبِيهِ، وعَائِشَة، وأسماء، وعَبْد اللَّه بْن عُمَر. روى: عنه ابن جريج، والأسود بن شيبان، وشعبة. وثقه ابن معين. 649- أبو وهيب الجيشاني المصري2 -د ت ق. عن: الضحاك بن فيروز الديلمي، وعبد الله بن عمرو بن العاص. وعنه: عمرو بن الحارث، والليث، وابن لهيعة. اسمه على الأصح: عبيد بن شرحبيل. وقال البخاري: ديلم بن هوشع، والله أعلم. آخر الطبقة الثانية عشرة   1 التاريخ لابن معين "2/ 574". 2 التاريخ الكبير "3/ 349"، الجرح والتعديل "3/ 434". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 309 الفهرس العام للكتاب : الموضوع رقم الصفحة -الطبقة الحادية عشر- "حوادث سنة إحدى ومائة". 3 الوفيات في هذه السنة. 3 استخلاف يزيد بن عبد الملك. "حوادث سنة اثنتين ومائة". 3 الوفيات في هذه السنة. 3 وقعة العقر. 4 مقتل المفضل وجماعة من آل المهلب. 4 توثيق المفضل بن المهلب. "حوادث سنة ثلاث ومائة". 4 الوفيات في هذه السنة. 5 مقتل أمير الأندلس. "حوادث سنة أربع ومائة". 5 الوفيات في هذه السنة. 5 وقعة نهر الران. "حوادث سنة خمس ومائة". 5 الوفيات في هذه السنة. 6 الحرب بين الخاقان والجراح الحكمي. "حوادث سنة ست ومائة". 6 الوفيات في هذه السنة. 6 عزل عمر بن هبيرة عن ولاية العراق. 7 غزو مسلم بن سعيد فرغانة. 7 استعمال أسد بن عبد الله على خُراسان. 7 اللان يُعطون الجزية للجراح الحكمي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 311 "حوادث سنة سبع ومائة". 7 الوفيات في هذه السنة. 7 عزل الجراح وغزو مسلمة قيصرية الروم. 7 غزو أسد بن عبد الله بلاد غرشستان. "حوادث سنة ثمان ومائة". 7 الوفيات في هذه السنة. 8 غزو أسد بن عبد الله بلاد الغور. 8 زحف ابن الخاقان إلى أذربيجان وهزيمته. 8 غزو معاوية بن هشام أرض الروم وفتح خنجرة. "حوادث سنة تسع ومائة". 8 الوفيات في هذه السنة. 8 غزوة معاوية بن هشام أرض الروم وفتح حصن بها. 8 غزوة مسلمة لأذربيجان. "حوادث سنة عشر ومائة". 8 الوفيات في هذه السنة. 9 غزو مسلمة بلاد الخرز"غزوة الطين". 9 افتتاح معاوية بن هشام حصنين من أرض الروم. 9 وقوع طاغية القوم بيد عبيدة الذكواني أمير إفريقية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 312 تَرَاجِمُ أَعْيَانِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ"حرف الألف" "حَرْفُ الأَلِفِ". 9 1- أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. 9 2- إبراهيم بن عبد الله بن حُنين. 10 3- إبراهيم بن عبد الله بن معبد. 10 4- إبراهيم بن محمد بن طلحة. 11 5- الأحوص الشاعر"أبو عاصم". 11 6- إسحاق بن عبد الله بن الحارث. 12 7- إسحاق بن قبيصة بن ذُؤَيْب. 12 8- إسحاق مولى زائدة. 12 9- أسلم العجلي. 12 10- الأسود بن سعيد الهمذاني. 12 11- أصبغ بن نباتة الدارمي. 13 12- أيفع بن عبد الكلاعي. 13 13- أيوب بن بشير بن كعب. 14 14- أيوب بن شرحبيل بن أكسوم. "حرف الْبَاءِ". 14 15- بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ الشامي. 14 16- بُشير بن صفوان الكلبي. 14 17- بُشير بن يسار المدني. 15 18- بعجة بن عبد الله بن بدر. 15 19- بكر بن عبد الله بن عمرو المُزني. 17 20- بكر بن ماعز الكوفي. "حرف التاء". 17 21- تُبيع بن عامر الحميري. 18 22- تميم بن نذير العدوي. "حرف الثاء". 18 23- ثُمامة بن حزن القُشَيري. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 313 "حرف الْجِيمِ". 18 24- جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ. 19 25- جرير بن الخطفي الشاعر. 20 26- جعفر بن عمرو بن حُرَيث. 21 27- جُميع بن عُمَير. "حرف الحاء". 21 28- الحارث بن مِخْمَر الظهراني. 22 29- حبان بن رفيدة الكوفي. 22 30- حبان بن جزئ السلمي. 22 31- حبيب بن سالم. 22 32- حبيب بن الشهيد. 23 33- حبيب بن بسار. 23 34- الحسن البصري. 32 ذكر غلط من نسبه إلى القدر. 35 35- الحسن بن مسلم بن يناق. 35 36- الحصين بن مالك بن الخشخاش. 35 37- حطان بن خُفاف الجَرْمي. 36 38- حفصة بنت سيرين. 36 39- الحكم بن عبد الله البصري. 37 40- الحكم بن عبد الأسدي. 37 41- الحكم بن مينا الأنصاري. 37 42- حكيم بن أبي حُرة. 37 43- حكيم بن حكيم بن عباد. 38 44- حكيم بن عُمير بن الأحوص. 38 45- حكيم بن معاوية بن حيدة. 38 46- حماد الأسدي الكوفي. 38 47- حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 39 48- حمزة بن أبي أُسيد. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 314 39 49- حميد بن عُقْبة. 39 50- حميد بن مالك. 39 51- حَوْطُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ الْعَبْدِيُّ. 40 52- حيان بن عُمَير الجريري. "حرف الخاء". 40 53- خالد بن مَعْدان. 41 54- خُلَيْد بن عبد الله العصري. "حرف الدَّالِ". 41 55- دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمِ بْنِ عُروة. 42 56- دينار، أبو عبد الله القراظ. 42 57- دينار عُقَيصا أبو سعيد. "حرف الذال". 42 58- ذفيف مولى ابن عباس. 42 - ذكوان أبو صالح السمان. 42 59- ذيال بن حَرْملة الأسدي. "حرف الراء". 43 60- راشد بن سعد الحمصي. 43 61- الراعي النميري الشاعر المشهور. 43 62- ربعي بن حراش. 45 63- زُرَيق بن حبان. "حرف الزاي". 45 64- زهير بن سالم العنسي. 46 65- زياد الأعجم. 46 66- زياد بن جُبَير بن حية. 46 67- زياد بن الحُصين. 47 68- زيد بن الحسن. 48 69- زيد بن علي أبو القموص. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 315 "حرف السين". 48 70- سالم بن أبي سالم الجيشاني. 49 71- سالم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 52 72- سالم بن عبد الله النصري. 53 73- سالم أبو الزعيزعة الدمشقي. 53 74- سعد بن عُبيدة السلمي. 53 75- سعد أبو هاشم السنجاري. 53 76- سعيد بن سليمان بن زيد. 54 77- سعيد بن المسيب. 54 78- سعيد بن أبي هند. 54 79- سعيد بن أبي الحسن. 55 80- سليمان بن بُريدة. 55 81- سليمان بن سعد الخُشني. 56 82- سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ. 56 83- سليمان بن عتيق المكي. 56 84- سليمان بن قتة البصري. 57 85- سليمان بن يسار المدني. 59 86- سلامان بن عامر الشعباني المصري. 59 87- سنان بن أبي سنان الديلي. 59 88- سوادة بن عاصم العنزي. 60 89- سيار مولى يزيد بن معاوية. "حرف الشين". 60 90- شرحبيل بن شفعة. 60 91- شُعبة بن دينار. 61 92- شُفي بن ماتع. 61 93- شقيق بن عقبة الكوفي. 61 94- شييم بن بيتان القتياني. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 316 "حرف الصاد". 62 95- صالح بن أبي حسان المدني. 62 96- صالح بن أبي صالح ذكوان. 62 97- صالح بن عبد الرحمن الكاتب. 63 98- صخر بن الوليد الفزاري. "حرف الضَّادِ". 63 99- الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بْنِ عرزب. 63 100- الضحاك بن مُزاحم الهلالي الخُراساني. 65 101- الضحاك المشرقي. 65 102- ضمضم بن جوس الهفاني اليمامي. "حرف الطاء". 65 103- طاوس بن كيسان. 69 104- طلق بن حبيب العنزي. "حرف الْعَيْنِ". 70 105- عَامِرُ بْنُ سَعْد بْنِ أَبِي وقاص. 70 106- عامر بن شراحيل الشعبي. 76 - عامر بن واثلة. 76 107- عاصم بن عمرو البجلي. 76 108- عُبادة بن الوليد بن عُبادة. 76 109- عائشة بنت طلحة. 77 110- عبد الله بن أبي أمامة. 77 111- عبد الله بن باباه. 77 112- عبد الله بن حُنين. 78 113- عبد الله بن رافع المدني. 78 114- عبد الله بن رافع الحضرمي المصري. 78 115- عبد الله بن زيد الدمشقي الأزرق. 79 116- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الْكُوفِيّ. 79 117- عبد الله بن أبي سلمة الماجشون. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 317 79 118- عبد الله بن شقيق العُقيلي. 79 119- عَبْد الله بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 80 120- عبد الله بن عُروة بن الزبير. 80 121- عبد الله بن عوف الكناني. 80 122- عبد الله بن غابر الألهاني. 81 123- عبد الله بن أبي قيس النصري. 81 124- عبد الله بن قُدامة العنبري. 81 125- عبد الله بن أبي عتيق. 82 126- عبد الله بن مَوْهب الشامي. 82 127- عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر. 82 128- عبد الله بن يسار الجُهني. 83 129- عبد الله البهي مولى مصعب. 83 130- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَدِيٍّ الْبَهْرَانِيُّ. 83 131- عَبْدُ الأَعْلَى بن هلال السلمي الحمصي. 83 132- عبد الرحمن بن أبان الأموي. 84 133- عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي. 84 134- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنصاري. 85 135- عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. 86 136- عبد الرحمن بن سعد المدني. 86 137- عبد الرحمن بن الكوفي. 86 138- عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع. 87 139- عبد الرحمن بن شماسة المهري. 87 140- عبد الرحمن بن الضحاك الفهري. 87 141- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ الأنصاري. 87 142- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عمار القرشي. 87 143- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عبسة السَّلَمِيُّ. 88 144- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كعب بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ. 88 145- عبد الرحمن بن أبي عمرة الجرشي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 318 88 146- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كعب بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ. 88 147- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُطعم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البُناني. 89 148- عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي. 90 149- عبد الرحمن بن هلال العبسي الكوفي. 90 150- عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية. 91 151- عبد الرحمن بن يعقوب الجُهني. 91 152- عبد العزيز بن أبي بكرة الثقفي. 91 153- عبد العزيز بن جُريج المكي. 91 154- عبد العزيز بن عبد الله. 92 155- عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك الأموي. 92 156- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ. 157- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ خَالِدٍ الْفَهْمِيُّ. 93 93 158- عبد الملك بن المغيرة الطائفي. 93 159- عبد الملك بن المغيرة بن نوفل. 93 160- عبد الملك بن نافع الشيباني. 94 161- عبد الملك بن يسار. 94 162- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ. 94 163- عبيد الله بن الأرقم القرشي المخزومي. 94 164- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 95 165- عبيد الله بن مقسم القرشي. 95 166- عبيد بن جريج التيمي. 95 167- عبيد بن حصين النميري. 95 168- عبيد بن حنين المدني. 96 169- عبيدة بن سفيان الحضرمي. 96 170- عبيدة بن أبي المهاجر. 96 171- عثمان بن حيان بن معبد المزني. 96 172- عجلان المدني. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 319 96 173- عدي بن أرطأة الفزاري الدمشقي. 97 174- عدي بن زيد العاملي الشاعر. 98 175- عدي بن زيد بن الحمار. 100 176- العريان بن الهيثم بن الأسود النخعي. 100 177- عراك بن مالك الغفاري. 101 178- عروة بن أبي قيس. 101 179- عروة بن عياض القرشي القاري. 101 180- عروة بن محمد بن عطية السعدي. 102 181- عزرة بن عبد الرحمن بْنُ زُرارة الْخُزَاعِيُّ. 102 182- عطاء بن يزيد الليثي الجُندُعي. 102 183- عطاء بن يسار. 103 184- عطية بن قيس. 104 185- عطية مولى سلم بن زياد الدمشقي. 104 186- عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي. 104 187- عكرمة البربري المدني. 109 188- علباء بن أحمر اليشكري البصري. 109 189- عمار بن سعد القرظ. 109 190- عمار بن سعد التجيبي. 109 191- عمارة بن أكيمة الليثي. 110 192- عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري. 110 193- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ. 112 194- عمر بن خَلْدة قاضي المدينة. 112 195- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْر. 112 196- عمر بن عبد العزيز الخليفة. 126 197- عمر بن كثير بن أفلح الأنصاري. 127 198- عمر بن هبيرة بن معية الفزاري. 127 199- عمر بن الوليد بن عبد الملك. 128 200- عمرو بن الوليد بن عبدة المصري. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 320 128 201- عمرو بن هرم الأزدي البصري. 128 202- عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل الكندي. 128 عمران بن ملحان أبو الرجاء. 128 203- عمير مولى أم الفضل. 129 204- عنبسة بن سُحيم الكلبي. 129 205- عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبي سرح العامري. 129 206- عيسى بن عاصم الكوفي. "حرف الفاء". 129 207- الفرزدق أبو فراس همام بن غالب. 132 208- فُضيل بن عمرو الفُقيمي. 133 209- فُضيل بن فضالة الهوزني الشامي. "حرف الْقَافِ". 133 210- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر الصِّدّيق. 137 211- القاسم بن محمد الثقفي الشامي. 137 القاسم بن مخيمرة. 137 212- القُطامي الشاعر عمرو بن شُييم. 138 213- القعقاع بن حكيم المدني. 138 214- قيس بن الحارث. 138 215- قيس بن عبابة أبو نعامة. "حرف الكاف". 138 216- كثير بن عُبيد مولى أبو بكر الصديق. 139 217- كثير عزة الشاعر أبو صخر الخُزاعي. 140 218- كردوس الثعلبي الكوفي القاص. "حرف اللام". 140 219- لمازة بن زبار الجهضمي. "حرف الميم". 141 220- مالك بن أسماء بن خارجة الفزاري الشاعر. 143 221- مجاهد بن جبر أبو الحجاج المكي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 321 145 222- محمد بن أوس بن ثابت الأنصاري. 145 223- محمد بن زيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 145 224- محمد بن سويد بْنِ كُلْثُومٍ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ. 145 225- محمد بن سيرين الأنصاري البصري. 151 ذكر وفاته. 152 226- مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكانة القرشي. 152 227- مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ القُرشي الْمَخْزُومِيُّ. 152 228- محمد بن كعب القرظي. 155 229- محمد بن مروان بن الحكم الأموي. 156 230- محمد بن المنتشر بن الأجذع الهمداني. 156 231- محمد بن نشر الهمداني. 156 232- محمد بن يزيد مولى الأنصار. 156 233- مُحَمَّدُ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ المدني. 156 234- مُسافع بن عبد الله بنشيبة العبدري. 157 235- مسلم بن جُندب الهُذلي. 157 236- مسلم بن مِشْكَم الخزاعي. 157 237- مسلم بن يسار عابد أهل البصرة. 158 238- مسلم بن يسار. 158 239- مسلم بن يسار أبو عثمان الطنبذي. 158 240- المسيب بن رافع الأسدي الكاهلي. 158 241- مصعب بن سعد بن أبي وقاص. 159 242- مُضارب بن حزن التميمي المجاشعي. 159 243- معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي. 159 244- معاوية بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. 159 245- معبد بن كعب بن مالك الأنصاري. 160 246- مغيث بن سُمي الأوزاعي الشامي. 160 247- المغيرة بن أبي بردة. 160 248- المغيرة بن سُبيع العجلي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 322 160 249- المغيرة بن شُبيل الأحمسي. 161 250- ممطور أبو سلام الدمشقي. 161 251- منذر بن يعلى النوري الكوفي. 161 252- مهاجر بن عكرمة المخزومي. 162 253- مهاجر بن عمرو النبال. 162 254- مورق العجلي. 162 255- موسى بن طلحة بن عبيد الله القرشي. "حرف النُّونِ". 164 256- نَافِعٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. 164 257- النضر بن أنس بن مالك الأنصاري. 164 258- نُعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي. "حرف الْهَاءِ". 164 259- هِلالُ بْنُ سِرَاجٍ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ. 165 260- هلال بن عبد الرحمن المصري. 165 261- الهيثم بن الأسود المذحجي. 166 262- الهيثم بن مالك الطائي الشامي. "حرف الواو". 166 263- وضاح اليمن عبد الله بن إسماعيل. "حرف الْيَاءِ". 166 264- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حاطب اللخمي. 166 265- يحيى بن أبي المطاع الأردني. 167 266- يحيى بن وثاب الأسدي. 168 267- يزيد بن الأصم العامري البكائي. 168 268- يزيد بن حُصين بن نمير السكوني الحمصي. 168 269- يزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي الشاعر. 169 270- يزيد بن حيان التيمي الكوفي. 169 271- يزيد بن شريح الحضرمي الحمصي. 169 272- يزيد بن صُهيب الفقير. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 323 170 273- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ الْعَامِرِيُّ. 170 274- يزيد بن عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين. 172 275- يزيد بن مرثد الهمداني. 172 276- يزيد بن أبي مسلم الثقفي الأمير. 172 277- يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَمِيرُ. 173 278- يزيد بن نمران الدمشقي. "الكنى". 173 - أبو الأشعث الصنعاني الدمشقي. 173 279- أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ. 174 280- أَبُو بكر بن أنس بن مالك الأنصاري. 174 281- أبو بكر بن أبي موسى الأشعري. 174 282- أبو بكر بن عمارة بن رُئيبة الثقفي. 174 283- أبو بكر أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبيد اللَّهِ بْنِ أبي مُليكة. 175 - أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. 175 284- أبو حاجب سوادة بن عاصم العنزي. 175 285- أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ. 175 286- أَبُو رجاء العُطاردي عمران بن ملحان. 177 287- أبو السليل ضُريب بن نُقير. 177 - أبو سلام الحبشي، ممطور. 177 - أبو سلمة بن عبد الرحمن. 177 288- أبو السوار العدوي. 177 289- أبو صالح السمان ذكوان مولى جويرية. 178 290- أبو السائب مولى هشام بن زُهرة. 178 291- أبو سبرة النخعي الكوفي. 178 292- أبو سعيد مولى عبد الله بن عامر. 178 293- أبو شيخ الهُنائي. 178 294- أبو صادق الأزدي الكوفي. 179 295- أبو الصديق الناجي البصري. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 324 179 - أبو الطُفيل. 179 296- أبو العالية البصري. 179 - أبو عبد الله القراظ. 179 297- أبو العلاء بن الشخير. 180 298- أبو علقمة مولى بن بني هشام. 180 - أبو قتادة العدوي. 180 299- أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي. 182 300- أبو المتوكل الناجي البصري. 182 301- أبو مجلز، لاحق بن حُميد. 183 302- أبو مُصبح المقرائي. 183 303- أبو مرزوق التجيبي. 183 - أبو المليح الهُذلي. 183 304- أبو المنيب الحرشي الدمشقي. 183 305- أبو نضرة العبدي. 184 306- أبو نهيك الأزدي. 184 307- أبو يزيد المديني. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 325 الطبقة الثانية عشر. "ذكر سنة إحدى عشرة ومائة" 185 الوفيات في هذه السنة. 185 عُزِلَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ. 185 فتح الجراح الحكمي مدينة البيضاء. 185 دخول الخزر أرمينية وحصارهم أردبيل. 185 غزوة مستنير بن الحارث من إفريقية في البحر. "حوادث سنة اثنتي عشرة ومائة". 185 الوفيات في هذه السنة. 185 القتال بين الجراح الحكمي وابن خاقان. 185 غلبة الخزر على أذربيجان وبلوغ خيلهم الموصل. 186 غزو المسلمين فرغانة. 186 ولاية جنيد المري على بلاد ما وراء النهر. 186 أخذ الخزر لأردبيل بالسيف. 186 توجيه هشام بن عبد الملك لسعيد بن عمير على أذربيجان. 186 استنفاذ بعض سبي المسلمين وكسر طاغية الخزر. 186 خروج مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي طَلَبِ التُّرْكِ. 186 تحريق الخزر أنفسهم في الحصون. 186 غزوة صقلية. 186 فتح معاوية ولد هشام بن عبد الملك خرشنة. "حوادث سنة ثلاث عشرة ومائة". 186 الوفيات في هذه السنة. 187 غزو الجنيد المري ناحية طخارستان. 187 قتل الترك سورة بن أبجر النائب على سمرقند. 187 عودة مسلمة إلى إمرة أذربيجان. 187 قتال مسلمة لأهل حيزان وقتلهم جميعا. 187 مسير مسلمة إلى أرض شروان ومصالحة ملكها. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 326 187 وقعة أرض الروم واستشهاد الأمير الباهلي والبطال. 188 "حوادث سنة أربع عشرة ومائة". 188 الوفيات في هذه السنة. 188 عزل مسلمة عن أذربيجان والجزيرة. 188 غارة مروان بن محمد على الصقالبة. 188 غزو الجنيد المري بلاد الصغانيان من الترك. 188 غزو معاوية بن هشام بلاد الروم وأسر قسطنطين. 188 ولاية عبيد الله بن الحبحاب إمرة المغرب. "حوادث سنة خمس عشرة ومائة". 188 الوفيات في هذه السنة. 189 تغلب الحارث بن سريج على مرو والجوزجان. 189 الحرب بين الحارث وأمير خُراسان أسد القسري. "حوادث سنة ست عشرة ومائة". 189 الوفيات في هذه السنة. 189 تقليد بين الحبحاب ولاية إفريقية. 189 خروج الصفري بطنجة. 189 إرسال ابن الحبحاب جيشا إلى بلاد السودان. 189 غزو المسلمين في البحر مما يلي صقلية. "حوادث سنة سبع عشرة ومائة". 190 الوفيات في هذه السنة. 190 جياش الترك بخراسان ووصولهم إلى مرو الروذ. 190 فتح مروان بن محمد ثلاث حصون وسر تومانشاه. 191 غزوة ابن الحبحاب أمير المغرب. "حوادث سنة ثمان عشرة ومائة". 191 الوفيات في هذه السنة. 191 غزو مروان ناحية ورتنيس وظفره بملكهم. 191 غزو مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ بِأَرْضِ الرُّومِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 327 "حوادث سنة تسع عشرة ومائة". 191 الوفيات في هذه السنة. 192 غزوة مروان بن محمد السائحة. 192 دخول مروان باب اللان إلى بلاد الخزر. 192 هروب الخاقان من مدينة البيضاء. 192 أخذ قثم بن عوانة قلعة سردانية من بلاد المغرب. 192 غرق قثم بن عوانة وجماعة معه. 192 حج مسلمة بن هشام بالناس. "حوادث سنة عشرين ومائة". 192 الوفيات في هذه السنة. 193 عُزِلَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ عَنْ إمرة العراق. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 328 ذِكْرُ رِجَالِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ. "حَرْفُ الألف". 193 308- أبان بن صالح بن عُمير. 193 309- إبراهيم بن إسماعيل. 193 310- إبراهيم بن عامر بن مسعود. 193 311- إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي. 194 312- إبراهيم بن عُبيد بن رفاعة الزرقي. 194 313- الأزرق بن قيس الحارثي. 194 314- إسحاق بن يسار المدين. 194 315- أسد بن عبد الله بن يزيد. 194 316- إسماعيل بن أوسط البجلي. 195 317- إسماعيل بن رجاء الزبيدي. 195 318- إسماعيل بن عبد الرحمن الأسدي. 195 319- أكيل مؤذن إبراهيم النخعي. 195 320- أنس بن سيرين الأنصاري. 195 321- إياد بن لقيط السدوسي. 196 322- إياس بن سلمة بن الأكوع. "حرف الباء". 196 323- باذام أبو صالح. 196 324- بحير بن ذاخر. 196 325- بُريد بن أبي مريم السلولي. 197 326- بشير بن أبي عمرو الخولاني. 197 327- بُكير بن الأخنس الكوفي. 197 328- بُكير بن فيروز الرهاوي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 329 197 329- بلال بن سعد بن تميم المذكر. 199 330- بيان بن سمعان التميمي النهدي. "حرف التاء". 199 331- توبة بن نمر بن حرملة. "حرف الثَّاءِ". 199 332- ثَابِتُ بْنُ عُبيد الأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ. 199 333- ثابت بن عياض العدوي الأعرج. 200 334- ثمامة بن شُفي الهمداني. 200 335- ثمامة بن عبد الله بن أنس. "حرف الجيم". 200 336- الجارود بن أبي سبرة الهذلي. 200 337- جامع بن شداد المحاربي. 200 338- جبر بن حبيب. 200 339- جبير بن محمد النوفلي. 201 340- الجراح بن عبد الله الحكمي. 202 341- جرير بن زيد الأزدي البصري. 202 342- جعثل بن هاعان الرعيني. 203 343- الجعد بن درهم الجعدي. 203 344- جعفر بن عبد الله بن الحكم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 330 "حرف الحاء". 204 349- الحارث بن يزيد العكلي. 204 350- حبان بن واسع بن حبان. 204 351- حبيب بن أبي ثابت. 205 352- حبيب بن عُبيد الرحبي الحمصي. 205 353- حرام بن حكيم بن خالد. 205 354- حرام بن سعد بن محيصة. 205 355- الحر بن الصياح النخعي. 206 356- حزن بن بشير الخثعمي. 206 357- الحسن بن جابر الحمصي. 206 358- الحسن بن سعد بن معبد. 206 359- الحسين بن الحارث الجدلي. 206 360- الحضرمي بن لاحق اليماني. 206 361- حفص بن عبيد الله. 207 362- حفص ابن أخي أنس بن مالك. 207 363- الحكم بن جحل البصري. 207 364- الحكم بن عُتيبة الكندي. 208 365- حكيم بن عبد الله بن قيس المطلبي. 208 366- حماد بن أبي سليمان. 209 367- حمران بن أعين الكوفي. 209 368- حمزة بن بيض الحنفي. 210 369- حمزة بن عمرو الضبي. 210 370- حميد بن نافع الأنصاري. 210 371- حميد بن هلال العدوي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 331 211 372- حميد الشامي. 211 373- حيان أبو النضر الأسدي. 211 حي بن يُومن. 211 374- حيان الأعرج. "حرف الخاء". 211 375- خالد بن باب الربعي. 211 376- خالد بن دُريك العسقلاني. 212 377- خالد بن زيد بن جارية الأنصاري. 212 378- خالد بن أبي الصلت المدني. 212 379- خالد بن اللجلاج العامري. 212 380- خالد بن محمد الثقفي. "حرف الذال". 212 381- ذو الرمة الشاعر غيلان بن عقبة. "حرف الراء". 213 382- راشد بن سعد المقرائي. 213 383- راشد بن أبي سكنة. 214 384- الربيع بن سبرة. 214 385- ربيعة بن سيف بن مانع المعافري. 214 386- ربيعة بن عطاء بن يعقوب المدني. 214 387- رجاء بن حيوة الكندي. 216 388- رديني بن أبي مجلز. 216 389- رياح بن عبيدة السلمي. "حرف الزاي". 216 390- رائدة بن عمير الطائي الكوفي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 332 216 391- الزبرقان بن عمرو الضمري. 216 392- زرارة بن مصعب الزهري. 217 393- زياد الأعلم بن حسان الباهلي. 217 394- زياد بن أبي سودة المقدسي. 217 395- زياد بن كليب التميمي. 217 396- زياد بن النضر. 217 397- زيد بن أرطأة الفزاري. "حرف السين". 217 398- سعيد بن أبي بردة. 218 399- سعيد بن سمعان الزرقي. 218 400- سعيد بن سويد الكلبي. 218 401- سعيد بن عبيد بن السابق. 218 402- سعيد بن عمرو بن أشوع. 218 - سعيد بن عمرو بن جعدة. 218 403- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. 218 404- سعيد بن محمد بن جبير القرشي. 219 405- سعيد بن مينا. 219 406- سعيد بن يحمد. 219 407- سعيد بن يسار. 219 408- سعيد بن هاني الخولاني. 219 409- سكينة بنت الحسين. 221 410- سلمة بن أبي سلمة. 221 411- سليمان بن موسى الأموي. 221 412- سليمان بن أيوب. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 333 222 413- سليمان"سُليم أبو عمران الأنصاري". 222 414- سليم بن عامر الكلاعي. 222 415- سماك بن الوليد الحنفي. 222 416- سهل بن معاذ الجهني. 223 417- سهيل بن أبي أمامة. 223 418- سوادة بن حنظلة القشيري. 223 419- سويد بن حجير الباهلي. 223 420- سيار بن سلامة الرياحي. 223 421- سيار أبو حمزة الكوفي. "حرف الشين". 224 422- شداد أبو عمار الدمشقي. 224 423- شريح بن عبيد المقرائي. 224 424- شعبة مولى ابن عباس. 224 425- شمر بن عطية الكاهلي. 224 426- شيبة بن مساور الواسطي. "حرف الصاد". 224 427- صالح بن جبير الصدائي. 225 428- صالح بن درهم الباهلي. 225 429- صالح بن رستم الدمشقي. 225 430- صالح بن سعيد الحجازي. 225 431- صالح بن أبي عريبة. 225 432- الصلت بن عبد الله الهاشمي. 226 433- صيفي بن زياد الأنصاري. 226 434- صيفي مولى أفلح. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 334 "حرف الضاد". 226 435- الضحاك بن شرحبيل الغافقي. 226 436- ضمرة بن حبيب الزبيدي الحمصي. "حرف الطاء". 226 437- طلْحة بْن عَبْد اللَّه بْن عبد الرحمن. 227 438- طلحة بن مصرف. 228 439- طليق بن عمران. "حرف العين". 228 440- عاصم بْن عُمَر بْن قتادة. 228 441- عامر بن جشيب الحمصي. 229 442- عامر بن يحيى المعافري. 229 443- معبادة بن نسي الكندي. 229 444- عائشة بنت سعد بن أبي وقاص. 230 445- العباس بن ذريح الكلبي. 230 446- العباس بن سالم الدمشقي. 230 447- العباس بن سهل الساعدي. 230 448- عبد الله بن بريدة الأسلمي. 231 449- عبد الله بن حنش الأودي. 232 450- عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي. 232 451- عبد الله بن أبي إسحاق. 233 452- عبد الله بن أبي سلمة الماجشون. 233 453- عبد الله بن أبي سليمان. 233 454- عبد الله بن سهل أبو ليلى. 234 455- عبد الله بن عامر اليحصبي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 335 235 456- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِر. 235 457- عبد الله بن عبيد الله المكي. 235 458- عبد الله بن عبد الله قاضي الري. 235 459- عبد الله بن زين العابدين علي. 236 460- عبد الله بن عبيد بن عمير الجندعي. 236 461- عبد الله بن كثير الكناني. 236 462- عبد الله بن كثير السهمي. 237 463- عبد الله بن كيسان التيمي. 237 464- عبد الله بن أبي المجالد. 237 465- عبد الله بن نيار بن مكرم. 238 466- عبد الله بن واقد. 238 467- عبد الله بن أبو محمد البطال. 240 468- عبد الجبار بن وائل بن حُجْر. 241 469- عَبْد الْحَمِيدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْدِ. 241 470- عبد الحميد بن محمود المعولي. 241 471- عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري. 241 472- عبد الرحمن بن ثروان الأودي. 241 473- عبد الرحمن بن جبير بن نفير. 442 474- عبد الرحمن بن رافع التنوخي. 442 475- عبد الرحمن بن سابط الجمحي. 442 476- عبد الرحمن بن سعيد بن وهب. 442 477- عبد الرحمن بن سلمة القرشي. 442 478- عَبْد الرَّحْمَن بْن عابس بْن ربيعة النَّخْعي. 243 479- عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 336 243 480- عبد الرحمن بن هرمز الأعرج. 243 481- عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني. 243 482- عبد الملك بن ميسرة الهلالي. 244 483- عبد الملك بن ميسرة المكي. 244 484- عبد الملك بن أبي محذورة الْجُمَحِي. 244 485- عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَرْوَة العَبْدِي. 244 486- عبيد الله بن عبد الله بن حصين. 244 487- عبيد الله بن القبطية. 244 488- عثمان بن حاضر. 245 489- عثمان بن أبي سودة المقدسي. 245 490- عثمان بن عبد الله بن سراقة. 245 491- عدي بن ثابت الكوفي. 245 492- عَدِيّ بْن عَدِيّ بْن عَمِيرة بْن فَرْوَةَ الكندي. 246 493- العرجي الشاعر عبد الله بن عمر. 246 494- عروة بن عبد اله بن قشير الجعفي. 246 495- عطاء بن أبي رباح المكي. 249 496- عطاء بن أبي مروان الأسلمي. 249 497- عطية بن سعد بن جنادة. 249 498- عقبة بن حريث التغلبي. 249 499- عقبة بن مسلم التجيبي. 250 500- عكرمة بن خالد بن العاص. 250 501- عكرمة بن خالد بن سلمة. 250 502- علقمة بن مرثد الحضرمي. 250 503- علي بن الأقمر الوادعي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 337 250 504- علي بن ثابت بن أبي زيد. 251 505- علي بن رباح بن قصير اللحمي. 251 506- عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. 251 507- عَلَى بن مدرك النخعي. 252 508- عمارة بن راشد الليثي. 252 509- عمران بن أبي أنس القرشي. 253 510- عمر بن ثابت الخزرجي. 253 511- عُمَر بْن الحكم بْن رافع بْن سنان. 253 512- عمر بن الحكم بن ثوبان. 253 513- عمر بن سالم المدني. 254 514- عمر بن علي بن الحسين. 254 515- عمر بن مروان بن الحكم. 254 516- عمرو بن سعد الفدكي. 254 517- عمرو بن سعيد الثقفي البصري. 254 518- عمرو بن شعيب بن محمد السهمي. 256 519- عمرو بن مرة بن عبد الله المرادي. 257 520- عمير بن سعيد النخعي. 258 521- عَوْن بْن عَبْد الملك بْن عُتبة بْن مسعود. 258 522- عون بن أبي جحيفة وهب السوائي. 258 523- عياش بن عمرو الكوفي. 258 524- عيسى بن جارية المدني. 258 525- عيسى بن سيلان المزني. "حرف الغين". 259 526- غيلان القدري. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 338 "حرف الفاء". 259 527- فاطمة بنت الحسين. 260 528- فاطمة بنت عبد الملك بن مروان. 260 529- فاطمة الصُغرى ابنه الإمام علي. 260 530- فاطمة بنت المنذر بْن الزُّبَيْر بْن العوَّام. 261 531- الفضل بْن الحَسَن بْن عَمْرو بْن أُمَّية. 261 532- الفضل بن قدامة العجلي الراجز. "حرف القاف". 262 533- القاسم بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. 263 534- القاسم أبو عبد الرحمن الدمشقي. 264 535- القاسم بن عوف الشيباني. 264 536- القاسم بن مُخيمرة. 265 537- قتادة بن دعامة. 266 538- قيس بن سعد المكي الحبشي. 267 539- قيس بن مسلم بن عمرو الجدلي. "حرف اللام". 267 540- لقمان بن عامر الوصابي. "حرف الميم". 267 541- محارب بن دثار. 268 542- محفوظ بن علقمة الحضرمي. 268 543- مُحل بن خليفة الطائي. 268 544- محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي. 269 545- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر بْن العوَّام. 269 546- محمد بن سعيد بن المسيب المخزومي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 339 269 547- مُحَمَّد بْن سهل بْن أَبِي حَثْمَة الأَوْسي. 269 548- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ. 269 549- محمد بن علي بن الحسين الباقر. 271 550- محمد بن عمرو بن عطاء القرشي. 271 551- محمد بن قيس بن مخرمة. 271 552- محمد بن كعب القُرظي. 271 553- محمد بن أبي المجالد. 271 554- مروان الأصغر. 272 555- مروان أبو لُبابة الوراق. 272 556- مسلم بن مخراق. 272 557- مسلم بن يناق الخزاعي. 272 558- مسلم البطين. 272 559- مسلمة بن عبد الله بن ربعي. 272 560- مسلمة بن عبد الملك. 274 561- مشرح بن هاعان المعافري. 274 562- مصعب بن شيبة. 274 563- المطلب بن عبد الله بن حنطب. 275 564- معاذ بن عبد الله بن خبيب. 275 565- معاوية بن قرة. 276 566- معاوية بن هشام بن عبد الملك. 276 567- معبد بن خالد الجدلي. 276 568- المغيرة بن حكيم الصنعاني. 276 569- المغيرة بن سعيد البجلي. 276 570- المغيرة بن عبد الرحمن. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 340 278 571- المغيرة بن قروة الدمشقي 279 572- المغيرة بن النعمان النخعي 279 573- مكحول بن أبي مسلم 282 574- مكحول أبو عبد الله الأزدي 283 575- المنهال بن عمرو الأسدي 283 576- موسى بن أنس بن مالك 283 577- موسى بن أبي تميم 284 578- موسى بن أبي عثمان التبان 284 579- موسى بن وردان القرشي 284 580- موسى بن يسار المدني 284 581- ميمون بن سياه 285 582- ميمون بن مهران الجزري "حرف النون" 287 583- نافع مولى ابن عمر 289 584- نُصَيب بن رباح الأسدي 289 585- النعمان بن سالم الطائفي 290 586- نُعيم بن عبد الله المجمر "حرف الهاء" 290 587- هشام بْن أَبِي رقية اللخمي 290 588- هشام بن زيد بن أنس بن مالك 290 589- هلال بن عبد الله "حرف الواو" 291 590- واصل بن حيان الأسدي 291 591- واقد بن عمرو الجزء: 7 ¦ الصفحة: 341 592- 291 وبرة بن عبد الرحمن المُسلي 593- 291 الوليد بن رفاعة الفهمي 594- 292 الوليد بن سريع 595- 292 الوليد بن عبد الرحمن الجُرشي 596- 292 الوليد بن العَيْزار بن حريث 597- 292 الوليد بن مسلم العنبري 598- 292 الوليد بن قيس السكوني 599- 293 وهب بن منبه "حرف الياء" 600- 295 يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن صيفي. 601- 296 يحيى بن الحصين الأحمسي. 602- 296 يحيى بن عباد. 603- 296 يحيى بن عُروة بن الزبير. 604- 296 يحيى بن عُقيل الخزاعي. 605- 296 يحيى بن عمر البهراني. 606- 297 يحيى بن ميمون الحضرمي. 607- 297 يزيد بن خمير الرحبي. 608- 297 يزيد بن خمير اليزني. 609- 297 يزيد بن أبي سليمان الكوفي. 610- 297 يزيد بن شُريح الحضرمي. 611- 297 يزيد بن رومان. 612- 298 يزيد بن قُطيب السكوني. 613- 298 يزيد بن أبي منصور. 614- 298 يزيد بن ميسرة بن حلبس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 342 299 615- يزيد بن نُعيم بن هزال. 299 616- يعقوب بن أبي سلمة الماجشون. 300 617- يعقوب بن خالد بن المسيب. 300 618- يعقوب بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي طلحة. 300 619- يعلى بن عطاء العامري. 301 620- يعلى بن مسلم بن هرمز. 301 621- يوسف بن سعد الجمحي. 301 622- يوسف بن عبد الله بن الحارث. 301 623- يوسف بن ماهك الفارسي. 302 624- يونس بن سيف الكلاعي. "الكنى". 302 625- أبو البداع بن عاصم. 302 626- أبو بكر بن حفص بن عمر. 302 627- أَبُو بكر بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الجهم. 303 628- أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. 303 629- أبو بكر بن المنكذر التيمي. 304 630- أبو ذُبيان. 304 631- أبو رافع مولى أم سلمة. 304 632- أبو زرعة التجيبي. 304 633- أبو رجاء مولى أبي قلابة. 305 634- أبو السائب. 305 635- أبو سعيد الرُعيني. 305 636- أبو سفيان طلحة بن نافع الإسكاف. 305 637- أبو عبد رب الزاهد الدمشقي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 343 306 638- أبو عبيد الحاجب. 306 639- أبو عبيدة بن عبد الله. 307 640- أبو عبيدة بن محمد بن عمار. 307 641- أبو عشانة المعافري. 307 642- أبو الفيض موسى بن أيوب. 307 643- أبو كثير السحيمي. 307 644- أبو لبابة التيمي الوراق. 308 645- أبو مريم الأنصاري. 308 646- أبو المليح بن أسامة الهذلي. 308 647- أبو المهزم التيمي. 309 648- أبو نوفل بن أبي عقرب. 309 649- أبو وهب الجيشاني المصري. 311 فهرس الموضوعات. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 344 المجلد الثامن الطبقة الثالثة عشرة: الحوادث من سنة 121 إلى 130 أحداث سنة إحدى وعشرين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثالثة عشرة: الحوادث من سنة121 إلى130 أحداث سنة أحدى وعشرين ومائة: تُوُفِّيَ فِيهَا إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَوْ فِي الَّتِي تَلِيهَا، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ قُتِلَ فِيهَا بِخُلْفٍ. وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا. وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْمَذْبُوحُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ يحيى ين حِبَّانَ الأَنْصَارِيُّ. ومُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِيهَا بِخُلْفٍ. وَنُمَيْرُ بْنُ أَوْسٍ الأَشْعَرِيُّ. وَفِيهَا غَزَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَسَارَ مِنْ أَرْمِينِيَّةَ إِلَى قَلْعَةِ بَيْتِ السَّرِيرِ مِنْ بِلادِ الرُّومِ فَقَتَلَ وَسَبَى وَغَنِمَ، ثُمَّ أَتَى قَلْعَةً ثَانِيَةً فَقَتَلَ وَأَسَرَ. ثُمَّ دَخَلَ حِصْنَ عَوْمِيكَ وَفِيهِ سَرِيرُ الْمَلِكِ، فَهَرَبَ الْمَلِكُ. ثُمَّ إِنَّهُمْ صَالَحُوا مَرْوَانَ فِي السَّنَةِ عَلَى أَلْفِ رَأْسٍ وَمِائَةِ أَلْفِ مُدْيٍ. ثُمَّ سَارَ مَرْوَانُ فَدَخَلَ أَرْضَ أَزَرَ وَبِلادَ بَطْرَانَ فَصَالَحُوهُ، وَصَالَحَهُ أَهْلُ بِلادِ تَوْمَانَ. ثُمَّ أَتَى جِمْرِينَ فَقَاتَلَهُمْ وَلازَمَ الْحِصَارَ عَلَيْهِمْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ صَالَحُوهُ، ثُمَّ افْتَتَحَ مِسْدَارَةَ وَغَيْرَهَا. وَذَكَرَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ1 أَنَّ الْبَطَّالَ قُتِلَ فيها. وفيها غزا الصائفة مسلمة ابن أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هِشَامٍ فَسَارَ حَتَّى أَتَى مَلَطْيَةَ2. وَقَدْ مَاتَ مُسْلِمَةُ هَذَا فِي دَوْلَةِ أَبِيهِ.   1 انظر تاريخ خليفة "352". 2 انظر تاريخ خليفة "352". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 3 أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ بُكَيْرُ بْنُ عبد اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَلَى قَوْلِ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ, وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَسَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ بِوَاسِطَ. وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ. وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَأَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ يَحْيَى. وَالزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ. وَوُلِدَ فِيهَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَفِيهَا: خَرَجَ بِأَرْضِ الْمَغْرِبِ مَيْسَرَةُ الْحَقِيرُ وَعَبْدُ الأَعْلَى مَوْلَى مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ مُتَعَاضِدَيْنِ، وَمَعَهُمَا خَلائِقُ مِنَ الصُّفْرِيَّةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ, فَعَسْكَرَ لِمُلَتَقَاهُمْ مُتَوَلِّي أَفْرِيقِيَّةَ فَكَانَ الْمَصَافُّ بَيْنَهُمْ فَاسْتَظْهَرَ وَالِي أَفْرِيقِيَّةَ لَكِنْ قُتِلَ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَبْحَابِ. ثُمَّ إِنَّهُ جَهَّزَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ أَبُو الأَصَمِّ خَالِدٌ فَالْتَقَوْا فَقُتِلَ أَبُو الأَصَمِّ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأَشْرَافِ فِي آخِرِ السَّنَةِ. وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الصُّفْرِيَّةِ، وَبَايَعُوا بِالْخِلافَةِ الشَّيْخَ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ الْهَوَّارِيَّ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ قُتِلَ وَجَرَتْ حُرُوبٌ مُهَوِّلَةٌ وَقُتِلَ الْمُسْلِمُونَ وَعَظُمَ الْخَطْبُ وَكَانَتْ سَنَةً وَأَيَّ سَنَةٍ. وَكَانَ الأَمِيرُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ قَدْ جَهَّزَ حَبِيبَ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ الْفِهْرِيَّ غَازِيًا إِلَى جَزِيرَةِ صَقَلِّيَّةَ فَقَدِمَ مَعَهُ وَلَدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى طَلائِعِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحَدَ الأَبْطَالِ فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَحَدٌ وَظَفَرَ ظَفَرًا مَا سَمِعَ بِمِثْلِهِ قَطُّ وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَكْبَرِ مَدَائِنَ صَقَلِّيَّةَ، وَهِيَ مَدِينَةُ سَرْقُوسَةُ فَقَابَلُوهُ فَهَزَمَهُمْ، وَهَابَتْهُ النَّصَارَى وَذَلُّوا لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ. وَكَانَ وَالِدُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ قَدِ اسْتَعْمَلَ عَلَى طَنْجَةَ وَمَا يَلِيهَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيَّ فَظَلَمَ وَعَسَفَ وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِي الْبَرْبَرِ فَثَارُوا وَاغْتَنَمُوا غَيْبَةَ الْعَسَاكِرِ، وَتَدَاعَتْ عَلَى عُمَرَ الْقَبَائِلُ وَعَظُمَ الشَّرُّ. وَهَذِهِ أَوَّلُ فِتْنَةٍ كَانَتْ بِالْمَغْرِبِ بَعْدَ تَمْهِيدِ الْبِلادِ فَأَمَّرَتِ الْبَرْبَرُ عَلَيْهِمْ مَيْسَرَةَ الْحَقِيرَ فَأَسْرَعَ حَبِيبُ الْفِهْرِيُّ الْكَرَّةَ مِنْ صَقَلِّيَّةَ فَالْتَقَى هُوَ وَمَيْسَرَةُ, فَكَانَتْ مَلْحَمَةٌ هَائِلَةٌ فاستظهر ميسرة. ثم إن البرب أَنْكَرَتْ سُوءَ سِيرَةِ مَيْسَرَةَ وَتَغَيَّرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ خَالِدَ بْنَ حُمَيْدَةَ الزَّنَاتِيَّ فَأَقْبَلَ بِهِمْ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ, فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَسْكَرِ الإِسْلامِ مَلْحَمَةٌ مَشْهُورَةٌ قُتِلَ فِيهَا خَالِدُ الزَّنَاتِيُّ، وَسَائِرُ مَنْ مَعَهُ, وَذَهَبَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ فِرْسَانِ الْعَرَبِ وَلِهَذَا سُمِّيَتْ غَزْوَةَ الأَشْرَافِ. وَمَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ وَقَوِيَتِ الْخَوَارِجُ. وَعَمَدَ النَّاسُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَبْحَابِ فَعَزَلُوهُ فَغَضِبَ الْخَلِيفَةُ هِشَامُ لَمَّا بَلَغَهُ وَتَنَمَّرَ، وَبَعَثَ عَلَى المغرب كلثوم بن عياض القشيري. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 4 أحداث سَنَةَ ثَلاثَ وَعِشرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ. وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقَصِيرُ بِدِمَشْقَ. وَأَبُو يُونُسَ سُلَيْمٌ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ الذُّهْلِيُّ. وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ. وَشُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ الْمَدَنِيُّ. وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عبد الملك بن حبيب. وابن محيض مُقْرِئِ مَكَّةَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ عَابِدُ الْبَصْرَةِ. وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ بِخُلْفٍ. وَفِيهَا: كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْبَرْبَرِ وَبَيْنَ كُلْثُومِ بْنِ عِيَاضٍ فَقُتِلَ كُلْثُومُ فِي الْمَصَافِّ وَاسْتُبِيحَ عَسْكَرُهُ وَقُتِلَ عِدَّةٌ مِنْ أُمَرَائِهِ كَسَرَهُمْ أَبُو يُوسُفَ الأَزْدِيُّ رَأَسُ الصُّفْرِيَّةِ ثُمَّ اتَّبَعَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ. وَقَتَلَ حَبِيبَ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ الْفِهْرِيَّ وَسُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي الْمُهَاجِرِ. ثُمَّ قَامَ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ بَلْجُ ابْنُ عَمِّ كُلْثُومٍ فَانْتَصَرَ عَلَى الْخَوَارِجِ وَهَزَمَهُمْ، وَقُتِلَ أَبُو يُوسُفَ فِي خَلْقٍ مِنَ الصُّفْرِيَّةِ. وَكَانَ كُلْثُومُ الْمَذْكُورُ مِنْ جِلَّةِ الأُمَرَاءِ وَلِيَ دِمَشْقَ مُدَّةً لِهِشَامٍ ثُمَّ وَلاهُ الْمَغْرِبَ فَسَارَ إِلَيْهَا فِي خَلْقٍ مِنْ عَرَبِ الشَّامِ فَلَمَّا قُتِلَ دَخَلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ إِلَى الأَنْدَلُسِ وَعَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ الْفِهْرِيُّ، وَعَبْدُ الملك بن قطن فجرت بينهم وَقَعَاتٌ عَلَى الْمُنَافَسَةِ عَلَى الدُّنْيَا فَقُتِلَ بَلْجُ الْقُشَيْرِيُّ وَوُجُوهُ أَصْحَابِهِ. وَفِيهَا: حَجَّ بِالنَّاسِ يَزِيدُ ابن الخلفية هِشَامٍ، وَفِي صُحْبَتِهِ الزُّهْرِيُّ وَفِيهَا لَقِيَهُ مَالِكٌ وابن عيينة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 5 أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْجُهَنِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الزرقي أبو طلحة. والقاسم ابن أَبِي بَزَّةَ الْمَكِّيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِخُلْفٍ. وَأَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ. وَعَاثَتِ الصُّفْرِيَّةُ بِالْمَغْرِبِ وَحَاصَرُوا قَابِسَ وَنَصَبُوا عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ، وَافْتَرَقَتِ الصُّفْرِيَّةُ بَعْدَ مَقْتَلِ مَيْسَرَةَ فِرْقَتَيْنِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي صِبَاهُ يَسْقِي الْمَاءَ وَلَمَّا بَلَغَ الْخَلِيفَةَ هشام قَتْلُ كُلْثُومٍ بَعَثَ عَلَى الْمَغْرِبِ حَنْظَلَةَ بْنَ صفوان الكلبي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 5 أحداث سِنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ سُلَيْمٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ، وَجَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ. وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ. وَزِيَادُ بْنُ علافة الثَّعْلَبِيُّ وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ الرُّهَاوِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ فِي قَوْلٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حُمَيْدٍ بِمِصْرَ. وَصَالِحُ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ بِالْمَدِينَةِ. وَعَلِيُّ بْنُ نُفَيْلٍ الْحَرَّانِيُّ بِهَا. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الأَصَحِّ. ومرثد بن سمي والوليد ابن عبد الملك بْنِ أَبِي مَالِكٍ. وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَلِيفَةُ، وَيَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قُتِلَ كَأَبِيهِ. وَفِيهَا: استُخْلِفَ الْوَليِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ إِلَى يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ أَنْ يَبْعَثَ إِلَى أَمِيرِ الْعِرَاقِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ بِالأَخَوَيْنِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ. فَلَمَّا قَدِمَا عَلَيْهِ عَذَّبَهُمَا حَتَّى هَلَكَا. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ هَذَا قَدْ وَلِيَ الْحَرَمَيْنِ لِهِشَامٍ مُدَّةً وَأَقَامَ الْحَجَّ مُدَّةً. وَكَانَتِ الْفِتَنُ شَدِيدَةً بِالْمَغْرِبِ وَنِيرَانُ الْحَرْبِ تَسْتَعِرُ وَعَلَيْهَا الأَمِيرُ حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ, فَزَحَفَ إِلَيْهِ عُكَاشَةُ الْخَارِجِيُّ فِي جَمْعٍ فَالْتَقَوْا فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وَقْعَةٌ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا, وَانْهَزَمَ عُكَاشَةُ وَقُتِلَ مِنَ الْبَرْبَرِ مَنْ لا يُحْصَى ثُمَّ تَنَاخُوا وَسَارَ رَأْسُهُمْ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْهَوَّارِيُّ بِنَفْسِهِ فَجَهَّزَ حَنْظَلَةُ لِمُلْتَقَاهُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَانْكَسَرُوا وَوَلَّوِا الأَدْبَارَ وَقُتِلَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ أَلْفًا، وَنَزَلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بِجُيوُشِهِ عَلَى فَرْسَخٍ مِنَ الْقَيْرَوَانِ، وَكَانَ فِيمَا قِيلَ فِي ثَلاثِمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَذَلَ حَنْظَلَةُ الأَمْوَالَ وَالسِّلاحَ وَعَبَّأَ عَشْرَةَ آلافٍ فَخَرَجُوا وَمَعَهُمُ الْقُرَّاءُ وَالْوُعَّاظُ، وَكَثُرَ الدُّعَاءُ وَالاسْتِغَاثَةُ بِاللَّهِ وَضَجَّ النِّسَاءُ، وَالأَطْفَالُ وَكَانَتْ سَاعَةً مَشْهُودَةً، وَسَارَ حَنْظَلَةُ بَيْنَ الصُّفُوفِ يُحَرِّضُ عَلَى الْجِهَادِ، وَاسْتَسْلَمَتِ النِّسَاءُ لِلْمَوْتِ لِمَا يَعْلَمْنَ مِنْ رَأَيِ هَؤُلاءِ الصُّفْرِيَّةِ، ثُمَّ كَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ وَصَدَقُوا الْحَمْلَةَ وَكَسَرُوا أَغْمَادَ سُيُوفِهِمْ، وَالْتَحَمَ الْحَرْبُ وَثَبَتَ الْجَمْعَانِ ثُمَّ انْكَسَرَتْ مَيْسَرَةُ الإِسْلامِ ثُمَّ تَرَاجَعُوا وَحَمَلُوا فَهَزَمُوا الْعَدُوَّ وَقُتِلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْهَوَّارِيُّ وَأُتِيَ بِرَأْسِهِ، وَقُتِلَ الْبَرْبَرُ مَقْتَلَةً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، وَأُسِرَ عُكَاشَةُ وَأُتِيَ بِهِ فَقَتَلَهُ حَنْظَلَةُ وَأَمَرَ بِإِحْصَاءِ الْقَتْلَى بِالْقَصَبِ بِأَنْ طَرَحَ عَلَى كُلِّ قَتِيلٍ قَصَبَةٌ ثُمَّ جَمَعَ الْقَصَبَ فَبَلَغَتْ مِائَةُ أَلْفٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَهَذِهِ مَلْحَمَةٌ مَشْهُودَةٌ مَا سَمِعْنَا بِمِثْلِهَا قَطُّ، وَهَؤُلاءِ الْكِلابُ يَسْتَبِيحُونَ سَبْيَ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَذُرِّيَتِهِمْ وَدِمَاءِهِمْ وَيُكَفِّرَونَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ، وَتُعْرَفُ بِغْزَوَةِ الأَصْنَامِ بِاسْمِ قَرْيَةٍ هُنَاكَ. وَعَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: مَا غَزْوَةٌ كَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَشْهَدَهَا بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ غَزْوَةِ الْغَرْبِ بالأصنام. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 6 أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ الْكُوفِيُّ؛ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مَقْتُولا؛ وَدَرَّاجُ أَبُو السَّمْحِ الْمِصْرِيُّ الْقَاصُّ؛ وَسَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ؛ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ؛ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيُّ؛ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ؛ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْمَكِّيُّ؛ وَعَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ الْمِصْرِيُّ؛ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْمَكِّيُّ. وَالْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ الأَسَدِيُّ الشَّاعِرُ. ونَبِيهُ بْنُ وَهْبٍ الْعَبْدَرِيُّ. وَالْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ خُلِعَ وَقُتِلَ. وَيَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ بِحِمْصٍ. وَيَزِيدُ بْنُ الْوَليِدِ النَّاقِصُ فِي آخِرِ الْعَامِ. وَفِيهَا: خَرَجَ أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ الْخَلِيفَةِ الْوَلِيدِ لِمَا انْتَهَكَ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَاسْتَهْتَرَ بِالدِّينِ, فَبُويِعَ يَزِيدُ بِالْمِزَّةِ وَتَوَثَّبَ عَلَى دِمَشْقَ فَأَخَذَهَا, ثُمَّ جَهَّزَ عَسْكَرًا إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَهُوَ بِنَوَاحِي تَدْمُرَ عَاكِفًا عَلَى الْمَعَاصِي, فَقُتِلَ بِحِصْنِ الْبَخْرَاءِ مِنْ نَاحِيَةِ تَدْمُرَ فِي شَهْرِ جُمَادَى الآخِرَةِ. فَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ فِي الْوَلِيدِ أَبَدًا عِنْدَ هِشَامِ وَيُعِيبُهُ وَيَذْكُرُ عَنْهُ الْعَظَائِمَ مِنَ الْمُرْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَخْضِبُهُمْ بِالْحِنَّاءِ وَيَقُولُ: مَا يَحِلُّ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلا أَنْ تَخْلَعَهُ مِنَ الْعَهْدِ. وَكَانَ الْوَليِدُ قَدْ جَعَلَهُ أَبُوهُ وَلِيَّ عَهْدٍ بَعْدَ هِشَامٍ فَكَانَ هِشَامٌ لا يَسْتَطِيعُ خَلْعَهُ وَيُعْجِبُهُ قَوْلَ الزُّهْرِيِّ رَجَاءَ أَنْ يُؤَلِّبَ النَّاسَ عليه. ثم إن يزيداً استُخْلِفَ فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ وَلا مُتِّعَ فَعُهِدَ بِالأَمِرِ إِلَى أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَليِدِ فِي ذِي الْحِجَّةِ, وَقِيلَ: لَمْ يَعْهَدْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بَلْ بَايَعَهُ الْمَلَأُ فَتَوَثَّبَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَيَّامٍ مَرْوَانُ الْحِمَارُ كَمَا يَأْتِي. وَفِيهَا: خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ الْفِهْرِيُّ بِالْمَغْرِبِ وَعَلَيْهَا حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ، وَكَانَ فِيهِ دِينٌ وَوَرَعٌ عَنِ الدِّمَاءِ فَنَزَحَ عَنِ الْقَيْرَوَانِ وَتَأَسَّفَ عَلَيْهِ النَّاسُ لجهاده وعدله. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 7 أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ. وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَلَى الأَصَحِّ. وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ الْفَهْمِيُّ. وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَنَدِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ. وَعَمْرُو بن عبد الله أبو إسحق السبيعي، وعمير بن هانيء الْعَنْسِيِّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ الزَّاهِدُ فِي قَوْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ. وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ الْمُؤَدَّبُ. وَفِيهَا: كَانَتْ فِتَنٌ عَظِيمَةٌ وَبَلاءٌ: فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ مُتَوَلِّي أَذْرَبَيْجَانَ، وَأَرْمِينِيَّةَ وَتِلْكَ الْمَمَالِكِ، لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ النَّاقِصِ، أَنْفَقَ الأَمْوَالَ وَجَمَعَ الأَبْطَالَ وسار بالعساكر فدخل الشام، فجهز ابرهيم بْنُ الْوَليِدِ لِحَرْبِهِ أَخَوَيْهِ بِشْرًا وَمَسْرُورًا، فَالْتَقَوْا، فَانْتَصَرَ مَرْوَانُ وَأَسَرَهُمَا وَسَجَنَهُمَا، ثُمَّ زَحَفَ حَتَّى نَزَلَ بِعَذْرَاءَ فَالْتَقَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ مَشْهُودَةٌ، ثُمَّ انهزم سليمان وبلغ ذلك ابرهيم بْنَ الْوَليِدِ فَعَسْكَرَ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ وَأَنْفَقَ الأَمْوَالَ فِي الْعَسْكَرِ فَخَذَلُوهُ وَتَفَلَّلُوا عَنْهُ، وَوَثَبَ الْكِبَارُ بِدِمَشْقَ فَقَتَلُوا عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الَّذِي كَانَ نَائِبَ الْعِرَاقِ فِي الْحَبْسِ. وَقُتِلَ الْحَكَمُ وَعُثْمَانُ ابْنَا الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَكَانَا يُلَقَّبَانِ بِالْجَمَلَيْنِ وَكَانَا شَابَّيْنِ أَمْرَدَيْنِ قَتَلُوهُمَا بِالدَّبَابِيسِ وَثَبَ عَلَيْهِمَا غِلْمَانُ يَزِيدَ بْنِ خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ لِأَنَّ أُمَرَاءَ دِمَشْقَ خَافُوا مِنْ أَنْ يُخْرِجَهُمَا مَرْوَانُ الْحِمَارُ فَيُبَايِعُ أَحَدَهُمَا أَوْ يَجْعَلُهُ وَلِيَّ عَهْدٍ فَلا يَسْتَبْقِي أَحَدًا قَامَ عَلَى أَبِيهِ. ثُمَّ هَرَبَ الْخَلِيفَةُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ فَسَارَ يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية وَبَنُو عَمِّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِلَى عَذْرَاءَ إِلَى مَرْوَانَ الْحِمَارِ وَبَايَعُوهُ بِالْخِلافَهِ وَدَخَلَ الْبَلَدَ فَأمَرَ بِنَبْشِ يَزِيدَ بْنِ الْوَليِدِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَلَبَهُ لِأَجْلِ قِيَامِهِ عَلَى الْوَلِيدِ الْفَاسِقِ، ثُمَّ إِنَّ الْخَلِيفَةَ إِبْرَاهِيمَ ذَلَّ وَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ مَرْوَانَ ابْنَ مُحَمَّدٍ وَخَلَعَ نَفْسَهُ مِنَ الأَمْرِ وَسَلَّمَهُ إِلَى مَرْوَانَ وَبَايَعَ طَائِعًا. وَجَرَتْ هَوَشَاتٌ وَفِتَنٌ، وَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ بِالْغُوطَةِ فَقَتَلَ يَزِيدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقِسْرِيَّ وَتَمَّ الأَمْرُ لِمَرْوَانَ، ثُمَّ سَارَ عَنْ دِمَشْقَ فَخَلَعَهُ أَهْلُهَا وَأَهْلُ حِمْصٍ فَنَزَلَ عَلَى حِمْصٍ بِجَيْشِهِ، وَحَاصَرَهَا وَأَخَذَهَا وَقَتَلَ عِدَّةُ أُمَرَاءَ وَهَدَمَ نَاحِيَةً مِنْ سُورِهَا. وَخَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ طَبَرِيَّةَ ثَابِتُ بْنُ نَعِيمٍ الْجُذَامِيُّ فَجَهَّزَ لِحَرْبِهِ عَسْكَرًا, فَانْهَزَمَ ثَابِتٌ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ جُنْدِهِ ثُمَّ أُسِرَ وَأُتِيَ بِهِ مَرْوَانُ فَقَطَعَ أَرْبَعَتَهُ بِدِمَشْقَ وَكَانَ سَيِّدَ الْيَمَانِيَّةِ فِي زَمَانِهِ. وَأَمَّا أَهْلُ الْكُوفَةِ فَبَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيَّ، وَكَانَ معه أخوه الْحَسَنُ وَيَزِيدُ وَكَانُوا قَدْ وَفَدُوا عَلَى نَائِبِ الْكُوفَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَكْرَمَهُمْ وَبَالَغَ فِي الإِحْسَانِ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ النَّاقِصُ هَاجَتْ شِيعَةُ الْكُوفَةِ وَجَيَّشُوا وَغَلَبُوا عَلَى الْقَصْرِ، وَبَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا، فَحَشَدَ مَعَهُ خَلائِقَ فَالْتَقَاهُمْ عَسْكَرُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 8 الْكُوفَةِ وَتَمَّتْ لَهُمْ وَقْعَةٌ انْهَزَمَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ الْقَصْرَ وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنْ شِيعَتِهِ, ثُمَّ إِنَّهُ أُخْرِجَ مِنَ الْقَصْرِ وَأَمَّنُوهُ وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْكُوفَةِ, فَتَلاحَقَ بِهِ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى قَصْرِ الإِمَارَةِ. وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَ ظُهُورُ سَعِيدِ بْنِ بَحْدَلٍ الْخَارِجِيِّ بِنَوَاحِي الْمَوْصِلِ وَتَبِعَهُ خَلْقٌ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ وَاسْتُخْلِفَ عَلَى أَصْحَابِهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْمَحْكَمِيُّ فَغَلَبَ عَلَى تِكْرِيتَ, ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَةِ فَعَسْكَرَ بِدِيرِ الثَّعَالِبِ فِي نَحْوٍ مِنْ ثَلاثَةِ آلافٍ فَالْتَقَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَانَ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ ثُمَّ انْكَسَرَ عَبْدُ اللَّهِ، وَتَحَيَّزَ إِلَى وَاسِطَ، وَمَلَكَ الضَّحَّاكُ الْكُوفَةَ وَقَوِيَ أَمْرُهُ ثُمَّ عَبَّأَ جُيُوشَهُ فِي رَمَضَانَ، وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى وَاسِطَ فَحَارَبَهُ عَبْدُ اللَّهُ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ وَالشُّجْعَانِ الْمَعْدُودِينَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَدَامَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَقُتِلَ خَلْقٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ الضَّحَّاكُ الْمَحْكَمِيُّ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلاطَفَهُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي طَاعَتِهِ وَيُقِرَّهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَأَعْطَاهُ عَبْدُ اللَّهِ ذلك ولابنه، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ الضُّبَعِيِّ وَكَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ ... وَصَلَّتْ قُرَيْشٌ خَلْفَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ثُمَّ سَارَ الضَّحَّاكُ إِلَى الْمَوْصِلِ فَخَرَجَ لِحَرْبِهِ مُتَوَلِّيهَا فَقُتِلَ، ثُمَّ اسْتَوْلَى الضَّحَّاكُ عَلَى الْمَوْصِلِ وَاتَّسَعَ سُلْطَانُهُ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الْخَوَارِجِ، فَكَتَبَ مروان ابن مُحَمَّدٍ الْخَلِيفَةُ - إِلَى وَلَدِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَالِي الْجَزِيرَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَسْكِرَ بِنَصِيبِينَ فَسَارَ إِلَيْهِ الضحاك فحصره نَحْوًا مِنْ شَهْرَيْنِ وَبَثَّ خَيْلَهُ يُغِيرُونَ عَلَى بِلادِ الْجِزِيرَةِ وَكَثُرَتْ جُمُوعُ الضَّحَّاكِ وَانْضَافَ إِلَيْهِ مَنْ هَرِبَ مِنْ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَظُمَ الْخَطْبُ فَسَارَ مَرْوَانُ بِنَفْسِهِ لِيَكْشِفَ عَنِ ابْنِهِ، فَالْتَقَاهُ الضَّحَّاكُ فَأَشَارَ عَلَى الضَّحَّاكِ أُمَرَاؤُهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَيُقَدِّمَ فُرْسَانَهُ فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَالِي فِي دُنْيَاكُمْ هَذِهِ مِنْ حَاجَةٍ وَإِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا الطَّاغِيَةَ وَقَدْ جَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَعَلَيَّ دَيْنٌ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ فِي كُمِّي مِنْهَا ثَلاثَةٌ؛ وَالْتَحَمَ الْقِتَالُ إِلَى الْمَسَاءِ فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَمْ يَدْرِ بِهِ أَحَدٌ وَدَخَلَ اللَّيْلُ وَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ نَحْوٌ مِنْ سِتَّةِ آلافٍ ثُمَّ أَصْبَحُوا عَلَى الْقِتَالِ، وَرَكَبَ النَّاس يَوْمَئِذٍ ضَبَابٌ بِحَيْثُ أَنَّ الْفَارِسَ لا يَرَى عَرْفَ فَرَسِهِ، وَمَضَى مَرْوَانُ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَثَبَتَ جُنْدُهُ وَجَاءَ الْخَيْبَرِيُّ أَحَدُ رؤوس الْخَوَارِجِ فَدَخَلَ فِي مُعَسْكَرِ مَرْوَانَ وَقَطَعَ أَطْنَابَ خِيَامِهِ وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ فَكَرَّ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثَةِ آلافٍ عَلَى الْخَيْبَرِيِّ فَقَتَلُوهُ، فَقَامَ بِأَمْرِ الخوارج الجزء: 8 ¦ الصفحة: 9 شَيْبَانُ فَتَحَيَّزَ بِهِمْ وَنَزَلَ بِالزَّابَيْنِ وَخَنْدَقُوا عَلَى نُفُوسِهِمْ فَقَاتَلَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ كُلُّ يَوْمٍ رَايَةُ مَرْوَانَ مَهْزُومَةٌ، ثُمَّ نَزَلَ شَيْبَانَ الْخَنَادِقَ وَطَلَبَ شَهْرَ زُورَ ثُمَّ انْحَدَرَ عَلَى مَاهٍ ثُمَّ عَلَى الصَّيْمَرَةِ فَأَتَى بِلادَ كرمان وعاث وأفسد ثم رجع إلى عُمَانَ فَقَاتَلُوهُ فَقُتِلَ فِي الوقعة. وَفِيهَا: كَانَ قَدْ خَرَجَ بِأَذْرَبَيْجَانَ بِسْطَامُ بْنُ اللَّيْثِ التَّغْلَبِيُّ فَسَارَ فِي نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ فَارِسًا حَتَّى قَدِمَ بَلَدَ فَسَارَ إِلَيْهِ عَسْكَرٌ مِنَ الْمَوْصِلِ فَبَيَّتَهُمْ وَأَصَابَ مِنْهُمْ ثُمَّ قَدِمَ نَصِيبِينَ فَعَاثَ وَشَغَبَ فِي حَيَاةِ الضَّحَّاكِ, فَجَهَّزَ لَهُ الضَّحَّاكُ عَسْكَرًا فَقُتِلَ هُوَ وَغَالِبُ أَصْحَابِهِ ثُمَّ سَكَنَ وَذُلَّتِ الْخَوَارِجُ. وَتَوَطَّدَتِ الْمَمْلَكَةُ لِمَرْوَانَ فَبَعَثَ عَلَى الْعِرَاقِ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيُّ وَعَزَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَكَانَتْ إِمْرَةُ عَبْدِ اللَّهِ عَامَيْنِ فَسَارَ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ حَتَّى نَزَلَ هِيتَ وَحَارَبَ الْخَوَارِجَ مَرَّاتٍ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ وَانْهَزَمَ مِنْهُ مَنْصُورُ بْنُ جَمْهُورٍ إِلَى السِّنْدِ. وَفِيهَا: خَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ حُرَيْثٍ الْكَرْمَانِيُّ وَمَعَهُ الأَزْدُ فَالْتَقَاهُ أَمِيرُ خُرَاسَانَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ فَانْهَزَمَ نَصْرُ وَقَوِيَ أَمْرُ الْحَارِثِ وَالْتَفَّتْ عَلَيْهُ مُضَرُ وَبَايَعُوهُ وَغَلَبَ عَلَى مَرْوَ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ. وَفِيهَا: خَرَجَ بِمِصْرَ وُجُوهُ أَهْلِهَا عَلَى مَرْوَانَ وَكَثُرَتْ عَلَيْهِ الْفُتُوقُ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ إِلَى بلاد الترك. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 10 أحداث سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا بَكْرُ بْنُ سُوَادَةَ الْفَقِيةُ بِمِصْرَ، وَجَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الجعفي بالكوفة، وأبو قبيل حيي بن هانيء المعافري، وعاصم بن أبي النجود القاريء، وعاصم بن الصباح الجحدري البصري، وأبو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ فِي قَوْلٍ، وَأَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ عَلَى الأَصَحِّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ مُحَمَّدُ بن مسلم المكي، وَمَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو خَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ فِي أَوَّلِهَا، وَأَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي قَوْلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبيِبٍ الْفَقِيهُ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ الْمَدَنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ حَفْصُ بْنُ الْوَلِيدِ أَمِيرُ مِصْرَ. وَفِيهَا: كَانَ اسْتِيلاءُ الضَّحَّاكِ الْخَارِجِيِّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. وَفِيهَا: أُسِرَ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ الْمَذْكوِرُ فَقُتِلَ صَبْرًا. وَفِيهَا: قَتْلُ حَوْثَرَةِ بْنِ سُهَيْلٍ الْبَاهِلِيِّ لِمُتَوَلِّي مِصْرَ حَفْصِ بْنِ الْوَلِيدِ الْحَضْرَمِيِّ، كَانَ حَفْصُ شَرِيفًا مُطَاعًا وَلِيَ مِصْرَ مُكْرَهًا لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ, ثُمَّ لِمَرْوَانَ عِنْدَ قِيَامِ أَهْلِ مِصْرَ عَلَى أَمِيرِهِمْ حَسَّانِ بْنِ عَتَاهِيَةَ، ثُمَّ اسْتَوْلَى حَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ عَلَى دِيَارِ مِصْرَ وَقَتَلَ رَجَاءَ بْنَ أَشْيَمَ الْحِمْيَرِيَّ من كبار المصريين. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 10 أحداث سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَزْهَرُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَرَازِيُّ بِحِمْصٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالْمَدِينَةِ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ قَاضِي أَفْرِيقِيَّةَ، وَسَالِمُ أَبُو النَّضْرِ الْمَدَنِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ الحجاج السلفي، وَمَطَرُ بْنُ طَهْمَانَ الْوَرَّاقُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الْيَمَامِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ حَرْبٍ النَّدَبِيُّ وَآخَرُونَ. وَفِيهَا: خَرَجَ بِحَضْرَمَوْتَ طَالِبُ الْحَقِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْكِنْدِيُّ الأَعْوَرُ فَغَلَبَ عَلَى حَضْرَمَوْتَ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الأَبَاضِيَّةُ ثُمَّ سَارَ إِلَى صَنْعَاءَ وَبِهَا الْقَاسِمُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ ثُمَّ انْهَزَمَ الْقَاسِمُ بْنُ عُمَرَ وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي جُنْدِهِ وَتَبِعَهُ طَالِبُ الْحَقِّ فَبَيَّتَهُ فَهَرَبَ الْقَاسِمُ وَقُتِلَ أَخُوهُ الصَّلْتُ وَاسْتَوْلَى طَالِبُ الْحَقِّ عَلَى صَنْعَاءَ فَجَبَى الأَمْوَالَ وَجَهَّزَ إِلَى مَكَّةَ عَشْرَةَ آلافٍ، وَكَانَ عَلَى مَكَّةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَكَرِهَ قِتَالَهُمْ وَفَشِلَ, فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ وَوَقَفَ مَعَهُمُ الْحَجِيجُ ثُمَّ غَلَبُوا عَلَى مَكَّةَ فَنَزَحَ عَنْهَا عَبْدُ الْوَاحِدِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَفِيهَا: كَتَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَمِيرُ الْعِرَاقَيْنِ إِلَى عَامِرِ بْنِ ضُبَارَةَ فَسَارَ حَتَّى أَتَى خُرَاسَانَ وَقَدْ ظَهَرَ بِهَا أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ فِي رَمَضَانَ، وَكَانَ قَدْ ظَهَرَ هُنَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْهَاشِمِيُّ فَقَبَضَ عَلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ وَسَجَنَهُ وَسَجَنَ خَلْقًا مِنْ شِيعَتِهِ. وَفِيهَا: سَارَ الْكَرْمَانِيُّ إِلَى مَرْوَ الرُّوذِ فَسَارَ إِلَى قِتَالِهِ مُتَوَلِّيهَا سَالِمُ بْنُ أَحْوَزَ الْمَازِنِيُّ فَاقْتَتَلُوا فَانْهَزَمَ الْكَرْمَانِيُّ ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِمْ وَبَيَّتَهُمْ فَاقْتَتَلُوا ثُمَّ تَهَادَنُوا ثُمَّ سَارَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ فَحَاصَرَ الْكَرْمَانِيَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَغَلَتِ الْمَرَاجِلُ بِالْفِتَنِ إِلَى أَنْ قَتَلَ الْكَرْمَانِيَّ وَلَحِقَ عَسْكَرُهُ بِشَيْبَانَ بْنِ مُسْلِمَةَ السَّدُوسِيِّ الْحَرُورِيِّ الَّذِي تَغَلَّبَ عَلَى سَرَخْسَ وَطُوسَ، وَعَظُمَتْ جُيُوشُ شَيْبَانَ هَذَا وَقَاتَلَهُمْ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَاشْتَغَلَ بِهِمْ إِلَى أَنْ قَوِيَ أَمْرُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ. فَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَوَثَبَ بِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ الْفِهْرِيُّ عَلَى رَأْسِ الإِبَاضِيَّةِ فَقَتَلَهُ وَصَلَبَ جُثَّتَهُ فَثَارَ أَصْحَابُهُ وَجَيَّشُوا, وَجَرَتْ لَهُمْ حُرُوبٌ عَدِيدَةٌ قُتِلَ فِيهَا أَمِيرُ هَؤُلاءِ وَأَمِيرُ هؤلاء. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 11 أحداث سَنَةُ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: تُوَفِّيَ فِيهَا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ بِالْمَدِينَةِ، وَالْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ بِبَرْقَةَ، وَالْحَرِثُ بْنُ يَعْقُوبَ أَبُو عَمْرٍو بِمِصْرَ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ الْخَبَائِرِيُّ، وَشُعَيْبُ بْنُ الْحِجَابِ البصري، وشيبة بن نصاح المقريء، وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو الْحُوَيْرِثِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ بِالْكُوفَةِ. وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ بِالْبَصْرَةِ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمِصْرِيُّ التَّنُوخِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ، ومخرمة بْنُ سُلَيْمَانَ قُتِلَ بِقُدَيْدَ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ بِخُلْفٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، وَأَبُو وَجَزَةَ يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَيَزِيدُ الرِّشْكُ، وَخَلْقٌ فِيهِمُ اخْتِلافٌ. وَفِيهَا قَالَ خَلِيفَةُ: اصْطَلَحَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ وَجَدْيَعُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَرْمَانِيُّ عَلَى أَنْ يُقَاتِلُوا أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ الدَّعْوَةِ, فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ حَرْبِهِ نَظَرُوا فِي أمرهم فدس أبو مسلم بمكره إلى ابن الْكَرْمَانِيِّ يَخْدَعُهُ وَيَقُولُ أَنَا مَعَكَ وَانْخَدَعَ لَهُ ابن الْكَرْمَانِيُّ وَالْتَفَّ مَعَهُ فَقَاتَلُوا نَصْرَ بْنَ سَيَّارٍ، ثُمَّ كَتَبَ نَصْرُ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ إِنِّي أبايعك وأنا أحق بك من ابن الْكَرْمَانِيِّ فَقَوِيَ شَأْنُ أَبِي مُسْلِمٍ وَكَثُرَ جَيْشُهُ وَخَافَهُ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ وَتَقَهْقَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَزَحَ عَنْ مَرْوَ فَأَخَذَ أَبُو مُسْلِمٍ أَثْقَالَهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ بَعَثَ عَسْكَرًا إِلَى سَرَخْسَ فَقَاتَلَهُمْ شَيْبَانُ الْحَرُورِيُّ فَقُتِلَ شَيْبَانُ. وَأَقْبَلَتْ سَعَادَةُ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ مُزْعِجَةٌ بَيْنَ جَيْشِ أَبِي مُسْلِمٍ وَبَيْنَ جَيْشِ نَصْرٍ, فَانْهَزَمَ أَيْضًا جَيْشُ نَصْرٍ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا، وَتَأَخَّرَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ إِلَى قُومِسَ وَظَفَرَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ بِسَالِمِ بْنِ أَحْوَزَ فَقَتَلَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَى أَكْثَرِ مُدُنِ خُرَاسَانَ, ثُمَّ ظَفَرَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْهَاشِمِيِّ فَقَتَلَهُ وَجَهَّزَ قُحْطُبَةُ بْنُ شَبِيبٍ فِي جَيْشٍ فَالْتَقَى هُوَ وَنُبَاتَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْكِلابِيُّ عَلَى جُرْجَانَ فَقُتِلَ فِي الْمَصَافِّ نُبَاتَةُ وَابْنُهُ حَيَّةُ، ثُمَّ هَرَبَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ وَخَارَتْ قُوَاهُ, وَكَتَبَ إِلَى نَائِبِ الْعِرَاقِ ابْنِ هُبَيْرَةَ يَسْتَصْرِخُ بِهِ وَإِلَى مَرْوَانِ الْحِمَارِ يَسْتَمِدَّهُ حِينَ لا يَنْفَعُ الْمَدَدُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 12 وَفِيهَا: قُتِلَ فِي وَقْعَةِ قُدَيْدَ بِقُرْبِ مَكَّةَ خَلْقٌ مِنْ عَسْكَرِ الْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ الْمَذْكُورَ لَمَّا تَقَهْقَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَاسْتَوْلَى جَيْشُ طَالِبِ الْحَقِّ عَلَى مَكَّةَ كَتَبَ إِلَى مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بِخُذْلانِ أَهْلِ مَكَّةَ فَعَزَلَهُ وَجَهَّزَ جَيْشًا مِنَ الْمَدِينَةِ فَبَرَزَ لِحَرْبِهِمُ الَّذِينَ اسْتَوْلُوا عَلَى مَكَّةَ وَعَلَيْهِمْ أَبُو حَمْزَةَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مكة إبراهيم ابن صَبَّاحٍ الْحِمْيَرِيَّ، ثُمَّ الْتَقَى الْجَمْعَانِ بِقُدَيْدَ فِي صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ فَانْهَزَمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَاسْتَحَرَّ بِهِمُ الْقَتْلُ، وَسَاقَ أَبُو حَمْزَةَ فَاسْتَوْلَى عَلَى الْمَدِينَةِ فَأُصِيبَ يَوْمَ قُدَيْدَ ثَلاثِمِائَةِ نَفْسٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ حَمْزَةُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنُهُ عُمَارَةُ وَابْنُ أَخِيهِ مُصْعَبُ بْنُ عُكَاشَةَ وَعَتِيقُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنُهُ عَمْرٌو وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ وَابْنُ عَمِّهِمُ الْحَكَمُ بْنُ يَحْيَى وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنٌ لِمُوسَى بْنِ خَالِدٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عَمِّهِمْ مُهَنَّدٌ، حَتَّى قَالَ خَلِيفَةُ: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلا مِن بَنِي أَسَدٍ وَقُتِلَ أُمَيّة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَقَالَتْ نَائِحَةٌ: مَا لِلزَّمَانِ وَمَالِيَهْ ... أَفْنى قُدَيْدُ رِجالِيَهْ قَالَ: فَحَّدَثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: بَعَثَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَرْبَعَةَ آلافِ فَارِسٍ عَلَيْهِمْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيُّ فَسَارَ ابْنُ عَطِيَّةَ فَلَقِيَ بَلْجًا عَلَى مُقَدِّمَةِ أَبِي حَمْزَةَ بِوَادِي الْقُرَى فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ بَلْجٌ وَعَامَّةُ جُنْدِهِ، ثُمَّ سَارَ ابْنُ عَطِيَّةَ السَّعْدِيُّ طَالِبًا أَبَا حَمْزَةَ فَلَحِقَهُ بِمَكَّةَ بِالأَبْطَحِ وَمَعَ أَبِي حَمْزَةَ خَمْسَةُ عَشَرَ أَلْفًا, فَفَرَّقَ عَلَيْهِ ابْنُ عَطِيَّةَ الْخَيْلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ وَمِنْ أَعْلاهَا وَمِنْ نَاحِيَةِ مِنًى فَاقْتَتَلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقُتِلَ أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَّاحِ عِنْدَ بِئْرِ مَيْمُونٍ وَقُتِلَ أَبُو حَمْزَةَ وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنْ جَيْشِهِ، فَبَلَغَ طَالِبُ الْحَقِّ ذَلِكَ فَأْقَبَلَ مِنَ الْيَمَنِ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا فَسَارَ لِمُلْتَقَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ السَّعْدِيُّ فَنَزَلَ بَتَبَالَةَ وَنَزَلَ الآخَرُ صَعْدَةَ, ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ فَانْهَزَمَ طَالِبُ الْحَقِّ فَسَارَ إِلَى جُرَشَ ثُمَّ تَبِعَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فَالْتَقَوْا ثَانِيًا, وَدَامَ الْحَرْبُ حَتَّى دَخَلَ اللَّيْلُ ثُمَّ أَصْبَحُوا فَنَزَلَ طَالِبُ الْحَقِّ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلْفِ حَضْرَمِيٍّ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ وَبَعَثُوا بِرَأْسِهِ إِلَى مَرْوَانَ بِالشَّامِ، وَقَدِمَ ابْنُ عَطِيَّةَ حَتَّى نَزَلَ صَنْعَاءَ فَثَارَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ فَبَعَثَ ابْنُ عَطِيَّةَ جَيْشًا فَهَزَمُوهُ وَلَحِقَ بِعَدَنَ فَجَمَعَ نَحْوًا مِنْ أَلْفَيْنِ فَالْتَقَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ الْحِمْيَرِيُّ وَعَامَّةُ عَسْكَرِهِ وَرَجَعَ ابْنُ عَطِيَّةَ إِلَى صَنْعَاءَ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ حِمْيَرِيٌّ أَيْضًا فَظَفِرَ بِهِ عَسْكَرُ ابْنُ عَطِيَّةَ، ثُمَّ أَسْرَعَ ابْنُ عَطِيَّةَ السَّيْرَ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَ الأَشْرَافِ لِإِقَامَةِ الْمَوْسِمِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْيَمَنِ ابْنَ أَخِيهِ، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ وَادِي شِبَامَ فَبَاتَ بِهِ فَشَدَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 13 عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْعَرَبِ فَبَيَّتُوهُ وَقَتَلُوهُ وَقَتَلُوا سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَنَجَا مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَفِيهَا: كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ الْعَظِيمَةُ بِالشَّامِ: قَالَ ابْنُ جَوْصا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الْوَهاب بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ ثنا أَبِي عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلا، مِنْهُ: لَمَّا كَانَتِ الرَّجْفَةُ الَّتِي بِالشَّامِ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ كَانَ أَكْثَرُهَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَهَلَكَ كَثِيرٌ مِمَّنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ وَوَقَعَ مَنْزِلُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ وَسَلِمَ مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ وَذَهَبَ مَتَاعُهُ تَحْتَ الرَّدْمِ. وَكَانَتِ النَّعْلُ زَوْجًا خَلَّفَهَا شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ عِنْدَ وَلَدِهِ فَصَارَتْ إِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا رَأَتْ أُخْتُهُ مَا نَزَلَ بِهِ وَبِأَهْلِهِ جَاءَتْ وَأَخَذَتْ فَرْدَ النَّعْلَيْنِ وَقَالَتْ: يَا أَخِي لَيْسَ لَكَ نَسْلٌ وَقَدْ رُزِقْتَ وَلَدًا وَهَذِهِ مَكْرُمَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُحِبُّ أَنْ يُشْرِكَكَ فِيهَا وَلَدِي فَأَخَذَتْهَا مِنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الرَّجْفَةِ فَمَكَثْتُ عِنْدَهَا حَتَّى كبر أولادها فلما قدم المهدي إلى بيت الْمَقْدِسِ أَتَوْهُ بِهَا وَعَرَّفُوهُ نَسَبَهَا مِنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فَعَرَفَ ذَلِكَ وَقَبِلَهَا وَأَجَازَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَلْفِ دِينَارٍ وَقَرَّبَهُ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأَتَى بِهِ مَحْمُولا لِزَمَانَتِهِ فَسَأَلَهُ عَنْ خَبَرِ النَّعْلِ فَصَدَّقَ مَقَالَةَ الأَخَوَيْنِ فَقَالَ ائْتِنِي بِالأُخْرَى فَبَكَى وَنَاشَدَهُ اللَّهُ فَرَقَّ لَهُ وأقرها عنده. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 14 تراجم رجال هذه الطبقة ... تراجم رجال هذه الطبعة: حَرْفُ الأَلِفِ: 1- آدَمُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ1 - خ -. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلامُ بْنُ سُلَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ ثقة قليل الحديث. 2- إبراهيم بن جرير2 - د ن ق - بن عبد الله البجلي. مَاتَ بِالْكُوفَةِ وَلَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ يَحْيَى: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، وَرَوَى عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وعنه أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَشَرِيكُ الْقَاضِي. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَعَمَّرَ حَتَّى لَقِيَهُ شَرِيكٌ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حُرَّةَ الْحَرَّانِيُّ3. رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ. وَرَوَى عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ4، بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْعَلَوِيُّ. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ أَبُو عُقَيْلٍ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَغَيْرُهُمَا. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَرِيفٍ الْمَدَنِيُّ5. رَوَى عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودِ6، بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ الْبَجَلِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 7- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الكوفي7 - م د ن ق -   1 التاريخ الكبير "2/ 37"، الجرح والتعديل "2/ 266". 2 التاريخ الكبير "1/ 278"، الجرح والتعديل "2/ 90". 3 التاريخ الكبير "1/ 281"، الجرح والتعديل "2/ 96". 4 التاريخ الكبير "1/ 279". 5 التاريخ لابن معين "2/ 10"، التاريخ الكبير "1/ 294". 6 التاريخ الكبير "1/ 307"، الجرح والتعديل "2/ 118". 7 التاريخ الكبير "1/ 304"، الجرح والتعديل "2/ 112". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 15 عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ وَمُصَرِّفٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. 8- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ1، بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ. سَمِعَ أَبَاهُ وَالزُّهْرِيَّ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ بِشْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. 9- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ2، أَبُو إِسْحَاقَ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَطَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَصَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَزَائِدَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ المُسْلِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. 10- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ3 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَبُو إِسْحَاقَ الأُمَوِيُّ الْخَلِيفَةُ. بُويِعَ بِالْخِلافَةِ بِدِمَشْقَ عِنْدَ مَوْتِ أَخِيهِ يَزِيدَ النَّاقِصِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ طَوِيلا أَبْيَضَ جَمِيلا مُسْمِنًا. قَالَ مَعْمَرُ: رَأَيْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ جاء إلى الزهري بكتاب فعرضه عليه ثم قال: أحدث بهذا عنك؟ قال: إي لعمري فَمَنْ يُحَدِّثُكُمُوهُ غَيْرِي؟ وَقَدْ حَكَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَلَدُهُ يَعْقُوبُ. وَقَالَ بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ: حَضَرْتُ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَقَدِ احْتَضَرَ فَأَتَاهُ قَطَنٌ, فقال: أنا رسول من وراءك يسألونك بحق اللَّهِ لَمَا وَلَّيْتَ أَمْرَهُمْ أَخَاكَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَغَضِبَ، وَقَالَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ: أَنَا أُوَلِّي إِبْرَاهِيمَ! ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا الْعَلاءِ إِلَى مَنْ تَرَى أَعْهَدُ؟ قُلْتُ: أَمْرٌ نَهَيْتُكَ عَنِ الدُّخُولِ فِيهِ فَلا أُشِيرُ عَلَيْكَ فِي آخِرِهِ، قَالَ: وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى حَسِبْتُهُ قَدْ مَاتَ فَقَعَدَ قَطَنٌ فَافْتَعَلَ كِتَابًا بِالْعَهْدِ على لسان يزيد ودعا ناسا   1 التاريخ الكبير "1/ 308"، المعرفة والتاريخ "1/ 572، 619". 2 التاريخ الكبير "1/ 328"، الجرح والتعديل "2/ 132". 3 سير أعلام النبلاء "5/ 376"، المعرفة والتاريخ "2/ 828". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 16 فَاسْتَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ وَلا وَاللَّهِ مَا عَهِدَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ شَيْئًا. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: مَكَثَ إِبْرَاهِيمُ سَبْعِينَ لَيْلَةً فِي الْخِلافَةِ ثُمَّ خُلِعَ وَوَلِيَهَا مَرْوَانُ. وَذَكَر غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ بَقِيَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 11- أَزْهَرُ بْنُ رَاشِدٍ1، أَبُو الْوَليِدِ الْهَوْزَنِيُّ الشَّامِيُّ. عَنْ عِصْمَةَ بْنِ قَيْسٍ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُرْسَلا وَسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ. وعنه حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. فَأَمَّا أَزْهَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْكَاهِلِيُّ فَآخَرُ مِنْ طَبَقَةِ شُعْبَةَ. يَأْتِي. 12- أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ الْحَرَازِيُّ الْحِمْصِيُّ2. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيُّ. وَعَنْهُ الزُّبَيْدِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَزْهَرُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَزْهَرُ بْنُ يَزِيدَ الثَّلاثَةُ وَاحِدٌ، نُسِبَ مَرَّةً مُرَادِيٌّ وَمَرَّةً هَوْزَنِيُّ وَمَرَّةً حَرَازِيُّ. كَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَأَمَّا ابْنُ عبد اللَّهِ3 فَهُوَ يَرْوِي عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو وَفَرَجُ بْنُ فُضَالَةَ وَعُمَرُ بْنُ جَعْثُمٍ الْقُرَشِيُّ. تُوَفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَفِيهِ نَصَبٌ. 13- إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الْمَدَنِيُّ4 -د ن ق- أَخُو إِسْحَاقَ مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدِ بْنِ مُرْجَانَةَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مَالِكُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وآخرون. وثقه يحيى بن معين وغيره.   1 التاريخ الكبير "1/ 456"، الجرح والتعديل "2/ 313". 2 التاريخ الكبير "1/ 456"، تهذيب الكمال "2/ 325". 3 التاريخ الكبير "1/ 459"، تهذيب الكمال "2/ 327". 4 التاريخ الكبير "1/ 350"، الجرح والتعديل "2/ 164". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 17 وَكَانَ كَاتِبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَهُ بِهِ اخْتِصَاصٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ. 14- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الله بن جعفر1 -ق- بن أبي طالب الهاشمي المدني أَخُو إِسْحَاقَ وَمُعَاوِيَةَ وَعَلِيٍّ. سَمِعَ أَبَاهُ. وَعَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنُ أَخِيهِ صالح بن معاوية وعبد الرحمن ابن أَبِي بَكْرٍ الْمُلَيْكِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ وَالِدُ مُصْعَبٍ الزبيدي وآخرون. وثقه الدارقطني. 15- إسماعيل بن عبد الرحمن2 -م4- بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّدِّيُّ الكبير الحجازي ثم الكوفي الأعور المفسر، مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ خَيْرٍ الْهَمْدَانِيِّ وَمُصْعَبِ بْنِ أَسْعَدَ وَأَبِي صَالِحٍ بَاذَانَ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ومُرَةَ الطَّيْبِ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَزَائِدَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَآخَرُونَ! وَقَدْ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٌ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَدُوقٌ. وَيُرْوَى أَنَّ السُّدِّيَّ كان عظيم اللحية جدا.   1 التاريخ الكبير "1/ 363"، الجرح والتعديل "2/ 179". 2 الطبقات الكبرى "6/ 323"، التاريخ الكبير "1/ 361". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 18 قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيَّ قَدْ أُعْطِيَ حَظًّا مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ قَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ قَدْ أُعْطِيَ حَظًّا مِنْ جَهْلٍ بِالْقُرْآنِ. قُلْتُ: مَا أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلا وَمَا جَهِلَ مِنَ الْعِلْمِ أَكْثَرَ مِمَّا عَلِمَ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: كَانَ السُّدِّيُّ أَعْلَمَ بِالْقُرْآنِ مِنَ الشَّعْبِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ سَلْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخُ شَرِيكٍ: مَرَّ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ بِالسُّدِّيِّ وَهُوَ يُفَسِّرُ فَقَالَ: إِنَّهُ لَيُفَسِّرُ تَفْسِيرَ الْقَوْمِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ السُّدِّيُّ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: فَأَمَّا السُّدِّيُّ الصَّغِيرُ فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ مُعَاصِرٌ لِوَكِيعٍ. 16- إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ أَبُو هَاشِمٍ الْمَكِّيُّ1 -4-. عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمِسْعَرٌ وَدَاوُدُ الْعَصَّارُ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ. وَثَّقَه أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالنَّسَائِيُّ. لَهُ حَدِيثٌ فِي السُّنَنِ عَنْ عَاصِمِ بن لقيط. 17- أشعث بن أبي الشعثاء2 -ع- سليم بن أسود المحاربي الكوفي. عَنْ أَبِيهِ وَالأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَأَسْوَدَ بْنِ هِلالٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقُوهُ. وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 18- الأَغَرُّ بْنُ الصَّبَّاحِ الْمِنْقَرِيُّ الْكُوفِيُّ3 -د ت ن- والد أبيض.   1 التاريخ الكبير "1/ 370، 371"، الجرح والتعديل "2/ 194". 2 التاريخ الكبير "1/ 430"، الجرح والتعديل "2/ 270". 3 التاريخ الكبير "2/ 44"، الجرح والتعديل "2/ 380". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 19 رَوَى عَنْ أَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ وَخَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ الْمِنْقَرِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعَ. وَثَّقَهُ النسائي. 19- أمية بن صفوان1 -م ن ق- ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خلف الجمحي المكي. رَوَى عَنْ جَدِّهِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ. وَعَنْهُ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. صدوق. 20- أُمَيّة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، الأُمَوِيُّ2. عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عِكْرِمَةَ، وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز في خلافته. وعنه ابن إسحق وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ. وَذَكَرَ خَلِيفَةُ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ قُدَيْدَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 21- أَوْسُ بْنُ بِشْرٍ الْمَعَافِرِيُّ3. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَكَانَ يُوَازِي عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي الْعِلْمِ. روى عنه عَامِرُ بْنُ يَحْيَى وَأَبُو قَبِيلٍ وَوَاهِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّونَ وَالْجَلاحُ مَوْلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: قَدِمَ دمشق بمبايعة المصريين ليزيد بن الوليد.   1 التاريخ الكبير "2/ 8"، الجرح والتعديل "2/ 301". 2 التاريخ الكبير "2/ 8"، الجرح والتعديل "2/ 301". 3 التاريخ الكبير "2/ 19"، الجرح والتعديل "2/ 305". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 20 22- أَوْفَى بْنُ دَلْهَمٍ الْبَصْرِيُّ1 -ت- عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ وَحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ الْمَرْوَزِيُّ وَسُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 23- إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ2 -مق- بن قرة أبو واثلة المزني البصري. قَاضِي الْبَصْرَةِ وَأَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ خَالِدُ الْحَذَّاءُ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَحَدَ مَنْ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الذَّكَاءِ وَالرَّأْيِ وَالسُّؤْدُدِ وَالْعَقْلِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَلَكِنْ قَلَّمَا رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ شَيْئًا فِي مُقَدِّمَتِهِ وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ شَيْئًا. وَأَخْبَارُهُ مُسْتَوْعَبَةٌ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ لِشَيْخِنَا، مَادَّتُهَا مِنْ تَارِيخِ دِمَشْقٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: كَانَ يُقَالُ: يُولَدُ فِي كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ رَجُلٌ تَامُّ الْعَقْلِ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ مِنْهُمْ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ إِيَاسُ: مَنْ عَدَمِ فَضِيلَةَ الْعَقْلِ فَقَدْ فُجِعَ بأكرم أخلاقه. وقال ربيعة الرأي: قَالَ لِي إياس بْن معاوية: يا ربيعة كُلّ ديانة أسست عَلَى غير ورع فهي هباء. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ: قُلْتُ لإِيَاسٍ: مَا الْمُرُوءَةُ - قَالَ: حَيْثُ تَعْرِفُ التَّقْوَى وَحَيْثُ لا تَعْرِفُ اللُّبَاسَ الْجَيِّدَ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ فِي بَيْتِ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ رَجُلا أَحْمَرَ طَوِيلَ الذُّرَاعِ غَلِيظَ الثِّيَابِ يَلُوثُ عِمَامَتِهِ لَوْثًا وَرَأَيْتُهُ قَدْ غَلَبَ عَلَى الْكَلامِ فَلا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ مَعَهُ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ لَهُ: يَا أَبَا واثلة، فعرفت أنه إياس.   1 الجرح والتعديل "2/ 349"، ميزان الاعتدال "1/ 278". 2 التاريخ الكبير "1/ 442"، حلية الأولياء "3/ 123". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 21 وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ: سَمِعْتُ إِيَاسًا يَقُولُ: لَسْتُ بِخَبٍّ1 وَلا يَخْدَعُنِي الْخَبُّ وَلا يَخْدَعُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ, وَلَكِنَّهُ يَخْدَعُ أَبِي وَيَخْدَعُ الْحَسَنَ وَيَخْدَعُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ حَبِيبٌ: وَأَتَى رَجُلٌ إِيَاسًا يُشَاوِرُهُ فِي خُصُومِهِ فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَ الْقَضَاءَ فَعَلَيْكَ بِعَبِد الْمَلِكِ بْنِ يَعْلَى فَهُوَ الْقَاضِي، وَإِنْ أَرَدْتَ الْفُتْيَا فَعَلَيْكَ بِالْحَسَنِ فَهُوَ مُعَلِّمِي، وَإِنْ أَرَدْتَ الصُّلْحَ فَعَلَيْكَ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَتَدْرِي مَا يَقُولُ لَكَ، يَقُولُ لَكَ: دَعْ شَيْئًا مِنْ حَقِّكَ، وَإِنْ أَرَدْتَ الْخُصُومَةَ فَعَلَيْكَ بِصَالِحِ السَّدُوسِيِّ وَتَدْرِي مَا يَقُولُ لَكَ؟ - يَقُولُ: اجْحَدْ مَا عَلَيْكَ وَاسْتَشْهِدِ الْغُيَّبَ يَعْنِي الْمُسَافِرِينَ إِلَى أَنْ يقدموا. قَالَ المدائني: كان إياس قاضيا قائفا2 ذَكِيًّا اسْتَقْضَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثُمَّ هَرَبَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: وَلَّى عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ الأَمِيرُ إِيَاسًا قَضَاءَ الْبَصْرَةَ فَأَبَى وَقَالَ: بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ خَيْرٌ مِنِّي. وَقَالَ سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ: قَالَ لِي إِيَاسٌ: إِنَّ هَذَا قَدْ بَعَثَ إِلَيَّ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ ثُمَّ خَرَجَ وَمَعَهُ حَرَسِيٌّ فَقَالَ: أَبِي أَنْ يُعْفِيَنِي فَصَلَّى رَكْعَتْيِنِ ثُمَّ قَالَ لِلْحَرَسِيِّ: قَدِّمْ يَعْنِي خَصْمًا فَمَا قَامَ حَتَّى قَضَى سَبْعِينَ قَضِيَّةً. ثُمَّ خَرَجَ إِيَاسُ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي قَضِيَّةٍ كَانَتْ فَاسْتَعْمَلَ عَدِيُّ عَلَى الْقَضَاءِ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ. وَقَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: لَمَّا وَلِيَ إِيَاسٌ دَخَلَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ وَإِيَاسٌ يَبْكِي فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ - فَذَكَرَ حَدِيثَ: "الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ". فَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ فِيمَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ مَا يَرُدُّ قَوْلَ هَؤُلاءِ النَّاسِ وَقَرَأَ {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 79] فَحَمِدَ اللَّهُ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَذُمَّ دَاوُدَ. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: قَضَى إِيَاسٌ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ إِيَاسٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقْضَى وَكُنَّا نَكْتُبُ عَنْهُ الْفَرَاسَةَ كَمَا نَكْتُبُ مِنْ صَاحِبِ الْحَدِيثِ الْحَدِيثَ. وَقَالَ حُمَيْدٌ: شَكَّ أَنَسٌ فِي وَلَدٌ لَهُ فَدَعَا إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فنظر له.   1 الخب: الخداع. 2 القائف: الذي يتتبع الآثار ويعرفها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 22 وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَى إِيَاسٌ رَجُلا فَقَالَ: تَعَالَ يَا يَمَامِيُّ قَالَ: لَسْتُ بِيَمَامِيٍّ فَقَالَ: فَتَعَالَى يَا أُضَاخِيُّ. قَالَ: لَسْتُ بِأُضَاخِيٍّ قَالَ: فَتَعَالَ يَا ضَرَوِيُّ، فَجَاءَ فَسَأَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ وَلَدٌ بِالْيَمَامَةِ وَنَشَأَ بِأُضَاخَةَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى ضَرِيَّةَ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: شَهِدْتُ إِيَاسًا يَقُولُ: مَا بَعُدَ عَهْدُ قَوْمٍ بِنَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ أحَسْنَ لِقَوْلِهِمْ وَأَسْوَأَ لِفِعْلِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ شَبْرُمَةَ: قَالُوا لإِيَاسٍ: إِنَّكَ مُعْجَبٌ بِرَأْيِكَ! قَالَ: لَوْ لَمْ أُعْجَبْ بِهِ لَمْ أَقْضِ بِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِسْعَرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِإِيَاسٍ: عَلِّمْنِي الْقَضَاءَ، قَالَ: إِنَّ الْقَضَاءَ لا يُتَعَلَّمُ إِنَّمَا الْقَضَاءُ فَهْمٌ. وَقِيلَ إِنَّهُمْ قَالُوا لِإِيَاسٍ: إِنَّكَ تُكْثِرُ الْكَلامَ! قَالَ أَفَبِصَوابٍ أَتَكَلَّمُ أَمْ بِخَطَأٍ؟ - قَالُوا: بصواب. قَالَ فَالإِكْثَارُ مِنَ الصَّوَابِ أَفْضَلُ. وَعَنْ إِيَاسٍ وَقِيلَ لَهُ: مَا عَيْبُكَ - قَالَ: الإِكْثَارُ. وَقَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: لَمَّا مَاتَتْ أُمُّ إِيَاسٍ بَكَى فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ - قَالَ: كَانَ لِي بَابَانِ مَفْتُوحَانِ مِنَ الْجَنَّةِ فَأُغْلِقَ أَحَدُهُمَا. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي هُرُوبِ إِيَاسٍ مِنَ الْقَضَاءِ عَلَى أَقْوَالٍ: أَحَدِهَا أَنَّهُ رَدَّ شَهَادَةَ شَرِيفٍ مُطَاعٍ فَآلَى أَنْ يَقْتُلَهُ فَهَرَبَ لِذَلِكَ. وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلايَتِهِ سَنَةً وَأَكُرِهَ بَعْدَهُ الْحَسَنُ عَلَى الْقَضَاءِ. وَتُوُفِّيَ إِيَاسٌ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَمَحَاسِنُهُ كَثِيرَةٌ رَحِمَهُ اللَّهُ. 24- أَيُّوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْمَدَنِيُّ1 -د ت ق- عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ وَأَيُّوبَ بْنِ بِشْرٍ الْمَعَافِرِيِّ. وَعَنْهُ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَآخَرُونَ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي السُّنَنِ. 25- أَيُّوبُ بْنُ مَيْسَرَةَ2، بن حليس الدمشقي أخو يونس.   1 الطبقات الكبرى "2/ 223"، التاريخ الكبير "1/ 420"، الجرح والتعديل "2/ 251". 2 التاريخ الكبير "1/ 421"، الجرح والتعديل "2/ 257". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 23 رَوَى عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ وَبُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَاةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَالْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَفْقَهَ مِنْ أَخِيهِ وَأَسَنَّ، وَكَانَ مُفْتِيًا. مَاتَ قَبْلَ يُونُسَ بِقَلِيلٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. [حرف الْبَاءِ] : بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -م4-. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي الْجَوْزَاءِ الرَّبَعِيِّ أَوْسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَأَبَانُ الْعَطَّارُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيُقَالُ سَنَةَ ثَلاثِينَ. 27- بُرَيْدة بْن سُفْيَان بْن فَروة الأَسْلَمِيُّ2. عَنْ أَبِيهِ وَمَسْعُودِ بْنِ هُبَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ وَسَهْلُ بن شعيب وغيرهم. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. 28- بِشْرُ بن حرب3 -ن ق- أبو عمرو الأزدي الندبي البصري. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَشُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وضعفه ابن المديني وغيره.   1 التاريخ الكبير "2/ 142"، الجرح والتعديل "2/ 428". 2 التاريخ الكبير "2/ 141"، الجرح والتعديل "2/ 424". 3 التاريخ لابن معين "2/ 58"، التاريخ الكبير "2/ 71". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 24 وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي وَلا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 29- بِشْرُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ1 -د ت ق-. عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَهَ وَجَمَاعَةٌ. وَتُوُفِّيَ بَعْدَ الزُّهْرِيُّ بِيَسِيرٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معين. 30- بكر بن سوادة2 -م4- أبو ثمامة الجذامي الْمَصْرِيُّ الْفَقِيهُ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 31- بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأشج3 -ع- المدني الفقيه مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ مَخْرَمَةَ. نَزَلَ مِصْرَ وَهُوَ أَخُو يَعْقُوبَ وَعُمَرَ. رَوَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَحُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ وَكُرَيْبٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ. روى عنه ابْنُهُ مَخْرَمَةُ وَعَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ مجمع على ثقته وجلالته.   1 الجرح والتعديل "2/ 360". 2 التاريخ الكبير "2/ 89"، الجرح والتعديل "2/ 386". 3 الجرح والتعديل "2/ 403"، تهذيب التهذيب "1/ 491". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 25 ذَكَرَهُ مَالِكٌ فَقَالَ: كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَفُوقَ بُكَيْرَ بْنَ الأَشَجِّ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. 32- فَأَمَّا بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي روى عنه سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ1، الْحَدِيثَ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَحْدَهُ: هَذَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الطَّوِيلُ يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ. وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّازُ الْحَافِظُ فَقَالَ: بَلْ هُوَ بُكَيْرُ بْن الأَشَجِّ وَيُقَوِّي هَذَا أَنَّ مُسْلِمًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِسَنَدِهِ عَنْ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ قَالَ: حَدَثَّنِي كُرَيْبٌ فَذَكَرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 33- بِلالِ بن أبي بردة2 -ت- عَامِرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ أَبُو عُمَرَ وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الله أَمِيرُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ قَتَادَةُ وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَسَهْلُ بْنُ عَطِيَّةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ ذَا رَأْيٍ وَدَهَاءَ، وَقَدْ وَلِيَ أَيْضًا قَضَاءَ الْبَصْرَةِ مُدَّةً. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرَآهُ لا يَنْفَقُ عِنْدَهُ إِلا التَّقْوَى وَالدِّيَانَةُ فَلَزِمَ الْمَسْجِدَ وَالصَّلاةَ لِيَخْدَعَ عُمَرَ فَدَسَّ إِلَيْهِ عُمَرُ مَنْ سَارَةَ فَقَالَ: إنْ كَلَّمْتُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَلِّيَكَ الْبَصْرَةَ مَا تُعْطِينِي - فَوَعَدَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَأَبْلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَنَفَاهُ عَنْهُ وَأَبْعَدَهُ. وَقَدْ وَلاهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَمِائَةٍ فَدَامَ عَلَى الْقَضَاءِ إِلَى سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَوَلِيَ فِي غُضُونِ ذَلِكَ الصلاة والأحداث.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "698، 992، 1198، 4570، 4571، 4572"، ومسلم "763"، وأبو داود "1367"، وابن ماجه "1363"، وأحمد في المسند "1/ 242، 358"، وعبد الرزاق في المصنف "4708"، وابن حبان في صحيحه "2526، 2579، 2592". 2 التاريخ الكبير "2/ 109"، الجرح والتعديل "2/ 397"، تهذيب التهذيب "1/ 500". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 26 وَعَنْ جُوَيْرِيَّةَ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: اسْتُخِلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَوَفَدَ بِلالٌ فَهَنَّأَهُ وَقَالَ: مَنْ كَانَتِ الْخِلافَةُ يَا أَمِيرُ شَرَّفَتْهُ فَقَدْ شَرَّفْتَهَا، وَمَنْ كَانَتْ زَانَتْهُ فَقَدْ زِنْتَهَا وَأَنْتَ كَمَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ: وَتَزِيدِينَ طِيبَ الطِّيبِ طِيبًا ... إِنْ تَمَسِّيهِ أَيْنَ مِثْلُكِ أيْنَا وَإِذَا الدُّرُّ زَانَ حُسْنَ وُجُوهٍ ... كَانَ لِلدُّرِّ حُسْنُ وَجهِكَ زَيْنًا فَجَزَاهُ عُمَرُ خَيْرًا، وَلَزِمَ بِلالُ الْمَسْجِدَ يُصَلِّي وَيَقْرَأُ وَيَتَهَجَّدُ فَهَمَّ عُمَرُ بِهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْعِرَاقَ ثُمَّ دَسَّ ثِقَةً لَهُ فَقَالَ لِبِلالٍ وَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ: فَنَفَاهُ عُمَرُ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ إِنَّ صَاحِبَكُمْ أَعْطَى مَقُولا وَلَمْ يُعْطِ مَعْقُولا زَادَتْ بَلاغَتُهُ، وَنَقَصَتْ زَهَادَتُهُ. وَقِيلَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ أَخَذَ حَظَّ بِلالٍ بِالْمَالِ ثُمَّ حَمَلَ ذَلِكَ الْحَظُّ إِلَى عُمَرَ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ: كَانَ بِلالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ ظَلُومًا جَائِرًا لا يُبَالِي مَا صَنَعَ فِي الْحُكْمِ وَلا فِي غَيْرِهِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانَ بِلالِ قُد خَافَ الْجُذَامَ فَوُصِفَ لَهُ سَمْنٌ يَقْعُدُ فِيهِ فَكَانَ يَقْعُدُ ثُمَّ يَأْمُرُ بِالسَّمْنِ فَيُبَاعُ فَتُحِبُّ السُّوقَةُ شِرَاءَ السَّمْنِ. وَفِيهِ يَقُولُ يَحْيَى بْنُ نَوْفَلٍ الْحِمْيَرِيُّ: وَكُلُّ زَمَانِ الفَتَى قَدْ لَبِسْتُ ... خَيْرًا وَشَرًّا وَعُدْمًا وَمَالا فَلا الفَقْرُ كُنْتُ لَهُ ضَارِعًا ... وَلا الْمَالُ أَظْهَرَ مِنِّي اخْتِيَالا وَقَدْ طُفْتُ لِلْمالِ شَرْقَ الْبِلادِ ... وَغَرْبِيَّهَا وَبَلَوْتُ الرِّجَالا فَلَوْ كُنْتُ مُمْتَدِحًا للنَّوَالِ ... فَتًى لَمَدَحْتُ عَلَيْهِ بِلالا وَلَكِنَّنِي لَسْتُ مِمَّنْ يُرِيدُ ... بِمَدْحِ الْمُلُوكِ عَلَيْهِ النَّوَالا سَيَكْفِي الْكَرِيمَ إخَاءُ الْكَرِيمِ ... وَيَقْنَعُ بِالْوَدَّ مِنْهُ سُؤَالا ثُمَّ إِنَّهُ هَجَا بِلالا بِأَبْيَاتٍ، وَكَانَ بِلالُ مِنَ الأَكَلَةِ الْمَعْدُودِينَ. ذَكَرَ المدائني أن بلال أَرْسَلَ إِلَى قَصَّابٍ سَحَرًا قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَانُونٌ وَعِنْدَهُ تَيْسٌ ضَخْمٌ فَقَالَ: اذْبَحْهُ وَاسْلُخْهُ وَكَبُّبْ لَحْمَهُ. فَفَعَلْتُ وَدَعَا بِخِوَانٍ فَوُضِعَ، وَجَعَلْتُ أُكَبِّبُ اللَّحْمَ فَإِذَا اسْتَوَى مِنْهُ شَيْءٌ وَضَعْتُهُ بُيْنَ يَدَيْهِ فَأَكَلَهُ حَتَّى تَعَرَّقَتْ له لحم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 27 التَّيْسِ وَلَمْ يَبْقَ إِلا بَطْنُهُ وَعِظَامُهُ وَبَقِيَتْ بُضْعَةٌ عَلَى الْكَانُونِ فَقَالَ لِي: كُلْها فَأَكَلْتُهَا. وَجَاءَتْ جَارِيَةٌ بِقِدْرٍ فِيهَا دَجَاجَتَانِ وَفَرْخَانِ وَصَحْفَةٌ مُغَطَّاةٌ فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا فِي بَطْنِي مَوْضِعٌ فَضَعِيهَا عَلَى رَأْسِي فَضَحِكْنَا، وَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْدَاحٍ وَسَقَانِي قَدَحًا. وَعَنِ الْحَكَمِ بْنِ النَّضْرِ قَالَ: قَتَلَ بِلالا دَهَاؤُهُ فَإِنَّهُ لَمَّا حُبِسَ قَالَ لِلسَّجَّانِ: خُذْ مِنِّي مِائَةِ أَلْفٍ، وَأَعْلِمْ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ أَنِّي قَدْ مُتُّ - وَكَانَ فِي حَبْسِهِ - فَقَالَ لَهُ السَّجَّانُ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا سِرْتَ إِلَى أَهْلِكَ - قَالَ: لا يسمع لي يوسف بخبر ما دام حَيًّا عَلَى الْعِرَاقِ، فَأَتَى السَّجَّانُ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: مَاتَ بِلالٌ قَالَ: أَرِنِيهِ مَيِّتًا فإني أحب ذلك، فحار السجان فجاء فَأَلْقَى عَلَى بِلالٍ شَيْئًا غَمَّهُ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ أَرَاهُ يُوسُفَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. [حرف التَّاءِ] : 34- تَمِيمُ بْنُ حُوَيْصٍ1، أَبُو الْمُنْذِرِ الأَزْدِيُّ الأَهْوَازِيُّ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ. سُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: صَالِحٌ. [حرف الثَّاءِ] : 35- ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ البُنَانِيُّ2، أَبُو مُحَمَّدٍ. أَحَدُ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ بِالْبَصْرَةِ. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ الرحمن بن أَبِي لَيْلَى، وَعُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ وَأَبِي الْعَالِيَةَ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغْيِرةِ، وَمَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَهَمَّامٌ وَالْحَمَّادَانِ وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ وَأَبُو عَوَانَةَ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَخَلائِقُ، ومن الكبار عطاء بن أبي رباح.   1 التاريخ الكبير "2/ 154"، الجرح والتعديل "2/ 441". 2 التاريخ الكبير "2/ 159"، الجرح والتعديل "2/ 449". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 28 وَكَانَ رَأْسًا فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ ثِقَةٌ ثَبْتًا رَفِيعًا، وَلَمْ يُحْسِنِ ابْنِ عَدِيٍّ بِإِيرَادِهِ فِي كَامِلِهِ، وَلَكِنَّهُ اعْتَذَرَ وَقَالَ: مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِهِ مِنَ النُّكْرَةِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الرواي عَنْهُ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءُ. رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: إِنَّ لِلْخَيْرِ أَهْلا، وَإِنَّ ثَابِتًا هَذَا مِنْ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: كَانَ ثَابِتٌ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِي الصَّلاةَ فِي قَبْرِي. وَعَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَعْبَدَ مِنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ثَابِتٌ يَتَثَبَّتُ فِي الْحَدِيثِ، وَكَانَ يَقُصُّ وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُصُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ: ذَهَبْتُ أُلَقِّنُ أَبِي عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي فِي وِرْدِي السَّابِعِ، كَانَ يَقْرَأُ وَنَفْسُهُ تَخْرُجُ. وَرَوَى حَمَّادُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: دَعُوةٌ فِي السِّرِّ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ فِي الْعَلانِيَةِ. وَرَوَى أَبُو هِلالٍ عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَعْبَدِ أَهْلِ زَمَانِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، فَمَا أَدْرَكْنَا الَّذِي هُوَ أَعْبَدُ مِنْهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ ثَابِتٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيَصُومُ الدَّهْرَ. وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: مَا تَرَكْتُ فِي الْجَامِعِ سَارِيَةً إِلا وَقَدْ خَتَمْتُ الْقُرْآنَ عِنْدَهَا وَبَكَيْتُ عِنْدَهَا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يَبْكِي حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانُ: بَكَى ثَابِتٌ حَتَّى كَادَتْ عَيْنُهُ تَذْهَبُ فَقِيلَ لَهُ عِلاجَهَا بِأَنْ لا تَبْكِي، قَالَ: وَمَا خَيْرُهُمَا إِذَا لَمْ تَبْكِيَا؟ وَأَبَى أَنْ تُعَالَجَ. وَقَال سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ: رَأَيْتُ ثَابِتًا يَلْبَسُ الثِّيَابَ الثَّمِينَةَ وَالطَّيَالِسَةَ وَالْعَمَائِمَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لِثَابِتٍ نَحْوَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 29 قُلْتُ: وَرِوَايَتُهُ عَنِ ابن عُمَرَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَرِوَايَتُهُ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فِي سُنُنِ النَّسَائِيِّ. قَالَ سَعْدُوَيْهِ: ثنا مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ثَابِتٍ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ فِي عُلُوٍّ وَكَانَ لا يَزَالُ يَذْكُرُ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أُصَلِّيَ الْبَارِحَةَ كَمَا كُنْتُ أُصَلِّي وَلَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَصُومَ كَمَا كُنْتُ أَصُومُ، وَلَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَنْزِلَ إِلَى أَصْحَابِي فَأَذْكُرُ اللَّهَ كَمَا كُنْتُ أَذْكُرُهُ مَعَهُمْ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِذْ حَبَسْتَنِي عَنْ ثَلاثٍ فَلا تَدَعْنِي فِي الدُّنْيَا سَاعَةً. وَعَنْهُ قَالَ: كَابَدْتُ الصَّلاةَ عِشْرِينَ سَنَةً وَتَنَعَّمْتُ بِهَا عِشْرِينَ سَنَةً. مَاتَ ثَابِتٌ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٌ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ. 36- ثَابِتُ بْنُ ثَوْبَانَ الدِّمَشْقِيُّ1 -د ت ق- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَغَيْرِهِمَا. وَكَانَ وَصِيُّ مَكْحُولٍ. روى عنه ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. ثَابِتٌ أَبُو الْمِقْدَامِ، فِي الْكُنَى. 37- ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَثْعَمِيُّ الشَّامِيُّ2 -د- عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ الْعِجْلِيِّ وَسَعُودِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ مَوْلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ أَبُو مَهْدِيٍّ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَشَنِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَآخَرُونَ. وثقه أبو حاتم بن حبان.   1 التاريخ الكبير "2/ 161"، الجرح والتعديل "2/ 449". 2 التاريخ الكبير "2/ 175"، الجرح والتعديل "2/ 464". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 30 38- ثَعْلَبَةُ أَبُو بَحْرٍ الْكُوفِيُّ1. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَمِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَالْمَسْعُودِيُّ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 39- ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ الْمَدِينِيُّ2 -ع-. عَنْ أَبِي الْغَيْثِ سَالِمٍ وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَمَالِكٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. [حرف الْجِيمِ] : 40- جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعَفِيُّ3 الْكُوفِيُّ -د ت ق- أَحَدُ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ عَلَى ضَعْفِهِ وَرَفْضِهِ. رَوَى عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَالشَّعْبِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي الضُّحَى وَعِكْرَمَةَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَشَيْبَانُ وَخَلْقٌ. رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: كَانَ جَابِرُ الْجُعَفِيُّ وَرِعًا فِي الْحَدِيثِ مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ فِي الْحَدِيثِ مِنْهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ: هُوَ صَدُوقٌ، وَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ جَابِرٌ إِذَا قَالَ: ثنا وَسَمِعْتُ فَهُوَ مِنْ أَوْثَقِ النَّاسِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: مَا شَكَكْتُمْ فِي شَيْءٍ فَلا تَشُكُّوا أن جابرا ثقة.   1 التاريخ الكبير "2/ 174"، الجرح والتعديل "2/ 463". 2 التاريخ الكبير "2/ 181"، الجرح والتعديل "2/ 468". 3 الطبقات الكبرى "6/ 346"، التاريخ الكبير "2/ 210". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 31 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ لِشُعْبَةَ: لَئِنْ تَكَلَّمْتَ فِي جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ لأَتَكَلَّمَنَّ فِيكَ. وَرَوَى عَبَّاسُ الدُّورِيُّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُ جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ وَلا كَرَامَةَ. وَقَالَ زَائِدَةُ: كَانَ جَابِرُ الْجُعَفِيُّ كَذَّابًا يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. وَرَوَى أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: مَا لَقِيتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ مَا أَتَيْتُهُ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ إِلا جَاءَنِي فِيهِ بِأَثَرٍ وَزَعَمَ أَنَّ عِنْدَهُ ثَلاثِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ لَمْ يُظْهِرْهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ: تَرَكَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ: لَهُ حَدِيثٌ صَالِحٌ، وَقَدِ احْتَمَلَهُ النَّاسُ وَرَوَوْا عَنْهُ وَعَامَّةُ مَا قَذَفُوهُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ يَعْنِي رَجْعَةَ عَلِيٍّ إِلَى الدُّنْيَا. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: جَابِرٌ أَقْوَاهُمَا حَدِيثًا وَلَيْثٌ أَحْسَنُهُمَا رَأْيًا إِنَّمَا تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَ جَابِرٍ لِسُوءِ رَأْيِهِ. فَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ فَأَطْرَقَ سَاعَةً وَقَالَ: لا أَدْرِي ثُمَّ قَالَ: قَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ نَحْوَ سَبْعِينَ حَدِيثًا، وَقَالَ شُعْبَةُ: هُوَ صَدُوقٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: لا نَعْلَمُ أَحَدًا تَرَكَ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ إِلا زَائِدَةَ وَهُوَ رَجُلٌ فِي حَدِيثِهِ اضْطِرَابٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِ سُجُودِ السَّهْوِ: لَيْسَ فِي كِتَابِي عَنْ جَابِرٍ سِوَاهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٌ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 41- جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْكَاهِلِيُّ الْكُوفِيُّ الصَّيْرَفِيُّ1 -ع- أَخُو الرَّبِيعِ وَرَبِيحٍ. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَمُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى الثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَشَريِكٌ وَمُحَمَّدُ بن طلحة وآخرون.   1 التاريخ الكبير "2/ 241"، الجرح والتعديل "2/ 530". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 32 قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ صَالِحٌ. 42- جَبَلَةُ بن سحيم التيمي1 -ع- ويقال الشيباني الكوفي. عَنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَحَنْظَلَةَ أَحَدِ الصَّحَابَةِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَقَيْسُ بْنُ الربيع وجماعة. وثقه يحيى القطان. قال خليفة: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 43- الْجَعْدُ أَبُو عُثْمَانَ الْيَشْكُرِيُّ الصَّيْرَفِيُّ2 -خ م د ت ن- بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وأبي رجاء العطاردي وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ وابن علية وعبد الوارث وآخرون. وثقه ابن مَعِينٍ. وَيُعْرَفُ بِصَاحِبِ الْحُلَى. 44- جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وحشية3 -ع- إِيَاسٍ الْيَشْكُرِيِّ، أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ ثُمَّ الْوَاسِطِيُّ. أَحَدُ الأَئِمَّةِ الْكِبَارُ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرَمَةَ، وَنَافِعٍ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَطَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ، وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلٍ الْيَشْكُرِيِّ أَحَدِ الصَّحَابَةِ. روى عنه الأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ، وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ وآخرون.   1 التاريخ لابن معين "2/ 77"، التاريخ الكبير "2/ 219". 2 التاريخ الكبير "2/ 239"، الجرح والتعديل "2/ 528". 3 التاريخ الكبير "2/ 186"، الجرح والتعديل "2/ 473". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 33 وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَبُو بِشْرٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ الْمِنَهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَأَوْثَقُ. وَقَالَ الْقَطَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُ حَدِيثَ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ شُعْبَةُ أَيْضًا: أَحَادِيثُ أَبِي بِشْرٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ ضَعِيفَةٌ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ وَجَمَاعَةٌ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ أَصَحُّ. وَقَالَ نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ: كَانَ أَبُو بِشْرٍ سَاجِدًا خَلْفَ الْمَقَامِ حِينَ مَاتَ. وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشرِينَ وَمِائَةٍ. 45- جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ الْخُزَاعِيُّ الْقُمِّيُّ1 -ت د ن- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَعِكْرَمَةَ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. وَكَانَ مُخْتَصًّا بِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَدَخَلَ مَعَهُ مَكَّةَ فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَرَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. روى عنه ابْنُهُ خَطَّابٌ وَيَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ وَأَشْعَثُ بن إسحاق القمي ومندل بن عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ صَدُوقًا. 46- جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ الشَّيْبَانِيُّ2 -ق- بَصْرِيٌّ، مُقِلُّ. عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ عَبَّادِ بْنِ نُسَيْبٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ حازم والحمادان وعباد بن عباد وآخرون.   1 التاريخ الكبير "2/ 200"، الجرح والتعديل "2/ 490". 2 التاريخ الكبير "2/ 215"، الجرح والتعديل "2/ 55". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 34 وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 47- جَمِيلٌ الْحَذَّاءُ الأَسْلَمِيُّ1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ. سَكَنَ مِصْرَ. وَهُوَ أَبُو عُرْوَةَ جَمِيلُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى أَسْلَمَ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. 48- جَمِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ الْمُؤَذِّنُ2. عَنْ أَنَسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُمْ. مَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 49- الْجَلِدُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَصْرِيُّ3. صَاحِبُ الْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ. عن معاوية بْنِ قُرَّةَ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. ضَعَّفَهُ إِسْحَاقُ بن راهويه. وقال الدارقطني: مَتْرُوكٌ. 50- جَوَّابُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ4، الأَعْوَزُ نَزِيلُ جُرْجَانَ. رَوَى عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ مُرْسلا وَعَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ التَّيْمِيِّ وَيَزِيدَ بْنَ شريك التيمي.   1 التاريخ الكبير "2/ 217"، الجرح والتعديل "2/ 517". 2 الجرح والتعديل "2/ 518". 3 الجرح والتعديل "2/ 548". 4 الجرح والتعديل "2/ 535"، ميزان الاعتدال "1/ 426". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 35 وَعَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ وَجُوَيْبِرٌ وَمِسْعَرٌ وَقَيْسُ بْنُ سُلَيْمٍ. وَرَآهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِجُرْجَانَ قَالَ: فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ ثُمَّ كَتَبْتُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْمُلائِيُّ: كَانَ مُرْجِئًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: ضَعِيفٌ. 51- جُوثَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّيلِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَابْنُ عَجْلانَ وَعَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ. وَقِيلَ فِيهِ: حُوثَةُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ تَصْحِيفٌ. 52- الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ2، أَبُو مُحْرِزٍ الرَّاسِبِيُّ مَوْلاهُمُ السَّمَرْقَنْدِيُّ. الْمُتَكَلِّمُ الضَّالُّ رَأْسُ الْجَهْمِيَّةِ وَأَسَاسُ الْبِدْعَةِ. كَانَ ذَا أَدَبٍ وَنَظَرٍ وَذَكَاءٍ وَفَكْرٍ وَجِدَالٍ وَمِرَاءٍ، وَكَانَ كَاتِبًا لِلأَمِيرِ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ التَّمِيمِيِّ الَّذِي تَوَثَّبَ عَلَى عَامِلِ خُرَاسَانَ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ، وَكَانَ الْجَهْمُ يُنْكِرُ صِفَاتِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وَيُنَزِّهُهُ بِزَعْمِهِ عَنِ الصِّفَاتِ كُلَّهَا وَيَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَيَزْعُمْ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ بَلْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فَقِيلَ: كَانَ يُبْطِنُ الزَّنْدَقَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَتِهِ. وَكَانَ هُوَ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُفَسِّرُ بِخُرَاسَانَ طَرَفَيْ نَقِيضٍ هَذَا يُبَالِغُ فِي النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ وَمُقَاتِلٌ يُسْرِفُ فِي الإِثْبَاتِ وَالتَّجْسِيمِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: كَانَ جَهْمُ مَعَ مُقَاتِلٍ بِخُرَاسَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يُخَالِفُ مُقَاتِلا فِي التَّجْسِيمِ كَانَ جَهْمُ يَقُولُ: لَيْسَ اللَّهُ شَيْئًا وَلا غَيْرَ شَيْءٍ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء} [الرعد: 16] فَلا شَيْءٌ إلا وَهُوَ مَخْلُوقٌ، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ الإِيمَانَ عُقِدَ بِالْقَلْبِ وَإِنْ كَفَرَ بِلِسَانِهِ مِنْ تُقْيَةٍ أَوْ إِكْرَاهٍ، وَإِنْ عَبَدَ الصَّلِيبَ وَالأَوْثَانَ فِي الظَّاهِرِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلِيٌّ لِلَّهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ: وَكَانَ مُقَاتِلٌ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ لَحْمٌ وَدَمٌ عَلَى صُورَةِ الإِنْسَانِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.   1 الجرح والتعديل "2/ 549". 2 سير أعلام النبلاء "5/ 307"، ميزان الاعتدال "1/ 426". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 36 وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَصْبَهَانِيُّ بِنَيْسَابُورَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مَهْدِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْقَافِلانِيَّ قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَؤُلاءِ اللَّفْظِيَّةُ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قَالَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: ذَهَبْتُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ فَقَالَ: هَا هُنَا رَجُلٌ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَمَرَرْتُ مع إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا جَهْمُ مَا هَذَا، بَلَغَنِي أنك لا تصلي! قال: نعم. قال: مذكم - قَالَ: مُذْ تِسْعَةٍ وَثَلاثِينَ يَوْمًا وَالْيَوْمَ أَرْبَعِينَ. قَالَ: فَلِمَ لا تُصَلِّي؟ قَالَ: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِي لِمَنْ أُصَلِّي، قَالَ: فَجَهَدَ بِهِ ابْنُ سُوقَةَ أَنْ يَرْجِعَ أَوْ أَنْ يَتُوبَ، أَوْ يُقْلِعَ، فَلَمْ يَفْعَلْ فَذَهَبَ إِلَى الْوَالِي فَأَخَذَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَصَلَبَهُ، ثُمَّ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بن حنبل: ألا يترك اللَّهُ مَنْ يُصَلِّي، وَيَصُومُ لَهُ يَدَعِ الصَّلاةَ عَامِدًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلا وَيَضْرِبُهُ بِقَارِعَةٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ ثنا مُوسَى بْنُ حِزَامٍ التِّرْمِذِيُّ ثنا الأَصْمَعِيُّ عَنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ خَلادِ الطَّفَاوِيِّ قَالَ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ أَحْوَزَ عَلَى شُرْطَةِ نَصْرِ بن سيار فقتل جهم بن صَفْوَانَ لِأَنَّه أَنْكَرَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُدْرِكٍ الْقَاصُّ: سَمِعْتُ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: ظَهَرَ عِنْدَنَا جَهْمُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ فَرَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَلْخٍ يقول بتعطيل الله عن عرشه وأن الْعَرْشَ مِنْهُ خَالٍ. قُلْتُ: سَلَمُ بْنُ أَحْوَزَ الَّذِي قَتَلَ الْجَهْمَ قَتَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ فِي حُدُودِ الثَّلاثِينَ وَمِائَةٍ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ الرَّمْلِيُّ ثنا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: تَرَكَ جَهْمُ الصَّلاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ شُبَيْلٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَعَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ إِذْ جَاءَ شَابٌّ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَه} [القصص: 88] . قَالَ مُقَاتِلٌ: هَذَا جَهْمِيُّ وَيْحَكَ إِنَّ جَهْمًا وَاللَّهِ مَا حَجَّ الْبَيْتَ وَلا جَالَسَ الْعُلَمَاءَ إِنَّمَا كَانَ رَجُلا قَدْ أُعْطِيَ لِسَانًا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ: وَمِنْ فَضَائِحِ الْجَهْمِيَّةِ قَوْلُهُمْ بِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ شَيْئًا حَتَّى أَحْدَثَ لِنَفْسِهِ عِلْمًا وَكَذَا قَوْلُهُمْ فِي الْقُدْرَةِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 37 وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْكُوفِيُّ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْحِمَّانِيِّ قَالَ: جَهْمُ كَافِرٌ بِاللَّهِ، وَقِيلَ إِنَّ الْجَهْمَ تَابَ عَنْ مَقَالَتِهِ وَرَجَعَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ: حَدَّثَنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ جَهْمًا رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَنَزَعَ عَنْهُ وَتَابَ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ: قَالَ ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: تَرَكَ جَهْمُ الصَّلاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ فَخَاصَمَهُ بَعْضُ السَّمْنِيَّةِ فشك وأقام أربعين يوما لا يصلي. قال ضمرة: قد رأى ابن شوذب جهما. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ: كَلامُ جَهْمٍ صِفَةٌ بِلا مَعْنًى وَبِنَاءٌ بِلا أَسَاسٍ. قُلْتُ: فَكَانَ النّاسُ فِي عَافِيَةٍ وَسَلامَةِ فِطْرَةٍ حَتَّى نَبَغَ جَهْمُ فَتَكَلَّمَ فِي الْبَارِي تَعَالَى وَفِي صِفَاتِهِ بِخِلافِ مَا أَتَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَأُنْزِلَتْ بِهِ الْكُتُبُ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلامَةَ فِي الدِّينِ. [حرف الْحَاءِ] : 53- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -4- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ خَالُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. رَوَى عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ ابني عبد الله وأبي سلمة بن عبد الرحمن. وعنه ابن أخته فقط, وقيل: إن ابن إسحق روى عنه. قال النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تسع وعشرين ومائة. 54- الحارث بن فضيل الأنصاري2 الخطمي المدني -م د ن ق- عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ وَمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَسُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قُرَادٍ وغيرهم.   1 التاريخ الكبير "2/ 272"، الجرح والتعديل "3/ 80". 2 التاريخ الكبير "2/ 279"، الجرح والتعديل "3/ 86". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 38 وَعَنْهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ عمير وفليح وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 55- الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ1 -م د ن ق- نَزِيلُ بَرْقَةَ. ذُكِرَ أَنَّهُ عَقِلَ مَقْتَلَ عُثْمَانَ. وَرَوَى عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ وَطَائِفَةٍ، وَعَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ وَالأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَابْنِ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ, قَالَ اللَّيْثُ: كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ سِتِّمِائَةِ رَكْعَةٍ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 56- الحارث بن يزيد العكلي2 -خ م ن ق- أبو علي التيمي الكوفي الفقيه تِلْمِيذُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ. روى عنه مُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ وَخَالِدُ بْنُ دِينَارٍ النِّيلِيُّ وَابْنُ عَجْلانَ وَالْقَاسِمُ بْنُ الْوَليِدِ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ قَدِيمُ الْمَوْتِ قَلِيلُ الْحَدِيثِ جِدًّا. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 57- الْحَارِثُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَنْصَارِيُّ3 -م ت ن- مولى قيس بن سعد بن عبادة. مِصْرِيٍّ نَبِيلٌ صَالِحٌ كَانَ يُعَدُّ أَفْضَلُ مِنِ ابْنِهِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ. رَوَى عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ, وَقِيلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَاللَّيْثُ بْنُ سعد وبكر بن مضر وآخرون.   1 التاريخ الكبير "2/ 286"، الجرح والتعديل "3/ 93". 2 التاريخ الكبير "2/ 285"، الجرح والتعديل "3/ 93". 3 التاريخ الكبير "2/ 285"، الجرح والتعديل "3/ 93". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 39 رَوَى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: كَانَ الْحَارِثُ بْنُ يَعْقُوبَ مِنَ الْعُبَّادِ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ عِشَاءِ الآخِرَةِ دَخَلَ بَيْتَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَيُجَاءُ بِعَشَائِهِ فَيُقولُ: أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَلا يَزَالُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَكُونَ عَشَاؤُهُ، وَسُجُودُهُ وَاحِدًا. وَكَانَ أَبُوهُ يَعْقُوبُ مِنَ الْعُبَّادِ أَيْضًا. تُوُفِّيَ الْحَارِثُ فِي سَنَةِ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 59- حِبَّانُ بْنُ أَبِي جَبَلَةَ القرشي1 -ع- مولاهم عن عمرو بن العاص وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَكَانَ يَكُونُ بِأَفْرِيقِيَّةَ. روى عنه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ وَأَبُو شَيْبَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 59- حبيب بن الزبير بن مشكان2 الهلالي -ت- ويقال: الحنفي، الأصبهاني. مِنْ نَاقِلَةِ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ صَاحِبِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَنْ عِكْرِمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أُبَيٍّ. وَعَنْهُ عُمَرُ بْنُ فَرُّوخٍ الْعَبْدِيُّ وَشُعْبَةُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: حَدَّثَ من أولاده عدة بأصبهان.   1 الجرح والتعديل "3/ 269"، تهذيب التهذيب "2/ 171". 2 التاريخ الكبير "2/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 100"، ميزان الاعتدال "1/ 454". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 40 60- حَبِيبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ خَلادٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -4 - عَنْ لَيْلَى مَوْلاةِ جَدَّتِهِ أُمِّ عُمَارَةَ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَشُعْبَةُ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 61- حَبِيبُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْفِهْرِيُّ الْمِصْرِيُّ الأَمِيرُ2. كَانَ عَلَى وِلايَاتٍ جَلِيلَةٍ بِالأَنْدَلُسِ وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 62- حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ3 -ت ن- عَنْ عُرْوَةَ وَعَطَاءٍ وَنَافِعٍ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَأَبُو الْمُلَيْحِ الرَّقِّيُّ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْجَزِيرَةِ. 63- حَبِيبٌ الأَعْوَرُ الْمَدَنِيُّ4 -م د ن- عَنْ مَوْلاةِ عُرْوَةَ وَأُمِّ عُرْوَةَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَنَدْبَةَ مَوْلاةِ مَيْمُونَةَ. وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ، وَمَاتَ قَبْلَهُ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ. وَهُوَ صَدُوقٌ. مَاتَ فِي آخِرِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ. 64- حَرْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ5، بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. يُلَقَّبُ بأبي جهل.   1 التاريخ الكبير "2/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 101". 2 تهذيب ابن عساكر "4/ 31"، البيان المغرب "1/ 51". 3 التاريخ الكبير "2/ 325"، الجرح والتعديل "3/ 109". 4 الجرح والتعديل "3/ 113"، الخلاصة "72". 5 ذكره الطبري "7/ 265" حودث سنة 126. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 41 كَانَ أَحَدُ مَنْ سَارَ فِي جُنْدِ حِمْصَ لِلطَّلَبِ بِدَمِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ فَقُتِلَ بِنَوَاحِي دِمَشْقَ فِي الْوَقْعَةِ. 65- حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الْبَصْرِيُّ1، الزَّاهِدُ أَحَدُ الْعُبَّادِ الْمَذْكُورِينَ صَحِبَ الْحَسَنَ. أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ شَوْذَبٍ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ. وَكَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَهْوَنَ مِنَ الورع "دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لا يُرِيبُكَ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ قَالَ: كَانَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ يَفْتَحُ بَابَ حَانُوتِهِ فَيَضَعُ الدَّوَاةَ وَالدَّفْتَرَ وَيُرْخِي سِتْرَهُ وَيُصَلِّي فَإِذَا أَحَسَّ بِإِنْسَانٍ قَدْ جَاءَ يُقْبِلُ عَلَى حِسَابِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْحِسَابِ. وَقَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: كَانَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ يَقُولُ: لَوْلا الْمَسَاكِينُ مَا اتَّجَرْتُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كنت إذا رأيت حسان كَأَنَّهُ أَبَدًا مَرِيضٌ. وَرَوَى الْبُرْجُلانِيُّ عَنْ عَبْدِ الجبار بن النضر أن حسان مَرَّ بِغُرْفَةٍ فَقَالَ: مُذْ كَمْ بُنِيَتْ هَذِهِ؟ ثُمَّ قَالَ: يَا نَفْسُ وَمَا عَلَيْكِ تَسْأَلِينَ عَنْ هَذَا! فَعَاقَبَهَا بِصَوْمِ سَنَةٍ. وَقَالَ الشَّاذَكُونِيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا بِالْعِرَاقِ مِنَ الأَبْدَالِ أَحَدٌ؟ قَالَ: بَلَى، مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ وَحَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ وَمَالِكُ بن دينار. 66- حسان بن عطية الدمشقي2 -ع- أبو بكر المحاربي مَوْلاهُمْ. أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّامِيِّينَ. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلانَ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: رَوَى عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ لم يدركه.   1 التاريخ الكبير "3/ 35"، تهذيب التهذيب "2/ 249". 2 التاريخ الكبير "3/ 23"، حلية الأولياء "6/ 70". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 42 قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ عَمَلا فِي الْخَيْرِ مِنْ حَسَّانِ بْنِ عَطَيَّةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مِنْ أَهْلِ بَيْرُوتَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَدْ رُمِيَ بِالْقَدَرِ فَرَوَى مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ذَلِكَ فَبَلَغَ الأَوْزَاعِيَّ كَلامُ سَعِيدٍ فِيهِ فَقَالَ: مَا أَغَرَّ سعيدًا بِاللَّهِ مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا أَشَدَّ اجْتِهَادًا وَلا أَعْمَلَ مِنْ حَسَّانٍ. وَرَوَى ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ سَيْفٍ يَقُولُ: مَا بَقِيَ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ إِلا كَبْشَانِ أَحَدُهُمَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ. وَرَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ فَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ مَنَاقِبِ حَسَّانٍ. وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: كَانَ لِحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ غَنَمٌ فَسَمِعَ مَا جَاءَ فِي الْمَنَائِحِ فَتَرَكَهَا. وَقُلْتُ: كَيْفَ الَّذِي سَمِعَ؟ قَالَ: يَوْمٌ لَهُ وَيَوْمٌ لِجَارِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: كَانَ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسِ، وَمِنْ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَتَعَزَّزُ بِشَيْءٍ مِنْ مَعْصِيَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِشَيْءٍ يَشِينُنِي عِنْدَكَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَقُولَ قَوْلا أَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ غَيْرِكَ. بَقِيَ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ إِلَى حُدُودِ سَنَةِ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 67- الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَدَلِيُّ الْكُوفِيُّ1 -د ن-. عن ابن عمر والنعمان بن بشير والحارث بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيِّ. وَعَنْهُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَشُعْبَةُ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَجَمَاعَةٌ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 68- الْحُسَيْنُ بْنُ شُفَيِّ بْنِ ماتع الأصبحي المصري2 -د-   1 التاريخ الكبير "2/ 382"، الجرح والتعديل "3/ 50". 2 التاريخ الكبير "2/ 383"، الجرح والتعديل "3/ 54". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 43 عَنْ: أَبِيهِ وَتُبَيْعَ ابْنِ امْرَأَةِ كَعْبٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَدْرَكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَسَمِعَ مِنْهُ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 69- حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو1 -د ن- بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ الأشهلي المدني. أَرْسَلَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَعَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الأَزْرَقُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ حُصَيْنُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 70- حِطَّانُ بْنُ خفاف -خ د ن- أبو الجويرية الجرمي الكوفي. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَعَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَالسُّفْيَانَانِ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 71- حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ2، بَصْرِيٌّ. عَنِ: الْحَسَنِ. وَعَنْهُ: مَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. ثِقَةٌ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 72- حَفْصُ بْنُ الْوَلِيدِ بن سيف3 -ن- أبو بكر الحضرمي. أَمِيرُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنْ جِهَةِ هِشَامِ بْنِ عبد الملك. روى عن الزهري.   1 التاريخ الكبير "3/ 8"، الجرح والتعديل "3/ 194". 2 الطبقات الكبرى "7/ 276"، التاريخ الكبير "2/ 363". 3 التاريخ الكبير "2/ 369"، الجرح والتعديل "3/ 188". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 44 وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. وَهُوَ مقلٌ. قَتَلَهُ حَوْثَرَةُ الْبَاهِلِيِّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ مِمَّنْ خَلَعَ مَرْوَانَ الْحِمَارَ فَلَمْ يَتِمَّ. 73- الْحَكَمُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ1، بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَحَدُ الأَشْرَافِ. نَزَلَ مَنْبَجَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَالْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. قُلْتُ: كَانَ أَحَدُ الأَجْوَادِ الْمُمَدَّحِينَ قَصَدَتْهُ الشُّعَرَاءُ وَامْتَدَحُوهُ. 74- حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ2 -4- عَنْ: أَبِي جُحَيْفَةَ وَعَلْقَمَةَ وَعَبْدِ خَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَزَائِدَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ غُلاةِ الشِّيعَةِ تَرَكَهُ شُعْبَةُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَأَمَّا النَّسَائِيُّ فَمَشَّاهُ وَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 75- حَكِيمُ بْنُ الدَّيْلَمِ3. عن: شُرَيْحٍ وَأَبِي بُرْدَةَ وَزَاذَانَ وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ وغيرهم.   1 الجرح والتعديل "3/ 128"، ميزان الاعتدال "1/ 580". 2 التاريخ الكبير "3/ 16"، الجرح والتعديل "3/ 201". 3 التاريخ الكبير "3/ 16"، الجرح والتعديل "3/ 204". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 45 وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ. 76- حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ1، أَبُو حَفْصٍ الْكَلْبِيُّ. الأَمِيرُ مِنْ أَشْرَافِ الشَّامِيِّينَ وَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ مَرَّتَيْنِ وَإِمْرَةَ الْمَغْرِبِ. 77- حُنَيْنُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الْمِصْرِيُّ2 -د ت- مَوْلَى سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَعَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَاللَّيْثُ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ في السنن. حيي بن هانيء3، هُوَ أَبُو قَبِيلٍ. "حرف الْخَاءِ": 78- خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ الْمَدَنِيُّ4 -ع- عن الرَّبِيعِ بِنْتِ مُعَوِّذَ وَأَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. وَانْتَقَلَ إِلَى الْبَصْرَةِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 79- خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ5، أَبُو صفوان بن الأهتم التميمي المنقري البصري.   1 المعرفة والتاريخ "3/ 345"، كتاب الولاة والقضاة "71". 2 التاريخ الكبير "3/ 105"، الجرح والتعديل "3/ 286". 3 التاريخ الكبير "3/ 75"، الطبقات الكبرى "7/ 512". 4 التاريخ الكبير "3/ 147"، الجرح والتعديل "3/ 329". 5 سير أعلام النبلاء "5/ 448". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 46 أَحَدُ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ وَمِنْ مَشَاهِيرِ الأَخْبَارِيِّينَ وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي الْبَخْلِ، وَفَدَ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. حَكَى عَنْهُ شَبِيبُ بْنُ شَيَّبَةَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. وَمِنْ كَلامِهِ وَسُئِلَ: أَيُّ إِخْوَانِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ - قَالَ: الَّذِي يَغْفِرُ زَلَلِي وَيَقْبَلُ عِلَلِي وَيَسِدُّ خَلَلِي. قُلْتُ: إِنَّمَا ذَاكَ هُوَ اللَّهُ أَجْوَدُ الأَجْوَدِينَ. 80- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحْرِزٍ الْبَصْرِيُّ1 -م ن- الأحدب الأثبج. رَوَى عن عَمِّهِ صَفْوَانَ بْنُ مُحْرِزٍ وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ وَأَبُو بِشْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَآخَرُونُ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 81- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّه بْن يزيد بْن أسد2 -د- الأمير أبو القاسم القسري البجلي الدمشقي. أَحَدُ الأَشْرَافِ. وَلِيَ إِمْرَةَ مَكَّةَ لِلْوَلِيدِ ثُمَّ إِمْرَةَ الْعِرَاقَيْنِ وَغَيْرَهَا لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَلَهُ أَخَوَانِ أَسَدٌ وَإِسْمَاعِيلُ، وَلِجِدِّهِمْ صُحْبَةٌ. رَوَى خَالِدُ عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَسَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ. وَكَانَ خَطِيبًا بَلِيغًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا عَظِيمُ الْقَدْرِ لَكِنَّهُ نَاصِبِيٌّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: رَجُلُ سُوءٍ يَقَعُ فِي عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: قِيلَ لِسَيَّارٍ: تَرْوِي عَنْ خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ. وذكره ابن حبان في الثقات.   1 التاريخ الكبير "3/ 160"، الجرح والتعديل "3/ 339". 2 التاريخ الكبير "3/ 158"، الجرح والتعديل "3/ 340"، سير أعلام النبلاء "5/ 425"، ميزان الاعتدال "1/ 633". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 47 وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: أَوَّلُ مَا عُرِفَ بِهِ سُؤْدُدُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ مَرَّ فِي سوق دمشق، وهو غلام فوطيء فَرَسُهُ صَبِيًّا فَوَقَفَ عَلَيْهِ, فَلَمَّا رَآهُ لا يَتَحَرَّكَ أَمَرَ غُلامَهُ فَحَمَلَهُ ثُمَّ أَتَى بِهِ مَجْلِسَ قَوْمٍ فَقَالَ: إِنْ حَدَثَ بِهَذَا الْغُلامِ حَدَثٌ فَأَنَا صَاحِبُهُ وَطَأَتْهُ فَرَسِي وَلَمْ أَعْلَمْ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَلِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مَكَّةَ لِلْوَلِيدِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ فَبَقِيَ حَتَّى عَزَلَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ وَلِيَ خَالِدٌ الْعِرَاقَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ إِلَى سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَصُرِفَ بِيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ نُوحٍ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: إِنِّي لَأُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ سِتَّةً وَثَلاثِينَ أَلْفًا مِنَ الأَعْرَابِ مِنْ تَمْرٍ وَسَوِيقٍ. وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ حَبِيبُ بْنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ الشَّاعِرُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الْقَسْرِيِّينَ قَالَ: كَانَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَدْعُو بِالْبَدْرِ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا هَذِهِ الأَمْوَالُ وَدَائِعُ لا بُدَّ مِنْ تَفْرِيقِهَا وَيَقُولُ: إِذَا أَتَانَا الْمُمْلِقُ فَأَغْنَيْنَاهُ وَالظَّمْآنُ فَأَرْوَيْنَاهُ فَقَدْ أَدَّيْنَا الأَمَانَةَ. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: دَخَلَ عَلَى خَالِدٍ أَعْرَابِيُّ فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيرُ قَدِ امْتَدَحْتُكَ بِبَيْتَيْنِ فَلا أُنْشِدُكُهُمَا إِلا بِعَشَرَةِ آلافٍ وَخَادِمٍ، قَالَ: قُلْ، فَقَالَ: لَزِمْتَ نَعَمْ حَتَّى كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ ... سَمِعْتَ مِنَ الأَشْيَاءِ شَيْئًا سَوَّى نَعَمِ وَأَنْكَرْتَ "لا" حَتَّى كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ ... سَمِعْتَ بِهَا فِي سَالِفِ الدَّهْرِ وَالأُمَمِ فَأَمَرَ لَهُ بُعَشَرَةِ آلافٍ وَخَادِمٍ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: أخَالِدٌ إِنِّي لَمْ أَزُرْكَ لِحَاجَةٍ ... سِوَى أَنَّنِي عَافٍ وَأَنْتَ جَوَّادُ أَخَالِدٌ إِنَّ الْحَمْدَ وَالأَجْرَ حَاجَتِي ... فَأَيُّهُمَا تَأْتِي فَأَنْتَ عِمادُ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: سَلْ يَا أَعْرَابِيُّ، قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، قَالَ: أَكْثَرْتَ، قَالَ: قَدْ حَطَطْتُ الأَمِيرَ تِسْعِينَ أَلْفًا، قَالَ: مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ أَمْرَيْكَ أَعْجَبُ! قَالَ: إِنَّكَ لَمَّا جَعَلْتَ الْمَسْأَلَةَ إِلَيَّ سَأَلْتُ عَلَى قَدْرِكَ فَلَمَّا سَأَلْتَنِي أَنْ أَحُطَّ حَطَطْتُ عَلَى قَدْرِي، قَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ لا تَغْلِبْنِي، يَا غُلامُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ. وَرَوَى زَكَرِيَّا الْمِنْقَريُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى خَالِدٍ فِي يَوْمٍ مَجْلِسَ الشُّعَرَاءِ فَأَنْشَدَهُ: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 48 تَعَرَّضْتَ لِي بِالْجُودِ حَتَّى نَعَّشْتَنِي ... وَأَعْطَيْتَنِي حَتَّى ظَنَنْتُكَ تَلْعَبُ فَأَنْتَ النَّدَى وَابْنُ النَّدَى وَأَخُو النَّدَى ... حَلِيفُ النَّدَى مَا لِلنَّدَى عَنْكَ مَذْهَبُ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ قَالَ: لا يَحْتَجِبُ الْوَالِي إِلا لِثَلاثٍ: إِمَّا عَيِيٌّ فَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَى عِيَّهِ، وَإِمَّا صَاحِبُ سُوءٍ فَهُوَ يَتَسَتَّرُ، وَإِمَّا بَخِيلٌ يَكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ. وَلِخَالِدٍ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: قتل خالد سنة ست وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَهُوَ ابْنُ نَحْوِ سِتِّينَ سَنَةٍ. قُلْتُ: لَهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ أَضْعَفَ صَاعَ الْعِرَاقِ فَجَعَلَهُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلا. 82- خَالِدُ بْنُ عَرْفَطَةَ1 -د ن-. عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ. وَعَنْهُ قَتَادَةُ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَأَبُو بِشْرٍ وَوَاصِلُ مَوْلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. مَاتَ كَهْلا. 83- خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ أَبُو حَيَّةَ الْوَادِعِيُّ الْكُوفِيُّ2 -د ن ق- عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ فِي الْوُضُوءِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو عَوَانَةَ وَزَائِدَةُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَسَمَّاهُ شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ: مَالِكَ بْنَ عَرْفَطَ. 84- خَالِدُ بْنُ أَبِي عمران التجيبي3 -م د ت ن- التونسي أبو عمر قاضي أفريقية.   1 الجرح والتعديل "3/ 337". 2 التاريخ الكبير "3/ 163"، تهذيب التهذيب "3/ 108". 3 التاريخ الكبير "3/ 163"، الجرح والتعديل "3/ 345". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 49 عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْن يَسَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ وَطَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ وَعُبَيَدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَعِدَّةٌ. وَكَانَ عَالِمَ أَهْلِ الْمَغْرِبِ وَفَقِيهِهِمْ. ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَيُقَالُ: كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ. قَالَ زُوَيْنُ بْنُ خَالِدٍ الصَّدَفِيُّ: خَرَجَتِ الصُّفْرِيَّةُ بِأَفْرِيقِيَّةَ يَوْمَ الْقَرْنِ فَبَرَزَ خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ لِلْقِتَالِ فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَئِيسُ الْقَوْمِ مِنْ زِنَاتَةَ فَقَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ. تُوُفِّيَ خَالِدٌ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. 85- خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1 -د- نَزِيلُ حِمْصَ. عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَبِلالِ بْنِ سعد وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ. 86- خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 -ع- بْنِ خُبَيْبِ بْنِ يَسَافَ أَبُو الْحَارِثِ الأَنْصَارِيُّ الخزرجي المدني. عَنْ أَبِيهِ وَعَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ وَحَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أُخْتِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَمُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ زَمَنَ مَرْوَانَ.   1 التاريخ الكبير "3/ 171"، الجرح والتعديل "3/ 350". 2 التاريخ الكبير "3/ 209"، الطبقات الكبرى "3/ 535"، تهذيب التهذيب "3/ 136". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 87- خَلَفُ بْنُ حَوْشَبٍ الْكُوفِيُّ1. الْعَابِدُ الأَعْوَرُ وَهُوَ أخو كليب بن حوشب. عن مجاهد وأبي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَعَطَاءٍ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَشَرِيكٌ وَمَرْوَانُ وَأَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَعَلَى هَذَا كَأَنَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَلَهُ أَخْبَارٌ وَمَوَاعِظُ وَجَلالَةٌ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 88- خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَةَ الصَّنْعَانِيُّ2 -د ن-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ الْقَاسِمُ بْنُ فَيَّاضٍ وَمَعْمَرٌ وَبَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَامِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَوَصَفَهُ مَعْمَرٌ بِالْحِفْظِ. [حرف الدَّالِ] : 89- داود بن شابور3 -ت ن- أبو سليمان المكي. عن طاووس وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَدَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 90- دَاوُدُ بْنُ فَرَاهِيجَ الْمَدَنِيُّ4. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَشُعْبَةُ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مطرف.   1 التاريخ الكبير "3/ 193"، الجرح والتعديل "3/ 369". 2 التاريخ الكبير "3/ 185"، الجرح والتعديل "3/ 365". 3 الجرح والتعديل "3/ 415"، تهذيب التهذيب "3/ 187". 4 التاريخ الكبير "3/ 230"، الجرح والتعديل "3/ 422". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 51 ضَعَّفَهُ شُعْبَةَ وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعيِنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَدْ بَقِيَ إِلَى أَيَّامِ مَقْتَلِ الْوَلِيدِ فَإِنَّهُ قَدِمَ الشَّامَ إِذْ ذَاكَ. قَالَ شُعْبَةُ: كَبُرَ وَافْتَقَرَ. أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمَ أَخْبَرَهُمْ أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ هَزَامَرَدَ أَنَا ابْنُ حُبَابَةَ ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ ثنا عَلِيٌّ ثنا شُعْبَةُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ يَقُولُ: الضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ. 91- دَرَّاجُ بْنُ سَمْعَانَ1، -4- أَبُو السَّمْحِ الْمِصْرِيُّ الْقَاصُّ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ وَعَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ - وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو الْعُتْوَارِيُّ - وَأَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْقِتْبَانِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ يَسِيرًا فَإِنَّهُ قَالَ: فِيهِ ضَعْفٌ. وَيُقَالُ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ مِنَ الْخَاشِعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ مُنْذِرُ بْنُ يُونُسَ: سَمِعْتُ دَرَّاجًا مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ فَذَكَرَ حِكَايَةً. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: ثنا دَرَّاجُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ يَقُولُ: إِنَّ فِي النَّارِ لَحَيَّاتٍ كأعناق البخت.   1 الجرح والتعديل "3/ 441"، ميزان الاعتدال "2/ 24". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 52 تُوُفِّيَ دَرَّاجٌ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 92- دُوَيْدُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو عِيسَى الْحِمْصِيُّ1 -د ن ق- مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. نَزَلَ مِصْرَ، وَحَدَّثَ عَنْ عُرْوَةَ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَعَطَاءٍ وَابْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ جُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دُوَيْدٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 93- دِينَارُ أَبُو عُمَرَ الْبَزَّارُ الْكُوفِيُّ2، مَوْلَى ابْنِ أَبِي غَالِبٍ الأَسَدِيِّ. عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَلِيُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ. وَثَّقَهُ وَكِيعٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ. [حرف الرَّاءِ] : رَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ الْمَعَافِرِيُّ3. مر. 94- ربيعة بن يزيد القصير4، -ع- أبو شعيب الإيادي الدمشقي. أَحَدُ الأَعْلامِ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ. عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ مُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ حَيْوةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفَرَجُ بْنُ فُضَالَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ فَرَجٌ: كَانَ رَبِيعَةُ يُفَضَّلُ عَلَى مكحول يعني في العبادة.   1 التاريخ الكبير "3/ 251"، الجرح والتعديل "3/ 438". 2 التاريخ الكبير "3/ 246"، الجرح والتعديل "3/ 430". 3 الجرح والتعديل "3/ 477"، ميزان الاعتدال "2/ 43". 4 التاريخ الكبير "3/ 288"، الجرح والتعديل "3/ 474". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 53 وقال سعيد بن عبد العزيز: لم يكن عِنْدَنَا أَحْسَنُ سَمْتًا فِي الْعِبَادةَ مِنْهُ وَمِنْ مَكْحُولٍ. وَقِيلَ: كَانَتْ دَارُهُ بِنَاحِيَةِ دَارِ الْفَرَادِيسِ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَامِرٍ سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: مَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلاةِ الظُّهْرِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِلا وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ إِلا أَنْ أَكُونَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ يُعْرَفُ بِالْقَصِيرِ يُعْتَبَرُ بِهِ؛ وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ: خَرَجَ رَبِيعَةُ مَعَ كُلْثُومِ بْنِ عِيَاضٍ فَقَتَلَهُ الْبَرْبَرُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: اسْتُشْهِدَ بِأَفْرِيقِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ. 95- رَبِيعُ بْنُ لُوطٍ1 -ن-. عَنْ عَمِّهِ الْبَرَّاءِ بْنِ عَازِبٍ وَقَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وآخرون. 96- ربيع بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمَدَنِيُّ2 -د ق-. عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَكَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ. قُلْتُ: لَهُ خَبَرٌ فِي وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ على الوضوء. 97- رزيق بن حكيم الأيلي3 -ن- أبو حكيم. مُتَوَلِّي أَيْلَةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَبْدٌ صَالِحٌ خَيِّرٌ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَمْرَةَ. وعنه يونس وعقيل ومالك وابن عيينة.   1 الجرح والتعديل "3/ 468"، تهذيب التهذيب "3/ 250". 2 التاريخ الكبير "3/ 331"، الجرح والتعديل "3/ 518"، تهذيب التهذيب "3/ 238". 3 التاريخ الكبير "3/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 504". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 54 98- رُزَيْقُ بْنُ حَيَّانَ، أَبُو الْمِقْدَامِ الْفَزَارِيُّ1. عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَغَيْرُهُمَا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: زُرَيْقٌ بِتَقْدِيمِ الْمُعْجَمَةِ. 99- رُزَيْقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ2 -ن-. أَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ الدِّمْشِقِيُّ وَمُسْلِمَةُ الْخَشَنِيُّ. وَقَدْ وُثِّقَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحتَجُّ بِهِ. 100- رِيَاحُ بْنُ عُبَيْدَةَ الْبَاهِلِيُّ3. عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٍ؛ وَعَنْهُ ابْنُ شَوْذَبٍ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ وَمُحْرِزُ بْنُ قَعْنَبٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. "حرف الزَّايِ": 101- زُبَيْدُ بْنُ الحارث اليامي4 - ع - الكوفي أحد الأعلام.   1 التاريخ الكبير "3/ 318"، تهذيب التهذيب "3/ 273". 2 التاريخ الكبير "3/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 505"، تهذيب التهذيب "3/ 275". 3 الطبقات الكبرى "5/ 395"، التاريخ الكبير "3/ 329"، تهذيب التهذيب "3/ 399". 4 زبيد بن الحارث: أبو عبد الله الكريم، ابن عمرو بن كعب اليامي، بالتحتانية، أبو عبد الرحمن الكوفي: ثقة ثبت. دول الإسلام "1/ 84"، وتهذيب التهذيب "3/ 310، 311"، والتقريب "1/ 252"، وحلية الأولياء "5/ 29"، وتاريخ الدوري "2/ 171"، وتاريخ الثقات "163"، والثقات "6/ 341". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 55 عن إبرهيم بْنِ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ النَّخْعِيَّيْنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي وَائِلٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. قَالَ شُعْبَةُ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا خَيْرًا مِنْ زُبَيْدٍ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ زُبَيْدٌ: أَلْفُ بَعْرَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ. وَقَالَ ابن شبرمة: كان زبيد يجزيء اللَّيْلَ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءًا عَلَيْهِ، وَجُزْءًا عَلَى ابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجُزْءًا عَلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ زُبَيْدُ يُصَلِّي ثُمَّ يَقُولُ لِأَحَدِهِمَا: قُمْ، فَإِنْ تَكاسَلَ، صَلَّى جُزْءَهُ ثُمَّ يَقُولُ لِلآخَرِ: قُمْ، فَإِنْ تَكَاسَلَ أَيْضًا صَلَّى جُزْءَهُ فَيُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ. قَالَ نُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَوْ خُيِّرْتُ مَنْ أَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى فِي مِسْلاخِهِ لاخْتَرْتُ زُبَيْدًا الإِيَامِيَّ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ مَنُصورٌ يَأْتِي زُبَيْدَ بْنَ الْحَارِثِ فَكَانَ يَذْكُرُ لَهُ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيَعْصِرُ عَيْنَيْهِ يُرِيدُهُ عَلَى الْخُرُوجِ أَيَّامَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ زُبَيْدٌ: ما أَنَا بِخَارِجٍ إِلا مَعَ نَبِيٍّ وَمَا أَنَا بِوَاجِدِهِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَةِ زُبَيْدٍ فَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَرَوَى لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَعْجَبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَيَّ أَرْبَعَةٌ فَذَكَرَ مِنْهُمْ زُبَيْدًا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ زُبَيْدَ بْنَ الْحَارِثِ مُقْبِلا مِنَ السُّوقِ رَجَفَ قَلْبِي1. وَرَوَى شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَمْرٍو قال: كان عمي زبيد حاجا فاحتاج   1 رجف قلبي: يعني ارتعد واضطرب اضطرابا شديدا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 56 إِلَى الْوُضُوءِ فَقَامَ فَتَنَجَّى فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ فَإِذَا هُوَ بِمَاءٍ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِيهِ مَاءٌ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَهُمْ يُعَلِّمُهُمْ فَأَتَوْهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ1. وَقَالَ يُونُسُ الْمُؤَدَّبُ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ قَالَ: كَانَ زُبَيْدٌ مُؤَذِّنَ مَسْجِدِهِ فَكَانَ يَقُولُ لِلصِّبْيَانِ: تَعَالَوْا فَصَلُّوا أَهَبُ لَكُمُ الْجُوزَ، فَكَانُوا يُصَلُّونَ ثُمَّ يُحِوطُونَ بِهِ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ! فَقَالَ: وَمَا عَلَيَّ، أَشْتَرِي لَهُمْ جُوزًا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَيَتَعَوَّدُونَ الصَّلاةَ2. وَرُوِيَ عَنْ زُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةً مَطِيرَةً3 طَافَ عَلَى عَجَائِزِ الْحَيِّ وَيَقُولُ: أَلَكُمْ فِي السُّوقِ حَاجَةٌ4 قُلْتُ: زُبَيْدٌ مَعْدُودٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِينَ وَلا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا عَنِ الصَّحَابَةِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. 102- الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ -م د ت ق-. مِنْ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ. عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَأَبِي لَبِيدٍ لِمَازَةَ بْنِ زَبَادٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ هَرَونُ النَّحْوِيُّ الأَعْوَرُ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ وَابْنُ مَعِينٍ. 103- الزُّبَيْرُ بْنُ عَرَبِيِّ أَبُو سَلَمَةَ النَّمَرِيُّ الْبَصْرِيُّ5 -ن-. عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْه مَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ بن الزبير وآخرون.   1 حسن: أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 30"، والذهبي في السير "6/ 110". 2 انظر السابق. 3 ليلة مطيرة: يعني ذات مطر. 4 سير أعلام النبلاء "5/ 110". 5 وهو الزبير بن عربي: بفتح الراء بعدها موحدة النمري، أبو سلمة البصري، ليس به بأس، التاريخ الكبير "3/ 318"، وتهذيب التهذيب "3/ 318". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 57 قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 104- الزَّبَيْرُ بْنُ مُوسَى بْنِ مِينَا الْمَكِّيُّ1. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد اللَّهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَجَمَاعَةٍ؛ وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ2. 105- زُجْلَةُ مَوْلاةُ عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معاوية3. ا أَدْرَكَتْ كُوَيْسَةَ. الصَّحَابِيَّةَ، وَرَوَتْ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبَقِيَتْ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ بَنِي أُمَيَّةَ؛ روى عنها كُلَيْبُ بْنُ عِيسَى الثَّقَفِيُّ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ. فَقَالَ صَدَقَةُ: حَدَّثَتْنَا زُجْلَةُ مَوْلاةُ مُعَاوِيَةَ قَالَتْ: كُنَّا مَعَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ فَأَتَاهَا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَمِيرُ فَقَالَ: مَا أَوْثَقُ عَمَلِكِ فِي نَفْسِكِ - قَالَتْ: الْحُبُّ فِي اللَّهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَتْ زُجْلَةُ لِعَاتِكَةَ امْرَأَةِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَكَانَتْ تَرَى مِنْهَا مَا لا تُحِبُّ فَقَالَتْ: مَا أَرْضَاكِ لِلَّهِ، فَغَضِبَتْ مِنْهَا وَزَوَّجَتْهَا لِعَبْدٍ أَسْوَدٍ فَأَرَاهَا دَعَتِ اللَّهِ فَكَفَّ عَنْهَا الأَسْوَدَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَرَكِبَ إِلَى بِنْتِ عَمِّهِ فِي أَمْرِهَا فَأَعْتَقَتْهَا. 106- زُهَيْرُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ الْعَنْسِيُّ4، وَيُقَالُ: الْعَمِّيُّ, وَيُقَالُ: الأَسَدِيُّ5. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَقَدْ وثق.   1 وهو الزبير بن موسى بن ميناء المكي: قال الحافظ ابن حجر: "مقبول" من الرابعة، التاريخ الكبير "3/ 412"، والتهذيب "3/ 320". 2 انظر السابق. 3 زجلة العابدة مولاة معاوية: صفة الصفوة "3/ 300". 4 وبالباء التحتانية "العبسي" كذا في التاريخ الكبير "3/ 427". 5 راجع الجرح والتعديل "3/ 587"، والتاريخ لابن معين برقم "1406". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 58 107- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّمَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -ت-. عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى قَيْسِ بْنِ حَبِيبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدَّبُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَزَائِدَةُ بْنُ أَبِي الرُّقَادِ وَعُمَارَةُ بْنُ زاذان. قال ابن حبان في الثقات: يخطيء وَكانَ مِنَ الْعُبَّادِ. وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ. 108- زِيَادُ بن علاقة بن مالك الثعلبي -ع- أبو مالك الكوفي2. أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمُعَمَّرِينَ. رَوَى عَنْ عَمِّهِ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَأُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ وَعَمْرِو بن ميمون الأَوْدِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَشَيْبَانُ وَزَائِدَةُ وَزُهَيْرٌ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ: أَدْرَكَ ابْنَ مَسْعُودٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ أَوْ بَعْدَهَا بِيَسِيرٍ وَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 109- زِيَادُ بْنُ فَيَّاضٍ أَبُو الْحَسَنِ الْخُزَاعِيُّ الْكُوفِيُّ -م د ن3-. عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن وسعيد بن جبير وأبي عياض عمرو بْنِ الأَسْوَدِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَشَرِيكٌ ومسعر.   1 زياد بن عبد الله النميري البصري. قال فيه ابن حجر وغيره: "ضعيف" التهذيب "3/ 378"، والتقريب "1/ 263". 2 زياد بن علاقة: بكسر المهملة وبالقاف، الثعلبي، ثقة قاله ابن حجر والنسائي وابن معين وغيرهم. التاريخ الكبير "3/ 361". 3 زياد ن فياض الخزاعي أبو الحسن الكوفي، ثقة عابد، التاريخ الكبير "3/ 361"، والتهذيب "3/ 381". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 59 وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ نُشِرَ مِنْ قَبْرٍ. قُلْتُ: لَهُ فِي الْكُتُبِ حَدِيثَانِ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَيَوْمٍ وَفِي الْمُسْكِرِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 110- زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدِينِيُّ1 -م ت ق-. وَاسْمُ أَبِيهِ مَيْسَرَةُ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. لَهُ دَارٌ وَذُرِّيَةٌ بِدِمَشْقَ. رَوَى عَنْ مَوْلاهُ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أُبَيٍّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَآخَرُونُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَكَانَ عَبْدًا صَالِحًا زَاهِدًا كَبِيرَ الْقَدْرِ. قَالَ مَالِكٌ: كَانَ مَمْلُوكًا فَدَخَلَ يَوْمًا عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ يَكْرِمُهُ. وَإِيَّاهُ عَنِّي الْفَرَزْدَقَ بِقَوْلِهِ: يا أيها القاريء المرخي عمامته ... هذا زمانك إني قد مضى زَمَنِي2 قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ عَابِدًا مُعْتَزِلا يَكُونُ وَحْدَهُ يَدْعُو اللَّهَ، وَكَانَتْ فِيهِ لَكْنَةٌ، وَكَانَ يَلْبِسُ الصُّوفَ وَلا يَأْكُلُ اللَّحْمَ، وَكَانَتْ لَهُ دُرَيْهِمَاتٌ يُعَالِجُ لَهُ فِيهَا. وَرَوَى يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ3 عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بن عبد العزيز   1 زياد بن أبي زياد ثقة عابد، التاريخ الكبير للبخاري "3/ 354"، وتهذيب التهذيب "3/ 367". 2 وفي تهذيب ابن عساكر "5/ 433" بدل "قد مضى" "خلا زمني". وفي سير أعلام النبلاء "6/ 236": "إني قد مضى زمني". 3 "الوحاظي -بضم الواو، وقيل بكسرها - هذه النسبة إلى وحاظة، وهو بطن من حمير. والمشهور بالانتساب إليها إليها جماعة منهم أبو زكريا يحيى بن صالح الوحاظي الحمصي" قاله السمعاني في الأنساب "5/ 576". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 60 يَتَغَدَّى إِذْ بَصُرَ بِزِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ فَأَمَرَ حَرَسَيًّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ؛ فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ وَبَقِيَ زِيَادُ قَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ حَتَّى جَلَسَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ هَذَا زِيَادٌ فَاخْرُجِي فَسَلِّمِي عَلَيْهِ هَذَا زِيَادٌ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَعُمَرَ قَدْ وَلِيَ أَمْرَ الأُمَّةِ، فَجَاشَتْ نَفْسُهُ حَتَّى قَامَ إِلَى الْبَيْتِ فَقَضَى عَبْرَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَغَسَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ؛ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا زِيَادُ هَذَا أَمْرُنَا وَأَمْرُهُ مَا فَرِحْنَا بِهِ وَلا قَرَّتْ أَعْيُنُنَا مُنْذُ وَلِيَ1. رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ زِيَادُ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ يَمُرُّ بِي وَأَنَا جَالِسٌ فَرُبَّمَا أَفْزَعَنِي حِسَّهُ مِنْ خَلْفِي فَيَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفِي فَيَقُولُ لِي: عَلَيْكَ بِالْجَدِّ فَإِنْ كَانَ مَا يَقُولُ أَصْحَابُكَ هَؤُلاءِ مِنَ الرُّخَصِ حَقًّا لَمْ يَضُرَّكَ، وَإِنْ كَانَ الأَمْرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ بِالْحَذَرِ2. قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ زِيَادُ قَدْ أَعَانَهُ النَّاسُ عَلَى فِكَاكِ رَقَبَتِهِ وَأُسْرِعَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَفَضُلَ بَعْدَ الَّذِي قُوطِعَ عَلَيْهِ مَالٌ كَثِيرٌ فَرَدَّهُ زِيَادٌ إِلَى مَنْ أَعَانَهُ بِالْحِصَصِ وَكَتَبَهُمْ زِيَادُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمْ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ. لَهُ فِي الْكُتُبِ ثَلاثةُ أَحَادِيثَ. 111- زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ3. مَرَّ فَيُحَوَّلُ إِلَى هُنَا. 112- زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ4 -ع- عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَخِشْفِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي يَزِيدَ الضَّبِّيِّ. وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنَ أَرْطَاةَ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَزُهَيْرٌ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَآخَرُونَ. قال أحمد بن حنبل: صالح الحديث.   1 ذكره الذهبي في السير "6/ 237". 2 انظر المصدر السابق. 3 زياد بن مخراق: بكسر الميم وسكون المعجمة، المزني مولاهم، أبو الحارث البصري، ثقة قاله ابن حجر والنسائي، وابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. التاريخ الكبير "3/ 371"، والتهذيب "3/ 383"، والتقريب "1/ 264". 4 زيد بن جبير الطائي الكوفي من ثقات التابعين. ترجم له الذهبي في الكاشف "1/ 264"، وفي السير "6/ 168". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 61 وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: لَهُ سَبْعَةُ أَحَادِيثَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَدْ وَهِمَ الْعِجْلِيُّ حَيْثُ يَقُولُ: لَيْسَ بِتَابِعِيٍّ. 113- زَيْدُ بن سلام1 -م4- بن أبي سلام ممطور الحبشي الدمشقي نَزِيلُ الْيَمَامَةِ. عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلامٍ الأَسْوَدِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَزْرَقِ وَعَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ. وَعَنْهُ أَخُوهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ وَيَحْيَى بن أبي كثير. وثقه الدارقطني وَغَيْرُهُ. 114- زَيْدُ بْنُ طَلْحَةَ أَبُو يَعْقُوبَ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ2. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنِ الْمَقْبُرِيُّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ يَعْقُوبُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو عَلْقَمَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 115- زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بن الحسين3 -د ت ق- ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو الْحُسَيْنِ الهاشمي العلوي المدني أَخُو أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَالْحُسَيْنِ وَهُوَ ابْنُ أَمَةٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَخِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَعُرْوَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَشُعْبَةُ وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٌ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ وَسَعِيدُ بْنُ خَثْيَمٍ الْهِلالِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وآخرون سواهم.   1 هو زَيْدُ بْنُ سَلامِ بْنِ أَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ، الْحَبَشِيُّ، بالمهملة والموحدة والمعجمة، ثقة. التاريخ الكبير "3/ 395"، وتهذيب ابن عساكر "6/ 12"، وتهذيب التهذيب "3/ 415". 2 راجع التاريخ الكبير "3/ 398". 3 زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو الْحُسَيْنِ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ الْمَدَنِيُّ. ترجم له الذهبي في الكاشف "1/ 267"، والسير "6/ 183". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 62 وَكَانَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الصُّلَحَاءِ بَدَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ1 فَاسْتُشْهِدَ فَكَانَتْ سَبَبًا لِرَفْعِ دَرَجَتِهِ فِي آخِرَتِهِ. رَوَى أَبُو الْيَقْظَانِ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ وَفَدَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ أَمِيرِ الْعِرَاقَيْنِ الْحِيرَةَ فَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالُوا: ارْجَعْ فَلَيْسَ يُوسُفُ بِشَيْءٍ فَنَحْنُ نَأْخُذُ لَكَ الْكُوفَةَ، فَرَجَعَ فَبَايَعَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ وَخَرَجُوا مَعَهُ فَعَسْكَرَ فَالْتَقَاهُ الْعَسْكَرُ الْعِرَاقِيُّ فَقُتِلَ زَيْدٌ فِي الْمَعْرَكَةِ ثُمَّ صُلِبَ فَبَقِيَ مُعَلَّقًا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أُنْزِلَ فَأُحْرِقَ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ2: كَانَ قَدِمَ الْكُوفَةَ وَخَرَجَ بِهَا لِكَوْنِهِ كَلَّمَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي دِينِ مُعَاوِيَةَ فَأَبَى عَلَيْهِ وَأَغْلَظَ لَهُ. وَقَدْ سُئِلَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الرَّافِضَةِ3 وَالزَّيْدِيَّةِ4 فَقَالَ: أَمَّا الرَّافِضَةُ فَإِنَّهُمْ جَاءُوا إِلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ خَرَجَ فَقَالُوا: تَبَرَّأْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَتَّى نَكُونَ مَعَكَ، فَقَالَ: لا بَلْ أَتَوَلاهُمَا وَأَبْرَأُ مِمَّنْ يَبْرَأُ مِنْهُمَا، قَالُوا: إِذًا نَرْفُضُكَ فَسُمِّيَتِ الرافضة. وأما الزيدية فقالوا بِقَوْلِهِ وَحَارَبُوا مَعَهُ فنُسِبُوا إِلَيْهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: الرَّافِضَةُ حِزْبِي وَحِزْبُ أَبِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مَرَقُوا عَلَيْنَا كَمَا مَرَقَتِ الْخَوَارِجُ عَلَى عَلِيٍّ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْعَتَكِيُّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ مُتَسَانِدٌ إِلَى خَشَبَةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ يَقُولُ: هَكَذَا تَفْعَلُونَ بِوَلَدِي6. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ وَهُوَ رَافِضِيٌّ ضَالٌّ لَكِنَّهُ صادق - وهذا نادر - أنبأ عمرو بن   1 الهفوة: السقطة والذلة: والمعنى بدت منه هفوة زلة وخطأ. 2 المعرفة والتاريخ "3/ 348". 3 الرافضة: هم فرقة من الشيعة تجيز الطعن في الصحابة، سموا بذلك لأنهم رفضوا نصح زيد بن علي حين نهاهم عن الطعن في الشيخين أبي بكر وعمر، "ج": روافض "والرافضي": من يذهب مذهب الرافضة. 4 الزيدية: هم أيضا فرقة من الشيعة تنسب إلى زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهما، ومذهبهم السائد هو في اليمن، وهو حصر الإمامة في أولاد علي من فاطمة. 5 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 184". 6 المصدر السابق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 63 الْقَاسِمِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُ أُنَاسٌ مِنَ الرَّافِضَةِ فَقُلْتُ: إِنَّ هَؤُلاءِ يبرؤون من عمك زيد، فقال بريء اللَّهُ مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْهُ، كَانَ وَاللَّهِ أَقْرَأَنَا لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَفْقَهَنَا فِي دِينِ اللَّهِ وَأَوْصَلَنَا لِلرَّحِمِ مَا تَرَكَ فِينَا مِثْلَهُ1. وَقَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُعْصَى؟ فَقَالَ زَيْدٌ: أَفَيُعْصَى عُنْوةً؟ وروى هاشم بن البريد عن زيد بن عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِمَامُ الشَّاكِرِينَ ثُمَّ تَلا {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين} [آل عمران: 144] ، وَرَوَى كَثِيرُ النَّوَا قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: تَوَلَّهُمَا وَأَبْرَأُ مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْهُمَا. وَرَوَى هَاشِمُ بْنُ الْبَرِيدِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: الْبَرَاءَةُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَرَاءَةُ مِنْ عَلِيٍّ2. وَرَوَى مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: أَقَرَّ وَلَدٌ لِخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ عَزَمُوا عَلَى خَلْعِ هِشَامِ، فَقَالَ هِشَامٌ لِزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ: قَدْ بَلَغَنِي كَذَا - قَالَ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ قَالَ: قَدْ صَحَّ عِنْدِي، قَالَ: أَحْلِفُ لَكَ، قَالَ: لا أُصَدِّقُكَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْفَعْ مِنْ قَدْرِ أَحَدٍ حَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلَمْ يَصْدُقْ، قَالَ: اخْرُجْ عَنِّي، قَالَ إِذًا لا تَرَانِي إِلا حَيْثُ تَكْرَهُ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ الْحَيَاةَ ذَلَّ؛ ثُمَّ تَمثَّلَ: إِنَّ الْمُحَكَّمَ مَا لَمْ يَرْتَقِبْ حَسَدًا ... أَوْ مُرْهَفَ السَّيْفِ أَوْ وَخْزِ الْقَنَا هَتَفَا مَنْ عَاذَ بِالسَّيْفِ لاقَى فُرْجَةً عَجَبًا ... مَوْتًا عَلَى عَجَلٍ أَوْ عَاشَ فَانْتَصَفَا3 وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَارِيخِ مَصْرَعِهِ عَلَى أَقْوَالٍ: فَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: قُتِلَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً؛ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قُتِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةَ. رَوَاهُ ابْنُ سعد عنه. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُمْ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وعشرين.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 184". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 184". 3 المصدر السابق "6/ 184، 185"، وتهذيب ابن عساكر "6/ 22". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 64 وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: قُتِلَ زَيْدٌ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ ثَانِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَكَذَا رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ. 116- زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ1، أَبُو أُسَامَةَ الْجَزَرِيُّ الرُّهَاوِيُّ الْغَنَوِيُّ مَوْلَى آلِ غَنِيِّ بْنِ أَعْصَرَ. كَانَ أَحَدَ الأَعْلامِ. رَوَى عَنِ الْحَكَمِ وَشَهْرِ بْنِ حَوَشْبٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَنُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ2 وَالْمَقْبُريِّ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمَعْقِلُ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً فَقِيهًا رَاوِيَةً لِلْعِلْمِ كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ؛ وَمَاتَ شَابًّا قِيلَ: إِنَّهُ عَاشَ بِضْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَكَانَ يَسْكُنُ مَدِينَةَ الرُّهَا. "حرف السِّينِ": 117- سَالِمُ أَبُو النَّضْرِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَدَنِيُّ3 -ع-. مَوْلَى عُمَرَ بن عبيد الله القرشي التيمي وكاتبه.   1 وهو ثقة له أفراد. التاريخ الكبير "3/ 388"، وتهذيب التهذيب "3/ 397". 2 نعيم المجمر، بسكون الجيم وضم الميم الأولى وكسر الثانية وهو ثقة. كان يجمر المسجد يعني يبخره. فأطلق عليه ذلك. 3 وهو ثقة، وكان يرسل كثيرًا. التاريخ الكبير "4/ 111"، وتهذيب التهذيب "3/ 431". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 65 رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَعُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُمَيْرٍ مَوْلَى ابن عباس وعامر بن سعد. وروى بالإجازة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فِي كِتَابِهِ وَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَروى عنه مَالِكٌ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالسُّفْيَانَانِ وَفُلَيْحٌ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوُ خَمْسِينَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ ثِقَةٌ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ. 18- سَالِمُ بْنُ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الأَسَدِيُّ1. أَمِيرُ الرَّقَّةِ وَلِيَهَا ثَلاثِينَ سنَةً وَعَاشَ إِلَى آخِرِ دَوْلَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ صَخْرُ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَفُضَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ خَطِيبًا مُفَوَّهًا شَاعِرًا فَاضِلا. 119- سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ2 -ع- قَاضِي الْمَدِينَةِ أَبُو إِسْحَاقَ3 الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؛ رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَخَالَيْهِ إِبْرَاهِيمَ وَعَامِرٍ ابْنَيْ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَحَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ وَعَمَّيْهِ حُمَيْدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَشُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ وابن عجلان وطائفة.   1 راجع ترجمته في: الجرح والتعديل "4/ 188"، وتهذيب ابن عساكر "6/ 56"، وتاريخ أبي زرعة "2/ 686". 2 وكان ثقة فاضلا، التاريخ الكبير "4/ 51"، والصغير "324"، وتهذيب التهذيب "3/ 463". 3 وفي المشاهير "136" "أبو إبراهيم". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 66 قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَلْقَ أَحدًا مِنَ الصَّحَابَةِ. قُلْتُ: بَلَى حَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ جَعْفَرٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ: وَكَانَ لا يُحَدِّثُ فِي المدينة فمالك لم يكتب لذا عنه، وَسَمِعَ مِنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بِوَاسِطَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ بِمَكَّةَ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ إِنَّكُمْ تُحِلُّونَ الزِّنَا يَعْنِي عَارِيَةَ الْفَرْجِ وَالْمُتْعَةَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: أَدْرَكْتُ أَبِي وَلَهُ عَمَائِمُ لا أَحْفَظُ عَدَدَهَا كَانَ يَعْتَمُّ وَيُعَمِّمُنِي وَأَنَا صَغِيرٌ، قَالَ: وَسَرَدَ أَبِي الصَّوْمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَصُومُ الدَّهْرَ وَيَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ وَكَانَ مِنْ قُضَاةِ الْعَدْلِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْزَجَانِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: وَسُئِلَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَأَى ابْنَ عُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي صَافًّا قَدَمَيْهِ وَأَنَا غُلامٌ. وَرَوَى مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا الثِّقَاتُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَتَبَ عَنِّي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدِيثِي كُلَّهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ بَانِكَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: تُوُفِّيَ جَدِّي وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: سَنَةَ سِتٍّ. قُلْتُ: كَانَ طَلابَةً لِلْعِلْمِ وَسَمِعَ وَلَدُهُ إِبْرَاهِيمُ من الزهري. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 67 120- سَعْدُ أَبُو مُجَاهِدٍ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ1 -خ د ت ق- ثِقَةٌ مُقِلٌّ. رَوَى عَنْ أَبِي مُدَلِّهٍ2 مَوْلَى عَائِشَةَ وَمَحَلِّ بْنِ خَلِيفَةَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ. وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَإِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. 121- سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى3 الأَنْصَارِيُّ -ع-. قَاضِي الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَآخَرُونَ. مات فِي حدود عشرين ومائة. 122- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ4، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. الشَّاعِرُ هُوَ وَأَبُوهُ وَجِدُّهُ. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَوَالِدِهِ. وَعَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلانِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَمُعَاذُ بْنُ فُلانٍ. وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ قليل الحديث. ومن شعره: وإن امرأ لاحى الرِّجَالَ عَلَى الِغنَى ... وَلَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ الْغِنَى لِحَسُودٍ5 123- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُرَيْجٍ البصري6 -. د ت-.   1 تهذيب التهذيب "3/ 484"، والتقريب "1/ 279". 2 وفي التاريخ الكبير "4/ 65" بضم الميم وفتح الدال وتشديد اللام المكسورة "مد له". 3 وهو ثقة التاريخ الكبير "3/ 463، 464"، وتهذيب التهذيب "4/ 15". 4 الجرح والتعديل "4/ 39"، والمعرفة والتاريخ "1/ 235". 5 وهذا الشاهد: في تهذيب ابن عساكر "6/ 152". 6 وهو صدوق ربما وهم. التاريخ الكبير "3/ 487"، وتهذيب التهذيب "4/ 51". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 68 عُنْ أَبِي بَرْزَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَحَوْشَبُ بْنُ عُقَيْلٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالزِّمَامُ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مَجْهُولُ الْعَدَالَةِ لَمْ يُضَعَّفْ. 124- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ1 بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ الأَمِيرُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُلَقَّبُ بِسَعِيدِ الْخَيْرِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَرَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمَا. وَكَانَ دَيِّنًا مُتَأَلِّهًا، وَلِيَ الْغَزْوَ زَمَنَ أَخِيهِ هِشَامٍ، وَلَهُ بِالْمَوْصِلِ مَسْجِدٌ وَدَارٌ. مَاتَ فِي حُدُودِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 125- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ الْحَرَشِيُّ2. قِيلَ كَانَ صُعْلُوكًا يَسْأَلُ عَلَى الأَبْوَابِ، ثُمَّ صَارَ سَقَّاءً ثُمَّ صَارَ جُنْدِيًّا، إِلَى أَنْ وَلِيَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ ثُمَّ عَزَلَهُ وَسَجَنَهُ، فَلَمَّا وَلِيَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ الْعِرَاقَ أَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ وَأَكْرَمَهُ، فَلَمَّا هَرَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ مِنْ سِجْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَفَّذ سَعِيدًا هَذَا فِي طَلَبِهِ فَلَمْ يُدْرِكْهُ فَقَدِمَ سَعِيدٌ عَلَى هِشَامِ ابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَمَّرَهُ عَلَى حَرْبِ الْخَزَرِ فَسَارَ وَبَيَّتَهُمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ عَدَدًا لا يُحْصَرُ. لَمْ يُؤَرِّخُوا وَفَاتَهُ. 126- سَعِيدُ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ3 -خ م د ت ق- الأموي المدني. نَزِيلُ الْكُوفَةِ، كَانَ مَعَ أَبِيهِ إِذْ غَلَبَ عَلَى دِمَشْقَ وَذَبَحَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ ثُمَّ سَارَ وَهُوَ كَبِيرٌ مَعَ أَهْلِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ عَمُّ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ وَأَبِيهِ عمرو بن سعيد الأشدق.   1 التاريخ الكبير "3/ 497". 2 تهذيب ابن عساكر "6/ 164"، والوافي بالوفيات "15/ 348". 3 التاريخ الكبير "3/ 499"، والصغير "1/ 306"، وتهذيب التهذيب "4/ 68". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 69 وَعَنْهُ بَنُوهُ خَالِدٌ وَإِسْحَاقُ وَعَمْرٌو وَحَفِيدُهُ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَشُعْبَةُ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَطَالَ عَمْرُهُ حَتَّى وَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ فِي خِلافَتِهِ. وَكَانَ ثِقَةٌ نَبِيلا مِنْ كِبَارِ الأَشْرَافِ. 127- سَعِيدُ بْنُ أَبِي كيسان1 -ع- الإمام أبو سعد الليثي مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ الْمَقْبُرِيُّ. كَانَ يَنْزِلُ بِمَقْبَرَةِ الْبَقِيعِ، وَكَانَ أَسْنَدَ مَنْ بَقِيَ فِي زَمَانِهِ بِالْمَدِينَةِ. حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ وَسَعْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَوَالِدِهِ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ أَوْلادُهُ وَشُعْبَةُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ خِرَاشٍ: ثِقَةٌ جَلِيلٌ أَثْبَتُ النَّاسِ فِيهِ اللَّيْثُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ لَكِنَّهُ اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ. قُلْتُ: مَا أَظُنُّهُ رَوَى شَيْئًا فِي الاخْتِلاطِ وَلِذَلِكَ احْتَجَّ بِهِ مُطْلَقًا أَرْبَابُ الصِّحَاحِ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ: سَنَةَ ثلاث, وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ. وَقَعَ لِي حَدِيثُهُ عَالِيًا وَسَهَوْتُ عَنْهُ ثُمَّ أَلْحَقْتُهُ هُنَا. 128- سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ع-. وَالِدُ الإِمَامِ سُفْيَانَ وَمُبَارَكٍ وَعُمَرَ. يَرْوِي عَنْ عُبَابَةَ بْنِ رِفَاعَةَ وَخَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وأبي الضحى   1 وهو الإمام المحدث الثقة أبو سعد سعيد بن أبي سعيد كيسان الليثي مولاهم المديني المقبري. ترجم له الذهبي في السير "6/ 49"، وفي ميزان الاعتدال "2/ 139". 2 وهو والد سفيان الثوري ثقة، التاريخ الكبير "3/ 513"، وتهذيب التهذيب "4/ 82". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 70 وَالشَّعْبِيِّ وَطَائِفَةٍ وَأَدْرَكَ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَعَنْهُ بَنُوهُ وَشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو الأَحْوَصِ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ, وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ. 129- سَعِيدُ بْنُ هانيء الْخَوْلانِيُّ1 -ت ق-. شَامِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ مُعَاوِيَةَ وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَلِيُّ بْنُ زُبَيْدٍ الخولانيان ومعاوية بن صالح وغيرهم. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ توفي سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ كَذَا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ. 130- سَلْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 -م4- أَخُو حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي وَأَبِي عُمَر زَاذَانَ وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو وَوَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. قال النسائي: ليس به بأس. 133- سليم بن عطية الفقيمي3 -ن- الكوفي. عَنْ طَاوُسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 132- سليم بن قيس العلوي4 -د- البصري.   1 التاريخ الكبير "3/ 518"، وتهذيب التهذيب "4/ 92". 2 التاريخ الكبير "4/ 157"، وتهذيب التهذيب "4/ 132". 3 وراجع ترجمته في التهذيب "4/ 135"، والتقريب "1/ 305"، والجرح والتعديل "4/ 265". 4 ميزان الاعتدال "2/ 187"، والتهذيب "4/ 135". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 71 وبنو علي قبيلة تسكن ببادية الْعِرَاقِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ جرير بن حازم وهمام بن يحيى وحماد بْنِ يَزِيدَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ رَوَى حَدِيثَيْنِ ثَلاثَةً. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ذَكَرْتُ لِشُعْبَةَ سَلْمًا الْعَلَوِيُّ فَقَالَ: ذَاكَ الَّذِي يَرَى الْهِلالِ قَبْلَ النَّاسِ بِيَوْمَيْنِ. وَقَالَ الإِبَّارُ: ثنا عبد الله بن عون قال: قَالَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: كَانَ سَلْمُ الْعَلَوِيُّ لا يُخْفَى عَلَيْهِ مَطْلَعُ الْهِلالِ فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةَ الشَّكِّ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ تَجُوزُ شَهَادَتَهُ فَأَرَاهُ الْهِلالَ, فَإِذَا ثَبَتَ مَعَهُ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلالِ جَاءَا فَشَهِدَا وَلَمْ يَشْهَدْ وَحْدُهُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ حِدَّةِ بَصَرِهِ رَأَى رَجُلا يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ مِنْ مَسِيرَةِ مِيلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَغَطَّى وَجْهَهُ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ. 133- سَلَمَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ سَلَمَةَ الزُّرَقِيُّ1. رَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَيَزِيدَ بْنِ طَلْحَةَ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ. 134- سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ أَبُو يَحْيَى -ع- الحضرمي التنعي2. وتنعه بطن من حضرموت، وقيل: بَلْ هِيَ قَرْيَةٌ. كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ الأَثْبَاتِ عَلَى تَشَيُّعٍ فِيهِ. دَخَل عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَعَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. وَرَوَى عَنْ جُنْدَبٍ الْبَجَلِيِّ وَأَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ يَحْيَى وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَآخَرُونُ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: لَمْ يَكُنْ بِالْكُوفَةِ أَثْبَتُ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَذَكَرَ مُنْهُمْ سلمة   1 التاريخ الكبير "4/ 79"، وتهذيب التهذيب "4/ 147"، والتقريب "1/ 307". 2 التاريخ الكبير "4/ 74"، والصغير "1/ 311". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 72 ابن كُهَيْلٍ. وَلَهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ مُتْقِنٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَكَانَ رُكْنًا مِنَ الأَرْكَانِ. وَقَالَ يَحْيَى: وُلِدَ أَبِي سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمَاتَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَقَالَ آخَرُ: بَلْ تُوُفِّيَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 135- سَلَمَةُ بْنُ وَهْرَامٍ الْيَمَانِيُّ1 -ت ق-. عَنْ عكرمة وطاوس وشعيب بن الأسود الجبأي بوزن السبأي. وَعَنْهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ وَزَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَمَعْمَرُ بْنُ حَبِيبَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وغيره، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَتَوَقَّفَ فِي أَمْرِهِ أَحْمَدُ بْنُ حنبل. 136- سليمان بن حبيب المحاربي2 -خ د ق- الداراني الدمشقي. قَاضِي دِمَشْقَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ، كُنْيَتُهُ أَبُو أَيُّوبَ وَقِيلَ: أَبُو ثَابِتٍ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَأَسْوَدَ بْنِ أَصْرَمَ الْمُحَارِبِيِّ وَغَيْرِهِمْ؛ وَعَنْهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى الْبَلْقَاوِيُّ وَعَبْدُ العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَآخَرُونُ. وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وغيره.   1 التاريخ الكبير "4/ 81"، وتهذيب التهذيب "4/ 161". 2 وهو أبو أيوب الداراني، القاضي بدمشق. ثقة من الثالثة. التاريخ الكبير "4/ 6"، والصغير "1/ 304"، وتهذيب التهذيب "4/ 177، 178". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 73 قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَضَى سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ بِدِمَشْقَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَكَمَ ثَلاثِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَطَائِفَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ كُلْثُومُ بْنُ زِيَادٍ: أَدْرَكْتُ سُلْيَمَانَ بْنَ حَبِيبٍ وَالزُّهْرِيَّ يَقْضِيَانِ بشاهد ويمين، وَأَقَامَ سُلَيْمَانُ يَقْضِي ثَلاثِينَ سَنَةً. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أَقَلَّتِ السُّفَهَاءُ مِنْ أَيْمَانِهِمْ فَلا تُقِلُّهُمُ الْعِتَاقُ وَالطَّلاقُ. 137- سُلَيْمَانُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمُزَنِيُّ1. عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وعن محمد بن كعب القظي وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَمَاعَةٌ. مَاتَ بِمِصْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 138- سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ-4- 2. وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ الدِّمَشْقِيُّ الْكَبِيرُ. وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيلٍ. رَوَى عَنِ الأَوْزَاعِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزٍ؛ وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَسَنَ النَّحْوِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. 139- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ الأَحْوَلُ3 -ع-. عن مجاهد وسعيد بن جبير وطاوس.   1 راجع ترجمته في: التاريخ الكبير "4/ 8"، والجرح والتعديل "2/ 1061". 2 تهذيب الكمال "12/ 30"، وتهذيب التهذيب "4/ 208"، والتقريب "1/ 316". 3 التاريخ الكبير "4/ 37"، وتهذيب التهذيب "4/ 221". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 74 وَعَنْهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. 140- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةَ1 -ق-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَأُخْتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ؛ وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. 141- سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ2 -م د ت- أبو يونس مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. سَكَنَ مِصْرَ. وَرَوَى عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِث وحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ الخبائري3 -م 4- فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 142- سِمَاكُ بْنُ حَرْبِ4 -م4 خت- بْنِ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ أَبُو الْمُغِيرَةِ الذُّهَلِيُّ البكري الكوفي. أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. وَهُوَ أَخُو مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ. رَوَى عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَرَأَى الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ وَغَيْرَهُ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَثَعْلَبَةَ اللَّيْثِيِّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - وَالشَّعْبِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عميرة وعلقمة بن وائل وعدة.   1 التاريخ الكبير "4/ 37"، وتاريخ الدوري "2/ 234"، وتهذيب التهذيب "4/ 221". 2 التاريخ الكبير "4/ 122"، وتهذيب الكمال "11/ 344"، وتهذيب التهذيب "4/ 166". 3 التاريخ الكبير "4/ 125"، والتقريب "1/ 310"، والجرح والتعديل "4/ 211". 4 التاريخ الكبير "4/ 173"، وميزان الاعتدال "2/ 232". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 75 وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وابراهيم بن طهمان وعمر بن عُبَيْدٍ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَآخَرُونَ. وَذَكَرَ أَنَّهُ أَدْرَكَ ثَمَانِينَ نَفْسًا مِنَ الصَّحَابَةِ. قَالَ: وَكَانَ بَصَرِي قَدْ ذَهَبَ فَدَعَوْتُ اللَّهَ تَعَالَى فَرَدَّهُ عَلَيَّ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ذَهَبَ بَصَرِي فَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: ذَهَبَ بَصَرِي، فَقَالَ: انْزِلْ فِي الْفُرَاتِ فَاغْمِسْ رَأْسَكَ وَافْتَحْ عَيْنَيْكَ فِيهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَرُدُّ بَصَركَ. فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَبْصَرْتُ1. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَدْرَكْتُ ثَمَانِينَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ أَنَّ رَجُلا رَكِبَ الْبَحْرَ فَنَفَخَ زِقًّا2 وَأَوْكَاهُ فَجَعَلَ يَسْتَرْخِي حَتَّى غَرِقَ قَالَ: يَقُولُ لَهُ الزِّقُّ يَدَاكَ أَوْكَتَا وَفُوكَ نَفَخَ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: جَائِزُ الْحَدِيثِ، وَكَانَ عَالِمًا بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ، فَصِيحًا. وَقَدَّمَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ أَسْنَدَ أَحَادِيثَ لَمْ يُسْنِدْهَا غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: فِي حَدِيثِهِ لِينٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ. 143- سِمَاكُ بْنُ الْفَضْلِ الصَّنْعَانِيُّ الْيَمَانِيُّ3 -د ت ن-. عَنْ مُجَاهِدٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 144- سِنَانُ بْنُ سَعْدٍ الْكِنْدِيُّ الْمِصْرِيُّ4، وَيُقَالُ: سَعْدُ بن سنان والأول أصح.   1 أورده الذهبي في السير "6/ 74". 2 والزق: وعاء من جلد يجز شعره يتخذ للماء والشراب وغيره "ج" أزقاق، وزقاق. 3 التاريخ الكبير "4/ 174"، والصغير "1/ 268". 4 التاريخ الكبير "4/ 163"، وميزان الاعتدال "2/ 235". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 76 رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. لَهُ فِي كِتَابِ الأَدَبِ لِلْبُخَارِيِّ. 145- سَيَّارُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّدَفِيُّ الْمِصْرِيُّ1 -د ق-. عَنْ عِكْرِمَةَ وَيَزِيدَ بْنَ قَوْذَرَ. وَعَنْهُ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ. 146- سيار أبو الحكم الواسطي2 -ع- العنزي. مَوْلاهُمُ الْعَبْدُ الصَّالِحِ. رَوَى عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَهُشَيْمٌ وَخَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَيُقَالُ: إِنَّ اسْمَ أَبِيهِ وِرْدَانُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الشِّينِ": 147- شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ الْكُوفِيُّ3 -ع-. عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونُ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين وغيره.   1 التاريخ الكبير "4/ 160"، وتهذيب التهذيب "4/ 291". 2 وهو سيار: أبو الحكم العنزي بنون وزاي، التاريخ الكبير "4/ 161"، والصغير "2/ 288". 3 التاريخ الكبير "4/ 231"، وتهذيب التهذيب "4/ 309". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 77 148- شَرَاحِيلُ بْنُ يَزِيدَ الْمَعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ1 - د -. عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ هَدِيَّةَ الصَّدَفِيِّ وَمُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. 149- شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ المدني2 - د ت ن - مولى الأنصار. عن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَالِكٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ. وَقِيلَ: إِنَّ مَالِكًا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ شَيْئًا. وَقِيلَ: كُنِّيَ عَنِ اسْمِهِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ يُفْتِي وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالْمَغَازِي مِنْهُ ثُمَّ احْتَاجَ فَكَأَنَّهُمُ اتَّهَمُوهُ وَكَانُوا يَخَافُونَ إِذَا جَاءَ إِلَى الرَّجُلِ يَطْلُبُ مِنْهُ فَلَمْ يُعْطِهِ أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَشْهَدْ أَبُوكَ بَدْرًا. رَوَاهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ الْفَلاسُ: قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: كَانَ مُتَّهَمًا. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَمَعَ تَعَنُّتِ ابْنِ حِبَّانَ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ. 150- شُرَحْبِيلُ بْنُ عَمْرِو بن شريك3 - م ت ن - المعافري المصري.   1 التاريخ الكبير "4/ 255"، وتهذيب التهذيب "4/ 320". 2 التاريخ الكبير "4/ 251"، وميزان الاعتدال "2/ 266"، وتقريب التهذيب "1/ 335". 3 تهذيب الكمال "12/ 421"، والتقريب "1/ 335، 336". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 78 عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَجَمَاعَةٌ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 151- شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ الشَّامِيُّ1 -د ت ق-. عَنْ عُتْبَةَ بن عبد والمقدام بن معد يكرب وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 152- شُعَيْبُ بن الحبحاب2، سوى ق- أبو صالح الأزدي مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي العالية وإبراهيم النخعي. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَوَلَدَاهُ عَبْدُ السَّلامِ وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا شُعَيْبٍ. وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ حَدِيثًا. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 153- شُعَيْبُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ3، أَبُو يُونُسَ مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وعنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. 154- شَيْبَةُ بْنُ نِصَاحِ بْنِ سَرْجِسَ4، مَوْلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَمِّ سَلَمَةَ وَأَحَدُ مشيخة نافع في القراءة.   1 التاريخ الكبير "4/ 252"، وميزان الاعتدال "2/ 267". 2 وهو أبو صالح البصري. التاريخ الكبير "4/ 216"، وتهذيب التهذيب "4/ 350". 3 التاريخ الكبير "4/ 218"، ومعرفة القراء "1/ 64". 4 التاريخ الكبير "4/ 241"، وتهذيب التهذيب "4/ 377". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 79 ذَكَرَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ تَلا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَا أَسْتَبْعِدُ ذَلِكَ. وَقَدْ مَسَحَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِرَأْسِهِ وَدَعَتْ لَهُ. وَرَوَى عَنْ خَالِدِ بْنِ مُغِيثٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَلا نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةَ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَلَوْ أُخِذَ الْقُرْآنُ عَنْهُمَا لَكَانَ بِالأَوْلَى أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُمَا. وَلُه حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنِ النَّسَائِيِّ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وَأَدْرَكَ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ. قُلْتُ: روى عنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ قَالُونُ: كَانَ نَافِعُ أَكْثَرَ اتِّبَاعًا لِشَيْبَةَ بْنَ نِصَاحٍ مِنْهُ لِأَبِي جَعْفَرٍ. وَقِيلَ: إِنَّ شَيْبَةَ وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الصَّادِ": 155- صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ1 -خ م-. عَنْ أَبِيهِ وَأَخِيهِ سَعْدٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَالأَعْرَجِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ سَالِمٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيُّ -وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ - وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَيُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ. لَهُ حَدِيثٌ فِي مَقْتَلِ أَبِي جَهْلٍ. 156- صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُوحٍ الدهان2.   1 التاريخ الكبير "4/ 272"، وتهذيب التهذيب "4/ 379". 2 راجع الجرح والتعديل "4/ 393". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 80 عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ وَسَلْمُ بْنُ أَبِي الذَّيَّالِ وَأَبَانٌ الْعَطَّارُ وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بأس. 157- صالح مولى التوءمة1 -د ت ق- وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ نَبْهَانَ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالسُّفْيَانَانِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ وَلُعَابُهُ2 يَسِيلُ مِنَ الْكِبَرِ، وَلَقَدْ لَقِيَهُ الثَّوْرِيُّ بَعْدِي. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَنْ سَمِعَ منه قبل أنه يُخَرِّفَ كَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَهُوَ ثَبْتٌ. وَقَالَ مَالِكٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَكَذَا مَشَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 158- الصَّلْتُ بْنُ رَاشِدٍ3. عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَأَبَانٌ الْعَطَّارُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الضَّادِ": 159- ضَمْرَةُ بْنُ سعيد4 -م 4- بن أبي حسنة الأنصاري المازني المدني.   1 تهذيب التهذيب "4/ 405"، والجرح والتعديل "4/ 416". 2 اللعاب: ما سال من الفم. 3 التاريخ الكبير "4/ 301"، والجرح والتعديل "4/ 437". 4 التاريخ الكبير "4/ 337"، وتهذيب التهذيب "4/ 461". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 81 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ عَمِّهِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ وعنه مالك وليح وسفيان بن عيينة وغيرهم. "حرف الطَّاءِ": 160- طَلْحَةُ بْنُ خِرَاش1 بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خِرَاشِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيُّ. عَنْ جابر بن عبد الله وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ وَمُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحِزَامِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ؛ قَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْفَقِيهُ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ معين ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون} [الْكَافِرُونَ: 1] فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ"، وَقَرَأَ فِي الآخِرَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا عَبْدٌ آمَنَ بِرَبِّهِ". قَالَ طَلْحَةُ: فَأَنَا أَسْتَحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ هَاتَيْن السُّورَتَيْنِ فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ2. تُوُفِّيَ طَلْحَةُ بْنُ خِرَاشٍ فِي حُدُودِ الثَّلاثِينَ وَمِائَةٍ. 161- طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ3. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ؛ وَأَرْسَلَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَوْقَةَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ أحمد والنسائي. وكريز بالفتح من الأفراد.   1 التاريخ الكبير "4/ 347"، وميزان الاعتدال "2/ 338". 2 ذكره الذهبي في السير "9/ 361"، وأورده الطحاوي في شرح معاني الآثار "1/ 298"، وانظر موارد الظمآن "611". 3 التاريخ الكبير "4/ 347"، وتقريب التهذيب "1/ 361". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 82 "حرف الْعَيْنِ": 162- عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ1. كَانَ لَهَا قَصْرٌ بِظَاهِرِ بَابِ الْجَابِيَةِ؛ وَإِلَيْهَا تُنْسَبُ أَرْضُ عَاتِكَةَ وَهُنَاكَ قَبْرُهَا. وَهِيَ أُمُّ الْخَلِيفَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. كَانَ لَهَا مِنَ الْمَحَارِمِ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً. وَبَقِيَتْ إِلَى أَنْ قُتِلَ ابْنُ ابْنَهَا الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ. 163- عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ بَهْدَلَةَ2، -4خ م- مَقْرُونًا الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الأسدي القاريء الْكُوفِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيِّ وَزِرِّ بْنِ حُبيْشٍ، وَرَوَى عَنْهُمَا، وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ، وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ بِالْكُوفَةِ بَعْدَ شَيْخِهِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَحَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَالْمُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَآخَرُونَ. وَحَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وشيبان وَالْحَمَّادَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ لِي عَاصِمٌ: مَا أَقْرَأَنِي أَحَدٌ حَرْفًا إِلا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيُّ كَانَ قَدْ قَرَأَ عَلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَكُنْتُ أَرْجِعُ مِنْ عِنْدِهِ فَأَعْرِضُ عَلَى زِرٍّ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: زَعَمَ مَنْ لا يَعْلَمُ أَنَّ بَهْدَلَةَ أُمُّهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: لا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ السبيعي يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَقْرَأَ مِنْ عَاصِمٍ مَا أَسْتَثْنِي أَحَدًا مِنَ أَصْحَابِهِ. وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ أَحَدَ الْفُصَحَاءِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: مَا رَأْيُت أَحَدًا قَطُّ أَفْصَحَ مِنْ عَاصِمٍ إِذَا تَكَلَّمَ يَكَادُ تَدْخُلُهُ خيلاء3.   1 جمهرة أنساب العرب "91"، وتاريخ الخلفاء "331". 2 التاريخ الكبير "6/ 487"، وتقريب التهذيب "1/ 365". 3 خيلاء: أي تكبر وعجب. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 83 وَقَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: قَالَ لِي رَجُلٌ: هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ؟ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَأَدْخَلَنِي عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ حَوْلَهُ جَمَاعَةٌ كَأَنَّ على رؤوسهم الطير فجلست فقال: أشهد أن ألي بن أبي تالب والهسن والهسين1 وَالْمُخْتَارَ يُبْعَثُونَ قَبْلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَمْلَآنِ الأَرْضِ عَدْلا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا. قِيلَ: كَمْ يَمْكُثُونَ فِي الْعَدْلِ سَنَةً؟ قَالَ: أَيْشِ سَنَةٍ وَأيْشُ مِائَةِ سَنَةٍ وَأَيْشِ أَلْفِ سَنَةٍ. قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ صَادِقٌ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ؛ ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا وَائِلٍ فَحَدَّثْتُهُ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ عَاصِمٍ: كَانَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ ذَا نُسُكٍ وَأَدَبٍ، وَكَانَ لَهُ فَصَاحَةٌ وَصَوْتٌ حَسَنٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ عَاصِمٌ رَجُلا صَالِحًا وَبَهْدَلَةُ أَبُوهُ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِحَافِظٍ. قُلْتُ: رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ مُسْلِمٌ وَيُصَحِّحُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ. فَأَمَّا فِي الْقِرَاءَةِ فَثَبْتٌ إِمَامٌ، وَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَحَسَنُ الْحَدِيثِ. 164- عَاصِمُ بْنُ أَبِي الصَّبَّاحِ الْجَحْدَرِيُّ الْبَصْرِيُّ2. المقريء الْمُفَسِّرُ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ وَنَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ؛ وَقَدْ قَرَأَ سُلَيْمَانُ شَيْخَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَسَمِعَ عَاصِمٌ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ؛ قَرَأَ عَلَيْهِ هَارُونُ بْنُ مُوسَى وَالْمُعَلَّى بْنُ عِيسَى وَسَلامُ أَبُو الْمُنْذِرِ؛ وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي قِلابَةَ الْجَرْمِيِّ؛ قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ سنة ثمان وعشرين ومائة.   1 ومقصوده: "أَشْهَدُ أَنَّ عليّ بْن أَبِي طَالِب والحَسَن والحسين ... ". 2 التاريخ الكبير "6/ 486". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 84 نَعَمْ وَهُوَ عَاصِمُ بْنُ الْعَجَّاجِ أَبُو مِحْشَرٍ الْجَحْدَرِيُّ. قَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ عُقْبَةَ بْنِ ظَبْيَانَ؛ روى عنه يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ هُوَ صَاحِبُ الْقِرَاءَةِ ثِقَةٌ. قُلْتُ: قِرَاءَتُهُ شَاذَّةٌ لَمْ تَثْبُتْ. 165- عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ1. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ. قُتِلَ فِي بَعْضِ حُرُوبِ الضَّحَّاكِ الْخَارِجِيِّ2. 166- عَاصِمُ بن عمرو البجلي3، ق - وقيل: عاصم بن عوف. يُقَالُ: إِنَّهُ قُدِمَ بِهِ مَعَ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ فَأُطْلِقَ هَذَا بِشَفَاعَةِ يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ الْقَسْرِيِّ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ دَهْرًا طَوِيلا. وَرَوَى عَنْ عُمَرَ مُرْسلا وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلٍ. وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَالْمَسْعُودِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَشُعْبَةُ وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وآخرون. وأخشى أن يكونا اثنين وما ذاك بِبَعِيدٍ، فَإِنَّ ابْنَ مَعِينٍ ذَكَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو الْبَجَلِيَّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ كُوفِيًّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ زَمَنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 167- عامر بن شقيق4 - د ت ق - بن جمرة بالجيم الأسدي الكوفي. عن أبي وائل.   1 التاريخ الكبير "6/ 478"، والمعرفة والتاريخ "1/ 619". 2 وذلك في سنة "127هـ" وراجع: تاريخ الطبري "7/ 318"، والبداية والنهاية "10/ 25". 3 التاريخ الكبير "6/ 483"، وتهذيب التهذيب "5/ 54". 4 التاريخ الكبير "6/ 458"، وتقريب التهذيب "1/ 369". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 85 وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ؛ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 168- عامر بن عبد الله بن الزبير1، -ع- ابن العوام أبو الحارث الأسدي المدني الْقَانِتُ الْعَابِدُ. سَمِعَ أَبَاهُ وَعَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ. وعنه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ وَأَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ وَابْنُ عَجْلانَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ2 أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى سِتَّ مَرَّاتٍ، يَعْنِي يَتَصَدَّقُ كُلَّ مَرَّةٍ بِدِيَتِهِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِمَا يُرَى مِنْ تَبَتُّلِهِ: قَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَمْ يَكُونَا هَكَذَا. وَقَالَ مَالِكٌ: عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يُوَاصِلُ الصِّيَامَ ثَلاثًا. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سُمِعَ عَامِرٌ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: خُذُوا بِيَدِي3 إلى الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ: إِنَّكَ عَلِيلٌ! فَقَالَ: أَسْمَعُ دَاعِيَ اللَّهِ فَلا أُجِيبُهُ! فَأَخَذُوا بِيَدِهِ فَدَخَلَ مَعَ الإِمَامِ فِي صَلاةِ الْمَغْرِبِ فَرَكَعَ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ مَاتَ4. قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ: أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيلٍ أنا أَبُو الْمَكَارِمِ الْعَدْلِ أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ ثنا محمد بن غَالِبٍ ثنا الْقَعْنَبِيُّ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقِفُ عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ يَدْعُو وَعَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَرُبَّمَا سَقَطَتْ عَنْهُ الْقَطِيفَةُ وَمَا يَشْعُرُ بِهَا5. وَرَوَى مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: رُبَّمَا خَرَجَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُنْصَرِفًا مِنَ الْعَتْمَةِ مِنْ   1التاريخ الكبير "6/ 448"، وتقريب التهذيب "1/ 370". 2 يعني سفيان بن عيينة كما في الكاشف "2/ 51". 3 ومراده: "إلى المسجد ... ". 4 انظر: سير أعلام النبلاء "6/ 52". 5 انظر المصدر السابق "6/ 52". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 86 مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَعْرِضُ لَهُ الدُّعَاءُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ, فَمَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُنَادَى بِالصُّبْحِ فَيَرْجِعُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي الصُّبْحَ بِوُضُوءِ الْعَتْمَةِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: اشْتَرَى عَامِرٌ نَفْسَهُ بِسَبْعِ دِيَاتٍ. وَلِعَامِرٍ عِدَّةُ إِخْوَةٍ مِنْهُمْ خَبِيبٌ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَهَاشِمٌ وَعَبَّادٌ وَثَابِتٌ وَحَمْزَةُ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قُلْتُ: أَجْمَعُوا عَلَى ثِقَةِ عَامِرٍ؛ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ قُبَيْلُ مَوْتِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أبو بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ. 169- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَصْرِيُّ الأَحْوَلُ1 -م 4-. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَأَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَهَمَّامٌ وَهُشَيْمٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ؛ وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 170- عَبَّاسُ بن عبد الله بن معبد2 -د- بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي المدني. عَنْ أَخِيهِ وَأَبِيهِ وَعِكْرَمَةَ؛ وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 171- عَبَّاسُ بْنُ فَرُّوخٍ الْجُرَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -ع-. عَنْ أَبِي عثمان النهدي والحسن البصري.   1 التاريخ الكبير "6/ 456"، وتهذيب التهذيب "5/ 77". 2 التاريخ الكبير "7/ 8"، وتقريب التهذيب "1/ 378". 3 التاريخ الكبير "7/ 4"، وتقريب التهذيب "1/ 379". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 87 وَعَنْه شُعْبَةُ وَهَمَّامٌ وَالْحَمَّادَانِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَلَيْسَ هُوَ بِأَخٍ لِسَعِيدٍ الْجُرَيْرِيُّ. 172- الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ1 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَبُو الْحَارِثِ الأُمَوِيُّ. كَانَ مِنَ الأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ وَالأَسْخِيَاءِ الْمَوْصُوفِينَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: فَارِسُ بَنِي مَرْوَانَ. اسْتَعْمَلَهُ أَبُوهُ عَلَى حِمْصٍ، وولي المغازي، وافتتح عدة حصون، ولكنه كَانَ يَنَالُ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِجَهْلٍ. وَقَدْ مَاتَ فِي سِجْنِ مَرْوَانَ. 173- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرِ بْنِ عُمَيْرَةَ السُّحَيْمِيُّ الْيَمَامِيُّ2 -4-. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَقَيْسِ بْنِ طَلْقٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سِبْطُهُ مُلازِمُ بْنُ عَمْرٍو الْيَمَامِيُّ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ الْيَمَامِيُّونَ وَيَاسِينُ الزَّيَّاتُ الْكُوفِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ سَحِيمِيٌّ حَنِيفِيٌّ. 174- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ3. عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وعقيل الإيلي. 175- عبد الله بن دينار4 -ع- أبو عبد الرحمن العمري مولاهم المدني. أحد الثقات.   1 المعرفة والتاريخ "1/ 606، 2/ 410"، والعقد الفريد "4/ 422". 2 تقريب التهذيب "1/ 383"، والجرح والتعديل "5/ 11". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 376". 4 التاريخ الكبير "5/ 79"، والتقريب "1/ 391". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 88 سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَأَبَا صَالِحٍ السَّمَّانَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَوَرْقَاءُ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الله بن اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَقَدِ انْفَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الولاء وهبته. وأساء العقيلي بإيراده فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ, فَقَالَ: فِي رِوَايَةِ الْمَشَايِخِ عن عبد الله ابن دِينَارٌ اضْطِرَابٌ، ثُمَّ أَوْرَدَ لَهُ حَدِيثَيْنِ مُضْطَرِبَيِ الإسناد وإنما الاضْطِرَابُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 176- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ1. أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْكِنَانِيِّ مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. وَاسْمُ أَبِيهِ يَسَارٌ. رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ الْعَابِدِينَ. كَانَ عَلَى صِنَاعَةِ مَرَاكِبِ الْغَزْوِ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 177- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ2 -د ت- أَبُو مُحَمَّدٍ. حَلِيفُ قُرَيْشٍ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنْ أَبِيهِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهِ جَهَالَةٌ. 178- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السائب الشيباني3 -م ن- ويقال الكندي الكوفي.   1 التاريخ الكبير "5/ 62". 2 التاريخ الكبير "5/ 103"، وميزان الاعتدال "2/ 426". 3 تقريب التهذيب "1/ 395"، والجرح والتعديل "5/ 65". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 89 عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَتَادَةَ الْمُحَارِبِيُّ وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ وَفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. 179- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ1 -سِوَى ت-. عَنْ أَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقُوهُ. 180- عَبْدُ الله بن سليمان الطويل2 -د ت- أبو حمزة المصري. أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ الأَبْدَالِ. عَنْ نَافِعٍ وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ وَمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 181- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَرِيكٍ الْعَامِرِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عَمْرٍو جُنْدَبٍ الأَزْدِيِّ - قَاتِلِ السَّاحِرِ - وَسُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُقَيْمٍ الطَّائِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ فِطْرُ بْنُ خليفة السفيانان وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ عَنْهُ، وَابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةِ الْكَوْسَجِ عَنْهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ليس بالقوي.   1 التاريخ الكبير "5/ 105"، والتقريب "1/ 397". 2 التاريخ الكبير "5/ 108"، وتقريب التهذيب "1/ 398". 3 التاريخ الكبير "5/ 115"، وتهذيب التهذيب "5/ 252، 253". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 90 وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ الْجَوْزَجَانِيُّ فَعَقَرَهُ1 وَقَالَ: مُخْتَارِيٌّ كَذَّابٌ. وَتَرَكَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لِسُوءِ مَذْهَبِهِ. وقال العقيلي: كان ممن يغلو فِي التَّشَيُّعِ. قُلْتُ: لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ شَيْئًا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: جَالَسْنَاهُ وَكَانَ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ. 182- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانُ2 -م د ت ق-. أَخُو سُهَيْلٍ وَصَالِحٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ وَهُشَيْمٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ مُقِلٌّ. 183- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حسين النوفلي3 -ع- القرشي المكي. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 184- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدَةَ الربذي4 -خ-. عن سهل بْنِ سَعْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَرْسَلَ عَنْ جَابِرٍ أَوْ لَقِيَهُ. وَعَنْهُ أَخُوهُ موسى بن عبيدة وصالح بن كيسان.   1 عقره: يعني جرحه. 2 تقريب التهذيب "1/ 400"، وتاريخ الدوري "2/ 291". 3 التاريخ الكبير "5/ 133"، والجرح والتعديل "5/ 97"، والعلل "1/ 130". 4 التاريخ الكبير "5/ 143"، والجرح والتعديل "5/ 101". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 91 وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ. قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بِوَقْعَةِ قُدَيْدَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 185- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ1. عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْمَسْعُودِيُّ. وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةِ الْعِرَاقَيْنِ لِيَزِيدَ النَّاقِصِ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانَ أَكُولا يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ تِسْعَ مَرَّاتٍ وَيَنْتَبِهُ فِي السَّحَرِ فَيَدْعُو بِالطَّعَامِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا قَدِمَ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ عَلَى الْعِرَاقِ أَمْسَكَ عَبْدَ اللَّهِ فَقَيَّدَهُ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى مَرْوَانِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَسَجَنَهُ فِي مَضِيقٍ مُظْلِمٍ وَاخْتَفَى خَبَرُهُ. 186- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُصْمٍ أَبُو عُلْوَانَ الْعِجْلِيُّ الْحَنَفِيُّ -د ت ق-2. عن ابن عباس وابن عمرو أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَعَنْهُ إِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَأَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. لَكِنَّ سَمَّاهُ إِسْرَائِيلُ بْنُ عُصْمَةَ. 187- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عيِسَى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى -ع- الكوفي3. كَانَ أَسَنَّ مِنْ عَمِّهِ الْقَاضِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَزْهَدَ. رَوَى عَنْ جَدِّهِ وَسَعِيدِ بن جبير والشعبي وعكرمة.   1 التاريخ الكبير "5/ 145"، والجرح والتعديل "5/ 107". 2 ميزان الاعتدال "2/ 460"، وتهذيب التهذيب "5/ 321". 3 التاريخ الكبير "5/ 164"، وتقريب التهذيب "1/ 413". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 92 وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ وَجَمَاعَةٌ. قال ابن خراش: هو أَوْثَقُ وَلَدِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 188- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بن العباس1 -ع- بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الهاشمي المدني. قتل أبوه يوم الحرة وهذا صَبِيٌّ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالأَعْرَجِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَمَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ "الْبِكْرُ تُستَأْمَرُ". عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ2. يَأْتِي فِي طبقة الأعمش. عبد الله بن كثير المقريء. مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 189- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُخْتَارِ الْبَصْرِيُّ3 -م د ن ق-. عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَمُوسَى بْنِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعِدَّةٌ. تُوُفِّيَ شَابًا طَرِيًّا، وَكَانَ ثِقَةً. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ أَصْغَرَ مِنِّي سنًا.   1 التاريخ الكبير "5/ 168"، والتهذيب "5/ 357". 2 التاريخ الكبير "5/ 183"، وتهذيب التهذيب "6/ 13". 3 التاريخ الكبير "5/ 207"، الجرح والتعديل "5/ 170". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 93 190- عبد الله بن مسلم1 -م د ت ن- بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهاب الزهري أبو محمد المدني. وَهُوَ أَسَنُّ مِنْ أَخِيهِ الإِمَامُ أَبِي بَكْرٍ. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ أَخُوهُ وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وَمَعْمَرٌ وَالنُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 191- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمِسْوَرِ2، بْنِ عَوْنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ. نَزِيلُ الْمَدَائِنِ. عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْسَلًا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَخَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ. وَلَمْ يَكُنْ بِثَقَةٍ وَلا مَأْمُونٍ. رَوَى جَرِيرٌ عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيَّ الْمَدَائِنِيَّ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِسْوَرٍ يَفْتَعِلُ الْحَدِيثَ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ يَكْذِبُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَ بِمَرَاسِيلَ لا يُوجَدُ لَهَا أَصْلٌ. 192- عَبْدُ اللَّهِ بن معاوية بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ3. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ أَخُوهُ صَالِحٌ وَجُوَيْرِيَّةُ بْنُ أَسْمَاءَ. وَكَانَ جَوَّادًا مُمَدَّحًا شَاعِرًا مِنْ رِجَالِ الْعَالَمِ وَأَبْنَاءِ الدُّنْيَا. خرج بالكوفة وجمع   1 التاريخ الكبير "5/ 190"، وتهذيب التهذيب "6/ 29". 2 ميزان الاعتدال "2/ 504"، والجرح والتعديل "5/ 169". 3 الأغاني "12/ 215"، ولسان الميزان "3/ 363". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 94 خلقًا وعسكر وَنَزَعَ الطَّاعَةَ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُورٌ يَطُولُ شَرْحُهَا. ثُمَّ لَحِقَ بِأَصْبَهَانَ وَغَلَبَ عَلَى تِلْكَ الدِّيَارِ، ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ فَقَتَلَهُ، وَقِيلَ: بَلْ سَجَنَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي حُدُودِ الثَّلاثِينَ. وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ الْفَامِيُّ: قَتَلَهُ شبل بْنُ طَهْمَانَ مُتَوَلِّي هُرَاةَ بِأَمْرِ أَبِي مُسْلِمٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ. وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا شُجَاعًا جَرِيئًا. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ1 فَقَالَ: كَانَ رَدِيءَ الدِّينِ مُعَطِّلا مُسْتَصْحِبًا لِلدَّهْرِيَّةِ. ذَهَبَ بَعْضُ الْكَيْسَانِيَّةِ إِلَى أَنُّه حَيٌّ لَمْ يَمُتْ وَأَنَّهُ بِجَبَلِ أَصْبَهَانَ وَلا بُدَّ لَهُ أَنْ يَظْهَرَ2، فَصَارَ هَؤُلاءِ وأمثالهم في سبيل اليهود بأن ملكي صيدق بْنَ عَابِدٍ وَفَنْحَاصَ بْنَ الْعَازِرِ أَحْيَاءٌ إِلَى الْيَوْمِ، وَسَلَكَ هَذَا السَّبِيلَ بَعْضُ نَوْكِي الصُّوفِيَّةِ وَزَعَمُوا أَنَّ الْخَضِرَ وَإِلْيَاسَ حَيَّانِ إِلَى الْيَوْمِ. وادعى بعضهم أنه يلقى إِلْيَاسُ فِي الْفَلَوَاتِ وَالْخَضِرُ فِي الْمُرُوجِ. 193- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّامِ الْقَيْنِيُّ الأَزْدِيُّ3. عَنْ مَكْحُولٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالضَّحَّاكِ بْنِ عَرْزَبٍ وَعُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ عَاصِمٌ وَعَبْدُ الْغَنِيِّ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَزْدِيُّ. وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. سُئِلَ عَنْهُ ابْنُ مَعِينٍ فقال: مظلم. 194- عبد الله بن هبيرة4 -م 4- بْنِ أَسْعَدَ السَّبَائِيُّ الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ أَبُو هُبَيَرَةَ. عَنْ مَسْلَمَة بْنِ مَخْلَدٍ وَأَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ وعبيد بن عميرة وقبيصة بن ذؤيب.   1 الملل والنحل لابن حزم "2/ 69". 2 انظر المصدر السابق. 3 التاريخ الكبير "5/ 215"، وتقريب التهذيب "1/ 428". 4 التاريخ الكبير "5/ 222"، والتهذيب "6/ 61". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 95 وَعَنْهُ بَكْرُ بْنُ عُمَرَ وَخَيْرُ بْنُ نُعَيْمٍ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أحمد. مولده سنة أربعين ومات سن سِتٍّ وَعِشْرِينَ. 195- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ1، الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الأَصَمُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَقِيلَ: بَلِ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزٍ. تَفَقَّهَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَصَحِبَهُ مُدَّةٌ وَحَكَى عَنْهُ فَوَائِدَ. قَالَ مَالِكٌ: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ، وَكَانَ قَلِيلُ الْكَلامِ قَلِيلُ الْفُتْيَا شَدِيدُ التَّحَفُّظِ، كَثِيرًا مَا يُفْتِي الرَّجُلَ ثُمَّ يَبْعَثُ مَنْ يَرُدُّهُ ثُمَّ يُخْبِرُهُ بِغَيْرِ مَا أَفْتَاهُ، قَالَ: وَكَانَ بَصِيرًا بِالْكَلامِ يَرُدُّ عَلَى أُصُولِ الأَهْوَاءُ كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ أَنَّ ابْنَ عَجْلانَ سَأَلَ ابْنَ هُرْمُزٍ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَزَلِ ابْنُ هُرْمُزٍ يُخْبِرُهُ حَتَّى فَهِمَ فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ عَجْلانَ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ. قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ لابْنِ هُرْمُزٍ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُصلُّونَ فِيمَا مَضَى وَلَمْ يَكُونُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ - فَصَمَتَ ابْنُ هُرْمُزَ. قُلْتُ لِمَالِكٍ: لِمَ صَمَتَ عَنْهُ؟ قَالَ: لَمْ يُحِبُّ أَنْ يَقُولَ نَعَمْ وَهُوَ أَمْرٌ قَدْ تُرِكَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ: مَا تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ إِلا لِنَفْسِي. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ كَانَ يَقوُلُ: إِنِّي لَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ لا يَحُوطَ رَأْيَ نَفْسِهِ كَمَا يَحُوطَ السُّنَّةَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ ابْنُ هُرْمُزٍ رَجُلا كُنْتُ أُحِبّ أَنْ أَقْتَدِي بِهِ. وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ دَخَلَ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ فَوَجَدَهُ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ لَهُ وَهُوَ وَحْدَهُ فَذَكَرَ شَرَائِعَ الإِسْلامِ وَمَا انْتَقَصَ مِنْهُ وَمَا يَخَافُ مِنْ ضَيْعَتِهِ2 وَإِنَّ دُمُوعَهُ لتنسكب، قال: وقتل أبوه يوم الحرة.   1 التاريخ الكبير "5/ 224"، والمعرفة والتاريخ "1/ 651". 2 والضيعة: هي الأرض المغلة "ج" ضياع. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 96 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ فَيَقُولُ: إِنَّ لِهَذَا نَظَرًا وَتَفَكُّرًا فَيُقَالُ: أَجَلْ فَافْعَلْ، فَيَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنْ أَشْغَلَ نَفْسِي فِي ذَلِكَ مَتَى أُصَلِّي مَتَى أَذْكُرُ. وَقَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَقَايَا الْعَالِمِ بَعْدَهُ: لا أَدْرِي, لِيَأْخُذَ بِذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُ. قَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِالْمَدِينَةِ لَهُ شَرَفٌ إِلا إِذَا حَزَبَهُ الأَمْرُ رَجَعَ إِلَى أَمْرِ ابْنِ هُرْمُزٍ وَقَوْلِهِ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ غَنَمُ الصَّدَقَةِ وَإِبِلُهَا تَرَكَ اللَّحْمَ وَلَمْ يَأْكُلْهُ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّمُونَ بِهَا إِلَى الأُمَرَاءِ وَلا يَضَعُونَهَا فِي حَقِّهَا؛ وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ قَالَ: إِنِّي لأَعْجَبُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يُرْزَقَ الرِّزْقَ الْحَلالَ فَيَرْغَبُ فِي الرِّبْحِ فَيُدْخَلُ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرَ مِنَ الْحَرَامِ فَيُفْسِدُ الْمَالَ كُلَّهُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَانَ ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ أَنَّهُ قال: حين كف عن كلام: مَا كُنَّا إِلا قُضَاةً؛ وَلَكِنْ لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَكَانَتِ الْفُرُوجُ تُسْتَحَلُّ بِكَلامِنَا وَتُؤْخَذُ الأَمْوَالُ بِكَلامِنَا، أَدْرَكْنَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا إِذَا سُئِلُوا عَنِ الشَّيْءِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا فِيمَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فَيَقُولُونَ: كُلُّنَا نشبه هذا الأمر بالأمر الَّذِي كَانَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ فِي فُلانٍ وَفِي زَمَانِ عُمَرَ فِي فُلانٍ شَكٌّ ذَلِكَ فَقَالُوا: هُوَ مِثْلُهُ، وَقَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا، ثُمَّ اجْتَرَأْنَا أَنَا وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ فَقُلْنَا: أَيُّ شَيْءٍ يُلْبِسُ عَلَى النَّاسِ كَأَنَّهُ وَشِبْهَهُ! قَالَ: فَاجْتَرَأْنَا وَأَبَى الْقَوْمُ فَقُلْنَا نَحْنُ: هُوَ مِثْلُهُ، وَسُئِلْنَا عَنْ أَشْيَاءَ فَقُلْنَا نَكْرَهُهَا، فَجَاءَ آخَرُونَ كَانُوا تَحْتَنَا فَقَالُوا: لِأَيِّ شَيْءٍ نَكْرَهُهَا ما هو إلا حلال وحرام فاجترؤا عَلَى الَّتِي هِبْنَاهَا كَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى الَّتِي هَابَهَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا. مَالِكٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ قَالَ: يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يُوَرَّثُ جُلَسَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ لا أَدْرِي. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لِي ابْنُ هُرْمُزٍ: يَا مَالِكٌ لا نُمْسِكُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الرَّأْيِ أَخَذْتَ عَنِّي فَإِنِّي وَاللَّهِ فَجَّرْتُ ذَلِكَ وَرَبِيعَةُ. وَرَوَى مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى ابْنِ هُرْمُزٍ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكُنْتُ قَدِ اتَّخَذْتُ فِي الشِّتَاءِ سَرَاوِيلَ مَحْشُوًّا، كُنَّا نَجْلِسُ مَعَهُ فِي الصَّحْنِ فِي الشِّتَاءِ فَاسْتَحْلَفَنِي أَنْ لا أَذْكُرَ اسْمَهُ فِي الْحَدِيثِ. وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: رُحْتُ إِلَى الصَّلاةِ الظُّهْرَ مِنْ بَيْتِ ابْنِ هُرْمُزٍ اثْنَتَيْ عشرة سنة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 97 وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ: الرَّجُلُ يَسْتَفْتِينِي فَأفُتْيِهِ بِرَأْيِي يَسَعْنِي ذَلِكَ - قَالَ: لا وَاللَّهِ حَتَّى تَعْلَمَ، لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ لِلسَّقَّائِينَ1. مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي ابْنَ هُرْمُزٍ فَيَلْقَى، بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ وَنَتَكَلَّمُ ومعنا ربيعة وابن أبي رَبِيعَةُ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَكَثُرَ كَلامُنَا يَوْمًا وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ صَامِتٌ لا يَتَكَلَّمُ فَقُلْنَا لابْنِ هُرْمُزٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى دَاوُدَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزٍ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ، يَكْتُبُ حَدِيثُهُ. 196- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ مولى المنبعث2 -د ن ق-. مَدَنِيٌّ صَالِحُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهْنِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ رَبُيعَةُ الرَّائِيُّ وَعَبَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مَالِكٍ وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الليثي. 197- عبد الله بن يزيد مولى الأسود المدني3 -ع- عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. وَقَدْ وُثِّقَ. وَكَانَ مُقْرِئًا مِنْ مَوَالِي بَنِي مَخْزُومٍ. 198- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الصُّهْبَانِيُّ الْكُوفِيُّ4. عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَحْمَرِ وَكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.   1 والساقي: من يقدم الشراب "ج" سقاة. 2 التاريخ الكبير "5/ 228"، وتهذيب التهذيب "6/ 81". 3 التاريخ الكبير "5/ 235"، وتهذيب التهذيب "6/ 82". 4 تهذيب التهذيب "6/ 80"، والجرح والتعديل "5/ 199". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 98 199- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيُّ الْكُوفِيُّ1 -4- عَنْ أَبِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَوَرْقَاءُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ. 200- عَبْدُ الْحَمِيدِ بن جبير بن شيبة بن عثمان الحجبي الْعَبْدَرِيُّ2 -ع- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَمَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ وَعِكْرِمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَكَانَ ثِقَةٌ ثَبْتًا. 201- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ رَافِعٍ3. حِجَازِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ سَعْدِ بْنِ كَعْبٍ وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ وَأَبِي مَرَارَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَمُسْلِمٍ الزَّنْجِيِّ وَغَيْرُهُمْ. 202- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ الْفَهْمِيُّ4. -خ ت ن- أَمِيرُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. لَهُ نُسْخَةٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَ مِائَتَيْ حَدِيثٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَاللَّيْثُ فَمَوْلاهُ وَبِسَبَبِهِ نَالَ اللَّيْثُ دُنْيَا عَرِيضَةً. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ ثَبْتًا فِي الْحَدِيثِ، وَلِيَ إمْرَةَ مِصْرَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَعُزِلَ بَعْدَ سَنَةٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس.   1 التاريخ الكبير "6/ 64"، وتهذيب التهذيب "6/ 94". 2 التاريخ الكبير "6/ 46"، وتقريب التهذيب "1/ 436". 3 التاريخ الكبير "6/ 44"، والجرح والتعديل "5/ 12". 4 تهذيب التهذيب "6/ 165"، والجرح والتعديل "5/ 277". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 99 يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٌ. 203- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ السَّرَّاجُ1 -م ن- عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَنَافِعٍ وَعَطَاءٍ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَمَّادُ بُنْ زَيْدٍ. وَثَّقَةُ أَبُو حَاتِمٍ. 204- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ الْجُهَنِيُّ الْكُوفِيُّ2، ع - وَكَانَ يَتَّجِرُ إِلَى أَصْبَهَانَ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 205- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْن مُحَمَّد بْن أبي بكر الصديق3 -ع - أبو محمد التيمي المدني. الفقيه أَحَدُ الأَعْلامِ. سَمِعَ أَبَاهُ وَأَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمَالِكٌ وَالأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ عيينة وآخرون. وكان إمامًا ورعًا حجة. قال ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ؛ وَهُوَ خَالُ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ؛ وُلِدَ فِي حَيَاةِ عَمَّةِ أَبِيهِ عَائِشَةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ وَمَا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهُ.   1 تاريخ الدوري "2/ 351"، والتقريب "1/ 453". 2 ابن محرز "493"، والجرح والتعديل "5/ 255"، والتقريب "1/ 454". 3 وهو ثقة جليل، وانظر ترجمته في المواضع الآتية: التاريخ الكبير "5/ 339"، وتقريب التهذيب "1/ 460"، والجرح والتعديل "5/ 278". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 100 وَقَالَ مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ: إِنَّهُ رُئِيَ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ قَمِيصٌ هَرَوِيٌّ أَصْفَرُ وَرِدَاءٌ مُوَرَّدٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: اسْتَوْفَدَهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ فَقَدِمَ فَأَدْرَكَهُ الأَجَلُ بِحَوْرَانَ فَمَاتَ بِهَا سَنَةَ سِتٍّ وعشرين. 206- عبد الرحمن بن معاوية1 -د ق- أبو الحويرث الزرقي المدني. شهد جنازة جابر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَرَوَى عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَأَخِيهِ نَافِعٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ. قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيِّنٌ. وَقَالَ حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي مِعْشَرٍ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيةَ قَالَ: مَكَثَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَمَا كَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلا مَاتَ. تُوُفِّيَ أَبُو الْحُوَيْرِثِ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٌ. 207- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ2 الأُمَوِيُّ الأَمِيرُ أَبُو الإِصْبَغِ. قَامَ مَعَ يَزِيدَ النَّاقِصِ وَحَارَبَ الْوَلِيدَ فَجَعَلَهُ يَزِيدُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ فِيمَا قِيلَ. وَعَبْدُ الْعَزِيزِ هَذَا أَخُو السَّفَّاحِ لأُمِّهِ رِيطَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيَّةَ. وَلَمَّا غَلَبَ مَرْوَانُ الْحِمَارُ عَلَى الأَمْرِ وَثَبَ أَعْوَانَهُ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَتَلُوهُ بِدَارِهِ فِي سَنَةِ سبع وعشرين ومائة.   1 أبو الحويرث المدني، مشهور بكنيته. التاريخ الكبير "5/ 350"، وتقريب التهذيب "1/ 462"، وتاريخ الدوري "2/ 258". 2 الأمير أبو الأصبغ، معجم بني أمية "99، 100". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 101 وكان قدريًا1. 208- عبد العزيز بن رفيع -ع- أبو عبد الله الأسدي الطائفي2. نَزِيلُ الْكُوفَةَ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَحَدِيثُهُ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ حَدِيثًا. وَكَانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمُسْنِدِينَ. وَقَدْ روى عنه رَفِيقُهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، بَلَغَنَا عَنْهُ أَنَّهُ قَلَّمَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إِلا وَطَلَبَتْ فِرَاقَهُ مِنْ كَثْرَةِ جِمَاعِهِ. وَقَدْ مَاتَ فِي عَشْرِ الْمِائَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 209- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ الْبُنَانِيُّ3 -ع- مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الأَعْمَى. عَنْ أَنَسٍ وَشَهْرٍ وَأَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَالْمُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ وَهُشَيْمٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 210- عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ فَيْرُوزٍ4، أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ الصَّفَّارُ. عَنْ يَزِيدَ بْنِ الشِّخِّيرِ وَأَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ.   1 قال النووي في شرح صحيح مسلم "1/ 190": واعلم أن مذهب أهل الحق إثبات القدر, ومعناه: أن الله تبارك وتعالى: قدر الأشياء في القدم وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى. وعلى صفات مخصوصة فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وتعالى. 2 التاريخ الكبير "6/ 11"، وتاريخ الدوري "2/ 365". 3 التاريخ الكبير "6/ 14"، والتقريب "1/ 472". 4 التاريخ الكبير "6/ 90"، والجرح والتعديل "6/ 61". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 102 وَعَنْهُ حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الأَزْدِيُّ وَحَرَمِيُّ بْنُ عمارة. 211- عبد الكريم بن أبي المخارق1، -ت ن ق-، وم متابعة - أبو أمية. المعلم البصري نَزِيلُ مَكَّةَ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَحَسَّانِ بْنِ بِلالٍ الْمُزَنِيِّ وَالْحَارِثِ الأَعْوَرِ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالسُّفْيَانَانِ وَطَائِفَةٌ. رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رباح وكان أحد الفقهاء العلماء إِلا أَنَّهُ يَقُولُ بِالإِرْجَاءِ، وَفِي حَدِيثِهِ ضَعْفٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ ضَعِيفٌ، وَكَذَا ضَعَّفَهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ. وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"، وَخَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. وَوَفَاتُهُ قَرِيبَةٌ مِنْ وَفَاةِ سَمِيِّهِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ. 212- عبد الكريم بن مالك الجزري2 -ع- أبو سعيد الحرّانيّ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّهَ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَزُهَيْرُ بْنُ معاوية وعُبَيْد الله بن عَمْرٍو الرَّقِّيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَكَانَ أَحَدُ الأَثْبَاتِ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَوَصَفَهُ بِالْحِفْظِ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 213- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ3 -4خ م- أَخُو حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ الشَّيْبَانِيِّ مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ. وَلَهُ أَيْضًا أَخَوَانِ: بِلالٌ وَعَبْدُ الأَعْلَى.   1 وهو أبو أمية، المعلم البصري، نزيل مكة، وهو ضعيف. تهذيب التهذيب "6/ 376"، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي "472"، والبرقاني "306"، والمجروحين "2/ 144". 2 التاريخ الكبير "6/ 88"، وتهذيب التهذيب "6/ 373". 3 التاريخ الكبير "5/ 405"، وتقريب التهذيب "1/ 479". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 103 رَوَى هُوَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ وَأَبِي وَائِلٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَالسُّفْيَانَانِ. وَهُوَ صَادِقٌ فِي الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ مِنْ غُلاةِ الرَّافِضَةِ. رَوَى لَهُ خ م مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ. 214- عبد الملك بن حبيب1 -ع- أبو عمران الجوني البصري رَأَى عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ. وَرَوَى عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامَتِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَأَبَانٌ الْعَطَّارُ وَالْحَمَّادَانِ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ الْغَالِبُ عليه الكلام في الحكمة؛ وكان يَقُولُ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا آثَرُوا طَاعَةَ اللَّهِ عَلَى شَهَوَاتِهِمْ. وَكَانَ يَقُولُ: أَجْرَى اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ مَحَبَّتَهُ وَجَعَلَ قُلُوبَنَا أَوْطَانًا تَحِنُّ إِلَيْهِ. تُوُفِّيَ أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ. 215- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَطَنٍ الْفِهْرِيُّ2، أَمِيرُ الأَنْدَلُسِ مِنْ قِبَلِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ, قُتِلَ بِهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 216- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيُّ، الأَمِيرُ. مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ كَيْفَ قُتِلَ فِي سَنَةِ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ. 217- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ قَيْسٍ السَّلْمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ3 -ق- وَالِدُ عُمَرَ. رَوَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَنَافِعٍ. وعنه الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز.   1 التاريخ الكبير "5/ 410"، وتهذيب التهذيب "6/ 389". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 269"، بغية الملتمس "382". 3 التاريخ الكبير "6/ 56"، وتهذيب التهذيب "6/ 439". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 104 ولم يدركه ولده. قال النسائي: ليس بالقوي وَقَالَ مُرَّةً: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ قَيْسٍ الأَفْطَسِ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَ عَالِمَ أَهْلِ الشَّامِ بِالنَّحْوِ وَكَانَ مُعَلِّمَ أَوْلادِ الْخَلِيفَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ: قُلْتُ لِيَزِيدَ: إِنِّي لَسْتُ آخِذٌ مِنْكُمْ شَيْئًا عَلَى التَّعْلِيمِ لِلْقُرْآنِ إِنَّمَا آخُذُ مِنْكُمْ عَلَى أَدَبِي. 218- عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير1 -ت- الأسدي الزبيري. عَنْ جَدِّهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وَهُوَ مُقِلٌّ صُوَيْلِحٌ. 219- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ الْبَصْرِيُّ2. سَمِعَ أَبَاهُ وَالشَّعْبِيَّ. وَعَنْهُ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ مُقِلٌّ صَدُوقٌ. 220- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يزيد المكي3، ع مولى بني كنانة حلفاء الزُّهْرِيِّينَ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَسِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وطائفة سواهم.   1 التاريخ الكبير "6/ 96"، وتهذيب التهذيب "6/ 454". 2 التاريخ الكبير "5/ 377"، تاريخ الدوري "2/ 379". 3 التاريخ الكبير "5/ 403"، وتهذيب التهذيب "7/ 56". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 105 وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعْبَةُ وَوَرْقَاءُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ. وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ شُيُوخِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ, وَيَقُولُ: هَذَا شَيْخٌ قَدِيمٌ يُوهَمُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَبَيْنَا أَنَا يَوْمًا عَلَى بَابِ دَارٍ إِذْ سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ: ادْخُلْ بِنَا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ فَقُلْتُ: مَنْ ذَا؟ قَالَ: شَيْخٌ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ، قُلْتُ: أَدْخُلُ مَعَكُمْ - قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَسَمِعْتُ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ أَحَادِيثَ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ فَحَدَّثَ عَنْهُ فَقُلْتُ: قَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعْتَ عَلَيْهِ! فَلَمْ أَزَلْ1 أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَ ثِقَةٌ: قَالَ: وَعَاشَ سِتًّا وَثَمَانِينَ سَنَةً. قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مَنْ عَالِي رِوَايَتِهِ. 221- عُبَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُزَنِيُّ الْكُوفِيُّ2, م د ق. عَنْ عَبْدِ الله بن أبي أوفى وعبد الرحمن بن مَعْقِلٍ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. وَثَّقُوهُ. 222- عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لبابة الاسدي3، -سوى د- ثم الغاضري مَوْلاهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ. الْكُوفِيُّ التَّاجِرُ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الأَثْبَاتِ. سَكَنَ دِمَشْقَ، وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ وَعَلْقَمَةَ وَأَبِي وَائِلٍ وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَآخَرُونَ. وَكَانَ شَرِيكًا لِلْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ فَقَدِمَا بِتِجَارَةٍ إِلَى مكة وكانت أربعين ألفًا.   1 وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 69، 70". 2 التاريخ الكبير "5/ 446"، وتهذيب التهذيب "7/ 62". 3 التاريخ الكبير "6/ 114"، وتقريب التهذيب "1/ 490". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 106 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَقِيَ عَبْدَةُ ابْنَ عُمَرَ بِالشَّامِ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: لَمْ يُقْدِمْ عَلَيْنَا مِنَ الْعِرَاقِ أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنْهُ وَمِنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ. وَرَوَى ابْنَ ثَوْبَانَ عَنْ عَبْدَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُ الرّجِلُ لَجُوجًا مُمَارِيًا مُعْجَبًا بِرَأْيِهِ فَقَدَ تَمَّتْ خَسَارَتُهُ. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعَفِيُّ: قَدِمَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا تِجَارَةً فَوَافَيَا مَكَّةَ وَبِأَهْلِهَا فَاقَةٌ وَحَاجَةٌ, فَقَالَ الْحَسَنُ لِعَبْدَةَ: هَلْ لَكَ أَنْ نُقْرِضَ رَبَّنَا عَشْرَةَ آلافٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَدْخَلُوا مَسَاكِينَ أَهْلِ مَكَّةَ دَارًا وَبَقُوا يُخْرِجُونَ وَاحِدًا وَاحِدًا ثُمَّ يُعْطُونَهُ، فَقَسَّمُوا العشرة الآلاف، وَفَضُلَ خَلْقٌ فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ نُقْرِضَ رَبَّنَا عَشْرَةَ آلافٍ أُخْرَى؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَسَّمُوا فَلَمْ يَزَالا إِلَى أَنْ قَسَّمَا الْمَالَ كُلَّهُ وَتَعَلَّقَ بِهِمَا الْمَسَاكِينُ وَقَالُوا: لُصُوصٌ بَعَثَ مَعَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَالٍ فَخَانُوا. قَالَ: فَاسْتَقْرَضُوا عَشْرَةَ آلافٍ حَتَّى أَرْضُوا بِهَا مَنْ بَقِيَ، وَطَلَبَهُمُ السُّلْطَانُ فَاخْتَفَوْا حَتَّى ذَهَبَ أَشْرَافُ مَكَّةَ فَأَخْبَرُوا الْوَالِي عَنْهُمَا بِفَضْلٍ وَصَلاحٍ. قَالَ: فَخَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ بِاللَّيْلِ وَرَجَعُوا إِلَى الشَّامِ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدَةَ قَالَ: ذُقْتُ مَاءَ الْبَحْرِ الْمَلِحَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَوَجَدْتُهُ عَذْبًا. وَقَالَ أَبُو الْمُغِيرَةَ: ثنا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدَةَ قَالَ: أَقْرَبُ النَّاسِ مِنَ الرِّيَاءِ آمَنُهُمْ مِنْهُ. وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَةَ يَقُولُ: لَوَدَدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ أَنَّهُمْ لا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ ولا أسألهم يتكاثرون بالمسائل كما يَتَكَاثَرُ أَهْلُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ. تُوُفِّيَ عَبْدَةُ فِي حُدُودِ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 223- عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ النَّوْفَلِيُّ الْمَكِّيُّ1، م د ن ق- عَنِ ابْنِ عَمِّهِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير وعروة بن الزبير وجماعة.   1 التاريخ الكبير "6/ 223"، والجرح والتعديل "6/ 152". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 107 وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 224- عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ أَبُو حُصَيْنٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ1، -ع- أَحَدُ الأَشْرَافِ وَالأَئِمَّةَ. رَوَى عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْقَاضِي شُرَيْحٍ وَأَبِي وَائِلٍ الأَسْوَدِ بْنِ هِلالٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَزَائِدَةُ وَعُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ أَرْكَانِ الْمُحَدِّثِينَ وَثِقَاتِهِمْ، عُثْمَانِيًّا صَالِحًا خَيِّرًا، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي أَسَدٍ بِالْكُوفَةِ. قَالَ وَكِيعٌ: كَانَ أَبُو حُصَيْنٍ يَقُولُ: أَنَا أَقْرَأُ مِنَ الأَعْمَشِ، فَقَالَ الأَعْمَشُ لِرَجُلٍ يَقْرَأُ عَلَيْه: اهْمِزِ الْحُوتَ فَهَمَزَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَرَأَ أَبُو حُصَيْنٍ فِي الصُّبْحِ فَهَمَزَ الْحُوتَ, فَقَالَ لَهُ الأَعْمَشُ لَمَّا سَلَّمَ: كَسَرْتَ ظَهْرَ الْحُوتِ يَا أَبَا حُصَيْنٍ فَكَانَ مَا بَلَغَكُمْ، يَعْنِي وَقَعَ بَيْنَهُمَا. رَوَاهَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ عَنْ وَكِيعٍ. قَالَ: وَالَّذِي بَلَغَنَا أَنَّهُ قَذَفَ الأَعْمَشَ فَحَلَفَ الأَعْمَشُ لَيُحَدِّثَنَّهُ، فَكَلَّمَهُ بَنُو أَسَدٍ فَأَبَى فَقَالَ خَمْسُونَ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لَنَشْهَدُ أَنَّ أُمَّهُ كَمَا قَالَ أَبُو حُصَيْنٍ، فَحَلَفَ الأَعْمَشُ لا يُسَاكِنَهُمْ، وَتَحَوَّلَ. قَالَ الدارقطني: أَبُو حُصَيْنٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَابْنَ الزُّبَيْرِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لا تَرَى حَافِظًا يَخْتَلِفُ عَلَى أَبِي حُصَيْنٍ. وَقَالَ مِسْعَرٌ: أُتِيَ أَبُو حُصَيْنٍ بِجَائِزَةٍ مِنَ السُّلْطَانِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا فَقِيلَ لَهُ: مَالَكَ لَمْ تَقْبَلْهَا قَالَ: الْحَيَاءُ وَالتَّكَرُّمُ. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ: سَمِعْتُ أَبَا حُصَيْنٍ يَقُولُ: إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُفْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَجَمَعَ لَهَا أَهْلَ بَدْرٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أنا أبو حصين وكان في خلفه زَعَارَةٌ. وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَمِّي عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى يَحْيَى بْنِ وثاب.   1 التاريخ الكبير "6/ 240"، وتقريب التهذيب "2/ 13". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 108 قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ الأعمش، وكذا قَالَ أَبُو عَمْرٍو. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيِّ عَنْ أبي بكر بن عياس قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي حُصَيْنٍ وَهُوَ مُخْتَفٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَالَ: إِنَّهُمْ يُرَاوِدُونِي عَنْ دِينِي وَاللَّهِ لا أُعْطِيهِمْ إِيَّاهُ أَبَدًا. تُوُفِّيَ أَبُو حُصَيْنٍ عَلَى الصَّحِيحِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 225- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ1، -سوى د- أبو عبد الله التيمي المدني الأعرج نَزِيلُ الْعِرَاقِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَشَيْبَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَفِي الطَّبَقَاتِ لابْنِ سَعْدٍ وَهَمٌ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: مَاتَ فِي خِلافَةِ الْمَهْدِيِّ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَإِنَّمَا مَاتَ فِي حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 226- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ2 -خ د ت- لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ وَجَدُّهُ عُثْمَانُ أَخُو طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَحَدِ الْعَشَرَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَبُيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ. وَعَنْهُ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَآخَرُونَ. وُثِّقَ. 227- عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ أَبُو الْيَقْظَانِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ الأعمى3 -د ت ق- ويقال: عثمان بن قيس فَلَعَلَّهُ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، وَيُقَالُ لَهُ: عُثْمَانُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَأَبِي وَائِلٍ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَإِبْرَاهِيمَ النخعي وعدي بن ثابت وعدة.   1 التاريخ الكبير "6/ 231"، وتهذيب التهذيب "7/ 132". 2 التاريخ الكبير "6/ 237"، وتهذيب التهذيب "7/ 133". 3 التاريخ الكبير "6/ 245"، والتقريب "2/ 16". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 109 وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ وَسُفْيَانُ الثّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقٍ وَكَانَ يَغْلُو فِي تَشَيُّعِهِ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: خَرَجَ أَبُو الْيَقْظَانِ فِي الْفِتْنَةِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ يَعْنِي سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يُحَوَّلَ إِلَى طَبَقَةِ الأَعْمَشِ. 228- عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الأَخْنَسِ1 -4- بْنِ شُرَيْقٍ الثَّقَفِيُّ الْحِجَازِيُّ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالأَعْرَجِ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 229- عثمان بن المغيرة الثقفي2 -خ 4- أبو المغيرة الكوفي الأعشى. عن علي بن ربيعة الوالي وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيِّ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ، وَقَالَ: هُوَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي زُرْعَةَ. قُلْتُ: وَهُوَ أَعْشَى ثَقِيفٍ. 230- عُرْوَةُ بْنُ أُذَيْنَةَ3، أَبُو عَامِرٍ اللَّيْثِيُّ الْحِجَازِيُّ. الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ. سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ. وَعَنْهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْن عُمَر وغيرهما. وله وفادة على هشام بن عبد الملك. وكان من فحول الشعراء.   1 التهذيب "7/ 152"، والجرح والتعديل "6/ 166". 2 التاريخ الكبير "6/ 248"، والتهذيب "7/ 155". 3 الجرح والتعديل "3/ 396"، وفيات الأعيان "2/ 395". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 110 قال أبو داود: لا أعلم له حَدِيثًا وَاحِدًا. وَمِنْ قَوْلِهِ السَّائِرِ: وَلَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى الدِّيَارِ لَعَلَّهَا ... بِجَوَابِ رَجْعِ تَحِيَّةٍ تَتَكَلَّمُ وَالْعِيسُ تَسْجَعُ بِالْحَنِينِ كَأَنَّهَا ... بَيْنَ الْمَنَازِلِ حِينَ تسجع مأتم نزلوا ثلاث مِنِّي بِمَنْزِلِ غِبْطَةٍ ... وَهُمْ عَلَى عَجَلٍ لَعَمْرِك مَا هُمُ مُتَجَاوِرَيْنِ بِغَيْرِ دَارِ إِقَامَةٍ ... لَوْ قَدْ أَجَدَّ رَحِيلُهُمْ لَمْ يَنْدَمُوا وَلَهُنَّ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ لِبانَةٌ ... وَالْحَجَرُ يَعْرِفُهُنَّ لَوْ يَتَكَلَّمُ لَوْ كان حيا قبلهن ظعائنا ... حيا الحطيم وجوههن وَزَمْزَمُ 231- عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ الْهُذَلِيُّ1، -د ت- مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ، يُكَنَّى أَبَا طَلْحَةَ. رَوَى عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ التُّجِيبِيِّ وَحَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ الْهُذَلِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 232- عَطَاءُ بْنُ صُهَيْبٍ الأَنْصَارِيُّ2 -خ م ت ق- عَنْ مَوْلاهُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَالأَوْزَاعِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 233- عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ3 -م4- قَدْ ذُكِرَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ مُخْتَصَرًا. وهو أبو   1 التاريخ الكبير "6/ 473"، وتهذيب التهذيب "7/ 198". 2 تهذيب التهذيب "7/ 208"، والثقات "5/ 203". 3 التاريخ الكبير "7/ 9"، والصغير "1/ 307"، وترجم له الذهبي في السير "6/ 132". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 111 يحيى الكلبي الدمشقي المذبوح. مقريء أَهْلِ دِمَشْقٍ مَعَ ابْنِ عَامِرٍ وَلَكِنْ لَمْ يشتهر حرفه. قال أبوة عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ قِرَاءَتِهَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَرَوَى عَنْهُ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ. قلت: وَحَدَّثَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرِو بْن الْعَاصِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ. وَغَزَا فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ؛ وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدرداء وغيره. روى عنه ابنه سعد وعبد الله بن العلاء بن زبر وأبو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن يزيد بْن جَابِر وغيرهم. قَالَ، سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَكُنْ أحد يطمع أَنْ يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ ذِكْرِ الدُّنْيَا فِي مَجْلِسِ عَطِيَّةَ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: دَارُهُ قَبَلِيُّ كنيسة اليهود. وكان قاريء الْجُنْدِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 234- عُقَيْلُ بْنُ طَلْحَةَ السَّلْمِيُّ1 -ن ق- مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ وَأَبِي جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 235- الْعَلاءُ بْنُ عُتْبَةَ الْحِمْصِيُّ2. عَنْ خَالِدِ بْنِ معدان وعمير بن هانيء   1 التاريخ الكبير "7/ 51"، وتهذيب الكمال "20/ 237". 2 التاريخ الكبير "6/ 512"، وتقريب التهذيب "2/ 99". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 112 وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ؛ صُوَيْلِحُ الْحَدِيثِ. 236- عَلُيُّ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْخَشْخَاشِ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ وَعَنْهُ المفَضَّل بْنُ لاحِقٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ؛ وَكَان يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ؛ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحتَجُّ بِهِ. عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ2 -4 م تَبَعًا- مُخَتَلَفٌ فِي تَارِيخِ مَوْتِهِ. وَهُوَ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 237- علي بن نفيل بن زراع3 -د ق- أبو النهدي الحراني جَدُّ أَبِي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ الْحَافِظُ. رَوَى عَنْ سعيد بن المسيب. وعنه أبو المليح الرَّقِّيُّ وَالنَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ الْبَاهِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 238- عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بن خلاد4، -خ د ن ق- بن رافع الزرقي المدني. عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَمِّ أَبِيهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ ومائة.   1 التاريخ الكبير "6/ 267"، وميزان الاعتدال "3/ 124". 2 التاريخ الكبير "6/ 275"، وأحوال الرجال "185". 3 التاريخ الكبير "6/ 299"، وتهذيب التهذيب "7/ 391". 4 التاريخ الكبير "6/ 300"، وتقريب التهذيب "2/ 51". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 113 239- علي بن يزيد بن أبي هلال1 -ت ق - أبو عبد الملك الإلهاني الشامي. عَنْ مَكْحُولٍ وَالْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلُه عَنْهُ نُسْخَةٌ مَشْهُورَةٌ. وَعَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ وَمُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ وَآخَرُونَ. وَلُه مَنَاكِيرُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. 240- عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارِ الْمَكِّيُّ2 -م 4- مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَقِيلَ: مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ. عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَالْكِبَارِ. وَعَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَشُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 241- عُمَارَةُ بن عبد الله بن صياد الأنصاري3 -ت ق- المدني. وَأَبُوهُ هُوَ الَّذِي يُحَدَّثُ أَنَّهُ دَجَّالٌ. رَوَى عن جَابِر بن عَبْد اللَّهِ وسَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ الْغِفَارِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ لا يُقَدِّمُ عَلَيْهِ فِي الْفَضْلِ أَحدًا. مَاتَ فِي خِلافَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ. 242- عُمَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طُعْمَةَ4 الْمَدَنِيُّ -د- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بن يسار أيضًا.   1 التاريخ الكبير "6/ 301"، ميزان الاعتدال "3/ 161". 2 التاريخ الكبير "7/ 26"، وتهذيب التهذيب "7/ 404". 3 وهو أبو أيوب المدني، ثقة فاضل. التاريخ الكبير "6/ 502"، وتقريب التهذيب "2/ 56". 4 التاريخ الكبير "6/ 502"، وتقريب التهذيب "2/ 56". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 114 وَعَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاق. 243- عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيُّ1. عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ. وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ ضَعْفًا. 244- عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْجُعَفِيُّ الْكُوفِيُّ، الضَّرِيرُ2. عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَخَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهَ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 245- عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ رِيَاحٍ الثَّقَفِيُّ3. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ وَعَلِيِّ بْنِ عُمَارَةَ. وَعَنْه سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَزَكَرِيَّا بْنُ سِيَاهٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 246- عُمَرُ بْنُ حُسَيْنٍ الْمَكِّيُّ4 -م-. عُن نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونَ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. عمر بن عبد الرحمن بن محيصن5 -م ت ن- قيل: اسمه محمد. يأتي.   1 التاريخ الكبير "6/ 423"، وميزان الاعتدال "3/ 238". 2 التاريخ الكبير "6/ 418"، والتقريب "2/ 91". 3 التاريخ الكبير "6/ 419"، وتهذيب التهذيب "8/ 137". 4 التاريخ الكبير "6/ 148"، والجرح والتعديل "6/ 104". 5 ميزان الاعتدال "3/ 212"، والخلاصة "284". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 115 247- عمر بن قيس الماصر1 -د- أبو الصباح الكوفي. مَوْلَى ثَقِيفٍ وَقِيلَ مَوْلَى الأَشْعَثِ الْكِنْدِيِّ، وَقِيلَ هو عجلي وهو جد يونس ابن حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْمَاصِرِ الْعِجْلِيِّ. أَصْلُهُ مِنْ سَبْيِ الدَّيْلَمِ. رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَعُمَرَ بْنِ أَبِي قُرَّةَ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عَوْنٍ وَزَائِدَةُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ. لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أيُّمَا رَجُلٍ سَبَبْتَهُ أَوْ لَعَنْتَهُ فَاجْعَلْهَا عَلَيْهِ صَلاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ2. 248- عُمَرُ بْنُ الْمُنْكَدِر التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ3. الْعَابِدُ الْخَاشِعُ، لَهُ طَبَقَةٌ وَأَخْبَارٌ فِي الْكُتُبِ. قَالَ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ: قَالَتْ وَالِدَةُ عُمَرَ بْنِ الْمُنْكَدِرِ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَنَامَ، قَالَ: يَا أُمَه إِنِّي لأَسْتَقْبِلُ اللَّيْلَ فَيَهُولُنِي فَيُدْرِكُنِي الصُّبْحُ وَمَا قَضَيْتُ حَاجَتِي. وَقَدْ حَزِنَ عُمَرُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَعَادَهُ أَبُو حَازِمٍ وَكَلَّمَهُ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَبْدُو لِي مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ أَكُنْ أَحْتَسِبُ. وَقِيلَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ خَالَفَ أُمَّهُ فِي شَيْءٍ - وَكَانَ الْحَقُّ مَعَهُ - فَقَالَ: يَا أُمَّه أُحِبُّ أَنْ تَضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ وَمَا الَّذِي قُلْتُ! فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى وَضَعَتْ قَدَمَهَا عَلَى خَدِّهِ. 249- عَمْرُو بْنُ جَابِرٍ أَبُو زُرْعَةَ الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ4 -ت ق-. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بن الحارث بن جزء.   1 عر بن قيس بن الماصر، بكسر المهملة وتخفيف الراء، أبوالصباح، بمهملة وموحدة شديدة، الكوفي. التارخ الكبير "6/ 186"، وميزان الاعتدال "3/ 220". 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2600، 2601"، وأحمد في المسند "2/ 496" بنحوه. 3 التاريخ الكبير "6/ 191"، والجرح والتعديل "6/ 132". 4 التاريخ الكبير "6/ 319"، وميزان الاعتدال "3/ 250". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 116 وَعَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَضَعَّفَهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَقُولُ إِنَّ عَلِيًّا فِي السَّحَابِ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ شَيْخًا أحَمْقَ كَانَ يَجْلِسُ مَعَنَا فَيُبْصِرُ سَحَابَةً فَيَقُولُ: هَذَا عَلِيٌّ. 250- عَمْرُو بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الْوَاسِطِيُّ1 - د ن - المعروف بابن الكردي. عَنِ الزِّبْرِقَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَشُعْبَةُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ. وَثَّقَهُ د. 251 - عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ2، -ع- مَوْلاهُمُ الْمَكِّيُّ الأَثْرَمُ. أَحَدُ أَئِمَّةِ الدِّينِ. سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ وَجَابِرًا وَبَجَالَةَ بْنَ عَبْدَةَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُطْعَمٍ وَأَبا الشَّعْثَاءِ وَأَبَا سَلَمَةَ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَطَاوُسًا وَخَلْقًا سِوَاهُمْ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ ابْنِ مَاجَهْ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَوَرْقَاءُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ وَخَلْقٌ. قَالَ شُعْبَةُ: مَا رَأَيْتُ أَثْبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عُيْيَنَة: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ لا يَدَعُ إِتْيَانَ الْمَسْجِدِ كَانَ يُحْمَلُ عَلَى حِمَارٍ ماركبه إِلا وَهُوَ مُقْعَدٌ3، وَكَانَ يَقُولُ: أُحَرِّجُ عَلَى من يكتب عني فما كتبت عن   1 التاريخ الكبير "6/ 326"، والتقريب "2/ 74". 2 التاريخ الكبير:6/ 328"، والجرح والتعديل "6/ 231". 3 والخبر في طبقات ابن سعد "6/ 29" بنحوه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 117 أَحَدٍ شَيْئًا، كُنْتُ أَتَحَفَّظُ، قَالَ: وَكَانَ يُحَدِّثُ بِالْمَعَانِي وَكَانَ فَقِيهًا رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَفْقَهَ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ لا عَطَاءَ وَلا مُجَاهِدًا وَلا طَاوُسًا. وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. قُلْتُ: وَكَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مِنَ الأَبْنَاءِ وَالأَبْنَاءُ بِمَكَّةَ وَبِالْيَمَنِ مِنْ أَوْلادِ الْفُرْسِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ لا يَرْضَوْنَهُ يَرْمُونَهُ بِالتَّشَيُّعِ وَالتَّحَامُلِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَلا بَأْسَ بِهِ هُوَ بِريءٌ مِمَّا يَقُولُونَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ إِذَا جَاءَهُ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ، وَإِذَا جَاءَ إِلَيْهِ فَمَازَحَهُ وَحَدَّثَهُ وَأَلْقَى إِلَيْهِ الشَّيْءَ انْبَسَطَ إِلَيْهِ وَحَدَّثَهُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ عَمْرٌو قَدْ جَزَّأَ اللَّيْلَ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: ثُلُثًا ينام وثلثًا يدرس حديثه وثلثًا يصلي، وما كَانَ أَثْبَتَهُ1. وَرَوَى نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَا كَانَ عِنْدَنَا أَحَدٌ أَفْقَهَ وَلا أَعْلَمَ وَلا أَحْفَظَ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ عَنِ ابْنِ عُيَيَّنَةَ قَالَ: قِيلَ لِإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ: أَيُّ أَهْلِ مَكَّةَ رَأَيْتَ أَفْقَهَ؟ قَالَ: أَسْوَأَهُمْ خُلُقًا عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ الَّذِي كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثٍ كَأَنَّمَا تُقْلَعُ عَيْنُهُ2. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ "مُزَكِّي الأَخْبَارِ" وَأَنَّهُ سَمِعَ أَيْضًا مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ق وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا وَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَى الْحَاكِمُ بِهَؤُلاءِ. ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِنَا أَعْلَمُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَلا فِي جَمِيعِ الأَرْضِ. وَقَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ شُعْبَةُ يُقَدِّمُ أَحَدًا عَلَى عَمْرِو بْنِ ديِنَارٍ فِي الثَّبْتِ لا   1 أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 114". 2 انظر المصدر السابق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 118 الْحَكَمَ وَلا غَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أَدْرَكْنَا عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَقَدْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ مَا بَقِيَ لَهُ إِلا نَابٌ فَلَوْلا أَنَّا أَطَلْنَا مُجَالَسَتَهُ لَمْ نَفْهَمْ كَلامَهُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ: ثنا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: إِنَّهُ لَيَزِيدُنِي فِي الْحَجِّ رَغْبَةً لِقَاءَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّنَا وَيُفِيدُنَا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ثَمَانِينَ سَنَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَرِضَ عَمْرُو بْنَ دِينَارٍ فَعَادَهُ الزُّهْرِيُّ فَلَمَّا قَامَ الزُّهْرِيُّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْخًا أَنَصَّ لِلْحَدِيثِ الْجَيِّدِ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ قَتَادَةَ. قَالَ أَحْمَدُ: وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي عَطَاءٍ. قُلْتُ: يَعْنِي ابْنَ أَبِي رَبَاحٍ فَإِنَّهُ رَوَى أَيْضًا عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ فِي مُسْلِمٍ. 252- عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ الْفَدَكِيُّ1 - ت ق - مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 253- عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ الأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ2 - ع - سَمِعَ أَنَسًا. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. وثقه أبو حاتم.   1 التاريخ الكبير "6/ 340"، وتهذيب التهذيب "8/ 36". 2 التاريخ الكبير "6/ 356"، وتهذيب التهذيب "8/ 60". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 119 254- فَأَمَّا عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ الْبَجَلِيُّ1. وَالِدُ أَسَدِ بن عمرو الفقيه فَيَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَالْمُحَارِبِيُّ وَأَبُو عُتَيْبَةَ. وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. صَدُوقٌ. 255- عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أبو إسحاق السبيعي2 - ع - الهمداني الكوفي. أَحَدُ الأَعْلامِ وَشَيْخُ الْكُوفَةِ. رَأى عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَخْطُبُ. وَرَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَنْ خَلائِقَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَيَنْفَرِدُ بِالأَخْذِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ كَانَ إِمَامًا طَلابَةً لِلْعِلْمِ. روى عنه الأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وشريك وأبو الأحوص وإبراهيم ابن طَهْمَانَ وَالأَجْلَحُ وَإِسْرَائِيلُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ وَالْجَرَّاحُ أَبُو وَكِيعٍ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَجَّاجٌ، وَحُدَيْجٌ وَزُهَيْرٌ ابْنَا مُعَاوِيَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ وَحَمَّادُ الأَبُحُّ وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ وَرَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ وَزَائِدَةُ وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَشُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ وَالْمَسْعُودِيُّ وَعَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ وَمِسْعَرٌ وَوَرْقَاءُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَحَفِيدُهُ يُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ وابنه يونس والمطلب ابن زِيَادٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَأُمَمٌ سِوَاهُمْ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ. وَقَدْ غَزَا الرُّومُ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ وَقَالَ: سَأَلَنِي مُعَاوِيَةُ كَمْ عَطَاءُ أَبِيكَ - قُلْتُ: ثَلاثِمِائَةٍ يَعْنِي فِي الشَّهْرِ، قَالَ: فَفَرَضَهَا لِي. وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: وُلِدْتُ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ لِسَنَتَيْنِ بقيتا منها. وقال ابن المديني: رَوَى عَنْ سَبْعِينَ رَجُلا أَوْ ثَمَانِينَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُهُ، وَأَحْصَيْتُ مَشْيَخَتَهُ نَحْوًا مِنْ ثَلاثِمِائَةِ شَيْخٍ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَرْبَعُمِائَةِ شيخ.   1 التاريخ الكبير "6/ 357"، وتهذيب التهذيب "8/ 60". 2 التاريخ الكبير "6/ 347"، وتهذيب التهذيب "8/ 63". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 120 وَقَالَ آخَرُ: سَمِعَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَثَلاثِينَ صَحَابِيًّا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ الزُّهْرِيُّ فِي الْكَثْرَةِ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: كَانَ أَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ إِذَا رأوا أبا إسحاق قالوا: هذا عمرو القاريء هَذَا الَّذِي لا يَلْتَفِتُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ ثَلاثِ لَيَالٍ1. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ ذِي يَحْمَدَ بْنِ السَّبِيعِ, قَالَ: وَأَكْثَرُ مَنْ سَمَّاهُ لَمْ يَتَجَاوَزْ أَبَاهُ2. وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. وَرَوى يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: قُمْ يَا عَمْرُو فَانْظُرْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: غَزَوْتُ فِي زَمَنِ زِيَادٍ سِتَّ غَزَوَاتٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ فَوَقَعَتْ إِلَيْهِ كُتُبُهُ. وَرَوَى شَبَابَةُ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الْحَارِثِ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ3. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَا أَقَلْتُ عَيْنَيَّ غُمْضًا مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ وَكِيعٌ: ثنا الأَعْمَشُ قَالَ: كُنْتُ إذا خلوت بأبي إسحق حَدَّثَنِي بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ غَضًّا. وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: شَهِدْتُ عِنْدَ شُرَيْحٍ في وصية فأجاز شهادتي وحدي.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 188". 2 طبقات ابن سعد "6/ 311". 3 قال الذهبي في السير "6/ 191": يعني: أن أبا إسحاق، كان يدلس. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 121 وَقِيلَ لِشُعْبَةَ: أَسَمِعَ أَبُو إِسْحَاق مِنْ مُجَاهِدٍ؟ قَالَ: وَمَا كَانَ يَصْنَعُ بِهِ هُوَ أَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ مُجَاهِدٍ وَمِنَ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمَسْلَمِيُّ1: رَأَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ أَعْمَى يَسُوقُهُ إِسْرَائِيلُ يَعْنِي ابْنَ ابْنِهِ وَيَقُودُهُ ابْنُهُ يُوسُفُ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عَوْنٌ لِأَبِي إِسْحَاقَ: مَا بَقِيَ مِنْكَ؟ قَالَ: أَقْرَأُ الْبَقَرَةَ فِي رَكْعَةٍ. قَالَ ذَهَبَ شَرُّكَ وَبَقِيَ خَيْرُكَ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ يُحَرِّضُ الشَّبَابَ يَقُولُ: مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْتَوِيَ قَائِمًا حَتَّى أَعْتَمِدَ عَلَى رَجُلَيْنِ فَإِذَا اعْتَدَلْتُ قَائِمًا قَرَأْتُ بِأَلْفِ آيَةٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: قَدْ كَبُرْتُ وَضَعُفْتُ مَا أَصُومُ إِلا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ وَالاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَشُهُورَ الْحُرُمِ رَوَاهُ أَبُو الأَحْوَصِ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: حَفِظَ الْعِلْمَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ4 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتَّةُ رِجَالٍ: فَلِأَهْلِ مَكَّةَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ابْنُ شِهَابٍ, وَلِأَهْلِ الْكُوفَةِ أَبُو إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشُ وَلِأَهْلِ الْبَصْرَةِ قَتَادَةُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ نَاقِلَةً. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: مَا سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَغْتَابُ أَحَدًا قَطُّ إِذَا ذُكِرَ رَجُلا مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَأَنَّهُ أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ. وَقَالَ فَضْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: وَدَدْتُ أَنِّي أَنْجُو مِنْ عِلْمِي كَفَافًا. وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: أَبُو إِسْحَاقُ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جِئْتُ بِمُحَمَّدِ بْنِ سَوْقَةَ مَعِي شَفِيعًا عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ فَقُلْتُ لِإِسْرَائِيلَ: اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى الشَّيْخِ، فَقَالَ: صَلَّى بِنَا الشَّيْخُ البارحة فاختلط، فدخلنا فسلمنا عليه وخرجنا.   1 راجع ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 204". 2 ذكره الذهبي في السير "6/ 191". 3 المصدر السابق. 4 وفي السير للذهبي "6/ 191" قال: "حفظ العلم على الأمة ستة ... " بدل "على أمة..". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 122 وَقِيلَ: إِنَّمَا سَمِعَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مِنْهُ وَهُوَ مُخْتَلِطٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَإِسْرَائِيلُ حَدِيثُهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَرِيبٌ مِنَ السُّوءِ وَإِنَّمَا أَصْحَابُ أَبِي إِسْحَاقَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ فَإِذَا هُوَ فِي قُبَّةٍ تَرْكِيَّةٍ وَمَسْجِدٍ عَلَى بَابِهَا وهو من الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَنْتَ؟ قَالَ: مِثْلُ الَّذِي أَصَابَهُ الْفَالِجُ لا تَنْفَعُنِي يَدٌ وَلا رِجْلٌ1. وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ: مَا أَفْسَدَ حَدِيثِ أَهْلِ الْكُوفَةِ غَيْرُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشُ. قُلْتُ: لا يُسْمَعُ هَذا مِنْ مُغِيرَةَ وَلا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: تُوُفِّيَ أَبُو إِسْحَاقَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ يَوْمَ دَخَلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ غَالِبًا عَلَى الْكُوفَةِ. وَفِيهَا أَرَّخَهُ الْهَيْثَمُ وَالْوَاقِدِيُّ وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَخَلِيفَةُ وَأَحْمَدُ وَالْفَلاسُ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ. وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ رُبَّمَا دَلَّسَ. 256- عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ النُّكْرِيُّ2، أَبُو يَحْيَى, وَقِيلَ: أَبُو مَالِكٍ. بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ الرَّبَعِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْحَدّانِيُّ وَآخَرُونَ وَابْنُهُ يَحْيَى. 257- عَمْرُو بن مسلم بن عمارة3 - م4 - بن أكيمة الليثي المدني. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِحَدِيثِ: "مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ فَأَهَلَّ ذُو الْحِجَّةِ فَلا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ". رَوَاهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ وَمَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بن عمرو. وثقه ابن معين.   1 ذكره الذهبي في السير "6/ 189"، والفالج: شلل يصيب أحد شقي الجسم طولا. 2 التاريخ الكبير "6/ 371"، والميزان "3/ 286". 3 التاريخ الكبير "6/ 369"، وتهذيب التهذيب "8/ 104". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 123 258- عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ الْجَنَدِيُّ الْيَمَنِيُّ1 - م د ت ن -. عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 259- عُمَيْرُ بن هانيء العنسي الداراني2 - ع - أبو الوليد. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَمُعَاوِيَةَ خ م - وَابْنِ عُمَرَ د. وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ جابر وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَآخَرُونَ. وَعُمِّرَ دَهْرًا، اسْتَنَابَهُ الْحَجَّاجُ عَلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ وَلِيَ خَرَاجَ دِمَشْقَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ ثَلاثِينَ صَحَابِيًّا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: كَانَ عُمَيْرُ بْنُ هانيء يَضْحَكُ فَأَقُولُ: مَا هَذَا - فَيَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ يَقُولُ: إِنِّي لأَسْتَجِمُّ لِيَكُونَ أَنْشَطَ لِي فِي الْحَقِّ فَقُلْتُ لَهُ: أَرَاكَ لا تَفْتُرْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَمْ تسبح؟ قال: مائة ألف إلا أن تخطيء الأَصَابِعُ3. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عمير بن هانيء قَالَ: وَجَّهَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بِكُتُبٍ إِلَى الْحَجَّاجِ وَهُوَ مُحَاصِرُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقَدْ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ4 يَرْمِي عَلَى الْبَيْتِ فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ صَلَّى مَعَ الْحَجَّاجِ وَإِذَا حَضَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ صَلَّى مَعَهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُصَلِّي مَعَ هَؤُلاءِ! فَقَالَ: يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ صَلِّ مَعَهُمْ مَا صَلُّوا وَلا تُطِعْ مَخْلُوقًا فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ؛ فَقُلْتُ: مَا قَوْلُكَ فِي أَهْلِ مَكَّةَ؟ قَالَ: مَا أَنَا لَهُمْ بِعَاذِرٍ، قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِي أَهْلِ الشَّامِ؟ قَالَ: مَا أَنَا لَهُمْ بحامد كلاهما   1 التاريخ الكبير "6/ 370"، وميزان الاعتدال "3/ 289". 2 التاريخ الكبير "6/ 535"، والصغير "1/ 265". 3 ذكره الذهبي في السير "6/ 208، 209". 4 المنجنيق: آلة قديمة من آلات الحرب وحصار المدن كانت ترمى بها حجارة ثقيلة على الأسوار فتهدمها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 124 يقتتلون على الدنيا يتهافتون في النار تافت الذُّبَابِ فِي الْمَرَقِ، قُلْتُ: فَمَا قَوْلُكَ فِي هَذِهِ الْبَيْعَةِ الَّتِي أَخَذَهَا عَلَيْنَا ابنُ مَرْوَانَ - فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا نُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَكَانَ يُلَقِّنُنَا فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ الْفَسَوِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ حَسَّانٍ: ثنا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي عمير بن هانيء قَالَ: وَلانِي الْحَجَّاجُ الْكُوفَةَ فَمَا بَعَثَ إِلَيَّ فِي إِنْسَانٍ أَحُدُّهُ إِلا حَدَدْتُهُ وَلا فِي إِنْسَانٍ أَقْتُلُهُ إِلا أَرْسَلْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذْ بَعَثَ إِلَى الْجَيْشِ أُسَيِّرُهُمْ إِلَى أُنَاسٍ أُقَاتِلُهُمْ، فَقُلْتُ: ثَكِلَتْكَ1 أُمُّكَ عُمَيْرٌ كَيْفَ بِكَ، فَلَمْ أَزَلْ أُكَاتِبُهُ حَتَّى بَعَثَ إِلَيَّ انْصَرِفْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَجْتَمِعُ أَنَا وَأَنْتَ فِي بَلَدٍ، فَجِئْتُ وَتَرَكْتُهُ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ صُبَيْحٍ: قُلْتُ لِمَرْوَانَ الطَّاطَرِيِّ: لا أَرَى سَعِيدَ بْنَ عَبْدَ الْعَزِيزِ رَوَى عَنْ عمير بن هانيء. قَالَ: كَانَ أَبْغَضَ إِلَى سَعِيدٍ مِنَ النَّارِ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: أَوَ لَيْسَ هُوَ الْقَائِلُ عَلَى الْمِنْبَرِ حِينَ بُويِعَ لِيَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ: سَارِعُوا إِلَى هَذِهِ الْبَيْعَةِ إِنَّمَا هُمَا هِجْرَتَانِ هِجْرَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهِجْرَةٌ إِلَى يَزِيدَ. فَسَمِعْتُ أَبِي مُحَمَّدًا يَقُولُ: رَأَيْتُ ابْنَ مُرَّةَ وَهُوَ عَلَى دَابَّةٍ وَقَدْ سَمَطَ خَلْفَهُ رأسَ عمير بن هانيء وَهُوَ دَاخِلٌ بِهِ إِلَى مَرْوَانَ الْحِمَارِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَيُّ رَأْسٍ يَحْمِلُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: قُتِلَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُتِلَ عُمَيْرُ صَبْرًا بِدَارَيَا أَيَّامَ فِتْنَةِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ لِأَنَّهُ كَانَ يُحَرِّضُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ ابْنُ مُرَّةَ وَسَمَطَ رَأَسَهُ خَلْفَهُ وَدَخَلَ بِهِ دِمَشْقَ إِلَى مروان ابن مُحَمَّدٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وقَالَ أحمد بْن أبي الحواري: إني لأيغضه. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ قَدَرِيًّا. 260- عَوْنُ بْنُ أبي شداد العقيلي2 - ق - ويقال العبدي البصري أبو معمر.   1 ثكل الولد أو الحبيب -ثكلا، وثكلا: فقده، وأكثر ما يقال للمرأة، فهو ثاكل، وثكلان. وهي ثاكلة وثكلي وقالوا: ثكلته أمه: دعاء عليه بالهلاك، أو للتعجب والاستحسان. 2 تهذيب التهذيب "8/ 171"، والجرح والتعديل "6/ 385". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 125 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهَرِمِ بْنِ حِبَّانَ وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ وَهِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ وَخَلَفُ بْنُ خَليِفَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 261- عِيسَى بْنُ أُبَيٍّ الْكُوفِيُّ1 - ت ن -. عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ. "حرف الْغَيْنِ": 262- غَيْلانُ بْنُ أَنَسٍ الْكَلْبِيُّ2 - د ق - مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعِكْرِمَةَ وَعُمَرُ بْنَ عَبْدَ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَعِيسَى بْنُ مُوسَى الْقُرَشِيُّ. 263- غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ أَبُو يَزِيدَ الْمَعْوَلِيُّ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ3 - ع -. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ وَزِيَادِ بْنِ رياح وَأَبِي بُرْدَةَ وَابْنِ أَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ أَيُّوبُ وَشُعْبَةُ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَأَبُو هِلالٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ. وَكَانَ ثِقَةٌ. قيل: توفي سنة تسع وعشرين ومائة   1 التهذيب "8/ 220"، الميزان "3/ 318". 2 تهذيب التهذيب "8/ 252"، والجرح والتعديل "7/ 54". 3 وهو الإمام أبو يزيد الأزدي المعولي، وهو بصري ثقة، تهذيب التهذيب "8/ 253"، وسير أعلام النبلاء "6/ 67". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 126 "حرف الْفَاءِ": 264- فُرَاتُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ التميمي1 - ع - البصري القزاز. نَزِيلُ الْكُوفَةِ. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْقِبْطِيَّةِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ وَالسُّفْيَانَانِ وَشُعْبَةُ وَشَرِيكٌ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو الأَحْوَصِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 265- فِرَاسُ بن يحيى الهمداني الكوفي2 - ع - أبو يحيى المؤدب. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَشَيْبَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 266- فرقد بن يعقوب السبخي3 - ت ق - أبو يعقوب البصري الحائك. أَحَدُ الْعُبَّادِ الأَعْلامُ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ وَمُرَّةَ الطَّيِّبِ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهَمَّامُ وَصَدَقَةُ بْنُ مُوسَى وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ الدارقطني: ضعيف. قلت: له قصص ومواعظ.   1 تهذيب التهذيب "8/ 258"، والمشاهير "167". 2 تهذيب التهذيب "8/ 259"، وميزان الاعتدال "3/ 343". 3 تهذيب التهذيب "8/ 262"، وميزان الاعتدال "3/ 345". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 127 رَوَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ فَرْقَدٍ قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ: أُمَّهَاتُ الْخَطَايَا ثَلاثٌ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ: الْكِبْرُ وَالْحَسَدُ وَالْحِرْصُ. وَرَوَى عَنْ رَجُلٍ قَالَ: دُعِيَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيّ إِلَى طَعَامٍ فَنَظَرَ إِلَى فَرْقَدٍ السَّبَخِيُّ وعليه جبة صوف فقال: يا فرقد لو شَهِدْتَ الْمَوْقِفَ لَخَرَقْتَ ثِيَابَكَ مِمَّا تَرَى مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الزُّهْدِ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا سَيَّارُ ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ فَرْقَدَ السَّبَخِيَّ يَقُولُ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ: "مَنْ أَصْبَحَ حَزِينًا عَلَى الدُّنْيَا أَصْبَحَ سَاخِطًا عَلَى رَبِّهِ، وَمَنْ جَالَسَ غَنِيًّا فَتَضَعْضَعَ لَهُ1 ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ، وَمَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَشَكَاهَا إِلَى النَّاسِ فَكَأَنَّمَا يَشْكُو رَبَّهُ"2. 267- فَضْيلُ بْنُ طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ3. عَنِ الْحَسَنِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَأَيُّوبَ أبو العلاء وأبو عوانة. وهو صَالِحُ الْحَدِيثِ. "حرف الْقَافِ": 268- الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أيوب الأصبهاني4 - ن - ثم الواسطي الأعرج. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ حَدِيثَ الْفُتُونِ بِطُولِهِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ وَهُشَيْمٌ وَأَبُو خَالِدٍ الدَّالانِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ، وَانْفَرَدَ عَنْهُ بَحِدِيثِ الْفُتُونِ أَصْبَغُ، وَفِيهِ لِينٌ.   1 فتضعضع له: يعني أذل نفسه له وخضع له. 2 موضوع: أخرجه الطبراني في الصغير "1/ 257"، وابن الجوزي في الموضوعات "3/ 133"، والسيوطي في الآلئ المصنوعة "2/ 269"، والعقيلي "3/ 127" في الضعفاء، والقيسراني في التذكرة "760"، والشوكاني في الفوائد "238" وغيرهم. 3 التاريخ الكبير "7/ 121"، والجرح والتعديل "7/ 73". 4 التاريخ الكبير "7/ 168"، وتهذيب التهذيب "8/ 309". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 128 269- القاسم بن أبي بزة1 - ع - أبو عبد الله ويقال: أبو عاصم مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ بْن صيفي الْمَخْزُومِيِّ الْمَكِّيِّ. وَكَانَ أَبُو بَزَّةَ مِنْ سَبْيِ هَمْدَانَ فِيمَا قِيلَ. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَشُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقُوهُ. وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. وَمِنْ وَلَدِهِ الْبَزِّيُّ صَاحِبُ الْقِرَاءَةِ. 270- الْقَاسِمُ بن عباس2 - م د ت ق - بن محمد بن معتب بْنِ أَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو العباس الهاشمي المدني. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عباس ونافع بن جبير. وعنه بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 271- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ3. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 272- قَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ الرَّحَّالُ4. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَعَ لَنَا حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي كِتَابِ "الْبَعْثِ"؛ روى عنه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ.   1 التاريخ الكبير "7/ 167"، وتهذيب التهذيب "8/ 310". 2 التاريخ الكبير "7/ 168"، وميزان الاعتدال "3/ 371". 3 التاريخ الكبير "7/ 160"، والجرح والتعديل "7/ 112". التاريخ لابن معين "434، 3574". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 129 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 273- قَطَنُ بْنُ وَهْبٍ اللَّيْثِيُّ1 - م ن - ويقال: الخزاعي المدني أبو الحسن. عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَيُحَنَّسَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 274- قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ خلي2 - ت ق - الكلاعي ثم السلفي المصري وقيل: دمشقي. عن حنش الصنعاني وأبي عبد الرحمن الحبلي. وعنه عبد الله بن عياش الْقِتْبَانِيِّ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَخُوهُ عَبْدُ الأَعْلَى وَآخَرُونَ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا صَدُوقًا مَا جَرَّحَهُ أَحَدٌ. تُوُفِّي سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 275- قَيْسُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو جَزَرَةَ الْمُؤَذِّنُ3. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. كَنَّاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمَ، وَلَهُ حَدِيثٌ يُسْتَنْكَرُ. 276- قَيْسُ بْنُ طَلْقِ4 بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ النُّعْمَانِ السُّحَيْمِيُّ وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ وَعِكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ الْيَمَامِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ فِي السُّنَنِ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حنبل.   1 التاريخ الكبير "7/ 190"، والجرح والتعديل "7/ 138". 2 التاريخ الكبير "7/ 155"، وتهذيب التهذيب "8/ 389". 3 التاريخ الكبير "7/ 154"، وميزان الاعتدال "3/ 397". 4 التاريخ الكبير "7/ 151"، وتهذيب التهذيب "8/ 398". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 130 277- قَيْسُ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1 - م د ق -. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيِّ وَأَبِي الْوَدَّاكِ جَبْرِ بْنِ نَوْفٍ. وَعَنْه الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. "حرف الْكَافِ": 278- كَثِيرُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو أَمِينٍ الْحِمْيَرِيُّ2. عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ خالد بن معدان - وهو شَيْخُهُ - وَأَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. لَهُ حَدِيثَانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 279- كَثِيرُ بْنُ خُنَيْسٍ اللَّيْثِيُّ3. عَنْ أَنَسٍ وَعَمْرَةَ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَسْوَدُ بْنُ الْعَلاءِ ومحمد بن عمرو بن علقمة. وثقه ابن مَعِينٍ. 280- كَثِيرُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو سَهْلٍ الأَزْدِيُّ4 - د ت ق - العتكي البصري. نَزِيلُ بَلْخٍ. عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ وَالْحَسَنِ وَمَسَّةَ الأَزْدِيَّةَ. وَعَنْهُ عُمَرُ بْنُ الرَّمَّاحِ وَابْنُ شَوْذَبٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَجَعْفَرُ الأَحْمَرُ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 281- كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ5 - خ د ن - مدني سكن مصر.   1 تهذيب التهذيب "8/ 405"، والمعرفة والتاريخ "3/ 375". 2 التاريخ الكبير "7/ 214"، وتهذيب التهذيب "8/ 412". 3 التاريخ الكبير "7/ 210"، والجرح والتعديل "7/ 150". 4 التاريخ الكبير "7/ 215"، وتهذيب التهذيب "8/ 413". 5 التاريخ الكبير "7/ 214"، وتهذيب التهذيب "8/ 424". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 131 وَرَوَى عَنْ نَافِعٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُذَافَةَ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِث وَاللَّيْثُ وَمَالِكٌ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَمَاتَ شَابًّا. 282- كَثِيرُ بن كثير بن المطلب1 - خ د ن ق - بن أبي وداعة السهمي المكي أَخُو جَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ. عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ شَاعِرًا قَلِيلَ الْحَدِيثِ. 283- كَثِيرُ بْنُ مَعْدَانَ الْبَصْرِيُّ2. عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمٍ. وَعَنْهُ أَبُو هِلالٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَالْحَمَّادَانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ لَهُ: كَثِيرُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ, وَكَثِيرُ بْنُ أَبِي أَعْيَنَ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ. 284- كَعْبُ بْنُ علقمة3 - م د ت ن - بْنِ كَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ التَّنُوخِيُّ الْمِصْرِيُّ أَبُو عبد الحميد. وَقِيلَ: لِجَدِّهِ كَعْبٍ صُحْبَةٌ، وَرَأَى هُوَ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الزُّبَيْدِيُّ. وَرَوَى عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ وَمَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدَ الثِّقَاتِ الْعُلَمَاءِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ ومائة.   1 التاريخ الكبير "7/ 311"، وتهذيب التهذيب "8/ 426". 2 التاريخ الكبير "7/ 211"، الجرح والتعديل "7/ 157". 3 التاريخ الكبير "7/ 225"، وتهذيب التهذيب "8/ 436". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 132 285- كُلْثُومُ بْنُ جَبْرٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ1 - م ن -. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ عَوْنٍ وَابْنُهُ رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ وَالْحَمَّادَانِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 286- كُلْثُومُ بْنُ عِيَاضٍ الْقُشَيْرِيُّ أَحَدُ الأُمَرَاءِ. مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ. 287- كِنَانَةُ مَوْلَى صَفِيَّةَ أُمِّ المؤمنين2. أدرك خلافة عثمان وعمر دهرًا. وحديث عَنْ صَفِيَّةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَخُوهُ حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَسَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ الْجُهَنِيُّ وَهَاشِمُ بْنُ سَعِيدٍ. 288- الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ3، شَاعِرُ زَمَانَهُ؛ يُقَالُ إِنَّ شِعْرَهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ آلافِ بَيْتٍ. رَوَى عَنِ الْفَرَزْدَقِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ وَالِبَةُ بْنُ الْحُبَابِ الشَّاعِرُ وَحَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْغَاضِرِيُّ وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ وَآخَرُونَ. وَقَدْ وَفَدَ عَلَى الْخَلِيفَتَيْنِ يَزِيدَ وَهِشَامِ ابْنَيْ عَبْدَ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِبَنِي أَسَدٍ مَنْقَبَةً غَيْرَ الْكُمَيْتِ لَكَفَاهُمْ، حَبَّبَهُمْ إِلَى النَّاسِ وَأَبْقَى لَهُمْ ذِكْرًا. وَقَالَ أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ: لَوْلا شِعْرُ الْكُمَيْتِ لَمْ يَكُنْ لِلّغَةِ تُرْجُمَانُ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كُمَيْتُ بْنُ زَيْدِ بْنِ خُنَيْسِ بْنِ الْمُجَالِدِ أَبُو الْمُسْتَهِلِّ الأَسَدِيُّ أَسَدُ خُزَيْمَةَ. رَوَى الْمُبَرِّدُ عَنِ الزِّيَادِيِّ قَالَ: كَانَ عَمُّ الْكُمَيْتِ رَئِيسَ قَوْمِهِ فَقَالَ يَوْمًا: يَا كُمَيْتُ لِمَ لا تَقُولُ الشِّعْرَ؟ ثُمَّ أَخَذَهُ فَأَدْخَلَهُ الْمَاءَ فَقَالَ: لا أُخْرِجُكَ أَوْ تَقُولُ الشعر،   1 التاريخ الكبير "7/ 227"، وتهذيب التهذيب "8/ 442". 2 تهذيب التهذيب "8/ 449"، والجرح والتعديل "7/ 169". 3 وترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 182"، وميزان الاعتدال "3/ 239". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 133 فَمَرَّتْ بِهِ قُنْبُرَةٌ فَأَنْشَدَ مُتَمَثِّلا: يَا لَكِ مِنْ قُنْبُرَةٍ بِمَعْمَرٍ فَقَالَ عَمُّهُ وَرَحِمَهُ: قَدْ قُلْتَ شِعْرًا، فَقَالَ هُوَ: لا أَخْرُجُ أَوْ أَقُولُ لِنَفْسِي، فَمَا رَامَ حَتَّى قَالَ قَصِيدَتُهُ الْمَشْهُورَة، ثُمَّ غَدَا عَلَى عَمِّهِ فَقَالَ: اجْمَعْ لِيَ الْعَشِيرَةَ لِيَسْمَعُوا، فَجَمَعَهُمْ لَهُ فَأَنْشَدَ: طَرِبْتُ وَمَا شَوْقًا إِلَى الْبِيضِ أَطْرَبُ ... وَلا لَعِبًا مِنِّي وَذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ وَلَمْ تُلْهِنِي دَارٌ وَلا رَسْمُ مَنْزِلٍ ... وَلَمْ يَتَطَرَّبُنِي بَنَانٌ1 مُخَضَّبُ2 وَلا أَنَا مِمَّنْ يَزْجُرُ الطَّيْرُ هَمَّهُ ... أَصَاحَ غُرَابٌ أَمْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ وَلا السَّانِحَاتُ البَارِحَاتُ عَشِيَّةً ... أَمَرَّ سَلِيمُ الْقَرْنِ أمْ مَرَّ أَعْضَبُ فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ: فَأَيُّ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: وَلَكِنْ إِلَى أَهْلِ الْفَضَائِلِ وَالنُّهَى ... وَخَيْرِ بَنِي حَوَّاءَ وَالْخَيْرُ يُطْلَبُ إِلَى النَّفَرِ الْبِيضِ الَّذِينَ بِحُبِّهِمْ ... إِلَى اللَّهِ فِيمَا نَابَنِي أتَقَرَّبُ بَنِي هَاشِمٍ رَهْطِ الرَّسُولِ فَإِنَّنِي ... لَهُمْ وَبِهِمْ أَرْضَى مِرَارًا وَأَغْضَبُ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَكْفَرَتْنِي بِحُبِّهِمْ ... وَطَائِفَةٌ قَالَتْ: مُسِيءٌ وَمُذْنِبُ قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ عَنِ ابْنِ شَبْرُمَةَ: قُلْتُ لِلْكُمَيْتِ: إِنَّكَ قُلْتَ فِي بَنِي هَاشِمٍ فَأَحْسَنْتَ وَقَدْ قُلْتَ فِي بَنِي أُمَّيَةَ أَفْضَلَ مِمَّا قُلْتَ فِي بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: إِنِّي إِذَا قُلْتُ أَحْبَبَتُ أَنْ أُحْسِنَ. وَكَانَ الْكُمَيْتُ شِيعِيًّا. قِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا مَدَحَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: إِنِّي قَدْ مَدَحْتُكَ بِمَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ وَسِيلَةً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَنْشَدَهُ قَصِيدَةً لَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: ثَوَابُكَ نَعْجَزُ عَنْهُ وَلَكِنْ مَا عَجَزْنَا عَنْهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَعْجَزَ عَنْ مُكَافَأَتِكَ، وَقَسَّطَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذِهِ يَا أَبَا الْمُسْتَهِلِّ، فَقَالَ: لَوْ وَصَلْتَنِي بِدَانِقَ لَكَانَ شَرَفًا وَلَكِنْ إنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُحْسِنَ إِلَيَّ فَادْفَعْ لِي بَعْضَ ثيابك التي تلي جسدك   1 البنان: "أطرافل الأصابع، واحدته: بنانة". 2 الخضاب: "ما يخضب به من حناء ونحوه"، ومنه قولك اختضب: أي تلون بالخضاب. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 134 أتبرك بِهَا، فَقَامَ فَنَزَعَ ثِيَابَهُ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ كُلَّهَا ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْكُمَيْتَ جَادَ فِي آلِ رَسُولِكَ وَذُرِّيَةِ نَبِيِّكَ بِنَفْسِهِ حِينَ ضَنَّ النَّاسُ وَأَظْهَرَ مَا كَتَمَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْحَقِّ فَأَمِتْهُ شَهِيدًا وَأَحْيهِ سَعِيدًا وَأَرِهِ الْجَزَاءَ عَاجِلا وَأَجْرِ لَهُ جَزِيلَ الْمَثُوبَةِ آجِلا فَإِنَّا قَدْ عَجَزْنَا عَنْ مُكَافَأَتِهِ. قَالَ الْكُمَيْتُ: مَا زِلْتُ أَعْرِفُ بَرَكَةَ دُعَائِهِ1. وَرُوِيَ أَنَّ الْكُمَيْتَ أَتَى بَابَ مَخْلَدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ فَصَادَفَ عَلَى بَابِهِ أَرْبَعِينَ شَاعِرًا فَاسْتَأْذَنَ فَقَالَ لَهُ الأَمِيرُ: كَمْ رَأَيْتَ عَلَى الْبَابِ شَاعِرًا؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ. قَالَ: فَأَنْتَ جَالِبُ التَّمْرِ إِلَى هَجْرٍ، قَالَ: إِنَّهُمْ جَلَبُوا دَقَلا2 وَجَلَبْتَ أَزَاذًا3. قَالَ: فَهَاتِ، فَأَنْشَدَهُ: هَلا سَأَلْتَ مَنَازِلا بِالأَبْرَقِ ... دُرِسَتْ وَكَيْفَ سُؤَالُ مَنْ لَمْ يَنْطِقْ؟ لَعِبَتْ بِهَا رَيْحانُ رَيحِ عُجَاجَةٍ ... بِالسَّافِيَاتِ مِنَ التُّرَابِ الْمُعَبَّقْ وَالْهَيَفُ رَائِحَةٌ لَهَا بِنَتَاجِهَا ... طِفْلُ الْعَشِيِّ بِذِي حناتم سُرِقْ "الْهَيَفُ رِيحٌ حَارَّةٌ. وَالْحَنَاتِمُ: جَرَّارٌ، شَبَّهَ الْغَنَمَ بِهَا". غَيَّرْنَ عَهْدَكَ بِالدِّيَارِ وَمَنْ يَكُنْ ... رَهْنَ الْحَوَادِثِ مِنْ جَدِيدٍ يُخْلَقِ دَارُ الَّتِي تَرَكَتْكَ غَيْرُ مَلُومَةٍ ... دَنِفًا فَأَرْعِ بِهَا عَلَيْكَ وَأَشْفِقِ قَدْ كُنْتَ قَبْلُ تَنُوءُ مِنْ هُجْرَانِهَا ... فَالْيَوْمَ إِذْ شَطَّ الْمَزَارُ بِهَا ثِقِ وَالْحُبُّ فِيهِ حَلاوَةٌ وَمَرَارَةٌ ... سِائِلْ بِذَلِكَ مَنْ تَطَعَّمَ أَوْ ذُقِ مَا ذَاقَ بُؤْسَ مَعِيشَةٍ وَنَعِيمَهَا ... فِيمَا مَضَى أَحَدٌ إِذَا لَمْ يَعْشَقِ فَلَمَّا بَلَغَ: بَشَّرْتُ نَفْسِي إِذْ رَأَيْتُكَ بِالْغِنَى ... وَوَثِقْتُ حِينَ سَمِعْتُ قَوْلَكَ لِي ثِقِ فَأَمَرَ بِالْخُلَعِ فأفيضت عليه حتى استغاث من كثرتها.   1 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 183". 2 الدقل: أردأ التمر. 3 الأزاذ: وهو نوع من أنواع التمر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 135 وَقَدْ أَجَازَ الْكُمَيْتُ أَمِيرَ خُرَاسَانَ أَبَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ عَلَى أَبْيَاتٍ بِخَمْسِينَ أَلْفًا. وَعَنْ أَبِي عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: مَا جَمَعَ أَحَدٌ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِ وَمَنَاقِبِهَا وَمَعْرِفَةِ أَنْسَابِهَا مَا جَمَعَ الْكُمَيْتُ، فَمَنْ صَحَّحَ الْكُمَيْتُ نَسَبَهُ صَحَّ وَمَنْ طَعَنَ فِيهِ وَهَنَ1. قَالَ الْمُبَرِّدُ: وَقَفَ الْكُمَيْتُ وَهُوَ صَبِيٌّ عَلَى الْفَرَزْدَقِ وَهُوَ يُنْشِدُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: يَا غُلامُ أَيَسُرُّكَ أَنِّي أَبُوكَ؟ قَالَ: أَمَّا أَبِي فَلا أُرِيدُ بِهِ بَدَلا وَلَكِنْ يَسُرُّنِي أَنْ تَكُونَ أُمِّي، فَحُصِرَ الْفَرَزْدَقُ وَقَالَ: مَا مَرَّ بِي مِثْلَهَا. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَافِظُ: وَبَلَغَنِي أَنَّ الْكُمَيْتَ وُلِدَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْمِيمِ": 289- مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ2 -4- الزَّاهِدُ أَبُو يَحْيَى الْبَصْرِيُّ أَحَدُ الأَعْلامِ. يُقَالُ إِنَّ أَبَاهُ مِنْ سَبْيِ سِجِسْتَانَ. وَوَلاؤُهُ لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي نَاجِيَةَ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَعَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَابْنُ شَوْذَبٍ وَهَمَّامٌ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ وَالْحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيُّ: لَهُ نَحْوَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. فَنَاهِيكَ بِتَوْثِيقِ النَّسَائِيِّ، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَعَنْ سَلْمِ الْخَوَّاصِ قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: خَرَجَ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ   1 وهن: يعني ضعف في الأمر والعمل والبدن. 2 التاريخ الكبير "7/ 309"، والصغير "1/ 316". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136 يَذُوقُوا أَطْيَبَ شَيْءٍ فِيهَا، قِيلَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى1. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ سليمان عنه قال: إن الصديقين إذا قريء عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ طَرِبَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَى الآخِرَةِ ثُمَّ يَقُولُ: خُذُوا فَيَقْرَأُ وَيَقُولُ: اسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ الصَّادِقِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ2. وَرَوَى جَعْفَرٌ عَنْهُ قَالَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَلِب حُزْنٌ خَرِبَ كَمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ سَاكِنٌ خَرِبَ3. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مَالِكٌ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ كَانَ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنَا وَثَابِتٌ وَيَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ وَزِيَادُ النُّمَيْرِيُّ فَنَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا أَشْبَهُكُمْ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وإني لأدعو لكم بالأسحار4. قال الدارقطني: مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ ثِقَةٌ وَلا يَكَادُ يُحَدِّثُ عَنْهُ ثِقَةٌ. قُلْتُ: أَكْثَرُ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ ثِقَاتٌ فِيمَا عَلِمْتُ لَكِنِ الْحَارِثَ بْنَ وَجِيهٍ وَنَابِتَةَ ضُعَّفَا. قَالَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّهُ لَتَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ لا آكُلُ فِيهَا لَحْمًا إِلا مِنْ أُضْحِيَتِي يَوْمَ الأَضْحَى5. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا أَدْرَكْتُ أَزْهَدَ مِنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: وَدَدْتُ أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الْخَلائِقَ فَيَقُولُ: يَا مَالِكٌ فَأَقُولُ: لَبَّيْكَ، فَيَأْذَنَ لِي أَنْ أَسْجُدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَعْرِفُ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنِّي فَيَقُولُ: كُنْ تُرَابًا. وَقَالَ رَبَاحُ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَا أَكْتُبُ فَقَالَ: يَا مالك مالك عَمَلٌ إِلا هَذَا تَنْقُلُ كِتَابَ اللَّهِ، هَذَا والله الكسب الحلال.   1 أورده الذهبي في السير "6/ 163". 2 المصدر السابق. 3 المصدر السابق. 4 المصدر السابق. 5 سير أعلام النبلاء "6/ 163". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 137 وَعَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ أُدْمُ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ بِفِلْسَيْنِ مِلْحًا. وَقَالَ جَعْفَرٌ: كَانَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَلْبَسُ إِزَارَ صُوفٍ وَعَبَاءَةً خَفِيفَةً وَفِي الشِّتَاءِ فَرْوَةً وَكَانَ يَنْسَخُ الْمُصْحَفِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَيَدَعُ أُجْرَتَهُ عِنْدَ الْبَقَّالِ فَيَأْكُلُهُ1. وَعَنْهُ قَالَ: لَوِ اسْتَطَعْتُ لَمْ أَنَمْ مَخَافَةَ أَنْ يَنْزِلَ الْعَذَابُ وَأَنَا نَائِمٌ وَلَوْ وَجَدْتُ أَعْوَانًا لَفَرَّقْتُهُمْ يُنَادُونَ فِي الدُّنْيَا: يَأَيُّهَا النَّاسُ النَّارَ النَّارَ. وَقَالَ مُعَلَّى الْوَرَّاقُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: خَلَطْتُ دَقِيقِي بِالرَّمَادِ فَضَعُفْتُ عَنِ الصَّلاةِ وَلَوْ قَوِيتُ عَلَى الصلاة ما أكلت غيره. "قلت": مُعَلَّى الْوَرَّاقُ لا أَعْرِفُهُ. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: وَدَدْتُ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ رِزْقِي فِي حَصَاةٍ أَمُصَّهَا لا أَلْتَمِسُ غَيْرَهَا حَتَّى أَمُوتَ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: مُنْذُ عَرَفْتُ النَّاسَ لَمْ أَفْرَحْ2 بِمَدْحِهِمْ وَلَمْ أَكْرَهْ مَذَمَّتَهُمْ لِأَنَّ حَامِدَهُمْ مُفْرِطٌ وَذَامَّهُمْ مُفْرِطٌ. وَرُوِيَ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ مُغَلِّسٍ السَّقَطِيِّ أَنَّ لِصًّا دَخَلَ بَيْتَ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ فَمَا وَجَدَ شَيْئًا فَجَاءَ لِيَخْرُجَ فَنَادَاهُ مَالِكٌ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ، قَالَ: مَا حَصَلَ لَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا فَتَرْغَبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الآخِرَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: تَوَضَّأْ مِنْ هَذَا الْمِرْكَنِ3 وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَفَعَلَ ثُمَّ قَالَ: يَا سَيِّدِي أَجْلِسُ إِلَى الصُّبْحِ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ مَالِكٌ إِلَى الْمَسْجِدِ قَالَ أَصْحَابَهُ: مَن هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: جَاءَ يَسْرِقُنَا فَسَرَقْنَاهُ. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَقُولُ: إِذَا تَعَلَّمَ الْعَبْدُ الْعِلْمَ لِيَعْمَلَ بِهِ كَسَرَهُ عِلْمُهُ وَإِذَا تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لغير العمل زَادَهُ فَخْرًا. وَرَوَى الأَصْمِعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ عَلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ يَتَبَخْتَرُ4 فِي مَشْيَتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ هَذِهِ الْمِشْيَةَ تُكْرَهُ إلا بين الصفين5؟   1 المصدر السابق "6/ 164". 2 ذكره أبو نعيم في حلية الأولياء "2/ 370". 3 المركن: هو الإجانة التي تغسل فيها الأثواب. 4 يتبختر في مشيته: يعني يتمايل، وهي مشية المعجب بنفسه. 5 يعني: المشي بتكبر مباح أمام أهل الكفر ليلقى الرعب في قلوب الذين كفروا خاصة بين= الجزء: 8 ¦ الصفحة: 138 فَقَالَ لَهُ الْمُهَلَّبُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: أَعْرِفُكَ أَوَّلُكَ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ وَآخِرُكَ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ وَأَنْتَ بَيْنَهُمَا تَحْمِلُ الْعُذْرَةَ، فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: الآنَ عَرَفْتَنِي حَقَّ الْمَعْرِفَةِ. قَالَ هُدْبَةُ: ثنا حَزْمُ الْقُطَعِيُّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ الْبَقَاءَ لِبَطْنٍ وَلا لِفَرْجٍ. قَالَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ1 وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 290- مَجْزَأَةُ بْنُ زَاهِرٍ الأَسْلَمِيُّ الْكُوفِيُّ2 - خ م ن -. عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَهْبَانَ بْنِ أَوْسٍ وَنَاجِيَةَ الأَسْلَمِيِّينِ وَلَهُمْ صُحْبَةٌ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 291- مُجَمِّعُ التَّيْمِيُّ3. أَحَدُ الْعَابِدِينَ. وَهُوَ ابْنُ سَمْعَانَ أَبُو حَمْزَةَ الْكُوفِيُّ الْحَائِكُ قَلَّمَا رَوَى. حَكَى عَنْ ماهان الزاهد. روى عنه أبو حيان التَّيْمِيِّ وَأَبُو التَّيَّاحِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ مَرَّةً فَقَالَ: وَمَنْ كَانَ أَوْرَعَ مِنْ مُجَمِّعٍ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِي أَرْجُو أَنْ لا يَشُوبَهُ شَيْءٌ مِثْلَ حُبِّي مُجَمِّعًا التَّيْمِيَّ. وَقَالَ ابن معين: مجمع ثقة.   الصفين، يعني ساعة الحرب. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 123] . 1 يعني في تاريخه "395". 2 تهذيب التهذيب "10/ 45"، وطبقات ابن سعد "4/ 319". 3 التاريخ الكبير "7/ 409"، والمعرفة والتاريخ "2/ 682". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 139 وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَعَا مُجَمِّعٌ اللَّهَ أَنْ يُمِيتَهُ قَبْلَ الْفِتْنَةِ فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ؛ وَخَرَجَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنَ الْغَدِ. قُلْتُ: قَدْ مَرَّ أَنَّ زَيْدًا خَرَجَ فِي سَنَةِ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 292- مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْقُرَشِيُّ1 -ع- مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيِّ الْمَدَنِيِّ نَزِيلِ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ حَدِيثًا. روى عنه يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَمَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٌ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. مَاتَ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ. 293- مُحَمَّدَ بْنُ زيد الكندي البصري2 -ق- قَاضِي مَرْوَ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي شُرَيْحٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ. 294- مُحَمَّدُ بْنُ شَبِيبٍ الزَّهْرَانِيُّ3 -م ن -. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 295- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ التميمي4 -ع- الضبي البصري. سَيُّدُ بَنِي تَمِيمٍ وَشَرِيفُهُمْ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَالْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ وعبد الرحمن بن أبي بكرة.   1 التاريخ الكبير "1/ 82"، وتهذيب التهذيب "9/ 169". 2 التاريخ الكبير "1/ 84"، وتقريب التهذيب "2/ 172". 3 التاريخ الكبير "1/ 114"، وتهذيب التهذيب "9/ 218". 4 التاريخ الكبير "1/ 127"، والتقريب "2/ 190". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 140 وعنه شعبة ومهدي بن ميمن وجري بْنُ حَازِمٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 296- مُحَمَّدُ بن عبد الرحمن الأنصاري المدني1 -خ م ن ق- أبو الرجال أَحَدُ الثِّقَاتِ. عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنَاهُ مُحَمَّدٌ وَحَارِثَةُ ابْنَا أَبِي الرِّجَالِ. 297- محمد بن عبد الرحمن بن محيصن2 -م ت ن- السهمي المكي المقريء. قاريء أَهْلِ مَكَّةَ مَعَ ابْنِ كَثِيرٍ وَلَكِنْ قِرَاءَتَهُ شَاذَّةٌ فِيهَا مَا يُنْكَرُ وَسَنَدُهُ غَرِيبٌ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ عَلَى عِدَّةِ أَقْوَالٍ فَقِيلَ: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, وَقِيلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَيْصِنٍ. قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَدِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ وَصَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَشِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ الْمَخْزُومِيُّ وَهُشَيْمٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ وَشِبْلٌ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: ابْنُ مُحَيْصِنٍ هَذَا -يَعْنِي عُمَرَ- هُوَ الَّذِي كَانَ قَارِئًا هُنَا بِمَكَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قُلْتُ: سَمَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا الصَّوَابُ، وَمُحَمَّدٌ أَسَنُّ مِنْ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: كَانَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ عَالِمًا بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَهُ اخْتِيَارٌ لَمْ يتبع فيه أصحابه.   1 التاريخ الكبير "1/ 150"، وتقريب التهذيب "2/ 183". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 81"، وغاية النهاية "2/ 167" وغيرها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 141 وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَانَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ أَعْلَمَهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ, وَيُقَالُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثنا مُصْعَبٌ الزُّبَيْدِيُّ قَالَ: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَيْصِنٍ؛ وَسَمَّاهُ عِيسَى بْنُ مُرَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَذَلِكَ سَمَّاهُ شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ. وَقَدْ سَمَّاهُ الْحَاكِمُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو أَحْمَدَ السَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَيْصِنٍ. وَسَمَّاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ: عُمَرَ بْنَ مُحَيْصِنٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 298- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَبْد الرحمن بن سعد بن زرارة1 -ع- الأنصاري المدني. وَقِيلَ: أَسْعَدُ بَدَلُ سَعْدٍ؛ فَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ جَدُّهُ لأُمِّهِ. رَوَى عَنْ عَمَّتِه عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَنْ خَالِهِ يَحْيَى بْنِ أَسْعَدَ وَابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَالأَعْرَجِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ يحيى بن أبي كثير ويحيى بن سعيد الأَنْصَارِيُّ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ. وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 299- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو جَابِرٍ الْبَيَاضِيُّ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ2. أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. عَنْ سعيد بن المسيب وصالح مولى التوءمة.   1 التاريخ الكبير "1/ 148"، وتهذيب التهذيب "9/ 298". 2 التاريخ الكبير "1/ 163"، وميزان الاعتدال "3/ 627". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 142 وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: بَيَّضَ اللَّهُ عَيْنَيْ مَنْ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي جَابِرٍ الْبَيَاضِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِثَقَةٍ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 300- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عِيسَى الْمُؤَذِّنُ1. شَيْخٌ مِصْرِيٌّ. رَوَى عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ التُّجِيبِيِّ وَالضَّحَّاكِ بْنِ شُرَحْبِيلٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. 301- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عباس2 -م4- بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيِّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. وَالِدُ السَّفَّاحِ وَالْمَنْصُورِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَرْسَلَ عَنْ جَدِّهِ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَآخَرُونَ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ فِي الْمَوْلِدِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَكَانَ أَبُوه يَخْضِبُ فَيَظُنُّ مَنْ لا يَدْرِي أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الأَبُّ. عَاشَ مُحَمَّدٌ سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ قد أوصى إلى محمد ودفع إِلَيْهِ كُتُبُهُ وَأَلْقَى إِلَيْهِ إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي وَلَدِكَ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ وَسَمِعَ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ جَمِيلا وَسِيمًا نَبِيلا كَأَبِيهِ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ دَعْوَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَى مُحَمَّدٍ وَلَقَّبُوهُ بِالإِمَامِ وَكَاتَبُوهُ سِرًّا بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ يَقْوَى وَيَتَزَايَدُ فَعَاجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ3 حِينَ انْتَشَرَتْ دَعْوَتُهُ بِخُرَاسَانَ فَأَوْصَى بِالأَمْرِ إِلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ بَعْدَ أَبِيهِ فَعَهِدَ إِلَى أَخِيهِ أَبِي العباس السفاح.   1 راجع الجرح والتعديل "7/ 325". 2 المشاهير "128"، والوافي بالوفيات "1584". 3 المنية: الموت "ج" منايا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 143 قَالَ مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَبْلَةَ يَقُولُ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى أمير المؤمنين عمر بن الْعَزِيزِ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ عُمَرُ: لَوْ كَانَ إِلَيَّ مِنَ الْخِلافَةِ شَيْءٌ لَقَمَصْتُهَا هَذَا الْخَارِجُ. أخبرنا أحمد بن إسحاق أنا ابْنَ صَرْمَا وَابْنَ عَبْدِ السَّلامِ قَالا: أَنَا الأَرْمَوِيُّ أَنَا ابْنُ النَّقُورِ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ السُّكَّرِيُّ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْدُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ وَأَحِبُّونِي لِحُبِّهِ وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ فَوَقَعَ بَدَلا بِعُلُوِّ دَرَجَتَيْنِ، تَفَرَّدَ بِهِ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ قَاضِي صَنْعَاءَ، وَالنَّوْفَلِيُّ لا يُعْرَفُ، وَلَعَلَّ ابْنَ مَعِينٍ تَفَرَّدَ بِهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أُمُّهُ هِيَ الْعَالِيَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَأُمُّهَا عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَدَّانِ. وَيُقَالُ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وستين. قال يعقوب بن شيبة: بلغني عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَمَدَّهُمْ قَامَةً وَكَانَ رَأْسُهُ مَعَ مَنْكِبِ أَبِيهِ وَكَانَ رَأْسُ أَبِيهِ مَعَ مَنْكِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَأْسُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ مَنْكِبِ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-. وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ عَنْ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ وَذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فَذَكَر مِنْ فَضْلِهِ حَتَّى قَدَّمَهُ عَلَى أَبِيهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو هَاشِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ قَبِيحُ الْخُلُقِ وَالْهَيْئَةِ قَبِيحُ الدَّابَّةِ وَكَانَ لا يُذْكَرُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله ابن عَبَّاسٍ فِي مَوْضِعٍ إِلا عَابَهُ فَبَعَثَ أَبِي وَلَدَهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ إِلَى بَابِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَى أَبَا هَاشِمٍ فَكَتَبَ عَنْهُ الْعِلْمَ. وَكَانَ إِذَا قَامَ أَبُو هَاشِمٍ يَأْخُذُ لَهُ بِرِكَابِهِ فَكَفَّ عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبِي يُلَطِّفُ ابْنَهُ مُحَمَّدًا بِالشَّيْءِ يَبْعَثُ بِهِ إليه فيبعث به محمد إلى أبي   1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي في السنن "3798"، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "8/ 376"، وفي سنده انقطاع حيث إن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عباس لم يسمع من جده، وفي السند عبد الله بن سليمان النوفلي مقبول يعني حين يتابع، وقال المصنف ليس بمعروف، وانظر تاريخ الفسوي "1/ 497". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 144 هَاشِمٍ. وَكَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يَخْتَلِفُونَ إِلَى أَبِي هَاشِمٍ فَمَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فيه فقالوا: من تأمرنا أن تأتي بَعْدَكَ - فَقَالَ: هَذَا - وَهُوَ عِنْدَهُ - قَالُوا: وَمَنْ هَذَا؟ وَمَا لَنَا وَلَهُ قَالَ: لا أَعْلَمُ أحدا أعلم منه ولا خيرا منه فاختلفوا إِلَيْهِ، قَالَ عِيسَى: فَذَاكَ كَانَ سَبَبُنَا بِخُرَاسَانَ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ: كَانَ ابْتِدَاءُ دُعَاةِ بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَى مُحَمَّدٍ وَطَاعَتِهِمْ لِأَمْرِهِ وَذَلِكَ زَمَنَ الْوَلِيدِ, فَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ يَنْمَى وَيَقْوَى وَيَتَزَايَدُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَقَدِ انْتَشَرَتْ دَعْوَتُهُ وَكَثُرَتْ شِيعَتُهُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: تُوُفِّيَ سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَعْدَ وَالِدِه بِسَبْعِ سِنِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ. 302- محمد بن عمار بن سعد القرظ -ت- المدني المؤذن. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيثِ "ضِرْسُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ" 1. وَعَنْهُ سِبْطُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ حَفْصٍ. 303- مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ الْمُرْهِبِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ ثِقَةً. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مرجيء. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 304- مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ الْقَاصُّ3 -م ت ن ق- كَانَ يَقُصُّ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي صَرْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَرْسَلَ عَنْ أبي هريرة وغيره.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2851". 2 التاريخ الكبير "1/ 209"، وتهذيب التهذيب "9/ 413". 3 التاريخ الكبير "1/ 212"، وتهذيب التهذيب "9/ 414". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 145 وَعَنْهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَاللَّيْثُ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. فَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَاصِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي صَرْمَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ: لَقَدْ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَوْ أَنَّكُمْ لا تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ لِيَغْفِرَ لَهُمْ" 1. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَة وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ مَوْلَى يَعْقُوبَ الْمَدَنِيِّ قَاصِّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الزَّيَّاتُ مَدَنِيٌّ أَيْضًا. قُلْتُ: هَذَا مُعَاصِرٌ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. قَالَ: وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ مَوْلَى سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ عَنْ سَهْلٍ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ بِالْمَدِينَةِ فِي فِتْنَةِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَكانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَالِمًا. قُلْتُ: أَحْسَبُهُ يُقَالُ لَهُ قَاصُّ عُمَرَ وَقَاضِي عُمَرَ فَيُحَرَّرُ هَذَا. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي نَظَرْتُ فِي أَمْرِي وَأَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا خَيْرًا مِنَ الْمَوْتِ، ثُمَّ قَالَ لِقَاصِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ: ادْعُ لِي بِالْمَوْتِ، قَالَ: فَدَعَا وهو يؤمن ويبكي. 305- الزهري2 ع - مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ وَحَافِظُ زَمَانَهُ. وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَطَلَبَ الْعِلْمَ فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. فَرَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثَيْنِ فِيمَا بَلَغَنَا وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ وَسُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَرَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَكَثِيرِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وعلقمة ابن وقاص والسائب   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2748"، والترمذي "3539"، وأحمد في مسنده "5/ 414". 2 التاريخ الكبير "1/ 220"، والصغير "93، 104". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 146 ابن يَزِيدَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَعُرْوَةَ وَسَالِمٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَمَعْمَرٌ وَعُقَيْلٌ وَيُونُسُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَفُلَيْحُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَبَكْرُ بْنُ وَائِلٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَهُشَيْمٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَلائِقُ. وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْكِبَارِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدِيثُهُ أَلْفَانِ وَمِائَتَا حَدِيثٍ النِّصْفُ مِنْهَا مُسْنَدٌ. وقال ابن المديني: نَحْوَ أَلْفَيْ حَدِيثٍ. قَالَ مَكْحُولٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهَذَا لَفْظٌ: لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قُلْتُ لِعُمَرَ: أَسَمِعَ الزُّهْرِيُّ مِنِ ابْنِ عُمَرَ؟ قَالَ: سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ أُعَيْمَشَ أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَفِي حُمْرَتِهَا انْكِفَاءٌ كَانَ يَجْعَلُ فِيهِ كَتَمًا1. وَرَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: جَالَسْتُ سعيد بن المسيب ثمان سنين. وروى ابن أبي الزناد عن أبيه قَالَ: كُنَّا نَطُوفُ مَعَ الزُّهْرِيِّ وَمَعَهُ الأَلْوَاحُ وَالصُّحُفُ وَيَكْتُبُ كُلَّ مَا سَمِعَ. قُلْتُ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ حَافِظًا لا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكْتُبَ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَيَحْفَظُ ثُمَّ يَمْحُوهُ. وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَالِمًا قَطُّ أَجْمَعَ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ يُحَدِّثُ فِي التَّرْغِيبِ فَتَقُولُ: لا يُحْسِنُ إِلا هَذَا وَإِنْ حَدَّثَ عَنِ الْعَرَبِ وَالأَنْسَابِ قُلْتَ: لا يُحْسِنُ إِلا هَذَا وَإِنْ حَدَّثَ عَنِ القرآن والسنة كان حديثه.   1 كان يجعل فيه كتما: هو نوع من النبات يخضب به الشعر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 147 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْكَابٍ: كَانَ الزُّهْرِيُّ جُنْدِيًّا. وَقَالَ إِسْحَاقُ الْمُسَيِّبِيُّ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّهُ عَرَضَ الْقُرْآنَ عَلَى الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ: ذَكَرَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ إِلَى أَنْ قَالَ: أَعْلَمُهُمْ عِنْدِي الزُّهْرِيُّ فَإِنَّهُ جَمَعَ عِلْمَهُمْ إِلَى عِلْمِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: مَا صَبَرَ أَحَدٌ عَلَى الْعِلْمِ صَبْرِي وَلا نَشَرَهُ أَحَدٌ نَشْرِي. قَالَ اللَّيْثُ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ أَسْخَى مَنْ رَأَيْتُ كَانَ يُعْطِي كُلَّ مَنْ جَاءَ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَيْءٌ اقْتَرَضَ، وَكَانَ يَسْمُرُ عَلى الْعَسَلِ كَمَا يَسْمُرُ أَهْلُ الشَّرَابِ عَلَى شَرَابِهِمْ وَيَقُولُ: اسْقُونَا وَحَدِّثُونَا، وَكَانَتْ لَهُ قُبَّةٌ مُعَصْفَرَةٌ1 وَعَلَيْهِ مَلْحَفَةٌ مُعْصَفَرَةٌ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ هَزَّانَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: لا يُرْضِي النَّاسَ قولُ عَالِمٍ إِلا بِعَمَلٍ وَلا عَمَلٌ إِلا بِعَلْمٍ. قَاسِمٌ هَذَا صدوق. وعن ابن ذِئْبٍ قَالَ: ضَاقَ حَالُ الزُّهْرِيِّ فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَجَالَسَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ فَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَلَقَةِ: مَن مِنْكُم يَحْفَظُ قَضَاءَ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ؟ قُلْتُ: أَنَا، فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَن أَنْتَ؟ فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ أَبُوكَ لَنَعَّارًا2 فِي الْفِتَنِ اجْلِسْ، فسأله مسائل وَقَضَى دَيْنَهُ. وَقَالَ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ إِنَّ عَمَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانِينَ لَيْلَةً. وَرَوَى الزُّبَيْرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَسْتَقِي الْمَاءَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَيَقُولُ لِجَارِيَتِهِ: مَنْ بِالْبَابِ؟ فَتَقُولُ: غُلامُكَ الأَعْمَشُ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا اسْتَفْهَمْتُ عَالِمًا قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: قَالَ مَالِكٌ: ثنا الزُّهْرِيُّ بِحَدِيثٍ طَوِيلٍ فَلَمْ أَحْفَظْهُ, فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ حَدَّثْتُكُمْ؟ قُلْتُ: بَلَى ثُمَّ قُلْتُ: أَمَا كُنْتَ تَكْتُبْ؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: وَلا تَسْتَعِيدُ؟ قَالَ: لا. وَرَوَى وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أحدًا أعلم من الزهري.   1 يعني مصبوغة بالعصفر. 2 إن كان أبوك لنعارا: يعني صياحا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 148 وَقَالَ مَعْنُ الْقَزَّازُ: ثنا الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ بَيْنَ عَيْنَيِ الزُّهْرِيِّ أَثَرَ السُّجُودِ. وَرَوَى اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي عِلْمًا فَنَسِيتُهُ. قَالَ اللَّيْثُ: فَكَانَ يُكْثِرُ شُرْبَ الْعَسَلِ وَلا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنَ التُّفَّاحِ. وَقَالَ مَالِكٌ: بَقِيَ ابْنُ شِهَابٍ وَمَالَهُ فِي الدُّنْيَا نَظِيرٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: جَالَسْنَا الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ فَمَا رَأَيْنَا مِثْلَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا رَأَيْتُ الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ عِنْدَ أَحَدٍ أَهْوَنَ مِنْهُ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ كَأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْبَعْرِ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَدَّى هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَبْعَةَ آلافِ دِينَارٍ وَكَانَ يُؤَدِّبُ وَلَدَهُ وَيُجَالِسَهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: نَشَأْتُ وَأَنَا غُلامٌ لا مَالَ لِي مُنْقَطِعٌ مِنَ الدِّيوَانِ، وَكُنْتُ أَتَعَلَّمُ نَسَبَ قَوْمِي مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعَدَوِيِّ، وَكَانَ عَالِمًا بِنَسَبِ قَوْمِي، وَكَانَ ابْنَ أُخْتِهِمْ وَحَلِيفَهُمْ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الطَّلاقِ، فَأَشَارَ لَهُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَلا أَرَانِي مَعَ هَذَا الرَّجُلِ الْمُسِنُّ يَعْقِلُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسَحَ رَأْسَهُ وَلا يَدْرِي مَا هَذَا، فَانْطَلَقْتُ مَعَ السَّائِلِ إِلَى سَعِيدٍ وَتَرَكْتُ ابْنَ ثَعْلَبَةَ، وَجَالَسْتُ عُرْوَةَ وَعُبَيْدَ اللَّهِ وَأَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ حَتَّى فَقِهْتُ فَرَحَلْتُ إِلَى الشَّامِ فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فِي السَّحَرِ فَأَمَمْتُ حَلْقَةً وِجَاهَ الْمَقْصُورَةِ عَظِيمَةً، فَجَلَسْتُ فِيهَا، فَنَسَبَنِي الْقَوْمُ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالُوا: هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِالْحُكْمِ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ؟ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِ عُمَرَ، فَقَالَ لِي الْقَوْمُ: هَذَا مَجْلِسُ قَبِيصَةَ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَهُوَ جَائِيكَ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَأَلْنَاهُ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ عِلْمًا، وَجَاءَ قَبِيصَةُ وَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَنَسَبَنِي، فَانْتَسَبْتُ، وَسَأَلَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَنُظَرَائِهِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: أَنَا أُدْخِلُكَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَجَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ سَاعَةً حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ خَرَجَ الإِذْنُ فَقَالَ: أَيْنَ هَذَا الْمَدَنِيُّ الْقُرَشِيُّ؟ قُلْتُ: هَأَنَذَا، فَدَخَلْتُ مَعَهُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَجِدُ بين يديه المصحف قد أطبقه وأمر   1 البعر: رجيع ذوات الخف وذوات الظلف. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 بِهِ فَرُفِعَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُ قَبِيصَةَ، فَسَلَّمْتُ بِالْخِلافَةِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابن شِهَابٍ، فَقَالَ: أَوَّهَ قَوْمٍ نَعَّارُونَ1 فِي الْفِتَنِ، قَالَ: وَكَانَ أَبِي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ قَالَ: مَا عِنْدَكَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ؟ فَأَخْبَرْتُهُ وَقُلْتُ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: كَيْفَ سَعِيدٌ وَكَيْفَ حَالُهُ؟ قَالَ: وَالْتَفَتَّ إِلَى قَبِيصَةَ فَقَالَ: هَذَا يُكْتَبُ بِهِ إِلَى الآفَاقِ، فَقُلْتُ: لا أَجِدْهُ أَخْلَى مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ وَلَعَلِّي لا أَدْخُلُ عَلَيْهِ بَعْدَهَا فَقُلْتُ: إِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَصِلَ رَحِمِي وَأَنْ يَفْرِضَ لِي فَإِنِّي رَجُلٌ مُنْقَطِعٌ لا دِيوَانَ لِي، قَالَ: إِيهَا الآنَ امْضِ لِشَأْنِكَ، فَخَرَجْتُ مُوئِسًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَرَجْتُ لَهُ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ وَاللَّهِ مُقِلٌّ مُرْمَلٌ، فَجَلَسْتُ حَتَّى خَرَجَ قَبِيصَةُ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ لا يُمَالِي فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِي، أَلا اسْتَشَرْتَنِي - قُلْتُ: ظَنَنْتُ أَنِّي لا أَعُودُ إِلَيْهِ، قَالَ: ائْتِنِي فِي الْمَنْزِلِ، فَمَشَيْتُ خَلْفَ دَابَّتِهِ وَالنَّاسُ يُكَلِّمُونَهُ حَتّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَقَلَّمَا لَبِثَ حَتَّى خَرَجَ خَادِمٌ بِرُقْعَةٍ فِيهَا: هذه مِائَةُ دِينَارٍ قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِهَا وَبَغْلَةٌ تَرْكَبُهَا وَغُلامٌ وَعَشْرَةُ أَثْوَابٍ، فَقُلْتُ لِلرَّسُولِ: مِمَّنْ أَطْلُبُ هَذَا؟ قَالَ: أَلا تَرَى الرُّقْعَةَ فِيهَا اسْمُ الَّذِي أَمَرَكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، قَالَ: فَنَظَرْتُ فِي طَرَفِ الرُّقْعَةِ فَإِذَا فِيهَا: فَأْتِ فُلانًا، فَسَأَلْتُ عنه فقيل: ها هو ذا، فَأَتَيْتُهُ بِالرُّقْعَةِ فَأَمَرَ لِي بِذَلِكَ مِنْ سَاعَتِهِ، قَالَ: وَغَدَوْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ وَأَنَا عَلَى الْبَغْلَةِ فَسِرْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: احْضَرْ بَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى أُوَصِّلَكَ إِلَيْهِ، فَحَضَرْتُ، فَأَوْصَلَنِي، فَسَلَّمْتُ، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنْ أَجْلِسَ، فَلَمَّا جَلَسْتُ ابْتَدَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْكَلامِ قَالَ: فَجَعَلَ يَسْأَلُنِي عَنْ أَنْسَابِ قَوْمِي قُرَيْشٍ، فَلَهُوَ كَانَ أَعْلَمُ بِهَا مِنِّي، ثُمَّ قَالَ: قَدْ فَرَضْتُ لَكَ فَرَائِضَ أَهْلِ بَيْتِكَ، وَالْتَفَتَ إِلَى قَبِيصَةَ فَأَمَرُه أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ لِي فِي الدِّيوَانِ ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ دِيوَانِكَ، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ قَبيِصَةَ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَمَرَ أَنْ تُثَبَّتَ فِي صَحَابَتِهِ وَأَنْ تُرْفَعَ فَرِيضَتُكَ، فَالْزَمْ بَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَزِمْتُ عَسْكَرَ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ، وَكُنْتُ أَدْخُلُ عَلَيْهِ كَثِيرًا، وَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِيمَا يَسْأَلُنِي يَقُولُ: مَنْ لَقِيتَ! فَأُسَمِّيهُمْ لَهُ لا أَعْدُو قُرَيْشًا، فَقَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ عَنِ الأَنْصَارِ فَإِنَّكَ وَاجِدٌ عِنْدَهُمْ عِلْمًا؟، أَيْنَ أَنْتَ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ؟، أَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خَارِجَةَ؟ قَالَ: فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فسألتهم فوجدت عندهم علمًا كثيرًا2.   1 نعارون: يعني صياحون في الفتن، ومنه النعار: الكثير النعير، ويقال: رجل نعار في الفتن: خراج فيها سعاء. 2 وراجع: حلية الأولياء "3/ 367، 368"، والسير "6/ 138" للذهبي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 150 قَالَ وَتُوُفِّيَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَلَزِمْتُ الْوَلِيدَ ثُمَّ سُلَيْمَانَ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثُمَّ يَزِيدَ ثُمَّ هِشَامًا، فَاسْتَقْضَى يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى قَضَائِهِ الزُّهْرِيَّ وَسُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ جَمِيعًا. وَحَجَّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ وَمَعَهُ الزُّهْرِيُّ حَصَرَهُ مَعَ وَلَدِهِ يُفَقِّهُهُمْ وَيُعَلِّمُهُمْ وَيَحُجُّ مَعَهُمْ فَلَمْ يُفَارِقْهُمْ حَتَّى مَاتَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ أَبَدًا عِنْدَ هِشَامٍ فِي الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَيُعِيبُهُ ويذكر أمورا عظيمة لا ينطق بها حتى يَذْكُرَ الصِّبْيَانِ وَأَنَّهُمْ يُخَضِّبُونَ بِالْحِنَّاءِ، وَيَقُولُ: مَا يَحِلُّ لَكَ إِلا خَلْعُهُ1، فَكَانَ هِشَامُ لا يقدر ولا يسؤوه مَا صَنَعَ الزُّهْرِيُّ رَجَاءَ أَنْ يُؤَلِّبَ النَّاسَ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَكُنْتُ يَوْمًا عِنْدَهُ فِي نَاحِيَةِ الْفُسْطَاطِ أَسْمَعُ مِنْ كَلامِ الزُّهْرِيِّ فِي الْوَلِيدِ وَأَتَغَافَلُ؛ فَجَاءَ الْحَاجِبُ2؛ فَقَالَ: هَذَا الْوَلِيدُ عَلَى الْبَابِ قَالَ: أَدْخِلْهُ فَدَخَلَ وَأَوْسَعَ لَهُ هِشَامٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَنَا أَعْرِفُ فِي وَجْهِ الْوَلِيدِ الْغَضَبَ وَالشَّرَّ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الْوَلِيدُ بَعَثَ إِلَيَّ وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَرَبِيعَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ لَيْلَةً مُخَلِّيًا، فَقَالَ: يَا بْنَ ذَكْوَانَ أَرَأَيْتَ يَوْمَ دَخَلْتَ عَلَى الأحول وَأَنْتَ عِنْدَهُ وَالزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ فِيَّ3 أَفَتَحْفَظُ مِنْ كَلامِهِ شَيْئًا؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَذْكُرُ يَوْمَ دَخَلْتَ وَالْغَضَبَ فِي وَجْهِكَ قَالَ: كَانَ الْخَادِمُ الَّذِي رَأَيْتُ عَلَى رَأْسِ هِشَامٍ نَقَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَيَّ وَأَنَا عَلَى الْبَابِ وَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تَنْطِقْ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَال: قَدْ كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ أَنْ أَقْتُلَ الزُّهْرِيَّ. قَالَ ابْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَال: سُئِلَ مَكْحُولٌ: مَنْ أَعْلَمُ مَنْ لَقِيتَ؟ قَال: ابْنُ شِهَابٍ قِيلَ: ثُمَّ مَنْ! قَالَ: ثُمَّ ابْنُ شِهَابٍ. وَعَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ لِي سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: مَا مَاتَ رَجُلٌ تَرَكَ مِثْلُكَ. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أبيه قال: مَا أَرَى أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ ما جمع ابن شهاب.   1 ما يحل لك إلا خلعه: يعني إلا عزله. 2 الحاجب: يعني البواب "ج" حجبة، وحجاب. 3 يقدح في: يعني يقع في. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 151 وَقَالَ عُقَيْلٌ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ خَاتَمًا "مُحَمَّدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ". قَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ قَالَ لِهِشَامٍ: اقْضِ دَيْنِي، قَالَ: وَكَمْ هُوَ؟ قَالَ: ثَمَانِيَةُ عَشَرَ أَلْفِ دِينَارٍ، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ إِنْ قَضَيْتُهَا عَنْكَ أَنْ تَعُودَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ" 1 فَقَضَاهَا عَنْهُ، قَالَ سَعِيدٌ: فَمَا مَاتَ الزُّهْرِيُّ حَتّى اسْتَدَانَ مِثْلَهَا فَبَعَثَ بِبَعْثِ كَذَا فَقَضَى دَيْنَهُ. وَقَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ بِالأَعْرَابِ يُعَلِّمُهُمْ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ثنا سُفْيَانُ قَالَ: قَالُوا لِلزُّهْرِيِّ: لَوْ أَنَّكَ الآنَ فِي آخِرِ عُمْرِكَ أَقَمْتَ بِالْمَدِينَةِ فَغَدَوْتَ إِلَى مَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرُحْتَ وَجَلَسْتَ إِلَى عَمُودٍ فَذَكَّرْتَ النَّاسَ وَعَلَّمْتَهُمْ. قَالَ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ ذلك لوطيء النَّاسُ عَقِبَيَّ وَلا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَفْعَلَ حَتَّى أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا وَأَرْغَبَ فِي الآخِرَةِ2. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ مَعْمَرًا يَقُولُ: أَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ بِالرُّصَافَةِ3 فَجَالَسْتُهُ فَجَعَلْتُ أَسْأَلُهُ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ فَرَغْتُ مِنْهُ فَلَمَّا مَاتَ مُرَّ عَلَيْنَا بِكُتُبِهِ عَلَى الْبِغَالِ. وَفِي لَفْظٍ لِلإِمَامِ أَحْمَدَ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ سَمِعْتُ مَعْمَرًا يَقُولُ: كُنَّا نَرَى أَنَّا قَدْ أَكْثَرْنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ حَتَّى قُتِلَ الْوَلِيدُ فَإِذَا الدَّفَاتِرُ قَدْ حُمِلَتْ عَلَى الدَّوَابِ مِنْ خَزَائِنِهِ، يَعْنِي مِنْ عِلْمِ الزُّهْرِيِّ. قُلْتُ: يَعْنِي الْكُتُبَ الَّتِي كُتِبَتْ عَنْهُ لِآلِ مَرْوَانَ. وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّ أَبَا جَبَلَةَ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ شِهَابٍ فِي سَفَرٍ فَصَامَ عَاشُورَاءَ فَقِيلَ لَهُ! فَقَالَ: إِنَّ رَمَضَانَ لَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَإِنَّ عَاشُورَاءَ يفوت4.   1 حديث صحيح: وأخرجه البخاري في الأدب المفرد "1278"، ومسلم "2998"، وأبو داود "4862"، وابن ماجه "3982". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 142، 143". 3 الرصافة: كل منبت بأرض السواد، وغلب على محلة ببغداد. 4 ذكره الذهبي في السير "6/ 147". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 152 قَالَ أَبُو مُسْهِرٌ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثَلاثٌ إِذَا كُنَّ فِي الْقَاضِي فَلَيْسَ بِقَاضٍ: إِذَا كَرِهَ الْمَلامَ وَأَحَبَّ الْمَحَامِدَ وَكَرِهَ الْعَزْلَ1. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: ثنا اللَّيْثُ ثنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنّ ابْنَ شِهَابٍ وَضَعَ يَدَهُ فِي وُضُوئِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ حَدِيثًا فَلَمْ يَزَلْ يَتَذَكَّرُ وَيَدَهُ فِي الْمَاءِ حَتَّى أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فِي السَّحَرِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ: ثنا الْمُوَقَّرِيُّ قَالَ: كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى الزُّهْرِيِّ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ فَقَالَ لَنَا: مَنْ لَمْ يَأْكُلْ طَعَامَنَا فَلا يَقْرَبْنَا. وَعَاتَبُوهُ يَوْمًا فِي دَيْنِهِ فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ إِلا عَشَرَةُ آلافِ دِينَارٍ وَأَنَا مُنَعَّمٌ فِي الدُّنْيَا لِي خَمْسَةٌ مِنَ الْعُيُونِ كُلُّ عَيْنٍ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، وَلَيْسَ لِي وَارِثٌ إِلا ابْنُ الابْنِ، وَمَا أُبَالِي أَنْ لا يُصِيبَ مِنِّي دِرْهَمًا لِأَنَّهُ فَاسِقٌ2. ابْنُ وَهْبٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: لا يُنَاظَرُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلا بِكَلامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ شِهَابٍ الْمَدِينَةَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَبِيعَةَ وَدَخَلا إِلَى بَيْتِ الدِّيوَانِ فَمَا خَرَجَا إِلَى الْعَصْرِ فَخَرَجَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُولُ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ بِالْمَدِينَةِ مِثْلَ رَبِيعَةَ وَخَرَجَ رَبِيعَةُ يَقُولُ: مَا ظَنَنْتُ أَنْ أَحَدًا بَلَغَ مِنَ الْعِلْمِ مَا بَلَغَ ابْنُ شِهَابٍ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: الإِيمَانُ بِالْقَدَرِ نِظَامُ التَّوْحِيدِ فَمَنْ وَحَّدَ وَيُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ نَقَضَ كُفْرُهُ بِالْقَدَرِ تَوْحِيدَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالا: ثنا عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مِنْ سُنَّةِ الصَّلاةِ أَنْ تَقْرَأْ بسم الله الرحمن الرحيم ثُمَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ثُمَّ تَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ تَقْرَأُ سُورَةٌ. وَكَانَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سِرًّا بِالْمَدِينَةِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَكَانَ رَجُلا حييا3. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: سَمِعْتُ خَالِي مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ لَقَدْ أَدْرَكْتُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ سَبْعِينَ مِمَّنْ يَقُولُ: قَالَ فُلانٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَوِ ائْتُمِنَ عَلَى بَيْتِ مَالٍ لَكَانَ بِهِ أَمِينًا فَمَا أَخَذْتُ   1 المصدر السابق. 2 لأنه فاسق: يعني: لأنه عاص ومجاوز لحدود الشرع، ويقال: فسق عن أمر ربه: خرج عن طاعته. 3 سير أعلام النبلاء "6/ 148". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 153 مِنْهُمْ شَيْئًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ وَيَقْدِمُ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ وَهُوَ شَابٌّ فَنَزْدَحِمُ عَلَى بَابِهِ. كَذَا قَالَ، وَلَمْ يَلْقَ مَالِكٌ الزُّهْرِيَّ إِلا وَهُوَ شَيْخٌ فَلَعَلَّهُ اشتُبِه عَلَيْهِ بِالْخِضَابِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ مِنَ الْعِلْمِ وَأَصَبْتُ مِنْهُ فَلَمَّا جَالَسْتُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فَكَأَنَّمَا كُنْتُ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ. وَقَالَ يُونُسُ عَنْهُ: جَالَسْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ حَتَّى مَا كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْهُ إِلا الرُّجُوعَ يَعْنِي الْمَعَادَ وَجَالَسْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ فَمَا رَأَيْتُ أَغْرَبَ حَدِيثًا مِنْهُ وَجَالَسْتُ عُرْوَةَ فَوَجَدْتُهُ بَحْرًا لا تُكَدِّرُهُ الدَّلاءُ. وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَأَيْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَوْمًا يُؤْتَى بِالْكِتَابِ مَا يقرأه وَلا يُقْرَأُ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: نَأْخُذُ هَذَا عَنْكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَأْخُذُونَهُ وَلا يَرَاهُ وَلا يَرَوْنَهُ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا استْعَدْتُ حَدِيثًا إِلا مَرَّةً فَسَأَلْتُ صَاحِبي فَإِذَا هُوَ كَمَا حَفِظْتُ. قَالَ قُرَّةُ بْنُ صُوَيْلٍ: لَمْ يَكُنْ لِلزُّهْرِيِّ كِتَابٌ إِلا كِتَابٌ فِي نَسَبِ قَوْمِهِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: يأهل الْعِرَاقِ يَخْرُجُ الْحَدِيثُ مِنْ عِنْدَنَا شِبْرًا وَيَصِيرُ عِنْدَكُمْ ذِرَاعًا. وَقَالَ نُوحُ بْنُ يَزِيدَ الْمُؤَدَّبُ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: لَقِيَنِي سَالِمٌ كَاتِبُ هِشَامٍ فَقَالَ لِي: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَكْتُبَ لِوَلَدِهِ حَدِيثَكَ، قُلْتُ: لَوْ سَأَلْتَنِي عَنْ حَدِيثَيْنِ أَتْبَعَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ مَا قَدِرْتُ، وَلَكِنِ ابْعَثْ إِلَيَّ كَاتِبًا أَوْ كَاتِبَيْنِ فَإِنَّهُ قَلَّ يَوْمٌ إِلا يَأْتِينِي قَوْمٌ يَسْأَلُونِي عَمَّا لَمْ أُسْأَلْ عَنْهُ بِالأَمْسِ، فَبَعَثَ إِلَيَّ كَاتِبَيْنِ اخْتَلَفَا إِلَيَّ سَنَةً، قَالَ: ثُمَّ لَقِيَنِي فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَرَانَا إِلا قَدِ انْفَضْنَا بِكَ، قُلْتُ: كَلا إِنَّمَا كُنْتُ فِي عِزَازٍ مِنَ الأَرْضِ فَالآنَ هَبَطْتُ بُطُونُ الأَوْدِيَةِ. وَعَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: مَكَثْتُ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَخْتَلِفُ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْحِجَازِ فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَسْتَطْرِفُهُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مَالِكٍ أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 مَرْوَانَ قَالَ لِلزُّهْرِيِّ: هَلْ جَالَسْتَ عُرْوَةَ! قَالَ: لا، فَأَمَرَهُ بِهِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَفَجَّرْتُ بِهِ بَحْرًا1. ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَقَدْ هَلَكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَلَمْ يَتْرُكْ كِتَابًا وَلا الْقَاسِمُ وَلا عُرْوَةُ وَلا ابْنُ شِهَابٍ، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: قُلْتُ لابْنِ شِهَابٍ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَخْصِمُهُ: مَا كُنْتُ تَكْتُبُ! قَالَ: لا، قُلْتُ: وَلا تَسْأَلُ أَنْ يُعَادَ عَلَيْكَ الْحَدِيثُ! قَالَ: لا. وَلَقْد سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثٍ قَالَ: الَّذِي أَعْجَبَنِي مِنْهُ قَدْ حَدَّثْتُكُمْ بِهِ. وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ: ثنا يُونُسُ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِيَّاكَ وَغُلُولَ الْكُتُبِ، قُلْتُ: مَا غُلُولُهَا قَالَ: حَبْسُهَا. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أبيه قَالَ: مَا سَبَقَنَا ابْنُ شِهَابٍ بِشَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ إِلا أَنَّهُ كَانَ يَشُدّ ثَوْبَهُ عِنْدَ صَدْرِهِ وَيَسْأَلُ عَمَّا يُرِيدُ وَكُنَّا تَمْنَعُنَا الْحَدَاثَةُ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: ثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا حُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ فَأَتَيْنَاهُ وَمَعَنا رَبِيعَةَ فَحَدَّثَنَا بِنَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مِنَ الْغَدِ وَقَالَ: انْظُرُوا كِتَابًا حَتّى أُحَدِّثُكُمْ مِنْهُ أَرَأَيْتُمْ مَا حَدَّثْتُكُمْ أَمْسَ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْهُ؟ فَقَالَ لَهُ رَبِيعَةُ: هَا هُنَا مَنْ يَسْرِدُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثْتَ بِهِ أَمْسَ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: ابْنُ أَبِي عَامِرٍ، قَالَ لِي: هَاتِ، فَحَدَّثْتُهُ بِأَرْبَعِينَ مِنْهَا؛ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَحْفَظُ هَذَا غَيْرِي. وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أَتَاكَ بِهِ الزُّهْرِيُّ عَنْ غيره فشديديك بِهِ وَمَا أَتَاكَ بِهِ عَنْ رَأْيِهِ فَانْبُذْهُ. وَقَال ابْنُ الْمَدِينِيِّ: دَارَ عِلْمُ الثِّقَاتِ عَلَى سِتَّةٍ: فَكَانَ بِالْحِجَازِ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ والزُّهْرِيُّ، وَبِالْبَصْرَةِ قَتَادَةُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَبِالْكُوفَةِ أَبُو إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشُ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: ثنا الأَصَمُّ أَنْبَأَ الرَّبِيعُ أَنْبَأَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي ابْنُ سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْخُلْعِ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي فِيهِ ثَلاثِينَ حَدِيثًا مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَطُّ. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مسلم عن الأوزاعي سمعت   1 وراجع البداية والنهاية "9/ 345" لابن كثير. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 155 الزُّهْرِيَّ لَمَّا حَدَّثَ بِحَدِيثِ "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ" 1 قُلْتُ لَهُ: فَمَا هُوَ؟ قَالَ: مِنَ اللَّهِ الْقَوْلُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ أَمِرُّوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا جَاءَ بِلا كَيْفٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى الزُّهْرِيِّ وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَ بَابِ الصَّفَا فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا صَبِيُّ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى؛ قَالَ: تَعَلَّمْتَ الْفَرَائِضَ؟ قُلْتُ: بَلَى؛ قَالَ: كَتَبْتَ الْحَدِيثَ؟ قُلْتُ: بَلَى، وَقُلْتُ: أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: أَبُو إِسْحَاقَ أُسْتَاذٌ أُسْتَاذٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: كَتَبَ إِلِيَ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ: اجْمَعْ لِي أَحَادِيثِ الزُّهْرِيِّ. مَعْمَرٌ أَنْبَأَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالزُّهْرِيُّ نَطْلُبُ الْعِلْمَ فَقُلْنَا: نَكْتُبُ السُّنَنَ فَكَتَبْنَا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ قَالَ: نَكْتُبُ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ، فَقُلْتُ أَنَا: لَيْسَ بِسُنَّةٍ، فَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ. وَرَوَى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: الْعِلْمُ وَادٍ فَإِذَا هَبَطْتَ وَادِيًا فَعَلَيْكَ بِالتُؤُدَةِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْهُ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي الْعَالِمَ فَمَا نَتَعَلَّمُ مِنْ أَدَبِهِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ عِلْمِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: كُنَّا نَكْرَهُ الْكِتَابَ حَتَّى أَكْرَهَنَا عَلَيْه السُّلْطَانُ فَكَرِهْنَا أَنْ نَمْنَعَهُ النَّاسَ. وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلُ مِنَ الْعِلْمِ. وَقَالَ الليث: قال ابن شهاب: ما صبر أحد لِلْعِلْمِ صَبْرِي وَمَا نَشَرَهُ أَحَدٌ نَشْرِي، فَأمَّا عُرْوَةُ فَبِئْرٌ لا تُكَدِّرُهَا الدِّلاءُ، وَأَمَّا سَعِيدٌ فَانْتَصَبَ لِلنَّاسِ فَذَهَبَ اسْمُهُ كُلَّ مَذْهَبٍ. وَرَوَى سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ فَتَلا: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيم} [النور: 11] فَقَالَ: نَزَلْتُ فِي عَلِيٍّ، قُلْتُ: أصلح الله الأمير ليس   1 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "2475"، وَمُسْلِمٌ "57"، وَأَبُو داود "4689"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2625"، وَالنَّسَائِيُّ "4885- 4887"، وابن ماجه "3936" وأحمد في المسند "2/ 376". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 156 كَذَا فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ في عبد الله بن أبي المنافق1. أنبأونا عَنِ اللَّبَّانِ أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا ابْنُ الصَّوَّافِ ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ مَنْ مَضَى مِنْ عُلَمَائِنَا يَقُولُونَ: الاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ نَجَاةٌ وَالْعِلْمُ يُقْبَضُ قَبْضًا سَرِيعًا، فَبِعِزِّ الْعِلْمِ ثَبَاتُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَفِي ذَهَابِ الْعِلْمِ ذَهَابُ ذَلِكَ كُلِّهِ2. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ قَالَ: قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: أَخْرِجْ لِي كُتُبَكَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي ثُمَّ قَالَ: يَا جَارِيَةُ هَاتِي تِلْكَ الْكُتُبَ، فَأَخْرَجَتْ صُحُفًا فِيهَا شِعْرٌ، وَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلا هَذَا. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْفَظَ الْحَدِيثَ فَلْيَأْكُلِ الزَّبِيبَ3. وَقَالَ أَيُّوبُ بْن سُوَيْدٍ: ثنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي الْقَاسِمُ: يَا غُلامُ أَرَاكَ تَحْرِصُ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى وعائه؟ قلت: بلى، قال: عليك بعمرة فإنها كَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ، فَأَتَيْتُهَا فَوَجَدْتُهَا بَحْرًا لا يُنْزَفُ4. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: جَالَسْتُ جَابِرًا وَابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَنْسَقَ لِلْحَدِيثِ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَعَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيِّ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: الْحَافِظُ لا يُولَدُ إِلا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَرَّةً. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدَّبُ: ثنا أَبُو أُوَيْسٍ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا يَجُوزُ فِي الْقُرْآنِ فَكَيْفَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ إِذَا أُصِيبَ مَعْنَى الْحَدِيثِ فَلا بَأْسَ.   1 صحيح بنحوه: أخرجه البخاري "4749"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 369"، واللفظ له، وأخرجه ابن منده، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل كما في الدر المنثور للسيوطي "5/ 36"، والآية من سورة النور رقم "11". 2 راجع الحلية " 3/ 369" لأبي نعيم. 3 سير أعلام النبلاء "6/ 150". 4 المصدر السابق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 157 قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ: ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَكَمٍ ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: ضَاقَتْ حَالُ الزُّهْرِيِّ وَرَهَقَهُ دَيْنٌ فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَجَالَسَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فبَيْنَا نَحْنُ مَعَهُ نَسْمُرُ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَذَهَبَ بِهِ إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: مَنْ مِنْكُمْ يَحْفَظُ قَضَاءَ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ؟ قُلْتُ: أَنَا، قَالَ: قُمْ، فَدَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى نَمْرَقَةٍ، بِيَدِهِ مِخْصَرةٌ، عَلَيْهِ غَلالَةٌ مُلْتَحِفٌ بِسُبَيْبَةٍ1، بَيْنَ يَدَيْهِ شَمْعَةٌ، فَسَلَّمْتُ فَقَالَ: مَن أَنْتَ؟ فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ أَبُوكَ لَنَعَّارًا فِي الْفِتَنِ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ، قَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ، قَالَ: تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اقْرَأْ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَمِنْ سُورَةِ كذا، فقرأت فقال: أتفرض؟ قلت: نعم، قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأَبَوَيْهَا، قُلْتُ: لِزَوْجِهَا النِّصْفُ وَلأُمِّهَا السُّدُسُ وَلِأَبِيهَا مَا بَقِيَ، قَالَ: أَصَبْتَ الْفَرْضَ وَأَخْطَأْتَ اللَّفْظَ إِنَّما لِزَوْجِهَا النِّصْفُ وَلأُمِّهَا ثُلُثُ مَا يَبْقَى، هَاتِ حَدِيثَكَ، قُلْتُ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَذَكَرَ قَضَاءَ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ، فَقَالَ: وَهَكَذَا حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ دَيْنِي، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَتَفْرِضُ لِي، قَالَ: لا وَاللَّهِ مَا نَجْمَعَهُمَا لِأَحَدٍ، قَالَ: فَتَجَهَّزْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ2. وَعَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ أُرِيدُ الْغَزْوَ فَأَتَيْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ فَوَجَدْتُهُ عَلَى قُبَّةٍ عَلَى فُرُشٍ تُفَوِّتُ الْقَائِمَ وَالنَّاسُ تَحْتَهُ سِمَاطَانِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: ثنا عَنْبَسَةُ ثنا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَفَدتُ إِلَى مَرْوَانَ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ. هَذِهِ رِوَايَةً غَرِيبَةً قَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فِيهَا: هَذَا بَاطِلٌ إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَلَمْ يَكُنْ عَنْبَسَةَ مَوْضِعًا لِكِتَابَةِ الْحَدِيثِ. قَالَ خَلِيفَةُ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ3. وَقَالَ دُحَيْمٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: ولد سنة خمسين.   1 السبيبة "بفتح السين وكسر الياء": الثوب الرقيق، والشقة الرقيقة من الكتان. جمعها سبائب. "المعجم الوسيط: ص/ 412". 2 أورده الذهبي في السير "6/ 135". 3 راجع: تاريخ خليفة "8/ 2". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 158 وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَفِي حُمْرَتِهَا انْكِفَاءٌ1 كَأَنَّهُ يَجْعَلُ فِيه كَتَمًا، وَكَانَ أُعَيْمَشَ وَلَهُ جَمَّةٌ، قَدِمَ عَلَيْنَا فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ - يَعْنِي مَكَّةَ - فَأَقَامَ إِلَى هِلالِ الْمُحَرَّمِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ قَصِيرًا قَلِيلَ اللِّحْيَةِ لَهُ شَعَرَاتٌ طُوَالٌ خفيف الْعَارِضَيْنِ. وَلِفَايِدِ بْنِ أَقْرَمَ يَمْدَحُ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ تَغَزَّلَ: دَعْ ذَا وَأَثْنِ عَلَى الْكَرِيمِ مُحَمَّدٍ ... وَاذْكُرْ فَوَاضِلَهُ عَلَى الأَصْحَابِ وَإِذَا يُقَالُ مَنِ الْجَوَّادُ بِمَالِهِ ... قِيلَ الْجَوَّادُ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابِ أَهْلُ الْمَدَائِنِ يَعْرِفُونَ مَكَانَهُ ... وَرَبِيعٌ بَادِيَةٌ عَلَى الأَعْرَابِ2 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: حَدَّثَ الزُّهْرِيُّ قَوْمًا بِحَدِيثٍ فَلَمَّا قُمْتُ فَأَخَذْتُ بِعَنَانِ دَابَّتِهِ فَاسْتَفْهَمْتُهُ فَقَالَ: تَسْتَفْهِمُنِي مَا اسْتَفْهَمْتُ عَالِمًا قَطُّ وَلا أَعَدْتُ شَيْئًا عَلَى عَالِمٍ قَطُّ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْقَاوِيُّ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: حَدَّثَ الزُّهْرِيُّ بِمِائَةِ حَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: كَمْ حَفِظْتَ يَا مَالِكُ؟ قُلْتُ: أَرْبَعِينَ حَدِيثًا، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتُهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ كَيْفَ نَقَصَ الْحِفْظُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَبْتَغِي الْعِلْمَ مِنْ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ فَيَأْتِي جَارِيَةً لَهُ نَائِمَةً فَيُوقِظُهَا فَيَقُولُ لَهَا: حَدَّثَنِي فُلانٌ وَفُلانٌ بِكَذَا، فَتَقُولُ: مَا لِي وَلِهَذَا، فَيَقُولُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ لا تَنْتَفِعِينَ بِهِ وَلَكِنْ سَمِعْتُ الآنَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَذِكِرَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: خَرَجَ الزُّهْرِيُّ مِنَ الْخَضْرَاءِ مِنْ عِنْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَجَلَسَ عِنْدَ ذَاكَ الْعَمُودِ فَقَالَ: يأيها الناس إنا   1 وفي حمرتها انكفاء: أي تغير. 2 هذه الأبيات ذكرها المرزبان في معجم الشعراء "ص/ 316" ضمن ترجمة فائد بن الأقرم البلوي، وأوردها له أيضا في مدح الزهري، وراجع السير "6/ 139" للإمام الذهبي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 159 كُنَّا قَدْ مَنَعْنَاكُمْ شَيْئًا قَدْ بَذَلْنَاهُ لِهَؤُلاءِ فَتَعَالَوْا حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ قَالَ: وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فقال: يَا أَهْلَ الشَّامِ مَا لِي أَحَادِيثُكُمْ لَيْسَ لَهَا أَزِمَّةٌ وَلا خَطْمٌ، قَالَ الْوَلِيدُ: فَتَمَسَّكَ أَصْحَابُنَا بِالأَسَانِيدِ مِنْ يَوْمَئِذٍ1. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزهري: كنا نكره الكتاب حتى أكرهنا عليه الأمراء فرأيت أن لا أمنعه مسلمًا. قال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الزُّهْرِيُّ أَحْسَنُ النَّاسِ حَدِيثًا وَأَجْوَدُ النَّاسِ إِسْنَادًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَثْبَتَ أَصْحَابُ أَنَسٍ الزُّهْرِيَّ. وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَخْتِمُ حَدِيثَهُ بِدُعَاءٍ جَامِعٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ2. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: مَا بَقِيَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعِلْمِ مَا بَقِيَ عِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ وَرَجُلٍ آخَرَ، كَأَنَّهُ عَنِيَ نَفْسَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ مَعَ مُجَالَسَتِهِ لِلْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ: لَمْ أَرَ قَطُّ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا الزُّهْرِيُّ إِلا بَحْرٌ. سَمِعْتُ مَكْحُولا يَقُولُ: ابْنُ شِهَابٍ3 أَعْلَمُ النَّاسِ. وَقَالَ مَالِكٌ: بَقِيَ ابْنُ شِهَابٍ وَمَالَهُ فِي النَّاسِ نَظِيرٌ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: شَهِدْتُ وُهَيْبًا وَبِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ وَغَيْرِهِمَا ذَكَرُوا الزُّهْرِيَّ فَلَمْ يَجِدُوا أحدًا يقيسونه به إلا الشعبي.   1 ذكره الذهبي في السير "6/ 140". 2 المصدر السابق. 3 راجع السير "6/ 141- 142" للإمام الذهبي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 160 وقال ابن المديني: أَفْتَى أَرْبَعَةٌ: الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَقَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ عندي أفقههم. وقال الفرياني: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ فَتَثَاقَلَ عَلَيَّ فَقُلْتُ لَهُ: أَتُحِبُّ لَوْ أَنَّكَ أَتَيْتَ مَشَايِخَكَ فَصَنَعُوا بِكَ مِثْلَ هَذَا؟! فَقَالَ: كَمَا أَنْتَ، وَدَخَلَ فَأَخْرَجَ إِلَيَّ كِتَابًا فَقَالَ: خُذْ هَذَا فَارْوِهِ عَنِّي، فَمَا رَوَيْتُ عَنْهُ حَرْفًا. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: أَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ بَعْدَ أَنْ تَرَكَ الْحَدِيثَ فَأَلْفَيْتُهُ عَلَى بَابِهِ فَقُلْتُ: إِنْ رأيتَ أَنْ تُحَدِّثَنِي، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنِّي قَدْ تَرَكْتُ الْحَدِيثَ؟ فَقُلْتُ: إِمَّا أَنْ تُحَدِّثَنِي وَإِمَّا أَنْ أُحَدِّثَكَ، حَدِّثْنِي، فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا1. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: مُرْسَلُ الزُّهْرِيِّ شَرٌّ مِنْ مُرْسَلِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ حَافِظٌ وَكُلَّمَا قَدِرَ أَنْ يُسَمِّي سَمَّى وَإِنَّمَا يَتْرُكُ مَنْ لا يُحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَهُ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ حَوْشَبٍ الْفَزَارِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ وَذَكَرَ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ: أَيُّ رَجُلٍ هُوَ لَوْلا أَنَّهُ أَفْسَدَ نَفْسَهُ بِصُحْبَةِ الْمُلُوكِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ثنا الشَّافِعِيُّ ثنا عَمِّي قَالَ: دَخَلَ سُلَيْمَانُ بن يسار على هشام فقال له: يَا سُلَيْمَانُ مَنِ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: ابْنُ سَلُولٍ، قَالَ: كَذَبْتَ بَلْ هُوَ علي، فدخل ابن شهاب فقال: يا بن شِهَابٍ مَنِ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ؟ قَالَ: ابْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ لَهُ: كَذَبْتَ بَلْ هُوَ عَلِيٌّ، قال: أنا أكذب لا أبالك فو الله لَوْ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ الْكَذِبَ مَا كَذَبْتُ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَعُرْوَةُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ2، قَالَ: فَلَمْ يَزَلِ الْقَوْمُ يُغْرُونَ بِهِ فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: ارْحَلْ فَوَاللَّهِ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَحْمِلَ عَنْ مِثْلِكَ، فَقَالَ: وَلِمَ؟ أَنَا اغْتَصَبْتُكَ عَلَى نَفْسِي أَوْ أَنْتَ اغْتَصَبْتَنِي عَلَى نَفْسِي فَخَلِّ عَنِّي، فَقَالَ لَهُ: لا وَلَكِنَّكَ اسْتَدَنْتَ أَلْفَيْ أَلْفٍ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ - وَأَبُوكَ قَبْلُ - أَنِّي مَا اسْتَدَنْتُ هَذَا الْمَالَ عَلَيْكَ وَلا عَلَى أَبِيكَ، فَقَالَ هشام: إنا إن نهج   1 المصدر السابق "6/ 143، 144". 2 تقدم قريبا رواه البخاري وأبو نعيم في الحلية وغيرهما. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 161 الشَّيْخَ يَهْجُ الشَّيْخُ، فَأَمَرَ فَقَضَى مِنْ دَيْنِهِ ألف ألف، فأخبر بذلك فقال: الحمد لله الَّذِي هَذَا هُوَ مِنْ عِنْدِهِ. قَالَ عَمِّي: وَنَزَلَ ابْنُ شِهَابٍ بِمَاءٍ مِنَ الْمِيَاهِ فَالْتَمَسَ سَلَفًا فَلَمْ يَجِدْ فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَنُحِرَتْ وَدَعَا إِلَيْهَا أَهْلَ الْمَاءِ فَمَرَّ بِهِ عَمُّهُ فَدَعَاهُ إلى الغداء فقال: يا بن أَخِي إِنَّ مُرُوءَةَ سَنَةٍ تَذْهَبُ بِذُلِّ الْوَجْهِ سَاعَةً، فَقَالَ: يَا عَمِّ انْزِلْ فَكُلْ وَإِلا فَامْضِ. وَنَزَلَ مَرَّةً بِمَاءٍ فَشَكَا إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَاءِ إِنَّ لَنَا ثَمَانِيَ عَشْرَةَ امْرَأَةً عَمْرِيَّةً - أَيْ لَهُنَّ أَعْمَارٌ - لَيْسَ لَهُنَّ خَادِمٌ، فَاسْتَسْلَفَ ابْنُ شِهَابٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَأَخْدَمَ كُلَّ واحدة منهن خَادِمًا بِأَلْفٍ1. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَضَى عَنِ الزُّهْرِيِّ سَبْعَةَ آلافِ دِينَارٍ وَقَالَ: لا تَعُدْ لِمِثْلِهَا، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ" 2. وَقَالَ مَالِكٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَجَدْنَا السَّخِيَّ لا تَنْفَعُهُ التَّجَارِبُ. وَقَالَ يُونُسُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَرَّ تَاجِرٌ بِالزُّهْرِيِّ وَهُوَ فِي قَرْيَتِهِ وَالرَّجُلُ يُرِيدُ الْحَجَّ فَابْتَاعَ مِنْهُ بَزًّا3 بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ فَلَمْ يَبْرَحِ الزُّهْرِيُّ حَتَّى فَرَّقَهُ، فَلَمَّا رَأَى الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ التَّاجِرِ أَعْطَاهُ وَقْتَ رُجُوعِهِ مِنَ الْحَجِّ الثَّمَنَ وَزَادَهُ ثَلاثِينَ دِينَارًا وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُكَ يَوْمَئِذٍ سَاءَ ظَنُّكَ، فَقَالَ: أَجَلْ، قَالَ: وَاللَّهِ لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ إِلا لِلتِّجَارَةِ أُعْطِي الْقَلِيلُ فأُعْطَى الْكَثِيرُ. وَرَوَى سُوَيْدٌ عَنْ ضِمَامٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ خَرَجَ إِلَى الأَعْرَابِ ليفقههم فجاءه أعرابي وقد نفد مَا فِي يَدِهِ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى عِمَامَتِي فَأَخَذَهَا، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا وَقَالَ: يَا عُقَيْلُ أُعْطِيكَ خَيْرًا مِنْهَا4. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كُنَّا نَأْتِي الزُّهْرِيَّ بِالرَّاهِبِ فَيُقَدِّمُ إِلَيْنَا كَذَا كَذَا لَوْنًا. قُلْتُ: الرَّاهِبُ عِنْدَ الْمُصَلَّى بِظَاهِرِ دمشق.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 144، 145". 2 حديث صحيح: تقدم قريبا. 3 البز: نوع من الثياب، والبزاز: بائع البز. 4 سير أعلام النبلاء "6/ 145". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 162 وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يُحَدِّثُ ثُمَّ يَقُولُ: هَاتُوا مِنْ أَشْعَارِكُمْ وَأَحَادِيثِكُمْ فَإِنَّ الأُذْنَ مَجَّاجَةٌ وَإِنَّ لِلنَّفْسِ حُمْضَةً1. قُلْتُ: قَدْ جَمَعَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ عِلْمَ الزُّهْرِيِّ وكذا أَلَّفَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ فَأَتْقَنَ وَاسْتَوْعَبَ وَهُوَ فِي مُجَلَّدَيْنِ. وَقَدِ انْفَرَدَ الزُّهْرِيُّ بِسُنَنٍ كَثِيرَةٍ وَبِرِجَالٍ عِدَّةٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُهُ سَمَّاهُمْ مُسْلِمٌ، وَعِدَّتُهُمْ بِضْعٌ وَأَرْبَعُونَ نَفْسًا، فَأَمَّا أَصْحَابُهُ فَعَلَى مَرَاتِبَ. قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ قُلْتُ لَهُ: مَعْمَرٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي الزُّهْرِيِّ أَوْ مَالِكٌ؟ قَالَ: مَالِكٌ، قُلْتُ: فَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَالِكٌ؟ قَالَ: مَالِكٌ، قُلْتُ: فَابْنُ عُيَيْنَةَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَعْمَرٌ؟ قَالَ: مَعْمَرٌ، قُلْتُ: فَشُعَيْبٌ؟ قَالَ: مِثْلُ يُونُسَ وَعُقَيْلٍ، قُلْتُ: فَالزُّبَيْدِيُّ؟ قَالَ: هُوَ سَلِيمٌ، قُلْتُ: فَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوِ اللَّيْثِ؟ قَالَ: كِلاهُمَا ثِقَتَانِ، قُلْتُ: فَمَعْمَرٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ؟ قَالَ: مَعْمَرٌ وَصَالِحٌ ثِقَةٌ، قُلْتُ: فَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ؟ قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، قُلْتُ: فَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ؟ قَالَ: صُوَيْلِحٌ، قُلْتُ: فَصَالِحُ بْنُ الأَخْضَرِ؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَابْنُ جُرَيْجٍ؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ؟ قَالَ: ضَعِيفٌ فِي الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَابْنُ إِسْحَاقَ؟ قَالَ: صَالِحٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ؟ قَالَ: صَالِحٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَمَعْمَرٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ يُونُسُ؟ قَالَ: مَعْمَرٌ، فَيُونُسُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ عُقَيْلٌ؟ قَالَ: يُونُسُ ثِقَةٌ وَعُقَيْلٌ ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَالأَوْزَاعِيُّ فِي الزُّهْرِيِّ؟ قَالَ: ثِقَةٌ مَا أَقَلُّ مَا أَسْنَدَ عَنْهُ، قُلْتُ: فَشُعَيْبٌ؟ قَالَ: كَتَبَ إِمْلاءً عَنِ الزُّهْرِيِّ وَكَانَ شُعَيْبٌ كَاتِبًا لِلسُّلْطَانِ فَكَتَبَ لِلسُّلْطَانِ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِمْلاءً، قُلْتُ: فَالْمُوَقَّرِيُّ؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، قُلْتُ: فَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ؟ قَالَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبَّاسُ الدُّورِيُّ: سئل ابن معين عن ابن أخي ابن شِهَابٍ وَعَنْ أَبِي أُوَيْسٍ، فَقَالَ: ابْنُ أَخِي ابن شِهَابٍ أَمْثَلُ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي الزُّهْرِيِّ من محمد بن إسحاق. وقال عثمان الدارمي: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ ضعيف في   1 يعني أن الأذن مشتاقة للسماع، والنفس تطلبه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 163 الزُّهْرِيِّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: ثِقَةٌ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَصَحُّ حَدِيثًا عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ مَالِكٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: لَمَّا رَحَلَ مَعْمَرٌ إِلَى الزُّهْرِيِّ نَبُلَ فَكُنَّا نُسَمِّيهِ الزُّهْرِيَّ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مَحْمُودٍ الْهَرَوِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَنْ أَعْرَفُ النَّاسِ بِأَحَادِيثِ ابْنِ شِهَابٍ؟ قَالَ: أَحْمَدُ بن صالح المصري وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا: مَاتَ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَالنَّاسُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَشَذَّ أَبُو مُسْهِرٍ فَقَالَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنِي حُسَيْنُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلانِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ قَبْرَ الزُّهْرِيِّ بِأَدَامَى وَهِيَ خَلْفَ شِعْبٍ وَبْذَى وَهِيَ أَوَّلُ عَمَلِ فِلَسْطِينَ وَآخِرُ عَمَلِ الْحِجَازِ، وَبِهَا ضَيْعَةٌ لِلزُّهْرِيِّ، رَأَيْتُ قَبْرَهُ مُسَنَّمًا مُجَصَّصًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَرْبَعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً. 306- مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ1 - م4خ مَقْرُونًا - مَوْلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، الْقُرَشِيِّ الأَسَدِيِّ أَحَدِ الأَعْلامِ. رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَحَدِيثُهُ عَنِ الثَّلاثَةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَجَابِرٍ فَأَكْثَرَ وَعَنْ طَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَحَجَّاجٌ الصَّوَّافُ وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ.   1 التاريخ الكبير "1/ 221"، والصغير "146". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 164 وَكَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْثَقَ مِنْهُ. قَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ وَكَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ عَقْلا وَأَحْفَظَهُمْ، وَكَانَ أَيُّوبُ إِذَا رَوَى عَنْهُ يَقُولُ: ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ وَأَبُو الزُّبَيْرِ أَبُو الزُّبَيْرِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: يُضَعِّفُهُ بِذَلِكَ1. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: كُنَّا نَكُونُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَيُحَدِّثُنَا فَإِذَا خَرَجْنَا تَذَاكَرْنَا وَكَانَ أَبُو الزُّبَيْرِ أَحْفَظَنَا لِلْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ وَكَذَا وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وغَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَمَّا أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا فَقَالُوا: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ لِأَبِي الزُّبَيْرِ فِي صَحِيحِهِ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ إِلا أَنْ يَرْوِي عَنْهُ بَعْضُ الضُّعَفَاءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الضَّعِيفِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ ثنا وَرْقَاءُ قَالَ: قُلْتُ لِشُعْبَةَ: مَا لَكَ تَرَكْتَ حَدِيثَ أَبِي الزُّبَيْرِ - قَالَ: رَأَيْتُهُ يَزِنُ وَيَسْتَرْجِعُ فِي الْمِيزَانِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَجُلٍ يَقْدَمُ مِنْ مَكَّةَ فَأَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ فَسَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ, فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ فَافْتَرَى عَلَيْهِ, فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الزُّبَيْرِ تَفْتَرِي عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ، قَالَ: إِنَّهُ أَغْضَبَنِي، قُلْتُ: مَنْ يُغْضِبُكَ تَفْتَرِي عَلَيْهِ، لا رَوَيْتَ عَنْكَ أَبَدًا، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ فِي صَدْرِي أَرْبَعُمِائَةِ حَدِيثٍ لِأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ2. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ: قِيلَ لِشُعْبَةَ: لِمَ تَرَكْتَ أَبَا الزُّبَيْرِ؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ يُسِيءُ الصَّلاةَ فَتَرَكْتُ الرِّوَايَةَ عَنْهُ. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: يَا أَبَا عُمَرَ لَوْ رَأَيْتَ أَبَا الزُّبَيْرِ لَرَأَيْتَ شُرْطِيًّا بِيَدِهِ خَشَبَةٌ فَقُلْتُ لَهُ: ما لقي منك أبو الزبير.   1 راجع: ميزان الاعتدال "4/ 37"، وتذكرة الحفاظ "1/ 127". 2 ذكره الذهبي في السير "6/ 178"، وميزان الاعتدال "4/ 40". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 165 وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: ثنا اللَّيْثُ قَالَ: قَدِمْتُ مُكَّةَ فَجِئْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابَيْنِ وَانْقَلَبْتُ بِهِمَا ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ عَاوَدْتُهُ فَسَأَلْتُهُ أَسَمِعَ هَذَا كُلَّهُ مِنْ جَابِرٍ فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ: مِنْهُ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ وَمِنْهُ مَا حُدِّثْتُ عَنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْلِمْ لِي عَلَى مَا سَمِعْتَ، فَأَعْلَمَ لِي عَلَى هَذَا الَّذِي عِنْدِي1. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: قَالَ سُفْيَانُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي الزُّبَيْرِ وَمَعَهُ كِتَابُ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ فَجَعَلَ يَسْأَلُ أَبَا الزُّبَيْرِ فَيُحَدِّثُ بَعْضَ الْحَدِيثِ ثُمَّ يَقُولُ: انْظُرْ كَيْفَ هُوَ فِي كِتَابِكَ، فَيُخْبِرُهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ فَيُخْبِرُ بِهِ كَمَا فِي الْكِتَابِ2. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلِيُّ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: جِئْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ أَنَا وَرَجُلٌ فَكُنَّا إِذَا سَأَلْنَاهُ عَنِ الْحَدِيثِ فَتَغَايَمَ فِيهِ قَالَ: انْظُرُوا فِي الصَّحِيفَةِ كَيْفَ هُوَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَدَنِيُّ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: مَا تَنَازَعَ أَبُو الزُّبَيْرِ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَطُّ عَنْ جَابِرٍ إِلا زَادَ عَلَيْهِ أَبُو الزُّبَيْرِ. وَقَدْ خَرَّجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَارَ الْبَيْتَ لَيْلا3. وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ لِأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ"4. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْخَشَّابُ أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ حَدَّثَنَا عَيْنُ الشَّمْسِ الثَّقَفِيَّةُ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أنا أَبُو طَاهِرٍ الْكَاتِبُ أنا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ثنا عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَمِعْتُ أَبَا أُسَيْدٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ يُفْتِي: الدِّينَارُ   1 سير أعلام النبلاء "6/ 178". 2 انظر السابق. 3 لم أقف عليه في مسلم، وقال الذهبي: في سير أعلام النبلاء "6/ 181" وهو عندي منقطع، قلت: وقد وصله الإمام أحمد في المسند "10/ 25777" عن وكيع عن سفيان عن أبي الزبير عن عائشة وابن عباس -رضي الله عنهم- أجمعين. 4 إسناده منقطع: أخرجه أبو داود "2324"، والدارقطني في سننه "2/ 199". قلت: ومحمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة، وانظر تهذيب التهذيب "9/ 473". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 166 بِالدِّينَارَيْنِ فَأَغْلَظَ لَهُ أَبُو أُسَيْدٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَحَدًا يَعْرِفُ قَرَابَتِي من رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ مِثْلَ هَذَا يَا أَبَا أُسَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُسَيْدٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَصَاعُ حِنْطَةَ بِصَاعِ حِنْطَةَ وَصَاعُ شَعِيرٍ بِصَاعِ شَعِيرٍ وَصَاعُ مِلْحٍ بِصَاعِ مِلْحٍ لا فَضْلَ بَيْنَ ذَلِكَ" 1، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا الَّذِي كُنْتُ أَقُولُهُ بِرَأْيِي وَلَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ يَحْتَجُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِمَا رَوَاهُ عَنْهُ اللَّيْثُ فَقَطْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَحْمِلْ إِلا مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِسَمَاعِهِ مِنْ جَابِرٍ، وَمَعَ كَوْنِ الْبُخَارِيُّ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ مَا رَأَيْتُ ذَكَرَهُ فِي كِتَابَيْهِ فِي الضُّعَفَاءِ. قَالَ الْفَلاسُ وَغَيْرُهُ: مَاتَ أَبُو الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: أَرَاهُ عَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا. 307- مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ -ع2- بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ. الزَّاهِدُ العابد أحد الأعلام أخو عم بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي رَافِعٍ وَسَفِينَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ رَقِيقَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَمِّهِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ الْمُنْكَدِرُ وَالزُّهْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وعلي بن زيد بن جُدْعَانُ وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ وَحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَطَبَقَةٌ أُخْرَى ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَاسْتَقْدَمَهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ إِلَى الشَّامِ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ لِيُفْتُوهُ فِي طَلاقِ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ: صدقة بن عبد الله قال: جئت   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1588"، والنسائي "7/ 278"، وابن ماجه "2261"، وأحمد في المسند "2/ 379"، والحاكم في المستدرك "2/ 19، 20" وصححه على شرط مسلم، وأقره الذهبي وأورده الذهبي في السير "6/ 181" وغيره. 2 التاريخ الكبير "1/ 219"، وحلية الأولياء "3/ 146". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 167 مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ وَأَنَا مُغْضَبٌ فَقُلْتُ لَهُ: أَحَلَلْتَ لِلْوَلِيدِ أُمَّ سَلَمَةَ! قَالَ: أَنَا وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حَدَّثَنِي جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا طَلاقَ لِمَنْ لا يَمْلِكُ وَلا عِتْقَ لِمَنْ لا يَمْلِكُ"1. صَدَقَةُ السَّمِينُ ضَعِيفٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: جَاءَ الْمُنْكَدِرُ إِلَى عَائِشَةَ فَشَكَا إِلَيْهَا الْحَاجَةَ فَقَالَتْ: أَوَّلُ شَيْءٍ يَأْتِينِي أَبْعَثُ بِهِ إليك فَجَاءَتْهَا عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: مَا أَسْرَعُ مَا امتُحِنْتُ وَبَعَثْتُ بِهَا إِلَيْهِ فَاتَّخَذَ مِنْهَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدًا وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ2. رَوَى نَحْوَهَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ السِّنْدِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَمُصْعَبٌ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَإِسْمَاعِيلُ - أَحْسَبُهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ - وَغَيْرُهُمْ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. وَكَنَّاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ: أَبَا بَكْرٍ. قَالَ خ: قَالَ لِي الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ لا يَكَادُ أَحَدٌ يَسْأَلُهُ عَنْ حَدِيثٍ إِلا كَادَ يَبْكِي. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: بَلَغَ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ سَنَةً وَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَحْمِلُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْهُ جَالَسْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثَلاثًا وَعِشْرِينَ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَجْدَرَ أَنْ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلا يُسْأَلْ عَمَّنْ هُوَ مِنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي جَابِرٍ أَوْ أَبُو الزُّبَيْرِ؟ قَالَ: ثِقَتَانِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ فِي غَايَةِ الإِتْقَانِ وَالْحِفْظِ وَالزُّهْدِ حجة3. وقال أبو حاتم وطائفة: ثقة.   1 ضعيف: أخرجه الحاكم في المستدرك "2/ 419، 420"، والطبراني في معجمه الكبير "11/ 49، 193"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "3/ 165". 2 طبقات ابن سعد "5/ 357"، وسير أعلام النبلاء "6/ 159". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 159". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 168 وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: الْمُنْكَدِرُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ بْنِ مُحْرِزِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْن سَعْدِ بْن تَيْمِ بْن مُرَّةَ بْن كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: كَمْ مِنْ عَيْنٍ سَاهِرَةٍ فِي رِزْقِي فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ1، وَكَانَ إِذَا بَكَى مَسَحَ وَجْهَهُ وَلِحْيَتَهُ مِنْ دُمُوعِهِ وَيَقُولُ: النَّارُ لا تَأْكُلُ مَوْضِعًا مَسَّتْهُ الدُّمُوعُ. وَعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: كَابَدْتُ نَفْسِي أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى اسْتَقَامَتْ. وَرَوَى حُسَيْنُ الْجُعَفِيُّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ سَوْقَةَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يَسْتَقْرِضُ وَيَحُجُّ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: أَرْجُو قَضَاءَهَا. وَقَالَ سُفْيَانُ: تَعَبَّدَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَهُوَ غُلامٌ وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ عِبَادَةٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: محمد وأبو بكير وَعُمَرُ بَنُو الْمُنْكَدِرِ لا يُدْرَى أَيُّهُمْ أَفْضَلُ. وَرَوَى الْفَضْلُ الْغِلابِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: إِنِّي لأَدْخُلُ فِي اللَّيْلِ فَيَهُولُنِي فَأُصْبِحُ حِينَ أُصْبِحُ وَمَا قَضَيْتُ مِنْهُ أُرْبِي. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُصَلِّي ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَمُدَّ يَدَيْهِ وَيَدْعُو ثُمَّ يَنْحَرِفُ عَنِ الْقِبْلَةِ وَيُشْهِرُ يَدَيْهِ وَيَدْعُو، يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فِعْلَ الْمُوَدِّعِ. وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارُ بْنُ الْعَلاءِ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ رُبَّمَا قَامَ اللَّيْلَ فَكَانَ لَهُ جَارٌ مُبْتَلًى فَكَانَ يَصِيحُ وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْحَمْدِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَرْفَعُ صَوْتِي بِالنِّعْمَةِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْبَلاءِ. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَعْقُوبَ التَّيْمِيُّ2 قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يَجْلِسُ مَعَ أَصْحَابِهِ وَكَانَ يُصِيبُهُ صِمَاتٌ فَكَانَ يَقُومُ كَمَا هُوَ حَتَّى يَضَعَ خَدَّهُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ يَرْجِعُ، فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُ تُصِيبُنِي خَطْرَةٌ فَإِذَا وَجَدْتُ ذَلِكَ اسْتَغَثْتُ بِقَبْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-3.   1 ولفظه في طبقات ابن سعد "5/ 357". 2 وإسماعيل بن يعقوب التيمي عن هشام بن عروة، ضعفه أبو حاتم. وله حكايات منكرة عن مالك ساقها الخطيب في ميزان الاعتدال "1/ 254". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 159". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 169 وَكَانَ يَأْتِي مَوْضِعًا مِنَ الْمَسْجِدِ يَتَمَرَّغُ فِيهِ وَيَضْطَجِعُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْمَوْضِعِ1. إِسْمَاعِيلُ: فِيهِ لِينٌ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا مُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ أبي يحج بولده فقيل له: لن تَحُجُّ بِهَؤُلاءِ؟ قَالَ: أَعْرِضُهُمْ لِلَّهِ. وَرَوَى حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَيِّدًا يُطْعِمُ الطَّعَامَ وَيَجْتَمِعُ عِنْدَهُ الْقُرَّاءُ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قِيلَ لابْنِ الْمُنْكَدِرِ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ. وَقِيلَ لَهُ: أَيُّ الدُّنْيَا أَحَبُّ إِلَيْكَ - قَالَ: الإِفْضَالُ إِلَى الإِخْوَانِ4. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: بَاتَ أَخِي عُمَرُ يُصَلِّي وَبِتُّ أَغْمِزُ قَدَمَ أُمِّي وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ5. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ وَيَقُولُ: يَا أُمِّ ضَعِي قَدَمَكِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: تَبِعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ جَنَازَةَ رَجُلٍ كَانَ يُسَفَّهُ بِالْمَدِينَةِ فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فقال: والله إني لأستحيي مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَانِي أَرَى رَحْمَتَهُ عَجَزَتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: خَرَجَ نَاسٌ غُزَاةٌ فِي الصَّائِفَةِ فِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فَبَيْنَا هُمْ يَسِيرُونَ فِي السَّاقَةِ إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اشْتَهِي جُبْنًا رَطِبًا فَقَالَ مُحَمَّدٌ: فَاسْتَطْعِمِ اللَّهَ فَإِنَّهُ قَادِرٌ، فَدَعَا الْقَوْمُ فَلَمْ يَسِيرُوا إِلا شَيْئًا حَتَّى وَجَدُوا مِكْتلا6 مَخِيطًا فَإِذَا هُوَ جُبْنٌ طَرِيٌّ رَطِبٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ كان هذا عسلًا، قال:   1 انظر السابق. 2 وانظر ميزان الاعتدال "1/ 254". 3 وذكره الذهبي في السير "6/ 160". 4 المصدر السابق. 5 الطبقات: لابن سعد "5/ 358". 6 مكتلا: هو زنبيل يعمل من الخوص، والزنبيل: هو القفة، والجمع: زنانبيل، وزبل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 170 الذي أطعمكموه قادر، فدعوا اللَّهَ فَسَارُوا قَلِيلا فَوَجَدُوا فِرْقَ عَسَلٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَنَزَلُوا وَأَكَلُوا الْجُبْنَ وَالْعَسَلَ. وَقَدْ رَوَاهَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ "مُجَابِي الدَّعْوَةِ" عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ1. وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَامِيُّ قَالَ: اسْتَوْدَعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَدِيعَةً فَاحْتَاجَ فَأَنْفَقَهَا فَجَاءَ صَاحِبُهَا فَطَلَبَهَا فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَدَعَا فَقَالَ: يَا سَادَّ الْهَوَاءَ بِالسَّمَاءِ وَيَا كَابِسَ الأَرْضِ عَلَى الْمَاءِ وَيَا وَاحِدًا قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَيَا وَاحِدًا بَعْدَ كُلِّ أَحَدٍ يَكُونُ أَدِّ عَنِّي أَمَانَتِي، فَسَمِعَ قَائِلا يَقُولُ: خُذْ هَذِهِ فَأَدِّهَا عَنْ أَمَانَتِكَ وَأَقْصِرْ فِي الْخُطْبَةِ فَإِنَّكَ لَنْ تَرَانِي2. وَعَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ: إِنَّ رُؤْيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ لَتَنْفَعُنِي فِي دِينِي. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الصَّالِحُونَ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ حَافِظٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ مِنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ. وَقَالَ عَمْرٌو النَّاقِدُ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ: أَتَأْذَنُونَ؟ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مَتِينَانِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَرَأَيْتُهُ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ. أُنْبِئْتُ عَنِ اللبان أَنَا أَبُو عليّ الحدّاد أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ الأُنَيْسِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَذْكُرْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَائِمٌ يُصَلِّي إِذْ بَكَى فَكَثُرَ بُكَاؤُهُ حَتَّى فَزِعَ لَهُ أَهْلُهُ وَسَأَلُوهُ فَاسْتَعْجَمَ عَلَيْهِمْ وَتَمَادَى فِي الْبُكَاءِ فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ حَازِمٍ فَجَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟ قَالَ: مَرَّتْ بِي آيَةٌ، قال: وما هي؟ قال: قوله تعالى   1 أورده في مجابو الدعوة ابن أبي الدنيا "ص/ 99 برقم [67] "، وأبو نعيم في الحلية "3/ 151"، والذهبي في السير "6/ 160". 2 طبقات ابن سعد بنحوه "5/ 359". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 171 {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47] فَبَكَى أَبُو حَازِمٍ مَعَهُ حَتَّى اشْتَدَّ بُكَاؤُهُمَا1. وَقَالَ ابْنُ سَوْقَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ الْغِنَى. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: بَعَثَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا ثُمَّ قَالَ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ مَا ظَنُّكُمْ بِرَجُلٍ فَرَّغَ صَفْوَانَ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ. تُوُفِّيَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَقِيلَ: سنة إحدى وثلاثين، قاله هارون بْنُ مُوسَى الْفَرَوِيُّ وَالْفَسَوِيُّ. 308- مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعِ بن جابر بن الأخنس2 -م د ت ن- أَبُو بَكْرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الأَزْدِيُّ البصري. أَحَدُ الأَئِمَّةِ وَالْعُبَّادِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْمَكِّيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ وَأَزْهَرُ بْنُ سِنَانٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَمَّادَانِ وَمَعْمَرٌ وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ وَأَبُو الْمُنْذِرِ سَلامٌ الْقَارِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ عَابِدٌ صَالِحٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ لَكِنَّهُ بُلِيَ بِرُوَاةٍ ضُعَفَاءَ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: لَمْ يَكُنْ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عِبَادَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَكَانَتِ الْفُتْيَا إِلَى غَيْرِهِ، وَإِذَا قِيلَ: مَن أَفْضَلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ؟ قِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ صَحِيفَتِهِ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ. وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَخْشَعَ من محمد بن واسع.   1 تذكرة الحفاظ "1/ 127"، وسير أعلام النبلاء "6/ 156". 2 التاريخ الكبير "1/ 255"، وتهذيب التهذيب "9/ 499". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 172 وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كُنْتُ إِذَا وَجَدْتُ مِنْ قَلْبِي قَسْوَةً غَدَوْتُ فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ كَانَ كَأَنَّهُ ثَكْلَى1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ رَجُلٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ: أَوْصِنِي، قَالَ: أُوصِيكَ أَنْ تَكُونَ مَلِكًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ: كَيْفَ هَذَا - قال: ازْهَدْ2 فِي الدُّنْيَا. وَعَنْهُ قَالَ: طُوبَى لِمَنْ وجد عشاء ولم غَدَاءً وَوَجَدَ غَدَاءً وَلَمْ يَجِدْ عَشَاءً وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَسَّمَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ عَلَى قُرَّائِهَا فَبَعَثَ إِلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ فَأَخَذَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ وَاسِعٍ: قَبِلْتَ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ! قَالَ: سَلْ جُلَسَائِي، فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ اشْتَرِي بِهَا رَقِيقًا فَأَعْتِقْهُمْ، قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَقَلْبُكَ السَّاعَةُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: لَوْ كَانَ لِلذُّنُوبِ رِيحٌ مَا جَلَسَ أَحَدٌ إِلَيَّ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا صَافَّ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ التُّرْكَ وَهَالَهُ أَمْرَهُمْ سَأَلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ فَقِيلَ: هو ذاك فِي الْمَيْمَنَةِ يُبَصْبِصُ3 بِإِصْبَعِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ قَالَ: تِلْكَ الإِصْبَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ سَيْفٍ شَهِيرٍ4 وَشَابٍّ طَرِيرٍ5. وَقَالَ حَزْمُ الْقُطَعِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ: يَا إِخْوَتَاهُ تَدْرُونَ أَيْنَ يَذْهَبُ بِيَ اللَّهُ إِلَى النَّارِ أَوْ يَعْفُوَ عَنِّي. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: لَمْ يَكُنْ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ كَبِيرُ عبادة وكان يلبس قميصًا بصريًا وساجًا6.   1 يعني: أفقدني حياتي. 2 ازهد في الدنيا: يعني أعرض عنها ولا تكن راغبا فيها، راضيا بها. لأن الزهد: هو الزهادة: وهي خلاف الرغبة في الشيء، والرضا باليسير. مما يتيقن حله، وترك الزائد على ذلك لله تعالى. 3 يعني يحرك بإصبعه نحو السماء. 4 شهر السيف: يعني سله من غمده، ورفعه. 5 شاب طاير: يعني ذو المنظر والرواء والهيئة الحسنة. 6 الساج: هو الطيلسان. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: ثنا جُبَيْرٌ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَى رَجُلٌ كَأَنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ: خَيْرُ رَجُلٍ بِالْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ. وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: لا نَزَالُ بِخَيْرٍ مَا بَقِيَ لَنَا أَشْيَاخُنَا: مَالِكٌ وَثَابِتٌ وَابْنُ وَاسِعٍ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ ابْنُ وَاسِعٍ: إِنِّي لأَغْبِطُ رَجُلا مَعَهُ دِينُهُ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ رَاضٍ عَنْ رَبِّهِ. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: إِذَا أَقْبَلَ الْعَبْدُ بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ أَقْبَلَ اللَّهُ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: يَكْفِي مِنَ الدُّعَاءِ مَعَ الْوَرَعِ الْيَسِيرُ مِنَ الْعَمَلِ كَمَا يَكْفِي الْقَدْرُ مِنَ الْمِلْحِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ عَلَى قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ الأَمِيرِ فِي مَدْرَعَةِ صُوفٍ1، فَقَالَ: مَا يَدْعُوكَ إِلَى لِبْسِ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ فَقَالَ: أُكَلِّمُكَ فَلا تُجِيبُنِي! قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ زُهْدًا فَأُزَكِّي نَفْسِي أَوْ أَقُولَ فَقْرًا فَأَشْكُو رَبِّي. وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ وَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: قَرِيبًا أَجَلِي، بَعِيدًا أَمَلِي، سَيِّئًا عَمَلِي. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ - وَلَيْسَ بِالضُّبَعِيِّ - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ فَشَكَا ابْنَهُ فَأَقْبَلَ مُحَمَّدٌ عَلَى ابْنِهِ فَقَالَ: تَسْتَطِيلُ عَلَى النَّاسِ وَأُمُّكَ اشْتَرَيْتُهَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَمَّا أَبُوكَ فَلا كَثَّرَ اللَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ مِثْلَهُ. وَعَنْ قَاسِمٍ الْخَوَّاصِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ قَالَ لِرَجُلٍ: أَأَبْكَاكَ قَطُّ سَابِقُ عِلْمِ اللَّهِ فِيكَ. قَالَ خَلِيفَةُ2: مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَكَذا رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ بَعْضُ وَلَدِ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.   1 يعني وهو يلبس درعا من الصوف، والدرع هو القميص من حلقات من الحديد تلبس وقاية من السلاح "ج" أدراع. 2 راجع تاريخ خليفة وفاته في عام "127هـ"، وليس كما ورد "123 هـ". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 174 وَعَنْ أَبِي الطَّيْبِ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ قَالَ: صَحِبْتُ مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أَجْمَعَ، يُصَلِّي فِي الْمَحْمَلِ جَالِسًا. وَعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ حَوْشَبًا جَاءَ إِلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ كَأَنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي يَقُولُ: يَأَيُّهَا النَّاسُ الرَّحِيلَ الرَّحِيلَ فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَرْتَحِلُ إِلا مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ فَصَاحَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. قَالَ مُضَرُ: كَانَ الْحَسَنُ يُسَمِّي مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ زَيْنُ الْقُرَّاءِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبْكِي عِشْرِينَ سَنَةً وَامْرَأَتُهُ مَعَهُ لا تَعْلَمُ. وَقَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنِي مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: دَعَا مَالِكُ بْنُ الْمُنْذِرِ مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ وَكَانَ عَلَى شُرْطَةِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ: اجْلِسْ عَلَى الْقَضَاءِ، فَأَبَى فَعَاوَدَهُ فَقَالَ: لِتَجْلِسَنَّ أَوْ لأَجْلِدَنَّكَ ثَلاثِمِائَةٍ، قَالَ: إِنْ تَفْعَلْ فَإِنَّكَ مُسَلَّطٌ وَإِنَّ ذَلِيلَ الدُّنْيَا خَيْرٌ مِنْ ذَلِيلِ الآخِرَةِ. قَالَ: وَدَعَاهُ بَعْضُ الأُمَرَاءِ فَأَرَادَهُ عَلَى بَعْضِ الأَمْرِ فَأَبَى فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ أَحْمَقٌ1، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَا زِلْتُ يُقَالُ لِي هَذَا مُنْذُ أَنَا صَغِيرٌ. وَعَنِ ابْنِ وَاسِعٍ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى ابْنٍ لَهُ يَخْطُرُ بِيَدِهِ فَقَالَ: تَعَالَ وَيْحَكَ تَدْرِي، أُمُّكَ اشْتَرَيْتُهَا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأَبُوكَ فَلا كَثَّرَ اللَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ ضَرْبَهُ. وَيُرْوَى أَنَّ قَاصًّا كَانَ قَرِيبًا مِنْ مَجْلِسِ ابن واسع فقال: ما لي أَرَى الْقُلُوبَ لا تَخْشَعُ وَالْعُيُونَ لا تَدْمَعُ وَالْجُلُودَ لا تَقْشَعِرُّ؟ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَا فُلانُ مَا أَرَى الْقَوْمَ أَتَوْا إِلا مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ الذِّكْرَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْقَلْبِ وَقَعَ عَلَى الْقَلْبِ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَزِّمٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ يَصُومُ الدَّهْرَ وَيُخْفِي ذَلِكَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ عَلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ فَدَعَاهُ إِلَى طَعَامِهِ فَاعْتَلَّ عَلَيْهِ فَغَضِبَ بِلالٌ وَقَالَ: إِنِّي أَرَاكَ تَكْرَهُ طَعَامَنَا، فَقَالَ: لا تَقُلْ ذَاكَ أَيُّهَا الأمير فو الله لَخِيَارُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَبْنَائِنَا. أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ عَنِ اللَّبَّانِ عَنِ الْحَدَّادِ قِرَاءَةً أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ   1 يعني قليل العقل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 175 جَعْفَرٍ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. أَخْرَجَهُ مسلم من حديث إسماعيل ابن مسلم1. 309- محمد بن يحيى بن حبان2 -ع- بْنِ مُنْقِذٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ الْبُخَارِيُّ المازني المدني الفقيه. رَوَى عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ وَعَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ وَالأَعْرَجِ وَعَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ. وَعَنْهُ رَبِيعَةُ الرَّائِيُّ وَابْنُ عَجْلانَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَمْرُو بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَخَلْقٌ. وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ لَهُ حَلَقَةٌ لِلْفَتْوَى وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَاشَ أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. قُلْتُ: اتَّفَقُوا عَلَى مَوْتِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 310- مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو بَكْرٍ الرَّحْبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ3. وَالرَّحْبَةُ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى دِمَشْقَ قَدْ خَرِبَتْ. رَوَى عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ وَعُمَيْرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَبِي خَنْبَشٍ الأَسَدِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ وَآخَرُونَ. وهو قليل الحديث لم أرلهم فِيهِ كَلامًا. وَأَبُو خَنْبَشٍ هَذَا شَهِدَ يَوْمَ الدار.   1 أخرجه مسلم "1226/ 171". 2 التاريخ الكبير "1/ 265"، وتهذيب التهذيب "9/ 507". 3 التاريخ الكبير "1/ 261"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 221". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 176 311- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَوْفٍ الثَّقَفِيُّ1 -خ م ن ق- حِجَازِيٌّ مُوَثَّقٌ لَهُ حَدِيثٌ فِي التَّهْلِيلِ يَوْمَ عَرَفَةَ. رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ بِرِوَايَتِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. 312- مَخْرَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيُّ الْمَدَنِيُّ2 -ع-. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَكُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عباس وعبد ربه بن سَعِيدٍ وَالضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قُتِلَ يَوْمَ قُدَيْدَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 313- مَرْثَدُ بْنُ سُمَيٍّ الأَوْزَاعِيُّ3. شَهِدَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَطَائِفَةٍ وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ. وَعَنْهُ حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. وَفِي النَّفْسِ مِنْ صِحَّةِ شُهُودِهِ الْيَرْمُوكَ، وَأَمَّا رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَلَعَلَّهَا مُرْسَلَةٌ. اتَّفَقُوا عَلَى وَفَاتِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. أَرَّخَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَخَلِيفَةُ وَالزِّيَادِيُّ. 314- مَرْزُوقٌ أَبُو بَكْرٍ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ4. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَجَمَاعَةٌ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ. 315- مُزَاحِمُ بن زفر الكوفي5 -م ن- وهو مزاحم بن أبي مزاحم.   1 التاريخ الكبير "1/ 46"، وتقريب التهذيب "2/ 148". 2 التاريخ الكبير "8/ 15"، وتقريب التهذيب "2/ 242". 3 التاريخ الكبير "7/ 416"، والجرح والتعديل "8/ 299". 4 التاريخ الكبير "7/ 383"، وتقريب التهذيب "2/ 244". 5 التاريخ الكبير "8/ 23"، وتقريب التهذيب "2/ 247". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 177 عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَشُعْبَةُ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ الضَّبِّيُّ وَكَانَ كَخَيْرِ الرِّجَالِ. 316- مُسْلِمُ بْنُ سَمْعَانَ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 317- مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ السَّلْمِيُّ2. مَوْلاهُمْ أَخُو مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ وَأَبِي صَالِحٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَيُقَالُ لَهُ مُسْلِمُ الْخَيَّاطُ، وَعَامَّةُ رِوَايَتِهِ مُرْسَلٌ وَآثَارٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 318- مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ يَسَارٍ الأَنْصَارِيُّ3 -خ م د ن ق- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ الْخَيَّاطُ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي صالح السمان. هو الَّذِي قَبْلَهُ وَلا أَرَى لِتَفْرِيقِهِمَا وَجْهًا قَوِيًّا. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. 319- مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ4 -د- قد ذكر.   1 التاريخ الكبير "7/ 262"، والتعديل "8/ 184". 2 التاريخ الكبير "7/ 273"، والتاريخ لابن معين "885". 3 تقريب التهذيب "2/ 253"، وميزان الاعتدال "4/ 527". 4 التاريخ الكبير "7/ 387" وتهذيب التهذيب "10/ 144". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 178 وَيُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 320- مُشَاشٌ أبو ساسان1 -ن- ويقال: أبو الأزهر السليمي. عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَالضَّحَّاكِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُمَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا الَّذِي رَوَى عَنِ الضَّحَّاكِ وَأَنَّهُ مَرْوَزِيٌّ. 321- مُصْعَبُ بن محمد شرحبيل2 -ن ق- العبدري المكي. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَوُهَيْبٌ والسُّفْيَانَانِ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ به. 322- مطر الوراق3 -م4- أبو رجاء بن طهمان مَوْلَى عَلْبَاءَ بْنِ أَحْمَدَ الْيَشْكُرِيِّ. خُرَاسَانِيٌّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَكَانَ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ وَلَهُ حَظٌّ مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرَمَةَ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ فِي عَطَاءٍ ضَعِيفٌ. قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعْتُ عَمِّي عيسى يقول: ما رأيت مثل مطر   1 تهذيب التهذيب "10/ 154"، وعلل أحمد "1/ 60". 2 التاريخ الكبير "7/ 351"، وتهذيب التهذيب "10/ 164". 3 التاريخ الكبير "7/ 400"، وميزان الاعتدال "4/ 126". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 179 الْوَرَّاقِ فِي فِقْهِهِ وَزُهْدِهِ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: رَحِمَ اللَّهُ مَطَرًا الْوَرَّاقَ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْجَنَّةَ. وَعَنْ شَيْبَةَ بِنْتِ الأَسْوَدِ قَالَتْ: رَأَيْتُ مَطَرًا الْوَرَّاقَ وَهُوَ يَقُصُّ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 323- مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ بْن طلحة بْن عُبَيْد الله القرشي التيمي1 -خ ن ق-. عَنْ أَبِيهِ وَأَعْمَامِهِ مُوسَى وَعِمْرَانَ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ وَعُرْوَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 324- مُعَاوِيَةُ بْنُ الرَّيَّانِ2. مولى عبد العزيز بن مران. عَنْ أَبِي فِرَاسٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد وَابْنُ لَهِيعَةَ. عِدَادُهُ فِي الْمِصْرِيِّينَ. تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ هِشَامٍ. 325- مَعْبَدٌ الْمُغَنِّي3. الَّذِي يُضَربُ بِهِ الْمَثَلُ فِي جَوْدَةِ الْغِنَاءِ، وَهُوَ مَعْبَدُ بْنُ وَهْبٍ - وَيُقَالُ: ابْنُ قَطَنِيٍّ وَيُقَالُ: ابْنُ قَطَنٍ - أَبُو عَبَّادٍ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ. وَيُقَالُ: مَوْلَى مُعَاوِيَةَ. وَقِيلَ: مَوْلَى ابْنِ قَطَنٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ. وَكَانَ أَدِيبًا فَصِيحًا لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى الْوَلِيدِ الْمَقْتُولِ. قَالَ كَرْدَمُ بْنُ مَعْبَدٍ الْمُغَنِّي مَوْلَى ابْنِ قَطَنٍ: مَاتَ أَبِي وَهُوَ فِي عَسْكَرِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَأَنَا مَعَهُ, فَنَظَرْتُ حِينَ أُخْرِجَ نَعْشُهُ إِلَى سَلامَةِ الْقَسِّ جَارِيَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَدْ أَضْرَبَ النَّاسُ عَنْهُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَهِيَ آخِذَةٌ بِعَمُودِ نَعْشِهِ تَنْدِبُهُ وَتَقُولُ: قَدْ لَعَمْرِي بِتُّ لَيْلِي ... كَأَخِي الدَّاءِ الْوَجِيعِ وَنَجِيُّ الْهَمِّ مِنِّي ... بَاتَ أدْنَى من ضجيعي   1 التاريخ الكبير "7/ 333"، وميزان الاعتدال "4/ 134". 2 التاريخ الكبير "7/ 334"، والجرح والتعديل "8/ 384". 3 راجع الأغاني "1/ 36"، وعيون الأخبار "4/ 90". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 180 كُلَّمَا أَبْصَرْتُ رَبْعًا ... خَالِيًا فَاضَتْ دُمُوعِي قَدْ خلا من سيد كا ... ن لَنَا غَيْرُ مُضِيعِ لا تَلُمْنَا إِنْ خَشَعْنَا ... أَوْ هَمَمْنَا بِخُشُوعِ1 وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمَرَ أَبِي أَنْ يُعَلِّمَهَا هَذَا الصَّوْتَ فَعَلَّمَهَا إِيَّاهُ فَرَثَتْهُ بِهِ يَوْمَئِذٍ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 326- مَعْمَرُ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ2. عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ وَعُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ. وَعَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 327- مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ3 -خ م- الهذلي الكوفي. قَاضِي الْكُوفَةِ. عَنْ أَبِيهِ وَجَعْفَرِ بْن عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ وَأَبِي دَاوُدَ نُفَيْعٍ، وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ. وَكَانَ عَفِيفًا صَارِمًا عَالِمًا مُوَثَّقًا فِي الْحَدِيثِ. 328- الْمُغِيرَةُ بْنُ عُتَيْبَةَ بْنِ النَّهَّاسِ الْعِجْلِيُّ4، الْكُوفِيُّ. قَاضِي الْكُوفَةِ أَيْضًا. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ وَمُكَيْثٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَكَامِلٌ أَبُو الْعَلاءِ وَمِسْعَرٌ وفضيل بن غزوان.   1 انظر الأغاني "1/ 36". 2 التاريخ الكبير "7/ 377"، وتهذيب التهذيب "10/ 243". 3 التاريخ الكبير "7/ 390"، وتهذيب التهذيب:10/ 252". 4 التاريخ الكبير "7/ 322"، والجرح والتعديل "8/ 227". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 181 ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ. 329- المقدام بن شريح بن هانيء الحارثي1 -م4 الكوفي. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ وَابْنُهُ يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 330- الْمُنْذِرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيُّ2 -د ن-. عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ وَغَيْرُهُمْ. 331- مُهَاجِرٌ أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ الصَّائِغُ3 -خ م د ت ن-. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْبَرَاءِ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 332- مُوسَى بْنُ السَّائِبِ4 -د- أبو سعدة. عَنْ قَتَادَةَ وَمُعَاوُيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 333- مُوسَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الصَّبَّاحُ الأَنْصَارِيُّ5، الْكُوفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِمُوسَى الكبير. عن سعيد بن المسيب ومجاهد.   1 التاريخ الكبير "7/ 430"، وتهذيب التهذيب "10/ 287". 2 التاريخ الكبير "7/ 357"، والجرح والتعديل "8/ 243". 3 التاريخ الكبير "7/ 380"، وتهذيب التهذيب "10/ 324". 4 التاريخ الكبير "7/ 285"، وتهذيب التهذيب "10/ 344". 5 التاريخ الكبير "7/ 293"، وميزان الاعتدال "4/ 218". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 182 وعنه مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ وَشُعْبَةَ وَشَرِيكٍ وَهُشَيْمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ سَعْدٍ والْفَسَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْمُرْجِئَةِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَلَّمَهُ فِي الإِرْجَاءِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: كَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمُرْجِئَةِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ: كَانَ يَرَى القدر. كذا قالا. وقد رَوَى ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ سَمِعَ أَبَا الصباح يقول: الكلام فِي الْقَدَرِ أَبُو جَادٍ الزَّنْدَقَةَ. قُلْتُ: قَلَّمَا رَوَى هَذَا الشَّيْخُ. 334- مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ النَّهْدِيُّ1 -د ت ن- أبو حازم. كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. رَوَى عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 335- مَيْسَرَةُ الأَشْجَعِيُّ الْكُوفِيُّ2 -خ م ن-. عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَزَائِدَةُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَثَّقُوهُ. 336- مَيْمُونٌ الْكُرْدِيُّ3. عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَدَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ وَالْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرَةَ الطُّفَاوِيُّ. وثقه أبو داود.   1 التاريخ الكبير "7/ 376"، وتهذيب التهذيب "10/ 386". 2 التاريخ الكبير "7/ 376"، وتهذيب التهذيب "10/ 386". 3 التاريخ الكبير "7/ 340"، وتهذيب التهذيب "394". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 183 "حرف النون": 337- نبيه بن وهب1 -م4- بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيُّ الْحَجَبِيُّ المدني. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ. وَعَنْهُ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ بَلْ أَقْدَمُ مِنْهُ - وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي فِتْنَةِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَكَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. صَدُوقٌ. 338- نِزَارُ بْنُ حَيَّانَ الأَسَدِيُّ2 -ت ق-. عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ وَالْقَاسِمُ بْنُ حَبِيبٍ التَّمَّارُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّيْثِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَآخَرُونَ. لا بَأْسَ بِهِ. 339- نسير بن ذعلوق أبو أَبُو طُعْمَةَ الْكُوفِيُّ3 -ق-. عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ عُمَرَ وَالرَّبيِعِ بْنِ خَثْيَمٍ وَبَكْرِ بْنِ مَاعِزٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَمْرٌو وَالثَّوْرِيُّ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ وَغَيْرُهُمْ. وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. 340- نَصْرُ بْنُ عمران4 -ع- أبو جمرة الضبعي البصري. أَحَدُ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ. رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وابن عمر وغيرهم.   1 التاريخ الكبير "8/ 123"، وتقريب التهذيب "2/ 303". 2 ميزان الاعتدال "4/ 248"، والمجروحين "3/ 56". 3 تهذيب التهذيب "10/ 424"، والثقات "5/ 486". 4 التاريخ الكبير "8/ 104"، وتهذيب التهذيب "10/ 431". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 184 وَعَنْهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ وَآخَرُونَ. وَكَانَ إِمَامًا ثِقَةً. اسْتَصْحَبَهُ مَعَهُ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ إِلَى خُرَاسَانَ فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَصْرَةِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَبُو جَمْرَةَ وَأَبُو حَمْزَةَ رَوَيَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ بَصْرِيٌّ. وَأَبُو حَمْزَةَ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي عَطَاءٍ وَاسِطِيٌّ ثِقَةٌ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّا ابْنَ خَيْرُونٍ وَعَبْدَ الْوَهَّابِ الأَنْمَاطِيَّ قَالا: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ الصريفيني أنا عبيد الله ابن حُبَابَةَ أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَنا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي أُنَاسٌ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَمَرَنِي بِهَا، قَالَ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ قَائِلا يَقُولُ: حَجٌّ مَبْرُورٌ وَعُمْرةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، قَالَ: فَحَدَّثْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ أَوْ قَالَ: سُنَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَبِهِ قَالَ: كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَانَ يُجْلِسُنِي مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي فَأَقَمْتُ مَعَهُ شَهْرَيْنِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ ثِقَةٌ تُوُفِّيَ فِي وِلايَةِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ عَلَى الْعِرَاقِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ بِسَرْخَسَ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ. 341- النَّضْرُ بْنُ شَيْبَانَ الْحُدَّانِيُّ1 -ن ق-. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ. وَعَنْهُ أَبُو عُقَيْلٍ الدَّوْرَقِيُّ وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ الْكَبِيرُ وَالْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَوَقَعَ لَنَا حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي المخلصات.   1 التاريخ الكبير "8/ 88"، وتهذيب التهذيب "10/ 438". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 185 342- النُّعْمَانُ بْنُ عَمْرٍو اللَّخْمِيُّ الْمِصْرِيُّ1. عَنْ علَيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَحُسَيْنِ بْنِ شَفِيٍّ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. 343- نُفَيْعُ بْنُ الحارث الهمداني2 -ن ق- أبو داود الأعمى الكوفي القاص. عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَبُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ وابن عباس وزيد بن أرقم وطائفة. وعنه الأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَأَبُو الأَحْوَصِ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: كَانَ يَغْلُو فِي الرَّفْضِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: ثنا هَمَّامٌ قَالَ: دَخَلَ أَبُو دَاوُدَ الأَعْمَى عَلَى قَتَادَةَ فَلَمَّا قَامَ قِيلَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا، فَقَالَ قَتَادَةُ: هَذَا كَانَ سَائِلا قَبْلَ الْجَارِفِ لا يَعْرِضُ فِي شَيْءٍ مِنْ هذا ولا يتكلم فيه فو الله مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً وَلا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً إِلا عَنْ سَعِيدٍ. 344- نُمَيْرُ بْنُ أَوْسٍ الأَشْعَرِيُّ3 -ت- الفقيه قَاضِي دِمَشْقَ. أَرْسَلَ عَنْ حُذَيْفَةَ وَغَيْرِهِ وَرَوَى عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ الْوَلِيدُ وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَّارِيُّ وَالزُّبَيْدِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ. وَأَيْضًا قَضَاءُ أَذْرَبَيْجَانَ، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ صَدُوقًا. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.   1 الجرح والتعديل "8/ 446". 2 التاريخ الكبير "8/ 112"، وتهذيب التهذيب "1/ 470". 3 التاريخ الكبير "8/ 117"، وتهذيب التهذيب "10/ 475". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 186 "حرف الهاء": 345- هارون بن رياب1 -م د ن- التميمي الأسيدي أبو بكر البصري. أَحَدُ الْعُبَّادِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَكِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ. وعنه أيوب السختياني والأوزاعي وشعبة والحمادان وسفيان بن عيينة وآخرون. قال أبو داود: يقال إنه كان أجل أهل البصرة. ووثقه أحمد بن حنبل. قال ابن عيينة: عنده أربعة أحاديث. قَالَ: وَكَانَ يُخْفِي الزُّهْدَ وَيَلْبَسُ الصُّوفَ تَحْتَ ثِيَابِهِ وَكَانَ النُّورُ عَلَى وَجْهِهِ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ هَارُونَ بْنَ رِيَابٍ فَكَأَنَّمَا أَقْلَعَ عَنِ الْبُكَاءِ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ أنا يُوسُفُ الْحَافِظُ أَنا أَبُو الْمَكَارِمِ أَنا أَبُو عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ أَنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ أَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ أَنا الْبَابِلِيُّ ثنا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ رِيَابٍ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ يَتَجَاوَبُونَ بِصَوْتٍ رَخِيمٍ حَسَنٍ يَقُولُ أَرْبَعَةٌ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ عَلَى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ. وَيَقُولُ الآخَرُونَ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ عَلَى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ2. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ: يَمَانُ وَهَارُونُ وَعَلِيٌّ بنو ريان: فَهَارُونُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالْيَمَانُ مِنْ أَئِمَّةِ الْخَوَارِجِ وَعَلِيٌّ مِنْ أَئِمَّةِ الرَّوَافِضِ وَكَانُوا مُتَعَادِينَ كُلُّهُمْ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: عُدْتُ هَارُونَ بْنَ رِيَابٍ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَمَا فَقَدْتُ وَجْهَ رَجُلٍ فَاضِلٍ إِلا وَقَدْ رَأَيْتُهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: يَا أَخِي كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَ: هُوَ ذَا أَخُوكُمْ يُذْهَبُ بِهِ إِلَى النَّارِ أَوْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ3. يُقَالُ: عاش ثلاثًا وثمانين سنة.   1 التاريخ الكبير "8/ 219"، وتهذيب التهذيب "11/ 4". 2 أبو نعيم في حلية الأولياء "3/ 55". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 85". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 187 346- هَارُونُ بْنُ سَعْدٍ الْكُوفِيُّ1 -م-. عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. 347- هشام بن حجيب الْمَكِّيُّ2 -خ م ن-. عَنْ طَاوُسٍ وَالْحسَنِ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ لِي ابْنُ شَبْرُمَةَ: لَيْسَ بِمَكَّةَ مِثْلُ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ. وَقَالَ آخَرُ: ثِقَةٌ. 348- هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ3 -ع-. سَمِعَ جَدَّهُ. وَعَنْهُ ابْنُ عَوْنٍ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 349- هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ4 بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَّيَةَ. الْخَلِيفَةُ أَبُو الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ، وَاسْتُخْلِفَ بِعَهْدٍ مِنْ أَخِيهِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَتْ دَارُهُ عِنْدَ بَابِ الْخَوَّاصِينَ الَّتِي بَعْضُهَا السَّاعَةُ مَدْرَسَةِ النَّوْرِيَّةِ. وَبُويِعَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. وَأُمُّهُ هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: اسْتُخْلِفَ وَعُمْرُهُ أَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ سَنَةً يَوْمَئِذٍ فَاسْتُخْلِفَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا.   1 التاريخ الكبير "8/ 221"، وتهذيب التهذيب "11/ 6". 2 تهذيب التهذيب "11/ 33"، وميزان الاعتدال "2954". 3 التاريخ الكبير "8/ 194"، وتهذيب التهذيب "11/ 39". 4 سير أعلام النبلاء "6/ 153"، ودول الإسلام "1/ 85". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 188 وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: كَانَ جَمِيلا أَبْيَضَ مُسْمِنًا أَحْوَلَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: زَعَمُوا أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ بَالَ فِي الْمِحْرَابِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَدَسَّ مَنْ يَسْأَلُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْهَا وَكَانَ يَعْبُرُ الرُّؤْيَا وَعَظُمَتْ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: سَعِيدُ يَمْلِكُ مِنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ أَرْبَعَةٌ، فَكَانَ هِشَامُ آخِرَهُمْ، وَكَانَ يَجْمَعُ الْمَالَ وَيُوصَفُ بِالْحِرْصِ وَيَبْخَلُ، وَكَانَ حَازِمًا عَاقِلا. قَالَ أَبُو عُمَيْرِ بْنُ النَّحَّاسِ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كَانَ لا يَدْخُلُ بَيْتَ مَالِ هِشَامٍ مَالٌ حَتَّى يَشْهَدَ أَرْبَعُونَ قَسَّامَةً لَقَدْ أَخَذَ مِنْ حَقِّهِ وَلَقَدْ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَسْمَعُ رَجُلٌ مَرَّةً هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَلامًا فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا لَيْسَ لَكَ أَنْ تُسْمِعَ خَلِيفَتَكَ1. قَالَ: وَغَضِبَ مَرَّةً عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَكَ سَوْطًا. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ثنا سَحْبَلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ الْخُلَفَاءِ أَكْرَهُ إِلَيْهِ الدِّمَاءُ وَلا أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ هِشَامٍ. وَلَقَدْ دَخَلَهُ مِنْ مَقْتَلِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَيَحْيَى بْنِ زَيْدٍ أَمْرٌ شَدِيدٌ وَقَالَ: وَدَدْتُ أَنِّي كُنْتُ أَفْتَدَيْتُهُمَا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَكْرَهُ إِلَيْهِ الدِّمَاءُ مِنْ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَلَقَدْ ثَقُلَ عَلَيْهِ خُرُوجُ زَيْدٍ فَمَا كَانَ شَيْءٌ حَتَّى أُتِيَ إِلَيْهِ بِرَأْسِهِ وَصُلِبَ بَدَنُهُ بِالْكُوفَةِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَلَمَّا ظَهَرَ بَنُو الْعَبَّاسِ عَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَنَبَشَ هِشَامًا مِنْ قَبْرِهِ وَصَلَبَهُ2. قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: مَا بَقِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا إِلا وَقَدْ نِلْتُهُ إِلا شَيْئًا وَاحِدًا: أَخٌّ أَرْفَعُ مَئُونَةَ التَّحَفُّظِ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ لَهُ وَلَمْ يُحْفَظْ لَهُ سِوَاهُ. إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْصِ الْهَوَى قَادَكَ الْهَوَى ... إِلَى بَعْضِ ما فيه عليك مقال   1 راجع البداية والنهاية "9/ 351"، وفيه "أتقول لي مثل هذا وأنا خليفتك ... ". 2 يعني أخرجه من قبره وصلبه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 189 قَالَ حَرْمَلَةُ: ثنا الشَّافِعِيُّ قَالَ: لَمَّا بَنَى هِشَامُ الرَّصَافَةَ بِقِنَّسْرِينَ أَحَبَّ أَنْ يَخْلُوَ يَوْمًا لا يَأْتِيهِ فِيهِ غَمٌّ فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى أَتَتْهُ رِيَشَةٌ بِدَمٍ مِنْ بَعْضِ الثُّغُورِ فَأَوْصَلَتْ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَلا يَوْمًا وَاحِدًا! وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لا يُكْتَبُ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ فِيهِ ذِكْرُ الْمَوْتِ. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ: مَاتَ هِشَامٌ مِنْ وَرَمٍ أَخَذَهُ فِي حَلْقِهِ يُقَالُ لَهُ الْجَرْذُونَ بِالرَّصَافَةِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ فِي رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ أَرْبَعٌ وخمسون سنة. 350- هلال بن علي1 -ع- وهو هلال بن أبي ميمونة المدني مولى آل عامر ابن لُؤَيٍّ. مِنَ الثِّقَاتِ الْمَشَاهِيرِ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي مُسْلِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الماجشون ومالك بن أنس وفليح. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 351- هِلالٌ الْوَزَّانُ الْكُوفِيُّ الصيرفي2 -خ م د ت ن- هُوَ ابْنُ مِقْلاصٍ وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي حُمَيْدٍ, وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ وَعُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَشَيْبَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 352- الْهَيْثَمُ بْنُ حَبِيبٍ أَبُو الْهَيْثَمِ الْكُوفِيُّ الصَّيْرَفِيُّ3. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ وَالْحَكَمِ.   1 التاريخ الكبير "8/ 204"، وتهذيب "11/ 82". 2 التاريخ الكبير "8/ 208"، وتهذيب التهذيب "11/ 77". 3 التاريخ الكبير "8/ 214"، وتهذيب التهذيب "11/ 91". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 190 وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَالْمَسْعُودِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَكَانَ صَاحِبُ حَدِيثٍ، لم يخرجوا له. "حرف الواو": 353- واصل مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صفرة1 -م د ن ق- الأَزْدِيٌّ. بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ وَالْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ وَيَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ الْخُزَاعِيِّ. وَعَنْهُ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 354- الْوَلِيدُ بْنُ عبد الرحمن2 -ت ن- بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْهَمْدَانِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ أَخُو يَزِيدَ. رَوَى عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ وَقَزَعَةَ بْنِ يَحْيَى وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَمِسْعَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ. قَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقِيلَ: كَانَ مُؤَدِّبًا سَكَنَ الْكُوفَةَ. 355- الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ معاوية الأموي3 -م4- المعيطي أبو يعيش. مُتَوَلِّي قِنَّسْرِينَ لِعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ وَأُمِّ الدرداء وعبد الله بن محيريز وغيرهم.   1 التاريخ الكبير "8/ 172"، وتهذيب التهذيب "11/ 105". 2 التهذيب "11/ 139"، والتقريب "2/ 340". 3 التاريخ الكبير "8/ 156"، وتهذيب التهذيب "11/ 156". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 191 وَعَنْهُ ابْنُهُ يَعِيشُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الأَخْضَرِ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَعِدَّةٌ. وَصَفَهُ الْوَاقِدِيُّ بِالنُّسُكِ وَالدِّينِ، وَلَوْلا ذَا لَمَا أَمَّرَهُ عُمَرُ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَدْ وَلِيَ غَزْوَ الصَّائِفَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ. 356- الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ1 -م4- مُولاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَعُرْوَةَ. وَرَأَى ابْنَ عُمَرَ وَجَابِرًا يَخْضِبَانِ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 357- الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ2 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. الْخَلِيفَةُ الْفَاسِقُ أَبُو الْعَبَّاسِ الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. وُلِدَ سَنَةَ تِسْعِينَ، وَيُقَالُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ، فَلَمَّا احْتَضَرَ أَبُوهُ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ لِأَنَّهُ صَبِيٌّ حَدَثٌ فَعَقَدَ لِأَخِيهِ هِشَامٌ وَجَعَلَ هَذَا وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ هِشَامٍ. قَالَ أَحْمَدُ في مسنده: ثنا أبو المغيرة أنا ابن عَيَّاشٍ, هُوَ إِسْمَاعِيلُ, حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: وُلِدَ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ وَلَدٌ فَسَمَّوْهُ الْوَلِيدَ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سميتموه بأسماء فراعنتكم ليكون فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْوَلِيدُ لَهُوَ أَشَدُّ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ"3. وَقَدْ رَوَاهُ الْهِقْلُ4 بْنُ زِيَادٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ وَابْنُ كَثِيرٍ عَنِ   1 التاريخ الكبير "8/ 156"، والتقريب "2/ 343". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 169"، تاريخ ابن خلدون "3/ 106"، مآثرة الإنافة "1/ 156". 3 الحديث أخرجه أحمد في المسند "1/ 109" وهو من الأحاديث التي رماها الحافظ العراقي بالوضع سندا لابن الجوزي في موضاعاته، وقد ذب عنها الحافظ ابن حجر في كتابه "القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد"، وانظر الموضوعات "1/ 158"، واللآلئ المصنوعة "1/ 58"، والهندي في كنز العمال "31442". 4 والهقل: إمام مفت ثبت "الكاشف 3/ 198". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 192 الأَوْزَاعِيِّ فَأَرْسَلُوهُ لَمْ يُدْرِكُوا عُمَرَ، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى الْمَرَاسِيلِ. وَفِي لَفْظِ بَعْضِهِمْ: "لَهُوَ أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي"1. وَفِي لَفْظٍ: "لَهُوَ أَشَدُّ عَلَى أُمَّتِي"2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ: ثنا سَلَمَةُ الأَبْرَشُ حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدِي غُلامٌ مِنْ آلِ الْمُغِيرَةِ اسْمُهُ الْوَلِيدُ فَقَالَ: "مَنْ هَذَا" - قُلْتُ: الْوَلِيدُ، قَالَ: قَدِ اتَّخَذْتُمُ الْوَلِيدَ حَنَانًا غَيِّرُوا اسْمَهُ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ فِرْعَوْنُ يُقَالُ لَهُ الْوَلِيدُ". رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ مُنْقَطِعًا3. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ: قَالَ لِي الرَّشِيدُ: هَلْ رَأَيْتَ الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: صِفْهُ لِي، قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَشْعَرِهِمْ وَأَشَدِّهِمْ، قَالَ: أَتَرْوِي مِنْ شِعْرِهِ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَجَّ بِالنَّاسِ الْوَلِيدُ وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ أَبَدًا عِنْدَ هِشَامٍ فِي الْوَلِيدِ وَيَعِيبُهُ وَيَذْكُرُ أُمُورًا عَظِيمَةً لا يُنْطَقُ بِهَا حَتَّى يَذْكُرَ الصِّبْيَانَ أَنَّهُمْ يخضبون بالحناء ويقول: ما يحل لك إلا خَلْعُهُ، فَلا يَسْتَطِيعُ هِشَامٌ. وَلَوْ بَقِيَ الزُّهْرِيُّ إِلَى أَنْ تَمَلَّكَ الْوَلِيدُ لَفَتَكَ بِهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ: قَالَ: أَرَادَ هِشَامٌ أن يخلع الوليد وَيَجْعَلَ الْعَهْدَ لولده فقال الوليد: كفرت يدا من منعم لَوْ شَكَرْتَهَا ... جَزَاكَ بِهَا الرَّحْمَنُ ذُو الْفَضْلِ وَالْمَنِّ رَأَيْتُكَ تَبْنِي جَاهِدًا فِي قَطِيعَتِي ... وَلَوْ كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَمْتَ مَا تبني   1 إسناده ضعيف: سير أعلام النبلاء "6/ 169". 2 انظر السابق. 3 أورده السيوطي في اللآلئ المصنوعة "1/ 101". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 193 أراك على الباقين تجني ضغينة ... فيا ويحهم إنْ مُتَّ مِنْ شَرِّ مَا تَجْنِي كَأَنِّي بِهِمْ يَوْمًا وَأَكْثَرُ قِيلِهِمْ ... أَلا لَيْتَ أَنَا حِينَ يَا لَيْتَ لا تُغْنِي1 قَالُوا: وَتَسَلَّمَ الأَمْرَ الْوَلِيدُ فِي رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ خَمْسٍ عِنْدَ مَوْتِ هِشَامٍ. قَالَ حَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ الْوَلِيدِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُنَجِّمَانِ فَقَالا: نَظَرْنَا فِيمَا أَمَرْتَنَا فَوَجَدْنَاكَ تَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ، قَالَ حَمَّادٌ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَخْدَعَهُ فَقُلْتُ: كَذَبَا وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالآثَارِ وَضُرُوبِ الْعِلْمِ وَقَدْ نَظَرْنَا فِي هَذَا وَالنَّاسِ فَوَجَدْنَاكَ تَمْلِكُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: لا مَا قَالا يَكْسِرُنِي وَلا مَا قُلْتَ يُغِرَّنِي وَاللَّهِ لأَجْبِيَنَّ هَذَا الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ جِبَايَةَ مَنْ يَعِيشُ الأَبَدَ وَلأَصْرِفَنَّهُ فِي حَقِّهِ صَرْفَ مَنْ يَمُوتُ الْغَدَ2. قَالَ الْعُتْبِيُّ: كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ رَأَى نَصْرَانِيَّةً اسْمَهَا سَفْرَى فَجُنَّ بِهَا وَجَعَلَ يَرَاسِلُهَا وَتَأْبَى عَلَيْهِ وَقَدْ قَرُبَ عِيدُ النَّصَارَى, فَبَلَغَهُ أنَهَّا تَخْرُجُ فِيهِ إِلَى بُسْتَانٍ يَدْخُلُهُ النِّسَاءُ فصانع الوليد صاحب البستان وتقشف الوليد وَتَنَكَّرَ وَدَخَلَتْ سفرى البستان فجعلت تمشي حتى انتهت إليه, فقالت لصاحب البستان: من هذا؟ قَالَ: رَجُلٌ مُصَابٌ، فَأَخَذَتْ تُمَازِحُهُ وَتُضَاحِكُهُ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا: تَدْرِينَ مَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ؟ قَالَتْ: لا، فَقِيلَ لَهَا: هُوَ الْوَلِيدُ، فَجُنَّتْ بِهِ بَعْد ذَلِكَ فَكَانَتْ عَلَيْهِ أَحْرَصُ مِنْهُ عَلَيْهَا فَقَالَ: أَضْحَى فُؤَادُكَ يَا وَلِيدُ عَمِيدًا ... صَبًّا قَدِيمًا لِلْحِسَانِ صَيُودًا مِنْ حُبِّ وَاضِحةِ الْعَوَارِضِ طِفْلَةٌ ... بَرَزَتْ لَنَا نَحْوَ الْكَنِيسَةِ عِيدًا مَا زِلْتُ أَرْمُقُهَا بِعَيْنِي وَامِقٍ ... حَتَّى بَصُرْتُ بِهَا تُقَبِّلُ عُودًا عُودَ الصَّليِبِ فَوَيحَ نَفْسِي مَنْ رَأى ... مِنْكُمْ صَلِيبًا مِثْلَهُ مَعْبُودًا فَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ أَكُونَ مَكَانَهُ ... وَأَكُونَ فِي لَهَبِ الْجَحِيمِ وَقُودًا3 قَالَ الْمُعَافِيُّ الْجُرَيْرِيُّ: كُنْتُ جَمَعْتُ مِنْ أَخْبَارِ الْوَلِيدِ شَيْئًا وَمِنْ شِعْرِهِ الَّذِي ضَمَّنَهُ مَا فَخَرَ بِهِ مِنْ خَرْقِهِ وَسَخَافَتِهِ وَخَسَارَتِهِ وَحُمْقِهِ وَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنَ الإِلْحَادِ فِي القرآن والكفر بالله تعالى.   1 هذه الأبيات انظرها في تاريخ الطبري "7/ 215"، وابن الأثير "5/ 266"، وسير أعلام النبلاء "6/ 170". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 170". 3 المصدر السابق مختصرا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 194 وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ ثنا صَالِحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَرَادَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَجَّ, وَقَالَ: أَشْرَبُ فَوْقَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَهَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَفْتِكُوا بِهِ إِذَا خَرَجَ وَكَلَّمُوا خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ لِيُوَافِقَهُمْ فَأَبَى، فَقَالُوا: اكْتُمْ عَلَيْنَا، قَالَ: أَمَّا هَذَا فَنَعَمْ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْوَلِيدِ فَقَالَ: لا تَخْرُجْ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ، قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: لا أجَهْرُكَ بِهِمْ، قَالَ: إِنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِهِمْ بَعَثْتُ بِكَ إِلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ، قَال: وَإِنْ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ فَعَذَّبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ1. وَرَوَى مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْمَهْدِيِّ فَذُكِرَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ رَجُلٌ: كَانَ زِنْدِيقًا، فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: مَهْ خِلافَةُ اللَّهِ عِنْدَهُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي زِنْدِيقٍ2. قَالَ خَلِيفَةُ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَحَاطُوا بِالْوَلِيدِ أَخَذَ الْمُصْحَفَ وَقَالَ: أُقْتَلُ كَمَا قُتِلَ ابْنُ عَمِّي عُثْمَانُ. قُلْتُ: مَقَتَ النَّاسُ الْوَلِيدَ لِفِسْقِهِ وَتَأَثَّمُوا مِنَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَخَرَجُوا عَلَيْهِ فَقَالَ خَلِيفَةُ3: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ الْجَرْمِيُّ - وَكَانَ شَهِدَ قَتْلَ الْوَلِيدِ - قَالَ: لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ قَلَّدُوا أَمْرَهُمْ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَى أَخَاهُ الْعَبَّاسَ لَيْلا فَشَاوَرَهُ فنَهَاهُ قَالَ: وَأَقْبَلَ يَزِيدُ لَيْلا فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا وَدَخَلَ الْجَامِعَ بِدِمَشْقَ فَكَسَرُوا بَابَ الْمَقْصُورَةِ وَدَخَلُوا عَلَى وَالِيهَا فَأَوْثَقُوهُ وَحَمَلَ يَزِيدُ الأَمْوَالَ عَلَى الْعَجَلِ إِلَى بَابِ الْمِضْمَارِ وَعَقَدَ رَايَةً لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَنَادَى مُنَادِيَهُ مَنِ انْتَدَبَ لِلْوَلِيدِ فله ألفان، فانتدب معه ألفا رَجُلٍ. قَالَ عَلِيٌّ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ مَرْوَانَ الْكَلْبِيِّ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ مَوْلَى الْوَلِيدِ لَمَّا خَرَجَ يَزِيدُ النَّاقِصُ خَرَجَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَسَاقَ فَأَتَى الْوَلِيدَ مِنْ يَوْمِهِ فَنَفَقَ الْفَرَسُ حِينَ وَصَلَ فَأَخْبَرَ الْوَلِيدُ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَحَبَسَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا محمد بن عبد الله بن يزيد بن مُعَاوِيَةَ فَأَجَازَهُ وَجَهَّزَهُ إِلَى دِمَشْقَ فَخَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَلَمَّا أَتَى ذَنْبَةَ أَقَامَ فَوَجَّهَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِحَرْبِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُصَادٍ فسالمه أبو محمد وبايع ليزيد فأتى   1 ذكره الذهبي في السير "6/ 170". الزندقة: القول بأزلية العالم، وأطلق على الزردشتية، والمانوية وغيرهما من الثنوية، وتوسع فيه فأطلق على كل شاك أو ضال أو ملحد، والزنديق: من يؤمن بالزندقة "ج" زناديق، وزنادقة. 3 راجع تاريخ خليفة "363". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 195 الْوَلِيدُ الْخَبَرَ وَهُوَ بِالأَعْرَفِ, فَقَالَ لَهُ بَيْهَسُ الْكِلابِيُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سِرْ فَانْزِلْ حِمْصَ فَإِنَّهَا حَصِينَةً وَوَجِّهِ الْجُنُودَ إِلَى يَزِيدَ فَيُقْتَلُ أَوْ يُؤْسَرُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ: مَا يَنْبَغِي لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَدَعَ عَسْكَرَهُ وَنِسَاءَهُ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَ وَيُعْذَرَ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُهُ، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ: وَمَاذَا يَخَافُ عَلَى حَرَمِهِ مِنْ بَنِي عَمِّهِمْ؟ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَدْمُرُ حَصِينَةٌ وَبِهَا بَنُو كَلْبٍ قَوْمِي. قاله الأبرش، فقال الوليد: ما أرى أَنْ نَأْتِيَهَا وَأَهْلَهَا بَنُو عَامِرٍ وَهُمُ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَيَّ وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى حِصْنٍ، قَالَ: انْزِلِ الْقَرْيَتَيْنِ قَالَ: أَكْرَهُهَا، قَالَ: فَهَذَا الْهَزَمُ، قَالَ: أَكْرَهُ اسْمُهُ، قَالَ: وَأَقْبَلَ فِي طَرِيقِ السَّمَاوَةِ وَتَرَكَ الرِّيفَ وَمَرَّ فِي سِكَّةِ الضَّحَّاكِ وَبِهَا مِنْ آلِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلا، فَسَارُوا مَعَهُ وَقَالُوا: إِنَّا عَوْنٌ فَلَوْ أَمَرْتَ لَنَا بِسِلاحٍ، فَمَا أَعْطَاهُمْ سَيْفًا فَقَالَ لَهُ بَيْهَسُ: هَذَا حِصْنُ الْبَخْرَاءِ وَهُوَ مِنْ بِنَاءِ الْعَجَمِ فَانْزِلْهُ، قَالَ: أَخَافُ الطَّاعُونَ، قَالَ: الَّذِي يُرَادُ بِكَ أَشَدُّ مِنَ الطَّاعُونِ، فَنَزَلَ حِصْنَ الْبَخْرَاءِ. ثُمَّ سَارَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ بِالْجُنْدِ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الأَمَوالَ فَتَلَقَّاهُمْ ثَقْلُ الْوَلِيدِ فَأَخَذُوهُ وَنَزَلُوا قَرِيبًا مِنَ الْوَلِيدِ وَأَتَى الْوَلِيدَ رَسُولُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ إِنِّي آتِيكَ فَقَالَ الْوَلِيدُ: أَخْرِجُوا سَرِيرًا1، فَفَعَلُوا وَجَلَسَ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَعَلَيَّ تَوَثَّبَ الرِّجَالُ وَأَنَا أَثِبُ عَلَى الأَسَدِ وَأَتَخَصَّرُ الأَفَاعِي، وَبَقُوا يَنْتَظِرُونَ قُدُومَ الْعَبَّاسِ فَأَقْبَلَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ حَوَى بْنُ عَمْرٍو وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ مَنْصُورُ بْنُ جَمْهُورٍ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ زِيَادُ بْنُ حُصَيْنٍ الْكَلْبِيُّ يَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ فَقَتَلَهُ قَطَرِيٌّ مَوْلَى الْوَلِيدِ فَانْكَشَفَ أَصْحَابُ يَزِيدَ فَكَرَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي أَصْحَابِهِ وَقَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ عِدَّةٌ وحملت رؤوسهم إِلَى الْوَلِيدِ وَقُتِلَ أَيْضًا مِنْ أَصْحَابِ الْوَلِيدِ يَزِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْخَشَنِيُّ. وَبَلَغَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مَسِيرُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ فَجَهَّزَ لِحَرْبِهِ مَنْصُورَ بْنَ جَمْهُورٍ فَأَدْرَكَ الْعَبَّاسَ وَهُوَ آتٍ فِي ثَلاثِينَ فَارِسًا، فَقَالَ: اعْدِلْ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ فَشَتَمُوهُ فَقَالَ مَنْصُورٌ: وَاللَّهِ لَئِنْ تَقَدَّمَتْ لأَنْفُذَنَّ حضنيك، ثم أحاط به وجيء بِهِ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ, فَقَالَ: بَايِعْ لِأَخِيكَ يَزِيدَ، فَبَايَعَ وَوَقَفَ وَنَصَبُوا رَايَةً وَقَالُوا: هَذِهِ رَايَةُ الْعَبَّاسِ وَقَدْ بَايَعَ لِأَخِيهِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّا لِلَّهِ، خِدْعَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، هَلَكَ بَنُو مَرْوَانَ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنِ الْوَلِيدِ فَأَتَوُا الْعَبَّاسَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ ثُمَّ ظَاهَرُوا الْوَلِيدَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ وَأَتَوْهُ بِفَرَسَيْنِ: السِّنْدِيِّ، وَالرَّائِدِ، فَرَكِبَ وَقَاتَلَ، فَبَادَأَهُمْ رَجُلٌ: اقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ قَتْلَةَ قَوْمِ لُوطٍ ارموه   1 سريرا: وهو ما يجلس أو يضطجع عليه "ج" سرر وأسرة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 196 بِالْحِجَارَةِ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ دَخَلَ الْقَصْرَ فَأَغْلَقَهُ، فَأَحَاطَ بِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَأَصْحَابُهُ فَدَنَا الْوَلِيدُ مِنَ الْبَابِ فَقَالَ: أَمَا فِيكُمْ رَجُلٌ شَرِيفٌ لَهُ حَسَبٌ وَحَيَاءٌ أُكَلِّمُهُ، فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ بْنُ عَنْبَسَةَ: كَلِّمْنِي، فَقَالَ: يَا أَخَا السَّكَاسِكِ أَلَمْ أَزِدْ فِي أَعْطِيَاتِكُمْ أَلَمْ أَرْفَعْ عَنْكُمُ الْمُؤْنَ أَلَمْ أُعْطِ فُقَرَاءَكُمْ؟ فَقَالَ: مَا نَنْقِمُ عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِنَا لَكِنْ نَنْقِمُ عَلَيْكَ انْتِهَاكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَنِكاحَ أُمَّهَاتِ أَوْلادِ أَبِيكَ وَاسْتِخْفَافَكَ بِأَمْرِ اللَّهِ، قَالَ: حَسْبُكَ، قَدْ أَكْثَرْتَ، وَرَجَعَ إِلَى الدَّارِ فَجَلَسَ وَأَخَذَ مُصْحَفًا وَقَالَ: يَومٌ كَيَوْمِ عُثْمَانَ وَنَشَرَ الْمُصْحَفَ يَقْرَأُ، فَعَلَوُا الْحَائِطَ فَكَانَ أَوَّلُهْم يَزِيدُ بْنُ عَنْبَسَةَ1. فَنَزَلَ إِلَيْهِ وَسَيْفُ الْوَلِيدِ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: نَحِّ سَيْفَكَ، قَالَ الْوَلِيدُ: لَوْ أَرَدْتَ السَّيْفَ كَانَ لِي بِذَلِكَ حَالٌ غَيْرَ هَذِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِ الْوَلِيدِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَعْتَقِلَهُ وَيُؤَامَرُ فِيهِ فَنَزَلَ مِنَ الْحَائِطِ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ مَنْصُورُ بْنُ جَمْهُورٍ وَحُمَيْدُ بْنُ نَصْرٍ. فَضَرَبَهُ عَبْدُ السَّلامِ اللَّخْمِيُّ عَلَى رَأْسِهِ وَضَرَبَهُ آخَرُ عَلَى وَجْهِهِ فَتَلِفَ - وَجَرُّوهُ بَيْنَ خَمْسَةٍ لِيُخْرِجُوهُ فَصَاحَتِ امْرَأَةٌ، فَكَفُّوا وَحَزُّوا رَأْسَهُ وَخَاطُوا الضَّرْبَةَ الَّتِي فِي وَجْهِهِ وَأَتَى يَزِيدُ النَّاقِصُ بِالرَّأْسِ فَسَجَدَ. وَبِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْوَانَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: دَخَلَ بِشْرٌ مَوْلَى كِنَانَةَ مِنَ الْحَائِطِ فَفَرَّ الْوَلِيدُ وَهُمْ يَشْتُمُونَهُ فَضَرَبَهُ بِشْرٌ عَلَى رَأْسِهِ وَاعْتَوَرَهُ النَّاسُ بِأَسْيَافِهِمْ فَطَرَحَ عَبْدُ السَّلامِ نَفْسَهُ عَلَيْهِ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، وَكَانَ يَزِيدُ قَدْ جَعَلَ لِمَنْ أَتَاهُ بِالرَّأْسِ مِائَةَ أَلْفٍ. وَقِيلَ: قُطِعَتْ كَفُّهُ وَبُعِثَ بِهَا إِلَى يَزِيدَ فَسَبَقَتِ الرَّأْسَ بِلَيْلَةٍ وَأُتِيَ بالرَّأْسِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَنَصَبَهُ يَزِيدُ عَلَى رُمْحٍ بَعْدَ الصَّلاةِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَخُوهُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ: بُعْدًا لَهُ أَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ شَرُوبًا لِلْخَمْرِ مَاجِنًا فَاسِقًا وَلَقَدْ رَاوَدَنِي عَلَى نَفْسِي. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَجَمَاعَةٌ: عَاش الْوَلِيدُ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. قُلْتُ: هَذَا خِلافُ مَا مَرَّ، بَلِ الأَصَحُّ أَنَّهُ عَاشَ بِضْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً. قَالَ خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: عَاشَ سِتًّا وَثَلاثِينَ سَنَةً. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ سَدِيدُ الْعَقْلِ فَقَالَ لِخَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ: اصْنَعْ طَعَامًا وَاجْمَعْ لَهُ، قَالَ: فَجَمَعَهُمْ فَقَالَ سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ: أَنَا لَكُمُ النَّذِيرُ كَفَّ رَجُلٌ يَدَهُ وملك لسانه وعالج قلبه.   1 راجع: تاريخ ابن الأثير "5/ 287" بنحوه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 197 قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ: مَلَكَ الْوَلِيدُ خَمْسَةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: قُتِلَ بِالْبَخْرَاءِ فِي جُمَادَى الأُخْرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ سَامَحَهُ اللَّهُ. وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ الْوَلِيدِ كُفْرٌ وَلا زَنْدَقَةٌ نَعَمُ اشْتُهِرَ بِالْخَمْرِ وَالتَّلَوُّطِ1 فَخَرَجُوا عَلَيْهِ لِذَلِكَ. وَكَانَ الْحَجَّاجُ عَمَّ أُمِّهِ وَهِيَ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ. 358- وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ2 -ع- أبو نعيم المدني المؤدب مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَرَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْيَاءِ": 359- يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ3 -م4- قَاضِي حِمْصَ. عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ مُرْسَلا وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَيَزِيدَ بْنَ شُرَيْحٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ وَالزُّبَيْدِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَآخَرُونَ. يُكَنَّى أَبَا عمر.   1 والتلوط: يعني الذي يفعل فعل قوم لوط وهو إتيان الفاحشة وفي القرآن يقول الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80] . 2 التاريخ الكبير "8/ 163"، وتهذيب التهذيب "11/ 166". 3 التاريخ الكبير "8/ 265"، وتهذيب التهذيب "11/ 191". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 198 وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 360- يَحْيَى بْنُ خَلادِ بن رافع بن مالك الأنصاري1 -خ4- الزرقي المدني. عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ وَحَفِيدُهُ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ. ثِقَةٌ مُقِلٌّ. 361- يَحْيَى بْنُ راشد الليثي2 -د- الدمشقي الطويل أبو هشام. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَعَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً. 362- يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الإمام3 -ع- أبو نصر. أَحَدُ الأَعْلامِ، اسْمُ أَبِيهِ صَالِحٌ وَقِيلَ: يَسَارٌ وَقِيلَ: نَشِيطٌ، مَوْلَى الطَّائِيِّينَ وَعَالِمُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مُرْسلا وَقَدْ رَأَى أَنَسًا وَذَلِكَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيُّ، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - وَذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهُوَ مُرْسَلٌ - وَعَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي قِلابَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ وَحَضْرَمِيِّ بْنِ لاحِقٍ وَعُرْوَةَ - وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ - وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُرَارَةَ وَيَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ وَهِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. روى عنه ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَعْمَرٌ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَشَيْبَانُ وَهَمَّامٌ وَأَبَانُ بْنَ يَزِيدَ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ وَحَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَخَلْقٌ سواهم.   1التاريخ الكبير "8/ 269"، وتهذيب التهذيب "11/ 204". 2 تهذيب التهذيب "11/ 206"، وميزان الاعتدال "4/ 373". 3 التاريخ الكبير "8/ 301"، وميزان الاعتدال "4/ 402". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بن أبي كثير قال: رأيت أنس ابن مَالِكٍ يُصَلِّي وَبَيْنَ يَدَيْهِ سَهْمٌ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: لا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجَسَدِ1. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى قَالَ: الْعَالِمُ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ، الْعُلَمَاءُ مِثْلُ الْمِلْحِ هُمْ صَلاحُ كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ لا يُصْلِحُهُ شَيْءٌ. وَرَوَى عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ يَحْيَى عَلَى الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ يُعَدُّ مَعَ الزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ إِذَا حَضَرَ جَنَازَةً لَمْ يَتَعَشَّ لَيْلَتَهُ وَلا يَقْدِرُونَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ يَحْيَى أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ للعلم. قال حرب عن يحيى: كان شَيْءٍ عِنْدِي عَنْ أَبِي سَلامٍ الأَسْوَدِ إِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ. وَرَوَى وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَحْسَنُ حَدِيثًا مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أحمد بن حنبل: إذا خالف يَحْيَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ يَحْيَى. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ إِمَامٌ لا يَرْوِي إِلا عَنْ ثِقَةٍ وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ يَحْيَى امْتُحِنَ فَضُرِبَ وَحُلِقَ وَحُبِسَ لِكَوْنِهِ تَنَقَّصَ بَنِي أُمَيَّةَ وَذَكَرَ أَفَاعِيلَهُمْ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطِيعِيُّ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُجَلِّدُ أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ ثَنَا يَحْيَى بْنُ صَاعِدٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عبد الرحمن المقري ثنا أويب بْنُ يَحْيَى النَّجَّارُ الْيَمَامِيُّ ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "حَاجَّ آدَمُ مُوسَى فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَشْقَيْتَهُمْ؟ فَقَالَ آدَمُ: يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاتِهِ وَبِكَلامِهِ تلومني على أمر كتبه   1 أخرجه الإمام مسلم "612/ 175". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 200 اللَّهُ عَلَيَّ -أَوْ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ- قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَحَاجَّ آدَمُ مُوسَى" 1. صَوَابُهُ فَحَجَّ. وَهَذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ أَعْلَى مَا وَقَعَ لَنَا، وَأَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَرْوِ عَنْ يَحْيَى سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حديث أيوب النجار فوقع لنا بدلًا عليًا. وَلَعَلّ أَيُّوبَ هَذَا آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَبِإِسْنَادِي إِلَى ابْنِ الْمُقْرِي قَالَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ النّجَّارِ الْحَنَفِيُّ عَنْ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ. وَقَالَ: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلاثًا". تفرد مسلم بطريق هشام هذه2. قال غيره وَاحِدٍ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 363- يَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ3. قَدْ مَرَّ مَقْتَلُ أَبِيهِ، فَسَارَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْعَجَمِ، ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ بِخُرَاسَانَ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ خَلْقٌ مِنَ الشِّيعَةِ وَجَرَتْ لَهُ حُرُوبٌ مَعَ عَسْكَرِ خُرَاسَانَ وَمَوَاقِفُ إِلَى أَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلْمُ بْنُ أَحْوَزَ مَصَافٌّ فَجَاءَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ في صدغه فوقع فَاحْتَزُّوا رَأْسَهُ وَبَعَثُوا بِهِ إِلَى الشَّامِ وَصَلَبُوا جُثَّتَهُ كَأَبِيهِ. فَلَمَّا اسْتَوْلَى أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ عَلَى الْبِلادِ أَنْزَلَ الْجُثَّةَ وَأَمَرَ بِإِقَامَةِ الْمَأْتَمِ عَلَيْهِ بِبَلْخٍ وَمَرْوَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَنَاحَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ. وَكَانَ مَنْ وُلِدَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِخُرَاسَانَ مِنْ أَوْلادِ الأَعْيَانِ سُمِّيَ يَحْيَى، ثُمَّ تتبع أبو مسلم قتله فَأَبَادَهُمْ. وَكَانَ مَقْتَلُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. 364- يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ الْبَكَّاءُ4 -ت ق- بَصْرِيٌّ مَشْهُورٌ ولاؤه للأزد.   1 إسناده حسن: والحديث صحيح: وأخرجه أبو داود "4702"، وأبو يعلي "104" في مسنده وانظر مسند الفاروق لابن كثير "2/ 635". 2 أخرجه مسلم "2652". 3 راجع: تاريخ الإمام الطبري "7/ 228 وما بعدها". 4 تهذيب التهذيب "11/ 278"، وميزان الاعتدال "4/ 408". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 201 حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب وأبي العالية. وعنه الحمادان عبد الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ النرمقي وقدامة بن شهاب وعلي بن عاصم وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لا يَرْضَاهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ الْقَوَارِيرِيُّ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: اشْتَكَى مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ أَعُودُهُ فَقِيلَ لَهُ: يَحْيَى عَلَى الْبَابِ قَالَ: مَنْ يَحْيَى؟ قِيلَ: أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: مَنْ أَبُو سَلَمَةَ؟ قَالَ: حَمَّادٌ وَقَدْ عَرَفَ فَقَالُوا: يَحْيَى الْبَكَّاءُ، قَالَ: يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: إِنَّ شَرَّ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ نُسِبْتُمْ إِلَى الْبُكَاءِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ الْبَكَّاءُ بَصْرِيٌّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ فَقَالَ: ابْنُ مُسْلِمٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي خُلَيْدٍ: الْبَكَّاءُ مَوْلَى الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ الأَزْدِيِّ اسْمُ أَبِيهِ سُلَيْمَانُ, كَانَ يَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ عَنِ الْمَشَاهِيرِ لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ حُصَيْنٍ: لَيْسَ بِذَاكَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أنا ابْنُ اللَّتِّيِّ وَأنا أَحْمَدُ أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ قَالا أَنا عَبْدُ الأَوَّلِ أَنا جَمَالُ الإِسْلامِ أَبُو الْحَسَنِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمُّوَيْهِ أَنْبَأَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُزَيْمٍ ثنا عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ تُحْسَبُ بِمِثْلِهِنَّ فِي صَلاةِ السَّحَرِ وَلَيْسَ شَيْءٌ إِلا وَهُوَ يُسَبِّحُ اللَّهَ تِلْكَ السَّاعَةَ ثُمَّ قَرَأَ: {يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} [النحل: 48]-الآيَةَ كلها "أخرجه الترمذي عن عبد فوافقناه1.   1 حديث ضعيف: في سنده يحيى البكاء وهو ضعيف، قاله البيهقي في شعب الإيمان، والحديث انفرد به الترمذي عن غيره من أصحاب الكتب الستة "3128"، وانظر تحفة الأحوذي "8/ 96، 97". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 202 365- يَحْيَى بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ1. عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 366- يَحْيَى بْنُ النَّضْرِ الأنصاري السلمي المدني2 -ب خ ق- وَالِدُ أَبِي بَكْرٍ. رَوَى عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلَقْمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَأَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ وَلَدُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ. 367- يَحْيَى بن هانيء بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيُّ3 -د ت ن-. رَوَى عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ الْمَعْوَلِيِّ وَنُعَيْمِ بْنِ دَجَاجَةٍ، وَأَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَوَفَدَ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. روى عنه شُعْبَةُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ سَيِّدُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قُلْتُ: وَكَذَا كَانَ أَبُوهُ. وَثَّقَهُ ابن معين. 368- يزيد بن أبان الرقاشي4 -ت ق- الواهد أبو عمرو البصري. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ المازني والحسن البصري.   1 التاريخ الكبير "8/ 299"، والجرح والتعديل "9/ 182". 2 التاريخ الكبير "8/ 308"، وتهذيب التهذيب "11/ 292". 3 التاريخ الكبير "8/ 309"، وتهذيب التهذيب "11/ 293". 4 التاريخ الكبير "8/ 320"، وتهذيب التهذيب "11/ 309". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 203 وعن شَيْخُهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَ أَحَدُ الْوُعَّاظِ الْبَكَّائِينَ. ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: إِذَا نِمْتُ ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ فَنِمْتُ الثَّانِيَةَ فَلا أَنَامَ اللَّهُ عَيْنِي. وَعَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ مُوسَى قَالَ: جَوَّعَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ نَفْسَهُ لِلَّهِ سِتِّينَ عَامًا حَتَّى ذَبُلَ جِسْمُهُ وَنَهِكَ بَدَنُهُ وَكَانَ يَقُولُ: غَلَبَنِي بَطْنِي مَا أَقْدِرُ لَهُ عَلَى حِيلَةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ السَّمَّاكِ عَنْ أَشْعَثَ أَنَّ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ صَامَ ثَلاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: بَكَى يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ حَتَّى تساقطت أشفاره وأظلمت عيناه وتغيرت مَجَارِي دُمُوعِهِ. وَلِيَزِيدَ مَوَاعِظُ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْخَائِفِينَ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: عَطَّشَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ نَفْسَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي حَرِّ الْبَصْرَةِ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: تَعَالَوْا حَتَّى نَبْكِي عَلَى الْمَاءِ الْبَارِدِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْحُمَيْسِيُّ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ يقول في قصصه: ويحك يا يزد مَنْ يَتَرَضَّى عَنْكَ رَبَّكَ وَمَنْ يَصُومُ لَكَ أَوْ يُصَلِّي لَكَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا مَعْشَرُ مَنِ الْقَبْرُ بَيْتُهُ وَالْمَوْتُ مَوْعِدُهُ أَلا تَبْكُونَ، قَالَ: فَبَكَى حَتَّى تَسَاقَطَتْ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ. 369- يَزِيدُ بن أبي حبيب الفقيه1 -ع- أبو رجاء الأزدي. مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ أَحَدُ الأَعْلامِ وَشَيْخُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ. وكان أسود حبشيًا.   1 التاريخ الكبير "8/ 324", وتهذيب التهذيب "11/ 318". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 204 قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: وُلِدَ تَقْرِيبًا فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ أَبِي مِنْ أَهْلِ دَنْقَلَةَ وَنَشَأْتُ بِمِصْرَ وَهُمْ عَلَوِيَّةٌ فَقَلَبْتُهُمْ عُثْمَانِيَّة. قُلْتُ: رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَعَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ حَتَّى إِنَّهُ رَوَى عَنْ تَلامِذَتِهِ. وعنه سعيد بن أبي أيوب وحيوة بن شُرَيْحٍ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ وَكَانَ حَلِيمًا عَاقِلا وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الْعِلْمَ وَالْمَسَائِلَ وَالْحَلالَ وَالْحَرَامَ بِمِصْرَ، وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فِي التَّرْغِيبِ وَالْمَلاحِمِ وَالْفِتَنِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ عَالِمُنَا وَسَيِّدُنَا يُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: ثنا عُبَيْدُ الله بن أبي جعفر ويزيد بن أبي حَبِيبٍ وَهُمَا جَوْهَرَتَا الْبِلادِ: كَانَتِ الْبَيْعَةُ إِذَا جَاءَتْ لخَلِيَفَةٍ كَانَ أَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُ عُبَيْدُ اللَّهِ ثُمَّ يَزِيدُ ثُمَّ النَّاسُ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ يَزِيدُ كَأَنَّهُ فَحْمَةٌ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ: أَيُّهُمَا كَانَ أَفْضَلُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَوْ عُبَيْدِ الله بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي جعفر؟ قال: لَوْ جُعِلا فِي مِيزَانٍ مَا رَجَحَ هَذَا عَلَى هَذَا. وَقَال ابْنُ لَهِيعَةَ: مَرِضَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ فَعَادَهُ حَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ أَمِيرُ مِصْرَ فَقَالَ: يَا أَبَا رَجَاءٍ مَا تَقُولُ فِي الصَّلاةِ فِي ثَوْبٍ فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثُ؟ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ، فَقَامَ فَنَظَرَ إِلَى يَزِيدَ فَقَالَ: تَقْتُلُ خَلْقًا كُلَّ يَوْمٍ وَتَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ! وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: سَمِعَ ابْنُ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ مُسَتقْبِلَ الْقِبْلَةِ" 1. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: لا أدع أخًا لي يعضب عَلَيَّ مَرَّتَيْنِ بَلْ أَنْظُرُ مَا يَكْرَهُ فَأَدَعُهُ.   1 حديث صحيح: أخرجه ابن ماجه "317"، وأحمد في المسند "4/ 191"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "7/ 326". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 205 قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْمُرَادِيُّ أَنَّ زِيَادَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ أَرْسَلَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: ائْتِنِي لِأَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْعَلْم قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بَلْ أَنْتَ فَائْتِنِي فَإِنَّ مَجِيئَكَ إلي رزين لك ومجييء إِلَيْكَ شَيْنٌ عَلَيْكَ. قَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: لَمَّا كَثُرَتِ الْمَسَائِلُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ لَزِمَ بَيْتَهُ. وَرَوَى ضِمَامُ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ وَالْعَلاءِ بْنِ كَثِيرٍ قَالُوا: يَزِيدُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْعِلْمَ بِمِصْرَ وَكَانُوا إِنَّمَا يَتَحَدَّثُونَ بِالْفِتَنِ وَالْمَلاحِمِ وَالتَّرْغِيبِ، قَالَ: وَكَانَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ جَعَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَيْهِمُ الْفُتْيَا بِمِصْرَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: اسْمُ أَبِيهِ سُوَيْدٌ مَوْلَى شَرِيكِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيِّ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: مَاتَ يَزِيدُ سنة ثمان وعشرين مائة. 370- يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو التَّيَّاحِ الضُّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -ع- أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الزُّهَّادِ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَمُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. قَالَ شُعْبَةُ: رَأَيْتُ أَبَا التَّيَّاحِ وَأَبَا جَمْرَةَ وَأَبَا نَوْفَلٍ يُضَبِّبُونَ أَسْنانَهُمْ بِالذَّهَبِ. قَالَ جَعْفَرِ بْنُ سُلَيْمَانَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي التَّيَّاحِ نَعُودُهُ وَاللَّهِ إِنْ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ الْيَوْمَ لِمَا يَرَى مِنَ التَّهَاوُنِ في الناس بأمر الله أن يزيده ذاك جِدًّا وَاجْتِهَادًا ثُمَّ بَكَى. وَقَالَ أَبُو التَّيَّاحِ: كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَتَقَرَّأُ عِشْرِينَ سَنَةً مَا يَعْلَمُ بِهِ جِيرَانُهُ. يَتَقَرَّأُ: أَيْ يَتَعَبَّدُ وَالْقُرَّاءُ فِي اصْطِلاحِ الصَّدْرِ الأَوَّلِ هُمُ الْعُبَّادِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَنَسٍ فِي أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ يَا مِلْحَ الْبَلَدْ ... مَنْ يُصْلِحُ الْمِلْحَ إِذَا الْمِلْحُ فَسَدْ؟ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَبُو التياج ثبت ثقة ثقة.   1 التاريخ الكبير "8/ 326"، وتهذيب التهذيب "11/ 320". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 206 وَقَالَ أَبُو إِيَاسٍ: مَا بِالْبَصْرَةِ أَحَدٌ أُحِبُّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْ أَبِي التَّيَّاحِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثِينَ. 371- يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ الْمَدَنِيُّ الْقَارِئُ1 -ع- أبو روح. أَحَدُ مَشْيَخَةِ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْقِرَاءَةِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثِينَ. وَقَدْ مَرَّتْ تَرْجَمَتُهُ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 372- يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُمَيَّةَ أَبُو صَخْرٍ الأَيْلِيُّ -د-2. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ سَعْدَانُ بْنُ سَالِمٍ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ الأَيْلِيَّانِ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ. وَهُوَ مُقِلٌّ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أَجْمَعَ وَيَبْكِي. 373- يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ3. الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ أَحَدُ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ. وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ سَلَمَةَ وَيُكَنَّى أَبَا الْمَكْشُوحِ. اسْتَوْفَى أَخْبَارَهُ ابْنُ خِلِّكَانَ فِي تَارِيخِهِ4، وَذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الأَغَانِي جَمَعَ لَهُ ديونًا وَأَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَبْدَ اللَّهِ الطُّوسِيَّ جَمَعَ له ديونًا. وَلَهُ شِعْرٌ فِي أَمَاكِنَ مِنَ الْحَمَاسَةِ. وَنَظْمُهُ فِي الذِّرْوَةِ. وَهُوَ الْقَائِلُ. وَحَنَّتْ قَلُوصِي بَعْدَ هَذَا صَبَابَةً ... فَيَا رَوْعَةً مَا رَاعَ قَلْبِي حَنِينَهَا فَقُلْتُ لَهَا صَبْرًا فَكُلُّ قَرِينَةٍ ... مُفَارِقَةٌ لا بد يومًا قرينها ومن شعره قوله:   1 التاريخ الكبير "8/ 331"، وتقريب التهذيب "2/ 373". 2 التاريخ الكبير "8/ 338"، والتقريب "2/ 374"، والجرح والتعديل "9/ 269". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 307". 4 وفيات الأعيان "6/ 367". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 207 إِذَا نَحْنُ جِئْنَا لَمْ نُجَمَّلْ بِزِينَةٍ ... حَذَارَ الأَعَادِي وَهِيَ بَادٍ جَمَالُهَا وَلا نَبْتَدِيهَا بِالسَّلامِ وَلَمْ نَقُلْ ... لَهُمْ مَنْ تَوَقَّى شَرَّهُمْ: كَيْفَ حَالُهَا؟ قُتِل يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ بِالْيَمَامَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَالطَّثْرُ ضَرْبٌ مِنَ اللَّبَنِ. 374- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيُّ المدني1 -ع- أبو عبد الله. أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمُسْنِدِينَ. وَكَانَ أَعْرَجَ. رَوَى عَنْ أبي هريرة وابن عمر وعبيد بن جريح وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَأَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي ابْنُ قُسَيْطٍ وَكَانَ ثِقَةٌ فَقِيهًا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الأَعْمَالِ لِأَمَانَتِهِ وَفِقْهِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَقِيلَ: سُئِلَ مَالِكٌ أَنْ يُحَدِّثَ بِحَدِيثِ ابْنِ قُسَيْطٍ فِي الْقِصَاصِ فَامْتَنَعَ وَقَالَ: لَيْسَ رَجُلَهُ عِنْدَنَا هُنَاكَ. ووثقه أرباب الصحاح. مات سنة اثنين وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 375- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الهمداني الدمشقي2 -د ن ق- الفقيه قاضي دمشق. عن وائلة بْنِ الأَسْقَعِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ مُرْسَلَةٌ. وَعَنْهُ ابْنُهُ خَالِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ. وَثَّقَهُ أبو حاتم وغيره.   1 التاريخ الكبير "8/ 344". 2 التاريخ الكبير "8/ 347" وتهذيب التهذيب "11/ 345، 346". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 208 قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا أَعْلَمُ بِالْقَضَاءِ مِنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ لا مَكْحُولٌ وَلا غَيْرُهُ وَقَدْ بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى بَنِي نُمَيْرٍ يُفَقِّهُهُمْ وَيُقْرِئُهُمْ. تُوُفِّيَ يَزِيدُ هَذَا سَنَةَ ثَلاثِينَ مائة وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتِّينَ. 376- يَزِيدُ بْنُ القعقاع أبو جعفر المدني1، مقريء الْمَدِينَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهِ فَيْرُوزَ، وَكَانَ عَابِدًا صَوَّامًا قَوَّامًا مُجَوِّدًا لِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَهُ قِرَاءَةٌ مَحْفُوظَةٌ فَهُوَ أَحَدُ الْعَشَرَةِ الأَعْلامِ. أَقْرَأَ النَّاسَ دَهْرًا طَوِيلا وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى مَوْلاهُ عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة الْمَخْزُومِيِّ وَعَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ صَلَّى بِابْنِ عُمَرَ وَإِنَّهُ أَقْرَأَ النَّاسَ مِنْ قَبْلِ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ وَكَانَتْ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ نَافِعٌ وَعِيسَى بْنُ وَرْدَانَ، وَحَدَّثَ عَنْهُ مَالِكٌ - فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ - وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ. وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي زَمَانِهِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ. وَكَانَ مَعَ عِبَادَتِهِ وَتَبَتُّلِهِ مُفْتِيًا مُجْتَهِدًا كَبِيرَ الْقَدْرِ وَلَمْ يُخَرِّجُوا لَهْ شَيْئًا فِي الْكُتُبِ. وَقَدْ بَسَطْتُ تَرْجَمَتَهُ فِي كِتَابِ "طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ"2. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. وَقِيلَ: سَنَةَ ثلاثٍ وثلاثين. وقال محمد بن المثني: سنة سبع وعشرين ومائة.   1 التاريخ الكبير "8/ 353"، وتهذيب التهذيب "12/ 58". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 58- 62". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 209 377- يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ1 بْنِ مَرْوَانَ أَبُو خَالِدٍ الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. الْمُلَقَّبُ بِالنَّاقِصِ لِكَوْنِهِ نَقَصَ الْجُنْدَ مِنْ أَعْطِيَاتِهِمْ، تَوَثَّبَ عَلَى الْخِلافَةِ وَتَمَّ لَهُ ذَاكَ وَقَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ الْوَلِيدَ كَمَا ذَكَرْنَا. وَتَمَلَّكَ أَوَّلا دِمَشْقَ وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأَخِرَةِ. حَكَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ أَنَّ قُتَيْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ ظَفَرَ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ بِابْنَتَيْ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجَرْدَ فَبَعَثَ بِهِمَا إِلَى الْحَجَّاجِ فَبَعَثَ الْحَجَّاجُ بِإِحَدَاهُمَا وَهِيَ شاه فرند إِلَى الْوَلِيدِ فَأَوْلَدَهَا يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَفَيْرُوزُ هَذَا هُوَ ابْنُ بِنْتِ شِيرَوَيْهِ بْنِ كِسْرَى، وَأُمُّ شِيرَوَيْهِ ابْنَةُ خَاقَانَ مَلِكِ التُّرْكِ، وَأُمُّهَا - أَعْنِي أُمَّ فَيْرُوزَ - هِيَ بِنْتُ قَيْصَرَ عَظِيمِ الرُّومِ، فَلِذَلِكَ يَقُولُ: يَزِيدُ وَيَفْتَخِرُ: أَنَا ابْنُ كِسْرَى وَأَبِي فَمَرْوَانُ ... وَقَيْصَرُ جَدِّي وَجَدِّي خَاقَانُ2 قَالَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَامَ خَطِيبًا عِنْدَ قَتْلِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ أَشِرًا وَلا بَطِرًا وَلا حِرْصًا عَلَى الدَّنْيَا، وَلا رَغْبَةً فِي الْمُلْكِ، وَإِنِّي لَظَلُومٌ لِنَفْسِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي، وَلَكِنْ خَرَجْتُ غَضِبًا لِلَّهِ وَلِدِينِهِ، وَدَاعِيًا إِلَى كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ حِينَ دَرَسَتْ معالم الهدى وطفيء نُورُ أَهْلِ التَّقْوَى، وَظَهَرَ الْجَبَّارُ الْمُسْتَحِلُّ لِلْحُرْمَةِ وَالرَّاكِبُ الْبِدْعَةِ3، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَشْفَقْتُ إِنْ غَشِيَتْكُمْ ظُلْمَةٌ لا تُقْلِعَ عَنْكُمْ عَلَى كَثْرَةٍ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَقَسْوَةٍ مِنْ قُلُوبِكُمْ، وَأَشْفَقْتُ أَنْ يَدْعُو كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَيُجِيبُهُ، فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ فِي أَمْرِي وَدَعَوْتُ مَنْ أَجَابَنِي مِنْ أَهْلِي وَأَهْلِ وِلايَتِي، فَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُ البِّلادَ وَالْعِبَادَ وِلايَةٌ مِنَ اللَّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي إِنْ وَلِيتُ أُمُورَكُمْ أَنْ لا أَضَعُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلا حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، وَلا أَنْقُلُ مَالا مِنْ بَلَدٍ حَتَّى أَسُدَّ ثَغْرَهُ وَأُقَسِّمَ بَيْنَ مَسَالِحِهِ مَا يَقْوُونَ بِهِ، فَإِنْ فَضَلَ رَدَدْتُهُ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى تَسْتَقِيمَ الْعِيشَةُ وَتَكُونَ فِيهِ سَوَاءً فَإِنْ أَرَدْتُمْ بَيْعَتِي عَلَى الَّذِي بَذَلْتُ لَكُمْ فَأَنَا لَكُمْ، وَإِنْ مِلْتُ فَلا بَيْعَةَ لِي عَلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا أَقْوَى مني عليها فأردتم بيعته أنا أَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُ وَيَدْخُلُ فِي طَاعَتِهِ، وَأَسْتَغْفِرُ الله لي ولكم4.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 172". 2 راجع هذا الشاهد في سير أعلام النبلاء "6/ 172". 3 البدعة: هي ما استحدث في الدين وغيره "ج" بدع. 4 سير أعلام النبلاء "6/ 173". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 210 قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ بِالسِّلاحِ فِي الْعِيدِ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ خَرَجَ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ صَفَّيْنِ مِنَ الْخَيْلِ عَلَيْهِمُ السِّلاحُ مِنْ بَابِ الْحِصْنِ إِلَى الْمُصَلَّى. وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ الليثي قال: قال يزيد لا النَّاقِصُ؛: يَا بَنِي أُمَيَّةَ إِيَّاكُمْ وَالْغِنَاءَ فَإِنَّهُ يُنْقِصُ الْحَيَاءَ وَيَزِيدُ فِي الشَّهْوَةِ وَيَهْدِمُ الْمُرُوءَةَ، وَإِنَّهُ لَيَنُوبُ عَنِ الْخَمْرِ وَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْمُسْكِرُ، فَإِنْ كُنْتُمْ لا بُدَّ فَاعِلِينَ فَجَنِّبُوهُ النِّسَاءَ فَإِنَّ الْغِنَاءَ دَاعِيَةُ الزِّنَا1. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكِم: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: لَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْقَدَرِ وَحَمَلَهُمْ عَلَيْهِ وَقَرَّبَ غَيْلانَ أَوْ قَالَ: أَصْحَابُ غَيْلانَ2. قُلْتُ: كَانَ غَيْلانُ قَدْ صَلَبَهُ هِشَامٌ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ بِمُدَّةٍ. وَلَمْ يُمَتَّعْ يَزِيدُ بِالْخِلافَةِ وَمَاتَ فِي سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ فَكَانَتْ خِلافَتُهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ نَاقِصَةً. وَقِيلَ: مَاتَ بَعْدَ عِيدِ الأَضْحَى. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: عَاشَ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: عَاشَ خَمْسًا وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: كَانَ أَسْمَرَ نَحِيفًا حَسَنَ الْوَجْهِ. وَدُفِن بَيْنَ الْجَابِيَةِ وَبَابِ الصَّغِيرِ. وَيُقَالُ: مَاتَ بِالطَّاعُونِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوهُ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي استُخْلِفَ. 378- يَزِيدُ الرِّشْكُ الضبعي3 -ع- مولاهم. والرشك هو القاسم بِلُغَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ. قَالَ عَبَّاسُ الدُّورِيُّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ مُطَرِّفٍ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ فَخَرَجَ مِنْهَا عَقْرَبٌ فَلُقِّبَ بِالرِّشْكِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ ثِقَةً صالحًا خيرًا وكان يقسم الدور والأملاك.   1 انظر المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 تهذيب التهذيب "11/ 371، 372"، وميزان الاعتدال "4/ 444". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 211 غُنْدَرٌ: رَوَى النَّاسُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ سَمِعْتُ مُعَاذَةَ تَقُولُ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: أَرْبعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: يَزِيدُ الرِّشْكِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الضُّبَعِيُّ: بَعَثَ الْحَجَّاجُ يَزِيدَ الرِّشْكَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَوَجَدَ طُولَهَا فَرْسَخَيْنِ وَعَرْضَهَا خَمْسَ دَوَانِيقَ1. قُلْتُ: يَعْنِي فَرْسَخًا إِلا سدسًا. قيل: إنه توفي في سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 379- يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الأشج2 -م ت ن ق- أبو يوسف. رَوَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَكُرَيْبٍ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَابْنُ عَجْلانَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ صَدُوقًا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ فِي البر شَهِيدًا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 380- يَعْقُوبُ بْنُ عتبة بن المغيرة3 -د ن ق- بن الأخنس بن شريق الثقفي المدني. عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وعكرمة والزهري. وعن ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَكَانَ فَقِيهًا وَرِعًا عَارِفًا بِالسِّيرَةِ. مَاتَ سنة ثمان وعشرين ومائة.   1 راجع عيون الأخبار "1/ 216". 2 التاريخ الكبير "8/ 391"، تهذيب التهذيب "11/ 390". 3 التاريخ الكبير "8/ 389"، تهذيب التهذيب "11/ 392"، الجرح والتعديل "9/ 211". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 212 381- يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ الثَّقَفِيُّ1 -سِوَى ت- مَوْلاهُمُ الْمَكِّيُّ نَزِيلُ الْبَصْرَةِ وَصَدِيقُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ. رَوَى عن سعيد بن جبير وسلميان بْنِ يَسَارٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ أَيُّوبُ وَيَحْيَى بْنُ أبي كثير وابن جريح وسعيد بن أبي عروبة وحماد بن زَيْدٍ. وَثَّقهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 382- يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ الأَمِيرُ2، وَلِيَ الْيَمَنَ لِهِشَامٍ، ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقَيْنِ فَأَقَرَّهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ وَأَضَافَ إِلَيْهِ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، وَكَانَ مَهِيبًا جَبَّارًا ظَلُومًا. ذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ سِمَاطَ يُوسُفَ بِالْعِرَاقِ كَانَ كُلُّ يَوْمٍ خَمْسَمِائَةِ مَائِدَةٍ، وَكَانَتْ مَائِدَتُهُ وأقصى الموائد سواء، يتعمد ذلك وينوعه. وروينا أن ضَرَبَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْيَمَنِ حَتَّى هَلَكَ تَحْتَ الضَّرْبِ. وَلَمَّا قُتِلَ عُزِلَ يُوسُف ثُمَّ قُتِلَ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَمَّا هَلَكَ الْحَجَّاجُ أَخَذُوا يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فِي آلِ الْحَجَّاجِ لِيُعَذَّبَ وَيُطْلَبَ مِنْهُ الْمَالُ فَقَالَ: أَخْرِجُونِي أَسْأَلُ فَدَفَعَ ابْنُ الْحَارِثِ الْجَهْضَمِيُّ وَكَانَ مُغَفَّلا فَانْتَهَى إِلَى دَارٍ لَهَا بَابَانِ فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ: دَعْنِي أَدْخُلُ إِلَى عَمَّتِي أَسْأَلُهَا فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ وَهَرَبَ، وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ3: وَلِيَ يُوسُفُ الْيَمَنَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَةٍ, فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى كُتِبَ إِلَيْهِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ فَاسْتَخْلَفَ ابْنَهُ الصَّلْتَ وَسَارَ. قَالَ اللَّيْثُ: فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ نُزِعَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ عَنِ الْعِرَاقِ وَأُمِّرَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ. وَرَوَى بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ازْدَحَمَ النَّاسُ عَشِيَّةً فِي دَارِ يُوسُفَ عَلَى الطَّعَامِ فَدَفَعَ رَجُلٌ مِنَ الْجُنْدِ رَجُلا بِقَائِمِ سَيْفِهِ فَرَآهُ يُوسُفُ فَدَعَا بِهِ فَضَرَبَهُ مِائَتَيْنِ وقال: يا   1 التاريخ الكبير "8/ 417"، والصغير "1/ 308"، وتهذيب التهذيب "11/ 401". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 225"، ومرآة الجنان "1/ 267". 3 يعني في تاريخه "ص/ 357". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 213 ابن اللَّخْنَاءِ أَتَدْفَعُ النَّاسَ عَنْ طَعَامِي؟ وَحَكَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَنَّ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ وَزَنَ دِرْهَمًا فَنَقَصَ حَبَّةً فَكَتَبَ إِلَى دُورِ الضَّرْبِ بِالْعِرَاقِ فَضَرَبَ أَهْلَهَا فَأَحْصَى فِي تِلْكَ الْحَبَّةِ مِائَةَ أَلْفِ سَوْطٍ ضَرَبَهَا. وَقِيلَ: كَانَ يُضْرَبُ المثل بحمقه وتيهه حتى كانوا يقولوا أَحْمَقُ مِنْ أَحْمَقِ ثَقِيفٍ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ حَجَّامًا أَرَادَ أَنْ يَحْجِمَهُ1 فَارْتَعَدَ فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: قُلْ لِهَذَا الْبَائِسِ لا تَخَفْ، وَمَا رَضِيَ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِنَفْسِهِ. وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الْوَلِيدُ الْفَاسِقُ هَمَّ بِعَزْلِ يُوسُفَ وَبِتَوْلِيَةِ ابْنِ عَمِّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَوَالِدَةُ الْوَلِيدِ ابْنَيْ عَمٍّ فَسَارَ يُوسُفُ إِلَى الْوَلِيدِ وَقَدَّمَ لَهُ أَمْوَالا عَظِيمَةً وَتُحَفًا، وَكَانَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ مَسْجُونًا فِي سِجْنِ الْوَلِيدِ فَقَرَّرَ مَعَ أَبَانِ النمري أن يشتري خالد الْقِسْرِيَّ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْوَلِيدُ لِيُوسُفَ: ارْجَعْ إِلَى عَمِّكَ، فَقَالَ أَبَانُ لِلْوَلِيدِ: اعْطِنِي خَالِدًا وَأَدْفَعُ إِلَيْكَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، قَالَ: وَمَنْ يَضْمَنُ هَذَا الْمَالُ عَنْكَ؟ قَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: أَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ فَحَمَلَهُ في محمل لغير وِطَاءٍ وَقَدِمَ بِهِ إِلَى الْعِرَاقِ فَأَهْلَكَهُ تَحْتَ الْعَذَابِ وَالْمُصَادَرَةِ وَطَلَبَ مِنْهُ أُلُوفًا لا تُحْصَى. ثُمَّ اقْتَصَّ مِنْ يُوسُفَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ بأبيه وقتله ثم قتل يويد بْنَ خَالِدٍ حِينَ تَمَلَّكَ مَرْوَانُ الْحِمَارُ. قَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: ثنا حَيَّانُ بْنُ زُهَيْرٍ ثنا أَبُو الصَّيْدَاءِ صَالِحُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الْعِرَاقَ أَتَانَا خَبَرَهُ بِخُرَاسَانَ، قَالَ: فَبَكَى أَبُو الصَّيْدَاءِ وَقَالَ: هَذَا الْخَبِيثُ شَهِدْتُهُ ضَرَبَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى قَتَلَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: يُقَالُ: إِنَّ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ لَمَّا وُلِّيَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا الْفَاسِقَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ قَدْ صَارَ إِلَى الْبَلْقَاءِ فَاطْلُبُوهُ، قَالَ: فَلَمْ يُوجَدْ، فَتَهَدَّدُوا ابْنَهُ، فَقَالَ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَيْهِ، إِنَّهُ انْطَلَقَ إِلَى مَزْرَعَةٍ لَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ خَمْسُونَ فَارِسًا، فَإِذَا بِهِ انْمَلَسَ وَاخْتَفَى، فَإِذَا نِسْوَةٌ أَلْقَيْنَ عَلَيْهِ قَطِيفَةً وَجَلَسْنَ عَلَى حَوَاشِيهَا، فَجَرُّوا بِرِجْلِهِ فَأَتَوْا بِهِ، وَكَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ فَأَخَذَ حَرَسِيٌّ بِلِحْيَتِهِ فَهَزَّهَا وَنَتَفَ مِنْهَا، وَكَانَ قَصِيرًا فَأُدْخِلَ عَلَى يَزِيدَ فَقَبَضَ يُوسُفُ عَلَى لِحْيَتِهِ، وَإِنَّهَا لَتَجُوزُ سُرَّتَهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا أمير   1 والحجامة: امتصاص الدم بالمحجم بعد تشريط الجلد، وقد تكون الحجامة جافة دون إدماء. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 المؤمنين نتف والله لحيتي، فسبحنه فِي الْخَضْرَاءِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ فقال: أما تخاف أن يطلع عليه بَعْضُ مَنْ قَدْ وَتَرْتَ فَيُلْقِي عَلَيْكَ حَجَرًا؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا فَطِنْتُ لِهَذَا، فَنَشَدْتُكَ اللَّهُ لَتَكَلَّمْتَ فِي تَحْوِيلِي، فَأَخْبَرْتُ يَزِيدَ فَقَالَ: مَا غَابَ عَنْكَ مِنْ حُمْقِهِ أَكْثَرُ وَمَا حَبَسْتُهُ إِلا لأُوَجِّهَ بِهِ إِلَى الْعِرَاقِ فَيُقَامُ لِلنَّاسِ، وَتُؤْخَذُ الْمَظَالِمُ مِنْ مَالِهِ وَدَمِهِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا أَبُو هَاشِمٍ قَالَ: أَرْسَلَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَسْرِيُّ مَوْلًى لِأَبِيهِ يُكَنَّى أَبَا الأَسَدِ فِي عِدَّةٍ مِنْ أصحابه، فدخل السحن، فَأَخْرَجَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَذَلِكَ في سنة سبع وعشرين مائة1. وكذا أَرَّخَ خَلِيفَةُ وَقَالَ: وَلَهُ نَيِّفٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. وزاد ابن خلطان وَغَيْرُهُ: إِنَّهُمْ رَمَوْا جُثَّتَهُ فَشَدَّ الصِّبْيَانُ فِي رِجْلِهِ حَبْلا وَجَرُّوهُ فِي شَوَارِعِ دِمَشْقَ، وَكَانَ دَمِيمًا فَمَرَّتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: مَا فَعَلَ هَذَا الصَّبِيُّ الْمِسْكِينُ حَتَّى قُتِلَ2؟ 383- يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ حِمَاسٍ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ3 -م ن ق-. عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ ابن جريح وَمَالِكٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَكَانَ مِنَ الأَوْلِيَاءِ. يُقَالُ: إِنَّهُ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ فَدَعَا عَلَى بَصَرِهِ فَعُمِيَ، ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى الْخِلافَةِ فَدَعَا فَأَبْصَرَ. "الْكُنَى": 384- أَبُو الأَعْيَسِ الْخَوْلانِيُّ الْحِمْصِيُّ4. اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ. عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.   1 راجع تاريخ الطبري "7/ 302". 2 تاريخ خليفة "373"، ووفيات الأعيان "7/ 111، 112". 3 التاريخ الكبير "8/ 404"، وتهذيب التهذيب "11/ 452". 4 تهذيب التهذيب "6/ 188"، والتاريخ لأبي زرعة "1/ 388". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 215 وَعَنْهُ ابْنُ زَبْرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ. وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. أَبُو بِشْرٍ. هُوَ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ. مَرَّ. 385- أَبُو بِشْرٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمُؤَذِّنُ1. عَنْ عمر بن عبد العزيز ومكحول. وعنه سعيد بن عبد العزيز ومعاوية بن صالح. مات سنة وثلاثين وَمِائَةٍ. 386- أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرحمن2 - سوى د- بن عبد الله بن عمر العمري. عن نافع وسالم بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى. لَهُ فِي الْكُتُبِ حَدِيثُ الْوِتْرِ عَلَى الْبَعِيرِ. 387- أَبُو بَلْجٍ الْفَزَارِيُّ الْوَاسِطِيُّ3 -4- يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَلَى الصَّحِيحِ. عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ وَأَبِي الْحَكَمِ الْعَنْزِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. 388- أَبُو جَعْفَرٍ الْفَرَّاءُ الكوفي4 -ن- سلمان. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَأَبِي عَبْدِ الرحمن السلمي.   1 تهذيب التهذيب "12/ 21"، والخلاصة "443"، وتاريخ الثقات "491". 2 التاريخ الكبير "9/ 13". 3 تهذيب الكمال "33/ 162"، والتقريب "2/ 409". 4 التاريخ الكبير "9/ 18"، والمعرفة والتاريخ "3/ 100". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 216 وَعَنْهُ ابْنَاهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَإِسْحَاقُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ. تَقَدَّمَ. أَبُو جَمْرَةَ الْقَصَّابُ، مَيْمُونٌ. أَبُو حُصَيْنٍ، عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ. مَرَّ. أَبُو الرِّجَالِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. مَرَّ. 389- أَبُو الزَّاهِرِيَّةَ1 -م د ن ق- اسمه حدير بن كريب. سَمِعَ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ وَأَبَا عُتْبَةَ الْخَوْلانِيَّ وَكَثِيرَ بْنَ مُرَّةَ وَأَبَا ثَعْلَبَةَ الْخَشَنِيَّ. وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ حُمَيْدٌ وَأَبُو مَهْدِيٍّ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ، قَالَ خَلِيفَةُ وَابْنُ سَعْدٍ وَالْبَلاذُرِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَنَةَ مِائَةٍ. قلت: هذا أشبه. 390- أبو الزناد2 -ع- هو عبد الله بن ذكوان. يَأْتِي فِي الطَّبَقَةِ الْمُقْبِلَةِ لاخْتِلافِهِمْ فِي مَوْتِهِ. وَالأَصَحُّ مَوْتُهُ فِي سَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثلاثين ومائة. ضبطه الواقدي.   1 المعرفة والتاريخ "2/ 448"، والمشاهير "114، 179". 2 تهذيب التهذيب "5/ 203"، والتقريب "2/ 423". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 217 391- أَبُو الْعَاجِ السَّلْمِيُّ. يُقَالُ لَهُ كَثِيرٌ، وَلِيَ الْبَصْرَةَ مِنْ قِبَلِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: قِيلَ: أُتِيَ أَبُو الْعَاجِ بِرَجُلٍ مَأْبُونٍ فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أُوَكِّلَ بِهِ مَنْ يَحْفَظُ دُبُرَهُ لَقَدْ جَعَلْتُمُونَا إِذًا فِي عَنَاءٍ، أَطْلِقُوهُ. 392- أَبُو عِصَامٍ1 -م د ت ن- عَنْ أَنَسٍ ثَلاثَةَ أَحَادِيثَ. وَعَنْهُ هِشَامُ الدسوائي وَشُعْبَةُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ. وَهُوَ صَدُوقٌ. أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَبْدُ الْمَلِكِ2. أبُو عُمَرَ الْبَزَّارُ، دِينَارٌ مر. 393- أبو العنبس العدوي3 -د- الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَهُوَ جَدُّ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ لأُمِّهِ. عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَآخَرُونَ. صَدُوقٌ كُوفِيٌّ 394- أَبُو الْعَنْبَسِ الْكُوفِيُّ4 -د س- عبد الله بن مروان. عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ. صَدُوقٌ. 495- أبو غالب البصري5 -د ت ق- حزور على الصحيح.   1 التاريخ الكبير "9/ 58"، وتهذيب التهذيب "12/ 168"، والجرح والتعديل "9/ 412". 2 وهو عبد الملك بن حبيب سبقت ترجمته قريبا. 3 تهذيب التهذيب "12/ 189"، وميزان الاعتدال "4/ 559". 4 تهذيب التهذيب "12/ 189"، وميزان الاعتدال "4/ 559". 5 تهذيب التهذيب "3/ 227"، والتقريب "2/ 447". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 218 وعن أبي أمانة وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ وَحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 496- أَبُو فزارة العبسي الكوفي1 -م د ت ق- راشد بن كيسان. عَنْ أَنَسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَيَزِيدَ بْنَ الأَصَمِّ وَأَبِي زيد مولى عمرو بْنِ حُرَيْثٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ كَيِّسٌ. 397- أَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ المصري2 -ت ن-. اسمه حي بن هانيء بن ناصر، قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ فَسَكَنَ مِصْرَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. وَرَوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَشَفِيِّ بْنِ مَاتِعٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَرَوَى ضِمَامٌ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ فَجَاءَنَا قَتْلُ عُثْمَانَ فَخِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَقُلْنَا: نُقْتَلُ السَّاعَةَ فَصَعِدْنَا الْجَبَلَ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِي. قَالَ ضِمَامٌ: كَانَ أَبُو قَبِيلٍ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ أَنْ يُعَظَّمُ ذُو الشَّيْبَةِ فِي الإِسْلامِ. وَقِيلَ: اسْمُ أَبِي قَبِيلٍ: حُيَيُّ مُصَغَّرًا. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٌ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قلت: وقع لنا من عواليه.   1 التاريخ الكبير "3/ 296"، وتهذيب التهذيب "3/ 227". 2 التاريخ الكبير "3/ 75"، والصغير "1/ 262". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 219 398- أبو كثير السحيمي اليمامي الأعمى1 -د ت ن ق- اسمه يزيد. عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَرَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَادِيثَ. وَعَنْهُ ابْنُه زُفَرُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 399- أَبُو الْمِحْجَلِ2. رُدَيْنِيُّ بْنُ مُرَّةَ, وَقِيلَ: ابْنُ خَالِدٍ. عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ بُرَيْدَةَ وَمُقْعَبَيْنِ بْنِ عِمْرَانَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ. وَعَنْه الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ ابن معين. 400- أبو المقدام الكوفي3 -د ن ق- ثابت بن هرمز الحداد. عَنْ عَدِيِّ بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَسَعِيدِ ابن الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَمْرٌو وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ. أَبُو الْمَكْشُوحِ. هُوَ يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ. مَرَّ. 401- أَبُو نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ الْبَصْرِيُّ4 - م د ت ن - عبد ربه. وَثَّقُوهُ. رَوَى عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمَرْحُومٌ الْعَطَّارُ وَآخَرُونَ.   1 تهذيب التهذيب "12/ 211"، والجرح والتعديل "9/ 276". 2 التاريخ لابن معين "2827"، والجرح والتعديل "3/ 516". 3 تهذيب التهذيب "2/ 16"، والتقريب "2/ 459". 4 أبو نعامة السعدي، واسمه: عبد ربه ثقة. راجع ترجمته في: تهذيب التهذيب "12/ 257"، والميزان "2/ 545". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 220 402- أبو هاشم الرماني الواسطي1 -ع- يَحْيَى بْنُ دِينَارٍ, وَيُقَالُ: يَحْيَى بْنُ نَافِعٍ. كَانَ يَنْزِلُ قَصْرَ الرُّمَّانِ بِوَاسِطَ فَنُسِبَ إِلَيْهِ. عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَهُشَيْمٌ وَخَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ. 403- أَبُو الْهَيْثَمِ الْمُرَادِيُّ الْكُوفِيُّ2. صَاحِبُ الْقَصَبِ. قِيلَ: اسْمُهُ عَمَّارٌ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 404- أَبُو الْوَازِعِ الْكُوفِيُّ3. هُوَ زُهَيْرُ بْنُ مَالِكٍ النَّهْدِيُّ. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ السُّكَّرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَتْ عِنْدَهُ غَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. 405- أَبُو الْوَازِعِ الرَّاسِبِيُّ الْبَصْرِيُّ4 -م ت ق- جابر بن عمرو. عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ. وَعَنْهُ أَبَانُ بْنُ صَمْعَةَ وَشَدَّادُ أَبُو طَلْحَةَ الرَّاسِبِيُّ وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ وَأَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بن الحباب. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 406- أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ5 -د ن- يزيد بن عبيد المدني.   1 تهذيب التهذيب "12/ 261"، والمعرفة والتاريخ "2/ 75". 2 تهذيب التهذيب "12/ 269"، الجرح والتعديل "6/ 391". 3 التاريخ الكبير "3/ 429"، والمعرفة والتاريخ "3/ 76". 4 التاريخ الكبير "2/ 209"، وتهذيب التهذيب "2/ 43". 5 التاريخ الكبير "8/ 348"، وتهذيب التهذيب "11/ 349". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 221 عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ شُعَرَاءِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وَهُوَ صَدُوقٌ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 407- أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ الْكُوفِيُّ1 -د ت ق- فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ: يَزِيدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُسْلِمٌ وَعِمْرَانَ، وَالأَصَحُّ زَاذَانُ. رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ ابْنُ معين وغيره. 408- أبو يعفور العبدي الكوفي2 -ع- واقد, وقيل: وقدان. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَنَسٍ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَالسُّفْيَانَانِ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَابْنُهُ يُونُسُ. وَثَّقُوهُ. وَأَبُو يَعْفُورَ الْكُوفِيُّ، آخَرُ أَصْغَرُ مِنْ هَذَا فِي طَبَقَةِ الأعمش. 409- أبو يونس مولى أبي هريرة3 -م د ت- اسْمُهُ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ. وَكَانَ أَبُوهُ مُكَاتِبًا لِأَبِي هُرَيْرَةَ فَعَجَزَ فَرَدَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى الرِّقِّ ثُمَّ قَدِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِصْرَ عَلَى مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ وَمَعَهُ جُبَيْرٌ وَابْنُهُ أَبُو يُونُسَ فَسَأَلَهُ مُسْلِمَةُ أَنْ يَعْتِقَهُمَا فَفَعَلَ فَأَقَامَا بِمِصْرَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ: تَزَوَّجَ أَبِي بِبِنْتِ أَبِي يُونُسَ وَوَرِثَ مِنْهَا. تُوُفِّيَ أَبُو يُونُسَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ كَمَا مَرَّ في اسمه.   1 التاريخ الكبير "3/ 438"، وتهذيب التهذيب "12/ 277". 2 تهذيب التهذيب "6/ 225"، وتهذيب الكمال "7288". 3 التاريخ الكبير "4/ 122"، وسير أعلام النبلاء "6/ 112". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 222 الطبقة الرابعة عشرة: الحوادث من سنة 131 إلى 140 أحداث سنة إحدى وثلاثين ومائة ... الطبقة الرابعة عشرة: الحوادث من سنة131 إلى140 أحداث سنة إحدى وثلاثين مائة 1: ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مُجْمَلا: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّائِغُ الْمَرْوَزِيُّ، إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ، إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَالِمُ الْبَصْرَةِ، تَوْبَةُ الْعَنْبَرِيُّ البصري ثقة، الركين بن الربيع بن عملية، الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ، سُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ الْمَكِّيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِ خَليِفَةَ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ السَّبَائِيُّ، عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْبُنَانِيُّ الْبَصْرِيُّ، عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ، فَرْقَدُ السَّبَخِيُّ أَحَدُ الْعُبَّادِ، مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ الْكُوفِيُّ، مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ عَلَى الصَّحِيحِ، نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ الأَمِيرُ، هَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَقِيلَ بَعْدَهَا، وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ الْمُعْتَزِلِيُّ، يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الأَزْدِيُّ ثُمَّ النَّحْوِيُّ، مِنْ نَحْوِ الأَزْدِ. وَفِيهَا تَوَجَّهَ قُحْطُبَةُ بْنُ شَبِيبٍ بَعْدَ قَتْلِ نُبَاتَةَ مِنْ جُرْجَانَ فَجَهَّزَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جَيْشًا عَظِيمًا فَنَزَلَ بَعْضُهُمْ بِهَمَذَانَ وَبَعْضُهُمْ بِمَاهٍ2 وَبِغَيْرِهَا، وَعَلَيْهِمْ وَلَدُهُ دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ وَعَامِرُ بْنُ ضُبَارَةَ فَالْتَقَوْا بِنَوَاحِي أَصْبَهَانَ فِي رَجَبٍ فَقُتِلَ فِي الْمَصَافِّ عَامِرٌ وَانْهَزَمَ دَاوُدُ وَجَيْشُهُ. فَذَكَر مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ أَنَّ عَامِرَ بْنَ ضُبَارَةَ كَانَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ وَكَانَ قُحْطُبَةُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: فَأَمَرَ قُحْطُبَةُ بِمُصْحَفٍ فَرُفِعَ عَلَى رُمْحٍ ثُمَّ نَادَى يَا أَهْلَ الشَّامِ: إِنَّا نَدْعُوكُمْ إِلَى مَا فِي هَذَا الْمُصْحَفِ، فَشَتَمُوهُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَطُلِ الْقِتَالُ حَتَّى انْهَزَمُوا. ثُمَّ نَزَلَ قُحْطُبَةُ وَابْنُهُ الْحَسَنُ عَلَى بَابِ نَهَاوَنْدَ وَغَنِمَ جَيْشُهُ مَا لا يُوصَفُ وَأَثْخَنُوا فِي الشاميين3.   1 انظر: تاريخ الطبري "7/ 403 - 412"، والكامل في الضعفاء "5/ 396". 2 ماه: اسم بلدة بأرض فارس. 3 تاريخ الطبري "7/ 406". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 223 قَالَ حَفْصُ بْنُ شَبِيبٍ: فَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ مَعَ قُحْطُبَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَسْكَرًا قَطُّ جَمَعَ مَا جَمَعَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَصْبَهَانَ مِنَ الْخَيْلِ وَالسِّلاحِ وَالرَّقِيقِ، وَأَصَبْنَا مَعَهُمْ مَا لا يُحْصَى مِنَ الْبَرَابِطِ وَالطَّنَابِيرِ وَالْمَزَامِيرِ فَقَلَّ خِبَاءٌ أَوْ بَيْتٌ نَدْخُلُهُ إِلا وَجَدْنَا فِيهِ زُكْرَةً أَوْ زِقًّا مِنْ خَمْرٍ. وَوَقَعَ الْحِصَارُ عَلَى نَهَاوَنْدَ وَتَقَهْقَرَ الأَمِيرُ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى الرَّيِّ فَأَدْرَكَهُ الأَجَلُ بِهَا، وَقِيلَ: مَاتَ نِسَاؤُهُ وَأَوْصَى بَنِيهِ أَنْ يَلْحَقُوا بِالشَّامِ. وَقَدْ كَانَ أَنْشَدَ لَمَّا أَبْطَأ عَنْهُ الْمَدَدُ: أَرَى خَلَلَ الرَّمَادِ وَمِيضَ نَارٍ ... وَيُوشِكُ أن يكون له ضرام فإن النار بالزنادين تُورِي ... وَإِنَّ الْفِعْلَ يَقْدُمُهُ الْكَلامُ وَإِنْ لَمْ يَطُفْهَا عُقَلاءُ قَوْمٍ ... يَكُونُ وَقُودُهَا جُثَثٌ وَهَامُ أَقُولُ مِنَ التَّعَجُّبِ: لَيْتَ شِعْرِي ... أَأَيْقَاظٌ أُمَيَّةُ أَمْ نِيَامُ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ هُبَيْرَةَ كَتَبَ إِلَى مَرْوَانَ الْحِمَارِ يُخْبِرُهُ بِمَقْتَلِ ابْنِ ضُبَارَةَ فَوَجَّهَ إِلَى نَجْدَتِهِ حَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ الْبَاهِلِيُّ فِي عَشَرَةِ آلافٍ مِنْ قَيْسٍ، ثُمَّ تَجَمَّعَتْ حيوش مَرْوَانَ بِنَهَاوَنْدَ، عَلَيْهِمْ مَالِكُ بْنُ أَدْهَمَ، فَضَايَقَهُمْ - كَمَا ذَكَرْنَا - قُحْطُبَةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتّى أَكَلُوا خَيْلَهُمْ، ثُمَّ خَرَجُوا بِالأَمَانِ فِي شَوَّالٍ، ثُمَّ قَتَلَ قُحْطُبَةُ وُجُوهًا مِنْ عَسْكَرِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ وَقَتَلَ أَوْلادَهُ وَقَتَلَ سَعِيدَ بْنُ الْحُرِّ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْجَزَرِيَّ وَحَاتِمَ بْنَ الحارث التميمي وعاصم بن عمرو السمر قندي وَعُمَارَةَ بْنَ سُلَيْمٍ. ثُمَّ أَقْبَلَ قُحْطُبَةُ فِي جُيُوشِهِ يُرِيدُ الْعِرَاقَ فَنَهَضَ مُتَوَلِّيهَا ابْنُ هُبَيْرَةَ حَتَّى نَزَلَ بَيْنَ حُلْوَانَ وَالْمَدَائِنِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ اللَّيْثِيُّ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ الْمُنْهَزِمُونَ حَتَّى صَارَ فِي ثَلاثَةٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا. ثُمَّ تَوَجَّهَ فَنَزَلَ جَلُولاءَ، وَنَزَلَ قُحْطُبَةُ فِي آخِرِ الْعَامِ بِخَانِقِينَ، فَكَانَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ بَرِيدٌ فَبَقُوا أَيَّامًا كَذَلِكَ. وَفِيهَا، فِي شَعْبَانَ وَبَعْدَهُ كَانَ الطَّاعُونُ بِالْبَصْرَةِ فَهَلَكَ خَلْقٌ حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ هَلَكَ فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ سَبْعُونَ أَلْفًا. نقله صاحب لمنتظم. وَفِيهَا: تَحَوَّلَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ مِنْ مَرْوَ فنزل نيسابور واستولى على عامة خراسان. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 224 أحداث سنة اثنتين وثلاثين ومائة 1: توفي فيما خَلْقٌ: مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الملك بن مروان، إسحاق ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ، أَعْيَنُ بْنُ لَيْثٍ جَدُّ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ، رَبَاحُ بْنُ عبد الرحمن الدمشقي، زياد بن سلم ابن زياد ابن أَبِيهِ، سَالِمٌ الأَفْطَسُ بْنُ عَجْلانَ، سُلَيْمَانُ بْنُ هشام بن عبد الملك، سليمان الْمَدَنِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ الْيَمَانِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَثْيَمٍ الْمَكِّيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمِصْرِيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْكَلاعِيُّ، عَطَاءُ بْنُ قُرَّةَ السَّلُولِيُّ. عَطَاءُ السُّلَيْمِيُّ الْعَابِدُ، عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الزُّهْرِيُّ، قُحْطُبَةُ بْنُ شَبِيبٍ الأَمِيرُ، مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ الْخَلِيفَةُ، مَنْصُورُ بن المعتمر عالم الكوفة، يزيد بن عمرو بْنِ هُبَيْرَةَ الأَمِيرُ، يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ أَبُو جعفر في قول، يونس بن ميسرة بْنِ حُلَيْسٍ. وَفِيهَا زَالَتْ دَوْلَةُ بَنِي أُمَيَّةَ. فَفِي الْمُحَرَّمِ بَلَغَ ابْنَ هُبَيْرَةَ أَنَّ قُحْطُبَةَ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْمَوْصِلِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا بَالُ الْقَوْمِ تَنَكَّبُونَا -! قَالُوا: يُرِيدُونَ الْكُوفَةَ، فَتَرَحَّلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ نَحْوَ الْكُوفَةِ وَكَذَلِكَ فعَلَ قُحْطُبَةُ فَعَبَرَ الْفُرَاتَ فِي سَبْعِمِائَةِ فَارِسٍ، وَتَتَامَّ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ نَحْوَ ذَلِكَ، فَتَوَاقَعُوا فَجَاءَتْ قُحْطُبَةَ طَعْنَةٌ فَوَقَعَ فِي الْفُرَاتِ فَهَلَكَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَوْمُهُ، وَانْهَزَمَ أَيْضًا أَصْحَابُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَغَرِقَ خَلْقٌ مِنْهُمْ فِي الْمَخايضِ2 وذَهَبَتْ أَثْقَالَهُمْ3، فَقَالَ بَيْهَسُ بْنُ حَبِيبٍ: نَجْمَعُ النَّاسَ بَعْدَ أَنْ جاوز الْفُرَاتَ، فَنَادَى مُنَادٍ: مَنْ أَرَادَ الشَّامَ فَهَلُمَّ، فَذَهَبَ مَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، وَنَادَى آخَرُ: مَنْ أَرَادَ الْجَزِيرَةَ فَتَبِعَهُ خَلْقٌ، وَنَادَى آخَرُ: مَنْ أَرَادَ الْكُوفَةَ فَذَهَبَ كُلُّ جُنْدٍ إِلَى نَاحِيَةٍ، فَقُلْتُ: مَنْ أَرَادَ وَاسِطَ فَهَلُمَّ فَأَصْبَحْنَا مع ابن هبيرة بقناطر المسيب ودخلنا واسطًا يَوْمَ عَاشُورَاءِ، وَأَصْبَحَ الْمُسَوِّدَةُ4 قَدْ فَقَدُوا قَائِدَهُمْ قُحْطُبَةُ ثُمَّ اسْتَخْرَجُوهُ مِنَ الْمَاءِ فَدَفَنُوهُ، وَأَمَّرُوا عَلَيْهِمُ ابْنُهُ الْحَسَنُ فَقَصَدَ بِهِمُ الْكُوفَةَ فَدَخَلُوهَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَيْضًا وَهَرَبَ مُتَوَلِّيهَا زِيَادُ بْنُ صالح إلى واسط.   1 وانظر: تاريخ الطبري "7/ 412"، والبداية والنهاية "10/ 38". 2 يعني في الماء. 3 وذهبت أثقالهم: يعني أمتعتهم. 4 وأصبح المسودة: هم العباسيون، وكان شعارهم السواد. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 225 وَقُتِلَ لَيْلَةَ الْفُرَاتِ صَاحِبُ شُرْطَةِ ابْنِ هُبَيْرَةَ زِيَادُ بْنُ سُوَيْدٍ الْمُرِّيُّ وَكَاتِبُهُ عَاصِمٌ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. وَأَمَّا ابْنُ قُحْطُبَةَ فَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ أَبَا سَلَمَةَ الْخَلالِ، ثُمَّ قَصَدَ وَاسِطَ فَنَازَلَهَا وَخَنْدَقَ عَلَى جَيْشِهِ فَعَبَّأَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَسَاكِرَهُ فَالْتَقَوْا, فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَتَحَصَّنُوا بِوَاسِطَ، وَقُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ يَزِيدُ أَخُو الْحَسَنِ بْنِ قُحْطُبَةَ وَحَكِيمُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْجَدَلِيُّ. وَفِي الْمُحَرَّمِ، وَثَبَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ عَلَى ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ فَقَتَلَهُ بِنَيْسَابُورَ وَجَلَسَ فِي دَسْتِ الْمَلِكِ وَبُويِعَ وَصَلَّى وَخَطَبَ لِلسَّفَّاحِ وَصَفَتْ لَهُ خُرَاسَانَ. بَيْعَةُ السَّفَّاحِ: فِي ثَالِثِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، بُويِعَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ السَّفَّاحُ أَوَّلُ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ بِالْكُوفَةِ فِي دَارِ مَوْلاهُمُ الْوَلِيدِ بْنِ سَعْدٍ. وَأَمَّا مَرْوَانُ الْحِمَارُ خَلِيفَةُ الْوَقْتِ فَسَارَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ حَتَّى نَزَلَ الزَّابِينَ دُونَ الْمَوْصِلِ، فَجَهَّزَ السَّفَّاحُ عَمَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ فِي جَيْشٍ فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ عَلَى كُشَافٍ1 فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ وَتَقَهْقَرَ إِلَى الْجَزِيرَةِ وَقَطَعَ وَرَاءَهُ الْجِسْرَ وَقَصَدَ الشَّامَ لِيَتَقَوَّى وَيَلْتَقِي، وَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْجَزِيرَةَ فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا مُوسَى بْنُ كَعْبٍ التَّمِيمِيُّ ثُمَّ طَلَبَ الشَّامَ مُجِدًّا، وَأَمَدَّهُ السَّفَّاحُ بِصَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ عَمُّهُ الآخَرُ، فَسَارَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى نَازَلَ دِمَشْقَ وَفَرَّ مَرْوَانُ إِلَى غَزَّةَ، فَحُوصِرَتْ دِمَشْقُ مُدَّةً وَأُخِذَتْ فِي رَمَضَانَ وَقُتِلَ بِهَا خَلْقٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَمِنْ جُنْدِهِمْ، فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَرْوَانَ ذَلِكَ هَرَبَ إِلَى مِصْرَ ثُمَّ قُتِلَ فِي آخِرِ السَّنَةِ. وَهَرَبَ ابْنَاهُ عَبْدُ الله وعبيد الله حتى دخلا أَرْضَ النُّوبَةِ، وَكَانَ مَرْوَانُ قَدِ اسْتَعْمَلَ عَلَى مِصْرَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيَّ مَوْلاهُمْ فَأَحْسَنَ السِّيرَةَ، وَسَارَ عَمُّ السَّفَّاحِ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ فَافْتَتَحَ مِصْرَ وَظَفَرَ بِعَبْدِ الْمَلِكِ وَبِأَخِيه مُعَاوِيَةَ فَعَفَا عَنْهُمَا وَقَتَلَ الأَمِيرُ حَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ، فَيُقَالُ: طَبَخُوهُ طَبْخًا، وَكَانَ قَدْ وَلِيَ مِصْرَ مُدَّةً. وَقُتِلَ حَسَّانُ بْنُ عَتَاهِيَةَ وَصُلِبَ سَنَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: كَانَ بَدْءُ أَمْرِ بَنِي الْعَبَّاسِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ أَعْلَمَ الْعَبَّاسَ عَمَّهُ أن الخلافة تؤول إِلَى وَلَدِهِ فَلَمْ يَزَلْ وَلَدُهُ يَتَوَقَّعُونَ ذَلِكَ.   1 وهو موضع من زاب الموصل "ياقوت 4/ 461". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 226 وَعَنْ رِشْدِينَ بْنِ كُرَيْبٍ أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَلَقِيَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا بْنَ عَمِّ إِنَّ عِنْدِي عِلْمًا أُرِيدُ أَنْ أَنْبُذَهُ إِلَيْكَ فَلا تُطْلِعَنَّ عَلَيْهِ أَحَدًا: إِنَّ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي يَرْتَجِيهِ النَّاسُ فِيكُمْ. قَالَ: قَدْ عَلِمْتُهُ فَلا يَسْمَعَنَّهُ مِنْكَ أَحَدٌ. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّ الإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: لَنَا ثَلاثَةُ أَوْقَاتٍ: مَوْتُ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوُيَةَ، وَرَأْسُ الْمِائَةِ، وَفَتْقٌ بِأَفْرِيقِيَّةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَدْعُو لَنَا دُعَاةٌ ثُمَّ يُقْبِلُ أَنْصَارُنَا مِنَ الْمَشْرِقِ حَتَّى تَرِدَ خُيُولُهُمُ الْمَغْرِبَ. فَلَمَّا قُتِلَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ بِأَفْرِيقِيَّةَ وَنَقَضَتِ الْبَرْبَرُ بَعَثَ مُحَمَّدٌ الإِمَامُ رَجُلا إِلَى خُرَاسَانَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا يُسَمِّي أَحَدًا، ثُمَّ وَجَّهَ أَبَا مُسْلِمٍ وَغَيْرَهُ، وَكَتَبَ إِلَى النُّقَبَاءِ1 فَقَبِلُوا كُتُبَهُ, ثُمَّ وَقَعَ فِي يد مروان الحمار كتاب من إبراهيم من مُحَمَّدٍ الإِمَامِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ جَوَابُ كِتَابٍ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ بِخُرَاسَانَ، فَقَبَضَ مَرْوَانُ عَلى إِبْرَاهِيمَ، وَقَدْ كَانَ مَرْوَانُ وُصِفَ لَهُ صِفَةُ السَّفَّاحِ الَّتِي كَانَ يَجِدَهَا فِي الْكُتُبِ فَلَمَّا جِيءَ بِإِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ الَّتِي وَجَدْتَ ثُمَّ رَدَّهُمْ فِي طَلَبِ الْمَوْصُوفِ لَهُ فَإِذَا بِالسَّفَّاحِ وَاخْوَتِهِ وَعُمُومَتِهِ قَدْ هَرَبُوا إِلَى الْعِرَاقِ وَأَخْفَتْهُمْ شِيعَتُهُمْ، فَيُقَالُ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ قَدْ نَعَى إِلَيْهِمْ نَفْسَهُ وَأَمَرَهُمْ بالهرب وكانوا بالحمية مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ، فَلَمَّا قَدِمُوا الْكُوفَةِ أَنْزَلَهُمْ أَبُو سَلَمَةَ الْخَلالُ دَارَ الْوَلِيدِ بْنِ سَعْدٍ فَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبَا الْجَهْمِ فَاجْتَمَعَ بِمُوسَى بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ رِبْعِيٍّ وَسَلَمَةَ بْنِ محمد وإبراهيم بن سلمة وعبد الطَّائِيِّ وَإِسْحَاقَ بْن إِبْرَاهِيمَ وَشَرَاحِيلَ وَابْنَ بَسَّامٍ وجماهة مِنْ كِبَارِ شِيعَتِهِمْ فَدَخَلُوا عَلَى آلِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِيَّةِ؟ فَأَشَارُوا إِلَى السَّفَّاحِ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، ثم خرج السفاح يوم الجمعة عَلَى بِرْذَوْنٍ أَبْلَقَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ بِالْكُوفَةِ فَذُكِرَ أَنَّهُ لَمَّا صَعِدَ الْمِنْبَرِ وَبُويِعَ قَامَ عَمُّهُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ دُونَهُ. فَقَالَ السَّفَّاحُ2: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اصْطَفَى الإِسْلامَ لِنَفْسِهِ فَكَرَّمَهُ وَشَرَّفَهُ وَعَظَّمَهُ وَاخْتَارَهُ لَنَا وَأَيَّدَهُ بِنَا وَجَعَلَنَا أَهْلَهُ وَكَهْفَهُ وَحِصْنَهُ وَالْقُوَّامَ بِهِ وَالذَّابِيِّنَ عَنْهُ، ثُمَّ ذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ إِلَى أَنْ قال: فلما قيض اللَّهُ نَبِيَّهُ قَامَ بِالأَمْرِ أَصْحَابَهُ إِلَى أَنْ وَثَبَتْ بَنُو حَرْبٍ وَمَرْوَانُ فَجَارُوا وَاسْتَأْثَرُوا فَأَمْلَى الله لهم حينًا حتى آسفوه فانتقم   1 والنقيب: رتبه من رتب الجيش، والشرطة فوق الملازم الأول ودون الرائد. 2 وراجع خطبته في تاريخ الإمام الطبري "7/ 425"، وما بعدها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 227 مِنْهُمْ بِأَيْدِينَا وَرَدَّ عَلَيْنَا حَقَّنَا لِيُمِنَّ بِنَا عَلَى الَّذِينَ استُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَخَتَمَ بِنَا كَمَا افْتَتَحَ بِنَا وَمَا تَوْفِيقُنَا أَهْلِ الْبَيْتِ إِلا بِاللَّهِ، يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَنْتُمْ مَحَلُّ مَحَبَّتِنَا وَقَبُولُ مَوَدَّتِنَا لَمْ تَفْتَرُّوا عَنْ ذَلِكَ وَيُثْنِكُمْ عَنْهُ تَحَامُلُ أَهْلِ الْجَوْرِ فَأَنْتُمْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِنَا وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْنَا وَقَدْ زِدْتُ فِي أَعْطِيَاتِكُمْ مِائَةَ مِائَةٍ فَاسْتَعِدُّوا فَأَنَا السَّفَّاحُ الْمُتِيحُ1 وَالثَّائِرُ الْمُبِيرُ، وَكَانَ مَوْعُوكًا2 فَجَلَسَ. وَخَطَبَ دَاوُدُ فَأَبْلَغَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَصَرَهُ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا إِنَّمَا عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ بَعْدَ الصَّلاةِ لِأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَخْلِطَ بِكَلامِ الْجُمُعَةِ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا قَطَعَهُ عَنِ اسْتِتْمَامِ الْكَلامِ شِدَّةُ الْوَعْكِ فَادْعُوا لَهُ بِالْعَافِيَةِ فَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِمَرْوَانَ عَدُوِّ الرَّحْمَنِ وَخَلِيفَةِ الشَّيْطَانِ الْمُتَّبِعِ لِسَلَفِهِ الْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ الشَّابَّ الْمُكْتَهِلَ، فَعَجَّ3 النَّاسُ لَهُ بِالدُّعَاءِ. وَكَانَ عِيسَى بْنُ مُوسَى إِذَا ذُكِرَ خُرُوجُهُمْ مِنَ الْحُمَيِّمَةَ يُرِيدُونَ الْكُوفَةَ قَالَ: إِنَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلا خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ يَطْلُبُونَ مَا طَلَبْنَا لَعَظِيمَةٌ هِمَّتُهُمْ شَدِيدَةٌ قلبوهم. وأما إبراهيم بن محمد فإن مرون قَتَلَهُ غِيلَةً، وَقِيلَ: بَلْ مَاتَ بِالسِّجْنِ بِحَرَّانَ مِنْ طَاعُونٍ4، وَكَانَ قَدْ وَقَعَ بِحَرَّانَ وَبَاءٌ عَظِيمٌ، وَهَلَكَ فِي السِّجْنِ أَيْضًا: الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيمَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَفِيهَا: تَوَجَّهَ أَبُو عَوْنٍ الأَزْدِيُّ إِلَى شَهْرِزَوْرَ لِقِتَالِ عَسْكَرِ مَرْوَانَ فَالْتَقَوْا، وَقُتِلَ أَمِيرُ الْمَرْوَانِيَّةِ عُثْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ وَاسْتَوْلَى أَبُو عَوْنٍ عَلَى نَاحِيَةِ الْمَوْصِلِ قَبْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ فَلَمَّا جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ جَهَّزَ خَمْسَةَ آلافٍ عَلَيْهِمْ عُيَيْنَةُ بْنُ مُوسَى فخاضو النراب وحاربو الْمَرْوَانِيَّةَ حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ جَهَّزَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الْغَدِ أَرْبَعَةَ آلافٍ عَلَيْهِمْ مُخَارِقُ بْنُ عَفَّارٍ فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ مُخَارِقٌ، وَقِيلَ أُسِرَ، فَبَادَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَعَبَّأَ جَيْشَهُ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ عَلَى مَيْمَنَتِهِ أَبُو عَوْنٍ الأزدي، وعلى ميسرته الوليد بن معاوية   1 يعني القوي الشديد. 2 موعوكا: الموعوك: هو المحموم، والوعكة: المرضة وشدة الحمى، ووعك فلان وعكا أي أصابه ألم من شدة التعب. 3 عج الناس له بالدعاء: يعني رفعوا أصواتهم له بالدعاء. 4 الطاعون: هو الوباء "ج": طواعين، وقيل: هو داء وبائي سببه مكروب يصيب الفئران، وتنقله البراغيث إلى فئران أخرى وإلى الإنسان. القاموس المحيط "ص/ 1565"، والمعجم الوجيز "ص/ 391". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 228 فَالْتَقَاهُ مَرْوَانُ وَاشْتَدَّ الْحَرْبُ، ثُمَّ تَخَاذَلَ عَسْكَرُ مَرْوَانَ وَانْهَزَمُوا، فَانْهَزَمَ مَرْوَانُ وَقَطَعَ وَرَاءَهُ الْجِسْرَ، فَكَانَ مَنْ غَرِقَ يَوْمَئِذٍ أَكْثَرُ مِمَّنْ قُتِلَ، فَغَرِقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَخْلُوعُ وَاسْتَوْلَى عَبْدُ اللَّهِ عَلَى أَثْقَالِهِمْ وَمَا حَوَتْ، فَوَصَلَ مَرْوَانُ إِلَى حَرَّانَ فَأَقَامَ بِهَا عِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ دَهَمَتْهُ الْمُسَوِّدَةُ فَانْهَزَمَ، وَخَلَفَ بِحَرَّانَ ابْنَ أُخْتِهِ أَبَانَ بْنَ يَزِيدَ، فَلَمَّا أَظَلَّهُ عَبْدُ اللَّهِ خَرَجَ أَبَانُ مُسَوِّدًا مُبَايِعًا1 لِعَبْدِ اللَّهِ فَأَمَّنَهُ، فَلَمَّا مَرَّ مَرْوَانُ بِحِمْصَ اعْتَرَضَهُ أَهْلَهَا فَحَارَبُوهُ، وَكَانَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ فَكَسَرَهُمْ، ثُمَّ مَرَّ بِدِمَشْقَ وَبِهَا مُتَوَلِّيهَا زَوْجُ بِنْتِهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَانْهَزَمَ وَخَلَفَ بِدِمَشْقَ زَوْجُ بِنْتِهِ لِيَحْفَظَهَا فَنَازَلَهَا عَبْدُ اللَّهِ وَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً بِالسَّيْفِ وَهَدَمَ سُورَهَا وَقُتِلَ أَمِيرَهَا فِيمَنْ قُتِلَ، وَتَبِعَ عَسْكَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ إِلَى أَنْ بَيَّتُوهُ بِقَرْيَةِ بُوصَيْرَ مِنْ عَمَلِ مِصْرَ، فَقُتِلَ وَهَرَبَ وَلَدَاهُ، وَحَلَّ بِالْمَرْوَانِيَّةِ مِنَ الْبَلاءِ مَا لا يُوصَفُ2. وَيُقَالُ: كَانَ جَيْشُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ لَمَّا الْتَقَى مَرْوَانَ عِشْرِينَ أَلْفًا, وَقِيلَ: اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. وَافْتَتَحَ فِي عَاشِرِ رَمَضَانَ، صَعِدَ الْمُسَوِّدَةُ سُورَهَا وَدَامَ الْقَتْلُ بِهَا ثَلاثَ سَاعَاتٍ، فَيُقَالُ: قُتِلَ بِهَا خَمْسُونَ أَلْفًا. وَذَكَر ابْنُ عَسَاكِرٍ فِي تَرْجَمَةِ الطُّفَيْلِ بْنِ حَارِثَةِ الْكَلْبِيِّ أَحَدِ الأَشْرَافِ3: أَنَّهُ شَهِدَ حِصَارَ دِمَشْقَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَحَاصَرَهَا شَهْرَيْنِ وَبِهَا يَوْمَئِذٍ الْوَلِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خَمْسِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ فَوَقَعَ الْخَلَفُ بَيْنَهُمْ ثُمَّ إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْكُوفِيِّينَ تَسَوَّرُوا بُرْجًا وَافْتَتَحُوهَا عَنْوَةً فَأَبَاحَهَا عَبْدُ اللَّهِ ثَلاثَ سَاعَاتٍ لا يَرْفَعُ عَنْهُمُ السَّيْفَ. وَقِيلَ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَتَلَهُ أَصْحَابُهُ لَمَّا اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ النَّاسَ كُلَّهُمْ وَأَمَرَ بِقَلْعِ حِجَارَةِ السُّورِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْمَدَائِنِيِّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَيْضِ الْغَسَّانِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَحَصَرَ دِمَشْقَ اسْتَغَاثَ النَّاسُ بِيَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ فَسَأَلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَخْرُجَ وَيَطْلُبَ الأَمَانَ، فَخَرَجَ فَأُجِيبَ فَاضْطَرَبَ بِذَلِكَ الصَّوْتِ حَتَّى دَخَلَ الْبَلَدَ وَقَالَ النَّاسُ: الأَمَانَ الأَمَانَ فَخَرَجَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْبَلَدِ خَلْقٌ وَأَصْعَدُوا إِلَيْهِمُ الْمُسَوِّدَةَ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ: اكْتُبْ لَنَا بِالأَمَانِ كِتَابًا، فَدَعَا بِدَوَاةٍ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا السُّورُ قَدْ رَكِبَتْهُ الْمُسَوِّدَةُ فقال:   1 تقدم أن شعار العباسيين كان السواد. 2 راجع: صحيح التوثيق "5/ 296 وما بعدها". 3 راجع تهذيب ابن عساكر "7/ 62". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 229 نَحِّ الْقِرْطَاسَ فَقَدْ دَخَلْنَا قَسْرًا، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: لا وَاللَّهِ وَلَكِنْ غَدْرًا لِأَنَّكَ أَمَّنْتَنَا فَإِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ فَارْدُدْ رِجَالَكَ عَنَّا وَرُدَّنَا إِلَى بَلَدِنَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا مَا أَعْرِفُ مِنْ مَوَدَّتِكَ إِيَّانَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَهَدَّدَهُ وَقَالَ: أَتَسْتَقْبِلُنِي بِهَذَا! فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ، وَأَخَذَ يُلاطِفُهُ، فَقَالَ: تَنَحَّ عَنِّي، ثُمَّ نَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَقَالَ: يَا غُلامُ اذْهَبْ بِهِ إِلَى حُجَرِي تَخَوُّفًا عَلَيْهِ لِمَكَانِ ثِيَابِهِ الْبِيضِ، وَقَدْ سَوَّدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، ثُمَّ حَمَى لَهُ دَارَهُ فَسَلِمَ فِيهَا خَلْقٌ، وَقُتِلَ بِالْبَلَدِ خَلْقٌ لَكِنْ غَالِبَهُمْ مِنْ جُنْدِ الأُمَوِيِّينَ وَأَتْبَاعِهِمْ. ثُمَّ سَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى فِلَسْطِينَ وَجَهَّزَ أَخَاهُ صَالِحًا لِيَفْتَتِحَ مِصْرَ وَسَيَّرَ مَعَهُ أَبَا عَوْنٍ الأَزْدِيَّ وَعَامِرَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الحارثي وابني قَنَانٍ، فَسَارُوا عَلَى السَّاحِلِ، فَافْتَتَحُوا الإِقْلِيمَ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ أَبُو عَوْنٍ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ نَزَلَ عَلَى نَهْرِ أَبِي فُطْرُسٍ1 وَقَتَلَ هُنَاكَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ خَاصَّةً اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ نَفْسًا صَبْرًا. وَلَمَّا رَأَى النَّاسُ جُورَ الْمُسَوِّدَةِ وَجَبَرُوتَهُمْ كَرِهُوهُمْ فَثَارَ الأَمِيرُ أَبُو الورد مجزأة ابن كَوْثَرٍ الْكِلابِيُّ أَحَدُ الأَبْطَالِ بِقَنَّسْرِينَ وَبَيَّضَ وَبَيَّضَ مَعَهُ أَهْلُ قِنَّسْرِينَ كُلُّهُمْ، وَاشْتَغَلَ عَنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ بِحَرْبِ حَبِيبِ بْنِ مُرَّةَ الْمُرِّيُّ بِالْبَلْقَاءِ وَالثَنِيَّةِ وَتَمَّ لَهُ مَعَهُ وَقَعَاتٌ، ثم هادنه عبد الله وتوجه نحو قنسرين وَخَلَفَ بِدِمَشْقَ أَبَا غَانِمٍ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ رِبْعِيٍّ الطَّائِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلافِ فَارِسٍ، وَسَارَ فَمَا بَلَغَ حِمْصَ حَتَّى انْتَقَضَ عَلَيْهِ أَهْلُ دِمَشْقَ وَبَيَّضُوا وَنَبَذُوا السَّوَادَ وَكَانَ رَأْسُهُمُ الأَمِيرُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ، فَهَزَمُوا أَبَا غَانِمٍ وَأَثْخَنُوا فِي أَصْحَابِهِ2 وَأَقْبَلَتْ جُمُوعُ الْحَلَبِيِّينَ وَانْضَمَّ إِلَيْهِمُ الْحِمْصِيُّونَ وَأَهْلُ تَدْمُرَ، وَعَلَيْهِمْ كُلُّهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ السُّفْيَانِيُّ وَصَارَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَأَبُو الْوَرْدِ كَالْوَزِيرِ لَهُ، فَجَهَّزَ عَبْدُ اللَّهِ لِحَرْبِهِمْ أَخَاهُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيٍّ فِي عَشَرَةِ آلافٍ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاسْتَمَرَّ الْقَتْلُ بِالْفَرِيقَيْنِ، وَانْكَشَفَ عَبْدُ الصَّمَدِ، وَذَهَبَ تَحْتَ السَّيْفِ مِنْ جَيْشِهِ أُلُوفٌ، وَانْتَصَرَ السُّفْيَانِيُّ، فَقَصَدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَعَهُ حُمَيْدُ بْنُ قُحْطُبَةَ فَالْتَقَوْا، وَعَظُمَ الْخَطْبُ وَاسْتَظْهَرَ عَبْدُ اللَّهِ فَثَبَتَ أَبُو الْوَرْدِ فِي خَمْسِمِائَةٍ, فَرَاحُوا تَحْتَ السَّيْفِ كُلُّهُمْ وَهَرَبَ السُّفْيَانِيُّ إِلَى تَدْمُرَ وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ عَظُمَتْ هَيْبَتُهُ فَتَفَرَّقَتْ كَلِمَةُ أَهْلِهَا وَهَرَبُوا فَآمَّنَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ وَهَرَبَ السُّفْيَانِيُّ إِلَى الْحِجَازِ وَأَضْمَرَتْهُ الْبِلادُ إِلَى أَنْ قُتِلَ فِي دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ، بَعَثَ إِلَيْهِ مُتَوَلِّي الْمَدِينَةِ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ خَيْلا فَظَفِرُوا بِهِ وَقَتَلُوهُ وَأَسَرُوا وَلَدَيْهِ فَعَفَا عَنْهُمَا المنصور وخلاهما.   1 نهر أبي فطرس: وهو قرب الرملة، يصب في البحر المالح بقرب يافا. 2 وأثخنوا في أصحابه: يعني بالغوا في قتالهم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 230 ولما بلغ أهل الجزيزة هَيْجُ أَهْلِ الشَّامِ خَلَعُوا السَّفَّاحَ أَيْضًا وَبَيَّضُوا وَبَيَّضَ أَهْلِ قَرْقِيسِيَا1، فَسَارَ لِحَرْبِهِمْ أَبُو جَعْفَرٍ أَخُو السَّفَّاحِ فَجَرَتْ لَهُمْ وَقَعَاتٌ، ثُمَّ انْتَصَرَ أَبُو جَعْفَرٍ وَحَكَمَ عَلَى الْجَزِيرَةِ وَأَذْرَبِيجَانَ وَأَرْمِينِيَّةَ وَضَبَطَ تِلْكَ النَّاحِيَةَ إِلَى أَنِ انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْخِلافَةُ فَشَخَصَ أَبُو جَعْفَرٍ لَمَّا مَهَّدَ ذَلِكَ الْقُطْرَ إِلَى خُرَاسَانَ إِلَى صَاحِبِ الدَّوْلَةِ أَبِي مُسْلِمٍ لِيَأْخُذَ رَأْيَهُ فِي قَتْلِ وَزِيرِ دَوْلَتِهِمْ أَبِي سَلَمَةَ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْخَلالِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ عِنْدَهُ آلُ الْعَبَّاسِ بِالْكُوفَةِ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ فِيمَا قِيلَ أَنْ يُبَايِعَ رَجُلا مِنْ آلِ عَلِيٍّ ويَذَرَ آلَ الْعَبَّاسِ، وَشَرَعَ يُخْفِي أَمْرَهُمْ عَلَى الْقُوَّادِ، فَبَادَرُوا وَبَايَعُوا السَّفَّاحَ كَمَا ذَكَرْنَا فَبَايَعَهُ أَبُو سَلَمَةَ الْخَلالُ وَبَقِيَ مُتَّهَمًا عِنْدَهُمْ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: انْتَدَبَنِي أَخِي السَّفَّاحُ لِلذَّهَابِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ فَسِرْتُ رَاحِلا فَأَتَيْتُ الرَّيَّ وَمِنْهَا إِلَى مَرْوٍ, فَلَمَّا كُنْتُ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنْهَا تَلَقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ فِي النَّاسِ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي تَرَجَّلَ وَمَشَى وَقَبَّلَ يَدِي فَنَزَلْتُ وَأَقَمْتُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لا يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: فَعَلَهَا أَبُو سَلَمَةَ أَنَا أَكْفِيكُمُوهُ فَدَعَا مَرَّارَ بْنَ أَنَسٍ الضَّبِّيَّ فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى الْكُوفَةِ فَاقْتُلْ أَبَا سَلَمَةَ حَيْثُ لَقِيتُهُ، فَأَتَى الْكُوفَةَ فَقَتَلَهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: وَزِيرُ آلِ مُحَمَّدٍ، وَلَمَّا رَأَى أَبُو جَعْفَرٍ عَظَمَةِ أَبِي مُسْلِمٍ بِخُرَاسَانَ وَسَفْكِهِ لِلدِّمَاءِ وَرَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لِأَخِيهِ أَبِي الْعَبَّاسِ: لَسْتَ بِخَلِيفَةٍ إِنْ تركت أبا مسلم حيًا! قال: كيف؟ قال: وَاللَّهِ مَا يَصْنَعُ إِلا مَا يُرِيدُ، قَالَ: فَاسْكُتْ وَاكْتُمْهَا. وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ قُحْطُبَةَ فَإِنَّهُ اسْتَمَرَّ عَلَى حِصَارِ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ بِوَاسِطَ وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ يَطُولُ شَرْحُهَا، ودام القتال الحصر أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ قَتْلُ مَرْوَانَ الْحِمَارِ ضَعُفُوا وَطَلَبُوا الصُّلْحَ، وَتَفَرَّغَ أَبُو جَعْفَرٍ فَجَاءَ فِي جَيْشٍ نَجْدَةً لابْنِ قُحْطُبَةَ وَجَرَتِ السُّفَرَاءُ بَيْنَ أَبِي جَعْفَرٍ وَبَيْنَ ابْنِ هُبَيْرَةَ حَتَّى كَتَبَ لَهُ أَمَانًا، مَكَثَ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَهُوَ يُشَاوِرُ فِيهِ الْعُلَمَاءَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا حَتَّى رَضِيَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَأَمْضَاهُ السَّفَّاحُ، وَكَانَ رَأْيُ أَبِي جَعْفَرٍ الْوَفَاءَ بِهِ, وَكَانَ السَّفَّاحُ لا يَقْطَعُ أَمْرًا ذَا بَالٍ دُونَ أَبِي مُسْلِمٍ ومشاروته، وَكَانَ أَبُو الْجَهْمِ عَيْنًا لِأَبِي مُسْلِمٍ بِحَضْرَةِ السَّفَّاحِ، فَكَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَيْهِ: إِنَّ الطَّرِيقَ السَّهْلَ إِذَا أَلْقَيْتَ فِيهِ الْحِجَارَةَ فَسَدَ، وَلا وَاللَّهِ لا يَصْلُحُ طَرِيقٌ فِيهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَخَرَجَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَفِي خِدْمَتِهِ مِنْ خَوَاصِّهِ أَلْفُ وَثَلاثِمِائَةٍ، وَهَمَّ أَنْ يَدْخُلَ الْحُجْرَةَ عَلَى فَرَسِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ الْحَاجِبُ سلام وقال: مرحبًا أبا خالد انزل،   1 وبيضوا وبيض أهل قرقيسيا: يعني خلعوا السواد ولبسوا البياض. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 231 وَقَدْ أَطَافَ بِالْحُجْرَةِ مِنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ عَشَرَةُ آلافٍ فَأَدْخَلَهُ الْحَاجِبُ وَحْدَهُ فَحَدَّثَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَامَ، فَلَمْ يَزَلْ يُنقِصُ مِنْ كَثْرَةِ الْحَشَمِ حَتَّى بَقِيَ فِي ثَلاثَةٍ، وَأَلَحَّ السَّفَّاحُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ وَهُوَ يُرَاجِعُهُ, فَلَمَّا زَادَ عَلَيْهِ أَزْمَعَ عَلَى قَتْلِهِ وَجَاءَ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ شُعْبَةَ فَخَتَمَا بُيُوتَ الأَمْوَالِ الَّتِي بِوَاسِطَ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى وُجُوهِ مَنْ مَعَ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَأَقْبَلُوا وَهُمْ مُحَمَّدُ بْن نُبَاتَةَ وَحَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ وَطَارِقُ بْنُ قَدَّامَةَ وَزِيَادُ بْنُ سُوَيْدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ كَعْبٍ وَالْحَكَمُ بْنُ بِشْرٍ فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ رَجُلا مِنْ وُجُوهِ الْقَيْسِيَّةِ، فَخَرَجَ سَلامٌ الْحَاجِبُ فَقَالَ: أَيْنَ الْحَوْثَرَةَ وَابْنُ نُبَاتَةَ؟ فَقَامَا فَأُدْخِلا، وَقَدْ أَقْعَدَ لَهُمْ فِي الدِّهْلِيزِ مِائَةً فَنُزِعَتْ سُيُوفُهُمَا وَكُتِّفَا، ثُمَّ طُلِبَ الْبَاقُونَ كَذَلِكَ فَأُمْسِكُوا، ثُمَّ ذُبِحُوا صَبْرًا. وَبَادَرَ خَازِمٌ وَالْهَيْثَمُ فِي مِائَةٍ فَدَخَلُوا عَلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ وَمَعَهُ ابْنُهُ دَاوُدَ وَكَاتِبُهُ عَمْرُو بْنُ أَيُّوبَ وَحَاجِبُهُ وَعِدَّةٌ مِنْ مَمَالِيكِهِ وَبُنَيٌّ لَهُ فِي حِجْرِهِ فَأَنْكَرَ نَظَرَهُمْ, وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ فِي وُجُوهِهِمُ الشَّرَّ، فَقَصَدُوهُ، فَقَامَ صَاحِبُهُ فِي وُجُوهِهِمْ, وَقَالَ: تَأَخَّرُوا، فَضَرَبَهُ الْهَيْثَمُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ فَصَرَعَهُ، وَقَاتَلَهُمْ دَاوُدُ فَقُتِلَ، وَقُتِلَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمَمَالِيكِ فَنَحَّى الصَّغِيرُ مِنْ حِجْرِهِ ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ قَتَلُوا خَالِدَ بْنَ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ وَأَبَا عَلاقَةَ الْفَزَارِيَّ صَبْرًا، وَوَجَّهَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ عَلَى إِمْرَةِ فَارِسٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ أَعْنَاقَ نُوَّابِ أَبِي سَلَمَةَ الْخَلالِ فَفَعَلَ ذَلِكَ. وَفِيهَا: وَجَّهَ السَّفَّاحُ عَمَّهُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ عَلَى فَارِسَ, فَغَضِبَ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ وَهَمَّ بِقَتْلِهِ, وَقَالَ: أَمَرَنِي أَبُو مُسْلِمٍ أَنْ لا يَقْدِمَ عَلَيَّ أَحَدٌ يَدَّعِي الْوِلايَةَ مِنْ عِنْدِهِ إِلا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ فَكَّرَ وَخَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ الْمَقَالِ وَاسْتَحْلَفَ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ عَلَى أَنْ لا يَعْلُو مِنْبَرًا وَلا يَتَقَلَّدَ سَيْفًا إِلا وَقْتَ جِهَادٍ، فَلَمْ يَلِ عِيسَى بَعْدَ ذَلِكَ عَمَلا. ثُمَّ وَجَّهَ السَّفَّاحُ عَمَّهُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى فَارِسَ وَغَضِبَ مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعْجَزُ عَنْهُ، وَبَعَثَ عَلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ ابْنُ عَمِّهِ عِيسَى بْنُ مُوسَى وَتَوَطَّدَتْ لِلسَّفَّاحِ الْمَمَالِكُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 232 أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ 1: ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّي فِيهَا مِنَ الأَعْيَانِ: أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى الأُمَوِيُّ الْمَكِّيُّ الْفَقِيهُ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ الْكُوفِيُّ بِدِمَشْقَ، وداود ابن عَلِيٍّ الأَمِيرُ عَمُّ السَّفَّاحِ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ فِي قَوْلِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ بِمِصْرَ وَقِيلَ:135 وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ فِي آخِرِ الْعَامِ، وَعَمَّارُ الدُّهْنِيُّ أَبُو مُعَاوِيَةَ بِالْكُوفَةِ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ بِمِصْرَ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ الضَّبِّيُّ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَمُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ الْكُوفِيُّ، وَيَحْيَى بن العلاء أبو هارون الغنوي، ويحيى بن يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ فِي قَوْلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا: اسْتَعْمَلَ السَّفَّاحُ عَلَى الْبَصْرَةِ عَمَّهُ سُلَيْمَانَ بْنَ عَلِيٍّ، وَلَمَّا قَدِمَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ مَكَّةَ أَخَذَ مَنْ كَانَ بِالْحِجَازِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَتَلَهُمْ صَبْرًا، فَلَمْ يُمَتَّعْ، وَهَلَكَ وَاسْتَخْلَفَ حِينَ احْتَضَرَ عَلَى عَمَلِهِ وَلَدُهُ مُوسَى فَاسْتَعْمَلَ السَّفَّاحُ عَلَى مَكَّةَ خَالَهُ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَلَى الْيَمَنِ ابْنَ خَالِهِ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، فَوَجَّهَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الأَمِيرُ أَبَا حَمَّادٍ الأَبْرَصَ إِلَى الْمُثَنَّى بْنِ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ وَهُوَ بِالْيَمَامَةِ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ وَقَتَلَ أَصْحَابَهُ. وَفِيهَا: وَجَّهَ السَّفَّاحُ عَلَى أَفْرِيقِيَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ وَكَانَ أَهْلُهَا قَدْ عَصَوْا فَحَارَبَهُمْ حَرْبًا شَدِيدًا حَتَّى اسْتَوْلَى عَلَيْهَا. وَفِيهَا: خَرَجَ بِبُخَارَى شَرِيكُ بْنُ شَيْخِ الْمَهْرِيِّ, وَكَانَ قَدْ نَقِمَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ تَجَبُّرَهُ وَعَسْفَهُ, وَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا تَبِعْنَا آلَ مُحَمَّدٍ، فَالْتَفَّ عَلَيْه نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ أَلْفًا فَجَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ لِحَرْبِهِ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ الْخُزَاعِيُّ فَظَفِرَ زِيَادٌ بِهِ قتله. وَفِيهَا: تَوَجَّهَ أَبُو دَاوُدَ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى الْخُتَّلِ2 فَدَخَلَهَا وَهَرَبَ صَاحِبَهَا فِي طَائِفَةٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَرْضِ فَرْغَانَةَ ثُمَّ سَارَ إِلَى أَنْ دَخَلَ الصِّينَ. وَفِيهَا: قُتِلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بِنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ. وَفِيهَا: خَرَجَ طَاغِيَةُ الرُّومِ قُسْطَنْطِينُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فِي جُيُوشِهِ فَنَازَل مَلَطْيَةَ وَأَلَحَّ عَلَيْهِمْ بِالْقِتَالِ حَتَّى أَخَذَهَا بِالأَمَانِ وَهَدَمَ السُّورَ وَالْجَامِعَ وَبَعَثَ مَنْ يَخْفِرُ أَهْلَهَا إِلَى مَأْمَنِهِمْ3. وَفِيهَا: قَتَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ خَلْقًا مِنْ قُوَّادِ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْهُمْ ثَعْلَبَةَ وَعَبْدَ الْجَبَّارِ ابنا أبي سلمة بن عبد الرحمن4.   1 راجع: تاريخ الطبري "7/ 412"، والبداية "10/ 38"، وتاريخ خليفة "ص/ 260- 264". 2 وهي كوة واسعة كثيرة المدن على نهر جيحون. "2/ 346" ياقوت. 3 راجع: تاريخ الطبري "7/ 458"، والبداية "10/ 52، 53". 4 تاريخ الطبري "7/ 459، 460"، تاريخ خليفة "ص/ 268"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 448". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 233 أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أُسَيْدُ بن عبد الرحمن بالرملة، وإسماعيلي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ فِيمَا قِيلَ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ الْمِصْرِيُّ. قَالَهُ خليفة، وعبد لله بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَعَبْدُ العزيز بن حكيم الحضرمي، وأبو هارون الْعَبْدِيُّ عُمَارَةُ بْنُ جُوَيْنٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ جَمْهُورٍ بِالْهِنْدِ، وَيَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا: خَلَعَ الطَّاعَةَ بَسَّامُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الخراساني خرج مَعَهُ طَائِفَةٌ فَسَاقُوا إِلَى الْمَدَائِنِ، فَوَجَّهَ السَّفَّاحُ لِحَرْبِهِمْ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ فَالْتَقَوْا فَانْهَزَمَ بَسَّامُ وَقُتِلَ أبَطْالُهُ، ثُمَّ مَرَّ خَازِمٌ بِثَلاثِينَ مِنَ الحارثيين خؤولة السفاح فكلمهم في أمر فاسخفوا بِهِ فَضَرَبَ أَعْنَاقَ الْكُلِّ، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ الْيَمَانِيَّةُ وَدَخَلَ وُجُوهُهُمْ عَلَى السَّفَّاحِ وَصَاحُوا فَهَمّ السَّفَّاحُ بِقَتْلِ خَازِمِ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَأُشِيرَ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ فَإِنَّ لَهُ سَابِقَةً وَطَاعَةً وَإِنْ أَرَادَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَتْلَهُ فَلْيَعْرِضْهُ لِلْغَزْوِ فَإِنْ ظَفِرَ فَظَفْرُهُ لك وإلا استرحت منه، أشاروا عَلَيْهِ بِأَنْ يَبْعَثَهُ إِلَى عُمَانَ وَبِهَا خَلْقٌ من الخوارح عَلَيْهِمُ ابْنُ الْجُلَنْدَيِّ وَشَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْيَشْكُرِيُّ، فَجَهَّزَ مَعَهُ سَبْعَمِائَةِ فَارِسٍ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْبَصْرَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ لَيَحْمِلَهُمْ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي السُّفُنِ إِلَى جَزِيرَةِ بَرْكَاوَانَ وَإِلَى عُمَانَ، فَفَعَلَ؛ فَأَنْكَى خَازِمٌ فِي الْخَوَارِجِ وَجَرَتْ لَهُ حُرُوبٌ مَعَ شَيْبَانَ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ وَقَتَلَهُ حَتَّى بَلَغَ عِدَّةُ قَتْلَى الْخَوَارِجِ عَشْرَةَ آلافٍ فَقَتَلَ ابْنُ الْجَلَنْدِيُّ وَبَعَثَ خَازِمٌ بالرؤوس إِلَى الْبَصْرَةِ. وَفِيهَا: قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ1: كَانَ لِصَاحِبِ الصِّينِ حَرَكَةٌ. وَكَانَ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ بسمرقند فبلغه ذلك وأن صحب الصِّينِ قَدْ أَقْبَلَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ سِوَى مَنْ يَتْبَعَهُ مِنَ التُّرْكِ، فَعَسْكَرَ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ بِالأَمْرِ، فَعَسْكَرَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى مَرْوٍ وَجَمَعَ جُيُوشَهُ، وَسَارَ إليه خالد بن إبراهيم من ظخارستان، وَسَارَ جَيْشُ خُرَاسَانَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَأَنْجَدَ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ بِعَشَرَةِ آلافٍ فَسَارَ زِيَادُ بِجُيُوشِهِ حَتَّى عَبَرَ نَهْرَ الشَّاشِ، وَأَقْبَلَ جَيْشُ الصِّينَ، فَحَاصَرُوا سَعْدَ بن   1 المعرفة والتاريخ "3/ 351". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 234 حُمَيْدٍ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ دُنُوُّ زِيَادٍ تَرَحَّلُوا، ثُمَّ نَزَلَ صَاحِبُ جِبَالِ الصِّينِ مَدِينَةَ طَلْخٍ، فَقَصَدَهُ زِيَادٌ، ثُمَّ الْتَقَوْا مِنَ الْغَدِ، فَقَدَّمَ زِيَادٌ الرُّمَاةَ صَفًّا أَمَامَ الْجَيْشِ وَخَلْفَهُمْ أَصْحَابُ الرِّمَاحِ ثُمَّ الْخَيَّالَةُ ثُمَّ الْحُسْرُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَعَدَّ خَيْلا كَمِينًا، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ يَوْمَهُمْ إِلَى اللَّيْلِ, فَلَمَّا غَرُبَتِ الشَّمْسُ أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِ الصِّينِ الرُّعْبَ وَنَزَلَ النَّصْرُ فَانْهَزَمَ الْكُفَّارُ. وَفِيهَا: وَثَبَ الأَمِيرُ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ على أهل مدينة كس1 وقتل الأخر يد مَلِكَهَا وَهُوَ سَامِعٌ مُطِيعٌ قَدْ قَدِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَلْخَ, ثُمَّ إِنَّهُ تَلَقَّاهُ بِقُرْبِ كِسٍّ فَقَتَلَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَى خَزَائِنِهِ ثُمَّ بَعَثَ بِذَلِكَ أَجْمَعَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَقَتَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُوَّادِ كِسٍّ، ثُمَّ عَهِدَ إِلَى أَخِي صَاحِبِ كِسٍّ فَمَلَّكَهُ وَرَجَعَ إِلَى بَلْخٍ. وَفِيهَا: وَجَّهَ السَّفَّاحُ مُوسَى بْنَ كَعْبٍ إِلَى السِّنْدِ لِقِتَالِ مَنْصُورِ بْنِ جَمْهُورٍ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ، فَسَارَ وَاسْتَخْلَفَ مَكَانَهُ عَلَى شُرْطَةِ السَّفَّاحِ الْمُسَيَّبَ بْنَ زُهَيْرٍ فَالْتَقَى هُوَ وَمَنْصُورٌ فَانْكَسَرَ جَيْشُ مَنْصُورٌ وَهَرَبَ فَمَاتَ فِي الرِّمَالِ عَطَشًا، وَقِيلَ: مَاتَ بِالإِسْهَالِ. وَفِيهَا: مَاتَ أَمِيرُ الْيَمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَارِثِيُّ فَوُلِّيَ مَكَانَهُ عَلِيُّ بْنُ الرَّبِيعَ الْحَارِثِيُّ. وَفِيهَا: تَحَوَّلَ السَّفَّاحُ مِنَ الْحِيرَةِ فَنَزَلَ الأَنْبَارَ وَسَكَنَهَا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ عِيسَى بْنُ مُوسَى. وَكَانَ فِيهَا عَلَى الْبُلْدَانِ مَنْ ذُكِرَ، وَعَلَى مِصْرَ أَبُو عَوْنٍ، وَعَلَى الشَّامِ عَبْدُ اللَّهِ عَمُّ السَّفَّاحِ. وَعَلَى الْجَزِيرَةِ وَأَذْرَبِيجَانَ أَخُو السَّفَّاحِ، وَعَلَى دِيوَانِ الأَمْوَالِ خَالِدُ بْنُ بَرْمَكٍ. وَفِيهَا: جَهَّزَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ جَيْشًا عَلَيْهِمُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرْشِيُّ لِلْغَزْوِ فَخَرَجَتِ الرُّومُ عَلَيْهِمْ كَوْشَانُ الْبَطْرِيقُ فَالْتَقَاهُمْ مَخْلَدُ بن مقاتل فانهزم وأصيب المسلمون2.   1 وهي إحدي المدن القريبة من سمرقند "4/ 460" ياقوت. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 269"، والكامل "5/ 454". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 235 أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّي بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو الْعَلاءِ بِالْبَصْرَةِ، وَدَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ بِالْمَدِينَةِ، وَأَبُو عُقَيْلٍ زَهْرَةُ بْنُ مَعْبدٍ بِالثَّغْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثِينَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ فِي قَوْل ابْنِ مُثَنَّى، وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الرُّهَاوِيُّ بِهَا، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ أَخُو السَّفَّاحِ مَاتَ عَلَى إِمْرَةِ فَارِسٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مُخْتَصَرًا. وَفِيهَا: خَلَعَ زياد بن صالح الطاعة بما وارء النَّهْرِ فَتَهَيَّأَ لِحَرْبِهِ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَبَعَثَ نَصْرُ بْنُ صَالِحٍ إِلَى تِرْمِذَ لِيُحْصِنُهَا فَقَتَلَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ وَسَارَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى آمُلَ وَمَعَهُ سِبَاعُ بْنُ النُّعْمَانِ الأَزْدِيُّ الَّذِي قَدِمَ بِعَهْدِ زِيَادِ بْنِ صَالِحٍ مِنْ جِهَةِ السَّفَّاحِ، وَأَمَرَهُ السَّفَّاحُ إِنْ قَدِرَ عَلَى اغْتِيَالِ أَبِي مُسْلِمٍ فَلْيَفْعَلْ، فَفَهِمَ ذَلِكَ أَبُو مُسْلِمٍ فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَسَجَنَهُ بِآمُلَ وَعَبَرَ إِلَى بُخَارَى فَأَتَاهُ أَبُو شَاكِرٍ وَأَبُو سَعْدٍ وَقَدْ فَارَقَا وساد بْنَ صَالِحٍ فَسَأَلَهُمَا عَنْ شَأْنِ زِيَادٍ وَمَنْ أَفْسَدَهُ فَقَالا: سِبَاعٌ فَكَتَبَ إِلَى وَالِي آمُلَ فَقَتَلَ سِبَاعًا، وَلَمَّا تَفَلَّلَ عَنْ زِيَادٍ أَعْوَانُهُ وَلَحِقُوا بِأَبِي مُسْلِمٍ لَحِقَ بِدَهْقَانَ بَازِلْتُ فَضَرَبَ الدِّهْقَانُ عُنُقَهُ وَتَقَرَّبَ بِرَأْسِهِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ. وفيها أوفي التي قبلها: أغزى السَّفَّاحُ عَمَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى الصَّائِفَةِ فَحَزِرَهَا النَّاسُ بِمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، قاله الوليد بن مسلم1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 272"، وتاريخ الطبري "7/ 466، 471". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 236 أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ الْكُوفِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ الْمِصْرِيُّ عَلَى الأَصَحِّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقِيهُ الْمَدِينَةِ ذو الرأي، وزيد بْنُ أَسْلَمَ فِي آخِرِ السَّنَةِ فِي قَوْلٍ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ السَّفَّاحُ، وَزَيْدُ بْنُ رَفِيعٍ فِي قَوْلٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ بِالْبَصْرَةِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ الْعَابِدُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَلِيُّ بن بذيمة الحراني، والعلاء بن الحارث الْحَضْرَمِيُّ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ فِي قَوْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاق بِالْبَصْرَةِ. وَفِيهَا: كَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّوْلَةِ إِلَى السَّفَّاحِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْقُدُومِ، فَأَذِنَ لَهُ فَاسْتَخْلَفَ عَلَى خُرَاسَانَ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فَقَدِمَ فِي جَمْعٍ وَحِشْمَةٍ عَظِيمَةٍ، وَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَبَالَغَ الْخَلِيفَةُ فِي إِكْرَامِهِ فَاسْتَأْذَنَ في الحج, فقالا: لَوْلا أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ يَحُجُّ لَوَلَّيْتُكَ الْمَوْسِمَ، وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ إِذْ ذَاكَ بِالْحَضْرَةِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَطِعْنِي وَاقْتُلْ أَبَا مُسْلِمٍ فو الله إِنَّ فِي رَأْسِه لَغَدْرَةٌ، فَقَالَ: يَا أَخِي قَدْ عَرَفْتَ بَلاءَهُ وَمَا كَانَ مِنْهُ، فَرَاجَعَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ نَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكَ وَحَادَثْتُهُ دَخَلْتُ أَنَا وَتَغَفَّلْتُهُ وَضَرَبْتُ عُنُقَهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ بِأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُؤْثِرُونَهُ عَلَى دينهم ودنياهم؟ قال: يؤول ذَلِكَ إِلَى كُلِّ مَا تُرِيدُ وَلَوْ عَلِمُوا بِقَتْلِهِ تَفَرَّقُوا وَأَخَافُ إِنْ لَمْ تَتَغَدَّ بِهِ يَتَعَشَّاكَ، قَالَ: فَدُونَكَ، فَخَرَجَ عَلَى ذَلِكَ؛ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ السَّفَّاحُ: لا تَفْعَلْ. ثُمَّ حَجَّ فِيهَا أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو مُسْلِمٍ، فَلَمَّا انْقَضَى الْمَوْسِمُ وَقَفَلا وَرَدَ الْخَبَرُ بِذَاتِ عِرْقٍ بِمَوْتِ السَّفَّاحِ، وَكَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ بمُدَيْدَةَ قَدْ عَقَدَ لِأَبِي جَعْفَرٍ بِالأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَقَامَ بِأَمْرِ الْبَيْعَةِ يَوْمَ مَوْتِ السَّفَّاحِ عِيسَى بْنُ مُوسَى ابْنُ عَمِّهِ، وَبَعَثُوا أَبَا غَسَّانَ بِبَيْعَةِ أَبِي جَعْفَرٍ إِلَى عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَكَانَ رَاجِعًا فِي الطَّرِيقِ مِنْ عِنْدِ السَّفَّاحِ فَبَايَعَ عَسْكَرَهُ وَقُوَّادَهُ لِنَفْسِهِ، وَزَعَمَ أَنَّ السَّفَّاحَ جَعَلَ لَهُ الأَمْرُ ثُمَّ دَخَلَ حَرَّانَ وَغَلَبَ عَلَى الشَّامِ، وَقَدِمَ أَبُو جَعْفَرٌ الْمَنْصُورُ مِنَ الحج فدخل الكوفة بأهلها الجمعة1.   1 راجع: تاريخ خليفة "ص/ 272"، وتاريخ الطبري "7/ 466- 471". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 237 أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَسَدُ بْن وَدَاعَةَ الْكِنْدِيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ، وَخَصِيفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ في قول، خير بْنُ نُعَيْمٍ قَاضِي مِصْرَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ مَقْتُولا، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ فِي قَوْلٍ، وَعَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ وَغَيْرِهِ، وَمَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشَلُّ، وَوَاهِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ فِي قَوْلٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ الْمَدَنِيُّ، وَابْنُ الْمُقَفَّعِ قَتَلَهُ وَالِي الْبَصْرَةِ. وَفِيهَا: فِي أَوَّلِهَا بَلَغَ أَهْلَ الشَّامِ مَوْتُ السَّفَّاحِ فَبَايَعَ أَهْلُ دِمَشْقَ هَاشِمَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَامَ بِأَمْرِهِ فِيمَا قِيلَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ، فَلَمَّا أَظَلَّهُمَا صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ بِالْجُيُوشِ هَرَبَا، وَكَانَ عُثْمَانُ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ فَخَرَجَ وَسَبَّ بَنِي الْعَبَّاسِ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ، ثُمَّ إِنَّهُ قُتِلَ، وَدَخَلَ الْمَنْصُورُ دَارَ الإِمْرَةِ بِالأَنْبَارِ فَوَجَدَ عِيسَى بْنَ مُوسَى ابْنَ عَمِّهِ قَدْ بذر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 237 الْخَزَائِنَ فَجَدَّدَ النَّاسُ لَهُ الْبَيْعَةَ وَمِنْ بَعْدِهِ لِعِيسَى، وَأَمَّا عَمُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ أَبْدَى أَنّ السَّفَّاحَ قَالَ: مَنِ انْتُدِبَ لِمَرْوَانَ الْحِمَارِ فَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِي مِنْ بَعْدِي وَعَلَى هَذَا خَرَجْتُ، فَقَامَ عُدَّةٌ مِنَ الْقُوَّادِ الْخُرَاسَانِيَّةِ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ، وَبَايَعَهُ حُمَيْدُ بْنُ قُحْطُبَةَ وَمُخَارِقُ بْنُ الْغِفَارِ وَأَبُو غَانِمٍ الطَّائِيُّ وَالْقُوَّادُ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ لِأَبِي مُسْلِمٌ الْخُرَاسَانِيُّ: إِنَّمَا هُوَ أَنَا وَأَنْتَ فَسِرْ نَحْوَ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَارَ بِسَائِرِ الْجَيْشِ مِنَ الأَنْبَارِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيُّ وَمَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ قُحْطُبَةَ، وَأَخُوهُ حُمَيْدٌ كَانَ فَارَقَ عَبْدَ اللَّهِ لَمَّا تَنَكَّرَ لَهُ، وَخَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْخُرَاسَانِيَّةَ الَّذِينَ مَعَهُ لا تَنْصَحُ فَقَتَلَ مِنْهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا أمَرَ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَقَتَلَهُمْ بِخَدِيعَةٍ، ثُمَّ نَزَلَ نَصِيبِينَ وَخَنْدَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَقْبَلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَنَزَلَ بِقُرْبٍ مِنْهُ ثُمَّ نَفَذَ إِلَيْهِ: إِنِّي لَمْ أُؤْمَرْ بِقِتَالِكَ وَلَكِنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلانِي الشَّامَ وَأَنَا أُرِيدُهَا. فَقَالَ الشَّامِيُّونَ لِعَبْدِ اللَّهِ: كَيْفَ نُقِيمُ مَعَكَ وَهَذَا يَأْتِي بِلادَنَا وَيَقْتُلُ وَيَسْبِي؟ وَلَكِنْ نَسِيرُ إِلَى بِلادِنَا وَنَمْنَعُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مَا يُرِيدُ الشَّامَ وَلَئِنْ أَقَمْتُمْ لَيَقْصِدَنَّكُمْ، ثُمَّ كَانَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ نَحْوًا مِنْ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَأَهْلُ الشَّامِ أَكْثَرُ فِرْسَانًا وأكمل عدة، وكان على مَيْمَنَتُهُمْ بَكَّارَ بْنَ مُسْلِمٍ الْعُقَيْلِيَّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَاسْتَظْهَرَ الشَّامِيُّونَ غَيْرَ مَرَّةً، وكاد عَسْكَرُ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يَنْهَزِمُوا وَهُوَ يُثَبِّتُهُمْ وَيَرْتَجِزُ. مَنْ كَانَ يَنْوِي أَهْلَهُ فَلا رَجَعْ ... فَرَّ مِنَ الْمَوْتِ وَفِي الْمَوْتِ وَقْعٌ ثُمَّ أَرْدَفَ الْقَلْبُ بِمَيْمَنَتِهِ وَحَمَلُوا عَلَى مَيْسَرَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لابْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيِّ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نَصْبِرَ وَنُقَاتِلَ فَإِنَّ الْفِرَارَ قَبِيحٌ بِمِثْلِكَ وَقَدْ عِبْتَهُ عَلَى مَرْوَانَ، قَالَ: إِنِّي أَقْصِدُ الْعِرَاقَ، قال: فأنا معك، فانهزموا وخلوا عسكرهم فاحتوى عَلَيهِ أَبُو مُسْلِمٍ بِمَا فِيهِ وَكَتَبَ بِالنَّصْرِ إِلَى الْمَنْصُورِ, فَبَعَثَ مَوْلًى لَهُ يُحْصِي مَا حَوَاهُ أَبُو مُسْلِمٍ، فَغَضِبَ عِنْدَهَا أَبُو مُسْلِمٍ وتنمر وهم يقتل الْمَوْلَى وَقَالَ: إِنَّمَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا الْخُمْسُ، وَمَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَأَخُوهُ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَأَمَّا عَبْدُ الصَّمَدِ فَقَصَدَ الْكُوفَةَ فَاسْتَأْمَنَ لَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فَأَمَّنَهُ الْمَنْصُورُ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَأَتَى أَخَاهُ سُلَيْمَانَ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةَ فَاخْتَفَى عِنْدَهُ, وَأَمَّا الْمَنْصُورُ فَخَافَ مِنْ غَيْظِ أَبِي مُسْلِمٍ وَأَنْ يَذْهَبَ إِلَى خُرَاسَانَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَةِ الشَّامِ وَمِصْرَ فَأَقَامَ بِالشَّامِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مِصْرَ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ أَظْهَرَ الْغَضَبَ وَقَالَ: يُوَلِّينِي مِصْرَ وَالشَّامَ وَأَنَا لِي خُرَاسَانُ! وَعَزَمَ عَلَى الشَّرِّ، وَقِيلَ: بَلْ شَتَمَ الْمَنْصُورَ لَمَّا جَاءَهُ مَنْ يُحْصِي عَلَيْهِ الْغَنَائِمَ، وَأَجْمَعَ عَلَى الْخِلافِ، ثُمَّ طَلَبَ خُرَاسَانَ، وَخَرَجَ المنصور إلى المدائن، وكان ن دُهَاةِ الْعَالَمِ لَوْلا شُحُّهُ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ لِيُقْدِمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ إِنَّهُ لَمْ يبق لأمير الجزء: 8 ¦ الصفحة: 238 الْمُؤْمِنِينَ عَدُوٌّ، وَقَدْ كُنَّا نَرْوِي عَنْ مُلُوكِ آلِ سَاسَانَ أَنَّ أَخْوَفَ مَا يَكُونُ الْوُزَرَاءُ إِذَا سَكَتَتِ الدَّهْمَاءُ، فَنَحْنُ نَافِرُونَ مِنْ قُرْبِكَ حَرِيصُونَ عَلَى الْوَفَاءِ بِعَهْدِكَ مَا وَفَّيْتَ، فَإِنْ أَرْضَاكَ ذَاكَ فَأَنَا كَأَحْسَنِ عَبِيدِكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ نَقَضْتُ مَا أَبْرَمْتُ مِنْ عَهْدِكَ ضَنًّا بِنَفْسِي. فَرَدَّ عَلَيْهِ الْمَنْصُورُ الْجَوَابَ يُطَمْئِنُهُ مَعَ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ الْبَجَلِيِّ، وَكَانَ وَاحِدَ وَقْتِهِ فَخَدَعَهُ وَرَدَّهُ. وَأَمَّا أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ فَذَكَرَ عَنْ جَمَاعَةٍ قَالُوا: كَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي اتَّخَذْتُ رَجُلا إِمَامًا1 وَدَلِيلا عَلَى مَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ وَكَانَ فِي مَحِلَّةِ الْعِلْمِ نَازِلا فَاسْتَجْهَلَنِي بِالْقُرْآنِ فَحَرَّفَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ، طَمَعًا فِي قَلِيلٍ قَدْ نَعَاهُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ وَكَانَ كَالَّذِي دَلَّى بِغُرُورٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُجَرِّدَ السَّيْفَ وَأَرْفَعَ الرَّحْمَةَ فَفَعَلْتُ تَوْطِئَةً2 لِسُلْطَانِكُمْ، ثُمَّ اسْتَنْقَذَنِي اللَّهُ بِالتَّوْبَةِ، فَإِنْ يَعْفُ عَنِّي فَقِدْمًا عُرِفَ بِهِ وَنُسِبَ إِلَيْهِ، وَإِنْ يُعَاقِبْنِي فَبِمَا قَدَّمَتْ يَدَايَ. ثُمَّ سَارَ يُرِيدُ خُرَاسَانَ مُشَاقًّا3 مُرَاغِمًا. فَأَمَرَ الْمَنْصُورُ لِمَنْ بِالْحَضْرَةِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ أَنْ يَكْتُبُوا إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ يُعْظِمُونَ الأَمْرَ وَيَأْمُرُونَهُ بِلُزُومِ الطَّاعَةِ وَأَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَوْلاهُ، وَقَالَ الْمَنْصُورُ لِرَسُولِهِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ أَبُو حُمَيْدٍ الْمَرْوَرُوذِيُّ: كَلِّمْهُ بِاللِّينِ مَا يُمْكِنُ وَمَنِّهِ وَعَرِّفْهُ بِحُسْنِ نِيَّتِي وَتَلَطَّفَ، فَإِنْ يَئِسْتَ مِنْهُ فَقُلْ لَهُ. قَالَ وَاللَّهِ لَوْ خُضْتَ البَحرَ لَخَاضَهُ وَرَاءَكَ، وَلَوِ اقْتَحَمْتَ النَّارَ لاقْتَحَمْتُهَا حَتَّى أَقْتُلَكَ. فَقَدِمَ الرَّسُولُ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَلَحِقَهُ بِحُلْوَانَ. فَاسْتَشَارَ أَبُو مُسْلِمٍ خَاصَّتَهُ فَقَالُوا: احْذَرْهُ، فَلَمَّا طَلَبَ الرَّسُولُ الْجَوَابَ قَالَ: ارْجِعْ إِلَى صَاحِبَكَ فَلَسْتُ آتِيهِ وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى خِلافِهِ، قَالَ: لا تَفْعَلْ، لا تَفْعَلْ، فَلَمَّا آيَسَهُ بَلَّغَهُ قَوْلُ الْمَنْصُورِ فَوَجَمَ لَهَا وَأَطْرَقَ مُنْكِرًا ثُمَّ قَالَ: قُمْ؛ وَانْكَسَرَ لِذَلِكَ الْقَوْلِ وَارْتَاعَ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ كَتَبَ إِلَى نَائِبِ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ فَاسْتَمَالَهُ وَقَالَ: لَكَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، فَكَتَبَ نَائِبُ خُرَاسَانَ أَبُو دَاوُدَ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ يَقُولُ: إِنَّا لَمْ نَقُمْ لِمَعْصِيَةِ خُلَفَاءِ اللَّهِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ فَلا تُخَالِفَنَّ إِمَامَكَ؛ فَوَافَاهُ كِتَابُهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَزَادَهُ رُعْبًا وَهَمًّا، ثُمَّ أَرْسَلَ مَنْ يَثِقْ بِهِ مِنْ أُمَرَائِهِ إِلَى الْمَنْصُورِ فَلَمَّا قَدِمَ تَلَقَّاهُ بَنُو هَاشِمٍ بِكُلِّ مَا يَسُرُّ، وَاحْتَرَمَهُ الْمَنْصُورُ وَقَالَ: اصْرِفْهُ عَنْ وَجْهِهِ ولك إمرة خراسان،   1 وهو يقصد أخاه إبراهيم الإمام "الطبري "7/ 483". 2 توطئة لسلطانكم: يعني تقدمة أو مقدمة لسلطانكم. 3 مشاقا: يعني معاديا ومخالفا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 239 فَرَجَعَ وَقَالَ لِأَبِي مُسْلِمٍ: طَيِّبْ قَلْبَكَ لَمْ أر مكروها إني رأيتهم معظمين لحقك فارجع وَاعْتَذِرْ؛ فَأَجْمَعَ عَلَى الرُّجُوعِ؛ فَقَالَ لَهُ أَبُو إسحاق أحد قواده متمثلًا: ما للرجال من الْقَضَاءِ مَحَالَةٌ ... ذَهَبَ الْقَضَاءُ بِحِيلَةِ الأَقْوَامِ خَارَ اللَّهُ لَكَ، احْفَظْ عَنِّي وَاحِدَةً: إِذَا دَخَلْتَ إِلَى الْمَنْصُورِ فَاقْتُلْهُ ثُمَّ بَايِعْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّ النَّاسَ لا يُخَالِفُونَكَ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَنْصُورَ كَتَبَ إِلَى مُوسَى بْنِ كَعْبٍ بِوِلايَةِ خُرَاسَانَ؛ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: هَذَا ابْنُ كعب من دونك بمن معه من شعيتنا وَأَنَا مُوَجِّهٌ لِلِقَائِكَ أَقْرَانِكَ فَاجْمَعْ كَيْدَكَ غَيْرَ مُوَفَّقٍ وَحَسْبُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهَ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَشَاوَرَ أَبُو مُسْلِمٍ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَقَالَ: مَا الرَّأْيُ، فَهَذَا مُوسَى بْنُ كَعْبٍ مِنْ هُنَا، وَهَذِهِ سُيُوفُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ خَلْفِنَا، وَقَدْ أَنْكَرْتُ مَنْ كُنْتُ أَثِقُ بِهِ مِنْ قُوَّادِي، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ يَضْطَغِنُ عَلَيْكَ أُمُورًا قَدِيمَةً فَلَوْ كُنْتَ وَالَيْتَ رَجُلا مِنْ آلِ عَلِيٍّ كَانَ أَقْرَبُ، وَلَوْ أَنَّكَ قَبِلْتَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ مِنْهُ كُنْتَ فِي فَسْحَةٍ مِنْ أَمْرِكَ وَكُنْتَ اخْتَلَسْتَ1 رَجُلا مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ فَنَصَّبْتَهُ إِمَامًا فَاسْتَمَلْتَ بِهِ الْخُرَاسَانِيَّةَ وَأَهْلَ الْعِرَاقِ وَرَمَيْتَ أَبَا جَعْفَرٍ بِنَظِيرِهِ لَكُنْتَ عَلَى طَرِيق التَّدْبِيرِ. أَتَطْمَعُ أَنْ تُحَارِبَ أَبَا جَعْفَرٍ وَأَنْتَ بِحُلْوَانَ وَجَيْشُهُ بِالْمَدَائِنِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، لَيْسَ مَا ظَنَنْتَ لَكِنْ مَا بَقِيَ لَكَ إِلا أَنْ تَكْتُبَ إِلَى قُوَّادِكَ وَتَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: هَذَا رَأْيٌ إِنْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ قُوَّادُنَا. قَالَ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَخْلَعَ أَبَا جَعْفَرٍ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ قَوَّادِكَ! أَنَا أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ مِنْ قَتِيلٍ، أَرَى أَنْ تُوَجِّهَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ تَسْأَلُهُ الأَمَانَ, فَإِمَّا صَفْحٌ وَإِمَّا قَتْلٌ عَلَى عِزٍّ قَبْلَ أَنْ تَرَى الْمَذَلَّةَ مِنْ عَسْكَرِكَ إِمَّا قَتَلُوكَ وَإِمَّا أَسْلَمُوكَ. قَالَ: فَسَفَرَتِ السُّفَرَاءُ بَيْنَهُمَا وَأَعْطَاهُ أَبُو جَعْفَر أَمَانًا مُؤَكَّدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو مُسْلِمٍ لِحِينِهِ ثُمَّ بَعَثَ الْمَنْصُورُ أَمِيرًا إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ لِيَتَلَقَّاهُ وَلا يُظْهِرُ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَنْصُورِ لِيُطَمْئِنَهُ وَيَذْكُرُ حُسْنَ نِيَّةِ الْخَلِيفَةِ لَهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ وَحَدَّثَهُ فَرِحَ الْمَغْرُورُ وَانْخَدَعَ، فَلَمَّا وَصَلَ الْمَدَائِنَ أَمَرَ الْمَنْصُورُ الأَعْيَانَ فَتَلَقَّوْهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ سَلَّمَ قَائِمًا فَقَالَ الْمَنْصُورُ: انْصَرِفْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَاسْتَرِحْ وَادْخُلِ الْحَمَّامَ ثُمَّ اغْدُ عَلَيَّ، فَانْصَرَفَ، وَكَانَ مِنْ نِيَّةِ الْمَنْصُورِ أَنْ يَقْتُلَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَمَنَعَهُ وَزِيرُهُ أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَدَخَلْتُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَقَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: أَقْدِرُ عَلَى هَذَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ وَلا أَدْرِي مَا يَحْدُثُ فِي لَيْلَتِي، وَكَلَّمَنِي فِي الْفَتْكِ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَكَّرْتُ فَقَالَ: يا بن اللخناء لا   1 يعني: أخذت رجلا من ولد فاطمة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 240 مَرْحَبًا بِكَ أَنْتَ مَنَعْتَنِي مِنْهُ أَمْسَ وَاللَّهِ مَا غَمَضْتُ الْبَارِحَةَ، ادْعُ لِي عُثْمَانَ بْنَ نَهِيكٍ، فَدَعَوْتُهُ، فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ كَيْفَ بَلا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا عَبْدُكَ ولو أمرتني أن أتكيء عَلَى سَيْفِي حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي لَفَعَلْتُ، قَالَ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَمَرْتُكَ بِقَتْلِ أَبِي مُسْلِمٍ؟ فَوَجَمَ لَهَا سَاعَةً لا يَتَكَلَّمُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ لا تَتَكَلَّمُ! فَقَالَ قَوْلةً ضَعِيفَةً: أقتله. فقال: انطلق اذهب فجيء بِأَرْبَعَةً مِنْ وُجُوهِ الْحَرَسِ وَشُجْعَانِهِمْ، فَذَهَبَ فَأَحْضَرَ شَبِيبُ بْنُ وَاجٍ وَثَلاثَةٌ فَكَلَّمَهُمْ فَقَالُوا: نَقْتُلُهُ، فَقَالَ: كُونُوا خَلْفَ الرِّوَاقِ فَإِذَا صَفَّقْتُ فَدُونُكُمُوهُ، ثُمَّ طَلَبَ أَبَا مُسْلِمٍ فَأَتَاهُ، وَخَرَجْتُ لِأَنْظُرَ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَتَلَقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ دَاخِلا فَتَبَسَّمَ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَدَخَلَ فَرَجَعْتُ فَإِذَا بِهِ مَقْتُولٌ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ أَبُو الْجَهْمِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا أَرُدَّ النَّاسَ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَمَرَ بِمَتَاعٍ يُحَوَّلُ إِلَى رِوَاقٍ آخَرَ وَفُرُشٍ؛ وَقَالَ أَبُو الْجَهْمِ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا فَإِنَّ الأَمِيرَ أَبَا مُسْلِمٍ يُرِيدُ أَنْ يُقِيلَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَرَأَوُا الْمَتَاعَ يُنْقَلُ فَظَنُّوهُ صَادِقًا فَانْصَرَفُوا وَأَمَرَ الْمَنْصُورُ لِلأُمَرَاءِ بِجَوَائِزِهِمْ، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَقَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو مُسْلِمٍ فَعَاتَبْتُهُ ثُمَّ شَتَمْتُهُ فَضَرَبَهُ عُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا وَخَرَجَ شَبِيبُ بْنُ وَاجٍ وَأَصْحَابَهُ فَضَرَبُوهُ فَسَقَطَ؛ فَقَالَ وَهُمْ يَضْرِبُونَهُ: العفو، فقلت: يا ابن اللَّخْنَاءِ الْعَفْوَ وَالسُّيُوفُ قَدِ اعْتَوَرَتْكَ، ثُمَّ قُلْتَ: اذبحوه، فذبحوه. وقيل: إنه ألقي في دحلة، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: خَلُّوهُ فَقَالَ الْمَنْصُورُ: أَخْبِرْنِي عَنْ سَيْفَيْنِ أَصَبْتَهُمَا فِي مَتَاعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ؛ فَقَالَ: هَذَا أَحَدُهُمَا قَالَ: أَرِنِيهِ فَانْتَضَاهُ فَنَاوَلَهُ، فَهَزَّهُ الْمَنْصُورُ ثُمَّ وَضَعَهُ تَحْتَ فِرَاشِهِ وَأَقْبَلَ يُعَاتِبُهُ؛ وَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِكَ إِلَى أَخِي أَبِي الْعَبَّاسِ تَنْهَاهُ عَنِ الْمَوْتِ أَرَدْتَ أَنْ تُعَلِّمَنَا الدِّينَ؛ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّ أَخْذَهُ لا يَحِلُّ؛ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ تَقَدُّمِكَ إِيَّايَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ؛ قَالَ: كَرِهْتُ اجْتِمَاعَنَا عَلَى الْمَاءِ فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ؛ قَالَ: فَجَارِيةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ أَرَدْتَ أَنْ تَتَّخِذَهَا؛ قَالَ: لا, وَلَكِنْ خِفْتُ أَنْ تَضِيعَ فَحَمَلْتُهَا فِي قُبَّةٍ وَوَكَّلْتُ بِهَا مَنْ يَحْفَظُهَا، قَالَ: فَمُرَاغَمَتِكَ وَخُرُوجِكَ إِلَى خُرَاسَانَ، قَالَ: خِفْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَكَ مِنِّي شيء فقلت أذهب غليها وَأَكْتُبُ إِلَيْكَ بِعُذْرِي، وَالآنَ قَدْ ذَهَبْتَ مَا فِي نَفْسِكَ عَلَيَّ. قَالَ: تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى يَدِهِ فَخَرَجُوا عَلَيْهِ1. وَقِيلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: ألَسْتَ الْكَاتِبُ إِلَيَّ تَبْدَأُ بِنَفْسِكَ؛ وَالْكَاتِبُ إِلَيَّ تَخْطُبُ عَمَّتِي   1 انظر: تاريخ الطبري "7/ 486- 490"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 474". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 241 أمينة وتزعم أنك ابن سُلَيْطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ وَمَا الَّذِي دَعَاكَ إِلَى قَتْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ مَعَ أَثَرِهِ فِي دَعْوَتِنَا وَهُوَ أَحَدُ نُقَبَائِنَا! فَقَالَ: عَصَانِي وَأَرَادَ الْخِلافَ عَلَيَّ فَقَتَلْتُهُ فَقَالَ: فَأَنْتَ تُخَالِفُ عَلَيَّ! قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ؛ وَضَرَبَهُ بِعَمُودٍ ثُمَّ وَثَبُوا عَلَيْهِ. وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ قَدْ قَتَلَ فِي دَوْلَتِهِ وَفِي حُرُوبِهِ سِتِّمِائَةِ أَلْفٍ صَبْرًا1، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا سَبَّهُ الْمَنْصُورُ انْكَبَّ عَلَى يَدِهِ يُقَبِّلُهَا وَيَعْتَذِرُ، وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهُ عُثْمَانُ فَمَا صَنَعَ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ قَطَعَ حَمَائِلَ سَيْفِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمَؤْمِنِينَ اسْتَبْقِنِي لِعَدُوِّكَ، قَالَ: إِذًا لا أَبْقَانِي اللَّهُ وَأَيُّ عَدُوٍّ أَعْدَى لِي مِنْكَ، ثُمَّ هَمَّ الْمَنْصُورُ بِقَتْلِ أَبِي إِسْحَاقَ صَاحِبِ حَرَسِ أَبِي مُسْلِمٍ وَبِقَتْلِ نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ، فَكَلَّمَهُ فِيهِمَا أَبُو الْجَهْمِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جُنْدُهُ جُنْدُكَ أَمَرْتَهُمْ بِطَاعَتِهِ فَأَطَاعُوهُ، ثُمَّ أَجَازَهُمَا وَأجَازَ جَمَاعَةً مِنْ كِبَارِ قُوَّادِهِ بِالْجَوَائِزِ السَّنِيَّةَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ كَتَبَ بِعَهْدِ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَى خُرَاسَانَ وَمَا وَرَاءَهَا. قَالَ خَلِيفَةُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: قَتَلَهُ الْمَنْصُورُ وَهُوَ فِي سُرَادِقٍ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى فَجَاءَ فَأَعْلَمَهُ فَأَعْطَاهُ الرَّأْسَ وَالْمَالَ فَخَرَجَ بِهِ وَنَثَرَ الْمَالَ عَلَى الْخُرَاسَانِيَّةَ فَتَشَاغَلُوا بِالذَّهَبِ. وَفِيهَا: خَرَجَ سِنْبَاذُ بِخُرَاسَانَ لِلطَّلَبِ بِثَأْرِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَكَانَ سِنْبَاذٌ مَجُوسِيًّا تَغَلَّبَ عَلَى نَيْسَابُورَ وَالرَّيِّ وَأَخَذَ خَزَائِنَ أَبِي مُسْلِمٍ وَتَقَوَّى بِهَا، فَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ جَهْوَرَ بْنَ مَرَّارٍ الْعِجْلِيَّ فِي عَشَرَةِ آلافٍ فَكَانَتِ الْوَقْعَةُ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ, وَكَانَتْ مَلْحَمَةً مُهَوِّلَةً فَهُزِمَ سِنْبَاذٌ وقُتِلَ مِنْ جَيْشِهِ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ أَلْفًا، وَكَانَ غَالِبُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ، وَسُبِيَتْ ذَرَارِيهِمْ، ثُمَّ قُتِلَ سِنْبَاذٌ بِقُرْبِ طَبَرِسْتَانَ. وَفِيهَا: خَرَجَ مُلَبَّدُ بْنُ حَرْمَلَةَ الشَّيْبَانِيُّ مُحَكِّمًا بِنَاحِيَةِ الْجِزِيرَةِ، فَانْتَدَبَ لِقِتَالِهِ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ عَسْكَرِ النَّاحِيَةِ فَهَزَمَهُمْ مُلَبَّدٌ، ثُمَّ الْتَقَاهُ عَسْكَرُ الْمَوْصِلِ فَهَزَمَهُمْ. ثُمَّ سَارَ لِحَرْبِهِ يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ، فَهَزَمَهُ مُلَبَّدٌ وَاسْتَفْحَلَ شَرُّهُ. ثُمَّ جَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ مُهَلْهَلَ بْنَ صَفْوَانَ فِي أَلْفَيْنِ نَقَاوَةً فَهَزَمَهُمْ مُلَبَّدٌ وَاسْتَوْلَى عَلَى عَسْكَرِهِمْ. ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيْهِ جَيْشًا آخَرَ فَهَزَمَهُمْ وَعَظُمَتْ هَيْبَتُهُ وَبَعُدَ صِيتُهُ فَسَارَ لِحَرْبِهِ جَيْشٌ لَجِبٌ وَعِدَّةُ قُوَّادٍ فَهَزَمَهُمْ، وَتَحَصَّنَ مِنْهُ حُمَيْدُ بْنُ قُحْطُبَةَ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِيَكُفَّ عَنْهُ. وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ، فَذَكَر أَنَّ خُرُوجَ مُلَبَّدٍ كَانَ فِي الْعَامِ الآتِي. وَمَاتَ أَمِيرُ مَكَّةَ الْعَبَّاسُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِعبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ وَوَلِيَ بَعْدَهُ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ الأَمِيرُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ العباسي2.   1 راجع: تاريخ الطبري "7/ 491"، والبداية والنهاية "10/ 72" لابن كثير. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 272"، وتاريخ الطبري "7/ 479، 496". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 242 أحداث سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ الْقُرَشِيُّ بِدِمَشْقَ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلٍ. وَسُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ فِي قَوْلٍ، وَالْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ فِي قَوْلٍ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ فِي قَوْلٍ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ فِي قَوْلِ مُطَيَّنٍ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ الْقَرَظِيُّ الْمَدِينِيُّ. وَفِيهَا: أَهَمّ الْمَنْصُورَ شَأْنُ مُلَبَّدٍ الشَّيْبَانِيِّ فَنَدَبَ لِقِتَالِهِ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ فَسَارَ فِي ثمانية آلاف فارس فارس فالتقوا فَقَتَلَ اللَّهُ تَعَالَى مُلَبَّدًا بَعْدَ حُرُوبٍ يَطُولُ شَرْحُهَا. وَفِيهَا: غَزَا الأَمِيرُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ فنزل دابق فأقبل طاغية الروم قسطنيطين بن أَلْيُونَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ فَالْتَقَاهُ صَالِحُ فَانْتَصَرَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَسَلِمَ وَغَنِمَ، وَكَانَ هَذَا اللَّعِينُ قَدْ أَخَذَ مَلَطْيَةَ مِنْ قَرِيبٍ وَهَدَمَ سُورَهَا كَمَا ذَكَرْنَا. وَفِيهَا: ظَهَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَبَعَثَ بِالْبَيْعَةِ مَعَ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَمَّا جَهْوَرُ بْنُ مَرَّارٍ الْعِجْلِيُّ فَإِنَّهُ هَزَمَ سِنْبَاذَ كَمَا مَضَى، وَحَوَى مَا فِي عَسْكَرِهِ مِنَ الأَمْوَالِ وَالذَّخَائِرِ الَّتِي أَخَذَهَا سِنْبَاذُ مِنْ خَزَائِنِ أَبِي مُسْلِمٍ فَلَمْ يَبْعَثْ بِهَا إِلَى الْمَنْصُورِ، ثُمَّ خَافَ فَخَلَعَ الْمَنْصُورَ. فَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ الْخُزَاعِيُّ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ فَالْتَقَوْا وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ انْكَسَرَ جَهْوَرُ فَهَرَبَ إِلَى أَذْرَبَيْجَانَ ثُمَّ قُتِلَ. وَفِيهَا: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلُ الأُمَوِيُّ إِلَى الأَنْدَلُسِ وَاسْتَوْلَى عليها وامتدت أيامه وبقيت الأندلس في ي أولاده إلى بعد الأربعمائة والله أعلم1.   1 انظر: تاريخ الطبري "7/ 497"، تاريخ خليفة "ص/ 273". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 243 أحداث سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ الأُمَوِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ. وَسَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ أَبُو بِشْرٍ بِالْبَصْرَةِ. وَعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ الدِّمَشْقِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. وَمُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي صَعْصَعَةَ. وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ. وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ بِالْبَصْرَةِ. وَفِيهَا: خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْبَهْرَانِيُّ فَأَتَى مَدِينَةَ مَلَطْيَةَ وَهِيَ خارب فَعَسْكَرَ بِهَا، وَأَقْبَلَ الأَمِيرُ عَبْدُ الْوَاحِدِ, فَنَزَلَ عَلَى مَلَطْيَةَ فَزَرَعَ أَرْضَهَا وَطَبَخَ كِلْسًا لِبِنَاءِ سُورِهَا ثُمَّ قَفَلَ فَوَجَّهَ طَاغِيَةُ الرُّومِ مِنْ حرق الزرع. وفيها: غزا الأمير صالح بن علي, الأمير الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَوَغَلا فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَغَزَتْ مَعَهُمَا أُمُّ عِيسَى وَلُبَابَةُ أُخْتَا الأَمِيرِ صَالِحٍ، وَكَانَتَا نَذَرَتَا إِنْ زَالَ مُلْكَ بَنِي أُمَيَّةَ أَنْ تُجَاهِدَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ صَائِفَةٌ وَلا غَزْوٌ إِلَى أَنْ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ لاشْتِغَالِ الْمَنْصُورِ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ بِخُرُوجِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ عَلَيْهِ. وَفِيهَا: عَزَلَ الْمَنْصُورُ عَمَّهُ سُلَيْمَانَ عَنِ الْبَصْرَةِ وَوَلِيَ سُفْيَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَاخْتَفَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَآلِهِ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَبَعَثَ الْمَنْصُورُ إِلَى سُلَيْمَانَ وَعِيسَى فَعَزَمَ عَلَيْهِمَا فِي إِشْخَاصِ أَخِيهِمَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَعْطَاهُمَا لَهُ الأَمَانُ وَكَتَبَ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لِيَحُثَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ، فَأَقْدَمُوا عَبْدَ اللَّهِ عَلَى الْمَنْصُورِ فَسَجَنَهُ، وَسَجَنَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ، وَقَتَلَ بَعْضَهُمْ، وَبَعَثَ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ إِلَى خُرَاسَانَ لِيَقْتُلَهُمْ خَالِدٌ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ العباس بن محمد أخو المنصور1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 274"، وتاريخ الطبري "7/ 503". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 244 أحداث سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَيُّوبُ أَبُو الْعَلاءِ الْقَصَّابُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ فِي أَوَّلِهَا، وَأَبُو خَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ الأَعْرَجُ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ بِخُلُفَ، وَسَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبٍ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ فِيهَا بِخُلُفَ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ الأَنْصَارِيُّ؛ وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ الْحِمْصِيُّ بِخُلُفَ. وَفِيهَا: تَوَجَّهَ جِبْرِيلُ بْنُ يَحْيَى إِلَى الْمِصِّيصَةِ فَرَابَطَ فِيهَا حَتَّى بَنَاهَا وَأَحْكَمَهَا وَسَكَنَهَا النَّاسُ، وَتَوَجَّهَ الأَمِيرُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ محمد العباسي ابن أَخِي الْمَنْصُورِ فَأَقَامَ عَلَى مَلَطْيَةَ سَنَةً حَتَّى بَنَاهَا وَرَمَّ شَعْثَهَا وَأَسْكَنَهَا النَّاسَ. وَفِيهَا: ثَارَ جمع من جن خُرَاسَانَ عَلَى أَمِيرِهَا أَبِي دَاوُدَ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ لَيْلا وَهُوَ بِمَرْوٍ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى دَارِهِ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عَلَى طَرَفِ آجُرَّةٍ خَارِجَةٍ وَجَعَلَ يُنَادِي أَصْحَابَهُ، فَانْكَسَرَتْ بِهِ الآجُرَّةُ، فَوَقَعَ فَانْكَسَرَ ظَهْرُهُ فَمَاتَ مِنَ الْغَدِ؛ فَبَعَثَ الْمَنْصُورُ عَلَى إِمْرَةِ خُرَاسَانَ عَبْدَ الْجَبَّارِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيَّ فَقَبَضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الأُمَرَاءِ اتَّهَمَهُمْ بِالدَّعْوَةِ إِلَى وَلَدِ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، مِنْهُمْ مُجَاشِعُ بْنُ حُرَيْثٍ صَاحِبُ بُخَارَى، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ عَامِلُ قُوهِسْتَانَ وَالْحَريشُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيُّ ابْنُ عَمِّ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَقَتَلَهُمْ، وَضَرَبَ الْجُنَيْدَ بْنَ خَالِدٍ التَّغْلِبِيَّ وَمَعْبَدًا الْمُرِّيَّ ضَرْبًا شَدِيدًا وَحَبَسَهُمَا فِي عِدَّةٍ مِنَ الأُمَرَاءِ. وَفِيهَا: حَجَّ الْمَنْصُورُ ثُمَّ زَارَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ثُمَّ سَلَكَ الشَّامَ وَنَزَلَ الرِّقَّةَ فَقَتَلَ بِهَا مَنْصُورُ بْنُ جَعْوُنَةَ الْعَامِرِيُّ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الْهَاشِمِيَّةِ وَهِيَ بِالْكُوفَةِ، وَأَمَرَ بالشروع بعمل مدينة بغداد واختطها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 245 تراجم هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ1 بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْجَعْفَرِيُّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ سَعْدُ بْنُ زِيَادٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإِسْكَنْدَرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مُقِلٌّ عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. 2- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ2 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَلَّبِ الْمَعْرُوفُ بِإِبْرَاهِيمَ أَخُو السَّفَّاحِ وَالْمَنْصُورِ، يُكَنَّى أَبَا إِسْحَاقَ. كَانَ يَكُونُ بِالْحُمَيِّمَةَ مِنْ أَعْمَالِ الشَّرَاةِ، عَهِدَ إِلَيْهِ أَبُوهُ مُحَمَّدٌ فِي السَّيْرِ بِالإِمَامَةِ فَبَلَغَ خبره إلى مروان الحمال فَأَخَذَهُ وَحَبَسَهُ مُدَّةً بِحَرَّانَ ثُمَّ قَتَلَهُ غِيلَةً. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ. روى عنه أَخُوهُ وَأَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّوْلَةِ. وَكَانَتْ شِيعَةُ بَنِي هاشم يختلفون إليه ويكاتبون مِنْ خُرَاسَانَ، وكان أَبُوهُ أَوْصَى إِلَيْهِ وَلِذَلِكَ كَانُوا يُلَقِّبُونَهُ بِالإِمَامِ. وَهُوَ الَّذِي أَنْفَذَ أَبَا مُسْلِمٍ دَاعِيًا لَهُ إِلَى خُرَاسَانَ وَجَعَلَهُ مُقَدَّمًا عَلَى دُعَاتِهِ وَنُقَبَائِهِ، إِلَى أَنِ اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ وَبَلَغَ ذَلِكَ مَرْوَانُ؛ لِأَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَرْسَلَ رَسُولا مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَوَجَدَهُ أَعْرَابِيًّا فَصِيحًا فَغَمَّهُ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: أَلَمْ أَنْهَكَ أَنْ يَكُونَ رَسُولُكَ عَرَبِيًّا يَطَّلِعُ عَلَى أَمْرِكَ فَإِذَا أَتَاكَ فَاقْتُلْهُ، فَخَرَجَ الرَّسُولُ فَفَتَحَ الْكِتَابَ وَقَرَأَهُ فَأَتَى بِهِ مَرْوَانَ فَقَبَضَ حِينَئِذٍ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَمَرَ بِهِ فَغُمَّ فِي سِجْنِ حَرَّانَ، جَعَلُوا عَلَى وَجْهِهِ مُخَدَّةً وَقَعَدُوا فَوْقَهَا حَتَّى تَلَفَ. وَقِيلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَجَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاثِينَ بِتَجَمُّلٍ وَافِرٍ وَمَعَهُ ثَلاثُونَ نَجِيبًا فَشَهَرَ نَفْسَهُ فِي الْمَوْسِمِ وَرَآهُ أَهْلُ الشَّامِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ إِمْسَاكِهِ، وَكَانَ جَوّادًا فَاضِلا نَبِيلا سَرِيًّا خَلِيقًا لِلإِمَارَةِ. وَكَانَ قَدْ أَمَرَ أَبَا مُسْلِمٍ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ وَقَتْلِ مَنْ يَتَّهِمُهُ. وَلَمَّا أُغِمَّ صَارَ أَمْرُهُمْ إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ السَّفَّاحِ، وَكَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَيْهِ بِالأَمْرِ لَمَّا أُحِيطَ بِهِ. وَكَانَ مَقْتَلُهُ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي سِجْنِ مَرْوَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُرَّةَ الدِّمَشْقِيُّ3. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ وَالأَوْزَاعِيُّ وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ. صَدُوقٌ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ الطَّائِفِيُّ4 -ع- نَزِيلُ مَكَّةَ. عَنْ أنس وعمرو بن الشريد وطاوس.   1 التاريخ الكبير "1/ 318"، والجرح والتعديل "2/ 125". 2 التاريخ الكبير "1/ 317"، تهذيب التهذيب "1/ 157". 3 التاريخ الكبير "1/ 329"، والتهذيب "1/ 163". 4 التاريخ الكبير "1/ 328"، وتهذيب التهذيب "1/ 172". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 246 وعنه شعبة السفيانان وابن جريح وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوُ سِتِّينَ حَدِيثًا. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: مَنْ لَمْ تَرَ وَاللَّهِ عَيْنَاكَ مِثْلَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلِي: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُ بِالْمَعَانِي وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ يُحَدِّثُ كَمَا سَمِعَ، كَانَ فَقِيهًا. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَيْنَ كَانَ حِفْظُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ مِنْ حِفْظِ ابْنِ طَاوُسٍ؟ قَالَ: لَوْ شِئْتَ قُلْتُ لَكَ إِنِّي أُقَدِّمُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ فِي الْحِفْظِ فَعَلْتُ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: مَاتَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. 5- إبراهيم بن ميمون1 -د ن- أبو إسحاق الصائغ المروزي. روى عن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَنَافِعٍ وَغَيْرِهِمَا. وعنه حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَتَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ ظُلْمًا. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ2 بْنِ مَرْوَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَانِيُّ. بُويِعَ بِالْخِلافَةِ وَخَطَبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِر بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ يَزِيدَ النَّاقِصِ بِعَهْدٍ مِنْهُ إِلَيْهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: بَلْ لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْهِ أَخُوهُ وَأَنَّهُ بُويِعَ بِلا عَهْدٍ. روى عن الزُّهْرِيِّ وَعَنْ عَمِّهِ هِشَامٍ. حَكَى عنه ابنه يعقوب وغيره.   1 التاريخ الكبير "1/ 325"، وتهذيب التهذيب "1/ 172". 2 المعرفة والتاريخ "2/ 828"، وتاريخ اليعقوبي "3/ 75". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 247 وكان أبيض جميلًا وسيما جسيمًا طَوِيلا. وَقَالَ مَعْمَرٌ: رَأَيْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ جَاءَ إلى الزهري بكتاب فعرضه عليه ثم قال: أحدث بهذا عنك؟ قال: إي لعمري فمن يُحَدِّثُكُمُوهُ غَيْرِي؟! قَالَ شَيْبَانُ: ثنا الْعَلاءُ بْنُ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَضَرْتُ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ حِينَ احْتَضَرَ فَأَتَاهُ قَطَنٌ فقال: أنا رسول من وراءك يسألونك بحق اللَّهِ لِمَا وَلَّيْتَ أَمْرَهُمْ أَخَاكَ إِبْرَاهِيمَ، فَغَضِبَ وَقَالَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ: أَنَا أُوَلِّي إِبْرَاهِيمَ! ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا الْعَلاءِ إِلَى مَنْ تَرَى أَنْ أَعْهَدَ؟ فَقُلْتُ: أَمْرٌ نَهَيْتُكَ عَنِ الدُّخُولِ فِيهِ فَلا أُشِيرُ عَلَيْكَ فِي آخِرِهِ، قَالَ: وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَقَعَدَ قَطَنٌ فَافْتَعَلَ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ يَزِيدَ وَدَعَا نَاسًا فَأَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ، قَالَ أَبِي: وَلا وَاللَّهِ مَا عَهِدَ إِلَيْهِ يَزِيدُ شَيْئًا. قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: بُويِعَ فَمَكَثَ سَبْعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ خُلِعَ وَوَلِيَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَأَمَّنَهُ وَبَقِيَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. 7- آدم بن سليمان مولى قريش الكوفي1 -م ت ن- وَالِدُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ. سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَعَطَاءً وَغَيْرَهُمَا. وعنه شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ابْنُهُ لِصِغَرِهِ. 8- إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ هُبَيْرَةَ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -خ م د ن-. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَمُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ وَأَبِي قَتَادَةَ تَمِيمِ بْنِ يَزِيدَ الْعَدَوِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وعنه الْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لِعَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى. مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.   1 تهذيب التهذيب" 1/ 196"، والجرح والتعديل "2/ 268". 2 التاريخ الكبير "1/ 366"، وتهذيب التهذيب "1/ 236". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 248 9- إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ1 -ع- زيد بن سهل الأنصاري النجاري. أَحَدُ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ. سَمِعَ مِنْ عَمِّهِ لأُمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عُقَيْلٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ. وعنه عِكْرِمَةُ بْنُ عمار ومالك وهمان بْنُ يَحْيَى وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مَالِكٌ لا يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَدًا. وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ. 10- أَسَدِ بْنِ وَدَاعَةَ2. عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وعنه مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَفَرَجُ بْنُ فُضَالَةَ وَجَابِرُ بْنُ غَانِمٍ. وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِدِمَشْقَ وَفِيهِ نَصَبٌ مَعْرُوفٌ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ. 11- إِسْمَاعِيلُ بن أمية3 -ع- بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيُّ المكي. ابْنُ عَمِّ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى الآتِي بَعْدَ وَرَقَتَيْنِ وَابْنُ أَخِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرٍو الآتِي بعد ورقة. روى عن أبيه وبجير بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعِكْرِمَةَ وسعيد المقبري وأبي سلمة بن عبد الرحمن وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ وَمَكْحُولٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه السفيانان ومعمر وابن جريح وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوَ سِتِّينَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى. يُقَالُ: تُوُفِّي سَنَةَ تسع وثلاثين ومائة.   1 التاريخ الكبير "1/ 393"، وتهذيب التهذيب "1/ 239". 2 ميزان الاعتدال "1/ 207"، والمشاهير "113". 3 تهذيب التهذيب "1/ 283"، وميزان الاعتدال "1/ 222". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 249 12- إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ1 -د ت- الْفَقِيهُ ابْنُ الْفَقِيهِ. كَانَ جَدُّهُ مِنْ سَبْيِ أَصْبَهَانَ. عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ وَأَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ. وعنه مُعْتَمِدٌ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. 13- إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ2 -م د ن-. سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيَّ وَغَيْرَهُمَا. وَلَهُ أَحَادِيثُ نَحْوُ الْعَشَرَةِ. روى عنه ابْنُهُ يَحْيَى وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهُشَيْمٌ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَيُكَنَّى بِابْنِهِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ، وَمِنْ أَخْبَارِهِ أَنَّهُ نَزَلَ أَرْضَ بَغْدَادَ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى فِي أَيَّامِ السَّفَّاحِ. 14- إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ3 -م د ن- بَيَّاعُ السَّابَرِيِّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي رَزِينٍ مَسْعُودِ بْنِ مَالِكٍ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ. وعنه سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَلِيُّ بْن عَاصِمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَكَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ فِيمَا قِيلَ. 15- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ4 -خ م د ن ق- الإمام أبو عبد   1 التاريخ الكبير "1/ 351"، وتهذيب التهذيب "1/ 290". 2 التاريخ الكبير "1/ 356"، وتهذيب التهذيب "1/ 301". 3 التاريخ الكبير "1/ 356"، وتهذيب التهذيب "1/ 305". 4 التاريخ الكبير "1/ 366"، والصغير "2/ 11". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 250 الحميد المخزومي مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ مُؤَدِّبُ آلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّينَ وَعُلَمَائِهِمُ الْكِبَارُ. روى عن أَنَسٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه سَعِيدٌ الأوزاعي وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مَعْنٍ التَّنُوخِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَزْهَدَ مِنْهُ وَمِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلاهُ إِمْرَةَ الْغَرْبِ فَأَقَامَ بِهَا سَنَةَ مِائَةٍ وَسَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ، فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ وَلَّوْا بَعْدَ إِسْمَاعِيلَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ مَوْلَى الْحَجَّاجِ. قَالَ خَلِيفَةُ: أَسْلَمَ عَامَّةُ الْبَرْبَرِ فِي وِلايَةِ إِسْمَاعِيلَ وَكَانَ حَسَنُ السِّيرَةِ1. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَدْرَكَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ غُلامٌ؛ قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَتْ دَارُهُ عِنْدَ طَرِيقِ الْقَنَوَاتِ2. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قال: أشرقت أُمُّ الدَّرْدَاءِ عَلَى وَادِي جَهَنَّمَ وَمَعَهَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَتْ: اقْرَأْ يَا إِسْمَاعِيلُ، فَقَرَأَ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115] فَخَرَّتْ عَلَى وَجْهِهَا، وَخَرَّ إِسْمَاعِيلُ عَلَى وَجْهِهِ فَمَا رفعا رؤوسهما حَتَّى ابْتَلَّ مَا تَحْتَ وُجُوهِهِمَا مِنَ الدُّمُوعِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي المهاجر: ثنا الْوَلِيدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا إِسْمَاعِيلُ عَلِّمْ بَنِيَّ فَإِنِّي مُثِيبُكَ عَلَى ذَلِكَ؛ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ وَقَدْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ أَخَذَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ قَوْسًا قَلَّدَهُ اللَّهُ قَوْسًا مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3 قَالَ: فَإِنِّي لَسْتُ أُعْطِيكَ عَلَى الْقُرْآنِ إِنَّمَا أَعْطِيكَ على النحو.   1 راجع: تاريخ خليفة "323". 2 راجع تهذيب ابن عساكر "3/ 28". 3 صحيح: أخرجه البيهقي في السنن "6/ 126، 156"، وذكره الهندي في الكنز "2841"، وراجع الصحيحة "256" للألباني. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 251 قال إبراهيم بن أبي اشيبان: مَاتَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ دُخُولِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ بِثَلاثَةِ أَشْهُرٍ. 16- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سعيد بن العاص -ق- أبو محمد الأموي؛ وَيُعْرَفُ أَبُوهُ بِالأَشْدَقِ. روى عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَغَيْرِهِمَا. وَهُوَ مُقِلٌّ صَدُوقٌ. روى عنه شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي سبرة وآخرون. سكن الأعوص بالحجارة بَعْدَ قَتْلِ وَالِدِه وَاعْتَزَلَ النَّاسَ وَتَعَبَّدَ؛ وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ يُعَدُّ مِنْ عُبَّادِ الأَشْرَافِ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَرَاهُ أَهْلا لِلْخِلافَةِ قَالَ: لَوْ كَانَ الأَمْرُ إِلَيَّ لَوَلَّيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَوْ صَاحِبَ الأَعْوَصِ. وَالأَعْوَصُ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ. تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ دَاوُدُ قَدْ هَمَّ بِالْفَتْكِ بِهِ فَخَوَّفُوهُ مِنْ دُعَائِهِ عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ. لَهُ حَدِيثٌ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ. 17- إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص1 -خ م ت ن ق- أبو محمد الزهري المدني. عَنْ أَبِيهِ وَعَمَّيْهِ عَامِرٍ وَمُصْعَبٍ وَأَنَسِ بْنِ مالك وغيرهم. وعن صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مِنْ أَرْفَعِ هَؤُلاءِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ حُجَّةٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ. قُلْتُ: قَتَلَ الْحَجَّاجُ أَبَاهُ لِخُرُوجِهِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ وَأَسَرَ هَذَا فَبَعَثَ بِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فعفا عنه لكونه لم يكن أنبت.   1 التاريخ الكبير "1/ 371"، وتهذيب التهذيب "1/ 329". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 252 مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 18- أَسْلَمُ الْمِنْقَرِيُّ1 -د- أبو سعيد. روى عن ابن أبرى وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَعُثَيْمٌ وَجَرِيرٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 19- الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الْكُوفِيُّ2 -ع-. عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ ونُبَيْحٍ الْعَنْزِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَآخَرُونَ. مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ. 20- أُسَيْدُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ الْبَرَّادُ3 -4- أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَزِيدَ الْمَدَنِيُّ. روى عن أَبَوَيْهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَمُوسَى بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 21- أَشْعَثُ بْنُ سوار الكندي الكوفي4 -م ت ن ق- الأفرق التوابيتي النجار. روى عن عِكْرِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَجَمَاعَةٍ. وعنه هُشَيْمٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَآخَرُونَ آخِرُهُمْ مَوْتًا يَزِيدُ.   1 التاريخ الكبير "2/ 24"، وتهذيب التهذيب "1/ 267". 2 التاريخ الكبير "1/ 448"، وتهذيب التهذيب "1/ 341". 3 تهذيب التهذيب "1/ 343"، والجرح والتعديل "2/ 317". 4 تهذيب التهذيب "1/ 352"، وميزان الاعتدال "1/ 263". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 253 ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَقَوَّاهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: هُوَ أَضْعَفُ الأَشَاعِثَةِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. 22- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ1 بْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ الأُمَوِيُّ. روى عن مَكْحُولٍ وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي مُصْبِحٍ الْمُقْرَائِيُّ. وعنه ابْنُ لَهِيعَةَ وَبَقِيَّةُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَابْنُ شَابُورٍ وَآخَرُونَ. وَلَعَلَّهُ عَاشَ إِلَى بَعْدِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ بِيَسِيرٍ. 23- أَيُّوبُ السختياني2 -ع- أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ كَيْسَانَ الْبَصْرِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ مِنْ نُجَبَاءِ الْمَوَالِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: أَيُّوبُ مَوْلَى عَنْزَةَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ يَبِيعُ الأَدِمَ. سَمِعَ عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ الْجَرْمِيَّ وَأَبَا الْعَالِيَةَ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَقِيقٍ وَأَبَا قِلابَةَ وَالْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَمُجَاهِدًا وَابْنَ سِيرِينَ وَخَلْقًا سِوَاهُمْ. وعنه شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَمَعْمَرٌ وَمُعْتَمِرٌ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَخَلائِقُ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ سَيِّدَ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ أَلْقَ مِثْلَهُ. يَقُولُ هَذَا وَقَدْ لَقِيَ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ. وَرَوَى وُهَيْبٌ عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ: أَيُّوبُ سَيُّدُ شَبَابِ أهل البصرة. رواه جماعة عن الحسن.   1 تهذيب ابن عساكر "3/ 136"، والجرح والتعديل "2/ 302". 2 تهذيب التهذيب "1/ 397"، والتاريخ الكبير "1/ 409". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 254 وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ أَشْعَثَ قَالَ: كَانَ أَيُّوبُ جهبذ العلماء، وعن سلام ابن أَبِي مُطِيعٍ وَذَكَرَ أَيُّوبَ وَجَمَاعَةً قَالَ: كَانَ أَفْقَهَهُمْ فِي دِينِهِ أَيُّوبُ. وقَالَ هشام بْن عُرْوَة لم أر فِي البصرة مثل أيوب. وعن مالك بن أنس قال: منا نَدْخُلُ عَلَى أَيُّوبَ فَإِذَا ذَكَرْنَا لَهُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَكَى حَتَّى نَرْحَمَهُ. وَعَنْ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ قَالَ: حَجَّ أَيُّوبُ أَرْبَعِينَ حَجَّةً. وَقَالَ عَوْنُ بْنُ الْحَكَمِ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: غَدَا عَلَى مَيْمُونٍ أَبُو حَمْزَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ قَبْلَ الصَّلاةِ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: مَا جَاءَ بِكُمَا؟ قَالا: جِئْنَا نُصَلِّي عَلَى أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ فَقُلْتُ لَهُ: مَاتَ أَيُّوبُ الْبَارِحَةَ. وَقَالَ وُهَيْبٌ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ كُنْتُ عَنْهُمْ بِمَعْزِلٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ أَيُّوبُ صَدِيقًا لِيَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ فَلَمَّا وَلِيَ الْخِلافَةَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْسِهِ ذِكْرِي. وَكَانَ يَقُولُ: لِيَتَّقِي اللَّهَ رَجُلٌ وَإِنْ زَهِدَ وَلا يَجْعَلَنَّ زُهْدَهُ عَذَابًا عَلَى النَّاسِ. وَكَانَ أَيُّوبُ مِمَّنْ يُخْفِي زُهْدَهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: غَلَبَ أَيُّوبُ الْبُكَاءَ يَوْمًا فَقَالَ: الشَّيْخُ إِذَا كَبُرَ مَجَّ وَغَلَبَهُ فُوهُ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَقَالَ: الزُّكْمَةُ رُبَّمَا عَرَضَتْ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ فِي قَمِيصِ أَيُّوبَ بَعْضُ التَّذْيِيلِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: الشُّهْرَةُ الْيَوْمَ فِي التَّشْهِيرِ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَبِي الأَخْضَرِ: قُلْتُ لِأَيُّوبَ: أَوْصِنِي، قَالَ: أَقِلَّ الْكَلامَ، وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَال أَيُّوبُ: لَقَدْ شُهِرْنَا فِي هَذَا الْمِصْرِ لَوْ خَرَجْنَا مِنْهُ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ خَطَأَ مُعَلِّمُكَ فَجَالِسْ غَيْرَهُ، وَقَالَ: إِنِّي لَأُخْبَرُ بِمَوْتِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَكَأَنَّمَا أَفْقِدُ بَعْضَ أَعْضَائِي. قَالَ حَمَّادُ: وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ قَدْ جَالَسَ أَيُّوبَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْخِلافَةِ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ جَعَلَ أَيُّوبَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ أنْسِهِ ذِكْرِي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 255 حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ أَيُّوبُ: لا تُحَدِّثُوا الناس بما لا يعملون فَتَضُرُّوهُمْ، وَقَالَ وَدَدْتُ أَنِّي أُفْلِتُ مِنْ هَذَا الأمر كنافا لا عَلَيَّ وَلا لِيَّ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ عَنْ سَلامٍ: كَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ فَيُخْفِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ رَفَعَ صَوْتَهُ كَأَنَّهُ قَامَ تِلْكَ السَّاعَةَ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ وَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ لا تَنْظُرُ فِي الرَّأْيِ؟ قَالَ: قِيلَ لِلْحِمَارِ أَلا تَجْتَرَّ؟ قَالَ: أَكْرَهُ مَضْغَ الْبَاطِلِ. وَقَالَ حَمَّادٌ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا قَطُّ أَشَدَّ تَبَسُّمًا فِي وُجُوهِ النَّاسِ مِنْ أَيُّوبَ وَلَوْ رَأَيْتُمْ أَيُّوبَ ثُمَّ اسْتَقَاكُمْ شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ عَلَى النُّسُكِ لَمَا سَقَيْتُمُوهُ، لَهُ شَعْرٌ وَافِرٌ وَشَارِبٌ وَافِرٌ وَقَمِيصٌ جَيِّدٌ هَرَوِيٌّ يَسِمُ الأَرْضَ وَقَلَنْسُوَةٌ جَيِّدَةٌ مُتَرَّكَةٌ وَطَيْلُسَانُ كُرْدِيٌّ جَيِّدٌ وَرِدَاءٌ عَدَنِيٌّ. قَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: لا خَبِيثَ أَخْبَثُ من قاريء فَاجِرٍ. قَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قُلْنَا: مَن لَنَا؟ فَقُلْنَا: لَنَا أَيُّوبُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ لِأَيُّوبَ بُرْدٌ أَحْمَرُ يَلْبِسُهُ إِذَا أَحْرَمَ وَكَانَ يُعِدُّهُ لِلْكَفَنِ وَكُنْتُ أَمْشِي مَعَ أَيُّوبَ فَيَأْخُذُ فِي طُرُقٍ أَعْجَبَ كَيْفَ يَهْتَدِي لَهَا فِرَارًا مِنَ النَّاسِ أَنْ يقال هذا أيوب. وقال شعبة: ربما ذهب مَعَ أَيُّوبَ لِحَاجَةٍ فَلا يَدَعْنِي أَمْشِي مَعَهُ ويخرج من هاهنا وَهَا هُنَا لِكَيْ لا يَفْطِنُ لَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَيُّوبُ ثِقَةً ثَبْتًا فِي الْحَدِيثِ جَامِعًا كَثِيرَ الْعِلْمِ حُجَّةٌ عَدْلا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَيُّوبُ ثِقَةٌ لا يُسْأَلُ عن مثله. قلت: لم يَرْوِ مَالِكٌ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ إِلا عَنْ أَيُّوبَ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ أَحَدٍ إِلا وَأَيُّوبُ فَوْقَهُ، أَوْ كَمَا قَالَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ أَيُّوبُ عِنْدِي أَفْضَلَ مَنْ جَالَسْتُهُ وَأَشَدَّهُمْ إتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ. وَرَوَى ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: كَانَ أَيّوُب يَؤُمُّ أَهْلَ مَسْجِدِهِ فِي رمضان الجزء: 8 ¦ الصفحة: 256 وَيُصَلِّي بِهِمْ قَدْرَ ثَلاثِينَ آيَةٍ فِي الركعة وكان يصلي لنفسه فيما بين الترويحتين بقدر ثلاثين آية, وَكَانَ يَقُولُ هُوَ بِنَفْسِهِ لِلنَّاسِ: الصَّلاةَ، وَكَانَ يُؤْثِرُ بِهِمْ وَيَدْعُو بِدُعَاءِ الْقُرْآنِ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ، وَكَانَ آخِرُ مَا يَقُولُ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْنَا بِسُنَّتِهِ وَارْعِنَا بِهَدْيِهِ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" ثُمَّ يَسْجُدُ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ دَعَا بِدَعَوَاتٍ1. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ أنا يُوسُفُ الأَدَمِيُّ ثنا أَبُو الْمَكَارِمِ اللَّبَّانُ أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ أنا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ ثنا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ثنا خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحِرَشِيُّ ثنا النَّضْرُ بْنُ كَثِيرٍ ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَلَى حِرَاءٍ فَعَطِشْتُ عَطَشًا شَدِيدًا حَتّى رَأَى ذَلِكَ فِي وَجْهِي قَالَ: فَقَالَ: مَا الَّذِي أَرَى بِكَ؟ قُلْتُ: الْعَطَشَ قَدْ خِفْتُ عَلَى نَفْسِي، قَالَ: تَسْتُرُ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَاسْتَحْلَفَنِي فَحَلَفْتُ لَهُ أَنْ لا أُخْبِرُ عَنْهُ مَا دَامَ حَيًّا فَغَمَزَ بِرِجْلِهِ عَلَى حِرَاءٍ فَنَبَعَ الْمَاءُ فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ وَحَمَلْتُ مَعِي مِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ شُعْبَةُ: قَالَ أَيُّوبُ: قَدْ ذَكَرْتُ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَذْكُرَ. قُلْتُ: إِلَى أَيُّوبَ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ. تُوُفِّي شَهِيدًا فِي طَاعُونِ الْبَصْرَةِ الَّذِي كَانَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ ثَلاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. 24- أَيُّوبُ بْنُ موسى بن عمرو الأشدق2 -ع- بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيُّ أَبُو مُوسَى الْمَكِّيُّ الْفَقِيهُ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءِ بْنِ مَيْنَاءَ وَنَافِعٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَطَائِفَةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَاللَّيْثُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ الوارث وَابْنُ عُلَيَّةَ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَالْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ وَمَالِكٌ وَخَلْقٌ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مُفْتِيًا فَقِيهًا. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نحو من أربعين حديثًا.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 268". 2 تهذيب التهذيب "1/ 412"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 215". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 257 وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَأَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ ابْنُ عَمِّ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ مَكِّيَّانِ ثِقَتَانِ. 25- أَيُّوبُ بْنُ أَبِي مِسْكِينٍ أَبُو الْعَلاءِ الْقَصَّابُ1 -د ت ن- الْفَقِيهُ مُفْتِي أَهْلِ وَاسِطَ وَعَالِمُهُمْ فِي زَمَانِهِ. روى عن سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَقَتَادَةَ وَابْنِ شَبْرُمَةَ وَغَيْرِهِمْ. وعنه هُشَيْمٌ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال غَيْرُهُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: أَرَّخَهُ يَزِيدُ أَنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْبَاءِ": 26- بَابُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ الشَّامِيُّ2 -د-. عَنْ نافع ابْنِ عُمَرَ وَرَجُلٍ آخَرَ مَدَنِيٍّ. وعنه يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ - وَالأَوْزَاعِيُّ وَحَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَهُوَ مَسْتُورٌ. 27- بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ3. فِي وَفَاتِهِ اخْتِلافٌ، وَقَدْ مَرَّ، وقيل بَقِيَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 28- بُرْدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ4 -ن- أَخُو يَزِيدَ الْكُوفِيِّ. قليل الحديث.   1 التاريخ الكبير "1/ 423"، وتهذيب التهذيب "1/ 411". 2 تهذيب التهذيب "1/ 416"، والإكمال "1/ 161". 3 تهذيب التهذيب "1/ 424"، والجرح والتعديل "2/ 428". 4 التاريخ الكبير "2/ 135"، وتهذيب التهذيب "1/ 428". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 258 لَهُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرٍ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ وَالْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَعُثَيْمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 29- بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ1 -4- أَبُو الْعَلاءِ الدِّمَشْقِيُّ. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ مِنْ جُلَّةِ الْعُلَمَاءِ. لَهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَعُبَادَةَ بْنِ نُسِيٍّ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلْقَمَةَ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا شَامِيٌّ خَيْرٌ مِنْ بُرْدٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هَرَبَ بُرْدُ مِنْ مَرْوَانَ الْحِمَارِ إِلَى الْبَصْرَةِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 30- بِشْرُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمُزَنِيُّ الْمَدَنِيُّ2. عَنْ عُرْوَةَ وَأَبِي قِلابَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَغَيْرُهُمْ. وَلَمْ أَرَ أَحَدًا ضَعَّفَهُ. 31- بَكْرُ بْنُ زُرْعَةَ الْخَوْلانِيُّ الشَّامِيُّ3 -ق-. عَنْ أَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلانِيِّ وَمُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ. وعنه الْجَرَّاحُ بْنُ مُلَيْحٍ الْبَهْرَانِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بن عياش. صويلح الحديث مقل.   1 التاريخ الكبير "2/ 134"، وتهذيب التهذيب "1/ 428". 2 التاريخ الكبير "2/ 71". 3 التاريخ الكبير "2/ 89"، وتهذيب التهذيب "1/ 482". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 259 32- بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ الزَّاهِدُ1 -سِوَى ق- إِمَامُ جَامِعِ مِصْرَ وَكَانَ ذَا عِبَادَةٍ وَفَضْلٍ وَجَلالَةٍ. روى عن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَمِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدَ الأَثْبَاتِ. 33- بَكْرُ بْنُ وَائِلِ بْنِ داود التميمي الْكُوفِيُّ2 -م4-. عَنْ نَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي الزُّبَيْرِ. وعنه أبوه وشبعة وَهَمَّامٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ وَلَهُ عنه أحاديث. 34- بيان بن بشر الأحمسي3 -ع- أبو بشر الكوفي. المؤدب أحد الأثبات. "مولى أم" هانيء بنت طالب. كوفي ضعيف. لَهُ عَنْ أَنَسٍ وَقَيْسِ بْن أَبِي حَازِمٍ وطارق بْن شهاب والشعبي وطائفة. وعنه زائدة وابن عيينة وابن فضيل وعبيدة بن حميد وعلي بن عاصم وطائفة. له نحو من سبعين حديثًا. "حرف التاء": 35- توبة العنبري مولاهم4 -خ م د ت- أَبُو الْمُوَرِّعِ الْبَصْرِيُّ. أَصْلُهُ مِنْ سِجِسْتَانَ وَهُوَ جد العباس بن عبد العظيم.   1 التاريخ الكبير "2/ 91"، وتهذيب التهذيب "1/ 485". 2 التاريخ الكبير "2/ 95"، وتهذيب التهذيب "1/ 488". 3 التاريخ الكبير "2/ 133"، تهذيب التهذيب "1/ 506". 4 التاريخ الكبير "2/ 155"، والتهذيب "1/ 515". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 260 روى عن أَنَسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةَ وَمُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وعنه سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَمُطِيعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ حَدِيثًا. قَالَ تَوْبَةُ الْعَنْبَرِيُّ: أَرْسَلَنِي صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَلاهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عَمَلَ سَابُورَ ثُمَّ وَلاهُ الأَهْوَازَ وَهُوَ تَوْبَةُ. كَانَ صَاحِبَ بَدَاوَةٍ فَمَاتَ بِصُنْعٍ وَهُوَ عَلَى يَوْمَيْنِ مِنَ الْبَصْرَةِ. مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ وَعَاشَ أَرْبَعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً. "حرف الثَّاءِ": 36- ثَابِتُ بن عجلان بن حفص السلمي الأنصاري1 -خ د ن ق- أبو عبد الله الحمصي. وَقَدْ تَغَرَّبَ وَوَقَعَ إِلَى بَابِ الأَبْوَابِ. روى عن أَنَسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وطائفة. وعنه إسماعيل بن عياش وبقية وعتاب بن بشير ومحمد بن حميد وسويد بن عبد العزيز وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 37- ثُوَيْرُ بْنُ أبي فاختة2 -ت- أبو الجهم بن سعيد بن علاقة مولى أم هانيء بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ كُوفِيٌّ ضَعِيفٌ. لَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ ومجاهد وجماعة.   1 تهذيب التهذيب "2/ 10"، وميزان الاعتدال "1/ 364"، والخلاصة "56". 2 التاريخ الكبير "2/ 183"، وتهذيب التهذيب "2/ 36". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 261 وعنه سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الله العرزمي وعبيدة وعلي بن عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. رَمَاهُ الثَّوْرِيُّ بِالْكَذِبِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: كَانَ رَافِضِيًّا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. "حرف الْجِيمِ": 38- جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ1 -ن ق- أَحَدُ الأَشْرَافِ. روى عن أَبِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ أَبِي زُرْعَةَ. وعنه مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَبَقِيَّةُ وَهُشَيْمٌ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَامِيٌّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يكتب حديثه، وهو شَيْخٌ. 39- جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ شُرَحْبِيلِ بْنِ حسنة الكندي2 -ع- أبو شرحبيل المصري. وَلِأَبِيهِ رَبِيعَةَ رُؤْيَةٌ، وَرَأَى هُوَ ابْنَ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ الصَّحَابِيَّ. روى عن أَبِي الْخَيْرِ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَالأَعْرَجِ وَجَمَاعَةٍ. وعنه بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ ومائة بمصر.   1 التاريخ الكبير "2/ 212"، والتهذيب "1/ 127". 2 التاريخ الكبير "2/ 190"، وتهذيب التهذيب "2/ 90". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 262 "حرف الحاء": 40 - حبيب العجمي1 -خ- ثم البصري أبو محمد الزاهد أَحَدُ الأَعْلامِ. روى عن الْحَسَنِ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالْفَرَزْدَقِ وَغَيْرِهِمْ حِكَايَاتٍ. وعنه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَوَانَةَ الْوَضَّاحُ وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَيْرُهُمْ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ أنا ابْنُ خَلِيلٍ نا اللَّبَّانُ نا الْحَدَّادُ نا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: كَانَ حَبِيبٌ صَاحِبُ الْكَرَامَاتِ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، كَانَ سَبَبُ زُهْدِهِ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحَسَنِ فَوَقَعَتْ مَوْعِظَتُهُ فِي قَلْبِهِ فَخَرَجَ عَمَّا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ فَتَصَدَّقَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا2. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا ابْنُ قُتَيْبَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدٍ الْخَزَّازُ ثنا ضَمْرَةُ ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ عَنْ حَبِيبٍ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ فَاشْتَرَى مِنْ أَصْحَابِ الدَّقِيقِ دَقِيقًا وَسَوِيقًا بِنَسِيئَةٍ وَعَهِدَ إِلَى خَرَائِطِهِ فَخَيَّطَهَا وَوَضَعَهَا تَحْتَ فِرَاشِهِ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى فَجَاءَ الَّذِينَ اشْتَرَى مِنْهُمْ يَطْلُبُونَ حُقُوقَهُمْ فَأَخْرَجَ تِلْكَ الخرائط قد امتلأت فقال لهم: زنوا فوزنوها فَإِذَا هُوَ يَقْرُبُ مِنْ حُقُوقِهِمْ. قَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ: سَمِعْتُ مَشْيَخَةً يَقُولُونَ: كَانَ الْحَسَنُ يَجْلِسُ يَذْكُرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ, وَكَانَ حَبِيبٌ أَبُو مُحَمَّدٍ يَقْعُدُ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يَأْتِيهِ فِيهِ أَهْلُ الدُّنْيَا وَالتُّجَّارُ وَهُوَ غَافِلٌ عَمَّا فِيهِ الْحَسَنُ لا يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ مَقَالَتِهِ إِلَى أَنِ الْتَفَتَ يَوْمًا فَقَالَ: أين برهمي درآيد درآيد خلوات فَقِيلَ: وَاللَّهِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ يَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَيَذْكُرُ النَّارَ وَيُرَغِّبُ فِي الآخِرَةِ وَيُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا، فَوَقَرَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ، فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: اذْهَبُوا بِنَا إِلَيْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ جُلَسَاءُ الْحَسَنِ: هَذَا حَبِيبٌ أَبُو مُحَمَّدٍ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ فَعِظْهُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيْنَ همي كَوئي بركَوي فَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْشِ يَقُولُ؟ قِيلَ: يَقُولُ: هَذَا الَّذِي تَقُولُ أَيْشِ تَقُولُ؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ فَذَكَّرَهُ الْجَنَّةَ وَخَوَّفَهُ النَّارَ ورغبة في الخير، فقال: إن كَوئي قَالَ الْحَسَنُ: أَنَا ضَامِنٌ لَكَ عَلَى اللَّهِ ذَلِكَ، فَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي إِنْفَاقِ أَمْوَالِهِ حَتَّى لَمْ يُبْقِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ جَعَلَ بَعْدُ يَسْتَقِرضُ عَلَى اللَّهِ.   1 تهذيب التهذيب "2/ 189"، وميزان الاعتدال "1/ 457". 2 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 361". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 263 وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ لَنَا: كَانَ حَبِيبٌ أَبُو مُحَمَّدٍ يأخذ متاعًا من التجارة يَتَصَدَّقُ بِهِ فَأَخَذَ مَرَّةً فَلَمْ يَجِدْ مَا يعطيهم فقال: يا رب كَأَنَّهُ قَالَ: إِنِّي مُنْكَسِرٌ وَجْهِي عِنْدَهُمْ فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بَجَوَالِقَ مِنْ شَعْرٍ كَأَنَّهُ نُصِبَ مِنْ أَرْضِ الْبَيْتِ إِلَى قَرِيبٍ مِنَ السَّقْفِ مليء دراهم فقال: يا رب لَيْسَ أُرِيدُ هَذَا فَأَخَذَ حَاجَتَهُ وَتَرَكَ الْبَقِيَّةَ، وَقَالَ: سَارَ بِنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: كُنَّا نَنْصَرِفُ مِنْ مَجْلِسِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ فَنَأْتِي حَبِيبًا أَبَا مُحَمَّدٍ فَيَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ فَإِذَا وَقَعَتْ قَامَ فَتَعَلَّقَ بِقَرْنٍ مُعَلَّقٍ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَقُولُ: هَا قَدْ تَغَذَّيْتُ وَطَابَتْ نَفْسي ... فَلَيْسَ فِي الْحَيِّ غُلامٌ مِثْلِي إِلا غُلامٌ قَدْ تَغَذَّى قَبْلِي سُبْحَانَكَ وَحَنَانَيْكَ خَلَقْتَ فَسَوَّيْتَ وَقَدَّرْتَ فَهَدَيْتَ وَأَعَطَيْتَ فَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ وَعَفَوْتَ وَعَافَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ حَمْدًا لا يَنْقَطِعُ أُولاهُ وَلا يَنْفِذُ أُخْرَاهُ حَمْدًا أَنْتَ مُنَاهُ فَتَكُونُ الجنة عقباه. وقال عبد الرحمن من بْنُ وَاقِدٍ وَهَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ: ثنا ضَمْرَةُ ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى قَالَ: كَانَ حَبِيبٌ يُرَى بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ. قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَصْدَقَ يَقِينًا مِنْ حَبِيبٍ أَبِي مُحَمَّدٍ. وَقَالَ حَبِيبٌ: ثنا بَكْرُ الْمُزَنِيُّ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَبَادَحُونَ1 بِالْبِطِّيخِ فَإِذَا كَانَتِ الْحَقَائِقُ كَانُوا هُمُ الرِّجَالُ. 41- حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الدِّمَشْقِيُّ2. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بِن مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ. وعنه وَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيُّ وَحُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. 42- حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ الْبَاهِلِيُّ البصري3 -سوى ت- الأحوال. عَنْ أَنَسِ بْنُ سِيرِينَ وَالْفَرَزْدَقِ وَقَتَادَةَ وَأَبِي الزبير المكي وجماعة.   1 يتبادحون: يعني يترامون به. 2 تهذيب التهذيب "2/ 182"، وميزان الاعتدال "1/ 453"، وغيرهما. 3 التاريخ الكبير "2/ 372"، وتهذيب التهذيب "2/ 199". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 264 وعنه مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ روايته وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وكان الْحُفَّاظِ أَصْحَابِ قَتَادَةَ. مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَشِيخَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 43- حَجَّاجُ بْنُ فرافصة1 -د ن- الباهلي البصري الْعَابِدُ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْرِيِّ - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ - وَجَمَاعَةٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَابْنُ شَوْذَبٍ وَعَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ الْمِصِّيصِيُّ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ صَالِحٌ مُتَعَبِّدٌ. وَقَالَ ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ: رَأَيْتُ حَجَّاجَ بْنَ فُرَافِصَةَ وَاقِفًا بِالسُّوقِ عِنْدَ أَصْحَابِ الْفَاكِهَةِ فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: أَنْظُرُ إِلَى هَذِهِ الْمَقْطُوعَةِ الْمَمْنُوعَةِ. 44- الْحُرُّ بْنُ مِسْكِينٍ2، أَبُو مِسْكِينٍ الأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وهذيل بن شرحبيل. وعنه زائدة وإسرائيل وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ. 45- حَسَّانُ بْنُ عَتَاهِيَةَ3 بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ التُّجِيبِيُّ. أَمِيرُ مِصْرَ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ لِمَرْوَانَ الْحِمَارِ، وَكَانَ فَقِيهًا قَدْ جَالَسَ عَطَاءً وَغَيْرَهُ. قَتَلَهُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ مَعَ شُعْبَةَ بْنُ عُثْمَانَ في سنة ثلاث وثلاثين ومائة.   1 التاريخ الكبير "2/ 375"، وتهذيب التهذيب "2/ 204" وغيره. 2 التاريخ الكبير "3/ 82"، وتهذيب التهذيب "2/ 222". 3 النجوم الزاهرة "1/ 335". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 265 46- الحسن بن الحر النخعي1 -د ن- ويقال: الجعفي الكوفي نَزِيلُ دِمَشْقَ. روى عن أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَعَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ - خَالِهِ - وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ وَغَيْرِهِمْ. وعنه ابْنُ أَخِيهِ حُسَيْنُ الْجُعَفِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: هَاجَتْ فِتْنَةٌ بِالْكُوفَةِ فَعَمِلَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ طَعَامًا كَثِيرًا, وَدَعَا قَرَّاءَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكَتَبُوا كِتَابًا يَأْمُرُونَ فِيهِ بِالْكَفِّ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْفِتْنَةِ, فَتَكَلَّمَ هُوَ بِثَلاثِ كَلِمَاتٍ فَاسْتَغْنَوْا بِهِنَّ عَنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَءًا مَلَكَ لَسَانَهُ وَكَفَّ يَدَهُ وَعَالَجَ مَا فِي صَدْرِهِ، فَتَفَرَّقُوا فَإِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ طُولَ الْمَجْلِسِ. ابْنُ الْمَدِينِيِّ ثنا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: اسْتَقْرَضَ أَبِي مِنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا وَقَالَ: لم أقرضكها لأرتجعها اشتر لِزُهَيْرٍ سُكَّرًا. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعَفِيُّ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ يَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ فَإِذَا مَرَّ بِهِ الْبَائِعُ يَبِيعُ الْمِلْحَ أَوِ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ لَعَلَّ الرَّجُلَ يَكُونُ رَأْسُ مَالِهِ دِرْهَمَيْنِ فَيَدْعُوهُ فَيَقُولُ: إِنْ أَعْطَاكَ إِنْسَانٌ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ تَأْكُلُهَا فَيَقُولُ: لا فَيَقُولُ: هَذِهِ اجْعَلْهَا رَأْسُ مَالِكَ وَيُعْطِيهِ خَمْسَةً أُخْرَى فَيَقُولُ: اشْتَرِ لِأَهْلِكَ دَقِيقًا وَتَمْرًا وَيُعْطِيهِ خَمْسَةً أُخْرَى فَيَقُولُ: اشْتَرِ بِهَا قطنًا للأهل ومر هم يَغْزِلُونَ. وَقَالَ ابْنَ أَبِي غَنِيَّةَ: ثنا مُحْرِزُ قَالَ: كَتَبَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي كُنْتُ أُقَسِّمُ زَكَاتِي فِي إِخْوَانِي فَلَمَّا وُلِّيتَ رَأَيْتُ أَنْ أَسْتَأْمِرَكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَابْعَثْ إِلَيْنَا بِزَكَاةِ مَالِكَ وَسَمِّ لَنَا إِخْوَانَكَ نُغْنِهِمْ عَنْكَ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ. قَالَ الْعِجْلِيُّ: كَانَ تَاجِرًا كَثِيرَ الْمَالِ سَخِيًّا مُتَعَبِّدًا فِي عِدَادِ الشُّيُوخِ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: قَالَ لَنَا الأَوْزَاعِيُّ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا من العراق مثل الحسن بن الحر   1 تهذيب التهذيب "2/ 261"، والتاريخ الكبير "2/ 290". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 266 وَعَبْدَةِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ بْنِ الْحَكَمِ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مَوْلًى لِبَنِي الصَّيْدَاءِ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 47- الْحَسَنُ بْنُ عبيد بن عروة النخعي1 -م4- أبو عروة الكوفي. عن أبي وائل وأبي عمرة الشَّيْبَانِيِّ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَجَرِيرٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَابْنُ إِدْرِيسَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ ثَلاثِينَ حَدِيثًا. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 48- الْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ الْعَسْقَلانِيُّ2 -د-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَمَكْحُولٍ وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِمْ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ. روى عنه شُعْبَةُ وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 49- حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ أَبُو عَلِيٍّ الرَّحْبِيُّ الْوَاسِطِيُّ3 -ت ق- لقبه حنش. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمَا. وعنه سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك.   1 التاريخ الكبير "2/ 297"، وتهذيب التهذيب "2/ 292". 2 التاريخ الكبير "2/ 300"، وتهذيب التهذيب "2/ 312". 3 التاريخ الكبير "2/ 393"، وتهذيب التهذيب "2/ 364". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 267 50- الْحُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٌ الْخِنْدَفِيُّ1. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي الْجَنُوبِ الأَسَدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَاضِي الرَّيِّ. وعنه عبد الرحمن بن الغسيل هاشم بْنُ الْبَرِيدِ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 51- حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي2 -ع- أبو الهذيل الكوفي ابْنُ عَمِّ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ. روى عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَعُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ الصَّحَابِيَّيْنِ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي وائل وأبي ظبيان وسعيد بن جبير وعمرة بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وعنه شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَهُشَيْمٌ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَعُثَيْمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَزِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ وآخرون كثيرون وآخرهم مَوْتًا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا عَالِيَ السَّنَدِ عَاشَ ثَلاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 52- حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ3، أَبُو سَلَمَةَ الْخَلالُ السَّبِيعِيُّ مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ. وَزِيرُ السَّفَّاحِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الوزارة في دولة بني العباس, وكان أدبيًا عَالِي الْهِمَّةِ عَالِمًا بِالسِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ, وَكَانَ السَّفَّاحُ يَأْنَسُ بِهِ لِحُسْنِ مُفَاكَهَتِهِ، وَكَانَ مِنْ مَيَاسِيرِ الصَّيَارِفَةِ بِالْكُوفَةِ فَأَنْفَقَ أَمْوَالَهُ فِي إِقَامَةِ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ, وَسَارَ بِنَفْسِهِ إِلَى خُرَاسَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ تَابِعًا لَهُ, وَقَدْ تَوَهَّمُوا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ الْخَلالِ عِنْدَ إِقَامَةِ السَّفّاحِ مَيْلا إِلَى آلِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَلَمَّا بُويِعَ السَّفَّاحُ وَاسْتَوْزَرَهُ بَقِيَ فِي النُّفُوسِ مَا فِيهَا. وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ حَسَّنَ لِلسَّفَّاحِ قَتْلَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ, وقال: هذا رجل بذل أمواله   1 التاريخ الكبير "2/ 385"، وتهذيب التهذيب "2/ 372". 2 التاريخ الكبير "3/ 7"، وتهذيب التهذيب "2/ 381". 3 تهذيب ابن عساكر "4/ 380"، ووفيات الأعيان "2/ 195". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 268 فِي إِقَامَةِ دَوْلَتِنَا وَقَدْ صَدَرَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ فَنَغْفِرُهَا. فَلَمَّا رَأَى أَبُو مُسْلِمٍ امْتِنَاعِ السَّفَّاحِ جَهَّزَ مَنْ قَتَلَ أَبَا سَلَمَةَ غِيلَةً فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَقُولُونَ: قَتَلَتْهُ الْخَوَارِجُ، وَكَانَ قَتْلُهُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ خِلافَةِ السَّفَّاحِ وَمَا كَرِهَ السَّفَّاحُ ذَلِكَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: وَزِيرُ آلِ مُحَمَّدٍ وفيه يقول الشاعر: إن الوزيرَ وزيرَ آلِ مُحَمَّدٍ ... أوْدَى فَمَنْ يَشْنَاكَ صَارَ وَزِيرًا وَأَرَى الْمَسَاءَةَ قَدْ تَسُرُّ وَرُبَّمَا ... كَانَ السُّرُورُ بِمَا كَرِهْتَ جَدِيرًا 53- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيُّ1. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ. وعنه ابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَلادُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَمَةَ. 54- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الأَيْلِيُّ2، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. عن علي بن الحسين القاسم وَالزُّهْرِيِّ. وعنه اللَّيْثُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. الْحَكِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو سَلَمَةَ الْعَامِلِيُّ. مِنْ طَبَقَةِ هُشَيْمٍ، يُذْكَرُ هُنَاكَ. 55- حُمْرَانُ بْنُ أعين الكوفي3، المقريء. قَرَأَ عَلَى أَبِي الأَسْوَدِ ظَالِمٍ الدِّيلِيِّ وَعَلَى عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيِّ. وَسَمِعَ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ وَغَيْرَهُ. قَرَأَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ وَحَدَّثَ عَنْهُ حَمْزَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أبو حاتم: شيخ.   1 التاريخ الكبير "2/ 337"، وتهذيب التهذيب "2/ 430". 2 التاريخ الكبير "2/ 345"، وميزان الاعتدال "1/ 572". 3 تهذيب التهذيب "3/ 25"، وميزان الاعتدال "1/ 604". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 269 وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كان شيعيا جلدًا. 56- حميد بن قيس1 -ع- أبو صفوان المكي الأعرج المقريء. قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ خَتْمَاتٍ وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ وَحدث عن مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الدَّانِيُّ: روى عن الْقِرَاءَةَ عَرْضًا أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَجُنَيْدُ بْنُ عَمْرٍو وَعَبْدُ الْوَارِثِ الثَّوْرِيُّ. وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ بَعْدَ ابْنِ كَثِيرٍ أَحَدٌ أَقْرَأَ مِنْهُ. حَدَّثَ عَنْهُ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ أَفْرَضَ أَهْلَ مَكَّةَ وَأَحْسَبَهُمْ وَكَانُوا لا يَجْتَمِعُونَ إِلا عَلَى قِرَاءَتِهِ. وَرُوِيَ أَنَّهُ خَتَمَ الْقُرْآنَ لَيْلَةً بِالْحَرَمِ فَحَضَرَ عِنْدَهُ عَطَاءٌ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي خِلافَةِ السَّفَّاحِ، وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 57- الْحَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ2، أَبُو الْمُثَنَّى الْبَاهِلِيُّ الأَمِيرُ. وَلِيَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ لِمَرْوَانَ وَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ ظَلُومًا قُتِلَ بِظَاهِرِ وَاسِطَ مَعَ ابْنِ هُبَيْرَةَ. "حرف الْخَاءِ": 58- خَالِدُ بْنُ أَبِي خلدة الحنفي الكوفي3، الأعور.   1 التاريخ الكبير "2/ 352"، وتهذيب التهذيب "3/ 46"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 513"، والمشاهير "144". 2 راجع كتاب الولاة والقضاة "88". 3 التاريخ الكبير "3/ 145"، والجرح والتعديل "3/ 327". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 270 عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي وَالشَّعْبِيِّ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَهُوَ مُقِلٌّ. 59- خَالِدُ بن سلمة بن العاص1 -م4- بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ الْفَأْفَاءُ. أَحَدُ الأَشْرَافِ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ وَأَبِي بردة بْن أَبِي مُوسَى وَجَمَاعَةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَالسُّفْيَانَانِ وَهُشَيْمٌ وَوَلَدَاهُ عِكْرِمَةُ وَمُحَمَّدُ ابْنَا خَالِدٍ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ يَكُونُ لَهُ عَشَرَةُ أَحَادِيثَ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ الْمَكِّيِّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ قَطَعَ لِسَانَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ، يَعْنِي لَمَّا افْتَتَحَ وَاسِطَ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كَانَ خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ رَأْسًا فِي الْمُرْجِئَةِ2 وَكَانَ يَبْغَضُ عَلِيًّا. قُلْتُ: وَكَانَ مِمَّنْ قَامَ وَقَعَدَ فِي قِتَالِ بَنِي الْعَبَّاسِ لَمَّا ظَهَرُوا، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ يَوْمًا فَقَالَ: قُتِلَ مَظْلُومًا. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: دَخَلْتِ الْمُسَّودَةُ وَاسِطًا فَنَادَى مُنَادِيهِمُ النَّاسُ آمِنُونَ آمِنُونَ إِلا الْعَّوَّامَ بْنَ حَوْشَبٍ وَعَمْرَو بْنَ ذَرٍّ وَخَالِدَ بْنَ سَلَمَةَ فَأَمَّا خَالِدٌ فَقُتِلَ وَأَمَّا الْعَوَّامُ فَهَرَبَ وَكَانَ يُحَرِّضُ عَلَى قِتَالِهِمْ وَكَانَ عَمْرُو بْنِ ذَرٍّ يَقُصُّ بِهِمْ وَيُحَرِّضُ بِوَاسِطَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ بَيْهَسِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: فِي سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْقِعْدَةِ بَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ وَطَلَبَ خَالِدَ بْنَ سَلَمَةَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَنَادَى مُنَادِيهِمْ: خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ آمن فخرج فقتلوه غدرًا.   1 التاريخ الكبير "3/ 154"، وتهذيب التهذيب "3/ 95"، وطبقات ابن سعد "6/ 347". 2 المرجئة: هم فرقة إسلامية لا يحكمون على أحد من المسلمين بشيء بل يرجئون الحكم إلى يوم القيامة: "المعجم الوجيز ص/ 255". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 271 60- خالد بن كثير الهمذاني الْكُوفِيُّ1 -ق-. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ. وَهُوَ صَدُوقٌ لَهُ حَدِيثٌ فِي الأَشْرِبَةِ مِنْ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ. 61- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ أبو عبد الرحيم الإسكندراني المصري2 -ع- الفقيه. عَنْ عَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ رَفِيقُهُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: كَانَ أَفْقَهَ جُنْدِنَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ كَهْلا رَحِمَهُ اللَّهُ. 62- خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الشَّامِيُّ3. عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ مُرْسَلا وَعَنْ قَزَعَةَ بْنِ يَحْيَى وَأَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. وعنه سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: مَا بِهِ بَأْسٌ. 63- خَصِيفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَزَرِيُّ الْحَرَّانِيُّ4 -4- الْفَقِيهُ أَبُو عَوْنٍ الخضرمي - بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ -. مِنْ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ. رَأَى أَنَسًا وَسَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدًا وعكرمة وطبقتهم.   1 التاريخ الكبير "3/ 169"، وتهذيب التهذيب "3/ 113". 2 التاريخ الكبير "3/ 180"، وتهذيب التهذيب "3/ 139". 3 تهذيب التهذيب "3/ 93"، والجرح والتعديل "3/ 331"، والثقات "4/ 202". 4 تهذيب التهذيب "3/ 143"، وميزان الاعتدال "1/ 653"، والمعرفة والتاريخ "2/ 175". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 272 وعنه السفيانان وشريك وَعَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَمَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ وَمَعْمَرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سلمة وآخرون. قا النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ أَبُو حاتم: سيء الحفظ. وروى عتاب عن خصيف قال لي مجاهد: أَبَا عَوْنٍ أَنَا أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: خُصَيْفٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو فَرْوَةَ الرُّهَاوِيُّ: كَانَ خُصَيْفٌ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: كَانَ خصيف متمكنًا في الإرجاء. قال مُحَمَّدُ بْن الْمُثَنَّى: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ: مَاتَ بِالْعِرَاقِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. وقال عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ وَالْبُخَارِيُّ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَخَلِيفَةَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: كَانَ امْرَءًا صَالِحًا مِنْ صَالِحِي النَّاسِ. 64- خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَةَ الصَّنْعَانِيُّ1. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَشَقِيقِ بْنِ ثَوْرٍ. وعنه مَعْمَرٌ وَالْقَاسِمُ بْنُ فَيَّاضٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَأَثْنَى مَعْمَرٌ عَلَى حِفْظِهِ. 65- خَيْرُ بْنُ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ2 -م ن- قَاضِي مصر ثم قاضي برقة.   1 التاريخ الكبير "3/ 187"، وتهذيب التهذيب "3/ 173". 2 تهذيب التهذيب "3/ 179"، والجرح والتعديل "3/ 404"، والثقات "6/ 277"، وكتاب الولاة والقضاة "348". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 273 عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وعبد الله بن هبيرة السبأي. وعنه عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: مَا أَدْرَكْتُ فِي قُضَاةِ مِصْرَ أَفْقَهَ مِنْهُ. قُلْتُ: يَزِيدُ أَكْبَرُ مِنْهُ وَأَعْلَمُ. قِيلَ: توفي ينة سبع وثلاثين مائة. "حرف الدَّالِ": 66- دَاوُدُ بْنُ الْحُصَينِ أَبُو سُلَيْمَانَ1 -ع- الأموي مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. روى عن أَبِيهِ وَالأَعْرَجِ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أبي أحمد وغيرهم. وعنه مالك وابن إسحاق وجماعة. وهو صدوق له غرائب تنكر عليه. وثقه ابن معين وغيره مطلقا. وقال ابن المديني: ما روي عَنْ عِكْرِمَةَ فَمُنْكَرٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَوْلا أَنَّ مَالِكًا رَوَى عَنْهُ لَتُرِكَ حَدِيثُهُ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كُنَّا نَتَّقِي حَدِيثَهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ قَدَرِيًّا. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ قُدَامَةَ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وَمُبَارَكُ بْنُ الْمَعْطُوشِ أَنَّ هِبَةَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُمْ أنا الْحَسَنُ أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَبِي ثنا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: طَلَّقَ رُكَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَزِيدَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا, فَسَأَلَهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كَيْفَ طَلَّقْتَهَا"؟ قَالَ: طَلَّقْتُهَا ثَلاثًا قَالَ فَقَالَ: فِي "مَجْلِسٍ وَاحِدٍ"؟ - قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَإِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَرَاجِعْهَا إِنْ شِئْتَ". قال: فراجعها2.   1 التاريخ الكبير "3/ 231"، وتهذيب التهذيب "3/ 181". 2 إسناده صحيح: قاله الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد "2387"، وقد فصل الكلام حوله في كتابه الماتع "نظام الطلاق في الإسلام" "ص/ 27-38". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 274 فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى إِنَّمَا الطَّلاقُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ، وَهَذَا مِنْ غَرَائِبِ الإِفْرَادِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَان دَاوُدُ فَصِيحًا عَالِمًا وَيُتَّهَمُ بِرَأْيِ الْخَوَارِجِ وَعِنْدَهُ مَاتَ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. 67- دَاوُدُ بْنُ سُلَيْكٍ السَّعْدِيُّ1. عَنْ أَبِي سَهْلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ. وعنه بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ وَمِحْلَمُ بْنُ عِيسَى وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ. وَكَانَ إِمَامُ مَسْجِدِ مُغِيرَةَ بْنَ مِقْسَمٍ بِالْكُوفَةِ. 68- دَاوُدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ2 التَّمَّارُ الأَنْصَارِيُّ مولاهم المدني. عن أمه عَائِشَةَ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وعنه هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ - وابن جريح وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ: لا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. 69- دَاوُدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ سعد بن أبي وقاص3 -م د ت- الزهري المدني. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَهُوَ مُقِلٌّ، أَظُنُّهُ مَاتَ شَابًّا، وَهُوَ ثِقَةٌ. 70- دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن عَبَّاس4 -ت- الأمير أبو سليمان الهاشمي العباسي عَمُّ الْمَنْصُورِ وَالسَّفَّاحِ. وَلِيَ إِمْرَةَ الْحِجَازِ وَغَيْرِهَا للسفاح.   1 التاريخ الكبير "3/ 242"، وتهذيب التهذيب "3/ 186". 2 التاريخ الكبير "3/ 234"، وتهذيب التهذيب "3/ 188". 3 التاريخ الكبير "3/ 232"، وتهذيب التهذيب "3/ 194". 4 تهذيب التهذيب "3/ 194"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 206". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 275 وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَالأَوْزَاعِيُّ وَشَرِيكٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَيْسُ بن الربيع غيرهم. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: شَيْخٌ هَاشِمِيٌّ، قُلْتُ: كَيْفَ حَدِيثُهُ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ لَيْسَ بِكَذِبٍ إِنَّمَا يُحَدِّثُ بحدث وَاحِدٍ. قُلْتُ: يَعْنِي حَدِيثَ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ وَعَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ قَيْسٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ فِي الدُّعَاءِ. تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ وَلَيْسَ بِذَاكَ، وَقَيْسٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُمَا لا يَحْتَمِلانِ هَذَا الْمَتْنِ الْمُنْكَرِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ1. وَفِي الْخُلَفَاءِ وَآبَائِهِمْ وَأَهْلِهِمْ قَوْمٌ أَعْرَضَ أَهْلِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ عَنْ كَشْفِ حَالِهِمْ خَوْفًا مِنَ لسيف والضرب، وما زال هَذَا فِي كُلِّ دَوْلَةٍ قَائِمَةٍ يَصِفُ الْمُؤَرِّخُ مَحَاسِنَهَا وَيُغْضِي عَنْ مَسَاوِئَهَا، هَذَا إِذَا كَانَ الْمُحَدِّثُ ذَا دِينٍ وَخَيْرٍ فَإِنْ كَانَ مَدّاحًا مُدَاهِنًا لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْوَرَعِ بَلْ رُبَّمَا أخرج مساويء الْكَبِيرِ وَهَنَاتِهِ فِي هَيْئَةِ الْمَدْحِ وَالْمَكَارِمِ وَالْعَظَمَةِ فلا "حول ولا" قَوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. وَكَانَ دَاوُدُ هَذَا مِنْ جَبَابِرَةِ الأُمَرَاءِ لَهُ هَيْبَةٌ وَرِوَاءُ وَعِنْدَهُ أَدَبٌ وَفَصَاحَةٌ، وَقِيلَ: كَانَ قَدَرِيًّا. قَالَ أَبُو قِلابَةَ الرقاشي: عن جارود بن أبي الجارود والسلمي حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رَزِينٍ الْخُزَاعِيُّ سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ حِينَ بُويِعَ ابْنُ أَخِيهِ السَّفَّاحُ فَأَسْنَدَ دَاوُدُ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: شُكْرًا شُكْرًا إِنَّا وَاللَّهِ مَا خَرَجْنَا لِنَحْتَفِرَ نَهْرًا وَلا لِنَبْنِي قَصْرًا أَظَنَّ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَمْهَلَ لَهُ فِي طُغْيَانِهِ وَأَرْخَى لَهُ فِي زِمَامِهِ حَتَّى عَثُرَ فِي فَضْلِ خِطَامِهِ وَالآنَ أَخَذَ الْقَوْسَ بَارِيهَا وَعَادَ الْمُلْكُ إِلَى نِصَابِهِ فِي أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ أَهْلِ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ, وَاللَّهِ إِنَّ كُنَّا لَنَسْهَرُ لَكُمْ وَنَحْنُ عَلَى فُرُشِنَا أَمِنَ الأَسْوَدِ والأبيض ذمة الله ورسوله وذمة العباس، وها ورب هَذِهِ الْبِنْيَةِ لا نَهِيجُ أَحَدًا. ثُمَّ نَزَلَ. قَالَ خَلِيفَةُ: أَقَامَ دَاوُدُ الْحَجَّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ ثُمَّ مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ فِي ربيع الأول2.   1 قلت: وهذا الحديث الطويل والذي تفرد به عنه ابن أبي ليلى وهو ضعيف، وكذلك قيس ليس بحجة، رواه الترمذي في الجامع "3419"، وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 227". 2 راجع: تاريخ خليفة "404". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 276 وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَمَّا ظَهَرَ السَّفَّاحُ صَعِدَ لِيَخْطُبَ فَحُصِرَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَوَثَبَ عَمُّهُ دَاوُدُ بَيْنَ يَدَيِ الْمِنْبَرِ فَخَطَبَ وَذَكَرَ أَمَرَهُمْ وخُرُوجَهُمْ وَمَنَّى النَّاسَ وَوَعَدَهُمُ الْعَدْلَ فَتَفَرَّقُوا عَنْ خُطْبَتِهِ. ويقال: مولده سنة إحدى سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. 71- دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الأَوْدِيُّ الشَّامِيُّ1 -د- عَامِلُ مَدِينَةِ وَاسِطَ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا وَأَبِي سَلامٍ الأَسْوَدِ وَمَكْحُولٍ وَبِشْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وعنه هُشَيْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ وَخالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 72- دَاوُدُ بْنُ أَبِي هند2 -م4 خ ت- أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ دِينَارِ بْنِ عَذَافِرَ الْبَصْرِيُّ. مِنَ الْمَوَالِي، أَصْلُهُ مِنْ خُرَاسَانَ وَكَانَ مِنَ الأئمة والأعلام، وَيُقَالُ اسْمُ أَبِيهِ طَهْمَانُ، وَيُقَالُ: وَلاؤُهُ لِبَنِي قُشَيْرٍ، وَيُقَالُ: كُنْيَتُهُ أَبُو بَكْرٍ. روى عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ "م" وَأَبِي الْعَالِيَةَ "م ق" وَأَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ وَالشَّعْبِيِّ "م4" وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ "م ن" وَمَكْحُولٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ "م" وَجَمَاعَةٍ، وَرَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. وعنه شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهُشَيْمٌ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَخَلْقٌ، سَمِعَ مِنْهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ حَدِيثًا. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ قَالَ: قَالَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ: أَتَيْتُ الشَّامَ فَلَقِيَنِي غَيْلانُ فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسَائِلَ، قَالَ: سَلْنِي عَنْ خَمْسِينَ مَسْأَلَةً وَأَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ، قَالَ: سَلْ يَا دَاوُدُ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَفْضَلِ مَا أُعْطِيَ ابْنُ آدَمَ، قَالَ: الْعَقْلَ، قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْعَقْلِ مَا هُوَ شَيْءٌ مُبَاحٌ لِلنَّاسِ مَنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ أَوْ هُوَ مَقْسُومٌ - قَالَ فَمَضَى وَلَمْ يجبني3.   1 التاريخ الكبير "3/ 236"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 209". 2 التاريخ الكبير "3/ 231"، وميزان الاعتدال "2/ 11". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 521". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 277 ذَكَرَ كُنْيَتَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَعِينٍ وغيرهما: ثقة. وقال حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ مِنْ دَاوُدَ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: عَجَبًا لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ يَسْأَلُونَ عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ وَعِنْدَهُمْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ1. وَقَالَ وُهَيْبٌ: دَارَ الأَمْرُ بِالْبَصْرَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ: أَيُّوبَ وَيُونُسَ وَابْنِ عَوْنٍ وسليمان التميمي، فَقَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ. وقال ابن عيينة عن ابن جريح قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ إِنْ كَانَ لَيَقْرَعُ الْعِلْمَ قَرْعًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ فَقَالَ: مِثْلُ دَاوُدَ يُسْأَلُ عَنْهُ ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ صَالِحًا ثِقَةً خَيَّاطًا. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: كَانَ دَاوُدُ مُفْتِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ فَقَالَ: يَا فِتْيَانُ أُخْبِرُكُمْ لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ: كُنْتُ وَأَنَا غُلامٌ أَخْتَلِفُ إِلَى السُّوقِ فَإِذَا انْقَلْبَتُ إِلَى الْبَيْتِ جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَإِذَا بَلَغْتُ ذَلِكَ الْمَكَانَ جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَذُكْرَ اللَّهَ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا حَتَّى آتِي الْمَنْزِلَ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ يَقُولُ: صَامَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً لا يعلم به أهله كان خزارًا يَحْمِلُ مَعَهُ غِذَاءَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي الطَّرِيقِ وَيَرْجِعُ عِشَاءً فَيُفْطِرُ مَعَهُمْ2. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: ثنا سُفْيَانُ سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ يَقُولُ: أَصَابَنِي الطَّاعُونَ فَأُغْمِيَ عَلَيَّ فَكَأَنّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي فَغَمَزَ أَحَدُهُمَا عِكْوَةَ3 لِسَانِي وَغَمَزَ الآخَرُ أَخْمَصَ4 قَدَمَيَّ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ تَجِدُ؟ قَالَ: اجْدُ تَسْبِيحًا وَتَكْبِيرًا وَشَيْئًا مِنْ خَطْوٍ إلى   1 انظر المصدر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "6/ 521". 3 يعني بها أصل اللسان. 4 الأخمص: باطن القدم الذي يتجافى عن الأرض، والمعني: رفع باطنها من الأرض بعدما مسها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 278 الْمَسْجِدِ وَشَيْئًا مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، قَالَ: وَلَمْ أَكُنْ أَخَذْتُ الْقُرْآنَ حِينَئِذٍ قَالَ: فَكُنْتُ أَذْهَبُ فِي الْحَاجَةِ فَأَقُولُ: لَوْ ذَكَرْتُ اللَّهَ حَتَّى آت حَاجَتِي قَالَ: فَعُوفِيتُ فَأَقْبَلْتُ عَلَى الْقُرْآنِ فَتَعَلَّمْتُهُ. وَعَنْ دَاوُدَ قَالَ: اثْنَتَانِ لَوْ لَمْ يَكُونَا لَمْ يَنْتَفِعْ أَهْلُ الدُّنْيَا بِدُنْيَاهُمْ: الْمَوْتُ وَالأَرْضُ تُنَشِّفُ النَّدَى. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: دَخَلْتُ عَلَى دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ فَرَأَيْتُ ثِيَابَ بَيْتِهِ مُعْصَفَرَةً. قَالَ دَاوُدُ: وُلِدْتُ بِمَرْوٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالقَطَّانُ وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ وتسع وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ مَصْدَرَ النَّاسِ مِنَ الْحَجِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الرَّاءِ": 73- رَبَاحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ1 بْنِ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ. روى عن جَدَّتِهِ ابْنَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وعنه أَبُو ثِفَالٍ الْمُرِّيُّ وَصَدَقَةُ رَجُلٌ لَمْ يُنْسَبْ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: قُتِلَ مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ يَوْمَ نَهْرِ أَبِي فُطْرُسٍ. 74- الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ الْبَكْرِيِّ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -4-. نَزَلَ مَرْوَ هَارِبًا مِنَ الْحَجَّاجِ ثُمَّ تَحَوَّلَ فَسَكَنَ بِبَعْضِ الْقُرَى, فَلَمَّا ظَهَرَتْ دَعْوَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ تَغَيَّبَ فَوَقَعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فَسَمِعَ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ حُبِسَ بِمَرْوَ مُدَّةً. وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَعْطَيْتُ لِمَنْ أَدْخَلِني عَلَى الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ سِتِّينَ دِرْهَمًا. سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا العالية.   1 التاريخ الكبير "3/ 314"، وتهذيب التهذيب "3/ 234". 2 التاريخ الكبير "3/ 271"، وتهذيب التهذيب "3/ 238". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 279 وَلَهُ حَدِيثٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - وَلَمْ يُدْرِكْهَا - أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. روى عنه سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَالأَعْمَشُ - وَهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ - وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ وَجَابِرًا. وَرَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى الْحَسَنِ عَشْرَ سِنِينَ. بَقِيَ الرَّبِيعُ إِلَى سنة وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ وَرَوَى كَثِيرًا مِنَ التَّفْسِيرِ وَالْمَقَاطِيعِ. 75- الربيع بن أبي راشد1، الكوفي العباد أَخُو جَامِعٍ. كَانَ قَانِتًا خَاشِعًا ذَاكِرًا لِلآخِرَةِ. فَعَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ قَالَ: كَانَ كَأَنَّهُ مَخْمُورٌ مِنْ غَيْرِ شَرَابٍ. قُلْتُ: مَا رَوَى هذا شيئًا. 76- ربيعة الرائي2 -ع- هُوَ أَبُو عُثْمَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرحمن فروخ التيمي الْفَقِيهُ الْعَلَمُ مَوْلَى آلِ الْمُنْكَدِرِ مُفْتِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَشَيْخُهُمْ. روى عن أَنَسٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَحَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَشُعْبَةُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ رَبِيعَةُ صَاحِبَ الْفُتْيَا بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ وُجُوهُ النَّاسِ وَيَحْضُرُ مَجْلِسَهُ أَرْبَعُونَ مُعْتَمًّا وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ مَالِكٌ3. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ رَبِيعَةُ ثِقَةً وكانوا يتقونه للرأي.   1 التاريخ الكبير "3/ 273"، الجرح والتعديل "3/ 461". 2 تهذيب التهذيب "3/ 258"، والجرح والتعديل "3/ 475". 3 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 321". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 280 وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ رَبِيُعةُ حَافِظًا لِلْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ أَقْدَمَهُ السَّفَّاحُ الأَنْبَارَ لِيُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ الدِّينَوَرِيُّ1 صَاحِبُ "الْمُجَالَسَةِ" وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَشْيَخَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ فَرُّوخًا وَالِدُ رَبِيعَةَ خَرَجَ فِي الْبُعُوثِ إِلَى خُرَاسَانَ أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ غَازِيًا وَرَبِيعَةُ حَمْلٌ فَخَلَفَ عِنْدَ الزَّوْجَةِ ثَلاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ ثُمَّ دفع الباب برمحه فخرج ربيعة فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَتَهْجُمْ عَلَى مَنْزِلِي! وَقَالَ فَرُّوخُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَنْتَ رَجُلٌ دَخَلْتَ عَلَى حُرْمَتِي، فَتَوَاثَبَا وَاجْتَمَعَ الْجِيرَانُ وَجَعَلَ رَبِيَعَةَ يَقُولُ: لا وَاللَّهِ لا فَارَقْتُكَ إِلَى السُّلْطَانِ، وَجَعَلَ فَرُّوخُ يَقُولُ كَذَلِكَ وَكَثُرَ الضَّجِيجُ, فَلَمَّا بَصَرُوا بِمَالِكٍ سَكَتَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَقَالَ مَالِكٌ: أَيُّهَا الشَّيْخُ لَكَ سِعَةٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الدَّارُ، فَقَالَ: هِيَ دَارِي وَأَنَا فَرُّوخُ مَوْلَى بَنِي فُلانَ، فَسَمِعَتِ امْرَأَتُهُ كَلامَهُ فَخَرَجَتْ وَقَالَتْ: هَذَا زَوْجِي وَقَالَتْ لَهُ: هَذَا ابْنُكَ الَّذِي خَلَّفْتَهُ وَأَنَا حَامِلٌ، فَاعْتَنَقَا جَمِيعًا وَبَكَيَا وَدَخَلَ فَرُّوخُ الْمَنْزِلَ وَقَالَ: هَذَا ابْنِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخْرِجِي الْمَالَ وَهَذِهِ أَرْبَعَةُ آلافِ دِينَارٍ مَعِي، قَالَتْ: إِنِّي قَدْ دَفَنْتُهُ وَسَأُخْرِجُهُ. وَخَرَجَ رَبِيعَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَجَلَسَ فِي حَلْقَتِهِ وَأَتَاهُ مَالِكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيُّ وَالأَشْرَافُ فَأَحْدَقُوا بِهِ فَقَالَتِ امْرَأَةُ فَرُّوخَ: اخْرُجْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلِّ فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَى حَلْقَةٍ وَافِرَةٍ فَأَتَى فَوَقَفَ فَفَرَجُوا لَهُ قَلِيلا وَنَكَسَ رَبِيعَةُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ، وَعَلَيْهِ طَوِيلَةٌ فَشَكَّ فِيهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا رَبِيعَةُ. فَرَجَعَ وَقَالَ لِوَالِدَتِهِ: لَقَدْ رَأَيْتُ وَلَدَكِ فِي حَالَةٍ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ ثَلاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ أَوْ هَذَا الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنَ الْجَاهِ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ إِلا هَذَا، قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَنْفَقْتُ الْمَالَ كُلَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا ضَيَّعْتِيهِ. قُلْتُ: حِكَايَةٌ مُعْجِبَةٌ لَكِنَّهَا مَكْذُوبَةٌ لِوُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّ رَبِيعَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَلَقَةٌ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً, بَلْ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ شُيُوخَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ ابْنُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً كَانَ مَالِكُ فَطِيمًا أَوْ لم يوبد بعد.   1 انظر المصدر السابق "6/ 322، 323". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 281 والثالث: أَنَّ الطُّوَيْلَةَ لَمْ تَكُنْ خَرَجَتْ لِلنَّاسِ وَإِنَّمَا أَخْرَجَهَا الْمَنْصُورُ فَمَا أَظُنُّ رَبِيَعَةَ لَبِسَهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ لَبِسَهَا فَيَكُونُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً لا شَابًّا. الرَّابِعُ: كَانَ يَكْفِيهِ فِي السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ سَنَةً أَلْفَ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ قَدْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: مَكَثَ رَبِيعَةُ دَهْرًا طَوِيلا يُصَلِّي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ثُمَّ نَزَعَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ جَالَسَ الْعُلَمَاءَ فَجَالَسَ الْقَاسِمَ فَنَطَقَ بِلُبٍّ وَعَقْلٍ فَكَانَ الْقَاسِمُ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ: سَلُوا هَذَا - لِرَبِيعَةَ - وَصَارَ رَبِيعَةُ إِلَى فِقْهٍ وَفَضْلٍ وَعَفَافٍ وَمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ أَسْخَى مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُحَدِّثُنَا فَإِذَا طَلَعَ رَبِيعَةُ قَطَعَ يَحْيَى حَدِيثَهُ إِجْلالا لَهُ وَإِعْظَامًا. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَا رَأَيْتُ أَفْطَنَ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَالَ لِي عبيد بْنُ عُمَرَ: رَبِيعَةُ صَاحِبُ مُعْضِلاتُنَا وَعَالِمُنَا وَأَفْضَلُنَا. وَقَالَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَاضِي الْبَصْرَةِ: مَا رَأَيْتُ قَطُّ مِثْلَ رَبِيعَةَ قُلْتُ: وَلا الْحَسَنَ وَلا ابْنَ سِيرِينَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ الزُّهْرِيُّ الْمَدِينَةَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَبِيعَةَ وَدَخَلا الْمَنْزِلَ فَمَا خَرَجَا إِلَى الْعَصْرِ، وَخَرَجَ ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ يَقُولُ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ بِالْمَدِينَةِ مِثْلَ رَبِيعَةَ وَخَرَجَ رَبِيعَةُ وَهُوَ يَقُولُ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: اللَّيْثُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى مَالِكٍ: ثُمَّ اخْتَلَفَ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَهُمْ وَحَضَرْنَاهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا وَرَأْسُهُمْ فِي الْفُتْيَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ, فَكَانَ مِنْ خِلافِ رَبِيعَةَ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ لِبَعْضِ مَا مَضَى وَحَضَرْتُ وَسَمِعْتُ قَوْلَكَ فِيهِ وَقَوْلَ ذِي السِّنِّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَكَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ حَتَّى اضْطَرَّكَ مَا كَرِهْتَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى فِرَاقِ مَجْلِسِهِ وَذَاكَرْتُكَ أَنْتَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَعْضَ مَا تَعِيبُ عَلَى رَبِيعَةَ وَكُنْتُمَا مُوَافِقِينَ فِيمَا أَنْكَرْتُ تَكْرَهَانِ مِنْهُ مَا أَكْرَهُ, وَمَعَ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ عِنْدَ ربيعة أثر كثير وعقل أصيل لسان بَلِيغٌ وَفَضْلٌ مُسْتَبِينٌ وَطَرِيقَةٌ حَسَنَةٌ فِي الإِسْلامِ وَمَوَدَّةٌ صَادِقَةٌ لِإِخْوَانِهِ فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ وَجَزَاهُ بِأَحْسَنِ عَمَلِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 282 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ثنا عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُسَ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي مَجْلِسِ رَبِيعَةَ فَكَانَ مَجْهُودُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَفْهَمَ مَا يَقُولُ رَبِيعَةَ. وَرَوَى مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَخِي يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّ رَجُلا سَأَلَهُ عَنْ بَوْلِ الْحِمَارِ فَقَالَ ابْنُ هُرْمُزٍ: نَجِسٌ قَالَ: فَإِنَّ رَبِيعَةَ لا يَرَى بِهِ بَأْسًا، قَالَ: لا عَلَيْكَ أَنْ لا تذكر مساويء ربيعة, فلربما تكلمنا في المسألة نخالفه فِيهَا ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ بَعْدَ سَنَةٍ1. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: لا يَنْبَغِي أَنْ نَتْرُكَ الْعَمَائِمَ وَلَقَدِ اعْتَمَمَتُ وَمَا فِي وَجْهِي شَعْرَةٌ وَلَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ رَبِيعَةَ بِضْعَةٌ وَثَلاثِينَ مُعْتَمًّا. قُلْتُ: وَرَبِيعَةُ مُجْمَعٌ عَلَى تَوْثِيقِهِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ: لَمَّا جِئْتُ إِلَى الْعِرَاقِ جَاءَنِي أَهْلُهَا فَقَالُوا: حَدَّثَنَا عَنْ رَبِيعَةَ الرَّائِيِّ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ تَقُولُونَ هَذَا وَلا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحْوَطَ لِسُنَّةٍ مِنْهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَبِيعَةُ أَعْجَلَ شَيْءٍ فُتْيَا وَأَعْجَلَ جَوَابًا وَكَانَ يَقُولُ: مَثَلُ الَّذِي يَعْجَلُ بِالْفُتْيَا قَبْلَ أَنْ يَتَثَبَّتَ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْخُذُ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ لا يَدْرِي مَا هُوَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: بَكَى رَبُيعَةُ يَوْمًا فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: رِيَاءٌ2 حَاضِرٌ وَشَهْوَةٌ خَفِيَّةٌ وَالنَّاسُ عند علمائهم كصبيان في جحور أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أَمَرُوهُمُ ائْتَمَرُوا وَإِنْ نُهُوا انْتَهَوْا. وقال ضمرة عن رجاء بن جميل قَالَ: قَالَ رَبِيعَةُ: إِنِّي رَأَيْتُ الرَّأْيَ أَهْوَنَ عَلَى مَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ الأُوَيْسِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَبيَعَةُ يَقُولُ لِلزُّهْرِيِّ: إِنَّ حَالِي لَيْسَتْ تُشْبِهُ حَالَكَ قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: أَنَا أَقُولُ بِرَأْيٍ مَنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ وَأَنْتَ تُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- فيحفظ. قال ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَخْبَرَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ لِي ربيعة: يا مالك إني خراج إِلَى الْعِرَاقِ وَلَسْتُ مُحَدِّثُهُمْ حَدِيثًا وَلا مُفْتِيهِمْ عَنْ مَسْأَلَةٍ، قَالَ مَالِكٌ: فَوَفَّى مَا حَدَّثَهُمْ ولا افتاهم.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 324". 2 يعني نفاق حاضر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 283 وَقَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى قَوْمٍ نُفَاةٍ لِلْقَدَرِ فَقَالَ مَا مَعْنَاهُ: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَلَمَا فِي أَيْدِيكُمْ أَعْظَمُ مِمَّا فِي يَدِي رَبِّكُمْ إِنْ كَانَ الْخَيْر وَالشَّرُّ بِأَيْدِيكُمْ. قَالَ: وَقَفَ غَيْلانُ عَلَى رَبِيعَةَ وَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُعْصَى؟ فَقَالَ: وَيْلُكَ يَا غَيْلانُ أنت تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُعْصَى قَسْرًا. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قِيلَ لِرَبِيعَةَ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ: الاسْتِوَاءُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَعَلَيْنَا وَعَلَيْكَ التَّسْلِيمُ. هَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ وَالظَّاهِرُ سُقُوطُ شَيْءٍ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ عَنْهُ بِإِسْنَادَيْنِ أَنَّهُ أَجَابَ فَقَالَ: الاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَمِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا التَّصْدِيقُ، وَمِثْلُهُ مَشْهُورٌ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ. وَصَحَّ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ: الْعِلْمُ وَسِيلَةٌ إِلَى كُلِّ فَضِيلَةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: قَدِمَ رَبِيعَةُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنيِنَ فَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ يَشْتَرِي بِهَا جَارِيَةً فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا. وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ رَبِيعَةَ أَنْفَقَ عَلَى إِخْوَانِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُ إِخْوَانِهِ فِي إِخْوَانِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ: قَالَ رَبِيعَةُ: الْمُرُوءَةُ سِتُّ خِصَالٍ: ثَلاثَةٌ فِي الْحَضَرِ: تِلاوَةُ الْقُرْآنِ وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَاتِّخَاذُ الإِخْوَانِ فِي اللَّهِ، وَثَلاثَةٌ فِي السَّفَرِ: بَذْلُ الزَّادِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَالْمِزَاحِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَزَلْ أَمْرُ النَّاسِ مُعْتَدِلا مُسْتَقِيمًا حَتَّى ظَهَرَ الْبَتِّيُّ بِالْبَصْرَةِ وَرَبِيعَةُ بِالْمَدِينَةِ وَآخَرُ بِالْكُوفَةِ فَوَجَدْنَاهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ سَبَايَا الأُمَمِ فَذَكَرَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بِإِسْنَادٍ لَهُمْ يَضْبِطُهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُعْتَدِلا مُسْتَقِيمًا حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ أَبْنَاءُ سَبَايَا الأُمَمِ"1. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ وَزِيرٍ ثنا الشَّافِعِيُّ ثنا سُفْيَانُ قَالَ: كُنَّا إِذَا رَأَيْنَا رَجُلا مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ يَغْشَى أَحَدَ ثَلاثَةٍ ضَحِكْنَا مِنْهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لا يُتْقِنُونَ   1 حديث ضعيف: أخرجه ابن ماجه في سننه "56"، وضعفه الألباني في الضعيفة "4336"، وضعيف ابن ماجه "9". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 284 الْحَدِيثَ وَلا يَحْفَظُونَهُ: رَبِيعَةُ الرَّائِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ الْحِزَامِيُّ: نا مُطَرِّفٌ عَنِ ابْنِ أَخِي يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن هُرْمُزٍ: قَالَ رَأَيْتُ رَبِيعَةَ جُلِدَ وَحُلِقَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ فَنَبَتَتْ لِحْيَتُهُ مُخْتَلِفَةً شِقٌّ أَطْوَلُ مِنَ الآخَرِ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ لَوْ سَوَّيْتَهُ، قَالَ: لا حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ مَعَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحِزَامِيُّ: فَكَانَ سَبَبُ جَلْدِهِ سِعَايَةَ أَبِي الزِّنَادِ سَعَى بِهِ فَوَلِيَ بَعْدَ فُلانٍ التَّيْمِيِّ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ فَأَدْخَلَهُ بَيْتًا وَطَيَّنَ عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ جُوعًا فَبَلَغَ ذَلِكَ رَبِيَعَةَ فَجَاءَ إِلَى الْوَالِي وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَاسْتَطْلَقَهُ وَقَالَ: سأحاكمه إِلَى اللَّهِ. قَالَ مُطَرِّفٌ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: ذَهَبَتْ حَلاوَةُ الْفِقْهِ مُنْذُ مَاتَ رَبِيعَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَبِيعَةُ يَتَحَدَّثَ كَثِيرًا وَيَقُولُ: السَّاكِتُ بَيْنَ النَّائِمِ وَالأَخْرَسِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ يَوْمًا وَطَوَّلَ, فَقَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ مَا الْبَلاغَةُ عِنْدَكُمْ؟ قَالَ: الإِيَجازُ وَإِصَابَةُ الْمَعْنَى، قَال: فَمَا الْعِيُّ؟ قَالَ: مَا أَنْتَ فِيهِ، فَخَجِلَ رَبِيعَةُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَاتَ رَبِيعَةُ بِالأَنْبَارِ فِي مَدِينَةِ السَّفَّاحِ وَكَانَ جَاءَ بِهِ لِلقْضَاءِ. قَالَ خَلِيفَةُ وجماعة: مات سنة وست وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 77- رَقَبَةُ بْنُ مَصْقلَةَ1 -خ م د ت ن- أبو عبد الله العبدي الكوفي. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَنْ عَطَاءٍ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَعَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَغَيْرِهِمْ. وعنه رَفِيقُهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً مُفَوَّهًا يُعَدُّ مِنْ رِجَالاتِ الْعَرَبِ. 78- رُكَيْنُ بن الربيع بن عميلة الفزاري2 -م4- أبو الربيع الكوفي. عَنْ أَبِيهِ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -إِنْ صَحَّ- وأبي الطفيل ونعيم بن حنظلة وجماعة.   1 تاريخ أبي زرعة "1/ 506"، والجرح والتعديل "3/ 522"، والمشاهير "167". 2 التاريخ الكبير "3/ 330"، والتاريخ لابن معين "2/ 167". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 285 وعنه زَائِدَةُ وَشُعْبَةُ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. "حرف الزيِن": 79- زَبَّانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ1 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ. أَخُو أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ، كَانَ أَحَدَ فِرْسَانِ مِصْرَ الْمَذْكُورِينَ. روى عن أَخِيهِ وَأَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَام. وعنه الأَوْزَاعِيُّ ولليث وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدُ مَنْ فَرَّ مِنَ الْمُسَوِّدَةِ تَقَنْطَرَ بِهِ فَرَسُهُ لَيْلَةَ قَتَلُوا مَرْوَانَ بِبُوصِيرَ فَسَقَطَ فَذَبَحُوهُ وَذَلِكَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 80- الزُّبَيْرُ بن عدي الهمذاني اليامي2 -ع- أبو عدي الكوفي. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَالْحَارِثِ الأَعْوَرِ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ. وعنه مِسْعَرٌ وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَبِشْرُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَكَانَ فَاضِلا صَاحِبَ سُنَّةٍ وَلِيَ قَضَاءَ الرَّيِّ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنْ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ وَكَانَ مَعَ قُتَيْبَةَ بْن مُسْلِمٍ وَكَانَ يَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: اتَّقِ اللَّهَ لا تَقْتُلْ مَعَ قُتَيْبَةَ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 81- زُرْعَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ3. عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وعنه عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شعيب بن شابور وغيرهم.   1 التاريخ الكبير "3/ 444"، والجرح والتعديل "3/ 616". 2 التاريخ الكبير "3/ 410"، وتهذيب التهذيب "3/ 317". 3 التاريخ الكبير "441"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 250". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 286 قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُتِلَ زُرْعَةُ يَوْمَ دُخُولِ الْمُسَوِّدَةِ دِمَشْقَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 82- زَنْكَلُ بْنُ عَلِيٍّ الْعُقَيْلِيُّ الرَّقِّيُّ1. عن أم الدرداء وعمر بن عبد العزيز وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وعنه جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَأَبُو الْمُلَيْحِ الرَّقِّيَّانِ. لَمْ يُضَعَّفْ. 83- زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ2 الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ أَبُو عُقَيْلٍ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ. روى عن جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ وَسَعِيدُ بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَآخِرُ مَنْ روى عنه رِشدِينُ بْنُ سَعْدٍ. وَكَانَ عَبْدًا صَالِحًا. قَالَ الدَّارِمِيُّ: زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ مِن الأَبْدَالِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. تُوُفِّي سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ: لِجَدِّهِ صُحْبَةٌ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَنْبَأَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ أَخْبَرَنِي زُهْرَةُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: أَيْنَ تَسْكُنْ؟ قَالَ: قُلْتُ: بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ: أُفٍّ تَسْكُنُ الْخَبِيثَةَ الْمُنْتِنَةَ وَتَذَرُ الطَّيِّبَةُ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَإِنَّكَ تُجْمَعُ بِهَا دُنْيَا وَآخِرَةَ طَيِّبَةُ الْمَوْطِأِ وَدِدْتُ أَنَّ قَبْرِي يَكُونُ بِهَا، وَرَوَى نَحْوًا مِنْهُ ضمام بن إسماعيل عن زهرة.   1 راجع: تهذيب ابن عساكر "5/ 387". 2 التاريخ الكبير "3/ 443"، وتهذيب التهذيب "3/ 341". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 287 84- زِيَادُ بْنُ بَيَانٍ الرَّقِّيُّ1 -د ق-. عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ. وعنه أَبُو الْمُلَيْحِ الرَّقِّيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. 85- زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ الْمُزَنِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -د-. عَنْ أبي نعامة قيس بن عبابة وَعِكْرِمَةَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وعنه شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 86- زَيْدُ بْنُ أسلم3 -ع- أبو عبد الله العدوي المدني مَوْلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِيهِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه بَنُوهُ: أُسَامَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ عَجْلانَ ومالك ويعمر وهمام وابن جريح وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَالسُّفْيَانَانِ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَهِشَامُ بُن سَعْدٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ وَخَلْقٌ. وَكَانَتْ لَهُ حَلَقَةٌ لِلْعِلْمِ بِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَرِوَايَتِهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْسَبُ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ، وَكَانَ أَحَدُ مَنْ أَقْدَمَهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ يَسْتَفْتِيهِمْ فِي الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ هَلْ يُعْتَبَرُ. قَالَ مَالِكٌ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ: مَا هِبْتُ أَحَدًا هَيْبَتِي زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ. قَالَ عَبَّاسُ الدُّورِيُّ: قَالَ لَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلا مِنْ جَابِرٍ.   1 التاريخ الكبير "3/ 346"، وتقريب التهذيب "1/ 260". 2 التاريخ الكبير "3/ 371"، وتهذيب التهذيب "3/ 383". 3 التاريخ الكبير "3/ 387"، والصغير "2/ 32- 40". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 288 ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: جَدِّي أَسْلَمُ لَمَّا وُلِدَ لِي زَيْدٌ قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: مَا سَمَّيْتُ ابْنَكَ؟ قُلْتُ: زَيْدُ، قَالَ: بِأَيِّ الزَّيْدَيْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَمْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ؟ قُلْتُ: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَكَنَّيْتُهُ بِكُنْيَتِهِ، قَالَ: أَصَبْتَ وَكُنْيَتُهُ أَبُو أُسَامَةَ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ثِقَةٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَعْدٍ شَيْئًا. وقال جماعة عَنِ الْعَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِحَدِيثٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا أُسَامَةَ عَمَّنْ هَذَا؟ قَالَ: يَا بْنَ أَخِي مَا كُنَّا نُجَالِسُ السُّفَهَاءَ وَلا نَحْمِلُ عَنْهُمْ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: وَزَيْدٌ ثِقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ عَالِمٌ بِتَفْسِيرِ الْعِرَاقِ لَهُ فِيهِ كِتَابٌ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ أَكُنْتُمْ تَتَقَايَسُونُ فِي مَجْلِسِ رَبِيعَةَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا مَجْلِسُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا إِلا أَنْ يَكُونَ هو يبتديء شَيْئًا يَذْكُرُهُ. ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ أَبِي لَهُ جُلَسَاءُ فَرُبَّمَا أَرْسَلَنِي إِلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ فَيُقَبِّلُ رَأْسِي وَيَمْسَحُهُ وَيَقُولُ: وَاللَّهِ لأَبُوكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي وَاللَّهِ لَوْ خَيَّرَنيِ اللَّهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ أَوْ بِهِمْ لاخْتَرْتُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِمْ وَيَبْقَى لِي زَيْدٌ. وَقَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا فِي مَجْلِسِ أَبِيكَ أَرْبَعِينَ حَبْرًا فَقِيهًا أَدْنَى خَصْلَةً مِنَّا التَّوَاسِي بِمَا فِي أَيْدِينَا مَا رؤي فينا متماريين وَلا مُتَنَازِعِينَ فِي حَدِيثٍ لا يَنْفَعُ، وَكَانَ أَبُو حَازِمٍ يَقُولُ: لا يُرِينِي اللَّهُ يَوْمَ زَيْدٍ وَقَدِّمْنِي بَيْنَ يَدَيْ زَيْدٍ, قَالَ: فَأَتَاهُ نَعْيُ زَيْدٍ فَعَقَرَ فَمَا قَامَ وَلا شَهِدَهُ. ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَال: يَعْقُوبُ بْنُ الأَشَجِّ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ لَيْسَ مِنَ الْخَلْقِ أَحَدٌ آمَنُ عَلَيَّ مِنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ اللَّهُمَّ فَزِدْ فِيَّ مِنْ أَعْمَارِ النَّاسِ وَابْدَأْ بِي. فَرُبَّمَا قَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: أَرَأَيْتَ طَلَبْتَ حَيَاتِي لِي أَوْ لِنَفْسِكَ قَال: لِنَفْسِي قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ تَمُنُّ عَلَيَّ فِي شَيْءٍ طَلَبْتُهُ لِنَفْسِكَ. يَعُقوُبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ: ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ وَلا كَمَا قَالَتِ الْمَلائِكَةُ وَلا كَمَا قَالَ النَّبِيُّونَ وَلا أَهْلُ الْجَنَّةِ وَلا النَّارِ وَلا كَمَا قَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ، قَالَ اللَّهُ {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] وَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ: {لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32] وَقَالَ شُعَيْبٌ: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 289 {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [الأعراف: 9] وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] وَقَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الأعراف: 16] . وَرَوَى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: اسْتَغْنِ بِاللَّهِ عَمَّنْ سِوَاهُ وَلا يَكُونَنَّ أَحَدٌ أَغْنَى مِنْكَ بِاللَّهِ وَلا يَكُنْ أَحَدٌ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنْكَ وَلا تُشْغِلَنَّكَ نِعَمُ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ عَنْ نِعْمَتِهِ عَلَيْكَ وَلا تُشْغِلَنَّكَ ذُنُوبُ الْعِبَادِ عَنْ ذُنُوبِكَ وَلا تُقَنِّطِ الْعِبَادَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَتَرْجُوهَا لِنَفْسِكَ. ابْنَ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقوُل: يَا بُنَيَّ لا تُعْجِبْكَ نَفْسَكَ وأنت لا تَشَاءُ أَنْ تَرَى مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مِنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ إِلا رَأَيْتَهُ. وَقَالَ ابْنُ الطَّبَّاعِ: ثنا حَمَّادُ بن زيد قال: قدمت المدينة وَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَقُلْتُ. لعبيد الله: ما تقول في مولاكم؟ قَالَ: مَا نَعْلَمُ بِه بَأْسًا إِلا أَنَّهُ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِرَأْيِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ زَيْدُ يُحَدِّثُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَإِذَا سَكَتَ لا يجتريء عَلَيْهِ إِنْسَانٌ وَكَانَ يَقُولُ: ابْنَ آدَمَ اتَّقِ اللَّهَ يُحِبُّكَ النَّاسُ وَإِنْ كَرِهُوا. وَكَانَ أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَنْظُرُ إِلَى زَيْدٍ فَأَذْكُرُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ الْقُوَّةَ عَلَى عِبَادَتِكَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَجْلِسُ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَكَلِّمُوهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا يَجْلِسُ الرَّجُلَ إِلَى مَنْ يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ1. قُلْتُ: مَنَاقِبُ زَيْدٍ كَثِيرَةٌ، وَتَبَادَرَ ابْنُ عَدِيٍّ بِإِيرَادِهِ فِي كَامِلِهِ وَقَالَ: هُوَ مِنَ الثِّقَاتِ مَا امْتَنَعَ أَحَدٌ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: سَنَةَ ثَلاثٍ. 87- زَيْدُ بْنُ الْحَوَارِيِّ2 -4- الْعَمِّيُّ الْبَصْرِيُّ أَبُو الْحَوَارِيِّ قَاضِي هُرَاةَ، وَهُوَ مَوْلَى زِيَادِ ابْنِ أبيه.   1 قاله البخاري في التاريخ الكبير "3/ 387". 2 التاريخ الكبير "3/ 392"، وتهذيب التهذيب "3/ 407". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 290 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابناه عبد الرحيم وعبد الرَّحْمَنِ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَعَلَّ شُعْبَةَ لَمْ يَرْوِ عَنْ أَضْعَفَ مِنْهُ، ثُمَّ سَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عِدَّةَ أَحَادِيثَ تُنْكَرُ. وَقَالَ النسائي: ضعيف. وقال الدارقطي: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ: مُتَمَاسِكٌ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لُقِّبَ بِالْعَمِّيِّ لِكَوْنِهِ كَانَ كُلَّمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ عَمِّي. 88- زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ الْجَزَرِيُّ1. عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَحَرَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حَرَامٍ. وعنه مَعْمَرٌ وَالْمَسْعُودِيُّ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي الدُّنْيَا النَّصِيبِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَةُ أَحْمَدُ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. وَلَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ. 89- زَيْدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ2، مَوْلَى أُمِّ حَبِيبَةَ. أَرْسَلَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمُعَاوِيَةَ وَروى عن أَبِي سَلَمَةَ وَأُسَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وعنه مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الله بن المنتشر ونوح بن أَبِي بِلالٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. 90- زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ القرشي الدمشقي3 -خ د ن ق- أبو عمرو.   1 التاريخ الكبير "3/ 394"، ميزان الاعتدال "2/ 103" وغيرهما. 2 التاريخ الكبير "3/ 401"، والجرح والتعديل "3/ 571" وغيرهما. 3 التاريخ الكبير "3/ 407"، وتهذيب التهذيب "3/ 426"، والمشاهير "179" وغيرهم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 291 روى عن بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَحَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ. وعنه صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخَشَنِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَمِيعٍ وَغَيْرُهُمْ. رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: أَنَا رَأَيْتُ الرَّأْسَ الَّذِي يُقَالُ إِنَّهُ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلامُ طَرِيًّا كَأَنَّمَا قُتِلَ السَّاعَةَ1. قَال أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ، وَقَدْ رُمِيَ بِالْقَدَرِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ هِشَامُ بن عمارة: ثنا صدقة بن خالد ثنا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يُقَالُ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا لَوْ رَأَوْا خِيَارَكُمْ لَقَالُوا: مَا لِهَؤُلاءِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلاقٍ، وَلَوْ رَأَوْا شِرَارَكُمْ لَقَالُوا: مَا يُؤْمِنُ هَؤُلاءِ بِيَوْمِ الْحِسَابِ. "حَرْفُ السِّينِ": 91- سَالِمُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ أَبُو يُونُسَ الْكُوفِيُّ2 -ت-. رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ وَسَمِعَ أَبَا حَازِمٍ الأَشْجَعِيَّ وَالشَّعْبِيَّ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيَّ وَمُنْذِرًا الثَّوْرِيَّ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْفَلاسُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ مُفْرِطٌ فِي التَّشَيُّعِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ لِسَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ: أَنْتَ قَتَلْتَ عُثْمَانَ، فَجَزِعَ وَقَالَ: أَنَا! قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّكَ تَرْضَى بِقَتْلِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ أَحْمَقَهَا وهو   1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 467". 2 التاريخ الكبير "4/ 111"، وتهذيب التهذيب "3/ 433". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 292 يَقُولُ: لَبَّيْكَ قَاتِلُ نَعْتَلٍ لَبَّيْكَ مُهْلِكَ بَنِي أُمَيَّةَ. يَعْنِي بِقَوْلِهِ فِي الطَّوَافِ. وَرَوَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ رَآهُ يَطُوفُ وَيَقُولُ ذَلِكَ فَأَجَازَهُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ بِأَلْفِ دِينَارٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عِيبَ عَلَيْهِ الْغُلُوُّ فِي التَّشَيُّعِ وَأَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. 92- سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيُّ الدَّارَانِيُّ1. قَاضِي دِمَشْقَ، وَلاهُ عَبْدُ الله بن عَلِيٍّ. روى عن مُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ وَغَيْرِهِمَا. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُرِّيُّ. وَهُوَ مُقِلٌّ وثقه الفسوي. 93- سالم بن عجلان2 -خ د ن ق- أبو محمد الأموي مَوْلاهُمُ الْجَزَرِيُّ الْحَرَّانِيُّ الأَفْطَسُ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالزُّهْرِيِّ. وعنه سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَمَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ مرجيء. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ حَدِيثًا. 94- سَدِيرُ بْنُ حَكيِمِ3 بْنِ صُهَيْبٍ أَبُو الْفَضْلِ الصَّيْرَفِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ عُكْرِمَةَ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَهُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَوَلَدُهُ حَنَانُ بُنْ سَدِيرٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صالح الحديث.   1 تهذيب ابن عساكر "6/ 57"، والجرح والتعديل "4/ 185" وغيرهما. 2 التاريخ الكبير "4/ 117"، تهذيب التهذيب "3/ 441". 3 ميزان الاعتدال "2/ 116"، والجرح والتعديل "4/ 323" وغيرهما. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 293 95- السَّرِيُّ الْكُوفِيُّ1 -ق- ابْنُ عَمِّ الشَّعْبِيِّ. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وعنه جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. 96- سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ2. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَسَيُعَادُ. 97- سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ3 -4- أَبُو حَفْصَ الأَسْلَمِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي الْقَيْنِ وَسَفِينَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَمُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ. وعنه الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَشْرَجُ بْنُ نُبَاتَةَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ التَّنُورِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَذَكَرَ حَشْرَجُ عَنْهُ أَنَّهُ لقي سفينة في ولاية الحجاج ببطن مخلة فَبَقِيَ عِنْدَهُ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 98- سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ4 بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ خَارِجَةَ. وعنه الزُّهْرِيُّ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعُقَيْلٌ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَمَاتَ كَهْلا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ سَعِيدًا كَانَ فَاضِلا عَابِدًا أُرِيدَ على قضاء المدينة   1 التاريخ الكبير "4/ 176"، وتهذيب التهذيب "3/ 459". 2 راجع المشاهير "136". 3 التاريخ الكبير "3/ 462"، وتهذيب التهذيب "4/ 14". 4 التاريخ الكبير "3/ 481"، وتهذيب التهذيب "4/ 242". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 294 وَأُكْرِهَ فَكَانَ أَوَّلُ مَا قَضَى بِهِ عَلَى الأَمِيرِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيِّ وَالِي الْمَدِينَةِ فَأَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ مَالا عَظِيمًا لِلْفُقَرَاءِ فَقَسَّمَهُ، فَعُزِلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ لِذَلِكَ فَقَالَ لِسَعِيدٍ أَصْحَابُهُ: قَضِيَّتُكَ هَذِهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ مَالٍ عَظِيمٍ لَوْ تَصَدَّقَتْ بِهِ. 99- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو1 بْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ، الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود. وعنه يونس بن أبي إسحاق وَالْمَسْعُودِيُّ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ: صَدُوقٌ. 100- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ2 الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيُّ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهِ سَعْدًا. سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ. وعنه عبيد الله بن عمرو وَمَالِكٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 101- سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ اللَّيْثِيُّ3 -ع- مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ أَبُو الْعَلاءِ. أَحَدُ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ وَنُعَيْمٍ الْمُجَمِّرِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ وَقَتَادَةَ وَنَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ. وَأَرْسَلَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ. وعنه خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَعُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِنَّمَا أَكْثَرَ اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْهُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ: وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وثلاثين ومائة.   1 التاريخ الكبير "3/ 500"، والجرح والتعديل "4/ 49". 2 التاريخ الكبير "3/ 499"، والمشاهير "128". 3 تقريب التهذيب "1/ 298"، وطبقات ابن سعد "7/ 514". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 295 102- سعيد بن يزيد بن مسلمة1 -ع- أبو مسلمة الطاحي البصري القصير. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَأَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ الشِّخِّيرِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أُسَيْدٍ وَأَبِي قِلابَةَ الْجَرْمِيِّ وَأَبِي نَضْرَةَ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَغَسَّانُ بْنُ مُضَرَ وَآخَرُونَ. وثقه النسائي. 103- سعيد بن يزيد الأحمسي2 -ن- الكوفي. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وعنه وَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ. فِي طَبَقَةِ الأَوْزَاعِيِّ. 104- وَكَذَا سَعِيدُ بن يزيد القتباني3 -م د ت ن- الحميري الإسكندراني أبو شجاع. عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ وَخَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ. وعنه اللَّيْثُ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَآخَرُونَ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٌ وَخَمْسِينَ، سَيَأْتِي. 105- سَلَمَةُ بْنُ دينار4 -ع- أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ الْمَدَنِيُّ التَّمَّارُ الْقَاصُّ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الأَعْلامِ وَشَيْخُ الإِسْلامِ. سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَالنُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَبَا صَالِحٍ السَّمَّانَ وَأَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيَّ وَأَبَا سَلَمَةَ وَعَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ وَخَلْقًا. وعنه الزُّهْرِيُّ وَمَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَالْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عياض وآخرون.   1 التاريخ الكبير "3/ 520"، وتهذيب التهذيب "4/ 100". 2 تقريب التهذيب "1/ 300"، والجرح والتعديل "4/ 74". 3 تقريب التهذيب "1/ 300"، وتاريخ الدوري "2/ 210". 4 الجرح والتعديل "4/ 159"، وتاريخ الثقات "196". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 296 قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَبُو حَازِمٍ فَارِسِيُّ الأَصْلِ وَهُوَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ، وَأُمُّهُ رُومِيَّةٌ وَكَانَ أَشْقَرَ أَحْوَلَ أَفْزَرَ الشَّفَةِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ مَوْلَى الأسود بْنِ سُفْيَانَ الْمَخْزُومِيِّ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: أَبُو حَازِمٍ ثِقَةٌ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا الْحِكْمَةُ أَقْرَبُ إِلَى فِيهِ مِنْ أَبِي حَازِمٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنِّي لأَعِظُ وَمَا أَرَى مَوْضِعًا مَا أُرِيدُ إِلا نَفْسِي، وَقَالَ قُتَيْبَةُ: ثنا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: انْظُرِ الَّذِي تُحِبُّهُ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ فِي الآخِرَةِ فَقَدِّمْهُ الْيَوْمَ وَالَّذِي تَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ فَاتْرُكْهُ الْيَوْمَ. وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: نَحْنُ لا نُرِيدُ أَنْ نَمُوتَ حَتَّى نَتُوبَ وَنَحْنُ لا نَتُوبُ حَتَّى نَمُوتَ. وعنه قَالَ: مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ضَلَّ وَمَنِ اسْتَغْنَى بِعَقْلِهِ زَلَّ. وَعَنْهُ قَالَ: اخْفِ حَسَنَاتِكَ كَمَا تُخْفِي سَيِّئَاتِكَ وَلا تَكُنْ مُعْجَبًا بِعَمَلِكَ فَلا تَدْرِي شَقِيٌّ أَنْتَ أَمْ سَعِيدٌ. وَعَنْهُ قَالَ: النَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ تَلْقِيحُ الْعُقُولِ. وَقَالَ لَهُ هِشَامُ بْنُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَمَّا وَعَظَهُ: مَا النَّجَاةُ مِنْ هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: يَسِيرٌ لا تَأْخُذَنَّ شَيْئًا إِلا مِنْ حِلِّهِ وَلا تَضَعَهُ إِلا فِي حَقِّهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: كُلُّ عَمَلٍ تَكْرَهُ الْمَوْتَ مِنْ أَجْلِهِ فَاتْرُكْهُ ثُمَّ لا يَضُرُّكَ مَتَى مُتَّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ: ثنا أَبُو حَازِمٍ قَالَ: لا يُحْسِنُ عَبْدٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إِلا أَحْسَنَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِبَادِ وَلا يَعْوَرُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إِلا أَعْوَرَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِبَادِ، وَلَمُصَانَعَةُ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَيْسَرُ مِنْ مُصَانَعَةِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا، إِنَّكَ إِذَا صَانَعْتَهُ مَالَتِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا إِلَيْكَ وَإِذَا اسْتَفْسَدْتَ بَيْنَكَ وبينه شنئتك1 الوجوه كلها.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 327". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 297 وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: مَنْ عَرَفَ الدُّنْيَا لَمْ يَفْرَحْ فِيهَا بِرَخَاءٍ وَلَمْ يَحْزَنْ عَلَى بَلْوَى. وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السيئة ما عمل حسنة قد أَنْفَعُ لَهُ مِنْهَا وَكَذَا فِي الْحَسَنَةِ1. وَعَنْهُ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ فَاحْذَرْهُ، وَإِذَا أَحْبَبْتَ أَخًا فِي اللَّهِ فَأَقِلَّ مُخَالَطَتِهِ فِي دُنْيَاهُ. تُوُفِّيَ أَبُو حَازِمٍ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. أَرَّخَهُ الْمَدَائِنِيُّ وَابْنُ سعد2. 106- سلمة بن تمام3 -ن- أبو عبد الله الشقري الكوفي. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقوي. 107- سلمة بن علقمة4 -سوى ت- أبو بشر التميمي البصري. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَنَافِعٍ. وعنه يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ مُقِلٌّ. 108- سَلْمُ بْنُ أَبِي الذَّيَّالِ الْبَصْرِيُّ5 -م د-. عَنِ الْحَسَنِ وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ وَجَمَاعَةٍ. وعنه مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وإسماعيل بن علية. وثقه أحمد بن حنبل وغيره.   1 انظر المصدر السابق. 2 طبقات ابن سعد "5/ 424". 3 التاريخ الكبير "4/ 79"، وميزان الاعتدال "2/ 188". 4 التاريخ الكبير "4/ 82"، وتقريب التهذيب "1/ 308". 5 التاريخ الكبير "4/ 159"، وتهذيب التهذيب "4/ 129". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 298 109- سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ1، أَبُو خَيْثَمَةَ الْعَذَرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَأَنَسٍ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ. وعنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. وَكَنّاهُ مُسْلِمٌ وَلَمْ يُضَعِّفُهُ أَحَدٌ. 110- سُلَيْمَانُ بْنُ داود الخولاني2 -ن- الدارني أبو داود. عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى وَأَبِي قِلابَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُمَيْرِ بْنِ هانيء وَالزُّهْرِيِّ. وعنه هِشَامُ بْنُ الْغَازِ وَالْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ وَصَدَقَةُ السَّمِينُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ. رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حَدِيثَ الصَّدَقَاتِ الطَّوِيلَ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ3: لا أعْلَمُ فِي جميع الكتب التي وردت كتابًا أصح منه كِتَابَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالتَّابِعُونَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: الصَّوَابُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: نَظَرْتُ فِي أَصْلِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ فَإِذَا هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ. وَرَوَى الْحَدِيثُ مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا وَهْمٌ مِنَ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ أشبه وهو متروك الحديث.   1 التاريخ الكبير "4/ 8"، وميزان الاعتدال "2/ 200". 2 التاريخ الكبير "4/ 10"، وتهذيب التهذيب "4/ 189". 3 في المعرفة والتاريخ "1/ 331، 379". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 299 قُلْتُ: فَلاحَ أَنَّ الْخَوْلانِيَّ لا رِوَايَةَ لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي تَارِيخِ دَارَيَّا: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حَاجِبًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ مُقَدَّمًا عِنْدَهُ لَهُ ذُرِّيَةٌ بِدَارَيَا إِلَى الْيَوْمَ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهِ الْحَافِظُ: نَظَرْتُ فِي أَصْلِ كِتَابِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ فَإِذَا هُوَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. 111- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي زَيْنَبَ1، أَبُو الرَّبِيعِ السَّبَأيُّ مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ الزَّاهِدُ. روى عنه حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ فَاضِلا وَكَانَ قَوْمُهُ سَبَأُ إِذَا نَزَلَ لَهُمْ مُعْضِلَةٌ فَزِعَوا إِلَيْهِ فِيهَا لِفَضْلِهِ فِيهِمْ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا مِنْ شُيُوخِهِ. 112- سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ الْخُزَاعِيُّ الْمَرْوَزِيُّ2. أَحَدُ نُقَبَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ الأَثْنَى عَشَرَ، لَهُ ذِكْرٌ وَأَثَرٌ كَبِيرٌ فِي السَّعْيِ لِقِيَامِ دَوْلَةِ الْعَبَّاسِيِّينَ، قَتَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ خَوْفًا مِنْهُ. سليمان بْنُ مُوسَى الأَشْدَقُ3. مَرَّ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 113- سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ4. أَخَذَ عَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ. وَوَلِيَ غَزْوَ الرُّومِ فَلَمَّا بُويِعَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ حَبَسَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ يَزِيدُ النَّاقِصُ   1 التاريخ الكبير "4/ 14"، والجرح والتعديل "4/ 118". 2 تهذيب ابن عساكر "6/ 285". 3 التاريخ الكبير "4/ 38"، وتهذيب التهذيب "4/ 226". 4 تهذيب ابن عساكر "6/ 288"، والوافي "15/ 439". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 300 وَصَيَّرَهُ مِنْ أُمَرَائِهِ فَلَمَّا وَلِيَ مَرْوَانُ هَرَبَ مِنْهُ ثُمَّ أَمَّنَهُ ثُمَّ خَلَعَ مَرْوَانُ وَطَمِعَ فِي الْخِلافَةِ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ وَكَادَ أَنْ يَمْلُكَ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا, فَبَعَثَ مَرْوَانُ جَيْشَهُ فَهَزَمُوهُ وَتَحَصَّنَ بِحِمْصَ, فَسَارَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ بِنَفْسِهِ فَهَرَبَ وَلَحِقَ بِالضَّحَّاكِ الْخَارِجِيِّ وَبَايَعَهُ ثُمَّ ظَفِرَتْ بِهِ الْمُسَوِّدَةُ فَقَتَلُوهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 114- سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ1. كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ خَرَجَ عَلَى أَخِيهِ الْوَلِيدِ. قَتَلَتْهُ الْمُسَوِّدَةُ بِدِمَشْقَ عِنْدَ اسْتِيلائِهِمْ. 115- سُلَيْمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَكِّيُّ2. مَوْلَى أُمِّ عَلِيٍّ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مُجَاهِدٍ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: روى عنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَعَبْدُ الملك بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ وَدَاوُدُ الْعَطَّارُ. 116- سِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ الْبَصْرِيُّ3 -خ م د-. عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ. وَكَانَ جَلِيسًا لِأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَمَاتَ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ. روى عنه حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الأَنْصَارِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. وثقة ابن معين. 117- سمي مولى أبي بكر4 -ع- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ الأَثْبَاتِ. سَمِعَ مِنْ مَوْلاهُ وسعد بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَوَرْقَاءُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وآخرون. وثقه أحمد غيره.   1 ميزان الاعتدال "2/ 228"، ومعجم بني أمية "70". 2 التاريخ الكبير "4/ 126"، وتهذيب التهذيب "4/ 167". 3 التاريخ الكبير "4/ 174"، وتهذيب التهذيب "4/ 235". 4 التاريخ الكبير "4/ 203"، وتهذيب التهذيب "4/ 238". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 301 قَتَلَتْهُ الْحَرُورِيَّةُ يَوْمَ وَقْعَةِ قُدَيْدَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 118- سِنَانُ بْنُ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ1، أَبُو حَبِيبٍ الْكُوفِيُّ. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وعنه الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 119- سِنَانُ بْنُ ربيعة الباهلي2 -د ت ق خ مقرونًا- أبو ربيعة البصري عَنْ أَنَسٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. وعنه الْحَمَّادَانِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 120- سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صالح السمان3 -م4خ مقرونًا- أبو يزيد المدني أَخُو صَالِحٍ وَمُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ. سمع أَبَاهُ وَالْحَارِثَ بْنَ مَخْلَدٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيَّ وَسَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ وَالنُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ وَعَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ وَجَمَاعَةً. وعنه ابْنُ جريح وَسُفْيَانُ وَمَالِكٌ وَفُلَيْحٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَخَلْقٌ. وَهُوَ صَدُوقٌ، احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ لا الْبُخَارِيُّ. سَأَلَ رَجُلٌ النَّسَائِيَّ عَنْ سُهَيْلٍ فَقَالَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ فُلَيْحٍ وَمِنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ وَمِنْ أَبِي الْيَمَانِ وَمِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ. قُلْتُ: مَا نَقَمُوا مِنْ سُهَيْلٍ إِلا أَنَّهُ مَرِضَ وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيثِهِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَصْلَحَ حَدِيثَهُ هُوَ أَثْبَتُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: مُحَمَّدُ بن عمرو أحب إلينا منه.   1 التاريخ الكبير "4/ 165"، والجرح والتعديل "4/ 252". 2 التاريخ الكبير "4/ 164"، وتهذيب التهذيب "4/ 240"، وميزان الاعتدال "2/ 235". 3 التاريخ الكبير "4/ 104"، وتهذيب التهذيب "4/ 263"، والمشاهير "137"، والجرح والتعديل "4/ 246". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 302 قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. تُوُفِّيَ سُهَيْلٌ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ أَوْ قَبْلَهَا بِيَسِيرٍ. "حرف الصَّادِ": 121- صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ الْجَزَرِيُّ1 -م د ن ق- نَزِيلُ مَكَّةَ. روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، - وَذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ - وَروى عن طَاوُسٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُقِلٌّ. روى عنه مَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَمُسْلِمٌ الزِّنْجِيُّ وَجَرِيرٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 122- الصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ الأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ2. روى عَن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وعنه جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَأَبُو مِخْنَفٍ لُوطُ بْنُ يَحْيَى ابْنُ أُخْتِهِ وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ الْمُؤَرِّخُ. وَهُوَ صَدُوقٌ، وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 123- صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ3 -ع- مَوْلَى حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ, وَيُقَالُ: أَبُو الْحَارِثِ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلاهُ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ وطائفة.   1 التاريخ الكبير "4/ 293"، وتهذيب التهذيب "4/ 419". 2 تهذيب التهذيب "4/ 432"، والجرح والتعديل "4/ 455". 3 التاريخ الكبير "4/ 307"، تهذيب التهذيب "4/ 425". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 303 وعنه ابن جريح وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَخَلْقٌ. كَانَ رَأْسًا فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ. قَالَ أَبُو ضَمْرَةَ: رَأَيْتُهُ وَلَوْ قِيلَ لَهُ: السَّاعَةُ غَدًا مَا كَانَ عِنْدَهُ مَزِيدُ عَمَلٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ يُسْتَنْزَلُ بِذِكْرِهِ الْقَطْرُ. وَرَوَى إِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ يُصَلِّي فِي الشِّتَاءِ فِي السَّطْحِ وَفِي الصَّيْفِ وفي بَطْنِ الْبَيْتِ يَتَيَقَّظُ بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ حَتَّى يُصْبِحَ يَقُولُ: هَذَا الْجَهْدُ مِنْ صَفْوَانَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ وَأَنَّهُ الْتَزَمَ رِجْلاهُ حَتَّى يَعُودَ كَالسَّقْطِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَيَظْهَرَ فِيهِ عُرُوقٌ خُضْرٌ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: حَجَّ صَفْوَانُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ بِمِنًى فَقِيلَ لِي: إِذَا دَخَلْتَ مَسْجِدَ الْخِيفِ فانظر شيخًا إذا رأيته علمت أن يَخْشَى اللَّهَ فَهُوَ هُوَ، قَالَ: وَحَجَّ وَلَيْسَ مَعَهُ إِلا سَبْعَةُ دَنَانِيرَ فَاشْتَرَى بِهَا بَدَنَةً يَعْنِي وَقَرَّبَهَا. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ التّمَّارِ أَنَّ صَفْوَانَ كَانَ يَأْتِي الْمَقَابِرَ فَيَجْلِسُ فَيَبْكِي حَتَّى أَرْحَمُهُ. وَقَالَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ: إِنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ وَأَعَانَهُ عَلَى الْحِكَايَةِ أَخُوهُ: إِنَّ صَفْوَانَ حَلَفَ أَنْ لا يَضَعَ جَنْبَهُ إِلَى الأَرْضِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ فَمَكَثَ عَلَى هَذَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ عَامًا فَمَاتَ وَإِنَّهُ لَجَالِسٌ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: قَالَ صَفْوَانُ: أُعْطِي اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لا أَضَعَ جَنْبِي حَتَّى أَلْحَقَ بِرَبِّي، قَال فَبَلَغَنِي أَنَّ صَفْوَانَ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ. قَالَ: وَيَقُولُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِنَّهُ نَقَبَتْ جَبْهَتُهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَقَدْ وَهِمَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ حَيْثُ قَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 304 "حرف الضاد": 124- ضرار بن مرة1 -ت ن- أبو سنان الشيباني الكوفي. روى عنه سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَآخِرُ مَنْ روى عنه ابْنُ عُيَيْنَةَ, وَثَّقَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ ومائة. "حرف الطاء": 125- طلق بن معاوية2 -م ن- أبو غياث النخعي الكوفي جَدُّ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. رَوَى عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيُّ. وعنه حَفِيدَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وطلق بن غنام والثوري وشريك وجرير بن عبد الحميد. "حرف العين": 126- عاصم بن عبيد الله3 -د ت ق- بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ العمري المدني. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَشَرِيكٌ وَغَيْرُهُمْ. روى عنه مَالِكٌ حَدِيثًا وَاحِدًا فَهَذَا مِمَّنِ اتَّفَقَ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ مع ضعفه. ضعفه مالك ويحيى القطان. وقال البخاري: منكر الحديث.   1 التاريخ لابن معين "2/ 273"، والجرح والتعديل "4/ 465". 2 تقريب التهذيب "1/ 363"، وميزان الاعتدال "2/ 345". 3 التاريخ الكبير "6/ 484"، وتهذيب التهذيب "5/ 46" وغيرهما. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 305 وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فَاحِشُ الْخَطَأِ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ السَّفَّاحِ وَكَانَتْ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. 127- عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبِ بْنِ شِهَابٍ الْجَرْمِيُّ الْكُوفِيُّ1 -م4- عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعِدَّةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَزَائِدَةُ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَكَانَ فَاضِلا عَابِدًا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 128- عَبَّادُ بْنُ الرَّيَّانِ اللَّخْمِيُّ2 الْحِمْصِيُّ. عَنِ المقداد بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ وَمَكْحُولٍ. وعنه يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ الْقَاضِي وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 129- عَبَّاسُ بْنُ عبد الله بن معبد3 -د- بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي المدني أحد الصلحاء. روى عن أبيه وأخيه وإبراهيم وَعِكْرِمَةَ. وعنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَوُهَيْبٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَوَصَفَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِالصَّلاحِ. 130- عَبْدُ الأَعْلَى التَّيْمِيُّ4. أحد العباد الخائفين. روى عن إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَغَيْرِهِ. روى عنه مِسْعَرٌ قَالَ: مَنْ أُوتِيَ عِلْمًا لا يُبْكِيهِ خَلِيقٌ أَنْ يَكُونَ أُوتِيَ عِلْمًا لا يَنْفَعُهُ وَيَحْتَجُّ بِآيَةِ {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} . [الإسراء: 109] .   1 التاريخ الكبير "6/ 487"، وميزان الاعتدال "2/ 356" وغيرهما. 2 تهذيب تاريخ ابن عساكر "7/ 219". 3 التاريخ الكبير "7/ 8"، وتهذيب التهذيب "5/ 120". 4 التاريخ الكبير "6/ 72"، والجرح والتعديل "6/ 28". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 306 وَعَنْهُ قَالَ: قَطَعَ عَنِّي لَذَاذَةَ الدُّنْيَا ذِكْرُ الْمَوْتِ وَالْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى. 131- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْحُبْرَانِيُّ1 السَّكْسَكِيُّ الْحِمْصِيُّ -ت ق- نزيل البصرة. عن عبد لله بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَأَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ وَجَماعَةٍ. وعنه أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ الْقَيْسِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ هُنَا بِالْبَصْرَةِ رَأَيْتُهُ وَكَانَ لا شَيْءَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 132- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بشر الخثعمي2 -ت ن- أبو عمير الكوفي الكاتب. عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو. وعنه حَفِيدُهُ بِشْرُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. ذَكَرَهُ ابْنُ حبان في كتاب "الثقات". 133- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ3 -ع- أبو محمد الأنصاري المدني أَحَدُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ. روى عن أَنَسٍ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ وَحُمَيْدِ بن نافع وجماعة. وعنه ابن جريح وَابْنُ إِسْحَاقَ وَالزُّهْرِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وفليح بن عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَجُلَ صِدْقٍ كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً عَالِمًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ, عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً, وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٌ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثين ومائة.   1 التاريخ الكبير "5/ 48"، وتهذيب التهذيب "5/ 159". 2 التاريخ الكبير "5/ 49"، وتهذيب التهذيب "5/ 161"، وميزان الاعتدال "2/ 398". 3 التاريخ الكبير "5/ 54"، وتهذيب التهذيب "5/ 164". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 307 134- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو حَرِيزٍ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -4- قَاضِي سِجِسْتَانَ. روى عن شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى وَطَائِفَةٍ. وعنه سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَالْفُضَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَعُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ قَوَّاهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقِيلَ: كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 135- عَبْدُ اللَّهِ بن دينار البهراني الحمصي2 -ق- أبو محمد. عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَنَافِعٍ وَكَثِيرِ بْنِ الْعَلاءِ. وعنه أَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْجَرَّاحُ بْنُ مُلَيْحٍ الْبَهْرَانِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِيهِ لِينٌ. وَوَثَّقَهُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ. وَرَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: شَامِيٌّ ضَعِيفٌ. قلت: لَهُ حديث واحد في سنن ابن ماجه. 136- عبد الله بن ذكوان3 -ع- أبو الزناد ويكنى أبا عبد الرحمن. الْفَقِيهُ الْمَدَنِيِّ مَوْلَى قُرَيْشٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ ابْنُ أخي أبو لُؤْلُؤَةَ قَاتِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ. سَمِعَ أَنَسًا وَأَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْن جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ والأعرج فاكثر عنه.   1 التاريخ الكبير "5/ 72"، وتهذيب التهذيب "5/ 187". 2 والتاريخ الكبير "5/ 81"، تهذيب التهذيب "5/ 203". 3 التاريخ الكبير "5/ 83"، والصغير "2/ 27"، وتهذيب التهذيب "5/ 203". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 308 روى عنه مَالِكٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ والسُّفْيَانَانِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ. قَالَ اللَّيْثُ: رَأَيْتُ خَلْفَهُ ثَلاثَمِائَةِ تَابِعٍ مِنْ طَالِبِ فِقْهٍ وَطَالِبِ شِعْرٍ وَصُنُوفٍ. قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبُثْ أَنْ بَقِيَ وَحْدَهُ وَأَقْبَلُوا عَلَى رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: رَأَيْتُ رَبِيعَةَ وَأَبَا الزِّنَادِ وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ أَفْقَهَ الرَّجُلَيْنِ. وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ دَخَلَ مَسْجِدَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مِثْلُ مَا مَعَ السُّلْطَانِ مِنَ الأَتْبَاعِ فَمِنْ سَائِلٍ عَنْ فَرِيضَةٍ وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الْحِسَابِ وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الشِّعْرِ وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الْحَدِيثِ وَمِنْ سَائِلٍ عَنْ مُعْضِلَةٍ1. وَقَالَ بَعْضُ النُّقَّادِ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ: أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَعْلَمُ مِنْ رَبِيعَةَ قَالَ: وَكَانَ سُفْيَانُ يُسَمِّي أَبَا الزِّنَادِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ فَقِيهَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابَةٍ وَحِسَابٍ وَفَدَ عَلَى هِشَامٍ الْخَلِيفَةِ بِحِسَابِ دِيوَانِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ يُعَانِدُ رَبيِعَةَ. قَالَ إبراهيم بن المنذر الحزامي: هُوَ كَانَ سَبَبَ جَلْدِ رَبِيعَةَ الرَّائِيِّ فَوَلِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينَةَ فُلانٌ التَّيْمِيُّ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ فَطَيَّنَ عَلَيْهِ بَيْتًا فَشَفَعَ فِيهِ رَبِيعَةُ. وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ: أَمَّا أَبُو الزِّنَادِ فَلَيْسَ بِثِقَةٍ وَلا رَضِيٍّ. قُلْتُ: انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى تَوْثِيقِ أَبِي الزِّنَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ لِلثَّوْرِيِّ: جَالَسْتَ أَبَا الزِّنَادِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالْمَدِينَةِ أَمِيرًا غَيْرَهُ. تُوُفِّيَ أَبُو الزِّنَادِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثلاثين. 137- عبد الله بن سبرة الكوفي2، أبد سبرة. عن الشعبي وأبي الضحى   1 سير أعلام النبلاء "6/ 229". 2 التاريخ الكبير "5/ 111". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 309 وعنه هشيم ويحيى بن أَبِي زَائِدَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. 138- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْطَّوِيلُ1 -د ن- أبو حمزة المصري. كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ. روى عن نَافِعٍ وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ. وعنه اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ. وَهُوَ صَدوُقٌ مُقِلٌّ، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 139- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَادَةَ القشيري2 -م4-. بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ. عَنْ أَبِيهِ سُوَادَةَ بْنِ حَنْظَلَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ. وعنه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو هِلالٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 140- عبد الله بن طاوس بن كيسان3 -ع- أبو محمد اليماني سمع أباه وعكرمة وعمرة بْنَ شُعَيْبٍ وَعِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ وَجَمَاعَةً. وعنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ. قَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْعَرَبِيَّةَ وَأَحْسَنِهِمْ خُلُقًا مَا رَأَيْنَا ابْنَ فَقِيهٍ مِثْلَهُ. قُلْتُ: وَثَّقُوه. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ خِلِّكَانَ4 فِي تَرْجَمَةِ طَاوُسٍ أَنَّ الْمَنْصُورَ طَلَبَ ابْنَ طَاوُسٍ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَصَدَعَهُ ابْنُ طَاوُسٍ بِكَلامٍ. قُلْتُ: هَذَا لا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ ابْنَ طَاوُسٍ مَاتَ قَبْلَ أَيَّامِ الْمَنْصُورِ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ.   1 التاريخ الكبير "5/ 108"، وتقريب التهذيب "1/ 398"، والمشاهير "190". 2 تهذيب التهذيب "5/ 247"، والمعرفة والتاريخ "2/ 471". 3 التاريخ الكبير "5/ 123"، وتهذيب التهذيب "5/ 267". 4 يعني في وفيات الأعيان "2/ 511". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 310 141- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة1 -م ن-. أبو يحيى الأنصاري أَخُو إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعُقوبَ وَعَمْرٍو. روى عن أَبِيهِ وَعَمِّهِ لأُمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْفِطْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ وَغَيْرُهُمَا. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. ثِقَةٌ. 142- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَزْمٍ2 أَبُو طُوَالَةَ الأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ الْمَدَنِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. روى عن أَنَسٍ وَأَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ وعامر بن سعد وأبي الخباب سعيد بن يسار وعدة. وعنه مالك وفليح وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر وآخرون. وحكم بالمدينة وكان عبدا صالحا ثقة يسرد الصوم. توفي سنة نيف وثلاثين وَمِائَةٍ. 143- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يحنس3. حجازي ثقة مقل. روى عن دِينَارٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي سفيان. وعنه ابن جريح وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ وَغَيْرُهُمْ. 144- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو نَصْرٍ الضبي -ت ق- الكوفي. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمُسَاوِرَ الْحِمْيَرِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 145- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرحمن البصري4 المعروف بالرومي   1 تهذيب التهذيب "5/ 269"، والتقريب "1/ 403". 2 التاريخ الكبير "5/ 130"، وتهذيب التهذيب "5/ 297". 3 تهذيب التهذيب "5/ 297"، والتقريب "1/ 405". 4 التاريخ الكبير "5/ 133"، وتهذيب التهذيب "5/ 299". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 311 روى عن أبي هريرة وابن عمر. وعنه ابْنُهُ عُمَرُ بْنُ الرُّومِيِّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 146- عَبْدُ اللَّهِ بن عطاء الطائفي1 -م4- ثم المكي مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - وَلَمْ يُدْرِكْهُ - وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وعكرمة بن خَالِدٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو مَعِينٍ الضَّرِيرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 147- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي لبيد2 أبو المغيرة المدني مَوْلَى الأَخْنَسِ بْن شُرَيْقٍ كَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ زَمَانِهِ. سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ وَغَيْرَهُمَا. وعنه مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَالسُّفْيَانَانِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ الْقَوْلُ بِالْقَدَرِ وَلَمْ يَصِحَّ. مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 148- عَبْدُ اللَّهِ السَّفَّاحُ بْنُ مُحَمَّدِ3 بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَوَّلُ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ، قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ. وَبِدَوْلَتِهِ تَفَرَّقَتِ الْجَمَاعَةُ وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ مَا بَيْنَ تَاهِرْتَ إِلَى بِلادِ السُّودَانِ وَجَمَعَ مَمْلَكَةَ الأَنْدَلُسِ وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْبِلادِ مِنْ تغلب عليها واستمر ذلك.   1 تهذيب التهذيب "5/ 322"، وميزان الاعتدال "2/ 461". 2 التاريخ الكبير "5/ 182"، تهذيب التهذيب "4/ 372". 3 البداية والنهاية "10/ 61"، وتاريخ الطبري "3/ 88"، والذهب المسبوك "36" للمقريزي وغيرهم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 312 وَكَانَ شَابًّا طَوِيلا أَبْيَضَ مَلِيحَ الْوَجْهِ وَاللِّحْيَةِ. وُلِدَ بِالْحُمَيَّمَةِ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَلْقَاءِ وَنَشَأ بِهَا وَبُويِعَ بِالْكُوفَةِ، وَأُمُّهُ رَايِطَةُ الْحَارِثِيَّةُ. حَدَّثَ عَنْ إبراهيم بن محمد الإمام وَهُوَ أَخُوهُ. روى عنه عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ. وَكَانَ أَصْغَرَ مِنْ أَخِيهِ الْمَنْصُورِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ. رَوَى عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شيبة وقتيبة عَنْ جَرِيرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَطِيَّةَ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَخْرُجْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنَ الزَّمَانِ وَظُهُورٍ مِنَ الْفِتَنِ يُقَالُ لَهُ السَّفَّاحُ فَيَكُونُ إِعْطَاؤُهُ الْمَالَ حَثْيًا"، وَرَوَاهُ الْعُطَارِدِيُّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ1. قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ السَّفَّاحُ أبيض طولًا أَقْنَى2 ذَا شَعْرَةٍ جَعْدَةٍ حَسَنَ اللِّحْيَةِ مَاتَ بِالْجُدَرِي3. قال عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ: قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ الأَشْيَاخَ يَقُولُونَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَفْضَتِ الْخِلافَةُ إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَحَدٌ أَكْثَرُ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ وَلا أَفْضَلُ عَابِدًا وَنَاسِكًا مِنْهُمْ بِالْحُمَيِّمَةِ. وَقَالَ الصُّولِيُّ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَلْمٍ الْبَاهِلِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ السَّفَّاحِ وَهُوَ أَحْشَدُ مَا يَكُونُ بِبَنِي هَاشِمٍ وَالشِّيعَةِ وَوُجُوهِ النَّاسِ فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ وَمَعَهُ مُصْحَفٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِنَا حَقَّنَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَنَا فِي هَذَا الْمُصْحَفِ، فَأَشْفَقَ النَّاسُ مِنْ أَنْ يَعْجَلَ السَّفَّاحُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَلا يُرِيدُونَ ذَلِكَ فِي شَيْخِ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ يَعْيَا بِجَوَابِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ نَقْصًا وَعَارًا عَلَيْهِ، فَأَقْبَلَ غَيْرَ مُنْزَعِجٍ فَقَالَ: إِنَّ جَدَّكَ عَلِيًّا كَانَ خَيْرًا مِنِّي وَأَعْدَلَ وَلِيَ هَذَا الأَمْرَ فَأَعْطِي جَدَّيْكَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وكانا خَيْرًا مِنْكَ شَيْئًا وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ أُعْطِيَكَ مِثْلَهُ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ فَقَدْ أَنْصَفْتُكَ وَإِنْ كُنْتُ زِدْتُكَ فَمَا هَذَا جَزَائِي مِنْكَ، قَالَ: فَمَا رَدَّ عَلَيْهِ جَوَابًا وَانْصَرَفَ وَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ جَوَابِهِ له.   1 ضعيف: أخرجه أحمد في المسند بنحوه "3/ 80". 2 يعني دقيق. 3 الجدري: حمى معدية تتميز بطفح حليمي على الجلد يتقيح، ويعقبه قشر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 313 قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَجَمَاعَةٌ: عَاشَ السَّفَّاحُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ سَنَةً وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. وَأَمَّا خَلِيفَةُ فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْخَطْبِيُّ: مَوْلِدُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: مَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ. 149- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغِيثِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّه وَعَنْ أُمِّ عَامِرٍ الأَشْهَلِيَّةِ. وعنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ وَشُعَيْبُ بْنُ عُمَارَةَ. وَهُوَ مُقِلٌّ صَدُوقٌ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْهَاشِمِيُّ. قَدْ ذُكِرَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 150- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ2 بْنِ قَيْسِ بن أحزم التجيبي المصري. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي الْخَيْرِ مَرْثَدٍ الْيَزَنِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ وَجَمَاعَةٍ. وعنه سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنُ أيوب والمصريون. وثقه ابن حِبَّانَ. مَاتَ فِي سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 151- عبد الله بن أبي نجيح يسار3 -ع-. مَوْلَى الأَخْنَسِ بْنِ شُرَيْقٍ الثَّقَفِيِّ أَبُو يَسَارٍ الْمَكِّيُّ أَحَدُ الثِّقَاتِ. روى عن مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَابْنُ عُلَيَّهَ وعبد الوارث وآخرون.   1 المعروفة والتاريخ "3/ 237"، والجرح والتعديل "4/ 74". 3 تقريب التهذيب "1/ 430". 3 التاريخ الكبير "5/ 233"، وتهذيب التهذيب "6/ 54". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 314 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ مُفْتِي أَهْلِ مكة بعد عمرة بْنِ دِينَارٍ وَكَانَ جَمِيلا فَصِيحًا حَسَنَ الْوَجْهِ لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ مُعْتَزِلِيًّا1. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هُوَ ثِقَةٌ قَدَرِيٌّ. وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ثنا الزِّنْجِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ فِي النَّوْمِ فِي الْمَنَارَةِ قَائِمًا يَقُولُ: مَا لَقِيتُ شَيْئًا مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُ فِي الْقَدَرِ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ مَوْجِلٍ عَنِ ابْنِ صَفْوَانَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: أَدْعُوكَ إِلَى رَأَيِ الْحَسَنِ يَعْنِي الْقَدَرَ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ أَيْضًا، وَيُقَالُ: لَمْ يَسْمَعِ التَّفْسِيرَ مِنْ مُجَاهِدٍ. 152- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ الْمَكِّيُّ الأَعْرَجُ2، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ". وَرَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا مَتْنُهُ "ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ" 3. 153- عَبْدُ الْحَمِيدِ الْكَاتِبُ4 بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعْدٍ أَبُو يَحْيَى. الْكَاتِبُ الشَّهِيرُ أَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْكِتَابَةِ والبلاغة. وأستاذه في الصنعة   1والمعتزلة: هي أول المدارس الكلامية الكبري، تؤمن بالعقل، وتحاول التوفيق بينه وبين النقل وتلجأ إلى التأويل ما وسعها، وفي هذا ما باعد بينها وبين السلف الصالح وأهل السنة. 2 التاريخ الكبير "5/ 233"، وتهذيب التهذيب "6/ 85"، وذكره ابن حبان في الثقات "7/ 23". 3 حديث حسن: أخرجه النسائي في سننه الصغري "2561"، وابن حبان "1/ 156"موارد"، وأحمد في مسنده "2/ 134". 4 ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 240"، وله ترجمة في وفيات الأعيان "3/ 228". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 315 سَالِمٌ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَأَصْلُهُ أَنْبَارِيٌّ ثُمَّ سَكَنَ الرَّقَّةِ وَكَتَبَ الإِنَشاءَ لِمَرْوَانَ الْحِمَارِ وَلَهُ عَقِبٌ. حَكَى عَنْهُ خَالِدُ بْنُ بَرْمَكٍ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ: كَانَ فِي الأَوَّلِ مُؤَدِّبًا فَتَنَقَّلَ فِي الْبُلْدَانِ وَعَنْهُ أَخَذَ الْمُتَرَسِّلُونَ وَمِنْهُ يستمدون حتى قيل: فتحت الرسائل يعبد الْحَمِيدِ وَخُتِمَتْ بِابْنِ الْعَمِيدِ وَمَجْمُوعُ رَسَائِلِهِ نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ كُرَّاسٍ. قُتِلَ مَعَ مَرْوَانَ بِبُوصِيرَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. فَقِيلَ إِنَّهُمْ حَمُّوا لَهْ طِسْتًا ثُمَّ وَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ فَهَلَكَ. وَمِنْ جُمْلَةِ تَلامِيذِهِ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ وزير المهدي. ويقال: ولاؤه لنبي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَيُقَالُ: لِبَنِي عَامِرِ بْنِ كِنَانَةَ. رُوِيَ عَنْ مُهَزِّمِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: نَظَرَ إِلَيَّ عَبْدُ الْحَمِيدِ الْكَاتِبُ وَأَنَا أَكْتُبُ خَطًّا رَدِيئًا فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُجَوَّدَ خَطُّكَ فَأَطِلْ جَلْفَتَكَ وَأَسْمِنْهَا وَحَرِّفْ قِطَّتَكَ وَأَيْمِنْهَا1. 154- عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ2 -خ م د ن- بَصْرِيٌّ جَلِيلٌ. روى عن أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَأَبِي رَجَاءٍ الْعَطَارِدِيِّ. وعنه شُعْبَةُ وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 155- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَرْدَكَ الْمَخْزُومِيُّ3 -د ت ق-. مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَقِيلَ هُوَ أَخُوهُ مِنْ أُمِّهِ وَعَنْ عَطَاءٍ وَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ. وعنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: مُنْكَرُ الحديث. وقال غيره: صدوق فيه شيء.   1 انظر المصدر السابق للمصنف في السير "6/ص 241". 2 التاريخ الكبير "6/ 47"، والتهذيب "6/ 114". 3 التاريخ الكبير "5/ 275"، وتهذيب التهذيب "6/ 159". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 316 156- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْف1 -ع- الزهري المدني. عَنْ أَبِيهِ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وعنه صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ. وَهُوَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ. 157- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي صعصة2 -خ د ن ق- الأنصاري المازني المديني أَحَدُ الأُخْوَةِ. سَمِعَ أَبَاهُ وَعَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ. وعنه يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. قَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ الْمَنْصُورِ. 158- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِي الْمَدَنِيُّ3. حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ. روى عن أَبِيهِ وَعَمِّهِ إِبْرَاهِيمَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه ابْنُهُ يَعْقُوبُ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَفِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثٌ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى فَأَخْبَرَهُ عَنْ رَجُلٍ ارْتَدَّ وَقَتَلُوهُ فَقَالَ: هَلا حَبَسْتُمُوهُ - الْحَدِيثَ. 159- عَبْدُ الْعَزِيزِ بن حكيم4 الحضرمي الكوفي.   1 التاريخ الكبير "5/ 273"، وتهذيب التهذيب "6/ 164" 2 التاريخ الكبير "5/ 303"، وتهذيب التهذيب "6/ 209". 3 التاريخ الكبير "5/ 346"، الجرح والتعديل "5/ 281". 4 التاريخ الكبير "6/ 11"، والجرح والتعديل "5/ 379". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 317 عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَابْنِ عُمَرَ. وعنه أَبُو عَوَانَةَ وَشَرِيكٌ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى حُدُودِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 160- عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ1 -م ت- الحضرمي المصري أبو الحارث الزاهد. أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ. عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ وَعَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَمِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ. وعنه اللَّيْثُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً. تُوُفِّيَ بِبَرْقَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 161- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سُهَيْلِ2 بْنِ عبد الرحمن بن عوف -خ م د ن- الزهري المدني. عَنْ عَمِّهِ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وَجَمَاعَةٍ. وعنه مَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَجَمَاعَةٌ آخرهم الدَّرَاوَرْدِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 162- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَشِيرٍ الْبَصْرِيُّ3 -ت ن- نَزَلَ الْمَدَائِنَ. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَاوِرٍ. وعنه سُفْيَانُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَالْمُحَارِبِيُّ. وَثَّقَهُ يَحْيَى القطان.   1 التاريخ الكبير "6/ 89"، وتهذيب التهذيب "6/ 371". 2 التاريخ الكبير "6/ 110"، وتهذيب التهذيب "6/ 380". 3 التاريخ الكبير "5/ 408"، وتهذيب التهذيب "6/ 386". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 318 163- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ رَاشِدٍ الْحِمْصِيُّ1. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ وَعَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ. وعنه سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ وَبَقِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الأَبْرَشُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ. 164- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ سويد2 -ع- بن حارثة اللخمي الكوفي. أَحَدُ الأَعْلامِ أَبُو عُمَرَ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو. رَأَى عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَروى عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَجُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَالأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَزَائِدَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَإِسْرَائِيلُ وَزِيَادُ الْبَكَّائِيُّ وَسُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَخَلْقٌ. وَوَلِيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ بَعْدَ الشَّعْبِيِّ. قَالَ النَّسَائِيُّ وَجَمَاعَةٌ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِحَافِظٍ. وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ لِغَلَطِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مُخْتَلِطٌ. وَوَثَّقَهُ آخَرُونَ. وَكَانَ مُعَمَّرًا مَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ بِالاتِّفَاقِ، وَأَمَّا سِنُّهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَاشَ مِائَةً وَثَلاثَ سِنِينَ وَقِيلَ: مِائَةً وَبِضْعَ سِنِينَ. قَالَ أَبُو بَكْر بْنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَذِهِ السَّنَةُ لِي مِائَةُ سَنَةٍ وَثَلاثُ سِنِينَ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَاقِفًا فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ عَلَى فَرَسٍ وَهُوَ وَافِي الْمَشِيبِ وَهُوَ يَقُولُ: أَرَى حَرْبًا مُضَلِّلَةً وَسِلْمًا ... وعهدًا ليس بالعهد الوثيق   1 التاريخ الكبير "5/ 112". 2 تقريب التهذيب "1/ 482"، والجرح والتعديل "5/ 360". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 319 165- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ1 بْنِ الأَمِيرِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيُّ. كَانَ مِنْ أَعْيَانِ أُمَرَاءِ الدَّوْلَةِ الأُمَوِيَّةِ ثُمَّ مِنْ كِبَارِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ. وَهَذَا اتِّفَاقٌ نَادِرٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَلاهُ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ جُنْدَ مِصْرَ وَخَرَاجِهَا فَعَدَلَ فِينَا وَسَارَ سَيْرَةً جَمِيلَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدِمَ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ مِصْرَ فَأَكْرَمَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى الْعِرَاقِ فَوَلاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِقْلِيمَ فَارِسَ وَكَانَ فَصِيحًا مِنْ أَخْطَبِ النَّاسِ. 166- عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ أَبِي شِرَاعَةَ2، أَبُو بِلالٍ الأَزْدِيُّ الْحَلابُ. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وعنه مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 167- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بكر بن أنس بن مالك3 -ع- أبو معاذ الأنصاري البصري. رَوَى عَنْ جَدِّهِ. وعنه شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَهُشَيْمٌ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. 168- عبيد الله بن أبي جعفر4 -ع- الليثي المصري الفقيه أبو بكر. مَوْلَى عُرْوَةَ بْنِ شُيَيْمٍ اللَّيْثِيِّ مِنْ سَبْيِ طَرَابُلْسَ الْغَرْبِ أَعْنِي أَبَاهُ وَاسْمُهُ يَسَارٌ. رَأَى عُبَيْدُ اللَّهِ مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الْحَارِثِ الزُّبَيْدِيَّ وَسَمِعَ الأَعْرَجَ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَطَاءً وَحَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالشَّعْبِيَّ وَنَافِعًا وَمُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بن الزبير وبكير بن الأشج وجماعة.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 241". 2 التاريخ الكبير "6/ 116"، والجرح والتعديل "6/ 65". 3 التاريخ الكبير "5/ 375"، وتهذيب التهذيب "6/ 5". 4 التاريخ الكبير "5/ 376"، وتهذيب التهذيب "6/ 5". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 320 روى عنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ بَابَةُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: غَزَوْنَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَكَسَرَ بِنَا مَرْكَبُنَا فَأَلْقَانَا الْمَوْجُ عَلَى خَشَبَةٍ فِي الْبَحْرِ وَكُنَّا خَمْسَةً، فَأَنْبَتَ اللَّهُ لَنَا بِعَدَدِنَا وَرَقَةً لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فَنَمُصُّهَا فَتُشْبِعُنَا وَتَرْوِينَا فَإِذَا أَمْسَيْنَا أَنْبَتَ اللَّهُ مَكَانَهَا حَتَّى مَرَّ بِنَا مَرْكَبٌ فَحَمَلْنَا. وَمِمَّا رُوِيَ مِنْ كَلامِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَجَادَ قَالَ: إِذَا كَانَ الْمَرْءُ يُحَدِّثُ فَأَعْجَبَهُ الْحَدِيثُ فَلْيُمْسِكْ وإن كان ساكنًا فَأَعْجَبَهُ السُّكُوتُ فَلْيَتَحَدَّثْ. وَقَالَ سَعِيدٌ الآدَمُ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ يَقُولُ: مَا رَأَتْ عَيْنِي عَالِمًا زَاهِدًا إِلا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِهِ: كَانَ عَالِمًا زَاهِدًا عَابِدًا وُلِدَ سَنَةَ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 169- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ السَّلُولِيُّ1. مَوْلاهُمُ الْكَاتِبُ الأَمِيرُ، كَانَ كَاتِبَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ رَقَّاهُ وَوَلاهُ إِمْرَةَ مِصْرَ وَعَظَّمَ شَأْنَهُ ثُمَّ وَلاهُ الْمَغْرِبَ مُدَّةً. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَتَلَهُ الْمَنْصُورُ بِوَاسِطَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ مَعَ ابْنِ هُبَيْرَةَ. 170- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ الضَّمْرِيُّ2 -4- مَوْلاهُمُ الإِفْرَيِقِيُّ وُلِدَ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَرَحَلَ فِي الْعِلْمِ وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ. رَوَى عَنْ أَبِي الهيثم صاحب أبي سَعِيد الخدري وعن أبي هارون العَبْديّ وخالد بْن أَبِي عَمْران والربيع بْن أنس. وَلَهُ نُسْخَةً مَشْهُورَةً عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الأَلْهَانِيِّ وَقَدْ أرسل عن أبي أمامة الباهلي وغيره.   1 راجع: الولاة والقضاة "73". 2 التاريخ الكبير "5/ 382"، وتهذيب التهذيب "7/ 12". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 321 روى عنه يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ جَائِزُ الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لين الحديث. 171- عبيد الله بن طلحة1 -د ق- بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ أَبُو مُطَرِّفٍ الخزاعي. عَنِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ هُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَحِبَّانُ بْنُ يَسَارٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَهَارُونُ بْنُ مُوسَى الأَعْوَرُ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 172- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو وَهْبٍ الْكَلاعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2 -ق-. عَنْ مَكْحُولٍ وَبِلالِ بْنِ سَعُدٍ وَحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ الله والهيثم بن حميد وإسماعيل بن عَيَّاشٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 173- عبيد الله بن المغيرة3 -ق- بن معيقيب أبو المغيرة السبأي المصري. روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخَيَّارِ وَأَبِي الْهَيْثَمِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْعُتْوَارِيِّ صَاحِبِ أَبِي سَعِيدٍ. وعنه عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِهِ. قَال أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وثلاثين ومائة.   1 التاريخ الكبير "5/ 385"، وتهذيب التهذيب "7/ 19". 2 تهذيب التهذيب "7/ 35"، والتقريب "1/ 498". 3 التاريخ الكبير "5/ 399"، وتهذيب التهذيب "7/ 49". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 322 174- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سلَمَانَ الأَغَرُّ1 -خ ت ق- مَوْلَى بَنِي جُهَيْنَةَ. عَنْ وَالِدِه أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ. وعنه مَالِكٌ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 175- عُبَيْدُ بْنُ سَلْمان الأَعْرَجُ2. مَوْلَى مُسْلِمِ بْنِ هِلالٍ. سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ. وعنه ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا أَعْلَمُ فِي حَدِيثِهِ إِنْكَارًا يُحَوَّلُ مِنْ كِتَابِ الضُّعَفَاءِ لِلْبُخَارِيِّ. 176- عُبَيْدُ بْنُ سُوَيَّةَ الأَنْصَارِيُّ3. مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ، رَجُلٌ صَالِحٌ مُفَسِّرٌ قَلَّمَا رَوَى. أَخَذَ عَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شريح وَابْنُ لَهِيعَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُمْ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ ومائة. 177- عبيد بن مهران الكوفي4 -م ن- المكتب. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ. وعنه فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَجَرِيرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وُثِّقَ. 178- عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدِ5 -ع- بن قيس بن عمرو الأنصاري المدني أخو يحيى وسعد.   1 التاريخ الكبير "5/ 384"، وتهذيب التهذيب "7/ 18". 2 الجرح والتعديل "5/ 407". 3 تهذيب التهذيب "7/ 67". 4 التاريخ الكبير "6/ 4"، وتهذيب التهذيب "7/ 74". 5 التاريخ الكبير "6/ 76"، وتهذيب التهذيب "6/ 126"، والمشاهير "133"، والجرح والتعديل "6/ 41". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 323 روى عن أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعَمْرَةَ. وعنه عَطَاءٌ شَيْخُهُ وَشُعْبَةُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ وَقَّادًا حَيَّ الْفُؤَادِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ. 179- عَبْدَةُ بْنُ رَبَاحٍ الْغَسَّانِيُّ1، الشَّامِيُّ. عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ. وعنه ابْنُهُ الْحَارِثُ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَجَبَلَةُ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ. وَلَهُ دَارٌ بِبَابِ الْبَرِيدِ تُعْرَفُ بِدَارِ الْكَاسِ، وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ الْمَوْصِلِ وَالْجَزِيرَةَ لِلْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ جَلِيسٌ لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُقَالُ لَهُ هِشَامُ بْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ فَقَالَ لَهُ: كَانَ عِنْدَنَا صَاحِبُ شُرْطَةَ يُقَالُ لَهُ عَبْدَةُ بْنُ رَبَاحٍ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي يَعُقُّنِي وَيَظْلِمُنِي فَأَرْسَلَ مَعَهَا يَطْلُبُهُ فَقَالَتِ الشُّرْطَ لَهَا: إِنْ أَخَذَ ابْنَكِ ضَرَبَهُ أَوْ قَتَلَهُ، قَالَتْ: كَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَمَرَّتْ بِكَنِيسَةٍ عَلَى بابها شامس فَقَالَتْ: خُذُوا هَذَا ابْنِي فَقَالُوا: أَجِبِ الأَمِيرَ، فَلَمَّا حَضَرَ قَالُوا لَهُ: تَضْرِبُ أُمَّكَ وَتَعُقَّهَا! قَالَ: مَا هِيَ أُمِّي، قَالَ: وَتَجْحَدُهَا أَيْضًا! فَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: إِنْ أَرْسَلْتَهُ مَعِي ضَرَبَنِي، فَقَالَ: هَاتُوهُ، فَأَرْكَبَهَا عَلَى عُنُقِهِ وَأَمَرَ فَنُودِيَ عَلَيْهِ هَذَا جَزَاءُ مَنْ يَعُقُّ أُمُّهُ. فَمَرَّ بِهِ صَدِيقٌ لَهُ فَقَالَ: مَا هَذَا! قَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُمٌّ فَلْيَمْضِ إِلَى عَبْدَةَ يُجْعَلْ لَهُ أُمًّا. 180- عُتْبَةُ بن حميد الضبي البصري2 -د ت ق- أبو معاذ. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ. وعنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ.   1 التاريخ الكبير "6/ 114"، والجرح والتعديل "6/ 69". 2 التاريخ الكبير "6/ 526"، وتهذيب التهذيب "7/ 96". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 324 وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 181- عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ التَّيْمِيُّ1 -خ م د ق- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. وَهُوَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ. روى عن عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وعنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَمُسْلِمٌ الزِّنْجِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ. 182- عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عباد2 -م ن4- بْنِ حَنِيفٍ أَبُو سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسٍ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَدَدٍ كَثِيرٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَهُشَيْمٌ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَطَائِفَةٌ. وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا زَاهِدًا عَابِدًا. 183- عُثْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ الشَّامِيُّ3، أَخُو سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ. روى عن عِكْرِمَةَ وَالضَّحَاكِ وَعُمَرَ بن عبد العزيز وعمير بن هانيء. وعنه ابْنُ ثَوْبَانَ وَهِشَامُ بْنُ الْغَازِ وَعُمَرُ بْنُ مَرْوَانَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هُوَ مَجْهُولٌ يَنْقُلُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ قَدَرِيًّا. قُلْتُ: أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ خَبَرًا مُنْكَرًا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ. 184- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ4، الدِّمَشْقِيُّ الأَمِيرُ. وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ مِنْ قِبَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ.   1 التاريخ الكبير"6/ 524"، وتهذيب التهذيب "7/ 102". 2 التاريخ الكبير "6/ 216"، وتهذيب التهذيب "7/ 111". 3 تاريخ أبي زرعة "1/ 66". 4 المعرفة والتاريخ "3/ 379". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 325 وَروى عن كُهَيْلِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثًا رَوَاهُ عَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ. وَثَّقَهُ يَعْقُوبُ الفسوي. وكان قد ولي إمرة لِلْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ ثُمَّ إِنَّهُ نَزَعَ الطَّاعَةَ وَخَرَجَ فَقَتَلَهُ بَنُو الْعَبَّاسِ. 185- عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ بن الزبير1 -خ م د ن ق- بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْقُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَحَدُ خُطَبَاءِ قُرَيْشٍ وَعُلَمَائِهِمْ وَأَشْرَافِهِمْ وَكَانَ جَمِيلَ الْهَيْئَةِ رَوَى عَنْ أَبِيهِ فَقَطْ شَيْئًا يَسِيرًا. وَروى عنه أَخُوهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ صَائِحًا يَصِيحُ مِنَ السَّمَاءِ لَقَالَ أَمِيرُكُمْ عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ: الشُّكْرُ وَإِنْ قَلَّ جَزَاءُ كُلِّ نَائِلٍ وَإِنْ جَلَّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَفَدَ عُثْمَانُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَوَصَلَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا لَمْ يُعَقِّبْ. وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ لِي وَأَنا أُغَلِّفُ لِحْيَتِي بِالْغَالِيَةِ: إِنِّي أَرَاهَا سَتَقْطُرُ دَمًا وَمَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيَّ. وَقِيلَ: إِنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسِهِ فَيَسْلِتُ نَاسٌ الْغَالِيَةَ مِنْ عَلَى الْحَصَى مِمَّا أَصَابَهَا مِنْ لِحْيَتِهِ. وَيُقَالُ: لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَحَسَنَ مِنْهُ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ عُثْمَانُ أَصْغَرَ مِنْ هِشَامٍ وَمَاتَ قَبْلَ هِشَامٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ قَبْلَ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 186- عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ الْفَقِيهُ2 -4- أَبُو عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ بَيَّاعُ الْبُتُوتِ. اسْمُ أَبِيهِ مُسْلِمٌ, وَيُقَالُ أَسْلَمُ, وَيُقَالُ: سُلَيْمَانُ، وَأَصْلُهُ مِنَ الكوفة.   1 التاريخ الكبير "6/ 244"، تهذيب التهذيب "7/ 138". 2 التاريخ الكبير "6/ 215"، وتهذيب التهذيب "7/ 153". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 326 روى عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلُمَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وعنه شُعْبَةُ والثوري هشيم وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ لَهُ أَحَادِيثُ وَكَانَ صَاحِبَ رَأْيٍ وَفِقْهٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَرَوَى عَبَّاسُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: وَمِمَّنْ روى عنه أبو شعاب عَبْدُ رَبِّهِ الْخَيَّاطُ وَعُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ الْغَطْفَانِيُّ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. 187- عُرْوَةُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو فَرْوَةَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1 -خ م د ت-. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي زُرْعَةَ. وعنه شُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ. وَهُوَ ثِقَةٌ يُعْرَفُ بِأَبِي فَرْوَةَ الأكبر. 188- عروة بن رويم2 -د ن ق- أبو القاسم اللخمي الأزدي. عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخَشَنِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ. روى عنه مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مَرَاسِيلُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ أَبَا ثَعْلَبَةَ وَسَمِعَ مِنْهُ.   1 التاريخ الكبير "7/ 34"، وتهذيب التهذيب "7/ 178". 2 التاريخ الكبير "7/ 33"، وتهذيب التهذيب "7/ 179". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 327 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ آخَرُ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 189- عُرْوَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قشير1 -د ق- أبو سهل الجعفي الكوفي. عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وعنه سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وعمر بْنُ شِمْرٍ وَعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَلَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي السنن. 190- عطاء بن السائب2 -4خ متابعة - بن مالك الثقفي أبو زيد الكوفي. أَحَدُ الْمَشَاهِيرِ. روى عن أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَذَرٍّ الْهَمْدَانِيِّ وَأَبِي وَائِلٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وطائفة سواهم. وعنه سفيان وشعبة وحماد وبن سلمة - هؤلاء حَدِيثُهُمْ عَنْهُ صَحِيحٌ عَلَى مَا ذَكَرَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ - وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَزَائِدَةُ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَزِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لِلْقَطَّانِ وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ثِقَةٌ ثِقَةٌ رَجُلٌ صَالِحٌ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا كَانَ صَحِيحًا وَكَان يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ فِي حَدِيثِهِ الْقَدِيمِ لَكِنَّهُ تَغَيَّرَ وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْهُ جَيِّدَةٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ وَضِرَارَ بْنَ مُرَّةَ رَأَيْتُ أَثَرَ الْبُكَاءَ عَلَى خُدُودِهِمَا.   1 التاريخ الكبير "7/ 34"، وتهذيب التهذيب "7/ 186". 2 التاريخ الكبير "6/ 465"، وتهذيب التهذيب "7/ 203". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 328 وقال أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: كَانَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَكَانَ مِنَ الْمَهَرَةِ بِهِ وَصَحَّ أَنَّهُ رَأَى عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْهُ قَالَ: مَسَحَ عَلَى رأسي ودعا لي بالبركة. قال ابن المديني: قُلْتُ لِيَحْيَى الْقَطَّانِ: مَا حَدَّثَ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ صَحِيحٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِلا حَدِيثَيْنِ كَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ: سَمِعْتُهُمَا بِأَخَرَةٍ عَنْ زَاذَانَ. قَالَ الْقَطَّانُ: وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَقُولُ فِي عَطَاءٍ شَيْئًا قَطُّ فِي حَدِيثِهِ الْقَدِيمِ وَقَدْ شَهِدَ الْجَمَاجِمَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كُلُّ حَدِيثِهِ ضَعِيفٌ إِلا مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ سَأَلَنَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَيَقُولُ: إِنَّهُ مِنَ الْبَقَايَا1، قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ أَكْبَرَ مِنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ: رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. وَرَوَى ابْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: شَهِدْتُ الْجَمَاجِمَ فَرَأَيْتُ رَجُلا فِي السِّلاحِ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ إِلا عَيْنُهُ فَجَاءَ سَهْمٌ فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَقَتَلَهُ وَرَأَيْتُ رَجُلا حَاسِرًا فِي وسطه منطقة فرمى فأصاب سَهْمٌ فِي مَنْطِقَتِهِ ثُمَّ نَبَا عَنْهَا. وَفِي الْجَعْدِيَّاتِ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ أَتَى بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ: "كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَلا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا" 2. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَسْوَدِ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ عطاء سنة ست وثلاثين ومائة.   1 تقدم في سير أعلام النبلاء "6/ 336". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "3772"، والترمذي "1805"، وابن ماجه "3275". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 329 191- عطاء بن عجلان الحنفي1 -ت- أبو محمد البصري العطار. روى عن أَنَسٍ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ قَاضِي شِيرَازَ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كذاب. وقال النسائي وغيره: متروك. وقال الدارقطني مَرَّةً: ضَعِيفٌ يُعْتَبَرُ بِهِ، وَمَرَّةً قَالَ: مَتْرُوكٌ. 192- عطاء بن قرة السلولي الدمشقي2 -ت ق- أبو قرة. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ وَالزُّهْرِيِّ. وعنه ابْنُ ثَوْبَانَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: كَانَ عَبْدًا صَالِحًا قِيلَ لَهُ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ دِمَشْقَ فَقَالَ: هَاه فَمَاتَ. وَرُوِيَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فُؤَادِهِ وَقَالَ: وَافُؤَادَاهُ وَافُؤَادَاهُ حَتَّى مَاتَ وَذَلِكَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 193- عَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ3، -ع- أَحَدُ الْكِبَارِ، نَزَلَ دِمَشْقَ وَالْقُدْسَ، وَحَدِيثُهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مُرْسَلٌ. وَروى عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَنَافِعٍ وَعِدَّةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَخَلْقٌ، حَتَّى إن شيخه عطاء روى عنه.   1 التاريخ الكبير "6/ 476"، وتهذيب التهذيب "7/ 208"، وميزان الاعتدال "3/ 75"، والتاريخ لابن معين "1968". 2 تهذيب التهذيب "7/ 210"، والثقات "7/ 252". 3 تهذيب التهذيب "7/ 212"، والمعرفة والتاريخ "2/ 325". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 330 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ لَكِنَّهُ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ ابْنُ مَيْسَرَةَ رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً إِلا نَوْمَةَ السَّحَرِ وَكَانَ يَعِظُنَا وَيَحُضُّنَا عَلَى التَّهَجُّدِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ إِذَا جَلَسَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُحَدِّثُهُ أَتَى الْمَسَاكِينَ فَحَدَّثَهُمْ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوْثَقُ عَمَلِي فِي نَفْسِي نَشْرُ الْعِلْمِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: ثنا اللَّيْثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ حدثني أن عطاء الخرساني حَدَّثَهُ فِي الرَّجُلِ الَّذِي أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ قَالَ: لا أجدها - الحديث. هكذا رواه كاتب الليث وَغَلَطَ وَالصَّوَابُ مَا رَوَى سُلَيْمَان بْن حَرْب ثَنَا حَمَّادُ بْن زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ: إِنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ حَدَّثَنِي عَنْكَ فِي الَّذِي وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ: كَذِبَ مَا حَدَّثْتُهُ إِنَّمَا بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "تَصَدَّقَ تَصَدَّقَ" 1. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ نُوحٍ هُوَ عَطَاءٌ هَذَا، وَأَنَا أَرَاهُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ2. وُلِدَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَقِيلَ: وُلِدَ سَنَةَ سِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُهُ عُثْمَانُ: تُوُفِّيَ أَبِي بِأَرِيحَا سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 194- عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ الْبَصْرِيُّ3 -سِوَى ت-. عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ. وعنه خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَشُعْبَةُ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَحَمَّادُ بْنُ سلمة وغيرهم.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1935"، ومسلم "1112"، وأبو داود "2394". 2 راجع فتح الباري "8/ 821/ حديث "4920". 3 التاريخ الكبير "6/ 469"، وتهذيب التهذيب "7/ 215". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 331 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ: هُوَ وَابْنُهُ قَدَرِيَّانِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَنْدَهْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ يَرَى الْقَدَرَ. 195- عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ الزَّاهِدُ1 عَابِدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. يُحْكَى عَنْهُ أَمْرٌ يَتَجَاوَزُ الْحَدَّ فِي الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ. أَدْرَكَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَخَذَ عَنِ الْحَسَنِ. قَالَ صَالِحُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ خُلَيْدِ بْنِ دَعْلَجٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ فُلانَ بْنَ عَلِيٍّ قَتَلَ أَرْبَعَمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى دَمِ وَاحِدٍ فَقَالَ مُتَنَفِّسًا: هَاه ثُمَّ خَرَّ مَيِّتًا2. قَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ عَنْ عَطَاءٍ السَّلُولِيِّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَارًا أَشْعَلَتْ ثُمَّ قِيلَ مَنْ دَخَلَهَا نَجَا تُرَى كَانَ أَحَدٌ يَدْخُلُهَا؟ فَقَالَ: لَوْ قِيلَ ذَلِكَ لَخَشِيتُ أَنْ تَخْرُجَ نَفْسِي فَرَحًا قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَيْهَا. وقال سليمان الشاذ كوني: ثنا نُعَيْمُ بْنُ مُوَرِّعٍ قَالَ: انْتَبَهَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ فَجَعَلَ يَقُولُ: وَيْلٌ لِعَطَاءٍ لَيْتَ عَطَاءً لَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ، وَعَلَيْهِ مَدْرَعَةٌ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى اصْفَرَّتِ الشَّمْسِ فَقُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانُ الدَّارَانِيُّ: كَانَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ قَدِ اشْتَدَّ خَوْفُهُ فَكَانَ لا يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ3. وَعَنْ مُرَجَّى بْنِ وَدَاعٍ الرَّاسِبِيِّ قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ إِذَا هَبَّتْ رِيحٌ وَرَعْدٌ قَالَ: هَذَا مِنْ أَجْلِي يُصِيبُكُمْ لَوْ مُتُّ اسْتَرَاحَ النَّاسُ. وَعَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيُّ قَالَ: أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا شَيْخُ قَدْ خَدَعَكَ إِبْلِيسُ فَلَوْ شَرِبْتَ كُلَّ يَوْمٍ شَرْبَةَ سَوِيقٍ4. وَقِيلَ: كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ ارْحَمْ غُرْبَتِي فِي الدُّنْيَا وَارْحَمْ مَصْرَعِي عِنْدَ الْمَوْتِ وَارْحَمْ وَحْدَتِي فِي قَبْرِي وَارْحَمْ قيامي بين يديك.   1 التاريخ الكبير "6/ 475"، وميزان الاعتدال "3/ 78". 2 كذا أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 318". 3 وفي السير "6/ 317" "قال: فكان لا يسأل الجنة بل يسأل العفو". 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 332 وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ: تَرَكْتُ عَطَاءً السَّلِيمِيَّ بِالْبَصْرَةِ حِينَ خَرَجْتُ إِلَى الثَّغْرِ فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً عَلَى فِرَاشِهِ لا يَقُومُ مِنَ الْخَوْفِ وَلا يَخْرُجُ، أَضْنَاهُ الْخَوْفُ فَكَانَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّي قَائِمًا وَكَانَ يُوَضَّأُ عَلَى الْفِرَاشِ وَأَيُّ شَيْءٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَدْ أَطَاعَ اللَّهَ عَدَدَ شَعْرِهِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: كَانَ عَطَاءُ قَدِ اشْتَدَّ خَوْفُهُ فَإِذَا ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْجَنَّةَ قَالَ: نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ، وَعَنْ عَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ قَالَ: الْتَمِسُوا لِي هَذِهِ الأَحَادِيثَ فِي الرخص لعل الله يُرَوِّحَ عَنِّي بَعْضَ غَمِّي. وَقِيلَ: كَانَ إِذَا بَكَى بَكَى ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا. وَقَالَ الصَّلْتُ بْنُ حَلِيمٍ: ثنا أَبُو يَزِيدَ الْهَدَادِيُّ قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنَ الْجُمُعَةِ فَإِذَا عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ وَعُمَرُ بْنُ ذَرٍّ يَمْشِيَانِ، وَكَانَ عَطَاءٌ قَدْ بَكَى حَتَّى عَمِشَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ صَلَّى حَتَّى دَبَرَ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَطَاءٍ: حَتَّى مَتَى نَسْهُو وَنلْعَبُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ فِي طَلَبِنَا لا يَكُفُّ! فَصَاحَ عَطَاءٌ وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَانْشَجَّ مَوْضِحَهُ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى حَالِهِ إِلَى الْمَغْرِبِ ثُمَّ أَفَاقَ فَحُمِلَ. وَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ: شَهِدْتُ عَطَاءً السَّلِيمِيَّ خَرَجَ فِي جَنَازَةٍ فَغُشِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا أَبُو يَزِيدَ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: مَاتَ حَبِيبٌ مَاتَ مَالِكٌ مَاتَ فُلانٌ لَيْتَنِي مِتُّ فَكَانَ أَهْوَنَ لِعَذَابِي. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ يَمَسُّ جَسَدَهُ بِاللَّيْلِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ مُسِحَ. 196- عُقَيْلُ بْنُ مُدْرِكٍ2، أَبُو الأَزْهَرِ. شَامِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيِّ وَأَبِي الزَّاهِرِيَّةَ وَلُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ. وعنه صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. 197- الْعَلاءُ بْنُ الْحَارِثِ3 -م4- أبو وهب الحضرمي الشامي الفقيه.   1 فانشج موضحه: هي التي تبدي وضح العظم أي بياضه. 2 التاريخ الكبير "7/ 53"، والمعرفة والتاريخ "2/ 350". 3 التاريخ الكبير "6/ 513"، وتهذيب التهذيب "8/ 177". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 333 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ وَمَكْحُولٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَفَرَجُ بْنُ فُضَالَةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَعْلَمَ أَصْحَابِ مَكْحُولٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ مُفْتِيًا قَلِيلَ الْحَدِيثِ وَخَلَطَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا أَعْلَمُ فِي أَصْحَابِ مَكْحُولٍ أَوْثَقَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ تَغَيَّرَ عَقْلُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ يَرَى الْقَدَرَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثِقَةٌ. قَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً. 198- الْعَلاءُ بْنُ خَالِدٍ الأَسَدِيُّ الْكَاهِلِيُّ1 -م ت- عَنْ أَبِي وَائِلٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 199- الْعَلاءُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ2. الشَّاعِرُ الْمَكِّيُّ. وَاسْمُ أَبِيهِ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخٍ. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَهُوَ شِيعِيٌّ جَلْدٌ. روى عنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَالسُّفْيَانَانِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 200- الْعَلاءُ بن عبد الجبار3 اليحصبي الحمصي.   1 التاريخ الكبير "6/ 516"، وميزان الاعتدال "3/ 98". 2 التاريخ الكبير "6/ 512"، وميزان الاعتدال "3/ 102". 3 التاريخ الكبير "6/ 512"، وتهذيب التهذيب "8/ 188" وفيه "عتبة" بدلا من "عبد الجبار". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 334 عن خالد بن معدان وعمير بن هانيء. وعنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 201- الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يعقوب1 -م4- أبو شبل المدني. أَحَدُ الْمَشَاهِيرِ، وَلاؤُهُ لِلْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ. روى عن أَبِيهِ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زَهْرَةَ وَمَعْبِد بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: كَانَ جدي يعقوب مكاتبًا لمالك بن أوس ابن الْحَدَثَانِ الْبَصْرِيُّ وَكَانَتْ أُمُّهُ مَوْلاةٌ لِرَجُلٍ مِنَ الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ, فَوَلَدَتْ لَهُ أَبِي وَهُوَ مُكَاتَبٌ فَعُتِقَ أَبِي لِعِتَاقَةِ أُمِّهِ فَدَخَلَ بِهِ الْحُرَقِيُّ بَعْدَمَا عَتَقَ جَدِّي عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَسْأَلُهُ اللَّحِقَ فِي الدِّيوَانِ, فَقَامَ إِلَيْهِ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ فَقَالَ: مَوْلاي قَدْ أُعْتِقَ أَبُوهُ فَجُرَّ إِلَيَّ وَلاؤُهُ، قَالَ: فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ فَقَضَى بِهِ لِلْحُرَقِيُّ، فَنَحْنُ مَوْلَى الْحُرَقَةَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: لَمْ يَزَلِ النَّاسِ يَتَّقُونَ حَدِيثَ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَذْكُرُهُ بِسُوءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَنْكَرُ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِحُجَّةٍ وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. تُوُفِّيَ الْعَلاءُ سَنَةَ ثَمَانٍ وثلاثين ومائة.   1 التاريخ الكبير "6/ 508"، وتهذيب التهذيب "8/ 186". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 335 202- علقمة بن أبي علقمة1 -ع- بلال المدني مَوْلَى عَائِشَةَ. كَانَ ثِقَةً يُعَلِّمُ الْعَرَبِيَّةَ. روى عن أُمِّهِ مُرْجَانَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالأَعْرَجِ. وعنه مَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. تُوُفِّيَ قُبَيْلَ الأَرْبَعِينِ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ. 203- عَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ2 -4- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ مَوْلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. وَهُوَ كُوفِيُّ الأَصْلِ. روى عن أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ. وعنه شُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَإِسْرَائِيلُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ رَأْسٌ فِي التَّشَيُّعِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 204- عَلِيُّ بْنُ الحكم البناني3 -خ4- أبو الحكم البصري. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وعنه الْحَمَّادَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 205- عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جدعان4، -4م- مقرونًا هُوَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ أَبُو الْحَسَنِ القرشي التيمي البصري الضرير.   1 التاريخ الكبير "7/ 42"، وتهذيب التهذيب "7/ 275". 2 التاريخ الكبير "6/ 262"، وتهذيب التهذيب "7/ 285". 3 التاريخ الكبير "6/ 270"، وتهذيب التهذيب "7/ 311". 4 التاريخ الكبير "6/ 275"، وتهذيب التهذيب "7/ 322". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 336 أَحَدُ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ فِي زَمَانِهِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعُرْوَةَ وَجَمَاعَةٍ وَلَزِمَ الْحَسَنَ مُدَّةً. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ وَهَمَّامٌ وَزَائِدَةُ وَهُشَيْمٌ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَخَلْقٌ، وَوَلَدٌ أَعْمَى. قَالَ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ قُلْنَا لابْنِ جُدْعَانَ: اجْلِسْ مَجْلِسَ الْحَسَنِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ الْجُرَيْرِيَّ يَقُولُ: أَصْبَحَ فُقَهَاءُ الْبَصْرَةِ عُمْيَانًا ثَلاثَةً: قَتَادَةُ وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَأَشْعَثُ الْحُدَّانِيُّ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ: رُبَّمَا حَدَّثْتُ الْحَسَنَ بِالْحَدِيثِ أَسْمَعُهُ مِنْه فَأَقُولُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَتَدْرِي مَنْ حَدَّثَكَ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي إِلا أَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ ثِقَةٍ، فَأَقُولُ: أَنَا حَدَّثْتُكَ بِهِ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ عَنْ مُبَارَكٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: بِتُّ مَعَ الْحَسَنِ فَقُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأْتُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ فَقَالَ الْحَسَنُ: دَافَعْتَ الصُّبْحَ اللَّيْلَةَ. وَقَالَ شُعْبَةُ: ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَكَانَ دَفَّاعًا. وَقَالَ مُرَّةُ: حَدَّثَنَا قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: أنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَكَانَ يَقْلِبُ الأَحَادِيثَ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ قَالَ: كَانَ شِيعِيًّا. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا أَحْتَجُّ بِهِ لِسُوءِ حِفْظِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي الطَّاعُونِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 337 وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: صَدُوقٌ. 206- عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلادِ بْنِ رَافِعٍ الزَّرْقِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -خ د ن ق- أبو الحسن. روى عن عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ وَعَنْ أَبِيهِ يَحْيَى. وعنه ابْنُهُ إِسْحَاقَ وَابْنُ عَجْلانَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُهُ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ وَروى عنه نُعَيْمٌ الْمُجَمِّرُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 207- عمار الدهني2 -م4- أبو معاوية البجلي الكوفي. وَدُهْنٌ هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَسْلَمَ، وَفِي بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ دُهْنُ بْنُ عَذْرَةَ. رَوَى عَمَّارٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ. وعنه شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ: تُوُفِّي سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 208- عُمَارَةُ بْنُ جوين3 -ت ق- أبو هارون العبدي البصري. روى عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري. وعنه الْحَمَّادَانِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: شِيعِيٌّ جَلْدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ عَوْنٍ وَالثَّوْرِيِّ وَشَرِيكٍ وَهُشَيْمٍ وَعَبْدِ الْوَارِثِ وَيُذْكَرُ عنه أشياء في الغلو في التشيع.   1 التاريخ الكبير "6/ 300"، وتهذيب التهذيب "7/ 394". 2 التاريخ الكبير "7/ 38"، وتهذيب التهذيب "7/ 406". 3 التاريخ الكبير "6/ 499"، وتهذيب التهذيب "7/ 412". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 338 قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 209- عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ1 -خ4- وَاسْمُ أَبِيهِ ثَابِتٌ. بَصْرِيٌّ مَشْهُورٌ وَلاؤُهُ لِلْعَتَكِيِّينَ وَلَمْ يُدْرِكْ وَلَدُهُ حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ الأَخْذَ عَنْهُ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ. يَرْوِي عن أبي عثمان النهدي وأبي مجلذ لاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: تُوُفِّيَ سنة اثنين وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَهُوَ مِنْ قُدَمَاءِ مَشْيَخَةِ يَزِيدَ بن هارون. 210- عمارة بن غزية2 -م4- بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَزِيَّةَ الأَنْصَارِيُّ. مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، مَدَنِيٌّ مَشْهُورٌ ثِقَةٌ. روى عن أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَالشَّعْبِيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه بَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَإِسْمَاعِيلَ بْنُ جَعْفَرٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَآخَرُونَ. اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فَضَعَّفَهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 211- عُمَارَةُ بن القعقاع3 -ع- بن شبرمة الضبي الكوفي. كان أسن من   1 التاريخ الكبير "6/ 502"، وتهذيب التهذيب "7/ 415". 2 التاريخ الكبير "6/ 503"، وتهذيب التهذيب "7/ 422". 3 التاريخ الكبير "6/ 501"، وتهذيب التهذيب "7/ 423". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 339 عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبْرُمَةَ وَكَانَ يَفْضُلُ عَلَيْهِ. روى عن أَبِي زُرْعَةَ فَأَكْثَرَ وَعَنِ الأَخْنَسِ بْنِ خَلِيفَةَ الضَّبِّيُّ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 212- عُمَرُ بْنُ جُعْثُمٍ الشَّامِيُّ الْحِمْصِيُّ1. عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السُّكُونِيِّ. وعنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. 213- أَمَّا عُمَرُ بْنُ خَثْعَمٍ الْيَمَامِيُّ2، فَهُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَثْعَمٍ. يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. ضَعِيفٌ. 214- عُمَرُ بْنُ السَّائِبِ3، أَبُو عَمْرٍو الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ. روى عن الْقَاسِمِ بْنِ قَزْمَانَ وَابْنٍ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ. وَهُوَ مُقِلٌّ. روى عنه اللَّيْثُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 215- عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ4 -4- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أبو حاتم: هو عندي صالح.   1 التاريخ الكبير "6/ 145"، وتهذيب التهذيب "7/ 430". 2 تهذيب التهذيب "7/ 438، 468"، والكامل في الضعفاء "5/ 64". 3 التاريخ الكبير "6/ 162"، تهذيب التهذيب "7/ 450". 4 تهذيب التهذيب "7/ 456"، وميزان الاعتدال "3/ 201". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 340 قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَلَمْ يُحْتَجَّ بِهِ بَلِ اسْتَشْهَدَ بِهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَتَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ مَعَ ابْنِ أُخْتٍ لَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَكَذَا قَالَ خَلِيفَةُ. وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ. 216- عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ. روى عن شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَمَكْحُولٍ وَسَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ. وعنه بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ وَمَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ. 217- عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ الْقَاضِي1 -م ن- السلمي البصري أبو حفص. عَنْ أَمِّ كُلْثُومٍ وَعَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ قَتَادَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَجَمَاعَةٍ. وعنه سَالِمُ بْنُ نُوحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقَطِيعِيُّ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَعِدَّةٌ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ مَاتَ فَجْأَةً. 218- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الله بن يعلى2 -ق- بن مرة الثقفي الكوفي. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَجَدَّتِهِ حَكِيمَةَ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَزِيَادُ الْبَكَّائِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. ضَعَّفَهُ أحمد، وقال الدارقطني: متروك.   1 التاريخ الكبير "6/ 181"، وتهذيب التهذيب "7/ 466". 2 التاريخ الكبير "6/ 170"، وتهذيب التهذيب "7/ 480"، وميزان الاعتدال "3/ 211". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 341 219- عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْبَصْرِيُّ1 -ت ق- قَهْرَمَانُ آلَ الزُّبَيْرِ، ابْنُ شُعَيْبٍ أَبُو يَحْيَى الأَعْوَرُ. روى عن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَصَيْفِيِّ بن صهيب. وعنهه الْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُلَيَّهَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فيه نظر. 220- عمرو بن عامر2 -د ن ق- أو ابن عمرو أبو الزعراء الجشمي. عَنْ عَمِّهِ أَبِي الأَحْوَصِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعِكْرِمَةَ. وعنه سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 221- عَمْرُو بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ3، أَبُو سُهَيْلٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْوَاقِفِيُّ وَالِدُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عَنْ سَعِيد بْن المسيب وسعيد بْن عمير. وعنه مَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 222- عَمْرُو بْنُ عِمْرَانَ أَبُو السَّوْدَاءِ النَّهْدِيُّ4 -د- كُوفِيٌّ مُقِلٌّ. عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ وَعَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ عَبْدِ خَيْرٍ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَأَبِي مجلز. وعنه السُّفْيَانَانِ وَحَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَوْقَةَ. قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُتِلَ أيام قحطبة.   1 التاريخ الكبير "6/ 369"، وتهذيب التهذيب "8/ 30". 2 الجرح والتعديل "6/ 251"، وتقريب التهذيب "2/ 81". 3 التاريخ الكبير "6/ 352". 4 التاريخ الكبير "6/ 359"، وتهذيب التهذيب "8/ 84". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 342 223- عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب1 -ع- بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ أَبُو عُثْمَانَ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْن جُبَيْر وأبي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَالأَعْرَجِ وَعِكْرِمَةَ. وعنه مَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَخُوهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَاسْمُ أَبِيهِ مَيْسَرَةُ. 224- عَمْرُو بْنُ قيس2، -ع- بْنِ ثَوْرِ بْنِ مَازِنِ بْنِ خَيْثَمَةَ أَبُو ثَوْرٍ السَّكُونِيُّ الْكِنْدِيُّ الْحِمْصِيُّ، وَلِجِدِّهِمْ مَازِنٍ صُحْبَةٌ. وُلِدَ عَمْرٌو عَامَ قُتِلَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَعَ أَبِيهِ. وَروى عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَالنُّعْمَانِ بْنِ بشير واثلة بْنِ الأَسْقَعِ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ وَعَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ وَطَائِفَةٍ. وعنه مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَثَوَابَةُ بْنُ عَوْنٍ الْحَمَوِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ السَّكُونِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: أَدْرَكَ سَبْعِينَ صَحَابِيًّا وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ حِمْصَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: شَامِيٌّ ثِقَةٌ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ وَلِيَ جَيْشَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى غَزْوِ الصَّائِفَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وعشرين ومائة وحدث عن معاوية بحديثين.   1 التاريخ الكبير "6/ 359"، والجرح والتعديل "6/ 252". 2 التاريخ الكبير "6/ 362"، وتهذيب التهذيب "8/ 91". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 343 وَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ مُغَلِّسٍ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ مَنْصُورٍ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ يَقُولُ: قَالَ لِي الْحَجَّاجُ: مَتَى وُلِدْتَ يَا أَبَا ثَوْرٍ؟ قُلْتُ: عَامَ الْجَمَاعَةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، قَالَ: هِيَ مَوْلِدِي، قَالَ بَعْضُ رُوَاةٍ هَذَا فَتُوُفِّيَ الْحَجَّاجُ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَتُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَهُ مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَزْعُ بِهَذِه الآيَةِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] نَزَلَتْ فِي يوم جمعة يوم عرفة1. قال: قال أبو حاتم وأحمد العجلي وغيرهما: ثقة. وقال الوليد: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَغْزَى الرُّومَ صَائِفَتَيْنِ عَلَى إِحْدَاهُمَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ فِي أَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا نَظَرًا مِنْهُ لِجَمَاعَةِ مَنْ كَانَ أَصَابَهُ الأَزَلُّ2 عَلَى حِصَارِ قُسْطَنْطِينِيَّةَ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ لاوُنُ طَاغِيَةُ الرُّومِ لَمَّا بَلَغَهُ مِنْ قِلَّتِهِمْ فَلَقِيَهُ سَائِحٌ مِنْ سُيَّاحِي الرُّومِ فَقَالَ: أَيْنَ يُرِيدُ الْمَلِكُ؟ قَالَ: هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْقَلِيلَةُ، قَالَ: تَرَكْتَ لِقَاءَهُمْ وَأُمَرَاؤُهُمْ عَلَى تِلْكَ السِّيرَةِ فَلَمَّا وَلِيَهُمْ هَذَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ تَعْرِضُهُمْ! فقال: ذاك بِالشَّامِ وَهَؤُلاءِ بِأَرْضِ الرُّومِ، قَال: عَمَلُ ذَاكَ مُقَدِّمَةٌ لِهَؤُلاءِ. قَالَ سَعِيدُ: فَانْصَرَفَ لاوُنُ عَنْ لِقَائِهِمْ. وَرَوَى بَقِيَّةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي مَرْيَمَ قَال: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى وَالِي حِمْصَ انْظُرِ الَّذِينَ نَصَبُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْفِقْهِ وَحَبَسُوهَا فِي الْمَسْجِدِ عَنْ طَلَبِ الدُّنْيَا فَأَعْطِ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَانَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ وَأَسَدُ بْنُ وَدَاعَةَ فِيمَنْ أَخَذَهَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلاءِ ثنا ثَوَابَةُ بْنُ عَوْنٍ التَّنُوخِيُّ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ السَّكُونِيَّ يَقُولُ: حَجَجْتُ فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ حَجِّنَا خَرَجْنَا نُرِيدُ الْعُمْرَةَ مِنْ بَطْنِ مُرٍّ فَأَغْفَيْتُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ مَكَّةَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى رَوَاحِلِهِمْ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: "تُرِيدُ الْعُمْرَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَقَالَ لِي: "لا، الْعُمْرَةُ مِنَ الْجُحْفَةِ" ثَلاثًا, فَانْتَبَهْتُ فَأَخْبَرْتُ أَصْحَابِي بِرُؤْيَايَ وَإِلَى جَانِبِنَا رَجُلٌ مَعَهُ حَشْمٌ فلما سمعني أقص رؤياي أرسل   1 صحيح: أخرجه البخاري "45"، ومسلم "3017". 2 أصابها الأزل: يعني الضيق والشدة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 344 إِلَى رَسُولِهِ, فَقَالَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُرِيدُكَ، فَقُلْتُ: مَنْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَقُلْتُ: أَهَلْ هُوَ صَاحَبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال: نَعَمْ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي رَأَيْتَ هَذِهِ الرُّؤْيَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اقْصُصْهَا عَلَيَّ رَحِمَكَ اللَّهُ، فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا انْتَهَيْتُ إِلَى ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَكَى حَتَّى نَشَجَ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَحَسَا مِنْهُ ثُمَّ قَال: ارْدُدْ عَلَيَّ رَحِمَكَ اللَّهُ فَرَدَّدْتُ عَلَيْهِ فَتَنَفَّسَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ قَلْبَهُ خَرَجَ ثُمَّ قَالَ: امْضِ لِمَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي منامك فو الذي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَرُبَّمَا سَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةً وَلا مَرَّتَيْنِ يَقُولُ: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ فَمَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ بِي"1. قُلْتُ: وَهِمَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ كَانَ فِيمَنْ سَارَ لِلطَّلَبِ بِدَمِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ إِلَى دِمَشْقَ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَيَكُونُ عُمْرُهُ مِائَةَ سَنَةٍ. وَكَذَا قَالَ فِي عُمْرِهِ مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ. عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلائِيُّ الْكُوفِيُّ فِي الطبقة الآتية. 225- عمرو بن مهاجر2 -د ق- أبو عبيد الدمشقي. كَبِيرُ حَرَسِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَأَى وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ وَروى عن عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه أَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ سِرًّا فَإِنَّ الْغِيلَ يُدْرِكُ الرَّجُلَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ"3 عَنَى بِالسِّرِّ: الْجِمَاعَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ عَلَى سِتِّينَ جَنَازَةً مَاتُوا فِي الطَّاعُونِ فَجَعَلَ الرِّجَالُ مِمَّا يليه.   1 صحيح: أخرجه البخاري "6993"، ومسلم "2266"، والترمذي "2276"، وابن ماجه "3901". 2 تهذيب التهذيب "8/ 107"، والتقريب "2/ 85". 3 ضعيف: أخرجه أبو داود "3881"، وابن ماجه "2012"، وأحمد في المسند "6/ 453"، وابن سعد في الطبقات "7/ 167". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 345 قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ دِيَنارٍ هُوَ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الأَنْصَارِيَّةَ. وَقَالَ ابْنُ عَائِذٍ: ثنا أَبُو مُسْهِرٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الرَّيَّانِ وَقَدْ لَبِسَ جُبَّةً: مَا دَعَاكَ إِلَى لِبْسِ هَذِهِ الْجُبَّةِ؟ قَالَ: سُرُورًا بِخِلافَتِكَ، قَالَ: مَنْ أَيْنَ هِيَ لَكَ؟ قَالَ: مِنْ كِسْوَتِي أَوْ مِنْ كِسْوَةِ أَهْلِ بَيْتِي، قَالَ: انْزَعْ هَذَا السَّيْفَ وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ وَضَعْتُهُ لَكَ فَلا تَرْفَعْهُ. ثُمَّ قَالَ هَكَذَا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخْبِرُكَ، يَا كَهْلُ، قَالَ عَمْرٌو: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِي غَيْرِي، قَالَ: إِيَّاكَ أَعْنِي مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْ وَلَّيْتُكَ الْحَرَسَ فَاللَّهَ اللَّهَ فِي الضَّعِيفِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ: ثنا عمرو بن مهاجر أن عمر بن عبد الْعَزِيزِ قَالَ: إنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ كَمَثَلِ رَجُلٍ اتَّخَذَ سَهْمًا لا رِيشَ لَهُ وَاللَّهِ لأَرُيِّشَنَّهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ جَعَلَ لَهُ فِي الشَّهْرِ عِشْرِينَ دِينَارًا. قَال خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 226- عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَازِنِيُّ1 -ع-. عَنْ أَبِيهِ وَعَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ دِينَارٍ الْقَرَّاظِ. وعنه مَالِكُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَالْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ صَالِحٌ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: صُوَيْلِحٌ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 227- عِمْرَانُ بْنُ أَبِي عَطَاءٍ2. هُوَ أَبُو حَمْزَةَ الْقَصَّابُ، سماه هكذا ابن أبي حاتم.   1 التاريخ الكبير "6/ 382"، وتهذيب التهذيب "8/ 118"، وميزان الاعتدال "3/ 293". 2 التاريخ الكبير "6/ 412"، وتهذيب التهذيب "8/ 135". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 346 وَقِيلَ: أَبُو حَمْزَةَ الْقَصَّابُ مَيْمُونٌ، يَأْتِي بِكُنْيَتِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا اثْنَانِ وَأَنَّ أَبَا حَمْزَةَ عِمْرَانَ بْنَ أَبِي عَطَاءٍ الأَسَدِيَّ الْوَاسِطِيَّ. روى عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَمَّرَ دَهْرًا. روى عنه شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: بَصْرِيٌّ لَيِّنٌ. 228- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ الْقَطَّانُ1 -د-. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ. وعنه ابْنُ أَخِيهِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ. وَهُوَ ضَعِيفٌ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ لَكِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. 229- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو غُنَيْمٍ الْكَلاعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2. عَنْ أَنَسٍ وَمَكْحُولٍ وَأَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وَعِدَّةٍ. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَابْنُ شَابُورٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أحاديثه منكرة. 230- عياش بن عباس3 -م4- أبو عبد الرحيم القتباني الحميري المصري وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ. رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ وَروى عن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْهَيْثَمِ بْنِ شَفِيٍّ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَعِيسَى بْنِ هِلالٍ الصَّدَفِيِّ وَعِدَّةٍ. وعنه حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَشُعْبَةُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين وغيره. مات سنة ثلاث وثلاثين.   1 تهذيب التهذيب "8/ 157"، والجرح والتعديل "6/ 399". 2 ميزان الاعتدال "3/ 300"، والجرح والتعديل "6/ 400". 3 التاريخ الكبير "7/ 48"، وتهذيب التهذيب "8/ 197". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 347 231- عيسى بن سليم العنسي1 -م ن- الرستني. وَالرَّسْتَنُ عَلَى ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ حِمْصَ. يَرْوِي عَن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ جُبير بْنِ نُفير وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ. وعنه عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَبَقِيَّةُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. يُكَنّى أَبَا حَمْزَةَ وَهُوَ بِالْكُنْيَةِ أَشْهَرُ. 323- عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ الْمِصْرِيُّ. عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وعنه يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. مَاتَ شَابًّا. "حرف الْغَيْنِ": 233- غَالِبُ بْنُ مِهْرَانَ العبدي2 -د ت ق- البصري التمار. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَحَمِيدِ بْنِ هِلالٍ. وعنه قَتَادَةُ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 234- غُضَيْفُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ3 -ن-. عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ وَنَافِعِ بْنِ عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ وَأَخِيهِ يَعْقُوبَ بْنِ عَاصِمٍ. وعنه سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ وَعَمْرُو بْنُ وَهْبٍ الطَّائِفِيَّانِ. 235- غَيْلانُ بْنُ جَامِعٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ4 -م د ن ق-.   1 التاريخ الكبير "7/ 106"، وتهذيب التهذيب "8/ 211". 2 التاريخ الكبير "7/ 100"، وتهذيب التهذيب "8/ 243". 3 التاريخ الكبير "7/ 206"، وتهذيب التهذيب "8/ 250". 4 التاريخ الكبير "7/ 104"، وتهذيب التهذيب "8/ 252". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 348 عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَجَمَاعَةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَيَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَمَاتَ كَهْلا، لَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ حَدِيثًا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الْفَاءِ": 236- فَرْقَدُ بْنُ يَعْقُوبَ السَّبَخِيُّ1 -ت ق- مِنْ سَبَخَةِ الْبَصْرَةِ. وَقِيلَ: مِنْ سَبَخَةِ الْكُوفَةِ. أَبُو يَعْقُوبَ النَّسَّاجُ أَحَدُ الْعُبَّادِ. روى عن أَنَسٍ وَمُرَّةَ الطَّيِّبِ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وعنه هَمَّامٌ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ يَحْيَى: ثِقَةٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ. رُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ فَنَظَرَ إلى فرقد السبخي وعليه جبة صوف فقال: يَا فَرْقَدُ لَوْ شَهِدْتَ الْمَوْقِفَ لَخَرَقْتَ ثِيَابَكَ مِمَّا تَرَى مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَعَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ: أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ: الْكِبْرُ وَالْحَسَدُ وَالْحِرْصُ. قِيلَ: إِنَّ فَرْقَدًا تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ بِالْبَصْرَةِ. "حرف الْقَافِ": 237- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو نَهِيكَ الأَسَدِيُّ2. عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ محمد وطاوس.   1 تقدمت ترجمته قبل ذلك. 2 التاريخ الكبير "7/ 158"، وتهذيب التهذيب "8/ 336". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 349 وعنه مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ وَسُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ. وَقَدْ وُثِّقَ. 238- الْقَاسِمُ بْنُ مِهْرَانَ1 -م ن ق- عَنْ أَبِي رَافِعٍ الصائغ. وعنه شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. عِنْدَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. 239- قُحْطُبَةُ بْنُ شَبِيبٍ الطَّائِيُّ الْمَرْوَزِيُّ الأَمِيرُ. أَحَدُ دُعَاةِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَمُقَدِّمُ الْجُيُوشِ، قِيلَ: اسْمُهُ زِيَادٌ وَإِنَّمَا قُحْطُبَةُ لَقَبٌ. وَهُوَ وَالِدُ الأَمِيرَيْنِ الْحَسَنِ وَحُمَيْدٍ، أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ فِي وَجْهِهِ لَيْلَةَ الْمُسَفَاةِ فَوَقَعَ فِي الْفُرَاتِ فَهَلَكَ وَلَمْ يُدْرَ بِهِ. وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ، وَقَدْ مَرَّ مِنْ شَأْنِهِ فِي الْحَوَادِثِ. 240- قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ الْمَدَنِيُّ2 -ق- عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ. وعنه ابْنَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَصَالِحٌ وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَآخَرُونَ. صُوَيْلِحٌ. 241- الْقَعْقَاعُ بْنُ يَزِيدَ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ الأَعْمَى3. روى عن إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وعنه سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرُ بن عبد الحميد. وثقه ابن معين.   1 التاريخ الكبير "7/ 166"، وتهذيب التهذيب "8/ 339". 2 تهذيب التهذيب "8/ 363"، والتقريب "2/ 130". 3 التاريخ الكبير "7/ 188"، والجرح والتعديل "7/ 137". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 350 "حرف الْكَافِ": 242- كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ أَبُو قُرَّةَ الْبَصْرِيُّ1 -سِوَى ت-. عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بن عباد عبد الْوَارِثِ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. قَالَ أَحْمَدُ: صَالِحٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لين. وتردد ابن معين فيه. 243- كثير النواء2 -ت- أبو إسماعيل الكوفي مَوْلَى بَنِي تَيْمِ اللَّهِ. روى عن عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَجُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَكَانَ مِنْ أَجْلادِ الشِّيعَةِ. روى عنه الْمَسْعُودِيُّ وَشَرِيكٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِيِّ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 244- كُرْزُ بْنُ وَبَرَةَ الْحَارِثِيُّ الْكُوفِيُّ3، أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ. روى عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَطَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ خَثْيَمٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ. روى عنه أَبُو طِيبَةَ عِيسَى بْنُ سُلَيْمَان الدَّارِمِيُّ - لَقِيَهُ بِجُرْجَانَ - وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْوَصَّافِيُّ وَمُخْتَارُ التَّيْمِيُّ ومحمد بن فضل وَغَيْرُهُمْ. رَوَى ابْنُ فَضْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كُرْزًا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ أَرْبَعِينَ سنة حياء من الله تعالى.   1 التاريخ الكبير "7/ 215"، والجرح والتعديل "7/ 153". 2 التاريخ الكبير "7/ 215"، وتهذيب التهذيب "8/ 411". 3 التاريخ الكبير "7/ 238"، والجرح والتعديل "7/ 170". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 351 قَالَ: وَكَانَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ فَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. وَكَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ فَرُبَّمَا ضَرَبُوهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: دَخَلَ كُرْزٌ جُرْجَانَ غَازِيًا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ مَعَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ ثُمَّ سَكَنَهَا وَاتَّخَذَ بِهَا مَسْجِدًا فِي طَرَفِ مَحِلَّةِ سُلَيْمَانَ آبَاذَ، وَكَانَ مَعْرُوفًا بِالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ شَبْرُمَةَ: صَحِبْنَا كُرْزَ بْنَ وَبَرَةَ وَكَانَ لا يَنْزِلُ مَنْزِلا إِلا ابْتَنَى مَسْجِدًا وَقَامَ يُصَلِّي فِيهِ. وَلابْنِ شَبْرُمَةَ: لَوْ شِئْتُ كُنْتُ كَكُرْزٍ فِي تَعَبُّدِهِ ... أَوْ كَابْنِ طَارِقٍ حَوْلَ الْبَيْتِ فِي الحَرَمِ قَدْ حَالَ دُونَ لَذِيذِ الْعَيْشِ خَوْفُهُمَا ... وَسَارَعَا فِي طِلابِ الْفَوْزِ وَالْكَرَمِ1 قَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ أَبُو عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ شَبْرُمَةَ: سَأَلَ كُرْزُ بْنُ وَبَرَةَ رَبَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ عَلَى أَنْ لا يَسْأَلَ بِهِ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا فَأُعْطِيَهُ، فَسَأَلَ أَنْ يَقْوَى عَلَى خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. قَال الدَّوْرَقِيُّ: وَحَدَثَّنِي جَرِيرُ بْنُ زِيَادِ بْنِ كُرْزٍ الْحَارِثِيُّ عَنْ شُجَاعِ بْنِ صَبِيحٍ مَوْلَى كُرْزِ بْنِ وَبَرَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ الْمُكْتِبُ قَالَ: صَحِبْتُ كُرْزًا إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ إِذَا نَزَلَ أَدْرَجَ ثِيَابَهُ فِي الرَّحْلِ ثُمَّ تَنَحَّى لِلصَّلاةِ فَإِذَا سَمِعَ رُغَاءَ الإِبِلِ أَقْبَلَ، فَاحْتَبَسَ يَوْمًا عَنِ الْوَقْتِ فَانْبَثَّ أَصْحَابُهُ فِي طَلَبِهِ فَأَصَبْتُهُ فِي وَهْدَةٍ يصلي في ساعة حارة وإذا سَحَابَةٌ تُظِلُّهُ فَلَمَّا رَآنِي أَقْبَلَ نَحْوِي فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ أُحِبُّ أَنْ تَكْتُمَ مَا رَأَيْتَ، قُلْتُ: نَعَمْ. وَعَنِ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَوْضَةَ مَوْلاةِ كُرْزٍ قَالَتْ: قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ يُنْفِقُ كُرْزٍ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: يَا رَوْضَةُ إِذَا أَرَدْتِ شَيْئًا فَخُذِي مِنْ هَذِهِ الْكُوَّةِ، فَكُنْتُ آخُذُ كُلَّمَا أَرَدْتُ. قُلْتُ: وَأَمَّا ابْنُ طَارِقٍ الْمَذْكُورُ فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ. قَالَ ابْنُ فَضْلٍ: حَزَّرُوا طَوَافَهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَشْرَةَ فَرَاسِخَ.   1 راجع الشاهد في تاريخ جرجان "ص/ 337، 338" للسهمي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 352 245- كليب بن وائل1 -خ د ت- بن هنان التيمي البكري المدني نَزِيلُ الْكُوفَةِ. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَزَيْنَبَ بنت أبي سلمة وهانيء بْنِ قَيْسٍ. وعنه زَائِدَةُ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. "حرف اللامِ": 246- لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ2 -4- تُوُفِّيَ فِي قَوْلِ مُطَيَّنٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، وَسَيَأْتِي. "حرف الْمِيمِ": 247- الْمُحِبُّ بْنُ حَذْلَمٍ، أَبُو خَيْرَةَ الرُّعَيْنِيُّ. مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ أَحَدُ الْعَابِدِينَ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ أَبُو خَيْرَةَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَرَّتَيْنِ. وَرَوَى طَلْقُ بْنُ السَّمْحِ عَنْ ضِمَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنَّ الْمُحِبَّ أَبَا خَيْرَةَ قَامَ وَالْحَوْثَرَةُ أَمِيرُ مِصْرَ يَخْطُبُ وَيَبْكِي فَوْقَ الْمِنْبَرِ فَقَالَ أَبُو خَيْرَةَ: يَا مُحَمَّدَاهُ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَانْظُرْ مَا فَعَلَتْ أُمَّتَكَ بَعْدَكَ، يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2] فَقَالَ: خُذُوا الْمُنَافِقَ! فَأَتَوْهُ بِهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقِيلَ لَهُ: مَجْنُونٌ، فَقَالَ: الْمُحِبُّ أَجَنُّ مِنِّي يَقُولُ مَا لا يَفْعَلُ! قَالَ: خَلُّوهُ فَإِنَّهُ مَجْنُونٌ. تَرَدَّى أَبُو خَيْرَةَ فَاسْتُشْهِدَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 248- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو بن حزم3 -ع- أبو عبد الملك الأنصاري قَاضِي الْمَدِينَةِ. كَانَ أَكْبَرَ مِنْ أَخِيهِ عَبْدِ الله بن أبي بكر.   1 التاريخ الكبير "7/ 229"، وميزان الاعتدال "3/ 414". 2 التاريخ الكبير "7/ 246"، وتهذيب التهذيب "8/ 465". 3 التاريخ الكبير "1/ 46"، وتهذيب التهذيب "9/ 80". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 353 روى عن أَبِيهِ وَعَمْرَةَ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَنِ. وعنه ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَفَضْلُ بْنُ فُضَالَةَ وَابْنُ عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ. وَرَأَى بَعْضَ الصَّحَابَةِ وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 249- مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ الْكُوفِيُّ1 -ع- أَحَدُ الأَئِمَّةَ. روى عن أَنَسٍ وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَأَبِي صَالِحٍ بَاذَامَ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَخَلْقٍ. وعن ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ وَشُعْبَةُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَكَانَ مِنْ فُضَلاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ. تُوُفِّيَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 250- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ الْقُرَشِيُّ2 -خ م د ن ت- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي سَلَمَةَ وَكُرَيْبٍ. وعنه مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 251- مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الضَّبِّيُّ3 الْكُوفِيُّ -ت-. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ كِبَارٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بحديثه بأس. وقال ابن ما كولا: كُنْيَتُهُ أَبُو خَبِئَةَ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَبِمُوَحَّدَةٍ وَهَمْزَةٍ، قَالَ: وَروى عنه إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ فَكَنَّاهُ أَبَا خالد.   1 التاريخ الكبير "1/ 54"، وتهذيب التهذيب "9/ 92". 2 التاريخ الكبير "1/ 59"، وتهذيب التهذيب "9/ 110". 3 تهذيب التهذيب "9/ 145"، وميزان الاعتدال "3/ 536". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 354 وَقَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ: أَبُو خُبْئَةَ بِالضَّمِّ هُوَ سُؤْرُ الأَسَدِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الضَّبِّيُّ، كَذَا ضَمَّهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 252- مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ1 -خ4- مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِهِ، وَالْهَانُ هُوَ أَخُو هَمْدَانَ ابْنَا مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَوْسِلَةَ الْقَحْطَانِيِّ. يَرْوِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الباهلي وأبي عنبة الْخَوْلانِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ وَأَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ. وعنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ وَبَقِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 253- مُحَمَّدُ بْنُ زيد بن المهاجر2 -م4- بْنِ قُنْفُذِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ جُدْعَانَ الْقُرَشِيُّ التيمي المدني. رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَأَخَذَ الْعَطَاءَ فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ. وَروى عن عُمَيْرٍ مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه الزُّهْرِيُّ - وَمَاتَ قَبْلَهُ - وَمَالِكٌ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. 254- مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو سَهْلٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ3 -ت-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ إِسْحَاق. وعنه جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسَعْدُ بْنُ الصلت وغيرهم.   1 التاريخ الكبير "1/ 83"، وتهذيب التهذيب "9/ 170". 2 التاريخ الكبير "1/ 84"، وتهذيب التهذيب "9/ 173". 3 التاريخ الكبير "1/ 105"، وتهذيب التهذيب "9/ 176". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 355 وَكَانَ فَرْضِيًّا وَلَعَلَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. تَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ الْقَطَّانُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَتْرُوكٌ. 255- مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ1 -ت ق- بن بركة المكي. عَنْ أُمِّهِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ. وعنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى بْنُ سليم إسماعيل بْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُقِلٌّ. 256- مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ2، شَامِيٌّ. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي ظِبْيَةَ الْكَلاعِيِّ وَرَبِيعَةَ الْقَصِيرِ. وعنه شَرِيكٌ وَهُشَيْمٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ. قال ابن معين: ليس بن بأس. 257- محمد بن سيف3 -ت- أبو رجاء البصري الحداني. عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ. وعنه شُعْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 258- مُحَمَّدُ بْنُ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ4. -م-. عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. وعنه هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ وَجَرِيرٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ ثِقَةٌ مقل.   1 التاريخ الكبير "1/ 100"، وتهذيب التهذيب "9/ 178". 2 التاريخ الكبير "1/ 89"، وتهذيب التهذيب "9/ 184". 3 التاريخ الكبير "1/ 104"، وتهذيب التهذيب "9/ 217". 4 التاريخ الكبير "1/ 112"، وتهذيب التهذيب "9/ 224". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 356 259- مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ الْمَكِّيُّ الْعَابِدُ1 -ق-. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَالثَّوْرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَدْ ذُكِرَ مِنِ اجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ آنِفًا فِي تَرْجَمَةِ كُرْزٍ. 260- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ2 -خ ن ق- المازني أبو عبد الرحمن المدني. أَحَدُ الثِّقَاتِ. عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يسار وعباد بن تميم وَغَيْرِهِمَا. وعنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَالْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 261- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَبِيدٍ الأَسَدِيُّ، وَيُقَالُ الأَسْلَمِيُّ. وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ مُدَيْدَةً فِي إِمْرَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ عُزِلَ بِكُلْثُومِ بْنِ زِيَادٍ ثُمَّ وَلِيَ فِي دَوْلَةِ السَّفَّاحِ. حَكَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ. 262- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي عتيق3 -خ د ت ن- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الصديق القرشي التيمي. روى عن نَافِعٍ وَالزُّهْرِيُّ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ ثِقَةً. 263- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن نوفل4 -ع- بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى أَبُو الأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ الأسدي يَتِيمُ عُرْوَةَ، لِأَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِهِ إِلَيْهِ   1 التاريخ الكبير "1/ 119"، وتهذيب التهذيب "9/ 234". 2 التاريخ الكبير "1/ 140"، وتهذيب التهذيب "9/ 262". 3 التاريخ الكبير "1/ 130"، وتهذيب التهذيب "9/ 277". 4 التاريخ الكبير "1/ 145"، وتهذيب التهذيب "9/ 307". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 357 وَكَانَ جَدُّهُ نَوْفَلٌ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ وَبِهَا تُوُفِّيَ. نَزَلَ أَبُو الأَسْوَدِ مِصْرَ وَحَدَّثَ بِهَا بِكِتَابِ "الْمَغَازِي" لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالنُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وَعِكْرِمَةَ الْهَاشِمِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وعنه حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وشعبة ومالك وابن لهيعة وآخرون. آخرهم وَفَاةً أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ. وَكَانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمَشَاهِيرِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 264- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ1 بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيِّ الأَمِيرُ. وَلِيَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ لِأَخِيةِ الْخَلِيفَةِ هِشَامٍ وَكَانَ فِيهِ دِينٌ، وَلَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ غَلَبَ عَلَى الأُرْدُنِ. روى عن أَبِيهِ. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَزَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ وَغَيْرُهُمَا. ظَفِرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ يَوْمَ نَهْرِ أَبِي فُطْرُسٍ فَذَبَحَهُ صَبْرًا. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ يُوَثِّقُهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَهَذَا غَلَطٌ. وَذَكَر ابْنُ يُونُسَ أَنَّهُ رَوَى عَنْ رَجُلٍ. 265- مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ2 -4- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ الْمَدَنِيُّ مِنْ سَادَاتِ بَنِي هَاشِمٍ. روى عن أَبِيهِ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَعَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْعَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه بَنُوهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُمَرُ وَابْنُ جريح وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْفِطْرِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ ابن سعد: أدرك خلافة بني العباس.   1 ميزان الاعتدال "3/ 632"، والتاريخ لابن معين "5153". 2 التاريخ الكبير "1/ 177"، وتهذيب التهذيب "9/ 361". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 358 وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: كَانَ النَّاسِ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ يُشْبِهُ جَدَّهُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. 266- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -خ م د ن-. عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَمَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ. وعنه مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَمُسْلِمٌ الزِّنْجِيُّ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 267- مُحَمَّدُ بْنُ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ2، أَخُو رِشْدِينَ. روى عن أَبِيهِ. وعنه إِسْرَائِيلُ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَيْرُهُمَا. ضَعَّفُوهُ. 268- مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ -ع- قَدْ تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ. 269- مُخَارقُ بن خليفة3 -م د ت ن- ويقال: ابن عبد لله بن جابر الأحمسي الكوفي. عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْرَائِيلُ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 270- مُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ الْكُوفِيُّ4 -م د ت ن-. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ.   1 التاريخ الكبير "1/ 191"، وتهذيب التهذيب "9/ 371". 2 التاريخ الكبير "1/ 217"، وتهذيب التهذيب "9/ 420". 3 التاريخ الكبير "7/ 431"، وتهذيب التهذيب "10/ 67". 4 التاريخ الكبير "7/ 385"، وتهذيب التهذيب "10/ 68"، وميزان الاعتدال "4/ 80". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 359 وعنه الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَكَانَ خَيِّرًا رَقِيقَ الْقَلْبِ بَكَّاءً عِنْدَ الذِّكْرِ، تَفَرَّدَ بِحَدِيثِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلامُ-، وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 271- مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ1 ابْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الْخَلِيفَةُ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الأُمَوِيُّ، وَيُلَقَّبُ بِمَرْوَانَ الْحِمَارِ وَمَرْوَانَ الْجَعْدِيِّ، وَتِلْكَ نِسْبَةٌ إِلَى مُؤَدِّبِهِ الْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، وَيُقَالُ: فُلانٌ أَصْبَرُ مِنْ حِمَارٌ فِي الْحُرُوبِ، وَلِهَذَا قِيلَ لَهُ مَرْوَانُ الْحِمَارِ فَإِنَّهُ كَانَ لا يُخْفِ لَهُ لَبِدٌ فِي مُحَارَبَةِ الْخَارِجِينَ عَلَيْهِ. كَانَ يَصِلُ السَّرَى بِالسَّيْرِ وَيَصْبِرُ عَلَى مَكَارِهِ الْحَرْبِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ بِالْحِمَارِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ مِائَةِ سَنَةٍ حِمَارًا فَلَمَّا قَارَبَ مُلْكُ بَنِي أُمَيَّةَ مِائَةَ سَنَةٍ لَقَّبُوا مَرْوَانَ بِالْحِمَارِ لِذَلِكَ وَأَخَذُوهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي مَوْتِ حِمَارِ الْعُزَيْرِ. {وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} [البقرة: 259] . وُلِدَ مَرْوَانُ بِالْجَزِيرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَأَبُوهُ مُتَوَلِّيهَا، وَأُمُّهُ أَمُّ وَلَدٍ، وَقَدْ وَلِيَ وِلايَاتٍ جَلِيلَةٍ قَبْلَ الْخِلافَةِ، وَافْتَتَحَ قُونِيَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ، وَوَلِيَ الْجَزِيرَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْفُرُوسِيَّةِ وَالإِقْدَامِ وَالْرُجْلَةَ وَالدَّهَاءِ وَفِيهِ عَسَفٌ. سَارَ مَرَّةً حَتَّى جَاوَزَ نَهْرَ2 الرُّومِ فَقَتَلَ وَسَبَى وَأَغَارَ على الصقالبة. قاله خَلِيفَةٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَغَيْرُهُ: كَانَ مروان أبيض شديد الشهلة ضخم الخامة كَثَّ اللِّحْيَةِ أَبْيَضَهَا رِبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ. وَقَالَ الوليد بن مسلم: بويع يوم نصف سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ بَلَغَ ذَلِكَ مَرْوَانَ وَهُوَ عَلَى أَرْمِينِيَّةَ فَدَعَا إِلَى بَيْعَةِ مَنْ رَضِيَهُ الْمُسْلِمُونَ فَبَايَعُوهُ, فَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ النَّاقِصِ أَنْفَقَ الْخَزَائِنَ وَسَارَ فِي بِضْعٍ وَثَلاثِينَ فَارِسًا مِنَ الْجَزِيرَةِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا أَخَاهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ محمد, فلما وصل   1 معجم بني أمية "161، 162"، وسير أعلام النبلاء "6/ 307". 2 انظر السير "6/ 308" للإمام الذهبي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 360 إِلَى حَلَبَ بَايَعَهُ خَلْقٌ مِنَ الْقَيْسِيَّةِ ثُمَّ قدم حمص فدعاهم إلى المسير معه إلى بَيْعَةِ وَلِيَّيِ الْعَهْدِ الْحَكَمِ وَعُثْمَانَ ابْنَيِ الْوَلِيدِ وَكَانَا مَحْبُوسَيْنِ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اسْتُخْلِفَ بِدِمَشْقَ بَعْدَ وَفَاةِ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ فَسَارَ مَعَهُ جَيْشُ حِمْصَ وَخَرَجَ لِحَرْبِهِ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيمَ فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ بِمَرْجِ عَذْرَاءَ فَهَزَمَهُمْ مَرْوَانُ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَانْهَزَمَ بَعْدَ حَرْبٍ شَدِيدٍ، فَبَرَزَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَسْكَرَ بِمَيْدَانِ الْحَصَى وَمَعَهُ الْخَزَائِنُ, فَتَفَلَّلَ عَنْهُ النَّاسُ فَتَوَثَّبَ أَعْوَانَهُ فَقَتَلُوا وَلِيَّيِ الْعَهْدِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَتَلُوا مَعَهُمَا يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فِي السِّجْنِ، وَثَارَ أَحْدَاثِ أَهْلِ دِمَشْقَ بِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَتَلُوهُ لِكَوْنِهِ سَعَى فِي قَتْلِ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ, ثُمَّ أَخْرَجُوا مِنَ الْحَبْسِ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَوَضَعُوهُ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ وَفَكُّوا قُيُودَهُ لِيُبَايِعُوهُ، وَوَضَعُوا رَأْسَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَخَطَبَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَبَايَعَ لِمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَهَرَبَ حِينَئِذٍ مِنْ مَيْدَانِ الْحَصَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ وَأَمَّنَ مَرْوَانُ أَهْلَ الْبَلَدِ وَرَضِيَ عَنْهُمْ، فَأَوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورُ وَاسْتَوْثَقَ لَهُ الأَمْرُ وَأَمَرَ بِنَبْشِ1 يَزِيدَ النَّاقِصِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَلَبَهُ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّهُ خَلَعَ نَفْسَهُ وَبَعَثَ بِالْبَيْعَةِ إِلَى مَرْوَانَ فَأَمَّنَهُ، وَتَحَوَّلَ إِبْرَاهِيمُ فَنَزَلَ الرَّقَّةَ خَامِلا ثُمَّ اسْتَأْمَنَ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ فَأَمَّنَهُ مَرْوَانُ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ مَرْوَانُ عَظِيمَ الْمُرُوءَةِ2 يُحِبُّ اللَّهْوَ وَالسَّمَاعَ غَيْرَ أَنَّهُ شُغِلَ بِالْحُرُوبِ وَكَانَ يُحِبُّ الْحَرَكَةَ وَالأَسْفَارَ. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: سَمِعْتُ الْوَزِيرَ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَأَلَنِي الْمَنْصُورُ: مَا كَانَ أَشْيَاخُكَ الشَّامِيُّونَ يَقُولُونَ؟ قُلْتُ: أَدْرَكْتُهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ إِذَا اسْتُخْلِفَ غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ وَمَا تَأَخَّرَ، أَتَدْرِي مَا الْخَلِيفَةُ؟ بِهِ تُقَامُ الصَّلاةُ وبه يحج البيت ويجاهد العدو، قال: فَعَدَّدَ مِنْ مَنَاقِبِ الْخَلِيفَةِ مَا لَمْ أَسْمَعْ   1 وأمر بنبش يزيد ... : يعني إخراجه من قبره. 2 المروءة: وهي كلمة تحمل كل معاني الإنسانية منذ عصر الجاهلية إلى اليوم ولها تعاريف كثيرة منها: هي: "كمال النفس بصونها عما يوجب ذمها عرفا ولو مباحا في ظاهر الحال" وقيل: هي "استعمال ما يجمله ويزينه، وتجنب ما يدنسه ويشينه" وقيل: "هي الوقوف على محاسن الأخلاق وجميل العادات". وقيل غير ذلك وراجع: العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية "1/ 329"، والمحرر "2/ 266"، وحاشية العنقري على الروض المربع "3/ 424"، والتعريفات "111"، والمصباح المنير "569". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 361 أحدًا ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ عَرَفْتَ مِنْ حَقِّ الْخِلافَةِ فِي دَهْرِ بَنِي أُمَيَّةَ مَا أَعْرِفُ الْيَوْمَ لأَتَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ حَتَّى أُبَايِعَهُ أَقُولَ: مُرْنِي بِمَ شِئْتَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ الْمَهْدِيُّ: وَكَانَ الْوَلِيدُ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ الْوَلِيدَ وَمَنْ أَقْعَدَهُ خَلِيفَةً، قَالَ: أَفَكَانَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ الْمَنْصُورُ: لِلَّهِ دَرُّ مَرْوَانَ مَا كَانَ أَحْزَمَهُ وَأَسْوَسَهُ وَأَعَفَّهُ عَنِ الْفَيْءِ. قَالَ: فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ: لِلأَمْرِ الَّذِي سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ. وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُسْلِمٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ فَعَلَ فِعْلا فَظِيعًا أَدْخَلَ عَلَيْهِ يَزِيدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقِسْرِيَّ فَاسْتَدْنَاهُ وَلَفَّ مِنْدِيلا عَلَى إِصْبَعِهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي عَيْنِ يَزِيدَ فَقَلَعَهَا وَاسْتَخْرَجَ الْحَدَقَةَ ثُمَّ أَدَارَ يَدَهُ فَأَخْرَجَ حدقته الأُخْرَى وَمَا سَمِعْتُ لِيَزِيدَ كَلِمَةً، وَكَانَ قَدْ حَارَبَ مَرْوَانُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ وَقَامَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ1: وَسَارَ مَرْوَانُ لِحَرْبِ بَنِي الْعَبَّاسِ فَكَانَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ الزَّابِينَ دُونَ الْمَوْصِلِ, فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عَمُّ الْمَنْصُورِ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ وَقَطَعَ الْجُسُورَ إِلَى الْجِزِيرَةِ وَأَخَذَ بُيُوتَ الأَمْوَالِ وَالْكُنُوزِ فَقَدِمَ الشَّامَ فَاسْتَوْلَى عَبْدُ اللَّهِ عَلَى الْجَزِيرَةِ وَطَلَبَ الشَّامَ وَفَرَّ مِنْهُ مَرْوَانُ وَنَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ دِمَشْقَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَرْوَانُ أَخَذَ دِمَشْقَ وَهُوَ حِينَئِذٍ بِأَرْضِ فِلَسْطِينَ دَخَلَ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ وَعَبَرَ النِّيلَ وَطَلَبَ الصَّعِيدَ، فَوَجَّهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ أَخَاهُ صَالِحَ بْنَ عَلِيٍّ فَطَلَبَ مَرْوَانَ وَعَلَى طَلائِعِهِ عَمْرٌو بْن إِسْمَاعِيلُ، فَسَاقَ عَمْرٌو فِي أَثَرِ مَرْوَانَ فَلَحِقَهُ بِقَرْيَةِ بُوصِيرَ فَبَيَّتَهُ فَقَتَلَهُ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ: قُتِلَ مَرْوَانُ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: نَزَلَ بُوصِيرَ وَسَهْرَ وَتَطَيَّرَ بِاسْمِ بُوصِيرَ فَأَحَاط عَامِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِبُوصِيرَ فَقَتَلُوهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. وَيُرْوَى أَنَّ مَرْوَانَ مَرَّ فِي هَرَبِهِ عَلَى رَاهِبٍ فَقَالَ: يَا رَاهِبُ هَلْ تَبْلُغُ الدُّنْيَا مِنَ الإِنْسَانِ أَنْ تَجْعَلَهُ مَمْلُوكًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كيف؟ قال: بحبها قال: فما السبيل إلى العتق2؟ قال: ببغضها وَالتَّخَلِّي مِنْهَا. قَالَ هَذَا مَا لا يَكُونُ قَالَ: بَلْ سَيَكُونُ فَبَادِرْ بِالْهَرَبِ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تُبَادِرَكَ، قَالَ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ أنت مروان ملك العرب   1 راجع تاريخ ابن خياط "403، 404". 2 العتق: هو الخروج من الرق والأسر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 362 تُقْتَلُ فِي بِلادِ السُّودَانَ وَتُدْفَنَ بِلا أَكْفَانَ وَلَوْلا أَنَّ الْمَوْتَ فِي طَلَبِكَ لَدَلَلْتُكَ عَلَى موضع هربك. قال هشام بن عمار: ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ مُهَلْهِلٍ عَنْ أبيه قال: قَالَ لِي مَرْوَانُ لَمَّا أَنْ عَظُمَ أَمْرِ أَصْحَابِ الرَّايَاتِ السُّودِ: لَوْلا وَحْشَتِي لَكَ وَأُنْسِي بِكَ لأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ ذَرِيعَةً1 فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ هَؤُلاءِ فَتَأْخُذُ لِي وَلَكَ الأَمَانَ قُلْتُ: وَبَلَغْتَ هَذَا الْحَالَ! قَال: إِيْ وَاللَّهِ، قُلْتُ: فَأَدُلُّكَ عَلَى أَحْسَنِ مَا أَرَدْتُ، قَالَ: قُلْ، قُلْتُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي يَدِكَ تُخْرِجُهُ مِنَ الْحَبْسِ وَتُزَوِّجُهُ بِنْتَكَ وَتُشْرِكْهُ فِي أَمْرِكَ فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَمَا تَقُولُ انْتَفَعْتَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كُنْتَ قَدْ وَضَعْتَ بِنْتَكَ فِي كَفَاءَةٍ، قَالَ: أَشَرْتَ وَاللَّهِ بِالرَّأْيِ وَلَكِنْ وَاللَّهِ السَّيْفُ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا. 272- مِسْحَاجُ بْنُ مُوسَى الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ2 -د-. سَمِعَ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وعنه جَرِيرٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَمَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 273- مُسْلِمُ بْنُ زِيَادٍ الْحِمْصِيُّ3. - د ت -. عَنْ أَنَسٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ عَلَى خَيْلِهِ، وَرَأَى فُضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. روى عنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. 274- مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو فَرْوَةَ الْجُهَنِيُّ4 -سِوَى ت- نَزَلَ فِيهِمْ بِالْكُوفَةِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ. روى عن عَبْدِ اللَّهِ بن عكيم وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي الأَحْوَصِ عوف وغيرهم. وعن مسعر وشعبة والسفيانان وزياد البكائي وجماعة.   1 ذريعة: يعني وسيلة وسببا فيما بيني وبين هؤلاء. 2 تهذيب التهذيب "10/ 107"، وتاريخ الدوري "2/ 559". 3 تقريب التهذيب "2/ 251"، وابن حبان في الثقات "5/ 400". 4 التاريخ الكبير "7/ 262"، وتهذيب التهذيب "10/ 130"، ميزان الاعتدال "4/ 104". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 363 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مُسْلِمُ بْنُ عُبَيْدٍ1. هُوَ أَبُو نُصَيْرَةَ، يَأْتِي بِالْكُنْيَةِ. 275- مُسْلِمُ بْنُ كَيْسَانَ الضبي2 -ت ق- الملائي الكوفي الأعور. عَنْ أَنَسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَمُجَاهِدٍ. وعنه جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَالْمُحَارِبِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. ضَعَّفُوهُ. كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لا يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. 276- الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ3 بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيُّ. عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا. وعنه أَبُو عَلْقَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَإِبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ. وَهُوَ مَدَنِيٌّ مُقِلٌّ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الأَدَبِ" تأليفه. 277- مطرح بن يزيد4 -ق- أبو المهلب الأسدي الكوفي. عِدَادُهُ فِي الشَّامِيِّينَ. روى عن بِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ. وعنه ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَالْمُحَارِبِيُّ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ عاصم بن بهدلة.   1 تقريب التهذيب "2/ 252". 2 التاريخ الكبير "7/ 271"، وتهذيب التهذيب "10/ 135"، وميزان الاعتدال "4/ 106". 3 تهذيب التهذيب "10/ 150"، والجرح والتعديل "8/ 297"، والثقات "5/ 436". 4 تهذيب التهذيب "10/ 171"، وميزان الاعتدال "4/ 123". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 364 ضعفه النسائي غيره. مَاتَ شَابًّا فَإِنَّهُ مِنْ أَقْرَانِ الرُّوَاةِ عَنْهُ. 278- مُطَيْرُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَثَابِتٍ الْبَجَلِيِّ. وعنه ابْنُهُ مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ وَعَوْسَجَةُ وَعَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ. ضَعَّفُوهُ. 279- مُعَاوِيَةُ بْنُ سَعِيدٍ التُّجِيبِيُّ2 -ق- مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ. عَنْ أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ وَيَزِيدَ بْنِ أبي حبيب. وعنه يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. 280- مَعْبَدُ بْنُ هِلالٍ الْعَنْزِيُّ3 الْبَصْرِيُّ -خ م ن-. عَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ -إِنْ صَحَّ- وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْحَسَنِ. وعنه سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَالْجُرَيْرِيُّ وَالْحَمَّادَانِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وَكَانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ. 281- مُغِيرَةُ بْنُ حَبِيبٍ4، أَبُو صَالِحٍ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ خِتْنُ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمَا. وعنه هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. 282- مُغِيرَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْفَزَارِيُّ5. أَمِيرُ مِصْرَ فِي دَوْلَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ كَانَ حسن السيرة.   1 ميزان الاعتدال "4/ 129". 2 التاريخ الكبير "7/ 334"، وتهذيب التهذيب "10/ 206"، والجرح والتعديل "8/ 384". 3 التاريخ الكبير "7/ 400"، وتهذيب التهذيب "10/ 225"، والتاريخ لابن معين "2/ 574". 4 التاريخ الكبير "7/ 325"، وميزان الاعتدال "4/ 159"، والجرح والتعديل "8/ 220". 5 راجع كتاب الولاة والقضاة "92، 93". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 365 ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 283- مُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ الضبي1 -ع- الكوفي الأعمى أبو هشام. أَحَدُ الأَعْلامِ مِنْ مَوَالِي بَنِي ضَبَّةَ. تَفَقَّهَ بِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وبالشعبي وَرَوَى عَنْهُمَا وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا: مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ أَحْفَظَ مِنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: مَا وَقَعَ فِي مَسَامِعِي شَيْءٌ فَنَسِيتُهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَدْ سَمِعَ مُغِيرَةُ مِنْ مُجَاهِدٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَأَبِي رَزِينٍ، قَالَ: وَمُغِيرَةُ لا يُدَلِّسُ سَمِعَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ حَدِيثًا وَقَدْ أُدْخِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ رَجُلا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: مُغِيرَةُ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ فُضَيْلُ بن غزوان: عنا نَجْلِسُ أَنَا وَمُغِيرَةُ -وَعَدَّدَ نَاسًا- نَتَذَاكَرُ الْفِقْهَ فَرُبَّمَا لَمْ نَقُمْ حَتَّى نَسْمَعَ النِّدَاءَ بِصَلاةِ الْفَجْرِ. وَقَالَ جَرِيرٌ: سَمِعْتُ مُغِيرَةُ يَقُولُ: إِنِّي لأَحْتَسِبُ فِي مَنْعِي الْحَدِيثَ الْيَوْمَ كَمَا تَحْتَسِبُونَ فِي بَذْلِهِ. وَكَانَ مَكْفُوفَ الْبَصَرِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ مُغِيرَةُ مِنَ الْفُقَهَاءِ. وَكَانَ عُثْمَانِيًّا إِلا أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ على علي -رضي الله عنهم- بَعْضَ الْحَمْلِ. وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ اللِّسَانُ بِمَا لا يَعْنِيهِ قَالَ الْفَتَى: وَاحَرْبَاهُ. وَرَوَى فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: مَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ قَلَّتْ صَلاتُهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ مِنْ مُغِيرَةَ فَلَزِمْتُهُ وَلا أَقْرَأَ من عاصم فقرأت عليه.   1 التاريخ الكبير "7/ 322"، وتهذيب التهذيب "10/ 269"، وميزان الاعتدال "4/ 165". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 366 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُغِيرَةُ صَاحِبُ سُنَّةٍ ذَكِيٌّ حَافِظٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ضَعْفٌ. وَقَالَ حَجَّاجٌ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: مُغِيرَةُ أَحْفَظُ مِنَ الْحَكَمِ. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: كَانَ مُغِيرَةُ يُدَلِّسُ وَكُنَّا لا نَكْتُبْ عَنْهُ إِلا مَا قَالَ ثنا إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ: رَأَيْتُ مُغِيرَةَ يَخْضِبُ بِحِنَّاءٍ. قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ. مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ الْبَلْخِيُّ. سَيَأْتِي فِي الطَّبَقَةِ الأُخْرَى. 284- منصور بن جمهور الكلبيّ المزي الدمشقي الأمير. أحد من قام بخلافة يزيد بن الوليد وخرج معه على الوليد ثم إنه سار إلى العراق. فذكر خليفة أنه افتعل عهدا على لسان يزيد بإمرة العراق فحكم بها أربعين يوما وجعل على شرطته حجاج بن أرطاة. قلت: ثم إنه عزل فسار نحو بلاد السند فغلب عليها مدة. وكان قدريا فلما استولى السفاح وجه لقتاله موسى بن كعب فالتقاه فانهزم منصور وهلك عطشًا. 285- منصور بن زاذان1 -ع- أبو المغيرة الثقفي مولاهم الواسطي. أحد الأعلام. وقبره بواسط مشهور يزار. روى عن أنس بن مالك وأبي العالية والحسن البصري وابن سيرين وحميد بن هلال وعدة. وعنه شُعْبَة وجرير بن حازم وأبو عوانة وهشيم وخلف بن خليفة وخلق سواهم. قال هشيم: كان منصور بن زاذان لو قيل له: إن ملك الموت على الباب ما كان عنده زيادة فِي العمل وكان يصلي من طلوع الشمس إلى أن يصلي العصر ثم يسبح إلى المغرب2.   1 التاريخ الكبير "7/ 346"، وتهذيب التهذيب "10/ 306"، وسير أعلام النبلاء "6/ 224". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 225". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 367 قال ابن سعد: وكان ثقة ثبتًا سريع القراءة، وكان يريد أن يترسل فلا يستطيع، وكان يختم فِي الضحى، وكان قد تحول إلى المبارك1. وقال يزيد بن هارون: كان منصور بن زاذان يقرأ القرآن كله فِي صلاة الضحي، وكان يختم القرآن من الأولى إلى العصر، ويختم فِي يوم مرتين وكان يصلي الليل كله2. وقال أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم الدورقي: ثنا مُحَمَّد بن عيينة حدثني مخلد بن الْحُسَيْن عن هشام بن حسان قال: كنت أصلي أَنَا ومنصور بن زاذان جميعًا, فكان إذا جاء شهر رمضان ختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء ختمتين ثم يقرأ إلى الطواسين قبل أن تقام الصلاة وكان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر ويختمه فيما بين المغرب والعشاء وكان يبل عمامته من دموع عينيه رحمه الله عليه3. وقال صالح بن عُمَر الواسطي: كان الْحَسَن الْبَصْرِيّ يقعد مع أصحابه فلا يقوم حتى يختم منصور بن زاذان القرآن4. أنبئت عن أبي المكارم اللبان أَنَا الحداد أَنَا أَبُو نعيم ثنا مخلد بن جعفر ثنا الفريابي ثنا عَبَّاس ثنا يحيى بن أَبِي بكير ثنا شُعْبَة عن هشام بن حسان قال: صليت إلى جنب منصور بن زاذان فيما بين المغرب والعشاء فقرأ القرآن وبلغ الثانية إلى النحل. وروى خلف بن خليفة عن منصور قال: الهم والحزن يزيد فِي الحسنات والشر والبطر يزيد فِي السيئات5. وقال أبو معمر القطيعي: ذكر عباد بن العوام أنه شهد جنازة منصور بن زاذان قال: فرأيت النصارى على حدة والمجوس على حدة واليهود على حدة وقد أخذ خالي بيدي من كثرة الزحام. قال يزيد بن هارون: توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة.   1 المصدر السابق. 2 المصدر السابق. 3 المصدر السابق. 4 المصدر السابق. 5 المصدر السابق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 368 286- منصور بن عبد الرحمن بن طلحة1 -خ م د ن ق- بن الحارث العبدري الحجبي المكي أخو مُحَمَّد. روى عن أمه صفية بِنْت شيبة وسعيد بن جُبَيْر. وعنه زهير بن معاوية والسفيانان ووهيب بن خَالِد وفضيل بن سليمان النميري وجماعة. اثنى عليه سُفْيَان بن عيينة وقال: كان يبكي عند كل صلاة فكانوا يرون أنه يذكر الموت والقيامة عند الصلوات. وثقة النسائي وغيره. وأشار بعضهم إلى لين فِيهِ، وهو قليل الرواية. مات سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائة. 287- منصور بن عبد الرحمن الغداني2 -م د- البصري الأشل. روى عن الْحَسَن والشعبي. روى عنه شُعْبَة وبشر بن المفضل وابن علية. وثقه ابن معين وغيره. وأشار أَبُو حاتم إلى لين ما فيه. 288- منصور بن المعتمر السلمي3 -ع- الإمام العلم أبو عتاب الكوفي. روى عن أَبِي وائل وإبراهيم والشعبي ورِبْعي بن حِراش وسعيد بن جُبَيْر وعبد الله بن مرة وأبي حازم الأشجعي وأبي الضحى وهلال بن يساف والزهري وعمرو بن مرة والحكم ومجاهدة وخلق. وما علمت له رواية عن أحد من الصحابة. روى عن شُعْبَة وسفيان وشيبان النحوي وشريك وفضيل بن عياض وأبو الأحوص وابن عيينة وجرير ومعتمر بن سُلَيْمَان وعبيدة بن حميد وخلق سواهم. وكان من كبار الحفاظ الأثبات. قال شُعْبَة: قال منصور: ما كتبت حديثًا قط.   1 التاريخ الكبير "7/ 344"، وميزان الاعتدال "4/ 186". 2 التاريخ الكبير "7/ 345"، وتهذيب التهذيب "10/ 311". 3 التاريخ الكبير "7/ 346"، وتهذيب التهذيب "10/ 312". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 369 وقال عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي: لم يكن بالكوفة أحد أحفظ من منصور. وقال زائدة: صام منصور أربعين سنة وقام ليلها وكان يبكي الليل كله فإذا أصبح كحل عينيه وبرق شفتيه ودهن رأسه فتقول له أمه: قتلت قتيلا؟ فيقول: أَنَا أعلم بما صنعت بنفسي. وقد أخذه يوسف بن عُمَر أمير العراق ليوليه قضاء الكوفة فامتنع فدخلت عليه وقد جيء بالقيد يقيدونه ثم خُلي عَنْهُ يعني لما أيسوا منه. وقال أَحْمَد العجلي: كان منصور أثبت أهل الكوفة لا يختلف فِيهِ أحد، صالح متعبد أكره على القضاء فقضى شهرين، وفيه تشيع يسير، وكان قد عمش من البكاء، قَالَتْ فتاة لأبيها: يا أبه الأسطوانة التي كانت فِي دار منصور ما فعلت؟ قال: يا بنية ذاك منصور كان يصلي بالليل فمات1. قال ابن عيينة: كان منصور فِي الديوان فكان إذا دارت نوبته لبس ثيابه وذهب فحرس يعني فِي الرباط. وقال أَبُو نعيم: سمعت حماد بن زيد يقول: قد رَأَيْت منصور بن المعتمر صاحبكم وكان من هذه الخشبية ما أراه كان يكذب. وقال يحيى القطان: كان منصور من أثبت الناس. وقال سفيان الثوري: كنت إذا رَأَيْت منصورًا قلت: الساعة يموت. كان فِي خدّه خال مما ظهر من البكاء. قال أَبُو دَاوُد: طلب منصور الحديث قبل الجماجم، يعني فِي حدود الثمانين، قال: والأعمش طلب بعده. وقال أَبُو حاتم: هُوَ أتقن من الأعمش لا يخلط ولا يدلس بخلاف الأعمش2. قال ابن مهدي: كان منصور أثبت أهل الكوفة. وقال شُعْبَة: قال منصور: وددت أني كتبت وأن علي كذا وكذا فقد ذهب مني مثل علمي.   1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 197". 2 انظر السابق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 370 وقال أَبُو عوانة: لما ولي منصور القضاء كان يأتيه الخصمان فيقص ذا قصة ويقص ذا قصة، فيقول: قد فهمت ما قلتما ولست أدري ما أرد عليكما. فبلغ ذلك خَالِد بن عَبْد الله أو ابن هبيرة الَّذِي كان ولاه فقال: هذا أمر لا ينفع إلا من أعان عليه بشهوة، قال: يعني فعزله. وقال أَبُو بَكْر بن عياش: ربما كنت مع منصور جالسًا فِي منزله فتصيح به أمه وكانت فظة عليه فتقول: يا منصور يريدك ابن هبيرة على القضاء فتأبى! وهو واضع لحيته على صدره ما يرفع طرفه إليها. وكان رحمه الله صوامًا قوامًا. قال ابن معين: لم يكن أحد أعلم بحديث منصور من سفيان الثوري. وقال هشيم: سئل حصين: أنت أكبر أم منصور؟ قال: أني لأذكر ليلة أهديت أم منصور إلى أَبِيهِ. قلت: توفي منصور سنة اثنتين وثلاثين بعد ظهور المسودة. 289- منصور بن أَبِي الهياج حيان1 -م د ن- الأسدي الكوفي. روى عن أَبِي الطفيل وعمرو بن ميمون الأودي وسعيد بن جُبَيْر. وعنه سُفْيَان وشعبة وأبو خالد الأحمر ويزيد بن هارون وجماعة. قال أَبُو حاتم: كان ثبتًا. 290- مهاجر بن مخلد2 -ت ن ق-. روى عن أَبِي العالية الرياحي وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي بَكْر. وعنه حماد بن زيد ووهيب وعبد الوهاب الثقفي وغيرهم. قال ابن معين: هُوَ صالح. 291- موسى بن أيوب3 -د ت ن- ويقال: ابن أَبِي أيوب - الحمصي أَبُو الفيض المهري.   1 تهذيب التهذيب "10/ 306"، وتاريخ الدوري "2/ 587". 2 التاريخ الكبير "7/ 381"، وتهذيب التهذيب "10/ 323". 3 تقريب التهذيب "2/ 286"، والجرح والتعديل "8/ 134". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 371 عن سليم بن عامر الخبايري وعبد الله بن مرة الزُّرَقي وأرسل عن معاذ بن جبل ومعاوية. وعنه زيد بن أَبِي أنيسة وشعبة لقيه بواسط. قال ابن معين: هُوَ من أبناء جند الحجاج ثقة. وقال أَبُو حاتم: صالح. 292- مُوسَى بن أَبِي تميم1 -م ن- مدني. عن سَعِيد بن يسار. وعنه مالك وسليمان بن بلال. وثقة أَبُو حاتم. 293- موسى بن جبير المدني2 -د ق- الحذاء مولى الأنصار. عن أَبِي أمامة بن سهل وعبد الله بن كعب بن مالك ومعاذ بن رفاعة الزرقي. ونزل مصر. روى عنه عمرو بن الحارث وزهير بن معاوية والليث وبكر بن مضر. 294- مُوسَى بن سالم أَبُو جهضم3 -4- مولى آل الْعَبَّاس. روى عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وعنه الثوري والحمادان والليث وعبد الوارث وابن علية. وثقة أَحْمَد وابن معين. له حديث أو حديثان. 295- مُوسَى بن عَبْد الله بن يزيد الخطمي4 -م د ق- الأنصاري الكوفي. عن أَبِيهِ وعن امْرَأَة صحابية من بنى عَبْد الأشهل وعن عَبْد الرَّحْمَن بن هلال.   1 تهذيب التهذيب "1/ 338"، والجرح والتعديل "8/ 138"، والثقات "7/ 455". 2 التاريخ الكبير "7/ 381"، وتهذيب التهذيب "10/ 339". 3 التاريخ الكبير "7/ 284"، وتهذيب التهذيب "10/ 344". 4 التاريخ الكبير "7/ 287"، وتهذيب التهذيب "10/ 353". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 372 وعنه الأعمش ومسعر ومعتمر بن سُلَيْمَان. وثقه ابن معين. 296- مُوسَى بن أَبِي عَائِشَةَ الهمداني الكوفي1 -ع- العابد أحد الأعلام. روى عن سَعِيد بن جُبَيْر وعبد الله بن شداد بن الهاد وعبيد اللَّه بن عَبْد الله بن عتبة وجماعة. وعنه شُعْبَة والسفيانان وزائدة وأبو إِسْحَاق الفزاري وعبيدة بن حميد وآخرون. وثقه ابن عيينة. وقال جرير بن عَبْد الحميد: كنت إذا رَأَيْته ذكرت الله لرؤيته. وقال القطان: كان سفيان يحسن الثناء عليه. وقال سُفْيَان بن عيينة: قال جار لموسى بن أبي عَائِشَةَ: ما رفعت رأسي قط إلا رَأَيْته قائمًا يصلي. "حرف النون": 297- نافع بن مالك2 -ع- بن أَبِي عامر أَبُو سهيل الأصبحي الْمَدَنِيّ. روى عن ابن عُمَر وأنس بن مالك وسهل بن سعد وسعيد بن المسيب، وأكثر عن أَبِيهِ. روى عنه ابن أخيه مالك بن أنس والزهري - مع تقدمه - وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَر. وثقة أَحْمَد وغيره. 298- نصر بن سيار3، الأمير أَبُو الليث المروزي. متولي خراسان لمروان الخمار. روى عن عكرمة وأبي الزبير.   1 التاريخ الكبير "7/ 289"، وتهذيب التهذيب "10/ 352". 2 التاريخ الكبير "8/ 86"، وتهذيب التهذيب "10/ 409". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 241"، وتاريخ خليفة "383، 388". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 373 وعنه ابن المبارك ومحمد بن الفضل بن عطية وغيرهما. وخطب بنيسابور لما قدمها غير مرة. خرج عليه أَبُو مُسْلِم الخراساني وحاربه فعجز نصر عنه واستصرخ بمروان غير مرة فبعُد عن إنجاده واشتغل عَنْهُ باختلال الجزيرة وأذربيجان، فتقهقر قدّام أَبِي مُسْلِم فأدركه الموت على فاقة إليه بناحية ساوة. وقيل: بل مرض بالري وحمل إلى ساوة فمات بها فِي ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين. وقد ولي خراسان عشرة أعوام وفي أول سنة اثنتين وثلاثين خطب للسفاح بمرو. 299- نصر بن علقمة الحضرمي1 -ن ق- أبو علقمة الحمصي. روى عن أخيه محفوظ وجبير بن نفير وكثير بن مرة وعمرو بن الأسود العنسي. وعنه الوضين بن عطاء وصدقة السمين ويحيى بن حمزة وبقية بن الوليد وابن ابن أخيه خزيمة بن جنادة بن محفوظ. قال دُحَيْم: هُوَ وأخوه ثقتان. 300- النعمان بن راشد2 -م4- أبو إسحاق الرقي. عَن ميمون بْن مهران والزهري وزيد بْن أبي أنيسة. وعنه ابن جريح وحماد بن سلمة ووهيب وحماد بن زيد وغيرهم. ضعفه ابن معين وغيره، وحسن أمره أَبُو حاتم. وقال الْبُخَارِيّ: فِي حديثه وهم كثير. 301- النعمان بن المنذر3 -د ن- أبو الوزير الغساني الدمشقي. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ومكحول ونافع وجماعة. وعنه الهيثم بن حميد ويحيى بن حمزة وابن شابور وجماعة.   1 التاريخ الكبير "8/ 102"، وتهذيب التهذيب "10/ 429". 2 التاريخ الكبير "8/ 80"، وتهذيب التهذيب "10/ 452". 3 تهذيب التهذيب "10/ 457"، وميزان الاعتدال "4/ 266". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 374 وثقة أَبُو زرعة: وقال أَبُو مسهر: كان قَدَرِيًّا. قال خليفة: توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وقال ابن سعد: فِي أول خلافة بني الْعَبَّاس. 302- نوح بن ذَكْوَان الْبَصْرِيّ1 -ق-. عن أخيه أيوب بن ذكوان والحسن الْبَصْرِيّ وعطاء ويحيى بن أَبِي كثير. وعنه يوسف بن أَبِي كثير وسويد بن عَبْد العزيز. قال أَبُو حاتم: ليس بشيء. "حرف الهاء": 303- هاشم بن بلال2 -د ق- أبو عقيل الشامي. قاضي واسط. روى عن أَبِي سلام الأسود وسابق بن ناجية. وعنه مسعر وشعبة وهشيم. وثقه ابن معين. 304- هاشم بن يزيد بن خَالِد بن يزيد بْن معاوية بْن أَبِي سُفْيَان الأمويّ. قد ذكر فِي الحوادث أنه خرج بدمشق. هلال بن خباب -4 - أَبُو العلاء الْبَصْرِيّ. يأتي فِي الطبقة الآتية. 305- همام بن منبه3 -ع- ابن كامل بن سيج اليماني الأبناوي الصنعاني أَبُو عقبة. صاحب الصحيفة التي كتبها عن أَبِي هُرَيْرَةَ. وروى عن ابن عباس ومعاوية أيضًا.   1 تهذيب التهذيب "10/ 484"، وميزان الاعتدال "4/ 276". 2 التاريخ الكبير "8/ 234"، وتهذيب التهذيب "11/ 17". 3 التاريخ الكبير "8/ 236"، والجرح والتعديل "9/ 107". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 375 وعنه أخوه وهب - ومات قبله بدهر - وابن أخيه عقيل بن معقل ومعمر بن راشد وعلي بن الْحَسَن بن اتش الصنعاني. وثقة يحيى بن معين وغيره. وقال الميموني: سمعت أَحْمَد يقول فِي صحيفة همام أدركه معمر أيام السودان فقرأ عليه همام حتى إذا مل أخذ معمر فقرأ عليه الباقي وعبد الرزاق لم يكن يعرف ما قريء عليه مما هُوَ قرأه وهي نحو من مائة وأربعين حديثًا1. وقال أَحْمَد: كان يغزو ويشتري الكتب لأخيه فجالس أَبَا هُرَيْرَةَ بالمدينة، وكان قد عاش حتى أدرك ظهور المسودة وسقط حاجباه على عينيه من الكبر. وقال ابن عيينة: كنت أتوقع قدوم همام مع الحجاج عشر سنين. وقال خليفة: مات سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة. قلت: لعله عاش مائة سنة. وآخر من روى عَنْهُ الصحيفة التي له عن أَبِي هُرَيْرَةَ معمر وعاش بعده إحدى وعشرين سنة ليس إلا، وآخر من رواها عن معمر عَبْد الرزاق, وعاش بعده ثمانيا وخمسين سنة، وآخر من رواها عَنْهُ إِسْحَاق الدَّبَري, وعاش بعد عَبْد الرزاق ثلاثًا وسبعين سنة، وآخر من روى عن الدبري من الرجال أَبُو القاسم الطبراني وعاش بعده ستًا وسبعين سنة، والطبراني ممن جاوز المائة بيقين. قاله الْبُخَارِيّ. قال علي: سَأَلت رجلا قد لقي هماما عن موته فقال: سنة أثنتين وثلاثين ومائة. 306- هود بن عطاء اليمامي2. عَن أنس بْن مالك وعطاء بْن أَبِي رباح وشداد بن عَبْد الله وسالم بن عَبْد الله. وعنه الأوزاعي ومعاوية بن سلام وعبد الملك بن مُحَمَّد الصنعاني. قال ابن حبان: منكر الرواية على قلتها. يروي عن أنس ما لا يشبه حديثه وفي القلب عن مثله.   1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 121". 2 التاريخ الكبير "8/ 241"، والجرح والتعديل "9/ 111". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 376 "حرف الواو": 307- واصل بن عطاء1، أَبُو حذيفة الْبَصْرِيّ الغزال. مولى بني مخزوم، وقيل مولى بني ضبّة، ولد سنة ثمانين بالمدينة. وكان أحد البلغاء المفَّوهين لكنه يلثغ بالراء يُبدلها غَيْنًا فكان لاقتداره على العربيه وتوسُّعه فِي الكلام يتجنب الراء فِي خطابه حتى قيل فِيهِ: ويجعل البُرَّ قمحًا فِي تصرُّفه ... وخالف الراء حتى احتال للشعر وهو من رؤوس المعتزلة بل معلمهم الأول، والخوارج لما كفرت بالكبائر قال واصل: بل الفاسق لا مؤمن ولا كافر بل هُوَ منزلة بين المنزلتين فطرده لذلك الْحَسَن، فمن ثَمَّ قيل لهم المعتزلة لذلك. وما أملح ما قال بعض الشعراء. وجعلت وصلي الراء لم تنطق به ... وقطعتني حتى كأنك واصل وبلغنا أن لواصل تصانيف منها تأليف فِي أصناف المرجئة، وكتاب التوبة، وكتاب معاني القرآن، وغير ذلك. وقيل: إنما عُرف بالغزَّال لأنه كان يدور فِي سوق الغزل فيتصدّق على النساء، ومن مقالاته أنه كان يشك فِي عدالة من حضر وقعة الجمل فقال: إحدى الفئتين مخطئة فِي نفس الأمر، فلو شهد عندي علي وطلحة وعائشة على باقة بقل لم أحكم بشهادتهم لأن أحدهم فاسق لا بعينه. قلت: والفاسق إذا لم يتب فهو عنده مخلد فِي النار نسأل الله العافية. ويحكى أنه كان يمتحن بأشياء فِي الراء ويتحيل لها حتى قيل له: اقرأ أول سورة براءة فقال على البدية: عهد من الله ونبيه إلى الذين عاهدتم من الفاسقين فسيحوا فِي البسيطة هلالين وهلالين وكان يجيز القراءة بالمعني، وهذه جرأة على كتاب الله العزيز2. يقال: توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة.   1 ترجم له الذهبي "6/ 242" كما في السير، وميزان الاعتدال "4/ 329". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 242". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 377 308- واقد بن محمد بن زيد1 -خ م د ن- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العدوي أحد الإخوة. روى عن سَعِيد بن مرجانة ونافع ووالده مُحَمَّد. وعنه أخوه عاصم وابنه عثمان وشعبة وغيرهم. 309- واهب بن عَبْد الله المعافري2 أَبُو عَبْد الله الكعبي الْمَصْرِيّ. روى عن عَبْد الله بن عمرو وأبي هُرَيْرَةَ وعقبة بن عامر وابن عُمَر وحسان بن كريب وجماعة. وعنه عَبْد الرَّحْمَن بن شريح والليث وابن لهيعة وضمام بن إسماعيل ورجاء بن أَبِي عطاء المؤذن. وثقه ابن حبان. وقد خرج له الْبُخَارِيّ فِي "كتاب الأدب" وكان معمرًا عالي السند. قال ابن يونس: توفي ببرقة سنة سبع وثلاثين ومائة. 310- الوليد بن قيس3 أَبُو همام السكوني الكوفي والد شجاع بن الوليد. روى عن سويد بن غفلة وعمرو بن ميمون الأودي والضحاك بن قيس. وعنه سُفْيَان الثوري وزهير بن معاوية وعنبسة بن سَعِيد. وثقه ابن معين. ولم يدرك ابنه السماع منه لأنه مات والولد صغير. 311- الوليد بن أَبِي هشام الْبَصْرِيّ4 -م4-. عن الْحَسَن ونافع وأبي بَكْر بن حزم. وعنه أخوه أَبُو المقدام هشام بن زياد وجويرية بن أسماء وإسماعيل بن علية. وثقه أحمد بن حنبل.   1 التاريخ الكبير "8/ 173"، وتهذيب التهذيب "11/ 109". 2 تهذيب التهذيب "11/ 108"، والمشاهير "121". 3 التاريخ الكبير "8/ 151"، وتهذيب التهذيب "11/ 146". 4 التاريخ الكبير "8/ 157"، وتهذيب التهذيب "11/ 156". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 378 "حرف الياء": 312- يحيى بن أَبِي إِسْحَاق الحضرمي1 -ع- مولاهم الْبَصْرِيّ. واسم أَبِيهِ زيد بن الحارث، ويحيى وعبد الله جد المقريء يعقوب أخَوان. سمع أنس بن مالك وسالم بن عَبْد الله وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي بكرة وجماعة. روى عنه شُعْبَة وسفيان وعبّاد بن العّوام وعبد الوارث وهشيم وابن علية وآخرون، وقد روى عَنْهُ مُحَمَّد بن سيرين أحد شيوخه. قال ابن سعد: ثقة له أحاديث، قال: وكان صاحب قرآن وعربية. قلت: توفي سنة ست وثلاثين ومائة وقيل: سنة اثنتين وثلاثين. 313- يحيى بن حيان2 أَبُو هلال الطائي الكوفي. عن شريح القاضي. وعنه السفيانان وشريك والقاسم بن مالك المزني. 314- يحيى بن عبد الله الكوفي3 -د ت ق- أبو يحيى الجابر. كان يجبر الإعضاء المكسورة. روى عن سالم بن أَبِي الجعد وأبي ماجدة الحنفي. وعنه شُعْبَة وإسرائيل وأبو عوانة وجرير وحفص بن غياث. قال أَحْمَد: ليس به بأس. وقال يحيى والنسائي: ضعيف. وقال ابن حبان: لا يُحتج به. 315- يحيى بن عتيق الْبَصْرِيّ -م د ن-. عن مجاهد والحسن وابن سيرين.   1 التاريخ الكبير "8/ 259"، وتهذيب التهذيب "11/ 177". 2 التاريخ الكبير "8/ 267"، والجرح والتعديل "9/ 136". 3 تهذيب التهذيب "11/ 238"، والجرح والتعديل "9/ 161". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 379 وعنه الحمادان وهمام وابن علية. قال فِيهِ أويب السختياني لما بلغه موته: لقد هدني موته. يحيى بن أَبِي كثير. قد مضى. 316- يحيى بن ميمون الضبي العطار1 -ن ق- بصري ثقة مُقِل. روى عن أَبِي عثمان النهدي وسعيد بن جُبَيْر. وعنه شُعْبَة وحماد بن زيد وابن علية وعلي بن عاصم. 317- يحيى بن يحيى بن قيس2 -د- بن حارثة بن عمرو أَبُو عثمان الأَزْدِيّ الغساني. عالم أهل دمشق ورئيسهم، ولي قضاء الموصل لعمر بن عَبْد العزيز. وروى عن أَبِي إدريس الخولاني وعروة بن الزبير ومكحول ومحمود ابن لبيد وعمرة وابن المسيب وغيرهم. وعنه ابنه هشام وعبد الرَّحْمَن بن يزيد بن جَابِر ومحمد بن راشد المكحولي وأبو بَكْر بن أَبِي مريم وسفيان بن عيينة وآخرون. وثقه ابن معين. وقال ابن سعد: كان عالمًا بالفتيا والقضاء وله أحاديث. توفي سنة خمسين وثلاثين ومائة. وكذا أرخه ابن أَبِي حاتم قال: فيقال إنه شرق بشربة ماء فمات. وقال يزيد بن مُحَمَّد فِي "تاريخ الموصل": ولي الموصل لعمر بن عَبْد العزيز حربها وخراجها وقضاءها وكان محدثا فقيهًا فصيحًا بليغًا. وقيل: بل توفي فِي رمضان سنة اثنتين وثلاثين مائة، عاش سبعين سنة. 318- يحيى بن يزيد الهُنائي الْبَصْرِيّ3 -م د-.   1 التاريخ الكبير "8/ 306"، وتهذيب التهذيب "11/ 392"، وميزان الاعتدال "4/ 411". 2 تهذيب التهذيب "11/ 299"، وتهذيب الأسماء "2/ 160". 3 التاريخ الكبير "8/ 310"، وتهذيب التهذيب "11/ 302". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 380 عن أنس بن مالك وعن الفرزدق. وعنه شُعْبَة وخلف بن خليفه وإسماعيل بن علية. كنيته أبو يزيد. 319- يحيى البكاء1 -ت ق- الأزدي مولاهم الْبَصْرِيّ. واسم أَبِيهِ سليم. عن ابن عمر وعن سعيد بن المسيب وأبي العالية. وعنه الحمادان وعبد الوارث وعبد العزيز بن عبد الله النرمقي وقدامة بن شهاب وعلي بن عاصم. قال أَبُو زرعة وغيره: ليس بقوي. وكان يحيى القطان لا يرضاه. وقال ابْن سعد: ثقة إن شاء اللَّه. قلت: يقال توفي سنة ثلاثين ومائة فيحوَّل إليها إن تيسَّر. 320- يزيد بن أيهم2، أَبُو رواحة الحمصي. عن الهيثم بن مالك الطائي وعبد الأعلى بن هلال ولقمان بن عامر وغيرهم وعنه إِسْمَاعِيل بن عياش وصفوان بن عمرو وبقية وآخرون. ما علمت فِيهِ جرحًا. 328- يزيد بن أَبِي زياد الكوفي3 -4م- متابعة، مولى بني هاشم. عن إِبْرَاهِيم النخعي وسالم بن أَبِي الجعد وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي ليلى ومولاه من فوق عَبْد الله بن الحارث بن نوفل ومجاهد وجماعة. وعنه شُعْبَة وسفيان وزائدة وابن عيينة وعلي بن مسهر وابن نمير وهشيم وعلي بن عاصم وخلق. وكان محدثا مكثرًا شيعيًا ليس بحجة يكني أَبَا زياد وأبا عبد الله واسم أبيه ميسرة. قيل: كان يوم قتل الْحُسَيْن مراهقًا وكان صدوقًا في نفسه سيء الحفظ.   1 التاريخ الكبير "8/ 281"، وميزان الاعتدال "4/ 417". 2 التاريخ الكبير "8/ 321"، وتهذيب التهذيب "11/ 315". 3 التاريخ الكبير "8/ 334"، وتهذيب التهذيب "11/ 329". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 381 قال ابن معين: ضعيف الحديث. وقال ابن حبان: كبر وساء حفظه فكان يتلقن، مولده سنة سبع وأربعين. وسماع من سمع منه فِي أول أمره صحيح. وقد خلط ابن حبان ترجمته بترجمة يزيد بن أَبِي زياد الدمشقي. وسئل أَحْمَد بن حنبل عن يزيد فضعفه وحرك رأسه. وساق له ابن حبان مناكير. توفي على الصحيح سنة ست وثلاثين ومائة. 322- يزيد بن زياد1 -ت- وقيل: بن أبي زياد المخزومي مولاهم الْمَدَنِيّ. عن مُحَمَّد بن كعب القرظي. وعنه ابن إِسْحَاق ومالك، وثقة النسائي. يزيد بن زياد الدمشقي. يأتي فِي طبقة الثوري. 323- يزيد بن أَبِي سَعِيد الْقُرَشِيّ2 -4-، النحوي أَبُو الْحَسَن المروزي. عن سُلَيْمَان بن بريدة وأخيه عَبْد الله بن بريدة وعكرمة ومجاهد. وعنه الْحُسَيْن بن واقد وعبد الله بن سعد الدشتكي وأبو حمزة السكري ونوح الجامع. قال ابن أَبِي دَاوُد: هُوَ من نحو بطن من الأزد. وقال ابن معين وأبو زرعة: ثقة. وقال ابن حبان: كان متقنا من العباد تقيًا من الرفعاء تاليًا لكتاب الله عالمًا بما فِيهِ عاملا. قتله أَبُو مُسْلِم سنة اثنتين وثلاثين ومائة.   1 التاريخ الكبير "8/ 333"، وتهذيب التهذيب "11/ 328". 2 التاريخ الكبير "8/ 339"، وتهذيب التهذيب "11/ 332". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 382 324- يزيد بن عبد الله بن خصيفة1 -ع- بن يزيد وهو ابن ابن أخي السائب ابن يزيد الكندي المدني. عن السائب وعروة بن الزبير وبشر بن سعيد ويزيد بن قسيط. وعن السفيانان ومالك وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جَعْفَر والدراوردي وآخرون. وثقه ابن معين. وقال ابن سعد: كان عابدًا ناسكًا كثير الحديث ثبتًا. 325- يزيد بن عَبْد الله بن أسامة بن الهاد2 -ع- أبو عبد الليثي المدني الأعرج ابن أخي عبد الله ابن شداد. روى عن مُحَمَّد بن كعب وشرحبيل بن سعد وأبي بَكْر بن حزم ومحمد بن إِبْرَاهِيم التيمي والزهري وعدة. وعنه مالك والليث بن سعد وبكر بن مضر وسفيان بن عُيَيْنة وعبد العزيز بن أَبِي حازم والدراوردي وأبو ضمرة أنس بن عياض وآخرون. وثقه ابن معين وغيره وكان من أئمة العلم. توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. 326- يزيد بن عَبْد الله3 بن أَبِي يزيد أَبُو عَبْد الله النجراني الدمشقي. عن القاسم أبي عبد الرحمن والحسن بن ذكوان وغيرهما. وعنه يحيى بن حمزة وسويد بن عبد العزيز وصدقة بن عبد الله وعدة. وهو بالكنية أشهر. قال أَبُو حاتم: صالح الحديث. 327- يَزِيدَ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ أَبِي مَالِكٍ الهمداني4 قد ذكر.   1 التاريخ الكبير "8/ 345"، وتهذيب التهذيب "11/ 340". 2 التاريخ الكبير "8/ 344"، وتهذيب التهذيب "11/ 339". 3 راجع كتاب الجرح والتعديل "9/ 401". 4 التاريخ الكبير "8/ 347"، وتهذيب التهذيب "11/ 345". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 383 وحكى الوليد بن مُسْلِم أنه عاش إلى سنة ثمان وثلاثين ومائة. 328- يزيد بن عُمَر بن هبيرة1، الأمير أَبُو خالد الفزاري. متولي العراق والعجم لمروان الحمار، كان سخيًا جوادًا وبطلا شجاعًا. وخطيبًا بليغًا وكان من الأكَلَة وله فِي كثرة الأكل أخبار، حاصرته المسودة بواسط مدة طويلة بعد أن عمل معهم المصاف فخذل, وكان أَبُو جَعْفَر قد أمنه ثم قتله صبرًا وغدر به فدخلوا عليه داره وقتلوا قبله ابنه دَاوُد ومواليه وحاجبه, ثم نزلوا عليه بأسيافهم وقد سجد لله تعالى، وكان قد ولي إمرة قنَّسرين للوليد بن يزيد وكان مع مروان إذ غلب على الأمر، ولد فِي سنة سبع وثمانين. قال المدائني: كان جسيمًا كثير الأكل طويلا ضخمًا خطيبًا شجاعًا، وكان رزقه فِي العام ستمائة ألف فكان يقسمها فِي خواصه وفي العلماء والوجوه. وعن مُحَمَّد بن كثير قال: ألح السفاح على أخيه أَبِي جَعْفَر يأمره بقتل ابن هبيرة وهو يراجعه حتى كتب إليه والله لتقتلنه، قال فولي قتله الهيثم بن شُعْبَة دخل عليه داره فِي طائفة. وقد ولي أَبُوهُ أيضًا إمرة العراقين ليزيد بن عَبْد الملك. قتل يزيد فِي ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 329- يزيد بن عمرو المعافري المصري2 -د ت ق-. عن قدوم الحميري وأبي سلمة بن عَبْد الرَّحْمَن وأبي عَبْد الرَّحْمَن الحبلي وجماعة وقيل: أخذ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. روى عنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد وابن لهيعة. وهو ثقة مُقِل. 330- يزيد بن محمد بن قيس3 -د ن خ قرنه- بن مخرمة بن المطلب القرشي المطلبي   1 وفيات الأعيان "6/ 313"، والمعرفة والتاريخ "2/ 62". 2 تهذيب التهذيب "11/ 351"، والتقريب "2/ 378". 3 التاريخ الكبير "8/ 357"، وتهذيب التهذيب "11/ 358". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 384 عن سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وعَلي بن رباح ومحمد بن عمرو ابن حلحلة وأبي الهيثم العتواري. وعنه يزيد بن أَبِي حبيب -وهو أكبر منه- ويزيد بن عَبْد العزيز الرعيني والليث بن سعد وآخرون. قرنه الْبُخَارِيّ بآخر. 331- يزيد بن أَبِي مُسْلِم النحوي1 ثم الأَزْدِيّ نسيب شيبان النحوي. روى عن مجاهد وعكرمة وسليمان وعبد الله ابني بريدة. وهو من علماء مرو وهو يزيد بن أَبِي سَعِيد المذكور آنفا. اخُتِلف فِي اسم أَبِيهِ. 332- يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي2 -م د ت ق- الدمشقي أخو عَبْد الرَّحْمَن عن يزيد بن الأصم ومكحول ورزيق بن حيان ووهب بن منبه لقيه فِي الموسم. وعنه الأوزاعي وشعيب بن أَبِي حمزة والسفيانان وأبو المليح الرقي وحسين الجعفي وآخرون. وكان أحد الأئمة الأعلام. قال أَبُو دَاوُد: ثقة أجازه الوليد بن يزيد بخمسين ألف دينار وقد ذكر للقضاء مرة فإذا هُوَ أكبر من القضاء. وجاء عن سُفْيَان بن عيينة قال: لا أعلم مكحولا خلف مثل يزيد بن يزيد بالشام إلا ما ذكره ابن جريج من سُلَيْمَان. وقال حسين الجعفي: قدم علينا يزيد بن يزيد فذكر من بكائه. وقال الفسوي: سَأَلت هشام بن عمار عَنْهُ فقال: ذاك أفسد نفسه خرج فأعان على قتل الوليد بن يزيد وأخذ مائة ألف دينار.   1 التاريخ الكبير "8/ 339"، وتهذيب التهذيب "11/ 332". 2 التاريخ الكبير "8/ 369"، وتهذيب التهذيب "11/ 370". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 385 قال دحيم: لما مات مكحول أحدقوا بيزيد1 بن يزيد وكان رجلًا سكيتًا فتحولوا إلى سُلَيْمَان بن مُوسَى فأوسعهم، وفي رواية كان زميتًا لا يحدث إلا أن يُسأل. وقد وثقه ابن معين والنسائي. قال ابن عيينة: كان حسن الهيئة حسن النحو يقولون: لم يكن فِي أصحاب مكحول مثله. وقال عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ لم يكن لعمي يزيد كتاب. قال ابن سعد وخليفة: مات سنة أربع وثلاثين ومائة. وقال آخرون: مات سنة ثلاث وثلاثين. 333- يزيد الشني الأعرج2. بصري صدوق. عن مجاهد ومورق العجلي. وعنه مهدي بن ميمون وحمّاد بن زيد وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ وجماعة. 334- يعيش بن الوليد بن هشام الأموي3 -د ت ن- الدمشقي نزيل قرقيسياء. روى عن أَبِيهِ وعن معاوية بن أَبِي سُفْيَان ومعدان بن أَبِي طلحة. وعنه الأوزاعي وعكرمة بن عمار. ولما قدم دمشق نزل على مكحول فاكرمه وعمل له دعوة حفلة. قتلته المسودة. 335- يوسف بن عَبْد الرَّحْمَن4 بن أَبِي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري. أمير الأندلس عند قتل الوليد بن يزيد، فإنه لما قتل اضطرب أمر المغرب   1 أحدقوا بيزيد: أحاطوا به. 2 المعرفة والتاريخ "2/ 252". 3 التاريخ الكبير "8/ 424"، وتهذيب التهذيب "11/ 406"، وتهذيب الكمال "32/ 404"، والثقات "7/ 654". 4 معجم بني أمية "94". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 386 والأندلس وهاجت القبائل, ثم اتفقوا على تقديم هذا بالأندلس عليهم إلى أن تجتمع الأمة على خليفة، فمهد الجزيرة كلها وامتدت أيامه إلى أن دخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الأموي الأندلس فحارب يوسف وهزمه فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 336- يونس بن خَباب الكوفي1، مولي بني أسيد. روى عن أَبِيهِ ومجاهد وطاوس والمنهال بن عمرو وجماعة. وعنه شُعْبَة وسفيان وحماد بن زيد ومعتمر بن سليمان وطائفة سواهم. وكان رافضيا جَلدا. قال عباد بن عباد: سمعته يقول: عثمان بن عفان قتل بنتي النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-. قلت: قتل واحدة فَلِمَ زوجه بالأخرى؟! وقَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ليس بشيء رَجُل سوء. وضعفه النسائي وغير واحد. وذكر الدارقطني أن عباد بن العوام سمع هذا المدبر يقول فِي حديث سؤال منكر ونكير ويسأل عن علي -رضى الله عنه- قال فقلت له: لم نسمع بهذا! فقال: أنت من هؤلاء الذين يحبون عثمان الَّذِي قتل بنتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-2. وقيل: كنيته أَبُو حمزة. 337- يونس بن عُبَيْد بن دينار3 -ع- أبو عبد الله البصري. أحد أعلام الهدى. ويقال كنيته أَبُو عُبَيْد. مولى لعبد القيس. رَأَى أنس بن مالك وروى عن إِبْرَاهِيم التيمي والحسن وابن سيرين وحميد بن هلال وزياد بن جُبَيْر وعمرو بن سَعِيد الثقفي وجماعة. وعنه شُعْبَة والسفيانان والحمادان وهشيم وعبد الوارث بن علية وخلق كثير. وكان ثقة ثبتًا حافظًا ورعًا رأسًا فِي العلم والعمل.   1 تاريخ الدوري "2/ 687"، وميزان الاعتدال "4/ 479"، ثقات ابن شاهين "1623". 2 راجع: ميزان الاعتدال "4/ 479". 3 التاريخ الكبير "8/ 402"، وتهذيب التهذيب "11/ 442". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 387 وقال يونس: ما كتبت شيئا قط. وقال أَبُو حاتم: هُوَ أكبر من سُلَيْمَان التيمي لا يبلغ سُلَيْمَان منزلة يونس. وقال سَعِيد بن عامر الضبعي: ما رَأَيْت رجلا قط أفضل من يونس بن عُبَيْد، ثم قال: وأهل البصرة على ذا. قال معاذ: صليت على يونس بن عُبَيْد سنة تسع وثلاثين. قال سُفْيَان الثوري: ما رَأَيْت مثل أربعة رأيتهم بالبصرة: أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَابْنُ عَوْنٍ وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. قَالَ علي بن المديني: له نحو مائتي حديث. وقال غيره: كان يونس خزازًا بالبصرة. قال سَعِيد بن عامر: هان على يونس أن يأخذ ناقصا، قال: وغلبني أن أعطي راجحًا1. وقال حماد بن زيد: شكا رَجُل إلى يونس وجعًا فقال: يا هذا إن هذه الدنيا دار لا توافقك فالتمس دارًا توافقك2. وقال هشام بن حسان: ما رَأَيْت أحدًا يطلب بالعلم وجه الله إلا يونس بن عُبَيْد. وقال ابن شوذب: سمعت يونس يقول: خصلتان إذا صلحتا من العالِم صلح ما سواهما: صلاته ولسانه. وقال حماد بن زيد: كان يونس يحدث ثم يقول: أستغفر الله أستغفر الله. وقال محمد بن عبد الأَنْصَارِيّ: رَأَيْت سُلَيْمَان وعبد الله ابني علي بن عَبْد الله بن عَبَّاس وولدي سُلَيْمَان جعفرا ومحمدًا يحملون سرير يونس بن عُبَيْد على أعناقهم يوم جنازته فقال عَبْد الله بن علي: هذا والله الشرف. قلت: كان عَبْد الله هذا قد استجار بأخيه سُلَيْمَان ونزل عنده بالبصرة فأجاره من المنصور.   1 تهذيب الكمال "2/ 547"، وسير أعلام النبلاء "6/ 463". 2 انظر السابق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 388 وقال مؤمل بن إِسْمَاعِيل: جاء رَجُل1 إلى سوق الخز يطلب مطرف خز بأربعمائة فقال يونس بن عُبَيْد: عندنا مطرف بمائتين، فنادى المنادي بالصلاة فقام ليصلي ثم جاء وقد باع ابن أخيه المطرف بأربعمائة, فقال للرجل: يا هذا المطرف الَّذِي اشتريته بأربعمائة هُوَ الَّذِي قلت لك بمائتين فإن شئت خذه وخذ مائتين أوْدَعه. وقال أمية بن بسطام: جاءت يونس امْرَأَة بجبة خز فقال لها: بكم هي؟ قالت: بخمسمائة قال: هي خير من ذلك، قالت: بستمائة، قال: هِيَ خير من ذلك فلم يزل يدرجها حتى بلغت ألفًا2. وقال سَعِيد بن عامر الضبعي: قال يونس بن عُبَيْد: إني لأعدّ مائة خصلة من البِرّ ما فِي منها خصلة. وقال هشيم: كان أيوب إذا رَأَى يونس بن عُبَيْد قال: هذا سيدنا. قال عَبْد الملك بن مُوسَى: ما رَأَيْت رجلا قط أكثر استغفارًا من يونس. وقال حماد بن زيد: سمعت يونس يقول: عهدنا إلى ما يصلح الناس كتبناه وعهدنا إلى ما يصلحنا فتركناه، كأنه يريد العمل. وروى أسماء بن عُبَيْد عن يونس قال: يرجى للرهق3 بالبر الجنة ويخاف على المتأله النار بعقوقه. وعن يونس قال: لو همتهم نفوسهم ما اختصموا فِي القدر. روى ابن شوذب عن يونس: خصلتان إذا صلحتا من العبد صلح: صلاته ولسانه4. وروى سلام بن أَبِي مطيع قال: إني لأحتسب ابن سيرين سكت حسبة وأن الحسن تكلم حسبة5.   1وفي السير للمصنف "6/ 461" "جاء رجل شامي إلى سوق الخزازين.." قلت: والخزاز: صانع الخز وبائعه. والخز من الثياب: ما ينسج من صوف وحرير خالص. 2 سير أعلام النبلاء "6/ 461، 462". 3 الرهق محركة: السفه وركوب الشر والظلم، وغشيان المحارم "القاموس المحيط "ص/ 1147، 1148". 4 ذكره الذهبي في السير "6/ 464". 5 انظر السابق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 389 وعن يونس أنه قال لابنه: لأن تلقي الله بالزنا والسرقة أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو بن عُبَيْد. وقال أسماء بن عُبَيْد: سمعت يونس بن عُبَيْد يقول: ليس شيء أعزً من دِرُهم طيب ورجل يعمل على سُنَّةٍ. وبلغنا أن رجلا شكا الحاجة إلى يونس فقال له: يا هذا يَسُرُّك ببصرك هذا مائة ألف؟ قال: لا، قال: فبلسانك الَّذِي تنطق به؟ قال: لا، قال: فبعقلك مائة ألف؟ وهو يقول: لا، فذكَّره نِعَمَ الله عليه وقال: أرى لك مئين ألوفًا وأنت تشكو الحاجة. قال حماد بن زيد: مرض يونس مرة فقال أيوب: ما فِي العيش بعدك من خير. قلت: مناقب يونس كثيرة وقد توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. 338- يونس بن ميسرة1 -د ت ق- بن حَلُبس الجبلاني الأعمى أَبُو حلبس ويقال: أبو عبيد، وهو أخو يزيد وأيوب. كان من كبار علماء دمشق. روى عن معاوية وعبد الله بن عُمَر وواثلة بن الأسقع وابن عُمَر والصنابحي وأبي مُسْلِم الخولاني وأم الدرداء وغيرهم. روى عَنْهُ خَالِد بن يزيد المري وسليمان بن عتبة والأوزاعي وسعيد بن عَبْد العزيز ومروان بن جناح وعمرو بن واقد وآخرون. قال المفضل الغلابي وأبو عُبَيْد وأبو حسان الزيادي: إنه بلغ مائة وعشرين سنة. وكان يقريء القرآن فِي الجامع، وله كلام نافع فِي الزهد والمعرفة فمن ذلك، قال: الزهد أن يكون حالك فِي المصيبة وحالك إذا لم تصب سواء. وقال: إذا تكلفت ما لا يعنيك لقيت ما يعنيك. وقال هشام بن عمار: ثنا عمرو بن واقد ثنا يونس بن حلبس: سمعت معاوية على منبر دمشق يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن رجلا فِي بني إسرائيل قتل تسعًا وتسعين نفسًا "وذكر الحديث2. قال العجلي والدارقطني وغيرهما: ثقة.   1 التاريخ الكبير "8/ 402"، وتهذيب التهذيب "11/ 448". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3470"، ومسلم "2766"، وغيرهما. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 390 وروى مدرك بن أَبِي سعد الفزاري عن يونس بن حلبس أنه كان يدعو: اللهم إني أسألك حزمًا فِي لين وقوة فِي دين وإيمانًا فِي يقين ونشاطًا فِي هدى وبرًا فِي استقامة وكسبًا من حلال. وقال الهيثم بن عمران: كنت جالسًا عند يونس بن حلبس وكان عند المغيب يدعو بدعوات فيها: اللهم ارزقنا الشهادة فِي سبيلك. فأقول: من أَيْنَ يرزق هذه الشهادة وهو أعمى فلما دخلت المسودة دمشق قُتِل، فبلغني أن الخراسانيين اللَّذيْن قتلاه بكيا عليه لما أخبرا بصلاحه، وكان من آنس الناس مجلسًا. رواها هشام بن عمار عن الهيثم، فهذا يدلك على أن المسودة فعلوا عند افتتاخهم دمشق أقبح مما فعلت التتار، وذلك فِي عام اثنتين وثلاثين ومائة1. "الكنى": 339- أَبُو بَكْر بن نافع2 -م د ت- مولي ابن عُمَر. روى عَنْ أَبِيهِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْد اللَّهِ. وَعَنْهُ مالك والدراوردي. قال أَحْمَد بن حنبل: هُوَ أوثق إخوته وهم: هُوَ وعبد الله وعمرو. 340- أبو الجحاف التميمي3 -ت ن ق- الكوفي داود بن أبي عوف. روى عن الشَّعْبِيّ وعكرمة وأبي حازم الأشجعي وشهر بن حوشب. وعنه سُفْيَان وشريك وعبد السلام بن حرب وتليد بن سُلَيْمَان وغيرهم. قال أَحْمَد بن حنبل: صالح الحديث. وضعفه ابن عدي ومشاه غيره. 341- أَبُو الجودي الأسدي4 -د- شامي نزل واسط يقال اسمه الحارث بن عمير. عن سَعِيد بن المهاجر وعمر بن عبد العزيز ونافع.   1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 60". 2 التاريخ الكبير "9/ 14"، وتهذيب التهذيب "12/ 42"، والميزان "4/ 505". 3 تهذيب التهذيب "12/ 53"، والتقريب "2/ 410"، وميزان الاعتدال "4/ 510". 4 التهذيب "12/ 62"، وتاريخ الدوري "2/ 94". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 391 وعنه شُعْبَة وعبثر وهشيم وأبو معاوية. وثقه ابن معين. 342- أبو حمزة القصاب1 -ت ق- الكوفي الأعور، اسمه ميمون. روى عن أَبِي وائل وسعيد بن المسيب وإبراهيم. وعنه الثوري والحمادان وعبد الوارث وابن علية. ضعفه أَحْمَد والدارقطني وغيرهما. أما أَبُو حمزة القصاب عمران، فقد مر. أَبُو رجاء الأَزْدِيّ الحداني الْبَصْرِيّ، هُوَ مُحَمَّد بن سيف. 343- أَبُو ريحانة السعدي2 -م د ت ق- مولاهم الْبَصْرِيّ عَبْد الله بن مطر، ويقال: زياد بن مطر. روى عن سفينة ابن عَبَّاس وابن عُمَر. وعنه وهيب وبشر بن المفضل وابن علية وعلي بن عاصم. قال ابن معين: صالح. أَبُو الزَّعْراء الجشمي عمرو، قد مر. أَبُو الزناد الْمَدَنِيّ، هُوَ عَبْد الله بن ذكوان قد ذكر. أَبُو سهيل بن مالك الأصبحي، هُوَ نافع قد ذكر. أَبُو طوالة، هُوَ عَبْد الله بن عَبْد الرَّحْمَن قد ذكر. 344- أَبُو ظلال القسملي الْبَصْرِيّ3 -خ ن- الأعمى، اسمه هلال. روى عن أنس.   1 التاريخ الكبير "6/ 412"، وتهذيب التهذيب "12/ 79". 2 التاريخ الكبير "5/ 198"، وتهذيب التهذيب "6/ 34". 3 تهذيب التهذيب "11/ 84"، والتقريب "2/ 434". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 392 وعنه حماد بن سلمة وعبد العزيز بن مُسْلِم ويزيد بن هارون. ضعفه ابن معين وجماعة. أَبُو العلاء القصاب، اسمه أيوب، قد ذكر. 345- أبو غالب الباهلي1 -د ت ق- الخياط. بصري اسمه نافع وقيل: رافع. روى عن أنس وغيره. وعنه سلام بن أَبِي الصهباء وهمام وعبد الوارث وغيرهم. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ. قلت: الظاهر أنه هُوَ الَّذِي روى عن أَبِي سَعِيد، وعنه ثابت بن مُحَمَّد العبدي فالله أعلم. أَبُو فروة الجهني، اسمه مسلم. مر. أَبُو فروة الهمداني، عروة بن الحارث. مر. 346- أَبُو مُسْلِم الخراساني2، صاحب الدعوة عَبْد الرَّحْمَن بن مُسْلِم وقيل: عَبْد الرَّحْمَن بن عثمان بن يسار. ذكر ابن خلكان أنه كان قصيرًا أسمر جميلا حلوًا نقي البشرة أعور العين عريض الجبهة حسن اللحية طويل الشعر والظهر خافض الصوت فصيحًا بالعربي والفارسي حلو المنطق رواية للشعر عالمًا بالأمور لم يُرَ ضاحكًا ولا مازحًا إلا فِي وقته، ولا يكاد يقطب فِي شيء من أحواله، تأتيه الفتوحات العظام فلا يظهر عليه أثر السرور, وتنزل به الفادحة فلا يُرى مكتئبًا, وإذا غضب لم يستفزه الغضب ولا يأتي النساءَ إلا مرة فِي السنة. ولد سنة مائة من الهجرة وأول ظهوره بمرو كان فِي سنة تسع وعشرين فظهر في   1 تهذيب التهذيب "12/ 198"، والجرح والتعديل "8/ 455". 2 ترجم له الذهبي في السير "6/ 287"، وميزان الاعتدال "2/ 590". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 393 خمسين رجلا وآل أمره إلى أن هرب منه نصر بن سيار أمير خراسان وصفت ممالكها لأبي مُسْلِم فِي سنتين وأربعة أشهر. قال مُحَمَّد بن أَحْمَد بن القوّاس فِي تاريخه: قدم أَبُو مُسْلِم وحفص بن سُلَيْمَان الخلال على إِبْرَاهِيم الإِمَام وهو بالحُمَيَّمة فأمرهما بالمصير إلى خراسان. وقد روى أَبُو مُسْلِم عن عكرمة مُرْسَلا وعن ثابت البناني وأبي الزبير وإسماعيل السدي ومحمد بن علي العباسي وجماعة. روى عنه إِبْرَاهِيم الصائغ وابن شبرمة وابن المبارك وغيرهم. روى مصعب بن بشر عن أبيه قَالَ: قام رجل إلى أَبِي مُسْلِم وهو يخطب فقال: ما هذا السواد؟ قال: حدثني أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سوداء1، وهذه ثياب الهيبة وثياب الدولة، يا غلام اضرب عنقه. ويروى أن سُلَيْمَان بن كثير ومالك بن الهيثم ولاهز وقحطبة توجَّهوا من خراسان إلى الحج سنة أربع وعشرين, فدخلوا الكوفة فأتوا عاصم بن يونس وهو فِي الحبس فدعاهم إلى ولد الْعَبَّاس ومعه عيسى وإدريس ابنا معقل حبسهم يوسف ابن عُمَر فيمن حبس من عمال خَالِد القسري, ومع هذين الأخوين أَبُو مُسْلِم يخدمهما فرأوا فِيهِ العلامات فقالوا: من ذا؟ قَالُوا: غلام من السرّاجين يخدمنا، وقد كان أَبُو مُسْلِم سمع الأخوين يتكلمان فِي هذا الرأي, فإذا سمعهما بكى فدعواه إلى القيام بالأمر فأجاب2. قال ابن خلكان: كانا قد حُبسا على مال الخراج وعيسى هُوَ جد الأمير أَبِي دُلَف فكان أَبُو مُسْلِم يختلف إلى الحبس يتعدهما, فقدم الكوفة جماعة من نقباء الإِمَام مُحَمَّد بن علي فدخلوا يسلَّمون على الأخوين فرأوا أَبَا مُسْلِم فأعجبهم عقله وكلامه ومال هُوَ إليهم ثم عرف أمرهم ودعوتهم وهرب الأخوان من الحبس فصحب هُوَ النقباء إلى مكة ثم أحضروا عشرة آلاف دينار ومائتي ألف درهم إلى إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد وقد مات أَبُوهُ وأهدوا له أَبَا مُسْلِم فأعجب به, وقال لهم: هذا عضلة من العُضَل، فأقام يخدم إِبْرَاهِيم الإِمَام وعاد النقباء إلى خراسان فقال إبراهيم: إني قد   1 حديث صحيح: أخرجه الإمام مسلم "1358"، وأبو داود "4076". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 290". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 394 جربت هذا وعرفت ظاهر كلامه وباطنه فوجدته حجر الأرض، ثم قلده الأمر ونفذه إلى خراسان. قال المأمون: أصل الملوك ثلاثة1 قاموا بنقل الدول: الإسكندر وأزدشير وأبو مُسْلِم من ولد بزرجمهر، ولد بأصبهان ونشأ بالكوفة، أوصى به أَبُوهُ إلى عيسى السراج فحمله إلى الكوفة وهو ابن سبع سنين, فقال إِبْرَاهِيم لما عزم على توجُهه إلى خراسان: غير اسمك وكان اسمه إِبْرَاهِيم بن عثمان، فقال: قد سميت نفسي أَبَا مُسْلِم عَبْد الرَّحْمَن بن مُسْلِم، ثم مضى وله ذؤابة وهو على حمار وله تسع عشرة سنة. وعن بعضهم قال: كنت أطلب العلم فلا آتي موضعًا إلا وجدت أَبَا مُسْلِم قد سبقني إليه فألفته فدعاني إلى منزله ثم لاعبني بالشطرنج وكان يلهج بهذين البيتين: ذروني ذورني ما قررت فإنني ... مَتَى ما أهج حربًا تضيق بكم أرضي وأبعث فِي سود الحديد إليكم ... كتائب سودًا طالما انتظرت نهضي قال علي بن عثام: قال إِبْرَاهِيم الصائغ: لما رَأَيْت العرب وضيعتها خفت أن لا تكون لله فيهم حاجة فلما سلط الله عليهم أَبَا مُسْلِم رجوت أن تكون لله فيهم حاجة. وقال حسن بن رشيد: سمعت يزيد النحوي يقول: أتاني إِبْرَاهِيم الصائغ فقال: أما ترى ما يعمل هذا الطاغية إن الناس معه فِي سعة غيرنا أهل العلم قلت: لو علمت أنه يصنع بي إحدى الخصلتين لفعلت إن أمرت ونهيت يقبل منا أو يقتلنا ولكني أخاف أن يبسط علي العذاب وأنا شيخ كبير لا صبر لي على السياط2، فقال الصائغ: لكني لا أنتهي عَنْهُ فدخل عليه فأمره ونهاه فقتله. وقيل: كان أَبُو مُسْلِم يجتمع بإبراهيم الصائغ وهو عالم أهل مرو ويعده بإقامة الحق، فلما ظهر بسط يده يعني فِي القتل فدخل عليه فوعظه. وقد ذكرنا جملة من أخبار أَبِي مُسْلِم فِي الحوادث وكيف قتله المنصور، وكان ذلك في سنة سبع وثلاثين بالمدائن.   1 وفي وفيات الأعيان "3/ 147"، "أجل ملوك الأرض ... ". 2 والسوط: ما يضرب به من جلد، سواء أكان مضفورا أم لم يكن "ج" أسواط، وسياط. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 395 347- أبو نصيرة الواسطي1 -د ت- مسلم بن عبيد. عن أنس وأبي عسيب وأبي رجاء العطاردي. وعنه حشرج بن نباته وسويد بن عَبْد العزيز وهشيم ويزيد بن هارون. وثقة أَحْمَد بن حنبل. وقال ابن معين: صالح، ولينه الأَزْدِيّ. لَهُ فِي الْجَامِعِ وَالسُّنَنِ هَذَا الْحَدِيثُ فَقَطْ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ أَبِي نُصَيْرَةَ عَنْ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَمْ يَضُرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ولو عاد فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً"2. وقال الترمذي: ليس إسناده بالقوي. أَبُو هارون العَبْدي، عمارة بن جوين. قد مر. آخر الطبقة الرابعة عشرة. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.   1 التاريخ الكبير "7/ 267"، والتهذيب "2/ 156". 2 حديث ضعيف: أخرجه أبو داود "1514"، والترمذي "3559"، والبيهقي في السنن الكبرى "10/ 188"، وأخرجه عبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب عن أبي بكر الصديق قال فذكره ... كما في الدر المنثور للسيوطي "2/ 87". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 396 الفهرس العام للكتاب : الطبقة الثالثة عشرة : رقم الصفحة الموضوع 3 سنة إحدى وعشرين ومائة وحوادثها. 3 سنة اثنتين وعشرين ومائة. 4 سنة ثلاث وعشرين ومائة. 5 سنة أربع وعشرين ومائة. 5 سنة خمس وعشرين ومائة. 7 سنة ست وعشرين ومائة. 7 سنة سبع وعشرين ومائة. 10 سنة ثمان وعشرين ومائة. 11 سنة تسع وعشرين ومائة. 12 سنة ثلاثين ومائة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 397 تَرَاجِمُ رِجَالِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ" 14 1- آدَمُ بن علي الكوفي. 14 2- إبراهيم بن جرير. 15 3- ابراهيم بن أبي حرة الحراني. 15 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ. 15 5- إبراهيم بن طريف المدني. 15 6- ابراهيم بن عامر بن مسعود. 15 7- إبراهيم بن عبد الأعلى الكوفي. 16 8- إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز. 16 9- إبراهيم بن مهاجر. 16 10- إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك. 17 11- أزهر بن راشد. 17 12- أزهر بن سعد. 17 13- إسماعيل بن أبي حكيم المدني. 18 14- اسماعيل بن عبد الله بن جعفر. 18 15- إسماعيل بن عبد الرحمن. 19 16- إسماعيل بن كثير أبو هاشم المكي. 19 17- أشعث بن أبي الشعثاء. 19 18- الأغر بن الصباح المنقري الكوفي. 20 19- أمية بن صفوان. 20 20- أمية بن عبد الله بن عمرو. 20 21- أوس بن بشر المعافري. 21 22- أوفى بن دلهم البصري. 21 23- إياس بن معاوية. 23 24- أَيُّوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْمَدَنِيُّ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 398 الصفحة الموضوع 23 25- أيوب بن ميسرة بن حليس. "حرف الْبَاءِ" 24 26- بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ. 24 27- بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي. 24 28- بشر بن حرب. 25 29- بِشْرُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الله الثقفي. 25 30- بكر بن سوادة. 25 31- بكير بن عبد الله بن الأشج. 26 32- بكير بن عبد الله الطويل. 26 33- بلال بن أبي بردة. "حرف التاء" 28 34- تميم بن حويص. "حرف الثاء" 28 35- ثابت بن أسلم البناني. 30 36- ثابت بن ثوبان الدمشقي. 30 - ثابت أبو المقدام. 30 37- ثعلبة بن مسلم الخثعمي الشامي. 31 38- ثعلبة أبو بحر الكوفي. 31 39- ثور بن زيد الديلي المديني. "حرف الْجِيمِ" 31 40- جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعَفِيُّ الْكُوفِيُّ. 32 41- جامع بن أبي راشد الكاهلي. 33 42- جبلة بن سحيم التيمي. 33 43- الجعد أبو عثمان اليشكري الصيرفي. 33 44- جعفر بن أبي وحشية. 34 45- جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 399 الصفحة الموضوع 34 46- جميل بن مرة الشيباني. 35 47- جميل الحذاء الأسلمي. 35 48- جميل بن عبد الله المدني المؤذن. 35 49- الجلد بن أيوب البصري. 35 50- جواب بن عبيد الله التيمي. 36 51- جوثة بن عبد الله الديلي المدني. 36 52- الجهم بن صفوان. "حرف الْحَاءِ" 38 53- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ المدني. 38 54- الحارث بن فضيل الأنصاري الخطمي. 39 55- الحارث بن يزيد الحضرمي المصري. 39 56- الحارث بن يزيد العكلي. 39 57- الحارث بن يعقوب الأنصاري. 40 59- حبان بن أبي جبلة القرشي. 40 58- حبيب بن الزبير بن مشكان الهلالي. 41 60- حبيب بن زيد بن خلاد. 41 61- حَبِيبُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْفِهْرِيُّ الْمِصْرِيُّ الأَمِيرُ. 41 62- حبيب بن أبي مرزوق. 41 63- حبيب الأعور المدني. 41 64- حَرْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ معاوية. 42 65- حسان بن أبي سنان البصري. 42 66- حسان بن عطية الدمشقي. 43 67- الحسين بن الحارث أبو القاسم الجدلى. 43 68- الحسين بن شفي بن ماتع. 44 69- حصين بن عبد الرحمن بن عمرو. 44 70- حطان بن خفاف. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 400 الصفحة الموضوع 44 71- حفص بن سليمان المنقري. 44 72- حفص بن الوليد بن سيف. 45 73- الْحَكَمُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المطلب. 45 74- حكيم بن جبير الأسدي الكوفي. 45 75- حكيم بن الديلم. 46 76- حنظلة بن صفوان. 46 77- حنين بن أبي حكيم المصري. 46 * - حيي بن هانئ. "حرف الخاء" 46 78- خالد بن ذكوان المدني. 46 79- خالد بن صفوان. 47 80- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحْرِزٍ الْبَصْرِيُّ. 47 81- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أسد. 49 82- خالد بن عرفطة. 49 83- خالد بن علقمة أبو حية الوادعي. 49 84- خالد بن أبي عمران التجيبي. 50 85- خالد بن محمد الثقفي الدمشقي. 50 86- خبيب بن عبد الرحمن. 51 87- خلف بن حوشب الكوفي. 51 88- خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَةَ الصَّنْعَانِيُّ. "حرف الدال" 51 89- داود بن شابور. 51 90- داود بن فراهيج المدني. 52 91- دراج بن سمعان. 53 92- دويد بن نافع أبو عيسى الحمصي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 401 الصفحة الموضوع 53 93- دينار أبو عمر البزار الكوفي. "حرف الراء" 53 - ربيعة بن سيف المعافري. 53 94- ربيعة بن يزيد القصير. 54 95- ربيع بن لوط. 54 96- ربيع بن عبد الرحمن بن أبي سعيد. 54 97- رزيق بن حكيم الأيلي. 55 98- رزيق بن حيان. 55 99- رزيق أبو عبد الله الألهاني الحمصي. 55 100- رياح بن عبيدة الباهلي. "حرف الزاي" 55 101- زبيد بن الحارث اليامي. 57 102- الزبير بن الخريب. 57 103- الزبير بن عربي أبو سلمة النمري. 58 104- الزبير بن موسى بن مينا. 58 105- زجلة مولاة عاتكة. 58 106- زهير بن أبي ثابت العنسي. 59 107- زياد بن عبد الله النميري. 59 108- زياد بن علاقة بن مالك الثعلبي. 59 109- زياد بن فياض أبو الحسن الخزاعي. 60 110- زياد بن أبي زياد المخزومي المديني. 61 111- زياد بن مخراق. 61 112- زيد بن جبير الطائي. 62 113- زيد بن سلام. 62 114- زيد بن طلحة أبو يعقوب التيمي. 62 115- زيد بن علي بن الحسين. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 402 الصفحة الموضوع 65 116- زيد بن أبي أنيسة. "حرف السِّينِ" 65 117- سَالِمُ أَبُو النَّضْرِ بْنُ أَبِي أمية. 66 118- سالم بن وابصة. 66 119- سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن. 68 120- سعد أبو مجاهد الطائي. 68 121- سعيد بن الحارث بن أبي سعيد. 68 122- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثابت. 68 123- سعيد بن عبد الله بن جريج. 69 124- سعيد بن عبد الملك بن مروان. 69 125- سعيد بن عمرو بن الأسود الحرشي. 69 126- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. 70 127- سعيد بن أبي كيسان. 70 128- سعيد بن مسروق الثوري. 71 129- سعيد بن هانيء الخولاني. 71 130- سلم بن عبد الرحمن. 71 131- سلم بن عطية الفقيمي. 71 132- سليم بن قيس العلوي. 72 133- سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي. 72 134- سلمة بن كهيل. 73 135- سلمة بن وهرام. 73 136- سليمان بن حبيب المحاربي. 74 137- سليمان بن حميد المزني. 74 138- سليمان بن عبد الرحمن. 74 139- سليمان بن أبي مسلم المكي. 75 140- سليمان بن أبي المغيرة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 403 الصفحة الموضوع 75 141- سليم بن جبير. 75 * - سليم بن عامر الخبايري. 76 142- سماك بن حرب. 76 143- سماك بن الفضل الصنعاني. 77 144- سنان بن سعد الكندي. 77 145- سيار بن عبد الرحمن الصدفي. 77 146- سيار أبو الحكم الواسطي. "حرف الشين" 78 147- شبيب بن غرقدة الكوفي. 78 148- شراحيل بن يزيد المعافري. 78 149- شرحبيل بن سعد المدني. 78 150- شرحبيل بن عمرو بن شريك. 79 151- شرحبيل بن مسلم 79 152- شعيب بن الحبحاب. 79 153- شعيب بن أبي سعيد. 79 154- شيبة بن نصاح بن سرجس. "حرف الصَّادِ" 80 155- صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرحمن. 80 156- صالح بن ابراهيم بن نوح. 81 157- صالح مولى التوءمة. 81 158- الصلت بن راشد. "حرف الضاد" 81 159- ضمرة بن سعيد. "حرف الطاء" 82 160- طلحة بن خراش. 82 161- طلحة بن عبيد الله بن كريز. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 404 الصفحة الموضوع "حرف الْعَيْنِ" 83 162- عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. 83 163- عاصم بن أبي النجود بهدلة. 84 164- عاصم بن أبي الصباح الجحدري. 85 165- عاصم بن عمر بن عبد العزيز. 85 166- عاصم بن عمرو البجلي. 85 167- عامر بن شقيق. 86 168- عامر بن عبد الله بن الزبير. 87 169- عامر بن عبد الواحد البصري. 87 170- عباس بن عبد الله بن معبد. 87 171- عباس بن فروخ الْجُرَيْرِيُّ. 88 172- الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 88 173- عبد الله بن بدر بن عميرة. 88 174- عبد الله بن خارجة بن يزيد. 88 175- عبد الله بن دينار. 89 176- عبد الله بن أبي جعفر. 89 177- عبد الله بن السائب أبو محمد. 89 178- عبد الله بن السائب الشيباني. 90 179- عبد الله بن أبي السفر الثوري. 90 180- عبد الله بن سليمان الطويل. 90 181- عبد الله بن شريك العامري. 91 182- عبد الله بن أبي صالح السمان. 91 183- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حسين النوفلي. 91 184- عبد الله بن عبيدة الربذي. 92 185- عَبْد الله بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز. 92 186- عبد الله بن عصم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 405 الصفحة الموضوع 92 187- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عيِسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 93 188- عبد الله بن الفضل بن العباس. 93 * - عبد الله بن محمد بن عقيل. 93 * - عبد الله بن كثير المقرئ. 93 189- عبد الله بن المختار البصري. 94 190- عبد الله بن مسلم. 94 191- عبد الله بن المسور. 94 192- عبد الله بن معاوية. 95 193- عبد الله بن نعيم بن همام. 95 194- عبد الله بن هبيرة. 96 195- عبد الله بن يزيد بن هرمز. 98 196- عبد الله بن يزيد مولى المنبعث. 98 197- عبد الله بن يزيد مولى الأسود. 98 198- عبد الله بن يزيد الصهباني. 99 199- عبد الأعلى بن عامر الثعلبي. 99 200- عبد الحميد بن جبير بن شيبة. 99 201- عبد الحميد بن رافع. 99 202- عبد الرحمن بن خالد بن مسافر. 100 203- عبد الرحمن بن عبد الله البصري. 100 204- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ الْجُهَنِيُّ. 100 205- عبد الرحمن بن القاسم بن محمد. 101 206- عبد الرحمن بن معاوية. 101 207- عبد العزيز بن الحجاج. 102 208- عبد العزيز بن رفيع. 102 209- عبد العزيز بن صهيب البناني. 102 210- عبد الكريم بن فيروز. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 406 الصفحة الموضوع 103 211- عبد الكريم بن أبي المخارق. 103 212- عبد الكريم بن مالك الجزري. 103 213- عبد الملك بن أعين. 104 214- عبد الملك بن حبيب. 104 215- عبد الملك بن قطن الفهري. 104 216- عبد الملك بن محمد بن عطية. 104 217- عبد الواحد بن قيس السلمي. 105 218- عبد الوهاب بن يحيى بن عباد. 105 219- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 105 220- عبيد الله بن أبي يزيد المكي. 106 221- عبيد بن الحسن المزني. 106 222- عبدة بن أبي لبابة الأسدي. 107 223- عثمان بن أبي سليمان بن جبير. 108 224- عثمان بن عاصم. 109 225- عثمان بن عبد الله بن موهب. 109 226- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. 109 227- عثمان بن عمير أبو اليقظان البجلي. 110 228- عثمان بن محمد بن المغيرة. 110 229- عثمان بن المغيرة الثقفي. 110 230- عروة بن أذينة. 111 231- عطاء بن دينار الهذلي. 111 232- عطاء بن صهيب. 111 233- عطية بن قيس. 112 234- عقيل بن طلحة السلمي. 112 235- العلاء بن عتبة الحمصي. 113 236- عَلُيُّ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْخَشْخَاشِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 407 الصفحة الموضوع 113 * - علي بن زيد بن جدعان. 113 237- علي بن نفيل بن زراع. 113 238- علي بن يحيى بن خلاد. 114 239- علي بنم يزيد بن أبي هلال. 114 240- عمار بن أبي عمار. 114 241- عمارة بن عبد الله بن صياد. 114 242- عمارة بن عبد الله بن طعمة. 115 243- عمران بن عبد الله بن طلحة. 115 344- عمران بن مسلم الجعفي. 115 245- عمران بن مسلم بن رياح. 115 246- عمر بن حسين المكي. 115 * - عمر بن عبد الرحمن بن محيصن. 116 247- عمر بن قيس الماصر. 116 248- عمر بن المنكدر التيمي. 116 249- عمرو بن جابر أبو زرعة. 117 250- عمرو بن أبي حكيم. 117 251- عمرو بن دينار. 119 252- عمرو بن سعد الفدكي. 119 253- عمرو بن عامر الأنصاري. 120 254- عمرو بن عامر البجلي. 120 255- عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. 123 256- عمرو بن مالك النكرى. 123 257- عمرو بن مسلم بن عمارة. 124 258- عمرو بن مسلم الجندي. 124 259- عمير بن هانيء العنسي. 125 260- عون بن أبي شداد. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 408 الصفحة الموضوع 126 261- عيسى بن أبي الكوفي. "حرف الغين" 126 262- غيلان بن أنس الكلبي. 126 263- عيلان بن جرير المعولي. "حرف الْفَاءِ" 127 264- فُرَاتُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ التميمي. 127 265- فراس بن يحيى الهمداني. 127 266- فرقد بن يعقوب السبخي. 128 267- فضيل بن طلحة الأنصاري. "حرف الْقَافِ" 128 268- الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ الأَصْبَهَانِيُّ. 129 269- القاسم بن أبي بزة. 129 270- القاسم بن عباس. 129 271- القاسم بن عبد الله المعافري. 129 272- قاسم بن يزيد الرحال. 130 273- قطن بن وهب الليثي. 130 274- قيس بن الحجاج بن خلي. 130 275- قيس بن سالم أبو جزرة. 130 276- قيس بن طلق. 131 277- قيس بن وهب الهمداني. "حرف الكاف" 131 278- كثير بن الحارث الحميري. 131 279- كثير بن خنيس الليثي. 131 280- كثير بن زياد الأزدي. 131 281- كثير بن فرقد. 132 282- كثير بن كثير بن المطلب. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 409 الصفحة الموضوع 132 283- كثير بن معدان. 132 284- كعب بن علقمة. 133 285- كلثوم بن جبر البصري. 133 286- كلثوم بن عياض القشيري. 133 287- كنانة مولى صفية. 133 288- الكميت بن زيد. "حرف الميم" 136 289- مالك بن دينار. 139 290- مجزأة بن زاهر. 139 291- مجمع التيمي. 140 292- محمد بن زياد القرشي. 140 293- محمد بن زيد الكندي. 140 294- محمد بن شبيب. 141 295- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ. 141 296- محمد بن عبد الرحمن الأنصاري. 142 297- محمد بن عبد الرحمن بن محيصن. 142 298- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن زرارة. 143 299- محمد بن عبد الرحمن البياضي. 143 300- محمد بن عبد الرحمن المؤذن. 145 301- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عباس. 145 302- محمد بن عمار بن سعد. 145 303- محمد بن قيس الهمداني. 146 304- محمد بن قيس المدني القاص. 164 305- "الزهري" محمد بن مسلم. 167 306- محمد بن مسلم بن تدرس. 172 307- محمد بن المنكدر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 410 الصفحة الموضوع 176 308- مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعِ بْنِ جَابِرِ بْنِ الأَخْنَسِ. 176 309- محمد بن يحيى بن حبان. 177 310- محمد بن يزيد الرحبي. 177 311- محمد بن أبي بكر بن عوف. 177 312- مخرمة بن سليمان الوالبي. 177 313- مرثد بن سمي الأوزاعي. 177 314- مرزوق التيمي الكوفي. 178 315- مزاحم بن زفر الكوفي. 178 316- مسلم بن سمعان. 178 317- مسلم بن أبي مريم السلمي. 178 318- مسلم بن أبي مريم يسار الأنصاري. 178 319- مسلمة بن عبد الملك. 179 320- مشاش أبو ساسان. 179 321- مصعب بن محمد شرحبيل. 179 322- مطر الوراق. 180 323- معاوية بن إسحاق بن طلحة. 180 324- معاوية بن الريان. 180 325- معبد المغني. 181 326- معمر بن أبي حبيبة. 181 327- مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. 181 328- المغيرة بن عتيبة بن النهاس. 182 329- المقدام بن شريح بن هانيء. 182 330- المنذر بن عبيد المدني. 182 331- مهاجر أبو الحسن الكوفي الصائغ. 183 332- موسى بن السائب. 183 333- موسى بن أبي كثير الصباح. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 411 الصفحة الموضوع 183 334- ميسرة بن حبيب النهدي. 183 335- ميسرة الأشجعي الكوفي. 183 336- ميمون الكردي. "حرف النون" 184 337- نبيه بن وهب. 184 338- نزار بن حيان الأسدي. 184 339- نسير بن ذعلوق. 184 340- نصر بن عمران. 185 341- النضر بن شيبان الحداني. 186 342- النعمان بن عمرو اللخمي. 186 343- نفيع بن الحارث الهمداني. 186 344- نمير بن أوس الأشعري. "حرف الهاء" 187 345- هارون بن رياب. 188 346- هارون بن سعد الكوفي. 188 347- هشام بن حجيب المكي. 188 348- هشام بن زيد بن أنس. 188 349- هشام بن عبد الملك. 190 350- هلال بن علي. 190 351- هلال الوزان الكوفي. 190 352- الهيثم بن حبيب. "حرف الواو" 191 353- واصل مولى أبي عيينة. 191 354- الوليد بن عبد الرحمن الهمداني. 191 355- الوليد بن هشام بن معاوية. 192 356- الوليد بن أبي الوليد القرشي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 412 الصفحة الموضوع 192 357- الوليد بن يزيد بن عبد الملك. 198 358- وهب بن كيسان. "حرف الياء" 198 359- يحيى بن جابر الطائي. 199 360- يحيى بن خالد بن رافع. 199 361- يحيى بن راشد الليثي. 199 362- يحيى بن أبي كثير الإمام. 201 363- يَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. 201 364- يحيى بن مسلم البكاء. 203 365- يحيى بن قيس الكندي. 203 366- يحيى بن النضر. 203 367- يحيى بن هانيء. 203 368- يزيد بن أبان الرقاشي. 204 369- يزيد بن أبي حبيب. 206 370- يزيد بن حميد. 207 371- يزيد بن رومان المدني. 207 372- يزيد بن أبي سمية. 207 373- يزيد بن الطثرية. 208 374- يزيد بن عبد الله بن قسيط. 208 375- يزيد بن عبد الرحمن الهمداني. 209 376- يزيد بن القعقاع. 210 377- يزيد بن الوليد بن عبد الملك. 211 378- يزيد الرشك الضبعي. 212 379- يعقوب بن عبد الله بن الأشج. 212 380- يعقوب بن عتبة بن المغيرة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 413 الصفحة الموضوع 213 381- يعلى بن حكيم. 213 382- يوسف بن عمر الثقفي. 215 383- يونس بن يوسف بن حماس. "الكنى" 215 384- أبو العيس الخولاني. 216 385- أبو بشر الدمشقي المؤذن. 216 386- أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 216 387- أبو بلج الفزاري. 216 388- أبو جعفر الفراء. 217 * - أبو جمرة نصر بن عمران. 217 * - أبو جمرة القصاب. 217 * - أبو حصين. 217 * - أبو الرجال. 217 389- أبو الزاهرية. 217 390- أبو الزناد. 218 391- أبو العاج السلمي. 218 392- أبو عصام. 218 * - أبو عمران الجوني. 218 * - أبو عمر البزار. 218 393- أبو العنبس العدوي. 218 394- أبو العنبس الكوفي. 218 395- أبو غالب البصري. 219 396- أبو فزارة العبسي الكوفي. 219 397- أبو قبيل المعافري. 220 398- أبو كثير السحيمي اليمامي. 220 399- أبو المحجل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 414 الصفحة الموضوع 220 400- أبو المقدام الكوفي. 221 * - أبو المكشوح. 221 401- أبو نعامة السعدي. 221 402- أبو هاشم الرماني. 221 403- أبو الهيثم المرادي. 221 404- أبو الوازع الكوفي. 221 405- أبو الوازع الراسبي. 222 406- أبو وجزة السعدي. 222 407- أبو يحيى القتات. 222 408- أبو يعفور العبدي. 222 * - أبو يعفور الكوفي. 222 409- أبو يونس مولى أبي هريرة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 415 الطبقة الرابعة عشرة : 223 أحداث سنة إحدى وثلاثين ومائة. 225 أحداث سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 226 بيعة السفاح. 232 أحداث سنة ثلاث وثلاثين ومائة. 234 أحداث سنة أربع وثلاثين ومائة. 236 أحداث سنة خمس وثلاثين ومائة. 236 أحداث سنة ست وثلاثين ومائة. 237 أحداث سنة سبع وثلاثين ومائة. 243 أحداث سنة ثمان وثلاثين ومائة. 244 أحداث سنة تسع وثلاثين ومائة. 244 أحداث سنة أربعين ومائة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 416 "الوفيات": صفحة الموضوع "حرف الأَلِفِ" 245 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن جعفر. 245 2- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه أخو السفاح والمنصور. 246 3- إبراهيم بن مرة الدمشقي. 246 4- إبراهيم بن ميسرة الطائفي. 247 5- إبراهيم بن ميمون. 247 6- إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك. 248 7- آدم بن سليمان مولى قريش. 248 8- إسحاق بن سويد بن هبيرة. 249 9- إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. 249 10- أسد بن وداعة. 249 11- إسماعيل بن أمية. 250 12- إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان. 250 13- إسماعيل بن سالم الأسدي. 250 14- إسماعيل بن سميع. 250 15- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ. 252 16- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. 252 17- إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص. 253 18- أسلم المنقري. 253 19- الأسود بن قيس الكوفي. 253 20- أسيد بن أبي أسيد البراد. 253 21- أشعث بن سوار الكندي. 254 22- أمية بن يزيد. 254 23- أيوب السختياني. 257 24- أيوب بن موسى بن عمرو الأشدق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 417 الصفحة الموضوع 258 25- أيوب بن أبي مسكين القصاب. "حرف الباء" 258 26- باب بن عمير الحنفي. 258 27- بديل بن ميسرة. 258 28- برد بن أبي زياد. 259 29- برد بن سنان. 259 30- بشر بن حميد المزني. 259 31- بكر بن زرعة الخولاني. 260 32- بكر بن عمرو المعافري. 260 33- بكر بن وائل بن داود. 260 34- بيان بن بشر الأحمسي. "حرف التاء" 260 35- توبة العنبري مولاهم. "حرف الثَّاءِ" 261 36- ثَابِتُ بْنُ عَجْلانَ بْنِ حَفْصٍ. 261 37- ثوير بن أبي فاختة. "حرف الْجِيمِ" 262 38- جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَرِيرِ البجلي. 262 39- جعفر بن ربيعة بن شرحبيل. "حرف الحاء" 263 40- حبيب العجمي. 264 41- حبيب بن أبي حبيب الدمشقي. 264 42- حجاج بن حجاج الباهلي. 265 43- حجاج بن فرافضة. 265 44- الحر بن مسكين. 265 45- حسان بن عتاهية. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 418 الصفحة الموضوع 266 46- الحسن بن الحر النخعي. 267 47- الحسن بن عبيد بن عروة النخعي. 267 48- الحسن بن عمران العسقلاني. 267 49- حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ أَبُو عَلِيٍّ الرَّحْبِيُّ الْوَاسِطِيُّ. 268 50- الحسين بن ميمون الخندفي. 268 51- حصين بن عبد الرحمن السلمي. 268 52- حفص بن سليمان. 269 53- الحكم بن عبد الله النصري. 269 54- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الأَيْلِيُّ. 269 * - الحكم بن عبد الله العاملي 269 55- حمران بن أعين الكوفي. 270 56- حميد بن قيس المكي. 270 57- الحوثرة بن سهيل. "حرف الْخَاءِ" 270 58- خَالِدُ بْنُ أَبِي خَلْدَةَ الْحَنَفِيُّ. 271 59- خالد بن سلمة بن العاص. 272 60- خالد بن كثير الهمذاني. 272 61- خالد بن يزيد الإسكندراني. 272 62- خالد بن زيد الشامي. 272 63- خصيف بن عبد الرحمن الجزري. 273 64- خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَةَ الصَّنْعَانِيُّ. 273 65- خير بن نعيم الحضرمي. "حرف الدال" 274 66- داود بن الحصين. 275 67- داود بن سليك. 275 68- داود بن صالح بن دينار. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 419 الصفحة الموضوع 275 69- دَاوُدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص. 275 70- دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس. 277 71- داود بن عمرو الأودي الشامي. 277 72- داود بن أبي هند. "حرف الرَّاءِ" 279 73- رَبَاحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي سفيان. 279 74- الربيع بن أنس البكري. 280 75- الربيع بن أبي راشد. 280 76- ربيعة الرائي. 285 77- رقبة بن مصقلة. 285 78- ركين بن الربيع بن عميلة. "حرف الزيِن" 286 79- زَبَّانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مروان. 286 80- الزبير بن عدي الهمداني اليامي. 286 81- زرعة بن إبراهيم الدمشقي. 287 82- زنكل بن علي العقيلي. 287 83- زهرة بن معبد بن عبد الله. 288 84- زياد بن بيان الرقي. 288 85- زياد بن مخراق المزني. 288 86- زيد بن أسلم. 290 87- زيد بن الحواري. 291 88- زيد بن رفيع الجزري. 291 89- زيد بن أبي عتاب. 291 90- زيد بن واقد القرشي. "حرف السين" 292 91- سالم بن أبي حفصة الكوفي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 420 الصفحة الموضوع 293 92- سالم بن عبد الله المحاربي الداراني. 293 93- سالم بن عجلان. 293 94- سدير بن حكيم. 294 95- السري الكوفي. 294 96- سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. 294 97- سعيد بن جمهان. 294 98- سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. 295 99- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ. 295 100- سعيد بن عمرو بن سليم الزرقي. 295 101- سعيد بن أبي هلال الليثي. 296 102- سعيد بن يزيد بن مسلمة. 296 103- سعيد بن يزيد الأحمسي. 296 104- سعيد بن يزيد القتباني الحميري. 296 105- سلمة بن دينار. 298 106- سلمة بن تمام. 298 107- سلمة بن علقمة. 298 108- سلم بن أبي الذيال البصري. 299 109- سليمان بن حيان. 299 110- سليمان بن داود الخولاني. 300 111- سليمان بن أبي زينب. 300 112- سليمان بن كثير الخزاعي. 300 * - سليمان بن موسى الأشدق. 300 113- سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان. 301 114- سليمان بن يزيد بن عبد الملك. 301 115- سليم أبو عبد الله المكي. 301 116- سماك بن عطية البصري. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 421 الصفحة الموضوع 301 117- سمي مولى أبي بكر. 302 118- سنان بن حبيب السلمي. 302 119- سنان بن ربيعة الباهلي. 302 120- سهيل بن أبي صالح السمان. "حرف الصاد" 303 121- صدقة بن يسار الجزري. 303 122- الصقعب بن زهير الأزدي. 303 123- صفوان بن سليمان. "حرف الضاد" 305 124- ضرار بن مرة. "حرف الطاء" 305 125- طلق بن معاوية. "حرف العين" 305 126- عاصم بن عبيد الله. 306 127- عاصم بن كليب بن شهاب الجرمي. 306 128- عباد بن الربان اللخمي. 306 129- عباس بن عبد الله بن معبد. 306 130- عبد الأعلى التيمي. 307 131- عبد الله بن بسر الحبراني. 307 132- عبد الله بن بشر الخثعمي. 307 133- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَحَمَّدِ بْنِ عمرو. 308 134- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو حَرِيزٍ الأَزْدِيُّ. 308 135- عبد الله بن دينار البهراني. 308 136- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ. 309 137- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سبرة الكوفي. 310 138- عبد الله بن سليمان الطويل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 422 الصفحة الموضوع 310 139- عبد الله بن سوادة القسيري. 310 140- عبد الله بن طاوس. 311 141- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة. 311 142- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ بن حزم. 311 143- عبد الله بن عبد الرحمن بن يحنس. 311 144- عبد الله بن عبد الرحمن الضبي. 311 145- عبد الله بن عبد الرحمن البصري. 312 146- عبد الله بن عطاء الطائفي. 312 147- عبد الله بن أبي لبيد. 312 148- عبد الله السفاح. 314 149- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغِيثِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ. 314 * - عبد الله بن معاوية الهاشمي. 314 150- عبد الله بن الوليد بن قيس. 314 151- عبد الله بن أبي نجيح يسار. 315 152- عبد الله بن يسار المكي. 315 153- عبد الحميد الكاتب. 316 154- عبد الحميد صاحب الزيادي. 316 155- عبد الرحمن بن حبيب بن أردك. 317 156- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْف. 317 157- عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي صعصة. 317 158- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد القاري. 317 159- عبد العزيز بن حكيم الحضرمي الكوفي. 318 160- عبد الكريم بن الحارث بن يزيد. 318 161- عبد المجيد بن سهيل. 318 162- عبد الملك بن أبي بشير. 319 163- عبد الملك بن راشد الحمصي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 423 الصفحة الموضوع 319 164- عبد الملك بن عمير بن سويد. 320 165- عبد الملك بن مروان. 320 166- عبد المؤمن بن أبي شراعة. 320 167- عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك. 320 168- عبيد الله بن أبي جعفر الليثي. 321 169- عبيد الله بن الحبحاب السلولي. 321 170- عبيد الله بن زحر الضمري. 322 171- عبيد الله بن طلحة. 322 172- عبيد الله بن عبيد الكلابي. 322 173- عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب. 323 174- عبيد الله بن سلمان الأغر. 323 175- عبيد بن سلمان الأعرج. 323 176- عبيد ابن سوية الأنصاري. 323 177- عبيد بن مهران الكوفي. 323 178- عبد ربه بن سعيد. 324 179- عبدة بن رباح الغساني. 324 180- عتبة بن حميد الضبي. 325 181- عتبة بن مسلم التيمي. 325 182- عثمان بن حكيم بن عباد. 325 183- عثمان بن داود الخولاني الشامي. 325 184- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ. 326 185- عثمان بن عروة بن الزبير. 326 186- عثمان البتي الفقيه. 327 187- عروة بن الحارث أبو فروة. 327 188- عروة بن رويم. 328 189- عروة بن عبد الله بن قشير. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 424 الصفحة الموضوع 328 190- عطاء بن السائب. 330 191- عطاء بن عجلان الحنفي. 330 192- عطاء بن قرة السلولي. 330 193- عطاء بن أبي مسلم الخراساني. 331 194- عطاء بن أبي ميمونة البصري. 332 195- عطاء السليمي الزاهد. 333 196- عقيل بن مدرك. 333 197- العلاء بن الحارث. 334 198- العلاء بن خالد الأسدي. 334 199- العلاء بن أبي العباس. 334 200- العلاء بن عبد الجبار اليحصبي. 335 201- العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب. 336 202- علقمة بن أبي علقمة. 336 203- علي بن بذيمة. 336 204- علي بن الحكم البناني. 336 205- علي بن زيد بن جدعان. 338 206- علي بن يحيى بن خلاد. 338 207- عمار الدهني. 338 208- عمارة بن جوين. 339 209- عمارة بن أبي حفصة. 339 210- عمارة بن غزية. 339 211- عمارة بن القعقاع. 340 212- عمر بن جعثم الشامي الحمصي. 340 213- أما عمر بن خثعم اليمامي. 340 214- عمر بن السائب. 340 215- عمر بن أبي سلمة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 425 الصفحة الموضوع 341 216- عمر بن سليمان الدمشقي. 341 217- عمر بن عامر القاضي. 341 218- عمر بن عبد الله بن يعلى. 342 219- عمرو بن دينار البصري. 342 220- عمرو بن عامر. 342 221- عمرو بن عبيد الله. 342 222- عمرو بن عمران أبو السوداء. 343 223- عمرو بن أبي مولى المطلب. 343 224- عمرو بن قيس. 345 * - عمرو بن قيس الملائي الكوفي. 345 225- عمرو بن مهاجر. 346 226- عمرو بن يحيى بن عمارة الأنصاري. 346 227- عمران بن أبي عطاء. 347 228- عنبسة بن سعيد الواسطي. 347 229- عنبسة بن سعيد الكلاعي. 347 230- عياش بن عباس القتباني. 348 231- عيسى بن سليم العنسي. 348 232- عيسى بن موسى بن حميد. "حرف الغين" 348 233- غالب بن مهران العبدي. 348 234- غضيف بن أبي سفيان. 348 235- غيلان بن جامع المحاربي. "حرف الفاء" 349 236- فرقد بن يعقوب السبخي. "حرف الْقَافِ" 349 237- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو نَهِيكَ الأسدي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 426 الصفحة الموضوع 350 238- القاسم بن مهران. 350 239- قحطبة بن شبيب الطائي. 350 240- قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الجمحي. 350 241- القعقاع بن يزيد الضبي الكوفي الأعمى. "حرف الْكَافِ" 351 242- كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ أَبُو قُرَّةَ البصري. 351 243- كثير النواء. 351 244- كرز بن وبرة. 353 245- كليب بن وائل. "حرف اللام" 353 246- ليث بن أبي سليم. "حرف الميم" 353 247- المحب بن حذلم الرعيني. 353 248- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو بن حزم. 354 249- محمد بن جحادة الكوفي. 354 250- محمد بن أبي حرملة القرشي. 354 251- محمد بن خالد الضبي الكوفي. 355 252- محمد بن زياد الإلهاني الحمصي. 355 253- محمد بن زيد بن المهاجر. 355 254- محمد بن سالم الهمداني. 356 255- محمد بن السائب بن بركة. 356 256- محمد بن سعد الأنصاري. 356 257- محمد بن سيف البصري. 356 258- محمد بن شيبة بن نعامة. 357 259- محمد بن طارق المكي العابد. 357 260- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي صعصعة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 427 الصفحة الموضوع 357 261- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَبِيدٍ الأَسَدِيُّ. 357 262- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ. 357 263- محمد بن عبد الرحمن بن نوفل. 358 264- محمد بن عبد الملك بن مروان. 358 265- مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. 359 266- محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي. 359 267- محمد بن كريب مولى ابن عباس. 359 268- محمد بن المنكدر. 359 269- مخارق بن خليف. 359 270- مختار بن فلفل الكوفي. 360 271- مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. 363 272- مسحاج بن موسى الضبي. 363 273- مسلم بن زياد الحمصي. 363 274- مسلم بن سالم أبو فروة الجهني. 364 * - مسلم بن عبيد. 364 275- مسلم بن كيسان الضبي. 364 276- المسور بن رفاعة. 364 277- مطرح بن يزيد. 365 278- مطير بن أبي خالد. 365 279- معاوية بن سعيد التجيبي. 365 280- معبد بن هلال العنزي. 365 281- مغيرة بن حبيب. 365 282- مُغِيرَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْفَزَارِيُّ. 366 283- مغيرة بن مقسم الضبي. 367 * - مقاتل بن حيان البلخي. 367 284- منصور بن جمهور الكلبي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 428 الصفحة الموضوع 367 285- منصور بن زاذان. 369 286- منصور بن عبد الرحمن بن طلحة. 369 287- منصور بن عبد الرحمن الغداني. 369 288- منصور بن المعتمر السلمي. 371 289- منصور بن أبي الهياج حيان. 371 290- مهاجر بن مخلد. 371 291- موسى بن أيوب. 372 292- موسى بن أبي تميم. 372 293- موسى بن جبير المدني. 372 294- موسى بن سالم أبو جهضم. 372 295- مُوسَى بن عَبْد الله بن يزيد الخطمي. 373 296- موسى بن أبي عائشة الهمداني. "حرف النون" 373 297- نافع بن مالك الأصبحي. 373 298- نصر بن سيار الأمير. 374 299- نصر بن علقمة الحضرمي. 374 300- النعمان بن راشد. 374 301- النعمان بن المنذر. 375 302- نوح بن ذكوان البصري. "حرف الهاء" 375 303- هاشم بن بلال. 375 304- هاشم بن يزيد. 375 * - هلال بن خباب. 375 305- همام بن منبه. 376 306- هود بن عطاء اليمامي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 429 الصفحة الموضوع "حرف الواو" 377 307- واصل بن عطاء. 378 308- واقد بن محمد بن زيد. 378 309- واهب بن عبد الله المعافري. 378 310- الوليد بن قيس. 378 311- الوليد بن أبي هشام البصري. "حرف الياء" 379 312- يحيى بن أبي إسحق الحضرمي. 379 313- يحيى بن حيان. 379 314- يحيى بن عبد الله الكوفي. 379 315- يحيى بن عتيق البصري. 380 * - يحيى بن أبي كثير. 380 316- يحيى بن ميمون الضبي العطار. 380 317- يحيى بن يحيى بن قيس. 380 318- يحيى بن يزيد الهنائي. 381 319- يحيى البكاء. 381 320- يزيد بن أيهم. 381 321- يزيد بن أبي زياد الكوفي. 382 322- يزيد بن زياد. 382 * - يزيد بن زياد الدمشقي. 382 323- يزيد بن أبي سعيد القرشي. 383 324- يزيد بن عبد الله بن خصيفة. 383 325- يزيد بن عَبْد الله بن أسامة بن الهاد. 383 326- يزيد بن عبد الله النجراني الدمشقي. 383 327- يزيد بن عبد الرحمن الهمداني. 384 328- يزيد بن عمر بن هبيرة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 430 الصفحة الموضوع 384 329- يزيد بن عمرو المعافري المصري. 384 330- يزيد بن محمد بن قيس. 385 331- يزيد بن أبي مسلم النحوي. 385 332- يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي. 386 333- يزيد الشني الأعرج. 386 334- يعيش بن الوليد بن هشام الأموي. 386 335- يوسف بن عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي عبيدة بن عقبة بن نافع. 387 336- يونس بن خباب الكوفي. 387 337- يونس بن عبيد بن دينار. 390 338- يونس بن ميسرة بن حلبس. "الكنى" 391 339- أبو بكر بن نافع. 391 340- أبو الجحاف التميمي. 391 341- أبو الجودي الأسدي. 392 342- أبو حمزة القصاب الكوفي الأعور. 392 * - أبو حمزة القصاب عمران. 392 * - أبو رجاء الأزدي الحداني. 392 343- أبو ريحانة السعدي. 392 * - أبو الزعراء الجمشي. 392 * - أبو الزناد المدني. 392 * - أبو سهيل بن مالك الأصبحي. 392 * - أبو طوالة. 392 344- أبو ظلال القسملي. 393 * - أبو العلاء القصاب. 393 345- أبو غالب الباهلي. 393 * - أبو فروة الجهني. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 431 الصفحة الموضوع 393 * - أبو فروة الهمداني. 393 346- أبو مسلم الخراساني. 396 347- أبو نصيرة الواسطي. 396 * - أبو هارون العبدي. 397 فهرس الموضوعات. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 432 المجلد التاسع أحداث الطبقة الخامسة عشرة: الحوادث من سنة 241 إلى 250 أحداث سنة إحدى وأربعين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم أحداث الطبقة الخامسة عشرة الحوادث من سنة 241 إلى 250 أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ أَسْمَاءُ بن عبيد وَالِدُ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، وَأَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ الْكُوفِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ، وَسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ قَاضِي الْمَدَائِنِ بِخُلْفٍ فِيهِ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ فِي قَوْلِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِي قَوْلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الوليد الهمداني الْكُوفِيُّ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ صَاحِبُ الْمَغَازِي، وَمُوسَى بْنُ كَعْبٍ أَمِيرُ دِيَارِ مِصْرَ. وَفِيهَا كَانَ ظُهُورُ الرَّاوَنْدِيَّةِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ: هُمْ قوم مِنْ خُرَاسَانَ عَلَى رَأْيِ أَبِي مُسْلِمٍ الخراساني صاحب الدعوة، ويقولون فِيمَا زَعَمَ بِتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَوْحَ آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلامُ- حَلَّتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ نَهِيكٍ، وَأَنَّ الْمنُصَوِّرَ هُوَ رَبُّهُمُ الَّذِي يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ وَأَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ مُعَاوِيَةَ هُوَ جِبْرِيلُ. قَالَ: فَأَتَوْا قَصْرَ الْمَنْصُورِ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ وَيَقُولُونَ: هَذَا، فَقَبَضَ الْمَنْصُورُ مِنْهُمْ عَلَى نَحْوِ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْكِبَارِ، فَغَضِبَ الْبَاقُونَ وَقَالُوا: عَلامَ حُبِسُوا؟ ثُمَّ عَهِدُوا إِلَى نَعْشٍ2 فَخَفُّوا بِهِ، يُوهَمُونَ أَنَّهَا جِنَازَةٌ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ مَرُّوا بِهَا عَلَى بَابِ السِّجْنِ فَعِنْدَهُ شَدُّوا عَلَى النَّاسِ بِالسِّلاحِ وَاقْتَحَمُوا السِّجْنَ فَأَخْرَجُوا أَصْحَابَهُمُ الَّذِينَ قَبَضَ عَلَيْهِمُ الْمَنْصُورُ، وَقَصَدُوا نَحْوَ الْمَنْصُورِ، وَهُمْ نَحْوٌ مِنْ سِتِّمِائَةٍ، فتَنَادَى النَّاس، وأغلقت المدينة، وخرج المنصور من قصره ماشيا لم يجد فرسا، فَأُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ يُرِيدُهُمْ، فَجَاءَهُ معِنْ بْنِ زَائِدَةَ فَتَرَجَّلَ لَهُ وَعَزَمَ عليه وأخذ   1 وانظر: تاريخ الطبري "7/ 505"، وتاريخ خليفة "ص/ 275"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 508"، والبداية "10/ 75"، والنجوم الزاهرة "1/ 436"، وصحيح التوثيق "6/ 41". 2 وهو ما يحمل عليه الميت. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 3 بِلِجَامِ الدَّابَّةِ، وَقَالَ: إِنَّكَ تُكْفَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَجَاءَ مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْقَصْرِ، ثُمَّ قَاتَلُوهُمْ حَتَّى أَثْخَنُوهُمْ. وَجَاءَ خازم بْنُ خُزَيْمَةَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أقْتُلُهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى الْحَائِطِ، فَكَرُّوا عَلَى خَازِمٍ فَهَزَمُوهُ، ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِمْ هُوَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ شُعْبَةَ بِجُنْدِهِمَا، وَأَحَاطُوا بِهِمْ، وَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ فَأَبَادُوهُمْ، فَلا رَحِمَهُمُ الله. وقد جاء يَوْمَئِذٍ عُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ فَكَلَّمَهُمْ، فَرَمَوْهُ بِنَشَّابَةٍ1، فَمَرِضَ مِنْهَا وَمَاتَ، فَاسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورَ مَكَانَهُ عَلَى الْحَرَسِ أَخَاهُ عِيسَى بْنُ نَهِيكٍ. وَكَانَ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَدِينَةِ الْمُلَقَّبَةِ بِالْهَاشِمِيَّةِ وَهِيَ بِقُرْبِ الْكُوفَةِ. ثُمَّ إِنَّ الْمَنْصُورَ قَدِمَ سَمَاطًا بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِ مَعْنٍ. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذْلِيِّ قَالَ: إِنِّي لَوَاقِفٌ بباب القصر إذا أُطْلِعَ رَجُلٌ إِلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ: هَذَا رَبُّ الْعِزَّةِ الَّذِي يَرْزُقُنَا وَيُطْعِمُنَا. قَالَ: فحدَّثْتُ الْمَنْصُورَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا هُذَلِيُّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ النَّارَ فِي طَاعَتِنَا وَنَقْتُلُهُمْ، أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أن يدخلهم الْجَنَّةَ فِي مَعْصِيَتِنَا. وَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: أَخْطَأْتُ ثَلاثَ خَطْآتٍ وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا: قَتَلْتُ أَبَا مُسْلِمٍ وَأَنَا فِي خِرَقٍ2، وَمَنْ حَوْلِي يُقَدِّمُ طَاعَتَهُ وَيُؤْثِرُهَا وَلَوْ هُتِكَتِ الْخِرَقُ لَذَهَبْتُ ضَيَاعًا. وَخَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ وَلَوِ اخْتَلَفَ سَيْفَانِ بِالْعِرَاقِ ذَهَبَتِ الْخِلافَةُ ضَيَاعًا. وَقِيلَ: كَانَ معْنِ بْنِ زَائِدَةَ مِمَّنْ قَاتَلَ الْمُسَوِّدَةَ مَعَ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَلَمَّا قَامَتْ دَوْلَةُ الْمُسَوِّدَةُ اخْتَفَى مَعْنٌ إِلَى أن ظهر يوم الراوندية، فأبى يَوْمَئِذٍ وَبَرَّزَ حَتَّى كَانَ النَّصْرُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ اخْتَفَى كَمَا هُوَ، فَتَطَلَّبَهُ الْمَنْصُورُ وَنُودِيَ بِأَمَانِهِ فَأُتِيَ بِهِ فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ جَلِيلٍ وَوَلاهُ الْيَمَنَ. وَفِيهَا أَمَّرَ الْمَنْصُورُ ابْنَهُ الْمَهْدِيَّ وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ3 وَبَعَثَهُ عَلَى خُرَاسَانَ   1 النشاب: هو النبل. واحدته: نشابة، والنشاب: صانع النشاب "ج" نشابة. 2 الخرق: الثقب في الحائط وغيره "ج" خروق. 3 راجع: تاريخ خليفة "ص/ 275"، وتاريخ الطبري "7/ 505-507"، وتاريخ الأثير "5/ 506-509"، والبداية "1/ 75-77"، والنجوم الزاهرة "1/ 436-437". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 4 وَأَنْ يَنْزِلَ الرَّيَّ، فَفَعَلَ، وَبَلَغَ الْمَنْصُورَ أَنَّ أَمِيرَ خُرَاسَانَ عَبْدَ الْجَبَّارِ الأَزْدِيَّ يَقْتُلُ رُؤَسَاءَ الْخُرَاسَانِيِّينَ، فَقَالَ لِأَبِي أَيُّوبَ الْخُوزِيِّ: إِنَّ هَذَا قد أفنى شيعتنا ولم نفعل هَذَا إِلا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْلَعَ الطَّاعَةَ. فَقَالَ: اكْتُبْ إِلَيْهِ أَنَّكَ تُرِيدُ غَزْوَ الرُّومِ فَلْيُوَجِّهْ إِلَيْكَ الْجُنْدَ وَالْفُرْسَانَ، فَإِذَا خَرَجُوا بَعَثْتَ إِلَيْهِ مَنْ شِئْتَ، فَلَيْسَ بِهِ امْتِنَاعٌ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُهُ أَنَّ التُّرْكَ قَدْ جَاشَتْ، وَإِنْ فُرِّقَتِ الْجُنُودُ ذَهَبَتْ خُرَاسَانُ، فَكَتَبَ الْمَنْصُورُ إِلَيْهِ بِمَشُورَةِ أَبِي أَيُّوبَ: إِنَّ خُرَاسَانَ أَهَمُّ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنِّي مُوَجِّهٌ إِلَيْكَ جَيْشًا مَدَدًا مِنْ عِنْدِي، يُرِيدُ الْمَنْصُورُ بِهَذَا أَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ إِنْ هَمَّ بِالْخُرُوجِ وَثَبُوا عَلَيْهِ، فَكَانَ جَوَابُهُ: إِنَّ خُرَاسَانَ مُجْدِبَةٌ وَأَخَافُ مِنَ الْغَلاءِ عَلَى الْجُنْدِ. فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْمَنْصُورُ: هَذَا رَجُلٌ قَدْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ وَقَدْ خَلَعَ فَلا تُنَاظِرْهُ، فَوَجِّهْ إِلَيْهِ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ. قال: فجهر الْمَهْدِيُّ مِنَ الرَّيِّ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ لِحَرْبِهِ مَقْدِمَةً، ثُمَّ سَارَ الْمَهْدِيُّ إِلَى أَنْ قَدِمَ نَيْسَابُورَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ مَرْوَ الرُّوذِ سَارُوا إِلَى عَبْدِ الْجَبَّارِ فَقَاتَلُوهُ فَهَزَمُوهُ، فَالْتَجَأَ إِلَى مَكَانٍ، فَعَبَرَ إِلَيْهِ الْمُجَشِّرُ بْنُ مُزَاحِمٍ بجند مرو الروذ فأسره، ثم أتى به خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ فَأَلْبَسَهُ عَبَاءَةً وَأَرْكَبَهُ بَعِيرًا مَقْلُوبًا وَسَيَّرَهُ إِلَى الْمَنْصُورِ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَوْلادِهِ، فَبَسَطَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ، وَاسْتَخْرَجَ مِنْهُمُ الأَمْوَالَ، ثُمَّ قَتَلَ عَبْدَ الْجَبَّارِ وَسَيَّرَ أَوْلادَهُ إِلَى جَزِيرَةِ دَهْلَكٍ بِبَحْرِ الْيَمَنِ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهَا حَتَّى أَغَارَتِ الْهِنْدُ عَلَيْهِمْ فَأَسَرُوهُمْ وَنَجَا مِنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَدُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، فَجَاءَ فَكَتَبَ فِي الدِّيوَانِ وَبَقِيَ بِمِصْرَ حَيًّا إِلَى سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهَا انْتَهَى بِنَاءُ مَدِينَةِ الْمِصِّيصَةِ بِتَوَلِّي جِبْرِيلَ بْنِ يَحْيَى الْخُرَاسَانِيِّ. وَفِيهَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ طَبَرِسْتَانَ وَغَنِمُوا غَنَائِمَ عَظِيمَةً بَعْدَ حُرُوبٍ جَرَتْ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. ثُمَّ وَلِيَ الْمَدِينَةَ محمد بن خالد بن عبيد اللَّهِ الْقَسْرِيُّ، وَوَلِيَ مَكَّةَ الْهَيْثَمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعَتَكِيُّ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ الشَّامِ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ. وَفِيهَا اسْتَنَابَ الْمَهْدِيُّ عَنْهُ عَلَى خراسان الأمير أسد بن عبد الله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 5 أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ أَسْلَمُ الْمِنْقَرِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْقَصَّابُ، وَالْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ، وَأَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلانِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ فِي قَوْلٍ. وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلٍ، وَالأَمِيرُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ بِخُلْفٍ، وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْمُعْتَزِلِيُّ فِيهَا أَوْ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيُّ، وَهَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ. وَفِيهَا نَزَعَ الطَّاعَةَ مُتَوَلِّي السِّنْدِ عُيَيْنَةُ بْنُ مُوسَى بْنِ كَعْبٍ فَخَرَجَ الْمَنْصُورُ بِالْجَيْشِ فَنَزَلَ الْبَصْرَةَ وَجَهَّزَ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْعَتَكِيُّ مُحَارِبًا وَمُتَوَلِّيًا عَلَى السِّنْدِ وَالْهِنْدِ فَسَارَ حَتَّى غَلَبَ عَلَى السِّنْدِ وَاسْتَوْثَقَ لَهُ الأَمْرُ. وَفِيهَا نَقَضَ إِصْبَهَبْذُ طَبَرِسْتَانَ وَقَتَلَ مَنْ بِبِلادِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَانْتُدِبَ لَهُ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَرَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ وَأَبُو الْخَصِيبِ مَرْزُوقٌ مَوْلَى الْمَنْصُورِ, فَحَاصَرُوهُ فِي قَلْعَتِهِ وَطَالَ الْحِصَارُ وَلَمْ يزالوا إلى أَنِ احْتَالَ مَرْزُوقٌ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اضْرِبُونِي وَاحْلِقُوا رَأْسِي وَلِحْيَتِي فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَلَحِقَ بِالإِصْبَهَبْذِ فَفَتَحَ فَدَخَلَ إِلَيْهِ: فَقَالَ: إِنَّمَا فَعَلُوا بِي مَا رَأَيْتَ تُهْمَةً مِنْهُمْ لِي بِأَنَّ هَوَايَ مَعَكَ, وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّهُ عَلَى عَوْرَةِ الْعَسْكَرِ، فَوَثِقَ بِهِ وَقَرَّبَهُ. وَكَانَ بَابُ قَلْعَتِهِ حَجَرًا، فَلَمْ يَزَلْ يُظْهِرْ لَهُ النَّصِيحَةَ وَالإِصْبَهَبْذُ يغتر إِلَى أَنْ صَيَّرَهُ أَحَدَ مَنْ يَتَوَلَّى الْبَابَ فَرَأَى مِنْهُ مَا يُحِبُّ: ثُمَّ نَفَّذَ مَرْزُوقٌ إِلَى الْعَسْكَرِ فِي نَشَّابَةٍ وَوَعَدَهُمْ لَيْلَةً مُعَيَّنَةً فِي فَتْحِ بَابِ الْحِصْنِ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ، وَدَخَلُوا وَقَتَلُوا الْمُقَاتِلَةَ وَسَبُوا2 الْحَرِيمَ، فَمَصَّ الإِصْبَهَبْذُ سُمًّا فِي خَاتَمِهِ فَهَلَكَ مِنْ جُمْلَةِ السَّبْيِ شَكْلَةُ وَالِدَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ مِنْ بَنَاتِ الأُمَرَاءِ وَوَالِدَةُ مَنْصُورِ بْنِ الْمَهْدِيِّ الْمَعْرُوفَةِ بِالْخَيِّرَةِ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنِ إمرأة مِصْرَ نَوْفَلُ بْنُ الْفُرَاتِ بِمُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، ثُمَّ عُزِلَ مُحَمَّدٌ وَأُعِيدَ نَوْفَلٌ ثُمَّ عُزِلَ ثانيًا فوليها حميد بن قحطبة.   1 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 275"، وتاريخ الطبري "7/ 512-515"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 510-512"، والبداية والنهاية "10/ 79-80"، وصحيح التوثيق "6/ 43-44". 2 وسبوا الحريم: يعني أسروهم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 6 وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ. وَقِيلَ: فِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ أَخَاهُ عَبَّاسًا عَلَى بِلادِ الْجَزِيرَةِ وَالثَّغْرِ. وَفِيهَا كَانَ تَوَثُّبُ الْعَبِيدِ بِالْبَصْرَةِ فَانْتُدِبَ لَهُمْ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ فَقَتَلَهُمْ. وَفِيهَا وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةِ الْبَحْرَ فَنَزَلَ مَدِينَةَ قَيْسٍ، وَهِيَ جَزِيرَةٌ فِي الْبَحْرِ، فَجَاءَتْهُ مَرَاكِبُ الْهُنُودِ فَلَمْ يخرج إليهم، فخرج ابنه فقتل وَقُتِلَ مَعَهُ طَائِفَةٌ، ثُمَّ هَرَبَ مُحَمَّدٌ مِنْهَا فدخلها العدو فخربوها. قال خليفة بن خياط1: فَهِيَ خَرَابٌ إِلَى الْيَوْمِ. قُلْتُ: هِيَ الْيَوْمُ عَامِرَةٌ يُسَافِرُ إِلَيْهَا التُّجَّارُ وَهِيَ جَزِيرَةُ كَيْشٍ كذا ينطقون بها.   1 تاريخ خليفة بن خياط "ص/ 419"، "حوادث سنة 141هـ". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 7 أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَحُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَافِرِيُّ، وَخَطَّابُ بْنُ صَالِحٍ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْمُونَ الْمَدَنِيُّ بِمِصْرَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ فِي قَوْلٍ، وَمُطَرِّفُ بْنِ طَرِيفٍ فِي قَوْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ. وَفِيهَا سَارَ أَبُو الأَحْوَصِ الْعَبْدِيُّ فِي سِتَّةِ آلافِ فَارِسٍ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَفْرِيقِيَّةِ فَنَزَلَ بَرْقَةَ ثُمَّ الْتَقَى هُوَ وَأَبُو الْخَطَّابِ الإِبَاضِيُّ فَانْهَزَمَ أَبُو الأَحْوَصِ، فَسَارَ أَمِيرُ مِصْرَ بِنَفْسِهِ وَجُيُوشُهُ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ فَالْتَقَى هُوَ وَالإِبَاضِيَّةُ فَقُتِلَ فِي الْمَصَافِّ أَبُو الْخَطَّابِ، وَانْهَزَمُوا2. وَفِيهَا بَلَغَ الْمَنْصُورُ أَنَّ الدَّيْلَمَ قَدْ أَوْقَعُوا بِالْمُسْلِمِينَ وقتلوا مِنْهُمْ خَلائِقَ فَنَدَبَ3 النَّاسَ لِلْجِهَادِ4.   1 وانظر: تاريخ الطبري "7/ 515"، وابن الأثير "5/ 510-512"، وتاريخ خليفة "ص/ 275"، والبداية "10/ 79-80". 2 تاريخ خليفة "420". 3 فندب الناس ... يعني دعى الناس. 4 تاريخ الطبري "7/ 515". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 7 وَفِيهَا عُزِلَ الْهَيْثَمُ عَنْ مَكَّةَ بِالسَّرِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْعَبَّاسِيِّ فَأُتِيَ بِكِتَابٍ عَهِدَهُ وَهُوَ فِي الْيَمَامَةِ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنْ مِصْرَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ وَأُعِيدَ نَوْفَلٌ ثَالِثًا، ثُمَّ عُزِلَ نَوْفَلٌ وَوَلِيَهَا يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الأَزْدِيُّ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ أَمِيرُ الْكُوفَةِ. وَفِي هَذَا الْعَصْرِ شَرَعَ عُلَمَاءُ الإِسْلامِ فِي تَدْوِينِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ، فَصَنَّفَ ابْنُ جُرَيْجٍ التَّصَانِيفَ بِمَكَّةَ، وَصَنَّفَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمَا بِالْبَصْرَةِ، وَصَنَّفَ الأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ، وَصَنَّفَ مَالِكٌ الْمُوَطَّأَ بِالْمَدِينَةِ، وَصَنَّفَ ابْنُ إِسْحَاقَ الْمُغَازِيُّ، وَصَنَّفَ مَعْمَرٌ بِالْيَمَنِ، وَصَنَّفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ الْفِقْهَ وَالرَّأْيَ بِالْكُوفَةِ، وَصَنَّفَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كِتَابَ "الْجَامِعِ"، ثُمَّ بَعْدَ يَسِيرٍ صَنَّفَ هُشَيْمٌ كُتُبَهُ، وَصَنَّفَ اللَّيْثُ بِمِصْرَ وَابْنُ لَهِيعَةَ ثُمَّ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو يُوسُفَ وابْنُ وَهْبٍ. وَكَثُرَ تَدْوِينُ الْعِلْمِ وَتَبْوِيبُهُ، وَدُوِّنَتْ كُتُبُ الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ وَالتَّارِيخِ وَأَيَّامُ النَّاسِ. وَقَبْلَ هَذَا الْعَصْرِ كَانَ سَائِرُ الأَئِمَّةِ يَتَكَلَّمُونَ عَنْ حِفْظِهِمْ أَوْ يَرْوُونَ الْعِلْمَ مِنْ صُحُفٍ صَحِيحَةٍ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ. فَسَهُلَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ تَنَاوُلُ الْعِلْمِ، وَأَخَذَ الحفظ يتناقص، فلله الأمر كله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 8 أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ فِي قَوْلٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِلَسْطِينِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، وَسَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ. وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ الْمَدَنِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ الْفَقِيهُ. وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ الأَيْلِيُّ. وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ السَّمْحِ الْفَقِيهُ بِمِصْرَ. وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فِي قَوْلٍ. ومجالد بن سَعِيد. وَهِلالُ بْنُ حُبَابٍ. وَوَاصِلُ بْنُ السَّائِبِ الرَّقَاشِيُّ. وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الدِّمَشْقِيُّ. وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّفَّاحِ الدَّيْلَمَ بِجَيْشِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وواسط والجزيرة.   1 وراجع: تاريخ الطبري "7/ 517-552"، وتاريخ خليفة ص/ 276"، والنجوم الزاهرة "1/ 446"، والبداية "10/ 80"، وصحيح التوثيق "6/ 45". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 8 وَفِيهَا قَدِمَ الْمَهْدِيُّ مِنْ خُرَاسَانَ فَدَخَلَ بِابْنَةِ عَمِّهِ رَيْطَةَ بِنْتِ السَّفَّاحِ. وَفِيهَا حَجَّ الْمَنْصُورُ وَخَلَفَ عَلَى الْعَسَاكِرِ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ فَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ الْمُرِّيَّ وَعَزَلَ مُحَمَّدًا الْقَسْرِيَّ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ أَهَمَّهُ شَأْنُ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِتَخَلُّفِهِمَا عَنِ الْحُضُورِ عِنْدَهُ مَعَ الأَشْرَافِ، فَقِيلَ: إِنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ أَنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا حَجَّ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ السَّفَّاحِ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ لَهُ لَيْلَةَ اشْتَوَرَ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكَّةَ فِيمَنْ يَعْقِدُونَ لَهُ الْخِلافَةَ حِينَ اضْطَرَبَ أَمْرُ بَنِي أُمَيَّةَ فَسَأَلَ الْمَنْصُورُ زِيَادًا مُتَوَلِّي الْمَدِينَةَ عَنِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. فَقَالَ: مَا يَهِمُّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَمْرِهِمَا أَنَا آتِيكَ بِهِمَا، فَضَمَّنَهُ إِيَّاهُمَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ الْمَنْصُورُ لَمْ يَكُنْ هَمُّهُ إِلا طَلَبَ محمد والمسألة عنه بكل طريق، فدعا بني هَاشِمٍ وَاحِدًا وَاحِدًا كُلُّهُمْ يُخْلِيهِ وَيَسْأَلُهُ عَنْهُ فَيَقُولُونَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمَ أَنَّكَ قَدْ عَرَفْتَهُ بِطَلَبِ هَذَا الشَّأْنِ قَبْلَ الْيَوْمِ فَهُوَ يَخَافُكَ وَهُوَ الآنَ لا يُرِيدُ لَكَ خِلافًا وَلا مَعْصِيَةً. وَأَمَّا حَسَنُ بْنُ زَيْدٍ فَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِ وَقَالَ: لا آمَنُ أَنْ يَخْرُجَ. فَذَكَرَ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ أَنَّ الْمَنْصُورَ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْ رَقِيقِ الأَعْرَابِ فَكَانَ يُعْطِي الرَّجُلَ مِنْهُمُ الْبَعِيرَ وَالْبَعِيرَيْنِ وَفَرَّقَهُمْ فِي طَلَبِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بأطرف الْمَدِينَةِ يَتَجَسَّسُونَ أَمْرَهُ وَهُوَ مُخْتَفٍ. وَذَكَرَ السِّنْدِيُّ مَوْلَى الْمَنْصُورِ قَالَ: رَفَعَ عُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الأَزْدِيُّ عِنْدَ الْمَنْصُورِ وَاقِعَةً وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ حَفْصٍ أَوْفَدَ مِنَ السِّنْدِ وَفْدًا فِيهِمْ عُقْبَةُ فَأَعْجَبَ الْمَنْصُورَ هَيْئَتُهُ فَاسْتَخْلَى بِهِ وَقَالَ: إِنِّي لأَرَى لَكَ هَيْئَةً وَمَوْضِعًا وَإِنِّي لَأُرِيدُكَ لِأَمْرٍ وَأَنَا بِهِ مُعَنًّى لَمْ أَزَلْ أَرْتَادُ لَهُ رَجُلا عَسَى أَنْ تَكُونَ، فَإِنْ كَفَيْتَنِيهِ رَفَعْتُكَ. فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ أُصَدِّقَ ظَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيَّ. قَالَ: فَاخْفِ شَخْصَكَ وَاسْتُرْ أَمْرَكَ وأتني يَوْمَ كَذَا، فَأَتَاهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ. فَقَالَ له: إن بني عمنا هؤلاء قد أبو إِلا كَيْدًا لِمُلْكِنَا وَاغْتِيَالا لَهُ وَلَهُمْ شِيَعَةٌ بِخُرَاسَانَ بِقَرْيَةِ كَذَا يُكَاتِبُونَهُمْ وَيُرْسِلُونَ إِلَيْهِمْ بِصَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ بِكِسْوَةٍ وَأَلْطَافٍ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ بكتاب مبتكر تكتبه عن أهل هذه الْقَرْيَةِ، ثُمَّ تَسِيرُ إِلَى بِلادِهِمْ فَإِنْ كَانُوا قَدْ نَزَعُوا عَنْ رَأْيِهِمْ فَأَحبِبْ وَاللَّهِ بِهِمْ وَأَقْرِبْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى رَأْيِهِمْ عَلِمْتُ ذَلِكَ وكنت حذر على فَاشْخَصْ حَتَّى تلقَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ مُتَقَشِّفًا مُتَخَشِّعًا فَإِنْ جَبَهَكَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 9 -وَهُوَ فَاعِلٌ- فَاصْبِرْ حَتَّى يَأْنَسَ بِكَ وَيُلِينُ لَكَ نَاحِيَتَهُ. فَإِذَا ظَهَرَ لَكَ مَا فِي قَلْبِهِ فَاعْجَلْ عَلَيَّ. قَالَ: فَشَخَصَ عُقْبَةُ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَلَقِيَهُ بِالْكِتَابِ فَأَنْكَرَهُ وَانْتَهَرَهُ وَقَالَ: مَا أَعْرِفُ هَؤُلاءِ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْصَرِفْ وَيَعُودُ إِلَيْهِ حَتَّى قَبِلَ الْكِتَابَ وَأَلْطَافَهُ وَأَنِسَ بِهِ فَسَأَلَهُ عُقْبَةُ الْجَوَابَ. فَقَالَ: أَمَّا الْكِتَابُ فَإِنِّي لا أَكْتُبُ إِلَى أَحَدٍ، وَلَكِنْ أَنْتَ كِتَابِي إِلَيْهِمْ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ ابْنَيَّ خَارِجَانِ لِوَقْتِ كَذَا وَكَذَا. فَأَسْرَعَ عُقْبَةُ بِهَذَا إِلَى الْمَنْصُورِ. وَقِيلَ: كَانَ مُحَمَّدٌ وَإِبْرَاهِيمُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ مَنْهُومَيْنِ بِالصَّيْدِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: قَدِمَ مُحَمَّدٌ الْبَصْرَةِ مُخْتَفِيًا فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا فَأَتَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَهْلَكْتَنِي وَشَهَّرْتَنِي فَانْزِلْ عِنْدِي وَفَرِّقْ أَصْحَابَكَ، فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنْزِلْ فِي بَنِي رَاسِفٍ، فَفَعَلَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَقَامَ مُحَمَّدٌ يَدْعُو النَّاسَ سِرًّا. وَقِيلَ: نَزَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ الْمُرِّيِّ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَسَارَ الْمَنْصُورُ حَتَّى نَزَلَ الْجِسْرَ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ لَمَّا حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ أَكْرَمَ عَبْدَ اللَّهِ بن الحسن, ثم قال لعقبة: تراآى لَهُ, ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ عَلِمْتُ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعُهُودِ أَنْ لا تَبْغِيَ سُوءًا. قَالَ. فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ، فَاسْتَدَارَ لَهُ عُقْبَةُ حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأَتَاهُ مِنْ وَرَائِهِ فَغَمَزَهُ بِأَصْبُعَيْهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ بَغْتَةً فَمَلأَ عَيْنَهُ مِنْهُ فَوَثَبَ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: أَقِلْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَقَالَكَ اللَّهُ. قَالَ: لا أَقَالَنِي اللَّهُ إِنْ أَقَلْتُكَ ثُمَّ سَجَنَهُ. وَجَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ الْمَنْصُورَ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَرَى ابْنَيْكَ قَدِ اسْتَوْحَشَا مِنِّي وَإِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَأْنَسَا بِي وَأَنْ يَأْتِيَانِي فَأُخْلِطُهُمَا بِنَفْسِي، فَقَالَ: وَحَقِّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ما لي بهما وَلا بِمَوْضِعِهِمَا وَلَقَدْ خَرَجَا عَنْ يَدِي فَبَقِيَ فِي سِجْنِ الْمَنْصُورِ ثَلاثَةَ أَعْوَامٍ. وَقِيلَ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيمَ هَمَّا بِاغْتِيَالِ الْمَنْصُورِ بِمَكَّةَ وَوَاطَأَهُمَا قَائِدٌ كَبِيرٌ مِنْ قُوَّادِهِ فَنُمِيَ الْخَبَرُ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَاحْتَرَزَ وَطَلَبَ الْقَائِدَ فَهَرَبَ، وَأَقْبَلَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ يُلِحُّ فِي طَلَبِ مُحَمَّدٍ حَتَّى أَعْيَاهُ وَجَعَلَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُدَافِعُ عَنْ مُحَمَّدٍ، فَقَبَضَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 10 الْمَنْصُورُ عَلَى زِيَادٍ وَاسْتَأْصَلَ أَمْوَالَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدٍ الْقَسْرِيَّ وَأَمَرَهُ بِبَذْلِ الأَمْوَالِ فِي طَلَبِ مُحَمَّدٍ وَأَخِيهِ، فَبَذَلَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا وَلا قَدِرَ عَلَيْهِمَا فَاتَّهَمَهُ الْمَنْصُورُ، فَعَزَلَهُ، وَوَلَّى رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ الْمُرِّيَّ، فَدَعَا الْقَسْرِيَّ فَسَأَلَهُ عَنِ الأَمْوَالِ، فَقَالَ: هَذَا كَاتِبِي وهو أعلم بها فقال: أسألك وتحليني عَلَى كَاتِبِكَ: فَأَمَرَ بِهِ رِيَاحٌ فُوجِئَتْ عُنُقُهُ وَضُرِبَ أَسْوَاطًا ثُمَّ بُسِطَ الْعَذَابُ عَلَى كَاتِبِهِ وَعَلَى مَوْلاهُ فَأَسْرَفَ وَجَدَّ فِي طَلَبِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي شِعَبٍ مِنْ شِعَابِ رَضْوَى وَهُوَ جَبَلُ جُهَيْنَةَ مِنْ أَعْمَالِ يَنْبُعَ. قَالَ: فَاسْتَعْمَلَ عَلَى يَنْبُعَ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ الْجُهَنِيَّ وَأَمَرَهُ بِتَطَلُّبِ مُحَمَّدٍ، فَخَرَجَ عَمْرٌو إِلَيْهِ لَيْلَةً بِالرِّجَالِ فَفَزِعَ مُحَمَّدٌ وَفَرَّ مِنْهُمْ، فَانْفَلَتَ، وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ، وُلِدَ لَهُ هُنَاكَ مِنْ جَارِيَةٍ فَوَقَعَ الطِّفْلُ مِنَ الْجَبَلِ مِنْ يَدِ أُمِّهِ فَتَقَطَّعَ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مُنْخَرِقُ السِّرْبَالِ يَشْكُو الْوَجَى ... تَنْكُبُهُ أَطْرَافُ مَرْوٍ حِدَادْ شَرَّدَهُ الْخَوْفُ وَأَزْرَى بِهِ ... كَذَاكَ مَنْ يَكْرَهُ حَرَّ الْجِلادْ قَدْ كَانَ فِي الْمَوْتِ لَهُ رَاحَةٌ ... وَالْمَوْتُ حَتْمٌ فِي رِقَابِ الْعِبَادْ فَلَمَّا طَالَ أمْرُ الأَخَوَيْنِ عَلَى الْمَنْصُورِ أَمَرَ رِيَاحًا بِأَخْذِ بَنِي حَسَنٍ وَحَبْسِهِمْ، فَأَخَذَ حَسَنًا وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ حَسَنٍ بْنِ حَسَنٍ, وَحَسَنَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، وَسُلَيْمَانَ وَعَبْدَ اللَّهِ ابْنَيْ دَاوُدَ بْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، وَأَخَاهُ عَلِيًّا الْعَابِدَ، ثُمَّ قَيَّدَهُمْ وَجَهَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسَبِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخِيهِ فَسَبَّحَ النَّاسُ وَعَظَّمُوا مَا قَالَ، فَقَالَ رِيَاحٌ: أَلْصَقَ اللَّهُ بِوُجُوهِكُمُ الْهَوَانَ لأَكْتُبَنَّ إِلَى خَلِيفَتِكُمْ غِشَّكُمْ وَقِلَّةَ نُصْحِكُمْ، فَقَالُوا: لا سمع منك يا بن الْمَحْدُودَةِ1 وَبَادَرُوهُ يَرْمُونَهُ بِالْحَصَى، فَنَزَلَ وَاقْتَحَمَ دَارَ مَرْوَانَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ، فَحَفَّ بِهَا النَّاسُ فَرَمَوْهُ وَشَتَمُوهُ، ثُمَّ أَنَّهُمْ كَفُّوا، ثُمَّ إِنَّ آلَ حَسَنٍ حُمِلُوا فِي أَقْيَادِهِمْ إِلَى الْعِرَاقِ، وَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ وَهَمَّ يَخْرُجُ بِهِمْ مِنْ دَارِ مَرْوَانَ جَرَتْ دُمُوعُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لا تُحْفَظُ لِلَّهِ حُرْمَةٌ بَعْدَ هَؤُلاءِ، وَأُخِذَ مَعَهُمْ أَخُوهُمْ مِنْ أُمِّهِمْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتُ الْحُسَيْنِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ وَأَهْلَ بَيْتِهِ يَخْرُجُونَ مِنْ دَارِ مروان   1 وفي تاريخ الطبري "7/ 537"، "لا نسمع منك يابن المحدود". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 11 وَهُمْ فِي الْحَدِيدِ فَيُجْعَلُونَ فِي الْمَحَامِلِ عُرَاةً لَيْسَ تَحْتَهُمْ وِطَاءٌ1 وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ رَاهَقْتُ الاحْتِلامَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي -وَأُخِذَ مَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ نَفْسٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ، فَأَرَاهُمْ بِالرَّبَذَةِ مُلْتَفِّينَ فِي الشَّمْسِ- وَسُجِنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَوَافَى الْمَنْصُورَ الرَّبَذَةَ مُنْصَرِفًا مِنَ الْحَجِّ, فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ مِنَ الْمَنْصُورِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فَامْتَنَعَ، ثُمَّ دَعَانِي الْمَنْصُورُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ: لا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، أَيْنَ الْفَاسِقَانِ ابْنَا الْفَاسِقِ، فَقُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُنِي الصِّدْقُ يا أمير المؤمنين؟ قال: وما ذاك؟ قلت: امرأتي طالق وعلي وإن كُنْتُ أَعْرِفُ مَكَانَهُمَا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنِّي، وَأَقَمْتُ بَيْنَ الْعِقَابَيْنِ، فَضَرَبَنِي أَرَبَعَمِائَةِ سَوْطٍ، فَغَابَ عَقْلِي وَرُدِدْتُ إِلَى أَصْحَابِي، ثُمَّ أُحْضِرَ الدِّيبَاجُ وَهُوَ محمد بن بن عَبْدِ اللَّهِ الْعُثْمَانِيُّ فَسَأَلَهُ عَنْهُمَا فَحَلَفَ لَهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، وَجَعَلَ فِي عُنُقِهِ غِلا فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْنَا وَقَدْ لَصَقَ قَمِيصَهُ عَلَى جِسْمِهِ مِنَ الدِّمَاءِ، ثُمَّ سُيِّر بِنَا إِلَى الْعِرَاقِ. فَأَوَّلُ مَنْ مَاتَ بِالْحَبْسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ أخوه حسن، ثُمَّ مَاتَ حسن بعده فصلى عَلَيْهِ الديباج، ثم مات الديباج فَقُطِعَ رَأْسُهُ وَأُرْسِلَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الشِّيعَةِ لِيَطُوفُوا بِهِ بِخُرَاسَانَ وَيْحِلُفوا أَنَّ هَذَا رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوهِمُونَ النَّاسَ أَنَّهُ رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن حسن الذي يَجِدُونَ فِي الْكُتُبِ خُرُوجَهُ فِيمَا زَعَمُوا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ. وَقِيلَ: لَمَّا أُتِيَ بِهِمُ الْمَنْصُورُ نَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنٍ فَقَالَ: أَنْتَ الدِّيبَاجُ الأَصْفَرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ قَتْلَةً مَا قُتلها أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِاسْطُوَانَةٍ فَنُقِرَتْ، ثُمَّ أُدْخِلَ فِيهَا ثُمَّ شُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ، وَكَانَ مُحَمَّدُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ قَتَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الدِّيبَاجَ وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَوَى عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ فِي الْحَبْسِ أَوْقَاتِ الصَّلاةِ إِلا بِأَجْزَاءٍ كان يقرؤها علي بن الحسن.   1 الوطاء: المهاد الوطئ، والفراش اللين. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 12 وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ أَمَرَ بِقَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ سِرًّا. وَقَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: سَمِعْتُ مَوْلًى لِبَنِي دَارِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِبَشِيرٍ الرَّحَّالِ: مَا تَسَرُّعُكَ إِلَى الْخُرُوجِ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيَّ بَعْدَ أَخْذِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ، فَأَتَيْتُهُ، فَأَمَرَنِي بِدُخُولِ بَيْتٍ فَدَخَلْتُهُ فَإِذَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ مَقْتُولا، فسقطت مغشيًا علي، فلما أَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لا يَخْتَلِفَ فِي أَمْرِهِ سَيْفَانِ إِلا وَكُنْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ لِلرَّسُولِ الَّذِي مَعِي مِنْ قِبَلِهِ: لا تُخْبِرُهُ بِمَا أَصَابَنِي فَيَقْتُلَنِي. وَيُقَالُ: إِنَّ الْمَنْصُورَ سَقَى السم غير واحد منهم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 13 أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيمُ قَتْلا، وَالأَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَأُنَيْسُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ فِي سِجْنِ الْمَنْصُورِ، وَرُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ التَّمِيمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى عَفْرَةَ، وَعَمْرُو بْنُ ميمون بن مهران الجريري، محمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّيبَاجُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فِي قَوْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ حَاجِبٍ الخراساني، ويحيى بن سعيد أبو حيان التميمي. وَفِيهَا بَالَغَ رِيَاحٌ وَالِي الْمَدِينَةِ فِي طَلَبِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ. فَعَزَمَ عَلَى الظُّهُورِ، فَدَخَلَ مَرَّةً الْمَدِينَةَ خُفْيَةً. فَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ وَعَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ جَعْفَرٍ قَدْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: مَا تَنْتَظِرُ بِالْخُرُوجِ، وَاللَّهِ مَا نَجِدُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةَ أَشْأَمَ عَلَيْهَا مِنْكَ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ، أخْرُجْ وَحْدَكَ، فَكَانَ مِنْ قِصَّتِهِ أَنَّ رِيَاحًا طَلَبَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَبَنِي عَمِّهِ وَجَمَاعَةً مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ لَيْلَةً، قَالَ رَاوِي الْقِصَّةِ: إِنَّا لَعِنْدَهُ، إِذْ سَمِعْتُ التَّكْبِيرَ فَقَامَ رِيَاحٌ فَاخْتَفَى وَخَرَجْنَا نَحْنُ فَكَانَ ظُهُورُ مُحَمَّدٍ بِالْمَدِينَةِ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ وَخَمْسِينَ رَجُلا، فَمَرَّ بِالسُّوقِ ثُمَّ مَرَّ بِالسِّجْنِ، فَأَخْرَجَ مَنْ فِيهِ، وَدَخَلَ دَارَهُ وَأَتَى عَلَى حِمَارِهِ وَذَلِكَ في أول رجب، ثم أمر بِرِيَاحٍ وَابْنَيْ مُسْلِمٍ فَحُبِسُوا بَعْدَ أَنْ مَانَعَ أَصْحَابُ رِيَاحٍ بَعْضَ الشَّيْءِ. وَلَمَّا خَطَبَ مُحَمَّدٌ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 13 ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ كَانَ مَنْ أَمْرِ هَذَا الطَّاغِيَةِ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَعْفَرٍ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكُمْ مِنْ بِنَائِهِ الْقُبَّةَ الْخَضْرَاءَ الَّتِي بَنَاهَا مُعَانَدَةً لِلَّهِ فِي مُلْكِهِ وَتَصْغِيرًا لِكَعْبَةِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ حِينَ قَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 24] إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْقِيَامِ فِي هَذَا الدِّينِ أَبْنَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ قَدْ فَعَلُوا وَفَعَلُوا فَاحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا وَلا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا1. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: كَانَ الْمَنْصُورُ يَكْتُبُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن أحسن قُوَّادُهُ يَدْعُونَهُ إِلَى الظُّهُورِ وَيُخْبِرُونَهُ أَنَّهُمْ مَعَهُ فَكَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: لَوِ الْتَقَيْنَا لَمَالَ إِلَيَّ القواد كلهم, وقد خرج معه مثل ابن عجلان وعبد الحميد بن جعفر. قال مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: خَرَجَ ابْنُ عَجْلانَ مَعَهُ فَلَمَّا قُتِلَ وَوَلِيَ الْمَدِينَةَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَتَوْهُ بِابْنِ عَجْلانَ فَكَلَّمَهُ جَعْفَرٌ كَلامًا شَدِيدًا وَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ الْكَذَّابِ وَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهِ. فلم ينطق إلا أنه حرك شفتيه، فقال مَنْ حَضَرَ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَقَالُوا: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، إِنَّ ابْنَ عَجْلانَ فَقِيهُ الْمَدِينَةِ وَعَابِدُهَا، وَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَيْهِ وَظَنَّ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي جَاءَتْ فِيهِ الرِّوَايَةُ، وَلَمْ يَزَالُوا يَرْغَبُونَ إِلَيْهِ حَتَّى تَرَكَهُ، وَلَزِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ضَيْعَةً لَهُ وَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَخَرَجَ أَخَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يُقْتَلا، عَفَا عَنْهُمَا الْمَنْصُورُ. وَاخْتَفَى جَعْفَرٌ الصَّادِقُ وَذَهَبَ إِلَى مَالٍ لَهُ بِالْفَرْعِ مُعْتَزِلا لِلْفِتْنَةِ2 رَحِمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا اسْتَعْمَلَ عُمَّالَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنَ الْوُجُوهِ إِلا نَفَرٌ، مِنْهُمُ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنْذِرٍ الْخُرَّمِيَّانِ، وَخُبَيْبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ مَالِكًا اسْتُفْتِيَ فِي الْخُرُوجِ مَعَ مُحَمَّدٍ, وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فِي أعناقنا بيعة للمنصور، فقال: إنما بايعتم مكروهين وَلَيْسَ عَلَى مُكْرَهٍ يَمِينٌ، فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَى مُحَمَّدٍ وَلَزِمَ مَالِكٌ بَيْتَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ السجستاني: كان سفيان الثوري يَتَكَلَّمُ فِي عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ لِخُرُوجِهِ مَعَ مُحَمَّدٍ وَيَقُولُ: إِنْ مَرَّ بِكَ الْمَهْدِيُّ وَأَنْتَ فِي الْبَيْتِ فَلا تَخْرُجْ إِلَيْهِ حَتَّى يجتمع عليه الناس.   1 راجع تاريخ الطبري "7/ 558". 2 يعني بالفتنة هنا: هذا البلاء أو الابتلاء، وفي القرآن الكريم يقول الله جل وعلا: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} . الجزء: 9 ¦ الصفحة: 14 وَذَكَرَ سُفْيَانُ صِفِّينَ فَقَالَ: مَا أَدْرِي أَخْطُأوا أَمْ أَصَابُوا. وَقِيلَ: أَرْسَلَ مُحَمَّدٌ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وقد شاخ ليبايعه فقال: يا ابن أَخِي، أَنْتَ وَاللَّهِ مَقْتُولٌ، كَيْفَ أُبَايِعُكَ؟ فَارْتَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ قَلِيلا، فَأَتَتْهُ حَمَّادَةُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَتْ: يَا عَمِّ، إِنَّ إِخْوَتِي قَدْ أَسْرَعُوا إِلَى ابْنِ خَالِهِمْ فَلا تُثَبِّطْ عَنْهُ النَّاسَ فَيُقْتَلَ ابْنُ خَالِي وَإِخْوَتِي، فَأَبَى إِلا أَنْ يَنْهَى عَنْهُ، فَيُقَالُ: إِنَّهَا قَتَلَتْهُ، فَأَرَادَ مُحَمَّدٌ الصَّلاةَ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ: يُقْتَلُ أَبِي وَتُصَلِّي عَلَيْهِ، فَنَحَّاهُ الْحَرَسُ وَصَلَّى مُحَمَّدٌ. ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ الْحَسَنَ بْنَ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلَى الْيَمَنِ الْقَاسِمَ بْنَ إِسْحَاقَ، فَقُتِلَ الْقَاسِمُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الشَّامِ مُوسَى بْنَ عَبْدَةَ لِيَذْهَبَ إِلَيْهَا وَيَدْعُو إِلَى مُحَمَّدٍ, فَقُتِلَ مُحَمَّدٌ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ مُوسَى. وَكَانَ مُحَمَّدٌ شَدِيدَ الأَدَمَةِ1 جَسِيمًا فِيهِ تَمْتَمَةٌ2. وَرَوَى عَبَّاسُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُ قَالُوا: لَمَّا ظَهَرَ مُحَمَّدٌ قَالَ الْمَنْصُورُ لِإِخْوَتِهِ: إِنَّ هَذَا الأَحْمَقُ -يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ، وَكَانَ فِي سِجْنِهِ- لا يزال يطلع له الرأي الجيد فَادْخُلُوا عَلَيْهِ فَشَاوِرُوهُ وَلا تُعْلِمُوهُ أَنِّي أَمَرْتُكُمْ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: لِأَمْرٍ مَا جِئْتُمْ وَمَا جَاءَ بِكُمْ جَمِيعًا وَقَدْ هَجَرْتُمُونِي مِنْ دَهْرٍ؟ قَالُوا: اسْتَأْذَنَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَذِنَ لَنَا. قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ فَمَا الْخَبَرُ؟ قَالُوا: خرج مُحَمَّد. قال: فما ترون ابن سلامة صانعا، يعني المنصور، قَالُوا: لا نَدْرِي. قَالَ: إِنَّ الْبُخْلَ قَدْ قَتَلَهُ فَمُرُوهُ أَنْ يُخْرِجَ الأَمْوَالَ وَيُعْطِي الأَجْنَادَ فَإِنْ غَلَبَ فَمَا أَوْشَكَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ مَالُهُ. قَالَ: وَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ عِيسَى بْنَ مُوسَى لِحَرْبِ مُحَمَّدٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} إِلَى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 33-34] الآيَةَ. وَلَكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَذِمَّتُهُ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ إِنْ تُبْتَ وَرَجَعْتَ أُؤَمِّنُكَ وَجَمِيعَ أَهْلِ بَيْتِكَ وَأَفْعَلُ لَكَ وَأُعْطِيكَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَا سَأَلْتَ مِنَ الْحَوَائِجِ3، فَكَتَبَ جَوَابَهُ إِلَى الْمَنْصُورِ: مِنَ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ {طسم، تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، نَتْلُوا عَلَيْكَ} إِلَى قَوْلِهِ {مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص: 1-5] وَأَنَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مِنَ الأَمَانِ مِثْلَ مَا عَرَضْتَ علي، فإن   1 شديد الأدمة: يعني شديد السمرة فهو آدم. 2 يعني يتردد في الكلام ولا يكاد يفهم. 3 ولمزيد من البيان راجع: تاريخ الطبري "7/ 566". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 15 الْحَقَّ حَقُّنَا، وَإِنَّمَا ادَّعَيْتُمْ هَذَا الأَمْرَ بِنَا، ثُمَّ ذَكَرَ شَرَفَهُ وَأُبُوَّتَهُ حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: فَأَنَا ابْنُ أَرْفَعِ النَّاسِ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ، وَابْنُ أَهْوَنِهِمْ عَذَابًا فِي النَّارِ، وَأَنَا ابْنُ خَيْرِ الأَخْيَارِ، وَابْنُ خَيْرِ الأَشْرَارِ، وَابْنُ خَيْرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَابْنُ خَيْرِ أَهْلِ النَّارِ، وَأَنَا أَوْفَى بِالْعَهْدِ مِنْكَ لِأَنَّكَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَهْدِ وَالأَمَانِ مَا أَعْطَيْتَهُ رِجَالا قَبْلِي، فَأَيَّ الأَمَانَاتِ تُعْطِينِي! أَمَانُ ابْنِ هُبَيْرَةَ، أَمْ أَمَانُ عَمِّكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، أَمْ أَمَانُ أَبِي مُسْلِمٍ. فَأَجَابَهُ الْمَنْصُورُ1: جَلَّ فَخَرَكَ بِقَرَابَةِ النِّسَاءِ، لِتَضِلَّ بِهِ الْغَوْغَاءُ، لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ النِّسَاءَ كَالْعُمُومَةِ بَلْ جَعَلَ الْعَمَّ أَبًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ كَذَا فَأَمْرُهُ كَذَا, وَلَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ أَعْمَامٌ أَرْبَعَةٌ فَأَجَابَ اثْنَانِ، أَحَدُهُمَا أَبِي, وَأَبَى اثنان، أحدهم أَبُوكَ، فَقَطَعَ اللَّهُ وِلايَتَهُمَا مِنْهُ، وَلا يَنْبَغِي لَكَ وَلا لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَفْخَرَ بِأَهْلِ النَّارِ. وَفَخْرُكَ بِأَنَّكَ لَمْ تَلِدْكَ أَمَةٌ فَتَعَدَّيْتَ طَوْرَكَ وفخرت على من هو خير منك إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَمَا خِيَارُ بَنِي أَبِيكَ إِلا بَنُو إِمَاءٍ، مَا وُلِدَ فِيكُمْ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَهُوَ لأُمِّ وَلَدٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ جَدِّكَ، وَمَا كَانَ فِيكُمْ بَعْدَهُ مِثْلُ ابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَدَّتُهُ أَمُّ وَلَدٍ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِيكَ، وَلا مِثْلُ ابْنِهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّكُمْ بَنُو رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] وَلَكِنَّكُمْ بَنُو ابْنَتِهِ، وَأَمَّا مَا فَخَرْتَ بِهِ مِنْ عَلِيٍّ، وَسَابِقَتِهِ، فَقَدْ حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ الْوَفَاةُ فَأَمَّرَ غَيْرَهُ بِالصَّلاةِ، ثُمَّ أَخَذَ الناس رجل بعد رجل فلم يأخذوه، كان فِي سِتَّةِ أَهْلِ الشُّورَى فَتَرَكُوهُ، ثُمَّ قُتِلَ عُثْمَانُ وَهُوَ بِهِ مُتَّهمٌ، وَقَاتَلَهُ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وَأَبَى سَعْدٌ بَيْعَتَهُ وَأَغْلَقَ دُونَهُ بَابَهُ، ثُمَّ طَلَبَهَا بِكُلِّ وَجْهٍ، وَقَاتَلَ عَلَيْهَا، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ عَسْكَرُهُ، وَشَكَّ فِيهِ شِيعَتُهُ قَبْلَ الْحُكُومَةِ، ثُمَّ حَكَّمَ حَكَمَيْنِ رَضِيَ بِهِمَا وَأَعْطَاهُمَا عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ، فَاجْتَمَعَا عَلَى خَلْعِهِ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ حَسَنٌ فَبَاعَهَا مِنْ مُعَاوِيَةَ بِدَرَاهِمَ وَثِيَابٍ وَلَحِقَ بِالْحِجَازِ، وَأَسْلَمَ شِيعَتَهُ بِيَدِ مُعَاوِيَةَ وَدَفَعَ الأَمْرَ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَأَخَذَ مَالا مِنْ غَيْرِ وَلائِهِ2، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَقَدْ بِعْتُمُوهُ. ثم خرج الحسين بن عَلِيٍّ عَلَى ابْنِ مَرْجَانَةَ فَكَانَ النَّاسُ مَعَهُ عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ, ثُمَّ خَرَجْتُمْ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَقَتَلُوكُمْ وَصَلَّبُوكُمْ حَتَّى قُتِلَ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَلِيٍّ بِخُرَاسَانَ، وَقَتَلُوا رِجَالَكُمْ وَأَسَرُوا الصِّبْيَةَ وَالنِّسَاءَ، وَحَمَلُوكُمْ بِلا وِطَاءٍ فِي الْمَحَامِلِ إلى الشام حتى   1 وانظر تاريخ ابن الأثير "5/ 538". 2 يعني عبيد الله بن زياد، وأمه مرجانة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 16 خَرَجْنَا عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَطَلَبْنَا بِثَأْرِكُمْ وَأَدْرَكْنَا بِدِمَائِكُمْ وَفَضَّلْنَا سَلَفَكُمْ فَاتَّخَذْتُمْ ذَلِكَ عَلَيْنَا حُجَّةً. وَظَنَنْتُ إِنَّمَا ذَكَرْنَا أَبَاكَ وَفَضَّلْنَاهُ لِلتَّقْدِمَةِ مِنَّا لَهُ عَلَى حَمْزَةَ وَالْعَبَّاسِ وَجَعْفَرٍ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَنْتُ، وَلَقَدْ خَرَجَ هَؤُلاءِ مِنَ الدُّنْيَا سَالِمِينَ، مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِمْ بِالْفَضْلِ، وَابْتُلِيَ أَبُوكُمْ بِالْقِتَالِ وَالْحَرْبِ، فَكَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تَلْعَنُهُ كَمَا تَلْعَنُ الْكَفَرَةَ فِي الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَاحْتَجَجْنَا لَهُ وَذَكَرْنَا فَضْلَهُ –رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ أَخْرَجَ مِنَ السِّجْنِ بِالْمَدِينَةِ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدٍ الْقَسْرِيَّ, فَرَأَى الْقَسْرِيُّ أَنَّ الأَمْرَ ضَعِيفٌ، فَكَتَبَ إِلَى الْمَنْصُورِ فِي أَمْرِهِ، فَبَلَغَ مُحَمَّدًا فَحَبَسَهُ. قَالَ ابن عسار: ذَبَحَ ابْنُ حُضَيْرٍ أَحَدُ أَعْوَانِ مُحَمَّدٍ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَأَمَّا ابْنُ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا مَضَى إِلَى مَكَّةَ كَانَ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا وَسَبْعَةِ أَفْرَاسٍ فَقَاتَلَ السَّرِيَّ أَمِيرَ مَكَّةَ فَقُتِلَ سَبْعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ السَّرِيِّ، فَانْهَزَمَ السَّرِيُّ وَدَخَلَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ مَكَّةَ فَخَطَبَ وَنَعَى إليهم المنصور، ودعا لمحمد، ثم بعد أيام أتاه كتاب محمد يأمره باللحاق به، فجمع جموعًا تقدم بها على محمد، فَلَمَّا كَانَ بقَدِيدَ بَلَغَهُ مَصْرَعُ مُحَمَّدٍ فَانْهَزَمَ إلى البصرة فلحق بإبراهيم بن عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى قَتَلَ إِبْرَاهِيمَ. وَنَدَبَ الْمَنْصُورُ لقتال محمد ابن عَمِّهِ عِيسَى بْنِ مُوسَى وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: لا أُبَالِي أَيُّهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ، فَجَهَّزَ مَعَ عِيسَى أَرْبَعَةَ آلافِ فَارِسٍ، وَفِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ السَّفَّاحِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى "فَنْدَ" كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي خِرَقِ الْحَرِيرِ يَتَأَلَّفُهُمْ، فَتَفَرَّقَ عَنْ مُحَمَّدٍ خَلْقٌ، وَسَارَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِتَلَقِّي عيسى والتحيز إليه، فاستشار محمد بْنِ جَعْفَرٍ فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِضَعْفِ جَمْعِكَ وَقِلَّتِهِمْ، وَبِقُوَّةِ خَصْمِكَ وَكَثْرَةِ جُنْدِهِ، وَالرَّأْيُ أَنْ تَلْحَقَ بِمِصْرَ، فَوَاللَّهِ لا يَرُدُّكَ عَنْهَا رَادٌّ فَيُقَاتِلُ الرَّجُلُ بِمِثْلِ رِجَالِهِ وَسِلاحِهِ، فَصَاحَ جُبَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رَأَيْتُنِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ" 1. ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا اسْتَشَارَ: هل يخندق على نفسه،   1 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في مسنده "1/ 271" من طريق سريج عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعمى عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبَة بن مسعود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يوم أحد فقال: "رأيت في سيفي ذي الفقار فلا، فأولته فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشًا، فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة، فأولتها المدينة، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَبَقَرٌ والله خير، فكان الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 411". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 17 فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ رَأْيُ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا تيَقَّنْ قُرْبَ عِيسَى بْنِ مُوسَى مِنْهُ، حَفَرَ خَنْدَقَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَحَفَرَ فِيهِ بِيَدِهِ تَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ عُثْمَانَ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: اجْتَمَعَ مَعَ مُحَمَّدٍ جَمْعٌ لَمْ أَرَ أَكْثَرَ مِنْهُ، إِنِّي لأَحْسَبُنَا قَدْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ، فَلَمَّا دنا منا عِيسَى خَطَبَنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ قَرُبَ مِنْكُمْ فِي عَدَدٍ وَعُدَدٍ، وَقَدْ حَلَلْتُكُمْ مِنْ بَيْعَتِي، فَمَنْ أَحَبَّ فَلْيَنْصَرِفْ، قَالَ: فَتَسَلَّلُوا حَتَّى بَقِيَ فِي شِرْذِمَةٍ1. وَخَرَجَ النَّاسُ من المدينة بأولادهم إلى الأَعْوَصِ وَالْجِبَالِ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ عِيسَى، بَلْ جَهَّزَ خَمْسَمِائَةٍ إِلَى ذِي الْحَلِيفَةِ يُمْسِكُونَ طَرِيقَ مَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ، ثُمَّ رَاسَلَهُ يَدْعُوهُ إِلَى الطَّاعَةِ وَأَنَّ الْمَنْصُورَ قَدْ أَمَّنَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِيَّاكَ أَنْ يَقْتُلَكَ مَنْ يَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ فَتَكُونَ شَرَّ قَتِيلٍ، أَوْ تَقْتُلُهُ فَيَكُونَ أَعْظَمَ لِوِزْرِكَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عِيسَى: لَيْسَ بَيْنَنَا إِلا الْقِتَالُ، فَإِنْ أَبَيْتَ إِلا الْقِتَالَ نُقَاتِلُكَ عَلَى ما قاتل عليه خير آبائك، علي طلحة وَالزُّبَيْرُ عَلَى نَكْثِ بَيْعَتِهِمْ لَهُ2. وَعَنْ "مَاهَانَ" مولى قحطبة قال: لما سرنا إِلَى الْمَدِينَةِ أَتَانَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُصْعَبٍ طَلِيعَةً فَطَافَ بِعَسْكَرِنَا حَتَّى حَزَّرَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ عَنَّا فَرُعْبِنَا مِنْهُ، حَتَّى جَعَلَ عِيسَى وَحُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ يَقُولانِ: فَارِسٌ وَاحِدٌ يَكُونُ طَلِيعَةً لِأَصْحَابِهِ! فَلَمَّا كَانَ عَنَّا مَدَّ الْبَصَرَ نَظَرْنَا إِلَيْهِ مُقِيمًا لا يَزُولُ، فَقَالَ حُمَيْدٌ: وَيْحَكُمُ انْظُرُوا، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ فَارِسَيْنِ، فَوَجَدَا دَابَّتَهُ عَثُرَتْ بِهِ فَتَقَوَّسَ الْجَوْشَنُ فِي عُنُقِهِ فَقَتَلَهُ، فأخذ اسلبه وَرَجَعَا بِتَنُّورٍ مُذَهَّبٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ. قِيلَ كَانَ لِمُصْعَبٍ جَدَّهُ أَمِيرُ الْعِرَاقِ. ثُمَّ إِنَّ عِيسَى أَحَاطَ بِالْمَدِينَةِ فِي أَثْنَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ دَعَا مُحَمَّدٌ إِلَى الطَّاعَةِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ سَاقَ بِنَفْسِهِ فِي خَمْسِمِائَةٍ فَوَقَفَ بِقُرْبِ السُّورِ فَنَادَى: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ دِمَاءَ بَعْضِنَا عَلَى بَعْضٍ، فَهَلُمُّوا إِلَى الأَمَانِ، فَمَنْ جَاءَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَهُ أَوِ الْمَسْجِدَ أَوْ أَلْقَى سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَاحِبِنَا فَإِمَّا لَنَا وَإِمَّا لَهُ، قَالَ فَشَتَمُوهُ، فَانْصَرَفَ يَوْمَئِذٍ فَفَعَلَ مِنَ الْغَدِ كَذَلِكَ، ثُمَّ عَبَّأَ جَيْشَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَزَحَفَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ ظَهَرَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمَّا الْتَحَمَ الْحَرْبُ نَادَى: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنِي أَنْ لا أُقَاتِلَ حَتَّى أَعْرِضَ عَلَيْكَ الأَمَانَ، فَلَكَ الأَمَانُ عَلَى نَفْسِكَ وَمَنِ اتَّبَعَكَ، وَتُعْطَى مِنَ الْمَالِ كَذَا وَكَذَا، فَصَاحَ: أَلْهُ عَنْ هَذَا، فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لا يُثْنِينِي عَنْكُمْ فزع،   1 انظر المصدر السابق في السير للمصنف. 2 راجع تاريخ الطبري "7/ 585"، وسير أعلام النبلاء "6/ 412". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 18 ولايقربني مِنْكُمْ طَمَعٌ، ثُمَّ تَرَجَّلَ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ: فَإِنِّي لأَحْسَبُهُ قَتَلَ يَوْمَئِذٍ بِيَدِهِ سَبْعِينَ رَجُلا1. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: دَعَا عِيسَى عَشَرَةً مِنْ آلِ أَبِي طَالِبٍ مِنْهُمُ الْقَاسِمِ بْنُ حَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: فَجِئْنَا سُوقَ الْحَطَّابِينَ، فَدَعَوْنَاهُمْ فَسَبُونَا وَرَشَقُونَا بِالنَّبْلِ، وَقَالُوا: هَذَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَنَا وَنَحْنُ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُمُ الْقَاسِمُ: وَأَنَا ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَكْثَرُ مَنْ ترَوْنَ مَعِي بَنُو رَسُولِ اللَّهِ، وَنَحْنُ نَدْعُوكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَحَقْنِ دِمَائِكُمْ، وَرَجَعْنَا، فَأَرْسَلَ عِيسَى حُمَيْدَ بْنَ قَحْطَبَةَ فِي مِائَةٍ2. وَجَعَلَ مُحَمَّدٌ سُتُورَ الْمَسْجِدَ دَرَائِعَ لِأَصْحَابِهِ، وَكَانَ مَعَ الأَفْطَسِ عَلَمٌ أَصْفَرُ فِيهِ صُورَةٌ حَيَّةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ: كُنَّا يَوْمَئِذٍ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عِدَّةَ أَصْحَابِ بَدْرٍ، ثُمَّ لَقِينَا عِيسَى فَتَبَارَزَ جَمَاعَةٌ. وَعَنْ مَسْعُودٍ الرَّحَّالِ قَالَ: شَهِدْتُ مَقْتَلَ مُحَمَّدٍ بِالْمَدِينَةِ، فَإِنِّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِمْ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ3، وَأَنَا مُشْرِفٌ مِنْ سَلْعٍ، إِذْ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ عِيسَى قَدْ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ فَدَعَا إِلَى الْبِرَازِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَاجِلٌ عَلَيْهِ قَبَاءُ أَبْيَضُ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ الْفَارِسُ، فَقَتَلَهُ الرَّاجِلُ وَرَجَعَ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِ عِيسَى، فَبَرَزَ لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ بَرَزَ ثَالِثٌ فَقَتَلَهُ، فَاعْتَوَرَهُ أَصْحَابُ عِيسَى يَرْمُونَهُ، فَأَثْبَتُوهُ، فَأَسْرَعَ فَمَا وَصَلَ إِلَى أَصْحَابِهِ حَتَّى خَرَّ صَرِيعًا، وَدَامَ الْقِتَالُ مِنْ بَكْرَةٍ إِلَى الْعَصْرِ، وَطَمَّ أَصْحَابُ عِيسَى الْخَنْدَقَ، وَجَاءَتِ الْخَيْلُ، وَذَهَبَ مُحَمَّدٌ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، فَاغْتَسَلَ وَتَحَنَّطَ، ثُمَّ جَاءَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَقُلْتُ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَالَكَ بِمَا تَرَى طَاقَةٌ، فَاخْرُجْ تَلْحَقْ بِالْحَسَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ، فَإِنَّ مَعَهُ جُلَّ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ: لَوْ رُحْتُ لَقُتِلَ هَؤُلاءِ، فَوَاللَّهِ لا أَرْجِعُ حَتَّى أَقْتُلُ أَوْ أُقْتَلُ، وَأَنْتُ مِنِّي في سعة فاذهب حيث شئت4.   1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 412". 2 تاريخ الطبري "7/ 587". 3 وقال ياقوت في معجم البلدان: أحجار الزيت: موضع بالمدينة قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء. وقال العمراني: أحجار الزيت: موضع بالمدينة داخلها. 4 تاريخ الطبري "7/ 589-591". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 19 وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: رَأَيْتُ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُمَشَّقَةٌ وَهُوَ عَلَى بِرْذَوْنٍ، وَابْنُ خُضَيْرٍ يُنَاشِدُهُ اللَّهَ إِلا مَضَى إِلَى الْبَصْرَةِ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: وَاللَّهِ لا تُبْلَوُنَّ بِي مَرَّتَيْنِ، وَلَكِنِ اذْهَبْ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ1. فَقَالَ: وَأَيْنَ الْمَذْهَبُ عَنْكَ؟ ثُمَّ مَضَى فَأَحْرَقَ الدِّيوَانَ وَقَتَلَ رِيَاحًا فِي الْحَبْسِ، ثُمَّ لَحِقَ مُحَمَّدًا بِالثَّنِيَّةِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَقِيلَ: قَتَلَ مَعَ رِيَاحٍ أَخَاهُ عَبَّاسَ بْنَ عُثْمَانَ، وَكَانَ مُسْتَقِيمَ الطَّرِيقَةِ، فَعَابَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى الْعَصْرَ وَعَرْقَبَ فَرَسَهُ، وَعَرْقَبَ بَنُو شُجَاعٍ دَوَابَّهُمْ، وَكَسَرُوا أَجْفَانَ سُيُوفِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ بَايَعْتُمُونِي وَلَسْتُ بِمُبَايِعٍ حَتَّى أُقتَلَ، ثُمَّ أَنَّهُ حَمَلَ وَهَزَمَ أَصْحَابَ عِيسَى مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُ عِيسَى مِنْ نَاحِيَةِ بَنِي غِفَارٍ، وَجَاءُوا مِنْ خَلْفِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَنَادَى مُحَمَّدٌ حُمَيْدَ بْنَ قَحْطَبَةَ: إِنْ كُنْتَ فَارِسًا فَابْرُزْ، فَلَمْ يبرزَ له، وجعل حميد يدعو بن خُضَيْرٍ إِلَى الأَمَانِ، وَيَشُحُّ بِهِ عَنِ الْمَوْتِ، وَهُوَ يَشُدُّ عَلَى النَّاسِ بِسَيْفِهِ مُتَرَجِّلا، وَخَالَطَ النَّاسَ، فَجَاءَتْهُ ضَرْبَةٌ عَلَى أَلْيَتِهِ، وَأُخْرَى عَلَى عَيْنِهِ فَخَرَّ، وَقَاتَلَ مُحَمَّدٌ عَلَى جُثَّتِهِ حَتَّى قُتِلَ، وَعَهِدَ الَّذِينَ دَخَلُوا الْمَدِينَةَ مِنْ نَاحِيَةِ بَنِي غِفَارٍ فَنَصَبُوا عَلَمًا أَسْوَدَ عَلَى الْمَنَارَةِ، وَدَخَلَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي زُقَاقٍ أَشْجَعَ، فَهَجَمَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلَهُ وَهُوَ غَافِلٌ، وَأَخَذَ رَأْسَهُ، وَقَتَلَ مَعَهُ جَمَاعَةً. وَقِيلَ: جَاءَتْ مُحَمَّدًا ضَرْبَةٌ عَلَى أُذُنِهِ، فَبَرَكَ وَجَعَلَ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ: وَيْحَكُمْ إِنَّ نَبِيَّكُمْ مَظْلُومٌ، فنزل حميد فحز رأسه. وقيل: كان مُحَمَّدٍ سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُو الْفَقَارِ2، فَقَدَّ النَّاسُ بِهِ، وَجَعَلَ لا يُقَارِبُهُ أَحَدٌ إِلا قَتَلَهُ، فَجَاءَهُ سَهْمٌ فَوَجَدَ الْمَوْتَ، فَكُسِرَ السَّيْفُ. وَرَوَى عَمْرٌو مَوْلَى الْمُتَوَكِّلِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَخْدِمُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ، قَالَ: كَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ يَوْمَئِذٍ ذُو الْفَقَارِ، فلما أحسن الْمَوْتَ أَعْطَى السَّيْفَ رَجُلا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَالَ: خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَإِنَّكَ لا تَلْقَى أَحَدًا مِنْ آلِ أَبِي طَالِبٍ إِلا أَخَذَهُ مِنْكَ وَأَعْطَاكَ حَقَّكَ، فَبَقِيَ السَّيْفُ عِنْدَهُ حَتَّى وَلِيَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدِينَةَ فأخبر عنه،   1 وراجع تاريخ ابن الأثير "5/ 547". 2 سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذو الفقار: بفتح الفاء: سمي بذلك لأنه كانت فيه حفر صغار حسان، والسيف المفقر: الذي فيه حزوز مطمئنة عن متنه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 20 فَدَعَاهُ وَأَعْطَاهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَأَخَذَ السَّيْفَ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مُوسَى فَجَرَّبَهُ عَلَى كَلْبٍ، فَانْقَطَعَ السَّيْفُ1. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُ الرَّشِيدَ بِطُوسَ مُتَّقلِدًا سَيْفًا فَقَالَ: أَلا أُرِيكَ ذَا الْفَقَارِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَسْلُلُ سَيْفِي هَذَا قَالَ: فَرَأَيْتُ فِيهِ ثَمَانِيَ عَشْرَة فَقَارَةَ. وَكَانَ مَصْرَعُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ فِي رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ هَذِهِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ ثَلاثًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: أَذِنَ عِيسَى فِي دَفْنِهِ، وَأَمَرَ بِأَصْحَابِهِ فَصُلِبُوا مَا بَيْنَ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى دَارِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقِيلَ: لَمَّا خَرَجَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعَ مُحَمَّدٍ، كَانَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ يَنْهَاهُ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ جَعْفَرٌ يَقُولُ لَهُ: هُوَ وَاللَّهِ مَقْتُولٌ. وَبَعَثَ عِيسَى بْنُ مُوسَى بِالرَّأْسِ إِلَى الْعِرَاقِ، ثُمَّ طِيفَ بِهِ فِي الْبُلْدَانِ، وَقَبَضَ عِيسَى عَلَى أَمْوَالِ بَنِي الْحَسَنِ. وَحَدَّثَ أَيُّوبُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: لَقِيَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رُدَّ عَلَيَّ قَطِيعَتِي عَيْنِ أَبِي زِيَادٍ آكُلُ مِنْهَا، قَالَ: إِيَّايَ تُكَلِّمُ هَذَا الْكَلامَ! وَاللَّهِ لَأُزْهِقَنَّ نَفْسَكَ. قَالَ: فَلا تَعْجَلْ عَلَيَّ، فَقَدْ بَلَغْتُ ثَلاثًا وَسِتيِّنَ سَنَةً، وَفِيهَا مَاتَ أَبِي وَجِدِّي وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِرْقَ لَهُ، فَلَمَّا مَاتَ الْمَنْصُورُ رَدَّ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَوْلادِ أَبِي جَعْفَرٍ عَيْنِ أَبِي زِيَادٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الزُّبَيْرِيُّ: لَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ، مَضَى أَخُوهُ مُوسَى وَأَبِي وَأَنَا وَرَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَأَتَيْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ سِرْنَا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَدَخَلْنَاهَا لَيْلا، فَمُسِكْنَا وَأُرْسِلْنَا إِلَى الْمَنْصُورِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى أَبِي قَالَ: هِيهِ أَخَرَجْتَ مَعَ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِمُوسَى فَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ، ثُمَّ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِي، فَكَلَّمَهُ فِيَّ عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ وَقَالَ: ما   1 راجع: تاريخ الطبري "7/ 596". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 21 أَحْسَبُهُ بَلَغَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُنْتُ غُلامًا تَبَعًا لِأَبِي، فَضُرِبْتُ خَمْسِينَ سَوْطًا، ثُمَّ حُبِسْتُ حَتَّى أَخْرَجَنِي الْمَهْدِيُّ. وَقِيلَ: بَلْ قَتَلَ عُثْمَانُ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ أَيْنَ الْمَالُ؟ قَالَ: دَفَعْتُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَسَبَّهُ، فَجَاوَبَهُ عُثْمَانُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ1. وَقِيلَ: قَالَ لَهُ: أَنْتَ الْخَارِجُ عَلَيَّ؟ قَالَ: بَايَعْتُ أَنَا وَأَنْتَ رَجُلا بِمَكَّةَ، فَوَفَّيْتُ أَنَا، وَغَدَرْتَ أَنْتَ. وَاسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الرَّبِيعِ الْحَارِثِيَّ، فَثَارَتْ عَلَيْهِ السُّودَانُ بِالْمَدِينَةِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ جُنْدِهِ انْتَهَبَ شَيْئًا مِنَ السُّوقِ، فَاجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ إِلَى ابْنِ الرَّبِيعِ فَكَلَّمُوهُ، فَلَمْ يُنكِرْ وَلا غَيَّرَ، ثُمَّ اشْتَرَى جُنْدِيٌّ مِنْ لَحَّامٍ وَأَبَى أَنْ يُوَفِّيهِ الثَّمَنَ وَشَهَرَ سَيْفَهُ عَلَى اللَّحَّامِ، فَطَعَنَهُ اللَّحَّامُ بِشَفْرَتِهِ فِي خَاصِرَتِهِ فَسَقَطَ، فَتَنَادَى الْجَزَّارُونَ وَالسُّودَانُ عَلَى الْجُنْدِ وَهُمْ يَذْهَبُونَ إِلَى الْجُمْعَةِ، فَقَتَلُوهُمْ بِالْعُمُدِ، فَهَرَبَ ابْنُ الرَّبِيعِ بِاللَّيْلِ، وَهَذَا تَمَّ فِي آخِرِ الْعَامِ2. وكان رؤوس السُّودَانِ ثَلاثَةٌ: وَثِيقٌ وَيَعْقِلُ وَرَمَقَةَ، فَخَرَجَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ مِنَ السِّجْنِ، فَخَطَبَ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى الطَّاعَةِ، فَسَكَنَ النَّاسُ، وَرَجَعَ ابْنُ الرَّبِيعِ وَقَطَعَ يَدَ وَثِيقٍ وَأَيْدِي ثَلاثَةٍ مَعَهُ. بِنَاءُ بَغْدَادَ: فِي هَذِهِ السَّنَةِ أُسِّسَتْ مَدِينَةُ السَّلامِ "بَغْدَادُ" وَهِيَ الَّتِي تُدْعَى مَدِينَةُ الْمَنْصُورِ. سَارَ الْمَنْصُورُ يَطْلُبُ مَوْضِعًا يَتَّخِذُهُ بَلَدًا، فَبَاتَ لَيْلَةً، وَكَانَ فِي مَوْضِعِ الْقَصْرِ بَيْعَةُ قِسٍّ، فَطَابَ لَهُ الْمَبِيتُ، وَأَقَامَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَ إِلا ما يجب، فقال: ها هنا ابْنُوا فَإِنَّهُ طَيِّبٌ، وَتَأْتِيهِ مَادَّةُ الْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ وَالأَنْهَارِ، فَخَطَّ بَغْدَادَ، وَوَضَعَ أَوَّلَ لَبِنَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَبِاللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، ابْنُوا على بركة الله، وذلك بعد أن بعث رِجَالا لَهُمْ فَضْلٌ يَتَطَلَّبَانِ مَوْضِعًا، ثُمَّ وَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَى هَذِهِ الْبُقْعَةِ، وَسَأَلَ رَاهِبًا هُنَاكَ عن أمر   1 تاريخ الطبري "7/ 607". 2 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 276"، وتاريخ الطبري "7/ 517-552"، والنجوم الزاهرة "1/ 446"، والبداية والنهاية "10/ 80". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 22 الأَرْضِ وَصِحَّتِهَا وَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ فِي كُتُبِكُمْ أنه يبنى ها هنا مَدِينَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ يَبْنِيهَا مِقْلاصٌ، قَالَ: فَأَنَا كنت أدعى بذلك لما بنى مدينة "الرَّافِقَةُ" قَالَ لَهُ رَاهِبٌ: إِنَّ إِنْسَانًا يَبْنِي هُنَا مَدِينَةً يُقَالُ لَهُ مِقْلاصٌ، قَالَ: أَنَا هُوَ، فَبَنَاهَا عَلَى نَحْوٍ مِنْ بَغْدَادَ، لَكِنَّهَا أَصْغَرُ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُجَالِدٍ قَالَ: أَحْضَرَ الْمَنْصُورُ الصُّنَّاعَ وَالْفَعَلَةَ مِنَ الْبِلادِ، وَأَحْضَرَ الْمُهَنْدِسِينَ وَالْحُكَمَاءَ وَالْعُلَمَاءَ، وَكَانَ مِمَّنْ أَحْضَرَ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَرُسِمَتْ لَهُ بِالرَّمَادِ، بِسُورِهَا، وَأَبْوَابِهَا، وَأَسْوَاقِهَا، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُعْمَلَ عَلَى ذَلِكَ الرَّسْمِ. وَرَوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ المنصور قال لذلك الراهب: أيرد أَنْ أَبْنِي هُنَا مَدِينَةً، فَقَالَ: إِنَّمَا يَبْنِيهَا مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الدَّوَانِيقِ، فَضَحِكَ وَقَالَ: أَنَا هُوَ، وَاخْتَطَّهَا وَوَكَّلَ بِهَا أَرْبَعَةَ قُوَّادٍ، وَوَلَّى أَبَا حَنِيفَةَ الْقِيَامَ بِعَمَلِ الآجُرِّ. وَقِيلَ: كَمُلَ سُورُهَا فِي أَرْبَعِ سِنِينَ. وَكَانَتِ الْبُقْعَةُ مَزْرَعَةً تُدْعَى الْمُبَارَكَةُ، لِسِتِّينَ نَفْسًا، فَعَوَّضَهُمُ الْمَنْصُورُ وَأَعْطَاهُمْ فَأَرْضَاهُمْ، وَجَدُّوا فِي الْبِنَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ فِتْنَةِ ابْنِ حَسَنٍ. وَقِيلَ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَدِينَةٌ مُدَوَّرَةٌ سِوَاهَا، عَمَلَ فِي وَسَطِهَا دَارَ الْمَمْلَكَةِ بِحَيْثُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي قَصْرِهِ كَانَ جَمِيعُ أَطْرَافِ الْبَلَدِ إِلَيْهِ سَوَاءً، وَقَدْ تَمَّ بِنَاؤُهَا الْمُهِمُّ فِي عَامٍ، وَسَكَنَهَا وَنَقَلَ إِلَيْهَا خَزَائِنَهُ وَبُيُوتَ الْمَالِ. وَقِيلَ: سِعَتُهَا مِائَةٌ وثلاثون جريبًا، وأنفق عَلَيْهَا ثَمَانِيَةَ عَشْرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ بَدْرٌ الْمُعْتَضِدِيُّ: قَالَ لَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: انْظُرُوا كَمْ سِعَةُ مَدِينَةِ الْمَنْصُورِ، فَحَسَبْنَا فَإِذَا هِيَ ميلين مكسرين في ميلين. وقيل مسافة مَا بَيْنَ كُلِّ بَابٍ وَبَابٍ أَلْفٌ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ، وَكَانَ فِي هَذَا الْوَقْتِ رَخَاءُ الأَسْعَارِ بِالْعِرَاقِ حَتَّى بِيعَ الْكَبْشُ بِدِرْهَمٍ وَالْحَمَلُ بِأَرْبَعَةِ دَوَانِيقَ1، وَالتَّمْرُ سِتُّونَ رَطْلا بِدِرْهَمٍ، وَالزَّيْتُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلا بِدِرْهَمٍ، وَالسَّمْنُ ثَمَانِيَةٌ بِدِرْهَمٍ. قَالَ أبو نعيم: أنا رأيت ينادى في جباية كِنْدَةَ: لَحْمُ الْغَنَمِ سِتُّونَ رَطْلا بِدِرْهَمٍ، وَالْعَسَلُ عشرة بدرهم.   1 الدانق: سدس الدرهم "ج" دوانق: وداونيق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 23 وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ بَغْدَادَ مَبْنِيَّةٌ بِالآجُرِّ، اللَّبِنَةُ ذِرَاعٌ فِي ذِرَاعٍ، زِنَتُهَا مِائَةُ رَطْلٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ رَطْلا، وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ، بَيْنَ الْبَابِ وَالْبَابِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا، وَعَلَيْهَا سُورَانِ، ثُمَّ بُنِيَ الْجَامِعُ وَالْقَصْرُ، وَكَانَ فِي صَدْرِ الْقَصْرِ إيوان طوله عشرون ذراعًا، وعليه الْقُبَّةُ الْخَضْرَاءُ ارْتِفَاعُهَا ثَمَانُونَ ذِرَاعًا. سَقَطَ رَأْسُهَا لَيْلَةَ مَطَرٍ وَرَعْدٍ عَظِيمٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وعشرين وثلاثمائة. وكان يَدْخُلُ هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ رَاكِبًا سِوَى الْمَنْصُورِ وَابْنِهِ. قَالَ الصُّولِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ: ذَرْعُ بَغْدَادَ يَعْنِي الْجَدِيدَةَ قَالَ: ذَرْعُ الْجَانِبَيْنِ ثَلاثَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفَ جَرِيبٍ. وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الصُّولِيِّ: إِنَّهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ ثَلاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ جُرَيْبٍ وَسَبْعُمِائَةٍ. ثُمَّ قال الصولي: وذكر ابن طَاهِرٍ أَنَّ عَدَدَ حَمَّامَاتِهَا كَانَتْ ذَلِكَ الْوَقْتِ سِتِّينَ أَلْفًا. وَقَالَ أَقَلُّ مَا يُدَبَّرُ كُلَّ حَمَّامٍ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ، وَذَكَرَ أَنَّ بِإِزَاءِ كُلِّ حمام خمسة مساجد. فلت: كَذَا نَقَلَ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ1، وَمَا أَعْتَقِدُ أَنَا هَذَا قَطُّ وَلا عُشْرَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ الْخَطِيبُ: حَدَّثَنِي هِلالُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ بِحَضْرَةِ جَدِّي إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِلالٍ الصَّابِي، فَقَالَ تَاجِرٌ فَذَكَرَ أَنَّ بِبَغْدَادَ الْيَوْمَ ثَلاثَةُ آلافِ حَمَّامٍ، فَقَالَ جَدِّي: سُبْحَانَ اللَّهِ! هَذَا سُدُسُ مَا كُنَّا عَدَدْنَاهُ وَحَصَرْنَاهُ زَمَنَ الْوَزِيرِ الْمُهَلَّبِيِّ، ثُمَّ كَانَتْ فِي دَوْلَةِ عَضُدِ اللَّهِ خَمْسَةَ آلافٍ وَكَسْرًا. وَنَقَلَ ابْنُ خِلِّكَانَ2 أَنَّ اسْتِكْمَالَ بَغْدَادَ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَهِيَ بَغْدَادُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ عَلَى دِجْلَةِ، وَبَغْدَادُ الْيَوْمَ هِيَ الْجَدِيدَةُ الَّتِي فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَفِيهَا دَارُ الْخِلافَةِ، وَقَدْ كَانَ السَّفَّاحُ بَنَى عِنْدَ الأَنْبَارِ مَدِينَةَ الْهَاشِمِيَّةَ وَسَكَنَهَا، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الأَنْبَارِ وَبِهَا تُوُفِّيَ. * خُرُوجُ إِبْرَاهِيمَ. وَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن حسن، أَخُو مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ مُطَهِّرُ بْنُ الْحَارِثِ: أَقْبَلْنَا مَعَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ البصرة، ونحن عشرة   1 تاريخ الأعيان "1/ 117". 2 يعني في وفيات الأعيان "2/ 154-290". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 24 أَنْفُسٍ، فَدَخَلْنَاهَا، ثُمَّ نَزَلْنَا عَلَى يَحْيَى بْنِ زِيَادِ بْنِ حَسَّانٍ النَّبَطِيِّ1. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: اضْطَرَّنِي الطَّلَبُ بِالْمَوْصِلِ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى مَوَائِدَ أَبِي جَعْفَرٍ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَهَا يَطْلُبُنِي، فَتَحَيَّرْتُ، وَلَفَظَتْنِي الأَرْضُ، فَجَعَلْتُ لا أَجِدُ مَسَاغًا، وَوَضَعَ عَلَيَّ الطَّلَبَ وَالأَرْصَادَ، وَدَعَا يَوْمًا النَّاسَ إِلَى غَدَائِهِ، فَدَخَلْتُ فِي النَّاسِ، وَأَكَلْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَقَدْ كَفَّ الطَّلَبُ2. وَقَدْ جَرَتْ لِإِبْرَاهِيمَ أُمُورٌ فِي اخْتِفَائِهِ، وَرُبَّمَا وَقَعَ بِهِ بَعْضُ الأَعْوَانِ فَيَصْطَنِعَهُ وَيُطْلِقَهُ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَبَرُوتِ أَبِي جَعْفَرٍ، ثُمَّ اخْتَفَى بِالْبَصْرَةِ، فَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ لِشَدَّةِ بُغْضِهِمْ لِلْمَنْصُورِ لِبُخْلِهِ وَعَسْفِهِ. قَالَ ابْن سَعْدٍ3: لَمَّا ظَهَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَغَلَبَ عَلَى الْحَرَمَيْنِ وَجَّهَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَدَخَلَهَا فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ فَغَلَبَ عَلَيْهَا، وَبَيَّضَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَنَزَعُوا السَّوَادَ، وَخَرَجَ مَعَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ جماعة كثيرة. ثُمَّ تَأَهَّبَ لِحَرْبِ الْمَنْصُورِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ: بَايَعَهُ نُمَيْلَةُ بْنُ مُرَّةَ، وَعَفُوُّ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَعُمَرُ بْنُ سَلَمَةَ الْهُجَيْمِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الرَّقَاشِيُّ، وَنَدَبُوا لَهُ النَّاسَ، فَأَجَابَ طَائِفَةٌ حَتَّى قَارَبُوا أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَشُهِرَ أَمْرُهُ، وَقَالُوا لَهُ: لَوْ نَهَضْتَ إِلَى وَسَطِ الْبَصْرَةِ أَتَاكَ مَنْ أَتَاكَ، فَنَزَلَ فِي دَارِ أَبِي مَرْوَانَ النَّيْسَابُورِيِّ. قَالَ عَفُوُّ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ يَوْمًا وَهُوَ مَرْعُوبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ بِكِتَابِ أَخِيهِ أَنَّهُ ظَهَرَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ، فَوَجَمَ لَهَا وَاغْتَمَّ، فَأَخَذْتُ أُسَهِّلُ عَلَيْهِ وَأَقُولُ: قَدِ اجْتَمَعَ لَكَ أَمْرُكَ، مَعَكَ مَضَّاءُ التَّغْلِبِيُّ وَالطُّهَوِيُّ وَالْمُغِيرَةُ، وَأَنَا وَجَمَاعَةٌ، فَنَخْرُجُ إِلَى السِّجْنِ فِي اللَّيْلِ فَنَفْتَحُهُ، وَيُصْبِحُ مَعَكَ خَلْقٌ مِنَ النَّاسِ، فَطَابَتْ نَفْسُهُ، وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَنْصُورَ فَجَهَّزَ جَيْشًا إِلَى الْبَصْرَةِ، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ الْكُوفَةَ لِيَكْتَفِي شَرَّ الشِّيعَةِ وَفَتْقَهُمْ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْحَذَّاءُ: أَلْزَمَ الْمَنْصُورُ النَّاسَ بِالسَّوَادِ، فَكُنْتُ أَرَاهُمْ يَصْبُغُونَ ثِيَابَهُمْ بِالْمِدَادِ، يَعْنِي السُّوقَةَ، ثُمَّ جَعَلَ يَحْبِسُ أَوْ يَقْتُلُ كُلَّ مَنْ يَتَّهِمُهُ بِالْكَوْفَةِ. وَكَانَ ابْنُ ماعز   1 سير أعلام النبلاء "6/ 413". 2 انظر المصدر السابق "6/ 413". 3 في الطبقات الكبرى "5/ 441". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 25 الأَسَدِيُّ يُبَايِعُ لِإِبْرَاهِيمَ بِالْكَوْفَةِ سِرًّا. وَقَتَلَ الْمَنْصُورُ جَمَاعَةً كَثِيرَةً عَسْفًا وَظُلْمًا. وَكَانَ بِالْمَوْصِلِ أَلْفَا فَارِسٍ لِمَكَانِ الْخَوَارِجِ، فَطَلَبَهُمُ الْمَنْصُورُ، فَلَمَّا كَانُوا بَبَاخَمْرًا اعْتَرَضَ أَهْلُهَا الْعَسْكَرَ، وَقَالُوا: لا نَدَعُكُمْ تُجَاوِزُونَا لِتَنْصُرُوا أَبَا جَعْفَرٍ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، فَقَاتِلُوهُمْ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَمْسُمِائَةٍ1. وَأَمَّا أَمِيرُ الْبَصْرَةِ سُفْيَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَتَهَاوَنَ فِي أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى عَجَزَ، وَاتَّسَعَ الْخَرْقُ، فَبَقِيَ كُلَّمَا قِيلَ لَهُ: إِبْرَاهِيمُ خَارِجٌ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَى قَوْلِ أَحَدٍ, فَلَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ جَعَلَ أَصْحَابُهُ يُنَادُونَ سُفْيَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ: اذْكُرْ بَيْعَتَكَ فِي دَارِ الْمَخْزُومِيِّينَ، فَيُقَالُ: كَانَ مُدَاهِنًا لِإِبْرَاهِيمَ مِمَّا فِي قَلْبِهِ عَلَى الْمَنْصُورِ. وَكَانَ ظُهُورُ إِبْرَاهِيمَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ فِي اللَّيْلِ، فَصَارَ إِلَى مَقْبَرَةِ بَنِي يَشْكُرَ فِي بِضْعَةَ عَشَرَ فَارِسًا، وَقَدِمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَبُو حَمَّادٍ الأَثْرَمُ فِي أَلْفَيْنِ، فَنَزَلَ الرَّحْبَةَ، فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَوَّلَ شَيْءٍ أَصَابَ دَوَابَّ أُولَئِكَ الْعَسْكَرِ وَأَسْلِحَتَهُمْ، فَتَقَوَّى بِهَا، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ فِي الْجَامِعِ، فَتَحَصَّنَ مِنْهُ سُفْيَانُ فِي دَارِ الإِمَارَةِ، وَأَقْبَلَ الْخَلْقُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَيْنِ نَاصِرٍ وَنَاظِرٍ: ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ بِالأَمَانِ، وَدَخَلَ إِبْرَاهِيمُ الدَّارَ، وَعَفَا عَنِ الْجُنْدِ، وَقَيَّدَ سُفْيَانَ بِقَيْدٍ خَفِيفٍ، فَأَقْبَلَ لِحَرْبِهِ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، فِي سِتِّمِائَةٍ، فَنَدَبَ إِبْرَاهِيمُ مَضَّاءَ بْنَ جَعْفَرٍ فِي خَمْسِينَ مِنْ بَيْنِ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ، فَهَزَمَهُمْ مَضَّاءٌ، وَجُرِحَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَوَجَدَ إِبْرَاهِيمُ فِي بَيْتِ الْمَالِ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَفَرَّقَهَا عَلَى أَصْحَابِهِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ، وَجَهَّزَ الْمُغِيرَةَ فِي خَمْسِينَ مُقَاتِلا إِلَى الأَهْوَازِ، فَقَدَّمَهَا وَقَدْ صَارَ مَعَهُ نَحْوُ الْمِائَتَيْنِ. وَكَانَ عَلَى الأَهْوَازِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، فَالْتَقَى الْمُغِيرَةَ فَانْكَسَرَ ابْنُ الْحُصَيْنِ، وَغَلَبَ الْمُغِيرَةُ عَلَى الأَهْوَازِ. ثُمَّ أَرَادَ إِبْرَاهِيمُ الْمَسِيرَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَبَعَثَ إِلَى فَارِسٍ عَمْرَو بْنَ شَدَّادٍ، فَسَارَ إِلَيْهِ مِنْ رَامَهُرْمُزَ يَعْقُوبُ بْنُ الْفَضْلِ، فَاتَّفَقَا وَغَلَبَا عَلَى إِقْلِيمِ فَارِسٍ، فَلَوْ تَوَجَّهَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى إِقْلِيمِ فَارِسٍ لَتَمَّ لَهُ الأَمْرُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى وَاسِطٍ هَارُونَ بْنَ سَعْدٍ الْعِجْلِيَّ عِنْدَمَا قَدِمَ إِلَيْهِ مِنَ الْكُوفَةِ فَسَارَ إِلَى وَاسِطٍ، فَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ عامر بن إسماعيل المسلمي فِي خَمْسَةِ آلافٍ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا حَرْبٌ وَوَقْعَاتٌ2. وَقَدْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ وَاسِطَ وَالْبَصْرَةِ فِي هَذِهِ الْكَائِنَةِ عَدَدٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ تَوَادَعَ الْفَرِيقَانِ وَكَلُّوا، فَلَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيمُ كَمَا سَيَأْتِي، سَارَ هارون بن   1 ذكره في سير أعلام النبلاء "6/ 414". 2 راجع تاريخ الطبري "7/ 637"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 564". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 26 سَعْدٍ الْعِجْلِيُّ رَاجِعًا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا، نَعَمْ، وَبَقِيَ إِبْرَاهِيمُ سَائِرَ شَهْرِ رَمَضَانَ يُنْفِذُ عُمَّالَهُ إِلَى الْبِلادِ، حَتَّى أَتَاهُ نَعْيُ1 أَخِيهِ مُحَمَّدٍ بِالْمَدِينَةِ، قَبْلَ الْعِيدِ بِثَلاثٍ، فَفُتَّ فِي عَضُدِهِ وبُهِتَ لِذَلِكَ، وَخَرَجَ يَوْمَ العيد إلى الْمُصَلَّى فَصَلَّى بِالنَّاسِ، يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ وَالانْكِسَارُ. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا بَلَغَهُ خُرُوجُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ، مَا فِي عَسْكَرِي إِلا أَلْفَا رَجُلٍ! فَرَّقْتُ عَسَاكِرِي، مَعَ ابْنِي بِالرَّيِّ ثَلاثُونَ أَلْفًا، وَمَعَ مُحَمَّدِ بْنِ أَشْعَثَ بِأَفْرِيقِيَّةَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وَمَعَ عِيسَى بْنِ مُوسَى بِالْحِجَازِ سِتَّةُ آلافٍ، وَلَئِنْ سَلِمْتُ مِنْ هَذِهِ لا يُفَارِقُنِي ثَلاثُونَ أَلْفَ فَارِسٍ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ عِيسَى مِنَ الْحِجَازِ مَنْصُورًا، فَوَجَّهَهُ عَلَى النَّاسِ لِحَرْبِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَتَبَ إِلَى سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ فَقَدِمَ إِلَيْهِ مِنَ الرَّيِّ. قَالَ سَلْمٌ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى الْمَنْصُورِ قَالَ لِي: خَرَجَ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ، فَاعْمِدْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَلا يُرْعِبُكَ جَمْعُهُ فَوَاللَّهِ إِنَّهُمَا جَمَلا بَنِي هَاشِمٍ الْمَقْتُولانِ فَابْسُطْ يَدَكَ وَثِقْ2. وَكَتَبَ سَلْمٌ إِلَى الْبَصْرَةِ يُلاطِفُهُمْ فَلَحِقَتْ بِهِ بَاهِلَةُ، فَاسْتَحَثَّ الْمَنْصُورُ ابْنَهُ لِيُجَهِّزَ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ إِلَى الأَهْوَازِ، فَسَارَ بِأَرْبَعَةِ آلافِ فَارِسٍ، فَفَرَّ مِنْهُ الْمُغِيرَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَدَخَلَ خَازِمٌ الأَهْوَازَ فَأَبَاحَهَا ثَلاثًا، لِكَوْنِهِمْ نَزَعُوا الطَّاعَةَ، وكث الْمَنْصُورُ لا يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ ليلة. قال حجاج بن قتيبة بن مسلم: دَخَلْتُ عَلَى الْمَنْصُورِ تِلْكَ الأَيَّامِ وَقَدْ جَاءَهُ فَتْقُ الْبَصْرَةِ وَفَارِسَ وَوَاسِطَ وَالْمَدَائِنِ وَهُوَ مُطْرِقٌ يَتَمَثَّلُ: وَنَصَّبْتُ نَفْسِي لِلرَّمَاحِ دَرِيَّةً إِنَّ الرَّئِيسَ لِمِثْلِ ذَاكَ فَعُولُ وَمَا أَظُنُّهُ يَقْدِرُ عَلَى السِّلاحِ، لِلْفُتُوقِ الْمُحِيطَةِ بِهِ، وَلِمِائَةِ أَلْفِ سَيْفٍ كَامِنَةٍ يَنْتَظِرُونَ صَيْحَةً فَيَثِبُونَ، فَوَجَدْتُهُ صَقْرًا أَحْوَذِيًّا3 مُشَمِّرًا، قَدْ قَامَ إِلَى مَا نَزَلَ بِهِ من النوائب يمرسها ويعركها.   1 نعي أخيه: يعني موته. 2 انظر تاريخ الطبري "7/ 639". 3 الأحوذي: يعني المشمر في الأمور القاهر لها لا يند عليها منها شيء والسريع في كل ما أخذ فيه، والعالم بالأمر. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 27 وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ إِبْرَاهِيمَ إِلَى بِاخَمْرَا1 فَعَسْكَرْنَا بِهَا، فَأَتَانَا لَيْلَةً، فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا نَطُوفُ فِي عَسْكَرِنَا، قَالَ: فَسَمِعَ أَصْوَاتِ طَنَابِيرَ وَغِنَاءً، فَرَجَعَ، ثُمَّ أَتَانِي لَيْلَةً أُخْرَى، فَانْطَلَقْنَا فَسَمِعْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فَرَجَعَ وَقَالَ: مَا أَطْمَعُ فِي نَصْرِ عَسْكَرٍ فِيهِ مِثْلُ هَذَا. وَعَنْ دَاوُدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَحْصَى دِيوَانَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِائَةُ أَلْفِ مُقَاتِلٍ. وَقَالَ آخَرُ: بَلْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ آلافٍ، وَهَذَا أَشْبَهُ. وَكَانَ مَعَ عِيسَى بْنِ مُوسَى خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى طَلائِعِهِ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي ثَلاثَةِ آلافٍ. وَأَمَّا إِبْرَاهِيمَ فَأَشَارُوا عَلَيْهِ أَنْ يَسْلُكَ غَيْرَ الدَّرْبِ، فَيَبْغَتَ الْكُوفَةَ، فَقَالَ: بل أبيت عِيسَى. وَعَنْ هُرَيْمٍ قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: إِنَّكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ عَلَى الْمَنْصُورِ حَتَّى تَأْتِي الْكُوفَةَ، فَإِنْ صَارَتْ لَكَ بَعْدَ تَحَصُّنِهِ بِهَا، لَمْ تَقُمْ لَهُ بَعْدَهَا قَائِمَةٌ، وَإِلا فَدَعْنِي أَسِيرُ إِلَيْهَا فَأَدْعُو إِلَيْكَ سِرًّا، ثُمَّ أَجْهَرُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا دَاعِيًا أَجَابُوهُ، وَإِنْ سَمِعَ الْمَنْصُورُ هَيْعَةً بِأَرْجَاءِ الْكُوفَةِ طَارَ إِلَى حُلْوَانَ، فَقَالَ: لا نأمن أن تجيبك مِنْهُمْ طَائِفَةٌ فَتَطَأُ خَيْلُ الْمَنْصُورِ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ، فَتَكُونُ قَدْ تَعَرَّضَتْ لِمَأْثَمٍ2، فَقُلْتُ: خَرَجْتَ لِقِتَالِ الْمَنْصُورِ، وَأَنْتَ تَتَوَقَّى قَتْلَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ؟ أَلَيْسَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوَجِّهُ السَّرِيَّةَ فَتُقَاتِلُ، فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ نَحْوُ مَا كَرِهْتَ فَقَالَ: أُولَئِكَ مُشْرِكُونَ، وَهَؤُلاءِ أَهْلُ قِبْلَتِنَا. وَلَمَّا نَزَلَ "بَاخَمْرَا" كَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّكَ قَدْ أَصْحَرْتَ وَمِثْلُكَ أَنْفَسُ بِهِ عَلَى الْمَوْتِ، فَخنْدِقْ عَلَى نَفْسِكَ، فَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَفْعَلْ، فَقَدْ أَعْرَى الْمَنْصُورُ عسكره، فخف في طائفة حتى تأتيه فتأخذه بِقَفَاهُ، فَعَرَضَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى قُوَّادِهِ فَقَالُوا: نُخَنْدِقُ عَلَى نُفُوسِنَا وَنَحْنُ ظَاهِرُونَ عَلَيْهِمْ وَاللَّهِ لا نَفْعَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَأْتِيهِ وَهُوَ فِي أيْدِينَا مَتَى أَرَدْنَا؟ وَقَالَ آخَرُ: لَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: إِنَّ الصَّفَّ إِذَا انْهَزَمَتْ تَعْبِئَتُهُ تَدَاعَى، فَاجْعَلْنَا كَرَادِيسَ، فَإِنِ انْهَزَمَ كُرْدُوسٌ ثَبَتَ كُرْدُوسٌ، فَتَنَادَى أَصْحَابُهُ: لا لا، إِلا تَعْبِئَةَ أَهْلِ الشَّامِ وَقِتَالِهِمْ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ   1 إلى باخمرا: قال ياقوت في معجم البلدان: باخمرا موضع بين الكوفة وواسط وهو إلى الكوفة أقرب. قالوا: بين باخمرا والكوفة سبعة عشرى فرسخًا، بها كانت الوقعة بين أصحاب أبي جعفر المنصور وإبراهيم بن عبد الله بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فقتل إبراهيم هناك. 2 سير أعلام النبلاء "6/ 416"، وتاريخ الطبري "7/ 644". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 28 الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] . وَقَالَ آخَرُ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ مُصْبِحُوكَ بِمَا يَسُدُّ عَلَيْكَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ فِي السِّلاحِ وَالْكُرَاعِ، وَإِنَّمَا مَعَكَ رِجَالٌ عُرَاةٌ، فَدَعْنَا نُبَيِّتُهُمْ، فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ الْقَتْلَ. فَقُلْتُ: تُرِيدُ الْمُلْكَ وَتَكْرَهُ القتل، والتقوا بـ"باخمرا"، وَهِيَ عَلَى يَوْمَيْنِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَاشْتَدَّ الْحَرْبُ، وَالْتَحَمَ الْقِتَالُ، فَانْهَزَمَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ، وَكَانَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ، فَانْهَزَمَ الْجَيْشُ، فَنَاشَدَهُمْ عِيسَى بْنُ مُوسَى اللَّهَ تَعَالَى، وَمَرَّ النَّاسُ، فَثُبِتَ عِيسَى فِي مِائَةِ فَارِسٍ مِنْ خَوَاصِّهِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ تَنَحَّيْتَ فَقَالَ: لا أَزُولُ حَتَّى أُقْتَلَ أَوْ أَفْتَحَ، وَلا يُقَالُ انْهَزَمَ. وَعَنْ عِيسَى قَالَ: لَمَّا رَأَى الْمَنْصُورُ تَوْجِيهِي إِلَى إِبْرَاهِيمَ قال: إن المنجمين يزعمون إنك لاقيه ثُمَّ يَفِيءُ إِلَيْكَ أَصْحَابُكَ فَكَانَ كَمَا قَالَ؛ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا مَعِي ثَلاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ, فَقَالَ غُلامِي: عَلامَ تَقْفُ؟ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا يَنْظُرُ إِلَيَّ أَهْلُ بَيْتِي مُنْهَزِمًا، ثُمَّ كَانَ أَكْثَرُ مَا عِنْدِي أَنْ أَقُولَ لِمَنْ مَرَّ بِي مِنَ الْمُنْهَزِمِينَ: أَقْرِئُوا أَهْلَ بَيْتِي السَّلامَ، وَقُولُوا: إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِدَاءً أَفْدِيكُمْ بِهِ أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَقَدْ بَذَلْتُهَا، لَكُمْ فأنا لكذلك، إِذْ عَمَدَ ابْنَا سُلَيْمَانَ لِإِبْرَاهِيمَ فَخَرَجَا مِنْ وَرَائِهِ فَنَظَرَ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيمَ فَإِذَا الْقِتَالُ مِنْ وَرَائِهِمْ، فَكَرُّوا، فَرَكِبْنَا أَعْقَابَهُمْ فَلَوْلا ابْنَا سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ لافْتَضَحْنَا، وَكَانَ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمَّا انْهَزَمُوا اعْتَرَضَ لَهُمْ نَهْرٌ دُونَ ثِنْيَتَيْنِ عَالِيَتَيْنِ، فَحَالَتَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفُرَاتِ، وَلَمْ يَجِدُوا مَخَاضَةً، فَكَرُّوا رَاجِعِينَ بِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْهَزَمَ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيمَ، فَثَبَتَ هُوَ فِي نَحْوٍ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ. وَقِيلَ: بَلْ ثَبَتَ فِي سَبْعِينَ رَجُلا، ثُمَّ حَمَلَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي طَائِفَةٍ مَعَهُ، وَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، حَتَّى إِنَّ الْفَرِيقَيْنِ قَتَلُوا بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَجَعَلَ حُمَيْدٌ يَبْعَثُ بالرؤوس إِلَى بَيْنِ يَدَيْ عِيسَى، وَثَبَتُوا عَامَّةَ يَوْمِهِمْ يَقْتَتِلُونَ، إِلَى أَنْ جَاءَ سَهْمُ غَرْبٍ لا يُدْرَى مَنْ رَمَى بِهِ، فَوَقَعَ فِي حَلْقِ إِبْرَاهِيمَ، فَتَنَحَّى عَنْ مَوْقِفِهِ، فَأَنْزَلُوهُ، وَهُوَ يَقُولُ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] . أَرَدْنَا أمرًا وأراد الله غيره، فاجتمع عليه أصحاب يَحْمُونَهُ، فَأَنْكَرَ حُمَيْدٌ اجْتِمَاعَهُمْ، وَأَمَرَ فَحَمَلُوا عَلَيْهِ، فقاتلوا أشد قتلا يَكُونُ، حَتَّى انْفَرَجُوا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فَنَزَلَ أَصْحَابُ حُمَيْدٍ، فَاحْتَزُّوا رَأْسَ إِبْرَاهِيمَ، وَأُتِيَ بِهِ عِيسَى، فَنَزَلَ وَسَجَدَ لِلَّهِ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْمَنْصُورِ، وَذَلِكَ لِخَمْسِ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرُهُ ثمان وأربعون سنة1.   1 تاريخ الطبري "7/ 646-647". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 29 وَقِيلَ: كَانَ عَلَيْهِ قَبَاءٌ زَرَدٌ، فَآذَاهُ الْحَرُّ، فَحَلَّ إِزَارَهُ، وَحَسَرَ عَنْ صَدْرِهِ، فَأَصَابَتْ صَدْرَهُ نَشَّابَةٌ، فَاعْتَنَقَ فَرَسَهُ، وَكَرَّ رَاجِعًا، وَوَصَلَ أَوَائِلُ الْمُنْهَزِمِينَ مِنْ عَسْكَرِ الْمَنْصُورِ إِلَى الْكُوفَةِ، فَتَهَيَّأَ الْمَنْصُورُ لِلْهَرَبِ، وَأَعَدَّ النَّجَائِبَ لِيَذْهَبَ إِلَى الرَّيِّ، فَيُقَالَ: إِنَّ نُوبِخْتَ الْمُنَجِّمَ دَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: الظَّفَرُ لَكَ، وَسَيُقْتَلُ إِبْرَاهِيمُ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، فَقَالَ: احبِسْنِي عِنْدَكَ، فَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ إِبْرَاهِيمُ وَإِلا فَاقْتُلْنِي، فَبَاتَ طَائِرَ اللُّبِّ، فَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ أُتِيَ بِرَأْسِ إِبْرَاهِيمَ، فَتَمَثَّلَ بَيْتَ مُعَقِّرٍ الْبَارِقِيِّ: فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالإِيَّابِ الْمُسَافِرُ1 قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: صَلَّى إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِيدَ بِالنَّاسِ أَرْبَعًا، وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَهُشَيْمٌ ويزيد ابنا هَارُونَ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ شُعْبَةُ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُجَاهِرُ فِي أَمْرِهِ وَيَأْمُرُ بِالْخُرُوجِ2. وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: مَا كَانَ بِالْبَصْرَةِ أَحَدٌ إِلا وَقَدْ تَغَيَّرَ أَيَّامَ إِبْرَاهِيمَ إِلا ابْنَ عَوْنٍ. وَحَدَّثَنِي مَيْسُورُ بْنُ بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الْوَارِثِ يَقُولُ: فَأَتَيْنَا شُعْبَةَ فَقُلْنَا: كَيْفَ ترى؟ قال: أرى أَنْ تَخْرُجُوا وَتُعِينُوهُ، فَأَتَيْنَا هِشَامَ بْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَلَمْ يُجِبْنَا بِشَيْءٍ، فَأَتَيْنَا سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ فَقَالَ: مَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْخُلَ رَجُلٌ مَنْزِلَهُ، فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ قَاتَلَهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ: ثنا خلاد بن يزيد الْبَاهِلِيُّ سَمِعَ شُعْبَةَ بْنَ الْحَجَّاجِ يَقُولُ: بَاخَمْرَا بَدْرٌ الصُّغْرَى3. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: هِيَ وَقْعَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَهِيَ بِإِزَاءِ هَزَابَانَ دَاخِلَ الصَّحْرَاءِ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَلَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيمُ، هَرَبَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ بَحْرًا وَبَرًّا، وَاسْتَخْفَى النَّاسُ، وَقُتِلَ مَعَهُ بَشِيرٌ الرَّحَّالُ الأَمِيرُ، وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: خَرَجَ مع إبراهيم خلق، وجميع أهل واسط،   1 البيت من البحر الطويل وهو منسوب لمعقر بن أوس بن حمار البارقي ابن دريد كما في الاشتقاق "ص/ 481"، والآمدي في المؤتلف والمختلف "128". 2 راجع تاريخ خليفة "422". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 417". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 30 وَابْنَا هُشَيْمٍ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَغَيْرُهُمْ. وَفِيهَا خَرَجَتِ التُّرْكُ الْخَزَرِيَّةُ1، وَهُمْ أَهْلُ صَحْرَاءِ الْقُفْجَاقِ مِنْ بَابِ الأَبْوَابِ، وَقَتَلُوا بِأَرْمِينِيَّةَ خَلْقًا كَثِيرًا وَسَبُوا الْحَرِيمَ.   1 وهم من الأجناس التركية. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 31 أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ الْمَدَنِيِّ. وَحَبِيبُ بْنُ الشهيد بخلف. وسنان الرهاوي. وعبيد اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ الْمَدَنِيُّ. وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ. وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ الرُّهَاوِيُّ. وَفِي صَفَرٍ مِنْهَا، تَحَوَّلَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ، فَنَزَلَ بِبَغْدَادَ قَبْلَ اسْتِتْمَامِ بِنَائِهَا. وَكَانَ خَالِدُ بْنُ بَرْمَكٍ مِمَّنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِإِنْشَائِهَا، وَنَقَلَ إِلَيْهَا خَمْسَةَ أَبْوَابٍ كَانَتْ عَلَى وَاسِطٍ، عَظِيمَةً، فَعَمِلَ لِبَغْدَادَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ، كُلُّ بَابٍ دَاخِلُهُ بَابٌ آخَرُ. وَبُنِيَتْ مُسْتَدِيرَةً، وَأُنْشِئَتْ دَارُ الإِمَارَةِ فِي وَسَطِهَا، وَعَمِلُوا لَهَا سُورَيْنِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ هُوَ الَّذِي اخْتَطَّ جَامِعَهَا، فَقِيلَ: إِنَّ قِبْلَتَهَا مُنْحَرِفَةً، وَكَانَ لا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْمَدِينَةَ رَاكِبًا، فَشَكَا إِلَى الْمَنْصُورِ عَمَّهُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ أَنَّ الْمَشْيَ يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَمَرَ الْمَنْصُورُ بِإِخْرَاجِ الأَسْوَاقِ مِنَ الْمَدِينَةِ خَوْفًا مِنْ مَبِيتِ صَاحِبٍ خَبَرٍ بِهَا، فَبُنِيَتِ الْكَرْخُ وَبَابُ الْمُحَوَّلِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَظَهَرَ شُحُّ الْمَنْصُورِ فِي بِنَاءِ بَغْدَادَ، وَبَالَغَ فِي الْمُحَاسَبَةِ، حَتَّى قَالَ خَالِدُ بْنُ الصَّلْتِ -وَكَانَ عَلَى بِنَاءِ رَبْعٍ مِنْ بَغْدَادَ: رَفَعْتُ إليه الحساب فبقيت علي خمسة عشر درهمًا فحبسني حَتَّى أَدَّيْتُهَا. فَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ أَنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ قَصْرِهِ بِالْمَدِينَةِ، طَافَ بِهِ، فَأَعْجَبَهُ، لَكِنَّهُ اسْتَكْثَرَ النَّفَقَةَ، فَقَالَ لِي: أَحْضِرْ بَنَّاءً فَارِهًا، فَأَحْضَرْتُ بناءً   1 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 278"، وتاريخ الطبري "7/ 650"، والكامل "5/ 572"، والبداية "10/ 97-102"، وصحيح التوثيق "6/ 45-47". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 31 فقال: كيف لَنَا فِي هَذَا الْقَصْرِ؟ وَكَمْ أَخَذْتَ لِكُلِّ أَلْفِ آجُرَّةِ؟ فَبَقِيَ الْبَنَّاءُ لا يَقْدِرُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَخَافَةَ الْمُسَيِّبِ الَّذِي كَانَ عَلَى العمل، فقال: ما لك سَاكِتٌ؟ قَالَ: لا عِلْمَ لِي، قَالَ: وَيْحَكَ قُلْ وَأَنْتَ آمِنٌ، قَالَ: وَاللَّهِ لا أَقِفُ عَلَيْهِ وَلا أَدْرِيهِ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: تَعَالَ لا علمك اللَّهُ خَيْرًا، وَأَدْخَلَهُ الْحُجْرَةَ الَّتِي اسْتَحْسَنَهَا، وَقَالَ: ابْنِ لِي طَاقًا يَكُونُ شَبِيهًا بِالْبَيْتِ لا تَدْخُلُ فِيهِ خَشَبًا، قَالَ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى الْبَنَّاءِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يُحْصِي جَمِيعَ مَا يَدْخُلُ فِي الطَّاقِ مِنَ الآجُرِّ وَالْحَصَى، فَفَرَغَ فِي يَوْمَيْنِ، وَدَعَا الْمُسَيِّبَ فَقَالَ: ادْفَعْ إِلَيْهِ أَجْرَهُ عَلَى حِسَابِ مَا عَمِلَ مَعَكَ، فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فَاسْتَكْثَرَ ذَلِكَ الْمَنْصُورُ، فَقَالَ: لا أَرْضَى بِذَلِكَ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى نَقَصَهُ دِرْهَمًا، ثُمَّ إِنَّهُ أَخَذَ الْوُكَلاءَ وَالْمُسَيِّبُ بِحِسَابِ مَا أَنْفَقُوا عَلَى نِسْبَةِ ذَلِكَ، حَتَّى فَضَّلَ عَلَى الْمُسَيِّبِ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ، فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الْبُخْلِ وَالْحِرْصِ مِنْ مَلِكِ الدُّنْيَا فِي زَمَانِهِ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنِ الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الرَّبِيعِ وَوَلِيَهَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فِيهَا غَزَوْتُ قُبْرُسَ مَعَ العباس بن سفيان الخثعمي، والله أعلم1.   1 وانظر المراجع السابقة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 32 أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ قَاضِي حِمْصٍ، وَالصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامٍ الْكُوفِيُّ، وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى التَّيْمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ فِي قَوْلٍ، وَعَمُّ الْمَنْصُورِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مَيْمُونَ بْنِ مَهْرَانَ، وَعَبْدُ العزيز بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ بِخُلْفٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الأَزْدِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوِيلٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ بِالْبَصْرَةِ، وَأَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ فِي قول، ويزيد ين حَازِمٍ أَخُو جَرِيرٍ. وَفِيهَا بَدَّعَتِ التُّرْكُ بِنَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةِ، وَقَتَلُوا أُمَمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَدَخَلُوا تَفْلِيس1، وَكَانَ حَرْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوُنْدِيُّ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْحَرْبِيَّةُ مِنْ بَغْدَادَ، مُقِيمًا بِالْمَوْصِلِ   1 وهي قصبة ناحية جُرْزان قرب باب الأبواب بأرمينية الأولى "ياقوت 2/ 35". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 32 فِي أَلْفَيْنِ، لِمَكَانِ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ بِالْجَزِيرَةِ، وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ وَجَّهَ إِلَى الْمَوْصِلِ جِبْرِيلَ بْنَ يَحْيَى فِي عَسْكَرٍ، فَانْضَمُّوا كُلُّهُمْ وَقَصَدُوا التُّرْكَ فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ جِبْرِيلُ، وَقُتِلَ حَرْبٌ1. وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْمَنْصُورَ حَجَّ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ2. وَعَزَلَ عَنِ الْكُوفَةِ عِيسَى بْنَ مُوسَى، وَطَلَبَهُ إِلَى بَغْدَادَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ سِرًّا، ثُمَّ قَالَ: يَا عِيسَى، إِنَّ هَذَا أَرَادَ أَنْ يُزِيلَ النِّعْمَةَ عَنِّي وَعَنْكَ، وَأَنْتَ وَلِيُّ عَهْدِي بَعْدَ الْمَهْدِيِّ، وَالْخِلافَةُ صَائِرَةٌ إِلَيْكَ، فَخُذْهُ وَاقْتُلْهُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَخُورَ أَوْ تَضْعُفَ، وَسَلِّمْهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْ طُرُقِ الْحَجِّ يَسْأَلُهُ: مَا فَعَلْتَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ أَنْفَذْتَ مَا أَمَرْتَ بِهِ، فَلَمْ يَشُكَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَكَانَ عِيسَى قَدْ سَتَرَهُ عِنْدَهُ، وَدَعَا كَاتِبَهُ يُونُسَ بْنَ فَرْوَةَ فَقَالَ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَمَرَكَ بِقَتْلِهِ سِرًّا، وَيَدَّعِيهِ عَلَيْكَ عَلانِيَةً، ثُمَّ يُقَيِّدُكَ بِهِ. قَالَ: فَمَا الرَّأْيُ؟ قَالَ: أُستُرْهُ وَاخْفِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَنْصُورَ دَسَّ إِلَى عُمُومَتِهِ مَنْ يُحَرِّكُهُمْ عَلَى مَسْأَلَةِ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، فَكَلَّمُوا الْمَنُصوَر، فَقَالَ: عَلَيَّ بعيسى، فأتاه، فقال: عَلِمْتَ أَنِّي دَفَعْتُ إِلَيْكَ عَمِّي لِيَكُونَ فِي مَنْزِلِكَ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: قَدْ كَلَّمَنِي فِيهِ أَعْمَامِي، فَرَأَيْتُ الصَّفْحَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَوَ لَمْ تَأْمُرْنِي بِقَتْلِهِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: قَدْ أَمَرْتَنِي بِقَتْلِهِ!. قَالَ: كَذَبْتَ، فَقَالَ لِعُمُومَتِهِ: إِنَّ هذا قد أمر لَكُمْ بِقَتْلِ أَخِيكُمْ, قَالُوا: فَادْفَعْهُ إِلَيْنَا نَقْتُلُهُ بِهِ, قَالَ: فَشَأْنُكُمْ بِهِ، فَأَخْرَجُوهُ إِلَى الرَّحْبَةِ، واجتمع الناس، وشهر الأمر، فقام أحدكم وَشَهَرَ سَيْفَهُ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَفَاعِلٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: لا تَعْجَلُوا، ثُمَّ أَحْضَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ وَقَالَ لِلْمَنْصُورِ: شَأْنُكَ بِعَمِّكَ، قَالَ: فَأَدْخِلُوهُ حَتَّى أَرَى فِيهِ رَأْيِي، فَجَعَلَهُ فِي بَيْتٍ، ثُمَّ كَانَ أَمْرُهُ مَا كَانَ. وَفِيهَا خَلَعَ الْمَنْصُورُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَهُ عِيسَى بْنَ مُوسَى، الَّذِي حَارَبَ لَهُ الأَخَوَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدًا، وَظَفَرَ بِهِمَا، وَتَوَطَّدَ مُلْكُ الْمَنْصُورِ بِهِمَّةِ عِيسَى، فَكَافَأَهُ وَخَلَعَهُ مُكْرَهًا مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ، وَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَلَدَهُ الْمَهْدِيَّ، فَقِيلَ إِنَّهُ أَرْضَى عِيسَى بِأَنْ جَعَلَهُ وَلِيَّ الْعَهْدِ بَعْدَ ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ. وَكَانَ السَّفَّاحُ لَمَّا احْتَضَرَ جَعَلَ الْخِلافَةَ لِلْمَنْصُورِ، ثُمَّ بَعْدَهُ لِعِيسَى، وَقَدْ لاطَفَهُ الْمَنْصُورُ، وَكَلَّمَهُ بِأَلْيَنِ الْكَلامِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ بالأيمان والعهود   1 تاريخ الطبري "8/ 7"، وابن الأثير "5/ 577". 2 راجع تاريخ خليفة "424". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 33 وَالْمَوَاثِيقِ الَّتِي عَلَيَّ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا رَأَى الْمَنْصُورُ امْتِنَاعَهُ تَغَيَّرَ لَهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَجَعَلَ يُقَدِّمُ الْمَهْدِيَّ عَلَيْهِ فِي الْمَجَالِسِ، ثُمَّ شَرَعَ الْمَنْصُورُ يَدُسُّ مَنْ يَحْفُرُ عَلَيْهِ بَيْتَهُ لِيَسْقُطَ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ يَتَحَفَّظُ وَيَتَمَارَضُ. وَقِيلَ: بَلْ سَقَاهُ الْمَنْصُورُ فَاسْتَأْذَنَ فِي الذَّهَابِ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَتَدَاوَى، وَكَانَ الَّذِي جَرَّأَهُ عَلَى ذَلِكَ طَبِيبُهُ بَخْتَيَشُوعُ، وَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَجْسُرُ عَلَى مُعَالَجَتِكَ، وَمَا آمَنُ عَلَى نَفْسِي، فَأَذِنَ لَهُ الْمَنْصُورُ، وَبَلَغَتِ الْعِلَّةُ مِنْ عِيسَى كُلَّ مَبْلَغٍ، حَتَّى تَمَعَّطَ شَعْرُهُ، ثُمَّ إِنَّهُ نَصَلَ مِنْ عِلَّتِهِ، ثُمَّ سَعَى مُوسَى وَلَدُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فِي أَنْ يُطِيعَ أَبُوهُ الْمَنْصُورَ، خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْهُ وَعَلَى نَفْسِهِ، وَدَبَّرَ حِيلَةً أَوْحَاهَا إِلَى الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: مُرْ بِخَنْقِي قُدَّامَ أَبِي إِنْ لَمْ يَخْلَعْ نَفْسَهُ، قَالَ: فَبَعَثَ الْمَنْصُورُ، مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَصَاحَ أَبُوهُ وَأَذْعَنَ بِخَلْعِ نَفْسِهِ، وَقَالَ: هَذِهِ يَدِي بِالْبَيْعَةِ لِلْمَهْدِيِّ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ نُسْوَانِي طَوَالِقُ، وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَمَا أَمْلِكُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا أراد البيعة لِلْمَهْدِيِّ بِالْعَهْدِ، تَكَلَّمَ الْجُنْدُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ عِيسَى إِذَا رَكِبَ يُسْمِعُونَهُ مَا يَكْرَهُ، فَشَكَاهُمْ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَلَمْ يَمْنَعْ فِي الْبَاطِنِ، وَمَنَعَ فِي الظَّاهِرِ، فَأَسْرَفُوا، حَتَّى خَلَعَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ بَرْمَكٍ مَضَى إِلَيْهِ فِي ثَلاثِينَ نَفْسًا بِرِسَالَةِ الْمَنْصُورِ، فَامْتَنَعَ، فَجَاءَ خَالِدٌ وَقَالَ: قَدْ خَلَعَ نَفْسَهُ، وَاسْتَشْهَدَ أُولَئِكَ الثَّلاثِينَ، فَشَهِدُوا عَلَيْهِ. وَقِيلَ: بَلْ بَذَلَ لَهُ الْمَنْصُورُ عَلَى خَلْعِ نَفْسِهِ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ حَتَّى فَعَلَ. وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ مُحَمَّدَ بْنَ السَّفَّاحِ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَاسْتَعْفَى مِنْهَا، فَأَعْفَاهُ، وَانْصَرَفَ إلى بغداد فمات بها. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 34 أحداث سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَشِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ فِي قَوْلٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ بِمِصْرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، وَعَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ الْيَحْصُبِيُّ، وَعَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ، وَالْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْقَاضِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ الْمَدِينِيُّ الْفَقِيهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ الفقيه، ونعيم بن حَكِيمٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ يَحْيَى السَّيْبَانِيُّ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ جَعْفَرُ بْنُ الْمَنْصُورِ، وَتَوَجَّهَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ إِلَى ثَغْرِ أَرْمِينِيَّةَ، فَلَمْ يَلْقَ بَأْسًا، وَتَوَطَّدَتِ الْمَمَالِكُ لِلْمَنْصُورِ، وَعَظُمَتْ هَيْبَتُهُ فِي النُّفُوسِ، وَدَانَتْ لَهُ الأَمْصَارُ، وَلَمْ يَبْقَ خَارِجًا عَنْهُ سِوَى جَزِيرَةِ الأَنْدَلُسِ فَقَطْ، فَإِنَّهَا غَلَبَ عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلُ الْمَرْوَانِيُّ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَلَّقَبَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بِالأَمِيرِ فقط، وكذلك بنوه.   1 تاريخ خليفة "ص/ 379"، وتاريخ الطبري "8/ 28"، والكامل "5/ 589-591"، والنجوم الزاهرة "2/ 12-17"، والبداية والنهاية "10/ 105-106". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 35 أحداث سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ بِخُلْفٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ فِي قَوْلٍ، وَسَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ الْبَاهِلِيُّ الأَمِيرُ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ يَزِيدَ الْجُذَامِيُّ، وكهمس بن الحسن التميمي، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ الْخُزَاعِيُّ الْقَائِدُ، وَالْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ، وَأَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ بِخَلَفٍ، وَمَعْرُوفُ بْنُ سُوَيْدٍ الْجُذَامِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا غَزَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَرْضَ الرُّومِ، وَمَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ قحطبة، ومحمد بن الأشعث، فمات محمد في الطَّرِيقِ. وَفِيهَا تَكَمَّلَ بِنَاءُ مَدِينَةِ بَغْدَادَ وَخَنْدَقِهَا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الإِمَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَوَلِيَ مَكَّةَ، وَصَرَفَ عَنْهَا عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيٍّ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 35 أحداث سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ فِي قَوْلٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ الْمَنْصُورِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَفَقِيهُ مَكَّةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَدَّاحُ وَعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ بِخُلْفٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ بِخُلْفٍ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعُمَرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ الإِمَامُ، وَأَبُو حَزْرَةَ يَعْقُوبُ بْنُ مجاهد بخلف.   1 وانظر: تاريخ خليفة "ص/ 279"، وتاريخ الطبري "8/ 29-32"، والبداية والنهاية "10/ 106-107"، والكامل "5/ 591-594"، والنجوم الزاهرة "2/ 17"، وصحيح التوثيق "6/ 49". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 35 وَفِيهَا كَانَ خُرُوجُ أُسْتَاذِسِيسَ فِي جُمُوعِ أَهْلِ هَرَاةَ وَسِجِسْتَانَ وَبَاذَغِيسَ، وَتَجَمَّعَ مَعَهُ جَيْشٌ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِه قَطُّ، حَتَّى قِيلَ: كَانَ فِي نَحْوٍ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَغَلَبَ عَلَى عَامَّةِ خُرَاسَانَ، وَاسْتَفْحَلَ الْبَلاءُ، فَخَرَجَ لِقِتَالِهِمُ الأَجْثَمُ المروروذي بأهل مرو الروذ، فاقتتلوا أشد قتال، فَقُتِلَ الأَجْثَمُ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي جَيْشِهِ، فَبَعَثَ الْمَنْصُورُ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ إِلَى ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ مُحَارَبَتِهِمْ، فَسَارَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَيْمَنَتِهِ الْهَيْثَمَ بْنَ شُعْبَةَ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ نَهَارَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ بَكَّارَ بْنَ سَلْمٍ الْعُقَيْلِيَّ، ثُمَّ خَنْدَقَ عَلَى عَسْكَرِهِ وَالْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَثَبَتَ الْفَرِيقَانِ، وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ إِلَى أَنْ نَزَلَ النَّصْرُ، فَهَزَمَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِخَدِيعَةٍ عَمِلُوهَا، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي جَيْشِ أُسَتَاذِسِيسَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَأُسِرَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَهَرَبَ أُسْتَاذِسِيسُ إِلَى جَبَلٍ فِي طَائِفَةٍ، ثُمَّ ضُرِبَتْ أَعْنَاقُ الأَسْرَى كُلِّهِمْ، وَحَاصَرُوا أُسْتَاذِسِيسَ وَأَصْحَابَهُ، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ أَبِي عَوْنٍ أَحَدِ الْقُوَّادِ، فَحَكَمَ بِتَقْيِيدِ أُسْتَاذِسِيسَ وَأَوْلادِهِ، وَأَنْ يُطْلِقَ الْبَاقُونَ، وَهُمْ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ أَلْفًا، فَكَسَاهُمْ وَمَنْ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: كانت الوقعة فِي عَامِ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ. وَفِيهَا عَزَلَ الْمَنْصُورُ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَوَلَّى الْحَسَنَ بْنَ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيَّ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 36 تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الألف": 1- أبان بن تغلب1، -م4- أَبُو سَعْدٍ, وَقِيلَ: أَبُو أُمَيَّةَ الرِّبْعِيُّ الْكُوفِيّ المقريء الشيعي. رَوَى عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَفُضَيْلٍ الْفُقَيْمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ إِدْرِيسُ بْنُ يزيد الأودي وابنه عبد الله إِدْرِيسَ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَقَدْ أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرَضًا عَنْ عَاصِمٍ وَطَلْحَةَ بْنِ مصرف وتلقى من الأعمش. وحديثه نحو مِائَةِ حَدِيثٍ، وَهُوَ صَدُوقٌ فِي نَفْسِهِ مُوَثَّق لكنه يتشيع.   1 التاريخ الكبير "1/ 453"، وتهذيب التهذيب "1/ 93"، والبداية والنهاية "10/ 77". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 36 مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 2- أَبَانُ بْنُ أبي عياش البصري1، -د- الزاهد أبو إسماعيل بن فيروز. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وخليد العصري. وعنه روى عِمْرَانُ الْقَطَّانُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ وَآخَرُونَ. وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَدْ سُقْتُ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي كِتَابِ الْمِيزَانِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قَالَ شُعْبَةُ: رِدَائِي وَحِمَارِي فِي الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ يَكْذِبُ فِي الْحَدِيثِ. قُلْتُ لَهُ: فَلِمَ سَمِعْت مِنْهُ؟ قَالَ: وَمَنْ يَصْبِرْ عَنْ ذَا الْحَدِيثِ! يَعْنِي حَدِيثَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ فِي الْقُنُوتِ، وَقَدْ رَوَاهُ خَلادُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَنَتَ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ2. وَعَنْ شُعْبَةَ قَالَ: لأَنْ أَشْرَبَ مِنْ بَوْلِ حِمَارِي حَتَّى أُرْوَى أَحَبُّ إلي من أن أقول: حدثني أبان ابن أَبِي عَيَّاشٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: لأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرْوِي عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ. قَالَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ: ذَكَرْتُ هَذَا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ هَذَا فِي أَبَانٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: إِنَّمَا تَرَكْتُ أَبَانَ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا، فَقُلْتُ لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: وَهَلْ يَرْوِي أَنَسٌ إِلا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ: أَتَيْتُ شُعْبَةَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَسْطَامٍ تُمْسِكُ عَنْ أَبَانٍ! فَقَالَ: مَا أَرَى السُّكُوتَ يَسَعُنِي. وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: مَا بَلَغَنِي حَدِيثٌ لِلْحَسَنِ إِلا أَتَيْتُ بِهِ أَبَانَ بن أبي عياش، فقرأه علي.   1 الميزان "1/ 15"، والمجروحين "1/ 96"، المعرفة والتاريخ "1/ 346". 2 وانظر ميزان الاعتدال "1/ 15". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 37 قَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ لا يحدثان عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَدَّانِ الْعُذْرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1. عَنْ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ. وعنه الوليد بْن مسلم ومحمد بْن شعيب. قَالَ الْوَلِيدُ: كَانَ أَعْبَدَ أَهْلِ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا أُصِيبَ أَهْلُ دِمَشْقَ بِأَعْظَمِ مِنْ مُصِيبَتِهِمْ بِهِ وَبِأَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَان الأَفْطَسُ الدِّمَشْقِيُّ2 -ت ق- ثِقَةٌ صَدُوقٌ. عَنْ مَكْحُولٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الحمن الْجُرَشِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُمَيْعٍ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ شُعَيْبٍ الْمَدَنِيُّ3. عَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَالْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ ابن معين ليس بشيء. وذكره الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: ابْنُ شُعَيْبٍ بِمُوَحَّدَةٍ وَالصَّوَابُ بِمُثَلَّثَةٍ. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدَنِيُّ4 -م د ن ق- أَخُو مُوسَى وَمُحَمَّدٌ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَكُرَيْبٍ. وعنه السفيانان وابن المبارك. وثقه النسائي. قال علي بن المديني: له عشرة أحاديث. 7- إبراهيم بن العلاء أبو هارون الغنوي5.   1 تاريخ أبي زرعة الدمشقي "1/ 72"، وفيه "ابن جدار". 2 التاريخ الكبير "1/ 289"، وتهذيب ابن عساكر "2/ 216"، الجرح "2/ 102". 3 الجرح والتعديل "2/ 105"، وميزان الاعتدال "1/ 37". 4 تهذيب التهذيب "1/ 145"، وخلاصة التهذيب "20". 5 طبقات ابن سعد "7/ 261"، وميزان الاعتدال "1/ 49"، والمعرفة والتاريخ "3/ 231". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 38 عن حطان الرقاشي وأبي مجلز وعكرمة. وعنه شعبة وحماد بن سلمة ويزيد بن زريع وابن المبارك. وثقه أبو زرعة. وقال أبو حاتم: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الصِّدْقِ أَقْرَبُ. 8- ابْنُ هَرْمَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَامِرٍ1 الْفِهْرِيُّ المدني الشاعر البليغ المعروف بابن هرامة أَبُو إِسْحَاقَ. كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الدَّوْلَتَيْنِ، مدح الوليد بن يزيد، ثم أبا جعفر المنصور، وكان شيخ شعراء زمانه، وكان منقطعًا إلى الطالبيين. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ مُقَدَّمٌ فِي شُعَرَاءِ الْمُحْدَثِينَ، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَشَّارُ بْنِ بُرْدٍ وَعَلَى أَبِي نُوَاسٍ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ لِي رَجُلٌ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقَصَدْتُ مَنْزِلَ ابْنِ هَرْمَةَ فَإِذَا بُنَيَّةٌ لَهُ صَغِيرَةٌ تَلْعَبُ بِالطِّينِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا فَعَلَ أَبُوكِ؟ قَالَتْ: وَفَدَ إِلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ، فَمَا لَنَا بِهِ عِلْمٌ مُنْذُ مُدَّةٍ، فَقُلْتُ: انْحَرِي لِي نَاقَةً فَأَنَا ضَيْفُكِ. قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا، قُلْتُ: فَشَاةً، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا، قُلْتُ: فَدَجَاجَةً، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا، قُلْتُ: فَهَاتِي بَيْضَةً، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا، قُلْتُ: فَبَطُلَ مَا قَالَ أَبُوكِ: كَمْ نَاقَةٍ قَدْ وَجَأْتُ مِنْحَرَهَا ... بِمُسْتَهَلِّ الشُّؤْبُوبِ أَوْ حَمَلِ قَالَتْ: فَذَاكَ الْفِعْلُ مِنْ أَبِي هُوَ الَّذِي أَصَارَنَا إِلَى أَنْ لَيْسَ عِنْدَنَا شَيْءٌ، وَتَمَّامُ الشِّعْرِ: لا أُمْتِعُ الْعُوذَ2 بِالْفِصَالِ وَلا ... أَبْتَاعُ إِلا قَصِيرَةَ الأَجَلِ إِنِّي إِذَا مَا الْبَخِيلُ أَمَّنَهَا ... بَاتَتْ ضَمُورًا مِنِّي عَلَى وَجَلِ قَالَ الْغِلابِيُّ: أَنَا ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ هَرْمَةَ عَلَى الْمَنْصُورِ فَمَدَحَهُ، فَأَعْطَاهُ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَقَالَ: يَا بْنَ هَرْمَةَ إِنَّ الزَّمَانَ ضَيَّقَ بِأَهْلِهِ، فَاشْتَرِ بِهَذِهِ إِبِلا عَوَامِلَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَقُولَ: كُلَّمَا مَدَحْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطَانِي مِثْلَهَا، هَيْهَاتَ وَالْعَوْدُ إِلَى مِثْلِهَا. وَمِنْ شعره:   1 البداية والنهاية "10/ 169"، والنجوم الزاهرة "2/ 84"، وتاريخ بغداد "6/ 127". 2 العوذ: الحديثات النتاج من الظباء والإبل والخيل، واحداتها: عائذ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 39 وللنفس تارات ويحل بِهَا الْعُرَى ... وَتَسْخُو عَنِ الْمَالِ النُّفُوسُ الشَّحَائِحُ إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَنْفَعْكَ حَيًّا فَنَفْعُهُ ... أَقَلُّ إِذَا انْضَمَّتْ عَلَيْهِ الصَّفَائِحُ لِأَيَّةِ حَالٍ يَمْنَعُ الْمَرْءُ مَالَهُ ... غداُ فَغَدًا وَالْمَوْتُ غَادٍ وَرَائِحُ وَلَهُ: كَأَنَّ عَيْنَيَّ إِذَا وَلَّتْ حُمُولُهُمْ ... عَنَّا جَنَاحَا حَمَامٍ صَادَفَتْ مَطَرَا أَوْ لُؤْلُؤٌ سِلْسٌ فِي عِقْدِ جَارِيَةٍ ... خَرْقَاءَ نَازَعَهَا الْوِلْدَانُ فَانْتَثَرَا 9- إبراهيم بن محمد بن المنتشر1 -خ م. ابن الأجدع، ابْنِ ابْنِ أَخِي مَسْرُوقٍ الْكُوفِيُّ. ثِقَةٌ زَاهِدٌ جَلِيلٌ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ جَعْفَرُ الأَحْمَرُ: كَانَ مِنْ أَفْضَلِ مَنْ رَأَيْنَاهُ بِالْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ. 10- إبراهيم بن مسلم الهجري الكوفي –ق- أبو إسحاق2. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَعَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْمُحَارِبِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 11- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونَ أَبُو إِسْحَاقَ النَّحَّاسُ الْخَيَّاطُ3. عَنْ أَبِيهِ وَعُرْوَةُ بْنُ فَائِدٍ وَسَعْدُ بْنُ سَمُرَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 12- إِبْرَاهِيمُ بن يزيد القرقسي -ت ق-4.   1 التاريخ الكبير "1/ 320"، وتهذيب التهذيب "1/ 157"، والمشاهير "164". 2 التاريخ لابن معين "2/ 13-14 "1322"، وميزان الاعتدال "1/ 65 "216". 3 التاريخ الكبير "1/ 325"، وتهذيب التهذيب "1/ 173". 4 ميزان الاعتدال "1/ 75"، والوافي "6/ 169"، والخلاصة "23"، وطبقات ابن سعد "5/ 363". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 40 مولى عمر بن عبد العزيز ويعرف بِالْخُوزِيِّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ سَكَنَ شِعْبَ الْخُوزِ بِمَكَّةَ، فَنُسِبَ إِلَيْهِ. رَوَى عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ. وعنه وكيع وزيد بن الحباب وعبد الرزاق. وهو ضعيف. توفي سنة خمسين ومائة. وقال ابن سعد: توفي سنة إحدى وخمسين. قال سفيان بن عبد الملك المروزي: سألت ابن المبارك عَنْ حَدِيثٍ لِإِبْرَاهِيمَ الْخُوزِيِّ فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لا يُحَدِّثَانِ عَنْهُ. وَقَالَ عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ. 13- أَبْيَنُ بْنُ سُفْيَانَ1. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي حَازِمٍ وَضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الشَّامِيُّ وَكَثِيرُ بْنُ مَرْوَانَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ كُلُّهُ. قُلْتُ: 14- "أَبَانُ بْنُ سُفْيَانَ" إِنْسَانٌ آخَرُ أَصْغَرُ مِنْ هَذَا. يَرْوِي عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، ضَعِيفٌ أَيْضًا. 15- أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُجَيَّةَ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ 2 -4- يُقَالُ اسْمُهُ يَحْيَى. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ وَيَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهٍر وَابْنُ إِدْرِيسَ وَعِدَّةٌ. قال ابن معين وغيره: لا بأس به.   1 لسان الميزان "1/ 129". 2 البداية والنهاية "10/ 96"، وتهذيب التهذيب "1/ 189"، وشذرات الذهب "1/ 216". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 41 وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَدُوقٌ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ إِلا أَنَّهُ يُعَدُّ فِي الشِّيعَةِ، يُكْنَى أَبَا حُجَيَّةَ. وَقَالَ الْجُوزْجَانِيُّ: الأَجْلَحُ مُفْتَرٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 16- أَحْمَدُ بْنُ خَازِمٍ الْمُعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ1. تُوُفِّيَ بِالأَنْدَلُسِ، وَهُوَ أَقْدَمُ مَنْ فِي كِتَابِنَا مِمَّنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ. سَمِعَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَغَيْرُهُمَا. وَعَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ وَالْوَاقِدِيُّ. أَحَادِيثُهُ مُسْتَقِيمَةٌ، وَلَهُ نُسْخَةٌ مَعْرُوفَةٌ سَمِعْنَاهَا، وَأَبُوهُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ. 17- أَخْضَرُ بْنُ عَجْلانَ الشَّيْبَانِيُّ 2 -4- بَصْرِيٌّ، وَهُوَ أَخُو شُمَيْطٍ الزَّاهِدِ. رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ أَنَسٍ، رَوَى عَنْهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَالأَنْصَارِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 18- إِدْرِيسُ بْنُ سِنَانٍ3 أَبُو إِلْيَاسَ الصَّنْعَانِيُّ. أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. رَوَى عَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ وَالْمُحَارِبِيُّ وَأَبُو حُذَيْفَةَ الْبُخَارِيُّ. 19- أَدْهَمُ بْنُ طَرِيفٍ السَّدُوسِيُّ4. أَبُو بِشْرٍ. بَصْرِيٌّ. عَنْ مُطَرِّفِ بن الشخير وعبد الله بن بريدة وسلمان أَبِي عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَثَّقَهُ أَحَمْدُ. 20- إِسْحَاقُ بْنُ أُسَيْدٍ5 الأَنْصَارِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ -د ق- نَزِيلُ مِصْرَ. عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابن عمرو وأبي حفص الدمشقي.   1 ميزان الاعتدال "1/ 95"، وجذوة المقتبس "120"، تاريخ علماء الأندلس "23". 2 تاريخ الدوري "2/ 20"، والجرح والتعديل "2/ 340"، وتقريب التهذيب "1/ 63". 3 تهذيب التهذيب "1/ 194"، والخلاصة "24". 4 التاريخ لابن معين "2/ 21 "4139". 5 التاريخ الكبير "1/ 38"، وتقريب التهذيب "1/ 68". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 42 وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ وَلا يُشْتَغَلُ بِهِ. قُلْتُ بَلْ هُوَ صالح الأمر. 21- إسحاق بن عبيد اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ الْمَدَنِيّ1 -د ت ق- مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَلَهُ إِخْوَةٌ مِنْهُمْ: صَالِحٌ وَيَحْيَى وَإِبْرَاهِيمُ وَيُونُسَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ الْحَكِيمِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَعُمَرُ وَدَاوُدَ وَعِيسَى وَعَمَّارُ، فَعِدَّتُهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ أَخًا. رَوَى إِسْحَاقُ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ وَالأَعْرَجِ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَنَافِعٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لهيعة وأحمد بن شعيب ويحيى بْنُ شُعَيْبٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَخَلْقٌ؛ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ. قَدْ سُقْتُ أَخْبَارَهُ فِي كِتَابِي الْمُلَقَّبِ بِالْمِيزَانِ. قَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثَ. وَقَال النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ؛ وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ إسحاق بن عبد اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "لا يُعْجِبُكُمْ إِسْلامَ امْرِئٍ حَتَّى تَعْلَمُوا مَا عَقَدَهُ عَقْلُهُ". 22- إِسْرَائِيلُ بْنُ مُوسَى2 –خ د ت ن- بَصْرِيٌّ نَزَلَ الْهِنْدَ مُدَّةً. لَهُ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَحُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وغيره. وهو مقل. 23- أسلم المنقري3 –د- أبو سعيد. كوفي.   1 التاريخ الكبير "1/ 396"، وتهذيب التهذيب "1/ 240"، وتهذيب ابن عساكر "2/ 446"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 310". 2 التهذيب "1/ 266"، وميزان الاعتدال "1/ 208"، وتقريب التهذيب "1/ 75"، والثقات "6/ 79". 3 التاريخ الكبير "2/ 24"، والجرح والتعديل "2/ 307"، والخلاصة "31". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 43 عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن بن أبزى وعطاه بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْثَرَ بْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ فُضَيْلٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. 24- أَسْمَاءُ بْنُ عبيد1 –م- أبو المفضل الضبعي البصري. والد جويرية ابن أَسْمَاءَ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُهُ جُوَيْرِيَةُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 25- إِسْمَاعِيلُ بْنُ أمية بن الأشدق2 –ع- عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي ابْنُ عَمِّ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى. رَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَنَافِعٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وأبي طوالة وطائفة. وعنه ابه عيينة وبشر بن المفضل وأبو إسحاق والغز ويحيى بن سليم وآخرون، وكان ثقة سريا كبير القدر، اختلف في وفاته، الأصح في سنة أربع وأربعين ومائة، وقيل: بل توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. مات في سن الكهولة. * إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان -د ت- قَدْ تَقَدَّمَ. 26- إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْبَجَلِيُّ –ع- مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ3، أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. سَمِعَ أَبَا جُحَيْفَةَ وَابْنَ أَبِي أَوْفَى وَقَيْسَ بْن أَبِي حَازِمٍ وَطَارِقَ بْن شِهَابٍ وَالشَّعْبِيَّ وَزِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ وعمرو بن حريث وقيس بن عائذ، ولها أَيْضًا صُحْبَةُ. رَوَى عَنْهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ -مَعَ تقدمه- وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وأبو أسامة ومحمد ابن بِشْرٍ وَوَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ.   1 المشاهير "94، 153"، والوافي "9/ 62". 2 التاريخ لابن معين "631"، ومشاهير علماء الأمصار "145". 3 البداية والنهاية "10/ 96"، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي "1/ 121"، طبقات خليفة "167". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 44 وكان ثقة حجة، وكان طَحَّانًا، وَلَهُ إِخْوَةٌ لَمْ يَشْتَهِرُوا وَهُمْ: أَشْعَثُ وَخَالِدٌ وَسَعِيدٌ وَالنُّعْمَانُ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ شَرِبَ الْعِلْمَ شُرْبًا. وَرَوَى مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ يَزْدَرِدُ الْعِلْمَ ازْدِرَادًا. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: حُفَّاظُ النَّاسِ ثَلاثَةٌ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله العجلي: إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَكَانَ طَحَّانًا ثِقَةً ثَبْتًا رُبَّمَا أَرْسَلَ الشَّيْءَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَإِذَا وَقَفَ أَخْبَرَ. وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ، وَهُوَ رَاوِيَةُ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَحَدِيثُهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِمِائَةِ حَدِيثٍ. قُلْتُ: حَدِيثُهُ يَقَعُ عَالِيًا فِي الْغَيْلانِيَّاتِ، مَاتَ قَبْلَ الأَعْمَشِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ أَوْ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 27- إِسْمَاعِيلُ بْنُ رافع المدني1 -ت ق- أبو رافع القاص نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَسَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ بَقِيَّةُ وَالْمُحَارِبِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو عَاصِمٍ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 28- إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَرْبِيٍّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ أَبِيهِ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي بُرْدَةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. ذكره أبو حاتم ولم يلينه. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. 29- إِسْمَاعِيلُ بن سلمان3 بن أبي المغيرة –ق- التميمي الكوفي الأزرق. عَنْ أَنَسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَدِينَارِ بْنِ عُمَرَ الأَسَدِيِّ الْبَزَّارِ. وَعَنْهُ إِسْرَائِيلُ وَوَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ موسى وعدة.   1 التاريخ الكبير "1/ 354"، وميزان الاعتدال "1/ 227"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 21" 2 الجرح والتعديل "2/ 170". 3 الضعفاء والمتروكين "17"، والجرح والتعديل "2/ 176"، والتقريب "1/ 82". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 45 قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 30- إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ1، أَبُو مُحَمَّدٍ بَيَّاعٌ السَّابِرِيُّ. عَنْ أَبِي رُزَيْنٍ ومالك بن عمير وغيرهما. وعن الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ. 31- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ2، الْعَبَّاسِيُّ. عَمُّ الْمَنْصُورِ، وَلِيَ إِمْرَةَ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ عِنْدَ الْمَنْصُورِ. مَاتَ كَهْلا سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 32- إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَشِيطٍ الْعَامِرِيُّ3. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَجَمِيلِ بْنِ عُمَارَةَ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ. وَعَنْهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 33- أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي4 –د- الفلسطيني الرملي. عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَفَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. وَثَّقَهُ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 34- أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ الْحَدَّانِيُّ5 -4- وحدان: بطن من الأزد، الْبَصْرِيُّ الأَعْمَى. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالْحَسَنِ. وعنه معمر وشعبة ويحيى القطان والأنصاري وجماعة.   1 التاريخ الكبير "1/ 356"، والجرح والتعديل "2/ 171". 2 تهذيب ابن عساكر "3/ 39"، والمعرفة والتاريخ "1/ 118"، والوافي بالوفيات "9/ 156". 3 لسان الميزان "1/ 440"، والمتروكين "18"، والجرح والتعديل "2/ 201". 4 التهذيب "1/ 346"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 61". 5 التقريب "1/ 90"، والجرح والتعديل "2/ 273"، والزرقاني "47". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 46 وثقه النسائي وهو جد نصر بن علي الجهضمي لأمه، وهو أشعث البصري وأشعث الأعمى وأشعث الأزدي وأشعث الجملي. وهو صالح الحديث. وحديثه عَنْ أَنَسٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ. 35- أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ1 -4- أَبُو هَانِئٍ الْبَصْرِيُّ. مَوْلَى حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ وَطَائِفَةٍ. وَهُوَ مِنْ كبار أصحاب الحسن ومن أفقههم. روى عن خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَأَبُو عَاصِمٍ وَرَوْحُ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَحَمَّادُ بْنُ مُسْعَدَةَ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: هُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بَعْدَ ابْنِ عَوْنٍ أَثْبَتَ مِنْهُ. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ أَيْضًا الأَنْصَارِيُّ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ ثَلاثَةٌ أَحَدُهُمُ الْحُمْرَانِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَأَشْعَثُ الْحُدَّانِيُّ يُعْتَبَرُ بِهِ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ كُوفِيٌّ يُعْتَبَرُ بِهِ، وَهُوَ أَضْعَفُهُمْ. قُلْتُ: ذَكَرَ ابْنُ سَوَّارٍ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَشْعَثُ الْحُمْرَانِيُّ كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ، وَكَانَ عَالِمًا بِمَسَائِلِ الْحَسَنِ الدقاق، وهو مِنْ بَابَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ الْحُمْرَانِيُّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 36- أُمَيُّ الصَّيْرَفِيُّ2: هُوَ أُمَيُّ بْنُ رَبِيعَةَ الْمُرَادِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ مِنَ الثِّقَاتِ الَّذِينَ لَمْ يقع حديثهم في الكتب الستة. روى عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ وَآخَرِينَ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَوَكِيعٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. وثقه يحيى بن معين وغيره.   1 التاريخ الكبير "1/ 431"، والنجوم الزاهرة "2/ 6"، والخلاصة "39". 2 تهذيب التهذيب "1/ 369"، وتاريخ الدوري "2/ 452"، والثقات "6/ 84". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 47 37- أَنَسُ بْنُ أُنَيْسٍ الْعُذْرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ المقرئ1. روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْخَشْخَاشِ، وَعَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ. صَالِحُ الأَمْرِ. 38- أُنَيْسُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأسلمي المدني2 -د ت. وعن أَبِيهِ وَإِسْحَاقُ بْنُ سَالِمٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَحَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وقال الْحَاكِمُ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. 39- أَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ الْكُوفِيُّ3 -خ م ت ن. عَنِ الشَّعْبِيِّ وبكير الأَخْنَسِ وَقَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ. لَهُ نَحْوُ عشرة أحاديث. وثقه النسائي وغيره. وقال الْبُخَارِيُّ: كَانَ يَرَى الإِرْجَاءَ. "حرف الْبَاءِ": 40- بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو خَالِدٍ الْخَبَايِرِيُّ4 -4- السَّحُولِيُّ الْحِمْصِيُّ. أَحَدُ الأَثْبَاتِ. رَوَى عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَمَكْحُولٍ. وعنه معاوية بن صالح وإسماعيل بن عياش ومحمد بن حرب وبقية ومحمد بن حمير. وثقه دحيم والنسائي. قال بقية: استهداني شعبة أحاديث بحير بن سعد فبعثت بها إليه فمات قبل أن تصل إليه.   1 تهذيب ابن عساكر "3/ 137"، والمعرفة والتاريخ "2/ 202". 2 التاريخ الكبير "2/ 42"، وتهذيب التهذيب "1/ 380"، والنجوم الزاهرة "2/ 4". 3 الضعفاء الصغير للبخاري "18"، والجرح والتعديل "2/ 252"، والخلاصة "43". 4 التاريخ لابن معين "2/ 53 "4519"، والجرح "2/ 412". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 48 وسئل أحمد: أيما أَصَحُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ثَوْرٌ أَوْ بَحِيرٌ؟ قَالَ: بَحِيرٌ. 41- الْبَخْتَرِيُّ بْنُ أَبِي الْبَخْتَرِيّ1 -م ن، مختار بن رويح العبدي الكوفي مِنْ أَجْدَادِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُعَدَّلِ فَقِيهُ الْمَالِكِيَّةِ. رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى وأبي بكر بن عمارة وعبد الرحمن بن مسعود اليشكري. وعنه سفيان وشعبة ووكيع وحفيده المعدل بن غيلان وابن ابن أخيه محمد بن بشر العبدي. قال البخاري: يخالف في حديثه، ووثقه غيره. وقال ابن عدي: لا أَعْلَمُ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ لَخَيْرَ الرِّجَالِ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَاتَ سَنَةَ ثمان وأربعين. 42- بدر بن الخليل2 أبو الخليل الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَسَلْمُ بْنُ عَطِيَّةَ وَجَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُمَامَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قال أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 43- بَدْرُ بْنُ عُثْمَانَ الْكُوفِيُّ3 -م د ت- مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 44- بُرَيْدُ بْن عَبْد الله بْن أبي بُرْدَة4 -ع- بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ أَبُو بُرْدَةَ الْكُوفِيُّ.   1 تقريب التهذيب "1/ 103"، والخلاصة "46". 2 الجرح والتعديل "2/ 412". 3 خلاصة التذهيب "46"، والجرح والتعديل "2/ 413". 4 تقريب التهذيب "1/ 104"، وابن الجنيد "84"، والعلل "1/ 210"، وتاريخ الثقات "78". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 49 عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ، وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَخَلْقٌ. وَهُوَ صَدُوقٌ مُوَثَّقٌ، إِلا أَنَّ أَبَا حَاتِمٍ قَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 45- بِشْرُ بْنُ الْعَلاءِ بْنُ زَبْرٍ الدِّمَشْقِيُّ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ1. رَوَى عَنْ نَافِعٍ وَحِزَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ سَعْدٍ صَاحِبِ أَبِي ذَرٍّ، قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَابْنُ شُعَيْبٍ. 46- بِشْرُ بْنُ نُمَيْرٍ الْقُشَيْرِيّ –ق- بَصْرِيٌّ وَاهٍ2. يَرْوِي عَنْ مَكْحُولٍ وَالْقَاسِمِ أَبِي عَبْد الرحمن. وعنه أبو عوانة ويزيد بن زريع وحماد بن زيد ويزيد بن هارون وابن وهب وطائفة. قال أحمد: ترك الناس حديثه، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 47- بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْغَنَوِيُّ الْكُوفِيُّ3 –م4. عَنْ عِكْرِمَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحَمْدَ الزُّبَيْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. 48- بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو الْمُعَافِرِيُّ4 -سِوَى ق- إِمَامِ جَامِعِ مِصْرَ. عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَمُشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَحْيَوَةَ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَكَانَ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي خِلافَةِ الْمَنْصُورِ. 49- بُكَيْرُ بْنُ عامر البجلي5 –د- أبو إسماعيل الكوفي. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالْنَّخَعِيِّ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَأَبِي زُرْعَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ووكيع والخريبي وأبو نعيم.   1 التاريخ الكبير "2/ 79". 2 تهذيب التهذيب "1/ 460"، وميزان الاعتدال "1/ 325". 3 المعرفة والتاريخ "3/ 123"، والخلاصة "50"، والجرح "2/ 378". 4 ميزان الاعتدال "1/ 347"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 289". 5 تهذيب الأسماء "1/ 135"، والخلاصة "52". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 50 قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 50- بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ1 -4- بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ. لَهُ نُسْخَةٌ حَسَنَةٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وله عن زرارة بن أوفى، وعن الْحَمَّادَانِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَرَوْحٌ وَأَبُو عاصم والأنصاري ومكي بن إيراهيم وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيٍن وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالنَّسَائِيُّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَحَادِيثُهُ صِحَاحٌ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ فَقِيلَ لِأَبِي دَاوُدَ: فَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ حُجَّةٌ؟ قَالَ: لا وَلا نِصْفُ حُجَّةٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَخْتَلِفُونَ فِي بَهْزٍ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: إِنَّمَا تُرِكَ مِنَ الصحيح لأنه نُسْخَةٌ شَاذَّةٌ يَنْفَرِدُ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يُخْطِئُ كَثِيرًا، فَأَمَّا أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فَيَحْتَجَّانِ به، وتركه جماعة من أئمتنا، ولولا حديث "إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إِبِلِهِ عَزْمَةً من عَزَمَاتِ رَبِّنَا "لأَدْخَلْنَاهُ فِي الثِّقَاتِ وَهُوَ مِمَّنْ أَسْتَخِيرُ الله فيه. قلت: علي بن حاتم البستي في قوله هذا مأخوذات: إِحْدَاهَا- قَوْلُهُ: "كَانَ يُخْطِئُ كَثِيرًا" وَإِنَّمَا يُعْرَفُ خَطَأُ الرَّجُلِ بِمُخَالَفَةِ رِفَاقِهِ لَهُ، وَهَذَا فَانْفَرَدَ بِالنُّسْخَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا شَارَكَهُ فِيهَا، وَلا لَهُ فِي عَامَّتِهَا رَفِيقٌ، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ أَنَّهُ أَخْطَأَ. الثَّانِي- قَوْلُكَ: تَرَكَهُ جَمَاعَةٌ، فَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا تَرَكَهُ أَبَدًا، بَلْ قَدْ يَتْرُكُونَ الاحْتِجَاجَ بِخَبَرِهِ، فَهَلا أَفْصَحْتَ بِالْحَقِّ. الثَّالِثُ- وَلَوْلا حَدِيثُ: إِنَّا آخِذُوهَا، فَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ بَهْزٌ أَصْلا وَرَأْسًا، وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَيَقَعُ بَهْزٌ غَالِبًا فِي جُزْءِ الأَنْصَارِيِّ، وَمَوْتُهُ مُقَارِبٌ لِمَوْتِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحَدِيثُهُ قَرِيبٌ مِنَ الصحة.   1 التاريخ الكبير "2/ 142"، تهذيب التهذيب "1/ 498"، والتقريب "1/ 117"، تاريخ الدوري "2/ 64". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 51 "حرف التَّاءِ": 51- تَمَّامُ بْنُ نُجَيْحٍ الأَسَدِيُّ -د ت- شَامِيٌّ1. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَابْنُ سِيرِينَ وَبَقِيَّةٌ وَمُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ معين. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. وقال ابن حيان: يَرْوِي أَشْيَاءَ مَوْضُوعَةً عَنِ الثِّقَاتِ كَأَنَّهُ الْمُتَعَمِّدُ لَهَا، مَوْلِدُهُ بِمَلَطْيَةَ، وَسَكَنَ حَلَبَ. 52- تَمِيمُ بْنُ عَطِيَّة الْعَنْسِيُّ الدَّارَانِيّ2 -ت. عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ وَمَكْحُولٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَلَهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفٍ شَدِيدٍ. "حرف الثَّاءِ": 53- ثَابِتُ بْنُ سَرْجٍ الدِّمَشْقِيُّ3. عَنْ أَبِي وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَرَوَى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْهُ الوليد بن مسلم ومحمد بن شُعَيْب بْنِ شَابُورٍ. 54- ثَابِتُ بْنُ أَبِي صَفِيَّةَ أَبُو حمزة الثمالي4 –ت- الأزدي الكوفي. عن أنس وعكرمة والشعبي وأبي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الضعف أقرب.   1 التاريخ الكبير "2/ 157"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 346"، والمعرفة والتاريخ "3/ 365". 2 ميزان الاعتدال "1/ 360"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 73". 3 تهذيب ابن عساكر "3/ 368". 4 تقريب التهذيب "1/ 121-122"، وأحوال الرجال "15"، والمجروحين "1/ 206". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 52 وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ مِنْ مَوَالِي الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، كَثِيرُ الْوَهْمِ، حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَدِّ الاحْتِجَاجِ بِهِ مَعَ غُلُوٍّ فِي تَشَيُّعِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ ضَعِيفًا. وَقَالَ الْعُقَيْلِيّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: أَبُو حَمْزَةَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. 55- ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ الْحَنَفِيُّ1 -د ت ن- بَصْرِيٌّ يُكْنَى أَبَا مَالِكٍ. رَوَى عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى وَأَبِي الْحَوْرَاءِ رَبِيعَةَ السعدي وأبي تميمة الهجيمي. وعنه ابن المبارك وخالد بن الحارث وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ ويحيى بن كثير العنبري، وخلق سواهم. قال النسائي: لا بَأْسَ بِهِ. 56- ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو السُّرِّيِّ الأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ وَأَبِي بُرْدَةَ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ، ضَعَّفَهُ ابن معين. قال أَبُو حَاتِمٍ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: أَمَّا: * ثَابِتُ بن يزد الأَحْوَلُ فَثِقَةٌ مِنْ طَبَقَةِ زَائِدَةَ. "حرف الْجِيمِ": 57- جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ أَبُو بِشْرٍ الرَّاسِيُّ الْبَصْرِيّ3 -د ت ن. عَنْ خِلاسِ بْنِ عَمْرٍو وَالْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ.   1 التاريخ الكبير "2/ 166"، وتاريخ الدوري "2/ 69". 2 ميزان الاعتدال "1/ 368"، والخلاصة "57"، والجرح والتعديل "2/ 459". 3 التاريخ الكبير "2/ 207"، والجرح "2/ 500"، والخلاصة "59". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 53 58- جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْمَدَنِيُّ الزَّاهِدُ1. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ لَهُ قَدْرٌ وَعِبَادَةٌ وَرِوَايَةٌ لِلْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: لَوْ قِيلَ لِجَارِيَةَ: إِنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ غَدًا مَا كَانَ فِيهِ مَزِيدُ عَمَلٍ. 59- جِبْرِيلُ بْنُ أَحْمَرَ الْبَصْرِيُّ، أَبُو بَكْرٍ2. عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَالْمُحَارِبِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ. 60- الجراح بن الضحاك بن قيس الكندي3 -ت. الكوفي ثم الرازي أَخُو عِيسَى بْنُ الضَّحَّاكِ. رَوَى عَنْ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ وَسَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ الأَبْرَشُ وجماعة. قال أبو حاتم: صالح لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ. 61- الْجَعْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المدني4 -سوى ق- ويقال له الجعيد. عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَيَزِيدَ بْنِ حُصَيْفَةَ وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الْمَرْوَزِيُّ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 62- جَعْفَرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَارَةَ الْمَخْزُومِيُّ -د ت ق- 5عن أبيه.   1 الجرح والتعديل "2/ 521"، ولسان الميزان "2/ 91". 2 التاريخ الكبير "2/ 253"، وتهذيب التهذيب "2/ 60"، والجرح والتعديل "2/ 549". 3 تهذيب التهذيب "2/ 65"، والخلاصة "61". 4 تاريخ أبي زرعة "1/ 223"، والمعرفة والتاريخ "1/ 213"، والخلاصة "62". 5 تقريب التهذيب "1/ 134"، والكاشف "1/ 796"، والعلل "1/ 130". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 54 وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو عَاصِمٍ النبيل، ثقة حجازي. 63- جعفر الصادق -م4- 1وَهُوَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب الإِمَامُ الْعَلَمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَهُوَ سِبْطُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ، فَإِنَّ أُمَّهُ هِيَ أُمُّ فَرْوَةَ ابْنَةُ الْقَاسِمِ، وَأُمُّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَلِهَذَا كَانَ جَعْفَرٌ يَقُولُ: وَلَدَنِي الصِّدِّيقُ مَرَّتَيْنِ. يُقَالُ: مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَأَى سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَغَيْرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ2. يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: وَلَمْ أَرَ لَهُ عَنْ جَدِّهِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ شَيْئًا، وَقَدْ أَدْرَكَهُ وَهُوَ مُرَاهِقٌ. وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءٍ وَنَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَلَهُ أَيْضًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، فَيُمْكِنُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ. حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَوُهَيْبٌ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، آخِرُهُمْ وَفَاةً أبو عاصم النبيل3. ومن جلة ما رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ مُوسَى الْكَاظِمُ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ التَّابِعِينَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ لا يسأل عن مثله. روى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: مُجَالِدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. قُلْتُ: لَمْ يُتَابِعِ الْقَطَّانُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ، فَإِنَّ جَعْفَرًا صَدُوقٌ، احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَمُجَالِدُ ليس بعمدة.   1 تقريب التهذيب "1/ 135"، مشاهير علماء الأمصار "127"، تاريخ اليعقوبي "2/ 115"، شذرات الذهب "1/ 220". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 438". 3 انظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 55 رَوَى عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ هَيَّاجُ بْنُ بَسْطَامٍ: كَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُطْعِمُ حَتَّى لا يَبْقَى لِعِيَالِهِ شَيْءٌ. وَقَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاق الرَّاشِدِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَالِمٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ أَنَّهُ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَإِنَّهُ لا يُحَدِّثُكُمْ بَعْدِي بِمِثْلِ حَدِيثِي. وَقَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو نُجَيْحٍ إبراهيم بن مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ الْفَقِيهَ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ وَسُئِلَ: مَنْ أَفْقَهُ مَنْ رَأَيْتَ؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهُ مِنْ جَعْفَرٍ، لَمَّا أَقْدَمَهُ الْمَنْصُورُ الْحِيرَةَ بَعَثَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ إِنَّ النَّاسِ قَدْ فُتِنُوا بجعفر بن محمد، فهييء لَنَا مِنْ مَسَائِلِكَ الصِّعَابَ، فَهَيَّأْتُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ الْمَنْصُورُ فَأَتَيْتُهُ، فَدَخَلْتُ، وَجَعْفَرٌ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا بَصُرْتُ بِهِمَا دَخَلَنِي لِجَعْفَرٍ مِنَ الْهَيْبَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْنِي لِلْمَنْصُورِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيُّ جَعْفَرٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَتَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ, هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا: قَدْ أَتَانَا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ هَاتِ مِنْ مَسَائِلِكَ فَاسْأَلْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَابْتَدَأْتُ أَسْأَلُهُ، فَكَانَ يَقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، وَنَحْنُ -يُرِيدُ أَهْلَ الْبَيْتِ- نَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَرُبَّمَا تَابَعْنَا، وَرُبَّمَا تَابَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَرُبَّمَا خَالَفْنَا مَعًا، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى أربعين مَسْأَلَةٍ، مَا أَخْرِمُ فِيهَا مَسْأَلَةً، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ: أَلَيْسَ قَدْ رَوِينَا أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بالاختلاف1. ابن أبي خثيمة ثنا مُصْعَبٌ: سَمِعْتُ الدَّرَاوَرْدِيُّ يَقُولُ: لَمْ يَرْوِ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرٍ حَتَّى ظَهَرَ أَمْرُ بَنِي العباس، ثم قال مصعب: كان لا يَرْوِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَتَّى يَضُمُّهُ إِلَى آخِرٍ مِنْ أُولَئِكَ الرُّقَعَاءِ، ثُمَّ يجعله بعده. ابْنُ عُقْدَةَ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاق الرَّاشِدِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَالِمٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أبي الأَسْوَدِ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَإِنَّهُ لا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي مِثْلَ حَدِيثِي. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عن زهير بن محمد قال: قال لجعفر بن محمد: إن لي   1 ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 440". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 56 جَارًا يَزْعُمُ أَنَّكَ تَبْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ فَقَالَ جَعْفَرٌ: بَرِيءَ اللَّهُ مِنْ جَارِكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَنْفَعَنِيَ اللَّهُ بِقَرَابَتِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَقَدِ اشْتَكَيْتُ شِكَايَةً فَأَوْصَيْتُ إِلَى خَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ1. أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ أَنَا ابْنُ مُلاعِبٍ أَنَا الأَرْمَوِيُّ أَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ ابْنُ الْمَأْمُونِ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّارُ ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ثنا محمد بن فضل عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَابْنَهُ جَعْفَرًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالا: يَا سَالِمُ: تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هُدًى، وَقَالَ لِي جَعْفَرٌ: يَا سَالِمُ أَيَسُبُّ الرَّجُلُ جَدَّهُ! أَبُو بَكْرٍ جَدِّي فَلا نَالَتْنِي شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَتَوَلاهُمَا وَأَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّهِمَا. هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَسَالِمٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ شِيعِيَّانِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَبِيبِيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: مَا أَرْجُو مِنْ شَفَاعَةِ عَلِيٍّ شَيْئًا إِلا وَأَنَا أَرْجُو مِنْ شَفَاعَةِ أَبِي بَكْرٍ مِثْلَهُ. وَقَالَ الحبيبي: ثنا مجلد بن أبي قريش عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَمْدَانِيُّ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَتَاهُمْ وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَرْتَحِلُوا مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: إِنَّكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ صَالِحِي أَهْلِ مِصْرَ، فَأَبْلِغُوهُمْ عَنِّي مَنْ زَعَمَ أَنِّي إِمَامٌ مُفْتَرِضُ الطَّاعَةِ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنِّي أَبْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ. وَرَوَى حِبَّانُ بْنُ سُدَيْرٍ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَسُئِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ رَجُلَيْنِ قَدْ أَكَلا مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ. قُلْتُ: يَعْنِي إِنْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ أَنَّهُمَا مِمَّنْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تُعَلَّقُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ. قَالَ مَعْبَدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ معوية بْنِ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلا مَخْلُوقٍ وَلَكِنَّهُ كَلامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَاللَّهِ لا نَعْلَمُ كُلَّ مَا تسألونا عنه ولغيرنا أعلم منا.   1 المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 57 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ جَعْفَرٍ الأَحْمَسِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: إِنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ ثَلاثًا بِجَهَالَةٍ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ يجعلونها واحدة، ويروونها عَنْكُمْ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ مَا هَذَا مِنْ قَوْلِنَا، مَنْ طَلَّقَ، ثَلاثًا فَهُوَ كَمَا قَالَ. قُلْتُ: مُسْلِمَةُ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عِيسَى صَاحِبِ الدِّيوَانِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ جَعْفَرٍ قَالَ: سُئِلَ جَعْفَرٌ: لِمَ حَرَّمَ اللَّهُ الرِّبَا؟ قَالَ: لِئَلا يَتَمَانَعَ النَّاسُ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَالَ هَارُونُ بْنُ أَبِي الْهِنْدَامِ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ يَقُولُ: قَدِمْتُ مَكَّةَ فَإِذَا أَنَا بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قد أناخ بالأبطح، فقلت: يا ابن رَسُولِ اللَّهِ، لِمَ جُعِلَ الْمَوْقِفُ مِنْ وَرَاءِ الْحَرَمِ وَلَمْ يُصَيَّرْ فِي الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ؟ فَقَالَ: الْكَعْبَةُ بَيْتُ اللَّهِ، وَالْحَرَمُ حِجَابُهُ، وَالْمَوْقِفُ بَابُهُ، فَلَمَّا قَصَدُوهُ أَوْقَفَهُمْ بِالْبَابِ يَتَضَرَّعُونَ، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُمْ بِالدُّخُولِ، أَدْنَاهُمْ مِنَ الْبَابِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُزْدَلِفَةُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى كَثْرَةِ تَضَرُّعِهِمْ وَطُولِ اجْتِهَادِهِمْ رَحِمَهُمْ، فَلَمَّا رَحِمَهُمْ أَمَرَهُمْ بِتَقْرِيبِ قُرْبَانِهِمْ، فَلَمَّا قَرَّبُوا قُرْبَانَهُمْ، وَقَضَوْا تَفَثَهُمْ، وَتَطَهَّرُوا مِنَ الذُّنُوبِ أَمَرَهُمْ بِالزِّيَارَةِ لِبَيْتِهِ. قَالَ لَهُ: فَلِمَ كُرِهَ الصَّوْمُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ فِي ضِيَافَةِ اللَّهِ وَلا يُحِبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يَصُومُ. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَا بَالُ النَّاسِ يَتَعَلَّقُونَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ خِرَقٌ لا تَنْفَعُ شَيْئًا؟ فَقَالَ: ذَلِكَ مِثْلُ رَجُلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ جُرْمٌ، فَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيَطُوفُ حَوْلَهُ رَجَاءَ أَنْ يَهَبَ لَهُ جُرْمَهُ. وَذَكَرَ هِشَامُ بْنُ عَبَّادٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: الْفُقَهَاءُ أُمَنَاءُ الرُّسُلِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْفُقَهَاءَ قَدْ رَكَنُوا إِلَى السَّلاطِينِ فَاتَّهِمُوهُمْ. وَعَنْ عَنْبَسَةَ الْخَثْعَمِيِّ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَالْخُصُومَةَ فِي الدِّينِ فَإِنَّهَا تُشْغِلُ الْقَلْبَ وَتُورِثُ النِّفَاقَ. وَعَنْ عَائِذِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لا زَادٌ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْوَى، وَلا شَيْءٌ أَحْسَنُ مِنَ الصَّمْتِ، وَلا عَدُوٌّ أَضَلُّ مِنَ الْجَهْلِ وَلا دَاءٌ أَدْوَى مِنَ الْكَذِبِ. قُلْتُ: مَنَاقِبُ جَعْفَرٍ كَثِيرَةٌ، وَكَانَ يَصْلُحُ لِلْخِلافَةِ لِسُؤْدُدِهِ وَفَضْلِهِ وَعِلْمِهِ وَشَرَفِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وَقَدْ كَذَبَتْ عَلَيْهِ الرَّافِضَةُ وَنَسَبَتْ إِلَيْهِ أَشْيَاءَ لَمْ يَسْمَعْ بِهَا، كَمِثْلِ كِتَابِ الْجَفْرِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 58 وَكِتَابِ اخْتِلاجِ الأَعْضَاءِ، وَنُسَخٍ مَوْضُوعَةٍ وَكَانَ يَنْهَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ عَنِ الْخُرُوجِ وَيَحُضُّهُ عَلَى الطَّاعَةِ وَمَحَاسِنُهُ جَمَّةٌ. تُوُفِّيَ إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ ثَمَانٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. 64- جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيُّ، الْمَكِّيُّ1. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بن سمول. وثقه أبو دَاوُدَ. 65- جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونَ التَّمِيمِيُّ الأَنْمَاطِيُّ2 -4-. رَوَى عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَأَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَغُنْدَرٌ وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ ضَعِيفَ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونَ لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: مِنْ مَنَاكِيرِهِ حَدِيثُ وُهَيْبٍ ثنا جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِي: لا صَلاةَ إِلا بِقِرَاءَة فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا زَادَ. 66- جَوَيْبِرُ بْنُ سعيد أبو القاسم الأزدي3 –ق- البلخي. نَزِيلُ بَغْدَادَ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالضَّحَّاكِ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وغيره: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ أَصْلَحُ حَالا مِنَ الْكَلْبِيِّ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ لا يُحَدِّثَانِ عَنْ جُوَيْبِرٍ وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ ليحيى: كيف حديثه؟ قال: ضعيف.   1 التاريخ الكبير "2/ 199"، والجرح والتعديل "2/ 487". 2 ميزان الاعتدال "1/ 418"، وتهذيب التهذيب "2/ 108"، والجرح والتعديل "2/ 489". 3 التاريخ الكبير "2/ 257"، والضعفاء الصغير "27"، والتقريب "1/ 139". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 59 "حرف الحاء": 67- حاتم بن أبي صغيرة1 –ع- أبو يونس القشيري مَوْلاهُمْ. بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ نَبِيلٌ وَلَيْسَ بِالْمُكْثِرِ. لَهُ عطاء وابن أبي ملكية وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَخَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَرَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 68- الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ2، أَبُو النُّعْمَانِ الأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَعِكْرِمَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: خَشَبِيٌّ ثِقَةٌ، يَنْسِبُونَ إِلَى خَشَبَةَ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ الَّتِي صُلِبَ عَلَيْهَا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَهُ خَبَرُ حَدِيثٍ مُنْكَرٍ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الأَدَبِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: رَأَيْتُ شَيْخًا طَوِيلَ السُّكُوتِ مُنْطَوِيًا عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ. 69- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ذباب -م ت ن ق-3 الدوسي المدني المؤذن. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ وَالأَعْرَجُ وَجَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَصَفْوَانُ بن عيسى ومحمد بن فليج وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ضَعِيفٌ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحَلَّى. 70- الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ4، أَبُو الْجُودِيِّ الأَسَدِيُّ شَامِيٌّ نزل واسطًا.   1 تقريب التهذيب "1/ 141"، وتاريخ الدوري "2/ 91"، والعلل "1/ 163". 2 تهذيب التهذيب "2/ 140"، وميزان الاعتدال "1/ 432". 3 المشاهير "129"، والجرح والتعديل "3/ 79"، والخلاصة "68". 4 المجروحين "1/ 223"، والجرح والتعديل "3/ 83". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 60 رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَنَافِعٍ وَسَعِيدِ بْنِ مُهَاجِرٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَعَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 71- الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ الليثي1. روى عَنْ خَالِهِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَطَاوُسٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ عُمَارَةَ الْكُلاعِيُّ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْحَدَّانِيُّ وَجُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ وَثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ سَمِيِّهِ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ الْبَزَّارِ بِبَغْدَادَ، وَسَوْفَ يَذْكُرُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ. 72- حَارِثَةُ بْنُ أبي الرجال -ت ق-2، محمد بن عبد الرحمن الأنصاري المدني أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكٍ. رَوَى عَنْ جَدَّتِهِ عَمْرَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَعَبْدَةُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُونِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. 73- حَبِيبُ بْنُ أَبِي الأَشْرَسِ3 –حَسَّانُ- مِنْ مَشْيَخَةِ الْكُوفَةِ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَأَبِي الضُّحَى وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى وَالْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ الْعُرَنِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: هُوَ جَدُّ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ جَزَرَةُ. 74- حَبِيبُ بْنُ جَرْيٍ الْعَبْسِيُّ الكوفي العبد الصالح4.   1 الضعفاء والمتروكين "30"، والضعفاء الصغير "28"، وميزان الاعتدال "1/ 444". 2 التاريخ الكبير "3/ 94"، والجرح والتعديل "3/ 255"، والمجروحين "1/ 268". 3 التاريخ الكبير "2/ 313"، والضعفاء الصغير "30"، والجرح والتعديل "3/ 98". 4 التاريخ الكبير "2/ 314"، ورجال الطوسي "172"، والجرح والتعديل "3/ 97". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 61 رَوَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ وَكِيعٍ وَالْخُرَيْبِيِّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: رَجُلٍ صَالِحٍ. 75- حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ الْبَصْرِيُّ1 –ع- مَوْلَى قَرِيبَةَ. كُنْيَتُهُ أَبُو شَهِيدٍ, وَقِيلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ. أَرْسَلَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَلَهُ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وميمون بن مهران وعمرو بن شعيب وطائفة. وعنه ابنه إبراهيم وابن علية ويحيى القطان وأبو أسامة وروح بن عبادة والأنصاري وخلق كثير. وكان من سادة الأئمة، له نحو من مائة حديث. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ سِتٌّ وَسِتُّونَ سَنَةً. 76- حَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ الطَّائِيُّ الْحِمْصِيُّ2 -د ت ق- وهو حبيب من أبي موسى. رَوَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيِّ وَيَحْيَى بْنِ جَابِرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّينَ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 77- حَبِيبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ3. عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ الأَحْمَرُ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ: مَا أَدْرِي أَحَادِيثَهُ، كَأَنَّهُ ضعفه.   1 المشاهير "152"، والجرح والتعديل "3/ 102" وتقريب التهذيب "152-153". 2 تقريب التهذيب "1/ 153"، والثقات "6/ 182". 3 لسان الميزان "2/ 171"، وميزان الاعتدال "1/ 455". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 62 وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 78- حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْقَصَّابُ الْكُوفِيُّ1 -سِوَى د- مَوْلَى بَنِي حِمَّانَ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالطَّبَقَةِ. وَعَنْهُ جَرِيرٌ الضَّبِّيُّ وَأَبُو بكر بن بْنُ عَيَّاشٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الله. توفي سنة اثنتين وأربعين ومائة. 79- حبيب المعلم2 –ع- أبو محمد. مَوْلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، مِنْ ثِقَاتِ الْبَصْرِيِّينَ، وَاسْمُ أَبِيهِ أَبُو قَرِيبَةَ دِينَارٌ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وعنه حماد بن سلمة ويزيد بن زريع وعبد الوهاب الثقفي وغيرهم. وبلغنا أَنَّ يَحْيَى الْقَطَّانَ كَانَ لا يروي عنه. 80- حجاج بن أرطأة3، -ع م- مقرونًا، ابن ثَوْرٍ بْنِ هُبَيْرَةَ أَبُو أَرْطَأَةَ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ عَلَى لِينٍ فِي حَدِيثِهِ. لَهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَعَنِ الْحَكَمِ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ الطَّائِيِّ وَرَبَاحِ بْنِ عُبَيْدَةَ وَعِكْرِمَةَ وَمَكْحُولٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَالْحَمَّادَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وحفص بن غياث وغندر وعبد الرزاق وآخرون وقد حَدَّثَ عَنْهُ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ. وَلِيَ حَجَّاجٌ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ وَلَهُ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً، وَكَانَ فِيهِ بَأْوٌ وَتِيهٌ وَمَحَبَّةٌ لِلسُّؤْدُدِ وَالتَّجَمُّلِ، فَكَانَ يَقُولُ: أَهْلَكَنِي حُبُّ الشَّرَفِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: هُوَ وَابْنُ إِسْحَاقَ عِنْدِي سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ يُدَلِّسُ عن الضعفاء.   1 التاريخ الكبير "2/ 322"، وتهذيب التهذيب "2/ 188"، والمشاهير "164". 2 تهذيب التهذيب "2/ 194"، وميزان الاعتدال "1/ 456"، والجرح والتعديل "3/ 101". 3 وترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء "7/ 56"، وميزان الاعتدال "1/ 458"، والكاشف "1/ 147، وتذكرة الحفاظ "1/ 186". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 63 وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ أَسْرَدَ لِلْحَدِيثِ مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: حَجَّاجٌ صَدُوقٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ يُدَلِّسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ يَعْنِي فَيُسْقِطُ مُحَمَّدًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضًا: إِذَا قَالَ حَدَّثَنَا فَهُوَ صَالِحٌ لا يُرْتَابُ فِي صِدْقِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ مُدَلِّسٌ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: رَأَيْتُ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ يُخَضِّبُ بِالسَّوَادِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْرَفُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ مِنْ حَجَّاجٍ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا يَأْتُونَ أَحَدًا أَحْفَظَ مِنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ. وَقَالَ آخَرُ: لَهُ سِتُّمِائَةِ حَدِيثٍ أَوْ نَحْوُهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ يَكَادُ لِحَجَّاجٍ حَدِيثٌ إِلا وَفِيهِ زِيَادَةٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فَأَتَيْنَاهُ وَتَذَاكَرْنَا فَقَالَ: ثنا قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا حَجَّاجٌ وَلَهُ إِحْدَى وَثَلاثُونَ سَنَةً، فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ مِنَ الزِّحَامِ مَا لَمْ أَرَهُ عَلَى حَمَّادِ بْنِ أبي سليمان، رأيت عنه مَطَرًا الْوَرَّاقَ وَدَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدَ وَيُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ جُثَاةً عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَقُولُونَ: يَا أَبَا أَرْطَأَةَ مَا تَقُولُ فِي كَذَا، يَا أَبَا أَرْطَأَةَ مَا تَقُولُ فِي كَذَا1. قَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ: مَا خَصَمْتُ قَطُّ وَلا جَلَسْتُ إِلَى قَوْمٍ يَخْتَصِمُونَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَمِعَ حَجَّاجٌ مِنْ مَكْحُولٍ، وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: سَمِعْتُ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ يَقُولُ: لا تَتِمُّ مُرُوءَةَ الرَّجُلِ حَتَّى يَدَعَ الصَّلاةَ فِي جَمَاعَةٍ. قُلْتُ: هَذِهِ كَلِمَةٌ مَقِيتَةٌ بَلْ لا تَتِمُّ مُرُوءَةُ الرَّجُلِ وَدِينُهُ حَتَّى يَلْزَمَ الصَّلاةَ فِي جَمَاعَةٍ. وَهَذَا قَالَهُ حَجَّاجٌ لِمَا فِي طِبَاعِهِ مِنَ الْبَذَخِ وَالرِّيَاسَةِ فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ صَلاتَهُ فِي جَمَاعَةٍ وَمُزَاحَمَتِهِ لِلسُّوقَةِ فِي الصُّفُوفِ يُنَافِي مَا فِيهِ مِنَ التِّيهِ وَالتَّرَفِ فَاللَّهُ يُسَامِحُهُ. وَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ الإِمَامِ فِي الْعِلْمِ، لَكِنْ رَفَعَ اللَّهُ أبا حنيفة بالورع   1 سير أعلام النبلاء "6/ 85". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 64 وَالْعِبَادَةِ وَلَمْ يَنَلْ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ تِلْكَ الرِّفْعَةُ فَرَحِمَهُمَا اللَّهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَذْكُرُ أَنَّ حَجَّاجًا لم ير الزهري، وكان سيء الرَّأْيِ فِيهِ جدا ما رَأَيْتُهُ أَسْوَأَ رَأْيًا فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي حَجَّاجٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وليث همام، لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُرَاجِعُهُ فِيهِمْ1. وَقَالَ هُشَيْمٌ: قَالَ لِي حَجَّاجٌ لَمْ أَرَ الزُّهْرِيَّ لَكِنْ لَقِيتُ رَجُلا جَيِّدَ الأَخْذِ عَنْهُ فَأَخَذْتُ عَنْهُ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَيُحْتَجُّ بِحَجَّاجٍ؟ قَالَ: لا، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: رَأَيْتُ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَسْوَدُ وَرِدَاءٌ أَسْوَدُ قَدْ خُضِّبَ بِالسَّوَادِ مُتَّكِئًا عَلَى مَرَافِقٍ حُمْرٍ، قَالَ يَزِيدُ: فَكَانَ يَقُولُ: أَبَعْدَ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ وَشُرَطِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ يَقْضِي بِالْبَصْرَةِ ثُمَّ يَقُولُ: هَذَا قَضَاءُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ وَوَلِيَ قَضَاءَهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، قَالَ: وَجَلَسَ يُفْتِي بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَلَهُ عِشْرُونَ سَنَةً، وَكَانَ الْحَكَمُ يَجْلِسُ إِلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي أَجْلَسَهُ لِلْفُتْيَا. وَقَالَ الأَشَجُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَسْوَدِ الْحَارِثِيُّ قَالَ: كان الحجاج بن أرطأة يقيم على رؤوسنا غلامًا أسود وقال: مَنْ رَأَيْتُهُ يَكْتُبُ، يَعْنِي فِي مَجْلِسِهِ، فَجَرَّ بِرِجْلِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا أَرْطَأَةَ سَوْأَةٌ لَكَ يَأْتِيكَ نُظَرَاؤُكَ وَأَبْنَاءُ نُظَرَائِكَ مِنْ أَبْنَاءِ الْقَبَائِلِ ثُمَّ تَأْمُرُ هَذَا الأَسْوَدَ بِمَا تَأْمُرُهُ؟ قَالَ: فَلَمْ يَأْمُرْهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: كُنَّا لا نَكْتُبُ عِنْدَ حَجَّاجٍ، كَانَ لَهُ غِلْمَانُ يَطُوفُونَ فِي الْحَلَقَةِ، فَمَنْ رَأَوْهُ يَكْتُبُ أَقَامُوهُ. وَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ عُصَيْمٍ: جَاءَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ إِلَى الأَعْمَشِ فَقَالَ لَهُ حَجَّاجٌ: يَا هَذَا لَمْ تَنْتَهِ حَتَّى مَشَتْ إِلَيْكَ الأَشْرَافُ! قَالَ: إِذًا يَرْجِعُونَ بِغَيْرِ حَوَائِجِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ فِي وُجُوهِهِمْ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ثنا أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ: قُلْتُ لِلْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ مَا رَأَيْتُ أحدًا أحسن أصابع مِنْكَ، قَالَ: إِنَّهَا مَدَارِجُ الْكَرَمِ. وهَب بْنُ بَقِيَّةَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: دَخَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ الْمَسْجِدَ فَقِيلَ لَهُ: ها هما يَا بْنَ أَرْطَأَةَ فَقَالَ: أَنَا صَدْرُ حَيْثُمَا جلست.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 59". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 65 وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: قَالَ حَجَّاجٌ لِسَوَّارٍ الْقَاضِي: أَهْلَكَنِي حُبُّ الشَّرَفِ، فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ تَشْرُفْ. مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ ثنا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ قَالَ: دَخَلَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَقَدْ حَجَّ عِيسَى بْنُ مُوسَى يَعْنِي وَلِيُّ الْعَهْدِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ الْحَجَّاجُ لِيُسَلِّمَ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: ارْتَفِعْ يَا أَبَا أَرْطَأَةَ إِلَى صَدْرِ الْحَلَقَةِ، فَقَالَ: حَيْثُ جَلَسْتُ أَنَا صَدْرُهَا. فَقَالَ عِيسَى: جُرُّوا بِرِجْلِهِ وَأَخْرِجُوهُ وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: كُنَّا نَأْتِي الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ فَنَجْلِسُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلا يَخْرُجْ إِلَى صَلاةِ جَمَاعَةٍ فَتَرَكْتُهُ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ الْحَجَّاجُ: أَلا تُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ؟ فَقَالَ: أُصَلِّي مَعَ هَؤُلاءِ! يَزْحُمُونِي، وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ قَالَ: خَرَجَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَمَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَمَرَّ بِمَسَاكِينَ فِي الطُّرُقِ فَسَلَّمَ صَاحِبُهُ عَلَى الْمَسَاكِينَ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: إِنَّهُ لا يُسَلِّمُ عَلَى أَمْثَالِ هَؤُلاءِ، وَقَدْ خَرَّجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ لِلْحَجَّاجِ فَقَرَنَهُ بِآخَرَ. تُوُفِّيَ بِالرَّيِّ مَعَ الْمَهْدِيِّ سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ. 81- حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ الْبَاهِلِيُّ1. قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ. وذكر الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُوَ "حَجَّاجٌ الأَسْوَدُ" فَوَهِمَ بَلْ حَجَّاجٌ الأَسْوَدُ هُوَ الْقَسْمَلِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ عَابِدٌ يُقَالُ لَهُ: زِقُّ الْعَسَلِ. حَدَّثَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَأَبِي نَضْرَةَ. رَوَى عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 82- حَجَّاجُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ الرُّعَيْنِيُّ. وَلِيَ إِمْرَةَ بِلادِ زُوَيْلَةَ مِنْ أَعْمَالِ مصر. وله وَاحِدٌ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ. رَوَى عَنْهُ الليث وابن وهب.   1 ميزان الاعتدال "1/ 461"، والجرح والتعديل "3/ 157". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 66 83- حَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافُ الْبَصْرِيُّ1 –ع- عَنِ الْحَسَنِ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَوَصَفَهُ التِّرْمِذِيُّ بِالْحِفْظِ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 84- حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ2. عَنْ وَلَدِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُمَا مُحَمَّدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَنِ الأَعْرَجِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَمُسْلِمٌ الزنجي وحاتم بن إسماعيل. قال الشافعي الروية عَنْ حَرَامِ حَرَامٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: قُلْتُ لِحَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو عَتِيقٍ هُمْ وَاحِدٌ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتُ جَعَلْتَهُمْ عَشَرَةً. قَالَ الزُّبَيْريّ: كَانَ حرام يتشيع. 85- حَرْمَلَةُ بْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنْ أَبِي بُرْدَةَ وَأَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيِّ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ يحيى بن معين: ثبت.   1 التاريخ الكبير "2/ 375"، وتاريخ خليفة "2/ 645"، والعبر "1/ 194"، وشذرات الذهب "1/ 211". 2 ميزان الاعتدال "1/ 468"، والجرح والتعديل "3/ 282"، والمجروحين "1/ 269"، والتاريخ لابن معين "2/ 104". 3 التاريخ الكبير "3/ 68". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 67 86- حُرَيْثُ بْنُ أَبِي مَطَرٍ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ -ت ق-1. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُدْرِكِ بْنِ عُمَارَةَ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَوَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ. ضَعَّفَهُ الْفَلاسُ وَغَيْرُهُ. 87- الحسن بن ثوبان بن عامر الهمداني2 –ق- ثم الهوزني المصري. عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى ثَغْرِ رَشِيدٍ لِمَرْوَانَ الْحَمَّارِ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَكَانَ ذَا صَلاحٍ وَتَعَبُّدٍ. 88- الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ3 –ق- أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمَ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. لَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ. رَوَى عَنْهُ عُبَيْدُ بْنُ وَسِيمٍ الْجَمَّالُ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِمِيُّ وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ. مَاتَ فِي سِجْنِ الْمَنْصُورِ يُقَالُ: فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 89- الْحَسَنُ بْنُ الحكم النخعي الكوفي -4د ت ق-. عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 90- الْحَسَنُ بْنُ ذكوان5 -خ د ت ق- أبو سلمة. بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ وَطَاوُسٍ وابن سيرين. وعنه المبارك وصفوان بن   1 تهذيب التهذيب "2/ 234"، والضعفاء الصغير "36"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 461". 2 الجرح والتعديل "3/ 3"، والخلاصة "76". 3 تقريب التهذيب "1/ 166"، وطبقات ابن سعد "9/ 199", والمشاهير "62"، مقاتل الطالبين "185". 4 التاريخ الكبير "2/ 291"، والمجروحين "1/ 223". 5 الخلاصة "78"، والضعفاء والمتروكين "34"، وميزان الاعتدال "1/ 489". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 68 عِيسَى وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ صَاحِبَ أَوَابِدَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيثُهُ أَبَاطِيلُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ. وَرَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. 91- الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ –د-1 أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَعَمْرُو وَمُحَمَّدٌ. رَوَى عَنْ جَدِّهِ وَأَبِيهِ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ حُسَيْنُ الْقَاضِي وَمُحَمَّدُ وَأَخَوَاهُ -عَبْدُ اللَّهِ وَعُمَرُ- وَابْنُ إِسْحَاقَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. 92- الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو التَّمِيمِيُّ2، الْكُوفِيُّ -خ د ن ق-. عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ به. وقال خليفة: مات في سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَالْحَسَنُ أَخُو فُضَيْلٍ. * الحسن بن عمرو التميمي الفقيه الْكُوفِيُّ3 -خ د ن ق- عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ. 93- الحسن بن عقبة، أبو كيران المرادي الكوفي. عن عبد خير والشعبي والضحاك وغيرهم. وعنه وكيع وأبو نعيم وعبيد الله بن موسى. روى عباس عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: أَبُو كبران ثقة.   1 التاريخ الكبير "2/ 301"، وميزان الاعتدال "1/ 503"، والمجروحين "1/ 234". 2 تهذيب التهذيب "2/ 310"، وطبقات ابن سعد "6/ 341". 3 تاريخ أبي زرعة "1/ 484"، والمعرفة والتاريخ "3/ 83". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 69 94- الحسن بن يزيد-ق1- أبو يونس القوي المكي العبد الصالح، سكن الكوفة. وحدث عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَوَكِيعٌ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى ثِقَتِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: سُمِّيَ الْقَوِيُّ لِقُوَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ. قَالَ وَكِيعٌ مَرَّةً: أَبُو يُونُسَ ومن أبو يونس بكى عُمِيَ وَصَلَّى حَتَّى حَدِبَ وَطَافَ حَتَّى أُقْعِدَ. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ: وَكَانَ أَبُو يُونُسَ الْقَوِيُّ يَطُوفُ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ أُسْبُوعًا فَقَدَّرْنَا ذَلِكَ فَإِذَا هُوَ ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَقَعَ لِي مُوَافَقَةٍ عَالِيَةٍ. 95- الْحُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ –ع-2 الْمُعَلِّمُ الْعَوْذِيُّ الْبَصْرِيُّ الْمُكْتِبِ. عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ وَعَطَاءٍ وَبُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ وَقَتَادَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَغُنْدَرٌ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالنَّاسُ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ بِلا مُسْتَنَدٍ فَقَالَ فِيهِ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ وَذَكَرَ أَحَادِيثَ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ فَقَالَ: فِيهِ اضْطِرَابٌ. 96- الحسين بن عبد الله3 -ت ق- بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ الْمَدَنِيُّ.   1 ميزان الاعتدال "1/ 527"، والتاريخ لابن معين "2/ 117، "1314". 2 التاريخ الكبير "2/ 387"، والجرح والتعديل "3/ 52"، وتاريخ خليفة "424"، وتذكرة الحفاظ "1/ 174". 3 تقريب التهذيب "1/ 176-177"، والجرح والتعديل "3/ 57"، طبقات ابن سعد "9/ 149". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 70 عَنْ كُرَيْبٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أبو زرعة وغيره: ليس بقوي. وقال النسائي: متروك. وقال ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ أَوْ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ قَالَ: وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَلَمْ أَرَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِهِ. 97- الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ1 -ت ن- أَخُو أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَخِيهِ وَوَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ. وعنه ابناه عبيد الله ومحمد, وموسى بن عقبة وابن المبارك. قال النسائي: ثقة. ويقال: كان أشبه أولاد أخيه بأبيه في التعبد والتأله. 98- الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي –ن-2 الكوفي. عَنْ أَبِيهِ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَعَنْهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَبَعْضُهُمْ يُلَيِّنُهُ قَلِيلا. 99- حُكَيْمُ بْنُ رُزَيْقٍ الْفَزَارِيُّ3، مَوْلاهُمُ الأَيْكِيُّ. عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 100- حَلامُ بْنُ صَالِحٍ الْعَبْسِيُّ الْكُوفِيُّ4. عَنْ مَسْعُودِ بْنِ خِرَاشٍ أَخِي رِبْعِيٍّ وَسَالِمِ بْنِ رَبِيعَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَسَعِيدُ بن محمد الوراق وآخرون. صدوق.   1 رجال الطوسي "86"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 627"، والوافي بالوفيات "12/ 429 "384". 2 التاريخ الكبير "2/ 338"، والجرح والتعديل "3/ 123". 3 التاريخ الكبير "3/ 95"، وتهذيب ابن عساكر "4/ 427". 4 الجرح والتعديل "3/ 308". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 71 101- حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ1 –ق-. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَمَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ. وَعَنْهُ الضَّحَّاكُ بْنُ حَمْزَةَ الْوَاسِطِيُّ وَمَرْزُوقٌ الشَّامِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ غَيْرَ حَدِيثَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 102- حَمَّادُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ الأَنْصَارِيُّ2. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. 103- حَمَّادُ الرَّاوِيَةُ3، هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، كُوفِيٌّ إِخْبَارِيٌّ شَهِيرٌ وَاسِعُ الرِّوَايَةِ، حَمَلَ عَنِ الْفَرَزْدَقِ وَطَبَقَتِهِ. وَعَنْهُ الهيثم بن عدي وعبد الله الأَجْلَحِ وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي سَعَةِ مَا يُحْفَظُ، ثُمَّ ظَفِرْتُ بِوَفَاتِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فَيُؤَخَّرُ. 104- حَمْزَةُ بْنُ أبي حمزة –ت-4 ميمون الجعفي النصيبي الجزري. عن ابن مُلَيْكَةَ وَمَكْحُولٍ وَنَافِعٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّادٍ وَعَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ وَغَسَّانُ بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ وَاهٍ بِاتِّفَاقٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا يَرْوِيهِ مَوْضُوعٌ وَالْبَلاءُ مِنْهُ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ فِي "ت "مِنْ رِوَايَةِ شَبَابَةَ عَنْهُ، مَتْنُهُ تَرِّبُوا الْكِتَابَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: اسْمُ أَبِيهِ عَمْرٌو فَوَهِمَ بَلْ هُوَ مَيْمُونُ. 105- حُمَيْدُ بْنُ تِيرَوَيْهِ الطويل، -ع-5 أبو عبيدة بن أبي حميد البصري.   1 تهذيب التهذيب "3/ 5"، والجرح والتعديل "3/ 134". 2 التاريخ الكبير "3/ 19"، والجرح والتعديل "3/ 137"، والمعرفة والتاريخ "3/ 176". 3 مرآة الجنان "1/ 329"، وفيات الأعيان "2/ 206-210". 4 تهذيب التهذيب "3/ 28"، وميزان الاعتدال "1/ 606"، والخلاصة "93". 5 طبقات الفقهاء "90"، وطبقات ابن سعد "7/ 17"، وطبقات خليفة "219"، ومشاهير علماء الأمصار "93". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 72 سَمِعَ أَنَسًا وَالْحَسَنَ وَبَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالأَنْصَارِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ وَقَتَادَةُ أَكْبَرُ أَصْحَابِ الْحَسَنِ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: فِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَخَذَ حُمَيْدٌ كُتُبَ الْحَسَنِ فَنَسَخَهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ حُمَيْدًا وَكَانَ طَوِيلَ الْيَدَيْنِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ شُعْبَةَ: لَمْ يَسْمَعْ حُمَيْدٌ مِنْ أَنَسٍ إِلا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ حَدِيثًا وَالْبَاقِي سَمِعَهَا مِنْ ثَابِتٍ أَوْ ثَبَّتَهُ فِيهَا ثَابِتٌ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ: سَمِعَ شُعْبَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ الشَّهِيدِ يَقُولُ لِحُمَيْدٍ وَهُوَ يُحَدِّثُنِي: انظر ما يُحَدِّثُ بِهِ شُعْبَةُ فَإِنَّهُ يَرْوِيهِ عَنْكَ، ثُمَّ يقول هو: إِنَّ حُمَيْدًا رَجُلٌ نَسِيٌّ فَانْظُرْ مَا يُحَدِّثُكَ بِهِ، وَرَوَى عَفَّانُ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: جَاءَ شُعْبَةُ إِلَى حُمَيْدٍ فَحَدَّثَهُ فَقَالَ: أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ أَنَسٍ؟ قَالَ: احْسِبْ، فَقَالَ شُعْبَةُ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ حُمَيْدٌ: سَمِعْتُهُ مِنْ أَنَسٍ كَذَا كَذَا مَرَّةٍ وَلَكِنِّي لَمَّا شَدَّدَ عَلَيَّ أَحْبَبْتُ أَنْ أُشَدِّدَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: كَانَ حُمَيْدٌ إِذَا ذَهَبْتُ تَقْفُهُ عَلَى بَعْضِ حَدِيثِهِ عَنْ أَنَسٍ يُشَكُّ فِيهِ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا شَابٌّ بَصْرِيٌّ يُقَالُ لَهُ: دَرَسْتُ، فَقَالَ لِي إِنَّ حُمَيْدًا قَدِ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ مَا سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ وَمِنْ ثَابِتٍ وَمِنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ إِلا شَيْئًا يَسِيرًا فَكُنْتُ أَقُولُ لَهُ: أَخْبِرْنِي بِمَا شِئْتَ عَنْ غَيْرِ أَنَسٍ، فَأَسْأَلُ حُمَيْدًا عَنْهَا فَيَقُولُ: سَمِعْتُ أَنَسًا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ: طَرَحَ زَائِدَةُ حَدِيثَ حُمَيْدٍ الطَّوِيلَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَكْبَرُ مَا يُقَالُ فِيهِ إِنَّ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَنَسٍ كَانَ يُدَلِّسُهُ عَنْهُ, وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ. وَقِيلَ: كَانَ حُمَيْدٌ مُصْلِحَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِذَا تَنَازَعَ الرَّجُلانِ فِي مَالٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 73 وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لِرَجُلٍ: إِذَا أَرَدْتَ الصُّلْحَ فَعَلَيْكَ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَتَدْرِي مَا يَقُولُ لَكَ؟ خُذِ الْبَعْضَ وَدَعِ الْبَعْضَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ: مَاتَ أَبِي سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُهُ وَلَمْ يَكُنْ بِطَوِيلٍ، وَلَكِنْ كَانَ طَوِيلَ الْيَدَيْنِ1. وَقِيلَ: بَلْ كَانَ فِي جِيرَانِهِ رَجُلٌ قَصِيرٌ سَمِيُّهُ فَقَالَ الْجِيرَانُ: حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ تَمْيِيزًا لَهُ مِنْ سَمِيِّهِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: لَمْ يَدَعْ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ عِلْمًا إِلا وَعَاهُ عنه وسمعه منه. وقيل: عامة ما يرويه حميد عَنْ أَنَسٍ سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ. قُلْتُ: لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ جُمْلَةُ أَحَادِيثَ عَنْ أَنَسٍ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا يُصَلِّي فَسَقَطَ مَيِّتًا وَذَلِكَ فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ زَائِدَةُ لِكَوْنِهِ لَبِسَ سَوَادَ الْعَبَّاسِيِّينَ وَهَذَا غُلُوٌّ، حُمَيْدٌ عَدْلٌ صَدُوقٌ. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَرَرْتُ بِحُمَيْدٍ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ، وَقَالَ لِي أَخِي: مَا تَسْمَعُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: اسْمَعْ مِنْ شُرَطِيٍّ. وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ حُمَيْدًا فَعَابَهُ فَقَالَ: يَأْتِي سُلَيْمَانَ بْنَ عَلِيٍّ الأَمِيرَ وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، فَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: كَثَّرَ اللَّهُ فِينَا مِثْلَ حُمَيْدٍ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: كَانَ حُمَيْدٌ يُصَلِّي قَائِمًا فَمَاتَ، فَذَكَرُوهُ لابْنِ عَوْنٍ، وَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ مِنْ فضله فقال: اختاج حُمَيْدٌ إِلَى مَا قَدَّمَ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ قَالَ: ذَهَبْتُ بحميد وأبان ابن أَبِي عَيَّاشٍ إِلَى أَنَسٍ فَلَزَمَاهُ وَتَرَكْتُهُ. 106- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو صَخْرٍ2 -م د ت ق- وَهُوَ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ إِلَى هُنَا. وَيُقَالُ: حُمَيْدُ بْنُ صَخْرٍ، وَهُوَ حُمَيْدُ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ الْمَدِينِيُّ صَاحِبُ العباء.   1 وراجع سير أعلام النبلاء "6/ 376". 2 التاريخ الكبير "2/ 350"، وميزان الاعتدال "1/ 612"، وتهذيب التهذيب "3/ 41"، والتقريب "1/ 202". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 74 سَكَنَ مِصْرَ وَحَدَّثَ عَنْ كُرَيْبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنِ نَافِعٍ وَرَأَى سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: هُوَ ضَعِيفٌ. وَأَظُنُّ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ صَخْرٍ الْمَدَنِيُّ آخَرُ، رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ضَعِيفٌ. 107- حُمَيْدُ بْنُ هَانِئ أَبُو هَانِئ الْخَوْلانِيُّ1 –م4- مِصْرِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ عَلِيِّ بن رباح وأبي عبد الرحمن الحبلي وشفي بْنِ مَانِعٍ وَعَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وعنه حيوة بن شريخ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَابْنُ وَهْبٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ في سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: إِنَّ إِسْحَاقَ بْنَ الْفُرَاتِ حَدَّثَ عَنْهُ وَمَا أَرَاهُ أَدْرَكَهُ. 108- حُمَيْدٌ الأَعْرَجُ الْكُوفِيُّ القاص2 –ت-. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُكْتِبِ صَاحِبٍ لابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ، وَحَدِيثُهُ فِي جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ بِعُلُوٍّ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ نَعْلاهُ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ. 109- حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ3. شَيْخٌ رَوَى عَنِ الْهِرْمَاسِ بن زياد -رضي الله عنه.   1 تهذيب التهذيب "3/ 50"، والجرح والتعديل "3/ 231"، وطبقات خليفة "295". 2 التاريخ الكبير "2/ 354"، والضعفاء والمتروكين "33"، وميزان الاعتدال "1/ 617". 3 تهذيب التهذيب "3/ 62"، ولسان الميزان "2/ 368". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 75 110- حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ أَبُو حَفْصٍ الْكَلْبِيُّ1. أَحَدُ الأشراف، ولي إمرة لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ وَإِمْرَةَ الْمَغْرِبِ وَشَهِدَ حِصَارَ دِمَشْقَ مَعَ الْمُسَوَّدَةِ. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ شَابُورٍ. وَكَانَ دَيِّنًا مَحْمُودُ السِّيرَةِ. 111- حنظلة السدومي2 -ت ق-، أبو عبد الرحيم شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. حَدَّثَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَعِكْرِمَةَ. وعنه شعبة والحمادان وابن المبارك وابن علية وعلي بن عاصم. قال أبو حاتم: ليس بقوي. 112- حيي بن عبد الله المعافري3 -4- أبو عبد الله مصري صالح الحديث. روى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَابْنُ وَهْبٍ. قَالَ النسائي: ليس بقوي مات سنة ثلاث وأربعين ومائة. "حرف الْخَاءِ": 113- خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ الشَّيْبَانِيُّ النِّيلِيُّ4 –ق- مِنْ مَدِينَةِ النِّيلِ قَرِيبَةٍ مِنْ وَاسِطٍ، يُكْنَى أَبَا الْوَلِيدِ. رَوَى عَنْ سَالِمٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 114- خَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ5، أَبُو الْفَضْلِ الْهُذْلِيُّ. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. فَأَمَّا أَبُو خَلْدَةَ خَالِدُ بن دينار فسيأتي.   1 تهذيب ابن عساكر "5/ 15"، أنساب الأشراف "5/ 142". 2 تقريب التهذيب "1/ 204"، وتاريخ الدوري "2/ 139"، والثقات "3/ 91". 3 ميزان الاعتدال "1/ 623"، والضعفاء والمتروكين "35"، والمشاهير "188". 4 التاريخ الكبير "3/ 147"، وطبقات ابن سعد "7/ 275". 5 تهذيب الأسماء "1/ 172"، والمجروحين "1/ 281"، ولسان الميزان "2/ 375". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 76 عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ ابن معين. 115- خالد بن عبيد –ق1- أَبُو عصام الْعَتَكِيُّ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ مَرْوٍ. لَهُ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ بُرَيْدَةَ والحسن. وعنه ابن المبارك والعلاء بن عمران والفضل السيناني وأبو نميلة يحيى بن واضح وآخرون. قال أحمد بن سيار: كان شيخا نبيلا أحمر الرأس واللحية -يعني يخضب- وكان العلماء في ذلك الزمان يعظمونه ويكرمونه قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ رُبَّمَا سَوَّى عَلَيْهِ ثِيَابَهُ إِذَا رَكِبَ. وَقَالَ البخاري: في حديثه نظر. وقال ابْنُ حِبَّانَ: حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ مَوْضُوعَةٍ عَنْ أَنَسٍ. 116- خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيبِيّ2 -م د ت ن- قَاضِي أَفْرِيقِيَّةَ. قَدْ مَرَّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَأَنَّهُ يَرْوِي عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَطَبَقَتِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَهَذَا خَطَأٌ، بَلْ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ التَّابِعِيُّ الْمَعْرُوفُ. 117- خَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ الأَصْبَهَانِيُّ -ن ق-3. الإسكاف نَزِيلُ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَوَكِيعٌ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أحمد. 118- خالد بن مهران4، -ع- أبو المنازل البصري الحذاء أَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ. رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَخَوَيْهِ حَفْصٍ وَأَنسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ.   1 التاريخ الكبير "3/ 161"، وتهذيب التهذيب "3/ 105"، وميزان الاعتدال "1/ 634". 2 تقريب التهذيب "1/ 214"، والجرح والتعديل "3/ 345"، والخلاصة "102". 3 التاريخ الكبير "3/ 168"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 305"، والجرح والتعديل "3/ 349". 4 تهذيب التهذيب "3/ 120"، والجرح والتعديل "3/ 352"، تاريخ أبي زرعة "1/ 475"، وطبقات خليفة "420". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 77 وَعَنْهُ شَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ وَشُعْبَةُ وَمُعْتَمِرٌ وَخَلْقٌ، آخِرُهُمْ مَوْتًا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَيُقَالُ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَثَّقَهُ أَحَمْدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ1. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ: أَرَادَ شُعْبَةُ أَنْ يَضَعَ فِي خَالِدٍ الْحَذَّاءِ فَأَتَيْتُهُ أَنَا وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فقلنا له: مالك أجننت أنت أعلم وتهددناه فأمسك. وقال يحيى بن آدم: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ: مَا لِخَالِدٍ الْحَذَّاءِ فِي حَدِيثِهِ؟ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا قَدْمَةً مِنَ الشَّامِ فَكَأَنَّا أَنْكَرْنَا حِفْظَهُ2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قِيلَ لابْنِ عُلَيَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: كَانَ خَالِدٌ يَرْوِيهِ فَلَمْ نَكُنْ نَلْتَفِتْ إِلَيْهِ. ضَعَّفَ ابْنُ عُلَيَّةَ أَمْرَهُ يَعْنِي خَالِدًا الْحَذَّاءَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: ثنا عَبْدُ اللَّهُ بْنُ نَافِعٍ الْقُرَشِيُّ أَبُو شِهَابٍ قَالَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُمَا حَافِظَانِ وَاكْتُمْ عَلَيَّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ فِي خَالِدٍ وَهِشَامٍ. قُلْتُ: وَلَمْ يَكُنْ حَذَّاءً بَلْ كان فِي سُوقِ الْحَذَّائِينَ أَحْيَانًا فَاشْتَهَرَ بِالْحَذَّاءِ، قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ فَهْدُ بْنُ حَيَّانَ: لَمْ يَحْذِ خَالِدٌ قَطُّ وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُ: أُحْذُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ فَلُقِّبَ الْحَذَّاءُ وَكَانَ حَافِظًا مَهِيبًا لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ: قَالَ خالد: ما كتب شَيْئًا قَطُّ إِلا حَدِيثًا طَوِيلا فَلَمَّا حَفِظْتُهُ مَحَوْتُهُ. خَالِدٌ الطَّحَّانُ: سَمِعْتُ خَالِدَ الْحَذّاءَ يَقُولُ مَا حَذَوْتُ نَعْلا وَلا بِعْتُهَا وَلَكِنْ تَزَوَّجْتُ امرأة من بني مجاشع فنزلت عليها والحذاؤون ثم نسبت إِلَيْهِمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ خَالِدٌ عَلَى العشور.   1 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 393". 2 انظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 78 119- خالد بن أبي يزيد -د ن-1 أبو عبيد الرحيم الحراني مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. رَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بَخْتٍ وَأَكْثَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ أُخْتِهِ مُحَمَّدُ بن سلمة ووكيع وشبابة وحجاج الأعور. وقال أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. مَاتَ في سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 120- خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بن مالك الغفاري -خ ن-2 المدني. عن أبيه وسلميان بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَحَمَّادُ بْنُ زيد وحاتم بن إسماعيل والفضل بْنُ مُوسَى وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَلَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ. 121- الْخَصِيبُ بْنُ جَحْدَرٍ الْبَصْرِيُّ3. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كُوفِيٌّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. وَعَنْهُ الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ وَجَمَاعَةٌ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ لَكِنَّهُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 122- خَلَفُ بْنُ حَوْشَبٍ4، أَبُو بُرَيْدٍ الْكُوفِيُّ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَطَلْحَةِ بْنِ مُصَرِّفٍ وَإِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ صَالِحُ الأَمْرِ. "حرف الدَّالِ": 123- دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيُّ5 -4- الزَّعَافِرِيُّ أَبُو الْعَلاءِ الكوفي.   1 تقريب التهذيب "1/ 218"، والجرح والتعديل "3/ 361". 2 طبقات ابن سعد "5/ 253"، والميزان "1/ 650"، والجرح والتعديل "3/ 388". 3 الضعفاء والمتروكين "37"، والمجروحين "1/ 287"، والجرح والتعديل "3/ 396". 4 التاريخ الكبير "3/ 193"، وتهذيب التهذيب "3/ 149"، والخلاصة "105". 5 ميزان الاعتدال "2/ 10"، والخلاصة "110"، والتهذيب "3/ 191". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 79 عَنِ الشَّعْبِيِّ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ وَأَبِي وَبَرَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَوَكِيعٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وغيره، وضعفه ابن معين مرة وقواه أُخْرَى وَلا بَأْسَ بِهِ. 124- دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ أَبُو الْجَحَّافِ الْكُوفِيُّ -ت ن ق-1. من رؤوس الشِّيعَةِ وَمُحَدِّثِيهِمْ. لَهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ -صاحب لأبي ذر- وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَامِرُ بْنُ السِّمْطِ وَتَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ فِي فَضَائِلِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَهُوَ عِنْدِي لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ مُرْضِيًا. وَوَثَّقَهُ جماعة وفيه شَيْءٌ. 125- دَاوُدُ بْنُ عِيسَى النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ2. حدث بدمشق عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ مرسلا وعن سعيد بن جبير وعمرو بن دينار وسماك وطائفة. وعنه إسماعيل بن عيّاش وسُوَيْد بن عبد العزيز ويحيى بن حمزة القاضي ولم أر لهم فيه كلاما بتوثيق ولا تليين فهو صالح. 126- داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي3 -ت ق- الكوفي الأعرج. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي وَائِلٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ وَوَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وآخرون. ضعفه أحمد. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثَقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لا أروي عنه وكان أبوه ثبتًا. وقال ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: شُعْبَةُ يَرْوِي عَنْ دَاوُدَ بن يزيد الأودي! قال: تعجبًا منه.   1 تقريب التهذيب "1/ 230"، وطبقات ابن سعد "6/ 327"، والمعرفة والتاريخ "2/ 670، 3/ 97". 2 التاريخ الكبير "3/ 242"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 215". 3 تهذيب التهذيب "3/ 205"، والمجروحين "1/ 289"، والجرح والتعديل "3/ 427". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 80 127- دَاوُدُ أَبُو الْيَمَانِ. رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. صالح الحال. 128- دينار أبو عمر1. سمع الحسن الْبَصْرِيُّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَآخَرُونَ. لا بَأْسَ بِهِ. "حرف الرَّاءِ": 129- رَاشِدُ بْنُ دَاوُدَ الصَّنْعَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْبَرْسَمِيُّ -ن-2. عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو مُطِيعٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى وَآخَرُونَ. رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وقال الدارقطني: ضعيف. 130- راشد بن كيسان3 –ق- أبو فزارة العبسي الكوفي. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَيَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَعَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدِيثُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 131- رَاشِدٌ أَبُو سَلَمَةَ الْفَزَارِيُّ4. عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَزَيْدٍ الأَحْمُوسِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. صويلح.   1 تهذيب التهذيب "3/ 216"، وميزان الاعتدال "2/ 30"، والجرح والتعديل "3/ 434". 2 التاريخ الكبير "3/ 279"، وتهذيب التهذيب "3/ 225"، والمشاهير "187". 3 المعرفة والتاريخ "3/ 72، 230"، وميزان الاعتدال "2/ 35". 4 التاريخ الكبير "3/ 298"، والجرح والتعديل "3/ 485". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 81 132- راشد بن نجيج –ق-1 أبو محمد الحماني البصري. شيخ مقل من الرواية، ما علمت به بأسًا بل قال بعضهم: صدوق. وروى عَنْ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ: وَكَانَ أَحَدَ الَّذِينَ نَظَرُوا فِي الْمَصَاحِفِ زَمَنَ الْحَجَّاجِ. رَوَى عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَشِهَابُ بْنُ شَرْنَفَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. وَأَمَّا أَحْمَدُ بن أبي خثيمة فَسَمَّاهُ رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي عُطَارِدٍ فَلَعَلَّهُمَا اثْنَانِ. 133- الرَّبِيعُ بْنُ حَيْظَانِ2 ويُقَالُ ابْنُ حظيان، شيخ بصري. روى عَنْ عَكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ الدَّمَاشِقَةُ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 134- الرَّبِيعُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ3. عَنْ عبد الرحمن بن باسط. وَعَنْهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَوَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وحسين الجعفي وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 135- رِزَامُ بْنُ سَعِيدٍ الضَّبِّيُّ4. عَنْ خَوَّاتٍ التَّيْمِيِّ وَأَبِي الْمَعَارِكِ وَوَحْشِيَّةَ بِنْتِ عَمَّارٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. وَثَّقَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ. 136- رِشْدِينُ بْنُ كُرَيْبٍ –ق-5، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَبُو كُرَيْبٍ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِيهِ وَعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَرَأَى ابْنَ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَالْمُحَارِبِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَعِدَادُهُ في الضعفاء.   1 تقريب التهذيب "1/ 240"، والخلاصة "113". 2 لسان الميزان "2/ 444"، وميزان الاعتدال "2/ 39". 3 التاريخ الكبير "3/ 275"، والتاريخ لابن معين "2/ 161". 4 تهذيب التهذيب "2/ 272"، والجرح والتعديل "3/ 523". 5 الخلاصة "117"، والتقريب "1/ 246"، علل ابن المديني "113"، والكامل "3/ 149". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 82 137- رزين بن حبيب الْكُوفِيُّ الأَنْمَاطِيّ –ت-1. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَلْمَى الْبَكْرِيَّةِ. وَعَنْهُ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 138- رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ التَّمِيمِيُّ الرَّاجِزُ2، مِنْ أَعْرَابِ الْبَصْرَةِ. سَمِعَ أَبَاهُ وَالنَّسَّابَةَ الْبَكْرِيَّ، وَعَنْهُ النَّضْرُ بْنُ جَمِيلٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ لُغَوِيًّا علامة. له وفادة على وِفَادَةٌ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ شَابٌّ ثُمَّ طَالَ عُمْرُهُ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: حَدَّثَنِي رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجَزِ: طَافَ الْخَيَالانِ فَهَاجَا سَقَمَا ... خَيَالٌ تُكْنَى وَخَيَالٌ تُكْتَمَا قَامَتْ تُرِيكَ خِيفَةً أَنْ تُصْرَمَا ... سَاقًا بَخَنْدَاةً وَكَعْبًا أَدْرَمَا فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ يَحْدِي بِنَحْوِ هَذَا ومثل هَذَا رَسُول اللَّه -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ- ولا يَعِيبُهُ. وَقَالَ خَلَفٌ الأَحْمَرُ: سَمِعْتُ رُؤْبَةَ يَقُولُ: مَا فِي الْقُرْآنِ أَغْرَبُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94] . وقال النسائي: ليس رؤبة بالقوي. وقال غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ3. 139- رَوْحُ بْنُ جَنَاحٍ الدِّمَشْقِيُّ4 -ت ق- أَخُو مَرْوَانَ بْنِ جَنَاحٍ مَوْلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.   1 ميزان الاعتدال "2/ 51"، والجرح والتعديل "3/ 522". 2 عيون الأخبار "2/ 118، 166" خزانة الأدب "1/ 43"، والمؤتلف والمختلف "175"، ونزهة الألباء "48، 144". 3 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 399". 4 تهذيب ابن عساكر "5/ 338"، والضعفاء والمتروكين "40"، والجرح والتعديل "3/ 494". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 83 رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ رَوْحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَا وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي كلما بلت تبعه الماء الدافق، قلنا يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: عَلَيْكَ الْغُسْلُ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ يُرَجِّعُ. وَعَجَّلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي صَلاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَفْتَيْتُمُوهُ بِهِ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قُلْنَا: لا، قَالَ: فَعَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ؟ قُلْنَا: لا، قَالَ: فَعَمَّنْ؟ قُلْنَا: عَنْ رَأْيِنَا. فَقَالَ: لِذَلِكَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ"1. ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِذَا كَانَ هَذَا مِنْكَ تَجِدُ شَهْوَةً فِي قَلْبِكَ؟ قَالَ: لا، قال: فَهَلْ تَجِدُ خَدَرًا فِي جَسَدِكَ؟ قَالَ: لا، قال: إنما هذه ابرده يُجْزِئُكَ مِنْهُ الْوُضُوءُ. 140- رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو غياث2 -خ م د ن ق-. التميمي العنبري البصري. عَنْ قَتَادَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَمَنْصُورٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ يزيد بن زريع فأكثر وَابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَوَّاءٍ وعبد الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَآخَرُونَ. مَاتَ فِي الْكُهُولَةِ وَكَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظِ الْمُجَوِّدِينَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. ظَهَرَ لَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا، وَإِنَّمَا طَلَبَ الْعِلْمَ وَهُوَ كَبِيرٌ. قَالَ نَصْرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: قَالَ سُفْيَانُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا طَلَبَ الْحَدِيثَ وَهُوَ مُسِنٌّ أَحْفَظُ مِنْ رَوْحِ بْنِ القاسم.   1 "حديث موضوع": أخرجه الترمذي "2681"، وابن ماجه "222"، والطبراني في الكبير "11/ 78"، والديلمي في مسنده "4398"، وراجع تحقيقنا لهذا الحديث في جامع بيان العلم وفضله "89" لابن عبد البر رحمه الله تعالى. 2 التاريخ الكبير "3/ 309"، وتهذيب التهذيب "3/ 289"، والمشاهير "156"، وسير أعلام النبلاء "6/ 538". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 84 "حرف الزَّايِ": 141- الزِّبْرِقَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1، أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ السَّرَّاجُ. رَوَى عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ. وَعَنْهُ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. 142- الزِّبْرِقَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ2، أَبُو وَرْقَاءَ الْعَبْدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنِ الضَّحَّاكِ وَكَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وشريك وغيرهم. صالح الأمر، وهو أقدم من السراج. 143- زجلة الدمشقية3. عن أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا. وَعَنْهَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ والوليد بْنُ يَزِيدَ الْمُرِّيُّ. لَمْ يُضَعِّفْهَا أَحَدٌ. 144- زُرْعَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ4. عَنْ عَطَاءٍ وَخَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ وَوَضَّاحٍ أَبِي مَرْوَانَ مَوْلَى الْوَلِيدِ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 145- زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زائدة الهمذاني5 –ع- أبو يحيى قَاضِي الْكُوفَةِ. أَخَذَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَخَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَمُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُه يَحْيَى وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بن موسى وأبو نعيم.   1 الجرح والتعديل "3/ 610". 2 التاريخ الكبير "3/ 435"، وميزان الاعتدال "2/ 66". 3 الجرح والتعديل "2/ 624". 4 لسان الميزان "2/ 475". 5 طبقات ابن سعد "6/ 400"، والمشاهير "170"، وشذرات الذهب "1/ 224". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 85 قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ حُلْوُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صُوَيْلِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ يُدَلِّسُ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 146- زَكَرِيَّا بْنُ سَلامٍ1 أَبُو يَحْيَى الْعُتْبِيُّ الأَصَمُّ نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَالسُّدِّيِّ وَالْعَلاءِ بْنِ بَدْرٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ الرَّازِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهُوَ أَخْبَرُ بِهِ لِأَنَّهُ يُكَذِّبُهُ. وَأَمَّا أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ فَقَالَ: رَوَى عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيِّ وَالْعَلاءِ بْنِ بَدْرٍ. وَعَنْهُ هَارُونُ بْنُ الْمُثَنَّى وَحَكَّامٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ. قُلْتُ: فَمَا أَحْسَبُهُ لَقِيَ أَبَا وَائِلٍ وَكَذَا فِي نَفْسِي مَنْ لَقِيَ إِسْحَاقَ بْنَ سُلَيْمَانَ لَهُ، صَدُوقٌ. 147- زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْحِمْيَرِيُّ2، الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ زَكَرِيَّا أَبُو يَحْيَى الْكُوفِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ: مَنْ زَكَرِيَّا هَذَا! لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَقَالَ: زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْبَدِّيُّ وأنه روى عن عكرمة. روى عنه يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ. وَقَالَ عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْبَدِّيُّ لَيْسَ بِثِقَةٍ، قال: أحسب أن الحميري والبدي، فالله أعلم.   1 التاريخ الكبير "3/ 423-424"، والجرح والتعديل "3/ 598". 2 الجرح والتعديل "3/ 600". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 86 148- زنفل العرفي المكي1. روى عن أبي ملكية وَنَجِيحِ بْنِ إِسْحَاقَ الْعَرَفِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو دَاوُدَ الدباغ ومحمد بن عمير الْمُعَيْطِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ غير واحد وقال ابن عدي: لا يتايع عَلَى حَدِيثِهِ. 149- زِيَادُ بْنُ أَبِي حَسَّانٍ النَّبَطِيُّ بَصْرِيٌّ2. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَعَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ وَقُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ وَآخَرُونَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ شُعْبَةُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ. وَقِيلَ: هُوَ وَاسِطِيٌّ. 150- زِيَادُ بْنُ أَبِي زياد الْجَصَّاصِ3 أَبُو مُحَمَّدٍ، بَصْرِيٌّ، وَقِيلَ وَاسِطِيٌّ. عَنْ أَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ. 151- زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ الْكُوفِيُّ –م4-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَسَعْدٍ أَبِي مُجَاهِدٍ الطَّائِيِّ وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ. وَعَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَهُشَيْمٌ وَوَكِيعٌ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُونِيُّ. وَثَّقَهُ أبو داود وغيره. 152- زياد بن سعد-ع-5 أبو عبد الرحمن الخراساني. نَزِيلُ مَكَّةَ وَشَرِيكُ بْنُ جُرَيْجٍ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إلى قرية عك باليمن.   1 التاريخ الكبير "3/ 451"، والضعفاء والمتروكين "43"، والتقريب "1/ 258"، والكامل "2/ 95". 2 التاريخ الكبير "3/ 350"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 402"، والجرح والتعديل "3/ 530". 3 تهذيب التهذيب "3/ 368"، وميزان الاعتدال "2/ 89"، والخلاصة "124". 4 التاريخ الكبير "3/ 351"، وتهذيب التهذيب "3/ 364". 5 المعرفة والتاريخ "1/ 643"، ومشاهير علماء الأمصار "146"، والوافي بالوفيات "15، 16 "16". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 87 رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ الْجُنْدِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ ابن عيينة: كان عالمًا بحديث الزهري. وقال النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. قُلْتُ: مَاتَ فِي الْكُهُولَةِ. 153- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1، بْنِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبٍ الأُمَوِيُّ. سَجَنَهُ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِقِيَامِهِ مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ مَرْوَانَ أَطْلَقَهُ ثُمَّ حَبَسَهُ ثُمَّ أَطْلَقَهُ. وَقَدْ خَرَجَ بِقُنَّسْرَيْنِ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَتَبِعَهُ أُلُوفٌ مِنَ النَّاسِ وَقَالُوا: هُوَ السُّفْيَانِيُّ. ثُمَّ إِنَّهُ عَسْكَرَ وَحَارَبَ بَنِي الْعَبَّاسِ فِي أَوَّلِ دَوْلَتِهِمْ فَالْتَقَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَهَزَمَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَتَسَحَّبَ وَاخْتَفَى بالمدينة مدة ثم قتل دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ. 154- زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ2. الأَمِيرُ مِنْ أَخْوَالِ السَّفَّاحِ. وَلِيَ إِمْرَةَ الْمَوْسِمِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ ثُمَّ وَلِيَ إِمْرَةَ الْحَرَمَيْنِ لِلْمَنْصُورِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: طَلَبَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ لِيَسْتَعْمِلَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ فَحَلَفَ زِيَادٌ لَيُسْتَعْمَلَنَّ فَحَلَفَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لا يُعْمَلُ. فَأَمَرَ زِيَادٌ بِسَجْنِهِ وَقَالَ: يَا بْنَ الْفَاعِلَةِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: وَاللَّهِ مَا مِنْ هَيْبَتِكَ تَرَكْتُ الرَّدَّ عَلَيْكَ وَلَكِنْ لله تعالى، ثم كلموه زِيَادًا فِيهِ فَاسْتَحْيَا وَنَدِمَ، وَأَرَادَ تَطْيِيبَ قَلْبِهِ، وَأَخَذَ يَتَحَيَّلُ فِي رِضَاهُ حَتَّى تَوَصَّلَ وَأَهْدَى لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ جَارِيَةً عَلَى يَدِ أَخِيهِ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُ مُحَمَّدٌ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. 155- زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ3. أَبُو الْجَارُودِ الثَّقَفِيُّ أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ. يَرْوِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَأَكْبَرُ مَشْيَخَتِهِ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ. رَوَى عَنْهُ عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ.   1 معجم بني أمية "42". 2 تهذيب ابن عساكر "5/ 404"، والوافي بالوفيات "15/ 14". 3 التاريخ الكبير "3/ 371"، والضعفاء والمتروكين "45"، والجرح والتعديل "3/ 545". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 88 قَالَ أَحَمْدُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَافِضِيٌّ يَضَعُ الْحَدِيثَ فِي الْمَثَالِبِ وَفِي مَنَاقِبِ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَقَالَ الدارقطني وغيره: مَتْرُوكٌ. 156- زَيْدُ بْنُ جَبِيرَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -ت ق-. عَنْ أَبِيهِ جَبِيرَةَ بْنِ مَحْمُودٍ وَدَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَأَبِي طُوَالَةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ. وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدُ بن حمير. تركه أبو حاتم والبخاري. وقال النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 157- زَيْدُ بْنُ رَبَاحٍ الْمَدَنِيُّ2 -خ ت ق-. عَنْ أَبِي عَبْدِ الله الأغر. وعنه مالك وحده. سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. 158- زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3، بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَآخَرُونَ. زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ الدمشقي4. قد مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 159- زَيْدٌ أَبُو أُسَامَةَ الْحَجَّامُ –ن-5 مَوْلَى بَنِي ثَوْرٍ، كُوفِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وعنه أبو أسامة وأبو نعيم. وثقه أبو حاتم. "حرف السين": 160- سابق البربري6 له أشعار مليحة في الزهد.   1 ميزان الاعتدال "2/ 99"، والتقريب "1/ 273". 2 تهذيب التهذيب "3/ 412"، وميزان الاعتدال "2/ 103". 3 التاريخ الكبير "3/ 401"، والضعفاء الصغير "47"، والجرح والتعديل "3/ 567". 4 وراجع مشاهير علماء الأمصار "179 "1420"، والوافي بالوفيات "15/ 46 "56"، وتهذيب ابن عساكر "9/ 38". 5 تهذيب التهذيب "3/ 429"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 457". 6 الوافي بالوفيات "15/ 69 "91"، والأغاني "6/ 57". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 89 روى عن مكحول وعمر بن عبد العزيز. وعنه موسى بن أعين والمعافى بن عمران وشجاع بن الوليد وغيرهم. وهو من مولي بني أمية، سكن الرقة ويقال: إن سابقا الرقي تأخر. 161- سالم بن عبد الله الخياط1 -ت ق- بصري نزل مكة. وروى عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وعطاء، وعنه زهير بن محمد وعبيد الله بن موسى وأبو عاصم النبيل. قال أحمد: ما أرى به بأسا وكذلك قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ. 162- سالم بن عبد الله –ق- هو سالم بن أبي المهاجر الرقي2. عَنْ مَكْحُولٍ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ. وَعَنْهُ مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَخَالِدُ بْنُ حَيَّانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بُومَةُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: إِنَّمَا قَدَّمْتُهُ عَنْ طَبَقَتِهِ يَسِيرًا لأُمَيِّزَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَيَّاطِ الَّذِي قَبْلَهُ. 163- سَالِمٌ أَبُو غِيَاثٍ الْعَتَكِيُّ3. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه النضر بن شميل وعبيد بْنُ مُوسَى. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شَيْءَ. 164- سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ أَبُو الْعَلاءِ الْمُرَادِيُّ4 –ت- الكوفي الضرير. عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ وَعَمْرِو بْنِ هَرَمٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَكْتُبُ حَدِيثَهُ. 165- سَالِمُ بْنُ غَيْلانَ التجيبي المصري5 -د ت ن-.   1 الضعفاء والمتروكين "47"، والخلاصة "131". 2 التاريخ الكبير "4/ 117"، والمعرفة والتاريخ "1/ 149". 3 ميزان الاعتدال "2/ 113"، والجرح والتعديل "4/ 190". 4 تقريب التهذيب "1/ 274"، وتاريخ الثقات "174". 5 ميزان الاعتدال "2/ 113"، والجرح والتعديل "4/ 187". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 90 عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ التُّجِيبِيِّ وَدَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. 166- السَّرِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1 –ق-. عَنِ ابْنِ عَمِّهِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ. وَعَنْهُ جَرِيرٌ الضَّبِيُّ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وآخرون. تركه ابن المبارك. وقال أَبُو دَاوُدَ: ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلِيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ. 167- سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ2 -4-. عَنْ أَبِيهِ وعن عمه عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ وَعَمَّتِهِ زَيْنَبِ بِنْتِ كَعْبٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو ضُمْرَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 168- سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -د ت ن- زَوْجُ ابْنَةِ أَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ. رَوَى عَنْ مُصَدِّعٍ وَزِيَادِ بْنِ كُسَيْبٍ وَأَنَسِ بْنِ سِيرِينَ. وَعَنْهُ حُمَيْدُ بْنُ مِهْرَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الطَّاحِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْحَدَّادُ وَآخَرُونَ. 169- سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ أبو الْحَسَنِ الْعَبْسِيُّ4، -4- الْكُوفِيُّ الْكَاتِبُ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَبِلالِ بْنِ يَحْيَى الْعَبْسِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صالح الحديث وضعفه الأزدي.   1 التاريخ الكبير "4/ 176"، والجرح والتعديل "4/ 282"، وميزان "2/ 117"، والمعرفة والتاريخ "3/ 39". 2 تهذيب التهذيب "3/ 466"، والمشاهير "136". 3 الخلاصة "34"، والتاريخ لابن معين "2/ 190 "1366". 4 تهذيب التهذيب "3/ 467"، والجرح والتعديل "4/ 80". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 91 170- سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ1 –م4- أَخُو يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدِينِيُّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَعْدِ بْنِ مُرْجَانَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ وَوَثَّقَهُ غَيْرُهُ. 171- سَعْدُ بْنُ طَارِقِ بْنِ أَشْيَمَ –م4- أبو مالك الأشجعي الكوفي2. لأبيه صحبة. روى عن أبيه وعن ابن أَبِي أَوْفَى وأنس بن مالك وموسى بن طلحة وأبي حازم الأشجعي وربعي بن خراش. وعنه الثوري وأبو عوانة وحفص بن غياث وأبو معاوية وخلف بن خليفة ويزيد بن هارون وعبيدة بن حميد وآخرون. قال النسائي: ليس به بأس، وقد استشهد به البخاري. 172- سعد بن طريف الحنظلي الكوفي الحذاء3 -ت ق-. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَالأَصْبَغِ بْنِ نَبَاتَةَ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ شِيعِيٌّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: لا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِي عَنْهُ: وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عندهم. 173- سعيد بن إياس4 –ع- أبو مسعود الجريري البصري أحد علماء الحديث. لَهُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَأَبِي نَضْرَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَعَدَدٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَمَاتًا مُحَمَّدُ بن عبد الله الأنصاري.   1 المعرفة والتاريخ "3/ 411"، والوافي بالوفيات "15/ 181". 2 ميزان الاعتدال "2/ 122"، والمعرفة والتاريخ "3/ 38". 3 تقريب التهذيب "1/ 280". 4 سير أعلام النبلاء "5/ 184"، وتقريب التهذيب "1/ 279"، والمشاهير "153". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 92 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ مُحَدِّثُ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: هُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تَغَيَّرَ حِفْظُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ: لا نَكْذِبُ اللَّهَ سَمِعْنَا مِنَ الْجُرَيْرِيِّ وَهُوَ مُخْتَلِطٌ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: سَمِعْتُ مِنَ الْجُرَيْرِيِّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَهِيَ أَوَّلُ دُخُولِي الْبَصْرَةَ وَلَمْ نُنْكِرْ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ قِيلَ لَنَا: إِنَّهُ اخْتَلَطَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ بَعْدَنَا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لِعِيسَى بْنِ يُونُسَ: سَمِعْتُ مِنَ الْجُرَيْرِيِّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، لا تَرْوِ عَنْهُ، وَقَالَ أَحَمْدُ: سَأَلْتُ ابْنَ عُلَيَّةَ: أَكَانَ الْجُرَيْرِيُّ اخْتَلَطَ؟ فَقَالَ: لا، كَبُرَ الشَّيْخُ فَرَقَّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أتيت الجريري فسمعته يَقُولُ: ثنا ابْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَالَ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ فَلَمَّا خَرَجْتُ قَالَ لِي رَجُلٌ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ. وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ كَهْمَسٍ قَالَ: أَنْكَرْنَا الْجُرَيْرِيَّ قَبْلَ الطَّاعُونِ. 174- سَعِيدُ بْنُ حَسَّانٍ الْمَخْزُومِيُّ1 -م د ن ق- قَاضِي مَكَّةَ. عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 175- سَعِيدُ بْنُ صَالِحٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ الأَشَجُّ2. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي مَعْشَرٍ زِيَادِ بْنِ كُلَيْبٍ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 176- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ3 بْنِ رُقَيْشٍ الأَسَدِيُّ –د- أَسَدُ خُزَيْمَةَ الْمَدَنِيُّ حليف بني عبد شمس.   1 التاريخ الكبير "3/ 464"، والوافي بالوفيات "15/ 208"، والجرح والتعديل "4/ 12". 2 الجرح والتعديل "4/ 34"، والمعرفة والتاريخ "3/ 175". 3 تهذيب التهذيب "4/ 58"، والخلاصة "140". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 93 رَوَى عَنْ خَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي الأَسْوَدِ الدَّيْلِيِّ وَشُيُوخٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَفُلَيْحٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ ثِقَةٌ. 177- سَعِيدُ بْنُ عبيد الطائي الكوفي1 -سوى ق- أبو الهذيل. عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَبَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو نَعِيمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. 178- سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ2. أَبُو الْعَنْبَسِ التَّيْمِيُّ مولى أبي بكر الصديق الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ الْمُلائِيُّ. عَنْ أَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَوَالِدِهِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ. قُلْتُ: لم يخرجوا له في الْكُتُبَ. 179- سُفْيَانُ بْنُ دِينَارٍ الْكُوفِيُّ التَّمَّارُ3 -خ ن-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ. وَقِيلَ: إِنَّ لَهُ سَمَاعًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَمَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زرعة وغيره. 180- سفيان بن زياد الكوفي4 –خ4- أبو الورقاء العصفري. عَنْ أَبِيهِ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ أَبُو أسامة ومروان بن معاوية وأبو بكر   1 الجرح والتعديل "4/ 46"، والمعرفة والتاريخ "2/ 774". 2 التاريخ الكبير "3/ 509"، والخلاصة "142". 3 تهذيب التهذيب "4/ 109"، والخلاصة "145"، والجرح والتعديل "4/ 220". 4 ميزان الاعتدال "2/ 169"، وتقريب التهذيب "1/ 302". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 94 ابن عَيَّاشٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ وَاحِدٌ، فوهم. فأما: 181- سفيان بن زياد فآخر يروي عن أنس. وعنه الأَوْزَاعِيِّ. لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ. 182- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ الْمَرْوَزِيُّ1 صاحب الْمُبَارَكِ صَدُوقٌ قَدِيمُ الْوَفَاةِ. 183- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. سَمِعَ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وطبقته. وكان حافظًا، ويعرف بِالرَّأْسِ مَاتَ قَبْلَ الْمِائَتَيْنِ. كَتَبَ عَنْهُ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ. 184- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ الرُّؤَاسِيُّ2. عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. أَخَذَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا. 185- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ الْمَخْرَمِيُّ ثُمَّ الرَّصَافِيُّ3. عَنْ عيسى بن يونس. وعنه تمام وَعَبَّاسٌ الدُّورِيُّ. ثِقَةٌ. 186- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ4. عَنْ فَيَّاضِ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيِّ. وَعَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ فَلَعَلَّهُ الرَّصَافِيُّ. 187- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ5 شَيْخٌ لابْنِ مَاجَهْ يُقَالُ لَهُ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ. سَمِعَ أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيلَ. وتأخرت وفاته إلى حدود السبعين ومائتين. رَوَى عَنْهُ إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ. 188- السَّكَنُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ6، بْنِ زَيْدٍ أَبُو عُثْمَانَ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ. عَنْ أُمِّهِ وَحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَحْيَوَةُ بن شريح وابن لهيعة وغيرهم.   1 انظر السابق. 2 ميزان الاعتدال "2/ 168". 3 المصدر السابق في ترجمته. 4 تهذيب التهذيب "4/ 111". 5 ميزان الاعتدال "2/ 169". 6 لم أقف له على ترجمة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 95 مَاتَ عَامَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. فَأَمَّا: 189- السَّكَنُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ الْوَاسِطِيُّ1 فشَيْخٌ. يَرْوِي عَنْ محمد بن عبادة. وعنه وطيع وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُزَنِيُّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبِ: وَهِمَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ فَجَعَلاهُمَا وَاحِدًا. 190- سلم ابن الأَمِيرِ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْبَاهِلِيُّ2 الأَمِيرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيُّ. خَدَمَ فِي الدَّوْلَتَيْنِ الأُمَوِيَّةِ وَالْعَبَّاسِيَّةِ، وَوَلِيَ الْبَصْرَةَ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ نَفَقَ عَلَى الْمَنْصُورِ وَوَلِيَ لَهُ الْبَصْرَةَ وَكَانَ حَازِمًا عَاقِلا جَوَّادًا مُمَدَّحًا. وَمِنْ كَلامِهِ قال: لا تتم مرؤة الرَّجُلِ حَتَّى يَصْبِرَ عَلَى مُنَاجَاةِ الشُّيُوخِ. وَقَدْ روى عن أبيه وعمه وعبد الرحمن ومحمد بن سيرين. وروى عنه شعبة وأبو عاصم النبيل وغيرهما. مات بالري سنة تسع وأربعين ومائة وصلى عليه المهدي. 191- سلمة بن نبيط بن شريك –د ن ق- الأشجعي، أبو فراس. روى عن أبيه عَنْ أَبِيهِ فِيمَا قِيلَ وَعَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَوَكِيعٌ. وَكَانَ وَكِيعٌ يَفْتَخِرُ بِلَقِيِّهِ وَيُوَثِّقُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُقَالُ إِنَّهُ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ. 192- سليمان بن سحيم3 -م د ن ق- أبو أيوب المدني. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِعبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ عيينة والدراوردي. وثقه النسائي.   1 التاريخ الكبير "4/ 180"، والجرح والتعديل "4/ 288". 2 التاريخ لابن معين "2/ 223 "3507"، وتقريب التهذيب "1/ 305". 3 الجرح والتعديل "4/ 119"، والمشاهير "143"، والمعرفة والتاريخ "2/ 701". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 96 193- سليمان بن زيد1، -بخ- أبو آدم الكوفي. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَوَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَآخَرُونَ. رَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ كَذَّابٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. 194- سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ أَبُو سَلَمَةَ الْكَلْبِيُّ2 -4- مَوْلاهُمُ الْحِمْصِيُّ قَاضِي حِمْصٍ. عن عبد الرحمن بن جبير وعمرو بن شعيب وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَيُقَالُ: لَمْ يَكُنْ بِحِمْصٍ أَعْبَدَ مِنْهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَكَذَا وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وأبو داود. 195- سليمان بن طرخان التيمي -ع-3 أبو المعتمر القيسي البصري أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ وَلَمْ يَكُنْ تَيْمِيًّا بَلْ نَزَلَ فِيهِمْ. سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعُثْمَانَ النَّهْدِيَّ وَطَاوُسًا وَالْحَسَنَ وَيَزِيدَ بْنَ الشِّخِّيرِ وَأَبَا نَضْرَةَ وَبَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَطَائِفَةً سِوَاهُمْ. زعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونُ وَالأَنْصَارِيُّ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ وَخَلْقٌ. قَالَ شُعْبَةُ: مَا رَأَيْتُ أَصْدَقَ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَغَيَّرَ لَوْنُهُ. وقال المعتمر بْنُ سُلَيْمَانَ: مَكَثَ أَبِي أَرْبَعِينَ سَنَةً يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَيُصَلِّي صَلاةَ الْفَجْرِ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ وَعَاشَ أَبِي سَبْعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. قُلْتُ: كَانَ عَابِدَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَأَحَدَ الْعُلَمَاءِ بِهَا وَحَدِيثُهُ نَحْوُ الْمِائَتَيْنِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ أَخْوَفَ لِلَّهِ مِنْهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ: كَانَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ يُسَبِّحُ فِي كل سجدة أو ركعة سبعين تسبيحة.   1 التاريخ الكبير "4/ 14"، والجرح والتعديل "4/ 117". 2 تهذيب تاريخ ابن عساكر "6/ 279", وتاريخ أبي زرعة "1/ 628"، والمشاهير "111". 3 تقريب التهذيب "1/ 315"، وتاريخ الدوري "2/ 232". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 97 وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: مَا أَتَيْنَا سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ فِي سَاعَةٍ يُطَاعُ اللَّهُ فِيهَا إِلا وَجَدْنَاهُ مُطِيعًا فَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ لا يحسن يعصي الله تَعَالَى. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ: زَعَمَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَنَّ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ لَمْ تَمُرَّ سَاعَةٌ قَطُّ إِلا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ قَالَ: كَانَ عَامَّةُ دَهْرِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَكَانَ يُسَبِّحُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَيَصُومُ الدَّهْرَ. روى عباس ين الْوَلِيدِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ: خَرَجَ سُلَيْمَانُ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِوُضُوءِ عِشَاءِ الآخِرَةِ. وَقَالَ الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَوْ غَيْرِهِ إِنَّ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ أَقَامَ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِمَامَ جَامِعِ الْبَصْرَةِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ بِالأَرْضِ عِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْقَطَّانُ: كَانَ الثَّوْرِيُّ لا يُقَدِّمُ عَلَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَحَدًا مِنَ الْبَصْرِيِّينَ. وَرَوَى مِرْدَوَيْهِ الصَّائِغُ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ: قِيلَ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: أَنْتَ أَنْتَ وَمَنْ مِثْلُكَ؟ فَقَالَ: لا أَدْرِي مَا يَبْدُو لِي مِنْ رَبِّي إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47] . قَالَ ضُمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ: مَا رُؤِيَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ مُنْصَرِفًا مِنْ صَلاةٍ قَطُّ. قَالَ ضُمْرَةُ عَنْ صَدَقَةٍ: سَمِعْتُ التَّيْمِيَّ يَقُولُ: لَوْ سُئِلْتُ أَيْنَ عَرْشُ اللَّهِ لَقُلْتُ فِي السَّمَاءِ، فَلَوْ قِيلَ: فَأَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ السَّمَاءِ؟ قُلْتُ: عَلَى الْمَاءِ، فَإِنْ قِيلَ لِي: أَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ الْمَاءِ؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي. وَقَالَ غَسَّانُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْغِلابِيُّ: حَدَّثَنِي ثِقَةٌ قَالَ: كَانَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَبَيْنَ رَجُلٍ خِصَامٌ فَتَنَاوَلَ الرَّجُلُ سُلَيْمَانَ فَغَمَزَ بَطْنَهُ فَجَفَّتْ يَدُ الرَّجُلِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ مَائِلا إِلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ وَجَرِيرُ عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مُصْقَلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَبَّ الْعِزَّةِ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لَأُكْرِمَنَّ مَثْوَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ. وَرَوَى سَعِيد الْكُرَيْزِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: مَرِضَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فَبَكَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 98 فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى قَدَرِي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَخَافُ الْحِسَابَ عَلَيْهِ. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: رَأَيْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ شَيْخًا كَبِيرًا فِي كُمِّهِ صُحُفٌ يَطْلُبُ الْعِلْمَ فَأَخْبَرُونِي أَنَّهُ كَانَ مِنَ المصلين وكانت له درجة ثمانين مرقاة فكان يَصْعَدُهَا فَإِذَا انْتَهَى يَقِفُ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَنْعَمَ عَلَى النَّاسِ عَلَى قَدْرِهِ وَطَلَبَ مِنْهُمُ الشُّكْرَ عَلَى قَدْرِهِمْ. عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثنا مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: فَضْلُ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَبْعِينَ مَنْقَبَةٍ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا أَحَدٌ. مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السَّكَنِ: ثنا مُثَنَّى بْنُ مُعَاذٍ ثنا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْكُوفَةَ فَأَتَيْتُ مَجْلِسَ الأَعْمَشِ فَقَالُوا لَهُ: هَذَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: أَنْتَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مَا أَعْجَبَكَ، سَمِعْتَ مِنْ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ تَجِيءُ تَجْلِسُ إِلَيَّ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَجْلِسَ فِي أَقْصَى الْكُوفَةِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيكَ، هَاتِ حَدِّثْنِي عَنْ أَنَسٍ، فَقَلْتُ فِي نَفْسِي: لَأُحَدِّثَنَّكَ بِمَا تَكْرَهُ فَقُلْتُ: ثنا أَنَسٌ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عَلَى عُمُومَتِي أَسْقِيهِمْ، فَقَالَ: لا أُرِيدُ هَذَا فأعدته ثَانِيًا ثُمَّ حَدَّثْتُهُ، رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. الأَصْمَعِيُّ: ثنا مُعْتَمِرٌ قَالَ: كَانَ عَلَى أَبِي دَيْنٌ وَكَانَ يَدْعُو بِالْمَغْفِرَةِ فَقُلْتُ: لَوْ أَنَّكَ دَعَوْتَ اللَّهَ أَنْ يَقْضِيَ عَنْكَ دَيْنَكَ، قَالَ: إِذَا غُفِرَ لِي قَضَى دَيْنِي. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ أَنَا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ ثنا اللَّبَّانُ أَنَا الْحَدَّادُ أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا أَبُو الشَّيْخِ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا سَعِيدُ بْنُ عِيسَى سَمِعْتُ مَهْدِيَّ بْنَ هِلالٍ يَقُولُ: أَتَيْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ وَيَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ وَبِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ وَأَصْحَابَنَا الْبَصْرِيِّينَ فَكَانَ لا يُحَدِّثُ أَحَدًا حَتَّى يَمْتَحِنَهُ فَيَقُولُ لَهُ: الزِّنَا بِقَدَرٍ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ اسْتَحْلَفَهُ أن هذا دينك فإن حلف حدثه أَحَادِيثَ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 196- سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدٍ السُّلَمِيُّ1. بصري مقبول.   1 التاريخ الكبير "4/ 25" والجرح والتعديل "4/ 129". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 99 رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 197- سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس1 –ق- بن عبد المطلب العباسي. أَحَدُ أَعْمَامِ الْمَنْصُورِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ. وعنه ابنه جعفر بن سليمان وعافية القاضي وسلام بن أبي عمرة ومحمد بن راشد المكحولي الأصمعي وآخرون، منهم ابنته زينب. وكان شريفا كبيرا جوادا ممدحا، وقيل: إنه كان يعتق في عشية عرفة مائة مملوك، وبلغت صلاته مرة في الموسم خمسة آلاف ألف درهم. ولي البصرة للمنصور، ويقال: إنه سَمِعَ مِنْ سَطْحِ دَارِهِ نِسْوَةً يَغْزِلْنَ يَقُلْنَ: لَيْتَ الأَمِيرَ اطَّلَعَ عَلَيْنَا فَأَغْنَانَا، فَرَمَى إِلَيْهِنَّ جَوْهَرًا له قيمة ودهبًا. مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 198- سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو عُكَاشَةَ الرِّبْعِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م ن ق-. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسٍ الرَّبَعِيِّ وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 199- سُلَيْمَانُ بْنُ فيروز –ع-3. وَيُقَالُ ابْنُ خَاقَانَ، وَهُوَ سُلَيْمَان بْنُ أَبِي سليمان أبو إسحاق الشيباني مولاهم الكوفي أحد العلماء الثِّقَاتِ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي بُرْدَةَ وَعِدَّةٍ. وعنه شعبة وسفيان وَالسُّفْيَانَانِ وَجَرِيرٌ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَهُشَيْمٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وجعفر بن عون وخلق.   1 تهذيب التهذيب "4/ 211"، وتهذيب ابن عساكر "6/ 283"، فوات الوفيات "2/ 70 "177"، المعارف "164". 2 الجرح والتعديل "4/ 131"، والخلاصة "154". 3 المعرفة والتاريخ "3/ 75"، وطبقات خليفة "165"، وتذكرة الحفاظ "1/ 153". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 100 اتَّفَقُوا عَلَى ثِقَتِهِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ وَالتِّرْمِذِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُمْ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ الأَعْمَشِ. 200- سُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيُّ1 كُوفِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ وَعَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَوَكِيعٌ وَالْخُرَيْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معين. 201- سليمان بن مهران، -ع-2. الأعمش الإمام أبو محمد الأسدي مَوْلاهُمُ الْكَاهِلِيُّ الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ الْمُقْرِئُ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ. يُقَالُ وُلِدَ بِقَرْيَةٍ مِنْ عَمَلِ طَبَرِسْتَانَ يُقَالُ لَهَا أَمَهٌ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَقَدْ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَآهُ يُصَلِّي وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ مَعَ أَنَّ أَنَسًا لَمَّا تُوُفِّيَ كَانَ لِلأَعْمَشِ نَيِّفٌ وَثَلاثُونَ سَنَةً، وَكَانَ يُمْكِنُهُ السَّمَاعُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَقَدْ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَبِي وَائِلٍ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ وَخَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَسَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَهِلالِ بْنِ يَسَافٍ وَيَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ وَأَبِي الضُّحَى وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. حَدَّثَ عَنْهُ أُمَمٌ لا يُحْصَوْنَ مِنْهُمُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ -وهما من شيوخه- وشعبة والسفيانان وجرير وشعبة وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَزَائِدَةُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ   1 الجرح والتعديل "4/ 137". 2 التاريخ الكبير "4/ 37"، وتهذيب التهذيب "4/ 222"، والحلية "5/ 46"، والوافي بالوفيات "15/ 429". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 101 وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَيَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو نعيم. قال ابن المديني: له نحو من ألف وثلاثمائة حديث1. وقال ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ الأَعْمَشُ أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَحْفَظَهُمْ لِلْحَدِيثِ وَأَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِضِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: كَانَ يُسَمَّى الْمُصَحِّفُ مِنْ صِدْقِهِ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: هُوَ عَلامَةُ الإِسْلامِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: بَقِيَ الأَعْمَشُ قَرِيبًا مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً لَمْ تَفُتْهُ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى. وَقَالَ الْخُرَيْبِيُّ: مَا خَلَفَ الأَعْمَشُ أَعْبَدَ مِنْهُ، وَكَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- صَاحِبَ سُنَّةٍ. وَقَدْ قَرَأَ الأَعْمَشُ الْقُرْآنَ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ. وَكَانَ مَعَ جَلالَتِهِ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ صَاحِبَ مُلَحٍ وَمُزَاحٍ، قِيلَ: إِنَّهُ جَاءَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَوْمًا فَخَرَجَ فَقَالَ: لَوْلا أَنَّ فِي مَنْزِلِي مَنْ هُوَ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْكُمْ مَا خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ. رَوَاهَا وَكِيعٌ عَنْهُ. وَقَدْ سَأَلَهُ دَاوُدُ الْحَائِكُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي الصَّلاةِ خَلْفَ الْحَائِكِ؟ فَقَالَ: لا بَأْسَ بها على غير وضوء، قيل: فم شَهَادَةِ الْحَائِكِ؟ قَالَ: تُقْبَلُ مَعَ عَدْلَيْنِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَبَقَ الأَعْمَشُ أَصْحَابَهُ بِخِصَالٍ: كَانَ أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَحْفَظَهُمْ لِلْحَدِيثِ وَأَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِضِ. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان ثِقَةً ثَبْتًا كَانَ مُحَدِّثَ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ، ويقال: ظهر له أربعة آلاف حديث، لم يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ وَكَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ رَأْسًا فِيهِ وَكَانَ فَصِيحًا وَكَانَ أَبُوهُ مِهْرَانُ مِنْ سبي الديلم. قال: وكان الأعمش عسرًا سيئ الْخُلُقِ وَكَانَ لا يَلْحَنُ حَرْفًا وَكَانَ عَالِمًا بِالْفَرَائِضِ. قَالَ: وَكَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ. كَذَا قَالَ، وليس هذا بصحيح عنه بلى، كان صاحب سنة.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 420". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 102 قَالَ: وَلَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهِ إِلا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ -وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ وَأَفْضَلَ- وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مَعْنٍ. قُلْتُ: وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَا الزَّيَّاتُ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَشِ، وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ أَحْقَرَ مِنْهُمْ عِنْدَهُ مع فقره وحاجته. وروى علي بن عثمان عن أبيه قال: قيل للأعمش أَلا تَمُوتُ فَنُحَدِّثُ عَنْكَ، فَقَالَ: كَمْ مِنْ حُبِّ أَصْبَهَانِيٍّ قَدِ انْكَسَرَ عَلَى رَأْسِهِ كِيزَانٌ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّ الأَعْمَشَ قَرَأَ عَلَى زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَزِرٍّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَنَّهُ عَرَضَ أَيْضًا عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ وَجَمَاعَةٍ. وَأَخْبَرَنَا بِيبَرْسُ التُّرْكِيُّ بِحَلَبٍ وَأَيُّوبُ الأَسَدِيُّ بِدِمَشْقَ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ بِبَغْدَادَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُقَرِّبِ أَنَا طَرَّارٌ أَنَا عَلِيٌّ الْعِيسَوِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ ثنا الْعُطَارِدِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بَالَ فَغَسَلَ ذَكَرَهُ غُسْلا شَدِيدًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَصَلَّى بِنَا وَحَدَّثَنَا فَجَاءَ بَيْتَهُ. هَذَا حَدِيثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ1. وَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: أَعْطَيْتُ امْرَأَةَ الأَعْمَشِ، خِمَارًا فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَيَّ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَقْضِهَا فَلا تَغْضَبْ عَلَيَّ، قَالَ: لَيْسَ قَلْبِي فِي يَدِي، قُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ، قَالَ: لا أَفْعَلُ. وَقَالَ عَلَيُّ بْنُ سَعِيدٍ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: مَنْصُورٌ أَثْبَتُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَفِي حديث الأعمش اضطرب كَثِيرٌ2. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاغَنْدِيِّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّوم فقلت: يا رسول اللَّه أيّما أَثْبَتُ فِي الْحَدِيثِ مَنْصُورٌ أَوِ الأَعْمَشُ؟ فَقَالَ: مَنْصُورٌ مَنْصُورٌ. وَقَالَ وَكِيعٌ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: لَوْلا الشُّهْرَةَ لَصَلَّيْتُ الْفَجْرَ ثُمَّ تَسَحَّرْتُ. قُلْتُ: هَذَا كَانَ مَذْهَبُ الأَعْمَشِ وَهُوَ عَلَى الَّذِي روى النسائي في حَدِيثِ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ هُوَ النَّهَارُ إِلا أَنَّ الشَّمْسَ لم تطلع.   1 أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه "9/ 4"، وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 4". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 426". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 103 وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: أَرْسَلَ عِيسَى بْنُ موسى الْهَاشِمِيُّ أَمِيرُ الْكُوفَةِ إِلَى الأَعْمَشِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَصَحِيفَةٍ لِيَكْتُبَ لَهُ فِيهَا حَدِيثًا فَكَتَبَ فِيهَا: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُ الصَّمَدُ" إِلَى آخرها ثم وجه بها فَبَعَثَ إِلَيْهِ: يَا بْنَ الْفَاعِلَةِ أَظَنَنْتَ أَنِّي لا أُحْسِنُ كِتَابَ اللَّهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: وَظَنَنْتَ أَنِّي أَبِيعُ الْحَدِيثَ! 1. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: أَتَى الأَعْمَشَ أَضْيَافٌ فَأَخْرَجَ إِلَيْهِمْ رَغِيفَيْنِ فَأَكَلُوهُمَا فَدَخَلَ فَأَخْرَجَ لَهُمْ نِصْفَ حَبْلٍ مِنْ قَتٍّ عَلَى الْخُوَانِ وَقَالَ: أَكَلْتُمْ قُوتُنَا فَهَذَا قُوتُ شَاتِي فَكُلُوهُ. قَالَ عِيسَى: وَخَرَجْنَا فِي جِنَازَةٍ وَرَجُلٌ يَقُود الأَعْمَشُ فَلَمَّا رَجَعْنَا عَدَلَ بِهِ فَلَمَّا أَصْحَرَ بِهِ قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ في جبانة كذا وكذا ولا أراك حَتَّى تَمْلأَ أَلْوَاحِي حَدِيثًا، قَالَ: اكْتُبْ، فَلَمَّا مَلأَ الأَلْوَاحَ رَدَّهُ، فَلَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ دَفَعَ أَلْوَاحَهُ لِإِنْسَانٍ، فَلَمَّا انْتَهَى الأَعْمَشُ إِلَى بَابِهِ تَعَلَّقَ بِهِ وَقَالَ: خُذُوا الأَلْوَاحَ مِنَ الْفَاسِقِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ فَاتَ، فَلَمَّا أَيِسَ مِنْهُ قَالَ: كُلُّ مَا حَدَّثْتُكَ بِهِ كَذِبٌ، قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ تَكْذِبَ2. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: قُلْتُ لِلأَعْمَشِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَخْذِ شَعْرِكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ فُضُولِ الْحَجَّامِينَ قُلْتُ: فَإِنِّي أَجِيئُكَ بِحَجَّامٍ لا يُكَلِّمُكَ حَتَّى يَفْرُغَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ جُنَيْدًا الْحَجَّامَ وَكَانَ مُحَدِّثًا فَأَوْصَيْتُهُ فَقَالَ: نَعَمْ فَلَمَّا أَخَذَ نِصْفَ شَعْرِهِ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَيْفَ حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ؟ قَالَ: فَصَاحَ الأَعْمَشُ صَيْحَةً وَقَامَ يَعْدُو وَبَقِيَ نِصْفُ شَعْرِهِ أَيَّامًا غَيْرَ مَجْزُوزٍ، رَوَاهَا عَلِيُّ بْنُ خُشْرُمٍ عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ فَإِذَا بِجُنْدِيٍّ فَسَخَّرَهُ لِيَعْبُرَ بِهِ نَهْرًا فَلَمَّا رَكِبَ الأَعْمَشُ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13] فَلَمَّا تَوَسَّطَ بِهِ الأَعْمَشُ فِي الْمَاءِ قَالَ: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون: 29] ثُمَّ رَمَى بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ الأَعَمَشَ لَبِسَ فَرْوًا مَقْلُوبًا وَبَتًّا تَسِيلُ خُيُوطُهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ مَا كَانَ يَأْتِينِي أَحَدٌ وَلَوْ كُنْتُ بَقَّالا كان يقذرني الناس أن يشتروا مني.   1 انظر المصدر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "6/ 427". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 104 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ: جَاءَ رَجُلٌ نَبِيلٌ كَبِيرُ اللِّحْيَةِ إِلَى الأَعْمَشِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ خَفِيفَةٍ مِنَ الصَّلاةِ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا الأَعْمَشُ فقال: انظروا إليه لحيته تحتمل حفظ أربعة آلاف حديث ومسألته صِبْيَانِ الْكُتَّابِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ الأَعْمَشُ مِنَ النُّسَّاكِ وَكَانَ مُحَافِظًا عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَمُرُّ بِي طَرَفي النَّهَارِ فَأَقُولُ: لا أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْحَجَّاجِ حَتَّى وَلاكَ، قَالَ: ثُمَّ نَدِمْتُ فَصِرْتُ أَرْوِي عَنْ رَجُلٍ عنه، رَوَاهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ1. وَقَدْ ذَكَرْنَا بِالإِسْنَادِ أَنَّهُ صَلَّى خَلَفَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَدَخَلَ إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ: سَمِعَ الأعمش من عبد الله بن أبي أَوْفَى وَأَنَسٍ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ثنا الأَعْمَشُ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسًا يُصَلِّي في المسجد الحرام إذا رفع مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ صُلْبَهُ حَتَّى يَسْتَوِي بَطْنُهُ. دَاوُدُ بْنُ مِخْرَاقٍ وَمُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ قَالا: ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى أَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَمَرَّ عَلَى شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ فَضَرَبَهَا بِعَصًا فَتَنَاثَرَ الْوَرَقُ فَقَالَ: إِنَّ "سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ" يُسَاقِطْنَ الذُّنُوبَ كَمَا تُسَاقِطُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا2. وَلِلأَعْمَشِ عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيثَ سَاقَهَا صَاحِبُ الْحِلْيَةِ، لَكِنَّ الأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ فَقَالَ فِيهَا عَنْ فَلا تُحْمَلُ عَلَى الاتِّصَالِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الأَعْمَشَ وُلِدَ بِطَبَرِسْتَانَ وَقَدِمَتْ بِهِ أُمُّهُ طِفْلا وَيُقَالُ حَمْلا إِلَى الْكُوفَةِ، وَمَاتَ بِهَا فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ بِإِجَازَةٍ. 202- سُلَيْمَانُ بْنُ يسير أبو الصباح الكوفي3 –ق-.   1 راجع حلية الأولياء "5/ 46 وما بعدها". 2 "صحيح": أخرجه الترمذي "3544"، وأبو نعيم في الحلية "6339"، ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" "2239". 3 تهذيب التهذيب "4/ 230"، وميزان الاعتدال "2/ 228". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 105 عَنْ مَوْلاهُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَهَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ وَقَيْسِ بْنِ رُومِيٍّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَتْرُوكِ. وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 203- سُلَيْمَانُ النَّاجِيُّ الْبَصْرِيُّ الأَسْوَدُ1 -د ت-. عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَوُهَيْبٌ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَالأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابن معين. 204- سهيل بن حسان أبو السمحاء الْكِلابِيُّ الْمِصْرِيُّ2، الزَّاهِدُ. عَنْ أَبِي قَبِيلٍ الْمُعَافِرِيِّ وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ وَهْبٍ وَخَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَآخَرُونَ. وعظ مرة أمير الاسكندرية. وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ مُتَأَلِّهًا. قَالَ النَّضْرُ بْنُ عبد الجبار: ثنا ضمام عن أب السمحاء قَالَ: نَزَلْتُ بِشِعْبٍ مِنْ مَنَاهِلِ الْحِجَازِ فَإِذَا صاحب المنهل قد أتى بهدية إلى فُسْطَاطٍ فِيهِ الأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ صَاحِبُ خَاتَمِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَتَيْتُهُمَا فَقُلْتُ لَهُمَا: أَلَيْسَ تَعْرِفَانِ لِمَنْ كَانَ هَذَا الْمَالُ، وَإِلَى مَنْ صَارَ؟ قَالا: بَلَى، قُلْتُ: فِلَمَ فبلتما وَالنَّاسُ قَدْ نَظَرُوا إِلَيْكُمَا! فَقَالا: لَوْ رَدَدْنَاهَا كَانَ أَعْظَمَ مِمَّا تُرِيدُ، قَالَ ضَمَّامٌ: قَبِلاهَا خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَهُمَا يَكْرَهَانِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابن يونس: يقال: مات أبو السمحاء سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ. 205- سُهَيْلُ بْنُ ذَكْوَانَ3، أَبُو السِّنْدِيِّ الْمَكِّيُّ. عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ الْعَوَّامِ يَرْمِيهِ بِبَلاءٍ، قَالَ الْهَرَوِيُّ كَانَ بِوَاسِطَ وكان كذابًا.   1 لم أقف له ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. 2 التاريخ لابن معين "2/ 241"، والجرح والتعديل "4/ 248". 3 الجرح والتعديل "4/ 246"، والتاريخ لابن معين "2/ 242 "2486". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 106 وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ، وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ تَرَكَاهُ. وَمِمَّا نُقِمَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: رَأَيْتُ عَائِشَةَ وكانت سوداء مشربة حمرة. 206- بْنُ نَجِيحٍ أَبُو قَطْبَةَ1. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَكَانَ جَارًا لِلأَعْمَشِ. 207- سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ2، -سِوَى ت- مَوْلاهُمُ الْمَكِّيُّ. سَمِعَ مُجَاهِدًا وَقَيْسَ بْنَ سَعْدٍ وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَجَمَاعَةً. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ. وَكَانَ ثِقَةً فِي نَفْسِهِ إِلا أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ رَمَاهُ بِالْقَدَرِ. قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهَا أَرَّخَ ابْنُ سَعْدٍ مَوْتَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. 208- سَيْفُ بْنُ وَهْبٍ، أَبُو وَهْبٍ3. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ وَأَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَرِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. "حرف الشِّينِ": 209- شِبْلُ بْنُ عباد المكي4 -خ د ن- القارئ صَاحِبُ ابْنِ كَثِيرٍ. حَدَّثَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وعمرو بن دينار وعدة، وتلا على ابن كثير.   1 المعرفة والتاريخ "3/ 176"، والجرح والتعديل "4/ 236". 2 التاريخ الكبير "4/ 171"، والصغير "2/ 113"، وطبقات خليفة "283"، ومشاهير علماء الأمصار "147". 3 الجرح والتعديل "4/ 275". 4 تقريب التهذيب "1/ 333"، والعلل "1/ 68"، والثقات "8/ 312". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 107 وتصدر للإقراء فقرأ عليه إسماعيل القسط وعكرمة بن سليمان وابنه داود بن شبل وأبو الإخريط وهب وغيرهم. وحدث عنه ابن عيينة وأبو أسامة وروح بن عبادة ويحيى بن أبي كثير وأبو حذيفة النهدي وعدد كثير. بلغني أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَمَا أَحْسَبُهُ صَحِيحًا فَإِنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ إِنَّمَا سَمِعَ الْحَدِيثَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَشِبْلٌ قَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: كَانَتْ رِيَاسَةُ الإِقْرَاءِ بَعْدَ وَفَاةِ ابْنِ كَثِيرٍ لِشِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ وَقَدْ عَرَضَ الْقُرْآنَ أَيْضًا عَلَى ابْنِ مُحَيْصِنٍ. 210- شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ1 -ت ق- بَصْرِيٌّ. لَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعِكْرِمَةَ. وعنه أحمد بن بشير وإسرائيل وعنبسة بن عبد الرحمن وأبو عاصم. وقال أبو عاصم: لين الحديث. وقال ابن مهدي: ثقة. 211- شبيل بن عزرة2 –د- أبو عمرو البصري الضبعي. أَحَدُ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَشُعْبَةُ. وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابن معين ويقال: كَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ. 212- شَدَّادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلانِيُّ3، الدِّمَشْقِيُّ الضَّرِيرُ أَبُو مُحَمَّدُ. وَيُقَالُ أَبُو هِنْدَ وَيُعْرَفُ بِابْنِ الأَحْنَفِ. أَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدرداء، وروى عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَولاني وأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ بن شابور وآخرون. وكان صدوقا. 213- شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ المدني4 -خ م د ن ق-.   1 التاريخ الكبير "4/ 231"، وتهذيب التهذيب "4/ 306". 2 الجرح والتعديل "4/ 381"، والخلاصة "163". 3 تهذيب ابن عساكر "6/ 294". 4 تهذيب التهذيب "4/ 337"، وميزان الاعتدال "2/ 269"، والمشاهير "81"، تاريخ خليفة "419". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 108 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَكُرَيْبٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَر وَغَيْرُهُمْ. وَجَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْهُ. وَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْكِبَارِ عَنِ الصِّغَارِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فَوَهَّاهُ وَاتَّهَمَهُ بِالْوَضْعِ. وَهَذَا جَهْلٌ مِنِ ابْنِ حَزْمٍ، فَإِنَّ هَذَا الشَّيْخَ مِمَّنِ اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ، نَعَمْ غَيْرُهُ أَوْثَقُ مِنْهُ وَأَثْبَتُ، وَهُوَ رَاوِي حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ وَانْفَرَدَ فِيهِ بِأَلْفَاظٍ غَرِيبَةٍ مِنْهَا "وَدَنَا الْجَبَّارُ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى". 214- شَقِيقُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ شَيْخٌ كُوفِيٌّ1. لَهُ حَدِيثٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَرْفَطَهَ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 215- شُمَيْطُ بْنُ عَجْلانَ الْبَصْرِيُّ الْعَابِدُ2. أَحَدُ زُهَّادِ الْبَصْرَةِ وَهُوَ أَخُو خِضْرِ بْنِ عجلان الشيباني. أسند شيئًا يسيرًا عن التابعين وله مواعظ نافعة وقصص، وفروى سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُمَيْطٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: عَجَبًا لابْنِ آدَمَ بَيْنَمَا قَلْبُهُ فِي الآخِرَةِ إِذْ حَلَّهُ بَرْغُوثٌ أَوْ قَمْلَةٌ فَنَسِيَ الآخِرَةَ. وَعَنْ شُمَيْطٍ قَالَ: الْمُنَافِقُ يَبْكِي مِنْ رَأْسِهِ فَأَمَّا مِنْ قَلْبِهِ فَلا. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ شُمَيْطًا يَقُولُ: رَأْسُ مَالِ الْمُؤْمِنِ دِينُهُ، لا يُفَارِقُهُ وَلا يَخْلُفُهُ فِي الرِّحَالِ وَلا يَأْتَمِنُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ. وَعَنْ شُمَيْطٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَسَمَ الدُّنْيَا بِالْوَحْشَةِ لِيَكُونَ أُنْسُ الْمُنْقَطِعِينَ بِهِ.   1 الجرح والتعديل "4/ 372". 2 المشاهير "153". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 109 وَعَنْهُ قَالَ: حَمَلْتُ عَلَى قَلْبِكَ هَمَّ السِّنِينَ وَالْغَلاءَ وَالرُّخْصَ وَالشِّتَاءَ وَالْحَرَّ قَبْلَ مَجِيئِهِ فَمَاذَا أبقيت من قبلك الضعيف لِآخِرَتِكَ؟. سُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ شُمَيْطِ بْنِ عَجْلانَ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 216- شَيْبَةُ بْنُ نَعَامَةَ1. أَبُو نَعَامَةَ الضَّبِيُّ الْكُوفِيُّ. عن سعيد جبير بن موسى بْنِ طَلْحَةَ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وشريك وهشيم وجرير وإبراهيم ابن الْمُخْتَارِ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. "حرف الصَّادِ": 217- صَاعِدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو الْعَلاءِ الْيَشْكُرِيُّ2، كُوفِيٌّ وَاهٍ. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مِنْ مَوَالِي الشَّعْبِيِّ قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. 218- صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ وَعُرْوَةَ وَمَسْعُودِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَأَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي وَأَبُو أُسَامَةَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: مَالَهُ فِي الْكُتُبِ شَيْءٌ وَلَهُ حَدِيثٌ فِي قَتْلِ مَنْ سَبَّ نَبِيًّا. 219- صَالِحُ بْنُ دِرْهَمٍ أَبُو الأَزْهَرِ الْبَاهِلِيُّ4، شيخ بصري.   1 التاريخ الكبير "2/ 242"، وميزان الاعتدال "2/ 286"، والتاريخ لابن معين "2/ 268". 2 التاريخ الكبير "4/ 334"، وميزان الاعتدال "2/ 287". 3 الجرح والتعديل "4/ 398"، والمعرفة والتاريخ "3/ 218". 4 الخلاصة "170"، والتقريب "1/ 344". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 110 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَوَلَدُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحٍ وَمُسْلِمَةُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَهُوَ آخِرُ شَيْخٍ لَقِيَهُ الْقَطَّانُ. هَكَذَا ذَكَرَ تَرْجَمَتَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 220- صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الثوري –ع-1 الهمذاني الكوفي. أَحَدُ الثِّقَاتِ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَعَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ وغيرهم. وعنه ولداه الحسن وعلي وشعبة السفيانان وَهُشَيْمٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَثِيرًا مَا يَقُولُونَ: صَالِحُ بْنُ حُيَيٍّ، يَنْسُبُونَهُ إِلَى جَدِّهِ حُيَيٍّ وَاسْمُهُ حَيَّانُ. وَقِيلَ: هُوَ صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ حَيَّانَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حيي، كان خَيْرًا مِنِ ابْنَيْهِ. وَرَوَى حَرْبُ الْكِرْمَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. 221- صَالِحُ بن كيسان المدني2 –ع- المؤدب، أَدَّبَ أَوْلادَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ زَمَانَ إِمْرَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ. رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَسَمِعَ عُرْوَةَ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَنَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ وَسَالِمًا وَنَافِعًا مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ والأعرج والزهري وطائفة. وعنه ابن جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَمَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَلْقٌ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ عَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ وَإِنَّمَا طَلَبَ الْعِلْمَ كَهْلا. سُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ. وَكَنَّاهُ بَعْضُهُمْ أَبَا مُحَمَّدٍ وَبَعْضُهُمْ أَبَا الْحَارِثِ، وَوَلاؤُهُ لِدَوْسٍ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ صَالِحٌ جَامِعًا بَيْنَ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالْمُرُوءَةِ. وَقَالَ يَحْيَى بن معين: كان أسن من الزهري.   1 تاريخ أبي زرعة "1/ 660"، والتهذيب "4/ 393". 2 تقريب التهذيب "1/ 346"، وتاريخ الثقات "226". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 111 وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ مُؤَدِّبُ ابْنَ شِهَابٍ فَرُبَّمَا ذَكَرَ صَالِحٌ الشَّيْءَ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ ابْنُ شِهَابٍ وَيَحْتَجُّ بِالأَحَادِيثِ فَيَقُولُ لَهُ صَالِحٌ: تُكَلِّمُنِي وَأَنَا أَقَمْتُ أَوَدَ لِسَانِكَ!. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ صَالِحٌ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لِأَبِي: كَيْفَ رِوَايَةُ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ؟ قَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَدْ رَأَى ابْنَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ قَدْ سَمِعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: صَالِحٌ ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عُقَيْلٍ لِأَنَّهُ حِجَازِيٌّ وَهُوَ أَسَنُّ يُعَدُّ فِي التَّابِعِينَ1. قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَاتَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَنَيِّفٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قُلْتُ: هَذَا غَلَطٌ لا رَيْبَ فِيهِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَانَ يُذْكَرُ مَعَ الصَّحَابَةِ. قَالَ: وَتَلَقَّنَ الْعِلْمَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً. وَكَذَا وَهِمَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي قَوْلِهِ: مَاتَ فِي زَمَنِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ. قُلْتُ: قَدْ رُمِيَ صَالِحٌ بِالْقَدَرِ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ. 222- صَالِحُ بن محمد بن زائدة2 -د ت ق- أبو واقد الليثي المدني. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ أَرْوَى الدَّوْسِيُّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَالِمٍ وَابْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ تَرَكَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. قِيلَ: مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 223- صَبَّاحُ بن ثابت البجلي3.   1 وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 235". 2 تهذيب التهذيب "4/ 401"، والضعفاء الصغير "58"، والجرح والتعديل "4/ 411". 3 التاريخ الكبير "4/ 313". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 112 عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ يحيى ابن مَعِينٍ. 224- صُبَيْحُ بْنُ قَاسِمٍ أَبُو الْجَهْمِ الْكُوفِيُّ1. عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 225- صَدَقَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَنَفِيُّ وَالِدُ الْمُفَضَّلِ2. يَرْوِي عَنْ جَمِيعِ بْنِ عُمَيْرٍ وَمُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ. وعنه زَائِدَةُ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو بكر بن عياش وأيوب بن جابر. قال أبو حاتم: شيخ. 226- صدقة بن عبد الله بن كثير3، الداري المكي. قَرَأَ عَلَى وَالِدِهِ. أَخَذَ عَنْهُ الْحُرُوفُ مُطَرِّفُ بْنُ مَعْقِلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ قُدَامَةَ، وَحَدَّثَ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عيينة. قال ابن أبي حاتم: هو صَاحِبُ حُرُوفِ مُجَاهِدٍ يُكْنَى أَبَا الْهُذَيْلِ. قُلْتُ: وذكر الداني أنه سمع من الزهري. 227- صداقة بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْكُوفِيُّ4 -م ق- قَاضِي الأَهْوَازِ. عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ وَعَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبُرَيْدِ وَأَبُو أُسَامَةَ وَسَعِيدُ بْنُ يَحْيَى اللَّخْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْبُرْسَانِيِّ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ صَالِحٌ. 228- صَدَقَةُ بن المثنى5 -د ن ق- بن رباح بن الحارث النخعي الكوفي. عن جده رباح عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فِي ذِكْرِ الْعَشَرَةِ. وَعَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو داود.   1 المعرفة والتاريخ "2/ 642". 2 ميزان الاعتدال "2/ 310". 3 الجرح والتعديل "4/ 433". 4 تقريب التهذيب "1/ 349"، والخلاصة "173". 5 ميزان الاعتدال "2/ 312"، والتهذيب "4/ 417". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 113 229- الصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامٍ1، أَبُو هَاشِمٍ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَأَبُو أُسَامَةَ وَالْخُرَيْبِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَصْدَقَ أَهْلِ الْكُوفَةِ. 230- الصلت بن دينار2، أبو شعيب المجنون الأزدي الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي نَضْرَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَمُعْتَمِرٌ وَوَكِيعٌ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَطَائِفَةٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. ضَعَّفُوهُ. "حرف الضَّادِ": 231- ضُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مالك3 -د ن ق- بْنُ أَبِي السَّلِيكِ الْحَضْرَمِيُّ وَيُقَالُ: الأَلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ نَزِيلُ اللاذِقِيَّةِ. عَنْ أَبِيهِ وَدُوَيْدِ بْنِ نَافِعٍ وَأَبِي الصَّلْتِ السَّامِيِّ. ومنهم من نسبه إلى جَدّه الأعلى، ومنهم من جعلهم ثلاثة. رَوَى عَنْهُ بَقِيَّةُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَوَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ ضُبَارَةَ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ وَسَاقَ لَهُ أَحَادِيثَ تُنْكَرُ. وَقَالَ الْجُوزْجَانِيُّ: رَوَى حَدِيثًا مُعْضِلا. وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ عَنْهُ. 232- الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن أبي حوشب4 –ن- أو ابن حوشب أبو زرعة الأنصاري الدمشقي. وقيل: يكنى أبا بشر. رَأَى وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ، وَرَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَمُسْلِمِ بْنِ مُشْكَمٍ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وغيرهم. وعنه الوليد بن مسلم والوليد بن مزيد وابن شابور وعيسى بن يونس.   1 الجرح والتعديل "4/ 438"، تهذيب ابن عساكر "4/ 446". 2 التهذيب "4/ 434"، وطبقات ابن سعد "7/ 279". 3 ميزان الاعتدال "2/ 322". 4 ميزان الاعتدال "2/ 324"، والوافي بالوفيات "16/ 354"، وتهذيب التهذثيب "4/ 446". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 114 قال أبو حاتم: هو من أجل أهل الشام. وقال دحيم: ثقة ثبت. قلت: روى له النسائي حديثا عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عمر قال لصهيب: ما لي أَرَى عَلَيْكَ خَاتَمَ الذَّهَبِ! قَالَ: قَدْ رَآهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. 233- ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ الْكُوفِيُّ1 -م د ت ن-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَمُحَارِبِ بْنِ دَثَّارٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُشَيْمٌ وَوَكِيعٌ وَعِدَّةٌ, وَكَانَ مِنَ الْعَبَّادِ الْبَكَّائِينَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كُوفِيٌّ ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ حَدِيثًا، وَكَانَ ضِرَارٌ صَدِيقًا لِمُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. "حرف الطَّاءِ": 234- طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ2 –ع-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَالشَّعْبِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَقِيلَ: أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ الأَعْمَشُ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَقْرَانِهِ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَغَيْرُهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِذَاكَ. وَقَالَ الْقَطَّانُ: هُوَ عِنْدِي كإبراهيم بن مهاجر. 235- طريف بن شهاب3 -ت ق- وَقِيلَ: ابْنُ سَعْدٍ، وَقِيلَ: ابْنُ سُفْيَانَ أَبُو سفيان السعدي ابن الأشل. عَنِ الْحَسَنِ وَأَبِي نَضْرَةَ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وجماعة.   1 التاريخ الكبير "4/ 339"، وتهذيب التهذيب "4/ 457". 2 الجرح والتعديل "4/ 485"، والمعرفة والتاريخ "3/ 90". 3 تقريب التهذيب "1/ 359"، والعلل "1/ 181". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 115 قال أحمد: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا: ضَعِيفٌ. 236- طَلْحَةُ بْنُ الأَعْلَمِ أَبُو الْهَيْثَمِ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرُ الضَّبِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ نَزَلَ الرَّيَّ. 237- طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأيلي2 –خ4- عن القاسم بن محمد وزريق بْنِ حَكِيمٍ الأَيْلِيِّ. وَعَنْهُ وَلَدُ أَخِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ الأَيْلِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -وهو من أقرانه- وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 238- طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طلحة3 –م4- بن عبيد الله القرشي التيمي الكوفي. عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ وَعَائِشَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله وعروة بْنِ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَالْخُرَيْبِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَسَنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جِنَازَةِ غُلامٍ مِنَ الأَنْصَارِ لِيُصَلِّي عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: يَا عَائِشَةَ أَوْ غَيْرُ هَذَا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ والنَّسائي مِنْ وُجُوهٍ عَنْ طَلْحَةَ تَفَرَّدَ بِهِ. تُوُفِّيَ طَلْحَةُ فِي سنة سبع، وقيل: سنة ثمان وأربعين ومائة.   1 التاريخ الكبير "4/ 349"، والجرح والتعديل "3/ 482". 2 التاريخ لابن معين "2/ 278"، وتارخ أبي زرعة "1/ 503". 3 تهذيب التهذيب "5/ 27"، وطبقات ابن سعد "6/ 251". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 116 "حرف الْعَيْنِ": 239- عَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ الْكِنْدِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ1 -د ت ق-. عَنْ أَبِيهِ وَمَكْحُولٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَدَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْخُرَيْبِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 240- عاصم بن سليمان الأحول2 –ع- الحافظ أبو عبد الرحمن البصري قَاضِي الْمَدَائِنِ. رَوى عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَرْجِس وَأَنَسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَسُعَادَةَ الْعَدَوِيَّةِ وعكرمة وجماعة. وعنه شعبة وابن المبارك وابن عيينة وأبو معاوية وابن علية ويزيد بن هارون وخلق سواهم. ولي حسبة الكوفة مدة وولي قضاء المدائن وكان من أئمة العلم. روى علي بن مسهر عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: حُفَّاظُ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ3 وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، قُلْتُ: الثَّوْرِيُّ وَالأَعْمَشُ؟ فَأَبَى أَنْ يَحْفَظَهُ مَعَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لا يُحَدِّثُ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ يَسْتَضْعِفُهُ. وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ نَهَى أَنْ يُجْعَلَ فِي الْخَاتَمِ فَصٌّ مِنْ غَيْرِهِ، قَالَ عَاصِمٌ: فَلَمَّا أَخْبَرَنِي كَانَ فِي يَدِي فَصٌّ فَقَلَعْتُهُ، قَالَ حَمَّادٌ: فَقُلْتُ لِحُمَيْدٍ: حَدَّثَنِي عَاصِمٌ عَنْكَ بِكَذَا وَكَذَا فَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ يَقُولُ: رَأَيْتُ عَاصِمًا الأَحْوَلَ وَالِي السُّوقِ وَهُوَ يَقُولُ: اضْرِبُوا رَأْسَ هَذَا النَّبَطِيِّ لا أَرْوِي عَنْهُ شَيْئًا. وَرَوَى ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ بِالْحَافِظِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ وَاحْتَجُّوا به في صحاحهم.   1 التهذيب "5/ 41"، وميزان الاعتدال "2/ 350"، والمشاهير "183". 2 تهذيب التهذيب "5/ 42"، والجرح والتعديل "6/ 474"، وتذكرة الحفاظ "1/ 149"، خلاصة تذهيب الكمال "182". 3 وانظر: سير أعلام النبلاء "6/ 263". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 117 * عَامِرٌ الأَحْوَلُ1. قَدِيمُ الْمَوْتِ. قَدْ ذُكِرَ. 241- عَامِرُ بن عبيد الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ2 –خَتٌّ- قَاضِي الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي الْمُلَيْحِ الْهُذَلِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ مُغَلِّسٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ. 242- عَبَّادُ بْنُ الرَّيَّان3 أَبُو طُرْفَةَ اللَّخْمِيُّ الْحِمْصِيُّ. سَمِعَ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَمَكْحُولا وَعُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيُّ مَا عَلِمْتُ فِيهِ جُرْحًا فَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. 243- عَبْدُ الأعلى بن الحجاج السفلي4. عَنْ أَخِيهِ قَيْسٍ. وَعَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَسَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَافِرِيُّ وَمُوسَى بْنُ سَلَمَةَ. تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 244- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ السَّمْحِ أَبُو الْخَطَّابِ الْمُعَافِرِيُّ5. مَوْلاهُمُ الْفَقِيهُ رَأْسُ الإِبَاضِيَّةِ. وَهُمْ صِنْفٌ مِنَ الْخَوَارِجِ خَرَجُوا بِالْمَغْرِبِ، وَدُعِيَ لَهُ بِالْخِلافَةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ وَكَانَ لَهُ شَأْنٌ، فَنَدَبَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ الْخُزَاعِيُّ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ. وَفِي آخِرِ الأَمْرِ قُتِلَ عَبْدُ الأَعْلَى، وَكَانَتْ أَيَّامُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ. 245- عَبْد الأَعْلَى بْنُ مَيْمُونَ بْنِ مِهْران6. عَن أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ برقان وعمرو بن الحارث   1 وراجع: تهذيب التهذيب "5/ 77"، وميزان الاعتدال "2/ 362". 2 التاريخ الكبير "6/ 455"، وتهذيب التهذيب "5/ 79". 3 تهذيب ابن عساكر "7/ 219". 4 التاريخ الكبير "6/ 73"، والجرح والتعديل "6/ 28". 5 النجوم الزاهرة "1/ 386". 6 الجرح والتعديل "6/ 27"، وتارخ أبي زرعة "1/ 623". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 118 وَغَيْرُهُمَا. وَكَثِيرًا مَا يُرْسِلُ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وأربعين ومائة. 246- عبد الله بن حسن1 -4- ابن السيد الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ. أَبُو مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ اللَّذَيْنِ خَرَجَا عَلَى الْمَنْصُورِ، وَأُمُّهُ هِيَ فَاطِمَةُ ابْنَةُ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ. يَرْوِي عَنْ أَبَوَيْهِ. وعن عبد الله بن جعفر -وله صحبة- وعن إبراهيم بْنِ طَلْحَةَ وَهُوَ عَمُّهُ لِلأُمِّ وَعَنِ الأَعْرَجِ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَمَالِكٌ وَآخَرُونَ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ وَكَانَ لَهُ شَرَفٌ وَعَارِضَةٌ وَهَيْبَةٌ وَلِسَانٌ شَدِيدٌ، وَفَدَ عَلَى السَّفَّاحِ بِالأَنْبَارِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: كَانَ ذَا مَنْزِلَةٍ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلافَتِهِ ثُمَّ أَكْرَمَهُ السَّفَّاحُ وَوَهَبَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سُمَّ بِبَابِ الْقَادِسِيَّةِ وَهُوَ بِهَا مَدْفُونٌ وَلَهُ بِهَا آيَاتٌ تُذْكَرُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَنَّ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ قَدِمَ عَلَى السَّفَّاحِ فَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ وَدَعَا بِسِفْطِ جَوْهَرٍ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا وَصَلَ إِلَيَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَأَعْطَاهُ نِصْفَهُ. وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ أَنَّ الْمَنْصُورَ آذَاهُ وَسَجَنَهُ مِنْ أَجْلِ وَلَدَيْهِ. وَمَاتَ فِي أَوَاخِرِ سنة أربع وأربعين ومائة. 247- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ2 –ع- الفزاري مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ أَبُو بَكْرٍ. عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَالأَعْرَجِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَغُنْدَرٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ. وَضَعَّفَهُ أبو حاتم والعمل على الاحتجاج به.   1 المشاهير "127"، وتهذيب التهذيب "5/ 186". 2 التهذيب "5/ 239"، والجرح والتعديل "5/ 70". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 119 مَاتَ نَحْوًا مِنْ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ. 248- عَبْدُ اللَّهِ بن سعيد بن أبي سعيد كيسان1 -ت ق- المقبري المديني أبو عباد. عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ. وَعَنْهُ أَخُوهُ سَعْدٌ وَهُشَيْمٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. وَأَبُو ضُمْرَةَ وصفوان ابن عيسى وآخرون. متفق على ضعفه. وقال الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا يُكْتَبُ حديثه. 249- عبد الله بن شبرمة2 -م د ن ق- ابن الطُّفَيْلِ بْنُ حَسَّانٍ أَبُو شُبْرُمَةَ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ. الفقيه عالم أهل الكوفة مَعَ الإِمَامُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَهُوَ عَمُّ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَعُمَارَةُ أسن منه وأوثق. روى ابن شبرمة عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَعَبْدِ الله وبن شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَأَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةِ وَأَبِي زُرْعَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَخَلْقٍ. وعنه شعبة والسفيانان وشريك وهشيم حماد بْنُ زَيْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ وَشُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حنبل وغيره. قال أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ عَفِيفًا صَارِمًا عَاقِلا يُشْبِهُ النُّسَّاكَ، وَكَانَ شَاعِرًا جَوَّادًا كَرِيمًا وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ لَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ حَدِيثًا3. قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: سَمِعْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ إذا اجتمعت أنا والحارث العلكي على مسألة لم نبال من خالفنا. قال عبد الوارث: ما رأيت أحدا أسرع جوابا من ابن شبرمة. قال معمر: رأيت ابن شبرمة إذا قَالَ لَهُ الرَّجُلُ جُعِلْتُ فِدَاكَ، يَغْضَبُ وَيَقُولُ: قُلْ غَفَرَ الله لك. وقال محمد بن السماك على ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: مَنْ بَالَغَ فِي الْخُصُومَةِ أثم ومن   1 الضعفاء والمتروكين "65"، وميزان الاعتدال "2/ 429". 2 تقريب التهذيب "1/ 399"، والعلل "1/ 59". 3 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 500". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 120 قَصَّرَ فِيهَا خَصِمَ، وَلا يَطِيقُ الحق مَنْ بالى على من دار الأمر1. قال ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: عَجِبْتُ لِلنَّاسِ يَحْتَمُونَ مِنَ الطَّعَامِ مَخَافَةَ الدَّاءِ وَلا يَحْتَمُونَ مِنَ الذُّنُوبِ مَخَافَةَ النَّارِ2. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ عِيسَى بْنُ مُوسَى لا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَ ابْنِ شُبْرُمَةَ فَبَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى عِيسَى بِعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ لِيَحْبِسَهُ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: اقْتُلْهُ فَاسْتَشَارَ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَقَالَ لَهُ: لَمْ يُرِدِ الْمَنْصُورُ غَيْرَكَ. وكان عيسى ولي عهد الْمَنْصُورِ، فَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ احْبِسْهُ وَاكْتُبْ إِلَيْهِ أَنَّكَ قَتَلْتَهُ، فَفَعَلَ فَجَاءَ إِخْوَتُهُ إِلَى عِيسَى فَقَالَ لَهُمْ: كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَقْتُلَهُ وَقَدْ قَتَلْتُهُ، فَرَجَعُوا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ، فقال: كذب أقيدنه بِهِ، فَارْتَفَعُوا إِلَى الْقَاضِي، فَلَمَّا حَقَّقُوا عَلَيْهِ طَرَحَهُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَتَلَنِي اللَّهُ إن لم أقتل الأعرابي فإن عيسى لا يعرف هذا، فمازال ابْنُ شُبْرُمَةَ مُخْتَفِيًا حَتَّى مَاتَ بِخُرَاسَانَ، سَيَّرَهُ إِلَيْهَا عِيسَى بْنُ مُوسَى3. وَرَوَى ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَمُغِيرَةُ والحارث العتكي يَسْهَرُونَ فِي الْفِقْهِ فَرُبَّمَا لَمْ يَقُومُوا حَتَّى يُنَادَى بِالْفَجْرِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ ابْنُ شُبْرُمَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 250- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ. عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ4. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَبَدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 251- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَخُو خَالِدِ بن أبي عثمان. حدث ع ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بن عبد الله الأنصاري وغيرهم.   1 انظر المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 انظر السابق. 4 تهذيب التهذيب "5/ 280"، والجرح والتعديل "5/ 91". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 121 قال أبو حاتم: صدوق لَا بأس به. 252- عَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو أَيُّوبَ الأَفْرِيقِيُّ1 –ت- ثم الكوفي الأزرق. عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَالزُّهْرِيِّ وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ. لَيَّنَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 253- عَبْدُ اللَّهِ بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس2، بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ عَمُّ الْمَنْصُورِ وَالسَّفَّاحِ. أَحَدُ دُهَاةِ الرِّجَالِ وَمِنَ الشُّجْعَانِ الأَبْطَالِ. وَهُوَ الَّذِي انْتُدِبَ لِمُلْتَقَى مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَهَزَمَ مروان ولج في طلبه وطوى الممالك حَتَّى نَازَلَ دِمَشْقَ وَحَاصَرَهَا وَتَمَلَّكَهَا وَافْتَتَحَهَا بِالسَّيْفِ، وَعَمِلَ كَمَا تَعْمَلُ التَّتَارُ، وَأَسْرَفَ فِي قَتْلِ بَنِي أُمَيَّةَ وَلَمْ يَرْقُبْ فِيهِمْ إِلا وَلا ذِمَّةً، وَلا رَعَى فِيهِمْ رَحْمَةً وَلا قَرَابَةً. ثم جهز أخاه داود إِلَى دِيَارِ مِصْرَ فِي طَلَبِ مَرْوَانَ فَأَدْرَكَهُ بِبُوصِيرَ فَبَيَّتَهُ وَقَتَلَهُ وَلَمَّا مَاتَ السَّفَّاحُ وَهَذَا بِالشَّامِ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَزَعَمَ أَنَّ عَلَى مِثْلِ هَذَا بَايَعَ ابْنُ أَخِيهِ، فَبَايَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ بِالْخِلافَةِ وَبَايَعَ النَّاسُ الْمَنْصُورَ بِعَهْدٍ مِنْ أَخِيهِ، فَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ صَاحِبِ الدَّعْوَةً أَبَا مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيَّ، فَسَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقْصِدُ الآخَرَ، فَكَانَ الْمَصَافُّ بَيْنَهُمَا بِنَصِيبِينَ، فَعَظُمَ الْقِتَالُ وَاشْتَدَّ الْبَلاءُ، ثُمَّ انْهَزَمَ جَيْشُ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ الظَّفَرُ لِأَبِي مُسْلِمٍ، فَسَاقَ عَبْدَ اللَّهِ فِي طَائِفَةٍ مِنْ مَوَالِيهِ وقصد البصرة، وبها أخوه، فأخفاه عنده مدة، ثم لم نزل المنصور بِهِ حَتَّى بعثه إِلَيْهِ فَسَجَنَهُ، ثُمَّ عَمِلَ عَلَى قَتْلِهِ سِرًّا. فَقِيلَ: إِنَّهُ حَفَرَ أَسَاسَ الْحَبْسِ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَوَقَعَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة. وقد مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ3. 254- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ4 -د ت ق- ابْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو مُحَمَّدَ الهاشمي الطالبي المدني. أمه هِيَ زَيْنَبُ الصُّغْرَى بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب.   1 تهذيب التهذيب "5/ 325". 2 تاريخ بغداد "10/ 8"، والمحبر "485"، مروج الذهب "4/ 138"، وتاريخ الطبري "3/ 92". 3 وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 373 وما بعدها". 4 ترجم له الذهبي "6/ 403" كما في السير، وفي ميزان الاعتدال "2/ 484"، والكاشف "2/ 113"، والمغني في الضعفاء "1/ 354". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 122 رَوَى عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَالطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَخَالِهِ محمد بن الحنيفة وَالرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ وَسَعِيدِ بْنِ المسيب. وعنه زائدة وفليح بْنُ سَلَمَةَ وَالسُّفْيَانَانِ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَآخَرُونَ. احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا أَحْتَجُّ بِهِ لِسُوءِ حِفْظِهِ. وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: كَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحُمَيْدِيُّ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ مُقَارِبُ الحديث. وقال بعقوب التَّيْمِيُّ: ثنا ابْنُ عُقَيْلٍ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي جابر بن عبد الله فنسأله عن سُنَن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَكْتُبُهَا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَخَلِيفَةُ: مَاتَ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ ومائة. 255- عبد الله بن المستور1 أَبُو ضُمْرَةَ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى الأَنْصَارِ. رَأَى أَنَسًا وروى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لبينة. وعنه مجمع بن يعقوب وأبو أسامة ومحمد بن عبيد الطنافسي وغيرهم. قال ابن معين: صالح. 256- عبد الله بن مسلم بن هرمز المكي2 –ق- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو عَاصِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقوي يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَكَنَّاهُ شَبَّابٌ الْعُصْفُرِيُّ: أَبَا الْعَجْفَاءِ. 257- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُقَفَّعِ3: أَحَدُ الْمَشْهُورِينَ بِالْكِتَابَةِ والبلاغة والترسل   1 الجرح والتعديل "5/ 170". 2 التاريخ الكبير "5/ 190"، والجرح والتعديل "5/ 164"، والمجروحين "2/ 32". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 406"، والفهرست "118"، والوزراء والكتاب "109"، وأخبار الحكماء "148"، والبداية والنهاية "10/ 96". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 123 والبراعة. وكان فارسيًا فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ عَمِّ السَّفَّاحِ وَهُوَ كَهْلٌ، ثُمَّ كَتَبَ لَهُ وَاخْتَصَّ به. ومن كلام ابن المثفع قَالَ: شَرِبْتُ مِنَ الْخُطَبِ رَيًّا وَلَمْ أَضْبُطْ لَهَا رَوِيًّا فَغَاضَتْ ثُمَّ فَاضَتْ، فَلا هِيَ هِيَ نِظَامًا، وَلا هِيَ غَيْرُهَا كَلامًا. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: صَنَّفَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ "الدُّرَّةَ الْيَتِيمَةَ" الَّتِي لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهَا فِي فَنِّهَا، وَقَدْ سُئِلَ: مَنْ أَدَّبَكَ؟ قَالَ: نَفْسِي، كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ مِنْ غَيْرِي حُسْنًا أَتَيْتُهُ، وَإِذَا رَأَيْتُ قَبِيحًا أَبَيْتُهُ. وَيُقَالُ: كَانَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ عِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَقْلِهِ. وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ كِتَابَ "كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ" فِيمَا قِيلَ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَرَّبَهُ مِنَ الْفَارِسِيَّةِ. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: جَاءَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ إِلَى عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ فقال: أريد أن أسلم على يديك، فَقَالَ: لِيَكُنْ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ غَدًا، ثُمَّ جَلَسَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ وَهُوَ يَأْكُلُ وَيُزَمْزِمُ عَلَى دِينِ الْمَجُوسِيَّةِ فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَتُزَمْزِمُ وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُسْلِمَ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَبِيتَ عَلَى غَيْرِ دِينٍ. وَكَانَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ يُتَّهَمُ بِالزَّنْدَقَةِ1. وَعَنِ الْمَهْدِيِّ قَالَ: مَا وَجَدْتُ كِتَابَ زَنْدَقَةٍ إِلا وَأَصْلُهُ ابْنُ الْمُقَفَّعِ. وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ الْمُقَفَّعِ كَانَ يَنَالُ مِنْ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَيُسَمِّيهِ ابْنَ الْمُغْتَلِمَةِ، فَحَنَقَ عَلَيْهِ وَقَتَلَهُ بِإِذْنِ الْمَنْصُورِ، وَلِكَوْنِهِ كَتَبَ فِي تَوَثُّقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ مِنَ الْمَنْصُورِ يَقُولُ: وَمَتَى غَدَرَ بِعَمِّهِ فَنِسَاؤُهُ طَوَالِقُ، وَعَبِيدُهُ أَحْرَارٌ، وَدَوَابُّهُ حُبُسٌ، وَالْمُسْلِمُونَ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِهِ. فَلَمَّا وَقَفَ الْمَنْصُورُ عَلَى ذَلِكَ عَظُمَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ إِلَى سُفْيَانَ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: دَخَلَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ عَلَى سُفْيَانَ وَقَالَ: أَتَذْكُرُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي أُمِّي؟ قَالَ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ أَيُّهَا الأَمِيرُ فِي نَفْسِي، فَأَمَرَ لَهُ بتنور فَسُجِّرَ ثُمَّ قَطَّعَ أَرْبَعَتَهُ ثُمَّ سَائِرَ أَعْضَائِهِ وَأَلْقَاهَا فِي التَّنُّورِ، وَهُوَ يَنْظُرُ، وَقَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ فِي الْمُثْلَةِ بِكَ حَرَجٌ لِأَنَّكَ زِنْدِيقٌ قَدْ أَفْسَدْتَ النَّاسَ، فَسَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ وَعِيسَى عَنْهُ فَقِيلَ: إِنَّهُ دَخَلَ دَارَ سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ سَلِيمًا وَلَمْ يَخْرُجْ، فَخَاصَمَاهُ إِلَى الْمَنْصُورِ وَأَحْضَرَاهُ مُقَيَّدًا فَشَهِدَ شُهُودٌ بِالْحَالِ فَقَالَ الْمَنْصُورُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ سُفْيَانَ، فَخَرَجَ ابْنُ المقفع من هذا المجلس   1 انظر سير أعلام النبلاء "6/ 406". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 124 أَأَقْتُلُكُمْ بِسُفْيَانَ؟ فَنَكَلُوا عَنِ الشَّهَادَةِ كُلُّهُمْ وَعَلِمُوا أنه بِرِضَا الْمَنْصُورِ. وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ الْمُقَفَّعِ عَاشَ سِتًّا وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَحَكَى الْبَلاذْرِيُّ أَنَّ سُفْيَانَ ألقاه في بئر. قيل: أَدْخَلَهُ حَمَّامًا وَأَغْلَقَهُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّ قَتْلَهُ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: فِي نَحْوِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. وَكَانَ اسْمُ أَبِيهِ دَاذَوَيْهِ، وَكَانَ كَاتِبًا، وَلِيَ لِلْحَجَّاجِ خَرَاجَ فَارِسٍ فَخَانَ وَأَخَذَ مِنَ الأَمْوَالِ فَعَذَّبَهُ الْحَجَّاجُ فَتَقَفَّعَتْ يَدُهُ فَلُقِّبَ الْمُقَفَّعَ. وَقِيلَ: بَلِ الَّذِي عَذَّبَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ الأَمِيرُ. وَالْمُقَفَّعُ: بِفَتْحِ الْفَاءِ، الصَّحِيحُ. وَقَالَ ابْنُ مَكِّيٍّ فِي كِتَابِ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ: يَقُولُونَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ، وَالصَّوَابُ بِكَسْرِ الْفَاءِ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ الْقِفَاعَ وَيَبِيعُهَا وَهِيَ قِفَافُ الْخُوصِ. 258- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ1 –ق- أَبُو عَبْدِ الْجَلِيلِ. وَيُقَالُ: أَبُو إِسْحَاقَ. وَيُقَالُ: أبو ليلى. وقال أبو أحمد الحاكم: روى عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حُرَّةَ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ وَوَكِيعٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 259- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بن فنطس الهذلي2. مدني مقل. له عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ. وعنه ابن أبي ذئب والثوري وحاتم بن إسماعيل وعلي ابن ثابت. قال ابن معين: صالح. 260- عبد الله بن يزيد بن آدم الدمشقي3. عَنْ أَبِي أُمَامة وواثلة بْن الأسقع وأنس بن مالك وَحَدَّثَ بِالْجَزِيرَةِ. رَوَى عَنْهُ فَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ وَكَثِيرُ بْنُ مَرْوَانَ وَطَلْحَةُ بْنُ يَزِيدَ الرَّقِّيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيثُهُ مَوْضُوعَةٌ. قدم بغداد أيام المنصور.   1 تهذيب التهذيب "6/ 48"، والجرح والتعديل "5/ 178"، والمجروحين "2/ 32"، والمتروكين "66". 2 لسان الميزان "6/ 485"، والجرح "5/ 197". 3 ميزان الاعتدال "2/ 526". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 125 261- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ الثَّقَفِيُّ1. عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَسَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيَّانِ. 262- عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو مَالِكٍ الْيَحْصُبِيُّ2 –ن- المصري. عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ وَهْبٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسَ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 263- عَبْدُ الْجَلِيلِ بن عطية أبو صالح القيسي البصري3 -د ن- عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَجَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَجَمَاعَةٌ. وَسَيَأْتِي فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 264- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ وَاصِلٍ أَبُو وَاصِلٍ الْبَاهِلِيُّ4. أَرْسَلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وله عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَشُعْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ وَعَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 265- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله بن الحارث القرشي5 –م4- العامري المدني. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. يُقَالُ لَهُ: عَبَّادٌ. وَقِيلَ: بَلْ هُمَا أَخَوَانِ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وعبد الله بن يزيد مولى المنبعث وأبي عبيدة بن محمد بن عمار. وعنه يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وابن علية وعبد الله بن رجاء المكي لا الْغُدَانِيُّ.   1 التاريخ الكبير "5/ 232". 2 تقريب التهذيب "1/ 435"، والثقات "8/ 421". 3 ميزان الاعتدال "2/ 535"، والجرح والتعديل "6/ 33" والتاريخ لابن معين "2/ 341". 4 التاريخ الكبير "6/ 45"، والجرح والتعديل "6/ 45". 5 تهذيب التهذيب "6/ 137"، والتاريخ لابن معين "2/ 344". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 126 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال أبو داود: هو عباد. وقال ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ آخَرُ: كَانَ كَثِيرَ الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ شَاعِرًا فَصِيحًا مُفَوَّهًا. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ قَدَرِيًّا فَنَفَاهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. 266- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الله بن عياش1 -4- بن أبي ربيعة المخزومي وَأَبُو الْحَارِثِ الْمَدَنِيُّ. وَهُوَ وَالِدُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ. عَنْ طَاوُسٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ. 267- عبد الرحمن بن حرملة2 –م4- بن عمرو وَأَبُو حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيُّ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَحَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَخَلْقٌ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: لا يحتج به. وضعفه يَحْيَى الْقَطَّانُ وَلَيَّنَهُ الْبُخَارِيُّ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 268- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيُّ3، أَبُو سَلَمَةَ. وَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ وَالْقِصَصَ ثُمَّ عُزِلَ وَوَلِيَ دِيوَانَ الْجُنْدِ. وَجَدُّهُ مِنْ فُضُلاءِ الْمِصْرِيِّينَ اسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ هَانِئٍ الْمُعَافِرِيُّ حَلِيفُ بَنِي جَيْشَانَ. مَاتَ عَبْدُ الرحمن في سنة ثلاث وأربعين ومائة.   1 التهذيب "6/ 155"، وميزان الاعتدال "2/ 554". 2 الضعفاء الصغير "70"، والمشاهير "137". 3 انظر: كتاب "الولاة والقضاة" "ص/ 353". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 127 * عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ الثَّعْلَبِيُّ الْعَامِرِيُّ1، أَبُو يَعْفُورٍ، يَأْتِي فِي الْكُنَى. 269- عَبْدُ الرحمن بن عطية المدني2 –د- صَاحِبُ الشَّارِعَةِ أَرْضٌ بِالْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَهُوَ مُقِلٌّ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 270- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ الْعَتَكِيُّ3، أَبُو رَوْحٍ. بَصْرِيٌّ. عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ. وَعَنْهُ صَالِحٌ أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ. 271- عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَبُو أُمَيَّةَ السِّنْدِيُّ4. مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الملك وكاتب عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَسَكَنَ فِلَسْطِينَ بِنَابُلْسَ. رَوَى عَنْهُ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَسَوَّارُ بْنُ عُمَارَةَ الرَّمْلِيَّانُ وَعِرَاكُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 272- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ الدِّمَشْقِيُّ5. عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَنَافِعٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه سعيد بن أبي أيوب والهيثم بن حُمَيْدٍ. لا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. 273- عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مَيْمُونٍ6 -د ت ق- مِنْ مَوَالِي أهل المدينة. سكن مصر. ويقال: اسمه يحيى.   1 التهذيب "6/ 225". 2 الجرح والتعديل "5/ 272". 3 التاريخ الكبير "5/ 339"، والجرح والتعديل "5/ 378". 4 الجرح والتعديل "5/ 305". 5 تهذيب التهذيب "6/ 268". 6 ميزان الاعتدال "2/ 607". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 128 رَوَى عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ زَاهِدًا عَابِدًا مُجَابَ الدَّعْوَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 274- عَبْدُ السَّلامِ بْنُ أَبِي الْجَنُوبِ الْمَدَنِيّ1 –ق-. عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَابْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. 275- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْن عَبْد اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2، الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ. وَالِدُ الزَّاهِدِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ. رَوَى عَنْ عَمِّهِ سالم وأبي بكر بن حزم. وعن ابْنُهُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ. وَكَانَ أَحَدَ مَنْ قَامَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ أَتَوْا بِهَذَا مُقَيَّدًا إِلَى الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صِلْ رَحِمِي وَاعْفُ عَنِّي وَاحْفَظْ فِيَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَعَفَا عَنْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: كَانَ نَبِيهًا وَجِيهًا مِنْ أَحْسَنِ الرِّجَالِ وَأَبْرَعَهُمْ جَمَالا. 276- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بن عبد العزيز3 –ع- بن مروان الأموي أبو محمد. حَدَّثَ بِالْكُوفَةِ عَنْ أَبِيهِ وَمُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَخَلْقٌ. وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْعُلَمَاءِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ. 277- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ قَرِيرٍ4 الْعَبْدِيُّ البصري –بخ- أخو عبد الملك له عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وعطاء. وعنه الثوري ورواد بن الجراح وضمرة.   1 تهذيب التهذيب "6/ 351"، والتاريخ لابن معين "2/ 364". 2 الجرح والتعديل "5/ 386"، وتهذيب التهذيب "6/ 344". 3 التاريخ الكبير "6/ 21"، وتاريخ أبي زرعة "6/ 569". 4 التاريخ الكبير "6/ 18"، والجرح والتعديل "5/ 392"، والخلاصة "241". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 129 قال ربيعة وآخرون: وثقه النسائي. وكان بعسقلان. ووثقه أيضا ابن معين. وقال أبو حاتم: كانوا يظنون قديما أَنَّ رِوَايَةَ مَالِكِ بْنِ عبد الملك بن قرير وَهْمٌ وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَرِيرٍ الْبَصْرِيِّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: رَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَرِيرٍ وَإِنَّمَا هو ابن قريب. قال الأصمعي: سمع من مالك، ولما سمع هذا يَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ قَالَ: غَلَطَ ابْنُ مَعِينٍ. 278- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ وَهْبٍ1 -4- وَهُوَ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي بُرَيْدٍ الْعُقَيْلِيُّ الْعَامِلِيُّ أَبُو عَمْرٍو. عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ الصَّحَابِيِّ. وَعَنْهُ عَبَّادُ بن ليث الراسي وَوَكِيعٌ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 279- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَشِيرٍ الْبَصْرِيُّ2 -د ت ن- نَزَلَ الْمَدَائِنَ. رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَاوِرٍ وَحْفَصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ. وعنه الثوري وزهير بن معاوية وعبد الرحمن المحاربي وجماعة وثقوه. 280- عبد الملك بن سعيد بن حيان3 -م د ن- بن أبجر الهمذاني الكوفي. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ بْنِ وَاثِلَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ وجماعة. كان ثِقَةً صَالِحًا خِيَارًا لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا، بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا قَالَ لَهُ: أَشْتَهِي أن أمرض، فقال: كل سمكًا مالحًا وَاشْرَبْ نَبِيذًا مَرِيًّا وَاقْعُدْ فِي الشَّمْسِ وَاسْتَمْرِضِ اللَّهَ تَعَالَى. إِسْنَادُهَا صَحِيحٌ. وَهُوَ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ زهير بن معاوية قَالَ لي ابن أبجر: إِذَا أكلت الجزر نيئا أكلك ولم تأكله، وَإِذَا أكلته مطبوخا لم تأكله ولم يأكلك، وَإِذَا أكلته مشويا أكلته ولم يأكلك.   1 تهذيب التهذيب "6/ 383"، والجرح والتعديل "6/ 63". 2 المعرفة والتاريخ "2/ 638"، والجرح والتعديل "5/ 344". 3 التاريخ الكبير "5/ 416"، والتهذيب "6/ 394". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 130 281- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ1 –م4- وَاسْمُ أَبِيهِ مَيْسَرَةُ الْعَرْزَمِيُّ الْكُوفِيُّ، أَحَدُ الْحُفَّاظِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ شُعْبَةُ يُعْجَبُ مِنْ حِفْظِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن أبي سليمان. وقال أحمد والنسائي: ثقة. واستشهد به البخاري. وقد أنكر عليه شُعْبَةُ حَدِيثَهُ فِي الشُّفْعَةِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ2. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ إِلا أَنَّهُ رَفَعَ أَحَادِيثَ عَنْ عَطَاءٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَدِيثُهُ فِي الشُّفْعَةِ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ النَّاسُ ولكنه ثِقَةٌ لا يُرَدُّ عَلَى مِثْلِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ: قُلْتُ لِشُعْبَةَ: مَالَكَ لا تُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ حَدِيثَهُ، قُلْتُ: تُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ وَتَدَعُهُ وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الْحَدِيثِ! قَالَ: مِنْ حُسْنِهَا فَرَرْتُ. وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: كَانَ ثِقَةً. 282- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ -ع- أبو الوليد وأبو خالد الرومي، مولى بني أمية وعالم أَهْلِ مَكَّةَ. وَكَانَ أَحَدَ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ التَّصَانِيفَ فِي الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وطاوس وعمرو بن شعيب ونافع   1 تهذيب التهذيب "6/ 396"، وميزان الاعتدال "2/ 256"، وتاريخ خليفة "423"، والمجروحين "1/ 290". 2 قلت: وهو حديث "الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبًا، إذا كان طريقهما واحدًا". وهو حديث صحيح: أخرجه أبو داود "8/ 35"، والترمذي "1369"، وابن ماجه "2494". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 131 وَالزُّهْرِيِّ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ وَابْنِ طَاوُسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَافِعٍ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَنَافِعٍ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَبَدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ وَابْنِ أَبِي مكية وَخَلْقٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ بَعْدَ سنة سبعين. وعنه السُّفْيَانَانِ وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ وَهْبٍ وَحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو عَاصِمٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَخَلْقٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ جُرَيْجٌ أَحَدَ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. قَالَ أَبُو غَسَّانَ رُبَيْحٌ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَرَى الْمُتْعَةَ، تَزَوَّجَ بِسِتِّينَ امْرَأَةً. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هَمَّامٍ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كُنْتُ أَتَتَبَّعُ الأَشْعَارَ الْعَرَبِيَّةَ وَالأَنْسَابَ، فَقِيلَ لِي: لَوْ لَزِمْتَ عَطَاءً، قَالَ: فَلَزِمْتُهُ ثمانية عشر عامًا. قال يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يَكُنِ ابْنُ جُرَيْجٍ عِنْدِي بِدُونِ مَالِكٍ فِي نَافِعٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَكُنْ فِي الأَرْضِ أَعْلَمَ بِعَطَاءٍ مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَبَلَغَنَا أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ مَا سَمِعَ مِنَ الزُّهْرِيِّ شَيْئًا إِنَّمَا أَخَذَ عَنْهُ مُنَاوَلَةً وَإِجَازَةً. قُلْتُ: وَسَمِعَ مِنْ مُجَاهِدٍ حَرْفَيْنِ مِنَ الْقِرَاءَاتِ وَسَمِعَ مِنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ لا مِنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَلَى أَنَّ أَبَا عِيسَى التِّرْمِذِيَّ رَوَى حَدِيثًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَلاةً مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيّ: ثنا بَكْرُ بْنُ كُلْثُومٍ السُّلَمِيُّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ جُرَيْجٍ الْبَصْرَةَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَحَدَّثَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بِحَدِيثٍ فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ: مَا تُنْكِرُونَ عَلَيَّ فِيهِ لَزِمْتُ عَطَاءً عِشْرِينَ سَنَةً فَرُبَّمَا حَدَّثَنِي عَنْهُ الرَّجُلُ بِالشَّيْءِ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ. قَالَ الْعَيْشِيُّ: سُمِّيَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ غَنْدَرًا فَإِنَّهُ بَقِيَ يُكْثِرُ الشَّغَبَ عَلَيْهِ فَقَالَ: اسْكُتْ يَا غُنْدَرُ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ يسمون المشغب غندرًا. قال ابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَلْقَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَلا سَمِعَ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ زَكَاةَ مَالِ الْيَتِيمِ. قُلْتُ: مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى ثِقَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ كَانَ رُبَّمَا دَلَّسَ. وَكَانَ صَاحِبَ تَعَبُّدٍ وَخَيْرٍ، وَمَا زَالَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ حَتَّى شَاخَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ جَاوَزَ الْمِائَةَ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ بَلْ وَلا جَاوَزَ الثمانين. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 132 قَالَ خَالِدُ بْنُ نَزَارٍ الأَيْلِيُّ: خَرَجْتُ بِكُتُبِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ فَوَجَدْتُهُ قَدْ مَاتَ. قُلْتُ: فِيهَا أَرَّخَ مَوْتَهُ الْوَاقِدِيُّ وَزَادَ فَقَالَ: فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا. وَكَذَا أَرَّخَهُ فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: أَبُو نُعَيْمٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَابْنُ سَعْدٍ وَخَلِيفَةُ. وَأَمَّا ابْنُ الْمَدِينِيِّ فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَهَذَا وَهْمٌ. 283- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ1 -د ت ن- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَبُو نَوْفَلٍ القرشي العامري المدني. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَأَبِي عِصَامٍ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو مِخْنَفٍ لُوطُ بْنُ يَحْيَى وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ صَاحِبُ الْفُتُوحِ وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 284- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ المكي2 -خ م ن- مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَأَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. وَعَنْهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَوَكِيعٌ وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى. وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 285- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الْقُرَشِيُّ3 -م ت ن-. عَنْ عَمِّهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَهُوَ أكبر منه وَعَبْدُ الْعَزِيزِ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. صَدُوقٌ مُقِلٌّ. 286- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ الْمَدَنِيُّ4 –ق4-. عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وسعد بن إبراهيم. وعنه عبد العزيز   1 تهذيب التهذيب "6/ 428"، والجرح والتعديل "5/ 372". 2 تهذيب التهذيب "6/ 433"، والمعرفة والتاريخ "1/ 543-544". 3 تهذيب التهذيب "6/ 434"، والجرح والتعديل "6/ 20". 4 تقريب التهذيب "1/ 487"، وتاريخ بغداد "11/ 5". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 133 ابن الماجشون والراوردي وَغَيْرُهُمَا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. لَهُ أَحَادِيثُ قَلِيلَةٌ. 287- عُبَيْدُ الله بن الأخنس1 –ع- أبو مالك النخعي الكوفي الجزار. عن ابن بريدة وابن ملكية وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَنَافِعٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وروح بن عبادة بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 288- عُبَيْدُ الله بن عمر بن حَفْصُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2. الإِمَامُ الثَّبْتُ أَبُو عُثْمَانَ الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَعَاصِمٍ وَأَبِي بَكْرٍ. روى عن أم خالد بنت سَعِيدٍ الصَّحَابِيَّةِ، وَعَنِ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَعَطَاءٍ وَالْمَقْبُرِيِّ ونافع والزهري ووهب بن كيسان وطائفة. عنه شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَأَبُو أُسَامَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ سَيِّدًا شَرِيفًا، صَالِحًا، متعبدًا، ثِقَةً، حُجَّةً بِالإِجْمَاعِ، وَاسِعَ الْعِلْمِ. اعْتَزَلَ فِتْنَةَ ابن حَسَنٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ الذَّهَبُ الْمُشَبَّكُ بِالدُّرِّ. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 289- عُبَيْدُ اللَّهِ بن أبي زياد المكي3 -د ت ق- القداح أبو الحصين. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَشَهْرٍ وَالْقَاسِمِ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَرْسَانِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ أحمد: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صالح. ولينه بعضهم.   1 التاريخ الكبير "5/ 373"، والمعرفة والتاريخ "3/ 36". 2 تاريخ أبي زرعة "1/ 182"، ومشاهير علماء الأمصار "132"، وتذكرة الحفاظ "1/ 160". 3 ميزان الاعتدال "3/ 8"، وتقريب التهذيب "1/ 533". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 134 وقال ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ بِهِ شَيْئًا مُنْكَرًا. قَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلاسُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 290- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَيْزَارِ الْمَازِنِيُّ1. بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. لَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ومعاذ الْعَدَوِيَّةِ والقاسم بن محمد. وعنه يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ويحيى القطان. وثقه غير واحد. 291- عبيد الله بن الوليد الوصافي2 -ت ق- إسماعيل الكوفي. أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ. رَوَى عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَطِيَّةَ. وَعَنْهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَالْمُحَارِبِيُّ وَوَكِيعٌ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ مَتْرُوكٌ. 292- عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، الْهَاشِمِيُّ3. أَخُو عُمَرَ وعبد الله وجعفر وَأُمُّ كُلْثُومٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَخَالَيْهِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو يُوسُفَ وَآخَرُونَ. وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلادٍ. وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ جُرْحَةً. وَلا رِوَايَةً لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. 293- عُبَيْدُ بْنُ أبي أمية الطنافسي4 –ت- الكوفي اللحام أبو الفضل. وَالِدُ الْمُحَدِّثِينَ عُمَرَ وَمُحَمَّدٍ وَيَعْلَى وَإِبْرَاهِيمَ وَإِدْرِيسَ. يروي عن الشعبي وأبي بردة وأبي بكر ابني أبي موسى وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ عُمَرُ وَيَعْلَى وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ. قال أبو زرعة: ليس به بأس.   1 التاريخ الكبير "5/ 394"، والجرح والتعديل "5/ 330". 2 التهذيب "7/ 55"، والجرح والتعديل "5/ 336". 3 تقريب التهذيب "1/ 500"، والثقات "7/ 151". 4 التاريخ الكبير "5/ 441"، والتهذيب "7/ 59". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 135 294- عبيدة بن معتب الضبي الكوفي1 -د ت ق-. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيعٌ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ. وَلَمْ يُتْرَكْ. 295- عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ2 الْهَمْدَانِيُّ -4- أَبُو الْعَبَّاسِ الأُرْدُنِيُّ الطَّبَرَانِيُّ. سَمِعَ مَكْحُولا وَعُبَادَةُ بْنُ نَسِيٍّ وَقَتَادَةُ، سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فَلَعَلَّهُمَا اثْنَانِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَبَقِيَّةُ وَابْنُ شَابُورٍ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ مِنْ أَهْلِ الأُرْدُنِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ وَآخَرُ عَنِ ابْنِ معين: ثقة. وروى ابن أبي خثيمة عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: لا أَعْلَمُهُ إِلا مُسْتَقِيمَ الْحَدِيثِ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَيَّنَهُ. 296- عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب3، بْنِ الْحَارِثِ الْقُرَشِيُّ الْجُمَحِيُّ. مَدَنِيٌّ نَزَلَ الْكُوفَةَ. رَأَى ابْنَ عُمَرَ يحفي شاربه وَأَجْلَسَهُ ابْنُ عُمَرَ فِي حِجْرِهِ. رَوَى عَنْ جَدِّهِ وَعَنْ أُمِّهِ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَعَنْهُ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، قَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحَادِيثُ مُنْكَرَةٌ. 297- عُثْمَانُ بن الأسود الجمحي4 –ع- مَوْلاهُمُ الْمَكِّيُّ. عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ المبارك   1 التقريب "1/ 510"، وتاريخ الدوري "2/ 388"، وأبو زرعة الرازي "680"، والكامل "5/ 353". 2 التقريب "2/ 6"، أحوال الرجال "309"، والثقات "7/ 271"، وتاريخ الدوري "2/ 389". 3 التاريخ الكبير "6/ 212"، ميزان الاعتدال "3/ 30". 4 ميزان الاعتدال "3/ 59"، خلاصة تذهيب الكمال "262"، شذارت الذهب "1/ 230". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 136 وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ الْقَطَّانُ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوَ عِشْرِينَ حَدِيثًا. قَالَ خَلِيفَةُ: مات سنة وَأَرْبَعِينَ. وَقِيلَ: سنة خمسين ومائة. 298- عُثْمَانُ بْنُ عمر بن موسى1 -د ق- بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ وسالم مولى ابن مطيع والقاسم بن مُحَمَّد. وَعَنْهُ ابنه عُمَر وَعَبْد الواحد بن زياد وَمُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيِّ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ. وَوَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مَرْوَانَ، ثُمَّ وَلاهُ الْمَنْصُورُ قَضَاءَهُ فَكَانَ مَعَهُ حَتَّى مَاتَ بِالْحِيرَةِ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى بَغْدَادُ، وَكَانَ صَدُوقًا. 299- عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ2 -د ت ق- أبو اليقظان الكوفي الأعمى. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ. وعن الأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَشَرِيكٌ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَدِيءُ الْمَذْهَبِ غَالٍ فِي التَّشَيُّعِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَأَنَا أَسْتَبْعِدُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ لَحَمَلَ عَنْهُ مِثْلُ وَكِيعٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ. 300- عَدِيُّ بْنُ حَنْظَلَةَ3، أَبُو طَلْقٍ الزُّهْرِيُّ الأَعْمَى. عَنْ جَدَّتِهِ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ والخريبي وآخرون.   1 التقريب "2/ 16"، والجرح والتعديل "6/ 159". 2 المجروحين "2/ 95"، والميزان "3/ 50"، والجرح والتعديل "6/ 161". 3 التاريخ الكبير "7/ 45"، والجرح "7/ 3". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 137 301- عَرِيفُ بْنُ دِرْهَمٍ أَبُو هُرَيْرَةَ1، الْكُوفِيُّ النَّبَّالُ. عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَجَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ لَيْسَ بِالْمَتِينِ عِنْدَهُمْ. 302- عُزْرَةُ بْنُ قَيْسٍ2، شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. رَوَى عَنْ أُمِّ الْفَيْضِ أَنَّهَا سَأَلْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شَيْءَ. 303- عسل بن سفيان3 -د ت- أبو قرة اليربوعي البصري. عَنْ عَطَاءٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. قَالَ النِّسَائِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 304- عِصَامُ بْنُ بَشِيرٍ الْكَعْبِيُّ الْحَارِثِيُّ4، أَبُو الْغَلْبَاءِ الْجَزَرِيُّ. عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ وَالِدِهِ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ الرَّهَاوِيُّ وَعُمَيْرَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الرَّهَاوِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: بَلَغَ عَشْرًا وَمِائَةَ سنة، وذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقِيلَ: بَلَغَ مِائَةً وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. لَهُ حَدِيثٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. 305- عَطِيَّةُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو رَوْقٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ5 -د ن ق. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالضَّحَّاكِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَسَيْفٌ التَّمِيمِيُّ وَأَبُو أُسَامَةَ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ به بأس.   1 الجرح والتعديل "7/ 44". 2 ميزان الاعتدال "3/ 65". 3 تهذيب التهذيب "7/ 193". 4 التاريخ الكبير "7/ 70"، وتقريب التهذيب "2/ 24"، والجرح "7/ 25". 5 تهذيب التهذيب "7/ 224". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 138 306- عُقْبَةُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْكُوفِيُّ1. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَعَنْهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 307- عُقَيْلُ بن خالد بن عقيل الإيلي2 –ع- أبو خالد مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ زِيَادٍ وَعِرَاكِ بْنِ خَالِدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. سَأَلَهُمْ مَسَائِلَ. وَرَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَجَادَ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ أَخِيهِ سَلامَةُ بْنُ رَوْحٍ وَاللَّيْثُ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ الْمِصْرِيُّونَ. كَانَ إِمَامًا حَافِظًا ثَبْتًا ثِقَةً لازَمَ الزُّهْرِيَّ حَضَرًا وَسَفَرًا زَمِيلا لَهُ فِي الْمَحْمَلِ. قَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ عُقَيْلٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عُقَيْلٌ أَقَلُّ خَطَأً مِنْ يُونُسَ. وقال ابْنُ مَعِينٍ: عُقَيْلٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: قَالَ لِي الْمَاجِشُونُ: عُقَيْلٌ كَانَ جِلْوَاذًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ذُكِرَ عِنْدَ يَحْيَى الْقَطَّانِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَعُقَيْلٌ فَجَعَلَ كَأَنَّهُ يَضَعُهُمَا. قال أحمد: أيش ينفع هذا هَؤُلاءِ ثِقَاتٌ لَمْ يُخْبِرُهُمَا يَحْيَى. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: عُقَيْلٌ لَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ كَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 308- عَقِيلٌ –بالفتح- بن معقل بن منبه اليماني3 -د. عَنْ عَمَّيْهِ وَهْبٍ وَهَمَّامٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ أَخِيهِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ وَهِشَامُ بْنُ يُوسُفَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ. وَكَانَ قَدْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ وهو قليل الحديث.   1 الجرح والتعديل "6/ 312". 2 المشاهير "183"، وطبقات خليفة "295"، وشذرات الذهب "1/ 216". 3 التاريخ الكبير "7/ 53"، وتهذيب التهذيب "7/ 255"، والمشاهير "192". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 139 309- الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ1، أَبُو عَوْنٍ الْيَامِيُّ الْكُوفِيُّ الزَّاهِدُ. عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ وَمُجَاهِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَهُوَ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ، وَكَانَ مِنَ الْخَائِفِينَ. قِيلَ لَهُ مَرَّةً: مَا هُوَ إِلا عَفْوُ اللَّهِ أَوِ النَّارِ، فَصَاحَ وَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 310- الْعَلاءُ بْنُ كَثِيرٍ الْقُرَشِيُّ2، مَوْلاهُمُ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ الْمِصْرِيُّ الزَّاهِدُ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ. عَمِلَ اللَّيْثُ لِلْمَنْصُورِ فَهَجَرَهُ حَتَّى تَابَ. وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْدِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُطَّلِبٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَلاءَ بْنَ كَثِيرٍ كَانَ لا يَلْقَى أَحَدًا إِذَا قَدِمَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ غَيْرَ اللَّيْثِ، فَبَلَغَ الْعَلاءَ أَنَّهُ وَلِيَ وَإِنَّمَا وَلِيَ مَصْلَحَةً للمسلمين، فلما قدم يَتَلَقَّهُ وَمَنَعَ أَصْحَابَهُ. قَالَ فَدَخَلَ اللَّيْثُ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَقُمْ لَهُ أَحَدٌ، فَجَلَسَ إِلَى الْعَلاءِ فَقَالَ: يَا لَيْثُ وُلِّيتَ! فَقَالَ خِفْتُ عَلَى دَمِي، فَقَالَ: لَسَحَرَةُ فِرْعَوْنَ كَانُوا أَقْرَبَ عَهْدًا بِالْكُفْرِ مِنْكَ، وَلَهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْكَ حِينَ قَالُوا: اقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ، قَالَ: فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ الْعَلاءُ لِإِخْوَانِهِ: خُذُوا بِيَدِ أَخِيكُمْ. قُلْتُ: وَقَدْ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَلا شَيْءَ لَهُ فِي الْكُتُبِ. وَأَصْلُهُ فَارِسِيٌّ وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي سَهْمٍ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: قَالَ الْعَلاءُ بْنُ كَثِيرٍ: لو أن الدُّنْيَا وضعتني درجة لأحببت أن أبادرها إلى درجة أخرى. قال علي بن مطلب: كَانَ العلاء بن كثير حَسَنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ اسْتَيْقَظَ لَهُ الْجِيرَانُ لِحُسْنِ صَوْتِهِ، فَخَافَ الْفِتْنَةَ، فَدَعَا اللَّهَ، فَذَهَبَ صَوْتُهُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ الْعَلاءُ بْنُ كثير بالإسكندرية سنة أربع وأربعين ومائة.   1 التاريخ لابن معين "2/ 415"، والمعرفة والتاريخ "3/ 93". 2 تهذيب التهذيب "8/ 190". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 140 311- الْعَلاءُ بْنُ كَثِيرٍ الدِّمَشْقِيُّ1. مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. نزل الكوفة وحدث عن مكحول. وعنه يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُصْعَبُ بْنُ سَلامٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هَانِئٍ النَّخَعِيُّ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 312- الْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ع. عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ. وَعُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. 313- عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ3 بْنِ عَلِيِّ بْن أبي طالب، الْعَلَوِيُّ. الْمُلَقَّبُ بِالسَّجَّادِ لِفَضْلِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَتَعَبُّدِهِ. وَهُوَ وَالِدُ حُسَيْنٍ الْمَقْتُولُ بِفَخٍّ وَإِخْوَتُهُ، وَكَانَ يُقَالُ: لَيْسَ بِالْمَدِينَةِ زَوْجَانِ أَعْبَدَ مِنْهُ وَمِنْ زَوْجَتِهِ، وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. تُوُفِّيَ عَلِيٌّ فِي سَجْنِ الْمَنْصُورِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 314- عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ سَالِمُ بْنُ مُخَارِقٍ4 -م د ن ق- مَوْلَى الْعَبَّاسِ، أَبُو الْحَسَنِ الْهَاشِمِيُّ الْجَزَرِيُّ نَزِيلُ حِمْصٍ. رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَأَبِي الْوَدَاكِ جَبْرِ بْنِ نَوْفٍ وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ. وعنه الثوري ومعاوية بن صالح وفرج بن فضالة وطائفة. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو داود: كان له رأي سوء كان يرى السيف.   1 التاريخ الكبير "6/ 520"، الضعفاء الصغير "91"، وتهذيب التهذيب "8/ 191". 2 ميزان الاعتدال "3/ 105"، وطبقات ابن سعد "6/ 243". 3 التاريخ الكبير "6/ 269"، والجرح والتعديل "6/ 179". 4 تاريخ بغداد "11/ 429"، والمشاهير "182"، وميزان الاعتدال "3/ 134". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 141 قلت: فقد روى مُعَاوِيَة بْن صالح عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَفْسِهِ فَذَكَرَ تَفْسِيرًا فِي جُزْءٍ كَبِيرٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: رَوَى التَّفْسِيرَ عَنِ ابْنِ عباس ولم يره. قال أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: كُنْيَتُهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَقِيلَ: أَبُو طَلْحَةَ، لَيْسَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَفْسِيرِهِ الذي يروى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْهُ. 315- عَلِيُّ بْنُ عبد الأعلى بن عامر الثعلبي1 –ع- الكوفي الأحول أبو الحسن. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَكَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ. وعنه إبراهيم بن طهمان وهشيم وحكام بن سلم وشجاع بن الوليد. قال أحمد: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بقوي. 316- علي بن عروة القرشي2 –ق- الدمشقي. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْمَقْبُرِيِّ وَعَاصِمِ بْنِ قَتَادَةَ. وَعَنْهُ خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ وَمُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ وَغَيْرُهُمْ. تَرَكُوهُ حَتَّى إِنَّ صَالِحَ بْنَ مُحَمَّدٍ جَزَرَةً قَالَ: حَدِيثُهُ كَذِبٌ كُلُّهُ. 317- عَمَّارُ بن سعد المرادي3 –د- وقيل: التجيبي المصري. عن أبي صالح الغفاري عن علي. وله حَدِيثٌ أَرْسَلَهُ عَنْ عُمَرَ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شريح ويحيى وأيوب وابن لهيعة وجماعة. وكان الْعُلَمَاءِ بِمِصْرَ فِي زَمَانِهِ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 318- عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ4 -م د ت ق- بن الخطاب العمري المدني. عَنْ عَمِّهِ سَالِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ   1 التاريخ الكبر "6/ 286". 2 ميزان الاعتدال "3/ 154"، والجرح والتعديل "6/ 198". 3 التاريخ الكبير "7/ 27"، وتهذيب التهذيب "7/ 401". 4 المشاهير "136"، والميزان "3/ 192". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 142 مُعَاوِيَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. وَهُوَ صالح الحديث وقد احتج به مسلم. قال النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. 319- عُمَرُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ غَيْلانَ الثقفي1 –د- وقيل: العجلي. عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَسَلامَةَ بْنِ سَهْمٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ مُوَثَّقٌ. 320- عُمَرُ بْنُ سُوَيْدٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ. وَعَنْهُ مُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ ووكيع وأبو نعيم. فرق بينهما بعض الحفاظ وهو إن شاء الله الذي قبله. 321- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ3 -د ت- مولى غفرة. أدرك ابن عباس وقد حدث عَنْهُ فَمَا أَدْرِي سَمَاعًا أَمْ لا. وَلَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي الأَسْوَدِ الدَّيْلِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ بْنِ شَابُورٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: ليس به بأس لكن أكثر حديثه مراسيل. قال ابن سعد: كثير الحديث ثقة لا يَكَادُ يُسْنَدُ، كَانَ يُرْسِلُ حَدِيثَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَلَهُ حَدِيثٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَذَاكَ مُرْسَلٌ. وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ رَبِيعَةَ الرائي. 322- عمر بن محمد بن زيد4 -خ م د ن ق- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العدوي العمري المدني نَزِيلُ عَسْقَلانَ. عَنْ جَدِّهِ وَحَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ونافع وجماعة. وعنه شعبة والسفيانان وابن   1 تهذيب التهذيب "7/ 458". 2 التاريخ الكبير "6/ 162"، وتهذيب التهذيب "7/ 458"، والجرح والتعديل "6/ 113". 3 الضعفاء والمتروكين "81"، والمعرفة والتاريخ "3/ 379". 4 ميزان الاعتدال "3/ 220"، التاريخ لابن معين "2/ 434"، والجرح والتعديل "6/ 131". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 143 وَهْبٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. وَلَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً وَلَمْ يُعَقِّبْ. وَقَالَ عَبْدُ الله بن داود الْخُرَيْبِيِّ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا قَطُّ أَطْوَلَ مِنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ دِرْعَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَكَانَ يَسْحَبُهَا. قُلْتُ: كَانَ الْعَبَّاسُ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مِنْ بَابَةِ عُمَرَ فِي الطُّولِ الْمُفْرِطِ. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ قَدْرًا وَجَلالَةً، قَدِمَ بَغْدَادَ وَالْكُوفَةَ وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عَدِيٍّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ بَعْدَ أَخِيهِ أَبِي بَكْرٍ بِقَلِيلٍ. قُلْتُ: إِخْوَتُهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَاصِمٌ وَزَيْدٌ وَوَاقِدٌ. وَالْخَمْسَةُ قَدْ رَوَوُا الْحَدِيثَ. 323- عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ1 -سِوَى ت. سَمِعَ أَبَاهُ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثَبْتٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، وَلا يَحْتَجُّونَ بِهِ. 324- عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ الثَّقَفِيُّ2. عَنْ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو خَبَّابٍ الْوَلِيدُ بْنُ بُكَيْرٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. 325- عُمَرُ بْنُ نُبَيْهٍ الْكَعْبِيُّ3 -م ن. عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَاظِ وَجَمْهَانَ الأَسْلَمِيِّ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو ضُمْرَةَ. قَالَ الْقَطَّانُ: لَمْ يكن به بأس.   1 التاريخ الكبير "6/ 199"، والمشاهير "138"، والمعرفة والتاريخ "1/ 647". 2 تهذيب التهذيب "7/ 500". 3 تقريب التهذيب "2/ 70"، وعلل ابن المديني "268". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 144 326- عُمَرُ بْنُ نَبْهَانٍ الْغُبَرِيُّ1. عَنِ الْحَسَنِ وَسَلامِ وأبي عِيسَى وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو قُتَيْبَةَ وَأَبُو سُفْيَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ. وَغَيْرُهُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 327- عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّيُّ، أَبُو سَلَمَةَ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ2. عَنْ عِكْرِمَةَ وَشِهَابِ بْنِ عَبَّادٍ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. قال الفلاس لم يحدثنا عَنْهُ يحيى القطان. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ. وَكَذَا قَالَ أَبُو حاتم وغيره. قلت: عامة حديثه عَنْ عِكْرِمَةَ مَقَاطِيعُ. 328- عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ النَّصْرِيُّ3. دِمَشْقِيٌّ رَوَى عَنْ أَبِي سَلامٍ الأَسْوَدِ وَالزُّهْرِيِّ وَعَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ وَنُمَيْرِ بْنِ أَوْسٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ وَالْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ. قال الْعُقَيْلِيُّ: يُخَالِفُ فِي حَدِيثِهِ. 329- عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ4 -م د ت ن- أبو عبيدة السدوسي البصري. لَهُ عشرة أحاديث. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: كَانَ أَصْدَقَ النَّاسِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عمران بخ بخ ثقة. وروى شعبة عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: مَا دَخَلْتُ الْحَمَّامَ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةٍ وَلا ادَّهَنْتُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو قَطَنٍ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَقِيقٍ وَأَبَا عثمان النهدي وأبا مجلز وجماعة.   1 ميزان الاعتدال "3/ 227"، والتهذيب "7/ 500". 2 التاريخ الكبير "6/ 203"، والجرح والتعديل "6/ 139". 3 المجروحين "2/ 88"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 72". 4 التاريخ الكبير "6/ 425"، تهذيب التهذيب "8/ 125". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 145 وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَوَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ. ثِقَةٌ. 330- عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَجَعْفَرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حُرَيْثٍ. وَعَنْهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. * فَأَمَّا: عِمْرَانُ بْنُ مسلم القصير2، فسيأتي في الطبقة الآتية. أما هَذَا فَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: رَافِضِيٌّ كَأَنَّهُ جَرْوُ كَلْبٍ. 331- عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ3، الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ أخُو أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى. رَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وعنه ابن جريج وابن علية وزيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي. وثقه الحاكم. 332- عمرو بن الحارث بن يعقوب4 -ع. مَوْلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْخَزْرَجِيُّ الأَنْصَارِيُّ أَبُو أُمَيَّةَ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وابن مُلَيْكَةَ وَأَبِي عَشَانَةَ الْمُعَافِرِيِّ وَقَتَادَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وبكر بن مضر وابن وهب وخلق. وَوَثَّقَهُ النَّاسُ. قَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُوَثِّقُهُ جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَانَ قَدْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحْفَظَ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاثَةَ أَحَادِيثَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهِمْ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنَ اللَّيْثِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ يُقَارِبُهُ. وَقَالَ الأْثَرْمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: قَدْ كَانَ عِنْدِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ثُمَّ رَأَيْتُ لَهُ أَشْيَاءَ مناكير.   1 ميزان الاعتدال "3/ 242"، وتقريب التهذيب "2/ 85". 2 التاريخ لابن معين "2/ 439"، والمعرفة والتاريخ "3/ 76". 3 الجرح والتعديل "6/ 305"، وميزان "3/ 243". 4 تهذيب التهذيب "8/ 14"، وتذكرة الحفاظ "1/ 133"، خلاصة تذهيب الكمال "287"، وحسن المحاضرة "1/ 300". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 146 قال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ أَحَمْدَ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ حَمَلَ عَلَيْهِ حَمْلا شَدِيدًا وَقَالَ: يَرْوِي عَنْ قَتَادَةَ أَحَادِيثَ يَضْطَرِبُ فِيهَا وَيُخْطِئُ1. قُلْتُ: قَدْ وَثَّقَهُ مُطْلَقًا ابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ أَحْفَظُ مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ خَالِهِ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَيَجِدُ النَّاسَ صُفُوفًا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالشِّعْرِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَالْحِسَابِ، وَكَانَ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ قَدْ جَعَلَ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ يُؤَدِّبُ ابْنَهُ الْفَضْلَ فَنَالَ حِشْمَةً بِذَلِكَ2. قُلْتُ: عُلُومُهُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ عُلُومُ الإِسْلامِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مَا كَانَ الْقَوْمُ يَخُوضُونَ فِي سِوَى ذَلِكَ وَلا يَعْرِفُونَهُ، فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ عَمِلُوا أَصُولَ الدِّينِ وَالْكَلامً وَالْمَنْطِقِ وَخَاضُوا كَمَا خَاضَتِ الْحُكَمَاءُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَحْفَظَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْحِفْظِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ3. قُلْتُ: يَقُولُ ابْنُ وَهْبٍ: مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ وَقَدْ رَأَى مَالِكًا وَاللَّيْثَ وابن جريج. روى حَرْمَلَةُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: اهْتَدَيْنَا بِاثْنَيْنِ بِمِصْرَ: عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَاللَّيْثِ وَبِاثْنَيْنِ بِالْمَدِينَةِ مَالِكٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجُشُونَ لَوْلا هَؤُلاءِ لَكُنَّا ضَالِّينَ. وَقَالَ: وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ وَزِيرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: لَوْ بَقِيَ لَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ مَا احْتَجْنَا إِلَى مَالِكٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَخْطَبَ النَّاسِ وَأَبْلَغَهُمْ وَأَرْوَاهُمْ لِلشِّعْرِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: كُنْتُ أَرَى عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ عَلَيْهِ أَثْوَابٌ بِدِينَارٍ فَلَمْ تَمْضِ اللَّيَالِي حتى رزيته يَجُرُّ الْوَشْيَ وَالْخَزَّ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: لَمْ يَكُنْ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بِمِصْرَ مِثْلُ اللَّيْثِ بن سعد.   1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 502". 2 المرجع السابق. 3 انظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 147 ورورى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ: لا يَزَالُ بِالْمَغْرِبِ فِقْهٌ مَا دَامَ فِيهِمْ ذَاكَ الْقَصِيرُ، يَعْنِي عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَاتَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَزَادَ غَيْرُهُ: فِي شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: وُلِدَ عَمْرُو سَنَةَ تِسْعِينَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَاشَ ثَمَانِيًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: لَمْ يَكُنْ بِمِصْرَ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ مِثْلُ اللَّيْثِ. 333- عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ1 -د ت ن- أَخُو حَنْظَلَةَ. مَكِّيٌّ. عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَجَمَاعَةٌ. ثِقَةٌ. 334- عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ أَبُو بَكْرٍ الأَوْزَاعِيُّ2. عن أبي سلام ممطور ومغيث بن سمي وَنَوْفٍ الْبِكَالِيِّ. وَعَنْهُ وَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَغَيْرُهُمَا. 335- عَمْرُو بْنُ شُرَاحِيلَ3، أَبُو المغيرة. ويقال: أَبُو الْجَهْمِ الْعَنْسِيِّ الدَّارَانِيُّ. عَنْ بِلالِ بْنِ سَعْدٍ وَعُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ وَحَيَّانَ بْنِ وَبَرَةَ وجماعة. وعنه يزيد بن مصعب وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ. لَهُ فِي نُسْخَةِ أَبِي مُسْهِرٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَكَانَ قَدَرِيًّا. 336- عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وهب4 -ن ق- أبو معاوية النخعي والكوفي. والد سليمان بن عمرو.   1 تهذيب التهذيب "8/ 41"، والجرح والتعديل "6/ 234". 2 الجرح والتعديل "6/ 236". 3 التاريخ الكبير "6/ 342"، والجرح والتعديل "6/ 240". 4 تهذيب التهذيب "8/ 17"، والتقريب "2/ 74"، والجرح "6/ 243". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 148 لَهُ عَنْ أَبِي عَمْرِو الشَّيْبَانِيِّ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا ابْنُهُ فَكَذَّابٌ. ومن آخر من روى عن عمرو وزيد بْنِ الْحُبَابِ. تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 337- عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْمُعْتَزِلِيُّ1، بْنُ بَابٍ أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ الزَّاهِدُ الْعَابِدُ رَأْسُ الْمُعْتَزِلَةِ. رَوَى عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَأَبِي قِلابَةَ وَالْحَسَنِ. وعنه الحمادان وابن عيينة وعبد الوارث ويحيى بن سعيد القطان وعلي بن عاصم وعبد الوهاب الثقفي وقريش بن أنس وغيرهم. قال الفلاس: كان يحيى يحدثنا عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ ثُمَّ تَرَكَهُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ: أَبُو حُنَيْفَةَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ مِثْلَ عَمْرٍو. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: عَمْرٌو لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: مَا لَقِيتُ أَحَدًا أَزْهَدَ مِنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَانْتَحَلَ مَا انْتَحَلَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ يَدْعُو إِلَى الْقَدَرِ فَتَرَكُوهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ عُمَرًا يَقُولُ: إِنْ كَانَ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] في اللوح المحفوظ فمالله عَلَى ابْنِ آدَمَ حُجَّةٌ. قَالَ: وَسَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ وَذُكِرَ حَدِيثُ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ فَقَالَ: لَوْ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ هَذَا لَكَذَّبْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُهُ مِنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ لَمَا صَدَّقْتُهُ، أَوْ قَالَ: لَمَا أَحْبَبْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُهُ مَا قَبِلْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ هذا لردتته2، وَلَوْ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ لَقُلْتُ لَهُ: لَيْسَ على هذا أخذت ميثاقنا.   1 التاريخ الكبير "6/ 352"، ميزان الاعتدال "3/ 273"، وتاريخ بغداد "12/ 166-188"، وأمالي المرتضي "1/ 164، 171"، وتهذيب التهذيب "8/ 30". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 330"، والميزان "3/ 276"، ولفظه "فما لله على العباد حجه .... ". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 149 قال ابن عبد الحكيم: سمعت الشافعي ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ سَمِعَ الْحَسَنَ وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنْ كَانَ سَمِعَ الْحَسَنَ. سُئِلَ عَمْرٌو عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَ فِيهَا وقال: هذا مِنْ رَأْيِ الْحَسَنِ، فَقِيلَ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَ عَنِ الحسن خلاف هذا، قال: إِنَّمَا قُلْتُ هَذَا مِنْ رَأْيِ الْحَسَنِ يُرِيدُ نَفْسَهُ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عبيد الله فِي النَّوْمِ وَفِي حِجْرِهِ مُصْحَفٌ وَهُوَ يَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعُ! قَالَ: أُبَدِّلُ مَكَانَهَا خَيْرًا مِنْهَا. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الزَّمِنُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ ثَابِتٍ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بن محمد الحارثي عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْهُ. وَقَالَ حَزْمٌ الْقَطِيعِيّ: ثنا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَذَكَرَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ فَوَقَعَ فِيهِ، فَقُلْتُ: أَلا أَرَى الْعُلَمَاءَ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي بعض؟ فقال: يا أحول، أو ما تَدْرِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُذَكِّرَهُ حَتَّى يَحْذَرَ، فَجِئْتُ مِنْ عِنْدَ قَتَادَةَ وَأَنَا مُغْتَمٌّ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ نُسُكِ عَمْرٍو وَهَدْيِهِ، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُهُ وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ يَحُكُّ آيَةً، فَقُلْتُ لَهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ! قَالَ: إني سوف أعيدها. فتركه حَتَّى حَكَّهَا، فَقُلْتُ: أَعِدْهَا، قَالَ: لا أَسْتَطِيعُ. ورواها ثِقَتَانِ عَنْ حَزْمٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجّ: ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقِيهُ الْجَامِعِ نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَيُّوبَ وَيُونُسَ وَابْنِ عَوْنٍ فَمَرَّ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَوَقَفَ وَقْفَةً فَلَمْ يَرُدُّوا -عَلَيْهِ السَّلامَ. وَقَالَ سُلَيْمَان بْن حَرْب: ثنا حَمَّادُ بْن زَيْدٍ قَالَ: قِيلَ لِأَيُّوبَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي. فَاقْتُلُوهُ"1. قال: كذاب. وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: لا جُمْعَةَ بَعْدَ عُثْمَانَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ: مَرَرْتُ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ وَحْدَهُ فقلت: مالك تركوك! فقال: نهى ابن عون الناس عنا فانتهوا.   1 "ضعيف": أخرجه بهذا اللفظ الذهبي في الميزان "3/ 277"، وابن حجر في لسان الميزان "2/ 1037"، وابن عدي في الكامل في الضعفاء "6/ 2416"، وذكره الذهب في السير "6/ 331". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 150 وعن عمرو بْنِ النَّضْرِ قَالَ: سُئِلَ عَمْرُو عَنْ مَسْأَلَةٍ وَأَنَا عِنْدَهُ فَأَجَابَ فَقُلْتُ: لَيْسَ هَكَذَا يَقُولُ أَصْحَابُنَا، قَالَ: وَمَنْ أَصْحَابُكَ لا أَبَا لَكَ! فقلت: أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَابْنُ عَوْنٍ وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، قَالَ: وأولئك أَرْجَاسٌ1 أَنْجَاسٌ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ. رَوَاهَا يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ النَّضْرِ. وَقَالَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا الأَصْمَعِيُّ أن عمرو بن عبيد الله أَتَى أَبَا عَمْرَو بْنَ الْعَلاءِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو اللَّهُ يُخْلِفُ وَعْدَهُ؟ فَقَالَ: لا، فَقَالَ عَمْرٌو: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 90] فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: مِنَ الْعُجْمَةِ أَتَيْتُ الْوَعْدَ غَيْرَ الإِيعَادِ ثُمَّ أَنْشَدَ: وَإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ ... لَمُخْلِفٌ مِيعَادِي وَمُنْجِزٌ مَوْعِدِي وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ وَنَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ: ثَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ فِي الْمَنَامِ بَعْدَمَا مَاتَ فَقَالَ لِي: أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَابْنُ عَوْنٍ فِي الْجَنَّةِ، فَقُلْتُ: فَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ؟ قَالَ: فِي النَّارِ. ثُمَّ رَأَيْتُهُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ: كَمْ أَقُولُ لَكَ. وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: أَوَّلُ مَنَ تَكَلَّمَ فِي الاعْتِزَالِ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ الْغَزَّالُ، فَدَخَلَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، فَأُعْجِبَ بِهِ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ، وَقَالَ لَهَا: زَوَّجْتُكِ بِرَجُلٍ مَا يَصْلُحُ إِلا أَنْ يَكُونَ خَلِيفَةً. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: قِيلَ لابْنِ الْمُبَارَكِ: لِمَ رَوَيْتَ عَنْ سَعِيدٍ وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ وَتَرَكْتَ حَدِيثَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ وَرَأْيُهُمْ وَاحِدٌ؟ قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يَدْعُو إِلَى رَأْيِهِ وَكَانَا سَاكِتَيْنِ. وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: رَأَيْتُ هَمَّامَ بْنَ يَحْيَى فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا صَنَعَ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ غَفَرَ لِي وَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ، وَأَمَرَ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ إِلَى النَّارِ، وَقِيلَ لَهُ: تَقُولُ عَلَى اللَّهِ كَذَا وَكَذَا وَتُكَذِّبُ بِمَشِيئَتِهِ وَتُمَنِّ بِرَكْعَتَيْنِ تُصَلِّيهِمَا. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ الْقَاضِي أَنَّهُ رأى عمرو بْنَ عُبَيْدٍ فِي الْمَنَامِ قَدْ مُسِخَ قِرْدًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ عَمْرٌو بِالْبَصْرَةِ يُجَالِسُ الحسن مدة، ثم أزاله واصل   1 أرجاس: يعني أقذار. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 151 عَنْ مَذْهَبِ السُّنَّةِ فَقَالَ بِالْقَدَرِ، وَدَعَا إِلَيْهِ وَاعْتَزَلَ أَصْحَابَ الْحَسَنِ، وَكَانَ لَهُ سَمْتٌ وَإِظْهَارُ زُهْدٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ1: كَانَ عَمْرٌو نَسَّاجًا ثُمَّ تَحَوَّلَ شُرْطِيًّا لِلْحَجَّاجِ، يَعْنِي فِي صِبَاهُ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: نِعْمَ الْفَتَى عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ إِنْ لَمْ يُحَدِّثْ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ: أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ الْعَسَّالُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ مُسَبِّحَ بْنَ حَاتِمٍ الْبَصْرِيَّ، سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاذٍ، سَمِعْتُ أَبِي سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الصَّادِقِ، فَقَالَ: لَوْ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُهُ لَكَذَّبْتُهُ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ إِذَا ذَكَرَ عَمَرًا قَالَ: مَا فَعَلَ الْمَقِيتُ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: مَا جَالَسْتُ عُمَرًا إِلا مَرَّةً فَتَكَلَّمَ وَطَوَّلَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ نَزَلَ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ مَا زَادَكُمْ عَلَى هَذَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَجَّ أَيُّوبُ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فطاف أيوب حتى أصبح وخاصم عمر وحتى أَصْبَحَ. وَعَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: مَا عَدَدْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ عَاقِلا قَطُّ. وَقَالَ الْخَطِيبُ2: مَاتَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ. قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ يُعَظِّمُ عَمْرَو بْنَ عبيد ويثني عليه ويقول. كلكم يمشي رويدكلكم يطلب صيد غير عمرو بن عبيد3. قال مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: أَخْبَرَنِي الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ: أَيُّ رَجُلٍ كَانَ فِيكُمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ لَوْلا مَا خَالَفَ فِيهِ الْجَمَاعَةَ، كَانَ رَجُلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قُلْتُ: إِيْ وَاللَّهِ وَرَجُلُ أَهْلِ الدنيا.   1 في المعرفة والتاريخ "1/ 180". 2 في تاريخ بغداد "12/ 186". 3 الخبر مع الرجز في سير أعلام النبلاء "6/ 331"، وميزان الاعتدال "3/ 279" بنحوه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 152 قال ابن خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: كان عمرو بن عييد من الدهرية، قلت: وما الدَّهْرِيَّةُ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَقُولُونَ النَّاسُ مِثْلُ الزَّرْعِ، وَكَانَ يَرَى السَّيْفَ. وَقَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: لأَنَا لِلْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ أَرْجَى مِنِّي لعمرو بن عبيد. وقال الْمَدَائِنِيُّ وَابْنُ نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ. وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ1 أَنَّ الْمَنْصُورَ رَثَى عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ وَلَمْ يُسْمَعْ بِخَلِيفَةٍ رثى من دونه سواه، فَقَالَ: صَلَّى الإِلَهُ عَلَيْكَ مِنْ مُتَوَسِّدٍ ... قَبْرًا مَرَرْتُ بِهِ عَلَى مَرَّانِ قَبْرًا تَضَمَّنَ مُؤْمِنًا مُتَحَنِّفًا ... صَدَقَ الإِلَهُ وَدَانَ بِالْقُرْآنِ فَلَوْ أَنَّ الدَّهْرَ أَبْقَى صَالِحًا ... أَبْقَى لَنَا حَقًّا أَبَا عثمان 338- عمرو بن قيس الكوفي2 –م- الملائي البزاز. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَالْمُحَارِبِيُّ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ، وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ وَرِعًا عابدًا حَافِظًا لِحَدِيثِهِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ وَذَكَرَهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَكَانَ يَتَبَرَّكُ بِهِ لِزُهْدِهِ وَفَضْلِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَاتَ بِسِجِسْتَانِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. 339- عَمْرُو بْنُ مَرْوَانَ أَبُو الْعَنْبَسِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيَّ3. عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ وَلَهُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ. وَعَنْهُ حفص بن غياث ووكيع وغيرهما. شيخ.   1 في المعارف "483". 2 تهذيب التهذيب "8/ 92"، وميزان الاعتدال "3/ 284". 3 التاريخ الكبير "6/ 375"، والجرح والتعديل "6/ 261". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 153 340- عمرو بن ميمون بن مهران1 –ع- أبو عبد الله الجزري. أحد الأئمة الفقهاء. روى عَنْ أَبِيهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَكْحُولٍ. وعنه الثوري وعباد بن العوام وابن المبارك وأبو معاوية وبشر بن المفضل ويزيد بن هارون ومحمد بن بشر العبدي وغيرهم. وكان يَقُولُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيَّ حرف مِنَ السُّنَّةِ بِالْيَمَنِ لأَتَيْتُهَا. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَيْمُونِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ قَدْرَ عَمِّي عَمْرَوِ بْنِ مَيْمُونَ عِنْدَ الْمَنْصُورِ قُلْتُ لَهُ: لَوْ سَأَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُقْطِعَكَ قَطِيعَةً، فَسَكَتَ، فَأَلَحَحْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي أَنْ أَسْأَلَهُ شَيْئًا قَدِ ابْتَدَأَنِي هُوَ بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ أَفْعَلْ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يَصِفُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونَ بِالْقُرْآنِ وَالنَّحْوِ، وَقَالَ: لَمْ أَرَهُ يَغْتَابُ أَحَدًا. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمس وأربعين، وقيل: سنة تسع وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ: مَاتَ بِالرِّقَّةِ وَكَانَ يُؤَدِّبُ بِحِصْنٍ مُسْلِمَةَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَخَلِيفَةُ وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ. 341- عَنْبَسَةُ بْنُ عَمَّارٍ2. نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَحْدَث أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى صِبْيَانِ الْمُكْتِبِ. وَروى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَخِيهِ حُمَيْدٍ. وَعَنْهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَمَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَدْ رَوَى له البخاري في كتاب المسمى بـ "الأدب". 342- عَنْبَسَةُ بْنُ مِهْرَانَ الْحَدَّادُ3. عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ أَبُو حاتم: منكر الحديث.   1 التقريب "2/ 80"، وتاريخ خليفة "423"، وتذكرة الحفاظ "1/ 60". 2 التقريب "2/ 89"، والجرح والتعديل "6/ 402". 3 ميزان الاعتدال "3/ 302"، والمجروحين "2/ 177". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 154 343- العوام بن حمزة المازني1. بصري. عن عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَأَبِي نَضْرَةَ وَبَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغُنْدَرٌ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. 344- الْعَوَّامُ بن حوشب2 –ع- بْنُ يَزِيدَ الشَّيْبَانِيُّ الرِّبْعِيُّ الْوَاسِطِيُّ أَبُو عِيسَى. لَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ مِنْهُمْ خِرَاشٌ وَالِدُ شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ أَسْلَمَ جَدُّهُمْ يَزِيدُ عَلَى يَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ فَجَعَلَهُ عَلَى شُرْطَتِهِ. رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وسلمة بن كهيل وطائفة. وعنه ابنه سَلَمَةَ وَابْنُ أَخِيهِ شِهَابٍ وَشُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَهْلُ بَلَدِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: كَانَ صَاحِبَ أَمْرٍ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٍ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 345- عوف الأعرابي3 –ع- ابن أبي جميلة، أبو سهل البصري الأعرابي، وَلَمْ يَكُنْ بِأَعْرَابِيٍّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: كَانَ عَوْفٌ فِي بَنِي حِمَّانَ بْنِ كَعْبٍ وَلَمْ يَكُنْ أَعْرَابِيًّا كَانَ فَارِسِيًّا. وَقَالَ أحمد بن أبي خثيمة: ثنا هَوْذَةُ ثنا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ مِنْ بَنِي سَعْدٍ، ثُمّ قَالَ أَحْمَدُ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يقول: هوذة عن عوف ضعيف وفي اسم أبيه أقوال أحدها بندويه.   1 تهذيب التهذيب "8/ 163"، والجرح والتعديل "7/ 22"، خلاصة تذهيب الكمال "295". 2 التاريخ الكبير "7/ 67"، وتهذيب التهذيب "8/ 163"، وشذرات الذهب "1/ 244". 3 التاريخ لابن معين "2/ 460"، وتاريخ خليفة "266"، تذكرة الحفاظ "1/ 137". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 155 رَوَى عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى وَخِلاسٍ الْهَجَرِيِّ وَأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَغُنْدَرٌ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ وَعُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنُ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ أَحَدُ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: عَوْفٌ الصَّدُوقُ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاحْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ الصِّحَاحِ، وَقِيلَ: كَانَ يَتَشَيَّعُ. وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: قَالَ لِي عَوْفٌ: سَمِعْتُ مِنَ الْحَسَنِ قَبْلَ وَقْعَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ1. قُلْتُ: وَكَانَ قَدَرِيًّا فَرَوَى بُنْدَارٌ وَغَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفًا الأَعْرَابِيَّ وَحَدَّثَ بِحَدِيثِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، فَقَالَ: كَذَبَ عَبْدُ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا رَضِيَ عَوْفٌ بِبِدْعَةٍ حَتَّى كَانَ فِيهِ بِدْعَتَانِ: قَدَرِيٌّ شِيعِيٌّ. وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: رَأَيْتُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدَ يَضْرِبُ عَوْفًا وَيَقُولُ: وَيْلَكَ يَا قَدَرِيُّ. وَقَالَ بُنْدَارٌ: يَقُولُونَ عَوْفٌ فَوَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ عَوْفٌ قَدَرِيًّا رَافِضِيًّا. مَاتَ عَوْفٌ سَنَةَ سِتٍّ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ. 346- عِيسَى بن سنان2 -ت ق- أبو سنان القسملي الحنفي الفلسطيني نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ الْمَقْدِسِيِّ وَيَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَأَبُو أُسَامَةَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيُوسُفَ بْنُ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيُّ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَتْرُكْ. هُوَ جَائِزُ الْحَدِيثِ. 347- عِيسَى بْنُ أَبِي عَطَاءٍ الْكَاتِبُ الشَّامِيُّ3. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ سليمان بن أبي السائب   1 وانظر: سير أعلام النبلاء "6/ 525". 2 التاريخ الكبير "6/ 396"، وتهذيب التهذيب "8/ 211". 3 انظر: كتاب الولاة والقضاة "ص83، 86، 354". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 156 والوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب وجماعة. وقد ولي خراج ديار مصر لمروان بن محمد، وما علمت به بأسا. 348- عيسى بن عمرو البصري1. صاحب النحو. ذكر ابن خلكان أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي الطَّبَقَةِ الْمُقْبِلَةِ. "حَرْفُ الْغَيْنِ": 349- غَالِبٌ الْقَطَّانُ2 -ع-. من علماء البصريين، يُكْنَى أَبَا سَلَمَةَ بْنَ أَبِي غَيْلانَ خَطَّافٍ. واختلف في ضم خطاف وفتحه. وهو على الأشهر مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ الْقُرَشِيُّ الأَمِيرُ. سَمِعَ غَالِبٌ مِنَ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَبَكْرٍ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَحَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَأَمَّا ابْنُ مَعِينٍ فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُ. "حرف الفاء": 350- فايد بن كيسان3 -د ق- أبو العوام الباهلي الجزار القصاب. عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَابْنِ بُرَيْدَةَ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. 351- الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ الْقَصَّابُ4 -د ت ق- وَاسِطِيٌّ. عَنِ الْحَسَنِ وابن سيرين وقتادة. وعنه ابن الْمُبَارَكُ وَوَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ وَيَزِيدُ بن هارون.   1 تهذيب التهذيب "8/ 223"، ونور القيس "46"، وفيات الأعيان "3/ 486". 2 التاريخ الكبير "7/ 99"، المشاهير "156"، وخلاصة تذهيب الكمال "306". 3 التقريب "2/ 107"، والمعرفة والتاريخ "3/ 67". 4 تهذيب التهذيب "8/ 276"، والجرح والتعديل "7/ 61". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 157 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: كَانَ الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ عِنْدَنَا قَصَّابًا شَاعِرًا مُعْتَزِلِيًّا وَكُنْتُ أُصَلِّي مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ ولا أسمع ذاك منه. وقال أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلا الْحَافِظِ. 352- الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى بْنِ أبان الرقاشي1 –ق- أبو عيسى البصري الْوَاعِظُ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: رجل سوء قدري. 353- الفضل بن مبشر2 –ق- أبو بكر الأنصاري المدني. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَلَعَلَّهُ آخِرُ من روى عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ بِكُنْيَتِهِ أَشْهَرُ، يَقَعُ حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ. ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 354- الْفَضْلُ بْنُ يَزِيدَ الثُّمَالِيُّ الْكُوفِيُّ3 -ت-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 355- فُضَيْلُ بْنُ غزوان4 –ع- بن جرير. مَوْلَى بَنِي ضَبَّةَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَأَبِي زُرْعَةَ وَعِكْرِمَةَ وَسَالِمٍ وجماعة. وعن ابنه محمد   1 المجروحين "2/ 210"، والمتروكين "87"، والميزان "3/ 356". 2 التاريخ لابن معين "2/ 475"، والجرح والتعديل "7/ 66". 3 التاريخ الكبير "7/ 116"، والتهذيب "8/ 288". 4 خلاصة تذهيب الكمال "310"، وتهذيب التهذيب "8/ 297". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 158 وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 356- الْفُضَيْلُ بن ميسرة الأزدي1 -ن ق- العقيلي أبو معاذ البصري. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَطَاوُسٍ وَأَبِي حُرَيْزٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ قَاضِي سِجِسْتَانَ. وَعَنْهُ مُعْتَمِرٌ وَشُعْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ. 357- فَيَّاضُ بْنُ غَزْوَانَ الضَّبِيُّ الْكُوفِيُّ2. أَحْسَبُهُ أَخَا فُضَيْلِ بن غزوان. قرأ القرآن على طلحة بن مصرف وَحَدَّثَ عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ نُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَحَكَّامُ بْنُ مُسْلِمٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. "حرف الفاء": 358- قابوس بن أبي ظبيان3 -د ت ق- حصين ابن جندب الجنبي الكوفي. عَنْ أَبِيهِ لَيْسَ إِلا. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وُزَهْيُر بْنُ مُعَاوِيَةَ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُونِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ هُوَ بِذَاكَ. وَقَالَ جَرِيرٌ: لَمْ يَكُنْ مِنَ النَّقْدِ الْجَيِّدِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 359- القاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي4 -ت ن ق- قدم مر أبوه آنفًا.   1 الجرح والتعديل "7/ 75"، والتاريخ لابن معين "2/ 476". 2 ميزان الاعتدال "3/ 366". 3 طبقات ابن سعد "6/ 237"، وطبقات الفقهاء "79"، والتقريب "2/ 115". 4 تهذيب التهذيب "8/ 324"، والمشاهير "148". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 159 وَهَذَا رَوَى شَيْئًا يَسِيرًا عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ. وعنه همام بن يحيى وعبد الوارث بن سعيد وداود بن عبد الرحمن العطار. قال أبو حاتم: يكتب حديثه. قلت: موته قريب من موت أبيه. 360- القاسم بن الوليد الوليد الهمداني الكوفي1 –ق- الخبذعي. وَخِبْذَعٌ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ. رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وَوَلَدُهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَصَاحِبُ "فُتُوحِ الشَّامِ" أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَنْزِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ. 361- قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, أَبُو روح العامري -ن ق- الذهلي. يقال: هو فليت العامري. روى عن جسرة بنت دجاجة. وعن ابن المبارك, ووكيع، ويحيى القطان، ويعلى بن عبيد، وآخرون. له حديثان. 362- قدامة بن حماطة الضبي الكوفي. روى عن عمر بن عبد العزيز، وأبي بردة بن أبي موسى. وعنه سفيان الثوري وجرير بن عبد الحميد، وسوار الشقري. 363- قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو رَوْحٍ الْعَامِرِيُّ2 –ن ق- الذهلي. يقال: هو فليت العامري. رَوَى عَنْ جَسَرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. صدوق.   1 التاريخ الكبير "7/ 167"، والتهذيب "8/ 340". 2 تهذيب التهذيب "8/ 364"، والجرح والتعديل "7/ 128". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 160 364- قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل1 –م4- مقرونًا- ابن ناشرة المعافري المصري. عن أبيه قَبِيلٍ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ الزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ- وَهُوَ من أقرانه- وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ليس بالقوي. قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ شُيُوخَ مِصْرَ يَقُولُونَ: لَمَّا عَمِلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ صَاعَهُ وَمُدَّهُ أَرْسَلَ بِهِمَا إِلَى مِصْرَ فَأَدْخَلَ الصَّاعَ الْمَسْجِدَ فداروا بِهِ عَلَى حَلَقِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا انتهوا به إلى حيوئيل ضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ فرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى هِشَامٍ فَقَالَ: اسْكُتُوا، فَلَمَّا كَانَ دَوْلَةُ بَنِي عَبَّاسٍ خَرَجَ وَفْدُ مِصْرَ وَفِيهِمْ قُرَّةٌ، فَقِيلَ: هَذَا قُرَّةُ كَاسِرُ الصَّاعِ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ: هَلْ لَكَ أَنْ تَكْسِرَ لَنَا مُدًا؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ بُعِثَ مَوْتَانَا كَسَرْتُ الْمَخْتُومَ وَالصَّاعَ2. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 365- قَطَنُ بْنُ كَعْبٍ الْقُطَعِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -خ ن. عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَرْسَانِيُّ. وَهُوَ ثِقَةٌ يُكْنَى أَبَا الْهَيْثَمِ. 366- قَنَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّهْمِيُّ الْكُوفِيُّ4. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ. وَعَنْهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ ثم قال: و"قنان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" آخِرُ مِصْرِيٍّ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ. قُلْتُ: رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كتاب "الأدب".   1 تقريب التهذيب "2/ 125"، والمشاهير "190"، والجرح والتعديل "7/ 131". 2 وانظر: المعرفة والتاريخ للفسوي "1/ 410، 640". 3 تهذيب التهذيب "8/ 381"، والجرح والتعديل "7/ 138". 4 التاريخ الكبير "7/ 201"، والمتروكين "89"، وميزان الاعتدال "3/ 392". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 161 "حرف الكاف": 367- كثير بن يسار الطفاري1. أَبُو الْفَضْلِ الْبَصْرِيُّ. عَنْ يُوسُفَ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَأَبُو عَاصِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ وَجَمَاعَةٌ لَمْ يُضَعِّفْ. 368- كهمس بن الحسن2 –ع- أبو الحسن التيمي الحنفي البصري الْعَابِدُ أَحَدُ الثِّقَاتِ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَأَبِي السُّلَيْلِ ضُرَيْبِ بْنِ نُفَيْرٍ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْد اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَابْنِ بُرَيْدة والحسن. وعنه ابن المبارك ويحيى القطان ومعتمر وَوَكيع ومُعاذ بْن مُعاذ وعبد الرحمن بْن حماد وأبو عبد الرحمن المقرئ وخلق3. قال أحمد بن حنبل: ثقة وزيادة. وقال أحمد بن إبراهيم الدروقي: حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ. قَالَ: كهمس يصلي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ، فَإِذَا مَلَّ قَالَ: قُومِي يَا مَأْوَى كُلِّ سُوءٍ فَوَاللَّهِ مَا رضيتك لله ساعة. قيل: إِنَّ كَهْمَسَ سَقَطَ مِنْهُ دِينَارٌ فَفَتَّشَ عَلَيْهِ فَلَقِيَهُ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَقَالَ: لَعَلَّهُ غَيْرُهُ. وَكَانَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بَارًّا بِأُمِّهِ، فَلَمَّا مَاتَتْ حَجَّ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ يَعْمَلُ فِي الْجِصِّ وَكَانَ يُؤَذِّنُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْبَصْرِيُّ: اشْتَرَى كَهْمَسٌ دَقِيقًا بِدِرْهَمٍ فَأَكَلَ مِنْهُ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ كَالَهُ فَإِذَا هُوَ كَمَا وضعه. توفي كهمس سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. "حرف اللامِ": 9- لَبَطَةُ بْنُ الْفَرَزْدَقِ4. وَاسْمُ الْفَرَزْدَقِ هَمَّامُ بن غالب البصري أبو غالب.   1 التاريخ الكبير "7/ 213"، والتهذيب "8/ 430". 2 تقريب التهذيب "2/ 137"، وتذكرة الحفاظ "1/ 174"، خلاصة تذهيب الكمال "322". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 480". 4 التاريخ لابن معين "2/ 499"، والجرح والتعديل "7/ 183". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 162 رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْمُثَنَّى وَوَلَدُهُ أَعْيَنُ. خَرَجَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَقُتِلَ مَعَهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 370- لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ الْكُوفِيّ1 –4م- مقرونا مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ. عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي بُرْدَةَ وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بن عياش وشعبة وسفيان وَمُعْتَمِرٌ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُوَنِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِالْمَنَاسِكِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ إِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الْجَمْعَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ بَيْنَ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ حَسْبُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيُرُهُ: لَيِّنٌ لا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: كَانَ لَيْثٌ من أوعية العلم. وقال أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: كَانَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ صَلاةً وَصِيَامًا فَإِذَا وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَرُدُّهُ. وَرَوَى ابْنُ شَوْذَبٍ عَنْ لَيْثٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ الشِّيعَةَ الأُوَلَ بِالْكُوفَةِ وَمَا يُفَضِّلُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَدًا، يَعْنِي إِنَّمَا كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي عُثْمَانَ وَفِي مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا. قُلْتُ: أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ؟ وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْمِيمِ": 371- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ الْكُوفِيّ2 -م د ن. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلالٍ الْعَبْسِيِّ وَأَبِي الضُّحَى. وَعَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وآخرون.   1 ميزان الاعتدال "3/ 420"، والمتروكين "90"، والمجروحين "2/ 231"، خلاصة تذهيب الكمال "323". 2 تهذيب التهذيب "9/ 64"، وطبقات ابن سعد "6/ 146". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 163 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَلَهُ أَخَوَانِ عُمَرُ وَإِسْمَاعِيلُ وَاسْمُ أَبِيهِمْ رَاشِدٌ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ عن شريك قال: أرأيت أَوْلادَ أَبِي إِسْمَاعِيلَ أَرْبَعَةً وُلِدُوا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَعَاشُوا. قُلْتُ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدٌ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 372- مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ بْنِ يَحْيَى الْخُزَاعِيُّ1. الْخُرَاسَانِيُّ. الأَمِيرُ أَحَدُ قُوَّادُ بَنِي عَبَّاسٍ. وَلِيَ دِمَشْقَ لِلْمَنْصُورِ بَعْدَ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ العباسي ثم ولاه إمرة الديار المص2رية وَدَخَلَ الْقَيْرَوَانِ لِحَرْبِ الإِبَاضِيَّةِ. وَكَانَ شُجَاعًا حازما مَهِيبًا، هَزَمَ أَبَا الْخَطَّابِ عَبْدَ الأَعْلَى رَأْسَ الْخَوَارِجِ ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ وَقَتَلَهُ. وَمَاتَ ابْنُ الأشعث هذا سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 373- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ2. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ شِرَاءَ تُرَابِ الصَّاغَةِ بِالْوَرَقِ. وَيُقَالُ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَعْدِ الْبَصْرِيُّ. لَهُ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ، وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ الْجَعْدِ مَتْرُوكٌ. 374- قُلْتُ: وَمُحَمَّدُ بْنُ الْجَعْدِ3. حَدَّثَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، كَأَنَّهُ آخَرُ. 375- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ4 -خ م ن- أبو سلمة البصري. عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَأَبِي حَمْزَةَ الضَّبْعِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَجَمَاعَةٌ. ثِقَةٌ مَشْهُورٌ، غَيْرُهُ أَثْبَتُ مِنْهُ.   1 الوافي "2/ 228". 2 الميزان "3/ 502"، والجرح والتعديل "7/ 223". 3 تهذيب التهذيب "9/ 93"، والتقريب "2/ 159"، والجرح والتعديل "7/ 223". 4 تهذيب التهذيب "9/ 123"، والجرح والتعديل "7/ 241". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 164 قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: حَمَلْتُ عَنْ أَبِي حَفْصَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ حَدِيثَهُ كُلَّهُ ثُمَّ رَمَيْتُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ نَحْوُ صَالِحِ بن أبي الأخضر. وقال ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي "الضُّعَفَاءِ": مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَهُوَ ابْنُ مَيْسَرَةَ، ضَعِيفٌ. 376- مُحَمَّدُ بْنُ خالد الضبي الكوفي1 -ت-. الملقب سؤر الأسد أبو يحيى. ويقال: أبو حي، وَكَانَ قد افترسه الأسد ثُمَّ نجا وعاش بعد. سمع سعيد بن حبير وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وما علمت أحدًا ضعفه بل قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقد رَوَى أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا جَرِيٌر وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسَعِيدُ بْنُ خُثَيْمٍ. وَظَفِرْتُ بِقَوْلِ أَبِي الْفَتْحِ الأزدي بِأُخْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: مُنْكَرُ الحديث. 377- محمد بن ذكوان الطاحي2 –ق- الأزدي مولاهم البصري حمو حماد ابن زَيْدٍ. رَوَى عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَابْنِ سِيرِينَ ويعلى بن حكيم وابن أبي مليكة ورجاء بن حيوة. وعنه شعبة وابن جرير وإبراهيم بن طهمان وعبد الله بن بكر السهمي وحجاج بن نضير وعبد الصمد بن عبد الوارث وآخرون. قال شعبة: كان كخير الرجال. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: على قلة روايته يروي المعضلات عَنِ الثِّقَاتِ. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ". وَسُلَيْمَانُ لا يُدْرَى من هو3.   1 الجرح والتعديل "7/ 241"، وميزان الاعتدال "3/ 536"، والمعرفة والتاريخ "3/ 114". 2 تقريب التهذيب "2/ 160"، والمعرفة والتاريخ "2/ 514". 3 "ضعيف جدًا": أخرجه الطبراني في الكبير "10/ 94"، وذكر صاحب كشف الخفا "2832"، والدرر "397"، والموضوعات "2/ 203"، والفوائد للشوكاني "98"، وتنزيه الشريعة "2/ 157"، وتمييز الطيب من الخبيث "ص275"، وضعيف الجامع الصغير وزيادته "5873". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 165 ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُبَيٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آدَمَ أَنَّهُ اشْتَهَى ثِمَارًا من ثمار الْجَنَّةَ وَلَمَّا مَاتَ غَسَّلَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وكبرت عليه أربعًا. ورواه يعلى عن ابن إِسْحَاقَ فَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونَ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أبي قوله1. 378- محمد بن الزبير التميمي2 –ن- الحنظلي البصري. عَنْ أَبِيهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَالْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زُبَيْرٍ وَمُعْتَمِرٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَعِدَّةٌ. وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَ لَهُ حَدِيثًا وَلَمْ يُقَوِّهِ. وَقَالَ البخاري: منكر الحديث. قلت: هو راوي حديث عن الحسن عن عمران مرفوعًا "لا نذر في غضب وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ"3. 379- مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو سَهْلٍ الْكُوفِيُّ4. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرٌ الضَّبِّيُّ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَى ضعفه. قال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: شِبْهُ مَتْرُوكٍ. وَقَالَ ابْنُ عدي: الضعف بين على روايته.   1 "خبر ضعيف": أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند "5/ 136"، وفي السند عنعنة الحسن وهو معروف بالتدليس، وابن ضمرة أيضًا هو في عداد المجهولين كما في الجرح "7/ 41"، وأخرجه الطبري في تاريخه "1/ 160" من طريق ابن إسحاق عن الحسن بن ذكوان عن الحسن البصري عن أبي به مرفوعًا. وهو ضعيف. لأجل ابن ذكوان وهو يخطئ ويدلس، وقد عنعنه وفيه ابن إسحاق يدلس والحسن البصري، وقد رواه كلاهما بالعنعنة. 2 ميزان الاعتدال "3/ 547"، والمجروحين "2/ 259". 3 "حديث صعيف": أخرجه النسائي "3851، 3852، 3853"، وأحمد في مسنده "4/ 433"، والبيهقي في السنن "10/ 70"، وذكره ابن عدي في الكامل "6/ 2210"، وانظر ضعيف الجامع الصغير وزيادته. 4 تهذيب التهذيب "9/ 176"، وطبقات ابن سعد "6/ 360"، وميزان الاعتدال "3/ 556". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 166 وقال الْبُخَارِيُّ: هُوَ صَاحِبُ الْفَرَائِضِ كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ ينهى عنه. 380- محمد بن السائب الكلبي1 –ت- بن بشير بن عمرو وأبو النضر الكلبي الكوفي الأَخْبَارِيُّ الْعَلامَةُ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي صَالِحِ بَاذَامٍ وَأَصْبَغَ بْنِ نَبَاتَةَ وَطَائِفَةٍ. وعنه ابنه هشام بن الكلبي صاحب النسب وَشُعْبَةُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. وَقَدِ اتُّهِمَ بِالأَخَوَيْنِ: الْكَذِبُ وَالرَّفْضُ، وَهُوَ آيَةٌ فِي التَّفْسِيرِ وَاسِعُ الْعِلْمِ عَلَى ضَعْفِهِ. قال زيد بن الحريس: سمعت أبا معاوية الْكَلْبِيَّ يَقُولُ: حَفِظْتُ مَا لَمْ يَحْفَظْ أَحَدٌ وَنَسِيتُ مَا لَمْ يَنْسَ أَحَدٌ. حَفِظْتُ الْقُرْآنَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةٍ وَقَبَضْتُ عَلَى لِحْيَتِي لِآخُذَ مِنْهَا مَا دُونَ الْقَبْضَةِ فَأَخَذْتُ فَوْقَ الْقَبْضَةِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قَالَ لِي الْكَلْبِيُّ: مَا حَفِظْتُ شَيْئًا فَنَسِيتُهُ، وَحَضَرَ الْحَجَّامُ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ خُذْ مِنْ هَاهُنَا فَقُلْتُ: خَذْ مِنْ هَاهُنَا، فَأَخَذَ من فوق القبضة. قال ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ لِأَحَدٍ تَفْسِيرٌ أَطْوَلُ مِنْ تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ. قُلْتُ: يَعْنِي مِنَ الَّذِينَ فَسَّرُوا القرآن في المائة الثانية، ومن الذين لَيْسَ فِي تَفْسِيرِهِمْ سِوَى قَوْلِهِمْ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لِشُهْرَتِهِ بَيْنَ الضُّعَفَاءِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: جُوَبْيِرٌ أَمْثَلُ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: سَمِعْتُ الْكَلْبِيَّ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ كَفَرَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ   1 التاريخ الكبير "1/ 101"، وتهذيب التهذيب "9/ 178"، ووفيات الأعيان "4/ 309"، والعبر "1/ 207"، وطبقات المفسرين "2/ 144" وغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 167 زُرَيْعٍ: رَأَيْتُ الْكَلْبِيَّ يَضْرِبُ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَيَقُولُ أَنَا سَبَائِيٌّ أَنَا سَبَائِيٌّ1. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا جُزْءٍ يَقُولُ: قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ جِبْرِيلُ يُوحِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ لِحَاجَةٍ وَجَلَسَ عَلَيَّ فَأَوْحَى جِبْرِيلُ إِلَى عَلِيٍّ. وَقَدْ رَوَى نَحْوَ هَذَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْكَلْبِيِّ. وَقَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ: سَمِعْتُ الْكَلْبِيَّ يَقُولُ: حَفِظْتُ الْقُرْآنَ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ. رَوَاهَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بن سلام عن الحجاج. وقال الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ الْكَلْبِيُّ كَذَّابًا. قُلْتُ: أَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ شُعْبَةَ وَتَحَرِّيهِ كَيْفَ يَرْوِي عَنْ مِثْلِ هَذَا التَّالِفِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى: سَمِعْتُ زَائِدَةَ يَقُولُ: اطْرَحُوا حَدِيثَ أَرْبَعَةٍ: حجاج وجابر وحميد صاحب مجاهد الكلبي، فَأَمَّا الْكَلْبِيُّ فَصَمْتًا إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: نَسِيتُ عِلْمِي فَأَتَيْتُ آلَ مُحَمَّدٍ فَسَقَوْنِي عَسَلا فَامْتَلَأْتُ عِلْمًا". أَفَتَأْمُرُونِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ رَجُلٍ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وروى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: الْكَلْبِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: مَوْتُ الْكَلْبِيِّ عَلَى رَأْسِ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 381- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حسان المصلوب2 -ت ق. وهو محمد بن أبي قيس وهو محمد بن الطبري وهو القرشي وهو الأزدي وهو الدمشقي وهو ابن الطبري. وَقَدْ دَلَّسُوهُ أَلْوَانًا كَثِيرَةً لِئَلا يُعْرَفَ لِسُقُوطِهِ. رَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَعُبَادَةَ وَرَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَبَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَالْمُحَارِبِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: قَتَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ فِي الزَّنْدَقَةِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: صُلِبَ فِي الزَّنْدَقَةِ وَكَنَّاهُ أبا عبد الرحمن. وقال ابن حاتم: يقال فيه: محمد بن   1 والسبئية: أتباع عبد الله بن سبأ. 2 التقريب "2/ 164"، والمجروحين "2/ 247"، والميزان "3/ 561"، والمعرفة والتاريخ "1/ 700". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 168 حسان ومحمد بن أبي حسان. وقال سعيد بن أبي أيوب عن ابن عجلان عن محمد بن سعيد بن حسان بن قيس فذكر حديثًا. قال الْعُقَيْلِيُّ: يَقُولُونَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْنَبَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ. وَيَقُولُونَ: مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا فِيهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى التَّعْبِيدِ لِلَّهِ، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ اسْمَهُ قُلِبَ عَلَى نَحْوِ مِائَةِ لَوْنٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ غَيْرُ ثِقَةٍ وَلا مأمون. وقال مَرَّةً: كَذَّابٌ. وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبي شميلة. وقال أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: لا بَأْسَ إِذَا كَانَ كَلامًا حَسَنًا أَنْ يَضَعَ لَهُ إِسْنَادًا. الصَّوَابُ مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ. وَرَوَاهَا دُحَيْمٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: دَخَلَ الثَّوْرِيُّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ الأُرْدُنِيِّ فَاحْتَبَسَ عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: هُوَ كَذَّابٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ كَذَّابًا. وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ عَنِ النَّسَائِيِّ قَالَ: الْكَذَّابُونَ الْمَعْرُوفُونَ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَةٌ: ابْنُ أَبِي يَحْيَى بِالْمَدِينَةِ، وَالْوَاقِدِيُّ بِبَغْدَادَ، وَمُقَاتِلٌ بِخُرَاسَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ بِالشَّامِ، يُعْرَفُ بِالْمَصْلُوبِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: وَبِإِخْرِاجِ التِّرْمِذِيِّ لِحَدِيثِ الْمَصْلُوبِ وَالْكَلْبِيِّ وأمثالهما انْحَطَّتْ رُتْبَةٌ جَامِعَةٌ عَنْ رُتْبَةِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ. وَكَانَ صُلْبُ هَذَا الرَّجُلِ فِي حدود سنة خمسين ومائة. 382- محمد بن سواقة1 –ع- أبو بكر الغنوي الكوفي العابد الصَّالِحُ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وسعيد بن جبير وأبي صالح السمان ومنذر الثوري وجماعة.   1 تهذيب التهذيب "9/ 209"، وطبقات ابن سعد "6/ 237"، وحلية الأولياء "5/ 3-14"، صفة الصفوة "3/ 65". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 169 وعنه السفيانان والمحاربي وأبو معاوية وعلي بن عاصم ويعلى بن عبيد وجماعة. وكان أحد الثقات، يقال: إنه أنفق في أبواب الخير مائة ألف درهم. قال ابن عيينة: كان محمد بن سوقة لا يُحْسِنُ أَنْ يعصي الله تعالى. وقال النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَرْضِيٌّ. 383- مُحَمَّدُ بْنُ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ1 -م-. عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُمْ. 384- مُحَمَّدُ بْنُ طَحْلاءِ2 -د ن-. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالأَعْرَجِ وَمِحْصَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْفَهِيمِيِّ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ يَعْقُوبُ وَيْحَيى، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيُرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 385- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب3 -د ت ن-. الهاشمي الحسني المدني. عَنْ نَافِعٍ وَأَبِي الزِّنَادِ. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ. وقد وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانٍ. وَمَرَّ فِي الْحَوَادِثِ خُرُوجُهُ وَخُرُوجُ أَخَيه إِبْرَاهِيمَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَنَّهُمَا قتلًا. فائدة: قال أبو أحمد بْنُ حَزْمٍ: ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَارُودِيَّةِ وَهُمْ غلاة الرافضة إِلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ الْقَائِمِ بِالْمَدِينَةِ حَيٌّ لَمْ يُقْتَلُ، وَأَنَّهُ لا يَمُوتُ حَتَّى تُمْلَأُ الأَرْضُ عَدْلا، يَعْنِي كَمَا مُلِئَتْ جُورًا. وَقَدْ خَلَفَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الأَوْلادِ عَبْدَ اللَّهِ الَّذِي قتله هشام بن عمرو في   1 التاريخ الكبير "1/ 112"، وميزان الاعتدال "3/ 581". 2 تقريب التهذيب "2/ 172" 3 التهذيب "9/ 252"، والجرح والتعديل "7/ 295"، والوافي بالوفيات "3/ 279" وغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 170 مَصَافٍّ كَانَ بَيْنَهُمَا بِنَاحِيَةِ بِلادِ الْقَشْمِيرِ، وَخَلَّفَ عَلِيًّا وَمَاتَ فِي السَّجْنِ، وَحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي خَرَجَ وَقُتِلَ فِي وَقْعَةِ فَخٍّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ زَوْجَةُ ابْنِ عَمِّهَا الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَزَيْنَبُ الَّتِي دَخَلَ بها محمد بن أبي العباس السفاح لَيْلَةَ قُتِلَ أَبُوهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: إِبْرَاهِيمُ وَمُحَمَّدُ خَارِجِيَّانِ. ثُمّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بِئْسَ مَا قَالَ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قَالَ هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْعِجْلِيُّ الشِّيعِيُّ يَعِيبُ خُرُوجَهُ. يا أيها ذا الذي له كان ذو ال ... نية مِنَّا فِي الدِّينِ مُتَّبِعَا أَبَيْنَمَا أَنْتَ مُنْتَهَى أمل ال ... أمة إذ قيل صارمبتدعا يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى تَفَرُّقِ مَا ... قَدْ كَانَ مِنْهَا عَلَيْكَ مُجْتَمِعَا 386- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ1 –ق- أبو عبد الله الأموي العثماني الملقب بالديباج لِحُسْنِهِ. كَانَ سَمْحًا جَوَّادًا سَرِيًّا ذَا مُرُوءَةٍ وَسُؤْدُدٍ. رَوَى عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْحُسَيْنِ بن علي ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إِلَى الْمُجَذَّمِينَ" 2. وَرَوَى عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي الزِّنَادِ. وَعَنْهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ. لَيَّنَهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا الدَّرَاوَرْدِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ الْغِفَارِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ. وَقَدِمَ الشَّامَ مَرَّاتٍ. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ وَالِدُ الأَخَوَيْنِ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ لأُمِّهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ أَبُوهُ يُدْعَى الْمُطَرِّفُ لِجَمَالِهِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ محمد   1 تهذيب التهذيب "9/ 268"، والجرح والتعديل "7/ 301"، وميزان الاعتدال "3/ 593". 2 "حديث صحيح": وأخرجه الطبراني في الكبير "11193"، وقال الهيثمي في المجمع "5/ 101"، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات. ورواه الطبراني في موضع آخر "2897"، وقال الهيثمي في المجمع "5/ 101"، رواه أبو يعلى والطبراني وفي إسناد أبي يعلى الفرج بن فضالة وثقه أحمد وغيره وضعفه النسائي وغيره وبقية رجاله ثقات، وفي إسناد الطبراني يحيى الحماني وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات. ورواه ابن عساكر في تراجم النساء "ص272، 273". ورواه ابن ماجه "3543"، وقال في الزوائد: رجال إسناده ثقات، وقال الألباني في الصحيحة "1064"، وبالجملة: فالحديث بمجموع طرقه وشواهده صحيح. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 171 الديباج أَصْغَرَ وَلَدِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، وَكَانَ إِخْوَتُهُ مِنْ أُمِّهِ يَرِقُّونَ عَلَيْهِ وَيُحِبُّونَهُ، وَكَانَ لا يُفَارِقُهُمْ، فَكَانَ مِمَّنْ أَخَذَ مَعَ إِخْوَتِهِ بَنِي الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ فَضَرَبَهُ الْمَنْصُورُ مِنْ بَيْنَ إخوته مائة سوط وسجنه بِالْهَاشِمِيَّةِ فَمَاتَ فِي حَبْسِهِ. قَالَ: وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَالِمًا. وَقَالَ مُسْلِمٌ: كَانَ مُنْكَرَ الْحَدِيثِ. وَكَنَّاهُ النَّسَائِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدِيثُهُ قَلِيلٌ وَمِقْدَارُ مَالَهُ يُكْتَبُ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ أَتَى أَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ وَلَمْ يُوقِظْهُ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ قَالَ: احْتَجْتُ إِلَى لَقْحَةٍ فَكَتَبْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ الدِّيبَاجِ أَسْأَلُهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيَّ بِلَقْحَةٍ، فَإِنِّي لَعَلَى بَابِي إِذَا أَنَا بِزَاجِرٍ يَزْجُرُ إِبِلا وَإِذَا هُوَ عَبْدٌ يَزْجُرُهَا، فقلت: يا هذا ليس ها هنا الطَّرِيقُ. قَالَ: أَرَدْتُ دَارَ أَبِي السَّائِبِ، فَقُلْتُ: أَنَا هُوَ، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَإِذَا فِيهِ: أَتَانِي كِتَابُكَ تَطْلُبُ لَقْحَةً وَقَدْ جَمَعْتُ مَا كَانَ بِحَضْرَتِنَا مِنْهَا وَهِيَ تِسْعَ عَشْرَةَ لَقْحَةً وَبَعَثْتُ مَعَهَا بِعَبْدٍ يَرْعَاهَا. قَالَ فَبَعَت مِنْهَا بِثَلاثِمِائَةِ دِينَارٍ سِوَى مَا حُبِسَتْ. وَرَوَى الزُّبَيْرُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْعَبَّاسِ السَّعْدِيِّ يَمْدَحُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: وَجَدْنَا الْمَحْضَ الأَبْيَضَ مِنْ قُرَيْشٍ ... فَتًى بَيْنَ الْخَلِيفَةِ وَالرَّسُولِ أَتَاكَ الْمَجْدُ مِنْ هَذَا وَهَذَا ... وَكُنْتَ لَهُ بِمُعْتَلِجِ السُّيُولِ فَمَا للمجد رونك مِنْ مَبِيتٍ ... وَمَا لِلْمَجْدِ دُونَكَ مِنْ مُقِيلِ قَالَ الزُّبَيْرُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ الدِّيبَاجُ أَوْ مَاتَ فِي حَبْسِ الْمَنْصُورِ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أُخِذَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَزَعَمُوا أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ قَتَلَهُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي: أُحْضِرَت فسلمت عَلَى الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: لا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ ابْنَ الْفَاسِقِينَ يَعْنِي مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيمَ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، امْرَأَتِي طَالِقٌ وَعَلَيَّ وَعَليَّ إِنْ كُنْتُ مَكَانَهُمَا، فَقَالَ: السِّيَاطُ، فَضُرِبْتُ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ، فَمَا عَقِلْتُ بِهَا حَتَّى رَفَعَ عَنِّي، وَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ مَاتَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 172 مُحَمَّدٌ الدِّيبَاجُ فَقُطِعَ رَأْسُهُ فَبُعِثَ بِهِ إِلَى خُرَاسَانَ وَطَافُوا بِهِ، وَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ أَنَّهُ رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- يوهمون أَنَّهُ رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ الَّذِي كَانُوا يَجِدُونَ فِي الرِّوَايَةِ خُرُوجَهُ عَلَى الْمَنْصُورِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: زَعَمُوا أَنَّ الْمَنْصُورَ قتل محمد الدِّيبَاجَ لَيْلَةَ جَاءَهُ خُرُوجُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بِالْمَدِينَةِ. 387- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْخُزَاعِيُّ مَوْلاهُمْ1. رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيْحَيَى الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 388- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى2 -4- أَبُو عَبْدِ الرحمن الأنصاري الكوفي وفقيهها وَمُقْرِئُهَا فِي زَمَانِهِ. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَكَمِ وَنَافِعٍ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَعَمْرِو بْنِ مَرَّةَ وَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يُدْرِكِ السَّمَاعَ من أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ الشعبي وَالسُّفْيَانَانِ وَزَائِدَةُ وَوَكِيعٌ وَالْخُرَيْبِيُّ وَابْنُهُ عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ وَغَيْرُهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: كان أفقه أهل الدنيا. وقال أحمد العجيلي: كَانَ فَقِيهًا صَدُوقًا صَاحِبَ سُنَّةٍ جَائِزَ الْحَدِيثِ قارئًا عالمًا بالقرآن. وقال أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ هُوَ بِأَقْوَمِ مَا يَكُونُ. وقال أَحْمَدُ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: مِنْ جَلالَتِهِ أَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَشَرَةِ شُيُوخٍ. قُلْتُ: قَرَأَ عَلَى الشَّعْبِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَقَرَأَ عَلَى أَخِيهِ عِيسَى عَنْ وَالِدِهِمَا، وَقَرَأَ عَلَى الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَكَانَ حَمْزَةُ يَقُولُ: يُعْلِنُهَا جَوْدَةُ الْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ. وَكَانَ مِنْ أَحْسَبِ النَّاسِ، وأحسنهم خطًا ونقطًا للمصحف، وأجملهم وأنبلهم.   1 التاريخ الكبير "1/ 139"، والجرح والتعديل "7/ 306". 2 التاريخ الكبير "1/ 162"، والمجروحين "2/ 243"، وميزان الاعتدال "3/ 613"، وتاريخ أبي زرعة الرازي "1/ 297"، وطبقات الفقهاء "84"، وخلاصة تذهيب الكمال "348" وغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 173 وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ فَجَعَلَ يَسْأَلُنِي، فَكَانَ أَصْحَابُهُ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَقَالَ: تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: وَمَا تُنْكِرُونَ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِي يَقُولُ: مَا وَلِيَ الْقَضَاءَ أَحَدٌ أَفْقَهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَلا أَقْرَأُ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَلا أَقْوَلُ حَقًّا بِاللَّهِ وَلا أَعَفُّ مِنِ ابْنِ أَبِي ليلى. وقال ابن معن: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عن ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَا رَوَى عَنْ عَطَاءٍ. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ سَيِّئُ الحفظ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضعيف وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي. وقال الدراقطني: رديء الحفظ كثير الوهم. وقال أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مَقْلُوبَةٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ: طَرَحَ زَائِدَةُ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: سألت زائدة عن ابن أَبِي لَيْلَى فَقَالَ: ذَاكَ أَفْقَهُ النَّاسِ. وَقَالَ عائذ بْنُ حَبِيبٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: مَا أَقْرَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو أحق، وما لم يقرع فَهُوَ قِمَارٌ1. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الأَزْهَرِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ: سَأَلْتُ جَرِيرًا قُلْتُ: مَنْ رَأَيْتَ مِنَ الْمَشَايِخِ يُسْتَثْنَى فِي إِيمَانِهِ؟ قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مَنْ أَشَدِّهِمْ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَافِرِينَ: سَأَلْتُ مَنْصُورًا مَنْ أَفْقَهُ أَهْلِ الْكُوفَةِ؟ قَالَ: قَاضِيهَا، يَعْنِي ابْنَ أَبِي لَيْلَى. وَقَالَ الْخُرَيْبِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: فُقَهَاؤُنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ. وَقَالَ ابن عيينة: كان رزق ابن أَبِي لَيْلَى قَاضِي الْكُوفَةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ وَحْيٌ قُلْتُ: نَذِيرُ قَوْمٍ قَدْ هَلَكُوا أَوْ صَبَّحَهُمُ الْعَذَابُ فَإِذَا سُرِّيَ عَنْهُ فَأَطْيَبُ النَّاسِ نَفْسًا وَأَطْلَقَهُمْ وَجْهًا وَأَكْثَرُهُمْ ضَحِكًا أَوْ قَالَ: تَبَسُّمًا2.   1 وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 479". 2 "هذا حديث منكر" قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 479"، ورواه ابن عدي في الكامل في الضعفاء "6/ 187". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 174 أَبُو شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْفِطْرَةِ مَنْ قَرَأَ خَلْفَ الإِمَامِ. تُوُفِّيَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 389- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ1 –م4- مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. رَوَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَكُرَيْبٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. وعنه مسعر وشعبة والسفيانان وشريك وإسرائيل وسعد بن الصلت. وقال ابن عيينة: كان أعلم من عندنا بالعربية. وقال ابن معين: ثقة. 390- محمد بن عبد العزيز الراسبي البصري2 -م ت-. عَنْ أَبِي الْوَازِعِ جَابِرِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. صَالِحُ الْحَدِيثِ مُقِلٌّ استشهد به مسلم. وقال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: أَرَاهُ يَضْطَرِبُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كُوفِيٌّ يُعْرَفُ بِالْجَرْمِيِّ، وَقِيلَ: بَلِ الْكُوفِيُّ آخَرُ. 391- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ3 –ق- مَوْلَى آلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخُو عَوْنٍ وَعَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَدَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ مَعْمَرٌ وَمُغِيرَةُ، وَعَبْدُ الله ابن لَهِيعَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ فِي عِدَادِ شِيعَةِ الْكُوفَةِ يَرْوِي أَشْيَاءَ مِنَ الْفَضَائِلِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا. وقَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء ولا ابنه معمر.   1 تقريب التهذيب "2/ 184"، وميزان الاعتدال "3/ 620". 2 الجرح والتعديل "8/ 7"، وميزان الاعتدال "3/ 629". 3 المجروحين "2/ 249"، والتقريب "2/ 187". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 175 حيان بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: إِذَا طَنَّتْ أُذْنُ أَحَدِكُمْ فَلْيَذْكُرْنِي وَلْيُصَلِّ عَلَيَّ وَلْيَقُلْ ذَكَرَ اللَّهُ مَنْ ذَكَرَنِي بِخَيْرٍ1، وَبِهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتَلَ عَقْرَبًا وَهُوَ يُصَلِّي2. وَبِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يَكْتَحِلُ وَهُوَ صَائِمٌ3. عَبَّادٌ الرَّوَاجِنِيُّ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أُوصِي مَنْ آمَنَ بِي بِوَلائِهِ لِعَلِيٍّ، فَمَنْ تَوَلاهُ وَتَوَلانِي تَوَلَّى اللَّهَ4. 392- مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ5 -د-. عَنْ جَدِّهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَصَفْوَانُ بْنُ عِيسَى. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 393- مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ6 –م- متابعة. مَوْلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بن مالك شيئًا وعن أبيه وَنَافِعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وسعيد المقبري وعمرو بن شعيب وغيرهم. وعنه السفيانان وبكر بن مضر وبشر بن المفضل وعبد الله بن إدريس ويحيى القطان وأبو عاصم والواقدي وخلق سواهم.   1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن السني "166"، وابن قيم الجوزية في جلاء الأفهام "ص/ 61، 278"، وذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول "2/ 611" وغيره. 2 وذكره الهندي في الكنز "40265". 3 وأورده الزبيدي في إتحاف السادة المتقين "4/ 208"، وابن حجر في المطالب العلية "987". 4 "ضعيف": "أورده الهندي في الكنز "32953" وعزاه الطبراني وابن عساكر -عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ ياسر عن أبيه عن جده" وذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء "6/ 2126". 5 التهذيب "9/ 338"، والجرح والتعديل "8/ 33". 6 تهذيب التهذيب "9/ 341"، وميزان الاعتدال "3/ 644"، وطبقات خليفة "270"، وخلاصة تذهيب الكمال "351"، وغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 176 وثقه ابن عيينة وغيره، وكان أحد من جمع بين العلم والعمل، وكان له حلقة فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ خَرَجَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَهَمَّ وَالِي الْمَدِينَةِ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيُّ أَنْ يَجْلِدَهُ، فَقَالُوا لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، لَوْ رَأَيْتَ الحْسَنَ الْبَصْرِيُّ فَعَلَ مِثْلَ هَذَا كُنْتَ تَضْرِبُهُ؟ قَالَ: لا، قِيلَ: فَابْنُ عَجْلانَ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِثْلُ الْحَسَنِ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَعَفَا عَنْهُ1. وَرَوَى عَبَّاسُ بْنُ نضر الْبَغْدَادِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عِيسَى قَالَ: مَكَثَ ابْنُ عَجْلانَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ثَلاثَ سِنِينَ فَشُقَّ بَطْنُهَا فَأُخْرِجَ وَقَدْ نَبَتَتْ أَسْنَانُهُ. سَمِعَهَا عبد العزيز بن أحمد الغافقي مِنْ عَبَّاسٍ2. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: إِنِّي حَدَّثْتُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لا تَحْمِلُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ سَنَتَيْنِ قَدْرَ ظَلِّ مَغْزَلٍ، فَقَالَ: مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ هَذِهِ امْرَأَةُ ابْنِ عَجْلانَ جَارُتَنَا امْرَأَةُ صِدْقٍ وَلَدَتْ ثَلاثَةَ أَوْلادٍ في اثنتي عَشَرَةَ سَنَةٍ تَحْمِلُ أَرْبَعَ سِنِينَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ3. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ يَقُولُ: حُمِلَ بِأَبِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِ سِنِينَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: قَدْ يَكُونُ الْحَمْلُ سَنَتَيْنِ وَأَكْثَرَ أَعْرِفُ مَنْ حُمِلَ بِهِ كَذَلِكَ، يَعْنِي نَفْسَهُ. وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ عَنْ شَيْخٍ لَهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَشَبْهَ بِأَهْلِ الْعِلْمِ مِنِ ابْنِ عَجْلانَ كُنْتُ أُشَبِّهُهُ بِالْيَاقُوتَهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ4. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ذَكَرَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلانَ فَقَالَ: كَانَ لَهُ قَدْرٌ وَفَضْلٌ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَ مُحَمَّدٍ فَأَرَادَ جَعَفْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَطْعَ يَدِهِ فَسَمِعَ ضَجَّةً، وَكَانَ عِنْدَهُ الأَكَابِرُ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذِهِ ضَجَّةُ أَهْلِ المدينة يدعون لابن   1 سير أعلام النبلاء "6/ 481-482". 2 السابق. 3 وانظر السابق. 4 وفي سير أعلام النبلاء "6/ 482"، بدل "عن شيخ له" "عن رجل..". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 177 عَجْلانَ فَلَوْ عَفَوْتَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا غَرَّ وَأَخْطَأَ فِي الرِّوَايَةِ ظَنَّ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَطْلَقَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عَجْلانَ مُضْطَرِبَ الْحَدِيثِ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ1. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي فَقُلْتُ لَهُ: خَالَفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ: أَحَدَّثَ بِهِ! أَحَدَّثَ بِهِ! كَانَ يَعْجَبُ2. وَقَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: قِيلَ لِمَالِكٍ إِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُحَدِّثُونَ، فَقَالَ: مَنْ هُمْ؟ قِيلَ: ابْنُ عَجْلانَ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ ابْنُ عَجْلانَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا. قُلْتُ: هَذَا قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عَجْلانَ رَوَى حَدِيثَ "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ" 3، وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ ابْنِ عَجْلانَ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ ابْنُ عَجْلانَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَحَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ، وَغَيْرُ ابْنِ عَجْلانَ أَقْوَى مِنْهُ. قَالَ الْحَاكِمُ: أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِهِ ثَلاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا كُلُّهَا فِي الشَّوَاهِدِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا فِي سُوءِ حِفْظِهِ. قُلْتُ: وَقَلَّمَا رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ. وَحَدِيثُهُ مِنْ قَبِيلِ الْحَسَنِ. مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 394- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ أَبُو عَتَّابٍ السُّلَمِيُّ4. رَوَى عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وجماعة. وكان شيعيًا عراقيًا، وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم:   1 انظر المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6227"، ومسلم "284" وغيرهما. 4 الجرح والتعديل "8/ 26"، والتاريخ لابن معين "3010". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 178 لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: لَمْ يُخْرِجُوا لَهُ. 395- محمد بن عمرو بن علقمة1 -م خ- مقرونًا ابن وقاص أبو الحسن الليثي المدني أَحَدُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ. أَكْثَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعَمْرٍو وَالِدِهِ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَيَزِيدُ بن هارون ومحمد بن أبي عدي وخلق كَثِيرٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ وَسُئِلَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ وَعَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ: لَيْسَ حَدِيثُهُمْ بِحُجَّةٍ. قِيلَ لَهُ: فَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو؟ قَالَ: مُحَمَّدُ فَوْقَهُمْ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: ابْنُ عَجْلانَ أوثق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَعَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ يحيى بن سعيد بن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ: تُرِيدُ الْعَفْوَ أَوْ نُشَدِّدُ؟ قُلْتُ: بَلْ شَدِّدْ، قَالَ: لَيْسَ هُوَ مِمَّنْ تُرِيدُ، قُلْتُ: صَدَقَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ليس هو مثل يحيى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ وَحَدِيثُهُ صَالِحٌ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 396- مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ الْخُرَاسَانِيُّ –ق-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا وَسَيْفُ بْنُ عُمَرَ وَيَعْلَى بن عبيد وغيره. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وأَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَوَضَعَ   1 ميزان الاعتدال "3/ 673"، ومشاهير علماء الأمصار "133". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 179 شَفَتَهُ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: "يَا عُمَرُ هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ"1. سمعته مِنْهُ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. 397- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي القاسم الطَّوِيلُ2 -خت د ت. لَهُ عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَأَبُو سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وغيره. 398- محمد بن قيس الأسدي3 -خ م د ن- الْوَالِبِيُّ. أَبُو نَصْرٍ وَيُقَال أَبُو قُدَامَةَ وأَبُو الحكم. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيِّ وَبِشْرِ بْنِ يَسَارٍ وَالْحَكَمِ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَحَفِيدُهُ وَهْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ لا يُشَكُّ فِيهِ، وَكِيعٌ أَرْوَى النَّاسِ عَنْهُ. وقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى وَجَمَاعَةٌ: ثِقَةٌ. * مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ4. الْعَابِدُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ. يَأْتِي فِي طَبَقَةِ شَرِيكٍ الْقَاضِي. 399- مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ5 ع سوى ت- الحمصي القاضي أبو الهذيل أَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ. رَوَى عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سعيد الحراني وراشد بن سعد المقري وَمَكْحُولٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ والزهري وعمرو بن شعيب وخلق سواهم.   1 "حديث ضعيف جدًا": أخرجه ابن ماجه في سننه "2945"، والحاكم في مستدركه "1/ 454"، وانظر ضعيف الجامع "6090"، وضعيف ابن ماجه "639". 2 تهذيب التهذيب "9/ 408"، وميزان الاعتدال "4/ 14". 3 تقريب التهذيب "2/ 202"، وميزان الاعتدال "4/ 16"، والجرح والتعديل "8/ 61". 4 التاريخ الكبير "2/ 252"، والجرح والتعديل "8/ 110". 5 تهذيب التهذيب "9/ 502" وطبقات ابن سعد "7/ 465"، ومشاهير علماء الأمصار "182"، وتذكرة الحفاظ "1/ 162". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 180 وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَمُنَبِّهُ بْنُ عُثْمَانَ ومحمد بن عيسى بن سميع وخلق، وآخرهم وَفَاةً يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ الشَّامِ بِالْفَتْوَى وَالْحَدِيثِ. قَالَ الزُّبَيْدِيُّ: أَقَمْتُ مَعَ الزُّهْرِيِّ بِالرَّصَافَةِ عَشْرَ سِنِينَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ أَثْبَتُ مِنَ الزُّبَيْدِيِّ. وَقَدْ قَالَ الزُّهْرِيُّ مَرَّةً: قَدِ احْتَوَى هَذَا الزُّبَيْدِيُّ عَلَى مَا بَيْنَ جَنْبِي من العلم. وقال أبو داود: ليس في حديثه خطأ. وقال النَّسَائِيُّ: حِمْصِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ: كَانَ الزُّبَيْدِيُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ بِهِ مُعْجَبًا يُقَدِّمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ حِمْصٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: الزُّبَيْدِيُّ أَثْبَتُ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي الزُّهْرِيِّ. تُوُفِّيَ الزُّبَيْدِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: فِي الْمَحْرَمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَعَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً. 400- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ إِبْرَاهِيمُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ وَهْبٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وأبو ضمرة. وثقه أبو داواد وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 401- مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الثَّقَفِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ2 -د ت ق-. يُقَالُ: أَصْلُهُ كُوفِيٌّ، سَكَنَ مصر مدة، ومن مَوَالِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ الصُّوَرِ. لَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ونافع وكعب بن علقمة وعبادة بن نسي وَأَيُّوبَ بْنِ قَطَنٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ وَمَعْقِلُ الْجَزَرِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ صَحَّحَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهِ غَيْرُهُ.   1 تقريب التهذيب "2/ 218". 2 تهذيب التهذيب "9/ 524"، وميزان الاعتدال "4/ 67". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 181 402- مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ1. الْمَدَنِيُّ الأَعْرَجُ. عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ. 403- الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ الْيَمَانِيُّ2 -د ت ق- مِنْ أَبْنَاءِ الْفُرْسِ، نَزَلَ مَكَّةَ. رَوَى عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْمُحَرِّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَابْنِ أَبِي مليكة. وعنه ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمَعْقِلُ بْنُ زِيَادٍ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وعبد الرزاق، وآخر مَنْ رَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ وَأَحْسَبُهُ لَقِيَهُ فِي الْحَجِّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لين الحديث. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ دَاوُدُ الْعَطَّارُ: لَمْ أُدْرِكْ فِي الْحَرَمِ أَعْبَدَ منه. وقال: مَاتَ آخِرَ سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 404- مُجَالِدُ بن سعيد3 –م4- مقرونًا. ابن عمير بن بسطام الهمذاني الكوفي. رَوَى عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي الْوَدَّاكِ وَأَمْثَالِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: وَغَيْرُهُ لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُرْفَعُ كَثِيرًا مِمَّا لا يَرْفَعُ النَّاسُ، لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقوي. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ: ذَكَرَ رَجُلٌ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عِنْدَ مُجَالِدٍ فَقَالَ لِغُلامِهِ: جُرَّهُ وَاطْرَحْهُ فِي الْبِئْرِ. قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرْسَلَةٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ: عَاشَ أَبِي سِتًّا وَتِسْعِينَ سَنَةً. قُلْتُ: أَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنَ الصحابة لكن ليس له عنهم شيء.   1 التقريب "2/ 221"، والمعرفة والتاريخ "1/ 309". 2 التاريخ الكبير "7/ 419"، والمجروحين "3/ 20"، والتهذيب "10/ 35". 3 تقريب التهذيب "2/ 229"، والجرح والتعديل "8/ 361". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 182 تُوُفِّيَ مُجَالِدٌ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 405- مُجْمَعُ بن يحيى1 -م ن- بن يزيد بن جارية الأنصاري الكوفي. عن أبي أمامة بن سهل بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَهُوَ ثِقَةٌ. 406- مُحْرِزُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو رَجَاءٍ2. شَامِيٌّ وَيُقَالُ جَزَرِيٌّ. عَنْ مَكْحُولٍ وَبُرْدُ بْنُ سِنَانٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَجَمَاعَةٌ. 407- مُخَوَّلُ بْنُ رَاشِدٍ الْكُوفِيُّ3 -ع-. عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَمَاتَ فِي دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ. 408- مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ الأُمَوِيُّ4 -د ق- مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ أَخُو رَوْحِ بْنِ جَنَاحٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَبُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُجَاهِدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَابْنُ شَابُورٍ. قَالَ الدارقطني: لا بَأْسَ بِهِ. 409- مُسَافِرٌ التَّمِيمِيُّ الْجَصَّاصُ5. عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَفُضَيْلٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمَا. 410- مُسَافِرٌ الْوَرَّاقُ الْكُوفِيُّ6 –م4-. عَنْ جعفر بن عمرو بن حريث وابن حُصَيْنٍ الأَسَدِيِّ وَشُعَيْبِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَوَكِيعٌ وَطَائِفَةٌ. وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَلَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ في   1 تهذيب التهذيب "10/ 47"، والجرح والتعديل "8/ 295". 2 تقريب التهذيب "2/ 131". 3 تهذيب التهذيب "10/ 79". 4 ميزان الاعتدال "4/ 90"، تقريب التهذيب "2/ 238". 5 الجرح والتعديل "8/ 411". 6 لم أجد له ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 183 الْكُتُبِ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. 411- مُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ1 -4- الْوَاسِطِيُّ الْعَابِدُ. رَوَى عَنْ خَالِهِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ وَرُمَيْحٍ الْجُذَامِيِّ وَحَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ حِبَّانُ وَمِنْدَلٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَحَكَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ بَقِيَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لا يَضَعُ جَنْبَهُ إِلَى الأَرْضِ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَمْ أشرب الماء منذ خمسة وأربعين ويومًا. 412- مِسْحَاجُ بْنُ مُوسَى الضَّبِيُّ الْكُوفِيُّ2 -د-. عَنْ أنس. وعنه مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ وَمَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. لَهُ حَدِيثٌ في السنن. 413- مسعر بن حبيب3 -د-. أبو الحارث الجرمي. بَصْرِيٌّ. عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 414- مُسْلِمُ بْنُ صَاعِدٍ النَّحَّاتُ4. أَرْسَلَ عَنْ عَلِيٍّ وَرَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْدَانَ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 415- مُشْمَعِلُّ بْنُ إِيَاسٍ5 –ق- وقيل: ابن عمر، بَصْرِيٌّ. عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَعَبْدُ الصَّمَدِ التَّنُّورِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين.   1 الجرح والتعديل "8/ 184". 2 التهذيب "10/ 107"، وميزان الاعتدال "4/ 96". 3 التقريب "2/ 249"، والثقات "5/ 451". 4 الجرح والتعديل "8/ 186"، وميزان الاعتدال "4/ 104". 5 تقريب التهذيب "2/ 257"، وابن الجنيد "229". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 184 416- مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ1. أَكْبَرُ شَيْخٍ لابْنِ الْمُبَارَكِ. حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. فِيهِ جَهَالَةٌ. 417- مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ2 -م د ن- وَكَانَ عَرِيفَ بَنِي زُهْرَةَ بِالْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو نعيم. وثقه النسائي. 418- مطرف بن طريف3 –ع- الحارثي الكوفي الْعَابِدُ أَحَدُ الأَثْبَاتِ الْمُجَوِّدِينَ. رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَعَبْثَرَ بْنِ الْقَاسِمِ وَخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَعَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. وثقه سفيان بن عيينة وكان معجبًا به. وقال دَاوُدُ بْنُ عُلَيَّةَ: مَا أَعْرِفُ عَرَبِيًّا وَلا أَعْجَمِيًّا أَفْضَلَ مِنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 419- الْمُطْعِمُ بْنُ المقدام بن غنيم4 –د- الصنعاني الشامي. عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَابْنِ سِيرِينَ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 420- مُطِيعٌ أَبُو الْحَسَنِ الْغَزَّالِ الْكُوفِيُّ5 -ن-. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي عُمَرَ الْبَهْرَانِيِّ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين.   1 ميزان الاعتدال "4/ 118"، والجرح والتعديل "8/ 304". 2 تقريب التهذيب "2/ 258"، وثقات ابن شاهين "1371". 3 تقريب التهذيب "2/ 260"، والعلل "1/ 135" لابن حاتم الرازي. 4 تهذيب التهذيب "10/ 176"، والجرح والتعديل "8/ 411". 5 التاريخ الكبير "8/ 47"، والتهذيب "10/ 182". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 185 421- مُظَاهِرُ بْنُ أَسْلَمَ الْمَخْزُومِيُّ1 -د ت ق- مَدَنِيٌّ ضَعِيفٌ لَهُ فِي الطَّلاقِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ. ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. 422- مُعَاوِيَةُ بْنُ مُسْلِمَةَ النَّصْرِيّ2 –ق- كُوفِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ. سَمِعَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَكَمَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيَّ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَسَلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَشَنِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُمَيْعٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ ثِقَةٌ. 423- مُعَاوِيَةُ بْنُ عُمَرَو بْنِ غَلابٍ الْبَصْرِيّ3 -م د ن- جَدُّ الْمُفَضَّلِ الْغَلابِيِّ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَالْحَكَمِ بْنِ الأَعْرَجِ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معين. 424- معاوية بن أبي مزرد المدني4 -خ م ن-. عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ وَوَالِدِهِ أَبِي مُزْرَدٍ وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَوَكِيعٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالْوَاقِدِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 425- مُعَلَّى بْنُ جَابِرِ بْنِ مُسْلِمٍ5. عَنْ عُدَيْسَةَ بِنْتِ أَهْبَانَ وَالأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ وَمُوسَى بْنِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ مُعَلَّى- وَيَزِيدُ بن زريع ووكيع ومعتمر بن سليمان. قال أَبُو حَاتِمٍ. 426- مُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ الْقُرْدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ6 –م4- والقراديس بطن من الأزد.   1 التهذيب "10/ 183"، والميزان "4/ 130". 2 التقريب "2/ 262"، والتاريخ لابن معين "2/ 573". 3 الجرح والتعديل "8/ 385"، والمعرفة والتاريخ "2/ 188". 4 التاريخ الكبير "7/ 335"، وتهذيب التهذيب "10/ 217". 5 الجرح والتعديل "8/ 330". 6 ميزان الاعتدال "4/ 148"، والمعرفة والتاريخ "2/ 85". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 186 عَنِ الْحَسَنِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَحَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 427- مَعْمَرُ بن يحيى بن سام1 –أخ- وَيُقَال: مُعَمَّرٌ بِالتَّثْقِيلِ، الضَّبِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 428- مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ2 –م4- أَبُو بَسْطَامٍ النَّبَطِيُّ الْبَلْخِيُّ الْخَرَّازُ وَهُوَ ابْنُ داول دوز وَهُوَ بِالْفَارِسِيِّ الْخَرَّازِ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالضَّحَّاكِ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ومجاهد وابن بُرَيْدَةَ وَمُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ وَبَكْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَعُمَرُ بْنُ الرَّمَّاحِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ المحاربي ومسلمة بن علي الخشني وعيسى غنجار وَخَلْقٌ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ عَلْقَمَةُ بْنُ مرثد وذلك فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. وَكَانَ خَيِّرًا نَاسِكًا كَبِيرَ الْقَدْرِ صَاحِبَ سُنَّةٍ. هَرَبَ مِنْ خُرَاسَانَ أَيَّامَ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ إِلَى بِلادِ كَابُلٍ فَدَعَا هُنَاكَ خَلْقًا إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمُوا عَلَى يَدِهِ. وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ: مُقَاتِلٌ وَحَسَنٌ وَمُصْعَبٌ وَيَزِيدُ أَخُوهُ خُطَّتُهُمْ بِمَرْوَ وَتُعْرَفُ بِسِكَّةِ حَيَّانَ، وَكَانَ حَيَّانُ مِنْ مَوَالِي بَنِي شَيْبَانَ، وَكَانَ ذَا مَنْزِلَةٍ عِنْدَ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، هَرَبَ ابْنُهُ مُقَاتِلٌ إِلَى كَابُلٍ فَأَسْلَمَ بِهِ خلق.   1 تقريب التهذيب "2/ 271"، والثقات "7/ 485". 2 التاريخ الكبير "8/ 13"، والصغير "2/ 11"، ومشاهير علماء الأمصار "195"، وتذكرة الحفاظ "1/ 174". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 187 قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ: وَالْخَرَّازُ بِرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا أَحْتَجُّ بِهِ. وَرَوَى الْكَوْسَجُ عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ. وَكَذَا وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. قُلْتُ: مَاتَ فِي حُدُودِ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ بِمُدَّةٍ. * مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُفَسِّرُ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 429- مَنْصُورُ بْنُ دِينَارٍ التَّمِيمِيُّ1. عَنْ نَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو فَضْلٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحٌ. 430- مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ2، أَبُو حَفْصٍ الْيَشْكُرِيُّ. بَصْرِيٌّ، نَزَلَ مَرْوَ وَرَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَبِي مِجْلَزٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رُزْمَةَ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانٍ وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الأَنْبِيَاءِ. 431- مُوسَى بْنُ دِينَارٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْمَكِّيُّ3. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ والحسن بن حبيب التميمي، وَسَمِعَ مِنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَلَمْ يُحَدِّثَا عَنْهُ لِضَعْفِهِ. كَذَّبَهُ حَفْصٌ. 432- مُوسَى بن عبد الله بن إسحاق4 –ع- طلحة التيمي الطلحي. عَنْ عَمِّ أَبِيهِ مُوسَى وَأُخْتِهِ عَائِشَةَ ابْنَيْ طَلْحَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانٍ. لَهُ فِي الأَدَبِ. 433- مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ الكُوفِيّ5 -م ت ن ق-.   1 ميزان الاعتدال "4/ 184"، والجرح والتعديل "8/ 171". 2 تقريب التهذيب "2/ 282"، والثقات "7/ 477". 3 المجروحين "2/ 237"، والجرح والتعديل "8/ 142". 4 تقريب التهذيب "2/ 289"، والجرح والتعديل "8/ 150". 5 التقريب "2/ 289"، والمعجم المشتمل "1069". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 188 عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ وَيَعْلَى ابْنَا عبيد. يكنى عَبْدِ اللَّهِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ، وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ لِينًا فَلِمَاذَا لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ؟ وَكَانَ صَالِحًا مُتَأَلِّهًا. قَالَ مِسْعَرٌ: مَا رَأَيْتُهُ إِلا وَهُوَ فِي الْيَوْمِ الْجَائِي خَيْرٌ مِنْهُ فِي الْيَوْمِ الْمَاضِي. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: دَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ فَرَأَيْنَا مُصَلاهُ مِثْلَ مَبْرَكِ الْبَعِيرِ كَانَ صَالِحًا خَيِّرًا. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ إِنَّمَا كان له خص من قصب، وكان إن مَرِضَ إِنْسَانٌ عَادَهُ وَإِنْ مَاتَ شَهِدَهُ وَإِلا قَامَ يُصَلِّي رَحِمَهُ اللَّهُ. 434- مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ1 –ع- بن أبي عياش المدني مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ بْنُ الْعَوَّامِ. أَدْرَكَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَحَدَّثَ عَنْ أُمِّ خَالِدِ بِنْتِ خالد وعن عروة وَكُرَيْبٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالأَعْرَجِ وَحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالزُّهْرِيِّ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ -لقيه في سنة موته- وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو ضُمْرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُونِيُّ وَعَدَدٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ فَقِيهًا مفتيًا. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عَلَيْكُمْ بِمَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ. قُلْتُ: سَمِعْنَا مَغَازِيهِ وَهُوَ مُجَلَّدٌ صَغِيرٌ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ لَهُ هَيْئَةٌ وَعِلْمٌ. وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى: كَانَ مَالِكٌ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَغَازِي قَالَ: عَلَيْكَ بِمَغَازِي الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُوسَى. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: غَزَوْتُ الرُّومَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.   1 تقريب التهذيب "2/ 290"، وتاريخ الدوري "2/ 594"، تاريخ الثقات "444". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 189 قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ أَحَمْدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا سُفْيَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ سَمِعَ أُمَّ خَالِدٍ قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرَهَا، قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ"1. وَقَدْ وَثَّقَهُ ابن معين وأحمد وأبو حاتم. وروى عنه ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أَجِيءُ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ أَجْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَلَمَّا مَاتَ تَرَكْتُ الْمَدِينَةَ. قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ مُؤَاخِيًا لَهُ. قُلْتُ: وَإِنَّمَا طَلَبَ مُوسَى الْعِلْمَ وَهُوَ كَهْلٌ. رَوَى أَحْمَدُ بن صالح: ثنا يحي بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِي عَنْ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ إِلَى الزُّهْرِيِّ يَطْلُبَانِ الْعِلْمَ فَقَالَ: حُبِسْتُمَا حَتَّى إِذَا صِرْتُمَا كَالشَّنَّانِ لا تُمْسِكَانِ مَاءً جِئْتُمَا تَطْلُبَانِ الْعِلْمَ. 435- مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ التَّمِيمِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ن-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: 436- وَمُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْقُرَشِيُّ الْجَعْدِيُّ3. عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ. عِدَادُهُ فِي الضُّعَفَاءِ. 437- مُوسَى بن أبي عيسى الحناط4 -م د ق- أبو هارون المدني الطحان. أَخُو عِيسَى وَاسْمُ أَبِيهِمَا مَيْسَرَةُ. رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَاظِ دِينَارٍ وَمُوسَى بْنِ أَنَسٍ وَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ. صَدُوقٌ. قَالَ النَّسَائِيُّ. ثقة.   1 "حديث صحيح" أخرجه البخاري "6364"، "1376" وغيره. 2 التاريخ الكبير "7/ 288"، وتقريب التهذيب "2/ 291"، وتاريخ بغداد "13/ 21"، والكنى "2/ 171". 3 التقريب "2/ 291"، وتاريخ الدوري "2/ 595". 4 التقريب "2/ 291"، والجرح والتعديل "8/ 156". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 190 438- مُوسَى بْنُ كَعْبٍ التَّمِيمِيُّ الْمَرْوَزِيُّ1. الأَمِيرُ، أَحَدُ النُّقَبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ الْقَائِمِينَ بِظُهُورِ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ. وَلاهُ الْمَنْصُورُ إِمْرَةَ مِصْرَ فَوَلِيَهَا سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَمَاتَ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ يُعَظِّمُهُ وَيُجِلُّهُ لِمَا يَرَى مِنْ طَاعَتِهِ وَنُصْحِهِ لَهُ. رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ عُيَيْنَةَ. رَوَى عَنْهُ سَعْدُ بْنُ سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الْبَاهِلِيُّ. وَوَفَاتُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 439- مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ الطَّحَّانُ2 -د ق- كُوفِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِمُوسَى الصَّغِيرِ. قَالَ مُسَدَّدٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ يَقُولُ: كَانَ مُوسَى الصَّغِيرُ يُصَلِّي فِي الْحِجْرِ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقَبَضَ رَوْحَهُ وَهُوَ ساجد. ويكنى أَبَا عِيسَى. 440- مُوسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ الْكُوفِيُّ الْبَزَّازُ3 -ن ق-. عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَعَبَدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 441- مُهَنَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَتَكِيُّ4. بَصْرِيٌّ. لَهُ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ. وعنه شعبة والخليل بن أحمد صَاحِبُ الْعَرُوضِ وَمَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 442- مَيْمُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ5، أَبُو مَنْصُورٍ الْجُهَنِيُّ. عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وعنه سعد بن عمرو الرازي ومالك بن   1 راجع كتاب "الولاة والقضاة" "ص/ 106-108". 2 ميزان الاعتدال "4/ 222"، والتهذيب "10/ 372". 3 التهذيب "10/ 372"، وميزان الاعتدال "4/ 223"، وتقريب التهذيب "2/ 293". 4 التاريخ الكبير "8/ 64". 5 التهذيب "10/ 390"، والميزان "4/ 233". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 191 مغول وسفيان وعبدة وابن فضيل ومروان بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف النُّونِ": 443- نصر بن أوس الطائي أبو المنهال1. شيخ كوفي، روى عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو حاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. قُلْتُ: هذا القول من أبو حَاتِمٍ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مَعَ أَنِّي لَمْ أُودِعْ فِي كِتَابَيَّ اللَّذَيْنِ فِي الضُّعَفَاءِ شَيْئًا مِنْ هَذَا النَّمَطِ، تَبَعْتُ فِي التُّرْكِ أبا الْفَرَجِ بْنَ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرَهُ. 444- نَصْرُ بن حاجب الخراساني2. عن صفوان بن سيلم وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ عَنْبَسَةُ قَاضِي الرَّيِّ وَيَزِيدُ بْنُ هارون. قال أبو داود: ليس بشيء. وقال أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: مَاتَ بِالْمَدَائِنِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 445- النَّضْرُ بن عبد الرحمن3 –ت- أبو عمر الخزاز. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعُثْمَانَ بْنِ وَاقِدٍ. وَعَنْهُ إِسْرَائِيلُ وَوَكِيعٌ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَالْمُحَارِبِيُّ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَحَادِيثُهُ بَوَاطِيلُ. ورَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ أن يروي عنه. 446- النعمان بن ثابت4 –تم. ن- بن زوطى الإِمَامُ الْعَلَمُ أَبُو حَنِيفَةَ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ مَوْلَى بني تيم الله بن ثعلبة.   1 المعرفة والتاريخ "3/ 237". 2 الجرح والتعديل "8/ 466"، والميزان "4/ 250". 3 التاريخ الكبير "8/ 91"، والتهذيب "10/ 441". 4 تذكرة الحفاظ "1/ 158"، وطبقات الفقهاء "86"، ومعجم البلدان "1/ 417"، والبداية والنهاية "10/ 107"، وخلاصة تذهيب الكمال "402". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 192 وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِينَ، وَرَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ غَيْرَ مَرَّةٍ بِالْكُوفَةِ إِذْ قَدِمَهَا أَنَسٌ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: ثنا سَيْفُ بْنُ جَابِرٍ أنه سمع أبا حنيفة يقوله. رورى أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ. وَعَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَنَافِعٍ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَقَتَادَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزٍ الأَعْرَجِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَنْصُورٍ وأبي الزبير وحماد بن أبي سُلَيْمَانَ وَعَدَدٍ كَثِيرٍ. وَتَفَقَّهَ بِحَمَّادٍ وَغَيْرِهِ فَبَرَعَ فِي الرَّأْيِ، وَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ فِي التَّفَقُّهِ وَتَفْرِيعِ الْمَسَائِلِ، وَتَصَدَّرَ لِلإِشْغَالِ وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصْحَابُ. فَمِنْ تَلامِذَتِهِ: زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ الْعَنْبَرِيُّ، والقاضي أَبُو يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم الأنصاري قاضي القضاة، ونوح بْن أَبِي مريم الْمَرْوَزِيُّ، وَأَبُو مُطِيعٍ الْحَكِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، وَأَسَدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ وَخَلْقٌ. وروى عنه معيرة بْنُ مِقْسَمٍ وَمِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ وَزَائِدَةُ وَشَرِيكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَأَبُو عَاصِمٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالأَنْصَارِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ1. وَكَانَ خَزَّازًا يُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ وَلا يَقْبَلُ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ تَوَرُّعًا، ولهار وَصُنَّاعٌ وَمَعَاشٌ مُتَّسِعٌ، وَكَانَ مَعْدُودًا فِي الأَجْوَادِ الأَسْخِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ الأَذْكِيَاءِ، مَعَ الدِّينِ وَالْعِبَادَةِ وَالتَّهَجُّدِ وَكَثْرَةِ التِّلاوَةِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ضِرَارُ بْنُ صُرْدٍ: سُئِلَ يَزِيدُ بْنُ هارون: أيما أفقه: أبو حنيفة أو الثَّوْرِيُّ؟ فَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ أَفْقَهُ وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ لِلْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَبُو حَنِيفَةَ أَفْقَهُ النَّاسِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّاسُ فِي الْفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَوْرَعَ وَلا أَعْقَلَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ وَغَيْرُهُ: سَمِعْنَا ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: أَبُو حَنِيفَةَ ثقة. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحْرِزٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لا بأس به، لم يهم بِالْكَذِبِ، لَقَدْ ضَرَبَهُ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ عَلَى الْقَضَاءِ فَأَبَى أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا.   1 انظر سير أعلام النبلاء "6/ 530". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 193 وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا، كَانَ إِمَامًا، رَحِمَ اللَّهُ الشَّافِعِيَّ، كَانَ إِمَامًا، رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَنِيفَةَ، كَانَ إِمَامًا، سَمِعَ هَذَا ابن داسة منه. قال أبو يوسف: قال أبو جنيفة: عِلْمُنَا هَذَا رَأْيٌ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا قَدِرْنَا عَلَيْهِ فَمَنْ جَاءَنَا بِأَحْسَنِ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ. وَعَنْ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ إِذْ سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ لِآخَرَ: هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ لا يَنَامُ اللَّيْلَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَاللَّهِ لا يَتَحَدَّثُ عَنِّي بِمَا لَمْ أَفْعَلْ فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً وَدُعَاءً وَتَضَرُّعًا، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّهُ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ1. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ شَيْخًا يُفْتِي النَّاسَ بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ عليه قلنسوة سوداء طويلة، وعن النَّضْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ جَمِيلَ الْوَجْهِ سَرِيُّ الثَّوْبِ عَطِرًا، أَتَيْتُهُ فِي حَاجَةٍ وَعَلَيَّ كِسَاءٌ قَوْمِسِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِسْرَاجِ بَغْلَتِهِ وَقَالَ: أَعْطِنِي كِسَاءَكَ وَخُذْ كِسَائِي، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لِي: يَا نَضْرُ، أَخْجَلْتَنِي بِكِسَائِكَ، قُلْتُ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْهُ؟ قَالَ: هُوَ غَلِيظٌ. قَالَ النَّضْرُ: وَكُنْتُ اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَأَنَا بِهِ مُعْجَبٌ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ مَرَّةً وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ قَوَّمْتُهُ بِثَلاثِينَ دِينَارًا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَبْعَةً، مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً وَأَبْلَغَهُمْ نُطْقًا، وَأَعْذَبَهُمْ نَغَمَةً، وَأَبْيَنَهُمْ عَمَّا في نفسه، وعنت حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: كَانَ أَبِي جَمِيلا تَعْلُوهُ سُمْرَةً، حَسَنَ الْهَيْئَةِ، كَثِيرَ الْعِطْرِ، هَيُوبًا، لا يَتَكَلَّمُ إِلا جَوَابًا، وَلا يَخُوضُ فِيمَا لا يَعْنِيهِ. وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَوْقَرَ فِي مَجْلِسِهِ وَلا أَحْسَنَ سَمْتًا وَحِلْمًا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ حَلَفَ بِاللَّهِ صَادِقًا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ وَكَانَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ نَفَقَةً تَصَدَّقَ بمثلها.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 534" الجزء: 9 ¦ الصفحة: 194 وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: لَقِيَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ النَّاسِ عَنَتًا لِقَلَّةِ مُخَالَطَتِهِ، فَكَانُوا يَرَوْنَهُ مِنْ زَهْوٍ فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ غَرِيزَةً. وَقَالَ جَبَّارَةُ بْنُ مُغَلِّسٍ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ الرَّبِيعِ يَقُولُ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرِعًا تَقِيًّا على إخوته. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ: ثنا الْخُرَيْبِيُّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ رَجُلٌ لَهُ: إِنِّي وَضَعْتُ كِتَابًا عَلَى خَطِّكَ إِلَى فُلانٍ فَوَهَبَ لِي أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كُنْتُمْ تَنْتَفِعُونَ بِهَذَا فَافْعَلُوهُ. وَعَنْ شَرِيكٍ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ طَوِيلَ الصَّمْتِ كَثِيرَ الْعَقْلِ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي بَكْرٌ، أَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُسَمَّى الْوَتَدُ لِكَثْرَةِ صَلاتِهِ. وَرَوَاهَا يُوسُفُ الْقَطَّانُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَكْعَةٍ1. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ صَحِبَ أَبَا حَنِيفَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَمَا رَآهُ صَلَّى الْغَدَاةَ إِلا بِوُضُوءِ عِشَاءِ الآخِرَةِ وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كل ليلة عند السَّحَرِ2. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ كُمَيْتٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ لِأَبِي حَنِيفَةَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَانْتَفَضَ وَاصْفَرَّ وَأَطْرَقَ وَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مَا أَحْوَجُ النَّاسِ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى مَنْ يَقُولُ لَهُمْ مِثْلَ هَذَا3. وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ سَبْعَةَ آلافِ مَرَّةٍ. قَالَ مِسْعَرٌ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ4. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَمَّاعَةٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ القاسم بن معن أن أبا حنيفة   1 سير أعلام النبلاء "6/ 535" 2 انظر المصدر السابق 3 انظر السابق. 4 انظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 195 قَامَ لَيْلَةً يُرَدِّدُ قَوْلَهُ تَعَالَى {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} 1 وَيَبْكِي وَيَتَضَرَّعُ إِلَى الْفَجْرِ. وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ ضُرِبَ غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ فَلَمْ يَفْعَلْ2. وَقِيلَ: إِنَّ إِنْسَانًا اسْتَطَالَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَقَالَ لَهُ: يَا زِنْدِيقُ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ هُوَ يَعْلَمُ مِنِّي خِلافَ مَا تَقُولُ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ3. وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا ارْتَشَى القاضي فَهُوَ مَعْزُولٌ وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ4. وَرَوَى نُوحٌ الْجَامِعُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: مَا جَاءَ عَنِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَمَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ اخْتَرْنَا وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُمْ رِجَالٌ وَنَحْنُ رِجَالٌ5. وَقَال وَكِيعٌ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ أَحْسَنُ مِنْ بَعْضِ الْقِيَاسِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بن حزم: جميع الحنيفة مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ضَعِيفَ الْحَدِيثِ أَوْلَى عِنْدَهُ مِنَ الْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ يَجْهَرُ فِي أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ جَهْرًا شَدِيدًا فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ حَتَّى تُوضَعَ فِي أَعْنَاقِنَا الْحِبَالُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُحَدِّثُ إِلا بِمَا يَحْفَظُهُ مِنْ وَقْتِ مَا سَمِعَهُ. وَرَوَاهَا أَبُو يوسف عنه. وعنه أَبِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: حُبُّ أَبِي حَنِيفَةَ مِنَ السُّنَّةِ وَهُوَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ امتُحِنُوا فِي اللَّهِ. جَاءَ مَنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّهُ ضُرِبَ أيامًا ليلي القضاء فأبى.   1 "القمر: 46"، وانظر المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 السابق. 4 انظر المصدر السابق. 5 وانظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 196 قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيِّ قَالَ: طَلَبَ الْمَنْصُورُ أَبَا حنيفة فأراده على القضاء وحلف ليليه فَأَبَى، وَحَلَفَ أَنْ لا يَفْعَلَ، فَقَالَ الرَّبِيعُ حَاجِبُ الْمَنْصُورِ: تَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَحْلِفُ وَأَنْتَ تحلف! قال: أمير المؤمنين كَفَّارَةِ يَمِينِهِ أَقْدَرُ مِنِّي. فَأُمِرَ بِهِ إِلَى السجن فمات فيه ببغداد1. وقيل: دفع صَاحِبِ الشُّرْطَةِ حُمَيْدٌ الطُّوسِيُّ فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْفَعُ إِلَيَّ الرَّجُلَ فَيَقُولُ لِي: اقْتُلْهُ أَوْ قَطِّعْهُ أَوِ اضْرِبْهُ، وَلا عِلْمَ لِي بِقِصَّتِهِ، فَمَا أَفْعَلُ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَلْ يَأْمُرُكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرٍ قَدْ وَجَبَ أَوْ بِأَمْرٍ لَمْ يَجِبُ؟ قَالَ: بَلْ بِمَا قَدْ وَجَبَ، قَالَ: فَبَادِرْ إِلَى الْوَاجِبِ2. وَعَنْ مُغِيثِ بْنِ بُدَيْلٍ قَالَ: دَعَا الْمَنْصُورُ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى الْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أَتَرْغَبُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ! فَقَالَ: لا أَصْلُحُ، قَالَ: كَذَبْتَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فَقَدْ حَكَمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيَّ أَنِّي لا أَصْلُحُ، فَإِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَلا أَصْلُحُ، وَإِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَقَدْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنِّي لا أَصْلُحُ، فَحَبَسَهُ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ يُونُسَ الْحَاجِبَ يَقُولُ: رَأَيْتُ الْمَنْصُورَ تَنَاوَلَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِمَأْمُونِ الرِّضَا، فَكَيْفَ أَكُونُ مَأْمُونَ الْغَضَبِ، فَلا أَصْلُحُ لِذَلِكَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ بَلْ تَصْلُحُ، فَقَالَ: كَيْفَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُوَلِّي مَنْ يكذب3؟ وقال أبو بكر الخطيب: وقيل: إِنَّهُ وَلِيَ الْقَضَاءَ، وَقَضَى قَضِيَّةً وَاحِدَةً وَبَقِيَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ اشْتَكَى سِتَّةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّيَمْرِيُّ: لَمْ يَقْبَلِ الْعَهْدَ بِالْقَضَاءِ فَضُرِبَ وَحُبِسَ وَمَاتَ فِي السَّجْنِ4. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الصَّبَّاحِ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قِيلَ لِمَالِكٍ: هَلْ رَأَيْتَ أَبَا حَنِيفَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ رَأَيْتُ رَجُلا لَوْ كَلَّمَكَ فِي هَذِهِ السارية أن يجعلها ذهبًا لقام بحجته. وَقَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَمَالِكٌ أَفْقَهُ أَمْ أَبُو حَنِيفَةَ؟ قَالَ: أَبُو حنيفة.   1 وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 536"، والانتقاء لابن عبد البر "ص/ 126". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 197 وَقَالَ الْخُرَيْبِيُّ: مَا يَقَعُ فِي أَبِي حَنِيفَةَ إِلا حَاسِدٌ أَوْ جَاهِلٌ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لا نَكْذِبُ اللَّهَ مَا سَمِعْنَا أَحْسَنَ مِنْ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ أَخَذْنَا بِأَكْثَرِ أَقْوَالِهِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: لَوْ وُزِنَ عِلْمُ أَبِي حَنِيفَةَ بِعِلْمِ أَهْلِ زَمَانِهِ لَرَجَحَ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: كَلامُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ أَدَقُّ مِنَ الشِّعْرِ لا يَعِيبُهُ إِلا جَاهِلٌ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: شَيْئَانِ مَا ظَنَنْتُهُمَا يُجَاوِزَانِ قَنْطَرَةَ الْكُوفَةِ: قِرَاءَةُ حَمْزَةَ، وَفِقْهُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ بَلَغَا الآفَاقَ. وَعَنِ الأَعْمَشِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فقال: إنما يحسن هَذَا النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزَّازُ، وَأَظُنُّهُ بُورِكَ له في علمه1. وَقَالَ جَرِيرٌ: قَالَ لِي مِغَيِرَةُ: جَالِسْ أَبَا حَنِيفَةَ تَفْقَهُ فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ لَوْ كَانَ حَيًّا لَجَالَسَهُ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ: لَوْ وُزِنَ عَقْلُ أَبِي حَنِيفَةَ بِعَقْلِ نِصْفِ النَّاسِ لَرَجَحَ بِهِمْ. قُلْتُ: وَأَخْبَارُ أَبِي حَنِيفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَمَنَاقِبُهُ لا يَحْتَمِلُهَا هَذَا التَّارِيخُ فَإِنِّي قَدْ أفردت أخباره في جزأين. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ سَقَاهُ السُّمَّ لقيامه مَعَ إِبْرَاهِيمَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ حَصَّلَ الشَّهَادَةَ وَفَازَ بِالسَّعَادَةِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي: كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَيُقَالُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ. وَحَدِيثُهُ يَقَعُ عَالِيًا لابْنِ طَبَرْزَدَ. 447- النعمان ابن المنذر الدمشقي3 -د ن- أبو الوزير.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 537". 2 انظر المصدر السابق. 3 ميزان الاعتدال "4/ 266"، والتهذيب "10/ 457". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 198 عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ السِّمْطِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَآخَرُونَ. أَظُنُّهُ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الماضية. وثقه دحيم وقال: رمي بالقدر. وقال أَبُو دَاوُدَ: كَانَ دَاعِيَةً إِلَى الْقَدَرِ صَنَّفَ فِيهِ. 448- نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ الْمَدَائِنِيُّ1 -د-. عَنْ أبي مريم الثقفي. وعنه أبو عوانة وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَشَبَابَةُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 449- نَفَاعَةُ بْنُ مُسْلِمٍ2، أَبُو الْخَصِيبِ الْجُعْفِيُّ كُوفِيٌّ. عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. 450- نَوْفَلُ بْنُ الْفُرَاتِ3. أَبُو الْجَرَّاحِ الْعُقَيْلِيُّ مَوْلاهُمُ الرَّقِّيُّ. عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمِ بن محمد. وعنه الليث بن سعد وَمُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَقُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ وَآخَرُونَ. سَكَنَ حَلَبَ ثُمَّ وَلِيَ الْخَرَاجَ بِمِصْرَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ لِلْمَنْصُورِ. وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 451- نَوْفَلُ بْنُ مَسْعُودٍ السَّهْمِيُّ الْمَدَنِيُّ4. رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَسَمِعَ أَنَسًا وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَنَسُ بْنُ عياض ويحيى القطان وغيرهم. وثقه النسائي.   1 تقريب التهذيب "2/ 309"، وطبقات ابن سعد "7/ 320"، والتاريخ لابن معين "2/ 609". 2 التاريخ الكبير "8/ 136"، والجرح والتعديل "8/ 511". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 604"، والجرح والتعديل "8/ 488". 4 الجرح والتعديل "8/ 488". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 199 "حرف الْهَاءِ": 452- هَارُونُ بْنُ سَعْدٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ1 -م-. عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَأَبِي الضُّحَا وَثُمَامَةَ بْنِ عُقْبَةَ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَالْمَسْعُودِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَشَرِيكٌ وَقَيْسُ بن الربيع. قال أحمد صَالِحٍ: قَدْ رَوَى عَنْهُ النَّاسُ. وَقَالَ ابْنُ معين: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: لا بأس به. خرج مع إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا هُزِمَ إِبْرَاهِيمُ وَقُتِلَ هَرَبَ هَارُونُ إِلَى وَاسِطٍ فَكَتَبَ عَنْهُ الواسطيون. وقد شذ حِبَّانَ كَعَوَائِدِهِ فَقَالَ: لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، كَانَ غَالِيًا فِي الرَّفْضِ، وَهُوَ رَأْسُ الزَّيْدِيَّةِ مِمَّنْ كَانَ يَعْتَكِفُ عِنْدَ خَشَبَةِ زَيْدٍ الَّتِي هُوَ مَصْلُوبٌ عَلَيْهَا وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى مَذْهَبِهِ. قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ غَالِيًا فِي رَفْضِهِ فَإِنَّ الرَّافِضَةَ رَفَضَتْ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ وَفَارَقَتْهُ، وَهَذَا قَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ. 453- هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ الشَّيْبَانِيُّ الْكُوفِيّ2 -د ن-. عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَأَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هَارُونَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ. 454- هَاشِمُ بْنُ الْبُرَيْدِ3 -د ن ق-. عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ وَحُسَيْنِ بْنِ مَيْمُونَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَالْخُرَيْبِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين وغيره. وهو شيعي جلد.   1 تقريب التهذيب "2/ 316"، وتاريخ الدارمي "854"، والمجروحين "3/ 94". 2 تقريب التهذيب "2/ 312"، والجرح والتعديل "9/ 29". 3 تهذيب التهذيب "11/ 16". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 200 455- هاشم بن هاشم بن هاشم1 –ع- بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ المدني. سمع سعيد بن المسيب وعامر بن سعد وعبد الله بن وهب بن زمعة. وعنه مالك ومروان بن معاوية وابن نمير وأبو أسامة ومكي بن إبراهيم وجماعة. وثقه ابن معين. مات قبل الخمسين فإنه حَدَّثَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 456- هَانِئُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْكُلاعِيُّ الْمِصْرِيُّ2. عَنْ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيِّ. وَعَنْهُ ابن لهيعة وعمرو السبائي. وكان أخباريًا علامة بِالأَنْسَابِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة. 457- هشام بن حسان3 –ع- أبو عبد الله الأزدي القردوسي مولاهم البصري. وقيل: هُوَ صَرِيحُ النَّسَبِ. لَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ وَابْنِ سيرين والحسن وحميد بن هلال وجماعة وأبي مجلز لقيه بخراسان قاله يحيى بن سعيد القطان. وعنه السفيانان والحمادان وروح بن عبادة وأبو عاصم ومكي بن إبراهيم والأنصاري وعبد الرزاق وخلق كثير. قال سفيان بن عيينة: كان أعلم الناس بحديث الحسن، وكان حماد بن سلمة لا يَخْتَارُ عَلَيْهِ أَحَدًا فِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ. وَقِيلَ: كَانَ عِنْدَهُ أَلْفُ حَدِيثٍ. قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: كَانَ مِنَ الْبَكَّائِينَ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: رَأَيْتُ هِشَامَ بْنَ حَسَّانٍ وَذَكَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَبَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ. وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: لَيْتَ مَا حَفِظَ عَنِّي مِنَ الْعِلْمِ فِي أَخْبَثِ تَنُّورٍ بِالْبَصْرَةِ وَكَانَ حظي منه لا على ولا لي.   1 الجرح والتعديل "9/ 103"، وطبقات خليفة "126"، مشاهير علماء الأمصار "138"، وخلاصة تذهيب الكمال "408". 2 لم أقف على ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. 3 تهذيب التهذيب "11/ 34"، والمشاهير "151"، والجرح والتعديل "9/ 54"، وتذكرة الحفاظ "1/ 163". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 201 وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: مَا كَتَبْتُ لِلْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ حَدِيثًا إِلا حَدِيثَ الأَعْمَاقِ لِأَنَّهُ طَالَ عَلَيَّ ثُمَّ مَحَوْتُهُ وَلهِشَامٍ أَوْهَامٌ لا تُخْرِجُهُ عَنِ الاحْتِجَاجِ بِهِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا حَدَّثَنِي الْفَلاسُ يُحَدِّثَانِ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ. وَرَوَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ هِشَامٌ بِالْحَافِظِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: ثنا أَبُو شِهَابٍ قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِحَجَّاجٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُمَا حَافِظَانِ، وَاكْتُمْ عَلَيَّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ في خالد يعني الحذاء وهشام. قُلْتُ: بَلْ هَذَيْنِ أَوْثَقُ بِكَثِيرٍ مِنْ حَجَّاجٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَلَمْ يُتَابِعْ شُعْبَةُ عَلَى هَذِهِ الْقَوْلَةِ أَحَدٌ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ: مَا رَأَيْتُ هِشَامَ بْنَ حَسَّانٍ عِنْدَ الْحَسَنِ قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَ هِشَامٍ عَنْ عَطَاءٍ، وَكَانَ أَصْحَابُنَا يُثَبِّتُونَ هِشَامًا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: زَعَمَ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: كَانَ شُعْبَةُ يَتَّقِي حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ عَنْ عَطَاءٍ وَمُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ. وَقَالَ وُهَيْبٌ: سَأَلَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَنْ أَفِيدَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ فَقُلْتُ: أَسْتَحِلُّهُ. قُلْتُ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ مِنَ الثِّقَاتِ، احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الصِّحَاحِ. قَالَ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: مَاتَ فِي أَوَّلِ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وقال يحيى القطان: سنة سبع وأربعين. قلت: سنة ثمان أصح. 458- هشام بن عائذ1 –ن- بن نصيب أبو كليب الكوفي. عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ. 459- هشام بن عروة2 –ع- بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ أَبُو المنذر القرشي الأسدي المدني أحد الأئمة الأعلام.   1 الجرح والتعديل "9/ 64"، والتقريب "2/ 319". 2 التهذيب "11/ 48"، والجرح والتعديل "9/ 63"، تهذيب الأسماء "2/ 138"، وطبقات خليفة "267". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 202 رَوَى عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِيهِ وَأَخَوَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَزَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَقَدْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ابْنُ عُمَرَ وَدَعَا لَهُ حِفْظَ ذَلِكَ. رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وأبو ضمرة وَجَرِيرٌ الضَّبِّيُّ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَالْحَمَّادَانِ وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَزَائِدَةُ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وعيس بْنُ يُونُسَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَابْنُ فُضَيْلٍ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَوَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْخُرَيْبِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ وُهَيْبٌ: قَدِمَ عَلَيْنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَكَانَ مِثْلَ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ حجة. وقال أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ إِمَامٌ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ حَدِيثٍ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: وَضَعَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ وَالِدُ الْمَنْصُورِ وَصِيَّتَهُ عِنْدِي. وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ الْمَنْصُورُ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ تَذْكُرُ يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ أَنَا وَإِخْوَتِي مَعَ أَبِي وَأَنْتَ تَشْرَبُ سُوَيْقًا بِقَصَبَةِ يَرَاعٍ فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ أَبُونَا: اعْرَفُوا لِهَذَا الشَّيْخِ حَقَّهُ فَإِنَّهُ لا يَزَالُ فِي قَوْمِكُمْ بَقِيَّةٌ مَا بَقِيَ. قَالَ: لا أَذْكُرُ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلامُوهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: لَمْ يُعَوِّدْنِي اللَّهُ فِي الصِّدْقِ إِلا خَيْرًا. يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عن هشام قال: رأيت ابن عم عُمَرَ لَهُ جُمَّةٌ أَظُنُّهَا تَضْرِبُ أَطْرَافَ مَنْكِبَيْهِ. وَقَالَ وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرًا وابن عمر ولكل منها جُمَّةٌ. عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ صَفَّنَا خَلْفَهُ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُهُ يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ وَفِي يَدِهِ عَصًا فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُونَ فَإِذَا فَرَغُوا قَامَ فَتَوَكَّأَ عَلَى الْعَصَا فخطب. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 203 وَرَوَى عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدِّمِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ دَخَل عَلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ عَنِّي دَيْنِي، قَالَ: وَكَمْ دَيْنُكَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ، قَالَ: وَأَنْتَ فِي فِقْهِكَ وَفَضْلِكَ تَأْخُذُ دَيْنًا مِائَةَ أَلْفٍ لَيْسَ عِنْدَكَ قَضَاؤُهَا! قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، شب فتيان فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُبَوِّئَهُمْ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْتَشِرَ عَلَيَّ من أمرهم ما أكره فبوأتهم، واتخذت لهم مَنَازِلَ وَأَوْلَمْتُ عَنْهُمْ ثِقَةً بِاللَّهِ، ثُمَّ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَرَدَّدَ عَلَيْهِ مِائَةُ أَلْفٍ!! اسْتِعْظَامًا لَهَا، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِعَشَرَةِ آلافٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاعْطِنِي مَا أَعْطَيْتَ وَأَنْتَ طَيِّبَ النَّفْسِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً وَهُوَ بِهَا طَيِّبُ النَّفْسِ بُورِكَ لِلْمُعْطِي وَالْمُعْطَى "قَالَ: فَإِنِّي بِهَا طَيِّبَ النَّفْسِ. وَهَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ1. وروي أن هشامًا أهوى إِلَى يَدِ الْمَنْصُورِ يُقَبِّلُهَا فَمَنَعَهُ وَقَالَ: يَا ابن عُرْوَةَ إِنَّا نُكْرِمُكَ عَنْهَا وَنُكْرِمُهَا عَنْ غَيْرِكَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا نَقَمَ عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ حَدِيثَهُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هِشَامٌ ثَبْتٌ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ إِلا بَعْدَ مَا صَارَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَإِنَّهُ انْبَسَطَ فِي الرِّوَايَةِ وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِيهِ بِمَا كَانَ سَمِعَهُ مِنْ غير أبيه عن أبيه. وقد قال ابْنُ مَعِينٍ وجَمَاعَةٌ: ثِقَةٌ. قَالَ جَمَاعَةٌ: مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ الْمَنْصُورُ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَقِيلَ: سنة خمس. وَيُقَالُ: عَاشَ سَبْعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. 460- هِلالِ بْنُ خَبَّابٍ2 -4- أَبُو الْعَلاءِ الْبَصْرِيُّ. مَوْلَى زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، سَكَنَ الْمَدَائِنَ. وَرَوَى عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ وَيَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ الأَحْوَلُ وَهُشَيْمٌ وَعَبَّادُ بْنُ العوام.   1 "مرسل": أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد "4/ 39"، وذكره الهندي في كنز العمال "16960"، والذهبي في السير "6/ 686". 2 تقريب التهذيب "2/ 323"، والمجروحين "3/ 87". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 204 وثقه ابْنُ مَعِينٍ وَقَدْ مَرَّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِالْمَدَائِنِ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة. 461- هلال بن ميمون الرملي1 –د ن-. "حرف الْوَاوِ": 462- الْوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ الْعُقَيْلِيُّ الْجَزَرِيُّ2. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَمِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُغِيرَةُ بْنُ سِقْلابٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ حَدِيثُهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "تَفَكَّرُوا فِي آلاءِ اللَّهِ وَلا تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ"3. 463- وَاصِلُ بْنُ السَّائِبِ أَبُو يَحْيَى الرَّقَاشِيُّ –ت ق- بَصْرِيٌّ. عَنْ عطاء بن أبي رباح وأبي سورة ابن أخي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ وَوَكِيعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مَالِكٍ الْمُزَنِيِّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَلَهُ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي سَوْرَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة.   1 التهذيب "11/ 84"، والجرح "9/ 76". 2 التاريخ الكبير "8/ 183"، والمجروحين "3/ 83"، والمتروكين "103". 3 "إسناده ضعيف جدًا، والحديث حسن": أخرجه الطبراني في الأوسط "6456"، والبيهقي في الشعب "1/ 358"، والعظمة لأبي الشيخ "ص/ 29". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 205 464- وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ التَّيْمِيُّ1 -4-. عَنِ ابْنِهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي بُرْدَةَ وَالْحَسَنِ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ سَمِعَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ. 465- وَبَرُ بْنُ أَبِي دَلِيلَةَ الطَّائِفِيُّ2 -د ن ق-. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونَ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو عَاصِمٍ. ثِقَةٌ. قَالَهُ ابن معين. 466- الوضين بن عطاء3 -د ق- أبو كنانة لاخزاعي الدمشقي الكفرسوسي. عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمَكْحُولٍ وَمَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَبَقِيَّةُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ وَمُنَبِّهُ بْنُ عُثْمَانَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. قال أبو داود: قدري. وقال ابن سعد: كان ضعيفًا. وقال أَبُو حَاتِمٍ: يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ. وَقَالَ آخَرُ: كَانَ خطيبًا بليغًا فَصِيحًا مُفَوَّهًا. مَاتَ الْوَضِينُ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة. 467- وقاء بن إياس4 –ن- أبو يزيد الوالبي الكوفي. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَمَالِكٌ وَيَحْيَى، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ عِنْدَهُمْ. 468- الْوَلِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ5 -د ق- بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ.   1 تهذيب التهذيب "11/ 109"، والميزان "4/ 331". 2 التقريب "2/ 330"، والجرح والتعديل "9/ 44". 3 المشاهير "184"، تاريخ أبي زرعة "2/ 701"، وطبقات ابن سعد "7/ 466". 4 التاريخ الكبير "8/ 188"، والميزان "4/ 335". 5 الجرح والتعديل "9/ 2"، والتقريب "2/ 332". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 206 عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ وَالضَّحَّاكِ. وَعَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَوَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 469- الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو1، بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسَافِعٍ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيْرِ وَيَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ. وَعَنْهُ مُوسَى بْنُ هَاشِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَآخَرُونَ. "حرف الْيَاءِ": 470- يَحْيَى بْنُ أبي أنيسة2 –ت- أبو زيد الجزري الرهاوي. طَلَبَ الْعِلْمَ مَعَ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ وَسَمِعَ نَافِعًا وَعَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ وَابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ وجماعة، وكأنه أسن من أخيه. حدث عنه أبو إسحاق الفزاري وأبو معاوية ومحمد بن سلمة الحراني وعبد الوارث، وعبد الله بن بكر السهمي. قال الفلاس: صدوق يهم، وَقَالَ أَيْضًا: قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ حديثه. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ: سَمِعْتُ أَوْ قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ: لا تَكْتُبُوا عَنْ أَخِي فَإِنَّهُ يَكْذِبُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ يَحْيَى مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، قِيلَ: لِمَ يَا أَبَا عبد الله؟ قال: حديثه يدلك عليه. وقال الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 471- يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ3 -4- أَبُو عمران الْغَسَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ إِمَامُ جَامِعِهَا وَشَيْخُ الْقُرَّاءِ بِهَا، وَذِمَارٌ مِنْ قُرَى الْيَمَنِ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ابن عامر، وقرأ أيضًا فيما بلغنا على واثلة بن الأسقع، وحدث   1 التاريخ الكبير "8/ 149"، والجرح والتعديل "9/ 10". 2 التقريب "2/ 343"، والمجروحين "3/ 110"، والتاريخ لابن معين "2/ 640". 3 التهذيب "11/ 193"، وطبقات ابن سعد "7/ 168". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 207 عنه وعن سعيد بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ. قَرَأَ عَلَيْهِ عِرَاكُ بْنُ خَالِدٍ وَأَيُّوبُ بْنُ تَمِيمٍ وَمُدْرِكُ بْنُ أَبِي سَعْدٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَحَدَّثُوا أَيْضًا عَنْهُ هُمْ وَالأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَصَدَقَةُ السَّمِينُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَخَلْقٌ سواهم. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ عَالِمٌ بِالْقِرَاءَةِ فِي دَهْرِهِ، مات سنة خمس وأربعين ومائة. قال: وكان قليل الحديث. وقال ابْن معين وغيره: ليس بِهِ بأس. وَرَوَى ابْنُ ذَكْوَانَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ: كَبُرَ يَحْيَى الذِّمَارِيُّ وَكَانَتْ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةَ الْجُنْدِ، وَكَانَ يَقِفُ خَلْفَ الأَئِمَّةِ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ لا يستطيع أن يؤم من الكبر. وقال بن أَبِي حَاتِمٍ: عَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَأَلْتُ يَحْيَى الذِّمَارِيَّ عَنْ عَدَدِ آيِ الْقُرْآنِ فَقَالَ بِيَدِهِ: سَبْعَةُ آلافِ وَمِائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَعِشْرُونَ. 472- يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ الْبَكْرِيُّ1 –ن- الفلسطيني الرملي. عَنْ أَبِي قَرْصَافَةٍ جُنْدَرَةٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَأَبِي رَيْحَانَةٍ وَلَهُمْ صُحْبَةٌ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَبِلالُ بْنُ كَعْبٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا حَسَنَ الْفَهْمِ. قُلْتُ: هَذَا أَكْبَرُ شَيْخٍ لابْنِ المبارك. 473- يحيى بن سعيد بن حيان2 –ع- أبو حيان التيمي تَيْمٌ الرَّبَابُ أَحَدُ ثِقَاتِ الْكُوفِيِّينَ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ يَزِيدَ الشعبي وأبي زرعة البجلي. وعنه شعبة وابن علية والقطان ومحمد بن بشر وخلق كثير.   1 التاريخ الكبير "8/ 269"، وتهذيب التهذيب "11/ 198". 2 الجرح والتعديل "9/ 149"، والمعرفة والتاريخ "3/ 19-20". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 208 قال الخريبي: كان الثوري يعظمه، ويوثقه. وقال أبو حاتم: صالح. وقال العجلي: ثقة مبرز صَاحِبُ سُنَّةٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمس وأربعين ومائة. 474- يحيى بن سعيد1 –ع- بن قيس بن عمرو. وقيل: ابن مهر بدل عَمْرو الإِمَامُ أَبُو سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ الْقَاضِي أَحَدُ الأَعْلامِ. سَمِعَ أَنَسًا وَالسَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ وَأُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَأَبَا سَلَمَةَ وَطَبَقَتَهُمْ. وَعَنْهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَهُشَيْمٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَيَزِيدُ بن هارون وخلق كثير. قال أيوب السختنياني: ما رأيت بالمدينة أَفْقَهَ مِنْهُ. وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ قَدِمَ دِمَشْقَ فِي صُحْبَةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ قال المفضل الغلابي: كذا حدثنا يزيد، وإنما هو يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: آلُ قَهْدٍ أَصْهَارُ حمزةَ عَمّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: فِي نَسَبِهِ كَمَا قَالَ يَزِيدُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمُ ابْنُ قَهْدٍ وَلَمْ يَصِحَّ، وَزَادَ ابْنُ سَعْدٍ: قَدِمَ يَحْيَى الْكُوفَةَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَهُوَ بِالْهَاشِمِيَّةِ فَاسْتَقْضَاهُ عَلَى قَضَائِهِ وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ حُجَّةً ثَبْتًا. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ ابن عيينة: هُوَ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ مُحَدِّثُو الْحِجَازِ يَجِيئُونَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. قُلْتُ: وَهِمَ مَنْ زَعَمَ أن يحيى ولي فضاء بَغْدَادَ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِر الْخُزَامِيُّ ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بن بلال قال: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَدْ سَاءَتْ حَالُهُ وَأَصَابَهُ ضِيقٌ شَدِيدٌ وَرَكِبَهُ الدَّيْنُ فَجَاءَ كِتَابُ السَّفَّاحِ يَسْتَقْضِيهِ فَوَكَّلَنِي يَحْيَى بِأَهْلِهِ وَقَالَ لِي: وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ وَأَنَا أَجْهَلُ شَيْئًا، فَلَمَّا قَدِمَ الْعِرَاقَ كَتَبَ إِلَيَّ إِنِّي كُنْتُ قُلْتُ لَكَ ما قلت وأنه والله لأذل خصمين   1 التهذيب "11/ 221"، والمشاهير "80". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 209 جَلَسَا بَيْنَ يَدَيَّ فَاقْتَضَيَا شَيْئًا، وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُهُ قَطُّ فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي فَسَلْ رَبِيعَةَ واكتب إِلَيَّ بِمَا يَقُولُ وَلا تَعْلَمُهُ. ابْنُ وَهْبٍ ثنا مَالِكٌ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: اكْتُبْ لِي أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثَ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْقَضَاءِ، فَكَتَبْتُ لَهُ ذَلِكَ فِي صَحِيفَةٍ صَفْرَاءَ، قِيلَ لِمَالِكٍ: أَعَرَضَ عَلَيْكَ؟ قَالَ: هُوَ أَفْقَهُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: مَا رَأَيْتُ شَيْخًا أَنْبَلَ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: كَانَ يَحْيَى أَجَلَّ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الزُّهْرِيِّ، ثُمَّ جَعَلَ الْقَطَّانُ يَصِفُ يَحْيَى وَيُعَظِّمُهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُحَدِّثُنِي بِالْحَدِيثِ كَأَنَّهُ يَنْثُرُ عَلَيَّ اللُّؤْلُؤَ. وَقَالَ وُهَيْبٌ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا إِلا وَأَنْتَ تَعْرِفُ وَتُنْكِرُ غَيْرَ مَالِكٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الطَّالِقَانِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ أَثْبَتُ النَّاسِ1. وَقَالَ الواقدي: أنا سليمان بن بلال أن يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ ذَهَبَ إِلَى أَفْرِيقِيَّةَ فِي طَلَبِ مِيرَاثٍ لَهُ فَقَدِمَ بِهِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمَّا أَتَاهُ رَبِيعَةُ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ قَسَّم الْمَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ نِصْفَيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عبيد بن حساب: ثنا حماد بن زيد عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَتْ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ إِحْدَى عَمَّاتِي، وَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو. قُلْتُ: حَبِيبَةُ هِيَ الَّتِي قَالَتْ: لا أَنَا وَلا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ. وَقَيْسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ صَحَابِيٌّ حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ. وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ جَدَّهُ قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو: يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حنبل وطائفة. قال أحمد بن أبي خثيمة: غَلَطَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ حَيْثُ يَقُولُ: يَحْيَى بْنُ سعيد بن قَيْسُ بْنُ قَهْدٍ جَدُّ أَبِي مَرْيَمَ عَبْدِ الغفّار بْن القاسم الأنصاري الكوفي.   1 سير أعلام النبلاء "6/ 247". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 210 وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سعيد: كم تحفظ؟ قال: ستمائة أو سَبْعَمِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عن اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُحَدِّثُنَا فَإِذَا طَلَعَ رَبِيعَةُ سَكَتَ إِجْلالا لِرَبِيعَةَ فَتْلا يَحْيَى يَوْمًا {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر: 21] . فَقَالَ عِرَاقِيٌّ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ السِّحْرَ، أَمِنْ خَزَائِنِ اللَّهِ الَّتِي تَنْزِلُ؟ قَالَ يَحْيَى: مَهٍ مَا هَذَا مِنْ مَسَائِلِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَفْحَمَ الْقَوْمَ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ: إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِ الْخُصُومَةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ إِنَّ السِّحْرَ لا يَضُرُّ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ، فَتَقُولُ أَنْتَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَسَكَتَ الرَّجُلُ، فَكَأَنَّمَا كَانَ عَلَيْنَا جَبَلٌ فَوُضِعَ عَنَّا. قُلْتُ: لَهُ أَخَوَانِ: عَبْدُ رَبِّهِ وَسَعْدٌ مَاتَا قَبْلَهُ وَمَاتَ هُوَ سَنَةَ ثلاث وأربعين ومائة. قاله القطان وشباب وجماعة. وقال يزيد والفلاس: سَنَةَ أَرْبَعٍ. 475- يَحْيَى بْنُ صُبَيْحٍ النَّيْسَابُورِيُّ1 -د- كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ عَلَى النَّاسِ الْقِرَاءَاتِ بِنَيْسَابُورَ. رَوَى عَنْ قَتَادَةَ وَعَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، وعنه جريج وابن عيينة ويحيى القطان. وثقه أبو داود. 476- يحيى بن عبيد الله2 -ت ق- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَكْثَرَ عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ ثُمَّ تركه القطان. وقال أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: وَأَبُوه لا يعرف. وَقَالَ شُعْبَة: رأيته يسيء صلاته. 477- يَحْيَى بن أبي عمرو وأبو زُرْعَةَ الشَّيْبَانِيُّ الشَّامِيّ3 -د ن ق- حِمْصِيٌّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ وَأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ والوليد بن سفيان.   1 التقريب "2/ 375"، تهذيب الكمال "31/ 382"، والجرح والتعديل "9/ 158". 2 التقريب "2/ 361"، وتاريخ الدوري "2/ 650". 3 التهذيب "11/ 260"، والجرح والتعديل "9/ 177". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 211 وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَابْنُ شَابُورٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْعِجْلِيُّ وَمَاتَ سَنَةَ ثمان وأربعين ومائة. أرخه ضمرة وقال: عاش خمسًا وثمانين سنة. 478- يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو الضَّحَّاكِ الْهَمْدَانِيُّ1. عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَالْحَرْبِيُّ وسيف بن أسلم. ضعفه ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 479- يَحْيَى بْنُ مَيْسَرَةَ2. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ. 480- يَحْيَى بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ الْعَطَّارُ3. كُوفِيٌّ. لَهُ عَنْ يُوسُفَ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. صَدُوقٌ. 481- يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ التُّجِيبِيُّ4. قَاضِي الأَنْدَلُسِ. كَانَ قَدْ بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ على قضاء الأندلس. وطالت أيامه إلى أَنْ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 482- يَحْيَى بْنُ يَعْقُوبَ أَبُو طَالِبٍ الأَنْصَارِيُّ الْقَاصُّ5. خَالُ أَبِي يُوسُفَ. عَنْ عِكْرِمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو تَمِيلَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حاتم.   1 ميزان الاعتدال "4/ 409", والتهذيب "11/ 279". 2 التاريخ الكبير "8/ 305"، والمعرفة والتاريخ "2/ 270". 3 الجرح والتعديل "9/ 195". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 177". 5 ميزان الاعتدال "4/ 415". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 212 483- يَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ بَصْرِيٌّ1. عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ أَخُوهُ جَرِيرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 484- يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ2 -ن ق- كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. لَهُ عَنْ عَمِّهِ عُبَيْدٍ أَخِي سَالِمٍ وَزُبَيْدٍ الْيَامِيِّ وَالْحَكَمِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَلَهُ كلام ومعرفة بالمغازي والأخبار. 485- يَزِيدُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ3. أَبُو حَبِيبٍ الدَّبَّاغُ. رَوَى عَنْ أنس. وعنه عيسى بن يونس ووكيع وأبو عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. وَقَدْ وُثِّقَ. عِدَادُهُ فِي الْبَصْرِيِّينَ. وَلَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ. 486- يَزِيدُ بن طهمان4 -ن ق- أبو المعتمر الرقاشي. بَصْرِيٌّ نَزَلَ الْحِيرَةَ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. وعنه الحسن بن حي وشريك والفضل السيناني ووكيع. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. 487- يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدَةَ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ السَّكُونِيُّ5 -ق-. دِمَشْقِيٌّ صَدُوقٌ. لَهُ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ مُسْلِمِ بْنِ مُشْكَمٍ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَابْنُ شَابُورٍ. وثقه دحيم. 488- يزيد بن أبي عبيد المدني6 -ع-. عَنْ مَوْلاهُ سَلْمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ وَعُمَيْرِ مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ وَمَكِّيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَحَدِيثُهُ مِنْ أَعْلَى شَيْءٍ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. مَاتَ سَنَةَ سبع وأربعين ومائة.   1 التقريب "2/ 371"، وابن طهمان "348". 2 تاريخ أبي زرعة "1/ 293"، والتهذيب "11/ 328". 3 التاريخ الكبير "8/ 342"، والجرح والتعديل "9/ 272". 4 التهذيب "1/ 350"، والتقريب "2/ 375". 5 الجرح والتعديل "9/ 279"، والمعرفة والتاريخ "3/ 27". 6 المعرفة والتاريخ "1/ 437"، والمشاهير "78". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 213 489- يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ الْيَشْكُرِيُّ الْكُوفِيُّ1 –م4-. عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَلْمَانَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ وَمُحَمَّدُ وَيَعْلَى ابْنَا عُبَيْدٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وقال أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. 490- يَزِيدُ بْنُ مردانبة2 –ن- الكوفي التَّاجِرُ. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي بُرْدَةَ وَزِيَادِ بْنِ عَلاقَةَ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَالْخُرَيْبِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 491- يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الدِّمَشْقِيُّ3 –خ4- أبو عبد الله مولى مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ. ورأى وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ. رَوَى عَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَيَحْيَى بن حمزة الوليد بْنُ مُسْلِمٍ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَابْنُ شَابُورٍ. وثّقه ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِذَاكَ. قَالَ دُحَيْمٌ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَأَلْتُ حَمَّادَ بْنَ يزيد عن موت أَبِيهِ فَقَالَ: بَعْدَ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 492- يَعْقُوبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ4 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ التَّيْمِيُّ أَبُو عَرَفَةَ الْمَدَنِيُّ. عَنِ الْمَقْبُرِيِّ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمَا. وَكَانَ قَاضِيًا بالمدينة. كأنه مات شابًا.   1 التهذيب "11/ 356"، والجرح والتعديل "9/ 285". 2 التقريب "2/ 380"، وتاريخ الثقات "480". 3 ميزان الاعتدال "4/ 439"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 235". 4 التهذيب "11/ 385". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 214 493- يَعْقُوبُ بْنُ الْقَعْقَاعِ1. أَبُو الْحَسَنِ الْخُرَاسَانِيُّ قَاضِي مَرْوَ. عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وُثِّقَ. 494- يَعْقُوبُ بْنُ قَيْسٍ الْكُوفِيُّ2. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 495- يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ3 -م د-. أبو حررة المدني القاص مولى بني مخزوم. عن القاسم مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 496- يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو شَيْبَةَ الْجَوْهَرِيُّ4 -ت ق-. بَصْرِيٌّ وَاهٍ. لَهُ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ عَجَائِبُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ. 497- يُوسُفُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْحَدَّادُ5. عَنِ الْقَاسِمِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 498- يُوسُفُ بْنُ مَيْمُونَ6. أَبُو خُزَيْمَةَ الصَّبَّاغُ بصري.   1 التقريب "2/ 386"، والجرح والتعديل "9/ 213". 2 الجرح والتعديل "9/ 213". 3 ميزان الاعتدال "4/ 453"، والجرح "9/ 215". 4 التاريخ الكبير "8/ 377"، والتهذيب "11/ 407". 5 الجرح والتعديل "9/ 231". 6 التهذيب "11/ 426"، والميزان "4/ 474". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 215 عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَنَسِ بْنِ سِيرِينَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 449- يُونُسُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الإِسْكَافُ1 -خ ت ن ق- بَصْرِيٌّ. عَنِ الْحَسَنِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَرْسَانِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وغيره. وأما ابن حبان فقال: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ لِغَلَبَةِ الْمَنَاكِيرِ فِي حَدِيثِهِ. "الْكُنَى": * أبُو الأَشْهَبِ النَّخَعِيُّ. اسْمُهُ جَعْفَرٌ. تقدم. 500- أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ2 -خ م ن-. رَوَى عَنْ عَمِّهِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو ضُمْرَةَ. وَكَانَ ثِقَةً. * أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيّ عَنْ جَابِرٍ. وَاسْمُهُ الْفَضْلُ، مَرَّ. 501- أَبُو الْبِلادِ هُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْغَطْفَانِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. * أَبُو الْجَحَّافِ هُوَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ. ذُكِرَ. 502- أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطَمِيُّ الْمَدَنِيُّ4 -4- نَزِيلُ الْبَصْرَةِ، اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يزيد.   1 التقريب "2/ 3859"، والمجروحين "3/ 139". 2 تهذيب التهذيب "12/ 33"، والجرح والتعديل "9/ 343". 3 الجرح والتعديل "9/ 160". 4 التاريخ لابن معين "2/ 457"، والجرح والتعديل "6/ 379". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 216 رَوَى عَنْ خَالِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ الْفَاكِهِ وَعُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُمَارَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَيُوسُفُ السَّمْتِيُّ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 503- أَبُو جناب الكلبي1 -د ت ق- يحيى بن أبي حية. كُوفِيٌّ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَجَمَاعَةٌ. وقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ مُدَلِّسٌ. ورَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ به بأس. وقال أَحْمَدُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. وقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ يُضَعِّفُهُ. 504- أَبُو خَالِدٍ الدَّالانِيُّ2 -4- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعَبْدُ السَّلامِ الْمُلائِيُّ وَالْمُحَارِبِيُّ وَشُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. 505- أبو الرحال الأنصاري البصري3 –ت- يُقَالُ اسْمُهُ: خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بن خالد. عن أنس بن مالك وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي رَجَاءٍ الْعَطَارِدِيِّ. وَعَنْهُ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ وَسَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَيَزِيدُ بْنُ بَيَّانٍ الْعُقَيْلِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ عَجَائِبُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي حديثه بعض النكرة. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ. 506- أَبُو الرَّحَّالِ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ4 –خت- اسْمُهُ عقبة بن عبيد وهو أخو سعيد الطائي.   1 الجرح والتعديل "9/ 138". 2 الجرح والتعديل "9/ 277". 3 التاريخ الكبير "9/ 30". 4 الجرح والتعديل "6/ 315". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 217 لَهُ عَنْ أَنَسٍ وَبَشِيرِ بْنِ يَسَّارٍ. وعنه حفص بن غياث ويحيى القطان وعيسى بن يونس وغيرهم. ليس بحجة. 507- أبو سعد البقال الكوفي الأعور1 -ت ق- اسمه سعيد بن المرزبان مَوْلَى حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رَوَى عَنْ أنس وأبي وائل وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة. وعنه شعبة والسفيانان ويعلى بن عبيد ويزيد بن هارون وعبيد الله بن موسى. تركه الفلاس وهو ضعيف عندهم. 508- أبو سعيد بن عوذ البراد2. مكي. اسمه رجاء بن الحارث. سمع ابن الزبير وقيل: سَمِعَ مِنْ رَجُلٍ عَنْهُ. حَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَآخَرُونَ، وَرَوَى أَيْضًا عن مُجَاهِدٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بأس. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مِقْدَارُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. * أَبُو سِنَانٍ الْحَنَفِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ عِيسَى بْنُ سِنَانٍ. * أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ. * أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ نَزِيلُ الرَّيِّ، سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ. 509- أَبُو السِّنْدِيِّ سُهَيْلُ بْنُ ذَكْوَانَ، مَكِّيٌّ3. عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. كَذَّبَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَتَرَكَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ سَوْدَاءَ فَكَذَبَ بِمِثْلِ هَذَا. * أبو شعيب المجنون الصلت.   1 الجرح والتعديل "4/ 62"، والمعرفة والتاريخ "3/ 59". 2 الجرح والتعديل "3/ 501". 3 الجرح والتعديل "4/ 246"، والتاريخ لابن معين "2486". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 218 510- أبو شهاب الحناط1 -خ م ن- الأكبر. هو موسى بن نافع، كُوفِيٌّ ثِقَةٌ قَدِيمٌ. رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ. وعنه الثوري ويحيى القطان وأبو أسامة وأبو نعيم وأبو داود الطيالسي. وثقه ابن معين، وهو أكبر شيخ لأبي داود. * أبو الصباح النخعي. -ق-. سليمان بن بشير، مَرَّ. 511- أَبُو عَاتِكَةَ2 –ت-. عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ وَسَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَسَّانُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. * أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ هُوَ خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ. قدْ ذُكِرَ. * أَبُو عُمَرَ الْخَزَّازُ، النَّضْرُ قَدْ ذُكِرَ. 512- أَبُو الْعُمَيْسِ3 -ع-. هُوَ أَخُو الْمَسْعُودِيِّ وهو عتبة بم عبد الله بن عتبة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ الْكُوفِيُّ. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وابن ملكية وقيس بن مسلم وعون بن أبي جحيفة. وعنه وكيع وأبو أسامة وجعفر بن عون وأبو نعيم وآخرون. وثقه أحمد وليس هو بالمكثر. قال عباس الدوري: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ثنا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: مَرَّ الْفُرَاتُ فَجَاءَ بِرُمَّانَةٍ مِثْلَ الْبَعِيرِ، فَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّهَا مِنَ الْجَنَّةِ. * أَبُو الْعَنْبَسِ4. عَنْ أَبِي عُمَرَ زَاذَانَ. وَعَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ. اسمه سعيد بن كثير.   1 التقريب "2/ 430"، والجرح والتعديل "8/ 165". 2 التهذيب "12/ 141-142"، والجرح والتعديل "4/ 494". 3 الجرح والتعديل "6/ 372". 4 الجرح والتعديل "4/ 56". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 219 513- أَبُو الْعَنْبَسِ1. عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَنْ مولى مَوْلَى لأُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَغَيْرُهُمَا. قَدِيمُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا أَخَّرْتُهُ لِرَفِيقَيْهِ. أَبُو الْعَنْبَسِ2. عن أبي وائل. وعنه حفص بن غياث وَوَكِيعٌ اسْمُهُ عَمْرٌو، مَرَّ. * أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، سَعْدٌ قَدْ ذُكِرَ. 514- أَبُو مِسْكِينَ3، الأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ، اسمه الحر فيما قيل. رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَهُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. 515- أَبُو مُصْلِحٍ الْخُرَاسَانِيُّ4. صَاحِبُ الضَّحَّاكِ، اسْمُهُ نَصْرُ بْنُ مُشَارِسٍ. حَدَّثَ عَنْهُ بَشَّارُ بْنُ قِيرَاطٍ وَوَكِيعٌ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَعُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. * أَبُو الورقاء، فايد5. 516- أبو يعفور الكوفي6 –ع- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ الثَّعْلَبِيُّ العامري. عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَبِي الضُّحَا مُسْلِمٌ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. * أَبُو الْيَقْظَانِ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عمير، مر.   1 التهذيب "12/ 189". 2 التهذيب "12/ 189". 3 التهذيب "12/ 238". 4 التهذيب "12/ 238". 5 التقريب "2/ 466". 6 الجرح والتعديل "5/ 259". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 220 * أَبُو يُونُسَ الْقَوِيُّ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ. مَرَّ. 517- ابْنُ مَيَّادَةَ1. مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ أَدْرَكُوا الدَّوْلَتَيْنِ الأُمَوِيَّةَ وَالْهَاشِمِيَّةَ، وَاسْمُهُ رَمَّاحُ بْنُ أَبْرَدَ أَبُو شَرَاحِيلَ، ويُقَالُ: أَبُو شُرَحْبِيلَ الْمُرِّيُّ، وأمه بربرية اسمها ميادة. ومن قول السَّائِرِ: وَإِنِّي لِمَا اسْتَوْدَعْتِ يَا أُمَّ مَالِكٍ ... عَلَى قِدَمٍ مِنْ عَهْدِنَا لَكَتُومُ أَأُخبِرُ سِرِّي ثُمَّ أَسْتَكْتِمُ الَّذِي ... أُخَبِّرُهُ إِنِّي إِذَنْ لَلَئِيمُ آخِرُ الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين.   1 وانظر ترجمته في معجم الأدباء "11/ 143". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 221 الطبقة السادسة عشرة: أحداث سنة إحدى وخمسين ومائة أحداث سنة اثنين وخمسين ومائة ... الطبقة السادسة عشرة: أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ تُوُفِّيَ فِيهَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْمَكِّيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ الأَوْدِيُّ، وَسَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ فِي رَجَبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الأَسْلَمِيُّ، يُقَالُ فِيهَا، وَعَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ الْمَكِّيُّ، وَعِيسَى بْنُ عِيسَى الْحَنَّاطُ، وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَّارٍ فِيهَا عَلَى الأَصَحِّ، وَمَعْنُ بن زائدة الأمير، وَالْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمَدَنِيُّ بِالْكُوفَةِ، وَصَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ الأَمِيرُ، بِخُلْفٍ. وَفِيهَا عُزِلَ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْمُهَلَّبِيُّ عَنِ السَّنَدِ بِهِشَامِ بْنِ عَمْرٍو التَّغْلِبِيِّ، ثُمَّ وَلِيَ الْمُهَلَّبِيُّ إِفْرِيقِيَّةَ. وَسَبَبُ عَزْلِهِ عَنِ السَّنَدِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ لَمَّا خَرَجَ بِالْمَدِينَةِ، وَجَّهَ وَلَدَهُ الأَشْتَرَ فِي طَائِفَةٍ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْتَرُوا بِهَا خَيْلا وَيَمْضُوا بِهَا إِلَى السَّنَدِ يُقَدِّمُونَهَا إِلَى عُمَرَ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ، فَقَدِمُوا بِهَا، فَسُرَّ بِهِمْ، وَدَعَا خَوَاصَّهُ إِلَى بَيْعَةِ مُحَمَّدٍ، فَأَجَابُوهُ، وَفَصَلَ الأَقْبِيَةَ وَالأَعْلامَ الْبِيضَ، وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ، فَجَاءَهُ مَصْرَعُ ابْنِ حَسَنٍ، فَوَجَّهَ عَبْدَ اللَّهِ الأَشْتَرَ خُفْيَةً إِلَى مَلِكٍ مُشْرِكٍ يَثِقُ بِهِ، فَأَكْرَمَ الْمَلِكُ مَوْرِدَ الأَشْتَرِ. وَكَانَ مَعَهُ نَحْوُ أَرْبَعُمِائَةٍ فَكَانَ يَرْكَبُ وَيَتَصَيَّدُ فِي هَيْئَةِ مَلِكٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَنْصُورُ فَعَزَلَ عُمَرَ بْنَ حَفْصٍ، ثُمَّ إِنَّ الأَشْتَرَ خَرَجَ يَتَنَزَّهُ، وَظَفَرَ بِهِ أَجْنَادُ هِشَامٍ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ الأَشْتَرُ وَأَصْحَابُهُ. وَفِيهَا قَدِمَ الْمَهْدِيُّ مِنَ الرَّيِّ إِلَى بَغْدَادَ، وَشَرَعَ الْمَنْصُورُ فَبَنَى الرَّصَافَةَ وَشَيَّدَهَا، وَعَمِلَ لَهَا سُورًا مَنِيعًا وَخَنْدَقًا وَمَيْدَانًا، وَجَرَّ إِلَيْهَا الْمَاءَ، وَجَعَلَهَا لِلْمَهْدِيِّ، وَجَدَّدَ لَهُ بَيْعَةَ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ الْمَهْدِيِّ لِعِيسَى بْنِ مُوسَى، وَفِيهَا وَلِيَ مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ، إِقْلِيمَ سِجِسْتَانَ1. أحداث سَنَةَ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَأَبُو خَلَدَةَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ الْخَزَّازُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، وَعُمَرُ بن سعيد بن أبي حسين   1 وانظر: تاريخ خليفة "ص279"، وتاريخ الطبري "8/ 33-40"، والبداية "10/ 106-107"، والنجوم الزاهرة "2/ 17". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 223 المكي، وطلحة بن عمرو المكي، وعباد بْنُ مَنْصُورٍ النَّاجِي، أَبُو حُرَّةَ وَاصِلُ بْنُ عبد الرحمن، ويونس بن يزيد الأيلي فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا وَثَبَتَ الْخَوَارِجُ بِبُسْتٍ عَلَى مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ فَقَتَلُوهُ لِجَوْرِهِ وَعَسَفِهِ. وَفِيهَا غَزَا حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ كَابُلَ، وَوَلاهُ الْمَنْصُورُ إِقْلِيمَ خُرَاسَانَ. وَفِيهَا وَلِيَ الْبَصْرَةَ يَزِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَوَلِيَ مِصْرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُزِلَ عَنْهَا يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْمَنْصُورُ1.   1 وانظر: تاريخ خليفة "ص/ 280"، وتاريخ الطبري "8/ 41"، والبداية والنهاية "10/ 109"، وصحيح التوثيق "6/ 50". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 224 أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا أَبَانُ بْنُ صَمْعَةَ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَالِمٍ بَرَدَانُ1 وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ الْكُلاعِيُّ، وَبُكَيْرُ بنُ مِسْمَارٍ، فِي قَوْلٍ. وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ قَاضِي بَغْدَادَ، وَحُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الْبَصْرِيُّ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيُّ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكُوفِيُّ، وَقُدَامَةُ بْنُ مُوسَى الْجُمَحِيُّ، محل بْنُ مُحْرِزٍ الضَّبِّيُّ، وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ بِالْيَمَنِ فِي رَمَضَانَ، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ الْغَازِ الدِّمَشْقِيُّ، وَوُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِيهَا قُتِلَ مُتَوَلِّي إِفْرِيقِيَّةَ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ، خَرَجَتْ عَلَيْهِ أُمَمٌ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَعَلَيْهِمْ أَبُو حَاتِمٍ الإِبَاضِيُّ وَأَبُو عَادٍ، فَيُقَالُ: كَانُوا فِي خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَأَزْيَدَ مِنْ مِائَتَيْ أَلْفِ رَاجِلٍ، وَكَانُوا قَدْ بَايَعُوا بِالْخِلافَةِ أبا قرة الصفري2. وفيها أَلْزَمَ الْمَنْصُورُ رَعِيَّتَهُ بِلَبْسِ الْقَلانِسِ الطِّوَالِ الْمَعْرُوفَةِ بالدنية3 فكانوا يعلمونها   1 تاريخ خليفة "427". 2 تاريخ الطبري "8/ 42". 3 الدنية: مشبهة بالدن في طول شبرين تعمل من ورق على قصب وتغشى بالسواد، قريبة الشبه من الشربوش. "انظر: دول الإسلام 1/ 105". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 224 بِالْقَصَبِ وَالْوَرَقِ وَيُلْبِسُونَهَا السَّوَادَ. وَفِيهَا يَقُولُ أَبُو دُلامَةَ: وَكُنَّا نُرَجِّي مِنْ إِمَامٍ زِيَادَةً ... فَزَادَ الإِمَامُ الْمُصْطَفَى فِي الْقَلانِسِ تَرَاهَا عَلَى هَامِ الرِّجَالِ كَأَنَّهَا ... دِنَّانُ يَهُودَ جُلِّلَتْ بِالْبَرَانِسِ وَفِيهَا عزل الصَّائِفَةَ مَسْعُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَحْدَرِيُّ فَفَتَحَ حِصْنًا بِالرُّومِ بِالسَّيْفِ. وَفِيهَا وَلِيَ بَكَّارُ بْنُ مُسْلِمٍ أَرْمِينِيَّةَ. وَفِيهَا دَخَلَ الْمِيذُ دِجْلَةَ فَوَصَلُوا إِلَى الْبَصْرَةِ فَقَتَلُوا وَسَبُوا، ثُمَّ سَارَ لِحَرْبِهِمُ الْعَسْكَرُ، فَقَهَرُوهُمْ وَاسْتَنْقَذُوا مِنْهُمْ كَثِيرًا مِمَّا أَخَذُوا1.   1 وانظر: تاريخ خليفة "ص/ 280"، تاريخ الطبري "8/ 42-43"، والكامل "5/ 610"، والبداية والنهاية "10/ 109-110"، وصحيح التوثيق "6/ 50". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 225 أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا أَشْعَبُ الطَّمَعُ، وَجَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ الْعَدَنِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ الدِّمَشْقِيُّ، وعُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مَوْهب، وَعَلِيُّ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الْكُوفِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَّارٍ الْمَدَنِيُّ، وقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُهَاجِرٍ الشُّعَيْثِيُّ، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ الْمَازِنِيُّ، وَمَعْمَرٌ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا قَدِمَ الْمَنْصُورُ الشَّامَ، وَزَارَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَهَّزَ يَزِيدَ بْنَ حَاتِمٍ فِي خمسين ألفاُ لحرب الخوارج بإفريقة، وَأَنْفَقَ عَلَى ذَلِكَ الْجَيْشِ -مَعَ شُحِّهِ بِالْمَالِ- سِتِّينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَزِيَادَةً. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ صَاعِقَةَ نَزَلَتْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَأَهْلَكَتْ خَمْسَةَ نَفَرٍ. وَفِيهَا هَلَكَ الْوَزِيرُ أَبُو أَيُّوبَ الْمُورِيَانِيُّ، كَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ غَضِبَ عَلَيْهِ فِي عَامِ أَوَّلٍ، فَسَجَنَهُ وَأَخَاهُ خَالِدًا، وَبَنِي أَخِيهِ وَصَادَرَهُمْ. وَسَبَبُ غَضَبِهِ عَلَيْهِمْ أَنَّ كَاتِبَ سِرِّ الْوَزِيرِ سَعَى بِهِ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَهَلَكَ أَبُو أَيُّوبَ وَضَرَبَ أَعْنَاقَ بَنِي أَخِيهِ. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: قَدِمَ الْمَنْصُورُ دِمَشْقَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَى قَضَائِهَا يَحْيَى بْنَ حَمْزَةَ، فَاعْتَلَّ بِأَنَّهُ شَابٌّ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى أَهْلَ بلَدِكَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَيْكَ، فَإِيَّاكَ وَالْهَدِيَّةَ، فَبَقِيَ عَلَى الْقَضَاءِ ثَلاثِينَ سنة1.   1 وانظر: تاريخ خليفة "ص/ 281"، وتاريخ الطبري "8/ 46"، والكامل "6/ 6"، والبداية والنهاية "10/ 113". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 225 أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ زَبَّانِ بن فائد المصري، وصفوان بْنِ عَمْرٍو الْحِمْصِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ التُّجِيبِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ الدِّمَشْقِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ بِالشَّامِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ظَنًّا، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمُفَضَّلُ بن لاحق، وأبو فروة يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا اسْتَنْقَذَ يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمَغْرِبَ مِنَ الْخَوَارِجِ بَعْدَ حُرُوبٍ عَظِيمَةٍ، وَقَتَلَ أَبَا عَادٍ وَأَبَا حَاتِمٍ مَلِكَيِ الْخَوَارِجِ، وَمَهَّدَ الإِقْلِيمَ وَبَقِيَ عَلَى إِمْرَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا. وَفِيهَا سَارَ الْمَهْدِيُّ إِلَى الرَّافِقَةِ، فَنَزَلَ هُنَاكَ، وَأَنْشَأَ الْمَدِينَةَ. وَفِيهَا أَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِعَمَلِ سُورٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَسُورٍ عَلَى الْكُوفَةِ، فعُمِلا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْبَلَدَيْنِ، وَوَلِيَ البصرة الْهَيْثَمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعَتَكِيُّ. وَفِيهَا عَزَلَ الْمَنْصُورُ أَخَاهُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الْجَزِيرَةِ، وَحَبَسَهُ مُدَّةً وَأَغْرَمَهُ أَمْوَالا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا مُوسَى بْنَ كَعْبٍ. وَفِيهَا عَزَلَ عَنِ الْمَدِينَةِ الْحُسَيْنَ بْنَ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَوِيَّ بِعَبْدِ الصَّمَدِ عَمِّ الْمَنْصُورِ وَجَعَلَ مَعَهُ فُلَيْحَ بْنَ سُلَيْمَانَ مُعِينًا له. وفيها كانت غزوة ذاذقشة بِنَاحِيَةِ بَحْرِ الْخَزَرِ، وَمُقَدَّمُ الإِسْلامِ مُتَوَلِّي أَرْمِينِيَّةَ يَزِيدُ بْنُ أُسَيْدٍ السُّلَمِيُّ، وَكَانَ أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَوْصُوفِينَ فَجُرِحَ، وَقَدْ كَانَ مِنْ بَقَايَا أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى أَرْمِينِيَّةِ، وَلَهُ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ يَوْمَ الْمَصَافِّ، رَوَاهَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَلِرَبِيعَةَ الشاعر فيه، وفي يزيد بْنِ قَبِيصَةَ الْمُهَلَّبِيِّ مُتَوَلِّي إِفْرِيقِيَّةَ: لَشَتَّانَ مَا بين اليزيدين في الندى ... يزيد سليم والأغر ابن حاتم فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله ... وهم الفتى القيسي جمع الدراهم ولا يحسب التمتام أني هجوته ... ولكنني فضلت أهل المكارم1   1 وانظر تاريخ خليفة "ص/ 281"، وتاريخ الطبري "8/ 50-52"، والبداية "10/ 114-115"، والكامل "6/ 11"، ووفيات الأعيان "6/ 322"، والأغاني "16/ 189"، وطبقات ابن المعتز "157". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 226 أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا أَفْلَحُ بن سعيد القبائي، وأفلح بن حميد الْمَدَنِيِّ فِي قَوْلٍ، وَحَمَّادُ الرَّاوِيَةُ بِالْعِرَاقِ، وَحَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ. وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ الْقَاضِي، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ الْبَلْخِيُّ بِالشَّامِ، وَعبد الحكيم بن أَبِي فَرْوَةَ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الإِفْرِيقِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْلَةَ الشَّامِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ ذَرٍّ الهمداني، وعيسى بن عمر الهمذاني المقرئ، وقباث بْنُ رَزِينٍ اللَّخْمِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ غَازٍ فِي قَوْلٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ, وَالْهَيْثَمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعَتَكِيُّ الأَمِيرُ. وَفِيهَا كَانَ الْهَيْثَمُ الْمَذْكُورُ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ قَدْ ظَفَرَ بِعَمْرِو بْنِ رَاشِدٍ الَّذِي كَانَ وَلاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، إِذْ خَرَجَ عَلَى إِقْلِيمِ فَارِسٍ فَصُلِبَ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ قَطْعِ أَرْبَعَتِهِ، ثُمَّ عُزِلَ الْهَيْثَمُ وَاسْتُعْمِلَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الصَّلاةِ مُضَافًا إِلَى الْقَضَاءِ، فَمَاتَ الْهَيْثَمُ فَجْأَةً بِبَغْدَادَ عَلَى صَدْرِ سَرِيَّتِهِ. وَوَلِيَ شرطة البصرة سعيد بن دعلج. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 227 أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا قَاضِي مَرْوَ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فِي قَوْلٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ سَعِيدٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَارِثِيُّ الأَمِيرُ، وَفَقِيهُ الشَّامِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ صهبان، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي الزُّهْرِيُّ، وَمُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قَوْلٍ، وَيُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو مِخْنَفٍ لُوطٌ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا أَنْشَأَ الْمَنْصُورُ قَصْرَهُ الَّذِي سَمَّاهُ الْخُلْدَ. وَفِيهَا عَرَضَ جُيُوشَهُ فِي السِّلاحِ وَالْخَيْلِ، وَخَرَجَ هُوَ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ وَقَلَنْسُوَةٌ سَوْدَاءُ مُضَرَّبَةٌ، وَفَوْقَهَا الْخَوْذَةُ1، وَنَقَلَ الأَسْوَاقَ مِنْ بَغْدَادَ، وَعُمِلَتْ بِظَاهِرِهَا بِبَابِ الْكَرْخِ، وَأَمَرَ بِعَمَلِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَوَسَّعَ شَوَارِعَ بَغْدَادَ، وَهَدَمَ دُورًا لِذَلِكَ. وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ عَلَى الْبَصْرَةِ بَعْدَ مَوْتِ سَوَّارٍ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيَّ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى السِّنْدِ مَعْبدَ بْنَ خليل، وصرف هشام بن عمرو.   1 الخوذة: غطاء معدني يحمي رأس الجندي "ج" خوذ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 227 وَفِيهَا غَزَا الرُّومَ يَزِيدُ بْنُ أُسَيْدٍ السُّلَمِيُّ فَوَجَّهَ عَلَى بَعْضِ جَيْشِهِ سِنَانًا مَوْلَى الْبَطَّالِ، فسبى وغنم1.   1 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 281"، والطبري "8/ 50-52"، والبداية "10/ 114-115"، صحيح التوثيق "6/ 52". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 228 أحداث سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَحَيَّوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْمِصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَنْصُورُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ الأَخْبَارِيُّ الْمَشْهُورُ بِالْمَنْتُوفِ، وجبير القصاب، وحاجب ابن عُمَرَ، وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ الْفَقِيهُ وَعَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَارِيٌّ عَلامَةٌ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ الأَيْلِيُّ، وَمَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ الْكُوفِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَاضِي الأَنْدَلُسِ. وَفِيهَا وَجَّهَ الْمَنْصُورُ وَلَدَهُ إِلَى الرِّقَّةِ، فَعَزَلَ مُوسَى بْنَ كَعْبٍ عَنِ الْجَزِيرَةِ، وَوَلِيَهَا يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكٍ، فَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: كَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ أَلْزَمَ خَالِدَ بْنَ بَرْمَكٍ بِثَلاثَةِ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ نَذْرَ دَمِهِ، وَأَجَّلَهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَالَ خَالِدٌ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ قَدْ تَرَى مَا حَلَّ بِنَا فَانْصَرِفْ إِلَى أَهْلِكِ، فَمَا كُنْتَ فَاعِلا بِهِمْ بَعْدَ مَوْتِي فَافْعَلْ، وَالْقَ إِخْوَانَنَا، وَمُرْ بِعُمَارَةَ بْنِ حَمْزَةَ، وَصَالِحٍ صَاحِبِ الْمُصَلَّى، وَمُبَارَكٍ التُّرْكِيِّ، فأعلمهم حالنا. قال ابن عطية: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ: أَتَيْتُهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ تَجَهَّمَنِي وَأَرْسَلَ الْمَالَ سِرًّا، وَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَارَةَ، فَدَخَلْتُ وَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ رَدًّا ضَعِيفًا, وَقَالَ: كَيْفَ أَبُوكَ؟ قُلْتُ: بِخَيْرٍ، يَسْتَسِلْفُكَ لِمَا نَزَلَ بِهِ، فَسَكَتَ، فَضَاقَ بِي مَوْضِعِي وَلَعَنْتُهُ عَلَى تِيهِهِ وَكِبْرِهِ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ بَعَثَ عُمَارَةُ مَعَ رَسُولِهِ مِائَةَ أَلْفٍ، وَجَمَعْنَا فِي يَوْمَيْنِ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَسَبْعَمِائَةِ أَلْفٍ. فَوَاللَّهِ إِنِّي لَعَلَى الْجِسْرِ مَارًّا وَأَنَا مَهْمُومٌ، إِذْ وَثَبَ إِلَيَّ زَاجِرٌ فَقَالَ: فَرْخُ الطَّائِرِ أَخْبَرَكَ، فَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَتَعَلَّقَ بِاللِّجَامِ، فَقَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ مَهْمُومٌ، وَلَيُفَرِّجَنَّ اللَّهُ هَمَّكَ وَلَتَمُرَّنَ غَدًا هُنَا وَاللِّوَاءُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَأَقْبَلْتُ أَعْجَبُ مِنْهُ، فَقَالَ: فَإِنْ تَمَّ ذَلِكَ فَلِي خَمْسَةُ آلافِ دِرْهَمٍ، قُلْتُ: نعم، ومضيت، فورد على المنصور انتقاص الموصل، وانتشار الأكراد بها، فقال: من لها؟ فقال له: المسيب بن زهير كان صديقنا: عندي يا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 228 أمير المؤمنين رأي، إنك لا تَنْتَصِحُهُ وَسَتَلْقَانِي بِرَدِّهِ، قَالَ: قُلْ فَلَسْتُ أَسْتَغِشُّكَ، قَالَ: مَا رَمَيْتَهَا بِمِثْلِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكٍ، قَالَ: وَيْحَكَ! وَيَصْلُحُ لَنَا بَعْدَمَا أَتَيْنَا إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ، وَصَفَحَ عَنِ الثَّلاثِمِائَةِ أَلْفٍ الْبَاقِيَةِ، وَعَقَدَ لَهُ، وَأَعْطَيْتُ الزَّاجِرَ خَمْسَةَ آلافٍ، وَأَمَرَنِي أَبِي بِحَمْلِ الْمَالِ وَهِيَ مِائَةُ أَلْفٍ إِلَى عُمَارَةَ، فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى هَيْئَةٍ مِنَ الْبَأْوِ وَالْكِبْرِ، فَسَلَّمْتُ، فَمَا رَدَّ، بَلْ قَالَ: كَيْفَ أَبُوكَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، وَذَكَرْتُ لَهُ رَدَّ الْمَالِ، فَاسْتَوَى جَالِسًا، ثُمَّ قَالَ: أَكُنْتُ صَيْرَفِيًّا لِأَبِيكَ يَأْخُذُ مِنِّي إِذَا شَاءَ وَيَرُدُّ إِذَا شَاءَ، قُمْ عَنِّي لا قُمْتَ! فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَأَعْلَمْتُهُ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنَّهُ عُمَارَةُ، وَمَنْ لا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ. وَعَنْ بَعْضِ الْمَوَاصِلَةِ قَالَ: مَا هِبْنَا أَمِيرًا قَطُّ مَا هبنا ابن برمك. واستعمل المهدي على أذربيجان يَحْيَى بن خَالِد بن برمك، واتصلت وِلايَتُهُ بِوِلايَةِ أَبِيهِ، وَكَانَ الْمَنْصُورُ يَقُولُ: وُلِدَ النَّاسُ أبناء وولد خالد أبًا. وفيه نَزَلَ الْمَنْصُورُ قَصْرَهُ الْخُلْدَ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبِ شُرْطَتِهِ الْمُسَيَّبِ بْنِ زُهَيْرٍ وَقَيَّدَهُ وَسَجَنَهُ لِكَوْنِهِ قَتَلَ أَبَانَ بْنَ بِشْرٍ الْكَاتِبَ تَحْتَ السِّيَاطِ، ثُمَّ شَفَعَ الْمَهْدِيُّ فِيهِ فَرُدَّ إِلَى مَنْصِبِهِ. وَفِيهَا سَقَطَ الْمَنْصُورُ عَنْ فَرَسِهِ، فَشُجَّ بَيْنَ حَاجِبَيْهِ. وَفِيهَا أَمَرَ الْمَنْصُورُ نَائِبَ مَكَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيَّ بِحَبْسِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَعَبَّادَ بن كثير، فحبسهما، وكان يسامرهما خُفْيَةً، ثُمَّ أهَمَّهُ أَمْرُهُمَا، وَخَافَ أَنْ يَحُجَّ المنصور فيقتلهما، فنذر رَاحِلَةً وَذَهَبًا فِي السِّرِّ إِلَى عَبَّادِ وَسُفْيَانَ، وَإِلَى شَخْصٍ عَلَوِيٍّ لِيَهْرَبُوا أَوْ يَخْتَفُوا. وَقَدِمَ الْمَنْصُورُ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَمَاتَ وَوَقَى اللَّهُ شَرَّهُ، تمرض في أثناء الدرب وحمي مزاجه، وتم الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ مَوْتَهُ، وَمَنَعَ النِّسَاءَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَمَعَ الأُمَرَاءَ وَأَخَذَ الْبَيْعَةَ لِلْمَهْدِيِّ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ العباسي ابن أَخِي الْمَنْصُورِ، وَهُوَ شَابٌّ أَمْرَدُ. وَفِيهَا مَاتَ طاغية الروم لعنه الله1.   1 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 282"، وتاريخ الطبري "8/ 364"، والكامل "6/ 22"، والنجوم الزاهرة "2/ 39"، والبداية "10/ 120-121". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 229 أحداث سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ الْوَاسِطِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ الأَمِيرُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ بِمَكَّةَ، وَعِكْرِمَةُ بن عمار اليمامي، وعمار بن زريق الضبي، ومالك ابن مِغْوَلٍ قِيلَ فِي أَوَّلِهَا، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذْلِيُّ وَاسْمُهُ سَلْمَى. وَفِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ الْعَبَّاسُ أَخُو الْمَنْصُورِ، فَوَصَلَ إِلَى أَنْقَرَةَ بِأَرْضِ الرُّومِ. وَافْتَتَحَ مَدِينَةَ. وَهَلَكَ نَائِبُ خُرَاسَانَ ابْنُ قَحْطَبَةَ، فَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عبد الله، وقيل: مليها أَبُو عَوْنٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَزِيدَ. وَوَلِيَ حمزة بن مالك سجستان. وَوَلِيَ جِبْرِيلُ بْنُ يَحْيَى سَمَرْقَنْدَ وَتِلْكَ النَّاحِيَةِ. وَتَوَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شِهَابٍ الْمِسْمَعِيُّ فِي الْبَحْرِ لِغَزْوِ الْهِنْدِ، وَفَرَضَ مَعَهُ الأَلْفَيْنِ، وَخَرَجَ مَعَهُ خَلْقٌ مِنَ الْمُطَّوِعَةِ، فَمَضَوْا حَتَّى وَافَوْا مَدِينَةَ بَارْبَدَّ مِنَ الْهِنْدِ، فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَاسْتَعْمَلَ الْمَهْدِيُّ عَلَى السِّنْدِ رَوْحَ بْنَ حَاتِمٍ، بِإِشَارَةِ وَزِيرِهِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ. وَفِيهَا أَطْلَقَ مِنَ السِّجْنِ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ، وَالْحَسَنَ وَلَدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَسُلِّمَ الْحَسَنُ إِلَى أَمِيرٍ يَتَحَفَّظُ بِهِ، فَهَرَبَ الْحَسَنُ، فَتَلَطَّفَ الْمَهْدِيُّ حَتَّى وَقَعَ بِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنِ الْكُوفَةِ إِسْمَاعِيلُ الثَّقَفِيُّ بِعُثْمَانَ بْنِ لُقْمَانَ الْجُمَحِيِّ، وَقِيلَ بِغَيْرِهِ. وَعُزِلَ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، وَعَنْ شُرْطَتِهَا سَعِيدُ بْنُ دَعْلَجٍ، وَوَلِيَ حَرْبَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَيُّوبَ النُّمَيْرِيُّ ثُمَّ عُزِلَ، وَوَلِيَ عُمَارَةُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ وَاقِدٍ الْفِهْرِيُّ عَلَى الصَّلاةِ. وَفِيهَا عُزِلَ يَزِيدُ بْنُ الْمَنْصُورِ خَالُ الْمَهْدِيّ عَنِ الْيَمَنِ، وَوَلِيَهَا رَجَاءَ بْنُ رَوْحٍ، وَعُزِلَ عَنْ مِصْرَ مَطَرٌ مَوْلَى الْمَنْصُورِ بِأَبِي ضمرة محمد سليمان. وفيها تحرك الأمراء والخراسان فِي خَلْعِ وَلِيِّ الْعَهْدِ عِيسَى بْنِ مُوسَى، وجعلها الجزء: 9 ¦ الصفحة: 230 أَعْنِي وِلايَةَ الْعَهْدِ لِمُوسَى وَلَدِ الْمَهْدِيِّ، فَكَتَبَ الْمَهْدِيُّ لَمَّا تَبَيَّنَ ذَلِكَ إِلَى الْكُوفَةِ إِلَى عِيسَى لِيَقَدَمَ عَلَيْهِ، فَأَحَسَّ فَلَمْ يَأْتِ، فَاسْتَعْمَلَ الْمَهْدِيُّ عَلَى الْكُوفَةِ رَوْحَ بْنَ حَاتِمِ بْنِ قَبِيصَةَ الْمُهَلَّبِيَّ، فَجَعَلَ عِيسَى يَتَرَدَّدُ إِلَى قَرْيَةٍ لَهُ، وَلا يُقِيمُ بِالْكُوفَةِ إِلا شَهْرَيْنِ فِي الْعَامِ، وَأَخَذَ الْمَهْدِيُّ يُلِحُّ عَلَى عِيسَى فِي النُّزُولِ عَنِ الْعَهْدِ وَيُرَغِّبُهُ وَيُرَهِّبُهُ، فَأَجَابَهُ مُكْرَهًا، وَبَايَعَ لِمُوسَى الْهَادِي، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ. فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ لِعِيسَى بُعَشَرَةِ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَقْطَعَهُ عِدَّةَ قُرَى. وَقَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ يزيد بن منصور فحج بالناس1.   1 تاريخ الطبري "8/ 116"، والبداية "10/ 129"، وصحيح التوثيق "6/ 70 وما بعدها". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 231 أحداث سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَبَحْرُ بْنُ كُنَيْزٍ السَّقَّاءُ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْجَفْرِيُّ فِي قَوْلٍ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ، وَخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ الْكَبِيرُ جَدُّ شَبَّابٍ، وَالْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ الْبَصْرِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحَ، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الْوَاسِطِيُّ، وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْعَتَكِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، وَعَبَّاسُ بْنُ عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيُّ، وَمُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ، وَعِيسَى بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ الأَمِيرُ. وَفِيهَا كَانَ خُرُوجُ يُوسُفَ الْبَرْمِ بِخُرَاسَانَ، مُنْكِرًا عَلَى الْمَهْدِيِّ الْحَالَةَ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنَ الانْهِمَاكِ عَلَى اللَّهْوِ وَاللَّذَّاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ خَلْقٌ، فَتَوَجَّهَ لِحَرْبِهِ يَزِيدُ بْنُ مَزْيَدَ الشَّيْبَانِيُّ فَأَسَرَهُ، وَأَسَرَ جماعة من جَمَاعَةً مِنْ جُنْدِهِ، وَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى الْحَضَرَةِ، فَقُطِّعَتْ أَطْرَافُ يُوسُفَ، ثُمَّ قُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وصلبوا. زفيها قَدِمَ بَغْدَادَ عِيسَى بْنُ مُوسَى فَتُلُقِّيَ بِالإِكْرَامِ، ثُمَّ إِنَّهُ حَضَرَ يَوْمًا قَبْلَ جُلُوسِ الْمَهْدِيِّ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْوَقْتِ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِ بَابَ الْمَجْلِسِ، أَوْ هُوَ أَغْلَقَ عَلَى نَفْسِهِ خَوْفًا مِنْهُمْ، فَكَادُوا أَنْ يَكْسِرُوا الْبَابَ بِالدَّبَابِيسِ، وَشَتَمُوهُ وحَصَرُوهُ، فَجَاءَ الْمَهْدِيُّ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَنْتَهُوا، إِلَى أَنْ كَاشَفَهُ ذَوُو الأَسْنَانِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بِحَضْرَةِ الْمَهْدِيِّ، وَأَغْلَظُوا لَهُ وَعَنَّفُوهُ لِيَخْلَعَ نَفْسَهُ، وَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، فَاعْتَذَرَ بِأَنَّ عَلَيْهِ أَيْمَانًا مُشَدَّدَةً فِي أَمْوَالِهِ وَنِسَائِهِ، فَأَحْضَرُوا لَهُ الْقُضَاةَ وَالْعُلَمَاءَ فَأَفْتَوْهُ بِمَا رَأَوْا مِنَ الْمَصْلَحَةِ، وَكَفَّرَ عَنْهُ الْمَهْدِيُّ، وَأَعْطَاهُ أَمْوَالا كَمَا قَدَّمْنَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 231 وَكَانَ خَلْعُهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ صَعَدَ الْمَهْدِيُّ الْمِنْبَرَ وَخَطَبَ، وَصَعَدَ عِيسَى فَبَايَعَ أَوَّلَ النَّاسِ بِالْعَهْدِ لِمُوسَى الْهَادِي. وَكَتَبَ بِخَلْعِهِ مَا صُورَتُهُ: هَذَا كِتَابٌ لِعَبْدِ اللَّهِ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ وَجُنْدِهِ وَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، كَتَبَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فِيمَا كَانَ جَعَلَهُ لَهُ مِنَ الْعَهْدِ إِذْ كَانَ أَبَى حَتَّى اجْتَمَعَتْ كَلِمَةُ الْمُسْلِمِينَ وَاتَّسَقَ أَمْرُهُمْ عَلَى الرِّضَا بِوِلايَةِ مُوسَى، وَخَلَعْتُ نَفْسِي مِمَّا كَانَ فِي رقابهم مِنَ الْبَيْعَةِ لِي، وَجَعَلْتُكُمْ فِي حِلٍّ وَسَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ لِي دَعْوَى وَلا طِلْبَةٌ وَلا حُجَّةٌ وَلا مَقَالَةٌ وَلا طَاعَةٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلا بَيْعَةٌ فِي حَيَاتِهِمَا، وَلا مَا دُمْتُ حَيًّا، وَالتَّمَامُ عَلَيْهِ عَهْدُ الله وميثاقه وذمته وَذِمَّةُ رَسُولِهِ وَذِمَّةُ آبَائِي، وَأَعْظَمُ مَا أَخَذَ اللَّهُ وَاعْتَهَدَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ عَهْدٍ أَوْ مِيثَاقٍ، أَوْ تَغْلِيظٍ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ لَهُمَا، وَالْمُوَالاةُ لَهُمَا، وَلِمَنْ وَالاهُمَا، وَالْمعاداة لِمَنْ عَادَاهُمَا فِي هَذَا الأَمْرِ الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ، فَإِنْ أَنَا نَكَثْتُ أَوْ غَيَّرْتُ أَوْ أَدْغَلْتُ، فَكُلُّ زَوْجَةٍ لِي أَوْ أَتَزَوَّجُهَا إِلَى ثَلاثِينَ سَنَةً طَالِقٌ ثَلاثًا الْبَتَّةَ، وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ إِلَى ثَلاثِينَ سَنَةً أَحْرَارٌ، وَكُلُّ مُلْكٍ لِي مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ إِلَى ثَلاثِينَ سَنَةً صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَعَلَيَّ الْمَشْيُ مِنَ الْعِرَاقِ حَافِيًا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ نَذْرًا وَاجِبًا ثَلاثِينَ سَنَةً لا كَفَّارَةَ لِي وَلا مَخْرَجَ إِلا الْوَفَاءَ بِهِ، وَاللَّهِ عَلَيَّ بِالْوَفَاءِ بِذَلِكَ رَاعٍ كَفِيلٌ شَهِيدٌ. وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَلاثُونَ رَجُلا. وَفِيهَا نَازَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمِسْمَعِيَّ بَارْبَدَّ مِنَ الْهِنْدِ، وَنَصَبَ الْمَجَانِيقَ عَلَيْهَا وَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً، حَتَّى أَلْجَأَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمَدِينَةِ إِلَى بُدِّهِمْ، فَأَشْعَلُوا فِيهَا النِّيرَانَ وَالنِّفْطَ، فَاحْتَرَقَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلا، وَلَبِثَ الْمُسْلِمُونَ مُدَّةً لِهَيَجَانِ الْبَحْرِ، فَأَصَابَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ دَاءٌ يُقَالُ لَهُ حُمَامُ قِرٍّ، فَمَاتَ مِنْهُمْ نَحْوَ أَلْفٍ، مِنْهُمُ الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ الْمُحَدِّثُ، ثُمَّ رَكِبُوا الْبَحْرَ، فَلَمَّا قَارَبُوا بِلادَ فَارِسَ عَصَفَتْ عَلَيْهِمْ رِيحٌ عَظِيمَةٌ كَسَرَتْ أَكْثَرَ الْمَرَاكِبِ، فَلِلَّهِ الأَمْرُ1. وَفِيهَا جُعِلَ أَبَانُ بْنُ صَدَقَةَ وَزِيرًا لِهَارُونَ وَلَدِ الْمَهْدِيِّ. وَفِيهَا عُزِلَ أَبُو عَوْنٍ عَنْ خراسان ووليها معاذ بن مسلم.   1 وانظر نص العهد في تاريخ الطبري "8/ 126-128". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 232 وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْمَهْدِيُّ، فَأُحْضِرَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَحْسَنَ صِلَتَهُ، وَأَقْطَعَهُ بِالْحِجَازِ، وَنَزَعَ الْمَهْدِيُّ كِسْوَةَ الْبَيْتِ وَكَسَاهُ كِسْوَةً جَدِيدَةً، فَقِيلَ: إِنَّ حَجَبَةَ الْكَعْبَةِ أَنْهَوْا إِلَيْهِ أَنَّهُمْ يَخَافُونَ عَلَى الكعبة أَنْ تَتَهَدَّمَ لِكَثْرَةِ مَا عَلَيْهَا مِنَ الأَسْتَارِ، فَأَمَرَ بِهَا فَجُرِّدَتْ، وَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى كِسْوَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَجَدُوهَا دِيبَاجًا غَلِيظًا إِلَى الْغَايَةِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ قَسَّمَ فِي حُجَّتِهِ هَذِهِ فِي أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ ثَلاثِينَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْيَمَنِ أربعمائة ألف دينار فقسمهما أَيْضًا، وَفَرَّقَ مِنَ الثِّيَابِ الْخَامِ مِائَةَ أَلْفِ ثَوْبٍ وَخَمْسِينَ أَلْفِ ثَوْبٍ، وَوَسَّعَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَرَّرَ فِي حَرَسِهِ خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَرَفَعَ أَقْدَارَهُمْ وَأَرْزَاقَهُمْ. وَفِي هَذَا الْعَامِ حُمِلَ الثَّلْجُ لِلْمَهْدِيِّ حَتَّى وَصَلُوا بِهِ إِلَى مَكَّةَ، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُتَهَيَّأْ لِمَلِكٍ قَطُّ، نَهَضَ بِحَمْلِهِ وَمُدَارَاتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَمِيرُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 233 تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الألف": 1- أبان بن صمعة الأنصاري البصري –م ن ق-. من كبار المحدثين، قيل: هو والد عتبة الغلام المشهور بالزهد. حدث عن والدته عن عائشة، وعن عكرمة، وأبي الوازع جابر بن عمرو، وجماعة. حدث عن يحيى القطان، وأبو عاصم النبيل، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وسهل بن يوسف، وآخرون. وثقه يحيى بن معين، وغيره. وقد تغيره بآخرة. وقال أحمد: صالح الحديث. وقال يحيى القطان: تغير. وقال ابن مهدي: لقيته وقد اختلظ البتة. وقال ابن عدي: إنما عيب عليه اختلاطه لما كبر، ولم ينسب إلى الضعف؛ لأن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 233 مقدار ما يرويه مستقيم. ثم ساق له ابن عدي حديثًا واحدًا من طريق سهل بن يوسف: حدثنا أبان بن صمعة، عن أبي الوازع، عن أبي برزة أَنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ له: "اعزل الأذى عن طريق المسلمين". تفرد به سهل، وهو حسب غريب. وقد روى مسلم لأبان متابعة. مات في سنة ثلاث وخمسين. 2- أبان بن عبد الله بن أبي حازم البجلي الأحمسي -4. عن عمه عثمان، وعطاء بن أبي رباح، وإبراهيم بن جرير بن عبد الله، وعمرو بن شعيب، وجماعة. وعنه الثوري، وابن المبارك، وشعيب بن حرب، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبو نعيم، وجماعة. قال أحمد: صدوق صالح. وقال ابن معين: ثقة. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا، وأرجو أنه لا بأس به. قلت: قال ابن حبان: كان ممن فحش خطؤه وانفرد بالمناكير. 3- إبراهيم بن سالم القرشي التيمي، بردان –د-. عن أبيه سالم أبي النضر، وسعيد بن المسيب. وعنه سليمان بن بلال، وصفوان بن عيسى، والواقدي. وثقه ابن سعد، وقال: مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. 4- إبراهيم بن أبي عبلة، الإمام القدوة، شيخ فلسطين، أبو إسحاق العقيلي الشامي المقدسي –خ م د س-. من بقايا التابعين. ولد بعد الستين، وروى عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وأبي أمامة الباهلي، وبلال بن أبي الدرداء، وخالد بن معدان، وخلق سواهم. وقيل: إنه أدرك ابن عمر، والإ فروايته عنه مرسلة. وقيل: يكنى أبا العباس: وقيل: أبا سعيد وأبا إسماعيل، وإبراهيم بن شمر بن يقظان بن مرتحل الرملي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 234 له فضل وجلاله؛ حدث عنه ابن إسحاق وتوفي قبله، وابن شوذب، وعمرو بن الحارث ومات أيضًا قبله، ومالك، والليث، وابن المبارك، وبقية بن الوليد، ومحمد بن حمير، وأيوب بن سويد، ومحمد بن زياد المقدسي، وآخرون كثيرون. وثقه يحيى بن معين، والنسائي. وكان الوليد بن عبد الملك يبعثه بعطاء أهل القدس فيفرقه فيهم. قال الحاكم: قلت للدارقطني: إبراهيم بن أبي عبلة؟ قال: الطرق إليه ليست تصفو، وهو في نفسه ثقة. عبد الله بن هانئ: حدثنا أبي عن إبراهيم بن أبي عبلة، قال: بعث إلي هشام، فقال: إنا قد عرفناك، وأختبرناك ورضينا بسيرتك وبحالك. وقد رأيت أن أخلطك بنفسي وخاصتي، وأشركك في عملي، وقد وليتك خراج مصر. قلت: أما الذي عليه رزيك يا أمير المؤمنين، فالله يثيبك ويجزيك، وكفى به جازيًا ومثيبًا، وأما أنا، فمالي بالخراج بصر، ومالي عليه قوة. فغضب حتى اختلج وجهه، وكان في عينه حول، فنظر إلي نظرًا منكرًا، ثم قال: لتلين طائعًا أو كارهًا، فأمسكت. ثم قلت: أتكلم؟ قال: نعم. قلت: إن الله سبحانه قال في كتابه: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب: 72] فوالله ما غضب عليهن إذ أبين ولا أكرههن، فضحك حتى بدت نواجذه وأعفاني. دهثم بن الفضيل: سمعت ضمرة يقول: ما رأيت لذة العيش إلا في أكل الموز بالعسل في ظل الصخرة، وحديث ابن أبي عبلة ما رأيت أحدًا أفصح منه. وروى ضمرة عن إبراهيم بن أبي عبلة، قال: قلت للعلاء بن زياد: إني أجد وسوسة في قلبي، فقال: أنا أحب لو أنك مت عام أول، أنت العام خير منك عام أول. محمد بن حمير: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة، قال: من حمل شاذ العلم حمل شرًا كثيرًا. محمد بن زيادن المقدسي: سمعت ابن أبي عبلة وهو يقول لمن جاء من الغزو: قد جئتم من الجهاد الأصغر، فما فعلتم في الجهاد الأكبر، جهاد القلب. قال ضمرة: توفي إبراهيم بن أبي عبلة سنة اثنتين وخمسين ومائة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 235 وذكر بعضهم: أن ابن أبي عبلة روى نحو المائة حديث. وقد جمع الطبراني كتاب حديث شيوخ الشاميين، فجاء مسند ابن أبي عبلة في سبع ورقات، وشطرها مناكير من جهة الإسناد إلى إبراهيم. 5- متابعة: أسامة بن زيد -4م- الإمام العالم الصدوق أبو زيد الليثي، مولاهم، المدني. حدث عن سعيد بن المسيب، ومحمد بن كعب القرظي، ونافع العمري، وعمرو بن شعيب، وسعيد المقبري، وجماعة. روى عنه حاتم بن إسماعيل، وابن وهب، وأبو ضمرة أنس بن عياض، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَآخَرُونَ. قال يحيى بن معين: ليس بن بأس. وقال النسائي: ليس بالقوي. واختلف قول يحيى بن سعيد القطان؛ قَالَ ابْن معين: كَانَ يحيى بْن سعيد يكره لأسامة بن زيد أنه حدث عن عطاء، عن جابر، أن رجلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حلفت قبل أن أنحر"، إنما هو مر سل، وقال أحمد بن حنبل: ترك يحيى بن سعيد حديثه بآخرة. ثم قال أحمد: له عن نافع مناكير. وقال أيضًا: إذا تدبرت حديثه تعرف فيه النكرة. وجاء عن يحيى بن معين أنه ثقة. وجاء عنه، قال: ترك حديثه بآخرة. وهذا وهم. بل هذا القول الأخير هو قول يحيى بن سعيد فيه. وقد روى عباس عن يحيى: ثقة. وروى أحمد بن أبي مريم، عن يحيى: ثقة، حجة. فابن معين حسن الرأي في أسامة. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ به. قلت: توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. وقد يرتقي حديثه إلى رتبة الحسن. استشهد به البخاري وأخرج له مسلم في المتابعات. أما أسامة بن زيد بن أسلم العمري المدني، فضعفه أزيد، ولا شيء له في الكتب، سوى حديث واحد عند ابن ماجه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 236 6- إسحاق بن راشد الجزري الحراني –خ4- أبو سليمان، وقيل: هو رقي. عن سالم، وميمون بن مهران، والزهري، وجماعة. وعنه عتاب بن بشير، وموسى بن أعين، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: شيخ، ولم يصح عندي أنه أخو النعمان بن راشد. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ خزيمة: لا يحتج بحديثه. وقال الدارقطني: تكلموا في سماعه من الزهري. وقال أبو المليح الرقي، وغيره: قال إسحاق بن راشد: بعث محمد بن علي زيد بن علي إلى الزهري، قال: يقول لك أبو جعفر: استوص بإسحاق خيرًا فإنه منا أهل البيت. وقال عبيد الله بن عمرو: كان إسحاق –يعني ابن رشد- صاحب مال، فأنفق عليهم أكثر من ثلاثين ألف درهم، يعني: على آل علي. 7- الأسود بن شيبان السدوسي –م د ن ق- مولاهم، البصري: وقيل: مولى أنس بن مالك. عن ثمامة بن حزن، والحسن، وعطاء بن أبي رباح، وخال بن سمير، ويزيد بن عبد الله بن الشخير، وأبي نوفل بن أبي عقرب، وعدة. وعنه عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وعفان، ومسلم بن إبراهيم، وخلق. وثقه ابن معين. 8- أشعب الطمع1، هو أشعب بن جبير، ويعرف بِابْنِ أُمِّ حُمَيْدَةَ الْمَدَنِيِّ، الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ. رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه معدي بن سليمان، وأبو عاصم النبيل وغيرهما.   1 تهذيب ابن عساكر "3/ 78"، وتاريخ بغداد "7/ 37"، وميزان الاعتدال "1/ 258". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 237 وله نوادر وتطفيل ولكنه كذب عليه وألصق به أشياء، ومن أصح ذلك ما روى الأصمعي قَالَ: عَبَثَ الصِّبْيَانُ بِأَشْعَبَ فَقَالَ: وَيْحَكُمُ اذْهَبُوا سَالِمٌ يُقَسِّمُ تَمْرًا، فَعَدُّوا فَعَدَا مَعَهُمْ وقال: وما يدريني لعله حق. وأم حميدة كانت مولاة لأسماء بنت الصديق. وقيل: إن أشعب من موالي عثمان. وَقِيلَ: وَلاؤُهُ لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيِّ. وَقِيلَ: مَوْلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ. وَقِيلَ: مَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ سُلَيْمَانُ ابن بِنْتِ شُرَحْبِيلَ: نَا عُثْمَانُ بْنُ فَائِدٍ نَا أَشْعَبُ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ1. عُثْمَانُ ذُو مَنَاكِيرَ. وَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيُّ: ثنا ابْنُ عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَشْعَبَ الطَّامِعِ أَدْرَكْتَ فَمَا كَتَبْتَ شَيْئًا؟ فَقَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لِلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ نِعْمَتَانِ، ثُمَّ سَكَتَ، فَقُلْتُ: أَذْكُرُهُمَا، فَقَالَ: الْوَاحِدَةُ نَسِيَهَا عِكْرِمَةُ وَالأُخْرَى نَسِيتُهَا أَنَا. وَيُقَالُ: إِنَّ أَشْعَبَ كان خال الأصمعي. وقال مصعب الزبيري بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ أَشْعَبُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ يَنْفَعُنِي وَكُنْتُ أَلْهِيهِ فَمَرِضَ وَلَهَوْتُ عَنْهُ فِي بَعْضِ خَرِبَاتِي أَيَّامًا ثُمَّ جِئْتُ مَنْزِلِي فَقَالَتْ لِي زَوْجَتِي: وَيْحَكَ أَيْنَ كُنْتَ؟! عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَطْلُبُكَ وَهُوَ يَقْلَقُ لِتَلَهِّيهِ، قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، ثُمَّ فكرت فقلت: هاتوا قارورة دهن خَلُوقِيَّةً وَمِئْزَرَ الْحَمَّامِ فَخَرَجْتُ فَمَرَرْتُ بِسَالِمِ بْنِ عبد الله فقال: يَا أَشْعَبُ هَلْ لَكَ فِي هَرِيسَةٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَأَكَلْتُ حَتَّى عَجَزْتُ فَقَالَ لِي: وَيْحَكَ لا تَقْتُلْ نَفْسَكَ فَمَا فَضَلَ بَعَثْنَاهُ إِلَى بَيْتِكَ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَدَخَلْتُ الْحَمَّامَ وَصَبَبْتُ عَلَيَّ الدُّهْنَ، فَصَارَ لَوْنِي كَالزَّعْفَرَانِ، فَلَبِسْتُ أَطْمَارِي وَعَصَبْتُ رَأْسِي وَأَخَذْتُ عَصًا أَمْشِي عَلَيْهَا حتى جئت باب ابن عمرو فلما   1 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "1744"، والنسائي "5219"، وابن ماجه "3647"، وأحمد في مسنده "1/ 204". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 238 رَآنِي حَاجِبُهُ قَالَ: وَيْحَكَ يَا أَشْعَبُ ظَلَمْنَاكَ وَأَنْتَ هَكَذَا! فَقُلْتُ! أَدْخِلْنِي عَلَى سَيِّدِي، فَأَدخَلَنِي، فَإِذَا عِنْدَهُ سَالِمٌ، فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ ظَلَمْنَاكَ وَغَضِبْنَا عَلَيْكَ وَقَدْ بَلَغْتَ مَا أَرَى مِنَ الْعِلَّةِ، فَتَضَاعَفْتُ وَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي كُنْتُ عِنْدَ بَعْضِ مَنْ أَغْشَاهُ فَأَصَابَنِي الْبَطْنُ وَالْقَيْءُ فَمَا حُمِلْتُ إِلَى بَيْتِيَ إِلا جِنَازَةً فَبَلَغَتْنِي عِلَّتُكَ فَخَرَجْتُ أَدُبُّ. قَالَ: فَنَظَر إِلَيَّ سَالِمٌ وَقَالَ: أَشْعَبُ؟ قُلْتُ: أَشْعَبُ، قَالَ: أَلَمْ تَكُنْ عِنْدِي آنِفًا؟! قُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ أَكُونُ عِنْدَكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَأَنَا أَمُوتُ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ: أَلَمْ تَأْكُلِ الْهَرِيسَ آنِفًا! قَالَ فَأَقُولُ: وَهَلْ بِي أَكْلٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ! فَقَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى الشَّيْطَانَ يَتَمَثَّلُ عَلَى صُورَتِكَ مَا أَرَى مُجَالَسَتَكَ تَحِلُّ، وَوَثَبَ فَفَطِنَ بِي عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: مَالَكَ أَشْعَبَ تَخْدَعُ! قَالَ: أَصْدِقْنِي، قُلْتُ: بِالأَمَانِ، قَالَ: نَعَمْ، فَحَدَّثْتُهُ، فَضَحِكَ ضَحِكًا شَدِيدًا. وَرَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ عَنْ أَشْعَبَ1. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قِيلَ لِأَشْعَبَ فِي امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَقَالَ: ابْغُونِي امْرَأَةً أَتَجَشَّأُ فِي وَجْهِهَا فَتَشْبَعُ، وَتَأْكُلُ فَخْذَ جَرَادَةٍ فَتُتْخَمُ2. وَرَوَى أَنَّ أُمَّهُ أَسْلَمَتْهُ فِي الْبَزَّازِينَ فَقَالَتْ لَهُ: مَا تَعَلَّمْتَ؟ قَالَ: نِصْفَ الشُّغْلِ، قَالَتْ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: النَّشْرُ وَبَقِيَ الطَّيُّ3. وَقَالَ الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي عُمَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ وَالْمُؤَمَّلِيُّ قَالُوا: كَانَ زِيَادٌ نَهِمًا عَلَى الطَّعَامِ وَكَانَ لَهُ جَدْيٌ فِي رَمَضَانَ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلا يَمَسُّهُ أَحَدٌ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عِشْرِينَ دِينَارًا لِأَشْعَبَ عَلَى أَنْ يَأْكُلَ مَعَ زِيَادٍ مِنَ الْجَدْيِ، فَلَمَّا جَلَسُوا مَدَّ يَدَهُ إِلَى الْجَدْيِ فَقَالَ زَيَّادٌ لِصَاحِبِ الشُّرْطَةِ: بَلَغَنِي أَنَّ الْمَحْبُوسِينَ لا قَارِئَ لَهُمْ، وهم قوم مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاحْبِسْ أَشْعَبَ فِي هَذَا الشَّهْرِ عِنْدَهُمْ يَؤُمُّهُمْ، وَكَانَ أَشْعَبُ قَارِئًا فَقَالَ: أوَ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أَحْلِفُ أَنْ لا آكُلَ جَدْيًا. وَعَنْ أَشْعَبَ: أَنَّ رَجُلا شَوَى دَجَاجَةً ثُمَّ رَدَّهَا فَسَخِنَتْ، ثُمَّ رَدَّهَا أَيْضًا فَقَالَ أَشْعَبُ: هَذِهِ كَآلِ فِرْعَوْنَ، {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} 4.   1 وبنحو هذه الحكاية عند ابن عساكر "3/ 80-81"، كما في التهذيب، والأغاني "19/ 162". 2 ميزان الاعتدال "1/ 260"، والوافي "9/ 269". 3 سير أعلام النبلاء "7/ 55". 4 "غافر: 40"، وانظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 239 وَفِي الْمُجَالَسَةِ الدِّينَوَرِيَّةِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحُلْوَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الأَصْمَعِيَّ يَقُولُ: أَصَابَ أَشْعَبُ دِينَارًا بِمَّكَةَ فَاشْتَرَى بِهِ قَطِيفَةً وَأَتَى مِنًى فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا مَنْ ذَهَبَتْ مِنْهُ قَطِيفَةٌ. وَقِيلَ: إِنَّ رَجُلا دَعَاهُ فَقَالَ: مَا أجيبك أن أَخْبَرُ بِكَثْرَةِ جُمُوعِكَ، فَقَالَ: عَلَى أَنْ لا أَدْعُوَ سِوَاكَ، فَأَجَابَهُ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ طَلُعَ صَبِيٌّ فَصَاحَ أَشْعَبُ: مَنْ هَذَا؟ أَلَمْ أَشْرُطْ عَلَيْكَ؟! قَالَ: يَا أَبَا الْعَلاءِ هُوَ ابني زفيه عَشْرُ خِصَالٍ مَا هِيَ فِي صَبِيٍّ قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: لَمْ يَأْكُلْ مَعَ ضَيْفٍ، قَالَ: حَسْبِي، التِّسْعُ لَكَ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الحسين بْنِ سَمَّاعَةَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ حدثه: قال أشعب: جاءني جَارِيَتِي بِدِينَارٍ فَجَعَلْتُهُ تَحْتَ الْمُصَلَّى، ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ تَطْلُبُهُ، فَقُلْتُ: ارْفَعِي الْمُصَلَّى، فَإِنْ كَانَ قَدْ وَلَدَ فَخُذِي وَلَدَه وَدَعِيهِ، وَكُنْتُ قَدْ جَعَلْتُ مَعَهُ دِرْهَمًا. فَتَرَكْتُهُ، وَعَادَتِ الْجُمُعَةَ الأُخْرَى، وَقَدْ أَخَذْتُهُ، فَبَكَتْ، فَقُلْتُ: مَاتَ دِينَارُكِ فِي النِّفَاسِ، فَصَاحَتْ، فَقُلْتُ: صَدَّقْتِ بِالْوِلادَةِ وَلا تُصَدِّقِينَ بِالْمَوْتِ فِي النِّفَاسِ! 2. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَعَ الصِّبْيَانُ بِأَشْعَبَ، فَقَالَ: وَيْحَكُمْ، سَالِمٌ يُقَسِّمُ جَوْزًا، فَعَدَوْا مُسْرِعِينَ، فعَدَا مَعَهُمْ. وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ، لَكِنَّهُ قَالَ تَمْرًا. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: أَخَذَ بِيَدِي ابْنُ جُرَيْجٍ فَأَوْقَفَنِي عَلَى أَشْعَبَ، فَقَالَ لَهُ: حَدِّثْهُ بِمَا بَلَغَ مِنْ طَمَعِكَ، فَقَالَ: مَا زُفَّتِ امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ إِلا كَنَسْتُ بَيْتِيَ رَجَاءَ أَنْ تُهْدَى إِلَيَّ. وَرُوِيَ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ: مَرَّ أَشْعَبُ بِرَجُلٍ يَعْمَلُ طَبَقًا فَقَالَ: وَسِّعْهُ لَعَلَّهُمْ يُهْدَوْنَ لَنَا فِيهِ. وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ: مررت يومًا، فإذا أشعب ورائي، فقلت: ما لك؟ قَالَ: رَأَيْتُ قَلَنْسُوَتَكَ قَدْ مَالَتْ، فَقُلْتُ: لَعَلَّهَا تَقَعُ فَآخُذَهَا، فَأَخَذْتُهَا عَنْ رَأْسِي فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ3. وَرَوَى ابْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَشْعَبُ: مَا خَرَجْتُ فِي جِنَازَةٍ فَرَأَيْتُ اثْنَيْنِ يَتَسَارَّانِ إِلا ظَنَنْتُ أَنَّ الْمَيِّتَ أوصى لي بشيء4.   1 انظر وفيات الأعيان "2/ 474"، والسير للذهبي "7/ 55". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 56". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 240 وَقِيلَ: كَانَ يُجِيدُ الْغِنَاءَ. قِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ سنة أربع وخمسين ومائة1. 9- أصبغ بن زيد بن علي الجهني –ت ن ق- مولاهم، الواسطي الوراق، كاتب المصاحف. عن القاسم بن أبي أيوةب، وثور بن يزيد، وأبي العلاء الشامي، وغيرهم. وعنه هشيم مع تقدمه، ويزيد بن هارون، وإسحاق الأزرق، ومحمد بن يزيد؛ الواسطيون، وتمام عشرة أنفس. وثقه ابن معين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابن سعد: ضعيف. وساق له ابن عدي ثلاثة أحاديث، وقال: هذه لأصبغ غير محفوظة، ولا أعلم روى عنه غير يزيد بن هارون، وهو صاحب حديث الفتون بطوله. قال ابن سعد: مات سنة تسع وخمسين ومئة. 10- أفلح بن حميد بن نافع –خ م د ن ق- أبو عبد الرحمن الأنصاري المدني. عن القاسم، وأبي بكر، وغيرهما. وعنه المعافي بن عمران، وعمر بن أيوب، وابن وهب، وأبو نعيم، والقعنبي، وطائفة. وثقه ابن معين وأبو حاتم. وقال ابن صاعد: كان أحمد ينكر على أفلح قوله: "ولأهل العراق ذات عرق". قال ابن عدي: وهو عندي صالح. وقال الواقدي: مات سنة ثمان وخمسين ومائة. 11- أفلح بن سعيد الأنصاري –م ن- مولاهم، القبائي، أبو محمد.   1 وانظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 241 عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، ومحمد بن كعب، وجماعة. وعنه ابن المبارك، وزيد بن الحباب، وأبو عامر العقدي، والواقدي، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحديث. قال ابن سعد: مات سنة ست وخمسين ومائة. 12- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. عن أبي المصبح المرائي، وَمَكْحُولٍ، وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، وبقية ابن الوليد، وغيرهم. 13- أيوب بن عتبة –ق- أبو يحيى اليمامي، قاضي اليمامة. قال ابن حبان: مات سنة ستين ومائة. وقيل: بقي إلى سنة سبعين، وسيأتي. 14- بحر بن كنيز –ق- أبو الفضل السقاء الباهلي، مولاهم البصري. كان يسقي الحجاج في المفاوز، له عن الحسن والزهري. ومن الراوين عنه علي بن الجعد. قال يزيد بن زريع: لا شيء. قال يحيى: ليس بشيء، لا يكتب حديثه، كل الناس أحب إلى منه. وقال النسائي والدارقطني: متروك. وقال البخاري: ليس بقوي عندهم. وهو جد أبي حفص عمرو بن علي الفلاس. روى ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: ضعيف. وكان يحيى القطان لا يرضاه. قال ابن عيينة: سمعت أيوب السختياني يقول لبحر: يا بحر أنت كاسمك. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 242 بقية، عن أبي الفضل، عن مكحول، عن ابن عباس: من سعادة المرء خفة لحيته. أبو الفضل هو بحر. وقال يزيد بن زريع: ما كتبت عن بحر إلا حديثًا واحدًا، فجاءت السنور فأحدثت عليه. وذكره ابن عدي وساق له نحوًا من ثلاثين حديثًا، ثم قال: ولبحر نسخ منها نسخة رواها عمر بن سهل عنه، ونسخة لمحمد بن مصعب القرقساني عنه، ونسخة للحارث بن مسلم عنه. وروي عنه بقية، ويزيد بن هارون، وهو يروي عن الزهري، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، وهو إلى الضعف أقرب. 15- بكير بن مسمار المدني –م ت ن- أبو محمد، مولى سعد بن أبي وقاص. عن ابن عمر، وعن عامر بن سعد، وغيرهما. وعنه حاتم بن إسماعيل، وأبو بكر الحنفي عبد الكبير، وعمرو بن محمد العنقزي، والواقدي، وجماعة. قال البخاري: فيه نظر. وقال العجلي: ثقة. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. 16- ثور بن يزيد –خ4- المحدث الفقيه عالم حمص أبو خالد الكلاعي الحمصي. حدث عَن خالد بْن معدان، وراشد بْن سعد، وعطاء بن أبي رباح، وحبيب بن عبيد، ونافع، والزهري، وعمرو بن شعيب، في خلق كثير. كان من أوعية العلم لولا بدعته؛ حدث عنه ابن إسحاق رفيقه، وسفيان الثوري، والمعافي بن عمران، وابن المبارك، والوليد بن مسلم، ويحيى بن سعيد القطان، وبقية بن الوليد، وخال بن الحارث، وأبو عاسم النبيل، وعدة. يقع حديثه عاليًا في البخاري. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 243 وهو حافظ متقن، حتى إن يحيى القطان قال: ما رأيت شاميًا أوثق من ثور كنت أكتب عنه بمكة في ألواح. وعن وكيع: كان ثور أعبد من رأيت. وقال عيسى بن يونس: كان ثور من أثبتهم. وقال يحيى بن معين، وغيره: ثقة. قال ابن عدي: وثقوه، ولا أرى بحديثه بأسًا. وله من المسند نحو مائتي حديث، لم أر له أنكر مما ذكرت. وقال أبو حاتم: صدوق، حافظ. قال أبو توبة الحلبي: حدثنا أصحابنا أن ثورًا لقي الأوزاعي، فمد يده إليه، فأبى الأوزاعي أن يمد يده إليه وقال: يا ثور، لو كنت الدنيا لكانت المقاربة، ولكنه الدين. وقال أحمد: كان ثور يرى القدر، وليس به بأس. قال عبيد الله بن موسى: قال سفيان: اتقوا ثورًا، لا ينطحنكم بقرنه. قلت: كان ثور عابدًا، ورعًا، والظاهر أنه رجع، فقد روى أبو زرعة عن منبه بن عثمان، أن رجلًا قال لثور: يا قدري. قال: لئن كنت كما قلت إني لرجل سوء، وإن كنت على خلاف ما قلت إنك لفي حل. قال إسماعيل بن عياش: نفى أسد بن وداعة ثورًا. وقال عبد الله بن سالم: أخرجوه وأحرقوا داره لكلامه في القدر. قال ابن سعد، وخليفة: توفي ثور سنة ثلاث وخمسين ومائة. وقال يحيى بن بكير: سنة خمس وخمسين. وقال ابن سعد: توفي ببيت المقدس. "حرف الْجِيمِ": 17- جُحَا، أَبُو الْغُصْنِ1، واسْمُهُ دُجَيْنُ بن ثابت اليربوعي البصري.   1 التاريخ الكبير "3/ 257"، وميزان الاعتدال "2/ 23"، والجرح والتعديل "3/ 444"، والضعفاء والمتروكين "38". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 244 وَمَا أَظُنُّهُ صَاحِبَ الْمُجُونِ فَإِنَّ ذَاكَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ هَذَا، وَلَحِقَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. رَأَى أَبُو الْغُصْنِ دُجَيْنٌ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ وَهِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو جَابِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَبِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ وَالأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ دُجَيْنِ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ عَنْ أَسْلَمَ، فَقَالَ: قَالَ لَنَا أَوَّلَ مَرَّةٍ: حَدَّثَنِي مَوْلَى لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّ هَذَا لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَرَكَهُ، فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ: أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَلا يُعْتَدُّ بِهِ كَانَ يَتَوَهَّمُهُ وَلا يَدْرِي مَنْ هُوَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَدْ سَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ ثُمَّ قَالَ: وَلِدُجَيْنٍ غَيْرُ مَا ذَكَرْتَ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَمِقْدَارُ مَا يَرْوِيهِ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، ثُمَّ سَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ: الدُّجَيْنُ بْنُ ثابت هو حجا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْطَأَ مَنْ حَكَى هَذَا عَنِ ابْنِ مَعِينٍ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالرِّجَالِ مِنْ أَنْ يَقُولَ هَذَا، وَالدُّجَيْنُ إِذَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ وَغَيْرُهُمْ، هَؤُلاءِ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يَرْوُوا عَنْ جُحَا وَالدُّجَيْنُ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ1. قُلْتُ: وَكَذَا ذَكَرَ الشِّيرَازِيُّ فِي الأَلْقَابِ أَنَّهُ جُحَا، ثُمَّ رَوَى أَنَّ مَكِّيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: رَأَيْتُ جُحَا فَالَّذِي يُقَالُ فِيهِ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ، وَكَانَ فَتًى ظَرِيفًا، وَكَانَ لَهُ جِيرَانٌ مُخَنَّثُونَ يُمَازِحُونَهُ وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ2. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ حَبِيبٍ3: حَدَّثَنِي أَبُو الْغُصْنِ جُحَا وَمَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنْهُ. مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: نَا أَبُو الْغُصْنِ الدُّجَيْنُ بْنُ ثَابِتٍ ثنا أَسْلَمُ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: حَدِّثْنَا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَزِيدَ أَوْ أَنْقُصَ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار" 4.   1 وانظر سير أعلام النبلاء "7/ 462". 2 انظر المصدر السابق. 3 وفي السير للمصنف: "وقال عباد بن حبيب وذكره ... ". 4 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 38"، ومسلم في المقدمة "3-4" وغيرهما. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 245 وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: الدُّجَيْنُ بْنُ ثَابِتٍ يَتَوَهَّمُ أَحْدَاثَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ جُحَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ثَنَا أبو خليفة نا مسلم فذكر الحديث. 18- جعفر بن برقان –م4- أبو عبد الله الكلابي، مولاهم، الرقي. عن ميمون بن مهران، ويزيد بن الأصم، وعطاء، وعكرمة، وابن شهاب، ويزيد بن أبي نشبة، وطائفة، وعنه معمر، وزهير بن معاوية، وابن المبارك، وأبو معاوية، وكثير بن هشام، ووكيع، وأبو نعيم، وخلق. قال أحمد: يخطئ في حديث الزهري، وهو ثقة ضابط لحديث ميمون ويزيد بن الأصم. وقال ابن معين عنه: أمي ليس في الزهري بذاك. وكذلك قال غير واحد. قال يعقوب الفسوي: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا جعفر بن برقان، وهو جزري ثقة، بلغني أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، وكان من الخيار. وقال ابن سعد: ثقة له رواية وفقه وفتوى. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أبو نعيم: قدم الكوفة جعفر بن برقان وعبد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز سنة سبع وأربعين ومائة. وعن سفيان الثوري، قال: ما رأيت أفضل من جعفر بن برقان. قال أحمد بن حنبل، وجماعة: توفي سنة أربع وخمسين ومائة. 19- حجاج بن حسان القيسي. بصري لا بأس به. عن أنس، وأبي مجلز، وعكرمة، وينزل إلى مقاتل بن حيان. وعنه يحيى القطان، ويزيد، ومسلم بن إبراهيم، وعدة. بقي إلى نحو الستين ومائة. له في مراسيل أبي داود، عن مقاتل، قال –عليه السلام: "إن جاء رجل فلم يجد أحدًا، فليختلج رجلًا من الصف، فليقم معه، فما أعظم أجر المختلج". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 246 قلت: ماذا بمرسل، بل معضل. 20- حرملة بن عمران بن قراد التجيبي –م د ن ق- أبو حفص المصري، جد حرملة بن يحيى. عن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة، وعبد الرحمن بن شماسة المهري، وأبي عشانة المعافري، وأبي قبيل، ويزيد بن أبي حبيب، وطائفة. وعنه جرير بن حازم، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المقرئ، وأبو صالح عبد الله بن صالح، وجماعة. وثقه ابن معين. قال ابن يونس: انفرد عنه المبارك بثلاثة أحاديث، لم يحدث بها عنه غيره. وكان قد ولي حجابة حفص بن الوليد أمير مصر، وولي أيضًا السوق في خلافة مروان الجعدي. * الحسن بن أبي جعفر الجفري. ذكر أنه توفي سنة ستين ومائة، وسيأتي. "حرف الحاء": 21- الحسن بن عمارة1 -ت ق- بن مضرب البجلي مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَعْلامِ وَلِيَ الْقَضَاءَ لِلْمَنْصُورِ بِبَغْدَادَ. وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَشُبَيْبِ بْنِ غَرْقَدَةَ وَالْحَكَمِ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَالزُّهْرِيِّ وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ شُعْبَةُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ، قَالَ: رَوَى عَنِ الحكم أشياء لم نجد لها أصلًا. وقال مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كان له فضل، غيره أحفظ منه، ورماه شعبة بالكذب.   1 تقريب التهذيب "1/ 170"، وأحوال الرجال "6"، والمجروحين "1/ 229"، والضعفاء "149"، والجرح والتعديل "1/ 229". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 247 وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ: النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي حِلٍّ مَا خَلا شُعْبَةُ. وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ فَقَالَ: أَمْرُهُ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ شُعْبَةَ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، صَدُوقٌ مَعْنِيٌّ فِي نَفْسِهِ. وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَارَةَ يَصِلُ الأَعْمَشَ وَمِسْعَرًا وَلَهُ ثَرْوَةٌ وحشمة. وقال النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثنا شُعْبَةُ قَالَ: أَفَادَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ سَبْعِينَ حَدِيثًا فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَصْلٌ، فَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ بَلِيَّةَ ابْنِ عُمَارَةَ أَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ على الثقات ما وضع عليهم الضعفاء. كان يَسْمَعُ مِنْ مُوسَى بْنِ مَطَرٍ وَأَبِي الْعَطُوفِ وَأَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَضْرَابِهِمْ ثُمَّ يُسْقِطُ أَسْمَاءَهُمْ وَيَرْوِيهَا عَنْ مَشَايِخِهِمُ الثِّقَاتِ. فَلَمَّا رَأَى شُعْبَةُ تِلْكَ الْمَوْضُوعَاتِ أَنْكَرَهَا وَأَطْلَقَ لِسَانَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بَلِيَّتَهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَهُوَ جَنِيٌّ عَلَى نَفْسِهِ. وَرَوَى عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، سَبْعَةُ أَحَادِيثَ فَلَقِيتُ الْحَكَمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: مَا حَدَّثْتَهُ بِحَدِيثٍ مِنْهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ يَرْوِي عَنِ الزُّهْرِيِّ جَعَلْتُ إصبعي في أذني. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. مَاتَ سنة ثلاث وخمسين ومائة. 22- حسين بن واقد –م4- الإمام الكبير قاضي مرو وشيخها، أبوعبد الله القرشي، مولى الأمير عَبْد اللَّه بْن عامر بْن كُرَيْز. حدث عن عكرمة، وابن بريعدة، ويزيد النحوي، ومحمد بن زياد، وعبد الملك بن عمير، وجماعة. وعنه ابنه علي بن الحسين، والفضل السيناني، ويزد بن الحباب، وعلي بن الحسن بن شقيق، وآخرون. قال النسائيّ: ليس به بأس. وقال أحمد: في بعض حديثه نكرة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 248 وقال ابن معين: ثقة. وقيل: كان يحمل الحاجة من السوق، وله جلالة وفضل بمرو، ورد عنه أنه قال: قرأت على الأعمش، فقال لي: ما قرأ علي أحد أقرأ منك. قلت: من مناكيره حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وددت أن عندنا خبزة بيضا من حنظة سمراء ملبقة بسمن ولبن". فهذا على شرط مسلم. وله عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا: "أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق، عليه فطيفة من سندس". مات سنة سبع وخمسين ومائة، وقيل: سنة تسع وخمسين. 23- الحكم بن أبان العدني -4- أبو عيسى. عن طاوس، وعكرمة، ووهب، وسالم بن عبد الله، وجماعة. وعنه إبراهيم، ومعمر، ومعتمر بن سليمان، وابن عيينة، وابن علية، ويزيد بن أبي حكيم، وموسى بن عبد العزيز القنباري، وطائفة. وثقه ابن معين والنسائي. وقال أحمد العجلي: ثقة صاحب سنة، كان إذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه يذكر الله حتى يصبح، قال: نذكر الله مع حيتان البحر ودوابه. وسئل يوسف بن يعقوب، أحد قضاة اليمن، عن الحكم بن أبان، فقال: ذاك سيد أهل اليمن. وقال ابن المديني، عن ابن عيينة، قال: أتيت عدن فلم أر مثل الحكم بن أبان. وقال سُفْيان بْن عَبْد المُلْك، عَنِ ابن المبارك، الحكم بن أبان وحسام بن مصك وأيوب بن سويد أرم بهؤلاء. قال أحمد: مات سنة أربع وخمسين ومائة، وهو ابن أربع وثمانين سنة. 24- حَمَّادُ الرَّاوِيَةُ1: هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي لَيْلَى. ولاؤه لبكر بن وائل. وَقِيلَ: اسْمُ أبيه سابور بن مبارك الديلمي الكوفي.   1 راجع ترجمته في البداية والنهاية "114"، ووفيات الأعيان "2/ 206-210". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 249 كَانَ أَخْبَارِيًّا عَلامَةً خَبِيرًا بِأَيَّامِ الْعَرَبِ وَأَنْسَابِهَا وَوَقَائِعَهَا وَلُغَاتِهَا وَشِعْرِهَا. وَكَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تُقَدِّمُهُ وَتُؤْثِرُهُ وَتُحِبُّ مُجَالَسَتَهُ. قِيلَ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ لَهُ: كَمْ مِقْدَارُ مَا تَحْفَظُ مِنَ الشِّعْرِ؟ فَقَالَ: كَثِيرٌ، وَلَكِنِّي أُنْشِدُكَ عَلَى كُلِّ حرف مِائَةَ قَصِيدَةٍ طَوِيلَةٍ سِوَى الْمُقَطَّعَاتِ مِنْ شِعْرِ الْجَاهِلِيَّةِ دُونَ شِعْرِ الإِسْلامِ. قَالَ: سَأَمْتَحِنُكَ، فَأَنْشَدَهُ حَتَّى ضَجَرَ الْوَلِيدُ فَوَكَّلَ بِهِ مَنْ يَسْتَوْفِي عَلَيْهِ فَأَنْشَدَهُ أَلْفَيْنِ وَتِسْعَمِائَةِ قَصِيدَةً، فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَكَانَ حَمَّادٌ قَدِ انْقَطَعَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خِلافَتِهِ، وَكَانَ هِشَامٌ يَجْفُوهُ لِذَلِكَ، وَقَدْ وَصَلَهُ مرة واستشهده. رَوَى عَنِ الْفَرَزْدَقِ وَأَمْثَالِهِ. رَوَى عَنْهُ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ وَجَمَاعَةٌ. قلت: وفي لزومه ليزيد نظر إلا أَنْ يَكُونَ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَإِنَّ مَوْلِدَ حَمَّادٍ قَبْلَ سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. وَقِيلَ: إِنَّ حَمَّادًا قَرَأَ الْقُرْآنَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَصَحَّفَ فِي نَيِّفٍ وَثَلاثِينَ مَوْضِعًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ أَشْعَارَ الْعَرَبِ، وَكَانَ غَيْرَ مَوْثُوقٍ بِهِ، كَانَ يَنْحِلُ شِعْرًا لِرَجُلٍ غَيْرَهُ وَيَزِيدُ فِي الأَشْعَارِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ حمار الراوية خمس وخمسين ومائة. وقيل: سنة ست. 25- حَمَّادٌ عَجْرَدُ1. مِنْ كِبَارِ الأَخْبَارِيِّينَ. كَانَ بَيْنَهُ وَبْيَنَ بَشَّارِ بْنِ بُرْدٍ أَهَاجٍ وَمُعَارَضَاتٍ، وَكَانَ بِالْكُوفَةِ الْحَمَّادُونَ الثَّلاثَةُ: هَذَا وَحَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ الْمَذْكُورُ وَحَمَّادُ بْنُ الزَّبْرِقَانِ، فَكَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيُتَّهَمُونَ بِالزَّنْدَقَةِ. وَهَذَا فَاسْمُهُ حَمَّادُ بْنُ يُونُسَ بْنِ كليب أبو يَحْيَى الْكُوفِيُّ. وَقِيلَ: هُوَ وَاسِطِيٌّ. قَالَ خَلَفُ بْنُ الْمُثَنَّى: كَانَ يَجْتَمِعُ بِالْبَصْرَةِ عَشَرَةٌ فِي مَجْلِسٍ لا يُعْرَفُ مِثْلُهُمْ فِي تَضَادِّ أَدْيَانِهِمْ وَنِحَلِهِمْ: الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ سُنِّيٌّ، وَالسَّيِّدُ بْنُ محمد الحميري رافضي،   1 تهذيب ابن عساكر "4/ 426"، والشعر والشعراء "663"، أنساب الأشراف "ق3/ 182"، طبعة بيروت "1978"، تحقيق د. عبد العزيز الدوري. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 250 وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ ثَنَوِيٌّ، وَسُفْيَانُ بْنُ مُجَاشِعٍ صُفْرِيٌّ، وَبَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ خَلِيعٌ مَاجِنٌ، وَحَمَّادٌ عَجْرَدٍ زِنْدِيقٌ، وَابْنُ رَأْسِ الْجَالُوتِ يَهُودِيٌّ، وابن نطيرا متكلم النصارى، وعمرو ابن أُخْتِ الْمُؤَيِّدِ الْمَجُوسِيِّ، وَرَوْحُ بْنُ سِنَانٍ الْحَرَّانِيُّ صَابِئِيٌّ، فَيَتَنَاشَدَ الْجَمَاعَةُ أَشْعَارًا، فَكَانَ بَشَّارٌ يَقُولُ: أَبْيَاتُكَ هَذِهِ يَا فُلانُ، أَحْسَنُ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا، وَبِهَذَا الْمِزَاحِ وَنَحْوِهِ كَفَّرُوا بَشَّارًا. وَلِحَمَّادِ عَجْرَدٍ نَظْمٌ فَائِقٌ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ قُتِلَ. 26- حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ1 –م4-. حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، الإِمَامُ الْعَلَمُ أَبُو عُمَارَةَ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ الزَّيَّاتُ، أحد السبعة القراء، مَوْلَى آلِ عِكْرِمَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ. كَانَ عَدِيمَ النَّظِيرِ فِي وَقْتِهِ عِلْمًا وَعَمَلا، قَيِّمًا بِكِتَابِ اللَّهِ، رَأْسًا فِي الْوَرَعِ. قَرَأَ عَلَى حِمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ وَالأَعْمَشِ وَجَمَاعَةٍ. وَحَدَّثَ عَنِ الْحَكَمِ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَعِدَّةً. وَكَانَ يَجْلِبُ الزَّيْتَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى حُلْوَانَ، وَيَجْلِبُ إِلَى الْكُوفَةِ الْجُبْنَ وَالْجَوْزَ. وَأَصْلُهُ مِنْ سَبْيِ فَارِسَ. وَقِيلَ: وَلاؤُهُ لِبَنِي عِجْلٍ2. وَقَالَ سُلَيْمُ بْنُ عِيسَى: وَلاؤُهُ لِتَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ، وَتَيْمُ اللَّهِ مِنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَزَارٍ. قَرَأَ عَلَى حَمْزَةَ: سُلَيْمُ بْنُ عِيسَى الْحَنَفِيُّ وَهُوَ أَنْبَلُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو الْحَسَنِ الْكِسَائِيُّ أَحَدُ السَّبْعَةِ وَعَائِذُ بْنُ أَبِي عَائِذٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وعدد كثير.   1 تقريب التهذيب "1/ 197-198"، وتهذيب الكمال "7/ 317"، وتاريخ الدوري "2/ 134"، وطبقات ابن سعد "6/ 385". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 72". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 251 وَحَدَّثَ عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرٌ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَقَبِيصَةُ وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَا قَرَأَ حَمْزَةُ حَرْفًا إِلا بأثر1. وقال عبد الله العجيلي: قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى حَمْزَةَ فَجَعَلَ يَمُدُّ، فَقَالَ: لا تَفْعَلْ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَا كَانَ فوق البياض فهو برص، وما فَوْقَ الْجُعُودَةِ فَهُوَ قَطَطٌ، وَمَا كَانَ فَوْقَ الْقِرَاءَةِ فَلَيْسَ بِقِرَاءَةٍ. قَالَ أَسْوَدُ بْنُ سَالِمٍ: سَأَلْتُ الْكِسَائِيُّ عَنِ الْهَمْزِ وَالإِدْغَامِ: أَلَكُمْ فِيهِ إِمَامٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، حَمْزَةُ، كَانَ يَهْمِزُ وَيَكْسَرُ وَهُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَسَيِّدُ الْقُرَّاءِ وَالزُّهَّادِ لَوْ رَأَيْتَهُ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ بِهِ مِنْ نُسُكِهِ2. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ: رُبَّمَا عَطِشَ حَمْزَةُ فلا يستسقي كراهية أن يصادف مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ3. وَذَكَرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَنَّ حَمْزَةَ مَرَّ بِهِ فَطَلَبَ مَاءً قال: فأتيته يَشْرَبْ مِنِّي لِكَوْنِي أَحْضُرَ الْقِرَاءَةَ عِنْدَهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: سَمِعْتُ ابْنَ فُضَيْلٍ يَقُولُ: مَا أَحْسَبُ أَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ الْبَلاءَ عَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلا بِحَمْزَةَ. وَكَانَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ: أَلا تَسْأَلُونِي عَنِ الدُّرِّ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ، وَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا قَالَ لِحْمَزَةَ: يَا أَبَا عُمَارَةَ رَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِكَ هَمَزَ حَتَّى انْقَطَعَ زِرُّهُ، فَقَالَ: لَمْ آمُرَهُمْ بِهَذَا كُلِّهِ4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ: أَدْرَكْتُ الْكُوفَةَ وَمَسْجِدُهَا الْغَالِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ الزَّيَّاتُ. وَرَوَى عَنْ حَمْزَةَ قَالَ: إِنَّ لِهَذَا التَّحْقِيقِ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَكُونُ قَبِيحًا.   1 انظر المصدر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "7/ 72". 3 انظرالمصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 252 وَعَنْهُ قَالَ: إِنَّمَا الْهَمْزُ رِيَاضَةٌ فَإِذَا حَسَّنَهَا الرَّجُلُ سَهَّلَهَا. وَقِيلَ: إِنَّ حَمْزَةَ أَمَّ النَّاسَ سنة مائة. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: حَمْزَةُ ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَدْ كَرِهَ قُرَاءَةَ حَمْزَةَ: ابْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ لِفَرْطِ الْمَدِّ وَالإِمَالَةِ وَالسَّكْتِ عَلَى السَّاكِنِ قَبْلَ الْهَمْزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ رَأَى إِعَادَةَ الصَّلاةِ إِذَا كَانَتْ بِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ، وَهَذَا غُلُوٌّ. وَالَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الاتِّفَاقُ وَانْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى ثُبُوتِ قِرَاءَتِهِ وَصِحَّتِهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا أَفْصَحُ مِنْهَا إِذِ الْقِرَاءَاتُ الثَّابِتَةُ فِيهَا الْفَصِيحُ وَالأَفْصَحُ1. وَبِالْجُمْلَةِ إِذَا رَأَيْتَ الإِمَامَ فِي الْمِحْرَابِ لَهِجًا بِالْقِرَاءَاتِ وَتَتَبَّعَ غَرِيبَهَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ فَارِغٌ مِنَ الْخُشُوعِ مُحِبٌّ لِلشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلامَةَ فِي الدِّينِ. قِيلَ: -إِنَّ حَمْزَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- مَاتَ بِحُلْوَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وكان أيضًا رأسًا في الفرائض. وقيل: إِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ2. ومات وقد قارب الثمانين. 27- حميد بن قحطبة بن شبيب الطائي، أمير خراسان. ولي أيضًا الجزيرة ومصر. توفي سنة تسع وخمسين ومائة، وولي بعده ابن عَبْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: وَلِيَهَا أَبُو عَوْنٍ عَبْدُ الملك بن يزيد. 28- حنظلة بن أبي سفيان –ع- بن عبد الرحمن بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ المكي الحافظ. حدث عن طاوس، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وسعيد بن مينا، وعطاء، ونافع، وجماعة.   1 انظر المصدر السابق. 2 راجع: طبقات القراء الكبار "93-99". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 253 وكان من أئمة الحديث بمكة؛ حدث عنه سفيان الثوري، وابن المبارك، ويحيى القطان، والوليد بن مسلم، ووكيع، وابن وهب، وعبيد الله بن نوسى، وإسحاق بن سليمان، وأبوعاصم، ومكي بن إبراهيم، وعدة. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ يحيى بن سعيد: ثقة، مات سنة إحدى وخمسين ومائة. وقد تناكد ابن عدي في ذكره له في "الكامل" فما أبدى شيئًا يتعلق به عليه متعنت أصلًا. قال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني، وقيل له: كيف رواية حنظلة عن سالم؟ فقال: واد. ورواية موسى بن عقبة، عن سالم: واد آخر. وأحاديث الزهري عن سالم كأنها أحاديث نافع. قيل لعلي: فهذا يدل على أن سالمًا كثير الحديث؟ قال: أجل. قال يحيى بن معين: حنظلة ثقة. ابن عدي: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور، وما كتبته إلا عنه، قال: حدثنا الفضل بن الصباح، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن حنظلة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "اغسلوا قتلاكم". غريب جدًا. ورواته ثقات. وهذا محمول على من قتل في غير مصاف. ولعل الغلط فيه من شيخ ابن عدي أو شيخ شيخه، والثقة قد يهم. مات حنظلة في سنة إحدى وخمسين ومائة. 29- حيوة بن شريح1 –ع- بن صفوان التجيبي أبو زرعة المصري الفقيه، من رؤوس الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِدِيَارِ مِصْرَ. رَوَى عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ الْقَصِيرِ وَعُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَأَبِي يُونُسَ سُلَيْمِ بْنِ جبير وطائفة2.   1 التهذيب "3/ 69"، طبقات خليفة "296"، وتذكرة الحفاظ "1/ 185"، وخلاصة تذهيب الكمال "96". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 538". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 254 وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو وَهْبٍ وَأَبُو عَاصِمٍ. وَالْمُقْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْبُرُلُّسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَا رَأَيْتُ أحدًا أشد استخفاءً بعلمه مِنْ حَيْوَةَ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِالإِجَابَةِ يَعْنِي فِي الدُّعَاءِ1. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: وُصِفَ لِي حَيْوَةُ فَكَانَتْ رُؤْيَتُهُ أَكْبَرُ مِنْ صِفَتِهِ2. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَانَ حَيْوَةُ يَأْخُذُ عَطَاءً فِي السَّنَةِ سِتِّينَ دِينَارًا فَلَمْ يَطَّلِعْ إِلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى يَتَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ يَجِيءَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَجِدُهَا تَحْتَ فِرَاشِهِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَمٍّ لَهُ فَأَخَذَ عَطَاءَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ وَجَاءَ إِلَى تَحْتِ فِرَاشِهِ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، قَالَ فَشَكَا إِلَى حَيْوَةَ فَقَالَ: أَنَا أَعْطَيْتُ رَبِّي بِيَقِينٍ وَأَنْتَ أَعْطَيْتَهُ تَجْرِبَةً. وَكُنَّا نَجْلِسُ إِلَى حَيْوَةَ لِلْفِقْهِ فَيَقُولُ: أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِكُمْ عَمُودًا أَقُومُ وَرَاءَهُ أُصَلِّي ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ3. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الأَزْدِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْفَزْرِ قال: كان حيوة ابن شُرَيْحٍ مِنَ الْبَكَّائِينَ، وَكَانَ ضَيِّقَ الْحَالِ جِدًّا فَجَلَسْتُ وَهُوَ مُتَخَلٍّ يَدْعُو، فَقُلْتُ: لَوْ دَعَوْتَ أَنْ يُوَسَّعَ عَلَيْكَ فَالْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالا فَلَمْ يَرَ أَحَدًا فَأَخَذَ حَصَاةً فَرَمَى بِهَا إِلَيَّ فَإِذَا هِيَ وَاللَّهِ تِبْرَةً فِي كَفِّي مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهَا، وَقَالَ: مَا خَيْرٌ فِي الدُّنْيَا إِلا لِلآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُ عِبَادَهُ. فَقُلْتُ: مَا أَصْنَعُ بِهَذِهِ؟ قَالَ: اسْتَنْفِقْهَا، فَهِبْتُهُ وَاللَّهِ أَنْ أَرُدَّهَا4. وَقَالَ حيوة مرو لِبَعْضِ الْوُلاةِ: لا تُخْلِيَنَّ بِلادَنَا مِنَ السِّلاحِ، فنحن بين قبطي لا ندري متى ينقص، وَبَيْنَ حَبَشِيٍّ لا نَدْرِي مَتَى يَغْشَانَا، وَرُومِيٍّ لا نَدْرِي مَتَى يَحِلُّ بِسَاحَتِنَا، وَبَرْبَرِيٍّ لا ندري متى يثور5.   1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 سير أعلام النبلاء "6/ 539". 5 انظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 255 تُوُفِّيَ حَيْوَةُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ ومِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ. وَهَذَا بَلْ وَسَائِرُ الْمِصْرِيِّينَ لَمْ يَذْكُرُهُمْ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "حلية الأولياء". 30- خالد بن دينار –خ د ت ن- أبو خلدة التميمي البصري الخياط. عن أنس، وأبي العالية، والحسن، وابن سيرين، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مهدي، وحرمي بن عمارة، وعبد الصمد بن عبد الوارث، ومسلم بن إبراهيم، وخلق. وثقه يزيد بن زريع، وابن معين، والنسائي. 31- خالد بن أبي عثمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ بن أبي العيص بْن أُمَيّة بْن عَبْد شمس القُرَشيّ الأمويّ، أبو أمية البصري. من جلة العلماء. روى عن عروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، وثمامة بن عبد الله، وطاذفة. حدث عن شعبة مع تقدمه، وابن مهدي، وأبو داود، وأبو الوليد الطيالسي، وأبو سلمة التبوذكي، وعفان، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وآخرون. قال عنه عبد الصمد التنوري، قال: ولدت أنا وعمر بن عبد العزيز في شهر واحد. وقال ابن معين، وغيره: ثقة. وقال أبوحاتم: لا بأس بحديثه. قلت: أظنه عاش مائة عام. 32- خليفة بن خياط، أبو هبيرة، جد شباب. عن عمرو بن شعيب، وحميد الطويل، وغيرهما، وعنه أبو الوليد الطيالسي. ذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ستين ومائة. 33- خليل بن مرة الضبعي البصري –ت- نزيل الرقة. عن ابن أبي صالح السمان، وعكرمة، وعطاء، ومعاوية بن قرة، وابن أبي مليكة، وخلق، وعنه الليث مع تقدمه، وبقية، وابن وهب، ووكيع، وأحمد, ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، وطائفة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 256 وكان أحد الصلحاء. قال البخاري: هو منكر الحديث. وقال أبوزرعة: شيخ صالح. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: ليس بمتروك يكتب حديثه. قلت: توفي سنة ستين ومائة. 34- داود بن بكر بن أبي الفرات الأشجعي – د ت ق- مولاهم، المدني. عن ابن المنكدر، وصفوان بن سليم، وجماعة. وعنه إسماعيل بن جعفر، وأنس ابن عياض، وأبو داود الطيالسي، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ليس بالمتين، ولا بأس به. وله عن ابن المنكدر عن جابر حديث: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" حسنه الترمذي، وليس له في الكتب سواه. داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي – ت ق- الكوفي الأعرج. قال ابن معين: توفي سنة إحدى وخمسين ومائة. وقد مر في الطبقة الماضية. 35- الربيع بين صبيح البصري العابد الإمام –ت ق- مولى بني سعد، من أعيان مشايخ البصرة. حدث عَنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أبي رباح، وثابت البناني، وجماعة. وعنه وكيع، وابن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، وأبو الوليد، وآخرون. روى عباس: عن ابن معين: ثقة. وقال أحمد: لا بأس به. وذكره شعبة فقال: هو عندي من سادات المسلمين. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 257 قلت: كان كبير الشأن، إلا أن النسائي ضعفه. وقال حجاج: سألت شعبة عن مبارك والربيع بن صبيح، فقال: مبارك أحب إلي. وقال علي: جهدت بيحيى بن سعيد أن يحدثني بحديث عن الربيع بين صبيح، فأبى علي. وقال أبو الوليد: كان يدلس. قال ابن حبان: كنيته أبو جعفر. حدث عنه الثوري، وابن المبارك، ووكيع، وكان من عباد أهل البصرة وزهادهم، كان يشبه بيته بالليل بالنحل، إلا أن الحديث لم يكن من صناعته، فكان يهم كثيرًا. توفي بالسند سنة ستين ومائة. محمود بن غيلان: حدثنا أبو داود: قال شعبة: لقد بلغ الربيع بن صبيح في مصرنا هذا، ما لا يبلغه الأحنف بن قيس. قال أبو داود: يعني في الارتفاع. قال أبو محمد الرامهرمزي. أول من صنف وبوب، فيما أعلم، الربيع بين صبيح بالبصرة، ثم ابن أبي عروبة. قلت: توفي غازيًا بأرض الهند، وله في "الجعديات". قال علي: حدثنا الربيع، عن الحسن، قال: ليس الفرار من الزحف من الكبائر, إنما كان ذاك يوم بدر. قال عباس: سألت ابن معين عن الربيع والمبارك، فقال: ما أقربهما! لا بأس بهما. قال محمد بن سلام الجمحي: قال الوثيق بن يوسف الثقفي: ما رأيت الحسن، سألت الحسن. قال يحيى بن سعيد: كتبت عنه حديثًا عن أبي نضرة في الصرف، هو أحسنها كلها، وحديث عطاء عن جابر في الحج بطوله. عن عكرمة، قلت له: ما حدث عنه بشيئ؟ قال: لا. قال غسان بن المفضل الغلابي: سمعت من يذكر أن الربيع بين صبيح كان بالأهواز ومعه صاحب له، فتعرضت لهما امرأة، فبكى الشيخ، قال له صاحبه: ما الجزء: 9 ¦ الصفحة: 258 يبكيك؟ قال: إنما لم تطمع في شيخين إلا وقد رأت شيوخًا قبلنا يتابعونها، فلذا أبكي. قال يحيى بن معين: كانت وقعة باربد سنة ستين ومائة، وفيها مات الربيع بن صبيح، رحمه الله. 36- ربيعة بن عثمان بن ربيعة – م ق- بن عبد الله بن الهدير، أبو عثمان التيمي المدني. عن محمد بن يحيى بن حبان، ونافع، وزيد بن أسلم، وجماعة. وعنه ابن عجلان مع تقدمه، وابن المبارك، وعبد الله بن إدريس، وابن أبي فديك، والواقدي، وجعفر بن عون، وطائفة. وثقة ابن معين. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. وَقَالَ أبو حاتم: منكر الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قالو الواقدي: مات سنة أربع وخمسين ومائة، وهو ابن سبع وسبعين سنة. له في الكتب، وهو حديث: "المؤمن القوي، خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف". "حرف الزاي": 37- زبان بن فائد – د ت ق- أبو جوين المصري. عن سهل بن معاذ، عن أبيه، فذكر أحاديث. وعنه يحيى بن أيوب، والليث وابن لهيعة، ورشدين بن سعد، وجماعة. ضعفه ابن معين. وقال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال أبو حاتم: صالح. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 259 وقال ابن يونس: كان على مظالم مصر، وكان من أعدل ولاتهم. مات سنة خمس وخمسين ومائة، وكان فاضلًا. 38- الزبير بن سعيد بن سليمان – د ت ق- بن سعيد بن نوفل بن الحارث بن عبدا لمطلب الهاشمي، نزيل المدائن. عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، والقاسم بن محمد، ومحمد بن المنكدر، وعبد الحميد بن سالم، وجماعة. وعنه ابن المبارك، وجرير بن حازم، وإسماعيل بن عياش، وسعيد بن زكريا المدائني، وأبو عاصم النبيل، ومطرف بن عبد الله المدني، وطائفة. قال عباس، عن ابن معين: ثقة. وقال مرة في موضع آخر: ليس بشيء. وقال النسائي، وغيره: ضعيف. وقال غيره: توفي سنة بضع وخمسين ومائة. 39- زربي بن عبد الله1 -ت ق- المؤذن أبو يحيى. بَصْرِيٌّ ضَعِيفٌ. لَهُ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ مُسْلِمُ بن إبراهيم وموسى التَّبُوذَكِيُّ وَبِشْرُ بْنُ الْوَضَّاحِ وَعُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَهُ مَنَاكِيرُ عَنْ أَنَسٍ. 40- زُفَرُ بْنُ عَاصِمٍ2، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهِلالِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ حُمَّةَ. وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ الْجِهَادِ، وَلِيَ غَزْوَ الصَّائِفَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَقَبْلَ ذَلِكَ. 41- زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ الْعَنْبَرِيُّ3، الْفَقِيهُ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ ومائة.   1 تهذيب التهذيب "3/ 325"، والميزان "2/ 69". 2 الجرح والتعديل "3/ 608". 3 طبقات ابن سعد "6/ 270"، وميزان الاعتدال "2/ 71". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 260 رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٍ. ومات في الكهولة. رَوَى عَنْهُ حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيُّ وَأَبُو يَحْيَى أَكْثَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيَّادٍ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْمُلائِيُّ: كَانَ ثِقَةً مأمونًا. وقع إلى البصرة في الميراث مِنْ أَخِيهِ فَتَشَبَّثَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فَلَمْ يتركوه يخرج من عندهم. وقال يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ: كَانَ وَالِدُهُ هُذَيْلُ بْنُ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمٍ بِأَصْبَهَانَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ الوليد وكان ثَلاثَةُ أَوْلادٍ: زُفَرُ أَبُو الْهُذَيْلِ وَهِرْثِمَةُ وَكَوْثَرٌ. قَالَ وَرَجَعَ زُفَرُ عَنِ الرَّأْيِ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ. ثُمَّ سَاقَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِهِ الْحِلْيَةِ لَهُ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ، وَمِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ: النُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ ومالك بن فديك. روى عَنْ مُدْرِكٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيَّادٍ قَالَ: كان زفر وداود الطائي متواخيين فَأَمَّا دَاوُدُ فَتَرَكَ الْفِقْهَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَأَمَّا زُفَرُ فَجَمَعَهُمَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مهدي: نبأ عبد الواحد بم زَيَّادٍ قَالَ: لَقِيتُ زُفَرَ فَقُلْتُ لَهُ صِرْتُمْ حَدِيثًا فِي النَّاسِ وَضَحِكَةً. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قلت: تقولون في الابتداء إدرأوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَجِئْتُمْ إِلَى أَعْظَمِ الْحُدُودِ فَقُلْتُمْ: تُقَامُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ" 1 فَقُلْتُمْ يُقْتَلُ بِهِ. قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ السَّاعَةَ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ عَنْهُ. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُنَاظِرُ زُفَرَ إِلا رَحِمْتُهُ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الملائي: كنت أمر على زفر فيقول: تعال حَتَّى أُغَرْبِلَ لَكَ مَا سَمِعْتَ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: قَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ: مَنْ قعد قبل وقته ذل.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4/ 84، 9/ 14"، والترمذي "143"، وأبو داود "2034، 4530"، وابن ماجه "2659"، وأحمد في مسنده "1/ 79"، وابن سعد في الطبقات "1/ 2/ 172". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 261 وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كُنْتُ أَعْرِضُ الْحَدِيثَ عَلَى زفر فيقول: هذا ناسخ هذا مَنْسُوخٌ، هَذَا يُؤْخَذُ بِهِ، هَذَا يُرْفَضُ. قَدْ ذكرنا ان غير واحد وثق زفر. وقال ابْنُ سَعْدٍ: لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 42- زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ1 –ع-. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ وَأَبِي الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَرَوْحٌ وَأَبُو عَاصِمٍ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَآخَرُونَ. وَقَدِ اتُّهِمَ فِي نفسه بالقدر وهو ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وقال ابن مَعِينٍ: قَدَرِيٌّ. قُلْتُ: مَاتَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 43- زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ الْيَمَانِيُّ الْجُنْدِيُّ2 -ت ن ق-. نزيل مكة. قال أبو عمر الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرَضًا عَنْ مُجَاهِدٍ وَدِرْبَاسٍ. كَذَا قَالَ أَبُو عَمْرٍو. رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزْجَانِيُّ: مُتَمَاسِكٌ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. 44- زُهَيْرُ بْنُ مَيْمُونَ الْكُوفِيُّ3، النحوي.   1 التهذيب "3/ 328"، وميزان الاعتدال "2/ 71"، وخلاصة تذهيب الكمال "122"، والمعرفة والتاريخ "2/ 207". 2 التهذيب "3/ 338"، والجرح والتعديل "3/ 624"، والميزان "2/ 81". 3 الفهرست "133"، والوافي بالوفيات "14/ 228". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 262 وَيُعْرَفُ بِالْفُرْقُبِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِي الْفُرْقُبِ. وكان من كبار العلماء. أخذ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي الأَسْوَدِ. وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 45- زِيَادُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الْحَنَفِيُّ1، الأَصْغَرُ الْمِهْرَوَانِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مَرَّةً: لا بَأْسَ بِهِ. 46- زَيَّادُ بْنُ مَيْمُونَ2، أَبُو عَمَّارٍ الْبَصْرِيُّ. صَاحِبُ الْفَاكِهَةِ. عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَتَرَكَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَقِينَاهُ، فَقَالَ: عُدُّوا إِنَّ النَّاسَ لا يَعْلَمُونَ أَنِّي لَمْ أَلْقَ أَنَسًا أَمَا تَعْلَمَانِ أَنِّي مَا لَقِيتُهُ؟ قَالَ: ثُمَّ بَلَغْنَا أَنَّهُ يَرْوِي عَنْهُ، فَلَقِينَاهُ، فَقَالَ: عُدُّوا إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا، أَفَلا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيَّ؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: تُبْتُ، مَا سَمِعْتُ مِنْ أَنَسٍ شيئًا. وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَبْلُغُنَا أَنَّهُ يَرْوِي عَنْهُ فَتَرَكْنَاهُ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ: قَالَ زَيَّادُ بْنُ مَيْمُونَ: عُدُّوا أَنِّي كُنْتُ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمْتُ، أَمَا كُنْتُمْ تَقْبَلُونَ تَوْبَتِي؟ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَنَسٍ شَيْئًا. وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ يرميه بالكذب. وقال ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 47- زِيَادُ بْنُ حِبَّانَ الرَّقِّيُّ3 -ن ق- كُوفِيُّ الأَصْلِ. رَوَى عَنِ الزهري وابن المنكدر وأيوب وأبو إسحاق وابن جريج وجماعة. وعنه أبو نعيم وأبو أحمد الزبيري ومعمر بن سليمان وآخرون. قال أحمد بن حنبل: كان يشرب المسكر. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن   1 التاريخ الكبير "3/ 365". 2 التاريخ الكبير "3/ 370"، والجرح والتعديل "3/ 544". 3 التهذيب "3/ 404"، وميزان الاعتدال "2/ 101"، والخلاصة "127". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 263 عدي: لا أَرَى بِهِ بَأْسًا. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وخمسين ومائة. 48- زيد بن أبي ليلى مُرَّةَ1، أَبُو الْمَعَالِي. رَأَى أَنَسًا وَسَمِعَ الْحَسَنَ. وَعَنْهُ مُعْتَمِرٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلٍ فِي ذَمِّ الاحْتِكَارِ. "حرف السِّينِ": 49- سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى2. وَقِيلَ: ابْنُ غَيْلانَ، وَقِيلَ: ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. أَبُو الْفَيْضِ. عَنْ عَطَاءٍ وَنَافِعٍ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيُّ وَعُمَرُ بْنُ صُبَيْحٍ وَمُحَمَّدُ بن يعلى زنبور والوليد بن القاسم وجماعة. قال البخاري: تركوه. وقال ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: نَقَمُوا عَلَيْهِ عن نافع ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا كَانَ إِذَا خَافَ أَنْ يَنْسَى رَبَطُوا فِي أُصْبُعِهِ خَيْطًا. 50- السَّائِبُ بْنُ عمر3 -د ن- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَكِّيُّ. عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 51- سَحَّامَةُ بْنُ عبد الله البصري الأصم4.   1 التاريخ الكبير "3/ 305"، وفيه زيادة حيث قال: "زيد بن مرة ابن أبي ليلى أبو المعلى"، وانظر في الحاشية التعليق على الاختلاف في اسمه. 2 الجرح والتعديل "4/ 186"، والميزان "2/ 112". 3 التقريب "1/ 276"، وتهذيب الكمال "10/ 191". 4 التاريخ الكبير "4/ 211"، والتهذيب "3/ 454". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 264 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سحامة عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: والأصم هُوَ والده. سَمِعَ أَنَسًا. قَالَ ابْنُ الذَّهَبِيِّ: مَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. أَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ عَسَاكِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أنا زاهر أن أَبُو سَعْدٍ الْكَنْجَرُوذِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ أَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا سَحَّامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسٌ وَاسِطَ فَحَدَّثَنَا أن رجلًا جاء النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ مِنْ أَمْرِهِ حَاجَةً وَفَقْرًا، فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَنَهَضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَدْخُلَ فِيهَا، فَتَعَلَّقَ بِهِ الرَّجُلُ، فَقَامَ مَعَهُ حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلاةِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الأَدَبِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ عَنِ الْعَقَدِيِّ عَنْ سَحَّامَةَ. 52- سَدُوسُ بْنُ حَبِيبٍ1، الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ. بَيَّاعٌ السَّابِرِيُّ. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. وَعَنْهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ. قَالَ: مَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. 53- سُعَادُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ق-. عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ وَجَبَّارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ مِنْ عِتْقِ الشِّيعَةِ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ فِي الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: سَعَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 54- سَعْدَانُ الجهني الكوفي3 -خ ت ق- قِيلَ: اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ, وَقِيلَ: ابْنُ بشير.   1 لسان الميزان "3/ 9"، والجرح والتعديل "4/ 311". 2 تهذيب التهذيب "3/ 462"، والتقريب "1/ 278". 3 التاريخ الكبير "4/ 196"، والتهذيب "3/ 487"، والجرح "4/ 289". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 265 رَوَى عَنْ سَعْدٍ أَبِي مُجَاهِدٍ الطَّائِيِّ وَكِنَانَةَ مَوْلَى صَفِيَّةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحَّادَةَ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو عَاصِمٍ وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي الْكُتُبِ. 55- سَعِيدُ بْنُ أَبَانِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيُّ1. نَزِيلُ الْكُوفَةِ. عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ وَعُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ يحيى بن سعيد الأموي وعمر بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. وَقَالَ: كَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ. 56- سَعِيدُ بْنُ حَسَّانٍ المخزومي2 –م4- المكي القاص. عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ عِيَاضٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَوَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرَّةً وَتَوَقَّفَ مَرَّةً. 57- سَعِيدُ بْنُ زَيَّادٍ الشيباني3 -د ن- المكي. عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَزِيَادِ بْنِ صُبَيْحٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ جُنْدُبٍ وَوَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. 58- سَعِيدُ بْنُ سَابِقٍ الرَّازِيُّ4 الْفَقِيهُ وَالِدُ مُحَمَّدٍ. عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زَيَّادٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَحَكَّامُ بْنُ سَالِمٍ وَهَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. صويلح. 59- سعيد بن سنان5 -د ت ق- أبو سنان البرجمي الشيباني الكوفي نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنِ الضَّحَّاكِ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعَمْرِو بن مرة وجماعة. وعنه إسحاق بن   1 التاريخ الكبير "1517"، وتهذيب التهذيب "4/ 2". 2 الجرح والتعديل "4/ 12"، والوافي بالوفيات "290". 3 الخلاصة "1/ 296"، والتقريب "1/ 288". 4 التاريخ الكبير "3/ 481"، والجرح والتعديل "4/ 30". 5 ميزان الاعتدال "2/ 143". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 266 سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ مِنْ رُفَعَاءِ النَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ عَابِدًا فَاضِلا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحٌ لَمْ يَكُنْ يُقِيمُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لا يُتَابَعُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ حَدِيثِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: مَنْ أَبُو سِنَانٍ، يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ سِنَانٍ، لَوْ كَانَ لِي عَلَيْهِ سُلْطَانٌ لَحَبَسْتُهُ وَأَدَّبْتُهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَكَنَ الرَّيَّ وَكَانَ سيئ الْخُلُقِ وَكَانَ يَحُجَّ كُلَّ سَنَةٍ. وَقَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ: سَكَنَ قَزْوِينَ أَيْضًا. وَأَمَّا: * سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْحِمْصِيُّ1، أَبُو مَهْدِيٍّ فَآخَرُ. 60- سَعِيدُ بْنُ زَوْنٍ الثَّعْلَبِيُّ الْبَصْرِيُّ2. عَنْ أَنَسٍ وَعَنْهُ هِلالُ بْنُ فَيَّاضٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ جِدًّا, وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. 61- سَعِيدُ بْنُ زَيَّادٍ3. مَوْلَى جُهَيْنَةَ الْمَدِينِيُّ الْمُكْتِبُ. عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَعَنْهُ زَيَّادُ بْنُ يُونُسَ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 62- سَعِيدُ السائب بن يسار4 -د ن ق- وهو سعيد بن أبي حفص الثقفي أَحَدُ الْعُبَّادِ الْبَكَّائِينَ. عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَيَّةَ الْعَامِرِيِّ وَنُوحِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ. وَعَنْهُ حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مهدي وأبو حذيفة النهدي وجماعة.   1 التهذيب "4/ 46"، والميزان "2/ 143"، والجرح والتعديل "4/ 28". 2 المجروحين "1/ 317"، والضعفاء والمتروكين "54". 3 الجرح والتعديل "4/ 22". 4 التاريخ الكبير "3/ 480"، والجرح والتعديل "4/ 30". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 267 قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ: كُنَّا نَرَاهُ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ لا يَكَادُ يَجِفُّ لَهُ دَمْعٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ دَمْعَةً مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ يَعُوزُهُ أَنْ تُحَرِّكَهُ فَتَرَى دُمُوعَهُ كَالْقَطْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ الْحُمَيْدِيّ عَنْ سَفْيَانَ: حَدَّثُونِي أَنَّ رَجُلا عَاتَبَهُ فِي الْبُكَاءِ فَبَكَى وَقَالَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْذِلَنِي عَلَى التَّقْصِيرِ وَالتَّفْرِيطِ فَإِنَّهُمَا قَدِ اسْتَوْلَيَا عَلَيَّ. 63- سَعِيدُ بن عبد الرحمن البصري1. هو أَخُو أَبِي حَرَّةَ. سَمِعَ ابْنَ سِيرِينَ وَيَحْيَى بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ وَمَكْحُولا. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. 64- سَعِيدُ بْنُ عبد الرحمن أبو شيبة2 –ن- الزبيدي الكوفي قَاضِي الرَّيِّ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيَّادٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ. وَثَّقَهُ أبو داود. وقال ابْنُ حِبَّانَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. كَانَ يَرْوِي الْمَقَاطِيعَ. 65- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن جبير بن حية3 -خ ن ق- الثقفي البصري. عَنْ عَمِّهِ زَيَّادِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. 66- سَعِيدُ بْنُ عبيد الهنائي البصري4 -ت ن-.   1 الجرح والتعديل "4/ 40". 2 المعرفة والتاريخ "3/ 195". 3 التهذيب "4/ 61"، والجرح والتعديل "4/ 38". 4 تهذيب التهذيب "4/ 62"، والجرح والتعديل "4/ 47". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 268 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَالْحُسَيْنِ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ وَكَثِيرُ بْنُ فَائِدٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 67- سَعِيدُ بن أبي عروبة1 –ع- مهران، مَوْلَى بَنِي عَدِيٍّ عَالِمُ الْبَصْرَةِ أَبُو النَّضْرِ الْعَدَوِيُّ الْحَافِظُ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ أَنَسِ بْنِ مالك. وروى عن الحسن وابن سيرين قليلًا وعن قتادة فأكثر وَالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ وَأَبِي رَجَاءٍ الْعَطَارِدِيِّ، وَهُوَ أكبر شيخ لقيه، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ وَأَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغُنْدَرٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ وَالأَنْصَارِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: مَا كَانَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَحَدٌ أَحْفَظُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ لِسَعِيدٍ كِتَابٌ إِنَّمَا كَانَ يَحْفَظُ ذَلِكَ كُلَّهُ. وَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَكْتُبْ إِلا تَفْسِيرَ قَتَادَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا مَعْشَرٍ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَكْتُبَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَثْبَتُهُمْ فِي قَتَادَةَ سَعِيدٌ وَالدَّسْتُوَائِيُّ وَشُعْبَةُ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُورِيُّ: قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: إِذَا رَوَيْتَ عَنِّي فَقُلْ: ثنا سعيد الأعرج عنن قَتَادَةَ الأَعْمَى عَنِ الْحَسَنِ الأَحْدَبِ. وَقَالَ بُنْدَارٌ: ثنا عَبْدُ الأَعْلَى وَكَانَ قَدَرِيًّا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَكَانَ قَدَرِيًّا عَنْ قَتَادَةَ وَكَانَ قَدَرِيًّا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ قتادة وسعيد يقولان بالقدر ويكتمانه. وروى الْكَوْسَجُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: سَعِيدٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ ثِقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيثِ قَتَادَةَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ صَنَّفَ الْعِلْمَ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: وَمَنْ سَمِعَ من سعيد قبل الهزيمة فسماعه جيد.   1 التاريخ الكبير "3/ 504"، والجرح والتعديل "4/ 65"، والتهذيب "4/ 63". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 269 قُلْتُ: يَعْنِي هَزِيمَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حسين، وَكَانَتْ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: لَقِيتُ ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ قَبْلَ الأَرْبَعِينَ بِدَهْرٍ وَرَأَيْتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَأَنْكَرْتُهُ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القطان يوثقه. وقال أَبُو نُعَيْمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ عِنْدَمَا اخْتَلَطَ حَدِيثَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ مُثَنَّى: ثنا الأَنْصَارِيُّ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الأَفْطَسُ عَلَى سَعِيدٍ بَعْدَمَا تَغَيَّرَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي وُجُوهِنَا وَلا يَعْرِفُنَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ يَمْزَحُ وَكَانَ يُحَدِّثُ فَإِذَا أَعْجَبَهُ حَفِظَهُ قَالَ "دَقَّكَ بِالْمُنْحَازِ حَبُّ الْفُلْفُلِ". وَقَالَ رَجُلٌ: أَتَيْتُ ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ فَتَمَارَى عِنْدَهُ رَجُلانِ فَبَقِيَ يُغْرِي بَيْنَهُمَا قَلِيلا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، فِي تَدْلِيسِ سَعِيدٍ: لَمْ يَسْمَعْ سَعِيدٌ مِنَ الْحَكَمِ وَلا مِنَ الأَعْمَشِ وَلا مِنْ حَمَّادٍ وَلا مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَلا مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَلا من إسماعيل بن خالد ولا من عبيد الله بْنِ عُمَرَ وَلا مِنْ أَبِي بِشْرٍ وَلا مِنِ ابْنِ عُقَيْلٍ وَلا مِنْ زَيْدِ بْنِ أسلم ولا من ابن أبي سلمة ولا من أبي الزناد، وقد حَدَّثَ عَنْ هَؤُلاءِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ شَيْئًا. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: لَمْ يَسْمَعْ سَعِيدٌ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ وَلا مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُمَرَ وَلا مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَسْمَعِ الْخِلافَ فَلا تَعُدُّهُ عَالِمًا. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، قَيَّدَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. 68- سَعِيدُ بْنُ عَطِيَّةَ اللَّيْثِيُّ1 -ت-. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ عُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ وَأَبُو داود الطيالسي وأبو عبد الرحمن المقري. ذكره ابن حبان في الثقات.   1 تقريب التهذيب "1/ 294"، والثقات "6/ 36"، والخلاصة "141". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 270 69- سعيد بن يزيد1 -م د ت ق- أبو شجاع القتباني الحميري الإسكندراني. عَنِ الأَعْرَجِ وَالْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ وَخَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ وَدَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو زُرَارَةَ لَيْثُ بْنُ عَاصِمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ ثِقَةً عابداُ كَبِيرَ الْقَدْرِ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ لَهُ شَأْنٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْن عَاصِمٍ: رَأَيْتُهُ إِذَا أَصْبَحَ عَصَبَ سَاقَهُ بِالْمُشَاقَّةِ وَبِزْرِ الْكَتَّانِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْمُجْتَهِدِينَ، تُوُفِّيَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 70- سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنِ2 -4- بْنِ حَسَنٍ الْوَاسِطِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعُمَرُ بن عبد الله بن رَزِينٍ وَأَخُوهُ عُمَيْرٌ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ إِلا فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ خَاصَّةً فَإِنَّ فِيهَا مَنَاكِيرُ. وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سُفْيَان بن حسين السلمي المعلم، رَوَى عن الحَسَن وجماعة. قَالَ عَبَّاسٌ عن ابن مَعِين: ليس به بأس مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ كَانَ يُؤَدِّبُ الْمَهْدِيَّ. وَحَدِيثُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَطْ لَيْسَ بِذَاكَ إِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ بِالْمَوْسِمِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صالح الحديث ولا يحتج به نحو محمد بن إسحاق.   1 التاريخ الكبير "3/ 521"، والتهذيب "4/ 101"، وحسن المحاضرة "1/ 274". 2 ميزان الاعتدال "2/ 165"، والجرح والتعديل "4/ 227"، والتهذيب "4/ 107". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 271 وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: الإِنْصَافُ فِي أَمْرِهِ: يَبْحَثُ بِمَا رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَالاحْتِجَاجِ بِمَا رَوَى عَنْ غَيْرِهِ. مَاتَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 71- سُفْيَانُ بن دينار1 -خ ن- أبو سعيد الكوفي التمار. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعِيدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْمُحَارِبِيُّ وَعَفَّانُ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: رَأَيْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وعمر مسنمة2. 72- السكن بن المغيرة3 –ت- البصري البزاز أبو محمد مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنْ سَارِيَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنِ الْوَلِيدِ بن أبي هشام. وعنه أبو داود وأبو نعيم وحبان بن هلال وأبو الوليد وجماعة. قال النسائي: ليس به بأس. 73- سلام بن أبي عمرة4 –ت- أبو علي الخراساني. عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ الأَوْدِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ. وعن وَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 74- سَلَمَةُ بْنُ بَخْتٍ5. عَنْ عِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ وَالْقَعْنَبِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 75- سَلَمَةُ بْنُ سَابُورٍ الْكُوفِيُّ6. عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَعَبْدِ الْوَارِثِ مَوْلَى أَنَسٍ. وَعَنْهُ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. ضَعَّفَهُ ابن معين. 76- سلمة بن وردان7 -ت ق- أبو يعلى الليثي الخندعي مولاهم المدني.   1 الجرح والتعديل "4/ 220"، والوافي بالوفيات "397". 2 والمسنم: وهو الشيء المعظم، ويقال مجد مسنم: عظم و: الشيء على هيئة السنام في بناء ونحوه. 3 التهذيب "4/ 126"، والجرح والتعديل "4/ 287". 4 التاريخ الكبير "4/ 133"، والمجروحين "1/ 341"، وميزان الاعتدال "2/ 180". 5 الجرح والتعديل "4/ 156". 6 ميزان الاعتدال "2/ 190". 7 تهذيب التهذيب "4/ 160"، والجرح والتعديل "4/ 174". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 272 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى وَمَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَالْوَاقِدِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَعِدَّةٌ. ضَعَّفَهُ أبو داود. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي: عَامَّةُ مَا عِنْدَهُ عَنْ أَنَسٍ مُنْكَرٌ. قِيلَ: توفي في آخر خلافة المنصور. وقال الدارقطني: ضعيف. 77- سلم بن زرير1 -خ م ن- أبو يونس العطاردي البصري. عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ وَأَبِي غَالِبٍ حَزَوَّرٍ. وَعَنْهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ وَأَبُو الْوَلِيدِ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ معين. وقال أبو حاتم أيضًا: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْهُ فَقَالَ: صَدُوقٌ، وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ مَا بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ يُحتَجُّ بِبَعْضِهَا. 78- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ2. عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بُومَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَرَادَةَ وَخَالِدُ بْنُ حَيَّانَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَهُوَ مِنْ مَوَالِي أَمِيرِ الْجَزِيرَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيِّ. 79- سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ3، رَوَى حَدِيثَ الصَّدَقَاتِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي قِلابَةَ. وَعَنْهُ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ الله ويحيى بن حمزة. قال أحمد بن حنبل في حديثه الطويل: أرجو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ. قُلْتُ: وَحَدِيثُهُ الطَّوِيلُ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَغَيْرُهُ عَنْ صَدَقَةَ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قِلابَةَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صفة صلاته.   1 التهذيب "4/ 160"، والجرح والتعديل "4/ 264"، والميزان "2/ 193". 2 لسان الميزان "3/ 100"، والجرح والتعديل "4/ 115". 3 التهذيب "4/ 189"، والمشاهير "184". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 273 وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ الْخَوْلانِيُّ فِي "تَارِيخِ دَارَيَّا": كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حاجباُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَوَلَدُهُ بِدَارِيَّا إِلَى الْيَوْمِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ: الصَّوَابُ فِي حَدِيثِ الصَّدَقَاتِ: يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ: رَأَيْتُ فِي كِتَابِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ بِخَطِّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: نَظَرْتُ فِي أَصْلِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ حَدِيثِ الصَّدَقَاتِ فَإِذَا هُوَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى طَائِفَةٌ مِنَ الْحَدِيثِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ ثقة، ثم ساق له في "الأنواع والتقاسيم" بِطُولِهِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 80- سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ الْمَدَنِيُّ1، أَبُو سُفْيَانَ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَبِلالِ بْنِ يَحْيَى. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ -وَهُوَ أكبر منه- وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ. قَالَ الدُّولابِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. * سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ2، أَبُو أَيُّوبَ المورياني الجوزي وزير المنصور. ذكرته فِي الْكُنَى. 81- سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ جَمَّازٍ3، الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ الْمُقْرِئُ. أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ، وَعَرَضَ أَيْضًا عَلَى نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بن جعفر وقتيبة بن مهران.   1 الجرح والتعديل "4/ 119"، والتهذيب "4/ 194". 2 الجرح والتعديل "4/ 122". 3 ميزان الاعتدال "2/ 223". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 274 82- سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ الْكَعْبِيُّ الْخُزَاعِيُّ1، أَبُو الْمُثَنَّى. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ التَّنِّيسِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 83- سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ الْهَمَذَانِيُّ2. مِنْ أَهْلِ هَمَذَانَ. رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَزَيْدُ بْنُ الحباب. وكان يُعْرَفُ بِالأَحْمَرِ. وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ مَنْ فِي "تَارِيخِ هَمَذَانَ". 84- سُلَيْمٌ مَوْلَى الشَّعْبِيِّ3. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. ضَعَّفَهُ الْفَلاسُ. 85- سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ الْهُذْلِيُّ4 -خ م- مِنْ ثِقَاتِ الْبَصْرِيِّينَ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَا وَقَتَادَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَرْوَانَ الأَصْغَرِ. وَعَنْهُ بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَعَفَّانُ وَمُحَمَّدٌ الْعَوْفِيُّ وَآخَرُونَ. 86- سَهْلُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ5. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَرَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَبُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ وَقَنَّانٍ النَّهْمِيِّ. وَعَنْهُ زُرَيْقُ الْبَجَلِيُّ الْمُقْرِئُ وَأَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَعَوْنُ بْنُ سلام. وما علمت به بأسًا.   1 تقريب التهذيب "1/ 319". 2 الجرح والتعديل "4/ 152". 3 التاريخ الكبير "4/ 132"، والجرح والتعديل "4/ 313". 4 الجرح والتعديل "4/ 314". 5 الجرح والتعديل "4/ 199". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 275 87- سَهْلُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ1، الْبَصْرِيُّ السَّرَّاجُ. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَيُّوبَ. وَعَنْهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو دَاوُدَ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ. وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: قَدْ رَوَى شَيْئًا مُنْكَرًا وَهُوَ أَنَّهُ رَأَى الْحَسَنَ يُصَلِّي بَيْنَ سُطُورِ الْقُبُورِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: وَقَدْ رَوَى شَيْئًا أَنْكَرَ مِنْ هَذَا، سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ يَقُولُ: ثنا سَهْلٌ السَّرَّاجُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُجِزْ طَلاقَ الْمَرِيضِ. قُلْتُ: رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْقَدَرِ. * سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ2. هُوَ أَبُو حَمْزَةَ. يَأْتِي بِكُنْيَتِهِ. 88- سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُدَامَةَ3 بْنِ عَنْزَةَ التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: هَذَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّه مَا تَعَنَّى فِي طَلَبِ حَدِيثٍ قَطُّ قَدْ سَادَ النَّاسَ. قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ وَأَبِي الْمِنْهَالِ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَلَكِنَّهُ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْه عَرْعَرَةَ بْنِ الْبِرِنْدِ وَعَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: وَلِيَ الْقَضَاءَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الْقُضَاةِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا ابْنُ عُلَيَّةَ وَمُعَاذٌ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. وذكره أَبُو حَاتِمٍ وَلَمْ يُجَرِّحْهُ. وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّيرِينِيُّ: رَأَيْتُ سَوَّارًا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَتَغْرَغَرَتْ عَيْنَاهُ ثُمَّ حَكَمَ. وَبَلَغَنَا أَنَّ الْمَنْصُورَ اسْتَقْدَمَهُ لِيَعْزِلَهُ لأنه شكي منه   1 التاريخ الكبير "4/ 101"، وميزان الاعتدال "2/ 239". 2 ميزان الاعتدال "2/ 245"، والتهذيب "4/ 267". 3 التاريخ الكبير "4/ 168"، والمشاهير "158". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 276 فعطس المنصور بحضوره فلم يشتمه فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ مِنَ التَّشْمِيتِ1؟ قَالَ: لِأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ، قَالَ: فَقَدْ حمدت في نفسي، قال: وقد شتمك فِي نَفْسِي، قَالَ: ارْجِعْ فَلَوْ حَابَيْتَ أَحَدًا لَحَابَيْتَنِي. مَاتَ سَوَّارٌ فِي آخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الشِّينِ": 98- شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ2 –ع- بن الورد أبو بسطام الأزدي العتكي مَوْلاهُمُ الْوَاسِطِيُّ، الْحَافِظُ الْكَبِيرُ عَالِمُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي زَمَانِهِ، بَلْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ. وقد سكن البصرة من صغره وَرَأَى الحَسَن، وسمع منه. مسائل. وروى عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ وَجَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَجَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ وَالْحَكَمِ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَزُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَقَتَادَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَأَبِي جَمْرَةَ الضَّبْعِيِّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وخلائق قد أفردهم مسلم في جزء، ومنهم محمد بن الكمكدر ومحمد بن زياد القرشي وابن ملكية وعبيد بْنِ أَبِي يَزِيدَ. وَعَنْهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وهو من شيوخه، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَالْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَغُنْدَرٌ وَعَفَّانُ وأسد بن موسى والطيالسيان وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَلْفَيْ حَدِيثٍ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يُعَظِّمُهُ وَيَقُولُ: هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الحديث. وقال الشافعي: لولا شعبة لما عرفت الْحَدِيثُ بِالْعِرَاقِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: شُعْبَةُ إِمَامُ الأَئِمَّةِ بِالْبَصْرَةِ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ الْجَرْمِيَّ وَسَمِعَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَحَدَّثَ عَنْهُ شُيُوخُهُ: أَيُّوبُ وَمَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْهَرَوِيُّ: وُلِدَ شُعْبَةُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَقَالَ غيره: ولد سنة ثمانين.   1 يعني ما منعك أن تدعو لي بالخير كأن تقول لي: يرحمك الله" وهذا معنى التشميت. 2 تاريخ بغداد "9/ 255"، والتهذيب "4/ 338"، والجرح والتعديل "4/ 369". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 277 ابن أبي خثيمة نَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ يَقُولُ: كُلَّمَا نَعَقَ بِهِمْ نَاعِقٌ اتَّبَعُوهُ. وَثَنَا أَحْمَدُ ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ ثنا شُعْبَةُ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ قَالَ إِلَى الصَّلاةِ وَقَالَ: لا بُدَّ لِهَؤُلاءِ النَّاسِ مِنْ وَزْعَةٍ. وَثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبراهيم شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي صَفْوَانَ أَنَّهُ بَاعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- رجلًا سَرَاوِيلَ فَلَمَّا أَنْ وَزَنَ لَهُ أَرْجَحَ لَهُ. رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكٍ فَقَالَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ فَكَأَنَّهُ اسْمُ أَبِي صَفْوَانَ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: إِذَا خَالَفَنِي شُعْبَةُ فِي حَدِيثٍ صِرْتُ إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ من شعبة سبعة آلاف حديث وسمع غندر مِنْ شُعْبَةَ سَبْعَةَ آلافِ حَدِيثٍ، يَعْنِي بِالْمَقَاطِيعِ. وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ: كَتَبَ لِي شُعْبَةُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: كَيْفَ أَبُو بِسْطَامٍ؟ قُلْتُ: بِخَيْرٍ، قَالَ: نِعْمَ حَشْوُ الْمِصْرَ هُوَ. وَقَالَ أَبُو بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْبَدَ لِلَّهِ مِنْ شُعْبَةَ، لَقَدْ عَبَدَ اللَّهَ حَتَّى جَفَّ جِلْدُهُ عَلَى عَظْمِهِ وَاسْوَدَّ. وَقَالَ حمزة بن زياد الطُّوسِيِّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ وَكَانَ أَلْثَغَ قَدْ يَبِسَ جِلْدُهُ مِنَ الْعِبَادَةِ يَقُولُ: لَوْ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ ثِقَةٍ مَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ ثَلاثَةٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ: كَانَ شُعْبَةُ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ. قُلْتُ: وَقَدِ اسْتَوْعَبَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الْكَمَالِ سَائِرَ شُيُوخِ شُعْبَةَ فَسَمَّى لَهُ ثَلاثَمِائَةِ شَيْخٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: شُعْبَةُ أَثْبَتَ مِنَ الأَعْمَشِ فِي الْحُكْمِ وَشُعْبَةُ أَحْسَنُ حَدِيثًا مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَدْ رَوَى عَنْ ثَلاثِينَ شَيْخًا كُوفِيًّا لَمْ يَلْقَهُمْ سُفْيَانُ، قَالَ: وَكَانَ شُعْبَةُ أُمَّةً وَحْدَهُ فِي هَذَا الشَّأْنِ. قَالَ عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُطَهِّرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَمْعَنَ فِي الْعِبَادَةِ مِنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: لأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: كُلُّ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيثًا فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 278 وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ يَوْمًا بِحَدِيثِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ وَأَحَادِيثَ نَحْوِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ: يَا أَبَا بِسْطَامٍ أَلا تُحَدِّثُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِشَيْءٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ" 1 الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ: مَا رَأَيْتُ شُعْبَةَ رَكَعَ إِلا حَسِبْتُ أَنَّهُ قَدْ نَسِيَ وَلا قَعَدَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إِلا قُلْتُ قَدْ نَسِيَ. وَقَالَ الْقَطَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ مِنْ أَرَقِّ النَّاسِ يُعْطِي السَّائِلَ مَا أَمْكَنَهُ2. قَالَ أبو قطن: كانت ثِيَابُ شُعْبَةَ كَالتُّرَابِ وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلاةِ سَخِيًّا3. وَقَالَ عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَوَّمْنَا حِمَارَ شُعْبَةَ وَسَرْجَهُ وَلِجَامَهُ بِبِضْعَةَ عَشْرَ دِرْهَمًا. وَعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ قال: كان شعبة إذا جسمه انتثر منه التراب4. وعن أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: كُنَّا عِنْدَ شُعْبَةَ فَجَاءَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ يَبْكِي وَقَالَ: مَاتَ حِمَارِي، وَذَهَبَتْ مِنِّي الْجُمُعَةُ، وَذَهَبَتْ حَوَائِجِي، قَالَ: بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ قَالَ بِثَلاثَةِ دَنَانِيرَ. قَالَ شُعْبَةُ: فَعِنْدِي ثَلاثَةُ دَنَانِيرَ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيْهِ5. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: مَا رَأَيْتُ أَرْحَمَ بِمِسْكِينٍ مِنْ شُعْبَةَ6. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بن أبي شيخ: نا صَالِحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ شُعْبَةُ مَوْلِدُهُ ومنشأه واسط وعلمه كُوفِيٌّ، وَكَانَ لَهُ أَخَوَانِ: بَشَّارٌ وَحَمَّادٌ يُعَالِجَانِ الصَّرْفَ. وَكَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ: وَيْلَكُمُ الْزَمُوا السُّوقَ فَإِنَّمَا أَنَا عَيَّالٌ عَلَى أَخَوَيَّ7. قال وما   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1385"، ومسلم "في القدر/ 22" وغيرهما. 2 سير أعلام النبلاء "7/ 160". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق. 5 انظر المصدر السابق. 6 وراجع سير أعلام النبلاء "7/ 160". 7 وفي تهذيب التهذيب "4/ 338" "على إخوتي". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 279 كل شُعْبَةٌ مِنْ كَسْبِهِ دِرْهَمًا قَطُّ. وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: إِذَا كَانَ عِنْدِي دَقِيقٌ وَقَصَبٌ فَمَا أُبَالِي مَا فَاتَنِي مِنَ الدُّنْيَا. أَنَا ابْنُ الطَّاطَرِيِّ أَنَا ابْنُ اللُّتِّيِّ أنا أبو الوقت أن عَلامٌ أَنَا ابْنُ أَبِي سُرَيْجٍ نَا الْبَغَوِيُّ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْجَعْدِ يَقُولُ: قَدِمَ شُعْبَةُ بَغْدَادَ مَرَّتَيْنِ أَيَّامَ الْمَنْصُورِ وَأَيَّامَ الْمَهْدِيِّ، كَتَبْتُ عَنْهُ فِيهِمَا جَمِيعًا. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ: وَهَبَ الْمَهْدِيُّ لِشُعْبَةَ ثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَسَّمَهَا وَأَقْطَعَهُ أَلْفَ جَرِيبٍ بِالْبَصْرَةِ فَقَدِمَ الْبَصْرَةَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَطِيبُ لَهُ فَتَرَكَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: قَدِمَ شُعْبَةُ بَغْدَادَ فِي شَأْنِ أَخِيهِ كَانَ حَبَسَهُ أَبُو جَعْفَرٍ كَانَ اشْتَرَى طَعَامًا فَخَسِرَ سِتَّةَ آلافِ دِينَارٍ هُوَ وَشُرَكَاؤُهُ، يَعْنِي فَكَلَّمَ فِيهِ أَبَا جَعْفَرٍ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمْ نَرَ قَطُّ أَعْلَمَ مِنْ شُعْبَةَ بِالشِّعْرِ، قَالَ لِي: كُنْتُ أَلْزَمُ الطِّرِمَّاحَ فَمَرَرْتُ يَوْمًا بِالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَهُوَ يُحَدِّثُ فَأَعْجَبَنِي الْحَدِيثُ وَقُلْتُ: هَذَا أَحْسَنُ مِنَ الشِّعْرِ فَمِنْ يَوْمَئِذٍ طَلَبْتُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: لَوْلا الشِّعْرَ لَجِئْتُكُمْ بِالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ: إِنَّ قَتَادَةَ يَسْأَلُ عَنِ الشِّعْرِ فَقُلْتُ لَهُ: أُنْشِدُكَ بَيْتًا وَتُحَدِّثُنِي حَدِيثًا. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ تَقَشُّفًا مِنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: شُعْبَةُ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: هَلِ الْعُلَمَاءُ إِلا شعبة من شعبة. وقال سَلَمَةُ بْنُ قُتَيْبَةَ: أَتَيْتُ سُفْيَانَ فَقَالَ: مَا فَعَلَ أُسْتَاذُنَا شُعْبَةُ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لا يَعْدِلُ شُعْبَةَ عِنْدِي أَحَدٌ. وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ مِنَ الْعُبَّادِ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: إن هَذَا العلم يصدّكم عَن ذكر الله وعن الصلاة وعن صِلة الرَّحِم فهل أنتم منتهون1.   1 سير أعلام النبلاء "7/ 161". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 280 وقال ابن قطن: سَمِعْت شعبة يَقُولُ: مَا من شيء أخوف عندي من أن يُدخلني النارَ من الحديث. وعنه قَالَ: وددت أنني وقاد حمّامٍ وأني لم أعرف الحديث1. وقال سعد بْن شعبة: أوصى أَبِي إذا مات أن أغسل كتبه فغسلتها2. وقال أَبُو عبيدة الحداد عَن شعبة قَالَ: لم يسمع حميد من أنس سوى أربعة وعشرين حديثًا والباقي سمعها وثبّته فيها ثابت البناني. وقال ابْن المديني: شعبة أحفظ للمشايخ وسفيان أحفظ للأبواب. وقال أَبُو داود: قال لي شعبة: في صدري أربعمائة حديث لأبي الزبير والله لا حدّثت عَنْهُ. وقال القطَّان: كَانَ شعبة أمرّ فِي الأحاديث الطوال من سفيان الثوري3. قَالَ ابْن المديني: قِيلَ ليحيى بْن سعيد: إن عَبْد الله بن إدريس وأبا خالد بن عمار يزعمان أن شعبة أملى عليهما فسمعته أنكر ذَلِكَ وقال: قَالَ لِي شعبة: مَا أمليت عَلَى أحد من الناس ببغداد إلا عَلَى ابْن زريع، أُكْرهه عَلَيْهِ. وقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أكتبها ثُمَّ قَالَ لَهُ يحيى: لو أردته عَلَى الأملاء لأملى عليّ وما أملى وأنا حاضر قط، ولقد جاءه جاره ابْن مصعب وهو شيخ وليس عنده غيري رَقيعةً فنفر شعبة فَقَالَ لَهُ: إنما هِيَ أطراف، فسكن4. ابن أبي خثيمة نا عَبْد الوهاب بْن نجده قَالَ لنا بقية: كَانَ شعبة يملي عليّ وذاك أَنَّهُ قَالَ لِي: أكتب لِي حديث بحير بْن سعيد، فكتبتها لَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: كيف يحلّ لك أن تكتب ولا يحلّ لنا أن نكتب عنك؟ فَقَالَ لِي: أكتب، فكنت أكتب عَنْهُ. وقال ابْن خيثمة: نا عُبَيْد الله بن عمر يزيد بْن زريع قَالَ: أملي علينا شعبة هذه المسائل من كتابه يعني مسائل الحكم وحماد. القواريري: سَمِعْت يزيد بْن زريع يَقُولُ: كَانَ شعبة يومًا قاعدًا لشيخ بعد صلاة   1 انظر المصدر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "7/ 162". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 281 الغداة، فرأى قومًا قد بكروا فأخذوا أمكنة لقوم يجيئون بعدهم ورأى قومًا يجيئون فقام من مكانه فجلس فِي آخرهم1. قَالَ القطّان فيما أملى عَلَى المديني: هَؤُلاءِ شيوخ شعبة من الكوفة الَّذِينَ لم يلقهم سفيان: إسماعيل بْن رجاء، عُبَيْد بْن الحسن، الحَكَم، عَبْد الملك بْن ميسرة، عديّ بْن ثابت، طلحة بْن مصرف، المنهال بْن عمرو، يحيى أَبُو عمر البهرائي، علي بْن مدرك، سماك بْن الوليد، سعيد بْن أَبِي بردة، عَبْد الله بْن جبر، أَبُو زياد الطحان، محمد بْن خليفة، أَبُو السفر سعيد الهمداني، ناجية بْن كعب. قَالَ وكيع: قَالَ شعبة: رأيت ناجية الَّذِي يروي عَنْهُ أَبُو إسحاق فرأيته يلعب بالشطرنج فتركته فلم أكتب عَنْهُ. ومنهم العلاء بن بدر، وحبان البارقي، عبد الله بْن أَبِي المجالد. وسمّى جماعة ثُمَّ زاد احمد بن خثيمة أناسًا، الوليد بن العيزار، يحيى بْن الحصين، نعيم بْن أَبِي هند، حبيب بن الزبير، سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. أحمد: نا أَبُو داود نا شعبة: سَمِعْت الحسن يَقُولُ فِي فتنة يزيد بْن المهلّب: كلما نعق بهم ناعق اتّبعوه هَذَا عدوّ الله ابْن المهلّب. أحمد: نا عَبْد الصمد نا شعبة قَالَ: رأيت الحسن قَالَ إِلَى الصلاة فتكأكؤا عَلَيْهِ فَقَالَ: لا بدّ لهذا الناس من وزعة، وكان يقعد عند المنارة العتيقة فِي آخر المسجد. قَالَ صالح بْن سُلَيْمَان: كَانَ شعبة بصريًا مولى للأزد مولده ومنشأه بواسط وعلمه كوفي وكان فِيهِ تمتمة. قَالَ ابْن معين: كَانَ يحيى بْن سعيد إذا سَمِعَ الحديث من شعبة لم يبال أن لا يسمعه من غيره. ابن أبي خثيمة: أَنَا سُلَيْمَان بْن أَبِي شيخ أَنَا صالح بْن سُلَيْمَان قَالَ: أخبرني أَبُو بشر العنبري قَالَ: قدِم شعبة من الكوفة فَقَالَ: قد رويت ألف قصيدة شعر، فقلنا لَهُ: هات أنشدنا، فجعل يتمتم، فقلنا لَهُ: ولسنا نفهم، فلم يجر فِي الشعر، فرجع إِلَى الكوفة فجاء فَقَالَ: قد رويت الحديث فجاء هَؤُلاءِ المجانين فقالوا: هات إيش تقول مَا فِي الدنيا هم، وما أكل من كبسه درهمًا قط.   1 سير أعلام النبلاء "7/ 163". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 282 مؤمل بْن إهاب: نا المقري سَمِعْت شعبة يَقُولُ: من كَذِبِ الإنسان مرتين يَقُولُ: ليس بشيء إلا سوى ليس بشيء. فصل هَؤُلاءِ الرواة عَن شعبة: نقله الذهبي من خط أَبِي عَبْد الله بْن منده الحافظ1. محمد بْن أَبِي عديّ، محمد بْن أَبِي شيبة والد أَبِي بكر، محمد بْن إسحاق، محمد بْن بشر، محمد بْن بكير البرساني، محمد بْن جعفر غندر، محمد بْن جعفر المدائني، محمد بْن الحارث العتكي، محمد بْن حميد العمري، محمد بن حازم أَبُو معاوية، محمد بْن دينار الطاحي، محمد بْن سواء، محمد بْن شعيب، محمد بْن عَبْد الله الأنصاري، محمد بْن عَبْد الملك أَبُو جابر، محمد بْن عبّاد الهُنائي، محمد بْن عمر الرومي، محمد بْن عرعرة، محمد بْن فضيل، محمد بْن القاسم الأسدي، محمد بْن كثير العبدي، محمد بْن عيسى بن الطباع، محمد بن مسوق الكوفي، محمد بْن مصعب، محمد بْن ميمون السكري، محمد بن زيد الواسطي، أيوب السختياني، إِبْرَاهِيم بْن طهمان، إِبْرَاهِيم بْن سعد، إِبْرَاهِيم بْن محمد الفزاري، أَبُو إسحاق إِبْرَاهِيم بْن عيينة، إِبْرَاهِيم بْن حميد الطويل، إِبْرَاهِيم بْن البراء الأنصاري، إِبْرَاهِيم بْن حيّان الأنصاري، إِبْرَاهِيم بْن المختار الرازي، إِبْرَاهِيم بْن معبد بصري، إِبْرَاهِيم بْن زكريا العداسي، إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الحميد، آدم بْن أَبِي إياس، إسماعيل بن علية، إسماعيل بن مسلمة بْن قعنب، إسماعيل بْن يحيى التيمي، إسماعيل بْن أبان، إسحاق بْن رزين المنقري، أسعد بْن زرعة العجلي، أبان بْن تغلب، أحمد بْن بشير الكوفي، أحمد بْن موسى اللؤلؤي المقبري، أحمد بْن أوفى العجلي، أسود بْن عامر، أسد بْن موسى، أمية بْن خالد، أشهل بْن حاتم، بشر بْن المفضل، بشر بن السري، بشر بن منصور، بشر بن عمر، بشر بن محمد السكري، بكر بْن الوضّاح، بكر بن عيسى الأسواري، بكر بْن بكار، بهز بْن أسد، بدل بْن المحبّر، بقية بْن الوليد، بهلول الأنباري، جرير بْن حازم، جعفر بْن سُلَيْمَان، جعفر بْن جبير، الجارود بْن يزيد النيسابوري، حمّاد بْن سلمة، حمّاد بْن زيد، الحسن بْن صالح، الحسن الأشيب، الحسن بْن قتيبة المدائني، حسين بْن محمد المروزي، الحسين بْن الوليد النيسابوري، أبو   1 وانظر سير أعلام النبلاء "7/ 155-157". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 283 أسامة حمّاد بْن أسامة، حمّاد بْن مسعدة، حماد بن خالد الخياط، حماد بن شعيب، حمّاد بْن دليل قاضي المدائن، حفص بن عُمَر الحوضي، حفص بن عُمَر الأيلي، أَبُو إسماعيل حفص بن جابان، حفص بْن راشد، حجّاج بْن الحجّاج، حجّاج بْن محمد الأعور، حجّاج بْن منهال، حجّاج بْن نصر، الحكم بْن عَبْد الله أَبُو النعمان، الحكم بْن أسلم أَبُو مروان، الحَكَم بْن عَبْد الله أَبُو مطيع البلْخيّ، الحارث بْن النعمان، الحارث بْن عطية، حرمي بْن عمارة، حجوة بْن مدرك، الحر بْن حمام العنبري، حرب بْن ميمون، حبّان بْن هلال، حسّان بْن حسّان البصري، حمزة بْن زياد الطوسي، حميد بْن بكر القيسي، خالد بْن الحارث، خالد بْن عَبْد الله الطحان، خالد بْن يزيد اللؤلؤي، خالد بْن يزيد المقري، أَبُو الهيثم خالد بْن عمرو القرشي، خالد بْن عَبْد الرحمن الخرساني، خالد بْن محمد الكلابي، خالد بْن يزيد العمري، خلف بْن الوليد، خلف بْن أيوب البلخي، خارجة بْن مصعب، داود بْن الزبرقان، داود بْن إِبْرَاهِيم، داود بْن المحبر، روح بْن عطاء بْن أَبِي ميمونة، روح بْن عبادة، الربيع بْن يحيى الأشناني، رواد بْن الجراح، زهير بْن معاوية، زائدة بْن قدامة، زافر بْن سُلَيْمَان، زيد بْن الحباب، زيد بْن أَبِي الزرقاء، زياد بْن سهل، زكريا بْن علية البصري، سُلَيْمَان الأعمش شيخه، سُلَيْمَان أَبُو داود الطيالسي، سُلَيْمَان بْن حرب، سُلَيْمَان أَبُو خالد الأحمر، سفيان الثوري، سفيان الهلالي، سفيان بْن حبيب البصري، سعد بْن إِبْرَاهِيم، الزهري شيخه، سعد ابنه، سعد بْن الصلت، سلم بْن قتيبة، سلم بْن إِبْرَاهِيم الورّاق، سلم بْن سالم أَبُو المسيّب، سلام بْن سُلَيْمَان المدائني، سهل بْن يوسف، سهل أَبُو عتّاب الدلال، سهل بْن بكار، سهل بْن حسام بْن مصك، سعيد الحريري شيخه، سعيد بْن عامر، سعيد بْن يحيى أَبُو سفيان الحميري، سعيد بْن سفيان الجحدري، سعيد بْن الربيع أَبُو زيد الهروي، سعيد بْن أوس أَبُو زيد اللغوي، سعيد بْن واصل الحرشي، سعيد بْن سلم الباهلي، سعيد بْن زياد الواسطي، السكن بْن نافع، السكن بْن سُلَيْمَان الضبعي، سلمة بْن رجاء، سلمة بْن عيار. قال سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ نا سلمة بْن عيار، قَالَ: قَالَ لِي شعبة: ائت السريَّ بْن يحيى فإنه أصدق الناس، سلام الطويل، سويد بْن عَبْد العزيز، سيف بْن مسكين، شريك بْن عَبْد الله، شعيب بْن حرب، شعيب بْن بيان الصفار، شبيب بْن سعيد الحبطي، شعيب بْن محرز، شبابة بْن سوار، شيبان بْن فروخ، شاذ بْن فياض، شداد بْن حكيم، صالح بْن عمر الواسطي، صالح بْن بنان، صلة بن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 284 سُلَيْمَان، صيفي بْن ربعي الأنصاري، صدقة بْن المنتصر، صغدي بْن سنان، الضحّاك بْن مخلد، طلحة بْن عمرو، عَبْد الله بْن الْمُبَارَك، عَبْد الله بْن إدريس، عَبْد الله بْن العلاء بْن خالد الحنفي، عَبْد الله بْن داود الخريبي، عَبْد الله بْن حمران البصري، عَبْد الله بْن خيران، عَبْد الله بْن يزيد المقبري. عَبْد الله بْن مسلمة القعنبي، عَبْد الله بْن أَبِي بكر العتكي. عَبْد الله بْن عثمان بْن جبلة العتكي، عبدان، عَبْد الله بْن سوار العنبري، عَبْد الله بْن رجاء الغداني، عَبْد الله بْن زرير العبدي، عَبْد اللَّه بْن واقد أَبُو قتادة الحرّانيّ، عَبْد الله بْن غالب العباداني، عَبْد الله بْن عزرية العجلي، عَبْد الله بْن واصل، عَبْد الله بْن خالد العتابي، عُبَيْد الله بْن موسى، عُبَيْد الله الأشجعي، عُبَيْد الله أَبُو علي الحنفي، عُبَيْد الله بْن شميط بْن عجلان، عَبْد الرحمن بْن مهدي، عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله أَبُو سَعِيد مولى بني هاشم وهو النوفلي، عَبْد الرحمن بْن غزوان قراد، عَبْد الرحمن بْن زياد الرهاصي، عَبْد الرحمن بن قيس الزعفراني، عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عَبْد الرحيم بْن هارون، عَبْد الواحد أَبُو عبيدة الحداد، عَبْد الوارث التنوري، عَبْد الصمد بْن عَبْد الوارث ابنه، عَبْد الصمد بْن النعمان، عَبْد الملك أَبُو عامر العَقَدي، عَبْد الملك بْن الصباح المسمعي، عَبْد الملك بْن إِبْرَاهِيم الْجُدِّي1، عَبْد الملك بْن قريب الأصمعي، عبد الملك بن مختار الثقفي، عَبْد الملك بْن يحيى بْن سعيد السنجاري، عبد العزيز بن أبان، عَبْد العزيز بْن النعمان، عَبْد العزيز بْن عَبْد الله أَبُو وهب، عَبْد العزيز بْن محمد الرملي، عَبْد القاهر بْن شعيب بن الحبحاب، عبد العزيز بن أَبِي رزمة، عَبْد الكبير بْن عَبْد المجيد أَبُو بَكْر الحنفي، عَبْد السلام بْن حرب الملائي. عَبْد السلام بْن مطهر، عَبْد الغفار بْن القاسم أَبُو مريم، عَبْد الغفار بْن عُبَيْد الله الكزبري، عَبْد الكريم بْن روح بصري، عَبْد الغفور بْن عَبْد الله المسمعي، عَبْد الأعلى بْن عَبْد الأعلى الشامي، عَبْد الأعلى بْن محمد -بصري، عبدة بْن سُلَيْمَان، عُبَيْد بْن عقيل الهلالي. عباد بْن عباد، عباد بْن آدم الكرابيسي، عباد بْن العوام، عباد بْن صهيب، عمر بْن سهل المازني، عمر بْن حفص، عمر بْن حبيب، عمر بْن هارون، عمر بْن إِبْرَاهِيم الكردي، سَمِعَ مِنْهُ إسحاق الختلي، عمر بْن يزيد السياري، عمر بْن عَبْد الواحد، عثمان بْن عمر بْن فارس، عثمان بْن محمد اليشرطي، عثمان بْن جبلة بْن أَبِي داود، عثمان بْن عبد الرحمن، عثمان بن حميد   1 وهو بضم الجيم وكسر الياء، نسبة إلى جدة بالحجاز "اللباب 1/ 264-265". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 285 الدبوسي، عثمان بْن قائد، عمار بْن نوح، عمران بْن إسحاق، علي بْن حمزة الكسائي، علي بْن عاصم، علي بْن قادم، علي بْن نصر الجهضمي، علي بْن حفص المدائني، علي بْن حميد الذهلي، علي بْن الجعد. علي بْن محمد المَنْجُوري. عمرو بْن الهيثم أَبُو قطن، عمرو بْن محمد بْن أَبِي رزين. عمرو بْن عاصم الكلابي. عمرو بْن حكام، عمرو بْن محمد العَنْقَزي. عمرو بْن مرزوق. عمرو بْن الوليد الأغضف، عمرو بْن جميع. عمرو بْن منصور القيسي. عمرو بْن عَبْد الغفار. عيسى بْن ماهان أَبُو جعفر الرازي. عيسى بْن يونس. عيسى بْن زيد العلوي. عيسى بْن يزيد الواسطي، عيسى بْن خالد اليمامي. عيسى بْن واقد. عباس بْن الوليد بْن نصر، عباس بْن الفضل البجلي، عباس بْن الفضل الأنصاري نزيل الموصل، عاصم بْن حكيم بصري، عاصم بْن علي بْن عاصم، عصام بْن طليق، عصام بْن يوسف البلخي، عصام بْن يزيد جبّر، عصمة بْن المتوكل، عصمة بْن عَبْد الله الأسدي، عصمة بْن سُلَيْمَان، عون بْن عمارة القيسي. عون بْن كهمس، عتاب بْن محمد بْن شوذب، عقبة بْن خالد، عفيف بْن سالم، عفان، عمار بْن عَبْد الجبار، عمير بْن عَبْد المجيد الحنفي، غسان بْن عُبَيْد الموصلي، أَبُو نعيم الفضل. الفضل بْن عنبسة، فضيل بْن سُلَيْمَان، فهد بْن حيان، قريش بْن أنس، فردوس الأشعري، قُرّة بْن حبيب، القاسم بْن يزيد، قتيبة بْن مهران أَبُو عَبْد الرحمن، كريز بْن رواحة، كرمان بْن عمرو، كثير بْن هشام، الليث بْن داود، الليث بْن سعد، معتمر بْن سُلَيْمَان، منصور بْن المعتمر شيخه، مطر الورّاق شيخه، مسعر، معاذ بْن معاذ، معاذ بْن هشام، معمر بْن المثنى أَبُو عبيدة، معاوية بْن هشام، معاوية بْن عطاء، موسى بْن الفضل، موسى بْن داود الضبي، موسى بْن إسماعيل أَبُو سلمة المنقري، موسى بن معوذ أبو حذيفة. مصعب ابن المقدام. مصعب بْن سلام التيمي. معلى بْن خالد. معلى بْن عَبْد الرحمن. معلى بْن الفضل. مغيرة بْن بكار. مغيرة بْن موسى، نزل خوارزم، مغيرة بْن عَبْد الله بْن محمد، مجاعة بْن الزبير، مقاتل بْن سُلَيْمَان. منصور بْن زاذان شيخه. مسكين بْن بكير. المعافى بْن عمران. مسعود بْن يزيد. محاضر بْن المودع. مسلم بْن إِبْرَاهِيم. المنهال بْن بحر. مؤرخ بْن عمرو السدوسي. مالك بْن سليمان الجزء: 9 ¦ الصفحة: 286 الهروي. مؤمل بن إسماعيل. مخلد بْن يزيد الحراني، مخلد بْن قريش شيخ لمحمد بْن مصفّى. مظفر بْن مدرك أَبُو كامل. النضر بْن شميل. النضر بْن محمد. أَبُو معشر نجيح. نصر بْن أَبِي الأشعث. نوح بْن أَبِي إِبْرَاهِيم. نصر بْن حماد الوراق. نصر بْن مزاحم. نصر بْن طريف أَبُو جزء. نصر بْن باب. النعمان بْن عَبْد السلام. نوفل بْن داود. ورقاء بْن عمر. وكيع، الوليد بْن خالد، الوليد بْن نافع، الوليد بْن محمد السلمي، وهب بْن جرير، وضّاح بْن حسّان الأنباري، هشيم بْن يحيى، هارون الرشيد، هارون بْن موسى، هشام أَبُو الوليد الطيالسي، أَبُو النضر هاشم بْن القاسم، هلال بْن فياض عرف بشاذ تقدّم، الهيثم بْن عديّ، هياج بْن بسطام، يحيى بْن سعيد القطَّان، يحيى بْن آدم، يحيى بْن أَبِي زائدة، يحيى بْن أَبِي الحجّاج المنقري، يحيى بْن أَبِي بكر. يحيى بْن كثير أَبُو غسان. يحيى بْن خليفة. يحيى بْن سليم، يحيى بْن عبّاد. يحيى بن السكن البصري. يحيى بْن نصر بْن حاجب. يحيى بْن سلام الأفريقي روى عَنْهُ مقدام بْن داود. يَحْيَى بن حَمَّاد الشَّيْبَانِيّ. يَحْيَى بن مطر، يَحْيَى بن عَبْدويه، يحيى بْن حمزة الدَّمشقيّ، يحيى بْن هاشم السمسار، يحيى بْن راشد. يزيد بْن هارون. يزيد بْن زريع. يزيد بْن نمرة الذراع. يزيد بْن أَبِي يوسف بْن خالد السمي. يونس بْن بكير. يعقوب الحضرمي. يعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزهري. يعقوب بْن خالد أَبُو عمرو بصري. يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف القاضي. يعلى بْن عياد الكلابي. ياسين بْن حماد أَبُو الجويرية العبدي. أَبُو عمرو الشيباني. آخر مَا نقل من خط ابْن منده الكبير. وحذفت جماعة مجاهيل. قَالَ ابْن مهدي: قَالَ شعبة: كنت أتفقد فم قتادة فإذا "سمعت" أو "حدثنا" حفظه وإلا تركته. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ غلط شعبة في الأسماء1.   1 وفي تهذيب التهذيب "4/ 345"، قال: " ... وشعبة يخطئ فيما لا يضئره ولا يعاب عليه -يقصد بذلك في الأسماء". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 287 وقال الشافعي: كان شعبة يجيء إلى رجل فيقول: لا تحدّث وإلا استعديتَ عليك السلطان1. وقال أَبُو زيد الهروي: سَمِعْت شعبة يَقُولُ: لأن أقع من السماء أحبّ إليّ من أن أدلّس. وقال صالح جزرة: حدثني سُلَيْمَان بْن داود القزّاز سَمِعْت أبا داود يَقُولُ: سَمِعْت من شعبة سبعة آلاف حديث، وسمع غندر سبعة آلاف، أعربت عَلَيْهِ ألف حديث، وأعرب عليّ ألف حديث2. وقال مسلم بْن إِبْرَاهِيم: كَانَ شعبة إذا قام سائل فِي مجلسه لا يحدّث حَتَّى يعطى أو يضمن لَهُ3. وقال أَبُو عاصم: كنا عند شعبة وقد أقبل عَلَى رَجُل خراساني، فقيل لَهُ: تُقْبل عَلَى هَذَا وتَدَعُنا! قَالَ: وما يؤمِّنُني أن معه خنجرًا يشق بطني4. وقال ابْن أَبِي الدنيا: حدّثنا خالد بْن خداش حدثني جريش ابن أخت جرير ابن حازم قَالَ: رأيت شعبة فِي النوم فَقُلْتُ: أيَّ الأعمال وجدت أشدّ عليك؟ قَالَ: التجوّز5 فِي الرجال6. وقال عُبَيْد بْن يعيش: ثنا يونس ين بُكَيْر سَمِعْتُ شُعْبَة يَقُولُ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق أمير المؤمنين في الحديث واكتم علي7. وقال شُعْبَة: قُلْتُ ليونس بن عُبَيْد: سَمِعَ الحَسَن من أَبِي هريرة؟ قَالَ: لا ولا حرفًا.   1 يقصد ذلك في الرجل الذي ليس هو أهلًا للحديث، وراجع "تهذيب الأسماء واللغات" "1/ 245" للنووي". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 164". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق. 5 التجوز: يعني الترخص. 6 سير أعلام النبلاء "7/ 164". 7 انظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 288 وقال غندر: لما حضرت شعبة الوفاة لم يأذن لأحد إلا ليحيى بْن سعيد وإنما غمض عينيه يحيى بْن سعيد. قُلْتُ: اتفقوا عَلَى وفاة شعبة سنة ستين ومائة بالبصرة. ويقال: إنه مات فِي أول السنة. وقيل: عاش ثمانيًا وسبعين سنة. وقد حرّر المدائني وفاته فقال: مات يوم أيوب. 90- شيبان بْن زهير1، بن شقيق بن ثور السدوسي، أبو العوام البصري. روى عَن ابْن عمه قتادة وعن عطاء. وعنه محمد بْن مروان العقيلي وعلي بْن بكار والحارث بْن مرة. قَالَ أَبُو حاتم: ثقة قديم من أصحاب قتادة. 91- شعيب بْن صالح الطيالسي2. عَن طاوس والحسن ومعاوية بْن قرة وجماعة. وعنه محمد بْن معاذ العنبري وموسى بن إسماعيل. قال أبو حاتم: صالح الحديث. "حرف الصاد": 92- صالح بْن أَبِي الأخضر اليمامي3 –د- نزيل البصرة. عَن نافع وابن المنكدر والزهري. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وروح وأبو داود ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وآخرون. ضعّفه ابْن معين. وقَالَ البخاري: لين. وقال هارون بْن المغيرة: زعم ابْن الْمُبَارَك أَنَّهُ كَانَ يخدم الزهري يعني صالح بْن أَبِي الأخضر. وقال أَبُو زرعة: ضعيف الحديث، كَانَ عنده عَن الزهري كتابان أحدهما عَرْض والآخر مناوَلَة، فاختلطا جميعًا فلا يعرف هذا من هذا.   1 التاريخ الكبير "4/ 254"، والجرح والتعديل "4/ 355". 2 التاريخ الكبير "4/ 223". 3 تهذيب ابن عساكر "6/ 366"، والتهذيب "4/ 380"، والخلاصة "169". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 289 93- صالح بن حسان1 -ت ق- أبو الحارث النضري المدني نزيل العراق. عَن سعيد بْن المسيب وعروة ومحمد بْن كعب وغيرهم. وعنه أَبُو ضمرة وأبو عاصم والهيثم بْن عديّ وأبو داود الحفري. وكان شريفًا نبيلًا لكنه صاحب قيان فذلك الَّذِي غضّ مِنْهُ. قِيلَ: إنه بقي إِلَى خلافة المهدي. قَالَ ابْن معين: ليس حديثه بشيء. وقال أَبُو حاتم: ضعيف الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث. 94- صالح بْن خوات2. بْن صالح بْن خوات بْن جبير الأنصاري المديني. عَن أبيه وشعبة مولى ابْن عباس وأبي طوالة ويزيد بْن رومان. وعنه ابْن الْمُبَارَك وفضيل بْن سُلَيْمَان والواقدي. ما علمت به بأسا. روى لَهُ البخاري فِي كتاب "الأدب". 95- صالح بْن راشد العبدي البصري3. عَن الحسن ومالك بْن دينار وطاوس وأبي نضرة. وعنه حرمي بْن عمارة ومسلم بْن إِبْرَاهِيم والحوضي وأبو سلمة التبوذكي. 96- صالح بن رستم4 –م4- أبو عامر الخزاز البصري مولى مزينة. مشهور بكنيته. عَن الحسن وعكرمة وابن أَبِي مليكة ويحيى بْن أَبِي كثير وجماعة. وعنه أَبُو داود وسعيد بْن عامر الضبعي وعثمان بْن عمر بْن فارس وأبو نعيم وعدة. قَالَ أَبُو حاتم: يكتب حديثه. وقال أَبُو داود السجزي: ثقة. وقال ابْن عديّ: عندي لا بأس بِهِ، وقد روى عَنْهُ يحيى بْن سعيد القطان. وأما ابْن معين فقال: ضعيف. وقال الأثرم: سَمِعْت أحمد يَقُولُ: هُوَ صالح الحديث.   1 المجروحين "1/ 367"، والميزان "2/ 291". 2 التهذيب "4/ 387"، وطبقات ابن سعد "5/ 191". 3 التاريخ الكبير "4/ 279"، والجرح والتعديل "4/ 407". 4 الخلاصة "170"، وتاريخ خليفة "426". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 290 97- صالح بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس1، الهاشمي. الأمير عم المنصور. افتتح مصر، وقهر بني أمية، وجهزّ عسكرًا فِي طلب مروان الحمار فبيّتوه فحوصر، فقاتل حَتَّى قُتل، ثم ولي صالح إمرة دمشق. وروى عَن أبيه. وعنه ابناه إسماعيل وعبد الملك وغيرهما. والتقى جيوشَ الروم بدابق وعليهم اللعين قسطنطين بن اليون فهزمهم وكانوا مائة ألف. وأسر وسبى، وأمر بإنشاء مدينة أذنة. وعاش نحوًا من ستين سنة. مات سنة إحدى أو اثنتين وخمسين ومائة وولي بعده الشامَ ولدُه الفضل. 98- صالح بْن مسلم العجلي، البكري2. عَن الشعبي. وعنه شريك وأبو عوانة ويحيى القطان وابن علية. وثّقه ابْن معين، ولم يدركه ابنه عَبْد الله بْن صالح. 99- صالح بْن مسمار3 بصري. عَن الحسن ومحمد. وعنه جعفر بْن برقان ومعمر بْن سُلَيْمَان. سكن الرقّة. 100- صباح بْن يحيى المزني4. عَن الحارث بْن حصيرة وخالد بْن أَبِي أمية. وعنه علي بْن هاشم وعفير بْن خالد ومالك بْن إسماعيل. قَالَ أَبُو حاتم: شيخ. 101- صدقة بْن رستم الكوفي الإسكاف5. عَن المسيب بْن رافع. وعنه ابْن فضيل السيناني وسعيد بْن عامر وعبيد بْن إسحاق طائفة. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق مَا بِهِ بأس. وقال خ: لم يصح حديثه. 102- صدقة بن عبادة بن نشيط الأسدي6.   1 الولاة والقضاة "97-102"، وجمهرة أنساب العرب "20". 2 تاريخ بغداد "9/ 479"، والتاريخ "2/ 266" لابن معين. 3 التهذيب "4/ 403". 4 التاريخ الكبير "4/ 314". 5 ميزان الاعتدال "2/ 310"، والجرح والتعديل "4/ 433". 6 التاريخ الكبير "4/ 297"، والجرح والتعديل "4/ 433". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 291 عَن أبيه وعن أَبِي فاطمة عَن ابْن عمر. وعنه أَبُو داود ومسلم بْن إِبْرَاهِيم والتبوذكي وحرمي بْن حفص وآخرون. شيخ. 103- صدقة بْن موسى الدقيقي البصري1 -د ت-. عَن ثابت البناني وأبي عمران الجوني وفرقد السبخي. وعنه أَبُو داود ويزيد بْن هارون ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعلي بْن الجعد. قَالَ مسلم بْن إِبْرَاهِيم: صدوق. وقال النسائي وغيره: ضعيف. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حبّان: يُكنى أبا المغيرة وقيل: أَبُو محمد شيخ صالح لا يُحتجّ بِهِ. 104- صدقة بْن يزيد الدمشقي2. أصله خراساني نزل بيت بن حمير وأبو المغيرة المقدس. وَرَوَى عَنْ قَتَادَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وبنت واثلة بْن الأسقع ويحيى بْن أَبِي كثير وعدة. وعنه محمد بْن شعيب والوليد بْن مسلم وضمرة بْن ربيعة ورواد بْن الجراح وغيرهم. قَالَ ابْن معين: صالح الحديث. وقال الفسوي: حسن الحديث. وضعّفه أحمد والنسائي. 105- الصلت بن دينار3 -ت ق- أبو شعيب المجنون الأزدي الهنائي. عَن عَبْد الله بْن شقيق العقيلي وشهر بْن حوشب وأبي عثمان النهدي وأبي نضرة والحسن وعمر بْن عَبْد العزيز وعدة. وعنه الثوري ووكيع ومكي بْن إِبْرَاهِيم وأبو داود وصالح بْن موسى ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وآخرون. قَالَ أحمد بْن حنبل: متروك. وقال أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بثقة.   1 التهذيب "4/ 418"، ومشاهير علماء الأمصار "8/ 12". 2 تهذيب ابن عساكر "6/ 415"، والميزان "2/ 313". 3 ميزان الاعتدال "2/ 318"، والتهذيب "4/ 434". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 292 وقال ابْن معين: ليس بشيء. وقال يحيى القطان: ذهبت أعوده فنال من علي -رَضِيَ اللهُ عَنْه، فَقُلْتُ: لا شفاك الله. مات قريبا من سنة ستين ومائة. 106- صفوان بْن عمرو بن هرم1 –م- أبو عمرو السكسكي الحمصي. عَن جبير بْن نفير وعبد الله بْن بسر الصحابي وخالد بْن معدان وعكرمة ومكحول وعبد الرحمن بْن جبير وراشد بْن سعد وشريح بن عبيد. وعنه ابن الْمُبَارَك وبقية والوليد بْن مسلم وعصام بْن خالد ومنبه بْن عثمان ويحيى البابلتي وأبو المغيرة الخولاني وأبو اليمان وخلق. وقيل: إنه لقي أبا أمامة الباهلي. وثّقه غير واحد وكَانَ محدّث حمص وعالمها مَعَ حريز بْن عثمان. لَهُ حديث واحد فِي صحيح مسلم. توفي سنة خمس وخمسين ومائة، ويقال: سنة ثمان وخمسين. "حرف الضاد": 107- الضحاك بن حمزة الأملوكي2 –ت- واسطي نزل الشام. عَن عمرو بن شعيب وقتادة ومنصور بن زاذان. وأرسل عن أنس. وعنه بقية ومحمد بْن حرب ومحمد بْن حميد وأبو المغيرة، وأبو سفيان سعيد بْن يحيى الحميري وغيرهم. روى عباس عَن ابْن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وغيره: ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث. وأمّا ابْن حِبّان فذكره فِي الثقات فأخطأ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ نَا نُعَيْمٌ بَقِيَّةُ نَا الضَّحَّاكُ بْنُ حُمْرَةَ عَنْ أَبِي نُصَيْرَةَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعَطَارِدِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ، وَالْمَشْيُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْجُمُعَةِ أُجِيزَ بِعَمَلِ مِائَتَيْ سَنَةٍ" رَوَاهُ "خ" فِي الضُّعَفَاءِ عَنْ رَجُلٍ عن ابن راهوية عن بقية.   1 التاريخ الكبير "4/ 308"، والتهذيب "4/ 428"، وطبقات ابن سعد "2/ 171". 2 تقريب التهذيب "1/ 354"، والكنى "2/ 100"، والكامل "4/ 97". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 293 108- الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب1 –ن- البصري الدمشقي. أدرك واثلة بْن الأسقع. وروى عَن مكحول والقاسم بْن مخيمرة وبلال بْن سعد. وعنه الوليد بْن مسلم والوليد بْن مزيد. وثّقه دُحَيْمُ. وقال أَبُو حاتم: من جُلَّة الشاميين. 109- الضحاك بن عثمان الأسدي2 –م4- الحزامي المديني. عَن سعيد المقبري وصدقة بْن يسار وبكير بْن الأشج وزيد بْن أسلم ونافع وشرحبيل بْن سعد وسالم أَبِي النضر. وعنه الثوري ووكيع وابن وهب وابن أَبِي فديك والواقدي وابنه محمد بْن الضحاك وزيد بْن الحباب ومحمد بْن فليح ويحيى القطان، وخلق. وثّقه أَبُو داود وغيره. وكان من علماء المدينة وأشرافها. وقال يعقوب بْن شيبة: صدوق، فِي حديثه ضعف، لينه يحيى القطان. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. 110- الضحاك بْن يسار3، أَبُو العلاء البصري. عَن أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشخير. وعنه أَبُو نعيم ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو الوليد الطيالسي وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال ابن معين: ضعيف. 111- ضرار بْن عمرو4. عَن أَبِي رافع وعطاء الخراساني وأبي عَبْد الله الشامي. وعنه الحكم أَبُو عمرو والمعافى بْن عمران وعبد العزيز بْن مسلم وغيرهم. وَهُوَ من أهل ملطية. قال الدراقطني: ذاهب الحديث. وقال ابْن عديّ: منكر الحديث.   1 الجرح والتعديل "4/ 463"، والتهذيب "4/ 446". 2 التهذيب "4/ 462"، والميزان "2/ 325". 3 التاريخ لابن معين "4119"، والميزان "2/ 327". 4 المجروحين "1/ 380"، والميزان "2/ 328". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 294 "حرف الطاء": 112- طلحة بن أبي سعيد1 -خ ن- أبو عبد الملك الإسكندرني. عَن سعيد المقبري وبكير بْن الأشجّ. وعنه ضمام بْن إسماعيل وابن الْمُبَارَك وابن وهب وجماعة. وثّقه أَبُو زرعة وهو مقلّ من الحديث. مات سنة سبع وخمسين ومائة. 113- طلحة بن عمرو الحضرمي2 –ق- المكي. عَن سعيد بْن جبير وعطاء ونافع وعدة. وعنه ابْن وهب وأبو عاصم وعبيد الله بْن موسى والمعافى بْن عمران وأبو داود الطيالسي وخلق. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بقوي. وقال أحمد: متروك الحديث. وقال أَبُو داود: ضعيف، وكذا ضعفه الدارقطني وغيره. قَالَ ابْن سعد: مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. وقيل: كان حافظًا. وقال البخاري: ليس بشيء. 114- طلحة بْن عمرو الكوفي القناد3. عَن الشعبي وسعيد بْن جبير وعكرمة. وعنه وكيع وأبو أسامة. وهو جدّ عمرو بْن حمّاد بْن طلحة القنّاد. ذكره ابْن أَبِي حاتم ولم يجرّحه. "حرف العين": 115- عاصم بن محمد بن زيد العمري4 –ع- بن عبد الله بن عمر العدوي أخو أَبِي بكر وعمر وزيد وواقد. عَن أبيه وإخوته واقد وعمر ومحمد بْن كعب القرظي. وعنه أبو نعيم وأبو الوليد وإسماعيل بْن أَبِي أويس وأحمد بْن يونس وعلي بن الجعدة وعدة. وثقه أبو حاتم   1 التهذيب "1/ 378"، والخلاصة "179". 2 التاريخ الكبير "4/ 350"، والجرح والتعديل "478". 3 التهذيب "5/ 24"، والجرح "4/ 476". 4 الجمع بين رجال الصحيحين "1/ 383"، والتهذيب "5/ 75". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 295 وغيره وما علمت فِيهِ تليينًا بوجه، فأين قول القائل: كل من اسمه عاصم ففيه ضعف!. 116- عامر بْن إسماعيل بْن عامر الحارثي الجرجاني1. من كبار قوّاد الدولة. وهو الَّذِي أدرك مروان ببوصير وبيّته وأهلكه. وكان كبير القدر عند المنصور. مات سنة سبع وخمسين ومائة. 117- عائذ بْن شريح الحضرمي2. عَن أنس بْن مالك. وعنه الفضل بْن موسى الشيباني ويوسف بْن أسباط ومخلد بْن يزيد وبكر بْن بكار وغيرهم. قَالَ أَبُو حاتم: فِي حديثه ضعف. قُلْتُ: مَا هُوَ بحجّة ولا وجدته فِي كتب الضعفاء. 118- عباد بْن راشد البصري3 -د ن ق-. عَن الحسن وسعيد بْن أَبِي حرة وقتادة. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وبدل وأبو داود وأبو نعيم ومسلم وعفان وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. وقد روى لَهُ البخاري فِي صحيحه مقرونا بآخر. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بالقويّ. وقال أَبُو داود: ضعيف. وقال أحمد: ثقة صالح. وكذا أنكر أَبُو حاتم عَلَى الْبُخَارِيّ إدخاله فِي كتاب الضعفاء وقال: يحوّل من هناك. وروى عياش عن ابن معين: حديثه ليس بالقوي. وروى الكوسج عَنْهُ فَقَالَ: صالح. 119- عباد بْن كثير الثقفي البصري4 -د ق- العابد نزيل مكة. عَن أَبِي عمران الجوني ومحمد بْن واسع ويحيى بْن أَبِي كثير وابن الزبير وثابت وعبد الله بْن محمد بْن عقيل والعلاء بْن عَبْد الرحمن وطائفة. وعنه إِبْرَاهِيم بْن أدهم وعبد الله بْن واقد الهروي وأبو نعيم والفريابي وآخرون.   1 تاريخ الطبري "7/ 440"، وجمهرة أنساب العرب "414". 2 ميزان الاعتدال "2/ 363". 3 تهذيب التهذيب "5/ 92"، والجرح والتعديل "6/ 79". 4 الضعفاء الصغير "75"، والمتروكين "75، والتهذيب "5/ 100". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 296 وكان جرير بْن عَبْد الحميد يحدّث عَن عبّاد بْن كثير فيقولون: اعفنا مِنْهُ فَيَقُولُ: ويحكم كان شيخًا صالحًا. وقال ابْن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وقال الْبُخَارِيّ: بصري سكن مكة تركوه. وقال ابْن الْمُبَارَك: انتهيت إِلَى سفيان الثوري وهو يَقُولُ: عبّاد بْن كثير فاحذروا حديثه. وقال ابْن أَبِي رزمة: مَا أدري، مَا رأيت رجلا أفضل من عبّاد بْن كثير فِي ضروب من الخير فإذا جاء الحديث فليس منها فِي شيء. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ إِذَا أَكَلَهُ بِالْمِلْحِ وَكَانَ يَأْكُلُ التَّمْرَ بِالْجَوْزِ. وَرَوَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "عفُّوا يُعف عَنْ نِسَائِكُمْ"1. وَرَوَى عَنِ ابْنِ عُقَيْلٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ"2. وَرَوَى عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ مَرْفُوعًا "الْغَيْبَةُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَى"3 قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِأَنَّ صَاحِبَ الزِّنَى إِذَا تَابَ تِيبَ عَلَيْهِ وَصَاحِبُ الْغَيْبَةِ لا يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَغْفِرَ لَهُ صَاحِبُهُ". وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالانِيِّ يَزِيدَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا $"قِيلُوا فَإِنَّ الشياطين لا تقيل"4. وساق ابْن حِبّان عدة مناكير لكن بعضها من الرواة عنه.   1 "موضوع": ذكره ابن الجوزي في الموضوعات "3/ 85" وصاحب تنزيه الشريعة "227"، وابن عدي في الكامل "1/ 324" وغيره. 2 ذكره السيوطي في الحاوي للفتاوي "2/ 205"، والقيسراني في تذكرة الموضوعات "847"، والهندي في كنز العمال "13130"، وانظر إرواء الغليل "8/ 18". 3 "خبر منكر": أخرجه الذهبي في ميزان الاعتدال "2/ 372"، وفي السير "7/ 85"، والسيوطي في الحاوي للفتاوي "1/ 172"، وفي الدر المنثور "6/ 97"، وانظر تذكرة الموضوعات "1090". 4 حديث حسن": أخرجه الطبراني في الأوسط "2725" بنحوه، وأبو نعيم في "الطب" "12/ 1"، وانظر الصحيحة للشيخ الألباني "1647". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 297 120- فأما: عباد بْن كثير الفلسطيني الرملي1، فهو آخر، فَصَلَهُ ابْن حبّان وغيره من الَّذِي قبله. يروي عَن عروة بْن رويم وحوشب وغيرهما. وعنه يزيد بْن أَبِي الزرقاء وَهُوَ متروك. تأخر حَتَّى لحقه يَحْيَى بن يَحْيَى النَّيْسَابُوري وَيَحْيَى بن معين. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. وقال النسائي: متروك الحديث. ووثّقه ابْن معين وابن المديني. 121- عباد بْن منصور الناجي2 -4- أَبُو سلمة البصري. ولي القضاء لإبراهيم بْن عَبْد الله بْن حسن. وروى عَن عكرمة والقاسم وعطاء بْن أَبِي رباح وأبي الضحا وجماعة. وعنه يحيى بْن سعيد القطان ويزيد بْن هارون وروح بْن عبادة وأبو عاصم والنضر بْن شميل وآخرون. قَالَ أَبُو داود السجزي: كَانَ يأخذ دقيق الأرزّ فِي إزاره كل عشيّة، وولي قضاء البصرة خمس مرات. وقال أَبُو حاتم: ضعيف يكتب حديثه. وقال ابْن معين: عبّاد بْن كثير وعبّاد بْن منصور وعبّاد بْن راشد ليس حديثهم بالقويّ ولكنه يُكتب. وقال ابْن حبّان: كَانَ عبّاد بْن منصور قَدَريًّا داعية وكان عَلَى قضاء البصرة، وكل مَا روى عَن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين قد كتبها عَن عكرمة. رَوَى أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ: عَمَّنْ سَمِعْتَ "مَا مَرَرْتُ بِمَلإٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلا أَمَرُونِي بِالْحِجَامَةِ"3 وَأَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- كَانَ يَكْتَحِلُ بِاللَّيْلِ ثَلاثًا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ دَاوُدَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.   1 تهذيب التهذيب "5/ 102"، والميزان "2/ 370"، والجرح والتعديل "6/ 85". 2 الجرح والتعديل "6/ 86"، والتهذيب "5/ 103"، والميزان "2/ 376". 3 "إسناده ضعيف": أخرجه الترمذي "2052"، وابن ماجه "3479"، وضعف إسناده العراقي في المغني "4/ 394". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 298 وقال ابن جزيمة: سمعت عمر بْن حفص الشيباني يَقُولُ: ثنا معاذ بن خالد الأغضف قَالَ: قُلْتُ: لعبّاد بْن منصور: من حدّثك أن ابْن مسعود رجع عَن قوله: الشقي من شقي فِي بطن أمه قَالَ: رَجُل لا أعرفه، قُلْتُ: لكني أعرفه، قَالَ: من؟ قُلْتُ: الشيطان. قَالَ أحمد بن زُهير عن ابن مَعِين: عباد بن منصور لَيْسَ بشيء. وَقَالَ العُقَيْلِيّ نا مُحَمَّد بن زكريا نا مُحَمَّد بن مثنى ثَنَا معاذ بن معاذ نا عَمْرو بن الوليد الأغضف، قُلْتُ لعباد بن منصور: من حدثك أن أَبِي بن كعب حدثه أن ابن مَسْعُود رجع عن حديثه في القدر؟ فَقَالَ: رجل لا أعرفه، قُلْتُ: أَنَا أعرفه، ذاك الشيطان. وقال يحيى القطّان: كَانَ عبّاد حين رأيناه لا يحفظ. وكان يحيى لا يرضاه. قلت: مات عبّاد عَلَى ظهر امرأته1 فجأة سنة اثنتين وخمسين ومائة. 122- عباد بْن ميسرة المنقري2 –ن- البصري المعلم. عَن الحسن ومحمد بْن المنكدر وعلي بْن زيد. وعنه هشيم ووكيع وأبو داود الطيالسي وموسى بْن إسماعيل وآخرون. وكان زاهدًا عابدًا قانتًا مجتهدًا. قَالَ أَبُو داود: ليس بالقويّ. وقال ابْن معين وغيره: ليس بِهِ بأس. 123- عباد بْن مسلم3 -4- أَبُو يحيى الفزاري البصري. عَن جبير بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ والحسن ويونس بْن خباب وإياس. وعنه وكيع وأبو نعيم وروح وأبو داود وأبو عاصم وجماعة. وثّقه ابْن معين والنسائي وابن حبّان، عند ابْن حِبّان وذكره فِي كتاب "الضعفاء" فَقَالَ: منكر الحديث ساقط الاحتجاج بما يرويه.   1 وقال في السير "7/ 84" "مات عباد على بطن أهله ... ". 2 التهذيب "5/ 107"، والميزان "2/ 378"، والجرح والتعديل "6/ 86". 3 التهذيب "5/ 219"، والميزان "2/ 423"، والمعرفة والتاريخ "3/ 54"، والجرح والتعديل "6/ 96". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 299 124- عبد الله بن بديل1 -د ن- بن ورقاء المكي. عن الزهري وعمرو بن دينار. وعنه عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود وزيد بن الحباب وعمرو العنقري. قال ابن معين: مكي صالح. استشهد به البخاري. * وأما سميه: عبد الله بن بديل بن ورقاء2، فقتل مع علي -رضي الله عنه- بصفين. 125- عبد الله بن بشر الكوفي3 -ن ق- قاضي الرقة. روى عَن أَبِي إسحاق وعاصم القارئ والزهري. وعنه جعفر بن برقان مع تقدمه وعبد السلام بن حرب ومعمر بن سليمان. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بأس به. وقال بعضهم: فِيهِ لين. 126- عَبْد الله بْن جابر البصري4 -د ت-. عَن مجاهد أَبِي الشعثاء والحسن وعمر بْن عَبْد العزيز وجماعة. وعنه سفيان الثوري وهارون بْن موسى النحوي وإسحاق بْن سُلَيْمَان الرازي وحكام بْن سلم. ذكره ابْن حبان فِي الثقات. وكناه ابْن أَبِي حاتم أبا حازم. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حجاج بن أرطأة. 127- عبد الله بن حبيب 5 –م- بن أبي ثابت الكوفي. عَن سعيد بْن جبير والشعبي ومحمد بْن كعب القرظي. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو نعيم وقبيصة والفريابي. وثّقه ابْن معين. 128- عَبْد الله بْن أَبِي داود6. أَبُو بكر البصري صاحب الجوالق. عَن نافع وبكر بْن عَبْد الله المزني.   1 تقريب التهذيب "1/ 383"، والثقات "5/ 12"، والمشاهير "83"، والجرح والتعديل "5/ 14". 2 التهذيب "5/ 155". 3 المجروحين "2/ 32"، والتهذيب "5/ 160". 4 تهذيب التهذيب "5/ 167"، والجرح والتعديل "5/ 26". 5 ميزان الاعتدال "2/ 406"، والتاريخ لابن معين "2138". 6 الجرح والتعديل "5/ 48". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 300 وعنه أَبُو الوليد وموسى التبوذكي. وثّقه يحيى بْن معين. 129- عَبْد الله بْن راشد الدمشقي. مولى الخزاعيين. عَن مكحول وعروة بْن رويم وعمرو بْن مهاجر. وعنه الوليد بْن مسلم ويحيى بْن ريان ومعن القزاز. وثّقه أَبُو مسهر فقال: ثقة عابد. 130- عَبْد الله بْن زياد بْن سمعان1 –ق-. المدني مولى أم سلمة. روى عَن الأعرج ومجاهد ومحمد بن كعب ونافع والزهري وسليمان بن حبيب المحاربي وغيرهم. وعنه مفضل بن فضالة وروح بن القاسم وابن وهب وعبد العزيز الدراوردي وبقية وعلي بن الجعد وآخرون. سئل عنه مالك فقال: كذاب. وقال أحمد بن حنبل: متروك الحديث. وقال البخاري: سكتوا عنه. وقال ابن معين: يكذب. وقال أبو داود: ولي قضاء المدينة. وقال أبو بكر بن أبي أويس: كنت جالسا عند ابن سمعان فحدّث فانتهى إِلَى حديث شهر بْن حوشب فقال: حدثني شهريز خوست، فقلت: من هذ؟ فَقَالَ: هَذَا بعض العجم قدِم علينا، فَقُلْتُ: لعلك تريد شهر بن حوشب، فسكت.   1 تهذيب التهذيب "5/ 205"، والجرح والتعديل "5/ 52". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 301 وقال أَبُو عبيدة الحدّاد: إن ابْن سمعان قَالَ: حدّثني مجاهد، فَقَالَ ابْن إسحاق: كذب والله، أَنَا أكبر مِنْهُ وما رأيت مجاهدًا. وقال أَبُو مسهر: سَمِعْت سعيد بْن عَبْد العزيز يقول: قدم عليهم ابن سمعان فأخرجه إليهم كتبه فزادوا فيها فلما حدّثهم بها قَالُوا: هَذَا كذّاب. وقال أَبُو حاتم: ابْن سمعان ضعيف الحديث سبيله التَّرْك. وقال الحكم بْن موسى: نا الوليد بْن مسلم قَالَ: كتبت كتابًا عن ابن سمعان فإنه لفي يدي إذ غلبتني عيناي فنمت فرأيت النَّبِيَّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: يَا رسول الله هَذَا ابْن سمعان حدثني عنك فَقَالَ: قل لابن سمعان يتّقي الله ولا يكذب عليّ. 131- عَبْد الله بْن شوذب البلخي1 -4- ثم البصري ثم المقدسي. أبو عبد عَبْد الرحمن. عَن الحسن ومحمد بْن سيرين ومطر الوراق ومكحول وأبو التياح وطائفة. وعنه ابْن الْمُبَارَك وضمرة بْن ربيعة والوليد بْن مزيد ومحمد بْن كثير وأيوب بْن سويد وعدة. وثّقه أحمد وغيره. وقال أَبُو عمير بْن النحاس: ثنا كثير بْن الوليد: كنت إذا رأيت ابن شوذب ذكرت الملائكة. وقال ضمرة عَن ابْن شوذب: سَمِعْت مكحولا يَقُولُ: لقد ذلّ من لا سفيه لَهُ. وذكر ابْن ضمرة أن ابْن شوذب كَانَ معاشه من كسب غلمان لَهُ فِي السوق. وقال: مولدي سنة ست وثمانين. وقال ضمرة: مات ابْن شوذب سنة ست وخمسين ومائة فِي آخرها. 132- عبد الله بن عامر الأسلمي2 –ق-. المدني أبو عامر القارئ.   1 حلية الأولياء "6/ 129"، والوافي بالوفيات "17/ 211"، وشذرات الذهب "1/ 240". 2 التاريخ الكبير "5/ 156". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 302 كَانَ يصلّي بالناس فِي مسجد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رمضان. روى عَن عمرو بْن شعيب ونافع وسعيد المقبري وابن شهاب. وعنه سليمان بن بلال وابن وهب وحبيب كاتب مالك وأبو نعيم والواقدي وغيرهم. ضعفه أحمد، وقال البخاري: يتكلمون فِي حِفْظه. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 133- عَبْدُ اللَّهِ بن عبد الرحمن بن يعلى الثقفي1 -م د ن ق- أبو يعلى الطائفي. عَن عمرو بْن الشريد وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وعنه ابْن الْمُبَارَك وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو نعيم وعبد الرزاق وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بقوي. وقال عثمان الدرامي عن ابن معين: صويلح. وذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 134- عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ2. من جعفة، الكِنْدي التجيبي المصري الأمين. ولي الإسكندرية للخليفة هشام وولي مصر للمنصور سنة اثنتين وخمسين. وتوفي سنة خمس وخمسين وَمِائَةٍ. 135- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَبُو شعيب البناني3 البصري. عَن الحسن وإياس بْن معاوية. وعنه ابْن المبارك وأبو داود الطيالسي.   1 تقريب التهذيب "1/ 405"، والثقات "7/ 40". 2 كتاب الولاة والقضاة "117". 3 الجرح والتعديل "5/ 93". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 303 136- عَبْد الله بْن عُبَيْد الحميري البصري1 -ت ن ق-. عَن عديسة بنت أهبان وأبي بكر بْن النضر يونس. وعنه ابْن علية وصفوان بْن عيسى وأبو عبيدة الحداد وعثمان بْن الهيثم المؤذن. قَالَ أَبُو حاتم: مَا بِهِ بأس. 137- عَبْد الله بْن عَمْرو بْن علقمة2 –ت- الكناني المكي. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ وعمر بْن سعيد بْن أَبِي حسين. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وأبو نعيم وعبد الرزاق وابن الْمُبَارَك. موثَّق. 138- عَبْد الله بْن عون بن أرطبان3 –ع-. أبو عون المزني مولاهم البصري الحافظ أحد الأئمة الأعلام. عَن سعيد بْن جبير وأبي وائل وإبراهيم والشعبي والقاسم بن محمد ومجاهد والحسن وبن سيرين ومكحول وخلق سواهم. وعنه حماد بْن زيد وابن الْمُبَارَك وابن علية وإسحاق الأزرق وأزهر السمان وحريش بْن أنس وعثمان بْن عمر بْن فارس ومسلم بْن إِبْرَاهِيم ويزيد بن هارون ومحمد بن أبي عدي وخلق كثير. قَالَ عَبْد الرحمن بْن مهدي: مَا كَانَ بالعراق أعلم بالسُنَّة من ابْن عون. وقال قُرَّةُ بْن خالد: كنا نعجب من ورع ابن سيرين فأنساه ان عون. وقال شعبة: مَا رأيت مثل أيوب وابن عون ويونس بْن عُبَيْد. وقال ابْن الْمُبَارَك: مَا رأيت مثل أيوب وابن عون ويونس بن عبيدة.   1 التهذيب "5/ 309". 2 التاريخ الكبير "5/ 155"، والجرح والتعديل "5/ 118". 3 التهذيب "5/ 346"، والجرح والتعديل "5/ 130"، وطبقات ابن سعد "7/ 261"، وتذكرة الحفاظ "1/ 156"، وشذرات الذهب "1/ 230"، وخلاصة تذهيب الكمال "209". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 304 وقال ابْن الْمُبَارَك: مَا رأيت أحدًا أفضل من ابْن عون. قُلْتُ: قد رأى ابْن عون أنس بْن مالك فهو معدود فِي صغار التابعين. قَالَ شعبة: شَكَّ ابْن عون أحبُّ إليّ من يقين غيره. وقال الأوزاعي: إذا مات ابْن عون والثوري استوى الناس. وقال رَوْح بْن عبادة: مَا رأيت أحدًا أعبد من ابْن عون. وروى مسعر بْن كدام عَن ابْن عون قَالَ: ذكر الله دواء وذكر الناس داء. وقال ابْن معين: ابْن عون ثقة فِي كل شيء. وقال بكار بْن محمد السيريني: كَانَ ابْن عون يصوم يومًا ويفطر يومًا، صَحِبْتُه دهرًا وكان طيب الريح ليّن الكسوة لَهُ ختمة فِي الأسبوع وكان يغزو عَلَى ناقة لَهُ إِلَى الشام فإذا وصل إِلَى الشام ركب الخيل، وبارز مرة علجًا فقتله، وكان إذا جاءه وإخونه كأن على رؤوسهم الطير لَهُم خشوع وخضوع. قَالَ بكار: وكان إذا حدث بالحديث تخشَّع1 عنده -حَتَّى نرحمه- مخافة أن يزيد أو يُنِقص2. وقال أَبُو قطن: سَمِعْت ابْن عون يَقُولُ: وددت أني خرجت مِنْهُ كفافًا. قَالَ بكار: كَانَ ابْن عون لا يدع أحدًا من أصحاب الحديث ولا غيرهم يتبعه وما رأيته يمازح أحدًا ولا ينشد شعرًا، وكان مشغولا بنفسه وما رأيت أملك للسانه مِنْهُ، وما سمعته حالفًا عَلَى يمين قط، ولا رأيته دخل حمامًا قط، وكان لَهُ وكيل نصراني يجبي غَلَّته من دارٍ لَهُ3. وكان لا يزيد فِي رمضان عَلَى حضور المكتوبة ثم يخلو في بيته، وقد سعت بِهِ المعتزلة إِلَى إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بن حسن الَّذِي خرج فقالوا: ها هنا رَجُل يوثب عليك الناس، فأرسل إِلَيْهِ أنْ مالي ولك، فخرج عن البصرة حتى نزل القريظية وأغلق بابه.   1 تَخَشَّعَ: تَذلَّلَ، وتَضَرَّع. 2 طبقات ابن سعد "7/ 262". 3 انظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 305 وقال الأنصاري: سَمِعْت أن ابْن عون دخل عَلَى سلم بْن قتيبة وهو أمير فَقَالَ: السلام عليكم، فضحك وقال: نحتملها لابن عون. وقال معاذ بْن معاذ: رأيت عَلَى ابْن عون بُرْنُسًا من صوف رقيقًا حسنًا قَالَ: هَذَا اشتريته من تَرِكَة أنس بْن سيرين كَانَ لابن عمر فكساه إيّاه. وقال المفضّل بْن لاحق: كنا بأرض الروم فدعا رومي إِلَى المبارزة فخرج فارس فقتله، ثُمَّ دخل فِي الناس فلُذْتُ بِهِ لأعرفه، فوضع عَنْهُ المِغْفَر يمسح وجهه، فإذا هُوَ عَبْد الله بْن عون. وروى حمّاد بْن زيد عَن محمد بْن فضاء قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المنام فَقَالَ: زوروا ابْن عون فإنه يحب الله ورسوله وإن الله يحبّه ورسوله. وقال خارجة بْن مصعب: جالست ابن عون اثنتي عشرة سنة فما أظن أن مَلَكَيْه كتبا عَلَيْهِ سوءًا. وقال بكار السيريني: كَانَ بلال بْن أَبِي بردة قد ضرب ابْن عون بالسياط لكونه تزوج امرأة عربية. وقال مكي بن إبراهيم: كنا عندابن عون فذكروا بلالا فلعنوه وقالوا: إنما نذكره لما ارتكبه منك فَقَالَ: إنما هما كلمتان تخرجان فِي صحيفتي يوم القيامة: لا إله إلا الله أو لعن الله فلانًا. وقال بكار بْن محمد: حضرت وفاة ابْن عون فكان حين قُبض موجَّها يذكر الله حَتَّى غرغر، فقالت عمتي: اقرأ عنده "يس "فقرأتها، ومات فِي السَّحَر، وما قدرنا أن نصلّي عَلَيْهِ حَتَّى وضعناه فِي محراب المُصَلّى غَلَبنا الناس عَلَيْهِ. ومات وعليه من الدَّيْن بضعة عشر ألفًا، وأوصى بعد وفاء دَيْنه بخُمْس ماله إِلَى أَبِي يفرّقه فِي أقاربه المحتاجين، ولم أره يشكو فِي علّته. قَالَ بكار: وكانت ثياب ابْن عون تمسّ ظهر قدميه. وقال أَبُو قطن: رأيت بعض أسنان ابْن عون مشدودة بالذهب. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 306 وقال بكار بْن محمد: كَانَ ابْن عون زوج عمتي أم محمد بنت عَبْد الله بن مُحَمَّد بن سيرين، وَلَمَّا مات كفنوه في برد ثمنه مائتا درهمً، ولم يخلف درهما إنما خلف دارين، قَالَ: ومات في رجب سنة إحدى وخمسين ومائة، وفيها أرّخه يحيى القطَّان وأبو نعيم وجماعة، وما عدا ذَلِكَ وَهْم. قِيلَ: سنة خمسين ومائة ومولده سنة ستٍّ وستين، وكان يمكنه السماع من طائفة من الصحافة. قَالَ ابْن سعد: كَانَ أكبر من سُلَيْمَان التيمي، قَالَ: وكان ثقة كثير الحديث ورعًا عثمانيًا. وقال محمود بْن غيلان: ثنا النضر بْن شميل قَالَ: كَانَ رَجُل يلازم ابْن عون فقيل لَهُ: بلغ حديث ابْن عون ألفا؟ قال: أضعف، قيل: وألفين، قَالَ: أضعف، قِيلَ: فأربعة آلاف، قَالَ: أضْعِف، قِيلَ: ستة، فسكت الرجل، قَالَ عمر بْن حبيب: سمعت عثمان البتي يقول: ما رأيت عيناي مثل ابْن عون. وروى عَن ابْن عون أن أمه نادته فَعَلا صوتُه صوتها فخاف فأعتق رقبتين. وقال ابْن الْمُبَارَك: مَا رأيت عيني أحدًا ممن ذُكر لِي إلا رأيته دون مَا ذكر لِي إلا ابْن عون وحَيْوَة بْن شريح. وقال يحيى بْن يوسف الزمي: نا أَبُو الأحوص قَالَ: كَانَ يقال لابن عون: سيد القراء فِي زمانه. قَالَ ابْن المديني: جمع لابن عون مَا لم يُجمع لأحد من أصحابه، ولم يحدّث إلا بعد موت أيوب، كَانَ يمتنع من الحديث فلما مات يونس بْن عُبَيْد ألحّ عَلَى ابْن عون أصحاب الحديث فسلس وحدّث. وقال ابْن سعد: أخبرنا بكار بْن محمد حدّثني بعض أصحابنا أن ابْن عون كَانَ لَهُ ناقة يغزو عليها ويحجّ عليها وكان بها معجبًا فأمر غلامًا لَهُ يستقي عليها فجاء بها وقد ضربها عَلَى وجهها فسالت عينها عَلَى خدّها فقلنا: إن كَانَ ابْن عون يسيء فاليوم، فلم يلبث أن نزل فلما نظر إِلَى الناقة قَالَ: سبحان الله أفلا غير الوجه بارك الله فيك أخرج عني اشهدوا أَنَّهُ حر. وقال معاذ بْن معاذ: حدّثني غير واحد من أصحاب يونس بْن عُبَيْد أَنَّهُ قَالَ: إني الجزء: 9 ¦ الصفحة: 307 لأَعرف رجلاُ منذ عشرين سنة يتمنّى أن يسلم لَهُ يوم من أيام ابْن عون فما يقدر عَلَيْهِ. قَالَ ابْن الْمُبَارَك: مَا رأيت مصلّيًا مثل ابْن عون. قرأت عَلَى إسحاق بْن أَبِي بكر أخبركم ابْنُ خَلِيلٍ أَنَا أَبُو الْمَكَارِمِ اللَّبَّانُ أَنَا أَبُو عليّ الحدّاد أَنَا أَبُو نُعَيم أَنَا أَبُو محمد بْن حبان نا عَبْد الرَّحمن بْن محمد بْن حمّاد نا حفص الرياني أَنَا معاذ بْن معاذ: سَمِعْت هشام بْن حسان يَقُولُ: حدّثني من لم تر عيناي مثله، فَقُلْتُ فِي نفسي: اليوم نستبين فضل الحسن وابن سيرين، قَالَ فأشار بيده إِلَى ابْن عون وهو جالس. وبه قال أبو نعيم: ثنا ابْن خلاد ثنا الكديمي ثنا الخريبي قَالَ: دخلت البصرة لألقى ابْن عون فلما صرت إلى قناطير بني دارم تلقّاني نعْيه فدخلني مَا اللهُ بِهِ عليم. قُلْتُ: ترجمته فِي "تاريخ دمشق" عشرون ورقة. ومات سنة إحدى وخمسين ومائة عَلَى الصحيح. وقال ابْن معين: سنة اثنتين. وقال المنقري: مات سنة خمسين. 139- عَبْد الله بْن عياش الهمداني، المنتوف أَبُو الجراح. وكان أخباريًا علامة. حمل عَن الشعبي وغيره، وكان من أصحاب أبي جعفر المنصور. أخذ عن الهيثم بْن عديّ وجماعة. قَالَ الخطيب: توفي سنة ثمان وخمسين ومائة. وفيها توفي: عوانة بْن الحكم الأخباري. * فأما: عَبْد الله بْن عياش القتباني المصري1، ففي الطبقة الآتية. 140- أَبُو جعفر المنصور2: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْد الله بْن عباس القرشي الهاشمي العباسي، أمير المؤمنين، وأمه سلامة البربرية. ولد فِي سنة خمس وتسعين أو فِي حدودها. وروى عَن أبيه ورأى جده. وعنه ولده المهدي.   1 التهذيب "5/ 351"، والجرح والتعديل "5/ 126". 2 وانظره في وفيات الأعيان "2/ 294-297". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 308 وكان قبل أن يلي الإمامة يقال لَهُ عَبْد الله الطويل. ضرب فِي الآفاق إِلَى الجزيرة والعراق وأصبهان وفارس قَالَ أَبُو بكر الجعابي: كَانَ المنصور يلعب فِي صغره بمدرك التراب. أتته البيعة بالخلافة بعد موت أخيه السفاح وهو بمكة بعهد السفاح لما احتضر إِلَيْهِ، فوليها اثنتين وعشرين سنة. وكان أسمر طويل طويلا نحيفًا مهيبًا خفيف العارضين معرق الوجه رحب الجبهة يخضّب بالسواد كأنّ عينيه لسانان ناطقان، تخالطه أُبَّهة المُلْك بزيّ النُّسّاك تقبله القلوب وتتبعه العيون، وكان أقنى الأنف بين القنا. وقد مر من أخباره فِي الحوادث مَا يدلّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فحل بني العباس هيبة وشجاعة وحزمًا ورأيًا وجبروتًا، وكان جمّاعًا للمال، تاركًا للَّهو، واللعب، كامل العقل، جيّد المشاركة فِي العلم والأدب، فقيه النفس، قتل خلقًا كثيرًا حَتَّى استقام ملكه. وكان فِي الجملة يرجع إِلَى عدل وديانة وله حظ من صلاة وتديّن، وكان فصيحًا بليغًا مُفَوَّهًا، خليقًا للإمارة. وقد ولي بعض كور فارس فِي شبيبته لعاملها سُلَيْمَان بْن حبيب بْن المهلّب الأزدي ثُمَّ عزله وضربه ضربًا مبّرحًا لكونه احتجز المال لنفسه ثُمَّ أغرمه المال، فلما ولي المنصور الخلافة ضرب عنقه. وكان المنصور يُلقَّب أبا الدوانيق1 لتدقيقه ومحاسبته العمال والصُنّاع عَلَى الدوانيق والحبّات. وكان مَعَ هَذَا ربما يعطي العطاء العظيم. قَالَ أَبُو إسحاق الثعالبي: وعلى شهرة المنصور بالبخل ذكر محمد بْن سلام أَنَّهُ لم يعط خليفة قبل المنصور عشرة آلاف دارت بها الصُّكّاك وثبتت فِي الدواوين فإنه أعطى فِي يوم واحد كل واحد من عمومته عشرة آلاف ألف درهم. قُلْتُ: وقد حدّث عَن عطاء بْن أَبِي رباح يسيرًا. وقد خلف يوم مات فِي بيوت الأموال تسعمائة ألف ألف درهم وخمسين ألف ألف درهم. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ غَيْلانَ ثِقَةٌ نا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "منا السفاح ومنا المنصور"2.   1 الدَّوانِيق أو الدَّواتيقيّ: يعرف على من يدقَّقُ في الحساب والمعاملة، وبه سمي أبو جعفر المنصور. 2 ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد "1/ 63"، والهندي في كنز العمال "37317"، "38687"، وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 290". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 309 وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَأَبُو النَّضْرِ: نا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، نا مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "مِنَّا السَّفَّاحُ وَمِنَّا الْمَنْصُورُ وَمِنَّا الْمَهْدِيُّ"1. فَهَذَا إِسْنَادُهُ صَالِحٌ والذي قبله منكر وهو منقطع ويروي نحو بِإِسْنَادِهِ أَخْرَجَهُ عَنِ الْمِنْهَالِ. قَالَ أَبُو سهل بْن علي بْن نوبخت: كَانَ جدّنا نوبخت المجوسيّ نهاية فِي التنجيم فسجن بالأهواز فَقَالَ: رأيت أبا جعفر وقد أدخل السجن فرأيت من هيبته وجلالته وحسن وجهه مَا لم أره لأحد فَقُلْتُ لَهُ: وحق الشمس والقمر إنك لَمِنْ وَلَد صاحب المدينة، قَالَ: لا ولكني من عرب المدينة، قَالَ: فلم أزل أتقرب إِلَيْهِ وأَخدمه حَتَّى سألته عَن كنيته فَقَالَ: أَبُو جعفر، فَقُلْتُ: وحق المجوسية لتملكنّ، قَالَ: وما يدريك؟ قُلْتُ: هُوَ كَمَا أقول فاذْكُرْ هَذِهِ البشري، قَالَ: إن قُضي شيء فسيكون، قُلْتُ: قد قضاه الله من السماء فقدمت دواة فكتب لِي: يَا نوبخت إذا فتح الله وردّ الحق إِلَى أهله لم نغفل عنك وكتب أَبُو جعفر، فلما استخلف صرت أليه فأخرجت الكتاب فَقَالَ: أَنَا لَهُ ذاكر ولك متوقّع فالحمد لله. فأسلم نوبخت فكان منجّمًا لأبي جعفر ومولى. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن عبد الصّمد بْن موسى بْن محمد الهاشميّ: حدّثني أَبِي نا أَبِي عَن أبيه قَالَ: قَالَ لنا المنصور: رأيت كأني في الحرم وكأن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الكعبة وبابها مفتوح فنادى مناد: "أين عَبْد الله" فقام أخي أَبُو العباس حَتَّى صار عَلَى الدرجة فأدخل فما لبث أن خرج ومعه عباءة عليها لواء أسود قدر أربعة أذرع، ثُمَّ نودي "أين عَبْد الله" فقمت إِلَى الدرجة فأصعدت وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر وبلال فعقد لِي وأوصاني بأُمَّتِه وعمَّمني بعمامة وكان كورها ثلاثة وعشرين وقال: "خذها إليك أبا الخلفاء إِلَى يوم القيامة". وقال الربيع بْن يونس الحاجب: سَمِعْت المنصور يَقُولُ: الخلفاء أربعة: أَبُو بكر وعمر وعثمان وعليّ، والملوك: معاوية وعبد الملك وهشام وأنا. قَالَ شباب: أقام الحج للناس أَبُو جعفر سنة ست وثلاثين، وسنة أربعين، وسنة   1 انظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 310 أربع وأربعين، وسنة اثنتين وخمسين زاد الفسوي: أَنَّهُ حج أيضًا سنة سبع وأربعين ومائة. قَالَ أَبُو العيناء: نا الأصمعي أن المنصور صعد المنبر فشرع فِي الخطبة فقام إِلَيْهِ رَجُل فَقَالَ: يَا أمير المؤمنين أذكر من أنت فِي ذكره. فَقَالَ لَهُ: مرحبًا لقد ذكرت جليلا وخوَّفت عظيمًا وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل يه اتق الله أخذته العزّة بالإِثم، والموعظة منا بدت وعنّا خرجت وأنت يَا قائلها فأحلف بالله مَا الله أردت أنما أردت أن يقال قام فَقَالَ فعوقب فصبر فأهون بها من قائلها وأهتبلها من الله ويلك إِنِّي قد غفرتها، وإياكم معشر الناس وأمثالها. ثُمَّ عاد إِلَى خطبته وكأنما يقرأ من كتاب1. وقال الزبير: حدثني مبارك الطبري سمعت أبا عبيد الوزير سَمِعَ المنصور يَقُولُ: الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعيّة لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم عَلَى العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظَلَمَ مَن هُوَ دونه. قَالَ الفريابي محمد بْن يوسف: قَالَ عبّاد بْن كثير لسفيان: قُلْتُ: لأبي جعفر: أتؤمن بالله، قَالَ: نعم، قلت: فحدثني عن الأموال التي اصطفيتوها من بني أمية، فَوَالله لئن كَانَت صارت إليهم ظلمًا وغضبًا لما رددتموها إِلَى أهلها الَّذِينَ ظُلموا، ولئن كَانَت لَهُم لقد أخذتم مَا لا يحلّ لكم، إذا دُعَيت يوم القيامة بنو أمية بالعدل جاءوا بعمر بْن عَبْد العزيز، فإذا دُعيتم أنتم لم تجيئوا بأحد، فكنْ أنتَ ذَلِكَ الأحد، فقد مضت من خلافتك ست عشرة سنة وما رأينا خليفة بلغ اثنتين وعشرين سنة، فهبْك تبلغها فما ست سنين، قَالَ: يَا أبا عَبْد الله مَا أجد أعوانًا، قُلْتُ: علي عونك بغير مرزئة، أنت تعلم أن أبا أيوب المورياني يريد منك كل عام بيت مال، وأنا أجيئك بمن يعمل بغير رزق، آتيك بالأوزاعي تقلّده كَذَا وبالثوري تقلّده كَذَا، وأنا بينك وبين الناس أبلّغك عنهم وأبلّغهم عنك، فَقَالَ: حَتَّى أستكمل بناء بغداد، فأخْرُجُ إِلَى البصرة وأوجّه إليك. فَقَالَ لَهُ سفيان الثوري: ولِمَ ذكرتني لَهُ؟ قَالَ: واللهِ مَا أردت إلا النُّصح للأمة، ثُمَّ قَالَ لسفيان: ويل لمن دخل عليهم إذا لم يكن كبير العقل كثير الفهم كيف تكون فتنته عليهم وعلى الأمة.   1 سير أعلام النبلاء "7/ 68-69". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 311 ويقال أن عمرو بْن عُبَيْد رأس المعتزلة دخل عَلَى المنصور ووعظه، فبكى المنصور وقال: يَا أبا عثمان هل من حاجة، وكان يدني عمرًا ويكرمه ويجلّه، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وما هي؟ قال: لا تبعث حَتَّى آتيك. قَالَ: إذن لا نلتقي، قَالَ: عَن حاجتي سألتني، ثُمَّ نهض فلما ولّى أمدّه بصره وهو يَقُولُ: كلكم يمشي رويد ... كلكم يطلب صيد غير عمرو بن عبيد قَالَ عَبْد السلام بْن حرب: أمر لَهُ بمال فردَّه، فَقَالَ المنصور: والله لتقبلّنه، قَالَ: والله لا أقبله، فَقَالَ لَهُ المهدي: أمير المؤمنين يحلف فحلف! قَالَ: أمير المؤمنين أقوى على الكفارة من عمك. أَبُو خليفة: نا محمد بْن سلام قَالَ: قِيلَ للمنصور هل بقي من لذّات الدنيا شيء لم تنله؟ قَالَ: بقيت خصلة: أن أقعد فِي المصطبة وحولي أصحاب الحديث فَيَقُولُ المستملي: من ذكرت رحمك الله. قَالَ فغدا عَلَيْهِ الندماء وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر، فَقَالَ: لستم بهم إنما هم الدَّنِسَةُ ثيابهم، المشقّقة أرجلهم، الطويلة شعورهم برد الآفاق وَنَقَلَةُ الحديث. الصولي: ثنا أحمد بْن يحيى عَن محمد بْن إسماعيل عَن أبيه قَالَ: قَالَ عَبْد الصمد بْن علي للمنصور: يَا أمير المؤمنين لقد هممت بالعقوبة حَتَّى كأنك لم تسمع بالعفو، قَالَ: لأن بني أمية لم تُبْلَ رمَمُهُم، وآل أَبِي طالب لم تُغْمَد سيوفهم، ونحن بين قوم قد رأونا أمس سوُقة، واليوم خلفاء، فليس تتمهد هيبتنا في صدورهم إلا بنسيان العفو. وَرُوِيَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عروة دَخَل عَلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ عَنِّي دَيْنِي، قَالَ: فَكَمْ دَيْنُكَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ. قَالَ: وَأَنْتَ فِي فِقْهِكَ وَفَضْلِكَ تَأْخُذُ مِائَةَ أَلْفٍ لَيْسَ عِنْدَكَ قَضَاؤُهَا! قَالَ: شَبَّ فَتَيَانِ لِي فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُبَوِّئَهُمْ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْتَشِرَ عَلَيَّ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا أَكْرَهُ فبوأتهم واتخذت لهم منازل وأولمت عنهم ثقة الله وَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ فَرَدَّدَ عَلَيْهِ: مِائَةَ أَلْفٍ! اسْتِنْكَارًا لَهَا، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِعَشَرَةِ آلافٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِنِي مَا تُعْطِي وَأَنْتَ طَيِّبُ النَّفْسِ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً وَهُوَ بِهَا طَيِّبُ النَّفْسِ بُورِكَ لِلْمُعْطِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 312 وَالْمُعْطَى"1 قَالَ: فَإِنِّي طَيِّبُ النَّفْسِ بِهَا، فَأَهْوَى هشام إلى يد المنصور يقبلها فمنعه وقال: إِنّا نُكَرِّمُكَ عَنْهَا وَنُكَرِّمُهَا عَنْ غَيْرِكَ. وروي عَن الربيع قَالَ: لما مات المنصور دُرْنا فِي الخزائن أَنَا والمهديّ، فرأينا فِي بيت أربعمائة جبّ2 مسدودة الرءوس فإذا فيها أكباد ممّلحة أعدّها للحصار3. وذكر الرياشي عَن محمد بْن سلام أن جارية رأت قميصًا للمنصور مرقوعًا فأنكرت ذَلِكَ فَقَالَ: ويحك أما سَمِعْت قول ابن هرمة: قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه ... خَلِقٌ وجَيْب قميصه مرقوع وروى عمر بْن شبة وروى عَن المدائني وغيره أن المنصور لما احتضر قال: اللهم قد ارتكبت الأمور العظام جرأة مني عليك وقد أطعتك فِي أحب الأشياء إليك شهادة أن لا إله إلا الله مَنًّا منك لا منا عليك ومات. وقد كَانَ المنصور رأى منامًا يدل عَلَى قرب الأجل فتهيّأ وسار للحج. قَالَ هشام بْن عمار: نا الهيثم بن عمران أن المنصور مات بالبطن بمكة. وقال خليفة والهيثم وغيرهما: عاش أربعًا وستين سنة. وقال الصولي: دُفن مَا بين الحَجُون4 وبئر ميمون5 فِي ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة6. 141- عبد الله بن محمد بن عمر7 -د ن- بْن علي بْن أَبِي طالب أَبُو محمد العلوي المدني. روى عَن أبيه وخاله أَبِي جعفر الباقر. وعنه ابنه عيسى وابن الْمُبَارَك وابن أَبِي فديك والواقدي وغيرهم.   1 ذكره الهندي في الكنز "16960"، والذهبي في ميزان الاعتدال "2/ 237"، وفي السير "7/ 69". 2 الحب: وعاء كالدلو. 3 سير أعلام النبلاء "7/ 69". 4 دفن ما بين الحجون: ن هو جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها. 5 وبئر ميمون: هي بئر منسوبة إلى ميمون بن خالد بن عامر الحضرمي. 6 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 70". 7 تهذيب التهذيب "6/ 18"، والميزان "2/ 484". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 313 وقال عليّ بْن المديني: هُوَ وسط، وقد روى أيضًا عن عاصم بن عبد الله العمري وعن أمه خديجة بنت زين العابدين، وكان لقبه دافن. قَالَ بعض الحفّاظ: صالح الحديث، مات بدمشق فِي آخر خلافة المنصور. وابنه عيسى واه. 142- عَبْد الله بْن المحرر الحراني1 –ق- قاضي الجزيرة. عَن الحسن البصري ونافع وقتادة. وعنه بقية وأبو نعيم ومحمد بْن حمير ويحيى البابلتي وغيرهم. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وَمِنْ مَفَارِدِهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ2. 143- عَبْد الله بْن نافع العدوي3 –ق- مولى ابْن عمر. مدني واهٍ، لَهُ إخوة. ضعّفه ابْن معين وغيره. روى عَن أبيه وعبد الله بْن دينار. وعنه عَبْد الله بن نافع الصائغ وابن أبي فديك وأبو داود الطيالسي وآخرون. توفي سنة أربع وخمسين ومائة. 144- عَبْد الله بْن النعمان الجهضمي4، الحداني. عَن عكرمة. وعنه حفيده علي بْن نضر ونوح بْن قيس وأبو قتيبة سلم. 145- عَبْد الله بن الوليد5 -ن ت- بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ الكوفي.   1 الجرح والتعديل "5/ 176"، والضعفاء الصغير "67"، والمتروكين "63". 2 "حديث ضعيف منكر": أخرجه عبد الرزاق "4/ 329"، والحافظ في الفتح "9/ 595"، والطحاوي في المشكل "1/ 461"، وابن القيم في تحفة المودود "ص53". 3 التاريخ الكبير "5/ 214"، والتهذيب "6/ 53"، والمتروكين "65". 4 تهذيب التهذيب "6/ 56". 5 الجرح والتعديل "5/ 187"، والتهذيب "6/ 69". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 314 وقد يقال له العجلي لنزوله فيهم. روى عَن أَبِي جعفر الباقر وأبي صخرة جامع بْن شداد وعاصم بْن كليب وبكير بن شهاب. وعنه ابن مبارك وابن عيينة وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحَمْدَ الزُّبَيْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النسائي. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. 146- عبد الأعلى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1 بْنِ أَبِي فَرْوَةَ الْمَدَنِيّ أخو إسحاق. عن ابن المنكدر والزهري والمطلب بن حنطب وزيد بن أسلم. وعنه حاتم بن إسماعيل وابن وهب والوليد بن مسلم ويحيى بن العلاء الرازي وجماعة. روى عباس عَن ابن معين قال: عبد الحكيم وصالح وعبد الأعلى ثقات إلا أخاهم إسحاق. 147- عبد الجبار بن العباس الشبامي2 –ت- الهمداني الكوفي. عَن سلمة بْن كهيل وعدي بْن ثابت وعون بْن أَبِي جحيفة وأبي إسحاق وعدة. وعنه إسماعيل بْن محمد بْن جحادة وابن الْمُبَارَك وعبيد الله بْن موسى وسلم بْن قتيبة وأبو أحمد الزبيري وجماعة. وثَّقه أَبُو حاتم. وقَالَ أَبُو دَاوُد: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال العقيلي وغيره: لا يُتابَع عَلَى حديثه يُفرْط فِي التشيُّع. وأما أَبُو نعيم الملائي فَقَالَ: لم يكن بالكوفة أكذب مِنْهُ. 148- عَبْد الجليل بن عطية3 -د ن- أبو صالح القيسي البصري. عَن عَبْد الله بْن بريدة وشهر بْن حوشب. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وزيد بْن الحباب والعقدي وأبو نعيم. قَالَ البخاري: ربما يهم. وقال غيره: صالح الحديث.   1 المعرفة والتاريخ "3/ 52"، والجرح والتعديل "6/ 27". 2 تقريب التهذيب "1/ 435"، وتاريخ الدوري "2/ 240". 3 الجرح والتعديل "6/ 33"، والتاريخ لابن معين "3729". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 315 149- عبد الحكيم بْن ذكوان السدوسي1 –ق- بصري مقل. عَن أَبِي رجاء العطاردي وشهر بْن حوشب. وعنه مروان بْن معاوية وأبو داود وأبو عمر الحوضي. ذكره ابْن حبان فِي الثقات. 150- عَبْد الحكم القسملي2، البصري. عَن أنس وأبي الصديق الناجي. وعنه قرة بْن حبيب وعفان وجماعة. قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن عدي: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ مِمَّا لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 151- عَبْد الحكم بْن أَبِي فروة3. هُوَ أخو إسحاق. وثّقه ابْن معين وهو مُقِلّ. قَالَ خليفة: مات سنة ست وخمسين ومائة. 152- عَبْد الحميد بن جعفر4 –م4- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ رَافِعِ الأنصاري المدني. عن أبي ونافع ومحمد بْن عمر وعطاء وسعيد المقبري ويزيد بْن حبيب وعم أبيه عمر بْن الحكم وجماعة. وعنه أَبُو أسامة ويحيى القطان وابن وهب وأبو عاصم وبكر بْن بكار والواقدي وآخرون. قَالَ النسائي: ليس بِهِ بأس. وكان الثوري ينقم عَلَيْهِ خروجَه مَعَ محمد بن عَبْد الله. وكان من فقهاء المدينة. وقال ابْن المديني: سَمِعْت يحيى يَقُولُ: كَانَ سفيان يحمل على عبد الحميد بن جعفر فكلّمته فِيهِ فَقُلْتُ: مَا شأنه، ثُمَّ قَالَ يحيى: مَا أدري مَا كَانَ شأنه ومكانه. وقال عباس: سَمِعْت ابْن معين يَقُولُ: كَانَ يحيى بْن سعيد يضعّف عَبْد الحميد بْن جعفر، فَقُلْتُ لابن معين: فقد روى عَنْهُ! قَالَ: روى عَنْهُ وكان يضعّفه. وكان يحيى يروي عَن قوم مَا كانوا يساوون عنده شيئًا. ثُمَّ قَالَ ابْن معين: عَبْد الحميد بْن جعفر ثقة كَانَ يُرمى بالقَدَر.   1 التهذيب "6/ 107"، وميزان الاعتدال "2/ 536". 2 التاريخ الكبير "6/ 129"، والمجروحين "2/ 143". 3 ميزان الاعتدال "2/ 537"، والمعرفة والتاريخ "3/ 55". 4 تهذيب التهذيب "6/ 111"، والتاريخ لابن معين "8/ 7". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 316 وقال أَحْمَدُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاث وخمسين ومائة. 153- عَبْد الرحمن بْن بوذويه الصنعاني1 -د ن-. عَن طاوس ووهب بْن منبه ومعمر، وهو أصغر مِنْهُ. وعنه مطرف بْن مازن وسعد بْن الصلت وإبراهيم بْن خالد وعبد الرزاق وآخرون. أثنى عَلَيْهِ أحمد بْن حنبل. وروى عَبْد الرزاق عَنْهُ عَن عمر. 154- عَبْد الرحمن بْن حسان أَبُو سعد الكناني2، الحمصي أو الدمشقي. عَن رجاء بْن حيوة والزهري وعطاء الخراساني. وعنه ابْن شعيب والوليد بْن مسلم وصدقة بْن خالد. قَالَ الدارقطني: لا بأس بِهِ. 155- عَبْد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي3 -د ن ق- أبو أيوب الشعباني قاضي إفريقية وعالمها. روى عَن أبيه وأبي عبد الرحمن الحلبي وبكر بن سوادة وعبد الرحمن بن رافع التنوخي صاحب عَبْد الله بن عَمْرو وأبي عثمان صاحب أَبِي هريرة ومسلم بْن سيار وزياد بْن نعيم وعدة. وعنه إسماعيل بْن عياش وأبو أسامة وابن وهب وجعفر بْن عون ويعلى بْن عُبَيْد وأبو عَبْد الرحمن المقري وخلق. وقد وفد عَلَى المنصور الكوفةَ فوعظه وصدغه بالحق، وكان أول مولود وُلد فِي الإسلام بإفريقية فيما قيل. قال الهيثم بن خارجة: ثنا إسماعيل بْن عياش قَالَ: ظهر بإفريقية جور فلما قام السفاح قدم عَبْد الرحمن بْن زياد بْن أنعمُ عَلَى أَبِي جعفر فشكا إِلَيْهِ العمال ببلده فأقام ببابه شهرًا ثُمَّ دخل عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا أقدمك؟ قَالَ: ظهر الجور ببلدنا فجئت لأعلمك فإذا الجور يخرج من دارك، فغضب أَبُو جعفر وهَمّ بِهِ، ثُمَّ أمر بإخراجه. وعن ابْن إدريس عَن عَبْد الرحمن بْن زياد قَالَ: أرسل إليّ أَبُو جعفر فقدمت عَلَيْهِ فدخلت والربيع قائم على رأسه فاستدعاني فَقَالَ لِي: يَا عَبْد الرحمن كيف مَا   1 التهذيب "6/ 149"، والجرح والتعديل "5/ 217". 2 الجرح والتعديل "5/ 222"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 356". 3 التاريخ الكبير "5/ 283"، والتهذيب "6/ 173"، والميزان "2/ 561". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 317 مررت بِهِ من العمال؟ قُلْتُ: يَا أمير المؤمنين رأيت أعمالا سيئة وظلمًا فاشيًا فظننته لبُعْد البلاد منك، فجعلت كلما دنوت منك كَانَ الأمر أعظم، قَالَ: فنكّس رأسه طويلا, ثُمَّ قَالَ: كيف لِي بالرجال؟ قُلْتُ: أَفَلَيس عمر بْن عَبْد العزيز كَانَ يَقُولُ: إن الوالي بمنزلة السوق يجلب إليها مَا ينفق فيها فإن كَانَ بَرًّا أتوه ببَرِّهم وإن كَانَ فاجرًا أتوه بفجورهم. قَالَ: فأطرق طويلا فقال الربيع وأومأ إليَّ أن اخرج، فخرجت وما عدت إِلَيْهِ. وقال محمد بْن سعد الجلاب: ثنا جارود بْن يزيد أَنَا عَبْد الرحمن الإفريقي قَالَ: كنت أطلب العلم مَعَ أَبِي جعفر المنصور قبل الخلافة فأدخلني منزله فقدم إليَّ طعامًا ومريقة من حبوب ليس فيها لحم ثُمَّ قدم أليّ زبيبًا ثُمَّ قَالَ: يَا جارية عندك حلوى؟ قالت: لا، قَالَ: ولا التمر؟ قالت: لا، فاستلقى وقرأ {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129] ؟ فلما ولي الخلافة دخلتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: بلغني أنك كنتَ تعدّ لبني أمية فكيف رأيت سلطاني من سلطانهم؟ قلت: مَا رأيت فِي سلطانهم من الجور شيئًا إلا رأيته فِي سلطانك، فَقَالَ: إنا لا نجد الأعوان، قُلْتُ: إن السلطان سوق، قَالَ: فسكت. وقال ابْن معين عَن عَبْد الله بْن إدريس: قدم بعبد الرحمن بْن زياد المنصور وولي قضاء إفريقية لمروان بْن محمد. وقال ابْن معين: هُوَ ضعيف ولا يسقط حديثه. وقال أحمد: لا أكتب حديثه، هُوَ منكر الحديث ليس بشيء. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وقال أَبُو زرعة: ليس بقوي. وقال أحمد بْن صالح: هُوَ ممن يُحتج بِهِ. وقال صالح جزرة: كَانَ رجلا صالحًا وهو منكر الحديث. وقال الترمذي: رأيت البخاري يقوّي أمره ويقول: هُوَ مقارب الحديث. قُلْتُ: وأيضًا فلم يذكره فِي كتاب الضعفاء لَهُ. وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: حدثت هشام بن عروة بحديث الإفريقي عَن ابْن عمر فِي الوضوء فَقَالَ: هذا حديث مشرقي وضعّف يحيى الإفريقي وقال: قد كنت كتبت عَنْهُ بالكوفة. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ لا يُحَدِّثَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ. يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ: نا الإِفْرِيقِيُّ عَنْ أَبِي عُطَيْفٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ: صَلَّى ابْنُ عُمَرَ الظُّهْرَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَجْلِسٍ لَهُ وأنا ومعه فَلَمَّا نُودِيَ بِالْعَصْرِ تَوَضَّأَ لِكُلِّ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ قال: إن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 318 كَانَ وُضُوئِي لِصَلاةِ الصُّبْحِ لَكَافٍ مَا لَمْ أحدث، لكني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عشر حسنات"1 فرغبت في ذلك يا بن أَخِي. وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الإِفْرِيقِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي مريم. وقال ابْنُ خِرَاشٍ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. قَالَ المقري: مات بإفريقية سنة ست وخمسين ومائة وقد جاوز المائة. 156- عَبْد الرحمن بْن خضير الهنائي2. بصري. عَن أَبِي نجيح المكي وعمرو بْن دينار. وعنه يحيى القطان ووكيع وعلي بْن عاصم وخالد بْن الحارث. صدوق لينه الفلاس. وقيل: إنه روى عَن طاوس. وأبوه خضير بمعجمتين، وخَطَّأ الأمير من قَالَ: هُوَ ابْن الحصين أو حصين. 157- المسعودي3، عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بن عتبة بْن عَبْد الله بْن مسعود الهُذْليّ المسعوديّ الكوفي أحد الأعلام، وهو أخو أَبِي العميس. روى عَن علقمة بْن مرثد وسعيد بْن أَبِي بردة وعلي بْن الأقمر وزياد بْن علاقة وعبد الجبار بْن وائل وعمرو بْن مرة وعون بْن عَبْد الله ويزيد الفقير وأبي بَكْرِ بْن مُحَمَّدِ بْن عَمْرِو بْن حَزْمٍ وطائفة. وعنه ابْن الْمُبَارَك وابن عيينة وطلق بْن غنام وعبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وأبو المغيرة الحمصي وجعفر بْن عون وأبو داود وأبو عَبْد الرحمن المقري وأبو نعيم وعلي بْن الجعد وخلق. وكان رئيسًا نبيلا يداخل الخلفاء. قَالَ أَبُو نعيم: رأيته فِي عباء أسود وشاشية وفي وسطه خنجر وبين كتفيه بياض {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137] فتوقف أُناس فِي الأخذ عَنْهُ لِذَلِكَ. وقال الهيثم بْن حميد: رأيته وفي وسطه خنجر وقلنسوة أطول من ذراع مكتوب عليها "محمد يَا منصور". وقال أحمد بْن حنبل: ثقة وسماع أَبِي النضر وعاصم بْن عليّ وهؤلاء من المسعودي بعدما اختلط إلا أنهم احتملوا السماع منه.   1 "إسناده ضعيف": أخرجه أبو داود "62"، والترمذي "59"، وابن ماجه "512". 2 التاريخ الكبير "5/ 279"، والميزان "2/ 557". 3 التهذيب "6/ 210"، والمشاهير "6/ 210". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 319 وروى عنه عثمان بْن سعد عَن ابْن معين: ثقة. وقال ابْن المديني: ثقة. وقد كَانَ يغلط فيما روى عَن عاصم بْن بهدلة وسلمة. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: ثقة اختلط بأخرة. وقال النسائي: ليس به بأس. وعن مسعر قَالَ: مَا أعلم أحدًا أعلم بعلم ابْن مسعود من المسعودي. وقال أَبُو حاتم: تغّير قبل موته بسنة أو سنتين. وكان أعلم أهل زمانه بحديث ابْن مسعود. وروى أَبُو داود عَن شعبة قَالَ: هُوَ صدوق. وقال القطان: رأيته سنة رآه عبد الرحمن فلم أكلمه. وقال معاذ بْن معاذ: رأيت المسعودي سنة أربع وخمسين يطالع الكتاب يعني أَنَّهُ قد تغّير حفظه. وقال أَبُو قتيبة: رأيت المسعودي سنة أربع وخمسين وكتبت عنه وهو صحيح. ورأيته سنة سبع والذر يدخل فِي أذنه وأبو داود يكتب عَنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أتطمع أن تحدّث عَنْهُ وأنا حيّ. قَالَ أَبُو عُبَيْد وجماعة: توفي المسعودي سنة ستين ومائة. 158- عَبْد الرحمن بْن عجلان البرجمي1، أَبُو موسى الكوفي الطحان. عَن إِبْرَاهِيم النخعي. وعنه سفيان الثوري ويعلى بْن عُبَيْد وأبو نعيم وقبيصة. قَالَ أَبُو حاتم: مَا بِهِ بأس. * عبد الرحمن بن عمر بن بوذويه مر منسوبا إِلَى الجد. 159- عَبْد الرحمن بْن قيس2، أَبُو روح العتكي البصري. عَن يحيى بْن يعمر وطلحة بْن عُبَيْد الله بْن كريز. وعنه وهب بْن جرير وعبد الرحمن بن مهدي وغيرها. شيخ لا بأس به. 160- الأوزاعي3 –ع- عبد الرحمن بن عمر بن يحمد أبو عمرو الأوزاعي. إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم. كَانَ يسكن بظاهر باب الفراديس بمحلة الأوزاع ثُمَّ تحول إِلَى بيروت فرابط إِلَى أن مات بها.   1 التاريخ الكبير "5/ 332"، والتهذيب "6/ 228"، والجرح والتعديل "5/ 271". 2 الجرح والتعديل "5/ 278". 3 التاريخ الكبير "5/ 326"، وتهذيب التهذيب "6/ 239"، والبداية "10/ 120"، حلية الأولياء "6/ 135" وغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 320 قَالَ ابْن سعد: والأوزاع بطن من همدان وهو من أنفسهم. قَالَ: وولد سنة ثمان وثمانين، وكان ثقة مأمونًا فاضلا خيرًّا كثير العلم والحديث والفقه، حُجَّة. روى الأوزاعي عَن عطاء بْن أَبِي رباح والقاسم بْن مخيمرة ومحمد بْن سيرين حكاية، والزهري ومحمد بْن علي الباقر وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ وقتادة وعمرو بْن شعيب وربيعة بْن يزيد وشداد بْن عمار وعبدة بْن أَبِي لبابة وبلال بْن سعد ومحمد بْن إِبْرَاهِيم التيمي ويحيى بْن أَبِي كثير وعبد الله بن عامر اليحصبي وخلق. وعنه الزهري ويحيى بْن أبي كثير شيخاه، ويونس ين يزيد وسفيان وشعبة ومالك وسعيد بْن عَبْد العزيز وابن المبارك والوليد ين مسلم بْن مزيد وبقية وابن شابور ويحيى القطان والمعافى الموصلي والفريابي وأبو المغيرة وأبو عاصم وخلائق. وأصله من سبي السند. وقال البخاري: لم يكن من الأوزاع بل نزل فيهم. وقال الهيثم بْن خارجة: سَمِعْت أصحابنا يقولون: أليس هو من الأوزاع، هو ابن عم يحيى بن أَبِي عمرو السيباني لَحًّا إنما كَانَ ينزل قرية الأوزاع إذا خرجت من باب الفراديس. وقال ضمرة بْن ربيعة: الأوزاع اسم وقع عَلَى موضع مشهور بربض دمشق سكنه بقايا من قبائل شتى، والأوزاع الفرق، تقول وزّعته إذا فرّقته. وقال أَبُو زُرْعة الدمشقي: كَانَ اسم الأوزاعي عَبْد العزيز فغّيره، وأصله سندي نزل فِي الأوزاع. وكانت صَنْعَتُه الكتابة والترسّل ورسائله تؤثر. وقال ضُمرة: سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: كنت كالمحتلم فِي خلافة عمر بْن عَبْد العزيز. قُلْتُ: هَذَا يردّ عَلَى قول من زعم أن مولده سنة ثلاث وسبعين. وقال الوليد بْن مَزْيَد: وُلد ببعلبك ونشأ بالبقاع، ثم نقلته انه إلى بيروت. كان يتيمًا فقيرًا حِجْر أمه، عجزت الملوك أن تؤدّب أنفسها وأولادها أدبه فِي نفسه، مَا سَمِعْت مِنْهُ كلمة فاضلة إلا احتاج مستمعها إِلَى إثباتها عَنْهُ ولا رأيته ضاحكًا حَتَّى يقهقه، ولقد كَانَ إذا أخذ فِي ذكر المعاد أقول أترى فِي المجلس قلْب لم يبك. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 321 قَالَ محمد بْن عَبْد الرحمن السلمي: رأيت الأوزاعي وكان فوق الرَّبعة خفيف اللحم بِهِ سُمرة يخضب بالحِنّاء. وقال العباس بْن الوليد البيروتي عَن شيوخه: إن الأوزاعي قَالَ: مات أَبِي وأنا صغير فمرّ فلان من العرب فَقَالَ: مَن أنت؟ قُلْتُ: فلان، فَقَالَ: ابْن أخي يرحم الله أباك. فذهب بِي إِلَى بيته فكنت معه حَتَّى بلغت، فألحقني فِي الديوان. وضُرب علينا بعْث إِلَى اليمامة، فلما دخلنا مسجدنا قَالَ لِي رَجُل: رأيت يحيى بْن أَبِي كثير معجَبًا بك يَقُولُ: مَا رأيت فِي هَذَا البعث أهدى من هَذَا الشاب، قَالَ: فجالستُه فكتبت عَنْهُ أربعة عشر كتابًا فاحترقت. رواها محمد بْن أيوب بْن سويد عَن أبيه وزاد: فقال لِي يحيى: ينبغي لك أن تبادر إِلَى البصرة لعلك تدرك الحسن وابن سيرين، فانطلقت إليها فوجدت الحسن قد مات، فأخبرنا الأوزاعي أَنَّهُ دخل عَلَى ابْن سيرين فعاده، ثُمَّ مات بعد أيام فما سَمِعَ مِنْهُ. قَالَ الهقل بْن زياد: أجاب الأوزاعي فِي سبعين ألف مسألة أو نحوها. وكان إسماعيل بْن عياش يَقُولُ: سَمِعْت الناس يقولون فِي سنة أربعين ومائة: الأوزاعي هُوَ اليوم عالم الأمة. وقال أمية بْن يزيد: هُوَ أرفع عندنا من مكحول، إنه قد جمع العبادة والعلم والقول بالحق. وذكر مسلمة بْن ثابت عَن مالك قَالَ: الأوزاعي إمام يُقتدى بِهِ. وقال عليّ بْن بكار: سَمِعْت أبا إسحاق الفزاري يَقُولُ: مَا رأيت مثل الأوزاعي والثوري، فأما الأوزاعي فكان رَجُل عامة، وأما الثوري فكان رَجُل خاصة نفسه، ولو خُيِّرْتُ لهذه الأمة لاخترت لها الأوزاعي. وكذا قَالَ ابْن الْمُبَارَك وغيره. قَالَ الخريبي: كَانَ الأوزاعي أفضل أهل زمانه. وقال الوليد: ما رأيت أكثر اجتهادًا فِي العبادة مِنْهُ. وقال بشر بْن المنذر: رأيت الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع. وقال أَبُو مسهر: كَانَ الأوزاعي يُحيى الليل صلاة وقرآن وبكاء. وقال ابْن مهدي: إنما الناس فِي زمانهم أربعة: حماد بْن زيد بالبصرة، والثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام. وقال أحمد: الأوزاعي إمام. وقال إسحاق: إذا اجتمع الثوري والأوزاعي ومالك عَلَى أمر فهو سُنَّةٌ. وروى عمر بْن عَبْد الواحد عَن الأوزاعي قَالَ دفع إليّ الزُّهْري صحيفة فَقَالَ: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 322 اروها عني ودفع إلي يحيى بن أبي كثير صحيفة فَقَالَ: اروها عنّي1. قَالَ الوليد: قَالَ الأوزاعي: نعمل بها ولا نحدّث بها. وقال هشام بْن عمار: سَمِعْت الوليد يَقُولُ: احترقت كتب الأوزاعي زمن الرجفة ثلاثة عشر فنداقًا فأتاه رَجُل بنُسَخِها فَقَالَ: يَا أبا عمرو هَذِهِ نسخة كتابك وإصلاحك بيدك، فما عرض لشيء منها حَتَّى فارق الدُّنْيَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لا نأمن بإصلاح اللحن. وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: إذا أراد الله بقوم شرًّا فتح عليهم الجدل ومنعهم العمل. قَالَ العباس بْن الوليد: أدركت أهل زمان محمد ولد الأوزاعي وما كانوا يشكّون أَنَّهُ من الأبدال. قُلْتُ: عاش محمد بعد أبيه عشرين سنة وكان عابدًا قانتًا لله، أخذ عَنْهُ أَبُو مسهر. وقال عمرو بْن أَبِي سلمة: سمعنا الأوزاعي يَقُولُ: رأيت كأن مَلَكَيْن نزلا فأخذا بضبعي فعرّجاني إِلَى الله تعالى وأوقفاني بين يديه فَقَالَ: أنت عبدي عَبْد الرحمن الَّذِي تأمر بالمعروف وتنهى عَن المنكر، قَالَ: قلت: بعزّتِك رب أنت أعلم، قَالَ: فرَدَّاني إِلَى الأرض2. وقال محمد بْن كثير: سمعت الأوزاعي يَقُولُ: كنا والتابعون متوافرون يقولون إن الله تعالى فوق عرشه ونؤمن بما وردت بِهِ السنة من صفاته. وقال أَبُو أسامة: رأيت سفيان الثوري والأوزاعي، ولو خُيِّرْتُ لاخترت الأوزاعي لأنه كَانَ أعلم الرجلين. وقال صدقة السمين: مَا رأيت أحدًا أحلم3 ولا أكمل ولا أجمل من الأوزاعي. وقال موسى بْن أعين: قَالَ الأوزاعي: كنا نضحك ونمزح فلما صرنا يُقتدى بنا خشينا أن لا يسعنا التبسّم. وقال منصور بْن أبي مزاحم عَن أَبِي عُبَيْد الله كاتب المنصور قَالَ: كَانَت ترد علينا إِلَى المنصور كُتُبٌ من الأوزاعي نتعجّب منها ونعجز كتابةً عنها، فكانت تنسخ   1 سير أعلام النبلاء "7/ 90 وما بعدها". 2 انظر المصدر السابق. 3 الحلْمُ: هو ضبط النفس والطبع عند هيجان الغضب. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 323 فِي دفاتر وتوضع بين يدي المنصور، فيكثر النظرَ فيها استحسانًا لألفاظها، فَقَالَ لسليمان بْن مجالد وكان من أحظى كُتَّابه عنده: ينبغي أن تجيب الأوزاعي، قَالَ: مَا أُحسِنُ ذاك وإن لَهُ نظْمًا فِي الكتب لا أظن أحدًا من جميع الناس يقدر عَلَى إجابته عَنْهُ، وأنا أستعين بألفاظه عَلَى مَن لا يعرفها ممن نكاتبه. وقال الحكم بْن موسى: ثنا الوليد قال: مَا كنت أحرص عَلَى السماع من الأوزاعي حَتَّى رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام والأوزاعي إِلَى جنبه، فَقُلْتُ: يَا رسول الله عمن أحمل العلم؟ قَالَ: عَن هَذَا، وأشار؟ إِلَى الأوزاعي. عَبْد الحميد بْن بكار عَن محمد بْن شعيب قَالَ: جلست إِلَى شيخ فِي المسجد فَقَالَ: أَنَا ميت يوم كَذَا وكذا، فلما كَانَ ذَلِكَ اليوم أتيته فإذا هُوَ يتفلّى فِي الصحن فَقَالَ: مَا أخذتم النعش خذوه قبل أن تُسبقوا إِلَيْهِ قُلْتُ: مَا تقول رحمك الله؟ قَالَ: هو ما قال لك، إِنِّي رأيت طائرًا يقع عَلَى ركن هَذِهِ القبة فسمعته يَقُولُ: فلان قَدَري وفلان كذا، وعثمان ابن أَبِي العاتكة نِعْم الرجل، والأوزاعي خير من يمشي عَلَى الأرض، وأنت ميت يوم كَذَا، قَالَ: فَما جاءت الظُّهْر حَتَّى مات الرجل. قَالَ الوليد بْن مَزْيَد: كَانَ الأوزاعي من العبادة على شيء لم يُسمع بأحد قوى عَلَيْهِ، مَا أتى عَلَيْهِ زوال قط إلا وهو قائم يصلّي. وقال مروان بْن محمد: قَالَ الأوزاعي: مَن أطال قيام الليل هوّن الله عَلَيْهِ وقوف يوم القيامة. ويُذكر عَن الأوزاعي أَنَّهُ حجّ فما اضطجع فِي المحمل أبدًا. وقال إسحاق بْن خالد: نا أَبُو مسهر قَالَ: مَا رؤي الأوزاعي باكيًا قط، ولا ضاحكًا حَتَّى تبدو نواجذه، وكان يحيى الليل بكاءً وصلاةً. وأخبرني بعض إخوتي من أهل بيروت أن أم الأوزاعي كَانَت تدخل منزل الأوزاعي وتتفقد موضع مصلاه فنجده رطبًا من دموعه. وقال محمد بْن الأوزاعي: قَالَ لِي أَبِي: يَا بني لو كنا نقبل من الناس كل مَا يعرضون علينا لأوشك بنا أن نهون عليهم. وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: عليك بآثار من سلف وإنْ رَفَضَك الناسُ، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت عَلَى طريق مستقيم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 324 وقال بقية: قال لي الأوزاعي: العلم ما جاء عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما لم يجيء عَن الصحابة فليس بعلم1. وقال الوليد وبقية عَن الأوزاعي: لا يجتمع حُبّ عليّ وعثمان إلا فِي قلب مؤمن2. وقال الأوزاعي: كتب إليّ قتادة: إنْ كَانَت الدار فرّقت بيننا وبينك فإن أُلْفَة الإسلام جامعة بين أهلها. وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: أتيت بيروت أرابط فلقيت سوداء عند المقابر فَقُلْتُ: أين العمارة؟ قالت: أنت فِي العمارة، وإنْ أردتَ الخرابَ فبين يديك. قَالَ أحمد بْن عَبْد الواحد: نا محمد بْن كثير عَن الأوزاعي قَالَ: وقع عندنا ببيروت رِجْلِ 3 جراد، فذكر من عِظَمه وعِظَم الجرادة، قَالَ: وعليه خُفّان أحمران وهو يَقُولُ: "الدنيا باطل وباطل مَا فيها" ويومئ بيده، حيثما أومأ انساب الجراد، رواها عليّ بْن زيد الفرائضي عَن ابْن كثير سَمِعَ الأوزاعي أَنَّهُ هُوَ الَّذِي رأى ذَلِكَ4. وقال أَبُو زرعة: أريدَ الأوزاعيُّ عَلَى القضاء من يزيد بْن الوليد فجلس بهم مجلسًا واحدًا وترك. عن الأوزاعي قال: من أكثر الموت كفاه اليسير ومن عرف أن منطقه من عمله قلّ كلامه. ومن موعظة للأوزاعي يَقُولُ: كانوا بلهو الأمل آمنين فقد علمتم ما نزل بساحتهم بيتًا من عقوبة الله، فأصبح كثير منهم فِي ديارهم جاثمين، وأصبح الباقون ينظرون فِي آثار نِقَمِه وزوال نِعَمِه، ومساكن خاوية فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم، وأصبحتم بعدهم فِي أجل منقوص، ودنيا منقوصة، فِي زمان قد ولّى عفوُهُ وذهب رخاؤه، فلم يبق مِنْهُ إلا حمّة شرّ، وصبابة كدر، وأهاويل غير، وعقوبات عبر، وإرسال فتن، وتتابع زلازل، ورذالة خلف بهم ظهر الفساد، فلا تكونوا أشباهًا لمن خدعه الأمل وغرّه طول الأجل، جعلنا الله وإياكم ممن وعى وانتهى، وعقل مثواه فمهّد لنفسه. وقال عامر بْن يسّاف: سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: إذا بلغك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديث فإياك أن تقول بغيره. وقال أَبُو إسحاق الفزاري عَن الأوزاعي: كَانَ يقال: خَمْسٌ كَانَ عليها الصحابة والتابعون لهم بإحسان: لزوم الجماعة، واتباع السنة،   1 سير أعلام النبلاء "7/ 95". 2 انظر المصدر السابق. 3 الرجل: هي الطائفة العظيمة من الجراد. 4 انظر سير أعلام النبلاء "7/ 96". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 325 وعمارة المسجد، والتلاوة، والجهاد. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام. وعن الأوزاعي قَالَ: كنا نتحدث أَنَّهُ مَا ابتدع أحد بدعة إلى سُلِب ورعُه. وعن عنبسة بْن سعيد أَنَّهُ قَالَ: مَا ابتدع رَجُل إلا غلّ صدره عَلَى المسلمين. وقال أَبُو توبة الحلبي: سَمِعْت سلمة بْن كلثوم يَقُولُ: كتب أَبُو حنيفة إِلَى الأوزاعي تسعين مسألة فما أجاب منها إلا بمسألتين. وقال أَبُو إسحاق الفزاري: قَالَ الأوزاعي: إنا لا ننقم عَلَى أَبِي حنيفة أَنَّهُ رأى، كلنا نرى ولكننا ننقم عَلَيْهِ أَنَّهُ رأى الشيء عَن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخالفه1. وقال الأوزاعي: فيما سمعه مِنْهُ الوليد بْن مزيد: إن المؤمن يَقُولُ قليلا ويعمل كثيرًا، وإن المنافق يَقُولُ كثيرًا ويعمل قليلا. وقال الأوزاعي: سَمِعْت يحيى بْن أبي كثير يقول: العالم من خشي الله، وخشيةُ الله الورع. قَالَ سَالِمُ بْنُ جُنَادَةَ: ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ التَّغْلِبِيُّ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَمُحَمَّدٌ عَلَى الْمَنْصُورِ أَرَادَ أَهْلُ الثُّغُورِ أَنْ يُعِينُوهُ عَلَيْهِمَا فَأَبَوْا ذَلِكَ فَوَقَعَ فِي يَدِ مَلِكِ الرُّومِ أُلُوفٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَسْرَى، وَكَانَ مَلِكُ الرُّومِ يُحِبُّ أَنْ يُفَادِي بِهِمْ وَيَأْبَى أَبُو جَعْفَرٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الأَوْزَاعِيُّ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ اسْتَرْعَاكَ هَذِهِ الأُمَّةَ لِتَكُونَ فِيهَا بِاللِّينِ قَائِمًا وَبِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَفْضِ الْجَنَاحِ وَالرَّأْفَةِ مُتَشَبِّهًا. وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُسَكِّنَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ دَهْمَاءَ هَذِهِ الأُمَّةِ وَيَرْزُقُهُ رَحْمَتَهَا فَإِنَّ سَائِخَةَ الْمُشْرِكِينَ وَمَوْطِأَهُمْ حَرِيمُ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِنْزَالَهُمُ الْعَوَاتِقَ مِنَ الْمَعَاقِلِ لا يَلْقَوْنَ لَهُنَّ نَاصِرًا وَلا عنهن مدافعًا، كاشفات عن رؤوسهن وأقدامهن، وكان ذلك من الله بمرأى   1 فائدة هامة: قال العلامة الكوثري "19-40-76" كما في "تأنيب الخطيب". أبو إسحاق الفزاري كان يطلق لسانه في أبي حنيفة ويعاديه بسبب أنه أفتى أخاه بمؤآزرة إبراهيم القائم في عهد المنصور، فقتل في الحرب. فأطلق لسانه بجهل عظيم على شيخه الإمام الإعظم، على ما في مقدمة "الجرح والتعديل لابن أبي حاتم" ورواية العدو المتعصب مردودة عند أهل النقد، مع كثرة أغلاطه في الرواية جمود قريحته في الذراية، على ما في "طبقات ابن سعد"، "المعارف لابن قتيبة" اهـ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 326 وَمَسْمَعٍ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَسْعَ بِالْمُفَادَاةِ فِيهِمْ مِنَ اللَّهِ سَبِيلا، وَلْيَخْرُجْ مِنْ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75] . وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَهُمْ يَوْمَئِذٍ فَيْءٌ مَوْقُوفٌ وَلا ذِمَّةٌ تُؤَدِّي خَرَاجًا إِلا خَاصَّةُ أَمْوَالِهِمْ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "إِنِّي لأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فِي الصَّلاةِ فَأَتَجَوَّزُ فِيهَا مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ" 1 وَكَيْفَ بِتَخْلِيَتِهِمْ فِي أَيْدِي عَدُوِّهِمْ يَمْتَهِنُونَهُمْ وَيَطَئُونَهُمْ، وَأَنْتَ رَاعٍ وَاللَّهُ فَوْقَكَ وَمُسْتَوْفٍ مِنْكَ يَوْمَ تُوضَعُ الْمَوَازِينُ الْقِسْطُ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُهُ أَمَرَ بِالْفِدَاءِ. الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدَ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: وَيْلٌ لِلْمُتَفَقِّهِينَ لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ وَالْمُسْتَحِلِّينَ الْحُرُمَاتِ بِالشُّبُهَاتِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ: نَا أَبُو نَشِيطٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ نَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: اجْتَمَعَ الثَّوْرِيُّ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ بمكة فقال سفيان الثوري: يا أبا عمر حَدِّثْنَا حَدِيثَكَ مَعَ عَبْد اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: نَعَمْ، لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ وَقَتَلَ بَنِي أُمَيَّةَ فَجَلَسَ يَوْمًا عَلَى سَرِيرِهِ وَدَعَا أَصْحَابَهُ أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ: مَعَهُمُ السُّيُوفُ مِسَلَّلَةً صِنْفٌ وَمَعَهُمُ الأَعْمِدَةُ صِنْفٌ، وَمَعَهُمُ الْكَافِرُ كُوبُ صِنْفٍ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ فَلَمَّا صِرْتُ بِالْبَابِ أَنْزَلُونِي عَنْ دَابَّتِي، وَأَخَذَ اثْنَانِ بِعَضُدِي، ثُمَّ أَدْخَلُونِي بَيْنَ الصُّفُوفِ حَتَّى أَقَامُونِي مُقَامًا يُسْمِعُ كَلامِي، فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَصْلَحَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا تَقُولُ فِي دِمَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَسَأَلَنِي مَسْأَلَةَ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلا، فَقُلْتُ: قَدْ كَانَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ عُهُودٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ اجْعَلْنِي وَإِيَّاهُمْ لا عَهْدَ بَيْنَنَا، مَا تَقُولُ فِي دِمَائِهِمْ؟ فَأَجْهَشَتْ نَفْسِي وَكَرِهْتُ الْقَتْلَ، فَذَكَرْتُ مُقَامِي بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَلَفَظْتُهَا فَقُلْتُ: دِمَاؤُهُمْ عَلَيْكَ حَرَامٌ، فَغَضِبَ وَانْتَفَخَتْ عَيْنَاهُ وَأَوْدَاجُهُ وَقَالَ: وَيْحَكَ وَلِمَ ذَاكَ؟ قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: ثَيِّبٍ زَانٍ، وَنَفْسٍ بِنَفْسٍ، وَتَارِكٍ لِدِينِهِ" 2 قَالَ: وَيْحَكَ أَوَلَيْسَ الأَمْرُ لَنَا دِيَانَةً؟ قُلْتُ: كيف ذاك؟ قال: أليس كان   1 "حديث صحيح": أخرجه ابن ماجه "990"، والطبراني في معجمه الكبير "9/ 48"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "6/ 136" وغيره. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6878"، ومسلم "1676"، والجماعة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 327 رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ؟ قلت: لَوْ أَوْصَى إِلَيْهِ لَمَا حَكَّمَ الْحَكَمَيْنِ، فَسَكَتَ وَقَدِ اجْتَمَعَ غَضَبًا، فَجَعَلْتُ أَتَوَقَّعُ رَأْسِي يَقَعُ بَيْنَ يَدَيَّ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا: أَوْمَأَ أَنْ أَخْرِجُوهُ، فَخَرَجْتُ فَرَكِبْتُ وَسِرْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ فَإِذَا فَارِسٌ فَنَزَلْتُ وَقُلْتُ: قَدْ بَعَثَ لِيَأْخُذَ رَأْسِي، أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَكَبَّرْتُ فَجَاءَ وَأَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي فَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنَّ الأَمِيرَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ، قَالَ: فَفَرَّقْتُهَا قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَنْزِلِي1. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ الْفَارِسِ نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نَا الْفِرْيَابِيُّ نَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ قَتْلِ بَنِي أُمَيَّةَ بَعَثَ إِلَيَّ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ قَتَلَ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ بِالْكَافِرِ كُوبَاتِ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي دِمَائِهِمْ؟ فَحِرْتُ، قَالَ: أَجِبْ، وَمَا لَقِيتُ مِثْلَهُ مُفَوَّهًا قَطُّ، فَقُلْتُ: كَانَ لَهُمْ عَلَيْكَ عَهْدٌ قَالَ: فَاجْعَلْنِي وَإِيَّاهُمْ وَلا عَهْدَ بَيْنَنَا، مَا تَقُولُ فِي دِمَائِهِمْ؟ قُلْتُ: حَرَامٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ الْحَدِيثَ" 2 قَالَ: وَلِمَ وَيْلَكَ! أَلَيْسَتِ الْخِلافَةُ وَصِيَّةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاتَلَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ بِصِفِّينَ، قُلْتُ: لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً مَا رَضِيَ بِالْحَكَمَيْنِ، قَالَ: فَنَكَّسَ ثُمَّ نَكَّسْتُ ثُمَّ قُلْتُ: الْبَوْلُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنِ اذْهَبْ، فَجَعَلْتُ لا أَخْطُو خُطْوَةً إِلا ظَنَنْتُ أَنَّ رَأْسِيَ تَقَعُ عِنْدَهَا. هَاشِمُ بْنُ مَرْثَدٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْعُمُرِ يَقُولُ: لَمَّا جَاءَتِ الْمِحْنَةُ الَّتِي نزلت بالأوزاعي إذا نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ حُمَاةَ طَلَبَهُ قَالَ فَنَزَلَ عَلِيَّ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ بِحِمْصَ فلم يزل يَتَكَلَّمُ فِي الْقَدَرِ مِنْ بَعْدِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ وَأَنَا سَاكِتٌ ثُمَّ صَلَّيْتُ وَأَتَيْتُ حُمَاةَ فَأُدْخِلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا أَوْزَاعِيُّ أَتَعُدُّ مَقَامَنَا هَذَا وَمَسِيرَنَا رِبَاطًا؟ فَقُلْتُ: جَاءَتِ الآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ الْحَدِيثَ" 3. وَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ حَمَّادٍ الْقَارِيُّ: نَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَاشْتَدَّ عَلَيَّ فَأُدْخِلْتُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي مَخْرَجِنَا هَذَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ قَدْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ مَوَدَّةٌ، قَالَ: لتخبرني، ففكرت ثم استسلمت   1 انظر سير أعلام النبلاء "7/ 98". 2 انظر المصدر السابق "7/ 97". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1"، ومسلم "1907"، وغيرهما، وانظر سير أعلام النبلاء "7/ 97". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 328 للموت فقلت: حدثني يحيى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَسَاقَ حَدِيثَ الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ قَالَ: وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ يَنْكُتُ بِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا تَقُولُ فِي قَتْلِ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ؟ فَوَرَدَ عَلَيَّ أَمْرٌ عَظِيمٌ فَقُلْتُ: قَدْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ دَاوُدَ مَوَدَّةٌ، فَقَالَ: هِيهْ لِتُحَدِّثَنِي، فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يَحِلُّ قَتْلَ مُسْلِمٍ إِلا فِي ثَلاثٍ" 1 فَأَطْرَقَ هَوِيًّا ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنِ الخلافة وصية لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: لَوْ كَانَ وَصِيَّةً مَا تَرَكَ عَلَيَّ أَحَدًا يَتَقَدَّمُهُ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي أَمْوَالِ بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَقُلْتُ: إِنْ كَانَتْ لَهُمْ حَلالٌ فَهِيَ عَلَيْكَ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ حَرَامٌ فَهِيَ عَلَيْكَ أَحْرَمُ، أَيْ فَرُدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي فَأُخْرِجْتُ2. قَالَ عَبْد الوهاب بْن نجدة: نا أَبُو الأسوار محمد بْن عمر التنوخي قَالَ: كتب أَبُو جعفر إِلَى الأوزاعي: أما بعد فقد جعل أمير المؤمنين فِي عنقك مَا جعله الله لرعيته فِي عنقه فاكتب إليه بما رأيت في المصلحة. فكتب إِلَيْهِ: عليك يَا أمير المؤمنين بتقوى الله وتواضع يرفعك الله يوم يضع المتكبّرين، واعلم أن قرابتك من رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لن تزيد حق الله عليك إلا عظما ولا طاعته إلا وجوبًا. وقال يحيى بْن أيوب المقابري: ثنا أحمد بْن أَبِي الحواري قَالَ: دخل الأوزاعي على المنصور فلما أراد أن يصرف استعفى من لبس السواد فأجابه، فسئل الأوزاعي فَقَالَ: لم يُحْرِم فِيهِ مُحْرِم ولا كُفِّن فِيهِ مَيِّتٌ ولم تُزَيَّنْ فِيهِ عروس3. قَالَ عَبْد الحميد بْن بكار: سَمِعْت ابْن أَبِي العشرين يَقُولُ: سَمِعْت أمير الساحل يَقُولُ وقد دفنا الأوزاعي: رحمك الله أبا عمرو ولقد كنت أخافك أكثر ممن ولاني4. وقال محمد بْن عُبَيْد الطنافسي: كنت جالسًا عند الثوري فجاءه رَجُل فَقَالَ: رأيت كأنّ رَيْحانة من المغرب قُلِعت. قَالَ: إن صَدَقَتْ رؤياك فقد مات الأوزاعي، فكتبوا ذَلِكَ فوجد موته فِي ذلك اليوم.   1 "صحيح": أخرجه النسائي "4757"، وانظر سير أعلام النبلاء "7/ 98". 2 انظر المصدر السابق في السير. 3 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 99-100". 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 329 قَالَ أحمد بْن عيسى المصري: حدثني خيران بْن العلاء وكان من خيار أصحاب الأوزاعي قَالَ: دخل الأوزاعي الحمام وكان لصاحب الحمام حاجة فأغلق عَلَيْهِ وذهب ثُمَّ جاء فوجده ميتًا مستقبل القبلة. وقال أَبُو مسهر: بلغنا موت الأوزاعي وأن زوجته أغلقت عَلَيْهِ باب الحمام غير متعمّدة فمات، فأمرها سعيد بْن عَبْد العزيز بعتق رقبة، ولم يخلف إلا ستة دنانير فضلت من عطائه، وكان قد اكتتب فِي ديوان الساحل. أَبُو فروة يزيد بْن محمد الرهاوي: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: قلت لعيسى بْن يونس: أيمّا أفضل الأوزاعي أو الثوري؟ فَقَالَ لِي: وأين أنت من سفيان، قُلْتُ: ذهبت بِهِ العراقية، الأوزاعي وفقهه وفضله وعلمه، فغضب وقال: أتراني أؤثر عَلَى الحق شيئًا! سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: مَا أخذنا العطاء حَتَّى شهدنا عَلَى عليّ بالنفاق وتبّرأنا مِنْهُ، وأخذ علينا بذاك العتاق والطلاق وأَيْمان البيعة، قَالَ: فلما عقلت أمري سَأَلْتُ مكحولا ويحيى بْن أَبِي كثير وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن عُبَيْد بْن عمير، فقالوا: ليس عليك شيء إنما أنت مُكْرَه، قَالَ: فلم تطب نفسي حَتَّى فارقت نسائي وأعتقت رقيقي وخرجت من مالي وكفرت أَيْماني، فأَخْبِرْني: أَسُفْيان كَانَ يفعل ذَلِكَ1؟ سمعها الحاكم من أَبِي علي الحافظ أنا مكحول ببيروت ثنا أَبُو فروة. العباس بن الوليد بن مزيد. نا أبو عبد الله بْن فلان قَالَ: سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: نترك من قول أهل العراق خمسًا ومن قول أهل الحجاز خمسًا، فمن قول أهل العراق: شرب المُسْكِر، والأكل عند الفجر فِي رمضان، ولا جمعة إلا فِي سبعة أمصار، وتأخير العصر حَتَّى يصير ظل كل شيء أربعة أمثاله، والفرار يوم الزحف. ومن قول أهل الحجاز: استماع الملاهي، والجمع بين الصلاتين من غير عذر، والمتعة بالنساء، والدرهم بالدرهمين والدينار بدينارين مداينة، وإتيان النساء فِي أدبارهن2. قَالَ العباس بْن الوليد: سَمِعْت عقبة بْن علقمة قَالَ: كان سبب موت الأوزاعي   1 انظر المصدر السابق. 2 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 103"، وزاد المعاد لابن القيم "4/ 257". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 330 أَنَّهُ خضّب ودخل حمّاما لَهُ فِي منزله، وأدخلت معه امرأته كانونًا فِيهِ فحم ليدفأ وأغلقت عَلَيْهِ، فهاج الفحم وصفرت نفسه، وعالج الباب ليفتحه فامتنع عَلَيْهِ، فألقى نفسه فوجدناه متوسدًا ذراعه إلى القبلة. قال العباس بن الوليد: نا سالم بْن المنذر قَالَ: لما سَمِعْت الصيحة برفاة الأوزاعي خرجت فأول من رأيت نصرانيًا قد ذرّ عَلَى رأسه الرماد، قَالَ: فلم يزل المسلمون يعرفون ذَلِكَ لَهُ، وخرج فِي جنازته اليهود ناحية والنصارى ناحية والقبط. اتفقوا عَلَى وفاة الأوزاعي سنة سبع وخمسين ومائة، زاد بعضهم فِي صفر، -رضي الله عَنْهُ. ولقد كَانَ مذهب الأوزاعي ظاهرًا بالأندلس إِلَى حدود العشرين ومائتين، ثم تناقض واشتهر مذهب مالك بيحيى بن يحيى الليثي. وكان مذهب الأوزاعي أيضًا مشهورًا بدمشق إِلَى حدود الأربعين وثلاثمائة. وكان القاضي أبو الحسن ابن حذلم لَهُ حلقة بجامع دمشق ينتصر فيها لمذهب الأوزاعي. 161- عَبْد الرحمن بْن يزيد بْن تميم السلمي1 -ن ق- الدمشقي. عَن مكحول وإسماعيل بْن عُبَيْد الله وبلال بْن سعد والزهري ومطعم بْن المقدام وجماعة. وعنه ابناه الحسن وخالد، والوليد بْن مسلم وأبو أسامة وأبو المغيرة عَبْد القدوس وآخرون. ضعّفه أَبُو زرعة. وقال أَبُو داود والنسائي: متروك الحديث. وقال البخاري: عنده مناكير. وقال أحمد: قلت: أخذ أحاديث شهر حوشب فجعلها حديث الزهري. وقال ابْن عديّ: يكتب حديثه. وقال دُحَيم: لَهُ حديث معضِل وقال أيضًا: منكر الحديث عَن الزهري. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: أَبُو أسامة يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ فنرى أنه ليس به. قال الفسوي: صدوق هو عبد الرحمن بن بلال بن تيم.   1 التاريخ الكبير "5/ 365"، وتهذيب التهذيب "6/ 295". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 331 وقال ابْن أَبِي حاتم: سَأَلْتُ محمد بْن عبد الرحمن الجعفي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ فَقَالَ: قدم الكوفة عَبْد الرحمن بْن يزيد بْن تميم ويزيد بْن يزيد بْن جابر، ثُمَّ قدم عَبْد الرحمن بْن يزيد بْن جابر بعد مدة، فالذي عَنْهُ أَبُو أسامة ليس هُوَ ابْن جابر هُوَ ابْن تميم. وقال الذهلي: الوليد الموقري وعبد الرحمن بْن يزيد بْن تميم يجيء عنهما مناكير عَن الزهري. وقال أَبُو بكر بْن أَبِي داود: قدم هَذَا فَقَالَ: أَنَا عَبْد الرحمن بْن يزيد الدمشقي وحدث عَن مكحول وظن أَبُو أسامة أَنَّهُ ابْن جابر وابن جابر فثقة مأمون والآخر ضعيف. قَالَ: وقدم ثور بْن يزيد وابن تميم هَذَا وبرد بْن سنان ومحمد بْن راشد وأبو ثوبان العراق، فروا من القتل، كانوا قَدَرِيّة. وقال البخاري: قَالَ أحمد بْن حنبل: أخبرت عَن مروان عَن الوليد أَنَّهُ قَالَ: لا ترو عَنْهُ فإنه كذاب، يعني ابْن تميم. وقال الهيثم بْن خارجة: حدّث الوليد عَن ابْن تميم عَن مكحول حديث الفاجرة فَقَالَ وكيع: شيخ سوء يحدّث بمثل هَذَا! قُلْتُ: روى لَهُ النسائي متابعة. 162- عَبْد الرحمن بْن يزيد بْن جابر1 –ع- أبو عتبة الأزدي الداراني الدمشقي الحافظ. عَن أَبِي الأشعث الصنعاني وأبي كبشة السلولي ومكحول وابن سلام ممطور وابن عامر اليحصبي والزهري وعطية بْن قيس، وعدد كثير. وعنه ابنه عَبْد الله وابن الْمُبَارَك والوليد بْن مسلم وعمر بْن عَبْد الواحد وأيوب بْن سويد وحسين الجعفي ومحمد بْن شعيب، وخلق. وقد طلبه المنصور فوفد عَلَيْهِ. وثّقه ابْن معين وأبو حاتم. وقال أَبُو مسهر: رأيته. وقال الوليد بْن مسلم عَن ابْن جابر قَالَ: كنت أرتدِف خلف أَبِي أيام الوليد فقدم علينا سُلَيْمَان بْن يسَّار فَدَعَاهُ أَبِي إِلَى الْحَمَّامِ وَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا وكنت آتي المغانم أيام هشام.   1 التهذيب "6/ 297"، والجرح والتعديل "5/ 299". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 332 وروى صدقة بْن خالد عَن ابْن جابر قَالَ: قَالَ خالد بْن اللجلاج لمكحول: سل هَذَا عما كَانَ وما لم يكن، يعني ابْن جابر. قَالَ أحمد بْن جابر يَقُولُ: لا تكتبوا العلم إلا ممن يُعرف بطلب الحديث. قَالَ أَبُو مسهر وجماعة: مات سنة أربع وخمسين ومائة. وقال أبو عبيدة وخليفة: سنة ثلاث وقيل سنة ست. 163- عَبْد السلام بن أبي حازم شداد1 –د- أبو طالوت العبدي القيسي البصري. عَن أنس وغزوان بْن جرير وأبي عثمان النهدي. وفي سنن "د" روايته عَن أَبِي برزة الأسلمي وذلك ممكن لأنه يَقُولُ: رأيت هودج عائشة يوم الجمل كأنه قنفذ من السهام. روى عَنْهُ وكيع وأبو بدر السكوني والأنصاري ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وجماعة. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا أعلمه إلا ثقة. وقال ابْن حبان: ولد أبوه شداد يوم قبض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: حديثه أعلى شيء وقع فِي السنن، وهو فِي ذكر الحوض. 164- عَبْد السلام بن حفص2 -د ت ن-. ويقال: ابن مصعب المدني أبو مصعب. وعن الزهري وعبد الله بْن دينار وزيد بْن أسلم. وعنه ابْن وهب وخالد بْن مخلد وأبو عامر العقدي. وثّقه يحيى بْن معين. 165- عبد الصمد بن حبيب العوذي3 –د- البصري نزيل بغداد. روى عَن أبيه وسعيد بْن طهمان. وعنه هاشم بْن القاسم ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وجماعة. قَالَ أَبُو حاتم: لين الحديث.   1 التاريخ الكبير "6/ 64"، والتهذيب "6/ 316"، والجرح والتعديل "6/ 45". 2 التهذيب "6/ 317"، وميزان الاعتدال "2/ 615". 3 الجرح والتعديل "6/ 51"، وميزان الاعتدال "2/ 619". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 333 166- عَبْد العزيز بْن أَبِي رَوَّاد1 -4- واسم أبيه ميمون -ويقال أيمن- بْن بدر مولى المهلب بْن أَبِي صفرة الأزدي المكي أحد العلماء، وله جماعة إخوة. روى عَن عكرمة وسالم والضحاك بْن مزاحم ونافع وجماعة. وعنه ابنه عَبْد المجيد وحسين الجعفي ويحيى القطان وعبد الرزاق وأبو عاصم ومكي بْن إِبْرَاهِيم وعدة. قَالَ ابْن الْمُبَارَك: كَانَ من أعبد الناس. وقال يوسف بْن أسباط: مكث أربعين سنة لم يرفع طرفه إِلَى السماء، فبينما هُوَ يطوف حول الكعبة إذ طعنه المنصور بأصبعه فالتفت فَقَالَ: قد علمت أنها طعنة جبّار. وقال شقيق البلخي: ذهب بصر عَبْد العزيز بْن أَبِي رَوَّاد عشرين سنة ولم يعلم بِهِ أهله ولا ولده. وعن سفيان بن عيينة قَالَ: كَانَ ابْن أَبِي رواد من أحلم الناس فلما لزمه أصحاب الحديث قَالَ: تركني هَؤُلاءِ كأني كلب هرّار. وقال أَبُو عَبْد الرحمن المقري: ما رأيت أحدًا قط أصبر عَلَى طول القيام من عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد. وقال خلاد بْن يحيى: ثنا عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد قَالَ: كَانَ يقال: من رأس التواضع الرضا بالدون من شرف المجالس. وقال عَبْد الصمد بْن يزيد مردويه: نا ابْن عيينة أن عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد قَالَ لأخ لَهُ: أَقْرِضْنا خمسة آلاف درهم إِلَى الموسم، فسُرَّ التاجر وحملها إِلَيْهِ، فلما جنّه الليل قَالَ: مَا صنعت بابن أَبِي رواد شيخ كبير وأنا كبير مَا أدري مَا يحدث لنا فلا يعرف لَهُ ولديّ مَا أعرف لَهُ لئن أصبحت لآتينّه فأشاوره وأجعله منها فِي حِلٍّ، فلما أصبح أتاه فأخبره فَقَالَ: اللهمّ أعطه أفضل مَا نوى، ودعا له، وقال: إن كنت إنما تشاورني فإنما استقرضناه عَلَى الله، وكلما اغتممنا بِهِ كفّر الله بِهِ عنا، فإذا جعلتنا مِنْهُ فِي حِلّ كأنه يسقط، وكره التاجر أن يخالفه. قَالَ: فما أتى الموسم حَتَّى مات التاجر فأتى ولده فقالوا: مال أبينا يا أبا عَبْد الرحمن، فَقَالَ لَهُم: لم يتهيّأ ولكن الميعاد بيننا   1 التاريخ الكبير "6/ 22"، والتهذيب "6/ 338". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 334 الموسم الآتي، فقاموا من عنده، فلما كَانَ الموسم الآتي لم يتهيّأ المال فقالوا لَهُ: اقض أهون عليك من الخنوع وتذهب بأموال الناس، فرفع رأسه فَقَالَ: رحم الله أباكم قد كَانَ يخاف هَذَا وشبهه، ولكن الأجل بيننا وبينكم الموسم الآتي وإلا فأنتم فِي حل مما قلتم. فبينما هُوَ ذات يوم خلف المقام إذ ورد عَلَيْهِ غلام قد كَانَ هرب إِلَى الهند بعشرة آلاف درهم فأخبره أَنَّهُ اتجّر وأن معه فِي التجارات مَا لا يحصى. قَالَ سفيان: فسمعته يَقُولُ: لك الحمد سألناك خمسة آلاف فبعثت إلينا عشرة آلاف، يَا عَبْد المجيد احمل العشرة آلاف، خمسة لَهُم وخمسة للإخاء الَّذِي بيننا وبين أبيهم، فَقَالَ ابنه وقد جاء: قد دفعتها إليهم، فَقَالَ العبد: من يقبض مَا معي؟ فَقَالَ: يَا بني إنما سألناه خمسة آلاف فبعث بعشرة آلاف، أنت حر لوجه الله، وما معك فلك1. قَالَ عَبْد العزيز: سَأَلْتُ عطاءً عَن قوم يشهدون عَلَى الناس بالشرك، فأنكر ذَلِكَ2. وقال عَبْد العزيز: اللهمّ مَا لم تبلغه قلوبنا من خشيتك فاغفره لنا يوم نقمتك من أعدائك. وعن عَبْد العزيز: وسئل مَا أفضل العبادة؟ قَالَ: طول الحزن3. قَالَ مؤمل بْن إسماعيل: مات عَبْد العزيز فجيء بجنازته فوُضعت عند باب الصفا وجاء سفيان الثوري فَقَالَ الناس: جاء الثوري جاء الثوري، فجاء حَتَّى خرق الصفوف والناس ينظرون إِلَيْهِ، فجاوز الجنازة ولم يصلِّ عليها، وذلك أَنَّهُ كَانَ يرى الإرجاء. فقيل لسفيان، فَقَالَ: والله إِنِّي لأرى الصلاة عَلَى من هُوَ دونه عندي ولكن أردت أن أرِي الناس أَنَّهُ مات عَلَى بدعة4. وقال يحيى بن سليم: سَمِعْت عَبْد العزيز بْن أبي رواد يسأل هشام بن حسان في الطواف: مَا كَانَ الحسن يَقُولُ فِي الإيمان؟ قَالَ: كان يقول: قول وعمل قَالَ: فما كَانَ ابْن سيرين يَقُولُ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقُولُ: {آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ} [البقرة: 285] الآية. فقال   1 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 142"، وما بعدها. 2 انظر السابق. 3 انظر السابق. 4 انظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 335 ابْن أَبِي رواد: كَانَ ابْن سيرين وكان ابْن سيرين. فَقَالَ هشام: بيّن أَبُو عَبْد الرحمن الإرجاء. وقال ابْن عيينة: غبت عَن مكة فجئت فتلقّاني الثوري فَقَالَ لِي: يَا بْن عيينة: عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد يفتي المسلمين، قُلْتُ: وفعل؟ قَالَ: نَعَمْ1. وقال عبد الرزاق: كنت جالسًا مَعَ الثوري فمر عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد فَقَالَ سفيان: أما إنه كَانَ شابًا أفقه مِنْهُ شيخًا2. وقال أَبُو عاصم: جاء عكرمة بْن عمارٍ إِلَى ابْن أَبِي رواد فدقّ بابه وقال: أين الضالّ. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ مرجئًا وكان رجلًا صالحًا وليس هو الثبت مثل غيره. وقال أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابْن حِبّان: روى عن نافع بن عمر نسخة موضوعة كان الحديث بها توهّمًا لا تعمّدًا. قُلْتُ: الشأن فِي صحة تِلْكَ الأحاديث عَن عَبْد العزيز. مات سنة تسع وخمسين. 167- عَبْد العزيز بْن سياه الحماني الكوفي3 -سوى د-. عَن الشعبي وحبيب بْن أَبِي ثابت والحكم وجماعة. وعنه عَبْد الله بْن نمير ويحيى بْن آدم وعبيد الله بْن موسى وابنه يحيى بْن عَبْد العزيز. قَالَ أَبُو زرعة: كَانَ من كبار الشيعة لا بأس بِهِ. 168- عَبْد العزيز بْن رُبَيع4، أَبُو العوام الباهلي. عَن عطاء وابن الزبير. وعنه الثوري ووكيع وروح بْن عبادة ويحيى بن كثير العنبري.   1 انظر سير أعلام النبلاء "7/ 143". 2 انظر السابق. 3 التاريخ الكبير "6/ 21"، والتهذيب "6/ 340". 4 الجرح والتعديل "5/ 381"، والمعرفة والتاريخ "3/ 67". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 336 وثّقه ابْن معين. 169- عَبْد القاهر بْن تليد1. أبو رفاعة العامير الكوفي، ويقال البصري. سَمِعَ الشعبي وغيره. وعنه عبد الرحمن بن مهدي وأبو نعيم وأبو الوليد. وثّقه يحيى بْن معين. 170- عَبْد المجيد بْن أَبِي عبس2 بْن جبر الأنصاري الأوسي. عَن أبيه عَن جده. وعنه محمد بْن طلحة التيمي وعثمان بْن إسحاق وزيد بْن الحباب. قَالَ أَبُو حاتم: لين. 171- عَبْد المجيد بْن أَبِي يزيد العقيلي3 -4- أَبُو وهب البصري. عَن العداء بْن خالد. عَن هارون بْن موسى النحوي وعثمان بْن عمر بْن فارس وعباد بْن ليث الكرابيسي. وأظنّه تقدم. 172- عَبْد الملك بْن حميد بْن أَبِي غُنَيَّة الكوفي4 -ع-. عَن أبيه والحكم وعاصم بْن بهدلة. وعنه السفيانان وأبو نعيم وأبو المغيرة الحمصي وجماعة. وثقه ابن معين. 173- عبد الملك بن شداد الأزدي الحديدي5. عَن الحسن وثابت وعبد الله بْن سُلَيْمَان. وعنه وكيع وسعيد بْن عامر ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. 174- عَبْد الملك بْن مسلم6 -ت ن- أبو سلام الحنفي الكوفي.   1 التاريخ الكبير "6/ 130"، والتاريخ لابن معين "3040". 2 الجرح والتعديل "6/ 64". 3 التهذيب "6/ 383". 4 التاريخ الكبير "5/ 411"، والتهذيب "6/ 392"، والجرح والتعديل "5/ 347". 5 التاريخ الكبير "5/ 419"، والجرح والتعديل "5/ 353". 6 التهذيب "6/ 424"، وميزان الاعتدال "2/ 664". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 337 عَن أبيه، وصوابه عَن رَجُل عَن أبيه. وعنه وكيع وأبو نعيم وأحمد بْن خالد الذهبي. صدوق موثق لكنه شيعي. 175- عَبْد الملك بن معن المسعودي1 -م د ن ق- أبو عبيدة أخو القاسم بن معن. روى عَن الأعمش وأبي إسحاق الشيباني. ومات شابا. وعنه ابنه محمد وابن الْمُبَارَك والمحاربي. وثّقه يحيى بْن معين. 176- عَبْد الملك بن أبي جمعة2 –يو- سعيد البصري القطان. عَن الحسن وبكر المزني وعطاء وجماعة. وعنه حماد بْن زيد وعبيد بْن موسى ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. ضعّفه ابْن مَعِين. وقَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 177- عَبْد الواحد بْن سليم المالكي البصري3. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ويزيد الفقير. وعنه علي بْن الجعد وجماعة. 178- عَبْد الواحد بْن زيد4 أَبُو عبيدة البصري العابد القدوة شيخ الصوفية بالبصرة. روى عَن الحسن وعطاء بْن أَبِي رباح وعبادة بْن نسيّ وعبد الله بْن راشد وجماعة سواهم. وعنه وكيع ومحمد بْن السماك وزيد بْن الحباب وأبو سُلَيْمَان الداراني ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وجماعة. وهو ضعيف الحديث. قَالَ البخاري: عَبْد الواحد بْن زيد تركوه. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابْن حِبّان: كَانَ ممن غلب عليه العبادة حتى غفل عَن الإتقان فكثر المناكير فِي حديثه. قَالَ أحمد بن أبي الحواري: قال لي سليمان: أصاب عبد الواحد الفالج فسأل   1 التقريب "1/ 523"، والجرح والتعديل "5/ 368". 2 ميزان الاعتدال "2/ 652"، والمتروكين "71". 3 التهذيب "6/ 435"، والمعرفة والتاريخ "3/ 378". 4 ميزان الاعتدال "2/ 672"، والجرح والتعديل "6/ 20". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 338 الله أن يطلقه فِي وقت الوضوء، فإذا أراد أن يتوضأ انطلق وإذا رجع إِلَى سريره فلج1. وقال ابْن أَبِي الحواري: حدّثنا سباع الموصلي ثنا عَبْد الواحد بْن زيد قَالَ: معشر إخواني عليكم بالخبز والملح فإنه يذيب شحم الكلي ويزيد فِي اليقين. وقال معاذ بْن زياد: سَمِعْت عَبْد الواحد بْن زيد غير مرة يَقُولُ: مَا يسرني أن لِي جميع مَا حوت البصرة بفلسين2. قَالَ عَبْد الرحمن بْن أَبِي حاتم: نا محمد بْن يحيى الواسطي نا عمّار بْن عمّار الحلبي حدّثني حصين بْن القاسم الوزان قَالَ: كنا عند عَبْد الواحد بْن زيد وهو يعظ فنادى رَجُل: كف فقد كشفت قناع قلبي. فلم يلتفت عَبْد الواحد ومر فِي الموعظة، ثُمَّ لم يزل الرجل يَقُولُ: كفَّ عنا يَا أبا عبيدة، حَتَّى والله حشرج الرجل حشرجة الموت ثُمَّ خرجت روحه وشهدت جنازته. وقال ابْن أَبِي حاتم ونا محمد نا يحيى بْن بسطام حدّثني مسمع بْن عاصم شهدت عَبْد الواحد بْن زيد يعظ فمات فِي المجلس أربعة. وعن حصين الوزّان قَالَ: لو قسم بَثُّ عَبْد الواحد عَلَى أهل البصرة لوسعهم. وكان يقوم إِلَى محرابه كأنه رَجُل مخاطب3. وعن محمد بْن عَبْد الله الخزاعي قَالَ: صلّى عَبْد الواحد بْن زيد الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة4. وقال ابن الأعرابي في طبقات فِي "طبقات النّسّاك": كَانَ الغالب عَلَى عَبْد الواحد العبادة والكلام فِي معاني الزهد، فارق عمرو بْن عُبَيْد لاعتزاله وصحّح الاكتساب، وقد نسب إِلَى القدر ولكن مَا كَانَ الغالب عَلَيْهِ الكلام فِيهِ. وتبعه خلق من النُّسّاك فنصب نفسه للكلام فِي مذاهبهم ونأى عَن المعتزلة وعن أصحاب الحديث. قَالَ: وقد كَانَ مالك بْن دينار وثابت يقصّان أيضًا إلا أنهما كانا من أهل السُّنَّةِ. صحب عبدَ الواحد خلقٌ كحيان الجريري ورباح القيسي، وأما مقسم وعطاء   1 سير أعلام النبلاء "7/ 137". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 339 السلمي فغلب عليهما الخوف حَتَّى خيف عَلَى عقليهما واعتزلا الناس فكان عَبْد الواحد أشد افتتانا وأدخل فِي معاني الخصوص والمحبة. وكان قد بقي عَلَيْهِ من رؤية الاكتساب شيء كَمَا بقي عَلَيْهِ من أصول القدر، وذلك أن أهل القدر عندهم أَنَّهُ لا ينجو إلا بالعمل ومذهب السنة هُوَ الاجتهاد فِي العمل وأنه ليس هُوَ الَّذِي بِهِ ينجون دون رحمة الله، قَالَ عَلَيْهِ السلام: "لن يُنجي أحدَكُم عملُه -الحديث" 1. قَالَ: وكان عَبْد الواحد قد ساح وسافر إِلَى الشام ورأى ثابتًا فتناقص عَنْهُ بعض القدر وزعم أَنَّهُ لا يَقُولُ إن الله يضلّ العباد تنزيهًا لَهُ، وخفى عَلَيْهِ من قول القَدَرِية أنهم يدبّرون أنفسهم ويزكّونها بأعمالهم لما كَانَ يشاهد فِي معاملته لله ضرورة من موازين الأعمال وزيادة النفس والمواهب فِي القلوب، فعلم أن ذَلِكَ من فضل الله لا بما يستحق العبد فَقَالَ باللطف وهو قول بين القولين، وأهل البصرة يسمّونهم السمية يعني النصفية، يقولون: ذهب عنهم نصف القدر لأنهم يقولون: لا نقول إن العبد يزكي نفسه بعمله وإنما ذَلِكَ تلطيف من الله. فباينوا القدرية فِي هَذِهِ. وكان من قول أهل السُّنّة الخصوص أن الله يختص برحمته من يشاء وأن أولياء الله لم يزالوا عند الله في علمه كذلك قبل أن يخلقهم، وكذلك أعداؤه. إِلَى أن قَالَ ابْن الأعرابي: ومن قول أهل السنة أَنَّهُ تعالى يخص ويعم ويهدي ويضلّ ويلطف ويخذل وأن الناس يعملون فيما قد فرغ مِنْهُ، فأهل الطاعة لا يقدرون عليها إلا بتوفيقه وأهل المعصية لا يجاوزون علمه ولا قدرته إلا بِهِ، وإن خالفت أعمالهم جميعًا ولكنهم قد أُمروا بالعمل. قَالَ ابْن الأعرابي: وقال عبد الواحد بالمحبة علة مذاهب أهل الخصوص ولو صدق نفسه لاضطره قوله بالمحبة إِلَى القول بالسُنّة والكتاب، ولكنه سامح نفسه وتكلم فِي الشوق والفرق والأنس وجميع فروع المحبة الَّتِي قَالَ بها أهل الإثبات، وأن الله يحب من أطاعه، وأن الطاعة والاتباع أوجب المحبّة من الله تعالى. ومن قول السُّنّة: إن الله أحب قومًا فوفّقهم لطاعته فكانت محبته لَهُم واختياره لما سبق من علمه لا لكسبهم فكانت محبّته لَهُم قبل عملهم وقبل خَلْقهم. ولعبد الواحد كلام كثير حسن. وممن صحبه أحمد بْن أَبِي عطاء اللخمي وموسى الأشج ونصر ورباح بن عمرو.   1 "صحيح بنحوه": أخرجه البخاري "7/ 157"، ومسلم "2816"، وغيرهما. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 340 قال ابن الأعرابي: وقد ذكر قوم من البصريين أن عَبْد الواحد رجع عَن القدر. قُلْتُ: ومن وعْظ عَبْد الواحد: ألا تستحيون من طول مَا لا تستحيون. قِيلَ: إن عَبْد الواحد بْن زيد مات سنة سبع وسبعين، وهذا بعيد جدًا مَا بقي الرجل إِلَى هَذَا الوقت وإنما هُوَ بعد الخمسين ومائة. وإنما بقي إِلَى بعد السبعين عَبْد الواحد بْن زياد وكذا أخذوا "كتبه ابْن زيد" فجعلوها فِي قول لابن زياد. 179- عَبْد الواحد بْن أَبِي موسى1. أَبُو معن الإسكندراني التاجر. عن زهرة ابن معبد. وعنه ضمام بْن إسماعيل وابن الْمُبَارَك وجماعة. مات فِي عام خمسين ومائة. 180- عَبْد الواحد بْن موسى2. أَبُو معاوية الأنصاري. عَن سعيد بْن المسيب وابن محرر وعطاء بْن يزيد. وعنه ضمرة بْن ربيعة وزيد بْن الحباب وجماعة. 181- عَبْد الواحد بْن ميمون3، أَبُو حمزة المديني. عَن مولاه عروة بْن الزبير وعبد الله بْن سعد الأسلمي. وعنه عيسى بْن يونس والواقدي وأبو عامر العقدي وآخرون. لَهُ حَدِيثٌ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: "مَنْ آذَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ حَارَبَنِي". قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وقال الدارقطني: ضعيف. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ليس به بأس. وقال البخاري: منكر الحديث. وَقَالَ الْعَقَدِيُّ: نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ شَهِدَ الْجُمُعَةَ" 4. 182- عَبْد الواحد بْن نافع5 ويقال: ابْن نفيع، أَبُو الرماح الكلابي اليمامي.   1 التاريخ الكبير "6/ 58"، والجرح والتعديل "6/ 24". 2 التاريخ الكبير "6/ 58"، والجرح والتعديل "6/ 23". 3 التاريخ الكبير "6/ 58"، والميزان "69". 4 ذكره أبو حنيفة في مسنده بنحوه "57". 5 التاريخ الكبير "6/ 61". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 341 عَن عَبْد الله بْن رافع بْن خديج. وعنه حرميّ بْن عمارة وأبو عاصم ويعقوب الحضرمي وموسى المنقري. شيخ. 183- عَبْد الوهاب بْن الإمام إِبْرَاهِيمُ1 بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي ابْن أخي المنصور. ولي إمرة دمشق فلم تُحمد سيرته وولي الغزو. مات بالشام سنة ثمان وخمسين ومائة. 184- عَبْد الوهاب بْن مجاهد بن جبر2 –ق- المخزومي مولاهم المكي. عَن أبيه وعطاء بْن أَبِي رباح. وعنه عَبْد الوهاب الثقفي وعبد الوهاب الخفاف وبكار بْن محمد السيريني وعثمان بْن الهيثم المؤذن. قَالَ أَبُو حاتم: ضعيف الحديث. وقال عَبْد الرزاق: كَانَ الثوري إذا أراد أن يسمع من ابْن مجاهد جاء متقنّعًا ثُمَّ قام خلفه وأمر مَن يسأله. وقال ابْن مثّنى: مَا سَمِعْت يحيى ولا عَبْد الرحمن حدّثنا عَن عَبْد الوهاب بْن مجاهد بساقط. وقال أحمد: ليس بشيء. 185- عُبَيْد الله بْن أَبِي حميد3 أَبُو الخطاب الهذلي. عَن أَبِي المليح الهذلي وعطاء. وعنه علي بْن يونس ومحمد بْن عَبْد الله الأنصاري ومؤمل بْن إسماعيل. ضعّفه أَبُو حاتم وغيره. وقال أحمد: تركوا حديثه. وقال البخاري: منكر الحديث. 186- عُبَيْد الله بْن رستم4. أَبُو حفص البصري. إمام مسجد شعبة. روى عَن أَبِي الشعثاء جابر بْن زيد وعطاء بْن أَبِي رباح وأنس بن سيرين ومالك بن دينار.   1 المعرفة والتاريخ "1/ 130". 2 ميزان الاعتدال "2/ 682"، والمجروحين "2/ 146". 3 التاريخ الكبير "5/ 377"، والتهذيب "7/ 9". 4 التاريخ الكبير "5/ 381"، والجرح والتعديل "5/ 314". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 342 وعنه شعبة وسلم بْن قتيبة وعبيد بْن عقيل ومسلم. 187- عُبَيْد الله بْن أَبِي زياد الشامي1. الرصافي مولى بني أمية، جد حجاج بن أبي منيع الرصافي. أكثر عَن الزهري لما قدم عليهم الرصافة. حمل عَنْهُ الكتب ولده أَبُو منيع يوسف وحفيده حجاج بْن أَبِي منيع. قَالَ حجّاج: أَنَا كنت أحمل إِلَيْهِ الكتب من البيت فيقرأها عَلَى الناس. قَالَ: ومات سنة ثمان أو سنة تسع وخمسين ومائة وله نيّف وثمانون سنة. وثّقه الدارقطني وابن حبان. علّق لَهُ البخاري فِي الطلاق فِي صحيحه. 188- عُبَيْد الله بن عبد الرحمن2 -د ن ق- بْن عَبْد الله بْن موهب التيمي المديني. روى عَن عمه عُبَيْد الله وعلي بْن الحسين والقاسم بْن محمد وشهر بْن حوشب. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو علي الحنفي وابن أَبِي فديك والقعنبي وآخرون. وقال أَبُو حاتم: صالح الحديث. ولابن معين فِيهِ قولان فضعّفه من رواية عباس عَنْهُ. وقَالَ ابْن سعد: عاش ثمانين سنة ومات سنة أربع وخمسين ومائة. 189- عُبَيْد الله بْن محمد بْن صَفْوَان الجمحي3. أحد الفضلاء والأدباء. ولاه المنصور قضاء العراق ثُمَّ لما استخلف المهديّ صرفه وولاه قضاءالمدينة. 190- عبيد الله بن النضر القيسي4 –د- يكنى أبا النضر. عَن أنس بْن مالك. وعنه أَبُو عاصم وعبد الرحمن بْن مهدي وموسى بْن إسماعيل.   1 ميزان الاعتدال "3/ 8"، والجرح والتعديل "5/ 316". 2 التهذيب "7/ 28"، والميزان "3/ 12". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 147". 4 التاريخ الكبير "5/ 401"، والجرح والتعديل "5/ 335". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 343 قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَغَيْرُهُ لا بَأْسَ بِهِ. 191- عُبَيْد بْن الطفيل1. أَبُو سيدان الغطفاني العبسي الكوفي. عَن ربعي بْن خراش وشداد بْن عمارة. وعنه وكيع وعبد الله وقبيصة. قَالَ أَبُو حاتم: مَا علمت بِهِ بأسا. 192- عُبَيْد بْن عَبْد الرحمن أَبُو عبيدة2. عَن الحسن ومحمد. وعنه سفيان الثوري وأبو عاصم. ذكره البخاري. 193- عثمان بن زائدة3 -م-. أبو محمد الكوفي أحد الزهاد والعباد. سكن الريّ مدّة وحدث بها عَن نافع وعن الزبير بن عدي وعطاء بن السائب. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ وعيسى بن جعفر الرازيون وأبو الوليد الطيالسي وعدة. قال هشام بن عبيد الرازي: كنا لا نقدّم عَلَيْهِ أحدًا فِي الورع. وقال أَبُو حاتم: كَانَ من أفاضل المسلمين. وقال أَبُو الوليد: مَا رأت عيني مثله. وقال آخر: هُوَ صدوق. وقال العقيلي: حديثه عَن نافع محفوظ رواه عَنْهُ عَبْد الملك بْن مهران ثم قال: وعبد الملك متروك. قلت: فبرئ عثمان من عهدته. وهو: بقية عَن عَبْد الملك بْن مهران. 194- عثمان بْن سعد أَبُو بكر البصري4 -د ت- الكاتب. عَن أنس بْن مالك ومجاهد وعكرمة ومحمد بْن سيرين. وعنه رَوْح بْن عبادة ومحمد بْن بكر البرساني ويونس بْن محمد المؤدّب وأبو عاصم النبيل، وآخرون.   1 التاريخ الكبير "5/ 451"، والميزان "3/ 20". 2 التهذيب "7/ 69"، والجرح والتعديل "5/ 410". 3 ميزان الاعتدال "3/ 33"، والجرح والتعديل "6/ 150". 4 تقريب التهذيب "2/ 9"، والجرح والتعديل "6/ 153". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 344 قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ليس بذلك. وقال أبو زرعة: لين. وقال النسائي: ليس بقوي. وقال أحمد بْن حنبل: قد حكوا عَن يحيى بْن القطان فِيهِ شيئًا شديدًا. وقال ابْن المديني: سَمِعْت يحيى وذكر لَهُ عثمان بْن سعد الكاتب فجعل يعجب من الرواية عنه. 195- عثمان بن أبي العاتكة1 -د ت-. أبو حفص الأزدي الدمشقي الواعظ. عَن عمير بْن هانئ وسليمان بْن حبيب المحاربي وخالد بْن اللجلاج وغيرهم وعنه الوليد بْن مسلم والوليد بْن يزيد ومحمد بْن شعيب وصدقة بْن خالد وآخرون. قَالَ دُحيم: لا بأس بِهِ كَانَ معلّم أهل دمشق وقاصّ الجند. وقَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ يليّنه من كثرة روايته عَن علي بْن يزيد الإلهامي. وقال النسائي: لَيْسَ بالقويّ. وقَالَ ابْن مَعِين: لَيْسَ بشيء. هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: نا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ نا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَجْلِسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْقَنْطَرَةِ الْوُسْطَى بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ", فَسَاقَ حَدِيثًا طَوِيلا مُنْكَرًا2. مات عثمان سنة خمس وخمسين ومائة. 196- عثمان بْن عبد الله -م د ن ت- وقيل ابن ميمون البصري الشحام. عَن أَبِي رجاء العطاردي وعكرمة ومسلم بْن أَبِي بكرة وغيرهم. وعنه وكيع ويحيى القطان وحماد بْن مسعدة وأبو عاصم ومحمد بْن أَبِي عدي والأصمعي وجماعة. وثّقه أحمد وغيره. وقال القطان: يعرف وينكر. وقال أحمد: ليس بِهِ بأس. وقال النسائي: ليس بالقويّ. قُلْتُ: خرّج لَهُ مسلم شاهدًا فِي الغيبة لا أصلًا. كنيته أبو مسلم.   1 ميزان الاعتدال "3/ 40"، والمعرفة والتاريخ "1/ 131". 2 "خبر منكر": ذكره ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 127"، والشوكاني في الفوائد "448". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 345 197- عثمان بْن عَبْد الله بْن مَوْهب1. من طبقة الزهري. وقد قَالَ ابْن سعد: مات فِي خلافة المهدي سنة ستين. وكأنه وهم. 198- عثمان بن عبيد2 –ت- أبو دوس اليحصبي الحمصي. عَن خالد بْن معدان وعبد الرحمن بْن عائذ الثمالي. وعنه إسماعيل بْن عياش وأبو نعيم وأبو المغيرة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. 199- عثمان بن عطاء3 –ق- بْن أَبِي مسلم الخراساني البلخي ثُمَّ المقدسي مولى المهلب بْن أَبِي صفرة الأزدي. وقيل: مولى هذيل، يكنى أبا مسعود. روى عَن أبيه وزياد بْن أَبِي سودة وإسحاق بْن قبيصة بْن ذؤيب. وعنه ابْن الْمُبَارَك وضمرة ابن ربيعة وابن وهب وحجاج بْن محمد وكثير بْن هشام وجماعة. ضعّفه ابْن معين وغيره. وقال دحيم: لا بأس بِهِ، وأيّ شيء روى من الحديث. يعني: أن الغالب عَلَى روايته التفسير والمقاطيع. وقال البخاري: ليس بذاك. وقال الدارقطني: ضعيف. قُلْتُ: ولد سنة ثمان وثمانين ومات سنة خمس وخمسين ومائة. قاله ضمرة. 200- عثمان بْن غياث البصري4 -م خ د ن-. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق وأبي عثمان النهدي وابن بريدة وأبي نضرة وجماعة. وعنه شعبة وأبو أسامة وغندر ومحمد بْن أَبِي عديّ والنضر بْن شميل والأنصاري. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق، وغمزه القطان فَقَالَ عليّ بْن المديني: لَهُ أقل من عشرة أحاديث. سَمِعْت يحيى بْن سعيد يَقُولُ: كَانَ عند عثمان بْن غياث كتاب عَن عكرمة فلم يصحّحها. وقال أَبُو داود: كَانَ من جند البصرة. وقال أحمد: ثقة يرى الإرجاء.   1 التاريخ الكبير "6/ 231"، وتهذيب التهذيب "7/ 132". 2 تهذيب التهذيب "7/ 136"، والجرح والتعديل "6/ 158". 3 التقريب "2/ 12"، والجرح والتعديل "6/ 158". 4 ميزان الاعتدال "3/ 51"، والتاريخ لابن معين "3869". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 346 وقال النسائي: ثقة. 201- عثمان بْن مرة البصري1 -م ن-. عَن عكرمة والقاسم وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بكر. وعنه يحيى القطان وأبو عاصم والنضر بْن شميل وعثمان بْن عمر بْن فارس. وقال أَبُو زرعة: لا بأس بِهِ. 202- عثمان بْن مسلم الدمشقي2. عَن مكحول وبلال بْن سعد. وعنه سعيد بن أبي أيوب والهيثم بن حميد ومحمد بْن شعيب. ذكره البخاري. 203- عثمان بْن واقد3 -د ت- بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر العمري. عن نافع بن جبير بْن أَبِي سعيد مولى المهدي ونافع مولى ابْن عمر عَن أبيه وعمه أبي بكر. وعنه وكيع وأبو معاوية وشعيب بن حرب وزيد بن الحباب. وثقه ابن معين وضعفه أبو داود لأنه زاد في حديث: "مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ "مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. 204- عثمان بن أبي رواد4 –خ- العتكي. مولاهم، البصري أخو عَبْد العزيز وجبلة. روى عَن الزهري وداود بْن أَبِي هند. وعنه شعبة وهو أكبر منه ومحمد بن بكر البرساني وأبو عبيدة الحداد. وثقه ابن معين.   1 التاريخ الكبير "6/ 251"، والتهذيب "7/ 153". 2 الجرح والتعديل "6/ 167"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 607". 3 ميزان الاعتدال "3/ 59"، والتقريب "2/ 15". 4 الجرح والتعديل "6/ 150"، والتهذيب "7/ 115 ". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 347 205- عثيم بن نسطاس، الكندي1. مولاهم المدني أخو عبيد. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وسعيد المقبري. وعنه الثوري والقعنبي. اسمه عثمان. 206- عدي بن عبد الرحمن بن زيد الطائي2. والد الهيثم بن عدي. شامي نزل العراق. أخذ في الكهولة عَن داود بْن أَبِي هند ومحمد بْن عمرو وطبقتهما. وعنه محمد بْن الوليد الزبيدي -وَهُوَ أكبر منه- وعبد الوارث وعيسى بن يونس ووكيع. وحديثه عزيز الوقوع وما علمت بِهِ بأسًا. 207- عزرة بْن ثابت بْن أَبِي يزيد الأنصاري3 -خ م- البصري. أخو محمد وعلي. عن علباء بْن أحمر وعمرو بْن دينار وقتادة وثمامة بْن عَبْد الله وأبي الزبير وعدة. وعنه عَبْد الوارث ووكيع وأبو عاصم وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو نعيم وخلق. وثّقه ابْن معين وأبو داود. 208- عصام بْن طَليق الطفاوي بصري4. عن ثابت وعطية العوقي. وعنه الأسرد بْن عامر وبكر بْن بكار ويحيى بْن أَبِي بكير وطالوت بْن عباد. روى عباس عَن ابْن معين: ليس بشيء. سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ: نَا عِصَامُ بْنُ طَلِيقٍ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْثَرُ النَّاسِ ذنوبًا أكثرهم كلامًا فيما لا يعنيه"5.   1 تهذيب التهذيب "7/ 161"، والجرح والتعديل "6/ 171". 2 الجرح والتعديل "7/ 3". 3 التاريخ الكبير "7/ 66"، والتاريخ لابن معين "21/ 402". 4 التهذيب "7/ 195"، والجرح والتعديل "7/ 25"، والميزان "3/ 66". 5 "ضعيف": ذكره المنذري في الترغيب "3/ 540"، وعزاه لأبي الشيخ في الثواب، والعقيلي في الضعفاء "3/ 424"، وابن الجوزي في العلل المتناهية "2/ 216"، والألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته "1094". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 348 209- عصام بن قدامة البجلي1 -د ت ن- الكوفي. عَن مالك بْن نمير الخزاعي وعكرمة. وعنه وكيع والمعافى بْن عمران وأبو نعيم ومحمد بْن يوسف الفريابي. قَالَ أَبُو داود: ليس بِهِ بأس. 210- عطية بْن بهرام2. عَن شيبان اليشكري ومورق العجلي وقتادة. وعنه وكيع وأبو نعيم ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو الوليد. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بِهِ بأس. 211- عكرمة بْن عمار العجلي اليمامي3، أَبُو عمار، أحد الأعلام. روى عَن أَبِي زميل سماك الحنفي والهرماس بْن زياد -وَلَهُ رؤية- والقاسم وسالم وطاوس وضمضم بْن جوش وعطاء بْن أَبِي رباح ويحيى بْن أَبِي كثير. وعنه ابْن الْمُبَارَك ووكيع وابن مهدي ويحيى القطان وزيد بْن الحباب وأبو الوليد وعبد الله بْن رجاء الغداني وعبد الله بْن بكار -شيخ لقيه أَبُو يعلى- ويزيد بْن عَبْد الله اليمامي- شيخ لابن ماجه- وآخرون كثيرون. قَالَ أَبُو حاتم: سَمِعْت يحيى بْن معين يَقُولُ كَانَ عكرمة بْن عمار أمّيًّا وكان حافظًا. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق إنما يهم. وقال يعقوب السدوسي: نا غير واحد سمعوا ابْن معين يَقُولُ: ثقة ثبت. وقال أحمد بْن حنبل: أحاديثه عَن يحيى بْن أَبِي كثير مضطربة ضعاف ليست بصحاح ولكنه أتقن حديث إياس بْن سلمة. وقال البخاري: يضطرب فِي يحيى بْن أَبِي كثير ولم يكن عنده كتاب. وقال عاصم بْن علي: كَانَ مستجاب الدعوة، مات فِي رجب سنة تسع وخمسين ومائة ببغداد. وقال صالح جزرة: صدوق فِي حديثه شيء. وقال الدارقطني: ثقة.   1 ميزان الاعتدال "3/ 67"، والجرح والتعديل "7/ 25". 2 التاريخ الكبير "7/ 13"، والجرح والتعديل "6/ 381". 3 التقريب "2/ 30"، والميزان "3/ 90"، وتاريخ بغداد "12/ 157"، وطبقات المدلسين "14"، يوشذرات الذهب "1/ 246". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 349 212- العلاء بْن زهير الأزدي1. أَبُو زهير الكوفي. عَن وبرة المُسْلِمي، وأبي عَبْد الرحمن الأسود بْن يزيد. وعنه مخنف ومحمد بْن يوسف الفريابي وغيرهم. روى الكوسج عَن ابْن معين: يُوثّق. 213- العلاء بْن صالح التيمي الكوفي2. عَن يزيد بْن أَبِي مريم والحكم وسلمة بْن كهيل وعديّ بْن ثابت. وعنه عُبَيْد الله وأبو نعيم وأبو أحمد الزبيري ويحيى بْن أبي بكير وآخرون. ويقه أبو داود. 214- علي بن الحزور الكوفي3 –ق- وهو علي بن أبي فاطمة. عَن الأصبغ بْن نباتة ونفيع أَبِي داود الأعمى. وعنه سعيد بْن محمد الورق ويونس بْن بكير وعبد الصمد بْن نعمان وإسماعيل بْن أبان الغنوي وغيرهم. تركوه. وقَالَ البخاري: فِيهِ نظر. وقال الجوزجاني: ذاهب الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث. 215- علي بْن أَبِي حَمَلَة4. أَبُو نصر القرشي مولاهم الشامي. قرأ القرآن عَلَى عطية بْن قيس ورأى واثلة بْن الأسقع، وقيل: إنه أدرك أيام معاوية. وحدّث عَن أبيه وأبي إدريس الخولاني وعبد الله بن محيريز ومكحوك وطائفة من التابعين. وكان من علماء دمشق. روى عَنْهُ ابْن الْمُبَارَك وبقية وضمرة وغيرهم. وكان ناظرًا عَلَى دار الضرب بدمشق فِي أيام عمر بْن عَبْد العزيز، جعله عَلَى تصفية الذهب والفضة. روى ضمرة بْن ربيعة عَن علي بْن أَبِي حملة قَالَ: قدم مكحول فلسطين فنزل عليَّ وأنا والٍ. قَالَ ضمرة: توفي سنة ست وخمسين ومائة. قُلْتُ: لعلّه قارب مائة سنة.   1 التاريخ الكبير "6/ 515"، والجرح والتعديل "6/ 355". 2 تهذيب التهذيب "8/ 184"، وميزان الاعتدال "3/ 101". 3 ميزان الاعتدال "3/ 118"، والجرح والتعديل "6/ 182". 4 الجرح والتعديل "6/ 183"، وميزان الاعتدال "3/ 125". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 350 216- علي بْن سويد بْن مَنْجُوف السدوسي1 –خ- بصري صدوق. عَن عَبْد الله بْن بريدة وأبي ساسان حصين بْن المنذر. وعنه شعبة ويحيى القطان والنضر بْن شميل وروح بْن عبادة. وثّقه أَبُو داود. 217- علي بْن صالح المكي العابد2 –ت- أبو الحسن. عَن عمرو بْن دينار وعبد الله بْن عثمان بْن خثيم. وعنه سعيد بْن سالم القداح ومعتمر بْن سُلَيْمَان ومعمر بْن سُلَيْمَان الرقِّي والنعمان بْن عَبْد السلام الأصبهاني. لَهُ أحاديث يسيرة. توفي سنة إحدى وخمسين ومائة. 218- علي بن صالح3 –م4- بْن صالح بْن حيّ الهمداني الكوفي. أَبُو الحسن. وكان هُوَ والحسن توأمان. روى عَن سلمة بْن كهيل وعليّ بْن الأقمر وسماك وجماعة من طبقتهم. وعنه أخوه الحسن ووكيع وعبيد الله بْن موسى والخريبي وأبو نعيم وإسماعيل بن عمر البلخي وخالد بْن مخلد وآخرون. وثّقه أحمد بْن حنبل. وكان من علماء الكوفة. قَالَ ابْن المديني: لَهُ نحو ثمانين حديثًا. وقال وكيع: كَانَ هُوَ وأخوه وأمُّهما قد جزَّأوا الليل ثلاثة أجزاء للتهجّد، فماتت أمّهما فكانا يقتسمان الليل، فمات علي فكان الحسن يقول الليل كله. رواها عَبْد الله بْن هاشم. وقال عبيد الله: سمعت الحسن بن صالح يقول: سَمِعْت الحسن بْن صالح يَقُولُ: لما احتضر أخي رفع بصره ثم قَالَ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] ، ثُمَّ خرجت نفسه، فنظَرنا فإذا ثقب فِي جنبه قد وصل إِلَى جوفه وما علم بِهِ أحد. وقد قرأ علم القرآن على عاصم وحمزة الزيات، وتصدر للإقراء.   1 التاريخ الكبير "6/ 277"، والتقريب "2/ 38". 2 التهذيب "7/ 333". 3 التقريب "2/ 38"، والميزان "3/ 123"، ومشاهير علماء الأمصار "169". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 351 تلا عَلَيْهِ عُبَيْد الله بْن موسى. وله فِي صحيح مسلم حديث فِي حسن الخلق. مات سنة أربع وخمسين ومائة. 219- علي بْن عمرو بن زين العابدين علي1 –د- بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ العلوي. عَن أبيه وابن عمه جعفر بْن محمد. وعنه ابن عمه حسين بن يزيد بن عبد الله الهاد -مَعَ تقدمه- ومحمد بْن إسماعيل بْن أَبِي فديك. وهو قليل الرواية. 220- علي بْن الْمُبَارَك الهُنّائي البصري2 -ع-. عَن يحيى بْن أَبِي كثير ومحمد بْن واسع وعبد العزيز بْن صهيب وأيوب. وعنه ابْن علية ويحيى القطان ووكيع ومسلم وعثمان بْن عمر بْن فارس وعدّة. وثّقه أَبُو داود وغيره. 221- علي بن مسعدة الباهلي3 -ت ق- أبو حبيب البصري. عَن قتادة وعاصم الجحدري وعبد الله الرومي. وعنه ابن المبارك ويحيى القطان وابن مهدي ومحمد بن سنان العوقي. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. وروى آدم بْن موسى وأبو بشر الدولابي عَن البخاري قَالَ: فِيهِ نظر وقال أَبُو داود بتضعيفه. وقال ابْن حبّان: كَانَ ممن يخطئ عَلَى قلّة روايته، وينفرد بما لا يتابع عَلَيْهِ فاستحق ترك الاحتجاج بِهِ. زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "الإِسْلامُ عَلانِيَةٌ وَالإِيمَانُ فِي القلب التقوى هاهنا"4. وَبِهِ مَرْفُوعًا: "كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخطائين التوابون" 5.   1 تهذيب التهذيب "7/ 367"، والجرح والتعديل "6/ 196". 2 التهذيب "7/ 375"، والميزان "3/ 152". 3 المجروحين "2/ 111"، وميزان الاعتدال "3/ 156". 4 "ضعيف": ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال "5941"، والعقيلي في الضعفاء "3/ 250"، وانظر ضعيف الجامع الصغير وزيادته "2280". 5 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "2469"، وابن ماجه "4251" وغيرهما. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 352 222- عمار بْن زُريق الضبي الكوفي1 -م د ن ق-. عَن أَبِي إسحاق ومنصور والأعمش. وعنه أحوص بْن جَوّاب وزيد بْن الحباب ويحيى بْن آدم وأبو أحمد الزبيري. وكان عالمًا كبير القدر. قَالَ أَبُو أحمد الزبيري لإنسان: لو كنت اختلفت إِلَى عمار بْن زريق لكفاك أهل الدنيا. توفي سنة تسع وخمسين ومائة. 223- عمار بْن عُمارة أَبُو هاشم الزعفراني2 -د-. بصري معروف بالكنية. روى عَن الحسن ومحمد وصالح بْن عُبَيْد وكثير بْن اليمان. وعنه روح بْن عبادة ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو الوليد. قَالَ أَبُو حاتم: صالح. وقال ابن معين: ثقة. أما آدم بن موسى فروى عَن البخاري قَالَ: فِيهِ نظر. 224- عمارة بْن مهران الْمِعْوَلِيُّ3. أَبُو سعيد البصري أحد العُبّاد. روى عَن الحسن وابن سيرين وأبي نضرة. وعنه عبد الرحمن بن مهدي وعمرو بن عاصم الكلاعي وعمرو بن مرزوق وسليمان بن حرب. وثقه ابن معين. ابن علية: نا عمارة أَبُو سعيد العابد. وقال أحمد بْن حنبل: بلغني أن عمارة عَبَد الله تعالى حتى صار على عظم. 225- عمرو بن إبراهيم العبدي4 -ت ن ق- أبو جعفر البصري. عن قتادة ومطر الوراق. وعنه ابنه الخليل بْن عمر وعباد بْن العوّام وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وشاذ بْن فياض. وثّقه أحمد. وقال أبو حاتم: لا يحتج به.   1 التهذيب "7/ 400"، والميزان "3/ 164". 2 التاريخ الكبير "7/ 29"، والمعرفة والتاريخ "2/ 669". 3 الجرح والتعديل "6/ 369"، والتهذيب "7/ 424". 4 المجروحين "2/ 89"، والتقريب "2/ 51". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 353 وقال ابن عدي: يروي عَن قتادة مَا لا يوافق عَلَيْهِ. وقال عَبْد الصمد: نا عمر بْن إبراهيم وهو ثقة وفوق الثقة. وكذا وثقه ابن معين. وقال ابن حبان: لا يعجبني الاحتجاج بِهِ. * أما عمرو بْن إِبْرَاهِيم الأدمي. متروك. 226- عمر بْن إسحاق بْن يسار المخزومي المدني1. أخو صاحب السيرة وأسنّ مِنْهُ. يروي عَن عطاء بْن يسار والقاسم بْن محمد وسالم ونافع بْن جبير وعمر بْن الحكم. وعنه محمد فليح وأبو بكر الحنفي والواقدي، وقال: كَانَ عنده أحاديث وعلم. قُلْتُ: مَا علمت بِهِ بأسًا. مات سنة أربع وخمسين ومائة. 227- عمر بْن بشير أَبُو هانئ الهمداني الكوفي2. عَن الشعبي. وعنه وكيع وأبو نُعيم وعبد الله بْن رجاء وغيرهم. ضعّفه ابْن معين. وقَالَ أحمد: صالح الحديث. وقال أَبُو حاتم: جابر الجعفي أحبّ إليَّ مِنْهُ، يُكتب حديثه. 228- عمر بْن حبيب المكي3. عَن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ دينار وعبد الله بْن كثير. وعنه ابْن عيينة -ووصفه بالحفظ- ومسلم الزنجي وسعد بْن الصلت وعبد الرزاق. وثّقه أحمد. خرّج لَهُ البخاري فِي كتاب الأدب. 229- عمر بْن حسين مولى حاطب4، أَبُو قدامة المدني.   1 التقريب "2/ 51"، والمشاهير "133". التاريخ الكبير "6/ 144"، وميزان الاعتدال "3/ 183". 3 التهذيب "7/ 431"، والمشاهير "192". 4 التاريخ الكبير "6/ 148". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 354 عَن نافع وعائشة بنت قدامة. وعنه عَبْد العزيز بْن المطلب ومالك بْن أَبِي فديك وغيرهم. 230- عمر بْن حفص المدني1. عَن عطاء وعامر بْن عَبْد الله. وعنه ابْن جريج وابن أَبِي فديك ويعقوب الحضرمي وغيرهم. صالح الحديث. 231- عمر بْن خباب البصري2. عَن طاوس والحسن وسالم بْن عَبْد الله. وعنه أَبُو نعيم وأبو داود الطيالسي ومحمد بْن روين البصري. قَالَ أَبُو حاتم: محله الصدق. 232- عمر بن ذر بْن عَبْد الله بن زرارة3 -خ د ت ن- ابن معاوية أبو ذر الهمداني المرهبي الكوفي. عَن أبيه وسعيد بْن جبير وأبي وائل ومجاهد وعكرمة. وعنه أبان بْن تغلب وَهُوَ من أقرانه وابن المبارك الأعور وأبو نعيم والفريابي وخلاد بْن يحيى، وعدد كبير. وكان إمامًا مفوَّهًا زاهدًا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثقة بليغًا يرى الإرجاء، وكان ليّن القول فِيهِ، ومن مواعظه قَالَ: كل حزن يبلى إلا حزن التائب عَلَى ذنوبه. وقال محمد بْن السمّاك: سَأَلْتُ عمر بْن ذر أيهما أعجب إليك للخائفين: طول الكمد أو إسبال الدمعة؟ فَقَالَ: أما علمت أَنَّهُ إذا رق فذرف شفى وسَلا وإذا كمد غصّ فشجى، فالكمد أعجب إليّ لَهُم. وقال سفيان بْن عيينة: لما مات ذر ولد عمر بْن ذرّ جلس أبوه عَلَى شفير قبره وقال: يَا بنيّ شغلني الحزن لك عَن الحزن عليك فليت شعري مَا قُلْتُ وما قِيلَ لك، اللهم إنك أمرته بطاعتك وأمرته ببرّي فقد وهبت لَهُ تقصيره فِي حقي فهب لَهُ تقصيره في حقك.   1 المجروحين "2/ 84"، والتقريب "2/ 53". 2 التاريخ الكبير "6/ 152". 3 التهذيب "7/ 444"، حلية الأولياء "5/ 108-122". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 355 وقيل: إنه قَالَ: اللهمّ قد تصدّقت عَلَيْهِ بأجر مصيبتي فِيهِ، فأبكى من حضر. وقيل: لما حج عمر بْن ذر كانوا يقطعون التلبية يستمعون حسن تلبية عمر بن ذر وطِيب صوته. توفي سنة ست وخمسين ومائة عَلَى الصحيح. 223- عمر بْن راشد بْن شجرة اليمامي1 -ت ق- أبو حفص. عَن يحيى بْن أَبِي كثير وأبي كثير السحيمي -صاحب أَبِي هريرة- ونافع وإياس بْن سلمة. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو نعيم والفريابي وعليّ بْن الجعد وآخرون. ضعّفه يحيى بْن معين وغيره. وقال النسائي: ليس بثقة. 234- عمر بْن رشيد الثقفي2. عَن الشعبي وأنس بْن سيرين. وعنه عَبْد الصمد بن عبد الوارث ومسلم بن إبراهيم. قَالَ أَبُو حاتم: هُوَ مجهول. 235- عمر بْن رؤبة التغلبي الحمصي3 -4-. عَن عَبْد الواحد بْن عَبْد الله البصري وغيره. وعنه إسماعيل بْن عياش ومحمد بْن حرب الأبرش. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. 236- عمر بْن أَبِي زائدة الهمداني الكوفي4. كَانَ أسنّ من أخيه زكريا بْن أَبِي زائدة، واسم أبيهما خالد بْن ميمون. روى عمر عَن قيس بْن أَبِي حازم والشعبي وعكرمة وأبي بردة وعون بْن أَبِي جحيفة وعبد الله بن أبي السفر.   1 التاريخ الكبير "6/ 155"، والتهذيب "7/ 445". 2 الجرح والتعديل "6/ 108". 3 التاريخ الكبير "6/ 155"، والتهذيب "7/ 447". 4 التقريب "2/ 55"، والميزان "3/ 197". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 356 وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وإسحاق السلولي ومسلم والأصمعي وعبد الله بْن رجاء والحوضي وآخرون. وثّقه ابْن معين، وهو ممن قارب مائة سنة. قَالَ أحمد: كَانَ يرى القدر. 237- عمر بْن زياد الباهلي1. عَن الأسود بْن قيس والسدّي. وعنه أَبُو نعيم وأبو غسان مالك بْن إسماعيل. قَالَ أَبُو زرعة: ليس بِهِ بأس. 238- عمر بْن سليم الباهلي2 -د ق- بصري. عَن الحسن وقتادة وأبي الوليد -صاحب لابن عمر- وعنه زيد بْن الحباب وعبد الصمد بن عبد الوارث ومسلم بن إِبْرَاهِيم والهيثم بْن جميل. قَالَ أَبُو حاتم: شيخ. وقال أَبُو زرعة: صدوق. وقال العقيلي: لَهُ حديث منكر. 239- عمر بْن سعيد بْن أَبِي حسين النوفلي المكي3 -خ م ت ق- ابن عم عَبْد الله بْن عَبْد الرحمن. عن طاوس والقاسم وابن أبي ملكية وعمر بْن شعيب. وعنه عيسى بْن يونس وابن الْمُبَارَك وأبو عاصم والقطان وروح وأبو أحمد الزبيري وسعيد بْن سلام العطار وآخرون. وثّقه أحمد وغيره. وقال أَبُو حاتم: صدوق. 240- عمر بْن سعيد بْن مسروق4 -م د ن- أخو سفيان الثوري. وعن أبيه وأشعث بْن أَبِي الشعثاء وعمار الدهني. وعنه أخوه مبارك وولده حفص بْن عمر وإبراهيم بْن طهمان وسفيان بْن عيينة وآخرون. وثّقه النسائي. وقال عَبْد الله بْن أحمد: ثقة أسنّ من سفيان، قَالَ: وكان بعض الكوفيين يفضّله عَلَى سفيان، قَالَ: ومبارك دونهما فِي الفضل.   1 الجرح والتعديل "6/ 109". 2 ميزان الاعتدال "3/ 202"، والجرح والتعديل "6/ 112". 3 التاريخ الكبير "6/ 159"، والتهذيب "7/ 453". 4 تهذيب التهذيب "7/ 454"، والجرح والتعديل "6/ 110". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 357 241- عمر بن الصبح1 –ق- أَبُو نعيم الخراساني السمرقندي. عَن يزيد الرقاشي ويونس بْن عُبَيْد وطبقتهما. وعنه محمد بْن حمير وعيسى غنجار ومحمد بْن يعلى السلمي وغيرهم. فتّشت عَلَيْهِ تواليف فِي الضعفاء فلم أره. وقال ابْن حبّان: يروي عَن قتادة ومقاتل بن حَيَّان. روى عنه العراقيون، كان ممن يضع الحديث على الثقات لا تحلّ كتابة حديثه إلا عَلَى جهة التعجّب لأهل الصناعة فقط. قَالَ إِسْحَاق بن راهَوَيْه: أخرجت خراسان ثلاثة لا نظير لهم: جهم بن صَفْوَان وَعُمَر بن الصبح ومقاتل. وقال البخاري فِي تاريخه: نا يحيى السكري عَن عليّ بْن جرير قَالَ: سَمِعْت عمر بْن صبح يَقُولُ: أَنَا وضعت خطبة النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الأزدي كذاب. وقال الدارقطني: متروك. خرّج لَهُ ابْن ماجه فِي الجهاد حديثًا من روايته عَن الأوزاعي. 242- عمر بْن عَبْد الله بْن أَبِي خثعم2 -ت ق-. روى عَن يحيى بْن أَبِي كثير طامّات، منها: "مَن صلى بعد المغرب ست ركعات"، وحديث: "من قرأ الدخان في لية" وحديث: "إذا بعثتم إليّ بريدًا فابعثوه حسن الاسم والوجه". روى عَنْهُ زيد بْن الحباب وعمر بْن يونس اليمامي وموسى بْن إسماعيل الحبلي. قَالَ البخاري: منكر الحديث ذاهب. وقال أَبُو زرعة: واهٍ. 243- عمر بْن عامر أَبُو حفص البصري3 -م ن- القاضي. عن أم كلثوم عن عائشة وعن قَتَادَةُ وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. وعنه يزيد بن زريع وعباد بن العوام وسالم بن نوح ومحمد بن عبد الواحد بن أبي حزم القطعي. قال أبو زرعة: ثقة، مات وهو ساجد. وقال أحمد: كان شعبة لا يستمرئه، وقد   1 التقريب "2/ 58"، والجرح والتعديل "6/ 116". 2 التهذيب "7/ 468"، والميزان "3/ 211". 3 التاريخ الكبير "6/ 181"، وتهذيب التهذيب "7/ 466"، والجرح والتعديل "6/ 126". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 358 حدّثنا عَنْهُ معتمر وعبّاد بْن العوام. وروى عَنْهُ ابْن أَبِي عروبة. وقَالَ النسائي: ليس بالقويّ. 244- عمر بْن عمران البصري الضرير1. عَن أَبِي رجاء العطاردي وأبي نضرة العبدي. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وأبو الوليد الطيالسي. قَالَ ابْن معين: صالح. 245- عمر بْن فَرّوخ العبدي، البصري2. عَن عكرمة وحبيب بْن الزبير. وعنه ابْن الْمُبَارَك ووكيع ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وآخرون. وثّقه أَبُو حاتم. لم يخرّجوا لَهُ شيئًا. 246- عمر بْن الفضل البصري –ع-3. عَن نعيم بْن يزيد وأبي العلاء بْن الشخير ورقبة بْن مصقلة. وعنه القطان وأبو نعيم وحرميّ بْن عمارة وأبو عمرو الحوضي وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ. 247- عمر بْن محمد بْن المنكدر التيمي4 -م د ن-. عَن أبيه وسمي مولى أَبِي بكر. وعنه وهيب بْن الورد ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ وعبد الله بْن رجاء المكي وسعد بْن الصلت وآخرون. ولا بأس بِهِ. 248- عمر بن قيس سندل المكي5 –ق- القاضي، أخو حميد بْن قيس الأعرج. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ونافع وسعيد بْن مينا وغيرهم. وعنه ابْن وهب وإسحاق بْن سُلَيْمَان الرازي وأحمد بْن يونس ومعاذ بْن فضالة وغيرهم. قَالَ أَبُو داود السِّنْجي: نا الأصمعي قَالَ: قَالَ عمر بْن قيس: مَا ينصفنا أهل   1 التاريخ الكبير "6/ 180"، والجرح والتعديل "6/ 126". 2 التاريخ لابن معين "4289"، والتهذيب "7/ 488". 3 التقريب "2/ 61"، والجرح والتعديل "6/ 128". 4 المعرفة والتاريخ "1/ 659". 5 التقريب "2/ 62"، وميزان الاعتدال "3/ 218". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 359 العراق نأتيهم بسعيد بْن المسيّب والقاسم وسالم ويأتونا بنظرائهم أَبِي التياح وأبي الجوزاء وأبي حمزة، ولو أدركنا الشعبي لشب لنا القدور، ولو أدركنا النخعي لَنَخَّعَ لنا الشاة، ولو أدركنا الجوزاء لأكلنا بالتمر. قلت: آخر مَن روى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن سلام الجمحي. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عَلَيْهِ، وكان يتكلّم فِي مالك ويقول: إن كَانَ مالك من ذي أصبح فأنا من ذي أمسى. وكان بذيء اللسان. قَالَ ابْن سعد: كَانَ فِيهِ بذاء وتسرُّع فأمسكوا عَن حديثه، وهو الَّذِي عبث بمالك فقال: مرة يخطئ ومرة لا يصيب، قَالَ ذَلِكَ عند والي مكة فَقَالَ مالك: هَكَذَا الناس، ثُمَّ أفاق عَلَى نفسه فقال: لا أكلمه أبدًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَن عمر بْن قيس فَقَالَ: لا يسوى حديثه شيئًا، أحاديثه بواطيل. وقال ابْن معين: ليس بثقة. 249- عمر بْن مالك الشَّرْعَبي1 -م د ن- مصري. عَن يزيد بْن الهاد وعبد الله بْن أَبِي جعفر وصفوان بْن سليم. وعنه ابْن لهيعة ومغيرة بْن الحسن وابن وهب وغيرهم. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ ليس بالمعروف. وقال أَبُو زرعة: صالح. 250- عمر بْن موسى2 بْن وجيه الوجيهي الأنصاري أَبُو حفص، الشامي الدمشقي. عَن خالد بْن معدان ومكحول وعمرو بْن شعيب والحكم بْن عتيبة وجماعة. وعنه محمد بْن إسحاق وبقية وأبو نعيم ويحيى بْن يعلى الأسلمي وإسماعيل بن عمر البجلي وآخرون. وسكن بالكوفة مدة. قَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال ابْن معين وغيره: ليس بثقة. وقال ابْن عدي: هو في عداد من يضع متنًا وإسنادًا. وقال غيره: هُوَ عمر بْن موسى بْن حفص الشامي. وقال ابْن حبّان: هُوَ عمر بْن موسى الميثمي، حمصي روى عنه بقية.   1 التاريخ الكبير "6/ 194"، والتهذيب "7/ 494". 2 ميزان الاعتدال "3/ 224"، والجرح والتعديل "6/ 133". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 360 وقال عفير بْن معدان: قدم علينا عمر بن موسى الوجيهي الميثمي فاجتمعنا إليه فجعل يَقُولُ: ثنا شيخكم الصالح، قلنا: ومن هُوَ؟ قَالَ خالد بْن معدان: كتبت عَنْهُ سنة ثمان ومائة بأرمينية فقلنا: اتّق الله يَا شيخ ولا تكذب، مات سنة أربع ومائة، ثُمَّ قمنا، وقال لَهُ عفير: أزيدك أَنَّهُ مَا غزا أرمينية قط، مَا كَانَ يغزو إلا الروم. بَقِيَّةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ موسى الوجيهي عن القاسم أَبِي أُمَامَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءَةٌ". 251- عمر بْن معروف الكوفي1. نزل الريّ وحدّث عَن عكرمة وزبيد اليامي وطلحة بْن مصرف. وعنه جرير وحكام بْن سلم وإسحاق بْن سُلَيْمَان وآخرون. 252- عمر بْن أَبِي وهب الخزاعي البصري2. عَن موسى بْن ثروان. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو عمر الحوضي وجماعة. وُثِّق. 253- عمران بْن أنس مكي3. عَن عطاء وابن أَبِي مليكة. وعنه مصعب بْن المقدام ومعاوية بْن هشام وأبو نميلة. قَالَ البخاري: منكر الحديث. 254- عمران بن حدير4 -م د ت ن- أبو عبيدة السدوسي البصري. عَن عَبْد الله بْن شقيق وأبي عثمان النهدي وأبي قلابة وعكرمة. وصلّى خلف أنس بْن مالك. وعنه شعبة وحماد بْن زيد ووكيع وعثمان بْن عمر بْن فارس وعثمان بْن الهيثم وغيرهم. لَهُ نحو من عشرة أحاديث. قَالَ يزيد بْن هارون: كَانَ من أوثق الناس. وقال ابن المديني: ثقة شيخ بالبصرة. وقيل: مات سنة تسع وأربعين ومائة. فينبغي أن ينقل إِلَى الطبقة السالفة.   1 التاريخ الكبير "6/ 196"، والجرح والتعديل "6/ 136". 2 الجرح والتعديل "6/ 140". 3 التهذيب "8/ 128"، والميزان "3/ 334". 4 التقريب "2/ 82"، والمعرفة والتاريخ "3/ 139". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 361 255- عمران بن دلور1 القطان العميّ -4- أَبُو العوام البصري. عَن الحسن ومحمد بْن سيرين وأبي جمرة الضبعي وبكر المزني وقتادة. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وأبو عاصم وأبو داود وعبد الله بْن رجاء وعمرو بْن عاصم وآخرون. قَالَ أحمد: أرجو أن يكون صالح الحديث. وقال النسائي: ضعيف. وكذا ضعّفه أَبُو داود. وقال يزيد بْن زريع: كَانَ حروريًا يرى السيف عَلَى أهل القبلة. وقال أَبُو داود: أفتى فِي أيام إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بفتوى شديدة فيها سفك دماء. وقال الفلاس: كَانَ عَبْد الرحمن يحدّث عَنْهُ، وكان يحيى لا يحدّث عَنْهُ، وقد ذكره يحيى يومًا فأحسن الثناء عليه وذكر أنه كان بينه وبينه شركة. وقال ابْن معين: كَانَ يرى رأي الخوارج ولم يكن داعية. 256- عمران بن زائدة2 -د ن ق- بن نشيط. عَن أبيه. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو نعيم وأبو أحمد الزبيري. وثقه ابن معين. 257- عمران بن مسلم القصير3 -سوى ق- أبو بكر البصري، أحد العُبّاد. عَن إِبْرَاهِيم التيمي وأبي رجاء العطاردي وعطاء بْن أَبِي رباح ومحمد بْن سيرين. وعنه بشر بْن المفضّل ويحيى القطان وعبد الله بْن رجاء الغدّاني. وثّقه أحمد وغيره. وَكَانَ يرى القدر. 258- عمران بْن وهب الطائي4. عَن أنس بْن مالك وأبي رجاء العطاردي وسعد بْن عَبْد الله بْن جريج. وعنه محمد بْن عُبَيْد الطنافسي وأحمد بْن أبي ظبية وإسحاق بن سليمان الرازي.   1 التهذيب "8/ 130"، والميزان "3/ 236" وسير أعلام النبلاء "7/ 280". 2 التاريخ الكبير "6/ 428"، والتهذيب "8/ 132"، والتقريب "2/ 83". 3 التهذيب "8/ 137"، والمشاهير "154"، وخلاصة تذهيب الكمال "296". 4 التاريخ الكبير "6/ 415"، والميزان "3/ 244". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 362 ضعّفه أَبُو حاتم: وقال: حدّث محمد بْن خالد صاحب الفرائض عَنْهُ عَن أنس بمعضلات، قَالَ: ولا أحسبه سَمِعَ من أنس شيئًا. قُلْتُ: لَهُ عَن أنس حديث الطير. 259- عمران أَبُو بشر الحلبي1. عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْه وكيع وأبو أسامة وعبيد بْن موسى. 260- عمرو بْن خَالِد الكوفي2 –ق- مولى بني هاشم، يكنى أبا خالد، سكن واسطًا. وحدث عَن زيد بْن عليّ عَن أبان بنسخة منكرة كأنها موضوعة. ورى عَن حبيب بْن أَبِي ثابت وجماعة. وعنه إسرائيل وجعفر الأحمر ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن أبي داود ويحيى بن هاشم. وقال ابْن راهويه ووكيع: كَانَ يضع الحديث. 261- عمرو بْن سعيد الأوزاعي3، أَبُو بكر الدمشقي. عَن أبي سلام ممطور ومغيث بن سمي ونوف الْبِكَالِيِّ. وعنه الوليد بْن مسلم ومحمد بْن شعيب. صُوَيْلح إن شاء الله تعالى. 262- عمرو بن أبي الحجاج ميسرة4 –د- المنقري. قديم لم يلحقه ولده الحافظ أَبُو معمر المُقْعَد. يروي عَن الجارود بْن أَبِي سبرة ونافع العمري. وعنه ربعي بْن عَبْد الله وابن علية ويحيى القطان ومحمد بْن سواء. وثّقه أَبُو داود. وقال أَبُو حاتم: صالح الحديث. 263- عمرو بْن شَمِر5، الْجُعْفي أَبُو عَبْد الله، الكوفي، العابد، الرافضي. عَن جابر الجعفي وعمرو بْن قيس وليث بْن أَبِي سليم والأعمش وجعفر بن محمد وطائفة.   1 الجرح والتعديل "6/ 294". 2 التهذيب "8/ 27"، والجرح والتعديل "6/ 230". 3 الجرح والتعديل "6/ 236". 4 التهذيب "8/ 17". 5 الجرح والتعديل "6/ 239"، والميزان "3/ 268". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 363 وعنه عَبْد العزيز بْن أبان وأحمد بْن يونس اليربوعي وغيرهما. قَالَ خلاد بْن يزيد: قَالَ لِي سُفْيَان الثوري: عمرو بْن شمِر هَكَذَا مكثر عَن جَابِر وما رَأَيْته قط عنده. وقَالَ ابْن معين: لا يُكتب حديثه. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عَن الثقات، ثُمّ قَالَ: مات سنة سبع وخمسين ومائة. وقال أسيد بْن زَيْدُ: سَمِعْت حسينًا الجعفي يَقُولُ: كَانَ عمرو بْن شمر يؤمّهم فمكثت ثلاثين سنة أجهد أن أسبقه إِلَى المسجد أو أخرج بعده فلم أقدر. ووقال الجوزاني: عمرو بن شمر زائع كذاب. وقال ابْن عديّ: عامّة مَا عنده غير محفوظ. وقال النسائي وغيره: متروك الحديث. 264- عمرو بْن عثمان بْن هانئ المدني1 -د ق- مولى عثمان بن عفان. عن القاسم بن محمد وعمرو بْن عَبْد العزيز. وعنه هشام بْن سعد وابن أَبِي فديك والواقدي. وحديثه فِي مسند أحمد أيضا، كأنه صدوق. 265- عمرو بْن عثمان بن عبد الله2 -خ م ن- بن موهب القرشي. أبو سعد التيمي مولاهم الكوفي. روى عَن أبيه وموسى بْن طلحة وأبي بردة بْن أَبِي موسى وعمر بْن عَبْد العزيز. وعنه شعبة لكنه سماه مُحَمَّدا وسفيان الثوري وإسحاق الأزرق وأبو نعيم ومحمد بْن عمر الواقدي وغيرهم. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال أحمد ويحيى: ثقة. 266- عمرو بْن كثير بْن أفلح المكي3 ويقال: عمر. عَن عَبْد الرحمن بْن كيسان عَن أبيه. وعنه محمد بْن بشر العبدي ويونس المؤدب   1 تهذيب التهذيب "8/ 79". 2 التاريخ الكبير "6/ 354"، وتهذيب التهذيب "8/ 78". 3 التقريب "2/ 77"، وميزان الاعتدال "3/ 285". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 364 وأبو سلمة المنقري وأبو حذيفة النهدي. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 267- عمرو بْن عثمان بن عبد الرحمن1 –د- بن سعيد بن يربوع المخزومي. وقيل: بل اسمه عمر. روى عَن جده عَبْد الرحمن وغيره، مُقِلّ. روى عَنْهُ زيد بْن الحباب والواقدي. صويلح. 268- عميرة بن أبي ناجية2 –ن- أبو يحيى الرعيني مولاهم المصري. عَن بعض التابعين. كَانَ زاهدًا عابدًا. وكان أَبُوهُ من سبي الروم. قَالَ ابْن وهب: رَأَيْت عميرة يصلّي بين الخلْق فما يكترث لكلامهم ولا يبالي. ربما رَأَيْته يبكي والناس ينظرون إِلَيْهِ وهو مقبل عَلَى صلاته كأن أحدًا لا يراه من شُغْله بصلاته. روى عميرة عَن أبيه ويزيد بْن أَبِي حبيب وبكر بن سوادة وجماعة قليلة. وعنه الليث وابن لهيعة ويحيى بن أيوب وابن وهب وبكر بن مضر وسعيد بن زكريا الآدم وآخرون. وقال النسائي: ثقة. وقال ابن يونس: كان أبوه روميا. قال سعيد الآدم: قيل لعميرة: لو استَتَرْتَ من هَذَا البكاء فَقَالَ: مَنْ عَمِلَ لله فعلى اللَّهِ جزاؤه. ومر عميرة عَلَى قوم يتناظرون وقد عَلَتْ أصواتهم فَقَالَ: هَؤُلاءِ قوم قد ملّوا العبادة وأقبلوا عَلَى الكلام، اللَّهُمَّ أمِتْني، فمات فِي الحج. فرأى ها هنا اثنان فِي النوم كأنه يُقَالُ: مات هَذِهِ الليلة نصف الناس، فحفظ تِلْكَ الليلة فجاء فيها موت عميرة. قَالَ سليمان بن داود المقري عَن ابْن وهب: سَمِعَ عميرة بْن أَبِي ناجية يَقُولُ: ركب معنا سَعِيد بْن أَبِي معين فِي مركب للغزو فسجد فنام فِي سجوده فاحتلم وهو ساجد، يَا بْن أخي لو نام لكان أفضل، فَإِن لكل عمل جهازًا، فالمرء يؤجر عَلَى جهازه للغزو وعلى جهازه للحج، وجهاز الصلاة النوم لها، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.   1 تهذيب التهذيب "8/ 78". 2 تهذيب التهذيب "8/ 152"، والجرح والتعديل "7/ 24". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 365 قَالَ المقري: سَمِعْت سعيدًا الآدم يَقُولُ: دعا عميرة يتيمًا فأطعمه وسقاه ودهن رأسه وقال: اللَّهُمَّ أَشْرِكْ والدي معي فِي هَذَا. فنام فرآهما ومعهما اليتيم يقولان: يَا بني مَا أعظم بركة هَذَا اليتيم علينا. وعن ابْن وهب قَالَ: كَانَ عميرة كأنه نائحة من كثرة البكاء. قِيلَ: مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. 269- عنبسة بْن الأزهر1. أَبُو يحيى قاضي جرجان. عَن أَبِي إسحاق وسماك بْن حرب. وعنه أحمد بْن أَبِي ظبية قَالَ الدغولي: هُوَ أحد أوعية العلم. حُمل إِلَى المنصور فضربه به خمسين سوطًا فمات بين يديه. وقيل: حدّث عَنْهُ سُفْيَان بْن وكيع، فَإِن صحّ ذَلِكَ فالحكاية باطلة. 270- العوام بْن حمزة المازني2 -ت-. عَن أَبِي عثمان النهدي وأبي نضرة وسليمان بْن قتة. وعنه عيسى بْن يونس ويحيى بْن سعيد القطان والنضر بْن شميل وغندر. وسئل عَنْهُ أَبُو زرعة فَقَالَ: شيخ. وقال أحمد: لَهُ أحاديث مناكير. 271- عوانة بْن الحكم3. أخباري مشهور عراقي. يروي عَن طائفة من التابعين. وهو كوفي عِداده فِي بني كلب، عالم بالشعر وأيام الناس، وَقَلَّ أَنْ رَوَى حديثًا مسنَدًا ولهذا لم يُذكر بجرح ولا تعديل والظاهر أَنَّهُ صدوق. روى عَنْهُ زياد البكائي وهشام بْن الكلبي وغيرهما. وأكثر عَنْهُ علي بْن محمد المدائني، وأكبر شيخ لقيه الشعبي. مات سنة ثمان وخمسين ومائة. 272- عياش بْن عقبة4 -د ن- بن كليب الحضرمي أبو عقبة المصري قرابة ابن لهيعة.   1 تقريب التهذيب "2/ 87"، والجرح والتعديل "6/ 401"، وميزان الاعتدال "3/ 298". 2 ميزان الاعتدال "3/ 303"، والتهذيب "8/ 163"، والجرح والتعديل "7/ 22". 3 معجم الأدباء "6/ 134"، وسير أعلام النبلاء "7/ 201". 4 التاريخ الكبير "7/ 47"، والتهذيب "8/ 198". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 366 عن جبر بن نعيم ويحيى بْن ميمون وعبد الله بْن رافع وموسى بْن وردان. وعنه بكر بْن مضر وابن وهب وزيد بْن الحباب وأبو عَبْد الرحمن المقري. وولي إمرة الإسكندرية وغزو البحر فِي أيام مروان. قَالَ النسائي: ليس بِهِ بأس. وقال المقري: كان شيخ صدق. وقال أحمد بْن يحيى، وزبر: مات سنة ستين ومائة. 273- عياض بْن عَبْد الله القُرَشِيّ الفهري1 -م د ن ق-. عَن الزهري وأبي الزبير وإبراهيم بْن عُبَيْد بْن رفاعة. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَابْنُ وَهْبٍ. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقويّ. وذكره ابْن حبان فِي الثقات. 274- عيسى بن حفص2 -خ م د ن ق- بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ العمري المدني أبو زياد ولقبه رباح. عَن أبيه وسعيد بْن المسيب ونافع وعبيد الله بْن عَبْد الله بْن عمر. وعنه يحيى القطان ووكيع والقعنبي والواقدي وآخرون. وثّقه أحمد وابن معين. مات سنة سبع، وقيل سنة تسع وخمسين ومائة وهو ابْن ثمانين سنة. قاله الواقدي. 275- عيسى بْن دينار الكوفي المؤذِّن3 -د ت-. عَن أبيه وأبي جعفر وأبي جعفر الباقر. وعنه يحيى بْن زكريا بْن أَبِي زائدة وعثمان بْن عُمَر بْن فارس وَمحمد بْن سابق. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. 276- عيسى بْن أَبِي رَزين الثُّمالي الحمصي4. عَن غضيف بْن الحارث ولقمان بْن عامر وعبد الله بْن أَبِي قيس. وعنه ابْن الْمُبَارَك وبقية ومحمد بْن سُلَيْمَان بومة ويحيى بْن سعيد العطار الحمصي. قَالَ أَبُو زرعة: مجهول.   1 الجرح والتعديل "6/ 409". 2 التهذيب "8/ 208"، والجرح والتعديل "6/ 273". 3 التاريخ الكبير "6/ 297" والجرح والتعديل "6/ 275". 4 ميزان الاعتدال "3/ 311"، والتهذيب "8/ 210". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 367 خرّج لَهُ النسائي فِي اليوم والليلة. 277- عيسى بن طهمان بن رامة الجشمي1 -خ ق- أبو بكر البصري نزيل الكوفة. عَن أنس بْن مالك. وعنه ابن المبارك ويحيى بن آدم وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى ومحمد بْن سابق. وثّقه أَبُو داود وغيره. حديثه فِي ثلاثيات البخاري. 278- عيسى بن عبد الله الحكم. بْن النعمان بْن بشير الأنصاري الشامي. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ونافع. وعنه بقية والوليد بْن مسلم ومحمد بْن الْمُبَارَك الصوري. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عَلَيْهِ. 279- عيسى بْن عَبْد الرحمن أَبُو سلمة السلمي2، الكوفي. عَن الشعبي وسلمة بن كهل وسيار أَبِي الحكم وجماعة. وعنه ابْن مهدي وعفان وأحمد بْن يونس وأبو غسان النهدي وعون بْن سلام. وثّقه ابْن معين وأبو حاتم. لم يخرجوا لَهُ شيئًا. 280- عيسى بْن عَبْد الرحمن3، أَبُو عبادة الأنصاري الزُّرقي المديني. عَن الزُّهْرِيّ وزيد بْن أسلم. وعنه ابْن لهيعة وأبو داود الطيالسي ومحمد بْن شعيب ومعن القزاز. تركه النسائي. وَقَالَ البخاري: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. تَفَرَّدَ بِحَدِيثِ "يَسِيرُ الرِّبَا شِرْكٌ"4. 281- عيسى بن عبيد الكندي.5 -د ت ن- المروزي. عَن عكرمة وعبد الله بْن بريدة والربيع بْن أنس وغيلان بْن عَبْد الله العامري. وعنه الفضل بْن موسى السيناني وعيسى غنجار وأبو نميلة يحيى بن واضح   1 تهذيب التهذيب "8/ 215"، والمجروحين "2/ 117". 2 المعرفة والتاريخ "1/ 229"، والتهذيب "8/ 219". 3 التاريخ الكبير "6/ 391"، وميزان الاعتدال "3/ 317". 4 أخرجه الطبراني في معجمه الصغير "2/ 45". 5 ميزان الاعتدال "3/ 318"، والجرح والتعديل "6/ 282". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 368 وعبد الله بْن عثمان ونعيم بْن حماد. قَالَ أَبُو زرعة: لا بأس بِهِ، وهو أكبر شيخ عند نعيم. 282- عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ الأَمِيرُ1، عَمُّ الْمَنْصُورِ وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ نَهْرُ عِيسَى بِبَغْدَادَ. حَدَّثَ سُفْيَانُ النَّحْوِيُّ عَنْ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "يُمْنُ الخليل فِي شَعْرِهَا" وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ2. وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا احْتَجَّ بِعِيسَى، بَلْ قَالَ حَاتِمُ بْنُ اللَّيْثِ: سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ كَانَ لَهُ مَذْهَبٌ جَمِيلٌ مُعْتَزِلا لِلسُّلْطَانِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. 283- عيسى بْن عمر الأسدي3، مولاهم الكوفي، أَبُو عمر المعروف بالهمداني المُقْرِئ العبد الصالح صاحب الحروف. أَخَذَ القراءة عرضًا عَن طَلْحَةَ بْن مصرف وعاصم والأعمش. قال الداني. وقرأ عَلَيْهِ الكسائي وعبيد اللَّه بْن مُوسَى وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حمّاد ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن والحسن بْن زياد اللؤلؤي وخارجة بن مصعب وجماعة. قاله الداني. وروى عَن عطاء بْن أَبِي رباح وطلحة وعمرو بْن مرة وحماد بْن أَبِي سُلَيْمَان. حدّث عَنْهُ جعفر الأحمر وابن الْمُبَارَك وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى الفريابي ووكيع وعدة. وثّقه يحيى بْن معين والعجلي وكان مقرئ أَهْل الكوفة فِي زمانه مَعَ حَمْزَةَ فعن سُفْيَان الثوري قال: أدركت الكوفة وما بها أقرأ من عِيسَى الهمداني. قَالَ مطين: مات سنة ست وخمسين ومائة.   1 تهذيب التهذيب "8/ 221"، وميزان الاعتدال "3/ 319". 2 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "2545"، والترمذي "1695"، بنحوه ولفظه "يمن الخيل في شقرها". وكذلك رواه أحمد في المسند بهذا اللفظ "1/ 272"، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "7/ 311"، وانظر صحيح الجامع الصغير وزيادته "8162"، للألباني. 3 التاريخ الكبير "6/ 397"، والتهذيب "8/ 222". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 369 284- عيسى بْن عمر الثقفي1، البصري النحوي العلامة أبو عمر. روى عَن الحسن وعون بْن عَبْد الله بْن عتبة وعبد الله بْن أَبِي إسحاق الحضرمي وعاصم الجحدري وغيرهم. وعنه الأصمعي وعلي بن نضر الجهضمي وشجاع بن أبي نصير البلخي وهارون بن موسى الأعور والعباس بن بكار الضبي وأحمد بن موسى اللؤلؤي والخليل بن أحمد العروضي وعبيد بن عقيل وغيرهم. وولاؤه لبني مخزوم. وهو أخو أبي خشينة حاجب ابن عمر، نزلوا في ثقيف فنسبوا إليهم. وكان عيسى بن عمر رأسا في العربية صاحب تقعير فِي كلامه واستعمال لغريب اللغة، وكان صديقًا لأبي عمرو بْن العلاء. أَخَذَ القراءة عَن عَبْد اللَّه بْن أَبِي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ ورواية عَن عَبْد اللَّه بْن كثير. أَخَذَ عَنْهُ النحو الخليل وغيره. وصنف فِي العربية كتاب "الجامع" وكتاب "الإكمال" وأشياء سواهما. قَالَ الأصمعي: قَالَ عِيسَى بْن عُمَر لأبي عمرو: أَنَا أفصح من معد بْن عدنان، فَقَالَ لَهُ تعديت، كيف تنشد هَذَا البيت: قد كُنَّ يُخَبِّئنَ الوجوهَ تَسَترًا فاليومَ حين بدأن للنظار. أو "بدين للنظار"؟ فقال: "بدأن" فَقَالَ: أخطأت، يُقَالُ: بدا يبدو إذا ظهر، وبدأ يبدأ إذا شرع وإنما قصد أَبُو عمرو تغليطه لأنه تقعّر عَلَيْهِ. والصواب "بدون" بالواو. ويقال إن عِيسَى بْن عُمَر سقط من حِمارِه فأُغمي عَلَيْهِ فاجتمعوا حوله وقالوا هُوَ مصروع، فَقَالَ لما استفاق: مَا لكم تكأْكَأْتُم عليّ تكَأْكُؤكُمْ عَلَى ذي جِنَّةٍ إفرنقعوا عني، أي انكشفوا عني، وتكأ كأ: تجمّع. فَقَالَ واحد: هَذِهِ جنّيتّه تتكلم. وقيل: إن ابْن هبيرة ضربه بالسياط وهو يَقُولُ: واللهِ إنْ كَانَتْ إلا ثيابًا فِي أسيفاط أخذها عشّاروك. وقيل: بل الَّذِي ضربه يوسف بن عمر الثقفي من أجل وديعة كانت عنده لخالد بْن عَبْد اللَّه القَسْري. وقال القاضي ابْن خلكان2: إن هَذَا روى عَنْهُ القراءة أحمد بن موسى اللؤلؤي   1 التهذيب "8/ 223"، وفيات الأعيان "3/ 486"، ونور القبس "46". 2 راجع وفيات الأعيان "3/ 486". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 370 وهارون النحوي والخليل بْن أَحْمَد والأصمعي وسهل بن يوسف وعبيد بن عقيل. وأخذ عَنْهُ النحو سيبويه. ويقال: إنه صنّف نيّفًا وسبعين تأليفًا ذهبت كلها سوى الجامع والإكمال وفيه يَقُولُ الخليل بْن أَحْمَد إذ يَقُولُ: ذَهَبَ النحوُ جميعًا كلُّهُ ... غيرُ مَا أحْدَثَ عِيسَى بْن عمرُ ذَاكَ إِكمالٌ وهذا جامِعٌ ... فهما للناس شمسٌ وقمرُ قَالَ ابْن معين: عِيسَى بْن عُمَر بصري ثقة، وقيل: لحقه ضيق نفس فكان يداوي نفسه بإجاص يابس وسكر. وقد أرخ القِفْطِيّ وابن خلكان وفاته في تسع وأربعين ومائة، وأحسبه وهمًا، ولعلّه إِلَى قريب الستين بقي. 285- عيسى بْن أَبِي عيسى الحناط1 –ق- أبو محمد الغفاري المدني. نزل الكوفة. يروي عَن أنس والشعبي وعمرو بْن شعيب ونافع وغيرهم. وعنه ابْن أَبِي فديك ووكيع وصفوان بْن عيسى وعمر بْن شبيب المسلي وعبيد الله بْن موسى وجماعة. ضعّفه أحمد. وقال الفلاس والدارقطني: متروك الحديث. وقال ابن سعد: كان يَقُولُ أَنَا خياط وحنّاط كُلا قد عالجت، قَالَ: وقدم الكوفة للتجارة فلقي بها الشَّعْبِيّ. مات سنة إحدى وخمسين ومائة. 286- عيسى بْن موسى الدمشقي2 -د ق- أخو سُلَيْمَان بْن موسى. عَن ربيعة بْن يزيد وإسماعيل بْن عُبَيْد الله وعروة بْن رويم. وعنه الوليد بْن مسلم وعمرو بْن أَبِي سلمة التنيسي ومحمد بْن سُلَيْمَان الحراني بومة وغيرهم. لم أعلم به بأسًا.   1 تهذيب التهذيب "8/ 224"، والتقريب "2/ 107"، وتاريخ الدوري "2/ 465"، وتاريخ الثقات "380". 2 تهذيب التهذيب "8/ 334"، التاريخ لابن معين "1009". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 371 287- عيسى بْن المسيب البَجَلي1 قاضي الكوفة. عَن أَبِي زرعة البجلي والشعبي وعدي بْن ثابت. وعنه وكيع وأبو النضر وأبو نعيم وغيرهم. ضعّفه النسائي وقال: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 288- عيسى بْن ميمون بْن داية المكي2. كَانَ ينزل في بني جرش فنسب إليهم. روى عَن قيس بْن سعد وابن أَبِي نجيح. وعنه سفيان الثوري وابن عيينة وأبو عاصم. وقد قرأ القرآن عَلَى ابْن كثير. وثّقه أَبُو حاتم. وقال ابْن معين: ليس بِهِ بأس. وقال أَبُو داود: ثقة يرى القدر. 289- عيسى بْن يزيد المروزي3 -ن ق- أبو معاذ الأزرق. عَن أَبِي إسحاق ومطر الوراق وجماعة. وعنه أَبُو مسلمة وابن الْمُبَارَك وعيسى غنجار وحكام بْن سلم. وكان قاضي سرخس، لَهُ فِي "ن ق" حديث واحد عَن جرير بْن يزيد البجلي. 290- عُيَينة بْن عَبْد الرحمن بْن جوشن4 -4- أَبُو مالك الغطفاني البصري. عَن أبيه ونافع وأبي الزبير ومروان الأصغر. وعنه شعبة ويحيى القطان ويزيد بْن هارون وأبو عَبْد الرحمن المقبري وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابن معين والنسائي: ثقة. وقال أحمد: لا بأس بِهِ. أَنْبَأَنَا عَنِ الصَّيْدَلانِيِّ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَتْهُمْ أَنَا ابْنُ زَيْدٍ أَنَا الطَّبَرَانِيُّ نَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى نَا الْمَقْبُرِيُّ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ   1 ميزان الاعتدال "3/ 323"، والجرح والتعديل "6/ 288". 2 التهذيب "8/ 235"، وميزان الاعتدال "3/ 327". 3 تقريب التهذيب "2/ 109". 4 ميزان الاعتدال "3/ 329"، والتاريخ لابن معين "8/ 35". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 372 رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ حَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" 1. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ. "حرف الغين": 291- غالب بْن سُلَيْمَان أَبُو صالح العَتَكي2. عَن الضحاك وكثير بْن زياد. وعنه حرميّ بْن عمارة وسليمان بْن حرب ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. وهو ثقة عند أَبِي حاتم. 292- غالب بْن عُبَيْد الله العقيلي الجزري3. من أهل قرقيسيا. عَن مجاهد وعطاء بْن أَبِي رباح والحسن ونافع. وعنه عمر بْن أيوب الموصلي ويعلى بْن عُبَيْد وغانم بْن مالك ورشدين وغيرهم. وسمع مِنْهُ وكيع وتركه. وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ دَجَاجَةً رَبَطَهَا أَيَّامًا وَكَانَ يُصَلِّي وَلا يُعِيدُ وُضُوءًا". وعن عطاء عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى مُعَاوِيَة سهمًا وقال: حَتَّى توافيني بِهِ فِي الجنة. 293- غالب بْن نجيح4، أَبُو بشر الكوفي. عَن حماد بْن أَبِي سُلَيْمَان وعمرو بْن هبيرة وقيس بْن مسلم وجماعة. وعنه عَبْد الله بْن موسى وأبو أحمد الزبيري. "حرف الفاء": 294- فائدة بْن عَبْد الرحمن أَبُو الورقاء الكوفي5 -ت ق- العطار.   1 "صحيح": أخرجه أبو داود "2760"، والنسائي "4761". 2 التاريخ الكبير "7/ 99"، وميزان الاعتدال "38/ 338"، والمشاهير "156". 3 الميزان "3/ 331"، وطبقات ابن سعد "7/ 483". 4 تهذيب التهذيب "8/ 244"، والتقريب "2/ 104". 5 ميزان الاعتدال "3/ 339"، والتقريب "2/ 107". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 373 عَن عَبْد الله بْن أَبِي أوفى وبلال بْن أَبِي الدرداء. وعنه حماد بْن سلمة وعيسى بْن يونس وعبد الله بْن بكر ومسلم بْن إِبْرَاهِيم ومكي بْن إِبْرَاهِيم ويزيد والفريابي وآخرون. قَالَ أحمد: متروك الحديث. وقال أَبُو زرعة: لا تشتغل بِهِ. وقال ابْن معين: ليس بثقة. واتّهمه أَبُو حاتم. وقال أبو داود: ليس به بأس. 295- فائد مولى عبادل المدني1 -د ن ق-. عَن مولاه عُبَيْد الله بْن علي بْن أَبِي رافع وسكينة بنت الحسين. وعنه زيد بْن الحباب ومعن بْن عيسى والقعنبي والواقدي وعدّة. وثّقه ابْن معين. 296- فرقد بْن الحجاج القرشي البصري2. سَمِعَ عقبة بْن أَبِي الحسناء اليمامي صاحب أَبِي هريرة. وعنه أَبُو علي الحنفي وعبد الصمد التنوري ومسلم بن إبراهيم- ما أعلم به بأسا. 297- الفضل بن ميمون3، أبو سلمة صاحب الطعام. عَن معاوية بْن قرة ومنصور بْن زاذان. وعنه أَبُو عامر العقدي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعارم وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: منكر الحديث. 298- فطر بن خليفة4 –4خ- أبو بكر الكوفي الحناط، مولى عمرو بْن حريث المخزومي. عَن أبيه وعامر بْن واثلة الكناني وأبي وائل وطاوس ومجاهد وأبي الضحى وغيرهم. وعنه السفيانان وأبو أسامة وعبد الله بْن موسى ويحيى بن آدم وبكر بن بكار وقبيصة والفريابي وآخرون. وثّقه أحمد. وقال أَبُو حاتم: صالح الحديث. وقال أحمد العجلي: ثقة حسن الحديث فِيهِ تشيُّع قليل. وقال الدارقطني: لا يُتَابع به.   1 تهذيب التهذيب "8/ 256"، والجرح والتعديل "7/ 84"، والمعرفة والتاريخ "2/ 224". 2 التاريخ الكبير "7/ 131"، والجرح والتعديل "7/ 82". 3 التاريخ الكبير "7/ 117"، وميزان الاعتدال "3/ 360". 4 ميزان الاعتدال "3/ 363"، وتهذيب التهذيب "8/ 300". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 374 وقال ابْن سعد: ثقة إن شاء اللَّه، منهم مَن يستضعفه، وكان لا يترك أحدًا يكتب عنده لَهُ سنّ ولقاء. وعن أَبِي بَكْر بْن عياش قَالَ: مَا تركت الرواية عَن فطر إلا لسوء مذهبه. وقال عَبْد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كان فطر عند يحيى ثقة ولكنه خشبي مفرط، وسألت أَبِي مرة عَنْهُ فَقَالَ: ثقة صالح الحديث حديثه حديث رَجُل كيّس إلا أَنَّهُ يتشيّع. وقال أَحْمَد بْن يُونُس: تركته عمدًا، وكان يتشيّع. وقال العقيلي: نا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل أَنَا الْحَسَن بْن علي قَالَ: حدّثت عن جرير قال: كان الأَعْمَشُ ومنصور ومغيرة يشربون فإذا أخذوا فِي رؤوسهم سخروا بفِطر بْن خليفة. يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ نَا فِطْرٌ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ"1. قَالَ: مَاتَ فِطْرٌ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ. "حرف القاف": 299- القاسم بْن حبيب الكوفي2، التمّار. عَن عكرمة ومحمد بْن كعب القرظي وبندار بْن حبان وسلمة بْن كهيل. وعنه محمد بْن فضيل ووكيع والمعافى بْن عمران ويحيى بْن يعلى. قَالَ ابْن معين: ليس بشيء. ووثّقه ابْن حبان. 300- القاسم بْن عَبْد الرحمن الأنصاري المسعودي3. سَمِعَ أبا جعفر الباقر. وعنه عيسى بْن يونس والقاسم بْن مالك والأنصاري. ضعّفه أَبُو حاتم.   1 "حديث مرسل": أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة، وأبي نعيم عن بريدة كما في كنز العمال للهندي "6655"، وذكره العقيلي في الضعفاء "3/ 465"، وابن عدي في الكامل "7/ 2625". 2 التاريخ الكبير "2/ 116"، وميزان الاعتدال "3/ 369". 3 المعرفة والتاريخ "3/ 375" والجرح والتعديل "7/ 112". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 375 301- القاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي1، مولى بني مخزوم. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ وأبي حازم الأعرج وعمر بْن عَبْد الله بْن عروة. ومات شابًا. روى عَنْهُ همام بْن يحيى -وَهُوَ أكبر منه- ومحمد بْن محمد بْن نافع وعبد الوارث بن سعيد وداود بن عبد الرحمن العطار. ذكره ابن حبان في الثقات. وقد روى الحروف عَن عَبْد الله بْن كثير. سَمِعَ مِنْهُ الحروف أَبُو يعقوب الأفطس شيخ أحمد بْن جبير الأنطاكي. 302- القاسم بْن مبرور الأيلي الفقيه2. عَن عمه طلحة بْن عَبْد الله وهشام بْن عروة ويونس بْن يزيد. وعنه عمر بْن مروان وخالد بْن نزار الأيليّان. قَالَ خَالِد: قَالَ لِي مالك: مَا فعل القاسم؟ قُلْتُ: توفي، قَالَ: كنت أحسب أن يكون خلفًا من الأوزاعي. قَالَ أَبُو سعيد بْن يونس: مات بمَكَّة سنة ثمان أو تسع وخمسين مائة، صلّى عليه الثوري. 303- القاسم بْن هزّان الخولاني، الداراني. عَن الزهري وإسحاق بن أبي فروة وعمر بْن مهاجر. وعنه الوليد بْن مسلم وغندر والحسن بْن يحيى الخشني وحصين الفزاري. قَالَ أَبُو حاتم: محله الصدق. 304- قباث بْن رزين3 –ن- بن حميد أبو هاشم المصري. عَن عكرمة وعليّ بْن رباح. وعنه ابْن الْمُبَارَك وابن وهب وأبو عَبْد الرحمن المقري وعبد الله بْن صالح. قَالَ أَبُو حاتم: لَا بأس بِهِ، موته فِي سنة ست وخمسين ومائة، وكان إمام جامع مصر.   1 تقريب التقريب "2/ 118"، والمشاهير "148". 2 الجرح والتعديل "7/ 121"، والتهذيب "8/ 333". 3 التاريخ الكبير "7/ 193"، والتهذيب "8/ 343". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 376 وَفِي الصحابة قباث بْن أشيم. 305- قدامة بْن موسى بن عمر1 -م د ت ق- بْن قدامة بْن مظعون القُرَشِيّ الجمحي المكّي. عن أنس بن مالك وأبي صالح السمان وسالم بْن عَبْد الله. وعنه ابنه إِبْرَاهِيم وعبد العزيز الماجشون ووكيع والواقدي وأبو عاصم وجماعة. وثّقه ابْن معين -مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. ورد أَنَّهُ يروي عَن ابْن عمر. 306- قُرّة بْن خالد السدوسي البصري2. عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ وأبي رجاء العطاردي والحسن وابن سيرين ومعاوية بْن قُرّة وجماعة. وعنه حرمي بْن عمارة وزيد بْن الحباب وأبو عامر العقدي وبكر بْن بكار ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعدد كبير. وكان من جِلّة العلماء. قَالَ يَحْيَى بْن القطَّان: كَانَ من أثبت شيوخنا. مات قُرّة سنة أربع وخمسين ومائة. وقال أَبُو حاتم: قُرّة عندي ثبْت. 307- قَعْنَب أَبُو السماك العدوي3، البصري المقرئ. لَهُ قراءة شاذة فِي الكامل لأبي القاسم الهذلي وَفِي غيره. رواها عَنْهُ أَبُو زَيْدُ سَعِيد بن أوس الأنصاري. وهو قعنب بْن هلال بْن أَبِي مغيث بْن هلال بْن أَبِي قعنب. قَالَ الهذلي: إمام فِي العربية. وقال: قَالَ أَبُو زَيْدُ: طفت العربَ كلها فلم أر فيها أعلم من أَبِي السماك. وقال أَبُو حاتم السجستاني: كَانَ أَبُو السمّاك يقطع ليلة قِيَامًا حَتَّى أخذت عَنْهُ هَذِهِ القراءة ولم يُقرئ الناس بل أخذت عنه الصلاة. وكان صوامًا قوامًا، وقال مُحَمَّد بْن يحيى القطعي: كَانَ أَبُو السمّاك فِي زمانه يقدَّم عَلَى الخليل بْن أَحْمَد. وقال أَبُو زَيْدُ: أعطى مروان بْن مُحَمَّد أَبَا السمّاك ألف دينار فَوَاللَّهِ مَا ترك منها حبة إلا تصدق بها.   1 تقريب التهذيب "2/ 124"، والجرح والتعديل "7/ 128". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 95"، والتهذيب "8/ 37"، وتذكرة الحفاظ "1/ 198". 3 التهذيب "8/ 384"، والجرح والتعديل "7/ 148". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 377 308- قيس بن سليم التميمي العنبري1 -م ن- الكوفي العابد. عَن علقمة بْن وائل والضحاك بْن مزاحم ويزيد الفقير. وعنه أَبُو نعيم وأبو أحمد الزبيري وقبيصة. وثّقه أَبُو زرعة وأبو حاتم. لَهُ فِي الكتب ثلاثة أحاديث. "حرف الكاف": 309- كامل بن العلاء2 -د ت ق- أبو العلاء السعدي الكوفي. عَن أَبِي صالح السمان والحكم بْن عتيبة والحسن بْن عمر والفقيمي. وحبيب بْن أَبِي ثابت. وعنه زيد بْن الحباب وإسحاق السلولي وأحمد بْن يونس ومحمد بْن يوسف الفريابي وأبو غسان مالك بْن إسماعيل. وثقه ابْن معين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أرجو أَنَّهُ لا بأس بِهِ، وَفِي حديثه مَا يُنْكر. 310- كثير بْن زيد الأسلمي الْمَدَنِيّ3 -د ت ق- أبو محمد. عَن سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وسعيد المقبري ونافع وعبد الرحمن بن كعب بْن مالك. وعنه مالك وعبد العزيز الدراوردي وابن أَبِي فديك وزيد بْن الحباب وأبو أحمد الزبيري والواقدي وآخرون. قَالَ أحمد: مَا أرى بِهِ بأسا. وقال أَبُو زرعة: ليس بالقويّ. وقال النسائي: ضعيف. 311- كثير بْن عَبْد الرحمن المؤذن4. عَن عطاء. وعنه عُبَيْد الله بْن موسى والخريبي وأبو نعيم. 312- كثير بن فرقد5.   1 تقريب التهذيب "2/ 129"، والجرح والتعديل "7/ 99". 2 التاريخ الكبير "7/ 244"، وطبقات ابن سعد "6/ 379". 3 تقريب التهذيب "2/ 131"، وميزان الاعتدال "3/ 404"، والمتروكين "89". 4 التاريخ الكبير "7/ 215"، والجرح والتعديل "7/ 154". 5 التهذيب "8/ 424"، والجرح والتعديل "7/ 155". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 378 عَن أَبِي بكر بْن حزم ونافع وعبيد بْن السباق. وعنه عمرو بْن الحارث ومالك والليث. وثّقه ابْن معين وغيره. ينبغي أن يُحوَّل فإنه قديم. 313- كثير بْن أَبِي كثير، أَبُو النضر1. عَن ربعي بْن خراش وأبي بردة وعبد الله بْن فروخ. وعنه عيسى بْن يونس وأبو عاصم وإسحاق بْن سُلَيْمَان وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: مستقيم الحديث. وقال ابْن معين: ضعيف. 314- كعب بْن فروخ2، أَبُو عَبْد الله بصري. عَن عكرمة والحسن البصري وقتادة وجماعة. وعنه عُبَيْد الله الحنفي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. صدوق. "حرف اللام": 315- لوط بْن يحيى3، أَبُو مخنف الكوفي الرافضي الإخباري صاحب هاتيك التصانيف. يروي عَن الصقعب بْن زهير ومجالد بْن سعيد وجابر بْن يزيد الجعفي وطوائف من المجهولين. وعنه علي بن محمد المدائني وعبد الرحمن بن مغراء وغير واحد. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حاتم: متروك الحديث. وقال الدارقطني: أخباري ضعيف. فلت: توفي سنة سبع وخمسين ومائة. "حرف الميم": 316- مالك بن الخير الزبادي4. مصري.   1 التهذيب "8/ 427". 2 الجرح والتعديل "7/ 162". 3 معجم الأدباء "7/ 41"، وفوات الأعيان "3/ 225"، والميزان "3/ 419"، وسير أعلام النبلاء "7/ 301". 4 التاريخ الكبير "7/ 312"، والميزان "3/ 426". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 379 يروي عَن أَبِي قبيل والحارث بْن يزيد ومالك بْن سعد. وعنه رشدين بن سعد وابن وهب وزيد بن الحباب. 317- مالك بن مغول1 –ع- بْن عاصم بْن مالك بْن عزية أَبُو عبد الله البجلي الكوفي. سَمِعَ الشعبي وابن بريدة ونافعا وطلحة بْن مصرف وعون بْن أَبِي جحيفة والوليد بْن العيزار وعدة. وعنه: أبو نعيم والغريابي وخلاد بْن يحيى وخلق، كعبد الله بْن مهدي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعبد الله بْن نمير ومحمد بْن سابق ويحيى بْن آدم وأبو أحمد الزبيري. وحدّث عَنْهُ من شيوخه أَبُو إسحاق. قَالَ أحمد: ثقة ثبت. وقال العجلي: صالح مُبَرِّز فِي الفصل. وقال ابْن عُيَيْنَة: قَالَ رَجُل لمالك بْن مِغْوَلٍ: اتقِ اللَّه، فوضع خدَّه بالأرض. وقال ابْن إدريس: مَا رَأَيْت مالك بْن مِغْوَلٍ يسبّ دابَّة قط إلا أَنَّهُ ذُكِرْت عنده الرافضة فَبزَقَ فِي الأرض. وقال القوم: أحسنوا فِي الأرض البلاء وأحسن اللَّه عليهم الثناء. قَالَ ابْن عيينة: قَالَ مالك بْن مغول: لئن شئتم لأحلفنّ لكم أن مكانهما فِي الآخرة مثل مكانهما في الدنيا، يعني أبا بَكْر وعمر. وعن شَرِيك قَالَ: رَأَيْت سُفْيَان يشرب النبيذ فِي بيت خير أَهْل الكوفة مالك بْن مغول. قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: مات فِي آخر سنة ثمان وخمسين وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة: مات فِي أول سنة تسع. 318- مبارك بْن حسان السلمي البَصْرِيّ2، ثُمَّ الكوفي. عَن الحسن وعطاء بْن أَبِي رباح ونافع. وعنه وكيع وعبد الله بْن موسى وموسى بْن إسماعيل وجماعة. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثقة. وقال أبو داود: منكر الحديث.   1 تهذيب التهذيب "10/ 22", وسير أعلام النبلاء "7/ 174" 2 ميزان الاعتدال "3/ 430"، والتهذيب "10/ 26". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 380 319- مبارك بْن مجاهد1، أَبُو الأزهر المروزي. عَن العلاء بْن عَبْد الرحمن وأيوب بْن أَبِي العوجاء. وعنه عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله الدَّشْتَكيّ وعبد العزيز بْن أَبِي رزمة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. وقال قتيبة: قدري ضعيف جدا. قِيلَ: مات سنة ستين ومائة. 320- المثنّى بْن دينار2، أَبُو محمد القطان. رأى أنس بْن مالك وأبا مجلز وروى عَن جماعة. وعنه يحيى القطان وروح بْن عُبادة وعثمان بْن عُمَر بْن فارس. وهو مقل حسن الحال. 321- المثنى بن سعد3 -د ت ن- ويقال ابن سعيد الطائي، أبو غفار الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وأبي عثمان النهدي وأبي قلابة. وعنه عيسى بْن يونس ويحيى القطان وأبو أسامة والفريابي. قَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. 322- المثنّى بْن سعيد الضبعي4 –ع- أبو سعيد البصري القسام الذراع. عَن أَبِي مجلز لاحق وأبي المتوكل الناجي وقتادة وأبي حمزة. ورأى أنسا. وعنه ابْن علية وعبد الرحمن بْن مهدي وعبد الصمد ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعدة. وثّقه أحمد. وقال أَبُو حاتم: هُوَ أوثق من أَبِي غفار، يعني الَّذِي قبله. 323- مُجَاعة بْن الزُّبَيْر البصري5. عَن الحسن وأبي الزبير وابن سيرين وقتادة وجماعة. وعنه شعبة والنضر بْن شُمَيْل وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وعبد الله بن رشيد.   1 الجرح والتعديل "8/ 340"، والمجروحين "3/ 23" 2 تقريب التهذيب "2/ 228"، والميزان "3/ 434". 3 التهذيب "10/ 34". 4 التاريخ الكبير "7/ 418". 5 ميزان الاعتدال "3/ 437"، وسير أعلام النبلاء "7/ 196". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 381 قَالَ أحمد: لم يكن بِهِ بأس فِي نفسه. وقال حاتم بْن مطهر السدوسي: ثنا أبو عبيدة مجاعة بْن الزبير الأَزْدِيّ. وذكره شُعْبَة مرّة فَقَالَ: الصوام القوام. وقال ابْن عديّ: هُوَ مِمَّنْ يُحتَمَل ويُكْتَب حديثه. وقال الدارقطني: ضعيف. 324- مجاهد بْن فرقد1، أَبُو الأسود شامي. عَن أَبِي منيب الجرشي وواثلة بْن الخطاب. وعنه إسماعيل بْن عياش ومحمد بْن إسحاق الرملي والفريابي وغيرهم. فِي عداد الشيوخ. وله حديث منكر. 325- مجمع بن يعقوب2 -د ن- بْن مجمع بْن يزيد بْن جارية الأنصاري المدني القباني. عَن أبيه وربيعة الرائي وغيرهما. قَالَ ابْن سعد: توفي سنة ستين ومائة. وهذا وهمٌ. قَالَ قتيبة: لقيه وروى عَنْهُ. 326- محرز بْن عبد الله أبو رجاءالجزري3 -ق-. مولى هشام بْن عَبْد الملك. عَن مكحول وعروة بن رويم وبرد بن عبيد سنان وعنه أَبُو معاوية ومحمد بْن بشر ويعلى بْن عُبَيْد والفريابي. نزل الكوفة. قَالَ أَبُو داود: ليس بِهِ بأس. 327- مُحِلّ بْن محرز الضبّي4، الكوفي. عَن أَبِي وائل وإبراهيم النخعي والشعبي. وعنه يحيى القطان وعبيد الله بْن موسى وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى وجماعة. وثّقه أحمد وغيره. وقال أَبُو حاتم: كَانَ آخر من بقي من أصحاب إِبْرَاهِيم. ما بحديثه بأس ولا يحتج بِهِ. وقال النَّسائيّ لَيْسَ بِهِ بأس. وقال القطّان: وَسَط ولم يكن بذاك. قُلْتُ: لم يخرجوا له شيئًا. وتوفي سنة ثلاث وخمسين ومائة.   1 التهذيب "10/ 44"، وميزان الاعتدال "3/ 440". 2 تهذيب التهذيب "10/ 48". 3 تقريب التهذيب "2/ 231"، والميزان "3/ 445". 4 التاريخ الكبير "8/ 20"، والمجروحين "3/ 19". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 382 328- محمد بن إسحاق1 –م- تبعًا -ابن يسار المطلبي المخرمي مولاهم الْمَدَنِيّ أَبُو بكر. ويقال: أَبُو عَبْد الله الأحول أحد الأعلام وصاحب المغازي. كَانَ يسّار من سبي عين التمر، مَوْلَى لقيس بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ. وقال الهيثم بْن عدي والمدائني: مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يسّار بْن خيار وكان خيار مَوْلَى لقيس بْن مخرمة. قُلْتُ: رأى أنس بْن مالك وسعيد بْن المسيب. ومولده سنة نيف وثمانين. وحدث عن أبيه وعن موسى بْن يسار وعطاء والأعرج وسعيد بْن أَبِي هند والقاسم بْن محمد وفاطمة بنت المنذر والمقبري وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْن قتادة وابن شهاب وعبيد الله بْن عَبْد الله بْن عمر ومكحول ويزيد بْن أَبِي حبيب وسليمان بْن سحيم وعمرو بْن شعيب ونافع وأبي جعفر الباقر وخلق سواهم. وعنه جرير بْن حازم والحمادان وإبراهيم بْن سعد وزياد بْن عَبْد الله وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى وعبدة بْن سُلَيْمَان وسلمة بْن الفضل ومحمد بْن سلمة الحراني ويونس بْن بكير ويعلى بْن عُبَيْد وأحمد بْن خالد الذهبي ويزيد بْن هارون، وعدد كثير. وكان بحرًا فِي العلم حِبْرًا فِي معرفة أيام النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْ سلمة بْن الفضل عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ: رَأَيْت أَنَسًا عَلَيْهِ عمامة سوداء والصبيان يشيرون ويقولون: هَذَا رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يموت حَتَّى يلقى الدجّال2. وقال عَبَّاس الدوري: قد سَمِعَ ابْن إِسْحَاق مْن أَبَان بْن عُثْمَان ومن أَبِي سلمة بْن عَبْد الرَّحْمَن. قاله لنا ابن معين. وقال يحيى بن كثير وغيره عَن شُعْبَة قَالَ: ابْن إِسْحَاق أمير المؤمنين فِي الحديث. وقال الخطيب: حدّث عَنْهُ يحيى بْن سَعِيد الأنصاري وابن جُرَيْج والثوري وشعبة.   1 تاريخ بغداد "1/ 214"، وميزان الاعتدال "3/ 461"، والتهذيب "9/ 38"، وطبقات ابن سعد "7/ 321"، وغيره. 2 سير أعلام النبلاء "7/ 31". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 383 وقال الزُّهْرِيّ: لا يزال بالمدينة عِلْم جَمٌّ مَا كَانَ فيهم مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وكذا قَالَ عاصم بْن عُمَر بْن قَتَادَةَ، وهما شيخاه. وقال الْبُخَارِيّ: نا عليّ بْن عَبْد اللَّه سَمِعَ سُفْيَان يَقُولُ: مَا رَأَيْت أحدًا يتّهم ابْن إِسْحَاق. قَالَ الْبُخَارِيّ: ينبغي أن يكون لَهُ ألف حديث ينفرد بها. قَالَ يُونُس بْن بُكَيْر: سَمِعْت شُعْبَة يَقُولُ: ابْن إِسْحَاق أمير المؤمنين فِي الحديث، فَقِيلَ لَهُ: ولِم؟ فَقَالَ: لحفظه. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَة1: سألت علي بن المديني عن إِسْحَاقَ فَقَالَ: حَدِيثُهُ عِنْدِي صَحِيحٌ. قُلْتُ: فَكَلامُ مَالِكٍ، قَالَ: مَالِكٌ لَمْ يُجَالِسْهُ وَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَأَيَّ شَيْءٍ حَدَّثَ بِالْمَدِينَةِ. قُلْتُ: فَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ، قَالَ: الَّذِي قَالَ هِشَامٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَعَلَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهُوَ غُلامٌ وَأَنَّ حَدِيثَهُ لَيْسَ فِيهِ الصِّدْقُ، يَرْوِي مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ. وَيَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي سَلَفٍ وَبَيْعٍ وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَلَمْ أَرَ لَهُ إِلا حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ أَحَدَهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ" 2، وَالآخَرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بن خالد "من مس فرجه فليتوضأ" 3. وقال أحمد العجلي: ابْن إسحاق ثقة. وقال عباس عَن ابْن معين: ثقة لكن ليس بحجة. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ليس بِهِ بأس. ومرة قَالَ: ليس بذاك ضعيف. وقال يعقوب بْن شيبة عَن ابْن معين: هُوَ صدوق. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي: وقال هارون بْن معروف: سَمِعْت أَبَا مُعَاوِيَة يقولُ: كَانَ ابْن إِسْحَاق من أحفظ الناس، فكان الرجل إذا كان عنده خمسة أحاديث   1 انظر المصدر السابق "7/ 37". 2 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "1119"، والترمذي "526". 3 "حديث صحيح": أخرجه النسائي "1/ 216"، وابن ماجه "481-482"، وأحمد في مسنده "6/ 406" وغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 384 أو أكثر جاء فاستودعها ابنَ إِسْحَاق وقال احفظها عليّ، فَإِن نسيتها كنت قد حفظتها عليّ. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي: تكلّم أربعة فِي ابْن إِسْحَاق، فأما سُفْيَان وشعبة فكانا يقولان: أمير المؤمنين في الحديث. وقال أحمد بْن حنبل: حسن الحديث. وقال الْحَسَن بن علي الحلواني: سمعت يزيد بْن هارون يَقُولُ: لو كَانَ لِي سلطان لأمَّرت ابْن إسحاق عَلَى المحدّثين. وقال أَبُو أمية الطرسوسي: ثنا علي بْن الْحَسَن النسائي ثنا فياض بن محمد الرقي سَمِعْت ابْن أَبِي ذئب يَقُولُ: كُنَّا عند الزُّهْرِيّ فنظر إِلَى ابْن إِسْحَاق يُقْبِلُ فَقَالَ: لا يزال بالحجاز علم كثير مَا دام هَذَا الأحول بين أظهرهم. وقال ابْن عَلية: سَمِعْت شُعْبَة يَقُولُ: هُوَ صدوق. وقال ابْن المديني: قُلْتُ لسفيان: أكان ابْن إسحاق جالس فاطمة بِنْت المنذر؟ فَقَالَ: أخبرني أنها حدّثته فإنه دخل عليها. قُلْتُ: الَّذِي استقر عَلَيْهِ الأمر أن ابْن إسحاق صالح الحديث وأنه فِي المغازي أقوى مِنْهُ فِي الأحكام. وقد قَالَ يحيى بْن سَعِيد: سَمِعْت هشام بْن عروة يكذّبه. وقال أَبُو الْوَلِيد: نا وُهَيْب بْن خَالِد سَأَلت مالكًا عَن ابْن إِسْحَاق فَقَالَ واتّهمه. وقال أَحْمَد بْن زهير: سَمِعْت ابْن مهدي يَقُولُ: كَانَ يحيى بْن سَعِيد الأَنْصَارِيّ ومالك يجُرِّحان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. وقال العقيلي: حدّثني الفضيل بْن جَعْفَر نا عَبْد الملك بن محمد نا سليمان بن دَاوُد قَالَ لِي يحيى بْن سَعِيد القطَّان: أشهد أن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق كذّاب. قُلْتُ: وما يدريك؟ قَالَ: قَالَ لِي وُهَيْب. فَقُلْتُ لوهيب: مَا يدريك؟ قَالَ: قَالَ لِي مالك، فَقُلْتُ لمالك: وما يدريك؟ قَالَ: قَالَ لِي هشام بن عروة، قلت له: وما يدريك؟ قَالَ: حدّث عَن امرأتي وأُدْخِلَتْ عليّ وهي بِنْت تسع سنين وما رآها رَجُل حَتَّى لَقِيتِ اللَّه1. قُلْتُ: هَذِهِ حكاية باطلة، وَسُلَيْمَان الشاذكوني ليس بثقة، وما أُدْخِلت فاطمة عَلَى هشام إلا وهي بِنْت نيّفٍ وعشرين سنة فإنها أكبر مِنْهُ بنحوٍ من تسع سنين، وقد   1 وراجع سير أعلام النبلاء "7/ 41-42". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 385 سَمِعْت من أسماء بنت الصديق، وهشام لم يسمع من أسماء مَعَ أنها حدثتها. وأيضا فَلَمَّا سَمِعَ ابْن إِسْحَاق منها كَانَتْ قد عجزت وكبرت وهو غلام أو هُوَ رَجُل من خلف الستر. فإنكار هشام بارد. قَالَ ابْن المديني: سَمِعْت يحيى يَقُولُ: قُلْتُ لهشام: ابْن إِسْحَاق يحدّث عَن فاطمة بِنْت المنذر، فَقَالَ: أهو كَانَ يَصِلْ إليها. وقال يحيى بْن آدم: نا ابْن إدريس قَالَ: كنت عند مالك فَقَالَ لَهُ رَجُل: إن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق يقول: اعْرِضُوا عليّ عِلْم مالك فإِني بيطاره، فَقَالَ مالك: انظروا إِلَى دجّال من الدجاجلة يَقُولُ: اعرضوا عليّ علم مالك. قَالَ ابْن إدريس: مَا رَأَيْت أحدًا جمع الدجّال قبله1. وقال عَبْد الْعَزِيز الدراوَرَدي وابن أَبِي حازم: كُنَّا فِي مجلس ابْن إِسْحَاق فنعس ثُمَّ رفع رأسه فَقَالَ: رَأَيْت كأن حمارًا أخرِج من دار مروان فِي عنقه حبل، فما لبثا أن دخل أعوان السلطان فوضعوا فِي عنق ابْن إِسْحَاق حبلا وذهبوا بِهِ فَجُلِد. زاد سعيد الزبير راويها عَن الدراوردي قَالَ: من أجل القدر. فَقَالَ هارون بْن معروف كَانَ ابْن إِسْحَاق قَدَرِيًّا. وقال الجوزجاني: ابْن إِسْحَاق يُشَبِهّون حديثَه وهو يُرْمَى بغير نوع من البِدَع. وأما محمد بن عبد الله بن نمير فقال: رُمي بالقدر وكان أبعد الناس مِنْهُ. وقال مكي بْن إِبْرَاهِيم: جلست إِلَى ابْن إِسْحَاق وكان يُخَضّب بالسواد فذكر أحاديث فِي الصِّفَة فَنَفَرْتُ منها فلم أعد إِلَيْهِ. وقال ابْن معين: كَانَ يحيى القطَّان لا يَرْضَى ابْن إِسْحَاق ولا يروي عَنْهُ. وقال عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد: لم يكن أَبِي يحتج بابن إِسْحَاق فِي السُّنَن. وقال النسائي ليس بالقويّ. وقال الدارقطني: لا يُحتَج بِهِ. وقال مُحَمَّد بْن يحيى بْن سَعِيد القطَّان: قَالَ أَبِي: سَمِعْت مالكًا يَقُولُ: يَا أَهْل العراق لا يغت عليكم بعد مُحَمَّد بْن إِسْحَاق أحد. وَفِي لفظ: من يغت عليكم بعد مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. وقال مُحَمَّد بْن أَبِي عديّ: كَانَ ابْن إِسْحَاق يلعب بالديوك وقال القطَّان تركت ابْن إِسْحَاق عمدا فلم أكتب عَنْهُ. وقال أَبُو حاتم: ليس بالقويّ عندهم. وقال محمد بن سلام الجمحي: وممن   1 انظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 386 هجَّنَ الشعرَ وأفسده وحمل كل عناء وقبل الناس مِنْهُ أشعارًا لا أصل لها ابْن إِسْحَاق، وكان يعتذر من ذَلِكَ ويقول: لا علم لِي بالشعر إنما أوتي بِهِ جملة. ولم يكن ذَلِكَ عذرًا لَهُ. قُلْتُ: لا ريب أن فِي السيرة شعرًا كثيرًا من هَذَا الضَّرْب. قَالَ أَبُو حَفْص الصيرفي: سَمِعْت يحيى بْن سَعِيد يَقُولُ لعبيد اللَّه القواريري: أَيْنَ تذهب؟ قَالَ: إِلَى وهب بْن جرير، أكتب السيرة، قَالَ: تكتب كذبًا كثيرًا. قُلْتُ: وكذا فِي السيرة عجائب ذكرها ابْن إِسْحَاق بلا إسناد تلقَّفَها وفيها خير كثير لمن لَهُ نقْد ومعرفة. وقال ابْن أَبِي فديك: رَأَيْت ابْن إِسْحَاق كثير التدليس فإذا قَالَ: حدّثني وأخبرني، فهو ثقة. مات ابْن إِسْحَاق سنة إحدى وخمسين ومائة. قاله عدة. وقال المدائني وغيره: مات سنة اثنتين وخمسين. 329- محمد بن أيوب1 –م- أَبُو عاصم الثقفي الكوفي. وَقِيلَ: محمد بْن أيوب. عَن الشعبي وقيس بْن مسلم ويزيد الفقير. وعنه وكيع وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى. وثّقه أحمد وغيره. وورد أَنَّهُ عرض القرآن عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السلمي. 330- محمد بْن مالك بْن أسلم البناني2 -ت-. عَن أبيه ومحمد بْن المنكدر وجعفر بْن محمد. وعنه جعفر بْن سُلَيْمَان الضبعي وأبو داود الطيالسي وبكر بْن بكار وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وجماعة. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. وقال النسائي، وغيره: ضعيف. 331- محمد بْن جعفر بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ3 بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الهاشمي العباسي.   1 تهذيب التهذيب "9/ 69"، والجرح والتعديل "7/ 198"، والمعرفة والتاريخ "3/ 137". 2 لم أقف على ترجمته فيما تحت يدي من مصادر. 3 تاريخ بغداد "2/ 111". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 387 كَانَ من ندماء المنصور، كَانَ أديبًا لبيبًا يُعدّ من عَقَلَةِ الرجال. وكان المنصور يمازحه ويلتذّ بمحادثته. وكان يكلم المنصور فِي حوائج الناس. وكانت وفاته قريبة من وفاة المنصور. وله تقدّم فِي النسب. 332- محمد بْن أَبِي حفصة ميسرة1 -م خ ن- أبو سلمة بن ميسرة المدني نزيل البصرة. عَن الزهري وأبي جمرة الضبعي وقتادة وعلي بْن زيد. وعنه سفيان الثوري وحماد بْن زيد وابن الْمُبَارَك وأبو معاوية وروح بْن عبادة وغيرهم. وثّقه ابْن معين. ومرة قَالَ: ليس بالقويّ. وضعّفه يحيى القطان والنسائي. وقال ابْن عديّ: هُوَ من الضعفاء الَّذِينَ يُكتب حديثهم. وقال ابْن المديني: قُلْتُ ليحيى: حملت عَن مُحَمَّد بْن أَبِي حفصة؟ قَالَ: نَعَمْ كتبت حديثه كله ثُمَّ رميت بِهِ بعد ذَلِكَ، ثُمّ قَالَ: هُوَ نحو صالح بْن أَبِي الأخضر. 333- محمد بْن أَبِي حميد الأنصاري2 -ن ق- الزرقي الْمَدَنِيّ. وهو الذي يقال لَهُ حماد بْن أَبِي حميد. عَن محمد بْن كعب القُرَظي وعمرو بْن شعيب وعون بْن عَبْد الله بْن عتبة ونافع وجماعة. وعنه ابْن وهب وابن أَبِي فديك وأبو داود وبكر بْن بكار والقعنبي. ضعّفه أَبُو زرعة. وقال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال مرة: ليس بالقوي. وروى عباس عَن ابْن معين أَنَّهُ ليس بشيء. وقال البخاري: مُنْكَر الحديث. 334- محمد بْن ذكوان3 –ق- الطاحي. مولاهم البَصْرِيّ، خال أولاد حماد بْن زيد.   1 تقريب التهذيب "2/ 163"، وتاريخ الدوري "2/ 511". 2 التاريخ لابن معين "240"، والتهذيب "9/ 132". 3 التاريخ الكبير "1/ 79"، والتهذيب "9/ 156"، والتقريب "2/ 160". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 388 روى عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله وابن سيرين وعطاء بْن أَبِي رباح وجماعة. وعنه شعبة وعبد الوارث وابن طهمان إِبْرَاهِيم وعبد الله بْن بَكْر السَّهميّ وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وحجاج بْن نصير. وثّقه ابْن معين. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سقط الاحتجاج بِهِ. 335- محمد بْن أَبِي الزُّعَيْزِعَة1، الأذرعي مولى بني أمية. عن عطاء ونافع، وعنه محمد بن عيسى بن سميع قال أبو حاتم: منكر الحديث جدًا، وكذا قاله البخاري وقال أبو حاتم: لا يشتغل به. 336- محمد بن شريك أبو عثمان المكي. عن عطاء وابن مليكة وعمرو بْن دينار. وعنه وكيع وأبو أسامة وأبو أحمد الزبيري وأبو نعيم. وثّقه أَبُو زرعة وجماعة. وهو مقل. 337- محمد بْن عبد الله بن مسلم2 –ع- بْن عُبَيْد الله بْن شهاب، أَبُو عَبْد الله الزهري المدني، ابْن أخي ابْن شهاب. عَن عمه وأبيه. وعنه يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد ومعن بْن عيسى والواقدي والقعنبي وغيرهم. وثّقه أَبُو داود. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، قِيلَ: إِنَّهُ قَتَلَهُ غِلْمَانُهُ وَابْنُهُ لأَجْلِ الْمِيرَاثِ ثُمَّ قُتِلَتِ الْغِلْمَانُ بَعْدُ، وَكَانَ مَقْتَلُهُ فَجْأَةً سَنَةَ سبع وخمسين ومائة. وقد تفرد الزُّهْرِيِّ بِثَلاثَةِ أَحَادِيثَ. أَحَدُهَا: عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "كل أمتي معافى إلا المهاجرون" 3 الْحَدِيثَ. وَثَانِيهَا: عَن سالم عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي خطبته: "كل مَا هُوَ آتٍ قريب لا بُعد لما هُوَ آتٍ لا يجعل اللَّه لعجلة أحد ولا خُلْف لأمر اللَّه مَا شاء اللَّه كَانَ، ولو كره الناس لا مُبْعِد لما قَرْب ولا مُقَرَّب لما بَعُد ولا يكون شيء إلا بإذن اللَّه عزّ وجلّ"4. رواهما إِبْرَاهِيم بْن سعد عَنْهُ. وروى الواقدي الخبر الثاني عنه   1 التاريخ الكبير "1/ 88"، وميزان الاعتدال "3/ 548". 2 تهذيب التهذيب "9/ 278"، والمجروحين "2/ 249". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6069"، ومسلم "2990"، وغيرهما. 4 "مرسل": أخرجه أبو داود "ص/ 145" في مراسيله، والبيهقي في الأسماء والصفات كما في الدر المنثور "6/ 245-246"، للسيوطي، وذكره القرطبي "18/ 112" كما في التفسير وغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 389 ولكن الواقدي تالف. والثالث: رواه حَمْزَةُ بْن رشيد الباهلي نا إِبْرَاهِيم بْن سعد ابن أخي ابن شهاب عم امرأته أمّ الحجّاج بِنْت مُحَمَّد بْن مُسْلِم قال: كَانَ أَبِي يأكل بكفّه فَقُلْتُ: لو أكلت بثلاث أصابع، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يأكل بكفه كلها1. فهذا منقطع. 338- محمد بْن عَبْد الله بْن المهاجر2 -4- الشعيثي النضري. بالنون الدمشقي. عَن خالد بْن معدان ومكحول والقاسم بْن مخيمرة وجماعة. وعنه ابنه عمرو والوليد بْن مسلم ووكيع وحجاج بْن محمد وأبو عَبْد الرحمن المقري وطائفة. وثّقه دحيم وغيره. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. مات سنة أربع وخمسين ومائة، وقيل: سنة خمس. وقد روى حديثًا عَن الْحَارِث بْن بدل إنسان مُخْتَلَفٌ فِي صحبته. 339- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ الأسلمي3 –ق- مدني. لَهُ عَن عمه حكيم بْن أَبِي حرة والمقري وعطاء بْن أَبِي مروان. وعنه سُلَيْمَان بْن بلال والدراوردي وحماد بْن خالد والواقدي وغيرهم. وثّقه ابْن معين. لَهُ عند ابْن ماجه حديث. 340- محمد بْن عَبْد الله4، أَبُو مخلد العمي البصري. عَن ثابت البناني وعليّ بْن جدعان ويزيد الرقاشي. وعنه أَبُو النضر هاشم بْن القاسم. قَالَ العقيلي: لا يقيم الحديث. 341- محمد بن عبد الرحمن5 -د ق- بن عرق أبو الوليد الحمصي.   1 وانظر الموضوعات لابن الجوزي "3/ 36"، وتنزيه الشريعة "2/ 258"، والشوكاني في الفوائد "157". 2 التاريخ الكبير "1/ 132"، والتهذيب "9/ 280". 3 التاريخ الكبير "1/ 142"، والتهذيب "9/ 251". 4 لم أقف له على ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. 5 التاريخ الكبير "1/ 151"، وتهذيب التهذيب "9/ 300". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 390 عَن أبيه وعبد الله بْن بسر الصحابي. وعنه بقية وعثمان بْن سعيد بْن كثير ويحيى بْن سعيد القطان ومحمد بْن سُلَيْمَان بومة. لم يضعف. 342- ابن أبي ذئب1 –ع- مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن المغيرة بْن الحارث بن أبي ذئب. واسم أَبِي ذئب هشام بْن شعبة القرشي العامري الإمام أَبُو الحارث الْمَدَنِيّ أحد الأعلام. روى عَن عكرمة وسعيد مولى ابْن عباس وشرحبيل بن سعد ونافع وأسيد بن أَبِي أسيد البراد وسعيد المقبري وصالح مولى التوأمة والزهري وخاله الحارث بْن عَبْد الرحمن القرشي ومسلم ابن جندب والقاسم بْن عباس ومحمد بْن قيس وخلق. وعنه يحيى القطان وحجاج الأعور وشبابة وأبو علي الحنفي وابن الْمُبَارَك وابن أَبِي فديك وأبو نعيم وآدم بْن أَبِي إياس وأحمد بْن يونس وعاصم بْن عليّ والقعنبي وأسد بْن موسى وعليّ بْن الجعد وعدد كثير. قال أحمد بن حنبل: كان شبيه سَعِيد بْن المسيّب، فَقِيلَ لأحمد: خلف مثله؟ فقال: لا، وقال كان أفضل من مالك إلا أن مالكًا -رحمه اللَّه- أشدّ تنقية للرجال مِنْهُ. وقال الواقدي: مولده سنة ثمانين. وكان من أروع الناس وأفضلهم. ورُمي بالقَدَر وما كَانَ قَدَرِيًّا لقد كَانَ يتّقي قولَهم وُيعَيّبه ولكنه كَانَ رجلا كريمًا يجلس إِلَيْهِ كل أحد ويغشاه فلا يطرده ولا يَقُولُ لَهُ شيئًا وإن مرض عاده وكانوا يتّهمونه بالقَدَر لهذا وشبهه، قَالَ: وكان يصلّي الليل أجمع ويجتهد فِي العبادة. ولو قِيلَ لَهُ: إِنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ غَدًا مَا كَانَ فِيهِ مزيد من الاجتهاد. وأخبرني أخوه قَالَ: كَانَ أخي يصوم يومًا ويُفطر يومًا ثُمَّ سرد الصوم وكان شديد الحال يتعشّى الخبز والزيت، وله قميص وطيلسان يشتو فِيهِ ويصيّف. وكان من رجال الناس صرامة وقولا بالحق. وكان يحفظ حديثه لم يكن لَهُ كتاب. روى هَذَا الفضل بْن سعد عَن الواقدي. وفيه أيضًا قَالَ: وكان يروح إِلَى الجمعة باكرًا فيصلّي حَتَّى يخرج الإِمَام ورأيته يأتي دارَ أَجداده عند الصفا فيأخذ كراءها. وكان لا يغير شيبه.   1 تاريخ بغداد "2/ 296"، والتقريب "2/ 184"، وسير أعلام النبلاء "7/ 109"، وطبقات خليفة "273". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 391 قَالَ: وَلَمَّا خرج مُحَمَّد بن عَبْد الله بن حسن لزم بيته إِلَى أن قُتِل مُحَمَّد. وكان الْحَسَن بْن زَيْدُ الأمير يُجْرِي عَلَى ابْن أَبِي ذئب كل شهر خمسة دنانير. وقد دخل مرةً عَلَى والي المدينة عَبْد الصمد وكلّمه فِي شيء. فَقَالَ عَبْد الصمد بْن علي: إِنِّي لأراك مُرائِيًا فأخذ عودًا وقال: مراء فَوَاللَّهِ للناس عندي أهون من هَذَا. ولما ولي ولاية المدينة جَعْفَر بْن سُلَيْمَان بعث إِلَى ابْن أَبِي ذئب بمائة دينار فاشترى منها ساجًا كرديًا بعشرة دنانير فلبسه عُمْرَه وقد قدم بِهِ عليهم بغداد فلم يزالوا بِهِ حَتَّى قبل منهم فأعطوه ألف دينار. يعني الدولة. فَلَمَّا رَدّ مات بالكوفة. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: بَلَغَ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَأْخُذْ بِحَدِيثِ "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ" 1 فَقَالَ: يُسْتَتَابُ مَالِكٌ فَإِنْ تَابَ وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هو أروع وَأَقْوَلُ بِالْحَقِّ مِنْ مَالِكٍ. أنبأني المسلم بْن مُحَمَّد والمؤمل بْن إلياس قَالا: أَنَا الكندي أنا القزاز أن أبو بكر الخطيب أن الصيرفي أَنَا الأصم أَنَا عَبَّاس الدوري سَمِعْت يحيى يَقُولُ: ابْن أَبِي ذئب سَمِعَ عكرمة. وبه قَالَ الخطيب: أَنَا الجوهري أَنَا ابْن المرزبان ثنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى الْمَكِّيّ ثنا أَبُو العيناء قَالَ: لما حج المهدي دخل مسجد الرَّسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يبق أحد إلا قام إلا ابْن أَبِي ذئب: فَقَالَ لَهُ المسيّب بْن زهير: قم هَذَا أمير المؤمنين. فَقَالَ ابْن أَبِي ذئب: إنما يَقُومُ الناس لرب العالمين، فَقَالَ المهدي: دعه فلقد قامت كل شعرة فِي رأسي2. وبه قَالَ أَبُو العيناء. وقال ابْن أَبِي ذئب للمنصور: قد هلك الناس فلو أَعَنْتهم من الفَيْء. قَالَ: ويلك لولا مَا سددت من الثغور لكنت تُؤتَى فِي منزلك فتذبح. فقال: قد سدد الثغور وأعطى الناس مَنْ هُوَ خيرٌ منك عُمَر. فنكَس المنصور رأسه والسيف بيد المسيّب ثُمَّ قَالَ: هَذِا خير أَهْل الحجاز. وقال أحمد بن حنبل وغيره: كان ثقة.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2079"، ومسلم "1532"، وأبو داود "3459"، والترمذي "1246"، وغيرهم. 2 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 112". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 392 قَالَ أَحْمَد: وقد دخل عَلَى أَبِي جَعْفَر المنصور فلم يذهله أنْ قَالَ لَهُ الحقّ وقال الظلم ببابك فاشٍ. وأبو جَعْفَر أَبُو جَعْفَر1. قَالَ مصعب الزُّبَيْري: كَانَ ابْن أَبِي ذئب فقيه المدينة2. وقال الْبَغَوِيُّ: ثنا هارون بْن سُفْيَان قَالَ: قَالَ أَبُو نعيم: حججت سنة حج أَبُو جَعْفَر ومعه ابْن أَبِي ذئب ومالك بْن أَنَس، فدعا ابْن أَبِي ذئب فأقعده معه عَلَى دار الندوة فَقَالَ لَهُ: مَا تقول فِي الْحَسَن بْن زَيْدُ بْن حسن. يعني أمير المدينة؟ فَقَالَ: إنه ليَتَحَرّى العدل. فَقَالَ لَهُ: مَا تقول فِيّ –مرتين- فَقَالَ: وربّ هَذِهِ البنية إنك لجائر. قَالَ: فأخذ الرَّبِيع الحاجب بلحيته. فَقَالَ لَهُ أَبُو جعفر: كُفَّ يَا بْنَ اللخناء3، وأمر لابن أبي ذئب بثلاثمائة دينار4. وقال مُحَمَّد بْن المسيّب الأرغِياني: سَمِعْت يونس بن عبد الأعلى يَقُولُ: سَمِعْت الشافعي يَقُولُ: مَا فاتني أحد فأسفت عَلَيْهِ مَا أسفت عَلَى الليث وابن أَبِي ذئب. فَقُلْتُ: أما الليث5 فنعم وأما ابْن أَبِي ذئب فكيف كَانَ يمكنه الرحلة إِلَيْهِ وإنما أدرك من حياته تسع سنين. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: أَيُّما أعجب إليك ابْن عجلان أو ابن أبي ذئب؟ فقال: ما فيها إلا ثقة. وقال ابْن المديني: سَمِعْت يحيى بْن سَعِيد يَقُولُ: كَانَ ابْن أَبِي ذئب عَسِرًا أعْسَر أَهْل الدنيا، إنْ كَانَ معك الكتاب قَالَ: اقرأْهُ وإنْ لم يكن معك كتاب فَإِنَّمَا هُوَ حِفْظ. فَقُلْتُ: كيف كنت تصنع فِيهِ؟ قَالَ: كنت أتحفّظها وأكتبها6. وقال الجوزجاني لأحمد: فابن أَبِي ذئب سماعه من الزُّهْرِيّ أو عَرْضٌ هُوَ؟ قَالَ: لا تبالي كيف كَانَ. وقال أَحْمَد بْن علي الأَبّار: سَأَلت مُصْعبًا عَن ابْن أَبِي ذئب فَقَالَ: مُعَاذِ اللَّه أن يكون قَدَرِيًّا إنما كَانَ زمن المهدي قد أخذوا أَهْل القدَرَ وضربوهم   1 سير أعلام النبلاء "7/ 112". 2 انظر المصدر السابق. 3 اللخناء: يعني المنتنة. ويقال: اللخناء التي لم تخن. 4 انظر المصدر السابق. 5 وفي السير "7/ 113"، قال: "أما فوات الليث ... ". 6 انظر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 393 ونفوهم فنجا مِنْهُ قوم فجلسوا إِلَيْهِ واعتصموا بِهِ من الضرب فَقِيلَ هُوَ قَدَرِيّ لِذَلِكَ، لقد حدّثني من أثق بِهِ أَنَّهُ مَا تكلم فِيهِ قط. وسئل أَحْمَد بْن حنبل عَنْهُ فوثّقه ولم يرضه فِي الزُّهْرِيّ. وقال ابن معين: ثقة، سمع من عكرمة. كان ابْن أَبِي ذئب سنة تسع وخمسين ومائة بعدما انصرف من بغداد، مات بالكوفة وقد أسنى المهديّ جائزته. 343- محمد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ1، التُّجَيْبيّ المصري الأمير. ولي الديار المصرية لأبي جعفر. وحدث عَن أبيه -مات سنة خمس وخمسين ومائة. 344- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ2 –ق- مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَعَوْنٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَيَحْيَى بْنُ يَعْلَى الأَسْلَمِيُّ وَمَعْمَرٌ وَمُغِيرَةُ ابْنَاهُ. قَالَ الْبُخَارِيّ: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الرَّمْلِيُّ ثنا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: "إِذَا طَنَّتْ أُذُنُ أَحَدِكُمْ فلْيُصَلِّ عَلَيَّ وَلْيَقُلْ ذَكَرَ اللَّهُ مَنْ ذَكَرَنِي بِخَيْرٍ"3. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هَذَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. 345- محمد بْن عُبَيْد الله العَرْزَمي الكوفي4 -د ق-. عَن مكحول وعطاء وعمرو بْن شعيب ومحمد بْن زياد الْجُمحي وعدة. وعنه شعبة والثوري وسيف بْن عمر وعلي بْن مسهر ومحمد بْن سلمة الحراني. وآخر من   1 كتاب الولاة والقضاة "ص/ 101، 116، 118، 119". 2 تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة. 3 "ضعيف": أخرجه ابن السني "166"، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول "2/ 611"، وابن القيم في جلاء الأفهام "ص/ 61"، وقد تقدم الكلام عليه قريبًا. 4 التاريخ الكبير "1/ 171"، والجرح والتعديل "8/ 1". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 394 حدث عنه قبيصة بن عقبة. وكان من عباد الله الصالحين لكنه واهٍ. قَالَ أحمد: ترك الناس حديثه. وقال الفلاس: متروك الحديث. وقال ابْن معين: لا يُكتب حديثه. وقال وكيع: كان محمد بن عبيد الله العزرمي رجلا صالحًا قد ذهبت كُتُبُه فكان يحدِّث حِفْظًا فَمَنْ ذَلِكَ أتى. وقال القطّان: سَأَلت العزرمي فجعل لا يحفظ فأتيته بكتاب فجعل لا يحسن يقرأ. وقال البخاري: تركه ابْن الْمُبَارَك وغيره. قُلْتُ: فهو من شيوخ شُعْبَة وما أَظنّ شُعْبَة روى عَن أضعف مِنْهُ. وكناه قبيصة أَبَا عَبْد الرَّحْمَن. وقال خ: قَالَ لِي عبّاد بْن أَحْمَد: هُوَ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي سُلَيْمَان الفزاري، وهو ابْن أخي عَبْد الملك بْن أَبِي سُلَيْمَان. ويقال: مات سنة خمس وخمسين ومائة. 346- محمد بْن عمارة بْن عمرو بْن حزم1 -4- الأنصاري المدني. عَن عمه أَبِي بكر بْن محمد ومحمد بْن إِبْرَاهِيم التيمي. وعنه مالك وصفوان بْن عيسى وأبو عاصم وغيرهم. وثّقه ابْن معين. 347- محمد بْن عمران بْن إِبْرَاهِيم بْن طلحة2 بْن عُبَيْد الله القرشي التيمي المدني أَبُو سُلَيْمَان. أحد الأشراف. ولي قضاء المدينة لبني أميّة ثُمَّ وليها للمنصور. قَالَ ابْن سعد: كَانَ مهيبًا جليلا صليبًا من الرجال. وكان قليل الرواية. مات سنة أربع وخمسين ومائة، فَلَمَّا بلغ موتُه المنصورَ قَالَ: اليوم استوت قريش. وذكره ابْن أَبِي حاتم مختصرًا. 348- محمد بْن فضاء بْن خالد الجهضمي3 -د ت ق- أبو بحر البصري العابد.   1 تقريب التهذيب "2/ 193"، والميزان "3/ 662". 2 الجرح والتعديل "8/ 41". 3 ميزان الاعتدال "4/ 5"، والمعرفة والتاريخ "2/ 123". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 395 عَن أبيه. وعنه بكر بْن بكار والأنصاري ومسلم والأصمعي وإسماعيل بْن عمرو البجلي. ضعّفه أَبُو زرعة. قَالَ ابْن معين: ليس بشيء. وقال مرة: ضعيف. حديثه فِي كسر السكة إلا من بأس. 349- محمد بْن مسلم بْن مهران1 -د ت ن- بْن المثنى. وقد يقال: محمد بْن مهران ينسب إلى جده، ومسلم ليس بأبيه فَإِنَّهُ على الأصح محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن مسلم مؤذن مسجد العريان. روى عَن جده أَبِي المينا مسلم وسلمة بْن كهيل وحماد الفقيه. وعنه شعبة -وكناه أبا جعفر- وسلم بْن قتيبة وأبو داود وأبو الوليد الطيالسيان. قَالَ الدارَقُطْنيّ: هُوَ وجده لا بأس بهما. 350- مختار بن نافع التيمي2 –ت- الكوفي التمار. عن أبي مطر البصري صاحب علي ويحيى بْن سعيد بْن أَبِي حبان التيمي. وعنه عثمان بْن عمر بْن فارس ومحمد بْن عُبَيْد الطنافسي ومكي بْن إِبْرَاهِيم وأبو عتاب سهل بْن حماد. قَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. 351- المختار بْن يزيد3. ويقال: ابْن عمرو الأزدي. بصري. عَن أَبِي الشعثاء وسعيد بْن جبير. وعنه وكيع وأبو نعيم وغيرهما. شيخ. 352- مخرمة بْن بكير بن عبد الله4 -م د ن- بن الأشج المدني. عَن أبيه وعامر بْن عَبْد الله بْن الزبير. وعنه ابْن الْمُبَارَك وابن وهب ومعن بن عيسى والواقدي وجماعة. يكنى أَبَا المسور. قَالَ النسائي: ليس بِهِ بأس. وقال سَعِيد بْن مريم: سَمِعْت خالي مُوسَى بْن سلمة يَقُولُ: أتيت مخرمة بْن بكير بكتاب أبيه أعرضه فقال: مَا سَمِعْت من أَبِي شيئًا إنما هَذِهِ كتب وجدناها عندنا   1 تقريب التهذيب "2/ 201"، والجرح والتعديل "8/ 78". 2 التاريخ الكبير "7/ 386". 3 التاريخ الكبير "7/ 386". 4 التهذيب "10/ 70"، والجرح والتعديل "8/ 363"، والميزان "4/ 80". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 396 عَنْهُ وما أدركت أَبِي إلا وأنا غلام. وأما عليّ بْن المديني فَقَالَ: سَمِعْت معن بْن عِيسَى يَقُولُ: مخرمة سَمِعَ من أَبِيهِ وعرض عَلَيْهِ. وقال أَحْمَد بْن حنبل: لم يسمع من أَبِيهِ شيئًا إنما يروي من كتاب أبيه. وقال أبو حاتم: قَالَ ابْن أَبِي أويس: وجدت فِي ظهر كتاب مالك بْن أَنَس: سَأَلت مخرمة عما يحدّث بِهِ عَن أَبِيهِ سمعها من أَبِيهِ؟ فحلف لِي فَقَالَ: وربِّ هَذِهِ البُنَيّة سمعته من أَبِي. وقال أَبُو حاتم: كل حديثه فهو عَن أَبِيهِ سوى حديث واحد حدّث بِهِ عَن عامر بْن عَبْد اللَّه. قُلْتُ: توفي سنة ستين، ومائة كهلا. 353- مرزوق بْن عَبْد الرحمن أَبُو حسان البصري1، المؤذِّن. عَن محمد بْن سيرين ومطر الوراق. وعنه أَبُو أسامة وأبو سلمة التبوذكي وغيرهما. لا أعلم بِهِ بأسا. 354- مرزوق أَبُو بكر البصري2 –ت- مولى طلحة بْن عَبْد الرحمن الباهلي. عَن قتادة ومحمد بْن المنكدر. وعنه معتمر بْن سُلَيْمَان وأبو داود وأبو نعيم وعثمان بْن عمر. وثّقه أَبُو زرعة. 355- مرزوق بْن أَبِي الهذيل الثَّقفيّ الدمشقي3 -ق-. عَن ابْن شهاب. وعنه الوليد بْن مسلم، فَقَالَ دحيم مَا حدّث عَنْهُ غير الْوَلِيد. وقَالَ ابْن خزيمة: ثقة. وقال أَبُو حاتم: حديثه صالح، ولينه ابْن حبان. 356- مرزوق مولى سعيد بْن المسيب المخزومي4.   1 التاريخ الكبير "7/ 384"، والجرح والتعديل "8/ 264". 2 الجرح والتعديل (8/ 264) . 3 تهذيب التهذيب (10/ 86) ، والميزان (4/ 88) . 4 التقريب (2/ 245) ، والجرح والتعديل (8/ 263) . الجزء: 9 ¦ الصفحة: 397 عن مولاه. روى عنه وكيع وأبو نعيم. 357- مرزوق أَبُو عَبْد الله الحمصي1 –ت- نزيل البصرة. عَن أَبِي أسماء الرحبي وشهر بْن حوشب ومكحول وجماعة. وعنه معتمر بْن سُلَيْمَان وأبو عبيدة الحداد وروح بْن عبادة وغيرهم. 358- مرزوق أَبُو بكر التيمي2، المُؤَذِّن. كوفي. عَن مجاهد وسعيد بْن جبير. وعنه سفيان وإسرائيل وشريك وَهَؤُلاءِ الثلاثة وفاتهم قديمة وأحببت جمع الأسماء هنا. 359- مستقيم بْن عَبْد الملك3. مؤذن البيت الحرام. اسمه عثمان. يروي عَن ابْن المسيب وشهر بْن حوشب وسالم بْن عَبْد الله. وعنه أبو عاصم والخريبي ومحمد بن ربيعة الكلابي وإسماعيل بن عمرو البجلي. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وضعفه ابن المديني. 360- مسلم بن سعيد الواسطي العابد4 -4- قد مضى وينبغي نقله إلى هنا. قال: ليس بِهِ بأس. 361- المستمر بْن الريان الإيادي4 -م د ت ن- البصري. عَن أَبِي نضرة وأبي الجوزاء الربعي. ورأى أنس بْن مالك. وعنه شعبة وزيد بْن الحباب ومسلم وعثمان بْن عمر. وثّقه يحيى القطان. 362- مستور بن عباد أبو همام6 –ن- الهنائي البصري.   1 التهذيب "10/ 87"، والجرح والتعديل "8/ 265". 2 ميزان الاعتدال "4/ 88"، والتهذيب "10/ 87". 3 تهذيب التهذيب "7/ 136". 4 تهذيب التهذيب "7/ 136". 5 الجرح والتعديل "8/ 430"، والتهذيب "10/ 104". 6 تقريب التهذيب "2/ 248"، والثقات "7/ 524". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 398 عَن الحسن وعطاء بْن أَبِي رباح ومحمد بْن عباد بْن جعفر المخزومي. وعنه خالد بْن الحارث وأبو عاصم ومسلم والتبوذكي. وثّقه ابْن معين. 363- مَسَرَّة بْن مَعْبَد اللخمي الفلسطيني1. عَن نافع والزهري وأبي عُبَيْد الحاجب وسليمان بْن موسى. وعنه وكيع وضمرة بْن ربيعة وأبو أحمد الزبيري وسوار بْن عمارة الرملي. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْن حبان: لا يحتج بِهِ وحده. 364- مِسْعَر بن كدام2 –ع- بْن ظهير بْن عبيدة بْن الحارث أَبُو سلمة الهلالي الكوفي الأحول الحافظ أحد الأعلام. عن عمر بْن مرة والحكم بْن عتيبة وقتادة وعدي بْن ثابت وإبراهيم بْن محمد بْن المنتشر وثابت بْن عُبَيْد وزياد بْن علاقة وسعد بْن إِبْرَاهِيم وسعيد بْن أَبِي بردة وعبد الله بْن عَبْد الله بْن جبير وقيس بْن مسلم وأبي بكر بْن عمارة بْن روبية ووبرة بْن عَبْد الرحمن، وطائفة سواهم. وعنه ابن عيينة ويحيى القطان بْن بشر وابن الْمُبَارَك وأبو نعيم ويحيى بْن آدم وخلاد بْن يحيى وعبد الله بْن محمد بْن المغيرة وثابت بْن محمد العابد، وخلق كثير. قَالَ مُحَمَّد بْن بشر العبدي: كَانَ عند مسعر نحو ألف حديث فكتبتها إلا عشرة. وقال يحيى بْن سَعِيد: مَا رَأَيْت أثبت من مسعر. وقال أَحْمَد بْن حنبل: الثقة كشعبة ومسعر. وقال وكيع: شَكُّ مسعر كيقين غيره. وقال هشام بْن عروة: مَا قدم علينا من العراق أفضل من ذاك السختياني أيوب وذاك الرواسي مسعر. وعن الْحَسَن بْن عمارة قَالَ: إن لم يدخل الجنة إلا مثل مسعر إن أَهْل الجنة إلا لقليل. وقال سُفْيَان بْن عيينة: قَالُوا للأعمش: إن مسعرًا يشكّ فِي حديثه فَقَالَ: شكُّه كيقين غيره. وعن خَالِد بْن عمرو قَالَ: رَأَيْت مسعرًا كأن جبهته رُكْبَةٌ عيرٍ من السجود، وكان إذا نظر إليك حَسِبْتَ أَنَّهُ ينظر إِلَى الحائط من شدّة حولَته. وروى ابن عيينة عَن مِسْعَر قَالَ: دخلت عَلَى أَبِي جَعْفَر أمير المؤمنين فَقُلْتُ: نَحْنُ لك والد وأنت لنا ولد، وكانت أمه أم الفضل هلالية أي أم ابن عباس، فقال   1 التاريخ الكبير "8/ 64"، والمشاهير "181". 2 تهذيب الأسماء "2/ 89"، والتهذيب "10/ 113"، والميزان "4/ 99". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 399 لِي: تقربت إليّ بأحب أمهاتي إليّ ولو كَانَ الناس كلهم مثلك لمشيت معهم فِي الطريق1. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ ثنا مسعر قَالَ: دعاني أَبُو جعفر ليولّيني فَقُلْتُ إن أهلي يقولون لِي لا نرضى بشرائك لنا فِي شيء بدرهمين، وأنت تولّيني! أصلحك اللَّه إن لنا قرابة وحقًا، قَالَ فأعفاه2. وقال سعد بْن عبّاد: ثنا مُحَمَّد بْن مسعر قَالَ: كَانَ أَبِي لا ينام حَتَّى يقرأ نصف القرآن3. وقال ابْن عيينة: سمعت مسعرًا يَقُولُ: من أبغضني جعله اللَّه محدّثًا. وقال مسعر: من صبر عَلَى الخل والبقل لم يُستعبد. وقال مرة لرجل عَلَيْهِ ثياب جيدة: أنت من أصحاب الحديث؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: ليس هَذَا من آلة طلب الحديث. وقال سُفْيَان بْن عيينة: قَالَ معن: مَا رَأَيْت مسعرًا فِي يوم إلا وهو أفضل من الَّذِي كَانَ بالأمس. وقال ابْن سعد: كَانَ لمسعر أم عابدة وكان يخدمها، وكان مرجئًا فمات ولم يشهده سُفْيَان الثوري والحسن بْن صالح. وقال ابْن معين: لم يرحل مسعر فِي حديث قط. قلت: نَعَمْ عامة روايته عَن أَهْل الكوفة إلا قَتَادَةَ. وقال شُعْبَة: كُنَّا نسمّى مسعرًا المصحف، يعني من إتقانه. وقيل لمسعر من أفضل من رَأَيْت؟ قَالَ: عمرو بْن مرة. وقال أَبُو معمر القطيعي: قِيلَ لسفيان بْن عيينة من أفضل من رَأَيْت؟ قَالَ: مسعر. وقال شُعْبَة: مسعر للكوفيين كابن عون عند البصريين. وقال ابْن عيينة: سَمِعْت مسعرًا يَقُولُ: وددت أن الحديث كَانَ قوارير عَلَى رأسي فسقطت فكُسِرت. وعن يَعْلَى بْن عُبَيْد قَالَ: كَانَ مسعر قد جمع العلم والورع. وعن عَبْد الله بْن دَاوُد الخريبي قَالَ: مَا من أحد إلا وقد أَخَذَ عَلَيْهِ إلا مسعرًا. ومما يؤثر لمسعر من الشعر لَهُ أو هُوَ لغيره: نهَارك يَا مغرورُ سَهْوٌ وغَفْلَةٌ ... وَلَيْلُكَ نَوْمٌ والرَّجَا لك لازِم وتتعبُ فيما سوفَ تكره غَبَّه ... كذلك في الدنيا تعيش البهائم4   1 سير أعلام النبلاء "7/ 128". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر السابق. 4 راجع الخبر مع البيتين في سير أعلام النبلاء "7/ 129"، وحلية الأولياء "7/ 220". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 400 وقال يحيى بْن القطَّان: مَا رَأَيْت مثل مسعر كان من أثبت الناس. وقال سُفْيَان بْن سَعِيد: كُنَّا إذا اختلفنا فِي شيء أتينا مسعرًا. وقال أبو أسامة: سمعت مسعرًا يَقُولُ: إن هَذَا الحديث يصدّكم عَن ذكر اللَّه وعن الصلاة فهل أنتم منتهون. وسمعته يَقُولُ: من أبغضني جعله اللَّه محدّثًا. وقال ابن السماك: رأيت مسعرًا فِي النوم فَقُلْتُ: أيّ العمل وجدت أنفع؟ قَالَ: ذكر اللَّه. وقال قبيصة: كَانَ مسعر لأَنْ يَنْزَعَ ضِرْسَه أحبّ إِلَيْهِ من أن يسأل عن حديث. روى عَن زَيْدُ بْن الْحُبَابِ وغيره قَالَ مسعر: الإِيمَان قول وعمل. وروى معتمر بْن سُلَيْمَان عَن أَبِي مخزوم ذكره عَن مسعر قَالَ: التكذيب بالقدر أَبُو جاد الزندقة. أَنَا أَبُو إسحاق بن طارق أنا يوسف بن خليل أنبأنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد التيمي أَنَا أَبُو علي أَنَا أَبُو نعيم الحافظ قَالَ: روى مسعر عَن جماعة أساميهم مُحَمَّد: منهم مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ ومحمد بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى ومحمد بْن مُسْلِم الزُّهْرِيّ ومحمد بْن سوقة ومحمد بْن جحادة ومحمد بْن زَيْدُ بْن عَبْد اللَّه بْن عمرو ومحمد بْن المنكدر ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه الثَّقفيّ ومحمد بْن قَيْس بن مخرمة ومحمد بْن خَالِد الضبّي ومحمد بْن جَابِر اليمامي ومحمد بْن عُبَد اللَّه الزبيري وَمُحَمَّد بْن الأزهر. وبالإسناد إلى أبي نعيم نا القاضي أَبُو أَحْمَد ثنا مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن شبيب ثنا إِسْمَاعِيل بْن عمرو البجلي نا مسعر عَن عاصم بْن أَبِي النجود عَن زِرّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: "مكتوب فِي التوراة سورة المُلْك من قرأها فِي كل ليلة فقد أكثر وأطاب وهي المانعة تمنع من عذاب القبر إذا أتي من قبل رأسه قَالَ لَهُ رأسه: ويلك عني فقد كَانَ يقرأ بِي ولي سورة المُلْك، وَإِذَا أتى من قبل بطنه قَالَ لَهُ بطنه: ويلك عني فقد كَانَ وعى بِي سورة المُلْك، وَإِذَا أتى من قبل رِجليه قَالَتْ: لَهُ رجلاه: ويلك عني فقد كَانَ يقوم بِي بسورة المُلْك، وهي كذلك مكتوب فِي التوراة مانعة"1. عليّ بْن مسهر عَن مسعر قَالَ جعفر بْن عون: سَمِعْت مسعرًا ينشد:   1 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 131". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 401 وَمُشَيِّدٍ دارًا ليسكنَ دارَه ... سَكَنَ القبورَ ودارَه لم يَسْكُنِ1 قَالَ جعفر بْن عون: قَالَ مسعر يوصي ولده كدامًا: إنيّ منحتُك يَا كدامُ نصيحتي ... فاسَمعْ مقال أبٍ عليك شفيقِ أما المُزَاحَةُ والمِرَاءُ فدعْهُما ... خُلُقَانِ لا أرضاهما لصديقِ إنيّ بلَوْتهُما فلم أَحْمَدْهُما ... لمجاورِ جارٍ ولا لرفيق والجهل يزري فِي قومه ... وعروقه فِي الناس أيّ عروقِ2 ولبعضهم: مَنْ كَانَ ملتمِسًا جليسًا صالحًا ... فلْيأتِ حلقةَ، مِسْعَر بْن كِدامِ فيها السكينة والوَقار وأهلُها ... أهلُ العفافِ وعِلْيَة الأقوامِ3 قَالَ أَبُو نعيم وثابت العابد: توفي مسعر سنة خمس وخمسين ومائة. 365- مسعود بْن سعد الجعفي الكوفي4 -ن-. عَن مطرف بْن طريف ويزيد بْن أَبِي زياد وجماعة. وعنه أَبُو نعيم وأبو غسان مالك بْن إسماعيل وثابت بْن محمد الزاهد وإسماعيل بْن أبان الوراق. قَالَ يحيى بن معين: كان من خيار عباد الله. * المسعودي5 -4- هُوَ عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله. 366- مصعب بن ثابت6 -د ن ق- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الأسدي المدني. عَن أبيه وعطاء بْن أَبِي رباح ونافع وابن المنكدر. وعنه ابنه عَبْد الله وحاتم بن   1 انظر هذا الشاهد في حلية الأولياء "7/ 221". 2 انظر المصدر السابق. 3 تذكرة الحفاظ "1/ 189"، وغيره. 4 تهذيب التهذيب "10/ 117"، والجرح والتعديل "8/ 283". 5 تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة. 6 التاريخ الكبير "7/ 353"، والجرح والتعديل "8/ 304". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 402 إسماعيل والدراوردي والواقدي وعبد الرزاق وآخرون. وقد استوعب أخباره بإفاضة الزبير بْن بكار وقال: أمّه كلبيّة اشتراها أَبُوهُ بمائة ناقة من سكينة بِنْت الْحُسَيْن. وحدّثني عمي مُصْعَب أن جَدّه كَانَ من أعبد أَهْل زمانه، صام هُوَ وأخوه نافع من عمرهما خمسين سنة. وحدّثني يحيى بْن مسكين قَالَ: مَا رَأَيْت أحدًا قط أكثر صلاة من مصعب بْن ثابت. كَانَ يصلّي فِي كل يوم وليلة ألف ركعة، ويصوم الدهر. وقال بنته أسماء بِنْت مصعب: كَانَ أَبِي يصلي فِي اليوم والليلة ألف ركعة. وقال مصعب بْن عُثْمَان وخالد بْن وضاح: كَانَ مصعب بْن ثابت يصوم الدهر ويصلّي فِي اليوم والليلة ألف ركعة ويبس من العبادة وكان من أبلغ أَهْل زمانه. قَالَ ابْن بكار وعاش إحدى وسبعين سنة. وقَالَ النسائي وغيره: ليس بالقويّ. وضعّفه أحمد. وقال أَبُو حاتم: لا يحتج بِهِ. وقال مُعَاوِيَة بْن صالح عَن يحيى بْن مَعِين: ليس بشيء. مات مصعب سنة سبع وخمسين ومائة. 367- مُطرف بْن معقل أَبُو بكر النهدي1. ويقال الشقري، ويقال الباهلي الْبَصْرِيّ العابد المقرئ. روى عَن الشعبي والحسن وابن سيرين وقتادة. وروى الحروف عَن عَبْد الله بْن كثير وبعضها عَن معروف بْن مشكان. روى عَنْهُ ابْن عيينة وعبد الرحمن بْن مهدي وعبد الصمد وسلم بْن إِبْرَاهِيم وعلي بْن نصر الجهضمي والعباس بْن الفضل الأنصاري المقبري. وثّقه أحمد بْن حنبل وغيره. وهو من المقلّين. وجاء من طريقه خبر موضوع عَن ثابت البناني، والآفة من غيره. 368- مُعاذ بْن العلاء الْمَازِنِيِّ الْبَصْرِيّ2 –ت- أخو أَبِي عمرو بْن العلاء. عَن سعيد بْن جبير ونافع. وعنه يحيى بْن سعيد القطان وعثمان بن عمر بن   1 ميزان الاعتدال "4/ 126". 2 تهذيب التهذيب "10/ 192". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 403 فارس والأصمعي وبدل بْن المحبر. كنيته أَبُو غسان وقد استشهد بِهِ الْبُخَارِيّ فِي الصحيح ولم يضعّفْه. 369- معاذ بْن محمد بْن معاذ بن أبي بن كعب1 –ق- الأنصاري المديني. عَن أبيه وأبي الزبير المكي وعطاء الخراساني ومحمد بْن يحيى بْن حبان. وعنه ابْن لهيعة ومحمد بْن عيسى الطباع ويونس المؤدب والواقدي. وهو في عداد الشيوخ. 370- معاذ بن رفاعة السلامي الدمشقي2. وقيل: هُوَ حمصي. عَن أَبِي الزبير وعبد الوهاب بْن بخت وعطاء الخراساني وعلي بْن يزيد الألهاني وجماعة. وعنه بقية والوليد بْن مسلم وأبو المغيرة وعصام بْن خالد. وثّقه علي بْن المديني وغيره. وضعّفه ابْن معين وغيره. وقال الجوزجاني: ليس بحجّة. 371- معاوية بْن صالح3، ابن حُدَير الحضرمي الحمصي. الفقيه، أَبُو عمرو قاضي الأندلس. سار إِلَى الأندلس فِي سنة خمس وعشرين ومائة. فلما دخل عبد الرحمن بن مُعَاوِيَة إِلَى الأندلس عند زوال دولة بني أمية واستولى عَلَى ممالك الأندلس اتصل بِهِ مُعَاوِيَة بْن صالح فأرسله إِلَى الشام سرًا فِي أمرٍ لَهُ فَلَمَّا رجع ولاه قضاء الجماعة. ثُمَّ إنه حج فِي آخر عُمَره. وحدث عن سريج بْن عُبَيْد وأزهر بْن سعيد الحَرَازي ومكحول وربيعة بن يزيد وزياد بن أبي سودة وعبد الرحمن بن جبير بن نصر وعبد الوهاب بن بخت وشداد أبي عمار وأبي الزاهرية، وخلق من الشاميين. وعنه سفيان والليث وفرج بن فضالة وابن وهب ومعن بن عيسى وعبد الرحمن بن مهدي وزيد بن الحباب وأسد بن موسى السنة وأبو صالح، وطائفة لقوه بالموسم. قَالَ أَحْمَد نا ابْن مهدي قَالَ: بينما نَحْنُ بمكة نتذاكر الحديث إذا إنسان قد دخل بيننا فَقُلْتُ: من أنت؟ فَقَالَ: أَنَا مُعَاوِيَة بْن صالح، فاحتوشناه. وقال عَبْد اللَّه بْن   1 التاريخ الكبير "7/ 364"، والتقريب "2/ 257". 2 التاريخ الكبير "8/ 70"، والميزان "4/ 134"، والجرح والتعديل "8/ 421". 3 التقريب "2/ 259"، والميزان "4/ 135"، وطبقات ابن سعد "7/ 521". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 404 صالح: سَمِعْت هَذَا الكتاب من مُعَاوِيَة بن صالح مرتين. حرملة نا بن وَهْبٍ نَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا وعى ابن آدم وعاءًا شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ آكِلا لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ" 1. قَالَ ابْن سعد كَانَ مُعَاوِيَة قاضيًا لَهُم بالأندلس وكان ثقة كثير الحديث، حجّ مرة فلقيه من لقيه من أَهْل العراق وغيرهم2. وثقه ابْن مهدي وأحمد بْن حنبل. وقال أَبُو الْوَلِيد بْن الفرضي: يُكْنَى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن وأبا عمرو. وقال أَبُو زرعة الدَّمشقيّ: سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن صالح يَقُولُ: قدِم علينا معاويةُ بْن صالح مصرَ فجالسَ الليث فَقَالَ لِي الليث: يَا عَبْد اللَّه ائتِ الشيخ فاكتبْ مَا يُملي عليك، فأتيته، فكان يمليها عليّ ثُمَّ يصير إِلَى الليث يقرأها عَلَيْهِ فسمعتها مرتين. قَالَ ابْن أَبِي حاتم: قَالَ أَبُو زرعة: ثقة محدّث. وقال لِي أَبِي: حسن الحديث غير حُجّة. وقال الأثرم: ذكرت مُعَاوِيَة بْن صالح فحسَّن أمره. وقال ابْن معين: كَانَ يحيى بْن سَعِيد لا يرضى بمعاوية بْن صالح. وقال أَبُو صالح محبوب الفرّاء: ثنا أَبُو إِسْحَاق يومًا بحديث عَن مُعَاوِيَة ثُمَّ قَالَ: مَا كَانَ بأهلٍ أن يُروَى عَنْهُ. وعن مُوسَى بْن سلمة، قَالَ: أتيت مُعَاوِيَة بْن صالح لأكتب عَنْهُ فرأيت الملاهي فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: شيء نهُديه، يعني إِلَى صاحب الأندلس، قَالَ: فلم أكتب عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا، هُوَ عندي صدوق إلا أَنَّهُ يقع فِي حديثه إفرادات. وقال مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل السلمي: ثنا أبو صالح قال: قدم علينا معاوية ابن صالح سنة سبع وخمسين ومائة وتوفي سنة ثمان. 372- معاوية بن يحيى الصدفي الدمشقي3 -ت ق- أبو روح-. عَن مكحول والزهري ويونس بْن ميسرة والقاسم أَبِي عَبْد الرحمن. وعنه الوليد بْن مسلم والهقل بْن زياد ومحمد بْن شعيب وإسحاق بْن سُلَيْمَان الرازي ومسلمة بْن علي وعدة.   1 وأخرجه الحاكم في مستدركه "4/ 121". 2 طبقات ابن سعد "7/ 521". 3 ميزان الاعتدال "4/ 1638"، والمتروكين "97". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 405 قَالَ الْبُخَارِيّ: روى عَن الزُّهْرِيّ أحاديث مستقيمة كأنها من كتاب، وروى عَنْهُ عِيسَى بْن يُونُس وإسحاق الرازي أحاديث مناكير كأنها من حفظه. وقال ابْن أَبِي حاتم: كَانَ عَلَى بيت المال بالريّ. وقَالَ النسائيّ: ليس بثقة. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو داود: ضعيف. وقال أَبُو زرعة: أحاديثه كلها مقلوبة. وقَالَ الدارقطني: ضعيف، ويُكتب مَا روى الْهِقْلُ عَنْهُ. فأما: * مُعَاوِيَة بْن يحيى الطرابلسي1 فسيأتي بعد السبعين ومائة. 373- معرف بْن واصل السعدي الكوفي2 -م د-. عَن أَبِي وائل وإبراهيم والشعبي وابن بريدة وإبراهيم التيمي ومحارب بْن دثار. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وَعَمْرو بْن مرزوق وعبد الله بْن صالح العجلي وأحمد بْن يونس وعلي بْن الجعد وجماعة. وكان أسند مَن بقي بالكوفة. وثّقه غير واحد. وقال أحمد: ثقة ثقة. وتبالد ابْن عديّ بذكره فِي الكامل ولم يقل فِيهِ شيئًا بل ساق لَهُ حديثين استغربهما. 374- معروف بْن خَرَّبُوذ3 -خ م د ق- المكي، مولى عثمان بْن عفان. عَن أَبِي الطفيل عامر بْن واثلة وغيره. وعنه سعد بْن الصلت وأبو داود والخريبي وأبو عاصم وعبيد الله بْن موسى. ضعّفه ابْن معين. وقال أحمد: ما أدري كيف حديثه. وقال أَبُو حاتم: يُكتب حديثه. وقال آخر: صدوق. وقال العقيلي: لا يُتابَع عَلَى حديثه. ثَنَا القاسم بن محمد التميمي نَا أَبُو بِلالٍ الأَشْعَرِيُّ قَالَ أَبُو عَامِرٍ الأَسَدِيُّ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا رَجُلٌ يُخْبِرُنِي عَنْ مُضَرَ "فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أُخْبِرُكَ: أَمَّا وَجْهُهَا الَّذِي فِيهِ سَمْعُهَا وَبَصَرُهَا فَهُوَ الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ، وَأَمَّا لِسَانُهَا الَّذِي يُعْرِبُ عَنْهَا فَهَذَا الْحَيُّ الَّذِي مِنْ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَمَّا كَاهِلُهَا الَّذِي تَحْمِلُ عَلَيْهِ ثِقَلَهَا فَهَذَا الْحَيُّ من بني تميم بن مر وأن فُرْسَانُهَا وَنُجُومُهَا فَهَذَا الْحَيُّ مِنْ قَيْسٍ عَيْلانَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كالمصدق له4.   1 لسان الميزان "6/ 379"، ومعجم البلدان "1/ 216"، والكاشف "3/ 159". 2 تهذيب التهذيب "10/ 229"، وميزان الاعتدال "4/ 143". 3 تهذيب التهذيب "10/ 330"، وميزان الاعتدال "4/ 144"، والتقريب "2/ 264". 4 راجع مجمع الزوائد للهيثمي "10/ 45". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 406 أَبُو عَامِرٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ كُوفِيٌّ جَابِرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: كَانَ مَعْرُوفٌ شيعيًا. 375- معروف بن سويد1 -د ن- أبو سلمة الحذامي مصري. عَن علي بْن رباح وأبي قبيل المعافري، وعنه ابْن لهيعة ورشدين بْن سعد وابن وهب وآخرون. وثّقه ابْن حبان. 376- مَعْمَر بن راشد2 –ع- أبو عروة الأزدي. مولاهم الْبَصْرِيّ الإمام أحد الأعلام، سكن اليمن أكثر من عشرين سنة وقال: شهدت جنازة الْحَسَن. روى عَن قتادة والزهري وزياد بْن علاقة ومحمد بْن زياد الجمحي وهمام بْن منبه ويحيى بْن أَبِي كثير وثابت البناني وأبي إسحاق السبيعي وإبراهيم بْن ميسرة وإسماعيل بْن أمية والجعد أَبِي عثمان وزيد بْن أسلم وسماك بْن الفضل وابن طاوس وأخي الزهري عَبْد الله وعبد الكريم الجزري وابن المنكدر ومطر الوراق وعمر بْن دينار ومنصور بْن المعتمر وعاصم بْن بهدلة وأيوب السختياني وزيد بْن أسلم. روى عَنْهُ من شيوخه أَبُو إسحاق وأيوب ويحيى بْن أَبِي كثير وغيرهم وسعيد بْن أَبِي عروبة وابن الْمُبَارَك وابن علية وسفيان بْن عيينة ومروان بْن معاوية وهشام بْن يوسف ورباح بْن زيد ومحمد بْن ثور وعبد الرزاق وغندر ويزيد بْن زريع وخلق سواهم. قَالَ مؤمّل بْن إهاب: قَالَ عَبْد الرزاق: كتبت عَن معمر عشرة آلاف. قُلْتُ: آخر من حدّث عَن معمر مُحَمَّد بْن كثير وبقي إِلَى آخر سنة ست عشرة ومائتين. قَالَ يعقوب بْن شَيْبَة: حدّثني جعفر بْن مُحَمَّد قَالَتْ عَائِشَةُ: حدّثني عَبْد الواحد بْن زياد قُلْتُ لمعمر: كيف سَمِعْت من ابْن شهاب؟ قال: كنت مملوكًا لقوم من طاحية فأرسلوني بِبَزّ أبيعه فقدمت المدينةَ فنزلت دارًا فرأيت شيخًا والناس يعرضون عليه العلم فعرضت عليه معهم.   1 الجرح والتعديل "8/ 322". 2 ميزان الاعتدال "4/ 154"، وطبقات خليفة "288"، وتذكرة الحفاظ "82"، وشذرات الذهب "1/ 235". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 407 قَالَ الْبُخَارِيّ: معمر بْن راشد أَبُو عروة بْن أَبِي عمرو، نا عَبْد الرزاق عَن معمر قَالَ: خرجت أَنَا وغلام إِلَى جنازة الْحَسَن وتلك الأيام طلبت العلم. مُحَمَّد بْن كثير عَن معمر قَالَ: سَمِعْت من قَتَادَةَ وأنا ابن أبع عشرة سنة فَمَا شيء سَمِعْت فِي تِلْكَ السنين إلا وكان مكتوبًا فِي صدري. قَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم: حدّث عَنْهُ الثوري وشعبة. وقال أَحْمَد: نا عَبْد الرزاق قَالَ معمر: جئت الزُّهريَّ بالرصافة فجعل يُلقي عليّ. وقال هشام بْن يوسف: عرض معمر عَلَى همام بْن منبّه هَذِهِ الأحاديث وسمع منها سماعًا نحو ثلاثين حديثًا. وقال ابن أبي خثيمة عَن ابْن معين: معمر أثَبتُ فِي الزُّهْرِيّ من ابْن عُيَيْنَة. وروى الغلابي عَن ابْن معين قَالَ: معمر عَن ثابت ضعيف. وقال أَحْمَد بْن حنبل: مَا أضم أحدًا إِلَى معمر إلا وجدت معمرًا أطلب للحديث مِنْهُ، هُوَ أول من رحل إِلَى اليمن. وقال عليّ بْن المديني: نظرت فِي أصول الحديث فإذا هِيَ عند ستة مِمَّنْ مضى: من أَهْل المدينة الزُّهْرِيّ، ومن أَهْل مكة عمرو بْن دينار، ومن أَهْل البصرة قَتَادَةَ ويحيى بْن أَبِي كثير، ومن أَهْل الكوفة أَبُو إِسْحَاق والأعمش، ثُمَّ نظرت فإذا حديث هَؤُلاءِ الستة يصير إِلَى أحد عشر رجلا، فذكر منهم معمرًا. قَالَ الفلاس: معمر من أصدق الناس، سَمِعْت يزيد بْن زريع يَقُولُ: سَمِعْت أيوب يَقُولُ: حدّثني معمر. وقال ابْن عيينة: قَالَ لِي ابْن أَبِي عروبة: روينا عَن معمركم فشرّفناه. عَبْد الله بْن جعفر الرقّي: نا عبيد الله بن عمر وقال: كنت بالبصرة مَعَ أيوب ومعنا معمر فِي مسجد فأتى رجل فسأله أيوب عَن رَجُل افترى عَلَى رَجُل فحلف بصدقة مَا لَهُ لا يدعه يأخذ مِنْهُ الحدّ قَالَ: فطلب إِلَيْهِ فِيهِ وطلبت إِلَيْهِ أمه فِيهِ فجعل أيوب يومئ إِلَى معمر ويقول: هذا يفتيك عن اليمن قَالَ: فلما أكثر عَلَيْهِ قَالَ معمر: سَمِعْت ابْن طاوس عَن أبيه أَنَّهُ كَانَ يرخّص لَهُ فِي تركه، قَالَ: قَالَ أيوب: وأنا سَمِعْت عطاء يرخّص فِي تركه. رواه أَبُو علي فِي تاريخ الرَّقَّةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 408 ابْن سعد: قَالَ عَبْد الله بْن جعفر: نا عبيد الله بن عمرو قال: كنت بالبصرة أنتظر قدوم أيوب من مكة، فقدم علينا وزميله معمر، قدم معمر، قدم معمر يزور أمه قَالَ عَبْد الرزاق: قِيلَ للثوري: مَا منعك عَن الزهري؟ قَالَ: قلّة الدراهم، وقد كفانا معمر. قَالَ أحمد فِي المسند: نا عَبْد الرزاق قَالَ: قَالَ ابْن جريج: إن معمرًا شرب من العلم بأنقع. الأنقع: جمع نقع وهو مَا يستنقع. قَالَ أحمد العجلي: معمر ثقة رَجُل صالح يروج بضعفاء، رَحل إِلَيْهِ سفيان الثوري. وقال هشام بْن يوسف: مَا رأينا لمعمر كتابًا. عَبْد الرزاق: سَمِعْت ابْن الْمُبَارَك يَقُولُ: إِنِّي لأكتب الحديث من معمر قد سمعته من غيره، قِيلَ: وما يحملك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أما سَمِعْت قول الراجز: قد عرفنا خيركم من شركم. قَالَ عَبْد الرزاق: قَالَ لِي مالك: نعم الرجل كَانَ معمر لولا روايته التفسير عَن قتادة. قَالَ ابْن المديني: سَمِعْت عَبْد الرحمن بْن مهدي يَقُولُ: اثنان إذا كتب حديثهما هَكَذَا رأيت فِيهِ وإذا انتقيت كَانَت حِسانًا: معمر وحمّاد بْن سلمة. وقال معمر: دخلت عَلَى يحيى بْن أَبِي كثير بأحاديث فَقَالَ لِي: أكتب كَذَا وكذا، فَقُلْتُ: أما يكره أن يكتب العلم يَا أبا نصر؟ فَقَالَ: أكتب لِي فإنْ لم تكن كتبت فقد ضيّعت أو قَالَ عجزت. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَمَّا أَتَى الثَّوْرِيُّ إِلَى الْيَمَنِ أَتَاهُ مَعْمَرٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَحَدَّثَ يَوْمًا بِحَدِيثٍ عَنِ ابْنِ عُقَيْلٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ الْحَدِيثَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ: نَا مُحَمَّد بْن رجاء، نا عَبْد الرزاق سَمِعْت ابْن جريج يقول: عليكم بهذا الذي لو يبق فِي زمانه أعلم مِنْهُ، يعني معمرًا. قَالَ أَحْمَد العجلي: لما دخل معمر اليمن كرهوا أن يخرج من بين أظهرهم فَقَالَ لَهُم رَجُل: قيّدوه قَالَ: فزوّجوه، قَالَ عُثْمَان بْن سَعِيد الدارمي: قُلْتُ ليحيى بْن معين: فَابْنُ عُيَيْنَةَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَعْمَرٌ؟ قَالَ: معمر، قُلْتُ: فمعمر أم صالح بْن كيسان؟ قال: معمر، قلت: فمعمر أم يُونُس؟ قَالَ: معمر، قُلْتُ: فمعمر أحبّ إليك أم الزُّهْرِيّ أم مالك؟ قَالَ: مالك. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 409 قُلْتُ: إن بعض الناس يَقُولُ: أثبت الناس فِي الزُّهْرِيّ سُفْيَان، قَالَ: إنما يَقُولُ ذَلِكَ من سَمِعَ مِنْهُ وأي شيء كَانَ سُفْيَان إنما كَانَ غُلَيْمًا. وقال المفضل الغلابي: سَمِعْت ابْن معين يقدّم مالكًا فِي الزُّهْرِيّ ثُمَّ معمرًا ثُمَّ يُونُس. وكان يحيى القطَّان يقدّم ابْن عيينة عَلَى معمر. قَالَ عُثْمَان بْن أبي شيبة: سألت يحيى القطَّان: مَن أثبت الناس فِي الزُّهْرِيّ؟ فَقَالَ: مالك ثُمَّ ابْن عُيينة ثُمَّ معمر. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يقول: إذا حدّثك معمر عَن العراقيين فخالفه إلا عن الزهري وابن طاوس فإن حديثه عنهما مستقيم فأما أَهْل الكوفة والبصرة فلا وما عمل فِي حديث الأَعْمَشُ شيئًا. وحديثه عَن ثابت وعاصم وهشام بْن عروة مضطرب كثير الأوهام. زَيْدُ بْن الْمُبَارَك عَن مُحَمَّد بْن نور عَن معمر قَالَ: سقط مني صحيفة الأعمى فَإِنَّمَا أتذكّره. وقال يعقوب بْن شَيْبَة: حدَّثني أَحْمَد بْن الْعَبَّاس سَمِعْت يحيى بْن معين يقول: سَمِعْت أَنَّهُ كَانَ زوج أخت امْرَأَة معمر مَعَ معن بْن زائدة فأرسلت إليها أختها مُدًّا بخوخ فعلم بِذَلِك معمر بعدما أكل فقام فتقيّأ. وقال عَبْد الرزاق: أكل معمر عند أهله فاكهة ثُمَّ سَأَلَ فَقِيلَ: أهدته لنا فلانة النوّاحة، فقام فتقيّأ. قَالَ: وبعث إِلَيْهِ معن بْن زائدة والي اليمن بذَهَب فردّه وقال لأهله: لئن علم بهذا غيرنا لا يجتمع رأسي ورأسك أبدًا. وعن بَكْر بْن الشرود وزيد بْن الْمُبَارَك أن معمرًا مات فِي رمضان سنة اثنتين وخمسين. وقال إِبْرَاهِيم بْن خَالِد: مات معمر فِي رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائة فصلّيت عَلَيْهِ. وقال أحمد بن حنبل: عاش ثمانيًا بوخمسين سنة. وقال خليفة وأبو عُبَيْد والفلاس: سنة ثلاث. وقال ابْن أَبِي خيثمة: سَمِعْت أَحْمَد وابن معين يقولان: مات سنة أربع. وكذا قَالَ الهيثم بْن عديّ وعلي بْن المديني. وقد حدّث بالعراق من حفظه فرواية أَهْل اليمن عَنْهُ أمتن. 377- معمر بْن قيس1، أَبُو سَعِيد السلمي. عَن الحسن وعطاء بْن أَبِي رباح. وعنه ابْن الْمُبَارَك وبشر بْن السري وموسى بن   1 التاريخ الكبير "7/ 378"، والجرح والتعديل "8/ 257". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 410 إسماعيل وإبراهيم بْن الحجاج وغيرهم. وهو أكبر من معمر بْن راشد لكنه تأخّر موته عَنه سنوات. قَالَ ابْن معين: ليس بِهِ بأس. 378- معن بْن زائدة1. الشيباني الأمير، وهو معن بْن زائدة بْن عَبْد الله بْن زائدة بْن مطر بْن شريك أَبُو الوليد، أحد الأجواد الممدحين والشجعان المذكورين. كان من أصحاب أمير العراقيين يزيد بْن عمرو بْن هَبِيرة، فَلَمَّا ملك بنو الْعَبَّاس اختفى معن مدّة، والطلب عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ ثورة الخراسانية والريوندية عَلَى المنصور وحمي القتال ظهر معن بْن زائدة وقاتل بين يدي المنصور، وأفرج عَنْهُ، وكان النضر عنده وهو مقنّع، فَقَالَ لَهُ المنصور: من أنت ويحك؟ فكشف القناع وقال: أَنَا طِلْبَتُك معن بْن زائدة، فأكْرَمَه وحباه، وصيّره من خواصّه، ثُمَّ ولاه اليمن وغيرها. قَالَ عتّاب بْن إِبْرَاهِيم: دخل معن عَلَى المنصور فقارب فِي خَطْوِه، فَقَالَ: كَبُرت سنّك يَا معن. فَقَالَ: فِي طاعتك يَا أمير المؤمنين، قَالَ: إنك لتتجلّد، قَالَ: لأعدائك، قَالَ: وإنّ فيك لبقية، قَالَ: هِيَ لك. قَالَ سَعِيد بْن سالم: لما ولي معن أذربيجان للمنصور قصده قوم من أَهْل الكوفة فنظر إليهم فِي هيئة رثّة فوثب عَلَى أريكته وأنشأ يَقُولُ: إذا نوبة نابتْ صدِيقَك فاغْتَنِمْ ... مرمَّتَها فالدهْرُ بالناس قُلَّبُ فأحسنُ ثَوْبَيْكَ الَّذِي هُوَ لابِسٌ ... وأَفْرَهُ مُهْرَيْكَ الَّذِي هُوَ يُرْكَبُ يَا غلام أعطِ لكل واحدٍ أربعة آلاف، فَقَالَ الغلام: دنانير يَا سيدي أَو دراهم؟ فَقَالَ معن: واللهِ لا تكون همتّك أرفع من همتي، صفِّرْها لَهُم. وقال أَبُو عبيدة: وقف شاعر بباب معن سنة لا يصل إِلَيْهِ، وكان معن شديد الحجاب، فَلَمَّا طال مقامه سَأَلَ الحاجب أن يوصل إِلَيْهِ رقعة، وكان الحاجب حدبًا   1 تاريخ بغداد "13/ 235"، معجم المرزباني "324"، والبداية "1/ 119"، والأغاني "10/ 91"، وتاريخ الطبري "8/ 40" وغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 411 عَلَيْهِ فأوصل الرقعة فإذا فيها هَذَا: إذا كَانَ الجوادُ شَديدَ الْحِجَابِ ... فَمَا فَضْلُ الجوادِ عَلَى البخيلِ فكتب فيها: إِذَا كَانَ الْجَوَادُ قَلِيلَ مَالٍ ... ولم يُعْذَرْ تعلَّلَ بالحجابِ فَقَالَ الشاعر: إنا لله أيويسني من معروفه، ثم ارتحل، فأجبر بانصرافه فأَتْبَعُه بعشرة آلاف درهم وقال: هِيَ لك عنده فِي كل زورة. قَالَ القتبي: قَدِمَ من بغداد فأتاه ابْن أَبِي حفصة فأنشده: وما أحجَمَ الأعداءُ عنك تُقْيَةً ... عليك ولكن لم يَرَوْا فيك مطْمَعا لَهُ راحَتَانِ الحتْفُ والجودُ فيهما ... أبَى اللهُ إلا أنْ يَضُرَّ ويَنْفَعَا فَقَالَ معن: احتَكِمْ يَا أَبَا السمط، فَقَالَ: عشرة آلاف، فَقَالَ معن: ربحت والله عليك تسعين ألفًا. وعن أبي عثمان قَالَ: استعمل المنصور قثم، رجلا من بني الْعَبَّاس فأتاه أعرابيّ فَقَالَ: يَا قثم الخيرِ جُزيِتَ الجّنة ... أكْس بُنَيَّاتي وأُمَّهُنَّه أُقْسِمُ باللهِ لَتَفْعَلَنَّهْ فَقَالَ: والله لا أفعل، فَقَالَ الأَعرابي: لكن لو أقسمتُ عَلَى معن بْن زائدة لأبرَّ قَسَمي، فبلغ ذَلِكَ مَعْنًا فبعث إِلَيْهِ بألف دينار. وقال الكديمي: نا الأصمعي قَالَ: أتى أعرابيٌّ مَعْنًا ومعه مولود فَقَالَ: سَمَّيْتُ مَعْنًا بمَعْنٍ ثُمَّ قلتُ لَهُ ... هَذَا سَمِيّ فتًى فِي الناسِ محمود أمسَتْ يمينُك من جود مصورة ... لا بل يمينك منها صورة الجود فأعطاه ثلاثمائة دينار. ويروى أنّ المهدي خرج يوما يتصيّد فلقيه الحسين بن مطير فأنشده: أضحت يمينك من جود مصورة ... لا بل يمينك منها صورة الجود من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة ... ومن بنانك يجري الماء في العود الجزء: 9 ¦ الصفحة: 412 قَالَ المهدي: كذَبْتَ يَا فاسق وهل تركت فِي شعرك موضعًا لأحد مَعَ قولك فِي معن بن زائدة: ألما بمعن ثم قولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا فيا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر مترعا ولكن حويت الجود والجود ميت ... ولو كان حيا ضقت حتى تُصْدَعا ولما مضى مَعْنُ مضى الجودُ وَالنَّدَى ... وأصبح عرنين المكارم أجْدَعا فأطرق الْحُسَيْن ثُمَّ قال: يا أمير المؤمنين وهل معن إلا حسنة من حسناتك، فرضي عَنْهُ. وقيل: إن معْنًا دخل يومًا عَلَى المنصور فَقَالَ: هيه يَا معن تعطي مروان ابْن أَبِي حفصة مائة ألف عَلَى قوله: مَعْنُ بنُ زائدةٍ الَّذِي زِيدَتْ بِهِ ... شَرَفًا عَلَى شَرَفٍ بنو شَيْبانِ قَالَ: كلا يَا أمير المؤمنين إنما أعطيته على قوله: مازالت يوم الهاشمية معلنًا ... بالسيف دون خليفةِ الرحمنِ فمنعْتَ حوزَتَه وكنت وِقَاءَهُ ... من وقعِ كلِّ مهنَّدٍ وَسِنَانِ فَقَالَ: أحسنت يَا معن. ولمعن أشعار جيدة فِي الشجاعة. وَفِي أواخر أيامه ولي إمرة سجستان ووفد عَلَيْهِ الشعراء فَلَمَّا كَانَ فِي سنة إحدى أو اثنتين وقيل: فِي سنة ثمان وخمسين كَانَ فِي داره صُنّاع فاندسّ بينهم قوم من الخوارج فوثبوا عَلَيْهِ فقتلوه وهو يحتجم ثُمَّ تتبّعهم ابْن أَخِيهِ الأمير يزيد بْن مزيد فقتلهم1. ورثته الشعراء، ولقد أبلغ وأبدع مروان بْن أَبِي حفصة فِي كلمته: مضَى لسبيله مَعْنُ وأبقى ... مكارِمً لن تَبيدَ ولن تُنَالا كأنَّ الشمسَ يومَ أُصِيبَ مَعْن ... من الإِظلامِ مُلْبِسَةٌ جَلالا وعطلت الثغور لِفَقْد مَعْنٍ ... وقد يروى بها الأسل النُّهَالا   1 راجع وفيات الأعيان "5/ 249". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 413 وأظْلَمَتِ العراقُ وأوْرَثَتْها ... مصيبَتُه المُجَلَّلَةُ اختِلالا وظلَّ الشامُ يَرْجُفُ جانِبَاهُ ... لِرُكْنِ العزِّ حين وَهَى فَمَالا وكادت من تُهامةَ كلُّ أرض ... ومن نجدٍ تزولُ غَداةَ زَالا وكان الناس كلهم لمعْنٍ ... إِلَى أنْ زار حُفْرَتُه عيالا فَلَيْتَ الشامتينَ بِهِ فدَوْهُ ... وليت الْعُمْرَ مُدَّ لَهُ فَطَالا ولم يَكُ كَنْزُهُ ذهَبًا ولكنْ ... سيوفَ الهندِ والحَلَق الذِّبالا ومارنة من الْخَُطَى سُمْرًا ... ترى فيهنَّ لِينًا واعتِدالا وذُخْرًا من محامدٍ باقياتٍ ... وفضلَ تُقًى بِهِ التفضيلُ نالا وأيامُ الْمَنُونِ لها صُرُوفٌ ... تُقَلِّبُ بالفتَى حالا فَحَالا وذكر ابْن المعتز فِي كتاب طبقات الشعراء أن مروان دخل عَلَى جَعْفَر البرمكي فاستنشده إياها فَلَمَّا أنشده أرسل دموعه ثُمّ قَالَ: هَلْ أثابك أحد من أهله شيئًا عليها؟ قال: لا، فأمر له عليها بألف وستمائة دينار، فزاد مروان فيها هَذَا: نفخت مكافئًا عَن قبْر معن ... لنا مما تجُود بِهِ سجالا فكافأ عَن صَدَى معن جوادٌ ... بأجودِ راحة بَذَلَ النَّوَّالا كأن البرمكيّ بكلّ مالٍ ... تجُود بِهِ يداه يفيدُ مالا قَالَ الخطيب بلغني أَنَّهُ أساء السيرة فِي أَهْل سجستان فقتلوه ببُسْت، وذلك سنة اثنتين وخمسين ومائة. 379- المغيرة بْن زياد، أَبُو هاشم الموصلي1. عَن عكرمة وعطاء بْن أَبِي رباح ونافع وعبادة بن نسي، وقيل أَنَّهُ رأى أنس بْن مالك. وعنه سفيان والمعافى بْن عمران والخريبي وأبو عاصم ووكيع وعمر بن أيو ب الموصلي وطائفة.   1 التاريخ الكبير "7/ 326"، والتهذيب "10/ 258"، والجرح والتعديل "8/ 222". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 414 وقال ابن معين: ليس به بأس. وقال أَبُو داود: صالح الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. ووثّقه جماعة. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي. وقال أَحْمَد: ضعيف، كل حديث رفع فهو مُنكَر ومغيرة مضطرب الحديث. وكيع: نا المغيرة بْن زياد وعطاء عَن ابْن عَبَّاس: ليس عَلَى النائم جالسًا وضوء حَتَّى يضع جَنْبه. أنكره القطَّان وقال إنما ذا قول عطاء حدّثَنَاه ابنُ جريج عَنْهُ. وقال أَحْمَد بْن حنبل: روى عَن عطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي الرجل تمرُّ بِهِ الجنازة، قَالَ: يتيمم ويصلي. وهذا رواه ابْن جريج وعبد الملك عَن عطاء. قوله: وروى عَن عطاء عَن عَائِشَةَ: مَن صلّى في يوم اثنتي عشرة ركعة. والناس يروونه عَن عطاء عَن عنبسة عَن أم حبيبة1. وَرَوَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُقْصِرُ الصَّلاةَ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ. وَهَذَا رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عَطَاءٍ كَانَتْ عَائِشَةُ تُوفِي الصَّلاةَ فِي السَّفَرِ وَتَصُومُ. وقال الْبُخَارِيّ: قَالَ وكيع: كَانَ المغيرة بْن زياد ثقة. وقال غيره: فِي حديثه اضطراب. فأما أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم فزلق لسانه وقال: لم يختلفوا فِي تركه. قُلْتُ: بل لم يتركه أحد. مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. قَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم: ليس بالقويّ عندهم. وروى ابن أبي خثيمة وعباس وأحمد بْن أَبِي مريم عَن يحيى بْن معين: ثقة. 380- المغيرة بْن مسلم السراج القسلمي2 -ت ن ق- وهو أخو عَبْد العزيز. روى عَن عكرمة وأبي الزبير وفرقد السبخي. وعنه إسحاق بن سليمان الرازي وأبو داود الطيالسي وشبابة. وثقه ابن معين. 381- المفضل بن لاحق أبو بشر المصري3.   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "728"، وأبو داود "1250"، والترمذي "413"، والنسائي "3/ 262"، وابن ماجه "1141". 2 تقريب التهذيب (2/ 275) . 3 التهذيب "10/ 268"، والجرح والتعديل "8/ 229". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 415 عن ابن سيرين ومكحول. وعنه ابنه بشر ومعاذ بن معاذ ومسلم بن إبراهيم وبدل بن المحبر. وثقه ابن معين، ولم يخرجوا له. 382- مقاتل بن سليمان1، أبو الحسن البلخي صاحب التفسير. عَن مجاهد والضحاك وابن بريدة ومحمد بْن سيرين وعطاء والمقبري والزهري وشرحبيل بْن سعد وعدة. وعنه بقية وسعد بْن الصلت والوليد بْن مزيد وحرميّ بْن عمارة وعبد الرزاق والمحاربي وشبابة بْن سوار وعلي بْن الجعد وغيرهم. قَالَ ابْن الْمُبَارَك: مَا أحسن تفسيره لو كَانَ ثقة. وعن الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد: إن مقاتلا جلس فِي مسجد بيروت فَقَالَ: لا تسألوني عَن شيء مما دون العرش إلا نبّأتكم بِهِ. وَرُوِيَ أنّ المنصور ألحّ عليه ذُبابٌ فطلب مقاتل بْن سُلَيْمَان فسأله: لِمَ خلق اللَّه الذباب؟ فَقَالَ: ليُذِلّ بِهِ الجبارين. وقال ابْن عيينة: قُلْتُ لمقاتل: تحدث عن الضحاك وزعموا أنك لم تسمع منه، قَالَ: كَانَ يغلق عليّ وعليه باب، فَقُلْتُ فِي نفسي: أجل باب المدينة. أَبُو خَالِد بن الأحمر عَن جويبر قَالَ: لقد واللهِ مات الضحّاك وإنّ مقاتل بْن سُلَيْمَان لَهُ قرطان وهو فِي الكتاب. وقال الفلاس: نا عَبْد الصمد بْن عَبْد الوارث قَالَ: قدم علينا مقاتل فجعل يحدّثنا عَن عطاء ثُمَّ حدّثنا بتلك الأحاديث كلها عَن الضّحّاك ثُمّ حدّثني عَن عمرو بْن شعيب، فقلنا لَهُ: مِمَّنْ سمعتها؟. وقال الْوَلِيد بْن مَزْيَد: سَأَلت مقاتل بْن سُلَيْمَان عَن أشياء كَانَ يحدثني بأحاديث كل واحد ينقص الآخر؟ فَقُلْتُ: بأَيهِّم آخُذْ؟ فَقَالَ: بأيهِّم شِئْتَ. قَالَ أَبُو إِسْحَاق الجوزجاني: كَانَ مقاتل بْن سليمان، دجالا جسورا، سمعت أَبَا اليمان يَقُولُ: قدم ها هنا فَلَمَّا أن صلّى أسند ظهره إِلَى القبلة وقال: سلوني عَن مَا دون العرش، وَحُدِّثْتُ أَنَّهُ قَالَ مثلها بمكة، فَقَالَ رَجُل: أخْبرْني عَن النملة أَيْنَ أمعاؤها؟ فسكت. وقال عفّان بْن مُسْلِم: لما قَالَ مقاتل: سَلوني سألوه: آدم أول مَا حجّ مَن حَلَقَ رأسَه؟ قَالَ: لا أدري.   1 التاريخ الكبير "8/ 14"، والصغير "2/ 227"، والميزان "4/ 173"، والتهذيب "10/ 279"، سير أعلام النبلاء "7/ 154"، ووفيات الأعيان "5/ 255-257". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 416 قَالَ الْبُخَارِيّ: قَالَ ابْن عُيَيْنة: سَمِعْت مقاتلًا يَقُولُ: إن لم يخرج الدّجّال الأكبر سنة خمسين ومائة فاعلموا أني كذّاب. وقال يزيد بْن زريع: سَمِعْت الكلبي يَقُولُ: مقاتل بْن سُلَيْمَان يكذب عليّ. وقال وكيع: كَانَ مقاتل بْن سُلَيْمَان كذّابًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو داود وأبو حاتم: متروك الحديث. وقال النسائي: الكذابون فِي الضعفاء المعروفون بوضع الحديث أربعة: ابن أبي يحيى بالمدينة والواقدي ببغداد ومقاتل بْن سُلَيْمَان بخراسان ومحمد بْن سَعِيد المصلوب بالشام، وقال أَحْمَد: مقاتل صاحب التفسير مَا يعجبني أن أروي عَنْهُ شيئًا. وقال ابْن عديّ: ثنا مُحَمَّد بْن عِيسَى إجازة نا أَبِي نا الْعَبَّاس بْن مصعب قَالَ: قدم مقاتل مَرْو فتزوج بأم أَبِي عصمة نوح بْن أَبِي مريم وكان يقصّ فِي الجامع، فقدِم عَلَيْهِ جَهْم فجلس إِلَيْهِ فوقعت العصبية بينهما فوضع كل واحد منهما عَلَى الآخر كتابًا ينقُضُ عَلَى صاحبه. وقال مُحَمَّد بْن أشكاب: نا أَبِي سَمِعْت أبَا يوسف يَقُولُ: بخراسان صنفان مَا عَلَى الأرض أبغض إلي منهما: المقاتلية والجهمية. وقال علي بْن كاس النخعي: ثنا جعفر بْن أَحْمَد نا عليّ بْن الْحَسَن الرازي عَن مُحَمَّد بْن سماعة عَن أَبِي يوسف أَنَ أَبَا حنيفة ذُكر عنده جهم ومقاتل فَقَالَ: كلاهما مُفْرِط، أفْرط جهم فِي نفي التشبيه حَتَّى قَالَ إنه ليس بشيء، وأفرط مقاتل حَتَّى جعل اللَّهَ مثلَ خلقه. روى نحوها إِسْمَاعِيل بْن أسد نا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ أَبُو حنيفة، وهذا منقطع. قَالَ أَحْمَد بْن سيّار فِي تاريخه: مقاتل متروك مهجور القول، وكان يتكلّم فِي الصفات بما لا تحلّ الرواية عَنْهُ. وقال ابْن أَبِي حاتم: كتب إليّ مُحَمَّد بْن آدم المروزي قَالَ محمود حضرت وكيعًا وسئل عَن تفسير مقاتل بْن سُلَيْمَان فَقَالَ: لا تنظر فِيهِ، قَالَ: مَا أصنع بِهِ؟ قَالَ: ادفنه. وقال إِبْرَاهِيم الحربي: لم يسمع مقاتل بْن سُلَيْمَان من مجاهد شيئًا، وتفسيره وتفسير الكلبي سواء. ويُروى عَن مقاتل بْن حيّان قال: ما وجدت علم مقاتل بن سليمان إلا كالبحر. وقال الشافعي: الناس فِي التفسير عيال عَلَى مقاتل. وقال عُمَر بْن مدرك: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 417 سَمِعْت مكي بْن إِبْرَاهِيم يَقُولُ: كَانَ مقاتل بْن سُلَيْمَان يَقُولُ للناس: اللَّه تعالى عَلَى عرشه. وعن الهذيل بْن حبيب أَنَّ مقاتلا مات سنة خمسين ومائة. قُلْتُ: بقي بعد ذَلِكَ حَتَّى لقيه عليّ بْن الجعد. وقال ابْن حبّان: ولاؤه للأزد وأصله من بلخ وانتقل إِلَى البصرة ومات بها. كنيته أَبُو الْحَسَن، كَانَ يأخذ عَن اليهودي والنصراني من علم القرآن مَا يوافق كتبهم وكان مشِّبهًا يشبِّه الربِ بالمخلوق ويكذب فِي الحديث. وقال الفضل بْن خَالِد المروزي: سَمِعْت خارجة بْن مصعب يَقُولُ: لم أستحلّ دم نصراني، ولو وجدت مقاتل بْن سُلَيْمَان فِي موضع لا يراني أحد لشققت بطنه. وسئل ابْن الْمُبَارَك عَن مقاتل بْن سُلَيْمَان فَقَالَ: رحمه اللَّه لقد ذُكر لنا عَنْهُ عبادة. وعن إِسْحَاق بْن راهويه قَالَ: أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لَهُم نظير فِي البدعة: جهم بْن صفوان وعمر بْن صبيح ومقاتل بْن سُلَيْمَان. وعن أَبِي حنيفة قَالَ: أتانا من المشرق رأيان خبيثان: جهم معطَّل ومقاتل مشبِّه. 383- منذر بْن ثعلبة العبدي البصري1. عَن عَبْد الله بن بريدة وعلباء بْن أحمر ويزيد بْن عَبْد الله بْن الشخير. وعنه وكيع وأبو الوليد الطيالسي وأبو عمرو الحوضي. وثّقه أحمد. 384- منذر بْن النعمان اليمني الأفطس2. عَن وهب بْن منبه وغيره. وهو مقل. روى عَنْهُ معتمر بْن سُلَيْمَان وهشام بْن يوسف ومطرف بْن مازن وعبد الرزاق. وثّقه ابْن معين. 385- منصور بْن سعد البصري اللؤلؤي3. عَن ميمون بْن سياه والفرزدق الشاعر وحماد بْن أَبِي سُلَيْمَان. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وموسى بْن إسماعيل وجماعة. 386- المنهال بْن خليفة4، أَبُو قدامة العجلي الكوفي.   1 تهذيب التهذيب "10/ 300"، والجرح والتعديل "8/ 243". 2 التاريخ الكبير "7/ 358"، والجرح "8/ 242". 3 التهذيب "10/ 307". 4 التاريخ الكبير "8/ 12"، والميزان "4/ 191". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 418 عَن عطاء بْن أَبِي رباح وسماك بْن حرب وجماعة. وعنه وكيع وأبو أحمد الزبيري وعبد الله بن رجاء. ضعفوه. وقال أبو داود: جائز الحديث. وقال ابْن معين: ضعيف. 387- موسى بْن أيوب بْن عامر الغافقي المصري1 الفقيه. عَن عمه إياس بْن عامر وعكرمة وسهل بْن رافع بْن خديج. وأرسل عَن عقبة بْن عامر. وعنه الليث وابن الْمُبَارَك وابن وهب والمقبري. وثّقه ابْن معين وهو مقل. قَالَ يحيى بْن بكير: هُوَ أول من أحدث القياس بمصر. قِيلَ: مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. ومر مُوسَى بْن أيوب أبو الفيض، فِي طبقة أيوب. 388- موسى بن ثروان2 –م د ن- وَقِيلَ: ابْن سروان، العجلي البصري المعلم. عَن بديل بن ميسرة ومؤرق وأبي المتوكل الناجي. وعنه شعبة ووكيع والنضر بْن شُمَيْل وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وشاذ بْن فياض. وثّقه أَبُو داود. 389- موسى بْن داود3، أَبُو حاتم البصري اللؤلؤي. عَن طاوس والحسن. وعنه ابن المبارك ومسلم وحيان بْن هلال وأبو سلمة التبوذكي. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا أعرفه. 390- موسى بْن دهقان المدني4، ثُمَّ البصري. عَن أَبِي سعيد الخدري. ورأى ابْن عمر وسمع مِنْهُ أيضا وعن أبان بْن عثمان. وعنه وكيع وأبو غياث الدلال وعثمان بْن عمر بْن فارس.   1 المعرفة والتاريخ "2/ 192"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 69". 2 تهذيب التهذيب "10/ 338". 3 ميزان الاعتدال "4/ 204"، والجرح والتعديل "8/ 141". 4 التقريب "2/ 287"، وتاريخ الدوري "2/ 592". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 419 قَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقوي. 391- موسى بْن يسار الأزدي1 –ت- ثُمَّ الدمشقي. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ومكحول ونافع وربيعة القصير. وعنه صدقة السمين ويحيى بْن حمزة وابن الْمُبَارَك وعقبة بْن علقمة البيروتي. قَالَ أَبُو حاتم: مستقيم الحديث. 392- موسى بْن يسار2، أَبُو الطيب المكي. عَن عائشة بنت طلحة وعكرمة والقاسم. وعنه يحيى بْن سعيد القطان وشبابة. قَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم فِي الْكُنَى: ليس بالقوى عندهم، وَهّاه حَفْص بْن غياث. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: كنت عند شيخ بمكة أَنَا وحفص بْن غياث فإذا شيخ جارية بن هرم يكتب عنه، فجعل حفص يضع له الحديث فيقول: أحدثك فلان بكذا؟ فيقول: نعم، فلما فرغ ضرب حفص بيده إلى ألواح جارية فمحاها وقال: هَكَذَا يكذب، فسأل يحيى عَن الشَّيْخ من هُوَ، فامتنع ثُمَّ قَالَ: هُوَ مُوسَى بْن يسّار. قُلْتُ: قد مر أبو الطيب موسى بن يسار وكذا سماه ابْن أَبِي حاتم، وأظنّ هَذَا تصحف فَقَالَ الخطيب: مُوسَى بْن يسّار أَبُو الطيب، مروزي نزل المدائن. عَن عكرمة وعنه أَبُو مُعَاوِيَة وشبابة ونعيم بْن ميسرة. قَالَ ابْن معين: مُوسَى بْن يسّار، شيخ لشبابة ثقة. 393- موسى بْن يعقوب القُرَشِيّ3 -4- الزَّمْعي المدني. عَن عمر بْن سعيد النوفلي وأبي حازم الأعرج وعبد الرحمن بْن إسحاق. وعنه معن بْن عيسى وابن أَبِي فديك وسعيد بْن أَبِي مريم. وثّقه ابْن معين. وقال أَبُو داود: صالح. وقال النسائي: ليس بالقويّ. قَالَ ابن سعد: مات في خلافة المنصور.   1 التهذيب "10/ 377"، والجرح والتعديل "8/ 168". 2 التاريخ الكبير "7/ 298"، وميزان الاعتدال "4/ 226". 3 تهذيب التهذيب "10/ 378"، وتقريب التهذيب "2/ 294". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 420 394- ميمون بْن موسى المرئي البصري1 -ت ق-. عن الحسن وغيره. وعنه جماد بْن مسعدة ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو الوليد وآخرون. قَالَ النسائي: ليس بالقوي. وقال أحمد: كَانَ يدلس. وقال الفلاس: صدوق لكنه ضعيف الحديث. "حرف النون": 395- ناصح المحلمي الكوفي2 -ت ق- الحائك. عَن سماك بْن حرب وأبي إسحاق ويحيى بْن أَبِي كثير. وعنه يحيى بْن يعلى الأسلمي وعبد الله بْن صالح العجلي وإسماعيل بْن عمرو البجلي. قَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف. 396- نافع بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأسدي3. أخو مصعب المذكور، ووالده عَبْد الله بْن نافع الزبيري. عَن أبيه وسالم أَبِي النضر. وعنه ابنه وابن أَبِي الموالي وفضل بْن سُلَيْمَان. وهو صالح الحديث مقل. مات سنة خمس وخمسين ومائة. عَن اثنتين وسبعين سنة. 397- نصر بْن طريف الباهلي4، أَبُو جزي القصاب. بصري متروك. عَن قتادة وحماد بْن أَبِي سُلَيْمَان. وعنه مؤمل بْن إسماعيل وعبد الغفار الحراني وغيرهما. 398- نصر بْن علي بْن صهبان الجهضمي5 -4- بصري صدوق. عَن جده لأمه أشعث بْن عَبْد الله الحداني والنضر بْن شيبان. وعنه أَبُو داود وأبو نعيم وعبيد الله بن موسى. هو مُقِلّ. وهو جد نصر بْن علي الجهضمي شيخ السنة.   1 تقريب التهذيب "2/ 297"، والثقات "9/ 173". 2 ميزان الاعتدال "4/ 240"، والمجروحين "3/ 54". 3 طبقات ابن سعد "5/ 299"، والجرح والتعديل "8/ 457". 4 التاريخ الكير "8/ 105"، , والميزان "4/ 251". 5 التاريخ الكبير "8/ 103"، والتهذيب "10/ 429"، والجرح والتعديل "8/ 466". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 421 399- نصير بن أبي الأشعث –خ- الكوفي الكناسي1. عَن حبيب بْن أَبِي ثابت وسماك وعثمان بْن عَبْد الله بْن موهب وجماعة. وعنه أَبُو بكر بْن عياش ويحيى بْن عيسى الرملي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو سلمة المنقري. وثّقه أَبُو حاتم. لم يخرِّجوا لَهُ، واستشهد بِهِ الْبُخَارِيّ. 400- النضر بْن حميد2، أَبُو الجارود. عَن ثابت البناني وأبي إسحاق السبيعي وسعد الإسكاف. وعنه مهران بْن أَبِي عمر وإسحاق بْن سُلَيْمَان الرازيان. قَالَ أَبُو حاتم: متروك الحديث. وقال العقيلي: روى النضر بْن حميد عَن أَبِي الجارود وثابت. ثم قَالَ: فروى لَهُ حديثين منكرين أحدهما باطل. وقال البخاري: منكر الحديث. إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ: نَا النَّضْرُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ شَيْءٍ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ رِيحَهُ لَتُوجَدُ بِالآفَاقِ، وَرِيحُهُ عَمَلُهُ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَنْتَنُ مِنْ رِيحِ الْكَافِرِ، وَإِنَّ رِيحَهُ لَتُوجَدُ بالآفاق، وريحه عمله وسوئ الثناء عليه"3. 401- النهاس بن قهم4 -د ت ق- أبو الخطاب القيسي البصري. عَن أنس بْن مالك وعطاء بْن أَبِي رباح جماعة. وعنه وكيع وأبو عاصم ومعاذ بْن معاذ وعثمان بْن عمر وآخرون. ضعّفه ابْن معين وقال: كَانَ قاضيا. ووهّاه يحيى القطان. وقال النسائي: ضعيف. 402- نوح بْن أَبِي بلال المدني5 –ن- مولى معاوية. عَن أَبِي سلمة وسعيد بن المسيب وعطاء بن يسار.   1 تهذيب التهذيب "10/ 433". 2 ميزان الاعتدال "4/ 256"، والجرح والتعديل "8/ 476". 3 ذكره العقيلي في الضعفاء "4/ 289". 4 تهذيب التهذيب "10/ 478"، والميزان "4/ 274"، والمجروحين "3/ 56". 5 التهذيب "10/ 481"، والجرح "8/ 481". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 422 وعنه الثوري وزيد بْن الحباب وأبو بكر الحنفي عبد الكبير وعلي بن ثابت الجزري. قَالَ أَبُو حاتم، وأحمد: ثقة. وقال أَبُو زرعة: لا بأس بِهِ. 403- نُوحُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُو مَكِينٍ الْبَصْرِيُّ1 -د ن ق-. عَنْ عكرمة وأبي مجلز لا حق وَنَافِعٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَبُو عَتَّابٍ الدَّلالُ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: أَبُو مَكِينٍ قَالَ: هُوَ فَوْقَهُ، يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْوَلِيدِ الشَّنِّيَّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي الشَّنِّيِّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. صَفْوَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي مَكِينٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا اشْتَهَى مَرِيضُ أَحَدِكُمْ شَيْئًا فَلْيُطْعِمْهُ إِيَّاهُ"2. "حرف الهاء": 404- هارون بْن إِبْرَاهِيم الأهوازي البصري3 -ن. عَن جرير والفرزدق وابن سيرين وعطاء. وعنه ابْن الْمُبَارَك وعاصم النبيل وزيد بْن الحباب وأبو داود والواقدي. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 405- هارون بْن أَبِي إِبْرَاهِيم4. ميمون بْن أيمن البربري -وهذا لقب لَهُ- ولم يكن بربريًا، وولاؤه للغفار بْن المغيرة بْن شُعْبَة. يروي عَن عطاء وميمون بْن مهران. وعنه عبد الله بن إدريس ووكيع وأبو نعيم وقبيصة وخلاد بن يحيى. وثقه أبو حاتم وغيره، لم يقع له شيء في الكتب. 406- هارون بن هارون بن عبد الله الهدير التيمي5 –ق- أبو عبد الله المدني.   1 تهذيب التهذيب "10/ 484"، والميزان "4/ 277". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "1439، 3440"، وذكره العقيلي في الضعفاء "2/ 212، 306"، والألباني في ضعيف الجامع الصغير "373". 3 الجرح والتعديل "9/ 87". 4 التاريخ الكبير "8/ 224"، والجرح "9/ 96". 5 التاريخ الكبير "8/ 226"، والميزان "4/ 287". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 423 عَن مجاهد والأعرج. وعنه ابْن أَبِي فديك ومحمد بْن شعيب بْن شابور وعبد الصمد بْن النعمان وعبد الله بْن إِبْرَاهِيم الغفاري. وهو أخو محرز بْن هارون. ضعّفه النسائي. وقال البخاري: ليس بذاك. 407- هانئ بْن أيوب الحنفي1 -ن-. عَن طاوس ومحارب بْن دثار. وعنه ابنه أيوب وحسين الجعفي وعبد الرحمن بْن مهدي وعبيد الله بْن موسى. صدوق. وقال ابْن سعد: فِيهِ ضعف. 408- هشام بْن سعد2 –م4- أبو عباد المدني الحساب. مولى قريش، ويقال لَهُ: يتيم زيد بْن أسلم. روى عَن عمرو بْن شعيب وسعيد المقبري ونافع ونعيم المجمر والزهري وأكثر عَن زيد. روى عَنْهُ ابْن وهب ووكيع وابن أبي فديك والقعنسي وأبو عامر العقدي وخلْق. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: لم يكن بالحافظ. وقَالَ ابْن معين: ليس بمتروك. وقَالَ النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي. وقال أَبُو حاتم: هُوَ وابن إسحاق عندي واحد. وقال أحمد: كَانَ يحيى بْن سعيد لا يروي عَنْهُ. وأما أَبُو دَاوُد فَقَالَ: هُوَ ثقة وهو أثبت الناس فِي زَيْدُ بْن أسلم. وقال ابْن عديّ هُوَ مَعَ ضعفه يُكتب حديثه. قُلْتُ: استشهد بِهِ الْبُخَارِيّ واحتجّ بِهِ مُسْلِم. مات قريبا من سنة ستين ومائة. 409- هشام الدستوائي3 –ع- هشام بْن أَبِي عَبْد الله سنبر أَبُو بكر الربعي مولاهم البصري صاحب البز الدستوائي. ودستواء قرية من عمل الأهواز. ولد فِي حياة الصحابة الصغار. وحمل عَن قتادة ويحيى بْن أَبِي كثير ومطر الوراق بن أبي سليمان وخلق سواهم. عنه عبد الرحمن بن مهدي وابن   1 ميزان الاعتدال "4/ 290"، والتهذيب "11/ 21". 2 التهذيب "11/ 39"، وسير أعلام النبلاء "7/ 262". 3 التاريخ الكبير "8/ 98"، والتهذيب "11/ 43". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 424 الْمُبَارَك وابن أَبِي عديّ وأزهر السمان وأبو داود ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو عمر الحوضي وعدد كثير. وكان من كبار الحُفّاظ. قَالَ شعبة: مَا من الناس أحد أقٌول إنه طلب الحديث يريد بِهِ الله غير هشام الدستوائي، وهو أعلم بقتادة منّي وبحديثه. وقال أَبُو داود الطيالسي: كَانَ هشام الدستوائي أمير المؤمنين في الحديث. وقال عون بن عمارة: سَمِعْت هشامًا الدستوائي يَقُولُ: واللهِ مَا أستطيع أن أقول إِنِّي ذهبت يومًا قط أطلب الحديث أريد بِهِ وجه الله عزّ وجلّ. قُلْتُ: هَذَا يقوله مَعَ شهادة شعبة وما أدراك مَا شعبة لَهُ بإخلاص النيّة. قَالَ أحمد بْن حنبل: مَا نروي عَن أثبت من هشام الدستوائي أما مثله فعسى. وقال شاذ بْن فياض: بكى هشام الدستوائي حَتَّى فسدت عينه1. وعن هشام قَالَ: إذا فقدت السراج ذكرت ظُلمة القبر وعنه قَالَ: عَجِبْتُ للعالِمِ كيف يضحك2. قَالَ هدبة بْن خالد: حدّثنا أميّة، يعني أخاه، سَمِعْت شعبة يَقُولُ: مَا أقول إنّ أحدًا يطلب الحديث يريد بِهِ وجه الله تعالى إلا هشام الدستوائي، وإن كَانَ ليقول: ليتنا ننجو من الحديث كفافًا، لا لنا ولا علينا. قَالَ يزيد بْن زريع: كَانَ أيوب يحثّ عَلَى الأخذ عَن هشام الدستوائي. وقال شعبة: هشام بْن أَبِي عَبْد الله أحفظ منّي عَن قتادة وأكثر مجالسةً لَهُ منّي. وسئل ابْن عليّة عَن حفّاظ البصرة فَقَالَ: هشام الدستوائي. وقال وكيع: كَانَ ثبتًا. وكذا قَالَ ابْن المديني وزاد: هُوَ أثبت أصحاب يحيى بْن أَبِي كثير. قَالَ أَبُو قطن عمرو بْن الهيثم: ما رأيت أحدا أكثر ذكرا للموت من هشام الدستوائي. وقال عَبْد الرحمن بْن مهدي: سمعت هشامًا مرة يقول إذا حدث: من رَجُل حدّث هَذَا الحديث قد أكل التراب لسانه. قال الكديمي: سمعت أبن نعيم يَقُولُ: قدمت البصرة فلم أر بها أفضل من هشام   1 سير أعلام النبلاء "7/ 119". 2 انظر المصدر السابق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 425 الدستوائي وحمّاد بْن سلمة. قُلْتُ: مناقبه جمّة، لكنه رُمي بالقدر. قَالَ محمد بْن سعد: كَانَ ثقة حجّة، إلا أَنَّهُ يرى القَدَر. وقال محمد بْن عَبْد الله بْن البرقي: قُلْتُ لابن معين: أرأيتَ من يُرمَى بالقَدَر يُكْتَب حديثه؟ قَالَ: نَعَمْ قد كَانَ قتادة وهشام الدستوائي وابن أَبِي عروبة وعبد الوارث بْن سعيد وذكر جماعة يقولون بالقدر وهم ثقات. لم يدْعوا إِلَى شيء. توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة، وقيل سنة أربع. وقال أَحْمَد بْن حنبل: نا عَبْد الصمد قَالَ: مات هشام سنة اثنتين وخمسين ومائة، قَالَ وكان بينه وبين قَتَادَةَ فِي السنّ سبع سنين. 410- هشام بْن الغاز1 بْن ربيعة الجرشي أَبُو العباس -4- وَقِيلَ: أَبُو عَبْد الله وقيل: أَبُو ربيعة الدمشقي. عَن أنس بن مالك إن كان لقيه وعن مكحول وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ والزهري وعيادة بن نسي. وقرأ القرآن عَلَى يحيى بْن الحارث الذماري. وعنه ابْن الْمُبَارَك وصدقة بْن خالد وعيسى بْن يونس والوليد بْن مسلم ووكيع وشبابة وأبو المغيرة ويحيى بْن يمان وخلق. قَالَ أحمد: صالح الحديث. وقال دحيم وغيره: ثقة. وقال ابْن خراش: كان من خيار الناس2. وروى عباس عن ابن مَعِين: ليس به بأس. وعنه أَبِي مسهر قَالَ: كَانَ هشام بْن الغاز عَلَى بيت المال للمنصور. مات سنة ست وخمسين ومائة. وقال ابْن معين وغيره: مات سنة ثلاث وخمسين. 411- همام بن نافع –ت- الحميري الصنعاني. والد عبد الرازق. عَن عكرمة ووهب بْن منبه وميناء بْن أَبِي ميناء، وخاله قيس بْن يزيد. وعنه ابنه، وقال: حجّ أَبِي همام أكثر من ستين حجة. وقال ابْن معين: ثقة. وقال العقيلي: حديثه غير محفوظ.   1 تهذيب التهذيب "11/ 55"، والجرح والتعديل "9/ 674"، وطبقات ابن سعد "7/ 468"، طبقات الحفاظ "84". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 50". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 426 قُلْتُ: وهو قديم الوفاة. كَانَ مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن الطبّاع يَقُولُ: سَمِعْت عَبْد الرزاق يَقُولُ: قدم علينا معمر وقد مات أَبِي، فَقَالَ: لو أدركت أباك مَا أردت أن يُسْنِد لِي حديثًا. رواها الحلواني عَنْهُ. وَفِي النفس مَعَ صحة سندها منها شيء فَإِن عبد الرزاق حدث أَبِيهِ ولقيه فِي حدود الخمسين ومائة قبلها أو بعدها، ومعمر فدخل اليمن قديمًا فِي أيام همام بْن منبّه. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى: نَا بَقِيَّةُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ هَمَّامِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ رَوَاحَةَ كَانَ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ أَنَاخَ"1. 412- الهيثم بْن رافع2 –ق- بصري. عَن أَبِي يحيى المكي وعطاء بْن أَبِي رباح. وعنه زيد بْن الحباب وأبو بكر الحنفي وموسى بْن إسماعيل وآخرون. محله الصدق. وقال ابْن معين وأبو داود: ثقة. وله حديث فِي الحكرة فِيه نكارة. "حرف الواو": 413- واسط بْن الحارث3. عَن نافع العمري وعاصم وقتادة. وعنه يوسف بْن حوشب وعبد الله بْن خراش. لَهُ مناكير. 414- واضح مولى حرملة المروزي4. عَن عكرمة والضحاك وأبي عثمان الأنصاري وغيرهم. وعنه ابنه المحدث أَبُو نميلة يحيى بْن واضح والفضل الشيباني وعلي بْن الحسين بْن واقد. ما علمت فيه ضعفا بعد.   1 أورده ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "7/ 390"، وعزاه الهندي في الكنز "33453" لابن عساكر كما في المصدر السابق، وذكره العقيلي في الضعفاء "4/ 371". 2 ميزان الاعتدال "4/ 308"، والتهذيب "11/ 67". 3 الميزان "40/ 328" للذهبي. 4 لم أقف على ترجمة فغيما تحت يدي من مصادر. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 427 415- الوليد بْن جميل الفلسطيني1. عَنْ مَكْحُولٍ وَالْقَاسِمِ أَبِي عَبْد الرحمن. وعنه سلمة بْن رجاء ويزيد بْن هارون وأبو النضر هاشم. قَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال أبو زُرْعة: لين الحديث. وقال أَبُو حاتم: روى أحاديث منكرة عَن القاسم. 416- الوليد بْن دينار2، أَبُو الفضل السعدي التياس، بصري. عَن الحسن. وعنه حماد بْن زيد ووكيع وعمرو بْن المسكين وموسى بْن إسماعيل وآخرون. قَالَ ابْن معين: ضعيف. 417- الوليد بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي السائب الدمشقي3 -ن ق- أبو العباس. مولى قريش. عَن عمر بْن عَبْد العزيز ونافع ورجاء بن حيوة وبشر بن عببد الله وعبد الله بن عامر المقرئ والوليد بْن مسلم وعمر بْن عَبْد الواحد ومحمد بْن حمير وأبو المغيرة وجماعة. وثّقه دحيم وغيره. وقال الْوَلِيد بْن مُسْلِم: رَأَيْته وأتاه الأوزاعي فسلّم عَلَيْهِ فنهض، فعزم عَلَيْهِ الأوزاعي أن لا يفعل إجلالا لَهُ. 418- الوليد بْن عَبْد الله بْن جميع الكوفي4 -م د ت-. عَن أَبِي الطفيل وسعيد بْن جبير وأبي سلمة بْن عَبْد الرحمن. وعنه ابنه ثابت ويحيى القطان وأبو نعيم وزيد بن الحباب وأبو أحمد الزبيري وجماعة. وثّقه أَبُو نعيم. وقال أَبُو حاتم: صالح الحديث. وقال العقيلي: فِي حديثه اضطراب. وقال ابن حبان: فحش تفرده.   1 تقريب التهذيب "2/ 328"، وأبو زرعة "534". 2 ميزان الاعتدال "4/ 338"، والجرح والتعديل "9/ 4". 3 تهذيب التهذيب "11/ 134"، والجرح والتعديل "9/ 6". 4 التاريخ الكبير "6/ 646"، وميزان الاعتدال "4/ 341". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 428 419- الوليد بْن عيسى1، أَبُو وهب العامري. عَن الشعبي وسعيد بْن جبير وأبي بردة وعكرمة. وعنه يحيى بْن أَبِي زائدة، ووكيع وزيد بْن الحباب وغيرهم. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. 420- الوليد بْن كثير المخزومي2 –ع- مولاهم المدني. عَن بشير بْن يسار وسعيد بْن أَبِي هند وإبراهيم بْن عَبْد الله بْن حنين ومحمد بْن كعب القرظي وجماعة. وعنه إِبْرَاهِيم بْن سعد وابن عيينة وأبو أسامة والواقدي وآخرون. وكان إخباريًا عارفًا ثبتًا بالمعازي والسيرة. قَالَ أَبُو دَاوُد: ثقة إلا أَنَّهُ إِباضِيّ. وقَالَ ابْن عيينة: كَانَ صَدُوقا. وروى عباس عَن ابْن معين: ثقة. قُلْتُ: ويروى أيضًا عَن المقبري والأعرج وعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر وعمرو بْن شعيب ومحمد بْن جَعْفَر بْن الزبير بْن الْعَوَّام ومحمد بْن عبّاد بْن جَعْفَر ومحمد بْن عمرو بْن حلحلة ومحمد بْن عمرو بْن عطاء ومعبد ومحمد ابني كعب بْن مالك. مات سنة إحدى وخمسين ومائة. 421- وهيب بْن الورد3 -م د ن ت- أبو أمية. ويقال: أبو عثمان المكي العابد القدوة مولى بني مخزوم واسمه عَبْد الوهاب. وَهُوَ أخو عَبْد الجبار بْن الورد. يروي عَن رَجُل عَن عائشة وعن حميد بْن قيس الأعرج وعمر بْن محمد بْن المنكدر. وعنه بشر بْن منصور السليمي وابن المبارك وعبد الرازق ومحمد بْن يزيد بْن خنيس وإدريس بْن محمد الأودي. وقال إدريس: مَا رَأَيْت أعبد مِنْهُ. وقال ابْن الْمُبَارَك: قِيلَ لوهيب أَيَجِدُ طَعْمَ العبادة من يعصي اللَّه؟ قَالَ: لا ولا من يهمّ بالمعصية. وقال مُحَمَّد بْن يزيد الحنفي: سَمِعْت سُفْيَان الثوري إذا حدّث فِي المسجد الحرام وفرغ قَالَ: قوموا إِلَى الطبيب، يعني وهيبًا.   1 ميزان الاعتدال "4/ 343". 2 التهذيب "11/ 148"، والعبر "1/ 217"، وخلاصة تذهيب الكمال "417". 3 تهذيب الأسماء "2/ 149"، والمعرفة والتاريخ "1/ 434"، وحلية الأولياء "8/ 140"، والعقد الثمين "7/ 417". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 429 وقال وُهَيْب: إذا استطعْتَ أن لا يسبقك إِلَى اللَّه أحدٌ فافعَلْ. قُلْتُ: هَذَا عَلَى سبيل المبالغة فِي الاجتهاد وإلا فقد سَبَقَ واللهِ السابقون الأوّلون، فضلا عَن الأنبياء المستحيل سبْقُهم. وقال مُحَمَّد بْن يزيد: حلف وُهَيْب أن لا يراه اللَّه ولا أحدٌ من خلقه ضاحكًا حَتَّى يأتيه الملائكة عند الموت فيخبرونه بمنزلته. وكانوا يرون لَهُ الرؤيا أَنَّهُ من أَهْل الجنة فإذا أُخبر بها اشتدّ بكاؤه وقال: قد خشيت أن يكون هَذَا الشيطان. وقال: عجبًا للعالم كَيف تجيبه دواعي قلبه إِلَى الضحاك وقد علم أن لَهُ في القيامة روعات ووقفات وفزعات، ثُمَّ غُشي عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو حاتم الرازي: كانت لوهيب أحاديث ومواعظ وزهد. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال وُهَيْب: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السلام: حدّ الفردوس وخوف جهنم يُورثان الصبرَ عَلَى المشقّة، ويبعدان العبد من راحة الدنيا. قَالَ ابن خنيس: توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. "حرف الياء": 422- يحيى بْن أيوب بْن أَبِي زرعة1 -د ت- بْن عمر بْن جرير بْن عَبْد الله البجلي الكوفي. أخو جرير بْن أيوب. روى عَن جده والشعبي. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو أسامة وأبو أحمد الزبيري والفريابي وعبد الله بْن رجاء الغداني. قَالَ ابْن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس، وقال مرة: ضعيف. 423- يحيى بْن دينار2، أَبُو شيبة البصري. عَن عكرمة والحسن. وعنه موسى بْن إسماعيل. 424- يحيى بْن زرارة بْن كريم بن الحارث بن عمرو السهمي3.   1 تهذيب التهذيب "11/ 186"، والتاريخ لابن معين "2/ 640". 2 الجرح والتعديل "9/ 142". 3 تقريب التهذيب "2/ 354"، والثقات "7/ 602". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 430 عَن أبيه عَن جده الحارث، وله صحبة. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو الوليد موسى بْن إسماعيل وعفان. 425- يحيى بْن أَبِي سُلَيْمَان1 -ت د ن-. عَن عطاء بْن أَبِي رباح وسعيد المقبري. وعنه سعيد بْن أَبِي أيوب وسعيد بْن الحجاج ونافع بْن يزيد وأبو سعيد مولى بني هاشم وأبو الوليد. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقوي. 426- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن سالم بْن عَبْد الله بْن عُمَر2 -م د ن- بن الخطاب العدوي العمري. عَن يزيد بْن الهاد وهشام بْن عروة. وعنه وهب بْن مكي ومكي بْن إِبْرَاهِيم والمقبري. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. 427- يحيى بْن عَبْد الرحمن أَبُو شيبة3. شامي مُقِلّ. عن عمر بن عبد العزيز وحبان بن أَبِي جبلة. وعنه هشيم والوليد بْن مسلم. 428- يحيى بْن عَبْد الرحمن أَبُو بسطام4، التميمي. عَن الضحاك والزبير بْن عدي. وعنه مروان بْن معاوية وابن نمير وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ليس بقوي. 429- يحيى بْن عَبْد العزيز الأردني5 –د- لا الأَزْدِيّ. الشامي, وقيل: دمشقي. عن عبادة بن نسي ويحيى بْن أَبِي كثير وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ.   1 التهذيب "11/ 228"، والميزان "4/ 383". 2 التاريخ الكبير "8/ 286"، والتقريب "2/ 359". 3 الجرح والتعديل "9/ 166". 4 ميزان الاعتدال "4/ 394". 5 التهذيب "11/ 251". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 431 روى عَنْهُ عمر بْن يونس اليمامي وَقَالَ كَانَ خيرا فاضلا ويحيى بْن حمزة والوليد بْن مسلم. وهُوَ والد تلميذ الشافعي أَبِي عَبْد الرحمن الأعمى المتكلم. وقيل: جده. قَالَ ابْن معين: مَا أعرفه. وقَالَ أَبُو حاتم: مَا بحديثه بأس. 430- يحيى بْن عمير المديني1 –ت- البزاز. عَن سعيد المقبري ونافع. وعنه معن بْن عيسى القعنسي وخالد بْن مخلد وإسماعيل بْن أبي أويس. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 431- يحيى بْن أَبِي العلاء موسى الباهلي البصري2. عَن نافع. وعنه يحيى القطان وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو الوليد. وُثِّق. 432- يزيد بْن أسيد السلمي3. متولّي أرمينية فِي دولة مروان بْن مُحَمَّد ثُمَّ فِي دولة المنصور. وكان أمير غزوة دادقشة من ناحية بحر الخزر. دَوَّخ فِي بلاد العدو، وكان شجاعًا مجاهدًا دَيِّنًا خَيِّرًا رحمه اللَّه. 433- يزيد بن سنان4 -ت ق- أبو فروة التميمي. مولاهم الجزري الرهاوي. ولد سنة تسع وسبعين. روى عَن ميمون بْن مهران والزهري وزيد بْن أَبِي أنيسة وسليم بن عامر. وعنه ابنه محمد وأبو خالد الأحمر ووكيع وأبو أسامة. ضعفه ابن معين. وَقَالَ البخاري: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ قَال: سَمِعْتُ بُكَيْرَ بْنَ فَيْرُوزَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ خَافَ أدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ دَخَلَ الْمَنْزِلَ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجنة" 5.   1 التاريخ الكبير "8/ 296"، والتقريب "2/ 362". 2 التاريخ الكبير "8/ 307"، والجرح والتعديل "9/ 187". 3 وفيات الأعيان "2/ 306، 6/ 322، 324". 4 التهذيب "11/ 335"، والميزان "4/ 427". 5 "صحيح": أخرجه الترمذي "2450"، والحاكم في مستدركه "4/ 308"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "8/ 277". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 432 حَدَّثَ أَبُو فَرْوَةَ بِالْكُوفَةِ. وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 434- يزيد بْن أَبِي صالح1، أَبُو حبيب. عَن أنس. وعنه عيسى بْن يونس ووكيع وأبو داود الطيالسي وثّقه الطيالسي وقال: كان شعبة يأتيه. 435- يزيد ين عَبْد الله الشيباني2 -ت ق- مولى الصهباء. كوفي. عَن شهر بْن حوشب وطاوس والحسن البصري. وعنه وكيع وأبو نعيم وقبيصة وأحمد بْن يونس. وثّقه ابْن معين. 436- يزيد بْن عياض بْن جعدية الليثي3 -ت ق- مدني نزل البصرة. عَن الأعرج ونافع وسعيد المقبري. وعنه شبابة وعبد الصمد بْن النعمان وعلي بْن الجعد. قَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال أَبُو داود: متروك. 437- يعقوب بْن عطاء بْن أَبِي رباح4 المكي -ن-. عَن أبيه وخاله عَبْد الله بْن كيسان وصفية بنت شيبة وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وعبد الرزاق وأبو عاصم وأبو سعد محمد بْن ميسر الصغاني وجماعة. ضعفه أَبُو زُرْعة وغيره. وقال أَبُو حاتم: ليس بالمتين. قَالَ ابنه يحيى: مات أبي سنة خمس وخمسين ومائة. 438- يوسف بن أبي إسحاق5 –ع- عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي. عَن أبيه وجده والشعبي ومحمد بْن المنكدر. وعنه ابنه إِبْرَاهِيم وابنا عمه إسرائيل بْن يونس وأخوه عيسى وسفيان بن عيينة. قَالَ ابْن عيينة: لم يكن فِي ولد أَبِي إِسْحَاق أحفظ مِنْهُ، ومنهم من ينسبه إلى جده   1 تقدمت ترجمته في الطبقة الماضية. 2 التهذيب "11/ 343"، والجرح والتعديل "9/ 275". 3 التهذيب "11/ 352"، والجرح "9/ 282". 4 ميزان الاعتدال "4/ 453"، والتهذيب "11/ 392". 5 التهذيب "11/ 408"، والجرح والتعديل "9/ 217". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 433 فَيَقُولُ: يوسف بْن أَبِي إِسْحَاق. مات سنة سبع وخمسين ومائة. 439- يوسف بْن صهيب الكندي الكوفي1 -د ت ن-. عَن الشعبي وعبد الله بْن بريدة وحبيب بْن يسار. وعنه يحيى القطان وعبيدة بْن حميد وعبيد الله بْن موسى وأبو نعيم ومحمد الفريابي وآخرون. وثّقه ابْن معين. 440- يوسف بْن عَبْد الله أَبُو شبيب بصري مقل2. سَمِعَ الحسن. وعنه أَبُو داود الطَّيالِسيّ وعبد الصّمد بْن عَبْد الوارث. قَالَ ابْن معين: لا شيء. 441- يوسف بْن ميمون المخزومي3 –ق- مولاهم الكوفي. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رباح وأبي الزبير. وعنه شعبة ووكيع وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى والنعمان بْن عَبْد السلام الأصبهاني. قَالَ البخاري وغيره: منكر الحديث جدا. 442- يوسف بْن يعقوب أَبُو عَبْد الله اليمني4، الأنباري. قاضي صنعاء ومفتيها عَن طاوس وعمر بن عبد العزيز. وعنه الثوري وهشام بْن يوسف وعبد الرزاق ومحمد بْن الحسن بْن آتش. قَالَ أَبُو حاتم: لا أعرفه. قُلْتُ: محله الصدق. 443- يونس بْن أَبِي إسحاق5 –م4- السبيعي الهمداني الكوفي. والد إسرائيل وعيسى. روى عَن أنس بْن مالك وناجية بن كعب ومجاعد والشعبي وأبي بردة وأبي بكر ابني أبي موسى الأشعري وأبيه عمرو بْن عَبْد الله وهلال بْن حبان وجماعة. وعنه ابنه عيسى وابن الْمُبَارَك ويحيى القطان وابن مهدي ووكيع ويحيى بْن آدم وقبيصة والفريابي وعلي بْن محمد المدائني، وخلق كثير.   1 الجرح والتعديل "9/ 224"، والتاريخ لابن معين "1603". 2 المغني في الضعفاء "7241". 3 تقريب التهذيب "2/ 393". 4 الجرح والتعديل "9/ 233". 5 التهذيب "11/ 433"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 142". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 434 كان من علماء الكوفة وهو بيت علم وحديث. قَالَ ابْن مهدي: لم يكن بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال بندار: قال سالم بن قتيبة: قدمت من الكوفة فَقَالَ لِي شُعْبَة: مَن لقيت؟ قُلْتُ: لقيت فلانًا وفلانًا، ولقيت يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق، قَالَ: مَا حدّثك؟ فأخبرته، فسكت ساعة، وقلت لَهُ: قَالَ: نا بَكْر بْن ماعز، قَالَ: فلم يقل لك: ثنا ابْن مَسْعُود؟ وقال يحيى القطَّان: كَانَتْ فِيهِ غفلة. وقال أَحْمَد: حديثه مضطرب. قَالُوا: توفي سنة تسع وخمسين. 444- يونس بْن الحارث الثقفي الطائفي1. نزل الكوفة وحدّث عَن أَبِي بردة والشعبي وإبراهيم بْن أَبِي ميمونة. وعنه أَبُو نعيم وأبو عاصم وبكر بْن بكار والفريابي وجماعة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وغيره. 445- يونس بْن عَبْد اللَّه الجرمي2. عَن دينار الحجار وعمارة بْن ربيعة ويونس بْن خباب. وعنه شعبة والثوري ومندل بْن علي وابن عيينة ويعلى بْن عُبَيْد وغيرهم. وثّقه أحمد وابن معين. ولم يخرِّج لَهُ أصحاب الكتب شيئًا. 446- يونس بْن نافع أَبُو غانم المروزي3، القاضي. قال ابن المبارك: أول من اختلف إليه أبو غانم. قلت: روى عن عمر بْن دينار وأبي الزبير وكثير بْن زيد. وعنه أبو تميلة يحيى بن واضح وابن المبارك ومعاذ بن أسد وعتبة بن عبد الله المروزيون. قال ابن حبان: توفي سنة تسع وخمسين ومائة. 447- يونس بن يزيد بن أبي النجاد الإيلي4 –ع- أبو يزيد. مولى معاوية بن أبي سفيان الأموي.   1 ميزان الاعتدال "4/ 479". 2 الجرح والتعديل "9/ 241". 3 تهذيب التهذيب "11/ 449"، والجرح والتعديل "9/ 247". 4 التاريخ الكبير "8/ 406"، والتهذيب "11/ 450". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 435 عَن عكرمة والقاسم وسالم ونافع والزهري وطائفة. وعنه جرير بْن حازم والليث وابن وهب وأبو صفوان عَبْد الله بْن سعيد الأموي وعثمان بْن عمر بْن فارس وابن أخيه عنبسة بْن خالد الإيلي وجماعة. قَالَ أَحْمَد بْن صالح: نَحْنُ لا نقدّم فِي الزُّهْرِيّ عَلَى يُونُس أحدًا، وكان الزُّهْرِيّ إذا نزل إيلة نزل عَلَى يُونُس بْن يزيد ثُمَّ يزامله إِلَى المدينة. وثّقه أحمد بْن حنبل وغيره. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يُونُس: مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. وقَالَ البخاري: مات سنة تسع وخمسين. "الكنى": 448- أَبُو أيوب المورياني1. وزير المنصور. اسمه سُلَيْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان الخوزي. تمكن من المنصور وغلب عَلَيْهِ وكان قَبْلُ يكتب لسليمان بْن حبيب بْن المهلب بْن أَبِي صُفرة. وكان المنصور ينوب عَن سُلَيْمَان هَذَا فِي بعض كور فارس. حكاه ابْن خلّكان، قَالَ: فصادره وضربه فلما استخلف المنصور قتل سليمان، وكان سليمان عند ضرب المنصور قد عزم على هتكه فخلصه منه أبو أيوب المورياني، فاعتدها له المنصور واستوزره، ثم إنه فسدت نيته فيه ونسب إلى أخذ الأموال، وهم به، فطال الأمر وتمادى. وكان كلما دخل عليه ظن أَنَّهُ سيوقع بِهِ، فَقِيلَ: إنه كَانَ معه شيء من الدُّهن قد عمل فِيهِ سحر فكان يدهن بِهِ حاجبيه كلما دخل، فسار فِي أفواه العامة: دهن أَبِي أيوب. ثُمَّ أَنَّهُ أوقع بِهِ وعذّبه وأخذ أمواله وكانت عظيمة. مات فِي سنة أربع وخمسين ومائة. 449- أَبُو بكر بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مريم الغساني2 -د ت ق- الحمصي المحدث العابد شيخ أهل حمص. روى عَن خالد بْن معدان وراشد بْن سعد وبلال بن أبي الدرداء ومكحول وأبي   1 وفيات الأعيان "2/ 410-414"، والفخري "157"، والجهشياري "97". 2 لسان الميزان "3/ 357"، والتهذيب "12/ 28". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 436 راشد الحبراني وجماعة. وعنه ابن المبارك وإسماعيل بن عياش وبقية وأبو اليمان وأبو المغيرة وآخرون. ضعفه أحمد وغيره لكثرة غلطه. واسمه كنيته. قال ابن حبان: هو رديء الحفظ وهو عندي ساقط الاحتجاج به إذا انفرد. وقال بقية: قَالَ لنا رَجُل فِي قرية أَبِي بَكْر، وهي قرية كثيرة الزيتون: مَا في هذه القرية من شجرة إلا وقد قام أَبُو بَكْر إليها ليلته جميعًا. وقيل: كَانَ فِي خدَّيْ أَبِي بكر أثر من الدموع. وقال أَبُو إِسْحَاق الجوزجاني: هُوَ متماسك. وقال ابْن عدي: أحاديثه صالحة ولا يُحتجّ بِهِ. وقال يزيد بْن هارون: كَانَ من العُبّاد المجتهدين. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبَّهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ست وخمسين ومائة. 450- أبو بكر الهذلي1 –ق- اسمه سلمى بْن عَبْد الله بْن سلمى الْبَصْرِيُّ. كَانَ فِي صَحَابَةِ الْمَنْصُورِ وَكَانَ إِخْبَارِيًّا علامة. روى عن الحسن ومحمد ومعاذة العدوية وعكرمة والشعبي وغيرهم. وعنه ابن المبارك وشبابة بن سوار ومسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل لقيه بمكة وجماعة. لم يرضه يحيى القطان. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أحمد: ضعيف. وقال البخاري: ليس بالحافظ عندهم. وأما غندر فقال: كذاب. يقال: مات سنة ست وستين، فيؤخر. 451- أبو البشر هشيم الحمصي المقرئ. قيل: اسمه عمران بن عثمان الزبيدي وقيل: الحضرمي. روى حروف القراءة عَن يزيد بْن قطيب السكوني وسمع من خالد بْن معدان. روى عَنْهُ شريح بْن يزيد الحمصي. قراءته شاذّة وإسناده مظلم. 452- أَبُو جَعْفَر الرازي2، من كبار العلماء بالرّيّ. اسمه عيسى بْن ماهان، يُقَالُ: ولد بالبصرة وَكَانَ متجره إِلَى الري.   1 تهذيب التهذيب "12/ 45"، والجرح والتعديل "4/ 313". 2 التاريخ الكبير "6/ 403"، وتاريخ بغداد "11/ 143"، والعبر "1/ 237". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 437 روى عَن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْن دينار وقتادة والربيع بْن أنس وجماعة. وعنه ابنه عَبْد الله والخريبي وأبو نعيم وعبيد الله بْن موسى وأبو أحمد الزبيري ويحيى بْن أَبِي بكير وخلف بْن الوليد وعليّ بْن الجعد وآخرون. قَالَ يحيى بْن مَعِين: ثقة. وقال أَبُو حاتم: ثقة صدوق. وقال أَحْمَد بْن حنبل والنسائي: ليس بالقويّ. وَقَالَ الْجُوزْجَانِيُّ: كَانَ يَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ عَنِ الْمَشَاهِيرِ، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ الأَبْرَشِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حَسَنٍ عَنِ الأَحْنَفِ عَنِ الْعَبَّاسِ مَرْفُوعًا: لَوْ دُلِّيتُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الأَرْضِ السَّابِعَةِ -الْحَدِيثَ. قَالَ ابْن المديني: أَبُو جَعْفَر عِيسَى بْن أَبِي عِيسَى الرازي ثقة، وكان يخلط، وقال مرة يُكتب حديثه إلا أَنَّهُ يخطئ. وقال أَبُو زرعة: يهمّ كثيرًا. وروى حنبل عَن أَحْمَد: صالح الحديث. وروى عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن المديني عَن أَبِيهِ قَالَ: هُوَ نحو مُوسَى بْن عبيدة. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَن علي قَالَ: كَانَ عندنا ثقة. وقال ابْن عمار: ثقة. وقال عمرو بن علي: فيه ضعف سيئ الحفظ. وقال الساجي: صدوق ليس بمتْقِن. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الدشتكي: سمعته يَقُولُ: لم أكتب عَن الزُّهْرِيّ لأنه كَانَ يخضب بالسواد، قَالَ عَبْد الرَّحْمَن: فابتُلِي أَبُو جَعْفَر حَتَّى لبس السواد وزامل المهدي. قُلْتُ: وبلغنا أَنَّهُ كَانَ مُزامِلا للمهدي إِلَى مكة. * أَبُو جناب الحطاب سيأتي. وقيل: إنه مات سنة ستين ومائة. 453- أبو حرة البصري1 -م ن- واصل بن عبد الرحمن. عَن الحسن وابن سيرين وبكر المزني. وعنه بشر بن منصور وبكر وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو داود وأبو عمر الحوضي وغيرهم. قَالَ أَبُو قطن: سَأَلت شُعْبَة عَنْه فقال: هُوَ أصدق الناس. وقال أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ: كَانَ أَبُو حرة يختم كل ليلتين. وقال النسائي: ليس به بأس، وروي أن رجلا سَأَلَ شُعْبَة عَن حديث فَقَالَ: تسألني   1 الجرح والتعدل "9/ 31"، والمعرفة والتاريخ "2/ 53". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 438 عَن الحديث وقد مات سيد الناس أَبُو حرة. قَالَ الفلاس: مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. 454- أَبُو حمزة الصيرفي1 -د ق- صاحب الحِلِّيّ. هُوَ سوار بْن دَاوُد المزني البصري. عن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شعيب وجماعة. وعنه إسماعيل بْن علية ومحمد بْن بكر البرساني ووكيع وقرة بْن حبيب ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. وثّقه يحيى بْن معين. وسمّاه وكيع: دَاوُد بْن سوار. وليّنه العقيلي وغيره. ولم يُترك. 445- أَبُو خزيمة العبدي2 –ق- بصري مُخْتَلَفٌ فِي اسمه. عَن طاوس والحسن وأنس بْن سيرين. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وحبان بْن هلال ومسلم بْن إِبْرَاهِيم والحوضي. وقال أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 456- أَبُو خلدة السعدي، خالد بْن دينار البصري الخياط. عَن أنس بْن مالك وأبي العالية الرياحي وابن سيرين. وعنه ابْن الْمُبَارَك وحرمي بْن عمارة وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو نعيم ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وغيرهم. وثّقه النسائي. 457- أبو الرحال الأنصاري البصري3 –ت- اسمه محمد بْن خالد, وقيل: خالد بْن محمد. عَن أنس وأبي رجاء العطاردي والحسن. وعنه يحيى القطان وأبو نعيم ومكي بْن إِبْرَاهِيم ويزيد بْن رومان والنضر بْن شميل. قَالَ أَبُو حاتم وأبو زرعة: منكر الحديث. 458- أَبُو الرحال الطائي الكُوفِيّ4، عقبة بْن عُبَيْد. عَن أنس بن مالك فيما قيل وعن بشير بْن يسار. وعنه يحيى القطان وعيسى بْن يونس وعقبة بْن خالد السكوني وحفص بْن غياث. يُقَالُ: لا بأس بِهِ، وقد ضعف.   1 الجرح والتعديل "4/ 272". 2 تقريب التهذيب "2/ 419"، والجرح والتعديل "4/ 414". 3 تقدمت ترجمته في الطبقة الماضية. 4 تقدمت ترجمته في الطبقة الماضية. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 439 459- أَبُو سفيان بْن العلاء الْمَازِنِيِّ1. أخو أَبِي عمرو بْن العلاء. روى عَن الحسن وابن أَبِي عتيق التيمي. وعنه شعبة وابن علية. قديم الموت. * أبو السماك العدوي المقرئ. صاحب النحو. هُوَ قعنب. مرّ ذكره. 460- أَبُو سنان الكوفي. نزيل الريّ. سَعِيد بْن سنان. 461- أَبُو طيبة2. هُوَ عيسى بْن سُلَيْمَان بْن دينار الدرامي، والد أحمد بْن أَبِي ظبية الجرجاني. كَانَ من زُهّاد العلماء مَعَ الأموال والثروة. روى عَن الأعمش وكرز بْن وبرة وجعفر بْن معبد. وعنه ابناه أحمد وعبد الواسع وسعد بن سعيد وغيرهم- مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. قال البخاري. وقال الحاكم: سَمِعَ من عطاء بْن أَبِي رباح وغيره، وحدّث عَنْهُ أيضًا ولده يوسف، ورد علينا بنيسابور فِي حبس يزيد بْن المهلّب. ضعّفه يحيى بْن معين. 462- أَبُو طلق3. هُوَ عديّ، ويقال: علي بْن حنظلة العابدي الْقُرَشِيّ. عَن إِبْرَاهِيم التيمي وشراحيل بْن القعقاع. وعنه الثوري وشرقي بْن قطامي وعيسى بن يونس وغيرهم. 463- أبو عقيل الدورقي4 -خ م- بشير بن عقبة. بصري ثقة. عَن مجاهد وأبي نضرة والحسن وأبي المتوكل الناجي. وعنه يحيى القطان وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو الوليد ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. وثّقه أحمد وابن معين. 464- أَبُو العلانية5. عَن عَبْد اللَّه بْن أَبِي أوفى، اسمه محمد بن أعين المرئي.   1 الجرح والتعديل "9/ 381-382". 2 التاريخ الكبير "6/ 402"، والجرح والتعديل "6/ 278". 3 الجرح والتعديل "6/ 181". 4 التهذيب "1/ 465-466". 5 الجرح والتعديل "7/ 206". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 440 بصري حسن الحال. حدّث عَنْهُ يحيى القطان وابن مهدي وطالوت بْن عباد وآخرون. 465- أَبُو عمرو بْن العلاء1 بْن عمار بْن العريان التميمي الْمَازِنِيِّ الْمُقْرِئ النحوي صاحب القراءة. وأمه من بني حنيفة، اسمه زبان, وقيل: العريان، وقيل: غير ذَلِكَ. قرأ القرآن عَلَى سَعِيد بن جبير ومجاهد، وقيل: إنه قرأ عَلَى أَبِي العالية الرياحي. وقرأ عَلَى جماعة سواهم. مولده سنة سبعين. وحدّث عَن أَنَس بْن مالك وأبي صالح السمّان وعطاء بْن أَبِي رباح ومجاهد وأبي رجاء العطاردي ونافع والزهري وطائفة سواهم. قرأ عَلَيْهِ يحيى بْن الْمُبَارَك اليزيدي والعباس بْن الفضل الأنصاري قاضي الموصل وحسين الجعفي ومعاذ بْن معاذ والأصمعي ويونس بْن حبيب النحوي وسلام الطويل ومحبوب بْن الحسن وعلي بْن نصر بْن علي وهارون بْن موسى وسهل بْن يوسف وعبد الوارث بن سعيد بْن أوس الأنصاري وشجاع البلخي وآخرون. وحدث عَنْهُ شعبة وشبابة ويعلى بْن عُبَيْد وأبو عبيدة والأصمعي وحماد بْن زيد وأبو أسامة وجماعة. وكان رأسًا فِي العلم فِي أيام البصري. قال أبو عبيدة: كان أبو عمر أعلم الناس بالقراءات والعربية والشعر وأيام العرب، وكانت دفاتره ملئ بيت إِلَى السقف، ثُمَّ تنسّك فأحرقها، وكان من أشرف العرب ووجوهها، مدحه الفرزدق وغيره. وقال ابْن معين: ثقة. وقال أَبُو حاتم الرازي: ليس بِهِ بأس. وقال أَبُو عُمَر الشيباني: مَا رأينا مثل أبي عمر بْن العلاء. وروى أَبُو العيناء عَن الأصمعي قال: قال لي أبو عمر: لو تهيّأ أن أُفْرِغ مَا فِي صدري من العلم في صدرك لفعلت، لقد حفظت فِي علم القراءات أشياء لو كُتِبَتْ ما قدر الأعمش على حفظها، لولا أَنَّهُ ليس لِي أن أقرأ إلا بما قُرِئ لقرأت بحرف كَذَا وكذا، وذكر حروفًا. وروى نصر بْن علي عَن أَبِيهِ عَن شُعْبَة قَالَ: أنظر مَا يقرأ بِهِ أَبُو عمرو مما يختاره فأكْتُبْه فإنه سيصير للناس إسنادًا. وقال إِبْرَاهِيم الحربي وغيره: كَانَ أَبُو عمر من أَهْل السُّنَّةِ. وقال أَبُو مُحَمَّد اليزيدي ومحمد بْن حَفْص: تكلم عمرو بْن عُبَيْد في   1 الفهرست "48"، مراتب النحويين "13"، والعبر "1/ 223". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 441 الوعيد سنة فَقَالَ أَبُو عمرو: إنك لألْكن الفهم إذا صَيَّرْتَ الوعيدَ الَّذِي فِي أعظم شيء مثله فِي أصغر شيء فأعلم أن النَّهْيَ عَن الصغير والكبير ليسا سواء، وإنما نهى اللَّه عَنْهُمَا لِيُتِمَّ حُجَّتَه عَلَى خلقه ولِئلا يعدل عَن أمره ووراء وعيده عفوه وكرمه، ثُمَّ أنشد: لا يُرْهِبُ ابنُ العمِ مَا عشتُ صولَتي ... ولا أخْتَتي من صَوْلَة المتهدّد وإنيّ وإِنْ أَوْعَدْتُه أو وعدتُه ... لَمُخْلِفٌ إِيعادِي ومُنْجز مَوْعِدِي فَقَالَ لَهُ عمرو بْن عُبَيْد: صدقت إن العرب تمتدح بالوعد دون الوعيد وقد تمتدح بهما، ألم تسمع إِلَى قول الشاعر: لا تخلف الوعد ولا ... تَبيتُ من ثارِهِ، عَلَى فَوْت فقد وافق هَذَا قوله تعالى {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: 44] قَالَ أَبُو عمرو: قد وافق الأولُ أخبارَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَدِيثُ يفسّر القرآن. قَالَ الأصمعي: قَالَ لِي أَبُو عمرو: كن عَلَى حذر من الكريم إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته ومن الأحمق إذا مازحته، ومن العاجز إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسأل، أو تسأل من لا يجيبك، أو تحدّث من لا ينصت لك. قَالَ الأصمعي: سَأَلت أبا عمر مَا اسمك؟ قَالَ: زبان. وعن الأصمعي بإسناد آخر قال: أبو عمر لا اسم لَهُ. وأَمَّا اليزيدي فعنه روايتان إحداهما: اسم أَبِي عمرو العريان والأخرى أن اسمه يحيى. وقال الأصمعي: سَمِعْت أَبَا عمرو يَقُولُ: كنت رأسًا والحسن حيّ. قَالَ أَبُو عمرو الداني: نا مُحَمَّد بْن أَحْمَد نا ابْن دريد نا أَبُو حاتم عَن أَبِي عبيدة قَالَ: قَالَ أَبُو عمرو بْن العلاء: أنا زدت هذا البيت في قصيدة الأعمش وأستغفرُ اللَّه مِنْهُ: وأَنْكَرَتْني وما كَانَ الَّذِي نَكَرَتْ ... من الحوادث إلا الشَّيْبَ والصَّلَعَا قَالَ الأصمعي: كنت إذا سمعت أبا عمرو ويتكلم ظننته لا يعرف شيئًا، كَانَ يتكلّم كلامًا سهلًا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 442 وقال اليزيدي: سمعت أبا عمر يَقُولُ: سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر قراءتي، فَقَالَ: الزم قراءتك هَذِهِ. وقال الأصمعي: كَانَ لأبي عمرو كل يوم يشتري بفلسين كوز ورَيْحان، فإذا أمسى تصدّق بالكوز، وقال للجارية: جفّفيه ودُقّيه فِي الأشنان. قَالَ أَبُو عُبَيْد: حدّثني عدة أن أَبَا عمرو قرأ عَلَى مجاهد، وزاد بعضهم وعلى سَعِيد بْن جُبَيْر. قَالَ خليفة بْن خياط: مات أَبُو عمرو وأبو سُفْيَان ابنا العلاء سنة سبع وخمسين ومائة. قَالَ الأصمعي: عاش أَبُو عمرو ستًا وثمانين سنة. وقال غير واحد: مات أبو عمر سنة أربع وخمسين ومائة. قلت: وكان أَبُو عمرو قليل الرواية للحديث، وهو حُجّة فِي القراءة صدوق، وَفِي العربية، وقد استوفيت أخباره فِي طبقات القراء. * أَبُو العميس فِي الطبقة الماضية. * أَبُو الغصن هُوَ دجين بْن ثابت -مَرّ-. * أَبُو الغصن الغفاري هُوَ ثابت بْن قَيْس. سيأتي. 446- أَبُو كعب صاحب الحرير1 –ت- ثقة بصري اسمه عَبْد ربه بْن عُبَيْد. عَن شهر بْن حوشب والحسن ومحمد بْن سيرين. وعنه يحيى القطان وأبو داود الطيالسي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو عاصم. وثّقه جماعة. 467- أبو مالك النخعي2 –ق- قيل: اسمه عَبْد الملك وقيل: عبادة بْن حسين. عن سلمة بن كهيل وعلي بن الأقمر وعاصم بْن كليب وجماعة. وعنه يزيد بْن هارون ويحيى بْن أَبِي بكير وآدم بْن أَبِي إياس وعلي بْن الجعد وأبو النضر ووكيع. ضعّفه أَبُو زرعة وأبو داود. قَالَ البخاري: ليس بالقوي عندهم.   1 الجرح والتعديل "6/ 41"، والتاريخ لابن معين "4385". 2 تقريب التهذيب "2/ 453"، وتاريخ الدوري "2/ 721". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 443 468- أبو المنيب العتكي المروزي السنحي1 -د ن ق- عبيد الله بن عبد الله. رأى أنس بْن مالك وسمع سعيد بْن جبير وعكرمة وطائفة. وعنه الفضل بْن موسى الشيباني وزيد بْن الحباب وعبدان بْن عثمان وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق. وثّقه ابْن معين. 469- أبو المليح الفارسي الخراط2 -ن ق- مدني صدوق. يقال: اسمه صبيح ويقال: حميد. لَهُ عَن أَبِي صالح الخوزي. وعنه حاتم بن إسماعيل ووكيع وأبو عاصم وعبد الله بن نافع الصائغ وجماعة. وثقه ابن معين. له عن الخوزي عَن أَبِي هُرَيْرَةَ "مَن لا يسأل اللَّهَ يغضب عليه" 3. 470- أبو نعامة العدوي 4 -م ق- عمرو بن عيسى بن سويد. بصري صدوق. عَن حفصة بنت سيرين وخالد بْن عمير وجماعة. وعنه روح بْن عبادة وأبو عاصم والنضر بْن شميل وصفوان بْن عيسى. وثّقه ابْن معين وغيره. وقال أَحْمَد: ثقة، إلا أَنَّهُ اختلط قبل موته. 471- أَبُو اليسع الكوفي5. عَن علقمة بْن مرثد وقيس بْن مسلم وعمرو بْن مرة. روى عَنْهُ عثمان بْن مقسم البري ويحيى بْن عيسى الرملي وأبو أسامة وغيرهم. وكان ضريرًا. لا يعرف اسمه. آخر الطبقة السادسة عشرة ولله الحمد.   1 الجرح والتعديل "5/ 322". 2 تهذيب التهذيب "12/ 246"، والمعرفة والتاريخ "2/ 271". 3 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "3373"، وابن ماجه "3827". 4 الجرح والتعديل "6/ 251"، والمعرفة والتاريخ "1/ 321". 5 التاريخ الكبير "9/ 82"، والجرح والتعديل "9/ 458". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 444 الفهرس العام للكتاب : رقم الصفحة الموضوع 3 سنة إحدى وأربعين ومائة. 6 سنة اثنتين وأربعين ومائة. 7 سنة ثلاث وأربعين ومائة. 8 سنة أربع وأربعين ومائة. 13 سنة خمس وأربعين ومائة. 22 بناء بغداد. 24 خروج إبراهيم بن عبد الله بن حسن. 31 سنة ست وأربعين ومائة. 32 سنة سبع وأربعين ومائة. 34 سنة ثمان وأربعين ومائة. 35 سنة تسع وأربعين ومائة. 35 سنة خمسين ومائة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 445 "تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ" "حَرْفُ الألف" 36 1- أبان بن تغلب. 37 2- أبان بن أبي عياش البصري. 38 3- إبراهيم بن حدان العذري الدمشقي. 38 4- إبراهيم بن سليمان الأفطس الدمشقي. 38 5- إبراهيم بن شعيب المدني. 38 6- إبراهيم بن عقبة المدني. 38 7- إبراهيم بن العلاء الغنوي أبو هارون. 39 8- ابْنُ هَرْمَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ. 40 9- إبراهيم بن محمد بن المنتشر. 40 10- إبراهيم بن مسلم الهجري. 40 11- إبراهيم بن ميمون. 40 12- إبراهيم بن يزيد القرقسي. 41 13- أبين بن سفيان. 41 14- أبان بن سفيان. 41 15- أجلح بن عبد الله بن حجية. 41 16- أحمد بن خازم المعافري. 42 17- أخضر بن عجلان الشيباني. 42 18- إدريس بن سنان الصنعاني. 42 19- أدهم بن طريف السدوسي. 42 20- إسحاق بن أسيد الأنصاري. 42 21- إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ. 43 22- إسرائيل بن موسى. 43 23- أسلم المنقري. 43 24- أسماء بن عبيد. 44 25- إسماعيل بن أمية. 44 +- إسماعيل بن حماد. 44 26- إسماعيل بن أبي خالد. 45 27- إسماعيل بن رافع. 45 28- إسماعيل بن زربي. 45 29- إسماعيل بن سليمان بن أبي المغيرة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 446 46 30- إسماعيل بن سميع. 46 31- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس. 46 32- إسماعيل بن نشيط. 46 33- أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي. 46 34- أشعث بن عبد الله بن جابر. 47 35- أشعث بن عبد الملك. 47 36- أمي الصيرفي. 48 37- أنس بن أنيس العذري. 48 38- أنيس بن أبي يحيى الأسلمي. 48 39- أيوب بن عائذ الكوفي. "حرف الباء" 48 40- بحير بن سعد الخبايري. 49 41- البختري بن أبي البختري. 49 42- بدر بن الخليل. 49 43- بدر بن عثمان الكوفي. 49 44- بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ. 50 45- بشر بن العلاء. 50 46- بشر بن نمير القشيري. 50 47- بشير بن المهاجر الغنوي. 50 48- بكر بن عمرو المعافري. 50 49- بكير بن عامر البجلي. 51 50- بهز بن حكيم. "حرف التاء" 52 51- تمام بن نجيح الأسدي. 52 52- تميم بن عطية العنسي. "حرف الثاء" 52 53- ثابت بن سرج الدمشقي. 52 54- ثابت بن أبي صفية. 53 55- ثابت بن عمارة الحنفي. 53 56- ثابت بن يزيد. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 447 "حرف الجيم" 53 57- جابر بن صبح. 54 58- جارية بن أبي عمران. 54 59- جبريل بن أحمر البصري. 54 60- الجراح بن الضحاك. 54 61- الجعد بن عبد الرحمن. 54 62- جعفر بن خالد بن سارة. 55 63- جعفر الصادق. 59 64- جعفر بن محمد بن عباد. 59 65- جعفر بن ميمون التميمي. 59 66- جويبر بن سعيد. "حرف الحاء" 60 67- حاتم بن أبي صغيرة. 60 68- الحارث بن حصيرة. 60 69- الحارث بن عبد الرحمن. 60 70- الحارث بن عمير. 60 71- الحارث بن النعمان. 61 72- حارثة بن أبي الرجال. 61 73- حبيب بن أبي الأشرس. 61 74- حبيب بن جري. 62 75- حبيب بن الشهيد. 62 76- حبيب بن صالح الطائي. 62 77- حبيب بن أبي العالية. 63 78- حبيب بن أبي عمرة القصاب. 63 79- حبيب المعلم. 63 80- حجاج بن أرطأة. 66 81- حجاج بن حجاج الباهلي. 66 82- حجاج بن عبد الله بن حمزة. 67 83- حجاج بن أبي عثمان الطواف. 67 84- حرام بن عثمان بن عمرو. 67 85- حرملة بن قيس. 68 86- حريث بن أبي مطر. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 448 68 87- الحسن بن ثوبان. 68 88- الحسن بن الحسن بن الحسن. 68 89- الحسن بن الحكم النخعي. 68 90- الحسن بن ذكوان. 69 91- الحسن بن عطية بن سعد. 69 92- الحسن بن عمرو التميمي الكوفي. 69 +- الحسن بن عمرو التميمي الكوفي. 69 93- الحسن بن عقبة. 70 94- الحسن بن يزيد. 70 95- الحسين بن ذكوان. 70 96- الحسين بن عبد الله العباسي. 71 97- الحسين بن علي بن الحسين. 71 98- الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم. 71 99- حكيم بن رزيق الفزاري. 71 100- حلام بن صالح العبسي. 72 101- حماد بن جعفر بن زيد. 72 102- حماد بن أبي الدرداء الأنصاري. 72 103- حماد الراوية. 72 104- حمزة بن أبي حمزة. 72 105- حميد بن تيرويه. 74 106- حميد بن زياد. 75 107- حميد بن هانئ. 75 108- حميد الأعرج. 75 109- حنبل بن عبد الله. 76 110- حنظلة بن صفوان. 76 111- حنظلة السدوسي. 76 112- حيي بن عبد الله المعافري. "حرف الخاء" 76 113- خالد بن دينار. 76 114- خالد بن رباح. 77 115- خالد بن عبيد. 77 116- خالد بن أبي عمران. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 449 77 117- خالد بن أبي كريمة. 77 118- خالد بن مهران. 79 119- خالد بن أبي يزيد. 79 120- خثيم بن عراك. 79 121- الخصيب بن جحدر. 79 122- خلف بن حوشب. "حرف الدَّالِ" 79 123- دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيُّ. 80 124- داود بن أبي عوف. 80 125- داود بن عيسى النخعي. 80 126- داود بن يزيد الأودي. 81 127- داود أبو اليمان. 81 128- دينار أبو عمر. "حرف الراء" 81 129- راشد بن داود الصنعاني. 81 130- راشد بن كيسان. 81 131- راشد أبو سلمة الفزاري. 82 132- راشد بن نجيج. 82 133- الربيع بن حيظان "أو حظيان" 82 134- الربيع بن سعد الجعفي. 82 135- رزام بن سعيد الضبي. 82 136- رشدين بن كريب. 83 137- رزين بن حبيب الجهني. 83 138- رؤبة بن الحجاج. 83 139- روح بن جناح الدمشقي. 84 140- رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ. "حرف الزَّايِ" 85 141- الزِّبْرِقَانُ بْنُ عبد الله أبو بكر الأسدي. 85 142- الزبرقان بن عبد الله أبو ورقاء. 85 143- زجلة الدمشقية. 85 144- زرعة بن إبراهيم. 85 145- زكريا بن أبي زائدة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 450 86 146- زكريا بن سلام. 86 147- زكريا بن يحيى الحميري. 87 148- زنفل العرفي المكي. 87 149- زياد بن أبي حسان النبطي. 87 150- زياد بن أبي زياد الجصاص. 87 151- زياد بن خيثمة. 87 152- زياد بن سعد. 88 153- زياد بن عبد الله بن يزيد. 88 154- زياد بن عبيد الله الحارثي. 88 155- زياد بن المنذر. 89 156- زيد بن جبيرة. 89 157- زيد بن رباح. 89 158- زيد بن عبد الرحمن بن زيد. 89 159- زيد أبو أسامة الحجام. "حرف السين" 89 160- سابق البربري. 90 161- سالم بن عبد الله الخياط. 90 162- سالم بن عبد الله أبي المهاجر الرقي. 90 163- سالم أبو غياث العتكي. 90 164- سالم بن عبد الواحد المرادي. 90 165- سالم بن غيلان التجيبي المصري. 91 166- السري بن إسماعيل الهمداني الكوفي. 91 167- سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. 91 168- سعد بن أوس العبدي البصري. 91 169- سعد بن أوس أبو الحسن العبسي. 92 170- سعد بن سعيد. 92 171- سعد بن طارق بن أشيم. 92 172- سعد بن طريف الحنظلي الكوفي الحذاء. 92 173- سعيد بن إياس. 93 174- سعيد بن حسان المخزومي. 93 175- سعيد بن صالح الأسدي الكوفي الأشج. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 451 93 176- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رقيش. 94 177- سعيد بن عبيد الطائي الكوفي. 94 178- سعيد بن كثير بن عبيد. 94 179- سفيان بن دينار الكوفي التمار. 94 180- سفيان بن زياد الكوفي. 95 181- سفيان بن زياد. 95 182- سفيان بن زياد المروزي. 95 83- سفيان بن زياد البصري. 95 184- سفيان بن زياد الرؤاسي. 95 185- سفيان بن زياد المخرمي. 95 186- سفيان بن زياد. 95 187- سفيان بن زياد. 95 188- السكن بن أبي كريمة بن زيد. 96 189- السكن بن أبي كريمة الواسطي. 96 190- سلم ابن الأمير قتيبة بن مسلم الباهلي. 96 191- سلمة بن نبيط بن شريك. 96 192- سليمان بن سحيم. 97 193- سليمان بن زيد. 97 194- سليمان بن سليم أبو سلمة الطلبي. 97 195- سليمان بن طرخان التيمي. 99 196- سليمان بن عبيد السلمي. 100 197- سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس. 100 198- سليمان بن علي أبو عكاشة الربعي. 100 199- سليمان بن فيروز. 101 200- سليمان بن القاسم الثقفي. 101 201- سليمان بن مهران. 105 202- سليمان بن يسير. 106 203- سليمان الناجي البصري. 106 204- سهيل بن حسان أبو السمحاء. 106 205- سهيل بن ذكوان. 107 206- سويد بن نجيح أبو قطبة. 107 207- سيف بن سليمان المخزومي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 452 107 208- سيف بن وهب. "حرف الشين" 107 209- شبل بن عباد المكي. 108 210- شبيب بن بشر البجلي. 108 211- شبيل بن عزرة. 108 212- شداد بن عبيد الله الخولاني. 108 213- شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ المدني. 109 214- شقيق بن أبي عبد الله. 109 215- شميط بن عجلان البصري العابد. 110 216- شيبة بن نعامة. "حرف الصَّادِ" 110 217- صَاعِدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو الْعَلاءِ اليشكري. 110 218- صالح بن حيان القرشي الكوفي. 110 219- صالح بن درهم أبو الأزهر الباهلي. 111 220- صالح بن صالح بن حي. 111 221- صالح بن كيسان المدني. 112 222- صالح بن محمد بن زائدة. 112 223- صباح بن ثابت البجلي. 113 224- صبيح بن قاسم أبو الجهم. 113 225- صدقة بن سعيد الحنفي. 113 226- صدقة بن عبد الله بن كثير. 113 227- صداقة بن أبي عمران الكوفي. 113 228- صدقة بن المثنى. 114 229- الصلت بن بهرام. 114 230- الصلت بن دينار. "حرف الضَّادِ" 114 231- ضُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مالك. 114 232- الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب. 115 233- ضرار بن مرة أبو سنان الشيباني. "حرف الطَّاءِ" 115 234- طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيُّ. 115 235- طريف بن شهاب. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 453 116 236- طلحة بن الأعلم. 116 237- طلحة بن عبد الملك الأيلي. 116 238- طلحة بن يحيى بن طلحة. "حرف الْعَيْنِ" 117 239- عَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. 117 240- عاصم بن سليمان الأحول. 118 +- عامر الأحول. 118 241- عامر بن عبيد الباهلي. 118 242- عباد بن الريان. 118 243- عبد الأعلى بن الحجاج السفلي. 118 244- عبد الأعلى بن السمح أبو الخطاب. 118 245- عبد الأعلى بن ميمون بن مهران. 119 246- عبد الله بن حسن ابن السيد الحسن. 119 247- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ. 120 248- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ كيسان. 120 249- عبد الله بن شبرمة. 121 250- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ. 121 251- عبد الله بن أبي عثمان القرشي. 122 252- عبد الله بن علي الإفريقي. 122 253- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَبَّاس. 122 254- عبد الله بن محمد بن عقيل. 123 255- عبد الله بن المستورد. 123 256- عبد الله بن مسلم بن هرمز. 123 257- عبد الله بن المقفع. 125 258- عبد الله بن ميسرة. 125 259- عبد الله بن يزيد بن فنطس. 125 260- عبد الله بن يزيد بن آدم. 126 261- عبد الله بن يونس. 126 262- عبد الجليل بن حميد. 126 263- عبد الجليل بن عطية. 126 264- عبد الحميد بن واصل. 126 265- عبد الرحمن بن إسحاق القرشي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 454 127 266- عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله. 127 267- عبد الرحمن بن حرملة. 127 268- عبد الرحمن بن سالم الجيشاني. 128 +- عبد الرمن بن عبيد بن نسطاس. 128 269- عبد الرحمن بن عطية المدني. 128 270- عبد الرحمن بن قيس العتكي. 128 271- عبد الرحمن أبو أمية السندي. 128 272- عبد الرحمن بن مرزوق الدمشقي. 128 273- عبد الرحيم بن ميمون. 129 274- عبد السلام بن أبي الجنوب. 129 275- عَبْد العزيز بْن عَبْد الله بْن عبد الله. 129 276- عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز. 129 277- عبد العزيز بن قرير العبدي. 130 278- عبد المجيد بن وهب. 130 279- عبد الملك بن أبي بشير البصري. 130 280- عبد الملك بن سعيد بن حيان. 131 281- عبد الملك بن أبي سليمان. 131 282- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ. 133 283- عبد الملك بن نوفل بن مساحق. 133 284- عبد الواحد بن أيمن المكي. 133 285- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. 133 286- عبد الواحد بن أبي عون. 134 287- عبيد الله بن الأخنس. 134 288- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عاصم. 134 289- عبيد الله بن أبي زياد المكي. 135 290- عبيد الله بن العيزار المازني. 135 291- عبيد الله بن الوليد الوصافي. 135 292- عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ. 135 293- عبيد بن أبي أمية الطنافسي. 136 294- عبيدة بن معتب الضبي. 136 295- عتبة بن أبي حكيم الهمداني. 136 296- عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 455 136 297- عثمان بن الأسود الجمحي. 137 298- عثمان بن عمر بن موسى. 137 299- عثمان بن عمير. 137 300- عدي بن حنظلة. 138 301- عريف بن درهم أبو هريرة. 138 302- عزرة بن قيس. 138 303- عسل بن سفيان. 138 304- عصام بن بشير الكعبي. 138 305- عطية بن الحارث أبو روق. 139 306- عقبة بن أبي صالح الكوفي. 139 307- عقيل بن خالد بن عقيل الإيلي. 139 308- عقيل بن معقل بن منبه. 140 309- العلاء بن عبد الكريم. 140 310- العلاء بن كثير القرشي. 141 311- العلاء بن كثير الدمشقي. 141 312- العلاء بن المسيب بن رافع. 141 313- عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ. 141 314- عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ سَالِمُ بْنُ مُخَارِقٍ. 142 315- علي بن عبد الأعلى بن عامر. 142 316- علي بن عروة القرشي. 142 317- عمار بن سعد المرادي. 142 318- عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. 143 319- عمر بن سويد بن غيلان. 143 320- عمر بن سويد العجلي الكوفي. 143 321- عمر بن عبد الله المدني. 143 322- عمر بن محمد بن زيد. 144 323- عمر بن نافع مولى ابن عمر. 144 324- عمر بن نافع الثقفي. 144 325- عمر بن نبيه الكعبي. 145 326- عمر بن نبهان الغبري. 145 327- عمر بن الوليد الشتي. 145 328- عمر بن يزيد النصري. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 456 145 329- عمران بن حدير. 146 330- عمران بن مسلم الفزاري. 146 +- عمران بن مسلم القصير. 146 331- عمران بن موسى بن عمرو. 146 332- عمرو بن الحارث بن يعقوب. 148 333- عمرو بن أبي سفيان الجمحي. 148 334- عمرو بن سعيد أبو بكر الأوزاعي. 148 335- عمرو بن شراحيل. 148 336- عمرو بن عبد الله بن وهب. 149 337- عمرو بن عبيد المعتزلي. 153 338- عمرو بن قيس الكوفي الملائي. 153 339- عمرو بن مروان أبو العنبس. 154 340- عمرو بن ميمون بن مهران. 154 341- عنبسة بن عمار. 154 342- عنبسة بن مهران الحداد. 155 343- العوام بن حمزة المازني. 155 344- العوام بن حوشب. 155 345- عوف الأعرابي. 156 346- عيسى بن سنان. 156 347- عيسى بن أبي عطاء الكاتب. 157 348- عيسى بن عمرو البصري. "حرف الغين" 157 349- غالب القطان. "حرف الفاء" 157 350- فايد بن كيسان. 157 351- الفضل بن دلهم القصاب. 158 352- الفضل بن عيسى بن أبان. 158 353- الفضل بن مبشر. 158 354- الفضل بن يزيد الثمالي الكوفي. 158 355- فضيل بن غزوان. 159 356- الفضيل بن ميسرة الأزدي. 159 357- فياض بن غزوان الضبي الكوفي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 457 "حرف القاف" 159 358- قابوس بن أبي ظبيان. 159 359- القاسم بن عبد الواحد بن أيمن. 160 360- القاسم بن الوليد الهمداني الخبذعي. 160 361- قدامة بن عبد الله. 160 362- قدامة بن حماطة. 160 363- قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو رَوْحٍ الْعَامِرِيُّ. 161 364- قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل. 161 365- قطن بن كعب القطعي البصري. 161 366- قنان بن عبد الله النهمي. "حرف الكاف" 162 367- كثير بن يسار الطفاري. 162 368- كهمس بن الحسن. "حرف اللام" 162 369- لبطة بن الفرزدق. 163 370- ليث بن أبي سليم الكوفي. "حرف الْمِيمِ" 163 371- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ. 164 372- محمد بن الأشعث بن يحيى الخزاعي. 164 373- محمد بن أبي الجعد. 164 374- محمد بن الجعد. 164 375- محمد بن أبي حفصة. 165 376- محمد بن خالد الضبي الكوفي. 165 377- محمد بن ذكوان الطاحي. 166 378- محمد بن الزبير التميمي. 166 379- محمد بن سالم أبو سهل الكوفي. 167 380- محمد بن السائب الكلبي. 168 381- محمد بن سعيد بن حسان المصلوب. 169 382- محمد بن سوقة. 170 383- محمد بن شيبة بن نعامة. 170 384- محمد بن طحلاء. 170 385- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بْنِ الحَسَن. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 458 171 386- محمد بن عبد الله بن عمرو. 173 387- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ. 173 388- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. 175 389- محمد بن عبد الرحمن التيمي. 175 390- محمد بن عبد العزيز الراسبي البصري. 175 391- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ. 176 392- محمد بن عثمان بن عبد الرحمن. 176 393- محمد بن عجلان. 178 394- محمد بن علي بن ربيعة. 179 395- محمد بن عمرو بن علقمة. 179 396- محمد بن عون الخراساني. 180 397- محمد بن أبي القاسم الكوفي الطويل. 180 398- محمد بن قيس الأسدي. 180 +- محمد بن النضر الحارثي. 180 399- محمد بن الوليد الزبيدي. 181 400- محمد بن أبي يحيى الأسلمي. 181 401- مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الثَّقَفِيُّ. 182 402- مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ. 182 403- المثنى بن الصباح اليماني. 182 404- مجالد بن سعيد. 183 405- مجمع بن يحيى. 183 406- محرز بن عبد الله. 183 407- مخول بن راشد. 183 408- مروان بن جناح الأموي. 183 409- مسافر التميمي الجصاص. 183 410- مسافر الوراق. 184 411- مسلم بن سعيد الثقفي. 184 412- مسحاج بن موسى الضبي. 184 413- مسعر بن حبيب. 184 414- مسلم بن صاعد النحات. 184 415- مشمعل بن إياس. 185 416- مصعب بن ثابت. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 459 185 417- مصعب بن سليم. 185 418- مطرف بن طريف. 185 419- المطعم بن المقدام بن غنيم. 185 420- مطيع أبو الحسن الغزال. 186 421- مظاهر بن أسلم المخزومي. 186 422- معاوية بن مسلمة النصري. 186 423- معاوية بن عمرو بن غلاب. 186 424- معاوية بن أبي مزرد. 186 425- معلى بن جابر بن مسلم. 186 426- معلى بن زياد القردوسي. 187 427- معمر بن يحيى بن بسام. 187 428- مقاتل بن حيان. 188 +- مقاتل بن سليمان المفسر. 188 429- منصور بن دينار التميمي. 188 430- منصور بن النعمان. 188 431- موسى بن دينار. 188 432- موسى بن عبد الله بن إسحاق. 188 433- موسى بن عبد الله الجهني. 189 434- موسى بن عقبة. 190 435- موسى بن عمير التميمي. 190 436- وموسى بن عمير القرشي الجعدي. 190 437- موسى بن أبي عيسى الحناط. 191 438- موسى بن كعب التميمي المروزي. 191 439- موسى بن مسلم الطحان. 191 440- موسى بن المسيب الكوفي. 191 441- مهند بن علي العتكي. 191 442- ميمون بن عبد الله. "حرف النون" 192 443- نصر بن أوس الطائي. 192 444- نصر بن جامع الخراساني. 192 445- النضر بن عبد الرحمن. 192 446- النعمان بن ثابت. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 460 198 447- النعمان ابن المنذر الدمشقي. 199 448- نعيم بن حكيم المدائني. 199 449- نفاعة بن مسلم. 199 450- نوفل بن الفرات. 199 451- نوفل بن مسعود السهمي. "حرف الهاء" 200 452- هارون بن سعد العجلي. 200 453- هارون بن عنترة الشيباني. 200 454- هاشم بن البريد. 201 455- هاشم بن هاشم بن هاشم. 201 456- هانئ بن المنذر الكلاعي. 201 457- هشام بن حسان. 202 458- هشام بن عائذ. 202 459- هشام بن عروة. 204 460- هلال بن خباب. 205 461- هلال بن ميمون الرملي. "حرف الواو" 205 462- الوازع بن نافع العقيلي. 205 463- واصل بن السائب. 206 464- وائل بن داود التميمي. 206 465- وبر بن أبي دليلة. 206 466- الوضين بن عطاء. 206 467- وقاء بن إياس. 206 468- الوليد بن ثعلبة. 207 469- الوليد بن عمرو. "حرف الياء" 207 470- يحيى بن أبي أنيسة. 207 471- يحيى بن الحارث الذماري. 208 472- يحيى بن حسان البكري. 208 473- يحيى بن سعيد بن حيان. 209 474- يحيى بن سعيد بن قيس. 210 475- يحيى بن صبيح النيسابوري. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 461 211 476- يحيى بن عبيد الله. 211 477- يحيى بن أبي عمرو. 212 478- يحيى بن مسلم. 212 479- يحيى بن ميسرة. 212 480- يحيى بن أبي الهيثم. 212 481- يحيى بن يزيد. 212 482- يحيى بن يعقوب. 213 483- يزيد بن حازم. 213 484- يزيد بن زياد بن أبي الجعد. 213 485- يزيد بن أبي صالح. 213 486- يزيد بن طهمان. 213 487- يزيد بن عبيدة. 213 488- يزيد بن أبي عبيد المدني. 214 489- يزيد بن كيسان اليشكري. 214 490- يزيد بن مردانبة. 214 491- يزيد بن أبي مريم الدمشقي. 214 492- يعقوب بن زيد بن طلحة. 215 493- يعقوب بن القعقاع. 215 494- يعقوب بن قيس. 215 495- يعقوب بن مجاهد. 215 496- يوسف بن إبراهيم. 215 497- يوسف بن المهاجر. 215 498- يوسف بن ميمون. 216 449- يونس بن أبي الفرات الإسكاف. 216 +- أبو الأشهب النخعي "جعفر" 216 500- أبو بكر بن عثمان بن سهل. 216 +- أبو بكر المدني. 216 501- أبو البلاد. 216 +- أبو الجحاف "داود" 216 502- أبو جعفر الخطمي المدني. 217 503- أبو جناب الكلبي. 217 504- أبو خالد الدالاني. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 462 217 505- أبو الرحال الأنصاري. 217 506- أبو الرحال الطائي. 218 507- أبو سعد البقال. 218 508- أبو سعيد بن عوذ البراد. 218 +- أبو سنان الحنفي. 218 +- أبو سنان الشيباني. 218 +- أبو سنان الشيباني نزيل الري. 218 509- أبو السندي. 219 +- أبو شعيب المجنون. 219 510- أبو شهاب الحناط. 219 +- أبو الصباح النخعي. 219 511- أبو عاتكة. 219 +- أبو عبد الرحيم. 219 +- أبو عمر الخزاز. 219 512- أبو العميس. 219 +- أبو العنبس. 220 513- أبو العنبس. 220 +- أبو العنبس. 220 +- أبو مالك الأشجعي. 220 514- أبو مسكين. 220 515- أبو مصلح الخراساني. 220 +- أبو الورقاء. 220 516- أبو يعفور الكوفي. 220 +- أبو اليقظان. 221 +- أبو يونس القوي. 221 517- ابن ميادة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 463 "الطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ عَشْرَةَ" 223 سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 223 سنة اثنتين وخمسين ومائة. 224 سنة ثلاث وخمسين ومائة. 225 سنة أربع وخمسين ومائة. 226 سنة خمس وخمسين ومائة. 227 سنة ست وخمسين ومائة. 227 سنة سبع وخمسين ومائة. 228 سنة ثمان وخمسين ومائة. 230 سنة تسع وخمسين ومائة. 231 سنة ستين ومائة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 464 "تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ" "حَرْفُ الألف" 232 1- أبان بن صمعة الأنصاري البصري. 234 2- أبان بن عبد الله بن أبي حازم البجلي. 234 3- إبراهيم بن سالم القرشي التيمي. 234 4- إبراهيم بن أبي عبلة. 236 5- متابعة: أسامة بن زيد. 237 6- إسحاق بن راشد. 237 7- الأسود بن شيبان. 237 8- أشعب الطمع. 241 9- أصبغ بن زيد الجهني. 241 10- أفلح بن حميد. 241 11- أفلح بن سعيد الأنصاري. 242 12- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. 242 13- أيوب بن عتبة. "حرف الباء" 242 14- بحر بن كثير. 243 15- بكير بن مسمار المدني. "حرف الثاء" 243 16- ثور بن يزيد. "حرف الجيم" 244 17- جحا، أبو الغصن. 246 18- جعفر بن برقان. "حرف الحاء" 246 19- حجاج بن حسان القيسي. 247 20- حرملة بن عمران بن قراد التجيبي. 247 +- الحسن بن أبي جعفر الجعفري. 247 21- الحسن بن عمارة. 248 22- حسين بن واقد. 249 23- الحكم بن أبان العدني. 249 24- حماد الراوية. 250 25- حماد عجرد. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 465 251 26- حمزة الزيات. 253 27- حميد بن قحطبة. 253 28- حنظلة بن أبي سفيان. 254 29- حيوة بن شريح. "حرف الخاء" 256 30- خالد بن دينار. 256 31- خالد بن أبي عثمان. 256 32- خليفة بن خياط. 257 33- خليل بن مرة الضبعي البصري. "حرف الدَّالِ" 257 34- دَاوُدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الفرات. "حرف الراء" 257 35- الربيع بين صبيح البصري. 259 36- ربيعة بن عثمان بن ربيعة. "حرف الزاي" 259 37- زبان بن فائد. 260 38- الزبير بن سعيد. 260 39- زربي بن عبد الله. 260 40- زفر بن عاصم. 260 41- زفر بن الهذيل. 262 42- زكريا بن إسحاق المكي. 262 43- زمعة بن صالح. 262 44- زهير بن ميمون. 263 45- زياد بن أبي عثمان. 263 46- زياد بن ميمون. 263 47- زياد بن حبان الرقي. 264 48- زيد بن أبي ليلى مرة. 264 "حرف السين" 264 49- سالم بن عبد الأعلى. 264 50- السائب بن عمر. 265 51- سحامة بن عبد الله البصري. 265 52- سدوس بن حبيب. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 466 265 53- سعاد بن سليمان. 265 54- سعدان الجهني. 266 55- سعيد بن أبان. 266 56- سعيد بن حسان. 266 57- سعيد بن زياد. 266 58- سعيد بن سابق. 266 59- سعيد بن سنان. 267 +- سعيد بن سنان الحمصي. 267 60- سعيد بن زون الثعلبي. 267 61- سعيد بن زياد مولى جهينة. 267 62- سعيد السائب. 268 63- سعيد بن عبد الرحمن البصري. 268 64- سعيد بن عبد الرحمن أبو شيبة. 268 65- سعيد بن عبد الله بن جبير. 268 66- سعيد بن عبيد الهنائي. 269 67- سعيد بن أبي عروبة. 270 68- سعيد بن عطية الليثي. 271 69- سعيد بن يزيد. 271 70- سفيان بن حسين. 271 71- سفيان بن دينار. 272 72- السكن بن المغيرة. 272 73- سلام بن أبي عمرة. 272 74- سلمة بن بخت. 272 75- سلمة بن سابور الكوفي. 272 76- سلمة بن وردان. 273 77- سلم بن زرير. 273 78- سليمان بن أبي داود الحراني. 273 79- سليمان بن داود الخولاني. 274 80- سليمان بن سفيان المدني. 274 +- سليمان بن أبي سليمان. 274 81- سليمان بن مسلم بن جماز. 275 82- سليمان بن يزيد الكعبي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 467 275 83- سليمان أبو الربيع الهمذاني. 275 84- سليم مولى الشعبي. 275 85- سليم بن حيان الهذلي. 275 86- سهل بن شعيب النخعي. 276 87- سهل بن أبي الصلت. 276 +- سوار بن داود. 276 88- سوار بن عبد الله بن قدامة. "حرف الشين" 277 98- شعبة بن الحجاج. 283 +- فصل في الرواة عن شعبة. 289 90- شيبان بن زهير. 289 91- شعيب بن صالح الطيالسي. "حرف الصاد" 289 92- صالح بْن أَبِي الأخضر اليمامي. 290 93- صالح بن حسان. 290 94- صالح بن خوات. 290 95- صالح بن راشد العبدي. 290 96- صالح بن رستم. 291 97- صالح بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس. 291 98- صالح بن مسلم العجلي. 291 99- صالح بن مسمار. 291 100- صباح بن يحيى المزني. 291 101- صدقة بن رستم الإسكاف. 291 102- صدقة بن عبادة بن نشيط. 292 103- صدقة بن موسى الدقيقي. 292 104- صدقة بن يزيد الدمشقي. 292 105- الصلت بن دينار. 293 106- صفوان بن عمرو بن هرم. "حرف الضاد" 293 107- الضحاك بن حمزة. 294 108- الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب. 294 109- الضحاك بن عثمان الأسدي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 468 294 110- الضحاك بن يسار. 294 111- ضرار بن عمرو. "حرف الطاء" 295 112- طلحة بن أبي سعيد. 295 113- طلحة بن عمرو الحضرمي. 295 114- طلحة بن عمرو الكوفي. "حرف العين" 295 115- عاصم بْن محمد بْن زيد العمري. 296 116- عامر بن إسماعيل الجرجاني. 296 117- عائذ بن شريح الحضرمي. 296 118- عباد بن راشد. 296 119- عباد بن كثير الثقفي. 298 120- عباد بن كثير الفلسطيني. 298 121- عباد بن منصور الناجي. 299 122- عباد بن ميسرة المنقري. 299 123- عباد بن مسلم. 300 +- عبد الله بن بُديل. 300 124- عبد الله بن بديل بن ورقاء. 300 125- عبد الله بن بشر الكوفي. 300 126- عبد الله بن جابر البصري. 300 127- عبد الله بن حبيب. 300 128- عبد الله بن أبي داود. 301 129- عبد الله بن راشد الدمشقي. 301 130- عبد الله بن زياد بن سمعان. 302 131- عبد الله بن شوذب البلخي. 303 132- عبد الله بن عامر الأسلمي. 303 133- عَبْد الله بْن عَبْد الرحمن بْن يعلى. 304 134- عَبْد الله بْن عَبْد الرحمن بْن معاوية. 304 135- عَبْد الله بْن أَبِي عَبْد الله أَبُو شعيب. 304 136- عبد الله بن عبيد الحميري. 304 137- عبد الله بن عمرو بن علقمة. 304 138- عبد الله بن عون بن أرطبان. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 469 308 139- عبد الله بن عياش الهمداني. 308 +- عوانة بن الحكم الأخباري. 308 +- عبد الله بن عياش القتباني. 308 140- أَبُو جعفر المنصور. 313 141- عَبْد الله بْن محمد بن عمر. 314 142- عبد الله بن المحرر. 314 143- عبد الله بن نافع العدوي. 314 144- عبد الله بن النعمان الجهضمي. 314 145- عبد الله بن الوليد. 315 146- عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة. 315 147- عبد الجبار بن العباس الشبامي. 315 148- عبد الجليل بن عطية. 316 149- عبد الحكيم بن ذكوان السدوسي. 316 150- عبد الحكم القسملي. 316 151- عبد الحكم بن أبي فروة. 316 152- عبد الحميد بن جعفر. 317 153- عبد الرحمن بن بوذوية. 317 154- عبد الرحمن بن حسان. 317 155- عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. 319 156- عبد الرحمن بن خضير الهنائي. 319 157- المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله. 320 158- عبد الرحمن بن عجلان. 320 +- عبد الرحمن بن عمر بن بوذويه. 320 159- عبد الرحمن بن قيس. 320 160- الأوزاعي عبد الرحمن بن عمر. 331 161- عبد الرحمن بن يزيد بن تميم. 332 162- عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. 333 163- عبد السلام بن أبي حازم. 333 164- عبد السلام بن حفص. 333 165- عبد الصمد بن حبيب العوذي. 334 166- عبد العزيز بن أبي رواد. 336 167- عبد العزيز بن سياه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 470 336 168- عبد العزيز بن ربيع. 337 169- عبد القاهر بن تليد. 337 170- عبد المجيد بن أبي عبس. 337 171- عبد المجيد بن أبي يزيد. 337 172- عبد الملك بن حميد. 337 173- عبد الملك بن شداد. 337 174- عبد الملك بن مسلم. 338 175- عبد الملك بن معن المسعودي. 338 176- عبد الملك بن أبي جمعة. 338 177- عبد الواحد بن سليم المالكي. 338 178- عبد الواحد بن زيد. 341 179- عبد الواحد بن أبي موسى. 341 180- عبد الواحد بن موسى. 341 181- عبد الواحد بن ميمون. 341 182- عبد الواحد بن نافع. 342 183- عبد الوهاب بن الإمام إبراهيم. 342 184- عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر. 342 185- عبيد الله بن أبي حميد. 342 186- عبيد الله بن رستم. 343 187- عبيد الله بن أبي زياد. 343 188- عبيد الله بن عبد الرحمن. 343 189- عبيد الله بن محمد بن صفوان. 343 190- عبيد الله بن النضر. 344 191- عبيد بن الطفيل. 344 192- عبيد بن عبد الرحمن. 344 193- عثمان بن زائدة. 344 194- عثمان بن سعد. 345 195- عثمان بن أبي العاتكة. 345 196- عثمان بن عبد الله. 346 197- عثمان بن عبد الله بن موهب. 346 198- عثمان بن عبيد. 346 199- عثمان بن عطاء. 346 200- عثمان بن غياث. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 471 347 201- عثمان بن مرة. 347 202- عثمان بن مسلم. 347 203- عثمان بن واقد. 347 204- عثمان بن أبي رواد. 348 205- عثيم بن نسطاس. 348 206- عدي بن عبد الرحمن. 348 207- عزرة بن ثابت. 348 208- عصام بن طليق. 349 209- عصام بن قُدامة. 349 210- عطية بن بهرام. 349 211- عكرمة بن عمار العجلي. 350 212- العلاء بن زهير. 350 213- العلاء بن صالح. 350 214- علي بن الحزور. 350 215- علي بن أبي حملة. 351 216- علي بن سويد. 351 217- علي بن صالح المكي. 351 218- علي بن صالح بن صالح. 352 219- علي بن عمرو بن رزين. 352 220- علي بن المبارك. 352 221- علي بن مسعدة. 353 222- عمار بن زريق. 353 223- عمار بن عميرة. 353 224- عمارة بن مهران. 353 225- عمرو بن إبراهيم العبدي. 354 +- عمرو بن إبراهيم الأدمي. 354 226- عمر بن إسحاق بن يسار. 354 227- عمر بن بشير. 354 228- عمر بن حبيب. 354 229- عمر بن حسين. 355 230- عمر بن حفص. 355 231- عمر بن خباب. 355 232- عمر بن ذر. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 472 356 223- عمر بن راشد. 356 234- عمر بن رشيد. 356 235- عمر بن رؤبة. 356 236- عمر بن أبي زائدة. 357 237- عمر بن زياد. 357 238- عمر بن سليم. 357 239- عمر بن سعيد النوفلي. 357 240- عمر بن سعيد بن مسروق. 358 241- عمر بن الصبح. 358 242- عمر بْن عَبْد الله بْن أَبِي خثعم. 358 243- عمر بن عامر. 359 244- عمر بن عمران. 359 245- عمر بن فروخ. 359 246- عمر بن الفضل. 359 247- عمر بن محمد بن المنكدر. 359 248- عمر بن قيس سندل. 360 249- عمر بن مالك. 360 250- عمر بن موسى. 361 251- عمر بن معروف. 361 252- عمر بن أبي وهب. 361 253- عمران بن أنس. 361 254- عمران بن حدير. 362 255- عمران بن داود. 362 256- عمران بن زائدة. 362 257- عمران بن مسلم. 362 258- عمران بن وهب. 363 259- عمران أبو بشر الحلبي. 363 260- عمرو بن خالد. 363 261- عمرو بن سعيد الأوزاعي. 363 262- عمرو بن أبي الحجاج. 363 263- عمرو بن شمر. 364 264- عمرو بن عثمان بن هانئ. 364 265- عمرو بن عثمان بن عبد الله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 473 364 266- عمرو بن كثير. 365 267- عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن. 365 268- عميرة بن أبي ناجية. 366 269- عنبسة بن الأزهر. 366 270- العوام بن حمزة. 366 271- عوانة بن الحكم. 366 272- عياش بن عقبة. 367 273- عياض بن عبد الله القرشي. 367 274- عيسى بن حفص. 367 275- عيسى بن دينار. 367 276- عيسى بن أبي رزين. 368 277- عيسى بن طهمان. 368 278- عيسى بن عبد الله. 368 279- عيسى بن عبد الرحمن أبو سلمة. 368 280- عيسى بن عبد الرحمن أبو عبادة. 368 281- عيسى بن عبيد. 369 282- عيسى بن علي الهاشمي. 369 283- عيسى بن عمر الأسدي. 370 284- عيسى بن عمر الثقفي. 371 285- عيسى بن أبي عيسى. 371 286- عيسى بن موسى الدمشقي. 372 287- عيسى بن المسيب. 372 288- عيسى بن ميمون. 372 289- عيسى بن يزيد. 372 290- عيينة بن عبد الرحمن. "حرف الغين" 373 291- غالب بن سليمان. 373 292- غالب بن عبيد الله العقيلي. 373 293- غالب بن نجيح. "حرف الفاء" 373 294- فائدة بن عبد الرحمن. 374 295- فائد مولى عبادل. 374 296- فرقد بن الحجاج. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 474 374 297- الفضل بن ميمون. 374 298- فطر بن خليفة. "حرف القاف" 375 299- القاسم بن حبيب. 375 300- القاسم بن عبد الرحمن. 376 301- القاسم بن عبد الواحد بن أيمن. 376 302- القاسم بن مبرور. 376 303- القاسم بن هزان. 376 304- قباث بن رزين. 377 305- قدامة بن موسى بن عمر. 377 306- قرة بن خالد. 377 307- قعنب أبو السماك. 378 308- قيس بن سليم. "حرف الكاف" 378 309- كامل بن العلاء. 378 310- كثير بن زيد. 378 311- كثير بن عبد الرحمن. 378 312- كثير بن فرقد. 379 313- كثير بن أبي كثير. 379 314- كعب بن فروخ. "حرف اللام" 379 315- لوط بن يحيى. "حرف الميم" 379 316- مالك بن الخير. 380 317- مالك بن مغول. 380 318- مبارك بن حسان. 381 319- مبارك بن مجاهد. 381 320- المثنى بن دينار. 381 321- المثنى بن سعد. 381 322- المثنى بن سعيد. 381 323- مجاعة بن الزبير. 382 324- مجاهد بن فرقد. 382 325- مجمع بن يعقوب. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 475 382 326- محرز بن عبد الله. 382 327- محل بن محرز. 383 328- محمد بن إسحاق بن يسار. 387 329- محمد بن أيوب. 387 330- محمد بن مالك. 387 331- محمد بن جعفر. 388 332- محمد بن أبي حفصة. 388 333- محمد بن أبي حميد. 388 334- محمد بن ذكوان. 389 335- محمد بن أبي الزعيزعة. 389 336- محمد بن شريك المكي. 390 337- محمد بن عبد الله بن مسلم. 390 338- محمد بن عبد الله بن المهاجر. 390 339- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ. 390 340- محمد بن عبد الله العمي. 390 341- محمد بن عبد الرحمن بن عرق. 391 342- ابْن أَبِي ذئب مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن. 394 343- محمد بن عبد الرحمن بن معاوية. 394 344- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ. 394 345- محمد بن عبيد الله العرزمي. 395 346- محمد بن عمارة بن عمرو. 395 347- محمد بن عمران بن إبراهيم. 395 348- محمد بن فضاء بن خالد. 396 349- محمد بن مسلم بن مهران. 396 350- مختار بن نافع التيمي. 396 351- المختار بن يزيد. 396 352- مخرمة بن بكير. 397 353- مرزوق بن عبد الرحمن. 397 354- مرزوق أبو بكر البصري. 397 355- مرزوق بن أبي الهذيل. 397 356- مرزوق مولى سعيد بن المسيب. 398 357- مرزوق أبو عبد الله الحمصي. 398 358- مرزوق أبو بكر التيمي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 476 398 359- مستقيم بن عبد الملك. 398 360- مسلم بن سعيد الواسطي. 398 361- المستمر بن الريان. 398 362- مستور بن عباد. 399 363- مسرة بن معبد. 399 364- مسعر بن كدام. 402 365- مسعود بن سعد الجعفي. 402 +- المسعودي. 402 366- مصعب بن ثابت. 403 367- مطرف بن معقل. 403 368- معاذ بن العلاء. 404 369- معاذ بن محمد بن معاذ. 404 370- معاذ بن رفاعة. 404 371- معاوية بن صالح. 405 372- معاوية بن يحيى الصدفي. 406 +- معاوية بن يحيى الطرابلسي. 406 373- معرف بن واصل. 406 374- معروف بن خربوذ. 407 375- معروف بن سويد. 407 376- معمر بن راشد. 410 377- معمر بن قيس. 411 378- معن بن زائدة. 414 379- المغيرة بن زياد. 415 380- المغيرة بن مسلم. 415 381- المفضل بن لاحق. 416 382- مقاتل بن سليمان. 418 383- منذر بن ثعلبة. 418 384- منذر بن النعمان. 418 385- منصور بن سعد. 418 386- المنهال بن خليفة. 419 387- موسى بن أيوب بن عامر. 419 +- موسى بن أيوب أبو الفيض. 419 388- موسى بن ثروان. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 477 419 389- موسى بن داود. 419 390- موسى بن دهقان المدني. 420 391- موسى بن يسار الأزدي. 420 392- موسى بن يسار المكي. 420 393- موسى بن يعقوب القرشي. 421 394- ميمون بن موسى المرئي. "حرف النون" 421 395- ناصح المحلمي. 421 396- نافع بن ثابت. 421 397- نصر بن طريف. 421 398- نصر بن علي. 422 399- نصير بن أبي الأشعث. 422 400- النضر بن حميد. 422 401- النهاس بن قهم. 422 402- نوح بن أبي بلال. 423 403- نوح بن ربيعة. "حرف الهاء" 423 404- هارون بن إبراهيم الأهوازي. 423 405- هارون بن أبي إبراهيم. 423 406- هارون بن هارون بن عبد الله. 424 407- هانئ بن أيوب. 424 408- هشام بن سعد. 424 409- هشام الدستوائي. 426 410- هشام بن الغاز. 426 411- همام بن نافع. 427 412- الهيثم بن رافع. "حرف الواو" 427 413- واسط بن الحارث. 427 414- واضح مولى حرملة. 428 415- الوليد بن جميل. 428 416- الوليد بن دينار. 428 417- الوليد بن سليمان. 428 418- الوليد بن عبد الله بن جُميع. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 478 429 419- الوليد بن عيسى. 429 420- الوليد بن كثير المخزومي. 429 421- وهيب بن الورد. "حرف الياء" 430 422- يحيى بن أيوب. 430 423- يحيى بن دينار. 430 424- يحيى بن زرارة. 431 425- يحيى بن أبي سليمان. 431 426- يحيى بن عبد الله بن سالم. 431 427- يحيى بن عبد الرحمن أبو شيبة. 431 428- يحيى بن عبد الرحمن أبو بسطام. 431 429- يحيى بن عبد العزيز الأردني. 432 430- يحيى بن عمير المدني. 432 431- يحيى بن أبي العلاء. 432 432- يزيد بن أسيد السلمي. 432 433- يزيد بن سنان. 433 434- يزيد بن أبي صالح. 433 435- يزيد ين عبد الله الشيباني. 433 436- يزيد بن عياض. 433 437- يعقوب بن عطاء. 433 438- يوسف بن أبي إسحاق. 434 439- يوسف بن صهيب. 434 440- يوسف بن عبد الله. 434 441- يوسف بن ميمون. 434 442- يوسف بن يعقوب. 434 443- يونس بن أبي إسحاق. 435 444- يونس بن الحارث. 435 445- يونس بن عبد الله. 435 446- يونس بن نافع. 435 447- يونس بن يزيد. "الكنى" 436 448- أبو أيوب المورياني. 436 449- أَبُو بكر بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مريم. 437 450- أبو بكر الهذلي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 479 437 451- أبو البشر هشيم الحمصي. 437 452- أبو جعفر الرازي. 438 +- أبو جناب الحطاب. 438 453- أبو حرة البصري. 439 454- أبو حمزة الصيرفي. 439 455- أبو خزيمة العبدي. 439 456- أبو خلدة السعدي. 439 457- أبو الرحال الأنصاري. 439 458- أبو الرحال الطائي. 440 459- أبو سفيان بن العلاء. 440 +- أبو السماك العدوي. 440 460- أبو سنان الكوفي. 440 461- أبو طيبة هو عيسى بن سليمان. 440 462- أبو طلق. 440 463- أبو عقيل الدورقي. 440 464- أبو العلانية. 441 465- أبو عمرو بن العلاء. 443 +- أبو العميس. 443 +- أبو الغصن دجين. 443 +- أبو الغصن الغفاري ثابت بن قيس. 443 446- أبو كعب صاحب الحرير. 443 467- أبو مالك النخعي. 444 468- أبو المنيب العتكي. 444 469- أبو المليح الفارسي. 444 470- أبو نعامة العدوي. 444 471- أبو اليسع الكوفي. 445 فهرس الموضوعات. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 480 المجلد العاشر الطبقة السابعة عشرة حوادث سنة إحدى وستين ومائة ... الطبقة السابعة عشرة: حوادث سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَمَا جَرَى فِيهَا مِنْ كِبَارِ الْحَوَادِثِ: وَفِيهَا تُوُفِّيَ: أَرْطَأَةُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، وَإِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، وَحَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ أَبُو الْخَطَّابِ، وَرَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بالرَّملة، وَزَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، فِي أَوَّلِهَا، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ الرَّقيّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ شُعْبةَ الثَّوريّ، وَعَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ أَعْيَنَ الْمِصْرِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ مَالِكٍ الْخُزَاعِيُّ الأَمِيرُ، وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّستريّ. ظُهُورُ عَطَاءٍ المقنَّع: وفيها ظهور عطاء المقنَّع -لَعَنَهُ اللَّهُ- بِأَعْمَالِ مَرْوَ، وَكَانَ يَقُولُ بِتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ، حَتَّى عَادَ الأَمْرُ إِلَيْهِ، وَاسْتَغْوَى خَلْقًا عَظِيمَةً، وتوثّب على بعض ما وراء النهر، فَانْتُدِبَ لِحَرْبِهِ أَمِيرُ خُرَاسَانَ مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَالأَمْيِرُ جِبْرِيلُ بْنُ يَحْيَى، وَلَيْثُ مَوْلَى الْمَهْدِيِّ، وَسَعِيدُ الْحَرَشِيُّ، فَجَمَعَ الْمُقَنَّعُ الأَقْوَاتَ، وَتَحَصَّنَ لِلْحِصَارِ بِقَلْعَةٍ مِنْ أَعْمَالِ كَشَّ1. ظَفَرُ نَصْرِ بْنِ الأَشْعَثِ بِابْنِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ: وَفِيهَا ظَفِرَ نَصْرُ بْنُ الأَشْعَثِ الْخُزَاعِيُّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَلِيفَةِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ المكنَّى بِأَبِي الْحَكَمِ، وَهُوَ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ وَلِيَّ عَهْدِ مَرْوَانَ، فَلَمَّا قُتِلَ بِدِيَارِ مِصْرَ هَرَبًا إِلَى الْحَبَشَةِ، فَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَنَجَا هَذَا، فَلَمْ يَزَلْ مُخْتَفِيًا إِلَى السَّاعَةِ، فَأَتَى بِهِ الْمَهْدِيَّ، فَجَلَسَ لَهُ مَجْلِسًا عَامًّا، فَقَالَ: مَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَامَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْعُقَيْلِيُّ إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَبُو الْحَكَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ كُنْتَ بَعْدِي؟ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ، فَسَجَنَهُ الْمَهْدِيُّ. ثُمَّ احْتِيلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَادَّعَى عَمْرُو بْنُ سَهْلٍ الأَشْعَرِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَتَلَ أَبَاهُ، وَقَدَّمَهُ إِلَى مَجْلِسِ عَافِيَةَ القاضي،   1 تاريخ الطبري "8/ 135"، والكامل في التاريخ "6/ 51"، والبداية والنهاية "10/ 133"، وكش: قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان على جبل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 3 فَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ، وَأَنْ يُقَادَ بِهِ وَقَامَتِ البيَّنة، فَجَاءَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْعُقَيْلِيُّ فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى صَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ، كَذَبَ وَاللَّهِ، مَا قَتَلَ أَبَاهُ غَيْرِي، أَنَا قَتَلْتُهُ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ مَرْوَانَ. فَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمَهْدِيُّ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ لِكَوْنِهِ قَتَلَ الْمَذْكُورَ بِأَمْرِ مَرْوَانَ1. تَجْيِيشُ الرُّومِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ: وَفِيهَا جَاشَتِ الرُّومُ -لَعَنَهُمُ اللَّهُ- فبيَّتوا عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَتَلُوا خَلْقًا2. عِمَارَةُ الْمَهْدِيِّ طَرِيقَ مَكَّةَ: وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِعِمَارَةِ طَرِيقِ مَكَّةَ وَبَنَى بِهَا قُصُورًا، وَأَوْسَعَ مِنَ الْقُصُورِ الَّتِي أَنْشَأَهَا عمُّه السَّفاح، وعمل البرك، وجدّد للأميال، وَدَامَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَمَّ عَشْرَ سِنِينَ، وَأَمَرَ بِتَرْكِ الْمَقَاصِيرِ الَّتِي فِي جَوَامِعِ الإِسْلامِ، وَقَصَّرَ الْمَنَابِرَ وَصَيَّرَهَا عَلَى مِقْدَارِ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. نَكْبَةُ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: وَفِيهَا انْحَطَّتْ رُتْبَةُ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى غَلَبَةَ الْمَوَالِي عَلَى الْمَهْدِيِّ نَظَرَ إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَصَيَّرَهُمْ مِنْ جُلَسَاءِ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرَ كَلَّمَ الْمَهْدِيَّ فِي أَمْرٍ، فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ هَؤُلاءِ الأَرْبَعَةِ فِي ذَلِكَ الأَمْرِ، فَسَكَتَ الْوَزِيرُ، ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِإِبْعَادِهِ عَنِ الْمَهْدِيِّ4. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ ذَا تيهٍ وكبرٍ بِحَيْثُ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ مِنَ الْحَجِّ جَاءَهُ مُسَلِّمًا، فَلَمْ يَنْهَضْ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ لَهُ، فَتَأَلَّمَ وَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ، إِلا أَنَّ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ حَاذِقًا بالتصرُّف، كافيًا، ناصحًا لمخدومه، عفيفًا، ويرمى بالقدر5.   1 تاريخ الطبري "8/ 135-136"، والكامل في التاريخ "6/ 55". 2 تاريخ خليفة "436"، والكامل في التاريخ "6/ 55"، والبداية والنهاية "10/ 133". 3 تاريخ الطبري "8/ 136"، والكامل في التاريخ "6/ 55"، والبداية والنهاية "10/ 133". 4 تاريخ الطبري "8/ 136-137". 5 تاريخ ابن خلدون "3/ 209-210". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 4 ثُمَّ إِنَّ الرَّبِيعَ سَعَى فِي ابْنٍ لِلْوَزِيرِ، واتَّهمه بِبَعْضِ خَطَايَا الْمَهْدِيِّ إِلَى أَنِ اسْتَحْكَمَتِ التُّهمة عِنْدَ الْمَهْدِيِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، اقْرَأْ، فَذَهَبَ لِيَقْرَأَ، فَاسْتَعْجَمَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، فَقَالَ لِأَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا مُعَاوِيَةُ أَلَمْ تَزْعُمْ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ. قَالَ: فَقُمْ فَاقْتُلْهُ، فَذَهَبَ الْوَزِيرُ لِيَقُومَ فَسَقَطَ مِنْ قَامَتِهِ، فَقَالَ عَبَّاسٌ عَمُّ الْمَهْدِيِّ: إِنْ رَأَيْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُعْفِيَهُ، فَفَعَلَ، وَأَمَرَ فَضُرِبَتْ عُنُقُ الْوَلَدِ1. قَالَ: وَاتَّهَمَهُ الْمَهْدِيُّ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ الرَّبِيعُ: قَتَلْتَ ابْنَهُ فَلا يَنْبَغِي أَنْ تَثِقَ بِهِ، فَاسْتَوْحَشَ الْمَهْدِيُّ مِنْهُ2. اسْتِعْمَالُ الْقُضَاةِ: وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمَهْدِيُّ عَلَى الْقَضَاءِ عَافِيَةَ بْنَ يَزِيدَ فَكَانَ هُوَ وَابْنُ عُلاثَةَ يَحْكُمَانِ بِالرَّصَافَةِ، وَكَانَ الْقَاضِي بِالشَّرْقِيَّةِ عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَدَوِيُّ3. اسْتِعْمَالُ الْعُمَّالِ: وَعَزَلَ عَنِ الْجَزِيرَةِ الْفَضْلَ بْنَ صَالِحٍ الْعَبَّاسِيَّ بِعَمِّ الْمَنْصُورِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ4. وَاسْتُعْمِلَ عَلَى مِصْرَ عِيسَى بْنُ لُقْمَانَ، وَعَلَى أذْرَبَيْجَانَ بِسْطَامُ بْنُ عَمْرٍو التَّغلبيّ5. وزَارَةُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ: وَفِيهَا جَعَلَ مَعَ الأَمِيرِ هَارُونَ بْنِ الْمَهْدِيِّ وَزِيرًا لَهُ، وَهُوَ يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ6. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ موسى بن المهدى7.   1 تاريخ ابن خلدون "3/ 209-210". 2 تاريخ الطبري "8/ 139"، والكامل في التاريخ "6/ 53". 3 تاريخ الطبري "8/ 140"، والكامل في التاريخ "6/ 56"، والبداية والنهاية "10/ 133". 4 تاريخ الطبري "8/ 140". 5 تاريخ الطبري "8/ 140". 6 تاريخ الطبري "8/ 140"، والكامل في التاريخ "6/ 56". 7 تاريخ خليفة "437"، المعرفة والتاريخ "1/ 149"، تاريخ الطبري "8/ 141". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 5 أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ الزَّاهِدُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ الْمِصْرِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ نَصْرٍ الطَّائِيُّ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، وَإِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ بِخِلافٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الْمَدَنِيُّ سَحْبَلٌ، وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّستريّ، بِخِلافٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاءَ الْمَدَنِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سَبْرَةَ الْقَاضِي، وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ، وَاسْمُهُ جَعْفَرٌ. مَقْتَلُ عَبْدِ السَّلامِ الْيَشْكُرِيِّ: وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ هَاشِمٍ الْيَشْكُرِيِّ الَّذِي خَرَجَ بِحَلَبَ وَبِالْجَزِيرَةِ، وَكَثُرَتْ جُمُوعُهُ، وَهَزَمَ الْجُيُوشَ إِلَى أَنِ انْتُدِبَ لِحَرْبِهِ شَبِيبُ بْنُ وَاجٍ، فَسَارَ فِي أَلْفِ فَارِسٍ مِنَ الأَبْطَالِ وَأُعْطُوا أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَفَرَّ مِنْهُمُ الْيَشْكُرِيُّ إِلَى حَلَبَ، فَلَحِقَهُ بِهَا شَبِيبٌ فَقَتَلَهُ1. إِجْرَاءُ الأَمْوَالِ عَلَى الْمَجْذُومِينَ: وَفِيهَا أَجْرَى الْمَهْدِيُّ عَلَى الْمَجْذُومِينَ وَأَهْلِ السُّجون بِمَمَالِكِهِ مَا يَكْفِيهِمْ2. وُصُولُ الرُّومِ إِلَى الْحَدَثِ: وَفِيهَا وَصَلَتِ الرُّومُ إِلَى الْحَدَثِ فَهَدَمُوا سُورَهَا. غَزْوَةُ الْحَسَنِ بْنِ قَحْطَبَةَ فِي الرُّومِ: فَغَزَا النَّاسَ غَزْوَةً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، سَارَ الْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي ثَمَانِينَ ألف مقاتل   1 تاريخ الطبري "8/ 142"، والبداية والنهاية "10/ 135". 2 تاريخ الطبري "8/ 142"، والبداية والنهاية "10/ 135". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 6 سِوَى المطَّوَّعة، فَأَغَارَ عَلَى مَمَالِكِ الرُّومِ وَخَرَّبَ وَأَحْرَقَ، وَلَمْ يَلْقَ بَأْسًا1. غَزْوَةُ قَالِيقَلا: وَغَزَا يَزِيدُ السُّلميّ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ قَالِيقَلا، وَافْتَتَحَ ثَلاثَةَ حُصُونٍ، وَقَدِمَ بالسَّبي2. وِلايَةُ الْيَمَنِ: وَفِيهَا وُلِّيَ الْيَمَنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ3. وِلايَةُ مِصْرَ: وَوُلِّيَ إِقْلِيمَ مِصْرَ وَاضِحٌ مَوْلَى الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ عَزَلَهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ بِيَحْيَى الْحَرَشِيِّ4. ظُهُورُ المحمِّرة: وَفِيهَا ظَهَرَتِ المحمِّرة بِجُرْجَانَ وَرَأْسُهُمْ عَبْدُ الْقَهَّارِ، فَغَلَبُوا عَلَى جُرْجَانَ، وَقَتَلُوا وَأَفْسَدُوا، فَسَارَ لِحَرْبِهِ مِنْ طَبَرِسْتَانَ عُمَرُ بْنُ الْعَلاءِ، فَقَتَلَ عبد القهّار ورؤوس أصحابه5.   1 تاريخ خليفة "437"، تاريخ الطبري "8/ 143"، والبداية والنهاية "10/ 135". 2 تاريخ الطبري "8/ 143". 3 تاريخ الطبري "8/ 143". 4 تاريخ الطبري "8/ 143". 5 تاريخ الطبري "8/ 143"، والبداية والنهاية "10/ 135". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 7 أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ الْخُرَاسَانِيُّ، وَأَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِمْصِيُّ، وَبُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ الْمُفَسِّرُ قَاضِي نَيْسَابُورَ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ مُحَدِّثُ حِمْصَ، وَحُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ الأَزْدِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ العيَّار الدِّمَشْقِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، وَشُعَيْثُ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ الْحِمْصِيُّ، بِخِلافٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْجُذَامِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ خَالِدٍ الْفَقِيهُ، وَالأَمِيرُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ عَمُّ الْمَنْصُورِ، وَكَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الْمَدَنِيُّ، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 7 وَمُوسَى بْنُ سَلَمَةَ الْمِصْرِيُّ، وَمُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيُّ، وهمَّام بْنُ يَحْيَى الْعَوْذِيُّ فِي رَمَضَانَ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ الْمِصْرِيُّ. مَقْتَلُ الْمُقَنَّعِ: وَفِيهَا أَلَحَّ سَعِيدٌ الْحَرَشِيُّ فِي حِصَارِ اللَّعِينِ عَطَاءِ المقنَّع، فَلَمَّا أحسَّ بِالْهَلاكِ مصَّ سُمًّا وَسَقَى نِسَاءَهُ فَتَلِفُوا، وَسَتَأْتِي تَرْجَمَتُهُ، وَدَخَلَ الْعَسْكَرُ حِصْنَهُ فَقَطَعُوا رَأْسَهُ1. ثُمَّ بَعَثُوا بِهِ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَوَافَاهُ وَهُوَ بِحَلَبَ يُجَهِّزُ الْبُعُوثَ لِغَزْوِ الرُّومِ، وَكَانَتْ غَزْوَةٌ عُظْمَى أَمَّرَ عليها ولده هارون، وضمّ إليه الربيع الْحَاجِبِ، وَمُوسَى بْنَ عِيسَى بْنِ مُوسَى، وَالْحَسَنَ بْنَ قَحْطَبَةَ، وَفَتَحَ الْمُسْلِمُونَ فَتْحًا كَبِيرًا2. وِلايَةُ الْجَزِيرَةِ: وَفِيهَا عُزِلَ عَبْدُ الصَّمَدِ عَنِ الْجَزِيرَةِ بزُفَرَ بْنِ عَاصِمٍ الْهِلالِيِّ3. قَتْلُ الزَّنَادِقَةِ: وَفِيهَا قَتَلَ الْمَهْدِيُّ بِحَلَبَ جَمَاعَةً مِنَ الزَّنادقة وَصَلَبَهُمْ، وَأَحْضَرَ كُتُبَهُمْ فَقُطِعَتْ، وَسَارَ الْمَهْدِيُّ مشيِّعًا لِجُيُوشِهِ حَتَّى بَلَغَ الدَّرب، ثُمَّ زَارَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ4. وِلايَةُ هَارُونَ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَغْرِبِ كُلِّهِ وَعَلَى أزربيجان وَأَرْمِينِيَّةَ ابْنَهُ هَارُونَ5. وِلايَةُ خُرَاسَانَ: وَعَزَلَ مُعَاذَ بْنَ مُسْلِمٍ عَنْ خُرَاسَانَ بِالْمُسَيَّبِ بْنِ زُهَيْرٍ6. وَاسْتَعْمَلَ عَلَى طَبَرِسْتَانَ والرُّويان عُمَرَ بْنَ الْعَلاءِ7. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ عَلِيُّ بْنُ المهديّ.   1 تاريخ خليفة "437"، تاريخ الطبري "8/ 144"، والبداية والنهاية "10/ 146". 2 تاريخ خليفة "437"، تاريخ الطبري "8/ 145"، والبداية والنهاية "10/ 146". 3 تاريخ الطبري "8/ 147"، والبداية والنهاية "10/ 146". 4 تاريخ الطبري "8/ 148"، المعرفة والتاريخ "1/ 150". 5 تاريخ الطبري "8/ 148". 6 تاريخ خليفة "437"، تاريخ الطبري "8/ 149"، المعرفة والتاريخ "1/ 151". 7 تاريخ الطبري "8/ 149". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 8 أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِسْحَاقُ بن يحيى بن طلحة التَّميميّ، وَخَزْرَجُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ حَبِيبٍ الْحَضْرَمِيُّ بِمِصْرَ، وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ، فِي قَوْلٍ، وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبٍ بِنِ الْحَبْحَابِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِيسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي عَبْسٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ، وَعُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ بْنِ يَرْبُوعٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ الْمَسْعُودِيُّ، فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ، وَكَامِلُ أَبُو الْعَلاءِ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ الْبَصْرِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ الأَمِيرُ بِالسِّنْدِ، وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ المثنَّى. غَزْوَةُ عَبْدِ الْكَبِيرِ إِلَى الْحَدَثِ: وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ عَبْدِ الْكَبِيرِ بْنِ عَبْد الْحَمِيدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيِّ مِنْ دَرْبِ الْحَدَثِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ مِيخَائِيلُ الْبَطْرِيقُ فِي تِسْعِينَ أَلْفًا، فَعَجَزَ عَبْدُ الْكَبِيرِ وتقهقر الجيش، فَهَمَّ الْمَهْدِيُّ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ سَجَنَهُ2. عَطَشُ الْحَجِيجِ: وَفِيهَا اشْتَدَّ عَطَشُ الْحَجِيجِ حَتَّى عَايَنُوا التَّلف3. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ صَالِحُ بْنُ الْمَنْصُورِ4. وِلايَةُ الْبَصْرَةِ وَفَارِسَ: وَفِيهَا عَزَلَ الْمَهْدِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْبَصْرَةِ وَفَارِسَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا صالح بن داود بن عليّ5.   1 تاريخ الطبري "8/ 149". 2 تاريخ خليفة "438"، تاريخ الطبري "8/ 150"، والبداية والنهاية "10/ 146". 3 تاريخ الطبري "8/ 150"، والبداية والنهاية "10/ 147". 4 تاريخ خليفة "438"، تاريخ الطبري "8/ 151". 5 تاريخ الطبري "8/ 150". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 9 أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، وَخَالِدُ بْنُ بَرْمَكٍ وَالِدُ الْبَرَامِكَةِ، وَخَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَدَنِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْبَصْرِيُّ، وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ الزَّاهِدُ، بخلاف، وعبد الله بن العلاء بن زيد، بِخِلافٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَوْبَانَ، وَمَعْرُوفُ بْنُ مُشْكَانَ قَارِئُ مَكَّةَ، وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، بِالْبَصْرَةِ، وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ، بِخِلافٍ. غَزْوَةُ هَارُونَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ: وَفِيهَا غَزَا هَارُونُ ابْنُ الْخَلِيفَةِ الصَّائِفَةَ، فَوَغَلَ فِي بِلادِ الرُّومِ، فَافْتَتَحَ مَاجِدَةَ، فَالْتَقَتْهُ الرُّومُ، عَلَيْهِمْ نَقِيطَا، فَانْهَزَمُوا، فَقُتِلَ نَقِيطَا، وَسَارَ إِلَى الدُّمستق بِنَقْمُودِيَّةَ، ثُمَّ سَارَ بِالْجُيُوشِ حَتَّى بَلَغَ خَلِيجَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ1. ثُمَّ صَالَحَ مَلِكَ الرُّومِ فِي الْعَامِ عَلَى سَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ مُدَّةَ ثَلاثِ سِنِينَ بَعْدَ أَنْ غَنِمَ وَسَبَا، وَاسْتَنْقَذَ، خَلْقًا مِنَ الأَسْرِ، وَغَنِمَ مَا لا يُوصَفُ مِنَ الْمَوَاشِي، حَتَّى ابْتِيعَ الْبِرْذَوْنُ بِدِرْهَمٍ، والزَّردية بِدِرْهَمٍ، وَعِشْرُونَ سَيْفًا بِدِرْهَمٍ، وَقُتِلَ مِنَ الْعَدُوِّ نحو خمسين ألفًا فللَّه الحمد2.   1 تاريخ خليفة "438"، تاريخ الطبري "8/ 152"، والمعرفة والتاريخ "1/ 154". 2 تاريخ الطبري "8/ 152-153"، البداية والنهاية "10/ 147". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 10 أحداث سَنَةَ ستٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُرِّيُّ، وَخُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ السَّدوسيّ، وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرِّفَاعِيُّ الأَصَمُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهباء الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيَّانِ، وَعُقْبَةُ بْنُ مَعْدَانَ الْحِمْصِيُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ الْمَعَافِريُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، فِي قَوْلٍ، والصَّواب سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَعَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْفِهْرِيُّ، شَيْخٌ لابْنِ وَهْبٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّهشليّ، فِي يَوْمِ الْفِطْرِ، وَفِي أَوَّلِهَا دَفَنُوا أَبَا الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيَّ. عَوْدَةُ هَارُونَ بِالْغَنَائِمِ: وَفِيهَا رَجَعَ هَارُونُ بِالْغَنَائِمِ وبالذَّهب مِنَ الرُّومِ1. قَضَاءُ الْبَصْرَةِ: وَفِيهَا عُزِلَ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَوَلِيَهَا خَالِدُ بْنُ طَلِيقِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَلَمْ يُحْمَدْ2. غَضَبُ الْمَهْدِيِّ عَلَى الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: وَفِيهَا غَضِبَ الْمَهْدِيُّ عَلَى الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ طَهْمَانَ، وَكَانَ وَالِدُهُ دَاوُدُ كَاتِبًا لِنَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ، فَلَمَّا كَانَتْ أَيَّامُ خُرُوجِ يَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَانَ دَاوُدُ يُنَاصِحُهُ سِرًّا، فَلَمَّا ظَهَرَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ وطلب بدم يحيى بن زيد وَتَتَبَّعَ قَتَلَتَهُ، كَانَ دَاوُدُ هَذَا مُطْمَئِنًّا، فَصَادَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ ثمَّ أَمَّنَهُ، فَخَرَجَ أَوْلادُهُ أُدَبَاءَ فُضَلاءَ، وَلَمْ يَرَوْا لَهُمْ مَنْزِلَةً عِنْدَ بَنِي الْعَبَّاسِ وَهَلَكَ أَبُوهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَظْهَرُوا مَقَالَةَ الزَّيديّة، وانضمُّوا إِلَى آلِ حَسَنٍ، وَتَرَجَّوْا أَنْ يَقُومَ لَهُمْ دَوْلَةٌ3. وَكَانَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ يَجُولُ فِي الْبِلادِ، وَكَتَبَ أَخُوهُ عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ وَقْتَ ظُهُورِهِ، فَلَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيمُ اخْتَفَوْا مُدَّةً، ثُمَّ ظَفِرَ الْمَنْصُورُ بِهَذَيْنِ الأَخَوَيْنِ، فَحَبَسَهُمَا حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمَا الْمَهْدِيُّ، وَكَانَ مَعَهُمَا فِي المطبَّق إِسْحَاقُ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، وَكَانَا يَلْزَمَانِهِ، وَبَقِيَ الْمَهْدِيُّ مُدَّةً يَتَطَلَّبُ عِيسَى بْنَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَدُلَّ عَلَى أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ تَحَصَّلَ لَهُ حَسَنًا، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ وَعِمَامَةُ قُطْنٍ، فَفَاتَحَهُ فَوَجَدَهُ رَجُلا كَامِلا بَارِعًا، فَسَأَلَهُ عَنْ عِيسَى، فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ وَعَدَهُ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَعَظَّمَهُ الْمَهْدِيُّ وَاخْتَصَّ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ يَرْتَفِعُ لَدَيْهِ حَتَّى اسْتَوْزَرَهُ، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ الأُمُورَ وَتَمَكَّنَ، فَوَلَّى الزَّيدية   1 تاريخ الطبري "8/ 154"، البداية والنهاية "10/ 147". 2 تاريخ الطبري "8/ 154". 3 تاريخ الطبري "8/ 154-155". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 11 الْمَنَاصِبَ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ: بَنِي أُمَيَّةَ هبُّوا طَالَ نَوْمُكُمُ ... إِنَّ الْخَلِيفَةَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ ضَاعَتْ خِلافَتُكُمْ يَا قَوْمِ فاطَّلبوا ... خليفة الله بين الدّنّ وَالْعُودِ ثُمَّ إِنَّ مَوَالِيَ الْمَهْدِيِّ حَسَدُوا يَعْقُوبَ وَسَعَوْا بِهِ1. وَمِمَّا حَظِيَ بِهِ يَعْقُوبُ عِنْدَ الْمَهْدِيِّ أَنَّهُ أَحْضَرَ لَهُ الْحَسَنَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِمَكَّةَ، وَدَخَلَ فِي الطَّاعَةِ، فَاسْتَوْحَشَ أَقَارِبُ حَسَنٍ مِنْ صنيع يعقوب، فعلم أنّه إن كانت لَهُمْ دَوْلَةٌ لَمْ يُبْقُوهُ، وَعَلِمَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ لا يُنظِرُهُ لِكَثْرَةِ السُّعاة فِي شَأْنِهِ، فَمَالَ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، وَأَقْبَلَ يُرَبِّصُ لَهُ الأُمُورَ، وَسَعَوْا إِلَى الْمَهْدِيِّ حَتَّى قَالُوا: الْبِلادُ فِي قَبْضَةِ يَعْقُوبَ وَأَصْحَابِهِ، إِنَّمَا يَكْفِيهِ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِمْ فَيَثُورُوا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَلَى مِيعَادٍ، فَيَمْلُكُوا الدُّنْيَا، وَيُسْتَخْلَفُ إِسْحَاقُ بْنُ الْفَضْلِ، فَمَلأَ هَذَا الْقَوْلُ مَسَامِعَ الْمَهْدِيِّ2. قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوفليّ: فَذَكَرَ لِي بَعْضُ خَدَمِ الْمَهْدِيِّ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِ المهديّ، إذا دَخَلَ يَعْقُوبُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَرَفْتَ اضْطِرَابِ مِصْرَ، وَأَمَرْتَنِي أَنْ أَلْتَمِسَ لَهَا رَجُلا، وَقَدْ أَصَبْتُهُ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَمُّكَ إِسْحَاقُ بْنُ الْفَضْلِ، فَتَغَيَّرَ الْمَهْدِيُّ، وَرَأَى يَعْقُوبُ تغيُّره، فَقَامَ وَخَرَجَ، وَأَتْبَعَهُ المهديُّ بَصَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ، ثم رفع رأسه وقال لِي: اكْتُمْ وَيْلَكَ هَذَا3. وَقِيلَ: كَانَ يَعْقُوبُ قَدْ عَرَفَ مِنَ الْمَهْدِيِّ خُلُقَهُ وَنُهْمَتَهُ فِي النِّسَاءِ وَالْجِمَاعِ، وَكَانَ يُبَاسِطُهُ فِي ذَلِكَ، فَذَكَرَ عليّ ابن يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ الْمَهْدِيُّ فَدَخَلْتُ، فَإِذَا هُوَ فِي مَجْلِسٍ مَفْرُوشٍ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَبُسْتَانٍ فِيهِ أَنْوَاعُ الأَزْهَارِ، وَإِذَا عِنْدَهُ جَارِيَةٌ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى؟ قُلْتُ: مَتَّعَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَمْ أرَ كَالْيَوْمِ، فَقَالَ: هُوَ لَكَ، خذ الْمَجْلِسَ بِمَا فِيهِ وَالْجَارِيَةَ. فَدَعَوْتُ لَهُ ثُمَّ قَالَ: وَلِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ. قُلْتُ: الأَمْرُ لَكَ، فحلَّفني بِاللَّهِ، فَحَلَفْتُ لَهُ، فَقَالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِي وَاحْلِفْ. فَفَعَلْتُ، فَقَالَ: هَذَا فُلانٌ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تُرِيحَنِي منه   1 تاريخ الطبري "8/ 156"، والبداية والنهاية "10/ 147-148". 2 تاريخ الطبري "8/ 156". 3 تاريخ الطبري "8/ 156". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 12 وَتُسْرِعُ، قُلْتُ: أَفْعَلُ. قَالَ: فَحَوَّلْتُهُ إِلَيْهِ وَحَوَّلْتُ الْجَارِيَةَ وَالْمَفَارِشَ، وَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ أَلْفٍ. فَمَضَيْتُ بِالْجَمِيعِ، فَلِشِدَّةِ سُرُورِي بِالْجَارِيَةِ تَرَكْتُهَا عِنْدِي فِي الْمَجْلِسِ، وَأَدْخَلْتُ عَلِيَّ العلويَّ، فَأَخْبَرَنِي بجملٍ مِنْ حَالِهِ، فَإِذَا أَلَبُّ النَّاسِ وَأَحْسَنُهُمْ إِبَانَةً، وَقَالَ لِي: وَيْحُكَ، تَلْقَى اللَّهَ غَدًا بِدَمِي، وَأَنَا ابْنُ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: فَهَلْ فِيكَ خَيْرٌ؟ قَالَ: إِنْ فَعَلْتَ بِي خَيْرًا شَكَرْتُ، ذَلِكَ عِنْدِي دُعَاءٌ واستغفارًا، قُلْتُ: فَأَيُّ الطَّرِيقِ تُحِبُّ؟ ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ مَالا، وَهَيَّأْتُ مَعَهُ مَنْ يُوصِلُهُ فِي اللَّيْلِ، فَإِذَا الْجَارِيَةُ قَدْ حَفِظَتْ عليَّ قَوْلِي، فَبَعَثَتْ بِهِ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَشَحَنَ تِلْكَ الطَّرِيقَ برجالٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءُوهُ بِالْعَلَوِيِّ. قَالَ: فَلَمَّا طَلَعَ النَّهَارُ طَلَبَنِي الْمَهْدِيُّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَأَحْضَرَ الْعَلَوِيَّ وَالْمَالَ، بَعْدَ أَنْ كَانَ حلَّفني أَنَّنِي قَتَلْتُهُ، فَحَلَفْتُ، قَالَ: فأُسْقِطَ فِي يَدِي، فَقَالَ لِي: قَدْ حَلَّ دَمُكَ، ثُمَّ حَبَسَنِي فِي المطبَّق دَهْرًا، وَأُصِبْتُ بِبَصَرِي، وَطَالَ شَعْرِي حَتَّى اسْتَرْسَلَ، قال: فإنّي لكذلك، إذا دُعِيَ لِي، فَمَضَوْا بِي إِلَى مَوْضِعٍ، فَقِيلَ: سلَّم عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ -وَقَدْ عَمِيتُ- فسلَّمت، فَقَالَ لِي: أيُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا؟ قُلْتُ: الْمَهْدِيُّ، قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ الْمَهْدِيَّ. قُلْتُ: فَالْهَادِي، قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ الْهَادِي. قُلْتُ: فَالرَّشِيدُ، قَالَ: نَعَمْ، سَلْ حَاجَتَكَ، قُلْتُ: الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ، قَالَ: نَفْعَلُ، فَهَلْ غَيْرُ هَذَا؟ قُلْتُ: مَا بَقِيَ فِيَّ مُسْتَمْتَعٌ لشيءٍ وَلا بَلاغَ، قَالَ: فَرَاشِدًا. فَخَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ، قَالَ ابْنُهُ: فَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ بِهَا حَتَّى مَاتَ1. قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَعَنْ يَعْقُوبَ الْوَزِيرِ قَالَ: كَانَ الْمَهْدِيُّ لا يُحِبُّ النَّبِيذَ، لَكِنْ يَتَفَرَّجُ عَلَى غِلْمَانِهِ وَهُمْ يَشْرَبُونَ، فَأَعِظُهُ فِي سقيهم النّبيذ وفي الطّرب أقول، مَا عَلَى ذَا اسْتَوْزَرْتَنِي، أَبَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْجَامِعِ يُشْرَبُ النَّبِيذُ عِنْدَكَ وَتَسْمَعُ السَّمَاعَ؟! فكان يقول: قد سمعت عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَأَقُولُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ: كَانَ أَبِي قَدْ أَلَحَّ عَلَى الْمَهْدِيِّ فِي حَسْمِهِ عَنِ السَّمَاعِ حَتَّى ضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي قَدْ ضَجِرَ مِنَ الْوَزَارَةِ وَتَابَ وَنَوَى التَّرك، قال: فكنت   1 تاريخ الطبري "8/ 157-160"، والبداية والنهاية "10/ 148". 2 تاريخ الطبري "8/ 160". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 13 أَقُولُ لِلْمَهْدِيِّ: وَاللَّهِ لَخَمرٌ أَشْرَبُهُ وَأَتُوبُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْوَزَارَةِ، وَإِنِّي لأَرْكَبُ إِلَيْكَ، فَأَتَمَنَّى يَدًا خَاطِئَةً تُصِيبُنِي، فَاعْفِنِي وولِّ مَنْ شِئْتَ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُسَلِّمَ عَلَيْكَ أَنَا وَوَلَدِي، فما أتفرّغ، ولَّيتني أُمُورَ النَّاسِ وَإِعْطَاءَ الْجُنْدِ، وَلَيْسَ دُنْيَايَ عِوَضًا عَنْ آخِرَتِي. وَقَالَ: فَكَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ غُفْرًا، الَّلهمّ أَصْلِحْ قَلْبَهُ. وَقَالَ قَائِلٌ: فَدَعْ عَنْكَ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ جَانِبًا ... وَأَقْبِلْ عَلَى صَهْبَاءَ طَيِّبَةِ النَّشر وَلَمَّا حَبَسَهُ الْمَهْدِيُّ عَزَلَ أَصْحَابَهُ، وَسَجَنَ أَهْلَ بَيْتِهِ1. قَضَاءُ الْعَسْكَرِ: وَفِيهَا سَارَ مُوسَى الْهَادِي إِلَى جُرْجَانَ، وَجَعَلَ عَلَى قَضَاءِ عَسْكَرِهِ الْقَاضِي أَبَا يُوسُفَ2. ضَرْبُ الْمَهْدِيِّ الدَّنَانِيرَ وَإِقَامةُ الْبَرِيدِ: وَفِيهَا تَحَوَّلَ الْمَهْدِيُّ إِلَى قَصْرِ السَّلامِ، وَضَرَبَ بِهَا الدَّنَانِيرَ، وَأَمَرَ، فَأُقِيمَ لَهُ الْبَرِيدُ مِنَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَمِنَ الْيَمَنِ وَمَكَّةَ إِلَى الْحَضْرَةِ، بِغَالا وَإِبِلا؟، وَهُوَ أَوَّلُ ما عَمِلَ الْبَرِيدَ إِلَى الْحِجَازِ مِنَ الْعِرَاقِ3. وَفِيهَا اضْطَرَبَتْ خُرَاسَانُ عَلَى الْمُسَيَّبِ بْنِ زُهَيْرٍ، فَصَرَفَهُ الْمَهْدِيُّ بِالْفَضْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ الطُّوسيّ، وَأَضَافَ إِلَيْهِ سِجِسْتَانَ4. قَتْلُ ابْنِ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: وَفِيهَا قَدِمَ وَضَّاحُ الشَّرويّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ الأَشْعَرِيِّ، وَكَانَ رُمِيَ بالزَّندقة، فَقَتَلَهُ بِحَضْرَةِ أَبِيهِ، وَأَبَادَ الْمَهْدِيُّ الزَّنادقة5.   1 تاريخ الطبري "8/ 161". 2 تاريخ الطبري "8/ 162". 3 تاريخ الطبري "8/ 162"، البداية والنهاية "10/ 149". 4 تاريخ الطبري "8/ 162-163". 5 تاريخ الطبري "8/ 163"، الكامل لابن الأثير "6/ 73". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 14 أحداث سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: أَبُو يزيد أَنَسُ بْنُ عِمْرَانَ الرُّعينيّ الْمِصْرِيُّ، وَكَاتِبُ السِّرِّ لِلْهَادِي أَبَانُ بْنُ صَدَقَةَ، مَاتَ بِجُرْجَانَ، وبشَّار ابن بُرْدٍ الشَّاعِرُ، قِيلَ: وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْحَفْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنُ حَيٍّ الْفَقِيهُ، وَجَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ، فِي قَوْلٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ شَيْخُ الْبَصْرَةِ، وَدَاوُدُ بْنُ الْفُرَاتِ الْبَصْرِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْجُمَحِيُّ الْبَصْرِيُّ، وَالسَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ الْبَصْرِيُّ أَخُو حَمَّادٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنوخيّ شَيْخُ دِمَشْقَ. وَسُوَيْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَصْرِيُّ، وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو أُوَيْسٍ عَبْدُ اللَّهِ بن عبد الله المدنيّ، وعبد الرحمن ابن شُرَيْحٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهباء، فِي قَوْلٍ، وَالأَمِيرُ عيسى ابن مُوسَى الْعَبَّاسِيُّ بِالْكُوفَةِ، في ذِي الْحِجَّةِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الحرَّانيّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مصرِّف الْكُوفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ سَلْمَى، وَأَبُو بَكْر بْن عليّ بْن عطاء بْن مُقَدَّم الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ السُّكّريّ الْمَرْوَزِيُّ، وَمُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو عُقَيْلٍ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الرَّاسِبِيُّ الْبَصْرِيُّ، وَمَخْلَدٌ الشَّيبانيّ وَالِدُ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، وَأَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ الْكُوفِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَأَبُو إِسْرَائِيلَ الْمُلائِيُّ، وَاسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ. تتبُّع الزَّنَادِقَةِ: وَجَدَّ المهديُّ فِي تتبُّع الزَّنادقة وَالْبَحْثِ عَنْهُمْ فِي الآفَاقِ، وَقَتَلَ عَلَى التُّهمة1. عَزْلُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرِ: وَفِيهَا عَزَلَ الْمَهْدِيُّ عَنْ دِيوَانِ الرَّسَائِلِ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ الأَشْعَرِيَّ الَّذِي كَانَ وَزِيرَهُ، وولاَّه الرَّبِيعَ الحاجب، فاستناب سعيد بن واقد2.   1 تاريخ الطبري "8/ 165"، الكامل في التاريخ "6/ 75". 2 تاريخ الطبري "8/ 165"، الكامل في التاريخ "6/ 75". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 15 الطَّاعُونُ بِالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ: وَفِيهَا كَانَ الطَّاعُونُ بِالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ1. الزِّيَادَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِالزِّيَادَةِ الْكُبْرَى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ دُورٌ كَثِيرَةٌ، وَوَلِيَ الْبِنَاءَ يَقْطِينُ الأَمِيرُ2. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ الإمام إبراهيم بن يحيى3.   1 تاريخ الطبري "8/ 165"، البداية والنهاية "10/ 149". 2 تاريخ الطبري "8/ 164"، البداية والنهاية "10/ 149". 3 تاريخ خليفة "438"، المعرفة والتاريخ "1/ 154". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 16 أحداث سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو أُمَيَّةَ أَيُّوبُ بْنُ خَوْطٍ الْبَصْرِيُّ، وَجَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، بِخِلافٍ، وَأَبُو الْغُصْنِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ، وَالأَمِيرُ حَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ سِبْطِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ السَّرْخَسِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ بِدِمَشْقَ، وَقِيلَ: سَنَةَ تِسْعٍ، وَأَبُو مَهْدِيٍّ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْحِمْصِيُّ، وَطُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجَعْفَرِيُّ الْكُوفِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ، وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ، وَغَوْثُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِمِصْرَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ الْكُوفِيُّ فِي قَوْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عُلاثة الْعُقَيْليُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكّريّ، فِي قَوْلٍ، وَمِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنْزِيُّ، فِي قَوْلٍ، ومفضَّل بْنُ مُهَلْهَلٍ، فِي قَوْلٍ، وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلاعِيُّ بِمِصْرَ، والنَّضر بْنُ عَرِبيٍّ الْحَرَّانِيُّ، وَيَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ. نَقْضُ الرُّومِ لِلصُّلْحِ: وَفِيهَا نَقَضَتِ الرُّومُ الصُّلح بَعْدَ فَرَاغِ الْهُدْنَةِ بِثَلاثَةِ أشهر، فتوجَّه إليهم زيد بن بدر الجزء: 10 ¦ الصفحة: 16 ابن أَبِي مُحَمَّدٍ الْبَطَّالُ فِي سَرِيَّةٍ، فَغَنِمُوا وَظَفِرُوا1. تَجْهِيزُ الْحَرَشِيِّ إِلَى طَبَرِسْتَانَ: وَفِيهَا جهَّز الْمَهْدِيُّ سَعِيدًا الْحَرَشِيَّ إِلَى طَبَرِسْتَانَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا2. مَوْتُ عَرِّيفِ الزَّنَادِقَةِ: وَفِيهَا مَاتَ عُمَرُ الْكَلْوَذَانِيُّ عَرِّيفُ الزَّنادقة، فَوُلِّيَ بَعْدَهُ حَمْدُوَيْهِ الْمَيْسَانِيُّ3. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَأَقَامَ مَوْسِمَ الْحَجِّ عَلِيُّ بْنُ المهديّ4.   1 تاريخ الطبري "8/ 167". 2 تاريخ الطبري "8/ 167". 3 تاريخ الطبري "8/ 167"، الكامل لابن الأثير "6/ 80". 4 تاريخ خليفة "439"، تاريخ الطبري "8/ 167". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 17 أحداث سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: الْقَاضِي أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ، وَثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ الأَحْوَلُ الْبَصْرِيُّ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ إِيَاسٍ، وخالد ابن يَزِيدَ الْمَهْرِيُّ، بِالثَّغْرِ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ وَالِدُ عِرَاكٍ الْمُقْرِئِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فِي قول، ودحية بن المغضب بن أصبغ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ، قُتِلَ بِمِصْرَ. وَالسَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، فِي آخِرِهَا، وَسَعِيدُ بن أبي أَيُّوبَ، بِخِلافٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ كَيْسَانَ، وَطُعْمَةُ بْنُ عمرو الكوفيّ في قول، وعبيد الله بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ الْكُوفِيُّ، وَعُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ الْبَصْرِيُّ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ اللَّيثي الشَّاعِرُ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، فِي قَوْلٍ، وَمُوسَى بْنُ محمد الأنصاريّ، ونافع بن عمر الْجُمَحِيُّ، وَنَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ قَارِئُ الْمَدِينَةِ. وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَأَبُو إِسْرَائِيلَ الملائيّ، بخلاف، وأبو سعيد الْمُؤَدِّبُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 17 مَوْتُ الْمَهْدِيِّ وَخِلافَةُ الْهَادِي: وَفِيهَا: خِلافَةُ الْهَادِي. فِي المحرَّم سَارَ الْمَهْدِيُّ إِلَى مَاسَبَذَانَ عَازِمًا عَلَى تَقْدِيمِ ابْنِهِ هَارُونَ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ، وَأَنْ يُؤَخِّرَ مُوسَى الْهَادِي، فَنَفَّذَ إِلَى مُوسَى فِي ذَلِكَ فَامْتَنَعَ، فَطَلَبَهُ فَلَمْ يَأْتِ، فهمَّ المهديُّ بِالْمَسِيرِ إِلَى جُرْجَانَ لِذَلِكَ، فَسَاقَ يَوْمًا خَلْفَ صَيْدٍ فَاقْتَحَمَ الصَّيد خَرِبةً، وَدَخَلَتِ الْكِلابُ خَلْفَهُ، وَتَبِعَهُمُ الْمَهْدِيُّ، فَدُقَّ ظَهْرُهُ فِي بَابِ الْخَرِبَةِ مَعَ شِدَّةِ سَوْقِ الْفَرَسِ، فَهَلَكَ لِسَاعَتِهِ1. وَقِيلَ: بَلْ أَطْعَمُوهُ السُّم، سَقَتْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سُمًّا اتَّخَذَتْهُ لضرَّتها، فَمَدَّ يَدَهُ، وَفَزِعَتْ أَنْ تَقُولَ: هُوَ مَسْمُومٌ، وَكَانَ لُبًّا فِيمَا قِيلَ، وَقِيلَ: كَانَ إِنْجَاصًا، فَأَكَلَ وَصَاحَ: جَوْفِي، وَتَلِفَ مِنَ الْغَدِ، وعلِّقت الْمُسُوحُ عَلَى قِبَابِ حُرَمِهِ2. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ: رُحْنَ فِي الوشي وأصبحـ ... ـن عليهنّ المسوح كلُّ نطَّاحٍ من الدّهـ ... ـر له يوم نطوح لست بالباقي ولو عمـ ... ـرت مَا عمِّر نُوحُ نُحْ عَلَى نَفْسِكَ يَا مسـ ... ـكين إِنْ كُنْتَ تَنُوحُ مَاتَ لثمانٍ بَقَيْنَ مِنَ المحرَّم وَلَهُ ثَلاثٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ الرَّشِيدُ وَدُفِنَ تَحْتَ جَوْزَةٍ، وَبَعَثُوا بِالْخَاتَمِ وَالْقَضِيبِ إِلَى مُوسَى الْهَادِي، فَرَكِبَ مِنْ وَقْتِهِ وَقَصَدَ الْعِرَاقَ، فَوَصَلَهَا فِي بضعةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ: فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَنَزَلَ بِقَصْرِ الْخُلْدِ3، وَكُتِبَ بِخِلافَتِهِ إِلَى الآفَاقِ. التَّشْدِيدُ فِي طَلَبِ الزنادقة: فيها اشْتَدَّ تطلُّب الْهَادِي للزَّنادقة، فَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً كَابْنِ بَاذَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ يَقْطِينَ، وَقَتَلَ يَعْقُوبَ بن الفضل ابن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ   1 تاريخ الطبري "8/ 168-169". 2 تاريخ الطبري "8/ 169-170". 3 تاريخ الطبري "8/ 189". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 18 عبد المطّلب الهاشمّي، وكان أَقَرَّ بالزَّندقة لِلْمَهْدِيِّ وَقَالَ: لا سَبِيلَ إِلَى أَنْ أُظْهِرَ مَقَالَتِي وَلَوْ قَرَضْتَنِي بِالْمَقَارِيضِ، فَقَالَ لَهُ: وَيْلُكَ، لَوْ كُشِفَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَمْرُ كَمَا تَقُولُ، لَكُنْتَ جَدِيرًا أَنْ تُؤْمِنَ لابْنِ عَمِّكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فلولاه مَنْ كُنْتَ؟ وَلَوْلا أَنِّي عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ لا أَقْتُلَ هَاشِمِيًّا لَمَا نَاظَرْتُكَ1. ثُمَّ أَحْضَرَ الْمَهْدِيُّ وَلَدَ عَمِّهِ دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ، فَاعْتَرَفَ بالزَّندقة -سأل الله الثَّبات- قال الْمَهْدِيُّ لِوَلَدِهِ الْهَادِي: إِنْ وُلِّيتَ مِنْ بَعْدِي فَلا تُمْهِلْ هَذَيْنِ، فَمَاتَ ابْنُ دَاوُدَ فِي السِّجْنِ، وَخَنَقَ الْهَادِي يَعْقُوبَ هَذَا، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَخِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ مَاتَ فِي السِّجْنِ، وَظَهَرَتْ بِنْتُهُ فَاطِمَةُ أَنَّهَا حبلى منه، أكرهها. وقعة فخ: فيها فِي أَوَاخِرِ السَّنَةِ وَقْعَةُ فَخٍّ، وَمِنْ خَبَرِهَا أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ خَرَجَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ آلُ بَيْتِهِ قَدْ كَفَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَسَكِرَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فحدَّه وَالِي الْمَدِينَةِ فَغَضِبَ وَفَقَدُوهُ، وَكَانَ الْحُسَيْنُ كَفِيلَهُ2. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَفَّلَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فَكَانَ الْحُسَيْنُ هَذَا، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ قَدْ كَفَلا الْحَسَنَ الَّذِي حدَّ، فَتَغَيَّبَ الْحَسَنُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَطَلَبَهُمَا الأَمِيرُ، فَقَالَ: أَيْنَ الْحَسَنُ؟ قَالا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي، إِنَّمَا غَابَ مِنْ يَوْمَيْنِ، فَأَغْلَظَ لَهُمَا، فَحَلَفَ يَحْيَى أَنَّهُ لا يَنَامُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِهِ، أَوْ يَرُدَّ الْخَبَرَ، فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا دَعَاكَ إِلَى الْيَمِينِ؟ وَمِنْ أَيْنَ نَجِدُ الْحَسَنَ؟ قَالَ: فَنَخْرُجُ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: فَيُكْسَرُ بِخُرُوجِنَا اللَّيْلَةَ، مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَصْحَابِنَا مِنَ الْمِيعَادِ، قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ وَقَدْ كَانُوا تَوَاعَدُوا عَلَى الْخُرُوجِ بِمِنًى فِي الْمَوْسِمِ3. وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مِنْ شِيعَتِهِمْ، وَمِمَّنْ بَايَعَ لَهُمْ مُخْتَفِينَ فِي دارٍ، فَمَضَوْا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ خَرَجُوا، وَأَقْبَلَ يَحْيَى حَتَّى ضَرَبَ دَارَ الأَمِيرِ بِالسَّيْفِ، فَلَمْ يَخْرُجْ وَكَأَنَّهُ عَلِمَ بِأَمْرِهِمْ، فَاخْتَفَى، فَجَاءُوا وَاقْتَحَمُوا الْمَسْجِدَ وَقْتَ الصُّبح، فَجَلَسَ   1 تاريخ الطبري "8/ 190". 2 تاريخ الطبري "8/ 192-193". 3 تاريخ الطبري "8/ 193". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 19 الْحُسَيْنُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَأْتُونَ لِلصَّلاةِ، فَإِذَا رَأَوْهُمْ رَجَعُوا، فلمَّا صَلَّى الْغَدَاةَ جَعَلَ النَّاسُ يَأْتُونَهُ وَيُبَايِعُونَهُ، فَأَقْبَلَ خَالِدٌ الْبَرْبَرِيُّ وَهُوَ نَازِلٌ بِالْمَدِينَةِ يَحْفَظُهَا مِنْ خُرُوجِ خَارِجٍ، وَمَعَهُ مائتا فارس، فأقبل بهم السِّلاحِ، وَمَعَهُ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ أَخُو الزَّاهِدِ الْعُمَرِيِّ، وَمَعَهُمُ الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَسَنِيِّ عَلَى حمارٍ فَاقْتَحَمَ خَالِدٌ الْبَرْبَرِيُّ الرَّحبة، وَقَدْ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ، وَجَذَبَ السَّيْفَ وَهُوَ يَصِيحُ: يَا حُسَيْنُ يَا كَشْكَاشُ، قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ. وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى خَالَطَهُمْ، فَقَامَ إِلَيْهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخُوهُ إِدْرِيسُ، فَضَرَبَهُ يَحْيَى فَقَطَعَ أَنْفَهُ، فَدَخَلَ الدَّمُ فِي عَيْنَيْهِ، فَجَعَلَ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ بالسَّيف وَهُوَ لا يُبْصِرُ، فَاسْتَدَارَ لَهُ إِدْرِيسُ فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ، ثُمَّ جرِّد وَسُحِبَ إِلَى الْبَلاطِ، وَانْهَزَمَ عَسْكَرُهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّهُ بِعَيْنِي1. وَجُرِحَ يَحْيَى، وَشُدُّوا عَلَى المسوِّدة، وَبَيْنَهُمُ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ، فَصَاحَ الْحُسَيْنُ: ارْفِقُوا -وَيْلَكُمْ- بِالشَّيْخِ، ثُمَّ انْتَهَبُوا بَيْتَ الْمَالِ2. وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ أَضْعَفَ أَمْرَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْغَايَةِ، وَأَخْلاهَا مِنَ السِّلاحِ وَالْمَالِ، قَالَ: فَوَجَدُوا فِي بَيْتِ الْمَالِ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ لَيْسَ إِلا. وَقِيلَ: وَجَدُوا سَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَأَغْلَقَ الرَّعِيَّةُ أَبْوَابَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تَهَيَّأَ الْجَمْعَانِ لِلْحَرْبِ، فَالْتَقَوْا، وَكَثُرَ الْجِرَاحُ، وَدَامَ الْقِتَالُ إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ تَحَاجَزَا، فَجَاءَ الْخَبَرُ بِالْعَشِيِّ أَنَّ مُبَارَكًا التُّرْكِيَّ نَزَلَ بِئْرَ المطَّلب، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ الْعَسْكَرُ، فَأَقْبَلَ مِنَ الْغَدِ إِلَى الثَّنية، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَوَالِي الْعَبَّاسِيِّينَ، فَالْتَحَمَ الْقِتَالُ يَوْمَئِذٍ إِلَى الظُّهر، وَغَفَلَ النَّاسُ عَنْ مُبَارَكٍ، فَانْهَزَمَ عَلَى الْهُجُنِ3. ثُمَّ تَجَهَّزَ الْحُسَيْنُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَسَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَالرَّعِيَّةُ يَدْعُونَ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ، فَإِنَّهُ آذَى النَّاسَ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ فَسَقَةً يتغوَّطون فِي جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ، وَمَضَى إِلَى مَكَّةَ، وَتَجَمَّعَ مَعَهُ خَلْقٌ مِنْ عَبِيدِ مَكَّةَ، فَبَلَغَ خَبَرُهُ الْهَادِي، وَكَانَ قَدْ حَجَّ تلك   1 تاريخ الطبري "8/ 193-194". 2 تاريخ الطبري "8/ 194". 3 تاريخ الطبري "8/ 194-195". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 20 اللَّيَالِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَخُو الْمَنْصُورِ عَبَّاسٌ وَمُوسَى بْنُ عِيسَى وَمَعَهُمُ الْعُدَدُ وَالْخَيْلُ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ، فَكَانَتِ الْوَقْعَةُ بفَخٍّ، بِقُرْبِ مَكَّةَ، فَقُتِلَ فِي الْمَصَافِّ الْحُسَيْنُ، وَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُ1. وَنُودِيَ بِالأَمَانِ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ أَبُو الزِّفت مُغْمِضًا عَيْنَهُ، قَدْ أَصَابَهَا شَيْءٌ مِنَ الْحَرْبِ، فَوَقَفَ خَلْفَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ يَسْتَجِيرُ بِهِ فَأَمَرَ بِهِ مُوسَى بْنُ عِيسَى فَقُتِلَ فِي الحال، فغضب محمد ابن سليمان من ذلك، واحتزّت رؤوس الْقَتْلَى، فَكَانُوا مِائَةً. وَغَضِبَ الْهَادِي عَلَى مُوسَى بْنِ عِيسَى لِقَتْلِهِ أَبَا الزِّفت، فَأَخَذَ أَمْوَالَهُ. وَغَضِبَ أَيْضًا عَلَى مُبَارَكٍ التُّركيّ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُ، وصيَّره فِي سَاسَةِ الدَّوابّ2. بَدْءُ الأُسْرَةِ الإِدْرِيسِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ: وَانْفَلَتَ إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَصَارَ إِلَى مِصْرَ، وَتَوَصَّلَ إِلَى الْمَغْرِبِ، إِلَى أَنِ اسْتَقَرَّ بِطَنْجَةَ، وَهِيَ عَلَى الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، فَاسْتَجَابَ لَهُ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَأَعَانَهُ عَلَى الْهُرُوبِ نَائِبُ مِصْرَ وَاضِحٌ الْعَبَّاسِيُّ، وَكَانَ يترفَّض، فَسَيَّرَهُ عَلَى الْبَرِيدِ، فَطَلَبَ الْهَادِي وَاضِحًا وَصَلَبَهُ3. وَقِيلَ: بَلْ صَلَبَهُ الرَّشِيدُ، ثُمَّ بَعَثَ الْخَلِيفَةُ شمَّاخًا الْيَمَامِيَّ دَسِيسَةً، وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ إِفْرِيقِيَّةِ، فَتَوَصَّلَ إِلَى إِدْرِيسَ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ شِيعِيٌّ مُتَحَرِّقٌ، وَأَنَّهُ يُلِمُّ بِالطِّبِّ، فَأَنِسَ بِهِ إِدْرِيسُ، ثُمَّ شَكَى إِلَيْهِ وَجَعًا بِأَسْنَانِهِ، فَأَعْطَاهُ سُنُونًا مَسْمُومًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ سَحَرًا، وَهَرَبَ الشَّمَّاخُ فِي اللَّيْلِ، وَاسْتَنَّ إِدْرِيسُ فتلف، فقام بعده ولده إدريس بْنُ إِدْرِيسَ. فَتَمَلَّكَ هُوَ وَأَوْلادُهُ بِالْمَغْرِبِ زَمَانًا بِنَاحِيَةِ تَاهِرْتَ، وَانْقَطَعَتْ عَنْهُمُ الْبُعُوثُ. وَجَرَتْ لِلإِدْرِيسِيَّةِ أُمُورٌ يَطُولُ شَرْحُهَا، وَبَنَوُا الْقُصُورَ وَالْمَدَائِنَ. بَعْضُ سيرة الحسين بن علي: حكى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوفلي قَالَ: حدثني يوسف مولى آل حسن   1 تاريخ الطبري "8/ 195-197"، المعرفة والتاريخ "1/ 159". 2 تاريخ الطبري "8/ 198". 3 تاريخ الطبري "8/ 198". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 21 قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَقْتُولِ لما قدم عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَجَازَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَفَرَّقَهَا فِي النَّاسِ بِبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ، فَوَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلا وَعَلَيْهِ فَرْوٌ وَمَا تَحْتَهُ قَمِيصٌ، وَكَانَ يَسْتَقْرِضُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ مَوَالِيهِمْ مَا يُمَوِّنُهُمْ1. قَالَ النَّوفلي: وَحَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ قَالَ: صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ فِي يَوْمِ خُرُوجِ الْحُسَيْنِ صَاحِبِ فَخٍّ بِالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى بِنَا، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ أَبْيَضُ، وَعِمَامَةٌ بَيْضَاءُ، قَدْ سَدَلَهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ قُدَّامَهُ، إِذْ أَقْبَلَ خَالِدٌ الْبَرْبَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ، فَبَدَرَهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَشَدَّ عَلَيْهِ خَالِدٌ، فَضَرَبَهُ يَحْيَى فَقَتَلَهُ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ رَجَعَ يَحْيَى فَقَامَ بَيْنَ يَدَيِ الْحُسَيْنِ، وَسَيْفُهُ يَقْطُرُ دَمًا، فَقَالَ الْحُسَيْنُ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا ابْنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ منبر رسول الله، يدعوكم إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ أَفِ بِذَلِكَ فَلا بَيْعَةَ لِي فِي أَعْنَاقِكُمْ2. وَيُقَالُ: إِنَّ يَقْطِينَ بْنَ مُوسَى لَمَّا قَدِمَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْهَادِي قال: كأنكم والله جئتم برأي طاغوت، إن أقل ما أجزيكم أَنْ أَحْرِمَكُمْ جَوَائِزَكُمْ، فَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا3. ثَوْرَةُ ابن مغصّب بصعيد مصر: فيها ثَارَ بِالصَّعِيدِ دِحْيَةُ بْنُ مُغَصَّبٍ الأُمَوِيُّ، وَقَوِيَتْ شكوته، ثُمَّ قُتِلَ بِمِصْرَ لِسَنَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. الْعُمَّالُ عَلَى الأَمْصَارِ: وَفِيهَا كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ، وَعَلَى مَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُثَمَ، وَعَلى الْيَمَنِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ، وَعَلَى الْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ سُوَيْدٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعَلَى الْكُوفَةِ مُوسَى بْنُ عِيسَى، وَعَلَى الْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلَى جُرْجَانَ حَجَّاجٌ مَمْلُوكُ الْهَادِي، وَعَلَى قُومِسَ حَسَّانٌ وَعَلَى طَبَرِسْتَانَ صَالِحُ بْنُ شَيْخِ بْنِ عُمَيْرَةَ الأَسَدِيُّ، وَعَلَى إِصْبَهَانَ طَيْفُورٌ مَمْلُوكُ الْهَادِي، وَعَلَى بَاقِي الْمَدَائِنِ نُوَّابٌ ذُكِرَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقْتَ وِلايَتِهِمْ4.   1 تاريخ الطبري "8/ 199-200". 2 تاريخ الطبري "8/ 200-201". 3 تاريخ الطبري "8/ 203". 4 تاريخ الطبري "8/ 204". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 22 أحداث سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا: إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الأُمَوِيُّ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الْبَصْرِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ يُونُسَ الْحَاجِبُ، وَسَعِيدُ بْنُ حُسَيْنٍ الأَزْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَبُو السِّوار الْمَدَنِيُّ. بِمِصْرَ، رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَكِّيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْخَلِيفَةِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ، فِي السِّجْنِ، وَعَمْرُو بْنُ ثَابِتِ الْكُوفِيُّ، وَغِطْرِيفِ بْنِ عَطَاءٍ مُتَوَلِّي الْيَمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ الْجُعْفِيُّ، ومحمد بن الزبير المعيطيّ إمام مجسد حَرَّانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ، بِخِلافٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ الأَنْصَارِيُّ الْحِمْصِيُّ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، فِي قَوْلٍ، وَمُوسَى الْهَادِي بْنُ المهديّ الخليفة، وأبو معشر نجيج السَّنديّ الْمَدَنِيُّ، وَأَبُو جَزْءٍ الْقَصَّابُ نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ، وَيَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الأَزْدِيُّ مُتَوَلِّي إِفْرِيقِيَّةِ. مَوَالِيدُ هَذِهِ السَّنَةِ: وَفِيهَا: وُلِدَ الْمَأْمُونُ، وَالأَمِينُ، وَيَعْقُوبُ الدَّورقيّ، وَدُحَيْمٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. وَفَاةُ الْخَلِيفَةِ الْهَادِي: وَفِيهَا هَلَكَ الْخَلِيفَةُ مُوسَى الْهَادِي مِنْ قُرْحَةٍ أَصَابَتْهُ فِي جَوْفِهِ1. وَقِيلَ: سَمَّتْهُ أُمُّهُ الْخَيْزُرَانُ لَمَّا أَجْمَعَ قَتْلَ أَخِيهِ الرَّشِيدِ، وَكَانَتْ أَيْضًا حَاكِمَةً مُسْتَبِدَّةً بِالأُمُورِ الْكِبَارِ فَمَنَعَهَا، وَقَدْ كَانَتِ الْمَوَاكِبُ تَغْدُو إِلَى بَابِهَا، فَرَدَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَكَلَّمَهَا بِكَلامٍ فَجٍّ، وَقَالَ: إِنْ وَقَفَ بِدَارِكِ أَمِيرٌ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، أَمَا لَكِ مِغْزَلٌ تَشْغَلُكِ، أَوْ مُصْحَفٌ يُذَكِّرُكِ، أَوْ سِبْحَةٌ؟ فَقَامَتْ مَا تعقل من الغضب، فقيل: إنه بعث   1 تاريخ الطبري "8/ 205". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 23 إِلَيْهَا بِطَعَامٍ مَسْمُومٍ، فَأَطْعَمَتْ مِنْهُ كَلْبًا فَانْتَثَرَ، فَعَمِلَتْ عَلَى قَتْلِهِ لَمَّا وَعِكَ، بِأَنْ غَمُّوا وَجْهَهُ بِبِسَاطٍ جَلَسُوا عَلَى جَوَانِبِهِ1. وَكَانَ يُرِيدُ إِهْلاكَ الرَّشِيدِ لِيُوَلِّيَ الْعَهْدَ وَلَدَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ تَعِيسًا بِأَزَمَاتٍ فِي نِصْفِ رَبِيعٍ الآخِرِ2. وَكَانَتْ خِلافَتُهُ سنة وربع، وَعَاشَ سِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً3، وَخَلَّفَ سَبْعَةَ بَنِينَ. وَأَفْضَتِ الْخِلافَةُ إِلَى وَلِيِّ الْعَهْدِ بَعْدَهُ أَخِيهِ أمير المؤمنين هارون بن المهدي.   1 تاريخ الطبري "8/ 205-206". 2 تاريخ الطبري "8/ 213". 3 تاريخ الطبري "8/ 213". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 24 رِجَالُ هَذِهِ الطَّبَقَةِ مرتَّبون عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أَبَانُ بْنُ صَدَقَةَ1. كَاتِبُ الرَّسَائِلِ فِي دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ، وَكَاتِبُ السِّرِّ لِلرَّشِيدِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ عُزِلَ وَوُلِّيَ كِتَابَةَ الْهَادِي. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: قَالَ أَبَانٌ: كُنْتُ أَخْلُفُ الرَّبِيعَ الْحَاجِبَ عَلَى كِتَابَةِ الْمَنْصُورِ. مَاتَ بِجُرْجَانَ سَنَةَ 167. 2- أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ أَبُو يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ2. الْحَافِظُ أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَيَحْيَى اليماميّ، وبديل بن ميسرة.   1 تاريخ خليفة "436"، تاريخ الطبري "6/ 183، 7/ 623، 654"، والكامل في التاريخ "5/ 609، 6/ 46، 75". 2 الطبقات الكبرى "7/ 284"، التاريخ الكبير "1/ 454"، والجرح والتعديل "2/ 299"، والثقات لابن حبان "6/ 68"، تهذيب الكمال "2/ 24-26"، سير أعلام النبلاء "7/ 431-433"، وتهذيب التهذيب "1/ 101-102". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 24 وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، وَهُدْبَةُ، وَشَيْبَانُ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ، وَخَلْقٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ثَبْتًا فِي كُلِّ مَشَايِخِهِ. وقال ابن معين، والنسائي: ثقة. وقال أحمد الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، تَرَكَ الْقَدَرَ وَلا يَتَكَلَّمُ فِيهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: سُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ أَبَانٍ وَهَمَّامٍ فقال: كان يحيى القطان يروي عَنْ أَبَانٍ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ هَمَّامٍ، وَأَنَا فَهَمَّامٌ أَحَبُّ إِلَيَّ. قُلْتُ: فَهَذَا يَرُدُّ عَلَى مَا نَقَلَ الْوَاهِي مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكَدِيمِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْقَطَّانِ تَلْيِينَهُ أَبَانًا، وَقَوْلِهِ: لا أُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ أَيْضًا عَبَّاسٌ الدُّوري: حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِينٍ قَالَ: مَاتَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ يَرْوِي عَنْ أَبَانِ بْنِ يَزِيدَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَذَكَرَ أَبَانَ بْنَ يَزِيدَ فِي كَامِلِهِ فَأَسَاءَ بِذِكْرِهِ وَهُوَ مُتَمَاسِكٌ، وَكَتَبَ حَدِيثَهُ. لَمْ أَظْفَرْ بِوَفَاتِهِ، وَكَأَنَّهَا قَبْلَ السَّبْعِينَ ومائة. 3- إبراهيم بن أدهم1. ابن مَنْصُورِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، أَبُو إِسْحَاقَ الْعِجْلِيُّ، وَقِيلَ: التَّمِيمِيُّ الْبَلْخِيُّ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَمَنْصُورٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الجمحجّي، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَالأَعْمَشِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَشَقِيقٌ الْبَلْخِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، وبقية، وضمرة بن ربيعة، ومحمد ابن حِمْيَرٍ، وَخَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ   1 التاريخ الكبير "1/ 273"، الجرح والتعديل "2/ 87"، والثقات لابن حبان "6/ 24"، تهذيب التهذيب "1/ 102-103". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 25 الْفِرْيَابِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الْخُرَاسَانِيُّ تِلْمِيذُهُ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ لِي قُتَيْبَةُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ تَمِيمِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ عِجْلِيٌّ. وَقَالَ المفضَّل بْنُ غَسَّانَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ خَرَجَ مَعَ جَهْضَمٍ مِنْ خُرَاسَانَ هَارِبًا مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ، فَنَزَلَ الثُّغُورَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عِجْلٍ. وَسَاقَ ابْنُ مَنْدَهْ نَسَبَهُ إِلَى بَنِي عِجْلٍ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ: سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ: حَجَّ أَدْهَمُ بِأُمِّ إِبْرَاهِيمَ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ بِمَكَّةَ، فَجَعَلَتْ تَطُوفُ بِهِ عَلَى الْخَلْقِ فِي الْمَسْجِدِ وتقول: ادعو لابْنِي أَنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ عَبْدًا صَالِحًا1. قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ البلخيّ، سمعت عبد الله بن محمد الْعَابِدَ، سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْبَلْخِيَّ يَقُولُ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ مِنَ الأَشْرَافِ، وَكَانَ أَبُوهُ شَرِيفًا كَثِيرَ الْمَالِ وَالْخَدَمِ وَالْجَنَائِبِ وَالْبُزَاةِ، بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ يَأْخُذُ كِلابَهُ وَبُزَاتَهِ لِلصَّيْدِ وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ يَرْكُضُهُ، إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ مِنْ فَوْقِهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا هَذَا الْعَبَثُ: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115] اتَّقِ اللَّهَ، وَعَلَيْكَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ الْفَاقَةِ، قَالَ: فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَرَفَضَ الدُّنْيَا2. أخبرنا أحمد بن هبة الله، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ الشَّغْرِيِّ، أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ شَاهٍ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: وَمِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ، كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، فَخَرَجَ يَتَصَيَّدُ، وَأَثَارَ ثَعْلَبًا أَوْ أَرْنَبًا وَهُوَ فِي طَلَبِهِ، فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ: أَلِهَذَا خلقت أم لهذا أُمِرْتَ؟ فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَصَادَقَ رَاعِيًا لِأَبِيهِ، وَأَخَذَ جُبَّتَهُ الصُّوفَ فَلَبِسَهَا، وَأَعْطَاهُ فَرَسَهُ وَمَا مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ دَخَلَ الْبَادِيَةَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَاتَ بِالشَّامِ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، مِثْلُ الْحَصَادِ، وَحِفْظِ الْبَسَاتِينِ وَرَأَى فِي الْبَادِيَةِ رَجُلا عَلَّمَهُ اسْمَ اللَّهِ الأَعْظَمَ، فَدَعَا بِهِ بَعْدَهُ فَرَأَى الْخَضِرَ وَقَالَ: إِنَّمَا عَلَّمَكَ أخي داود الاسم الأعظم.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 371". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 368-369"، وابن عساكر في تاريخ دمشق "5/ 59". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 26 قُلْتُ: أَسْنَدَهَا أَبُو الْقَاسِمِ فِي رِسَالَتِهِ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَشَّابُ، نَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخَزَّازُ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: صَحِبْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ بُدُوِّ أَمْرِهِ، فَذَكَرَ هَذَا. قلت: رواها هلال الحفار، عن المصري الواعظ. وَرَوَى قَرِيبًا مِنْهَا: أَبُو الْفَتْحِ الْقَوَّاسُ، عَنْ أَبِي طَالِبِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهَا، وَزَادَ: فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ عَنِ الْحَلالِ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَصِرْتُ إِلَى الْمِصِّيصَةِ، فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا، ثُمَّ قِيلَ لِي: عَلَيْكَ بِطَرَسُوسَ فَإِنَّ بِهَا الْمُبَاحَاتِ، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا قَاعِدٌ عَلَى بَابِ الْبَحْرِ جَاءَنِي رَجُلٌ فَاكْتَرَانِي لِنِظَارَةِ بُسْتَانٍ1. الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ: سَمِعْتُ أَبَا عُتْبَةَ الْخَوَّاصَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ التَّوْبَةَ فَلْيَخْرُجْ مِنَ الْمَظَالِمِ، وَلْيَدَعْ مُخَالَطَةَ النَّاسِ، وَإِلا لَمْ يَنَلْ مَا يُرِيدُ2. النَّسَائِيُّ: نَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، سَمِعْتُ خلف بن تميم، سمعت إبراهيم بن أدهم يَقُولُ: رَآنِي ابْنُ عَجْلانَ فَسَجَدَ ثُمَّ قَالَ: تَدْرِي لِمَ سَجَدْتُ؟ سَجَدْتُ شُكْرًا لِلَّهِ حِينَ رَأَيْتُكَ3. سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: قُلْتُ لابْنِ الْمُبَارَكِ: مِمَّنْ سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ؟ قَالَ: قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ لَهُ فَضْلٌ فِي نَفْسِهِ، صَاحِبُ سَرَائِرَ، مَا رَأَيْتُهُ يُظْهِرُ تَسْبِيحًا وَلا شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ، وَلا أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ إِلا كَانَ آخِرَ مَنْ يَرْفَعُ يَدَهُ4. مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْمَوْصِلِيُّ: نَا أَبُو حَاتِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ كَانَ شِبْهَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَلَوْ كان في الصحابة لكان فاضلًا5.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 368". 2 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 175". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 22"، وابن عساكر كما في تاريخ دمشق "2/ 175". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 175". 5 أخرجه ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 175". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 27 قَالَ بِشْرٌ الْحَافِي: مَا أَعْرِفُ عَالِمًا إِلا قَدْ أَكَلَ بِدِينِهِ، سِوَى وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، وَسَلَمٍ الْخَوَّاصِ، وَيُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ1. أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: نَا عَبْدُ الصَّمَدِ بن يزيد الصايغ، سمعت شقيق الْبَلْخِيَّ يَقُولُ: لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ فِي الشَّامِ، فَقُلْتُ: تَرَكْتَ خُرَاسَانَ قَالَ: مَا تهنَّيت بِالْعَيْشِ إِلا هُنَا، أَفِرُّ بِدِينِي مِنْ شَاهِقٍ، فَمَنْ رَآنِي يَقُولُ: مُوَسْوَسٌ، وَمَنْ رَآنِي يَقُولُ: حَمَّالٌ: يَا شَقِيقُ: لَمْ يَنَبُلْ عِنْدَنَا مَنْ نَبُلَ بِالْجِهَادِ وَلا بِالْحَجِّ بَلْ مَنْ كَانَ يَعْقِلُ مَا يَدْخُلُ بَطْنَهُ، يَا شَقِيقُ: مَاذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ؟ لا يَسْأَلُهُمْ عَنْ زكاة، ولا عن جهاد، ولا صِلَةٍ، إِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ هَذَا هَؤُلاءِ الْمَسَاكِينُ2. قُلْتُ: هَذَا الْقَوْلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لَيْسَ عَلَى إِطْلاقِهِ، بَلْ قَدْ نَبُلَ بِالْجِهَادِ وَالْقُرْبِ عَدَدٌ مِنَ الصَّفْوَةِ. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الزُّهْدُ مِنْهُ فَرْضُهُ، وَهُوَ تَرْكُ الْحَرَامِ، وَزُهْدٌ بِسَلامٍ وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الشُّبُهَاتِ، وَزُهْدُ فَضْلٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الْحَلالِ3. قَالَ بَقِيَّةُ: دَعَانِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ إِلَى طَعَامٍ لَهُ وَجَلَسَ، فَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ إِلْيَتِهِ، وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ جَلْسَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْلِسُ جَلْسَةَ الْعَبِيدِ4. فَلَمَّا أَكَلْنَا قُلْتُ لِرَفِيقِهِ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَشَدِّ شَيْءٍ مَرَّ بِكَ مُنْذُ صَحِبْتَهُ. قَالَ: نَعَمْ، كُنَّا يَوْمًا صِيَامًا، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَا نُفْطِرُ عليه، فلمّا أصبحنا قلت: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، هَلْ لَكَ فِي أَنْ نَأْتِيَ الرَّستن فَنَكْرِي أَنْفُسَنَا مَعَ الْحَصَّادِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَتَيْنَا بَابَ الرَّستن، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاكْتَرَانِي بِدِرْهَمٍ فَقُلْتُ: وَصَاحِبِي، قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فيه، أراه ضَعِيفًا، فَمَا زِلْتُ بِهِ حَتَّى اكْتَرَاهُ بِثُلُثَيْنِ، فَحَصَدْنَا يَوْمَنَا، وَأَخَذْتُ كِرَائِي، فَأَتَيْتُ بِهِ، فَاشْتَرَيْتُ حَاجَتِي، وَتَصَدَّقْتُ بِالْبَاقِي، فَهَيَّأْتُهُ، وَقَدَّمْتُهُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ بَكَى، قُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أمّا نحن فقد   1 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 175". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 26"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 177". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 177". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 177". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 28 اسْتَوْفَيْنَا أُجُورَنَا، فَلَيْتَ شِعْرِي أَوْفَيْنَا صَاحِبَنَا أَمْ لا؟ قَالَ: فَغَضِبْتُ، قَالَ: مَا يُغْضِبُكَ؟ أَتَضْمَنُ لِي أنَّا وَفَيْنَاهُ؟ فَأَخَذْتُ الطَّعَامَ فَتَصَدَّقْتُ بِهِ1. ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ قَالَ: أَخَافُ أَنْ لا يَكُونَ لِي أَجْرٌ فِي تَرْكِي أَطَايِبَ الطَّعَامِ؛ لِأَنِّي لا أَشْتَهِيهِ، وَكَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى طَعَامٍ طَيِّبٍ رَمَى إِلَى أَصْحَابِهِ، وَقَنَعَ بِالْخُبْزِ وَالزَّيْتُونِ2. مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ: لَوْ تزوَّجت، فَقَالَ: لَوْ أَمْكَنَنِي أَنْ أطلِّق نَفْسِي لَفَعَلْتُ3. أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ قَالَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ الْجَبَلَ بِفَأْسٍ، فَاحْتَطَبَ ثُمَّ بَاعَهُ، وَاشْتَرَى بِهِ نَاطِفًا، وَقَدَّمَهُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: كُلُوا كأنَّكم تَأْكُلُونَ فِي رَهْنٍ. عِصَامُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الْجَرَّاحِ: ثَنَا أَبِي قَالَ: كُنْتُ لَيْلَةً مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ بِالثَّغْرِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِبَاكُورَةٍ، فَنَظَرَ حَوْلَهُ هَلْ يَرَى مَا يُكَافِيهِ، فَنَظَرَ إِلَى سَرْجِي فَقَالَ: خُذْ لَكَ ذَاكَ السَّرج، فَأَخَذَهُ، فَمَا دَاخَلَنِي سُرُورٌ قَطُّ مِثْلُهُ حِينَ عَلِمْتُ أَنَّهُ صَيَّرَ مَالِي وَمَالَهُ وَاحِدًا4. عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: كَانَ الْحَصَادُ أحبَّ إِلَى ابن أَدْهَمَ مِنَ اللِّقَاطِ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ لا يَرَى بِاللِّقَاطِ بَأْسًا، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَفْقَهَ، وَكَانَ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي عِجْلٍ، كَرِيمَ الْحَسَبِ، وَكَانَ إِذَا عَمِلَ ارْتَجَزَ وَقَالَ: اتَّخِذِ اللهَ صَاحِبًا ... وَدَعِ النَّاسَ جَانِبًا وَكَانَ يَلْبَسُ فِي الشِّتَاءِ فَرْوًا بِلا قَمِيصٍ، وَفِي الصَّيْفِ شِقَّتَيْنِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، يَتَّزِرُ بِوَاحِدَةٍ وَيَرْتَدِي بِأُخْرَى، وَيَصُومُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَلا يَنَامُ اللَّيْلَ، وَكَانَ يتفكّر،   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 379-380"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 177-178". 2 أخرجه ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 178". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 179". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 182". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 29 فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَصَادِ أَرْسَلَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ يحاسب صاحب الزرع، ويجيء بِالدَّرَاهِمِ فَلا يَمَسُّهَا بِيَدِهِ1. قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: اذْهَبُوا فَكُلُوا بِهَا -يَعْنِي أُجْرَتَهُ- شَهَوَاتِكُمْ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُدْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِي حِفْظِ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ. وَكَانَ يَطْحَنُ بيد واحدة مديا مِنْ قَمْحٍ2. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْغَسُولِيُّ: دَعَا الأَوْزَاعِيُّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، فقصَّر فِي الأَكْلِ، فَقَالَ: لِمَ قصَّرت؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ قَصَّرْتَ فِي الطَّعَامِ3. بِشْرٌ الْحَافِي: ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قَعَدَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، تَحَرَّزَ مِنَ الْكَلامِ4. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ طَالُوتَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ قَالَ: مَا صَدَقَ اللَّهَ عَبْدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ5. مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ الْبَلْخِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ الْفَضْلِ: سَمِعْتُ مَكِّيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: قِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ: مَا يَبْلُغُ مِنْ كَرَامَةِ الْمُؤْمِنِ عَلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَقُولَ لِلْجَبَلِ: تَحَرَّكْ فَيَتَحَرَّكَ، قَالَ: فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ، فَقَالَ: مَا إِيَّاكَ عَنَيْتُ6. عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ: سمعت عِيسَى بْنَ حَازِمٍ الَّنيسابوريّ يَقُولُ: كُنَّا مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ بِمَكَّةَ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ مُؤْمِنًا مُسْتَكْمِلَ الإِيمَانِ هَزَّ الْجَبَلَ لَزَالَ، فَتَحَرَّكَ أَبُو قُبَيْسٍ، فَقَالَ إبراهيم: اسْكُنْ، لَيْسَ إِيَّاكَ أَرَدْتُ7. يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ: ثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ: كُنَّا مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فِي الْبَحْرِ، وَهَبَّتْ رِيحٌ وَهَاجَتِ الأَمْوَاجُ، وَاضْطَرَبَتِ السَّفِينَةُ، وَبَكَى النَّاسُ فَقُلْنَا: يَا أبا إسحاق   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 373"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 182". 2 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 182-183"، وأبو نعيم في الحلية "7/ 373". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 183". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "28/ 185". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 19، 20، 31". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 4". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 4". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 30 مَا تَرَى النَّاسَ فِيهِ؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، وَقَدْ أَشْرَفْنَا عَلَى الْهَلاكِ، فَقَالَ: يَا حَيُّ حِينَ لا حَيَّ، وَيَا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، يَا حَيُّ يَا قيُّوم، يَا مُحْسِنُ، يَا مُجْمِلُ، قَدْ أَرَيْتَنَا قُدْرَتَكَ فَأَرِنَا عَفْوَكَ، قَالَ: فَهَدَأَتِ السَّفِينَةُ مِنْ سَاعَتِهِ1. ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَجْتَنِي الرُّطب مِنْ شَجَرِ البلُّوط2. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كُلُّ مَلِكٍ لا يَكُونُ عَادِلا فَهُوَ وَاللِّصُّ سَوَاءٌ، وَكُلُّ عَالِمٍ لا يَكُونُ وَرِعًا فَهُوَ والذِّئب سَوَاءٌ، وَكُلُّ مَنْ يَخْدُمُ سِوَى اللَّهِ فَهُوَ وَالْكَلْبُ بمنزلةٍ وَاحِدَةٍ3. وَقِيلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ غَزَا فِي الْبَحْرِ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَاخْتَلَفَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا إِلَى الْخَلاءِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً، كُلُّ مَرَّةٍ يُجَدِّدُ الْوُضُوءَ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ قَالَ: أوْتِرُوا لِي قَوْسِي، وَقَبَضَ عَلَى قَوْسِهِ، فَتُوُفِّيَ وَهُوَ فِي يَدِهِ، فَدُفِنَ فِي جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ فِي بِلادِ الرُّومِ4. أَخْبَرُونَا عَنِ ابْنِ اللَّتِّيِّ، أَنَا جَعْفَرُ الْمُتَوَكِّلِيُّ، أَنَا ابْنُ الْعَلافِ، ثَنَا الْجَهَامِيُّ، أَنَا جَعْفَرُ الْخَلَدِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الصُّوفِيُّ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: وَأَيُّ دِينٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِلَّهِ كَانَ الْخُمُولُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ التَّطَاوِلِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا الْحَيَاةُ بثقةٍ يُرْجَى نَوْمُهَا، وَلا الْمَنِيَّةُ بِعُذْرٍ فَيُؤْمَنُ غَدْرُهَا، فَفِيمَ التَّفْرِيطُ وَالتَّقْصِيرُ وَالاتِّكَالُ وَالإِبْطَاءُ، قَدْ رَضِينَا مِنْ أَعْمَالِنَا بِالْمَعَانِي، وَمِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ بِالتَّوَانِي، وَمِنَ الْعَيْشِ الْبَاقِي بِالْعَيْشِ الْفَانِي. وَأَمْسَيْنَا لَيْلَةً مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ نُفْطِرُ عَلَيْهِ، فَرَآنِي حَزِينًا فَقَالَ: يَا ابْنَ بَشَّارٍ، مَاذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنَ النَّعِيمِ وَالرَّاحَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟ لا يَسْأَلُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ زَكَاةٍ، وَلا حَجٍّ، وَلا صَدَقَةٍ، وَلا صِلَةِ رَحِمٍ، لا تَغْتَمَّ، فَرِزْقُ اللَّهِ مَضْمُونٌ، سَيَأْتِيكَ. نَحْنُ وَاللَّهِ الْمُلُوكُ الأَغْنِيَاءُ، نَحْنُ وَاللَّهِ الذين تعجلنا الراحة، لا نُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا إِذَا أَطَعْنَا اللَّهَ. ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاتِهِ، وَقُمْتُ إلى   1 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 189". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 3"، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 189". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 196". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 199". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 31 صَلاتِي، فَمَا لَبِثْنَا إِلا سَاعَةً، فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ جَاءَ بِثَمَانِيَةِ أَرْغِفَةٍ وَتَمْرٍ كَثِيرٍ، فَوَضَعَهُ، فَقَالَ: كُلْ يَا مَغْمُومُ، فَدَخَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: أطْعِمُونَا فَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَلاثَةَ أَرْغِفَةٍ مَعَ تَمْرٍ، وَأَعْطَانِي ثَلاثَةً وَأَكَلَ رَغِيفَيْنِ1. وَكُنْتُ مَارًّا مَعَ إِبْرَاهِيمَ، فَأَتَيْنَا عَلَى قَبْرٍ مسنَّم، فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا قَبْرُ حُمَيْدِ بْنِ جَابِرٍ أَمِيرِ هَذِهِ الْمُدُنِ كُلِّهَا، كَانَ غَرِقَ فِي بِحَارِ الدُّنْيَا ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْهَا2. بَلَغَنِي أَنَّهُ سُرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِشَيْءٍ وَنَامَ، فَرَأَى رَجُلا بِيَدِهِ كِتَابٌ، فَنَاوَلَهُ فَفَتَحَهُ، فَإِذَا فِيهِ كِتَابٌ بِالذَّهَبِ مَكْتُوبٌ: لا تُؤْثِرَنَّ، فَإِنَّنَا عَلَى بَاقٍ، وَلا تغترَّنّ بِمُلْكِكَ، فَإِنَّ مَا أَنْتَ فِيهِ جَسِيمٌ، لَوْلا أَنَّهُ عَدِيمٌ، وَهُوَ مُلْكٌ، لَوْلا أَنَّ بَعْدَهُ هَلَكٌ، وَفَرَحٌ وَسُرُورٌ، لَوْلا أَنَّهُ لَهْوٌ وَغُرُورٌ -وَهُوَ يَوْمٌ لَوْ كَانَ يُوثَقُ لَهُ بغدٍ، فَسَارِعْ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ الله قال: {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] فَانْتَبَهَ فَزِعًا وَقَالَ: هَذَا تَنْبِيهٌ مِنَ اللَّهِ وَمَوْعِظَةٌ، فَخَرَجَ مِنْ مُلْكِهِ وَقَصَدَ هَذَا الْجَبَلَ، فَعَبَدَ اللَّهَ فِيهِ حَتَّى مَاتَ3. إِسْحَاقُ بْنُ الضَّيْفِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ حَصَدَ لَيْلَةً مَا يَحْصُدُ غَيْرُهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَأَخَذَ أُجْرَتَهُ دِينَارًا. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصفَّار: أَنَا يُوسُفُ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحدّاد، أنا أبو نُعَيم، نا إبراهيم ابن عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّراج، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ بَشَّارٍ، قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ: كَيْفَ كَانَ بُدُوُّ أَمْرِكَ؟ قَالَ: غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْمًا، فَقَالَ: كَانَ أَبِي مِنْ أَهْلِ بَلْخَ، وَكَانَ مِنْ مُلُوكِ خُرَاسَانَ الْمَيَاسِيرِ، وحبَّب إِلَيْنَا الصَّيْدَ، فَخَرَجْتُ رَاكِبًا فَرَسِي وَمَعِي كَلْبِي، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ ثَارَ أَرْنَبُ أَوْ ثَعْلَبٌ، فَحَرَّكْتُ فَرَسِي، فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي: لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ، وَلا بِذَا أُمِرْتَ، فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا -فَقُلْتُ، لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ، ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي، فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ: يَا إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ، وَلا بِذَا أُمِرْتَ، فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ، فَلا أَرَى أَحَدًا، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ، ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي، فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قربوس سرجس يا إبراهيم ما لذا خلقت،   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 370"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 182". 2 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 196". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 196". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 32 وَلا بِذَا أُمِرْتَ، فَوَقَفْتُ وَقُلْتُ: انْتَهَيْتُ انْتَهَيْتُ، جَاءَنِي نَذِيرٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَاللَّهِ لا عَصَيْتُ اللَّهَ بَعْدَ يَوْمِي إِذَا مَا عَصَمَنِي رَبِّي. فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فخلَّيت عَنْ فَرَسِي، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لِأَبِي، فَأَخَذْتُ مِنْهُ جبَّة وَكِسَاءً، وَأَلْقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى الْعِرَاقِ فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا، فَلَمْ يَصْفُ لِي مِنْهَا الْحَلالُ، فَقِيلَ لِي: عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَصِرْتُ إِلَى المصِّيصة، فَعَمِلْتُ بِهَا، فَلَمْ يَصْفُ لِي الْحَلالُ، فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَ الْحَلالَ الصَّافِيَ فَعَلَيْكَ بِطَرَسُوسَ، فَإِنَّ فِيهَا الْمُبَاحَاتِ وَالْعَمَلَ الْكَثِيرَ، فَأَتَيْتُهَا، فَعَمِلْتُ بِهَا أَنْظُرُ فِي الْبَسَاتِينِ وَأَحْصُدُ، فَبَيْنَمَا أَنَا عَلَى بَابِ الْبَحْرِ جَاءَنِي رَجُلٌ أَنْظُرُ لَهُ، فَكَتَبْتُ فِي الْبُسْتَانِ مُدَّةً، فَإِذَا بِخَادِمٍ قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ فَصَاحَ: يَا نَاظُورُ، اذْهَبْ فَآتِنَا بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَطْيَبِهِ، فَذَهَبْتُ فَأَتَيْتُهُ بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ، فَكَسَرَ رُمَّانَةً فَوَجَدَهَا حَامِضَةً فَقَالَ: أَنْتَ عِنْدَنَا كَذَا وَكَذَا تَأْكُلُ فَاكِهَتَنَا وَرُمَّانَنَا، لا تَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ، قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا ذُقْتُهَا. فَأَشَارَ إِلَى أَصْحَابِهِ تَسْمَعُونَ كَلامَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ لِي: أَتَرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ زَادَ عَلَى هَذَا فَانْصَرِفْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ذَكَرَ صِفَتِي فِي الْمَسْجِدِ، فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ، فَجَاءَ الْخَادِمُ وَمَعَهُ عُتَقٌ مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَقْبَلَ اخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجَرِ وَالنَّاسُ دَاخِلُونَ، فَاخْتَلَطْتُ مَعَهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ وَأَنَا هَارِبٌ1. رَوَى يُونُسُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَلْخِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ نَحْوَهَا. إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ الْمَنْصُورِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالا: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ، وَأَبُو يُوسُفَ الْغَسُولِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ السِّنْجَارِيُّ، وَنَحْنُ مُتَوَجِّهُونَ نُرِيدُ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَصِرْنَا إِلَى نَهْرِ الأُرْدُنِ، فَقَعَدْنَا نَسْتَرِيحُ، فقرَّب أَبُو يُوسُفَ كُسَيْرَاتٍ يَابِسَاتٍ. فَأَكَلْنَا وَحَمِدْنَا اللَّهَ، وَقَامَ بَعْضُنَا لِيَسْقِيَ إِبْرَاهِيمَ، فَسَارَعَهُ فَدَخَلَ فِي الْمَاءِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَشَرِبَ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ خَرَجَ فَمَدَّ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا يُوسُفَ: لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وَأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ السُّرُورِ وَالنِّعَمِ، إِذًا لجالدونا عليه بأسيافهم2.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 368-369"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 172". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 370-371"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 179". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 33 ابْنُ بَشَّارٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: مَا قَاسَيْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، مَا قَاسَيْتُ مِنْ نَفْسِي، مَرَّةً لِي، وَمَرَّةً عَلَيَّ. قَالَ عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ: ضَاعَتْ نَفَقَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ بِمَكَّةَ، فَمَكَثَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يستفُّ الرَّمْلَ1. وَقَالَ بِشْرٌ الْحَافِي، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدِ قَالَ: مَكَثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَأْكُلُ الطِّينَ عِشْرِينَ يَوْمًا2. وَقَالَ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، عن أبي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ أَنَّهُ أَصَابَتْهُ مَجَاعَةٌ بِمَكَّةَ، فَمَكَثَ أَيَّامًا يَأْكُلُ الرَّمْلَ بِالْمَاءِ3. وَعَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ أَدْهَمَ مَكَّةَ، فَإِذَا فِي جِرَابِهِ طِينٌ فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ طَعَامِي مُنْذُ شَهْرٍ4. عَنْ سَهْلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: صَحِبْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ فِي سَفَرٍ، فَأَنْفَقَ عَلَيَّ نَفَقَتَهُ، ثُمَّ مَرِضْتُ، فَاشْتَهَيْتُ شَهْوَةً، فَبَاعَ حِمَارَهُ وَاشْتَرَى شَهْوَتِي، فَقُلْتُ: فَعَلَى أَيِّ شيءٍ نَرْكَبُ؟ قَالَ: عَلَى عُنُقِي، قَالَ: فَحَمَلَهُ ثَلاثَةَ مَنَازِلٍ5. عصام بن روّاد: سمعت عيسى بن خَارِجَةَ قَالَ: بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَحْصُدُ وَقَفَ عَلَيْهِ رَجُلانِ مَعَهُمَا ثِقْلٌ، فَسَلَّمَا عَلَيْهِ وَقَالا: أَنْتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالا: فَإِنَّا مَمْلُوكَانِ لِأَبِيكَ وَمَعَنَا مَالٌ وَوِطَاءٌ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا تَقُولانِ، فَإِنْ كُنْتُمَا صَادِقَيْنِ فَأَنْتُمَا حُرَّانِ وَالْمَالُ لَكُمَا، لا تَشْغَلانِي عَنْ عَمَلِي6. وَعَنْ مَرْوَانَ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ سَخِيًّا جِدًّا7. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ يَقُولُ: رُبَّمَا جَلَسَ إِبْرَاهِيمُ بن   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 381"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 179-189". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 381". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 381"، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 179". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 381". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 382". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 383". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 384". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 34 أَدْهَمَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ يُكَسِّرُ الصُّنُوبَرَ فَيُطْعِمُنَا1. وَغَزَوْتُ مَعَهُ وَلِي فَرَسَانِ وَهُوَ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَأَرَدْتُهُ أَنْ يَرْكَبَ فَأَبَى، فَحَلَفْتُ، فَرَكِبَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى السَّرج، فَقَالَ: قَدْ أَبْرَرْتُ يَمِينَكَ، ثُمَّ نَزَلَ2. أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّورقي: نَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: يَجِيئُنِي الرَّجُلُ بِالدَّنَانِيرِ فَأَقُولُ: ما لي فيها حاجة، ويجيئني بالفرس فأقول: ما لي فيه حَاجَةٌ، وَيَجِيئُنِي ذَا، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ أَنِّي لا أُنَافِسُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ أَقْبَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَيَّ كَأَنِّي دَابَّةٌ مِنَ الأَرْضِ، أَوْ كَأَنِّي آيَةٌ، وَلَوْ قَبِلْتُ مِنْهُمْ لأَبْغَضُونِي، وَلَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا مَا كَانُوا يُحْمَدُونَ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ الْفُضُولِ. أحمد الدَّروقي: حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ، حدَّثني عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: غَزَا مَعَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ غَزَاتَيْنِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَشَدُّ مِنَ الأُخْرَى، فَلَمْ يَأْخُذْ سَهْمًا وَلا نَفْلا، وَكَانَ لا يأكل من متاع الروم، نجيء بِالطَّرَائِفِ وَالْعَسَلِ وَالدَّجَاجِ فَلا يَأْكُلُ مِنْهُ وَيَقُولُ: هُوَ حَلالٌ، لَكِنِّي أَزْهَدُ فِيهِ، وَكَانَ يَصُومُ، وَغَزَا عَلَى بِرْذَوْنٍ ثَمَنُهُ دِينَارٌ، وَغَزَا فِي البحر غزاتين3. الدَّورقيّ: نا خلف تميم، حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فِي سَفِينَةٍ فِي غَزَاةٍ، فَعَصَفَتْ عَلَيْهِمُ الرِّيحُ وَأَشْرَفُوا عَلَى الْغَرَقِ، فَسَمِعُوا هَاتِفًا بِصَوْتٍ عالٍ: تَخَافُونَ وَفِيكُمْ إِبْرَاهِيمُ4. وَقَدْ سَاقَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ عِدَّةَ كَرَامَاتٍ. قَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَاضِي المصَّيصة: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ كَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رَوْحٌ، لَوْ نَفَحَتْهُ الرِّيحُ لَوَقَعَ، قَدِ اسْوَدَّ، مُتَدَرِّعٌ بِعَبَاءَةٍ، فَإِذَا خَلا بِأَصْحَابِهِ فَمِنْ أَبْسَطِ النَّاسِ5. مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: نَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أدهم على المنصور   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 385". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 387". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 388". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 6"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 57". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 9". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 35 فَقَالَ: كَيْفَ شَأْنُكُمْ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، نرقِّع دُنْيَانَا بِتَمْزِيقِ دِينِنَا ... فَلا دِينُنَا يَبْقَى وَلا مَا نرقِّع1 قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَتَمَثَّلُ: لَلُقْمَةٌ بِجَرِيشِ الْمِلْحِ آكُلُهَا ... ألذُّ مِنْ تمرةٍ تُحْشَى بِزَنْبُورِ2 قَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: مَنْ تَعَوَّدَ أَفْخَاذَ النِّسَاءِ لَمْ يُفْلِحْ3. يَحْيَى بْنُ آدَمَ: سَمِعْتُ شَرِيكًا يَقُولُ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ عَمَّا كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَبَكَى، فَنَدِمْتُ عَلَى سُؤَالِي إِيَّاهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ اشْتَغَلَ بِنَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَمَنْ عَرَفَ رَبَّهُ اشْتَغَلَ بِرَبِّهِ عَنْ غَيْرِهِ4. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حبُّ لِقَاءِ النَّاسِ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا، وَتَرْكُهُمْ تَرْكُ الدُّنْيَا5. وَقَالَ لِرَجُلٍ: رَوْعَةٌ تَرُوعُكُمْ مِنْ عِيَالِكُمْ أَفْضَلُ مِمَّا أنا فيه6. وعن أبي سليمان الدارانيّ قَالَ: صَلَّى إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلاةً7. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ قَالَ: مَنْ حَمَلَ شَاذَّ الْعَمَلِ حَمَلَ شَرًّا كَبِيرًا8. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ: أَوْصَانَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: اهْرَبُوا مِنَ النَّاسِ كَهَرَبِكُمْ مِنَ السَّبْعِ الضَّارِي، وَلا تخلَّفوا عن الجمعة والجماعة9.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 10"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 193". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 10". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 11". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 15". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 19". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 21". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 22"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق2/ 179". 8 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 27". 9 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 33"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 185". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 36 عَنِ الْمُعَانِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ: شَكَا الثَّوريّ إلى إبراهيم بن أدهم فقال: نشكو إِلَيْكَ مَا يُفْعَلُ بِنَا، وَكَانَ سُفْيَانُ مُخْتَفِيًا فَقَالَ: أَنْتَ شَهَرْتَ نَفْسَكَ بِحَدِّثْنَا وَحَدَّثَنَا1. عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: عَلَى الْقَلْبِ ثَلاثَةُ أَغْطِيَةٍ: الْفَرَحُ، وَالْحُزْنُ، وَالسُّرُورُ فَإِذَا فَرِحْتَ بِالْمَوْجُودِ فَأَنْتَ حَرِيصٌ، وَالْحَرِيصُ مَحْرُومٌ، وَإِذَا حَزِنْتَ عَلَى الْمَفْقُودِ فَأَنْتَ سَاخِطٌ، وَالسَّاخِطُ مُعَذَّبٌ، وَإِذَا سُرِرْتَ بِالْمَدْحِ فَأَنْتَ مُعْجَبٌ، وَالْعَجَبُ يُحْبِطُ الْعَمَلَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23] 2. وَعَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ قَائِلا يَقُولُ لِي: أَيَحْسُنُ بِالْحُرِّ الْمُرِيدِ أَنْ يَتَذَلَّلَ لِلْعَبِيدِ وَهُوَ يَجِدُ عِنْدَ مَوْلاهُ كلّ ما يريد؟ 3. وقال النَّسائي: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ أَحَدُ الزُّهاد، ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيُّ: ثِقَةٌ. وَعَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَابْنُ يُونُسَ الْمِصْرِيُّ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. قُلْتُ: سِيرَتُهُ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ، ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ وَرَقَةً، وَهِيَ طَوِيلَةٌ فِي حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ الأَنْصَارِيُّ الأَشْهَلِيُّ4. مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ. يَرْوِي عَنْ: دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ. وَكَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا مِنَ الْعَابِدِينَ، لَكِنَّهُ وَاهِي الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 34". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 34". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 36". 4 الطبقات الكبرى "5/ 412"، التاريخ الكبير "1/ 271-272"، الجرح والتعديل "2/ 83"، تهذيب الكمال "2/ 42-44"، تهذيب التهذيب "104-105". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 37 رَوَى عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: يَا يَهُودِيُّ فَاجْلِدُوهُ عِشْرِينَ". قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مُصَلِّيًا عَابِدًا، صَامَ سِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ، قَالَ: وَمَاتَ سَنَةَ خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِيمَا قِيلَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ بْنِ شُعْبَةَ1. الإِمَامُ، أَبُو سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيُّ: شَيْخُ خُرَاسَانَ. وُلِدَ بِهَرَاةَ، وَاسْتَوْطَنَ نَيْسَابُورَ، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ مُدَّةً. وَرَوَى عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبعيّ، وَآدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَحَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ، وَخَلْقٍ حَتَّى كَتَبَ عَنْ أَقْرَانِهِ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَحَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيسابوريّ، وَخَالِدُ بْنُ نِزَارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ، وَأَبُو همَّام مُحَمَّدُ بْنُ مُحَبَّبٍ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهدي، وَأُمَمٌ سِوَاهُمْ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ: سَعْدُ بْنُ يَزِيدَ الْفَرَّاءُ -وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ. وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ الأَئِمَّةِ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "تَارِيخِ الثِّقَاتِ": مُشْتَبِهٌ، لَهُ مَدْخَلٌ فِي الثِّقَاتِ، فَإِنَّهُ رَوَى   1 التاريخ الكبير "1/ 294"، والجرح والتعديل "2/ 107-108"، وتهذيب التهذيب "1/ 129-131". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 38 أَحَادِيثَ مُسْتَقِيمَةً تُشْبِهُ أَحَادِيثَ الأَثْبَاتِ، وَقَدْ تَفَرَّدَ عَنِ الثِّقَاتِ بِأَشْيَاءَ مُعْضِلَةٍ -سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْفَصْلِ بَيْنَ النَّقلة إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْخٍ تَوَقَّفْنَا فِي أَمْرِهِ مِمَّنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الثِّقات وَالضُّعَفَاءِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ: مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ صَحِيحُ الْحَدِيثِ، مَا كَانَ بِخُرَاسَانَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخان من خراسان ثقتان مرجئانه، أَبُو حَمْزَةَ السكَّريّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ مُرْجِئًا شَدِيدًا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَذُكِرَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا مِنْ عِلَّةٍ، فَجَلَسَ وَقَالَ: لا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُونَ فيتَّكأ. قُلْتُ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الإِرْجَاءَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِدْعَةٌ خَفِيفَةٌ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ لَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ رِزْقٌ، وَكَانَ يَسْخُو بِهِ، قَالَ: فَسُئِلَ يَوْمًا عَنْ مَسَأَلَةٍ فِي مَجْلِسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لا أَدْرِي، فَقَالُوا لَهُ: يَأْخُذُ فِي الشَّهْرِ كَذَا وَكَذَا وَلا يُحْسِنُ هَذِهِ! قَالَ: إِنَّمَا آخُذُ عَلَى مَا أُحْسِنُ، وَلَوْ أَخَذْتُ عَلَى مَا لا أُحْسِنُ لَفَنِيَ بَيْتُ الْمَالِ، فَأَعْجَبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ، كَذَا قَالَ، وَإِبْرَاهِيمُ حُجَّةٌ. قَالَ الْحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُقَيْلٍ، سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، لَقَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ ربَّه. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ قِيرَاطٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ يَقُولُ: الْجَهْمِيَّةُ كفَّار، وَالْقَدَرِيَّةُ كُفَّارٌ. قَالَ مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْهَرَوِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 39 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ الْمَدَنِيُّ1. يَرْوِي عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وَعَنْهُ: أَبُو النَّضر هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 7- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ2. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النشتكي، وَأَبُو عَتَّابٍ سَهْلٌ الدَّلالُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. 8- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ الْمَخْزُومِيُّ3، أَبُو إِسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: إِسْرَائِيلَ، وَوَكِيعٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَآخَرُونَ. ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 9- إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ4، أَبُو إِسْحَاقَ الْمَخْزُومِيُّ الْمَكِّيُّ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَمُسْلِمِ بْنِ ينَّاق، وَابْنِ طَاوُسٍ. وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، وزيد بن الْحُبَابِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَهُوَ أكبر شيخ لأبي حذيفة النَّهديّ.   1 التاريخ الكبير "1/ 298-299"، تهذيب الكمال "2/ 122-123"، وتهذيب التهذيب "1/ 133". 2 التاريخ الكبير "1/ 309"، الجرح والتعديل "2/ 118"، وتهذيب التهذيب "1/ 145". 3 التاريخ الكبير "1/ 311"، الجرح والتعديل "2/ 376"، تهذيب التهذيب "1/ 150-151". 4 الطبقات الكبرى "5/ 495"، التاريخ الكبير "1/ 332-333"، الجرح والتعديل "2/ 140"، تهذيب الكمال "2/ 227-228"، تهذيب التهذيب "1/ 174". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 40 قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ أَوْثَقَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ حَافِظًا. 10- إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ الْوَعْلانِيُّ1. وَقِيلَ: الْخَوْلانِيُّ الْمِصْرِيُّ، الْفَقِيهُ الْعَابِدُ، أَبُو بَكْرٍ. دَخَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ. وَسَمِعَ مِنْ: نَافِعٍ، والزُّهريّ، وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ: اللَّيْثُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: غَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ مَعَ مُسْلِمَةَ. ابْنُ وَهْبٍ: عَنِ اللَّيْثِ، عَنْهُ قَالَ: لَقَدْ جَاءَنَا الْقَفْلُ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ تُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ، وإني لِأَطْلُبَ الْفَرْقَ مِنَ الطَّعَامِ بِسَبْعِينَ دِينَارًا. قُلْتُ: الْفَرْقُ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ بِالدِّمَشْقِيِّ، وَلَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِ هَذَا الْغَلاءِ أَبَدًا، رَوَاهُ سَعِيدٌ الآدَمِيُّ، وَهُوَ ثقة، وعن ابن وهب. وقد روى ابن المبارك، إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ، عَنْ رجلٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ابْنِ جَزْءٍ، وَهَذَا أَشْبَهُ. مَاتَ إِبْرَاهِيمُ سَنَةَ إِحْدَى، أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْكِنْدِيُّ، أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 11- أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعديّ الْمَدَنِيُّ2. أَخُو عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَزَيْدُ بْنُ الحباب، والواقديّ.   1 التاريخ الكبير "1/ 331-332"، الجرح والتعديل "2/ 141"، تهذيب التهذيب "1/ 175". 2 الطبقات الكبرى "5/ 421"، التاريخ الكبير "2/ 40"، الثقات لابن حبان "4/ 51"، الجرح والتعديل "2/ 290"، تهذيب التهذيب "1/ 186-187". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 41 مَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ وَمِائَةٍ. وُثِّقَ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدُّولابيّ: ليس القويّ. وَذَكَرَهُ النَّسائيّ فِي كِبَارِ الضُّعفاء. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَوْرَدَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِبَارِ الضُّعفاء، فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ الأَلْهَانِيِّ السَّكونيّ الْحِمْصِيِّ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا أُبَيٌّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ الاسْتِنْجَاءَ فَقَالَ: "أَلا يَكْفِي أَحَدَكُمْ ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ حَجَرَانِ لِلصَّفْحَتَيْنِ، وَحَجَرٌ لِلْمَسْرَبَةِ"1. لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِهَذَا اللَّفْظِ سِوَى أُبَيِّ بْنِ عَبَّاسٍ. 12- أَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، أَبُو عَدِيٍّ الأَلْهَانِيُّ السَّكوني الْحِمْصِيُّ2. مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، أَدْرَكَ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ. وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ المسيِّب، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَكَثِيرِ بْنِ مرَّة، وَأَبِي عَامِرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَابِرٍ الألْهَانِيِّ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ. قَالَ ابْنُ حبَّان: ثِقَةٌ، ضَابِطٌ، فَقِيهٌ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: شبَّهت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ بِأَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ على التسعين فيما أحسب.   1 "حديث ضعيف": أخرجه الدارقطني في سننه "150"، والبيهقي في السنن الكبرى "1/ 114"، والعقيلي في الضعفاء "1/ 16-17"، وفيه أبي العباس وهو كما قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتابع عَلَى شيء مِن أحاديثه، وقد ضعفه ابن معين وأحمد وغيرهما كما تقدم ذكره. 2 التاريخ الكبير "2/ 57"، الجرح والتعديل "2/ 326-327"، تهذيب التهذيب "1/ 198". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 42 13- أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ. صَاحِبُ السُّدي1. رَوَى عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ: والسُّدِّيّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ السَّلوليّ، وَعَمْرٌو الْعَنْقَزِيُّ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهدي وَعَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ الْكُوفِيُّونَ. رَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وليَّنه أَبُو نُعَيْمٍ الْكُوفِيُّ. 14- إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ2. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القاسم، وابن أبي نجيح، وخالد ابن أَبِي مَالِكٍ، وَيُوسُفَ بْنِ عُبَيْدٍ. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَطَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ مَا لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَأَحَادِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. قُلْتُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا لَيَّنَهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ، وَكَانَ جَارًا لِلْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ بِالْبَصْرَةِ. 15- إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ الأَعْوَرُ3. عَنْ أَبِيهِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَالْقَعْنَبيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. 16- إِسْحَاقُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، أَبُو صَفْوَانَ الْحِمْيَرِيُّ الْحِمْصِيُّ4.   1 الطبقات الكبرى "6/ 376"، التاريخ الكبير "2/ 53"، الجرح والتعديل "2/ 332"، تهذيب التهذيب "1/ 211-212". 2 التاريخ الكبير "2/ 378"، الجرح والتعديل "2/ 207"، تهذيب التهذيب "1/ 221-222". 3 التاريخ الكبير "2/ 383"، الجرح والتعديل "2/ 215"، تهذيب التهذيب "1/ 228". 4 الجرح والتعديل "2/ 215". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 43 قِيلَ: وُلّي خَرَاجَ دِمَشْقَ فِي أَوَّلِ دَوْلَةِ الرشيد. روى عن: مكحول، عبد اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيِّ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرائفيّ، وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْحَرَّانِيَّانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ مَجْهُولٌ. وَضَعَّفَهُ أبو أحمد الحاكم. 17- إسحاق بن حازم -ح- مهملة، ويقال: ابن أبي حازم المدنيّ1. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَمَعْنٌ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ المعين. 18- إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَشْدَقِ2 عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيُّ. الْمَدَنِيُّ، ثُمَّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَسْعُودِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 19- إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مليكة3. يروي عن: قريبه ابن أبي مُلَيْكَةَ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ مُوسَى، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهريّ. خَرَّجَ لَهُ ابن ماجه حديثًا في دعاء الصائم4.   1 التاريخ الكبير "1/ 385"، الجرح والتعديل "2/ 216"، تهذيب التهذيب "1/ 75". 2 الطبقات الكبرى "6/ 362"، التاريخ الكبير "1/ 391"، الجرح والتعديل "2/ 220"، تهذيب التهذيب "1/ 233-234". 3 التاريخ الكبير "1/ 398"، الجرح والتعديل "2/ 228-229"، تهذيب التهذيب "1/ 243". 4 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "1753"، والحاكم في المستدرك "1/ 422"، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "921". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 44 20- إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ التَّيميّ الْمَدَنِيُّ1. رَأَى السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، وَسَمِعَ مِنْ: عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ، وَابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَوَكِيعٌ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. يكنَّى: أَبَا مُحَمَّدٍ. ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَقَالَ النَّسائي: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَلِيٌّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْهُ فَقَالَ: ذَاكَ شِبْهٌ لا شَيْءَ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ يَتَكَلَّمُونَ فِي حِفْظِهِ، وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ: مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 21- إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ2 بْن أَبِي إسحاق عَمْرو بْن عَبْد الله الْهَمْدَانِيُّ. السَّبيعيّ الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ، أَبُو يُوسُفَ. وُلِدَ سَنَةَ مِائَةٍ، وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ حَرْبٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَطَبَقَتِهِمْ، وَأَكْثَرَ عَنْ جَدِّهِ، وَهُوَ ثَبْتٌ فِيهِ. رَوَى عَنْهُ: وَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. رَوَى حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: إِسْرَائِيلُ ثِقَةٌ، وَجَعَلَ يَعْجَبُ مِنْ حِفْظِهِ. وَسُئِلَ أَبُو نُعَيْمٍ: أَيُّهُمَا أَثْبَتُ: إِسْرَائِيلُ، أَوْ أَبُو عَوَانَةَ؟ قال: إسرائيل.   1 التاريخ الكبير "1/ 406"، الجرح والتعديل "2/ 236"، تهذيب التهذيب "2/ 254-255". 2 الطبقات الكبرى "6/ 374"، التاريخ الكبير "2/ 56"، الجرح والتعديل "2/ 330-331"، تهذيب التهذيب "1/ 261-265". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 45 وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ، وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ شَيْبَانَ فِي أَبِي إِسْحَاقَ، وَكَذَا وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَضْعِفُهُ، وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لا يُحَدِّثُ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَكَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: إِسْرَائِيلُ فَوْقَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: إِسْرَائِيلُ صَالِحُ الْحَدِيثِ. قَالَ غُنْجَارُ فِي تَارِيخِهِ: ثَنَا أبو حفص أحمد بن أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ، ثَنَا السَّريّ بْنُ عَبَّادٍ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ شَقِيقٍ الْبَلْخِيُّ، الزَّاهِدُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لقيت العلماء وَأَخَذْتُ مِنْ آدَابِهِمْ، لَقِيتُ سُفْيَانَ الثَّوريَّ فَأَخَذْتُ لِبَاسَ الدُّون مِنْهُ، رَأَيْتُ عَلَيْهِ إزارًا قدر أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَأَخَذْتُ الْخُشُوعَ مِنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، كُنَّا جُلُوسًا حَوْلَهُ لا يَعْرِفُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَلا مَنْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ تفكُّر الآخِرَةِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ لَيْسَ بينه بين الدُّنْيَا عَمَلٌ، وَأَخَذْتُ قَصْدَ الْمَعِيشَةِ مِنْ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ، طَلَبْنَا مِنْهُ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: بِشَرْطِ أَنْ نَتَغَدَّى وَنَتَعَشَّى عِنْدَهُ، فَكَانَ يُقَدِّمُ إلينا خبر الشَّعِيرِ وَإِدَامَ الْخَلِّ وَالزَّيْتِ فَقَالَ: هَذَا لِمَنْ يَطْلُبُ الْفِرْدَوْسَ وَيَهْرُبُ مِنَ النَّارِ، وَأَخَذْتُ الزُّهد مِنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ، طَلَبْتُ مِنْهُ كِتَابَ الزُّهْدِ فَقَالَ: اللَّهم اجْعَلْهُ مِنَ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، فَرَجَوْتُ بَرَكَةَ دُعَائِهِ، وَدَخَلْتُ مَنْزِلَهُ فَإِذَا قدورًا تَغْلِي بَيْنَ حَامِضٍ وَحُلْوٍ، فَأَنْكَرْتُ فَقَالَ لِي خَادِمُهُ: لا عَلَيْكَ يَا خُرَاسَانِيُّ، إِنَّهُ لَمْ يأكل منه سَبْعِ سِنِينَ لَحْمًا، وَإِنَّهُ لَيَتَّخِذُ كلَّ يومٍ تِسْعَ قُدُورٍ يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ وَالْمَرْضَى وَمَنْ لا حِيلَةَ لَهُ، وَأَخَذْتُ التَّعَاوُنَ والتَّوكل مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، كُنَّا عِنْدَهُ فِي رَمَضَانَ، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ سَلَّةُ تِينٍ، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى مَسَاكِينَ، فَقُلْنَا: لَوْ تَدَعُ لَنَا شَيْئًا، قَالَ: أَلَسْتُمْ صوَّام؟، قُلْنا: بَلَى، قَالَ: لَيْسَ لَكُمْ عِيَالٌ، لَيْسَ لَكُمْ رَوْعَةٌ، أَمَا تَخَافُونَ اللَّهَ لِطُولِ أَمَلِكُمْ إِلَى الْعَشَاءِ وَسُوءِ ظَنِّكُمْ بِاللَّهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ، ثُمَّ قَالَ: ثِقُوا بِاللَّهِ، أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ. وَأَخَذْتُ الْحَلالَ وَتَرْكَ الشُّبه مِنْ وُهَيْبٍ الْمَكِّيِّ، قَالَ: مُذْ خَرَجَ السُّودان فَإِنِّي لَمْ آكُلْ مِنْ فَوَاكِهِ مَكَّةَ، فَقِيلَ لَهُ: فَإِنَّكَ تَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ مِصْرَ وَهُوَ خَبِيثٌ! قَالَ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنْ لا آكُلَ طَعَامًا حَتَّى تَحِلَّ لِي الْمَيْتَةُ، فَكَانَ يجوِّع نَفْسَهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَخْشَى ضعف الجزء: 10 ¦ الصفحة: 46 الْعِبَادَةِ وَإِلا مَا أَكَلْتُهُ، اللَّهُمَّ مَا كَانَ فيه من خبيث فلا تؤاخذني بِهِ، ثُمَّ يَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَيَأْكُلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ. قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ أَرْبَابُ الْكُتُبِ الصِّحاح، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا صَالِحًا خَاشِعًا مِنْ أَوْعِيَةِ الْحَدِيثِ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى. قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوريّ: ثَنَا حُجَيْنُ بن المثنَّنى قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا إِسْرَائِيلُ بَغْدَادَ فَقَعَدَ فَوْقَ بَيْتٍ، وَقَامَ رَجُلٌ وَالنَّاسُ قَدِ اجْتَمَعُوا، فَأَخَذَ دَفْتَرًا، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ مِنَ الدَّفْتَرِ حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَامَّتِهِ، وَالنَّاسُ قُعُودٌ لا يَنْظُرُونَ فِيهِ، فَقَامَ الشَّيْخُ وَقَعَدَ النَّاسُ فَكَتَبُوهُ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: إِسْرَائِيلُ كَانَ يَحْيَى بْنُ سعيد لا يرضاه، وكان ابْنُ مَهْدِيٍّ يَرْضَاهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ يَحْيَى لا يُحَدِّثُ عَنْ إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: كُنَّا نَكْتُبُ عِنْدَهُ مِنْ حِفْظِهِ. فقال ابن المدينيّ: سمعت ابن مهديّ قَالَ: قَالَ لِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ أخي إسرائيل: أحفظ حديث أبي إسحاق كما احْفَظِ السُّورة مِنَ الْقُرْآنِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ السَّدوسيّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الحرَّانيّ، سمعت عيس بْنَ يُونُسَ يَقُولُ: كَانَ أَصْحَابُنَا سُفْيَانُ، وَشَرِيكٌ، وغيرهم، وما إِذَا اخْتَلَفُوا فِي حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ يَأْتُونَ أَبِي فَيَقُولُ: اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِسْرَائِيلَ، فَهُوَ أَرْوَى عَنْهُ مِنِّي وَأَتْقَنُ لَهَا، وَكَانَ قَائِدَ جَدِّهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِسْرَائِيلُ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنْ شَرِيكٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: إِسْرَائِيلُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ صَدُوقٌ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلا السَّاقِطِ، فَقَالَ: مُرَّةُ، فِي حَدِيثِهِ لِينٌ. 22- إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: عَائِشَةَ بنت سعيد بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَنَافِعٍ، والزُّهريّ، وَعَمِّهِ مُوسَى بن عقبة.   1 الطبقات الكبرى "5/ 418-419"، التاريخ الكبير "1/ 341"، والجرح والتعديل "2/ 152"، ميزان الاعتدال "1/ 215"، تهذيب التهذيب "1/ 272-273". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 47 وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 23- إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ أَخُو مُوسَى. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، والثَّوريّ، وَحَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ. شَيْخٌ صَدُوقٌ. توفّي سنة 169. 24- إسماعيل بن خليفة2، أبو هاني الْكُوفِيُّ. مِنْ مَوَالِي سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْخَزْرَجِيِّ. وَلاهُ الْمَنْصُورُ قَضَاءَ إِصْبَهَانَ. يَرْوِي عَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَمُجَالِدٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ: عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بن أيوب، وولده سعيد بن أبي هاني. وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الأَصْبَهَانِيِّ. مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. فَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيفَةَ، أَبُو إِسْرَائِيلَ الْمُلائِيُّ، فَيَأْتِي بِكُنْيَتِهِ. 25- إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكَحَّالُ3 بَصْرِيٌّ حَسَنُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ الْخُزَاعِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صالح.   1 التاريخ الكبير "1/ 339"، الجرح والتعديل "2/ 151"، تهذيب التهذيب "1/ 272". 2 الجرح والتعديل "2/ 167"، والثقات لابن حبان "8/ 96". 3 التاريخ الكبير "1/ 358"، والجرح والتعديل "2/ 177"، تهذيب التهذيب "1/ 304". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 48 26- أَشْرَسُ أَبُو شَيْبَانَ1. بَصْرِيٌّ عَنِ: الْحَسَنِ، وَثَابِتٍ البنانيّ. وعنه: يزيد بْن هارون، وعُبَيْد الله بْنُ مُوسَى، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَارِيخِ الثِّقَاتِ. 27- أَشْعَثُ بْنُ بَرَازٍ السَّعْدِيُّ الْهُجيْمِيُّ2. بصريٌّ واهٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي سُوَيْدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَاضِي المصِّيصة، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ الْفلاسُ: ضَعِيفٌ جِدًّا، وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ: ثَنَا أَشْعَثُ بْنُ بَرَازٍ، عَنْ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا حَدَّثْتُمْ عَنِّي حَدِيثًا فَوَافَقَ الحقَّ، فَخُذُوا بِهِ"3، هَذَا مُنْكَرٌ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي هَذَا شَيْءٌ. وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ بَرَازٍ الْهُجَيْمِيِّ: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. وَقَدْ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 28- أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ4، أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَعَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ الله، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "2/ 42"، الجرح والتعديل "2/ 322"، الثقات لابن حبان "6/ 81". 2 التاريخ الكبير "1/ 428"، الجرح والتعديل "2/ 269-270"، وميزان الاعتدال "1/ 262-263"، المجروحين لابن حبان "1/ 173". 3 حديث منكر: أخرجه العقيلي في الضعفاء "1/ 33"، والبزار كما في المجمع "1/ 150"، وقال الهيثمي: وفيه أشعث بن براز ولم أر من ذكره. 4 التاريخ الكبير "1/ 430"، الجرح والتعديل "2/ 272"، تهذيب التهذيب "1/ 351-352". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 49 وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَكَامِلُ الْجَحْدَرِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ مُسْلِمٌ: كَانَ يَكْذِبُ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْحَافِظِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ الدَّارقطنيّ: مَتْرُوكٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ: مُضْطَرِبٌ، لَيْسَ حَدِيثُهُ بِذَاكَ. وَمِنْ مَنَاكِيرِ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: نَبَاتُ الشَّعْرِ فِي الأَنْفِ أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ1. 29- أَعْيَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ2، أَبُو حَفْصٍ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنِ الْحَسَنِ، وَأَبِي أَبْلَحَ الْهُذَلِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وأميَّة بْنُ خَالِدٍ. قَالَ الْفلاسُ: هُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي عُقَيْلٍ. 30- أُنَيْسُ بْنُ خَالِدٍ التَّميمّي السَّعديّ3. عَنْ: عَطَاءٍ، وَمُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَالْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، وَجَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَأَحْمَدُ بْنُ يونس. قال البخاريّ ليس بذاك، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ. 31- أَيُّوبُ بْنُ خَوْطٍ4، أَبُو أُمَيَّةَ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: يَزِيدَ الرَّقاشيّ، وَقَتَادَةَ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: حَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيسابوريّ، وَغُنْجَارُ الْبُخَارِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَجَمَاعَةٌ.   1 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 168-169"، وذكره الشيخ الألباني في ضعيف الجامع "5954"، وقال: موضوع. 2 التاريخ الكبير "2/ 54"، الجرح والتعديل "2/ 325"، الثقات لابن حبان "6/ 82". 3 التاريخ الكبير "2/ 43"، الجرح والتعديل "2/ 335"، ميزان الاعتدال "1/ 277". 4 التاريخ الكبير "1/ 414"، الجرح والتعديل "2/ 241"، ميزان الاعتدال "1/ 286". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 50 قَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ، وَقَالَ حَسَنُ بْنُ عِيسَى: تَرَكَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَيُّوبَ بْنَ خَوْطٍ، وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 32- أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ. قَدْ ذُكِرَ، وَسَيُذْكَرُ، قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 33- أَيُّوبُ بْنُ محمد1 العلجيّ، أَبُو الْجَمَلِ الْيَمَامِيُّ. عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَقَيْسِ بْنِ طَلْقٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، وَسَهْلُ بْنُ بكارُ، وَصَيْفِيُّ بْنُ رِبْعِيٍّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شَيْءَ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 34- أَيُّوبُ بْنُ نَهِيكٍ الْحَلَبِيُّ2. عَنِ: الشَّعبي، وَمُجَاهِدٍ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وأُبو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيُّ، وَيَحْيَى الْبَابْلُتِّيُّ. وَامْتَنَعَ أُبو زُرْعَةَ مِنْ رِوَايَةِ حَدِيثِهِ تورُّعًا، وَقَالَ أُبو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ. "حرف الْبَاءِ": 35- بَزِيعٌ، أُبو الْهَيْثَمِ الْمَرْوَزِيُّ3. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَارِيخِ الثَّقات. فَقَالَ: يَرْوِي عَنْ: أَبِي مِجْلَزٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، وَعِيسَى غُنْجَارُ. 36- بشار بن برد4. البصري، أبو معاذ الأعمى، الشاعر البليغ المقدَّم على شعراء المحدثين، فإنه قَالَ. ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ الْجَيِّدِ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ وَأَقَامَ بِهَا ومدح الكبار، وهو من   1 التاريخ الكبير "1/ 423"، الجرح والتعديل "2/ 257"، ميزان الاعتدال "1/ 292". 2 التاريخ الكبير "1/ 425"، الجرح والتعديل "2/ 259"، ميزان الاعتدال "1/ 294". 3 التاريخ الكبير "2/ 130-131"، الجرح والتعديل "2/ 420"، الثقات لابن حبان "6/ 113". 4 سير أعلام النبلاء "7/ 24-25"، الأغاني "3/ 135، 250". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 51 مَوَالِي بَنِي عُقَيْلٍ، وَيُلَقَّبُ بالمرعَّث؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ فِي أُذُنِهِ وَهُوَ صَغِيرٌ رَعَاثًا، والرَّعاث: الْحَلَقُ، وَاحِدُهَا رَعْثَةٌ، وَقِيلَ فِي مَعْنَى لَقَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَدْ وُلِدَ أَعْمَى، وَقَالَ الشِّعْرَ وَلَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ. وَعَنْ أَبِي تمُام الطَّائِيِّ قَالَ: أَشْعَرُ النَّاسِ بَعْدَ الطَّبَقَةِ الأُولَى: بَشَّارٌ، والسُيد الْحِمْيَرِيُّ، وَأَبُو نُوَاسٍ، وَبَعْدَهُمْ: مُسْلِمُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَلِبَشَّارٍ: يَا طَلَلَ الحيِّ بِذَاتِ الصَّمد ... بِاللَّهِ خبِّر كَيْفَ كُنْتَ بَعْدِي بَدَتْ بخدٍّ وَجَلَتْ عَنْ خدِّ ... ثمَّ انْثَنَتْ بِالنَّفَسِ المرتدِّ وَصَاحِبٍ كالدُّمَّل الممدِّ ... حَمَلْتُهُ فِي رُقْعَةٍ مِنْ جِلْدِي حَتَّى اغْتَدَى غَيْرَ فَقِيدِ الْفَقْدِ ... وَمَا دَرَى مَا رَغْبَتِي مِنْ زُهْدِي الحرُّ يُلْحَى وَالْعَصَا لِلْعَبْدِ ... وَلَيْسَ لِلْمُلْحِفِ مِثْلُ الرَّدّ اسْلَمْ وحيِّيت أَبَا الملدِّ ... مِفْتَاحَ بَابِ الْحَدَثِ المنسدِّ لِلَّهِ أَيَّامُكَ فِي مَعَدِّ ... وَفِي بَنِي قَحْطَانَ غَيْرَ عدِّ وَهِيَ طَوِيلَةٌ. وَمِنْ شِعْرِهِ: إِذَا كُنْتَ فِي كُلِّ الأُمُورِ مُعَاتِبًا ... خَلِيلَكَ لم تلق الّذي لا تُعَاتِبُهْ فَعِشْ وَاحِدًا أَوْ صِلْ أَخَاكَ فإنِّه ... مُقَارِفُ ذَنْبٍ مرَّةً وَمُجَانِبُهْ إِذَا أنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَارًا عَلَى الْقَذَى ... ظَمِئْتَ، وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ؟ وَقَدْ سَأَلَ أَبُو حَاتِمٍ السَّجستانيّ أَبَا عُبَيْدَةَ: أَمَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ أشْعَرُ، أَمْ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ؟ فَقَالَ: حَكَمَ بَشَّارٌ لِنَفْسِهِ بِالاسْتِظْهَارِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ بيت جيّد، ولا يكون لشاعر هذا العد لا في الجاهلية ولا الإسلام، ومروان أمدح للمولك. ولبشَّار: خليليّ ما بال الدُّجى لا يُزحْزَحُ ... وَمَا بَالُ ضَوْءِ الصُّبح لا يتوضَّح أَضَلَّ الصَّبَاحُ الْمُسْتَنِيرُ طَرِيقَهُ ... أَمِ الدَّهر لَيْلٌ كُلُّهُ لَيْسَ يَبْرَحُ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 52 وَقَدْ سَاقَ صَاحِبُ الأَغَانِي لِبَشَّارٍ ستَّةً وَعِشْرِينَ جَدًّا كُلُّهُمْ أَعَاجِمُ، وَأَسْمَاؤُهُمْ فَارِسِيَّةٌ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ من طخارستان من سبي الملَّهب بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، فَوُلِدَ بشَّار عَلَى الرِّقّ فَأَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ. وَكَانَ جَاحِظَ الْحَدَقَتَيْنِ، قَدْ يَغْشَاهُمَا لَحْمٌ أَحْمَرُ، وَكَانَ عَظِيمَ الْخِلْقَةِ. وَيُقَالُ: أَنَّهُ مَدَحَ المهديَّ فَاتَّهَمَهُ بالزَّندقة، وَمَا هُوَ مِنْهَا بِبَعِيدٍ، فَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَ سبعين سوطًا، فمات منها. ويقال عنه: إنّه كان يُفَضِّلُ النَّارَ، ويصوِّب رَأْيَ إِبْلِيسَ فِي امْتَنَاعِهِ مِنَ السُّجُودِ، وَيَقُولُ شِعْرًا: الأَرْضُ مُظْلِمَةٌ وَالنَّارُ مُشْرِقَةٌ ... وَالنَّارُ مَعْبُودَةٌ مُذْ كَانَتِ النَّارُ وَهُوَ الْقَائِلُ: هَلْ تَعْلَمِينَ وَرَاءَ الْحُبِّ مَنْزِلَةً ... تُدْنِي إِلَيْكِ فَإِنَّ الحبَّ أَقْصَانِي وَلَهُ: أَنَا وَاللَّهِ أَشْتَهِي سِحْرَ عَيْنَيْكِ ... وَأَخْشَى مَصَارِعَ الْعُشَّاقِ وَلَهُ: يَا قَوْمُ أُذُنِي لِبَعْضِ الحيِّ عَاشِقَةٌ ... وَالأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ الْعَيْنِ أَحْيَانًا وَلِأَبِي هِشَامٍ الْبَاهِلِيِّ، وَكَتَبَهَا عَلَى قَبْرِ حَمَّادٍ عَجْرَدٍ، وَبَشَّارٍ: قَدْ تبع الأعمى قفا عجردٍ ... فأصبحا جارين في دار صارا جَمِيعًا فِي يَدَيْ مَالِكٍ ... فِي النَّارِ، وَالْكَافِرُ في النار قيل: إنّ بشّار قُتِلَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَأَخْبَارُهُ تَامَّةٌ فِي كِتَابِ الأَغَانِي. 37- بَكْرُ بْنُ الأَسْوَدِ أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ الْبَصْرِيُّ1. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَنْهُ: وكيع، وهلال بن فيّاض، وغيرهما.   1 التاريخ الكبير "2/ 87"، والجرح والتعديل "2/ 382"، ميزان الاعتدال "1/ 342-343". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 53 رَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ آخَرُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: غَلَبَ عَلَيْهِ التقشُّف وَالْعِبَادَةُ فَغَفَلَ عَنِ الْحَدِيثِ حَتَّى غَلَبَ عَلَى حَدِيثِهِ الْمُعْضِلاتُ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا آدَمُ بْنُ مُوسَى، سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ كَذَّابٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ. قَالَ: أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ: الَّذِي يَرْوِي الْمَوَاعِظَ بَكْرُ بْنُ الأَسْوَدِ، كَذَّابٌ. 38- بَكْرُ بْنُ الْحَكَمِ، أَبُو بِشْرٍ الْمُزَلِّقُ الْيَرْبُوعِيُّ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، وَحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 39- بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ الْكُوفِيُّ الْعَابِدُ2. روى عن: أبيه، وثابت النبانّي، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَإِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو النَّضر هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، وَمَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَوَلَدَاهُ حَبِيبٌ، وَعَبْدُ القدُّوس ابْنَا بَكْرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ عُبَيْدُ بْنُ هِشَامٍ الْحَلَبِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ غَرًّا صَالِحًا، وَقَالَ الدارقطنيُّ، وَغَيْرُهُ: متروك الحديث. وروى عباس، عن ابن معين: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْفلاسُ: ثَنَا يَحْيَى، عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. رَوَى مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "من أَتَى شَيْئًا مِنَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ فَقَدْ كفر" 3. رواه   1 التاريخ الكبير "2/ 788، 789"، الجرح والتعديل "2/ 383"، تهذيب التهذيب "1/ 480". 2 التاريخ الكبير "2/ 89"، الجرح والتعديل "2/ 384"، تهذيب التهذيب "1/ 481-482". 3 "حديث صحيح لغيره": أخرجه الطبراني في الأوسط "9/ 78"، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد "4/ 299"، أخرجه الطبراني ورجاله ثقات: وصححه الشيخ الباني فلي صحيح الترغيب والترهيب "3580". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 54 الثَّوريّ، وَمَعْمَرٌ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ لَيْثٍ، فَلَمْ يَرْفَعْهُ. قَالَ الْخَطِيبُ: نَزَلَ بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ بغْدَادَ، قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِالْعِبَادَةِ. 40- بُكَيْرُ بْنُ شِهَابٍ الدَّامَغَانِيُّ، أَبُو الْحَسَنِ الْحَنْظَلِيُّ1. يَرْوِي عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو طَيْبَةَ الْجُرْجَانِيُّ، وَرَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْعَسْقَلانِيُّ، وَأَبُو شَيْبَةَ شَيْخُ أَسْلَمَ بْنِ سَالِمٍ الْبَلْخِيِّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، لَمْ أَجِدْ لَهُمْ فِيهِ كَلامًا، قُلْتُ: أَمَّا. 41- بُكَيْرُ بْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ2، فَقَدِيمٍ، عِرَاقِيٌّ صَدُوقٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الدَّامَغَانِيُّ. 42- بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ الدَّامَغَانِيُّ3، أَبُو مُعَاذٍ المفسِّر الْقَاضِي، قَاضِي نَيْسَابُورَ، سَكَنَ دِمَشْقَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي الزُّبير الْمَكِّيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حيان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي حنيفة، وعبد الكريم بن أبي المخارق. وعنه: الوليد بن مسلم، ومروان بن محمد، وهشام بن عبيد الله الرزايّ، وعبد الله بن عثمان عبدان، وحفص ابن عبد الله السُّلميّ، ونوح بن ميمون، وحماد بن قيراط، ورآه هشام بن عمار. قال جعفر الفريابيّ: سمعت هشامًا يقول: قدم علينا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ وَلَمْ أَكْتُبْ ذَلِكَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَكَنَاهُ النَّسائّي أَبَا مُعَاذٍ وَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وقال أحمد ابن أَبِي الْحَوَارِيِّ: ثَنَا مَرْوَانُ، ثَنَا بُكَيْرُ بْنُ معروف، وكان ثقة.   1 الجرح والتعدبل "2/ 404"، وتهذيب الكمال "4/ 239"، وميزان الاعتدال "1/ 349-350"، وتهذيب التهذيب "1/ 490". 2 التاريخ الكبير "2/ 114-115"، الجرح والتعديل "2/ 404". 3 التاريخ الكبير "2/ 117"، والجرح والتعديل "2/ 406-407"، والثقات لابن حبان "8/ 151"، وتهذيب الكمال "4/ 252-254"، وميزان الاعتدال "1/ 351"، وتهذيب التهذيب "1/ 495-496". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 55 وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس بِهِ، مَا حَدِيثُهُ بِالْمُنْكَرِ جِدًّا، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَيُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: خرَّج لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ مَا رَوَاهُ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] قَالَ: هُوَ عَلَى الْعَرْشِ وَعِلْمُهُ مَعَهُمْ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: بَلَغَنِي مَوْتُهُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الثاء": 43- ثابت بن قيس1 -د. س- أبو الغصن الغفاريّ، مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، لَهُ عَنْ: أَنَسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ المسيِّب، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ يَحْيَى بن معين، والنّسانيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَأَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ مَرَّةً: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِذَاكَ، هُوَ صَالِحٌ، هَذِهِ رِوَايَةُ عَبَّاسٍ الدُّوريّ، عَنْهُ. قُلْتُ: أَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أنّ أبا الغصن هذا أَبُو الْغُصْنِ جُحَا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَاشَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مِائَةً وَخَمْسَ سِنِينَ، وَمَاتَ سنة ثمانٍ وستّين ومائة. 44- ثابت بن زيد الأَحْوَلُ2. الْحَافِظُ، أَبُو زَيْدٍ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَاصِمٍ الأحول، وهلال بن خبّاب، وطبقتهما.   1 التاريخ الكبير "2/ 167"، الجرح والتعديل "2/ 456"، والثقات لابن حبان "4/ 90"، تهذيب الكمال "4/ 373-374"، وتهذيب التهذيب "2/ 13-14". 2 التاريخ الكبير "2/ 172"، والجرح والتعديل "2/ 460"، والثقات لابن حبان "6/ 132"، وتهذيب التهذيب "2/ 18". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 56 وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَفَّانُ، وَغَارِمٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٌ: ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْجِيمِ": 45- جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ1. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَزْدِيٌّ، سَكَنَ الْمَوْصِلَ. وَحَدَّثَ عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَعَامِرٍ الشَّعبيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَحَمَّادٍ الْفَقِيهِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، والطَّيالسيّ، وَعَفَّانُ، وَالْمُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْحَافِظُ: رَأَيْتُهُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ، مَوْصِلِيٌّ يَرْوِي عَنْ مُجَاهِدٍ. قُلْتُ لَهُ: فِي كِتَابِ النَّسائيّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ صَدُوقٌ، بَقِيَ إِلَى حُدُودِ السَّبْعِينَ وَمِائَةٍ. 46- جَرِيرُ بْنُ حَازِمِ بْنِ يَزِيدَ الأَزْدِيُّ الْعَتَكِيُّ2. مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الْحَافِظُ، أَبُو النَّضْرِ، أَخُو يَزِيدَ، وَمَخْلَدٍ. رَأَى بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ أَبَا الطُّفيل، وَلَمْ يسمع منه، وشهد جنازته.   1 التاريخ الكبير "2/ 210"، والجرح والتعديل "2/ 498"، والثقات لابن حبان "6/ 142"، تهذيب التهذيب "2/ 51". 2 الطبقات الكبرى "7/ 278"، التاريخ الكبير "2/ 213-214"، الجرح والتعديل "2/ 404-505"، الثقات لابن حبان "6/ 144"، تهذيب الكمال "4/ 524-531"، وسير أعلام النبلاء "7/ 98-103"، التهذيب "2/ 69-72". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 57 وَرَوَى عَنْ: عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَطَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَنَافِعٍ، وَجَمِيلِ بْنِ هِلالٍ، وَقَتَادَةَ، وَأَيُّوبَ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَشَيْخُهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، والسُّفيانان، وَابْنُ وَهْبٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهرانيّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَرَحَلَ فِي الشَّيْخُوخَةِ إِلَى مِصْرَ فَسَمِعَ بِهَا وَأَسْمَعَ. قَالَ وَهْبٌ: قرأ أبي عَلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ أَفْصَحُ مِنْ مَعَدٍّ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: هُوَ أَوْثَقُ عِنْدِي مِنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ. قُلْتُ: قَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ وَلَكِنَّهُ تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَحَجَبَهُ ابْنُهُ وَهْبٌ، فَمَا سَمِعَ مِنْهُ أَحَدٌ فِي اخْتِلاطِهِ، وَلَهُ أَحَادِيثُ يَنْفَرِدُ بِهَا فِيهَا نَكَارَةٌ وَغَرَابَةٌ، وَلِهَذَا يَقُولُ البخاريّ: ربمّا يهمّ. وقال ابن المعين: هو قَتَادَةَ ضَعِيفٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ: أَخْطَأَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: "كَانَتْ قَبَّعَةُ سَيْفِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَمٌ مِنْ فِضَّةٍ"1 إِنَّمَا صَوَابُهُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ مُرْسَلا. قَالَ الْمَيْمُونِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: كَانَ حَدِيثُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ غَيْرَ حَدِيثِ النَّاسِ، يُوقِفُ أَشْيَاءَ وَيُسْنِدُ أَشْيَاءَ، ثُمَّ أَثْنَى أَحْمَدُ عَلَيْهِ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ: صَاحِبُ سنَّة وَفَضْلٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيالسيّ: كَانَ جَرِيرٌ إِذَا قَدِمَ قَالَ شُعْبَةُ: قَدْ جَاءَكُمْ هَذَا الْحَشَوِيُّ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الذَّارِعُ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَعَبْدُ الوهاب الثقفيّ تغيّرا، فحجب الناس عنهما.   1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "2583، 2584، 2585"، والترمذي "1691"، والنسائي "5389"، والدارمي "2457"، والبيهقي في السنن الكبرى "4/ 143"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "3/ 306". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 58 وَقَالَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ذَهَبَ إِلَى جَرِيرٍ يَعُودُهُ فِي اخْتِلاطِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ، قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. فَقَالَ: ابْنُ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سألت يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَهُوَ عَنْ قَتَادَةَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ يَقُولُ فِي حَدِيثِ الضَّبع، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، ثُمَّ جَعَلَهُ بَعْدُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: اخْتَلَطَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ بَنُوهُ حَجَبُوهُ، فَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي اخْتِلاطِهِ. وَعَنْ جَرِيرٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ لِي خَمْسُ سِنِينَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: مَا رَأَيْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ يُعَظِّمُ أَحَدًا مَا يُعَظِّمُ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: كَانَ شُعْبَةُ يَأْتِي أَبِي يَسْأَلُهُ. وَرَوَى وَهْبٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى الْحَسَنِ سَبْعَ سِنِينَ، لَمْ أَخْرِمْ مِنْهَا يَوْمًا وَاحِدًا. قُلْتُ: قَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ، وَمَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 47- جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: مَنْصُورٍ، وَمُغِيرَةَ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَبَيَانِ بْنِ بشر، وعدّة. وعنه: ابن مهديّ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ، وَيَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِيُّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: صَدُوقٌ، وَقِيلَ: كَانَ مِنْ صَالِحِي الشِّيعَةِ، وَقَدْ سجنه المنصور مدّة.   1 الطبقات الكبرى "6/ 383"، التاريخ الكبير "2/ 192"، الجرح والتعديل "2/ 480"، تهذيب التهذيب "2/ 92-93". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 59 وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي النَّفْسِ مِنْهُ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: مَائِلٌ عَنِ الطَّرِيقِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 48- جَعْفَرُ بْنُ كَيْسَانَ الْعَدَوِيُّ البصريّ، أبو مَعُروفٍ الْمُؤَذِّنُ1. عَنْ: مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُسْلِمٌ، وَحَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 49- جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبير بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ2. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 50- جُمَيْعُ من ثُوَّبٍ السُّلميّ الرَّحبي الْحِمْصِيُّ3. أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَحَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَيَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْخَبَائِرِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقِيلَ فِيهِ: جُمَيْعٌ، بالضّمّ.   1 التاريخ الكبير "2/ 198"، الجرح والتعديل "2/ 486"، الثقات لابن حبان "6/ 138". 2 التاريخ الكبير "2/ 189-190"، الجرح والتعديل "2/ 487"، ميزان الاعتدال "1/ 416". 3 التاريخ الكبير "2/ 243"، الجرح والتعديل "2/ 550-551"، ميزان الاعتدال "1/ 422". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 60 51- جُوَيْرِيَةُ بْنُ بَشِيرٍ الْهُجَيْمِيُّ1. سَمِعَ الْحَسَنَ، وَغَيْرَهُ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَمُسْلِمٌ، والتَّبوذكيّ، وَعَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللاحِقِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 52- جَمِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الطَّائِيُّ2، أَبُو النَّضر الْبَصْرِيُّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. وَلَيْسَ هَذَا بِجَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ. "حرف الْحَاءِ": 53- الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ3، أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجود، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى التَّبوذكيّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعُشِّيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 54- حبَّان بْنُ يَسَارٍ4، أَبُو رَوْحٍ الْكِلابِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهدي، وأبو سلمة التَّبوذكي، وآخرون.   1 الجرح والتعديل "2/ 531"، الثقات لابن حبان "6/ 153". 2 التاريخ الكبير "2/ 216"، الجرح والتعديل "2/ 519"، الثقات لابن حبان "6/ 147". 3 التاريخ الكبير "2/ 84"، الجرح والتعديل "3/ 91-92"، تهذيب التهذيب "2/ 158-159". 4 التاريخ الكبير "3/ 85-88"، الجرح والتعديل "3/ 270"، الثقات لابن حبان "6/ 239"، تهذيب التهذيب "2/ 175-176". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 61 قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَأَوْرَدَهُ ابْنُ حبَّان فِي الثِّقَاتِ. 55- حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ يَزِيدُ الْجَرْمِيُّ1 الْبَصْرِيُّ الأَنْمَاطِيُّ. سَمِعَ: الْحَسَنَ، وَعَمْرَو بْنَ هَرِمٍ، وَقَتَادَةَ، وَخَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقُثْيَرِيَّ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، وَوَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ. فِيهِ لِينٌ مَا، قَدْ غَمَزَهُ أَحْمَدُ، وَقَدَحَ فِيهِ يَحْيَى الْقَطَّانُ. وَنَهَى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ كِتَابَةِ حَدِيثِهِ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ. 56- حُبَيِّبُ بْنُ حُجْرٍ الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ2، مُصَغَّرُ الاسْمِ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَبِي المهزَّم. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٌ، وَمُسْلِمٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ. مَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا بَعْدُ. 57- الْحَارِثُ بْنُ غُصَيْنٍ، أَبُو وَهْبٍ الثَّقفيّ3. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَمَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ. وَعَنْهُ: شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، وَحُسَيْنُ الْجُعْفيُّ، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ. 58- حَجَّاجُ بْنُ تَمِيمٍ الْجَزَرِيُّ4. سَمِعَ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ. حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَحِبَّانُ بْنُ المغلَّس.   1 التاريخ الكبير "2/ 315"، الجرح والتعديل "3/ 99"، الثقات لابن حبان "6/ 178"، التهذيب "2/ 180". 2 التاريخ الكبير "2/ 316-317"، الجرح والتعديل "3/ 308-309"، الثقات لابن حبان "6/ 179". 3 التاريخ الكبير "2/ 278"، الثقات لابن حبان "8/ 181". 4 الثقات لابن حبان "6/ 204"، تهذيب الكمال "5/ 428-429"، ميزان الاعتدال "1/ 461". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 62 ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثَانِ فِي -ق. 59- حَجَّاجُ بْنُ صَفْوَانَ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: أُسَيْدِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَأَبِيهِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ. وَعَنْهُ: أَبُو ضَمْرَةَ، وَالْقَعْنَبِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: صَدُوقٌ. وَضَعَّفَهُ الأَزْدِيُّ. 60- الْحَارِثُ بْنُ النُّعمان بْنِ سَالِمٍ اللَّيثيّ2. عَنْ: خَالِهِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وطاوس. وعنه: الحارث بن سالم البزاز سميُّه، وَسَعِيدُ بْنُ عُمَارَةَ، وَثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 61- حَرْبُ بْنُ سُرَيْجٍ الْمِنْقَرِيُّ الْبَصْرِيُّ الْبَزَّازُ3. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَنَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ. قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ ابْنُ حبَّان: لا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: يكنَّى أَبَا سُفْيَانَ، وَيُقَالُ هُوَ أَيْضًا: حَرْبُ بْنُ أبي العالية.   1 التاريخ الكبير "2/ 379"، الجرح والتعديل "3/ 162-163"، ميزان الاعتدال "1/ 463". 2 التاريخ الكبير "2/ 284"، الجرح والتعديل "3/ 91"، ميزان الاعتدال "1/ 444"، تهذيب التهذيب "2/ 159-160". 3 التاريخ الكبير "3/ 63"، الجرح والتعديل "3/ 250"، ميزان الاعتدال "1/ 469-470"، تهذيب التهذيب "2/ 224". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 63 62- حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ1، أَبُو الْخَطَّابِ الْيَشْكُرِيُّ الْبَصْرِيُّ الْحَافِظُ. عَنْ: شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ التَّنُّورِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لا يُحَدِّثُ عَنْهُ. قُلْتُ: قَدْ عُلِمَ تعنُّت يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي الرِّجَالِ، وَبَعْدَ هَذَا فَيَرْوِي عَنْ مُجَالِدٍ وَيُقَوِّيهِ. مَاتَ حَرْبُ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. * حَرْبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ. فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 63- حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ2، أَبُو الْخَطَّابِ الأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ الأَكْبَرُ، مَوْلَى النَّضر بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. رَوَى عَنْ: مَوْلاهُ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ التَّنُّورِيُّ، وَبَدَلُ بْنُ المحبَّر، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَالْحُسَيْنُ بن حفص، ويونس المؤدب، وعبد الله ابن رَجَاءٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَلَيَّنَهُ غَيْرُهُ. قَالَ البخاريّ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: كَانَ أَكْذَبَ الْخَلْقِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ليِّن. 64- حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ. صَاحِبُ الأَغْمِيَةِ. هَذَا أَصْغَرُهُمْ، سَيَأْتِي فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.   1 التاريخ الكبير "3/ 62"، الجرح والتعديل "3/ 250-251"، ميزان الاعتدال "1/ 470"، تهذيب التهذيب "2/ 224". 2 التاريخ الكبير "3/ 65"، تهذيب الكمال "5/ 531-532"، ميزان الاعتدال "1/ 470"، تهذيب التهذيب "2/ 225". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 64 65- حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ قُرَادٍ1، أَبُو حَفْصٍ التُّجيبيّ الْمِصْرِيُّ. هُوَ جَدُّ حَرْمَلَةَ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ. رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ. قَدْ ذُكِرَ. 66- حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبْرٍ2، أَبُو عُثْمَانَ الرَّحبيّ الْمَشْرِقِيُّ الْحِمْصِيُّ الْحَافِظُ، ويكنَّي أَيْضًا أَبَا عَوْنٍ، مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ. سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ الْمَازِنِيَّ، وَخَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ، وَرَاشِدَ بْنَ سَعْدٍ، وَحَبِيبَ بْنَ عُبَيْدٍ، وَعَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ النَّضْرِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحَمْنِ بْنَ مَيْسَرَةَ، وَعِدَّةً. وعنه: بقّية، ويحيى القطان، يحيى بن سعيد الْعَطَّارِ الْحِمْصِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَحَدِيثُهُ نَحْوُ الْمِائَتَيْنِ، وَكَانَ فِيهِ نَصْبٌ. وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يَصِحُّ عِنْدِي مَا يُقَالُ عَنْهُ فِي رَأْيِهِ، وَلا أَعْلَمُ بِالشَّامِ أَثْبَتَ مِنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: كَانَ يَتَنَاوَلُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَشَدُّ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ يَقُولُ: لَنَا أَمِيرٌ وَلَكُمْ أَمِيرٌ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لا أُحِبُّ مَنْ قَتَلَ لِي جَدَّيْنِ". وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: بَلَغَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ لِرَجُلٍ: وَيْحَكَ، تَزْعُمُ أَنِّي أَشْتُمُ عَلِيًّا، وَاللَّهِ مَا شَتَمْتُهُ قَطُّ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: لا أَحْسَبُنِي رَأَيْتُ شَامِيًّا أَفْضَلَ مِنْهُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.   1 التاريخ الكبير "3/ 68-69"، الجرح والتعديل "3/ 273-274"، تهذيب التهذيب "2/ 229". 2 التاريخ الكبير "3/ 103-104"، الجرح والتعديل "3/ 289"، ميزان الاعتدال "1/ 475"، تهذيب التهذيب "2/ 217-241". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 65 قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِهِ: أَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حمُّويه الْهَمْدَانِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيُّ، أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُؤْنِسٍ بِبِغْدَادَ، حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمَالِكِيُّ، ثنا عبد الوهاب ابن الضَّحَّاكِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ قَالَ: هَذَا الَّذِي يَرْوِيهِ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ موسى" 1 حقّ، ولكن أخطأ السامع، إنّماء هُوَ: "أَنْتَ مِنِّي مَكَانَ قَارُونَ مِنْ مُوسَى"2، قُلْتُ: عَنْ مَنْ تَرْوِيهِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ يَقُولُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَالَ الْخَطِيبُ: عَبْدُ الْوَهَّابِ كَذَّابٌ. ابْنُ جَوْصَاءَ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلاعِيُّ، ثَنَا حَرِيزٌ، قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ: هَلْ كَانَ فِي رأس رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرَاتٌ بِيضٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِذَا ادَّهَنَ تَغَيَّرَ3. قُلْتُ: هَذَا أَعْلَى شَيْءٍ عِنْدَ ابْنِ جَوْصَاءَ، فَهُوَ ثُلاثِيٌّ لَهُ، كَمَا هُوَ ثُلاثِيٌّ لِلْبُخَارِيِّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى فِي تَارِيخِ حِمْصَ: لَمْ يَكُنْ لِحَرِيزٍ كتاب، إنّماء كَانَ يَحْفَظُ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثَنَا حَرِيزٌ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ بُسْرٍ وَأَنَا غُلامٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّحَبِيُّ، سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ: لا تُعَادِ أَحَدًا حَتَّى تَعْلَمَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَإِنْ يَكُنْ مُحْسِنًا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُسْلِمُهُ لِعَدَاوَتِكَ، وَإِنْ يَكُنْ مُسِيئًا فَأَوْشَكَ بِعَمَلِهِ أَنْ يَكْفِيَكَهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ: جَمَعْنَا حَدِيثَ حَرِيزٍ فِي دِفْتَرٍ وَأَثْبَتْنَاهُ بِهِ نَحْوَ مِائَتَيْ حَدِيثٍ، فَتَعَجَّبَ وَقَالَ: هَذَا كُلُّهُ عَنِّي؟!   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3706"، ومسلم "2404"، والترمذي "3724"، وابن ماجه "115-121"، وأحمد في المسند "1/ 173، 177، 179، 185"، وعبد الرزاق في المصنف "20390"، والحميدي في مسنده "71"، وابن حبان في صحيحه "6926"، وغيرهم. 2 "حديث موضوع": وهو مرسل من كلام الوليد بن عبد الملك وفيه عبد الوهاب كذاب كما قال الخطيب. 3 "حديث صحيح": أخرجه أحمد في المسند "4/ 187، 188، 190". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 66 وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِالشَّامِ أَثْبَتُ مِنْ حَرِيزٍ إِلا أَنْ يَكُونَ بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ: قَالَ جَرِيرٌ: إِنَّ حَرِيزًا كَانَ شَتَمَ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَلَى الْمِنْبَرِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. قَالَ: عَادَلْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ مِنْ مِصْرَ إِلَى مَكَّةَ، فَجَعَلَ يَسُبُّ عَلِيًّا وَيَلْعَنُهُ1. وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ الْحِمْصِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَبَائِرِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: زَامَلْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ، فَسَمِعْتُهُ يَقَعُ فِي عَلِيٍّ، فَقُلْتُ: مَهْلا يَا أَبَا عُثْمَانَ، ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكَ، وَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: اسْكُتْ يَا رَأْسَ الْحِمَارِ لا أُلْقِيكَ مِنَ الْجَمَلِ2. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَلْعَنُ عَلِيًّا، فَعَاتَبُوهُ، فَقَالَ: هُوَ الْقَاطِعُ رَأْسَ أجدادي بالفؤوس3. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ يَحْكِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الآمِلِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ صَالِحٍ، أَنَّ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ لَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ، صَلَّيْتُ مَعَهُ الْفَجْرَ سَبْعَ سِنِينَ، فَكَانَ لا يَخْرُجُ مِنَ المجسد حتى يلعن علّيًا سبعين مَرَّةً كُلَّ يَوْمٍ4. قُلْتُ: صَحَّحَ عَنْهُ أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ، وَجَاءَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ رُئِيَ فِي النُّوم فَقَالَ: غَفَرَ لِي رَبِّي وَعَاتَبَنِي فِي رِوَايَتِي عَنْ حَرِيزٍ5. عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَيَّاشٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ الرَّحَبِيَّ يَقُولُ لِرَجُلٍ: وَيْحَكَ، أَمَا تَتَّقِي الله تزعم أنّي شتمت عليًّا، ولا وَاللَّهِ مَا شَتَمْتُ عَلِيًّا قَطُّ6. وَقَالَ الْحُلْوَانِيُّ: ثَنَا شَبَابَةُ، سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ، قَالَ له رجل: بلغني أنّك لا   1 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "4/ 117". 2 أخرجه ابن حبان في المجروحين "1/ 269". 3 أخرجه ابن حبان في المجروحين "1/ 268". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "4/ 118". 5 أخرجه الخطيب في تاريخه "8/ 267"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "4/ 118". 6 أخرجه ابن معين في تاريخه "2/ 106". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 67 تَتَرَحَّمُ عَلَى عَلِيٍّ؟ فَقَالَ: اسْكُتْ، مَا أَنْتَ وَهَذَا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ1. قَالَ الْوُحَاظِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ حَرِيزٌ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ الْخَبَائِرِيُّ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. قَالَ الْخَطِيبُ: هَذَا خَطَأٌ. 67- حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ الْخُزَاعِيُّ الْقُدَيْدِيُّ2. مِنْ بَادِيَةِ الْحِجَازِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيسابوريّ، وَغَيْرُهُمْ. وَأَبُوهُ هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ. 68- حُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ3. أَبُو سَهْلٍ الْبَصْرِيُّ الأَزْدِيُّ. عَنِ: الْحَسَنِ: وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٌ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَهُوَ أَقْدَمُ مَوْتًا مِنْهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ النَّسائيّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الدَّارقطني: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ. 69- حَسَّانُ بْنُ نُوحٍ النَّضْرِيُّ الْحِمْصِيُّ4. عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرْدٍ.   1 أخرجه الخطيب في تاريخه "8/ 269". 2 التاريخ الكبير "3/ 116"، الجرح والتعديل "3/ 298"، الثقات لابن حبان "6/ 247". 3 الطبقات الكبرى "7/ 284"، التاريخ الكبير "3/ 135"، الجرح والتعديل "3/ 317". 4 التاريخ الكبير "3/ 33"، الجرح والتعديل "3/ 234"، تهذيب التهذيب "2/ 252، 253". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 68 وَعَنْهُ: مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. لَهُ حَدِيثٌ فِي النَّهي عَنْ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ، أَخْرَجَهُ النَّسائيّ، وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ. 70- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ1 الْجُفْرِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَبُو سَعِيدٍ. عَنْ: نَافِعٍ، وَأَبِي الزُّبير، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْجُمَحِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ، وأبو داود، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وأبو عمر الْحَوْضِيُّ، وَمُوسَى التُّبوذكيّ. قَالَ الْفَلاسُ: صَدُوقٌ، مُنْكَرُ الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. قلت: تُوُفِّيَ سَنَةَ 167. 71- الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ الْبَصْرِيُّ2. وَيُقَالُ: هُوَ الْحَسَنُ بْنُ وَاصِلٍ التَّمِيمِيُّ، أَبُو سَعِيدٍ. مُحَدِّثٌ مُكْثِرٌ. رَوَى عَنِ: ابْنِ سِيرِينَ، وَكُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: الثَّوري، وَشَيْبَانُ النَّحويّ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَسَعْدُ بْنُ يَزِيدَ الْفَرَّاءُ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَدَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَآخَرُونَ. قَالَ عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ: كَانَ عِنْدَ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ، عَنْهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شيء.   1 الطبقات الكبرى "7/ 284"، التاريخ الكبير "2/ 288"، الجرح والتعديل "3/ 29"، تهذيب التهذيب "2/ 260-261". 2 الطبقات الكبرى "7/ 279"، التاريخ الكبير "3/ 292"، الجرح والتعديل "3/ 11-12"، ميزان الاعتدال "1/ 487-489"، تهذيب التهذيب "2/ 275-276". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 69 وَكَذَّبَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكَهُ يَحْيَى، وابن مَهْدِيٍّ. وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ، عَلَى أَنِّي لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا قَدْ جَاوَزَ الْحَدَّ. سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: أَمَّا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ يَرَى الْقَدَرَ، وَكَانَ يَحْمِلُ كُتُبَهُ إِلَى بُيُوتِ النَّاسِ وَيُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ كَيْ يُحَدِّثَ مِنْهَا، وَكَانَ لا يَحْفَظُ. قُلْتُ: كَانَ الصَّدْرُ الأَوَّلُ لا يُخْرِجُونَ أُصُولَهُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ مَخَافَةَ أَنْ يُدَسَّ فِيهَا شَيْءٌ مَا سَمِعُوهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: الْحَسَنُ بْنُ دِينَارِ بْنِ وَاصِلٍ التَّمِيمِيُّ، تَرَكَهُ وَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ. 72- الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ1 بْنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. الأَمِيرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ الْفَاطِمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَالِدُ السَّيِّدَةِ الْعَابِدَةِ نفسية الْمَدْفُونَةِ بِظَاهِرِ مِصْرَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَوَكِيعٌ، وَمَالِكٌ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَغَيْرُهُمْ. كَانَ مِنْ سَرَوَاتِ بَنِي هَاشِمٍ وَأَجْوَادِهِمْ. وُلِّيَ الْمَدِينَةَ لِلْمَنْصُورِ خَمْسَ سِنِينَ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَحَبَسَهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الْمَنْصُورُ أَخْرَجَهُ الْمَهْدِيُّ وَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ أَمْوَالَهَا، وَلَمْ يَزَلْ فِي صَحَابَتِهِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَضَى عَنْ وَالِدِهِ زَيْدٍ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ. وَكَانَ ذَا قُعْدُدٍ فِي النَّسب فَإِنَّهُ مُوَازٍ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَقَدْ مَدَحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي الشِّعْرِ. وَخَرَّجَ لَهُ النَّسائيّ حَدِيثًا وَاحِدًا. مَاتَ بِالْحَاجِرِ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ سنة.   1 التاريخ الكبير "2/ 294"، الجرح والتعديل "3/ 14-15"، تهذيب التهذيب "2/ 279". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 70 رَوَى ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. 73- الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ1. الْفَقِيهُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ الْعَابِدُ، أَحَدُ الأَعْلامِ، أَخُو عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، وَهُمَا ابْنَا صَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ شُفَيِّ بْنِ هُنَيٍّ الثَّوريّ. وَقِيلَ: هُوَ صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمِ بن حّيان، قاله البخاريّ. وقيل: صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ. ولد الحسن سنة مائة، روى عَنْ: سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّديّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْعُمَرِيِّ، وَبَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، وَوَالِدِهِ صَالِحٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَقَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَيَحْيَى بْنُ فُضَيْلٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَقَبِيصَةُ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَتَبْتُ عَنْ ثَمَانِمِائَةِ مُحَدِّثٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: يُكْتَبُ رَأْيُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَرَأْيُ الأَوْزَاعِيِّ، هَؤُلاءِ ثِقَاتٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: اجْتَمَعَ فِي الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ إِتْقَانٌ وَفِقْهٌ وَزُهْدٌ. وَكَانَ وَكِيعٌ يُعَظِّمُهُ وَيُشَبِّهُهُ بِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: نَا الحسن بن صالح: وما دُونَ الثَّوْرِيِّ فِي الْوَرَعِ وَالْفِقْهِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: قُلْنَا لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ: صِفْ لَنَا غُسْلَ الْمَيِّتِ، فَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ من البكاء.   1 التاريخ الكبير "2/ 295"، الجرح والتعديل "3/ 18"، حلية الأولياء "7/ 327-392"، تهذيب التهذيب "2/ 285-289". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 71 وَقَالَ عَبْدُهُ بْنُ سُلَيْمَانَ: إِنِّي أَرَى اللَّهَ يستحيي أَنْ يُعَذِّبَ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ. وَقَالَ أَبُو غَسَّانَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ شَرِيكٍ، مِنْ هُنَا إِلَى خُرَاسَانَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا إِلا وَقَدْ غَلَطَ فِي شَيْءٍ، غَيْرَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا مُجَاوِزًا الْمِقْدَارَ، هُوَ عِنْدِي مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: هُوَ عِنْدِي إِمَامٌ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ لا يَتَرَحَّمُ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ وَكِيعٌ: أَتَتَرَحَّمُ أَنْتَ عَلَى الْحَجَّاجِ؟ قُلْتُ: هَذِهِ سَقْطَةٌ مِنْ وَكِيعٍ، شَتَّانَ مَا بَيْنَ الْحَجَّاجِ وَبَيْنَ عُثْمَانَ، عُثْمَانُ خَيْرُ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَحَجَّاجٌ شَرُّ أَهْلِ زَمَانِهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مُتْقِنٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ وَكِيعٌ: كَانَ الْحَسَنُ وَعَلِيٌّ وأمُّهما قَدْ جزَّأوا اللَّيْلَ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ لِلْعِبَادَةِ، فَمَاتَتْ أمُّهما، فقسَّما بَيْنَهُمَا اللَّيْلَ، ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ، فَقَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ الْحَسَنُ1. وَعَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارانيّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْوَفَ أَظْهَرَ عَلَى وَجْهِهِ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، قَامَ لَيْلَةً بِـ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] فغشي عليه، فلم يختمها إلى الفجر2. أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: نَا إِسْحَاقُ بْنُ جَبَلَةَ قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ السُّوقَ يَوْمًا وَأَنَا مَعَهُ، فَرَأَى هَذَا يَخِيطُ وَهَذَا يَصْبَغُ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَتَعَلَّلُونَ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ الْمَوْتُ. وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: فتَّشنا الْوَرَعَ فَلَمْ نَجِدْهُ فِي شيءٍ أقلَّ مِنْهُ فِي اللِّسَانِ3. وَعَنِ ابْنِ حَيٍّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَظَرَ إلى المقبرة يصرخ ويغشى عليه.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 327-328"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 152". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 328". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 329". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 72 وَقَالَ حُمَيْدٌ الرُّؤَاسِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ صَالِحٍ وَرَجُلٌ يَقْرَأُ: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء: 103] ، فَالْتَفَتَ عَلِيٌّ إِلَى أَخِيهِ الْحَسَنِ وَقَدِ اخضرَّ واصفرَّ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ: إِنَّهَا أَفْزَاعٌ فَوْقَ أفزاع، ورأيت الحسن أراد أن يَصِيحُ، ثُمَّ جَمَعَ ثَوْبَهُ فَعَضَّ عَلَيْهِ حَتَّى سَكَنَ عَنْهُ1. وَعَنِ ابْنِ حَيٍّ قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَفْتَحُ لِلْعَبْدِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ بَابًا مِنَ الْخَيْرِ، يُرِيدُ بِهِ بَابًا مِنَ السُّوء2. أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ لِي أَخِي وَكُنْتُ أُصَلِّي: يَا أَخِي اسْقِنِي، قَالَ: فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلاتِي أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَقَالَ: قَدْ شَرِبْتُ السَّاعَةَ، قُلْتُ: وَمَنْ سَقَاكَ وَلَيْسَ فِي الْغُرْفَةِ غَيْرِي وَغَيْرُكَ؟ قَالَ: أَتَانِي السَّاعَةَ جِبْرِيلُ بماءٍ فَسَقَانِي، وَقَالَ: أَنْتَ وَأَخُوكَ وَأُمُّكَ {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 69] ، الآيَةَ، وَخَرَجَتْ نَفْسُهُ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ: تَرَكَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ الْجُمُعَةَ، فَجَاءَ فُلانٌ فَجَعَلَ يُنَاظِرُهُ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ، فَذَهَبَ الْحَسَنُ إِلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ مَعَهُمْ وَإِلَى الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا يَقُولُ أَبُو أُسَامَةَ: سَمِعْتُ زَائِدَةَ يَقُولُ: إِنَّ ابْنَ حَيٍّ هَذَا قَدِ اسْتُصْلِبَ مُنْذُ زَمَانٍ، وَمَا يَجِدُ أَحَدًا يَصْلِبُهُ. يَعْنِي لَوْ عَلِمَ بِهِ أَهْلُ الدَّوْلَةِ أَنَّهُ يرى السيف لقتلوه. قال أبو أُسَامَةُ: أَتَيْتُ الْحَسنَ بْنَ صَالِحٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَقُولُونَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَقُلْتُ: مَا لِي كَفَرْتُ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ يَنْقِمُونَ عَلَيْكَ مَحَبَّةَ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، وَزَائِدَةَ، فَقُلْتُ: لا جَلَسْتُ إِلَيْكَ أَبَدًا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ذُكِرَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عِنْدَ الثَّوري فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ يَرَى السَّيْفَ عَلَى الأُمَّةِ. وَعَنِ الثَّوري أَنَّهُ كَانَ يَنْقِمُ عَلَى ابْنِ حَيٍّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَرَى السيف.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 330". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 330". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 329"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 153". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 73 وقال يحيى القطّان: كان سفيان يسيء الرَّأْيَ فِي الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: كَانَ زَائِدَةُ يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ يُحَذِّرُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ حَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ السَّيف. أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيسَ يَقُولُ: مَا أَنَا وَابْنُ حَيٍّ، لا نَتْرُكُ جُمْعَةً وَلا جِهَادًا. قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ: كُنَّا عِنْدَ وَكِيعٍ، فَكَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَمْسَكْنَا فَلَمْ نكتب، فقال: ما لكم؟ فقال له أَخِي بِيَدِهِ هَكَذَا: يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَرَى السَّيْفَ، فَيَسْكُتُ وَكِيعٌ. وَقَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: كَانَ زَائِدَةُ يَسْتَتِيبُ مَنْ أَتَى حَسَنَ بْنَ صَالِحٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ. لَهُ أَقْوَالٌ تُحْكَى فِي الْخِلافِيَّاتِ. 74- الْحُسَيْنُ بْنُ مُطَيْرٍ1. مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، مَدَحَ الدَّوْلَتَيْنِ، وَلَهُ مَدَائِحُ فِي الْمَهْدِيِّ، وَشِعْرُهُ فِي الذِّروة، وَكَانَ أعرابيَّ الْهَيْئَةِ وَاللِّبَاسِ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي أَسَدٍ. وَهُوَ الْقَائِلُ: فَوَاعَجَبًا لِلنَّاسِ يَسْتَشْرِفُونَنِي ... كَأَنْ لَمْ يَرَوْا بَعْدِي مُحِبًّا وَلا قَبْلِي يَقُولُونَ لِي: اصْرِمْ يَرْجِعِ الْعَقْلُ كلُّه ... وَصَرْمُ حَبِيبِ النَّفْسِ أَذْهبُ لِلْعَقْلِ فَيَا عَجَبًا مِنْ حبِّ مَنْ هُوَ قَاتِلِي ... كَأَنِّي أُجَازِيهِ المودَّة عَنْ قَتْلِي وَمِنْ بيِّنات الْحُبِّ أَنْ صَارَ أَهْلُهَا ... أحبَّ إِلَى قَلْبِي وَعَيْنِي مِنْ أَهْلِي قَالَ أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيّ: نَا سُلَيْمَانُ قَالَ: خَرَجَ الْمَهْدِيُّ يَوْمًا يَتَصَيَّدُ، فلقيه الحسين بن مطير فأنشده: أضحت يمينك من جودٍ مصوَّرةً ... لا، بل يمينك منها صورة الجود   1 سير أعلام النبلاء "7/ 81-82"، الأغاني "16/ 17-27"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 365-367". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 74 من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة ... ومن بَنَانِكَ يَجْرِي الْمَاءُ فِي الْعُودِ فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: كَذَبْتَ يَا فَاسِقُ، وَهَلْ تَرَكْتَ مَوْضِعًا لأحدٍ مع قولك في معن بن زائدة: ألما بمعنٍ ثم قولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثُمَّ مَرْبَعًا فَيَا قَبْرَ معنٍ كُنْتَ أَوَّلَ حفرةٍ ... من لأرض خَطَّتْ لِلْمَكَارِمِ مَضْجَعًا وَيَا قَبْرَ معنٍ كَيْفَ واريت جوده ... وقد كان منه البرُّ والبحر مترعا ولكن حويت الجود والجود ميِّت ... ولو كَانَ حَيًّا ضِقْتَ حَتَّى تصدَّعا وَمَا كَانَ إلاَّ الجود صورة وجهه ... فعاش ريبعًا، ثُمَّ وَلَّى فودَّعا فَلَمَّا مَضَى مَعْنٌ مَضَى الْجُودُ والنَّدا ... وَأَصْبَحَ عِرْنِينُ الْمَكَارِمِ أَجْدَعَا فَأَطْرَقَ ابْنُ مُطَيْرٍ ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: وهل معن إلا حسنة من حسناتك، فرضي عَنْهُ وَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ. رَوَى حَمَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَوْصِليُّ، عَنْ أَبِيهِ، لِلْحُسَيْنِ بْنِ مُطَيْرٍ: أَيَا كَبِدًا مِنْ لَوْعَةِ الحبِّ كُلَّمَا ... ذُكِرَتْ وَمِنْ رَفْضِ الْهَوَى حَيْثُ يَرْفُضُ وَمِنْ زفرةٍ تَعْتَادُنِي بَعْدَ زفرةٍ ... تقصَّف أَحْشَائِي لَهَا حِينَ يَنْهَضُ فَمِنْ حُبِّهَا أَبْغَضْتُ مَنْ كُنْتُ وَامِقًا ... وَمِنْ حُبِّهَا أَحْبَبْتُ مَنْ كُنْتُ أَبْغَضُ إِذَا مَا صَرَفْتُ الدَّهْرَ عَنْهَا بِغَيْرِهَا ... أَتَى حُبُّهَا مِنْ دُونِهِ يتعرَّض وَمِنْهَا مِمَّا لَمْ يَرْوِهِ الْمَوْصِلِيُّ فِيهَا: قَضَى الحبُّ يَا أَسْمَاءُ أَنْ لَسْتُ زَائِلا ... أحُّبك حَتَّى يُغمِضَ الْعَيْنَ مُغْمِضُ فحُّبك بَلْوَى غَيْرَ أَنْ لا يسرُّني ... وَإِنْ كَانَ بَلْوَى أَنَّنِي لَكِ مُبْغِضُ فَيَا لَيْتَنِي أَقْرَضْتُ جَلْدًا صَبَابَتِي ... وَأَقْرَضَنِي صَبْرًا عَلَى النَّاسِ مُقْرِضُ وَلَهُ: أحبُّك يَا سَلْمَى عَلَى غَيْرِ ريبةٍ ... وَلا بَأْسَ فِي حبٍّ تعفُّ سَرَائِرُهْ أحبُّك حُبًّا لا أُعَنَّفُ بَعْدَهُ ... مُحِبًّا وَلَكِنِّي إِذًا لِيمَ عَاذِرُهْ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 75 وَقَدْ مَاتَ قَبْلِي أوَّل الْحُبِّ مَرَّةً ... وَلَوْ متُّ أَضْحَى الحبُّ قَدْ مَاتَ آخِرُهْ وأيُّ طبيبٍ يُبْرِئُ الحبَّ بَعْدَمَا ... تشرَّبه بَطْنُ الْفُؤَادِ وَظَاهِرُهْ 75- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنِ: الشَّعبيّ، وَأَبِي الْفَضْلِ بَيَّاعِ الْخُمُرِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَوَكِيعٌ، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. مَا رَأَيْتُ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ. 76- الْحُسَيْنُ بْنُ عُقَيْلٍ. الْعُقَيْلِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: عَائِشَةَ بِنْتِ بَجْدَانَ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 77- حَشْرَجُ بْنُ نُبَاتَةَ3، أَبُو مُكْرَمٍ الأَشْجَعِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعمان، وَعاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ: "هَؤُلاءِ الْخُلَفَاءُ بَعْدِي"4، وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا قَالا: لَمْ يستخلف النبي -صلى الله عليه وسلم.   1 التاريخ الكبير "2/ 309"، الجرح والتعديل "3/ 45"، الثقات لابن حبان "8/ 172". 2 التاريخ الكبير "2/ 389"، الجرح والتعديل "3/ 61"، الثقات لابن حبان "8/ 184". 3 الطبقات الكبرى "6/ 384"، التاريخ الكبير "3/ 117"، الجرح والتعديل "3/ 296"، وتهذيب الكمال "6/ 506-509"، وميزان الاعتدال "1/ 551"، تهذيب التهذيب "2/ 377-378". 4 "حديث ضعيف": أخرجه ابن أبي عاصم في السنة "1157"، والعقيلي في الضعفاء "1/ 297" وضعفه الشيخ الألباني في السنة لابن أبي عاصم "1157". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 76 قُلْتُ: رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ، عَنِ الصَّائِغِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي يَعْلَى، كِلاهُمَا قَالا: ثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، نَا حَشْرَجٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: لَمَّا بَنَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَسْجِدُ وَضَعَ فِي الْبِنَاءِ حَجَرًا، وَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: "ضَعْ حَجَرَكَ إِلَى جَنْبِ حَجَرِي" ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: "ضَعْ حَجَرَكَ إِلَى جَنْبِ حَجَرِ أَبِي بَكْرٍ"، ثُمَّ قَالَ لِعُثْمَانَ: "ضَعْ حَجَرَكَ إِلَى جَنْبِ حَجَرِ عُمَرَ"، ثُمَّ قَالَ: "هَؤُلاءِ الْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِي". وَقَدْ قَالَ فِيهِ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 78- الْحَكَمُ بْنُ الصَّلت1 الْمَدَنِيُّ الْمُؤَذِّنُ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، كَذَا قِيلَ، وَهُوَ خَطَأٌ، بَلِ الأَصْوَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو حَاتِمٍ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الصَّلت، لَمْ يخرِّجوا لَهُ شَيْئًا. 79- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ2: نَزِيلُ الْكُوفَةِ. عَنْ: قَتَادَةَ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ، وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعمان، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهديّ، وَبُشَيْرُ بْنُ الْوَلِيدِ. قَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ أبو داود: منكر الحديث. وقال ابن المعين: لَيْسَ بِشَيْءٍ. الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ: ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ كَتَمَ عِلْمًا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهِ لِجَامٌ مِنْ نَارٍ" 3. وهذا حديث عليّ   1 التاريخ الكبير "2/ 339"، الجرح والتعديل "3/ 117-118"، والثقات لابن حبان "6/ 185"، وتهذيب التكمال "7/ 98-99"، تهذيب التهذيب "2/ 427". 2 التاريخ الكبير "2/ 340"، الجرح والتعديل "3/ 122-123"، تهذيب الكمال "7/ 110-112"، ميزان الاعتدال "1/ 576-577"، وتهذيب التهذيب "2/ 431-432". 3 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3658"، والترمذي "2649"، وابن ماجه "261"، وأحمد في المسند "2/ 263، 305"، والحاكم في المستدرك "1/ 101"، وابن حبان في صحيحه "95"، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "6517". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 77 ابن الْحَكَمِ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ أَيْضًا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا. 80- الْحَكَمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْوُحَاظِيُّ الْحِمْصِيُّ1. مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، فَإِنَّهُ سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرْدٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْخَبَائِرِيُّ، وقد تفرّد عنه الخبائريّ بحديثه عن أبي بُسْرٍ قَالَ: بَعَثَتْنِي أُمِّي بِقِطْفِ عِنَبٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ بَعْدُ إِذَا رَآنِي قَالَ: غُدَرْ، غُدَرْ2. وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي قَتِيَلَةَ الْكَلاعِيِّ، وَسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ. وَرَأَى أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 81- حِمَّانُ بْنُ الجعد3. شيخ بصريّ. عن: قتادة، ثابت، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي أَسْلَمَ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَسَنُ الْحَدِيثِ مَعَ ضَعْفِهِ. وَقَالَ أبو حاتم: ما بحديثه بأس.   1 التاريخ الكبير "2/ 339"، والجرح والتعديل "30/ 129-130"، والثقات لابن حبان "4/ 1046"، وميزان الاعتدال "1/ 582". 2 "حديث ضعيف": أخرجه البخاري في تاريخه "2/ 339"، وابن عدي في الكامل "2/ 631"، وذكره الهيثمي في المجمع "4/ 147"، وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه الحكم بن الوليد ذكره ابن عدي في الكامل، وذكر له هذا الحديث وقال: لا أعرف هذا عن عبد الله بن بسر. 3 التاريخ الكبير "3/ 29"، الجرح والتعديل "3/ 134"، تهذيب الكمال "7/ 226-229"، ميزان الاعتدال "1/ 589"، تهذيب التهذيب "3/ 4-5". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 78 82- حمّاد بن سلمة بن دينار1. مولى رَبِيعَةَ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي وَلائِهِ. الْعَلَمُ، أبو سلمة البزّاز الْخِرَقِيُّ الْبَطَائِنِيُّ، شَيْخُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، سَمِعَ: خَالَهُ حميدًا الطويل، وثابتًا البنانيّ، وابن أبي مُلَيْكَةَ بِمَكَّةَ، وَقَتَادَةَ، وَأَنَسَ بْنَ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ الْقُرَشِيَّ، وَأَبَا حَمْزَةَ الضُّبعيّ، وَسِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ، وَسَعِيدَ بْنَ جُمْهَانَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ، وَسُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَثِيرٍ الدَّارِيَّ الْمُقْرِئُ، وَأَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ، وَعَمَّارَ بن أبي عمّار، وأبا غالب حزوّرا، وخلق سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَهُدْبَةُ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَشَيْبَانُ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَرَوَى الْحُرُوفَ عَنِ: ابْنِ كَثِيرٍ، وَعَنْ عَاصِمٍ، قَالَهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ. وَحَمَلَ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يُفِيدُنِي عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ. وَقَالَ وُهَيْبُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: سَيِّدُنَا وَأَعْلَمُنَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَثْبَتُ النَّاسِ فِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ أَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ بِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ ضُرَيْسٍ، مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَشَرَةُ آلافِ حَدِيثٍ. وَقَالَ الْكَوْسَجُ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ فِي رِجَالٍ، وَهُوَ أَعْلَمُهُمْ بِثَابِتٍ، وَبِعَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ.   1 الطبقات الكبرى "7/ 282"، التاريخ الكبير "3/ 22-23"، الثقات لابن حبان "6/ 216"، حلية الأولياء "6/ 249-257"، ميزان الاعتدال "1/ 590-595"، تهذيب التهذيب "3/ 11". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 79 قُلْتُ: وَلِهَذَا احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي الأُصُولِ بما رواه عن ثابت، وفي الشَّوَاهِدِ بِمَا رَوَاهُ عَنْ غَيْرِ ثَابِتٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ: نَا الحمَّادان، حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ، وَحَمَّادُ بْنُ زيد بن درهم، وفضل حمّاد ابن سَلَمَةَ عَلَى الآخَرِ كَفَضْلِ الدِّينَارِ عَلَى الدِّرْهَمِ. قلت: يشير إلى اسْمَيْ جدَّيهما. وَقَالَ شِهَابُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَلْخِيُّ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يُعَدُّ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ إِمَامًا رَاسِيًا فِي الْعَرَبِيَّةِ، فَقِيهًا، فَصِيحًا، بَلِيغًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ، شَدِيدًا عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ، صَاحِبَ أَثَرٍ وسنَّة، لَهُ تَصَانِيفُ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَا كُنَّا نَرَى أَحَدًا بنيَّة غَيْرَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَمَا نَرَى الْيَوْمَ مَنْ يُعْلَمُ بنيَّة غَيْرَهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: مَنْ تَكَلَّمَ فِي حَمَّادِ بْنِ سلمة فاتَّهموه. وقال مسلم بن إبراهيم: أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ حَمَّادَ بن أبي سليمان عن أحايث مُسْنَدَةٍ، وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ عَنْ رَأْيِهِ، وَكُنْتُ إِذَا جِئْتُهُ قَالَ: لا جَاءَ اللَّهُ بِكَ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكي: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَثْقُلُ حَتَّى يَخِفَّ. وَقَالَ عَفَّانُ: نَا حَمَّادٌ قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ وَعَطَاءٌ بَاقٍ، فَقُلْتُ: إِذَا أَفْطَرْتُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ فِي رَمَضَانَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَمَّادٌ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَغْمِزُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فاتَّهمة عَلَى الإِسْلامِ، فَإِنَّهُ كَانَ شَدِيدًا عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ. وَقَدْ رَثَاهُ اليزيديُّ حَيْثُ يَقُولُ: يَا طَالِبَ النحَّو أَلا فَابْكِهِ ... بَعْدَ أَبِي عَمْرٍو وَحَمَّادِ. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 80 قَالَ يُونُسُ النَّحويّ: مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ تَعَلَّمْتُ الْعَرَبِيَّةَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لَوْ قِيلَ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: إِنَّكَ تَمُوتُ غَدًا مَا قَدَرَ أَنْ يَزِيدَ فِي الْعَمَلِ شَيْئًا1. وَقَالَ عَفَّانُ: مَا قَدْ رَأَيْتُ مَنْ هُوَ أَعْبَدُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَلَكِنْ مَا رَأَيْتُ أشدَّ مُوَاظَبَةً عَلَى الْخَيْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْعَمَلِ لِلَّهِ مِنْهُ2. وَقَالَ التَّبوذكي: لَوْ قلت لكم: إني ما رَأَيْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ ضَاحِكًا لَصَدَقْتُ، كَانَ مَشْغُولا، إِمَّا يُحَدِّثُ، أَوْ يَقْرَأُ، أَوْ يَنْسَخُ، أَوْ يُصَلِّي، قَدْ قسَّم النَّهَارَ عَلَى ذَلِكَ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3. وَقَالَ يُونُسُ الْمُؤَدِّبُ: مَاتَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ4. وَقَالَ سِوَارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ: ثَنَا أَبِي قَالَ: كُنْتُ آتِي حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فِي سُوقِهِ، فَإِذَا رَبِحَ فِي ثَوْبٍ حَبَّةً أَوْ حبَّتين شَدَّ جَوْنَتَهُ5 وَلَمْ يَبِعْ شَيْئًا، فَكُنْتُ أَظُنُّ ذَلِكَ يَقُوتُهُ6. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: سَمِعْتُ حَمَّادًا يَقُولُ: إِذَا دَعَاكَ الأَمِيرُ أَنْ تقرأ عليه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فَلا تَأْتِهِ7. وَرُوِيَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ قِيلَ لَهُ: أَلا تَأْتِي السُّلْطَانَ، فَقَالَ: أَحْمِلُ لِحْيَةً حَمْرَاءَ إِلَيْهِمْ8. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ الطَّبَّاعِ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ: مَنْ طَلَبَ الحديث لغير الله مكر به9.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 361". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 362". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 363". 5 جونته: هي سليلة مستديرة مغشاة بالجلد يحفظ العطار فيها الطيب. 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 362". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251". 8 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251". 9 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 81 وَقَالَ حَمَّادٌ: مَا كَانَ مِنْ نِيَّتِي أَنْ أُحَدِّثَ حَتَّى قَالَ لِي أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ فِي النَّوْمِ: حَدِّثْ1. قَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: كَتَبْتُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا. وقال حجّاج بن منهال: أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ. وَرُوِيَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ تَزَوَّجَ سَبْعِينَ امْرَأَةً وَلَمْ يُولَدْ لَهُ، كَانَ عَقِيمًا. قَالَ الْبُخَارِيّ: ثَنَا آدَمُ قَالَ: شَهِدْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ وَدَعَاهُ الدَّوْلَةُ. فَقَالَ: أَحْمِلُ لِحْيَةً حَمْرَاءَ إِلَى هَؤُلاءِ، لا وَاللَّهِ لا فَعَلْتُ. وَقِيلَ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ مُجَابَ الدَّعوة. قَالَ أبو دواد: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ إِلا كِتَابَ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ الْمَكِّيِّ، يَعْنِي كَانَ حَافِظًا يَرْوِي مِنْ حِفْظِهِ. وَأَعْلَى مَا عِنْدِي مِنْ عَالِي حَدِيثِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا. أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ قَالا: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبُنْدَارُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ، ثَنَا عَبْدُ الله، أبو نصر التّمّار، ثناه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] قَالَ: "يَقُومُونَ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ أَطْرَافَ آذَانِهِمْ" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا اللَّبَّانُ، أَنَا الْحَدَّادُ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ التَّاجِرِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ: عَادَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ سُفْيَانَ الثَّوريّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَلَمَةَ: أَتَرَى اللَّهَ يَغْفِرُ لِمِثْلِي؟ فَقَالَ حَمَّادٌ: وَاللَّهِ لَوْ خيِّرت بين محاسبة الله تعالى   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251". 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2862"، وأحمد في المسند "2/ 70"، من الطريق الذي أتى به المصنف، وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر أخرجه البخاري "4938"، ومسلم "2862"، والترمذي "2422". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 82 لِي وَبَيْنَ مُحَاسَبَةِ أبويَّ، لاخْتَرْتُ مُحَاسَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ أَرْحَمُ بِي مِنْ أَبَوَيَّ1. وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: نَا أَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ، نَا عَبَّاسٌ الشَّكليّ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ الْجَرَّاحِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الحجَّاج قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَسْمَعُ مَعَنَا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، فَرَكِبَ إِلَى الصِّينِ، فَلَمَّا رَجَعَ أَهْدَى إِلَى حَمَّادٍ، فَقَالَ: إِنْ قَبِلْتُهَا لَمْ أُحَدِّثْكَ بِحَدِيثٍ. وَإِنْ لَمْ أَقْبَلْهَا حَدَّثْتُكَ، قَالَ: لا تَقْبَلْهَا وَحَدِّثْنِي2. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنِ الْقَطَّانِ: حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ: لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَدْ بتَّ كَذَا الدُّولابيّ فَقَالَ في كتاب الضُّعفاء: أنا محمد بن شجاع بن الثّلجي، أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن مَهْدِيٍّ قَالَ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ لا يَعْرِفُ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ، يَعْنِي أَحَادِيثَ فِي الصِّفَةِ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَى عبَّادان، فَجَاءَ وَهُوَ يَرْوِيهَا، فَلا أَحْسَبُ إِلا شَيْطَانًا خَرَجَ إِلَيْهِ مِنَ البحر فألقاها إليه، ثم قال ابن البخليّ: وَسَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ صُهَيْبٍ يَقُولُ: إِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ لا يَحْفَظُ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهَا دسَّت فِي كُتُبِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ كَانَ رَبِيبَهُ، فَكَانَ يَدُسُّ فِي كُتُبِهِ هَذِهِ الأَحَادِيثَ. قُلْتُ: مَا ابْنُ شُجَاعٍ بمصدَّق عَلَى حَمَّادٍ، فَقَدْ رُمِيَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَكَانَ يَتَجَهَّمُ وَأَمَّا حَمَّادٌ -رَضِيَ اللَّهُ عنه، فما كان لَهُ كُتُبٌ، بَلْ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى حِفْظِهِ، فربَّما وَهِمَ كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ، قَدْ قِيلَ فِي سُوءِ حِفْظِهِ وَجَمْعِهِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي إِسْنَادٍ وَاحِدٍ بِلَفْظٍ. وَلَمْ يُخْرِجْ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الأُصُولِ إِلا عَنْ ثَابِتٍ. قُلْتُ: مَنِ اتَّهَمَ حَمَّادًا فَهُوَ متَّهم عَلَى الإِسْلامِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حِينَ بَقِيَ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا. 83- حَمَّادُ بْنُ أَبِي لَيْلَى3.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251". 2 أخرجه أبوم نعيم في الحلية "6/ 251". 3 سير أعلام النبلاء "7/ 157-158"، ولسان الميزان "2/ 352"، وشذرات الذهب "1/ 239". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 83 وَاسْمُ أَبِي لَيْلَى مَيْسَرَةُ، وَقِيلَ: سَابُورُ، أَبُو الْقَاسِمِ، الأَدِيبُ الإِخْبَارِيُّ، مَوْلًى لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ حَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ. مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنَّمَا أَعَدْتُهُ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ مَاتَ لِتِسْعٍ بقين من المحرم سنة تسع وستين ومائة. 84- حَمَّادُ عَجْرَدٍ1. مَرَّ أَيْضًا فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 85- حمّاد بن يزيد المقرئ2. أبو يزيد. عَنْ أَبِيهِ، وُمَحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قرَّة، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَيُونُسُ الْمُؤَدِّبُ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. وَهُوَ شَيْخٌ لَمْ يضعَّف. 86- حَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَشِيطٍ3 الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ. الْعَابِدُ. رَوَى عَنْ: سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، وَعَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَجَمَاعَةٍ. وعنه: ابن أخيه عبد الله بن محمد بْنِ الْمُغِيرَةِ، ذَلِكَ الَّذِي نَزَلَ مِصْرَ، وَهَاشِمُ بن القاسم، وأبو أسامة، وسليمان ابن أَبِي شَيْخٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: هَذَا مَاتَ كَهْلا وَلَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. 87- حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ4. أَبُو زُهَيْرٍ البصريّ.   1 سير أعلام النبلاء "7/ 156-157"، ولسان الميزان "2/ 349". 2 التاريخ الكبير "3/ 21"، والجرح والتعديل "3/ 151"، والثقات لابن حبان "6/ 219". 3 التاريخ الكبير "3/ 47"، الجرح والتعديل "3/ 214"، وتهذيب التهذيب "3/ 33". 4 التاريخ الكبير "3/ 58"، والجرح والتعديل "3/ 246"، والثقات لابن حبان "6/ 130"، وميزان الاعتدال "1/ 623". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 84 عن: أبي مِجْلَزٍ لاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَأَبِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَيَّانَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى الْمِنْقَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَلَهُ مَنَاكِيرُ وَغَرَائِبُ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَهَّاهُ. "حرف الْخَاءِ": 88- خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ الله بن سليمان بن زيد1 ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ -ت-ن. عَنْ: نَافِعٍ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبير. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَالْوَاقِدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ، هَكَذَا وَجَدْتُ فِي كِتَابِ الْمُغْنِي، وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ كَلامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ. وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الرَّجُلِ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 89- خَارِجَةُ بْنُ مصعب2 بن خارجة -ت- ق. أبو الحجّاج الضّبعيّ السّرخسيّ. عَالِمُ أَهْلِ خُرَاسَانَ عَلَى لِينٍ فِيهِ. رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَهُوَ كَبِيرٌ فَسَمِعَ الْكَثِيرَ. وَرَوَى عَنْ: بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وعبد الملك بن عمير، وأيوب، ويونس، وعمرو بن دينار القهرمان، وشريك بن أبي نمر، وعمرو بن يحيى المازنيّ، وعدّة.   1 الطبقات الكبرى "9/ 465"، التاريخ الكبير "3/ 204-205"، الجرح والتعديل "3/ 374"، الثقات لابن حبان "6/ 273"، تهذيب التهذيب "3/ 76"، وميزان الاعتدال "1/ 625". 2 الطبقات الكبرى "7/ 371"، التاريخ الكبير "3/ 205"، الجرح والتعديل "3/ 922-927"، تهذيب الكمال "8/ 16-23"، ميزان الاعتدال "625-626"، تهذيب التهذيب "3/ 76". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 85 وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، وعيسى غنجار، ووكيع، وحفص بن عبد الله السلمي، ويحيى بن يحيى التَّميميّ، ونعيم بن حماد، ويزيد بن صالح، وآخرون. روى مسلم، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى قَالَ: هُوَ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ عِنْدَنَا، وَلَمْ يُنْكَرْ مِنْ أَحَادِيثِهِ إِلا مَا كَانَ يُدَلِّسُ عَنْ غِيَاثٍ -فَإِنَّا كُنَّا نَعْرِفُ تِلْكَ الأَحَادِيثَ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ، يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ بمتَّهم. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٌ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَغْلَطُ وَلا يَتَعَمَّدُ. وَعَنْ خَارِجَةَ قَالَ: قدمت على الزُّهريّ وهو صاحب الشرطة للمروانيَّة، لم أَسْمَعْ مِنْهُ ثُمَّ قَدِمْتُ، فَسَمِعْتُ مِنْ يُونُسَ، عَنْهُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ خَارِجَةُ يُطْعِمُ أَصْحَابَ الحديث ويزري على من لا يَأْكُلُ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ليس بثقة. وقال عبد الله بن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: نَهَانِي أَبِي أَنْ أَكْتُبَ أَحَادِيثَ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ واتَّقوه. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: يُرْمَى بِالإِرْجَاءِ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ خَارِجَةَ: تُوُفِّيَ أَبِي سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَلَهُ ثَمَانٍ وَسَبْعُونَ سَنَةً. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ التَّميميّ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ الْكِنْدِيَّةُ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ الْقَارِئَ أَخْبَرَهَا سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ سَنَةَ ثمانٍ وَأَرْبَعِينَ وأربعمائة، أنا بشر بن أحمد الإسفرايينيّ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، نَا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا خَارِجَةُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي أَغْزُو الْمَغْرِبَ فَنَجِدُ لَهُمْ أَسْقِيَةً يَشْرَبُونَ فِيهَا مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي ما تقول، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 86 أَلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "كُلُّ إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَرْبَابُ السَّنن، مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. 90- خَالِدُ بْنُ بَرْمَكَ2، أَبُو الْعَبَّاسِ، جدُّ الْبَرَامِكَةِ، صَدْرٌ معظَّم، وَزَرَ فِي أَوَّلِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ لِلسَّفَّاحِ. وَذَكَرَ الصُّولِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الإِمَامِ وَالِدِ السَّفَّاحِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ إِنَّهُ وَزَرَ لِلْمَنْصُورِ نَحْوًا مِنْ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ عَزَلَهُ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا أَيُّوبَ الْمُورْيَانِيَّ، وَعَقَدَ لِخَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ عَلَى إِمْرَةِ فَارِسَ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ تِسْعِينَ، وَكَانَ بَرْمَكُ مَجُوسِيًّا مِنَ الْفُرْسِ، وَقَدِ اتُّهِمَ خَالِدٌ بِالْبَقَاءِ عَلَى الْمَجُوسِيَّةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. مَاتَ سَنَةَ خمسٍ وستِّين وَمِائَةٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فَقَالَ: ذَكَرَ الصُّوليّ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ السَّفَّاحُ بَايَعَهُ خَالِدٌ وَتَكَلَّمَ، فَأَعْجَبَهُ وَظَنَّهُ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟ قَالَ: مَوْلاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعَجَمِ، أَنَا خَالِدُ بْنُ بَرْمَكَ وَأَبِي وَأَهْلِي فِي مُوَالاتِكُمْ وَالْجِهَادِ عَنْكُمْ. فَأُعْجِبَ بِهِ وَقَدَّرَهُ فِي دِيوَانِ الْجُنْدِ، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ وَزَرَ لِلسَّفَّاحِ، فَلَمَّا وَلِيَ الْمَنْصُورُ أَمَّرَهُ مُدَيْدَةً، ثُمَّ أَمَّرَهُ عَلَى فَارِسَ. وَمَدَحَتْهُ الشُّعَرَاءُ، ثُمَّ وَلِيَ الرَّيَّ، فَكَانَ بِهَا مَعَ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ وَلِيَ الْمَوْصِلَ وَفَارِسَ مَعًا زَمَنَ الْمَهْدِيِّ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الْغَمْرَاوِيُّ: مَا بَلَغَ مَبْلَغَ خالدٍ أَحَدٌ مِنْ أَوْلادِهِ، وَمَا تَفَرَّقَ فِيهِمُ اجْتَمَعَ فِيهِ، كَانَ فَوْقَ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ فِي الرَّأْيِ وَالْحُكْمِ، وَفَوْقَ الْفَضْلِ فِي السَّخَاءِ، وَفَوْقَ جَعْفَرٍ فِي الْكِتَابَةِ وَالْفَصَاحَةِ، وَفَوْقَ مُحَمَّدٍ فِي أنيَّته وَحُسْنِ آلَتِهِ، وَفَوْقَ مُوسَى فِي شَجَاعَتِهِ. وَكَانَ يَحْيَى يَقُولُ: مَا أَنَا إِلا شَرَارَةٌ مِنْ نَارِ أَبِي العبّاس.   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "366"، وأبو داود "4123"، والترمذي "1718"، والنسائي "4252"، وابن ماجه "3609"، ومالك في الموطأ "1073"، وأحمد في المسند "1/ 219، 227، 237، 270، 279، 280، 314، 328، 343، 365، 372"، وابن حبان في صحيحه "1287". 2 الأغاني "3/ 173، 184، 185"، سير أعلام النبلاء "7/ 228، 229"، النجوم الزاهرة "2/ 50". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 87 فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ الصُّوليّ: مَا فِي وُزَرَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مِثْلُ خَالِدٍ فِي فَضَائِلِهِ وَكَرَمِهِ. وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ قَالَ: لَوْ كَانَتْ دَوْلَتُنَا صُورَةً لَكَانَ قَحْطَبَةُ قَلْبَهَا، وَأَبُو جَهْمٍ بَدَنَهَا، وَعُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ يَدَهَا، وَخَالِدُ بن برمك غذاؤها وَقُوتَهَا. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ همَّ بِهَدْمِ إِيوَانِ كِسْرَى، فَقَالَ: لا تَفْعَلْ فَإِنَّهُ آيَةٌ لِلإِسْلامِ، وَإِذَا رَآهُ النَّاسُ عَلِمُوا أَنَّ مَنْ هَذَا بِنَاؤُهُ لا يُزِيلُ أَمْرَهُ إِلا الأَنْبِيَاءُ وَمَوْرَثَتُهُ أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِ، قَالَ: أَبَيْتَ إِلا مَيْلا إِلَى الأَعْجَمِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَدْمِهِ، فَهُدِمَتْ مِنْهُ ثُلْمَةٌ غَرِمُوا عَلَيْهِ جُمْلَةً فَأَضْرَبَ عَنْ هَدْمِهِ وَقَالَ: يَا خَالِدُ قَدْ صِرْنَا إِلَى إِرَادَتِكَ. قَالَ: أَنَا غَيَّرْتُ، أَرَى هَدْمَهُ لَيْلا لِئَلا يُقَالَ: عَجَزْتُ عَنْهُ. 91- خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ1 بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ. -ت. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وعمَّي أَبِيهِ سَالِمٍ، وَحْمَزَةَ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفيليّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَعَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: لَهُ مَنَاكِيرُ. 92- خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ، الْمَهْرِيُّ الْمِصْرِيُّ2. عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ، وَحُمَيْرِ بْنِ هَانِي الخولانيّ، وخالد بن يزيد الجمحيّ، وعمر مَوْلَى غُفْرَةَ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ، وَرَوْحُ بْنُ صَلاحٍ، وَآخَرُونَ.   1 الجرح والتعديل "3/ 323"، تهذيب الكمال "8/ 33-34"، الثقات لابن حبان "6/ 254"، ميزان الاعتدال "1/ 628"، تهذيب التهذيب "3/ 81-82". 2 التاريخ الكبير "3/ 144"، الجرح والتعديل "3/ 325-326"، تهذيب الكمال "8/ 39-41"، تهذيب التهذيب "3/ 83". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 88 قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ وَاعِظًا عَالِمًا كَبِيرَ الْقَدْرِ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الأَدَبِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 93- خَالِدُ بْنُ زِيَادٍ، الأَزْدِيُّ1، التِّرْمِذِيُّ -ت. ن. عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى عَمْرٍو، وَأَبِي الصِّدِّيق النَّاجِيِّ، وَمُقاتِلِ بْنِ حيَّان، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: اللَّيث بْنُ خَالِدٍ الْبَلْخِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَرْوَزِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ. قُلْتُ: صَدُوقٌ إن شاء الله. 94- خالد بن ميسرة2 -د. ن- أبو حاتم، بَصْرِيٌّ صُوَيْلِحٌ. رَوَى عَنْ: مُعَاوِيَةَ بْنِ قرَّة، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ. وعنه: العقدي، وعبد الصمد بن حسان، وغيرهما. وكان عطارا. 95- خالد بن إلياس3 -ت. ق- أبو الهيثم العدويّ المدنيّ. عَنْ: يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، وَصَالِحٍ مَوْلَى التَّوءمة، وَالْمَقْبُرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ الزُّبيديّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، ضعيف. وقال النَّسائيّ: متروك.   1 التاريخ الكبير "3/ 151"، الجرح والتعديل "3/ 332"، تهذيب الكمال "8/ 65-66"، تهذيب التهذيب "3/ 90". 2 التاريخ الكبير "3/ 175-176"، والجرح والتعديل "3/ 352"، تهذيب التهذيب "3/ 122-123". 3 الطبقات الكبرى "9/ 421"، التاريخ الكبير "3/ 140"، الجرح والتعديل "3/ 321"، تهذيب التهذيب "3/ 80-81". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 89 وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ يَؤُمُّ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوًا مِنْ ثَلاثِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: اسْمُهُ خَالِدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ صَخْرٍ الْعَدَوِيُّ. لَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَائِفَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، يُكتَبُ حَدِيثُهُ زَحْفًا. وَقَالَ أَبُو زرعة: سمعت أبا نعيم يقول: لا يساوي حَدِيثُهُ فَلْسَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ كلُّها أَفْرَادٌ، وَمَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 96- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ1، أَبُو هَاشِمٍ المرِّيّ الدِّمشقي -ن. ق. قَاضِي الْبَلْقَاءِ، وَوَالِدُ عِرَاكٍ الْقَارِئِ. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ صَالِحِ بْنِ صُبَيْحٍ الْمُرِّيِّ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بن مسلم، ومروان الطّاطريّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَمَا أَظُنُّ نُعَيْمًا لَقِيَهُ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ، وَعَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً. قَرَأَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 97- خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ2، الْخُزَاعِيُّ الْقُمِّيُّ -ن. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّدِّيَّ، وَعَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ. وَعَنْهُ: عَامِرُ بْنُ إبراهيم، والحسين بن حفص الأصبهانيان. وثّقة ابن حبّان.   1 التاريخ الكبير "3/ 181-182"، الجرح والتعديل "3/ 358-359"، تهذيب التهذيب "3/ 125-126". 2 الجرح والتعديل "3/ 386"، الثقات لابن حبان "8/ 232"، تهذيب التهذيب "3/ 145". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 90 98- خَلادُ بْنُ سُلَيْمَانَ1، الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ. عَنْ: نَافِعٍ، وَدَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، وَخَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ. وعنه: ابن وهب، وَسَعِيد بن أبي مريم، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَقَدْ أَدْرَكَ أَيَّامَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِيمَا قِيلَ. كُنْيَتُهُ: أَبُو سُلَيْمَانَ، مَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ. وَثَّقَهُ الْحَافِظُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ الرَّازِيُّ. 99- خَلَفُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْبَصْرِيُّ2، أَبُو الْمُنْذِرِ. عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. 100- خَلَفُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ3، الْخُزَاعِيُّ. عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَأَبُو كَامِلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ. 101- خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ4، السَّدُوسِيُّ، الْبَصْرِيُّ، ثُمَّ الْمَوْصِلِيُّ. نَزِيلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَأَبُو الجماهر محمد بن عثمان، وأبو جعفر النّقيليّ، وَمُنَبَّهُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَآخَرُونَ. قال أحمد: ضعيف الحديث.   1 التاريخ الكبير "3/ 188-189"، الجرح والتعديل "3/ 365-366"، تهذيب التهذيب "3/ 172-173". 2 التاريخ الكبير "3/ 194"، الجرح والتعديل "3/ 370"، الثقات لابن حبان "6/ 271". 3 التاريخ الكبير "3/ 196-197"، الجرح والتعديل "3/ 373"، الثقات لابن حبان "6/ 271". 4 التاريخ الكبير "3/ 199"، الجرح والتعديل "3/ 384"، تهذيب الكمال "8/ 307-309"، ميزان الاعتدال "1/ 663"، تهذيب التهذيب "3/ 158-159". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 91 وقال حَاتِمٍ: صَالِحٌ، لَيْسَ بِالْمَتِينِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَكَتَبَهُ: خُلَيْدٌ أَبُو حَلْبَسٍ. وَيُقَالُ: أَبُو عُبَيْدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو، وَيُقَالُ: أَبُو عُمَرَ. قَالَ النُّفَيْلِيُّ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 102- خُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ1. هُوَ ابْنُ حَسَّانٍ، يُكَنَّى: أَبَا حَسَّانٍ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ نَزَلَ بُخَارَى، وَحَدَّثَ عَنِ: الْحَسَنِ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دينار. وعنه: حازم بْنُ خُزَيْمَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ مُخَارِقٍ، وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَفِي كِبَارِ التَّابِعِينَ: خُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ: شَيْخُ قَتَادَةَ. 103- خَلِيفَةُ بْنُ غَالِبٍ اللَّيْثِيُّ2، أَبُو غَالِبٍ، بَصْرِيٌّ. صَدُوقٌ. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ الْعُمَرِيِّ، وَأَبِي غَالِبٍ الشَّامِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَعَفَّانُ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ شَيْئًا. 104- الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ3، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الأَزْدِيُّ، الْفَرَاهِيدِيُّ، الْبَصْرِيُّ، صَاحِبُ الْعَرَبِيَّةِ وَالْعَرُوضِ، أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: أَيُّوبَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالْعَوَّامِ بْنِ حرشب، وَغَالِبٍ الْقَطَّانِ، وَطَائِفَةٍ. أَخَذَ عَنْهُ: سِيبَوَيْهِ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَهَارُونُ بْنُ مُوسَى النَّحْوِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ.   1 التاريخ الكبير "3/ 198"، الجرح والتعديل "3/ 384"، الثقات لابن حبان "6/ 271". 2 التاريخ الكبير "3/ 191"، الجرح والتعديل "3/ 377"، تهذيب التهذيب "3/ 161-162". 3 التاريخ الكبير "3/ 199-200"، الجرح والتعديل "3/ 380"، سير أعلام النبلاء "7/ 429-431". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 92 وَكَانَ رَاسِيًا فِي عِلْمِ اللِّسَانِ، خَيِّرًا مُتَوَاضِعًا، ذَا زُهْدٍ وَعَفَافٍ. يُقَالُ: إِنَّهُ دَعَا بِمَكَّةَ أَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ عِلْمًا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَقَدْ فُتِحَ لَهُ بِعِلْمِ الْعَرُوضِ، فَصَنَّفَ فِيهِ، وَصَنَّفَ أَيْضًا كِتَابَ الْعَيْنِ فِي اللُّغَةِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ فَقَالَ: يَرْوِي الْمَقَاطِيعَ. وَكَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُتَقَشِّفِينَ فِي الْعِبَادَةِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ لَحْمٌ ... كَفَاكَ خَلٌّ وَزَيْتُ إِنْ لا يَكُنْ ذَا وَلا ... ذَا فَكِسْرَةٌ وَبَيْتُ تَظَلُّ فِيهِ وَتَأْوِي ... حَتَّى يَجِيئَكَ مَوْتُ هَذَا لَعَمْرِي كَفَافٌ ... لَكِنْ تَضُرُّكَ لَيْتُ وَقِيلَ: كَانَ لِلْخَلِيلِ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَالِي فَارِسَ رَاتِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ لِيَفِدَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْخَلِيلُ: أَبْلِغْ سُلَيْمَانَ أَنِّي عَنْهُ فِي شُغُلٍ ... وَفِي غِنًى غَيْرَ أَنِّي لست ذا مال سخي بنفسي، أنّي لا أَرَى أَحَدًا ... يَمُوتُ هَزْلا وَلا يَبْقَى عَلَى حَالِ الرِّزْقُ عَنْ قَدَرٍ لا الضَّعْفُ يَنْقُصُهُ ... وَلا يَزِيدُ فِيهِ حَوْلُ مُحْتَالِ وَالْفَقْرُ فِي النَّفْسِ لا فِي الْمَالِ تَعْرِفُهُ ... وَمِثْلُ ذَاكَ الْغِنَى فِي النَّفْسِ لا الْمَالِ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: أَقَامَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ فِي خُصٍّ بِالْبَصْرَةِ لا يُقَدَّرُ عَلَى فَلْسَيْنِ، وَتَلامِذَتُهُ يَكْتَسِبُونَ بِعِلْمِهِ الأَمْوَالَ. وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِبَيْتِ الأَخْطَلِ: وَإِذَا افْتَقَرْتَ إِلَى الذَّخَائِرِ لَمْ تَجِدْ ... ذُخْرًا يَكُونُ كَصَالِحِ الأَعْمَالِ. وَقَدْ كَانَ الْخَلِيلُ آيَةً فِي قُوَّةِ الذَّكَاءِ. قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: مَا رَأَيْتُ فِي الْمَشَايِخِ أَشَدَّ تَوَاضُعًا مِنْكَ يَا خَلِيلُ بْنَ أَحْمَدَ، لا ابْنَ عَوْنٍ، وَلا غَيْرَهُ. وَيُقَالُ: بَرَزَ مِنْ أَصْحَابِ الْخَلِيلِ أَرْبَعَةٌ: النَّضْرُ، وَسِيبَوَيْهِ، وَعَلِيُّ بن نصر، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 93 وَمُؤَرِّجُ بْنُ عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ، وَكَانَ أَبْرَعُهُمْ فِي النَّحْوِ: سِيبَوَيْهِ، وَغَلَبَ عَلَى النَّضْرِ اللُّغَةُ، وَعَلَى مُؤَرِّجٍ الشِّعْرُ وَاللُّغَةُ، وَعَلَى عَلِيٍّ الْحَدِيثُ. وَلِلْخَلِيلِ كِتَابُ الْعَيْنِ وَهُوَ نَفِيسٌ مَشْهُورٌ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَارِثِ الْكِنْدِيُّ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ الطَّحَاوِيُّ، عَنْ أَبِي شِمْرٍ، قَالَ: لَقِيَنِي الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتُ كِتَابًا أَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ، فَقُلْتُ: إِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَمَا شَيْءٌ بَعْدَ الْقُرْآنِ أَنْفَعَ مِنْهُ، قَالَ: فَعَرَضَهُ عليّ فإذا هو أبعد شيء مِمَّا سَمَّى، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ آتَاكَ عِلْمًا لَهُ لَهَجُهُ، فَلا تَخْلِطْ مَا لا تَعْلَمُ مِمَّا تَعْلَمُ، فَيُذْهِبَ مَا لا تَعْلَمُ بَهْجَةَ مَا تَعْلَمُ. وَيُقَالُ: كَانَ سَبَبُ مَوْتِ الْخَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَعْمَلَ نَوْعًا مِنَ الْحِسَابِ تَمْضِي بِهِ الْجَارِيَةُ إِلَى الْفَامِيِّ1 فَلا يُمْكِنُهُ أَنْ يَظْلِمَهَا، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ يُعْمِلُ فِكْرَهُ، فَصَدَمَتْهُ سَارِيَةٌ وَهُوَ غَافِلٌ فَانْصَرَعَ، فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: بَلْ صَدَمَتْهُ السَّارِيَةُ وَهُوَ يُقَطِّعُ بَحْرًا مِنَ الْعَرُوضِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ مِائَةٍ، وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتِّينَ، وَسَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. "حرف الدَّالِ": 105- دَاوُدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ. -د. ت. ق. - قَدْ مَرَّ. 106- دَاوُدُ بْنُ سِنَانٍ2، الْقُرَظِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَمَيْسُورِ بْنِ رِفَاعَةَ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ.   1 الفامي: البقال. 2 التاريخ الكبير "3/ 237"، الجرح والتعديل "3/ 414، 415"، الثقات لابن حبان "6/ 283"، الميزان "2/ 9". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 94 107- دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ1، الْكِنْدِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، ثُمَّ الْبَصْرِيُّ -خ. ت. س. ق. عَنْ: عَبْدِ الله بن بريدة، وإبراهيم الصَّائِغِ، وَأَبِي غَالِبٍ صَاحِبِ أَبِي أُمَامَةَ، وَعَلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ. وَعَنْهُ: حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَعَفَّانُ، وَشَيْبَانُ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 108- دَاوُدُ الطَّائِيُّ2. هُوَ أَبُو سُلَيْمَانَ، دَاوُدُ بْنُ نُصَيْرٍ، الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ، الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحُمَيْدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ عليَّة، وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ السَّلول، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، لَكِنَّهُ آثَرَ الْخُمُولَ وَالإِخْلاصَ، وفرَّ بِدِينِهِ. سَأَلَهُ رَجُلٌ مرَّة عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ: دَعْنِي، فَإِنِّي أُبَادِرُ خُرُوجَ نَفْسِي3. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: أَبْصَرَ دَاوُدُ أَمْرَهُ4. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: هَلِ الأَمْرُ إِلا مَا كَانَ عَلَيْهِ دَاوُدُ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ يُجَالِسُ أَبَا حنيفة، ثم إنّه عمد إلى كتبه   1 التاريخ الكبير "3/ 236"، الجرح والتعديل "3/ 419"، ميزان الاعتدال "2/ 19"، تهذيب التهذيب "3/ 197". 2 الطبقات الكبرى "6/ 367"، الجرح والتعديل "3/ 426"، حلية الأولياء "7/ 335-367"، تهذيب الكمال "8/ 455-461"، ميزان الاعتدال "2/ 21"، تهذيب التهذيب "3/ 203". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 335-336". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 336". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 95 فَغَرَّقَهَا فِي الْفُرَاتِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَتَخَلَّى1. وَكَانَ زَائِدَةُ صَدِيقًا لَهُ، فَأَتَاهُ يَوْمًا فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 1-2] ، قَالَ: وَكَانَ يُجِيبُ فِي هَذِهِ الآيَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الصَّلت، انْقَطَعَ الْجَوَابُ، وَقَامَ وَدَخَلَ بَيْتَهُ2. رَوَاهَا ابْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَزَادَ فِيهَا: كَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ عَلِمَ وَفَقِهَ وَنَفَذَ فِي الْكَلامِ قَالَ: وَأَخَذَ حَصَاةً فَحَذَفَ بِهَا إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، طَالَ لِسَانُكَ وَطَالَتْ يَدُكَ، فَاخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً لا يُسْأَلُ وَلا يُجِيبُ3. وقيل: كان داود يعالج نفسه بالصَّمت، فأراد أَنْ يُجَرِّبَ نَفْسَهُ هَلْ يَقْوَى عَلَى الْعُزْلَةِ، فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِ أَبِي حَنِيفَةَ سَنَةً لَمْ يَنْطِقْ، ثُمَّ اعْتَزَلَ النَّاسَ4. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: جِئْتُ أَنَا وَابْنُ عُيَيْنَةَ إِلَى دَاوُدَ الطَّائِيِّ، فَقَالَ: جِئْتُمَانِي مرَّةً فَلا تَعُودَا إليَّ5. وَعَنِ الرَّبِيعِ الأَعْرَجِ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ لا يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ أَخَذَ نَعْلَهُ وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَوْصِنِي، قَالَ: اتَّق اللَّهَ، وَبِرَّ وَالِدَيْكَ، ثُمّ قَالَ: وَيْحَكَ، صُمِ الدُّنْيَا، وَاجْعَلِ الْفِطْرَ الْمَوْتَ، وَاجْتَنِبِ النَّاسَ غَيْرَ تاركٍ لِجَمَاعَتِهِمْ6. وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ: قُلْتُ لِدَاوُدَ: أَوْصِنِي، قَالَ: أَقْلِلْ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: ارْضَ بِالْيَسِيرِ مَعَ سَلامَةِ الدِّينِ، كَمَا رَضِيَ أَهْلُ الدُّنْيَا بِالدُّنْيَا مَعَ فَسَادِ الدِّينِ7. وَعَنْهُ قَالَ: كَفَى بِالْيَقِينِ زُهْدًا، وَكَفَى بالعلم عبادة، وكفى بالعبادة شغلًا8.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 336"، والخطيب في تاريخه "8/ 348". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 336"، والخطيب في تاريخه "8/ 348". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 336"، والخطيب في تاريخه "8/ 347-348". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 342"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 131". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 342"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 131". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 342-343"، والبيهقي في الزهد "142". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 343". 8 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 343". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 96 وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّورقيّ: نَا أَبُو نعيم قال: رأيت داود -وكان من أَفْصَحَ النَّاسِ وَأَعْلَمَهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ، يَلْبَسُ قَلَنْسُوةً سَوْدَاءَ طَوِيلَةً مِمَّا يَلْبَسُ التُّجّار1. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ: قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ لِسُفْيَانَ: إِذَا كُنْتَ تَشْرَبُ الْمَاءَ الْمُبَرَّدَ، وَتَأْكُلُ اللَّذيذ الطَّيِّب، وَتَمْشِي فِي الظِّلّ الظَّليل، فَمَتَى تُحِبُّ الْمَوْتَ2؟.. وَقِيلَ: إنّ محمد بن قحطبة الأمير قدم إلى الْكُوفَةَ فَقَالَ: أَحْتَاجُ إِلَى مُؤَدِّبٍ يُؤَدِّبُ أَوْلادِي، حافظٍ لِكِتَابِ اللَّهِ، عالمٍ بسنَّة رَسُولِ اللَّهِ، وَبِالأَثَرِ، وَالْفِقْهِ، والنَّحو، وَالشِّعْرِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يَجْمَعُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا إِلا دَاوُدُ الطَّائِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ: نَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ قَدْ وَرِثَ مِنْ أُمِّهِ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَمَكَثَ يتقوَّت بِهَا ثَلاثِينَ عَامًا، فَلَمَّا نَفِدَتْ، جَعَلَ يَنْقُضُ سُقُوفَ الدُّويرة فَيَبِيعُهَا، حَتَّى بَاعَ الْبَوَارِيَ واللَّبن، حَتَّى بَقِيَ فِي نِصْفِ سَقْفٍ3. قَالَ عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَلَبِيُّ: عَاشَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ عِشْرِينَ سَنَةً بِثَلاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ4. وَقِيلَ: مَرِضَ دَاوُدُ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى الرَّوْحِ تفرح قلبك، قال: إنّي لأستحيي مِنْ نَفْسِي أَنْ أَنْقِلَ قَدَمِي إِلَى مَا فِيهِ رَاحَةٌ لِبَدَنِي5. وَيُقَالُ: عُوتِبَ فِي التَّزْوِيجِ فَقَالَ: كَيْفَ بقلبٍ ضعيفٍ لا يَقْوَى بِهَمِّهِ، عَلَيْهِ هَمَّانِ6. قَالَ إِسْحَاقُ السَّلوليّ: حدَّثتني أُمُّ سَعِيدٍ قَالَتْ: كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ جِدَارٌ قَصِيرٌ، وَكُنْتُ أَسْمَعُ حَنِينَهُ عَامَّةَ اللَّيْلِ لا يَهْدَأُ، فَمِمَّا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَمُّكَ عطّل عليّ الهموم، وحالف بَيْنِي وَبَيْنَ السُّهاد، وشوَّقني إِلَى النَّظَرِ إِلَيْكَ، وَمَنَعَ مِنِّي الشَّهَوَاتِ، فَأَنَا فِي سِجْنِكَ أَيُّهَا الكريم مطلوب7.   1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 367". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 346"، والبيهقي في الزهد "213". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 346"، والخطيب في تاريخه "8/ 348"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 139". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 347". 5 أخرجه البيهقي في الزهد "155"، وأبو نعيم في الحلية "7/ 355". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 356". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 356"، والخطيب في تاريخه "8/ 351". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 97 قالت: وربّما ترنّم بالسَّحر بالقرآن، فأرى أنّ جَمِيعَ نَعِيمِ الدُّنْيَا خَرَجَ فِي ترنُّمه تِلْكَ السَّاعَةَ1. وَكَانَ يَقُولُ: فِي الظُّلمة لا يُسْرَجُ. وَعَنْ سَنْدَوَيْهِ قَالَ: قِيلَ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ: أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ عَلَى الأُمَرَاءِ فَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ، قَالَ: أَخَافُ عَلَيْهِ السَّوط، قَالَ: إِنَّهُ يَقْوَى، قَالَ: أخاف عليه السيف، قال: إنه يقوى، أَخَافُ عَلَيْهِ الدَّاءَ الدَّفِينَ، الْعُجْبَ2. رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: أَصْبَحَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ جَالِسًا عَلَى بَابِ دَارِهِ، فَأَتَاهُ جِيرَانُهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، مَا بَدَا لَكَ الْيَوْمَ فِي الْجُلُوسِ هُنَا؟ قَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ، فَجَلَسْتُ لأُصْلَحَ مِنْ أَمْرِهَا فَأَعَانُوهُ عَلَى دَفْنِهَا. وَتَرَكَتْ لَهُ جَارِيَةً بَاعَهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا3. وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ قَحْطَبَةَ الأَمِيرَ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، فَكَلَّمَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: لا يَقْبَلُهَا، قَالَ: تلطَّف، فَجَاءَ دَاوُدَ فكلَّمه وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْحَسَنِ بْنِ قحطبة من القرابة، وقد أَحَبَّ أَنْ يَصِلَكَ، فَغَضِبَ وَقَالَ: لَوْ غَيْرُكَ فَعَلَ هَذَا مَا كَلَّمْتُهُ أَبَدًا، قُلْ لَهُ يَرُدُّهَا عَلَى أَهْلِهَا، فَهُمْ أحقُّ بِهَا. وَرَوَى شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ قِيلَ لَهُ: أَلا تسرِّح لِحْيَتَكَ، وَكَانَتْ مُفَتَّلَةً، قَالَ: أَنَا عَنْهَا لَمَشْغُولٌ4. مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلجيّ: نَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَتَيْتُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، وَبَلَغَهُ عَنْهُ فَاقَةٌ، فَأَخْرَجَ لَهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَلَطَّفَ بِهِ، فَقَالَ: مَا لِي إِلَيْهَا حَاجَةٌ، وَلَوْ قَبِلْتُ شَيْئًا لَقَبِلْتُهَا. أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ، قَالَ لِي دَاوُدُ الطَّائِيُّ: أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْتِينَا إِذْ كنّا ثمَّ؟ ما أحب أن تأتيني.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 356-357"، والخطيب في تاريخه "8/ 352"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 141". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 358"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 142". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 347". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 339"، والخطيب في تاريخ بغداد "8/ 350". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 98 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ: جَاءَ دَاوُدُ فِي قُبَاءَ أَصْفَرَ، فَكُنَّا نَضْحَكُ مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّى سَادَنَا. أَخْبَرَنَا نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّالِحِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا أَبُو مُوسَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ، أَنَا خَلِيلُ بْنُ بَدْرٍ الدَّارَانِيُّ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ، أَنا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبرانيّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسائيّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، نَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، عن داود الطّائيّ، عن الأعمش، شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلا شَاةً وَلا بَعِيرًا وَلا أَوْصَى"1. قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجُوهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَدَاوُدُ صَدُوقٌ فِي الْحَدِيثِ. وَقَدْ كَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُورَةً. قَالَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ: اشْتَكَى دَاوُدُ الطَّائِيُّ، وَكَانَ سَبَبُ عِلَّتِهِ أَنَّهُ مَرَّ بآيةٍ فِيهَا ذِكْرُ النَّارِ فكرّرها فأصبح مريضًا، فوجدوه قد مات ورأسه على لبنة، ففتحوا الدَّارِ، وَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ إِخْوَانِهِ وَجِيرَانِهِ، وَمَعَهُمُ ابْنُ السَّمَّاكِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى رَأْسِهِ قَالَ: يَا دَاوُدُ: فَضَحْتَ الْقُرَّاءَ، فَلَمَّا حَمَلُوهُ إِلَى قَبْرِهِ شَيَّعَهُ خَلْقٌ حَتَّى خَرَجَ ذَوَاتُ الْخُدُورِ، فَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: يَا دَاوُدُ سَجَنْتَ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُسْجَنَ، وَحَاسَبْتَهَا قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبَ، الْيَوْمَ تَرَى ثَوَابَ مَا كُنْتَ تَرْجُو، وَلَهُ كُنْتَ تَنْصَبُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: اللَّهُمَّ لا تَكِلْهُ إِلَى عَمَلِهِ، فَأَعْجَبَ النَّاسَ ما قال أبو بكر2. وقال بعبد الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ لَمَّا دُفِنَ، أَخَذَ النَّاسُ يُثْنُونَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ: اللَّهُمَّ لا تَكِلْهُ إِلَى عَمَلِهِ، قَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الوابشّي قال: رأيت الناس ههنا بَاتُوا ثَلاثَ لَيَالٍ مَخَافَةَ أَنْ تَفُوتَهُمْ جِنَازَةُ داود.   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1635"، وأبو داود "2863"، والنسائي "3623"، وابن ماجه "2695"، وأحمد في المسند "6/ 44"، وابن حبان في صحيحه "6606"، والبيهقي في الدلائل "7/ 274". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 340"، والخطيب في تاريخه "8/ 355"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 146". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 99 وَرَأَيْتُ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَبْكُونَ، مَا شَبَّهْتُهُ إِلا بِيَوْمِ الْخُرُوجِ1. قَالَ الدَّوْرَقِيُّ: وَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ، وَحَضَرْتُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَمَا رَأَيْتُ أَشَدَّ نَزْعًا مِنْهُ، أتيناه من العشيّ ونحن نَسْمَعُ نَزْعَهُ قَبْلَ أَنْ نَدْخُلَ، ثُمَّ غَدَوْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ بَعْدُ فِي النَّزْعِ، فَلَمْ نَبْرَحْ حَتَّى مَاتَ2. قَالَ: وَثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حُمِلَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ عَلَى سَرِيرَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ، تَكَسَّرَ مِنْ زِحَامِ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَيُغَيَّرُ السَّرِيرُ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ كَذَا كَذَا مَرَّةٍ، وَحَضَرْتُ جِنَازَتَهُ3. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاغَدِيِّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نعيم، نا محمد بن الفتح الحنبليّ، أنا ابْنُ صَاعِدٍ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، نَا دَاوُدُ الطَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الملك ابن عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: وَقَعَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي سَعْدٍ عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّيَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي صَلاةُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلا أَخْرِمُ عنها أركد في الأوليين وأحذف في الآخرين، قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ أَبَا إِسْحَاقَ، رَوَاهُ شُعْبَةُ وَالنَّاسُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ. مَاتَ دَاوُدُ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ- سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَمَا يُذْكَرُ مِنْ قِصَّةِ لِبْسِ الْخِرْقَةِ، وَأَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ صَحِبَ حَبِيبًا الْعَجَمِيَّ فَخَطَأٌ، لَمْ يَصْحَبْهُ، وَلا عَرَفْنَا لِدَاوُدَ رَوَاحًا إِلَى الْبَصْرَةِ، وَلا لِحَبِيبٍ قُدُومًا إِلَى الْكُوفَةِ. ثُمَّ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إِنَّ مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ أَخَذَهَا مِنْ دَاوُدَ، فَمَا عَلِمْنَا أَنَّ دَاوُدَ وَمَعْرُوفًا اجْتَمَعَا وَلا الْتَقَيَا، والله أعلم. "حرف الراء": 109- رافع بن سلمة بن زياد4 بن أبي الجعد، الأشجعي، البصري -د. ن. عَنْ: جَدِّهِ زِيَادٍ، وَحَشْرَجِ بْنِ زِيَادٍ، وثابت البنانيّ.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 341". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 341". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 341". 4 التاريخ الكبير "3/ 305-306"، الجرح والتعديل "3/ 481"، تهذيب التهذيب "3/ 230". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 100 وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَشَاذُ بْنُ فَيَّاضٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 110- رَبَاحُ بْنُ يَزِيدَ اللَّخْمِيُّ، الإِفْرِيقِيُّ الْمَغْرِبِيُّ. الزَّاهِدُ الْعَابِدُ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: لَهُ أَخْبَارٌ تَطُولُ فِي ذِكْرِ عِبَادَتِهِ. وَهُوَ بِالْمَغْرِبِ يَضْرِبُونَ بِعِبَادَتِهِ الْمَثَلَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. مَاتَ فِي إِمْرَةِ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ عَلَى الْمَغْرِبِ. 111- الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ1، أَبُو بَكْرٍ الْجُمَحِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ -م. د. ت. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْجُمَحِيِّ. وَعَنْهُ: حَفِيدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَكْرٍ شَيْخُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. وَمِنَ الْقُدَمَاءِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 112- الرَّبِيعُ بْنُ يُونُسَ2 بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ الْعَبَّاسِيُّ، مَوْلاهُمُ. الأَمِيرُ الْحَاجِبُ، أَبُو الْفَضْلِ، مِنْ كِبَارِ الْمُلُوكِ، وَلِيَ حِجَابَةَ الْمَنْصُورِ، ثُمَّ وَلِيَ وِزَارَتَهُ، وَحَجَبَ لِلْمَهْدِيِّ، وَوَلِيَ ابْنُهُ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ حِجَابَةَ الرَّشِيدِ، وَوَلِيَ حَفِيدُهُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ حِجَابَةَ الأَمِينِ. حَدَّثَ الرَّبِيعُ عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ، وَمُوسَى بْنُ سُهَيْلٍ. وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ حَزْمًا وَرَأْيًا وَدَهَاءً. مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، مِنْ عَسَلٍ مَسْمُومٍ سَقَاهُ الْخَلِيفَةُ الْهَادِي، وَقَدْ كَانَ الْمَنْصُورُ كَثِيرَ الْوُثُوقِ بِالرَّبِيعِ، مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ إِلَى الغاية.   1 التاريخ الكبير "3/ 275"، الجرح والتعديل "3/ 469"، تهذيب التهذيب "3/ 251". 2 تاريخ خليفة "436"، سير أعلام النبلاء "7/ 335". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 101 ويقال: إنّ الربيع لم يكن يُعْرَفْ لَهُ أَبٌ، فَدَخَلَ هَاشِمِيٌّ عَلَى الْمَنْصُورِ وَأَخَذَ يُذَكِّرُهُ وَالِدَ الرَّبِيعِ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الرَّبِيعُ: كَمْ ذَا تَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْهَاشِمِيُّ: يَا رَبِيعُ أَنْتَ مَعْذُورٌ لا تَعْرِفُ مِقْدَارَ الآبَاءِ، فَخَجِلَ مِنْهُ. وَقَطِيعَةُ الرَّبِيعِ مَحِلَّةٌ كَبِيرَةٌ بِبَغْدَادَ تُنْسَبُ إِلَيْهِ. 113- رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ1 - م. ن. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ التَّنُّورِيُّ، وَعَفَّانُ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَمُسْلِمٌ الْقَصَّابُ، وَمُسْلِمٌ التَّبُوذَكِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 114- رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَبُو الْمِقْدَامِ2 -ن. ق. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، نَزَلَ الرَّمْلَةَ فَقِيلَ لَهُ: الْفِلَسْطِينِيُّ، اسْمُ أَبِيهِ مِهْرَانُ. رَوَى عَنْ: رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: الْحَمَّادَانِ، وَضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: نَا رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لا نَفْلَ بَعْدَ رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَرُدُّ قويَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ. قُلْتُ: عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً، تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وستّين ومائة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 276"، التاريخ الكبير "3/ 291"، ميزان الاعتدال "2/ 45"، تهذيب التهذيب "2/ 263". 2 التاريخ الكبير "3/ 313"، الجرح والتعديل "3/ 502"، حلية الأولياء "6/ 92-93"، تهذيب التهذيب "3/ 267". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 102 115- رَجَاءُ بْنُ صُبَيْحٍ1، الْبَصْرِيُّ، أَبُو يَحْيَى -ت. صَاحِبُ السَّقْطِ، مِنْ مَوَالِي وَرْشٍ. أَخَذَ عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَمُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ. وعنه: يزيد بن زريع، وعارم، وموسى بن إِسْمَاعِيلَ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. 116- رُسْتُمُ، أَبُو يَزِيدَ الطَّحَّانُ2. كُوفِيٌّ، مُقِلٌّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمَكْحُولٍ، وَرَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَحَّالُ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صَالِحٍ، وَغَيْرُهُمْ. سُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْهُ فَقَالَ: شَيْخٌ. 117- رَيْطَةُ ابْنَةُ السَّفَّاحِ3 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيَّةُ. زَوْجَةُ الْمَهْدِيِّ، مَاتَتْ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الزَّايِ": 118- زَائِدَةُ. هُوَ أَبُو الصَّلْتِ، زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ4، الثَّقَفِيُّ، الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ. أَحَدُ الأعلام.   1 التاريخ الكبير "3/ 314"، الجرح والتعديل "3/ 502" تهذيب الكمال "9/ 165-166"، تهذيب التهذيب "3/ 268". 2 التاريخ الكبير "3/ 336"، الجرح والتعديل "3/ 516"، الثقات لابن حبان "4/ 243". 3 تاريخ خليفة "401-409"، الكامل في التاريخ "5/ 513". 4 الطبقات الكبرى "6/ 378"، التاريخ الكبير "3/ 432"، الجرح والتعديل "3/ 613"، تهذيب التهذيب "3/ 306-307". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 103 عَنْ: زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَمُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَالسُّدِّيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وما أحسبه رحل، وكان إمامًا حجّة، صاحب سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَحُسَيْنٌ الجعفيّ، ومعاوية بن عمرو، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سابق، وأبو الوليد، وعبد الله بن رجاء، وطلق بن غنّام، وأحمد بن يونس، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: كَانَ زائدة لا يحدّث صاحب بِدْعَةً. مَاتَ مُرَابِطًا بِأَرْضِ الرُّومِ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ، وَكَانَ عَرَضَ حَدِيثَهُ عَلَى الثَّوْرِيِّ وَقَالَ: شَيْخٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: كَانَ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ وَأَبَرِّهِمْ. قُلْتُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 119- زُرَيْكُ بْنُ أَبِي زُرَيْكٍ الْعُطَارِدِيُّ1، أَبُو نَضْرَةَ، الْبَصْرِيُّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. كَنَّاهُ الْبُخَارِيُّ. 120- زَكَرِيَّا بْنُ حَكِيمٍ2، الْحَبَطِيُّ، الْكُوفِيُّ. عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَابْنِ رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ سِوَارٍ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بن الريّان.   1 التاريخ الكبير "3/ 451"، الجرح والتعديل "3/ 624"، الثقات لابن حبان "6/ 348". 2 التاريخ الكبير "3/ 421-422"، الجرح والتعديل "3/ 596"، ميزان الاعتدال "2/ 72". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 104 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وقال ابن حيان: لا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ: ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لا تَقُولُوا: قَوْسُ قُزَحَ، فَإِنَّ قُزَحَ هُوَ الشَّيْطَانُ، وَلَكِنْ قُولُوا: قَوْسُ اللَّهِ، أَمَانٌ لِأَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 121- زَكَرِيَّا بْنُ زَيْدٍ الأَشْهَلِيُّ1. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. رَوَى عَنْهُ الْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُ. مَجْهُولٌ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 122- زَكَرِيَّا بْنُ سِيَاهٍ، أَبُو يَحْيَى الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ2. رَوَى الْحُرُوفَ عَنْ: عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، وَحَدَّثَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ. وَعَنْهُ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 123- زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي الْعَتِيكِ3، الكوفيّ. واسم أبيه حكيم، فأظنُّه الحبطيّ.   1 الجرح والتعديل "3/ 595". 2 التاريخ الكبير "3/ 423"، الجرح والتعديل "3/ 595"، الثقات لابن حبان "6/ 336". 3 التاريخ الكبير "3/ 419-420"، الجرح والتعديل "3/ 595"، الثقات لابن حبان "6/ 335". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 105 روى عن أبي معشر زياد بْنِ كُلَيْبٍ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ: هُشَيْمٌ، وَمَعْمَرٌ أَوْ مُعْتَمِرٌ، وَحَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ. 124- زهير بن محمد، التميمي1، أبو المنذر الخرقي، بالفتح -ع. وَخَرَقُ مِنْ قُرَى مَرْوَ، وَقِيلَ: إِنَّ أَصْلَهُ هَرَوِيٌّ، نَزَلَ الشَّامَ ثُمَّ الْحِجَازَ. وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدِ بْن أَسْلَمَ، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صَالِحٍ. وَقِيلَ: إنّه أخذ عن ابن أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. روى عنه: عبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وروح بن عبادة، والعقدي، وعمرو بن أبي سلمة، والوليد بن مسلم، وآخرون. وقيل: إن الذي يروي عنه عمرو، والوليد، آخر صَاحِبُ مَنَاكِيرَ وَبَوَاطِيلَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا وَاحِدٌ. بَلْ قَوْلُ أَحْمَدَ: كَأَنَّهُ آخَرُ غَيْرُهُ، يَعْنِي مَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: زُهَيْرُ بْنُ محمد، أبو المنذر الخراسانيّ، سكن مكّة، ثم الشام، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَصَالِحٍ مَوْلَى التَّوءمة، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعيّ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَطَبَقَتِهِمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: زُهَيْرُ بْنُ محمد الخراساني، أبو المنذر، كناه آدم، روى عَنْهُ: أَهْلُ الشَّامِ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، وَقَالَ: قَالَ أَحْمَدُ: كَأَنَّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الشَّامِ زُهَيْرٌ آخَرُ، فَقَلَبَ اسْمَهُ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُتَقَارِبُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ خُرَاسَانِيٌّ، ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: ثقة له أغاليط.   1 التاريخ الكبير "3/ 427-428"، الجرح والتعديل "3/ 589-590"، تهذيب الكمال "9/ 414-418"، ميزان الاعتدال "2/ 84-85"، تهذيب التهذيب "3/ 348". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 106 وَرَوَى عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ. وَكَذَا رَوَى أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْهُ، قَالَ: وَسُئِلَ عَنْهُ مَرَّةً أُخْرَى. فَقَالَ: صَالِحٌ. وَرَوَى الْجَوْزَجَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى حَنْبَلٌ، عَنْ أَحْمَدَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحِلُّهُ الصِّدق، وَفِي حِفْظِهِ سُوءٌ، وَمَا حَدَّثَ مِنْ كُتُبِهِ فَهُوَ صَالِحٌ ومحلُّه الصِّدق، وَحَدِيثُهُ بِالشَّامِ أَنْكَرُ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: جَائِزُ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ فِي أَسَامِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ النَّسائيّ أَيْضًا: ضَعِيفٌ، وَقَالَ مَرَّةً ثَالِثَةً: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. عِنْدَ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَعَلَّ أَهْلَ الشَّامِ أَخْطَأُوا عَلَيْهِ، ثُمّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: لَهُ مَنَاكِيرُ فَلْيُحْذَرْ مِنْهَا. 125- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلاثَةَ الحرَّاني1- ق. نَابَ فِي الْقَضَاءِ عَنْ أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وروى عن: أبيه، وموسى بن محمد التَّميميّ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ، وَأَبُو كَامِلٌ مظفرَّ بْنُ مُدْرِكٍ، وَأَبُو النَّضر هَاشِمٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَهُوَ مُقِلٌّ، مَا عَلِمْتُ فِيهِ مَطْعَنًا. 126- زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ2، الزِّياديّ، الْبَصْرِيُّ. وَالِدُ مُحَمَّدٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، وحميد الطّويل.   1 الطبقات الكبرى "7/ 324"، الجرح والتعديل "3/ 537"، تهذيب الكمال "9/ 490-492"، تهذيب التهذيب "3/ 377-378". 2 الثقات لابن حبان "6/ 329"، تهذيب الكمال "9/ 496-497"، تهذيب التهذيب "3/ 379". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 107 وَعَنْهُ: حَكِيمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ المحبَّر. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 127- زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ1، أَبُو الْجَارُودِ، الْكُوفِيُّ، الأَعْمَى –ت. أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ. رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَأَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَأَبِي الْجَحَّافِ دَاوُدَ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ. وَعَنْهُ: عمّار ابن أُخْتِ الثَّوري، وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْوَرَّاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كذَّاب. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ رَافِضِيًّا يَضَعُ الْحَدِيثَ فِي الْمَثَالِبِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ موسى التوبختيّ فِي مَقَالاتِ الرَّافِضَةِ: وَالْجَارُودِيَّةُ هُمْ أَصْحَابُ أَبِي الْجَارُودِ، زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ، يَقُولُونَ: عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَبْرَأُونَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ: إِنَّهُ ثَقَفِيٌّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ كَذَّابٌ خَبِيثٌ. ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، نَا عليّ بن قادم، عن زياد بن منذر، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "لا تَزُولُ قَدَمَا عبدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَعَنْ حبنا أهل البيت"2.   1 التاريخ الكبير "3/ 371"، الجرح والتعديل "3/ 545-546"، ميزان الاعتدال "2/ 93"، تهذيب التهذيب "3/ 386-387". 2 حديث باطل بهذا اللفط: أخرجه الطبراني في الكبير "11177" من طريق ابن عباس وفيه الحسين الأشقر، وقد ضعفه الجمهور ورماه بعضهم بالكذب وهو شيعي غال كمال في الضعيفة "1922". قلت: وقد صح بدون ذكر لفظة: "وعن حبنا أهل البيت": أخرجه الترمذي "2417"، والدارمي "537"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "946". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 108 وَذَكَرَ الدُّولابيّ: إِنَّ مَرْوَانَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، رَوَى عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَثْلِمَ الْحِيطَانَ1. 128- زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ2، أَبُو السَّائِبِ، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ: مَعْنٌ الْقَزَّازُ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفيليّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. "حرف السِّينِ": 129- سالم بن دينار3 -د. ويقال: ابن راشد، أبو جميع التّميميّ مولاهم، البصريّ، القزّاز. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدٌ الطَّبَّاعُ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ومسدِّد. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 130- سَالِمُ بْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ4، عَبْدُ اللَّهِ الرَّقّيّ -ق. عَنْ مَكْحُولٍ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ، وَمَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيَّانِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بُومَهْ. وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ.   1 "حديث موضوع": وفيه أبو الجارود وهو كذاب كما تقدم، وهو أيضًا مرسل. 2 التاريخ الكبير "3/ 396"، الجرح والتعديل "3/ 564"، الثقات لابن حبان "6/ 317". 3 التاريخ الكبير "4/ 112"، الجرح والتعديل "4/ 180، 181"، ميزان الاعتدال "2/ 114"، تهذيب التهذيب "3/ 434-435". 4 التاريخ الكبير "4/ 117"، الجرح والتعديل "4/ 185"، ميزان الاعتدال "2/ 577"، تهذيب التهذيب "3/ 440". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 109 قبل: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 131- سَالِمٌ، أَبُو حَمَّادٍ1، الْكُوفِيُّ، الصَّيرفيّ. سَمِعَ: عَطِيَّةَ الْعَوْفِيَّ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّديّ. وَعَنْهُ: كَرْمَانِيُّ بْنُ عَمْرٍو، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ صُبَيْحٍ الْيَشْكُرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 132- سَالِمٌ، أَبُو غَيَّاثٍ الْعَتَكِيُّ2. بَصْرِيٌّ، سَمِعَ أَنَسًا فِيمَا قِيلَ، وَالْحَسَنَ، وَحُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَسَلامٌ. 133- سرَّار بْنُ مجشَّر3، أَبُو عُبَيْدَةَ، الْبَصْرِيُّ -ن. عَنْ: ثَابِتٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَعَطَاءٍ السَّليميّ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. وَعَنْهُ: سَيْفُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَرْمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وأميَّة بْنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ الْبُنَانِيُّ. 134- السَّريّ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِيَاسِ بْنِ حَرْمَلَةَ4، أَبُو الْهَيْثَمِ، الشَّيبانيّ الْبَصْرِيُّ -ن. عَنِ: الْحَسَنِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وآخرون.   1 التاريخ الكبير "4/ 114-115"، الجرح والتعديل "4/ 192"، ميزان الاعتدال "2/ 113". 2 التاريخ الكبير "4/ 118"، الجرح والتعديل "4/ 190-191"، الثقات لابن حبان "4/ 309"، ميزان الاعتدال "2/ 113". 3 التاريخ الكبير "4/ 215"، تهذيب الكمال "10/ 213-214"، تهذيب التهذيب "3/ 455-456". 4 الطبقات الكبرى "7/ 277"، التاريخ الكبير "4/ 175-176"، الجرح والتعديل "4/ 283-284"، التهذيب "3/ 460-461". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 110 قال أحمد: ثقة ثِقَةٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 135- السَّري بْنُ يَنْعُمَ1، الْجُبْلانِيُّ، الْحِمْصِيُّ-ن. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَامِرِ بْنِ جَشِيبٍ، وَحُمَيْدِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَّةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ القدُّوس. وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 136- سَعْدُ بْنُ طَالِبٍ2، أَبُو غَيْلانَ، الشَّيبانيّ. عَنْ: حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَكَثِيرِ النَّوا، وَعَفَّانَ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَبُو الأَحْوَصِ سَلامٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. لَيَّنَهُ أَبُو حَاتِمٍ قليلًا. 137- سعيد بن أبي أيّوب3، المصريّ الفقيه -ع. وَاسْمُ أَبِيهِ مِقْلاصٌ، مِنْ مَوَالِي خُزَاعَةَ، أَبُو يَحْيَى الْمُحَدِّثُ. وُلِدَ سَنَةَ مِائَةٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي عَقِيلٍ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، وَعُقَيْلٍ الأَيْلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مَيْمُونٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، مَعَ تقدُّمه، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَرَوْحُ بْنُ صَلاحٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مات سنة إحدى وستّين ومائة.   1 التاريخ الكبير "4/ 174-175"، الجرح والتعديل "4/ 284"، تهذيب التهذيب "3/ 461-462". 2 الجرح والتعديل "4/ 87-88"، الثقات لابن حبان "6/ 378"، ميزان الاعتدال "2/ 122". 3 التاريخ الكبير "3/ 458"، الجرح والتعديل "4/ 66"، الثقات لابن حبان "6/ 362-363". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 111 138- سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ1، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الأَزْدِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ -ع. وَقِيلَ: الدِّمشقيّ، وَإِنَّمَا رَحَلَ بِهِ أَبُوهُ إِلَى الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي الزُّبير. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَرْكُونَ، وَأَبُو الْجَمَاهِرِ الْكَفَرْسُوسِيُّ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلالٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِنَا أَحَدٌ أَحْفَظَ مِنْهُ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحِلُّهُ الصِّدق. قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ: كَيْفَ هَذِهِ الْكَثْرَةُ له عن قتادة؟ قالت: كَانَ أَبُوهُ شَرِيكَ أَبِي عَرُوبَةَ، فَأَقْدَمَ ابْنَهُ سَعِيدًا الْبَصْرَةَ، فَبَقِيَ بِهَا يَطْلُبُ الْحَدِيثَ مَعَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ قَدَرِيًّا. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ بَقِيَّةُ: سَأَلْتُ ابْنَ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ فَقَالَ: ذَاكَ صَدُوقُ اللِّسَانِ، قَالَ بَقِيَّةُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: بثَّ هَذَا -رَحِمَكَ اللَّهُ- فِي جُنْدِنَا، كَانَ النَّاسُ قَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ. قَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَقُولُ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ وَكَانَ حَافِظًا. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّضريّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: مَا تَقُولُ فِي سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ؟ قَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِهِ، قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَصْحَابُنَا وَكِيعٌ، وَالأَشْهَبُ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: يُوثَقُ بِهِ، كَانَ حَافِظًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابن مهدي يحدث عنه ثم تركه.   1 الطبقات الكبرى "7/ 468"، التاريخ الكبير "3/ 460"، الجرح والتعديل "4/ 6، 7"، تهذيب الكمال "10/ 348-356"، ميزان الاعتدال "2/ 128-130"، تهذيب التهذيب "4/ 8-10". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 112 وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَحِلُّهُ الصِّدْقُ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ فِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِي حِفْظِهِ. وَرَوَى جَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَكَذَا تبِعَهُ النَّسائيّ. أَبُو زُرْعَةَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُولُ: أَتَيْتُ أَنَا، وَابْنُ شَابُورَ، سَعِيدَ بن بشير فقال: والله لا أَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُقَدِّرُ عَلَى الشَّرِّ وَيُعَذِّبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَرَدْتُ الْخَيْرَ فَوَقَعْتُ فِي الشَّرِّ. أَنْبَأَنِي قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83] قَالَ: تُزْعِجُهُمْ إِلَى الْمَعَاصِي إِزْعَاجًا. ثُمَّ قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَدِ اعْتَذَرَ مِنْ كَلِمَتِهِ وَاسْتَغْفَرَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَقُلْتُ لِأَبِي الْجَمَاهِرِ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ قَدَريًّا، قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَكَذَا ورَّخه مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وهشام بن عمّار: ستة تسعٍ وستّين ومائة. 139- سعيد بن حسين، الأَزْدِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 140- سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ1 الْخُزَاعِيُّ، الْمَدَنِيُّ- د. عَنِ: ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ. وَعَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيُّ، ويعقوب الحضرميّ، وعبد الملك الحدّيّ، وجماعة. 141- سَعِيدُ بْنُ رَاشِدٍ2، أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَازِنِيُّ، الْبَصْرِيُّ، السمّاك.   1 التاريخ الكبير "3/ 469"، الجرح والتعديل "4/ 16"، المجروحين لابن حبان "1/ 324"، التهذيب "4/ 21-22". 2 التاريخ الكبير "3/ 471"، الضعفاء للعقيلي "2/ 105"، الجرح والتعديل "4/ 19-20"، المجروحين لابن حبان "1/ 324"، ميزان الاعتدال "2/ 135". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 113 عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ، والزُّهريّ. وَعَنْهُ: الأَنْصَارِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَخَلَفُ الْبَزَّارُ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكٌ. وَهُوَ أَسَنُّ شيخٍ لِخَلَفِ بْنِ هِشَامٍ. 142- سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ الْخُزَاعِيُّ1 –ت. بَصْرِيٌّ، عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ. ويكنَّى أَبَا مُعَاوِيَةَ العبَّادانيّ، كَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، فَوَهِمَا، بَلْ كُنْيَتُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْعَبَّادَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ الْبَصْرِيُّ. قال النَّسائيّ: ليس بثقة. وقال أبو حاتم: عنده عجائب من المناكير. وقال الدارقطني: ضعيف. 143- سعيد بن زيد2 درهم -م. ع. أَخُو حَمَّادِ بْنِ زِيَادٍ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَبُو الْحَسَنِ. عَنِ: الزُّبَيْرِ بْنِ الخرِّيت، وَالْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَابْنِ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَارِمٌ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابن معين.   1 التاريخ الكبير "3/ 473"، الجرح والتعديل "4/ 23-24"، ميزان الاعتدال "2/ 136"، التهذيب "4/ 28-29". 2 الطبقات الكبرى "7/ 287"، التاريخ الكبير "3/ 472"، ميزان الاعتدال "2/ 138-139"، الجرح والتعديل "4/ 21". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 114 وقال أحمد: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وليَّنه الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيّ: سَمِعْتُ يَحْيَى ضَعَّفَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، وقال: ما يساوي هَذِهِ. وَعَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَيْضًا تَضْعِيفُهُ. مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 144- سَعِيدُ بْنُ سَابِقٍ الرَّازِيُّ1. وَالِدُ مُحَمَّدٍ. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَمِسْعَرٍ. وَعَنْهُ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، وَهَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ حَسَنَ الْفَهْمِ بِالْفِقْهِ. قُلْتُ: هُوَ صَالِحُ الرِّوَايَةِ. 145- سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمٍ الضَّبِّيّ2. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَغَيْرُهُمَا. وَيُقَالُ: الضُّبَعِيُّ. قَالَ الأَزْدِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَكَذَا ضعَّفه ابْنُ عَدِيٍّ. 146- سَعِيدُ بْنُ سنان3، أبو مهديّ الحمصيّ.   1 التاريخ الكبير "3/ 481"، الجرح والتعديل "4/ 30-31"، الثقات لابن حبان "6/ 361". 2 التاريخ الكبير "3/ 480"، الجرح والتعديل "4/ 30"، الثقات لابن حبان "4/ 281"، ميزان الاعتدال "2/ 142-143". 3 التاريخ الكبير "3/ 477-478"، الجرح والتعديل "4/ 28-29"، ميزان الاعتدال "2/ 143-144"، التهذيب "4/ 46-47". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 115 عَنْ: أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرِ بْنِ كُرَيْبٍ، وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ: وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو الْيَمَانِ: كُنَّا نَسْتَمْطِرُ بِهِ، وَذَكَرَ مِنْ فَضْلِهِ وَعِبَادَتِهِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي الزَّاهريّة، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مرَّة، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرَأَيْتَ الأَرْضَ عَلَى مَا هِيَ؟ قَالَ: "عَلَى الْمَاءِ" قَالَ: أَرَأَيْتَ الْمَاءَ عَلَى مَا هُوَ؟ قَالَ: "عَلَى صَخْرَةٍ خَضْرَاءَ، وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ حُوتٍ تَلْتَقِي طَرَفَاهُ بِالْعَرْشِ" قَالَ: أَرَأَيْتَ الْحُوتَ عَلَى مَا هُوَ؟ قَالَ: "عَلَى كَاهِلِ مَلَكٍ قَدَمَاهُ فِي الهواء"1. 147- سعيد بن عبد العزيز2 - م. ع. أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنوخيّ، الدمشقيّ، الإِمَامُ، عَالِمُ أَهْلِ دِمَشْقَ فِي عَصْرِهِ، وَمُفْتِيهِمْ بَعْدَ الأَوْزَاعِيِّ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: ابْنِ عَامِرٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ، وَمَكْحُولٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ أسلم،   1 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1197-1198"، وابن حبان في المجروحين "1/ 322"، وفيه صاحب الترجمة وقال عنه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك. 2 الطبقات الكبرى "7/ 468"، التاريخ الكبير "3/ 497-498"، الجرح والتعديل "4/ 42-43"، الثقات لابن حبان "6/ 369"، حلية الأولياء "8/ 274-276"، تهذيب التهذيب "4/ 59-61". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 116 وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعُمَيْرِ بْنِ هَانِي، وَقَتَادَةَ، وَبِلالِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا الْخُزَاعِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَخَلْقٍ، وَسَأَلَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَبَقِيَّةُ، وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَيَحْيَى بْنُ بَشِيرٍ الْحَرِيرِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ تِسْعِينَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَسْمَعْ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ عَطَاءٍ غَيْرَ هَذَا، قَالَ: قَدِمْنَا مَكَّةَ فَدَهِشْنَا عَنِ الْهَرْوَلَةِ، فَسَأَلْتُ عَطَاءً: مَا سَمِعَ مِنْ عَطَاءٍ غَيْرَ ذَلِكَ؟ يَعْنِي، فَقَالَ: لا شَيْءَ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْعَلاءُ بْنُ زبْرٍ، عَنْ أَبِيهِ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى مَكْحُولٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَنَا، فَكَانَ فِي الْمَجْلِسِ يَسْقِينَا الْمَاءَ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: نَا سَعِيدٌ قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسُ بِالْغَدَاةِ ابْنَ أَبِي مَالِكٍ، وَبَعْدَ الظُّهْرِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَكْحُولا. مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا قَطُّ. وَكَذَا رَوَى عَنْهُ أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ صَحَفِيٍّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو مُسْهِرٍ يُقَدِّمُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الأَوْزَاعِيِّ. قَالَ أَبُو زرعة الدّمشقيّ: قلت لا بن مَعِينٍ، وَذَكَرْتُ لَهُ مَنِ الْحُجَّةُ، فَقُلْتُ: ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، إِنَّمَا الْحُجَّةُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْمُسْنَدِ: لَيْسَ بِالشَّامِ رَجُلٌ أَصَحَّ حَدِيثًا مِنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سَعِيدٌ لِأَهْلِ الشَّامِ كَمَالِكٍ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي التَّقَدُّمِ وَالْعِفَّةِ وَالأَمَانَةِ. قَالَ أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: كُنْتُ أَسْمَعُ وَقْعَ دُمُوعِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْحَصِيرِ فِي الصَّلاةِ. وقال أحمد بن أبي الحواريّ: أنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسَدِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 117 عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا هَذَا الْبُكَاءُ الَّذِي يَعْرِضُ لَكَ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، وَمَا سُؤَالُكَ عَنْ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ، فَقَالَ: مَا قُمْتُ إِلَى صَلاةٍ، إِلا مَثُلَتْ لِي جَهَنَّمُ1. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: هُوَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَشَايِخِنَا، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُحْيِي اللَّيْلَ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ جَدَّدَ وُضُوءَهُ، وَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ. وَعَنْ أَبِي مُسْهِرٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ سَعِيدًا ضَحِكَ وَلا تَبَسَّمَ وَلا شَكَا شَيْئًا قَطُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى عِلْمِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَعَلَى عِلْمِ عَالِمِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَقْتَصِرُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَمَا أفْتَقِرُ مَعَهُ إِلَى أَحَدٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ حَدِيثٍ، فَامْتَنَعَ عَلَيَّ، وَكَانَ عَسِرًا. ابْنُ مَعِينٍ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدِ اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَكَانَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَكَانَ يَقُولُ: لا أُجِيزُهَا. أَبُو زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ قَالَ: رَأَيْتُهُمْ يَعْرِضُونَ عَلَيْهِ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَلَيْسَ حَدَّثْتَنَا عَنْ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا يَقْرَأُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. أَبُو مُسْهِرٍ: سَمِعْتُ سَعِيدًا يَقُولُ: لا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ إِلا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ، صَوْتُ وَاعٍ، وَنَاطِقٌ عَارِفٌ. عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ: نَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: مَنْ أَحْسَنَ فَلْيَرْجُ الثَّوَابَ، وَمَنْ أَسَاءَ فَلا يَسْتَنْكِرِ الْجَزَاءَ، وَمَنْ أَخَذَ عِزًّا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْرَثَهُ اللَّهُ ذُلا بِحَقٍّ، وَمَنْ جَمَعَ مَالا بِظُلْمٍ أَوْرَثَهُ اللَّهُ فَقْرًا بِعَدْلٍ. الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ قَالَ: سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْكَفَافِ قَالَ: هُوَ شِبَعُ يَوْمٍ وجوع يوم2.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 274". 2 أخرجه البيهقي في الزهد "175"، وابن عساكر في تاريخه "15/ 581". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 118 أَبُو مُسْهِرٍ: سَمِعْتُ سَعِيدًا يَقُولُ: لا أَدْرِي لِمَا لا أَدْرِي نِصْفُ الْعِلْمِ. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا كُنْتُ قَدَرِيًّا قَطُّ. سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ لَهُ: أَطَالَ اللَّهُ عُمْرَكَ، فَقَالَ: بَلْ عَجَّلَ اللَّهُ بِي إِلَى رَحْمَتِهِ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَاضِرٌ، قَالَ: سَلُوا أَبَا مُحَمَّدٍ، يَفْعَلُهُ تَعْظِيمًا لَهُ. أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ سَعِيدٌ لا يُجِيبُ حَتَّى يَقُولُ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، هَذَا رَأْيٌ، وَالرَّأْيُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذَا فاتته صَلاةٌ فِي جَمَاعَةٍ بَكَى. قَالَ الْوَلِيدُ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ستة سبع وستّين ومائة. قال ابن عساكر: ووهم من قَالَ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَسَنَةَ أَرْبَعٍ، وَسَنَةَ تِسْعٍ. 148- سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ بَانَكَ1، الْمَدَنِيُّ، أَبُو مُصْعَبٍ -ن. ق. عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَسَالِمٍ، وَعَمْرَةَ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أبو عامر العقديّ، وخالد بن مخلد، القعنبيّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ. 149- سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ2، الْقُرَشِيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْجُمَحِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلَّام. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سليمان. لوين، محلّه الصّدق.   1 الطبقات الكبرى "9/ 451"، التاريخ الكبير "3/ 514"، الجرح والتعديل "4/ 64"، التهذيب "4/ 82-83". 2 التاريخ الكبير "3/ 514"، الجرح والتعديل "4/ 64"، الثقات لابن حبان "6/ 371". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 119 150- سَعِيدُ بْنُ مَيْسَرَةَ، الْبَكْرِيُّ، الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: أَنَسِ بن مالك. وعنه: يونس بن بكير، والهثيم بْنُ خَارِجَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَحَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ بِحَدِيثٍ عَلَى سَبِيلِ التَّعَجُّبِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ حِينَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ رَفَعَ يَدَيْهِ فَوْقَ رَأْسِهِ"2. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ بَابَةُ عَايِذِ بْنِ شُرَيْحٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُظْلِمُ الأَمْرِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: رَوَى عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً. كَذَّبَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ. 151- سيفان الثّوريّ3 –ع. سيفان بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ رَافِعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ نَضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَلْكَانَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ أَدِّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ، شَيْخُ الإِسْلامِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الثَّوْرِيُّ، الْكُوفِيُّ، الفقيه سَيِّدُ أَهْلِ زَمَانِهِ عِلْمًا وَعَمَلا. فَهُوَ مِنْ ثَوْرِ مُضَرَ، لا مِنْ ثَوْرِ هَمْدَانَ عَلَى الصحيح، كذا نسبه ابن سعد، والهثيم بن عديّ، وغيرهما.   1 التاريخ الكبير "3/ 516"، الجرح والتعديل "4/ 63"، ميزان الاعتدال "2/ 160-161". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1224"، وابن حبان في المجروحين "1/ 316"، وفي إسناده صاحب الترجمة وقد تكلم فيه كما سيذكر. 3 الطبقات الكبرى "6/ 371-374"، التاريخ الكبير "4/ 92-93"، حلية الأولياء "6/ 356"، الجرح والتعديل "4/ 222-225"، صفة الصفوة "3/ 147-152"، تهذيب التهذيب "4/ 111-115". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 120 وَسَاقَ نَسَبَهُ كَمَا ذَكَرْنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ التَّمِيمِيِّ، لَكِنْ زَادَ بَيْنَ مَسْرُوقٍ وَبَيْنَ حَبِيبٍ حَمْزَةَ، وَأَسْقَطَ مُنْقِذًا وَالْحَارِثَ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ. وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ ثِقَاتِ الْمُحَدِّثِينَ. وَطَلَبَ سُفْيَانُ الْعِلْمَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَكَانَ يَتَوَقَّدُ ذَكَاءً. صَارَ إِمَامًا مَنْظُورًا إِلَيْهِ وَهُوَ شَابٌّ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيَّ قَالَ: ثَنَا أَبُو الْمُثَنَّى قَالَ: سَمِعْتُهُمْ بِمَرْوَ يَقُولُونَ: قَدْ جَاءَ الثَّوْرِيُّ، قَدْ جَاءَ الثَّوْرِيُّ، فَخَرَجْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ غُلامٌ قَدْ بَقَلَ وَجْهُهُ1. سَمِعَ الثَّوْرِيُّ مِنْ: عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ، وَأَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَالأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَجَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، وَزُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَيُّوبَ، وَصَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ، وَخَلْقٍ لا يُحْصَوْنَ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ أَخَذَ عَنْ سِتِّمِائَةِ شَيْخٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَجْلانَ، وَأَبُو حنيفة، وابن جريح، وأبي إِسْحَاقَ، وَمِسْعَرٌ، وَهُمْ مِنْ شُيُوخِهِ، وَشُعْبَةُ، وَالْحَمَّادَانِ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَوَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَأُمَمٌ لا يُحْصَوْنَ. حَتَّى أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ بَالَغَ وَذَكَرَ فِي مَنَاقِبِهِ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَهَذَا مَدْفُوعٌ، بَلْ لَعَلَّهُ رَوَى عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ أَلْفِ نَفْسٍ. فَعَنْ وَكِيعٍ أَنَّ وَالِدَةَ سُفْيَانَ قَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ اطْلُبِ الْعِلْمَ وَأَنَا أَعُولُكَ بِمِغْزَلِي، وَإِذَا كَتَبْتَ عَشَرَةَ أَحْرُفٍ فَانْظُرْ هَلْ تَرَى فِي نَفْسِكَ زِيَادَةً فِي الْخَيْرِ، فَإِنْ لَمْ تَرَ ذَلِكَ فَلا تتعن.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 360". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 121 قَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: طَلَبْتُ الْعِلْمَ، فَلَمْ تَكُنْ لِي نِيَّةٌ، ثُمَّ رَزَقَنِي اللَّهُ النِّيَّةَ1. دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ الثَّوْرِيُّ: لَمَّا هَمَمْتُ بِطَلَبِ الْحَدِيثِ، وَرَأَيْتُ الْعِلْمَ يُدْرَسُ، قُلْتُ: أَيْ رَبِّ إِنَّهُ لا بُدَّ لِي مِنْ مَعِيشَةٍ، فَاكْفِنِي أَمَرَ الرِّزْقِ وَفَرِّغْنِي لِطَلَبِهِ، فَتَشَاغَلْتُ بِالطَّلَبِ، فَلَمْ أَرَ إِلا خَيْرًا إِلَى يَوْمِي هَذَا. عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرُهُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي شَيْئًا قَطُّ فَخَانَنِي2. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ صَاحِبَ حَدِيثٍ أَحْفَظَ مِنْ سُفْيَانَ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ الْعِلْمُ يَمْثُلُ بَيْنَ يَدَيْ سُفْيَانَ، يَأْخُذُ مَا يُرِيدُ، وَيَدَعُ مَا لا يُرِيدُ. وَقَالَ الأَشْجَعِيُّ: دَخَلْتُ مَعَ الثَّوْرِيِّ عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ وَهِشَامُ يُحَدِّثُهُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: أُعِيدُهَا عَلَيْكَ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ وَقَامَ، ثُمَّ دَخَلَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَطَلَبُوا الإِمْلاءَ، فَقَالَ هِشَامٌ: احْفَظُوا كَمَا حَفِظَ صَاحِبُكُمْ، قَالُوا: لا نَقْدِرُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ: نَا ضَمْرَةُ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ إِنَّمَا حَدَّثَ بِعَسْقَلانَ فَيَقُولُ: انْفَجَرَتِ الْعَيْنُ، انْفَجَرَتِ الْعَيْنُ، يَتَعَجَّبُ مِنْ نَفْسِهِ3. وَقَالَ شُعْبَةُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَجَمَاعَةٌ: سُفْيَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَتَبْتُ عَنْ أَلْفٍ وَمِائَةِ شَيْخٍ مَا فِيهِمْ أَفْضَلُ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ وَرْقَاءُ: لَمْ يَرَ الثَّوْرِيُّ مِثْلَ نَفْسِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فِي قَلْبِي أَحَدٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَيْضًا: لا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْهُ. وَقَالَ وكيع: كان بحرًا.   1 أخرجه أحمد في العلل "3/ 235"، وأبو نعيم في الحلية "6/ 367". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 368"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "2/ 387". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 370". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 122 وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْ رَأْيِ مَالِكٍ فَقَالَ: سُفْيَانُ فَوْقَ مَالِكٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاخِ سُفْيَانَ. وَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ: مَنْ أَخْبَرَكَ أنّه رأى بعينيه مِثْلَ سُفْيَانَ فَلا تُصَدِّقْهُ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا مِنْ عَمَلٍ أَخْوَفَ عِنْدِي مِنَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِيمَا سَمِعَهُ مِنَ الْفِرْيَابِيِّ: وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ كَفَافًا، لا لِي وَلا عَلَيَّ1. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ: كَتَبْتُ عَنْ سُفْيَانَ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَأَخْبَرَنِي الأَشْجَعِيُّ أَنَّهُ كَتَبَ عَنْهُ ثَلاثِينَ أَلْفًا. وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا أُحَدِّثُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ بِوَاحِدٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ لِي ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَقْعُدُ إِلَى سُفْيَانَ فَيُحَدِّثُ فأقول: ما بقي من عمله شَيْءٌ إِلا وَقَدْ سَمِعْتُهُ ثُمَّ أَقْعُدُ مَجْلِسًا آخر فأقول: ما سعغت مِنْ عِلْمِهِ شَيْئًا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَوْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي أُحَدِّثُكُمْ كَمَا سَمِعْتُ، يَعْنِي بِاللَّفْظِ، فَلا تُصَدِّقُونِي. وعن عبد الرّزّاق، عن سفيان قال [37 ب] : مَا أُحَدِّثُ إِلا بِالْمَعَانِي. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: خِلافُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُرْجِئَةِ ثَلاثٌ، يَقُولُونَ: الإِيمَانُ قَوْلٌ بِلا عَمَلٍ، وَيَقُولُونَ: الإِيمَانُ لا يَزِيدُ وَلا يَنْقُصُ، وَيَقُولُونَ بِالاتِّفَاقِ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَقُولَ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهُوَ عِنْدَنَا مُرْجِئٌ2 وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: لا يَجْتَمِعُ حُبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلا فِي قلوب نبلاء الرجال3.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 363، 369، 7/ 37، 57، 63"، والفسوي في المعرفة "1/ 727". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 32-33". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 32". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 123 وعنه قال: أمتعتنا مِنَ الشِّيعَةِ أَنْ نَذْكُرَ فَضَائِلَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَعَنْهُ قَالَ: الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ. وَعَنْهُ قال: من سمع من متبدع لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِمَا سَمِعَ. شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: لا تَنْتَفِعُ بِمَا كَتَبْتَ حَتَّى، يَكُونَ إِخْفَاءُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلاةِ أَفْضَلَ عِنْدَكَ مِنَ الْجَهْرِ. قَالَ وَكِيعٌ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لا يَعْدِلُ طَلَبَ الْعِلْمِ شَيْءٌ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ اللَّهَ. وَقَالَ قَبِيصَةُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: الْمَلائِكَةُ حُرَّاسُ السَّمَاءِ، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ حُرَّاسُ الأَرْضِ. وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَخَافُ مِنْ تَصْحِيحِ نِيَّتِهِ فِي الْحَدِيثِ لِفَرْطِ غَرَامِهِ بِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ قَالَ: ما أَخَافُ عَلَى نَفْسِي أَنْ يُدْخِلَنِي النَّارَ إِلا الْحَدِيثُ1. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي أَفْلِتُ مِنْهُ كَفَافًا. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنَّ يَدِي قُطِعَتْ، وَأَنِّي لَمْ أَطْلُبْ حَدِيثًا قَطُّ. وَقَالَ الْقَطَّانُ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا أُنْكِرُ نَفْسِي إِلا إِذَا طَلَبْتُ الْحَدِيثَ. وَعَنِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُسْأَلَ غَدًا عَنْ كُلِّ مَجْلِسٍ جَلَسْتُهُ، وَعَنْ كُلِّ حَدِيثٍ حَدَّثْتُ بِهِ، مَاذَا أَرَدْتُ بِهِ؟ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: خَافَ الثَّوْرِيُّ عَلَى نَفْسِهِ مَتْنَ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: فِتْنَةُ الْحَدِيثِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ الذَّهَبِ2. وَمِنْ آدَابِهِ وَشَمَائِلِهِ وَتَوَاضُعِهِ وَوَرَعِهِ: قال مهران الرازيّ: رأيت الثّوريّ إذا خَلَعَ ثِيَابَهُ طَوَاهَا، وَيَقُولُ: كَانَ يُقَالُ: إِذَا طويت رجعت إليها أنفسها3.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 366". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 363". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 63". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 124 وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ يَخْضِبُ يَسِيرًا. وَقَالَ قَبِيصَةُ: كَانَ سُفْيَانُ مَزَّاحًا، كُنْتُ أَتَأَخَّرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحَيِّرَنِي بِمُزَاحِهِ، وَلا رَأَيْتُ الأَغْنَيَاءَ أَذَلَّ وَلا الْفُقَرَاءَ أَعَزَّ مِنْهُمْ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ1. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رُبَّمَا رَأَيْتُ سُفْيَانَ ضَحِكَ حَتَّى اسْتَلْقَى. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: كَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ لِلْمُحَدِّثِينَ: تَقَدَّمُوا يَا مَعْشَرَ الضُّعَفَاءِ2. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: رَأَيْتُ سُفْيَانَ فَقَوَّمْتُ مَا عَلَيْهِ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ3. يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ: ثَنَا مُبَارَكُ أَخُو سُفْيَانَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سُفْيَانَ بِبَدْرَةٍ -وَكَانَ أَبُوهُ صَدِيقًا لِسُفْيَانَ جِدًّا- فَقَالَ: أُحِبُّ تَقَبُّلَ هَذَا الْمَالِ، فَقَبِلَهُ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لِي: الْحَقْهُ فَرُدَّهُ، فَفَعَلْتُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ هَذَا الْمَالَ، قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي نَفْسِكَ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ: لا، فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي، وَيْحَكَ، أَيُّ شَيْءٍ قَلْبُكَ حِجَارَةٌ؟ عُدَّ أَنَّ لَيْسَ لَكَ عِيَالٌ، أَمَا تَرْحَمُنِي، أَمَا تَرْحَمُ إِخْوَانَكَ وصبياننا، قال: يا مبارك، تأكلها وأنت وَأُسْأَلُ عَنْهَا، لا يَكُونُ أَبَدًا4. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ قَالَ: احْتَاجَ سُفْيَانُ بِمَكَّةَ حَتَّى اسْتَفَّ الرَّمْلَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ5. سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ: جَلَسْتُ إِلَى سفيان وهو في دبر الكعبة مستلقي، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ، فَقُلْتُ: إِنَّ أُخْتَكَ قَدْ بَعَثَتْ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ، فَجَلَسَ وَقَالَ: لَمْ آكُلْ شَيْئًا مُنْذُ ثَلاثٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ أَبُو شِهَابٍ: بَعَثَتْ أُخْتُ سُفْيَانَ مَعِي بِجِرَابٍ فِيهِ كعك وخشكنانج، فَأَتَيْتُهُ فَقَصَّرَ فِي سَلامِي، فَعَاتَبْتُهُ فَقَالَ: يَا أَبَا شِهَابٍ: لا تَلُمْنِي، وَإِنَّ لِي ثَلاثَةَ أيام لم أذق فيها ذواقًا.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 365". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 365". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 365"، والخطيب في تاريخه "9/ 162"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 147". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 3-4"، والخطيب في تاريخه "9/ 161". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 63". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 125 قَالَ بِشْرٌ الْحَافِي: كَانَ الثَّوْرِيُّ رُبَّمَا أَخَذَ عِبَاءَ الْجِمَالِ فَيُغَطِّي بِهَا رَأْسَهُ. وَقَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ فِي مَكَّةَ وَقَدْ كثروا عليه، فقال: إنّ لِلَّهِ، أَخَافُ أَنْ تَكُونَ قَدْ ضُيِّعَتِ الأُمَّةُ حَيْثُ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى مِثْلِي1. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ بِمِكَّةَ جَالِسًا فِي السُّوقِ يَأْكُلُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ، قَالَ: أَنَا أَعْرَفُ بِنَفْسِي مِنْ أَصْحَابِ الْمَنَامَاتِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ: لَوْ لَقِيتَ سُفْيَانَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ وَمَعَكَ فَلْسَانِ تُرِيدُ أَنْ تَصَّدَّقَ بِهِمَا وَأَنْتَ لا تَعْرِفُ سُفْيَانَ، لَظَنَنْتَ أَنَّكَ تَضَعُهُمَا فِي يَدِهِ2. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَجَّرَ سُفْيَانُ نَفْسَهُ مِنْ جَمَّالٍ إِلَى مَكَّةَ، فَأَمَرُوهُ أَنْ يَعْمَلَ لَهُمْ خُبْزَةً فَلَمْ تَجِئْ جَيِّدَةً، فَضَرَبَهُ الْجَمَّالُ، فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ دَخَلَ الْجَمَّالُ، فَرَأَى النَّاسَ حَوْلَ سُفْيَانَ، فَسَأَلَ فَقَالُوا: هَذَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَلَمَّا انْفَضَّ النَّاسُ، تَقَدَّمَ الْجَمَّالُ إِلَى سُفْيَانَ وَاعْتَذَرَ، فَقَالَ: مَنْ يُفْسِدُ طَعَامَ النَّاسِ يُصِبْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: دَخَلْنَا عَلَى سُفْيَانَ الثَّوريّ بِمَكَّةَ، قَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فوالله لأنا إذ لم أركم خير مِنِّي إِذْ رَأَيْتُكُمْ، قَالَ: ثُمَّ لَمْ نَبْرَحْ حَتَّى تَبَسَّمَ. قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: كَثْرَةُ الإِخْوَانِ مِنْ سَخَافَةِ الدِّينِ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَخْوَفَ لِلَّهِ مِنْ سُفْيَانَ، كَانَ مَنْ رَآهُ كَأَنَّهُ فِي سَفِينَةٍ يَخَافُ الْغَرَقَ كَثِيرًا، مَا نَسْمَعُهُ يَقُولُ: يَا رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ3. وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ مَنْصُورٍ: كَلِمَتَانِ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا سُفْيَانُ فِي مَجْلِسٍ: سَلِّمْ سَلِّمْ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ. وَقَالَ سُفْيَانُ: وَدِدْتُ أَنِّي انْفَلَتُّ لا عَلَيَّ وَلا لِي، وَهَذَا مُتَوَاتِرٌ عنه.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 365، 7/ 64". 2 أخرجه ابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 147". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 371"، والبيهقي في الزهد "187"، وأبو نعيم في الحلية "6/ 392". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 126 قَالَ قَبِيصَةُ: كَانَ سُفْيَانُ كَأَنَّهُ رَاهِبٌ، فَإِذَا فِي الْحَدِيثِ أَنْكَرْتُهُ، يَعْنِي مِمَّا يَنْشَرِحُ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ يَكُونُ كَأَنَّمَا يَقِفُ لِلْحِسَابِ، فَيَعْرِضُ بِذِكْرِ الْحَدِيثِ، فَيَذْهَبُ ذَلِكَ الْخُشُوعُ، فَإِنَّمَا هُوَ حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا1 عَلِيُّ بْنُ غَنَّامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: لَقَدْ خِفْتُ اللَّهَ خَوْفًا، عَجَبًا لِي كَيْفَ لا أَمُوتُ، وَلَكِنْ لِي أَجَلٌ أَنَا بَالِغُهُ، وَلَقَدْ أَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ عَقْلِي مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ. ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَا عَاشَرْتُ رَجُلا أَرَقَّ مِنْ سُفْيَانَ، كُنْتُ أَرْقُبُهُ فِي اللَّيْلِ يَنْهَضُ مَرْعُوبًا يُنَادِي: النَّارَ، النَّارَ، شَغَلَنِي ذِكْرُ النَّارِ عَنِ النَّوْمِ وَالشَّهَوَاتِ. قَالَ قَبِيصَةُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ ذِكْرًا لِلْمَوْتِ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ سُفْيَانُ يَذْكُرُ الْمَوْتَ فَلا يُنْتَفَعُ بِهِ أَيَّامًا. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: كَانَ سُفْيَانُ طَوِيلَ الْحُزْنِ، كَانَ يَبُولُ الدَّمَ مِنْ حُزْنِهِ وَتَكَدُّرِهِ2. وَقَالَ عِصَامُ بْنُ يَزِيدَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ جَبْرٍ: رُبَّمَا كَانَ يَأْخُذُ سُفْيَانُ فِي التَّفَكُّرِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ النَّاظِرُ فَيَقُولُ: مَجْنُونٌ3. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخَفَّافُ: مَا لَقِيتُ سُفْيَانَ إِلا بَاكِيًا، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ أَكُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا4. قَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: الْعَالِمُ طَبِيبُ الدِّينِ، وَالدِّرْهَمُ دَاءُ الدِّينِ، فَإِذَا جَرَّ الطَّبِيبُ الدَّاءَ إِلَى نَفْسِهِ فَمَتَى يُدَاوِي غَيْرَهُ5؟. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَيْسَ طَلَبُ الْحَدِيثِ مِنْ عدّة الموت لكّنه علّة يتشاغل به6.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 73". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 23"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 149". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 392". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 51". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 361". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 364". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 127 قُلْتُ: طَلَبُ الْحَدِيثِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، وَهُوَ لَقَبٌ لأُمُورٍ عُرْفِيَّةٍ قَلِيلَةِ الْمَدْخَلِ فِي الْعِلْمِ، فَإِذَا كَانَ فُنُونٌ عَدِيدَةٌ مِنْ علم الآثار النبويّة بهذه المثابة، فما ظنّك بِطَلَبِ عِلْمِ الْجَدَلِ والعقليَّات وَالْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ؟ آهٍ، وَاحَسْرَتَاهْ عَلَى قِلَّةِ مَنْ يَعْرِفُ دِينَ الإِسْلامِ كَمَا يَنْبَغِي، وَمَا أَحَلَّ فِي الْقَلِيلِ الْمُتَعَيَّنِ، إِذَا كَانَ مِثْلُ سُفْيَانَ يَوَدُّ أَنْ يَنْجُوَ مِنْ عِلْمِهِ كَفَافًا، فَمَا نَقُولُ: نَحْنُ؟ وَاغَوْثَاهُ بِاللَّهِ. قَالَ الْخُرَيْبِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلنَّاسِ مِنَ الْحَدِيثِ. وَسَمِعَهُ الْفِرْيَابِيُّ يَقُولُ: مَا مِنْ عَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ إِذَا صَحَّتْ فِيهِ النِّيَّةُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَكُنْ مِثْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَالشَّعْبِيِّ فِي زَمَانِهِ، وَالثَّوْرِيِّ فِي زَمَانِهِ1. وَقَالَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: شَبِعَ سُفْيَانُ لَيْلَةً فَقَالَ: إِنَّ الْحِمَارَ إِذَا زِيدَ فِي عَلَفِهِ، زِيدَ فِي عَمَلِهِ، فَقَامَ حَتَّى أَصْبَحَ. وَقَالَ أبو أسامة: مرض سفيان فذهب بِبَوْلِهِ إِلَى الطَّبِيبِ، فَقَالَ: هَذَا بَوْلُ رَاهِبٍ، قَالَ: بَوْلُ مَنْ أَحْرَقَ الْحُزْنُ كَبِدَهُ، مَا لِذَا دَوَاءٌ. قَالَ ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّمَا كَانَتِ الْعِرَاقُ تَجِيشُ عَلَيْنَا بِالْمَالِ وَالثِّيَابِ، ثُمَّ صَارَتْ تَجِيشُ عَلَيْنَا بِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. قَالَ ضَمْرَةُ: وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ حِفْظٌ. قَالَ عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ لِي سُفْيَانُ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَرَى غَدًا مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ مِمَّا هُوَ فِيهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا سُفْيَانُ، طَبَخْتُ لَهُ سكباحًا فأكل، ثم أتنيه بِزَبِيبِ الطَّائِفِ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّزَّاقِ، اعْلِفِ الْحِمَارَ وَكَدِّهِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى الصَّبَاحِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ سَاجِدًا عِنْدَ الْبَيْتِ، فَطُفْتُ سبعة أسابيع قبل أن يرفع رأسه2.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 356"، والخطيب في تاريخه "9/ 154". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 57". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 128 وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: قَدِمَ سُفْيَانُ مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي الْغَدَاةَ، وَيَجْلِسُ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى ترفع الشَّمْسُ، ثُمَّ يَطُوفُ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ، يُصَلِّي بَعْدَ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ يُطَوِّلُهُمَا، ثُمَّ يُصَلِّي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى الْبَيْتِ، فَيَأْخُذُ الْمُصْحَفَ فَيَقْرَأُ، فَرُبَّمَا نَامَ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَخْرُجُ لِنِدَاءِ الظُّهْرِ، ثُمَّ يَتَطَوَّعُ إِلَى الْعَصْرِ، فَإِذَا صَلَّى الْعَصْرَ أَتَاهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَاشْتَغَلَ مَعَهُمْ إِلَى المغرب فيصلّي، ثم يتنقل إِلَى الْعِشَاءِ، فَإِذَا صَلَّى فَرُبَّمَا يَقْرَأُ ثُمَّ نام. أَقَامَ بِمَكَّةَ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ عَلَى هَذَا. قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، دَفَعَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ كِتَابًا فِيهِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُؤَمَّلٌ بِهَذَا. فِي مَعِيشَتِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: خَلَّفَ سُفْيَانُ مِائَتَيْ دِينَارٍ كَانَتْ مَعَ رَجُلٍ يَتَبَضَّعُ بِهَا. وَقِيلَ: جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تُمْسِكُ الدَّنَانِيرَ؟! وَكَانَ فِي يَدِ سُفْيَانَ خَمْسُونَ دِينَارًا، فَقَالَ: لَوْلاهَا لَتَمَنْدَلَ بِنَا هَؤُلاءِ الْمُلُوكُ1. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَالَ الثَّوْرِيُّ: لَوْلا بُضَيْعَتُنَا تَلاعَبَ بِنَا هَؤُلاءِ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ بِضَاعَةُ سُفْيَانَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ: كَانَتْ لَهُ مَعِي بِضَاعَةٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ يَأْتِي الْيَمَنَ يَتَّجِرُ وَيُفَرِّقُ مَا عِنْدَهُ عَلَى قَوْمٍ يَتَّجِرُونَ لَهُ، وَيَلْقَاهُمْ فِي الْمَوْسِمِ يُحَاسِبُهُمْ وَيَأْخُذُ الرِّبْحَ2. قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: لِمَاذَا ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ إِلَى الْيَمَنِ؟ قَالَ: لِلتِّجَارَةِ وَلِلُقِيِّ مَعْمَرٍ، قُلْتُ: أَكَانَ لَهُ مِائَةُ دِينَارٍ؟ قَالَ: أَمَّا سَبْعُونَ فَصَحِيحَةٌ. وَرُوِيَ أَنَّ سُفْيَانَ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ مُضَارَبةً فَاشْتَرَى بِهَا مَتَاعًا مِمَّا يُبَاعُ بِالْيَمَنِ، فَأَخَذَهُ مَعَهُ، فربح فيه نفقته.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 381". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 372"، بسند ضعيف جدًا وفيه الواقدي وهو متروك. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 129 وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: عَلَيْكَ بِعَمَلِ الأَبْطَالِ: الْكَسْبُ مِنَ الْحَلالِ، وَالإِنْفَاقُ عَلَى الْعِيَالِ. زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: الْحَلالُ تِجَارَةُ بَرَّةٌ، أَوْ عَطَاءٌ مِنْ إِمَامٍ عَادِلٍ، أَوْ صِلَةٌ مِنْ أَخٍ مُؤْمِنٍ، أَوْ مِيرَاثٌ لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يقول: يا عبّاد ارفعوا رؤوسكم، فقد وَضَحَ الطَّرِيقُ، وَلا تَكُونُوا عَالَةً عَلَى النَّاسِ1. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: أَكَلْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ خُشْكُنَانِجَ أُهْدِيَ لَهُ. وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: دَخَلْتُ عَلَى سُفْيَانَ وَهُوَ يَأْكُلُ طَبَاهِجَ بِبَيْضٍ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: اكْتَسِبُوا حَلالا وَكُلُوا طَيِّبًا. وَمِنْ مَوَاعِظِهِ: قَالَ: الدُّنْيَا كَرَغِيفٍ عَلَيْهِ عَسَلٌ، وَقَعَ عَلَيْهِ الذُّبَابُ، فَانْقَطَعَ جَنَاحُهُ فَمَاتَ، وَلَوْ سُرَّ بِرَغِيفٍ يَابِسٍ مَا هَلَكَ2. قَالَ وَكِيعٌ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ الْيَقِينَ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يَنْبَغِي لَطَارَ شَوْقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَخَوْفًا مِنَ النَّارِ، وَقَالَ: إِنَّمَا الزُّهد فِي الدُّنْيَا قِصَرُ الأَمَلِ3. وَعَنْهُ قَالَ: الْيَقِينُ أَنْ لا تَتَّهِمَ مَوْلاكَ فِي كُلِّ مَا أصابك، وإيّاك والتَّشبُّه بالجبابرة، وقال بالزُّهد يبصِّرك اللَّهُ عَوْرَاتِ الدُّنْيَا، وَعَلَيْكَ بِالْوَرَعِ يَخِفُّ حِسَابُكَ، وَادْفَعِ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ يَسْلَمُ دِينُكَ، وَدَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لا يُرِيبُكَ. وَقَالَ: مَا أُعْطِيَ رَجُلٌ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إلاّ قيل له: خذه ومثله جرمًا. وعنه، وقيل لَهُ: السَّلامَةُ أَنْ لا تَعْرِفَ، فَقَالَ: مَا إِلَى هَذَا سَبِيلٌ، لَكِنِ السَّلامَةُ فِي أَنْ لا تُحِبَّ أَنْ تَعْرِفَ. وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا أَثْنَى عَلَى الرَّجُلِ جِيرَانُهُ أَجْمَعُونَ، فَهُوَ رجل سوء، قال:   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 382". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 55". 3 أخرجه البيهقي في الزهد "79"، وأبو نعيم في الحلية "6/ 386". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 130 وَكَيْفَ هَذَا؟ قَالَ: يَرَاهُمْ عَلَى الْمُنْكَرِ وَلا يُغَيِّرُ عَلَيْهِمْ، وَيَلْقَاهُمْ بوجهٍ طلقٍ1. وَقَالَ الْفَضْلُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ محبَّبًا إِلَى جِيرَانِهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُدَاهِنٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَصْفَقَ وَجْهًا فِي ذَاتِ اللَّهِ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ سُفْيَانَ، فَلا يَكَادُ لِسَانُهُ يَفْتُرُ مِنَ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهي عَنِ الْمُنْكَرِ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْهُ قَالَ: إِنِّي لأَرَى الشَّيء يَجِبُ عليَّ أَنْ آمُرَ فِيهِ، فَلا أَفْعَلَ فَأَبُولُ دَمًا2. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ نِعْمَ الْمُدَاوِي إِذَا دَخَلَ الْبَصْرَةَ، حَدَّثَ بِفَضَائِلِ عَلِيٍّ، وَإِذَا دَخَلَ الْكُوفَةَ حَدَّثَ بِفَضَائِلِ عُثْمَانَ3. وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: هَؤُلاءِ الْمُلُوكُ قَدْ تَرَكُوا لَكُمُ الآخِرَةَ، فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْيَا. وَلَقِيَ كَاتِبًا فَقَالَ: حَتَّى مَتَى كُلَّمَا دَعَى ظَالِمٌ قُمْتَ مَعَهُ، غَدًا فَإِذَا حُوسِبَ حُوسِبْتَ، أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تَتُوبَ؟. فَصْلٌ من صدق: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ: ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، سَمِعْتُ مُهَلْهَلا يَقُولُ: خَرَجْتُ مَعَ سُفْيَانَ إِلَى مَكَّةَ، وَحَجَّ الأَوْزَاعِيُّ، وَرَافَقَنَا فِي بَيْتٍ ثَلاثًا، فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ، دَخَلَ خصيٌّ فَقَالَ: قَدْ جَاءَ الأَمِيرُ، وَعَلَى النَّاسِ عَبْدُ الصَّمد عَمُّ الْمَنْصُورِ، فَأَمَّا أَنَا وَالأَوْزَاعِيُّ فَثَبَتْنَا، وَأَمَّا سُفْيَانُ فَدَخَلَ قَبْرًا، فَدَخَلَ الأَمِيرُ عَبْدُ الصَّمَدِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الأَوْزَاعِيُّ، فَقَالَ: أَيْنَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْنَا: دَخَلَ لِحَاجَتِهِ، وَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ ببارحٍ حَتَّى تَخْرُجَ، فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّكَ رَجُلُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَعالِمُهُمْ، بَلَغَنِي قُدُومُكَ فَأَحْبَبْتُ الاقْتِدَاءَ بَكَ، فَأَطْرَقَ سُفْيَانُ ثُمَّ قَالَ: أَلا أدلُّك على   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 30". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 24". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 26-27". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 131 خيرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: اعْتَزِلْ مَا أَنْتَ فِيهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، تَسْتَقْبِلُ الأَمِيرَ بِهَذَا! قَالَ: فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا يَرْضَى مِنِّي بِهَذَا، وَقَامَ فَخَرَجَ مُغْضَبًا1. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ النُّعمان بْنِ عَبْدِ السَّلام قَالَ: مَرِضَ سُفْيَانُ بِمَكَّةَ وَمَعَهُ الأَوْزَاعِيُّ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ، فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إِنَّهُ سَهِرَ الْبَارِحَةَ فَلَعَلَّهُ نَائِمٌ، فَقَالَ سُفْيَانُ: لَسْتُ بِنَائِمٍ، لَسْتُ بِنَائِمٍ، فَقَامَ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ لِسُفْيَانَ: أَنْتَ مُسْتَقْتِلٌ لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يصحبك2. وقال إبراهيم بن أعين: كيف أصبُّ الْمَاءَ عَلَى سُفْيَانَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَجَاءَ عَبْدُ الصَّمَدِ أَمِيرُ مَكَّةَ فَسَلَّمَ عَلَى سُفْيَانَ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟. قَالَ: أَنَا عَبْدُ الصَّمد، قال: كيف أنت؟ اتّق الله، وإذا كَبَّرْتَ فَأَسْمِعْ3. يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَمَا كَانَ خَلْفَهُ مَنْ يكبِّر. زَيْدُ بْنُ أَبِي خُدَاشٍ، أَنَّ الثَّوْرِيَّ لَقِيَ شَرِيكًا فَقَالَ: بَعْدَ الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ تَلِي الْقَضَاءَ! قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَهَلْ لا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ قاضٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ: وَلا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ شُرَطِيٍّ4. وَقَالَ قَبِيصَةُ: قِيلَ لِشَرِيكٍ: إِنَّ سُفْيَانَ قَالَ: أَيُّ رَجُلٍ أَفْسَدُوا؟ قَالَ: لَوْ كَانَ لِسُفْيَانَ بَنَاتٌ أَفْسَدُوهُ أَكْثَرَ مِمَّا أَفْسَدُونِي. وَلَقِيَ سُفْيَانُ يُونُسَ بْنَ مِسْمَارٍ فَقَالَ: يَا يُوسُفُ: أَسْمَنْتَ الْبِرْذَوْنَ وَأَهْزَلْتَ الدِّينَ، فَقَالَ: أَنَا أَنْفَعُ لِلنَّاسِ مِنْكَ، أَتَكَلَّمُ فِي الْمَحْبُوسِ فَيُطْلَقُ، ويجيء الْمَلْهُوفُ فَأُعِينُهُ، وَأَتَكَلَّمُ فِي الْحَمَّالَةِ، وَأَسْعَى فِي الأمور، قال: وكان سفيان إذ لَقِيَهُ بَعْدُ سَلَّمَ عَلَيْهِ. وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الْقَارِئَ، يَعْنِي الْمُتَزَهِّدَ، يَلُوذُ بِالسُّلْطَانِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصٌّ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ يَلُوذُ بِالأَغْنِيَاءِ فاعلم أنه مرائي، فَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ بِقَوْلِ: أَرُدُّ مَظْلَمَةً، وَأَدْفَعُ عَنْ مَظْلُومٍ، فَإِنَّ هَذِهِ خُدْعَةٌ مِنْ إِبْلِيسَ اتَّخذها فجّار القراء سلَّمًا5.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 39"، والخطيب في تاريخه "9/ 158-159". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 38-39". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 14". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 47". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 387، 357" مختصرًا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 132 فَصْلٌ: قَالَ مُبَارَكٌ أَخُو سُفْيَانَ: رَأَيْتُ عَاصِمَ بْنَ أَبِي النَّجود: جَاءَ إِلَى سُفْيَانَ يَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ: أَتَيْتَنَا يَا سُفْيَانُ صَغِيرًا، وَأَتَيْنَاكَ كَبِيرًا1. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْكُوفَةِ أَفْضَلُ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوريّ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: أَبْصَرَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبيعيّ سُفْيَانَ مُقْبِلا فَقَالَ: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] . وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: مَا رَأَيْتُ كُوفِيًّا أَفْضَلَ مِنْ سُفْيَانَ. سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ: ثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، سَمِعَ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَوْ كَانَ سُفْيَانُ فِي التَّابِعِينَ لَكَانَ فِيهِمْ لَهُ شَأْنٌ. وَعَنْهُ قَالَ: لَوْ حَضَرَ عَلْقَمَةُ وَالأَسْوَدُ لاحْتَاجَا إِلَى مِثْلِ سُفْيَانَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَشْبَهَ بِالتَّابِعِينَ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ شُعْبَةُ: سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنِّي، إِنَّهُ سَادَ بِالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: سُفْيَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَعْلَمَ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوريّ، ولا أرى هُوَ مِثْلَ نَفْسِهِ2. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا نُعِتَ لِي رَجُلٌ إِلا وَجَدْتُهُ دُونَ نَعْتِهِ، إِلا الثَّوْرِيَّ. قُلْتُ: هَذَا الرَّجُلُ وَأَمْثَالُهُ، مَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ هَذِهِ الْجَلالَةَ فِي الْقُلُوبِ سُدًى، فَحُبُّ سُفْيَانَ مِنَ الإِيمَانِ. وَمِنْ شُيُوخِهِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَآدَمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وإسماعيل بن أميَّة، وابن   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 357"، والخطيب في تاريخه "9/ 163". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 358، 7/ 58"، والخطيب في تاريخه "9/ 155-156". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 133 أَبِي خَالِدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّديّ، وَأَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَالأَغَرُّ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَأَيَادُ بْنُ لَقِيطٍ. وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، وَبُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَطَاءٍ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ وَأَبُو الْمِقْدَامِ ثَابِتُ بْنُ هُرْمُزَ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ، وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَجَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، وَجَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفَقِيمِيُّ، وَحَمَّادٌ الْفَقِيهُ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، والزُّبير بْنُ عَدِيٍّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَسُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَسُهَيْلٌ، وَصَالِحُ بْنُ حَيٍّ، وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَأَبُو الزِّناد، وَابْنُ طَاوُسٍ، وَابْنُ عُقَيْلٍ، وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَابْنُ أَبِي لَبِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رَفِيعٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بُشَيْرٍ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَتِّيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَحْمَرِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ جُدْعَانَ، وعمارة بن القعقعاع، وَعَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَفِرَاسٌ الْهَمْدَانِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَأَبُو الزُّبير مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، ومطرِّف بْنُ طَرِيفٍ، وَمَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ، وَمُغِيرَةُ بْنُ النُّعمان، وَالْمِقْدَامُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَمُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، وَمَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، وَمَيْسَرَةُ الأَشْجَعِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ مَيْمُونٌ الأَعْوَرُ، وَهِشَامُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَوَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَيَحْيَى بْنُ أبِي إِسْحَاقَ، وَيَحْيَى بن هانئ بن عروة، ويزيد بم أَبِي زِيَادٍ، وَيَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيبانيّ، وَأَبُو بَكْرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ، وَأَبُو الْجُوَيْرِيَةِ الْجَرْمِيُّ، وَأَبُو خَالِدٍ الدَّالانِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ الرَّماديّ، وَأَبُو يَعْفُورٍ الْعَبْدِيُّ. وَمِنْ تَلامِذَتِهِ: أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، شَيْخُ الثُّغُورِ، وَأَحْوَصُ بْنُ جَوَّابٍ، وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَابْنُ عليَّة، وَبِشْرُ بن السَّريّ، وبشر بن منصور السّليميّن وثابت بن محمد بن الْعَابِدُ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَرَوْحٌ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُقْبَةَ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَضَمْرَةُ، وَالْخُرَيْبِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَعَلِيُّ بْنُ قَانِعٍ، وَعَمْرٌو الْعَنقَزِيُّ، وَالْقَاسِمُ الْجَرْمِيُّ، وَأَبُو الهمام الدلال، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 134 وَمُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهديّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، والنُّعمان بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الْعَدَنِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبيريّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الْحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو سُفْيَانَ الْمَعْمَرِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ الْعَقَدِيُّ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ لا يُحْصَوْنَ، وَآخِرُ ثِقَةٍ رَوَى عَنْهُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. 152- سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ1، أَبُو رَوْحٍ الأَزْدِيُّ، النَّمريّ، الْبَصْرِيُّ. -خ. م. د. س. عَنِ: الْحَسَنِ، وَثَابِتٍ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي ظِلالٍ هِلالٍ، وَأَبِي غَالِبٍ حَزَوَّرٍ وَيَزِيدَ بْنِ الشِّخِّير إِنْ كَانَ لَقِيَهُ، وَعَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ الْحَدِيثِ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُوبٍ: أَنَّهُ مَاتَ فِي آخِرِ سِنَةِ سبعٍ وَسِتِّينَ. وَقَدْ وَهِمَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَدْ رُمِيَ بِالْقَدَرِ، إِلا أَنَّهُ مِنَ الْعَابِدِينَ. قَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: كَانَ مِنْ أَعْبَدِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي زَمَانِهِ. 153- سَلَمَةُ بْنُ العيَّار2، الدِّمشقيّ، أَبُو مُسْلِمٍ. -ن- مَوْلَى بَنِي فَزَارَةَ، وَاسْمُ أَبِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حُصَيْنٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي الزُّبير، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، وَجَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ الطَّاطريّ، وعبد الله بن يوسف.   1 الطبقات الكبرى "7/- 283"، التاريخ الكبير "4/ 134"، الجرح والتعديل "4/ 258"، تهذيب التهذيب "4/ 286-287". 2 التاريخ الكبير "4/ 84"، الجرح والتعديل "4/ 167"، الثقات لابن حبان "8/ 284"، التهذيب "4/ 152-153". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 135 قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: هُوَ أَثْبَتُ أَصْحَابِ الأَوْزَاعِيِّ، مَعَ يَزِيدَ بْنِ السَّمط. وَكَانَا وَرِعَيْنِ فَاضِلَيْنِ، صَحِيحَيِ الْحِفْظِ، عَلَى حَالِ تَقَلُّلٍ مِنَ الدُّنْيَا مَا تلبَّسا بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، مَاتَ شَابًّا. 154- سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ1، أَبُو مُعَاذٍ -ت. س- بصريٌّ مَشْهُورٌ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، والزُّهريّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: الزُّهري شَيْخُهُ، وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، فِيمَا قِيلَ، وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي وَثَّقَهُ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ، وَقِيلَ: ابْنُ قَرْمٍ. نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ. وَقَالَ أبو زرعة الرّازيّ: سليمان بن أرقم لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ رَافِضِيٌّ غالٍ يَقْلِبُ الأَخْبَارَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابن معين: ليس بشيء، وقال مرة: ليس يَسْوَى فَلْسًا. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ أرقم لا يسوى شيئًا، ولا يُرْوَى عَنْهُ. وَقَالَ السَّعديّ: سَاقِطٌ. وَقَالَ الدَّارقطنيّ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: مِنْ بَلايَاهُ حَدِيثُهُ عَنِ الزُّهري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "اطلبوا   1 التاريخ الكبير "4/ 2-3"، الجرح والتعديل "4/ 100-101"، ميزان الاعتدال "2/ 196"، التهذيب "4/ 168". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 136 الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ، وتسمَّوا بِخِيَارِكُمْ، وَإِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قومٍ فَأَكْرِمُوهُ". 155- سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدٍ1، أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ. عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، وَعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ قُدَامَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الغدَّانيّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. 156- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، الْحَمْرَاوِيُّ الْمِصْرِيُّ، الأَفْطَسُ، الْفَقِيهُ، الْعَابِدُ، كَانَ متألِّهًا قَوَّالا بِالْحَقِّ، فَقِيهًا. حَمَلَ عَنْهُ: ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 157- سُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ2، أَبُو الرَّبِيعِ الْجُمَحِيُّ، الْمِصْرِيُّ، الزَّاهِدُ. أَحَدُ السَّادَةِ الأَوْلِيَاءِ. وُلِدَ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ، وَأَخَذَ عَنِ التَّابِعِينَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْفَقِيهُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ سُلَيْمَانَ بْنَ الْقَاسِمِ قَطُّ، هُمَا اثْنَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا فِي دِينِي: سُلَيْمَانُ فِي الْوَرَعِ، وَمَالِكٌ فِي الْعِلْمِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَأَنَّ اللَّهَ قَدْ لَيَّنَ لِسُلَيْمَانَ ظَهْرَهُ، وَكَانَ مَسْجِدُهُ فِرَاشَهُ، قَالَ سَعِيدٌ الآدَمِيُّ: خَرَجَ سُلَيْمَانُ بْنُ قَاسِمِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إِلَى مَكَّةَ فَمَا نَامَ فِي مَحْمَلٍ، وَلا اضْطَجَعَ لنومٍ حَتَّى رَجَعَ. ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ سُلَيْمَانَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7] [الملك: 2] قَالَ: لَمْ يَقُلْ أَكْثَرَ. مَاتَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 158- سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمِ بْنِ مُعَاذٍ3، أَبُو دَاوُدَ الضَّبيّ. -م. د. ت. س- وَيُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ، فَيُقَالُ فِيهِ: سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ. كُوفِيٌّ صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ الَّذِي وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، لا ابْنُ أَرْقَمَ، وَلَكِنْ وَهِمَ بعض   1 التاريخ الكبير "4/ 25"، الجرح والتعديل "4/ 130"، الثقات لابن حبان "6/ 393". 2 الجرح والتعديل "4/ 137". 3 التاريخ الكبير "4/ 33"، الجرح والتعديل "4/ 136-137"، ميزان الاعتدال "2/ 219"، التهذيب "4/ 213-214". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 137 الْحُفَّاظِ، وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ تَرْجَمَةٌ فِي تَرْجَمَةٍ. رَوَى ابْنُ قَرْمٍ عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ، وَأَبُو الجوَّاب، وَآخَرُونَ. وَهُوَ شيعيٌّ مُفْرِطٌ، ضعَّفه ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ خَيْرٌ مَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، ثَنَا عَنْهُ الطَّيَالِسِيُّ. وَرَوَى عَبَّاسٌ أَيْضًا، عَنْ يَحْيَى قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ يُحَدِّثُ عَنِ الأَعْمَشِ، كَانَ ضَعِيفًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا أَرَى بِهِ بَأْسًا، لَكِنَّهُ يُفْرِطُ فِي التَّشيُّع. 159- سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ1، الْبَصْرِيُّ -ع. عَنِ: الزُّهريّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ وعفَّان، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْهِ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ ثِقَةً. قَالَ النَّسائيّ: لا بَأْسَ بِهِ، يكنَّى: أبا دَاوُدُ، وَعَنِ الزُّهريّ: فَفِيهِ شَيْءٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهليّ: سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَمَا رَوَى عَنِ الزُّهريّ، فَإِنَّهُ قَدِ اضْطَرَبَ فِي أَشْيَاءَ، وَهُوَ في غير الزُّهري أثبت.   1 التاريخ الكبير "4/ 33-34"، الجرح والتعديل "4/ 138"، ميزان الاعتدال "2/ 220"، التهذيب "4/ 215-216". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 138 وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ الْوَاسِطِيُّ مُضْطَرِبُ الحديث، وروى عن: حُصَيْنٌ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ أَحَادِيثَ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا. قُلْتُ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ صَدُوقٌ يُحْتَجُّ بِهِ. مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ. 160- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ1. عَنْ: مَكْحُولٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَخَالِدِ بْنِ مَيْمُونٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بن مخلد الرُّعينيّ، وعمرو بن هشام البيروتيّ، وغيرهما. قال ابن عديّ: عامّة أحاديث مَنَاكِيرُ، وَلَمْ أَرَ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ كَلامًا. قُلْتُ: ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَمَا وَثَّقَهُ أَحَدٌ. 161- سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْقَيْسِيُّ2، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ، أَبُو سَعِيدٍ، أَحَدُ الأَعْلامِ –ع. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَخَلْقٌ. قَالَ أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ سَيِّدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ: مَا رَأَيْتُ بَصْرِيًّا أَفْضَلَ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الرِّجَالِ. وَسُئِلَ ابْنُ عليَّة عَنْ حُفَّاظِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَأَظُنُّهُ سمَّى غَيْرَهُ. وَقَالَ يَحْيَى بن معين: حديثه ثقة.   1 الجرح والتعديل "4/ 138"، ميزان الاعتدال "2/ 221-222". 2 الطبقات الكبرى "7/ 280"، التاريخ الكبير "4/ 38"، الجرح والتعديل "4/ 144-145"، تهذيب الكمال "12/ 69-73"، سير أعلام النبلاء "7/ 415-419"، تهذيب التهذيب "4/ 220-221". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 139 قَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: نَا وُهَيْبٌ قَالَ: كَانَ أَيُّوبُ يَقُولُ لَنَا: خُذُوا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكُنَّا نَأْتِيهِ وَهُوَ فِي نَاحِيَةٍ، وأبوه في ناحية. قلت: مَاتَ سُلَيْمَانُ سَنَةَ خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 162- سُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ1. زَاهِدُ أَهْلِ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ، أَبُو أيّوب، كان أكثر مقامه بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَدَخَلَ بَيْرُوتَ. حَكَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَقِيهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسَفَ الْفِرْيَابِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، وَحُذَيْفَةُ الْمَرْعَشِيُّ. قَالَ السَّري السَّقطيّ: أَرْبَعَةٌ كَانُوا قَدْ أَعْمَلُوا أَنْفُسَهُمْ فِي طَلَبِ الْحَلالِ، وَلَمْ يُدْخِلُوا أَجْوَافَهُمْ إِلا الحلال: وهيب ابن الْوَرْدِ، وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، وَسُلَيْمَانُ الخوَّاص، فَنَظَرُوا إِلَى الْوَرَعِ، فَلَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأُمُورُ، فَزِعُوا إِلَى التَّعلُّل أَوْ قَالَ التَّذلُّل. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الخوَّاص: قَالَ لِي بِشْرٌ الْحَافِي: أَتَمَنَّى أَرْبَعَةً: يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ، والثَّوريّ، وَسُلَيْمَانَ الْخَوَّاصَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ. وقال الفريابيّ: كنت في مجلس في الأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ، فَذَكَرَ الأَوْزَاعِيُّ الزُّهاد فَقَالَ: أَمَا نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِثْلَهُمْ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: مَا رَأَيْتُ أَزْهَدَ مِنْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصَ، وَلَمْ يَشْعُرْ سَعِيدٌ بِأَنَّهُ فِي الْمَجْلِسِ، فقنَّع سُلَيْمَانُ رَأْسَهُ وَقَامَ، فَأَقْبَلَ الأَوْزَاعِيُّ عَلَى سَعِيدٍ فَقَالَ: لا تَعْقِلْ مَا تَقُولُ؟ تُؤْذِي جَلِيسَنَا، تُزَكِّيهِ فِي وَجْهِهِ2. رَوَى أَبُو سَهْلٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ، فَرَأَيْتُهُ جَالِسًا فِي الظُّلْمَةِ وَحْدَهُ، فَكَلَّمْتُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: ظُلْمَةُ الْقَبْرِ أَشَدُّ، فَقُلْتُ: أَلا تَطْلُبُ لَكَ رَفِيقًا؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ لا أَقُومَ بِحَقِّهِ، قُلْتُ: هَذَا مَالٌ صَحِيحٌ أَصَبْتُهُ وَأَنَا لَكَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةَ، خُذْهُ فَأَنْفِقْهُ، قَالَ: يا سعيد إنّ نفسي لن تجبني إلى ما   1 حلية الأولياء "8/ 276-277"، صفة الصفوة "3/ 273-274"، سير أعلام النبلاء "8/ 159". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 276". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 140 رَأَيْتَ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لا تَقُولَ، فَإِنْ أَخَذْتَ مَالَكَ ثُمَّ فَرِغَ فَمَنْ لِي بِمِثْلِهِ صَحِيحٌ1؟. فَتَرَكْتُهُ ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الْغَدِ فَقُلْتُ: بَلَغَنِي فِي الْحَدِيثِ أَنَّ؟ الرَّجُلَ لا تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُ فِي الْعَامَّةِ حَتَّى يَكُونَ نَقِيَّ الْمَطْعَمِ، نقيَّ الْمَلْبَسِ، فَادْعُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ دَعْوَةً، فَابْتَدَرَ الْبَابَ مُغْضَبًا ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ بِالأَمْسِ تُفَتِّنِّي، وَأَنْتَ الْيَوْمَ تُشْهِرُنِي؟! فَأَتَيْتُ الأوزاعيَّ، فَقَالَ لِي: يَا سَعِيدُ، دَعْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ أدهم فإنهما لو كانا أَدْرَكَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَكَانَا مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خيبق، قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: ذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أدهم بالذكر، وذهب الْخَوَّاصُ بِالْعَمَلِ. يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الأَنْطَاكِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ. وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ شَكَوْكَ أَنَّكَ تَمُرُّ فَلا تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ: فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ لفضلٍ أَرَاهُ عِنْدِي، ولكني شبه الحنش إن ثورته ثار، وإن قَعَدْتُ مَعَ النَّاسِ جَاءَنِي مَا أُرِيدُ وَمَا لا أُرِيدُ3. وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ: رَأَى رَجُلٌ كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ، وَنُودِيَ: لِيَقُمِ السَّابِقُونَ الأَوَّلُونُ، فَقَامَ سُفْيَانُ الثَّوريّ، ثُمَّ قَامَ سُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ. ثُمَّ نُودِيَ: لِيَقُمِ السَّابِقُونَ، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ قَالَ: كيف آكل الخبز وأنا لا أرى إجارة الطَّوَاحِينِ4. قُلْتُ: لَمْ يَرْوِ الْخَوَّاصُ شَيْئًا. مَا ظَفِرْتُ لَهُ بِوَفَاةٍ، وَلَكِنَّ وَفَاتَهُ قَرِيبَةٌ مِنْ وَفَاةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ. 163- سُهَيْلُ بْنُ أَبِي5 حَزْمٍ الْقُطَعِيُّ، أَبُو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ -ع. م- وَهُوَ أَخُو حَزْمٍ الْقُطَعِيِّ. رَوَى عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وثابت البناني.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 277"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 273-274". 2 أخرجه ابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 273-274". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 277". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 277". 5 التاريخ الكبير "4/ 106"، الجرح والتعديل "4/ 247-248"، تهذيب التهذيب "4/ 261". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 141 وعنه: ابن المبارك، وزيد بن الحباب، وشعيب بن محرز، وهدبة بن خالد، وبشر بن الوليد الكندي، وحبان بن هلال. وسمى حبان والده عبد الله، وقيل: بل اسم أبيه مهران. وروى إسحاق الكوسج، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ. 164- سَوَادَةُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الْقَطَّانُ1، وَاسْمُ أَبِيهِ مُسْلِمٌ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُوسَى التَّبوذكيّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 165- سُوَيْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ2، أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ الْحَنَّاطُ، بِالنُّونِ، الْعَطَّارُ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَقَتَادَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ. وعَبْدُ اللَّهِ الْقَطَّانُ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَعِدَّةٌ. رَوَى الْكَوْسَجُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَالِحُ الحديث. وروى عثمان الدّاراميّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، أَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ فِيهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدِيثُهُ حَدِيثُ أَهْلِ الصِّدق. وَقَالَ النَّسائيّ فِي الْكُنَى: لَيْسَ ثِقَةً. وَقَالَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَلَى الأَثْبَاتِ. قِيلَ: مات سنة سبعٍ وستين ومائة.   1 التاريخ الكبير "4/ 186"، الجرح والتعديل 4/ 293"، تهذيب التهذيب "4/ 265-266". 2 التاريخ الكبير "4/ 148"، الجرح والتعديل "4/ 237"، ميزان الاعتدال "2/ 247"، التهذيب "4/ 270-271". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 142 "حرف الشِّينِ": 166- شَبِيبُ بْنُ شَبِيبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَهْتَمِ1، أَبُو مَعْمَرٍ التَّمِيمِيُّ الْمِنْقَرِيُّ الْبَصْرِيُّ -ت. أَحَدُ الْخُطَبَاءِ الْبُلَغَاءِ والإخباريّين الأَلِبَّاءِ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ: وَابْنِ سِيرِينَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قرَّة، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ المغلِّس، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةٌ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدّارقطنيُّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُتَشَاغَلُ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ. قُلْتُ: كَانَ إِخْبَارِيًّا عَلامَةً مفوَّهًا وَأَمِيرًا جَلِيلا. وُلِّيَ إِمْرةَ الرَّيِّ لِلْمَهْدِيِّ. قَالَ الْمَنْصُورُ لَهُ: عِظْنِي وَأَوْجِزْ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ مِنْ نَفْسِهِ لَكَ أَنْ جَعَلَ فَوْقَكَ أَحَدًا، فَلا تَرْضَ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بِأَنْ يَكُونَ عَبْدٌ هُوَ أَشْكَرُ مِنْكَ. قِيلَ لابْنِ الْمُبَارَكِ: تَأْخُذُ عَنْ شَبِيبٍ وَهُوَ يَدْخُلُ عَلَى الأُمَرَاءِ؟ فَقَالَ: خُذُوا عَنْهُ، فإنّه أشرف من أَنْ يَكْذِبَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي مَوْكِبِ الْمَنْصُورِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رُوَيْدًا، إِنِّي أَمِيرٌ عَلَيْكَ. فَقَالَ: وَيْلُكَ أَأَمِيرٌ عليَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قرَّة: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقْطَفُ الْقَوْمِ دابَّة أميرهم"2.   1 التاريخ الكبير "4/ 232"، الجرح والتعديل "4/ 358"، ميزان الاعتدال "2/ 262-263"، التهذيب "4/ 307". 2 "حديث ضعيف": وفيه صاحب الترجمة وهو ضعيف. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 143 قَالَ: أَعْطُوهُ دَابَّةً، فَهُوَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يَتَأَمَّرَ عَلَيْنَا. وَقَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: خَرَجَ شَبِيبٌ مِنْ دَارِ الْمَهْدِيِّ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَرَكْتَ النَّاسَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ الدَّاخِلَ رَاجِيًا، وَالْخَارِجَ رَاضِيًا. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ نيِّفٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 167- شَبِيبُ بْنُ مِهْرَانَ الْقَسْمَلِيُّ1، أَبُو زِيَادٍ. عَنْ: قَتَادَةَ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ومعلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَغَيْرُهُمْ. 168- شَجَرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَيُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطرّي، وَأَبُو مُسْهِرٍ. وثَّق. 169- شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْحِمْصِيُّ الأُمَوِيُّ2 -ع- مَوْلاهُمُ الْكَاتِبُ، صَاحِبُ الْخَطِّ الْمَنْسُوبِ، وَأَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقات. أَبُو بِشْرِ بْنُ دِينَارٍ. رَوَى عَنْ: نَافِعٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، والزُّهريّ، وَعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي الزِّناد، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ بِشْرٌ، وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَآخَرُونَ. وَكَتَبَ عَنِ الزُّهري كِتَابًا مِنْ عِلْمِهِ لِأَجْلِ الْخَلِيفَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ أَنِيقَ الورَّاقة وَاضِحَهُمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حمير، عن شعيب قال: وافقت الزُّهريّ إِلَى مَكَّةَ، فَكُنْتُ أَدْرُسُ أَنَا وَهُوَ القرآن جميعًا.   1 التاريخ الكبير "4/ 233"، الجرح والتعديل "4/ 360"، الثقات لابن حبان "6/ 443"، الميزان "2/ 264". 2 الطبقات الكبرى "7/ 468"، التاريخ الكبير "4/ 222"، الجرح والتعديل "4/ 344-345"، تهذيب التهذيب "4/ 351". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 144 وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ مِثْلُ عُقَيْلٍ، وَيُونُسَ فِي الزُّهريّ، كَتَبَ عَنِ الزُّهريّ إِمْلاءً لِلسُّلْطَانِ، كَانَ كَاتِبًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بن حنبل: سألت أبي: كيف سَمَاعَ شُعَيْبٍ مِنَ الزُّهري؟ قَالَ: يُشْبِهُ حَدِيثُهُ الإِمْلاءَ لَكِنَّ الشَّأْنَ فِيمَنْ سَمِعَ مِنْ شُعَيْبٍ. كَانَ رَجُلا ضَنِينًا فِي التَّحْدِيثِ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ سَمَاعُ أَبِي الْيَمَانِ عَنْهُ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قُلْتُ: فَسَمَاعُ ابْنِهِ بِشْرٍ؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي. قُلْتُ: فَسَمَاعُ بَقِيَّةَ؟ قَالَ: شَيْءٌ يَسِيرٌ. ثُمَّ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَمَعَ جَمَاعَةً بَقِيَّةَ، وَابْنَهُ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبِي ارْوُوهَا عَنِّي. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: رَأَيْتُ كُتُبَ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، فَرَأَيْتُ كُتُبًا مَضْبُوطَةً مقيَّدة، وَرَفَعَ مِنْ ذِكْرِهِ. قُلْتُ: فَأَيْنَ هُوَ مِنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ؟. قَالَ: فَوْقَهُ. قُلْتُ: فَأَيْنَ هُوَ مِنْ عُقَيْلٍ؟ قَالَ: فَوْقَهُ. قُلْتُ: فَأَيْنَ هُوَ مِنَ الزُّبيدي؟ قَالَ: مِثْلُهُ. وَقَالَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: كَانَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَلِيلَ السَّقط. وَقَالَ الأَثْرَمُ: قَالَ أَحْمَدُ: لَقَدْ نَظَرْتُ فِي كُتُبِ شُعَيْبٍ، كَانَ ابْنُهُ قدَّمها إِلَيَّ، فَإِذَا بِهَا مِنَ الْحُسْنِ والصِّحة مَا لا يُقَدَّرُ -فِيمَا أَرَى- بَعْضُ الشَّبَابِ أَنْ يَكْتُبَ مِثْلَهَا صحَّة وَشَكْلا وَنَحْوَ ذَا. وَقَالَ المفضَّل الْغَلابِيُّ: كَانَ عِنْدَ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهريّ نَحْوُ ألفٍ وَسَبْعُمِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهري مَالِكٌ، وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَسَمَّى جَمَاعَةً. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 145 وَقَالَ دُحَيْمٌ: شُعَيْبٌ ثِقَةٌ ثَبْتٌ، يُشْبِهُ حَدِيثُهُ حديث عقيل، ثم قَالَ: والزُّبيديّ فَوْقَهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمشقيّ: نَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: كَانَ شُعَيْبُ عِنْدَنَا مِنْ كِبَارِ النَّاسِ، وَكُنْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ مِنْ أَلْزَمِ النَّاسِ لَهُ، وَكَانَ ضَنِينًا بِالْحَدِيثِ، كَانَ يَعِدُنَا الْمَجْلِسَ، فَنُقِيمُ نَقْتَضِيهِ إِيَّاهُ، فَإِذَا فَعَلَ فَإِنَّمَا كِتَابُهُ بِيَدِهِ، مَا يَأْخُذُهُ أَحَدٌ، وَكَانَ مِنْ صِنْفٍ آخَرَ فِي الْعِبَادَةِ. وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى نَفَقَاتِهِ، وَكَانَ الزُّهريّ مَعَهُمْ بالرُّصافة. وَسَمِعْتُ شُعَيْبًا يَقُولُ لَهُ: يَا أَبَا يَحْمَدَ، قَدْ كَلَّتْ يَدِي مِنَ الْعَمَلِ، فَقُلْتُ لِعَلِيٍّ: مَا كَانَ يَعْمَلُ؟ قَالَ: كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ يُعَالِجُهَا بِيَدِهِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ كُتُبِي، فَعُرِضَ عَلَيْهِ كِتَابُ نَافِعٍ، وَكِتَابُ أَبِي الزِّناد. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: نَا سُلَيْمَانُ الْكُوفِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْيَمَانِ: مَا لِي أَسْمَعُكَ إِذَا ذَكَرْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَمْرٍو تَقُولُ: ثَنَا صَفْوَانُ، وَإِذَا ذَكَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ تَقُولُ: ثَنَا، وَإِذَا ذَكَرْتُ شُعَيْبًا تَقُولُ: أَخْبَرَنَا، فَغَضِبَ، فَلَمَّا سَكَنَ قَالَ لِي: مَرِضَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، فَأَتَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَّةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ فِي رجالٍ أَنَا أَصْغَرُهُمْ، فَقَالُوا: كُنَّا نُحِبُّ أَنْ نَكْتُبَ عَنْكَ، وَكُنْتَ مُمْتَنِعًا فَدَعَا بقفةٍ لَهُ، فَقَالَ: مَا فِي هَذِهِ إِلا مَا سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهري وَكَتَبْتُهُ وصحَّحته، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِي، فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ فَاكْتُبُوهَا، قَالُوا: فَنَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُونَ: أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ، أخبرنا شعيب، وإن أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَكْتُبُوهَا عَنِ ابْنِي فَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمشقيّ: نَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى شُعَيْبٍ حِينَ احْتُضِرَ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبِي، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا فَلْيَأْخُذْهَا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِضَ فَلْيَعْرِضْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَهَا مِنِ ابْنِي فَلْيَسْمَعْهَا، فَإِنَّهُ قَدْ سَمِعَهَا مِنِّي. قَالَ يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَغَيْرُهُ مَاتَ شُعَيْبٌ سَنَةَ ثلاثٍ وستِّين وَمِائَةٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وستِّين. 170- شعيب بن رزيق1 الفلسطينيّ، أبو شيبة.   1 التاريخ الكبير "4/ 217"، الجرح والتعديل "4/ 346"، الثقات لابن حبان "8/ 308". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 146 سَكَنَ ثَغْرَ طَرَسُوسَ. وَرَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَجَمَاعَةٍ. سَيَأْتِي. 171- شُعَيْبُ بْنُ كَيْسَانَ1، الْكُوفِيُّ. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أبي سليمان، وثابت بن جابان، وغيرهم. عنه: عُثْمَانُ بْنُ فَايِدٍ، وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيّ: لا يُعْرَفُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ أَنَسٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَلَيَّنَهُ الْعُقَيْلِيُّ. 172- شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الْبُزُورِيُّ2. عَنْ: حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي حُبَابٍ، وَأَبِي هَاشِمٍ الرُّمّاني، وَالْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: مَنْصُورُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ مَنَاكِيرُ، لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 173- شَيْبَانُ النَّحويّ3 -ع. هو شيبان بن عبد الرحمن، مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ، أَبُو مُعَاوِيَةَ الْبَصْرِيُّ، نَزِيلُ الكوفة، وأحد الأئمة المتعيّنين.   1 التاريخ الكبير "4/ 219"، الجرح والتعديل "4/ 351"، الثقات لابن حبان "4/ 356". 2 التاريخ الكبير "4/ 222"، الجرح والتعديل "4/ 352"، تهذيب التهذيب "4/ 357". 3 الطبقات الكبرى "6/ 377"، التاريخ الكبير "4/ 354"، الجرح والتعديل "4/ 355-356"، وسير أعلام النبلاء "7/ 406-408"، تهذيب التهذيب "4/ 373-374". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 147 نَزَلَ الْكُوفَةَ فأدَّب بِهَا أَوْلادَ الأَمِيرِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيِّ. وَرَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَكَمِ، وَهِلالٍ الْوَزَّانِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَطَالُوتَ، وقلَّ ما رَوَى عَنِ الْحَسَنِ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الأَشْيَبُ، وَحُسَيْنٌ المرُّوذيّ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ المؤدِّب، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ فِي نَسَبِهِ النَّحويّ: إِنَّمَا هُوَ إِلَى نَحْوِ بْنِ شَمْسٍ، بَطْنٍ مِنَ الأَزْدِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ: بَلْ كَانَ أَدِيبًا نَحْوِيًّا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: شَيْبَانُ، ثَبْتٌ فِي كُلِّ المشايخ. وقال يعقوب ين شَيْبَةَ: كَانَ صَاحِبَ حُرُوفٍ وَقِرَاءَاتٍ مَشْهُورَةٍ بِذَلِكَ. قلت: أخذ القراءة عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ. سَمِعَ مِنْهُ الْحُرُوفَ جَمَاعَةٌ، وَقَدْ سَكَنَ بَغْدَادَ. وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضًا مِنَ الْكِبَارِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. وَكَانَ يُؤَدِّبُ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ الْهَاشِمِيَّ. وَقَدْ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، كَيْفَ حَالُهُ فِي الأَعْمَشِ؟ فَقَالَ: ثِقَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَعْمَرٍ فِي قَتَادَةَ. قُلْتُ: قَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الصِّحاح. وَسُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَيْبَانُ ثِقَةٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: وَوَقَعَ لِي مِنْ طَرِيقِهِ حَدِيثٌ عَالٍ فِي الْمُخَلِّصَاتِ، عَنِ الْبَغَوِيِّ، عَنِ ابْنِ الْجَعْدِ، كَتَبْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. 174- شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَانَ، المطوَّعي الْمَرْوَزِيُّ الْغَازِي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 148 يَرْوِي عَنْ: دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ: مُصْعَبُ بْنُ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ. كَانَ مِنْ رؤوس الْمُجَاهِدِينَ بِخُرَاسَانَ. 175- شَيْبَانُ الرَّاعِي1. عَابِدٌ صَالِحٌ زَاهِدٌ قَانِتٌ لِلَّهِ، لا أَعْلَمُ مَتَى تُوُفِّيَ، وَلا مَنْ حَمَلَ عَنْهُ، وَلا ذَكَرَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ سِوَى حِكَايَةٍ وَاحِدَةٍ2، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الرَّبَضِيِّ. قَالَ: كَانَ شَيْبَانُ الرَّاعِي إِذَا أَجْنَبَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَاءٌ، دَعَا، فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَأَظَلَّتْهُ، فَاغْتَسَلَ مِنْهَا، وَكَانَ يَذْهَبُ إلى الجمعة، فيخطّ على غنمه، فيجيء فَيَجِدُهَا عَلَى حَالَتِهَا. "حرف الصَّادِ": 176- صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ3، الأَزْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ، الشَّاعِرُ، الْمُتَكَلِّمُ، الْمُتَفَلْسِفُ. لَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ، وَحِكَمٌ، وَوَصَايَا مَا عَلَيْهَا رَوْنقُ الإِسْلامِ. وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا الْهُذَيْلِ الْعَلافَ لَحِقَهُ وَنَاظَرَهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَعِظُ بِالْبَصْرَةِ وَيَقُصُّ. قَتَلَهُ الْمَهْدِيُّ عَلَى الزَّنْدَقَةِ، فيُرْوَى عَنْ قُرَيْشٍ الْخُتَّلِيِّ: أَنَّ الْمَهْدِيَّ دَعَانِي يَوْمًا فَذَكَرَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الشَّامِ، وَكَتَبَ لَهُ عَهْدًا أَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ بَلَدٍ يَدْخُلُهُ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ، وَأَمَرَهُ إِذَا دَخَلَ دِمَشْقَ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى حَانُوتِ عطّار أو حانوت قَطَّانٍ، فَيَلْقَى رَجُلا يُكْثِرُ الْجُلُوسَ هُنَاكَ، وَهُوَ شَيْخٌ فَاضِلٌ نَاصِلُ الْخِضَابِ. يُقَالُ لَهُ: صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، فَسَارَ وَفَعَلَ وَدَخَلَ الْحَانُوتَ، فَإِذَا بِصَالِحٍ فِيهِ، فَأَخَذَهُ وَقَيَّدَهُ، فَحَمَلَهُ عَلَى البريد إلى العراق.   1 حلية الأولياء "8/ 317"، وتهذيب تاريخ دمشق "6/ 60"، وصفة الصفوة "4/ 348-350". 2 حلية الأولياء "8/ 317"، تاريخ دمشق "15/ 79". 3 الجرح والتعديل "4/ 408"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 373-378"، ميزان الاعتدال "2/ 297-298". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 149 فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: أَنْتَ فُلانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنَا صَالِحٌ. قَالَ: فَزِنْدِيقٌ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ شَاعِرٌ أفسق في شعري، قال: اقرأه، فالتقوى سكنية، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ كِتَابَ الزَّنْدَقَةِ فَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فَاسْتَبْقِنِي، وَأَنْشَدَهُ لِنَفْسِهِ: مَا يَبْلُغُ الأَعْدَاءُ مِنْ جَاهِلٍ ... مَا يَبْلُغُ الْجَاهِلُ مِنْ نَفْسِهِ وَالشَّيْخُ لا يَتْرُكُ أَخْلاقَهُ ... حَتَّى يُوَارَى فِي ثَرَى رَمْسِهِ فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: يَا قُرَيْشُ، امْضِ بِهِ إِلَى الْمُطْبَقِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنَ الْخُرُوجِ أَمَرَنِي فَرَدَدْتُهُ، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ الْقَائِلَ: وَالشَّيْخُ لا يَتْرُكُ أَخْلاقَهُ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: لا تَدَعُ أَخَلاقَكَ حَتَّى تَمُوتَ، خُذُوهُ، فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ، ثُمَّ وَثَبَ الْمَهْدِيُّ فَضَرَبَهُ نِصْفَيْنِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ بَصْرِيُّ. وَمِنْ شِعْرِهِ: الْمَرْءُ يَجْمَعُ بِخُطُوبٍ تُفَرِّقُ ... وَيَظَلُّ يَرْقَعُ وَالزَّمَانُ يُمَزِّقُ وَلِأَنْ يُعَادِي عَاقِلا خَيْرٌ لَهُ ... مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَدِيقٌ أَحْمَقُ فَارْغَبْ بِنَفْسِكَ لا تُصَادِقْ أَحْمَقًا ... إِنَّ الصَّدِيقَ عَلَى الصَّدِيقِ مُصَدِّقُ وَزِنِ الْكَلامَ إِذَا نَطَقْتَ فَإِنَّمَا ... يُبْدِي عُيُوبَ ذَوِي الْعُقُولِ الْمَنْطِقُ لا أَلْفَيَنَّكَ ثَاوِيًا فِي غُرْبَةٍ ... إِنَّ الْغَرِيبَ بِكُلِّ سَهْمٍ يُرْشَقُ مَا النَّاسُ إِلا عَامِلانِ، فَعَامِلٌ ... قَدْ مَاتَ مِنْ عَطَشٍ، وَآخَرُ يَغْرَقُ وَإِنِ امْرُؤٌ لَسَعَتْهُ أَفْعَى مَرَّةً ... تَرَكَتْهُ حِينَ يَجُرُّ حَبْلَ يُفَرِّقُ إِنَّ التَّرَفُّقَ لِلْمُقِيمِ مُوَافِقٌ ... فَإِذَا يُسَافِرُ فَالتَّرَفُّقُ أَوْفَقُ بَقِيَ الَّذِينَ إِذَا يَقُولُوا يَكْذِبُوا ... وَمَضَى الَّذِينَ إِذَا يَقُولُوا يَصْدُقُوا وَمِنْ شِعْرِهِ: لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تُخْشَى غَوَائِلُهُ ... وَلا الْعَدُوُّ عَلَى حَالٍ بمأمون الجزء: 10 ¦ الصفحة: 150 وَمِنْ شَعْرِهِ: لا أَبْتَغِي وَصْلَ مَنْ لا يَبْتَغِي صِلَتِي ... وَلا أُوَالِي حَبِيبًا لا يُبَالِينِي هَذَا وَلَوْ كَرِهَتْ كَفِّي مُبَايَنَتِي ... لَقُلْتُ إِذْ كَرِهَتْ كَفِّي لَهَا: بِينِي وَمِنْ شِعْرِهِ: وَإِنَّ عَنَاءً أَنْ تُفَهِّمَ جَاهِلا ... فَتَحْسَبُ جَهْلا أَنَّهُ مِنْكَ أَفْهَمُ مَتَّى يَبْلُغُ الْبُنْيَانُ يَوْمًا تَمَامَهُ ... إذا كُنْتَ تَبْنِيهِ وَآخَرُ يَهْدِمُ وَهَلْ يُفَضَّلُ الْمُثْرِي إذا ظنّ أنّه ... إذا جاد بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ سَيُعْدَمُ وَلَهُ: وَإِذَا طَلَبْتَ الْعِلْمَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ ... حِمْلٌ فَأَبْصِرْ أَيَّ شَيْءٍ تَحْمِلُ وَإِذَا عَلِمْتَ بِأَنَّهُ مُتَفَاضِلٌ ... فَاشْغَلْ فُؤَادَكَ بِالَّذِي هُوَ أَفْضَلُ وَمِنْ قَصِيدَتِهِ الأُولَى: وَإِنَّ مَنْ أَدَّبْتَهُ فِي الصِّبَى ... كَالْعُودِ يُسْقَى الْمَاءَ فِي غَرْسِهِ حَتَّى تَرَاهُ مُورِقًا نَاضِرًا ... بَعْدَ الَّذِي مَا أَبْصَرْتَ مِنْ يُبْسِهِ وَالْقَ أَخَا الظَّعْنِ بِإِينَاسِهِ ... لِتُدْرِكَ الْفُرْصَةَ فِي أُسِّهِ كَاللَّيْثِ لا يَفْرِسُ أَقْرَانَهُ ... حَتَّى يَرَى الإِمْكَانَ فِي فَرْسِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَبَّرِ قَالَ: رَأَيْتُ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الْقُدُّوسِ فِي الْمَنَامِ ضَاحِكًا، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ، وَكَيْفَ نَجَوْتَ مِمَّا كُنْتَ تُرْمَى بِهِ؟ قَالَ: إِنِّي وَرَدْتُ عَلَى رَبٍّ لَيْسَ تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَإِنَّهُ اسْتَقْبَلَنِي بِرَحْمَتِهِ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ بَرَاءَتَكَ مِمَّا كُنْتَ تُعْرَفُ بِهِ. 177- صَالِحُ بْنُ مِرْدَاسٍ1، أَبُو خُزَيْمَةَ الْعَبْدِيُّ، بَصْرِيٌّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ، وابن سيرين، وغيرهم.   1 التاريخ الكبير "4/ 289"، الجرح والتعديل "4/ 414"، الثقات لابن حبان "6/ 462-465"، والميزان "2/ 304". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 151 وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسْلِمٌ، وَسَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ. قَالَ ابْنُ مَعيِنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقِيلَ: اسْمُهُ نَصْرٌ. 178- صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، أَبُو نَافِعٍ الْبَصْرِيُّ1. -خ. م. د. ن. ت. مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ، وَيُقَالُ: مَوْلَى بَنِي هِلالٍ. عَنْ: أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَفَّانُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: إِنَّمَا يُتَكَلَّمُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّهُ سَقَطَ. قُلْتُ: لَمْ أَظْفَرْ بِمَوْتِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَوْتِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. 179- صَخْرُ بْنُ جَنْدَلَةَ2، الْقَاضِي، أَبُو الْمُعَلَّى الْبَيْرُوتِيُّ. سَمِعَ يُونُسَ بْنَ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ. وُثِّقَ. 180- صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ3، الدِّمَشْقِيُّ، السَّمِينُ، أَبُو معاوية. -م. ن. ق.   1 الطبقات الكبرى "7/ 275-276"، والتاريخ الكبير "4/ 312"، والجرح والتعديل "4/ 427"، الثقات لابن حبان "2/ 142، 6/ 473"، تهذيب الكمال "13/ 116-119"، سير أعلام النبلاء "7/ 410-411"، تهذيب التهذيب "4/ 410-411". 2 التاريخ الكبير "4/ 311"، الجرح والتعديل "4/ 427". 3 التاريخ الكبير "4/ 296"، الجرح والتعديل "4/ 429-430"، تهذيب الكمال "13/ 133-138"، ميزان الاعتدال "2/ 310-311"، سير أعلام النبلاء "7/ 314-317"، تهذيب التهذيب "4/ 415-416". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 152 رَوَى عَنِ: الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْحَارِثِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَوَكِيعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَيَحْيَى الْبَابْلُتِّيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَآخَرُونَ. وَفِيهِ لِينٌ، كَنَّاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ: ثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَأَتَيْتُ الأَعْمَشَ، فَإِذَا رَجُلٌ غَلِيظٌ مُمْتَنِعٌ، فَجَعَلْتُ أَتَعَجْرَفُ عَلَيْهِ تَعَجْرُفَ أَهْلِ الشَّامِ، فَأَنْكَرَ لُغَتِي فَقَالَ: أَيْنَ يَكُونُ أَهْلُكَ؟ قُلْتُ: بِالشَّامِ، قَالَ: أَيُّ الشَّامِ؟ قُلْتُ: دِمَشْقُ، قَالَ: وَمَا أَقْدَمَكَ؟ قُلْتُ: جِئْتُ لِأَسْمَعَ مِنْكَ وَمِنْ مِثْلِكَ الْخَيْرَ، فَقَالَ لِي: وَبِالْكُوفَةِ جِئْتَ تَسْمَعُ الْحَدِيثَ؟ أَمَا إِنَّكَ لا تَلْقَى فِيهَا إِلا كَذَّابًا حَتَّى تَخْرُجَ مِنْهَا. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: جَاءَنِي الأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ لِي: مَنْ حَدَّثَكَ بِأَكْثَرِ الْحَدِيثِ؟ قُلْتُ: الثِّقَةُ عِنْدَكَ وَعِنْدِي، صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: نَظَرْتُ فِي مُصَنَّفَاتِ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينِ، وَسَأَلْتُ دُحَيْمًا عَنْهُ فَقَالَ: مَحِلُّهُ الصِّدْقُ، غير أَنَّهُ كَانَ يَشُوبُهُ الْقَدَرُ، وَقَدْ ثَنَا بِكُتُبٍ عن ابن جريح، وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَكَتَبَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. قَالَ الْوَليِدُ بْنُ مُسْلِمٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 181- صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى1، الْبَصْرِيُّ، الدَّقِيقِيُّ، أَبُو الْمُغِيرَةِ -د. ت. عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ. 182- صَدَقَةُ بْنُ هُرْمُزَ2، أبو محمد الزّماني، البصريّ.   1 التاريخ الكبير "4/ 397"، الجرح والتعديل "4/ 432"، ميزان الاعتدال "2/ 313"، التهذيب "4/ 418". 2 التاريخ الكبير "4/ 296-297"، الجرح والتعديل "4/ 431"، ميزان الاعتدال "2/ 313". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 153 عَنْ: مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَعَمْرِو بْنِ بَهْدَلَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى الْمِنْقَرِيُّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 183- الصَّعِقُ بْنُ حَزْنٍ1، الْبَكْرِيُّ، الْعَيْشِيُّ وَيُقَالُ: الْعَايِشِيُّ -س- شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، صَدُوقٌ. لَهُ عَنِ: الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَأَبِي حَمْزَةَ الضُّبَعِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَمُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَالأَصْمَعِيِّ، وَيُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَارِمٍ، وَشَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ. قَالَ عَارِمٌ: كَانُوا يَرَوْنَهُ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: مَا بِهِ بَأْسٌ. "حرف الضَّادِ": 184- الضَّحَّاكُ بْنُ نِبْرَاسٍ2، أَبُو الْحَسَنِ الْجَهْضَمِيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. وَخَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الأَدَبِ لَهُ.   1 التاريخ الكبير "4/ 330"، الجرح والتعديل "4/ 455-456"، ميزان الاعتدال "2/ 315"، التهذيب "4/ 424". 2 التاريخ الكبير "4/ 335"، الجرح والتعدل "4/ 460"، ميزان الاعتدال "2/ 326"، تهذيب التهذيب "4/ 455". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 154 "حرف الطَّاءِ": 185- طُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْعَامِرِيُّ الْكُوفِيُّ1 -د. ت. عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَعُمَرَ بْنِ بَيَانٍ التَّغْلِبِيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأُسَيْدٌ الْجَمَّالُ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 186- طَلْحَةُ بْنُ قَيْسٍ، الْجَرِيرِيُّ2. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ أَشْوَعَ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 187- طَلْحَةُ بْنُ النَّضْرِ3، الْحُدَّانِيُّ، البصريّ. عن: محمد بن سيرين. عن: ابْنُ أُخْتِهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ الْقيْسِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. "حرف الْعَيْنِ": 188- عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ4 بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، الْعَدَوِيُّ، الْعُمَرِيُّ، الْمَدَنِيُّ. -ت. ق.   1 التاريخ الكبير "4/ 361"، الجرح والتعديل "4/ 496-497"، تهذيب التهذيب "5/ 13". 2 التاريخ الكبير "4/ 349"، الجرح والتعديل "4/ 479"، الثقات لابن حبان "6/ 488". 3 التاريخ الكبير "4/ 351"، الجرح والتعديل "4/ 479"، الثقات لابن حبان "6/ 489". 4 الطبقات الكبرى "9/ 638"، التاريخ الكبير "6/ 478-479"، الجرح والتعديل "6/ 346-347"، ميزان الاعتدال "2/ 355-356"، تهذيب التهذيب "5/ 51-52". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 155 عن: عبد الله بن دينار، وسهيل بن أَبِي صَالِحٍ، وَعَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وجماعة. قال معوية بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. قُلْتُ: هُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. 189- عَافِيَةُ الْقَاضِي1. هُوَ عَافِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ، الأَوْدِيُّ، الْكُوفِيُّ: أحد الأعلام، تفقه على أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَرَعَ فِي الْفِقْهِ، وَحَدَّثَ عَنِ: الأَعْمَشِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَقَالَ: كَانَ عَالِمًا زَاهِدًا، وَلِيَ قَضَاءَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بِبَغْدَادَ، فَحَكَمَ مَرَّةً عَلَى سَدَادٍ وَصَوْنٍ، ثُمَّ اسْتَعْفَى فَأُعْفِيَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: يكتب حديث. وَاخْتَلَفَ اجْتِهَادُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِيهِ، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبَّاسٍ: ثِقَةٌ، وَأَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ: كَانَ ضَعِيفًا فِي الْحَدِيثِ. وَسَبَبُ فِرَارِهِ مِنَ الْقَضَاءِ أَنَّهُ تَثَبَّتَ فِي حُكُومَةٍ، فَذَهَبَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فَأَهْدَى لَهُ رُطَبًا، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَزَجَرَهُ، قَالَ: فَلَمَّا تَحَاكَمَ هُوَ وَخَصْمُهُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ قَالَ: لَمْ يَسْتَوِيَا فِي قَلْبِي، وَوَجَدْتُ قَلْبِي يَمِيلُ إِلَى نضرة الَّذِي أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ لِي، ثُمَّ حَكَاهَا لِلْخَلِيفَةِ وَقَالَ: هَذَا حَالِي وَمَا قَبِلْتُ، فَكَيْفَ لَوْ قَبِلْتُ هَدِيَّتَهُ؟ وَقَدْ سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ، فَقَالَ أَعَافِيةُ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَجَعَلَ يَضْحَكُ ويتعجَّب.   1 الطبقات الكبرى "7/ 331"، تهذيب الكمال "14/ 5-10"، سير أعلام النبلاء "7/ 398-399"، ميزان الاعتدال "2/ 358"، تهذيب التهذيب "5/ 60-61". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 156 وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: خَاصَمَ أَبُو دُلامَةَ رَجُلا إِلَى عَافِيَةَ فَقَالَ: لَقَدْ خَاصَمَتْنِي غُوَاةُ الرِّجال ... وَخَاصَمْتُهُمْ سَنَةً وَافِيَهْ فَمَا أَدْحَضَ اللَّهُ لِي حجَّة ... وَمَا خَيَّبَ اللَّهُ لِي قَافِيَةْ فَمَنْ كُنْتُ مِنْ جَوْرِهِ خَائِفًا ... فَلَسْتُ أَخَافُكَ يَا عَافِيَةْ فَقَالَ لَهُ عَافِيَةُ: لأشكونَّك إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ هَجَوْتَنِي، قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ شَكَوْتَنِي إِلَيْهِ لَيَعْزِلَنَّكَ؟ قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ لا تَعْرِفُ الْهِجَاءَ مِنَ الْمَدِيحِ. قُلْتُ: قَلَّمَا رَوَى عَافِيَةُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ كَهْلا. 190- عَامِرُ بْنُ شِبْلٍ1، الْجَرْمِيُّ. عَنْ: أَبِي قِلابَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَجُوَيْدِ بْنِ الْخَطَفَى الشَّاعِرِ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسيّ، وَغَيْرُهُمَا. وثَّقه أَبُو زُرْعَةَ الدِّمشقيّ. 191- عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، الرَّمليّ، الْفِلَسْطِينِيُّ2 -ق. عَنْ: فُسَيْلَةَ بِنْتِ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، وَابْنِ طَاوُسٍ، والزُّبير بْنِ عَدِيٍّ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ الْيَحْمَدِيُّ، وَمَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الحرَّانيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفيليّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيسابوري، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَحْدَهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ.   1 تاريخ أبو زرعة "1/ 73". 2 التاريخ الكبير "6/ 43"، الجرح والتعديل "6/ 85"، ميزان الاعتدال "2/ 370"، تهذيب التهذيب "5/ 102-103". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 157 وقال الدُّلابيّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الرَّمليّ، فِيهِ نَظَرٌ، وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الثَّقفي الْبَصْرِيُّ، سَكَنَ الْبَصْرَةَ، تَرَكُوهُ. وَكَذَا فَرَّقَ بَيْنَ التَّرْجَمَتَيْنِ، الْعُقَيْلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، حَتَّى قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرَّمليّ لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ بِمَكَّةَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى رَوَى عَنْهُ، وَالَّذِي كَانَ بِمَكَّةَ مَاتَ قَبْلَ الثَّوريّ، وَلَمْ يَشْهَدْهُ الثَّوريّ. قُلْتُ: هَذِهِ حجَّة قَاطِعَةٌ. 192- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُجَيْرٍ1، أَبُو حُمْرَانَ، شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. عَنِ الْحَسَنِ، وَيَزِيدَ بْنِ الشِّخِّير، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قرَّة. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَطَالُوتُ بْنُ عبَّاد، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ. لَهُ رِوَايَةٌ فِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي دَاوُدَ. 193- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرٍ، الصَّنعائيّ، الْقَاصُّ2 -د. ت. ق- وَهِمَ مَنْ قَالَ: هُوَ ابْنُ بَحِيرِ بْنِ رَيْسَانَ. وَقَالَ ابْنُ مَاكُولا: أَحْسَبُهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسَى بْنِ بَحِيرٍ. فِيهِ ضَعْفٌ. أَخَذَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدْ جَاءَ حَدِيثٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرِ بْنِ رَيْسَانَ الْحِمْيَرِيِّ، وَلَهُ غَرَايِبٌ. وَقَالَ ابْنُ مَاكُولا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرٍ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي تَهْذِيبِهِ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرِ بْنِ رَيْسَانَ الْمُرَادِيُّ، أَبُو وَائِلٍ الصَّنعانيّ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ القاصّ، وهانئ مولى عثمان.   1 التاريخ الكبير "5/ 52"، الجرح والتعديل "5/ 15-16"، الثقات لابن حبان "7/ 27"، التهذيب "5/ 153". 2 التاريخ الكبير "5/ 49-50"، الجرح والتعديل "5/ 15"، ميزان الاعتدال "2/ 395"، تهذيب التهذيب "5/ 153-154". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 158 وعنه: إبراهيم بن خالد، وعبد الرّزاق، وهشام بْنُ يُوسُفَ، وَأَهْلُ صَنْعَاءَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 194- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، الْمُزَنِيُّ1، الْبَصْرِيّ. -د. ت. ق. عَنْ أَبِيهِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ. وَعَنْهُ: بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، وَعَفَّانُ بْنُ حِبَّانَ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: لَهُ فِي الْكُتُبِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. 195- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ2 بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ نوفل، الزُّهريّ، المخرميّ، المدنيّ، الفقيه الإمام. -م. ع. حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَعَمَّتِهِ والدة أم بكر بنة الْمِسْوَرِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّميميّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ مُفْتِيًا، عَارِفًا بِالْمَغَازِي. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَدُوقٌ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ، فَإِنَّهُ أَسْرَفَ فِي تَوْهِينِهِ، وَقَالَ: يَرْوِي عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، رَوَى عَنْهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ. كَانَ كَثِيرَ الْوَهْمِ فِي الأَخْبَارِ، حَتَّى رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ مَا لا يُشْبِهُ حَدِيثَ الأَثْبَاتِ، فَإِذَا سَمِعَهَا مَنِ الْحَدِيثُ صِنَاعَتُهُ شَهِدَ أَنَّهَا مَقْلُوبَةٌ، فَاسْتَحَقَّ التَّرك. قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ قَامَ مَعَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَاعْتَقَدَ أن محمد بن عبد الله بن   1 التاريخ الكبير "5/ 52"، الجرح والتعديل "5/ 16"، الثقات لابن حبان "7/ 26"، تهذيب التهذيب "5/ 163". 2 الطبقات الكبرى "9/ 454"، التاريخ الكبير "5/ 62"، الجرح والتعديل "5/ 22"، تهذيب التهذيب "5/ 171-173". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 159 حسن هو المهديّ الذي ورد في الحديث ثم ندم، وَقَالَ: لا غَرَّنِي أَحَدٌ بَعْدَهُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ بَعْضَ ذَلِكَ. وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بن حنبل يرجحه على ابن أبي ذئب لفضله مروءته وَإِتْقَانِهِ. وَقَدْ وُضِعَ حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي الْغِيلانِيَّاتِ. وَقِيلَ: كَانَ قَصِيرًا جِدًّا. تُوُفِّيَ سنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 196- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ1، أَبُو الْجُنَيْدِ، الْعَنْبَرِيُّ، البصري، الملَّقب: عِتْرِيسٌ. د. ت. يَرْوِي عن جدَّيته: صَفِيَّةَ وَدُحَيْبَةَ، وَعَنْ حِبَّانَ بْنِ عَاصِمٍ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرير، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ، وَالْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سوَّار بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ. لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا. 197- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ2، الْقُرْدُوسِيُّ، أَخُو هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. عَنْ: يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ. وَعَنْهُ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، والتَّبوذكي. 198- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ3، الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ. -ق. عَنْ: صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَشَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ. وَعَنْهُ: حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ.   1 التاريخ الكبير "5/ 73"، الجرح والتعديل "5/ 40"، تهذيب التهذيب "5/ 185-186". 2 التاريخ الكبير "5/ 73"، الجرح والتعديل "5/ 40"، الثقات لابن حبان "8/ 337". 3 التاريخ الكبير "5/ 72"، الجرح والتعديل "5/ 35"، المجروحين لابن حبان "2/ 16"، تهذيب التهذيب "5/ 187". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 160 199- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دُكَيْنٍ1، أَبُو عُمَرَ، الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ بَغْدَادَ. عَنْ: كَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَبِشْرُ بْنُ الوليد، وسعدويه. خرج له صَاحِبُ الأَدَبِ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: ثِقَةٌ. 200- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ2. -ت. ن. مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَحَدُ الإِخْوَةِ. سَمِعَ أَبَاهُ وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرحمن بن مهديّ، والقعنبي، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَصْلَحُ حَالا مِنْ أَخَوَيْهِ. 201- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَسْلَمِيُّ3، الْمَدَنِيُّ، الْقُبَائِيّ. -ن. ق. عَنْ: سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 202- عَبْد اللَّه بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ4. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالِدِ السَّفَّاحِ، وعن الزّهريّ، وثابت بن ثوبان.   1 التاريخ الكبير "5/ 82"، الجرح والتعديل "5/ 48-49"، ميزان الاعتدال "2/ 417"، تهذيب التهذيب "5/ 201". 2 الطبقات الكبرى "5/ 413"، التاريخ الكبير "5/ 94"، الجرح والتعديل "5/ 59"، تهذيب التهذيب "5/ 222-223". 3 التاريخ الكبير "5/ 108"، الجرح والتعديل "5/ 74"، الثقات لابن حبان "7/ 18". 4 التاريخ الكبير "5/ 108"، الجرح والتعديل "5/ 75"، تهذيب الكمال "15/ 63-65"، تهذيب التهذيب "5/ 246". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 161 وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ وَحْدَهُ. فَفِيهِ جَهَالَةٌ، وَوَلِيَ قَضَاءَ صَنْعَاءَ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ القاضي، أنا أحمد ابن مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى عليه وسلم: "أحبّو اللَّهَ لِمَا يَغْمُرُكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لحبّ الله، وأحبّو أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي"1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيِّ. وَأَخْرَجَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ الْحَافِظُ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، فَوَقَعَ بَدَلا لَهُمَا. * عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو أُوَيْسٍ، الْمَدِينِيُّ. يَأْتِي فِي الْكُنَى. 203- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ2، الْمَدَنِيُّ. -ت. عَنِ: الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ. سُئِلَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُ. 204- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ خَالِدٍ3. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، نَزَلَ الرَّيَّ. قَالَ ابن حَاتِمٍ: حَدَّثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَأَشْعَثَ بن عبد الملك، وهشام بن حسّان.   1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "3789"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن الترمذي "3789". 2 التاريخ الكبير "5/ 134"، الجرح والتعديل "5/ 98"، الثقات لابن حبان "7/ 42"، ميزان الاعتدال "2/ 454". 3 الجرح والتعديل "5/ 128". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 162 وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ، وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامَغَانِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: صَالِحٌ. 205- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ1، الرِّبْعِيُّ، أَبُو زَبْرٍ الدِّمَشْقِيُّ. -خ. ع. عَنْ: بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَكْحُولٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: وَلَدُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَشَبَابَةُ، وأبو مسهر، ومروان الطَّاطَرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: كَانَ ثِقَةً، مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ دِمَشْقَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وُلِدَ أَبِي سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَدْ كَنَّاهُ جَمَاعَةٌ: أَبَا زَبْرٍ، وَكَنَّاهُ الْبُخَارِيُّ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَدْ وَثَّقَهُ عِدَّةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. أَنْبَأَنِي ابْنُ أَبِي عُمَرَ، أَنَا ابْنُ طَبَرْزَدَ، أَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَنَا ابْنُ غَيْلانَ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، نَا شَبَابَةُ، نَا أَبُو زبر، أنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "أهللت مع رسول الله -صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعُمْرَةٍ فِي حَجَّتِهِ" 2. 206- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ3، الْجَمَلِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ق. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَأَبِي هَارُونَ عنترة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 468"، التاريخ الكبير "5/ 162"، الجرح والتعديل "5/ 128-129"، التهذيب "5/ 350-351". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1561"، ومسلم "1211"، وأبو داود "1783"، والنسائي "5/ 146"، وأحمد في المسند "6/ 245"، وابن حبان "3912، 3917، 3927". 3 التاريخ الكبير "5/ 154، 155"، الجرح والتعديل "5/ 119"، تهذيب التهذيب "5/ 340". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 163 وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَإِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ، وَغَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَجَمَاعَةٌ. صَدُوقٌ. 207- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ1 بْنِ عَبَّاسٍ، الْقِتْبَانِيُّ، أَبُو حَفْصٍ، الْمِصْرِيُّ. -م. ن. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، وَأَبِي عُشَّانَةَ الْمَعَافِرِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو عبد الرحمن المقري، وَآخَرُونَ. وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ، لَيْسَ بِالْمَتِينِ، وَقَالَ أَيْضًا: هُوَ قَرِيبٌ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ. وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: هُوَ أَقْوَى مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ. 208- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَيْسَانَ2، الْمَرْوَزِيُّ. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُحَمَّدِ بن زياد الجمحّي، وثابت النبانيّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْحَاقُ، وَعِيسَى غُنْجَارُ، وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. كُنْيَتُهُ: أَبُو مُجَاهِدٍ. 209- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ3، أَبُو طِيبَةَ، السُّلَمِيُّ، الْعَامِرِيُّ، الْمَرْوَزِيُّ، قاضي مرو.   1 التاريخ الكبير "5/ 151"، الجرح والتعديل "5/ 126"، ميزان الاعتدال "2/ 469"، التهذيب "5/ 351". 2 التاريخ الكبير "5/ 178"، الجرح والتعديل "5/ 143"، تهذيب التهذيب "5/ 371". 3 التاريخ الكبير "5/ 191"، الجرح والتعديل "5/ 165"، تهذيب التهذيب "6/ 30". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 164 عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَسَعْدٍ مَوْلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: عِيسَى غُنْجَارُ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو تُمَيِّلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَعَبْدَانُ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: يُخْطِئُ. 210- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ1 بْنِ وَهْبِ اللَّهِ، الْمَخْزُومِيُّ، الْعَابِدِيُّ، الْمَكِّيُّ -ق. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ. وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَآخَرُونَ. وَوَلِيَ قَضَاءَ مَكَّةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. وَرَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوْفِيُّ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدِمْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فَقَالَ: تَمَتَّعُوا فَكَانَ أَحَدُنَا يَتَمَتَّعُ بِالْمَرْأَةِ مِنَ الرَّوَاحِ إِلَى الْغُدُوِّ، وَمِنَ الْغُدُوِّ إِلَى الرَّوَاحِ2. مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ ومائة.   1 التاريخ الكبير "5/ 209"، الجرح والتعديل "5/ 175"، تهذيب التهذيب "6/ 46". 2 "حديث ضعيف": وفيه صاحب الترجمة وهو ضعيف وفيه أيضًا تدليس أبو الزبير. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 165 211- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ1، أَبُو رَجَاءٍ، الْهَرَوِيُّ. -ق. مِنْ عُلَمَاءِ خُرَاسَانَ. عَنْ: أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ مَوْلَى الْبَرَاءِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ جُشَمَ، وَابْنِ عَوْنٍ. وَعَنْهُ: أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْمُحَارِبِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرحمن المقري، وَإِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا خُرَاسَانِيٌّ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُظْلِمُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، لَيْسَ بِشَيْءٍ. 212- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ مقسم2، الثّقفيّ، الطّائفيّ. -د. نزل البصرة وروى عَنْ أَبِيهِ يَزِيدَ بْنِ ضَبَّةَ الشَّاعِرِ، وَضبَّةَ أُمِّهِ، وَعَنْ عَمَّتِهِ سَارَةَ وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَآخَرُونَ. لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ. 213- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَعْيَنَ الشَّيْبَانِيُّ3، مَوْلاهُمْ. -ق. عَنْ: نَافِعٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ الْعَطَّارُ. وَهُوَ أَخُو حُمْرَانَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَبِلالٌ الكوفيين. قال الدّارقطنيّ: ليس بثقة.   1 التاريخ الكبير "5/ 218-219"، الجرح والتعديل "5/ 191"، تهذيب التهذيب "6/ 64-65". 2 التاريخ الكبير "5/ 227-228"، الجرح والتعديل "5/ 200"، تهذيب التهذيب "6/ 80". 3 الجرح والتعديل "6/ 38"، ميزان الاعتدال "2/ 529"، تهذيب التهذيب "6/ 93". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 166 214- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، الْكُوفِيُّ1، الْفَاخُورِيُّ، الْجَرَّارُ. -ق- نَزِيلُ الْمَدَائِنِ. عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: شَبَابَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وصالح بن سلك الْخَوَارِزْمِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ الْكُلُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. 215- عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ الأَيْلِيُّ2، مَوْلَى عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، -ت. ق- عَنْ: نَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَخَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَقَالَ: كَانَ يَكُونُ بِإِفْرِيقِيَّةَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَجَمَاعَةٌ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. سَعِيدُ بن أبي مريم: أنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الرسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ فَارَةٍ وَقَعَتْ فِي وَدَكٍ لَهُمْ، فَقَالَ: اطْرَحُوهَا وَمَا حَوْلَهَا إِنْ كَانَ جَامِدًا، قَالُوا: يَا رسول الله، إن كان مائعًا؟   1 التاريخ الكبير "6/ 74"، الجرح والتعديل "6/ 26-27"، تهذيب التهذيب "6/ 98". 2 الطبقات الكبرى "6/ 312"، التاريخ الكبير "6/ 108"، الجرح والتعديل "6/ 31-32"، تهذيب التهذيب "6/ 103-104". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 167 قال: فانتفعوا به ولا تأكلوا"1. وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا. وَتَفَرَّدَ بِهِ شَيْخٌ، عَنْ مَعْمَرٍ. كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ شَطْرَهُ الأَوَّلَ. وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَيْمُونَةَ. وَرَوَاهُ عُقَيْلٌ، عَنِ الزّهريّ، عن عبيد الله مرسلًا. وراه سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سعيد: بلغنا أنّ رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ فَارَةٍ. وَقَدْ صَحَّحَ الذُّهْلِيُّ خَبَرَ مَعْمَرٍ. 216- عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ2، الشِّبَامِيُّ، الْهَمْدَانِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ت. عَنْ: عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَوَكِيعٌ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، كَانَ يَتَشَيَّعُ. وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالْكُوفَةِ أَكْذَبُ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كان غالبًا في التّشيّع، تفرد عن الثّقات بالمقلوبات.   1 "حديث شاذ": أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "9/ 354"، والطبراني في الأوسط كما في المجمع "1/ 287"، كلاهما عن طريق عبد الجبار وقال البيهقي: لا يحتج به، وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه أبو داود "3842"، والترمذي، تعليقًا بعد الحديث "1798"، والنسائي "7/ 178"، وأحمد في المسند "2/ 265"، وأشار الترمذي: أنها شاذة. والصحيح قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث ميمونة: "ألقوا ما حولها وكلوا": أخرجه البخاري "5538"، وأبو داود "3841"، والترمذي "1798"، والنسائي "4269". 2 الطبقات الكبرى "6/ 336"، التاريخ الكبير "6/ 108"، الجرح والتعديل "6/ 31"، التهذيب "6/ 602". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 168 وَأَمَّا رِوَايَةُ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سألت عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ، قُلْتُ: لا بَأْسَ بِهِ؟ قَالَ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: وَهُوَ قَدِيمُ الْوَفَاةِ، مَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ وَمِائَةٍ، أَوْ قَبْلَهَا. 217- عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ1، الْمَكِّيُّ، أَخُو وُهَيْبٍ. -د. ن. حدّث عن الكبار: عطاء، وابن مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَدَاوُدُ بْنُ عُمَرَ، وَالضَّبِّيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُخَالِفُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. 218- عَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ أَعْيَنَ بْنِ لَيْثٍ2، أَبُو عُثْمَانَ، الْقُرَشِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْمِصْرِيُّ، الْفَقِيهُ. نَزِيلُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَهُوَ وَالِدُ الْفَقِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 219- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامٍ3، الْفَزَارِيُّ، الْمَدَائِنِيُّ. ت. ق. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَعَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَأَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ مُزَاحِمٍ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدِيثُهُ عَنْ شَهْرٍ مُقَارِبٌ، وَهِيَ سَبْعُونَ حَدِيثًا، كَانَ يَحْفَظُهَا كَأَنَّهَا سُورَةٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: أحاديثه عن شهر صحاح.   1 الطبقات الكبرى "5/ 489"، التاريخ الكبير "6/ 107"، الجرح والتعديل "6/ 31"، التهذيب "6/ 105-106". 2 الجرح والتعديل "6/ 36". 3 التاريخ الكبير "6/ 54"، الجرح والتعديل "6/ 98"، الثقات لابن حبان "7/ 120"، التهذيب "6/ 109-110". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 169 وَوَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. قلت: سَمَاعُهُ مِنْ شَهْرٍ، كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ، وَمَوْتُهُ قَرِيبٌ مِنْ مَوْتِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَامَ بِضْعَةٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: نِعْمَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامٍ، وَلَكِنْ لا تَكْتُبُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَرْوِي عَنْ شَهْرٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى وَلا ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثَانِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ شَيْئًا قَطُّ. 220- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الله بن كثير1، الدّاريّ، والمكّيّ. عن: سعيد بن منياء، وأبو القاسم بْنِ أَبِي بَزَّةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 221- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَوْلانِيُّ. عَنِ: ابْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَابْنُ وَهْبٍ. وَكَانَ مِنْ كَتَبَةِ الدِّيوَانِ بِمِصْرَ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. مَا عَرَفْتُ فِيهِ جَرْحًا. 222- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ2، الْقَاصُّ.   1 التاريخ الكبير "6/ 51"، الجرح والتعديل "6/ 14-15". 2 التاريخ الكبير "5/ 257"، الجرح والتعديل "5/ 211"، المجروحين لابن حبان "2/ 60"، الميزان "2/ 545". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 170 سَمِعَ الْعَلاءَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَلَهُ عَنْهُ نُسْخَةٌ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَفَّانُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، والنّسائيّ: ليس بالقويّ. وكان قاصّ أهل المدنية، ومذكر هم. 223- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ1، الْعُقَيْلِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -ن. ق. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَوْسَجَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الأَصْمَعِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ فِي الْكُتُبِ، وَبَعْضُهُمْ لَيَّنَهُ شَيْئًا. 224- عَبْدُ الرحمن بن أبي بكر2 عبيد الله بن أبي مليكة، القرشيّ، التّميميّ، الْمَدَنِيُّ. -ت. ق. عَنْ: عَمِّهِ، وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَزُرَارَةَ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النّسائيّ: ليس بثقة.   1 التاريخ الكبير "5/ 264"، الجرح والتعديل "5/ 216-217"، ميزان الاعتدال "2/ 549"، التهذيب "6/ 143". 2 الطبقات الكبرى "5/ 495"، التاريخ الكبير "5/ 260"، الجرح والتعديل "5/ 217-218"، التهذيب "6/ 146". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 171 225- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ1، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْسِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ. -د. ت. ق- الْمُحَدِّثُ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الصَّالِحِينَ، مَوْلِدُهُ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَشَهْرِ بْنِ حَوَشْبٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَزِيَادِ بْنِ أَبِي سَوْرَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَبَقِيَّةُ، وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ، وَوَثَّقَهُ أَيْضًا دُحَيْمٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدَرِيٌّ صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ عَلَى ضَعْفِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ فِيهِ سَلامَةٌ، كَانَ مُجَابَ الدَّعوة. أَحْمَدُ بن كثير البغدادي: عن إبراهيم الْجَوْهَرِيِّ قَالَ: أَغْلَظَ ابْنُ ثَوْبَانَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيِّ فِي كَلامٍ، فَاسْتَشَاطَ ثُمَّ سَكَنَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ الْمَنْصُورُ حَيًّا مَا أَفَاتَكَ، قَالَ: لا تَقُلْ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللَّهِ لَوْ كُشِفَ لَكَ عَنِ الْمَنْصُورِ حَتَّى يخبرك بما لقي ربما عَايَنَ، مَا جَلَسْتَ مَجْلِسَكَ غَدًا. الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ ثَوْبَانَ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ كُنْتَ بِحَالِ أَبِيكَ لِي وَخَاصَّةِ مَنْزِلَتِي مِنْهُ عَالِمًا، فَرَأَيْتُ أَنَّ صِلَتِي إِيَّاهُ وَتَعَاهُدِي إِيَّاكَ بِالنَّصِيحَةِ فِي أَوَّلِ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ عَنِ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَوَاتِ، فجدَّدت وَلَهَجْتُ، ثُمَّ بَرَرْتُ بِكَ فَوَعَظْتُكَ، فَأَجَبْتَنِي بِمَا لَيْسَ لَكَ فِيهِ حُجَّةٌ وَلا عُذْرٌ، وَقَدْ أحببت أن أقرن   1 التاريخ الكبير "5/ 265"، الجرح والتعدل "5/ 219"، ميزان الاعتدال "2/ 551"، التهذيب "6/ 150-152". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 172 نَصِيحَتِي إِيَّاكَ عَهْدًا، عَسَى اللَّهُ أَنْ يُحْدِثَ به خيرًا، وقد بلغنا أَنَّ خَمْسًا كَانَ عَلَيْهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّابِعُونَ: اتِّبَاعُ السُّنَّة، وَتِلاوَةُ الْقُرْآنِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، وَعِمَارَةُ الْمَسْجِدِ، وَالْجِهَادُ. وَسَاقَ مَوْعِظَةً طَوِيلَةً يَحُثُّهُ فِيهَا عَلَى حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، كَأَنَّهُ كَانَ يَتَأَثَّمُ مِنَ الصَّلاةِ خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ، وَلا رَيْبَ أَنَّهُ رَأْيُ الْخَوَارِجَ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ: لَمَّا كَانَتِ السَّنَةُ الَّتِي تَنَاثَرَتْ فِيهَا الْكَوَاكِبُ، خَرَجْنَا لَيْلا إِلَى الصَّحْرَاءِ مَعَ الأَوْزَاعِيِّ، وَمَعَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ: فَسَلَّ سَيْفَهُ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَدَّ فجدُّوا، قَالَ: فَجَعَلُوا يسبُّونه وَيُؤْذُونَهُ، فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إِنِّي أَقُولُ أَحْسَنَ مِنْ قَوْلِكُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ، يَعْنِي جُنَّ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زَيْدٍ: مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ سَنَةَ خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً. 226- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ1 بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ. عَنْ جَدِّهِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ الزُّهريّ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 227- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ2، الْكُوفِيُّ -م. د. ن. عَنْ: أَبِي الزُّبير، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعيّ، وَمَنْصُورٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ حُمَيْدٌ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهديّ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.   1 التاريخ الكبير "5/ 272"، الجرح والتعديل "5/ 224"، الثقات لابن حبان "7/ 73". 2 التاريخ الكبير "5/ 274"، الجرح والتعديل "5/ 225"، الثقات لابن حبان "7/ 74"، التهذيب "6/ 165". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 173 228- عبد الرحمن بن شريح1، أبو شريح المعافري، الإسكندراني، العابد. –ع. عَنْ: أَبِي هَانِئِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ، وَأَبِي قُبَيْلٍ الْمَعَافِرِيِّ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَأَبِي الزُّبير الْمَكِّيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، وَهَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ذَا فَضْلٍ وَعِبَادَةٍ وَتَأَلُّهٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عبادة المعافريّ قال: كّنا عند أبي شريح، فكثرت المسائل فقال: قد درنت قلوبكم، فَقُومُوا إِلَى خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَهْدِيِّ، اشْغَلُوا قلوبكم وتعلّموا هذه الذّخائر الرّقائق، فَإِنَّهَا تُجَدِّدُ الْعِبَادَةَ، وَتُورِثُ الزَّهَادَةَ، وَتَجُرُّ الصَّدَاقَةَ، وأقلّو الْمَسَائِلَ، فَإِنَّهَا فِي غَيْرِ مَا نَزَلَ، تُقَسِّي الْقَلْبَ، وَتُورِثُ الْعَدَاوَةَ. تُوُفِّيَ أَبُو شُرَيْحٍ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 229- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَامِرٍ الْيَحْصُبِيُّ2، الدِّمَشْقِيُّ. حَكَى عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْمُقْرِئِ، وَعَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَبِيعَةَ بْنِ مَزْيَدٍ، وَزُرْعَةَ بْنِ ثُوَّبٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ شَابُورَ، وَأَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى. وَكَانَ قَارِئًا لِكِتَابِ اللَّهِ، عُمِّرَ دَهْرًا. 230- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ3، العمريّ، الندنيّ. -خ. د. ت. ن.   1 الطبقات الكبرى "7/ 516"، التاريخ الكبير "5/ 296"، الجرح والتعديل "5/ 243-244"، التهذيب "6/ 193-194". 2 تاريخ أبي زرعة "1/ 65، 343-344". 3 الطبقات الكبرى "5/ 423"، التاريخ الكبير "5/ 316"، الجرح والتعديل "6/ 254"، التهذيب "6/ 206". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 174 سَمِعَ أَبَاهُ، وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، وَأَبَا حَازِمٍ الأَعْرَجَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ الأَشْيَبُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ التَّنُّورِيُّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِيهِ لِينٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وفي حَدِيثِهِ عِنْدِي ضَعْفٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ، بَعْدَ أَنْ سَاقَ لَهُ أَحَادِيثَ تُسْتَنْكَرُ، وَقَالَ: بَعْضُ مَا يَرْوِيهِ مُنْكَرٌ. وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ. 231- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَنِيفٍ1، أَبُو أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ، الْمَدِينِيُّ، الضَّرِيرُ. -م- عَنِ: الزُّهري. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَثِيرُ الْحَدِيثِ، عَالِمٌ بالسِّير. مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 232- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نُعَيْمٍ2، النَّخَعِيُّ، الْكُوفِيُّ، أَبُو نُعَيْمٍ الْكَبِيرُ. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهديّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دكين، وعبد الحمن بْنُ هَانِئٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 233- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ الْيَحْصُبِيُّ3، الدِّمشقيّ. -خ. م. ن. عَنِ: الزُّهريّ. مَا أَعْلَمُ أَحَدًا روى عنه سوى الوليد بن مسلم.   1 الطبقات الكبرى "9/ 467"، والتاريخ الكبير "5/ 320-321"، الجرح والتعديل "5/ 260"، التهذيب "6/ 220". 2 الجرح والتعدل "5/ 293". 3 التارخ الكبير "5/ 357"، الجرح والتعديل "5/ 295"، تهذيب التهذيب "6/ 287-288". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 175 قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ نُسْخَةٌ، وَأَحَادِيثُ مُسْتَقِيمَةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وغيره: ليس بقوي. 234- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ مِسْوَرٍ، أَبُو شيبة، الصَّدقيّ، مَوْلاهُمُ، الْمِصْرِيُّ. الْكَاتِبُ فِي دِيوَانِ الْمَنْصُورِ، وَغَيْرِهِ. وُلِدَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَحَدَّثَ عَنْ: مُوسَى بْنِ الأَشْعَثِ، وَحِبَّانَ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ. وَعَنْهُ: جُشَمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ بِمِصْرَ سَنَةَ بضعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: ليَّنه أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 235- عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ خَالِدٍ الْجُمَحِيُّ1، مَوْلاهُمُ، الْمِصْرِيُّ، الْفَقِيهُ، أَبُو يَحْيَى. مَنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَكَانَ مَالِكٌ مُعْجَبًا به ويفهمه. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَدْخَلَ مِصْرَ فِقْهَ مَالِكٍ، وَبِهِ تَفَقَّهَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَبْلَ رِحْلَتِهِ إِلَى مَالِكٍ، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ. رَوَى عَنِ: اللَّيث بْنِ سَعْدٍ، وَرِشْدِينَ، وَابْنِ وَهْبٍ. وَمَاتَ شَابًّا، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 236- عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ كَرْدَمٍ2، الْبَصْرِيُّ، ابْنُ عَمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ. رَوَى عَنِ: الزُّهريّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وعنه: أبو أسامة، والعقدي، ومعلَّى بن أسد، وإبراهيم بن الحجَّاج السامي، قاله أبو حاتم، ثم قال: هو مجهول. يَعْنِي أَنَّهُ مَجْهُولُ الْعَدَالَةِ عِنْدَهُ، مَا تَبَيَّنَ له أنه حجَّة.   1 طبقات الفقهاء للشيرازي "149-150". 2 التاريخ الكبير "5/ 101"، الجرح والتعديل "5/ 339"، ميزان الاعتدال "2/ 606". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 176 237- عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَفْصٍ1، أَبُو مُصْعَبٍ. م. ت. ن. شَيْخٌ مَدِينِيٌّ. لَهُ عَنِ: الزُّهريّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِي، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وعبيد الله بن موسى، خالد بْنُ مَخْلَدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقِيلَ: عُدَّ لَهُ مَنَاكِيرُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 238- عَبْدُ السَّلام بْنُ عَجْلانَ2، أَبُو الْخَلِيلِ الْعَدَوِيُّ. وَيُقَالُ: اسْمُ أَبِيهِ غَالِبٌ، وَيُعْرَفُ بِصَاحِبِ الطَّعَامِ. سَمِعَ عُبَيْدَةَ بْنَ أَبِي تَمِيمٍ. وَعَنْهُ: بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَيُقَالُ كُنْيَتُهُ: أَبُو الْجَلِيلِ، بِالْجِيمِ. 239- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ الدَّمشقيّ3. لَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، وليث بن أبي رقيَّة، والوليد بن عبد الرحمن الجرشي. وعنه: ابنه بكر، والوليد بن مسلم، ومروان الطَّاطريّ، وأبو مسهر وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال أحمد فِي الْمُسْنَدِ: نَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الإسلام   1 التاريخ الكبير "6/ 63-64"، الجرح والتعديل "6/ 45-46"، تهذيب التهذيب "6/ 317-318". 2 التاريخ الكبير "6/ 65-66"، الجرح والتعديل "6/ 46"، ميزان الاعتدال "2/ 618". 3 التاريخ الكبير "6/ 21"، الجرح والتعديل "5/ 377"، الثقات لابن حبان "7/ 110". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 177 عُرْوَةً عُرْوَةً، كُلَّمَا انْتُقِضَتْ عُرْوةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، فأولهنَّ نَقْضًا: الْحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ نَقْضًا: الصَّلاةُ" 1. 240- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ2، الْمَدَنِيُّ، أَبُو مَوْدُودٍ، الْقَاصُّ. د. ت. ن رَأَى أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وأنسًا بْنَ مَالِكٍ. وَحَدَّثَ عَنِ: السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، ومحمد بن كعب القرظي، وعبد الرحمن بن أَبِي حَدْرَدٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مِنْ أَهْلِ النُّسُكِ وَالْفَضْلِ، يَعِظُ وَيُذَكِّرُ، تأخَّر مَوْتُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 241- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ3، الْمَاجِشُونُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ - ع. الفقيه، مولى آل الهدير، التَّميميّ، وَوَالِدُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَقِيهِ، وَابْنُ عَمِّ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، والزُّهريّ، وَوَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَطَبَقَتِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وحجَّاج بْنُ مِنْهَالٍ، وَعَبْدُ العزيز الأويسيّ، وعليّ ابن الْجَعْدِ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَخَلْقٌ. وَكَانَ إِمَامًا مُفْتِيًا حجَّة، صَاحِبَ سنَّة. نَظَرَ مرَّة فِي شَيْءٍ مِنْ كَلامِ جَهْمٍ فَقَالَ: هَذَا هَدْمٌ بِلا بِنَاءٍ، وَصِفَةٌ بلا معنى.   1 "حديث حسن": أخرجه أحمد في المسند "5/ 251"، والطبراني في الكبير كمافي المجمع "7/ 281"، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح. 2 الطبقات الكبرى "9/ 449"، التاريخ الكبير "6/ 15"، الجرح والتعديل "5/ 384"، تهذيب التهذيب "6/ 340". 3 الطبقات الكبرى "7/ 323"، التاريخ الكبير "6/ 13"، الجرح والتعديل "5/ 386"، التهذيب "6/ 343-344". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 178 وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَجَجْتُ سَنَةَ ثمانٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة، وصائح يصيح: لا يفني النَّاسَ إِلا مَالِكٌ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: كَانَ الْمَاجِشُونُ أَبُوهُمْ إِصْبَهَانِيًّا سَكَنَ الْمَدِينَةَ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ سِكَّةُ الْمَاجِشُونِ، وَكَانَ يَلْقَى النَّاسَ فَيَقُولُ: جُونِي جُونِي، يَعْنِي يُحَيِّيهِمْ، فلُقِّبَ بِالْمَاجِشُونِ. رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ الْمَهْدِيَّ أَجَازَ أَبَاهُ مَرَّةً بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيالسيّ: كَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَصْلُحُ لِلْوَزَارَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ: لِعَبْدِ الْعَزِيزِ كُتُبٌ مصنَّفة، رَوَاهَا عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُ يكنَّى: أَبَا الأَصْبَغِ. مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَدْ أَخْبَرَنَا عمُّنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ، أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ كتابة، أنا عليّ بن هبة الله، أبنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ قَالَ: وَمِنْهُمْ، يَعْنِي فُقَهَاءَ الْمَدِينَةِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ. مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ قُرَيْشٍ. وَأَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أنا زيد بن الحسن، أنا أبو منصورالسَّيبانيّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ: اسْمُ أَبِي سَلَمَةَ، مَيْمُونٌ، رَوَى عَنْهُ اللَّيث بْنُ سَعْدٍ، وَوَكِيعٌ، وسمَّى طَائِفَةً، وَأَوْرَدَ بَعْضَ مَا قُلْنَا، وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ الْحَجَّارِ وَبَيْنَهُ سِتَّةُ أَنْفُسٍ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْعُلُوِّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْيُونِينِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْعِمَادِ، وَأَحْمَدُ بْنُ تاج الأمناء، وَنَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمُجَاهِدِ، وَعَلِيُّ بْنُ بَقَاءٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُؤْمِنٍ، وَعَبْدُ الدَّايِمِ الْوَزَّانُ، وَآخَرُونَ، قَالُوا: أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ الزُّبيديّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ اللَّتيّ، وَأَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَا ابْنُ الزُّبيديّ، وَمُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ عَسْكَرٍ، وَنَفِيسُ بْنُ كَرْمٍ، قَالُوا ستَّتهم: أَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ السِّجْزِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا عَبْدُ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 179 الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا الْعَلاءُ بْنُ مُوسَى إِمْلاءً، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، بإسنادٍ لَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةَ لا يَتَمَسَّكُ بِأَدَاءِ حَقِّكِ بَعْدِي إِلا الصَّابِرُونَ"1، فَهَذَا حَدِيثٌ مُعْضِلُ الإِسْنَادِ. 242- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، الْقَسْمَلِيُّ2 مَوْلاهُمُ، الْخُرَاسَانِيُّ ثُمَّ الْبَصْرِيُّ. -خ. م. د. ت. س. يُكَنَّى أَبَا زَيْدٍ، وَهُوَ أَخُو الْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ السَّرَّاجِ. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَأَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الضَّرِيرُ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ: كَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ. وَكَانَ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْعَيْشِيُّ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 243- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ المطَّلب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ3، الْمَخْزُومِيُّ، الْمَدَنِيُّ. -ت. ن. م. مُتَابَعَةً - قَاضِي الْمَدِينَةِ، وَيُقَالُ: كَانَ قَاضِيَ مَكَّةَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وإسماعيل الأويسيّ، وجماعة.   1 "حديث ضعيف": لأنه معضل كما ذكر المصنف. 2 الطبقات الكبرى "7/ 283"، التاريخ الكبير "6/ 28"، الجرح والتعديل "5/ 394، 395"، التهذيب "6/ 356". 3 الطبقات الكبرى "9/ 460"، التاريخ الكبير "5/ 21"، الجرح والتعديل "5/ 393"، التهذيب "6/ 357-358". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 180 قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمُتَابَعَاتِ لا فِي الأُصُولِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: رَوَى عَنِ الأَعْرَجِ، وَلا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. ثَنَاهُ الأَسْفَاطِيُّ، أَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، أَنَا أَبِي، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ المطلَّب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ ظُلْمًا، فَقَاتَلَ دُونَهُ، فقُتِلَ، فَهُوَ شَهِيدٌ" 1. 244- عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ2 بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ الْوَلِيدِ الْحَرَشِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الْمُحَارِبِيِّ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 245- عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ3، أَبُو مَرْيَمَ، الأَنْصَارِيُّ، الْكُوفِيُّ. ابْنُ عَمِّ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعٍ العُّمريّ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الرَّأْيِ فِيهِ، وَلا أَعْلَمُ فِي شُيُوخِ شُعْبَةَ أَوْهَى مِنْهُ. وَرَوَى عَنْهُ طَائِفَةٌ، آخِرُهُمْ عَوْنُ بْنُ سَلامٍ الْكُوفِيُّ. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال مرة: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشِّيعَةِ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: حدّث ببلايا في عثمان.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه ابن ماجه "2582"، وفي الباب عن ابن عمر: أخرجه أبو داود "4771"، والترمذي "1419-1420"، وأحمد في المسند "2/ 193-194"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "1528". 2 التاريخ الكبير "6/ 121"، الجرح والتعديل "6/ 54". 3 التاريخ الكبير "6/ 122"، الجرح والتعديل "6/ 53-54"، ميزان الاعتدال "2/ 640". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 181 وقال ابن المدينيّ: كان من يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَبُو مَرْيَمَ، عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عُبَيْدَةُ إِذَا حَدَّثَنَا عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ، يَصِيحُ النَّاسُ: لا نُرِيدُ، ثُمَّ تَرَكَهُ عُبَيْدَةُ. وَقَالَ السَّعديّ: أَبُو مَرْيَمَ زَائِغٌ، سَاقِطٌ. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا مَرْيَمَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85] قَالَ: يَرُدُّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الدُّنْيَا، حَتَّى يَرَى عَمَلَ أمَّته، قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ، فَقُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ مَا حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَكَمُ، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، تكذَّبني؟! ثُمّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَشْهَدُ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ كذّاب، وقد سمعت مِنْهُ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ. 246- عَبْدُ القدُّوس بْنُ حبيب1، أبو سعيد الكلاعيّ، الواحاظيّ، الْحِمْصِيُّ. عَنِ: الشَّعبيّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمَكْحُولٍ، وَعَطَاءٍ، وَنَافِعٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: الْوَليِدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو الْجَهْمِ الْبَاهِلِيُّ، وأبي إِسْحَاقَ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: لأَنْ أَقْطَعَ الطَّرِيقَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرْوِيَ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: شَامِيٌّ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحَادِيثُهُ مَقْلُوبَةٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيّ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْبَلْخِيُّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالِقَانِيُّ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: اشْتَرَيْتُ بَعِيرَيْنِ، فَقَدِمْتُ الشَّامَ على عبد القدُّوس الشّاميّ فقال: ثنا   1 التاريخ الكبير "6/ 119-120"، الجرح والتعديل "6/ 55-56"، ميزان الاعتدال "2/ 643". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 182 مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَصْحَابَنَا يَرْوُونَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا رَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ شَيْئًا، وَكَانَ مُجَاهِدٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، قلَّما يَرْوِي إِلا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى نَفَقَتِي وَبَعِيرِي. قَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ الْبَرْبَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَوَّامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هاشم العبّاسيّ، وشريح بن محمد، وطائفة، وقالوا: أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا أَبُو الْجَهْمِ الْبَاهِلِيُّ، ثَنَا عَبْدُ القدُّوس: أَرَاهُ، يَعْنِي ابْنَ حَبِيبٍ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنِ اطَّلَعَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَكَأَنَّهُ يطَّلع فِي جَهَنَّمَ. 247- عَبْدُ القدُّوس بْنُ مُسْلِمٍ1، البصريّ. عن: عمرو بْنِ دِينَارٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرُهُمَا. لا بَأْسَ بِهِ. 248- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي زُرَيْقٍ2 الْبَصْرِيُّ. سَمِعَ: الْحَسَنَ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللاحِقِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيالسيّ. 249- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ3، أَبُو مَالِكٍ، النَّخعيّ، الْوَاسِطِيُّ. وَيُعْرَفُ بِابْنِ ذَرٍّ، وَقِيلَ: بَلِ اسْمُهُ عُمَارَةُ. رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، وَالأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَيَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ أبي بكر، ويزيد بن هارون.   1 الجرح والتعديل "6/ 56". 2 التاريخ الكبير "6/ 111" الجرح والتعديل "6/ 64"، الثقات لابن حبان "7/ 137". 3 التاريخ الكبير "5/ 411"، الجرح والتعديل "5/ 347"، ميزان الاعتدال "2/ 653"، التهذيب "12/ 219". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 183 قَالَ الْفَلاسُ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفَ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 250- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَسَنِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ1، أَبُو مَرْوَانَ، الأُمَوِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْمَدَنِيُّ، الأَحْوَلُ. -ت- عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَسَهْمِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَالْعَقَدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 251- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَبْرٍ2، أَبُو مروان، المدني، البزّاز. عَنْ: رَبَاحِ بْنِ صَالِحٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 252- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ3، الْجُمَحِيُّ، الْمَدَنِيُّ. -د. س. عَنْ: عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تُعْرَفُ وَتُنْكَرُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بالقويّ.   1 التاريخ الكبير "5/ 411"، الجرح والتعديل "5/ 348"، الثقات لابن حبان "7/ 99"، التهذيب "6/ 391-392". 2 التاريخ الكبير "5/ 406"، الجرح والتعديل "5/ 342"، ميزان الاعتدال "2/ 651". 3 التاريخ الكبير "5/ 428"، الجرح والتعديل "5/ 362-363"، التهذيب "6/ 414-415". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 184 253- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَعْدَانَ1، الضُّبَعِيُّ، الْبَصْرِيُّ. –ن. عَنْ: بَدَلِ بْنِ الْمُحَبَّرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَاقِدٍ، وَأَسَدِ بْنِ مُوسَى، وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، وَطَائِفَةٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 254- عبد المؤمن بن خالد الحنيفيّ المروزي2، قاضي مرو -د. ت. ن. عَن: عَبْد الله بْن بُرَيْدَةَ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 255- عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عبيد الله3، أبو عبيدة السّوسيّ، الْبَصْرِيُّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَزِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَلُوَيْنٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الشاميّ. وثّقه ابن معين، وخرج لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ، لَهُ. 256- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمٍ الْمَالِكِيُّ4، الْبَصْرِيُّ. –ت. عن: عطاء بن أبي رباح، ويزيد الفقير.   1 التاريخ الكبير "5/ 426"، الجرح والتعديل "5/ 373-374"، وتهذيب التهذيب "6/ 428-429". 2 التاريخ الكبير "6/ 117"، الجرح والتعدل "6/ 66"، والثقات لابن حبان "7/ 137"، تهذيب التهذيب "6/ 432". 3 التاريخ الكبير "6/ 116"، الجرح والتعدل "6/ 65-66"، تهذيب الكمال "2/ 865"، وتهذيب التهذيب "6/ 433". 4 التاريخ الكبير "6/ 57"، الجرح والتعديل "6/ 21"، الثقات لابن حبان "7/ 123"، تهذيب التهذيب "6/ 435-436". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 185 وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 257- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ1، الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَفَّانُ، وَهُدْبَةُ، وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ، وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 258- عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْيَشْكُرِيُّ2. شَيْخٌ بَصْرِيُّ، مُعَمَّرٌ، رَأَى أَبَا بَرْزَةَ الأَسْلَمِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. وَحَدَّثَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَسَهْلُ بْنُ هَاشِمٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. 259- عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ عَطَاءِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ3. عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو حذيفة النّهديّ.   1 التاريخ الكبير "6/ 58"، الجرح والتعديل "6/ 22"، والثقات لابن حبان "7/ 124"، تهذيب التهذيب "6/ 436". 2 التاريخ الكبير "6/ 75"، الجرح والتعديل "6/ 40-41"، والثقات لابن حبان "5/ 132". 3 التاريخ الكبير "6/ 78"، الجرح والتعديل "6/ 43"، تهذيب الكمال "2/ 771"، تهذيب التهذيب "6/ 128". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 186 260- عَبْدَةُ بْنُ بَرْزَةَ السَّجِسْتَانِيُّ1. عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، وَالصَّلْتِ بْنِ حُكَيْمٍ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ. وَعَنْهُ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَيَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 261- عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ2، التَّمِيمِيُّ، أَبُو مَعْمَرٍ. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ سَكَنَ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ. وَرَوَى عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْمُنْكَرَاتِ. وروى عَنْهُ: مُؤَمَّلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْجَحْدَرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْحُفْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعَ أَنَسًا، وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، والحسن البصري، قَالَ أَبِي: ضَعِيفٌ جِدًّا. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ، فَمِنْهَا: ثَنَا جَبْرُونُ بْنُ عِيسَى بِمِصْرَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، مَوْلَى قُرَيْشٍ، نَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَنَسٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، نَادَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، رِضْوَانَ خَازِنَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: زَيِّنِ الْجِنَانَ لِلصَّائِمِينَ"3، وَسَاقَ حَدِيثًا طَوِيلا شِبْهَ مَوْضُوعٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: عَبَّادٌ يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَمَا أَرَاهُ لَقِيَهُ، حدّثنا ابن قتيبة بعسقلان، أنا غَالِبُ بْنُ وَزِيرٍ الْغَزِّيُّ، ثَنَا الْمُؤَمَّلُ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَنَسٍ: نُسْخَةٌ أَكْثَرُهَا مَوْضُوعَةٌ، مِنْهَا: "أُمَّتِي خَمْسُ طَبَقَاتٍ، كُلُّ طَبَقَةٍ أَرْبَعُونَ عَامًا، فَطَبَقَتِي وَطَبَقَةُ أَصْحَابِي، أَهْلُ الْعِلْمِ وَالإِيمَانِ"، إِلَى أَنْ قَالَ: "ثُمَّ الَّذِينَ   1 التاريخ الكبير "6/ 115"، الجرح والتعديل "6/ 90"، والثقات لابن حبان "8/ 436". 2 التاريخ الكبير "6/ 41"، الجرح والتعديل "6/ 82"، وميزان الاعتدال "2/ 369". 3 "حديث موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 138-139"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 187-188". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 187 يَلُونَهُمْ، إِلَى الْمِائَتَيْنِ، أَهْلُ الْهَرْجِ، وَتَرْبِيَةُ جَرْوٍ وَكَلْبٍ خَيْرٌ مِنْ تَرْبِيَةِ وَلَدٍ"1. وَمِنْهَا: عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَغَاثَ مَلْهُوفًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ثَلاثًا وَسَبْعِينَ مَغْفِرَةً"2. قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ الْكِنْدِيِّ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَدِيبُ، أَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَنْجَبَ التُّسْتَرِيُّ، أَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحَافِظُ، قَالا: أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ النَّقُّورِ، أَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ يُبَاهِي بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَيُمَارِي بِهِ الشُّغَبَاءَ، أَوْ يَصْرِفُ أَعْيُنَ النَّاسِ إليه، تبوّأ مقعده مِنَ النَّارِ"3، مَوْقُوفًا. 262- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ4، السَّدُوسِيُّ، الْكُوفِيُّ، أَبُو السَّلِيلِ. -م. د. ت. ن. عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَجَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ. وَكَانَ عَرِّيفُ قَوْمِهِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. قال ابن قانع: بعض روايته صحيفة.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن ماجه "4058" وابن الجوزي في الموضوعات "3/ 196-197"، وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة "2940"، وفيه عباد بن عبد الصمد. قال البخاري: منكر الحديث. 2 "حديث موضوع": أخرجه البخاري في التاريخ الكبير "2/ 1/ 320"، وابن عدي في الكامل "2/ 143"، والخرائطي في مكارم الأخلاق "ص15"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 171"، وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة "621، 749"، وقال: موضوع. 3 "حديث صحيح لغيره": أخرجه الترمذي "2654"، من حديث كعب بن مالك، وابن ماجه "253، 260"، من حديث ابن عمر، وأبي هريرة وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، وفي صحيح الجامع "6382-6383". 4 التاريخ الكبير "5/ 373"، والجرح والتعديل "5/ 307" سير أعلام النبلاء "7/ 317"، التهذيب "7/ 4". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 188 قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. 263- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُصَيْنِ1، التَّمِيمِيُّ، الْعَنْبَرِيُّ. -م- قَاضِي الْبَصْرَةِ وَخَطِيبُهَا، وُلِدَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَرَوَى عَنْ: سَعِيدٍ الْجَرِيرِيِّ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ. وَعَنْهُ: مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ ثِقَةً، كَبِيرَ الْقَدْرِ، مَحْمُودًا فِي الْقَضَاءِ، مِنْ عُقَلاءِ الرِّجَالِ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: لَمَّا طُلِبَ لِلْقَضَاءِ، هَرَبَ، فَقَالَ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ، إِنْ كُنْتَ هَرَبْتَ لِسَلامَةِ دِينِكَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ، وَإِنْ كُنْتَ هَرَبْتَ لِيَكُونَ أَحْرَصَ لَهُمْ عَلَيْكَ، فَقَدْ أَصَبْتَ أَيْضًا، قَالَ: ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاءَ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي الصَّحِيحِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلِيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ بَعْدَ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 264- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ الْعَبْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ2. سَمِعَ: الْحَسَنَ. وَعَنْهُ: بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ. مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 265- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، الأموي3.   1 التاريخ الكبير "5/ 376"، الطبقات لابن سعد "7/ 285"، الجرح والتعديل "5/ 312"، تهذيب التهذيب "7/ 7-8". 2 التاريخ الكبير "5/ 378"، الجرح والتعديل "5/ 312"، والثقات لابن حبان "7/ 145". 3 تاريخ الطبري "7/ 314، 438، 563"، والكامل في التاريخ "5/ 330". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 189 وَيُقَالُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَلِيَ عَهْدَ أَبِيهِ مَرْوَانَ فَلَمَّا قُتِلَ مَرْوَانُ، هَرَبَ هَذَا وَأَخُوهُ إِلَى بِلادِ النُّوبَةِ، فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا، وَعَاشَ هَذَا مُسْتَخْفِيًا دَهْرًا طَوِيلا، وَظَفِرَ بِهِ الْمَهْدِيُّ فِي دَوْلَتِهِ فَسَجَنَهُ، فَمَاتَ فِي الْمُطْبَقِ، سَنَةَ سَبْعِينَ، وقَدْ شَاخَ. 266- عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمٍ الْعَلَوِيُّ الْكُوفِيُّ، الْجَمَّالُ. وروى عَنْ: حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ، وَسَلْمَانَ أَبِي شَدَّادٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ. مَا بِهِ بَأْسٌ. 267- عُبَيْدَةُ بْنُ أَبِي رَائِطَةَ1، التَّمِيمِيُّ، الْمُجَاشِعِيُّ. كُوفِيٌّ جَلِيلٌ، نَزَلَ الْبَصْرَةَ. رَوَى عَنِ: ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، وعبد الملك بن عمير. وعنه: عفان، وحبان بن هلال، وموسى بن إسماعيل، وأبو عمر الحوضي. وثقه ابن معين. له في الجامع حديث واحد. وكان حذاء، وليس هو عبيدة بن حميد الحذاء. 268- عتاب بن عبد العزيز الحماني2. كوفي له عَنِ التَّابِعِينَ. حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو بكر البكروايّ. 269- عتبة الغلام بن أبان3، البصريّ، العابد.   1 التاريخ الكبير "6/ 84-85"، والجرح والتعديل "6/ 91-92"، والثقات لابن حبان "7/ 162"، وتهذيب التهذيب "7/ 82-83". 2 التاريخ الكبير "7/ 55"، الجرح والتعديل "7/ 12"، والثقات لابن حبان "7/ 295"، وتهذيب التهذيب "7/ 92". 3 حلية الأولياء "6/ 266-238"، صفة الصفوة "3/ 370-375"، سير أعلام النبلاء "7/ 62-63". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 190 عُرِفَ الْغُلامُ بَيْنَ الْعُبَّادِ؛ لِأَنَّهُ تَنَسَّكَ وَهُوَ صَبِيٌّ، وَكَانَ خَاشِعًا قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعْدَانِ الشَّعْرَانِيُّ قَالَ: قَالَ السَّكَنُ: هُوَ عُتْبَةُ بْنُ أَبَانِ بْنِ صَمْعَةَ. قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، قَالَ عُتْبَةُ الْغُلامُ: كَابَدْتُ الصَّلاةَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَتَنَعَّمْتُ بِهَا عِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ: وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ حَتَّى تَفَطَّرَتْ أَصَابِعُهُ، وَلَمْ يَدْرِ بِنَفْسِهِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي تَهَجُّدِهِ: إِنْ عَذَّبْتَنِي فَإِنِّي لَكَ مُحِبٌّ، وَإِنْ تَرْحَمْنِي، فَإِنِّي لَكَ مُحِبٌّ1. وَكَانَ يَأْوِي إِلَى الْمَقَابِرِ وَالسَّوَاحِلِ، وَيَدْخُلُ الْبَصْرَةَ يوم الجمعة. قال حسين الجفعيّ: قَالَ لِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ: بِمَنْ يُشَبَّهُ حُزْنُ هَذَا الْغُلامِ؟ يَعْنِي عُتْبَةَ، قُلْتُ: بِحُزْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: مَا أَبْعَدْتَ2. وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: صَحِبْتُ عُتْبَةَ الْغُلامَ، وَكَانَ يُقَالُ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْعَرْشِ فعُتْبَةُ الغلام، قال لنا: اشتروا لي فَرَسًا يَغِيظُ الْعَدُوَّ3. وَكَانَ يَخْرُجُ، فَيُقَالُ لَهُ: أَسْتَقْبَلَكَ أَحَدٌ؟ فَيَقُولُ: لا، اشْتِغَالا بِمَا هُوَ فِيهِ. قَالَ: وَأَصَابَ النَّاسُ ظُلْمَةً، فَخَرَجَ عُتْبَةُ وَيَدَاهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَهُوَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: وَأَنْتَ تَشْتَرِي التَّمْرَ! وَيُقَالُ: كَانَ عُتْبَةُ يَصُومُ الدَّهْرَ، وكان رأس ماله فلسًا يَأْخُذُ بِهِ خُوصًا، فَيَعْمَلُهُ وَيَبِيعُهُ، فَيَأْكُلُ بِفَلْسٍ، وَيَتَصَدَّقُ بِفَلْسٍ، وَيَشْتَرِي خُوصًا، بِفَلْسٍ. قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ: إِنَّهُ رَأَى طَائِرًا، فَقَالَ لَهُ: تَعَالَ، فَجَاءَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ له: طر فطار4. وقيل: إنّه كان لا يكاد ينقطع بكاؤه. وَوَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يَأْوِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَيُصِيبُ فِيهِ قُوتَهُ، لا يَدْرِي مِنْ أَيْنَ هُوَ. وكان ربّما غشي عليه من الموعظة.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 235"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 371". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 226". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 227". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 227"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 373". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 191 وَقَالَ رَبَاحٌ الْقَيْسِيُّ: بَاتَ عِنْدِي عُتْبَةُ الْغُلامُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ احْشُرْ عُتْبَةَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ، وَبُطُونِ السِّبَاعِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَزَّازُ، نَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: جَاءَنَا عُتْبَةُ الْغُلامُ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: الْغَزْوُ، قُلْتُ: مِثْلُكَ يَغْزُو! قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي آتِي الْمِصِّيصَةَ فَأَغْزُو فَأَسْتَشْهِدُ، قَالَ: فَنُودِيَ يَوْمًا فِي الْخَيَّالَةِ، فَنَفَرَ النَّاسُ، وَجَاءَ عُتْبَةُ، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي فَرَسِي وَسِلاحِي فَإِنِّي قَدِ اعْتَلَلْتُ، قَالَ: نَعَمْ، فَأَعْطَاهُ، فَسَارَ مَعَ النَّاسِ فَالْتَقَوُا الرُّومَ، فَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ اسْتُشْهِدَ1. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْبَصْرِيُّ، سَأَلْتُ عليَّ بْنَ بَكَّارٍ، أَشَهِدْتَ قَتْلَ عُتْبَةَ الْغُلامِ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ شَهِدَهُ مَخْلَدٌ، قُتِلَ فِي قَرْيَةِ الْحُبَابِ2. وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَطَاءٍ الْيَرْبُوعِيِّ، قَالَ: نَازَعَتْ عُتْبَةَ الْغُلامَ نَفْسُهُ لَحْمًا، فَقَالَ لَهَا: انْدَفِعِي عَنِّي إِلَى قَابِلٍ، فَمَا زَالَ يُدَافِعُهَا سَبْعَ سِنِينَ. وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لا يُعْجِبُنِي رَجُلٌ لا يَحْتَرِفُ. وَذَكَرَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عُتْبَةَ وَصَاحِبَهُ يَحْيَى الْوَاسِطِيَّ، فَقَالَ: كَأَنَّمَا ربتَّهم الأَنْبِيَاءُ. وَعَنْ عُتْبَةَ قَالَ: مَنْ عَرَفَ اللَّهَ أحبَّه، وَمَنْ أحبَّه أَطَاعَهُ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: رَأَيْتُ عُتْبَةَ الْغُلامَ، وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّ الطَّير تَجِيئُهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْخَالِقِ الْعَبْدِيُّ: كَانَ لِعُتْبَةَ بَيْتٌ يتعبَّد فِيهِ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الشَّامِ قَفَلَهُ وَقَالَ: لا تَفْتَحُوهُ حَتَّى يَبْلُغَكُمْ مَوْتِي، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ مَوْتُهُ فَتَحُوهُ، فَوَجَدُوا فِيهِ قَبْرًا مَحْفُورًا، وغلَّ حَدِيدٍ. وعن عبد الواحد بن يزيد قَالَ: كَلَّمْتُ عُتْبَةَ الْغُلامَ لَيَرْفَقَ بِنَفْسِهِ، فَبَكَى وَقَالَ: إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى تَقْصِيرِي. 270- عُتْبَةُ بْنُ المنذر العبَّادي3 الحمصيّ.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 228". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 228". 3 التاريخ الكبير "6/ 527"، الجرح والتعديل "6/ 374"، الثقات لابن حبان "5/ 251". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 192 مِنْ بَقَايَا التَّابِعِينَ. سَمِعَ: أَبَا أُمَامَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ العطّار، ويحيى بن صالح الوحاظيّ. قال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَلَمْ يُلَيِّنْهُ. 271- عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ1، الْجُذَامِيُّ، الْمِصْرِيُّ. -د. ن. عَنْ: يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، ويونس الأيليّ، وابن جريح. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، واللَّيث بْنُ عَاصِمٍ الْقِتْبَانِيُّ. وَكَانَ فَقِيهًا، زَاهِدًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ، عُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الدِّيار الْمِصْرِيَّةِ فَأَبَى، وَهَجَرَ اللَّيث بْنَ سَعْدٍ لِكَوْنِهِ تَعَدَّى عَلَيْهِ. مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ كَهْلا. 272- عُثْمانُ بنُ طَلْحَةَ بْنِ عمر2 بن عبيد الله بن معمر التَّميميّ. وَلاهُ الْمَهْدِيُّ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ، فَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى الْقَضَاءِ رِزْقًا، وَحُمِدَتْ سِيرَتُهُ، ثُمَّ اسْتَعْفَى، وَكَانَ من أشراف قريش. روى عن: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ. وَغَيْرُهُ. قِيلَ: إِنَّ مُسْهِرَ بْنَ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيَّ أَدْرَكَهُ، فَإِنْ كَانَ هَذَا، فَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ هُشَيْمٍ فِي الْمَوْتِ. 273- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عُمَر3 بْن سَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ، الزَّهري، الْوَقَّاصِيُّ، الْمَدَنِيُّ، أَبُو عمرو.   1 التاريخ الكبير "6/ 218"، الجرح والتعديل "6/ 148"، الثقات لابن حبان "8/ 452"، تهذيب التهذيب "7/ 110-111". 2 التاريخ الكبير "6/ 229"، الجرح والتعديل "6/ 155"، الثقات لابن حبان "8/ 448". 3 التاريخ الكبير "6/ 238-239"، الجرح والتعديل "6/ 157"، ميزان الاعتدال "3/ 43-45"، تهذيب التهذيب "7/ 133-134". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 193 أحد الضعفاء. روى عن: عمّة أبي عائشة بنت سعد، وابن أبي ملكية، وَسَعْدٍ الْمَقْبُرِيِّ، والزُّهريّ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ نَصْرٍ، وَالْهُذَيْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ السَّعديّ: سَاقِطٌ. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ التِّرمذيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. والتِّرمذيّ يَتَسَاهَلُ فِي الرِّجَالِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا تَمِيمُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَا الْكَنْجَرُوذِيُّ، أَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنَا أَبُو يَعْلَى، أَنَا هُذَيْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَّانِيُّ، نَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهريّ، الْوَقَّاصِيُّ، عَنِ الزَّهريّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا قَالَ عَبْدٌ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فِي ساعةٍ مِنْ ليلٍ وَنَهَارٍ، إِلا طَمَسَتْ مَا فِي صَحِيفَتِهِ مِنَ السيِّئات حَتَّى تَسْكُنَ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ"1، وَالْهُذَيْلُ مُقِلٌّ. كَانَتْ لَهُ جمَّة، فلقِّب بِالْجُمَّانِيِّ. 274- عُثْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَاجٍ2، الْقُرَشِيُّ، الْجَزَرِيُّ، مَوْلَى بَنِي أميَّة. -س. عن: سهل بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَخَصِيفٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أميَّة، وعمر بن ثابت، وابن جريج، وخلق.   1 "حديث موضوع": أخرجه أبو يعلى في مسنده "6/ 294"، وذكره الهيثمي في المجمع "10/ 82" وقال: أخرجه أبو يعلى وفيه عثمان بن عبد الرحمن الزهري وهو متروك. 2 الجرح والتعديل "6/ 162"، والثقات لابن حبان "8/ 449"، وميزان الاعتدال "3/ 49"، وتهذيب التهذيب "7/ 144". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 194 وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَكَانَ قَاصًّا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يحتجُّ بِهِ. وَقَوَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ. 275- عُثْمَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ بُقْطُرٍ1، الْبَصْرِيُّ، أَبُو الْخَطَّابِ. سَمِعَ: الْحَسَنَ، وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعًا. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. 276- عُثْمَانُ بْن مُحَمَّد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2. الْعَدَوِيُّ، أَبُو قُدَامَةَ. عَنْ: عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الدَّارِمِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. 277- عُثْمَانُ بْنُ مِقْسَمٍ، البرِّيّ3، أَبُو سَلَمَةَ الْكِنْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ، عَلَى ضعفٍ فِيهِ. يَرْوِي عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَقَتَادَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَنَافِعٍ، وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ. رَوَى عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوري مَعَ تقدُّمه، وَسَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَلامٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الْمِيزَانَ فَيَقُولُ: وَإِنَّمَا هُوَ الْعَدْلُ. تَرَكَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ.   1 التاريخ الكبير "6/ 251"، الجرح والتعديل "6/ 170"، الثقات لابن حبان "7/ 202". 2 التاريخ الكبير "6/ 250"، الجرح والتعديل "6/ 165"، الثقات لابن حبان "7/ 198". 3 الطبقات الكبرى "7/ 285"، التاريخ الكبير "6/ 252-253"، الجرح والتعديل "6/ 167-168"، ميزان الاعتدال "3/ 56-58"، سير أعلام النبلاء "7/ 325-326". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 195 وَقَالَ النَّسائيّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثَنَا الْقَطَّانُ، سَمِعْتُ البريَّ، يُحَدِّثُ عَنْ نَافِعٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، ثُمَّ حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْنَا لِنَافِعٍ: أَسَمِعْتَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: عَرَفَةُ كلُّها مَوْقِفٌ؟ قَالَ: لا. وَقَالَ السَّعدي: عُثْمَانُ الْبُرِّيُّ كَذَّبَهُ الثَّوري. مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا شُعْبَةُ قَالَ: أَفَادَنِي عُثْمَانُ الْبُرِّيُّ، عَنْ قَتَادَةَ حَدِيثًا، فَسَأَلْتُ قَتَادَةَ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ، قَالَ: فَجَعَلَ عُثْمَانُ يَقُولُ: بَلْ أَنْتَ حَدَّثْتَنِي، فَيَقُولُ: لا، فَيَقُولُ: بَلْ أَنْتَ حدَّثتني، فَقَالَ قَتَادَةُ: هَذَا يُخْبِرُنِي عَنْ أَنَّ لي عَلَيْهِ ثَلاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ. مؤمِّل بْنُ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعْتُ عُثْمَانَ البرِّيّ يَقُولُ: كَذَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ. عَفَّانُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ البرِّيّ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْمِيزَانُ، فَقَالَ: لَهُ كفَّتان! يُنْكِرُ ذَلِكَ. وَسَمِعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ يَقُولُ: لَيْسَ بِمِيزَانٍ، إِنَّمَا هُوَ الْعَدْلُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: فَوَضَعَهُ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يَعْنِي الْبُرِّيَّ. وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ عُثْمَانُ الْبُرِّيُّ يَرَى الْقَدَرَ، وَكَانَ يَغْلَطُ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي كِتَابِهِ الصَّوَابُ، فَلا يَرْجِعْ إِلَيْهِ، وَكَانَ يُحَدِّثُ عِشْرِينَ حَدِيثًا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُمَرَ، ثم يقول: هذا كلّه باطل، ثم يجيء بِرَأْيِ حَمَّادٍ فَيَقُولُ: هَذَا هُوَ الْحَقُّ. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَضَايَا شُرَيْحٍ كُلُّهُ بَاطِلٌ. وَحَدَّثَنِي ثِقَةٌ عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] فِي أُمِّ الْكِتَابِ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ فِي الْكِتَابِ: ت ب ت، فَأَمَّا يَدَا أَبِي لهبٍ فَلَمْ تَكُنْ. قُلْتُ: لا جَهْلَ فَوْقَ هَذَا، فَمَا لِلتَّفْرِقَةِ وَجْهٌ. 278- عديُّ بْنُ الْفَضْلِ1، أَبُو حَاتِمٍ. –ق. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، واهٍ، مِنْ مَوَالِي آلِ تَيْمِ بْنِ مرَّة.   1 التاريخ الكبير "7/ 46"، الجرح والتعديل "7/ 4"، ميزان الاعتدال "3/ 62"، تهذيب التهذيب "7/ 170-171". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 196 عَنْ: سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرير، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. وَلَعَلَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ السَّبعين وَمِائَةٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لا يُكتَبُ حَدِيثُهُ وَلا كَرَامَةَ لَهُ. وَقَالَ السَّعديّ: لَمْ يَقْبَلِ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ 171. 279- عِصَامُ بْنُ بَشِيرٍ1، الْكَعْبِيُّ، الْحَارِثِيُّ، الْجَزَرِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ الرُّهاويّ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، وَغَيْرُهُمَا. يُقَالُ: عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةٍ، قَالَهُ الْبُخَارِيُّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَخَرَّجَ لَهُ النَّسائي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. 280- عِصَامُ بْنُ طَلِيقٍ2، الطُّفاوي. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. عَنْ: عطية العوفيّ، وأبي جمرة الضُّبعيّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانِيُّ، وَآخَرُونَ.   1 التاريخ الكبير "7/ 70"، الجرح والتعديل "7/ 25"، تهذيب التهذيب "7/ 194". 2 الجرح والتعديل "7/ 25-26"، ميزان الاعتدال "2/ 66-67"، تهذيب التهذيب "7/ 195-196". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 197 قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مَجْهُولٌ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا عصام طَلِيقٍ، نَا شُعَيْبٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قُتِلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِيدًا، فَبَكَتْهُ بَاكِيَةٌ، فَقَالَ لَهَا: "مَا يُدْرِيكِ أَنَّهُ شَهِيدٌ، فَلَعَلَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِيمَا لا يَعْنِيهِ، أَوْ يَبْخَلُ بِفَضْلِ مَا لا ينفعه" 1. 281- عطاء المقنَّع2. شيخ لعين، كَانَ يَعْرِفُ السَّحر والسِّيمياء، فَرَبَطَ النَّاسَ بِالْخَوَارِقِ وَالْمُغَنِّيَاتِ، وادَّعى الرُّبوبية مِنْ طَرِيقِ الْمُنَاسَخَةِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَةِ آدَمَ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ الْمَلائِكَةَ بالسُّجود لَهُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَةِ نُوحٍ، ثُمَّ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرِهِمْ من الأنبياء والحكماء الفلاسفة، إِلَى أَنْ حَصَلَ فِي صُورَةِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ، ثُمَّ بَعَدَهُ انْتَقَلَ إِلَيَّ، فَعَبَدَهُ خَلائِفٌ مِنَ الْجَهَلَةِ وَقَاتَلُوا دُونَهُ مَعَ مَا شَاهَدُوا مِنْ قُبْحِ صُورَتِهِ، وَسَمَاجَةِ جَهْلِهِ. كَانَ مشوَّهًا، أَعْوَرَ، قَصِيرًا، أَلْكَنَ، وَكَانَ لا يَكْشِفُ وَجْهَهُ، بَلِ اتَّخَذَ لَهُ وَجْهًا مِنْ ذَهَبٍ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ: المقنَّع. وَمِمَّا أضلَّهم بِهِ مِنَ الْمَخَارِيقِ قَمَرٌ يَرَوْنَهُ فِي السَّمَاءِ مَعَ قَمَرِ السَّمَاءِ، فَقِيلَ: كَانَ يَرَاهُ النَّاسُ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرَيْنِ، فَفِي ذَلِكَ يَتَغَزَّلُ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ سَنَاءِ الْمُلْكِ مِنْ قَصِيدَةٍ: إِلَيْكَ فَمَا بَدْرُ المقنَّع طَالِعًا ... بِأَسْحَرَ مِنْ أَلْحَاظِ بَدْرِي المعمَّم وَلِأَبِي الْعَلاءِ الْمَعَرِّيِّ: أَفِقْ إِنَّمَا الْبَدْرُ المعمَّم رَأْسُهُ ... ضَلالٌ وغيٌّ مِثْلُ بَدْرِ المقنَّع وَلَمَّا اسْتَفْحَلَ الشَّرُّ بِعَطَاءٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ، تَجَهَّزَ الْعَسْكَرُ لِحَرْبِهِ، وَقَدْ صَدُّوهُ وَحَصَرُوهُ فِي قَلْعَتِهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ، جَمَعَ نِسَاءَهُ وسقاهن السُّمَّ فهلكن، ثم تناول سمًّا   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أبو يعلى "11/ 523"، والبيهقي في شعب الإيمان "4/ 261"، وذكره الهيثمي في المجمع "10/ 303"، وقال: أخرجه أبو يعلى وفيه عصام بن طليق وهو ضعيف. 2 المعرفة والتاريخ "1/ 149"، شذرات الذهب "1/ 248". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 198 فَمَاتَ، فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، كَمَا ثَبَتَ الْحَدِيثُ فِي ذلك، ثم أخذت القلعة، وقتل رؤوس أبتاعه، وَكَانَ بِمَا وَرَاءَ النَّهر. هَلَكَ فِي سنةٍ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 282- عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ1، أَبُو عَائِذٍ الْحِمْصِيُّ، الْمُؤَذِّنُ. -ت. ن. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ رَبَاحٍ، وَقَتَادَةَ، وَسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وعنه: بقية، والوليد بن مسلم، وأبو المغيرة، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفيليّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: شَيْخٌ صَالِحٌ، ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْثِرُ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، بِمَا لا أَصْلَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ معين: ليس بثقة. وكذا قال النّسائيّ. يحيى الوحاظيّ، أنا عُبَيْدٌ، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيُؤْتَى مَالا وَوَلَدًا وَصِحَّةً، فَتَشْكُوهُ الْمَلائِكَةُ، فَيَقُولُ اللَّهُ: مُدُّوا لَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، فَإِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَهُ"2. توفّي قريبا من سنة ستّ وَمِائَةٍ. 283- عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ3، أَبُو خُرَيْمٍ الْبَاهِلِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ. سَمِعَ: الْحَسَنَ، وَابْنَ سِيرِينَ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَنَافِعًا، وَغَيْرَهُمْ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَسَعْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَالتَّبُوذَكِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحوضيّ، وآخرون.   1 التاريخ الكبير "7/ 81-82"، الجرح والتعديل "7/ 36"، ميزان الاعتدال "3/ 83". 2 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 430"، وقال: عفير بن معدان عن سليم بن عامر لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به. 3 الطبقات الكبرى "7/ 279"، التاريخ الكبير "6/ 442"، الجرح والتعديل "6/ 312"، ميزان الاعتدال "3/ 86". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 199 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ شَيْئًا، وَفِي التَّابِعِينَ. 284- عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الْحَسْنَاءِ. يَرْوِي عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَادِيثَ فِيهِ جَهَالَةٌ. 285- عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1، الرِّفَاعِيُّ، الأَصَمُّ. وَيُقَالُ: ابْنُ الأَصَمِّ الْبَصْرِيِّ، فَهَذَا ضَعِيفٌ. يَرْوِي عَنْ: شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَعَطَاءٍ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَدْ خَلَطَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ تَرْجَمَةَ ذَا بِذَاكَ الْبَاهِلِيِّ، فَوَهِمُوا. رَوَى عَنْهُ: حَاتِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَحَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ضَعِيفٌ. وَلَيَّنَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو سلمة التّبوذكيّ، أخبرني الْحُسَيْنُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: نَظَرْنَا فِي كِتَابِ عُقْبَةَ الأَصَمِّ، فَإِذَا بِأَحَادِيثَ يُحَدِّثُ بِهَا عَنْ عَطَاءٍ، إِنَّمَا هِيَ فِي كِتَابِهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَدْ فَرَّقَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بَيْنَ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرِّفَاعِيِّ، وَبَيْنَ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَصَمّ وَقَالَ: قَالَ أَبِي: عُقْبَةُ بْنُ الأَصَمِّ لَيِّنُ الْحَدِيثِ. قلت: هما واحد، وهو ضعيف.   1 التاريخ الكبير "6/ 441"، الجرح والتعديل "6/ 314-315"، تهذيب التهذيب "7/ 244-245". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 200 286- عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ1، الْمَعَافِرِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. شيخ الإسكندريّة وفقيهها. أحذ عَنْ: رَبِيعَةَ الرَّأْيِ، وَخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَغَيْرُهُ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 287- عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ2، الأَزْدِيُّ، الْقَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْكُوِفيُّ. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَإِدْرِيسَ الأَزْدِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ الرَّيِّ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: فِيهِ الْمَوْصِلِيُّ، يُخَالَفُ فِي حَدِيثِهِ، وَفِي حِفْظِهِ اضْطِرَابٌ. 288- الْعَلاءُ بْنُ زَيْدَلٍ3، الثَّقَفِيُّ، الْبَصْرِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ. -ق. وَبَعْضُهُمْ سَمَّاهُ: الْعَلاءَ بْنَ زَيْدٍ، وَبَعْضُهُمْ سَمَّاهُ: الْعَلاءَ بْنَ يَزِيدَ. يَرْوِي عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَنَاكِيرَ، وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حوشب. وعنه: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ، وعثمان بن مطبع السّلميّ، ويحيى بن سعيد العطّار، الحمصيّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَجَمَاعَةٌ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.   1 التاريخ الكبير "6/ 434"، الجرح والتعديل "6/ 317"، الثقات لابن حبان "8/ 499". 2 التاريخ الكبير "7/ 50"، الجرح والتعديل "7/ 11"، ميزان الاعتدال "3/ 89-90". 3 التاريخ الكبير "6/ 520"، الجرح والتعديل "6/ 355-356"، ميزان الاعتدال "3/ 99-100". تهذيب التهذيب "8/ 182-183". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 201 وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً، لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ إِلا تَعَجُّبًا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: الْعَلاءُ بْنُ زَيْدٍ، مَتْرُوكٌ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الأَيْلِيُّ، نَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى الْقُرَشِيُّ، نَا الْعَلاءُ بْنُ زَيْدَلٍ، نَا أَنَسٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْفُقَرَاءُ مَنَادِيلُ الأَغْنِيَاءِ، يَمْسَحُونَ بِهِمْ من ذنوبهم"1. قلت: الظاهر أنّ مِنْ بَلايَا إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْدِيٍّ. قَالَ: أَنَا الْفَتْحُ الأَزْدِيُّ قَالَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَدْ ذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ أَيْضًا، الْعَلاءُ بْنُ يَزِيدَ، أَبُو مُحَمَّدٍ، الثَّقَفِيُّ، الْوَاسِطِيُّ، وَكَذَا سَمَّاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، بَصْرِيٌّ. يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: نَا الْعَلاءُ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَتِ الشَّمْسُ بِنُورٍ وَضِيَاءٍ، فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عن ذاك، فقال: "لأن معاوية بن مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيَّ مَاتَ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ". قِيلَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] الْحَدِيثُ بِطُولِهِ2. 289- الْعَلاءُ بْنُ هَارُونَ، الْوَاسِطِيُّ3. أَخُو الإِمَامِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، قَدِيمُ الْمَوْتِ، وَلِيَ قَضَاءَ الأَنْبَارِ، وَسَكَنَ الرَّمْلَةَ مُدَّةً. وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ، وَحُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، وَحُمَيْدِ بْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَسَوَّارُ بْنُ عِمَارَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ الْجَوْهَرِيُّ. كُنْيَتُهُ: أَبُو يَعْلَى. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَشَارَ إِلَى تَوْثِيقِهِ.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 154". 2 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 342". 3 التاريخ الكبير "6/ 519"، الجرح والتعديل "6/ 362"، والثقات لابن حبان "7/ 267، 8/ 504"، والميزان "3/ 105". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 202 وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ. 290- عَلِيُّ بْنُ حَوْشَبٍ، الْفَزَارِيُّ1، الدِّمَشْقِيُّ، أَبُو سُلَيْمَانَ. -د. عَنْ: أَبِيهِ، وَمَكْحُولٍ، وَأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ، وَأَبِي عُقَيْلٍ الْمَعَافِرِيِّ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ. وَكَانَ حَدَّادًا، يُجَالِسُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ دُحَيْمٌ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْفَسَوِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ رَايَةً هَاشِمِيَّةً فَلا تَعْرِضْ لَهَا، فَإِنَّ دَوْلَتَهَا طَوِيلَةٌ. 291- عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نِجَادِ بْنِ رِفَاعَةَ2، الرِّفَاعِيُّ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ. –خ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَلِيٍّ النَّاجِيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَعَفَّانُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، وَعَفَّانُ: كَانَ هَذَا يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ: زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ سِتَّمِائَةِ رَكْعَةٍ، كَانَ عَابِدًا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَعَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ كَانَ يُسَمِّي عَلِيَّ بْنَ عَلِيٍّ الرّفاعيّ: راهب العرب.   1 التاريخ الكبير "2/ 272"، الجرح والتعديل "6/ 182"، الثقات لابن حبان "7/ 208". 2 الطبقات الكبرى "7/ 275"، التاريخ الكبير "6/ 288" الجرح والتعديل "6/ 196"، تهذيب التهذيب "7/ 366". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 203 وَكَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى سَيِّدِنَا وَابْنِ سَيِّدِنَا عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ يَقُولُ بِالْقَدَرِ. قُلْتُ: وَذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مُخْتَصرًا. 292- عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ، الْقُرَشِيُّ، الْكُوفِيُّ1. عَنْ: إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: شَرِيكٌ الْقَاضِي. 293- عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ، الْحِمْيَرِيُّ2، قَاضِي الرَّيِّ. عَنْ: عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلائِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الدَّشْتَكِيِّ. وَعَنْهُ: السِّنْدِيُّ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ. مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 294- عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ الضَّبِّيُّ، الْكُوفِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَصِيُّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. يَرْوِي عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالأَعْمَشِ، وَأَبِي مَعَانٍ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ المحاربيّ، وإسحاق السّلوليّ، وَأَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ، فَقَالَ: كَانَ مُتَعَبِّدًا صَاحِبَ سُنَّةٍ، قَالَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِالْكُوفَةِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْهُ، يَعْنِي: فِي الدِّينِ. وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال ابن حيّان: كَانَ يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ عَنِ الْمَشَاهِيرِ، حَتَّى رُبَّمَا سَبَقَ إِلَى الْقَلْبِ أَنَّهُ الْمُتَعَمِّدُ لَهَا، فَبَطُلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ لِمَا أَتَى عَنِ الثِّقَاتِ مِنَ الْمُعْضِلاتِ. وَرَوَى عَنْ أَسْعَدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن أَبِي أَوْفَى، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، بواطيل.   1 التاريخ الكبير "6/ 287"، الجرح والتعديل "6/ 197"، الثقات لابن حبان "7/ 210". 2 التاريخ الكبير "6/ 288"، الجرح والتعديل "6/ 197"، والثقات لابن حبان "8/ 460". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 204 سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاصِلٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ جَرِيرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا قُطْرَبُّلَ أَسْرَعَ السَّيْرَ، فقلت: رأيناك أسرعت في السَّيْرَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "تُبْنَى مَدِينَةٌ بَيْنَ دِجْلَةَ وَدُجَيْلٍ وَقُطْرُبُّلَ وَالْفُرَاتِ، تَجْتَمِعُ إِلَيْهَا جَبَابِرَةُ الأَرْضِ وَكُنُوزُهَا، هِيَ أَسْرَعُ فِي الأَرْضِ، مِنَ الْوَتَدِ فِي الأَرْضِ الْخَوَّارَةِ"1. قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: إِنَّمَا أَصَابَهُ عَمَّارٌ عَلَى ظَهْرِ كِتَابٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ. هُوَ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثَنَا أَبِي، قَالَ: قَدِمَ الْمُسَيَّبُ بْنُ زُهَيْرٍ الضَّبِّيُّ الأَمِيرُ الْكُوفَةَ، فَبَعَثَ إِلَى عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ بِأَلْفَيْنِ فَرَدَّهَا، قَالَ: فَطَلَبَتْهَا زَوْجَتُهُ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهَا الْمُسَيَّبُ بِالأَلْفَيْنِ، فَبَاتَتْ عِنْدَهَا، فَأَصْبَحَ عَمَّارٌ يَقُولُ: قَدْ أَحْدَثْتِ فِي هَذِهِ الْخِزَانَةِ حَدَثًا، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّهَا تَضْطَرِمُ عَلَيْنَا نَارًا، فَقَالَتِ: الأَلْفَيْنِ. أَخَذْتُهَا فَهِيَ فِي الْخِزَانَةِ، قَالَ: كِدْتِ أَنْ تَحْرِقِينَا، رُدِّيهَا، فَرَدَّتْهَا. 295- عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ2، الْبَصْرِيُّ، الصَّيْدَلانِيُّ. -د. ت. ق. عن: الحسن، ومكحول البصريّ، وثابت، ويزيد الرَّقَاشِيِّ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَعَمْرُو بْنُ عون، وعارم أبو النّعمان، وشيبان، والواحد بْنُ غِيَاثٍ، وَخَالِدُ بْنُ خِرَاشٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَديِثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كُنْيَتُهُ أَبُو سَلَمَةَ، رُبَّمَا يَضْطَرِبُ فِي حَدِيثِهِ. قَالَ الْحَكَمُ بْنُ يَزِيدَ: حَجَّ عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ سَبْعًا وَخَمْسِينَ حَجَّةً. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي لا بأس به، ممّن يكتب حديثه.   1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1726"، وابن عساكر في تاريخه "1/ 133"، والخطيب في تاريخه "1/ 35". 2 الطبقات الكبرى "7/ 283"، التاريخ الكبير "6/ 505"، الجرح والتعديل "6/ 365-366"، تهذيب التهذيب "7/ 416-417". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 205 وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَلَمْ يُتْرَكْ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وستين تقربيًا. 296- عُمَرُ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ عَمَّارٍ1، أَبُو حَفْصٍ، الْمَازِنِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -خ- أَخُو أَبِي عَمْرٍو، وَمُعَاذٍ، وَسُفْيَانَ. لَهُ عَنْ نَافِعٍ حَدِيثٌ أَوْ حَدِيثَانِ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْفُرَاتِيُّ. خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ فِي أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ2، وَرَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلاءِ. وَقِيلَ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ كَثِيرٍ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ مُعَاذٍ، وَرَجَّحَ ذَلِكَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَكَتَبَ مُعَاذُ بْنُ العلاء، أبو غسّان، وهو مشهور، أَبُو حَفْصٍ فَلا يَكَادُ يُعْرَفُ. 297- عُمَرُ بْنُ عَمْرٍو3، الأُحْمُوسِيُّ، أَبُو حَفْصٍ. شَامِيٌّ مُقِلٌّ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَشِيرٍ الأَسْلَمِيَّ، وَابْنَ أَبِي الْبَكَرَاتِ. رَوَى عَنْهُ: جَرَّاحُ بْنُ يَحْيَى الْحِمْصِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ حَامِدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّامِيُّ، وَبَقِيَّةُ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَهُوَ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ. 298- عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ التَّغْلِبِيُّ4، الْبَصْرِيُّ، الْمُلائِيُّ، الطَّوِيلُ. -ت. ق. عَنْ: سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَزَيْدٍ الْعَمِّيِّ، وَأَبِي حازم الأعرج.   1 التاريخ لابن معين "2/ 433". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3583"، والترمذي "505"، والدارمي في سننه "31"، وابن حبان في صحيحه "6506"، والبيهقي في السنن الكبرى "3/ 196". 3 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 151"، والجرح والتعديل "6/ 127-128". 4 التاريخ الكبير "6/ 424"، الجرح والتعديل "6/ 298"، ميزان الاعتدال "3/ 237-238"، تهذيب التهذيب "8/ 132-133". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 206 وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ. كَنَّاهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ: أَبَا يَحْيَى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 299- عِمْرَانُ بْنُ قُدَامَةَ1 الْعَمِّيُّ، الْبَصْرِيُّ. مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ. رَوَى عَنْ: أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ: زَيْدٌ الْعَمِّيُّ، وَحَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، لَكِنَّهُ لم يكن من أهل الحديث، كتبت عَنْهُ، وَرَمَيْتُ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. 300- عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ2، الْمَخْزُومِيُّ. عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بحديثين، أحمدهما مرسلًا في مراسيل أبي داود، والثاني منكرًا. رَوَى عَنْهُ: مَعْنٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حيّان فِي الثِّقَاتِ، وَخَطَبَ كَعَوَائِدِهِ فَقَالَ: يُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهِ إِذَا رَوَى عَنْهُ الثِّقَاتُ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الضّعفاء عنه مناكير كثيرة.   1 التاريخ الكبير "6/ 428"، الجرح والتعديل "6/ 303"، المجروحين "2/ 123"، ميزان الاعتدال "3/ 241". 2 التاريخ الكبير "6/ 426"، الجرح والتعديل "6/ 305"، الثقات لابن حبان "8/ 497"، تهذيب التهذيب "8/ 137". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 207 قُلْتُ: قَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: يَرْوِي لَهُ حَدِيثًا مُسْنَدًا سِوَى هَذَا، وَذَكَرْتُ حَدِيثًا فِي كِتَابِي الْمِيزَانِ. 301- عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ1، عِرَاقِيٌّ كُوفِيٌّ. رَوَى عَنْ: بَرْذَعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِمْرَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى تَلْيِينِهِ بِوَجْهٍ. 302- عَمْرُو بْنُ الْعَلاءِ الْيَشْكُرِيُّ2، الْبَصْرِيُّ، أَبُو الْعَلاءِ. سَمِعَ: أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ، وَصَالِحَ بْنَ سَرْجٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. 303- عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ3، الْكُوفِيُّ، ثُمَّ الرَّازِيُّ، الأَزْرَقُ. عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَمُحَّمَدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، وَسَلَمَةُ الأَبْرَشُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّشْتَكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ الرَّازِيُّونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لا بَأْسَ بِهِ، لَهُ أَوْهَامٌ. قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْحَدِيثِ. 304- عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ4، أَبُو بُرْدَةَ التَّمِيمِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ق. عَنْ: عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، ومحارب بن دثار، وحمّاد الفقيه.   1 التاريخ الكبير "6/ 322"، الجرح والتعديل "6/ 226"، الثقات لابن حبان "8/ 479". 2 التاريخ الكبير "6/ 360"، الجرح والتعديل "6/ 251"، الثقات لابن حبان "8/ 478". 3 التاريخ الكبير "6/ 364"، الجرح والتعديل "6/ 255"، تهذيب التهذيب "8/ 93-94". 4 التاريخ الكبير "6/ 383"، الجرح والتعديل "6/ 269-270"، تهذيب التهذيب "8/ 119-120". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 208 وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، وَطَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ. ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ معين: ليس حديث بِشَيْءٍ. 305- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ1، الْكُوفِيُّ. -ت. ن. قَاضِي الرَّيِّ، وَلِذَلِكَ اشْتُهِرَ بِعَنْبَسَةَ الرَّازِيِّ. عَنْ: زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَعَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. أبي إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، وَيَعْقُوبُ الْقَمِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَقَدْ أَوْرَدْتُ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، يَرْوِي عَنْ حَنْظَلَةَ. * وَعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْكَلاعِيُّ2. عَنْ أَنَسٍ. 306- وَعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخُو أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانِ3. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الرَّاوِي عَنْ حَنْظَلَةَ. 307- عِيسَى بْنُ أَيُّوبَ4، أَبُو هَاشِمٍ، الْقَيْنِيُّ، الأَزْدِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ. -د. ع.   1 التاريخ الكبير "7/ 35"، الجرح والتعديل "6/ 399"، الثقات لابن حبان "7/ 289"، تهذيب التهذيب "8/ 155". 2 الجرح والتعديل "6/ 400"، الثقات لابن حبان "7/ 289"، ميزان الاعتدال "3/ 300". 3 الجرح والتعديل "6/ 399"، المجروحين "2/ 178"، ميزان الاعتدال "3/ 399-400"، تهذيب التهذيب "8/ 157-158". 4 الجرح والتعديل "6/ 272"، تهذيب الكمال "1077". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 209 عَنْ: مَكْحُولٍ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ لُوطٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَبَقِيَّةُ، وَأَبُو مُسْهِرٍ. وَكَانَ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى وَالزُّهْدِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَحَكَى أَبُو مُسْهِرٍ حِكَايَةً فِي مُبَالَغَتِهِ فِي الْوَرَعِ. 308- عِيسَى بْنُ صَدَقَةَ بْنِ عَبَّادٍ1، أَبُو مُحْرِزٍ، الْيَشْكُرِيُّ. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَعَ أَبِيهِ. وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو دَاوُدَ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانُ. وَقَالَ فِيهِ عِيسَى بْنُ عَبَّادٍ: يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ، ضَعَّفُوهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: ضَعِيفٌ ضَعِيفٌ. 309- عِيسَى بْنُ الضَّحَّاكِ2، الْكِنْدِيُّ، بِالرَّيِّ. عَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الإِسْفَذْنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ. صَدُوقٌ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 310- عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ3. -د. ت. هو الأمير، أبو العبّاس، ويقال: أَبُو مُوسَى، عِيسَى بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، الْهَاشِمِيُّ، الْعَبَّاسِيّ، عَمُّ الْمَنْصُورِ، وَالسَّفَّاحِ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ نَهْرُ عِيسَى بِبَغْدَادَ، وَقَصْرُ عِيسَى. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وأخيه محمد.   1 التاريخ الكبير "6/ 407"، الجرح والتعديل "6/ 278-279"، ميزان الاعتدال "3/ 314". 2 الجرح والتعديل "6/ 279"، الثقات لابن حبان "7/ 237". 3 الطبقات الكبرى "9/ 245"، الجرح والتعديل "6/ 282"، ميزان الاعتدال "3/ 319". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 210 وَعَنْهُ: ابْنَاهُ إِسْحَاقُ، وَدَاوُدُ، وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، وَهَارُونُ الرَّشِيدُ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَى عِلْمٍ وَدِينٍ وَصَلاحٍ، خَدَمَ أَبَاهُ وَانْتَفَعَ بِهِ وَلَمْ يَتَوَلَّ إِمْرَةً عَلَى بَلَدٍ تَوَرُّعًا. وَكَانَ فِيهِ بَعْضُ الانْقِطَاعِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ لَهُ مَذْهَبٌ جَمِيلٌ، مُعْتَزِلٌ لِلسُّلْطَانِ، قَالَ: وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَجَامِعِ أَبِي عِيسَى، وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا1. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ: مَاتَ عِيسَى سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. 311- عِيسَى بْنُ مُسْلِمٍ2، أَبُو دَاوُدَ الطُّهَوِيُّ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِنْدٍ الْجَمَلِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُوفِيٌّ لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 312- عِيسَى بْنُ مُوسَى3. هُوَ وَلِيُّ عَهْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، الأَمِيرُ، أَبُو مُوسَى، عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ. مَوْلِدُهُ وَمَرْبَاهُ بِالْحُمَيِّمَةِ مِنْ نَوَاحِي الْبَلْقَاءِ بِالشَّامِ، فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَمِائَةٍ. كَانَ أَحَدَ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَلَمَّا احْتُضِرَ السَّفَّاحُ، كَتَبَ لَهُ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَ الْمَنْصُورِ، فَكَانَ ذَا عَظَمَةٍ وَجَلالَةٍ، وَهُوَ الَّذِي انْتُدِبَ لِقِتَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن   1 "حديث حسن": أخرجه أبو داود "2545"، والترمذي "1695"، وأحمد في المسند "1/ 272"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "2545". 2 الجرح والتعديل "6/ 288"، ميزان الاعتدال "3/ 323"، تهذيب التهذيب "8/ 230". 3 جمهرة أنساب العرب "19، 32، 33، 139، 169"، سير أعلام النبلاء "7/ 434-435". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 211 حَسَنٍ، وَلِقِتَالِ أَخِيهِ حَتَّى ظَفِرَ بِهِمَا، وَتَوَطَّدَ مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاسِ، بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الزَّوَالِ. ثُمَّ إِنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا تَمَكَّنَ، أَقْبَلَ عَلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى أَلْزَمَهُ بِتَقْدِيمِ ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ عَلَى نَفْسِهِ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ. وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ الْكُوفَةِ مُدَّةً وَكَانَ مُوسَى وَالِدُ هَذَا قَدْ تُوُفِّيَ شَابًّا فِي الْغَزْوِ بِأَرْضِ الرُّومِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ، فَنَشَأَ عِيسَى فِي كِفَالَةِ جَدِّهِ مُحَمَّدٍ الإِمَامِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا أَخَّرَ عِيسَى بْنَ مُوسَى فِي الْعَهْدِ، مَرَّ فِي مَوْكِبِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ مَاجِنٌ فَقَالَ: هَذَا الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَكُونَ غَدًا فَصَارَ بَعْدَ غَدٍ. وَحَكَى نِفْطَوَيْهِ فِي تَارِيخِهِ: إِنَّ الْمَنْصُورَ لما قدّم ابنه المهديّ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ قَالَ مُخَنَّثٌ هَذَا اللَّفْظَ. وَقَدْ بَذَلَ الْمَنْصُورُ لِعِيسَى أَمْوَالا حَتَّى نَزَلَ عَنْ مَنْصِبِهِ. ثُمَّ إِنَّ الْمَهْدِيَّ لَمَّا اسْتُخْلِفَ لَمْ يَزَلْ يَقْتُلُ فِي الذِّرْوَةِ وَالْغَارِبِ حَتَّى خَلَعَهُ عَنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَهُ لِوَلَدِهِ مُوسَى بْنِ الْمَهْدِيِّ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَوَادِثِ. تُوُفِّيَ عِيسَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 313- عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ1، الْمَدَنِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالْوَاسِطِيِّ. رَوَى عَنْ: مَوْلاهُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: اسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْمُنْكَرَاتُ الَّتِي تَرْوِيهَا عَنِ الْقَاسِمِ؟ فَقَالَ: لا أعود. وقال البخاريّ، وغيره: منكر الحديث.   1 التاريخ الكبير "6/ 401-402"، الجرح والتعديل "6/ 287"، ميزان الاعتدال "3/ 325-326"، التهذيب "8/ 236". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 212 وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. فَأَمَّا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، الْمَدَنِيُّ. الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو عَاصِمٍ التَّفْسِيرَ، فَقَدْ مَرَّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 314- عِيسَى بْنُ يَزِيدَ الأَزْرَقُ1، أَبُو مُعَاذٍ، النَّحْوِيُّ، قَاضِي سَرْخَسَ. -ق- حَدَّثَ عَنْ: جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعِيسَى غُنْجَارُ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، وَيَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ. "حرف الْغَيْنِ": 315- غَوْثُ بْنُ سُلَيْمَانَ2، أَبُو يَحْيَى، الْحَضْرَمِيُّ. الْفَقِيهُ، قَاضِي دِيَارِ مِصْرَ. روى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. وَكَانَ إِمَامًا عَارِفًا بِالْقَضَاءِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وقال ابن يونس: ... توفّي ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 316- غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ3، أَبُو عبد الرحمن الكوفيّ.   1 التاريخ الكبير "6/ 402"، الجرح والتعديل "6/ 291"، تهذيب التهذيب "8/ 236". 2 الطبقات الكبرى "7/ 517"، التاريخ الكبير "7/ 111-112"، الجرح والتعديل "7/ 57"، الثقات لابن حبان "7/ 313". 3 التاريخ الكبير "7/ 109"، الجرح والتعديل "7/ 57"، ميزان الاعتدال "3/ 337". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 213 أَخَذَ عَنْ: مُوسَى الْجُهَنِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي علبة، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَسَلامُ بْنُ سَلْمَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ، تَرَكُوهُ. وَرَوَى عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَذَّابٌ، ليس بثقة، ولا مأمون. قال ابْنُ حِبَّانَ: وَغَيْرُهُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، كُنْيَتُهُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَدِمَ عَلَى الْمَهْدِيِّ بِعَشَرَةِ مُحَدِّثِينَ، مِنْهُمْ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، وَغِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ الْمَهْدِيُّ يُحِبُّ الْحَمَامَ، فَلَمَّا أُدْخِلَ قِيلَ لَهُ: حَدِّثْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَحَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "لا سَبْقَ إِلا فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ" 1. وَزَادَ فِيهِ: "أَوْ جَنَاحٍ"، فَأَمَرَ لَهُ الْمَهْدِيُّ بَعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ قَفَاكَ قَفَا كَذَّابٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّمَا اسْتَجْلَبْتَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْحَمَامِ فَذُبِحَتْ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ، وَغَيْرُهُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ العقيليّ: نا محمد بن، نَا سَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "أَمَرَ رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَغْنِيَاءَ بِاتِّخَاذِ الْغَنَمِ، وَأَمَرَ الْمَسَاكِينَ بِاتِّخَاذِ الدَّجَاجِ"2. "حَرْفُ الْفَاءِ": 317- فَتْحُ الْمَوْصِلِيُّ3. هُوَ فتح بن محمد بن وشاح، الموصليّ.   1 "حديث صحيح دون قوله: "أو جناج": أخرجه أبو داود "2574"، والترمذي "1700"، والنسائي "3587"، وابن ماجه "2878"، وأحمد في المسند "20/ 256، 358، 385، 425، 474"، وابن حبان في صحيحه "4690"، والبيهقي في السنن الكبرى "10/ 16"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "5/ 333"، وهذه الزيادة موضوعة: أخرجها ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 42"، وأشار إليها الشيخ الألباني في الضعيفة "1/ 389"، وقال: إنها موضوعة. 2 "حديث موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 441". 3 الثقات لابن حبان "7/ 322"، سير أعلام النبلاء "7/ 349". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 214 الزَّاهِدُ، أَحَدُ الْعَارِفِينَ. ذَكَرَ الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، شَيْخُ الْمَوْصِلِ، أَنَّهُ لَقِيَ ثَمَانِمِائَةِ شَيْخٍ، مَا فِيهِمْ أَعْقَلُ مِنْ فَتْحٍ. وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْعِبَادَةِ وَالْفَضْلِ، وَهُوَ فَتْحٌ الْمَوْصِلِيُّ الْكَبِيرُ، لا فَتْحٌ الصَّغِيرُ، وَلَقَدْ بَالَغَ الأَزْدِيُّ فِي "تَارِيخِ الْمُوَاصَلَةِ" فِي تَرْجَمَةِ هَذَا وَجَمْعِ مَنَاقِبِهِ. وَقَدْ رَوَى عن عطاء بن رَبَاحٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُوقِدُ فِي الأَتُّونِ بِالأُجْرَةِ بَعْدَمَا كَانَ يَصِيدُ السَّمَكَ، فَتَرَكَ صَيْدَهَا لِكَوْنِهِ اشْتَغَلَ عَنْ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ بِمُعَالَجَةِ سَمَكَةٍ كَبِيرَةٍ حَتَّى أَخْرَجَهَا. أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُعَافَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَرَدَّهَا وَأَخَذَ مِنْهَا دِرْهَمًا وَاحِدًا، مَعَ شِدَّةِ فَاقَةِ أَهْلِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ لا يَنَامُ إِلا قَاعِدًا، حَكَى عَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَعَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ، وَقَاسِمٌ الْحِمْصِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ كَثِيرَ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، مُلازِمًا لِقِيَامِ اللَّيْلِ. يُرْوَى أَنَّ أَمِيرَ الْمَوْصِلِ، أَحْمَدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيَّ عَادَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ، وَخَرَجَ ابْنُهُ فَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ، فَقَالَ فَتْحٌ مِنْ دَاخِلٍ: مَا أَنَا بِنَائِمٍ مَا لِي وَلَكَ؟ قَالَ: هَذِهِ عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ ضَعْهَا حَيْثُ شِئْتَ، قَالَ: بَلْ ضَعْهَا أَنْتَ فِي مَوَاضِعِهَا، وَمَا خَرَجَ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ نَظَرَ إِلَى الدَّخَاخِينِ يَوْمَ الْعِيدِ فَغُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ذَكَرْتُ دُخَانَ جَهَنَّمَ. وَحَكَى أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ الْمَوْصِلِيِّ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ: فَمَا بَقِيَ مِلِّيٌّ وَلا ذِمِّيٌّ إِلا حَضَرَهَا. وَعَنْ غَيْرِ واحد، أن فتحًا قال: إلهي، كم تردّني في طرق الدّينا، أَمَا آنَ لِلْحَبِيبِ أَنْ يَلْقَى حَبِيبَهُ؟ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى فَتْحٍ الْمَوْصِلِيِّ وَهُوَ يُوقِدُ بِالأُجْرَةِ، وَكَانَ شَرِيفًا من العرب1.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 294". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 215 وَعَنْ بِشْرٍ الْحَافِي قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ بِنْتًا لِفَتْحٍ عَرِيَتْ، فَقِيلَ: أَلا تَطْلُبُ مَنْ يَكْسُوهَا؟ قَالَ: أَدَعُهَا لِيَرَى اللَّهُ عُرْيَهَا، وَصَبْرِي عَلَيْهَا1. وَيُقَالُ: تُوُفِّيَ فَتْحٌ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 318- فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ سُلَيْمَانَ2. وَقِيلَ: أَبُو الْمَعَالِي الْجَزَرِيُّ. رَوَى عَنْ: مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ كَثِيرًا، وَعَنْ غَيْرِهِ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْبَرَاءُ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ سيّار، والهثيم بْنُ جَمِيلٍ، وَشَبَّابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ مَرْوَانَ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيّ: منكر الحديث. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وقال الدّارقطنيّ، وغيره: متروك. وقال ابن حيّان: كَانَ مِمَّنْ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ، لا يجوز الرِّوَايَةُ عَنْهُ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: كُوفِيٌّ تَرَكُوهُ. 319- فَضَّالُ بْنُ جُبَيْرٍ3، أَبُو الْمُهَنَّدِ، الْغُدَانِيُّ، الْبَصْرِيُّ. ذُكِرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى أَحَادِيثَ غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَتَّانِيُّ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ قَالَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ. وَقَالَ فِي تَارِيخِهِ: فَضَّالٌ لا شَيْءَ، رَوَى عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 292"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 183". 2 التاريخ الكبير "7/ 130"، الجرح والتعديل "7/ 80"، ميزان الاعتدال "3/ 341-342". 3 المجروحين لابن حبان "2/ 204"، ميزان الاعتدال "3/ 347-348". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 216 أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "سَاعَاتُ الأَمْرَاضِ، سَاعَاتُ الْخَطَايَا" 1. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، بِقِرَاءَتِي عَنْ عبد العزيز بن محمد البزّاز: أَنَّ يُوسُفَ بْنَ أَيُّوبَ الزَّاهِدَ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّور، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا طَالُوتُ، ثَنَا فَضَّالٌ، نَا أَبُو أُمَامَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا" 2، هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الإِسْنَادِ، إِلا أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. 320- الْفَضْلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ3. شَيْخٌ زَاهِدٌ، كُوفِيٌّ، وَهُوَ أَخُو مفضَّل بْنِ مُهَلْهَلٍ. رَوَى عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْبَوَارِيُّ، وَغَيْرُهُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يُكْتَبْ حَدِيثُهُ. 321- فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ4، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْكُوفِيُّ، الْعَنْزِيُّ، مَوْلاهُمُ الأَغَرُّ. عَنْ: عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَطِيَّةَ العوفيّ، وشقيق بن عقبة. أبي سلمة الجهني، وجماعة. وَقِيلَ: أَنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو أُسَامَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ووكيع، ويحيى بن آدم، وأبو نعيم، عليّ بْنُ الْجَعْدِ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وابن معين.   1 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات ص "43-44". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه مسلم "2941"، وأبو داود "4310"، وابن ماجه "4069"، وأحمد في المسند "2/ 164، 201". 3 التاريخ الكبير "7/ 115"، الجرح والتعديل "7/ 67"، ميزان الاعتدال "3/ 360". 4 التاريخ الكبير "7/ 122"، الجرح والتعديل "7/ 75"، ميزان الاعتدال "3/ 362-363"، التهذيب "8/ 298-300". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 217 وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس بِهِ. وَقَالَ النَّسائيّ: ضَعِيفٌ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ مرَّة. وَقَالَ الْحَاكِمُ: عِبْتُ عَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ فِي صَحِيحِهِ. قُلْتُ: إِنَّمَا رَوَى لَهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَلا النَّسائيّ، وَلا الْعُقَيْلِيُّ، وَلا أَبُو بِشْرٍ الدُّولابي، وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: منكر الحديث جدًّا، وكان مِمَّنْ يَرْوِي عَنْ عَطِيَّةَ الْمَوْضُوعَاتِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ كُلَّمَا رَوَى عَنْ عَطِيَّةَ مِنَ الْمَنَاكِيرِ، يُلْزِقُ بِعَطِيَّةَ وَيَبْرَأُ فُضَيْلٌ مِنْهَا. إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ مِمَّنِ اسْتَخَرْتُ اللَّهَ فِيهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: وَهُوَ شِيعِيٌّ غَيْرُ رَافِضِيٍّ. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ: جَاءَ فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى زُهْدًا وَفَضْلا، إِلَى الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ طَعَامٌ، فَأَخْرَجَ لَهُ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: مَا مَعِي غَيْرُهَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ: لَيْسَ عِنْدَكَ غَيْرُهَا وَأَنَا آخُذُهَا، فأبى الحسن إلا أَنْ يَأْخُذَهَا، فَأَخَذَ ثَلاثَةً وَتَرَكَ ثَلاثَةً. وَتُوُفِّيَ قَبْلَ سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 322- فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ1. وهو أبو يحيى، فليح ين سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، الْعَدَوِيِّ. وَيُقَالُ: اسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ فُلَيْحٌ. كَانَ مِنْ كِبَارِ علماء العصر.   1 الطبقات الكبرى "5/ 415"، التاريخ الكبير "7/ 133"، الجرح والتعديل "7/ 84-85"، تهذيب التهذيب "8/ 303-305". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 218 رَوَى عَنْ: نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، والزَّهريّ، وَعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعديّ، وَعَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيالسيّ، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعمان، ويحيى بن صالح، وسعيد بن منصور، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهرانيّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. وَغَيْرُهُ أَوْثَقُ مِنْهُ، مَعَ احْتِجَاجِ الشَّيْخَيْنِ بِهِ. قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ ذَكَرَ فُلَيْحَ بْنَ سُلَيْمَانَ، فَلَمْ يقوِّ أَمْرَهُ. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هُوَ وابن أبي الزِّناد، والدَّراورديّ، وأبو أويس، أثبتهم عبد العزيز الدَّراورديّ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: فُلَيْحٌ ضَعِيفٌ. وَكَذَا رَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، والنَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: كَانَ يُقَالُ: ثَلاثَةٌ يتَّقى حَدِيثُهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مصرِّف، وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وفليح ين سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ هَذَا مِنْ أَبِي كَامِلٍ مظفِّر بْنِ مُدْرِكٍ، وَكُنْتُ آخُذُ عَنْهُ هَذَا الشَّأْنَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المثنىَّ: مَا سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من تعلّم ممّا يبتغى به وجه الله لا يَتَعَلَّمُهُ إِلا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنيا، لم يجد عرف الجنّة" 1.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أبو داود "3664"، وابن ماجه "252"، وأحمد في المسند "2/ 338"، والدارمي في سننه "257"، بنحوه، والحاكم في المستدرك "1/ 85"، وابن حبان في صحيحه "78"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "6159". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 219 ثُمَّ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: الرِّوَايَةُ فِي هَذَا الْبَابِ ليِّنة. قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى نَكَارَتِهِ عَلَى شروط الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. مَاتَ فُلَيْحٌ: سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْقَافِ": 323- الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ1، أَبُو الْمُغِيرَةِ الأَزْدِيُّ، الْحُدَّانِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -م. ع. كان ينزل من بَنِي حُدَّانَ، فَعُرِفَ بِهِمْ. رَوَى عَنِ: ابْنِ سِيرِينَ، وَثُمَامَةَ بْنِ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيِّ، وَأَبِي نَضْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: هُوَ مِنْ مَشَايِخِنَا الثِّقات. قُلْتُ: أَوْرَدَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، فَمَا تَعَلَّقَ عَلَيْهِ رِبَاطٌ، بَلِ اسْتُغْرِبَ لَهُ، فَقَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هُوَ الصَّائِغُ، نَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا الْقَاسِمُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَاعٍ يَرْعَى غَنَمًا، إِذْ جَاءَ ذِئْبٌ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَخَلَّصَهَا الرَّاعِي، فَقَالَ الذِّئب: يَا رَاعِيَ الْغَنَمِ، أَلا تَتَّقِي اللَّهَ2؟، الْحَدِيثَ. قُلْتُ: صَحَّحَهُ التِّرمذيّ وَرَفَعَهُ. مَاتَ الْحُدَّانِيُّ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. ويقال: سنة ثمانٍ.   1 الطبقات الكبرى "7/ 283"، التاريخ الكبير "7/ 169"، الجرح والتعديل "7/ 116-117"، التهذيب "8/ 329-330". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه البخاري "2324، 3471"، ومسلم "2388"، والترمذي "3677"، وأحمد في المسند "2/ 245، 246، 382"، وابن حبان في صحيحه "6486، 6485". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 220 324- قريش بن حيَّان1، العجليّ، وأبو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ. -خ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَأَبِي غَالِبٍ. الْبَاهِلِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وهو أقدم وأجلّ منه، ووكيع، وَابْنُ وَهْبٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعَيْشِيُّ، وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، والنَّسائي. 325- قُطْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ الأَسَدِيُّ الْحِمَّانِيُّ2، الْكُوفِيُّ. -م. ع. عَنِ: الأَعْمَشِ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَعَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ. 326- قطريُّ الْخَشَّابُ3. عَنْ: سَرِيعٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، وَعَبْدِ الْوَارِثِ مَوْلَى أَنَسٍ، وَمُدْرِكٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صَالِحٍ، وَآخَرُونَ. مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 327- قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ4. يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ الأسَدِيَّ، الْكُوفِيَّ، أحد الأعلام، على لينٍ في روايته.   1 التاريخ الكبير "7/ 194"، الجرح والتعديل "7/ 142"، تهذيب التهذيب "8/ 375". 2 التاريخ الكبير "7/ 191"، الجرح والتعديل "1/ 141"، الثقات لابن حبان "7/ 348"، التهذيب "8/ 378-379". 3 التاريخ الكبير "7/ 203"، الجرح والتعديل "7/ 148-149"، الثقات لابن حبان "7/ 346". 4 الطبقات الكبرى "6/ 377"، التاريخ الكبير "7/ 156"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 101"، الجرح والتعديل "7/ 96-98"، ميزان الاعتدال "3/ 393-396"، تهذيب التهذيب "8/ 391-395". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 221 رَوَى عَنْ: عَمْرِو بْنِ مرَّة، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَمُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَزُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعيّ. وَعَنْهُ: شعبة، الثَّوريّ، وَهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَوَكِيعٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيّان، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. كَانَ شُعْبَةُ مَعَ نَقْدِهِ لِلرِّجَالِ يُثْنِي عَلَى قَيْسٍ. وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ ثِقَةً. وَلَيَّنَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ مُرَّةُ: كَانَ يضعَّف. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ رِوَايَاتِهِ مُسْتَقِيمَةٌ، ثُمّ قَالَ: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ فِيهِ شُعْبَةُ، وَأَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هُوَ عند جميع أصحابنا صدوق، وكتابه صالح، ثم قال: هو رَدِيءُ الْحِفْظِ جِدًّا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المثنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى وَلا عَبْدَ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثَانِ عَنْ قَيْسٍ شَيْئًا قَطُّ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ يقول: كان قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ لا يُفَرِّقُ بَيْنَ أناسٍ ذَكَرَهُمْ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَ عَنْ قَيْسٍ أَوَّلا، ثُمَّ تَرَكَهُ. وَقَالَ مُحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ اسْتَعْمَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَى الْمَدَائِنِ، فَكَانَ يُعَلِّقُ النِّسَاءَ بِثَدْيِهِنَّ، وَيُرْسِلُ عَلَيْهِنَّ الزَّنَابِيرَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المثَّنى: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ قَيْسٌ عندنا بدون سفيان، ولكّنه اسْتُعْمِلَ، فَأَقَامَ عَلَى رجلٍ الحدَّ فَمَاتَ، فَطَفَى أمره. وقال النَّسائي: متروك. وقا أَبُو الْوَليِدِ: كَانَ شَرِيكٌ فِي جِنَازَةِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ: مَا تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وقال أَبُو الْوَلِيدِ: كَتَبْتُ عَنْ قَيْسٍ ستَّة آلافِ حديث. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 222 وَقَالَ سَالِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ لِي شُعْبَةُ: أَدْرِكْ قَيْسَ بْنَ الرَّبِيعِ لا يَفُوتُكَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: أَلا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الأَحْوَلِ، يَقَعُ فِي قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، يَعْنِي: يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. مَاتَ قَيْسٌ سَنَةَ ثمانٍ أَوْ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الكاف": 328- كثير بن سليم الضَّبّيّ1، المدائنيّ، وأبو سَلَمَةَ. –ق. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَالضَّحَّاكِ. وَعَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ، كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَسَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، والنَّسائيّ. وَقَالَ الْبُسْتِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ. ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارقطنيّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُبُلِّيُّ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. 329- كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّامِيُّ2، النَّاجِيُّ، أَبُو هَاشِمٍ، الأُبُلِّيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعِدَّةٌ. قال أبو حاتم: شبه المتروك.   1 الجرح والتعديل "7/ 152"، ميزان الاعتدال "3/ 405"، تهذيب التهذيب "8/ 416-417". 2 الجرح والتعديل "7/ 154"، ميزان الاعتدال "3/ 406". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 223 وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النَّسائيّ: متروك. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُمَا وَاحِدٌ، فَوَهِمَ. قُلْتُ: وَهَذَا لَعَلَّهُ تَأَخَّرَ إِلَى بَعْدِ السَّبْعِينَ، فَإِنَّ قُتَيْبَةَ لَقِيَهُ. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ زَيْنَبَ، وَعَبْدِ الْمُعِزِّ كِتَابَهُ قَالَتْ: أَنَا وَهْبَةُ بْنُ طَاهِرٍ، أَنَّ أَبَا حَامِدٍ الأَزْهَرِيَّ أَخْبَرَهُ، وَقَالَ الآخَرُ: أَنَا زَاهِرٌ، أنّ سعيد العيّار أَخْبَرَهُ. قَالا: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا أَبُو هَاشِمٍ كَثِيرٌ الأُبُلِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، أنا ابن ثماني سِنِينَ، وَكَانَ أَبِي تُوُفِّيَ، وَتَزَوَّجَتْ أُمِّي بِأَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ، إِذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَرُبَّمَا بِتْنَا اللَّيْلَةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ بِغَيْرِ عَشَاءٍ، فَوَجَدْنَا كَفًّا مِنْ شَعِيرٍ وَخَبَزْتُ مِنْهُ قُرْصَيْنِ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ1. 330- كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ2 بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ، الْيَشْكُرِيُّ، الْمُزَنِيُّ، الْمَدَنِيُّ. -د. ت. ق. عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِنُسْخَةٍ، وَعَنْ: نَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقَرَظِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُ وهب، وعبد الله بن نافع، القعنبيّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَخَلْقٌ. اتَّفقوا عَلَى ضَعْفِهِ. وَضَرَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ. وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ معين: ليس بشيء.   1 "حديث ضعيف جدًّا": وفيه صاحب الترجمة وهو متروك كما تقم ذكره. 2 الطبقات الكبرى "5/ 412"، التاريخ الكبير "7/ 217"، الجرح والتعديل "7/ 154"، تهذيب التهذيب "8/ 421-423". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 224 وقال النَّسائيّ: متروك. وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَأَمَّا التِّرمذيّ فَأَخَذَ يُمْلِي فَقَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ، فِي حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ، قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، إِلا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَحْمِلُ عَلَى كَثِيرٍ، يضعِّفه. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي كَثِيرٌ، عَنْ أبيه، عن جدّه نُسْخَةً مَوْضُوعَةً، لا يَحِلُّ ذِكْرُهَا إِلا عَلَى جِهَةِ التَّعجُّب. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 331- كُلْثُومُ بْنُ زِيَادٍ، الْمُحَارِبِيُّ1، مَوْلاهُمُ الشَّامِيُّ، قَاضِي دِمَشْقَ. رَوَى عَنْ مَوْلاهُ قَاضِي دِمَشْقَ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، وَعَنْ: أبَيِ كَثِيرٍ السُّحيميّ صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَشَدَّادِ بْنِ عَمَّارٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ النَّسائيّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ لَهُ مِنَ الْحَدِيثِ إِلا الْيَسِيرُ. وَأَشَارَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ. 332- كَوْثَرُ بْنُ الْحَكِيمِ2، الهمدانيّ، الكوفيّ، نزيل حلب. روى عَنْ: عَطَاءٍ، وَنَافِعٍ، وَمَكْحُولٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: مبشَّر بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَوْثَرٍ الرَّهَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، أَحَادِيثُهُ بَوَاطِيلُ، كَانَ هُشَيْمٌ ذَهَبَ إِلَى حَلَبَ فَسَمِعَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، والدَّارقطنيّ، وَغَيْرُهُمَا: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.   1 التاريخ الكبير "7/ 228"، الجرح والتعديل "7/ 164"، ميزان الاعتدال "3/ 413". 2 التاريخ الكبير "7/ 245"، الجرح والتعديل "7/ 176"، ميزان الاعتدال "3/ 416-417". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 225 وقال ابن معين: ليس بشيء. قال ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا أَحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ السَّعديُّ: لا أَسْتَحِلُّ كِتَابَةَ حَدِيثِهِ؛ لِأَنَّهُ مطَّرح. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. 333- كيسان1، أبو عمر، الفزازي، الْكُوفِيُّ، الْقَصَّارُ. عَنِ: الْقَصَّابِ مَوْلاهُ يَزِيدَ بْنِ بِلالٍ الْفَزَارِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ. وَعَنْهُ: الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْلَى الأَسْلَمِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعمان، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الْمِيمِ": 334- مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ2، أَبُو نَصْرٍ، الْخُزَاعِيُّ، الْمَرْوَزِيُّ. أَحَدُ الثَّائِرِينَ الاثْنَيْ عَشَرَ النَّاهِضِينَ بِأَعْبَاءِ مَنْشَأِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ، قَامُوا بِخُرَاسَانَ مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ فَاسْتَوْلَوْا عَلَى مَرْوَ، ثُمَّ عَلَى مَمْلَكَةِ خُرَاسَانَ كُلِّهَا، وتمّ الأمر، وقلعت الدولة الأموية بشرورها، فقد كان المنصور يعظّم أبا نَصْرٍ هَذَا وَيُجِلُّهُ. وَحَكَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ ... وَقَدْ رُمِيَ بِالإِبَاحِيَّةِ وَالزَّنْدَقَةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِسَرِيرَتِهِ. يُقَالُ: كَانَ عَلَى رَأْيِ الخرَّمية فِي إِبَاحَةِ الْمَحَارِمِ. وَهُوَ جَدُّ الْفَقِيهِ الشَّهِيدِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الْخُزَاعِيِّ، الَّذِي قَتَلَهُ الْوَاثِقُ، وَكَانَ مَالِكٌ هَذَا قَدْ قَدِمَ الشَّامَ وَاجْتَمَعَ بإبراهيم بن محمد الإمام.   1 التاريخ الكبير "7/ 235"، الجرح والتعديل "7/ 166"، تهذيب التهذيب "8/ 454". 2 تاريخ خليفة "406، 413"، البيان والتبين "2/ 96". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 226 335- مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ1 بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، أَبُو فَضَالَةَ، الْقُرَشِيُّ، الْعَدَوِيُّ، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الكبار، رأى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي. وَرَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَبَكْرٍ الْمُزَنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وعفّان، ومسلم، وسليمان بن حرب، وموس التَّبوذكيّ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ يُحْسِنُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: شَدِيدُ التَّدْلِيسِ، فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا، فَهُوَ ثَبْتٌ. وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَكَانَ عَفَّانُ يَرْفَعُهُ وَيُوَثِّقُهُ، وَقَالَ: كَانَ مِنَ النَّساك، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: هُوَ مِثْلُ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ فِي الضَّعف. وَقَالَ حَجَّاجٌ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ وَالرَّبِيعِ، فقال: مبارك أحب إلي منه. وقال عبد الرحمن بن مهدي: لن نكتب لمبارك إلا ما قال عنه: سَمِعْتُ. وَقَالَ النَّسائيّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْمَرُّوذِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: مَا رَوَى مُبَارَكٌ عَنِ الْحَسَنِ، يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ مُبَارَكٌ: جَالَسْتُ الحسن ثلاث عشرة سنة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 277"، التاريخ الكبير "7/ 1867"، الجرح والتعديل "8/ 338-339"، الثقات لابن حبان "7/ 501"، ميزان الاعتدال "3/ 431-432"، تهذيب التهذيب "10/ 28-31". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 227 وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: قَدَرِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مُسْتَقِيمَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَأَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ وَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّ مُبَارَكًا قَدِمَ عَلَى الْمَنْصُورِ بِبَغْدَادَ. وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ نَصْرِ بْنِ رَاشِدٍ فِي سَنَةِ مِائَةٍ. وَكَانَ جَدُّهُ أَبُو أُمَيَّةَ مَوْلًى لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكَانَ يَجْعَلُهُ عَلَى كِتَابَتِهِ، وَأَطْلَقَ لَهُ عُمَرُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ الْمُؤَيَّدِ أَنَا ... عَبْدُ السَّلامِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّرائفيّ قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُعَدَّلِ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهريّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، ثَنَا الْحَسَنُ، فِي هَذِهِ الآيَةِ: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43] ، قَالَ: هُوَ الْمُنَافِقُ لا يَهْوَى شَيْئًا إِلا رَكِبَهُ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ مُبَارَكٌ سَنَةَ أربعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَنَةَ خَمْسٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: سَنَةَ سِتٍّ. 336- مُبَشِّرُ بْنُ مَكْسِرٍ الْقَيْسِيُّ1. عَنْ: أَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَابْنِ خُثَيْمٍ، وَابْنِ حَجْلانَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَعَلِيٌّ اللاحِقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: لَمْ يُخَرِّجُوا لِذَا شَيْئًا. 337- مبشِّر بْنُ عُبَيْدٍ2، الْكُوفِيُّ، ثُمَّ الْحِمْصِيُّ. –ف.   1 الجرح والتعديل "8/ 343". 2 التاريخ الكبير "8/ 11"، الجرح والتعديل "8/ 343"، تهذيب التهذيب "10/ 32-33". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 228 عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، والزُّهريّ، وَقَتَادَةَ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَأَبُو حَيْوَةَ شُرَيْحٌ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ القدُّوس. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَدَعَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ: وَسَرَدَ لَهُ نَحْوَ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ. وقال أبو المغيرة: كان عارفًا بالنَّحو وَالْعَرَبِيَّةِ. بَقِيَّةُ: نَا مبشِّر بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَرُّ الْحَمِيرِ، الأَسْوَدُ الْقَصِيرُ"1. 338- مُحَمَّدُ بْنُ إِبَّانَ بْنِ صَالِحٍ2 الْقُرَشِيُّ، الْكُوفِيُّ. جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ مَشْكِدَانَةَ. رَوَى عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيالسيّان، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، يَتَكَلَّمُونَ في حفظه. يحيى بن حسّان التِّنِّسيّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: $"مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى صداقٍ يَنْوِي أَنْ لا يُؤَدِّيَهُ فَهُوَ زانٍ، وَمَنِ ادَّانَ دَيْنًا ينوي أن لا يؤديه فهو سارق"3.   1 "حديث موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 236"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 221"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "739" وقال: موضوع. 2 التاريخ الكبير "1/ 34"، الجرح والتعديل "7/ 199"، تهذيب التهذيب "9/ 5". 3 "حديث صحيح لغيره": أخرجه البزار كما في كشف الأستار "1430"، وذكره الهيثمي في المجمع "4/ 131"، وقال: رواه البزار من طريقين إحداهما: هذه وفيها محمد بن أبان الكوفي وهو ضعيف، والأخرى: فيها "منع الصداق خاليًا عن الدين" وفيها محمد بن الحصين الجزري شيخ البزار ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله ثقات. وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب للمنذري "2692". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 229 وَهَذَا يُرْوَى مِنْ قَوْلِ صُهَيْبٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ مِنْ دُعَاةِ الْمُرْجِئَةِ. كَذَا أورد العقيليّ هذا الكلام فِي تَرْجَمَةِ هَذَا. وَإِنَّمَا الَّذِي قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ ذَلِكَ. * مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ الْجُعْفِيُّ، الْكُوفِيُّ. يَرْوِي عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ، وَحَمَّادٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ. أَكْثَرَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ. نَعَمْ هُمَا وَاحِدٌ، تَبَيَّنَ لِي ذَلِكَ، وَهُوَ صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْعَرَبِ، أَصَابَهُ سَبَاءٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَوَلاؤُهُ لِقُرَيْشٍ. وَقِيلَ: بَلْ تَزَوَّجَ فِي الْجُعْفِيِّينَ فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَلَمْ يُتْرَكْ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. وَقَدْ فَرَّقَهُمَا وَعَمَلَهُمَا اثْنَيْنِ، ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهُمَا وَاحِدٌ. 339- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ مِهْرَانَ1، أَبُو إِبْرَاهِيمَ. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ: صُوَيْلِحُ الْحَدِيثِ. 340- مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبيديّ2. رَوَى عَنْ: مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، وَمُغِيرَةَ بن مقسم، وأبي إسحاق الشيبانيّ، وعدّة.   1 التاريخ الكبير "1/ 23-24"، الجرح والتعديل "7/ 184"، تهذيب التهذيب "9/ 16-17". 2 التاريخ الكبير "1/ 36"، الجرح والتعديل "7/ 188"، ميزان الاعتدال "3/ 480"، تهذيب التهذيب "9/ 57". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 230 وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. شِيعِيٌّ مَحِلُّهُ الصِّدق. 341- مُحَمَّدُ بْنُ أَعْيَنَ1، أَبُو الْعَلانِيَةِ. سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ: عبد الرحمن بن مهدي، وحبان بن هلال، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَا بِهِ بَأْسٌ، وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ مَرَّاتٍ، أَنَا الْكِنْدِيُّ إِجَازَةً، أَنَا ابْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، أَنَا ابْنُ النَّقُّور، نَا ابْنُ حُبَابَةَ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَعْيَنَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يُلَبِّي بِالْكُوفَةِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَسَأَلْتُ بَعْضَهُمْ فَقَالَ: إِنَّهُ يُلَبِّي مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ. 342- مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ بَشِيرٍ الأَسْلَمِيّ2. –ن. عَنْ: أَبِيهِ، وَزِيَادِ بْنِ طَلْحَةَ، وَإِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَطَلْقُ بْنُ غنّام، وأبو أَحْمَدُ الزَّبيريّ. 343- مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، الأَنْصَارِيُّ3، مَوْلاهُمُ، الْمَدَنِيُّ -ع. أَخُو إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، وَكَثِيرٍ، وَيَحْيَى، وَيَعْقُوبَ. رَوَى عَنْ: أَبِي طُوَالَةَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَشَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَطَالُوتُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.   1 التاريخ الكبير "1/ 41"، الجرح والتعديل "7/ 206-207". 2 التاريخ الكبير "1/ 44-45"، الجرح والتعديل "7/ 210"، تهذيب التهذيب "9/ 73". 3 التاريخ الكبير "1/ 56-57"، الجرح والتعديل "7/ 220-221"، تهذيب التهذيب "9/ 94-95". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 231 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. 334- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ1، الثَّقَفِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 345- مُحَمَّدُ بْنُ حِطَّانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حيَّة، الْجُبَيْرِيُّ. عَنْ: بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ. لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ. 346- مُحَمَّدُ بْنُ خُوطٍ2، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: نَافِعٍ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَعِيسَى بْنِ النُّعْمَانِ الزُّرَقِيِّ. وَعَنْهُ: عَبَّاسُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ القطونيّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَهُ أَحَادِيثُ مُتَقَارِبَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا أَعْرِفُهُ. 347- مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيُّ3، الدِّمَشْقِيُّ، نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. - عم. عَنْ: عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، وَأَبِي وَهْبٍ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلاعِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي رقيّة، وطائفة. وعنه: سيفان، وَشُعْبَةُ، مَعَ تَقَدُّمِهِمَا، وَبَقِيَّةُ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الرزّاق،   1 التاريخ الكبير "1/ 65"، الجرح والتعديل "7/ 230"، ميزان الاعتدال "3/ 505". 2 الطبقات الكبرى "9/ 448"، التاريخ الكبير "1/ 75"، الجرح والتعديل "7/ 246"، الثقات لابن حبان "7/ 411". 3 التاريخ الكبير "1/ 81"، الجرح والتعديل "7/ 253"، تهذيب التهذيب "9/ 158-160". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 232 وَغَيْرُهُمْ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَحَفْصٌ الْحَوْضِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَشَيْبَانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الجمحي، وعليّ ابن الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ، إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ فَحَدِيثُهُ مُسْتَقِيمٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: يُكَنَّى أَبَا يَحْيَى. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا في أَوْرَعَ مِنْهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ: كُنْتُ أُوَضِّئُ شُعْبَةَ بِالرَّصَافَةِ، فَدَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، فَقَالَ شُعْبَةُ: أَمَا كَتَبْتَ عَنْهُ؟ أَمَا إِنَّهُ صَدُوقٌ، وَلَكِنَّهُ شِيعِيٌّ قَدَرِيٌّ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ قَدَرِيًّا. مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ لِي: لا تَكْتُبْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، فَإِنَّهُ مُعْتَزِلِيٌّ رَافِضِيٌّ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَكُنْ ثِقَةً، كَانَ يُصَحِّفُ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: مُشْتَمِلٌ عَلَى غَيْرِ بِدْعَةٍ، وَكَانَ مُتَحَرِّيًا لِلصِّدْقِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ لَمْ تَكْتُبْ عَنِ ابْنِ رَاشِدٍ؟ قَالَ: كَانَ يَرَى الْخُرُوجَ عَلَى الإِمَامِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 348- مَحْمُودُ بْنُ رَاشِدٍ1، الْبَصْرِيُّ، أَبُو نَضْلَةَ، القرشيّ. عن: عطاء بن أبي رباح.   1 التاريخ الكبير "1/ 81"، الجرح والتعديل "7/ 253"، الثقات لابن حبان "7/ 409". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 233 وَعَنْهُ: يُونُسُ الْمُؤَدِّبُ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. 349- مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ1، الْقُرَشِيُّ، مَوْلاهُمْ. إِمَامُ جَامِعِ حَرَّانَ. رَوَى عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وعمرو بن خالد الحرّانيّ، وغيرهم. وكان يودّب أولا هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بالمتين. وقال ابن عديّ: منكر الحديث. وقال البخاريّ: لا يُتَابَعُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّاجٍ الرَّقِّيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُكَنَّى أَبَا بِشْرٍ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 350- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَارَّةَ2. هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَارَّةَ. ورى عَنْ: سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَرْسَلَ عَنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَلا شَيْءَ لَهُ فِي الْكُتُبِ السّتّة. 351- محمد بن سليم3، أبو هلال.   1 التاريخ الكبير "1/ 86"، الجرح والتعديل "7/ 359"، ميزان الاعتدال "3/ 547". 2 التاريخ الكبير "1/ 110"، الجرح والتعديل "7/ 283"، ميزان الاعتدال "3/ 555". 3 التاريخ الكبير "1/ 105-106"، الجرح والتعديل "7/ 274"، الثقات لابن حبان "7/ 379"، تهذيب التهذيب "9/ 196-197". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 234 وَذُكِرَ بِكُنْيَتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، أَبُو هِلالٍ، الْمَكِّيُّ. رَوَى عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ. لا يَكَادُ يُعْرَفُ. 352- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ1. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. رَوَى عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ. 353- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ. شَيْخٌ، رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَهُوَ الطَّائِفِيُّ. حَدَّثَ عَنْهُ: الْعَبَّاسُ بْنُ سُلَيْمٍ الْمَوْصِلِيُّ. 354- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الْخُرَاسَانِيُّ2، الْبَلْخِيُّ. رَوَى عَنِ: الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَعَنْهُ: مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَلَمْ يَلْقَهُ بِبَلْخَ، بَلْ قَالَ: لَقِيتُهُ بِمَكَّةَ. وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُكْرِمُهُ. 355- مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ3، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْمَدَنِيُّ، التَّمَّارُ. –عم. رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ. وَرَوَى عَنِ: الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَاصِمِ بْنِ قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَاقِدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، والقعنبي، وخالد بن مخلد، وآخرون.   1 لم أقف على ترجمة وهو غير الراسبي الذي يروي عن الحسن أيضًا. 2 التاريخ الكبير "1/ 106"، الجرح والتعديل "7/ 274"، الثقات لابن حبان "9/ 48". 3 الطبقات الكبرى "9/ 446"، التاريخ الكبير "1/ 117"، الجرح والتعديل "7/ 287"، التهذيب "9/ 225-226". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 235 وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 356- مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ1، الْمَدَنِيُّ، الأَزْرَقُ. -د. ن. ق. تَأَخَّرَ عَنِ التَّمَّارِ قَلِيلا. حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشْهَلِيِّ الأَسَدِيِّ، وَمُسْلِمَةَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ، وَأَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وثّقه ابن حيّان. 357- مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ2، الْيَامِيُّ، الْكُوفِيّ. -خ. م. د. ت. ق. أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَكَمِ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَزُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَحَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ الْبَصْرِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ: مَتْرُوكُونَ ثَلاثَةٌ: مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَفُلَيْحٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ.   1 التاريخ الكبير "1/ 117"، الجرح والتعديل "7/ 287-288"، ميزان الاعتدال "3/ 581"، التهذيب "9/ 228". 2 الطبقات الكبرى "6/ 376"، التاريخ الكبير "1/ 122"، الجرح والتعديل "7/ 291-292"، التهذيب "9/ 238-239". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 236 قَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، ثِقَةٌ، لا يَكَادُ يَقُولُ: حَدَّثَنَا. 358- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد بْن عُمَيْر بْن قَتَادَةَ1، اللَّيْثِيُّ. وَيُعْرَفُ بِمُحَمَّدٍ الْمُحْرِمِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَطَاءٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَالنُّفَيْلِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: مَكِّيٌّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. 359- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلاثَةَ، الْقَاضِي2. -د. س. ق. وَعُلاثَةَ هُوَ ابْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ مَالِكٍ الْعُقَيْلِيُّ الْجَزَرِيُّ، أَبُو الْيَسِيرِ. مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ. سَمِعَ: عَبْدَ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيَّ، وَخُصَيْفًا، وَعَلِيَّ بْنَ بَذِيمَةَ، وَعَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيَّ، وَطَائِفَةً. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٌ، وَحَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ، وَآخَرُونَ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَلِيَ الْقَضَاءَ لِلْمَهْدِيِّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ، قَدِمَ بَغْدَادَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِعَسْكَرِ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ وَلِيَ مَعَهُ عَافِيَةُ الْقَاضِي، فَأَخْبَرَنِي عليّ بن الجعد قال:   1 التاريخ الكبير "1/ 142"، الجرح والتعديل "7/ 300"، المجروحين لابن حبان "2/ 257-258"، ميزان الاعتدال "3/ 590". 2 الطبقات الكبرى "7/ 323"، التاريخ الكبير "1/ 132-133"، الجرح والتعديل "7/ 302"، ميزان الاعتدال "3/ 594-595"، تهذيب التهذيب "9/ 269-271". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 237 رأيتهما يقضيان فِي جَامِعِ الرَّصَافَةِ جَمِيعًا، وَكَانَ عَافِيَةُ أَكْثَرَهُمَا دُخُولا عَلَى الْمَهْدِيِّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُكَنَّى أَبَا الْيَسِيرِ، فِي حِفْظِهِ نَظَرٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَأَخُوهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ عُلاثَةَ ثقة، يروي عنه مَعْمَرٍ. وَأَخُوهُمَا: أَبُو سَهْلِ بْنُ عُلاثَةَ ثِقَةٌ، يَرْوِي عَنْهُ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: مُحَمَّدُ بْنُ عُلاثَةَ: ثِقَةٌ. وقال أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عدي: أرجو أنه لا بأس به. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: قال البخاريّ: في قوله نظره، وَلَيْسَ يُقْنِعُ بِهَذَا مِنَ الْبُخَارِيِّ، مُحَمَّدُ بْنُ عُلاثَةَ حَدِيثُهُ يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ، هُوَ عِنْدِي وَاهٍ. قَالَ الْخَطِيبُ عُقَيْبَهَا: أَحْسَبُ الأَزْدِيَّ وَقَعَتْ إِلَيْهِ رِوَايَاتُ عَمْرِو بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ ابْنِ عُلاثَةَ، فَلِأَجْلِهَا نَسَبَهُ إِلَى الْكَذِبِ، وَالآفَةُ مِنِ ابْنِ الْحُصَيْنِ، فَإِنَّهُ كَذَّابٌ. عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ الْحُدَّانِيِّ قَالَ: اخْتَصَمَتِ الْجِنُّ وَالإِنْسُ إِلَى ابْنِ عُلاثَةَ فِي بِئْرٍ، وَلَمْ يَرَ الْجِنَّ، لَكِنْ سَمِعَ كَلامَهُمْ، فَحَكَمَ أَنَّ الإِنْسَ يَسْتَقُونَ مِنَ الْفَجْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَحَكَمَ لِلْجِنِّ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْفَجْرِ، فَكَانَ مَنِ اسْتَقَى بَعْدَ الْمَغْرِبِ رُجِمَ بِالْحِجَارَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ سِرَاجٍ الْمِصْرِيُّ: كَانَ ابْنُ عُلاثَةَ يُقَالُ لَهُ: قَاضِي الْجِنِّ، ثُمَّ ذَكَرَ الْبِئْرَ وَأَنَّهَا بِئْرٌ بَيْنَ حَرَّانَ وَحِصْنِ مُسْلِمَةَ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَظُنُّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلِيَ قَضَاءَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ لِلْمَهْدِيِّ. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 238 360- الْمَهْدِيُّ1: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، الْعَبَّاسِيُّ، الْخَلِيفَةُ الثَّالِثُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ. مَوْلِدُهُ بِإِيذَجَ فِي سنة سبع وعشرين ومائة. وقال الْحَطَبِيُّ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ. وَأُمُّهُ، أُمُّ مُوسَى بْنِ مَنْصُورٍ، الْحِمْيَرِيَّةُ. وَكَانَ جَوَّادًا، مُمَدَّحًا، مَلِيحَ الشَّكْلِ، مُحَبَّبًا إِلَى الرَّعِيَّةِ، قَصَّابًا لِلزَّنَادِقَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ. حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن عبد الله الرّقاشيّ، وأبو سفيان سعيد ابن يَحْيَى الْحِمْيَرِيُّ. وَمَا عَلِمْتُ قِيلَ فِيهِ جَرْحًا، وَلا تَوْثِيقًا. وَقَدْ رَوَى مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا الْمَهْدِيُّ، بسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذَا؟ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَهَرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ2، فَقُلْتُ لِلْمَهْدِيِّ: نَأْثُرُهُ عَنْكَ؟ قَالَ: نعم. هذا إسناد متّصل، لكن ما عملت أَحَدًا احْتَجَّ بِالْمَهْدِيِّ وَلا بِأَبِيهِ فِي الأَحْكَامِ. تَفَرَّدَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ -قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَصِلَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا: "الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ عَمِّي"3. وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابن   1 سير أعلام النبلاء "7/ 400-403"، البداية والنهاية "10/ 129-131". 2 "حديث ضعيف": لعدم الاحتجاج بحديث المهدي ولا أبيه. 3 "حديث موضوع": أخرج الدارقطني في الإفراد "2/ 26"، وابن الجوزي في الواهيات "1431"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "80"، وقال: موضوع. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 239 مسعود، مرفوعًا: "يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي" 1. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَمِنَ الْمَنَاكِيرِ الْوَاهِيَاتِ خَبَرُ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: "مِنَّا الْمَنْصُورُ، وَمِنَّا السَّفَّاحُ وَالْمَهْدِيُّ". إِسْنَادُهُ صَالِحٌ. وَلَمَّا شَبَّ الْمَهْدِيُّ، أَمَّرَهُ أَبُوهُ عَلَى طَبَرِسْتَانَ وَمَا يَلِيهَا، وَعَلَى الرَّيِّ، وَتَأَدَّبَ وَجَالَسَ الْعُلَمَاءَ، وَتَمَيَّزَ. ثُمَّ إِنَّ أَبَاهُ غَرِمَ أَمْوَالا عَظِيمَةً، وَتَحَيَّلَ حَتَّى اسْتَنْزَلَ وَلِيَّ الْعَهْدِ وَلَدَ أَخِيهِ عِيسَى بْنَ مُوسَى عَنِ الْمَنْصِبِ، وَوَلاهُ الْمَهْدِيَّ، فَلَمَّا مَاتَ الْمَنْصُورُ بِظَاهِرِ مَكَّةَ قَبْلَ الْحَجِّ قام بأخذ البيعة الرَّبِيعُ بْنُ يُونُسَ الْحَاجِبُ، وَأَسْرَعَ بِالْخَبَرِ إِلَى الْمَهْدِيِّ مَوْلاهُ مَنَارَةُ الْبَرْبَرِيُّ وَهُوَ بِبَغْدَادَ، فَكَتَمَ الأَمْرَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، وَنَعَى إِلَيْهِمُ الْمَنْصُورَ. قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ أَسْمَرَ، مضطرب الخلق، على نُكْتَةُ بَيَاضٍ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ أَسْمَرَ طَوِيلا جَعْدًا، فَأَوَّلُ مَنْ هَنَّأَ الْمَهْدِيَّ بِالْخِلافَةِ وَعَزَّاهُ، أَبُو دُلامَةَ وَأَجَادَ: عَيْنَايَ وَاحِدَةٌ تُرَى مَسْرُورَةً ... بِأَمِيرِهَا جَذْلَى، وَأُخْرَى تَذْرِفُ تَبْكِي وَتَضْحَكُ تَارَةً، يسوءها ... ما أنكرت ويسرها ما تعرف فيسؤها موت الخليفة محرمًا ... وَيَسُرُّهَا أَنْ قَامَ هَذَا الأَرْأَفُ مَا إِنْ رَأَيْتُ كَمَا رَأَيْتُ وَلا أَرَى ... شَعْرًا أُسَرِّحُهُ وَآخَرَ يُنْتَفُ هَلَكَ الْخَلِيفَةُ، يَا لَدِينِ مُحَمَّدٍ ... وَأَتَاكُمْ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ يَخْلُفُ أَهْدَى لِهَذَا اللَّهُ فَضْلَ خِلافَةٍ ... وَلِذَاكَ جَنَّاتِ النَّعِيمِ تُزَخْرَفُ وَمِنْ خُطْبَةِ الْمَهْدِيِّ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدٌ دُعِيَ فَأَجَابَ، وَأُمِرَ فَأَطَاعَ، وَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: وَقَدْ بَكَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ فِرَاقِ الأَحِبَّةِ، وَلَقَدْ فَارَقْتُ عَظِيمًا، وقلّدت   1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "4282"، والترمذي "2230-2231"، وأحمد في المسند "1/ 376، 377، 430، 448"، والطبراني في الكبير "6/ 102"، وابن حبان في صحيحه "5954"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود "4282". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 240 جَسِيمًا، فَعِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَبِهِ أَسْتَعِينُ عَلَى خِلافَةِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ الْمَهْدِيِّ: "اللَّهُ ثِقَةُ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ يُؤْمِنُ". وَرَوَى أَبُو الْعَيْنَاءِ، عَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ عَدِيٍّ، أَنَّ الْمَهْدِيَّ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ: أَسِرُّوا مِثْلَ مَا تُعْلِنُونَ مِنْ طَاعَتِنَا نَهَبْكُمُ الْعَافِيَةَ وَتُحَمَّدُوا الْعَاقِبَةَ، وَاخْفِضُوا جَنَاحَ الطَّاعَةِ لِمَنْ نَشَرَ مَعْدِلَتَهُ فِيكُمْ وَطَوَى الإِصْرَ عَنْكُمْ، وَأَهَالَ عَلَيْكُمُ السَّلامَةَ مِنْ حَيْثُ رَآهُ اللَّهُ مُقَدِّمًا ذَلِكَ، وَاللَّهِ لَأُفْنِيَنَّ عُمْرِي بَيْنَ عُقُوبَتِكُمْ وَالإِحْسَانِ إِلَيْكُمْ. قَالَ مَنَارَةُ: فَرَأَيْتُ وُجُوهَ النَّاسِ تُشْرِقُ فَرَحًا. قَالَ نِفْطَوَيْهِ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَنْصُورِيُّ قَالَ: لَمَّا حَصَلَتِ الْخَزَائِنُ فِي يَدِ الْمَهْدِيِّ، أَخَذَ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ، فَأَخْرَجَ أَكْثَرَ الذَّخَائِرِ فَفَرَّقَهَا، وَبَرَّ أَهْلَهُ وَمَوَالِيَهُ. قُلْتُ: كَانَ أَبُوهُ جَمَعَ مِنَ الأَمْوَالِ مَا لا يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَكَانَ مِسِّيكًا. فَذُكِرَ عَنِ الرَّبِيعِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ قَالَ: مَاتَ الْمَنْصُورُ وَفِي بَيْتِ الْمَالِ مائة ألف أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَسِتُّونَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَسَّمَ ذَلِكَ الْمَهْدِيُّ وَأَنْفَقَهُ، وَكَانَتْ نَفَقَةُ الْمَنْصُورِ مَا يَجِيئُهُ مِنْ مَالِ الشَّرَاةِ نَحْوَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فِي السَّنَةِ. قُلْتُ: وَزْنُ ذَلِكَ الْمَالِ بِالْقِنْطَارِ الدِّمَشْقِيِّ أَلْفُ قِنْطَارٍ وَسِتُّمِائَةِ قِنْطَارٍ وَسَبْعُونَ، وَإِذَا صُرِفَ بِهَا ذَهَبٌ مِصْرِيٌّ، جَاءَ أَزْيَدَ مِنْ مِائَةِ قِنْطَارٍ وَسَبْعِينَ قِنْطَارًا. وَعَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمَهْدِيِّ بِالرَّصَافَةِ فَقُلْتُ: أَجْهِلْ قَوْلِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ أَحْمَلُهُمْ لِغِلْظَةِ النَّصِيحَةِ فِيهِ، وَجَدِيرٌ مَنْ لَهُ قَرَابَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يَرِثَ أَخْلاقَهُ وَيَأْتَمَّ بِهَدْيِهِ، وَقَدْ وَرَّثَكَ اللَّهُ مِنْ فَهْمِ الْعِلْمِ وَإِنَارَةِ الْحُجَّةِ مِيرَاثًا قَطَعَ بِهِ عُذْرَكَ، فَمَهْمَا ادَّعَيْتَ مِنْ حُجَّةٍ، أَوْ رَكِبْتَ مِنْ شُبْهَةٍ، لَمْ يَصِحَّ لَكَ بُرْهَانٌ مِنَ اللَّهِ، فِيهَا حَلَّ بِكَ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ بِقَدْرِ مَا تَجَاهَلْتَهُ مِنَ الْعِلْمِ، وَأَقْدَمْتَ عَلَيْهِ مِنْ شُبَهِ الْبَاطِلِ، وَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَصْمُ مَنْ خَالَفَهُ، وَأَثْبَتُ النَّاسِ قَدَمًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آخِذُهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمِثْلُكَ لا يُكَابِرُ بِتَجْرِيدِ الْمَعْصِيَةِ، لَكِنْ بِمِثْلِ الإِسَاءَةِ إِحْسَانًا، وَيَشْهَدُ له عليها خونة العلماء، فهذه الخيالة تَصَيَّدَتِ الدُّنْيَا نُظَرَاءَكَ، فَأَحْسِنِ الْجَهْلَ، فَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ وَعَظَكَ الأَدَاءَ. قِيلَ: قَبَّلَ رَجُلٌ يَدَ الْمَهْدِيِّ وَقَالَ: يَدُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَحَقُّ بِالتَّقْبِيلِ لِعُلُوِّهَا بِالْمَكَارِمِ، وَطَهَارَتِهَا مِنَ الْمَآثِمِ، وَإِنَّكَ ليوسفي الْعَفْوِ، إِسْمَاعِيلِيُّ الصِّدْقِ، شُعَيْبِيُّ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 241 الرِّفْقِ، فَمَنْ أَرَادَكَ بِسُوءٍ جَعَلَهُ اللَّهُ طَرِيدَ خَوْفِكَ، حَصِيدَ سَيْفِكَ. وَأُثْنِيَ عَلَيْهِ بِالشَّجَاعَةِ فَقَالَ: وما لي لا أَكُونُ شُجَاعًا وَمَا خِفْتُ أَحَدًا إِلا اللَّهَ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَنَّ الْمَهْدِيَّ كَتَبَ إِلَى الأَمْصَارِ يَزْجُرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأُمَرَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا. وَعَنْ يُوسُفَ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ الْمَهْدِيُّ رَفَعَ أَهْلُ البدع رؤوسهم، وَأَخَذُوا فِي الْجَدَلِ، فَأَمَرَ أَنْ يُمْنَعَ النَّاسُ مِنَ الْكَلامِ، وَأَنْ لا يُخَاضَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، فَانْقَمَعُوا. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ: سَمِعْتُ سَلْمًا الْحَاجِبَ يَقُولُ: هَاجَتْ رِيحٌ سَوْدَاءُ، فَخِفْنَا أَنْ تَكُونَ السَّاعَةَ، وَطَلَبْتُ الْمَهْدِيَّ فِي الإِيوَانِ فَلَمْ أَجِدْهُ، ثُمَّ سَمِعْتُ حَرَكَةً فِي بَيْتٍ، فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ عَلَى التُّرَابِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تُشَمِّتْ بِنَا أَعْدَاءَنَا مِنَ الأُمَمِ، وَلا تَفْجَعْ بِنَا نَبِيَّنَا، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ أَخَذْتَ الْعَامَّةَ بِذَنْبِي فَهِذِهِ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، فَمَا أَتَمَّ كَلامَهُ حَتَّى انْجَلَتْ. عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ: أَنَّ الْمَهْدِيَّ قَدِمَ الْبَصْرَةَ، فَكَانَ يُصَلِّي بِنَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مُرِ الْمُؤَذِّنَ لا يُقِيمُ حَتَّى أَتَوَضَّأَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَتَعَجَّبُوا مِنْ أَخْلاقِ الْمَهْدِيِّ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ الْمَهْدِيَّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ، وَثَنَّى بِمَلائِكَتِهِ فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] . قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَقَالَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ شَتَمَنِي وَقَذَفَ أُمِّي، فَإِمَّا أَمَرْتَنِي أَنْ أَجْلِدَهُ، وَإِمّا عَوَّضْتَنِي فَاسْتَغْفَرْتَ لَهُ. قَالَ: وَلِمَ شَتَمَكَ؟ قَالَ: شَتَمْتُ عَدُوَّهُ بِحَضْرَتِهِ فَغَضِبَ. قَالَ: وَمَنْ عَدُوُّهُ؟ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ أَمَسُّ بِهِ رَحِمًا، وَأَوْجَبُ عَلَيْهِ حَقًّا، فَإِنْ كَانَ شَتَمَكَ كَمَا زَعَمْتَ فَعَنْ رَحِمِهِ ذَبَّ، وَعَنْ عِرْضِهِ دَفَعَ، وَمَا أَسَاءَ مَنِ انْتَصَرَ لابْنِ عَمِّهِ، قَالَ: إِنَّهُ كَانَ عَدُوًّا لَهُ، قَالَ: لَمْ يَنْتَصِرْ لِلْعَدَاوَةِ بَلْ لِلرَّحِمِ، فَأَسْكَتَ الرَّجُلَ، فَلَمَّا ذَهَبَ لِيُوَلِّي قَالَ: لَعَلَّكَ أَرَدْتَ أَمْرًا فَجَعَلْتَ هَذَا ذَرِيعَةً، قَالَ: نَعَمْ، فَتَبَسَّمَ وَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسَةِ آلافٍ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ رَجُلٌ شَرِيفٌ، فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَنْتَهِي إِلَى غاية شكرك إلا وجدت ولاءها غَايَةً مِنْ مَعْرُوفِكَ، فَمَاتَ عَجْزُ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 242 النَّاسِ عَنْ بُلُوغِهِ، فَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِ، فِي كَلامٍ ذَكَرَهُ. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنِ الرَّبِيعِ، أَنَّ الْمَنْصُورَ يَوْمًا فَتَحَ خِزَانَةً مِمَّا قَبَضَ مِنْ خَزَائِنِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَأَحْصَى فِيهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ عِدْلٍ خَزٍّ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا ثَوْبًا فَقَالَ لِي: اقْطَعْ لِي جُبَّةً، وَلِمُحَمَّدٍ جُبَّةً، فقلت: لا يجيء مِنْهُ هَذَا قَالَ: اقْطَعْ لِي جُبَّةً وَقَلَنْسُوَةً، وَبَخِلَ أَنْ يُخْرِجَ ثَوْبًا آخَرَ لِلْمَهْدِيِّ، فَلَمَّا أَفْضَتِ الْخِلافَةُ إِلَى الْمَهْدِيِّ، أَمَرَ بِتِلْكَ الْخِزَانَةِ بِعَيْنِهَا، فَفُرِّقَتْ عَلَى الْمَوَالِي وَالْخَدَمِ. الزُّبير بْنُ بَكَّارٍ فِي النَّسَبِ. حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ: لَمَّا جَلَسَ الْمَهْدِيُّ لِأَشْرَافِ قُرَيْشٍ وَأَجَازَهُمْ، كَانَ فِيمَنْ صَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَجَازَهُ وَكَسَاهُ فَقَالَ: وَصَلَكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَنِي فِدَاكَ، فَقَدْ وَصَلْتَ الرَّحم، وَرَدَدْتَ الظَّلامة، وَعِنْدِي بِنْتُ عَمٍّ لِي أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، غَدَوْتُ الْيَوْمَ وَأَنَا لَهَا مُغَاضِبٌ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَجْعَلَ للصُّلح بَيْنَنَا مَوْضِعًا فَافْعَلْ، فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِينَارٍ وَخَمْسِينَ ثَوْبًا فَقَالَ: تَرَى هذا يصلح بَيْنَكُمَا؟. قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ قُلْتَ: لا، مَا زِلْتُ أَزِيدُكَ إِلَى اللَّيْلِ. أَبُو زُرْعَةَ الدِّمشقيّ، نَا أَبِي، نَا أَبُو خُلَيْدٍ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: قَالَ لِي الْمَهْدِيُّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَكَ دَارٌ؟ قُلْتُ: لا وَاللَّهِ. فَأَمَرَ لِي بِثَلاثَةِ آلافِ دِينَارٍ. الزُّبير بْنُ بَكَّارٍ: نَا عَمِّي قَالَ: كَانَ الْمَهْدِيُّ أَعْطَى بَكَّارًا الأَخْيَنِيَّ بِدَارِهِ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ الَّتِي عِنْدَ الْجَمْرَةِ، فَأَبَى وَقَالَ: مَا كُنْتُ لأبيع جوار أمير المؤمنين، فأمر له بأربعة آلافٍ وَقَالَ: دَعُوهُ وَدَارَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْمَاجِشُونِ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ أَنْشَدَهُ: وَلِلنَّاسِ بَدْرٌ فِي السَّمَاءِ يَرَوْنَهُ ... وَأَنْتَ لَنَا بَدْرٌ عَلَى الأَرْضِ مُقْمِرُ فَبِاللَّهِ يَا بدر السَّماء ضوءه ... تَرَاكَ تُكَافِئُ عُشْرَ مَالَكَ أُضْمِرُ وَمَا الْبَدْرُ إِلا دُونَ وَجْهِكَ فِي الدُّجى ... يَغِيبُ فَتَبْدُو حِينَ غَابَ فَتُقْمِرُ وَمَا نَظَرَتْ عَيْنِي إِلَى الْبَدْرِ طَالِعًا ... وَأَنْتَ تَمْشِي فِي الثِّيَابِ فَتُسْحِرُ وَأَنْشَدَهُ مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ: رَمَى الْبَيْنُ مِنْ قَلْبِي السَّواد فَأَوْجَعَا ... وَصَاحَ، فَصِيحَ بالرَّحيل فاسمعا الجزء: 10 ¦ الصفحة: 243 وَغَرَّدَ حَادِي الرَّكب وانشقَّت الْعَصَا ... وَأَصْبَحْتُ مَسْلُوبَ الْفُؤَادِ مُفْجَعًا كَفَى حُزْنًا مِنْ حَادِثِ الدَّهر إنّني ... أرى البين لا أَسْتَطِيعُ لِلْبَيْنِ مَدْفَعًا وَقَدْ كُنْتُ قَبْلَ الْبَيْنِ بِالْبَيْنِ جَاهِلا ... فَيَا لَكَ بَيْنٌ، مَا أمرَّ وَأَفْظَعَا وَأَنْشَدَهُ أَبُو السَّائب، وَغَيْرُهُ، فَقَالَ المهديّ، لأغنينَّكم، فَأَجَازَهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ، هَذِهِ رَوَاهَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَارُونَ الْعَدَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ. وَقَالَ نِفْطَوَيْهِ: انْقَطَعَ الْمَهْدِيُّ عَنْ خَاصَّتِهِ فِي الصَّيد، فَنَزَلَ يَبُولُ، وَدَفَعَ إِلَى أَعْرَابِيٍّ فَرَسَهُ، فَاقْتَلَعَ مِنْ خَيْلِهِ السَّرج، ثُمَّ تَلاحَقَتِ الْخَيْلُ فَأَحَاطَتْ بِهِ، فَهَرَبَ الأَعْرَابِيُّ، فَأَمَرَهُمْ بِرَدِّهِ، وَخَافَ الأَعْرَابِيُّ فَقَالَ: خُذُوا مَا أَخَذْنَا وَدَعُونَا نَذْهَبُ إِلَى خِزْيِ اللَّهِ وَنَارِهِ، فصاح الْمَهْدِيُّ: تَعَالَ لا بَأْسَ عَلَيْكَ، فَقَالَ: مَا تُرِيدُ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَ فَرَسِكَ، فَضَحِكُوا وَقَالُوا: وَيْلُكَ، قُلْ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ يَا أَمِيرَ المؤمنين، فقال: أو هذا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ أَرْضَاهُ هَذَا مِنِّي مَا يُرْضِينِي ذَلِكَ فِيهِ، وَلَكِنْ جَعَلَ اللَّهُ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ فِدَاءَهُ، وَجَعَلَنِي فِدَاءَهُمَا، فَضَحِكَ الْمَهْدِيُّ، وَطَابَ لَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلافٍ. وَحَكَى ابْنُ الإِخْبَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادٍ أَنَّ الْمَهْدِيَّ أَعْطَى رَجُلا مرَّة مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ قَدْ شَكَا أَنَّ عَلَيْهِ خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. أَبُو صَوَافِيَةَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَنٌ الْوَصِيفُ حَاجِبُ الْمَهْدِيِّ قَالَ: كُنَّا بِزُبَالَةَ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، أَنَا عَاشِقٌ، فَدَعَا بِهِ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أَبُو مَيَّاسٍ، قَالَ: مَنْ عَشِيقَتُكَ؟ قَالَ: بِنْتُ عَمِّي، وَقَدْ أَبَى أَنْ يُزَوِّجَهَا، قَالَ: لَعَلَّهُ أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا. قَالَ: لا أَنَا أَكْثَرُ مِنْهُ مَالا، قَالَ: فَمَا الْقِصَّةُ؟ قَالَ: أَدْنِ مِنِّي رَأْسَكَ، قَالَ: فَضَحِكَ الْمَهْدِيُّ وَأَصْغَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي هَجِينٌ، قَالَ: لَيْسَ يَضُرُّكَ ذَاكَ، إِخْوَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرُهُمْ هُجُنٌ، يَعْنِي أَوْلادَ إِمَاءٍ، يَا غُلامُ: عَلَيَّ بِعَمِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَإِذَا أَشْبَهُ خلقٍ بِأَبِي مَيَّاسٍ كَأَنَّهُمَا بَاقِلاةٌ فُلِقَتْ، فَقَالَ: لِمَ لا تُزَوِّجُ أَبَا مَيَّاسٍ وَلَهُ أَدَبٌ وَأَنْتَ عمُّه؟ قَالَ: إِنَّهُ هَجِينٌ، قَالَ: فَإِخْوَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَلَدُهُ أَكْثَرُهُمْ هُجُنٌ، فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُنْقِصُهُ، زوِّجه، فَقَدْ أَصْدَقْتُهَا عَنْهُ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَأَمَرَ لَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا فَأَنْشَدَ: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 244 ابْتَعْتُ ظَبْيةً بِالْغَلاءِ، وَإِنَّمَا ... يُعْطَى الْغَلاءُ بِمِثْلِهَا أَمْثَالِي وَتَرَكْتُ أَسْوَاقَ الْقِبَاحِ لِأَهْلِهَا ... إِنَّ الْقِبَاحَ وَإِنْ رَخُصْنَ غَوَالِي قَالَ الزُّبَيْرُ: أَخْبَرَنِي يُوسُفُ الْخَيَّاطُ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ الْخَيَّاطِ الْمَكِّيُّ الشَّاعِرُ عَلَى الْمَهْدِيِّ وَقَدْ مَدَحَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا قَبَضَهَا فَرَّقَهَا عَلَى النَّاسِ وَقَالَ: أَخَذْتُ بِكَفِّي كَفَّهُ أَبْتَغِي الْغِنَى ... وَلَمْ أَدْرِ الْجُودَ مِنْ كَفِّهِ يُعْدِي فَلا أَنَا مِنْهُ ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت، وأعداني، فبدّت مَا عِنْدِي فَنُمِيَ الْخَبَرُ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَعْطَاهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ دِينَارًا. وَقِيلَ: إِنَّ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ لَمَّا أَنْشَدَ الْمَهْدِيَّ قَصِيدَتَهُ السَّائِرَةَ الَّتِي أَوَّلُهَا: صَحَا بَعْدَ جَهْلٍ وَاسْتَرَاحَتْ عَوَاذِلُهُ. قَالَ: وَيْلُكَ، كَمْ بَيْتٍ هِيَ؟ قَالَ: سَبْعُونَ بَيْتًا، قَالَ: لَكَ بِهَا سَبْعُونَ أَلْفًا. وَفِيهَا: كَفَاكُمْ بِعَبَّاسٍ أَبِي الْفَضْلِ وَالِدًا ... فَمَا مِنْ أَبٍ إِلا أَبُو الْفَضْلِ فَاضِلُهُ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُحَمَّدًا ... أَبُو جَعْفَرٍ فِي كُلِّ أَمْرٍ يُحَاوِلُهُ إِلَيْكَ قَصَرْنَا النِّصْفَ مِنْ صَلَوَاتِنَا ... مَسِيرَةَ شَهْرٍ بَعْدَ شَهْرٍ نُوَاصِلُهُ فَلا نَحْنُ نَخْشَى أَنْ يَخِيبَ مَسِيرُنَا ... إِلَيْكَ، وَلَكِنْ أَهْنَأُ الْبِرِّ عَاجِلُهُ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: عجِّلوها لَهُ. الزُّبير بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْمَهْدِيَّ كَانَ مُسْتَهْتِرًا بالخيزران، لا يكاد يفارها فِي مَجْلِسٍ يَلْهُو بِهِ. عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ: كَانَتْ لِلْمَهْدِيِّ جَارِيَةٌ يُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا، وَكَانَتْ شَدِيدَةَ الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَتَغْتَاظُ، وَتُؤْذِيهِ، فَقَالَ فيها: أَرَى مَاءً وَبِي عَطَشٌ شَدِيدٌ ... وَلَكِنْ لا سَبِيلَ إِلَى الْوُرُودِ أَرَاحَ اللَّهُ مِنْ بَدَنِي فُؤَادِي ... وَعَجَّلَ بِي إِلَى دَارِ الْخُلُودِ أَمَا يَكْفِيكِ أَنَّكِ تَمْلِكِينِي ... وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَبِيدِي؟ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 245 وَأَنَّكِ لَوْ قَطَعْتِ يَدِي وَرِجْلِي ... لَقُلْتُ مِنَ الرِّضَا: أَحْسَنْتِ زِيدِي وَالْمَهْدِيُّ كَغَيْرِهِ مِنْ عُمُومِ الْخَلائِفِ وَالْمُلُوكِ، لَهُ مَا لَهُمْ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، كَانَ مُنْهَمِكًا فِي اللَّذَّاتِ وَاللَّهْوِ وَالْعَبِيدِ، ولكن مُسْلِمٌ خَائِفٌ مِنَ اللَّهِ، قَدْ تَتَّبَعَ الزَّنَادِقَةَ وَأَبَادَ خَلْقًا مِنْهُمْ. فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَدَّمٍ الواسطيّ، عن أبيه: أنّ المهديّ قال لابنه الْهَادِي يَوْمًا - وَقَدْ قُدِّمَ إِلَيْهِ زِنْدِيقٌ فَاسْتَتَابَهُ فَلَمْ يَتُبْ فَضَرَبَ عُنُقَهُ: يَا بُنَيَّ إِنْ وُلِّيتَ فَتَجَرَّدْ لِهَذِهِ الْعِصَابَةِ، يَعْنِي أَصْحَابَ مَانِي، فَإِنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى ظَاهِرٍ حَسَنٍ كَاجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ وَالزُّهْدِ وَالْعَمَلِ لِلآخِرَةِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُخْرِجُونَ الناس إلى تحريم اللّحموم، وَمَسِّ الْمَاءِ لِلتَّطَهُّرِ، وَتَرْكِ قَتْلِ الْهَوَامِّ تَحَرُّجًا وَتَأَثُّمًا، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْ هَذَا إِلَى عِبَادَةِ اثْنَيْنِ، أَحَدُهُمَا النُّورُ، وَالآخَرُ الظُّلْمَةُ، ثُمَّ يُبِيحُونَ نِكَاحَ الأُخْتِ وَالْبِنْتِ، وَالْغُسْلَ بِالْبَوْلِ، فَجَرِّدْ فِيهِمُ السَّيْفَ، فَإِنِّي رَأَيْتُ جَدَّكَ الْعَبَّاسَ فِي الْمَنَامِ، فَقَلَّدَنِي سَيْفَيْنِ، وَأَمَرَنِي بِقَتْلِ أَصْحَابِ الاثْنَيْنِ. قَالَ الزُّبَيْرُ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَسَّمَ الْمَهْدِيُّ قَسْمًا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، فَأَصَابَ مَشْيَخَةَ بَنِي هَاشِمٍ، أَكْثَرُهُمْ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا، وَأَقَلُّ مَنْ أَصَابَهُ مِنَ الْقِسْمَةِ مِنَ الْعَرَبِ أَوْ مِنْ مَوَالِيهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَكَانَ عِدَّةُ الَّذِينَ أَخَذُوا ثَمَانِينَ أَلْفَ إِنْسَانٍ. عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينَ الأَمِيرِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الْمَهْدِيِّ، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا اسْتَيْقَظَ بَاكِيًا، رَأَى كَأَنَّ شَيْخًا يَقُولُ لَهُ: كَأَنَّنِي بِهَذَا الْقَصْرِ قَدْ بَادَ أَهْلُهُ ... وَأَوْحَشَ مِنْهُ رُكْنُهُ وَمَنَازِلُهُ وَصَارَ عَمِيدُ الْقَوْمِ مِنْ بَعْدِ بَهْجَةٍ ... وَمُلْكٍ إِلَى قَبْرٍ عَلَيْهِ جَنَادِلُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلا ذِكْرُهُ وَحَدِيثُهُ ... يُنَادِي بِلَيْلٍ مُعَوِّلاتٌ حَلائِلُهُ تَزَوَّدْ من الدّنيا فإنّك ميت ... وإنّك مسؤول فَمَا أَنْتَ قَائِلُهُ قَالَ الْفَلاسُ: مَلَكَ الْمَهْدِيُّ عِشْرِينَ سَنَةً وَشَهْرًا وَنِصْفًا، وَمَاتَ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالُوا: ومات بماسبذان، وعاش ثَلاثًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَعَقَدَ بِالأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ لابْنَيْهِ مُوسَى الْهَادِي، ثُمَّ هَارُونَ الرَّشِيدِ. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 246 361- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ1، الْكُوفِيُّ النَّحْوِيُّ. -د. ق. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَخَالِ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الحارثيّ، وأبو ذر محمد بْنُ عُثَيْمٍ، وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، نُسْخَةٌ أَكْثَرُهَا مَنَاكِيرُ، فَأَنْكَرُهَا: إِنَّ أَحَادِيثِي يَنْسَخُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَنَسْخِ الْقُرْآنِ. 362- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 بْنِ مُجَبِّرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: نَافِعٍ، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَالْعُمَرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَوَى الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ آدَمَ، عَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: سَكَتُوا عَنْهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. حجّاج بن منهال، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُجَبَّرِ، عَنْ نافع، عن ابن عُمَرَ مَرْفُوعًا: "اطْلُبُوا الْخَيْرَ عَنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ"3. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: الرِّوَايَةُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهَا لين.   1 التاريخ الكبير "1/ 163"، الجرح والتعديل "7/ 311"، تهذيب التهذيب "9/ 293-294". 2 الجرح والتعديل "7/ 320"، المجروحين لابن حبان "2/ 263"، ميزان الاعتدال "3/ 621". 3 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 102"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 162"، وضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة "2797"، من طريق آخر عن عائشة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 247 363- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن1 بْنِ طَلْحَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ طَلْحَةَ، الْعبْدِيُّ، الْحَجَبِيُّ، الْمَكِّيُّ. عَنْ: جَدَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، وَغَيْرِهَا. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ، وَوَكِيعٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لِلنُّفَيْلِيِّ. وَلَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهِ مَقَالا يُوَهِّيهِ. 364- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ2، أَبُو خَالِدٍ، الْمَكِّيُّ، الْقَاضِي، الْمَعْرُوفُ بِالأَوْقَصِ. عَنْ: خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَغَيْرُهُمَا. وَكَانَ لا رَقَبَةَ لَهُ، بَلْ رَأْسُهُ عَلَى بَدَنِهِ. مَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، فَقَالَتْ: وَأَيْنَ الرَّقَبَةُ. وَقَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ مَكَّةَ عَشْرِينَ سَنَةً، وَقَدِمَ الشَّامَ غَازِيًا. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 365- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ3 بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، الْعَوْفِيُّ، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ، وَغَيْرُهُمَا. مَتْرُوكُ الحديث. وقال البخاريّ: منكر الحديث.   1 التاريخ الكبير "1/ 155"، الثقات لابن حبان "7/ 422-423"، تهذيب التهذيب "9/ 298-299". 2 التاريخ الكبير "1/ 156"، الجرح والتعديل "7/ 323"، ميزان الاعتدال "3/ 625". 3 التاريخ الكبير "1/ 167"، الجرح والتعديل "8/ 7"، ميزان الاعتدال "3/ 628". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 248 إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَوْصَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ لِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا فَوَجَدَهُمْ مِائَةَ رَجُلٍ، لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَانَ عُثْمَانُ فِيهِمْ، فَأَخَذَهَا. 366- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّيْمِيُّ، الْكُوفِيُّ، الزَّاهِدُ1. عَنْ: مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَأَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ: سُلَيْمُ بْنُ عِيسَى الْمُقْرِئُ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. ذَكَرَ عَنْهُ خَيْرًا وَفَضْلا وَصَلاحًا. وَقَدْ نَزَحَ مِنَ الْكُوفَةِ مَرَّةً فَقَالَ: لا أُقِيمُ بِبَلْدَةٍ يُشْتَمُ فيها الصحابة -رضي الله عنهم. 367حمد بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَنْصَارِيُّ2 الْمَدَنِيُّ، الضَّرِيرُ. عَنْ: عطاء بن أبي رباح، ونافع، وابن المنكدر. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَعِدَّةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَذَّابٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عن شَيْخٍ رَوَى عَنْهُ الْوُحَاظِيُّ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ، ثَنَا عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُخَلَّلَ بِالْقَصَبِ وَالآسِ، وقال: إنهما يسقيان عِرَاقَ الْجُذَامِ"3. فَقَالَ أَبِي: رَأَيْتُهُ وَكَانَ أَعْمَى، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. 368- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ4، أَبُو سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ، الْوَاقِفِيُّ،   1 التاريخ الكبير "1/ 166"، الجرح والتعديل "8/ 6-8"، الثقات لابن حبان "9/ 61". 2 التاريخ الكبير "1/ 164"، الجرح والتعديل "8/ 4"، ميزان الاعتدال "3/ 631". 3 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2166"، والعقيلي في الضعفاء "4/ 103". 4 التاريخ الكبير "1/ 194"، الجرح والتعديل "8/ 32"، تهذيب التهذيب "9/ 378-379". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 249 الْمَدَنِيُّ، ثُمَّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَالْقَاسِمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَمَعْنُ بْنُ الْقَزَّازِ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ عَلِيٌّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ، فَضَعَّفَ الشَّيْخَ جِدًّا، قُلْتُ: مَا لَهُ؟ قَالَ: رَوَى عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي الْكَبْشِ الأَقْرَنِ، وَعَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي الصَّلاةِ الْوُسْطَى، وَرَوَى عَنِ الْحَسَنِ أَوَابِدَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَكُونُ بِالْبَصْرَةِ، وَعَبَّادَانِ. وَكَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْهُ. الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، نَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِ مَكَّةَ التَّنْعِيمَ"1. العقيلي: نا علي عبد العزيز أبو نعيم نا حسان نَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِ مَكَّةَ الْجِعِرَّانَةَ"2. كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، نَا ابْنُ سِيرِينَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ سَلَّ سَخِينَتَهُ عَلَى طَرِيقٍ عَامِرَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" 3. وَكَامِلٌ لَيْسَ بِعُمْدَةٍ. 369- محمد بن عمران الحجبيّ4، المدنيّ.   1 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 111". 2 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 111"، وفيه صاحب الترجمة وهو ضعيف. 3 "حديث حسن لغيره": أخرجه الحاكم في المستدرك "1/ 186"، وحسنه الشيخ الألباني في الإرواء "1/ 101" بشواهده. 4 تقدمت ترجمته برقم "362". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 250 آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ جَدَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ. رَوَى عَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَالنُّفَيْلِيُّ. لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ مَقَالا، فَقَدْ مَرَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي هَيْئَتِهِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 370- مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى1، أَبُو يَحْيَى الْهِلالِيُّ، وَقِيلَ: الْعَبْدِيُّ، بَصْرِيٌّ. رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ الْمُسْمِعِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو عَتَّابٍ الدَّلالُ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفُوهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 371- مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ2، الطَّائِيُّ، الْحِمْصِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَاسِجٍ الْحَضْرَمِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ عتبة بن عيبد السُّلَمِيِّ، وَعُتْبَةَ بْنِ شُعَيْبٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَسَلامَةِ بْنِ جَوَّاسٍ، وَيَحْيَى بْنِ صَالِحٍ الْوُحَاظِيِّ. مَا وَهَّاهُ أَحَدٌ. 372- مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفِ بْنِ دَاوُدَ3، أَبُو غَسَّانَ، الْمَدَنِيُّ. -ع. أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الأَثْبَاتِ. رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَأَبِي حَازِمٍ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أبي مريم، وعليّ بن الجعد، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "1/ 203"، الجرح والتعديل "8/ 38"، ميزان الاعتدال "3/ 677". 2 التاريخ الكبير "1/ 214"، الجرح والتعديل "8/ 64-65". 3 التاريخ الكبير "1/ 236"، الجرح والتعديل "8/ 100"، تهذيب التهذيب "9/ 461-462". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 251 وَقَدْ وَفَدَ عَلَى الْمَهْدِيِّ، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبُ: قِيلَ: إِنَّهُ مِنْ مَوَالِي عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ سَكَنَ عَسْقَلانَ. قُلْتُ: لَمْ يُؤَرِّخْهُ أَحَدٌ. 373- مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ1، دِينَارٌ الأَنْصَارِيُّ، الْحِمْصِيُّ، أَخُو عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ. -م. ع. عَنْ: أَبِيهِ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَرَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ، وَمَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، وَأَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 374- مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ2، الْقُرَشِيُّ، الْكُوفِيُّ. عن: نافع، وأبي حعفر مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ، يَعْنِي عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِيمَانًا بِكَ وَتصْدِيقًا بِكِتَابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 375- مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ عَامِرٍ الأَسَدِيُّ3. عَنِ: الْحَكَمِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. وَعَنْهُ: أَبُو بِلالٍ الأَشْعَرِيُّ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ بشر الكاهليّ. أظنه الذي قلبه.   1 التاريخ الكبير "1/ 229"، الجرح والتعديل "8/ 91"، تهذيب التهذيب "9/ 477-478". 2 التاريخ الكبير "1/ 230"، الجرح والتعديل "8/ 90-91"، تهذيب التهذيب "9/ 478". 3 التاريخ الكبير "1/ 229"، الثقات لابن حبان "7/ 413". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 252 376- مُحَمَّدُ بْنُ مِهْزَمٍ1، الْعَبْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ، الشَّعَّابُ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَمَعْرُوفٍ الْمَكِّيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وأبو عمر الْحَوْضِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين. 377- محمد بن هلال2، المدنيّ، مولى بني جمح. -د. ن. ق. عَن: أبيه، وسعيد بْن الْمُسَيِّبِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَطَائِفَةٌ. وَعَاشَ نَحْوًا مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 378- مُحَمَّدُ بْنُ يزَيْدٍ الْبَصْرِيُّ3، الْمَدَنِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ. عَنِ: الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 379- مُخَارِقُ بْنُ عَفَّانَ، الْعَابِدُ. مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 380- مخلد بن الضّحّاك4، الشّيبانيّ، البصريّ.   1 التاريخ الكبير "1/ 230"، الجرح والتعديل "8/ 102"، الثقات لابن حبان "9/ 33". 2 الطبقات الكبرى "9/ 447"، التاريخ الكبير "1/ 257"، الجرح والتعديل "8/ 115-116"، التهذيب "9/ 498". 3 الجرح والتعديل "8/ 127". 4 التاريخ الكبير "1/ 437"، الجرح والتعديل "8/ 348"، تهذيب التهذيب "10/ 75". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 253 عن: الزّبير بن عبيد، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَيُونُسُ الْمُؤَدِّبُ. تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ وَفَاةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. 381- مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ الْيَشْكُرِيُّ1، وَيُقَالُ: العدويّ، البصريّ. عن: أيوب السّختيانيّ، وحنظلة السَّدُوسِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، وَشَبَّابَةُ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَطَائِفَةٌ. وَهُوَ صَاحِبُ التَّعْبِيرِ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا، فَلَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ. قَالَ عَبَّاسُ بن محمد، عن ابن معين: مرجا بن رجاء ضعيف، ومرجّا بْنُ وَدَاعٍ: ضَعِيفٌ، إِلا أَنَّ ابْنَ رَجَاءٍ أَصْلَحُ. 382- مِسْكِينُ بْنُ دِينَارٍ2، أَبُو هُرَيْرَةَ التَّيْمِيُّ، الشَّقَرِيُّ، الْكُوفِيُّ. عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَأَبِي عَمْرٍو نَشِيطٍ الْمُنَبِّهِيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ. صَدُوقٌ. * مُسْلِمُ بْنُ قَعْنَبٍ. وَالِدُ الْقَعْنَبِيِّ. سَيَأْتِي. 383- مِسْوَرُ بْنُ الصَّلْتِ3. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: أَبِي جَعْفَرٍ محمد بن عليّ، ومحمد بن المنكدر.   1 التاريخ الكبير "8/ 62"، الجرح والتعديل "8/ 412"، تهذيب التهذيب "10/ 83-84". 2 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 151"، الجرح والتعديل "8/ 328-329". 3 التاريخ الكبير "7/ 411"، الجرح والتعديل "8/ 298"، ميزان الاعتدال "4/ 114". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 254 وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ. ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ مَعِينٍ. 384- مِسْوَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ1 بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَنَبِيهِ بْنِ وَهْبٍ، وَيَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَشْهَبُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. 385- مُصَادُ بْنُ عُقْبَةَ2. عَنْ: أَبِي الزُّبَيْرِ، وَزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، وَعُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ. 386- مَطَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3، الْبَصْرِيُّ، الأَعْنَقُ. عَنْ: أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ: الطَّيَالِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 387- مُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ، اللَّيْثِيُّ4. شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، بَدِيعُ الْقَوْلِ، وَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، ثُمَّ صَحِبَ الْمَنْصُورَ وَابْنَهُ الْمَهْدِيَّ. وَكَانَ مَازِحًا مَاجِنًا بحيث إنّه اتّهم بالزّندقة. وهو القائل: وما زال بِي حُبَّيْكَ حَتَّى كَأَنَّنِي ... بِرَجْعِ جَوَابِ السَّائِلِي عَنْكَ أَعْجَمُ لا سَلِمَ مِنْ قَوْلِ الْوُشَاةِ وَسَلْمَى ... سَلِمْتِ، وَهَلْ حَيٌّ مِنَ النَّاسِ يَسْلَمُ   1 التاريخ الكبير "7/ 411"، الجرح والتعديل "8/ 298"، تهذيب التهذيب "10/ 151". 2 الجرح والتعديل "8/ 440-441"، الثقات لابن حبان "7/ 497". 3 التاريخ الكبير "7/ 401"، الجرح والتعديل "8/ 288"، تهذيب التهذيب "10/ 169". 4 الأغاني 13/ 275-335"، تاريخ بغداد "13/ 225-226". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 255 رَوَى صَاحِبُ الأَغَانِي، عَنْ حَمَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ مُنْقَطِعًا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ الْمَنْصُورِ، فَطَالَتْ صُحْبَتُهُ له بِقِلَّةِ فَائِدَةٍ، فَاجْتَمَعَ مُطِيعٌ يَوْمًا وَحَمَّادُ عَجْرَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ زِيَادٍ، فَتَذَاكَرُوا أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَثْرَةَ مَا أَفَادُوا مِنْهَا، وَحُسْنَ مَمْلَكَتِهِمْ وَطِيبَ دَارِهِمْ بِالشَّامِ، وَمَا هُمْ فِيهِ بِبَغْدَادَ مِنَ الْقَحْطِ فِي دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ، وَشِدَّةِ الْحَرِّ، وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ، وَشَكُوا الْفَقْرَ فَأَكْثَرُوا، فَقَالَ مُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ فِي ذَلِكَ: حَبَّذَا عَيْشُنَا الَّذِي زَالَ عَنَّا ... حَبَّذَا ذَاكَ حِينَ لا حَبَّذَا ذَا أين هذا من ذاك؟ سقيًا لهذا ... ك ولسنا نقول: سقيًا لهذا زاد هذا الزَّمَانُ شَرَّا وَعُسْرًا ... عِنْدَنَا إِذْ أَحَلَّنَا بَغْذَاذَا بلدة تمطر التراب على النا ... س كَمَا تُمْطِرُ السَّمَاءَ الرَّذَاذَا خَرِبَتْ عَاجِلا وَأَجْدَبَ ذو العر ... ش بِأَعْمَالِ أَهْلِهَا كَلْوَاذَا يُقَالُ: مَاتَ مُطِيعُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 388- مُطِيعُ بْنُ مَيْمُونٍ1، الْعَنْبَرِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -د. ن. عَنْ: صَفِيَّةَ بِنْتِ عِصْمَةَ فِي الْخِضَابِ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ حَدِيثَانِ غَيْرُ مَحْفُوظَيْنِ. 389- مُعَارِكُ بْنُ عَبَّادٍ2، الْعَبْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -ت. عَنْ: عَبْدِ الله بن الفضل العاشميّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بن إبراهيم، وحجّاج بن نضير، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ.   1 ميزان الاعتدال "4/ 130"، تهذيب التهذيب "10/ 182-183". 2 التاريخ الكبير "8/ 28"، الجرح والتعديل "8/ 371-372"، ميزان الاعتدال "4/ 133"، التهذيب "10/ 198". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 256 390- مَعَاوِيَةُ بْنُ سَلامِ بْنِ أَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ الْحَبَشِيِّ1، ثُمَّ الشَّامِيُّ. -ع. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلامٍ. وَيُقَالُ: لَحِقَ جَدَّهُ، وَرَوَى أَيْضًا عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِيُّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَآخَرُونَ. كَانَ يَكُونُ بِحِمْصَ، ثُمَّ سَكَنَ دِمَشْقَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: أَعُدُّهُ مُحَدِّثَ أَهْلِ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ. وَفِي نُسْخَةِ أَبِي مُسْهِرٍ: نَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ، سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا سَلامٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا مُرْسَلا. أَبُو زُرْعَةَ: نَا أَبُو مُسْهِرٍ: قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ سَلامٍ: لِمَنِ الْوَلاءُ عَلَيْكَ؟ فَغَضِبَ -أَيْ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، ابن مَعِينٍ قَالَ: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ عَلَى يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ، فَأَعْطَاهُ كِتَابًا فِيهِ أَحَادِيثُ زَيْدِ بْنِ سَلامٍ، وَلَمْ يَقْرَأْهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ. قُلْتُ: الْمُعْطِي هُوَ مُعَاوِيَةُ لِيَحْيَى، يَعْنِي فَحَمَلَهُ يَحْيَى مُنَاوَلَةً. بَقِيَ يَحْيَى إِلَى حُدُودِ سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى أَدْرَكَهُ. 391- مَعْرُوفُ بْنُ مُشْكَانَ2، أَبُو الْوَلِيدِ، الْمَكِّيُّ، الْمُقْرِئُ. –ق. وُلِدَ سَنَةَ مِائَةٍ، وَقِيلَ: قَبْلَهَا. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ كَثِيرٍ، وَرَوَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الله القسط.   1 التاريخ الكبير "7/ 335"، الجرح والتعديل "8/ 383"، تهذيب التهذيب "10/ 208-209". 2 التاريخ الكبير "7/ 414"، الجرح والتعديل "8/ 322"، تهذيب التهذيب "10/ 232-233". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 257 وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْمَخْزُومِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ ثَبْتٌ في القراءة، أمّا في الحديث فقلّ ما رَوَى. أَخْرَجَ لَهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثًا وَاحِدًا. وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو الإِخْرِيطِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاضِحٍ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 392- مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ1، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مَوْلَى بَنِي عَبْسٍ. -م. د. ت. عَنْ: عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَنَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، وَسَعِيدِ بْنِ حَفْصٍ النُّفَيْلِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَلابْنِ مَعِينٍ فِيهِ قَوْلانِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. * مُعَلَّى بْنُ راشد النّبّال. سيأتي. 393- المغيرة بن حبيب بْنُ ثَابِتِ2 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْعَوَّامُ، الأَسَدِيُّ، الْمَدَنِيُّ. أَحَدُ الأَشْرَافِ، وَفَدَ عَلَى الْمَهْدِيِّ وَمَعَهُ أَخُوهُ فَأَكْرَمَهُمَا، فَاخْتَصَّ الْمُغِيرَةُ بِالْمَهْدِيِّ وأحبّه.   1 التاريخ الكبير "7/ 393، 394"، الجرح والتعديل "8/ 286"، تهذيب التهذيب "10/ 234". 2 تاريخ بغداد "194-195". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 258 قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَعْطَاهُ الْمَهْدِيُّ أَمْوَالا عَظِيمَةً، بِحَيْثُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مَرَّةً ثَلاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَسَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ، فَأَصْدَقَهَا عَنْهُ الْمَهْدِيُّ مَكُّوكَ لُؤْلُؤٍ. 394- الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ1، الْبَصْرِيُّ، أَبُو مَالِكٍ، أَخُو مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ. -د. ت. ق. رَوَى عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَحَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَدِّبِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ هُوَ بِذَاكَ. 395- الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ2، الضَّبِّيُّ، الْكُوفِيُّ، الْمُقْرِئُ. قرأ على عاصم. قرأ عليه: أو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ، وَجَبَلَةُ بْنُ مَالِكٍ الْبَصْرِيُّ. وَحَدَّث عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ. حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو كَامِلٍ الْفُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَحْدَرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ إِخْبَارِيًّا عَلامَةً، مُوَثَّقًا. قُلْتُ: وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي عَصْرِهِ فِي الْقِرَاءَةِ، أَخَذَ عَنْهُ الْكِسَائِيُّ. وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَقَالَ: مَتْرُوكُ الْقِرَاءَةِ وَالْحَدِيثِ.   1 التاريخ الكبير "7/ 405"، الجرح والتعديل "8/ 317"، تهذيب التهذيب "10/ 273". 2 الجرح والتعديل "8/ 318"، الأغاني "18/ 37". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 259 وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ فِي الأَشْعَارِ، غَيْرُ ثِقَةٍ فِي الْحُرُوفِ. قُلْتُ: بَلْ قراءته حسنة قَوِيَّةٌ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَفِيهِ لِينٌ. وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهِ يَقُولُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عِنْدَمَا بَلَغَهُ مَوْتُهُ أَوِ الَّذِي يَلِيهِ: نَعَى لِي رِجَالٌ، وَالْمُفَضَّلُ منهم ... وكيف تقر العين بعد المفضل؟ 396- مفضل بن مهلهل السعدي1، أبو عبد الرحمن الكوفي، أحد الأعلام. - م. ت. ق. عن: بيان بن بشر، منصور، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْبَجَلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتًا، صَاحِبَ سُنَّةٍ وَفَضْلٍ، وَفِقْهٍ. وَلَمَّا مَاتَ الثَّوْرِيُّ مَضَى أَصْحَابُهُ إِلَى الْمُفَضَّلِ فَقَالُوا: تَجْلِسُ لَنَا مَكَانَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: رأيت صاحبكم يحمد مجلسه، وأبى أَنْ يَجْلِسَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ ثِقَةٌ، مِنْ أَقْرَانِ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: ذَاكَ الرَّاهِبُ. يَعْنِي ابْنَ الْمُهَلْهَلِ. قَدِمَ الْيَمَنَ مَعَ سُفْيَانَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: خَرَجَ مَعَ سُفْيَانَ مضاربًا. ووثّقه جماعة. وقال ابن حيّان: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْخُشْنِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- مِمَّنْ يُفَضَّلُ عَلَى الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَنْجَوَيْهِ: مَاتَ سنة سبع وستين ومائة.   1 التاريخ الكبير "7/ 406"، الجرح والتعديل "8/ 316"، تهذيب التهذيب "10/ 275-276". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 260 * الْمُفَضَّلُ بْنُ لاحِقٍ: هُوَ أَقْدَمُ مِنْ هَؤُلاءِ، مَرَّ. * الْمُفَضَّلُ بْنُ يُونُسَ الْكُوفِيُّ: سَيَأْتِي. 397- مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ1، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْعَنَزِيُّ، الْكُوفِيُّ، أَخُو حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ مُغَلِّسٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: جَائِزُ الْحَدِيثِ، يَتَشَيَّعُ. وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: مِنْدَلٌ وَحِبَّانُ مَا بِهِمَا بَأْسٌ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْكُوفَةَ فَلَمْ أَرَ أَوْرَعَ مِنْ مَنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَعَنْ وَضَّاحِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: احْتُضِرَ مِنْدَلٌ فَقَالَ لِأَخِيهِ حِبَّانَ: تَتَحَمَّلُ عَنِّي دُيُونِي؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، وَذُنُوبَكَ. وَكَانَ حِبَّانُ فَصِيحًا مُفَوَّهًا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ: كَانَ يُقَالُ: اسْمُ مَنْدَلٍ عَمْرٌو فَمَاتَ فَرَثَاهُ أَخُوهُ فَقَالَ: عَجَبًا يَا عَمْرُو مِنْ غَفْلَتِنَا ... وَالْمَنَايَا مقبلات عنقا قاصدات نحونا مسرعة ... يتحلّلن إلينا الطُّرُقَا فَإِذَا أَذْكُرُ فِقْدَانَ أَخِي ... أَتَقَلَّبُ فِي فِرَاشِي أَرَقَا وَأَخِي وَأَيُّ أَخٍ مِثْلُ أَخِي ... قد جرى في كلّ خير سبقا   1 الطبقات الكبرى "6/ 381"، التاريخ الكبير "8/ 73"، الجرح والتعديل "8/ 434-435"، التهذيب "10/ 298-299". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 261 مَاتَ مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ فِي رَمَضَانَ. 398- مُوسَى بْنُ خَلَفٍ الْعَمِّيُّ1، الْبَصْرِيُّ. –د. ن. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَلَفٌ، وَعَفَّانُ، وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَفَّانُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ أَحَدًا قَطُّ، كَانَ يُعَدُّ مِنَ الْبُدَلاءِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَكْثَرَ مِنَ الْمَنَاكِيرِ. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: قَدْ أَخَرَجَ لَهُ النَّسَائِيُّ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ مِمَّنْ يُجْمَعُ حَدِيثُهُ. مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 399- مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ2 بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْمِصْرِيُّ. لَهُ عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. وَكَانَ مِنْ أَطْلَبِ النَّاسِ لِلْعِلْمِ فِي زَمَانِهِ، وَلَكِنْ مَاتَ كَهْلا عَنْ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 400- مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحِ بْنِ نُصَيْرٍ3، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، اللَّخْمِيُّ. -م. ع. عَنْ: أَبِيهِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبي حَبِيبٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وعبد الرحمن بن مهديّ،   1 التاريخ الكبير "7/ 282"، الجرح والتعديل "8/ 140"، تهذيب التهذيب "10/ 341-342". 2 التاريخ الكبير "7/ 284"، ميزان الاعتدال "4/ 206"، تهذيب التهذيب "10/ 346". 3 الطبقات الكبرى "7/ 515"، التاريخ الكبير "7/ 289"، الجرح والتعديل "8/ 123"، التهذيب "10/ 363-364". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 262 وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا الْقَاسِمُ بْنُ هَانِئٍ الْمِصْرِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. وَكَانَ أَحَدَ الْعُبَّادِ الْعُلَمَاءِ، وَلَهُ رِئَاسَةٌ وَسُؤْدُدٌ، وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ دِيَارِ مِصْرَ لِلْمَنْصُورِ ستّ سنين وشهرين. وكان ابن بنت مالك الْبَرْبَرِ، اعْتُبِرَ مَوْلِدُهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ تِسْعِينَ. قَالَ اللَّيْثُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لا أَجْعَلُ فِي حِلٍّ من يقول: موسى بن عليّ، مُصَغَّرٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ يُتْقِنُ حَدِيثَهُ، لا يَزِيدُ فِيهِ وَلا يَنْقُصُ. قَالَ: وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مِصْرَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ السَّوَادَ، فَقُلْتُ: لِمَ وَلِيتَ مِصْرَ؟ قَالَ: أَكْرَهَنِي الْمَنْصُورُ، وَمَا فَرَقْتُ أَحَدًا كَفَرَقِي إِيَّاهُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِهِ: كَانَ مُوسَى يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَفَدَ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَكَانَ أول قدومه مِصْرَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ. وَعَنْ طَلْقِ بْنِ السَّمْحِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَنَا مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: مَوْلِدُ مُوسَى سَنَةَ تسعٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا حَدِيثُهُ عَالِيًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ التَّمِيمِيُّ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَنَا المؤيَّد بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْفَقِيهُ، أَنَا عمر ابن مَسْرُورٍ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، نَا مُحَمَّدُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، نَا رَوْحُ بْنُ صَلاحٍ، نَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن عبد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ أَتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَقَامَ بِهِ، وَأَحَلَّ حَلالَهُ، وحرَّم حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا، فَوَصَلَ مِنْهُ أَقْرِبَاءَهُ وَرَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، تَمَنَّى أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ، وَمَنْ يَكُنْ فِيهِ أربع فلا تنكره، ما رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعَفَافٍ، وَصِدْقُ حديث، وحفظ أمانة" 1.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "7529"، ومسلم "815"، والترمذي "1936"، وابن ماجه "4029"، وأحمد في المسند "2/ 36، 88، 133"، والحميدي "617"، وابن حبان في صحيحه "125، 126"، من طرق ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به مختصرًا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 263 قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّ مُوسَى مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 401- مُوسَى الْهَادِي، الْخَلِيفَةُ1. أَبُو مُحَمَّدٍ، مُوسَى بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ عبد الله بن محمد عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، الْعَبَّاسِيُّ. جَعَلَهُ أَبُوهُ وليَّ الْعَهْدِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ انْعَقَدَ الاتِّفَاقُ عَلَى خِلافَتِهِ، وَكَانَ بِجُرْجَانَ، فَأَخَذَ لَهُ الْبَيْعَةَ أَخُوهُ هَارُونُ. مَوْلِدُهُ بِالرَّيِّ سَنَةَ سبعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَتْ خِلافَتُهُ سَنَةً وَشَهْرًا. وَكَانَ طَوِيلا جَسِيمًا أَبْيَضَ، بِشِفَّتِهِ الْعُلْيَا تقلُّص، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ وَكَّلَ بِهِ فِي الصِّبا خَادِمًا، كُلَّمَا رَآهُ مَفْتُوحَ الْفَمِ قَالَ: مُوسَى أَطْبِقْ، فَيَفِيقُ عَلَى نَفْسِهِ ويضمّ شفته. فَعَنْ مُصْعَبٍ الزُّبيريّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلَ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ شَاعِرُ وَقْتِهِ عَلَى الْهَادِي، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً يَقُولُ فِيهَا: تَشَابَهَ يَوْمًا بَأْسُهُ وَنَوَالُهُ ... فَمَا أَحَدٌ يَدْرِي لِأَيِّهِمَا الْفَضْلُ فقال له: أيّما أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ ثَلاثُونَ أَلْفًا مُعَجَّلَةً، أَوْ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ تَدُورُ فِي الدَّوَاوِينِ؟ قَالَ: تعجِّل الثَّلاثُونَ أَلْفًا، وَتَدُورُ الْمِائَةُ أَلْفٍ، قَالَ: بَلْ تعجَّلان لَكَ جَمِيعًا. قَالَ نِفْطَوَيْهِ: قِيلَ: إِنَّ مُوسَى الْهَادِي قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيِّ: إِنْ أَطْرَبْتَنِي فَاحْتَكِمْ مَا شِئْتَ، فغنَّاه: سُلَيْمَى أَزْمَعَتْ بَيْنَا ... فَأَيْنَ لِقَاؤُهَا أَيْنَا؟ الأَبْيَاتَ. فَأَعْطَاهُ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ درهم.   1 نسب قريش "54، 89، 242، 270، 315، 331"، سير أعلام النبلاء 7/ 441-444"، البداية والنهاية "10/ 131-133". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 264 قُلْتُ: كَانَ يَتَنَاوَلُ الْمُسْكِرَ وَيَلْعَبُ، وَيَرْكَبُ حِمَارًا فَارِهًا، وَلا يُقِيمُ أبَّهة الْخِلافَةِ، وَكَانَ فَصِيحًا قَادِرًا عَلَى الْكَلامِ، أَدِيبًا، تَعْلُوهُ هَيْبَةٌ، وَلَهُ سَطْوَةٌ وَشَهَامَةٌ. قَالَ الثَّعَالِبِيُّ فِي كِتَابِ لِطَائِفِ الْمَعَارِفِ: مُوسَى أَطْبِقْ، هُوَ الْهَادِي. قُلْتُ: مَاتَ فِي رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وسنُّه ثَلاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَقَدْ مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ، وَقَامَ بَعْدَهُ الرَّشِيدُ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ دَفَعَ نَدِيمًا مِنْ جُرْفٍ عَلَى أُصُولِ قَصَبٍ قَدْ قُطِعَ، فَعَلِقَ النَّدِيمُ بِهِ فَوَقَعَ، فَدَخَلَتْ قَصَبَةٌ فِي مَخْرَجِهِ، فَكَانَتْ سَبَبَ مَوْتِهِ، فَمَاتَا جَمِيعًا. 402- مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ1، الْكُوفِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، وَغَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: ضَعِيفٌ. قَالَ أَبُو حِبَّانَ: صَاحِبُ مَنَاكِيرَ، لا يَشُكُّ الْمُسْتَمِعُ لَهَا أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ إِذَا كَانَ الشَّأْنُ صِنَاعَتَهُ. مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "يَأْتِي زَمَانٌ يَجِدُ الرَّجُلُ نَعْلَ الْقُرَشِيِّ فيقبِّلها وَيَبْكِي"2. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، نَا مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "عاقلي هَذِهِ الأُمَّةِ رَجُلانِ مِنْ مَدِينَةٍ يَنْزِلانِ جَبَلا مِنْ جِبَالِ الْعَرَبِ يُقَالُ لَهُ: وَرْقَانُ، يَجِدَانِ فيه عيشًا ومرعى فيمكثان عشرين سنة،   1 الجرح والتعديل "8/ 162"، ميزان الاعتدال "4/ 223". 2 "حديث موضوع": وفيه صاحب الترجمة وقد تقدم الكلام عليه وقد أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 242". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 265 وَيُحْشَرُ النَّاسُ إِلَى الشَّامِ وَهُمَا لا يَعْلَمَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا عَهْدُكَ بِالنَّاسِ؟ فَيَقُولُ: كَعَهْدِكَ، فَيُنْزِلانِ مَعَهُمَا غَنَمَهُمَا، فَإِذَا انْتَهَيَا إِلَى أَوَّلِ مَاءٍ يَجِدَانِ الإِبِلَ وَالْغَنَمَ معطَّلة، لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَفِيهَا السِّباع، فَيَقُولانِ: لَقَدْ حَدَثَ أَمْرٌ فَاذْهَبْ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيَتَوَجَّهَانِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ، لا يَمُرَّانِ بِمَاءٍ إِلا وَجَدَاهُ كَذَلِكَ، فَيَأْتِيَانِ مَسْجِدِي، فَيَجِدَانِ الثَّعَالِبَ تَخْتَرِقُ فِيهِ، فَيَقُولانِ: الناس ببقيع المصلَّى، فإذا انتهينا إليه لا يجد أحدًا، فكأني أنظر إليهما وَهُمَا يَحْثُوَانِ التُّرَابَ فِي وُجُوهَ الْغَنَمِ لِيَصْرِفَانِهَا عَنْهُمَا، فَلا تَنْصَرِفُ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِمَا، مَلَكَانِ فَيَسْحَبَانِهِمَا إِلَى الشَّامِ سَحْبًا .... الْحَدِيثَ"1. "حَرْفُ النُّونِ": 403- نَافِعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَمِيلٍ الْقُرَشِيُّ2، الْجُمَحِيُّ، الْمَكِّيُّ. -ع. سَمِعَ: سَعِيدَ بن أبي هند، وابن أبي مليكة، وعمرو بْنَ دِينَارٍ، وَغَيْرَهُمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بن أبي مريم، وداود بن عمرو الضَّبّيّ، وَمُحَيْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَبْتٌ ثَبْتٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 404- نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ3. أَحَدُ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ الأَعْلامِ، أَبُو رُوَيْمٍ، وَيُقَالُ: أَبُو الْحَسَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أَبُو نُعَيْمٍ، مَوْلَى جَعْوَنَةَ بْنِ شَعُوبٍ اللَّيثي، حَلِيفِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وقيل: جعونة حليف العبّاس.   1 "حديث موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 163-164"، وفيه صاحب الترجمة وهو كذاب. 2 الطبقات الكبرى "5/ 494"، التاريخ الكبير "8/ 86"، الجرح والتعديل "8/ 456"، التهذيب "10/ 409". 3 التاريخ الكبير "8/ 87"، الجرح والتعديل "8/ 456-457"، الثقات لابن حبان "7/ 532"، التهذيب "10/ 407-408". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 266 وَأَصْلُ نَافِعٍ مِنْ أَصْبَهَانَ، وَدَارُهُ الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ. قَالَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَرَأْتُ عَلَى سَبْعِينَ مِنَ التَّابِعِينَ. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: جَالَسْتُ نَافِعَ بْنَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ الْفُقَهَاءِ الْعُبَّادِ. قُلْتُ: قَرَأَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ، وَمُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ الْهُذَلِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ رُومَانَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ وَأَخَذَ هَؤُلاءِ عَنْ أَصْحَابِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ. وَالَّذِي وَضَحَ لِي أَنَّ هَؤُلاءِ الْخَمْسَةَ قَرَأُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ مُقْرِئِ الْمَدِينَةِ، وَتِلْمِيذِ أُبَيٍّ. وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَرَأُوا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: إِنَّ مُسْلِمَ بْنَ جُنْدُبٍ قَرَأَ عَلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَعَلِيِّ بْنِ عُمَرَ. قَالَ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ: كَانَ نَافِعٌ معمَّرًا، أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَلَى النَّاسِ فِي سَنَةِ خمسٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ مَالِكٌ: نَافِعٌ إِمَامُ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: قِرَاءَةُ نَافِعٍ سنَّة. وَرَوَى المسيِّبيّ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ أَدْرَكَ عدَّةً مِنَ التَّابِعِينَ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَا اجتمع عليه اثنان منهم فَأَخَذْتُهُ، وَمَا شذَّ فِيهِ وَاحِدٌ تَرَكْتُهُ، حَتَّى أَلَّفْتُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ. وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ كَانَ يُوجَدُ مَنْ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَفَلَ فِي فيَّ. قَالَ اللَّيث بْنُ سَعْدٍ: حَجَجْتُ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَإِمَامُ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْمَدِينَةِ نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ. قُلْتُ: رَأَسَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ شُيُوخِهِ الْخَمْسَةِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَنِ الأَعْرَجِ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَالِ فِي الْحَدِيثِ. قَرَأَ عَلَيْهِ خَلْقٌ، مِنْهُمْ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَوَرْشٌ، وَقَالُونُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ المسيّبيّ. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 267 وَحَدَّثَ عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وليَّنه أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقِيلَ: إِنَّ نَافِعًا كَانَ أَسْوَدَ بَصَّاصًا، وَكَانَ طَيِّبَ الأَخْلاقِ، فِيهِ مِزَاحٌ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ فَقَالَ: لَهُ عَنِ الأَعْرَجِ نُسْخَةٌ نَحْوُ مِائَةِ حَدِيثٍ، وَلَهُ نُسْخَةٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي الزِّناد، عَنِ الأَعْرَجِ، وَلَهُ مِنَ التَّفَارِيقِ قَدْرَ خَمْسِينَ حَدِيثًا، وَلَمْ أَرَ لَهُ شَيْئًا مُنْكَرًا. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 405- نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلاعِيُّ الْمِصْرِيُّ1، أَبُو يَزِيدَ. -م. د. ن. ق. عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَعُقَيْلِ بْنِ يُونُسَ، وَعُقَيْلٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْحَافِظُ: كَانَ مِنْ ثِقَاتِ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 406- نَافِعٌ، أَبُو هُرْمُزَ الْبَصْرِيُّ2، الْجَمَّالُ، مَوْلَى بَنِي سُلَيْمٍ. يُقَالُ: اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ. رَوَى عَنْ: أنس، وعن عطاء بن أبي رباح.   1 التاريخ الكبير "8/ 86"، الجرح والتعديل "8/ 458"، تهذيب التهذيب "10/ 412". 2 الجرح والتعديل "8/ 455-456"، المجروحين "3/ 57-59"، ميزان الاعتدال "4/ 243-244". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 268 وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وحَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَنْ عَطَاءٍ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ، نَا نافع أبو هرمز، عن أنس مرفوعًا: "آلُ مُحَمَّدٍ كُلٌّ تَقِيٌّ"1، وَبِهِ مَرْفُوعًا: "اعْمَلْ لوجهٍ وَاحِدٍ يَكْفِيكَ الْوُجُوهَ كُلَّهَا"2. * نَجِيحٌ، أَبُو مَعْشَرٍ. يَأْتِي بِالْكُنْيَةِ. 407- نَصْرُ بْنُ حَرْبٍ المهلَّبيّ، الأَمِيرُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 408- نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ3، أَبُو جَزْءٍ، الْبَاهِلِيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ: قَتَادَةَ، وَمَنْصُورٍ، وَأَيُّوبَ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: عِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَطَائِفَةٌ. مُجْمَعٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَقَدِ اتُّهِمَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ، يعني أهملوه. مات سنة سبعين ومائة.   1 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه تمام في الفوائد "2/ 239"، والعقيلي في الضعفاء "435"، وضعفه جدًّا الشيخ الألباني في الضعيفة "1304". 2 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2513"، وضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة "823". 3 الطبقات الكبرى "7/ 285"، التاريخ الكبير "8/ 105"، الجرح والتعديل "8/ 466-468"، ميزان الاعتدال "4/ 251-252". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 269 409- النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ1، الْبَاهِلِيُّ، مَوْلاهُمُ الْجَزَرِيُّ، الْحَرَّانِيُّ، أَبُو رَوْحٍ. -د. ت- وَقِيلَ: أَبُو عَمْرٍو. رأى أبا الطُّفيل. وروى عن: مجاهد، وعمر بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وعكرمة، ومكحول، ونافع، وغيرهم. وعنه: الثَّوريّ، وأبو أسامة، ووكيع، وأبو صالح عبد الغفار بن داود، ويحيى الوحاظيّ، وأبو جعفر النُّفيليّ، وجماعة. وثّقه ابن معين. وقال أحمد: ما أرى به بأسا. وقال عمرو بن خالد الحراني: نَا النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ بِمَكَّةَ عَلَى أَبِي الطُّفيل، فَمَسَسْتُ جِلْدَهُ، فَكَانَ أَلْيَنَ شَيْءٍ. وَقَالَ النُّفيليّ: مَاتَ النَّضر سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 410- نَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيّ2 –ق. عَنِ: الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَرَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ حَبِيبٍ الْفَرَّاءُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ. قَالَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ: كَذَّابٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك.   1 التاريخ الكبير "8/ 89"، الجرح والتعديل "8/ 475"، تهذيب التهذيب "10/ 442-443". 2 الطبقات الكبرى "2/ 372"، التاريخ الكبير "8/ 115"، الجرح والتعديل "8/ 496"، تهذيب التهذيب "10/ 479". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 270 "حرف الْهَاءِ": 411- هَارُونُ بْنُ كَثِيرٍ1. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِفَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً2. رَوَاهُ عَنْ سَلامٍ الطَّوِيلِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ الْحَكَمِ الْغُزِّيِّ، وَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ، وَلا يُعْرَفُ هَارُونُ، وَلَعَلَّهُ الآفَةُ. 412- هَارُونُ بْنُ مُوسَى النَّحْوِيُّ3، أَبُو عبد الله، الأزديّ، مولاهم، البصريّ، الأعور. -خ. م- صاحب القراءة وَالْعَرَبِيَّةِ. كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، وَاشْتَغَلَ وَبَرَعَ وَسَادَ. روى عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَثَابِتٍ، وَبُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، وَطَائِفَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، وَبَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وحيّان بْنُ هِلالٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَالتَّبُوذَكِيُّ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ الأَصْمَعِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَكَانَ رَأْسًا فِي النَّحْوِ، وَالْقِرَاءَةِ. رَوَى أَنَّ رَجُلا نَاظَرَهُ يَوْمًا فَقَطَعَهُ هَارُونُ، فَتَحَيَّرَ الرَّجُلُ مَاذَا يَقُولُ، فَقَالَ: أَنْتَ كُنْتَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمْتَ، فَقَالَ: فَبِئْسَ مَا صَنَعْتَ، فَقَطَعَهُ أَيْضًا. وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عبد الله بن أبي إِسْحَاقَ. رَوَى قِرَاءَةَ ابْنِ كَثِيرٍ عَنْهُ، وَتَصدَّرَ لِلإِقْرَاءِ. 413- هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ4، الْبَجَلِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ع- أحد الأثبات.   1 التاريخ الكبير "8/ 226"، الجرح والتعديل "9/ 94"، ميزان الاعتدال "4/ 286". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 239-240". 3 التاريخ الكبير "8/ 222-223"، الجرح والتعديل "9/ 94-95"، تهذيب التهذيب "2/ 313". 4 التاريخ الكبير "8/ 244"، الجرح والتعديل "9/ 117"، تهذيب التهذيب "11/ 30". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 271 عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورٍ الأَعْمَشِ، وَبَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ، وَأُسَيْدٌ الْجَمَّالُ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 414- هُذَيْلُ بْنُ بِلالٍ الْفَزَارِيُّ1، الْمَدَائِنِيُّ. رَأَى زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ. وَرَوَى عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيَّانِ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَآخَرُونَ. قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 415- الْهُذَيْلُ بْنُ الْحَكَمِ2، أَبُو الْمُنْذِرِ، الأَزْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ. وَعَنْهُ: مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 416- هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ3، الْبَصْرِيُّ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. -ت. ق. رَوَى عَنْ: أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ، وَالْحَسَنِ، ومحمد بن كعب القرظي، وعمر بن عبد العزيز، وجماعة. وعنه: وكيع، وزيد بن الحباب، وعثمان بن الهيثم، وعبيد الله القواريري، وشيبان بن فروخ، وعدّة. ضعّفه أحمد، والناس.   1 التاريخ الكبير "8/ 245"، الجرح والتعديل "9/ 113"، ميزان الاعتدال "4/ 294". 2 الجرح والتعديل "9/ 113"، ميزان الاعتدال "4/ 294-295"، تهذيب التهذيب "11/ 26". 3 التاريخ الكبير "8/ 199-200"، الجرح والتعديل "9/ 58"، تهذيب التهذيب "11/ 38-39". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 272 وقال النسائي، وغيره: متروك. وقال ابن حبان: كان يروي الموضوعات عَنِ الثِّقَاتِ. * هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَارَّةِ. 417- هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى بْنِ دِينَارٍ1، الْحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْعَوْذِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ، وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ. عن: الحسن، وعطاء بن أبي رباح، ونافع مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَقَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ، وَجَمَاعَةٍ وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَالْحَوْضِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَوْقِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَفَّانُ، وَحَجَّاجٌ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَانَ أَحَدَ أَرْكَانِ الْحَدِيثِ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ: هُوَ ثَبْتٌ فِي كُلِّ مَشَايِخِهِ. وَأَمَّا يَحْيَى الْقَطَّانُ، فَكَانَ لا يَرْضَى حِفْظَهُ. قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سعيد يتسخف بِهَمَّامٍ، مَا رَأَيْتُ يَحْيَى أَسْوَأَ رَأْيًا فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي حَجَّاجٍ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَهَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُرَاجِعَهُ فِيهِ. قُلْتُ: أَمَّا هَمَّامٌ فَاحْتَجَّ بِهِ أَرْبَابُ الصِّحَاحِ بِلا نِزَاعٍ بَيْنَهُمْ، وَأَمَّا الآخَرَانِ فَبِخِلافِهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَمَّامٌ ثِقَةٌ، فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ الرَّأْسَ يَقُولُ: سُئِلَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، مَا تَقُولُ فِي هَمَّامٍ؟ فَقَالَ: كِتَابُهُ صَالِحٌ، وحفظه لا يسوى   1 الطبقات الكبرى "7/ 282"، التاريخ الكبير "8/ 237"، الجرح والتعديل "9/ 107-109"، الثقات لابن حبان "7/ 586"، المجروحين لابن حبان "1/ 135-140"، ميزان الاعتدال "4/ 309"، تهذيب التهذيب "11/ 67-70". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 273 شَيْئًا. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: إِذَا حَدَّثَ هَمَّامٌ مِنْ كِتَابِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَكَانَ يَحْيَى لا يَرْضَى كِتَابَهُ وَلا حِفْظَهُ، وَلا يُحَدِّثُ عَنْهُ، وَقَدْ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَرْعَرَةَ يَقُولُ لِيَحْيَى: ثَنَا عَفَّانُ، عَنْ هَمَّامٍ. قَالَ: اسْكُتْ، وَيْلَكَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ يَحْيَى يُنْكِرُ عَلَى هَمَّامٍ أَنَّهُ يَزِيدُ فِي الإِسْنَادِ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ وَافَقَهُ عَلَى بَعْضِ تِلْكَ الأَحَادِيثِ. عَفَّانُ: كَانَ هَمَّامٌ لا يَكَادُ يَرْجِعُ إِلَى كِتَابِهِ، وَلا يَنْظُرُ فِيهِ، وَكَانَ يُخَالَفُ فِيهِ فَلا يَرْجِعُ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ فَنَظَرَ فِي كُتُبِهِ فَقَالَ: يَا عَفَّانُ، كُنَّا نُخْطِئُ كَثِيرًا فَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعْتُ هَمَّامًا يَقُولُ: مَا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ إِلا وَأَنَا كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّهَ، إِلا هَذَا الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: هَمَّامٌ فِي قَتَادَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: وَسُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ يَزِيدَ، وَهَمَّامٍ، أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ يَرْوِي عَنْ أَبَانٍ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ، وَأَنَا هَمَّامٌ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَأَبَانٌ ثِقَةٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ هَمَّامٌ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 418- الْهَيْثَمُ بْنُ جَمَّازٍ1، الْبَصْرِيُّ، الْبَكَّاءُ، الْحَنَفِيُّ، وَيُقَالُ: هُوَ كُوفِيٌّ. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعِمْرَانَ الْقَصِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَشُجَاعُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَأَدْهَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وطائفة.   1 التاريخ الكبير "8/ 216"، الجرح والتعديل "9/ 81"، ميزان الاعتدال "4/ 319-320". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 274 قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْهُ فَقَالَ: تُرِكَ حديثه. وكان أبو حاتم بن حيّان الْبُسْتِيُّ يَقُولُ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْبَكَّائِينَ، يَرْوِي الْمُعْضِلاتِ عَنِ الثِّقَاتِ. وَرَوَى هُشَيْمٌ، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَالَ مَلَكَاهُ: يَا رَبِّ إِلَى أَيْنَ نذهب؟ فيقول: اذهبا إلى قبر عبدي سّحاني وَكَبِّرَانِي، وَاكْتُبَا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"1. "حَرْفُ الْوَاوِ": 419- وَرْقَاءُ2. –ع. هُوَ الإِمَامُ الثَّبْتُ، أَبُو بِشْرٍ، وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كُلَيْبٍ، الْيَشْكُرِيُّ، الْخُرَاسَانِيُّ الأَصْلِ، الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ الْمَدَائِنِ. عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْمَكِّيِّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ الأزرق، وشبابة، وأبو الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَقَبِيصَةُ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ، قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِوَرْقَاءَ، فَإِنَّكَ لَنْ تَلْقَى مِثْلَهُ حَتَّى تَرْجِعَ. وَقَالَ أَبُو الْمُنْذِرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ: دَخَلْنَا عَلَى وَرْقَاءَ، وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ، وَيَذْكُرُ اللَّهَ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ لابْنِهِ: اكْفِنِي رَدَّ السَّلامِ، لا تَشْغَلُونِي عَنْ رَبِّي عَزَّ وجلّ.   1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2561". 2 التاريخ الكبير "8/ 188"، الجرح والتعديل "9/ 50-51"، ميزان الاعتدال "4/ 332"، التهذيب "11/ 113-115". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 275 قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ السجستانيّ، عن ورقاء في أبي نجيج فَقَالَ: وَرْقَاءُ صَاحِبُ سُنَّةٍ، إِلا أَنَّهُ فِيهِ إِرْجَاءٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: تَكَلَّمُوا فِي حَدِيثِهِ عَنْ مَنْصُورٍ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ حَدِيثَ مَنْصُورٍ مِنْ وَرْقَاءَ؟ قَالَ: لا يُسَاوِي شَيْئًا. 420- الْوَلِيدُ بْنُ كَامِلٍ1، أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَجَلِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْحِمْصِيُّ. -د. تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ، لَهُ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الْمَازِنِيِّ، وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَنَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ عَجَائِبُ. وَكَنَّاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ: أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: شَيْخٌ. 421- وُهَيْبٌ2. هُوَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ، وُهَيْبُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَجْلانَ، الْبَاهِلِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ، الْكَنَانِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ. عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، وَأَبِي حَازِمٍ، وَحُمَيْدٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعُقْبَةَ بْنِ مُوسَى، وَمَنْصُورِ بْنِ صفية، وأيّوب السخيتانيّ، وخيثم بْنِ عِرَاكٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو حَازِمٍ، وَمُسْلِمٌ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَخَلْقٌ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ أَبْصَرِ أَصْحَابِهِ بِالْحَدِيثِ والرجال.   1 التاريخ الكبير "8/ 152"، الجرح والتعديل "9/ 14"، ميزان الاعتدال "4/ 344"، التهذيب "11/ 147". 2 التاريخ الكبير "8/ 177"، الجرح والتعديل "9/ 34-35"، تهذيب التهذيب "11/ 169-170". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 276 وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ شُعْبَةَ أَعْلَمَ بِالرِّجَالِ مِنْهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: سُجِنَ وُهَيْبٌ فَذَهَبَ بَصَرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً حُجَّةً، يُمْلِي حِفْظَهُ، وَكَانَ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي تَارِيخِهِ: نَا مُوسَى قَالَ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: إِنَّ وُهَيْبَ بْنَ خَالِدٍ يَزْعُمُ أنّ عليّ بن زيد كَانَ لا يَحْفَظُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: وُهَيْبٌ كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يُجَالِسَ عَلِيًّا! إِنَّمَا كَانَ يُجَالِسُ عَلِيًّا وُجُوهُ النَّاسِ. قُلْتُ: صَدَقَ وُهَيْبٌ، وَمَا أَجَابَ حَمَّادٌ بِطَائِلٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَثْبَتُ مِنْ وُهَيْبٍ. قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يَخْتَارُ وُهَيْبًا عَلَى إِسْمَاعِيلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عَاشَ وُهَيْبٌ ثَمَانِيًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ الْهَرَوِيِّ: أَنَّ وُهَيْبًا تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْيَاءِ": 422- يَاسِينُ بْنُ مُعَاذٍ الزَّيَّاتُ1، الْكُوفِيُّ، أَبُو خَلَفٍ. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ عِرَابٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ الْجَمَاعَةُ، وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الْفُقَهَاءِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَانَ يُفْتِي برأي أبي حنيفة. وروى الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ الحديث. 423- يحيى بن أزهر2، البصريّ. -د.   1 التاريخ الكبير "8/ 429"، الجرح والتعديل "9/ 312-313"، وميزان الاعتدال "4/ 358". 2 التاريخ الكبير "8/ 262"، الثقات لابن حبان "9/ 251"، تهذيب التهذيب "11/ 176". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 277 عَنْ: عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ، وَحَجَّاجِ بْنِ شَدَّادٍ، وَأَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ. كَانَ عَبْدًا صَالِحًا، لَهُ فَضْلٌ. مَاتَ كَهْلا أَوْ شَابًّا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 424- يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الأَسَدِيُّ1. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ. 425- يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ الدِّمَشْقِيُّ2. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: الْوَليِدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَعَلِيٌّ الْمَدَائِنِيُّ. صَدُوقٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 426- يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ3. هُوَ عَالِمُ أَهْلِ مِصْرَ، أَبُو الْعَبَّاسِ الْغَافِقِيُّ، الْمِصْرِيُّ، الْمُفْتِي. -ع- رَوَى عَنْ: بُكَيْرِ بْنِ عبد الله بن الأشج، وجعفر بن ربيعة، وأبي قبيل حُيَيِّ بْنِ هَانِئٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وزيد بن الحباب، وأبو عبد   1 التاريخ الكبير "8/ 259"، الجرح والتعديل "8/ 126"، الثقات لابن حبان "9/ 256". 2 التاريخ الكبير "8/ 261"، الجرح والتعديل "9/ 126"، الثقات لابن حبان "9/ 251". 3 الطبقات الكبرى "7/ 516"، التاريخ الكبير "8/ 260"، الجرح والتعديل "9/ 127-128"، الثقات لابن حبان "7/ 600"، سير أعلام النبلاء "8/ 5-9"، ميزان الاعتدال "4/ 362-364"، تهذيب التهذيب "11/ 186". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 278 الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّه بْن صالح، وسعيد بن عفير، وَغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: ابْنُ جريح بِحَدِيثٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَمِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ، وَأَشْهَبُ، وَيَحْيَى السَّيْلَحِينِيُّ. وَكَانَ أَحَدَ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَيِّئُ الْحِفْظِ. وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ اضْطِرَابٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَدُوقٌ. قُلْتُ: يَنْفَرِدُ بِغَرَائِبَ كَغَيْرِهِ مِنَ الأَئِمَّةِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ أَحَدَ الطَّلابِينَ لِلْعِلْمِ. حَدَّثَ عَنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ. وَحَدَّثَ عَنْهُ الْغُرَبَاءُ بِأَحَادِيثَ لَيْسَتْ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثْتُ مَالِكًا بِحَدِيثٍ حَدَّثَنَا بِهِ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ عنه فقال: كذب، وحدّثت بآخر عنه فقال: كذب. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ دُونَ حَيْوَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ فِي الْحِفْظِ وَالْحَدِيثِ، كَانَ سَيِّئَ الْحِفْظِ. وَذُكِرَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثٌ فِي الْوَتْرِ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ فَقَالَ: هَأْ مَنْ يَحْتَمِلُ هَذَا؟. قُلْتُ: الْحَدِيثُ عِنْدَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى من الوتر: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] ، وفي الثانية بـ {يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} الجزء: 10 ¦ الصفحة: 279 [الْكَافِرُونَ: 1] وَفِي الثَّالِثَةِ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [النَّاسِ: 1] 1. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ذِكْرُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ لا يَصِحُّ. قُلْتُ: فَهَذَا عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَمَا أَخْرَجَهُ أَرْبَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. قُلْتُ: وَضَعَّفَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ. يُقَالُ: كَانَ قَاضِيًا بِمِصْرَ. وَمِنْ غَرَائِبِهِ أَيْضًا: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي ابْنُ جريح، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلا لِتُخَيِّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارَ النَّارَ" 2. فَهَذَا مَعْرُوفٌ بِيَحْيَى. قُلْتُ: هُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْهُ لِنَكَارَتِهِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 427- يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ3، الْحَضْرَمِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ت. عَنْ: أَبِيهِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. فِيهِ ضَعْفٌ، وَسَأُعِيدُ تَرْجَمَتَهُ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ لاختلافهم في وفاته.   1 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "463"، والحاكم في المستدرك "1/ 305، 2/ 520"، والبيهقي في السنن الكبرى "3/ 37-38"، وابن حبان في صحيحه "2432-2448"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي "463". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه ابن ماجه "254"، الحاكم في المستدرك "1/ 161"، وابن حبان في صحيحه "77"، والبيهقي في شعب الإيمان "2/ 282"، وفي الباب عن ابن عمر، وحذيفة، وجابر، وأبي هريرة، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجه "254". 3 الطبقات الكبرى "6/ 390"، التاريخ الكبير "8/ 277-278"، الجرح والتعديل "9/ 154"، وميزان الاعتدال "4/ 381"، تهذيب التهذيب "11/ 224-225". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 280 ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَفَاتَهُ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَهَذَا وَهْمٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمان وستين. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فِي خِلافَةِ الْهَادِي. وَقَالَ مُطَيَّنٌ الْكُوفِيُّ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 428- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ1، الأَنْصَارِيُّ، الْمَدَنِيُّ، أَبُو قَتَادَةَ. رَوَى عَنْ: يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ الْعُمَرِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالْمُقْرِئُ، وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 429- يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ، الْبَجَلِيُّ2، الرَّازِيُّ، أبو عمرو. -د. ق. أَحَدُ الأَعْلامِ الْجِلَّةِ عَلَى ضَعْفِهِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَبِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَابْنِ طَاوُسٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، وَمُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَوَكِيعٌ، وَجُبَارَةُ بْنُ المفلّس، ومحمد ابن رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ، وَعِدَّةٌ. وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا مِنْ نُبَلاءِ الرِّجَالِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَجَمَاعَةٌ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالدُّولابِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابن معين: ليس بثقة.   1 الطبقات الكبرى "9/ 409"، التاريخ الكبير "8/ 285-286"، الجرح والتعديل "9/ 160-161". 2 التاريخ الكبير "8/ 297"، الجرح والتعديل "9/ 179-180"، تهذيب التهذيب "11/ 261-262". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 281 وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّهُ رَوَى عِشْرِينَ حَرْفًا فِي خَلْعِ النَّعْلِ عَلَى الطَّعَامِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِمَّنْ يَنْفَرِدُ عَنِ الثِّقَاتِ بِالأَشْيَاءِ الْمَقْلُوبَاتِ الَّتِي إِذَا سَمِعَهَا مَنِ الْحَدِيثُ صِنَاعَتُهُ، سَبَقَ إِلَى قَلْبِهِ أَنَّهُ كَانَ الْمُتَعَمِّدَ لَهَا، لِذَلِكَ لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. وَكَانَ وَكِيعٌ شَدِيدَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ. حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، نَا عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ، عن صفوان بن سليم، عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَسَّنَ خَلْقي وخُلُقي، وَأَزَانَ مِنِّي مَا أَشَانَ مِنْ غَيْرِي". وَإِذَا اكْتَحَلَ فَعَلَ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثِنْتَيْنِ، وَوَاحِدًا بَيْنَهُمَا"1. قُلْتُ: لَعَلَّ آفته، عمرو بن الحصين. قال: وأنا أَبُو يَعْلَى، نَا جُبَارَةُ، نَا يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: إِذَا طَاقَ الْغُلامُ صَوْمَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ رَمَضَانَ"2. قُلْتُ: وَيَحْيَى وَجُبَارَةُ وَاهِيَانِ. 430- يَحْيَى بْنُ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ3، النُّكْرِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -ت. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مَالِكٌ، وَمُسْلِمُ بن إبراهيم، وبشر بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ. ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عبّاس مرفوعًا: "لو لم تذنبوا   1 "حديث ضعيف": أخرجه الطبراني في الكبير "10766"، وذكر الهيثمي في المجمع "10/ 139" وقال: فيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك. 2 "حديث ضعيف جدًّا": رواه ابن حبان في المجروحين "3/ 116". 3 التاريخ الكبير "8/ 292"، الجرح والتعديل "9/ 176-177"، ميزان الاعتدال "4/ 399"، وتهذيب التهذيب "11/ 259". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 282 "لَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَغْفِرَ لَهُمْ، وَكَفَّارَةُ الذَّنْبِ النَّدَمُ" 1. وَبِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَاتِبٌ يُسَمَّى السِّجِلَّ"2. أَمَّا هَذَا فَتَابَعَهُ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ. وَهُوَ خَبَرٌ مُنْكَرٌ. 431- يَحْيَى بْنُ عُمَيْرٍ3، الْبَزَّازُ، الْمَدَنِيُّ. -ن. سَمِعَ: نافعًا، وسعيد الْمَقْبُرِيَّ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أوَيْسٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 432- يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ4، أَبُو عَقِيلٍ، الْمَدَنِيُّ، الضَّرِيرُ، الْحَذَّاءُ. يَرْوِي عَنْ: بُهَيَّةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَابْنِ سُوقَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَلُوَيْنٌ، وَأُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَقِيلَ: بَلْ هُوَ كُوفِيٌّ. ضَعَّفَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ معين: أبو عَقِيلٍ صَاحِبُ بُهَيَّةَ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي خُطْبَةِ صَحِيحِهِ. قَالَ ابْنُ قانع: مات سنة سبع وستين ومائة.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أحمد في المسند "1/ 289"، وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه مسلم "2749"، أحمد في المسند "2/ 308"، وفي الباب عن أبي أيوب أخرجه أبو مسلم "2748"، والترمذي "3539". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2662"، والعقيلي في الضعفاء "4/ 420". 3 التاريخ الكبير "8/ 296"، الجرح والتعديل "9/ 178"، تهذيب التهذيب "11/ 261". 4 التاريخ الكبير "8/ 306"، الجرح والتعديل "9/ 189-190"، تهذيب التهذيب "11/ 270-271". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 283 قُلْتُ: قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، نَا أَبُو عُقَيْلٍ عَنْ بُهَيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ وِلْدَانِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: إِنْ شِئْتِ أَسْمَعْتُكِ تَضَاغِيهِمْ فِي النَّارِ"1. هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، يَدْفَعُهُ مَا فِي الصِّحَاحِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ" 2. 433- يَحْيَى بْنُ المهلَّب3، أَبُو كُدَيْنَةَ الْبَجَلِيُّ، الْكُوفِيُّ. -خ. ت. ن. عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وسهيل بن أبي صالح، ومغيرة بن مقسم. وَعَنْهُ: أَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَفَّانُ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلت الأَسَدِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. 434- يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْقُتَبِيُّ، الْبَصْرِيُّ4. مُقِلٌّ: رَوَى عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 435- يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّستريّ5، الْحَافِظُ أَبُو سَعِيدٍ، الْبَصْرِيّ -ع. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي الزُّبير. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَشَيْبَانُ بن فرُّوخ، وهدبة القيسيّ، وخلق.   1 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2624". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1383"، ومسلم "2658"، وأبو داود "4711"، وأحمد في المسند "2/ 224، 259، 268، 315". 3 التاريخ الكبير "8/ 305"، الجرح والتعديل "9/ 188"، تهذيب التهذيب "11/ 289". 4 التاريخ الكبير "8/ 307"، الجرح والتعديل "9/ 187-188"، الثقات لابن حبان "7/ 613". 5 الطبقات الكبرى "7/ 278"، التاريخ الكبير "8/ 318"، الجرح والتعديل "7/ 631"، الميزان "4/ 418"، والتهذيب "11/ 311". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 284 وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ. وَكَانَ عَفَّانُ يَرْفَعُ أَمْرَهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ فِي قَتَادَةَ لَيْسَ بِذَاكَ. رَوَى ابْنُ أبي خَيْثَمَةَ أَنَّهُ مَاتَ فِي المحرَّم سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. 436- يَزِيدُ بْنُ بَزِيعٍ1، الرَّمْلِيُّ. عَنْ: عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ. وَعَنْهُ: أَدْهَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ الْبَغَوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ. 437- يَزِيدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ قُبَيْصَةَ بْنِ المهلَّب2 بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، الأَزْدِيُّ، المهلَّبيّ، الأَمِيرُ. وَلِيَ نِيَابَةَ إِفْرِيقِيَّةَ مِنْ قِبَلِ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ خمسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ أَخُوهُ رَوْحٌ مُتَوَلِّيًا عَلَى السَّند، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ، نَصَّبَ الرَّشِيدُ رَوْحًا وَالِيًا عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ ثِقَةٌ. قُلْتُ: وَكَذَا ذكره ابن أبي حاتم مختصرًا، فما ذكره لَهُ شَيْخًا وَلا رَاوِيًا. مَاتَ بِإِفْرِيقِيَّةَ فِي ثاني عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 438- يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ3، الْبَلْخِيُّ، أَخُو مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ. -ت-ق. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، وأبي مجلز لاحق بن حميد.   1 الضعفاء "4/ 375-376"، ميزان الاعتدال "4/ 420". 2 الجرح والتعديل "9/ 257". 3 التاريخ الكبير "8/ 325"، الجرح والتعديل "9/ 256"، تهذيب التهذيب "11/ 322". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 285 وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيلحينيّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ دَاوُدَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ غَلَطٌ كَثِيرٌ. وَقَالَ ابْنُ الْجُنَيْدِ: عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: نَزَلَ الْمَدَائِنَ، يَرْوِي عَنْهُ شَبَابَةُ. 439- يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ1، أَبُو كَامِلٍ الرَّحبيّ، الصَّنعانيّ، الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحبيّ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنعانيّ، وَبِلالِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. 440- يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ2، الدِّمشقيّ، مَوْلَى قُرَيْشٍ. -ت. ق. عن: الزُّهريّ، وسليمان بن حبيب الْمُحَارِبِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكٌ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الدِّمشقيّ. 441- يَزِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ ذي عصوان3، الدّمشقيّ، الدّارانيّ.   1 التاريخ الكبير "8/ 332"، الجرح والتعديل "9/ 261"، ميزان الاعتدال "4/ 422". 2 التاريخ الكبير "8/ 334"، الجرح والتعديل "9/ 262"، تهذيب التهذيب "11/ 328-329". 3 التاريخ الكبير "8/ 338"، الجرح والتعديل "9/ 267"، الثقات لابن حبان "7/ 624". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 286 عَنْ: مَكْحُولٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَثَّقَهُ ابْنُ شَاهِينَ. 442- يَزِيدُ بْنُ السِّمط1، الدِّمَشْقِيُّ، الْفَقِيهُ. -ق. عَنْ: قرَّة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ مَعَ تقدُّمه، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ، حَيَاتُهُ وَرَعٌ وَفِقْهٌ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. وَضَعَّفَهُ الْحَاكِمُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَّاءَ رَوَى عَنْهُ. وَإِنَّمَا يَرْوِي عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْهُ. أَبُو مُسْهِرٍ، نَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ عَالِمُ الْجُنْدِ بَعْدَ الأَوْزَاعِيِّ، يَزِيدَ بْنَ السَّمط عَلَى تقلُّل وتعفُّف، مَا تلبَّس مِنَ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ، قَالَ: وَمَاتَ فِي حَيَاةِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 443- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ الْحِمَّانِيُّ2، الْكُوفِيُّ، أخو قطبة. -خ. م. د. ن. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ وَالأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَإِسْحَاقُ السَّلوليّ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أحمد.   1 التاريخ الكبير "8/ 339"، الجرح والتعديل "9/ 268"، تهذيب التهذيب "11/ 333-334". 2 التاريخ الكبير "8/ 348"، الجرح والتعديل "9/ 278"، تهذيب التهذيب "11/ 346-347". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 287 444- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ1، النَّوفليّ، الْمَدَنِيُّ. -ق. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَابْنُهُ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ مِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، فَهُوَ هَاشِمِيٌّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ. قَالَ أَحْمَدُ: عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ. 445- يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ2، أَبُو الْحَكَمِ، اللَّيثيّ، الْحِجَازِيُّ، نزيل البصرة. -ت. ق. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَابْنِ شِهَابٍ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: شَبَابَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، ثُمَّ سَاقَ لَهُ عِدَّةَ مَنَاكِيرَ، فَأَوْرَدَ مِنْهَا حَدِيثَ عَمْرِو بن دينار، عن يزيد ابن جُعْدُبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، فِي الرِّيحِ الأَذْيَبِ. حَكَمَ ابْنُ عديّ أنّ هذا هو صاحب الترجمة، وما هو بذلك، آخر قديم. وليزيد بن عياض عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ قَالَ: "السَّلامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا التَّحِيَّاتُ الطَّيبات المباركات لله، السلاّم عليكم"3.   1 التاريخ الكبير "8/ 348"، الجرح والتعديل "9/ 278-279"، تهذيب التهذيب "11/ 347-348". 2 الطبقات الكبرى "5/ 412"، , التاريخ الكبير "8/ 351-352"، الجرح والتعديل "9/ 282-283"، وتهذيب التهذيب "11/ 352-354". 3 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2720". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 288 446- يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ1. -م. نَقَلَ وَفَاتَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، فَوَهِمَ، إِنَّمَا تِلْكَ وَفَاةُ ابْنِ أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، مُفْتِي الْمَدِينَةِ. 447- يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاءَ2، أَبُو يُوسُفَ، اللَّيثيّ، ومولاهم المدنيّ. -م. عَنْ: بِلالِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَدَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبيّ، والأصمعيّ، وعدّة. وثقة أحمد وغيره وقل ما رَوَى. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 448- يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ3 الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ. -خ. م. د. ن. عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ وَغَيْلانَ بْنِ جَامِعٍ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ، وَأَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى وَوَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو الْوَلِيدِ وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 449- يَمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ4، أَبُو حُذَيْفَةَ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ومحمد بن كعب وابن جودان.   1 الطبقات الكبرى "9/ 153"، التاريخ الكبير "8/ 392"، الجرح والتعديل "9/ 207"، تهذيب التهذيب "11/ 388-389". 2 الطبقات الكبرى "9/ 430"، التاريخ الكبير "8/ 397-398"، الجرح والتعديل "9/ 214"، تهذيب التهذيب "11/ 395-396". 3 الطبقات الكبرى "6/ 376"، التاريخ الكبير "8/ 418"، الجرح والتعديل "9/ 304"، تهذيب التهذيب "11/ 400-401". 4 التاريخ الكبير "8/ 425"، الجرح والتعديل "9/ 311"، تهذيب الكمال "3/ 1558"، ميزان الاعتدال "4/ 460"، التهذيب "11/ 406-407". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 289 وعنه: يزيد بن هارون، مسلم بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَجَّاجٌ الْفَسَاطِيطِيُّ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. 450- يُوسُفُ بْنُ عبدة1، مولى يزيد بن المهلَّب، وأبو عَبْدَةَ الأَزْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ، الْقَصَّابُ. سَمِعَ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ وَثَابِتًا. وَعَنْهُ: يُونُسُ الْمُؤَدِّبُ، وَبُدَيْلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ مَرَّةً. "الْكُنَى": 451- أَبُو إِسْحَاقَ الْحُمَيْسِيُّ2. اسْمُهُ خَازِمُ بْنُ حُسَيْنٍ، لا يَكَادُ يُعْرَفُ بِاسْمِهِ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ السّائب. وعنه: أحمدبن يُونُسَ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَجَمَاعَةٌ. قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٌ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ضعيف. 452- أبو إسرائيل الملائي3، الكوفيّ. -س.   1 التاريخ الكبير "8/ 388"، الجرح والتعديل "9/ 226"، الثقات لابن حبان "7/ 639"، تهذيب التهذيب "11/ 417". 2 التاريخ الكبير "3/ 212"، الجرح والتعديل "3/ 393"، ميزان الاعتدال "1/ 626"، تهذيب التهذيب "3/ 79". 3 الطبقات الكبرى "6/ 380"، التاريخ الكبير "1/ 346"، الجرح والتعديل "2/ 166"، تهذيب التهذيب "1/ 293-294". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 290 اسمه إسماعيل، وقيل: عبد العزيز. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَفُضَيْلٍ الْفُقَيْمِيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَسِيدٌ الْجَمَّالُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، وَكَانَ يُدَاهِنُ وَيَنَالُ مِنْ عُثْمَانَ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِسُوءِ حِفْظِ أَبِي إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: وَأَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 453- أَبُو الأشهب العطارديّ1. -ع. اسمه جعفر بن حيّان البصريّ، الخرّاز، الضّرير. عَنْ: أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَأَبِي الْجَوْزَاءِ الرَّبعيّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَبَكْرٍ الْمُزَنِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعِينَ، فَقَدْ أَدْرَكَ مِنْ حَيَاةِ أَنَسٍ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَالْعَجَبُ كَيْفَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَهُوَ مَعَهُ فِي الْبَصْرَةِ؟ وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِيمَا نقل أبو عمر الدَّانِيُّ، عَلَى أَبِي رَجَاءٍ. مَاتَ فِي آخِرِ يوم من شعبان سنة خمسينٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَوَهِمَ خَلِيفَةُ إِذْ جَعَلَ وَفَاتَهُ سنة اثنتين وستّين.   1 الطبقات الكبرى "7/ 74"، التاريخ الكبير "2/ 189"، الجرح والتعديل "2/ 476-477"، تهذيب التهذيب "2/ 88". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 291 قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: لَمْ يَلْحَقْ أَبَا الْجَوْزَاءِ. 454- أَبُو الأَشْهَبِ النَّخعيّ1. اسْمُهُ جَعْفَرُ بْنُ الْحَارِثِ، الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ وَاسِطَ. عَنْ: عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وَمُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَوَكِيعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَغَيْرُهُمْ. مَاتَ كَهْلا. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَتَوَقَّفَ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَضْعِيفِهِ. لَمْ يخرجوا له شيئًا. 455- أبو أويس الأصبحي2 -ع. م. اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْس بن مالك بن عامر المدنيّ. مِنْ بَنِي عَمِّ الإِمَامِ مَالِكٍ، وَزُوِّجَ أُخْتَهُ. رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، والزُّهريّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَابْنُهُ الآخَرُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَحُسَيْنٌ المرُّوذيّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ليس به بأس.   1 التاريخ الكبير "2/ 189"، الجرح والتعديل "2/ 476"، ميزان الاعتدال "1/ 404-405". 2 الطبقات الكبرى "9/ 445"، التاريخ الكبير "5/ 127"، الجرح والتعديل "5/ 92"، تهذيب التهذيب "5/ 280-282". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 292 وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، والنَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: صَدُوقٌ وَلَيْسَ بحجَّة. وَلابْنِ مَعِينٍ فِيهِ قَوْلانِ: لَيْسَ بحجَّة، وَضَعِيفٌ. مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وستّين ومائة. * أبو بردة. -ق. هو عمر بن يزيد التَّميميّ. مَرَّ. 456- أَبُو بَكْرِ، بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ1، الْقُرَشِيُّ، السَّبْرِيُّ، الْمَدَنِيُّ، الْفَقِيهُ، قَاضِي الْعِرَاقِ. سَمِعَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ، وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، وَشَرِيكَ بْنَ أَبِي نَمِرٍ، وَطَائِفَةً. وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ مَعَ تقدُّمه، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ. روى عبد الله، وصالح بنا أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِمَا قَالَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قال: ليس حديثه بشيء، قدم هَهُنَا فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ: عِنْدِي سَبْعُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ، إِنْ أَخَذْتُمْ عَنِّي كَمَا آخُذُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَإِلا فَلا. وَرَوَى مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ: يَا مَالِكُ، مَنْ بَقِيَ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْمَشْيَخَةِ؟ قلت: ابن أبي ذئب، وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ الماجشون، وابن أبي سبرة. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. وأبو سبرة جدُّه، هو ابن أبي رهم العامري، أحد البصريين.   1 الطبقات الكبرى "9/ 408"، التاريخ الكبير "9/ 9"، الجرح والتعديل "7/ 29"، تهذيب التهذيب "12/ 27-28". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 293 وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي سَبْرَةَ يَقُولُ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: اكْتُبْ لِي أَحَادِيثَ من أحاديثك جياد، فَكَتَبْتُ لَهُ أَلْفَ حَدِيثٍ ثُمَّ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، مَا قَرَأَهَا عَلَيَّ، وَلا قَرَأْتُهَا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: قَالَ لِي حَجَّاجٌ، قَالَ لِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ: عِنْدِي سَبْعُونَ أَلَفَ حَدِيثٍ فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ عِنْدِي مِثْلُ ابْنِ أَبِي يَحْيَى. قُلْتُ: وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي بَكْرٍ، فَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبيريّ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ قُرَيْشٍ، وَلاهُ الْمَنْصُورُ الْقَضَاءَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ بِبَغْدَادَ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ مُوسَى الْهَادِي، وَهُوَ وليّ عهد، ووليّ قضاء مكّة لزياد بن عبيد الله، وعاش سِتِّينَ سَنَةً، فَلَمَّا مَاتَ اسْتُقْضِيَ بَعْدَهُ أَبُو يُوسُفَ. وَقَالَ مُصْعَبٌ: خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ، وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَلَى صَدَقَاتِ أسد وطيّئ فَقَدِمَ عَلَى مُحَمَّدٍ مِنْهَا بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَلَمَّا قُتِلَ أُسِرَ أَبُو بَكْرٍ وَسُجِنَ، فَاسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ، جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ وقال: إنّ بيننا وبن ابن أبي سبرة رحمًا، وقد أَسَاءَ وَقَدْ أَحْسَنَ الآنَ، فَإِذَا وَصَلْتَ فَأَطْلِقْهُ وَأَحْسِنْ جِوَارَهُ، وَكَانَ الإِحْسَانُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنَّ عبد الله بن الريبع الْحَارِثِيَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَمَا شَخَصَ عِيسَى بْنُ مُوسَى وَمَعَهُ الْعَسْكَرُ، فَعَاثُوا بِالْمَدِينَةِ وَأَفْسَدُوا، فَوَثَبَ عَلَيْهِ سُودَانُ الْمَدِينَةِ وَالرِّعَاعُ فَقَتَلُوا جُنْدَهُ وَطَرَدُوهُمْ، وَنَهَبُوا مَتَاعَ ابْنِ الرَّبِيعِ، فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِئْرَ المطَّلب يُرِيدُ الْعِرَاقَ عَلَى خَمْسَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَسَرَ السُّودان السِّجْنَ وَأَخْرَجُوا أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي سَبْرَةَ، فَحَمَلُوهُ حَتَّى أَجْلَسُوهُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَرَادُوا كَسْرَ قُيُودَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: لَيْسَ عَلَى هَذَا فَوْتٌ، دَعُونِي حَتَّى أَتَكَلَّمَ، فَتَكَلَّمَ فِي أَسْفَلِ الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَحَذَّرَهُمُ الْفِتْنَةَ، وَذَكَّرَهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ، وَوَصَفَ عَفْوَ الْمَنْصُورِ عَنْهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالطَّاعَةِ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى كَلامِهِ، وَتَجَمَّعَ الْقُرَشِيُّونَ، فَخَرَجُوا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَضَمِنُوا لَهُ مَا ذَهَبَ لَهُ وَلِجُنْدِهِ. وَكَانَ قَدْ تَأَمَّرَ عَلَى السُّودَانِ وَثِيقٌ الزِّنْجِيُّ، فَمَضَى إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الكبار، لم يَزَلْ يَخْدَعُهُ حَتَّى دَنَى مِنْهُ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وأمر معه فأوثقوه في الحديد، ورجي أبو بكر الجزء: 10 ¦ الصفحة: 294 إِلَى الْحَبْسِ حَتَّى قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَأَطْلَقَهُ وَأَكْرَمَهُ، ثُمَّ صَارَ إِلَى الْمَنْصُورِ فَاسْتَقْضَاهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَهُوَ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 457- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَطَاءِ بْنِ مقدَّم1، الْبَصْرِيُّ، مَوْلَى ثَقِيفٍ. وهو والد محمد بن أبي بكر، لم يدركه ابنه، وهو أخو عمر، ومحمد. وحديث قَلِيلٌ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ كَهْلا. رَوَى عَنْ: حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ. أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ ومائة. 458- أبو بكر الهذلي2. اسمه سلمى بن عبد الله بن سلمى الْبَصْرِيُّ. كَانَ فِي صَحَابَةِ الْمَنْصُورِ وَكَانَ إِخْبَارِيًّا علامة. روى عن: الحسن، ومحمد، ومعاذة العدوية، وعكرمة، والشعبي، وغيرهم. وعنه: ابن المبارك، وشبابة بن سوَّار، ومسلم بن إبراهيم، وموسى بن إسماعيل، لقيه بمكة، وجماعة. لم يرضه يحيى القطان. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أحمد: ضعيف. وقال البخاري: ليس بالحافظ عندهم.   1 التاريخ الكبير "9/ 14"، الجرح والتعديل "9/ 345"، تهذيب التهذيب "12/ 33". 2 التاريخ الكبير "4/ 198"، الجرح والتعديل "4/ 313-314"، وميزان الاعتدال "4/ 497"، وتهذيب التهذيب "12/ 45-46". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 295 وأما غندر فقال: كذاب. يقال: مات سنة سبعٍ وَسِتِّينَ. 459- أَبُو بَكْرٍ النَّهشليّ1، الْكُوفِيُّ. -م. ت. ن. ق. فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، وَلا يَرِدُ إِلا بِالْكُنْيَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَبَهْزُ بْنُ أَسَدٍ وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ المغلَّس، وَطَائِفَةٌ. وثّفه أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ وَكِيعٌ: أَبُو بَكْرِ بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي القطّاف. مات يَوْمِ الْفِطْرِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَاسْمُهُ على الأصح: عبد الله. وقد تكلّم في ابن حبّان فقال: كان شيخًا فَاضِلا، غَلَبَ عَلَيْهِ التقشُّف حَتَّى صَارَ يهمُّ وَلا يَعْلَمُ، وَيُخْطِئُ الْحِفْظَ وَالْفَهْمَ، فَبَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ. قُلْتُ: دَعْ عَنْكَ الْخَطَابَةَ، فَالرَّجُلُ حجَّة قد وثّقه إمام الْفَنِّ، واحتجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ يَقُولُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ النهَّشليّ رَجُلا صَالِحًا، كَانَ فِي مَرَضِهِ يَثِبُ إِلَى الصَّلاةِ وَلا يَقْدِرُ، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّكَ فِي عُذْرٍ، فَيَقُولُ: أُبَادِرُ طَيَّ الصَّحِيفَةِ. * أَبُو الْجَمَلِ الْيَمَامِيُّ. اسْمُهُ أَيُّوبُ: مَرَّ. 460- أَبُو جنَّاب البصريّ2، القصّاب.   1 الطبقات الكبرى "6/ 358"، التاريخ الكبير "9/ 9"، الجرح والتعديل "9/ 344"، وميزان الاعتدال "4/ 496"، والتهذيب "12/ 44-45". 2 التاريخ الكبير "7/ 17"، الجرح والتعديل "6/ 387-388"، والثقات لابن حبان "8/ 515"، وميزان الاعتدال "3/ 305". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 296 وَقَدْ تَقَدَّمَ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ. فَالْقَصَّابُ. اسْمُهُ عَوْنُ بْنُ ذَكْوَانَ الْحَرَشِيُّ. رَأَى زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى، وَسَمِعَ مِنْ مَطَرِ بْنِ طَهْمَانَ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيُونُسُ المؤدِّب، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غِيَاثٍ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ سنة سبعين ومائة، وعاش فيما قال ابن معين مائة وست وستّين سنة وَقَدْ وَهِمَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عَاشَ مِائَةً وَسِتِّينَ سَنَةٍ. وَلَوُ كَانَ كَذَلِكَ لعدَّ فِي الصَّحابة، مَعَ مَنْ وُلِدَ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 461- أَبُو حَفْصٍ1. هُوَ عُمَرُ بْنُ الْعَلاءِ الْمَازِنِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -خ- أَخُو الإِمَامِ أَبِي عَمْرٍو. يُقَالُ: اسْمُهُ عُمَرُ. يَرْوِي عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. خرَّج لَهُ الْبُخَارِيّ: عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَنِينِ الْجِذْعِ. وَلَهُ ثَلاثَةُ إِخْوَةٍ: أَبُو عَمْرٍو، وَمُعَاذٌ، وَأَبُو سُفْيَانَ. وَقَدْ رَوَى عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ حَنِينُ الْجِذْعِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلاءِ، عَنْ نَافِعٍ. فَلَعَلَّهُ هُوَ هُوَ، وَإِلا فَالْحَدِيثُ عِنْدَ معاذ، وأبي حفص. 462- أبو حمزة السُّكري2. –ع. هو محمد بن ميمون المروزيّ الحافظ. عَنْ: زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَجَابِرٍ الجعفيّ، وسليمان الأعمش، والكوفييّن.   1 تهذيب الكمال "2/ 1020-1021"، تهذيب التهذيب "7/ 487-488". 2 التاريخ الكبير "1/ 234"، والجرح والتعديل "8/ 81"، سير أعلام النبلاء "7/ 385-387"، تهذيب التهذيب "9/ 486-487". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 297 مَا أَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ غَيْرِهِمْ. حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَعِدَّةٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَانَ أَبُو حَمْزَةَ من ثقات النّاس، ولم يَكُنْ يَبِيعُ السُّكر، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحَلاوَةِ كَلامِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: أَرَادَ جَارٌ لِأَبِي حَمْزَةَ السُّكريّ أَنْ يَبِيعَ دَارَهُ، فَقِيلَ لَهُ: بِكَمْ؟ فَقَالَ: أَلْفَيْنِ، وَثَمَنُ الدَّارِ أَلْفَيْنِ جِوَارُ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا حَمْزَةَ، فَوَجَّهَ إِلَى جَارِهِ بِأَرْبَعَةِ آلافٍ فَقَالَ: لا تَبِعْ دَارَكَ. وَعَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: مَا شَبِعْتُ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً إِلا أَنْ يَكُونَ لِي ضَيْفٌ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُصْعَبٍ: كَانَ أَبُو حَمْزَةَ مُجَابَ الدَّعوة. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ أَبُو حَمْزَةَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ جِيرَانِهِ يَحْسِبُ مَا أَنْفَقَ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ أبو حمزة بِمِثْلِ ذَلِكَ وَيَقُولُ: وَنَحْنُ أَصِحَّاءُ. مَاتَ أَبُو حَمْزَةَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ، أَوْ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 463- أَبُو حَمْزَةَ الأُبُلِّيُّ، الْعَطَّارُ1. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، اسْمُهُ إِسْحَاقُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُوَ جَدُّ بَكْرِ بْنِ بَكَّارٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ. وَعَنْهُ: الأَصْمَعِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ حَسَنَ الْحَدِيثِ. وَضَعَّفَهُ الْفَلاسُ وَقَالَ: كَانَ شَدِيدَ الْقَوْلِ فِي القدر. 464- أبو الربيع البصريّ، السمّان2. -ت. ق. أشعث بن سعيد.   1 التاريخ الكبير "1/ 386"، الجرح والتعديل "2/ 220" الثقات لابن حبان "8/ 107"، التهذيب "1/ 232". 2 التاريخ الكبير "1/ 430"، ميزان الاعتدال "1/ 263"، تهذيب التهذيب "1/ 353-352". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 298 عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَبِي الزِّناد، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْحَافِظِ عندهم. وروى عباس، عن ابن معين: ليس بشيء. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَ بِذَاكَ، مُضْطَرِبٌ. وَقَالَ السَّعديّ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسائيّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 465- أَبُو سَعِيدٍ، المؤدِّب1. مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ، نَزَلَ بَغْدَادَ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ. عَنْ: حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، وَخَصِيفٍ، وَعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَكَانَ مؤدِّب الْخَلِيفَةِ الْهَادِي. مَاتَ قَبْلَ السَّبْعِينَ وَمِائَةٍ. 466- أَبُو شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ2: قَاضِي وَاسِطَ، جَدُّ الْحَافِظَيْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعُثْمَانَ. اسْمُهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُوَاسْتِيِّ، مَوْلَى بَنِي عبس.   1 الطبقات الكبرى "7/ 326"، التاريخ الكبير "2231"، الجرح والتعديل "8/ 76-77"، تهذيب التهذيب "9/ 453-454". 2 الطبقات الكبرى "6/ 384"، التاريخ الكبير "1/ 310"، الجرح والتعديل "2/ 115"، وتهذيب التهذيب "1/ 144-145". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 299 رَوَى عَنْ: خَالِهِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ بْنُ الحجَّاج، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَشَبَابَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْهِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ المغلَّس. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ: وَيَحْيَى، وَالنَّاسُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: نَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قُلْتُ لِشُعْبَةَ: إِنَّ أَبَا شَيْبَةَ نَا عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: شَهِدَ صِفِّينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ سَبْعُونَ رَجُلا، فَقَالَ: كَذَبَ وَاللَّهِ، لَقَدْ ذَاكَرْتُ الْحَكَمَ فِي بَيْتِهِ فَمَا وَجَدْنَا شَهِدَ صِفِّينَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ غَيْرُ خُزَيْمَةَ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، سُئِلَ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الْوَاسِطِيِّ فَقَالَ: ارْمِ بِهِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 467- أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ، وَزِيرُ الْمَهْدِيِّ وَكَاتِبُهُ1. اسْمُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الأَشْعَرِيُّ، مَوْلاهُمْ. رَوَى عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعيّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ. وَعَنْهُ: مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَغَيْرُهُ. أَصْلُهُ مِنْ طَبَرِيَّةَ، وَكَانَ ذَا دِينٍ وتعبُّد، مِنْ خِيَارِ الْوُزَرَاءِ. وَكَانَ المهديّ يعظّمه ولا يخالفه في رأي. قلا حَفِيدُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: أَبْلَى أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ سَجَّادَتَيْنِ، وأسرع في الثالث مَوْضِعُ الرُّكْبَتَيْنِ، وَالْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ، مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهِ.   1 سير أعلام النبلاء "7/ 398"، شذرات الذهب "1/ 279". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 300 وَكَانَ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ كرُّ دَقِيقٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْغَلاءُ أَتَاهُ مَوْلاهُ فَقَالَ: قَدْ غَلا السِّعْرُ فَلَوْ نَقَصْنَا مِنَ الْكُرِّ، فَقَالَ: أَنْتَ شَيْطَانٌ، صيِّره كرَّين. قَالَ: وَأُخْبِرْتُ أَنَّ الْجُسُورَ يَوْمَ مَاتَ امْتَلأَتْ، فَلَمْ يَعْبُرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ إِلا مَنْ تَبِعَ جِنَازَتَهُ مِنْ مَوَالِيهِ وَالْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ وَالْمَسَاكِينِ. وَرَوَى مَنْصُورُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمَنْصُورِ فَاسْتَحْلَفَنِي أَنْ أَصْدُقَهُ، فَحَلَفْتُ لَهُ: فَقَالَ: مَا قَوْلُكَ فِي خُلَفَاءِ بَنِي أميَّة؟ قُلْتُ: كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُطِيعًا لِلَّهِ، عَامِلا بِكِتَابِ اللَّهِ، متَّبعًا لسنَّة رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ إِمَامٌ تَجِبُ طَاعَتُهُ، قَالَ: جِئْتَ بِهَا عِرَاقِيَّةً، أَهَكَذَا أَدْرَكْتَ أَشْيَاخَكَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَقُولُونَ؟ قُلْتُ: لا، بَلْ أَدْرَكْتُهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ إِذَا اسْتُخْلِفَ غُفِرَ اللَّهُ لَهُ مَا مَضَى، فَقَالَ: أَيْ وَاللَّهِ، وَمَا تَأَخَّرَ مِنْ ذُنُوبِهِ، أَتَدْرِي مَا الْخَلِيفَةُ؟ بِهِ تُقَامُ الصَّلاة وَالْحَجُّ لِلْبَيْتِ، وَيُجَاهِدُ الْعَدُوَّ، وَعَدَّدَ مِنْ مَنَاقِبِ الْخِلافَةِ مَا لَمْ نَسْمَعْ أَحَدًا ذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: نَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَبِي المساور قال: دخلت على أبي عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرِ، فَمَا هَشَّ لِي، فَجَلَسْتُ إِلَى رَجُلٍ كَاتِبٍ، فَقُلْتُ: ثَنَا الشَّعبيّ، فَسَمِعَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ: وَرَأَيْتَ الشَّعبيّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ارْتَفِعْ، ارْتَفِعْ، كَتَمْتَنَا نَفْسَكَ حَتَّى كِدْتَ أَنْ تُلْحِقَنَا دَمًا لا تُرَخِّصُهُ الْمَعَاذِيرُ ثُمَّ اشْتَغَلَ بِي حَتَّى قَضَيْتُ حَاجَتِي. يُقَالُ: إِنَّ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّبِيعِ الْوَزِيرِ، فَرَمَى ابْنَهُ بِجُرْمِ الْهَادِي، فَمَا زَالَ الْمَهْدِيُّ حَتَّى قَتَلَ الابْنَ، ثُمَّ سَجَنَ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ مُدَّةً. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ طَبَرِيَّةَ، سمع أيضًا من الزُّهري، وَعَاصِمَ بْنَ رَجَاءٍ الْكِنْدِيَّ. حَكَى عَنْهُ: ابْنُهُ هَارُونُ، وَمُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. وَمُرَبَّعَةُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: وَصَفَ رَجُلٌ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرَ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَوْفَرَ مِنْ حِلْمِهِ، وَلا أَغْزَرَ مِنْ قَلَمِهِ. وَقَالَ الزُّبير: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ ثَابِتٍ بَعَثَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرُ إِلَى وَالِدِ مُصْعَبٍ الزُّبيريّ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، فَرَدَّهَا وَقَالَ: لا أَقْبَلُ صِلَةً إِلا مِنْ خَلِيفَةٍ، أَوْ مِنْ وليّ عهد. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 301 عُمَرُ بْنُ شبَّة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ يَحْيَى الْبَرْمَكِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَاهُ حَجَّ مَعَ الْمَنْصُورِ فِي الْعَامِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمَنْصُورُ، فَلَمَّا قَدِمَ ذَهَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ، فَلَمْ يَقُمْ لَهُ، وَلا رَفَعَ لَهُ رَأْسًا، فَغَضِبَ الرَّبِيعُ وَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ لأَجْهَدَنَّ فِي أَذَاهُ، وَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَمَضَتْ فِي الْحَوَادِثِ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. مَاتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي الْحَبْسِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 468- أَبُو عزَّة الدَّبَّاغُ1. اسْمُهُ الْحَكَمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَهُوَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي الرَّبَابِ. وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ، والتَّبوذكيّ. 469- أَبُو الْعَطُوفِ الْجَزَرِيُّ2، الْحَرَّانِيُّ. رَوَى عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، والزُّهريّ، وَأَبِي الزُّبير، وَغَيْرِهِمْ. وعنه: يزيد بْنُ هَارُونَ، وَشَبَابَةُ، وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه. وقال النَّسائيّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَبُو الْعَطُوفِ الْجَزَرِيُّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، أَنَا الْعَطُوفِ، عَنْ أَبِي الزُّبير، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضوان فِي عُثْمَانَ خَاصَّةً، لَمَّا احْتُبِسَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ قَتَلُوهُ لَأُنَابِذَنَّهُمْ"3. فَبَايَعْنَاهُ عَلَى أن لا نفرّ، ونحن ألف وثلاثمائة.   1 التاريخ الكبير "2/ 339"، الجرح والتعديل "3/ 118"، الثقات لابن حبان "8/ 193". 2 الطبقات الكبرى "7/ 485"، التاريخ الكبير "2/ 228"، الجرح والتعديل "2/ 523"، ميزان الاعتدال "1/ 390". 3 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "1/ 200-201"، وفيه صاحب الترجمة، تدليس أبو الزبير. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 302 هَذَا مُنْكَرٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. 470- أَبُو المثنَّى الخزاعيّ، الكعبي1، المدنيّ. -ت. ق. اسمه سليمان بن يزيد. وَيُقَالُ: رَوَى عَنْ أَنَسٍ، رَوَى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ الله بن نافع الصائغ، وابن أبي فديك، ويحيى بن حسّان، والتَّنَّيسيّ، وآخرون. قال أبو حاتم: ليس بقويّ، مُنْكَر الحديث. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَارِيخِ الثِّقَاتِ. 471- أَبُو معشر2. –ع. هو نجيج بن عبد الرحمن السِّنديّ، المدنيّ. كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ وَالأَيَّامِ وَالْمَغَازِي، وَقَدْ كَاتَبَ مَوْلاةً لَهُ مَخْزُومِيَّةً فَأَدَّى، فَاشْتَرَتْ أمُّ مُوسَى بِنْتُ مَنْصُورٍ وَلاءَهُ فِيمَا قِيلَ. رَأَى أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ، وَنَافِعٍ العمريّ، وسعيد المقبريّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَفِي جَامِعِ التِّرمذيّ لَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيَّب، وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ، أَوْ هُوَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، فَتَصَرَّفَ فِيهِ الرُّواة فَوَهِمُوا. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، ومنصور بن أبي مزاحم، وطائفة.   1 التاريخ الكبير "4/ 42"، الجرح والتعديل "4/ 149"، الثقات لابن حبان "6/ 395"، الميزان "2/ 228". 2 الطبقات الكبرى "5/ 318"، التاريخ الكبير "8/ 114"، الجرح والتعديل "8/ 493-495"، التهذيب "10/ 419-422". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 303 قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ بَصِيرًا بِالْمَغَازِي صَدُوقًا، وَلَكِنَّهُ لا يُقِيمُ الإِسْنَادَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ أَيْضًا: كَانَ أُمِّيًّا يَنْتَقِي مِنْ حَدِيثِهِ الْمُسْنَدَ. وَقِيلَ: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ أَبْيَضَ أَزْرَقَ سَمِينًا، أَشْخَصَهُ مَعَهُ الْمَهْدِيُّ إِلَى الْعِرَاقِ، وَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَقَالَ: تَكُونُ بِحَضْرَتِنَا فتفقِّه مَنْ حَوْلَنَا. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْمَغَازِي، أَصْلُهُ يَمَانِيٌّ سُبِيَ فِي وَقْعَةِ يَزِيدَ بْنِ المهلَّب بِالْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ. قَالَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ: كَانَ أَبِي أَبْيَضَ. وَأَمَّا أَبُو مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ فَقَالَ: كَانَ أَسْوَدَ. وَذَكَرَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ هِلالٍ، فَسُرِقَ فَبِيعَ بِالْمَدِينَةِ، فَاشْتَرَاهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَسَمَّوْهُ نَجِيحًا، فَاشْتُرِيَ لأُمِّ مُوسَى الْهَادِي فَأَعْتَقَتْهُ، فَصَارَ مِيرَاثُهُ لِبَنِي هَاشِمٍ. قَالَ: وَكَانَ يَنْتَسِبُ إِلَى حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ كيِّسًا حَافِظًا. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ الْقَطَّانُ لا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بَكَّارٍ يَقُولُ: تَغَيَّرَ أَبُو مَعْشَرٍ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ حَتَّى كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ الرِّيحُ وَلا يَشْعُرُ. قُلْتُ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعِينَ. وَقَالَ أَبُو أميَّة الطَّرسوسيّ: نَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَنَّ أَبَا مَعْشَرٍ كَانَ رَجُلا أَلْكَنَ، وَكَانَ سِنْدِيًّا يَقُولُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَعْبٍ يَعْنِي ابْنَ كَعْبٍ. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: رِوَايَتُهُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 304 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُعْبَدَ اللاَّت والعزَّى" 1، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى نِسَاءِ دَوْسٍ يَصْطَفِفْنَ بِأَلْيَاتِهِنَّ عَلَى صنمٍ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْخُلَصَةِ2. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَبُو مَعْشَرٍ صَدُوقٌ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 472- أبو هلال3. –ع. هو محمد بن سليم، الرّاسبيّ، البصريّ. نَزَلَ فِي بَنِي رَاسِبٍ، فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ، وَوَلاهُ أُسَامَةُ بْنُ لُؤَيٍّ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ. وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْحَوْضِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدق. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ. وتوِّفي سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 473- أَبُو يَحْيَى، صَاحِبُ السَّقط4. –ق.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه مسلم "2907"، والحاكم في المستدرك "4/ 446"، والبيهقي في السنن "8/ 181"، من حديث عائشة. 2 صح مرفوعًا عن أبي هريرة: أخرجه البخاري "7116"، ومسلم "2906"، وأحمد في المسند "2/ 271". 3 الطبقات الكبرى "7/ 278"، التاريخ الكبير "1/ 105"، الجرح والتعديل "7/ 273"، تهذيب التهذيب "9/ 195-196". 4 التاريخ الكبير "3/ 314"، الجرح والتعديل "3/ 502"، الثقات لابن حبان "6/ 306"، تهذيب الكمال "9/ 165-166". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 305 بصريٌّ مَعْرُوفٌ، اسْمُهُ رَجَاءُ بْنُ صَبِيحٍ. رَوَى عَنْ: مُسافِع بن شَيْبة، والحسن، ومحمد بن سيرين. وعنه: يزيد بن زُرَيْع، وعارم، وموسى بن إسماعيل، وهُدْبَة بن خالد. قال أبو حاتم: ليس بقويّ. وضعّفه ابن معين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 306 الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة -الطَّبَقَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ- "سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ" وما جرى فيها من كبار الحوادث 3 وفيات هذه السنة 161هـ. 3 ظهور عطاء المقنع. 3 ظَفَرُ نَصْرِ بْنِ الأَشْعَثِ بِابْنِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ. 4 تحبيش الروم على المسلمين. 4 عمارة المهدي طريق مكة. 4 نكبة الوزير أبي عبيد الله. 5 استعمال القُضاة. 5 استعمال العُمال. 5 وزارة يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ. 6 الْحَجُّ هَذَا الموسم. "سنة اثنتين وستين ومائة" 6 وفيات سنة 162هـ. 6 مقتل عبد السلام اليشكري. 6 إجراء الأموال على المجذومين والمساجين. 6 وصول الروم إلى الحدث. 6 غزوة الحسن بن قحطبة في الروم. 6 غزوة قاليقلا. 7 ولاية اليمن. 7 ولاية مصر. 7 ظهور المحمرة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 307 "سنة ثلاث وستين ومائة". 7 وفيات سنة 163هـ. 8 مقتل المقنع. 8 ولاية الجزيرة. 8 قتل الزنادقة. 8 ولاية هارون. 8 ولاية خراسان. 9 الحج هذا الموسم. "سنة أربع وستين ومائة" 9 وفيات سنة 164هـ. 9 غزوة عبد الكبير إلى الحدث. 9 عطش الحجيج. 10 ولاية البصرة وفارس. "سنة خمس وستين ومائة" 10 وفيات سنة 165هـ. 10 غزوة هارون إلى القسطنطينية. "سنة ست وستين ومائة" 10 وفيات سنة 166هـ. 11 عودة هارون بالغنائم. 11 قضاء البصرة. 11 غضب المهدي على الوزير أبي عبيد الله الأشعري. 14 قضاء العسكر. 14 ضرب المهدي الدنانير وإقامة البريد. 14 قتل المهدي لابن الوزير أبي عبيد الله. "سنة سبع وستين ومائة" 15 وفيات سنة 167هـ. 15 تتبع الزنادقة. 15 عزل أبي عبيد الله الوزير. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 308 16 الطَّاعُونُ بِالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ. 16 الزِّيَادَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. 16 الحج هذا الموسم. "سنة ثمان وستين ومائة" 16 وفيات سنة 168هـ. 16 نقض الروم للصلح. 17 تجهيز الجيش إلى طبرستان. 17 موت عريف الزنادقة. 17 الحج هذا الموسم. "سنة تسع وستين ومائة" 17 وفيات سنة 169هـ. موت المهدي وخلافة الهادي 18 التشدد في طلب الزنادقة. 19 وقعة فخ. 21 بدء الأسرة الإدريسية بالمغرب. 21 بعض سيرة الحسين بن علي. 22 ثورة ابن معصب بصعيد مصر. 22 العمال على الأمصار. "سنة سبعين ومائة" 23 وفيات سنة 170هـ. 23 مواليد هذه السنة. 23 وفاة الخليفة الهادي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 309 رِجَالُ هَذِهِ الطَّبَقَةِ مُرَتَّبُونَ عَلَى الْحُرُوفِ "حَرْفُ الألف" 24 1- أبان بن صدقة. 24 2- أبان بن يزيد العطار. 25 3- إبراهيم بن أدهم. 37 4- إبراهيم بن إسماعيل بن حبيبة الأنصاري الاشهلي. 38 5- إبراهيم بن طهمان بن شُعبة. 40 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حاطب. 40 7- إبراهيم بن عطاء بن أبي ميمونة. 40 8- إبراهيم بن الفضل المخزومي. 40 9- إبراهيم بن نافع. 41 10- إبراهيم بن نشيط الوعلاني. 41 11- أبي بن عباس بن سهل الساعدي. 42 12- أرطأة بن المنذر. 43 13- أسباط بن نصر الهمداني. 43 14- إسحاق بن إبراهيم الثقفي. 43 15- إسحاق بن أبي بكر المدني. 43 16- إسحاق بن ثعلبة. 44 17- إسحاق بن حازم. 44 18- إسحاق بن سعيد بن الأشدق. 44 19- إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. 45 20- إسحاق بن يحيى بن طلحة. 45 21- إسرائيل بن يونس. 47 22- إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة. 48 23- إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن المخزومي. 48 24- إسماعيل بن خليفة الكوفي. 48 25- إسماعيل بن سليمان الكحال. 49 26- أشرس أبو شيبان. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 310 49 27- أشعث بن برار السعدي. 49 28- أشعث بن سعيد. 50 29- أعين بن عبد الله العقيلي. 50 30- أنيس بن خالد التميمي. 50 31- أيوب بن خوط. 51 32- أيوب بن عتبة. 51 33- أيوب بن محمد العجلي. 51 34- أيوب بن نهيك الحلبي. "حرف الباء". 51 35- بزيع، أبو الهيثم المروزي. 51 36- بشار بن برد. 53 37- بكر بن الأسود. 54 38- بكر بن الحكم. 54 39- بكر بن خنيس. 55 40- بكير بن شهاب الدامغاني. 55 41- بكير بن شهاب العراقي. 55 42- بكير بن معروف الدامغاني. "حرف الثاء". 56 43- ثابت بن قيس الغفاري. 56 44- ثابت بن يزيد الأحول. "حرف الْجِيمِ". 57 45- جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ العجلي. 57 46- جرير بن حازم بن يزيد الأزدي. 59 47- جعفر بن زياد الأحمر. 60 48- جعفر بن كيسان العدوي. 60 49- جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ. 60 50- جميع بن ثوب السلمي. 61 51- جويرية بن بشير الهجيمي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 311 61 52- جميل بن عبيد الله الطائي. "حرف الحاء". 61 53- الحارث بن نبهان. 61 54- حبان بن يسار الكلابي. 62 55- حبيب بن أبي حبيب الجرمي. 62 56- حبيب بن حجر القيسي. 62 57- الحارث بن غصين. 62 58- حجاج بن تميم الجزري. 63 59- حجاج بن صفوان المدني. 63 60- الحارث بن النعمان بن سالم الليثي. 63 61- حرب بن سريج المنقري. 64 62- حرب بن شداد اليشكري. 64 - حرب بن أبي العالية. 64 63- حرب بن ميمون أبو الخطاب الأنصاري. 64 64- حرب بن ميمون صاحب الأغمية. 65 65- حرملة بن عمران بن قراد. 65 66- حريز بن عثمان بن جبر الرحبي. 68 67- حزام بن هشام الخزاعي القديدي. 68 68- حسام بن مصك. 68 69- حسان بن نوح النضري. 69 70- الحسن بن أبي جعفر الجفري. 69 71- الحسن بن دينار البصري. 70 72- الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ بْنِ علي. 71 73- الحسن بن صالح بن حي. 74 74- الحسين بن مطير، الشاعر. 76 75- الحسن بن أبي يزيد الهمداني. 76 76- الحسين بن عُقيل العقيلي. 76 77- حشرج بن نُباتة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 312 77 78- الحكم بن الصلت المدني المؤذن. 77 79- الحكم بن عبد الملك القرشي. 78 80- الحكم بن الوليد الوحاظي الحمصي. 78 81- حماد بن الجعد. 79 82- حماد بن سلمة بن دينار. 83 83- حماد بن أبي ليلى. 84 84- حماد عجرد. 84 85- حماد بن يزيد المقرئ. 84 86- حمزة بن المغيرة بن نشيط. 84 87- حيان بن عبيد الله البصري. "حرف الْخَاءِ". 85 88- خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سليمان الأنصاري. 85 89- خارجة بن مصعب بن خارجة الضبعي. 87 90- خالد بن برمك. 88 91- خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العدوي العمري. 88 92- خالد بن حميد المهري. 89 93- خالد بن زياد الأزدي الترمذي. 89 94- خالد بن ميسرة. 89 95- خالد بن إلياس العدوي. 90 96- خالد بن يزيد المري الدمشقي. 90 97- خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة. 91 98- خلاد بن سليمان الحضرمي. 91 99- خلف بن المنذر البصري. 91 100- خلف بن إسماعيل الخزاعي. 91 101- خليد بن دعلج السدوسي. 92 102- خليد العصري. 92 103- خليفة بن غالب الليثي. 92 104- الخليل بن أحمد الأزدي الفراهيدي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 313 "حرف الدَّالِ". 94 105- دَاوُدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الفرات. 94 106- داود بن سنان القرظي. 95 107- داود بن أبي الفرات الكندي. 95 108- داود الطائي. "حرف الراء". 100 109- رافع بن سلمة بن زياد بن أبي الجعد. 101 110- رباح بن يزيد اللخمي الإفريقي. 101 111- الربيع بن مسلم الجمحي. 101 112- الرَّبِيعُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ. 102 113- ربيعة بن كلثوم بن جبر. 102 114- رجاء بن أبي سلمة أبو المقدام. 103 115- رجاء بن صبيح البصري. 103 116- رستم أبو يزيد الطحان. 103 117- ربطة ابنه السفاح العباسية. "حرف الزاي". 103 118- زائدة بن قدامة الثقفي أبو الصلت. 104 119- زريك بن أبي زريك العطاردي. 104 120- زكريا بن حكيم الحبطي. 105 121- زكريا بن زيد الأشهلي. 105 122- زكريا بن سياه الثقفي. 105 123- زكريا بن أبي العتيك. 106 124- زهير بن محمد التميمي الخرقي. 107 125- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلاثَةَ الْحَرَّانِيُّ. 107 126- زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ الزِّيَادِيُّ. 108 127- زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو الْجَارُودِ الْكُوفِيُّ الأَعْمَى. 109 128- زيد بن السائب المدني. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 314 "حرف السين". 109 129- سالم بن دينار التميمي. 109 130- سالم بن أبي المهاجر الرقي. 110 131- سالم أبو حماد الكوفي الصيرفي. 110 132- سالم أبو غياث العتكي. 110 133- سرار بن مجشر البصري. 110 134- السري بن يحيى بن إياس الشيباني. 111 135- السري بن ينعم الجبلاني. 111 136- سعد بن طالب الشيباني. 111 137- سعد بن أبي أيوب المصري. 112 138- سعيد بن بشير الأزدي. 112 139- سعيد بن حسين الأزدي. 112 140- سعيد بن خالد الخزاعي. 112 141- سعيد بن راشد المازني السماك. 114 142- سعيد بن زربي الخزاعي. 114 143- سعيد بن زيد بن درهم. 115 144- سعيد بن سابق الرازي. 115 145- سعيد بن سليم الضبي. 115 146- سعيد بن سنان الحمصي. 116 147- سعيد بن عبد العزيز التنوخي. 119 148- سعيد بن مسلم بن يانك. 119 149- سعيد بن مسلم القرشي. 120 150- سعيد بن ميسرة البكري. 120 151- سفيان الثوري. 124 ومن آداب وشمائله وتواضعه وورعه. 129 في معيشته رضي الله عنه. 130 ومن مواعظه. 131 فصل من صدقه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 315 133 فصل. 133 ومن شيوخه. 134 ومن تلامذته. 135 152- سلام بن مسكين الأزدي النمري. 135 153- سلمة بن العيار الدمشقي. 139 154- سليمان بن أرقم. 137 155- سليمان بن عبيد المازني. 137 156- سليمان بن أبي داود الحمراوي. 137 157- سليمان بن القاسم الجمحي. 137 158- سليمان بن قرم بن معاذ. 138 159- سليمان بن كثير العبدي. 139 160- سليمان بن أبي كريمة. 139 161- سليمان بن المغيرة القيسي. 140 162- سليمان الخواص. 141 163- سهيل بن أبي حزم القطعي. 142 164- سوادة بن أبي الأسود القطان. 142 165- سويد بن إبراهيم البستي الحناط. "حرف الشين". 143 166- شبيب بن شيبة التميمي المنقري. 144 167- شبيب بن مهران القسملي. 144 168- شجرة بن مسلم الدمشقي. 144 169- شعيب بن أبي حمزة الحمصي الأموي. 146 170- شعيب بن زريق الفلسطيني. 147 171- شعيب بن كيسان الكوفي. 147 172- شعيب بن ميمون البزوي. 147 173- شيبان النحوي. 148 174- شيبان بن أبي شيبان المط. 149 175- شيبان الراعي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 316 "حرف الصَّادِ". 149 176- صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ الأَزْدِيُّ الشاعر. 151 177- صالح بن مرداس العبدي. 152 178- صخر بن جويرية البصري. 152 179- صخر بن جندلة القاضي البيروتي. 152 180- صدقة بن عبد الله الدمشقي السمين. 153 181- صدقة بن موسى البصري الدقيقي. 153 182- صدقة بن هرمز. 154 183- الصعق بن حزن البكري العيشي. "حرف الضاد". 154 184- الضحاك بن نبراس الجهضمي. "حرف الطَّاءِ". 155 185- طُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْعَامِرِيُّ الْكُوفِيُّ. 155 186- طلحة بن قيس الجريري. 155 187- طلحة بن النضر الحداني. "حرف الْعَيْنِ". 155 188- عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بن عمر بن الخطاب. 156 189- عافية القاضي بن يزيد بن قيس الأودي. 157 190- عامر بن شبل الجرمي. 157 191- عباد بن كثير الرملي الفلسطيني. 158 192- عبد الله بن بجير أبو حمران. 158 193- عبد الله بن بحير الصنعاني القاص. 159 194- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المزني. 159 195- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن المسور. 160 196- عبد الله بن حسان العنبري. 160 197- عبد الله بن حسان الفردوسي. 160 198- عبد الله بن الحسين بن عطاء المدني. 160 199- عبد الله بن دكين الكوفي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 317 173 227- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرؤاسي. 174 228- عبد الرحمن بن شريح المعافري. 174 229- عبد الرحمن بن عامر اليحصبي. 174 230- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ العمري. 175 231- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الله الضرير. 175 232- عبد الرحمن بن نعيم النخعي. 175 233- عبد الرحمن بن نمر اليحصبي. 176 234- عبد الرحمن بن يحيى بن مسور الصدفي. 176 235- عبد الرحيم بن خالد الجمحي المصري. 176 236- عبد الرحمن بن كردم البصري. 177 237- عبد السلام بن حفص أبو مصعب. 177 238- عبد السلام بن عجلان العدوي. 177 239- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي المهاجر. 178 240- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ أَبُو مودود القاص. 178 241- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سلمة الماجشون. 180 242- عبد العزيز بن مسلم القسملي. 180 243- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حنطب. 181 244- عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي المهاجر. 181 245- عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو مَرْيَمَ الأَنْصَارِيُّ. 182 246- عبد القدوس بن حبيب الكلاعي الحمصي. 183 247- عبد القدوس بن مسلم البصري. 183 248- عبد المجيد بن أبي زريق البصري. 183 249- عبد الملك بن الحسين النخعي الواسطي. 184 250- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَسَنِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الأموي الأحول. 184 251- عبد الملك بن إبراهيم بن جبر المدني. 184 252- عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم الجمحي. 185 253- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَعْدَانَ الضُّبَعِيُّ. 185 254- عبد المؤمن بن خالد الحنيفي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 319 185 255- عبد المؤمن بن عبيد الله السدوسي. 185 256- عبد الواحد بن سليم المالكي. 186 257- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ المدني. 186 258- عبد ربه بن أبي راشد اليشكري. 187 259- عبد ربه بن عطاء الله القرشي. 187 260- عبده بن أبي برزة السجستاني. 188 261- عباد بن عبد الصمد التميمي. 189 262- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ السَّدُوسِيُّ. 189 263- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ. 189 264- عبيد الله بن حمران العبدي. 190 265- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مروان الأموي. 190 266- عبيد بن سليم العلوي الكوفي. 190 267- عبيدة بن أبي رائطة المجاشعي. 190 268- عتاب بن عبد العزيز الحماني. 192 269- عتبة الغلام بن أبان البصري. 193 270- عتبة بن المنذر العبادي الحمصي. 193 271- عثمان بن الحكم الجذامي المصري. 193 272- عُثْمانُ بنُ طَلْحَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله التيمي. 194 273- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عُمَر بْن سعد بْن أَبِي وقّاص. 195 274- عثمان بن عمرو بن ساج القرشي. 195 275- عثمان بن موسى بن يقطر البصري. 195 276- عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد اللَّه العدوي. 195 277- عثمان بن مقسم البري الكندي. 196 278- عدي بن الفضل. 197 279- عصام بن بشير الكعبي. 197 280- عصام بن طليق الطفاوي. 198 281- عطاء المقنع. 199 282- عفير بن معدان. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 320 199 283- عقبة بن أبي الصهباء الباهلي. 200 284- عقبة بن أبي الحسناء. 200 285- عقبة بن عبد الله الرفاعي. 201 286- عقبة بن نافع المعافري. 201 287- عكرمة بن إبراهيم الأزدي القاضي. 201 288- العلاء بن زيدل الثقفي. 202 289- العلاء بن هارون الواسطي. 202 290- علي بن حوشب الفزاري الدمشقي. 203 291- علي بن علي بن نجاد الرفاعي. 203 292- علي بن علي القرشي الكوفي. 204 293- علي بن علي الحميري قاضي الري. 204 294- عمار بن سيف الضبي. 204 295- عمارة بن زاذان البصري الصيدلاني. 205 296- عمر بن العلاء بن عمار المازني. 206 297- عمر بن عمرو الأحموسي. 206 298- عمران بن زيد التغلبي الملائي. 206 299- عمران بن قدامة العمي البصري. 207 300- عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ المخزومي. 207 301- عمرو بن حريث العراقي الكوفي. 208 302- عمرو بن العلاء اليشكري البصري. 208 303- عمرو بن أبي قيس الكوفي الأزرق. 208 304- عمرو بن يزيد أبو بردة التميمي. 208 305- عنبسة بن سعيد الأسدي الكوفي. 209 - عنبسة بن سعيد البصري. 209 - عنبسة بن سعيد الكلاعي. 209 306- عنبسة بن سعيد أخو أبي الربيع السمان. 209 307- عيسى بن أيوب القيني. 210 308- عيسى بن صدقة بن عباد اليشكري. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 321 210 309- عيسى بن الضحاك الكندي. 210 310- عيسى بن علي الأمير الهاشمي العباسي. 211 311- عيسى بن مسلم الطهوي. 211 312- عيسى بن موسى الهاشمي العباسي ولي العهد. 212 313- عيسى بن ميمون المدني الواسطي. 213 - عيسى بن ميمون المدني. 213 314- عيسى بن يزيد الأزرق. "حرف الغين". 213 315- غوث بن سليمان الحضرمي. 213 316- غياث بن إبراهيم الطوفي. "حرف الفاء". 214 317- فتح الموصلي. 216 318- فرات بن السائب بن سليمان الجزري. 216 319- فضال بن جبير الغداني. 217 320- الفضل بن مهلهل الزاهد الكوفي. 217 321- فضيل بن مرزوق الكوفي العنزي. 217 322- فليح بن سليمان بن أبي المغيرة. "حرف القاف". 220 323- القاسم بن الفضل الأزدي الحداني. 221 324- قريش بن حيان العجلي. 221 325- قُطْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ الأَسَدِيُّ. 221 326- قطري الخشاب. 221 327- قيس بن الربيع. "حرف الْكَافِ". 223 328- كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ الضَّبِّيُّ الْمَدَائِنِيُّ. 223 329- كثير بن عبد الله السامي الناجي. 224 330- كثير بن عبد الله بن عمرو اليشكري. 225 331- كلثوم بن زياد المحاربي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 322 225 332- كوثر بن الحكيم الهمداني. 226 333- كيسان الفزاري القصار. "حرف الميم". 226 334- مالك بن الهيثم الخزاعي المروزي. 227 335- مبارك بن فضالة بن أبي أمية. 228 336- مبشر بن مكسر القيسي. 228 337- مبشر بن عبيد الكوفي الحمصي. 229 338- محمد بن أبان بن صالح القرشي. 230 - محمد بن أبان الجعفي. 230 339- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ مِهْرَانَ. 230 340- محمد بن إسماعيل بن رجاء الزبيدي. 231 341- محمد بن أعين أبو العلانية. 231 342- محمد بن بشر بن بشير الأسلمي. 232 343- محمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري. 232 344- محمد بن الحارث الثقفي. 232 345- مُحَمَّدُ بْنُ حِطَّانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ. 232 346- محمد بن خوط المدني.. 232 347- محمد بن راشد المكحولي الدمشقي. 233 348- محمد بن راشد البصري القرشي. 234 349- محمد بن الزبير القرشي. 234 350- محمد بن أبي سارة. 234 351- محمد بن سليم أبو هلال. 235 352- محمد بن سليم الطائفي. 235 353- محمد بن سليم. 235 354- محمد بن سليم الخراساني البلخي. 235 355- محمد بن صالح بن دينار المدني التمار. 236 356- محمد بن صالح المدني الأزرق. 236 357- محمد بن طلحة بن مصرف اليامي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 323 237 358- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عمير الليثي. 237 359- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلاثَةَ الْقَاضِي. 239 360- المهدي الخليفة العباسي. 247 361- محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني النحوي. 247 362- محمد بن عبد الرحمن بن مجبر العدوي العمري. 248 363- محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الحجبي المكي. 248 364- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ الأوقص. 248 365- محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري العوفي. 249 366- محمد بن عبد العزيز التيمي الكوفي. 249 367- محمد بن عبد الملك الأنصاري الضرير. 249 368- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ الواقفي. 250 369- محمد بن عمران الحجبي. 251 370- محمد بن عيسى الهلالي. 251 371- محمد بن القاسم الطائي الحمصي. 251 372- محمد بن مطرف بن داود. 252 373- محمد بن مهاجر بن أبي مسلم الأنصاري الحمصي. 252 374- محمد بن مهاجر القرشي الكوفي. 252 375- محمد بن مهاجر بن عامر الأسدي. 253 376- محمد بن مهزم العبدي الشعاب. 253 377- محمد بن هلال المدني الجمحي. 253 378- محمد بن يزيد البصري المدني. 253 379- مخارق بن عفان العابد. 253 380- مخلد بن الضحاك الشيباني. 254 381- مرجى بن رجاء اليشكري. 254 382- مسكين بن دينار الشقري. 254 - مسلم بن قعنب. 254 383- مسور بن الصلت. 255 384- مِسْوَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يربوع. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 324 255 385- مصاد بن عقبة. 255 386- مطر بن عبد الرحمن البصري الأعنق. 255 387- مطيع بن إياس الليثي الشاعر. 256 388- مطيع بن ميمون العنبري. 256 389- معارك بن عباد العبدي. 257 390- معاوية بن سلام بن ممطور الحبشي. 257 391- معروف بن مشكان المكي المقرئ. 258 392- معقل بن عبيد الله الجزري. 258 393- معلى بن راشد النبال. 258 - المغيرة بن خبيب بن ثابت الأسدي. 259 394- الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْبَصْرِيُّ. 259 395- المفضل بن محمد الضبي الكوفي المقرئ. 260 396- مفضل بن مهلهل السعدي. 261 - المفضل بن لاحق. 261 - المفضل بن يونس الكوفي. 261 397- مندل بن علي العنزي الكوفي. 262 398- موسى بن خلف العمي البصري. 262 399- مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْمِصْرِيُّ. 262 400- مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحِ بْنِ نُصَيْرٍ اللخمي. 264 401- موسى الهادي الخليفة العباسي. 265 402- موسى بن مطير الكوفي. "حَرْفُ النُّونِ". 266 403- نَافِعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الله القرشي الجمحي. 266 404- نافع بن أبي نعيم أبو رويم المقرئ. 268 405- نافع بن يزيد الكلاعي المصري. 268 406- نافع أبو هرمز البصري الجمال. 269 - نجيح أبو معشر. 269 407- نصر بن حرب المهلبي الأمير. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 325 269 408- نصر بن طريف أبو جزء الباهلي. 270 409- النضر بن عربي الباهلي الجزري. 270 410- نهشل بن سعيد الخراساني. "حرف الهاء". 271 411- هارون بن كثير. 271 412- هارون بن موسى النحوي الأعور. 271 413- هريم بن سفيان البجلي الكوفي. 272 414- هذيل بن بلال الفزاري المدائني. 272 415- الهذيل بن الحكم الأزدي البصري. 272 416- هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. 273 - هشام بن سعد. 274 417- همام بن يحيى بن دينار العوذي. 274 418- الهيثم بن جمار البصري البكاء. "حرف الواو". 275 419- ورقاء بن عمر بن كليب اليشكري. 276 420- الوليد بن كامل أبو عبيدة البجلي الحمصي. 276 421- وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي. "حرف الْيَاءِ". 277 422- يَاسِينُ بْنُ مُعَاذٍ الزَّيَّاتُ الْكُوفِيُّ. 277 423- يحيى بن أزهر البصري. 278 424- يحيى بن إسماعيل بن سالم الأسدي. 278 425- يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي المهاجر. 278 426- يحيى بن أيوب الغافقي المصري. 280 427- يحيى بن سلمة بن كهيل الحضرمي. 281 428- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الأنصاري. 281 429- يحيى بن العلاء البجلي الرازي. 282 430- يحيى بن عمرو بن مالك النكري. 283 431- يحيى بن عمير البزاز. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 326 283 432- يحيى بن المتوكل المدني الضرير الحذاء. 284 433- يحيى بن المهلب أبو كدينة البجلي. 284 434- يحيى بن موسى القتبي البصري. 284 435- يزيد بن إبراهيم التستري. 285 436- يزيد بن بزيع الرملي. 285 437- يزيد بن حاتم بن قبيصة الأمير المهلبي. 285 438- يزيد بن حيان البلخي. 286 439- يزيد بن ربيعة الرحبي الصنعاني. 286 440- يزيد بن زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ. 286 441- يَزِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ ذِي عصوان الداراني. 287 442- يزيد بن السمط الدمشقي. 287 443- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ الْحِمَّانِيُّ. 288 444- يزيد بن عبد الملك النوفلي. 288 445- يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي. 289 446- يعقوب بن أبي سلمة الماجشون. 289 447- يعقوب بن محمد بن طحلاء. 289 448- يعلى بن الحارث المحاربي. 289 449- يمان بن المغيرة البصري. 290 450- يوسف بن عبدة الأزدي القصاب. "الكنى". 290 451- أبو إسحاق الحميسي. 290 452- أبو إسرائيل الملائي الكوفي. 291 453- أبو الأشهب العطاردي. 292 454- أبو الأشهب النخعي. 292 455- أبو أويس الأصبحي، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسِ. 293 - أبو بردة، عمرو بن يزيد التميمي. 293 456- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْن أبي سبرة القرشي. 295 457- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُقَدَّم البصري. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 327 295 458- أبو بكر الهذلي سلمى بن عبد الله بن سلمى. 296 459- أبو بكر النهشلي. 296 - أبو الجمل اليمامي. 296 460- أبو جناب البصري القصاب عون بن ذكوان الحرشي. 297 461- أبو حفص عمر بن العلاء المازني. 297 462- أبو حمزة السكري محمد بن ميمون المروزي. 298 463- أبو حمزة الأبلي العطار. 298 464- أَبُو الرَّبِيعِ الْبَصْرِيُّ السَّمَّانُ أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ. 299 465- أبو سعيد المؤدب محمد بن مسلم بن أبي الوضاح. 299 466- أبو شيبة العبسي قاضي واسط إبراهيم. 300 467- أبو عبيد الله وزير المهدي معاوية بن عبيد الله. 302 468- أبو عزة الدباغ الحكم بن طهمان. 302 469- أبو العطوف الجزري الكعبي. 303 470- أبو المثنى الخزاعي الكعبي. 303 471- أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي. 305 472- أبو هلال محمد بن سليم الراسبي. 305 473- أبو يحيى صاحب السقط رجاء بن صبيح. 307 فهرس الموضوعات. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 328 الفهرس العام للكتاب ... 161 200- عبد الله بن زيد بن أسلم. 161 201- عبد الله بن سليمان الأسلمي القبائي. 161 202- عبد الله بن سليمان النوفلي. 162 - عبد الله بن عبد الله أبو أوبس المديني. 162 203- عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي. 162 204- عبد الله بن العلاء بن خالد. 163 205- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ الرِّبْعِيُّ الدمشقي. 163 206- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ. 164 207- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ. 164 208- عبد الله بن كيسان المروزي. 164 209- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو طِيبَةَ السُّلَمِيُّ العامري. 165 210- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ وَهْبِ اللَّهِ المخزومي. 166 211- عبد الله بن واقد الهروي. 166 212- عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي. 166 213- عبد الأعلى بن أعين الشيباني. 167 214- عبد الأعلى بن أبي المساور. 167 215- عبد الجبار بن عمر الأيلي. 168 216- عبد الجبار بن العباس الشبامي الهمداني. 169 217- عبد الجبار بن الورد المكي. 169 218- عبد الحكم بن أعين بن ليث. 169 219- عبد الحميد بن بهرام الفزاري. 170 220- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ. 170 221- عبد الحميد بن عطاء الخولاني. 170 222- عبد الرحمن بن إبراهيم القاص. 171 223- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ. 171 224- عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة. 172 225- عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي. 173 226- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 200 المجلد الحادي عشر الطبقة الثامنة عشرة أحداث سنة إحدى وسبعين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الثامنة عشرة: أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ الْمَدِينِيُّ، وَحِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، بِخُلْفٍ، وَخَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَأَبُو الْمُنْذِرِ سَلامٌ الْقَارِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، وَعَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْبَصْرِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّمَّاحُ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الْبَصْرِيُّ، بِخُلْفٍ، وَيَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَأَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ عَبْدُ رَبِّهِ، فِيهَا أَوْ فِي الآتِيَةِ. عَزْلُ الْفَضْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَوَفَاتُهُ: وَفِيهَا قَدِمَ الأَمِيرُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطُّوسِيُّ مَعْزُولا عَنْ نِيَابَةِ خُرَاسَانَ، فَصَيَّرَهُ الرَّشِيدُ عَلَى خَتْمِ الْخِلافَةِ، وَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ، فَدَفَعَ الْخَاتَمَ إِلَى يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكٍ مَعَ الْوِزَارَةِ1. ضَرْبُ عُنقِ أَمِيرِ الْجَزِيرَةِ: وَفِيهَا أَمَرَ الرَّشِيدُ أَبَا حَنِيفَةَ بْنَ قَيْسٍ فَضَرَبَ عُنقَ أَمِيرِ الْجَزِيرَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُحَمَّدِ بْنِ فَرُّوخٍ2. إِخْرَاجُ الرَّشِيدِ الْعَلَوِيِّينَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ: وَفِيهَا أَخْرَجَ هَارُونُ الرَّشِيدُ مَنْ كَانَ بِبَغْدَادَ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، سِوَى الْعَبَّاسِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العباس ابن الإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَكَانَ أَبُوهُ حَسَنٌ فِي مَنْ أُخْرِجَ3. سَفَرُ الْخَيْزُرَانِ لِلْحَجِّ: وفي رمضان سارت السَّيِّدَةُ الْخَيْزُرَانُ لِلْحَجِّ، وَكَانَ أَمِيرُ الْمَوْسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ. وَأَقَامَتِ الْخَيْزُرَانُ بِمَكَّةَ نَحْوَ الشهر.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 235"، والكامل في التاريخ "6/ 114". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 235". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 235". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 3 أحداث سنة اثنتين وسبعين ومائة، أحداث سنة ثلاث وسبعين ومائة : أحداث سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فَمَاتَ فِيهَا: الْحَسَنُ بْنُ عَيَّاشٍ أَخُو أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ بِالْكُوفَةِ، وَرَوْحُ بْنُ مُسَافِرٍ الْبَصْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ، بِخُلْفٍ، وَصَاحِبُ الأَنْدَلُسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّاخِلِ الأُمَوِيُّ، وَابْنُ عَمِّ الْمَنْصُورِ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَابْنُ عَمِّهِ الآخَرُ الْفَضْلُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، بِخُلْفٍ. وَالْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُغِيرَةَ الْمِصْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنُ كهيل، بخلف. إمارة عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَهْدِيِّ عَلَى أَرْمِينِيَّةَ: وَفِيهَا عَزَلَ الرَّشِيدُ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ يَزِيدَ بْنَ مَزْيَدٍ الشَّيْبانِيَّ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْمَهْدِيِّ1. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ يَعْقُوبُ بْنُ المنصور. أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا الْخُلْقَانِيُّ، وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، وَأُمُّ الرَّشِيدِ الْخَيْزُرَانُ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، وَالسَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ الشَّاعِرُ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَطُلَيْبُ بْنُ كَامِلٍ اللَّخْمِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَالأَمِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَقَاضِي مَرْوٍ نُوحٌ الْجَامِعُ. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ هَارُونُ الرَّشِيدُ2. إِمَارَةُ الْعَبَّاسِ بْنُ جَعْفَرٍ عَلَى خُرَاسَانَ: وَعُزِلَ عَنْ إِمْرَةِ خُرَاسَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَشْعَثَ، وَأُمِّرَ وَلَدُ الْمَعْزُولِ الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ3.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 236". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 238". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 239". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 4 أحداث سنة أربع وسبعين ومائة، أحداث سنة خمس وسبعين ومائة : أحداث سنة أربع وسبعين ومائة: فممات: بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ الْمِصْرِيُّ، وَالأَمِيرُ رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ، وَقَاضِي مِصْرَ وَعَالِمُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَنُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَيَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، بِخُلْفٍ. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ أَيْضًا أَمِيرُ المؤمنين. أحداث سَنَةُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فَمَاتَ فِيهَا: حَرَمُ بْنُ أَبِي حَرَمٍ الْقُطَعِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ فُضَيْلٍ الْوَاسِطِيُّ، وَالْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، فِيمَا قِيلَ، وَقَدْ مَرَّ، وَخَشَّافٌ الْكُوفِيُّ فَقِيهُ مِصْرَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ الْمَسْعُودِيُّ الْكُوفِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَقِيهُ مِصْرَ، والهِقْل بْنُ زِيَادٍ، فِي قَوْلٍ. عَقْدُ الْبَيْعَةِ لِمُحَمَّدٍ الأَمِينِ: وَفِيهَا كَانَ عَقْدُ الْبَيْعَةِ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ مُحَمَّدٍ، وَلُقِّبَ بِالأَمِينِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ خَمْسُ سِنِينَ, فَكَانَ هَذَا أَوَّلُ وَهْنٍ1 جَرَى فِي دَوْلَةِ الإِسْلامِ مِنْ حَيْثُ الإِمَامَةِ, حَرَصَتْ أُمُّهُ زُبَيْدَةُ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ الْمَنْصُورِ حَتَّى تَمَّ ذَلِكَ, وَأَرْضَوُا   1 وهن أي ضعف. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 5 الْعَسْكَرَ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، فَسَكَتُوا1. ظُهُورُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ بِالدَّيْلَمِ: وَفِيهَا صَارَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ الْعَلَوِيُّ إِلَى بِلادِ الدَّيْلَمِ، ثُمَّ تَحَرَّكَ هُنَاكَ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ وَطَلَبَ الْخِلافَةَ, وَأَسْرَعَ إِلَيْهِ الشِّيعَةُ مِنَ الأَمْصَارِ، فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ الرَّشِيدُ وَأُبْلِسَ، وَاشْتُغِلَ عَنِ الشُّرْبِ وَاللَّهْوِ، وَنَدَبَ لِحَرْبِهِ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ فِي خَمْسِينَ أَلْفًا مِنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِمُ الذَّهَبَ الْعَظِيمَ، فَانْحَلَّتْ عَزَائِمُ يَحْيَى الْمَذْكُورِ، وَطَلَبَ الصُّلْحَ وَالأَمَانَ، فَسُرَّ بذَلِكَ الرَّشِيدُ وَكَتَبَ لَهُ أَمَانًا، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْكِبَارَ، وَنَفَّذَهُ مَعَ تُحَفٍ وَهَدَايَا وَمَالٍ جَلِيلٍ، فَفَرِحَ يَحْيَى وَاطْمَأَنَّ، وَوَفَدَ عَلَى الرَّشِيدِ، فَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ وَعَطَايَاهُ2. ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدُ سَجَنَهُ، فَاعْتَلَّ، فَقِيلَ سُقِيَ السُّمَّ، وَلَمْ يَصِحُّ. وَيُقَالُ: حَبَسَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيُطْلِقُهُ. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي وَصَلَ إِلَى يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الرَّشِيدِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ. خَبَرُ الْيَمِينِ الَّذِي أَقْسَمَهُ الزُّبَيْرِيُّ وَالْعَلَوِيُّ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ افْتَرَى3 عَلَيْهِ لِبُغْضِهِ لِلطَّالِبِيَّةِ، وَزَعَمَ أنَّهُ طَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ، فَبَاهَلَهُ يَحْيَى بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ وَقَامَ، فَمَاتَ الزُّبَيْرِيُّ لِيَوْمِهِ, وَكَانَ يَحْيَى قَدْ طَلَبَ مُبَاهَلَتَهُ وَشَبَّكَ يَدَهُ فِي يَدِهِ وَقَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ لَمْ يَدْعُنِي إِلَى الْخِلافِ وَالْخُرُوجِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا، فَكِلْنِي إِلَى حَوْلِي وَقُوَّتِي وَاسْخَتْنِي بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِكَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: فَتَلَجْلَجَ4 الزُّبَيْرِيُّ وَقَالَهَا, وَلَمَّا قَالَ يَحْيَى مِثْلَهُ ما تلجلج5.   1 انظر، تاريخ الطبري "8/ 240". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 241، 242-244". 3 افترى أي كذب. 4 أي تردد في كلامه ولم يبين. 5 انظر تاريخ الطبري "8/ 246". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 6 هَيَاجُ الْعَصَبِيَّةِ بِالشَّامِ: وَفِيهَا هَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بِالشَّامِ بين القيسية واليمانية, كان كَبِيرُ النَّزَارِيَّةِ يَوْمَئِذٍ الأَمِيرُ أَبُو الْهَيْذَامِ الْمُرِّيُّ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ عَلَى إِمْرَةِ الشَّامِ مُوسَى ابْنُ وَلِيِّ الْعَهْدِ عِيسَى بْنِ مُوسَى، فَاسْتَعْمَلَ الرَّشِيدُ عَلَى الشَّامِ مُوسَى بْنَ يَحْيَى الْبَرْمَكِيَّ، فَقَدِمَ وَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ1. إِمَارَةُ الْغِطْرِيفِ بْنِ عَطَاءٍ عَلَى خُرَاسَانَ: وَفِيهَا عَزَلَ الرَّشِيدُ عَنْ خُرَاسَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا خَالَهُ الْغِطْرِيفَ بْنَ عَطَاءٍ. إِمَارَةُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ عَلَى مِصْرَ: وَأَمَّرَ عَلَى دِيَارِ مِصْرَ جَعْفَرَ بن يحيى البرمكي2.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 251". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 252". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 7 أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: أَبُو وَكِيعٍ الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَالْقَاضِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ، بِخُلْفٍ، وَصَالِحُ بْنُ الْخَلِيفَةِ الْمَنْصُورِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ الْوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. الْحَرْبُ بَيْنَ الْيَمَانِيَّةِ وَالْقَيْسِيَّةِ فِي الشَّامِ: وَفِيهَا هَاجَ الْحَرْبُ بِالشَّامِ بَيْنَ الْيَمَانِيَّةِ وَالْقَيْسِيَّةِ، وَاشْتَدَّ الْخَطْبُ1، وَنَشَأَتْ بَيْنَهُمْ أَحْقَادٌ وَإِحَنٌ إِلَى وَقْتِنَا، وَبَقِيَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ دِمَاءٌ يَهِيجُونَ لَهَا كُلَّ حِينٍ. فَتْحُ مَدِينَةِ دِبْسَةَ: وَفِيهَا فُتِحَتْ مَدِينَةُ دِبْسَةُ، وَلَهَا قِصَّةٌ يَطُولُ شَرْحُهَا, افتتحها الأمير عبد الرحمن ابن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ، وَمَعَهُ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هبيرة الفزاري.   1 أي: الحال. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 7 أحداث سنة سبع وسبعين ومائة، أحداث سنة ثمان وسبعين ومائة : أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ الْمَدِينِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ الزَّاهِدُ، فِيمَا قِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ الْحَرَّانِيُّ، وَهَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ الْهَرَوِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ الْيَشْكُرِيُّ مُعْتِقُ أَبِي عَوَانَةَ. وِلايَةُ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَلَى مِصْرَ: وَفِيهَا عَزَلَ الرَّشِيدُ جَعْفَرَ الْبَرْمَكِيَّ عَنْ مِصْرَ بِإِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ1. وِلايَةُ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى عَلَى خُرَاسَانَ: وَعَزَلَ حَمْزَةَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ خُرَاسَانَ، وَوَلاهَا الْفَضْلَ بْنَ يَحْيَى الْبَرْمَكِيَّ، مَعَ سِجِسْتَانَ وَالرِّيِّ2. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَفِيهَا حَجَّ الرَّشِيدُ بِالنَّاسِ3. أحداث سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ الْكُوفِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، وَخَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ وَالصَّحِيحُ قَبْلَ هَذَا بِعَشْرِ سِنِينَ، وَعُلَيْلَةُ بْنُ بَدْرٍ الْبَصْرِيُّ، وَعَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بِالْمِصِّيصَةِ، ومفضل بن يونس، يقال فيها.   1 أي: الحقد. 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 225". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 225". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 8 فِتْنَةُ الْحَوْفِيَّةِ بِمِصْرَ: وَفِيهَا هَاجَتِ الْحَوْفِيَّةُ بِدِيَارِ مِصْرَ مِنْ قَيْسٍ وَقُضَاعَةَ، فَوَثَبُوا بِنَائِبِ الرَّشِيدِ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ فَقَاتَلُوهُ، فَوَجَّهَ الرَّشِيدُ جَيْشًا مَعَ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ فَخَمَدَتِ الْفِتْنَةُ1. وِلايَةِ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ عَلَى مِصْرَ: ثُمَّ وَلَّى مِصْرَ هَرْثَمَةَ بْنَ أَعْيَنَ، ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ شَهْرٍ بِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ الْهَاشِمِيِّ2. فِتْنَةُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ: وَفِيهَا وَثَبَتْ أَهْلُ الْمَغْرِبِ فَقَتَلُوا مُتَولِّيَ إِفْرِيقِيَا الْفَضْلَ بْنَ رَوْحِ بْنِ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبيَّ، وَطَرَدُوا مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ آلِ الْمُهَلَّبِ، فَبَادَرَ إِلَيْهَا هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ، وَكَانَ شُجَاعًا مَهِيبًا، فَذَلُّوا وَأَذْعَنُوا بِالطَّاعَةِ3. تَفْوِيضُ أُمُورِ الْمَمَالِكِ لِيَحْيَى بْنِ خَالِدٍ: وَفِيهَا فَوَّضَ الرَّشِيدُ جَمِيعَ أُمُورِ مَمَالِكِهِ إِلَى يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيِّ. خُرُوجُ الْوَلِيدِ بْنِ طَرِيفٍ الشَّارِي: وَفِيهَا خَرَجَ بِالْجَزِيرَةِ الْوَلِيدُ بْنُ طَرِيفٍ الشَّارِي4 مُحَكِّمًا، يَعْنِي قَالَ: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ, وَفَتَكَ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ خَازِمِ بْنِ خُزَيْمةَ بِنَصِيبِينَ، وَسَارَ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ، إِلَى أَنْ جَاءَ الْخَبَرُ بِمَوْتِهِ5. مَسِيرُ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى إِلَى خُرَاسَانَ: وَفِيهَا سَارَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ إِلَى خُرَاسَانَ فَعَدَلَ في الناس، وأحسن السيرة، وتهيأ للجهاد فغزوا مَا وَرَاءَ النَّهْرِ, وَاسْتَخْدَمَ جَيْشًا عَظِيمًا. وَفِيهِ يَقُولُ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْجُودَ مِنْ لَدُنِ آدَمَ ... تَحَدَّرَ6 حَتَّى صَارَ فِي رَاحَةِ الْفَضْلِ إِذَا مَا بَنُو الْعَبَّاسِ تَرَامَتْ سَمَاؤُهُمْ ... فَيَا لَكَ مِنْ هَطْلٍ وَيَا لَكَ مِنْ وَبْلِ وَلِمَرْوَانَ فِيهِ عِدَّةُ قَصَائِدَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ, فَنَالَ مِنَ الْفَضْلِ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقِيلَ إِنَّ الأَمِيرَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ جِبْرِيلَ سَارَ مَعَ الْفَضْلِ إِلَى خُرَاسَانَ، فَعَقَدَ لَهُ عَلَى سِجِسْتَانَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى كَابُلَ فَغَزَا وَفَتَحَ وَغَنِمَ، فَوَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةُ آلافِ أَلْفٍ, فَلَمَّا رَجَعَ الْفَضْلُ مِنْ خُرَاسَانَ بَعْدَ أَنْ مَهَّدَهَا تَلَقَّاهُ الرَّشِيدُ وَالدَّوْلَةُ، فَكَانَ رُبَّمَا وَصَلَ الرَّجُلَ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَبِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ كَانَ سَخِيًّا.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 225"، والكامل "6/ 140". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 265"، والكامل "6/ 141". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 256"، والكامل "6/ 141". 4 انظر تاريخ الطبري "8/ 256". 5 أي: واحد من الخوارج. 6 تحدر أي تتابع. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 9 أحداث تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ الْحِمْصِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ الإِمَامُ، وَفَقِيهُ دِمَشْقَ هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ طَرِيفٍ الْخَارِجِيُّ، وَأَبُو الأَحْوَصُ سَلامُ بْنُ سُلَيْمٍ. إِمَارَةُ مَنْصُورِ الْحِمْيَرِيِّ عَلَى خُرَاسَانَ: وفيها ولي إمرة خُرَاسَانَ مَنْصُورُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَنْصُورِ الْحِمْيَرِيُّ1. خُرُوجُ الْوَلِيدِ بْنِ طَرِيفٍ مِنْ جَدِيدٍ: وَفِيهَا رَجَعَ الْوَلِيدُ بْنُ طَرِيفٍ الشَّارِي بِجُمُوعِهِ مِنْ نَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةَ إِلَى الْجَزِيرَةِ، وَقَدِ اشْتَدَّتْ بَلِيَّتُهُ وَكَثُرَ جَيْشُهُ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ يَزِيدُ بْنُ مَزْيَدَ الشَّيْبَانِيُّ، فَرَاوَغَهُ2 يَزِيدُ ثُمَّ الْتَقَاهُ عَلَى غِرَّةٍ بقرب هيت فقتله ومزق جمعه3.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 261"، والكامل "6/ 149". 2 المراوغة أي: المخادعة. 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 261"، والكامل "6/ 141". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 10 وَفِي ذَلِكَ تَقُولُ الْفَارِعَةُ أُخْتُ الْوَلِيدِ: أَيَا شجر الخابور ما لك مُورِقًا ... كَأَنَّكَ لَمْ تَجْزَعْ عَلَى ابْنِ طَرِيفِ فَتًى لا يُحِبُّ الزَّادَ إِلا مِنَ التُّقَى ... وَلا الْمَالَ إِلا مِنْ قِنًى وَسُيُوفِ حَلِيفُ الندى ما عاش يرض به الندى ... فإن مات لم يرضى النَّدَى بِحَلِيَفِ أَلا يَا لِقَوْمِي لِلْحِمَامِ وَلِلْبِلَى ... وَلِلأَرْضِ هَمَّتْ بَعْدَهُ بِرُجُوفِ أَلا يَا لِقَوْمِي لِلنَّوَائِبِ1 وَالرَّدَى ... وَدَهْرٍ مُلِحٍّ بِالْكَلامِ عَنِيفِ فَإِنْ يَكُ أَرْدَاهُ يَزِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ ... فَرُبَّ زُحُوفٍ لفها بزحوف عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ وَقْفًا فَإِنَّنِي ... أَرَى الْمَوْتَ وَقَّاعًا بِكُلِّ شَرِيفِ عُمْرَةُ الرَّشِيدِ وَحَجُّهُ: وَفِيهَا اعْتَمَرَ الرَّشِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَدَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى أَنْ حَجَّ، وَمَشَى مِنْ بُيُوتِهِ إِلَى عَرَفَاتٍ2. إِمْرَةُ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ عَلَى الْمَغْرِبِ: وَفِي رَبِيعِ الأَوَّلِ قَدِمَ هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ أَمِيرًا عَلَى الْقَيْرَوانِ وَالْمَغْرِبِ فَأَمَّنَ النَّاسَ وَسَكَنُوا وَأَحْسَنَ سِيَاسَتَهُمْ, وَكَانَتْ لَهُ هَيْبَةٌ عَظِيمَةٌ, فَبَنَى الْقَصْرَ الْكَبِيرَ الْمُلَقَّبَ بِالْمَنِسْتِيرِ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَبَنَى سُورَ طَرَابُلْسَ الْمَغْرِبِ, ثُمَّ إِنَّهُ رَأَى كَثْرَةَ الأَهْوَاءِ وَالاخْتِلافِ بِالْمَغْرِبِ فَطَلَبَ مِنَ الرشيد أن يعفيه, وألح في ذلك.   1 أي المصائب. 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 261". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 11 أحداث سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ السُّلَمِيُّ الْوَاعِظُ، وَحَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُقْرِئُ، وَرَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ، وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، بِخُلْفٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ الْمَكِّيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ، وَصَاحِبُ الأَنْدَلُسِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُمَوِيُّ، وَأَبُو الْمُحَيَّاهِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّمِيمِيُّ، وَيُقَالُ: فِيهَا مَاتَ سِيبَوَيْهِ شَيْخُ النَّحْوِ. هَيَاجُ الْعَصَبِيَّةِ بِالشَّامِ: وَفِيهَا هَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ قَيْسٍ وَيَمَنَ بِالشَّامِ، وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ، وَعَظُمَ الْخَطْبُ1. استيطان الرشيد بالرقة: وَفِيهَا سَارَ الرَّشِيدُ إِلَى الْمَوْصِلِ، ثُمَّ إِلَى الرَّقَّةِ مُدَّةً، وَعَمَّرَ بِهَا دَارَ الْمُلْكِ. الزَّلْزَلَةُ بِمِصْرَ: وَفِيهَا كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ الْعُظْمَى سَقَطَ فِيهَا رَأْسُ مَنَارَةِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ2. خُرُوجُ خُرَاشَةَ الشَّيْبَانِيِّ: وَفِيهَا خَرَجَ خُرَاشَةُ الشَّيْبَانِيُّ مُحَكِّمًا بِالْجَزِيرَةِ، فَقَتَلَهُ مُسْلِمُ بْنُ بَكَّارٍ الْعُقَيْلِيُّ. خُرُوجُ الْمُحَمِّرَةُ بِجُرْجَانَ: وَفِيهَا خَرَجَتِ الْمُحَمِّرَةُ بِجُرْجَانَ، هَيَّجَهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ زِنْدِيقٌ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَمْرَكِيُّ، فَقُتِلَ بِأَمْرِ الرَّشِيدِ بِمَرْوٍ. اسْتِخْلافُ الرَّشِيدِ لِلأَمِينِ عَلَى بَغْدَادَ: وَفِيهَا اسْتَخْلَفَ الرَّشِيدُ عَلَى بَغْدَادَ وَلَدَهُ الأَمِينَ. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمِ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ مُوسَى بن عيسى العباسي. والله أعلم.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 262"، والكامل "6/ 151". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 266"، والكامل "7/ 152". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 12 تراجم هذه الطبقة مرتبة على حروف الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدِ الرُّؤَاسِيُّ الْكُوفِيُّ1 -خ. م. ت. ن- شَيْخٌ ثِقَةٌ. يروي عن: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بن عُرْوَةَ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ. وعنه: شهاب بن عباد، وإسحاق بن منصور السلولي، وزكريا بن عدي، وغيرهم. مات سنة ثمان وسبعين ومائة. 2- إبراهيم بن سعيد المديني2. روى عَنْ: نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي الإِحْرَامِ. وَعَنْهُ: زَكَرِيَّا زَحْمَوَيْهِ، وَقُتَيْبَةُ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ الْمَدَنِيُّ3. خ. د. عَنْ: أُنَيْسِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وعنه: ابن وهب، وسعيد بن أبي مريم. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْعَبَّاسِيُّ الْهَاشِمِيُّ4. وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ لِلْمَهْدِيِّ، ثُمَّ وَلِيَ مِصْرَ لِلرَّشِيدِ، وَتَزَوَّجَ بِأُخْتِ الرَّشِيدِ عَبَّاسَةَ. حَكَى عنه: ابن وهب.   1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 383"، والجرح والتعديل "2/ 93"، والتاريخ الكبير "1/ 280"، وتهذيب الكمال "2/ 78، 79". 2 انظر الكامل في الضعفاء "1/ 257"، وتهذيب الكمال "2/ 98، 99"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 35"، والمغني في الضعفاء "1/ 15، 88". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 104"، والتاريخ الكبير "1/ 291"، والثقات لابن حبان "6/ 12"، وتهذيب الكمال "2/ 102، 103". 4 انظر تاريخ الطبري "8/ 148"، والكامل في التاريخ "6/ 61، 74"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8، 243، 244". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 13 يُرْوَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ قَالَ: تَأَخَّرَ جِبْرِيلُ بْنُ بِخْتَيْشُوعَ عَنِ الرَّشِيدِ فَشَتَمَهُ، فَقَالَ: تَشَاغَلْتُ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ لِأَنَّهُ يَمُوتُ, فَبَكَى وَجَزَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ. فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ الْبَرْمَكِيُّ: جِبْرِيلُ أَعْلَمُ بِطِبِّ الرُّومِ، وَابْنُ بَهْلَةَ أَعْلَمُ بِطِبِّ الْهِنْدِ. قَالَ: فَبَعَثَ الرَّشِيدُ بِابْنِ بَهْلَةَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَرَجِعَ وَحَلَفَ لَهُ إِنَّهُ لا يَمُوتُ فِي عِلَّتِهِ, فَأَكَلَ الرَّشِيدُ وَسَكَنَ، فَلَمَّا أَمْسَوْا جَاءَهُ الْمَوْتُ فبَكَى، يَعْنِي الرَّشِيدَ، وَقَالَ: ابْنُ عَمِّي فِي الْمَوْتِ وَأَنَا آكُلُ وَأَتَمَتَّعُ، ثُمَّ تَقَيَّأَ1 مَا أَكَلَ, وَبَكَّرَ لِحُضُورِ الْجِنَازَةِ إِلَى دَارِ إِبْرَاهِيمَ, فَأَتَاهُ ابْنُ بَهْلَةَ فَقَالَ: اللَّهَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُطَلَّقَ نِسَائِي وَتُعْتَقَ أَرِقَّائِي، ابْنُ عَمِّكَ لَمْ يَمُتْ فَقَامَ الرَّشِيدُ مَعَهُ، فَنَخَسَهُ ابْنُ بَهْلَةَ بِمَسَلَّةٍ تَحْتَ ظُفْرِهِ، فَحَرَّكَ يَدَهُ, ثُمَّ أَمَرَ بِنَزْعِ الْكَفَنِ عَنْهُ، ثُمَّ دَعَا بِمِنْفَخَةٍ وَكُنْدُسٍ، فَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ، فَعَطَسَ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، فَرَأَى الرَّشِيدَ فَأَخَذَ يَدَهُ فَقَبَّلَهَا. فَقَالَ: كَيْفَ حَالُكَ؟. فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ فِي أَلَذِّ نَوْمَةٍ، فَعَضَّ شَيْءٌ إِصْبَعِي فَآلَمَنِي. قَالَ: ثُمَّ عُوفِيَ مِنْ عِلَّتِهِ وَزَوَّجَهُ بِعَبَّاسَةَ أُخْتِهِ، وَوَلاهُ إِمْرَةَ مِصْرَ وَبِهَا مَاتَ, فَكَانُوا يَقُولُونَ: رَجُلٌ تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ وَدُفِنَ بِمِصْرَ، مَنْ هُوَ؟. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: حَدَّثَنِي أَخِي مُحَمَّدٌ قَالَ: دَخَلَ عَبَّادٌ الْخَوَّاصُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَهُوَ أَمِيرُ فِلَسْطِينَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: عِظْنِي. قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الأَعْمَالَ مِنَ الأَحْيَاءِ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِهِمْ مِنَ الْمَوْتَى، فَانْظُرْ مَاذَا يُعْرَضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عَمَلِكَ, فَبَكَى إِبْرَاهِيمُ. قِيلَ: مَاتَ بِمِصْرَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. أَرَّخَهُ ابْنُ يُونُسَ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي شَيْبَانَ الْعَنْسِيُّ2، بنون، الدمشقي. عن: زيادة بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، وَعَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَيُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَالْهَيْثَمُ بن خارجة، وهشام بن عمار، وجماعة.   1 تقيأ: أي تكلف القيء, والقيء ما قذفته المعدة من الفم. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 105، 106"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 292". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 14 قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال أَبُو مُسْهِرٍ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: يُكَنَّى أَبَا إِسْمَاعِيلَ. وَقِيلَ: أَبُو أُمَيَّةَ. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ1. أَبُو رِزَامٍ الرَّاسِبِيُّ, بَصْرِيٌّ مُقِلٌّ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَكَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، وَغَيْرُهُمَا. مَا ضَعَّفَهُ أَحَدٌ. 7- آدَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ2. شَاعِرٌ مَاجِنٌ ثُمَّ إِنَّهُ نَسَكَ وَقَدْ تَوَهَّمَ فِيهِ الْمَهْدِيُّ الزَّنْدَقَةَ لِمُجُونِهِ وَقَوْلِهِ فِي الْخَمْرِ: اسْقِنِي وَاسْقِ خَلِيلَيَّ ... فِي مَدَى اللَّيْلِ الطَّوِيلِ قَهْوَةً صَهْبَاءَ صِرْفًا ... سُبِيَتْ مِنْ نَهْرِ بِيلِ قُلْ لِمَنْ يُلْحَاكَ فِيهَا ... مِنْ فَقِيهٍ أَوْ نَبِيلِ أَنْتَ دَعْهَا وَارْجُ أُخْرَى ... مِنْ رَحِيقِ السَّلْسَبِيلِ فَضُرِبَ ثَلاثَمِائَةِ سَوْطٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُقِرُّ عَلَى نَفْسِي بِبَاطِلٍ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ بِاللَّهِ طَرْفةَ عَيْنٍ، وَلَكِنِّيَ كُنْتُ فَتًى أَشْرَبُ النَّبِيذَ. ثُمَّ إِنَّهُ صَلُحَ حَالُهُ. سامحه الله تعالى. 8- إسحاق بن إبراهيم3 -د. ت. ق- أبو يعقوب الثقفي الكوفي.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 118"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 306"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 49". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 25-27". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 207"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 378"، والثقات لابن حبان "8/ 106"، وتهذيب الكمال "2/ 395". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 15 عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَعَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ عُمَيْرٍ. أَحَادِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ يَرْوِي عَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَعَمَّارٌ أَبُو يَاسِرٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى عَنِ الثقات ما لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 9- إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نِسْطَاسٍ1. أَبُو يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ. رَأَى سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُصْعَبٍ، وَسَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. يعقوب بن محمد الزهري: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نِسْطَاسٍ، نَا نُوحُ بْنُ أَبِي بِلالٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ قِبَاءٍ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ"2. 10- إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ3. يَرْوِي عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وغيره.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 206"، والتاريخ الكبير "1/ 380"، والضعفاء للنسائي "285"، والكامل لابن عدي "1/ 38". 2 حديث إسناده ضعيف والمتن صحيح. أما من جهة الإسناد فصاحب الترجمة ضعيف والمتن صح بوجه آخر أخرجه النسائي "699"، وابن ماجه "1412"، وأحمد "3/ 487". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 228"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 398"، والثقات لابن حبان "6/ 48"، وتهذيب الكمال "2/ 456". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 16 وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 11- إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَدِينِيُّ1. هُوَ غَيْرُ ابْنِ عُقْبَةَ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ فِي الْمَاضِينَ. رَوَى عَنْ: شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ صَاحِبُ الرَّقِيقِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَأَيْتُهُ مُسْتَقِيمَ الْحَدِيثِ. 12- إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ2. هُوَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ, الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَبُو إِسْحَاقَ، مَوْلَى الأَنْصَارِ, مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَطَبَقَتِهِمْ, وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى شَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ، ثُمَّ عَرَضَ عَلَى نَافِعٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جَمَّازٍ، وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ وَالْحَدِيثِ. وَقِيلَ: بَلْ كُنْيَتُهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلامِ الْبِيكَنْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السكوني، ومحمد بن زنبور، وداوود بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الدُّورِيُّ. وَكَانَ أَقْرَأُ مَنْ بَقِيَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ نَافِعٍ, وَهُوَ آخِرُ أَصْحَابِ شَيْبَةَ وَفَاةً, وَسَكَنَ بَغْدَادَ يُؤَدِّبُ عليًّا ولد المهدي.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 155"، والتاريخ الكبير "1/ 341"، والثقات لابن حبان "6/ 34". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 327"، والجرح والتعديل "2/ 162، 163"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 349، 350"، والثقات لابن حبان "6/ 44". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 17 قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، هُوَ أَثْبَتُ مِنَ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَمِنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ. قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيِّ: أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطِيعِيُّ؛ وَقَرَأْتُ عَلَى عِيسَى بْنِ يَحْيَى، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُقَيَّرِ قَالا: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبَّاسِيُّ: قَالَ ابْنُ الْمُقَيَّرِ إِجَازَةً: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ، نَا أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الأَزْهَرِ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من اقْتَنَى كَلْبًا إِلا كَلْبَ ضَارِيَةٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلا عَالِيًا. وَقَدْ أَخَذَ الْقُرْآنَ عَنْهُ: الْكِسَائِيُّ، وَالدُّورِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ داود الْهَاشِمِيُّ، وَأَسْنَدَ لَهُمْ قِرَاءَتَهُ عَنْ نَافِعٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثِقَةٌ. 13- إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا الخلقاني2 -ع. أبو زياد الكوفي. عن: عاصم الأحوال، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَلُوَيْنُ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ يَتَشَيَّعُ. اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ، فَمَرَّةً قَالَ: ضعيف, ومرة وثقه.   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1575"، وهو في البخاري "2322". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 326"، والتاريخ الكبير "1/ 355"، والجرح والتعديل "2/ 170"، والثقات لابن حبان "6/ 44"، والضعفاء لابن عدي "1/ 311". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 18 وَمَرَّةً يَقُولُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُقَارَبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: أَمَّا الأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي يَرْوِيهَا فَهُوَ فِيهَا مُقَارَبُ الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ يَنْشَرِحُ الصَّدْرُ لَهُ هُوَ شَيْخٌ لَيْسَ يُعْرَفُ، يَعْنِي بِالطَّلَبِ. قَالَ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ مُرَّةَ، أَبُو زِيَادٍ الْخُلْقَانِيُّ مَوْلَى بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، كُوفِيٌّ يُلَقَّبُ شَقُوصًا: نَزَلَ بَغْدَادَ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانٍ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ، حَدَّثَنِي خَالِي إِبْرَاهِيمُ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ الْخُلْقَانِيَّ "شَقُوصًا"1 يَقُولُ: الَّذِي نَادَى مِنْ جَانِبِ الطُّورِ عَبْدَهُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قُلْتُ: إِسْنَادُهَا مُظْلِمٌ, وَلَعَلَّ إِسْمَاعِيلُ شَقُوصًا هَذَا آخَرُ زِنْدِيقٌ لَعِينٌ غَيْرُ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ، فَإِنَّ هَذَا الْكَلامَ لا يَصْدُرُ مِنْ رَافِضِيٍّ، فَضْلا عَنْ مُسْلِمٍ مُبْتَدِعٍ، أَوْ أَنَّهُ قَالَ ثُمَّ تَابَ وَجَدَّدَ إِسْلامَهُ، أَوْ أَنَّ الرَّاوِي كَذَّبَهَا. تُوُفِّيَ الْخُلْقَانِيُّ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. 14- إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ السَّكُونِيُّ2 -ق. قَاضِي الْمَوْصِلِ. رَوَى عَنْ: ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَغَالِبٍ الْقَطَّانِ. وَعَنْهُ: نَائِلُ بْنُ نَجِيحٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الشعيري، وعيسى غنجار، وآخرون.   1 ساقطة في نسخة الضعفاء للعقيلي، وكذلك الضعفاء للمؤلف. 2 انظر المجروحين لابن حبان "1/ 129"، والضعفاء لابن عدي "1/ 308"، وتهذيب الكمال "3/ 69، 97". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 19 وَهُوَ هَالِكٌ لَيْسَ بِثِقَةٍ, وَيُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، كُوفِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ يَضَعُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ دَجَّالٌ، لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إِلا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ فِيهِ. رَوَى عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَبْغَضُ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ الْفَارِسِيَّةُ؛ وَكَلامُ الشَّيَاطِينِ الْخُوزِيَّةُ، وَكَلامُ أَهْلِ النَّارِ الْبُخَارِيَّةُ، وَكَلامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْعَرَبِيَّةُ"1. 15- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ2. شَيْخُ الإِقْرَاءِ بمكة، أبو إسحاق المكي، مولى بني مَخْزُومٍ. وَيُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ الْقِسْطُ. هُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ، وَقَرَأَ عَلَى صَاحِبَيْهِ شِبْلٍ، وَمَعْرُوفٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. وَأَقْرَأَ النَّاسَ مُدَّةً. قَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو الإِخْرِيطِ وَهْبُ بْنُ وَاضِحٍ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَبْعُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَزِيعٍ. وَسَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى اللُّؤْلُؤِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ الْقَلْزُمِيُّ، وَأَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاقِلُونَ لِمَوْتِهِ، فَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ: تِسْعِينَ وَمِائَةٍ، تَصَحَّفَتِ الْوَاحِدَةُ بِالأُخْرَى, وأنا إلى السبعين أميل.   1 "حديث موضوع": قال ابن حبان: هذا موضوع لا أصل له من كَلامَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أبو هريرة حدث به ولا المقبري رواه وغالب القطان ذكره بهذا الإسناد. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 180"، والثقات لابن حبان "6/ 39". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 20 ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"1 مُخْتَصَرًا. 16- إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسٍ2. أَبُو سَعْدٍ الْقَيْسِيُّ. عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَنَافِعٍ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَهُوَ غَيْرُ: 17- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ3. الْمُكَنَّى بِأَبِي مُصْعَبٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. كَانَ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ إِحْدَى وَتِسْعُونَ سَنَةً. يَرْوِي عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ شَيْبَةَ الْحِزَامِيُّ. ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الذَّهَبِيِّ لِلتَّمَيِيزِ. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي حَازِمٍ الْمَدِينِيِّ. 18- إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُخْتَارٍ الْكُوفِيُّ4. عَنْ: عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ. وَرَأَى مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيُّ، وَبَشِيرُ بْنُ يزيد. قال أبو حاتم: شيخ.   1 "6/ 39". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 193، 194"، والثقات لابن حبان "6/ 35"، وميزان الاعتدال "1/ 246". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 193"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 370"، والمجروحين "1/ 127"، والضعفاء لابن عدي "1/ 296". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 200، 201"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 374"، والثقات لابن حبان "6/ 32". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 21 إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ. فِي الآتِيَةِ. 19- إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْيَسَعَ1. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ. أَخَذَ عَنْ: أَبِي حَنِيفَةَ. وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ. حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَجَمَاعَةٌ. وولي قضاء مصر بَعْدَ ابْنِ لَهِيعَةَ. قَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: كَانَ مِنْ خَيْرِ قُضَاتِنَا, وَكَانَ مَذْهَبُهُ إِبْطَالُ الأَحْبَاسِ، فَتَبَرَّمَ بِهِ أَهْلُ مِصْرَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: كَانَ فَقِيهًا مَأْمُونًا. قُلْتُ: تَوَلَّى الْقَضَاءَ ثَلاثَةَ أَعْوَامٍ، وَعُزِلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. سَعَى فِي عَزْلِهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، كَذَا قِيلَ، وَهَذَا لا يَسْتَقِيمُ، لِأَنَّ اللَّيْثَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. وَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ إِنَّمَا سَعَوْا فِيهِ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ أَحْكَامًا مَا أَلِفُوهَا. 20- أُمَيَّةُ بْنُ شِبْلٍ الصَّنْعَانِيُّ2. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَّارِيُّ. قَالَ: ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَهٌ. 21- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. عن: أبي المصبح المقرائي، ومكحول.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 204"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 236". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 302"، والتاريخ الكبير "2/ 11"، والثقات لابن حبان "8/ 123"، وميزان الاعتدال "1/ 276". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 22 وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَبَقِيَّةُ من الْوَلِيدِ، وَغَيْرُهُمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ إِلَى طَبَقَةِ الأَوْزَاعِيِّ. 22- أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ السُّحَيْمِيُّ الْيَمَامِيُّ ثُمَّ المدني1. أبو سليمان, وهو أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ. رَوَى عَنِ: الْكُوفِيِّينَ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَآدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبُ الطَّالَقَانِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سعيد، ولوين، وآخرون. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدِيثُهُ يُشْبِهُ حَدِيثَ أَهْلِ الصِّدْقِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: صَالِحٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. محمد بن جعفر الوحاطي: نَا أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْرَبُوا فِيمَا بَدَا لَكُمْ وَلا تَسْكَرُوا"2. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يَصِحُّ فِي هَذَا الْمَتْنِ شَيْءٌ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَيُّوبُ بْنُ جَابِرِ بْنِ سَيَّارِ بْنِ طَلْقٍ الْحَنَفِيُّ السُّحَيْمِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ، وَبِلالِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيُّ. يخطيء حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَدِّ الاحْتِجَاجِ بِهِ لِكَثْرَةِ وهمه.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 242، 243"، والتاريخ الكبير "1/ 410"، والمجروحين "1/ 167"، وتهذيب الكمال "3/ 463-467". 2 "إسناده ضعيف": أخرجه الطبراني في الكبير "8/ 403"، والعقيلي في الضعفاء "1/ 114"، وصاحب الترجمة أيوب بن جابر ضعفه العلماء. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 23 23- أيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ الزُّهْرِيُّ1. أَبُو سَيَّارٍ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَشَبَّابَةُ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفُوهُ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَدَنِيٌّ، يَقْلِبُ الأَسَانِيدَ، وَيَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ. وَرَوَى عباس، عن ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحديث. 24- أيوب بن عتبة2 -ق. أبو يحيى اليمامي، قَاضِي الْيَمَامَةِ. عَنْ: قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَإِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ بن عامر شَاذَانَ، وَحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إياس، ومحمود بن محمد الظَّفَرِيِّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: أَكْثَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَكِتَابُهُ صَحِيحٌ عَنْهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بالقوي.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 248"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 417"، والمجروحين لابن حبان "1/ 171". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 556"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 420"، والمجروحين لابن حبان "1/ 169، 170". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 24 وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ1: فِيهِ لِينٌ, حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ فَغَلَطَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يُخْطِئُ كَثِيرًا حَتَّى فَحُشَ الْخَطَأُ مِنْهُ, وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: فُضِّلْتُمْ عَلَيْنَا بِالأَلْوَانِ وَالصُّوَرِ وَالنُّبُوَّةِ، أَفَرَأَيْتَ إِنْ آمَنْتُ بِكَ وَعَمِلْتُ بِمِثْلِ مَا عَمِلْتَ إِنِّي لَكَائِنٌ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ ليُرى بَيَاضُ الأَسْوَدِ فِي الْجَنَّةِ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ سَنَةٍ". الْحَدِيثَ بِطُولِهِ رَوَاهُ عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْهُ، وَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ مَرَّ أَيُّوبُ فِي طَبَقَةِ السِّتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَنَبَّهْتُ عَلَيْهِ فِي الطَّبَقَةِ الْمَارَّةِ. "حرف الْبَاءِ": 25- الْبَخْتَرِيُّ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ سَلْمَانَ الكلبي2 -ق. شامي من أهل ناحية الْقَلَمُونِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وعن سعد بْنِ مُسْهِرٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، وَمُحَمَّدُ بن أبي السَّرِيّ العسقلاني. ضعفه أبو حاتم. وقال ابن عدي: له عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْرَ عِشْرِينَ حَدِيثًا عَامَّتُهَا مَنَاكِيرُ, مِنْهَا: "أَشْرِبُوا أَعْيُنَكُمُ الْمَاءَ"3. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ: رَوَى عَنْ أَبِيهِ موضوعات.   1 انظر المجروحين "1/ 169، 170". والحديث ضعيف جدًّا وقد أخرجه ابن حبان في المجروحين كما تقدم, وأيوب بن عتبة ضعفه العلماء كما تقدم. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 447"، والمجروحين لابن حبان "1/ 202، 203"، والضعفاء لابن عدي "2/ 490، 491". 3 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "2/ 490"، والذهبي في الميزان ومن قبله ابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 349"، وعلته صاحب الترجمة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 25 قال هشام بن عمار: ذهبنا إليه إِلَى الْقَلَمُونِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الأَفَاعِي. 26- بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ الْكُوفِيُّ الْمُؤَدِّبُ1. عَنْ: أَبِي روق عطية بن الحارث الهمذاني، وَأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَجُبَارَةَ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. قُلْتُ: مَا خَرَّجُوا لَهُ. 27- بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ2 -م. د. ن. الإِمَامُ أَبُو أَحْمَدَ الأَزْدِيُّ السَّلِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ، الزَّاهِدُ الْعَابِدُ. عَنْ: أَيُّوبَ، وَشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ، وَبِشْرٌ الْحَافِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَالْقَوَارِيرِيُّ. وَمِنَ الْقُدَمَاءِ: الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أُقَدِّمُهُ عَلَيْهِ فِي الْوَرَعِ وَالرِّقَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَخْوَفَ للَّهِ مِنْهُ, كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَمِائَةِ رَكْعَةٍ. وَقَالَ الْقَوَارِيرِيُّ: هُوَ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ الْمَشَايِخِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ ثِقَةٌ وَزِيَادَةٌ. وَقَالَ غَسَّانُ الْغِلابِيُّ: كَانَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ إِذَا رأيت وجهه ذكرت الآخرة, رجل   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 362"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 80"، والمجروحين لابن حبان "1/ 188، 189". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 365"، والتاريخ الكبير "2/ 84"، والثقات لابن حبان "8/ 140"، وتهذيب الكمال "4/ 151-154". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 26 مُنْبَسِطٌ لَيْسَ بِمُتَمَاوِتٍ، ذَكِيٌّ، فَقِيهٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ: رُبَّمَا قَبَضَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ عَلَى لِحْيَتِهِ وَيَقُولُ: أَطْلُبُ الرِّئَاسَةَ بَعْدَ سَبْعِينَ سَنَةً. وَعَنْ غَسَّانَ بْنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: قِيلَ لِبِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ: يَسُرُّكَ أَنَّ لَكَ مِائَةَ أَلْفٍ؟ فَقَالَ: لِأَنْ تُنْدَرَ عَيْنَايَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ شَيْخُنَا فِي التَّهْذِيبِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَخْوَفَ لِلَّهِ مِنْ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ. كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَمِائَةِ رَكْعَةٍ, وَكَانَ قَدْ حَفَرَ قَبْرَهُ وَخَتَمَ فِيهِ الْقُرْآنَ, وَكَانَ وِرْدُهُ ثُلُثَ القرآن. وكان ضيغم صديقًا لَهُ فَمَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ غَسَّانُ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي بِشْرٌ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَمِّي فَاتَتْهُ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى, وَأَوْصَانِي فِي كُتُبِهِ أَنْ أَغْسِلَهَا أَوْ أَدْفِنَهَا. قَالَ غَسَّانُ: وَكُنْتُ أَرَاهُ إِذَا زَارَهُ الرَّجُلُ مِنْ إِخْوَانِهِ قَامَ مَعَهُ حَتَّى يَأْخُذَ بِرِكَابِهِ, فَعَلَ بِي ذَلِكَ كَثِيرًا. رَوَاهَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، عَنْ غَسَّانَ, ثُمّ قَالَ الدَّوْرَقِيُّ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمَهْدِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْخَالِقِ أَبُو هَمَّامٍ قَالَ: قَالَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ فَإِنَّكَ لا تَدْرِي مَا يَكُونُ, فَإِنْ كَانَ يَعْنِي فَضِيحَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَانَ مَنْ يَعْرِفُكَ قَلِيلا. وَثَنَا سَهْلُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: كَانَ بِشْرٌ يُصَلِّي فَطَوَّلَ، وَرَجُلٌ وَرَاءَهُ يَنْظُرُ، فَفَطِنَ لَهُ, فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: لا يُعْجِبُكَ مَا رَأَيْتَ مِنِّي، فَإِنَّ إِبْلِيسَ قَدْ عَبْدَ اللَّهَ كَذَا وَكَذَا مَعَ الْمَلائِكَةِ. وَعَنْ بِشْرٍ قَالَ: مَا جَلَسْتُ إِلَى أَحَدٍ فَتَفَرَّقْنَا إِلا عَلِمْتُ بِأَنِّي لَوْ لَمْ أَقْعُدْ مَعَهُ كَانَ خَيْرًا لِي. قَالَ سَيَّارٌ: نَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: رَأَيْتُ بِشْرَ بْنَ مَنْصُورٍ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: مَا صَنَعَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: وَجَدْتُ الأَمْرَ أَهْوَنَ مِمَّا كُنْتُ أَحْمِلُ عَلَى نَفْسِي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 27 قُلْتُ: مَاتَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 28- بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَنَّاطُ1 -ق. شَيْخٌ مَجْهُولٌ. حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، نَعَمْ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ. تَقَوَّى. 29- بَشِيرُ بْنُ طَلْحَةَ الْخُشَنِيُّ2. شَامِيٌّ. رَوَى عَنْ: خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 30- بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ الْوَاسِطِيُّ3. أَبُو ضَيْفِيٍّ. عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَطَائِفَةٌ. تَرَكُوهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. فَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا بَشِيرٌ، نَا مُجَاهِدٌ، عَنْ أبي هريرة مرفوعًا:   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 365"، وتهذيب الكمال "4/ 154"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "1/ 325". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 375"، والتاريخ الكبير "2/ 99"، والثقات لابن حبان "8/ 151"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 329". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 379"، والتاريخ الكبير "2/ 105"، والمجروحين لابن حبان "1/ 192". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 28 "مَا مِنْ صَدَقَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةٍ عَلَى مَمْلُوكٍ عِنْدَ مَلِيكِ سُوءٍ"1. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قَدِمَ فَكَتَبْنَا عَنْهُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُخْطِئُ كَثِيرًا، رَوَى عَنْهُ: قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ. قُلْتُ: كَأَنَّهُ بَقِيَ إِلَى بِضْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 31- بَكْرُ بْنُ حُمْرَانَ الرِّفَاعِيُّ2. عَنْ: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَداود بْنِ أَبِي هِنْدٍ. وَعَنْهُ: الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَعَفَّانُ، وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، وَعَدَّةٌ. مَا عَلِمْتُ بِهِ جَرْحًا. 32- بَكْرُ بْنُ مُضَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ3 -ع. سوى ق. الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْمِصْرِيُّ, مَوْلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ. رَوَى عَنْ: أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِريِّ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، وَجَعْفَرِ بْنِ رَبَيْعَةَ، وَابْنِ عَجْلانَ، وعمرو بن الحارث، وطائفة. وعنه: ابنه إسحاق، وابن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، وقتيبة بن سعيد، وآخرون. وكان من الثقات العباد. ولد سنة مائة. قال الحارث بن مسكين: كان ابن القاسم لا يُقَدِّمُ عَلَى بَكْرِ بْنِ مُضَرٍ مِنْ أَهْلِ الْفُسْطَاطِ أَحَدًا, وَقَدْ رَأَيْتُهُ وَأَنَا حَدَثٌ، فَحَدَّثَنِي ابْنُهُ إِسْحَاقُ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَبِي يَجْلِسُ فِي الْبَيْتِ عَلَى طِنْفِسَةٍ, مَا كَانَ يَجْلِسُ إِلا على حصير, وكان طويل الحزن.   1 "حديث منكر": أخرجه العقيلي في الضعفاء "1/ 145" وفي إسناده صاحب الترجمة وقد أورده الذهبي كما تقدم من مناكيره. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 382-384"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 88"، والثقات لابن حبان "8/ 164". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 517"، والجرح والتعديل "2/ 392، 393"، والتاريخ الكبير "2/ 95". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 29 وَأَحْيَانًا تَطِيبُ نَفْسُهُ فَيَفْرَحُ، فَرُبَّمَا جَاءَ الرَّجُلُ يَسْأَلُهُ الْمَسْأَلَةَ فَيُعَلِّمَهُ وَيَرْجِعُ إِلَى حَالِهِ وَيَتَغَيَّرُ، ويقول: ما لي وَلِهَذَا؟ فَنَقُولُ لَهُ: أَفَتَصْرِفُهُ؟ فَيَقُولُ: أَوَ يَحِلُّ لِي, أَوَ يَحِلُّ لِي؟ وَرُبَّمَا جَاءَهُ الأَحْدَاثُ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الْحَدِيثَ، فَيَقُولُ لَهُمْ: تَعَلَّمُوا الْوَرَعَ. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا مُحَلَّمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] ، كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا1، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو داود، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، خَمْسَتُهُمْ عَنْ قُتَيْبَةَ، فَوَافَقْنَاهُمْ بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ. مَاتَ بَكْرٌ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف التَّاءِ": 33- تَمَّامُ بْنُ بَزِيعٍ2. أَبُو سَهْلٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَالْعَاصِي الطُّفَاوِيِّ. وَعَنْهُ: مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، ومحمد بن بَكْرٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ, قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أَبُو سَهْلٍ السَّعْدِيُّ مَوْلاهُمْ, سَمِعَ: مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ، وَالْحَسَنَ، وَالْعَاصَ بن عمر.   1 "خبر صحيح": أخرجه البخاري "8/ 136"، ومسلم "1145"، وأبو داود "2315"، والنسائي "4/ 190". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 445"، والتاريخ الكبير "2/ 157"، والمجروحين لابن حبان "1/ 203". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 30 نَا عَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: تَمَّامُ بْنُ بَزِيعٍ الشَّقَرِيُّ. مِنْ حَدِيثِهِ: مَا ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، ثَنَا تَمَّامُ بْنُ بَزِيعٍ الشَّقَرِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِكُلِّ مَجْلِسٍ شَرَفًا, وَإِنَّ أَشْرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ, وَإِنَّمَا تُجَالِسُونَ بِالأَمَانَةِ وَاقْتُلُوا الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ فِي الصَّلاةِ"1. الْحَدِيثُ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: رَوَاهُ هِشَامٌ أَبُو الْمِقْدَامِ، وعيسى بْنُ مَيْمُونٍ، وَمُصَارِفُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، ولم يحدث بع عَنْهُ ثِقَةٌ. "حرف الثَّاءِ": 34- ثُمَامَةُ بْنُ عُبَيْدَةَ2. أَبُو خَلِيفَةَ الْعَبْدِيُّ, بَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: ثَابِتٍ، وأبي الزبير. وعنه: زيد بْنُ الْحُبَابِ، وَالْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَآخَرُونَ. نَسبَهُ الْمَدِينِيُّ إِلَى الْكَذِبِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: وَلَحِقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَدَنِيُّ. "حرف الْجِيمِ": 35- جَابِرُ بْنُ غانم السلفي الخشني3.   1 "إسناده ضعيف جدا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "1/ 170"، وفي إسناده تمام بن بزيع قال الدارقطني: متروك. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 467"، والتاريخ الكبير "2/ 178"، والمجروحين "1/ 207"، وميزان الاعتدال "1/ 372". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 501"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 209"، والثقات لابن حبان "6/ 142، 143". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 31 عَنْ: سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، وَأَسَدِ بْنِ وَدَاعَةٍ، وَشَبِيبِ بْنِ نُعَيْمٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. قُلْتُ: لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ. 36- جَارِيَةُ بْنُ هَرِمٍ1. أَبُو شَيْخٍ الْفُقَيْمِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْحُبْرَانِيِّ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَأَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَوِ ابْنِ سَوَّارٍ. رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الرَّاسِبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بِسْطَامٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدَةَ الضَّبِّيُّ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ. قَالَ ابْنُ المديني: كتبنا عنه أسامي كان ضَعِيفًا، تَرَكْنَاهُ. وَكَانَ رَأْسًا فِي الْقَدَرِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ كُلُّهَا لا يُتَابِعُهُ عَلَيْهَا الثِّقَاتُ. 37- الْجَرَّاحُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ2 ثُمَّ الرَّازِيُّ. عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَغَيْرِهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ، صَالِحُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الإسفذني، ومحمد بن المعلى.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 520"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 238"، والثقات لابن حبان "8/ 165". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 524"، والتاريخ الكبير "2/ 228"، والثقات لابن حبان "6/ 149"، وتهذيب الكمال "4/ 514، 515". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 32 38- الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ الرُّؤَاسِيُّ1 الْكُوفِيُّ. وَالِدُ وَكِيعٍ، وَنَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ بِبَغْدَادَ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ. رَوَى عن جابر: جابر الجعفي، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ وَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسَدَّدٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو داود. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ ضَعِيفًا فِي الْحَدِيثِ. وَأَمَّا الْخَطِيبُ فَرَوَى عَنِ الْبَرْقَانِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ الدَّارَقُطْنِيَّ، عَنِ الْجَرَّاحِ بْنِ مَلِيحٍ الرُّؤَاسِيِّ، فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. فَقُلْتُ: يُعْتَبَرُ بِهِ؟ قَالَ: لا. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 39- الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ الْبَهْرَانِيُّ الْحِمْصِيُّ2. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْبَهْرَانِيِّ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، وَبَكْرِ بْنِ زُرْعَةَ صَاحِبِ أَبِي عُتْبَةَ الْخَوْلانِيِّ، وَأَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ حُمَيْدٍ الْحَرَّازِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خارجة، وهشام بْن عمّار، وسُليمان ابن بِنْت شُرَحْبِيل، وموسى بن أيوب النصيبي.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 380"، والجرح والتعديل "2/ 523"، والضعفاء لابن عدي "2/ 584، 585". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 523، 524"، والتاريخ الكبير "2/ 228"، والجرح والتعديل "2/ 523". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 33 قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. وقال ابن مَعِين: لا أَعْرِفُهُ. 40- جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ1. الأَمِيرُ الْهَاشِمِيُّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ؛ الْقَاسِمُ وَيَعْقُوبُ، وَالأَصْمَعِيُّ. وَكَانَ جَوَادًا مُمَدَّحًا، عَالِمًا فَاضِلا، أَحَدَ الْمَوْصُوفِينَ بِالشَجَاعَةِ وَالْفُرُوسِيَّةِ. مَوْلِدُهُ بِالشَّرَاةِ مِنَ الْبَلْقَاءِ, وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ الْحِجَازِ وَإِمْرَةَ الْبَصْرَةِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْرَمَ أَخْلاقًا وَلا أَشْرَفَ أَفْعَالا مِنْهُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: وَلِيَ الْبَصْرَةَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَعُزِلَ. وَقَدْ مُدِحَ بِأَشْعَارٍ كَثِيرَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ مَآثِرُ كَثِيرَةٌ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْمُنْقَطِعِينَ وَأَعْقَابِهِمْ، وَأَوَّلُ مَنْ نَقَلَهُمْ عَنْ أَوْطَانِهِمْ وَأَمْصَارِهِمْ. وَكَانَ قَدْ عَلِمَ عِلْمًا حَسَنًا. قَالَ خليفة: عزل عبد الله بن الربيع الحارثي عَنِ الْمَدِينَةَ، فَوَلِيَهَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَلاثَ سِنِينَ، وَعُزِلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ بِالْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الْعَلَوِيِّ. وَرُوِيَ أَنَّهُ أَجَازَ قُدَامَةَ بْنَ مُوسَى عَلَى ثَمَانِيَةِ أَبْيَاتٍ ثَمَانِمِائَةَ دِينَارٍ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: غَسَّلْتُ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَزَرَرْتُ عَلَيْهِ قَمِيصَهُ حين أَلْبَسْتُهُ الْكَفَنَ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 41- جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ2 -م. ع.   1 انظر تاريخ خليفة "6/ 422، 423"، والكامل في التاريخ "5/ 549"، وسير أعلام النبلاء "8/ 212-214". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 288"، والجرح والتعديل "2/ 481"، والثقات لابن حبان "6/ 140"، وتاريخ الطبري "1/ 344-444". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 34 الإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ, كَانَ يَنْزِلُ فِي بَنِي ضُبَيْعَةَ فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ. رَوَى عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَيَزِيدَ الرِّشْكُ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَالْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ. وَعَنْهُ: سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَقُتَيْبَةُ، وَبَشِيرُ بْنُ هِلالٍ الصَّوَّافُ، وَمُسَدَّدٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَلُوَيْنُ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مِنْ عُبَّادِ الشِّيعَةِ وَصَالِحِيهِمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَلَيَّنَهُ غَيْرُهُ. وَقَدْ حَجَّ وَذَهَبَ إِلَى صَنْعَاءِ الْيَمَنِ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَحَمَلَ عَنْهُ رَأْيَهُ وَتَشَيَّعَ بِهِ. وَقَدْ قِيلَ لِجَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ: تَشْتُمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ بُغْضًا يَا لَكَ. وَفِي صِحَّةِ هَذِهِ عَنْهُ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَافِضِيًّا، حَاشَاهُ. وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: قَوْلُهُ بُغْضًا يَا لَكَ إِنَّمَا عَنِيَ بِهِ جَارَيْنِ لَهُ، كَانَ قَدْ تَأَذَّى بِهِمَا اسْمُهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قَالَ عَلِيُّ بن المديني: أكثر جعفر بن سليمان عَنْ ثَابِتٍ، وَكَتَبَ عَنْهُ مَرَاسِيلَ فِيهَا مَنَاكِيرُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً فِيهِ ضَعْفٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعْدٍ لا يُحدِّثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَلا يَكْتُبُ حَدِيثَهُ, وَكَانَ عِنْدَنَا ثِقَةً. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ. فَقَالَ: مَنْ أَتَى جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَعَبْدَ الْوَارِثِ فَلا يَقْرَبْنِي, وَكَانَ التَّنُّورِيُّ يُنْسَبُ إِلَى الاعْتِزَالِ، وَكَانَ جَعْفَرُ يُنْسَبُ إِلَى الرفض. وروى عباس، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَسْتَضْعِفُهُ. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ: سَمِعْتُ عَمِّي عُمَرَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: رَأَيْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ فِي مَسْجِدِنَا يَقُولُ لِجَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ: رَأَيْتَ أَيُّوبَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَرَأَيْتَ ابْنَ عَوْنٍ؟ قال: نعم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 35 قَالَ: فَرَأَيْتَ يُونُسَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ لَمْ تُجَالِسْهُمْ وَجَالَسْتَ عَوْفًا. وَاللَّهِ مَا رَضِيَ عَوْفٌ بِبِدْعَةٍ حَتَّى كَانَتْ فِيهِ بِدْعَتَانِ. كَانَ قَدَرِيًّا وَشِيعِيًّا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ لَهُ: جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَرَشِيُّ، كَانَ يَنْزِلُ بِبَنِي ضُبَيْعَةَ، يُخَالِفُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. وَقَالَ السَّعْدِيُّ: رَوَى مَنَاكِيرَ، وَهُوَ مُتَمَاسِكٌ لا يَكْذِبُ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ: صَحِبَ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، وَمَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، وَأَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ، وَفَرْقَدًا السَّبَخِيَّ، وَشُمَيْطَ بْنَ عَجْلانَ. رَوَى عَنْهُ، سَيَّارٌ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَشْرَ سِنِينَ، وَإِلَى ثَابِتٍ عَشْرَ سِنِينَ. وَرَوَى سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ: ثَنَا جَعْفَرٌ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: إِنَّ الْقَلْبَ إِذَا لَمْ يَحْزَنْ خَرِبَ، كَمَا أَنَّ الْبَيْتَ إِذَا لَمْ يُسْكَنْ خَرِبَ, لَوْ أَنَّ قَلْبِي يَصْلُحُ عَلَى كُنَاسَةٍ لَذَهَبْتُ حَتَّى أجلس عليها. إن العلم إِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ زَلَّتْ مَوْعِظَتُهُ عَنِ الْقُلُوبِ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا اللَّبَّانُ، أَنَا الْحَدَّادُ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، نَا مُسَدَّدٌ، نَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّا، فَأَصَابَ عليٌّ جَارِيَةً فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ. قَالَ: فَتَعَاقَدَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالُوا: إِذَا لَقِيَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرْنَاهُ. وَكَانَ المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَدِمْتُ السَّرِيَّةُ سَلَّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ أَحَدُ الأَرْبَعَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ عَلِيَّا صَنَعَ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْرَفُ الْغَضَبُ مِنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: "مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ"؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: "إِنَّ عَلِيَّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي" 1. رَوَاهُ قُتَيْبَةُ، وَبِشْرُ بن هلال، وطائفة، عن جعفر، ولم يتابعه عليه أحد.   1 أخرجه النسائي في الكبرى "8090، 8399، 8420"، والترمذي "3712"، والحاكم "3/ 110، 111"، وابن حبان "2203". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 36 أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَفَّانُ عَنْهُ. وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ فِي صَحِيحِهِ لِنَكَارَتِهِ. مَاتَ جَعْفَرٌ الضُّبَعِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 42- جَمِيلُ بْنُ عُبَيْدٍ1. بَصْرِيٌّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ طَائِيٌّ. 43- جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ عُبَيْدٍ2 -خ. م. د. ن. أَبُو مُخَارِقٍ، وَقِيلَ أَبُو مِخْرَاقٍ، وَهُوَ أَصَحُّ، الضُّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَحَدُ الثِّقَاتِ, رَوَى عَنْ: نَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَفِيقِهِ. وعنه: ابن أخيه عبد الله بن محمد بْنِ أَسْمَاءَ، وَابْنُ أُخْتِهِ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ، فَمَا زَادَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ يَحْيَى هَذَا. تُوُفِّيَ جُوَيْرِيَةُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 519"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 216"، والثقات لابن حبان "6/ 147". 2 نظر الطبقات الكبرى "7/ 281"، والجرح والتعديل "2/ 531"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 241"، والثقات لابن حبان "6/ 153". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 37 "حرف الحاء": 44- حاتم بن شفي الهمذاني1. أَبُو فَرْوَةَ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: مَكْحُولٍ، وَحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 45- الْحَارِثُ بْنُ الصَّلْتِ الْمَدَنِيُّ الأَعْوَرُ. الْمُؤَذِّنُ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الْمُغِيرَةِ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 46- الْحَارِثُ بْنُ عبيد2 -م. د. ت. أبو قدامة الإيادي البصري. عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. لَيْسَ بِالْمُكْثِرِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وسعيد بن منصور، ويحيى بن يحيى، ومسدد، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: لَيْسَ بالقوي.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 81"، والمجروحين لابن حبان "1/ 224"، والضعفاء لابن عدي "2/ 607-609"، وتهذيب الكمال "5/ 258-260". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 81"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 275"، والمجروحين لابن حبان "1/ 224". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 38 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَسَأَلْتُ أَبِي فَقَالَ: هُوَ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْفَلاسُ، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ شُيُوخِنَا، وَمَا رَأَيْتُ إلا خيرًا. 47- الحارث بن عمير البصري1 -ع- أبو عمير، نَزِيلُ مَكَّةَ. عَنْ: أَيُّوبَ وَأَبِي طُوَالَةَ، وَحُمَيْدٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ حَمْزَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ، وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ ضَعَّفَهُ قَبْلَ أَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ، وَأَجَادَ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: رَوَى عَنْ حُمَيْدٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أحاديث موضوعة. وقال ابن حبان: كان ممن يروي عَنِ الأَثْبَاتِ الأَشْيَاءَ الْمَوْضُوعَةَ، ثُمَّ سَاقَ لَهُ حَدِيثَ: "إِنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَشَهِدَ اللَّهُ، وَالْفَاتِحَةَ، مُعَلَّقَاتٌ بِالْعَرْشِ" الْحَدِيثَ بِطُولِهِ2. وَحَكَمَ ابْنُ حِبَّانَ بِوَضْعِهِ, ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا فِي فَضْلِ الرِّبَاطِ، لا يُحْتَمَلُ. 48- الْحُبَابُ بْنُ مُوسَى السَّعِيدِيُّ الْكُوفِيُّ3. مِنْ آلِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيِّ. لَهُ عَنْ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ بْنُ عُمَرَ الْمُحَارِبِيُّ، وَأَبُو النَّضْرِ هَاشِمٌ، وَعَبْدُ الحميد بن صالح.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 83، 84"، والتاريخ الكبير للبخاري "2، 276"، والمجروحين لابن حبان "1/ 223، 224"، وتهذيب الكمال "5/ 269، 270". 2 انظر في المجروحين له. 3 انظر أنساب الأشراف للبلاذري "3/ 24"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 141". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 39 49- حبان بن علي العنزي1 -ق. أبو علي الكوفي, أَخُو مَنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بن عمير، وليث بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زَيَّادٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَلُوَيْنُ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ الْعُلَمَاءِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ مَنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: فَأَخُوهُ؟ قَالَ: صَدُوقٌ. قُلْتُ: أَيُّهُمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: كِلاهُمَا، وتمرَّى2، كَأَنَّهُ يُضَعِّفُهُمَا. وَقَالَ حُجْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ: مَا رَأَيْتُ بِالْكُوفَةِ فَقِيهًا أَفْضَلَ مِنْ حِبَّانَ بْنَ عَلِيٍّ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ قَدْ أَشْخَصَهُ الْمَهْدِيُّ وَأَخَاهُ مِنَ الْكُوفَةِ, فلما دخلا عليه قال: أيكما مندل؟ قال مِنْدَلٌ: هَذَا حِبَّانُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: فِيهِمَا ضَعْفٌ، وَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ. مَاتَ حِبَّانُ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. 50- حُبَيِّبُ بْنُ حُبَيِّبٍ الْكُوفِيُّ3. مُثْقَلٌ, هُوَ أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ. رَوَى عَنْ: أَبِي إسحاق السبيعي.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 381"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 88، 89"، وتاريخ الطبري "2/ 388". 2 أي كأنه شك. 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 309"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 126"، والضعفاء لابن عدي "2/ 821". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 40 وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. 51- حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجِ بْنِ الرُّحَيْلِ الْجُعْفِيُّ1 الْكُوفِيُّ. أَخُو زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. عَنْ: أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَلُوَيْنُ. وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ, يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي كِتَابِ "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" لِلنَّسَائِيِّ. مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ تقريبًا. 52- حرب بن أبي العالية2 -د. ن. أبو معاذ البصري. عَنِ: الْحَسَنِ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَبَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَقُتَيْبَةُ، وَلُوَيْنُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، فِي رِوَايَةِ عَبَّاسٍ الدُّورِيِّ. رَوَى أَحْمَدُ بْنُ زهير عنه: ضعيف.   1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 337"، والجرح والتعديل "3/ 310، 311"، والتاريخ الكبير "3/ 115"، والمجروحين لابن حبان "1/ 271". 2 الجرح والتعديل "3/ 251"، والتاريخ الكبير "3/ 64، 65"، والثقات لابن حبان "6/ 232"، وتهذيب الكمال "5/ 256". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 41 وَلَهُ فِي الْكِتَابَيْنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَرْبِ بْنِ أَبِي الْعَالِيَةِ، فَقَالَ: رَوَى عَنْ هُشَيْمٍ، مَا أَدْرِي لَهُ أَحَادِيثَ. فَإِنَّهُ ضَعَّفَهُ. قَالَ الْفَلاسُ: هُوَ حَرْبُ بْنُ مِهْرَانَ. 53- حَزْمُ بْنُ أَبِي حزم مِهْرَانَ الْقُطَعِيُّ1 -خ. هُوَ أَخُو سُهَيْلٍ، بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَمَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَمُسدَّدٌ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَهُدْبَةُ، وَلُوَيْنُ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ. يَقَعُ حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي "جُزْءِ الْمَغَارِ". وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 54- الْحَسَنُ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ سَالِمٍ2 -م. ت. ن. أَخُو أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ الْكُوفِيُّ. كَانَ وَصِيَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَوَى عَنِ: الأَعْمَشِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ، والطبقة. وعنه: ابن المبارك، ويحيى بن آدم، وابن مهدي، وقبيصة، وأحمد بن يونس، وغيرهم. وثقه ابن معين، والنسائي.   1 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 284"، والجرح والتعديل "3/ 294"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 111". 2 نظر الجرح والتعديل "3/ 29، 30"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 302"، وتهذيب الكمال "6/ 291-294". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 42 ومات كهلا1 في سنة اثنتين وسبعين ومائة. له في "صحيح مسلم" حديث واحد. 55- حسين بن عبد الله بن ضميرة الحميري2 المدني. نزيل ينبع. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو مصعب الزهري. قال ابن خزيمة: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ: أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. سَاقَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَتِهِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ. قَالَ أَبُو مُصْعَبٌ: تَقَدَّمَ مَالِكٌ حِينَ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ يَصِلُ الصَّفَّ فَوَجَدَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ فَقَالَ لَهُ: حَدِّثْنِي بِحَدِيثِ أَبِيكَ، عَنْ جَدِّكَ، عَنْ عَلِيٍّ، مِنَ الْوِتْرِ. فَذَكَرَهُ لَهُ. وَمَتْنُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يُوتِرُ بِثَلاثٍ: فِي الأُولَى بِالْحَمْدِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدْ. وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْحَمْدِ وَقُلْ يَا أيها الكافرون. وفي الثالثة بالحمد وقل هو والمعوذتين. فَقَالَ مَالِكٌ: اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي وَافَقَ وِتْرِي وِتْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُسَيْنًا ثِقَةُ مَالِكٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ داود السِّمْنَانِيُّ: نَا مَهْدِيُّ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا   1 أي: كبير السن. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "9/ 452"، والجرح والتعديل "3/ 57، 58"، والتاريخ الكبير "2/ 388". 3 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "2/ 768"، وفي إسناده الحسين بن عبد الله ضعفه العلماء. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 43 مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّ هُنَا قَوْمًا يُحَدِّثُونَ يَكْذِبُونَ: حُسَيْنُ بْنُ ضُمَيْرَةَ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ. 56- حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ1 -خ. د. ت. ن. عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُسَيْنِ بْنِ قَيْسٍ الرَّحَبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وَعَنْهُ: مُسدَّدٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 57- حَفْصُ بْنُ جُمَيْعٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ق. عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحْتَجُّ به. 58- حفص المقرئ3 -ت. ق. هُوَ حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَسَدِيُّ الْغَاضِرِيُّ الْكُوفِيُّ, أَبُو عُمَرَ شَيْخُ الْقُرَّاءِ، وَيُقَالُ لَهُ: حَفْصُ بْنُ أَبِي داود، وَكَانَ حُجَّةً فِي الْقِرَاءَةِ، وَاهِيًا فِي الْحَدِيثِ. قَرَأَ عَلَى: زَوْجِ أُمِّهِ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ. وَرَوَى عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وابن إسحاق، وكثير بن زاذان، ومحارب بن دثار، وإسماعيل السدي، وليث بن أبي سليم، وطائفة.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 197"، والتاريخ الكبير "3/ 10"، والثقات لابن حبان "8/ 208"، وتهذيب الكمال "6/ 546". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 170، 171"، وتهذيب الكمال "7/ 6، 7"، والمجروحين لابن حبان "1/ 256". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 73"، والتاريخ الكبير "2/ 363"، والمجروحين "1/ 255"، وتهذيب التهذيب "2/ 400". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 44 قرأ عليه: عمرو بن الصباح، وعبيد بن الصباح، وأبو شعيب القواس، وحمزة بن القاسم، وحسين بن محمد المروذي، وخلف الحداد, وسمى أبو عمرو الداني خلقا ممن أخذ القراءة عَنْ حَفْصٍ. وَحَدَّثَ عَنْهُ: بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَأَدْهَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. وَعَمْرُو بْنُ النَّاقِدِ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ. تَرَكُوهُ. وَقَالَ خَلَفٌ الْبَزَّارُ: مَوْلِدُ حَفْصٍ سَنَةَ تِسْعِينَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ جَلَسَ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَأَلَهُ. قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَاصِمٍ مَرَّاتٍ، وَجَوَّدَهُ. وَكَانَ الْقُدَمَاءُ يَعُدُّونَ حَفْصًا فِي الإِتْقَانِ لِلْحُرُوفِ فَوْقَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَيَصِفُونَهُ بِالضَّبْطِ. وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: حَدَّثَ حَفْصٌ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ وَجَمَاعَةٍ أَحَادِيثَ بَوَاطِيلَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. وَقَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: كَانَ حَفْصٌ أَعْلَمَهُمْ بِقِرَاءَةِ عَاصِمٍ. قُلْتُ: إِنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ الداخل في الحديث لتهاونه به. قال أحمد بن حنبل: نَا يَحْيَى الْقَطَّانُ قَالَ: ذَكَرَ شُعْبَةُ حَفْصَ بْنَ سُلَيْمَانَ فَقَالَ: كَانَ يَأْخُذُ كُتُبَ النَّاسِ وَيَنْسَخُهَا, أَخَذَ مِنِّي كِتَابًا فَلَمْ يَرُدَّهُ, وَكَانَ يَسْتَعِيرُ الْكُتُبَ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَفْصٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا مُحَمَّدٌ، نَا الْحَسَنُ، نَا شَبَّابَةُ قَالَ: قُلْتُ لأبي بكر بن عياش: أبو عمر رَأَيْتَهُ عِنْدَ عَاصِمٍ؟ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 45 فَقَالَ: لا. مَاتَ حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 59- حَفْصُ بْنُ صُبَيْحٍ الأَزْرَقُ1. عَنْ: بشير بن زيد، و"عطاء بْنِ السَّائِبِ". وَعَنْهُ: رَبَاحُ بْنُ خَالِدٍ، وَقُبَيْصَةُ بن عقبة، وأبو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. 60- الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ2. أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، وَهُوَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، وَعَاصِمِ بْنَ أَبِي النُّجُودِ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ الْخُرَاسَانِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَأَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الزَّمِّيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ. وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ؛ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، تَرَكُوهُ. وَقَالَ ابْنُ عَديٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. قُلْتُ: مَاتَ فِي حُدُودِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ يَحْيَى: كَانَ مَرْوَانُ يَقُولُ: أَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ ابْنُ ظُهَيْرٍ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ بُسْتَانُ الْيَهُودِيُّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنِي عَنِ النجوم التي رآها يوسف أنها   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 175"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 370"، والثقات لابن حبان "6/ 199". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 118"، والمجروحين لابن حبان "1/ 250، 251"، وتهذيب الكمال "7/ 99-103". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 46 سَاجِدَةٌ لَهُ, فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيِّ فَقَالَ: "إِنْ أَخْبَرْتُكَ بِأَسْمَائِهَا تُسْلِمْ"؟ قَالَ: أَخْبِرْنِي. قَالَ: "حِرْقَانُ، وَطَارِقٌ، وَالذَّيَّالُ، وَذُو الْكَنَفَاتِ، وَذُو الْفُرُعِ، وَوَثَّابٌ، وَعَمُودَانُ، وَقَابِسٌ، وَالصَّرُوحُ، وَالْمُصَبِّحُ، وَالْفُلَيْقُ، وَالضِّيَاءُ، وَالنُّورُ". يَعْنِي أَبَاهُ وَأُمَّهُ رَآهَا فِي أُفُقِ السَّمَاءِ أَنَّهَا سَاجِدَةٌ لَهُ. فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: هَذِهِ وَاللَّهِ أَسْمَاؤُهَا1. 61- الحكم بن عبد الله بن خطاف2 -ق. أبو سلمة العاملي الأزدي، وقيل: الدمشقي. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ. وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَذَّابٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 62- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدَةَ3 -ق. بَصْرِيٌّ نَزَلَ مِصْرَ. رَوَى عَنْ: أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بكير. فيه لين. 63- الحكم بن عمرو4.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 146"، وقال: حديث موضوع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان واضعه قصد شين الإسلام بمثل هذا، وفيه جماعة ليسوا بشيء. 2 انظره في الكنى. 3 انظر تهذيب الكمال "7/ 112، 113"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 577"، وتهذيب التهذيب "2/ 432". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 123"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 335"، والضعفاء لابن عدي "2/ 625"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 578". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 47 وَيُقَالُ: ابْنُ عُمَرَ الرُّعَيْنِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ، فَهُوَ بِهَذَا الاعْتِبَارِ تَابِعِيٌّ. وَعَنْ: عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ، وَيَحْيَى بْنُ "صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ"، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. "أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ المنعم"، بن أَبِي الْيُمْنِ الْكِنْدِيِّ أَنَّ أَبَا الْفَتْحِ الْبَيْضَاوِيَّ أَخْبَرَهُمْ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ, أَبُو الْحُسَيْنِ أحمد بن محمد البزاز، أَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، نَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نَا خَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ إِمْلاءً سَنَةَ ثلاثين ومائتين: نا الحكم بن عمرو وقال: صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَانَ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ يَقْرَؤُهَا. 64- الْحَكَمُ بْنُ فُضَيْلٍ1. أَبُو مُحَمَّدٍ الواسطي. عن: خالد الحذاء، وسيار أَبِي الْحَكَمِ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَيَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ: كَانَ مِنْ أَعْبَدِ أَهْلِ زَمَانِهِ. وَقَالَ أَبُو داود: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُخَالِفُ الثِّقَاتِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَمِثْلُهُ يَحْيَى بْنُ فُضَيْلٍ، وَالْبَاقُونَ فُضَيْلٌ، بِضَمٍّ مُعْجَمَةٍ. 65- الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ الثَّقَفِيُّ الْعُقَيْلِيُّ2 -ن. ت.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 126، 127"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 339"، والثقات لابن حبان "8/ 193". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 130"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 341"، وتهذيب الكمال "7/ 155-159"، وميزان الاعتدال "1/ 582". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 48 كُوفِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ. وَرَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو مسهر، والهيثم بن خارجة، وهشام بن عمار، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَادِيسِيُّ. وَكَانَ شَرِيفَ النَّفْسِ متعففًا. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كَانَ الْحَكَمُ فَقِيرًا فَيُدْعَى إِلَى الطَّعَامِ وَهُوَ جَائِعٌ، فَيَلْبَسُ مِطْرَفَ خَزٍّ عَتِيقًا، ثُمَّ يَدْخُلُ الْعُرْسَ فَيُبَارِكُ وَلا يَأْكُلُ. وَكَانَ عَسِرًا فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ إِنَّهُ انْبَسَطَ. وَكَانَ مُؤَاخِيًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ: أَقْبَلَ الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ يُرِيدُ مِنْدَلا، فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُ مَنْدَلٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ؟ قَالَ: كَانَ وَاللَّهِ خِيَارُ الْخِيَرَةِ، أَمِيرُ الْبَرَرَةِ، قتيل الفجرة، منصور النضرة، مَخْذُولُ الْخَذَلَةِ, أَمَّا خَاذِلُهُ فَقَدْ خُذِلَ، وَأَمَّا قَاتِلُهُ فَقَدْ قُتِلَ، وَأَمَّا نَاصِرُهُ فَقَدْ نُصِرَ. قَالُوا لَهُ: فَعَلِيٌّ خَيْرٌ أَمْ مُعَاوِيَةُ؟ قَالَ: بَلْ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالُوا: فَأَيُّهُمَا كَانَ أَحَقُّ بِالْخِلافَةِ؟ قَالَ: كَانَ أَحَقُّ بِالْخِلافَةِ مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ خَلِيفَةً. أَبُو مُسْهِرُ: نَا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ: مَنْ أَغْرَقَ فِي الْحَدِيثِ فَلْيُعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَابًا، فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ أَحَدُكُمْ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ، وَلْيَحْتَرَفْ حَذَرَ الْفَاقَةِ. الأَصْمَعِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: يُقَالُ خَمْسَةٌ قَبِيحَةٌ: الْفُتُوَّةُ فِي الشُّيُوخِ، وَالْحِرصُ فِي الزُّهَّادِ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ فِي ذَوِي الْحَسَبِ، وَالْبُخْلُ فِي ذَوِي الْمَالِ، وَالْحِدَّةُ فِي السُّلْطَانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ الثَّقَفِيُّ لا يحتج به. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 49 66- حَكِيمُ بْنُ نَافِعٍ1. أَبُو جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ عَنْ: عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَالنُّفَيْلِيُّ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ وَمُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ. لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. وَجَاءَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: ثِقَةٌ. 67- حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ بْنِ دِرْهَمِ بْنِ الإِمَامِ إِسْمَاعِيلَ الأَزْدِيُّ2 -ع. مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الأَزْرَقُ الضَّرِيرُ الْحَافِظُ، أَحَدُ الأَعْلامِ، مَوْلَى آلِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ. كَانَ جَدُّهُ دِرْهَمُ مِنْ سَبْيِ سِجِسْتَانَ. رَوَى حَمَّادُ عَنْ: أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقُرَشِيَّيْنِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وعبد الرحمن بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسدَّدٌ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَعَارِمٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَأُمَمٌ سِوَاهُمْ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: أَئِمَّةُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمْ أَرْبَعَةٌ: الثَّوْرِيُّ بِالْكُوفَةِ، وَمَالِكٌ بِالْحِجَازِ، وَالأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ أَحَدٌ فِي أَيُّوبَ أثبت من حماد بن زيد.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 207"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 18"، والثقات لابن شاهين "109". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 286، 287"، والجرح والتعديل "3/ 137-139"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 25"، والثقات لابن حبان "6/ 217"، وتهذيب الكمال "7/ 239-252". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 50 وقال يحيى بن يحيى: ما رأيت شخصًا أَحْفَظَ مِنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ، هُوَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: لَمْ أَرَ أَحَدًا قَطُّ أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ وَلا بِالْحَدِيثِ الَّذِي يَدْخُلُ فِي السُّنَّةِ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. وَقَالَ أَيْضًا: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْهُ، وَمِنْ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ. وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالْبَصْرَةِ أَفْقَهَ مِنْهُ. وَعِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: جَالَسْتُ أَيُّوبَ عِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: مَاتَ حَمَّادُ بْنُ أَيُّوبٍ يَوْمَ مَاتَ وَلا أَعْلَمُ لَهُ فِي الإِسْلامِ نَظِيرًا فِي هَيْئَتِهِ وَدَلِّهِ، وَأَظنُّهُ قَالَ: وَسَمْتِهِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، يَوْمَ مَاتَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَاتَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ صَرِيرًا يَحْفَظُ كُلَّ حَدِيثِهِ. وَقَالَ ابْنُ مُصفَّى: نَا بَقِيَّةُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالْعِرَاقِ مِثْلَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. قلت: ومن خَاصِيَّةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ لا يُدَلِّسُ أَبَدًا. قَالَ: خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: الْمُدَلِّسُ مُتَشَبِّعٌ بِمَا لَمْ يُعْطَ. قُلْتُ: وَالْمُدَلِّسُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 188] . وَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا" 1؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ السَّامِعِينَ أَنَّ حَدِيثَهُ مُتَّصِلٌ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، هَذَا إِذَا دَلَّسَ عَنْ ثِقَةٍ، أَمَّا إِذَا دَلَّسَ خَبَرَهُ عَنْ ضَعِيفٍ يُوهِمُ أَنَّهُ صَحِيحٌ، فَهَذَا قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ: التَّدْلِيسُ ذُلُّ. وَقَالَ سَلامُ بْنُ أَيُّوبَ صَاحِبُ الْبَصْرِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَلا سفيان ولا مالكًا.   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "101"، وأحمد "3/ 498"، والحاكم "2/ 9"، والبيهقي "5/ 255". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 51 وقال فيه الثوري: رجل بالبصرة بَعْدَ شُعْبَةَ ذَلِكَ الأَزْرَقُ. وَقَالَ وَكِيعٌ: مَا كُنَّا نُشَبِّهُهُ إِلا بِمِسْعَرٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: لَمْ يَكُنْ لِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كِتَابٌ إِلا كِتَابَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الطَّبَّاعِ: مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ثِقَةٌ، كَانَ حَدِيثُهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ، كَانَ يَحْفَظُهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ. وَقَالَ فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِدَاشٍ، لَمْ يُخْطِئْ فِي حَدِيثٍ قَطُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ كِتَابَةً، عَنْ أَبِي الْمَكَارِمِ اللَّبَّانِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَا الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ -وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ- فَقَالَ: إِنَّمَا يُحَاوِلُونَ أَنْ يَقُولُوا: لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، أَنَا الْبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ الدَّبَّاسِ، أَنَا أَبُو غَالِبٍ الْبَاقِلانِيُّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْوَاعِظُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، نَا عَارِمٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: قُلْ لِمَنْ يَطْلُبُ عِلْمًا ... ائْتِ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ نَلْتَمِسْ حِكَمًا وَعِلْمًا ... ثُمَّ قَيِّدْهُ بِقَيْدٍ أَخْبَرَنَا أبو المعالي الأبرقوهي، أنا الفتح عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمُعَدَّلِ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ، ثنا جفعر الْفِرْيَابِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ، ثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عَتِيقٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَخْوَفَ عَلَى مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8] . قُلْتُ: وَقَعَ لِي أَحَادِيثُ عَالِيَةٌ عَنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ قَدْ أَفْرَدْتُهَا. وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ، وَعَاشَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ سَنَةً, قَالَ الْفَلاسُ, مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَاسِعَ شهر رمضان. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 52 وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ، كَذَا قَالَ. وَقَالَ عَارِمٌ: مَاتَ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ، فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ. قَالَ أَبُو داود: مَاتَ مَالِكٌ قَبْلَهُ بِأَشْهُرٍ. 68- حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ التَّمِيمِيُّ الْحِمَّانِيُّ1، الْكُوفِيُّ. أَبُو شُعَيْبٍ. وَهُوَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ, قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةٍ، ثُمَّ عَرَضَهُ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ: يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُلَيْمِيُّ. وَحَدَّثَ عَنْ: حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهيلٍ، وَأَبي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، وَسِوَاهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُدْخَلَ الْمَاءُ إِلا بِمِئْزَرٍ"2 قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابِعُهُ عَلَيْهِ إِلا مَنْ هُوَ دُونَهُ أَوْ مثله.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 142"، والتاريخ الكبير "3/ 25"، والمجروحين لابن حبان "1/ 251"، والضعفاء لابن عدي "2/ 659-661". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن خزيمة "1/ 38، 2"، والحاكم "1/ 162"، وفي إسناده الحسن بن بشر الهمداني صدوق يخطئ، انظر الضعيفة "1504". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 53 69- حَمَّادُ بْنُ الإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ1 زُوطِيٍّ. الْفَقِيهُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ. تَفَقَّهَ بِوَالِدِهِ, وَقِيلَ كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الأَخْيَارِ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ وَعَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَقُتَيْبَةُ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ. لَيَّنُوهُ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ". قِيلَ: مَاتَ فِي ذِي العقدة سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 70- حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأبح2 -ت. أبو بكر الأنصاري رَوَى عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَمَكْحُولٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتْبَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ, وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ شُيُوخِنَا، نَسَبَهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَوْ قَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: رُبَّمَا يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا: رُبَّمَا يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى فِيهِ بَأْسًا. 71- حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الواحد المكي3.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 149"، والضعفاء لابن عدي "2/ 669"، ولسان الميزان "2/ 346". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 151، 152"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 24"، والثقات لابن حبان "6/ 221". 3 الجرح والتعديل "3/ 213"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 52، 53"، والثقات لابن حبان "6/ 228". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 54 عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 72- حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 الْقَاصُّ. الْمُعَلِّمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. رَوَى عَنِ: الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَآخَرُونَ. وَلَعَلَّهُ مَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْخَاءِ": 73- خَارِجَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رَافِعِ بْنِ مُكَيْثٍ الْجُهَنِيُّ2 الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْد اللَّهِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أبي أويس. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 74- خَاقَانُ بْنُ الأَهْتَمِ الْمِنْقَرِيُّ3. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَابْنُ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: مُسدَّدٌ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بن عبد الوراث. قال أبو داود: ضعيف.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 242"، والثقات لابن حبان "8/ 209". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 375"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 2065"، والثقات لابن حبان "6/ 273"، وتهذيب الكمال "8/ 5، 6". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 405، 406"، والمغني في الضعفاء "1/ 200". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 55 75- خَالِدُ بْنُ زِيَادٍ الأَزْدِيُّ التِّرْمِذِيُّ1. عَنْ: أَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيِّ، وَنَافِعٍ الْعُمَرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ خَالِدٍ الْبَلْخِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلْقَمَةَ الأَزْدِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَمُسدَّدٌ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، مَا ضَعَّفَهُ أَحَدٌ. 76- خَالِدُ بْنُ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ2 الأُمَوِيُّ. أَخُو إِسْحَاقَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَبُدَيْحٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 77- خَالِدُ بْنُ شَوْذَبٍ الْجُشَمِيُّ الْبَصْرِيُّ3. عَنِ: الْحَسَنِ. وَعَنْهُ: أَبُو غَسَّانَ النَّهدِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 78- خَالِدُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْبَصْرِيُّ الْعَطَّارُ4. عن: عطاء الخراساني، ومعاوية بن قرة.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 332"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 151"، والثقات لابن حبان "6/ 263"، وتهذيب الكمال "8/ 65، 66". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 335"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 152"، والثقات لابن حبان، وتهذيب الكمال "8/ 81". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 336"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 155"، والثقات لابن حبان "6/ 261"، والضعفاء لابن عدي "3/ 897". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 352"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 175"، والثقات لابن حبان "6/ 265"، وتهذيب الكمال "8/ 182-184". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 56 وَعَنْهُ: أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ، وَيُونُسُ الْمُؤَدِّبُ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْفُرَاتُ الرَّازِيُّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَدُوقٌ. 79- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الزَّيَّاتُ الْكُوفِيُّ1. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وزهير بن عباد، وعبد الله مُشْكَدَانَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا به بأس. 80- خلاد بن سليمان2 -س. أبو سليمان الحضرمي المصري. عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَخَالِدِ بْنِ أبي عمران، ودراج أَبِي السَّمْحِ. وَعَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا قَانِتًا للَّهِ, وَكَانَ أُمِّيًّا لا يَكْتُبُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 81- خَلَفٌ الأَحْمَرُ3. اللُّغَوِيُّ الشَّاعِرُ، صَاحِبُ الْبَرَاعَةِ فِي الأَدَبِ. يُكَنَّى أَبَا مُحْرِزٍ، مَوْلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ, تَعَبَّدَ فِي أَوَاخِرِ عُمْرِهِ. حَمَلَ عَنْهُ دِيوَانَهُ أبو نواس، ورثاه بقصيدة.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 356"، والثقات لابن شاهين "117". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 365، 366"، والتاريخ للبخاري "3/ 188، 189"، والثقات لابن حبان "8/ 224". 3 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 317"، وتاريخ الطبري "8/ 115". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 57 وَلِخَلفٍ الْقَصِيدَةُ السَّائِرَةُ الَّتِي نَحَلَهَا تَأَبَّطَ شَرًّا: إِنَّ بِالشِّعْبِ الَّذِي دُونَ سَلْعٍ لَقَتِيلٌ دَمُهُ مَا يُطَلُّ خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ. يَأْتِي. 82- الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ1. صَاحِبُ الْعَرُوضِ. قَدْ تَقَدَّمَ. وَيُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهَا مَاتَ. 83- خَشَافٌ الْكُوفِيُّ2 صَاحِبُ اللُّغَةِ. 84- الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ3. رَوَى عَنْ: مُسْتَنِيرِ بْنِ أَخْضَرَ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَمِينَةَ. شَيْخٌ مَسْتُورٌ. 85- الْخَيْزُرَانُ الْجُرَشِيَّةُ4. مَوْلاةُ الْمَهْدِيِّ وحبيبته وزوجته، وأم ولديه الهادي والرشيد. رزقت من سعادة الدنيا ما لا يُوصَفُ. قَالَ الْمَسْعُودِيُّ: كَانَ مُغَلُّهَا فِي السنة مائتي ألف وستين ألفًا.   1 تقدم ترجمته. 2 انظر النجوم الزاهرة "2/ 82"، وبغية الوعاة "1/ 551". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 380"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 200"، والثقات لابن حبان "8/ 230"، وتهذيب الكمال "8/ 333، 334". 4 انظر تاريخ الطبري "2/ 156، 8/ 72"، والكامل في التاريخ "1/ 458"، والأعلام للزركلي "2/ 328". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 58 وَقَدْ رَوَى الْخَطِيبُ فِي تَرْجَمَتِهَا حَدِيثًا تَرْوِيهِ عَنِ الْمَهْدِيِّ، عَنْ آبَائِهِ، وَلا يَثْبُتُ. قِيلَ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الدَّالِ": 86- داود بْنُ الزِّبْرِقَانِ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَداود بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ صَبِيحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَحَسَّنَ حاله ابن حبان وَقَالَ: كَانَ يَهِمُّ فِي الْمُذَاكَرَةِ وَيُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا أَتَّهِمُهُ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ مُقَارِبٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 87- داود بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العطار2 -ع. أبو سليمان المكي. عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، وَعَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عِمَارَةَ، وَمَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خيثم، وهاشم بن عروة، وغيرهم. وعنه: يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، وَداود بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، وَآخَرُونَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الشافعي: ما رأيت أحدًا أورع منه.   1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "3/ 243"، والجرح والتعديل "3/ 412"، والمجروحين لابن حبان "1/ 292". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 417"، والطبقات الكبرى "5/ 498"، والتاريخ الكبير "3/ 246"، وتهذيب الكمال "8/ 413-416". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 59 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ وَالِدُ داود نَصْرَانِيًّا شَامِيًّا يَتَطَبَّبُ، فَقَدِمَ مَكَّةَ فَنَزَلَهَا، وَوُلِدَ لَهُ سَنَةَ مِائَةٍ داود, وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَجْلِسُ فِي أَصْلِ مَنَارَةِ الْحَرَمِ من قبل الصفاء، وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ يُقالُ: أَكْفَرُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ لِقُرْبِهِ مِنَ الأَذَانِ وَالْمَسْجِدِ، وَلِحَالِ وَلَدِهِ وَإِسْلامِهِمْ, وَكَانَ يُسْلِمُهُمْ فِي الأَعْمَالِ السِّرِّيَّةِ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الأَدَبِ وَلُزُومِ الْخَيْرِ وَأَهْلِهِ. قَالَ: وَمَاتَ داود بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: أَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ تَمْكِينِ هَذَا النَّصْرَانِيُّ مِنَ الإِقَامَةِ بِحَرَمِ اللَّهِ، فَلَعَلَّهُمُ اضْطَرُّوا إِلَى طِبِّهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحِكَايَةُ صَحِيحَةٌ. وَقِيلَ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الشَّافِعِيِّ. 88- داود بْنُ يَزِيدَ الثَّقَفِيُّ1 الْبَصْرِيُّ. عَنْ: بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ النَّدَبِيِّ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةٍ، وَحَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ. وَعَنْهُ: قتيبة، وهشام بن عبيد الله الرَّازِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَقَالَ: شَيْخٌ مَجْهُولٌ. قُلْتُ: هَذَا الْقَوْلُ يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ مَجْهُولا عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ، وَلَوْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ ثِقَاتٌ، يَعْنِي أَنَّهُ مَجْهُولُ الْحَالِ عِنْدَهُ، فَلَمْ يَحْكُمْ بِضَعْفِهِ وَلا بتوثيقه. 89- ديلم بن غزوان2 -ق. أبو غالب العبدي البصري البراء. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمَيْمُونٍ الْكُرْدِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عفان، وعارم، ومسدد، والقواريري.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 428"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 240"، والثقات لابن حبان "6/ 287". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 434"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 249"، والثقات لابن حبان "6/ 291". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 60 قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "كَامِلِهِ", وَقَوَّى أَمْرَهُ. "حرف الذَّالِ": 90- ذَوَّادُ بْنُ عُلْبَةَ1. أَبُو الْمُنْذِرِ الْحَارِثِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: مُطَرِّف بْن طَرِيفٍ، وَلَيْثِ بْن أَبِي سُلَيْم، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ. وَعَنْهُ: أَبُو مطيع البلخي، وابنه مزاحم بن داود، وَجُبَارَةُ بْنُ مُغَلِّسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَكَانَ عَابِدًا. "حرف الرَّاءِ": 91- رَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ2. الْعَابِدَةُ الْبَصْرِيَّةُ الْمَشْهُورَةُ بِالتَّأَلُّهِ وَالزُّهْدِ. هِيَ رابعة بنت إسماعيل، كنيتها أم عمرو، وولاؤها لِلْعَتَكِيِّينَ. وَقَدْ أَفْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَخْبَارَهَا فِي جزء في الشَّامِيَّاتِ رَابِعَةُ الْعَابِدَةُ مُعَاصِرَةٌ لَهَا فَرُبَّمَا تَدَاخَلَتْ أَخْبَارُهَا. قَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: سَمِعَتْ رَابِعَةُ صَالِحًا الْمُرِّيَّ يَذْكُرُ الدُّنْيَا فِي قَصَصِهِ، فَنَادَتْهُ: هَيْهِ يَا صَالِحُ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُرْجُلانِيُّ: نَا بِشْرُ بْنُ صَالِحٍ الْعَتَكِيُّ قَالَ: اسْتَأْذَنَ ناس   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 452، 453"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 264"، والمجروحين لابن حبان "1/ 296". 2 انظر سير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 215-217"، وصفة الصفوة لابن الجوزي "4/ 27-31"، والبداية والنهاية "10/ 186". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 61 عَلَى رَابِعَةَ وَمَعَهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَتَذَاكَرُوا عِنْدَهَا سَاعَةً، وَذَكَرُوا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا قَامُوا قَالَتْ لامْرَأَةٍ تَخْدُمُهَا: إِذَا جَاءَ هَذَا الشَّيْخُ وَأَصْحَابُهُ فَلا تَأْذَنِي لَهُمْ، فَإِنِّي رَأَيْتُهُمْ يُحِبُّونَ الدُّنْيَا. وَعَنْ أَبِي يَسَارٍ مِسْمَعٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَابِعَةَ، فَقَالَتْ: جِئْتَنِي وَأَنَا أَطْبُخُ أَرُزًّا، فَآثَرْتُ حَدِيثَكَ عَلَى طَبِيخِ الأَرُزِّ, فَرَجَعْتُ إِلَى الْقِدْرِ وَقَدْ طُبِخَتْ. ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: حَدَّثَنِي عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَطَّارُ: حَدَّثَتْنِي عَبْدَةُ بِنْتُ أَبِي شَوَّالٍ -وَكَانَتْ تَخْدُمُ رَابِعَةَ الْعَدَوِيَّةِ- قَالَتْ: كَانَتْ رَابِعَةُ تُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، هَجَعَتْ هَجْعَةً حَتَّى يُسْفِرَ الْفَجْرُ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهَا تَقُولُ: يَا نَفْسُ كَمْ تَنَامِينَ؟ وَإِلَى كَمْ تَقُومِينَ؟ يُوشِكُ أَنْ تَنَامِي نَوْمَةً لا تَقُومِي فِيهَا إِلا لِيَوْمِ النُّشُورِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، نَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: قَالَتْ رَابِعَةُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ قِلَّةِ صِدْقِي فِي قَوْلِي: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: دَخَلْتُ مَعَ الثَّوْرِيِّ عَلَى رَابِعَةَ، فَقَالَ سُفْيَانُ: وَاحُزْنَاهُ، فَقَالَتْ: لا تَكْذِبْ, قُلْ: وَاقِلَّةَ حُزْنَاهُ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَابِعَةَ أَنَا وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، فَأَخَذَ سَلامٌ فِي ذِكْرِ الدُّنْيَا، فَقَالَتْ: إِنَّمَا يُذْكَرُ شَيْءٌ هُوَ شَيْءٌ، فَأَمَّا شَيْءٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَلا. وَقَالَ شَيْبَانُ: ثَنَا رِيَاحٌ الْقَيْسِيُّ قَالَ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى شُمَيْطِ بْنِ عَجْلانَ أَنَا وَرَابِعَةُ، فَقَالَتْ مَرَّةً: تَعَالَ يَا غُلامُ. وَأَخَذَتْ بِيَدِي وَدَعَتِ اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا جَرَّةٌ خَضْرَاءُ مَمْلُوءَةٌ عَسَلا أَبْيَضَ. فَقَالَتْ كُلْ، فَهَذَا وَاللَّهِ لَمْ تَحْوِهِ بُطُونُ النَّحْلِ. قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ، فقمنا وتركناه. قال أبو سعيد بن الأَعْرَابِيُّ: أَمَّا رَابِعَةُ فَقَدْ حَمَلَ النَّاسُ عَنْهَا حِكْمَةً كَثِيرَةً، وَحَكَى عَنْهَا سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَغَيْرُهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلانِ مَا قِيلَ عَنْهَا, وَقَدْ تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ: وَلَقَدْ جَعَلْتُكَ فِي الْفُؤَادِ مُحَدِّثِي ... وَأَبَحْتُ جِسْمِي مَنْ أَرَادَ جُلُوسِي فَنَسَبَهَا بَعْضُهُمْ إِلَى الْحُلُولِ بِنِصْفِ الْبَيْتِ، وَإِلَى الإِبَاحَةِ بِتَمَامِ الْبَيْتِ وَهَذَا غُلُوٌّ وَجَهْلٌ، وَلا أَحْسَبُ يَنْسِبُهَا إِلا حُلُولِيٌّ مُبَاهِي، لِيُنْفِقَ بِهَا زَنْدَقَتَهُ، كَمَا احْتَجُّوا، بِالْخَبَرِ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 62 النَّبَوِيِّ: "فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ" 1. الْحَدِيثَ. قِيلَ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، عَنْ نَحْوِ ثَمَانِينَ سَنَةٍ. 92- الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الرُّكَيْنِ الْفَزَارِيُّ2. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُخَالِفُ فِي حَدِيثِهِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى: نَا الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَيْعَةَ، سَمِعْتُ عَلِيًّا عَلَى مِنْبَرِكُمْ هَذَا يَقُولُ: "عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي مُقَاتِلٌ بَعْدَهُ الْقَاسِطِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَالْمَارِقِينَ". قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: أَسَانِيدُ هَذَا الْمَتْنِ لَيِّنَةُ الطُّرُقِ3. 93- رِفَاعَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيُّ الزَّرْقِيُّ الْمَدَنِيُّ4 -ع. إِمَامُ مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ. رَوَى عَنْ: عَمِّ أَبِيهِ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 131"، والبغوي في شرح السنة "5/ 19"، والبيهقي "3/ 346". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 463"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 278"، والضعفاء لابن عدي "3/ 996"، وميزان الاعتدال "2/ 41". 3 انظر الضعفاء "2/ 51". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 493"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 323"، والثقات لابن حبان "6/ 309". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 63 لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، أَنَّ رِفاعَةَ قَالَ: "عَطَسْتُ فِي الصَّلاةِ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ" حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ1. 94- رِفْدَةُ بْنُ قُضَاعَةَ الْغَسَّانِيُّ2 -ق. مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: ثَابِتِ بْنِ عَجْلانَ، وَجَعْفرِ بْنِ بُرْقَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَكُنْ رِفْدَةُ شيء, كَانَ مَوْلَى الْحَيِّ، يَعْنِي حَيَّ أَبِي مُسْهِرٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ بَعْضُ الْمَنَاكِيرِ. 95- رَوْحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ قُبَيْصَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ الْمُهَلَّبِيُّ الأَمِيرُ3, مِنْ كِبَارِ الْقُوَّادِ، وَلِيَ إِفْرِيقِيَّةَ مُدَّةً لِلرَّشِيدِ، ثُمَّ وَلِيَ الكوفة بالبصرة, وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا كَبِيرَ "الْقَدْرِ، وَوَلِيَ" أَيْضًا السِّنْدَ, وَاتَّفَقَ مَوْتُهُ بِالْمَغْرِبِ عِنْدَ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ أَمِيرِ إِفْرِيقِيَّةَ "فِي شَهْرِ" رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَلَهُ أَخْبَارٌ وَمَآثِرُ فِي الْجُودِ. 96- رَوْحُ بْنُ مُسَافِرٍ4. أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَأَبَانِ بْنِ أبي عياش، والأعمش، وعدة.   1 جزء من حديث صحيح: أخرجه أبو داود "773"، والترمذي "404". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 523"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 343"، والمجروحين لابن حبان "204"، وتهذيب الكمال "9/ 212-214". 3 انظر تاريخ الطبري "7/ 452، 453"، والكامل في التاريخ "9/ 439"، وسير أعلام النبلاء "7/ 441". 4 انظر التاريخ الكبير "3/ 310"، والمجروحين لابن حبان "1/ 299"، والضعفاء للعقيلي "2/ 57"، وميزان الاعتدال "2/ 61". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 64 وَعَنْهُ: مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ. ضَعَّفُوهُ. وَقَالَ أَبُو داود: مَتْرُوكٌ. 97- رَوْحُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ1. عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بِشْرٍ، وَغَيْلانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ. وَعَنْهُ: النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَأَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الشَّامِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عِنْدِي لا بَأْسَ بِهِ. نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: نَا رَوْحُ بْنُ عَطَاءٍ: نَا أَبِي، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَلِّمُ فِي الصَّلاةِ تَسْلِيمَةً قِبَالَةَ وَجْهِهِ, فَإِذَا سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ". قَالَ الْعُقَيْلِيُّ2: الأَحَادِيثُ فِي تَسْلِيمِهِ أَسَانِيدُهَا لَيِّنَةٌ. 98- رِيَاحُ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ الزَّاهِدُ3. أَبُو الْمَهَاصِرِ, كَانَ خَاشِعًا خَائِفًا بَكَّاءً. رَوَى عَنْ: مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَوَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ. وَقِيلَ إِنَّهُ لَقِيَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ. رَوَى عَنْهُ: سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَمُوسَى بْنُ داود، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَرَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، وطائفة.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 497"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 109"، والمجروحين لابن حبان "1/ 300". 2 انظره في الضعفاء "2/ 58". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 511"، والثقات لابن حبان "6/ 310"، وميزان الاعتدال "2/ 61، 62"، وسير أعلام النبلاء "8/ 155". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 65 قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَذَكَرَهُ أَبُو داود السِّجِسْتَانِيُّ فَوَهَّاهُ وَقَالَ: رَجُلُ سَوْءٍ. قَالَ عَلِيُّ بن الحسن بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: قَالَ رِيَاحٌ الْقَيْسِيُّ: لِي نَيِّفٌ وَأَرْبَعُونَ ذَنْبًا، قَدِ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لِكُلِّ ذَنْبٍ مِائَةَ أَلْفِ مَرَّةٍ. وَقَالَ سَيَّارٌ: ثَنَا رِيَاحٌ قَالَ لِي عُتْبَةُ الْغُلامُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا فَهُوَ عَلَيْنَا. وكَانَ رِيَاحُ بْنُ عَمْرٍو يُسْمَعُ مِنْهُ الْمَوْعِظَةُ وَيُغْشَى عَلَيْهِ. "حرف الزَّايِ": 99- زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجِ بْنِ الرحيل1 -ع. أبو خيثمة الجعفي الكوفي الْحَافِظُ. أَحَدُ الثِّقَاتِ. وَهُوَ أَخُو حُدَيْجٍ وَالرُّحَيْلِ. رَوَى عَنِ: الأَسْوَدَ بْنِ عُمَيْسٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَزُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، وَأَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النفيلي، وأبو الوليد، وخلق. قال سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ لِرَجُلٍ: عَلَيْكَ بِزُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَمَا بِالْكُوفَةِ مِثْلُهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: لا وَاللَّهِ لَيْسَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عِندِي بِأَثْبَتَ مِنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، وَذَكَرَ حَدِيثًا لِزُهَيْرٍ وَشُعْبَةَ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: زُهَيْرٌ أَحْفَظُ عِنْدِي مِنْ عِشْرِينَ مِثْلِ شُعْبَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: زُهَيْرٌ بن معادن العلم.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 376"، والجرح والتعديل "3/ 588"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 426". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 66 وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: زهير أحب إِلَيْنَا مِنْ إِسْرَائِيلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلا فِي حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ. قِيلَ لِأَبِي حَاتِمٍ: فَزُهَيْرٌ وَزَائِدَةُ؟ قَالَ: زُهَيْرٌ أَتْقَنُ، وَهُوَ صَاحِبُ سَنَّةٍ, غَيْرَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سَمِعَ زُهَيْرٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ بَعْدَ الاخْتِلاطِ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ: كَانَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ إِذَا سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الشَّيْخِ مَرَّتَيْنِ كَتَبَ عَلَيْهِ: فَرَغْتُ. قُلْتُ: وَسَكَنَ زُهَيْرٌ فِي أَوَاخِرِ عُمْرِهِ الْجَزِيرَةَ، أَظُنُّ بِحَرَّانَ. قَالَ النُّفَيْلِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، زَادَ النُّفَيْلِيُّ فِي رَجَبٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. قُلْتُ: وَأَصَابَهُ الْفَالِجُ1 قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. 100- زُهَيْرُ بْنُ هُنَيْدَةَ2. أَبُو الذَّيَّالِ الْعَدَوِيُّ، بَصْرِيُّ مُقِلٌّ. عَنْ: أَبِي نَعَامَةَ عَمْرُو بْنُ عِيسَى الْعَدَوِيِّ, وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيِّ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ السَّدُوسِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. 101- زِيَادٌ أَبُو السَّكَنِ الْبَاهِلِيُّ3. مَوْلاهُمْ, نَزَلَ بغداد، وزعم أنه رأى الشعبي.   1 الفالج شلل يصيب أحد شقي الجسم طولا. 2 انظر الجرح التعديل "3/ 590، 591"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 429"، والثقات لابن حبان "6/ 338". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 537"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 358"، والضعفاء لابن عدي "3/ 1046". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 67 رَوَى عَنْ: طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ. وَعَنْهُ: داود بْنُ رُشَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وقل النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. "حرف السِّينِ": 102- سَالِمٌ أَبُو جميع القزاز البصري1 -د. هو ابن دينار، وقيل ابن راشد، مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الطَّبَّاعِ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ وَمُسدَّدٌ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ آخَرُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 103- سَعْدُ بْنُ زِيَادٍ2. أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّاسِيُّ مَوْلَى الأَمِيرِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ. عَنْ: سَالِمِ بن عبد الله، وكيسان مولى ابن الزُّبَيْرِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وليس بالمتين.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 180، 181"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 112"، والثقات لابن حبان "6/ 410". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 83"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 66"، والثقات لابن حبان "6/ 378"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 120". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 68 104- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ. أَبُو عُمَرَ الْمَعَافِرِيُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ الْفَقِيهُ. عَنْ: مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَأَبِي مَعْشَرٍ السِّنْدِيِّ. وَمَاتَ شَابًّا. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَخَالِدُ بْنُ نِزَارٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَتْ لَهُ عِبَادَةٌ وَفَضْلٌ وَفِقْهٌ، وَهُوَ الَّذِي أَعَانَ ابْنَ وَهْبٍ عَلَى تَصْنِيفِ كُتُبِهِ. وَقَالَ فَتْحُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَهْدِيُّ: قَدِمْتُ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَلَقِيتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ، فَقُلْتُ لَهُ: مَاتَ سَعْدٌ. فَاسْتَرْجَعَ وَقَالَ: لَوْ كَانَ النَّاسُ فِي عَدْوَةٍ وَكُنْتُ أَنَا وَسَعْدٌ فِي عَدْوةٍ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ بِهِ مَلِيًّا. ثُمَّ قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ: نَا يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ الأَيْلِيُّ، نَا ابن بكير، نا سعد الْمَعَافِرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي التَّوَاضُعِ، ثُمّ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 105- سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ الْجُهَنِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: سَعْدَانَ الطَّائِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبَيْعَةَ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 106- سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ الْعَدَوِيِّ2 -م. ن. مولاهم المدني.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 289"، والتاريخ الكبير "4/ 196"، والثقات لابن حبان "8/ 305"، وتهذيب الكمال "10/ 321". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 29"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 479"، والثقات لابن حبان "6/ 358"، وتهذيب الكمال "10/ 477-480". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 69 عَنْ: أَبِيهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، وَالتَّبُوذَكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ الْمُقَدَّمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ: مَا رأيت أصح من كتابه. قلت: واعتمده ومسلم فِي صَحِيحِهِ, وَمَا ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ بل قال في سنته: هُوَ ضَعِيفٌ. 107- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ1 الْكُوفِيُّ. عَنْ: نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، وَسَعِيدٍ وَالِدِ الثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ: سُنَيْدُ بْنُ داود، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. مَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 108- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الْجُمَحِيُّ2 الْمَدَنِيُّ -م. د. س. ق. قَاضِي بَغْدَادَ لِلرَّشِيدِ. كَانَ مِنْ جِلَّةِ الْعُلَمَاءِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَطَائِفَةٍ. وَأَحْسَبُهُ تَفَقَّهَ عَلَى رَبِيعَةَ الرَّأْيِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَعِدَّةٌ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الليث بن سعد، وهو أكبر منه.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 38"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 489"، والثقات لابن حبان "8/ 263". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 324"، والجرح والتعديل "4/ 41"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 494". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 70 وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَلَيَّنَهُ الْفَسَوِيُّ فَقَالَ: "لَيِّنُ الْحَدِيثِ". وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَخَطَبَ فِي شَأْنِهِ فَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ "حُمَيْدٍ" الْجُمَحِيِّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَلِيَ الْقَضَاءَ بِبَغْدَادَ يَرْوِي عَنْ: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِ أَشْيَاءَ مَوْضَوعَةً يَتَخَايَلُ إِلَى مَنْ يَسْمَعُهَا أَنَّهُ الْمُتَعَمِّدُ لَهَا. ثَنَا ابْنُ مُجَاشِعٍ، نَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، نَا سَعِيدٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمرو مَرْفُوعًا: مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلا مَعَ الإِمَامِ فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ ثُمَّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ1. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً. وَرَثَاهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ بِقَوْلِهِ: ثُلْمَةٌ فِي الإِسْلامِ مَوْتُ سَعِيدِ ... شَمِلَتْ كُلَّ مُخْلِصِ التَّوْحِيدِ ذَاكَ أَنِّي رَأَيْتُهُ لا يُبَالِي ... فِي تُقَى اللَّهِ لَوْمَ أَهْلِ الْوَعِيدِ 109- سُعَيْرُ بْنُ الْخِمْسِ التَّمِيمِيُّ الْكُوفِيُّ2 -م. ت. ن. عَنْ: مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ. وَزَعَمَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ رَأَى عبد الله بن أبي أَوْفَى. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِيُّ، وَحُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَاتَّفَقَ لَهُ حِكَايَةٌ عَجِيبَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عِنْدَمَا قُدِّمَ إِلَى قَبْرِهِ لِيَدْفِنُوهُ تَحَرَّكَ فَرُدَّ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَامَ، وَوُلِدَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَدُهُ مَالِكُ بْنُ سعيد.   1 "حديث ضعيف": أخرجه البيهقي "2/ 219، 221"، وابن حبان في المجروحين "1/ 323"، وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 443"، وإسناده ضعيف فيه صاحب الترجمة انظر أقوال العلماء فيه. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 386"، والجرح والتعديل "4/ 323"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 213". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 71 رَوَاهَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، عَنِ الْخُرَيْبِيُّ، أَنَّهُ شَاهَدَ ذَلِكَ. وَهُوَ مُقِلٌّ، لَهُ نَحْوَ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. 110- سُكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَيْسٍ1. وَهُوَ سُكَيْنُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الْعَطَّارُ. عَنْ: أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَأَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحُدَّانِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، وَوَالِدِهِ، وَمُثَنَّى بْنِ دِينَارٍ الأَحْمَرَ، وَهِلالِ بْنِ خَبَّابٍ. وَعَنْهُ: حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَعَفَّانُ، وَعَارِمٌ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو داود: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَاهٍ عِنْدَ: ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَالدَّارِمِيِّ. خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "أَدَبِهِ". وَلِشَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ، عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "عُمْرُ الذُّبَابِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً"2. الْحَدِيثَ. 111- سَكَنُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْبَصْرِيُّ3. صَاحِبُ الْغَنَمِ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَأَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ. وَعَنْهُ: سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 207"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 199"، والثقات لابن حبان "6/ 432"، والضعفاء لابن عدي "3/ 1301". 2 أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1301"، وفي إسناده صاحب الترجمة "990". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 287"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 179"، والثقات لابن حبان "6/ 427". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 72 سلام بن سليم -ع- هو أبو الأحوص الكوفي الحافظ. مذكور في الكنى. 112- سلام بن سليمان1 -ت. ن. أبو المنذر المزني، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ، ثُمَّ الْكُوفِيُّ الْقَارِئُ النَّحْوِيُّ, وَيُقَالُ: ابْنُ سُلَيْمٍ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: عَاصِمٍ، وَأَبِي عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمَا. وَصَارَ شَيْخَ الْقُرَّاءِ فِي عَصْرِهِ. قَرَأَ عَلَيْهِ: يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلافُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ؛ وَحَدَّثَ عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَحُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، وَابْنِ جُدْعَانَ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: عَفَّانُ، ومحمد بن سلام الجمحي، وعبيد الله بن عائشة، وعبد الواحد بْنُ غِيَاثٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِهِ أَعْلَمَ مِنْهُ. كَانَ فَصِيحًا نَحْوِيًّا, وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِثْلُهُ فِي الإِنْكَارِ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو داود: كَانَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ يُنْكِرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْحُرُوفِ. وَعَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِمُصْحَفٍ فَقَالَ: أَلَيْسَ هَذَا وَرَقٌ وَزَاجٌ؟ فَقَالَ: سَلامٌ: قُمْ يَا زِنْدِيقُ. مَاتَ سَلامٌ الْقَارِئُ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 113- سَلامُ بْنُ سلم2 -ق.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 259"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 134"، والثقات لابن حبان "6/ 416"، وتهذيب الكمال "12/ 288-291". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 260"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 133"، وتاريخ الطبري "7/ 454، 455"، والمجروحين لابن حبان "1/ 339". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 73 أبو سليمان التميمي السعدي المدائني الطويل. خُرَاسَانِيُّ الأَصْلِ. رَوَى عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، وَزَيْدٍ الْعَمِّيِّ، وحميد الطويل، وثور بن يزيد. وعنه: أسد بن موسى، وخلف بن هشام، وعلي بن الجعد، ومحمد بن عبد الوهاب الحارثي، وجماعة كبار. قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم، وغيره: تركوه. قال العقيلي: سلام بن سلم المدائني الطويل: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَسُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَلامُ بْنُ سَلْمٍ السعدي الطويل، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، تَرَكُوهُ. وَقَالَ الأَعْيَنُ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ ضَعَّفَ سَلامَ بْنَ سَلْمٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: نَا سَلامٌ، ثَنَا زَيْدٌ العمي، عن أبي بكر الصديق، عن أبي سعيد الخدري، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ هَذِهِ الأُمَّةِ بِهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَقْوَاهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيٌّ، وَأَصْدَقُهُمْ حَسَّانٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيُّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ وِعَاءٌ مِنَ الْعِلْمِ، وَسَلْمَانُ عِلْمٌ لا يُدْرَكُ، وَمُعَاذٌ أَعْلَمُهُمْ بالحلال والحرام، وما أظلت الْخَضْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ"1. أَمَّا. سَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ الصَّغِيرُ. فَآخَرُ سَيَأْتِي قَبْلَ الْعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَأَمَّا صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ: سَلامُ بْنُ سَلْمٍ، فَقِيلَ فِي أَبِيهِ: سُلَيْمَانُ، وَقِيلَ: سَالِمٌ، وهو وهم، ويعرف بالطويل.   1 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي "170، 171"، وفي إسناده سلام صاحب الترجمة انظر كلام العلماء عليه, والحديث في ضعيف الجامع "776". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 74 قيل: توفي سنة سبع وسبعين وَمِائَةٍ ظَنًّا لا يَقِينًا. 114- سَلامُ بْنُ أَبِي صهباء1. أَبُو الْمُنْذِرِ: بَصْرِيٌّ فَزَارِيٌّ. رَوَى عَنْ قَتَادَةَ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: سَلامُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْعَدَوِيُّ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: سَلامُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ، أَبُو بِشْرٍ الْعَدَوِيُّ، بَصْرِيٌّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، نا سلام بن أبي صهباء، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا، "لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَخَشِيتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، الْعُجْبُ"2. 115- سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ الْبَصْرِيُّ3 -خ. م. ت. ن. أبو سعيد الخزاعي، مَوْلاهُمْ. عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي حُصَيْنٍ عُثْمَانَ بْنِ عَاصِمٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسدَّدٌ، وَهُدْبَةُ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَآخَرُونَ. قال أحمد: ثقة، صاحب سنة.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 257"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 135"، والمجروحين لابن حبان "1/ 340"، والضعفاء لابن عدي "3/ 1151". 2 "حسن لغيره": أخرجه البزار كما في كشف الأستار "3633"، وقال الهيثمي في المجمع "10/ 269"، أخرجه البزار. وإسناده جيد. قلت: وأيده المنذري في الترغيب والترهيب. 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 258"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 134"، والمجروحين لابن حبان "1/ 341". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 75 وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يُعَدُّ مِنْ خُطَبَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَعُقَلائِهِمْ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَثِيرُ الْوَهْمِ لا يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا انْفَرَدَ. قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ سَنَةَ أَرْبَعٍ. قَالَ زُهَيْرٌ الْبَابِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ لا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ. وَقَالَ أَبُو داود: قَالَ سَلامٌ: لِأَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَةِ الْحَجَّاجِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَاهُ بِصَحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ عبيد. سلام بن أبي خبرة الْبَصْرِيُّ. شَيْخٌ ضَعِيفٌ، يُذْكَرُ فِي طَبَقَةِ وَكِيعٍ. 116- سَلَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْعُقَيْلِيُّ1. قَاضِي دِمَشْقَ، كَانَ قَبْلَ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ الْقَاضِي، ثُمَّ عُزِلَ. رَوَى عَنْ: رَبَيْعَةَ بْنِ يَزِيدَ الْقَصِيرِ، وَشَدَّادِ أَبِي عَمَّارٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الأَمِيرِ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الْبَصْرِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُولُ: قَالَ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْقَاضِي: لا رَحِمَ اللَّهُ فُلانًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ. 117- سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ الْكِنْدِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2 -ق. نَزِيلُ حِمْصَ. عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ.   1 انظر العلل ومعرفة الرجال برواية ابنه "2031"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 204". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 171"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 311، 312"، وتهذيب التهذيب للحافظ "4/ 155". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 76 وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ. قَالَ أَبُو الْيَمَانِ: ثِقَةٌ. كَانَ يُقَاسُ بِالأَوْزَاعِيِّ. وَقَالَ أَبُو تَوْبَةَ: ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ، لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ الأَوْزَاعِيِّ أَهْنَأَ مِنْهُ. 118- سَلْمٌ الْخَاسِرُ1. هُوَ سَلْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَمَّادَ الْبَصْرِيُّ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الْمُحْسِنِينَ، وَهُوَ غُلامُ بَشَّارِ بْنِ بُرْدٍ، مَدَحَ الْمَهْدِيَّ, وَأَكْثَرَ فِي "مَدْحِ الْبَرَامِكَةِ". وَكَانَ عَاكِفًا عَلَى الْمَعَاصِي، ثُمَّ تَزَهَّدَ وَنَسَكَ مُدَيْدَةً، ثُمَّ مَرَقَ2 وَعَادَ إِلَى اللَّهْوِ، وَبَاعَ مُصْحَفَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ دِيوَانَ شِعْرٍ، فَلُقِّبَ لِذَلِكَ بِالْخَاسِرِ. وَلَمَّا صَيَّرَ الرَّشِيدُ وَلَدَهُ الأَمِينَ وَلِيَّ عَهْدِهِ, قَالَ سَلْمٌ قَصِيدَتَهُ السَّائِرَةَ: قُلْ لِلْمَنَازِلِ بِالْكَثِيبِ الأَعْفَرِ سُقِيتِ غَايَةَ السَّحَابِ الْمُمْطِرِ قَدْ بَايَعَ الثَّقَلانِ مَهْدِيَّ الْهُدَى لِمُحَمَّدِ بْنِ زُبَيْدَةَ ابْنَةِ جَعْفَرِ فَحَشَتْ زُبَيْدَةُ فَاهُ جَوْهَرًا، قِيلَ بَاعَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَمِنْ شِعْرِهِ: بَانَ شَبَابِي فِيمَا يَحُورُ ... وَطَالَ مِنْ لَيْلِي الْقَصِيرُ أَهْدَى لِيَ الشَّوْقَ وَهُوَ خُلْوٌ ... أَغَنُّ فِي طَرْفِهِ فُتُورُ وَقَائِلٍ حِينَ شَبَّ وَجْدِي ... وَاشْتَعَلَ الْمُضْمَرُ السَّتِيرُ لَوْ شِئْتَ أَسْلاكَ عَنْ هَوَاهُ ... قَلْبٌ لِأَشْجَانِهِ ذَكُورُ فَقُلْتُ لا تَعْجَلَنْ بِلَومِي ... فَإِنَّمَا يُنْبِئُ الْخَبِيرُ عَذَّبَنِي وَالْهَوَى صَغِيرُ ... فَكَيْفَ بِي وَالْهَوَى كَبِيرُ مَنْ رَاقَبَ الناس مات غما ... وفاز باللذة الجسور   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 101، 224"، والكامل في التاريخ "5/ 586"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 172، 173". 2 مرق السهم من الرمية، مروقا: اخترقها وخرج من الجانب الآخر في سرعة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 77 قَالَ أَبُو مُعَاذٍ النُّمَيْرِيُّ: قَالَ بَشَّارُ بَيْتًا، وَكَانَ يَلْهَجُ بِهِ كَثِيرًا وَهُوَ: مَنْ رَاقَبَ النّاسَ لَمْ يَظْفَرْ بِحَاجَتِهِ وَفَازَ بِالطَّيِّبَاتِ الْفَاتِكُ اللَّهِجُ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قَالَ "سَلْمٌ الْخَاسِرُ" بَيْتًا فِي هَذَا، وَأَنْشَدْتُهُ: مَنْ رَاقَبَ النَّاسَ مَاتَ هَمًّا ... وَفَازَ بِاللَّذَّةِ الْجَسُورُ فَقَالَ: ذَهَبَ وَاللَّهِ بَيْتِي، وَاللَّهِ لا أَكَلْتُ الْيَوْمَ شَيْئًا وَلا صُمْتُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: لَمَّا أَتَتْنِي عَلَى الْمَهْدِيِّ مَالِكَةٌ ... تَظَلُّ مِنْ خَوْفِهَا الأَحْشَاءُ تَضْطَرِبُ كَيْفَ الْقَرَارُ مِنْ رِضَى مَلِكٍ ... تَبْدُو الْمَنَايَا بِكَفَّيْهِ وَتَحْتَجِبُ إِنِّي أَعُوذُ بِالْمُلُوكِ كُلِّهِمُ ... وَأَنْتَ ذَاكَ بِمَا تَأْتِي وَتَجْتَنِبُ وَأَنْتَ كَالدَّهْرِ مَبْثُوثًا حَبَائِلُهُ ... وَالدَّهْرُ لا مَلْجَأَ مِنْهُ وَلا هَرَبُ وَلَهُ: مَلِكٌ كَأَنَّ الشَّمْسَ فَوْقَ جَبِينِهِ ... تَمَلَّكَ بِالإِمْسَاءِ وَالإِصْبَاحِ وَإِذَا حَلَلْتَ بِبَابِهِ وَرِوَاقِهِ ... فَانْزِلْ بِسَعْدٍ وَارْتَحِلْ بِنَجَاحِ فَأَجَازَهُ الرَّشِيدُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. 119- سليمان بن بلال1 -ع. أبو أيوب، ويقال: أبو محمد، المدني الْحَافِظُ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ مِنْ مَوَالِي آلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَوَى عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وعبد الله بن دينار، وأب طُوَالَةَ، وَخَيْثَمِ بْنِ عِرَاكٍ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ وَرَبَيْعَةَ الرَّأْيِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعِمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وسعيد بن عفير، ولوين، ويحيى الوخاظي، ويحيى بن يحيى، وعدد كثير.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 420"، والجرح والتعديل "4/ 103"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 4". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 78 قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ بَرْبَرِيًّا حَسَنَ الْهَيْئَةِ، ثِقَةً، عَاقِلا، يُفْتِي بِالْبَلَدِ، وَوَلِيَ خَرَاجَ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ صَالِحٌ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا هبة الله الحاسب، أنا أبو الحسن بْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا لُوَيْنُ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ أَبِي وَجْزَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بُنَيَّ ادْنُ وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" 1. أَخْرَجَهُ د. عَنْ لُوَيْنَ. مَاتَ سُلَيْمَانُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ: كَانَ مُحْتَسِبَ الْمَدِينَةِ، أَرَّخَهُ ابْنُ سَعْدٍ. رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ المديني، مات في سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 120- سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ الْقَطَّانُ2. أَبُو داود. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. سَمِعَ: عَلِيَّ بْنَ جُدْعَانَ، وَلُبَابَةَ مَوْلاةَ بَنِي خَلَفٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أبي إسرائيل. 121- سليمان بن عطاء القرشي3 -ق. أبو عمر الحراني. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْبَهْرَانِيِّ، وَمُسْلِمَةَ بن عبد الله الجهني.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "5379"، ومسلم "2022"، وابن ماجه "3267"، وأحمد "4/ 26"، وأوله: $"يا غلام سم الله" ... الحديث. 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 120"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 18"، والثقات لابن حبان "6/ 389"، وميزان الاعتدال "2/ 208". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 133"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 28، 29"، والمجروحين لابن حبان "1/ 329-332"، وتهذيب الكمال "12/ 43، 44". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 79 وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسَرَّحٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 122- سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الزُّهْرِيُّ الكوفي1 -د. أبو داود. عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ، وَمُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ التِّنِّيسِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ مُرَّةُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَلَيَّنَهُ الْعُقَيْلِيُّ. 123- سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ الْبَصْرِيُّ2 -م. د. ت. ن. عن: سليمان التميمي، وعبد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. وَقِيلَ: كَانَ ثَبْتًا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ مُجَوِّدًا لَهُ. 124- سِنَانُ بْنُ هارون البرجمي3 -ت.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 143"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 39"، وتهذيب الكمال "12/ 98، 99"، وميزان الاعتدال "2/ 226". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 291"، والجرح والتعديل "4/ 214، 215"، والثقات لابن حبان "6/ 415". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 387"، والجرح والتعديل "4/ 253"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 166". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 80 أبو بشر الكوفي, أَخُو سَيْفٍ. عَنْ: كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، وَبَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ شَاذَانُ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَلُوَيْنُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصباح الدولابي، وجماعة. ضعفه النسائي. وقال الداراقطني: يُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: سِنَانٌ وَسَيْفٌ ضَعِيفَانِ، وَسِنَانٌ أَعْجَبُهُمَا إِلَيَّ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "يَا أُمَّ حَبِيبَةَ ذَهَبَ حَسَنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"1. 125- سَهْلٌ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ2. أَبُو حَرِيزٍ الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ داود الْحَرَّانِيُّ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ طَالِبٍ، وَحَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَمُؤَمَّلُ بن عبد الرحمن الثقفي، وآخرون. فيه ضعيف. ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ حِبَّانَ، فَرَوَيَا مِنْ وَجْهَيْنِ، عَنْهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "أنه إِذَا اهْتَمَّ أَخَذَ لِحْيَتَهُ فَنَظَرَ فِيهَا". وَرَوَى مُؤَمَّلٌ، عَنْهُ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ رُسْتُمَ الأَيْلِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "يَا عَائِشَةُ رُدِّي عَلِيَّ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ لِفُلانٍ الْيَهُودِيِّ"، فَقَالَتْ: ارفع ضعفيك لا يَحْزُنْكَ ضَعْفُهُ ... يَوْمًا فَتُدْرِكُهُ الْعَوَاقِبُ قَدْ نما   1 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "2/ 671"، وقال: ولا يحفظ إلا من حديث سنان وحديثه غير محفوظ. 2 انظر المجروحين لابن حبان "1/ 348"، والضعفاء لابن عدي "3/ 128"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 241، 242". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 81 يُجْزِيكَ أَوْ يُثْنِي عَلَيْكَ وَإِنَّ مَنْ ... أَثْنَى عليك بما فعلت فقد جزا1 الحديث، وهو منكر. 126- سوار بن مصعب الهمذاني الموفي الضَّرِيرُ2. أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. عَنْ: عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، وَكُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ، وَشَبَّابَةُ، وَأَبُو الجهم الجاهلي، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، كَانَ يَجِيئُنَا إِلَى مَنْزِلِنَا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ فِي نُسْخَةِ أَبِي الْجَهْمِ أَحَادِيثُ مِنْهَا، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "مَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ أَوْ خَاصَمَهُمْ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا جِئْتُ بِهِ"3. 127- سيبويه4. إمام أهل النحو أبو بشير عمرو بن عثمان بن قنبر البصري.   1 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان في المجروحين "1/ 344، 345"، وقال: يروي عن الزهري العجائب. 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 270"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 169"، والمجروحين لابن حبان "1/ 356". 3 "ضعيف جدا": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "3/ 1293"، وفي إسناده سوار صاحب الترجمة والحديث في ضعيف الجامع "7/ 58". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 195-199"، والكامل في التاريخ "6/ 50"، وسير أعلام النبلاء "8/ 311". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 82 أَصْلُهُ فَارِسِيٌّ، طَلَبَ الْفِقْهَ وَالْحَدِيثَ، ثُمَّ طَلَبَ الْعَرَبِيَّةَ فَبَرَعَ فِيهَا وَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ، وَصَنَّفَ فِيهَا كِتَابَهُ الْكَبِيرَ الَّذِي لَمْ يُصَنِّفْ أَحَدٌ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَاسْتَمْلَى عَلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَأَخَذَ كِتَابَ الْجَامِعِ فِي النَّحْوِ عَنْ مُؤَلِّفِهِ عِيسَى بْنِ عُمَرَ. وَأَخَذَ عَنْ: يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ، وَأَبِي الْخَطَّابِ الأَخْفَشِ الْكَبِيرِ، وَصَحِبَ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ مُدَّةً. وَوَفَدَ إِلَى بَغْدَادَ عَلَى يَحْيَى الْبَرْمَكِيِّ، فَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِسَائِيِّ لِلْمُنَاظَرَةِ بِحُضُورِ سَعِيدِ بْنِ مَسْعَدَةَ الأَخْفَشِ، وَالْفَرَّاءِ، وَالأَحْمَرِ. وَجَرَى ذَاكَ الْبَحْثُ الْمَشْهُورُ فِي مَسْأَلَةِ الزُّنْبُورِ1، وَتَعَصَّبُوا لِلْكِسَائِيِّ دُونَهُ، ثُمَّ وَصَلَهُ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ. فَخَرَجَ إِلَى بِلادِ فَارِسٍ فَتُوُفِّيَ بِشِيرَازَ، وَقِيلَ بِسَاوَةَ. وَكَانَ قَدْ سَأَلَ عَمَّنْ يَرْغَبُ فِي النَّحْوِ فَقِيلَ لَهُ طَلْحَةُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْخُزَاعِيُّ الأَمِيرُ فَقَصَدَهُ. وَيُقَالُ كَانَ فِي لِسَانِ سِيبَوَيْهِ حُبْسَةٌ, وَفِي قَلَمِهِ انْطِلاقٌ وَبَرَاعَةٌ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: سُمِّيَ سِيبَوَيْهِ لِأَنَّ وَجْنَتَيْهِ كَانَتَا كَالتُّفَّاحَتَيْنِ، وَكَانَ بَدِيعَ الْجَمَالِ, وَقِيلَ هُوَ لَقَبٌ بِالْفَارِسِيَّةِ مَعْنَاهُ رَائِحَةُ التُّفَّاحِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ سِيبَوَيْهِ يَأْتِي مَجْلِسِي وَلَهُ ذُؤَابَتَانِ فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِعَرَبِيَّتِهِ، فَإِنَّمَا يَعْنِينِي. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَائِشَةَ يَقُولُ: كُنَّا نَجْلِسُ مَعَ سِيبَوَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ شَابًّا جَمِيلا نَظِيفًا قَدْ تَعَلَّقَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ بِسَبَبٍ، وَضَرَبَ بِسَهْمٍ فِي كُلِّ أَدَبٍ، مَعَ حَدَاثَةِ سِنِّهِ، فَهَبَّتِ الرِّيحُ مَرَّةً، فَقَالَ لِبَعْضِ الْجَمَاعَةِ: انْظُرْ أَيَّ رِيحٍ هَذِهِ. وَكَانَ عَلَى المنارة تمثال فرس ونحاس، فَنَظَرَ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: مَا تَثْبُتُ الْفَرَسُ عَلَى شَيْءٍ. فَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الْعَرَبُ تَقُولُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الرِّيحِ: قَدْ تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ، أَيْ فَعَلَتْ فِعْلَ الذِّئْبِ يَجِيءُ مِنْ هَهُنَا وَهَهُنَا ليختل فيظن الناظر أنه عدة ذئاب.   1 انظر في تاريخ بغداد "12/ 104، 105". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 83 وَيُقَالُ إِنَّ سِيبَوَيْهِ لَمَّا احْتَضَرَ وَضَعَ رَأْسَهُ فِي حُجْرِ أَخِيهِ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَدَمَعَتْ عَيْنُ أَخِيهِ، فَأَفَاقَ فَرَآهُ يَبْكِي فَقَالَ: أُخَيَّيْنِ كُنَّا فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا ... إِلَى الْغَايَةِ الْقُصْوَى فَمَنْ يأمر الدَّهْرَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى قَبْرِ سِيبَوَيْهِ بِشِيرَازَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ وَهِيَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَزِيدَ الْعَدَوِيِّ: ذَهَبَ الأَحِبَّةُ بَعْدَ طُولِ تَزَاوُرٍ ... وَنَأَى الْمَزَارُ فَأَسْلَمُوكَ وَأَقْشَعُوا تَرَكُوكَ أَوْحَشَ مَا تَكُونُ بِقَفْرَةٍ ... لَمْ يُؤْنِسُوكَ وَكُرْبَةً لَمْ يَدْفَعُوا قُضِيَ الْقَضَاءُ وَصِرْتَ صَاحِبَ حُفْرةٍ ... عَنْكَ الأَحِبَّةُ أَعْرَضُوا وَتَصَدَّعُوا وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَبْرُهُ بِشِيرَازَ. قِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ أَصَحُّ الأَقْوَالِ وَأَشْهَرُهَا. وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقِيلَ إِنَّ مُدَّةَ عُمْرِهِ كَانَتِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: عَاشَ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكِتَابُهُ مَرْوِيٌّ بِالسَّمَاعِ, رَوَاهُ الإِمَامُ أَبُو حَيَّانَ عَنْ شَيْخِنَا بَهَاءِ الدِّينِ بْنِ النَّحَّاسِ النَّحْوِيِّ، عَنْ عَلَمِ الدِّينِ الْقَاسِمِ الأَنْدَلُسِيِّ، عَنِ الْكِنْدِيِّ. 128- السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ1. هُوَ أَبُو هَاشِمٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رَبَيْعَةَ، وَجَدُّهُ هَذَا هُوَ يَزِيدُ بْنُ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيُّ الشَّاعِرُ. كَانَ السَّيِّدُ هَذَا شَاعِرًا مُحْسِنًا، بَدِيعَ الْقَوْلِ، إِلا أَنَّهُ رَافِضِيٌّ جَلْدٌ2، زَائِغٌ عَنِ الْحَقِّ، لَهُ مَدَائِحُ جَمَّةٌ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وكان مقيمًا بالبصرة، ثم قدم بغداد.   1 انظر تاريخ الطبري "7/ 190"، والكامل في التاريخ "5/ 246"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 40-42". 2 أي شديد التعصب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 84 قَالَ الصُّولِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ جَدَّهُ لَيْسَ هُوَ بِابْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ الْكُوفِيِّ قَالَ رَأَيْتُ السَّيِّدَ الشَّاعِرَ طَوِيلا شَدِيدَ الأَدَمَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: جَمَعْتُ لِلسَّيِّدِ الْحِمْيَرِيِّ أَلْفَيْ قَصِيدَةٍ. قَالَ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ: عَهْدِي بِالسَّيِّدِ حِينَ وَلِيَ الرَّشِيدُ الأَمْرَ، وَقَدْ رُفِعَ إِلَيْهِ أَنَّهُ رَافِضِيٌّ، فَقَامَ ثُمَّ تَنَصَّلَ وَأَنْشَدَهُ قَصِيدَتَهُ هَذِهِ: شَجَاكَ الْحَيُّ إِذَ بَانُوا ... فَدَمْعُ الْعَيْنِ هَتَّانُ كَأَنِّي يَوْمَ ردوا العيـ ... ـس للرحلة نشوان وفوق العيس إذ ولوا ... مهىً حور وغزلان إذا ما قمن فالإعجا ... ز فِي التَّشْبِيهِ كُثْبَانُ وَمَا جَازَ إِلَى الأَعْلَى ... فَأَقْمَارٌ وَأَغْصَانُ مِنْهَا: فَحُبِّي لَكِ إِيمَانٌ ... وَمَيْلِي عَنْكِ كُفْرَانُ فَعَدَّ النَّاسُ ذَا رَفْضَا ... فَلا عدوا ولا كانوا وقد قال له بَشَّارُ بْنُ بُردٍ: لَوْلا أَنَّ اللَّهَ شَغَلَكَ بِمَدْحِ أَهْلِ الْبَيْتِ لافْتَقَرْنَا. وَقِيلَ لِلسَّيِّدِ الْحِمْيَرِيِّ: لِمَ لا تُدْخِلُ شِعْرَكَ الْغَرِيبَ؟ قَالَ ذَاكَ عِيٌّ وَتَكَلُّفٌ، وَقَدْ رَزَقَنِي اللَّهُ طَبْعًا وَاتِّسَاقًا فِي الْكَلامِ، فَأَنَا أَنْظِمُ مَا يَفْهَمُهُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ. وَقِيلَ: كَانَ أَبَوَاهُ يُبْغِضَانِ عَلِيَّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَسَمِعَهُمَا يَسُبَّانَهُ بَعْدَ صَلاةِ الْفَجْرِ بُكْرَةً بِالْبَصْرَةِ، فَانْزَعَجَ وَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ وَالِدَيَّ جَمِيعًا ... ثُمَّ أَصْلاهُمَا عَذَابَ الْجَحِيمِ حَكَّمَا غُدْوَةً كَمَا صَلَّيَا الْفَجْرَ ... بِلَعْنِ الْوَصِيِّ بَابِ الْعُلُومِ لَعَنَا خَيْرَ مَنْ مَشَى فَوْقَ ... ظَهْرِ الأَرْضِ أَوْ طَافَ مُحْرِمًا بِالْحَطِيمِ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 85 كَفَرَا عِنْدَ شَتْمِ آلِ رَسُولِ اللَّهِ ... نَسْلِ الْمُطَهَّرِ الْمَعْصُومِ وَالْوَصِيَّ الَّذِي بِهِ تَثْبُتُ الأَرْضُ ... ولولاه دكدكت كالرميم وكذا آله أولو الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ ... هُدَاةً إِلَى الصِّرَاطِ الْقَوِيمِ وَعَنْهُ قَالَ: كُنْتُ صَبِيًّا فَإِذَا سَمِعْتُ أَبَوَيَّ يَسُبَّانِ عَلِيًّا خَرَجْتُ عَنْهُمَا فَأَبْقَى جَائِعًا، فَإِذَا أَجْهَدَنِي الْجُوعُ جِئْتُ فَأَكَلْتُ, فَلَمَّا كَبُرْتُ قَلَيْلا قُلْتُ الشِّعْرَ، وَخَرَجْتُ عَنْهُمَا فَتَوَعَّدَانِي بِالْقَتْلِ، فَأَتَيْتُ الأَمِيرَ فَكَانَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِي. وَقِيلَ إِنَّ الْمَنْصُورَ اسْتَحَضَرَهُ فَقَالَ: أَنْشِدْنِي قَوْلَكَ فِينَا فِي الْقَصِيدَةِ الْمِيمِيَّةِ الَّتِي أَوَّلُهَا: أَتَعْرِفُ دَارًا عَفَى رسمها، فقال: فدع ذا فِي بَنِي هَاشِمٍ ... فَإِنَّكَ بِاللَّهِ تَسْتَعْصِمُ بَنِي هَاشِمٍ حُبُّكُمْ قُرْبَةٌ ... وَحُبُّكُمُ خَيْرُ مَا نَعْلَمُ بِكُمْ فَتَحَ اللَّهُ بَابَ الْهُدَى ... كَذَاكَ غَدًا بِكُمُ يُخْتَمُ أُلامُ وَأَلْقَى الأَذَى فِيكُمُ ... أَلا لا يني فيكم اللوم وما لي ذَنْبٌ يَعُدُّونَهُ ... سِوَى أَنَّنِي بِكُمْ مُغْرَمُ وَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُمْ مَآثِمِي ... مَا أَثِمَ فِرْعَوْنُ بَلْ أَعْظَمُ فَلا زِلْتُ عِنْدَكُمُ مُرْتَضًى ... كَمَا أَنَا عِنْدَهُمْ مُجْرِمُ جَعَلْتُ ثَنَائِي وَمَدْحِي لَكُمْ ... عَلَى رَغْمِ أَنْفِ الَّذِي يُرْغِمُ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ: مَا أَظُنُّ إِلا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَيَّدَكَ فِي مَدْحِ بَنِي هَاشِمٍ كَمَا أَيَّدَ حَسَّانَ فِي مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ يَرَى رَأْيَ الْكَيْسَانِيَّةِ فِي رَجْعَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الدُّنْيَا، وَهُوَ الْقَائِلُ فِيهِ: بَانَ الشَّبَابُ وَرَقَّ عَظْمِي وَانْحَنَى ... صدر القناة وَشَابَ مِنِّي الْمَفْرِقُ يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لمن لا يُرَى ... وَنَبَا إِلَيْهِ مِنَ الصَّبَابَةِ أَوْلَقُ حَتَّى مَتَى وَإِلَى متى وكم المدى ... يابن الرِّضَى وَأَنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ إِنِّي لَآمُلُ أَنْ أَرَاكَ فَإِنَّنِي ... مِنْ أَنْ أَرَاكَ وَلا أَرَاكَ لأفرق الجزء: 11 ¦ الصفحة: 86 وَيُقَالُ: إِنَّهُ اجْتَمَعَ بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، فَعَرَّفَهُ خَطَأَهُ، وَأَنَّهُ عَلَى ضَلالَةٍ، فَرَجَعَ وَأَنَابَ. وَمِمَّا رُوِيَ وَلَمْ يَصِحَّ، عَنْ جَعْفَرٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّ السَّيِّدَ الْحِمْيَرِيَّ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ، فَقَالَ: إِنْ زَلَّتْ بِهِ قَدَمٌ فَقَدْ ثَبُتَتْ له أخرى. وقيل إنه عِنْدَهُ، فَدَعَا لَهُ، فَقَالُوا: تَدْعُو لَهُ وَهُوَ يَشْرَبُ النَّبِيذَ وَيَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَيُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُحِبِّي آلِ مُحَمَّدٍ لا يَمُوتُونَ إِلا تَائِبِينَ. وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ أَنَّ السَّيِّدَ الْحِمْيَرِيَّ كَانَ يَقُولُ بِتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ. وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ مَوْلِدَهُ كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ، وَمَاتَ، عَلَى الصَّحِيحِ، فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَالْقَوْلُ بِالتَّنَاسُخِ زَنْدَقَةٌ. 129- سَيْفُ بْنُ عمر التميمي الأسيدي1 -ت. ويقال: الضبي الكوفي, صَاحِبُ كِتَابِ الْفُتُوحِ وَكِتَابُ "الرِّدَّةِ" وَغَيْرُ ذَلِكَ. رَوَى عَنْ: جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمر، وطائفة كثيرة من المجاهيل والإخباريين. رَوَى عَنْهُ: النَّضْرُ بْنُ حَمَّادٍ الْعَتَكِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ الْقُطَعِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وآخرون. قال يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حاتم: متروك. وقال أبو داود: ليس بشيء.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 278"، والمجروحين لابن حبان "1/ 345"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 324". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 87 وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: سَيْفُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ يُحَدِّثُ عَنْهُ الْمُحَارِبِيُّ، ضَعِيفٌ. وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سَيْفُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ، وَهُوَ سَاقِطٌ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ. وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. 130- سَيْفُ بْنُ هَارُونَ الْبُرْجُمِيُّ الْكُوفِيُّ1 -ت. ق. الْعَابِدُ، أَخُو سِنَانَ بْنِ هَارُونَ. عَنْ: إِبْرَاهِيمَ الهجري، وإسماعيل بن أبي خالد، وسليمان التميمي، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، وَداود بْنُ رَشِيدٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ مِنْهُ وَكَانَ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابن معين: ضعيف. وقال ابن حبان: يروي عَنِ الأَثْبَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ. وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ مَرْفُوعًا: "مَا سَكَتَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عفا عنه" 2. أخرجه الترمذين وَابْنُ مَاجَهْ, وَهَذَا يَرْوُونَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ مَوْقُوفًا.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 387"، والجرح والتعديل "4/ 276"، والمجروحين لابن حبان "1/ 346". 2 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "1726"، وابن ماجه "3367"، وهو في صحيح الجامع "3195". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 88 "حرف الشين": 131- شريك القاضي1 -خ. ت. 4. م. تبعًا- هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ الله النخعي الكوفي. الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَعْلامِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. رَوَى عَنْ: أَبِي صَخْرَةَ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، وَجَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ، وَخُصَيْفٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَعَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَلَمْ يَرْحَلْ، بَلِ اكْتَفَى بِعِلْمِ أَهْلِ بَلَدِهِ. وَعَنْهُ: أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ. وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَقُتَيْبَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَلُوَيْنُ، وَهَنَّادٌ، وَابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الرَّوَاجِنِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ الْخَطِيبُ: شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ النَّخَعِيُّ الْقَاضِي، أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قُلْتُ: يَعْنِي بِالسِّنِّ، وَلَمْ يَرَهُ. قَالَ: وَسَمِعَ مِنْهُ إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ تِسْعَةَ آلافِ حَدِيثٍ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: شَرِيكٌ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ بَلَدِهِ مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَدْ قِيلَ مِثْلُ هَذَا لابْنِ مَعِينٍ فَقَالَ: لَيْسَ يُقَاسُ بِسُفْيَانَ أَحَدٌ، لَكِنَّ شَرِيكَ أَرْوَى مِنْهُ فِي بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ ثقة.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 78"، والجرح والتعديل "4/ 365-367"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 237"، وتاريخ الطبري "10/ 283". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 89 وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: شَرِيكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي الأَحْوَصِ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: شَرِيكٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي أَبِي إِسْحَاقَ أَوْ إِسْرَائِيلَ؟ فَقَالَ: شَرِيكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ. ذِكْرُ نَسَبِهِ: هُوَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شَرِيكٍ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ, وَقِيلَ: ابْنُ أَبِي شَرِيكٍ سِنَانُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الأَذْهَلِ بْنِ وَهْبِيلِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّخَعِ, وَالنَّخَعُ مِنْ مَذْحِجٍ. شَهِدَ جَدُّهُ أَبُو شَرِيكٍ الْقَادِسِيَّةَ. وَوُلِدَ شَرِيكٌ فِيمَا قِيلَ بِبُخَارَى، وَنَشَأَ بِالْكُوفَةِ. وَسَمَّى الْبُخَارِيُّ جَدَّهُ سِنَانًا، وَسَمَّاهُ أَبُو نُعَيْمٍ حَارِثًا. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: قَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: شريك في الـ"حديث" أَقْوَى مِنْ إِسْرَائِيلَ. قَالَ: وَكَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لا يَرْوِي عَنْ شَرِيكٍ إِلا عَلَى سَبِيلِ الْعِبْرَةِ، كَانَ لا يَرْضَاهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: شَرِيكٌ أَعْلَمُ مِنْ إِسْرَائِيلَ، وَإِسْرَائِيلُ أَقَلُّ خَطَأً مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو داود: شَرِيكٌ ثِقَةٌ، يُخْطِئُ عَلَى الأَعْمَشِ. وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: قَلَّ مَا يُحْتَاجُ إِلَى شَرِيكٍ فِي الأَحَادِيثِ الَّتِي يُحْتَجُّ بِهَا. وَلَمَّا وَلِيَ الْقَضَاءَ اضْطَرَبَ حِفْظُهُ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حنبل عن شريك، فقال: كان عاقلا محدثًا عندي، وكان شَدِيدًا عَلَى أَهْلِ الرِّيَبِ وَالْبِدَعِ، قَدِيمَ السَّمَاعِ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَبْلَ زُهَيْرٍ، وَقَبْلَ إِسْرَائِيلَ. فَقُلْتُ لَهُ: إِسْرَائِيلُ أَثْبَتُ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: يُحْتَجُّ بِهِ؟ قَالَ: لا تَسْأَلْنِي عَنْ رَأْيِي فِي هَذَا. قُلْتُ: فَإِسْرَائِيلُ تَحْتَجُّ بِهِ؟ قَالَ: أَيْ لَعَمْرِي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 90 قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ: شَرِيكٌ سَيِّئُ الْحِفْظِ مُضْطَرِبٌ مَائِلٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَخَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْجَوْهَرِيُّ: أَخْطَأَ شَرِيكٌ فِي أَرْبَعِمِائَةِ حَدِيثٍ. قُلْتُ: لَكِنَّهُ كَانَ مِنْ بُحُورِ الْعِلْمِ، فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ أَبِي عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَشَرَةُ آلافِ حَدِيثِ مَسْأَلَةٍ وَعِنْدَهُ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَشَرَةُ آلافٍ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ شَرِيكًا يَقُولُ: قُدِّمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَوْمَ قُدِّمَ وَهُوَ أَفْضَلُ الْقَوْمِ, وَعَنْ شَرِيكٍ قَالَ: لَوْ أَدْرَكْتُ عَلِيًّا لَقَاتَلْتُ مَعَهُ. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: سَمِعْتُ شَرِيكًا فِي مَجْلِسِ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْن مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالأَشْرَافُ، فَتَذَاكَرُوا النَّبِيذَ، فَرَخَّصَ مُرَخِّصٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ فِيهِ، وَشَدَّدَ الْبَاقُونَ، فَقَالَ شَرِيكٌ: ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، عَنْ عُمَرو بْن مَيْمُونٍ قَالَ: قال عمر: إنا لنأكل هذه الإِبِلِ وَلَيْسَ نُقَطِّعُهَا فِي بُطُونِنَا إِلا بِهَذَا النَّبِيذِ الشَّدِيدِ. فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ، إِنْ هَذَا إلا اختلاف. فقال: أجل، وشغلك الْجُلُوسُ عَلَى الطَّنَافِسِ فِي صُدُورِ الْمَجَالِسِ عَنِ اسْتِمَاعِ هَذَا وَأَمْثَالِهِ. فَلَمْ يُجِبْهُ الْحَسَنُ، وَأَسْكَتَ القوم، فتحدثوا بعد النَّبِيذِ، وَشَرِيكٌ سَاكِتٌ، فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ: حَدِّثْنَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِمَا عِنْدَكَ. فَقَالَ: كَلا. الْحَدِيثُ أَعَزُّ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ أَنْ يُعَرَّضَ لِلتَّكْذِيبِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: شَرِبَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. فَقَالَ قَائِلٌ: بَلَغَنَا أَنَّ سُفْيَانَ تَرَكَهُ. فَقَالَ شَرِيكٌ: أَنَا رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ فِي بَيْتِ خَيْرِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ، مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ. قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أروع فِي عِلْمِهِ مِنْ شَرِيكٍ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 91 وَجَرَى بِحَضْرَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ فِي الْمُذَاكَرَةِ: مَنْ رَجُلُ الأُمَّةِ؟ فَقَالَ: رَجُلُ الأُمَّةِ شَرِيكٌ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: دَعَا الْمَنْصُورُ شَرِيكًا فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَلِّيَكَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ. فَقَالَ: اعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: لَسْتُ أُعْفِيكَ. قَالَ: فَأَنْصَرِفُ يَوْمِي هَذَا وَأَعُودُ، فَيَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ رَأْيَهُ. قَالَ: تُرِيدُ أَنْ تَتَغَيَّبَ، وَلَئِنْ فَعَلْتَ لَأُقْدِمَنَّ عَلَى خَمْسِينَ مِنْ قَوْمِكَ بِمَا تَكْرَهُ. فَوَلاهُ الْقَضَاءَ، فَبَقِيَ إِلَى أَيَّامِ الْمَهْدِيِّ، فَأَقَرَّهُ الْمَهْدِيُّ، ثُمَّ عَزَلَهُ. قَالَ: وَكَانَ شَرِيكٌ مَأْمُونًا، ثِقَةً، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، أُنْكِرَ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالْخَطَأُ. قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: وَمَنْ يُفْلِتُ مِنَ الْخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ. رُبَّمَا رَأَيْتُ شَرِيكًا يخطئ ويصحف حتى أستحيي. وقال يحيى القطان: أَمْلَى عَلِيَّ شَرِيكٌ فَإِذَا هُوَ لا يَدْرِي. يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: أَمَا تَرَى كَثْرَةَ قَوْلِ النَّاسِ فِي شَرِيكٍ؟ يَعْنِي فِي حَمْدِهِ مَعَ كَثْرَةِ خَطَأِهِ وَخَطَلِهِ. قَالَ: اسْكُتْ وَيْلَكَ، أَهْلُ الْكُوفَةِ كُلُّهُمْ مَعَهُ, يَتَعَصَّبُ لِلْعَرَبِ فَهُمْ مَعَهُ، وَيَتَشَيَّعُ لِهَؤُلاءِ الْمَوَالِي الْحَمْقَى، فَهُمْ مَعَهُ. قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: مَا رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِنَا أَشَدَّ تَقَشُّفًا مِنْ شَرِيكٍ, وَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ يَأْخُذُ شَاتَهُ يَذْهَبُ بِهَا إِلَى التَّيَّاسِ، وربما حزرت ثوبيه قبل أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ, وَرُبَّمَا دَخَلْتُ بَيْتَهُ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ إِلا شَاةٌ يَحْلِبُهَا وَمُطَهِّرَةٌ، وَبَارِيَةٌ، وَجَرَّةٌ، فَرُبَّمَا بَلَّ الْخُبْزَ فِي الْمُطَهِّرَةِ فَيُلْقِي إِلَيَّ كُتُبَهُ فَيَقُولُ: اكْتُبْ حَدِيثَ جَدَلٍ وَقِفْ إِذَا أَرَدْتَ. قَالَ يَعْقُوبُ: وَحَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَ شَرِيكٌ يَوْمًا بِهَذَا الْحَدِيثِ: "وُضِعْتُ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتِ الأُمَّةُ في كفة". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 92 فَقَالَ رَجُلٌ لِشَرِيكٍ: فَأَيْنَ كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ؟ قَالَ: كَانَ مَعَ النَّاسِ فِي الْكِفَّةِ الأُخْرَى. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ: قَالَ شَرِيكٌ: قَدِمَ علينا سالم الأفطس، فأتيته ومعي قرطاس في مِائَةُ حَدِيثٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَحَدَّثَنِي بِهَا، وَسُفْيَانُ يَسْمَعُ, فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ لِي سُفْيَانُ: أَرِنِي قِرْطَاسَكَ, فَأَعْطَيْتُهُ، فَخَرَّقَهُ, فَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَاسْتَلْقَيْتُ عَلَى قَفَايَ فَحَفِظْتُ مِنْهَا سَبْعَةً وَتِسْعِينَ، وَحَفِظَهَا سُفْيَانُ كُلُّهَا. ابْنُ عَدِيٍّ: نَا أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، نَا نَصْرُ بْنُ الْمُجَدَّرِ قَالَ: كُنْتُ شَاهِدًا حَيْثُ أُدْخِلَ شَرِيكٌ وَمَعَهُ أَبُو أُمَيَّةَ, وَكَانَ أَبُو أُمَيَّةَ رَفَعَ إِلَى الْمَهْدِيِّ أَنَّ شَرِيكًا حَدَّثَهُ عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ، فَإِذَا زَاغُوا عَنِ الْحَقِّ فَضَعُوا سُيُوفَكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ، ثُمَّ أَبِيدُوا خَضْرَاءَهُمْ"1. فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: أَنْتَ حَدَّثْتَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: لا. فَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَكُلُّ مَالِيَ صَدَقَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَدَّثَنِي. فَقَالَ شَرِيكٌ: عَلَيَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُ حَدَّثْتُهُ. فَكَأَنَّ الْمَهْدِيَّ رَضِيَ، فَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ أَدْهَى الْعَرَبِ، إِنَّمَا يَعْنِي مِثْلَ الَّذِي عَلَيَّ مِنَ الثِّيَابِ, قُلْ لَهُ يَحْلِفُ كَمَا حَلَفْتُ. فَقَالَ: احْلِفْ. قَالَ شَرِيكٌ: قَدْ حَدَّثْتُهُ. فَقَالَ: وَيْلِي عَلَيَّ شَارِبَ الْخَمْرِ، يَعْنِي الأَعْمَشَ، وَذَاكَ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الْمُنَصَّفَ، وَلَوْ عَلِمْتُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ أَحْرَقْتُهُ. قَالَ شَرِيكٌ: لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا، كَانَ رجلا صالحًا.   1 "حديث ضعيف": أخرجه أحمد "5/ 277"، وأبو نعيم في أخبار أصفهان "1/ 124"، والطبراني في الصغير "39"، قال الشيخ الألباني -رحمه الله: لا يصح من قبل إسناده وابن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان فهو منقطع وانظر الضعيفة "1643". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 93 قَالَ: بَلْ زِنْدِيقٌ. قَالَ: لِلزِّنْدِيقِ عَلامَاتٌ بِتَرْكِهِ الْجَمَاعَاتِ، وَجُلُوسِهِ مَعَ الْقِيَانِ1، وَشُرْبِهِ الْخَمْرِ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ. قَالَ: ابْتَلاكَ اللَّهُ بِمُهْجَتِي. قَالَ: أَخْرِجُوهُ. فَأُخْرِجَ، فَجَعَلَ الْحَرَسُ يُشَقِّقُونَ ثِيَابَهُ وَخَرَّقُوا قَلَنْسُوَتَهُ. قَالَ نَصْرٌ: فَقُلْتُ لَهُمْ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ الْمَهْدِيُّ: دَعْهُمْ. أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَلِيمٍ الأَوْدِيُّ: أَنَا أَبِي قَالَ: كَانَ شَرِيكٌ الْقَاضِي لا يَجْلِسُ لِلْحُكْمِ حَتَّى يَتَغَدَّى وَيَشْرَبَ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ نَبِيذًا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُخْرِجُ رُقْعَةً، فَيَنْظُرَ فِيهَا ثُمَّ يَدْعُو بِالْخُصُومِ. وَقِيلَ لابْنِهِ عَنِ الرُّقْعَةِ، فَأَخْرَجَهَا إِلَيْنَا فَإِذَا فِيهَا: يَا شَرِيكٌ! اذْكُرِ الصِّرَاطَ وَحِدَّتَهُ، يَا شَرِيكٌ! اذْكُرِ الْمَوْقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى. قِيلَ: إِنَّ شَرِيكًا دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ فقال: لا بد مِنْ ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تَلِيَ الْقَضَاءَ، أَوْ أَنْ تُؤَدِّبَ وَلَدَيَّ وَتُحَدِّثَهُمْ، أَوْ أَنْ تَأْكُلَ عِنْدِي أَكْلَةً. فَفَكَّرَ سَاعَةً فَقَالَ: الأَكْلَةُ أَخَفُّ عَلِيَّ. فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِعَمَلِ أَلْوَانٍ مِنَ الْمُخِّ الْمَعْقُودِ بِالسُّكَّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, فَأَكَلَ. فَقَالَ الطَّبَّاخُ: لَيْسَ يُفْلِحُ بَعْدَهَا. قَالَ: فَحَدَّثَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلَّمَهُمُ الْعِلْمَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ. وَلَقَدْ كُتِبَ لَهُ بِرِزْقِهِ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ فَضَايَقَهُ فِي النَّقْدِ فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تَبِعْ بِهِ بَزًّا. فَقَالَ شَرِيكٌ: بَلْ وَاللَّهِ، بِعْتُ بِهِ دِينِي. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ أَبَا تَوْبَةَ يَقُولُ: كُنَّا بِالرَّمْلَةِ فَقَالُوا: مَنْ رَجُلُ الأُمَّةِ.   1 أي المغنيات. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 94 فَقَالَ قَوْمٌ: ابْنُ لَهِيعَةَ. وَقَالَ قَوْمٌ: مَالِكٌ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: شَرِيكٌ. قَالَ مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ: قَالَ رَجُلٌ لِشَرِيكٍ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي شَاكِيًا غَيْرَ شَاكِي اللَّهَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ: قَالَ شَرِيكٌ لِبَعْضِ إِخْوَانِهِ: أُكْرِهْتُ عَلَى الْقَضَاءِ. قَالَ: أَفَأُكْرِهْتُ عَلَى أَخْذِ الرِّزْقِ؟ قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْخٍ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ شَرِيكٌ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ، فَخَرَجَ يَتَلَقَّى الْخَيْزُرَانَ، فَبَلَغَ شَاهِيَ، وَأَبْطَأَتْ فَانْتَظَرَهَا ثَلاثًا، وَيَبُسَ خُبْزُهُ، فَجَعَلَ يَبُلُّهُ بِالْمَاءِ وَيَأْكُلُهُ, فَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ الْمِنْهَالِ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي قَدْ قُلْتَ حَقًّا ... بِأَنْ قَدْ أَكْرَهُوكَ عَلَى الْقَضَاءِ فَمَا لَكَ مُوضِعٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ ... تَلَقَّى مَنْ يَحُجُّ مِنَ النِّسَاءِ مُقِيمٌ فِي قُرَى شَاهِي ثَلاثًا ... بِلا زَادٍ سِوَى كِسَرٍ وَمَاءِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ: كَانَتْ أُمُّ شَرِيكٍ خُرَاسَانِيَّةً، فَرَآهَا أَعْرَابِيٌّ وَهِيَ عَلَى حِمَارٍ، وَشَرِيكٌ صَبِيٌّ بَيْنَ يَدَيْهَا فَقَالَ: إِنَّكِ لَتَحْمِلِينَ جَنْدَلَةً مِنَ الْجَنَادِلِ. قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْخٍ: قَالَ مُوسَى بْنُ عِيسَى الأَمِيرُ لِشَرِيكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَزَلُوكَ عَنِ الْقَضَاءِ؟ مَا رَأَيْنَا قَاضِيًا عُزِلَ. قَالَ: هُمُ الْمُلُوكُ يَعْزِلُونَ وَيَخْلَعُونَ وُلاةُ الْعُهُودِ. يُعَرَّضُ أَنَّ أَبَاهُ عُزِلَ. وَلَقِيَ مَرَّةً عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيَّ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَنَالُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَقَالَ شَرِيكٌ: وَاللَّهِ مَا أَتَنَقَّصُ الزُّبَيْرَ، فَكَيْفَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْخٍ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: لَمَّا وُجِّهَ شَرِيكٌ إِلَى قَضَاءِ الأَهْوَازِ جَلَسَ فَجَعَلَ لا يَتَكَلَّمُ حَتَّى قَامَ وَهَرَبَ وَاخْتَفَى. يُقَالُ: اخْتَفَى عِنْدَ الْوَالِي, فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 95 سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ قَالَ: وَكُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْخَبِيثُ اسْتَصْغَرَ قَضَاءَ الأَهْوَازِ. الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بن يزيد: حدثني حمدان ابن الأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ شَرِيكٍ، فَأَتَاهُ ابْنُ الْمَهْدِيِّ، فَاسْتَنَدَ وَسَأَلَ عَنْ حَدِيثٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ شَرِيكٌ، فَأَعَادَ، فَعَادَ، فَقَالَ: كَأَنَّكَ تَسْتَخِفُّ بِأَوْلادِ الْخُلَفَاءِ. قَالَ: لا، وَلَكِنَّ الْعِلْمَ أَزْيَنُ عِنْدَ أَهْلِهِ مِنْ أَنْ يُضَيِّعُوهُ. قَالَ: فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ شَرِيكٌ: هَكَذَا يُطْلَبُ الْعِلْمُ. عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَ: أَثَرٌ فِيهِ بَعْضُ الضَّعْفِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ " ... " عَفَّانَ. قَالَ: وَكَانَ شَرِيكٌ يَخْضِبُ بِالْحُمْرَةِ. وَلِشَرِيكٍ مَنَاقِبُ جَمَّةٌ، وَلَسْنَا نَرَى فِيهِ الْعِصْمَةَ, وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ: مَا وُلِّيتُ الْقَضَاءَ حَتَّى حَلَّتْ لِيَ الْمَيْتَةُ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَنْسِيُّ: نَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ قَالَ: جَاءَ عَتَّابٌ وَآخَرُ إِلَى شَرِيكٍ، فَقَالَ عَتَّابٌ: النَّاسُ يَقُولُونَ إِنَّكَ شَاكٌّ؟ فَقَالَ: يَا أَحْمَقُ! كَيْفَ أَكُونُ شَاكًّا، لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ فَخَضَّبْتُ يَدَيَّ بِسَيْفِي مِنْ دِمَائِهِمْ. قُلْتُ: كَانَ فِي شَرِيكٍ يَسِيرُ تَشَيُّعٍ مَعَ ثَنَائِهِ عَلَى عُثْمَانَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَنْسِيُّ: وَثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن سالم، أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: ذَكَرَ قَوْمٌ مُعَاوِيَةَ عِنْدَ شَرِيكٍ فَنَعَتُوهُ بِالْحِلْمِ فَقَالَ: لَيْسَ بِحَلِيمٍ مَنْ سَفَّهَ الْحَقَّ وَقَاتَلَ عَلِيًّا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ: وَنَا الْحَسَنُ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُولُ: شَهِدَ ابْنُ إِدْرِيسَ بِشَهَادَةٍ عِنْدَ شَرِيكٍ، أَوْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَ بِهِ، فَأُقِيمَ وَدَفَعَ فِي قَفَاهُ، وَقَالَ شَرِيكٌ: مِنْ أَهْلِ بَيْتِ حُمْقٍ مَا عَلِمْتُ. قُلْتُ: هَذَا لَمَّا كَانَ ابْنُ إِدْرِيسَ شَابًّا، ثُمَّ إِنَّهُ طَالَ عُمْرُهُ وَسَادَ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَكَانَتْ فِي شَرِيكٍ قُوَّةُ نَفْسٍ، فَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ شَرِيكٍ، فَظَهَرَ مِنْهُ جَفَاءٌ لِلْمُحَدِّثِينَ انْتَهَرَ بَعْضَهُمْ، فَقَالَ لَهُ شَيْخٌ إِلَى جَنْبِهِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَوْ رَفَقْتَ بهم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 96 قَالَ شَرِيكٌ: النُّبْلُ عَوْنٌ عَلَى الدِّينِ. عَبْدُ الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كان شَرِيكٌ لا يُبَالِي كَيْفَ حَدَّثَ، حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ أَثْبتُ مِنْهُ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ شَرِيكٌ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ ذِي الْقِعْدَةِ, وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ، رَحِمَهُ الله. 132- شعيب بن رزيق المقدسي1 -ت. أبو شيبة. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ دُحَيْمٌ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ وَقَدْ فَرَّقَ الْبُخَارِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ: 133- شُعَيْبُ بْنُ رُزَيْقٍ2 الطَّائِفِيُّ الثَّقَفِيُّ. فَالطَّائِفِيُّ يَرْوِي عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ حَزْنٍ الْكُلَفِيِّ الصَّحَابِيِّ. رَوَى عَنْهُ: شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. قُلْتُ: هُوَ أَقْدَمُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ. مَا هو هو. 134- شعيب بن صفوان الثقفي3 -م. ن. أبو يحيى. عن: أبي هريرة.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 346"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 217"، والثقات لابن حبان "8/ 308"، وتهذيب الكمال "12/ 524، 525". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 345، 346"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 217"، والثقات لابن حبان "4/ 355". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 348"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 223، 224"، والثقات لابن حبان "6/ 440". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 97 وَعَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنُ صُبَيْحٍ الْوَاسِطِيُّ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، وَأَبُو حَسَّانَ الزِّيَادِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ فِي صَحَابَةِ الْمَنْصُورِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَأَمَّا ابْنُ عَدِيٍّ فَقَالَ: عَامَّةُ حَدِيثِهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 135- شهاب بن خراش الواسطي1 -د. هو أبو الصلت ابْنُ أَخِي الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ. سَكَنَ الرَّمْلَةَ، وَرَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْجُمَحِيِّ، ومنصور، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وعدة. وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، وسعيد بن منصور، وسويد بن سعيد، وهشام بن عمار، ويزيد بن موهب الرملي، وقتيبة بن سعيد، وعبد الجبار بن عاصم، وأبو توبة الحلبي، وعلي بن حجر، وعدة. عَبْدُ الله بن أحمد، وأبو يعلى قالا: أنا الحكم بن موسى، أنا شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ رُزَيْقٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنِي شُعَيْبٌ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ فَقَالَ: قَدِمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْنَاكَ لِتَدْعُوَ لَنَا بِخَيْرٍ. فدعا لنا قال: وشهدنا الجمعة، فقام -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا2 الْحَدِيثَ. شِهَابٌ وَثَّقَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وجماعة. وقال عبد الرحمن بن مهدي: لَمْ أَرَ أَحَدًا أَحَسَنَ وَصْفًا لِلسُّنَّةِ مِنْهُ.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 362"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 236"، والمجروحين لابن حبان "1/ 362"، وتاريخ الطبري "4/ 190". 2 أخرجه أحمد "4/ 212". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 98 وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سَنَّةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ حيان: يُخْطِئُ كَثِيرًا وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ كَثِيرَةٌ وَفِي بَعْضِهَا مَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَلا أَعْرِفُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ كَلامًا، يَعْنِي بِالنَّاسِ، وَإِلا فَقَدْ وَثَّقَهُ عِدَّةٌ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: ثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ: لَقِيتُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، فَقَالَ لِي: إِنْ لَمْ تَكُنْ قَدَرِيًّا وَلا مُرْجِئًا حَدَّثْتُكَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُرَيْمِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ شِهَابَ بْنَ خِرَاشٍ يَقُولُ: أَرَادَ الْقَدَرِيَّةُ أَنْ يَصِفُوا اللَّهَ بِعَدْلِهِ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ فَضْلِهِ. 136- شِهَابُ بْنُ شُرْنُفَةَ الْمُجَاشِعِيُّ الْبَصْرِيُّ1. أَحَدُ الْقُرَّاءِ الْكِبَارِ. قَرَأَ عَلَى: هَارُونَ بْنِ مُوسَى الأَعْوَرِ، وَالْمُعَلَّى بْنِ عِيسَى. وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى: أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَهَذَا بَعِيدٌ وَلَكِنَّهُ مُمْكِنٌ وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَمُسْلِمٌ، وَعَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللاحِقِيُّ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: سَلامٌ الطَّوِيلُ، وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَارِبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الأَخْفَشُ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ. عَرَضَ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ خَتْمَةً فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ. وَكَانَ مِنْ سَادَةِ الْقُرَّاءِ الْعُبَّادِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَى عَنِ الْحَسَنِ، وَكَانَ شَيْخَ صِدْقٍ. 137- شَيْطَانُ الطَّاقِ2.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 362"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 236"، وتاريخ الطبري "6/ 569"، وميزان الاعتدال "4/ 362". 2 انظر الفهرست لابن النديم "264"، والعقد الفريد "2/ 465". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 99 هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي طَرِيفَةَ الْبَجَلِيُّ. أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ الْمُتَكَلِّمُ الْمُعْتَزِلِيُّ الشِّيعِيُّ الْمُبْتَدِعُ وَالرَّافِضَةُ تَنْتَحِلُهُ تُسَمِّيهِ مُؤْمِنُ الطَّاقِ. كَانَ صَيْرفِيًّا بِالْكُوفَةِ بِطَاقِ الْمَحَامِلِ اخْتَلَفَ هُوَ وَصَيْرَفِيٌّ فِي نَقْدِ دِرْهَمٍ، فَغَلَبَهُ هَذَا وَقَالَ: أَنَا شَيْطَانُ الطَّاقِ، فَلَزِمَتْهُ. وَقِيلَ: إِنَّ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ الرَّافِضِيَّ الْمُجَسِّمَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُؤْمِنِ الطَّاقِ وَقَدْ دَخَلَ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ، وَقَعَدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ وَمَعَهُمْ سُفْيَانُ، وَأَبُو حنيفة، وقد أشعر الناس حروري بحجابه، فَلَمَّا رَأَى أَبُو حَنِيفَةَ مُؤْمِنَ الطَّاقَ ضَحِكَ وَقَالَ: هَذَا رَأْسُ الشِّيعَةِ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَقُومَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَامَا، وَقَامَ مَعَهُمَا سُفْيَانُ، فَنَاظَرَهُمْ مُؤْمِنُ الطَّاقِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَنْتَ لا يَقُومُ لَكَ مُنَاظِرٌ وَقَالا: هَذَا شَيْطَانُ الطَّاقِ. وَقِيلَ: إِنَّ لَهُ شِعْرًا كَثِيرًا وَتَصَانِيفَ. قِيلَ لِبَشَّارٍ: مَا أَشْعَرَكَ قَالَ: أَشْعَرَ مِنِّي مُؤْمِنُ الطَّاقِ فِي قَوْلِهِ، وَذَكَرَ لَهْ أَبْيَاتًا حَسَنَةً فَقُلْتُ هَذَا مِنْ تَارِيخِ ابْنِ أَبِي طَيٍّ الرَّافِضِيِّ. وَقَالَ الْجَاحِظُ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ النَّظَّامِ وَبِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أنهما قَالا لِشَيْطَانِ الطَّاقِ: وَيْحَكَ، اتَّقَيْتَ اللَّهَ أَنْ تَقُولَ فِي كِتَابِ الإِمَامَةِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ قَطُّ فِي الْقُرْآنِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] فَضَحِكَ طَوِيلا حَتَّى كَأَنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَذْنَبْنَا. قُلْتُ: إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَنْهُ دَلَّتْ عَلَى زَنْدَقَتِهِ، قَاتَلَهُ اللَّهُ. "حرف الصَّادِ": 138- صَالِحٌ الْمُرِّيُّ1 -ت. هُوَ وَاعِظُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، أَبُو بِشْرٍ صَالِحُ بْنُ بَشِيرٍ الْبَصْرِيُّ، القاص، الزاهد، الخاشع.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 281"، والجرح والتعديل "4/ 395"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 273". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 100 رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ، وَأَبي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَثَابِتٍ، وَعَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَطَائِفَةٍ. وعنه: عفان، ومسلم بن إبراهيم بْنُ الْحَجَّاجِ النِّيلِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو داود: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَلابْنِ مَعِينٍ فِيهِ قَوْلانِ، فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ عَفَّانُ: ذُكِرَ عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ صَالِحٌ الْمُرِّيٌّ، فِي حَدِيثٍ، عَنْ ثَابِتٍ، فَقَالَ كَذِبٌ قَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي صَالِحٍ الْمُرِّيِّ كَبِيرُ رَأْيٍ قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: رَوَى خَمْسَةٌ عَنْ يَحْيَى تَلْيِينَ صالح المري، وما ضَعْفِهِ نِزَاعٌ إِنَّمَا الْخِلافُ، هَلْ يُتْرَكُ حَدِيثُهُ، أَوْ لا؟ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: صَالِحٌ قَاصٌّ، حَسَنُ الصَّوْتِ، وَعَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مُنْكَرَاتٌ يُنْكِرُهَا الأَئِمَّةُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيثٍ، وَإِنَّمَا أُتِيَ مِنْ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِالأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ وَعِنْدِي أَنَّهُ لا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ، بَلْ يَغْلَطُ شَيْئًا. وَقِيلَ: كَانَ صَالِحٌ مَوْلًى لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي مُرَّةَ. قَالَ الْبُرْجُلانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ: سَمِعْتُ صالحًَا يَقُولُ: لِلْبُكَاءِ دَوَاعٍ: الْفِكْرَةُ فِي الذُّنُوبِ، فَإِنْ أَجَابَتْ عَلَى ذَلِكَ الْقُلُوبُ وَإِلا نَقَلْتَهَا إِلَى الْمَوْقِفِ وَتِلْكَ الشَّدَائِدِ وَالأَهْوَالِ، فَإِنْ أَجَابَتْ وَإِلا فَاعْرِضْ عَلَيْهَا التَّقَلُّبَ بَيْنَ أَطْبَاقِ النِّيرَانِ ثُمَّ إِنَّهُ صَاحَ وَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَضَجَّ النَّاسُ. قَالَ عُثْمَانُ: كَانَ شَدِيدَ الْخَوْفِ لِلَّهِ، كَأَنَّهُ ثَكْلَى إِذَا قَصَّ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ كَثْرَةَ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ بالتخزين يقال: إنه أول من قرأ بالبصرة بالتخزين. قَالَ: وَقَالَ إِنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ صَالِحٍ مَاتَ مِنْهَا. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 101 وَيُقَالُ: إِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ لَمَّا دَخَلَ الْبَصْرَةَ وَاخْتَفَى عِنْدَ مَرْحُومٍ الْعَطَّارِ، فَقَالَ لَهُ مَرْحُومٌ: هَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ قَاصًّا عِنْدَنَا؟ فَأَتَاهُ عَلَى نَكْرَةٍ عَلَى أَنَّهُ كَأَحَدِ الْقُصَّاصِ، فَلَمَّا سمع كلامه وتلاوته وسمعته يَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلانٌ، وَحَدَّثَنِي فُلانٌ، قَالَ لِمَرْحُومٍ: تَقُولُ هَذَا قَاصٌّ؛ إِنَّمَا هَذَا نَذِيرٌ، وَأُعْجِبَ بِهِ. وَقَالَ عَفَّانُ: كُنَّا نَحْضُرُ مَجْلِسَ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، وَكَانَ إِذَا قَصَّ كَأَنَّهُ رَجُلٌ مَذْكُورٌ يُفْزِعُكَ أَمْرُهُ مِنْ حُزْنِهِ وَكَثْرَةِ بُكَائِهِ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: شَهِدْتُ صَالِحًا الْمُرِّيَّ عَزَّى رَجُلا فِي ابْنِهِ فَقَالَ: لَئِنْ كَانَتْ مُصِيبَتُكَ بِابْنِكَ لَمْ تُحْدِثْ لَكَ مَوْعِظَةً فِي نَفْسِكَ، فَمُصِيبَتُكَ بِابْنِكَ جَلَلٌ فِي مُصِيبَتُكَ بِنَفْسِكَ، فَإِيَّاهَا فَابْكِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ، عَنِ اللَّبَّانِ إِجَازَةً، أنا أبو علي، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ، نَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ بَشِيرٍ أَبُو بِشْرٍ الْمُرِّيُّ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَرْبَعُ خِصَالٍ: واحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وَبَيْنَ عِبَادِي، وَوَاحِدَةٌ لِي، وَوَاحِدَةٌ لَكَ فَأَمَّا الَّتِي لِي فَتَعْبُدْنِي لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا، وَأَمَّا الَّتِي لَكَ فَمَا عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ جَزَيْتُكَ بِهِ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَمِنْكَ الدُّعَاءُ وَعَلِيَّ الإِجَابَةُ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِبَادِي تَرْضَى لَهُمْ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ1. تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ, وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا. تُوُفِّيَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ست، والأول أصح. 139- صدقة بن خالد2 -خ. د. ن. ق. أبو العباس القرشي الدمشقي، مولى بني أمية.   1 "حديث إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "4/ 1380"، وفي إسناده صالح المري صاحب الترجمة. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 469"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 295، 296"، والجرح والتعديل "4/ 430، 431". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 102 قرأ القرآن على يحيى الذماري. وروى عن: عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاتِكَةِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَزَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ. وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي مَنَاقِبِ الصِّدِّيقِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: هُوَ أَوْثَقُ مِنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَصَدَقَةَ بْنِ يَزِيدَ. وَقَالَ هِشَامُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سَنَةٍ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 140- صَدَقَةُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ1. أَبُو شُعْبَةَ الشَّعْبَانِيُّ. حَدَّثَ بِالرَّمْلَةِ عَنْ: عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ. وَعَنْهُ: ضَمْرَةُ بْنُ رَبَيْعَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، ويحيى بن سليمان الجعفي. قال أبو زرعة: لا بَأْسَ بِهِ. 141- صَعْصَعَةُ بْنُ سَلامٍ الْفَقِيهُ2. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيُّ، نَزِيلُ الأَنْدَلُسِ وَمُفْتِيهَا. يَرْوِي عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ, قَالَ ابْنُ الْفَرَضِيِّ فِي "تَارِيخِهِ": كَانَتِ الْفُتْيَا دَائِرَةً عَلَيْهِ بِالأَنْدَلُسِ فِي دولة عبد الرحمن بن   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 434"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 295"، والثقات لابن حبان "8/ 319". 2 انظر العبر "1/ 309"، والوافي بالوفيات "16/ 308، 309". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 103 مُعَاوِيَةَ، وَصَدْرٍ مِنْ أَيَّامِ ابْنِهِ هِشَامٍ. وَوُلِّيَ الصَّلاةَ بِقُرْطُبَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ. قُلْتُ: اخْتُلِفَ فِي تَارِيخِ وَفَاتِهِ، وَقِيلَ: اسْمُهُ صَعْصَعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَدْخَلَ الْحَدِيثَ الأَنْدَلُسِيَّ قُلْتُ: بَلْ كَانَ قَبْلَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ فِي طَبَقَةِ شُيُوخِهِ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ ومائة، فالله أعلم. والثاني أَوْلَى. 142- الصَّلْتُ بْنُ الْحَجَّاجِ1. أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ. وعنه: يحيى الْقَطَّانِ، وَنُوحُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَآخَرُونَ, لَهُ مَنَاكِيرُ أَوْرَدَهَا ابْنُ عَدِيٍّ. "حرف الطَّاءِ": 143- طُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجَعْفَرِيُّ الْعَامِرِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وعمر بْنِ بَيَانِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَشِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَهَذَا أَكْبَرُ شَيْخٍ لِسَعِيدٍ. وَلَعَلَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ السَّبْعِينَ ومائة.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 440"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 303، 304"، والثقات لابن حبان "6/ 471". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 496"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 361"، والثقات لابن حبان "6/ 492"، وتهذيب الكمال "13/ 383-385". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 104 وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ. 144- طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ الشَّامِيُّ ثُمَّ الرَّقِّيُّ1 -ق. عَنْ: يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، وَعُقَيْلٍ الأَيْلِيِّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَبُرْدِ بْنِ سِنَانٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَّةُ، وَهُمَا مِنْ أَسْنَانِهِ، وَعِيسَى غُنْجَارٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كان يضع الحديث. وقاتل البخاري، منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ فِي تَارِيخِهِ: آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيُّ. قُلْتُ: لَهُ فِي سُنَنِ الْقَزْوِينِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. وَمِنْ بَلايَاهُ: نَا أَبُو يَعْلَى، نَا شَيْبَانُ، نَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عَبَيْدَةَ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْكَبْخَارَانِيِّ، عَنْ جَابِرٍ: قَال النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِيَنْهَضْ كُلُّ رَجُلٍ إِلَى كُفْؤِهِ". وَنَهَضَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى عُثْمَانَ فَاعْتَنَقَهُ، وَقَالَ: "أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ"2. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا أَسْلَمُ بْنُ سَهْلٍ، نَا أَحْمَدُ بن محمد بن ماهان، نا أَبُو حَنِيفَةَ، نَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُبْرِمَنَّ أَحَدُكُمْ أَمْرًا مِنْ أَمْرِ دين ولا دنيا حتى يشاور"3.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 479"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 351"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1427"، وتهذيب الكمال "13/ 395". 2 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "4/ 1428"، وابن حبان في المجروحين "1/ 384"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 "إسناده ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "2/ 226"، وقال: ليس له أصل من حديث الزهري ولا غيره. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 105 145- طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عياش الزرقي المدني1 -خ. د. ن. ق. شَيْخٌ صَدُوقٌ مُعَمَّرٌ. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، وَعَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الضَّحَّاكِ النَّيْسَابُورِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 146- طُلَيْبُ بْنُ كَامِلٍ2. أَبُو خَالِدٍ اللَّخْمِيُّ الْفَقِيهُ الْمِصْرِيُّ، مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَلَقَبُهُ طُلَيْبٌ. تَفَقَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مُدَّةً، وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَلَمْ يَطُلْ عُمْرُهُ. "حرف الْعَيْنِ": 147- عَاصِمُ بْنُ الْعَلاءِ بْنُ مُغِيثٍ3. أَبُو اللَّيْثِ الْخَوْلانِيُّ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ, قَاضِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. رَوَى شيئًا يسيرًا.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 328"، والجرح والتعديل "4/ 482"، والثقات لابن حبان "8/ 325"، وتهذيب الكمال "13/ 444". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 208"، والوافي بالوفيات "16/ 494"، وحسن المحاضرة "1/ 135". 3 انظر الولاة، والقضاة "317". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 106 حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ. مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. 148- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَافٍ الْيَمَامِيُّ1. أَبُو مُحَمَّدٍ. وَيُقَالُ: عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، يُنْسَبُ إِلَى الْجَدِّ. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالنَّضْرِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَعَنْهُ: الْعَقَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ التَّلِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَبُسْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 149- عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ2. أَبُو مَعْمَرٍ الْبَصْرِيُّ التَّمِيمِيُّ. قَدْ مَرَّ. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسُلَمِيٍّ رَاعِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ: كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَفَرِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ لا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا صَحِيحًا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. ثُمَّ قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، نَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَابَطَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً سَلِمَ وَغَنِمَ، فَإِذَا مَاتَ جَعَلَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ أَخْضَرَ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ". الحديث.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 329"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 458"، وميزان الاعتدال "2/ 361". 2 تقدمت ترجمته. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 107 وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا جَبْرُونُ بْنُ عِيسَى بِمِصْرَ، نَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ نَادَى اللَّهُ رِضْوَانَ أَنْ زَيِّنِ الْجِنَانَ لِلصَّائِمِينَ وَالْقَائِمِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ". الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَفِيهِ: "إِنَّ للَّهِ مَلَكًا رَأْسُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَرِجْلاهُ فِي التُّخُومِ، أَحَدُ جَنَاحَيْهِ مِنْ يَاقُوتٍ، وَالآخَرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ، يُنَادِي كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ: هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ"؟ 1 وَسَرَدَ حَدِيثًا طَوِيلا مُنْكَرًا. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: وَلَهُ عَنْ أَنَسٍ مَنَاكِيرَ كَثِيرَةٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ عَنْ أَنَسٍ نُسْخَةٌ أَكْثَرُهَا مَوْضُوعَةٌ ثَنَا بِهَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، نَا غَالِبُ بْنُ وَزِيرٍ الْقَزِّيُّ، ثَنَا الْمُؤَمِّلُ الثَّقَفِيُّ، عَنْهُ. مِنْهَا: "أُمَّتِي خَمسُ طَبَقَاتٍ، كُلُّ طَبَقَةٍ أربعين عامًا"2 ... الحديث. 150- عبثر بن القاسم3 -ع. أبو زبيد الكوفي الزبيدي. عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ إبراهيم الموصلي؟ وخلف البزاز، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ مَوْتًا أَبُو حُصَيْنٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ. ذَكَرَهُ أَبُو داود وَقَالَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ: أَنَا عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ محمد، إجازةً، أنا أحمد بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَضْلِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا محلم بن إسماعيل، أنبا الخليل   1 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 138"، وانظر كلام العلماء على صاحب الترجمة. 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 170، 171"، والحديث في ضعيف الجامع "1279/ 389". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 382"، والجرح والتعديل "7/ 43، 44"، والثقات لابن حبان "7/ 307". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 108 ابن أَحْمَدَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين"1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ الْقَزْوِينِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلا بِعُلُوِّ دَرَجَتَيْنِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. وَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي يَعْلَى، وَيُقَالُ: هُوَ ابْنُ سِيرِينَ. وَأَشْعَثُ هُوَ ابْنُ سَوَّارٍ. تُوُفِّيَ عَبْثَرُ سَنَةَ ثمان وسبعين وَمِائَةٍ. 151- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ السَّعْدِيُّ2 -ت. ق. مَوْلاهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ، ثُمَّ الْبَصْرِيُّ, وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَدَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَداود بْنُ رُشَيْدٍ، وَبُسْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ. قَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: ضَعِيفٌ. سَمِعْتُ أَبَا داود يَقُولُ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَأَتَيْتُهُ أَنَا وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ فَقُلْنَا: سَمِعْتَ مِنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ شَيْئًا؟ فَقَالَ: لا. فَقُلْنَا: سَمِعْتَ مِنَ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَحَدَّثَنَا عَنْهُ بِأَحَادِيثَ قَلِيلَةٍ, ثم خرج   1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "8/ 7"، وابن ماجه "1757"، والحديث في ضعيف الترمذي وابن ماجه. 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 22، 23"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 62"، والمجروحين لابن حبان "2/ 14"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1493". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 109 فَعَادَ إِلَيْنَا فَقَالَ: ثَنَا ضَمْرَةُ. وَحَدَّثَ عَنِ الْعَلاءِ بِأَكْثَرِ مِنْ مِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كان وكيع إذا أتى عَلَى حَدِيثٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَجِزْ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ مَرَّةً، عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي حَدِيثِ الشَّيْخِ مَا فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَأْتِي بِالأَخْبَارِ مَقْلُوبَةً حتى كأنها معمولة. قال: وقد سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ: سَلُوا غَيْرِي. فَقَالُوا: سَأَلْنَاكَ. فَأَطْرَقَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: هَذَا هُوَ الدِّينُ، أَبِي ضَعِيفٌ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "الدِّيكُ الأَبْيَضُ صَدِيقِي وَصَدِيقُ صَدِيقِي وَعَدُوُّ عَدُوِّي". ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ أَحَادِيثَ سَاقِطَةً. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ بِالْبَصْرَةِ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةٍ. عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "إِذَا دَعَوْتُمْ لِأَحَدٍ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَقُولُوا: أَكْثَرَ اللَّهُ مَالَكَ وَوَلَدَكَ"1. 152- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ2. أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَثَوْرِ بن يزيد، وطبقتهم.   1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "4/ 1495". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 41"، والتاريخ الكبير "5/ 74"، والمجروحين "2/ 21، 22"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1456". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 110 وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَمُوسَى بْنُ داود، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ سَعْدَوَيْهِ. وَوَهَّاهُ النَّاسُ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يَصِحُّ حَدِيثُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً. 153- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعُمَرِيُّ1 -ت. ن. مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ فَقَطْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ الْمَهْدِيِّ، والقعنبي، وَأَبُو الْجَمَاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ. وَثَّقَهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 154- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ الوحاظي الحمصي2 -خ. د. ن. أبو يوسف. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الأَلْهَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أبي عبلة، ومحمد بن الزبيدي، وجماعة.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 265"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 94"، والمجروحين لابن حبان "2/ 10"، وتهذيب الكمال "14/ 535-538". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 76"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 112"، وتهذيب الكمال "14/ 549"، وميزان الاعتدال "2/ 426". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 111 وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْبَلَ فِي عَقْلِهِ وَمُرُوءَتِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ. وَذَمَّهُ أَبُو داود وَقَالَ: كَانَ يَقُولُ: عَلِيٌّ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: يَعْنِي في نقله، أما في رأيه ففيه بَأْسٌ شَدِيدٌ. وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ التِّنِّيسِيُّ: مَا رَأَيْتُ بِالشَّامِ مِثْلَهُ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ. 155- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -ق. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، والزهري، وأبي طُوَالَةَ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَذُؤَيْبُ بْنُ عِمَامَةَ، وَطَائِفَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وغيره. وقال أبو زرعة: ليس. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ، فَكَانَ يَقْلِبُ الأَسَانِيدَ وَهُوَ لا يَعْلَمُ، فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ. وَرُبَّمَا أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 156- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ2 -ت. ن. ق. صَدِيقُ شُعْبَةَ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن قاسم، إسماعيل بن أبي خالد.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 103"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 140"، والمجروحين لابن حبان "2/ 8"، وتهذيب الكمال "15/ 238". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 112"، وتهذيب الكمال "15/ 288"، وتهذيب التهذيب "5/ 317، 318". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 112 وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَيَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ. صَدُوقٌ. 157- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عرادة السدوسي1 -ق. أبو شيبان البصري. عَنْ: زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَداود بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ أَخُو الْقَعْنَبِيِّ، وَسُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَدَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عامة ما يرويه لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 158- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقَيْلٍ الثَّقَفِيُّ2 -ع. أبو عقيل، مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ, نَزِيلُ بَغْدَادَ. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُوسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيِّ، ويزيد بن سنان الجزري، وعدة. وعنه: أبو النضر هاشم، وعاصم بن علي، وشريح بن النعمان، وآخرون. وثقه أحمد، وابن معين. 159- عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب3 -ع. م. مُتَابَعَةً - أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 13"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 166"، والمجروحين لابن حبان "2/ 8"، وتهذيب الكمال "15/ 294-296". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 125"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 158"، والثقات لابن حبان "8/ 344". 3 انظر الطبقات لابن سعد "9/ 367"، والجرح والتعديل "5/ 109، 110"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1459". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 113 أَحَدُ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ، وَهُوَ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَاصِمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ. رَوَى عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَوُهَيْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَأَخِيهِ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا عَالِمًا خَيِّرًا صَالِحَ الْحَدِيثِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صُوَيْلِحٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى لا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَقَالَ أَيْضًا: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَجُلا صَالِحًا, كَانَ يُسْأَلُ فِي حَيَاةِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَدِيثِ فَيَقُولُ: أَمَّا وَأَبُو عُثْمَانَ حَيٌّ فَلا، يُرِيدُ عُبَيْدَ اللَّهِ. قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَزِيدُ فِي الأَسَانِيدِ وَيُخَالِفُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" 1. وَبِهِ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ". قُلْتُ: وَرَوَى ق. عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءَ كَانُوا يَجْمَعُونَ. وَبِهِ. ق. مَرْفُوعًا قَالَ: "لا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلالَ2. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْبَرِّ الهمذاني، أَنَا أَبُو الْخَيْرِ الْبَاغِبَانُ، أَنَا أَبُو عَمْرِو   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2230"، والبغوي في شرح السنة "12/ 128". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "1/ 226"، والدارقطني "142"، والبيهقي "7/ 168"، وفي إسناده عبد الله بن عمر وهو العمري المكبر وهو ضعيف. انظر الضعيفة "385". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 114 ابن مَنْدَهْ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَيْوَةَ، أَنَا أَحْمَدُ بن محمد اللبناني، نَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، نَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، نَا مُوسَى بْنُ هِلالٍ: ثَنَا عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من زار قبري فقد وجبت له شفاعتي"1. تفرد بن مُوسَى. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يَصِحُّ حَدِيثُهُ وَلا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. ثَنَا مُطَيَّنٌ، نَا جعفر بن الْبُزُورِيُّ، نَا مُوسَى بْنُ هِلالٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا ابْنُ رُوزْبَةَ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الأَنْصَارِيُّ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْعَالِي، نَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ نَا ابْنُ نَاجِيَةَ، نَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، نَا مُوسَى بْنُ هِلالٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي"2. وَرَوَاهُ الْقَاضِي الْمَحَامِلِيُّ، عَنْ عُبَيْدٍ مِثْلَهُ, وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ, وَفِي الْبَابِ الأَخْبَارِ اللَّيِّنَةِ مِمَّا يُقَوِّي بَعْضُهُ بَعْضًا، لِأَنَّ مَا فِي رُوَاتِهَا مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ أَجْوَدِهَا إِسْنَادًا مَا صَحَّ عَنْ وَكِيعٍ، نَا ابْنُ عَوْنٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَأَسْوَدَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ أَبِي وَزْعَةَ، عَنْ حَاطِبٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي"3. وَقَالَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنِي سَوَّارُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَبْدِيُّ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ زَارَ قَبْرِي -أَوْ قَالَ: مَنْ زَارَنِي كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا"4. الْحَدِيثَ.   1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "6/ 2350"، وفي إسناده صاحب الترجمة وله طريق آخر عند البزار كما عزاه الهيثمي في المجمع "4/ 2"، وقال: وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري وهو ضعيف. 2 "حديث منكر": قال الشوكاني في فوائده "326"، رواه الدارقطني والبيهقي وابن النجار والعقيلي وابن عدي وحكم عليه ابن تيمية بالوضع. 3 "حديث ضعيف": أخرجه البيهقي في شعب الإيمان "3/ 488". 4 "إسناده ضعيف": فيه راو مجهول لم يسم, وقد تقدم الكلام في رقم "1" ونقلنا كلام الشوكاني على الحديث. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 115 وقد أفردت أحاديث الزيادة فِي جُزْءٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لا يَبْلُغُ حَدِيثُهُ دَرَجَةَ الصِّحَّةِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا بَأْسَ بِهِ فِي رِوَايَاتِهِ وَلا يَلْحَقُ أَخَاهُ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 160- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَوَكِيعٌ، وَإِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بأس بِهِ. 161- عَبْد اللَّه بن فروخ2 -د. أبو محمد الفارسي ثم المغربي, فَقِيهُ الْقَيْرَوَانِ وَزَاهِدُهَا. وُلِدَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ بِالأَنْدَلُسِ، ثُمَّ رَحَلَ وَأَخَذَ عَنِ: الأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَزَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ, وَتَفَقَّهَ مُدَّةً بِمَالِكٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَاسْتَوْطَنَ الْقَيْرَوَانَ، وَتَعَلَّمَ بِهِ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِهَا, وَكَانَ صَالِحًا وَرِعًا قَوَّالا بِالْحَقِّ، لا يَهَابُ الْمُلُوكَ فِي نَهْيِهِمْ عَنِ الظُّلْمِ, وَكَانَ كَثِيرَ التَّهَجُّدِ وَالتَّأَلُّهِ. قِيلَ: إِنَّ رَوْحَ بْنَ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيَّ قَالَ لابْنِ فَرُّوخٍ: إِنَّكَ تَرَى الْخُرُوجَ عَلَيْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَغَضِبَ مِنْهُ، فَقَالَ ابْنُ فَرُّوخٍ: وَذَلِكَ مَعَ ثَلاثِمِائَةٍ وَسَبَعَةِ عَشَرَ عِدَّةُ أَصْحَابِ بَدْرٍ، كُلُّهُمْ أَفْضَلُ مِنِّي. فَقَالَ رَوْحٌ: أَمَّنَّاكَ مِنْ أَنْ تخرج أبدًا.   1 انظره في الجرح والتعديل "5/ 119". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 137"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 169، 170"، والثقات لابن حبان "8/ 335"، والضعفاء لابن عدي "4/ 515". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 116 ثُمَّ أَلْزَمَهُ بِالْقَضَاءِ وَأَقْعَدَهُ فِي الْجَامِعِ، وَأَمَرَ الْخُصُومَ أَنْ يَأْتُوهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: ارْحَمُونِي رَحِمَكُمُ اللَّهُ. ثُمَّ أَعْفَاهُ بَعْدُ، وَاسْتَقْضَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَانِمٍ، فَكَانَ يُشَاوِرُ ابْنَ فَرُّوخٍ في أموره فقال: يابن أخي لم أَقْبَلُهَا وَزِيرًا؟ فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ خَرَجَ ابْنُ فَرُّوخٍ إِلَى مِصْرَ، فَمَاتَ بِهَا. وَكَانَ يَرَى الْخُرُوجَ وَالسَّيْفَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مِصْرَ رَجَعَ عَنْ هَذَا الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: قَدِمَ مِصْرَ فَسَمِعَ مِنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بن طارق. قلت: وهشام بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، وَخَلادُ بْنُ هِلالٍ التَّمِيمِيُّ. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ فِي الْغَيْلانِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْهُ. قَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ يَقُولُ: هُوَ أَرْضَى أَهْلِ الأَرْضِ عِنْدِي. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تُعْرَفُ مِنْهُ وَتُنْكَرُ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ، مَاتَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْحَجِّ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 162- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كُرْزٍ الْفِهْرِيُّ1. أَبُو كُرْزٍ. عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. وَقَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ الْمَوْصِلِ. ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 145"، والمجروحين لابن حبان "2/ 17، 18"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 457". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 117 وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لا يُعْرَفُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ كُرْزٍ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 163- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ قَرْعَانَ1 -د. ت. ق. م. تَبَعًا. عَالِمُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَقَاضِيهَا وَمُفْتِيهَا وَمُحَدِّثُهَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعطاء بن أَبِي رَبَاحٍ، وَمِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، وَأَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَأَبِي الأَسْوَدَ يَتِيمُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَمِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَمِنَ الْكِبَارِ: الأَوْزَاعِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَشُعْبَةُ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. قَالَ أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: مَا كَانَ مُحَدِّثُ مِصْرَ إِلا ابْنَ لَهِيعَةَ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: احْتَرَقَ مَنْزِلُ ابْنِ لَهِيعَةَ وَكُتُبُهُ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَيْضًا: مَنْ كَانَ بِمِصْرَ مِثْلَ ابْنِ لَهِيعَةَ فِي كَثْرَةِ حَدِيثِهِ وَضَبْطِهِ وَإِتْقَانِهِ؟ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى أَنَهُ لَقِيَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَأَنَّ كُتُبَهُ احْتَرَقَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ فَقَالَ: لَمْ يَحْتَرِقْ لَهُ كِتَابٌ، وَكَانَ سَيِّئَ الرَّأْيِ فِيهِ، فَكَأَنَّهُ احْتَرَقَتْ بَعْضُ كُتُبِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: كَانَ ابْنُ لَهِيعَةَ صَحِيحَ الْكِتَابِ طَلابًا للعلم.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 516"، والجرح والتعديل "2/ 145-148"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 182، 183"، وتهذيب الكمال "15/ 487-503". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 118 وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: كَانَ عِنْدَ ابْنِ لَهِيعَةَ الأُصُولُ، وَعِنْدَنَا الْفُرُوعُ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ: احْتَرَقَتْ لَهُ كُتُبٌ مَعَ دَارِهِ وَسَلِمَتْ أُصُولُهُ، أَنَا كَتَبْتُ كِتَابَ عَمَّارِ بْنِ غَزِيَّةَ مِنْ أَصْلِهِ. قُلْتُ: ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَغَيْرُهُ، وَسَائِرُ النُّقَّادِ عَلَى أَنَّهُ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ لَهِيعَةَ كِتَابًا، فَإِذَا فِيهِ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبِ. فَقَرَأْتُهُ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَأَخْرَجَ إِلَيَّ كِتَابَهُ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، فَإِذَا فِيهِ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيُّ. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينِ: ضَعِيفَ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعِ الْقُدَمَاءِ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ فَقَالَ: أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ سَوَاءٌ، إِلا أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ وابن وهب كانا يتبعان أُصُولَهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ يَقُولُ: حَضَرْتُ ابْنَ لَهِيعَةَ فِي آخر عمره، وقوم من البربر يقرءون عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ. قَالَ: بَلَى، هَذِهِ أَحَادِيثُ قَدْ مَرَّتْ عَلَى مَسْمَعِي. فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ ابْنُ لَهِيعَةَ لا يَضْبُطُ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: ذَكَرَ النَّسَائِيُّ يَوْمًا ابْنَ لَهِيعَةَ فَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: مَا أَخْرَجْتُ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَهُوَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الحارث، عن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 119 ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ: "فِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ" 1. أَنَا بِهِ هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، نَا مُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْهُ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: ابْنُ لَهِيعَةَ لا يُوقَفُ عَلَى حَدِيثِهِ، وَلا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ، وَلا يُعْتَدَّ بِهِ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ: إِنَّهُ كَانَ لا يَرَى ابْنَ لَهِيعَةَ شَيْئًا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَوْ تَمَّتِ الْبَقَرَةُ ثَلاثَمِائَةِ آيَةٍ لَتَكَلَّمَتْ"2. قَالَ الْمَيْمُونِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ ابْنَ لَهِيعَةَ فَقَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ احْتَرَقَتْ كُتُبُهُ، فَكَانَ يُؤْتَى بِكُتُبِ النَّاسِ فَيَقْرَأُهَا. أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: نَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: قَالَ لِي ابْنُ وَهْبٍ، وَرَآنِي لا أَكْتُبُ حَدِيثَ ابْنِ لَهِيعَةٍ: إِنِّي لَسْتُ كَغَيْرِي فِي ابْنِ لَهِيعَةَ، فَاكْتُبْهَا. وَعَنْ أَبِي الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: يُكْتَبُ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ مَا كَانَ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ ابْنُ لَهِيعَةَ شَيْخًا صَالِحًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ عَنِ الضُّعَفَاءِ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ، ثُمَّ احْتَرَقَتْ كُتُبُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ: سَمَاعُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ مِثْلَ الْعَبَادِلَةِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، فَسَمَاعُهُمْ صَحِيحٌ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ، فَسَمَاعُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ لَهِيعَةَ مِنَ الْكَتَّابِينَ لِلْحَدِيثِ، وَالْجَمَّاعِينَ لِلْعِلْمِ، والرحالين فيه.   1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "1402"، والترمذي "578"، وابن ماجه "3786"، والحاكم في المستدرك "1/ 222، 2/ 390"، والبيهقي "2/ 317"، والبغوي في شرح السنة "3/ 304"، وصححه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على سنن الترمذي. 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات وقال: حديث موضوع لا عفا الله عمن وضعه لأنه قصد عيب الإسلام بهذا، قال أحمد: كان يعقوب من الكذابين على الثقات. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 120 وَلَقَدْ حَدَّثَنِي شَكَرٌ، نَا يُوسُفُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ: كَانَ ابْنُ لهيعة يكنى أبا خريطة وذاك أنه كان لَهُ خَرِيطَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي عُنُقِهِ، فَكَانَ يَدُورُ بِمِصْرَ، فَكُلَّمَا قَدِمَ قَوْمٌ كَانَ يَدُورُ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ إِذَا رَأَى شَيْخًا سَأَلَهُ: مَنْ لَقِيتَ؟ وَعَمَّنْ كَتَبْتَ؟ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ قَاضِي مِصْرَ قَالَ: أَنَا حَمَلْتُ رِسَالَةَ اللَّيْثِ إِلَى مَالِكٍ, فَجَعَلَ مَالِكٌ يَسْأَلُنِي عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَأُخْبِرُهُ بِحَالِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَلَيْسَ يَذْكُرُ الْحَجَّ؟ فَسَبَقَ إِلَى قَلْبِي أَنَّهُ يُرِيدُ مُشَافَهَتَهُ وَالسَّمَاعَ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَدْ سَمِعْتُ أَخْبَارَ ابْنَ لَهِيعَةَ مِنْ رواية المتقدمين والمتأخرين فرأيت التخطيط عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَوْجُودًا، وَمَا لا أَصْلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَثِيرًا. فَرَجَعْتُ إِلَى الاعْتِبَارِ، فَرَأَيْتُهُ يُدَلِّسُ عَنْ قَوْمٍ ضُعَفَاءَ عَلَى قَوْمٍ رَآهُمُ ابْنُ لَهِيعَةَ ثِقَاتٌ، فَأَلْزَقَ تِلْكَ الْمَوْضُوعَاتِ بِهِمْ. قَالَ قُتَيْبَةُ: لَمَّا احْتَرَقَتْ كُتُبُ ابْنِ لَهِيعَةَ بَعَثَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ. وَقَالَ: حَضَرْتُ مَوْتَ ابْنَ لَهِيعَةَ، فَسَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ: مَا خَلَّفَ مِثْلَهُ. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ يَقُولُ: جَاءَ قَوْمٌ وَمَعَهُمْ جُزْءٌ فَقَالُوا: سَمِعْنَاهُ مِنَ ابْنِ لَهِيعَةَ، فَنَظَرْتُ فِيهِ فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ مِنْ حَدِيثِهِ، فَقُمْتُ إِلَى ابْنِ لَهِيعَةَ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ بِهِمْ؟ يَجِيئُونَ بِكِتَابٍ فَيَقُولُونَ: هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ، فَأُحَدِّثُهُمْ بِهِ. قُلْتُ: وَلِيَ ابْنُ لَهِيعَةَ قَضَاءَ مِصْرَ لِلْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَبَقِيَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَرُزِقَ فِي الشَّهْرِ ثَلاثِينَ دِينَارًا. وَقَدْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَرَّةً: حَدَّثَنِي وَاللَّهِ الصَّادِقُ الْبَارُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ. قُلْتُ: وَمَنَاكِيرُهُ جَمَّةٌ، وَمِنْ أَرْدَئِهَا: كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، أَنَّ حُيَيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن الحلبي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي مَرَضِهِ: "ادْعُوا لِي أَخِي". فَدَعُوا أَبَا بَكْرٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ, ثُمَّ قَالَ: "ادْعُوا لِي أَخِي". فَدَعَوْا لَهُ عُمَرَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ عُثْمَانَ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: "ادْعُوا لِي أَخِي". فَدَعَوْا لَهُ عَلِيًّا، فَسَتَرَهُ بِثَوْبِهِ وَانْكَبَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا خَرَجَ قِيلَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ! مَاذَا قَالَ لك؟ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 121 قَالَ: عَلَّمَنِي أَلْفَ بَابٍ، يَفْتَحُ كُلُّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ1. رَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّ الْبَلاءَ فِيهِ مِنَ ابْنِ لَهِيعَةَ، فَإِنَّهُ مُفْرِطٌ فِي التَّشَيُّعِ. كَذَا قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ. وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَبْلَهُ رَمَاهُ بِالتَّشَيُّعِ. وَكَامِلُ الْجَحْدَرِيُّ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ؛ وقال ابن حَنْبَلٍ: مَا عَلِمْتُ أَحَدًا يَدْفَعُهُ بِحُجَّةٍ، فَقَدْ قَالَ فِيهِ أَبُو داود: رَمَيْتُ بِكُتُبِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ, فَلَعَلَّ الْبَلاءَ مِنْ كَامِلٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ وَقَعَ لِي غَيْرُ حديث من عوالي ابن لهيعة. وقال يُونُسَ: مَاتَ فِي نِصْفِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَوُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 164- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بن النضر الأنصاري2 البصري. -خ. ت. ق- أبو المثنى. عَنْ: عَمِّهِ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُسدَّدٌ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو داود: لا أُخَرِّجُ أحاديثه.   1 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 14". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 177"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 208"، والمجروحين لابن حبان "1/ 259". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 122 وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى أَكْثَرِ حَدِيثِهِ. وَقَالَ التَّبُوذَكِيُّ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَتَيْنِ بِعَظِيمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 165- عبد الله بن محمد1 -د. أبو يحيى الأسلمي سحبل، أَخُو الْفَقِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَوْثَقَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ. رَوَى عَنْ: سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَأَبِيهِ، وَعَمِّهِ أُنَيْسٍ، وَبُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَأَخُوهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْقَعْنَبِيُّ، وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، فِيمَا قِيلَ، وَطَالَ عُمْرُهُ وَتَأَخَّرَ عَنْ أَخِيهِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو داود. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَرْوِي عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ. وَقَدْ وَهِمَ ابْنُ حِبَّانَ فِي سننه فَقَالَ: عَاشَ سَبْعًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. قَالَ: وَمَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 166- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسْلِمٍ الرَّقَاشِيُّ2. عَنْ: جَدِّهِ. وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَمُسدَّدٌ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ البخاري، وأبو حاتم: في حديثه نظر.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 420"، والجرح والتعديل "5/ 156"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 188". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 157"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 189"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1548"، وتهذيب الكمال "2/ 736". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 123 167- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدَبٍ الْهُذَلِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَأَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 168- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ2. أَبُو لَيْلَى، وَيُقَالُ: أَبُو إِسْحَاقَ. وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ الْجَلِيلِ الْحَارِثِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَعِلْبَاءِ بْنِ أَحْمَرَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَرَّةَ، وَمَزْيَدَةَ بْنِ جَابِرٍ، وَأَبِي جَرِيرٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي بْنِ أَنَسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ. رَوَى عَنْهُ: هُشَيْمٌ وَكَانَ لا يُفْصِحُ بِاسْمِهِ، وَوَكِيعٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَمُسْلِمٌ، وأحمد بن يونس، وسعدويه، وأبو إسحاق بْنُ الطَّبَّاعِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالنَّاسُ. 169- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْيَمَامِيُّ3 -خ. م. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُسدَّدٌ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ: كَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ وَأَهْلِ الْوَرَعِ وَالدِّينِ, مَا رَأَيْتُ بِالْيَمَامَةِ خَيْرًا مِنْهُ. رَوَى لَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن أكل أذني القلب"4.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 165"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 191"، والثقات لابن حبان "7/ 51"، وتهذيب الكمال "2/ 741". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 177، 178"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 207"، والثقات لابن حبان "8/ 333"، وتهذيب الكمال "2/ 747". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 556"، والجرح والتعديل "5/ 203"، والثقات لابن حبان "8/ 334"، وتهذيب الكمال "2/ 754". 4 أخرجه ابن عدي في الضعفاء "4/ 1531". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 124 قُلْتُ: قَلَّ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ. 170- عَبْدُ الله بن يحيى بن سليمان الثقفي1 -ق. أبو يعقوب البصري المعروف بالتوءم. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَخَلَفٌ الْبَزَّارُ، وَقُتَيْبَةُ، وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهِ لِينٌ. 171- عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي هُنَيْدَةَ الصَّيْرَفِيُّ الْمِصْرِيُّ. يُكَنَّى أَبَا رَجَاءٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ، وَابْنِ هُبَيْرةَ السَّبَأَيِّ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ بَعْدَ السَّبْعِينَ وَمِائَةٍ. 172- عَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ أَعْيَنَ2. مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ, قَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَغَيْرُهُمَا. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 173- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلالِيُّ الكوفي3 -ت- أبو عمر. نَزِيلُ الرِّيِّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي التَّيَّاحِ يَزِيدَ الضُّبَعِيِّ، وَأَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بن أبي وحشية.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 204"، والثقات لابن حبان "7/ 57"، وتهذيب الكمال "2/ 754"، وميزان الاعتدال "2/ 525". 2 تقدم ترجمته. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 11"، والمجروحين لابن حبان "2/ 142"، والضعفاء لابن عدي"5/ 1958"، وتهذيب الكمال "2/ 766". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 125 وعنه: هشام عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَدَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْجُرَشِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ. وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. 174- عَبْدُ الْحَمِيدِ بن سليمان1 -ت. ق. أبو عمر المدني، أَخُو فُلَيْحٍ. عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَلُوَيْنُ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ. وَكَانَ ضَرِيرًا سَكَنَ بَغْدَادَ. قَالَ عباس، عن ابن معين: ليس بشيء. 175- عبد الرَّحْمَنِ بْنُ جَرِيرٍ2. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي الْحُوَيْرِثِ. وَعَنْهُ: نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ, وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ الدَّعَّاءُ، وَغَيْرُهُمَا. لا أَعْرِفُهُ بَعْدُ. 176- عَبْدُ الرحمن بن أبي الزناد3 -ع. أبو محمد المدني, أحد أوعية العلم.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 14"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 52"، وتهذيب الكمال "2/ 766"، وميزان الاعتدال "2/ 541". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 221". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 415، 416"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 300"، والجرح والتعديل "5/ 252"، وتاريخ الطبري "10/ 319". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 126 سَمِعَ: أَبَاهُ، وَسُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ، وَمُوسَى بْنَ عُقْبَةَ، وَعَمْرَو بْنَ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، وَهِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، وَطَبَقَتَهُمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَابْنُ معين. وقال ابن سعيد: كَانَ فَقِيهًا مُفْتِيًا. وَقَالَ الْخَطِيبُ: رَوَى عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمانِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ داود الْهَاشِمِيُّ، وَداود بْنُ عمرو الضبي. انتقل من مدينة فَنَزَلَ بَغْدَادَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: مَا حَدَّثَ بِالْمَدِينَةِ فَصَحِيحٌ، وَمَا حَدَّثَ بِبَغْدَادَ أَفْسَدَهُ الْبَغْدَادِيُّونَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْفَلاسُ: فِيهِ ضَعْفٌ، كَانَ يَحْيَى، وَابْنُ مَهْدِيٍّ لا يَرْوِيَانِ عَنْهُ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قال: هو كذا وكذا، يَعْنِي يُلَيِّنُهُ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَغْدَادِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: إِنِّي لأَعْجَبُ مِمَّنْ يَعُدُّ فِي الْمُحَدِّثِينَ فُلَيْحَ، وَابْنَ أَبِي الزِّنَادِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينِ: ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَفُلَيْحٌ، وَابْنُ عُقَيْلٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِمْ. قُلْتُ: أَمَّا فُلَيْحٌ فَاحْتَجَّ بِهِ صَاحِبُ الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِمَّنْ يَنْفَرِدُ بِالْمَقْلُوبَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ, وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ حِفْظِهِ وكثرة خطئه, فَلا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ إِلا فِيمَا وَافَقَ الثِّقَاتِ، فَهُوَ صَادِقٌ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ أَبِي جعفر القارئ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 127 ثُمَّ رَوَى الْحُرُوفَ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ. وَرَوَى عَنْهُ الْحُرُوفَ: حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ. وَسَمِعَ مِنْهُ: عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْكِسَائِيُّ، وَابْنُ وَهْبٍ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ بِالْحَافِظِ عِنْدَهُمْ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 177- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: عكرمة، والشعبي. وعنه: محمد بن سعيد الإصبهاني، ومحمد بن سليمان بن الأَصْبَهَانِيُّ أَقَارِبُهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو داود: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَوى إِسْحَاقُ الْكَوْسَجُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، ثِقَةٌ. 178- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ2 -خ. م. ن. ت. أبو سليمان الأنصاري الأوسي، وَقِيلَ لِجَدِّهِمُ: الْغَسِيلُ لِأَنَّهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ جُنُبٌ، فَغَسَّلَتْهُ الْمَلائِكَةُ. رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن سعد السَّاعِدِيَّ. وَرَوَى عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَأُسَيْدِ بْنِ عَلِيِّ، وَالْمُنْذِرِ وَالزُّبَيْرِ ابْنَيْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بن قتادة، وغيرهم.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 239"، وتهذيب الكمال "2/ 801"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 568". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 239"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 289"، والثقات لابن حبان "5/ 85"، والمجروحين وكلاهما لابن حبان "2/ 57". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 128 وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَسْعُودِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: صُوَيْلِحٌ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ، وَيُوسُفَ بْنُ عَالِيَةَ قَالَ: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ الْبَنَّا، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَلِيُّ بْنُ السَّرِيِّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ الْبَغَوِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَارِثِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ وَالِدَيَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمَا شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، الصَّلاةُ عَلَيْهِمَا وَالاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لا رَحِمَ لَكَ إِلا مِنْ قِبَلِهِمَا، فَهَذَا بَقِيَ عَلَيْكَ" 1. وَهَذَا حَدِيثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، رَوَاهُ د. ق. مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْغَسِيلِ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "كِتَابِ الأَدَبِ" لَهُ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْهُ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا، وَللَّهِ الْحَمْدُ. مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، عَنْ نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ. 189- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ العريان الحارثي البصري2. أبو الحسن. عن: أبي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَالأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَعُبَيْدُ الله القواريري.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري في الأدب "35"، وأبو داود "5142"، وابن ماجه "3664"، وأحمد "3/ 497"، والحاكم في المستدرك "4/ 155". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 271"، والثقات لابن شاهين "215". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 129 قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 180- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْن هِشَامِ بْن عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي1. الأَمِيرُ الأُمَوِيُّ الْمَرْوَانِيُّ الدَّاخِلُ إِلَى الأَنْدَلُسِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَمَلَّكَ الأَنْدَلُسَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ هَرَبَ وَانْفَلَتَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ عِنْدَ اسْتِيلائِهِمْ، وَأَبْعَدَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَرَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْدَلُسِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلَ لَمَّا سَارَ هَارِبًا مِنْ مِصْرَ صَارَ إِلَى أَرْضِ بَرْقَةَ، فَأَقَامَ بِهَا خَمْسَ سِنِينَ، ثُمَّ رَحَلَ مِنْهَا يُرِيدُ الأَنْدَلُسَ، فَدَخَلَ بَدْرٌ مَوْلاهُ يَتَجَسَّسُ عَنِ الأَخْبَارِ، فَقَالَ لِلْمُضَرِيَّةِ: لَوْ وَجَدْتُمْ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الخلافة أكنتم تبايعونه؟ قالوا: وكيف لنا بذلك؟ فَقَالَ بَدْرٌ: هَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ فائتوه فَبَايَعُوهُ، فَوُلِّيَ عَلَيْهِمْ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ وُلِّيَ ابْنُهُ مِنْ بَعْدِهِ. قَالَ: وَدُخُولُهُ الأَنْدَلُسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَ يُوسُفُ الْفِهْرِيُّ أَوَّلَ مَنْ قَطَعَ الدَّعْوَةَ عَنْهُمْ، وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُ يَدْعُونَ لِوَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْخِلافَةِ، فَأَبْطَلَ يُوسُفُ ذَلِكَ وَدَعَا لِنَفْسِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّاخِلُ إِلَى الأَنْدَلُسِ قَاتَلَ يُوسُفَ وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلادِ. قُلْتُ: وَبَقِيَ مُلْكُ الأَنْدَلُسِ بِأَيْدِي أَوْلادِهِ إِلَى رَأْسِ الأَرْبَعِمِائَةِ، وَبَلَغَنَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُعَاوِيَةَ لَمَّا توجه إلى يوسف الفهري عدا إِلَى الْجَزِيرَةِ فَنَزَلَهَا، فَاتَّبَعَهُ أَهْلُهَا، فَمَضَى فِي عَسْكَرٍ إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ، فَأَطَاعَهُ أَهْلُهَا، ثُمَّ مَضَى إِلَى قُرْطُبَةَ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، فَكَانَ كُلَّمَا قَصَدَ مَدِينَةً بَايَعُوهُ. فَلَمَّا رَأَى يُوسُفُ الْعَسَاكِرَ قَدْ أَظَلَّتْهُ هَرَبَ إِلَى دَارِ الشِّرْكِ، فَتَحَصَّنَ هُنَاكَ، فَغَزَاهُ فِيمَا بَعْدُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّاخِلُ، فَوَقَعَتْ نَفْرَةٌ فِي عَسْكَرِهِ فَانْهَزَمَ، وَرَجَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مُظَفَّرًا مَنْصُورًا، وَجَعَلَ لِمَنْ يَأْتِيهِ بِرَأْسِ يُوسُفَ مَالا، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ خَاصَّةِ يُوسُفَ بِرَأْسِهِ.   1 انظر العقد الفريد "4/ 488، 489"، وسير أعلام النبلاء "8/ 217-225"، ومرآة الجنان "1/ 368". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 130 قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيُّ: وُلِدَ الأَمِيرُ أَبُو الْمُطَرِّفِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِالشَّامِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، فَقَامَتْ مَعَهُ الْيَمَانِيَّةُ، وحارب يوسف عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيَّ مُتَوَلِّي الأَنْدَلُسِ، فَهَزَمَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَى قُرْطُبَةَ يَوْمَ النَّحْرِ مِنَ الْعَامِ، وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، قَالَهُ لَنَا مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى سِيرَةٍ جَمِيلَةٍ مِنَ العدل، ومن قضائه مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ. قَالَ أَبُو المظفر الأَبِيوَرْدِيُّ: كَانُوا يَقُولُونَ مَلَكَ الدُّنْيَا ابْنَا بَرْبَرِيَّتَيْنِ، يَعْنُونَ الْمَنْصُورَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُعَاوِيَةَ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ إِذَا ذُكِرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ذَاكَ صَقْرُ قُرَيْشٍ، دَخَلَ الْمَغْرِبَ وَقَدْ قُتِلَ قَوْمُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُ الْعَدْنَانِيَّةَ بِالْقَحْطَانِيَّةِ حَتَّى تَمَلَّكَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ: أَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي بِلادِهِ "يَدْعُو" بِالْخِلافَةِ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ أَعْوَامًا، ثُمَّ تَرَكَ الْخُطْبَةَ. وَقِيلَ لَمَّا تَوَطَّدَ مُلْكُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَارَتْ إِلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَأَكْرَمَ مَوْرِدَهُمْ وَادَّبَّرَ أَرْزَاقَهُمْ، وَلَمْ يَهْجُهُ بَنُو الْعَبَّاسِ، وَلا هُوَ تَعَرَّضَ لَهُمْ، بَلْ قَنَعَ بِإِقْلِيمِ الأَنْدَلُسِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ اللُّغَوِيُّ الَّذِي تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ: كَانَ بِقُرْطُبَةَ جَنَّةٌ اتَّخَذَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ فِيهَا نَخْلَةٌ أَدْرَكْتُهَا، وَمِنْهَا تَوَلَّدَتْ كُلُّ نَخْلَةٍ بِالأَنْدَلُسِ. قَالَ: وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ: يَا نَخْلُ أَنْتِ غَرِيبَةٌ مِثْلِي ... فِي الْغَرْبِ نَائِيَةٌ عَنِ الأَصْلِ فَابْكِي وَهَلْ تَبْكِي مُكَيَّسَةٌ ... عَجْمَاءُ لَمْ تُطْبَعْ عَلَى خَيْلِ لَوْ أَنَّهَا تَبْكِي إِذًا لَبَكَتْ ... مَاءَ الْفُرَاتِ وَمَنْبِتَ النَّخْلِ لَكِنَّهَا ذَهَلَتْ وَأَذْهَلَنِي ... بُغْضِي بَنِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَهْلِي وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا: أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُيَمِّمُ أَرْضِي ... أَقْرِ مِنْ بَعْضِي السَّلامَ لِبَعْضِي الجزء: 11 ¦ الصفحة: 131 إِنَّ جِسْمِي كَمَا عَلِمْتَ بِأَرْضٍ ... وَفُؤَادِي وَمَالِكِيهِ بأرض قدر البين بيننا فافترقنا ... وطوى الببين عَنْ جُفُونِيَ غَمْضِي وَقَضَى اللَّهُ بِالْفِرَاقِ عَلَيْنَا ... فَعَسَى بِاجْتِمَاعِنَا اللَّهُ يَقْضِي تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُهُ هِشَامٌ. 181- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ الْمَدَنِيُّ1 -خ. ع. مَوْلَى آلِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ لا اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وقتيبة بن سعيد، وآخرون. قال ابن خداش: صدوق. وقد قدمنا أَنَّ الْمَنْصُورَ آذَاهُ وَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا لِيَدُلَّهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَسَجَنَهُ مُدَّةً، وَكَانَ مِنْ شِيعَتِهِمْ. قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أحمد بن حنبل، عن ابن أَبِي الْمَوَالِ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَكَانَ مَحْبُوسًا فِي الْمُطَبَّقِ حِينَ هَرَبَ. وَيَرْوِي حَدِيثَ الاسْتِخَارَةِ، لَيْسَ يَرْوِيهِ غَيْرُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَهُ "ابْنُ عَدِيٍّ". قَالَ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: إِذَا كَانَ حَدِيثَ غَلَطِ: ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ. وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ: ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ، يُحِيلُونَ عَلَيْهِمَا. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ الاسْتِخَارَةِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصحابة، كما رواه ابن أبي الموال.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 415"، والجرح والتعديل "5/ 292"، وتاريخ الطبري "7/ 538"، وميزان الاعتدال "2/ 592-594". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 132 قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 182- عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مَكْلَبَةَ الْبَيْرُوتِيُّ1. عَنْ: ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَاتَ كَهْلا وَلَمْ يُلَيَّنْ. 183- عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْيَمَانِيُّ2. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ وَهْبِ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَطَاوُسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَخُوهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هَمَّامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ قَدْ عَمَّرَ وَأَظُنُّهُ مَاتَ أَيَّامَ هُشَيْمٍ. قُلْتُ: مَعَ ثِقَتِهِ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أَحَدٌ. 184- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عِمْرَانُ3. المني الأعرج. اتصل بيحيى البرمكي. وروى عن: يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، وَأَبُو حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ. وَمَوْتُهُ قَرِيبٌ مِنْ موت مالك.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 47، 48"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 67-77". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 50"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 104"، والثقات لابن حبان "7/ 134"، وميزان الاعتدال "2/ 621". 3 انظر الطبقات لابن سعد "5/ 436"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 29"، والمجروحين لابن حبان "2/ 139، 140". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 133 قَالَ الْبُخَارِيّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَرَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينِ: لَيْسَ بِثِقَةٍ إِنَّمَا كَانَ صَاحِبَ شِعْرٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ نَكْتُبْ عَنْهُ. قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ إِلَى الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَكَأَنَّهُ خَطَأٌ، فَإِنَّ الْحِزَامِيَّ مَا كَتَبَ إِلا بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ بِمُدَّةٍ. وَكَذَا أَحْمَدُ يَقُولُ: لَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ، وَأَحْمَدُ فَإِنَّمَا يَقُولُ هَذَا بَعْدَ الثَّمَانِينَ وَمِائَةٍ. 185- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ التَّرْجُمَانَ1. أَبُو سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ يَمَانٍ الرَّازِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ مُسْلِمٌ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَسَاقَ الأَسْمَاءَ الْحُسْنَى. 186- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الرُّبَيِّعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ2 -م. د.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 380"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 30"، والضعفاء لابن عدي "5/ 1924". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 382"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 20"، والثقات لابن حبان "7/ 110". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 134 عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: وَلَدَاهُ سَبْرَةُ، وَحَرْمَلَةُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ. 187- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَلْمَانَ الرَّاسِبِيُّ الْبَصْرِيُّ1. الزَّاهِدُ الْمُذَكِّرُ، وَكَانَتْ رَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ تُسَمِّيهِ سَيِّدَ الْعَابِدِينَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّاسِبِيِّ: مَا بَقِيَ مِمَّا يُلْتَذُّ بِهِ؟ قال: سرادب أَخْلُو بِهِ. وَفِيهِ حَكَى أَبُو طَاهِرٍ التَّبَّانُ قال: كان عبد العزيز بن سلمان إِذَا ذُكِرَ الْمَوْتُ وَالْقِيَامَةُ صَرَخَ كَمَا تَصْرُخُ الثَّكْلَى، وَيَصْرُخُ الْخَائِفُونَ مِنْ جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ. 188- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ الأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ2 الدَّبَّاغُ -ع. مَوْلَى حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ. رَوَى عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ. وَعَنْهُ: مُسَدَّدٌ، وَيَعْلَى بْنُ أَسَدٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 189- عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيُّ3 -ت. قَاضِي جُرْجَانَ، هَرَبَ مِنَ الْقَضَاءِ وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ. رَوَى عَنْ: ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وسبعين ومائة.   1 انظر حلية الأولياء لأبي نعيم "6/ 243-245"، وصفة الصفوة لابن الجوزي "3/ 377-379". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 393، 394"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 24"، والثقات لابن حبان "7/ 115". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 61"، والثقات لابن حبان "8/ 423"، وتهذيب الكمال "2/ 848"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 646". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 135 190- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطّلب الْعَبَّاسِيُّ1 الأَمِيرُ. وَلِيَ عِنْدَ الرُّومِ، وَكَانَ أَمِيرَ غَزْوَةِ أَقْرِيطِيَّةَ فِي جَيْشٍ لَجْبٍ، فَدَخَلَ مِنْ دَرْبِ الصَّفْصَافِ وَرَجَعَ مَنْصُورًا عَلَى دَرْبِ الْحَدَثِ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ وَحَصَّلُوا مِنَ السَّبْيِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفِ نَسَمَةٍ. 191- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ الأَعْرَجُ2. أَبُو الطَّاهِرِ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ؛ وَلِيَ قَضَاءَ دِيَارِ مِصْرَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الْعُلَمَاءِ، بَصِيرًا بِالأَحْكَامِ، مُتَضَلِّعًا بِمَعْرِفَةِ أَقْوَالِ أَئِمَّةِ الْمَدِينَةِ كَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَرَبَيْعَةَ الرَّأْيِ. حدث عن: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ قَاضِيًا بِهَا لِلرَّشِيدِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وُلِّيَ قَضَاءَ الْجَنْبِ الشَّرْقِيِّ، وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ. وَثَّقَهُ الْخَطِيبُ. 192- عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعدٍ السَّاعِدِيُّ الْمَدَنِيُّ3 -ت. ق.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 145"، وتاريخ خليفة "441، 449". 2 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 323"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 431"، والجرح والتعديل "5/ 369". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 421"، والتاريخ الكبير "6/ 137"، والجرح والتعديل "6/ 67، 68"، والمجروحين لابن حبان "2/ 148". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 136 هُوَ أَخُو أُبَيٍّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَزَوْجَةِ جده هند، وأبي حازم المديني. وعنه: ابنه عَبَّاسٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ الزُّهْرِيِّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ كَاسِبٍ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَآخَرُونَ. لَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحتج بِهِ. 193- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ الْعَبْدِيُّ1 -ع. مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ أَبُو بِشْرٍ، وَقِيلَ أَبُو عُبَيْدَةَ. مِنْ مَشَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ. رَوَى عَنْ: حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، وَكُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، وَالأَعْمَشِ، وَالْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَعَفَّانُ، وَمُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَقَالَ: قَلَّ مَا رَأَيْتُهُ يَطْلُبُ الْعِلْمَ. وَقَالَ أَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ: عَمَدَ عَبْدُ الْوَاحِدِ إِلَى أَحَادِيثَ كَانَ الأَعْمَشُ يُرْسِلُهَا فَوَصَلَهَا كُلَّهَا. وَقَالَ ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما رأيت عبد الواحد يطلب   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 289"، والجرح والتعديل "6/ 20، 21"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 59". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 137 حَدِيثًا قَطُّ بِالْبَصْرَةِ وَلا الْكُوفَةِ، وَكُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلاةِ أُذَاكِرُهُ حَدِيثَ الأَعْمَشِ، لا يَعْرِفُ مِنْهُ حَرْفًا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَالْفَلاسُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ: سَنَةَ سَبْعٍ. 149- عَبْدُ الْوَارِثِ1 -ع. هُوَ الإِمَامُ أَبُو عُبَيْدَةَ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ الْعَنْبَرِيُّ، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ التَّنُّورِيُّ، أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: أَيُّوبَ، وَيَزِيدَ الرِّشْكِ، وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، وَالْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، وَشَعْبَانَ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الصَّمَدِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، وَبِشْرُ بْنُ هِلالٍ الصَّوَّافُ، وَأَبُو مَعْمَرٍ الْمُقْعَدِ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ، وَغَيْرِهِ. وَتَلا عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ أَبُو عُمَرَ الْجَرْمِيُّ: مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا قَطُّ أَفْصَحَ مِنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَفْصَحَ مِنْهُ. قُلْتُ: قَدْ كَانَ عَبْدُ الْوَارِثِ إِمَامًا حُجَّةً مُتَعَبِّدًا، لَكِنَّهُ قَدَرِيٌّ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ. وكان من خواص تلاميذه عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ. قَالَ مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ: قيل لأبي داود الطيالسي: لم لا تُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ؟ قَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ يَوْمًا مِنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ أَكْثَرُ مِنْ عُمْرِ أَيُّوبَ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَيُونُسَ؟ قَالَ الْفَسَوِيُّ: نَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ عَبْدِ الْوَارِثِ فَإِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ ذَهَبْنَا فَلَمْ نُصَلِّ خَلْفَهُ. قَالَ: وَقِيلَ لابْنِ الْمُبَارَكِ: كَيْفَ رَوَيْتَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ وَتَرَكْتَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ؟ قَالَ: إن عمرًا كان داعيًا.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 289"، والجرح والتعديل "6/ 75"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 118". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 138 وَقَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ عَبْدَ الْوَارِثِ قَالَ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ، عَنِ الْخُرُوجِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَمَرَنِي بِهِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ يَحْيَى وَقَالَ: كَانَ شُعْبَةُ لا يَرَى يَوْمَ صِفِّينَ وَلا يَرَى الْخُرُوجَ مَعَ عَلِيٍّ، يَرَى الْخُرُوجَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ؟ وَأَنَا سمعت شعبة يقول: ما أدري أخطئوا أَمْ أَصَابُوا؟. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: لَمْ يَكْتُبْ أَبِي عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ حَرْفًا حَتَّى مَاتَ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ: مَا رَأَيْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ رَوَى عَنْ أَحَدٍ مِنْ مَشَايِخِنَا قَبْلَ مَوْتِهِ، إِلا عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ. قُلْتُ: وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ يَنْهَى عَنِ الأَخْذِ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ لِمَكَانِ الْقَدَرِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ، وَمَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، بَعْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِأَشْهُرٍ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ. هُوَ أَبُو بَكْرٍ، يَأْتِي بِالْكُنْيَةِ. 195- عُبَيْدُ الله بن عمرو1 -ع. أبو وهب الرقي، عالم أهل الجزيرة ومحدثها. روى عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ النَّسَائِيُّ، وَلُوَيْنُ، وَالْعَلاءُ بْنُ هِلالٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةٌ وَرُبَّمَا أَخْطَأَ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُنَازِعُهُ فِي الْفَتْوَى فِي دَهْرِهِ. قُلْتُ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 196- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانِ بْنِ طُغَانَ التركي الخراساني السجزي.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 484"، والجرح والتعديل "5/ 328"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 392"، وتهذيب الكما ل"2/ 887". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 139 الْفَقِيهُ أَبُو الْهَيْثَمَ، شَيْخُ آلِ التُّرْكِ وَجَدُّهُمْ، كَانَ بِنَيْسَابُورَ. كَانَ جَدُّهُ مُتَوَلِّي إِمْرَةَ خُرَاسَانَ وَقَدْ أُدْخِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَهُوَ صَغِيرٌ عَلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَسَمِعَ مِنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَابْنِ إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ زَائِدَةَ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعِيسَى غُنْجَارٌ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ، وَمَا رَأَيْتُ لِأَحَدٍ فِيهِ تَضْعِيفًا. 197- عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ التميمي1 -ق. أبو عبيدة الخزاز، بَصْرِيٌّ وَاهٍ. عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَدَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ السَّرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَثِيرُ الْخَطَأِ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَغَيْرُهُ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. قُلْتُ: لَهُ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: عُبَيْسُ بْنُ ميمون التميمي أَصْلُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، سَكَنَ الْبَصْرَةَ كَانَ مُغَفَّلا يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الأَشْيَاءَ الْمَوْضُوعَاتِ تَوَهُّمًا لا تعمدًا.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 34"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 79"، والمجروحين لابن حبان "2/ 18"، وتهذيب الكمال "2/ 899". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 140 أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ: نَا عُبَيْسٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "أَيَّمَا نَائِحَةٍ مَاتَتْ وَلَمْ تَتُبْ أُلْبِسَتْ سِرْبَالا مِنْ نَارٍ، وَأَقَامَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"1. الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، ثَنَا عُبَيْسٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ مَرْفُوعًا: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ أَنَا يَهُودِيٌّ، فَهُوَ يَهُودِيٌّ، أَوْ قَالَ: أَنَا مَجُوسِيٌّ، فَهُوَ مَجُوسِيٌّ"2. الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ ضَعِيفٌ يَذْهَبُ إِلَى الْقَدَرِ. وَلِعُبَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَقُولُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلا سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ كُلَّهُ"3. 198- عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ الْعَتَكِيُّ4 -خ. م. ن. مَوْلاهُمُ الْمَرْوَزِيُّ، وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ، وَشَاذَانَ. رَوَى عَنْ: شُعْبَةَ، وَكَانَ شَرِيكًا لَهُ وَمُضَارِبَهُ فيما قيل، تفردعنه بِأَشْيَاءَ حَسَنَةٍ. وَرَوَى عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ الْهُنَائِيِّ. وعنه: والده، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَمُصْعَبُ بْنُ بَشِيرٍ الْمَرْوَزِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَأَحَدُ أَرْبَابِ الصَّحِيحِ. قَالَ النُّفَيْلِيُّ كُنَّا مَعَهُ بِالْكُوفَةِ فِي دَرْبٍ، فَدَخَلَ لِيَبُولَ فَأَبْطَأَ، فَنَظَرْنَا فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، رحمه الله.   1 "حديث منكر": أخرجه أبو يعلى في مسنده "4/ 1430"، والعقيلي في الضعفاء "344"، وابن عدي "1/ 320"، وابن حبان في المجروحين "2/ 186"، وفي إسناده عبيس بن ميمون. قال أحمد: أحاديث عبيس أحاديث مناكير وساق له عبد الله أحاديث هذا منها، وللمزيد انظر الضعيفة "2266". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 186"، وفي إسناده عبيس بن ميمون صاحب الترجمة. 3 "حديث منكر": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 250" وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، وأحاديث عبيس أحاديث مناكير. وقال الهيثمي في المجمع "6/ 157": رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبيس بن ميمون وهو متروك. 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 146"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 221، 222"، والثقات لابن حبان "7/ 204". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 141 199- عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ الشَّيْبَانِيُّ الْبَصْرِيُّ الْمُقْرِي1 الرُّهَاوِيُّ -ق. نَزِيلُ بَغْدَادَ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَحَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، وَزَكَرِيَّا بْنِ مَيْسَرَةَ. وَعَنْهُ: بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَشُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو داود، وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 200- عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ2 -ق. أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ، وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنَّمَا تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، فَلْيُحَوَّلْ. 201- الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَابِصَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَرَ بْن مخزوم3 -ت. ن. أَبُو صَفْوَانَ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ. وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ. رَوَى عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو الْيَمَامَةِ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ، له نحو من مائة حديث.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 169"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 253"، وتاريخ الطبري "1/ 189"، والمجروحين لابن حبان "2/ 799". 2 تقدمت ترجمته. 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "9/ 461"، والجرح والتعديل "7/ 32، 33"، والمجروحين لابن حبان "2/ 193". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 142 قُلْتُ: وَلَهُ أَخَوَانِ: الْمِسْوَرُ، وَعَبْدُ اللَّهِ. 202- عَطْوَانُ بْنُ مُشْكَانَ1. أَبُو أَسْمَاءَ الْخَيَّاطُ. يَرْوِي عَنْ: مَوْلاتِهِ جَمْرَةَ الْيَرْبُوعِيَّةِ وَلَهَا صُحْبَةٌ؛ خَرَّجَ حَدِيثَهَا بقي بن مخلد. وعنه: بكر بْنُ الأَسْوَدِ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَأَبُو مَعْمَرَ الْقَطِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَلَهُ فِي "سُدَاسِيَّاتِ الرَّازِيِّ". 203- الْعَلاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرِّيَاحِيُّ2. مَوْلَى قُرَيْشٍ. رَأَى الْحَسَنَ. وَسَمِعَ: أَخَاهُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: مُسَدَّدٌ، وَهُدْبَةُ الْقَيْسِيُّ. ضَعَّفَهُ مُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَمَشَّاهُ غَيْرُهُ. 204- الْعَلاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ وَرْدَانَ الْبَصْرِيُّ3. أَبُو شَيْبَةَ الْحَنَفِيُّ. عن: عطاء بن أبي رَبَاحٍ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو عَاصِمٍ النبيل، والحسن الأَشْيَبِ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ حبان، وما ضعفه غيره.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 41". 2 انظر التاريخ الكبير للبخاري "6/ 516، 517"، والثقات لابن حبان "7/ 267"، وتهذيب الكمال "2/ 1070". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 354"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 516"، والثقات لابن حبان "7/ 268". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 143 205- علي بن أبي سارة الشيباني1 -ن. ويقال الأزدي. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، لَهُ عَنْ: مَكْحُولٍ، وَثَابِتٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَعِدَّةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو داود: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: غَلَبَ على روايته المناكير فاستحق الترك. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ أَخَذَ بِأَحَدِ قَوَائِمِ السَّرِيرِ، يَعْنِي النَّعْشَ، حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً"2. خَرَّجَ لَهُ النَّسَائِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا. 206- عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ كَيْسَانَ3. أَبُو نَوْفَلٍ الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ. عن: قتادة، وعبد الملك بن عمير، وأبي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ هِشَامٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحديث. قلت لم يخرجوا له.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 189"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 278"، والمجروحين لابن حبان "2/ 104"، وتهذيب الكمال "2/ 968". 2 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 104"، انظر كلام ابن حبان على صاحب الترجمة. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 188، 189"، والثقات لابن حبان "7/ 213"، ولسان الميزان "4/ 233". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 144 207- عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ الْعَبَّاسِيُّ الأَمِيرُ1. وَلِيَ نِيَابَةَ الْجَزِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ أَخُو الأَمِيرَيْنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدٍ. 208- عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ الْمُلائِيُّ2 -ت. عَنْ: إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَعُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمُسْلِمٍ الْمُلائِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الفزازي، وَعَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الرَّوَاجِنِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشْكِدَانَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالْجَوْزَجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا. 209- عَلِيُّ بْنُ أبي عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ اللَّهَبِيُّ الْمَدَنِيُّ3. عَنْ: عُمَرَ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَابْنِ عَجْلانَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أبي لهب. وعنه: بقية، وابن أَبِي فُدَيْكٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ. قَالَ الْحُمَيْدِيُّ، وَيَحْيَى الْحَارِثِيّ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عن جابر، مَرْفُوعًا: إِنَّ للَّهِ دِيكًا بَرَاثِنُهُ فِي الأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَعُنُقُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَإِذَا كَانَ هُوِيٌّ   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 129، 143"، وتاريخ خليفة "439"، والكامل في التاريخ "6/ 58، 61". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 197"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 289"، والمجروحين لابن حبان "2/ 104، 105". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 197"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 288"، والمجروحين لابن حبان "2/ 107". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 145 مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، فَعِنْدَهَا تَصِيحُ الدِّيَكَةُ"1. 210- عَلِيُّ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ التَّمِيمِيُّ الْمَكِّيُّ2 -ن. الزَّاهِدُ ابْنُ الزَّاهِدِ. رَوَى عَنْ: عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُوهُ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ. وَكَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُفَضِّلُهُ عَلَى أَبِيهِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْخَوْفِ. وَكَانَ إِذَا سَمِعَ آيَاتِ الْوَعِيدِ يُغْشَى عَلَيْهِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ مِنَ الْوَرَعِ بِمَحَلٍّ عَظِيمٍ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ: قَالَ لِيَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا أَحْسَنَ حَالِ مَنِ انْقَطَعَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَسَمِعَ ذَلِكَ ابْنِي فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. وَقَالَ: أَشْرَفْتُ لَيْلَةً عَلَى ابْنِي وَهُوَ يَقُولُ: النَّارَ، وَحَتَّى الْخَلاصَ مِنَ النَّارِ. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ بُسْرٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ: أَهْدَى لَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ شَاةً، فَكَانَ ابْنِي لا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا، فسألته فَقَالَ: لِأَنَّهَا رَعَتْ بِالْعِرَاقِ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ: بَكَى ابْنِي عَلِيٌّ فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا بُنَيَّ؟ فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ لا تَجْمَعُنَا الْقِيَامَةُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَخْوَفَ للَّهِ مِنَ الْفُضَيْلِ، وَابْنَهُ عَلِيٌّ. قُلْتُ: بَلَغَنَا أَنَّ عَلِيًّا سَمِعَ قَارِئًا يَتْلُو بِصَوْتٍ شَجِيٍّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ} [الأنعام: 70] فَشَهِقَ وَسَقَطَ ميتًا، رحمه الله.   1 "حديث ضعيف جدا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 241"، وقال: ليس في هذا المتن حديث يثبت. 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 464"، وتهذيب الكمال "2/ 988"، وسير أعلام النبلاء "8/ 390"، وتهذيب التهذيب "7/ 373". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 146 وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي الْغَشْيِ عِنْدَ التِّلاوَةِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ: نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُثَنَّى الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَوْمًا: خَيْرُ النَّاسِ الْفُضَيْلُ، وَخَيْرٌ مِنْهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ: يَا أَبَهْ سَلِ الَّذِي وَهَبَنِي لَكَ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَهَبَنِي لَكَ فِي الآخِرَةِ. ثُمَّ بَكَى الْفُضَيْلُ وَقَالَ: كَانَ يُسَاعِدُنِي عَلَى الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ يَا ثَمَرَةَ قَلْبِي، شَكَرَ اللَّهُ لَكَ مَا قَدْ عَلِمَهُ فِيكَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ فُضَيْلٍ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْرَأَ الْقَارِعَةَ وَلا تُقْرأَ عَلَيْهِ. قُلْتُ: لَهُ فِي النَّسَائِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي التَّسْبِيحِ. 211- عُلَيْلَةُ بْنُ بدر البصري1 -ت. ق. أبو العلاء. قيل: اسمه الربيع، وَعُلَيْلَةُ لَقَبُهُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَيُّوبَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ. وعنه: علي بن حجر، وداود بن رشيد، وهشام بن عمار، ولوين؛ وإسحاق بن أبي إسرائيل. وحدث عنه من الكبار: عبد الله بن عون. ضعفه قتيبة، وغيره. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. وروى عباس، عن ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَقْلُوبَاتِ، وعن الضعفاء الموضوعات.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 455"، والتاريخ الكبير "3/ 279"، والمجروحين لابن حبان "1/ 297"، والضعفاء لابن عدي "3/ 988-992". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 147 قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 212- عُمَارَةُ بن حمزة الكاتب1. مولى بني هَاشِمٍ: أَحَدُ الْبُلَغَاءِ وَالْفُصَحَاءِ وَالصُّدُورِ الْكُبَرَاءِ, وَلِيَ وِلايَاتٍ جَلِيلَةً، وَكَانَ جَوَادًا مُمَدَّحًا. تَيَّاهًا2 يُضْرَبُ بِكِبْرِهِ الْمَثَلُ، وَنَاهِيكَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيَّ نُكِبَ مَرَّةً، فَبَعَثَ وَلَدَهُ إِلَى عُمَارَةَ لِكَيْ يُقْرِضَهُ ثَلاثَةَ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَعْطَاهُ؛ فَلَمَّا تَرَاجَعَ أَمْرُهُ وَعَادَ إِلَى رُتْبَتِهِ رَدَّ الْمَالَ إِلَى عُمَارَةَ مَعَ ابْنِهِ، فَقَطَّبَ وَقَالَ: أَكُنْتُ صَيْرَفِيًّا لَهُ؟ ثُمَّ قَالَ لِلْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى: اذْهَبْ فَخُذِ الْمَالَ لَكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ: وَصَلَ عُمَارَةُ أَبِي بِثَلاثِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ أَبُو الْعَيْنَاءِ: حَكَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ داود أَنَّ قَوْمًا أَتَوْا عُمَارَةَ لِيَشْفَعُوا فِي بِرِّ قَوْمٍ فَاسْتَأْذَنُوا. فَأَخْبَرَهُ بِهِمْ حَاجِبُهُ، فَأَمَرَ لَهُمْ بِمِائَةِ أَلْفٍ. أَخْبَرَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا الْقَزَّازُ، أَنَا الْخَطِيبُ، نَا الأَزْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ، نَا الصُّولِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: قَالَ الْفَضْلُ: حَلَّ عَلَى أَبِي خَرَاجُ الأَهْوَازِ لِلرَّشِيدِ ثَلاثَةَ آلافِ أَلْفٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِنْ حَمَلْتَ مَا وَجَبَ عَلَيْكَ إِلَى الْعَصْرِ وَإِلا قتلت. فقال لي أبي: يا بني قد ترى ما نحن فيه، والله ما عندي عشرها، فامض إلى عمارة بن حمزة. فمضيت إليه، فسمع كلامي فأعرض ولم يجبني, فانصرفت، فلم أجد إلا وقد سبقني المال, فلما كان بعد ذلك وتحصل المال قَالَ لِي أَبِي: امْضِ إِلَى هَذَا الْكَرِيمِ واحمل المال.   1 انظر تاريخ الطبري "6/ 183"، وتاريخ بغداد "12/ 280-282"، والكامل في التاريخ "6/ 12، 15". 2 من الكبر. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 148 فَمَضَيْتُ بِهِ وَشَكَرْتُهُ وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ, فَقَالَ كَالْمُغْضَبِ: أَتَظُنُّ أَنِّي كُنْتُ قُسْطَارًا لِأَبِيكَ، اذْهَبْ فَهُوَ لَكَ. قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى أبي وعرفته ما جرى فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ، وَاللَّهِ مَا تَسْمَحُ نَفْسِي لَكَ بِالْكُلِّ, وَلَكِنِ خُذْ أَلْفَ أَلْفٍ وَاتْرُكْ أَلْفَيْ أَلْفٍ. 213- عُمَرُ بْنُ رُدَيْحٍ2. عَنْ: عطاء بن مَيْمُونٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُعَلَّى بْنُ الْفَضْلِ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَوَّاهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 214- عُمَرُ بْنُ رِيَاحٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الضَّرِيرُ3 -ق. عَنْ: عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. قَالَ الفَلاسِيُّ: هُوَ دَجَّالٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: يُقَالُ لَهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَبْدِيُّ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طاوُسٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، نَا عُمَرُ بْنُ رِيَاحٍ السَّعْدِيُّ نَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَعَفَ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صلاته"4.   1 من الغضب. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 108"، والثقات لابن حبان "7/ 158"، والكامل في الضعفاء لابن عدي "5/ 1683". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 108"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 156"، والمجروحين لابن حبان "2/ 86". 4 "إسناده ضعيف جدا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 160"، وفي إسناده عمر بن رياح العبدي متروك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 149 سَعِيدُ بْنُ أَشْعَثَ: نَا عُمَرُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَبْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: "اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِبْرِيلَ فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَبَى وَقَالَ: إِنَّكَ أَخَذْتَ بِيَدِ يَهُودِيٍّ, فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَناوَلَهُ يَدَهُ فَأَخَذَ بِهَا"1. 215- عُمَرُ بْنُ شَاكِرٍ الْبَصْرِيُّ2 -ت. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لَهُ نُسْخَةٌ نَحْوَ عشرين حديثًا منكرًا. وَعَنْهُ: نَضْرُ بْنُ اللَّيْثِ الْبَغْدَادِيُّ، وَعُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ بِنْتِ السُّدِّيِّ وَقَالَ: لَقِيتُهُ بِالْمِصِّيصَةِ. وقد أَدْخَلَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى نُسْخَةً عِشْرِينَ حَدِيثًا غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ ثُلاثِيٌّ فِي "جَامِعِ أَبِي عِيسَى". 216- عُمَرُ بْنُ صُهْبَانَ الأَسْلَمِيُّ3. شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي طُوَالَةَ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بكر، وأبو قتادة الحراني، وعبد اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ، وَمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: أَدْرَكْتُهُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث.   1 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 160"، وفي إسناده عمر صاحب الترجمة. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 115"، والثقات لابن حبان "5/ 151"، والضعفاء لابن عدي "5/ 711"، وتهذيب الكمال "2/ 1012". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "9/ 428"، والجرح والتعديل "6/ 116"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 165". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 150 217- عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَعَنْ: أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمَصْرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. قُلْتُ: لَهُ فِي "الأَدَبِ" لِلْبُخَارِيِّ. 218- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّومِيُّ2. بَصْرِيٌّ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ فَقَطْ. وَعَنْهُ: مُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَهُوَ صَدُوقٌ. غَلَطَ ابْنُ حِبَّانَ فَلَيَّنَهُ، وَإِنَّمَا اللَّيِّنُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. 219- عُمَرُ بْنُ مُسَاوِرٍ الْبَصْرِيُّ3. عَنْ: أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ: مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَالْمُحَارِبِيُّ، وَعَفَّانُ، وَالصَّلْتُ الْجَحْدَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَامِعٍ الْعُقَيْلِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَرْوِي عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بُورِكَ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا، وَهَذَا مُنْكَرٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: ضعيف.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 117"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 165"، والثقات لابن حبان "8/ 440". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 119"، والتاريخ الكبير "6/ 169، 170"، والمجروحين لابن حبان "2/ 94". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 134"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 198"، وميزان الاعتدال "3/ 223". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 151 220- عُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ1. أَبُو حَفْصٍ الْبَصْرِيُّ، نَزِيلُ الْمِصَّيصَةَ. عَنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَأَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وعمرو بن دينار قهرمان ابن الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ: بَقيَّةُ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ بِالثَّغْرِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ بِمُفْتِي الْمَسَاكِينِ. لَمْ يُورِدُهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لا أَعْرِفُهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ فَقِيهًا عالمًا يقدمه أبو إسحاق الفزازي وَغَيْرُهُ لِعِلْمِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. قُلْتُ: هُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. 221- عُمَرُ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ بَحْرِ بْنِ الرَّمَّاحِ2 -ت. أبو علي الْفَقِيهِ، قَاضِي بَلْخٍ. رَوَى عَنْ: سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَكَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ الْعَتَكِيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ قاضي نيسابور، وكاتبه ابن سالم البلخي، وسريج بْنُ النُّعْمَانِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَلِيَ قَضَاءَ بَلْخٍ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةٍ، وَكَانَ مَحْمُودًا فِي وِلايَتِهِ، مَذْكُورًا بِالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ وَالصَّلاحِ وَالْفَهْمِ، وَقَدْ أَضَرَّ فِي آخِرِ عُمْرِهِ. وَقَالَ أَبُو داود: ثِقَةٌ. مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ ومائة.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 136"، والضعفاء للعقيلي "3/ 189". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 137"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 182، 183"، وتهذيب الكمال "2/ 1023". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 152 222- عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ1. أَبُو حَفْصٍ الأَزْدِيُّ قَاضِي الْمَدَائِنِ. عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَطَاءٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَبُهْلُولُ بْنُ حَسَّانٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، وَغَيْرُهُمْ، لَمْ يُضَعَّفْ. 223- عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ ثَابِتِ بْنِ هُرْمُزَ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَسِمَاكٍ، وأبي إسحاق السبعي. وعنه: عمرو بن محمد العنقزي، وَأَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَسَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ. وَكَانَ شِيعِيًّا مُتَغَالِيًا3، تَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ هَنَّادٌ: لَمَّا مَاتَ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: "لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَفَرَ النَّاسُ إِلا خَمْسَةٌ". وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إِلا عَلَى سَبِيلِ الاعْتِبَارِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لا تُحَدِّثُوا عَنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يَسُبُّ السَّلَفَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَرَوَى عَبَّاسُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلا مَأْمُونٍ. وَقَالَ أَبُو زرعة، وأبو حاتم: ضعيف.   1 انظر ميزان الاعتدال "3/ 231". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 223"، والتاريخ الكبير "6/ 319"، وتاريخ الطبري "4/ 334"، وتهذيب الكمال "2/ 1027". 3 شديد التعصب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 153 - عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ. هُوَ سِيبَوَيْهِ, مَرَّ. 224- عَمْرُو بن واقد1 -ت. ق. أبو حفص القرشي، مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وَيُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مُحَدِّثًا شَاعِرًا أَدِيبًا. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. هِشَامٌ: نَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ، نَا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ كِتَابُ الله"2. 225- عمرو بن يحيى بن سعيد الأَشْدَقِ وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ3 -خ. ق. أبو أمية الأموي السعيدي المكي. عَنْ: جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَذَلِكَ فِي "الصَّحِيحِ". رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، وموسى التبوذكي، وسويد بن سعيد،   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 267"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 379"، والمجروحين لابن حبان "2/ 77"، وتهذيب الكمال "2/ 1054". 2 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 293"، وفي إسناده صاحب الترجمة، انظر كلام العلماء عليه. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 269"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 382"، وتهذيب الكمال "2/ 1055". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 154 وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَدَنِيُّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. 226- عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ1. بَصْرِيٌّ جَلِيلٌ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَثَابِتٍ. وعنه: معلى بن هلال، وبشر بن معاذ العقدي، وعمر بن يزيد السياري، وغيرهم. ضعفه أبو حاتم، وغيره. قال ابن حبان: روى العجائب، لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ سَلْمَانَ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ فَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ دَخَلَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً إِكْرَامًا لَهُ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى تُغْفَرَ ذُنُوبُهُمَا"2. 227- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ3. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانُ، وَغَيْرُهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ عَنْبَسَةَ الْقَطَّانِ. قُلْتُ: وَيَرْوِي عَنْبَسَةُ هَذَا أَيْضًا عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، وَعِدَادُهُ فِي الْبَصْرِيِّينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانِ أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابن أخيه سعيد بن أشعث.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 297"، والمجروحين لابن حبان "2/ 124، 125"، وميزان الاعتدال "3/ 239". 2 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 124، 125"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 399"، والمجروحين لابن حبان "2/ 178"، وتهذيب الكمال "3/ 1063"، وميزان الاعتدال "3/ 299". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 155 قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ ذَاكَ الْمَجْنُونُ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ صُبَيْحٍ: ثَنَا عَنْبَسَةُ أَخُو أَبِي الرَّبِيعِ، السَّمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَاهُ يَهُودِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْرِضْ عَلَيَّ الإِسْلامَ. فَعَرَضَ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ أُصِيبَ فِي عَيْنِهِ وَأُصِيبَ فِي بَعْضِ وَلَدِهِ، فَرَجَعَ إِلَى رسول الله، فَقَالَ: أَقِلْنِي. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الإِسْلامَ لا يُقَالُ، إِنْ رَجَعْتَ ضَرَبْتُ عُنُقَكَ"1 ... الْحَدِيثَ. عَنْبَسَةُ أَخُو أَبِي الرَّبِيعِ، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا، هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "قَتْلُ الصَّبْرِ لا يَمُرُّ بِذَنْبٍ إِلا مَحَاهُ"2. قَالَ: وَرَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "الزَّنْجِيُّ إِذَا جَاعَ سَرَقَ، وَإِذَا شَبِعَ زَنَى، أَمَا إِنَّ فِيهِمْ سَمَاحَةً وَنَجْدَةً"3. وَنَهَى عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ جِذَاذِ النَّخْلِ بِاللَّيْلِ4. 228- عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ الأُمَوِيُّ5 -ت. ق. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ المنكر، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَأَبَانِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَداود بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ غِيَاثٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ.   1 "إسناده ضعيف": أخرجه العقيلي "3/ 368"، وفي إسناده صاحب الترجمة، وله طريق آخر عن جابر عند البخاري "1883"، ومسلم "1383"، بنحوه. 2 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "3/ 178"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 178"، وابن عدي في الضعفاء "5/ 1904"، وانظر ما تقدم. 4 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 178". 5 انظر الجرح والتعديل "6/ 402، 403"، والتاريخ الكبير "7/ 39"، والمجروحين لابن حبان "2/ 178-180". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 156 وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَالنَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، صَاحِبُ أَشْيَاءَ مَوْضُوعَةٍ، لا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ. رَوَى ابْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ سَعْدٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيَّاكُمْ وَتَشْبِيكَ الأَصَابِعِ فِي الصَّلاةِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ النِّسْيَانَ"1. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا وَقَعَتْ كَبِيرَةٌ، أَوْ هَاجَتْ رِيحٌ مُظْلِمَةٌ فَعَلَيْكُمْ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو الْعَجَاجَ الأَسْوَدَ"2. الْوَلِيدُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ أَنَسِ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُرُوا نِسَائَكُمْ بِالْغَزْلِ فَإِنَّهُ أَزْيَنَ لهن وخير"3. 299- عَنْبَسَةُ بْنُ نَجَّادٍ الْعَابِدُ. عَنْ: جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. فِيهِ تَشَيُّعٌ. 230- عَوْنُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ الْبَصْرِيُّ4. أَبُو رَوْحٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَسْتُورٌ.   1 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 179"، وفي إسناده صاحب الترجمة بل جعله ابن حبان من مناكيره. 2 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 179"، وانظر ما تقدم. 3 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 179"، وانظر ما تقدم. 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 386"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 17"، والثقات لابن حبان "7/ 280". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 157 231- عِيسَى بْنُ دَابٍ1. هُوَ أَبُو الْوَلِيدِ عِيسَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ دَابٍ الْمَدِينِيُّ، سَكَنَ بَغْدَادَ وَحَظِيَ عِنْدَ الْهَادِي إِلَى الْغَايَةِ، حَتَّى إِنَّهُ أَمَرَ لَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بثلاثين ألف دينار. وحدث عن: شَبَّابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَحَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، وَمُحَمَّدُ سلام الجمحي، وغيرهم. وكان إخباريًّا، علامة، راوية عَنِ الْعَرَبِ، نَسَّابَةً، نَدِيمًا، وَلَكِنَّ أَحَادِيثَهُ سَاقِطَةٌ. قَالَ خَلِيفَةُ الأَحْمَرُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْلَ مَالِكٍ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ لابْنِ مَنَاذِرَ: وَمَنْ يَبْغِ الْوَصَاةَ فَإِنَّ عِنْدِي وَصَاةً لِلْكُهُولِ وَلِلشَّبَابِ خُذُوا عَنْ مَالِكٍ وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَلا تَرْوُوا أَحَادِيثَ ابْنِ دَابٍ 232- عِيسَى بْنُ وَرْدَانَ الْمَدَنِيُّ الْحَذَّاءُ الْمُقْرِئُ الْمُجَوِّدُ2. أَبُو الْحَارِثِ. قَرَأَ عَلَى: "أَبِي جَعْفَرٍ" يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، وَشَيْبَةَ بْنِ نَصَاحٍ. ثُمَّ عَرَضَ عَلَى نَافِعٍ، وَهُوَ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ. قرأ عليه: إسماعيل بن جعفر، والواقدي، وقالوا: أَنَّ غَيْرَهُمْ. "حرف الْغَيْنِ": 223- غَسَّانُ بْنُ بُرْزَيْنِ الطهوي المصري3 -ق. أبو المقدام.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 291"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 402"، والثقات لابن حبان "7/ 236". 2 انظر غاية النهاية لابن الجزري "1/ 616". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 50"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 107"، والثقات لابن حبان "7/ 312"، وتهذيب الكمال "2/ 1089". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 158 عَنْ: أَبِي الْمِنْهَالِ سَيَّارِ بْنِ سَلامَةَ الرِّيَاحِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَمُسَدَّدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَرَوَى لَهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثًا وَاحِدًا. "حرف الْفَاءِ": 234- فُرَاتُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الْقُرَشِيُّ1. بَصْرِيٌّ، لَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الضَّعْفُ عَلَى رِوَايَاتِهِ بَيِّنٌ. 235- فَرَجُ بن فضالة التنوخي الحمصي2 -د. ت. ق. وقيل: الدمشقي. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْيَحْصُبِيِّ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْحَارِثِ، وَلُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، وَرَبَيْعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: آدَمُ، وَقُتَيْبَةُ، وَلُوَيْنُ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَخَلْقٌ. وَوَلِيَ بَيْتَ الْمَالِ بِبَغْدَادَ مُدَّةً. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 80"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 129، 130"، والثقات لابن حبان "7/ 321". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 134"، والجرح والتعديل "7/ 85، 86"، والمجروحين لابن حبان "2/ 206، 207". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 159 وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وابن عجي، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْمَدِينِيُّ: مَرَّ الْمَنْصُورُ بِفَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ فَلَمْ يَقُمْ لَهُ، فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: خِفْتُ أَنْ يَسْأَلَنِي اللَّهُ لِمَ قُمْتَ وَيَسْأَلَهُ لِمَ رَضِيتَ؟ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ شَامِيًّا أَثْبَتَ مِنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، وَأَنَا اسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا حَدَّثَ فَرَجٌ عَنِ الشَّامِيِّينَ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَكِنْ حَدَّثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِمَنَاكِيرَ. قُلْتُ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثمان وثمانين في عصر بقايا الصحابة. ومات سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ أَعْجَبُ إليَّ مِنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، فَرَجٌ ضَعِيفٌ وَأَيْشِ عِنْدَهُ؟ 236- فَرَجُ بْنُ يَزِيدَ1. أَبُو شَيْبَةَ الْكَلاعِيُّ الشَّامِيُّ. عَنْ: يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، وَمُدْرِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلاعِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَعُتْبَةُ بْنُ السَّكَنِ. مَسْتُورٌ. 237- فَضَالَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الشَّحَّامُ2. شَيْخٌ مُعَمِّرٌ. رَوَى عَنْ: طَاوُسٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءِ بْنِ أبي رباح.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 86"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 134"، والثقات لابن حبان "7/ 325". 2 انظر الجرح التعديل "7/ 78"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 126"، والمجروحين لابن حبان "2/ 205". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 160 وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا الْفَرَّاءُ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلاسُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَلَيَّنَهُ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ. 238- الْفَضْلُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُطَّلِبِ1. أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ، الأَمِيرُ نَائِبُ دِمَشْقَ، وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ، ثُمَّ وَلِيَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ لِلْمَهْدِيِّ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَرَّخَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: حَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ قَالَ: أَدْرَكْتُ الْفَضْلَ بْنَ صَالِحٍ الْعَبَّاسِيَّ وَهُوَ مُتَوَلِّي دِمَشْقَ، وَهُوَ الَّذِي عَمِلَ أَبْوَابَ الْجَامِعِ وَالْقُبَّةَ الَّتِي فِي الصَّحْنِ، وَتُعْرَفُ بِقُبَّةِ الْمَالِ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ قَدْ جَاوَزَ الْمِائَةَ. أَبُو مُسْهِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ صَالِحٍ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ فِي دَمِ قَتِيلٍ، فَأَبَى وَقَالَ: سَلَمَةُ بْنُ عَمْرٍو يَأْخُذُ الرِّزْقَ، وَأَنَا أَنْظُرُ فِي الدِّمَاءِ؟ فَقَالَ الْفَضْلُ: صَدَقَ. قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: مَاتَ الْفَضْلُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 239- الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ2. أَبُو سَهْلٍ الْمِصْرِيُّ، وَاهٍ. عَنْ: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ، وَأَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَالصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الْمَهْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَإِدْرِيسُ بن يحيى، وسعيد بن عفير، وآخرون.   1 انظر تاريخ الطبري "7/ 191"، والكامل في التاريخ "5/ 249". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 69"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2040-2042"، وميزان الاعتدال "3/ 358، 359". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 161 أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ أَحَادِيثَ وَقَالَ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ مِمَّا لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُحَدِّثُ بِالأَبَاطِيلِ. "حرف الْقَافِ": 240- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حفص بن عاصم العدوي العمري1 -ق- المدني، أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. رَوَى عَنْ: عَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي طُوَالَةَ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَجَمَاعَةٌ. كَذَّبَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ، نَا الْقَاسِمُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ أَرْبَعِينَ قُلَةً لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ"2. وَهَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَوْلَهُ، وَرَوَاهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، قوله. 241- القاسم بن معن3 -د. ن. قاضي الكوفة وَعَالِمُ زَمَانِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ الْمَسْعُودِيُّ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ. أَخُو أبي عبيدة بن معن.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 423"، والجرح والتعديل "7/ 111، 112"، والمجروحين لابن حبان "2/ 212"، وتهذيب الكمال "2/ 1111". 2 "إسناده ضعيف بل موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 473"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 384"، والجرح والتعديل "7/ 120، 121"، والثقات لابن حبان "7/ 339". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 162 روى عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، وَأَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَالْمُعَافَى الرَّسْتَنِيُّ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةٌ، صَاحِبُ عَرَبِيَّةٍ وَشِعْرٍ، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ، وَلا يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ رزقاً؛ قال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، كَانَ أَرْوَى النَّاسِ لِلْحَدِيثِ وَالشِّعْرِ، وَأَعْلَمَهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفِقْهِ. وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: كَانَ يُقَالُ لَهُ شَعْبِيُّ زَمَانِهِ لِسَعَةِ عِلْمِهِ. أَخَذَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَعْرَابِيُّ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ لِلْمَهْدِيِّ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ تَلامِذَةِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الفقه. وكان عَفِيفًا صَارِمًا مَهِيبًا. تُوُفِّيَ الْقَاسِمُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ شَاخَ. 242- قَحْذَمُ الأَزْدِيُّ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَمَكْحُولٍ، وَسَالِمِ بن عبد الله. وعنه: وَلَدُهُ أَبُو داود الْمُحَبِّرُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَقَدْ وَفَدَ رَسُولا مِنْ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ أَمِيرِ الْعِرَاقِ عَلَى الْخَلِيفَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَهُوَ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 243- قَزْعَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ حُجَيْرٍ الْبَاهِلِيُّ2 -ت. ق. شَيْخٌ بصري.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 149"، وتاريخ الطبري "3/ 250"، والثقات لابن حبان "7/ 345". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 139، 140"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 192"، والمجروحين لابن حبان "2/ 35، 216". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 163 رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، ومحمد بن المنكدر، وحميد بن قيس الأعرج، وجماعة. وعنه: عاصم بن علي، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وقتيبة، ومسدد، ولوين، وآخرون. ضعفه أبو داود، وقال البخاري: ليس بذاك القوي. وعن ابن معين فيه قولان، ومشاه ابن عدي، وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجُّ بِهِ. "حرف الْكَافِ": 244- كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1. أَبُو هَاشِمٍ الأُبُلِّيُّ الْبَصْرِيُّ. يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ؛ وَعَنْهُ: أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَمَخْلَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ شَيْخٌ لابْنِ خُزَيْمَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ شِبْهُ الْمَتْرُوكِ. وَقَدْ وَهَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَرَمَاهُ بِالْكَذِبِ، وَقَالَ: هُوَ ابْنُ سُلَيْمٍ. أَعَدْتُهُ لِأَجْلِ تَأَخُّرِ مَوْتِهِ. 245- كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ2. هُوَ كَثِيرُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَقِيلَ هُوَ كَثِيرُ بْنُ حَبِيبٍ اللَّيْثِيُّ الْيَشْكُرِيُّ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيِّ، وَالصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ المديني.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 154"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 218"، والمجروحين لابن حبان "2/ 223، 224". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 154"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 217"، والثقات لابن حبان "7/ 354". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 164 قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ لِأَجْلِ حَدِيثٍ اسْتَنْكَرَهُ لَهُ. "حرف اللامِ": 246- اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ1. شَيْخُ إِقْلِيمِ مِصْرَ وَعَالِمِهِ أَبُو الْحَارِثِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَهْمِيُّ، مَوْلاهُمُ الإِصْبَهَانِيُّ الأَصْلُ الْمِصْرِيُّ، أَحَدُ الأَعْلامِ. سَمِعَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ يَقُولُ: وُلِدْتُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ فِي شَعْبانَ. قُلْتُ: حَجَّ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فَلَقِيَ: عطاءً، ونافعًا، وابن أبي مليكة، وسعيد الْمَقْبُرِيَّ، وَأَبَا الزُّبَيْرِ، وَابْنَ شِهَابٍ فَأَكْثَرَ عَنْهُمْ؛ وَعَنْ: مِشْرَحَ بْنَ هَاعَانَ، وَأَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَبُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَجَعْفَرِ بْنِ رَبَيْعَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَدَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، وَالْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، وَبَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، وَالْجُلاحِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ، وَخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَخَيْرِ بْنِ نُعَيْمٍ، وَصَفْوَانَ "بْنِ سُلَيْمٍ"، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَتَادَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَيَحْيَى بْنِ سعيد، ويزيد بن الهاد، وآخرين. حَتَّى أَنَّهُ رَوَى عَنْ كَاتِبِهِ أَبِي صَالِحٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَجْلانَ، وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ، وابن لهيعة، وابن المبارك، وابن وهب، وشبانة، وَحُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وآدم بْن أبي إياس، وأحمد بن يونس، وَوَلَدُهُ شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ويحيى بن يحيى الليثي المغربي، ويحيى ين يَحْيَى التَّمِيمِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ، وَأَبُو الْجَهْمِ الْعَلاءُ الْبَاهِلِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، وَيَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَعِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَ كَبِيرَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَرَئِيسَهَا وَمُحْتَشِمَهَا وَعَالِمَهَا، وَأَمِيرَ مَنْ بِهَا في عصره، بحيث إن القاضي والنائب من تحت أمره ومشورته.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 517"، والجرح والتعديل "7/ 179"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 246، 247"، والثقات لابن حبان "7/ 360". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 165 وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَتَأَسَّفُ عَلَى فَوَاتِ لُقِيِّهِ. رَوَى جَمَاعَةٌ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا" 1 ... الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ اللَّيْثِ: قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا اللَّيْثُ فَكَانَ يُجَالِسُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُنَا فَعَرَضُوا عَلَيْهِ، فَلَمْ أَرَ أَخْذَهَا عَرْضًا حَتَّى قَدِمْتُ إِلَى مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: وَحَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ عَنْهُ قَالَ: كَانَ يَقُولُ لَنَا بَعْضُ أَهْلِي وُلِدْتُ فِي شَعْبَانَ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ، وَالَّذِي أَوْقِنُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مِنَ ابْنِ شِهَابٍ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةٍ. وَقَالَ ابن زغبة، عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: أَصْلُنَا مِنْ إِصْبَهَانَ، فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا، قَالَ: حَجَجْتُ أَنَا وَابْنُ لَهِيعَةَ، فَلَمَّا صِرْتُ بِمَكَّةَ رَأَيْتُ نَافِعًا فَأَقْعَدْتُهُ فِي دُكَّانِ عَلافٍ، فَمَرَّ بِيَ ابْنُ لَهِيعَةَ فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قُلْتُ: مَوْلًى لَنَا. فَلَمَّا أَتَيْتُ مِصْرَ قُلْتُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، فَوَثَبَ إِلَيَّ ابْنُ لَهِيعَةَ وَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! فَقُلْتُ: أَلَمْ تَرَ رَجُلا مَعِيَ فِي دُكَّانِ الْعَلافِ؟ ذَاكَ نَافِعٌ. قَالَ: فَحَجَّ ابْنُ لَهِيعَةَ مِنْ قَابِلٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ. وَقَدِمَ الأَعْرَجُ يُرِيدُ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَرَآهُ ابْنُ لَهِيعَةَ فَأَخَذَهُ، فَمَا زَالَ عِنْدَهُ يحدثه حتى هيأ له سفينة وأحضره إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، وَقَعَدَ يَرْوِي عَنْهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَقُلْتُ: مَتَى رَأَيْتَ الأَعْرَجَ؟ فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَهُ فَهُوَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ صلَّى عَلَيْهِ. قُلْتُ: هَذِهِ بِهَذِهِ جَزَاءً وِفَاقًا. قَالَ الْفَسَوِيُّ: قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ اللَّيْثَ يَقُولُ: كَتَبْتُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عِلْمًا كَثِيرًا، وَطَلَبْتُ رُكُوبَ الْبَرِيدِ إِلَيْهِ إِلَى الرَّصَافَةِ، فَخِفْتُ أَنْ لا يكون ذلك لله فتركته.   1 "حديث صحيح متواتر": أخرجه البخاري "1/ 179، 180"، ومسلم "3"، والترمذي "2661"، وابن ماجه "32"، والدارمي "1/ 76"، وأحمد "3/ 98". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 166 قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى نَافِعٍ فَسَأَلَنِي، فَقُلْتُ: أَنَا مِصْرِيٌّ. فَقَالَ: مِمَّنْ؟ قُلْتُ: مِنْ قَيْسٍ! فَقَالَ: ابْنُ كَمْ؟ قُلْتُ: ابْنُ عِشْرِينَ. قَالَ: أَمَّا لِحْيَتُكَ فَلِحْيَةُ ابْنُ أَرْبَعِينَ. عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُلُّ مَا فِي كُتُبِ مَالِكٍ: "أَخْبَرَنِي مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ"، فَهُوَ: اللَّيْثُ. قَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: لَمْ أَرَ مِثْلَ اللَّيْثِ وَلا أَكْحَلَ مِنْهُ، كَانَ فَقِيهَ الْبَدَنِ، عَرَبِيَّ اللِّسَانِ، يُحْسِنُ الْقُرْآنَ وَالنَّحْوَ، وَيَحْفَظُ الشِّعْرَ وَالْحَدِيثَ، حَسَنُ الْمُذَاكَرَةِ. قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ يَعْقُوبَ وَزِيرِ الْمَهْدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا قَدِمَ اللَّيْثُ الْعِرَاقَ: الْزَمْ هَذَا الشَّيْخَ، أَوْ قَالَ: أَكْرِمْ، فَقَدْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحدٌ أَعْلَمَ بِمَا حَمَلَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: كُنْتُ مَعَ اللَّيْثِ لَمَّا خَرَجَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِنْ فَوْقِ عَلِيَّةٍ وَالْكِتَابُ بِيَدِي، فَإِذَا فرغ منه رميت به إليهم فينسخونه. وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِلَّيْثِ: أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ، إِنَّا نَسْمَعُ مِنْكَ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِي كُتُبِكَ! فَقَالَ: أَكُلُّ مَا فِي صَدْرِي فِي كُتُبِي؟ لَوْ كَتَبْتُ مَا فِي صَدْرِي مَا وَسِعَهُ هَذَا الْمَرْكَبُ. رَوَاهَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَهَا. ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ مَعَ الْحُجَّاجِ، وَهِيَ كَثِيرَةُ السَّرْقِينَ، فَكُنْتُ أَلْبَسُ خُفَّيْنِ، فإذا بلغت باب المسجد نزعت أحدهما وَدَخَلْتُ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ: لا تَفْعَلْ هَذَا فَإِنَّكَ إِمَامٌ مَنْظُورٌ إِلَيْكَ. قَوْلُهُ: أَلْبَسُ خُفَّيْنِ، يُرِيدُ خُفًّا فَوْقَ خُفٍّ. قَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: نَا يَحْيَى قَالَ: هَذِهِ رِسَالَةُ مَالِكٍ إِلَى اللَّيْثِ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ فَذَكَرَهَا؛ فِيهَا: وَأَنْتَ فِي إِمَامَتِكَ وَفَضْلِكَ وَمَنْزِلَتِكَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِكَ، وَحَاجَةِ مَنْ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 167 قِبَلِكَ إِلَيْكَ، وَاعْتِمَادِهِمْ عَلَى مَا جَاءَهُمْ مِنْكَ. أَحْمَدُ بْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: اللَّيْثُ أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ، إِلا أَنَّ أَصْحَابَهُ لَمْ يَقُومُوا بِهِ. أَبُو زُرْعَةَ، سَمِعَ ابْنَ بُكَيْرٍ يَقُولُ: اللَّيْثُ أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنْ كَانَتِ الْحَظْوَةُ لِمَالِكٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: سَمِعْنَا ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: لَوْلا مَالِكٌ وَاللَّيْثُ لَضَلَلْنَا. وَقَالَ حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: اللَّيْثُ أَتْبَعُ لِلأَثَرِ مِنْ مَالِكٍ قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: كَيْفَ حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ؟ قَالَ: صَالِحٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: اللَّيْثُ أَرْفَعُ عِنْدِي مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: مَا فِي الْمِصْرِيِّينَ أَثْبَتَ مِنَ اللَّيْثِ، لا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَلا أَحَدٌ. رَأَيْتُ لِعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ مَنَاكِيرَ. وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يَقُولُ: أَصَحُّ النَّاسِ حَدِيثًا عَنِ الْمَقْبُرِيِّ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، يَفْصِلُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، هُوَ ثَبْتٌ فِي حَدِيثِهِ جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: اللَّيْثُ ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ "د": حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: اللَّيْثُ ثِقَةٌ، وَلَكِنْ فِي أَخْذِهِ سُهُولَةٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا وَدَّعْتُ الْمَنْصُورَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: أَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ شِدَّةِ عَقْلِكَ، فَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي رَعِيَّتِي مِثْلَكَ. فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: لا تُخْبِرُوا بِهَذَا مَا عِشْتُ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 168 قَالَ قُتَيْبَةُ: كَانَ اللَّيْثُ أَكْبَرَ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَلَكِنْ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِمَا قُلْتَ: ذَا ابْنُ ذَا. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ: كَانَ أَهْلُ مِصْرَ يَنْتَقِصُونَ عُثْمَانَ حَتَّى نَشَأَ فِيهِمُ الليث فَحَدَّثَهُمْ بِفَضَائِلِهِ، فَكَفُّوا عَنْ ذَلِكَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: قَالَ لِي اللَّيْثُ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ: تَلِي لِيَ مِصْرَ؟ قُلْتُ: لا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنِّي أَضْعَفُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنِّي رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي. فَقَالَ: مَا بِكَ مِنْ ضَعْفٍ مَعِي، وَلَكِنْ ضَعُفَتْ نِيَّتُكَ، أَتُرِيدُ قُوَّةً أَقْوَى مِنِّي؟ فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتَ فَدُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ أُقَلِّدُهُ مِصْرَ. قُلْتُ: عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْجُذَامِيُّ، رَجُلٌ لَهُ صَلاحٌ وَلَهُ عَشِيرَةٌ. قَالَ: فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَعَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لا يكلم الليث "بعدها". قَالَ صَالِحٌ لِعَمْرٍو: لا أَدَعُ اللَّيْثَ حَتَّى يَتَوَلَّى لِي. فَقَالَ عَمْرٌو: لا يَفْعَلُ. فَقَالَ: لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ. فَجَاءَهُ عَمْرٌو فَحَذَّرَهُ، فَوَلاهُ الْعَطَاءَ، وَوَلِيَ الْجَزِيرَةَ أَيَّامَ أَبِي جَعْفَرٍ، وَوَلِيَ الدِّيوَانَ أَيَّامَ الْمَهْدِيِّ. قُتَيْبَةُ قَالَ: قَفَلْنَا مَعَ اللَّيْثِ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَمَعَهُ ثَلاثُ سُفُنٍ: سَفِينَةٌ فِيهَا مَطْبَخُهُ، وَسَفِينَةٌ فِيهَا عِيَالُهُ، وَسَفِينَةٌ فِيهَا أَضْيَافُهُ، وَصَلَّى بِنَا فَجَهَرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَسَلَّمَ وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَكَانَ ابْنُهُ شُعَيْبٌ إِمَامَهُ، فَحُمَّ لَيْلَةً فَصَلَّى بِنَا اللَّيْثُ. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ أَبُو عِلاثَةَ الْمُفَرِّضُ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْغَافِقِيُّ: سَمِعْتُ أَشْهَبَ يَقُولُ: كَانَ اللَّيْثُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةُ مَجَالِسٍ، أَحَدُهَا لِنَائِبَةِ السُّلْطَانِ وَحَوَائِجِهِ، وَكَانَ اللَّيْثُ تَغْشَاهُ الدَّوْلَةُ، فَإِذَا أَنْكَرَ مِنَ الْقَاضِي أَمْرًا، أَوْ مِنَ السُّلْطَانِ، كَتَبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَجْلِسٌ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَمَجْلِسٌ لِلْمَسَائِلِ يَغْشَاهُ النَّاسُ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 169 فَيَسْأَلُونَهُ، وَمَجْلِسٌ لِحَوَائِجِ النَّاسِ لا يَسْأَلُهُ أَحَدٌ فَيَرُدُّهُ، كَبُرَتْ حَاجَتُهُ أَوْ صَغُرَتْ، وَكَانَ يُطْعِمُ النَّاسَ فِي الشِّتَاءِ الْهَرَايِسَ بِعَسَلِ النَّحْلِ وَالسَّمْنِ، وَفِي الصَّيْفِ سَوِيقَ اللَّوْزِ بِالسُّكَّرِ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِيرِيُّ: نَا أَبِي: سمعت محمد بن معاوية يقول، وَمَا عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إِلَى عشرين ألف، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: خَرَجَ عَلَيْنَا شُعْبَةُ يَوْمًا، فَقَوَّمُوا حِمَارَهُ وَسَرْجَهُ1 وَلِجَامَهُ2 ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا إِلَى عِشْرِينَ. قَالَ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ: كُنَّا عِنْدَ اللَّيْثِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَدَحٌ فَقَالَتْ، يَا أَبَا الْحَارِثِ إِنَّ زَوْجِي يَشْتَكِي، وَقَدْ وُصِفَ لَهُ الْعَسَلَ، فَأَمَرَ لَهَا بِزِقِّ3 عَسَلٍ كَبِيرٍ، رَوَاهَا أَبُو صَالِحٍ، وَزَادَ فَقَالَ: سَأَلَتْ عَلَى قَدْرِهَا، وَأَعْطَيْنَا عَلَى قَدْرِنَا. أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّسَائِيُّ، نَا قُتَيْبَةُ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ اللَّيْثِ يقول: خرجت مع أبي حاجًّا، فقدم إلى الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَالِكٌ بِطَبَقِ رُطَبٍ، فَجَعَلَ أَبِي عَلَى الطَّبَقِ أَلْفَ دِينَارٍ وَرَدَّهُ إِلَيْهِ. وَسَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ نَوْبَةً سُكُرُّجَةَ عَسَلٍ، فَأَمَرَ لَهَا بِزِقٍّ. وَكَانَ أَبِي لَيَشْتَغِلُ فِي السَّنَةِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ، فَمَا يَحُولُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ إِلا عَلَيْهِ خَمْسَةُ آلافِ دِينَارِ دَيْنٌ. أَبُو داود قَالَ: قَالَ قُتَيْبَةُ: كَانَ اللَّيْثُ يَشْتَغِلُ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي الْعَامِ، مَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ قَطُّ. وَأَعْطَى ابْنَ لَهِيعَةَ وَمَالِكًا وَمَنْصُورَ بْنَ عَمَّارٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفَ دِينَارٍ. وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ مَالِكٍ، فَامْتَنَعَ عَنِ الْحَدِيثِ، فَقُلْتُ: مَا يُشْبِهُ هَذَا صَاحِبُنَا. فَسَمِعَهَا "مَالِكٌ" فَقَالَ: مَنْ صَاحِبُكُمْ؟ قلنا: الليث.   1 أي: رحل الدابة. 2 أداة من حديد توضع في فم الركوبة. 3 الزق وعاء من جلد يجز شعره يتخذ للماء والشراب وغيره. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 170 فَقَالَ: تُشَبِّهُونَا بِرَجُلٍ كَتَبْنَا إِلَيْهِ فِي قَلِيلِ عصفر ثياب يَصْبِغُ ثِيَابَ صِبْيَانِنَا، فَأَنْفَذَ مِنْهُ مَا بِعْنَا فَضْلَتَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ. عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ: سَمِعْتُ أَسَدَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ يَطْلُبُ بَنِي أُمَيَّةَ يَقْتُلُهُمْ، فَدَخَلْتُ مِصْرَ فِي هَيْئَةٍ رَثَّةٍ، فَدَخَلْتُ عَلَى اللَّيْثِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ مَجْلِسِهِ تَبِعَنِي خَادِمٌ لَهُ فَدَفَعَ إِلَيَّ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، وَكَانَ فِي حَوْزَتِي هَمْيَانٌ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ، فَأَخْرَجْتُ الْهَمْيَانَ وَقُلْتُ: أَنَا عَنْهَا غَنِيٌّ، اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى الشَّيْخِ. فَاسْتَأْذَنَ فَدَخَلْتُ، وَأَخْبَرْتُهُ نَسَبِي، وَاعْتَذَرْتُ مِنْ رَدِّهَا، فَقَالَ: هِيَ صِلَةٌ. فَقُلْتُ: أَكْرَهُ أَنْ أُعَوِّدَ نَفْسِيَ. فَقَالَ: ادْفَعْهَا إِلَى مَنْ تَرَى مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. قَالَ قُتَيْبَةُ: كَانَ اللَّيْثُ يَرْكَبُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ إِلَى الْجَامِعِ، وَيَتَصَدَّقُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى ثَلاثِمِائَةِ مِسْكِينٍ. وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ: نَا إِسْحَاقُ الرَّمْلِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ: كَانَ دَخْلُ اللَّيْثِ فِي السَّنَةِ ثَمَانِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ زَكَاةَ دِرْهَمٍ قَطُّ. قَالَ سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ: نَا أَبِي قَالَ: دَخَلَتْ عَلَى اللَّيْثِ خَلْوَةً، فَاسْتَخْرَجَ مِنْ تَحْتِهِ كِيسًا فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ وَقَالَ: يَا أَبَا السَّرِيِّ لا تُعْلِمْ بِهَا ابْنِي فَتَهُونُ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: صَحِبْتُ اللَّيْثَ عِشْرِينَ سَنَةً، لا يَتَغَدَّى وَلا يتعشى إلا مع الناس، وكان لا يأكل إلا لحم، إلا أن يمرض، وسمعته يقول: قال الرَّشِيدُ لَمَّا قَدِمتُ عَلَيْهِ: مَا صَلاحُ بَلَدِكُمْ؟ قُلْتُ: بِإِجْرَاءِ النِّيلِ، وَبِصَلاحِ أَمِيرِهَا، وَمِنْ رَأْسِ الْعَيْنِ يَأْتِي الْكَدَرُ، فَإِنْ صَفَتِ الْعَيْنُ صَفَتِ السَّوَاقِي. قَالَ: صَدَقْتَ يَا أَبَا الْحَارِثِ. وَعَنِ ابْنِ وَزِيرٍ قَالَ: قَدْ وَلِيَ اللَّيْثُ الْجَزِيرَةَ، وَكَانَ أُمَرَاءُ مِصْرَ لا يَقْطَعُونَ أَمْرًا إِلا بِمَشُورَتِهِ، فَقَالَ أَبُو الْمَسْعَدِ وَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْمَنْصُورِ. لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدِي ... نَصَائِحُ حُكْتُهَا فِي السِّرِّ وَحْدِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَلافَ مِصْرًا ... فَإِنَّ أَمِيرَهَا لَيْثُ بْنُ سَعْدِ وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا كِتَابُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ إِلَى حَوْثَرَةَ، وَالِي مِصْرَ: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 171 إِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ أَعْرَابِيًّا بَدَوِيًّا فَصِيحًا، مِنْ حَالِهِ، وَمِنْ حَالِهِ، فَاجْمَعُوا لَهُ رَجُلا يُسَدِّدُهُ فِي الْقَضَاءِ، وَيُصَوِّبُهُ فِي الْمَنْطِقِ. فَأَجْمَعَ رَأْيُ النَّاسِ عَلَى اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَفِيهِمْ مُعَلِّمَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: أَعْضَلَتِ الرَّشِيدَ مَسْأَلَةٌ فَجَمَعَ لَهَا فُقَهَاءَ الأَرْضِ حَتَّى أَشْخَصَ اللَّيْثُ فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا. سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: نَا اللَّيْثُ قَالَ: قَدِمْتُ مُكَّةَ، فَجِئْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابَيْنِ فَانْقَلَبْتُ بِهِمَا، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ عَاوَدْتُهُ فَسَأَلْتُهُ: أَسَمِعَ هَذَا كُلَّهُ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: مِنْهُ مَا سَمِعْتُهُ، وَمِنْهُ مَا حُدِّثْتُ عَنْهُ. فَقُلْتُ: عَلِّمْ لِي عَلَى مَا سَمِعْتَ. فَعَلَّمَ لِي عَلَى هَذَا الَّذِي عِنْدِي. قُلْتُ: قَدْ رَوَى اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ نُسْخَةً، ثُمَّ رَوَى عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ. وَقَالَ ثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ نَافِعٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا. وَقَدْ رَوَى أَحَادِيثَ، أَعْنِي اللَّيْثُ، عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ داود بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ. وَهَذَا مِنْ عَجِيبِ الاتِّفَاقِ، لِأَنَّ الليث -رحمه الله- لا يتوقف في ذَلِكَ، وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ هَذَا النَّمَطِ أَشْيَاءُ. وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ طَلابَةً لِلْعِلْمِ، وَلا يَرَى التَّدْلِيسَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنِ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِهِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} 1. الْحَدِيثَ. الرَّمَادِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا" 2. الْحَدِيثَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي الزبير جملةً.   1 أخرجه الطبراني "8459". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3/ 378"، ومسلم "2392"، وابن أبي عاصم في السنة "2/ 625". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 172 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: نَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رأى ابن عُمَرَ إِذَا سَجَدَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الأُولَى قَعَدَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ إِلا اللَّيْثُ. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ، وَيُونُسَ الْمُؤَدِّبِ: نَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ الْكَوْثَرِ فَقَالَ: "نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَفِيهِ طَيْرٌ كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ". فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ تِلْكَ الطَّيْرَ نَاعِمَةٌ؟ قَالَ: "آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا يَا عُمَرُ" 1. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ أَخُو الزُّهْريِّ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ اللَّيْثِ، وَمَعَنَا مُسْلِمَةُ بْنُ علي فذكر العدس، فقال مسلمة: بارك فِيهِ سَبْعُونَ نَبِيًّا. قَالَ: فَقَضَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ صَلاتَهُ وَقَالَ: وَلا نَبِيُّ وَاحِدٌ، إِنَّهُ بارد مؤذ. قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ: أَعْرِفُ رَجُلا لَمْ يَأْتِ مُحَرَّمًا قَطُّ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَهُ لِأَنَّ أَحَدًا لا يَعْلَمُ هَذَا مِنْ أَحَدٍ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ، وَإِنَّ رَبِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ لَيَتَزَحْزَحُوا لَهُ زَحْزَحَةً2. وَقَالَ سَعِيدٌ الآدَمُ: قَالَ الْعَلاءُ بْنُ كثير: الليث بن سَيِّدُنَا وَإِمَامُنَا وَعَالِمُنَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ اللَّيْثُ قَدِ اسْتَقَلَّ بِالْفَتْوَى فِي زَمَانِهِ. قُلْتُ: وَمَنَاقِبُ اللَّيْثِ كَثِيرَةٌ، وَعِلْمُهُ وَاسِعٌ، وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ، لَكِنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فِي عَامِ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّيْثِ سِتَّةُ أَنْفُسٍ، وهذا علو لا نظير له أصلا.   1 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2542"، وأحمد "3/ 220، 221، 236"، والطبري "30/ 324". 2 تزحزح: أي تنحى وتباعد. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 173 وَلَقَدْ كَتَبْتُ نُسْخَةَ أَبِي الْجَهْمِ مِنْ بِضْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً فَرَحًا بُعلُوِّهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَسَمِعْتُهَا مِنْ سِتِّينَ شَيْخًا، وَهِيَ الآنَ مَرْوِيَّةٌ بِالسَّمَاعِ. وَلَوْ رَحَلَ الْيَوْمَ الطَّالِبُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ فَرْسَخٍ لِإِدْرَاكِهَا وَغَرِمَ مِائَةَ دِينَارٍ، لَكَانَ لَهُ الْحَظُّ الأَوْفَرِ، نَعَمْ. قَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الصَّدَفِيُّ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ اللَّيْثِ مَعَ وَالِدِي، فَمَا رَأَيْتُ جِنَازَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا، وَرَأَيْتُ النَّاسَ كُلُّهُمْ عَلَيْهِمُ الْحُزْنُ وَهُمْ يُعَزِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَبْكُونَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ صَاحِبُ هَذِهِ الْجِنَازَةِ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ لا تَرَى مِثْلَهُ أَبَدًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ اللَّيْثُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، زَادَ بَعْضُهُمْ فِي شَعْبانَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مُنْتَصَفَ شَعْبَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. "حرف الْمِيمِ": 247- مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ1 -ع. هُوَ الإِمَامُ الْعَالِمُ، شَيْخُ الإِسْلامِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ غَيْمَانَ بْنِ خُثَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ. وَالْحَارِثُ هُوَ ذُو أَصْبَحَ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبَيْعَةَ بْنِ نَبْتِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلانَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يَعْرِبَ بْنِ قَحْطَانَ، وَإِلَى قَحْطَانَ جِمَاعُ الْيَمَنِ. وَقِيلَ: ذُو أَصْبَحَ مِنْ حِمْيَرٍ؛ الْمَدَنِيُّ الأصبحي حليف عثمان بن عبيد الله التميمي أَخِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. مَوْلِدُ مَالِكٍ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ، سَمِعَهُ مِنْهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ خَادِمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو داود: وُلِدَ سَنَةَ اثنتين وتسعين. قلت: الأول هو الصحيح.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 192"، والجرح والتعديل "8/ 204-206"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 310، 311"، والثقات لابن حبان "7/ 459"، وتهذيب الكمال "3/ 1296، 1298". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 174 وَقِيلَ: وُلِدَ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَأَوَّلُ طَلَبِهِ لِلْعِلْمِ فِي حُدُودِ سَنَةِ عَشْرٍ وَمِائَةٍ، وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، فَأَخَذَ عَنْ: نَافِعٍ وَلازَمَهُ، وَعَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَنُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، وَوَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ، فقلَّ مَا رَوَى عَنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ. رَوَى عَنْهُ: مِنْ شُيُوخِهِ: الزُّهْرِيُّ، وَرَبَيْعَةُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَمِنْ أَقْرَانِهِ: الأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَخَلْقٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ منصور، ويحيى بن يحيى، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْقُرْطُبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَالنُّفَيْلِيُّ، وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، وَخَلائِقُ آخِرُهُمْ وَفَاةً أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السَّهْمِيُّ. قَالَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي الزُّبَيْرِ يَقُولُ: ثَنَا مَالِكٌ قَالَ: رَأَيْتُ عطاء بن أبي رَبَاحٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأَخَذَ بِرُمَّانَةِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَدْعُو. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لِمَالِكٍ نَحْوَ أَلْفِ حَدِيثٍ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لا يُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ أَحَدًا. قَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَالْوَاقِدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ: حَمَلَتْ بِمَالِكٍ أُمُّهُ ثَلاثَ سِنِينَ. وَعَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ الْمَدَنِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بياضًا قط ولا حمرة أحسن من مَالِكٍ، وَلا أَشَدَّ بَيَاضَ ثَوْبٍ مِنْ مَالِكٍ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَ مَالِكٌ رَجُلا طَوِيلا جَسِيمًا، عَظِيمَ الْهَامَةِ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ أَشْقَرَ، أَصْلَعَ، عَظِيمَ اللِّحْيَةِ، عَرِيضَهَا. وَكَانَ لا يُحْفِي شَارِبَهُ وَيَرَاهُ مُثْلَةً. وَقِيلَ: كَانَ أَزْرَقَ الْعَيْنَيْنِ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 175 وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ طَوِيلا عَظِيمَ الْهَامَةِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، شَدِيدَ الْبَيَاضِ بِشُقْرَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ: كَانَ مَالِكٌ نَقِيَّ الثَّوْبِ رَقِيقَهُ، يَكْرَهُ اخْتِلافَ اللَّبُوسِ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: كَانَ مَالِكٌ يَلْبَسُ الْبَيَاضَ، وَرَأَيْتُهُ وَالأَوْزَاعِيَّ يَلْبَسَانِ السِّيجَانَ، وَلا يَرَيَانِ بِلِبْسِهَا بَأْسًا. قَالَ أَشْهَبُ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا اعْتَمَّ جَعَلَ مِنْهَا تَحْتَ ذَقْنِهِ، وَيُسْدِلُ طَرْفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: رَأَيْتُ على مالك طيلسانًا وثيابًا كروية جِيَادًا. قَالَ أَشْهَبُ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا اكْتَحَلَ لِلضَّرُورَةِ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ. وَقَالَ مُصْعَبٌ: كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْعَدَنِيَّةَ الْجِيَادَ وَيَتَطَيَّبُ. قُلْتُ: قَدْ كَانَ هَذَا الإِمَامُ عَظِيمَ الْجَلالَةِ كَثِيرَ الْوَقَارِ. قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: مَن أثبت أصحاب الزهري؟ قلت: مَالِكٌ أَثْبَتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا ذُكِرَ الْعُلَمَاءُ فَمَالِكٌ النَّجْمُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ: كَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ثِقَةٌ، ثَبْتًا حُجَّةً، فَقِيهًا، عَالِمًا، وَرِعًا. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَالِكٌ أَفْقَهُ مِنَ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْلا مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ لَذَهَبَ علم الحجاز، وما في الأرض كتبًا فِي الْعِلْمِ أَكْثَرَ صَوَابًا مِنَ الْمُوَطَّأِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْخَطِيبُ، وَأَنَا عَلِيُّ بْنُ تَيْمِيَةَ بِمِصْرَ، أَنَا عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ يُوسُفَ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، نَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ غَالِبٍ الْعَطَّارُ، نَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَتَضْرِبَنَّ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ فِي طَلَبِ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 176 الْعِلْمِ، فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ"1. وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: نَا لَيْثُ بْنُ الْفَرَجِ بِالْعَسْكَرِ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا. وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَعْقُوبُ الْعَطَّارُ، ثَنَا أَبُو مُوسَى الأَنْصَارِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ: أَكَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُ: نَرَى أَنَّهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ؟ فَقَالَ: إنما العالم من يخشى من اللَّهَ، وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَخْشَى للَّهِ مِنَ الْعُمَرِيِّ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّهْرَانِيُّ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَقِيبَهُ: كُنَّا نَرَى أَنَّهُ مَالِكٌ. قُلْتُ: وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهُ مَالِكٌ. وَقِيلَ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. قَالَ خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ: بَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِلَى مَالِكٍ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا بِالْعِرَاقِ، فَضَعْ لِلنَّاسِ كِتَابًا نَجْمَعُهُمْ عَلَيْهِ. فَوَضَعَ الْمُوَطَّأَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مِرَارًا، وَكَانَ لا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْهَاشِمِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ إِلا قَبَّلَ يَدَهُ، فَلَمْ أُقَبِّلْ يَدَهُ قَطُّ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ مَالِكٌ إِمَامًا فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَعْمَرٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا شَكَّ فِي حَدِيثٍ طَرَحَهُ كُلَّهُ. قَالَ شُعْبَةُ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ نَافِعٍ بِسَنَةٍ، وَإِذَا لِمَالِكٍ حَلْقَةٌ. قُلْتُ: تَصَدَّرَ لِلْعِلْمِ وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الْعِشْرِينَ. قَالَ عَبْدُ السَّلامِ بْنُ عَاصِمٍ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: رَجُلٌ يُحِبُّ أَنْ يَحْفَظَ حَدِيثَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ. قَالَ: يَحْفَظُ حَدِيثَ مَالِكٍ. قلت: فرأي. قال: رأي مالك.   1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "2682"، وأحمد "2/ 299"، والحاكم "1/ 91"، والبيهقي في السنن "1/ 286"، وانظر ضعيف الجامع "6448". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 177 وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قِيلَ لأُخْتِ مَالِكٍ: مَا كَانَ شُغْلُ مَالِكٍ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتِ: الْمُصْحَفُ وَالتِّلاوَةُ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: كَانُوا يَزْدَحِمُونَ عَلَى بَابِ مَالِكٍ حَتَّى يَقْتَتِلُوا مِنَ الزِّحَامِ، وَكُنَّا نَكُونُ عِنْدَهُ فَلا يُكَلِّمُ ذَا ذَا، وَلا يَلْتَفِتُ ذَا إِلَى ذَا، وَالنَّاسُ قَابِلُونَ بِرُءُوسِهِمْ هَكَذَا، وَكَانَتِ السَّلاطِينُ تَهَابُهُ وَهُمْ قَابِلُونَ مِنْهُ وَمُسْتَمِعُونَ، وَكَانَ يَقُولُ: لا وَنَعَمْ، وَلا يُقَالُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟ قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرُهُ: كَانَ خَاتَمُ مَالِكٍ فَصُّهُ أَسْوَدُ حَجَرٌ، وَنَقْشُهُ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَكَانَ يَلْبَسُهُ فِي يَسَارِهِ، وَرُبَّمَا لَبِسَهُ فِي يَمِينِهِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَهْيَبَ مِنْ مَالِكٍ، وَلا أَتَمَّ عَقْلا، وَلا أَشَدَّ تَقْوًى. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: الَّذِي نَقَلْنَا مِنْ أَدَبِ مَالِكٍ أَكْثَرَ مِمَّا تَعَلَّمْنَاهُ مِنْ عِلْمِهِ. وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: مَا جَالَسْتُ سَفِيهًا قَطُّ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: أَفْتَى مَالِكٌ مَعَ نَافِعٍ وَرَبَيْعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ الزُّهْرِيُّ وَحَدَّثَنَا فَقَالَ لَهُ رَبَيْعَةُ: هَهُنَا مَنْ يَسْرِدُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثْتَ بِهِ أَمْسَ. قَالَ: وَمَنْ؟ قَالَ: ابْنُ أَبِي عَامِرٍ. قَالَ: هَاتِ. فَحَدَّثَهُ بِأَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ. فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا كُنْتُ أَرَى مَنْ يَحْفَظُ هَذَا الْحِفْظَ غَيْرِي. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَسَدُوا مَالِكًا وَسَعَوْا بِهِ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهُوَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لا يَرَى بَيْعَتَكُمْ هَذِهِ شَيْئًا، وَيَأْخُذُ بِحَدِيثِ طَلاقِ الْمُكْرَهِ أَنَّهُ لا يَجُوزُ. فَغَضِبَ وَدَعَا بِهِ، وَجُرِّدَ وَمُدَّتْ يَدُهُ حَتَّى انْخَلَعَ كَتِفُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ يَدَاهُ، حَتَّى انْخَلَعَتْ كَتِفَاهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّرْبُ فِي عُلُوٍّ وَرِفْعَةٍ. وَرَوَى الْحَافِظُ أبو الوليد الْبَاجِيُّ قَالَ: حَجَّ الْمَنْصُورُ فَأَقَادَ مَالِكًا مِنْ جعفر بن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 178 سليمان، فامتنع وَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا ارْتَفَعَ مِثْلَ مَا ارْتَفَعَ مَالِكٌ، مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَثِيرُ صَلاةٍ، إِلا أَنْ تَكُونَ لَهُ سَرِيرَةٌ. وَقَالَ أَشْهَبُ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكٍ كَالصَّبِيِّ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيهِ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: سَأَلَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَشْيَاءَ ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَعْقَلُ النَّاسِ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ النَّاسِ. قُلْتُ: لا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّكَ تَكْتُمُ. وَاللَّهِ لَوْ بَقِيتُ لأَكْتُبَنَّ قَوْلَكَ كَمَا تُكْتَبُ الْمَصَاحِفُ، وَلأَبْعَثَنَّ بِهِ إِلَى الآفَاقِ، فَأَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ. حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَكَتَبْتُ بِهَا ثُمَّ قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: عَمَّنْ كَتَبْتَ؟ أَكَتَبْتَ عَنْ مَالِكٍ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ جِئْنِي بِمَا كَتَبْتَ عَنْهُ. فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَدَعَا بِقِرْطَاسٍ وَدَوَاةٍ، فَجَعَلْتُ أُمِلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَكْتُبُ. وَقَالَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا حُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: قَدِمَ الْمَهْدِيُّ فَبَعَثَ إِلَى مَالِكٍ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، أَوْ قَالَ: بِثَلاثَةِ آلافِ دِينَارٍ. قَالَ قُتَيْبَةُ: كُنَّا إِذَا دَخَلْنَا عَلَى مَالِكٍ خَرَجَ إِلَيْنَا مُكَحَّلا مُزَيَّنًا مُطَيَّبًا قَدْ لَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ تَصَدَّرَ فَدَعَا بِالْمَرَاوِحِ، فَأَعْطَى لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنَّا مَرْوَحَةً. ابْنُ سَعْدٍ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ وَالْجُمُعَةَ وَالْجَنَائِزَ، وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَيَقْضِيَ الْحُقُوقَ، وَيَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ تَرَكَ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ يُصَلِّي وَيَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَتَرَكَ شُهُودَ الْجَنَائِزِ فَكَانَ يَأْتِي أَصْحَابَهَا فَيُعَزِّيهِمْ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ حَتَّى تَرَكَ الْجُمُعَةَ. وَاحْتَمَلَ النَّاسُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَكَانُوا أَرْغَبَ مَا كَانُوا فِيهِ وَأَشَدَّهُ لَهُ تَعْظِيمًا، حَتَّى مَاتَ عَلَى ذَلِكَ. وَكَانَ رُبَّمَا كُلِّمَ فِي ذَلِكَ فيقول: ليس كل واحد يقدر أَنْ يَتَكَلَّمَ بِعُذْرِهِ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 179 وَكَانَ يَجْلِسُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى ضِجَاعٍ وَنَمَارِقَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فِي سَائِرِ الْبَيْتِ لِمَنْ يَأْتِيهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ وَالنَّاسِ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ وَقَارٍ وَحِلْمٍ وَعِلْمٍ. وَكَانَ مَهِيبًا نَبِيلا مَا فِي مَجْلِسِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمِرَاءِ وَاللَّغَطِ، وَلا رَفْعِ صَوْتٍ، وَكَانَ الْغُرَبَاءُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَدِيثِ فَلا يُجِيبُ إِلا فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ الْحَدِيثِ، وَرُبَّمَا أَذِنَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ لَهُ كَاتِبٌ قَدْ نَسَخَ كُتُبَهُ يُقَالُ لَهُ حبيب، يقرأ للجماعة، فليس أحد من يَحْضُرُهُ يَدْنُو، وَلا يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ، وَلا يَسْتَفْهِمُ هَيْبَةً لَهُ وَإِجْلالا. وَكَانَ حَبِيبٌ إِذَا قَرَأَ فَأَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَكَانَ ذَلِكَ قَلِيلا. قَالَ هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، وَأَبُو حَاتِمٍ: أَنَا أَبُو سَيْفٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا عُتْبَةُ بْنُ حَمَّادٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: مَا عَلَى ظَهْرِهَا أَعْلَمَ مِنْكَ. قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَسَمِّهِمْ لِي. قُلْتُ: لا أَحْفَظُ أَسْمَاءَهُمْ. قَالَ: قَدْ طَلَبْتُ هَذَا الشَّأْنَ فِي زَمَانِ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَدْ عَرَفْتُهُ، فأما أهل العراق فأهل إفك وباطل، أما أَهْلُ الشَّامِ فَأَهْلُ جِهَادٍ، وَلَيْسَ فِيهِمْ كَبِيرُ عِلْمٍ، وَأَمَّا أَهْلُ الْحِجَازِ، فَفِيهِمْ بَقِيَّةُ الْعِلْمِ فَأَنْتَ عَالِمُ الْحِجَازِ. زَادَ أَبُو حَاتِمٍ: فَلا تَرُدَّنَّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَوْلَهُ. ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ هَذَا الْعِلْمَ لِمُحَمَّدٍ. حَمَّادُ بْنُ غَسَّانَ وَاهٍ. نَا ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَقَدْ حَدَّثْتُ بِأَحَادِيثَ وَدِدْتُ أَنِّي ضُرِبْتُ بِكُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا سَوْطَيْنِ وَلَمْ أُحَدِّثْ بِهَا. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: سَأَلَ الرَّشِيدُ مَالِكًا وَهُوَ فِي مَنْزِلِ مَالِكٍ، وَمَعَهُ بَنُوهُ، أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمْ فقال: ما قرأت على أحد منذ زمان، وَإِنَّمَا يُقْرَأُ عليَّ. فَقَالَ: أَخْرِجِ النَّاسَ حَتَّى أَقْرَأُ أَنَا. فَقَالَ: إِذَا مُنِعَ الْعَامُّ لِبَعْضِ الْخَاصِّ لَمْ يَنْتَفِعِ الْخَاصُّ. وَأَمَرَ مَعْنًا، فَقَرَأَ عليه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 180 قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: كَانَ مَالِكٌ لا يُفْتِي حَتَّى يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: لَمْ يَشْهَدْ مَالِكٌ الْجَمَاعَةَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. فَقِيلَ لَهُ: مَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: مَخَافَةَ أَنْ أَرَى مُنْكَرًا فَأَحْتَاجُ أَنْ أُغَيِّرَهُ، رَوَاهَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عنه. وقال الحسين بن الحسن بن مهاجر الْحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ يَقُولُ: كَانَ مَالِكٌ بَعْدَ تَخَلُّفِهِ عَنِ الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِي مَنْزِلِهِ في جماعة يصلون بصلاته. وكان يُصَلِّي صَلاةَ الْجُمُعَةِ فِي مَنْزِلِهِ وَحْدَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ قَالَ: سَأَلَ سِنْدِيٌّ مَالِكًا عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَهُ، فَقَالَ: أَنْتَ مِنَ النَّاسِ أَحْيَانًا تُخْطِئُ وَأَحْيَانًا لا تُصِيبُ، قَالَ: صَدَقْتَ، هَكَذَا النَّاسُ فَفَطَّنُوا مالكًا فقال: عهدت العلماء لا يتكلمون بِمِثْلِ هَذَا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: قُلْتُ لمالك: إني سمعت الليث يقول رَأَيْتَ صَاحِبَ كَلامٍ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ فَلا تَثِقَنَّ بِهِ. فَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ رَأَيْتَهُ يَمْشِي عَلَى الْهَوَاءِ فَلا تَأْمَنَنَّ نَاحِيَتَهُ، وَلا تَثِقَنَّ بِهِ. النَّجَّادُ: نَا هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ: حَدَّثَنِي أَبُو يُوسُفَ الصَّيْدَلانِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيَّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: انظروا أهل المشرق فنزلوهم بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، إِذَا حَدَّثُوكُمْ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ ولا تكذبوهم. ثم رآني، فكأنه استحيا فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ غِيبَةً، كَذَا أَدْرَكْتُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ. فَهَذِهِ الْحِكَايَةُ عَنْ مَالِكٍ يُرِيدُ بِهَا مَنْ لَمْ تثبت عدالته منهم، فإنه بلاريب مَجْهُولُ الْحَالِ فَلا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. وَمَنْ عُلِمَ كَذِبُهُ رُدَّ خَبَرُهُ، أَمَّا مَنْ ثَبُتَ صِدْقُهُ وَإِتْقَانُهُ فَهُمْ كَعُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ، فَلِمَالِكٍ نُظَرَاءٌ فِي أَهْلِ الْمَشْرِقِ مِثْلُ: شُعْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَيَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ، وَلِشُيُوخِ مَالِكٍ نُظَرَاءٌ: كَمَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، وَقَتَادَةَ، وَلِلْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَعُرْوَةَ نُظَرَاءٌ فِي الْجَلالَةِ كَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. نَعَمْ، الكذابون يندرون بالحجاز، ويكثرون بالعراق. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 181 قال البوسنجي: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الرَّمَّاحَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا فِي الصَّلاةِ مِنْ فَرِيضَةٍ وَمَا فِيهَا مِنْ سُنَّةٍ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا كَلامُ الزَّنَادِقَةِ، أَخْرِجُوهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ فَسُئِلَ عَنِ الْبَتَّةِ، فَقَالَ: هِيَ ثَلاثٌ. فَأَخَذْتُ أَلْوَاحِي لِأَكْتُبَ فَقَالَ: لا تَكْتُبْ فَعَسَى فِي الْعَشِيِّ أَنْ أَقُولَ إِنَّهَا وَاحِدَةٌ. وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُخْطِئُ وَأُصِيبُ، فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي، فَكُلُّ مَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ، وَمَا خَالَفَ فَاتْرُكُوهُ. إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْعِرَاقِ قَالَ لِي: اكْتُبْ لِي مِائَةَ حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، فَكَتَبْتُهَا لَهُ، فَأَخَذَهَا. قُلْتُ لِمَالِكٍ: فَمَا قَرَأَهَا عَلَيْكَ وَلا قَرَأْتُهَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: لا، هو أَفْقَهَ مِنْ ذَلِكَ. مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَقَمْتُ عَلَى بَابِكَ سَبْعِينَ يَوْمًا وَقَدْ كَتَبْتُ سِتِّينَ حَدِيثًا. فَقَالَ: سِتُّونَ حَدِيثًا! وَكَأَنَّهُ يَسْتَكْثِرُهَا. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنَّا رُبَّمَا كَتَبْنَا بِالْكُوفَةِ فِي الْمَجْلِسِ سِتِّينَ حَدِيثًا. قَالَ: وَكَيْفَ بِالْعِرَاقِ دَارُ الضَّرْبِ، يُضْرَبُ بِاللَّيْلِ وَيُنْفَقُ بِالنَّهَارِ. أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: نَا إِسْحَاقُ بْنُ الطَّبَّاعِ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَمَّا يَتَرَخَّصُ فِيهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ الْغِنَاءِ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَفْعَلُهُ عِنْدَنَا الْفُسَّاقُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ مِنَ الزُّهْرِيِّ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً لا أُحَدِّثُ بِهَا أَبَدًا. وَقَالَ مَعْنٌ: كَانَ مَالِكٌ يَتَحَفَّظُ مِنَ الْبَاءِ وَالتَّاءِ. وَسَمِعَ ابْنُ وَهْبٍ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ذَهَبَ يَمْدَحُ نَفْسَهُ ذَهَبَ بَهَاؤُهُ. وَقَالَ أَبُو الرَّبِيعِ بْنُ أَبِي رِشْدِينَ: نَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 51] كَيْفَ اسْتِوَاؤُهُ؟ فَأَطْرَقَ مَالِكٌ وَأَخَذَتْهُ الرُّحَضَاءُ1 ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كَمَا وَصَفَ   1 الرحضاء: العرق الكثير، ورحض الرجل رحضا: عرق حتى كأنه غسل جسده. اللسان "رحض". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 182 نَفْسَهُ، وَلا يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ، وَكَيْفَ عَنْهُ مَرْفُوعٌ، وَأَنْتَ رَجُلُ سَوْءٍ صَاحِبُ بِدْعَةٍ، أَخْرِجُوهُ، فَأُخْرِجَ الرَّجُلُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ النَّضْرِ النَّيْسَابُورِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، كَيْفَ اسْتَوَى؟ وَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَفْظَهُ؟ فَقَالَ الاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ: قَالَ مَالِكٌ: اللَّهُ فِي السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ سُرَيْجِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنِ ابْنِ نَافِعٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: التَّوْقِيتُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِدْعَةٌ. قُلْتُ: قَدْ صَحَّ التَّوْقِيتُ، وَلَكِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا ذَلِكَ. قَالَ الْبُخَارِيّ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي تَمْهِيدِهِ: هَذَا كَتَبْتُهُ مِنْ حِفْظِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيَّ كَتَبَ إِلَى مَالِكٍ يَحُضُّهُ عَلَى الانْفِرَادِ وَالْعَمَلِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ إِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ الأَعْمَالَ كَمَا قَسَّمَ الأَرْزَاقَ، فَرُبَّ رَجُلٍ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّلاةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الْجِهَادِ. وَنَشْرِ الْعِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ، وَقَدْ رَضِيتُ مَا فُتِحَ لِي فِيهِ، وَمَا أَظُنُّ مَا أَنَا فِيهِ بِدُونِ مَا أَنْتَ فِيهِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ كِلانَا عَلَى خَيْرٍ وَبِرٍّ. قُلْتُ: مَا أَحْسَنَ مَا جَاوَبَ الْعُمَرِيَّ عَلَيْهِ بِسَابِقِ مَشِيئَةِ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ، وَلَمْ يُفَضِّلْ طَرِيقَتَهُ فِي الْعِلْمِ عَلَى طَرِيقَةِ الْعُمَرِيِّ فِي التَّأَلُّهِ وَالزُّهْدِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الْمُتَعَالِ بْنُ صَالِحٍ صَاحِبُ مَالِكٍ قَالَ:: قِيلَ لِمَالِكٍ: إِنَّكَ تَدْخُلُ عَلَى السُّلْطَانِ وَهُمْ يَظْلِمُونَ وَيَجُورُونَ. قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَأَيْنَ التَّكَلُّمُ بِالْحَقِّ؟ قَالَ مُوسَى بْنُ داود: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو جَعْفَرٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: يَا مَالِكُ كَثُرَ شَيْبُكَ. قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ السُّنُونَ كَثُرَ شَيْبُهُ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 183 قال لي: ما لي أَرَاكَ تَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ؟ قَلْتُ: كَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ عِنْدَنَا مِنَ الصَّحَابَةِ، فَاحْتَاجَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَسَأَلُوهُ، فَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ فِي مَرَاتِبِ أَصْحَابِ نَافِعٍ: أَيُّوبُ وَفَضْلُهُ، وَمَالِكٌ وَإِتْقَانُهُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَحِفْظُهُ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَيُّمَا أَعْلَمُ، صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قُلْتُ: عَلَى الإِنْصَافِ. قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ مَنْ أَعْلَمَ بِالْقُرْآنِ. قَالَ: صَاحِبُكُمْ. قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ صَاحِبُكُمْ. قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمَ بِأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ وَالْمُتَقَدِّمِينَ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي مَالِكًا. قُلْتُ: لَمْ يَبْقَ إِلا الْقِيَاسُ، وَالْقِيَاسُ لا يَكُونُ إِلا عَلَى هَذِهِ الأَشْيَاءِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الأُصُولَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَقِيسُ. أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: جِئْتُكَ مِنْ مَسِيرَةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، حَمَّلَنِي أَهْلُ بِلادِي مَسْأَلَةً. قَالَ: سَلْ. فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: لا أُحْسِنُ. قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ أَقُولُ لِأَهْلِ بِلادِي؟ قَالَ: تَقُولُ: قَالَ مَالِكٌ: لا أُحْسِنُ. قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أحمد: من الذي ضرب مالك؟ قَالَ: ضَرَبَهُ بَعْضُ الْوُلاةِ فِي طَلاقِ الْمُكْرَهِ، كَانَ لا يُجِيزُهُ، فَضَرَبَهُ لِذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو داود: ضَرَبَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَبَّاسِيُّ مَالِكًا فِي طَلاقِ الْمُكْرَهِ، فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا ضُرِبَ وَحُلِقَ وَحُمِلَ عَلَى بَعِيرٍ، وَقِيلَ لَهُ: نَادِ عَلَى نَفْسِكَ، فَنَادَى: أَلا مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، أَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، أَقُولُ: طَلاقُ الْمُكْرَهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ جَعْفَرُ: أَدْرِكُوهُ أَنْزِلُوهُ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 184 وَعَنْ إِسْحَاقَ الْفَرَوِيِّ، وَغَيْرِهِ قَالَ: ضُرِبَ مَالِكٌ وَنِيلَ مِنْهُ، وَحُمِلَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. فَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: ضُرِبْتُ فِيمَا ضُرِبَ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَرَبَيْعَةُ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يُؤْذَى فِي هَذَا الأَمْرِ. وَعَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَرْفَعَهُ اللَّهُ بِكُلِّ سَوْطٍ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ الأَصْمَعِيُّ: ضَرَبَهُ جَعْفَرُ، ثُمَّ بَعْدُ مَشِيتُ بَيْنَهُمَا، حَتَّى جَعَلَهُ فِي حِلٍّ. سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ: نَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ سَنْدَلٌ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! أَنْتَ مَرَّةً تُخْطِئُ وَمَرَّةً لا تُصِيبُ. قَالَ: كَذَاكَ النَّاسُ. ثُمَّ فَطِنَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: أَخُو حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لحميدًا أَخًا مِثْلَ هَذَا مَا رَوَيْتُ عَنْ حُمَيْدٍ. عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: أَنَّ مُنَادِيًا نَادَى بِالْمَدِينَةِ: أَلا لا يُفْتِي النَّاسَ إِلا مَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. حَرْمَلَةُ: نَا ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ؟ قَالَ طَلَبُ الْعِلْمِ حَسَنٌ لِمَنْ رُزِقَ خَيْرُهُ، وَهُوَ قَسَمٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ: لا يَكُونُ إِمَامًا مَنْ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ. وَقَالَ: إِنَّ حَقًّا عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِأَثَرِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُ. قَالَ الرَّمَادِيُّ: ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، وَسُئِلَ: كَمْ أَتَى عَلَى مَالِكٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: تِسْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. قَالَ: وَمَاتَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سَنَةَ تِسْعِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. قال إسماعيل بن أبي أويس: اشتكى مالك: فسألت بعض أهلنا عما قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: تَشَهَّدَ، ثُمّ قَالَ: للَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 185 وَتُوُفِّيَ صَبِيحَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ فَصَلَّى عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن إبراهيم الملقب بالإمام ابن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاسٍ الْعَبَّاسِيِّ. وَأُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ الْعَبَّاسِيَّةُ وَكَانَ الأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ يُعْرَفُ بِأُمِّهِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ زَيْنَبَ. رَوَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: ثُمّ قَالَ: وَسَأَلْتُ مُصْعَبًا الزُّبَيْرِيَّ فَقَالَ: بَلْ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ. وَأَخْبَرَنِي مَعْنُ بْنُ عِيسَى بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبِ الزُّهْرِيُّ: مَاتَ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ سُحْنُونٍ: مَاتَ فِي حَادِي عَشَرَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَاتَ لِثَلاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى سَنَةِ تِسْعٍ. وَمَنَاقِبُ مَالِكٍ وَسِيرَتُهُ يَطُولُ شَرْحُهَا، وَقَدْ أَفْرَدْتُ لَهُ تَرْجَمَةً فِي جُزْءٍ ضَخْمٍ، وكذا أفردت مَا وَقَعَ لِي عَالِيًا مِنْ حَدِيثِهِ فِي جُزْءٍ. وَقَدْ سَمِعْنَا مُوَطَّأَ ابْنِ مُصْعَبٍ عَنْهُ بِالإِجَازَةِ الْعَالِيَةِ، أَوْ مُوَطَّأَ الْقَعْنَبِيِّ، وَمُوَطَّأَ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَمُوَطَّأَ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّلاثَةِ بِالاتِّصَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 248- مُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ الْبَصْرِيُّ1 -ق. لَهُ نُسْخَةٌ عَنْ مَوْلاهُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ. رَوَى عَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ أَبِي سَمِينَةَ، وَحَفْصُ بْنُ عَمْرٍو الرَّبَالِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ هَالِكٌ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا صَحِيحًا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: عَرَضْتُ عَلَى أَبِي أَحَادِيثَ مبارك بن سحيم التي أخبرنا بِهَا سُوَيْدٌ، فَأَنْكَرَهَا وَلَمْ يَحْمَدْهُ، وَأَظُنُّهُ قَالَ: ليس بثقة.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 341"، والتاريخ الكبير "7/ 427"، والمجروحين لابن حبان "3/ 23"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2322، 2324". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 186 وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. الْعُقَيْلِيُّ: نَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، نَا عَلِيُّ بْنُ الدِّرْهَمِيِّ، نَا مُبَارَكٌ أَبُو سُحَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ما من قبيلتين مسلمتين التقيتا بِأَسْيَافِهِمَا إِلا كَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ"1. 249- مبارك بن سعيد بن مسروق الثوري2 -د. ت. أبو عبد الرحمن الكوفي الضرير، أَخُو سُفْيَانَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَخِيهِ، وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، وَمُوسَى الْجُهَنِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلائِيِّ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَرَّازُ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السَّكُونِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 250- الْمُبَارَكُ بْنُ مُجَاهِدٍ3. أَبُو الأَزْهَرِ الْمَرْوَزِيُّ، نَزِيلُ الرِّيِّ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ الأَبْرَشُ، وَعِصَامُ بْنُ يُوسُفَ الْبَلْخِيُّ. قَالَ قتيبة: كان قدريًّا، وضعفه جدًّا.   1 "إسناده ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 223"، وفي إسناده صاحب الترجمة انظر كلام العلماء عليه. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 385"، والجرح والتعديل "8/ 339"، والثقات لابن حبان "9/ 190"، وتهذيب الكمال "3/ 1301". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 340، 341"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 427"، والمجروحين لابن حبان "3/ 23". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 187 251- مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو1. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ، وَيَزْدَادُ بْنُ أَسَدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ. كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. مَجْمَعُ بْنُ أَيُّوبَ -د. ت. مَرَّ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. 252- مُحْرِزُ، وَيُقَالُ مُحَرَّرُ بِالإِهْمَالِ، بْنُ هَارُونَ الْقُرَشِيُّ التميمي2 الْمَدَنِيُّ -ت. عِنْدَهُ ثَلاثَةُ أَحَادِيثَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، ويعقوب بن محمد الزهري، وأبو مصعب الزهري. قال البخاري: منكر الحديث. وقد حسن له، الترمذي، ووهاه غيره، والجمهور على تضعيفه. 253- محمد بن أبان بن صالح3. أبو عمر الجعفي، مولاهم الكوفي، جد عبد الله بن عمر مشكدانة روى عن: عاصم بن بهدلة حروفة. روى عن: أبي إسحاق، وحماد بن أبي سليمان. وعنه: نعيم بن يحيى السعيدي، والطيالسيان، ويحيى الحماني، وعبد الحميد بن صالح، وغيرهم.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 390"، والمجروحين لابن حبان "3/ 18، 19"، والضعفاء للعقيلي "4/ 264"، ولابن عدي "6/ 2449". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 345"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 22"، والمجروحين لابن حبان "3/ 19"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2434". 3 الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 385"، والجرح والتعديل "7/ 199"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 34". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 188 ضعفه ابن معين، وأبو داود. ويقال أيضا القرشي، لأن ولاءه لعثمان بن عفان. مات سنة إحدى وسبعين ومائة. وأما أبوه فثقة يروي عن مجاهد. 254- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ1 -خ. كَانَ يُفْتِي فِي حَيَاةِ مَالِكٍ، وَمَاتَ بَعْدَهُ. يُؤَخَّرُ. 255- مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: مَنْصُورٍ، وَلَيْثٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَعَبَّادُ الرَّوَاجِنِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: شِيعِيٌّ. قُلْتُ: لَهُ فِي خَصَائِصِ عَلِيٍّ شَيْءٌ. 256- مُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ الْكُوفِيُّ3 -د. مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، سَكَنَ الدِّينَوَرَ، وَرَوَى عَنْ: حصين بن عبد الرحمن، وسهيل بن أبي صَالِحٍ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، وإيراهيم بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ. صَدُوقٌ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَحَدَّثَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَدْ تَفَرَّدَ بأحاديث ولم يترك، وجرير الضبي عمه.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 184"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 25"، والثقات لابن حبان "9/ 39". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 188"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 36"، والثقات لابن حبان "9/ 41". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 207"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 41"، وتهذيب الكمال "3/ 1176". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 189 257- مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسَ1. أَبُو بَكْرٍ الْجُبْلانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ، وَأَبُوهُ صَالِحُ الْحَدِيثِ. 258- مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ2. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بْنِ دينار، وَنَافِعٍ الْعُمَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: خلف الْبَزَّارِ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَمِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا. مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ -ت. قَدْ ذُكِرَ، وَهُوَ قديم الموت. 259- محمد بن جابر اليمامي3 -د. ق. الضرير الحنفي السحيمي، أخو أيوب بن جابر.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 197"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 30"، والثقات لابن حبان "7/ 385". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 370"، والجرح والتعديل "7/ 216"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 50، 51"، والمجروحين لابن حبان "2/ 251". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 556"، والجرح والتعديل "7/ 219، 220"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 53". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 190 رَوَى عَنْ: قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ، وَابْنُ عَوْنٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَسُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ومسدد، ولوين، وإسحاق بن أبي إِسْرَائِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ الْمَكِّيُّ، وَعِدَّةٌ. وَأَصْلُهُ كُوفِيٌّ فِيمَا قِيلَ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَاءَ حِفْظُهُ فِي الآخِرِ، وَذَهَبَتْ كُتُبُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ وَهُوَ يُحَدِّثُ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ حَدِّثْ مِنْ كُتُبِكَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، فَأَرْسَلَ لَهُ كُتُبَهُ. قال إسحاق بن إِسْرَائِيلَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، نَا قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِّ الذَّكَرِ قَالَ: "إِنَّمَا هُوَ مِنْكَ" 1. بُنْدَارٌ، نَا غُنْدَرٌ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، بِهَذَا. وَرَوَاهُ قَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْهُ. وَقَالَ محمد بن عمرو، عن بْنِ أَبِي مَذْعُورٍ: نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ. 260- مُحَمَّدُ بْنُ دَابٍ الْمَدَنِيُّ2 -د. ت.   1 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "4/ 22"، وأبو نعيم في الحلية "7/ 103"، والدارقطني في السنن "1/ 149". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 250"، وتهذيب الكمال "3/ 1195"، وميزان الاعتدال "7/ 250"، والمغني في الضعفاء "2/ 577". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 191 عَنْ: صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سلام الجمحي. كذبه أبو زرعة، وابن حيان. وَعِيسَى بْنُ دَابٍ، مَرَّ. 261- مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الأزدي الطاحي البصري1 -د. ت. أبو بكر. عن: يونس بن عبيد، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمَعْمَرٍ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَالْقَعْنَبِيُّ وقتيبة، محمد بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَنْفَرِدُ بِأَشْيَاءَ، وَهُوَ صدوق. 262- محمد بن زياد اليشكري2 -ت. أَبُو مُصْعَبٍ الْكُوفِيُّ الطَّحَّانُ، وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِالْمَيْمُونِيُّ رَوَى عَنْ: مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَأَبِي ظِلالٍ الْقَسْمَلِيِّ، وَأَبِي عَجْلانَ. وَعَنْهُ: شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، وَالرَّبِيعُ بْنُ ثَعْلَبٍ. قَالَ أَحْمَدُ: كَذَّابٌ أَعْوَرُ يَضَعُ الحديث. وقال الفلاس: سمعته يقول: أنا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "زَيِّنُوا مَجَالِسَ نِسَائِكُمْ بِالْمِغْزَلِ"3. ثُمَّ قَالَ الْفَلاسُ: هو كذاب.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 249"، والتاريخ الكبير "1/ 77"، والثقات لابن حبان "7/ 419"، وتهذيب الكمال "3/ 1196". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 258"، والتاريخ الكبير "1/ 83"، والمجروحين لابن حبان "2/ 250"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2140". 3 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2141"، وفي إسناده صاحب الترجمة كذبه العلماء. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 192 وَقَالَ الْجُوزْجَانِيُّ: كَانَ كَذَّابًا خَبِيثًا. قُلْتُ: وَلَهُ بِهَذَا الإِسْنَادِ: "اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الْمَقَاصِيصَ فَإِنَّهَا تُلْهِي الْجِنَّ عَنْ صِبْيَانِكُمْ"1. وَبِهِ قَالَ: "سَمْنُ الْبَقَرِ وألبانها وَلُحُومُهَا دَاءٌ"2. 263- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ3. هُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، وَابْنُ عَمِّ الْمَنْصُورِ وَالَّذِي ثَبَّتَ دَوْلَتَهُمْ بِعَدْلِهِ وَبَلائِهِ يَوْمَ بَاخَمْرَا وَكَانَ قَتْلُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ عَلَى يَدِهِ. وَوَلِيَ أَيْضًا إِمْرَةَ فَارِسٍ وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا مُمَدَّحًا وَكَانَ الرَّشِيدُ يُجِلُّهُ وَيُبَالِغُ فِي إِكْرَامِهِ. وَقَدْ وَلِيَ أَيْضًا الْكُوفَةَ قِيلَ إِنَّ الرَّشِيدَ اسْتَوْلَى عَلَى تَرِكَتِهِ وَاصْطَفَاهَا، فَكَانَتْ بنحو خمسين ألف وألف درهم. وكان مَوْلِدُهُ، بِالْحُمَيْمَةِ مِنَ الشَّامِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ عَظِيمَ قَوْمِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي مَسْحِ "رَأْسِ الصَّبِيِّ، مُنْقَطِعٌ" سَمِعَ مِنْهُ: صَالِحٌ النَّاجِيُّ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ "بْنِ عَلِيٍّ إِلَى الأَعْمَشِ" يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيَسْتَعْرِضُ حَوَائِجَهُ فَسَكَتَ الأَعْمَشُ وَقَالَ: قَدْ عَلِمَ حَالَ النَّاسِ وَمَا نُحِبُّ أَنْ نُعْلِمَهُ بِشَيْءٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أربعمائة درهم.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2141"، وانظر ما سبق، وللمزيد انظر الضعيفة "18". 2 "إسناده موضوع وقد صح بلفظ آخر": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2141"، وانظر ما سبق، وقد صح بلفظ: "ألبان البقر شفاء وسمنها دواء ولحومها داء"، أخرجه الطبراني وانظر الصحيحة "1533". 3 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 97، 98"، والتاريخ للطبري "10/ 398"، ولسان الميزان "5/ 188". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 193 حَكَى الْعُمَرِيُّ الْكَاتِبُ أَنَّ رَجُلا ادَّعَى النُّبُوَّةَ أَيَّامَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، فَأُدْخِلَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ نَبِيٌّ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَيْلَكَ مَنْ غَرَّكَ؟ قَالَ: أَبِهَذَا تُخَاطِبُ الأَنْبِيَاءَ يَا جَاهِلُ؟ وَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي مُقَيَّدٌ لأَمَرْتُ جِبْرِيلَ أَنْ يُدَمْدِمَهَا عَلَيْكَ. قَالَ لَهُ: فَالْمُوثَقُ لا يُجَابُ؟ قَالَ: أَجَلْ، الأَنْبِيَاءُ خَاصَّةً إِذَا قُيِّدَتْ لَمْ يَرْتَفِعْ دُعَاؤُهَا. فَضَحِكَ وَقَالَ: مَتَى قُيِّدْتَ؟ قَالَ: الْيَوْمُ. قَالَ: فَنَحْنُ نُطْلِقُكَ وَتَأْمُرَ جِبْرِيلَ فَإِنْ أَطَاعَكَ آمَنَّا بِكَ. قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ. فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ فَإِنْ شِئْتَ فَافْعَلْ. فَأُطْلِقَ، فَلَمَّا وَجَدَ رَائِحَةَ الْعَافِيَةِ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ، ابْعَثُوا مَنْ شِئْتُمْ، فَمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ عَمَلٌ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، وَدَخْلُهُ كُلُّ يَوْمٍ مِائَةُ أَلْفٍ، وَأَنَا وَحْدِي، مَا ذَهَبَ لَكُمْ فِي حَاجَةٍ إِلا كَشْحَانُ. أَبُو الْعَيْنَاءِ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ: دَخَلَ فَزَارَةُ صَاحِبُ الْمَظَالِمِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ: خُذْ مِنَ الْخِلَّنْجِينَ مِقْدَارَ فَارَةٍ، وَمِنْ دَوَاءِ الْكُرْكُمِ مِقْدَارَ خُنْفُسَاءَ، وَسَوِّطْهُ بِمِقْدَارِ مِحْجَمَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَإِذَا صَارَ كَالْمُخَاطِ فَتَحَسَّاهُ. فَقَالَ: أَفْعَلُ إِنْ غُلِبْتُ عَلَى عَقْلِي، وَإِلا فَلا. قَالَ: تَجَلَّدْ، أَعَزَّكَ اللَّهُ. قَالَ: الصَّبْرُ عَلَى مَا بِي أَهْوَنُ. قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَتَكِيُّ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ مَوْلَى آلِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ كَانَ رَأْسُهُ فِي حِجْرِ أَخِيهِ جَعْفَرٍ، فَقَالَ جعفر: وا انقطاع ظهري. فقال محمد: وا انقطاع ظَهْرِ مَنْ يَلْقَى الْحِسَابَ غَدًا. يَا لَيْتَ أُمَّكَ لَمْ تَلِدْنِي، وَلَيْتَنِي كُنْتُ حَمَّالا، وَأَنِّي لَمْ أَكُنْ فِيمَا كُنْتُ فِيهِ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 194 وَقِيلَ: إِنَّ نُسَّاكَ الْبَصْرَةِ هَمُّوا بِتَوْبِيخِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَوَعَظَهُ وَهُوَ على المنبر، فخنقت مُحَمَّدًا الْعَبْرَةُ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْطُبَ، فَقَامَ أَخُوهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَتَكَلَّمَ عَنْهُ فَأَحَبَّهُ النُّسَّاكُ وقالوا: مؤمن مذنب. قال مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَاصْطَفَى الرَّشِيدُ عَامَّةَ مَا خَلَّفَ. 264- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي ضَمْرَةَ الْحِمْصِيُّ1. عَنْ: نَافِعٍ الْعُمَرِيِّ، وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَالْوُحَاظِيُّ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلالٍ، وَابْنُهُ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: نَا عَنْهُ الْوُحَاظِيُّ بِأَحَادِيثَ مُسْتَقِيمَةٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 265- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي2 التميمي الْمُلَيْكِيُّ الْمَدَنِيُّ. وَهُوَ أَبُو غِرَارَةَ، زَوْجُ جَبْرَةَ الخزاعية. وروى عَنْ: عَمِّ أَبِيهِ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، وَمُسَدَّدٌ، وَالْمُقَدَّمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو زرعة: لا بأس به.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 268"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 98"، والثقات لابن حبان "7/ 434". 2 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 157، 158"، والمجروحين لابن حبان "2/ 261"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2195". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 195 266- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ الْمَدَنِيُّ1. عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ لَيَالِي، وَهُوَ أَصْغَرُ من أبيه بسبع عَشْرَةَ سَنَةً. سَمِعَ: هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ وَطَبَقَتَهُ. وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ إِلا الْوَاقِدِيُّ. وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَطْنَبَ فِي وَصْفِهِ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 267- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ق. نَزِيلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. عَنْ: سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ بِنْتَ شُرَحْبِيلَ. وَهُوَ كَمَجْهُولٌ، وَأَحَادِيثُهُ ساقطة. وقال ابن الجوزي: كذاب. قلت: وهو مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 268- مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ الْقَرَظِ بْنِ عَائِذٍ الأَنْصَارِيُّ السَّعْدِيُّ3 -ت. مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُلَقَّبُ بِكُشَاكِشَ. رَوَى عَنْ: سعيد المقبري، وصالح مولى التوءمة، وأسيد البراد، وشريك بن أبي نمر.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 417"، والجرح والتعديل "8/ 317"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 155". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 325"، والضعفاء للعقيلي "4/ 72"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 623". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 43"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 185، 186"، والثقات لابن حبان "7/ 436". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 196 وَعَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْمُؤَذِّنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ، فَمَا تَكَلَّمَ فِيهِ، بَلْ ذَكَرَ لَهُ حَدِيثًا لَمْ يُتْقِنْهُ. 269- مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ1 -م. ع. أبو عبد الله المكي. عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَابْنِ طَاوُسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ. وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعِدَّةٌ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كُتُبُهُ صِحَاحٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ، مَا أَضْعَفَ حَدِيثَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ غَرَائِبُ، وَلَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. قَالَ مَعْرُوفُ بْنُ وَاصِلٍ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ بَيْنَ يَدَيْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ يَكْتُبُ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فَسَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْعِرَاقِيَّ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 270- مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ بْنً أَبِي عمران الهلالي الكوفي2. أخو سفيان.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 522"، والجرح والتعديل "8/ 77"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 223، 224". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 42"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 204"، والثقات لابن حبان "7/ 416". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 197 رَوَى عَنْ: أَبِي حَازِمٍ الْمَدِينِيِّ، وَعَنْ: شُعْبَةَ. وَمَاتَ قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ. حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 271- مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْفِطْرِيُّ المديني1 -م. ع. أبو عبد الله، مَوْلَى الْفِطْرِيِّينَ مَوَالِي بَنِي مَخْزُومٍ. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَيَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ اللَّيْثِيِّ، وَعَوْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَثَّقَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ يَتَشَيَّعُ. 272- مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ2. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَارِثِيُّ الْكُوفِيُّ عَابِدُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ. رَوَى عَنِ الأَوْزَاعِيِّ يَسِيرًا وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ إِذَا ذُكِرَ لَهُ الْمَوْتُ اضْطَرَبَتْ مَفَاصِلُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: شَهِدْتُ غُسْلَ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ، فَلَوْ سُلِخَ كُلُّ لَحْمٍ عَلَيْهِ مَا كَانَ رَطْلا. وَعَنْ أَبِي الأَحْوَصِ سَلامِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بن النضر جعل على نفسه   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 82"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 237"، والثقات لابن حبان "9/ 53". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 110"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 252"، والثقات لابن حبان "9/ 71". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 198 أَنْ لا يَنَامَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاثِ سِنِينَ، إِلا مَا غَلَبَتْ عَيْنُهُ. قَالَ عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ: اخْتَفَى مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ عِنْدِي مِنَ الْوَزِيرِ يَعْقُوبَ بْنِ داود فِي هَذِهِ الْعُلِّيَّةِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَمَا رَأَيْتُهُ نَائِمًا لَيْلا وَلا نَهَارًا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ قَالَ: أَوَّلُ الْعِلْمِ الإِنْصَاتُ، ثُمَّ الاسْتِمَاعُ لَهُ، ثُمَّ حِفْظُهُ، ثُمَّ الْعَمَلُ بِهِ، ثُمَّ بَثُّهُ. 273- مَرْثَدُ بْنُ عَامِرٍ الْهُنَائِيُّ1. عَنْ: كُلْثُومَ بْنِ خَيْرٍ، وَبِشْرِ بْنِ حَرْبٍ. وَعَنْهُ: مُسَدَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَحَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. سُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُ. 274- مَرْزُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2. بَصْرِيٌّ. عَنِ: ابْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: التَّبُوذَكِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعْدَوَيْهِ، وَشَيْبَانُ. صَالِحُ الْحَدِيثِ. 275- مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ الْكُوفِيُّ3. أَبُو سَعْدٍ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَالأَعْمَشِ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْوَرَّاقُ، وَأَبُو غسان النهدي، وعبد العزيز بن الخطاب.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 300"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 416"، والثقات لابن حبان "7/ 500". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 264"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 384". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 283"، والطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 388"، وتهذيب الكمال "3/ 1322". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 199 قال يحيى بن معين: كان من خيار عِبَادِ اللَّهِ وَكَانَ ابْنَ عَمِّ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 276- مِسْكِينُ بْنُ صَالِحٍ1. أَبُو حَفْصٍ الأَنْصَارِيُّ، مُؤَذِّنُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ. وَعَنْهُ: بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 277- مِسْكِينُ بْنُ مَيْمُونٍ2. مُؤَذِّنُ الرَّمْلَةِ. عَنْ: عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمَلِيُّ. 278- مسلم بن خالد المكي الفقيه3 -د. ق. أبو خالد الزنجي مولى بني مخزوم. روى عن: الزهري، وابن أبي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ. وَرَوَى حَرْفَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْهُ، نَقَلَهُ سَمَاعًا مِنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ. وَتَفَقَّهَ بِهِ: الشَّافِعِيُّ -وَهُوَ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي الْفُتْيَا- وَرَوَى عَنْهُ: هُوَ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَمُسَدَّدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، وهشام بن عمار، وعدة.   1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "8/ 4"، والثقات لابن حبان "7/ 505". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 329"، وميزان الاعتدال "4/ 101". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 499"، والجرح والتعديل "8/ 183"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 260". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 200 قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَسَنُ الْحَدِيثِ، أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ سُوَيْدُ: سُمِّيَ الزَّنْجِيُّ لِسَوَادِهِ، خَالَفَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ فَقَالُوا: كَانَ أَشْقَرَ، وَلُقِّبَ بِالزَّنْجِيِّ بِالضِّدِّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ: كَانَ فَقِيهًا عَابِدًا يَصُومُ الدَّهْرَ وَقَالَ أَبُو داود: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: مولده سنة مائة، ومات سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: كَانَ مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ فَقِيهَ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا الزَّنْجِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ أَشْقَرَ مِثْلَ الْبَصَلَةِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ إِمَامٌ فِي الْفِقْهِ، كَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً، وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِالزَّنْجِيِّ لِمَحَبَّتِهِ التَّمْرَ. قَالَتْ جَارِيَتُهُ: مَا أَنْتَ إِلا زَنْجِيٌّ لِأَكْلِ التَّمْرِ. 279- مُسْلِمَةُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَجَلِيُّ الأَحْمَسِيُّ الْكُوفِيُّ الأَعْوَرُ1. عَنِ: الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، وَأَرْطَأَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى. ضَعَّفَهُ أَبُو الْفَتْحِ الأزدي. روى في "ناكح يده".   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 267"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 388"، والثقات لابن حبان "9/ 180". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 201 280- مُسْلِمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ1. أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ إِمَامُ مَسْجِدِ داود بْنِ أَبِي هِنْدٍ. رَوَى عَنْ: يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وداود. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ضَعِيفٌ، يُحَدِّثُ عَنْ داود بِمَنَاكِيرَ. لَمْ يَكُنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِالرَّاضِي عَنْهُ. 281- مُسْلِمَةُ بْنُ قَعْنَبٍ2 -د. عَنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ إِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ الْقَعْنَبِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّهْمِيُّ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 282- مَطَرُ بْنُ عبد الرحمن العنزي3 -د. أبو عبد الرحمن الأعنق، شَيْخٌ بَصْرِيٌّ مُعَمِّرٌ. رَوَى عَنْ: أَبِي الْعَالِيَةَ الرِّيَاحِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَجَدَّتِهِ أُمِّ أَبَانٍ بِنْتِ الْوَازِعِ. وَعَنْهُ: أَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصدق.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 267، 268"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 388"، والثقات لابن حبان "9/ 180". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 269"، والثقات لابن حبان "7/ 490"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1334". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 288"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 401"، والثقات لابن حبان "9/ 189". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 202 283- مُشْمَعِلُّ بْنُ مِلْحَانَ1. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: أَبُو الْعَوَّامِ الرِّيَاحِيُّ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ آدَمَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. 284- مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ2. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ الْبَصْرِيُّ، ضَلَّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَلُقِّبَ بِالضَّالِّ. رَوَى عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ بن وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الفراء، ولوين. وهو من موالي أبي بكر الثَّقَفِيِّ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ حَجَّ وَكَانَ فِي رِفْقَتِهِ آخَرُ اسْمُهُ بِاسْمِهِ فَكَانُوا رُبَّمَا نَادَوْا هَذَا، فَيُجِيبُ هَذَا، فَقَالُوا: الضَّالُّ، لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا. حَكَى مَعْنَى ذَلِكَ أَبُو حَاتِمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَثْبَتَ حَدِيثَهُ، مَا أَصَحَّ حَدِيثَهُ. فَقِيلَ لِأَحْمَدَ: بَعْضُ مَا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ لَمْ يَسْمَعْهُ، فَأَنْكَرَ هذا.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 417"، والثقات لابن حبان "7/ 517"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 46". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 285"، والجرح التعديل "8/ 381"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 337". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 203 وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَأَنْكَرَ عَلَى الْبُخَارِيِّ إِخْرَاجَهُ فِي "الضُّعَفَاءِ". قُلْتُ: لَمْ أَرَهُ فِي الضُّعَفَاءِ لِلْبُخَارِيِّ، فَلَعَلَّهُ أَسْقَطَهُ بَعْدُ. وَقِيلَ: أَنَّ أَبَا حَاتِمٍ قَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْعُقَيْلِيُّ، وَلا الدُّولابِيُّ، وَلا أَحَدٌ فِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَكِنْ مَا خَرَّجَ لَهُ أَحَدٌ مِنَ السِّتَّةِ، بَلْ عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 285- مُعَاوِيَةُ بْنُ مَيْسَرَةَ1. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ حَفِيدُ شُرَيْحٍ قَاضِي الْكُوفَةَ. بَقِيَ إِلَى حُدُودِ سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. - مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ. مَرَّ. 286- مُعَاوِيَةُ بْنُ يحيى2 -س. ق. أبو مطيع الأطرابلسي ثم الدمشقي. عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ, وَأَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَادِيسِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ دُحَيْمٌ، وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ به.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 386"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 336"، والثقات لابن حبان "7/ 469". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 384"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 336"، والمجروحين لابن حبان "2/ 168". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 204 وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. قُلْتُ: لَهُ غَرَائِبُ وَأَفْرَادٌ، وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ أَكْثَرُ مَنَاكِيرَ مِنَ الصَّدَفِيِّ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّدَفِيَّ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْغِلابِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: إِنَّ الطَّرَابُلُسِيَّ أَقْوَى مِنَ الصَّدَفِيِّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَبُو مُطِيعٍ هَذَا ثِقَةٌ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ. وَكَذَا وَثَّقَهُ صَالِحٌ جَزَرَةُ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: ضَعِيفٌ. رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَالِحٌ لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَدْ خَبَطَ ابْنُ حِبَّانَ وَخَلَطَ تَرْجَمَةَ هَذَا بهذا في كتاب الضعفاء. وهو دِمَشْقِيٌّ نَزَلَ طَرَابُلُسَ. 287- مَعْرُوفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ1. أَبُو الْخَطَّابِ الْخَيَّاطُ، أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. مَوْلَى عُبَيْدٍ الأُمَوِيِّ الأَعْوَرِ، وَقِيلَ بَلْ هُوَ مِنْ موالي واثلة بْنِ الأَسْقَعِ. رَوَى عَنْ: وَاثِلَةَ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِيُّ، وَلُوَيْنُ، وَدُحَيْمٌ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ شَيْخُ ابْنُ جَوْصَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْخَيَّاطُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: مَعْرُوفٌ أَبُو الْخَطَّابِ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، رَأَى وَاثِلَةَ يَشْرَبُ الْفُقَّاعَ. وَسَاقَ ابْنُ عَدِيٍّ لَهُ عِدَّةَ أَحَادِيثَ وَقَالَ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ مُسْلِمٌ، وَأَصْحَابُ الْكُنَى أَنَّ مَعْرُوفًا رَأَى وَاثِلَةَ. وَسَأَلَ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ أَبَاهُ عَنْهُ فقال: ليس بقوي.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 322"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 413، 414"، والثقات لابن حبان "5/ 439". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 205 288- مُعَلَّى بْنُ هِلالٍ الْكُوفِيُّ الطحان1 -ق. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: كَذَّابٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَعْرُوفٌ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ. وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ مُتَعَبِّدًا يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ مِائَةَ رَكْعَةٍ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُعَلَّى الطَّحَّانِ بِبَعْضِ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ فَقَالَ: مَا أَحْوَجَ صَاحِبَ هَذَا إِلَى أَنْ يُقْتَلَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مَرَّةً: كَذَّابٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ، وَكَانَ غَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ يَشْتُمُ الصَّحَابَةَ، لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِحَالٍ. خَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ. نَا مُعَلَّى بْنُ هِلالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يَكُونَ الإِمَامُ مُؤَذِّنًا". قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُعَلَّى ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، ثنا ابن أبي القاضي، ثنا محمد ين يَعْلَى الْهَرَوِيُّ، نَا الْمُعَلَّى بْنُ هِلالٍ، عَنْ سليمان التميمي، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "أَنَّ مَلَكًا مُوَكَّلا بِالْقُرْآنِ، فَمَنْ قَرَأَهُ فَلَمْ يُقِمْهُ قَوَّمَهُ الْمَلَكُ، ثُمَّ رفعه مقومًا"2.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 331"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 396"، والمجروحين لابن حبان "3/ 16". 2 "إسناده موضوع": أخرجه ابن حبان في المجروحين "3/ 17"، وفي إسناده معلى بن هلال كذبه العلماء. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 206 289- الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ الحزامي1. المدني -ع- ويلقب بقصي. عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنْهُ، وَعَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، وَالْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، وَعَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ، شَرِيفٌ، كَبِيرُ الْقَدْرِ. قِيلَ: كَانَ عَلامَةً بِالنَّسَبِ. قَالَ أَبُو داود: لا بَأْسَ بِهِ. وَعَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: حَدِيثُهُ مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَهُ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَيُنْكَرُ عَلَيْهِ. فَمِنْ ذَلِكَ: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ"2. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ: لَيْسَ فِي الْبَابِ أَصَحُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ. وَبِهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اتَّقُوا الْمَجْذُومَ كَمَا يُتَّقَى الأَسَدُ" 3. وَهَذَا بِمَا لَمْ يتابع عليه.   1 انظر الطبقات" الكبرى لابن سعد "6/ 421"، والجرح والتعديل "8/ 225"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 321"، وتهذيب الكمال "3/ 1362". 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "5/ 128"، وأبو داود "3608"، وابن ماجه "2370"، وأحمد "1/ 248، 315". 3 "حديث حسن": أخرجه البخاري في تاريخه الكبير "1/ 155، 460"، والخطيب في تاريخه "2/ 307"، وانظر الصحيحة "2/ 424"، نعم له شاهد عند البخاري "10/ 132"، بلفظ: "فر من المجذوم كما تفر من الأسد". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 207 أَمَّا: مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ. فَسَيُذْكَرُ في الطبقة الآتية. 290- مفضل بن صالح1 -ت. أَبُو جَمِيلَةَ النَّخَّاسُ، الْكُوفِيُّ وَيُكْنَى أَيْضًا أَبَا علي. رَوَى عَنْ: أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْوَرَّاقُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّهَّانُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَقْلُوبَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ حَتَّى يَسْبِقَ إِلَى الْقَلْبِ أنه المعتمد لذلك. 291- المفضل بن يونس الكوفي2 -د. أبو يونس الجعفي. عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، وَأَبِي جَنَابٍ الْوَلِيدِ بْنِ بُكَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ، لَكِنَّهُ مَاتَ شَابًّا. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَتَّادُ، وَخَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ ثُمَّ قَالَ: لَمَّا نُعِيَ الْمُفَضَّلُ لابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: وَكَيْفَ تَقَرُّ الْعَيْنُ بَعْدَ الْمُفَضَّلِ؟ قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ".   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 316"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 405"، والمجرحين لابن حبان "3/ 22". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 381"، والجرح والتعديل "8/ 317"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 406"، والثقات لابن حبان "9/ 184". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 208 مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 292- الْمُنْذِرُ بْنُ زِيَادٍ1. أَبُو يَحْيَى الطَّائِيُّ الْبَصْرِيُّ. سَمِعَ: مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ، وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ سَرِيعٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ صبهان، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبَّادِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ، وَيَزِيدُ بْنُ النَّضْرِ، وَآخَرُونَ. لَهُ مَنَاكِيرُ قَلِيلَةٌ. قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: كَانَ كَذَّابًا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 293- الْمُنْذِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المنذر بن الْمُغِيرَةِ الْقُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الْحِزَامِيُّ الْمَدَنِيُّ2. وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَداود بْنِ قَيْسٍ الْفَرَّاءِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَأَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَلَمْ يَلْحَقِ ابْنُهُ السَّمَاعَ مِنْهُ، وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ قُرَيْشٍ وَفُضَلائِهَا لَهُ وَرَعٌ وَعِبَادَةٌ، دَعَاهُ الْمَهْدِيُّ إِلَى قَضَاءِ الْمَدِينَةِ فَامْتَنَعَ. وَرَوَى قُدَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَيُؤَخَّرُ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 294- مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الْكُوفِيُّ3 -د. ت. ن.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 243"، والمجروحين لابن حبان "3/ 37"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2365". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 243"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 359"، والثقات لابن حبان "7/ 158". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 382"، والجرح والتعديل "8/ 170"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 348". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 209 عَنْ: مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَالْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمَعْنٌ الْقَزَّازُ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَداود بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، كَانَ مِنَ الشِّيعَةِ الْكِبَارِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 295- مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ1. أَبُو رِيَاحٍ، شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ، سَكَنَ مَرْوَ، مِنْ مَوَالِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَقِيَ الصَّحَابَةَ. يَرْوِي عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ، وَابْنِ عَمْرٍو أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَطَاوُسٍ، وَمَكْحُولٍ، وَغَيْرِهِمْ. هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ الْمَرْوَزِيَّانِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْخَانِيُّ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ نُسْخَةٌ مَوْضُوعَةٌ نَحْوَ ثَلاثِمِائَةِ حَدِيثٍ، لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ. وَقَالَ قُتَيْبَةُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو رِيَاحٍ بَلْخَ كَانَ يَرْوِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، فَخَرَجَ أَطْرُوشٌ بِالسَّحَرِ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ هَذَا الَّذِي لَقِيَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ. 296- مَنْصُورٌ. أَبُو أُمَيَّةَ. عَنْ: مَوْلاهُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ: داود بْنُ رُشَيْدٍ، وَعَبْدُ الجبار بن عاصم النسائي.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 175، 176"، والمجروحين لابن حبان "3/ 39"، وميزان الاعتدال "4/ 185، 186". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 210 297- مَنْصُورٌ النَّمِرِيُّ الشَّاعِرُ1. مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، يُعَدُّ مِنْ طَبَقَةِ سَلْمٍ الْخَاسِرِ، وَمَرْوَانَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ. وَمِنْ شِعْرِهِ فِي الرَّشِيدِ: مَا تَنْقَضِي حَسْرَةٌ مِنِّي وَلا جَزَعُ ... إِلا ذَكَرْتُ شَبَابًا لَيْسَ يَرْتَجِعُ مَا كُنْتُ أُوفِي شَبَابِي كُنْهَ غُرَّتِهِ ... حَتَّى انْقَضَى فَإِذَا الدُّنْيَا لَهُ تَبَعُ مِنْهَا: إِنَّ الْمَكَارِمَ وَالْمَعْرُوفَ أَوْدِيَةٌ ... أَحَلَّكَ اللَّهُ مِنْهَا حَيْثُ تَجْتَمِعُ وَيُقَالُ: إِنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ أجازه بمائة ألف. وهو القائل فيه: جَعَلَ الْقُرْآنَ إِمَامَهُ وَدَلِيلَهُ ... لَمَّا تَخَيَّرَهُ الْقُرْآنُ إماما 298- المنكدر بن محمد بن المنكدر التميمي الْمَدَنِيُّ2 -ت. عَنْ: أَبِيهِ، وَالزُّهْريِّ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ رَجُلا صَالِحًا كَثِيرَ الْخَطَأِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَطَعَتْهُ الْعِبَادَةُ عَنْ مُرَاعَاةِ الْحِفْظِ. مَاتَ سَنَةَ ثمانين ومائة. 299- مهدي بن ميمون3 -ع.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 240، 262"، وتاريخ بغداد "13/ 65-69". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "9/ 460"، والجرح والتعديل "8/ 406"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 35". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 280"، والجرح والتعديل "8/ 335"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 425". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 211 أبو يحيى الأزدي المعولي، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَعَبْدَانَ بْنِ جَرِيرٍ، وَأَبِي الْوَازِعِ جَابِرِ بْنِ عَمْرٍو الرَّاسِبِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَوَاصِلٍ الأَحْدَبِ، وَوَاصِلٍ مَوْلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَعِدَّةٍ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَهُوَ مِنْ مَشْيَخَةِ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ، الَّذِي عَرَضَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ الْعَزِيزَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسَدَّدٌ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَعَارِمٌ، وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَغَيْرُهُ. وَثَّقَهُ شُعْبَةُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ كُرْدِيًّا. مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 300- مَهْدِيُّ بْنُ هِلالٍ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَيَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِيسَى بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَنَحْوِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَحَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّرِيرُ، وَأَحْمَدُ بْنُ خَلادٍ الْقَطَّانُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، كَذَّابٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ، صَاحِبُ بِدْعَةٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: غَيْرُ ثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ يَقُولُ: مَا أَشْهدُ عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ كَذَّابٌ إِلا عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَمَهْدِيِّ بْنِ هِلالٍ، فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُمَا كَذَّابَانِ.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 336، 337"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 425"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 195، 196". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 212 301- مُوسَى بْنُ أَعْيَنٍ1 -مِنْ عدا: ت. الإِمَامُ أَبُو سَعِيدٍ الْجَزَرِيُّ الْحَرَّانِيُّ مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. رَوَى عَنْ: عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، وَمَعْمَرٍ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ، وأحمد بن أبي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، وَعَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ داود، وَسَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيَّانِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 302 - مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْقُرَشِيُّ2. مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ الضَّرِيرُ، أَبُو هَارُونَ. عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَالْحَكَمِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَعَبَّادٌ الرُّوَاجِنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ النَّحَّاسُ، وَعِدَّةٌ. كَذَّبَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ليس بشيء. وقال الدارقطني: ضعيف. 303- ميسرة3.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 136"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 280"، والثقات لابن حبان "7/ 458". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 155"، والمجروحين لابن حبان "2/ 238"، وتهذيب الكمال "3/ 1390". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 254"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 377"، والمجروحين لابن حبان "3/ 11، 12". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 213 هُوَ مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْفَارِسِيُّ الْبَصْرِيُّ التَّرَّاسُ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الأَكَّالُ الْمَشْهُورُ. رَوَى عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَمُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، وَغَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعُمَرَ بْنِ سَلامٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ غَيْلانَ، وَمُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو، وَداود بْنُ الْمُحَبِّرِ، وَآخَرُونَ. قَالَ آدَمُ بْنُ مُوسَى: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ يُرْمَى بِالْكَذِبِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، بَغْدَادِيٌّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَكِتَابُ الْعَقْلِ تَصْنِيفُهُ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سَاقِطٌ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْفَارِسِيُّ مِنْ أَهْلِ دَوْرَقٍ كَانَ مِمَّنْ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ، وَيَضَعُ فِي الْحَثِّ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُوحٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ: قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ: مَنْ قَرَأَ كَذَا وَكَذَا كَانَ لَهُ كَذَا؟ قَالَ: وَضَعْتُهُ أُرَغِّبُ النَّاسَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو داود: أَقَرَّ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ يَفْتَعِلُ الْحَدِيثَ، رَوَى فِي قَزْوِينَ وَالثُّغُورِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: وَضَعَ فِي فَضَائِلِ قَزْوِينَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا وَكَانَ يَقُولُ: إِنِّي أَحْتَسِبُ فِي ذَلِكَ. قُلْتُ: فَأَمَّا إِنْ كَانَ مَيْسَرَةُ التَّرَّاسُ الأَكَّالُ فَهُوَ مُمْكِنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَالتَّرَّاسُ كَانَ مُعَاصِرًا لَهُ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ أَخْبَارٌ مَشْهُورَةٌ فِي كَثْرَةِ الأَكْلِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ الْمُقْرِئُ: نَا غُلامُ خَلِيلٍ -قُلْتُ: وَغُلامُ خَلِيلٍ وَاهٍ: نَا زَيْدُ بْنُ أَخْرَمَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ التَّرَّاسِ: إِيشْ أَكَلْتَ الْيَوْمَ؟ قَالَ: أَكَلْتُ أَرْبَعَةَ آلاف الجزء: 11 ¦ الصفحة: 214 تِينَةٍ، وَمِائَةَ رَغِيفٍ، وَقَوْصَرَتَيْنِ بَصَلٍ، وَكَيْلَجَةَ سَمَكٍ ومسلوخ، وَشَرِبْتُ نِصْفَ جَرَّةٍ سَمْنٍ. قَالَ: وَدَخَلْتُ مَنْزِلِي، فما خلوا شيئاً حتى خبئوه مِنِّي. وَقَالَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ: نَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ: قَالَ لِيَ الرَّشِيدُ: كَمْ أَكْثَرَ شَيْءٍ أَكَلَ مَيْسَرَةُ؟ قُلْتُ: مِائَةَ رَغِيفٍ وَنِصْفَ مَكُّوكٍ مِلْحٍ. فَدَعَا الرَّشِيدُ بِفِيلٍ، فَطَرَحَ لَهُ مِائَةَ رَغِيفٍ فَأَكَلَهَا إِلا رَغِيفًا. فَهَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيحَةٌ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَتَكِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ قَوْمٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُتْرَفِينَ، إِذْ أَقْبَلَ مَيْسَرَةُ عَلَى حِمَارِهِ، فَقَالُوا: أَتَأْكُلُ كَبْشًا؟ قَالَ: مَا أَكْرَهُ ذَلِكَ. قَالَ: فَأَنْزَلُوهُ وَأَخَذُوا حِمَارَهُ إِلَى مَكَانٍ، ثُمَّ بَعْدَ وَقْتٍ جَاءَتِ الْغِلْمَانُ بِجَفْنَةٍ مَلأَى، فَأَقْبَلَ يَأْكُلُ وَيَقُولُ: وَيْحَكُمْ هَذَا لَحْمُ فِيلٍ، وَهَذَا لَحْمُ شَيْطَانَ، حَتَّى فَرَّغَهُ، ثُمَّ قَالَ: حِمَارِي؟ قَالُوا: حِمَارُكَ فِي بَطْنِكَ. قَالَ: إِيشْ تَقُولُونَ؟ فَأَطْعَمُوهُ حِمَارَهُ، وَغَرِمُوا لَهُ ثَمَنَهُ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَتِيقٌ السَّلْمَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بن الخشوعي قالا: أنا ابْنُ الْقَاسِمُ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ النَّسِيبُ، أَنَا رَشَأُ الْمُقْرِئُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِيزِيلَ، ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ لِمَيْسَرَةَ الأَكُولِ: كَمْ تَأْكُلُ؟ قَالَ: مِنْ مَالِي، أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِي؟ قَالُوا: مِنْ مَالِكَ. قَالَ: رَغِيفَيْنِ. قَالُوا: مِنْ مَالِ غَيْرِكَ؟ قَالَ: اخْبِزْ وَاطْرَحْ. مَسْعُودُ بْنُ بِشْرٍ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيُّ يَقُولُ: نَذَرَتِ امْرَأَةٌ أَنْ تُشْبِعَ مَيْسَرَةَ التَّرَّاسَ، فَأَتَتْهُ وَقَالَتْ: اقْتَصِدْ عَلِيَّ فَإِنِّي امْرَأَةٌ مُتَجَمِّلَةٌ غَيْرُ مُتَمَوِّلَةٌ. قَالَ: فَإِنِّي أَقْتَصِدُ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 215 فَذَكَرَ لَهَا مِنْ أَصْنَافِ الطَّعَامِ، فَإِذَا هُوَ فَوْقَ سَبْعِينَ رَطْلا فَاتَّخَذَتْهُ، ثُمَّ أَحْضَرَتْ مَيْسَرَةَ، فَأَكَلَهُ عَنْ آخِرِهِ. وَكَانَ مَيْسَرَةُ يُزَوِّقُ السُّقُوفَ، فَدَعَاهُ رَجُلٌ يُزَوِّقُ لَهُ وَهُوَ لا يَعْرِفُهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ قَدْ دَعَا ثَلاثِينَ إِنْسَانًا إِلَى الْمَوْضِعِ، وَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا كَثِيرًا، فَلَمَّا فَرِغَ الطَّبَّاخُ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، وَنَظَرَ مَيْسَرَةُ إِلَى الْمَوْضِعِ قَدْ خَلا، فَنَزَلَ فَأَكَلَ ذَلِكَ الطَّعَامَ كُلَّهُ، وَعَادَ إِلَى عَمَلِهِ، فَجَاءَ الطَّبَّاخُ وَلَيْسَ فِي الْمَطْبَخِ إِلا الْعِظَامَ، فَأَعْلَمَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ، وَقَدْ حَضَرَ الْقَوْمُ، فَحَارَ الرَّجُلُ فِي أَمْرِهِ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيْنَ أُتِي، وَأَنْكَرَهُ الْقَوْمُ، فَسَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ، فَصَدَقَهُمْ، فَنَهَضُوا جَمِيعًا حَتَى دَخَلُوا الْمَطْبَخَ وَعَايَنُوا الْحَالَ، فَكَثُرَ تَعَجُّبُهُمْ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجِنِّ. فَلَمَحَ رَجُلٌ، مِنْهُمْ مَيْسَرَةَ، وَكَانَ يَعْرِفُهُ، فَصَاحَ: قَدْ عَرَفْتُ وَاللَّهِ الْخَبَرَ، هَذَا مَيْسَرَةُ عِنْدَكَ، وَهُوَ أَكَلَ طَعَامَكَ. قَالَ: فَاسْتَنْزَلُوهُ مِنَ الْمَوْضِعِ وَقَالَ: أَنَا أَكَلْتُهُ، وَلَوْ كَانَ لِي مِثْلُهُ لأَكَلْتُهُ فَجَرِّبُوا إِنْ شِئْتُمْ. فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَطَلَعَ إِلَى عَمَلِهِ. رَوَاهَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ زَبْرٍ الْقَاضِي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيلٍ الْقَاضِي، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ بِشْرٍ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ. فَمَيْسَرَةُ هَذَا كَانَ يَأْكُلُ بِالْحَالِ. أَلا تَرَاهُ ذَكَرَ أَنَّ عَادَتَهُ أَكْلُ رَغِيفَيْنِ كَآحَادِ النَّاسِ، وَأَنَّهُ أَكَلَ مَا يَكْفِي سَبْعِينَ رَجُلا وَنَحْوَ ذَلِكَ عِنْدَمَا يَجْمَعُ هِمَّتَهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا مَنْ يَأْكُلُ إِذَا أَرَادَ بِالْحَالِ. وَهَذَا الْحَالُ لَيْسَ مِنْ كَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ، فَإِنَّ الأَوْلِيَاءَ أَكْلُهُمْ قَلِيلٌ، وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعَاءٍ وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ. وَأَيْضًا فَالْوَلِيُّ يَأْكُلُ قُوتَ يَوْمٍ فِي أُسْبُوعٍ، يَتَقَوَّتُ بِهِ وَيُبَارَكُ لَهُ فِي طَعَامِهِ وَفِي قُوَاهُ، لا أَنَّهُ يَأْكُلُ نِصْفَ قِنْطَارٍ مِنَ الطَّعَامِ فِي جَلْسَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَعَلَّ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا لا يُسَمِّي اللهَ. وَقِيلَ: بِنَفْسِهِ مَادَّةٌ مُحْرِقَةٌ لِلأَكْلِ، وَقَدْ تُعِينُهُ الشَّيَاطِينُ فِي أَكْلِ ذَلِكَ فَيَفْرَغُ وَتَطِيرُ بَرَكَتُهُ، وَيَظُنُّ هو ومن حضره أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنْ كَرَامَاتِ الْمُتَّقِينَ وَإِنَّمَا كَرَامَاتِ السَّادَةِ أَنْ يُحْضِرَ أَحَدُهُمْ مَا يَكْفِي وَاحِدًا، فَيُقَوِّتُ بِهِ الْجَمْعَ الْكَبِيرَ، وَيَشْبَعُونَ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 216 "حرف النُّونِ": 304- نَاصِحُ بْنُ الْعَلاءِ1. مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، أَبُو الْعَلاءِ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ فِي: "تَرْكِ الْجُمُعَةِ لِلْمَطَرِ". وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَحَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَوَثَّقَهُ. وَقَدْ وَثَّقَهُ أَيْضًا أَبُو داود. مَا خَرَّجُوا لَهُ شَيْئًا. 305- نَجْمُ بْنُ فَرْقَدٍ2. أَبُو عَامِرٍ الْبَصْرِيُّ الْعَطَّارُ. عَنْ: عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَعَنْهُ: مُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ به. 306- نعيم بن ميسرة3 -ت. أبو عمرو الكوفي النحوي المقرئ، نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَقَيْسِ بْنِ سَلْمٍ الْجَوْنِيِّ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، وَعَاصِمِ بن أبي النجود.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 503"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 121"، والمجروحين لابن حبان "3/ 55"، والضعفاء لابن عدي "7/ 2512". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 500"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 125"، والثقات لابن حبان "7/ 546". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 461، 462"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 99"، والثقات لابن حبان "7/ 536". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 217 وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ ضُرَيْسٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ الْقَزْوِينِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَكَانَ قَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا. قُلْتُ: وَقَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَغَيْرِهِ. قَالَ قُتَيْبَةُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ س: ثِقَةٌ. 307- نُوحٌ الْجَامِعُ1. هُوَ أَبُو عِصْمَةَ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمَرْوَزِيُّ الْفَقِيهُ، أَحَدُ الأَعْلامِ. وَيُلَقَّبُ بِنُوحٍ الْجَامِعِ لِمَعْنًى وَهُوَ أَنَّهُ أَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَدِيثَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي أَرْطَأَةَ، وَالتَّفْسِيرَ عَنِ الْكَلْبِيِّ، وَمُقَاتِلٍ، وَالْمَغَازِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَرَوَى أَيْضًا عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: بُسْرُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ حَبِيبٍ الْفَرَّاءُ، وَحَمَّادُ بْنُ قِيرَاطٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَحِبَّانُ بْنُ مُوسَى، وَسُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاسَرْجِسٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَوُلِّيَ قَضَاءَ مَرْوٍ فِي حَيَاةِ شَيْخِهِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ -رَضِيَ الله عنه- بموعظة معروفة عند الْمَرَاوِزَةِ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَدْ جَمَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلا الصِّدْقَ. وَقِيلَ: كَانَ مُرْجِئًا. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ أَنَّهُ وَضَعَ حَدِيثَ "فَضَائِلِ سُوَرِ الْقُرْآنِ". وَذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ، وَسَاقَ لَهُ عِدَّةَ مَنَاكِيرَ، ثُمَّ قَالَ: وله غير ما ذكرت،   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 371"، والجرح والتعديل "8/ 484"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 396". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 218 وعامته لا يتابع عليه، وهو من ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ بِذَاكَ، يَعْنِي كَانَ لا يُجِيدُ حِفْظَ الْقُرْآنِ. قَالَ: وَكَانَ شَدِيدًا عَلَى الْجَهْمِيَّةَ، وَتَعَلَّمَ ذَلِكَ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ نُوحٍ الْجَامِعِ فَقَالَ: هُوَ يَقُولُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: اسْمُ أبيه أبي مريم يَزِيدَ بْنِ جَعُونَةَ، لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِنُوحٍ بِحَالٍ، وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُقْطَعَ الْخُبْزُ بِالسِّكِّينِ"1. وَقَالَ: "أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ"2. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْهَاءِ": 308- هَارُونُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ3. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَخَصِيفٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْكِلابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ، وسعيد بن حفص الحراني، وآخرون.   1 "ضعيف جدًّا": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 291"، وقال: قال الدارقطني: تفرد به نوح وهو متروك، وكذلك قال مسلم بن الحجاج وأبو حاتم الرازي: هو متروك. 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 291"، وقال: حديث غير صحيح قال أبو حفص الفلاس: عبد الملك بن عبد الرحمن كذاب، وجمع طرقه العلامة الألباني رحمه الله في الضعيفة "2885". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 88"، والمجروحين لابن حبان "3/ 94"، والضعفاء للعقيلي "4/ 360"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 283". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 219 قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقُدَمَاءِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِمَّنْ يَنْفَرِدُ عَنِ الثِّقَاتِ بِمَا لا يُشْبِهُ حَدِيثَ الأَثْبَاتِ، فَسَقَطَ الاحْتِجَاجُ بِهِ. 309- هَاشِمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الْقُرَشِيُّ1 الْبَكْرِيُّ. الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ قَاضِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَعْدَ الْقَاضِي الْعُمَرِيِّ، وَكَانَ مِنْ سُكَّانِ الْكُوفَةِ مُدَّةً، وَتَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَكَانَ مِمَّنْ يَشْرَبُ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ كَذَا وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 310- هِشَامُ بْنُ سُلمَانَ2. أَبُو يَحْيَى الْمُجَاشِعِيُّ، بَصْرِيٌّ، جَائِزُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ: يَزِيدَ الرِّقَاشِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَرَوْحُ بْنُ عَبَّادَةَ. أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ، وَمَا ضَعَّفَهُ. وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: شَيْخٌ. 311- هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ معاوية بْن هشام بْن عَبْد الملك بْن مَرْوَانَ3 الأُمَوِيُّ الْمَرْوَانِيُّ. الأَمِيرُ أَبُو الْوَلِيدِ صَاحِبُ الأندلس.   1 انظر أخبار القضاة الوكيل "3/ 239، 325"، والولاة للكندي "370، 403". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 62"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 199"، والمجروحين لابن حبان "3/ 89". 3 انظر الكامل في التاريخ "5/ 583"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 225"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 124". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 220 بَايَعَهُ أَهْلُ الأَنْدَلُسِ بِالْمُلْكِ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ في سنة اثنتين وسبعين، فكانت دولته ثماني سِنِينَ. وَمَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانِينَ، وَقَامَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ، وَكَانَ هِشَامٌ حَسَنَ السِّيرَةِ، يَعُودُ الْمَرْضَى، وَيُشَيِّعُ الْجَنَائِزَ، وَيُكْثِرُ الصَّدَقَاتِ، وَيَتَعَاهَدُ الْمَسَاكِينَ. عَاشَ سَبْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ اسْمُهَا حَوْرَاءُ. 312- هِشَامُ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْغَسَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1. أَبُو الْوَلِيدِ، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَانَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ: عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ ابْنُهُ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَطَائِفَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ الدمشقي2 م. ع. نَزِيلُ بَيْرُوتَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. كَانَ كَاتِبَ الأَوْزَاعِيِّ وَتِلْمِيذَهُ، وَحَامِلَ عِلْمِهِ. رَوَى أَيْضًا عَنْ: هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَحَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، وَالْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ، وَطَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو الْمَكِّيِّ. وَعَنْهُ: اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: مَا كَانَ بِالشَّامِ أَوْثَقَ مِنْهُ. وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالأَوْزَاعِيِّ وَبِمَجْلِسِهِ وَفُتْيَاهُ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: توفي الهقل سنة تسع وسبعين ومائة.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 70"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 192"، والثقات لابن حبان "9/ 232". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 122، 123"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 248"، والثقات لابن حبان "9/ 245". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 221 314- هياج بن بسطام1 -ت. أبو خالد التميمي الحنظلي الهروي. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَسُلَيْمَانَ التميمي، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٍ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَداود بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَعَنْ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَا عَلِمْنَا الْهَيَّاجَ إِلا صَادِقًا عَالِمًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ هَنَّادٍ: مَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنَ الْهَيَّاجِ، وَلَقَدْ حَدَّثَ بِالطُّرُقِ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِائَةُ أَلْفِ إِنْسَانٍ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ فَصَاحَتِهِ، يَكْتُبُونَ عَنْهُ. وَعَنْ مَالِكِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَرَوِيِّ قَالَ: كَانَ الْهَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ أَعْلَمَ النَّاسِ، وَأَحْلَمَ النَّاسِ، وَأَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَسْخَى النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَرْحَمَ النَّاسِ، يَعْنِي فِي زَمَانِهِ. قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ مُبَالَغَةِ الْعَجَمِ فِي التَّعْظِيمِ. قَالَ أَبُو داود: تَرَكُوا حَدِيثَهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: يَرْوِي الْمُعْضَلاتِ عَنِ الثِّقَاتِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: متروك. "حرف الواو": 315- الوضاح2.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 112"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 242"، والمجروحين لابن حبان "3/ 96". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 256"، والكامل في التاريخ "6/ 141"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 206". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 222 هُوَ أَبُو عَوَانَةَ الْوَلِيدُ بْنُ طَرِيفِ بْنِ الصَّلْتِ الشَّيْبَانِيُّ، وَقِيلَ: التَّغْلِبِيُّ الشَّارِيُّ الْخَارِجِيُّ، أَحَدُ أَشْرَافِ الْعَرَبِ الأَبْطَالِ خَرَجَ فِي ثَلاثِينَ نَفْسًا مِنْ قَوْمِهِ بِطَرَفِ الْفُرَاتِ، وَأَقْبَلَ إِلَى رَأْسِ الْعَيْنِ فَلَقِيَ تَاجِرًا نَصْرَانِيًّا فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ، ثُمَّ أَتَى دَارًا فَعَاثَ وَنَهَبَ، وَقَصَدَ مَيَّافَارِقِينَ وَقَدْ كَثُرَ جَيْشُهُ، فَفَدَوْهَا مِنْهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا. ثُمَّ دَخَلَ أَرْزَنَ وَقَتَلَ رَجُلا مِنْ وُجُوهِ أَهْلِهَا مِنْ بَنِي شَيْبَانَ، ثُمَّ قَصَدَ خِلاطَ وَحَاصَرَهَا عِشْرِينَ يَوْمًا فَصَالَحُوهُ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى نَاحِيَةِ أَذْرَبَيْجَانَ، وَسَارَ فِي جَيْشِهِ إِلَى حُلْوَانَ، فَالْتَقَاهُ الأَمِيرُ الْحَرَشِيُّ، فَهَزَمَ عَسْكَرَ الْحَرَشِيِّ، ثُمَّ قَصَدَ حَوْلايَا وَبَلْدَةً أُخْرَى، فَفَدَوْهَا مِنْهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ أَتَى نَصِيبِينَ، فاستباحها وقتل خَمْسَةَ آلافِ نَفْسٍ، وَاسْتَفْحَلَ شَرُّهُ إِلَى أَنْ سار إليه يَزِيدَ بْنِ مَزْيَدٍ فَالْتَقَاهُ، فَظَفَرَ بِهِ يَزِيدُ وَقَتَلَهُ، وَتَمَزَّقَ جَمْعُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَوْلُهُمُ الشَّارِيُّ، يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِمْ: شَرَيْنَا أَنْفُسَنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَثَتْهُ أُخْتُهُ بِأَبْيَاتٍ فَائِقَةٍ. 316- الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ الْهَمْدَانِيُّ الْمُرْهِبِيُّ الْكُوفِيُّ1 -د. ت. ق. عَنْ: زِيَادِ بْنِ عَلاقَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمِغْرَاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِزَامِيُّ، وَعَبَّادُ الرَّوَاجِنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ صَالِحٌ جَزَرَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ عَبْد اللَّهِ بْنُ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَأَلْتُ ابْنَ نُمَيْرٍ عَنْهُ، فَقَالَ: كَذَّابٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: منكر الحديث جدًّا. وقال النسائي: ضعيف.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 2، 3"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 142"، والمجروحين لابن حبان "3/ 79". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 223 قلت: مات سنة اثنين وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 317- الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَاجٍ الْحَرَّانِيُّ1. عَنْ: عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَعَنْ: أَبِيهِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَسْرُوحٍ، وَعَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْقَرْدُوَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 318- الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ2. أَبُو الْعَبَّاسِ الأَشْجَعِيُّ، مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ. عَنْ: مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، وَوَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ، وَالْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، ويزيد بْنُ الْحُبَابِ، وَمَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ. قَالَ الْخُزَاعِيُّ: لَمْ أَرَ بِمِصْرَ أَثْبَتَ مِنْهُ. قُلْتُ: لَهُ شَيْءٌ فِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي داود. مَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، أَرَّخَهُ ابْنُ يُونُسَ. "حرف الْيَاءِ": 319- يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَاصِمِ بْنِ بهدلة، ويزيد بن أبي زياد.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 11"، والمجروحين لابن حبان "3/ 79"، والضعفاء لابن عدي "7/ 2536". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 217"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 154"، وتهذيب الكمال "3/ 1476". 3 تقدم ترجمته. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 224 كُنْيَتُهُ أَبُو جَعْفَرٍ. رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ إِسْمَاعِيلُ، عبد اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَارِثِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. قيل: توفي سنة اثنتين وسبعين. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: قَبْلَ ذَلِكَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَتَرَكَهُ النَّسَائِيُّ. 320- يحيى بن عثمان1 -ق. أبو سهل القرشي التميمي، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الدَّسْتُوَائِيُّ. عَنِ: ابْنِ طَاوُسٍ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ. وَعَنْهُ: أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو شَيْخٍ: وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. يَحْيَى بْنُ يَعْلَى. هُوَ أَبُو الْمُحَيَّاةِ، يَأْتِي بكنيته.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 174"، والمجروحين لابن حبان "3/ 122"، وتهذيب الكمال "3/ 1512". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 225 321- يَزِيدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ قُبَيْصَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ1 الْبَصْرِيُّ. الأَمِيرُ، وَلِيَ الْمَغْرِبَ وَإِفْرِيقْيَا زَمَانَ الْمَهْدِيِّ، وَالْهَادِي، وَالرَّشِيدِ، وَوَلِيَ قَبْلَ ذَلِكَ إِمْرَةَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِلْمَنْصُورِ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ، أَوَّلُهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَ أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَعْدُودِينَ، وَالأَبْطَالِ الْمَوْصُوفِينَ، وَفِيهِ يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوْلَى الشَّاعِرِ: وَإِذَا تُبَاعُ كَرِيمَةٌ أَوْ تُشْتَرَى ... فَسِوَاكَ بَائِعُهَا وَأَنْتَ الْمُشْتَرِي وَإِذَا الْفَوَارِسُ عُدِّدَتْ أَبْطَالُهَا ... عَدُّوكَ فِي أَبْطَالِهَا بِالْخِنْصَرِ وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: كُنَّا مَعَ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ فَقَالَ: اسْتَنْقُوا لِي ثَلاثَةَ أَبْيَاتٍ، فَكَأَنَّمَا كَانَتْ فِي كُمِّي، فَقُلْتُ: لَمْ أَدْرِ مَا الْجُودُ إِلا مَا سَمِعْتُ بِهِ ... حَتَّى لَقِيتَ يَزِيدًا عِصْمَةَ النَّاسِ لَقِيتُ أَكْرَمَ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ ... مُفَضَّلا بِرِدَاءِ الْجُودِ وَالْبَاسِ لَوْ نِيلَ بِالْمَجْدِ مُلْكٌ كُنْتَ صَاحِبَهُ ... وَكُنْتَ أَوْلَى بِهِ مِنْ آلِ عَبَّاسِ قَالَ: ثُمَّ كَفَفْتُ، فَقَالَ: لا يَسْمَعَنَّ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ. قَالَ الْجَاحِظُ: وَقَالَ ربَيْعَةُ بْنُ ثَابِتٍ يَمْدَحُ يَزِيدَ بْنَ حَاتِمٍ، وَيَهْجُو يَزِيدَ بْنَ أُسَيْدٍ السُّلَمِيَّ: لَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْيَزِيدَيْنِ فِي الندى ... يزيد سليم والأغر ابن حاتم فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله ... وهم الفتى القيسي جمع الدراهم ولا يحسب التمتام أَنِّي هَجَوْتُهُ ... وَلَكِنَّنِي فَضَّلْتُ أَهْلَ الْمَكَارِمِ قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: تُوُفِّيَ يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ سَنَةَ سَبْعِينَ أَوْ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنَهُ داود مَكَانَهُ عَلَى إِفْرِيقْيَا. قُلْتُ: وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ السَّالِفَةِ يَزِيدُ، وَأَنَّهُ مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 322- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الله2.   1 انظر تاريخ الطبري "10/ 4656"، والكامل في التاريخ "13/ 398". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 300". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 226 أَبُو خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ السَّرَّاجُ. عَنْ: مَكْحُولٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْقَاوِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 323- يَزِيدُ بْنُ عطاء اليشكري1 -د. ويقال الكندي، ويقال السلمي، مَوْلاهُمْ أَبُو خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ. التَّاجِرُ الْبَزَّازُ مَوْلَى أَبِي عَوَانَةَ وَضَّاحٌ الْحَافِظُ. رَوَى عَنْ: مَنْصُورٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ. وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ الْخَوْلانِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَسَعْدَوَيْهِ الواسطي، وخلق مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ. قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُهُ مُقَارِبٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ. 324- يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ2 -د. ن. ق. سَمِعَ أَبَاهُ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَغَيْرُهُمْ.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 312"، والجرح والتعديل "9/ 282"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 351"، والمجروحين لابن حبان "3/ 103". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 289"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 360"، والثقات لابن حبان "9/ 272"، وتهذيب الكمال "3/ 1543". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 227 قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 325- يَزِيدُ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ الصَّنْعَانِيُّ1 -ت. شَامِيٌّ نَزَلَ بَغْدَادَ. لَهُ عَنْ: حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْرِيِّ، وعمارة بن غزية، ويزيد بن يزيد بن جابر. وكان من فقهاء دمشق. روى عن: سعيد بن سليمان الواسطي، وخالد بن مرداس، ومنصور بن أبي مزاحم. قال أحمد بن حنبل: قد رأيته. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال الدارقطني: لا يَسْتَحِقُّ التَّرْكَ. 326- يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ2. أَبُو شَيْبَةَ الْخُرَاسَانِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. 327- يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ هَانِئِ بْنِ عامر بن أبي عامر3 الأشعري -ع.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 296"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 369"، والمجروحين لابن حبان "3/ 106". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 287"، والثقات لابن حبان "7/ 627"، وتهذيب الكمال "3/ 1543"، وميزان الاعتدال "4/ 440". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 209"، والطبقات لابن سعد "7/ 382"، والثقات لابن حبان "7/ 645"، وتهذيب الكمال "3/ 1552". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 228 أبو الحسن القمي مِنْ عُلَمَاءِ الْعَجَمِ، يَرْوِي عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ أبي المغيرة القمي، وعن: زيد بْنِ أَسْلَمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعِيسَى بْنِ جَارِيَةَ صَاحِبِ جَابِرٍ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الإِصْبَهَانِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وأبو الربيع الزهراني، وعمرو بن رافع بن شَيْخُ قَزْوِينَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ إِذَا رَآهُ قَالَ: هَذَا مُؤْمِنُ آلِ فرعون، يعني لكثرة الرَّافِضَةِ بقُم. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: قَدْ عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ. سَيَأْتِي. 328- يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ1 -ق. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، وَعُبَيْدُ بْنُ جُنَادٍ، وَسُنَيْدُ بْنُ داود الْمِصِّيصِيُّ. ضَعَّفَهُ أَبُو داود، وَغَيْرُهُ، وَمَا هُوَ بِمَتْرُوكٍ. قَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: أَحَادِيثُهُ نَحْوَ الْعَشَرَةِ مِنْهَا: رَوَى عبيد بْنُ جُنَادٍ، عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ:   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 229"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 381"، والمجروحين لابن حبان "3/ 135، 136". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 229 سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ الإِيمَانِ فَقَالَ: "الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ" 1. وَبِهَذَا السَّنَدِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَلَبِيِّ، عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا رَأَى مُغَيَّرَ الْخَلْقِ سَجَدَ، وَإِذَا رَأَى الْقِرْدَ سَجَدَ. 329- يُونُسُ بْنُ أَرْقَمَ الْبَصْرِيُّ2. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، وَأَبِي حَرْبٍ الدُّؤَلِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادَةَ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ. وَلَمْ أَرَهُ فِي الثِّقَاتِ وَلا الضُّعَفَاءِ. نَعَمْ لينه ابن خراش. 330- يونس بن راشد3 -د. أبو إسحاق قَاضِي حَرَّانَ. عَنْ: عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، وَخُصَيْفٍ، وَعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيَّانِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 331- يُونُسُ بْنُ عُثْمَانَ4. أَبُو شُعْبَةَ الحمصي.   1 "حديث صحيح": أخرجه الديلمي "1/ 1/ 128"، وتكلم عليه العلامة الألباني -رحمه الله- في الصحيحة "1495". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 236"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 410"، والثقات لابن حبان "9/ 287، 288". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 239"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 412"، والثقات لابن حبان "9/ 289". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 243"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 412"، والثقات لابن حبان "7/ 649، 650". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 230 عَنْ: لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ، وَغَيْرُهُمَا. صُوَيْلِحٌ. 332- يُونُسُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ1 -خ. عَنْ: عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. وَعَنْهُ: ابنه عُمَرَ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، وَمُسَدَّدٌ. لَقِيَهُ مُسَدَّدٌ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 333- يُونُسُ بْنُ نَافِعٍ2. أَبُو غَانِمٍ، نَزِيلُ خُرَاسَانَ. رَوَى عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَكَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَهْلُ مَرْوٍ؛ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَمُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّونَ. مَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. 334- يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ العبدي3 -م. ق. وَاسْمُ أَبِيهِ وَقْدَانُ الْكُوفِيُّ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيفَةَ، والزهري، والأسود بن قيس، وعمار الدهني.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 245"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 410"، والثقات لابن حبان "7/ 651". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 247"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 413"، والثقات لابن حبان "7/ 650". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 247"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 410"، والثقات لابن حبان "7/ 651". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 231 وعنه: محمد بن بكر الحضرمي، وسعيد بن منصور، وجعفر بن حميد، وسويد بن سعيد، وعثمان بن أبي شيبة، وعباد بن يعقوب. ضعفه ابن معين. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ضعيف. الكنى: 335- أبو الأحوص الكوفي1 -ع- مَوْلَى بَنِي حَنِيفَةَ. وَهُوَ سَلامُ بْنُ سُلَيْمٍ الْحَافِظُ. رَوَى عَنْ: زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَشَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، وَآدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، وَالأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَطَبَقَتِهِمْ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ. وَلَمْ يَرْحَلْ. وَعَنْهُ: مسدد، وقتيبة، وابنا أبي شيبة، وخلف البزاز، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَخَلْقٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مُتْقِنٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ صَاحِبُ سُنَةٍ وَاتِّبَاعٍ، كان إذا ملئت داره من المحدثين قَالَ لابْنِهِ أَحْوَصَ: قُمْ، فَمَنْ رَأَيْتَهُ يَشْتُمُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ فَأَخْرِجْهُ. وَكَانَ حَدِيثُهُ نحوُا مِنْ أَرْبَعَةِ آلافٍ. قلت: وكان مُتَعَبِّدًا مُتَأَلِّهًا كَبِيرَ الْقَدْرِ، قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ضَمْرَةَ الزَّيَّاتِ، وَهُوَ خَالُ سُلَيْمٍ الْقَارِئِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَرِيكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، مَا أَقْرَبَهُ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عياش.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 379"، والجرح والتعديل "4/ 359"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 135". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 232 336- أبو إسماعيل القناد1 -ت. ن. إبراهيم بن عبد الملك، بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ، وَلُوَيْنُ، وإسحاق بن أبي إسرائيل. قال النسائي: لا بَأْسَ بِهِ. وَلَيَّنَهُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: يَهِمُ فِي الْحَدِيثِ. 337- أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م. ت. عَنْ: أَبِيهِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَأَبي الْوَازِعِ جَابِرِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ. وَثَّقَهُ أَبُو داود. وَاسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ. 338- أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرِيُّ3. اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَيُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَطَائِفَةٌ. رَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابن معين: ليس بشيء.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 113"، والثقات لابن حبان "6/ 26"، وتهذيب الكمال "2/ 140"، وميزان الاعتدال "4/ 491". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 343"، والتاريخ الكبير للبخاري "9/ 14"، والثقات لابن حبان "7/ 656". 3 تقدمت ترجمته برقم "152". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 233 وقال أيضًا: ليس بثقة. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يَصِحُّ حَدِيثُهُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ أَحَادِيثَ لا أَصْلَ لَهَا. 339- أَبُو حَرِيزٍ الزَّاهِرِيُّ1. اسْمُهُ سَهْلٌ مَوْلَى آلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوف. يَرْوِي عَنِ: ابْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. 340- أَبُو الْخَطَّابِ الثَّقَفِيُّ2. هُوَ عَبْدُ الْمَلَكِ بْنُ خَطَّابِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ "الْبَصْرِيُّ" سَمِعَ: عُمَارَةَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ. لا أَعْلَمُ فِيهِ جَرْحًا. 341- أَبُو الْخَطَّابِ الأَخْفَشُ الْكَبِيرُ3. شَيْخُ الْعَرَبِيَّةِ، أَخَذَ عَنْهُ سِيبَوَيْهِ. قِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ. كَانَ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَلَوْلا سِيبَوَيْهِ لَمَا كَانَ يُعْرَفُ فَإِنَّ الأَخْفَشَ الأَوْسَطَ الَّذِي أخذ عن سِيبَوَيْهِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ سَنَةِ مِائَتَيْنِ. وَلِأَبِي الْخَطَّابِ هَذَا أَشْيَاءُ غَرِيبَةٌ يَتَفَرَّدُ بِهَا عَنِ الْعَرَبِ. وَقَدْ أَخَذَ عَنْهُ أَيْضًا: عِيسَى بْنُ عُمَرَ النَّحْوِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ المثنى.   1 تقدمت ترجمته برقم "125". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 349"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 412"، والثقات لابن حبان "8/ 386". 3 انظر العقد الفريد "3/ 302"، والبداية والنهاية "10/ 176". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 234 وَلَمْ أَظْفَرْ بِوَفَاتِهِ. 342- أَبُو دُلامَةَ1. الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، صَاحِبُ الْمُجُونِ، كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا لَهُ نَوَادِرُ عَجِيبَةٌ وَفَصَاحَةٌ وَمُلَحٌ وَشِعْرٌ سَائِرٌ. وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي أَسَدٍ، وَاسْمُهُ زِنْدُ بْنُ الْجَوْنِ. وَيُقَالُ: بَلِ اسْمُهُ زَيْدٌ بِمُوَحَّدَةٍ، وَهُوَ عَبْدٌ مُوَلَّدٌ. رَوَى مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْمَنْصُورَ أَلْزَمَ أَبَا دُلامَةَ بِحُضُورِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي جَمَاعَةٍ، فَقَالَ: يُكَلِّفُنِي الأُولَى جميعًا وعصرها ... وما لي وللأولى وما لي وللعصر وَمَا ضَرَّهُ وَاللَّهُ يَغْفِرُ ذَنْبَهُ ... لَوْ أَنَّ ذُنُوبَ الْعَالَمِينَ عَلَى ظَهْرِي 343- أَبُو سَلَمَةَ الْعَامِلِيُّ الشَّامِيُّ2 -ق. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، وَأُنَيْسَةَ بِنْتِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ، وَشَيْبانُ، وَهُمَا مِنْ جِيلِهِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْجَزَائِرِيُّ. وَقِيلَ: إِنَّ هِشَامَ بْنَ عَمَّارٍ لَحِقَهُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْجِعَابِيُّ: هُوَ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَّافٍ أَبُو سَلَمَةَ. قَالَ: وَأَبُو سَلَمَةَ الْعَامِلِيُّ دِمَشْقِيُّ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: بَلْ هما واحد.   1 انظر العقد الفريد "1/ 143"، والكامل في التاريخ "5/ 610"، وأخبار الحمقى "101"، والأذكياء "154"، كلاهما لابن الجوزي. 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 383"، وتهذيب الكمال "3/ 1611"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 532". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 235 344- أَبُو الشَّمَقْمَقِ الشَّاعِرُ1. اسْمُهُ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ لَهُ فِي الْجِدِّ وَالْهَزْلِ أَشْيَاءُ. وَكَانَ يَكُونُ بِبَغْدَادَ فِي عَصْرِ أَبِي دُلامَةَ. 345- أَبُو شِهَابٍ الحناط2 -خ. م. د. ت. ق. هُوَ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ الْكُوفِيُّ، ثُمَّ المدائني. رَوَى عَنِ: الْعَلاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ وَكَانَ ذَا وَرَعٍ وَفَضْلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. أَبُو عُبَيْدَةَ الْخَزَّازُ3. هُوَ عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ. مَرَّ. 346- أَبُو عَبْدِ رَبِّ الْعِزَّةِ الدِّمَشْقِيُّ4. يُقَالُ: اسْمُهُ عبد ربه. روى عن: معاوية.   1 انظر البخلاء للخطيب "103، 104"، والعقد الفريد "3/ 35، 36". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 391"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 81"، والثقات لابن حبان "7/ 154"، وتهذيب الكمال "2/ 771". 3 تقدمت ترجمته برقم "197". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 465"، والجرح والتعديل "5/ 257"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 372"، وتهذيب الكمال "3/ 1621". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 236 رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جَابِرٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى الوحاظي. وعمر دهرًا طويلا. 347- أبو عوانة1 -ع. هُوَ الْوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ الحافظ، مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ عَطَاءٍ الْيَشْكُرِيِّ، يُقَالُ: مِنْ سبي جرجان. رأى الحسن، وابن سيرين. وروى عَنْ: قَتَادَةَ، وَالْحَكَمِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَأَبِي بِشْرٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَمَنْصُورٍ، وَالسُّدِّيِّ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَطَبَقَتِهِمْ فَأَكْثَرَ، وَعَنْهُ: حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَعَفَّانُ، وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ خَتَنُ أَبِي عَوَانَةَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَعَارِمٌ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَشَيْبَانُ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. قَالَ عَفَّانُ: هُوَ أَصَحُّ حَدِيثًا عِنْدَنَا مِنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ صَحِيحُ الْكِتَابِ، وَإِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ رُبَّمَا يَهِمُ. وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ صَحِيحَ الْكِتَابِ كَثِيرَ الْعُجْمِ وَالنُّقَطِ، ثَبْتًا. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ مَوْلاهُ يَزِيدُ قَدْ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْحُرِّيَّةِ وَبَيْنَ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ، فَاخْتَارَ كِتَابَةَ الْحَدِيثِ. وَفَوَّضَ إِلَيْهِ مَوْلاهُ التِّجَارَةَ، فَجَاءَهُ سَائِلٌ فَقَالَ: أَعْطِنِي دِرْهَمَيْنِ فَإِنِّي أَنْفَعُكَ، فَأَعْطَاهُ دِرْهَمَيْنِ، فَدَارَ السَّائِلُ عَلَى رُؤَسَاءِ الْبَصْرَةِ بِكَذِبَةٍ يَقُولُ: بَكِّرُوا عَلَى يَزِيدَ، فَإِنَّهُ قَدْ أَعْتَقَ أَبَا عَوَانَةَ. قَالَ: فَاجْتَمَعُوا إِلَى يَزِيدَ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، فَأَنِفَ مِنْ أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ، فَأَعْتَقَهُ حَقِيقَةً. وَرَوَى أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَوَانَةَ! ادْعُ اللَّهَ أَنْ لا يميتني حتى يبلغ ولدي الصغار.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 287"، والجرح والتعديل "9/ 4140"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 181"، والمجروحين لابن حبان "1/ 54". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 237 فَقُلْتُ: إِنَّ الأَجَلَ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ. فَقَالَ لِي: أَنْتَ بَعْدُ فِي ضَلالِكَ. قُلْتُ: قَدْ صَحَّ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا لأنس وغيره بِطُولِ الْعُمْرِ"1. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَا أَشْبَهَ حَدِيثَ أَبِي عَوَانَةَ بِحَدِيثِ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ. قَالَ عَفَّانُ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: إِنْ حَدَّثَكُمْ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَصَدِّقُوهُ، يَعْنِي عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي أَنَّهُ صَدُوقٌ. مَاتَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كِتَابُ أَبِي عَوَانَةَ أَثْبَتُ مِنْ حِفْظِ هُشَيْمٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، وَكُتُبُهُ صَحِيحَةٌ، فَإِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ غَلَطَ كَثِيرًا. وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. 438- أَبُو الْمُحَيَّاةِ2 -م. ت. ن. ف. يحيى بن يعلى بن حرملة التميمي الكوفي. عَنْ: سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَمَنْصُورٍ، وَعَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، وَهَنَّادٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. 349- أَبُو مُسْلِمٍ3. قَائِدُ الأَعْمَشِ شَيْخٌ كُوفِيٌّ اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سعيد.   1 تقدم تخريج خبر دعاؤه -صلى الله عليه وسلم- لأنس -رضي الله عنه. وللمزيد هو في البخاري "11/ 155"، ومسلم "660، 2480"، والترمذي "3827، 3828". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 384"، والجرح والتعديل "9/ 196"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 311"، والثقات لابن حبان "9/ 261". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 878"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 383"، والضعفاء للعقيلي "3/ 121"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 9". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 238 لَهُ عَنِ: الأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وعنه: حسين بن حفص الأصبهاني، ويحيى بن أبي بكير، وأبو مسلم عبد الرحمن بن واقد. قال البخاري: في حديثه نظر. 350- أبو معشر البراء1 خ. م. اسمه يوسف بن يزيد البصري العطار. وَكَانَ أَيْضًا يَبْرِي النَّبْلَ. رَوَى عَنْ: حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجَ، وَخَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ. وَعَنْهُ: سِنْدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَلُوَيْنُ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَآخَرُونَ. ثِقَةٌ. وَرُوِيَ أَنَّ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ضَعَّفَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 351- أَبُو نَوْفَلٍ2. هُوَ الْكَلْبِيُّ، اسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ، الدِّمَشْقِيُّ الدَّارِ، الْكُوفِيُّ الأَصْلِ. رَوَى عَنْ: قتادة، وعبد الملك بن عمير، وأبي إسحاق. وعنه: أبو مسهر، ويحيى الوحاظي، وأبو توبة الحلبي، وهشام بن عمار. وثقه هشام. السيد الحميري3. مر في السين.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 234، 235"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 385"، والثقات لابن حبان "7/ 637"، وتهذيب الكمال "3/ 1564". 2 انظر الكنى للدولابي "2/ 142". 3 تقدمت ترجمته برقم "128". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 239 الفهرس العام للكتاب : رقم الصفحة الموضوع: الطبقة الثامنة عشرة: "سنة إحدى وسبعن ومائة": 3 المتوفون في هذه السنة. 3 عزل الفضل بن سليمان ووفاته. 3 ضرب عنق أمير الجزيرة. 3 إِخْرَاجُ الرَّشِيدِ الْعَلَوِيِّينَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ المنورة. 4 سفر الخيزران للحج. "سنة اثنتين وسبعين ومائة": 4 المتوفون في هذه السنة. 4 إمارة عبيد الله بن المهدي على أرمينية. 4 الحج هذا الموسم. "سنة ثلاث وسبعين ومائة": 4 المتوفون في هذه السنة. 5 الحج في الموسم. 5 إمارة العباس بن جعفر على خراسان. "سنة أربع وسبعين ومائة": 5 المتوفون في هذه السنة. 5 الحج هذا العام. "سنة خمس وسبعين ومائة": 5 المتوفون في هذه السنة. 5 عقد البيعة لمحمد الأمين. 6 ظُهُورُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ بِالدَّيْلَمِ. 6 خبر اليمين الذين أقسمه الزبيري والعلوي. 7 هياج العصبية بالشام. 7 إمارة الغطريف بن عطاء على خراسان. 7 إمارة جعفر البرمكي على مصر. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 241 "سنة ست وسبعن ومائة": 7 المتوفون في هذه السنة. 7 الحرب بين اليمانية والقيسية في الشام. 7 فتح مدينة دبسة. "سنة سبع وسبعين ومائة": 8 المتوفون في هذه السنة. 8 ولاية إسحاق بن سليمان على مصر. 8 ولاية الفضل بن يحيى على خراسان. 8 الحج هذا الموسم. "سنة ثمان وسبعين ومائة": 8 المتوفون في هذه السنة. 9 فتنة الحوفية بمصر. 9 ولاية هرثمة بن أعين على مصر. 9 فتة أهل المغرب. 9 تفويض أمور الممالك ليحيى بن خالد. 9 خروج الوليد بن طريف الشاري. 9 مسير الفضل بن يحيى إلى خراسان. "سنة تسع وسبعين ومائة": 10 المتوفون في هذه السنة. 10 إمارة منصور الحميري على خراسان. 10 خروج الوليد من طريف من جديد. 11 عمرة الرشيد وحجه. 11 إمرة هرثمة بن أعين على المغرب. "سنة ثمانين ومائة": 11 المتوفون في هذه السنة. 12 هياج العصبية بالشام. 12 استيطان الرشيد بالرقة. 12 الزلزلة بمصر. 12 خروج خراشة الشيباني. 12 خروج المحمرة بجرجان. 12 استخلاف الرشيد للأمين على بغداد. 12 الحج هذا الموسم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 242 "تراجم هذه الطبقة على المعاجم": "حرف الألف". 13 1- إبراهيم بن حميد الرواسي الكوفي. 13 2- إبراهيم بن سعيد المديني. 13 3- إبراهيم بن سويد المدني. 13 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله العباسي. 14 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي شَيْبَانَ العنسي الدمشقي. 15 6- إبراهيم بن عقبة الراسبي. 15 7- آدَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْد العزيز الآموي. 15 8- إسحاق بن إبراهيم الثقفي الكوفي. 16 9- إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس المدني. 16 10- إسحاق بن عبيد بن أبي مليكة. 17 11- إسماعيل بن إبراهيم المديني. 17 12- إسماعيل بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. 18 13- إسماعيل بن زكريا الخلقاني الكوفي. 19 14- إسماعيل بن زياد السكوني قاضي الموصل. 20 15- إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين المكي. 21 16- إسماعيل بن قيس القيسي. 21 17- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ الأنصاري المدني. 21 18- إسماعيل بن مختار الكوفي. 22 - إسماعيل بن مجالد. 22 19- إسماعيل بن اليسع الكوفي. 22 20- أمية بن شبل الصنعاني. 22 21- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. 23 22- أيوب بن جابر السحيمي اليمامي المدني. 24 23- أيوب بن سيار الزهري. 24 24- أيوب بن عتبة اليمامي قاضي اليمامة. "حرف الْبَاءِ". 25 25- الْبَخْتَرِيُّ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ سَلْمَانَ الكلبي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 243 26 26- بشر بن عمارة الكوفي المؤدب. 26 27- بشر بن منصور الأزدي السليمي الزاهد. 28 28- بشر بن منصور الحناط. 28 29- بشير بن طلحة الخشني الشامي. 28 30- بشير بن ميمون الواسطي. 29 31- بكر بن حمران الرفاعي. 29 32- بكر بن مضر بن محمد المصري. "حرف التاء". 30 33- تمام بن بزيع. "حرف الثاء". 31 34- ثمامة بن عبيدة العبدي. "حرف الْجِيمِ". 31 35- جَابِرُ بْنُ غَانَمٍ السَّلَفِيُّ الْخُشَنِيُّ. 32 36- جارية بن هرم الفقيمي البصري. 32 37- الجراح بن الضحاك الكندي الكوفي الرازي. 33 38- الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي ناظر بيت المال. 33 39- الجراح بن مليح البهراني الحمصي. 34 40- جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه العباسي الهاشمي الأمير. 34 41- جعفر بن سليمان الضبعي البصري. 37 42- جميل بن عبيد البصري. 37 43- جويرية بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري. "حرف الحاء". 38 44- حاتم بن شفي الهمداني. 38 45- الحارث بن الصلت المدني الأعور المؤذن. 38 46- الحارث بن عبيد الإيادي البصري. 39 47- الحارث بن عمير البصري. 39 48- الحباب بن موسى السعيدي الكوفي. 40 49- حبان بن علي العنزي الكوفي. 40 50- حبيب بن حبيب الكوفي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 244 41 51- حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجِ بْنِ الرُّحَيْلِ الجعفي الكوفي. 41 52- حرب بن أبي العالية البصري. 42 53- حزم بن أبي حزم مهران القطعي. 42 54- الحسن بن عياش بن سالم الكوفي. 43 55- حسين بن عبد الله بن ضميرة الحميري المدني. 44 56- حصين بن نمير الواسطي. 44 57- حفص بن جميع العجلي الكوفي. 44 58- حفص بن سليمان الأسدي الغاضري الكوفي المقرئ. 46 59- حفص بن صبيح الأزرق. 46 60- الحكم بن ظهير الكوفي. 47 61- الحكم بن عبد الله بن خطاف العاملي الأزدي. 47 62- الحكم بن عبدة البصري. 47 63- الحكم بن عمرو الرعيني الحمصي. 48 64- الحكم بن فضيل الواسطي. 48 65- الحكم بن هشام الثقفي العقيلي. 50 66- حكيم بن نافع الرقي. 50 67- حماد بن زيد بن درهم بن إسماعيل الأزدي. 53 68- حماد بن شعيب التميمي الحماني الكوفي. 54 69- حماد بن أبي حنيفة النعمان بن ثابت. 54 70- حماد بن يحيى الأبج الأنصاري. 54 71- حمزة بن عبد الواحد المكي. 55 72- حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاصُّ. "حرف الْخَاءِ". 55 73- خَارِجَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رَافِعِ الجهني المدني. 55 74- خاقان بن الأهتم المنقري. 56 75- خالد بن زياد الأزدي الترمذي. 56 76- خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ الأُمويّ. 56 77- خالد بن شوذب الجشمي البصري. 56 78- خالد بن ميسرة البصري العطار. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 245 57 79- خالد بن يزيد الزيات الكوفي. 57 80- خلاد بن سليمان الحضرمي المصري. 57 81- خلف الأحمر اللغوي الشاعر. 58 - خلف بن خليفة. 58 82- الخليل بن أحمد صاحب العروض. 58 83- خَشَافٌ الْكُوفِيُّ صَاحِبُ اللُّغَةِ. 58 84- الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ. 58 85- الخيرزان الجرشية. "حرف الدال". 59 86- داود بن الزبرقان البصري. 59 87- داود بن عبد الرحمن العطار المكي. 60 88- داود بن يزيد الثقفي البصري. 60 89- ديلم بن غزوان العبدي البصري البراء. "حرف الذال". 61 90- ذاود بن علبة. "حرف الراء". 61 91- رابعة العدوية. 63 92- الربيع بن سهل بن الركين الفزاري. 63 93- رفاعة بن يحيى بن عبد الله الأنصاري الزرقي. 64 94- رفدة بن قضاعة الغساني. 64 95- روح بن حاتم بن قبيصة الأزدي المهلبي. 64 96- روح بن مسافر البصري. 65 97- روح بن عطاء بن أبي ميمونة. 65 98- رياح بن عمرو القيسي البصري الزاهد. "حرف الزَّايِ". 66 99- زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجِ الجعفي الكوفي. 67 100- زهير بن هنيدة العدوي. 67 101- زياد أبو السكن الباهلي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 246 "حرف السين". 68 102- سالم بن جمضيع القزاز البصري. 68 103- سعد بن زياد العباسي. 69 104- سعد بن عبد الله بن سعد المعافري. 69 105- سعدان بن بشر الجهني الكوفي. 69 106- سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ الْعَدَوِيِّ. 70 107- سعيد بن عبد الله بن الربيع الكوفي. 70 108- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القرشي. 71 109- سعير بن الخمس التميمي الكوفي. 72 110- سكين بن عبد العزيز بن قيس العطار. 72 111- سَكَنُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْبَصْرِيُّ صَاحِبُ الْغَنَمِ. 73 - سلام بن سليم أبو الأحوص. 73 112- سلام بن سليمان المزني القارئ النحوي. 73 113- سلام بن سلم التميمي السعدي. 74 - سلام بن سليمان المدائني الصغير. 75 114- سلام بن أبي الصهباء الفزاري. 75 115- سلام بن أبي مطيع البصري الخزاعي. 76 - سلام بن أبي خبزة البصري. 76 116- سلمة بن عمرو العقيلي قاضي دمشق. 76 117- سلمة بن كلثوم الكندي الدمشقي. 77 118- سلم الخاسر الشاعر. 78 119- سليمان بن بلال المدني الحافظ. 79 120- سليمان بن سالم القرشي البصري القطان. 79 121- سليمان بن عطاء القرشي الحراني. 80 122- سليمان بن موسى الزهري الكوفي. 80 123- سليم بن أخضر البصري. 80 124- سنان بن هارون البرجمي. 81 125- سهل مولى المغيرة المدني. 82 126- سوار بن مصعب الهمداني الكوفي الضرير. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 247 82 127- سيبويه"عمرو بن عثمان بن قنبر" النحوي. 84 128- السيد الحميري"الإسماعيل بن محمد الشاعر". 87 129- سيف بن عمر التميمي الأسيدي الضبي. 88 130- سيف بن هارون البرجمي الكوفي العابد. "حرف الشين". 89 131- شريك القاضي بن عبد الله النخعي الكوفي. 90 ذكر نسبه. 97 132- شعيب بن رزيق المقدسي. 97 133- شعيب بن رزيق الطائفي الثقفي. 97 134- شعيب بن صفوان الثقفي. 98 135- شهاب بن خراش الواسطي. 99 136- شهاب بن شرنفة المجاشعي البصري. 99 137- شيطان الطاق"محمد بن علي بن النعمان البجلي". "حرف الصاد". 100 138- صالح المري بن بشير البصيري القاص. 102 139- صدقة بن خالد القرشي الدمشقي. 103 140- صدقة بن المنتصر الشعباني. 103 141- صعصعة بن سلام الفقيه. 104 142- الصلت بن الحجاج الكوفي. "حرف الطَّاءِ". 104 143- طُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجَعْفَرِيُّ الْعَامِرِيُّ الكوفي. 105 144- طلحة بن زيد الشامي الرقي. 106 145- طلحة بن يحيى بن النعمان الزرقي المدني. 106 146- طليب بن كامل اللخمي الفقيه المصري. "حرف الْعَيْنِ". 106 147- عَاصِمُ بْنُ الْعَلاءِ بْنُ مُغِيثٍ الخولاني. 107 148- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَافٍ الْيَمَامِيُّ. 107 149- عباد بن عبد الصمد البصري التميمي. 108 150- عبثر بن القاسم الكوفي الزبيدي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 248 109 151- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ السَّعْدِيُّ. 110 152- عبد الله بن حكيم الداهري البصري. 111 153- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعُمَرِيُّ. 111 154- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ الْوُحَاظِيُّ الْحِمْصِيُّ. 112 155- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ. 112 156- عبد الله بن عثمان البصري. 113 157- عبد الله بن عرادة السدوسي. 113 158- عبد الله بن عقيل الثقفي. 113 159- عبد الله بن عمر بن حفص العدوي العمري. 116 160- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْكُوفِيُّ. 116 161- عبد الله بن فرخوخ الفارسي المغربي. 117 162- عبد الله بن كرز الفهري. 118 163- عبد الله بن لهيعة بن عقبة المصري. 122 164- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنصاري البصري. 123 165- عبد الله بن محمد الأسلمي. 123 166- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مسلم الرقاشي. 124 167- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدَبٍ الْهُذَلِيُّ المدني. 124 168- عبد الله بن ميسرة الحارثي الكوفي. 124 169- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ اليمامي. 125 170- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الثَّقَفِيُّ. 125 171- عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي هنيدة. 125 172- عبد الحكم بن أعين. 125 173- عبد الحميد بن الحسن الهلالي الكوفي. 126 174- عبد الحميد بن سليمان المدني. 126 175- عبد الرحمن بن جرير. 126 176- عبد الرحمن بن أبي الزناد المدني. 128 177- عبد الرحمن بن سليمان الإصبهاني. 128 178- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حنظلة. 129 179- عبد الرحمن بن العريان الحارثي البصري. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 249 130 180- عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الأمير الداخل. 132 181- عبد الرحمن بن أبي الموال المدني. 133 182- عبد السلام بن مكلبة البيروتي. 133 183- عبد الصمد بن معقل بن منبه اليماني. 133 184- عبد العزيز بن أبي ثابت المدني الأعرج. 134 185- عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان. 134 186- عبد العزيز بن الربيع بن سبرة الجهني. 135 187- عبد العزيز بن سلمان الراسبي البصري. 135 188- عبد العزيز بن المختار الأنصاري الدباغ. 135 189- عبد الكريم بن محمد الجرجاني قاضي جرجان. 136 190- عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ الأمير. 136 191- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الأنصاري الأعرج. 136 192- عبد المهيمن بن عباس بن سهل الساعدي. 137 193- عبد الواحد بن زياد العبدي. 138 194- عبد الوارث بن سعيد العنبري التنوري. 139 - عبيد الله بن شعيب بن الحبحاب. 139 195- عبيد الله بن عمرو الرقي. 139 196- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التركي الخراساني. 140 197- عبيس بن ميمون التيمي الخزاز. 141 198- عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ الْعَتَكِيُّ. 142 199- عثمان بن مطر الشيباني المقري الرهاوي. 142 200- عدي بن الفضل. 142 201- العطاف بن خالد بن عبد الله المخزومي. 143 202- عطوان بن مشكان الخياط. 143 203- الْعَلاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرِّيَاحِيُّ. 143 204- العلاء بن خالد بن وردان البصري. 144 205- علي بن أبي سارة الشيباني. 144 206- علي بن سليمان بن كيسان. 145 207- علي بن سليمان بن علي العباسي الأمير. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 250 145 208- علي بن عابس الأسدي الكوفي الملائي. 145 209- عَلِيُّ بْنُ أبي عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ اللَّهَبِيُّ الْمَدَنِيُّ. 146 210- عَلِيُّ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ التَّمِيمِيُّ الْمَكِّيُّ. 147 211- عليلة بن بدر البصري. 148 212- عمارة بن حمزة الكاتب. 149 213- عمر بن رديح. 149 214- عمر بن رياح العبدي البصري الضرير. 150 215- عمر بن شاكر البصري. 150 216- عمر بن صهبان الأسلمي. 151 217- عمر بن طلحة بن علقمة الليثي المدني. 151 218- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرومي. 151 219- عمر بن مساور البصري. 152 220- عمر بن المغيرة البصري. 152 221- عُمَرُ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ بَحْرِ بْنِ الرَّمَّاحِ قاضي بلخ. 153 222- عمر بن يزيد الأزدي قاضي المدائن. 153 223- عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ ثَابِتِ بْنِ هُرْمُزَ الكوفي. 154 - عمر بن عثمان = سيبويه. 154 224- عمرو بن واقد القرشي الدمشقي. 154 225- عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي السعيدي. 155 226- عمران بن خالد الخزاعي. 155 227- عنبسة بن سعيد القطان. 156 228- عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة الأموي. 157 229- عنبسة بن نجاد العابد. 157 230- عون بن موسى الليثي البصري. 158 231- عيسى بن داب الإخباري. 158 232- عيسى بن وردان المدني الحذاء المقرئ. "حرف الْغَيْنِ". 158 233- غَسَّانُ بْنُ بُرْزَيْنِ الطُّهَوِيُّ الْمِصْرِيُّ. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 251 "حرف الْفَاءِ". 159 234- فُرَاتُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الْقُرَشِيُّ. 159 235- فرج بن فضالة التنوخي الحمصي. 160 236- فرج بن يزيد الكلاعي الشامي. 160 237- فضالة بن عبد الملك الشحام. 161 238- الفضل بن صالح بن علي الهاشمي الأمير. 161 239- الفضل بن المختار المصري. "حرف الْقَافِ". 162 240- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر العدوي العمري. 162 241- القاسم بن معن قاضي الكوفي. 163 242- قحذم الأزدي الجرمي البصري. 163 243- قزعة بن سويد بن حجير الباهلي. "حرف الكاف". 164 244- كثير بن عبد الله الأبلي البصري. 164 245- كثير بن عبد الله اليشكري. "حرف اللام". 165 246- الليث بن سعد المصري. "حرف الميم". 174 247- مالك بن أنس الإمام. 186 248- مبارك بن سحيم البصري. 187 249- مبارك بن سعيد بن مسروق الثقفي. 187 250- المبارك بن مجاهد المروزي. 188 251- مجاشع بن عمرو. 188 - مجمع بن أيوب. 188 252- محرز بن هارون القرشي التيمي المدني. 188 253- محمد بن أبان بن صالح الجعفي. 189 254- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ. 189 255- محمد بن إسماعيل بن رجاء الزبيدي. 189 256- محمد بن أنس الكوفي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 252 190 257- محمد بن أيوب بن ميسرة الجبلاني. 190 258- محمد بن ثابت العبدي البصري. 190 - محمد بن ثابت البناني. 190 259- محمد بن جابر اليمامي. 191 260- محمد بن داب المدني. 192 261- محمد بن دينار الأزدي. 192 262- محمد بن زياد اليشكري الطحان. 193 263- محمد بن سليمان بن علي أمير البصرة. 195 264- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي ضَمْرَةَ الْحِمْصِيُّ. 195 265- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ التيمي المليكي. 196 266- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ المدني. 196 267- محمد بن عبد الرحمن القشيري الكوفي. 196 268- محمد بن عمار بن حفص الأنصاري السعدي المؤذن الملقب بكشاكش. 197 269- محمد بن مسلم الطائفي المكي. 197 270- مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ بْنً أَبِي عِمْرَانَ الْهِلالِيُّ الكوفي. 198 271- محمد بن موسى الفطري المديني. 198 272- ممد بن النضر الحارثي عابد الكوفة. 199 273- مرثد بن عامر الهنائي. 199 274- مرزوق بن عبد الرحمن البصري. 199 275- مسعود بن سعد الجعفي الكوفي. 200 276- مسكين بن صالح الأنصاري مؤذن بيت المقدس. 200 277- مسكين بن ميمون مؤذن الرملة. 200 278- مسمل بن خالد المكي الفقيه. 201 279- مسلمة بن جعفر البجلي الأحمسي الأعور. 202 280- مسلمة بن علقمة المازني إمام مسجد داود. 202 281- مسلمة بن قعنب. 202 282- مطر بن عبد الرحمن العنزي. 203 283- مشمعل بن ملحان الطائي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 253 203 284- معاوية بن عبد الكريم الضال. 204 285- معاوية بن ميسرة. 204 - معاوية بن يحيى الصدفي. 204 286- معاوية بن يحيى الأطرابلسي. 205 287- معروف بن عبد الله الدمشقي. 206 288- معلى بن هلال الكوفي الطحان. 207 289- المغيرة بن عبد الرحمن بن الله الحزامي المدني. 208 - مغيرة بن عبد الرحمن المخزومي. 208 290- مفضل بن صالح النخاس الكوفي. 208 291- المفصل بن يونس الكوفي الجعفي. 209 292- المنذر بن زياد. 209 293- المنذر بن عبد الله بن المنذر الحزامي المدني. 209 294- منصور بن أبي الأسود الكوفي. 210 295- منصور بن عبد الحميد. 210 296- منصور أبو أمية. 211 297- منصور النمري الشاعر. 211 298- المنكدر بن محمد بن المنكدر التيمي. 211 299- مهدي بن ميمون الأزدي المعولي. 212 300- مهدي بن هلال البصري. 213 301- موسى بن أعين القرشي الضرير. 213 302- موسى بن عمير القرشي الضرير. 213 303- ميسرة بن عبد ربه الفارسي التراس. "حرف النون". 217 304- ناصح بن العلاء البصري. 217 305- نحم بن فرقد البصري العطار. 217 306- نعيم بن ميسرة النحوي المقرئ. 218 307- نوح الجامع بن أبي مريم المروزي الفقيه. "حرف الهاء". 219 308- هارون بن حيان الرقي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 254 220 309- هَاشِمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القرشي البكري. 220 310- هشام بن سلمان المجاشعي. 220 311- هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الأموي. 221 312- هشام بن يحيى بن يحيى الغساني الدمشقي. 221 313- الهقل بن زياد الدمشقي البيروتي. 222 314- هياج بن بسطام التميمي الحنظلي الهروي. "حرف الواو". 222 315- الوضاح= الوليد بن طريف أبو عوانة. 223 316- الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ الهمداني المرهبي. 224 317- الوليد بن عمرو بن ساج الحراني. 224 318- الوليد بن المغيرة الأشجعي. "حرف الْيَاءِ". 224 319- يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ الحضرمي. 225 320- يحيى بن عثمان القرشي الدستوائي. 225 - يحيى بن يعلى أبو المحياة. 226 321- يزيد بن حاتم بن قبيصة المهلبي الأمير. 226 322- يزيد بن عبد الله الدمشقي السراج. 227 323- يزيد بن عطاء اليشكري. 227 324- يزيد بن المقدام بن شريح الحضرمي. 228 325- يزيد بن يوسف الدمشقي الصنعاني. 228 326- يزيد بن معاوية الخراساني. 228 327- يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي. 229 - يعلى بن الأشدق. 229 328- يوسف بن محمد بن المنكدر. 230 329- يونس بن أرقم البصري. 230 330- يونس بن راشد قاضي حران. 230 331- يونس بن عثمان الحمصي. 231 332- يونس بن القاسم الحنفي اليمامي. 231 333- يونس بن نافع. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 255 231 334- يونس بن أبي يعفور العبدي. "الكنى". 232 335- أبو الأحوص الكوفي= سلام. 233 336- أبو إسماعيل القناد. 233 337- أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ الأَزْدِيُّ. 233 338- أبو بكر الداهري. 234 339- أبو حريز الزاهري. 234 340- أبو الخطاب الثقفي. 234 341- أبو الخطاب الأخفش الكبير شيخ العربية. 235 342- أبو دلامة الشاعر. 235 343- أبو سلمة العاملي الشامي. 236 344- أبو الشمقمق الشاعر= مروان بن محمد. 236 345- أبو شهاب الحناط= عبد ربه بن نافع. 236 - أبو عبيد الخزاز. 236 346- أبو عبد رب العزة الدمشقي. 237 347- أبو عوانة= الوضاح بن عبد الله. 238 348- أبو المحياة= يحيى بن يعلى. 238 349- أبو مسلم قائد الأعمش. 239 350- أبو معشر البراء العطار. 239 351- أبو نفل الكلبي= علي بن سليمان. 239 - السيد الحميري. 241 فهرس الموضوعات. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 256 المجلد الثاني عشر الطبقة التاسعة عشر أحداث إحدى وثمانين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة التاسعة عشر: أحداث إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: وَفِيهَا تُوُفِّيَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطِيَّةَ الثَّقَفِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ، وَأَبُو الْمَلِيحِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ، وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ الصَّنْعَانِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ الأَمِيرُ، وَحَمْزَةُ بْنُ مَالِكٍ، وَضَيْغَمُ بْنُ مَالِكٍ، وَسَهْلُ بْنُ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ، وَخَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ الْوَاسِطِيُّ، بِهَا، وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْمَرْوَزِيُّ، وَرَوْحُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْكَلْبِيُّ، قِيلَ: ابْنُ مَيْسَرَةَ الْعِجْلِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَيَّارٍ قَاضِي جُرْجَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ الْكُوفِيُّ، وعيسى ابن الْخَلِيفَةِ الْمَنْصُورِ، وَقِرَانُ بْنُ تَمَّامٍ الأَسَدِيُّ تَخْمِينًا، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَجَّاجٍ الْوَاسِطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَصْبَهَانِيُّ الْكُوفِيُّ، وَمُصْعَبُ بْنُ مَاهَانَ الْمَرْوَزِيُّ، وَمُغَازِلُ بْنُ فَضَالَةَ قَاضِي مِصْرَ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، وَأُمُّ عُرْوَةَ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ مُسْلِمٍ. فَتْحُ حِصْنِ الصَّفْصَافِ: وَفِيهَا غَزَا الرَّشِيدُ بِلادَ الرُّومِ، فَافْتَتَحَ حِصْنَ الصَّفْصَافِ عَنْوَةً. مَسِيرُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ إِلَى أَنْقَرَةَ: وَسَارَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ حَتَّى بَلَغَ أَنْقَرَةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، وَافْتَتَحَ حِصْنًا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الرَّشِيدُ. اسْتِعْفَاءُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ: وَاسْتَعْفَاهُ يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ مِنَ الأُمُورِ، فَعَزَلَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الْخَاتَمَ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الْمُجَاوَرَةِ فَأَقَامَ بمكة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 3 تَوْلِيَةُ الْعَكِّيِّ عَلَى الْمَغْرِبِ: وَفِيهَا كَتَبَ الرَّشِيدُ إِلَى هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ يُعْفِيهِ مِنْ إِمْرَةِ الْمَغْرِبِ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الْقُدُومِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَغْرِبِ مُحَمَّدَ بْنَ مُقَاتِلٍ الْعَكِّيَّ رَضِيعَ الرَّشِيدِ، وَكَانَ أَبُوهُ مُقَاتِلٌ أَحَدَ مَنْ قَامَ بِالدَّعْوَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ وَبَذَلَ جُهْدَهُ، وَكَانَ لا يُفَارِقُ الْمَنْصُورَ. وَكَانَ جَعْفَرٌ الْبَرْمَكِيُّ عَظِيمَ الْعِنَايَةِ بِمُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، فَوَصَلَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْقَيْرَوَانِ فِي رَمَضَانَ، والله أعلم1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 301"، تاريخ الطبري "8/ 268"، الكامل "6/ 154-159"، صحيح التوثيق "6/ 99". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 4 أحداث اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، وَأَبُو سُفْيَانَ الْحُمَيْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشْجَعِيُّ، وَعَبَّادُ بْنُ مُحَمَّدِ ابن أخت الثوري، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ وَالِدُ أَبِي بكر، وَأَبُو سُفْيَانَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَعْمَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ، وَمَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ الشَّاعِرُ، وَنُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ الْقَاضِي، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُوَقَّرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ. وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو يُوسُفَ فِي رَبِيعٍ الآخِرِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ الْمَنْصُورِ. الرَّشِيدُ يَأْخُذُ الْبَيْعَةَ لابْنِهِ الْمَأْمُونِ: وَفِيهَا أَخَذَ الرَّشِيدُ الْبَيْعَةَ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ وَلَدِهِ الأَمِينِ لِوَلَدِهِ الآخَرِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ، وَكَانَ ذَلِكَ بِالرَّقَّةِ، فَسَيَّرَهُ إِلَى بَغْدَادَ في خِدْمَتِهِ جَعْفَرٌ عَمُّ الرَّشِيدِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى، وَوَلاهُ مَمَالِكَ خُرَاسَانَ بِأَسْرِهَا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُرَاهِقٌ. تَمَلَّكَ رِينِي عَلَى الرُّومِ: وَفِيهَا وَثَبَتِ الرُّومُ عَلَى مَلِكِهِمْ قُسْطَنْطِينَ فسلموه وَاعْتَقَلُوهُ، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ أُمَّهُ، رِينِي، وَتُلَقَّبُ أُغَسْطَهْ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ موسى العباسي1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص302"، تاريخ الطبري "8/ 269"، الكامل "6/ 161"، صحيح التوثيق "6/ 100". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 4 أحداث ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ ظَنًّا، وَأَزْهَرُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَصْرِيُّ، وَأُنَيْسُ بْنُ سَوَّارٍ الْجَرْمِيُّ، وَحَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، فِي قَوْلٍ، وَحَيْوَةُ بْنُ مَعْنٍ التُّجِيبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْهَدَادِيُّ، وَخُنَيْسُ بْنُ عَامِرٍ: يَرْوِي عَنْ أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ، وَدَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّبَعِيُّ الْحَرَّانِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْبَصْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ الرَّفَّاءُ الْعَابِدُ، وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَادٍ الْمُرَادِيُّ، وَعَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ الْمَوْصِلِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ، وَالْمَاضِي بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَافِقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّمَّاكِ الْوَاعِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مَعْنٍ، وَمُوسَى الْكَاظِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَمُوسَى بْنُ عيسى الكوفي القاري، والنضر بن محمد الْمَرْوَزِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْبَصْرِيُّ، وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَاضِي دِمَشْقَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، فِي قَوْلٍ، وَيُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ صَاحِبُ الْعَرَبِيَّةِ. خُرُوجُ الْخَزْرِ وَإِيقَاعُهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ: وَفِيهَا كَانَ خُرُوجُ الْخَزْرِ بِسَبَبِ ابْنَةِ الْخَاقَانِ، وَقَدْ كَانَتْ فِي الْعَامِ الْمَاضِي حُمِلَتْ إِلَى الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى الْبَرْمَكِيِّ وَتَزَوَّجَ بِهَا؛ فَمَا وَصَلَتْ حَتَّى مَاتَتْ بِبَرْذَعَةَ، فَرَجَعَ مَنْ كَانَ فِي خِدْمَتِهَا مِنَ الْعَسَاكِرِ إِلَى أَبِيهَا فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهَا قُتِلَتْ غَيْلَةً، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، وَخَرَجَ لِلْقِتَالِ بِجُيُوشِهِ مِنْ بَابِ الأَبْوَابِ، فَأَوْقَعُوا بِأَهْلِ الإِسْلامِ وَبِالذِّمَّةِ، وَسَفَكُوا وَسَبَوْا، فِيمَا قِيلَ أَزْيَدَ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ نَسَمَةٍ. وَفِي الْجُمْلَةِ جَرَى عَلَى الإِسْلامِ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَمْ يُسْمَعْ قَبْلَهُ بِمِثْلِهِ أَبَدًا. فَاسْتَعْمَلَ الرَّشِيدُ عَلَى أَرْمِينِيَّةَ يَزِيدَ بْنَ مَزْيَدَ مَعَ أَذْرَبَيْجَانَ وَأَمَدَّهُ بِالْجُيُوشِ، وَأَرْدَفَهُ بِخُزَيْمَةَ بْنِ قَانِعٍ، وَسَارُوا فَدَفَعُوا الْخَزْرَ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ وَأَغْلَقُوا بَابَ الدَّرْبَنْدِ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 5 وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْخَلِيفَةَ الْهَادِي. تَمَرُّدَ الْعَكِّيِّ بِالْمَغْرِبِ: وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَتَمَرَّدَ مُتَوَلِّيهَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْعَكِّيُّ؛ وَظَلَمَ وَعَسَفَ، وَاقْتَطَعَ مِنْ أَرْزَاقِ الأَجْنَادِ وَآذَى الْعَامَّةَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ تَمَّامُ بْنُ تَمِيمٍ التَّمِيمِيُّ وَلَقِيَهُ عَلَى تُونُسَ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ، وَبَرَزَ لِمُلْتَقَاهُ الْعَكِّيُّ، وَوَقَعَ الْمَصَافُّ، فَانْهَزَمَ الْعَكِّيُّ وَتَحَصَّنَ بِالْقَيْرَوَانِ فِي الْقَصْرِ، وَغَلَبَ تَمَّامٌ عَلَى الْبَلَدِ، ثُمَّ نَزَلَ الْعَكِّيُّ بِأَمَانٍ وَانْسَحَبَ إِلَى طَرَابُلْسَ، فَنَهَضَ لِنُصْرَتِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَغْلَبِ، فَتَقَهْقَرَ تَمَّامٌ إِلَى تُونُسَ، وَدَخَلَ ابْنُ الأَغْلَبِ الْقَيْرَوَانَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَخَطَبَ وَحَضَّ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. ثُمَّ الْتَقَى ابْنُ الأَغْلَبِ وَتَمَّامٌ، فَانْهَزَمَ تَمَّامٌ، وَاشْتَدَّتْ بِغْضَةُ النَّاسِ لِلْعَكِّيِّ، وَكَاتَبُوا الرَّشِيدَ فِيهِ؛ فَعَزَلَهُ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَغْلَبِ1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 302"، تاريخ الطبري "8/ 270"، البداية "10/ 183، 184"، الكامل "6/ 166"، صحيح التوثيق "6/ 101". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 6 أحداث أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْمَدَنِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَرَزِينُ بْنُ شُعَيْبٍ الْفَقِيهُ بِمِصْرَ، وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزَّاهِدُ الْعُمَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، فِي قَوْلٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ الْقَاضِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ الزَّاهِدُ، وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ، وَمَرْوَانُ بْنُ شجاع الجزري، ويوسف بن الماحشون. قَالَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو أُمَيَّةَ بُن يَعْلَى، قَالَهُ خَلِيفَةُ. خُرُوجُ الشَّارِيِّ بِشَهْرَزُورَ: وَفِيهَا خَرَجَ بِشَهْرَزُورَ أَبُو عَمْرٍو الشَّارِيُّ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ زُهَيْرٌ الأَمِيرُ فقتله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 6 وِلايَةُ الْبَرْبَرِيِّ وَالْمُهَلَّبِيِّ وَابْنِ الأَغْلَبِ وَالرَّازِيِّ: وَفِيهَا وُلِّيَ حَمَّادٌ الْبَرْبَرِيُّ مَكَّةَ وَالْيَمَنَ، وَوُلِّيَ دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ السِّنْدَ، وَابْنُ الأغلب المغرب، ومهرويه الرازي طبرستان. أمان بن عِيسَى لِأَبِي الْخَصِيبِ: وَفِيهَا طَلَبَ أَبُو الْخَصِيبِ الْخَارِجُ بِخُرَاسَانَ الأَمَانَ، فَأَمَّنَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ وَأَكْرَمَهُ. غَارَةُ الشَّيْبَانِيِّ إِلَى الرُّومِ: وَفِيهَا سَارَ أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الشَّيْبَانِيُّ فَأَغَارَ عَلَى مَمَالِكِ الرُّومِ، فَغَنِمَ وَسَلِمَ. مَسِيرُ ابْنِ بَيْهَسَ لِلْفِدَاءِ: وَفِيهَا سَارَ ابْنُ بَيْهَسَ الْكِلابِيُّ إلى ملكة الروم في الفداء1.   1 انظر السابق. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 7 أحداث خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، فِي قَوْلِ، إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ الْبَصْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ، وَضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ، بِسَلَمِيَةَ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَمُّ الْمَنْصُورِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَابِدُ، وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، ومحمد بن الإمام إبراهيم بن محمد ابن عَمِّ الْمَنْصُورِ، وَقَاضِي مِصْرَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، فِي قَوْلٍ قَوِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونَ، فِي الأَصَحِّ، وَيَقْطِينُ بْنُ مُوسَى الأَمِيرُ. وُثُوبُ أَهْلِ طَبَرِسْتَانَ عَلَى مُتَوَلِّيهِمْ: وَفِيهَا وَثَبَ أَهْلُ طَبَرِسْتَانَ عَلَى مُتَوَلِّيهِمْ مَهْرُوَيْهِ وَقَتَلُوهُ، فَوَلَّى الرَّشِيدُ بَدَلَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ الْحَرَشِيَّ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 7 وُثُوبُ ابْنِ عِيسَى عَلَى الشَّارِيِّ: وَفِيهَا عَاثَ حَمْزَةُ الشَّارِيُّ بِبَاذَغِيسَ فَوَثَبَ بِهِ عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى وَأَبَادَ عَشَرَةَ آلافٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. خُرُوجُ أَبِي الْخَصِيبِ وَاسْتِفْحَالُ أَمْرِهِ: وَفِيهَا خَرَجَ أَبُو الْخَصِيبِ ثَانِيَةً وَغَدَرَ وَغَلَبَ عَلَى نَيْسَابُورَ، وَطُوسٍ، وَأَبِيوَرْدَ، وَزَحَفَ بِجَيْشِهِ إِلَى مَرْوٍ فَالْتَقُوهُ، فَانْكَسَرَ وَتَأَخَّرَ إِلَى سَرْخَسَ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ. ظهور ابن عيسى وطول اختفائه: وَفِيهَا ظَهَرَ بِعَبَّادَانَ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُسَيْنِيُّ وَبِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ، وَبُويِعَ سِرًّا، ثُمَّ عَجَزَ وَهَرَبَ، فَلَمْ يَزَلْ مُسْتَخْفِيًا إِلَى أَنْ مَاتَ بَعْدَ دَهْرٍ طَوِيلٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا فِي دَوْلَةِ الإِسْلامِ اسْتَقَرَّ فِي طُولِ هَذِهِ المدة أبدًا مستخفيًا1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 302"، تاريخ الطبري "8/ 273"، البداية "10/ 186"، الكامل "6/ 168"، صحيح التوثيق "6/ 102". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 8 أحداث سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: جَعْفَرُ بْنُ الْمَنْصُورِ، وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، فِيهَا أَوْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ، وَالْحَوْشَبُ بْنُ عُبَيْدَةَ، حِمْصِيٌّ، وَحَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْمَانِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ، وَطَيْفُورُ الأَمِيرُ مَوْلَى الْمَنْصُورِ، وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، فِي قَوْلٍ، وَعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْوَاقِفِيُّ الْمُقْرِي، وَالْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الأَمِيرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمَدَنِيُّ، وَعِيسَى الْبُخَارِيُّ، غُنْجَارٌ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، بِخُلْفٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ. مَقْتَلُ أَبِي الْخَصِيبِ: وَفِيهَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ مِنْ مَرْوٍ لِحَرْبِ أَبِي الْخَصِيبِ، فَالْتَقَاهُ بِنَسَا، فَقُتِلَ أَبُو الْخُصَيْبِ، وَتَمَزَّقَتْ جُيُوشُهُ، وَسُبِيَتْ حُرَمُهُ، وَاسْتَقَامَ أَمْرُ خُرَاسَانَ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 8 سِجْنُ ثُمَامَةَ بْنِ أَشْرَسَ: وَفِيهَا سَجَنَ الرَّشِيدُ ثُمَامَةَ بْنَ أَشْرَسَ الْمُتَكَلِّمُ، لِأَنَّهُ وَقَفَ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ إِعَانَةِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ. وَحَجَّ الرَّشِيدُ وَابْنَاهُ الأَمِينُ وَالْمَأْمُونُ، وَفَرَّقَ الأَمْوَالَ بِالْحَرَمَيْنِ. بَيْعَةُ الرَّشِيدِ لِوَلَدِهِ الْمُؤْتَمَنِ: وَفِيهَا بَايَعَ الرَّشِيدُ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لِوَلَدِهِ قَاسِمٍ مِنْ بَعْدِ الأَخَوَيْنِ الأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ، وَلَقَّبَهُ الْمُؤْتَمَنَ، وَوَلاهُ الْجَزِيرَةَ وَالثُّغُورَ وَهُوَ صَبِيٌّ. فَلَمَّا قَسَّمَ الرَّشِيدُ الدُّنْيَا بَيْنَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ، قَالَ بَعْضُ الْعُقَلاءِ: قَدْ أَلْقَى بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، وَغَائِلَةُ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالرَّعِيَّةِ. وَقَالَتِ الشُّعَرَاءُ فِي الْبَيْعَةِ الْمَدَايِحَ، ثُمَّ إِنَّهُ عَلَّقَ نُسْخَةَ الْبَيْعَةِ فِي الْبَيْتِ الْعَتِيقِ. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ إِبْرَاهِيمُ الْمَوْصِلِيُّ: خَيْرُ الأُمُورِ مَغَبَّةً ... وَأَحَقُّ أَمْرٍ بِالتَّمَامِ أَمْرٌ قَضَى إحكامه الر ... رحمن في البيت الحرام1   1 انظر: تاريخ الطبري "8/ 286"، البداية والنهاية "10/ 187". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 9 أحداث سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا، أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا، تُوُفِّيَ: بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَجَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ، صُلِبَ، وَرَبَاحُ بْنُ زِيَادٍ الصَّنْعَانِيُّ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الذَّارِعُ، وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، فِي آخِرِهَا، وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ الْمُلائِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، فِي رَجَبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ، أَبُو نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ السَّدُوسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، ومرحوم بن عبد العزيز البصري، معاذ بْنُ مُسْلِمٍ النَّحْوِيُّ الْمُعَمَّرُ، وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ الصَّفَّارُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، فِي قَوْلٍ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 9 وَفِيهَا مَقْتَلُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ قتلِهِ عَلَى أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: إِنَّ جِبْرِيلَ بْنَ بُخْتِيشُوعَ الطَّبِيبَ قَالَ: إِنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ، إذ أَتَى يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، وَكَانَ يَدْخُلُ بِلا إِذْنٍ، فَلَمَّا قَرُبَ سَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الرَّشِيدُ رَدًّا ضَعِيفًا، فَعَلِمَ يَحْيَى أَنَّ أَمْرَهُمْ قَدْ تَغَيَّرَ، فَأَقْبَلَ عَلَى الرَّشِيدِ وَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ أَحَدٌ مَنْزِلَكَ بِلا إِذْنٍ؟ فَقُلْتُ: لا! قَالَ: فَمَا بَالُنَا يُدْخَلُ عَلَيْنَا بِلا إِذْنٍ؟ فَوَثَبَ يَحْيَى فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدَّمَنِي اللَّهُ قِبَلَكَ، وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا شَيْءٌ خَصَصْتَنِي بِهِ، وَالآنَ فَأَكُونُ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَهْلِ الإِذْنِ إِنْ أَمَرْتَنِي، فَاسْتَحْيَا الرَّشِيدُ، وَكَانَ مِنْ أَرَقِّ الْخُلَفَاءِ، وَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَدْتُ مَا تَكْرَهُ، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ. قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لَمْ يَسْنَحْ لَهُ جَوَابٌ يَرْتَضِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَحْيَى. وَقِيلَ: إِنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أَشْرَسَ قَالَ: أَوَّلُ مَا أَنْكَرَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ اللَّيْثِ رَفَعَ رِسَالَةً إِلَى الرَّشِيدِ يَعِظُهُ وَيَقُولُ: إِنَّ يَحْيَى لا يُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَقَدْ جَعَلْتَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِكَ إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَسَأَلَكَ عَمَّا عَمِلْتَ فِي عِبَادِهِ وَبِلادِهِ؟ فَدَعَا الرَّشِيدُ يَحْيَى، وَقَدْ بَلَغَتْهُ الرِّسَالَةُ، فَقَالَ: تَعْرِفُ محمد بن الليث؟ قال: نعم، هو منهم عَلَى الإِسْلامِ، فَأَمَرَ بِابْنِ اللَّيْثِ فَوُضِعَ فِي الْمُطْبَقِ دَهْرًا1، فَلَمَّا تَنَكَّرَ الرَّشِيدُ لِلْبَرَامِكَةِ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ، فَأَحْضَرَهُ وَقَالَ لَهُ: أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ. قَالَ: أَتَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَضَعْتَ فِي رِجْلَيَّ الأَكْبَالَ، وَحُلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ عِيَالِي بِلا ذَنْبٍ، سِوَى قَوْلِ حَاسِدٍ يَكِيدُ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَيُحِبُّ الإِلْحَادَ وَأَهْلَهُ. فَأَطْلِقْهُ ثُمَّ قَالَ: أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ قَدْ ذَهَبَ مَا عِنْدِي. فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ: أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ أَحْسَنْتَ إِلَيَّ. فَقَالَ: انْتَقَمَ اللَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَكَ وَأَخَذَ لَكَ مِمَّنْ بَعَثَنِي عَلَيْكَ. قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ فِي الْبَرَامِكَةِ فَأَكْثَرُوا، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا ظَهَرَ مِنْ تغير حالهم.   1 المطبق: هو محبس كالبئر يحبس به تحت الأرض. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 10 وَقِيلَ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ دَخَلَ بَعْدُ عَلَى الرَّشِيدِ، فَقَامَ الْغِلْمَانُ لَهُ، وَقَالَ الرَّشِيدُ لِمَسْرُورٍ: مُرْهُمْ لا يَقُومُونَ. قَالَ: فَدَخَلَ، فَمَا قَامَ أَحَدٌ، فَارْبَدَّ وَجْهُ يَحْيَى. وَقِيلَ: إِنَّ سَبَبَ قَتْلِ جَعْفَرٍ أَنَّ الرَّشِيدَ سَلَّمَ لَهُ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَرَقَّ لَهُ بَعْدَ قَلِيلٍ وَأَطْلَقَهُ، وَكَانَ ابْنُ حَسَنٍ مَرْبُوعًا، أَجْلَحَ، بَطِينًا، حَسَنَ الْعَيْنَيْنِ، فَأَتَى رَجُلٌ بِصِفَتِهِ وَهَيْئَتِهِ إِلَى الرَّشِيدِ وَأَنَّهُ رَآهُ بِحُلْوَانَ، فأعطى الرجل جائزة. وقيل: إن جعفر بَنَى دَارًا أَنْفَقَ عَلَيْهَا عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَسْرَفَ. وَعَنْ مُوسَى بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ قَالَ: اعْتَمَرَ أَبِي فِي الْعَامِ الَّذِي نُكِبَ فِيهِ وَأَنَا مَعَهُ، فَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَجَعَلَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ذُنُوبِي عَظِيمَةٌ لا يُحْصِيهَا غَيْرُكَ، إِنْ كُنْتَ مُعَاقِبِي فَاجْعَلْ عُقُوبَتِي فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَمَالِي وَوَلَدِي حَتَّى أَبْلُغَ رِضَاكَ، وَلا تَجْعَلْ عُقُوبَتِي فِي الآخِرَةِ. وَكَانَ مُوسَى هَذَا أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَوْصُوفِينَ. وَقِيلَ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ قَدَحَ فِيهِ عِنْدَ الرَّشِيدِ وَأَعْلَمَهُ طَاعَةَ أَهْلِ خُرَاسَانَ لَهُ وَمَحَبَّتَهُمْ إِيَّاهُ، وَأَنَّهُ يُكَاتِبُهُمْ ويعمل على الذهاب إليهم، فاستوحش الراشيد مِنْهُ. ثُمَّ رَكِبَ مُوسَى دَيْنٌ فَاسْتَتَرَ مِنَ الْغُرَمَاءِ، فَتَوَهَّمَ الرَّشِيدُ أَنَّهُ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، ثُمَّ ظَهَرَ فَحَبَسَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ نَكْبَتِهِمْ، فَأَتَتْ زَوْجَةُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ إِلَى الرَّشِيدِ وَلاطَفَتْهُ، فَقَالَ: يَضْمَنُهُ أَبُوهُ، فَضَمِنَهُ يَحْيَى. وَكَانَ الرَّشِيدُ قَدْ غَضِبَ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى لِتَرْكِهِ الشُّرْبَ مَعَهُ، وَكَانَ الْفَضْلُ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ شُرْبَ الْمَاءِ يُنْقِصُ مِنْ مُرُوءَتِي مَا شَرِبْتُهُ، وَكَانَ مَشْغُوفًا بِالسَّمَاعِ. وَأَمَّا جَعْفَرٌ فَكَانَ يُنَادِمُ الرَّشِيدَ، وَأَبُوهُ يَأْمُرُهُ بِالإِقْلالِ مِنْ ذلك فيخالفه، وقد كان يحيى قال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَا وَاللَّهِ أَكْرَهُ مُدَاخَلَةَ جَعْفَرٍ مَعَكَ، لَوِ اقْتَصَرْتَ بِهِ عَلَى الإِمْرَةِ دُونَ الْعِشْرَةِ. قَالَ: يَا أَبَهْ، لَيْسَ لِعَذَابِكَ، وَلَكِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تُقَدِّمَ الْفَضْلَ عَلَيْهِ. قَالَ ابن جرير: حدثني أحمد بن زهير، أظنه عَنْ عَمِّهِ، زَاهِرِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّ سَبَبَ هَلاكِ الْبَرَامِكَةِ أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ لا يَصْبِرُ عَنْ جَعْفَرٍ، وَعَنْ أُخْتِهِ عَبَّاسَةَ بِنْتِ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 11 الْمَهْدِيِّ. قَالَ: وَكَانَ يُحْضِرُهَا مَجْلِسَ الشَّرَابِ، فَقَالَ: أزوجكها على أن لا تلمسها، فكانا يثملان من الشرب وَهُمَا شَابَّانِ، وَيَقُومُ الرَّشِيدُ، فَوَثَبَ جَعْفَرٌ عَلَيْهَا، فَوَلَدَتْ مِنْهُ غُلامًا، فَخَافَتِ الرَّشِيدَ، فَوَجَّهَتْ بِالطِّفْلِ مَعَ حَوَاضِنَ إِلَى مَكَّةَ وَاخْتَفَى الأَمْرُ، ثُمَّ ضَرَبَتْ جَارِيَةً لَهَا فَوَشَتْ بِهَا إِلَى الرَّشِيدِ، فَلَمَّا حَجَّ أَرْسَلَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ الْحَوَاضِنُ، وَهَمَّ بِقَتْلِ الصَّبِيِّ، ثُمَّ تَأَثَّمَ مِنْ ذَلِكَ. فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْحِيرَةِ وَنَاحِيَةِ الأَنْبَارِ أَرْسَلَ لَيْلَةَ السَّبْتِ لانْسِلاخِ1 الْمُحَرَّمِ إِلَى مَسْرُورٍ الْخَادِمِ وَمَعَهُ أَبُو عِصْمَةَ وَأَجْنَادٌ، فَأَحَاطُوا بِجَعْفَرٍ لَيْلا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَسْرُورٌ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ لَهْوِهِ، فَأَخْرَجَهُ بِعُنْفٍ وَقَيَّدَهُ بِقَيْدِ حِمَارٍ وَأَتَى بِهِ، فَأَعْلَمَ الرَّشِيدَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَفَعَلَ. وَحَدَّثَ مَسْرُورٌ قَالَ: وَقَعَ عَلَى رِجْلَيَّ يُقَبِّلُهَا، وَقَالَ: دَعْنِي أَدْخُلُ فَأُوصِي، قُلْتُ: لا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ، فَأَوْصِ بِمَا شِئْتَ، فَأَوْصَى وَأَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ، ثُمَّ ذَبَحْتُهُ بَعْدَ أَنْ رَاجَعْتُ الرَّشِيدَ فِيهِ، وَأَتَيْتُهُ بِرَأْسِهِ. ثُمَّ وَجَّهَ الرَّشِيدُ جُنْدًا أَحَاطُوا بِأَبِيهِ وَبِجَمِيعِ أَوْلادِهِ وَمَوَالِيهِ، وَأُخِذَتْ أَمْوَالُهُمْ وَأَمْلاكُهُمْ، وَكَتَبَ إِلَى سَائِرِ الْعُمَّالِ بِقَبْضِ مَالِهِمْ. وَبُعِثَتْ جُثَّةُ جَعْفَرٍ إِلَى بَغْدَادَ، فَنُصِبَتْ عَلَى خَشَبَةٍ. وَنُودِيَ أَلا لا أَمَانَ لِمَنْ آوَى أَحَدًا مِنَ الْبَرَامِكَةِ. مَقْتَلُ أَنَسِ بْنِ أَبِي شَيْخٍ: ثُمَّ أَمَرَ الرَّشِيدُ يَوْمَ دَخَلَ الرَّقَّةَ بِقَتْلِ أَنَسِ بْنِ أَبِي شَيْخٍ، فَقُتِلَ وَصُلِبَ عَلَى الزَّنْدَقَةِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْبَرَامِكَةِ. حِكَايَةُ ابْنِ الصَّابِئِ عَنْ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ: وَذَكَر ابْنُ الصَّابِئِ فِي كِتَابِ الأَمَاثِلِ وَالأَعْيَانِ عَنْ إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ قَالَ: خَلا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى يَوْمًا بِنُدَمَائِهِ2، وَأَنَا فِيهِمْ، فلبس الحرير   1 انسلاخ: نهاية الشيء، والمراد آخر الشهر. 2 الندماء: الجلساء أو الأصدقاء. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 12 وَتَضَمَّخَ بِالطِّيبِ، وَفَعَلَ بِنَا مِثْلَهُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ، فَدَخَلَ فِي رُصَافِيَّتِهِ وَسَوَادِهِ، فَارْبَدَّ وَجْهُ جَعْفَرٍ، فَدَعَا غُلامَهُ فَنَاوَلَهُ سَوَادَهُ وَقَلَنْسُوَتَهُ، وَأَتَى مَجْلِسَنَا، وَقَالَ: أَشْرِكُونَا مَعَكُمْ. فَأَلْبَسُوهُ حَرِيرًا، وَأُحْضِرَ لَهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ، فَقَالَ لِجَعْفَرٍ: وَاللَّهِ مَا شَرِبْتُهُ قَبْلَ الْيَوْمِ، فَلْيُخَفِّفْ عَلَيَّ. ثُمَّ ضُمِّخَ1 بِالْخَلُوقِ2، فَنَادَمَنَا أَحْسَنَ مُنَادَمَةً، وَسُرِّيَ عَنْ جَعْفَرٍ. فَلَمَّا أَرَادَ الانْصِرَافَ قَالَ لَهُ: اذْكُرْ حَوَائِجَكَ، فَإِنَّنِي مَا أَسْتَطِيعُ مُقَابَلَةَ مَا كَانَ مِنْكَ. قَالَ: فِي قَلْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيَّ مَوْجِدَةٌ فَتُخْرِجُهَا؟ قَالَ: قَدْ رَضِيَ عَنْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: عَلَيَّ أربعة آلاف ألف دِرْهَمٍ دَيْنًا. قَالَ: قُضِيَ دَيْنُكَ. قَالَ: وَإِبْرَاهِيمُ ابْنِي أُحِبُّ أَنْ أُزَوِّجَهُ. قَالَ: قَدْ زَوَّجَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَالِيَةِ ابْنَتِهِ. قَالَ: وَلَوْ تَرَاهُ يُوَلَّى بَلَدًا. قَالَ: قَدْ وَلاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إمرة مِصْرَ. فَخَرَجَ وَنَحْنُ مُتَعَجِّبُونَ مِنْ إِقْدَامِ جَعْفَرٍ عَلَى هَذِهِ الأُمُورِ الْعَظِيمَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ، وَرَكِبَ مِنَ الْغَدِ إِلَى الرَّشِيدِ فَدَخَلَ وَوَقَفْنَا، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ دُعِيَ بِالْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ، وَبِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ. ثُمَّ خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَعَلْيِهِ الْخُلَعُ، وَاللِّوَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ زُوِّجَ بِالْعَالِيَةِ وَزُفَّتْ إِلَيْهِ، وَحُمِلَتِ الأَمْوَالُ إِلَى دَارِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَخَرَجَ جَعْفَرٌ فَقَالَ لَنَا: وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَرَّفْتُهُ بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعِلْمِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: حَسَنٌ حَسَنٌ. ثُمَّ قَالَ: فَمَا صَنَعْتَ مَعَهُ؟ فَعَرَّفْتُهُ مَا كَانَ من قولي، فاستصوبه وأمضاه.   1 ضمخ: خلط أو تعطر. 2 الخلوق: الطيب أو العطر. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 13 قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ: فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيُّهُمْ أَعْجَبُ عَمَلا. عَبْدُ الْمَلِكِ فِي شُرْبِهِ النَّبِيذَ، وَلِبَاسِهِ مَا لَيْسَ مِنْ لُبْسِهِ، وَكَانَ صَاحِبَ جِدٍّ وَوَقَارٍ. أَوْ إِقْدَامُ جَعْفَرٍ بِمَا أَقْدَمَ بِهِ. أَوْ إِمْضَاءُ الرَّشِيدِ لِمَا حَكَمَ جعفر به؟ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 14 تَرْجَمَةُ جَعْفَرٍ عِنْدَ ابْنِ خَلِّكَانَ: قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ عَنِ الْبَرْمَكِيِّ: قَدْ بَلَغَ جَعْفَرٌ مِنْ عُلُوِّ الْمَرْتَبَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ، حَتَّى أَنَّ الرَّشِيدَ اتَّخَذَ ثَوْبًا لَهُ زِيقَانِ، فَكَانَ يَلْبَسُ هُوَ وَجَعْفَرٌ مَعًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ صَبْرٌ. وَكَانَ الرَّشِيدُ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لأُخْتِهِ عَبَّاسَةَ، وَهِيَ أَعَزُّ النِّسَاءِ عَلَيْهِ، فَكَانَ مَتَى غَابَ أَحَدٌ مِنْهُمَا لا يَتِمُّ سُرُورُ الرَّشِيدِ فَقَالَ: إِنِّي لا صَبْرَ لِي عَنْكُمَا، وَإِنِّي سَأُزَوِّجُكها لِأَجْلِ النَّظَرِ فَقَطْ، فَاحْذَرْ أَنْ تَخْلُوَ بِهَا، فَزَوَّجَهُ بِهَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، ثُمَّ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ1. وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ هَذَا التَّغَيُّرِ، فَقِيلَ: إِنَّ عَبَّاسَةَ أَحَبَّتْ جَعْفَرًا وَرَاوَدَتْهُ2 فَخَافَ، وَأَعْيَتْهَا الْحِيلَةُ، فَبَعَثَتْ إِلَى أُمِّ جَعْفَرٍ: أَنِ ابْعَثِي بِي إِلَى ابْنِكِ كَأَنَّنِي جَارِيَةٌ لَكِ تُتْحِفِيهِ بِهَا، وَكَانَتْ أُمُّهُ تُتْحِفُهُ كُلَّ جُمْعَةٍ بِجَارِيَةٍ بِكْرٍ، فَيَشْرَبُ ثُمَّ يَفْتَضُّهَا، فَأَبَتْ عَلَيْهَا أُمُّ جَعْفَرٍ، فَقَالَتْ: لَئِنْ لَمْ تَفْعَلِي لأَقُولَنَّ أَنَّكِ خَاطَبْتِنِي بِهَذَا، وَلَئِنِ اشْتَمَلْتُ مِنَ ابْنِكِ عَلَى وَلَدٍ لَيَكُونَنَّ لَكُمُ الشَّرَفُ، فَأَجَابَتْهَا، وَجَاءَتْهَا عَبَّاسَةُ فَأَدْخَلَتْهَا مُتَنَكِّرَةً عَلَى جَعْفَرٍ، وَكَانَ لا يَثَّبَّتُ صُورَتَهَا وَلا يَجْسُرُ أَنْ يَرْفَعَ طَرْفَهُ إِلَيْهَا مِنَ الرَّشِيدِ قَالَ: فَافْتَضَّهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ لَهُ: كَيْفَ رَأَيْتَ خَدِيعَةَ بَنَاتِ الْخُلَفَاءِ؟ قَالَ: وَمَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا مَوْلاتُكَ. فَطَارَ السُّكْرُ مِنْ رَأْسِهِ، وَقَامَ إِلَى أُمِّهِ وَقَالَ: بِعْتِنِي وَاللَّهِ، رَخِيصًا، وَعَلِقَتْ مِنْهُ الْعَبَّاسَةُ، فَلَمَّا وَلَدَتْ وَكَّلَتْ بِالْوَلَدِ خَادِمًا وَمُرْضِعًا، ثُمَّ بعثت به إلى مكة.   1 وفيات الأعيان "1/ 332" لابن خلكان. 2 أي دعته إلى فعل الفحشاء. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 14 ثُمَّ وَشَتْ1 بِهَا زُبَيْدَةُ إِلَى الرَّشِيدِ، فَحَجَّ وَكَشَفَ عَنِ الأَمْرِ وَتَحَقَّقَهُ، فَأَضْمَرَ السُّوءَ لِلْبَرَامِكَةِ. وَلِأَبِي نُوَاسٍ يُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ: أَلا قُلْ لِأَمِينِ اللَّهِ ... وَابْنِ الْقَادَةِ السَّاسَهْ إِذَا مَا ناكث سر ... رك أَنْ تُعْدِمَهُ رَاسَهْ فَلا تَقْتُلْهُ بِالسَّيْفِ ... وَزَوِّجْهُ بِعَبَّاسَهْ2 وَقِيلَ: إِنَّ الرَّشِيدَ سَلَّمَ إِلَيْهِ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ كَمَا ذَكَرْنَا، فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فِيَّ، وَلا تَجْعَلْ خَصْمِكَ غَدًا جَدِّي، فَرَقَّ لَهُ وَأَطْلَقَهُ، وَخَفَرَهُ إِلَى مَأْمَنِهِ3. وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ جِنَايَةِ الْبَرَامِكَةِ، فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْهُمْ بَعْضُ مَا يُوجِبُ مَا عَمِلَ الرَّشِيدُ بِهِمْ، وَلَكِنْ طَالَتْ أَيَّامُهُمْ وَكُلُّ طَوِيلٍ مَمْلُولٌ. وَقِيلَ: رُفِعَتْ وَرَقَةٌ إِلَى الرَّشِيدِ فِيهَا: قُلْ لِأَمِينِ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ... وَمَنْ إِلَيْهِ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ هَذَا ابْنُ يَحْيَى قَدْ غَدَا مَالِكًا ... مِثْلَكَ مَا بَيْنَكُمَا حَدُّ أَمْرُكَ مَرْدُودٌ إِلَى أَمْرِهِ ... وَأَمْرُهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ وَقَدْ بَنَى الدَّارَ الَّتِي ما بنى الـ ... ـفرس لَهَا مِثْلا وَلا الْهِنْدُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ حَصْبَاؤُهَا ... وَتُرْبُهَا الْعَنْبَرُ وَالنَّدُّ وَنَحْنُ نَخْشَى أَنَّهُ وَارِثٌ ... مُلْكَكَ إِنْ غَيَّبَكَ اللَّحْدُ وَلَنْ يُضَاهِي4 الْعَبْدُ أَرْبَابَهُ ... إِلا إِذَا مَا بَطِرَ الْعَبْدُ5 فَلَمَّا قرأها أثرت فيه.   1 الوشاية: النميمة. 2 انظر: وفيات الأعيان "1/ 332-334". 3 تاريخ الطبري "8/ 289"، وفيات الأعيان "1/ 334"، البداية "10/ 189". 4 يضاهي: يساوي أو يشبه أو يماثل. 5 وفيات الأعيان "1/ 335". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 15 وَقِيلَ إِنَّ أُخْتَ الرَّشِيدِ قَالَتْ لَهُ: مَا رَأَيْتُ لَكَ سُرُورًا تَامًّا مُنْذُ قَتَلْتَ جَعْفَرًا، فَلِأَيِّ شَيْءٍ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ قَمِيصِي يَعْلَمُ السَّبَبَ لَمَزَّقْتُهُ. وَلَمْ يَزَلْ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ وَابْنُهُ الْفَضْلُ وَعِدَّةٌ مِنَ الْخَدَمِ مَحْبُوسِينَ وَحَالُهُمْ حَسَنٌ إِلَى أَنْ سَخِطَ الرَّشِيدُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ، فَعَمَّهُمْ بِسَخَطِهِ، وَجَدَّدَ لَهُمُ التُّهْمَةَ وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، وَبَقِيَتْ جُثَّةُ جَعْفَرٍ مُعَلَّقَةً مُدَّةً، وَقُطِّعَتْ أَعْضَاؤُهُ وَعُلِّقَتْ بِأَمَاكِنَ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أُنْزِلَتْ وَأُحْرِقَتْ1. وَحُبِسَ يَحْيَى وَأَوْلادُهُ كُلَّهُمْ سِوَى مُحَمَّدٍ وَبَنِيهِ2. وَلِأَبِي الْعَتَاهِيَةِ: قُولا لِمَنْ يَرْتَجِي الْحَيَاةَ أَمَا ... فِي جَعْفَرٍ عبرة ويحياه كانا وزيري خليفة الله ها ... رون هُمَا مَا هُمَا وَزِيرَاهُ فَذَاكُمُ جَعْفَرٌ بِرُمَّتِهِ ... فِي حَالِقٍ رَأْسُهُ وَنِصْفَاهُ وَالشَّيْخُ يَحْيَى الْوَزِيرُ أَصْبَحَ قَدْ ... نَحَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَقْصَاهُ شُتِّتَ بعد التجمع شملهم ... فأصبحوا في البلاد قد تاهوا كذاك مَنْ يُسْخِطِ الإِلَهَ بِمَا ... يُرْضِي بِهِ الْعَبْدَ يُجْزِهِ اللَّهُ سُبْحَانَ مَنْ دَانَتِ الْمُلُوكُ لَهُ ... أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا هُو طُوبَى لِمَنْ تَابَ قَبْلَ غِرَّتِهِ ... فَمَاتَ قَبْلَ الْمَمَاتِ طُوبَاهُ هَيَاجُ الْقَيْسِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِالشَّامِ: وَفِيهَا هَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ الْقَيْسِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِالشَّامِ، فَوَجَّهَ الرَّشِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ مَنْصُورِ بْنِ زِيَادٍ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمُ. الْقَاسِمُ يَغْزُو الصَّائِفَةَ: وَفِيهَا أَغْزَى الرَّشِيدُ وَلَدَهُ الْقَاسِمَ الصَّائِفَةَ، وَوَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَوَلاهُ الْعَوَاصِمَ.   1 انظر: تاريخ الطبري "8/ 296"، والبداية "10/ 190". 2 تاريخ الطبري "8/ 301، 302". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 16 الرَّشِيدُ يَعْتَقِلُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ صَالِحٍ: وَكَانَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ وَلَدٌ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَسَعَى هُوَ وَوَزِيرُ أَبِيهِ بِابْنِهِ إِلَى الرَّشِيدِ وَقَالَ: إِنَّهُ عَامِلٌ عَلَى الْخِلافَةِ، فَاعْتَقَلَهُ الرَّشِيدُ فِي مَكَانٍ مَلِيحٍ وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ. فَمَا زَالَ مَحْبُوسًا حَتَّى تُوُفِّيَ الرَّشِيدُ فَأَطْلَقَهُ الأَمِينُ، وَوَلاهُ الشَّامَ. ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الأَمِينِ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ بَيْتِهِ وَفُصَحَائِهِمْ وَنُبَلائِهِمْ. مَرَّ الرَّشِيدُ بِمَنْبِجٍ فَقَالَ لَهُ، وَبِهَا إِذْ ذَاكَ مَقَرُّ عَبْدِ الْمَلِكِ: هَذَا مَنْزِلُكَ؟ قَالَ: هُوَ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وُلِّيَ بِكَ. قَالَ: كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: دُونَ بِنَاءِ أَهْلِي وَفَوْقَ مَنَازِلِ مَنْبِجٍ. قَالَ: كَيْفَ لَيْلُهَا؟ قَالَ: سَحَرٌ كُلُّهُ. نِقْفُورُ يَتَمَلَّكُ عَلَى الرُّومِ وَيَنْقُضُ صُلْحَ الْمُسْلِمِينَ: وَفِيهَا انْتَقَضَ الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الرُّومِ، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ نِقْفُورَ، وَالرُّومُ تَذْكُرُ أَنَّ نِقْفُورَ هَذَا مِنْ وَلَدِ جَفْنَةَ الْغَسَّانِيِّ، وَأَنَّهُ قَبْلَ الْمُلْكِ كَانَ يَلِي دِيوَانَ خَرَاجِهِمْ، وَكَانَ عَقَدَ الْهُدْنَةَ مَعَ الْمَلِكَةِ رِينِي، فَخَلَعَهَا الرُّومُ وَسَلْطَنُوا نِقْفُورَ. كِتَابُ نِقْفُورَ إِلَى الرَّشِيدِ وَالرَّدُّ عَلَيْهِ: ثُمَّ مَاتَتْ رِينِي بَعْدَ أَشْهُرٍ، فَكَتَبَ: مِنْ نِقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ، إِلَى هَارُونَ مَلِكِ الْعَرَبِ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَلِكَةَ الَّتِي قَبْلِي كَانَتْ أَقَامَتْكَ مَقَامَ الرُّخِ1 وَأَقَامَتْ نَفْسَهَا مَقَامَ الْبَيْدَقِ، فَحَمَلَتْ إِلَيْكَ مِنْ أَمْوَالِهَا أَحْمَالا، وَذَلِكَ لِضَعْفِ النِّسَاءِ وَحُمْقِهِنَّ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي فَارْدُدْ مَا حَصَلَ قِبَلَكَ مِنْ أَمْوَالِهَا وَافْتَدِ نَفْسَكَ، وَإِلا فَالسَّيْفُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ. قَالَ: فَلَمَّا قَرَأَ الرَّشِيدُ الْكِتَابَ اسْتَشَاطَ غَضَبًا حَتَّى لَمْ يُمَكِّنْ أحد أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِهِ دُونَ أَنْ يُخَاطِبَهُ، وَتَفَرَّقَ جُلَسَاؤُهُ مِنَ الْخَوْفِ، وَاسْتَعْجَمَ الرَّأْيُ عَلَى الْوَزِيرِ، فَدَعَا الرَّشِيدُ بِدَوَاةٍ وَكَتَبَ عَلَى ظَهْرِ كِتَابِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى نِقْفُورَ كَلْبِ الرُّومِ، قَدْ قرأت كتابك يابن الْكَافِرَةِ، وَالْجَوَابُ مَا تَرَاهُ لا مَا تَسْمَعُهُ2.   1 الرخ: قطعة من قطع الشطرنج. 2 انظر: تاريخ الطبري "8/ 308"، والبداية "10/ 194". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 17 مَسِيرُ الرَّشِيدِ إِلَى هِرَقْلَةَ: ثُمَّ سَارَ لِيَوْمِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى نَازَلَ مَدِينَةَ هِرَقْلَةَ، وَكَانَتْ غَزْوَةً مَشْهُورَةً وَفَتْحًا مُبِينًا، فَطَلَبَ النِّقْفُورُ الْمُوَادَعَةَ، وَالْتَزَمَ بِخَرَاجٍ يَحْمِلُهُ كُلَّ سَنَةٍ، فَأُجِيبَ، فَلَمَّا رَجَعَ الرَّشِيدُ إِلَى الرَّقَّةِ نَقَضَ الْكَلْبُ الْعَهْدَ لِإِيَاسِهِ مِنْ كَرِّ الرَّشِيدِ فِي الْبَرْدِ، فَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يُبَلِّغَ الرَّشِيدَ نَقْضَهُ، بَلْ قَالَ فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التَّيْمِيُّ: نَقَضَ الَّذِي أَعْطَيْتَهُ نِقْفُورُ ... فَعَلَيْهِ دَائِرَةُ الْبَوَارِ تَدُورُ أَبْشِرْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ ... غُنْمٌ أَتَاكَ بِهِ الإِلَهُ كَبِيرُ وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ أبياتًا، وعرضت على الرشيد، فقال: أوقد فَعَلَهَا؟ فَكَرَّ رَاجِعًا فِي مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ حَتَّى أَنَاخَ بِفِنَائِهِ، فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى بَلَغَ مُرَادَهُ، وَحَازَ جِهَادَهُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ: أَلا نَادَتْ هِرَقْلَةُ بِالْخَرَابِ ... مِنَ الْمَلِكِ الْمُوَفَّقِ لِلصَّوَابِ غَدَا هَارُونُ يُرْعِدُ بِالْمَنَايَا ... وَيُبْرِقُ بِالْمُذَكَّرَةِ الْقِضَابِ وَرَايَاتٍ يَحِلُّ النَّصْرُ فِيهَا ... تَمُرُّ كَأَنَّهَا قِطَعُ السَّحَابِ الرَّشِيدُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ ابْنِ نَهِيكٍ: وَفِيهَا أَمَرَ الرَّشِيدُ بِقَتْلِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ نَهِيكٍ، لِأَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ إِذَا شَرِبَ طَلَبَ سَيْفَهُ وَأَخَذَهُ وَيَقُولُ: لأَقْتُلَنَّ الرَّشِيدَ أَوْ لأَقْتُلَنَّ قَاتِلَ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، ثُمَّ يَبْكِي حَزِنًا عَلَى جَعْفَرٍ. وَحَجَّ وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ عبيد الله بن العباس بن أَبِي الْمَنْصُورِ. وَقْعَةُ الْمُضَرِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِدِمَشْقَ: وَوَلِيَ دِمَشْقَ شُعَيْبُ بْنُ حَازِمِ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَهَاجَتِ الأَهْوَاءُ بَيْنَ الْمُضَرِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ وَقْعَةٌ مَهُولَةٌ، ظَهَرَتْ فِيهَا الْيَمَانِيَّةُ، وَقُتِلَ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِمِائَةِ نَفْسٍ، ثُمَّ عُزِلَ شُعَيْبٌ بَعْدَ عَامٍ بمحمد بن منصور. والله أعلم1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص303"، وتاريخ الطبري "8/ 287-312"، والكامل "6/ 186، 187"، والنجوم الزاهرة "2/ 121"، والبداية "10/ 89-99"، وصحيح التوثيق "6/ 104". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 18 أحداث ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: إِسْحَاقُ بْنُ مِسْوَرٍ الْمُرَادِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ، وَسُلَيْمٌ أَبُو عِيسَى الْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْصَّدَفِيُّ، وَعَبْدَهِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ، وَعَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ الْحَرَّانِيُّ، بِخُلْفٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ السَّكُونِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسُ السَّبِيعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، أَوْ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَمَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ الْبَصْرِيُّ، وَمَعْرُوفُ بْنُ حَسَّانٍ الضَّبِّيُّ، وَمَهْرَانُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الرَّازِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةَ. غَزْوَةُ دَرْبِ الصَّفْصَافِ: وَفِيهَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ الصَّائِفَةَ وَدَخَلُوا مِنْ دَرْبِ الصَّفْصَافِ، فَبَرَزَ نِقْفُورُ بِجُمُوعِهِ، وَالْتَقَوْا فَجُرِحَ نِقْفُورُ ثَلاثَ جِرَاحَاتٍ وَانْهَزَمَ، وَقُتِلَ مِنَ الرُّومِ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَقِيلَ: بَلَغَتِ الْقَتْلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَقِيلَ: أَرْبَعَةَ آلافٍ وَسَبْعَمِائَةٍ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الرشيد1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص303"، وتاريخ الطبري "8/ 287"، والكامل "6/ 186-188"، والنجوم الزاهرة "2/ 121"، البداية "10/ 89-99"، صحيح التوثيق "6/ 104". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 19 أحداث تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: حَكَّامُ بْنُ سَلَمٍ الرَّازِيُّ، وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الشَّامِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ الْكُوفِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي خَلِيفَةَ الْعَبْدِيُّ، وَمُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَزِينٍ النَّيْسَابُورِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَاضِي الْقُضَاةِ، وَعَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْكِسَائِيُّ، شَيْخُ الْقُرَّاءِ، وَهَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ الْعِجْلِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ. مَسِيرُ الرَّشِيدِ إِلَى الرَّيِّ: وَفِيهَا سَارَ الرَّشِيدُ إِلَى الرَّيِّ بِسَبَبِ أَنَّ أَهْلَ خُرَاسَانَ كَتَبُوا يَشْكُونَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ وَعَسْفَهُ وَظُلْمَهُ، وَيَطْلُبُونَ عَزْلَهُ، وَتُحَدِّثُ بِأَنَّ ابْنَ مَاهَانَ عَلَى نِيَّةِ الْخُرُوجِ، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 19 فَأَقَامَ الرَّشِيدُ بِالرَّيِّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى وَافَاهُ ابْنُ مَاهَانَ بِالأَمْوَالِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْمِسْكِ وَالتُّحَفِ وَالْخَيْلِ، ثُمَّ أَهْدَى بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى كِبَارِ الْقُوَّادِ، وَرَأَى مِنْهُ الرَّشِيدُ مَا أَعْجَبَهُ وَأَرْضَاهُ، فَرَدَّهُ إِلَى إِمَارَةِ خُرَاسَانَ وَرَكِبَ مُشَيِّعًا لَهُ. فِدَاءُ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ: وَفِيهَا كَانَ الْفِدَاءُ حَتَّى لَمْ يبق بممالك الروم في الأسر مسلم1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص304"، تاريخ الطبري "8/ 314-318"، الكامل "6/ 193"، صحيح التوثيق "6/ 193". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 20 أحداث تِسْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ الْفَقِيهُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ مُقْرِئُ مَكَّةَ، فِي قَوْلٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ سِنَانٍ الْبَاهِلِيُّ الْقُرَبِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ الْحِمَّانِيُّ، وَشُجَاعُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْبَلْخِيُّ الْمُقْرِئُ، وَعَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، بَيَّاعُ الْهَرَوِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ قَاضِي إِفْرِيقْيَةَ، وَأَبُو عَلْقَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ كَسْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْمَصْرِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ اللاحِقِيُّ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ الْحَذَّاءُ، وَعَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَلَبِيُّ الْخَفَّافُ، وَعُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ الْمَعَافِرِيُّ، بِحَلَبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، وَمَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، فِي رِوَايَةٍ، وَمَسْلَمَهُ بْنُ عُلَيٍّ الْجُهَنِيُّ، وَمَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى، مِصْرِيٌّ، وَوَهْبُ بْنُ وَاضِحٍ أَبُو الأَخْرِيطَ مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَيَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، مَحْبُوسًا، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا الْغَسَّانِيُّ، بِوَاسِطٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَيْمُونَ الْبَغْدَادِيُّ التَّمَّارُ، وَأَبُو بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ. رَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ يَخْلَعُ الطَّاعَةَ: وَفِيهَا خلع الطاعة رَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ بِسَمَرْقَنْدَ، فَوَجَّهَ ابْنُ مَاهَانَ لِحَرْبِهِ ابْنَهُ عِيسَى، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ عِيسَى. إِسْلامُ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ: وَفِيهَا أَسْلَمَ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْمَجُوسِيُّ عَلَى يَدِ الْمَأْمُونِ بْنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 20 فَتْحُ الرَّشِيدِ هِرَقْلَةَ: وَفِيهَا افْتَتَحَ الرَّشِيدُ مَدِينَةَ هِرَقْلَةَ، وَبَثَّ جُيُوشَهُ بِأَرْضِ الرُّومِ، وَكَانَ فِي مائة ألف فارس وخمسة وثلاثين ألفًا سِوَى الْمُطَّوَّعَةِ. وَجَالَ فِي أَرْضِ الْكُفْرِ الأَمِيرُ دَاوُدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مُوسَى فِي سَبْعِينَ أَلْفًا. فَتْحُ حِصْنِ الصَّقَالِبَةِ: وَافْتَتَحَ شَرَاحِيلُ بْنُ مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ حِصْنَ الصَّقَالِبَةِ. وَافْتَتَحَ يَزِيدُ بْنُ مَخْلَدٍ الصَّفْصَافَ وَمَلَقُونِيَّةَ. وَكَانَ فَتْحُ هِرَقْلَةَ فِي شَوَّالٍ، فَأَخْرَبَهَا وَسَبَى أَهْلَهَا، وَكَانَ الْحِصَارُ ثَلاثِينَ يَوْمًا. غَزْوَةُ حُمَيْدِ بْنِ مَعْيُوفٍ إِلَى قُبْرُسَ: وَوُلِّيَ إِمْرَةَ سَوَاحِلِ الشَّامِ إِلَى مِصْرَ حُمَيْدُ بْنُ مَعْيُوفٍ، فَسَارَ فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ1 فَهَدَمَ وَحَرَّقَ وَسَبَى مِنْ أَهْلِهَا سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَأُبِيعُوا فِي الرَّافِقَةِ، وَبَلَغَ ثَمَنُ أُسْقُفِ قُبْرُسَ أَلْفَيْ دِينَارٍ. اتِّخَاذُ الرَّشِيدِ قَلَنْسُوَةً: وَاتَّخَذَ الرَّشِيدُ قَلَنْسُوَةً كَانَ يَلْبَسُهَا، مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا بِالرُّقَمِ " غَازٍ حَاجٌّ " وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو الْمُعَلَّى الْكِلابِيُّ، وَكَانَ شُخُوصُ الرَّشِيدِ إِلَى الرُّومِ فِي رَجَبٍ: فَمَنْ يَطْلُبْ لِقَاءَكَ أَوْ يُرِدْهُ ... فَبِالْحَرَمَيْنِ أَوْ أَقْصَى الثُّغُورِ فَفِي أَرْضِ الْعَدُوِّ عَلَى طِمِرٍّ ... وَفِي الأَرْضِ التَّرَفُّهِ فَوْقَ كُورِ بَعْثُ نِقْفُورَ بِالْخَرَاجِ إِلَى الرَّشِيدِ: وَفِيهَا بَعَثَ نِقْفُورُ إِلَى الرَّشِيدِ بِالْخَرَاجِ وَبِالْجِزْيَةِ عَنْ رَأْسِهِ أربعة دنانير.   1 هي البلاد المعروفة اليوم باسم "قبرص". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 21 كِتَابُ نِقْفُورَ إِلَى الرَّشِيدِ: وَكَتَبَ: لِعَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ، سَلامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً لا تَضُرُّكَ فِي دِينِكَ وَلا دُنياك، أَنْ تَهَبَ لابْنِي جَارِيَةً مِنْ بَنَاتِ مَدِينَةِ هِرَقْلَةَ قَدْ كُنْتُ خَطَبْتُهَا عَلَى ابْنِي، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُسْعِفَنِي بِهَا فَعَلْتَ، وَالسَّلامُ. وَاسْتَهْدَاهُ أَيْضًا سُرَادِقًا وَطِيبًا، فَأَمَرَ الرَّشِيدُ فَأُحْضِرَتِ الْجَارِيَةُ فَحُلِّيَتْ وَزُيِّنَتْ وَبُعِثَتْ مَعَ مَا سَأَلَ مِنَ الْعِطْرِ وَالطُّرَفِ والسُّرَادَقِ، فَوَهَبَ نِقْفُورُ لِلرَّسُولِ خَمْسِينَ أَلْفًا، وَثَلاثَمِائَةِ ثَوْبٍ، وَاثْنَيْ عَشَرَ بَازِيًا، وَأَرْبَعَةَ أَكْلُبٍ، وثلاثة بَرَاذِينَ. وَطَلَبَ مِنَ الرَّشِيدِ أَنْ لا يُخَرِّبَ حِصْنَ ذِي الْكَلاعِ وَلا صَمْلَهْ وَلا حِصْنَ سِنَانٍ، فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ الرَّشِيدُ أَنْ لا يُعَمِّرَ هِرَقْلَةَ، وَأَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ ثَلاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ. انْتِقَاضُ أَهْلِ قُبْرُسَ: وَفِيهَا نَقَضَ أَهْلُ قُبْرُسَ، فَغَزَاهُمْ مَعْيُوفُ بْنُ يَحْيَى، فَقَتَلَ وَسَبَى، وَاللَّهُ أعلم1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 304"، وتاريخ الطبري "8/ 319"، الكامل "6/ 197"، النجوم الزاهرة "2/ 133"، البداية "10/ 203"، صحيح التوثيق "6/ 106". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 22 تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّ السَّوَّاقُ1. عَنْ: مَنْصُورٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَعِمْرَانَ الْقَصِيرِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. لَمْ يُضَعَّفْ. 2- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَعْيَنَ الشَّيْبَانِيُّ2 -ق. حَدَّثَ بِمِصْرَ عَنْ: مَعْمَرٍ، وَشُعْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بن يحيى الشيباني.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 87"، صحيح التوثيق "6/ 106". 2 الجرح والتعديل "2/ 87"، الميزان "1/ 21"، التهذيب "1/ 108". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 22 وَعَنْهُ: إِسْرَائِيلُ وَهُوَ شَيْخُهُ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ1: عَنْ: عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُسْلَمَةَ الْمِصْرِيُّ. ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَدِينِيُّ2: عَنْ: أَبِيهِ وَعَمِّهِ سُلَيْمَانَ، وصالح بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَذُؤَيْبُ بْنُ عَمَامَةَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأَوْسِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيُّ3: وَاسْمُ أَبِيهِ: الْيَسَعُ بْنُ أَشْعَثَ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وحميد الأعرج، وعدة، وقرأ القرآن على حميد الأعرج. روى عنه: الحميدي، وقتيبة، وأحمد بن عيسى، ونعيم بن حماد، وابن أبي مسرة والد أبي يحيى، وداود بن حماد. ضعفه ابن عدي، والنسائي. وقال الدارقطني: متروك.   1 الجرح والتعديل "2/ 90"، والميزان "1/ 24". 2 الطبقات الكبرى "5/ 437"، الجرح والتعديل "2/ 91". 3 الجرح والتعديل "2/ 95"، والميزان "1/ 29". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 23 ومن مناكيره: قُتَيْبَةُ، نا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَأْذَنَتْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كَنِيفٍ بِمِنًى، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا1. وَقُتَيْبَةُ: عَنْهُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "يَوْمُ الأَرْبِعَاءِ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ"2. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ الْمَدَنِيُّ3 ع سَمِعَ: أَبَاهُ، وَالزُّهْرِيَّ، وَصَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ، وَصَالِحَ بْنَ كَيْسَانَ، وَيَزِيدَ بْنَ الْهَادِ، وَابْنَ إِسْحَاقَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ، وَطَائِفَةً. عَنْهُ: ابْنَاهُ يَعْقُوبُ وَسَعْدٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَلُوَيْنٌ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ سَيَّارٍ الْحَرَّانِيُّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُمْ أَكْبَرُ مِنْهُ. وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ، عَاشَ خَمْسًا وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَوَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ أَيْضًا قَاضِيهَا. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أسود اللون. قال عبيد الله بن سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْعِرَاقَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَأَكْرَمَهُ الرَّشِيدُ وَأَظْهَرَ بِرَّهُ، وَسُئِلَ عَنِ الْغِنَاءِ فَأَفْتَى بِتَحْلِيلِهِ، وَأَتَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِيَسْمَعَ مِنْهُ، فَسَمِعَهُ يَتَغَنَّى فَقَالَ: لَقَدْ كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ، فَأَمَّا الآنَ فَلا أَسْمَعُ مِنْكَ. فَقَالَ: إِذًا لا أَفْقِدُ إلا شخصك، وعلي وَعَلَيَّ إنْ حَدَّثْتُ بِبَغْدَادَ حَدِيثًا حَتَّى أُغَنِّيَ قَبْلَهُ. وَشَاعَتْ هَذِهِ عَنْهُ بِبَغْدَادَ، وَبَلَغَتِ الرَّشِيدَ، فَدَعَا بِهِ وَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي قَطَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّرِقَةِ، فَدَعَا بِعُودٍ، فَقَالَ الرَّشِيدُ: أَعُودُ الْبُخُورِ؟ قَالَ: لا وَلَكِنْ عُودُ الطَّرَبِ. فَتَبَسَّمَ، وَفَهِمَهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: لَعَلَّكَ بَلَغَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدِيثُ السَّفِيهِ الَّذِي آذَانِي بِالأَمْسِ وَأَلْجَأَنِي إِلَى أَنْ حَلَفْتُ؟ قَالَ: نَعَمْ. ودعا له الرشيد بعود، فغناه:   1 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "1/ 238" في الكامل، وابن حبان "1/ 104" في المجروحين، وابن الجوزي "3/ 128" في الموضوعات. 2 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "1/ 238" في الكامل. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 322"، والجرح والتعديل "2/ 101"، السير "8/ 270". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 24 يَا أُمَّ طَلْحَةَ إِنَّ الْبَيْنَ قَدْ أَزِفَا ... قَلَّ الثِّوَاءُ لَئِنْ كَانَ الرَّحِيلُ غَدَا وَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ: مَنْ كَانَ مِنْ فُقَهَائِكُمْ يَكْرَهُ السَّمَاعَ؟ قَالَ: مَنْ رَبَطَهُ اللَّهُ. قَالَ: فَهَلْ بَلَغَكَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْءٌ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا فِي مَدْعَاةٍ كَانَتْ فِي بَنِي يَرْبُوعٍ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ جِلَّةٌ، وَمَعَهُمْ دُفُوفٌ وَمَغَانٍ وَعِيدَانٌ يُغَنُّونَ وَيَلْعَبُونَ، وَمَعَ مَالِكٍ دُفٌّ مُرَبَّعٌ وَهُوَ يُغَنِّيهِمْ: سُلَيْمَى أَجْمَعَتْ بَيْنَا ... فَأَيْنَ لِقَاؤُهَا أَيْنَا وَقَدْ قَالَتْ لِأَتْرَابٍ ... لَهَا زَهْرٌ تَلاقَيْنَا تَعَالَيْنَ فَقَدْ طَابَ ... لَنَا الْعَيْشُ تَعَالَيْنَا فَضَحِكَ الرَّشِيدُ وَوَصَلَهُ بِمَالٍ عَظِيمٍ1. رَوَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّفَّارِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَلَفٍ بِمِصْرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَهَا. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ثِقَةً، يُقَالُ: كَانَ أَسْوَدَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابن إِسْحَاقَ، نَحْوٌ مِنْ سَبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ فِي الأَحْكَامِ، سِوَى الْمَغَازِي. قُلْتُ: وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْهُ مَغَازِيهِ، رَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ. وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَهُ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ". ثُمّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ هِشَامٍ سِوَاهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: وَلِيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ بيت المال ببغداد.   1 انظر: تاريخ بغداد "6/ 83، 84"، للخطيب البغدادي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 25 قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: مَوْلِدُ إِبْرَاهِيمَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: سَمَاعُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ بِذَاكَ لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي ذِئْبٍ فِي الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ: صَدُوقٌ. 7- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطِيَّةَ الثَّقَفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، ثُمَّ الْوَاسِطِيُّ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ1: عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَيُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، وَعَنْهُ: الرَّبِيعُ بْنُ تَغْلِبَ، وَيُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ. وَقِيلَ: إِنَّ هُشَيْمًا رَوَى عَنْهُ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَدْ كَتَبَ عَنْهُ أَحْمَدُ ثُمَّ تَرَكَهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَهُ مَنَاكِيرُ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 8- أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ -ع: هُوَ الإِمَامُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْكُوفِيُّ2. أَحَدُ الأَعْلامِ، سَكَنَ الْمَصِيصَةَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمر، والأعمش، وسليمان التيمي، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَبَقِيَّةُ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الرَّحْبِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ وَضَّاحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 120"، والميزان "1/ 48، 49"، تاريخ بغداد "6/ 114، 115". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، والجرح والتعديل "2/ 128، 129"، السير "8/ 473-477". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 26 ابن سَهْمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَزَّازُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الْحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْبَيْكَنْدِيُّ، وَطَائِفَةٌ. حَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَبِالثُّغُورِ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً فَاضِلا صَاحِبَ سُنَّةٍ وَغَزْوٍ، كثير الخطأ في حديثه. وقال النسائي: ثقة مأمون، أحد الأئمة، روى عنه: ابن المبارك. وقال أبو حاتم: ثقة مأمون إمام. وقال علي بن الحسن بن شقيق: ذكر أبو إسحاق الفزاري عند سفيان بن عيينة فقال: ما ينبغي أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ أَبْصَرَ بِالسُّنَّةِ مِنْهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْخُرَيْبِيُّ: قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَفْضَلَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: الأَوْزَاعِيُّ وَالْفَزَارِيُّ إِمَامَانِ فِي السُّنَّةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، هُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَعْمَرٍ. حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ الأَوْزَاعِيِّ، وَذُكِرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَقَالَ: لَوْ خُيِّرْتُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مَنْ يَنْظُرُ لَهَا وَيَخْتَارُ لَهَا، مَا أَخْتَارُ لَهَا إِلا سُفْيَانَ أَوِ ابْنَ عَوْنٍ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَأَنَا لَوْ خُيِّرْتُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مَنْ يَنْظُرُ لها ويختار لَهَا مَا اخْتَرْتُ لَهَا غَيْرَكَ، يَعْنِي الأَوْزَاعِيَّ. قال ابن بكار: فقلت أنا في نفسي: لو خيرت أنا ما اخترت لها غيرك، يعني أبا إسحاق الفزاري. عُبَيْدُ بْنُ جَنَّادٍ الْحَلَبِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَ الأَوْزَاعِيُّ بِحَدِيثٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنْ حَدَّثَكَ يَا أَبَا عَمْرٍو؟ قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ. مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ: سألت ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حَدِيثٍ كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَنْ أُقَدِّمُهُ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 27 وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِكَاتِبِهِ: اكْتُبْ إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، وَابْدَأْ بِهِ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنِّي. وَعَنْ مَحْبُوبِ بْنِ مُوسَى قَالَ: لَقِيتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، فَعَزَّانِي بِأَبِي إِسْحَاقَ وَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ كَرِيمًا، اشْتَقْتُ إِلَى الْمَصِيصَةِ، مَا بِي فَضْلُ الرِّبَاطِ إِلا لِأَرَى أَبَا إِسْحَاقَ. قَالَ مَحْبُوبٌ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ بَكَّارٍ يَقُولُ: لَقِيتُ الَّذِينَ لَقِيَهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ، ابْنُ عُونٍ وَغَيْرُهُ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِمْ أَفْقَهَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ إِمَامًا. وَقَالَ نَصْرُ الْجَهْضَمِيُّ: قال الخريبي: كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه، وَكَانَ بَعْدَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ. قَالَ نَصْرٌ: وَأَنَا أَقُولُ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيِّ: أَبُو إِسْحَاقَ أَدَّبَ أَهْلَ الثَّغْرِ وَعَلَّمَهُمُ السُّنَّةَ، وَكَانَ يَأْمُرُ وَيَنْهَى، وَإِذَا دَخَلَ الثَّغْرَ مُبْتَدِعٌ أَخْرَجَهُ، وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ فَقِيهًا، وَكَانَ عَرَبِيًّا فَزَارِيًّا، أَمَرَ سُلْطَانًا يَوْمًا وَنَهَاهُ، فَضَرَبَهُ مِائَتَيْ سَوْطٍ، فَغَضِبَ لَهُ الأَوْزَاعِيُّ وَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: إِذَا رَأَيْتَ الشَّامِيَّ يُحِبُّ الأَوْزَاعِيَّ وَأَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ. وَقَالَ مَرَّةً: فَاطْمَئِنَّ إِلَيْهِ. سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ: أُدْخِلْتُ عَلَى هَارُونَ، فَلَمَّا رَآنِي رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، إِنَّكَ فِي مَوْضِعٍ وَفِي شَرَفٍ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ ذَلِكَ لا يُغْنِي عَنِّي فِي الآخِرَةِ شَيْئًا. ابْنُ الأَنْبَارِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيِّ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ وَأَبُو يُوسُفَ جَالِسٌ، فَأُدْخِلَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لا سَلَّمَ الله عليك ولا قرب دارك ولا حبى مزارك. قال: لم؟ قَالَ: أَنْتَ الَّذِي تُحَرِّمُ السَّوَادَ؟ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ لَعَلَّ ذَا أَخْبَرَكَ، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ كَلِمَةً، وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 28 لَقَدْ خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى جَدِّكَ الْمَنْصُورِ، فَخَرَجَ أَخِي مَعَهُ، وَعَزَمْتُ عَلَى الْغَزْوِ، فَأَتَيْتُ أَبَا فُلانٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِي: مَخْرَجُ أَخِيكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عَزَمْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْغَزْوِ، وَاللَّهِ مَا حَرَّمْتُ السَّوَادَ. فَقَالَ الرَّشِيدُ: سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَقَرَّبَ دارك وحبا مزارك، وأجلس يَا أَبَا إِسْحَاقَ. يَا مَسْرُورُ، ثَلاثَةَ آلافِ دِينَارٍ لِأَبِي إِسْحَاقَ، فَأَتَى بِهَا فَوَضَعَهَا فِي يَدِهِ وَخَرَجَ، فَانْصَرَفَ وَلَقِيَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: أَنَا عَنْ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ غَنِيٌّ. فَقَالَ: إِنْ كَانَ فِي نَفْسِكَ مِنْهَا شَيْءٌ فَتَصَدَّقْ بِهَا. فَمَا خَرَجَ مِنْ سُوقِ الرَّافِقَةِ حَتَّى تَصَدَّقَ بِهَا. إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ: سَمِعْتُ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام، وإلى جنبه فرجة، فذهبت لأجلس فَقَالَ: هَذَا مَجْلِسُ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ. وَقِيلَ: قَدِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ الْمَصِيصَةَ، فَزَارَ أَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ، فَأَتَى ابْنَ الْمُبَارَكِ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ فَقَالَ: سَلْ أَبَا إِسْحَاقَ. عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ فَقَالَ: ثِقَةٌ، ثِقَةٌ. نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ النَّاسَ قَدْ جُمِعُوا فِي صَحَرَاءَ، فَغَشِيَتْهُمْ غَبَرَهٌ، فَمَاجَ النَّاسُ، فسمعتُ مُنَادِيًا يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ: اتَّبِعُوا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيَّ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُهُ وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ لا تُخْبِرْ بِهِ حَتَّى أَمُوتَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَدِمَ الْفَزَارِيُّ دِمَشْقَ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ، فَقَالَ لِمَوْلًى: اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ وَقُلْ لَهُمْ: مَنَ كَانَ يَرَى الْقَدَرَ فَلا يَحْضُرْ مَجْلِسَنَا. فَخَرَجْتُ وَأَخْبَرْتُ النَّاسَ. وَرُوِيَ أَنَّ الرَّشِيدَ أَخَذَ زِنْدِيقًا وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ أَلْفِ حَدِيثٍ وَضَعْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَيْنَ أَنْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ يَتَخَلَّلانِهَا فَيُخْرِجَانِهَا حَرْفًا حَرْفًا؟ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: مَاتَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أفضل منه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 29 فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي غَزْوِ الْبَحْرِ1، حَدِيثٌ لِأَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ، سَمِعَ أَنَسًا، فَذَكَرَ حَدِيثَ أُمِّ حَرَامٍ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي طُوَالَةَ، وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ: مات أبو إسحاق الفزاري سنة خمس وثمانين ومائة. وقال ابن سعد، وخليفة، وسليمان بن عمر الرقي، ومحمد بن فضيل: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَالْبُخَارِيُّ، وَابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ ومائة. وقيل غَيْرُ ذَلِكَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 9- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَاهَانَ بْنِ بَهْمَنَ، أَبُو إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيُّ2: كَبِيرُ أَهْلِ الْغِنَاءِ، فَارِسِيٌّ مِنْ أَهْلِ أَرَّجَانَ3، وَلاؤُهُ لِلْحَنْظَلِيِّينَ. لقب بالموصلي لغيبته وقتًا بِالْمَوْصِلِ، ثُمَّ قَدِمَ مِنْهَا. صَحِبَ فِتْيَانًا بِالْكُوفَةِ فِي طَلَبِ الْغِنَاءِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ أَخْوَالُهُ، فَفَرَّ إِلَى الْمَوْصِلِ مُدَيْدَةً. وَكَانَ قَدِمَ مَاهَانَ بِزَوْجَتِهِ مِنْ أَرَّجَانَ وَهَذَا حَمَلٌ، فَوَلَدَتْهُ بِالْكُوفَةِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَبَرَعَ فِي الشِّعْرِ والأدب، وَتَتَبَّعَ عَرَبِيَّ الْغِنَاءِ وَعَجَمَتَهُ، وَسَافَرَ فِيهِ إِلَى الْبِلادِ، ثُمَّ اتَّصَلَ بِالْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ بِبَغْدَادَ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَنِي غُلامِي وَقَالَ: بِالْبَابِ حَائِكٌ يطلبك. قلت: ويلك، ما لي وَلَهُ؟ قَالَ: قَدْ حَلَفَ بِالطَّلاقِ لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُكَلِّمَكَ بِحَاجَتِهِ؛ قُلْتُ: ائْذَنْ لَهُ. فَدَخَلَ، قُلْتُ: مَا بِكَ؟ قَالَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، أَنَا رَجُلٌ حَائِكٌ، وَكَانَ عِنْدِي جَمَاعَةٌ فَتَذَاكَرْنَا الغناء، وأجمع من حضر   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 19"، ومسلم "2/ 19"، ومالك "465"، في الموطأ، والترمذي "1645"، والنسائي "5/ 40، 41"، وابن ماجه "2776"، والبيهقي "9/ 165، 166"، في سننه الكبرى، وأبو نعيم "2/ 61" في الحلية. 2انظر: وفيات الأعيان "1/ 42"، والسير "8/ 40، 41". 3 أرجان: إحدى البلاد بين فارس والأهواز. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 30 أَنَّكَ رَأْسُ الْقَوْمِ وَسَيِّدُهُمْ وَبُنْدَارُهُمْ، فَحَلَفْتُ بِطَلاقِ بِنْتِ عَمِّي ثِقَةً بِكَرَمِكَ أَنْ تَشْرَبَ عِنْدِي غَدًا وَتُغَنِّينِي، فَمُنَّ عَلَيَّ بِذَلِكَ. فَقَالَ: أَيْنَ مَنْزِلُكَ؟ وَصِفْ لِلْغُلامِ الْمَوْضِعَ وَانْصَرِفْ فَإِنِّي رَائِحٌ إِلَيْكَ. قَالَ: فَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ، وَأَمَرْتُ غُلامِي أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ قِنِّينَةً وَقَدَحًا وَخَرِيطَةَ الْعُودِ، وَأَتَيْتُهُ وَدَخَلْتُ. فَقَامَ إِلَيَّ الْحَاكَةُ، فَأَكَبُّوا وَقَبَّلُوا أَطْرَافِي، وَعَرَضُوا عَلَيَّ الطَّعَامَ، فَقُلْتُ: شَبْعَانُ، وَشَرِبْتُ مِنْ نَبِيذِي، ثُمَّ تَنَاوَلْتُ الْعُودَ وَقُلْتُ: اقْتَرِحْ. فَقَالَ: غَنِّنِي. يَقُولُونَ لِي لَوْ كَانَ بِالرَّمْلِ لَمْ تَمُتْ ... نُسَيْبَةُ وَالطَّرَّاقُ تَكْذِبُ قَبْلَهَا فَغَنَّيْتُ، فَقَالَ: أَحْسَنْتَ وَاللَّهِ. ثُمَّ قُلْتُ: اقْتَرِحْ. ثُمَّ غَنَّيْتُ له. ثم قلت: يابن اللَّخْنَاءِ أَنْتَ بِابْنِ سُرَيْجٍ أَشْبَهُ مِنْكَ بِالْحَاكَةِ. فَغَنَّيْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّكَ إِنْ عُدْتَ وَاللَّهِ ثَانِيَةً حَلَّتِ امْرَأَتُكَ لِغُلامِي قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ لَكَ. ثُمَّ انْصَرَفْتُ، وَجَاءَ رَسُولُ الرَّشِيدِ يَطْلُبُنِي، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ يَا إِبْرَاهِيمُ؟ قُلْتُ: وَلِيَ الأَمَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَخْبَرْتُهُ، فَضَحِكَ وَقَالَ: هَذَا أَنْبَلُ الْحُيَّاكِ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَرُمْتَ فِي أَمْرِهِ وَأَحْسَنْتَ. وَبَعَثَ إِلَى الْحَائِكِ فَاسْتَنْطَقَهُ وَسَاءَلَهُ فَأَجَابَ، فَاسْتَطْرَفَهُ وَاسْتَطَابَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَرَوَى الصُّولِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ الرَّشِيدَ حَبَسَ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيَّ لِشَيْءٍ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ جَامِعٍ فِي مَجْلِسِهِ، فَتَابَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الْغِنَاءِ، فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ حَتَّى يُغَنِّيَ، فَكَتَبَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ إِلَى سَلْمٍ الْخَاسِرِ: سَلْمُ يَا سَلْمُ لَيْسَ دُونَكَ سِرُّ ... حُبِسَ الْمَوْصِلِيُّ فَالْعَيْشُ مر ما استطاب اللذات قد سكن المطـ ... ـبق رَأْسُ اللَّذَّاتِ فِي الأَرْضِ حُرُّ حُبِسَ اللَّهْوُ والسرور فما في ال ... أرض شَيْءٌ يُلْهَى بِهِ وَيُسَرُّ1 قَالَ عُمْرُ بْنُ شَبَّةَ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ الْمَوْصِلِيُّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ: قِيلَ مَاتَ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ. 10- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ الحجبي المكي2.   1 انظر: تاريخ بغداد "6/ 177". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 125"، والميزان "1/ 56". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 31 عَنْ: أَبِيهِ، وَشَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوْفِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَلَهُ مَنَاكِيرُ. 11- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيُّ الْخَيْوَانِيُّ1: عَنْ: زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَالسُّدِّيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَهَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 12- إِبْرَاهِيمُ بْنُ المختار الرازي2 -ت. ق: أبو إسماعيل، ولقبه حبويه، بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ بِمُوَحَّدَةٍ. رَوَى عَنْ: ابْنِ جُرَيْحٍ، وَابْنِ إِسْحَاقَ وَشُعْبَةَ، وعنه: فروة بن أبي المغراء، ومحمد بن حميد، وغيرهما. قال أبو حاتم: صالح الحديث. ومن كلامه، قَالَ: عَلَيْكُمْ بِاللِّبَانِ فَإِنَّهُ يُشَجِّعُ الْقَلْبَ وَيُذْهِبُ النِّسْيَانَ. قِيلَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 13- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ الْمَدَنِيُّ3: مِنْ مَوَالِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ. وعنه: معن بن عيسى، وإبراهيم بن منذر الحزامي. قال ابن عدي: لم أجد له أنكر من حديث: "قرأ طه ويس"، وباقي أحاديثه صالحة.   1 انظر: التاريخ الكبير "1/ 381"، الجرح والتعديل "2/ 129". 2 انظر: تاريخ بغداد "6/ 174، 175"، الميزان "1/ 56". 3 انظر: الميزان "1/ 67"، التهذيب "1/ 168، 169". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 32 وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنكَرُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَالِحٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 14- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْفَقِيهُ الْمَدَنِيُّ1 -ق. أَحَدُ الأَعْلامِ، وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ. رَوَى عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَصَالِحٍ مَوْلَى التوءمة وطبقتهم. وعنه: الشافعي، وإبراهيم بن موسى الفزاري، والحسن بن عرفة، وطائفة. "مطلب إذا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبِرْنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ" وَهُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فَيُدَلِّسُهُ وَيَقُولُ: أَخْبِرْنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ قَدَرِيًّا، وَنَهَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو يَحْيَى هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كُنَّا نُسَمِّي إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى وَنَحْنُ نَطْلُبُ الْحَدِيثَ: خُرَافَةً. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ: نَهَانِي مَالِكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، فَقُلْتُ: مِنْ أَجْلِ الْقَدَرِ تَنْهَانِي؟ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ فِي حَدِيثِهِ بِذَاكَ. أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى يَشْتُمُ بَعْضَ السَّلَفِ. سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: سَأَلْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ: لِمَ تَرَكْتَ حَدِيثَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى؟ قَالَ: كَانَ مُجَاهِرًا بِالْقَدَرِ، وَكَانَ اسْمُ الْقَدَرِ يَغْلِبُ عَلَيْهِ، وَكَانَ صاحب تَدْلِيسٍ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى: أَثِقَةٌ فِي الْحَدِيثِ؟ قَالَ: لا، وَلا فِي دِينِهِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ، عَنِ الْمُعَيْطِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كُنَّا نَتَّهِمُهُ بِالْكَذِبِ، يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى. قَالَ أَبِي: قَدَرِيٌّ جَهْمِيٌّ كُلُّ بَلاءٍ فيه، يعني إبراهيم.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 125"، الميزان "1/ 57-61"، التهذيب "1/ 158". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 33 وسمعت أبي يَقُولُ: أَنْكَرَ النَّاسُ حَدِيثَهُ، وَأَبُوهُ ثِقَةٌ. وَعَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: كَانَ قَدَرِيًّا رَافِضِيًّا. أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرْمُطِيِّ، عَنْ يَحْيَى الأَسَدِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَأَمْلَى عَلَى رَجُلٍ غَرِيبٍ ثَلاثِينَ حَدِيثًا فَجَاءَ بِهَا مِنَ الْحُسْنِ شَيْئًا عَجَبًا، وَقَالَ لِلْغَرِيبِ: لَوْ ذَهَبْتَ إِلَى ذَاكَ الْحِمَارِ فَحَدَّثَكَ بِثَلاثَةِ أَحَادِيثَ لَفَرِحْتَ بِهَا، يعني مالك. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يُكَذِّبُ خَالِدَ بْنَ مَخْدُوجٍ، وَزِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَدَرِيٌّ جَهْمِيٌّ، تَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالنَّاسُ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يُتْرَكْ لِلْقَدَرِ بَلْ لِلْكَذِبِ. ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى أَحْمَقَ، أَوْ قَالَ: أَبْلَهَ. كَانَ لا يُمْكِنُهُ جِمَاعَ النِّسَاءِ، فَأَخْبَرَنِي مَنْ رَآهُ مَعَهُ فَأْسٌ وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ مَنْ بَالَ فِي ثُقْبِ فَأْسٍ أَمْكَنَهُ الْجِمَاعُ، فَدَخَلَ خَرِبَةً فَبَالَ فِي الْفَأْسِ. وَقَالَ مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ الْقَطَّانِ يَقُولُ: أَشْهَدُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى أَنَّهُ يَكْذِبُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْبَرْقِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ لَهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى كَانَ يَرَى الْقَدَرَ وَالتَّشَيُّعَ وَالْكَذِبَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا ابْنُ عَدِيٍّ فَصَلَّحَهُ وَقَالَ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا إِلا عَنْ شُيُوخٍ يَجْهَلُونَ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْكِبَارُ، وَلَهُ كِتَابُ الْمُوَطَّأِ، هُوَ أَضْعَافُ مُوَطَّأِ مَالِكٍ، وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ: فِيهِ ضُرُوبٌ مِنَ الْبِدَعِ، وَلا يُشْتَغَلُ بِحَدِيثِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُقْنِعٍ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 34 قُلْتُ: اسْمُ جَدِّهِ أَبُو يَحْيَى: سَمْعَانُ. وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الضُّعَفَاءِ بِلا رَيْبٍ. وهل هو متروك أَمْ لا؟ فِيهِ قَوَلانُ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 15- إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ1. مِنَ الأَجْوَادِ النُّبَلاءِ، يُعْرَفُ بِابْنِ غُرَيْرٍ، كَانَ بِبَغْدَادَ. 16- أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو الْمُنْذِرِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ2. صاحب أَبِي حَنِيفَةَ، مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. سَمِعَ مِنْ: يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ. وَعَنْهُ أَحْمَدُ بن حنبل، وأحمد بن منيع، والحسن بن محمد الزَّعْفَرَانِيِّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ رَبِيعَةَ وَجَمَاعَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لِأَسَدٍ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، وَلَمْ أَرَ لَهُ شَيْئًا مُنْكَرًا، وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِ الرَّأْيِ بَعْدَ أَبِي يُوسُفَ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنْهُ. قُلْتُ: قَدْ وَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ، وَكَانَ فَقِيهًا عَلامَةً بَارِعًا كَبِيرَ الشَّأْنِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَقَالَ: ضَعَّفَهُ ابْنُ المديني، وعثمان بن أبي شيبة. قال الخطيب: وتولى أيضًا قضاء واسط.   1 تاريخ بغداد "6/ 316-318". 2 الطبقات الكبرى "7/ 331"، والجرح والتعديل "2/ 337". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 35 قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ. 17- إِسْمَاعِيلُ بْن صالح بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ1. أَمِيرُ الدِّيَارِ الْمَصْرِيَّةِ، ثُمَّ أَمِيرُ قِنَّسْرِينَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ طَاهِرٌ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَغَيْرُهُمَا. وُلِدَ بِحَلَبٍ وَبِهَا تُوُفِّيَ، وَلَهُ بِهَا ذُرِّيَّةٌ. قَالَ سعيد بن عفير: مَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِنْهُ عَلَى هَذِهِ الأَعْوَادِ. كَانَ جَامِعًا، أَهْلَ سُؤْدُدٍ، وَيَعْرِفُ الْفَلْسَفَةَ وَالنُّجُومَ وَضَرْبَ الْعُودِ. قُلْتُ: عَيْبُهُ عُلُومُهُ. وَقِيلَ: كَانَ الرَّشِيدُ يُجِلُّهُ وَيَحْتَرِمُهُ. وَقِيلَ: كَانَ شَاعِرًا، مُحْسِنًا، رَأْسًا فِي الْغِنَاءِ. اسْتَوْعَبَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْعَدِيمِ أَخْبَارَهُ فِي تَارِيخِ حَلَبَ. وَنَاوَلَهُ الرَّشِيدُ عودًا فيه عشر جواهر، ثَمَنُهَا ثَلاثُونَ دِينَارًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَفِّرْ بِهَذِهِ يَمِينَكَ. فَغَنَّاهُ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا الرَّشِيدُ بِرُمْحٍ وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً عَلَى إِمْرَةِ مِصْرَ، وكان ذلك في سنة اثنتين وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَوَلِيَهَا سِتَّ سِنِينَ، فَعَدَلَ وَحَصَّلَ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى إِمْرَةِ حَلَبَ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مُخْتَصَرًا. 18- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ الدِّمَشْقِيُّ الْفَقِيهُ2. د. ت. ن. مَوْلَى الْعُمَرَيْنِ: صَحِبَ الأَوْزَاعِيَّ وَلازَمَهُ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَعِمْرَانُ بْنُ يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَطَّارُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كان من أجل أصحاب الأوزاعي وأقدمهم.   1 السير "8/ 318". 2 الجرح والتعديل "2/ 180"، التهذيب "1/ 309". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 36 وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ مِنَ الْفَاضِلِينَ. وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 19- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ1. مُقْرِئُ مَكَّةَ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: قَبْلَهَا. وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 20- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ سُلَيْمٍ، الإِمَامُ أَبُو عُتْبَةَ الْعَنْسِيُّ، بِالنُّونِ، الْحِمْصِيُّ الْحَافِظُ. أَحَدُ الأَعْلامِ، وُلِدَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَرَوَى عَنْ: شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الأَلْهَانِيِّ، وَأَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَتَمِيمِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعْدٍ، وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيِّ، وَعَدَدٍ كَثِيرٍ مِنَ الشَّامِيِّينَ وَالْحِجَازِيِّينَ، وَعَنِ: الأَعْمَشِ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَالْكُوفِيِّينَ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَدَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ صَدْرًا مُعَظَّمًا نَبِيلا، حَجَّ بِضْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً، وَبَعَثَهُ الْمَنْصُورُ إِلَى دِمَشْقَ فَعَدَّلَ أَرْضَهَا لِلْخَرَاجِ. قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: كَانَ أَحْوَلَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ. وَقَالَ بَقِيَّةُ: وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ. فَإِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: مَوْلِدِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ، وُوُلِدَ إسماعيل قبلي بست سنين.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 180"، والسير "8/ 277-291". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 37 يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: شَهِدْتُ شُعْبَةَ سَمِعَ مِنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: كَانَ مَنْزِلُ إِسْمَاعِيلَ إِلَى جَانِبِ مَنْزِلِي، فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ، فَكَانَ رُبَّمَا قَرَأَ ثُمَّ قَطَعَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَقِيتُهُ يَوْمًا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ! فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي أُصَلِّي فَأَقْرَأُ، فَأَذْكُرُ الْحَدِيثَ فِي الْبَابِ، فَأَقْطَعُ الصَّلاةَ وَأَكْتُبُ الْحَدِيثَ فِي الْبَابِ، ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى صَلاتِي، فَأَبْتَدِئُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَطَعْتُ مِنْهُ. قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: كُنْتُ أَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ: عِلْمُ الشَّامِ عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ. وَسَمِعْتُ أَبَا الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ أَصْحَابُنَا لَهُمْ رَغْبَةٌ فِي الْعِلْمِ، وَطَلَبٌ شَدِيدٌ بِالشَّامِ وَالْحِجَازِ. وَكَانُوا يَقُولُونَ: نَجْهَدُ فِي الطَّلَبِ وَنَتْعَبُ، فَإِذَا جِئْنَا وَجَدْنَا كُلَّ مَا كَتَبْنَا عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ. قَالَ يَعْقُوبُ: فَتَكَلَّمَ قَوْمٌ فِي إِسْمَاعِيلَ وَإِسْمَاعِيلُ ثِقَةٌ عَدْلٌ، أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِ أَهْلِ الشَّامِ، أَكْثَرُ مَا يَتَكَلَّمُونَ فيه قالوا: يغرب عن ثقات الحجازيين. قال يحيى الْوُحَاظِيِّ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَكْبَرَ مَعِينًا مِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، كُنَّا إِذَا أَتَيْنَاهُ إِلَى مَزْرَعَتِهِ لَمْ يَرْضَ لَنَا إِلا بِالْخَرُوفِ وَالْخَبِيصِ. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَرِثْتُ عَنْ أَبِي أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ، فَأَنْفَقْتُهَا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ. عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: كَانَ الْمِصْرِيُّونَ يَنْتَقِصُونَ عُثْمَانَ حَتَّى نَشَأَ فِيهِمُ اللَّيْثُ فَحَدَّثَهُمْ بِفَضَائِلِ عُثْمَانَ فَكَفُّوا. وكان أهل حمص ينتقصون عليا حتى نشأ فيهم إسماعيل فحدثهم بفضائل عَلِيٌّ، فَكَفُّوا عَنْ ذَلِكَ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَسْأَلُ دَاوُدَ بْنَ عَمْروٍ قَالَ: نَعَمْ مَا رَأَيْتُ مَعَهُ كِتَابًا قَطُّ. فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ حَافِظًا، كَمْ كَانَ يَحْفَظُ؟ قَالَ: كَانَ يَحْفَظُ شَيْئًا كَثِيرًا. قَالَ: فَكَانَ يَحْفَظُ عَشْرَةَ آلافٍ؟ قَالَ: عَشَرَةُ آلافٍ، وَعَشْرَةُ آلافٍ، وَعَشْرَةُ آلافٍ. فَقَالَ أَبِي: هَذَا مِثْلُ وَكِيعٍ. رَوَى الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ: لَيْسَ أَحَدًا أَرْوَى لِحَدِيثِ الشَّامِيِّينَ مِنَ ابْنِ عَيَّاشٍ وَالْوَلِيدِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: مَا رَأَيْنَا شَامِيًّا وَلا عِرَاقِيًّا أَحْفَظَ مِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عياش. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 38 وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ إِسْمَاعِيلَ، مَا أَدْرِي مَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؟ وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا مُسْهِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَبَقِيَّة فَقَالَ: كُلٌّ كَانَ يَأْخُذُ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ، فَإِذَا أخذت حديثهم عن الثقات فهو ثِقَةٌ. عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ثِقَةٌ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ مِنْ بَقِيَّةَ. وَقَدْ مَضَيْتُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ فَرَأَيْتُهُ عِنْدَ دَارِ الْجَوْهَرِيِّ عَلَى غُرْفَةٍ وَمَعَهُ رَجُلانِ يَنْظُرَانِ فِي كِتَابٍ، فَيُحَدِّثُهُمْ خَمْسَمِائَةً فِي الْيَوْمِ، أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُمْ أَسْفَلَ وَهُوَ فَوْقَ، فَيَأْخُذُونَ كِتَابَهُ فَيَنْسَخُونَ مِنْ غُدْوَةٍ إِلَى اللَّيْلِ, فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَكِنيِّ شَهِدْتُهُ يُمْلِي إِمْلاءً، فَكَتَبْتُ عَنْهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي الْكُنَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ: أَكَتَبْتَ عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَعَنْهُ قَالَ: عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الزَّعِيمُ غَارِمٌ"1. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، وَالْغِلابِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ثِقَةٌ فِيمَا رَوَى عَنِ الشَّامِيِّينَ، وَأَمَّا عَنْ غَيْرِهِمْ فَفِيهِ شَيْءٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: صَدُوقٌ يَغْلَطُ فِي حَدِيثِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ. وقال أحمد بن الحسن التِّرْمِذِيِّ: قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَصْلَحُ مِنْ بَقِيَّةَ، لِبَقِيَّةَ مَنَاكِيرُ عَنِ الثِّقَاتِ. زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ: قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ: لا تَكْتُبْ عن إسماعيل بن عياش   1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "2565"، والترمذي "2120"، وأحمد "5/ 676"، وابن ماجه "2405"، وابن أبي شيبة "6/ 154"، وعبد الرزاق "16308"، وسعيد بن منصور "427" في سننه، والدارقطني "4/ 70" في سننه، والبيهقي "6/ 72" في سننه الكبرى. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 39 شَيْئًا، وَاكْتُبْ عَنْ بَقِيَّةَ مَا رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَا سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ شَيْئًا قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ، وَالنَّسَائِيُّ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَغْلَطُ فِي حَدِيثِ الْحِجَازِيِّينَ. إِمَّا حَدِيثًا بِرَأْسِهِ، أَوْ مرسلا بوصله، أَوْ مَوْقُوفًا بِرَفْعِهِ، وَيُحْتَجُّ بِهِ فِي الشَّامِيِّينَ. قُلْتُ: لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ الدُّولابِيُّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ مَا رَوَى عَنِ الشَّامِيِّينَ فَهُوَ أَصَحُّ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: إِذَا حَدَّثَ عَنْ غَيْرِ أَهْلِ الشَّامِ اضْطَرَبَ وأخطأ. أحمد بن سعد بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: رَجُلانِ صَاحِبَا حَدِيثِ بَلَدِهِمَا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: بَقِيَّةُ أَحَبُّ إِلَيَّ. الْفَلاسُ: سَمِعْتُ أَبَا قُتَيْبَةَ يَقُولُ لِيَحْيَى يَوْمًا، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ، بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: آخِرُ طَعَامٍ أَكَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامٌ فِيهِ بَصَلٌ1، فَقَالَ بَحِيرٌ: مَا هَذِهِ الأَزِقَّةُ يَا أَبَا قُتَيْبَةَ؟ ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ جَابِرٍ: نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ2. قُلْتُ: خَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ الأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّةَ، عَنْ بَحِيرٍ، فَأَدْخَلَ بَيْنَ خَالِدٍ وَبَيْنَهَا: خِيَارَ بْنَ سَلَمَةَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: عَرَضْتُ عَلَى أَبِي حَدِيثَ: "لا تَقْرَأِ الْحَائِضُ وَلا الجنب   1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "3829"، وابن عدي "1/ 290" في الكامل. 2 "حديث ضعيف": انظر السابق. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 40 شَيْئًا"1، فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ، يَعْنِي أَنَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِمَ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كِتَابَةً، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، نا ابْنُ بَيَانٍ، أنا ابْنُ مَخْلَدٍ، أنا الصَّفَّارُ، ثنا ابْنُ عَرَفَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا تَقْرَأِ الْحَائِضُ وَلا الْجُنُبُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا"2. قَالَ مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ فَقَالَ: إِذَا حَدَّثَ عَنِ الشَّامِيِّينَ فَحَدِيثُهُ صَحِيحٌ، وَإِذَا حَدَّثَ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ خَلَطَهُ مَا شِئْتَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ إِسْمَاعِيلُ مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ فِي حَدَاثَتِهِ، فَلَمَّا كَبُرَ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ. قُلْتُ: رَوَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ مِنْ شُيُوخِهِ: الأَعْمَشُ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَوَلاهُ الْمَنْصُورُ خِزَانَةَ الْكِسْوَةِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، وَابْنُ مُصَفًّى، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَزَادَ ابْنُ مُصَفًّى: لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالزِّيَادِيُّ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. 21- إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمَدَانِيُّ الْكُوفِيُّ، أَبُو عُمَرَ3 خ. ت. نَزِيلُ بَغْدَادَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَبَيَانِ بْنِ بِشْرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عُمَرُ، وَشُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين. وقال النسائي: ليس بالقوي.   1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "131"، وابن ماجه "595"، "596". 2 انظر السابق. 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 200"، الميزان "1/ 246"، التهذيب "1/ 327، 328". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 41 وروى الْحَاكِمُ، عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ: لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ. 22- إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَعْلَى1. هُوَ أَبُو أُمَيَّةَ. يَأْتِي بِكُنْيَتِهِ. 23- أَغْلَبُ بْنُ تَمِيمٍ الْمَسْعُودِيُّ الْبَصْرِيُّ2. عَنْ: قَتَادَةَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 24- أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ الْيَمَامِيُّ الْحَنَفِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ3 د. ت. عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَآدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْكُوفِيِّينَ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَلُوَيْنٌ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَخَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ. قَالَ الْفَلاسُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَائِرُ حَدِيثِهِ صَالِحٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ، فَقَالَ: كَتَبْتُ عَنْهُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى مِثْلَهُ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. 25- أَيُّوبُ بْنُ مُدْرِكِ بْنِ الْعَلاءِ، أبو محمد الحنفي الدمشقي4.   1 يأتي في الكنى. 2 الجرح والتعديل "2/ 349"، الميزان "1/ 273". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 242"، السير "8/ 209، 210". 4 الجرح والتعديل "2/ 258، 259"، الميزان "1/ 293". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 42 قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى يَحْيَى الرُّمَّانِيِّ. وَرَوَى عَنْ: مَكْحُولٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ. قَرَأَ عَلَيْهِ: الرَّبِيعُ بْنُ ثَعْلَبَ؛ وَرَوَى عَنْهُ: سِبْطُهُ الْعَلاءُ بْنُ عَمْرٍو، وَرَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: متروك. وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال البخاري: حديثه عَنْ مَكْحُولٍ مُرْسَلٌ. 26- أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ بْنِ زياد الْحَنَفِيُّ1 خ. م. س. قَاضِي الْيَمَامَةِ أَبُو إِسْمَاعِيلَ2. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. وعنه: أحمد بن حنبل، وعمرو النَّاقِدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ: كَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ: ثِقَةٌ صَدُوقٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: صَالِحٌ، ثِقَةٌ، عَفِيفٌ. قُلْتُ: لَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ سِوَى حَدِيثٍ. "حرف الْبَاءِ": 27- بُخْتِيشُوعُ بْنُ جِرْجِسَ النَّصْرَانِيُّ الْخَبِيثُ3. رَأْسُ الأَطِبَّاءِ وَابْنُ شَيْخِهِمْ. قَدِمَ عَلَى الرشيد وتقدم في أيامه. وبختيشوع بالسريانية أبو عبد المسيح.   1 الجرح والتعديل "2/ 260"، التهذيب "1/ 413". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 556"، والجرح والتعديل "2/ 260"، والتهذيب "1/ 413". 3 انظر: العقد الفريد "1/ 85، 86"، والوافي بالوفيات "10/ 89". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 43 وقد ذكرنا أن أباه طبب المنصور ورجع مُكْرَمًا إِلَى جُنْدَيْسَابُورَ؛ وَلَمَّا مَرِضَ الْهَادِي سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ أَمَرَ بِإِقْدَامِ بُخْتِيشُوعَ، وَأُحْضِرَ، فَمَاتَ الْهَادِي قَبْلَ مَجِيئِهِ. وَامْتَحَنَهُ الرَّشِيدُ أَوَّلَ مَا قَدِمَ بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ قَارُورَةً فِيهَا بَوْلُ حِمَارٍ، وَقَالَ: مَا يَصْلُحُ لِصَاحِبِ هَذِهِ الْقَارُورَةِ؟ قَالَ: شَعِيرٌ جَيِّدٌ. فَضَحِكُوا. وَلَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ كِتَابُ التَّذْكِرَةِ أَلَّفَهُ لِوَلَدِهِ جِبْرِيلَ. قُلْتُ: يُؤَخَّرُ إِلَى الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ، فَإِنَّهُ شَهِدَ مَوْتَ الرَّشِيدِ. 28- بَزِيعُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو حَازِمٍ اللَّحَّامُ. مَوْلَى أَبِي بِسْطَامٍ مِنْ سَبْيِ بُخَارَى1. رَوَى عَنِ: الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةُ الضَّرِيرُ، وَيَحْيَى بْنُ سَلامٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْخَطْمِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ قَرِيبٌ مِنَ الأَجْلَحِ فِي اللِّينِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. 29- بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ الْخَثْعَمِيُّ الْمُؤَدِّبُ2. عَنْ: أَحْوَصَ بْنِ حَكِيمٍ، وَأَبِي رَوْقٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، وَيُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُعْرَفُ، وَتَنَكَّرَهُ مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ. عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَار} [الأنعام: 103] . قال: "لو أن الإنس والجن والشياطين   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 420"، والميزان "1/ 307". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 362"، والميزان "1/ 321"، والتهذيب "1/ 455". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 44 مذ يوم خلقوا إلى يوم نفنى صفًّا واحدًا، مَا أَحَاطُوا بِاللَّهِ أَبَدًا"1. وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، لا يُعْرَفُ إِلا بِبِشْرٍ، وَفِيهِ عَطِيَّةُ ضَعِيفٌ أَيْضًا. 30- بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلَ بْنُ لاحِقٍ الْحَافِظُ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ الرَّقَاشِيُّ2، مَوْلاهُمْ ع. الْبَصْرِيُّ. عَنْ: سَعِيدِ الْجُرَيْرِيِّ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وَطَائِفَةٍ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ بِالْبَصْرَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعُمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا. وَذَكَرُوا عِنْدَهُ بَعْضَ الْجَهْمِيَّةِ فَقَالَ: لا تَذْكُرُوا ذَاكَ الْكَافِرَ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِشْرٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ- سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 31- بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَبُو صَيْفِيٍّ الْوَاسِطِيُّ3 ن: خُرَاسَانِيُّ الأَصْلِ. رَوَى عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَمُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، وَأَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَطَائِفَةٌ. وَكَتَبَ عَنْهُ أَحْمَدُ وَتَرَكَهُ. قال البخاري: يتهم بالوضع.   1 حديث منكر: أخرجه ابن عدي "2/ 443" في الضعفاء، والعقيلي "1/ 140" في الضعفاء الكبير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 290"، والجرح والتعديل "2/ 366"، والتهذيب "1/ 458، 459". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 379"، والتهذيب "1/ 469". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 45 وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 32- بَكَّارُ بْنُ سُقَيْرٍ الْمَازِنِيُّ1: عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي رَجَاءِ الْعُطَارِدِيِّ، وَعَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَآخَرُونَ. مَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. 33- بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَارَسْتِ الْمَدَنِيُّ الْمُقْرِئُ النَّحْوِيُّ2: مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْ: مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: بَكَّارُ بْنُ جَارَسْتَ، اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ لَيَّنَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. 34- بَكْرُ بْنُ بِشْرٍ السُّلَمِيُّ التِّرْمِذِيُّ3: إِمَامُ مَسْجِدِ عَسْقَلانَ. سَمِعَ: عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ سَوَّارٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ. وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 35- الْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ الْمَغْرِبِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ الْفَقِيهُ4: قِيلَ كَانَ ثِقَةً، صَادِقًا، مُجْتَهِدًا، خَيِّرًا، مُجَابَ الدَّعْوَةِ، واسع العلم.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 408"، والثقات لابن حبان "6/ 107". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 407"، والميزان "1/ 340". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 382"، والميزان "1/ 343". 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 429"، والميزان "1/ 355". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 46 سَمِعَ مِنْ: يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ، وَحَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ أَنْعَمَ الإِفْرِيقِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ، فَلَمَّا احْتِيجَ إِلَيْهِ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنْ أَقْرَانِهِ ابْنِ غَانِمٍ، وَعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ؛ وَسَمِعَ "جَامِعَ الثَّوْرِيَّ" مِنْ أَبِي الْخَطَّابِ، وَأَبِي خَارِجَةَ. وَدَوَّنَ النَّاسُ عَنْهُ جَامِعًا، وَقَامَ بِفُتْيَاهُمْ. سَمِعَ مِنْهُ: سَحْنُونٌ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَعَوْنٌ، وَالْحَكَمُ، ويحيي بْنُ سَلامٍ. وَقِيلَ: إِنَّ مَالِكًا نَظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا عَابِدُ أَهْلِ بَلَدِهِ. وَعَنْ بُهْلُولِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَتْقَى لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْبُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْعَكِّيَّ أَمِيرَ إِفْرِيقْيَا بَلَغَهُ أَنَّ الْبُهْلُولَ يَقَعُ فِي سُلْطَانِهِ وَيَتَكَلَّمُ فِيهِ، فَهَمَّ بِهِ، فَتَحَاشَدَ النَّاسُ يَمْنَعُونَهُ مِنْهُ، فَزَادَهُ ذَلِكَ حَنَقًا1، وَبَعَثَ إِلَيْهِمُ الأَجْنَادَ، فأحضره وَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ، فَرَمَى جَمَاعَةٌ أَنْفُسَهُمْ عَلَيْهِ يَقونه، فَضُرِبُوا، وَكَانُوا نَحْوَ الْعِشْرِينَ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدُ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الْفَقِيهِ بِشَهْرٍ وَأَيَّامٍ، وَذَلِكَ فِي مَا ذُكِرَ، سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 36- بُهْلُولُ بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنْدِيُّ2: يُكَنَّى: أَبَا عُبَيْدٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد، وابن جريج، وغيرهم. وعنه: موسى بن مروان، والحسين بن أبي زيد، والربيع بن سليمان الجيزي، والحسن بن عرفة. قال ابن حبان: كان يسرق الحديث. وقال ابن عدي: له أحاديث لا يتابعه عليها الثقات.   1 حنقًا: غيظًا وضيقًا. 2 الجرح والتعديل "2/ 429"، والميزان "1/ 355". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 47 37- الْبُهْلُولُ الْمَجْنُونُ1: هُوَ الْبُهْلُولُ بْنُ عَمْرٍو، أَبُو وُهَيْبٍ الصَّيْرَفِيُّ الْكُوفِيُّ. وُسْوِسَ فِي عَقْلِهِ، وَمَا أَظُنُّهُ اخْتَلَطَ، أَوْ قَدْ كَانَ يَصْحُو فِي وَقْتٍ، فَهُوَ مَعْدُودٌ فِي عُقَلاءِ الْمَجَانِينِ. لَهُ كَلامٌ حَسَنٌ وَحِكَايَاتٌ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَأَيْمَنَ بْنِ نَابُلٍ، وَمَا تَعَرَّضُوا لَهُ بِجَرْحٍ وَلا تَعْدِيلٍ، وَلا كَتَبَ عَنْهُ الطَّلَبَةُ. كَانَ حَيًّا فِي دَوْلَةِ الرَّشِيدِ، طَوَّلَ تَرْجَمَتَهُ "ابْنُ النَّجَّارِ" وَذَكَرَ أَنَّهُ أَتَى بَغْدَادَ. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ عِنْدَ الرَّشِيدِ مِنْ بَابِ الرُّصَافَةِ، فَإِذَا بُهْلُولُ يَأْكُلُ خَبِيصًا، فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي. قَالَ: لَيْسَ هُوَ لِي. قُلْتُ: لِمَنْ هُوَ؟ قَالَ: لِحَمْدُونَةَ بِنْتِ الرَّشِيدِ أَعْطَتْنِيهِ آكُلُهُ لَهَا. وَعَنِ الأَشْهَلِيِّ قَالَ: بَكَّرْتُ فِي حَاجَةٍ، فَلَقِيتُ الْبُهْلُولَ، فَقُلْتُ: ادْعُ لِي. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: يَا مَنْ لا تُخْتَزَلُ الْحَوَائِجُ دُونَهُ، اقْضِ لَهُ حَوَائِجَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَوَجَدْتُ لِدُعَائِهِ رَاحَةً، فَنَاوَلْتُهُ دِرْهَمَيْنِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، تَعْلَمُ أَنِّي آخُذُ الرَّغِيفَ وَنَحْوَهُ؟ لا وَاللَّهِ، لا آخُذُ عَلَى دُعَائِي أَجْرًا. قَالَ: فَقُضِيَتْ حَاجَتِي. وَيُرْوَى أَنَّ الْبُهْلُولَ مَرَّ بِهِ الرَّشِيدُ، فَقَامَ وَنَادَاهُ وَوَعَظَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُسَوِّدَ وَجْهَ الْمَوْعِظَةِ. وَقِيلَ لَهُ: قَدْ غَلا السِّعْرُ، فَادْعُ اللَّهَ. قَالَ: مَا أُبَالِي وَلَوْ حَبَّةٌ بِدِينَارٍ، إِنَّ لِلَّهِ عَلَيْنَا أَنْ نَعْبُدَهُ كَمَا أَمَرَنَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْزُقَنَا كَمَا وَعَدَنَا. وَعَنْ حَسَنِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: رَأَيْتُ الصِّبْيَانَ يَرْمُونَ الْبُهْلُولَ بِالْحَصَى، فَأَدْمَتْهُ حَصَاةٌ فَقَالَ: رُبَّ رَامٍ لِي بِأَحْجَارِ الأَذَى ... لَمْ أَجِدْ بُدًّا مِنَ الْعَطْفِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: تَعْطِفُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَرْمُونَكَ؟ قَالَ: اسْكُتْ! لَعَلَّ اللَّهَ يَرَى غَمِّي ووجعي وشدة فرحهم، فيهب بعضنا لبعض.   1 انظر: العقد الفريد "6/ 150، 151"، صفة الصفوة "2/ 519". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 48 وَمِمَّا نُقِلَ عَنْهُ قَالَ: مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ أَكْبَرَ هَمِّهِ أَتَتْهُ الدُّنْيَا رَاغِمَةً. ثُمَّ قَالَ: يَا خَاطِبَ الدُّنْيَا إِلَى نَفْسِهِ ... تَنَحَّ عَنْ خِطْبَتِهَا تَسْلَمِ إِنَّ الَّتِي تَخْطُبُ غَرَّارَةٌ ... قَرِيبَةُ الْعُرْسِ إِلَى الْمَأْتَمِ وَقَدْ سَاقَ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُفَسِّرُ فِي كِتَابِ عُقَلاءِ الْمَجَانِينَ لَهُ حِكَايَاتٍ وأشعار، ولم أَجِدْ لَهُ وَفَاةً. 38- بُهْلُولُ بْنُ مُؤَرِّقٍ، أَبُو غَسَّانَ1: عَنْ: مُوسَى بْنِ عَبِيدَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو خَيْثَمَةَ، وَالْفَلاسُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. "حرف الثَّاءِ": 39- ثَابِتُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ2: أَبُو جَبَلَةَ الْكُوفِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. "حرف الْجِيمِ": 40- جَابِرُ بْنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيُّ3: عَنْ: عُثْمَانَ بْنِ صَفْوَانَ، وَعَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.   1 الجرح والتعديل "2/ 429"، والتهذيب "1/ 499". 2 الجرح والتعديل "2/ 458"، والميزان "1/ 369". 3 الجرح والتعديل "2/ 501"، والميزان "1/ 377". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 49 وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 41- جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، أَبُو بَشِيرٍ، الْحِمَّانِيُّ الْكُوفِيُّ1 ت: عَنِ: الأَعْمَشِ، وَحُرَيْثِ بْنِ السَّائِبِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ بُدَيْلٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ضَعِيفٌ. 42- جَرِيرُ بن عبد الحميد الحافظ2 ع: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ، ثُمَّ الرَّازِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ بِالْكُوفَةِ. سَمِعَ: مَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ، وَحُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ، وَبَيَانَ بْنَ بِشْرٍ، وَسُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ، وَمُغِيرَةَ بْنَ مِقْسَمٍ، وَالأَعْمَشَ، وَأَئِمَّةً مِنْ طَبَقَتِهِمْ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَالطَّيَالِسِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. وَقَدِمَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا. وَيُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. قَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: كَانَ جَرِيرٌ صاحب لَيْلٍ، وَكَانَ لَهُ رَسَنٌ. يَقُولُونَ: إذا أعيى تعلق به.   1 الجرح والتعديل "2/ 500"، والميزان "1/ 379". 2 الطبقات الكبرى "7/ 381"، السير "9/ 9-18". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 50 قَالَ يَعْقُوبُ: وَذُكِرَ لِأَبِي خَيْثَمَةَ إِرْسَالُ جَرِيرٍ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يُدَلِّسُ، لِأَنَّا كُنَّا إِذَا أَتَيْنَاهُ وَهُوَ فِي حَدِيثِ الأَعْمَشِ أَوْ مَنْصُورٍ أو مغيرة ابتدأ فأخذ الكتاب فقال: عَنْ فُلانٍ، ثُمّ يُحَدِّثُ عَنْهُ مُبْهَمًا فِي حديث واحد، يقول: مَنْصُورٌ مَنْصُورٌ حَتَّى يَفْرُغَ الْمَجْلِسُ. قَالَ الْخَطِيبُ: هُوَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ قُرْطِ بْنِ هِلالٍ الضَّبِّيُّ. قُلْتُ: كَانَ النَّاسُ يَرْحَلُونَ إِلَيْهِ لِعِلْمِهِ وَإِتْقَانِهِ. قَالَ سُفْيَانُ بن عيينة: قال ابن سلمة: عَجَبًا لِهَذَا الرَّازِيِّ عَرَضْتُ عَلَيْهِ أَنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي الشَّهْرِ صَدَقَةً فَقَالَ: أَيَأْخُذُ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ هَذَا؟ قُلْتُ: لا! قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ، يَعْنِي جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ1. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَمِعْتُ جريرًا يقول: عرضت علي بالكوفة ألفا دِرْهَمٍ يُعْطُونِي مَعَ الْقُرَّاءِ فَأَبَيْتُ، ثُمَّ جِئْتُ الْيَوْمَ أَطْلُبُ مَا عِنْدَهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: طَلَبَ جَرِيرٌ الْحَدِيثَ خَمْسَ سِنِينَ فَقَطْ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ جَرِيرُ ثِقَةً، كَثِيرَ الْعِلْمِ، يُرْحَلُ إِلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ. فَقَالَ رَجُلٌ: ضَيَّعْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: لا، أَمَّا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ فَكَانَ يَرَى الْقَدَرَ، وَأَمَّا جَابِرٌ فكان يؤمن بالرجعة2، وأما ابن جريح فَإِنَّهُ أَوْصَى بَنِيهِ بِسِتِّينَ امْرَأَةً قَالَ: لا تَتَزَوَّجُوا بِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ أُمَّهَاتُكُمْ، وَكَانَ يَرَى الْمُتْعَةَ. قَالَ زُنَيْجٌ: وُجِدَ لِجَرِيرٍ عَنِ الْكُوفِيِّينَ عَشَرَةُ آلافِ حَدِيثٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو عَوَانَةَ يَتَشَابَهَانِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، مَا كَانَا يَصْلُحَانِ إِلا أَنْ يَكُونَا رَاعِيَيْ غَنَمٍ، كَتَبْتُ عَنْهُ بِمَكَّةَ أَنَا وَابْنُ مَهْدِيٍّ. قَالَ ابْنُ شَيْبَةَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ: سمعت أبا الوليد الطيالسي   1 تاريخ بغداد "7/ 253". 2 الرجعة: يعني رجعة علي بن أبي طالب مرة أخرى، وهي من الأفكار الضالة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 51 يَقُولُ: قَدِمْتُ الرَّيَّ وَمَعِي أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ بِعَقِبِ مَوْتِ شُعْبَةَ، فَكَانَ جَرِيرٌ يُجَالِسُنَا، فَسَمِعَنَا نَتَذَاكَرُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حِفْظٌ، فَسَمِعَنِي أَذْكُرُ حَدِيثًا فَقَالَ: أكتبه لِي، فَكَتَبْتُهُ وَحَدَّثْتُهُ بِهِ وَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنَا، فَقَالَ: لَسْتُ أَحْفَظُ وَكُتُبِي غَائِبَةٌ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أُؤْتَى بِهَا، قَدْ كَتَبْتُ فِي ذَلِكَ. فَأَتَتْهُ، فَنَظَرْنَا فِيهَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ: مَا قَالَ لَنَا جَرِيرٌ قَطُّ بِبَغْدَادَ: حَدَّثَنَا. وَقُلْتُ: تَرَاهُ لا يَغْلَطُ مَرَّةً. وَكَانَ رُبَّمَا نَعَسَ فَنَامَ، ثُمَّ يَنْتَبِهُ، فَيَقْرَأُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ. وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ جَرِيرًا تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ قَلِيلا. قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ بِذَلِكَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. وَتَأَكَّدَ الْعُقَيْلِيُّ بِذِكْرِ جَرِيرٍ الضَّبِّيِّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْهَاشِمِيِّ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَامِرٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ لا يَفْصِلُ بَيْنَ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، كَانَ يَكْرَهُ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِخَلَفِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: أَحْمَدُ: اشْتَكَتْ عَيْنُهُ، فَحَلَفَتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ أَنْ لا يَجِيءَ إِلَى جَرِيرٍ مِثْلَ جَرِيرٍ، يُقَالُ لَهُ هَذَا. حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أحمد: سمعتُ أَبِي يقول: لَمْ يَكُنْ جَرِيرٌ الرَّازِيُّ بِالذَّكِيِّ فِي الْحَدِيثِ. قُلْتُ: أَرَوَى عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَشْعَثَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ بَهْزَ، وَقَالَ لَهُ: هَذَا حَدِيثُ عَاصِمٍ، وَهَذَا حَدِيثُ أَشْعَثَ. قَالَ: فَعَرَفَهَا فَحَدَّثَ بِهَا النَّاسَ. قُلْتُ: كَانُوا لا يَكْتُبُونَ عَلَى النُّسْخَةِ طَبَقَةَ سَمَاعٍ، وَلا اسْمَ الشَّيْخِ، فَكَتَبَ جَرِيرٌ عَنْ هَذَا كِتَابًا، وَعَنْ هَذَا كِتَابًا. وَفَاتَهُ أَنْ يُرَقِّمَ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ اسْمَ مَنْ كَتَبَهُ عَنْهُ، وَطَالَ الْعَهْدُ فَاشْتُبِهَ عَلَيْهِ، وَبِكُلِّ حَالٍ هُوَ ثِقَةٌ، نَحْتَجُّ بِهِ فِي كُتُبِ الإِسْلامِ كُلِّهَا. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ بِالرَّيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: جَرِيرٌ أَعْلَمُ بِمَنْصُورٍ مِنْ شَرِيكٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: جَرِيرٌ ثِقَةٌ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ هَاشِمٍ قَالَ: قَدِمَ جَرِيرٌ بَغْدَادَ، فَنَزَلَ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 52 عَلَى بَنِي الْمُسَيِّبِ الضَّبِّيِّ، فَلَمَّا عَبَرَ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ جَاءَ الْمَدُّ، فَقُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: تَعْبُرُ؟ قَالَ: أُمِّي لا تَدَعُنِي، فَعَبَرْتُ أَنَا، فَلَزِمْتُهُ، وَكَتَبْتُ عَنْهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ حَدِيثٍ، وَكَتَبْتُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى مَكَّةَ. وقال يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ: مَاتَ جَرِيرٌ لِيَوْمٍ خَلا مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ1. 43- جَعْفَرٌ البرمكي2: الوزير جعفر بن يحيى بْنِ بَرْمَكَ، أَبُو الْفَضْلِ، أَصْلُهُ مِنَ الْفُرْسِ، كَانَ مَلِيحًا، جَمِيلا، لَسِنًا، بَلِيغًا، عَالِمًا، أَدِيبًا، يُضْرَبُ بِجُودِهِ الْمَثَلُ، وَكَانَ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، غَارِقًا فِي بَحْرِ اللَّذَّاتِ وَالْمَعَاصِي. تَمَكَّنَ مِنَ الرشيد، وبلغ من الجاه والرفعة ما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وَوَلِيَ هُوَ وَأَبُوهُ وَإِخْوَتُهُ الأَعْمَالَ الْجَلِيلَةَ، وَكَثُرَتْ عَلَيْهِمُ الأَمْوَالُ. وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ مِنْ أَخْبَارِهِ، وَأَنَّهُ قُتِلَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ، وَقَدْ وُلِّيَ نِيَابَةَ الْمُلْكِ عَلَى دِمَشْقَ، فَقَدِمَهَا فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَمِنْ أَلْفَاظِهِ: قَالَ مَرَّةً لِلرَّشِيدِ: إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَيْكَ، فَأَعْطِ، فَإِنَّهَا لا تَفْنَى، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَأَعْطِ، فَإِنَّهَا لا تَبْقَى. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: هَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بِالشَّامِ وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ، وَاغْتَمَّ الرَّشِيدُ، فَعَقَدَ وَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ أَنْتَ أَوْ أَخْرُجَ أَنَا. فَسَارَ إِلَيْهِمْ جَعْفَرٌ، فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، وَقَتَلَ فِيهِمْ، وَلَمْ يَدَعْ لَهُمْ رُمْحًا وَلا قَوْسًا، فَهَمَدَ الأَمْرُ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى دِمَشْقَ عِيسَى بْنَ الْعَكِّيِّ، وَانْصَرَفَ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ جَعْفَرٌ عِنْدَ الرَّشِيدِ بِحَالَةٍ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا أَحَدٌ، وَجُودُهُ وَسَخَاؤُهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ، وَكَانَ مِنْ ذَوِي اللِّسَانِ وَالْبَلاغَةِ. يُقَالُ: إِنَّهُ وَقَّعَ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ زِيَادَةً عَلَى أَلْفِ تَوْقِيعٍ، ونظر في جميعها، فلم يخرج شيئًا منها عن موجب الفقه.   1 تاريخ بغداد: "2/ 506". 2 وفيات الأعيان "1/ 328-346"، والسير "8/ 27-35". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 53 وَكَانَ أَبُوهُ يَحْيَى قَدْ ضَمَّهُ إِلَى أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي حَتَّى عَلَّمَهُ وَفَقَّهَهُ. وَعَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَشْرَسَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَبْلَغَ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، وَالْمَأْمُونِ. قِيلَ: اعْتَذَرَ رَجُلٌ إِلَى جَعْفَرٍ فَقَالَ: قَدْ أَغْنَاكَ اللَّهُ بِالْعُذْرِ منا من الاعْتِذَارِ إِلَيْنَا، وَأَغْنَانَا بِالْمَوَدَّةِ لَكَ عَنْ سُوءِ الظَّنِّ بِكَ1. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَهْمَانَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كَانَ أَبُو عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيُّ صاحب الْغَرِيبِ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، فَقَالَ، وَقَدْ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ خُنْفِسَاءُ: أَلَيْسَ يُقَالُ إِنَّ الْخُنْفِسَاءَ إِذَا أَقْبَلَتْ إِلَى رَجُلٍ أَصَابَ خَيْرًا؟ قَالُوا: بَلَى. فَقَالَ: يَا غُلامُ أَعْطِهِ أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَعْطَاهُ وَنَحَّوْهَا عَنْهُ2. قَالَ: فَعَادَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا غُلامُ أَعْطِهِ أَلْفًا أُخْرَى. قَالَ جَحْظَةُ: حَدَّثَنِي الرَّشِيدِيُّ: حَدَّثَنِي مُهَذَّبٌ حَاجِبُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّ الْعَبَّاسَ نَالَتْهُ إِضَاقَةٌ، وَكَثُرَ الْغُرَمَاءُ، فَأَخْرَجَ سِفْطًا فِيهِ جَوْهَرٌ شراه ألف أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَحَمَلَهُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، والتقاه جعفر فقال: أريد على هذا خَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ حَتَّى تَأْتِيَ الْغَلَّةُ. فَقَالَ: أَفْعَلُ، ورفع السفط. فما رَجَعَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَجَدَ السِّفْطَ3 قَدْ سَبَقَهُ، وَمَعَهُ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ مِنَ الْغَدِ دَخَلَ جَعْفَرٌ إِلَى الرَّشِيدِ فَكَلَّمَهُ فِيهِ، فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ. قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ: نا أَبُو يَعْقُوبَ النَّخَعِيُّ، نا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ كَاتِبُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمَأْمُونِ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَجَّ الرَّشِيدُ وَمَعَهُ جَعْفَرٌ، وَأَنَا مَعَهُمْ، فَلَمَّا حَضَرْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ لِي جَعْفَرٌ: أُحِبّ أَنْ تَنْظُرَ لِي جَارِيَةً لا يَكُونُ مِثْلُهَا فِي الْغِنَاءِ وَالظُّرْفِ. فَأُرْشِدْتُ إِلَى جَارِيَةٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا، وَغَنَّتْ فَأَجَادَتْ، وَقَالَ لِي صَاحِبُهَا: لا أَبِيعُهَا بِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ. قلت: قَدْ أَخَذْتُهَا، وَأَشْتَرِطُ عَلَيْكَ نَظْرَةً. قَالَ: لَكَ ذَلِكَ. فَأَتَيْتُ جَعْفَرًا وَقُلْتُ: أَصَبْتُ صَاحِبَتَكَ عَلَى غاية الكمال، فاحمل المال، فحملنا   1 السير: "8/ 29". 2 السابق. 3 السفط: الصندوق. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 54 الْمَالَ عَلَى حَمَّالِينَ، وَجَاءَ جَعْفَرٌ مُسْتَخْفِيًا، فَدَخَلْنَا عَلَى الرَّجُلِ وَأَخْرَجَهَا، فَلَمَّا رَآهَا جَعْفَرٌ أُعْجِبَ بِهَا، فَغَنَّتْ، فَازْدَادَ بِهَا عَجَبًا وَقَالَ: افْصِلْ فِي أَمْرِهَا. فَقُلْتُ: لِمَوْلاهَا خُذِ الْمَالَ. فَقَالَتِ الجارية: يا مولاي أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ عَرَفْتِ مَا كُنَّا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ، وَقَدْ نَقَصْتِ عَنْ ذَلِكَ، فَقَدَّرْتُ أَنْ تَصِيرِي إِلَى هَذَا الْمُلْكِ، فَتَنْبَسِطِي فِي شَهَوَاتِكِ. فَقَالَتْ: لَوْ مَلَكْتُ مِنْكَ مَا مَلَكْتَ مِنِّي مَا بِعْتُكَ بِالدُّنْيَا، فَاذْكُرِ الْعَهْدَ. وَقَدْ كَانَ حَلَفَ أَنْ لا يَأْكُلَ لَهَا ثَمَنًا، فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنُ الرَّجُلِ بِالدُّمُوعِ وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّهَا حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَأَنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُهَا وَأَمْهَرْتُهَا دَارِي. فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى: انْهَضْ بِنَا. فَدَعَوْتُ الْحَمَّالِينَ لِيَحْمِلُوا الذَّهَبَ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: وَاللَّهِ لا يَصْحَبُنَا مِنْهُ دِرْهَمٌ. وَقَالَ لِمَوْلاهَا: أَنْفِقْهُ عَلَيْكُمَا1. وَقِيلَ: لَمَّا نُكِبَ الْبَرَامِكَةُ وُجِدَ فِي خَزَائِنِ جَعْفَرٍ جَرَّةٌ فِيهَا أَلْفُ دِينَارٍ فِي الدِّينَارِ مِائَةُ دِينَارٍ سِكَّتَهُ. وَأَصْفرٌ من ضرب دار الملو ... ك يَلُوحُ عَلَى وَجْهِهِ جَعْفَرُ يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَاحِدًا ... مَتَى يُعْطَهُ مُعْسِرٌ يُوسِرُ مُثَنَّى بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُؤَدِّبُ الْبَرَامِكَةِ قَالَ: أَمَرَ جَعْفَرٌ أَنْ يُضْرَبَ لَهُ دَنَانِيرُ، زِنَةُ الدِّينَارِ ثَلاثُمِائَةِ مِثْقَالٍ، وَيُصَوَّرَ عَلَيْهِ صُورَتُهُ، وَهُوَ مُرَادُ أَبِي الْعَتَاهِيَةِ بِقَوْلِهِ: يَلُوحُ عَلَى وَجْهِهِ جَعْفَرُ قَالَ صاحب "الأَغَانِي": أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ الرَّبِيعِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: شَهِدْتُ أَبِي وَهُوَ يُحَدِّثُ جَدِّي يَحْيَى، وَأَنَا صَغِيرٌ، عَنْ بَعْضِ خَلَوَاتِهِ مَعَ الرَّشِيدِ فَقَالَ: يَا أَبَهْ، أَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِيَدِي، ثُمَّ أَقْبَلَ فِي الْحُجَرِ يَخْتَرِقُهَا، حَتَّى انْتَهَى إِلَى حُجْرَةٍ فَفُتِحَتْ لَهُ، وَرَجَعَ مَنْ كَانَ مَعَنَا، ثُمَّ صِرْنَا إِلَى حُجْرَةٍ، فَفَتَحَهَا بِيَدِهِ، ودخلنا معًا، وأغلقها من داخل، ثُمَّ صِرْنَا إِلَى رِوَاقٍ، وَفِي صَدْرِهِ مَجْلِسٌ مُغْلَقٌ، فَقَعَدَ عَلَى بَابِهِ وَنَقَرَهُ، فَسَمِعْنَا حِسًّا، ثُمَّ نَقَرَ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ عُودٍ، فَغَنَّتْ جَارِيَةٌ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ مِثْلَهَا فِي حُسْنِ الْغِنَاءِ، فَقَالَ لَهَا: غَنِّي صَوْتِي، فَغَنَّتْ:   1 تاريخ بغداد "7/ 154، 155". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 55 وَمُحَبَّبٌ شَهِدَ الرِّفَاقُ مَقْتَلَهُ ... غَنَّى الْجَوَارِي حَاسِرًا وَمُنَقَّبَا لَبِسَ الدَّلالَ وَقَامَ يَنْقُرُ دُفَّهُ ... نَقْرًا أَقَرَّ بِهِ الْعُيُونَ وَأَطْرَبَا إِنَّ النِّسَاءَ رَأَيْنَهُ فَعَشِقْنَهُ ... وَشَكَوْنَ شِدَّةَ مَا بِهِنَّ فَكَذَّبَا1 فَطَرِبْتُ وَاللَّهِ، ثُمَّ غَنَّتْ فَرَقَصْنَا مَعًا، ثُمَّ قَالَ لِي: انْهَضْ بِنَا. فَلَمَّا صِرْنَا فِي الدِّهْلِيزِ، قَالَ: أَتَعْرِفُ هَذِهِ؟ قُلْتُ: لا! قَالَ: هِيَ عُلَيَّةُ بِنْتُ الْمَهْدِيِّ، وَاللَّهِ لَئِنْ لَغَطْتَ بِهِ لأَقْتُلَنَّكَ. فَقَالَ لَهُ جَدِّي: وَقَدْ وَاللَّهِ لَغَطْتَ به، والله ليقتلنك. قيل: أنشدت جَعْفَرًا امْرَأَةٌ كِلابِيَّةٌ: إِنِّي مَرَرْتُ عَلَى الْعَقِيقِ وَأَهْلُهُ ... يَشْكُونَ مِنْ مَطَرِ الرَّبِيعِ نُزُورَا مَا ضَرَّهُمْ إِذْ مَرَّ فِيهِمْ جَعْفَرٌ ... أَنْ لا يَكُونَ رَبِيعُهُمْ مَمْطُورَا1 وَرَوَى الإِسْكَافِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيِّ قَالَ: قَالَ لِي الرَّشِيدُ بَعْدَ قَتْلِ جَعْفَرٍ وَصَلْبِهِ: اخْرُجْ بِنَا نَنْظُرْ إِلَيْهِ. فَلَمَّا عَايَنَهُ أَنْشَأَ يَقُولُ: تَقَاضَاكَ دَهْرُكَ مَا أَسْلَفَا ... وَكَدَّرَ عَيْشَكَ بَعْدَ الصَّفَا وَلا تَعْجَبَنَّ فَإِنَّ الزَّمَانَ ... رَهِينٌ بِتَفْرِيقِ مَا أَلَّفَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثِقَةٌ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَتْلُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ حَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ قَدْ كَفَانِي مَئُونَةَ الدُّنْيَا، فَاكْفِهِ مَئُونَةَ الآخِرَةِ3. ابْنُ الْمَرْزُبَانِيِّ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَلَدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صُلِبَ جَعْفَرٌ وَقَفَ الرَّقَاشِيُّ الشَّاعِرُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا خَوْفُ وَاشٍ ... وَعَيْنٌ لِلْخَلِيفَةِ لا تَنَامُ لَطُفْنَا حَوْلَ جِذْعِكَ وَاسْتَلَمْنَا ... كَمَا لِلنَّاسِ بالحجر استلام   1 السير "8/ 30". 2 وفيات الأعيان "1/ 329". 3 تاريخ بغداد "7/ 160". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 56 فما أبصرت قبلك يابن يَحْيَى ... حُسَامًا فَلَّهُ السَّيْفُ الْحُسَامُ عَلَى اللَّذَّاتِ وَالدُّنْيَا جَمِيعًا ... لِدَوْلَةِ آلِ بَرْمَكٍ السَّلامُ1 فَطَلَبَهُ الرَّشِيدُ، فَأُحْضِرَ، فَقَالَ: كَمْ كَانَ يُعْطِيكَ جَعْفَرٌ؟ قَالَ: فِي السَّنَةِ أَلْفُ دِينَارٍ. فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ. وَقَالَ الْكَوْكَبِيّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَجْهُ الْهِرَّةِ: حَدَّثَنِي غَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِيِّ صاحب صَلاةِ الْكُوفَةِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّي يَوْمَ النَّحْرِ، وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ بَرْزَةٌ جَلْدَةٌ فِي أَثْوَابٍ رَثَّةٍ، فَقَالَتْ لِي: أَتَعْرِفُ هَذِهِ؟ قُلْتُ: هَذِهِ عَبَّادَةُ أُمُّ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا وَرَحَّبْتُ بِهَا، وَقُلْتُ: فُلانَةُ حَدِّثِينَا بِبَعْضِ أُمُورِكُمْ. قَالَتْ: أَذْكُرُ لَكَ جُمْلَةً فِيهَا عِبْرَةٌ، لَقَدْ هَجَمَ عليَّ مِثْلُ هَذَا الْعِيدِ، وَعَلَى رَأْسِي أَرْبَعُمِائَةِ جَارِيَةٍ، وَأَنَا أَزْعُمُ أَنَّ جَعْفَرًا عَاقٌّ لِي، وَقَدْ أَتَيْتُكُمْ يُقَنِّعُنِي جِلْدُ شَاتَيْنِ، أَجْعَلُ أَحَدَهُمَا شِعَارًا، وَالآخَرَ دِثَارًا2. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ: وُلِدْتُ يَوْمَ قُتِلَ جَعْفَرٌ الْبَرْمَكِيُّ، وَهُوَ أَوَّلُ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَعَاشَ سَبْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَخْبَارِهِ فِي حَوَادِثِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَسَامَحَهُ. 44- جَرْوَلُ بْنُ حِنْفَلٍ، وَقِيلَ ابْنُ حِيفَلٍ النُّمَيْرِيُّ3: أَبُو تَوْبَةَ الْحَرَّانِيُّ الْمُعَلَّمُ. عَنْ: خُلَيْدِ بْنِ دَعْلَجٍ، وَعُمَرَ بْنِ قَيْسِ سَنْدَلَ، وَالنَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، وَابْنِ لَهِيعَةَ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا، وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَادِيسِيُّ، وعدة.   1 تاريخ بغداد "7/ 158". 2 السابق "7/ 156، 157". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 551"، والميزان "1/ 391". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 57 قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال ابْنُ الْمَدِينِيِّ: رَوَى أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً. 45- جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ، أَبُو بَكْرٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ1: عَنْ: رَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِي هَالَةَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، وَعَنْ: دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَمُجَالِدٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَاسِقٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ خَبَرُهُ فِي الصِّفَةِ مَوْضُوعًا. قُلْتُ: رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الشَّمَائِلِ. 46- جُنَادَةُ بْنُ سَلْمِ بْنِ خَالِدِ بْنِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيُّ أَبُو الْحَكَمِ الْكُوفِيُّ، وَالِدُ أَبِي السَّائِبِ سَلْمِ بْنِ جُنَادَةَ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ. وَعَنْهُ: وَلَدُهُ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَنُوحُ بْنُ حَبِيبٍ. ضعفه أَبُو زُرْعَةَ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ". وَأَبُو زُرْعَةَ أَعْرَفُ. 47- جُنَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ الْحَجَّامُ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أبي أسامة الحجام، ومختار بن صبيح.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 532"، والميزان "1/ 421". 2 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "329"، "344"، في الشمائل، والبغوي "3705" في شرح السنة، وفيه مجهولان، وسفيان بن وكيع متكلم فيه، وابن عمير من الضعفاء. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 58 وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالأَشَجُّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. "حرف الْحَاءِ": 48- حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ1 ع: الْحَافِظُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الْمَدَانِ، وَأَصْلُهُ كُوفِيٌّ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَخَيْثَمِ بْنِ عِرَاكٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مَزْرَدٍ، وَعِمْرَانَ الْقَصِيرِ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَقُتَيْبَةُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدَّرَاوَرْدِيِّ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: ثِقَةٌ. يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ، وَالثَّانِي أَصَحُّ، فَإِنَّ ابْنَ حِبَّانَ قَالَ: مَاتَ فِي تَاسِعِ جُمَادَى الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 49- حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، أَبُو صَالِحٍ السَّعْدِيُّ2 خ. م. ن. ت: شَيْخٌ بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ صَالِحٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بأس به.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 258"، والسير "8/ 455". 2 الجرح والتعديل "3/ 260"، والتهذيب "2/ 131". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 59 50- الْحَارِثُ بْنُ عَبِيدَةَ، أَبُو وَهْبٍ الْمِصْرِيُّ1: يُقَالُ: هُوَ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرَةَ الْكَلاعِيُّ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالْمِصْرِيِّينَ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 51- الْحَارِثُ بْنُ مُوسَى الطَّائِيُّ الْبَصْرِيُّ2: شَيْخٌ مُعَمَّرٌ، رَوَى عَنْ: حَبِيبٍ الْعَجَمِيِّ. وَعَنْهُ: مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. 52- الْحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ الرَّاسِبِيّ3 د. ت. ق: لَهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ بِحَدِيثِ "تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ". وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 53- حَبِيبُ بْنُ خَالِدٍ الأَسَدِيُّ الْكَاهِلِيُّ الْكُوفِيُّ4: عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشْكَدَانَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَغَيْرُهُ. أَنْكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَلَيْهِ حَدِيثًا، وَقَالَ: هُوَ صَالِحٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.   1 الجرح والتعديل "3/ 81، 82"، والميزان "1/ 438". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 88". 3 الجرح والتعديل "3/ 92"، والتهذيب "2/ 162". 4 الجرح والتعديل "3/ 99، 100"، والميزان "1/ 454". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 60 وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: حَبِيبٌ الْمَالِكِيُّ كُوفِيٌّ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ بْنِ بَشِيرٍ يَذْكُرُ عَنْ نَوْفَلٍ قَالَ: كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: حَبِيبٌ الْمَالِكِيُّ، كَانَ لَهُ صِحَّةٌ وَفَضْلٌ، وَذُكِرَ لابْنِ الْمُبَارَكِ فَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقُلْتُ عِنْدَهُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ حُذَيْفَةَ عَنِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ: إِنَّهُ لَحَسَنٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُخْرَجَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالسَّيْفِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ وإنه، فأبى، فلما أكثرت عَلَيْهِ فِي شَأْنِهِ قَالَ: عَافَاهُ اللَّهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلا فِي هَذَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ كُنَّا نَسْتَحْسِنُهُ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَكُنْ صاحب حَدِيثٍ، وَلَيْسَ بالقوي. 54- حُبيب -مصغرًا- ابْنُ حَبِيبٍ الْكُوفِيُّ1: أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتُ، يَرْوِي عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ. وَرَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ التَّغْلِبِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَخُوهُ أَبُو بَكْرٍ. وهَّاه أَبُو زُرْعَةَ. 55- حُجْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْغَسَّانِيُّ، أَبُو خَلَفٍ الرَّمْلِيُّ2: عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الْقَارِئِ. وَعَنْهُ: أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَآخَرُونَ. وَلَمْ يُضَعَّفْ. 56- حَجْوَةُ بْنُ مُدْرِكٍ الْغَسَّانِيُّ3: شَيْخٌ كُوفِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ، كَانَ مِنَ الشُّعَرَاءِ الْمُحْسِنِينَ.   1 الجرح والتعديل "3/ 309". 2 الجرح والتعديل "3/ 267"، والثقات لابن حبان "8/ 212". 3 الجرح والتعديل "3/ 319". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 61 رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد. وعنه: عيسى غنجار، وأبو الجماهر محمد بن عثمان، وهشام بن عمار، والحكم بن موسى القنطري. قال أبو حاتم: محله الصدق. 57- حرب بن ميمون1: صاحب الأغمية. هو الصالح الزاهد أبو عبد الرحمن العبدي البصري. روى عن: عوف الأعرابي، وخالد الْحَذَّاءِ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَالْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ، وغيرهم. وعنه: حميد بْنُ مَسْعَدَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَالصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِهِ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ الْفَلاسُ وَغَيْرُهُ: حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الأَصْغَرُ، ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَحَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الأَكْبَرُ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: الأَكْبَرُ تَقَدَّمَ، رَوَى عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالَّذِي لا شَكَّ فِيهِ وَلا مِرْيَةَ أَنَّهُمَا رَجُلانِ. قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ الأَزْدِيُّ: هَذَا مِمَّا وَهِمَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ، أَوَّلُ مَنْ نَبَّهَنِي عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَخَلَطَهُمَا ابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا، فَوَهِمَ. وَكَوْنُهُمَا اثْنَيْنِ أَوْضَحُ شَيْءٍ، لِأَنَّ الأَكْبَرَ مِنْ أَصْحَابِ عَطَاءٍ، وَالثَّانِي مِنْ أَصْحَابِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَذَوِيهِ، وَلِأَنَّ الأَكْبَرَ يُكْنَى أَبَا الْخَطَّابِ مَوْلَى النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ الأَنْصَارِيِّ، وَهَذَا يُخَالِفُهُ فِي كُنْيَتِهِ وَفِي نِسْبَتِهِ. 58- حِزَامُ بْنُ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الأَشْعَرِ الْخُزَاعِيُّ القُريري2: وَفَدَ مَعَ أَبِيهِ على عمر بن عبد العزيز.   1 الجرح والتعديل "3/ 251"، والسير"7/ 193". 2 الجرح والتعديل "3/ 298"، والثقات لابن حبان "6/ 247". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 62 وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبِيهِ، وَأَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَآخَرُونَ. وَبَقِيَ إِلَى قَرِيبِ الثَّمَانِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: هُوَ رَاوِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ. 59- حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيّ1 خ. م. د: الْفَقِيهُ، أَبُو هِشَامٍ، قَاضِي كِرْمَانَ. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَيُونُسَ الأَيْلِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الأَزْرَقُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَخَلْقٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، لا بَأْسَ بِهِ. وَاسْتَنْكَرَ لَهُ أَحْمَدُ غَيْرَ حَدِيثٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ. وَذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي "الضُّعَفَاءِ" فَقَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَ أَبِي بِحَدِيثٍ لِحَسَّانِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أُمِّهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: "السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ" 2. وَقَالَ أَبِي: مَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، هَذَا مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ. وَذَكَرْتُ لِأَبِي، عَنْ حَسَّانٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الكوفي: سمعت العلاء، سمع مكحولا،   1 الجرح والتعديل "3/ 238"، والسير "9/ 40-42". 2 حديث حسن لغيره: وأخرجه الترمذي "313"، والعقيلي "1/ 255" في الضعفاء الكبير. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 63 عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَوَاثِلَةَ، كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ "إِذَا قَامَ فِي الصَّلاةِ لَمْ يَلْتَفِتْ، وَرَمَى بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ"، فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: اضْرِبْ عَلَيْهِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 60- حَسَّانُ بْنُ سِيَاهٍ الْبَصْرِيُّ الأَزْرَقُ1: عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لُوَيْنُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ، وَقَاسِمُ بْنُ زَيْدٍ الْكِلابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْجُرَشِيُّ، وَآخَرُونَ. لَهُ مَنَاكِيرُ سَاقَهَا ابْنُ عَدِيٍّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا. 61- الْحَسَنُ بْنُ ثَابِتٍ التَّغْلَبِيُّ، أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ الأَحْوَلُ2: عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُزَنِيِّ، وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ قَرِينُهُ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَهَارُونُ بْنُ فُلانٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. وَثَّقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. 62- الْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ بْنِ شَبِيبٍ الطَّائِيُّ3. مِنْ أَكْبَرِ قُوَّادِ الرَّشِيدِ، وَأَبُوهُ هُوَ الَّذِي انْتُدِبَ لِأَخْذِ الْعِرَاقِ مِنْ جُيُوشِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَغَرِقَ وَقَامَ بِالأَمْرِ بَعْدَهُ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ كَبِيرَ الدَّوْلَةِ فِي وَقْتِهِ. مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ مِنْ رِجَالاتِ النَّاسِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ حَدِيثٌ، يرويه عن أبي جعفر المنصور.   1 الميزان: 1/ 478". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 3، 4"، والميزان "1/ 481". 3 انظر: وفيات الأعيان "6/ 314"، شذرات الذهب "1/ 255، 256". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 64 قُلْتُ: لَكِنَّهُ مَوْضُوعٌ؛ وَآخُذُهُ مِمَّنْ بَعْدَ ابْنِ قَحْطَبَةَ1. وَرَّخَهُ نِفْطَوَيْهِ. 63- الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الأَصَمُّ2: لَهُ حَدِيثٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، رَوَاهُ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: خَبَرُهُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ، وَهُوَ كُوفِيٌّ تَرَكَ بَغْدَادَ. 64- الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ طَهْمَانَ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَبُو سَعِيدٍ3: وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَزَّةَ الدَّبَّاغُ، سَكَنَ الرَّيَّ. وَرَوَى عَنْ: هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، لَيْسَ بِذَاكَ، مُضْطَرِبٌ، وَبِالْبَصْرَةِ لا يَعْرِفُونَهُ لِأَنَّهُ مَاتَ قَدِيمًا. 65- الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، أَبُو عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ الْبَرَّادُ4: عَنِ: الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَأَبِي مَوْدُودٍ، وَوَالِدِه. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حميد، وإسحاق بن موسى.   1 حديث منكر: وأخرجه الخطيب "7/ 403، 404" في تاريخ بغداد. 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 43"، والميزان "1/ 526". 3 الجرح والتعديل "3/ 7، 8"، الميزان "1/ 486". 4 الجرح والتعديل "3/ 20". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 65 66- الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَسَارِ بْنِ مَالِكٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ1 خ. م. ن. عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَبُنْدَارٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ. وآخر من حدث عنه الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 67- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب2 ق. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ، ثُمَّ الْكُوفِيُّ الزَّيْدِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ أبي جعفر الباقر، وابن عمه جعفر الصادق، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر، وغيرهم. وعنه: نعيم بن حماد، وأبو مصعب الزهري، وعباد الرواجني، وإسحاق بن موسى الخطمي، وأبو عبيد الله سعيد المخزومي. قال ابن عدي: وَجَدْتُ فِي بَعْضِ حديثه بعض النُّكْرَةَ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ. قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى حُدُودِ التِّسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ بَقِيَّةَ أَهْلِ بَيْتِهِ. 68- الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ3: أَخُو سُلَيْمٍ الْقَارِئِ. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، وَمَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ. وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، لَهُ مَنَاكِيرُ.   1 الجرح والتعديل "3/ 48"، التهذيب "2/ 335". 2 الجرح والتعديل "3/ 53"، والميزان "1/ 535"، والتهذيب "2/ 339". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 60"، التهذيب "2/ 364". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 66 69- حُصَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَزَارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1: عَنْ: مَكْحُولٍ، وَعُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ، وَعَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَهِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، وَغَيْرُهُمَا. مَا أَظُنُّ بِهِ بَأْسًا. 70- حُصَيْنُ بْنُ عُمَرَ الأَحْمَسِيُّ الْكُوفِيُّ، أَبُو عُمَرَ2 ت: عَنْ: أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، وَمُخَارِقٍ الأَحْمَسِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خلف القطيعي، ومحمد بن مقاتل المروزي، ومجاب بْنُ الْحَارِثِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكُ الحديث. وقال ابن عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مَعَاضِيلُ. وَرَمَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْكَذِبِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَدِمَ بَغْدَادَ سَائِلا يَسْأَلُ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ: "مَنْ غَشَّ الْعَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي". 71- حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ، أَبُو مُحْصَنٍ الضَّرِيرُ3 خ. د. ت. ن: كُوفِيُّ الأَصْلِ. عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، وَسُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ. وَعَنْهُ: حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ، وَمُسَدَّدٌ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زرعة، وقال أبو حاتم: صالح.   1 الجرح والتعديل "3/ 190". 2 الجرح والتعديل "3/ 194"، والتهذيب "2/ 385". 3 الجرح والتعديل "3/ 197، 198"، والتهذيب "2/ 391". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 67 72- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ1: قَاضِي عَمَّانَ. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَحْيَى، وَالأَوْزَاعِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَحْمَدُ، وَحَفِيدُهُ السَّائِبُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ، وَالْهَيْثَمُ بن خارجة، وهشام بْن عمّار، وسُليمان ابن بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. صَالِحُ الْحَدِيثِ. 73- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْعَطَّافِ الْمَدَنِيُّ2 ق: مَوْلَى بَنِي سَهْمٍ. عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبي أُوَيْسٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، وَأَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَاتَّهَمَهُ يَحْيَى بِالْكَذِبِ. 74- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ التَّمِيمِيُّ الْمُجَاشِعِيُّ3، مَوْلاهُمُ: الْكُوفِيُّ الْمُؤَدِّبُ. عَنْ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْر، وأبو سعيد الأشج. قال أبو حاتم: صالح الحديث، ليس به بأس.   1 الجرح والتعديل: "3/ 197، 198". 2 الجرح والتعديل "3/ 177"، والتهذيب "2/ 409". 3 الجرح والتعديل "3/ 179". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 68 75- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ1: قَاضِي حَلَبَ. عَنْ: الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ، وَعُبَيْدُ بْنُ جُنَادَةَ، وَدَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَآخَرُونَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ. 76- حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، أَبُو عُمَرَ الْعُقَيْلِيُّ الصَّنْعَانِيّ2 خ. م. ن. ق: نَزِيلُ عَسْقَلانَ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. وَعَنْهُ: آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَرَوَى عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وكان من الصلحاء الأتقياء، له مَوَاعِظُ. مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 77- حَفْصُ بْنُ النَّضْرِ السُّلَمِيُّ3: شَيْخٌ بَصْرِيٌّ لَهُ عَنْ: أُمِّهِ رَمْلَةَ، وَعَامِرِ بْنِ خَارِجَةَ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ.   1 الجرح والتعديل "3/ 179، 180" والميزان "1/ 563". 2 الجرح والتعديل "3/ 187"، والسير "8/ 205". 3 الجرح والتعديل "3/ 188"، والميزان "1/ 569". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 69 78- حكام بن سلم الكناني الرازي1 م. أبو عبد الرحمن. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَمَاتَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْوَقْفَةِ. سَمِعَ: إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ، وَحُمَيْدَ الطَّوِيلَ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعِدَّةً. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَالْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَزَنِّيجُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ الرَّازِيُّونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الرِّجَالِ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. 79- الْحَكَمُ بْنُ سِنَانٍ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ الْقِرَبِيُّ2: عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، ضَعَّفُوهُ لِكَثْرَةِ وَهْمِهِ. رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَتَفَرَّدُ عَنِ الثِّقَاتِ بِالْمَوْضُوعَاتِ، لا يُشْتَغَلُ بِهِ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. يَرْوِي عَنْ: دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. 80- الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيّ3 ن. ق. نَزِيلُ دِمَشْقَ. عَنْ: قَتَادَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وطبقتهم.   1 الجرح والتعديل "3/ 318"، والسير"9/ 88". 2 الجرح والتعديل "3/ 117"، والتهذيب "2/ 426". 3 الجرح والتعديل "3/ 130"، التهذيب "2/ 443". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 70 وَعَنْهُ: الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَطَائِفَةٌ. قَدْ ذُكِرَ. 81- الْحَكَمُ بْنُ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ المحاربي1. كوفي نزل دِمَشْقَ، وَرَوَى عَنْ: مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْمِصْرِيِّ. وَعَنْهُ: مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 82- حكيم بن خدام الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ2: عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَالأَعْمَشِ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُزَيْعٍ، وَلُوَيْنُ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ. كُنْيَتُهُ: أَبُو سَمِيرٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيثٌ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 83- حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ الْحِمَّانِيُّ الْكُوفِيُّ3: يُكَنَّى أَبَا شُعَيْبِ بْنَ أَبِي زِيَادٍ. قَدْ ذُكِرَ فِي الطَّبَقَةِ السَّالِفَةِ، ثُمَّ وَجَدْتُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ. قَرَأَ عَلَيْهِ: يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُلَيْمِيُّ. 84- حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَلْبِيُّ الظَّامِئُ4 ق:   1 الجرح والتعديل "3/ 130"، والميزان "1/ 583". 2 الجرح والتعديل "3/ 202"، والميزان "1/ 585". 3 الجرح والتعديل "3/ 142"، والميزان "1/ 596". 4 الجرح والتعديل "3/ 143"، والميزان "1/ 597". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 71 عَنْ: إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: رَوَى أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ. 85- حَمَّادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيُّ النَّصِيبِيُّ1: عَنْ: زَيْدِ بْنِ رُفَيْعٍ، وَالأَعْمَشِ، وَالثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ: الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. ضَعَّفَهُ عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: يَكْذِبُ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَسَيُعَادُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ. 86- حَمَّادُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ2: كُوفِيٌّ، عَنْ: سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ. وعنه: الحسين بن علي الصدائي، والحسن بن عرفة. قال أبو حاتم: شيخ. 87- حميد بن الأسود الكرابيسي البصري3 ع. خ. ق. ن: عَنْ: حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَحُسَيْنِ الْمُعَلَّمِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: حَفِيدُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبي الأسود، ومسدد، وعلي بن المديني،   1 الجرح والتعديل "3/ 144"، الميزان "1/ 598". 2 لم نقف عليه. 3 الجرح والتعديل "3/ 218"، التهذيب "3/ 36". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 72 وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَالْجَهْضَمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَكَانَ عَفَّانُ يَحْمِلُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَنْكَرَ مَا يَجِيءُ بِهِ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ. 88- حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، أبو عَوْفٍ الرُّؤَاسِيُّ الْكُوفِيُّ1 ع: أَحَدُ الأَثْبَاتِ. عَنْ: أَبِيهِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الأَثْرَمُ: أَثْنَى عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَوَصَفَهُ بِخَيْرٍ. وَرَوَى الْكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَهُوَ ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قَلَّ مَنْ رَأَيْتُ مِثْلَهُ. قِيلَ: تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 89- حَنْظَلَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيُّ2: عَنْ: أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيةَ، وَأَبِي حَزْرَةَ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ كَاسِبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْحَمَّالُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 90- حَيَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو جَبَلَةَ الدارمي، قيل المازني3.   1 الجرح والتعديل "3/ 225"، التهذيب "3/ 44". 2 الجرح والتعديل "3/ 242"، التهذيب "3/ 63". 3 الجرح والتعديل "3/ 247"، الميزان "1/ 622". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 73 شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. عَنْ: قَتَادَةَ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاس، وَبُنْدَارٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَذَّابٌ. "حرف الْخَاءِ": 91- خالد بن الحارث بن عبيد الهجيمي التميمي الْبَصْرِيُّ1: الْحَافِظُ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ. رَوَى عَنْ: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وابن أبي عَرُوبَةَ، وَابْنِ عَجْلانَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَالْفَلاسُ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَخَلْقٌ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ شُعْبَةُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ بِالْبَصْرَةِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إِمَامٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُثَنَّى يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ بِالْبَصْرَةِ مِثْلَ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، وَلا بِالْكُوفَةِ مثل عبد الله بن إدريس. وقال يحيى الْقَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا خَيْرًا مِنْ سُفْيَانَ وَخَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ خَالِدٌ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ بِالاتِّفَاقِ، وَعَاشَ سِتًّا وَسِتِّينَ سَنَةً. 92- خَالِدُ بْنُ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأموي2 أخو إسحاق بن سعيد.   1 الجرح والتعديل "3/ 325"، السير "9/ 126-128". 2 الجرح والتعديل "3/ 234"، التهذيب "3/ 95". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 74 عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشْكَدَانَةُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَغَيْرُهُمْ. 93- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ الْمُزَنِيُّ1 ع: وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، حَكَاهُ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، فَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، وَيَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ. وَهُوَ: خَالِدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يزيد أَبُو الْهَيْثَمِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، مَوْلاهُمُ الْوَاسِطِيُّ الْحَافِظُ. يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ مَوَالِي صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ. رَوَى عَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَأَبِي بِشْرٍ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَخَلْقٍ مِنْ طَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَمُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، وَوَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، وَإِسْحَاقُ بن شاهين، وخلْق. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ أَبِي: كَانَ خَالِدٌ الطَّحَّانُ ثِقَةً صَالِحًا مِنْ أَفَاضِلِ الْمُسْلِمِينَ، اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَتَصَدَّقَ بِوَزْنِ نَفْسِهِ فِضَّةً أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. هَذِهِ رِوَايَةٌ. وَجَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا، عَنْ أَبِيهِ: اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ هُشَيْمٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: ثِقَةٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ. قُلْتُ: يَقَعُ لي من عالي روايته.   1 الجرح والتعديل "3/ 340"، السير "8/ 246، 247". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 75 94- خَالِدُ بْنُ مِهْرَانَ، أَبُو الْهَيْثَمِ الْكُوفِيُّ1. وَيُعْرَفُ بِالْبَلْخِيِّ. عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوة، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ. وَرَآهُ ابْنُ مَعِينٍ وَوَثَّقَهُ. عِنْدَهُ عَنْ هِشَامٍ حَدِيثٌ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ2. 95- خَالِدُ بْنُ نَافِعٍ الأَشْعَرِيُّ الْكُوفِيُّ3: حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وحماد بن أبي سليمان، وسعيد بن أبي بردة. وعنه: مسدد، ويسار بن موسى، وعبد الله مشكدانه، وأحمد بن حنبل، وشريح بن يونس. وقال أبو داود: متروك. وقال النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَهُوَ مِنْ أَوْلادِ أَبِي مُوسَى. 96- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، أَبُو هَاشِمٍ الْهَمْدَانِيُّ الشَّامِيُّ الفقيه4 ق: عَنْ: أَبِيهِ، وَخَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَأَبِي حَمْزَةَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ الثُّمَالِيِّ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، وَهِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، والدارقطني.   1 تاريخ بغداد "8/ 297، 298". 2 سبق تخريجه. 3 الجرح والتعديل "3/ 355"، وتاريخ بغداد "8/ 298". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 359"، والسير "9/ 413". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 76 وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَتَرَدَّدَ ابْنُ حِبَّانَ فِي أَمْرِهِ. وَكَانَ مُفْتِيًا إِمَامًا. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 97- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْهَدَّادِيُّ الْبَصْرِيُّ1 د. ت: عَنْ: قَتَادَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَبِشْرِ بْنِ حَرْبٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ ... بْنُ عَادٍ، وَالْفَلاسُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ عَامِرِ بْنِ يساف. 98- خطاب بن القاسم2 د. ن: أبو عمر، قَاضِي حَرَّانَ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَخُصَيْفٍ، وَعَبْدِ الْحَكِيمِ الْجَزَرِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَالْمُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 99- خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ بْنِ صَاعِدٍ3 خ. م. مُتَابَعَةٌ: أَبُو أَحْمَدَ الأَشْجَعِيُّ، مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ وَاسِطٍ ثُمَّ بَغْدَادَ، مِنْ بَقَايَا صِغَارِ التَّابِعِينَ، رَأَى عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَمُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، وَحَفْصِ ابن أخي أنس، وأبي بشر، وأبي هشام الرُّمَّانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَشُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَخَلْقٌ.   1 الجرح والتعديل "3/ 358"، والثقات لابن حبان "6/ 266". 2 الجرح والتعديل "3/ 201"، التهذيب "3/ 146، 147". 3 الجرح والتعديل "3/ 369"، السير "8/ 302، 303". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 77 وَرَآهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ هُشَيْمٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وَقَدْ كَذَّبَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَاخْتَلَطَ. قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ فِي جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ. قَالَ أَحْمَدُ: رَأَيْتُهُ. وَضَعَهُ إِنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ فَصَاحَ، يَعْنِي مِنَ الْكِبَرِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا أَحْمَدَ حَدَّثَكُمْ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ وَقَصَّ الْحَدِيثَ، فَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ خَفِيٍّ لَمْ أَفْهَمْهُ، فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ: رَأَى خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنَّهُ عِنْدِي شُبِّهَ عَلَيْهِ. فَهَذَا شُعْبَةُ، وَحَجَّاجٌ لَمْ يَرَوْا عَمْرًا. خَلَفٌ رَأَيْتُهُ، وَكَانَ لا يُفْهَمُ وَهُوَ مَفْلُوجٌ1. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زَحْمَوَيْهِ، عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: فَرَضَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ. قُلْتُ: فَعَلَى قَوْلِهِ هَذَا يُقْتَضَى أَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ التِّسْعِينَ، وَلَمْ يُدْرِكْ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ عُيَيْنَةَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عِنْدَنَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ، فَقَالَ: كَذَبَ، لَعَلَّهُ رَأَى جَعْفَرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: نا صَدَقَةُ بْنُ مَنْصُورٍ بِحَرَّانَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ. وَرَوَى قُتَيْبَةُ، عَنْ خَلَفٍ قَالَ: مَرَّ بِي فَارِسٌ عَلَى بَغْلَةٍ دَهْمَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ.   1 مفلوج: الفلج هو الشلل النصفي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 78 قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ إِنَّهُ جَاوَزَ الْمِائَةَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُقَالُ مَاتَ وَلَهُ مِائَةُ سَنَةٍ وَسَنَةٌ. 100- الْخَلِيلُ بْنُ مُوسَى الْبَاهِلِيُّ1: الْبَصْرِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ. عَنْ: حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. 101- خُنَيْسُ بْنُ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ جُشَيْبٍ الْمَعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ2: عَنْ: أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الدَّالِ": 102- دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ3 ت. ق. م: نَزِيلُ بَغْدَادَ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَأَيُّوبَ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَرُوبَةَ، وَشُعْبَةَ، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، والحسن بن عرفة، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "3/ 380، 381"، والميزان "1/ 668". 2 الجرح والتعديل "3/ 394"، والثقات لابن حبان "6/ 275". 3 الجرح والتعديل "3/ 412، 413"، والتهذيب "3/ 185، 186". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 79 قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: كَذَّابٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَجَمَاعَةٌ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ مُقَارِبٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ضَعِيفٌ، يُكتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 103- دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْكُوفِيُّ الْمُؤَذِّنُ1: أَبُو سُلَيْمَانَ. عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْمَجْنُونِ صَاحِبٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: يَكْذِبُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُمْ: مَتْرُوكٌ. 104- دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ الْمُزَنِيُّ2، مَوْلاهُمُ ق: الْمَدَنِيُّ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وَزَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ وَهُوَ شَيْخُهُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَدْرَمِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: رَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِأَيَّامٍ، وقال: لا تحدث عنه.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 418"، والميزان "2/ 10، 11". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 420"، والتهذيب "3/ 193، 194". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 80 وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وَقَالَ آخَرُ: مَتْرُوكٌ. 105- دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ الْقَزَّازُ1 د. ق: عَنْ: يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَأَبَانِ بْنِ طَارِقٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. وَعَنْهُ: دَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَحَفْصٌ الرَّبَالِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَخَلْقٌ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِالْقَائِمِ. وَقَوَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ. وَكُلٌّ قَالَ: مَا هُوَ بِحُجَّةٍ. "حرف الرَّاءِ": 106- رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ الصَّنْعَانِيُّ2 د. ن: مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ: مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خُشْكٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الْخُزَاعِيُّ الشَّهِيدُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ خِيَارًا. قَالَ أَبِي: فِي زَمَانِهِ مَا كَانَ خَيْرًا مِنْهُ. انْقَطَعَ وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ قَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ رَبَاحًا، وَأُحِبُّ حَدِيثَهُ، وَأُحِبُّ ذِكْرَهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنِي رَبَاحٌ، وَرَبَاحٌ رَبَاحٌ. وقال أبو حاتم: جليل ثقة.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 437"، والتهذيب "13/ 209". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 490"، والتهذيب "3/ 223". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 81 قلت: مات سنة سبع وثمانين ومائة. 107- الربيع بن زياد الضبي1: أبو عمر الكوفي ثم الهمداني. كان يجلب الغنم إلى الكوفة. روى عَنْ: يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَخُصَيْفٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَسْلَمَ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: أَصْرَمُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَسَدِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. لَمْ أَرَ فِيهِ جَرْحًا لِأَحَدٍ. 108- الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عُمَيْلَةَ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ2: عَنْ: جَدِّهِ، وَسَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَمَّارٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ. 109- رِشْدِينُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مفلح بن هلال3 ن. ت. ق. أبو الحجاج المهري المصري. عن: زبان بن فائد، وَأَبِي هَانِي حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ، وَعُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، وَيُونُسَ، وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَخَلْقٍ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَمِائَةٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَقُتَيْبَةُ، وَعِيسَى بن حماد، وأبو كريب، وأبو الطاهر بْنُ السَّرْحِ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ الأَخْيَارِ، لكن سيئ الْحِفْظِ، لا يُبَالِي عَمَّنْ رَوَى. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَرْجُو أَنَّهُ صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَضْعَفُ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ. وقال أبو زرعة وغيره: ضعيف.   1 الميزان: "2/ 40". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 463"، والميزان "2/ 41". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 513"، والتهذيب "3/ 277". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 82 وَأَرَّخَ ابْنُ يُونُسَ مَوْلِدَهُ ثُمَّ قَالَ: كَانَ رَجُلا صَالِحًا، فَأَدْرَكَتْهُ غَفْلَهُ الصَّالِحِينَ. آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ عِيسَى بْنُ مَثْرُودٍ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، لَيْسَ مِنْ جَمَالِ الْمَحَامِلِ. 110- رِفَاعَةُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ نُذَيْرٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ1: عَنْ: أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَعَنِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ. وَعَنْهُ: حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الأَشْقَرُ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ. قِيلَ: عَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً. 111- رِفْدَةُ بْنُ قُضَاعَةَ الْغَسَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2: عَنْ: ثَابِتِ بْنِ الْعَجْلانِ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَصَالِحِ بْنِ رَاشِدٍ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 112- رَوْحُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَبُو رَجَاءٍ الْكَلْبِيُّ3: عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَالِكٍ النُّكْرِيِّ، وَعَبَّاسِ الْجُرَيْرِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بن عبد الله بن صخر الغداني.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 493"، التهذيب "3/ 280". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 523"، والتهذيب "3/ 283، 284". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 496"، والميزان "2/ 61". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 83 قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صُوَيْلِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، هُوَ صَالِحٌ. وَوَهَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ. "حرف الزَّايِ": 113- زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الإِيَادِيُّ الْقُهُسْتَانِيُّ1 ت. ق: أبو اليمان الْفَقِيهُ، نَزِيلُ الرَّيِّ، ثُمَّ نَزِيلُ بَغْدَادَ. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَابْنِ جُرَيْحٍ، وَشُعْبَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ ثِقَةً، رَجُلا صَالِحًا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَهُ مَرَاسِيلُ وَوَهْمٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ، رَأَيْتُهُ. وَوَثَّقَهُ أَيْضًا ابْنُ مَعِينٍ. 114- الزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ2: الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَطَبَقَتِهِ. وَعَنْهُ: يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ. وَهُوَ ضَعِيفٌ مُقِلٌّ، كَانَ مُنْقَطِعًا بِقَرْيَتِهِ بِوَادِي الْقُرَى. لَهُ فَضْلٌ وَتَعَبُّدٌ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى الرَّشِيدِ فَاحْتَرَمَهُ وَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ. 115- زَكَرِيَّا بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن يزيد الصهباني النخعي3:   1 الجرح والتعديل "3/ 624" والتهذيب "3/ 304". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 584"، والميزان "2/ 67". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 598"، والميزان "2/ 73". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 84 عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمِغْرَاءِ، وَيَحْيَي بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ، وَدَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، وغيرهم. 116- زكريا بن منظور بن ثعلبة1 ق: أبو يحيى القرظي الأنصاري. رَوَى: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَأَبِي حَازِمٍ. وَأَرْسَلَ عَنْ: أَبِي سَلَمَةَ، وَنَافِعٍ الْعُمَرِيِّ. وعنه: الحميدي، وهارون بن معروف، وإبراهيم بن المنذر، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله، وداود بن رشيد، وخلق. ضعفه أبو حاتم وغيره. وقال الدارقطني: متروك. وقيل: كان طفيليا. 117- زكريا بن يحيى بن عمارة2 د. ن. ق: أبو يحيى الأنصاري البصري الذَّارِعُ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالْفَلاسُ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 118- زِيَادُ بْنُ راشد، أبو سفيان المديني3: يعرف بالمكاتب.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 597"، والتهذيب "3/ 332". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 601"، والتهذيب "3/ 327". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 531"، والثقات لابن حبان "6/ 324". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 85 عَنْ: دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ لَهُ حَدِيثَانِ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْمُثَنَّى، وَأَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغُدَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبَلَةَ الْبَاهِلِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 119- زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعَ الْيَحْمَدِيُّ، أَبُو خِدَاشٍ الْبَصْرِيُّ1 خ. ت. ق: عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَوَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ الْقَهْرَمَانِ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَالْفَلاسُ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 120- زِيَادُ بْنُ سَيَّارٍ الْكِنَانِيُّ2، مَوْلاهُمْ: عَنْ: أَبِي قِرْصَافَةَ، كَأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَعَنْ ضُمْرَةَ، عَنْ أَبِي قِرْصَافَةَ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ بْنُ عَلِيٍّ، والطيب بن زبان العسقلانيان. قاله أبو حاتم وما ضعفه. 121- زياد البكائي3 خ. م. ت. ق: هُوَ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الله بن الطفيل البكائي المعافري الكوفي، صاحب رِوَايَةِ "السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ" عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَهُوَ أَتْقَنُ مَنْ رَوَى عَنْهُ السِّيرَةَ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَالأَعْمَشِ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ السدوسي، وزياد بن أيوب،   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 531"، والتهذيب "3/ 364، 365". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 534"، والثقات لابن حبان "4/ 255". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 537"، والسير "9/ 5-7". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 86 وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: مَا أَحَدٌ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ أَثْبَتَ مِنْ زِيَادٍ الْبَكَّائِيِّ لِأَنَّهُ أَمْلَى عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَلا. وقال صالح جَزْرَةَ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ضَعِيفٌ، لَكِنَّهُ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، يَعْنِي الْمَغَازِي، وَذَاكَ أَنَّهُ بَاعَ دَارَهُ وَخَرَجَ يَدُورُ مَعَ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ: لا أَدْرِي عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ شَيْئًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ، عَنِ الْبَكَّائِيِّ، فَضَعَّفَهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، قَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ الْمَغَازِي. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ أَبِي: كَانَ الْبَكَّائِيُّ يُحَدِّثُ بِحَدِيثِ مَنْصُورٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ1. وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ ثَابِتٍ الْحَدَّادِ، أَخْطَأَ فِيهِ. وَعَنْ وَكِيعٍ قَالَ: هُوَ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ. وَعَدَّهُ وَهِمَ فِيهَا التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: عَنِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ وَكِيعٌ: زِيَادٌ عَلَى شَرَفِهِ يَكْذِبُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فَاحِشُ الْخَطَأِ، كَثِيرُ الْوَهْمِ، لا يجوز الاحتجاج بمفرده ويعتبر بِهِ. ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا زَكَرِيَّا زَحْمَوَيْهِ، نا زِيَادٌ، عَنْ إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ، عَنْ عون   1 أخرجه العقيلي "2/ 80"، في الضعفاء الكبير. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 87 ابن أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَذَّنَ بِلالٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى، وَأَقَامَ مِثْلَ ذَلِكَ1. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذَا بَاطِلٌ. وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَالنَّاسُ، عَنْ عَوْنٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا تَثْنِيَةَ الإِقَامَةِ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 122- زِيَادٌ، أَبُو السَّكَنِ الْبَاهِلِيُّ2، مَوْلاهُمْ: الصُّغْدِيُّ. سَمِعَ: الشَّعْبِيَّ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ مَرْثَدٍ، وَطَلْحَةَ بْنَ مُصَرِّفٍ. وَعَنْهُ: بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 123- زِيَادٌ، أَبُو سُفْيَانَ الزُّهْرِيُّ3، مَوْلاهُمُ: الْمَدَنِيُّ. عَنْ: دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ وَعَنْهُ: يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَأَحْمَدُ الْغُدَانِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 124- زِيَادُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ الْعِجْلِيُّ الْمَوْصِلِيُّ الْفَقِيهُ4: سَمِعَ: إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشَ، وَأَبَا حَنِيفَةَ، وَجَمَاعَةً. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الْخَضِرُ. قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الأَزْدِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ ومائة.   1 حديث باطل: أخرجه ابن حبان "1/ 307" في المجروحين. 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 537"، والميزان "2/ 95". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 531"، والثقات لابن حبان "6/ 324". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 531". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 88 125- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ ثَابِتٍ، أَبُو حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ1: عَنْ: إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَارِجَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ. لَهُ حَدِيثٌ أَوْ حَدِيثَانِ. 126- زَيْنُ بْنُ شُعَيْبٍ الْمَعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ2: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. عَنْ: أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ مَعَ جَلالَتِهِ، وَمُرَّةُ الْبُرُلُّسِيُّ، وَيَحْيَي بْنُ بُكَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَاتَ كَهْلا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ فَقِيهًا كَبِيرَ الْقَدْرِ، عَابِدًا، عَابِرًا لِلرُّؤْيَا. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ: كَانَ مِنْ عِلْيَةِ أَصْحَابِ مَالِكٍ. "حرف السِّينِ": 127- سَابِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَوْصِلِيُّ3: الْحَجَّامُ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الْبَكَّائِينَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: رَأَيْتُهُ وَكَانَتْ لا تَجِفُّ عَيْنُهُ مِنَ الْبُكَاءِ. وَقَالَ رَبَاحُ بْنُ الْجَرَّاحِ: كَانَ سَابِقٌ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ، وَمِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ بُكَاءً. وَقِيلَ: إِنَّ الْمُعَافَى بْنَ عِمْرَانَ رَوَى عَنْهُ شَيْئًا. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَإِنَّمَا ذَاكَ سَابِقٌ الرَّقِّيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الْمُعَافَى حَدِيثَهُ، عَنْ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ أَنَسٍ: "إِذَا مُدِحَ الْفَاسِقُ اهْتَزَّ العرش"4.   1 لم نقف عليه. 2 انظر: الثقات لابن حبان "8/ 257". 3 من زهاد الموصل، وعباده. 4 الكامل "3/ 1307، 1308"، لابن عدي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 89 تُوُفِّيَ سَابِقٌ الْمَوْصِلِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 128- سَالِمٌ الدَّوْرَقِيُّ1: مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ. قِيلَ: إِنَّ فَتْحًا الْمَوْصِلِيَّ كَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ. رَوَى سَهْلٌ ... الْقَطَّانُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ أَنَسٍ، تُوُفِّيَ سَالِمُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 129- سَحْبَلُ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى سَمْعَانُ الأَسْلَمِيُّ الْمَدَنِيُّ2، أَخُو إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى الْفَقِيهِ. وَلَكِنَّ سَحْبَلُ هُوَ الثِّقَةُ. رَوَى عَنْ: أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَبُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، وَأَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِدَّةٍ. طَالَ عُمْرُهُ، كَانَ أَسَنَّ مِنْ أَخِيهِ. رَوَى عَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَهُوَ مُقِلٌّ. 130- سعدان بن يحيى بن صالح اللخمي3 خ. ن. ق: واسمه سعيد، أبو يحيى الكوفي، نزيل دمشق. روى عَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَطَبَقَتِهِمْ مِنَ الْكُوفِيِّينَ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وقال الدارقطني: ليس بذاك.   1 لم أقف عليه. 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 156"، والتهذيب "6/ 20". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 289، 290"، والميزان "2/ 119". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 90 131- سعيد بن خثيم، أَبُو مَعْمَرٍ الْهِلالِيُّ الْكُوفِيّ1 ت. ن: عَنْ: أَيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ، وَحَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرُو النَّاقِدُ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ رُشْدِ بْنِ خُثَيْمٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الأَزْدِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مِقْدَارُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. 132- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الزُّبَيْدِيُّ، أَبُو عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ2 ق: عَنْ: وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبِ بْنِ وَحْشِيٍّ، وَرَوْحِ بْنِ جَنَاحٍ، وَصَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَابْنُ شَابُورَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. قَالَ قُتَيْبَةُ: رَأَيْتُهُ بِالْبَصْرَةِ، وَكَانَ جَرِيرٌ يُكَذِّبُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. 133- سَعِيدُ بْنُ الْفَضْلِ، أَبُو عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ3. مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو النَّضرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَادِيسِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، وَطَالُوتُ بْنُ عُبَادَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، مُنْكَرُ الحديث. وقال الحسن بن سلمة: ثقة، سمعت منه.   1 الجرح والتعديل "4/ 17"، والتهذيب "4/ 22، 23". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 43، 44"، والتهذيب "4/ 53". 3 الجرح والتعديل "4/ 55"، والميزان "2/ 154". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 91 134- سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْبَصْرِيُّ الْبَزَّازُ1: عَنْ: عَاصِمٍ الأحول، وخالد الحذاء، وسليمان التيمي، وَحَجَّاجٍ الصَّوَّافِ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَالْفَلاسُ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظِ. قَالَ صَاعِقَةٌ: سَمِعْتُ عَلِيًّا قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ وَعُنِيَ بِهِ وَحَفِظَهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَزِلَّ فِيهَ إِلا ثَلاثَةٌ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، هَؤُلاءِ لَمْ يَدَعُوهُ وَلَمْ يَشْتَغِلُوا عَنْهُ إِلَى أَنْ حَدَّثُوا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ. 135- سُفْيَانُ بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ2: عَنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَعَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ. وَعَنْهُ: الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، وَالْفَلاسُ، وَالْجَهْضَمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وُثِّقَ. أَوْرَدَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "تَارِيخِ الثِّقَاتِ". وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 136- سَلَمَةُ بْنُ بِشْرِ بْنِ صَيْفِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ3: وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ صَيْفِيٍّ. رَوَى عَنْ: ابْنِهِ وَاثِلَةَ، وَحُجْرِ بْنِ الْحَارِثِ الْغَسَّانِيِّ، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "4/ 228، 229"، والسير "8/ 10". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 229"، والسير "8/ 310". 3 الجرح والتعديل "4/ 157"، والتهذيب "4/ 142". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 92 وعنه: محمد بن يوسف الفريابي، وسليمان ابن بنت شرحبيل، وداود بن رشيد، وعبد الرحمن بن نافع درخت. له في السنن حديث. 137- سلمة بن رجاء، أو عبد الرحمن التميمي الكوفي1 خ. ت. ق: عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرِمٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْجُرَشِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ. 138- سَلَمَةُ بْنُ صَالِحٍ الأَحْمَرُ2: حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُجَشِّرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ، وَغَيْرُهُمْ. وَلِيَ قَضَاءَ وَاسِطٍ، وَهُوَ جُعْفِيٌّ كوفي، يُكَنَّى: أَبَا إِسْحَاقَ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وقال أبو داود وغيره: متروك الحديث. ومن بلاياه عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمُوا فِي الْمُوَرَّدِ3. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ. 139- أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الأزدي الكوفي4:   1 الجرح والتعديل "4/ 160"، التهذيب "4/ 144، 145". 2 الجرح والتعديل "4/ 165"، الميزان "2/ 190، 191". 3 حديث باطل: وأخرجه العقيلي "2/ 148" في الضعفاء والخطيب "9/ 132"، في تاريخه. 4 انظر: الجرح والتعديل "4/ 106، 107"، والسير "9/ 19-21". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 93 الأَحْمَرُ الْحَافِظُ. مَوْلِدُهُ بِجُرْجَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى عَنْ: سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ سَجَّادَةٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الضَّبِّيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْمُرَادِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْبِيكَنْدِيُّ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَحُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ مِنَ التُّجَّارِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَوَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ عَدِيٍّ: صَدُوقٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سُئِلَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ فَقَالَ: ابْنُ نُمَيْرٍ رَجُلٌ صَالِحٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: قَالَ لِي حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَكَانَ قَدْ نَزَلَ عِنْدَ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ، قَالَ حَجَّاجٌ: كَانَ أَبُو خَالِدٍ يَأْخُذُ كِتَابِي، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ عجلان يقرؤها عَلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. قُلْتُ: أَبُو خَالِدٍ مُحْتَجٌّ بِهِ فِي الْكُتُبِ، وَلَكِنْ مَا هُوَ فِي الثَّبْتِ مِثْلَ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَلَهُ هَفْوَةٌ فِي شَيْبَتِهِ، خَرَجَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ ومائة. وكان مذكورًا بالخير والدين. 140- سليمان بن سالم، أبو داود القرشي1:   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 180"، والميزان "2/ 208". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 94 مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ الْقَطَّانُ. شَيْخٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَوْفِيِّ. وعنه: يعقوب بن كاسب، وأبو مصعب، وإسحاق بن راهويه، وإبراهيم بن المنذر. قال ابن عدي: ما أرى بمقدار ما روى بأسا. وقال أبو حاتم: شيخ. وقال البخاري: أتى بخبر لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 141- سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ ثَوْرٍ، أَبُو الرَّبِيعِ الدِّمَشْقِيُّ الدَّارَانِيُّ1: عَنْ: يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ الْفَرَادِيسِيُّ، وهشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 142- سُلَيْمَانُ بن داود بن قيس الفراء الْمَدَنِيُّ2: عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هَرِمٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ المسيبي، وإسماعيل بن أبي أويس وغيرهم. 143- سليمان بْنُ عَمْرٍو: هُوَ أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ، يَأْتِي.   1 الجرح والتعديل "4/ 134"، والميزان "2/ 214". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 111"، والميزان "3/ 89". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 95 144- سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو الْمُعَلَّى الْخُزَاعِيُّ1: وَيُقَالُ: الْعِجْلِيُّ، الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَابْنِ أَشْوَعَ، وأبيه مسلم. وعنه: أبو سلمة التبوذكي، والقواريري، وأحمد بن عبدة، وأبو حفص الفلاس. قال أبو حاتم: ما كان به بأس. 145- سليم بن عامر الحنفي2: مولاهم الكوفي أبو عيسى المقرئ المجود، صاحب حَمْزَةَ وَبَقِيَّةَ الْحُذَّاقِ. فَإِنَّهُ جَوَّدَ عَلَى حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ عَشْرَ ختمات، وكان الكسائي يَهَابُهُ وَيَتَأَدَّبُ مَعَهُ. انْتَصَبَ لِلإِقْرَاءِ مُدَّةً، فَقَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو حَمْدُونَ الطَّيِّبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَخَلادُ بْنُ خَالِدٍ الصَّيْرَفِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الدُّورِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ زَرْبَى، وَأَحْمَدُ بْنُ جُبَيْرٍ الأَنْطَاكِيُّ، وَتُرْكٌ الْحَذَّاءُ، وَطَائِفَةٌ. وَحَدَّثَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَحَمْزَةَ. وَرَوَى عَنْهُ: ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ كاتب اللَّيْثِ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ. وَقَدْ سُقْتُ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي "تَارِيخِ طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ". قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 146- سِنَانُ بْنُ هَارُونَ الْبُرْجُمِيّ3 ت: أَخُو سَيْفٍ. عَنْ: حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَطَبَقَتِهِمَا. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ، وَآخَرُونَ.   1 الجرح والتعديل "4/ 142، 143"، الثقات لابن حبان "6/ 393". 2 الجرح والتعديل "4/ 215"، والميزان "2/ 231". 3 الجرح والتعديل "4/ 253"، والتهذيب "4/ 243". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 96 قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 147- سَهْلُ بْنُ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيّ1 ت: عَنِ: الْحَسَنِ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَأَسْوَدُ بْنُ سَالِمٍ، وَالصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال أبو داود: ثِقَةٌ. وَقَدْ سَمِعَ سَهْلُ بِإِفْرِيقِيَا مِنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ. 148- سِيبَوَيْهِ2: شَيْخُ الْعَرَبِيَّةِ. فِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ، وَقَدْ مَرَّ. 149- سَيْفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ3 ت: أَخُو عَمَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ. عَنْ: مَنْصُورٍ، وَلَيْثٍ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالأَعْمَشِ، وَخَالِهِ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدِ. وَسَكَنَ بَغْدَادَ. وَرَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ الْجَرْجَرَائِيُّ، وَمَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عرفة. قال ابن معين: كذاب.   1 الجرح والتعديل "4/ 193، 194"، والتهذيب "4/ 246". 2 سبق الترجمة له. 3 الجرح والتعديل "4/ 277"، والتهذيب "4/ 296". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 97 وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَرَوَى عَبَّاسُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بثقة. الحسين بن الحسن المروزي، نا سيف بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَهُ بِالْبَوَارِيجِ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا نَظَرَ إِلَى قَنْطَرَةِ الصَّرَاةِ، فَرَكَضَ دَابَّتَهُ، فَرَكَضْتُ عَلَى أَثَرِهِ وَقُلْتُ: لِأَيِّ شَيْءٍ رَكَضْتَ؟ قَالَ: هَذَا الْمَكَانُ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تُبْنَى مَدِينَةٌ يَجْتَمِعُ فِيهَا جَبَابِرَةُ أَهْلِ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِهَا"1. الْحَدِيثَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلٌ. 150- سَيْفُ بْنُ هَارُونَ الْبُرْجُمِيُّ. مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ هُوَ، لَكِنَّهُ قد ذكر. "حرف الشين": 151- شبيب بن سعد الحبطي خ. ن. أبو سعيد البصري2. عَنْ: أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَشُعْبَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ بِشْرٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ عِنْدَهُ كُتُبُ يُونُسَ، وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَدِمَ مِصْرَ لِلتِّجَارَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ غَرَائِبُ. 152- شُجَاعُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْبَلْخِيُّ3: أَبُو نُعَيْمٍ الْمُقْرِئُ الْعَابِدُ، صاحب أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ، وله عنه رواية مشهورة   1 حديث باطل: أخرجه ابن عدي "4/ 384"، "5/ 1726" في الكامل، والخطيب "1/ 32"، "6/ 194"، "9/ 311"، في تاريخه، وانظر: الفوائد المجموعة "434"، وتنزيه الشريعة "2/ 52". 2 الجرح والتعديل "4/ 359"، التهذيب "4/ 306، 307". 3 الجرح والتعديل "4/ 379"، والتهذيب "4/ 313". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 98 رَوَاهَا عَنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ الأَعْمَشِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عُمَرَ الدُّورِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، وَهَارُونُ الْحَمَّالُ. وَثَّقَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْهُ فَقَالَ: بخٍ بخٍ، وَأَيْنَ مِثْلَ شُجَاعٍ الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. 153- شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ الْقُرَشِيُّ1 مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ الْحَنَفِيُّ. خ. م. د. ن. ق. عَنْ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَكَانَ يَذْهَبُ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَرَوَى عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ جُرَيْجٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَدَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، وَدُحَيْمٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْجَوْبَرِيُّ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ، مَاتَ فِي رَجَبٍ سنة تسع وثمانين ومائة، وله اثنتان وَسَبْعُونَ. وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي كِبَارِ الْفُقَهَاءِ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ وَلَدُهُ شُعَيْبُ بْنُ شُعَيْبٍ. 154- شُعَيْبُ بْنُ حَازِمٍ2: وُلِّيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَهَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ الْمُضَرِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ، وَقُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ نَحْوُ الْخَمْسِمِائَةِ. 155- شُقْرَانُ بْنُ عَلِيٍّ3: الإِفْرِيقِيُّ الْمَغْرِبِيُّ، الْفَقِيهُ، الْفَرَضِيُّ، الْعَبْدُ الصَّالِحُ.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 341"، السير "9/ 103". 2 أحد أمراء دمشق في الخلافة العباسية. 3 انظر: الكامل "6/ 174"، لابن الأثير. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 99 قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُضْرَبُ بِعِبَادَتِهِ الْمَثَلُ بِالْمَغْرِبِ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الصَّادِ": 156- صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، أَبُو عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ1 م: نَزِيلُ حُلْوَانَ. عَنْ: أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَيَزِيدَ بن أبي زياد، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَنَحْوِهِمْ. وَعَنْهُ: دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، وَلُوَيْنٌ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَارَ إِلَى الرَّيِّ، لا بَأْسَ بِهِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 157- صَالِحُ بْنُ قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْمَدَنِيُّ2: أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ. صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وعنه: الحميدي، وإسحاق، ونعيم بن حماد، وأبوه مصعب. قال النسائي: ليس به بأس. 158- صالح بن موسى بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيميّ الطَّلْحيّ الكوفيّ3 ت. ق: عَنْ: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَمَنْصُورٍ، وَعَبْدِ الملك بن عمير، وعدة.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 408، 409"، والتهذيب "4/ 398". 2 الجرح والتعديل "4/ 410"، والميزان "2/ 299". 3 الجرح والتعديل "4/ 415"، والتهذيب "4/ 404، 405". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 100 وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَدَاوُدُ بْنُ عَمرٍو الضَّبِّيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابعه عليه أحد. وقال الجوزجاني: ضَعِيفُ الْحَدِيثَ عَلَى حُسْنِهِ. 159- الصَّبَّاحُ بْنُ مُحَارِبٍ التيمي الْكُوفِيُّ1 ق: نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنْ: زِيَادِ بْنِ عَلاقَةَ، وَحُمَيْدِ الأَعْرَجِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَعَنْهُ: عَبْدُ السَّلامِ بْنُ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَسَهْلُ بْنُ زَنْجَلَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ الرَّازِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَأَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: يُخَالِفُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْقَوَّاسِ، أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ حُضُورًا، أنا عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ، أَنَا ابْنُ طَلابٍ، أَنَا ابْنُ جُمَيْعٌ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الرَّازِيُّ بِبَغْدَادَ، نا مُوسَى بْنُ نَصْرٍ، نا الصَّبَاحُ بْنُ مُحَارِبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ علم، فضلوا وأضلوا" 2.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 442"، والميزان "2/ 305، 306". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 36"، ومسلم "2673"، والحميدي "581"، والترمذي "2652"، وابن ماجه "9"، وأحمد "2/ 162-190"، والدارمي "1/ 77"، وابن أبي شيبة "15/ 177"، والبيهقي "6/ 543"، في الدلائل، وأبو نعيم "2/ 187"، "10/ 25" في الحلية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 101 وَقَدْ رَوَى الصَّبَّاحُ عَنْ حَمْزَةَ حُرُوفَهُ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التَّيْمِيُّ. 160- صَدَقَةُ بْنُ بَشِيرٍ الْمَدَنِيُّ1: مَوْلَى الْعُمَرِيِّينَ. عَنْ: قُدَامَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَحِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْحَمْدِ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرْعَرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَغَيْرُهُمْ. 161- صَدَقَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَازِنِيُّ2: عَنِ: الْحَارِثِ بْنِ غَنْيَةَ، وَخَالِدِ الْحَذَّاءِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَوْنٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْمِصِّيصِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. 162- الصَّلْتُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّبَيْدِيُّ الْكُوفِيُّ3: نَزِيلُ دِمَشْقَ. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ الْعُقَيْلِيّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. "حرف الضَّادِ": 163- ضِرَارُ بْنُ عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ الْمُعْتَزِلِيُّ4: كَانَ فِي هَذَا الْعَصْرِ مِنْ رُءُوسِ الْبِدَعِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ تَرْجَمَتَهُ فِيمَا بَعْدُ.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 435"، والتهذيب "4/ 414". 2 الجرح والتعديل "4/ 432"، والثقات لابن حبان "8/ 320". 3 انظر: الضعفاء الكبير "2/ 210"، للعقيلي. 4 تأتي ترجمته. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 102 164- ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ1. هُوَ الإِمَامُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ المعافري البصري، تَزَوَّجَ بِابْنَةِ أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي قَبِيلٍ حُيَيِّ بْنِ هَانِئٍ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَخَيْرِ بْنِ نُعَيْمٍ، وَيَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَقُتَيْبَةُ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَأَبُو شَرِيكٍ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ الْمُرَادِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ صَدُوقًا مُتَعَبِّدًا. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: وُلِدَ بِأَشْمُونَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ، وَمَاتَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَمِنْ مَنَاقِبِهِ أَنْ فَاتَتْهُ الصَّلاةُ فِي جَمَاعَةٍ، فَأَلْزَمَ نَفْسَهُ أَنْ لا يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى تَخْرُجَ جِنَازَتُهُ، إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَسْجِدِ. لَهُ حَدِيثٌ فِي الأَدَبِ لِلْبُخَارِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضِمَامُ مِثْلُ أَبِي قَبِيلٍ، لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ: كَانَ ضِمَامٌ لا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِي، وَإِذَا أَرَادَ هُدِّيَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَقُومَ، فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا لَمْ يُبَالِ مَا قَامَ فِي طُولِ صَلاتِهِ. وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: نا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى التُّسْتَرِيُّ، ثنا ضِمَامٌ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَا زِلْنَا نَسْمَعُ: "زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا" 2 حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ. قُلْتُ: ضِمَامٌ صَادِقٌ، حَسَنُ الْحَدِيثِ. 165- ضيغم بن مالك3.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 469"، والتهذيب "4/ 458، 459". 2 حديث حسن بطرقه: أخرجه الحاكم "3/ 347"، "4/ 330"، والطبراني في الكبير "4/ 26"، وفي الصغير "1/ 107"، وأبو نعيم "3/ 322" في الحلية، والخطابي "ص34" في العزلة، وغيرهم. 3 الجرح والتعديل "4/ 470"، والسير "8/ 372". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 103 الزَّاهِدُ الْعَابِدُ، أَبُو بَكْرٍ الرَّاسِبِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَخَذَ عَنِ التَّابِعِينَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ ضَيْغَمَ، وَسَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَأَبُو أَيُّوبَ مَوْلَى ضَيْغَمَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ فِي الصَّلاحِ وَالْفَضْلِ. وقال ابن الأعرابي في طبقات النساك: كان مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ وِرْدُهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَرْبَعُمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَصَلَّى حَتَّى بَقِيَ رَاكِعًا لا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ فَوَقَعَ، وَقَالَ: قُرَّةُ عَيْنِي، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا. حَكَاهَا عَنْهُ سيار بن حاتم1. وقال القواريري: رأيت ندى فِي مَوْضِعَيْنِ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: هَذَا وَاللَّهِ مِنْ عَيْنَيْ ضَيْغَمٌ الْبَارِحَةَ2. وَعَنْ عِيسَى بْنِ بِسْطَامٍ أَنَّهُ سَمِعَ ضَيْغَمًا يَقُولُ: رَأَيْتُ الْمُجْتَهِدِينَ إِنَّمَا قَوُوا عَلَى الاجْتِهَادِ بِمَا يَدْخُلُ قُلُوبَهُمْ مِنَ الْحَلاوَةِ فِي الطَّاعَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ ضَيْغَمٌ قَدْ دَفَنَ كُتُبَهُ، وَكَانَ يَنَامُ ثُلُثَ اللَّيْلِ وَيَتَعَبَّدُ ثُلُثَيْهِ. قِيلَ: مَاتَ ضَيْغَمٌ وَصَدِيقُهُ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَأَقُولُ إِلَى ثَمَّ، فَإِنَّ بِشْرًا مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الطَّاءِ": 166- طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ3. 167- وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى4؛ قد ذكرا فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، يَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلا. 168- طَلْحَةُ بْنُ سِنَانِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُصَرِّفٍ الْيَامِيُّ الكوفي5. عن: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَابْنِ أبجر.   1، 2 صفة الصفوة "3/ 357، 358"، لابن الجوزي. 3، 4 سبق ذكرهما. 5 انظر: الجرح والتعديل "4/ 484"، والثقات لابن حبان "8/ 326". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 104 وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشْكَدَانَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. "حرف الْعَيْنِ": 169- عَاصِمُ بْنُ سُوَيْدٍ الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ1 ن: عَنْ: أَبِيهِ سُوَيْدِ بْنِ عَامِرٍ، وَابْنَيْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، وَمُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ؛ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْجَرْجَرَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَكَانَ إِمَامَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ. 170- عَاصِمُ بْنُ هِلالٍ، أَبُو النَّصْرِ الْبَارِقِيُّ، ويقال: العنبري البصري2: إمام مسجد أيوب السختيان. عَنْ: قَتَادَةَ، وَغَاضِرَةَ بْنِ عُرْوَةَ، وَالْفُقَيْمِيِّ. شَيْخٌ له. وعنه: أيوب شيخه، ومحمد بن جحارة؛ وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ومحمد بن القطيعي، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، وَالْفَلاسُ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال أبو حاتم: محله الصدق. وقال النسائي، وغيره: ليس بالقوي. قال الفلاس: سَمِعْتُ مِنْهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ. 171- عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ3.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 344"، والتهذيب "5/ 44". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 351"، والتهذيب "5/ 58، 59". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 17"، والتهذيب "5/ 88". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 105 بَيَّاعُ الْهَرَوِيِّ. عَنْ: أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. 172- عَائِشَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ1: الأَسَدِيَّةُ، الزُّبَيْرِيَّةُ، الْمَدَنِيَّةُ. رَوَتْ عَنْ جَدِّهَا. وَعَنْهَا: مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ: مَا حَالُ عَائِشَةَ؟ قَالَ: حَدَّثَ عَنْهَا الْمَدَنِيُّونَ. 173- عَبَّادُ بْنُ عَبَّادِ بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة2 ع: الأزدي، العتكي، والمهلبي، البصري، أبو معاوية. عَنْ: أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَمُسَدَّدٌ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَطَائِفَةٌ. وَكَانَ شَرِيفًا، جَلِيلا، ثِقَةً، نَبِيلا مِنْ عُقَلاءِ الأَشْرَافِ وَعُلَمَائِهِمْ. وَقَدْ تَعَنَّتَ أَبُو حَاتِمٍ كَعَادَتِهِ وَقَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ. قُلْتُ: حَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ كُلِّهَا. تُوُفِّيَ فِي ثَامِنَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ ابْنُهُ مِنْ أُمَرَاءِ البصرة الأجواد.   1 انظر: الثقات لابن حبان "7/ 307". 2 الجرح والتعديل "6/ 82، 83"، والسير "8/ 262، 263". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 106 174- عباد بن عباد الرملي الأرسوفي1 د: أبو عتبة الخواص، والزاهد الْعَابِدُ الَّذِي كَتَبَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، بِتِلْكَ الرِّسَالَةِ الْمَرْوِيَّةِ فِي الأَدَبِ وَالْوَعْظِ. رُوِيَ عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنِ أبي عمرو السيباني، وَحَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ضُمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَبُو مسهر، وفديك بن سليمان، وآخرون. روى عُثْمَانَ الدَّارَمِيِّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةً. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: ثِقَةً مِنَ الزُّهَّادِ الْعُبَّادِ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةً، رَجُلٌ صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مِنَ الْعُبَّادِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَقَالَ: كَانَ يَأْتِي بِالْمَنَاكِيرِ فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ. قُلْتُ: بَلِ الْعِبْرَةُ بِمَنْ وَثَّقُوهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الصُّورِيَّ قَالَ: كَتَبَ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْخَوَّاصُ إِلَى أَصْحَابِهِ يَعِظُهُمْ: اعْقِلُوا. وَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ، وَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يكون حسرة، فرب ذي عقل قد غل قَلْبُهُ بِالتَّعَمُّقِ فِيمَا هُوَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ حَتَّى صَارَ عَنِ الْحَقِّ سَاهِيًا، كَأَنَّهُ لا يَعْلَمُ: إِخْوَانُكُمْ إِنْ أَرْضُوكُمْ لَمْ تُنَاصِحُوهُمْ، وَإِنْ أَسْخَطُوكُمْ أغنيتموهم، فهم في زمن قد رق فيه الورع، وقل فيه الخشوع، وحمل العلم مفسدوه، وأحبوا أن يعرفوا بحمله، وَكَرِهُوا أَنْ يُعْرَفُوا بِإِضَاعَةِ الْعَمَلِ بِهِ، فَنَطَقُوا فيه بالهدى، فذنوبهم ذنوب لا يستغفر مِنْهَا، وَكَيْفَ يَهْتَدِي السَّائِلُ إِذَا كَانَ الدَّلِيلُ حَائِرًا2. 175- عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عبد الله بن المنذر الكلابي ع. أبو سهل الواسطي.   1 الجرح والتعديل "6/ 83"، والميزان "2/ 368"، والتهذيب "5/ 97". 2 تهذيب الكمال "14/ 136". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 107 عَنْ: أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرُو النَّاقِدُ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ سَعْدَوَيْهِ: كَانَ مِنْ نُبَلاءِ الرِّجَالِ فِي كُلِّ أمره. وقال ابن سعد: كَانَ يَتَشَيَّعُ فَحَبَسَهُ الرَّشِيدُ زَمَانًا، ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ، فَأَقَامَ بِبَغْدَادَ. قُلْتُ: فِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ: سَنَةَ ثَلاثٍ، وَسَنَةَ خَمْسٍ، وَسَنَةَ سِتٍّ، وَسَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 176- عَبَّادُ بْنُ قَيْسٍ الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ الْكَرَابِيسِيُّ1 ت. د. ق: عَنْ: عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ وَهْبٍ، وَبَهْزِ بْنِ حُكَيْمٍ. وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ طَالُوتَ بْنِ عَبَّادِ، وَقَيْسُ بْنُ حميد بن حفص الدارمي، وَبُنْدَارُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا مِنْ طَرِيقِهِ. 177- الْعَبَّاسُ بن الفضل بن عمرو بن عبيد بن الفضل بن حنظلة2 ن: أَبُو الْفَضْلِ الأَنْصَارِيُّ، الْوَاقِفِيُّ، الْمَوْصِلِيُّ، الْمُقْرِئُ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: أَبِي عَمْرٍو، وَجَوَّدَ الإِدْغَامَ الْكَبِيرَ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. وَسَمِعَ مِنْ: يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وَرَأَى نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عَمْرَ فِي صِغَرِهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْفَتْحُ عَامِرُ بْنُ عُمَرَ، وغيره.   1 انظر: التهذيب "5/ 102"، والتقريب "1/ 393". 2 الجرح والتعديل "6/ 211-213"، والتهذيب "5/ 126، 127". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 108 وَرَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَوْصِلِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ سَالِمٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى رَحْمَوَيْهِ، وَطَائَفَةٌ مِنَ الْمَوَاصِلَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ نَاظَرَ الْكِسَائِيَّ فِي الإِقَالَةِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الْمَوْصِلِ. بَلَغَنَا عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ قَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِي إِلا عَبَّاسَ لَكَفَانِي. وَهُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: ما أنكرت عَلَيْهِ إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَمَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: أَتَى بِشَيْءٍ بَاطِلٍ. وَهُوَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الشُّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا جَاءَتْ سَنَةُ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، وَإِذَا كَانَتْ سَنَةُ مِائَتَيْنِ، تَمَّ كَذَا"1. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: العباس بن الفضل روى حديثًا شبه الموضوع. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 178- الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عباس الأمير2: أَبُو الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ، وَلِيَ إِمْرَةَ الشَّامِ لأَخِيهِ الْمَنْصُورِ، وَقَدِمَهَا مَعَ ابْنِ أَخِيهِ الْمَهْدِي. رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ صَالِحٌ، وَمُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، وَخَالِدُ بن إسماعيل. ولي إمرة الجزيرة لابن ابن أَخِيهِ هَارُونَ الرَّشِيدِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ مَرَّاتٍ، وَغَزَا الروم مرة فِي سِتِّينَ أَلْفًا. قَالَ خَلِيفَةُ: دَخَلَ الرُّومَ وَبَثَّ سَرَايَاهُ فَغَنِمَ وَسَلِمَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وخمسين ومائة.   1 حديث باطل: أخرجه ابن عدي "5/ 1664"، في الكامل في الضعفاء. 2 انظر: السير "8/ 469"، ووفيات الأعيان "4/ 306". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 109 وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ مِنْ رِجَالاتِ قُرَيْشٍ، ذَا رَأْيٍ وَسَخَاءٍ وَجُودٍ، وَكَانَ الرشيد يجله ويعظمه، وكان شيخ بني الْعَبَّاسِ فِي عَصْرِهِ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَوُلِدَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 179- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيّ د: عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، وَشُعْبَةُ، وَجَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، وَحَامِدُ بْنُ آدم. وثقه أبو حاتم، وأبو زرعة. وأما مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْحَافِظُ فَفَسَّقَهُ، وَقَالَ: رَمَيْتُ بِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ. 180- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْجُمَحِيُّ الْحَاطِبِيُّ الْمَدَنِيُّ1: أَبُو الْحَارِثِ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْحَمَّالُ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَالْمَخْزُومِيُّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، يَعْنِي سَمِيَّهُ. 181- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِك الْمَخْزُومِيُّ2 م. ع. المكي: عَنِ: ابْنِ جُرَيْجٍ، وَسَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَيُونُسَ الأَيْلِيِّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَحْمَدُ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا كَانَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدلانِيُّ: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ سنة ست وثمانين ومائة.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 33"، والتهذيب "5/ 179، 180". 2 الجرح والتعديل "5/ 33"، والتهذيب "5/ 179". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 110 قُلْتُ: الظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ إِلَى سَنَةِ بِضْعٍ وَتِسْعِينَ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، وَأَبُو قُدَامَةَ السَّرْخَسِيُّ. 182- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَفْصٍ الأَرْطَبَانِيُّ الْبَصْرِيُّ1 ت: عَنْ: ثَابِتِ الْبُنَانِيُّ، وَعَاصِمُ الْجَحْدَرِيُّ. وَعَنْهُ: حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذَّرَّاعُ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِرْوَزِيُّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالِ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. فِيهِ ضَعْفٌ يَسِيرٌ. 183- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنُ مَعْبَدٍ الْبَاهِلِيُّ البصري2: عن: ثابت البنانين، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ. وَعَنْهُ: نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُرَيْشِ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 184- عبد الله بن سعد3 د. ت. ن: أبو عبد الرحمن الدشتكي المروزي، نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَإِبْرَاهِيمَ الصَّايِغِ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ الْقَزْوِينِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامَغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ. صَدُوقٌ. 185- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ4 خ. م. د. ت. ن. أبو صفوان الأموي: مَا زَالَ فِي ذِهْنِي أَنَّهُ مَعْدُودٌ فِي هذه الطبقة، لكن وجدته ما يدل على بقائه إلى   1 الجرح والتعديل "5/ 36"، والتهذيب "5/ 189". 2 الجرح والتعديل "5/ 56"، التهذيب "5/ 216". 3 الجرح والتعديل "5/ 64"، والتهذيب "5/ 234". 4 الجرح والتعديل "5/ 72"، والتهذيب "5/ 238". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 111 حُدُودِ الْمِائَتَيْنِ، فَكَرَّرْتُ ذِكْرَهُ. قُتِلَ أَبُوهُ عند زوال ملك بني أُمَيَّةَ، وَكَانَ هَذَا طِفْلا، فَفَرَّتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَى مَكَّةَ. رَوَى عَنِ: ابْنِ جُرَيْجٍ، وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ. طَلَبُ الْعِلْمِ فِي حُدُودِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. روى عنه: الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَعِدَّةٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَدْ بَقِيَ وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو السُّكَيْنِ الطَّائِيُّ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ. 186- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانَ الْكُوفِيُّ1: عَنْ: أَبِيهِ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ: دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ الطَّوِيلُ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ ابن معين: ليس بشيء. 187- عبد الله بن سُوَيْدِ بْنِ حَيَّانَ الْحَمْرَاوِيُّ الْمِصْرِيُّ2: عَنْ: عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، وَحُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ فِي جُمَادَى الأُولَى. 188- عَبْدُ اللَّهِ بْن صالح بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاسٍ الأَمِيرُ3: وَلِيَ الثُّغُورَ لِلرَّشِيدِ مُدَّةً. وَلَهُ كَلِمَةٌ نَفِيسَةٌ وَهِيَ: لا يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ من ظلمك، فإنه يسعى في مضرته ينفعك. مات بسلمية سنة ست وثمانين ومائة.   1 الجرح والتعديل "5/ 68"، والميزان "2/ 436، 437". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 66"، والتهذيب "5/ 241-249". 3 تاريخ الطبري "8/ 121، 149". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 112 189- عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ بن جابر الأزدي الدمشقي1 م. ت. ن. ق. أبو إسماعيل: عَنْ: أَبِيهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وعطاء الخراساني. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وسليمان بن عبد الرحمن. قال ابن مَعِينٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 190- عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ الزَّاهِدُ2: هُوَ السَّيِّدُ الْقُدْوَةُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العدوي الْمَدَنِيُّ الزَّاهِدُ أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى الْقَلِيلَ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ: أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمن. وعنه: ابن الْمُبَارَكُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ العاملين، قانتًا لله حنيفًا منعزلا عَنِ النّاسِ إِلا مِنْ خَيْرٍ. وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى مَالِكِ اجْتِمَاعَهُ بِالدَّوْلَةِ. وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ عَالِمُ الْمَدِينَةِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْحَدِيثُ؛ وَالنَّاسُ عَلَى خِلافِ سُفْيَانَ فِي هَذَا. قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ مَرَّةً يَقُولُ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ فَهُوَ الْعُمَرِيُّ. قَالَ ذَلِكَ لَمَّا ثنا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَضْرِبُ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ، فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ" 3. وَأَخْبَرَنَا بِهِ عَالِيًا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ، نا الْمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيفِ، أنا ابْنُ الْبَطِّيِّ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، نا أَبُو عَمْرِ بْنُ مَهْدِيٍّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بِن غَالِبٍ، ثنا سفيان بن عيينة بهذا.   1 الجرح والتعديل "5/ 98، 99"، والتهذيب "5/ 298". 2 الجرح والتعديل "5/ 103، 104"، والسير "8/ 331-336". 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 299"، والترمذي "2680"، والحميدي "1147"، وابن حبان "2308". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 113 قُلْتُ: هَذَا الْخَبَرُ مِنْطَبِقٌ عَلَى مَنِ اتَّصَفَ بِأَنَّهُ عَالِمُ زَمَانِهِ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي وَقْتِهِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي وَقْتِهِ. وروى الطبري في تاريخه بإسناد بعض أولاد عبد الله بن عبد العزيز العُمريّ، أنّ الرشيد قال: والله ما أدري ما آمُرُ في هذا العُمريّ، أكرهُ أن أقدمَ عليه وله سَلَفٌ أكرمهم، وإنّي أحب أن أعرف رأيه؛ يعني فينا. فقال عَمْر بن بزيع، والفضل بن الربيع: نحن له. فخرجنا من العَرْج إلى موضعٍ يُقال له: خلص، حتى ورد عليه بالبادية في مسجدٍ له، فأناخا راحلتيهما بمن معهما، وأتياه على زِيّ الملوك في حشمة، فجلسا إليه وقالا: يا أبا عبد الرحمن نحن رسل من وراءنا من أهل المشرق يقولون لك: اتق الله، وإنْ شئت فانهض. فقال: وَيْحكما، فيمن ولمن؟ قالا: أنت! قال: والله ما أحبّ أنّي لقيت الله عزّ وجلّ بمحجمة دمِ مسلم، وأنّ لي ما طَلَعَتْ عليه الشمس. فلمّا آيسا منه قالا: إن معنا عشرين ألفًا تستعين بها. قال: لا حاجه لي بها. قالا: أعطِها مَن رأيت. قال: أعطياها أنتما. فلما آيسا منه ذَهَبَا ولحِقا بالرشيد، فقال: ما أبالي ما أصنعُ بعد هذا. قال: فحجّ العُمريّ في تلك السّنة، فبينما هو في المسعى اشترى شيئًا، فإذا بالرشيد يسعى على دابّته، فتعرّض له العُمريّ واتاه حتّى أخذ بلجام الدّابّة، فأهْوَوْا إليه، فكفّهم الرشيد، وكلّمه، يعني وعظه، فرأيت دموع الرشيد تسيل على مَعْرفة دابّته، ثمّ انصرف1. وروى عليّ بن حرب الطّائيّ، عن أبيه قال: مضى هارون الرشيد على حمار ومعه غلام إلى العُمريّ فوعظه، فبكى الرشيد وحُمِلَ مَغْشِيًّا عليه. قال إسماعيل بن أبي أُوَيْس: كتب عبد الله العُمريّ إلى مالك، وابن أبي ذئب، وغيرهما بكُتُب أغلَظَ لهم فيها، وقال: أنتم علماء تميلون إلى الدنيا وتلبسون،   1 صفة الصفوة "2/ 183". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 114 وتَدَّعُون التَّقَشُّف، فكتب له ابن أبي ذيب كتابًا أغلظ له، وجاوَبه مالك جواب فقيه. وقيل: إن العُمريّ وعظ الرشيد، فتلقّى قَوله بنعم يا عمّ. فلمّا ذهب اتْبعه الأمين والمأمون بكيسين فيهما ألف دينار، فلم يأخذها، وقال: هو أعلم بمن يفرقها عليه، ثم أخذ من الكيسين دينارّا، وقال: كرهتُ أن أجمع عليه سوء القول وسوء الفعل. وشخص إليه بعد ذلك إلى بغداد، فكره الرشيد مجيئَه، وجمع العمريّين وقال: ما لي ولابن عمْكم؛ احتَمَلْتُه بالحجاز فأتى إلى دار ملكي يُريد أن يُفسد عليّ أوليائي. رُدُّوه عنّي. قالوا: لا يقبل منّا. فكتب إلى الأمير موسى بن عيسى أن يرفَق به حتّى يردّه. أحمد بن زهير: ثنا مُصْعَب الزُّبَيْريّ قال: كان العمري جسيمًا أصفر، لم يكن يقبل من السلطان ولا من غيره، ومَن وُلّي من معارفه وأقاربه لا يكلّمه. وقد وُلّي أخوه عمر المدينة وكرْمان واليمامة، فهجره حتّى مات، ما أدركت بالمدينة رجلا أهْيَبَ عند السلطان والعامّة منه. وكان ابن المبارك يَصِلُه فيقبل منه. قال: وقدِم الكوفة يريد أن يخوّف الرشيد بالله، فرجفت لقدومه الدّولة، حتّى لو كان نزل بهم مائة ألف من العدوّ، ما زاد من هيبته، فرجع من الكوفة، ولم يصل إليه. قال يحيى بن أيّوب العابد: حدَّثني بعض أصحابنا قال: كتب مالك بن أنس إلى العُمريّ: إنّك بَدَوْت، فلو كنتَ عند مسجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فكتب إليه: إنّي أكره مجاورة مثلك، إنّ الله لم يرك متغيّر الوجه فيه ساعة قطّ. وقيل: كانت أمّ العُمريّ أنصاريّة، لم يكن يقبل من أحد شيئًا، ومن وُلّي دمشقيًّا من معارفه وأقاربه لا يكلّمه، وقد وُلّي أخوه عَمْر بن عبد العزيز المدينة وكرْمان واليْمامة فهجره. ولم يكن أحد بالمدينة أهْيب عند السلطان والعامة منه. وكان زاهدًا، قوْالا بالحقّ، متألِّهًا، متعبدًا، منعزلا بناحيةٍ غربيّ المدينة. ويروى أن العُمريّ كان يلزم المقبرة كثيرًا، ومعه كتاب ينظر فيه، وقال: ليس الجزء: 12 ¦ الصفحة: 115 شيء أوعظ من قبر، ولا آنَسَ من كتاب. عمر بن شبة، ثنا أبو يحيى الزُّهْريّ قال: قال عبد الله بن عبد العزيز عند موته: بنعمة ربي أحدث، لو أن الدُّنيا تحت قدمي ما يمنعني من أخْذها إلا أن أزيل قدمي، ما أزلْتُها. إني لم أصبح أملك إلا سبعة دراهم ثمن لحا شجر فَتَلْتُهُ بيدي. قال المسيّب بن واضح: سمعتُ العمري الزاهد بمسجد منى يشير بيده ويقول: لله دَرُّ ذوي العقول ... والحرص في طلب الفضول سُلاب أكسية الأرامل ... واليتامى والكهول والجامعين المكثرين ... من الحيازة والغلول وَضَعوا عقولهم من الدنيا ... بمُدْرَجَةِ السيول وَلَهَوْا بأطراف الفروع ... وأغفَلُوا علم الأصول وتتبّعوا جمْعَ الحُطام ... وفارقوا أثر الرسول ولقد رأوا غِيلان رَيْبِ ... الدهر غُولا بعد غُولِ أخبرنا أحمد بن سلامة كتابةً، عن أبي الفضائل الكاغِديّ، أنا أبو عليّ الْحَدَّادِ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ جعفر، نا أحمد بن الأبّار، نا عبد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم، نا سُفيان قال: دخلتُ على العُمريّ الصّالح فقال: ما أحد يدخل عليّ أحبّ إلي منك، وفيك عيب. قلت: ما هو؟ حُبُّ الحديث، أما إنّه ليس من زاد الموت أو من إبزار الموت1. وقال أبو المنذر إسماعيل بن عَمْر: سمعتُ أبا عبد الرحمن العُمريّ الزّاهد يقول: إنّ من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله بأن ترى ما يُسخطه، فتجاوزه، ولا تأمر ولا تنهي عن المنكر خوفًا ممّن لا يملك لك ضرًا ولا نَفْعًا، من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة المخلوقين نُزعت منه الهيبة، فلو أمر بعض ولده لاستخفّ به. قال محمد بن حرب المكّيّ: قدِم العُمريّ فاجتمعنا إليه، فلما نظر إلى القصور   1 خبر صحيح: السير "8/ 333"، الحلية "8/ 284". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 116 المحروقة بالكعبة نادى بأعلى صوته: يا أصحاب القبور المشيَّدة اذكروا ظُلْمة القُبُور الموحشة، يا أهل التنعم والتلذذ اذكروا الذود والصَّديد، وبلاء الأجسام في التراب. ثمّ غلبه عيّه فنام1. أخبرنا إسحاق الأسَديّ، أنا ابن جميل، أنا الكاغديّ، أنا أبو عليّ، أنا أبو نُعَيم، نا سُليمان بن أحمد، نا إسحاق الخُزاعيّ، نا الزُّبَير بن بكّار، ثنا سُليمان بن محمد بن يحيى: سمعتُ عبد الله بن عبد العزيز العُمريّ يقول: قال لي موسى بن عيسى: ينهى إلى المؤمنين أنك تشتمه وتدعو عليه، فبأيّ شيء استجزتَ ذلك؟ قلت: أمّا شَتْمُهُ فهو واللهِ أكرم عليّ من نفسي، لقرابته من رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما الدُّعاء عليه فوالله ما قلت الَّلهُمّ إنّه قد أصبح عِبئًا ثقيلا على أكتافنا، ولا تطيقه أبداننا، وقذى في جُفُوننا، لا تطرف عليه جفوننا، وشجيً في أفواهنا لا تسيغه حُلُوقَنا، فاكفنا مئونته، وفرِّقْ بيننا وبينه. ولكن قلت: الَّلهُمّ إنْ كان تَسَمَّى بالرشيد ليُرشِد فأرشِدْهُ، أو لغير ذلك فراجِعْ به. الَّلهُمّ إنْ له في الإسلام بالقياس على كلّ مؤمن حقًّا، وله بنبيّك قرابة ورحِم، فقرّبْه من كلّ خير، وباعِدْه من كل سوء. وأسْعِدْنا به، وأصْلِحْه لنفسه ولنا. فقال موسى: رحِمك الله أبا عبد الرحمن كذلك لعمري الظن بك2. أَنْبَأَنَا ابْنُ سَلامَةَ، عَنْ أَبِي الْفَضَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ الشّرِينِيُّ، نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الزَّبَانِيَةُ أَسْرَعُ إِلَى فَسَقَةِ الْقُرْآنِ مِنْهُمْ إِلَى عَبَدَةِ الأَوْثَانِ، فَيَقُولُونَ: يُبْدَأُ بِنَا قَبْلَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ. فيقال: ليس من علم كمن لم يَعْلَمُ"3، تَفَرَّدَ بِهِ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ خَبَرٌ مُنْكَرٌ، وَشَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ لا أَعْرِفُهُ. قال مُصْعَب الزُّبَيري: مات العُمريّ سنة أربعٍ وثمانين ومائة، وله ست وستون سنة.   1 الحلية "8/ 285". 2 الحلية "8/ 285، 286". 3 حديث منكر: أخرجه أبو نعيم "8/ 286" في الحلية، وانظر: المغني "4/ 171" للعراقي، وكشف الخفاء "1/ 533". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 117 191- عبد الله بن عبد القُدّوس التّميميّ السَّعديّ الرّازيّ1 س. ت: عن: عبد الملك بن عُمَيْر، وجابر الْجُعْفيّ، وليث بن أبي سُلَيم، وسُليمان الأعمش. وعنه: عبّاد بن يعقوب الرواجِنيّ، وأحمد بن حاتم الطّويل، ومحمد بن حُمَيْد، وعبد الله بن طاهر الرازيان، وجماعة. قال ابن مَعِين: رافضيّ خبيث. وقال محمد بن مهران: لم يكن يعلم، وكان شبْه المجنون، تصيح به الصبيان. وقال النَّسائيّ، وغيره: ضعيف. وقال أحمد بن عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ فِي فَضَائِلِ أَهْلِ البيت. 192- عبد الله بن عمر بن غانم الرُّعَيْنيّ المغربيّ2. أبو عبد الرحمن قاضي إفريقيا. روى: عن عبد الرحمن بن زياد، وإسرائيل بن يونس، وداود بن قيس الفراء، ومالك بن أنس. وعنه: القعنبي. قال أبو داود: أحاديثه مستقيمة. قلت: مولده سنة ثمان وعشرين ومائة، ولم أظفر له بوفاة. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ مَالِكٍ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ قَطُّ، لا يَحِلُّ ذِكْرُ حَدِيثِهِ إِلا عَلَى سَبِيلِ الاعْتِبَارِ. رَوَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "الشَّيْخُ فِي بَيْتِهِ كَالنَّبِيِّ فِي قَوْمِهِ"3.   1 الجرح والتعديل "5/ 104"، والتهذيب "5/ 303، 304". 2 الجرح والتعديل "5/ 110"، والتهذيب "5/ 331، 332". 3 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي "1/ 183" في الموضوعات، وابن حبان "2/ 39"، في المجروحين، وانظر: المغني "1/ 82"، والفوائد المجموعة "488"، وكشف الخفاء "2/ 12". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 118 وَبِهِ مَرْفُوعًا: "مَا مِنْ شَجَرَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْحِنَّاءِ"1. حَدَّثَنَا بِهِمَا عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الْقُومِسِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُشَيْشٍ الْقَيْرَوَانِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ. قُلْتُ: فَلَعَلَّ الْبَلِيَّةَ مِنْ عُثْمَانَ. 193- عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظليّ، مولاهم التركيّ2، ثمّ المَرْوَزِيّ ع. الحافظ، فريد الزمان وشيخ الإسلام. وكانت أمُّه خوارزميّة. مولده سنة ثمان عشرةَ ومائة، وطلب العلم وهو ابن بضع عشرة سنة، وأقدمُ شيخٍ له الربيع بن أنس الخراساني. ورحل سنة إحدى وأربعين ومائة فلقي التابعين، وأكثر الترحال والتطواف إلى الغاية في طلب العلم والجهاد والحجّ والتجارة. روى عن: سليمان التميمي، وعاصم الأحول، وحُمَيْد، وهشام بن عُرْوَة، والْجُريّريّ، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وبُريد بن عبد الله، وخالد الحذّاء، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، والأجلح الكِنْديّ، وحسين المعلّم، وحنظلة السَّدُوسيّ، وحَيْوَة بن شُرَيْح، وابن عَوْن، وابن جُرَيْج، وموسي بن عُقبة، وخلْق من طبقتهم. ثمّ عن: الأوزاعيّ، والثَّوْريّ، وشُعْبة، ومالك، والَّليث، وابن لَهِيعَة، والحمادين، وطبقتهم. ثم عن: هُشَيم، وابن عُيَيْنَة، وخلْق من أقرانه. وصنّف التصانيف النافعة. وعنه: مَعْمر، والثَّوْريّ، وأبو إسحاق الفَزَاريّ، وهم من شيوخه، وبقية، وعبد الرحمن بن مَهْديّ، وأبو داود، وعبد الرزّاق، ويحيى القطّان، وعفّان، وحبّان بن موسى، ويحيى بن مَعِين، وأبو بكر بن شَيْبَة، وأحمد بن منيع، وعليّ بن حُجْر، والحسن بن عيسى، والحسين بن الحَسَن المَرْوَزِيّ، والحسن بن عرفة.   1حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي "2/ 202"، في العلل المتناهية، وأورده الذهبي في الطب النبوي "ص 48". 2 انظر: صفة الصفوة "4/ 134-147"، والسير "8/ 336-371"، والتهذيب "5/ 382-387". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 119 وقع لنا حديثه عاليًا من جزئه، وأقرب ذلك وأعلاه اليوم من جزء ابن عَرَفَة. قال ابن مهديّ: الأئمة أربعة: مالك، والثَّوْريّ، وحمّاد بن زيد، وابن المبارك. وقال ابن مهديّ: ابن المبارك أفضل من الثَّوْريّ. وقال ابن مهدي: ثنا ابن المبارك، وكان نسيج وحده. وقال أحمد بن حنبل: لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه. وعن شُعيب بن حرب قال: ما لقي ابنُ المبارك مثل نفسه. وقال شعبة: ما قدِم علينا مثل ابن المبارك. وقال أبو إسحاق الفَزَاريّ: ابن المبارك إمام المسلمين. وقال يحيى بن مَعِين: كان ثقة متثبتًا، وَكُتُبُهُ نحوٌ من عشرين ألف حديث. وقال يحيى بن آدم: كنت إذا طلبت الدّقيقَ من المسائل فلم أجده في كتب ابن المبارك آيستُ منه. وعن إسماعيل بن عيّاش قال: ما على وجه الأرض مثل ابن المبارك. قال العباس بن مصعب المروزي: جمع ابن المبارك الحديث، والفقه، والعربية، وأيام الناس، والشجاعة، والسخاء، ومحبة الفرق له. وقال أبو أسامة: ما رأيت رجلا أطلب للعلم في الآفاق منه. وقال شعيب بن حرب: سمعتُ سُفيان الثَّوْريّ يقول: لو جهدت جهْديّ أن أكون في السّنة ثلاثة أيّام على ما عليه ابن المبارك لم أقدر. وقال ابن مَعِين: سمعتُ عبد الرحمن يقول: كان ابن المبارك أعلمَ من الثَّوْريّ. وقال أبو أسامة: ابن المبارك في المحدّثين مثل أمير المؤمنين في النّاس. قال أسود بن سالم: إذا رأيت من يغمز ابنَ المبارك فاتَّهمه على الإسلام. وقال الحَسَن بن عيسى بن ماسرجس: اجتمع جماعة مثل الفضل بن موسى، ومخلد بن الحسين، ومحمد بن النضر وقالوا: تعالوا حتّى نَعُدَّ خِصَالَ ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: العِلم، والفقه، والأدب، والنَّحو، واللغَة، والزُّهْد، والشِعر، والفَصاحة، وقيام الليل، والعبادة، والحجّ، والغزو، والشجاعة، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 120 والفروسية، والقوة، وترك الكلام فيما لا يعنيه، والإنصاف، وقلّّة الخلاف على أصحابه. قال نعيم بن حماد: قال رجلٌ لابن المبارك: قرأتُ البارحة القرآن في ركعة. فقال ابن المبارك: لكنّي أعرف رجلا لم يزل البارحة يردد {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التَّكَاثُرُ: 1] إلى الصُّبْح ما قدِر أن يتجاوزها، يعني نفسه. قال نُعَيم: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب "الرقاق" يصير كأنّه ثور يَخُور من البكاء. روى العبّاس بن مُصْعَب الحافظ، عن إبراهيم بن إسحاق البُنانيّ، عن ابن المبارك قال: حملتُ العلم عن أربعة آلاف شيخ، ورويت عن ألف. قال العبّاس: فتتبعتهم حتى بقي لي ثمانمائة شيخ له. وقال حبيب الجلاب: سألت ابنَ المبارك: ما خيرُ ما أُعطي الإنسان؟ قال: غريزة عقل. قلت: فإن لم يكن؟ قال: حُسْنُ أدب. قلت: فإن لم يكن؟ قال: أخُ شفيق يستشيره. قلت: فإن لم يكن؟ قال: صمتٌ طويل. قلت: فإن لم يكن؟ قال: موتٌ عاجل. وقال عَبَدان بن عثمان: قال عبد الله: إذا غلبت محاسن الرجال على مساوئه لم تُذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ على المَحاسن لم تُذكر المحاسن. قال نُعَيم: سمعتُ ابن المبارك يقول: عجِبت لمن يطلب العلمَ كيف تدعوه نفسه إلى مكرُمة. وقال عَبَدان بن عثمان: سمعته يقول: وُلدتُ سنة تسع عشرة ومائة. قال العبّاس بن مُصْعَب: كان عبد الله رجلا تاجرا من همدان من بني حنظلة، فكان إذا قدِم همدان يخضع لولده ويَعِظُهم. وقال: وعن ابن المبارك قال: لنا في صحيح الحديث شُغل عن سقيمه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 121 وقال عبد الله بن إدريس: كلّ حديث لا يعرفه ابن المبارك فنحن منه بُراء. نعيم بن حماد: سمعت ابن المبارك يقول: قال لي أبي: أين وجدتُ كُتُبك حَرَّقْتُها. قلت: وما عليّ من ذلك وهو في صدري. وقال علي بن الحسن بن شقيق: قُمتُ لأخرج مع ابن المبارك في ليلة باردة من المسجد، فذاكَرَني عند الباب بحديثٍ، أو ذاكَرْتُه، فما زال يذاكرني وأذاكره حتّى جاء المؤذن لصلاة الصُّبْح. وقال فَضالة الفَسَويّ: كنت أجالسهم في الكوفة، فإذا تشاجروا في حديثٍ قالوا مرّوا إلى هذا الطبيب حتّى نسأله، يعنون ابنَ المبارك. قال وهْب بن زَمْعة: حدَّث جرير بن عبد الحميد بحديثٍ عن ابن المبارك، فقالوا له: يا أبا عبد الحميد، تُحدّث عن عبد الله، وقد لقيت منصور بن المعتمر، فغضب وقال: أين مثل عبد الله، حَمَلَ عِلَم خُراسان، وأهل العراق، وأهل الحجاز، وأهل اليمن، وأهل الشام؟ أحمد بن عليّ الحَواريّ قال: جاء رجل من بني هاشم إلى ابن المبارك ليسمع منه، فأبى أن يُحدّثه، فقال الهاشميّ لغلامه: يا غلام قُم، أبو عبد الرحمن لا يرى أن يحدّثنا، فلمّا قام ليركب، جاء ابن المبارك ليمسك بركابه، فقال: يا أبا عبد الرحمن لا ترى أن تحدّثني وتُمسك بركابي؟ فقال: أذلُّ لك بدني ولا أذل لك الحديث. المسيّب بن واضح: سمعت ابن المبارك؛ وسأله رجلٌ: عمّن نأخذ؟ فقال: قد تَلْقَى الرجلَ ثقة يحدّث عن غير ثقة، وَتَلْقَى الرجلَ غير ثقة يحدث عن ثقة، ولكن ينبغي أن تكون ثقةً عن ثقة. قال عليّ بن إسحاق بن إبراهيم: قال سُفيان بن عُيَيْنَة: تذكرتُ أمر الصّحابة وأمر عبد الله بن المبارك، فما رأيت لهم عليه فضلا إلا بالصُّحْبة وبجهادهم. عن محمد بن أعْيَن: سمعتُ الفضيل بن عِياض يقول: وربّ هذا البيت ما رأت عيناي مثلَ عبد الله بن المبارك. عثمان الدارمي: سمعتُ نُعَيم بن حمّاد قال: ما رأيتُ ابن المبارك يقول قطّ: حَدَّثَنَا، كان يرى "أنا" أوسع، وكان لا يَرُدّ على أحدٍ حرفًا إذا قرأ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 122 وقال نُعَيم: ما رأيت أعْقَلَ من ابن المبارك، ولا أكثر اجتهادًا في العبادة منه. عبد الله بن سِنان قال: قدِم ابنُ المبارك مكّة وأنا بها، فلمّا أن خرج شيَّعهُ ابنُ عُيَيْنَة والفضيل وودّعاه، وقال أحدهما: هذا فقيه أهل المشرق، فقال الآخر: وفقيه أهل المغرب. الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ "اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ"1. يُفَسِّرُهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ "لا تَقْتُلُوهُمْ مَا صَلَّوْا"2. وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي الإِرْجَاءِ قَالَ: عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ وُزِنَ إِيمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيمَانِ أَهْلِ الأَرْضِ لَرَجَحَ، بَلَى إِنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ3. نُعَيم بن حمّاد: سمعتُ ابن المبارك يقول: السيف الذي كان بين الصحابة كان فتنة، ولا أقول لأحد منه مَفْتُون. قال عبد العزيز بن أبي رَزْمة: لم تكن خصلة من خِصال الخير إلا جمعت في ابن المبارك: حُسن خُلُق، وحسن صُحبة، والزُّهد، والورع، وكلّ شيء. وقيل: سُئل ابن المبارك: مَن السِّفْلة؟ قال الذي يدور على القُضاة يطلب الشهادات. وعنه قال: إنّ البُصَراء لا يأْمنون من أربع خِصال: ذنب قد مضى لا يُدرَى ما يصنع الربٌ فيه، وعُمرٍ قد بَقِيّ لا يُدرَى ما فيه من الهلكات، وفضل قد أُعطي لعلّه مَكْرٌ واستدراجٌ، وضلالةٌ قد زُيِّنَت له يراها هُدى، وزَيغ قلب ساعة، فقد يُسلب دينه ولا يشعر. وعنه قال: لا أفضل من السَّعي على الْعِيَالِ حتّى ولا الجهاد. أبو صالح: سمعتُ ابن المبارك يقول: لا يستحبّ على عالم إلا بذنب.   1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 277"، والطبراني "1/ 74"، في الصغير، وابن حبان "1/ 385"، في المجروحين، وابن عدي "2/ 517" في الكامل للضعفاء. 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1854"، وأبو داود "4760"، والترمذي "2266"، وأحمد "6/ 295، 302، 305، 321". 3 خبر حسن. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 123 محبوب بن موسى الأنطاكيّ: سمعتُ ابن المبارك يقول: من يبخل بالعلم ابتُلي بثلاث: إمّا أن يموت فيذهب عِلمه، أو ينسى، أو يتبع السلطان. منصور بن نافع، صاحبٌ لابن المبارك، قال: كان عبد الله يتصدق لمقامه ببغداد كلّ يوم بدينار. وعن عبد الكريم السُّكريّ قال: كان عبد الله يعجبه إذا قرأ القرآن أن يكون دُعاؤه في السجود. إبراهيم بن نوح المَوْصليّ قال: لما قدِم الرشيد عين زَرْبَة أمر أبا سُلَيم أن يأتيه بابن المبارك، قال أبو سُليمان: فقلت: لا آمن أن يُجيب الرشيد بما يكره فيقتله، فقلت: يا أمير المؤمنين هو رجلٌ غليظ الطباع، جِلْف، فأمسك الرشيد. الفضل الشَّعْرانيّ: ثنا عَبْدَةُ بنُ سُليمان: سمعتُ رجلا يسأل ابن المبارك عن الرجل: يصوم يومًا ويُفْطر يومًا؟ قال: هذا رجلُ يُضيع نصف عمره وهو لا يدري، أي لم لا يصومُها. قلت: فلعلّ عبد الله لم يمرّ له حديث: "أفضل الصَّوم صوم داود" 1. وقال أبو وهْب: سألت ابنَ المبارك: ما الكِبر؟ قال: أنْ تزدري النّاس. وسألته عن العُجْب؟ قال: أن ترى أنّ عندك شيء ليس عند غيرك، لا أعلم في المصلين شيئًا شرًّا من العُجْب. وقال إبراهيم بن شمّاس: قال ابن المبارك: ما بَقِيّ على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عِياض. حاتم بن الجرّاح: سمعتُ عليّ بن الحسن بن شقيق: سمعت ابن المبارك، وسأله رجلٌ قال: قُرْحَةٌ خرجتْ في رُكْبتي مذ سبْع سنين وقد عالجتُها بأنواع العِلاج، وسألت الأطبّاء، فلم أنتفع به. قال: اذهب واحفر بئرًا في مكان حاجة إلى الماء، فإنّي أرجو أن يُنْبع هناك عينًا ويُمسك عنك الدم. قال: ففعل الرجل، وبرأ.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 13، 14"، ومسلم "1159". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 124 وقال أحمد بن حنبل: كان ابن المبارك يحدّث من كتاب، فلم يكن له سَقطٌ كبير، وكان وكيع يحدّث من حفْظه، فكان يكون له سَقط، كم يكون حفظ الرجل. وروى غير واحد أنّ ابن المبارك سُئل: إلى متى تكبت العِلم؟ قال: لعلّ الكلمة التي أنتفع بها لم أكتُبْها بعد. أخبرنا اليُونينيّ، وابن الفرّاء قالا: أنا ابن صباح، وأنا يحيى بن الصّوّاف، أنا محمد بن عماد قالا: أنا ابن رفاعة، أنا الخلعي، أخبرنا ابن الحجاج، أنا أبو الفضل محمد بن عبد الرحمن الرَّمْليّ، نا العبّاس بن الفضل الأسفاطيّ، نا أحمد بن يونس. سمعتُ ابن المبارك قرأ شيئًا من القرآن ثمّ قال: من زعم أنّ هذا مخلوق فقد كفر بالله العظيم. قال عَمْرو الناقد: سمعتُ ابن عُيَيْنَة يقول: ما قدِم علينا أحدٌ يُشبه ابن المبارك، ويحيى بن زكريّا بن أبي زائدة. قال المسيب بن واضح: سمعتُ أبا إسحاق الفَزَاريّ يقول: ابن المبارك إمام المسلمين أجمعين. وقال موسى التبوذكيّ: سمعتُ سلام بن عطيّة يقول لابن المبارك: ما خلّف بالشرق مثله. وقال القواريريّ: لم يكن عبد الرحمن بن مهديّ يقدّم أحدًا في الحديث على مالك، وابن المبارك. وهْب بن زَمْعَة: نا مُعاذ بن خالد قال: تعرّضت إلى إسماعيل بن عيّاش بابن المبارك فقال: ما على وجه الأرض مثله، ولا أعلم أن الله خلق خصلة من خصال الخير إلا وقد جعلها في ابن المبارك، ولقد حدَّثني أصحابي أنّهم صحِبوه إلى مكّة من مصر، فكان يُطعمهم الخبيص وهو الدّهر صائم. وقال المسيّب: سمعتُ مُعتَمر بن سُليمان يقول: ما رأيت مثل ابن المبارك، تُصيب عنده الشيء الذي لا يُصاب عند أحد. وقال جعفر الطّيالسيّ: سألت ابن مَعِين عن ابن المبارك فقال: ذاك أمير المؤمنين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَثْبَتُ أَصْحَابِ الأَوْزَاعِيِّ ابْنُ الْمُبَارَكِ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 125 سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: رَأَيْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ أَتَى زَمْزَمَ فَمَلأَ إِنَاءً، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ أَبِي الْمَوَّالِ، ثنا، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ" 1. وَهَذَا أَشْرَبُهُ لِعَطَشِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَذَا. والمحفوظ ما رواه الحَسَن بن عيسى وقال فيه: "الَّلهُمّ إنّ عبد الله بن المؤمل، عن أبي الوضيء، عن جابر، فذكره". محمد بن النضر بن مساور، نا أبي: قلت لابن المبارك: هل تحفظ الحديث؟ قال: ما تحفَّظت حديثًا قطّ، إمّا آخذ الكتاب فأنظر، فما اشتهيتُه علِق بقلبي. وقال عَبَدان: قال ابن المبارك في التدليس قولا شديدًا، ثم أنشد: دلس للناس أحاديثَه والله لا يقبل تدليسا وعن ابن المبارك: من استخفّ بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخفّ بالأمر ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته. عن أشعث بن شُعبة المَصِّيصيّ قال: قدِم الرشيد الرَّقَّةَ، فانجفل النّاس خَلَف ابن المبارك، وتقطّعت النِّعال، وارتفعت الغبرة، فأشرفت أمُّ ولد للخليفة فقالت: هذا واللهِ المُلْك لا مُلْك هارون الذي لا يجمع النّاس إلا بشُرَط وأعوان. أبو حاتم الرّازيّ: سمعتُ عَبَدة بن سُليمان المَرْوَزِيّ يقول: كنّا في سَريّةٍ مع ابن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدوّ، ولمّا التقى الْجَمْعان خرج رجلُ للمبارزة، فبرز إليه رجل فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثم دعا إلى البراز، فخرج إليه رجلٌ فطارده ساعة، ثمّ طعنه فقتله، فازدحم النّاس، فزاحمتُ فإذا هو ملثَّم وجهه، فأخذت بطرف ثوبه فمدته، فإذا هو عبد الله بن المبارك، فقال: وأنت يا أبا عمرو ممن يُشَنّع علينا؟ 2. وقال محمد بن المثنَّى: ثنا عبد الله بن سنان قال: كنت مع ابن المبارك، والمعتمر بن سُليمان بطَرَسُوس، فصاح النّاس النفير، فخرج ابن المبارك والناس، فلمّا اصطفّ المسلمون والعدو خرج روميُّ وطلب البراز، فخرج إليه رجلُ، فشدّ العِلْج على المسلم   1 حديث حسن لغيره: أخرج أحمد "3/ 357"، وابن ماجه "3062"، والدارقطني "2/ 289" في سننه، والحاكم "1/ 473"، والبيهقي "5/ 202، 248" في سنن الكبرى. 2 صفة الصفوة "4/ 144". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 126 فقتله، حتّى قتل ستة من المسلمين، وجعل يتبختر بين الصَّفّين يطلب المبارزة، ولا يخرج إليه أحد، قال: فالتفت إلى ابن المبارك وقال: يا فلان، إن حدث بن الموت فافعل كذا وكذا. وحرّك دابتهُ وبرز للعِلْج، فعالج معه ساعةً فقتل العِلْج، وطلب المبارزة، فبرز إليه علْج آخر فقتله، حتّى قتل ستة عُلوج، وطلب البراز. قال: فكأنهم كاعوا عنه فضرب دابته، وطرد بين الصَّفَّين وغاب. فلم نشعر بشيء إذ أنا بابن المبارك في الموضع الذي كان، فقال لي: يا أبا عبد الله؛ لإن حدَّثْتَ بهذا أحدًا وأنا حيّ، وذكر كلمة1. قال الحاكم: أخبرني محمد بن أحمد بن عَمْر، نا محمد بن المنذر: حدَّثني عَمْر بن سعيد الطّائيّ، نا عَمْر بن حفص الصوفي بمنبج قال: سار ابن المبارك من بغداد يريد المصّيصة، فصحبه الصُّوفيّة فقال لهم: أنتم لكم أنفسٌ تحتشمون أن تنفق عليكم، يا غلام، هات الطّسْت. فألقى على الطّسْت منديلا ثمّ قال: يُلقي كلُّ رجلٍ منكم تحت المنديل ما معه. قال: فجعل الرجل يُلقي عشرة دراهم، والرجل يلقي عشرين درهمًا. قال: فأنفق عليهم إلى المصِّيصة، فلمّا بلغ المصّيصة قال: هذه بلاد نفيِر، وقَسَّم ما بَقِيَ، فجعل يعطي الرجل عشرين دينارًا، فيقول يا أبا عبد الرحمن: إنما أعطيت عشرين درهمًا، فيقول: وما تذكُر أنّ الله يُبارك للغازي في نفقته. أحمد بن الحَسَن المقرئ: ثنا عبد الله بن أحمد الدَّوْرَقيّ: سمعتُ محمد بن عليّ بن الحَسَن بن شقيق: سمعتُ أبي قال: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحجّ اجتمع إليه إخوته من أهلِ مَرْو، ويقولون: نَصْحَبُك، فيقول: هاتوا نفقاتكم، فيجعلها في صندوق، ثمّ يكتري لهم ويُطعمهم أطيب الطّعام والحَلْواء، فإذا وصلوا إلى الحَرَمَيْن يقول لكلّ منهم: ما أمَرك عيالك أن تشتري لهم؟ فيقول: كذا وكذا. ثمّ لا يزال يُنفق عليهم حتّى يصيروا إلى مَرْو. قال: فَيُجصّص دُورهم، ويصنع لهم وليمةً بعد ثلاث، ثمّ يكسوهم، فإذا أكلوا وشربوا دعا بالصندوق، ويدفع إلى كل رجلٍ منهم صُرّته عليها اسمه2. وأخبرني خادمه أنّه عمل آخر سَفرة سافرها دَعوة، فقدّم إلى النّاس خمسةً وعشرين خِوَانًا فالُوذَج.   1 خبر صحيح. 2 خبر صحيح: تاريخ بغداد "10/ 158"، صفة الصفوة "4/ 140، 141". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 127 قال عليّ بن خَشْرم: حدَّثني سَلَمة بن سُليمان قال: جاء رجل إلى ابن المبارك وسَأله أن يقضي عنه دَيْنًا، فكتب إلى وكيله؛ فلمّا وَرَدَ عليه الكتاب قال للرجل: كم دينك الذي سألت؟ قال: سبعمائة درهم!. قال: فكتب إلى ابن المبارك: إنّ هذا سألك وفاء سبعمائة درهم، وقد كتبتَ إلي بسبعة آلاف درهم، وقد فَنِيَتِ الغلات. فكتب إليه عبد الله: إنْ كانت الغلات فنِيَتْ فإنّ العمر أيضًا قد فني، فأَجْرِ له ما سبق به قلمي. وروى مثلَها أبو الشّيخ الحافظ: نا أحمد بن إبراهيم، نا عليّ بن محمد بن رَوْح: سمعتُ المسيّب بن وضّاح قال: كنتُ عند ابن المبارك، فكلّموه في رجلٍ عليه سبعمائة درهم، وذكر الحكاية. وفيها أنّ كاتبه لما راجَعه في ذلك أضعفَ السَّبعة آلاف. وفي حكاية أخرى أنّ ابن المبارك قضى عن شابٍّ عشرة آلاف درهم. قال الفتح بن شَخْرَف: نا عبّاس بن يزيد، نا حِبّان بن موسى قال: عُوتب ابن المبارك فيما يفّرق من الأموال في البلدان، ولا يفعل في مَرْو؛ إني أعرف مكان قومٍ لهم فضل وصِدْق، طلبوا الحديث فأحسنوا الطَّلَب؛ يحتاج النّاس إليهم، احتاجوا، فإنّ تركتُهُم ضاع عِلْمهم، وإنّ أعَنّاهم بثّوا العِلم، ولا أعلم بعد النُّبُوَّة أفضل من بث العِلم1. إبراهيم بن بشّار الخراساني: سمعتُ عليّ بن الفُضَيْلِ يقول: سمعتُ أبي يقول لابن المبارك: تأمرنا بالزُّهْد والتَّعَلُّل، ونراك تأتي بالبضائع إلى البلد الحرام، كيف هذا؟ قال: إنّما أفعل ذلك لأصون به وجهي، وأُكرم به عِرْضي، وأستعين به على الطّاعة لا أرى لله حقًا إلا سارعتُ إليه. فقال له أبي: ما أحسن ذا إنْ تمّ. وقال نُعَيم بن حمّاد: كان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فقال: كيف استوحش وأنا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه2. قَالَ عبيد الله بن جنّاد: قال لي عطاء بن مسلم: رأيتَ ابن المبارك؟ قلت: نعم! قال: ما رأيت ولا ترى مثله.   1 صفة الصفوة "4/ 128". 2 السابق "4/ 125". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 128 وقال عبيد بن جناد: سمعت العمري يقول: ما في دهرنا من يصلح لهذا الأمر إلا ابن المبارك. وقال شقيق البلْخيّ: قيل لابن المبارك: إذا صلَّيتَ معنا لم تقف. قال: أجلسُ مع الصحابة والتّابعين، فما أصنع معكم، أنتم تغتابون النّاس. وعن ابن المبارك: ليكن الذي تعتمدون عليه الأَثَر، وخُذوا من الرأي ما يفسّر لكم الحديث. وكان قد تفقه بأبي حنيفة، وغيره. وعنه قال: حُبُّ الدنيا في القلوب، والذنوبُ قد احتوشته، فمتى يصل إليه الخير؟ وعنه قال: لو أن رجلا اتقى مائة شيء، ولم يتق شيئًا واحدًا، لم يكن من المتقين، ولو تورع عن مائة شيء، سوى شيء، لم يكن من الورعين، ومن كانت فيه خلة من الجهل، كان من الجاهلين، أما سمعتُ الله يقول لنوح عليه السلام في شأن ابنه: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46] . وَسُئِلَ: من النّاس؟ قال: العلماء! قيل: فمن الملوك؟ قال: الزُّهّاد! قيل: فمن الغَوْغاء؟ قال: خُزَيْمَة وأصحابه! قيل: فمن السُّفَهاء؟ قال: الذين يعيشون برأيهم! وعنه قال: لِيَكُنْ مجلسك مع المساكين، وإيّاك أن تجلس مع صاحب بِدْعة. وعنه قال: إذا عرف الرجل نفسه صار أذلّ من كلب. قال أبو أُميّة الأسود: سمعتُ عبد الله يقول: أحبُّ الصالحين ولستُ منهم، وأبغض الطالحين وأنا شرُّ منهم. ثمّ أنشأ يقول: الصَّمْتُ أزْيَنُ بالفتى ... من منطقٍ في غير حِينِهِ والصِّدْق أجملُ بالفتى ... في القول عندي من يمينُه وَعِلْمُ الفتى بوَقارِهِ ... سمَةٌ تَلُوحُ على جبينِه فمن الذي يخفى عليك ... إذا نظرتَ إلى قرينِهْ رُبّ امرئٍ مُتَيَقِّنٍ ... غلب الشَّقَاءُ علي يقينِه فأزاله عن رأيهِ ... فابتاع دُنياه بدينِه1   1 الحلية "8/ 170". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 129 قال ابن المبارك: رُبّ عملٍ صغير تُكبّره النيّة، ورُبّ عمل كبير تصغّره النيّة. وقال الحَسَن بن الربيع: لمّا احتضر ابن المبارك في السَّفَر قال: أشتهي سَوِيقًا، فطلبناه له، فلم نجدْه إلا عند رجل كان يعمل للسلطان، فذكرناه لعبد الله فقال: دَعُوه. فمات ولم يشربْه. قال العلاء بن الأسود: ذُكر جَهْمٌ عند ابن المبارك فقال: عجِبتُ لشيطانٍ أتى النّاس داعيًا إلى النّار واشتُقَّ اسمُهُ من جَهنَّم قال عليّ بن الحَسَن بن شقيق: سمعتُ ابن المبارك يقول: إنا لنحكي كلامَ اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الْجَهْميّة. أخبرنا إسحاق بن طارق: أنا ابن خليل، نا عبد الرحيم بن محمد، نا أبو علي المقرئ، أنا أبو نعيم الحافظ، نا إبراهيم بن عبد الله، نا محمد بن إسحاق: سمعتُ أبا يحيى: سمعتُ عليّ بن الحَسَن بن شقيق يقول: قلت لابن المبارك: كيف تعرفُ ربَّنا عزّ وجلّ؟ قال: في السماء على العرش، ولا نقول كما قالت الجهمية: هو معنا ههنا. قال أبو صالح الفرّاء: سألت ابن المبارك عن كتابة العِلم، فقال: لولا الكتاب ما حفِظْنا. وسمعته يقول: الحِبْرُ في الثوب خُلُوقُ العُلماء. وقال: تواطُؤُ الْجِيران على شيءٍ أحَبُّ إلي من عَدْلَيْن. ويقال: مَرَّ ابن المبارك براهبٍ عند مقبرةٍ ومزْبلةٍ، فقال: يا راهبُ عندك كنز الرجال، وكنز الأموال، وفيهما مُعْتَبٌر. وقد كان ابن المبارك غنيًّا شاكرًا، رأسُ ماله نحو من أربعمائة ألف. قال حيّان بن موسى: رأيتُ سُفرة ابن المبارك حُملت على عَجَلَةٍ. وقال أبو إسحاق الطّالقانيّ: رأيتُ بعيرَين محمَّلين دجاجًا مشْوِيًا لسُفْرة ابن المبارك. وروى عبد الله بن عبد الوهّاب، عن ابن سهم الأنطاكيّ قال: كنت مع ابن المبارك، فكان يأكل كلّ يوم، فيُشوي له جَدْيٌ، ويُتَّخَذُ له فالوذَج، فقيل له في ذلك، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 130 فقال: إنّي دفعتُ إلى وكيلي ألف دينار، وأمرته أن يوسّع علينا. قال الحَسَن بن حماد: دخل أو أسامة على ابن المبارك، فوجَدَ في وجهه أثر الضُّرّ، فلمّا خرج بعث إليه أربعة آلاف دِرهم وكتب إليه: وَفَتًى خلا من مالِه ... ومن المروءة غير خالي أعطاك قبل سؤالهِ ... فكفاك مكروه السؤالِ قال المسّيب بن وضّاح: أرسل ابن المبارك إلى أبي بكر بن عيّاش أربعة آلاف درهم وقال: سُدّ بها فتنة القوم عنك. وقال عليّ بن خَشْرَم: قلت لعيسى بن يونس: كيف فَضَلَكُم ابن المبارك ولم يكن بأسَنَّ منكم؟ قال: كان يَقْدَم ومعه الغلْمان الخُراسانيّة، والبِزة الْحَسَنَةُ، فيصل العلماء ويعطيهم، وكنا لا نقدر على ذلك. وقال نُعَيم بن حمّاد: قدِم ابن المبارك ليلةً على يونس بن يزيد، ومعه غلامُ مفرَّغ لضرب الفالوذَج، يتَّخذه للمحدّثين. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ" 1. فَقُلْتُ لِلْوَلِيدِ: أَيْنَ سَمِعْتَهُ مِنَ ابْنِ الْمُبَارَكِ؟ قَالَ: فِي الْغَزْوِ. وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: فِي أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِمْدَانَ الْبَصْرِيِّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّ أَبَا الْمُثَنَّى الْمُلَيْكِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْقَتْلَى ثَلاثَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ، فَذَلِكَ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ، لا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ؛ وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ فَرَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قُتِلَ، فَتِلْكَ مَضْمَضَةٌ أَيْ مَطْهَرَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ، إِنَّ السَّيْفَ محاء للخطايا،   1 حديث صحيح: أخرجه الحاكم "1/ 62"، وابن حبان "1912"، وابن عبد البر "1/ 158"، في جامع بيان العلم، وأبو نعيم "8/ 171"، في الحلية، والخطيب "11/ 165" في تاريخ بغداد. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 131 وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، وَلِجَهَنَّمَ سَبَعَةٌ؛ وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ، فَذَلِكَ فِي النَّارِ، إِنَّ السَّيْفَ لا يَمْحُو النِّفَاقَ" 1. وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَناهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ في جماعة قالوا: أنا أبو شُعَيْبٌ الْحَرَّانِيُّ، ثنا يَحْيَى الْبَابلُتِّيُّ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرَ بِهَذَا. وقد كان عبد الله بن المبارك -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- من فُحُولِ الشعراء المحسنين. قال عبد الله بن محمد قاضي نصيبين: حدَّثني محمد بن إبراهيم بن أبي سُكينة: أملى عليّ ابن المبارك بطَرَسُوس، وودَّعْتُه، وأنفذها معي إلى الْفُضَيْلِ بن عِياض في سنة سبع وسبعين ومائة هذه الأبيات: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت أنك في العبادة تلعب من كان يخضب جيده بدموعه ... فنحورنا بدمائنا تتخضب أو كان يتعب خيله في باطل ... فخيولنا يوم الصبيحة تتعب وريح العبير لكم ونحن عبيرنا ... رهج السنابك والغبار الأطيب ولقد أتانا من مقال نبينا ... قَوْل صادق لا يكذب لا يستوي وغبار خيل الله في ... أنف أمرئ ودخان نار تلهب هذا كتاب الله ينطق بيننا ... ليس الشهيد بميت لا يكذب2 فلقيت الْفُضَيْلَ بكتابه في الحَرَم، فلمّا قرأه ذرفت عيناه ثمّ قال: صدق أبو عبد الرحمن ونصح. وروى إسحاق بن سُنَين لعبد الله بن المبارك: إني امرؤ ليس في ديني لِغامِزه ... لِينٌ ولستُ على الإسلام طعانًا فلا أسب أبا بكر ولا عمرًا ... ولن أسب معاذ الله عثمانا ولا ابن عم رسول الله اشتم ... حتى ألبس تحت الترب أكفانا   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 185، 186"، والدارمي "2/ 206"، في سننه، والطبراني "17/ 125" في الكبير. 2 خبر صحيح: السير "8/ 364"، طبقات الشافعية "1/ 151" للسبكي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 132 ولا الزُّبَير حواري الرسول ولا ... أهدي لطلحة شتمًا عز أو هانا ولا أقول عليّ في السحاب إذا ... قد قلت والله ظلمًا ثمّ عدوانًا ولا أقول بقول الجهم إنّ له ... قولا يضارع أهل الشرك أحيانا ولا أقول تخلى من خليقته ... رب العباد وولى الأمر شيطانا ما قال فرعون هذا في تجبره ... فرعون موسى ولا هامان طغيانا1 وهي قصيدة طويلة. ومنها قوله: الله يدفعُ بالسلطان معضلة ... عن ديننا رحمة منه ورضوانًا لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل ... وكان أضعفنا نهبا لأقوانا2 قيل: إنّ الرشيد أعجبه هذا، فلمّا بلغه موت ابن المبارك بهت، ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا فضل ائذن للناس يعزونا في ابن المبارك. أليس هو القائل: الله يدفع بالسلطان معضلة وذكر البيتين. من الذي يسمع هذا من ابن المبارك ولا يعرف حقنا؟ قال ابن سهم الأنطاكي: سمعتُ ابن المبارك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ينشد: وطارت الصحف في الأيدي مُنشَّرةً ... فيها السرائر والجبار مُطَّلِعُ فكيف تهون والأنباء واقعة ... عما قليل ولا تدري بما تقع إما الجنان وعيش لا انقضاء له ... أم الجحيم فلا تبقي ولا تدع تهوي بساكنها طورًا وترفعه ... إذا رجوا مخرجًا من غمها قمعوا لينفع العلم قبل الموت عالمه ... قد سال بها الرجعي فما رجعوا ومنها وهي طويلة:   1، 2 الحلية "8/ 164". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 133 فكيف قَرَّت لأهل العلم أعيُنُهُم ... أو استَلَذُّوا لذيذ النَّوْم أو هَجَعُوا والنّارُ ضاحيةٌ لا بُدّ مَوْرِدُها ... وليس يَدْرُون مَن يَنْجُو ومَن يقع قال سلم الخواص: أنشدنا ابن المبارك: رأيتُ الذنوب تميت القلوب ... ويتبعها الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها وهل بدل الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها وباعوا النفوس ولم يربحوا ... ببيعهم النفس أثمانها لقد رتع القوم في جيفة ... يبين لذي اللب إنتانُها قال أحمد بن جميل المَرْوَزِيّ: قيل لابن المبارك: إنّ ابن عُلَيَّة قد ولي الصدقة، فكتب إليه: يا جاعلَ العِلم له بَازِيًا ... يصطادُ أموالَ المساكينِ احْتَلْتَ لِلدُّنيا ولَذّاتِها ... بحِيلَةٍ تَذْهَبُ بالدِّين فَصِرَت مجنونًا بها بعدما ... كُنتَ دواءً للمجانينِ أين رِواياتُك في سَرْدِها ... عن ابنِ عونٍ وابنِ سِيرين أين رواياتك فيما مضى ... في تركِ أبوابِ السَّلاطينِ إنّ قلتَ أُكْرِهْتُ فماذا كذا ... زل جمار العلمِ في الطِّينِ ولابن المبارك: جَرَّبت نفسي فما وجدتُ لها ... من بعد تَقْوَى الإلهِ كالأدبِ في كُلِّ حالاتِها وإنْ كَرِهَتْ ... أفْضَلَ من صَمْتها عن الكذِب أو غيبةِ النّاسِ إنّ غِيبَتَهُم ... حَرَّمَها ذو الْجَلال في الكُتُب قلت لها طائِعًا وإكراهًا ... الْحِلْمُ وَالْعِلْمُ زينُ ذي الحَسَب إنْ كان مِن فضةٍ كلامُك يا ... نَفْسُ فإنّ السُّكُوت من ذَهَبِ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 134 قال السَّرَاج الثَّقفيّ: أنشدني يعقوب بن محمد لابن المبارك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أبإذن نزلت بي يا شيب ... أي عيش وقد نزلت يطيب وكفى الشيب واعظًا غير أني ... آمل العيش والممات قريب كم أنادي الشباب إذ بان مني ... وندائي موليًا ما يجيب وله: يا عائب الفقر ألا تزدجر ... عيب الغنى أكثر لو تعتبر من شرف الفقر ومن فضله ... على الغنى إنّ صح منك النظر إنك تعصي لتنال الغنى ... وليس تعصي الله كي تفتقر وقال حِبّان بن موسى: سمعتُ عبد الله بن المبارك ينشد: كيف القرارُ وكيف يهدأُ مسلمٌ ... والمسلماتُ مع العدوّ الْمُعْتَدِي الضاربات خدودهن برنة ... الداعيات نبيهن محمد القائلات إذا خشين فضيحة ... جهد المقالة ليتنا لم نولد ما تستطيع وما لها من حيلة ... إلا التستر من أخيها باليد وله: كل عيش قد أراه نكرًا ... غير ركز الرمح في فيِّ الفرس وركوبي في ليال في الدجى ... أحرس القوم وقد نام الحرس أبو إسحاق الطّالقانيّ قال: كنّا عند عبد الله فانهد القهندز، فَأُتي بسِنَّيْن، فوُجد وزن أحدَيْهما مَنَوان، فقال عبد الله بن المبارك رحِمَه الله: أُتِيتُ بسنين قد رمتا ... من الحِصْن لمّا أثاروا الدَّفينا على وزْن مَنْوَيْنِ إحداهُما ... تُقِلُّ به الْكَفُّ شيئًا رَزينا ثلاثون سِنّا على قَدْرِها ... تباركْتَ يا أحسَنَ الخالقِينا فماذا يقومُ لأفواهها ... وما كان يملأ تلك البطونا إذا ما تذكرتُ أجسامهم ... تَصَاغَرَتِ النَّفسُ حتّى تَهُونا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 135 وكلُّ على ذاك ذاقَ الرَّدَى ... فبادُوا جميعًا فهم هامدُونا1 ومن طُرق، عن ابن المبارك، ويقال بل هي لحميد النحوي: اغتنِمْ رَكْعَتَيْنِ زُلْفَى إلى الله ... إذا كُنت فارغًا مُسْتَريحًا وإذا ما هَمَمْتَ بالنُّطْق بالباطلِ ... فاجْعَلْ مكانه تسبيحا فاغْتِنامُ السُّكُوتِ أفضلُ من ... خَوْضٍ وإنْ كنتَ بالكلام فصيحا عَبَدان بن عُثمان، عن ابن المبارك أنّه كان يتمثَّل: وكيف تحبُّ أن تُدعى حليمًا ... وأنتَ لكلّ ما تَهْوَى ركوبُ وتضحكُ دائمًا ظهرًا لبطنٍ ... وتَذْكرُ ما عملت فلا تتوب العبدُ عبدُ النَّفْس في شَهَواتها ... والحُرّ يشبع مرة ويجوع وسُمع ابن المبارك وهو يُنشد فوق سور طَرَسُوس: ومِن البلاءِ وللبلاءِ علامةٌ ... أن لا يرى لك عن هواك نزوع قال أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قال: لما احتضر ابن المبارك جَعَلَ رجُلٌ يلقِنُه: قل لا إله إلا الله، وأكْثَرَ عليه، فقال: لستَ تُحِسن وأخاف أن تؤذي مسلمًا بعدي إذا لقَّنْتني فقلت: لا إله إلا الله ثمّ لم أُحدِث كلامًا بعدها فَدَعْني، فإذا أحدثْتُ كلامًا بعْدَها فلقِّنِّي حتّى تكون آخر كَلامي2. وقيل إنّ الرشيد لما بَلَغَه موتُ ابن المبارك قال: مات اليوم سيّدُ العلماء. قال عَبَدان بن عثمان: خرج عبد الله إلى العراق أول شيء سنة إحدى وأربعين ومائة، ومات بِهِيت وعَانَات في رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة. وقال حسن بن الربيع: قال لي ابن المبارك قبل أن يموت: أنا ابن ثلاثٍ وستين. وقال أحمد بن حنبل: ذهبتُ لأسمع من ابن المبارك فلم أُدْرِكْه، وكان قد قدِم فخرج إلى الثِّغْر ولم أره. قال محمد بن فُضَيْلِ بن عياض: رأيت ابن المبارك في النوم فقلت: أي العمل أفضل؟ قال: الأمر الذي كنتُ فيه. قلت: الرباط والجهاد؟ قال: نعم.   1 السير "8/ 368". 2 صفة الصفة "4/ 146". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 136 قلت: فما صنع بك ربُّك؟ قال: غفر لي مغفرةً ما بعدها مَغْفِرة1. رواها اثنان عن محمد. وقال العبّاس بن محمد النَّسَفيّ: سمعتُ أبا حاتم البربري يقول: رأيت ابن المبارك واقفًا على باب الجنّة بيده مُفتاح، فقلت: ما يوقفك ههنا؟ قال: هذا مفتاح الجنّة دفعه إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- وقال: حتّى أزور الرَّبَّ تعالى، فكن أميني في السماء كما كنت أميني في الأرض. وقال إسماعيل بن إبراهيم المصّيصيّ: رأيت الحارث بن عطية في النوم فسألته، فقال: غُفر لي. قلت: فابنُ المبارك؟ قال: بخٍ بخٍ، ذاك في عِلِّيِّين ممّن يلج على الله كلّ يومٍ مرّتين. وقال أبو هشام الرفاعيّ: ثنا ليث بن هارون، عن نوفل قال: رأيت ابن المبارك في النَّوم، فقلت: ما فعل بك ربّك؟ قال: غفر لي برحلتي في الحديث، عليك بالقرآن، عليك بالقرآن. قلت: ما فعل سُفيان الثَّوْريّ؟ قال: ذاك عندهم في مكانٍ رفيع. وقال عليّ بن أحمد السّوّاق: ثنا زكريّا بن عَدِيّ قال: رأيت ابن المبارك فِي النَّوم، فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي برحلتي2. ولبعضهم، وهو الوزير ابن المغربيّ: مررتُ بقبر ابن المبارك بكرةً ... فأوسَعَني وعْظًا وليس بناطقِ وقد كنت بالعِلْم الّذي في جوانحي ... غنّيًا وبالشَّيْب الذي في مَفَارِقي ولكن أرى الذكر تنبه غافلا ... إذا هي جاءت من رجالِ الحقائقِ 194- عبد الله بن محمد، أبو علقمة الفروي3. في الكنى.   1 صفة الصفوة "4/ 147". 2 تاريخ بغداد "10/ 169". 3 يأتي في "الكنى". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 137 195- عبد الله بن مراد السَّلمانيّ المُراديّ الكوفيّ1: عن: أبي إسحاق الشَّيبانيّ، والنعمان بن قيس. وعنه: داود بن إسحاق العايديّ، وهارون بن حاتم. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 196- عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بن العوّام2. أبو بكر الزُّبَيريّ المدنيّ الأمير، والد مُصْعَب. روى عن: هشام بن عُرْوة، وأبي حازم المَدِينيّ، وموسى بن عقبة، وطبقتهم. وعنه: ابنه مُصْعَب، وهشام بن يوسف الصَّنْعانيّ، وإبراهيم بن خالد الصَّنْعانيّ. وُلّي إمرة المدينة، وإمرة اليمن، وحُمِدت سيرته، وكان وسيمًا جميلا فصيحًا مُفَوَّهًا من سَرَوات قريش، أول ما اتّصل بصُحبة المهديّ أحبّه، وصار من خواصّه. قال مُصْعَب: كان أبي يكره الولاية فألزمه الرشيد، وأقام ثلاث ليالٍ يُلْزمه وهو يمتنع، ثمّ غدا عليه فدعا الرشيد بقناة وعمامة، وعقد له اللواء بيده، ثم قال: عليك سمع وطاعة. قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فناوله اللّواء وجعل له في العام اثنى عشر ألف دينار، ووصله بعشرين ألف دينار، وولاه المدينة ومعها اليمن، وزاده معها ولاية عَكّ3. قال الزُّبَير بن بكّار بن عبد الله: كان جدّي مِدْرَه قريش، وخطيبها، وواحدها شَرَفًا وَقَدْرًا وصَونًا؛ وكان وسيمًا جميلا فصيحًا، قد عُرفت له مروءة وقُدرة بالبلد. وقال عبد الله بن نافع بن ثابت الزُّبَيريّ: بعث الوزير أبو عبيد الله إلى عبد الله بن مُصْعَب في أول ما صحِب المهديّ بألفَيْ دينار، فردّها وقال: لا أقبل صلة إلا من خليفة أو ولي عهد.   1 لم نقف عليه. 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 178"، والسير "8/ 454". 3 عك: إحدى الولايات بجوار اليمن. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 138 قال يعقوب الفَسَويّ: ولي بكّار بن عبد الله المدينة وقدم أبوه إلى بغداد. وسُئل ابن مَعِين عن عبد الله بن مُصْعَب فقال: ضعيف الحديث لم يكن له كتاب. وقال أبو حاتم: هو بابَهُ عبد الرحمن بن أبي الزِّناد. قيل: مات عبد الله بالرَّقَّة في سنة أربعٍ وثمانين ومائة، وله نحوٌ من سبعين سنة. وَقَدْ وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ كِتَابَةً أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ الرَّهَاوِيَّ الْحَافِظَ قَالَ: أنا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ ح، وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّحْوِيُّ قَالا: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْحَرَّانِيُّ، بِحَلَبٍ، أنا أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ قَالا: أَخْبَرَتْنَا بِيبِي الْهَرْثَمِيَّةُ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ألا أخبركم على من تحوم النَّارُ غَدًا، عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ قَرِيبٍ سَهْلٍ" 1. 197- عبد الله بن معاوية الزُّبَيريّ2. أبو معاوية، من ولد الزُّبَير بن العوّام. روى عن: هشام بن عُرْوة، وغيره. وعنه: أبو عاصم النبيل، وأبو الوليد، ويحيى بن مَعِين، وأبو حفص الفلاس. قال أبو حاتم: مستقيم الحديث. وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال أيضًا في كتاب الضعفاء الكبير: عبد الله بن معاوية من ولد الزُّبَير بن العوام بصري بعض أحاديثه مناكير.   1 حديث صحيح لغيره: أخرجه الخرائطي "11"، "23" في المكارم، وله شاهد من حديث ابن مسعود، أخرجه الترمذي "2488"، وأحمد "3938"، وابن حبان "1096". وله شاهد من حديث أبي هريرة، وأنس، كما في المجمع "4/ 75". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 178"، والميزان "2/ 507". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 139 قلت: العبارتان معناهما واحد، لأنّ من كان بعض أحاديثه مُنْكَرَة فهو أيضًا مُنْكَر الحديث. إذ قولّنا في الرجل مُنْكَر الحديث لا نعني به أنّ كل ما رواه مُنْكَر، فإذا روى الرجل جملةً وبعض ذلك مناكير، فهو مُنْكَر الحديث. 198- عبد الله بن المُنيب الأنصاريّ الحارثيّ1 د. ن: عن: جدّه عبد الله بن أبي أُمامة، ووالده، وهشام بن عُرْوة. وعنه: مَعن بن عيسى، والواقديّ، وعبد الرحمن بن مهديّ، وسعيد بن أبي مريم، ومحمد بن خالد بن عثمان. قال النَّسائيّ: لا بأس به. 199- عبد الله بن موسى بن إبراهيم التيمي الطلحي2 ق: أبو محمد المدني. عَنْ: صَفْوان بْن سُلَيم، وأسامة بْن زيد، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأثنى عليه، ويعقوب بن كاسب، ويعقوب بن محمد، وطائفة. قال ابن مَعِين: صدُوق، كثير الخطأ. قال ابن جبان، وغيره: لا يُحْتَجّ به. وجدّه هو إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله. 200- عبد الأعلى بن عبد الأعلى السّاميّ3 ع: الإمام أبو محمد القُرَشيّ البصْريّ. عن: حُمَيْد الطويل، والجريري، وداوود بن أبي هند، ويونس بن عُبَيْد، وابن أبي عَرُوبة، وخلْق. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، وعمرو بن عليّ الفلاس، ونصر بن عليّ، وبُنْدار، وخلق.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 152"، والتهذيب "6/ 43". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 166، 167"، والتهذيب "6/ 44". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 28"، التهذيب "6/ 96". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 140 قال يحيى بن مَعِين: ثقة. وقال عيّاش بن الوليد الرقام: ثنا عبد الأعلى أبو محمد وأبو هَمّام، يعني له كُنْيتان. قلت: احتجّوا به في الكُتُب، وهو صَدُوق، لكن رُمي بالقَدَر. وقال محمد بن سعد: لم يكن بالقويّ. تُوُفّي في شعبان سنة تسعٍ وثمانين ومائة. 201- عبد الجبّار بن سليمان اليَحْصُبيّ المصريّ1: يُكَنّى أبا سُليمان. روى عن: حَيَوة بن شُرَيْح، وغيره. وعنه: ابن وهْب مع تقدُّمه، ويحيى بن بكير، وأبو الطاهر بن السرح. ذكره ابن يونس وقال في ترجمته إنّه قال: أدركت مِصْرَ وليس فيها إلا سائل واحد، ثمّ طرق إلينا سائل آخر. قلت: لو كان هذا في قريةٍ لقضي منه العَجَب، فكيف في مثل عَظَمة مصر. مات عبد الجبّار سنة تسعين ومائة. 202- عبد الحميد بن عَدِيّ، أبو سِنان الْجُهَنّي الدّمشقيّ2. عن: الأوزاعيّ، وهشام بن الغاز، وجماعة. وعنه: الهيثم بن خارجة، وهشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 203- عبد الحميد بن أبي العِشرين الدّمشقيّ3. أبو سعيد، كاتب الأوزاعيّ.   1 أورد السيوطي في "حسن المحاضرة". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 16". 3 الجرح والتعديل "6/ 11"، والتهذيب "6/ 112، 113". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 141 روى عن الأوزاعي فقط. وعنه: أبو الجماهير، ومحمد بن عثمان، وهشام بن عمّار، وجنادة بن محمد المُرّيّ. وثقه أحمد، وأبو حاتم. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن معين: ليس به بأس. وقال الدارقطني: ثقة. وقال ابن عَدِيّ: يغرب عن الأوزاعيّ بأحاديث، وهو ممّن يُكْتَب حديثه. وقال أبو حاتم: لم يكن بصاحب حديث، كان كاتب ديوان. وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه: "في سوق الجنة"1 لا أصل له في حديث أبي هريرة، ولا ابن المسيب ولا حسّان بن عطيّة، وقد تَابَعَه عليه سُوَيْد بن عبد العزيز. 204- عبد الرحمن بن بشير، أبو أحمد الدّمشقيّ الشَّيْبانيّ2. عن: محمد بن إسحاق، وعمّار بن إسحاق. وعنه: زْهير بن عباد، ودحيم، وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل. وثقه دُحَيْم. وقال أبو حاتم: مُنْكَر الحديث. 205- عبد الرحمن بن الحارث السَّلاميّ3: عن: الزُّهْريّ، وعُمْير بن هانئ، ومحمد بن المُنْكَدر، وربيعة الرأي وغيرهم. وعنه: هشام بن عمّار، والحَكَم بن موسى. قال أبو حاتم: حديثه مقارب.   1 حديث ضعيف: وأخرجه الترمذي "2673"، وقال: حديث غريب. 2 الجرح والتعديل "5/ 215"، والميزان "2/ 550". 3 الجرح والتعديل "5/ 225"، والميزان "2/ 554". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 142 206- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ1 ت. ق: مَوْلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَابْنِ حَازِمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، وَخَلْقٌ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ. ضعفه أحمد، وغيره. وهو صاحب حَدِيثِ: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ" 2. يَرْوِيهِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ الطَّبَّاعِ، بِهَذَا. قال الشّافعيّ: ذكر لمالك حديث منقطع فقال: اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه، عن نوح عليه السلام. وقال البخاريّ: عبد الرحمن بن زيد ضعّفه عليّ جدًا. قلت: أخواه أقوى منه وأحسن حالا، عبد الله، وأسامه. تُوُفّي عبد الرحمن سنة اثنتين وثمانين ومائة. 207- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 ت: أبو القاسم العمري المدني، أخو قاسم. عن: أبيه، وعُبَيْد الله، وسُهيل بن أبي صالح، وهشام بن عروة. وعنه: شُرَيْح بن يونس، وأبو الربيع الزَّهْرانيّ، ومحمد بن الصّبّاح الْجَرْجَرائيّ، والحَسَن بن عَرَفَة، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "5/ 233، 234"، والسير "8/ 309". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "2/ 97"، وابن ماجه "3218"، والشافعي "1734"، والبيهقي "1/ 254"، "9/ 257"، في سننه الكبرى. 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 253"، والتهذيب "6/ 213، 214". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 143 مُتَّفَقٌ على وَهْنه، مَزّق أحمد ما سمع منه. وقال أبو زُرْعة: متروك. وقال أبو داود: ليس بثقة. قيل: مات في صَفَر سنة ستٍّ وثمانين ومائة. 208- عبد الرحمن بن عبد الملك بن سعيد بن حِبّان بن أبجر الهَمَدانيّ الكوفيّ1 م. ن: عنه: أبيه، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: سعيد بن محمد الجرميّ، وشُرَيْح بن يونس، والوليد بن شُجاع السَّكُونيّ، وابن مهديّ، وجماعة. وكان عبدًا صالحًا، أمّ النّاس في الصلاة على الثَّوْريّ، ما أعلم فيه مَغْمزًا. مات سنة إحدى وثمانين ومائة. قال ابن مَعِين: صالح الحديث. وذكره ابن حِبّان في الثقات. وأخرج له مسلم حديثين عن أبيه. 209- عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب الحاطبيّ المدنيّ2. له عن: أبيه عن ابن عَمْر، وعن عمّه. وعنه: سَعْدُوَيْه الواسطيّ، وأبو مَعْمر القَطِيعيّ، وزكريّا بن يحيى بن صُبَيْح، وعثمان بن أبي شَيْبَة. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث يهولني كثرة ما يُسْند. 210- عبد الرحمن بن مالك بن مغول البجلي الكوفي3.   1 الجرح والتعديل "5/ 258، 259"، التهذيب "6/ 221". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 264"، والثقات لابن حبان "8/ 372". 3 الجرح والتعديل "5/ 286"، والميزان "2/584". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 144 عن: أبيه، وهشام بن عُرْوة، والأعمش، ونحوهم. وعنه: أبو إبراهيم التَّرْجُمانيّ، وعَمْرو الناقد، ومحمد بن معاوية بن مَالَج، بفتح اللام. قال الدَّارَقُطْنيّ،، وغيره: متروك. وقال أبو داود: كان يضع الحديث. وقال أحمد بن حنبل: خرقنا حديثه من بعد. وقال ابن مَعِين: رأيته، وليس بثقة. 211- عبد الرحمن بن القُطاميّ1: بصريّ، له عن: أبي المُهَزّم، ومحمد بن زياد الْجُمَحّي، وعلي بن جدعان. وعنه: عبد الجبار بن العلاء، وعمر بن شبة، وعبد الرحمن بن معبد، وآخرون. قال الفلاس: لقيته وكان كذابا. وذكره ابن حبان ووهاه، لكن غلط في قوله: روى عن أنس، إنّما يروي عن أصحاب أنس. وأورد ابن عَدِيّ له أحاديث وقال: لعلّ الضَّعْف فيها من قِبَل أبي المُهَزّم، وابن جُدْعان. 212- عبد الرحمن بن أبي الرجال2 ع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن حارثة بن النعمان بن نافع الأنصاريّ النجاري المدني. عن: أبيه، وعُمارة بن غَرِيّة، وعمر مولى عَفْرة، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، ويعقوب بن محمد بن طحلاء، وجماعة. وعنه: أبو نُعَيم، وقُتَيْبة، وهشام بن عمّار، ويحيى الوحاظيّ، وسُوَيْد بن سعيد، والحكم بن موسى.   1 الجرح والتعديل "5/ 279"، والميزان "2/ 582". 2 الجرح والتعديل "5/ 281، 282"، والتهذيب "6/ 169". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 145 وكان قد نزل بثغر الشام. وثَّقه ابن مَعِين، وغيره. وليَّنه أبو حاتم قليلا. 213- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه العَرْزميّ1. عن: أبيه، وجابر الْجُعْفيّ، وعبد الملك بن أبي سُليمان، وجُوَيْبر، وغيرهم. وعنه: ابنه محمد، وعليّ بن جعفر الأحمر، وعبد الرحمن بن صالح الأزْديّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. 214- عبد الرحمن بن مُسْهِر2. أبو الهيثم الكوفيّ، قاضي جَبُّل، وهو أخو عليّ بن مُسْهِر. روى عن: هشام بن عروة، وعمرو بن شمر، وأشعث بن سَوّار. وعنه: يحيى بن أيوب العابد، وعبد الله المخزومي، والحسين بن أبي زيد الدباغ، وغيرهم. قال النسائي: متروك. هو الذي ولاه أبو يوسف القاضي قضاء جبل، وأنّ الرشيد انحدر مرّة إلى البصرة، قال عبد الرحمن: فسألت أهل جَبُّلَ أن يُثْنوا عليّ، فوعدني ذلك. فلمّا قرُب إلينا الرشيد وأبو يوسف معه في الحرّاقة، فقلت: يا أمير المؤمنين نِعم القاضي قاضي جَبُّلَ، قد عَدَلَ، وَفَعَلَ وَفَعَلَ، وجعلتُ أُثني، فعرفني أبو يوسف فضحِك، ثمّ أخبر الرشيدَ، فضحك حتّى فحص برِجْلَية، ثمّ قال: هذا شيخ قليل العقل فاعزلْه، فعزلني. قلت: ومن نقص عقله كونه يحكي هذه الورطة عن نفسه.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 282"، الميزان "2/ 585". 2 الجرح والتعديل "5/ 291"، والميزان "2/ 590، 591". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 146 قال ابن مَعِين: ليس بشيء. 215- عبد الرحمن بن ميسرة، أبو ميسرة الحضّرميّ المصريّ الفقيه1. من كبار علماء المصريين وقُرّائهم. وُلد سنة عشر ومائة، وكان أوّل من أقرأ بمصر بحرف نافع، وكان من شُهود القاضي العُمريّ. تُوُفّي سنة ثمان وثمانين ومائة. 216- عبد الرحيم بن زيد بن الحواري العمي البصري2 ق: أبو زيد. روى: عن أبيه، ومالك بن دينار. وعنه: سويد بن سعيد، ويحيى الحماني، والمسيب بن واضح، ومحمد بن يحيى العدني، وجماعة. قال البخاري: تركوه. وقال أبو حاتم: ترك حديثه، منكر الحديث، كان يفسد أباه، يحدّث عنه بالطّامّات. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو داود: ضعيف. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. مات سنة أربعٍ وثمانين ومائة. 217- عبد الرحيم بن سليمان الرازي3 ع. د. م: أبو علي، نزيل الكوفة.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 285"، والثقات لابن حبان "5/ 109". 2 الجرح والتعديل "5/ 339، 340"، والسير "8/ 317". 3 الجرح والتعديل "5/ 339"، والسير "8/ 317". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 147 عن: عاصم الأحول، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، وسُليمان الأعمش، وطائفة. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وأبو كُرَيِب، وهنّاد، وأبو سعيد الأشجّ، وعدّة. وهو رفيق حفص بن غِياث في طلب العلم، وله تصانيف. وثقه يحيى بن مَعِين، وغيره. تُوُفّي في آخر سنة سبعٍ وثمانين ومائة. ويقال: سنة أربعٍ وثمانين. قال أبو حاتم: صالح الحديث، صنف الكتب. 218- عبد الرزاق بن عَمْر، أبو بكر الدّمشقيّ1: عن: الزُّهْريّ، وإسماعيل بن أبي المهاجر. وعنه: حفيده إسحاق بن عَقِيل، وأبو مُسْهِر، وأبو الْجَمَاهر محمد بن عثمان، ويسيرة بن صَفْوان، والحَكَم بن موسى، وجماعة. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. وقال الحَسَن بن عليّ: سألت هُشَيْمًا، عن عبد الرّزّاق بن عَمْر فقال: ذَهَبَتْ كُتُبه. خرج إلى بيت المقدس فجعل كُتبَه في خُرجٍ جديد وثيابة في خرج خَلِق، فجاء اللصوص فأخذوا الخرج الجديد، فذهبت كُتُبه. فكان بعدُ إذا سمع حديثًا للزهري قال: هذا مما سمعت. وروى عباس، عن ابن معين: ليس بشيء. 219- عبد السلام بن حرب الملائي2 خ. ع: كوفيّ أصله من البصرة. وكان شريكًا لأبي نُعَيم في بيع الْمُلاءِ، وكان حافظًا معمِّرًا.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 39"، والتهذيب "6/ 309". 2 الجرح والتعديل "6/ 47"، والسير "8/ 297، 298". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 148 روى عن: أيّوب السّخْتيانيّ، وإسحاق بن أبي فَروة، وعطاء بن السائب، وخالد الحذّاء، وطائفة. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وهناد، وأبو سعيد الأشجّ، والحسن بن عَرَفَة، وخلْق سواهم. ومن الكبار: ابن إسحاق، وقيس بن الربيع، وهما أكبر منه. قال يعقوب بن شَيْبَة: ثقة، وفي حديثه لِين. وقال التِّرْمِذيّ: ثقة حافظ. قال ابن شَيْبَة: وكان عَسِرًا في الحديث: سمعتُ ابن المَدِينيّ يقول: كان يجلس في كلّ عام مرّة مجلسًا للعامّة. فقلت لعليّ: أكْثَرْتَ عنه؟ قال: نعم، حضرت له مجلسَ العامّة، وقد كنتُ استنكرت بعضَ حديثه حتّى نظرت في حديث من يُكْثر عنه فإذا حديثه مُقارب عن مغيرة والناس. وذلك أنّه كان عسِرًا، فكانوا يجمعون عن أبيه في مواضع، وكنت أنظر إليها مجموعةً فاستنكرْتُها. قال ابن مَعِين: هو ثقة، والكوفيّون يُوَثّقونه. وقال القواريريّ: أتيت عبد السلام بن حرب، قلت: حدِّثني فإنّي رجلٌ غريب من البصْرة. فقال لي: كأنّك تقول جئت من السماء، ولم يحدّثْني. وقال غيره: وُلد سنة إحدى وتسعين، ومات سنة سبعٍ وثمانين ومائة. 220- عبد السلام بن مَكْلَبة1: الفقيه البيروتيّ صاحب الأوزاعي. روى عن: جريح، والأوزاعيّ، وأبي أُميّة الشّعبانيّ يُحمد. وعنه: الوليد بن مسلم، والوليد بن مزيد، وأبو مسهر، وآخرون. قال مروان بن محمد: أعلم النّاس بحديث الأوزاعي وفُتْياه عشرةٌ منهم: عبد السلام بن مكلبة.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 47، 48". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 149 221- عبد الصّمد بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْد المطّلب1. الأمير أبو محمد الهاشمي. روى عن: أبيه. عنه: المهديّ، ومات قبله بدهر. وقد ورد أنّه تُوُفّي بأسنانه التي وُلد بها، وكانت ملتصقة، وكان عظيم الخلْق، ضخمًا، ذا قُعْدُد في النَّسب، وقد خرج عند موت السّفاح مع أخيه عبد الله بن عليّ، وحارب أبا مسلم، ثمّ تقلَّبت به الأيّام، وبَقِيّ إلى هذا الوقت. وكان الرشيد يحترمه ويُجلُّه لأنّه عمّ جدّه المنصور. مَولدُه بالحمية من أرض البلْقاء، وقد وُلّي إمرة دمشق، ثمّ وُلّي إمرة البصْرة، فكان في هذا العصر عبد الصّمد ولد عليّ، والفضل بن جعفر بن العبّاس بن موسى بن عيسى بن محمد ولد عليّ. وهذا من غريب الاتفاق. قال ابن عساكر: وحدَّث عنه إسماعيل ابنه، وعبد الواحد، ويعقوب ابنا جعفر بن سُليمان. قَالَ عَلِيُّ بْنُ مَعْرُوفٍ الْقَاضِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بَهْتَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُجِيبٍ الرَّقَّاقُ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَنْتَابٍ، وَابْنُ الصَّلْتِ الْمُجَبَّرُ: ثناهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، نا أَبِي، نا عَمِّي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْرِمُوا الشُّهُودَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمُ الْحُقُوقَ وَيَدْفَعُ بِهِمُ الظُّلْمَ"2. أَخْبَرَنَاهُ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ، وابن عمه أيوب، والتقي بْنُ مُؤْمِنٍ، وَابْنُ الْفَرَّاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَبِيبَرْسُ التُّرْكِيُّ قَالُوا: أَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ، أنا عَلِيُّ بْنُ تَاجِ الْقُرَّاءِ، وَابْنُ الْبَطِّيِّ ح، وَأنا سُنْقُرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ يُوسُفَ، وَعَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَنْجَبُ الْحَمَّامِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْفَخَّارِ، وَابْنُ السَّمَّاكِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ بُغَا قَالُوا: أنا ابْنُ الْبَطِّيِّ ح، وَأنا أَبُو الْمَعَالِي الزَّاهِدُ، أنا مُحَمَّدُ بن معالي،   1 انظر: وفيات الأعيان "3/ 195، 196"، والسير "129-131". 2 حديث منكر: أخرجه العقيلي "1/ 65"، "3/ 84"، في الضعفاء الكبير، والخطيب "5/ 94"، "6/ 138"، "10/ 300"، في تاريخه، وابن الجوزي "2/ 275"، في العلل المتناهية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 150 وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْخَطِيبُ، وَعُمَرُ بْنُ بَرَكَةَ، وَالأَنْجَبُ الْحَمَّامِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ يَاسِينَ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالُوا: أنا ابْنُ الْبَطِّيِّ: قال هود ابن تَاجِ الْقُرَّاءِ: أنا مَالِكٌ الْبَانيَاسِيُّ، أنا ابْنُ الصَّلْتِ، وَذَكَرَهُ. قال العُقَيْليّ: الحديث غير محفوظ، انفرد به عبد الصّمد. قلت: ولا يروى عنه إلا بهذا الإسناد وعبد الصّمد بن موسى. قال الخطيب: قد ضعفوه. قال نِفْطَوَيْه: كان عبد الصّمد بن عليّ أقعد أهل دهره نَسَبًا، فبينه وبين عبد مَناف كما بين يزيد بن معاوية وبين عبد مَناف. قال: وكان أسنان عبد الصّمد وأضراسه قطعة واحدة. وقال أحمد بن كامل القاضي: كان في القعدد يناسب سعيد بن زيد أحد العشرة، وكان عمّ جدّه الخليفة الهادي. وعاش بعد الهادي دهرًا، وهو أعرق النّاس في الْعَمَى، فإنّه عمي بآخره. فهو أعمى ابن أعمى ابن أعمى. كان طُرح ببيتٍ فيه ريش، فطارت ريشه فسقطت في عينه. قال ثعلب: أخبرني عافية بن شبيب أن عبد الصمت مات بأسنانه التي وُلد بها. وأمّه هي كثيرة التي كان عبد الله بن قيس الرُّقَيّات يشبِّب بها في قوله: عَادَ لَهُ مِنْ كَثِيرَةَ الطَّرَبُ ... فَعَيْنُهُ بِالدُّمُوعِ تنسكبُ قال جعفر الفِرْيابيّ: ثنا محمد بن سعيد الفِرْيابيّ: سمعتُ سيف بن محمد ابن أخت الثَّوْريّ يقول: مرض خالي سُفيان، فَعَاده عبد الصّمد بن عليّ، وكان سيّدَ بني هاشم، فقال لنا سُفيان: لا تأذَنُوا له. قلنا: لا يمكن ذلك. فحوّل وجهه إلى الحائط. ودخل فسلّم، فلم يردّ عليه، وجلس مَلِيًّا وقال: يا سيف، كأن أبا عبد الله نائم؟ فقلت: أحسب ذاك، أصلحك الله. فقال سُفيان: لا تكذب، لستُ بنايم. وقال عبد الصّمد: يا أبا عبد الله، ألَكَ حاجة؟ قال: نعم، لا تعود إلي، ولا تشهد جنازتي، ولا تترحّم علي. فخجل عبد الصمد وخرج، وقال: هممتُ ألا أخرج إلا ورأسُهُ معي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 151 قلت: سيف تالف. مات عبد الصّمد بالبصّرة سنة خمسٍ وثمانين ومائة، عن ثمانين سنة. 222- عبد الصمد بن معقل بن منبه اليماني1: روى عن عمه وهب، وعن: طاوس، وعِكْرِمة. وعنه: ابناه يحيى، ويونس، وابن أخته إسماعيل بن عبد الكريم، وعبد الرزاق، ومحمد بن خالد الصّنْعانيّون. قال أحمد بن حنبل: كان قد عُمِّر وأظنُّه مات أيّام هُشَيم، وهو ثقة. وكذا وثَقه يحيى بن مَعِين. قال أحمد بن علي الأبَّار وغيره: مات عبد الصّمد بن معقل سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. قال الأبَّار: حدَّثني بعض ولده أنّه عاش خمسًا وتسعين سنة. 223- عبد العزيز بن أبي حازم2 ع: واسم أبيه سَلَمة بن دينار، الفقيه أبو تمّام المدنيّ. روى: عن أبيه، وزيد بن أسلم، والعلاء بن عبد الرحمن، وسهيل بن أبي صالح، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وهشام بن عُرْوَة، وموسى بن عُقبة، وعدّة. وعنه: الحُمَيْديّ، وأبو مصعب، وعلي بن حجر، وعمرو الناقد، ويعقوب الدورقي، ويحيى بن أكثم، وخلْق سواهم. وكان إمامًا كبير الشأن. قال يحيى بن مَعِين: صدوق. وقال أحمد بن أبي خَيْثَمَة: قيل لمصعب بن عبد الله: ابن أبي حازم ضعيف في حديث أبيه. فقال: أَوَقَد قالوها؟ أمّا ابن أبي حازم فسمع مع سُليمان بن بلال، فلمّا مات سُليمان أوصى إليه بكُتُبه، فكانت عنده، فقال: بال عليها الفأر فذهب بعضها.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 50"، والتهذيب "6/ 328". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 382، 383"، والسير"8/ 321-323". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 152 فكان يقرأ ما استبان، يدع ما لا يعرف منها. أما حديث أبيه فكان يحفظ. قال أحمد بن حنبل: لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه من عبد العزيز بن أبي حازم. وقال أبو حاتم: هو أفقه من الدّراورديّ. وقال أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِين يقول: ابن أبي حازم ليس بثقة في حديث أبيه. كذا قال. قلت: بل هو حجة في أبيه وغير أبيه. وقال أحمد بن حنبل: يرون أنه سمع من أبيه، وأمّا هذه الكُتُب التي عن غير أبيه فيقولون إنّ كُتُب سُليمان بن بلال صارت إليه. وقال أحمد بن حنبل مرّة: لم يكن يعرف بطلب الحديث، إلا كُتُب أبيه، فيقولون: سمعها. وقال ابن سعد: وُلد سنة سبعٍ ومائة، وتُوُفّي ساجدًا في سنة أربع وثمانين ومائة. 224- عبد العزيز بن خالد التِّرْمِذيّ1 ن: روى عن: أبيه خالد بن زياد، عن حَجّاج بن أرطأة، وطلحة بن عَمْرو المكّي، وابن جريج، وأبي قتيبة، وغيرهم. وعنه: أحمد بن يعقوب، وداود بن حماد، والفضل بن مقاتل، ومحمد بن عصمة، ويحيى بن موسى البلخيون، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة. قال أبو حاتم: شيخ. 225- عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري2 ع: أبو عبد الصمد. أحد الثقات الحفاظ.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 380، 381"، التهذيب "6/ 334". 2 الجرح والتعديل "5/ 388، 389"، والسير "8/ 327، 328". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 153 روى عن: أبي عِمران الْجُونيّ، ومنصور بن المعتمر، ومطر الورّاق، وحصين بن عبد الرحمن. وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق، والفلاس، وبندار، وزياد بن يحيى الحساني، والحسن بن عرفة، وخلق. وثقه أحمد بن حنبل، وغيره. وقال القواريري: نا عبد العزيز العمي، وكان حافظًا. وقال الفلاس: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول يوم مات عبد العزيز بن عبد الصمد: ما مات لكم شيخ منذ ثلاثين سنة مثله. قلت: توفي سنة سبع وثمانين ومائة. 226- عبد العزيز الدراوردي بن محمد بن عبيد1 م. خ. ق. ن: الإمام أبو محمد الْجُهَنّي مولاهم المَدنيّ، أصله من دَرَاوَرْد، قرية بخُراسان فيما قيل. وقال الطّبرانيّ: ثنا أحمد بن رِشْدِين: سمعتُ أحمد بن صالح يقول: كان الدَّرَاوَرْدِيّ من أهل إصبهان، ترك المدينة، وكان يقول للرجل إذا أراد أن يدخل: أنْدَرُون، فلقّبه أهل المدينة الدَّرَاوَرْدِيّ. روى عن: صَفْوان بن سليم، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وأبي طُوَالَةَ عبد الله بن عبد الرحمن، وثور بن زيد، وأبي حازم، وجعفر بن محمد، وشريك بن أبي نَمِر، والعلاء بن عبد الرحمن، وعَمْرو بن أبي عَمْرو، وسهيل بن أبي صالح، وعدّة. وعنه: سُفيان، وشُعبة، وهما أكبر منه، وإسحاق بن راهَوَيْه، وعليّ بن خَشْرَم، وأحمد بن عَبْدة، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وأبو حُذافة السّهْميّ، وخلْق سواهم. قال معن بن عيسى: يصلح أن يكون أميرَ المؤمنين. وقال يحيى بن مَعِين: هو أثبت من فُلَيح بن سُليمان. وقال أبو زرعة: هو سيئ الحفظ.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 395"، والتهذيب "6/ 353-355". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 154 وقال الفلاس: كان عبد الرحمن بن مهديّ يحدّث عن الرجل بالحديث والشيء، لا يحدّث بحديثه كلّه: وأنّه حدَّث عن الدَّرَاوَرْدِيّ بحديث. وَقَالَ الأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّرَاوَرْدِيِّ: تَرْوِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُرْخِي عِمَامَتَهُ مِنْ خَلْفِهِ1. فتبسّم وأنكره. وقال: إنّما هذا موقوف. وعن أحمد قال: إذا حدَّث من حفْظه يَهِمّ، ليس هو بشيء، وإذا حدَّث من كتابه فنَعَم. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. قلت: أخرج له الأئمة السّتّ، لكن قذفه البخاريّ بآخر. مات سنة سبعٍ وثمانين ومائة. 227- عبد العزيز بن يعقوب بن أبي سَلَمة ميمون2: ويعقوب هو الماجشُون، أخو يوسف التَّيْميّ مولى آل المُنْكَدر، أحد العلماء بالمدينة. وهو ابن عمّ عبد العزيز بن عبد الله الماجشُون، يُقال: لُقِّب يعقوب بالماجشُون لحُمرة خَدَّيْه. يروى عن: ابن عَمْر، وعن الأعرج. روى عبد العزيز عن أبيه، ومحمد بن المُنْكَدر. وعنه: أحمد، ومحمود بن خُداش، وشُرَيْح بن يونس، والزَّعْفرانيّ، وعليّ بن هاشم الرّازيّ. كنيته أبو الأصبغ، بقي إلى حدود سنة تسعين ومائة. ويوسف أخوه أكبر منه وأشهر، وهو صدُوق، مُقِلّ. قال أبو حاتم: لا بأس به.   1 حديث ضعيف: أخرجه العقيلي "3/ 21" في الضعفاء الكبير. 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 399"، والثقات لابن حبان "7/ 115". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 155 228- عبد القاهر بن السري1 د. ق: أبو رفاعة السلمي البصري. عن: أبيه، وحميد الطّويل، وعبد الله بن كِنانة بن عبّاس بن مِرداس، وغيرهم. وعنه: عيسى البرمكي، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، والفلاس، والجهضمي، وغيره. سُئل عنه يحيى بن مَعِين فقال: صالح. 229- عبد الغنيّ بن سَمُرة الرُّعَيْنيّ البصْريّ2: عن: أبيه، وابن عَوْن، وهشام بن حسّان. وعنه: زيد بن أخزم، ونصر بن عليّ، ويزيد بن سنان القزّاز. 230- عبد القُدُّوس بن بكر بن خنس3 ت. ق: أبو الجهم الكوفي، أخو خُنَيْس، وزيد. روى عن: أبيه، وحبيب بن سُلَيم، وحجاج بن أرطأة. وعنه: أحمد بن منيع، وصالح بن الهيثم الواسطي. وهو قليل الرواية. ما رأيت لأحد فيه كلاما. 231- عبد الكريم بن يعفور الجعفي4: أبو يعفور، شيخ كوفي من أجلاد الشيعة. له عن: جابر الْجُعْفيّ، ومُشَمْرِخ. وعنه: قُتَيْبة، وإسحاق بن موسى الأنصاريّ. قال أبو حاتم: كان من عتقي الشيعة، وكان قزازًا.   1 الجرح والتعديل "6/ 57"، والتهذيب "6/ 368". 2 لم نقف عليه. 3 الجرح والتعديل "6/ 56"، والتهذيب "6/ 369". 4 انظر: الجرح والتعديل "6/ 61"، والميزان "2/ 647". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 156 232- عبد المؤمن بن عبد الله بن خالد1. أبو الحسن العبْسيّ الكوفيّ. عن: داود بن أبي هند، والأعمش. وعنه: قُتَيْبة، وأحمد بن حنبل. قال أبو حاتم: مجهول. 233- عُبَيْد الله بن شُمَيْط2 ت: ابن عجلان البصري. عن: أبيه، وعمّه الأخضر بن عَجْلان، وأيّوب السَّخْتيانيّ. وعنه: سُليمان بن حرب، وعَبَدان بن عثمان، ومحمد بن أبي بكر المقدَّميّ، وحُمَيْد بن مَسْعَدة، وطائفة. وثقه ابن مَعِين، وغيره. يقال: تُوُفّي سنة إحدى وثمانين ومائة. 234- عُبَيْد الله بن عُبَيْد الرحمن الأشجعيّ الكوفيّ3 خ. م. ت. ن. ق: أحد الأئمة يُكَنَّى أبا عبد الرحمن. روى عن: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بن عُرْوة، والطبقة. وصحِب الثَّوْريّ، وقال: سمعتُ منه ثلاثين ألف حديث. قال يحيى بن مَعِين: ما بالكوفة أعلم بسفيان من عُبَيْد الله الأشجعيّ. روى عنه: يحيى بن آدم، وهاشم بن القاسم، ويحيى بن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، وأبو كُرَيِب، وعثمان بن أبي شَيْبَة، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وآخرون. قال قبيصة: لمّا مات سُفيان الثَّوْريّ قعد الأشجعيُّ موضِعَه. قلت: نزل بغداد، ومات سنة اثنتين وثمانين ومائة.   1 الجرح والتعديل "6/ 66"، والميزان "2/ 670". 2 الجرح والتعديل "5/ 319"، والثقات لابن حبان "8/ 403". 3 الجرح والتعديل "5/ 390، 391"، والتهذيب "7/ 34، 35". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 157 235- عُبَيْد الله بن عَمْرو1: شيخ الرَّقَّةِ، وقد مرّ. 236- عُبَيْد الله بن مالك الفِهْريّ2: أبو الأشعث، قاضي قُرْطُبة في أواخر دولة عبد الرحمن بن معاوية الداخل. وقد وُلّي أيضًا قضاء إشبيلية. مات في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين. 237- عبدُ رَبِّهِ بنُ بارق الحنفيّ، ثمّ اليَماميّ الكوفيّ الكوْسَج3 ت: عن: جدّه لأمه أبي زُميل سِماك الحنفيّ. وعنه: عليّ بن المديني، وزياد بن يحيى الحساني، وبِشْر بن الحَكَم بن الحَكَم، والفلاس، ونصر بن عليّ، وجماعة. قال أحمد: ما به بأس. وقال ابن مَعِين: ضعيف. وقال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. 238- عبدُ ربِّه بن صالح القُرَشيّ الدّمشقيّ4: عن: مكحول، وعُرْوَة بن رُوَيْم، ومحمد بن عبد الرحمن صاحب واثلة. وعنه: الوليد بن مسلم، ومروان بن محمد، وسُليمان بن عبد الرحمن، وغيرهم. 239- عبدُ ربِّه بنُ ميمون5: أبو عبد الملك الأشعريّ النّحّاس، قاضي دمشق.   1 سبق الترجمة له. 2 من مشاهير القضاة بديار الأندلس. 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 43"، والتهذيب "6/ 125". 4 الجرح والتعديل "6/ 440"، والثقات لابن حبان "7/ 155". 5 انظر: الجرح والتعديل "6/ 44"، الثقات لابن حبان "8/ 422". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 158 عن: يونس بن مَيْسَرة، والعلاء بن الحارث، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وزُرْعة بن إبراهيم، وعدّة. وعنه: أبو مُسْهِر، والهيثم بن خارجة، وهشام بْن عمّار، وسليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل. وثقه أبو زُرْعة الدّمشقيّ. 240- عبدة بن سليمان1 ع: أبو محمد الكلابي الكوفي. عن: عاصم الأحول، هشام بن عُرْوة، وإسماعيل بن أبي خالد، وعدّة. وعنه: ابن راهَوَيْه، وأبو خَيْثَمَة، وأبو كُرَيِب، وأبو سعيد الأشجّ، وآخرون. قال أحمد بن حنبل: ثقة، ثقة وزيادة مع صلاح وشدّة. فقير، عليه فَرْوَةٌ خلِقه لا تساوي كبير شيء. قلت: تُوُفّي سنة ثمان وثمانين في ثالث رجب، وصلى عليه محمد بن ربيعة الكِلابيّ. وقال العِجْليّ: ثقة، صالح، صاحب قرآن، يُقرئ. 241- عُبَيْدة بن الأسود الهَمَدانيّ الكوفيّ2 ت. ق: عن: أبي إسحاق السبيعيّ، ومجالد بن سعيد، والقاسم بن الوليد الهَمَدانيّ. وعنه: عثمان بن أبي شَيْبَة، ويوسف بن عَدِيّ، وعبد الله بن عُمر مُشْكَدَانَة، وآخرون. قال أبو حاتم: ما بحديثه بأس. 242- عُبَيْدة بن حُمَيْد بن صهيب3 خ. ع: أبو عبد الرحمن الكوفي الحذاء النحوي.   1 الجرح والتعديل "6/ 89"، السير "8/ 449". 2 الجرح والتعديل "6/ 94، 95"، والتهذيب "7/ 86". 3 الجرح والتعديل "6/ 92"، والتهذيب "7/ 81، 82". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 159 روى عن: الأسود بن قيس، وسعد بن طارق الأشجعيّ، وعبد العزيز بن رفيع، وعبد الملك بن عُمَيْر، ومنصور، والأعمش، وطائفة سواهم. وعنه: سُفيان الثَّوْريّ مع تقدمه وجلالته، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن منيع، والحسن بن الصباح البزار، والحسن بن محمد الصّبّاح الزَّعْفرانيّ، وعمرو الناقد، ومحمد بن سعيد بن غالب العطّار، وآخرون. وثقه أحمد، ويحيى. وكان حُجّة، ثبتًا، عالمًا، صاحب حديث ونحوٍ وعربية وقرآن. أدب محمدا الأمين. قال أحمد: أتيته أنا وابن مَعِين فأملى علينا، ثمّ كثُر عليه النّاس حتّى غلبونا، وكثُر الزحام. ثمّ قال: وهو أحب إليّ من زياد البكّائيّ وأصلح حديثًا. وقال الأثرم: أحْسَنَ أبو عبد الله الثَّناء على عبيدة ورفع أمره. وقال: ما أدري ما للناس وله. وكان قليل السقط. وروى عثمان الدّارميّ، عن يحيى قال: ما به المسكين بأس، ليس له بَخْت، عابوه بأنّه يعقد عند أصحاب الكُتُب. وقال عبد الله بن علي بن المَدِينيّ، عن أبيه: أحاديثه صِحاح، وما رويت عنه شيئًا، وضعّفه. وقال في موضع آخر: ما رأيت أصحّ حديثًا منه. وقال يعقوب بن شَيْبَة: لم يكن من الحفاظ المتقنين. وقال زكريّا الساجيّ: ليس بالقويّ في الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ هارون بن حاتم: سألت عبيد بن حُمَيْد: متى وُلدتَ؟ قال: سنة سبعٍ ومائة. ومات سنة تسعين. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 160 قلت: مات سنة تسعين ومائة، ومولده قبل العشْر ومائة. 243- عَتّاب بن أعْيَن: أبو القاسم الكوفي1، سكن الري. وروى عن: الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، ومسعر، وأبي العميس، وطائفة. وعنه: جرير بن عبد الحميد وهو أكبر منه، وهشام بن عبيد الله، وعبد الصمد بن عبد العزيز المقرئ، ومحمد بن حميد، وآخرون. وثقه أبو حاتم. ولا شيء له في الكتب. 244- عتاب بن بشير الأموي، مولاهم الحراني2 خ. د. ت. ن: عن: خُصَيْف بن عبد الرحمن، وثابت بن عَجْلان، وعُبَيْد الله بن أبي زِناد القداح، وغيرهم. وعنه: أبو جعفر النُّفَيليّ، وإسحاق، وعليّ بن حُجْر، ومحمد بن سلام البَيْكَنْديّ، وأبو نُعَيم الحلبيّ، وجماعة. قال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس، أتى عن خُصَيْف بمناكير أراها من قِبل خُصَيف. وقال يحيى بن مَعِين: ثقة. وقال مرّة: ضعيف. وقال عثمان الدّارميّ: سمعتُ عليّ بن المَدِينيّ يقول: ضربنا على حديث عَتَّاب بن بشير. قلت: قواه غير واحد، وفيه شيء. مات سنة ثمان وثمانين ومائة. وقيل سنة تسعين.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 12"، والميزان "3/ 27". 2 الجرح والتعديل "7/ 12، 13"، والميزان "3/ 27". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 161 245- عتّاب بن محمد بن شَوْذَب البلخي1: عن: هشام بن عروة، وعاصم الأحول، وأبي حنيفة، وجماعة. وعنه: يحيى بن موسى خت، ويونس بن يوسف البلخيّان. ما اعرفه. 246- عثمان بن حصن بن علاق القُرَشيّ الدّمشقيّ2 ن: عن: عُرْوَة بن رُوَيْم، وموسى بن يسار، وثور بن زيد، وجماعة. وعنه: هشام بن عمّار، وعليّ بن حُجْر، والحكم بن موسى، وأبو نُعَيم الحلبيّ. قال أبو زُرْعة الرّازيّ: لا بأس به. وقال أبو مُسْهِر: ثقة، من طلبة العلم. وفي التهذيب قيل: هو عثمان بن حفص بن عبيدة بن علاق، وقيل: عثمان بن عبد الرحمن بن علاق، وقيل غير ذلك. 247- عثمان بن زائد المقرئ3: نزيل الرَّيّ، يُكَنَّى أبا محمد. عرضَ القرآن على حَمزة. وسمع: الزُّبَير بن عَدِيّ، وعطاء بن السائب، وعِمارة بن القَعْقَاع. روى عنه القراءة: عبد الصّمد بن عبد العزيز الرّازيّ. وحدَّث عنه غير واحد منهم: عيسى بن أبي فاطمة، وأبو الوليد الطّيالسيّ، وإسحاق بن سُليمان، وعيسى بن جعفر القاضي، وموسى بن داود قاضي طَرَسُوس، وغيرهم. قال أبو حاتم: عثمان بن زائدة من أفضل المسلمين. وقال بعض الحفاظ: ما رأينا أورع منه.   1 الجرح والتعديل "7/ 13"، والثقات لابن حبان "7/ 295". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 157"، والتهذيب "7/ 110". 3 الجرح والتعديل "7/ 150، 151" والتهذيب "7/ 115". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 162 وعن ابن عيينة قال: ما جاءنا أحد أفضل من عثمان بن زائدة. وقال أبو الوليد: ما رأيت رجلا أفضل منه. وقال العِجْليّ: هو ثقة، رجل صالح. 248- عثمان بن عبد الرحمن الْجُمحيّ البصْريّ1 ت. ق: عن: محمد بن زياد الْجُمحيّ صاحب أبي هريرة، وعن نُعَيم المُجْمِر، وأيّوب، وعدّة. وعنه: عليّ بن المَدِينيّ، وأحمد بن عَبْدة الضّبيّ، وِبشْر بن الحَكَم، ونصر بن علي، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. 249- عثمان بن عثمان، أبو عَمْرو الغَطَفانيّ2 م. د. ن: قاضي البصرة. عن: زيد بن أسلم، وسُليمان بن خَرَّبوذ، وعليّ بن زيد بن جُدْعان، وعمر بن نافع العُمريّ، وهشام بن عُرْوة. وعنه: أبو بكر بن أبي شَيْبَة، وعلي بن المَدِينيّ، ومحمد بن المثنَّى ونصر بن عليّ الْجَهْضَميّ، وجماعة. وكان رجلا صلحًا، حَسَن الحديث، فيه شيء. قال البخاريّ: مُضْطَرب الحديث. وقال العُقَيْليّ: في حديثه نظر. 250- عثمان بن كنانة: الفقيه، أبو عمرو المدني3، مولى آل عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قال يحيى بن بُكَير: لم يكن في حلْقة مالك أضبط ولا أدرس من ابن كنانة،   1 الجرح والتعديل "6/ 158"، والتهذيب "7/ 135، 136". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 159، 160"، السير "9/ 428". 3 من فقهاء المالكية كما في ترتيب المدارك للقاضي عياض. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 163 وكان ممّن يخصّه مالك بالإذن عند اجتماع النّاس عليه على بابه. وقال ابن عبد البر: كان من الفقهاء، وليس له في الحديث ذِكْر. قال ابن مفرّج القُرْطُبيّ: تُوُفّي سنة ثلاث وثمانين ومائة. وقال أبو إسحاق الشّيرازيّ: تُوُفّي بعد مالك بسنتين. وهو عثمان بن عيسى بن كِنانة. وقال يحيى بن بُكَيْر: تُوُفّي بمكة بعد مالك بعشر سِنين. 251- عدي بن أبي عمارة البصري الذارع القسّام1: عن: معاوية بن قُرَّةَ، وقَتَادة، وزياد النُّمَيْريّ، وعليّ بن جُدْعان. وعنه: ابن المَدِينيّ، وإبراهيم بن موسى، وابنه. قال أبو حاتم: ليس به بأس. 252- عُرابي بن معاوية الحضْرميّ2: يكنى أبا زمعه. روى عن: أبي قَبِيلٍ المَعَافِريّ، وعبد الله بن هبيرة. وعنه جماعة من أهل مصر. مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين ومائة. 253- عطاء بن مسلم الخفاف3 ن. ق: محدِّث كوفي، سكن حلب. وروى عن: الأعمش، والمسيب بن رافع، وجعفر بن برقان، ومحمد بن سُوقه. وعنه: ابن المبارك، وأبو نُعَيم الحلبيّ، ومحمد بن مِهران الجمّال، وموسى بن أيّوب النَّصيبيّ، وأبو هَمَّام السكوني، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "7/ 4"، والميزان "3/ 62". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 45". 3 الجرح والتعديل "6/ 336"، والتهذيب "/ 211، 212". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 164 قال أبو حاتم: كان شيخًا صالحًا يشبه يوسف بن أسباط، يعني في الخير. قال: وكان قد دفنَ كُتُبَه. وقال أبو زُرْعة: كان يَهِمّ. وقال أبو داود: ضعيف. قلت: مات سنة تسعين ومائة. 254- عطْوان بن مُشْكان التّميميّ الخيّاط1: عن مولاته جَمْرة اليَرْبُوعيّة، ولها صحبة. وحدث عنه: يحيى الحماني، وأبو معمر إسماعيل الهُذْليّ، وَمُعَلَّى بن منصور الرّازيّ، وبكر بن الأسود الكوفيّ. قال ابن أبي حاتم: شيخ وليس بمنكر الحديث. قلت: وقع لنا من حديثه عاليًا فيما قرب سنده لأبي قاسم بن السَّمَرْقَنديّ. 255- عفان بن سَيَّار الباهلي الجرجاني2 ن: أبو سعيد قاضي جُرْجان. روى عن: أبي إسحاق، وعَنْبَسة بن الأزهر، وأبي حنيفة، ومسعر بن كدام، وخارجة بن مُصْعَب. وعنه: أحمد بن أبي طيبة الْجُرْجانيّ، والحسين بن عيسى البسْطاميّ، وعبّاد بن يعقوب الرواجنيّ، وعبد الجبّار بن عاصم النَّسائيّ، وغيرهم. تُوُفّي سنة إحدى وثمانين ومائة. قال أبو زُرْعة الرّازيّ: وسئل عنه أبو حاتم فقال: شيخ. 256- عفيف بن سالم: أبو عمرو البجلي، مولاهم الموصلي الفقيه3:   1 الجرح والتعديل "7/ 41". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 30، 31"، والتهذيب "7/ 229، 230". 3 الجرح والتعديل "7/ 29، 30"، والتهذيب "7/ 235، 236". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 165 رحل وطوف وروى عن: الأوزاعي، وعبد الله بن طاوس، وموسى بن عبيدة، ويونس بن أبي إسحاق، وقرة بن خالد، وفطر بن خليفة، وشعبة وطائفة. وعنه: إسحاق بن أبي إسرائيل، وحرب بن محمد الطائي، وداود بن رشيد، وعلي بن حجر، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وسعدان بن نصر. وثقه أبو حاتم، وغيره. وقال ابن عمار: كان أحفظ من المعافى بن عمران. قلت: كان أحد علماء الموصل، مات كهلا سنة ثلاث أو أربع وثمانين، هكذا وجدت تاريخَ وفاته، ولم يلْحَقْه عليّ بن حرب. وذكره الدَّارَقُطْنيّ فقال: ربّما أخطأ ولا يُترك. 257- عقبة بن إسحاق السّلوليّ الكوفيّ1: عن: إسماعيل بن أبي خالد، وليث بن أبي سُليم، وأبي شراعة. وعنه: إسحاق بن إدريس، وأبو نعيم، وإسحاق بن منصور السلولي. قاله أبو حاتم ولم يُضعَّف. 258- عقبة بن خال السكوني2 ع: أبو مسعود الكوفي. عن: هشام بن عُرْوة، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبي سعد البقّال سعيد، وعُبَيْد الله بن عَمْر، وجماعة. وعنه: أحمد، وإسحاق، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وابن نُمير، وأبو سعيد الأشجّ. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال التِّرْمِذيّ: تُوُفّي سنة ثمان وثمانين ومائة. 259- عكرمة بن سليمان3:   1 الجرح والتعديل "6/ 308"، والثقات لابن حبان "7/ 247". 2 الجرح والتعديل "6/ 310"، والتهذيب "7/ 239، 240". 3 انظر: طبقات القراء الكبار "1/ 146، 147"، للذهبي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 166 شيخ القراء بمكة. هو عِكْرِمة بن سُليمان بن كثير بن عامر مولى آل شَيْبَة العَبْدريّ الحَجَبيّ المكّيّ المقرئ، أبو القاسم. قرأ القرآن وجوده على: شِبل بن عبّاد، ومعروف بْن مِشْكَان، وإِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بن قُسْطَنْطِين. تلا عليه أبو الحسن أحمد بن موسى بن محمد البزّيّ، وغيره. 260- عليّ بن ثابت الجزري1 د. ت: أبو أحمد نزيل بغداد. عن: جعفر بن بَرْقان، وبُكَير بن مِسْمار، وابن عَوْن، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو عُبَيْد، وابن عَرَفَة، وحُمَيْد بن الربيع، والحسين بن الحسن المَرْوَزِيّ. وقال أحمد: ثقة صدُوق، يحدّث ببعض الحديث ثمّ يقطعه ويجيء بآخر. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال الأزْديّ: ضعيف. 261- عليّ بن حمزة بن عبد الله بن بِهْمَن بن فيروز، مولى بني أسد، أبو الحَسَن الأسَديّ الكوفيّ2 الكِسائيّ: شيخ القراء والنُّحاة، نزل بغداد وأدّب الرشيد، ثمّ ولده الأمين. قرأ القرآن على حمزة الزّيّات أربع مرّات، وقرأ أيضًا على مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عرْضا. وروى عن: جعفر الصادق، والأعمش، وسليمان بن أرقم، وأبي بكر بن عيّاش. وتلا أيضًا على عيسى بن عمر الهمداني.   1 الجرح والتعديل "6/ 177"، والتهذيب "7/ 288، 289". 2 الجرح والتعديل "6/ 182"، السير "9/ 131-134". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 167 واختار لنفسه قراءة صارت إحدى القراءات السَّبْع، وتعلّم النَّحْوَ على كِبَر سنّه، وخرج إلى البصْرة، وجالّس الخليلَ فقال له: من أين أخذت؟ قال: ببَوَادي الحجاز، ونجْد، وتِهامَة. فخرج الكسائيّ إلى أرض الحجاز، وغاب مدةً، ثمّ قدم وقد أنفذَ خمسَ عشرةَ قَنّينة حِبْر في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ في قلبه. ورجع والخليل قد مات، وجلس يونس بعده، فمرّت بين الكسائيّ وبين يونس مسائل أقرّ له فيها يونس. قال عبد الرحيم بن موسى: سألته لِم سُمِّيت الكِسائيّ؟ قال: لأنّي أحْرَمْتُ في كِساء. وقال الشّافعيّ: من أراد أن يتبحر في النَّحْو فهو عَيَّالٌ على الكِسائي. قال أبو بكر بن الأنباريّ: اجتمع في الكِسائيّ أمورٌ: كان أعلم النّاس بالنَّحْو، وواحَدَهم في الغريب. وكان أوحد النّاس في القرآن، وكانوا يكثرون عليه حتّى لا يضبط عليهم، فكان يجمعهم ويجلس على كرسيّ ويتلو القرآن من أوّله إلى آخره وهم يسمعون، ويضبطون عنه حتّى المقاطع والمبادئ. قال إسحاق بن إبراهيم: سمعتُ الكِسائيّ يقرأ القرآن على النّاس مرتين. وعن خَلَف بن هشام قال: كنت أحضر بين يدي الكِسائيّ وهو يقرأ على النّاس، وينقّطون مَصَاحفَهم على قراءته. قلت: وتلا على الكِسائيّ أبو عَمْر الدُّوريّ، وأبو الحارث اللَّيث بْن خالد، ونصير بن يوسف الرّازيّ، وقُتَيْبة بن مهران الأصبهانيّ، وأبو جعفر أحمد بن أبي سريج، وأحمد بن جبير الأنطاكيّ، وأبو حمدون الطّيّب بن إسماعيل، وأبو موسى عيسى بن سليمان الشيزري. وروى عَنْهُ: أبو عُبَيْد القاسم بْن سلّام، ويحيى الفرّاء، وخَلَف البزار، وعدة. قال خَلَف: أولَمْتُ وليمةً فدعوت الكِسائيّ واليَزِيديّ، فقال اليَزِيديّ: يا أبا الحَسَن، أمورٌ تبلُغُنا عنك ننكر بعضها. فقال الكسائي: أومثلي يخاطَبُ بهذا؟ وهل مع العالم إلا فَضْلُ بُصاقي في العربية. ثمّ بَصَق، فسكت اليَزِيديّ. وللكِسائيّ كُتُب مصنَّفة، منها: كتاب معاني القرآن، ومختصر في النَّحْو، وكتاب في القراءات، وكتاب النوادر الكبير، وتصانيف أُخر. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 168 وقيل: إنّما عُرف بالكِسائيّ لأنّه أيّام قراءته على حمزة كان يلْتَفّ في كساء، فلقَّبه أصحاب حمزة بالكِسائيّ. أبو العبّاس بن مسروق: نا سَلَمة بن عاصم قال: قال الكِسائيّ: صلَّيْتُ بهارون الرشيد، فأعجبتني قراءتي فغلطت في آيةٍ ما أخطأ فيها صبيٌّ قط، أردت أن أقول: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، فقلت: "يرجعين"، فوالله ما اجترأ الرشيد أن يقول: أخطأت، لكنّه لما سلّم قال: أيُّ لغةٍ هذه؟ قلت: يا أمير المؤمنين قد يعثُرُ الجواد. قال: أمّا هذه فنعم. وعن سَلَمة: سمعتُ الفرّاء: سمعتُ الكِسائيّ يقول: ربّما سبقني لساني باللَّحْن فلا يمكنني أن أرد لساني. وذكر ابن الدَّوْرَقيّ قال: اجتمع الكِسائيّ واليزيديّ عند الرشيد، فحضرت العشاء فقدّموا الكِسائيّ، فارتج عليه قراءة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فقال اليزيدي: قراءة هذه السورة ترتجّ على قارئ أهل الكوفة! قال: فحضرت صلاة فقدموا اليزيدي فارتج عليه في الحمد؛ فلمّا سلم، قال: احْفَظْ لسانك لا يقول فتُبْلَى إنّ البلاء مُوكل بالمنطِق1 وعن خَلَف قال: كان الكِسائيّ يقرأ لنا على المنبر، فقرأ يومًا: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا} [الكهف: 34] . فسألوه عن العِلَّة، فثُرْت في وُجوههم، فَمَحَوْه من كُتُبهم، ثمّ قال لي: يا خَلَف، يكون أحدٌ من بعدي يَسْلَم من اللَّحْن. قال الفرّاء: ناظرت الكِسائيّ يومًا وزدت، فكأنيّ كنت طائرًا يشرب من بحر. وعن الفرّاء قال: إنما تعلّم الكِسائيّ النَّحْو على كِبَر، لأنّه جاء إلى قوم وقد أعيا، فقال: قد عَيَّيْتُ. فقالوا له: تُجالِسُنا وأنت تَلْحن؟ قال: وكيف؟ قالوا: إنّ أردت من التعب فقل أعَيَّيْتُ، وإنّ انقطعت الحيلةُ في الأمر فقل عَيِيت. فأنِفَ من هذا وقام وسأل عمَّن يعلّم النَّحْو، فأُرشِد إلى مُعاذ الهرّاء، فلزِمَه حتّى أنفد ما عنده، ثمّ خرج إلى الخليل. قلت: وقد كان للكِسائيّ عند الرشيد منزلة رفيعة، وسار معه إلى الرَّيّ، فمرض ومات بقرية رَنْبَوَيْه، فلمّا اعتل تمثّل وقال.   1 تاريخ بغداد "11/ 408". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 169 قَدَرٌ أَحَلَّك ذا النخيل وقد رأى ... وأبي ومالك ذو النخيل بدارِ ألا كداركم بذي بقر الحمى ... هيهات ذو بقرٍ من المزوارِ1 ومات ومعه محمد بن الحسن الفقيه، فقال الرشيد لمّا رجع إلى العراق: دفنتُ الفقه والنَّحْو برَنْبَوَيْه. وقال نُصير بن يوسف: دخلت على الكِسائيّ في مرض موته فأنشأ يقول: قَدَرٌ أَحَلَّك. وذكر البيتين، فقلت: كلا، ويُمتع الله الجميع بك. فقال: أين قلتَ ذاك؟ لقد كنت أُقرئ في مسجد دمشق، فأغفيت في المحراب، فرأيتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم داخلا من باب المسجد، فقام إليه رجلٌ، فقال: بحرف من نقرأ؟ فأومأ إلي. قال الدوري: توفي الكسائي بقرية رنبويه، وكذا سماها أحمد بن جبير، وزاد فقال: في سنة تسعٍ وثمانين ومائة. وكذا أرخه جماعة. وقيل: إنه عاش سبعين سنة. وفي وفاته أقوال واهية، سنة إحدى وثمانين، وسنة اثنتين، وسنة ثلاثٍ وسنة خمسٍ وثمانين. وقيل: سنة ثلاثٍ وتسعين، والأول أصحّ. 262- عليّ بن زياد التُّونسيّ الفقيه2: أبو الحَسَن العبسيّ، شيخ المغرب. أصله من بلاد العجم، ومولده بأطرابلس، وكان إمامًا ثقة متعبدًا، بارعًا في العلم. رَحَلَ وسمع من: سُفيان الثَّوْريّ، ومالك، واللَّيْث، وطبقتهم. وسمع قبل أن يرحل من قاضي إفريقيا خالد بن أبي عِمران، فهو أكبر شيخ له.   1 تاريخ بغداد "11/ 414". 2 انظر: ترتيب المدارك "1/ 326". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 170 وصنّف في الفقه كتابًا سمّاه "خيرًا من زِنَته"، يشتمل على البيوع والأنكِحَة. قال أسد بن الفرات: كان عليّ بن زياد من أكابر أصحاب مالك. روى عنه: بُهْلُولُ بن راشد، وسَمُرة التونسيّ، وسَحْنُون، وأسد بن الفرات. وسنذكر في الطبقة الآتية، إنّ شاء الله، عليّ بن زياد الإسكندريّ. 263- عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الهاشِمِيّ العَلوَيّ المدنيّ1 الطبيب. قال أبو حاتم الرّازيّ: سمعتُ داود بن عبد الله الجعفريّ يقول: قال لي عليّ بن عُبَيْد الله بن محمد، وكان أبصرَ النّاس في الطب. وذكر حكاية. 264- علي بن غراب2 ن. ق: أبو الحَسَن، ويقال: أبو الوليد الفَزَاريّ الكوفيّ القاضي. روى عن: إسماعيل بن أبي خالد، وأحوص بن حكيم، وهشام بن عُرْوَة، وعمر مولى عَفْرَة. وعنه: أحمد بن حنبل، وزياد بن أيّوب، والحسين بن الحَسَن المَرْوَزِيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمارة، وعدة. قال ابن مَعِين: صدوق. وضعّفه أبو داود. وقال ابن حِبّان: كان غاليًا في التشيُّع، كثير الخطأ. وقال الجوزجانيّ: ساقط. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ أَبُو الشَّعْثَاءِ، نا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُسَمَّى كَلْبٌ وَكُلَيْبٌ"3.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 194". 2 الجرح والتعديل "6/ 200"، التهذيب "7/ 371-373". 3 حديث منكر: أخرجه العقيلي "3/ 248"، والخطيب "12/ 46" في تاريخه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 171 قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: سَمِعْتُ منه مجلسًا. 265- علي ين مجاهد الكِنْديّ الكابُليّ الرّازيّ1 ت: عن: ابن إسحاق، وموسى بن عُبَيْدة، ومِسْعَر، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وزياد بن أيّوب، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وجماعة. ووُلّي قضاء الرَّيّ. رماه بالكذِب يحيى بن الضُّرَيس، ومحمد بن مِهران الجمّال. ووثقه ابن حِبّان فالله أعلم. 266- علي بن مسهر ع: أبو الحسن القرشي مولاهم الكوفيّ2 الحافظ، قاضي المَوْصل. وهو أخو عبد الرحمن قاضي جبل. روى عن: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هند، وعاصم الأحول، وزكريا بن أبي زائدة، وأبي مالك الأشجعيّ، وخلْق من هذه الطبقة. وعنه: بِشْر بن آدم، وسويد بن سعيد، وابنا أبي شَيْبَة، وعليّ بن حُجْر، وهناد بن السَّرِيّ، وآخرون. قال أحمد: هو أثبت من أبي معاوية في الحديث. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: كان ممّن جمع الفقه، والحديث، ثقة. وروى عبّاس، عن ابن مَعِين: كان ثبتًا. وُلّي قضاء أرمينية، فلمّا قدِمَها اشتكى عينَه، فجعل يختلف إليه متطبّب، فقال قاضٍ كان بأرمينية للكحّال: أكحلْه بما يُذهب عينه حتّى أعطيك مالا. ففعل، فذهبت عينُه. فرجع عليّ بن مسهر إلى الكوفة أعمى.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 205"، التهذيب "7/ 377، 378". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 204"، السير "8/ 426-429". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 172 وقال ابن نُمير: دفنَ عليّ بن مُسْهِر كُتُبَه. قلت: تُوُفّي سنة تسعٍ وثمانين ومائة. 267- علي بن نصر بن علي بن صُهْبان1 ع: أبو الحسن الجهضمي البصري والد الحافظ نصر بن عليّ. روى عن: حمزة الزّيّات، وقُرّة بن خالد، وهشام الدُّسْتَوائيّ، وشعبة، والخليل بن أحمد، وعدّة. وعنه: ولده، وأبو نُعَيم، وَمُعَلَّى بن أسد. خرج الستة عن ولده نصْر، عن أبيه. وقد روى القراءات عن: أبي عَمْرو بن العلاء، وأبان بن يزيد العطّار، وهارون بن موسى، وشبل بن عباد. حمل عنه ولده نصر بن علي، وكان من كبار أصحاب الخليل بن أحمد في العربية، وكان صديقا لسيبويه. مات سنة سبع وثمانين ومائة وهو في عشر السبعين. 268- علي بن هاشم بن البريد2 م. ع: أبو الحسن القرشي، مولاهم الخزّاز الكوفيّ. عن: هشام بن عُرْوة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وابن أبي ليلى، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن أَبِي شَيْبَة، وأخوه عثمان، وأحمد بن مَنِيع، والحسن بن حمّاد سَجَّادة، وعبد الله مُشْكَدَانَة، وجماعة. وثقه ابن معين، وغيره. وكان شيعيًا بغيضًا. قال أبو داود: ثَبْتٌ يتشيَّع.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 207"، والتهذيب "7/ 390، 391". 2 الجرح والتعديل "6/ 207، 208"، والميزان "3/ 160". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 173 وقال أحمد بن حنبل: سمعتُ منه مجلسًا واحدًا. وقال ابن حبان: روى المناكير عن المشاهير. قلت: مات سنة إحدى وثمانين ومائة. 269- عمّار بن محمد، أبو اليقظان الثَّوْريّ1 م. ت. ق: أخو سيف، كوفي سكن بغداد. وروى عن: الصَّلْت بن مؤيد، ومنصور بن المُعْتمِر، وليث، والأعمش. وعنه: أحمد بن حنبل، وعمْرو النّاقد، وزياد بن أيّوب، والحسن بن عَرَفَة، ومحمد بن حاتم المؤدِّب. قال ابن عرفة: كان لا يضحك، وكنّا لا نشك أنّه من الأبدال. وقال أبو حاتم، وغيره: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال عليّ بن حُجْر: كان ثبتًا، حُجَّة. وروى عن سُفيان الثَّوْريّ قال: إنّ نجا أحد من أهل بيتي فَعمّار. وقال ابن حِبّان: كان ممّن فحش خلافة، وكثُر وضْعُه حتّى استحقّ التَّرْك. قلت: هو ابن أخت سُفيان. وقع لنا من عواليه في جزء ابن عَرَفَة. مات في المحرَّم سنة اثنتين وثمانين ومائة. 270- عَمْر بن أيّوب العبدي الموصلي2 م. د. ن. ق: أبو حفص. عن: جعفر بن بَرْقان، وابن أبي ليلى، وأفلح بن حُمَيْد، وإبراهيم بن نافع المكيّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وداود بن رُشَيد، وأبو سعيد الأشجّ، وأيّوب الوزّان، وعليّ بن حرب، وجماعة.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 393"، والتهذيب "7/ 405، 406". 2 الجرح والتعديل "6/ 98، 99"، والتهذيب "7/ 428، 429". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 174 قال يحيى بن معين: ثقة مأمون. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: ما رأيته يذكر الدُّنيا، وكان من أشد الناس حَياء. وذكره أحمد بن حنبل فقال: كانت له هيئة، وجعل يُطْريه. قيل: مات سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. 271- عَمْر بن أبي خليفة حجاج بن عتاب العبدي البصري1 ن: أبو حفص. عن: أبيه، ومحمد بن زياد الْجُمَحّي، وأبي غالب حزوَّر، وعليّ بن زيد، وعدّة. وعنه: خليفة بن خَيّاط، وعمرو بن عليّ، وابن مثنى، وبندار، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وجماعة. قال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال العُقَيْليّ: مُنْكَر الحديث. رَوَى عَنْ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آخِرُ كَلامٍ فِي الْقَدَرِ لِشِرَارِ أُمَّتِي"2. ويُرْوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، لَيِّنٍ أَيْضًا. تُوُفّي سنة تسعٍ وثمانين. 272- عُمر بن الدِّرَفْس الغَسَّانيّ الدّمشقيّ3 ق: من رؤساء البلد. عن: عبد الرحمن بن أبي قُسَيْمة، وزُرْعة بن إبراهيم. وعنه: ابنه الوليد، والوليد بن مسلم، وأبو مُسْهِر، وهشام، وابن بنت شرحبيل، وغيرهم.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 106"، والتهذيب "7/ 443". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن أبي عاصم "1/ 155" في السنن، والعقيلي "3/ 366" في الضعفاء، والحاكم "2/ 473"، وانظر لسان الميزان "4/ 842، 1155". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 107"، والتهذيب "7/ 443، 444". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 175 قال أبو حاتم: صالح ما في حديثه إنكار. 273- عمر بن عبد الرحمن الأبّار1: يأتي بكنيته. 274- عَمْر بن عُبَيْد الطّنَافسيّ الكوفيّ2 الحافظ ع: أخو يَعْلَى، ومحمد، وإبراهيم، وهو أسنّ إخوته. روى عن: آدم بن عليّ، ومنصور، وسِمَاك، وعبد الملك بن عُمَيْر، وجماعة. وعنه: أخواه يَعْلَى، وإبراهيم، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وزياد بن أيّوب، والحسن بن عَرَفَة، وجماعة. وُثّق. وقال أبو حاتم: محلُّه الصَّدْق. قلت: تُوُفّي سنة خمسٍ وثمانين ومائة، وهو أكبر شيخ لقيه محمد بن عبد الله بن نُمير. 275- عمر بن عُبَيْد الخَزَّاز: أبو حفص البصري السابري بياع الخمر3. نزل مكة وجاوز. وحدث عن سُهيل بن أبي صالح. وعنه: أبو عبيد الرحمن المقرئ، والحميدي، وغيرهما. ضعفه أبو حاتم. وقال العُقَيْليّ: في حديثه اضطّراب. 276- عمر بن علي بن عطاء بن مقدَّم4 ع:   1 يأتي ذكره في الكنى. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 123"، والتهذيب "7/ 480، 481". 3 الجرح والتعديل "6/ 177"، والميزان "3/ 212"، الخمر جمع خمار، وهو ما تلبسه المرأة. 4 الجرح والتعديل "6/ 124"، والتهذيب "7/ 485، 486". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 176 أبو حفص المقدمي، مولى بني ثقيف، بصْريّ حافظ. وهو والد محمد، وعاصم، وعمّ محمد بن أبي بكر الحافظ. روى عن: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بن عُرْوة، وأبي حازم الأعرج، وخالد الحذّاء، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن عَبَدة، وأحمد بن المقدام، وخليفة بن خيّاط، وحفص الرباليّ، وبندار، وعمرو الفلاس، وطائفة. قال ابن مَعِين: ما به بأس. وقال ابن سعد: ثقة. كان يدلّس تدليسًا شديدًا، يقول: سمعتُ، وثنا، ثمّ يسكت ساعةً، ثمّ يقول: هشام بن عُرْوة، والأعمش. قلت: قد أهمل تدليسَه النّاسُ واحتجوا به في الكتب الستة، مع أَنَّ أَبَا حَاتِمٍ قَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة تسعين ومائة. 277- عمرو بن جُمَيْع، أبو المنذر1: قاضي حُلوان. عن: ليث بن أبي سُلَيم، والأعمش، وجُوَيْبر، وابن جُرَيْج. وعنه: الحَكَم بن سُليمان، وشُرَيْح بن يونس، والربيع بن ثعلب، وأبو إبراهيم الترجمانيّ، وآخرون. مُتَّفَقٌ على تركه. قال يحيى بن مَعِين: كان كذابًا خبيثًا. وقال ابن عَدِيّ: يتهم بوضع الحديث. 278- عمرو بن صالح بن المختار الزُّهْريّ2 الفقيه: قاضي رامهرمز.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 224"، والميزان "3/ 251". 2 الجرح والتعديل "6/ 240"، الميزان "3/ 269". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 177 سمع: أبا مالك الأشْجَعيّ، وعُبَيْد الله بن عَمْر. وعنه: محمد بن المثنَّى، وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة. وثقه يحيى بن معين. عمرو بن قاسم بن حبيب. 279- أبو عليّ التّمّار الكوفيّ1: مُنْكَر الحديث. روى عن: منصور، ويزيد بن أبي زياد. وعنه: إسماعيل بن موسى الفزاري، ومحمد بن مروان، وعباد بن يعقوب الرواجني، وآخرون. ضعفه ابن عدي. 280- عمرو بن قيس بن بشير الكوفي2: عن أبيه. وعنه: أبو نعيم، وإبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن مهران الجمال، وأبو سعيد الأشج. وثقه أبو حاتم. وقال ابن معين: لا شيء. 281- عمرو بن النُّعمان بن جَبَلَة الباهليّ البصْريّ3 ق: عن: عليّ بن الحزور، وعُبَيْد الله بن أبي زياد، وسُليمان التَّيْميّ، وجماعة. وعنه: زيد بن الحُباب، وعيسى بن إبراهيم البركيّ، وحُمَيْد بن مَسْعَدة، وأحمد بن عَبْدة. قال أبو حاتم: صدوق لَا بأس به.   1 الميزان "3/ 284". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 255"، الميزان "3/ 284". 3 الجرح والتعديل "6/"، التهذيب "8/ 110". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 178 282- عِمران بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى1 ن. ق: عن والده. وعنه: ابنه محمد، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وسَهْل بن عثمان. ذكره ابن حِبّان في الثقات. 283- عنبسة بن عبد الواحد بن أُميّة بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن العاص، أبو خالد الأمويّ الكوفيّ2 الأعور. د: عن: عبد الملك بن عُمَيْر، وبيان بن بِشْر، وهشام بن عُرْوة، وطائفة. وعنه: شُرَيْح بن يونس، وعبد الله بْن عُمَر بْن أبان، وأبو عُبَيْد، القاسم، وإبراهيم بن موسى الرّازيّ، وأبو هَمَّام السَّكُونيّ. وثقه أبو حاتم وغيره. 284- عُوَيْدُ بن أبي عمران الجوني3: روى عن أبيه. وعنه: أحمد بن أيّوب بن راشد، ومحمد بن المثنَّى، ونصر الْجَهْضَميّ. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. 285- عيسى بن حنيفة، أبو عَمْرو الكِنْديّ4: عن: مالك بن دينار، ومحمد بن واسع، ويزيد الرَّقاشيّ، وفرقد السَّبْخيّ، وحُمَيْد الطّويل. وعنه: الحسين بن عمرو العنقزي، وأبو سعيد الأشج.   1 الجرح والتعديل "6/ 305"، التهذيب "8/ 137". 2 الجرح والتعديل "6/ 401"، والتهذيب "8/ 161، 162". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 45"، الميزان "3/ 304". 4 الجرح والتعديل "6/ 274". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 179 ذكره أبو حاتم وما تكلّم فيه، وكأن محلَّه الصَّدْق. 286- عيسى بن سَوَادة بن الجعْد النخعي الكوفيّ1: نزيل الرَّيّ. عن: الزُّهْريّ، ومحمد بن المُنْكَدر، وعمرو بن دينار، وليث بن أبي سُلَيم، وجماعة. وعنه: هشام بن عُبَيْد الله، وزُنَيج، وأبو سعيد الأشجّ، وعمرو بن رافع، ويوسف بن واقد، وآخرون. ضعفه أبو حاتم. 287- عيسى بن موسى2 ق: أبو أحمد البخاريّ الأزرق الحافظ، ولقّبوه غُنْجارًا لحُمرة وجهه. سمع: أبا حمزة السُّكَّريّ، وسفيان الثوري، وعيسى بن عبيد الكندي، وورقاء بن عَمْر، وخلقًا. وعنه: بُجَيْر بن النَّضْر، ومحمد بن أُميّة السّاويّ، ومحمد بن سلام البِيكَنْدِيّ، وإسحاق بن حمزة البخاريّ، وآخرون. قال الحاكم: هو إمام عصره. طلب العلم على كِبَر سنِّه، ورحل، وهو في نفسه صدُوق. تتبَّعْتُ رواياته عن الثقات فوجدتُها مستقيمة. قال: وروى عن أكثر من مائة شيخ من المجهولين. قُلْتُ: فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْخَلْقِ عَقِيبَ حَدِيثِ: "كَانَ اللَّهُ وَلا شَيْءَ غَيْرُهُ" 3. وروى عيسى، عن رَقَبَة، عن قيس بن مسلم، عن طارق: سمعتُ عمرًا، كذا في الصحيح. وقد سقط بين عيسى وبين رَقَبَة رجلٌ وهو أبو حمزة السُّكَّريّ، وبهذا   1 الجرح والتعديل "6/ 277"، والميزان "3/ 312". 2 الجرح والتعديل "6/ 285، 286"، التهذيب "8/ 232-234". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 73"، "4/ 129"، والطبراني "18/ 203" في الكبير، والطبري "1/ 38"، في تاريخه، وغيرهم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 180 الإسناد نسخة عند غُنْجار، ولم يَلْقَ رَقَبَة. مات غُنْجار في آخر سنة ستٍ وثمانين ومائة، وله نسخة عند ابن طَبَرْزَد ليست بالعالية. وقال الدَّارَقُطْنيّ: عيسى غُنْجار لا شيء. 288- عيسى بن يونس بْن أَبِي إسحاق عَمْرو بْن عَبْد الله السبيعي1 ع: أبو عمر الكوفي الحافظ، أحد الأئمة الأعلام، وشيخ الإسلام. نزل الثغر بالحديث مُرابطًا في سبيل الله، وهو أصغر من أخيه إسرائيل. رأى جدّه، وسمع: أباه، وهشام بن عُرْوة، وحُسينًا المعلم، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، والْجُرَيريّ، ومُجالدًا، وزكريا بن أبي زائدة، وعمرو بن سعيد بن أبي حسين، وعمرو مولى عَفْرَة، وخلْقًا سواهم. وعنه: حمّاد بن سَلَمة أحد شيوخه، وإسحاق بن راهَوَيْه، وأحمد، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وأبو بكر بْن أبي شَيْبَة، وسُفيان بن وكيع، وعليّ بن حُجْر، وعليّ بن خَشْرَم، ونصر بن عليّ، والحسن بن عَرَفَة، وأُمم. سُئِلَ عنه ابن المَدِينيّ فقال: بخٍ بخٍ، ثقة مأمون. وقال يعقوب السَّدُوسيّ: نا إبراهيم بن هاشم: سمعتُ بِشْر بن الحارث يقول: كان عيسى بن يونس يعجبُه خطّي، ويأخذ القِرْطاس فيقرأه. فكتبت من نسخة قوم شيئًا كان ليس من حديثه، فكأنّهم لمّا رأوا إكرامه أدخلوا عليه أحاديث، فجعل يقرأ عليّ ويضرب على تلك الأحاديث، فغمني ذلك. فقال: لا يغمك، لو كان وَاوًا ما قدروا أن يدخلوا هذا عليّ. وقال أحمد بن داود الحرّانيّ: سمعتُ عيسى بن يونس يقول: لم يكن في أسناني أحد أبصر بالنَّحْو منّي. فدخلني منه نخْوَة فتركته. قال أحمد بن حنبل: الذي كنّا نخبر أنّ عيسى بن يونس كان سنةً في الغزو وسنةً في الحجّ، وقد قدِم بغداد في شيءٍ من أمر الحصون، فأمر له بمال، فأبى أن يقبله.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 291، 292"، والسير "8/ 430-435". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 181 وقال أحمد بن جَناب: غزا عيسى بن يونس خَمْسًا وأربعين غزوة، وحجّ خمسًا وأربعين حجّة. وقال جعفر البرمكيّ: ما رأيت في القُرّاء مثل عيسى بن يونس. وذُكر أنه عُرض عليه مائة ألف درهم فقال: والله لا يتحدّث أهل العلم أنّي أكلتُ للسُّنّة ثمنًا. قال الوليد بن مسلم: ما أبالي من خالفني في الأوزاعيّ، ما خلا عيسى بن يونس، فإنّي رأيت أخذه أخذًا مُحكمًا. وقال ابن مَعِين: رأيتُ عيسى بن يونس وعليه قِباءٌ محشُوّ وخُفّان أحْمَران، يعني أنّه كان بلباس الأجناد. قال الوليد بن مسلم: أفضل مَن بَقِيّ من علماء العرب أبو إسحاق الفَزَاريّ، وعيسى بن يونس، ومَخْلَد بن الحسين. وقال محمد بن عُبَيْد الطَّنَافِسِيّ: يا أصحاب الحديث، ألا تكونون مثل عيسى بن يونس، كان إذا جاء إلى الأعمش ينظرون إلى هَدْيه وسَمْتَه. قال وكيع: وذكر عيسى: ذاك رجلٌ قد قهر العِلْم. وقال أبو زُرْعة: حافظ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: حُجّة، هو أثبت من أخيه إسرائيل. وقال ابن سعد: ثِقة ثَبت. وسُئل أحمد بن حنبل عن عيسى بن يونس فقال: عيسى يُسأل عنه؟ قال محمد بن المنذر الكِنْديّ إنّ المأمون جاء إلى عيسى بن يونس فسمع منه، وأعطاه عشرة آلاف دِرهم، فردها وقال: ولا شُربة ماء عَلَى حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أحمد بن جَنَاب: مات عيسى سنة سبعٍ وثمانين ومائة، وكذا أرّخه سُليمان بن عَمْر الرَّقّيّ، وعليّ بن بحر، وعبد الله بن جعفر. وقال محمد بن مُصَفَّى: مات في نصف شعبان سنة ثمان وثمانين ومائة، وفيها أرّخه المدائنيّ، ومحمد بن المثنَّى، وأبو داود. وقال ابن سعد، وغيره: مات سنة إحدى وتسعين ومائة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 182 "حرف الغين": 289- غسان بن مُضَر الأزْديّ النَّمِريّ البصْريّ المكفوف1 س: عن: أبي سَلَمة سعيد بن يزيد ليس إلا. وعنه: أحمد، وشباب، والفلاس، ومحمد بن المثنَّى، ونصر بن عليّ، وعدّة. قال: أحمد: ثقة، ثقة. وقال: كان شيخًا عسِرًا. وقال أبو حاتم: لا بأس بِهِ، صالح الحديث. قيل: مات سنة أربعٍ وثمانين ومائة. خرّج له "س": "الصلاة في النعلين" 2. "حرف الفاء": 290- الفرج بن سعيد، وأبو رَوْح المأربيّ3: عن: عمّه ثابت، وعن خالد بن عَمْرو بن سعيد الأشدق. وعنه: محبوب بن موسى الفرا، والحُمَيْدِيّ، وغيرهما. 291- فَضَالَةُ بن حُصَين الضّبيّ4، أبو معاوية: شيخ بصْريّ. له عن: حُمَيْد الطويل، ويزيد بن نَعَامة، ويونس بن عُبَيْد. وعنه: نُعَيم بن حمّاد، ومحمد بن أبي بكر المُقَدميّ، وإبراهيم بن موسى. قال أبو حاتم: مضطرب الحديث؛ وكذا قال البخاري.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 51"، والتهذيب "8/ 247". 2 حديث صحيح: أخرجه النسائي "2/ 74". 3 الجرح والتعديل "7/ 86"، والتهذيب "8/ 260". 4 انظر: الجرح والتعديل "7/ 125"، والميزان "3/ 348". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 183 292- الفضل بن عثمان، أبو محمد المُراديّ الكوفيّ الصَّيرفيّ1: عن: الزُّهْريّ، وأبي الزُّبَير. وعنه: أبو كُرَيِب، ومحمد بن عُبَيْد المحاربيّ. ما يكاد يعرف. 293- فضيل بن سليمان النميري2 ع: أبو سليمان البصري. روى عن: أبي حازم الأعرج، وعمرو بن أبي عَمْرو، وموسى بن عُقْبة، وخَيْثم بن عراك، وطبقتهم. وعنه: علي بن المديني، وخليفة بن خيّاط، وأحمد بن عَبْدة، وأحمد بن المقدام، ونصر الْجَهْضَميّ، والفلاس، ومحمد بن موسى الحَرَشيّ، وآخرون. قال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال ابن معين: ليس بثقة؛ رواه عبّاس الدُّوريّ، عنه. وقال أبو زُرْعة: لين. وقال النَّسائيّ: بصري، ليس بالقويّ. قلت: قد احتجّ به الجماعة. مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين، وقيل سنة ستٍّ وثمانين ومائة. 294- فُضَيْلُ بن عياض بن مسعود3 الأستاذ الإمام خ. م. د. ن: شيخ الإسلام، أو عليّ التّميميّ، ثمّ اليَرْبُوعيّ المَرْوَزِيّ، الزّاهد. عن: منصور، وبيان بن بِشْر، وأبان بن أبي عيّاش، وحُصَيّن بن عبد الرحمن، ويزيد بن أبي زياد، وعطاء بن السائب، وعُبَيْد الله بن عَمْر، وهشام بن حسّان، وصَفْوان بن سليم، وأبي هارون العبدي، والأعمش.   1 يعمل بالصيرافة، وهي تجارة العملة، ولم نقف عليه. 2 الجرح والتعديل "7/ 72"، والتهذيب "8/ 291، 292". 3 الجرح والتعديل "7/ 73"، والسير "8/ 372-390". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 184 وعنه: سفيان الثوري، وهو أكبر منه، وابن عُيَيْنَة، وابن المبارك، ويحيى القطّان، وحسين الْجُعْفيّ، وابن مهديّ، والشيزريّ، ومُسَدَّد، وقُتَيْبة، ويحيى بن يحيى، وبشر الحافي، والقعنبيّ، ويحيى بن أيّوب، وأحمد بن المقدام العِجْليّ، وخلْق سواهم. وكان إمامًا، ثقة، حُجّةً، زاهدًا، عابدًا، نبيهًا، صمدانيًا، كبير الشأن. قال ابن سعد: وُلد الْفُضَيْلُ بخراسان بكورة أبيورد، وقدِم الكوفةَ وهو كبير، فسمع من منصور، وغيره: ثمّ تعبَّد ونزل مكّة، وكان ثقة نبيلا، فاضلا، عابدًا، كثير الحديث. وقال إبراهيم بن الأشعث وغيره: سمعناه فُضَيْلا يقول: وُلدت بسمرقَنْد. وقال أبو عبد الرحمن السُّلميّ: أنا أبو بكر محمد بن جعفر: نا الحسين بن عبد العزيز العسكريّ، كذا قال وصوابه ابن عبد الله العسكريّ، قال: ثنا ابن أخي أبي زُرْعة، ثنا محمد بن إسحاق بن راهَوَيْه، نا أبو عمّار، عن الفضل بن موسى قال: كان الفُضَيّل بن عِياض شاطرًا يقطع الطريق بين أبِيوَرْد وسَرْخَس، وكان سبب توبته أنّه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الْجُدران إليها سمع رجلا يتلو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16] فقال: يا ربّ قد آن، فرجع. فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: ترتجل؟ وقال قوم: حتى نُصْبح، فإنّ فُضَيْلا على الطريق يقطع علينا. فتاب الْفُضَيْلُ وأمّنهم. وجاور بالحَرَم حتّى مات1. إبراهيم بن اللَّيْث النَّخْشبيّ: نا عليّ بن خَشْرم: أخبرني رجل من جيران الْفُضَيْلِ من أبِيوَرْد قال: كان الْفُضَيْلُ يقطع الطريق وحده، فبينا هو ذات لَيْلَةٍ وقد انتهت إليه القافلة، فقال بعضهم: اعدِلوا بنا إلى هذه القرية، فإن الفُضَيْل يقطع الطريق، فسمع ذلك وأرعد، فقال: يا قوم جُوزوا، والله لأجتهدن أن لا أعصي الله. وجاء نحوها من وجهٍ آخر فيه جَهْضَم، وهو ساقط. وبالجملة فالشِّرْك أعظم من كل إفْك، وقد أسلَم خلقٌ صاروا أفضل هذه الأمَّة، نسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى طاعته، فإنّ قلوب العباد بيده يصرفها كيف يشاء.   1 وفيات الأعيان "4/ 47". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 185 قال ابن عيينة، والعجلي، وغيرهما: فضيل ثقة. وقال أبو حاتم: صدُوق. وقال إبراهيم بن شمّاس: قال ابن المبارك: ما بَقِيّ على ظهر الأرض عندي أفضل من الْفُضَيْلِ بن عِياض. وقال أحمد بن عبّاد التّميميّ المَرْوَزِيّ: سمعتُ النَّضْر بن شُمَيْلٍ: سمعتُ هارون الرشيد يقول: ما رأيت في العلماء أهْيَبَ من مالك، ولا أورع من الْفُضَيْلِ. وقال إبراهيم بن سعيد: قال لي المأمون: قال لي الرشيد: ما رأت عيناي مثل فُضَيْلِ بن عِياض. دخلْت عليه فقال لي: يا أمير المؤمنين، فرّغ قلبَك للحزن والخوف حتّى يسكناه، فيقطعاك عن المعاصي، ويُباعداك من النّار1. عن ابن أبي عَمْر العنسي قال: ما رأيت بعد الْفُضَيْلِ أعْبَدَ من وكيع2. وعن شريك قال: إنّ فُضَيْلَ بن عِياض حُجّة لأهل زمانه. وقال الهيثم بن جميل نحوه. قال إبراهيم بن الأشعث: رأيت سُفيان بن عُيَيْنَة يُقبل يد الْفُضَيْلِ بن عِياض مرّتين. وقال مَرْدَوَيْه الصّائغ: قال لي ابن المبارك: إنّ الْفُضَيْلَ صَدَق الله فأجرى الحكمة على لسانه، وهو ممّن نفعه الله بعِلمه. وقال مَرْدَوَيْه: وقال لي رَباح بن خالد: إنّ ابن المبارك قال له: إذا نظرتُ إلى فُضَيْلِ بن عِياض جدّد لي الحزنَ ومَقَتُّ نفسي. ثم بكى3. وعن ابن المبارك قال: إذا مات الْفُضَيْلُ ارتفع الحُزْن. وقال أبو بكر الصُّوفيّ: سمعتُ وَكِيعًا يقول يوم مات الْفُضَيْلُ: ذهب الحُزْن اليوم من الأرض4. وقال يحيى بن أيّوب: دخلت مع زافر بن سُليمان على الْفُضَيْلِ بن عِياض بالكوفة، فإذا الْفُضَيْلُ وشيخ معه، فدخل زافر، وأقعدني على الباب.   1، 2 السير "8/ 387". 3، 4 السابق. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 186 قال زافر: فجعل الْفُضَيْلُ ينظر إلي، ثمّ قال: يا أبا سُليمان هؤلاء المُحَدِّثين يُعجبهم قُربُ الإسناد، ألا أخبرك بإسنادٍ لا شكّ فِيهِ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ جِبْرِيلَ، عَنِ الله تعالى: {نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} [التحريم: 6] فأنا وأنتَ يا أبا سُليمان من النّاس. قال: ثمّ غشي عليه وعلى الشّيخ، وجعل زافر ينظر إليهما، ثمّ تحرّج الْفُضَيْلُ فقمنا، والشيخ مغشي عليه1. إبراهيم بن الأشعث: كنّا إذا خرجنا مع الْفُضَيْلِ في جنازة لا يزال يعِظ ويُذكِّر ويبكي لَكَأَنّه مُوَدِّعٌ أصحابَه، ذاهبٌ إلى الآخرة، حتّى يبلغ المقابر، فيجلس فَكَأَنّه بين الموتى في الحُزْن والبكاء. قال سهل بن راهَوَيْه: قلت لسفيان بن عُيَيْنَة: ألا ترى إلى أبي عليّ، يعني فُضَيْلا، لا تكاد تجفّ له دمعه. قال سُفيان: إذا قَرح القلب نَدِيَت العَيْنان، ثمّ تّنهد سُفيان2. قال عبد الصّمد مَرْدَوَيْه الصائغ: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: إذا علم الله من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له وإنْ قَلّ عملُه. وقال: إنّ الله يَزْوي عن عبده الدنيا ويُمرّرها عليه، مرةً يجوع، ومرة يعرى، كما تصنع الوالدة بولدها، مرَّة صبرًا، ومرّة بُغضًا، ومرّة مراعاة له، وبذلك ما هو خيرٌ له. وفي المجالسة للدِّيَنَوَرِيّ: نا يحيى بن المختار: سمعتُ بِشْر بن الحارث يقول: كنتُ بمكة مع الْفُضَيْلِ بن عِياض، فجلس معنا إلى نصف الليل ثمّ قام يطوف إلى أن قلت: يا أبا عليّ، ألا تنام؟ قال: ويْحك، وهل أحدُ يسمع بذِكر النّار تطِيب نفسُه أن ينام. وقال الأصمعي: نظرت الفضيل بن عياش أن رجلا يشكوا إلى رجل فقال: تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك3.   1 السير "8/ 387". 2 السير "8/ 387". 3 السير "8/ 387". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 187 وقيل سُئل الْفُضَيْلُ: متى يبلغ المرء غاية حب الله؟ قال: إذا كان عطاؤك إيّاه ومنه سواء. وعنه قال: تَرْك العمل من أجل النّاس رِياء، والعمل من أجل النّاس شِرْك، والإخلاص أن تُعَافَى منهما1. وقال يونس بن محمد المكّيّ: قال فُضَيْلٌ لرجل: لَأعلمنَّك كلمةً خير لك من الدنيا وما فيها. والله لئن علِم الله منك إخراجكَ الأدميّين من قلبك حتّى لا يبقى في قلبك مكان لغيره، ثم تسأله شيئًا إلا أعطاك. وعن فضيل قال: ما أدري ما أنا، أكذّابٌ أم مُرائي. وروى عليّ بن عثام: قال الْفُضَيْلُ: ما دخلت على أحدٍ إلا خفتُ أن أتصنّع له، أو يتصنّع لي. قال أحمد بن أبي الحواريّ: ثنا محمد بن إسحاق قال: أتينا الفضيل بن عِياض نسمع منه، قال: لقد تعوّذتُ بالله من شرِّكم. قلنا: ولم يا أبا عليّ؟ قال: أكره أن تزيّنوا لي وأتزيّن لكم. قال ابن أبي الحواريّ، ونا أبو عبد الله الأنطاكيّ قال: اجتمع فُضَيْلٌ، والثَّوْريّ فتذاكروا، فرق سُفيان وبكى، ثمّ قال لِفُضَيْلٍ: أرجو أن يكون هذا المجمع علينا رحمة وبركة. فقال له الْفُضَيْلُ: لكنّي يا أبا عبد الله أخاف أن يكون أضرّ علينا من غيره. ألستَ تخلّصت إلى أحسن حديثك، وتخلَّصتُ أنا إلى أحسن حديثي، فتزيّنتُ لك، وتزيّنتُ لي. فبكى سُفيان وقال: أحْييتني أحياك الله2. وقال الفَيض بن إسحاق: قال لي الْفُضَيْلُ: لو قيل لك يا مُرائي غضبتَ وَشُقَّ عليك وعسى ما قيل لك حقّ، تزيّنت للدنيا، وتصنّعت لها، وقصَّرت ثيابك، وحسّنتَ سمتك، وكففت أذاك حتّى يقولوا: أبو زيد عابد، ما أحسن سَمْتَه، فيُكرمونك، وينظرونك، ويُهدون إليك مثل الدِّرْهم السُّتُّوق، لا يعرفه كل أحد، فإذا   1 السير "8/ 377". 2 السير "8/ 387". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 188 قشروا، قشروا عن نحاس، ويْحك، ما تدري في أي الأصناف تُدْعَى غدًا1. ابن مسروق: سمعتُ السَّريّ بن المُغَلّس: سمعتُ الْفُضَيْلَ بن عِياض يقول: من خاف الله لم يضره شيء، ومن خاف غير الله لم ينفعْه أحد. الفَيْض بن إسحاق الرَّقّي: سمعتُ الْفُضَيْلَ. وسُئل: ما الخلاص؟ قال: أخبرني، من أطاع الله هل تَهُمُّه مَعْصية أحد؟ قال: لا. قال: فمن يعصي الله تنفعه طاعة أحد؟ قال: لا. قال: هذا الخلاص2. قال إبراهيم بن الأشعث: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: بلغني أن العلماء فيما مضى كانوا إذا تعلّموا عمِلوا، وإذا عمِلوا شُغِلُوا، وإذا شُغِلُوا فُقِدوا، وإذا فُقِدوا طُلبوا فإذا طُلِبوا هربوا3. وقال مَرْدَوَيْه: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: رحم الله امرأً أخطأ وبكي على خطيئته قبل أن يرزق بعلمه. وقال الفَيض بن إسحاق: قال الْفُضَيْلَ: أخلاق الدنيا والآخرة أن تصلَ مَن قَطَعَك، وتُعطي من حَرَمك، وتعفُوَ عمَّن ظلمك. وعنه قال: ما أجدُ راحة ولا لذّة إذا خَلَوْتُ. وعنه قال: كفى بلله محبًا، وبالقرآن مؤانسًا، بالموت، واعظًا، اتّخذ الله صاحبًا، ودَع النّاسَ جانبًا. كفى بخشية الله عِلْمًا، وبالاعتذار جهلا. رهبةُ المؤمن الله على قدر علْمه بالله، وزهادتُه في الدنيا، على قَدْر شَوقه إلى الجنّة. قال إبراهيم بن الأشعث خادم الْفُضَيْلِ: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: لو أنّ الدنيا عرضت عليّ حلالا أحاسَب عليها لَكُنْتُ أتقذَّرُها كما يتقذر أحدكم الجيفة. وسمعته يقول: من ساء شان دِينه، وحَسَبُه، ومروءته. وقال: لن يهلك عبد حتى يؤثر بشهوته على دينه.   1 السير "8/ 387، 388" مختصرًا. 2 الحلية "8/ 89". 3 الحلية "8/ 88". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 189 خِصْلتان تقسّيان القلب: كثرة الكلام، وكثرة الأكل. أكذب الناس العائد في ذنبه، وأجهل الناس الْمُدِلُّ بحَسَناته، وأعلم النّاس بالله أخْوَفُهُم منه. وعنه قال: أمْس مَثَلٌ، واليوم عَمَلٌ، وغدًا أمَلٌ. قال فيض بن إسحاق الرَّقّيّ: قال الْفُضَيْلُ: ما يَسُرُّني أن أعرف الأمرَ حقّ معرفته إذا طاش عقلي. إبراهيم بن الأشعث: سمعتُ الْفُضَيْلَ، وقال له رجل: كيف أمسيت، وكيف حالُك؟ قال له: عن أيّ حال تسأل؟ حال الدنيا، أو حال الآخرة؟ أمّا الدنيا فإنّها مالت بنا، وذهبت كلَّ مَذْهب، والآخرة، فكيف ترى حال من كثرت ذنوبه، وضعُف عملُه، وفني عُمره، ولم يتزوّد لِمَعَاده1. الفيْض بن إسحاق. سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: إذا أراد الله أن يُتْحفَ العبدَ سلَّط عليه من يظلمه. الأصمعيّ: قال الْفُضَيْلُ: إذا قيل لك: أَتخاف الله؟ فاسكُتْ. فإنك إنّ قلت لا، أتيتَ بأمرٍ عظيم، وإنّ قلت: نعم، فالخائف لا يكون على ما أنت عليه. وعن الْفُضَيْلِ: يا مسكين، أنت مُسيء، وترى أنّك محسِن، وأنت جاهل، وترى أنك عالِم، وأنت بخيل، وترى أنّك كريم، وأنت أحمق، وترى أنّك عاقل، وأجلُك قصير، وأمَلُك طويل. قلت: صدق الله. وأنت ظالم، وترى أنّك مظلوم، وأنت فاسق، وترى أنك عادل، وأنت آكل للحرام، وترى أنّك متورِّع. محرز بن عَوْن: أتيت الْفُضَيْلَ وسلمت عليه، فقال: وأنت أيضًا من أصحاب الحديث؟ ما فعل القرآن؟ والله لو نزل حرف باليمن لكَان ينبغي أن تذهب حتّى تَسمعه؛ والله لأن تكون راعي الحُمُر وأنت طائع، خيرٌ لك من أن تطوف بالبيت وأنت عاص.   1 الحلية "8/ 85، 86". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 190 إسحاق بن إبراهيم الطّبريّ: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: لو طلبت منّي الدنانير كان أيْسَرَ من أن تطلب منّي الأحاديث. فقلت: لو حدّثتني بأحاديث كان أحبّ إلي من عِدّتها دنانير. قال: أنت مفتون: أما والله لو عملتَ بما سمعت لكان لك في ذلك مُنْشَغلٌ عمّا لم تسمع، سمعتُ سُليمان بن مهران يقول: إذا كان بين يديك طعام فتأخذ اللُّقْمة وترمي بها خلفَ ظهرك، فمتى تشبع؟ عبّاس الدُّوريّ: ثنا محمد بن عبد الله الأنباريّ: سمعتُ فُضَيْلا يقول: لما قدِم هارون الرشيد إلى مكّة، قعد في الحِجْر هو وولده وقومٌ من الهاشميّين، وأحضروا المشايخ. فبعثوا إليَّ، فأردت أن لا أذهب، واستشرت جاري فقال: اذهب، لعله يريد أن تحدّثه أو تَعِظه. فدخلت المسجدَ فلمّا صرت إلى الحِجْر قلت لأدناهم إلي: أيُّكم أميرُ المؤمنين؟ فأشار إليه، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فردّ علي وقال: أقعد. ثمّ قال: إنّما دعوناك لتحدثنا بشيءٍ وتعِظنا. قال: فأقبلت عليه وقلت: يا حَسَن الوجه، حِسَابُ الخلق كلّهم عليك. قال: فجعل يبكي ويشْهق، فرددت عليه وهو يبكي، حتّى جاء الخادم، فحملوني وأخرجوني، وقالوا: اذهب بسلام1. وقال محرز بن عَوْن: كنت عند الْفُضَيْلِ، وأتى هارون، ويحيى بن خالد، وولده جعفر، فقال له يحيى: هذا أمير المؤمنين يا أبا عليّ يُسلّم عليك. قال: أيُّكم هو؟ قالوا: هذا قال: يا حسَن الوجه، لقد طُوِّقْتَ أمرًا عظيمًا؛ وكررها. ثمّ قال: حدَّثني عُبَيْد المكتّب، عن مجاهد في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 199] قال: الأوصال التي كانت في الدنيا، وأَوْمَأ بيده إليهم. قال مَرْدَوَيْه: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: لو كانت لي دعوة مُسْتَجابة ما صيّرتها إلا في الإمام، لو صيرتُها في نفسي لم تُنْجِدْني، ومتى صيّرتها في الإمام إصلاح العباد والبلاد. وعنه قال: لو كان دخولي على الخليفة كلّ يوم لكَلَّمُته في عُلماء السّوء، أقول:   1 السير "8/ 388، 389". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 191 يا أمير المؤمنين لا بدّ للناس من راع، ولا بدّ للراعي من عالِم يشاوره، ولا بدّ له من قاضٍ ينظر في أحكام المسلمين، وإذا كان لا بد من هذين فلا يأتِك عالِمٌ ولا قاضٍ إلا على حمال بأَكافٍ، فبالْحَرِيّ، أن يؤدّوا إلى الرّاعي النّصيحة. يا أمير المؤمنين متى تطمع العلماء والقضاة أن يؤدُّوا إليك النصيحة ومركب أحدِهم كذا وكذا. قال فُضَيْلُ بن عبد الوهّاب: سمعتُ الْفُضَيْلَ بمكة يقول لهم: لا تُؤذوني ما خرجت إليكم. حتّى بال نحوًا من ستّين مرة. قال محمد بن زنبور المكّي وغيره: أُحصِر بَوْلُ الْفُضَيْلِ، فرفع يديه وقال: الَّلهُمّ بحبي لك إلا ما أطلقته، فما رُحْنا حتّى بال1. قال عبد الله بن خُبَيْق: قال الْفُضَيْلُ: تباعدْ من القُرّاء، فإنّهم إنّ أحبّوك مدحوك بما ليس فيك، وإنّ غضِبوا شهِدوا عليك وَقُبِلَ منهم. قال قُطْبة بن العلاء: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: آفة القُرّاء الْعُجْبُ. قال إبراهيم بن الأشعث: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: أكذب النّاس العائد في ذنبه، وأجهل الناس المدل بحسناته، وأعلم النّاس أخْوَفُهم من الله. قال مَرْدَوَيْه: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: إذا علم الله من رجلٍ أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له وإنْ قلّ عملُه. من جلس مع مُبتدع لم يُعط الحكمة. قال المفضّل الْجَنَدِيّ: نا إسحاق بن إبراهيم الطّبريّ: ما رأيت أحدًا كان أخْوَف على نفسه ولا أرجى للناس من الفضيل. كانت قراءته حزينة، شبهة، بطيئة، مترسلة، كأنه يخاطب إنسانًا، إذا مرّ بآية فيها ذِكْر الجنّة، تردّد فيها وسأل، وكانت صلاته باللّيل، أكثر ذلك قاعدّا، يُلقى له حصير، فيصلّي من أول الليل ساعة، ثمّ تغلبه عينُه، فينام قليلا ثمّ يقوم، فإذا غلبه النومُ نام، ثم يقوم، هكذا حتّى يصبح2. وكان دأبُه إذا نعس أن ينام، وكان شديد الهيبة للحديث إذا حدّث، وكان يثقل عليه الحديث جدًا.   1 الحلية "8/ 109". 2 الحلية "8/ 86". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 192 وعن فضيل قال: لو خيرت بني أن أُبعث فأدخل الجنّة وبين أن لا أُبعث لاخترت أن لا أُبعث. قال أبو الشّيخ: نا أبو يحيى الداريّ، نا محمد بن عليّ بن شقيق، نا أبو إسحاق قال: قال الْفُضَيْلُ بن عِياض: لو خُيِّرتُ بين أن أكون كلبًا ولا أرى يوم القيامة، لاخترتُ ذلك1. إبراهيم بن الأشعث: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحًا، فإذا نزل به الموت، فالرجاء أفضل. وقال: من استوحش من الوحدة وأنِس بالناس لم يَسلم من الرّياء. وقال الفَيْض: سمعته يقول: لا حَجّ ولا جهاد أشدّ من حبْس اللسان، وليس أحد أشدّ غمًّا ممّن سجنه لسانه. قلت: لِلْفُضَيْلِ ترجمة في "تاريخ دمشق" وفي "الحلية". وكان يعيش من صلة ابن المبارك ونحوه من الإخوان، ويمتنع عن جوائز السلطان. وعن هشام بن عمّار قال: تُوُفّي الْفُضَيْلُ رحِمه الله يوم عاشوراء سنة سبْعٍ وثمانين ومائة. وفيها أرّخه يحيى بن المَدِينيّ، وجماعة. وعن رجلٍ قال: كنّا جُلُوسًا مع فُضَيْلِ بن عِياض، فقلنا له: كم سِنُّك؟ فقال: بلغت الثمانين أو جُزْتُها ... فماذا أُؤَمِّلُ أو أنتظر علَّتْني السِّنُون فأبلينني ... فدقّ العظْم وَكَلَّ البصَرْ2 295- فُضَيْلُ بن عِياض الصَّدفيّ المصريّ3: من طبقة الأعمش، وإنّما ذكرته هنا للتمييز. حَدّث عن: أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن. روى عنه: حَيْوَة بن شُرَيْح، وعبد الله بن لهيعة، وغيرهما.   1 الحلية "8/ 84". 2 صفة الصفوة "2/ 239". 3 انظر: الميزان "3/ 362"، والتهذيب "8/ 297". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 193 "حرف القاف": 296- قدامة بن شهاب المازنيّ البصْريّ1 ن: عن: بُرْد بن سِنان، ويحيى البكّاء، وأمّ داود الوابشيّة التي رأت عليًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وعن جماعة. وعنه: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، ويوسف بن موسى، والحسن بن عَرَفَة، وآخرون. قَالَ أَبُو زُرْعة: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 297- قُرّان بن تمّام الأسَديّ الكوفيّ2 د. ت. ن: حدَّث عن: جميل بن أبي صالح، وهشام بن عُرْوة، وموسى بن عُبَيْدة وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن مَنيع، وعليّ بن حُجْر، وسعيد بن محمد الجرميّ، والحسن بن عَرَفَة. وثقه أحمد. وكان يبيع الدّوابّ. تُوُفّي سنة إحدى وثمانين ومائة. "حرف الكاف": 298- كثير بن مروان الفِهْريّ3: عن: إبراهيم بن أبي عَبْلَة، والحسن بن عُمارة. وعنه: النفيليّ، وأحمد بن حنبل، والحسن بن عَرَفَة، ويعقوب الدَّوْرَقيّ. كذّبه يحيى بْن مَعِين، وقال مرّة: لَيْسَ بشيء.   1 الجرح والتعديل "7/ 128"، والتهذيب "8/ 363، 364". 2 الجرح والتعديل "7/ 144"، التهذيب "8/ 367". 3 انظر: المجروحين "2/ 225"، لابن حبان، والميزان "3/ 409، 410". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 194 "حرف اللام": 299- الليث بن عاصم بن العلاء الخَوْلانيّ المصريّ1: عن: الحَسَن بن ثَوْبان. وعنه: ابن وهْب، وعبد الرحمن بن أبي السَّمْح. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. 300- اللّيث بن نصر بن سَيّار2: أبو هشام الكِنانيّ، أمير بُخارَى. سمع: عبد الله بن عَوْن، وابن إسحاق، وسعيد بن أبي عَروبة. وعنه: عَمْرو بن مُصْعَب، وغيره. وكان صدُوقًا. "حرف الميم": 301- الماضي بن محمد ق: أبو مسعود الغافقي المصري3. عن: ليث بن أبي سُلَيم، وهشام بن عروة، وجويبر بن سعيد. روى عنه ابن وهْب وحده. وكان ورّاقًا نَسَخ المصاحف. قال ابن عَدِيّ: هو مُنْكَر الحديث. وقال ابن يونس، مات سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 302- مبارك بن سُحَيْم4:   1 الثقات لابن حبان "9/ 29"، والتهذيب "8/ 469". 2 أمير بلدة بخارى، وكان حريصًا على طلب العلم. 3 الجرح والتعديل "8/ 442"، والميزان "3/ 424". 4 سبق الترجمة له. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 195 قد تقدّم، وكونه هنا، أوْلَى. 303- مُبَشَّر بن عبد الله بن1 رزين ن: أبو بكر الشمندري النيسابوري، أخو عمر، ومسعود، وكان مبشّر أكبرهم، ولم يرحل من نَيْسابور. روى عن: حَجّاج بن أرطأة، وابن إسحاق، وإبراهيم بن طَهْمان، وسُفيان بن حسين. وعنه: أخوه عمر، وعلي بن سلمة اللبقي، وعلي بن الحسن الذهلي، وقال: ثقة، وبِشْر بن الحَكَم. مات سنة تسعٍ وثمانين ومائة. 304- محبوب بن محرز التّميميّ الكوفيّ القواريريّ2: عن: داود بن يزيد الأوديّ، وأسامة بن زيد، وكامل أبي العلاء، وجماعة. وعنه: شُرَيْح بن يونس، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وأبو سعيد الأشجّ، وأبن عَرَفَة، وغيرهم. قال أبو حاتم، يكتب حديثه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. 305- محمد بن إبراهيم بن دينار المدني3: مولى جهينة، أبو عبد الله الفقيه، صاحب مالك. روى عن: يزيد بن أبي عُبَيْد الأكْوَعيّ، وموسى بن عُقْبة، وابن أبي ذئب، وعدّة. وعنه: ابن وهْب، ويعقوب بن محمد الزُّهْريّ، وذُؤَيب بن عمارة، وأبو مُصْعَب، وآخرون.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 344"، التهذيب "10/ 32". 2 الجرح والتعديل "8/ 344"، والتهذيب "10/ 32". 3 الجرح والتعديل "7/ 184"، والتهذيب "9/ 7، 8". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 196 قال أشهب: ما رأيت في أصحاب مالك أفْقَهَ من ابن دينار. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال القاضي عِياض: تُوُفّي سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقال ابن عبد البر: كان مفتي أهل المدينة مع مالك. قلت: روى له البخاريّ حديثًا واحدًا. 306- محمد بن الإمام إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه بن عباس العبّاسيّ1 الأمير: وُلّي دمشق للمهديّ، وللرشيد، ووُلّي مكّة والموسم. وكان كبير القدْر، معظَّمًا. روى عن: جعفر بن محمد، وعن المنصور. وعنه: ابنه موسى، وحفيده عبد الصمد بن موسى الهاشمي، وغيرهما وهو صاحب حَدِيثِ: "أََكْرِمُوا الشُّهُودَ". مات ببغداد سنة خمسٍ وثمانين ومائة وله: ثلاثٌ وستّون سنة. 307- محمد بن القاضي أبي شَيْبَة إبراهيم بن عثمان العبّسيّ الكوفيّ2 ت: عن: أبيه، والأعمش، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وعنه: ابناه الحافظان أبو بكر، وعثمان، ويزيد بن هارون. ووُلّي قضاء بعض مملكة فارس وتُوُفّي هناك، وقد جاوز سبعين سنة، في سنة اثنتين وثمانين ومائة. وثقه يحيى بن مَعِين. له حديث ينفرد بروايته في ذكر الموت.   1 انظر: تاريخ بغداد "1/ 384-387"، السير "9/ 88/ 89". 2 الجرح والتعديل "7/ 185"، والتهذيب "9/ 12". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 197 308- محمد بن إبراهيم بن المطّلب بن السّايب بن أبي وداعة السَّهْميّ المدنيّ1: أبو عبد الله. عن: زهرة بن عَمْرو، وعبد الله بن موسى التَّيْميّ، وابنه. وعنه: ابن أخته إبراهيم بن المنذر، وعبد الرحمن بن شَيْبَة الحرَاميّان. 309- محمد بن إسحاق: هو ابن محصَن2، يأتي. 310- محمد بن أنس الكوفيّ3 د: نزيل الدِّيَنَور. عن: حُصَين بن عبد الرحمن، وسُهيل بن أبي صالح، والأعمش. وعنه: علي بن يحيى، وإبراهيم بن موسى الفرّا. وثقه أبو زُرْعة. 311- محمد بن الحَجَّاج بن يوسف الدّمشقيّ4: عن: ربيعة بن يزيد، وإسماعيل بن عبيد الله، ويونس بن مَيْسَرة، والتابعين. وعنه: بقية، والهيثم بن خارجة، وسُليمان بن عبد الرحمن. قال أبو حاتم: شيخ. 312- محمد بن الحَسَن بن فرقد الشَّيْبانيّ5 مولاهم الكوفيّ: الفقيه العلامة، مفتي العراقين، أبو عبد الله، أحد الأعلام. قيل: أصله من حَرَسْتا من غُوطة دمشق، ومولده بواسط، ثم إنه نشأ بالكوفة.   1 الجرح والتعديل "7/ 185، 186"، والتهذيب "9/ 17". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 207"، التهذيب "9/ 68". 4 الجرح والتعديل "7/ 235". 5 انظر: الجرح والتعديل "7/ 227"، والسير "9/ 134-136". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 198 سمع أبا حنيفة وأخذ عنه بعضَ كُتُب الفقْه، وسمع: مسْعرًا، ومالك بن مِغْوَلٍ، والأوزاعيّ، ومالك بن أنس، ولزِم القاضي أبا يوسف وتفقه به. أخذ عنه: الشافعي، وأبو عبيد، وهشام بن عبيد الله، وعلي بن مسلم الطوسي، وعمرو بن أبي عمرو الحراني، وأحمد بن حفص البخاري، وخلق سواهم. وقد أفردت له ترجمة حسنة في جزء. قال ابن سعد: أصله من الجزيرة، وسكن أبوه الشام، ثم قدم واسطا فولد له بها محمد في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وسمع الكثير ونظر في الرأي وغلب عليه، وسكن بغداد، واختلف النّاس إليه فسمعوا منه. وقال آخر: وُلّي محمد بن الحَسَن القضاء للرشيد بعد القاضي أبي يوسف، وكان إمامًا مجتهدًا من الأذكياء الفُصَحاء. قال أبو عُبَيْد: ما رأيت أعلم بكتاب الله منه. وقال الشافعي: لو أشاء أن أقول: نزل القرآن بلغة محمد بن الحَسَن لقلتُ لفصاحتِه. وقد حملتُ عنه وقْر بُخْتِيّ كُتُبًا. وعن الشّافعيّ قال: ما ناظرتُ سمينًا أذكى من محمد. وناظرتُه مرّةً فاشتدّت مناظرتي له، فجعلتْ أوداجُه تنتفخ وأزراره تتقطّع زِرًّا زِرًّا. قال الشّافعيّ: قال محمد بن الحَسَن: أقمتُ عند مالك ثلاث سنين وكسْرًا، وسمعت من لفظه سبعمائة حديث. وقال يحيى بن مَعِين: كتبت "الجامع الصغير" عن محمد بن الحَسَن. وقال: إبراهيم الحربيّ: قلت لأحمد بن حنبل: من أين لك هذه المسائل الدّقاق؟ قال: من كُتُب محمد بن الحَسَن. وقال عَمرو بن أبي عَمْرو الحرّانيّ: قال محمد بن الحَسَن: خلّف أبي ثلاثين ألف دِرهم، فأنفقت على النَّحْو والشّعر خمسة عشرَ ألفًا، وأنفقت على الحديث والفِقه خمسة عشر ألفًا. وقال ابن عَدِيّ في "كامله": سمع محمد الموطأ من مالك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 199 وقال إسماعيل بن حمّاد: قال محمد بن الحَسَن: بلغني أن داود الطّائيّ كان يسأل عنّي وعن حالي، ويقول: إنْ عاش فسيكون له شأن. وعن الشّافعيّ قال: ما ناظرتُ أحدًا إلا تغيّر وجهه، ما خلا محمد بن الحَسَن1. قال بن أبي سُرَيْج: سمعتُ الشّافعيّ يقول: أنفقتُ عَلَى كُتُب محمد بْن الحَسَن ستين دينارًا، ثمّ تدبرتُها فوضعت إلى جَنْب كلّ مسألة حديثًا. وقال محمد بن الحَسَن فيما سمعه منه محمد بن سَمَاعة: هذا الكتاب، يعني كتاب "الجيل"، ليس من كُتُبنا، إنما أُلقي فيها. قال أحمد بن أبي عِمران: إنّما وضعه إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة. الطّحاويّ: نا يونس قال: قال الشّافعيّ: كان محمد بن الحَسَن إذا قعد للمناظرة والفِقه أقعدَ حَكَمًا بينه وبين مَن يناظره، فيقول لهذا: زِدْتَ ولهذا: أنقصتَ. أبو حازم القاضي، عن بكر بن محمد العَمّيّ، عن محمد بن سَمَاعة قال: كان سبب مخالطة محمد بن الحَسَن السلطانَ أنّ يوسف القاضي شوور في رجل يُولّي قضاء الرَّقَّةِ، فقال: يصلحُ محمد بن الحَسَن. فأشخصوه، فلمّا قدِم جاء إلى أبي يوسف، فدخل به على يحيى بن خالد، فولّوه قضاء الرَّقَّةِ. قلت: قد احتجّ بمحمدٍ أبو عبد الله الشّافعيّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: لا يستحق محمد عندي التَّرْكَ. وقال النَّسائيّ: حديثه ضعيف، يعني من قبل حِفْظه. وقال حنبل: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: كان أبو يوسف منصفًا في الحديث، وأما محمد فكان مخالفًا للأثر، يعني يخالف الأحاديث ويأخذ بعموم القرآن. وكان رحمه الله تعالى آية في الذكاء، ذا عقلٍ تامّ، وسُؤدُد، وكَثْرة تلاوة للقرآن. وحكى أحمد بن أبي عمران قاضي مصر، عن بعض أصحاب محمد بن الحَسَن: أنّ محمدًا كان حزبه في كل يوم وليلة ثمن القرآن.   1 تاريخ بغداد "2/ 177". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 200 وقال أبو حازم القاضي: سمعتُ بكرًا العمّيّ يقول: إنما أخذ ابن سَمَاعة، وعيسى بن أبان حُسَن الصّلاة من محمد بن الحَسَن. وقال عليّ بن سعيد: حدَّثني الرجل الرّازيّ الذي مات محمد بن الحَسَن في بيته قال: حضرتُهُ وهو يموت، فبكى. فقلت له: أتبكي مع العلم؟ فقال لي: أرأيت إنّ أوقفني الله تعالى وقال: يا محمد ما أقدمك إلي؟ الجهاد في سبيلي، أم لابتغاء مرضاتي؟ ماذا أقول؟ وقال أحمد بن محمد بن أبي رجاء: سمعتُ أبي يقول: رأيت محمد بن الحَسَن في النوم، فقلت: إلى ما صرْتَ؟ قال: غُفِر لي. قلتُ: بم؟ قال: قيل لي لم نجعل هذا العلم فيك وإلا نحن نغفر لك1. قلت: تُوُفّي إلى رضوان الله في سنة تسعٍ وثمانين ومائة. 313- محمد بن الحَجَّاج اللَّخْميّ الواسطيّ2: حدَّث ببغداد عَنْ: عَبْد المُلْك بْن عُمير، ومُجالد. وعنه: يحيى بن أيّوب، وشُرَيْح بن يونس. قال الدَّارَقُطْنيّ: كذّاب. وقال ابن عَدِيّ: هو وضع حديث الهريسة3. وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. قلت: مات سنة إحدى وثمانين ومائة. 314- محمد بن حُمران: أبو عبد الله القيسي البصْريّ4. عن: داود بن أبي هند، وخالد الحذّاء، والْجُرَيْريّ. وعنه: حُمَيْد بن مَسْعَدة، وخليفة بن خيّاط، ونصر بن علي، والقواريري.   1 تاريخ بغداد "2/ 182". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 234"، والميزان "3/ 509". 3 الجرح والتعديل "7/ 239"، التهذيب "9/ 126". 4 الجرح والتعديل "7/ 239"، التهذيب "9/ 126". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 201 قال أبو حاتم: صالح. وقال أبو زُرْعة: محلُّه الصِّدْق. وقال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. 315- محمد بن زائد: أبو هشام التّميميّ1. عن: ليث بن أبي سُليم، ورَقَبَة بن مَصْقَلَة، وداود بن يزيد. وعنه: أبو سعيد الأشجّ، وإسحاق بن موسى الخطْميّ. 316- محمد بن سُليمان بن الأصبهانيّ، أبو عليّ، الكوفيّ2. ت. ن. ق: عمّ محمد بن سعيد بن الأصبهاني. روى عن: أبيه، وسهيل بن أبي صالح، وعطاء بن السّائب، وأبي إسحاق الشَّيْبانيّ، وطائفة. وعنه: ابنا أبي شَيْبَة، وقُتَيْبة بن سعيد، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، ويحيى بن يحيى، ولوين، وآخرون. قال أبو حاتم: لا يحتج به. قال ابن عَدِيّ: هو قليل الحديث، أخطأ في غير شيء. قلت: مات سنة إحدى وثمانين. 317- محمد بن سعدان بن عبد الله بن حيّان القُرَشيّ العامريّ3: عن: أبيه، ويزيد بن أبي عُبَيْد، وابن عجلان. وعنه: معن بن عيسى، والحُمَيْدِيّ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ.   1 الجرح والتعديل "7/ 260"، والتهذيب "9/ 166". 2 الجرح والتعديل "7/ 267، 268". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 282"، والثقات لابن حبان "7/ 410". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 202 318- محمد بن سُليمان بن مَسْمول المخزومي المكّيّ1. عن: نافع، وحزام بن هشام، وجعفر بن محمد بن عبّاد. وعنه: محمد بن القاسم سُحَيم، وأبو جعفر النُّفَيْليّ، ومحمد بن عَبّاد المكّيّ، وآخرون. ضعَّفه أبو حاتم. وقال الحُمَيْدِيّ: يُتكلَّم فيه. 319- محمد بن سُليم القُرَشيّ البلْخيّ ثمّ المكّيّ2: عن: الضحّاك، وابن أبي مُلَيْكة، وقَتَادة. عُمِّر دهرًا. روى عنه: وكيع، وأبو عاصم، ومحمد بن عيسى بن الطّبّاع، ومنصور بن أبي مزاحم، وإبراهيم بن موسى الفرّا. وكان ابن عُيَيْنَة يُكْرِمُه. وروى الكَوْسَج، عن ابن مَعِين توثيقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. 320- محمد بن سهل الأسَديّ الكوفيّ المُقعَد3: عن: عاصم بن بَهْدَلَة، وأبي حُصَين الأسَديّ. وعنه: عليّ بن حمزة الكِسائيّ، ومنْجاب بن الحارث، وغيرهما. 321- محمد بن سواء بن عنبر السدوسي4 خ. م. د. ن. ق: أبو الخطاب البصري المكفوف.   1 الجرح والتعديل "7/ 267"، والميزان "5/ 185، 186". 2 الجرح والتعديل "7/ 274"، الثقات لابن حبان "9/ 48". 3 الجرح والتعديل "7/ 277"، والثقات لابن حبان "9/ 51". 4 الجرح والتعديل "7/ 282"، والتهذيب "9/ 208". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 203 روى عن: حسين المعلّم، وسعيد بن أبي عَرُوبة، وابن عَوْن، وطبقتهم. وأكثر عن سعيد. روى عنه: ابن أخيه محمد بن ثَعْلبة، وإسحاق بن راهَوَيْه، وأحمد بن المقدام، وخليفة، وأبو حفص الفلاس، وجماعة. وكان ثقة، نبيلا، صاحب حديث. أرّخ موته الفلاس سنة سبْعٍ وثمانين ومائة. 322- ابن السمّاك: هو محمد بن صَبيح أبو العبّاس العِجْليّ1، مولاهم الكوفيّ الواعظ الزّاهد، أحد الأعيان. سمع هشام بن عُرْوة، وسُليمان الأعمش، ويزيد بن أبي زياد، ونحوهم. وعنه: يحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن أيّوب المقابريّ، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وآخرون. وقال ابن نمير: كان صدوقًا. قال الخطيب: قدِم بغداد فمكث فيها مدّة ثمّ رجع. وعنه قال: كم من شيء إذا لم ينفع لم يضرّ، ولكنّ العِلْم إذا لم ينفع ضرّ. وعن مُغيرة بن شُعيب قال: حضرتُ يحيى بن خالد البرمكيّ يقول لابن السّماك، إذا دخلت على أمير المؤمنين فأوجِزْ ولا تُكثِر عليه. قال: فلمّا دخل عليه قال: يا أمير المؤمنين إنّ لك بين يدي الله مقامًا، وإنّ لك من مقامك منصرفًا. فأنظر إلى أين مُنْصرفك، إلى الجنّة أم إلى النّار؟ فبكى الرشيد حتى كاد أن يموت. وقال عبد الله بن صالح العِجْليّ: سمعتُ ابن السّمّاك يقول: كتب إلي رجل من إخواني من أهل بغداد: صِفْ لي الدَّنيا. فكتبت إليه: أمّا بعد، فإنّه حَفّها بالشَّهَوات، وملأها بالآفات، ومزج حلالها بالمئونات، وحرامها بالتبعات.   1 الجرح والتعديل "7/ 290"، والسير "8/ 291-293". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 204 حلالُها حساب، وحرامها عذاب، والسلام. وعنه قال: همّة العاقل في النجاة والهرب، وهمّة الأحمق في الّلهْو والطَّرب. عَجَبًا لعَيْن تلذّ بالرُّقاد ومَلَك الموت معه على الوسادة. حتّى متى يبلّغنا الواعظون أعلامَ الآخرة، حتّى كأن نفوسَنا عليها واقفة، وكأن العيون إليها ناظرة، ألا منتبه من نومته، أو مستيقظ من غَفْلَته، ومُفيق من سكرته، وخائف من صرعته كَدْحًا للدنيا كدحًا، أما تجعل للآخرة منك حَظًّا1. أُقسم بالله لو قد رأيت القيامة تخفق بزلزال أهوالها، والنّارُ قد عَلَتْ مُشْرفة على أهلها، وقد وضع الكتاب، ونُصب الميزان، وجيء بالنبيين والشُّهداء، لسَرَّك أن تكون لك في ذلك الجمع منزلة. أبَعْدَ الدنيا دار محتمل، أم إلى غير الآخرة مُنتقل؟ هيهات، كلا واللهِ. ولكن صُمَّت الآذان عن المواعظ، وذهلت القلوب عن المَنَافِع، فلا الواعظ ينتفع، ولا السامع ينتفع. وعنه قال: هَبِ الدُّنيا كلّها في يديك، ودنيا أخرى مثلها ضُمّت إليك، وهَب المشرقَ والمغربَ يجيء إليك، فإذا جاءك الموت فماذا بين يديك؟ ألا مَن امتطى الصَّبر، قوي على العبادة، ومن أجْمع اليأس استغفر عن النّاس، ومَن أهَمَّتْه نفسُه لم يولّ مرمّتها غيره، ومن أحبّ الخير وُفِّقَ له، ومَن كرِه الشرّ جُنِّبه. ألا متأهّبٌ فيما يوصف أمامه، ألا مستعدُّ ليوم فَقْره وفاقَته، ألا شيخٌ مبادر انقضاء مدّته، وفناء أجَله. ما ينتظر مَن ابيضَّتْ وفْرته بعد سَوَادها، وتكرّش وجهُه بعد انبساطه، وتقوَّس ظهره بعد انتصابه، وَكَلَّ بصرُه، وضعُف ركْنُه، وقَلّ نومه، وَبَلِيَ منه شيء بعد شيء في حياته، فرحم الله امرأً عَقَلَ الأمر، وأحْسَنَ النظر، واغتنم أيّامه. قال عبد الحميد بن صالح: نا ابن السماك، عن سُفيان الثَّوْريّ قال: احتاجت امرأة العزيز فلبست ثيابها، فقال لها أهلها: إلى أين؟ قالت: أريد أسأل يوسف. قالوا: نخافه عليك. قالت: كلا، إنّه يخاف الله ولست أخاف ممّن يخاف الله.   1 الحلية "8/ 204، 205". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 205 قال: فجلَست على طريقه، وقامت إليه لما أقبل، فقالت: الحمد لله الذي جعل العبيد بطاعته ملوكًا، وجعل الملوك بمعصيته عبيدًا، أصَابتنا حاجةٌ. قال: فأمر لها بما يُصلحها. قال ابن ثعلب: نا ابن الأعرابي قال: كان ابن السماك يتمثل بهذا الشعر: إذا خلا في القبور ذو خطرٍ ... فزُرْه يومًا وانظرْ إلى خَطَره أبرزه الدهرُ من مساكنه ... ومن مقاصيره ومن حجره1 وعن ابن السّمّاك قال: الدُّنيا كلّها قليل، والذي بَقِيّ منها في جنب ما مضى قليل، والذي لك من الباقي قليل، ولم يبق من قليلك إلا قليل، وقد أصبحت في دار الفناء والعزاء، وغدًا تصير إلى دار الجزاء، فاشترِ نفسك لعلك تنجو من عذاب ربك. تُوُفّي ابن السّمّاك رحِمه الله سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة وقد شاخ. 323- محمد بن عبد الرحمن بن رداد المدنيّ2: من ولد ابن أمّ مكتوم. روى عن: عبد الله بن دينار، وسُهيل بن أبي صالح، ويحيى بن سعيد. وعنه: بِشْر بن مُعاذ، ويعقوب بن كاسب. قال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وقال المؤلّف في كتابه "المغني": ضعفوه. وقال أبو حاتم: ليس بقويّ. 324- محمد بن عبد الرحمن بن عَمْرو، أبو عبد الله بن الإمام أبي عمرو الأوزاعي3. كان رجلا صالحًا عابدًا.   1 الحلية "8/ 210". 2 الجرح والتعديل "7/ 315"، والميزان "3/ 623". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 318"، والثقات لابن حبان "9/ 49". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 206 روى عن أبيه. وعنه: أبو مُسْهِر، ومغيره بن تميم، وجماعة من أهل بيروت. وقال العباس بن الوليد البيروتي: وأدركت زمانَه. وكانوا لا يشكون أنه من الأبدال. 325- محمد بن عبد الرحمن السَّهميّ الباهليّ1: يُكَنَّى: أبا عبد الرحمن. روى عن: حُصَين بن عبد الرحمن، وغيره. وعنه: نصر بن عليّ، ومحمد بن المثنى الغفري. قال البخاري: لا يُتابع على حديثه. قلت: له حديث واحد في الدعاء، مضطّرب الإسناد. 326- محمد بن عبد الرحمن القُشَيريّ المَقْدسيّ2: عن: حُمَيْد الطويل، وجعفر بن محمد، وخالد الحذّاء، وطبقتهم. وعنه: بقيّة، وأبو بدر السكُونيّ، وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل. قال أبو حاتم: كان يكذب ويفتعل الحديث. 327- محمد بن عبد الرحمن الطفاوي3 خ. د. ت. ق: أبو المنذر البصري. سمع: أيّوب السّخْتيانيّ، وهشام بن عُرْوة، والأعمش. وعنه: أحمد، وابن المَدِينيّ، وعمرو الناقد، وأحمد بن المقدام. قال ابن معين: ما به بأس. ووثقه غير واحد.   1 الجرح والتعديل "7/ 326"، والميزان "3/ 618". 2 الجرح والتعديل "7/ 325"، والميزان "3/ 623، 624". 3 الجرح والتعديل "7/ 324"، والتهذيب "9/ 309، 310". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 207 وقال أبو زُرْعة: مُنْكَر الحديث. وقاله أبو حاتم. مات سنة سبْعٍ وثمانين ومائة. 328- محمد بن عبد الملك الأنصاريّ1. أبو عبد الله. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعٍ، وَابْنِ المُنْكَدر، وسالم بن عبد الله، والزُّهْريّ، وغيرهم. وعنه: عامر بن سيار، ويحيى بن صالح الوحاظيّ، ويحيى بن سعيد العطّار، وأبو المغيرة عبد القُدُّوس، وأخرون. وهو مدني سكن حمص، وما بَقِيّ إلى هذا الوقت، كأنه مات قبل السبعين ومائة، نعمْ، ثمّ وجدت أنّ الإمام أحمد قال: قد رأيته وكان أعمى، وكان يضع الحديث ويكذب. وقال النسائي: متروك. ومن بلاياه: يحيى الوحاظي، عنه، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُتَخَلَّلَ بِالْقَصَبِ وَالآسِ، وَقَالَ "إِنَّهُمَا يَسْقِيَانِ عِرْقَ الْجُذَامِ"2. يَزِيدُ بْنُ مَرْوَانَ الْخَلالُ، عَنْهُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَادَ أَعْمَى أَرْبَعِينَ خُطْوَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ"3. 329- محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي المكي4 ق:   1 الجرح والتعديل "8/ 4"، والميزان "3/ 631". 2 حديث موضوع: أخرجه العقيلي "4/ 103"، في الضعفاء الكبير، وابن عدي "6/ 2166" في الكامل، والخطيب "2/ 341" في تاريخه، وابن الجوزي "3/ 38" في الموضوعات. 3 حديث موضوع: أخرجه الطبراني "12/ 353" في الكبير، وابن عدي "6/ 2167"، وابن الجوزي "2/ 173"، وأبو نعيم "3/ 158" في الحلية، وانظر: الفوائد المجموعة "76"، وتنزيه الشريعة "2/ 138". 4 انظر: الجرح والتعديل "8/ 24، 25"، والميزان "3/ 641"، والتهذيب "9/ 337". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 208 عن: حُمَيْد بن قيس الأعرج، وهشام بن عُرْوة، والحَكَم بن أبان. وعنه: الحُمَيْدِيّ، وأحمد بن حنبل، وشُرَيْح بن يونس، وأحمد بن محمد بن عون النبال. قال أبو حاتم: مُنْكَر الحديث، ضعيف. 330- محمد بن عَمْر الطّائي المحرّي الحمصيّ1: أبو خالد. عن: ثابت بن سعد الطّائيّ، وعبد الله بن بسر الحبراني، وأبي الزناد، وابن عبد ربّه الزّاهد. وعنه: بقيّة، ويحيى الوحاظيّ، وخطّاب الفوريّ، وسُليمان ابن بنت شُرَحْبيل. قال أبو حاتم: ما به بأس. 331- محمد بن عمر بن صالح الكَلاعيّ الحمصيّ ثمّ الحَمَويّ2: وحماه قريش من أعمال حمص ذاك الوقت، واليوم هي في قدْر حمص مرَّتين. روى عن: الحَسَن، ومحمد بن سيرين، وقتادة، وإسحاق بن يزيد صاحب البراء. وعنه: سُوَيْد بن سعيد، والمسيب بن وضّاح. قال ابن عَدِيّ: مُنْكَر الحديث، ثمّ ساق له حديثًا باطلا عن قَتَادة، عن أنس. وقد وقع لي من عواليه. 332- محمد بن الفُرات3 ق: أبو علي الكوفي. عن: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، ومحارب بن دِثار. وعنه: أبو توبة الحلبيّ، وقُتَيْبة، وسُوَيْد بن سعيد، وشُرَيْح بن يونس، ومحمد بن عبيد المحاربي.   1 الجرح والتعديل "8/ 18"، والتهذيب "9/ 369". 2 انظر: الميزان "3/ 666، 667". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 59، 60"، والتهذيب "9/ 396، 397". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 209 وهو واهٍ بالاتفاق، عُمِّرَ دهرًا، وجاوز المائة. كذّبه أحمد، وابن أبي شَيْبَة. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أنا مُحَلِّمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الضَّبِّيُّ، أنا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُرَاتِ، سَمِعْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ، سَمِعْتُ ابْنُ عُمَرُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "شَاهِدُ الزُّورِ لا تَزُولُ قدماه حتى يؤمر به إلى النار"1. أخرجه ابن ماجه، عن سويد عن محمد. 333- محمد بن الفضل بن عطية العبسي مولاهم الكوفي2 ت. ق: أبو عبد الله، نزيل بُخارَى. وقد حدَّث في آخر أيّامه بالعراق عن: أبيه، وزياد بن علاقة، وعَمْرو بن دينار، وعاصم بن بَهْدَلَة، ومنصور بن المُعْتَمِر، وجماعة. وعنه: بقية، وأسد بن موسى، وعبّاد بن يعقوب، ويحيى بن يحيى، ومحمد بن عيسى بن حبان المدائني، وآخرون. قال أحمد: حديثه حديث أهل الكذِب. وقال يحيى بن مَعِين: لا يُكْتَب حديثه. وقال غير واحد: متروك الحديث. وقيل: إنّه حجّ بضعًا وثلاثين حَجَّة. وقال محمد بن الفضل: كنت ابن خمس سنين حيث كان يذهب بي والدي إلى الفُقهاء. قلت: مات سنة إحدى وثمانين أو بعدها أو قبلها، وقع لنا من عواليه.   1 حديث ضعيف جدًّا: إن لم يكن موضوعًا، أخرجه ابن ماجه "2373"، والحاكم "4/ 98"، والعقيلي "4/ 122"، وابن عدي "6/ 2149"، وابن عبد البر "5/ 73"، في التمهيد، والبيهقي "10/ 122"، في سننه الكبرى، وأبو نعيم "4/ 264" في الحلية. 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 56، 57"، والتهذيب "9/ 401، 402". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 210 334- محمد بن كثير، أبو إسحاق القُرَشيّ الكوفيّ1: نزيل بغداد. عَنْ: ليث بْن أَبِي سُلَيْم، وعَمْرو بْن قيس المُلائي، والأعمش. وعنه: يحيى بن مَعِين، وقُتَيْبة، ومحمد بن الصّبّاح الجرجرائي، والحسن بن عَرَفَة. كان ابن مَعِين حسن الرأي فيه، وقال: لم يكن به بأس. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. 335- محمد بن كثير البصْريّ القصّاب2: له عن: عبد الله بن طاوس، ويونس بن عُبَيْد. وعنه: نُعَيم بن حمّاد، وعثمان بن أبي شَيْبَة. قال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ الفلاس: ذاهب الحديث. 336- محمد بن مُجيب الثقفيّ الكوفيّ الصّائغ3: عن: ليث بن أبي سليم، وجعفر بن محمد. وعنه: محمود بن خداش، وجمهور بن منصور، ومحمد بن إسحاق البلْخيّ، ومحمد بن عبد الله الأزريّ، ومحمد بْن حسّان الأزرق. قال أبو حاتم: ذاهب الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: عدُّو الله كذاب.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 68، 69"، والميزان "4/ 17، 18". 2 الجرح والتعديل "8/ 70"، والميزان "4/ 17". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 96"، والميزان "4/ 24، 25". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 211 337- محمد بن مِحْصَن العُكّاشيّ1: وهو محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن عكاشة بن محصن الأسدي. روى عن: إبراهيم بن أبي عَبْلَةَ، والأوزاعيّ، وجماعة. وعنه: محمد بن أبي خراش الموصلي، ومعلل بن نفيل، وجماعة. قال البخاريّ: يقال له الأندلسيّ، مُنْكَر الحديث. وقال ابن مَعِين: كذّاب. 338- محمد بن مروان السُّدّيّ الصغير2: هو محمد بن مروان بن عبد اللَّه بن إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدّيّ الكوفيّ. روى عن: الكَلْبيّ في تفسيره، وعن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، والأعمش، وجُوَيْبر. وعنه: الأصمعيّ، ومحمد بن عُبَيْد المُحاربيّ، وأبو عَمْر الدّوريّ، والحسن بن عَرَفَة. تركوا حديثه، وقد اتُّهم. قال البخاريّ: سكتوا عنه. وقال ابن مَعِين: ليس بثقة. وقال عبد الله بن نُمير: كذّاب. وقال أحمد بن حنبل: أدركته قد كبُر فتركْتُه. 339- محمد بن مسروق بن مَعْدان الكِنْديّ الكوفيّ3: الفقيه، أبو عبد الرحمن، من أصحاب الرّازيّ. روى عن: محمد بن عمرو، ومسعر، وسفيان الثوري.   1 الجرح والتعديل "7/ 194"، والتهذيب "9/ 430". 2 الجرح والتعديل "8/ 86"، والتهذيب "9/ 436، 437". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 104، 105"، والثقات لابن حبان "9/ 68، 77". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 212 وعنه: ابن وهب، وسعيد بن أبي مريم، وهشام بن عمار، وآخرون. وولي قضاء مصر ثمانية أعوام في دولة الرشيد، وصرف سنة خمس وثمانين ومائة. وكان قد ولي بعد مفضل بن فضالة، وكان عجبا في التيه والصلف والتكبر. قال سعيد بن عفير: قدم علينا قاضيا وكان متجبرا، فاعتدى على العمال وأنصف منهم. أرسل إليه الأمير عبد الله بن المسيب يأمره يحضر مجلسه، فقال لرسوله: لو كنتُ تقدّمت إليه في هذا لفعلت به وفعلت، فانقطع ذلك عن القضاء بعده. قال سعيد: ولما قدِم مصرَ اتّخذ قومًا للشهادة، وأوقف سائر الشهود، فوثبوا به وشتموه وشتمهم، وكانت منه هَنات إلى أشرافهم. وقال يحيى بن بُكَيْر: ما كان بأحكامه بأس، لكنه كان من أعظم النّاس تكبُّرًا. 340- محمد بن الْمُعَلَّى اليامي الكوفي1ت: هو ابن أخي زَبيد بن الحارث. روى عن: زياد بن خَيْثَمَة، وزكريّا بن أبي زائدة، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وأشعث بن سوار. واستوطن الرَّيّ. روى عنه: محمد بن عمرو زنيج، ومحمد بن مِهران، ومحمد بن حُمَيْد، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدُوق. 341- محمد بْن يزيد الواسطي الزاهد2 د. ت. ن: أبو سعيد. ويقال: أبو إسحاق الخولاني مولاهم، أصله شامي.   1 الجرح والتعديل "8/ 101"، والتهذيب "9/ 466". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 126"، والسير "9/ 202، 203". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 213 روى عن: أيّوب أبي العلاء القصّاب، وإسماعيل بن أبي خالد، وعاصم بن رجاء بن حَيْوَة، والعوّام بن حَوْشَب، ومُجَالد بن سعيد، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وبشر بن مطر، وأبو عمارة الحَسَن بن حُرَيْث، ومحمد بن وزير، وشُرَيْح بن يونس، ويحيى بن معين، وآخرون. قال وكيع: إنْ كان أحدُ من الأبدال1 فهو محمد بن يزيد. وقال أحمد: كان ثَبْتًا في الحديث. وقال ابن مَعِين، وأبو داود، والنّسائيّ: ثقة. وقال محمد بن وزير: مات سنة تسعين ومائة. وقيل: مات سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. وقال مُطَيِّن: سنة إحدى وتسعين. 342- محمد بن يوسف بن مَعْدان2: أبو عبد الله الأصبهانيّ الزّاهد، ويُلقّب بعَرُوس الزُّهّاد. روى عن: الأعمش، ويونس بن عُبَيْد، وسفيان الثَّوْريّ، والحمَّادَين آثارًا ومقاطيع. حدَّث عنه: عبد الرحمن بن مهديّ، ويحيى القطّان، وابن المبارك، وسُليمان الشاذكوني، وزهير بن عباد، وعصام بن جبر، وصالح بن مِهران، وطائفة. قال أبو الشيخ: لما أره روى حديثًا مُسْندًا، إلا حديثًا واحدًا. قلت: وهو حديث مُنْكَر. قال الحَسَن بن عَمْرو مولى ابن المبارك: ما رأيت ابن المبارك أعجبه أحدٌ ممّن كان يأتيه إعجابَه لمحمد بن يوسف الأصبهاني؛ كان كالعاشق له. قلت: هو من أجداد الحافظ أبي نعيم لأمه، وقد استوفى ترجمته.   1 هذا من المصطلحات التي لا أصل لها في القرآن الكريم، ولا السنة النبوية المطهرة. 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 121"، والسير "9/ 125، 126". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 214 قال يحيى بن سعيد: ما رأيت رجلا خيرًا من محمد بن يوسف. فقال له: محمد بن حنبل: ولا الثَّوْريّ؟ فقال: كان الثَّوْريّ شيئًا ومحمد بن يوسف شيئًا. عُبَيْد بن جناد: نا عطاء بن سلم الحلبيّ قال: كان محمد بن يوسف الأصبهانيّ يختلف إلي عشرين سنة لم أعرفه. يجيء إلى الباب فيقول: رجلُ غريب يسأل. ثمّ يخرج، حتّى رأيته يومًا في المسجد، فقيل لي: هذا محمد بن يوسف، فقلت: هذا يختلف إليّ منذ عشرين سنة لم أعرفه. قلت: كان يرابط بالمصِّيصة مدّة. قال أحمد بن عصام الأصبهانيّ: بلغني أنّ ابن المبارك كان يسميّ محمد بن يوسف عروس الزُّهاد. وقال أحمد الدَّوْرَقيّ: حدّثني حكيم الخُراسانيّ قال: كان محمد بن يوسف الأصبهاني يأتيه من عند أهله في كل سنة سبعون دينارًا أو نحوها، فيأخذ على الساحل فيأتي مكّة، ثمّ يرجع إلى الثغر. وقال عبيد الله بن جناد: قال محمد بن يوسف: أرُوني قبرَ أبي إسحاق الفَزَاريّ، فأرَيتُه إيّاه. فقال: إنّ متّ فادفنوني إلى جَنْبه1. وقال عبد الرحمن بن مهديّ: بايَنْتُ محمد بن يوسف في الشتاء والصيف، فلم يكن يضع جنْبه، وأما ليالي الشتاء، فكان حين يطلع الفجر يتمدّد وهو جالس، ثمّ يقوم ويتمسح2. قلت: لعله بقي إلى المائتين. 343- مَخْلَد بن خِداش الكوفيّ3: عن: الأعمش، وأبان بن ثعلب. وعنه: أبو الصلت عبد السلام الهَرَويّ، وأبو سعيد الأشجّ. قال أبو حاتم: صالح الحديث.   1، 2 الحلية "8/ 228، 229"، "8/ 234". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 348"، والتهذيب "10/ 74". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 215 344- مُخَيّس بن تميم، أبو بكر الأشجعيّ1: عن: بهز بن حكيم، وحازم بن عطاء البَجَليّ، وجعفر بن عَمْر. وعنه: هشام بن عمّار، وأحمد بن الضّحّاك إمام جامع دمشق، وهو شاميُّ مُقِلّ. قال العُقَيْليّ: لا يتابع على حديثه. 345- مدرك بن أبي سعد الفَزَاريّ الدّمشقيّ2: أبو سعد. عن: يونس بن مَيْسرة بن حَلْبَس، وإسماعيل بن أبي المهاجر، وحيّان بن أبي النضر. وقرأ القرآن على يحيى بن الحارث. قرأ عليه هشام بن عمار. وروى عنه: هشام، وعليّ بن حُجْر، وسعيد بن منصور، وسُليمان بن عبد الرحمن، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 346- مرحوم بن عبد العزيز البصْريّ العطّار3 ع: عن: أبي عمران الْجَوْنيّ، وثابت البُنانيّ، ومالك بن دينار، وحبيب المعلّم، وأبي نَعَامة السَّعْديّ. وعنه: ابنه عيسى، وحفيده بِشْر بن عبيس بن مرحوم، وإسحاق بْن راهَوَيْه، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وبُنْدار، ومحمد بن المثنَّى، ومسدّد، وبكر بن خَلَف، والفلاس، ونصر بن عليّ. قال الخُريبي: ما رأيت بصريًا أفضل منه، ومن سليمان بن المغيرة.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 442"، والميزان "4/ 85". 2 الجرح والتعديل "8/ 328"، والتهذيب "10/ 79، 80". 3 الجرح والتعديل "8/ 436"، السير "8/ 293، 294". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 216 ووثقه أحمد وغيره. مات سنة سبعٍ وثمانين. وقيل: سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. وروى البخاريّ عن حفيده بِشْر أنّ مولده سنة ثلاثٍ ومائة. 347- مروان بن أبي حفصة سُليمان بْن يحيى بْن أبي حفصة يزيد بن عبد الله الأمويّ1. مولاهم الشاعر الشهير: يكنى أبا السِّمْط، ويقال: أبو الهِنْدام. وولاؤه لمروان بن الحَكَم، مدح الخلفاء والأمراء، وسائر شِعرِه سائرٌ لحُسْنِه وفُحُولته، واشتهر اسمه. حكى عنه خَلَف الأحمر، والأصمعيّ. وقيل: كان مُولدًا، قليل الخبرة باللُّغة. وقد أجازه المهدي على قصيدة واحدة مائة ألف، وكذا أجازه الرشيد مرّةً بستّين ألف دِرهم. وكان بخيلا مقتّرًا على نفسه، خرج مرّةً بجائزة المهديّ ثمانين ألف درهم، فسأله مسكين فأعطاه ثُلُثَيْ دِرهم، وقال: لو كان حصل له مائة ألف لكملت لك درهمًا. وقيل: إنّه كان لا يُسْرِج عليه، ولا حكايات في الْبُخْلِ. وما أحلى قوله يمدح بني مطر: هُمُ الْقَوْمُ إنْ قالوا أصابوا وإن دُعُوا ... أجابوا وإنْ أَعْطَوْا أطابوا وأَجْزَلُوا هُمُ يمنعون الجارَ حتّى كأنَّهم ... لِجارِهمُ بين السِّماكَيْنِ مَنْزلُ2 وعن الفضل بن بزيع قال: رأيت مروان بن أبي حفصه دخل على المهديّ بعد موت مَعْن بن زائدة، فأنشده. فقال: من أنت؟ قال: شاعرك مروان. قال: ألست القائل:   1 انظر: الشعر والشعراء "2/ 649-651"، والسير "8/ 422، 423". 2 الشعر والشعراء "2/ 651"، السير "8/ 423"، العقد الفريد "1/ 356". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 217 وقلنا أين نَرْحَلُ بعد مَعْن ... وقد ذهب النَّوَالُ فلا نَوَالا وقد جئتَ تطلب نَوَالا، خذوا برِجْلِه. فلمّا كان بعد عام، تلطّف حتّى دخل مع الشعراء، وإنّما كانت الشعراء تدخل على الخُلفاء في العام مرّةً، فأنشده: طرقَتْكَ زائرةٌ فحيِّ خيالَها ... بيضاءُ تخلِط بالحياء دلالها قادت فؤادك فاستقادو وقبْلها ... قاد القلوبَ إلى الصِّبا وأمالها منها: هل يطلبون من السماء نُجُومَها ... بأكُفِّهم أو يَسْتُرُون هلالَها أو تدفعُون مقالةً عن ربّكم ... جبريلُ بلغها النّبيّ فقالها شهِدَتْ من الأنفال آخرُ آيةٍ ... ببراءتهم فأردتم إبطالها1 يعني بني العبّاس وبني عليّ، فرأيت المهديّ وقد زحف من صدر مُصلاه حتّى صار على البساط إعجابًا، وقال: كم أبياتها؟ قال: مائة. فأمر له بمائة ألف درهم. وروى عليّ بن محمد النَّوْفَليّ، عن أبيه قال: كان مروان بن أبي حفصه لا يأكل اللَّحْمُ بُخْلا حتّى يُقَدَّم إليه، فإذا قُدِّم بعث غلامه فاشترى له رأسًا فأكله. فقيل له: لا نراك تأكل في الصيف والشتاء إلا الرءوس. قال: نعم لإني أعرف سِعْرَه فآمَنُ خيانة الغلام. وإنْ مس عينه أو خدّه وقفت على ذلك، وَآكُلُ منه ألوانًا، وأُكفي مئونة الطبْخ. وقال جَهْم بن خَلَف: أتينا اليمامة، فنزلنا على مروان بن أبي حفصة، فأطعمنا تمرًا، وأرسل غلامه بَفْلس وسُكُرُّجَة2 يشتري به زيتًا. فلمّا جاءه بالزيت قال: خُنْتَني. قال: من فَلْس كيف أخونك?. قال: أخذت الفَلْس واستوهبت زيتًا.   1 الأغاني "10/ 81، 82". 2 سكرجة: الصحفة من آنية الطعام. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 218 قال الفَسَويّ: مات مروان سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقيل: مولده سنة خمسٍ ومائة. 348- مروان بن سالم الشّاميّ ثمّ الْجَزريّ1 ق: عن: صَفْوان بن سُلَيم، والأعمش، وعبد الملك بْن أَبِي سُليمان، وجماعة. وعنه: الوليد بن مسلم، ونُعَيم بن حمّاد، وأبو هَمّام السَّكُونيّ، وغيرهم. تركه غير واحدٍ لأنّ عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتَابِعُ عَلَيْهِ. قَالَ أحمد بْن حنبل: لَيْسَ بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النَّسائيّ: متروك. 349- مروان بن شُجاع الْجَزَريّ الحَرّانيّ2 خ. د. ت. ق: أبو عمرو مولى بني أُميّة. حدَّث ببغداد عن خُصَيف فأكثر، وعن: عبد الكريم بن مالك، وسالم الأفطس. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بن مَنِيع، وشُرَيْح بن يونس، وزياد بن أيّوب، ويحيى بن مَعِين، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، والحسن بن عَرَفَة. قال أحمد: لا بأس به. وقال غيره: صدُوق. وقال أبو حاتم: ليس بحُجَّه. وقال ابن حِبّان: يروي المقلوبات عَنِ الثَّقات. قلت: مات سنة أربعٍ وثمانين ومائة. 350- مَرْوان، أبو عبد الملك الرمادي3.   1 الأغاني "1/ 78". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 273، 274"، والسير "9/ 34". 3 من القراء المشهورين بدمشق في الدولة العباسية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 219 دمشقيٌّ من أعيان قُرّاء البلد. قرأ على: يحيى الرَّماديّ، وزيد بن واقد، وحدَّث عنهما، ووُليّ قضاء دمشق. روى عنه: مروان بن محمد، وسُليمان ابن بنت شُرَحْبيل، ومحمد بن حسّان الأسديّ. ما علِمْتُ فيه جَرْحًا. 351- مَسْلَمَة بن علْقمة المازنيّ1: قد مرّ، فيحوّل إلى هنا، وإلا فقد نبَّهنا على طبقته. 352- مَسْلَمَة بن عليّ بن خَلَف الخشنيّ الدّمشقيّ الغُوطيّ البلاطي2 ق: والبلاط قرية على فرسخ من البلد، يُكَنّى: أبا سعيد. روى عن: يحيى الذِّماريّ، والأعمش، وابن عجلان، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وابن جريج، وطائفة. وعنه: بقية بن الوليد، وابن وهْب، وأبو توبة الحلبيّ، ومحمد بن رُمْح، وهشام بن عمّار، وآخرون. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال أبو حاتم: هو في حدّ التَّرْك. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. وسُئل ابن مَعِين عنه وعن الحَسَن بن يحيى الخشنيّ فقال: ليسا بشيء، والحسن أحبّهما إليّ. قُلْتُ: وَمِنْ مَفَارِيدِهِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: حَضَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعِلْمِ قَبْلَ ذَهَابِهِ. فَقِيلَ: كَيْفَ يَذْهَبُ وَقَدْ تعلمنا وَعَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا؟ فَغَضِبَ وَقَالَ: "أَوَلَيْسَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ فِي يَدِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَا أَغْنَيَا عَنْهُمْ"3.   1 سبق الترجمة له. 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 268"، والتهذيب "10/ 146، 147". 3 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "7398" في الكبير، وضعفه الهيثمي في المجمع "1/ 201". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 220 وَلِمُسْلِمَةَ أَحَادِيثُ عِدَّةٌ مُنْكَرَةٌ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. 353- المُسيب بن شَرِيك1: أبو سعيد التّميميّ الشَّقرِيّ الكوفيّ. عن: هشام بن عُرْوة، والأعمش. وعنه: يحيى بن مَعِين، وأحمد بن منيع، وأحمد بن حنبل وقال: هو أوّل من كتبتُ عنه الحديث. قال مسلم، والدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. قال ابن سعد: وُلّي بيت المال للرشيد. مات سنة ستٍّ وثمانين ومائة. 354- مُصْعَب بن الزُّبَير العُذْريّ المصريّ2: مؤذّن جامع الفُسطاط. عن: يزيد بن أبي حبيب. وعنه: ابنه عُذْرة، ويوسف بن عَدِيّ. مات في صفر سنة أربعٍ وثمانين ومائة، قاله ابن يونس. 355- مُصْعَب بن سلام التّميميّ الكوفيّ3 ق: عن: زبرقان السّرّاج، ومحمد بن سوقة، وعبد الله بن شُبْرُمَة. وعنه: إسحاق بن موسى الأسديّ، وزياد بن أيّوب. قال ابن حِبّان: كثير الغَلَط، لا يُحْتَجّ به. وقال ابن عَدِيّ: أرجو أنه لا بأس به، له غلط.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 294"، والميزان "4/ 114، 115". 2 من مشاهير مؤذني جامع الفسطاط بالديار المصرية. 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 307، 308"، والتهذيب "10/ 161". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 221 وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. وضعّفه عليّ بن المَدِينيّ. وروى عنه أيضًا أحمد، والأشجّ. 356- مُصْعَب بن ماهان المَرْوَزِيّ ثمّ العسْقلانيّ1: عن سُفيان الثَّوْريّ، وعباد بن كثير. وعنه: أبو توبة الربيع بن نافع، وزُهير بن عبّاد، وسعيد بن نضير، وإبراهيم بن شماس والسمرقندي، وآخرون. وكان عبدًا صالحًا، وكان أُمّيًّا لا يكتب. قَالَ أبو حاتم: شيخ. قِيلَ: مات سنة إحدى وثماني ومائة. 357 مطر بن العلاء الفَزَاريّ الدّمشقيّ2: شيخ قليل الحديث. روى عن: أبي سُليمان الحَرسْتانيّ، وعبد الملك بن يسار الثَّقَفيّ، وروح بن القاسم. وعنه: ختنة يحيى بن الغمر، وسليمان بن عبد الرحمن، وعلي بن حجر. قال أبو حاتم: شيخ. قَالَ سُلَيْمَانُ: نا مَطَرُ بْنُ الْعَلاءِ، نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَسَارٍ، نا أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ، وَكَانَ جَاهِلِيًّا: حَدَّثَنِي مُعَاذٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثُونَ سَنَةً نُبُوَّةٌ وَخِلافَةٌ، وَثَلاثُونَ سَنَةً نُبُوَّةٌ وَمُلْكٌ، وَثَلاثُونَ سَنَةً مُلْكٌ وَتَجَبُّرٌ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَلا خَيْرَ فِيهِ"3. رَوَاهُ يعقوب الفسوي، والطبراني. وفي السند مجهولان.   1 الجرح والتعديل "8/ 308، 309"، والميزان "4/ 121". 2 الجرح والتعديل "8/ 298"، والثقات لابن حبان "9/ 189". 3 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني كما في المجمع "5/ 1901". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 222 358- المطّلب بن زياد الكوفيّ1 ق: عن: زياد بن علاقة، وزيد بن عليّ بن الحسين، وعبد الملك بن عُمَيْر، وإسماعيل السُّدّيّ، وأبي إسحاق السَّبِيعيّ. وعنه: أحمد، وإسحاق، وسعيد بْن محمد الْجَرميّ، وشُرَيْح بن يونس، وابن نُمير، ويحيى بن مَعِين، وسُفيان بن وكيع، وعدّة. وثقه أحمد، ويحيى. وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ به. وقال أبو داود: هو عندي صالح. وقال ابن سعد: ضعيف. وقال أحمد: لم ألقَ بالكوفة أحدًا أسَنَّ منه. قلت: تُوُفّي سنة خمسٍ وثمانين ومائة. 359- مُعاذ بن مسلم النحوي الكوفيّ2: الهرّاء، لأنّه كان يتّجر في الثياب الهَرَويّة. روى عن: عطاء بن السّائب، وجعفر بن محمد، وغيرهما. وصنّف في النَّحْو في دولة بني أُميّة, وعُمِّر دهرًا طويلا. روى عنه: عبد الرحمن المحاربيّ، والحسن بن الحسين الكوفيّ. وقال عثمان بن أبي شَيْبَة: رأيته يشدّ أسنانه بالذَّهب. وأخذ عنه الكسائي جملة من النحو. وفيه يقول سهل بن أبي غالب تِيك الأبيات السائرة: إنّ مُعاذَ بنَ مسلم رجُلٌ ... ليس لِميقات عُمْره أَمَدُ قد شاب رأسُ الزَّمان واكتهل ... الدهر وأثواب عمره جدد   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 360"، والتهذيب "10/ 177"، السير "8/ 295، 296". 2 انظر: تاريخ الطبري "8/ 29، 197، 300"، والسير "8/ 424-426". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 223 يا بِكْرَ حَوّاءَ كم تَعيشُ وكَمْ ... تَسْحَبُ ذَيْلَ الحياة يا لُبَدُ1 الأبيات. تُوُفّي سنة سبْعٍ وثمانين ومائة. وقيل: سنة تسعين، وعاش تسعين سنة. ذكره ابن البخار مختصرًا، وقال: هو مولى محمد بن كعب القُرظِيّ، ووُلد في دولة يزيد بن عبد الملك، وكان من أعيان النُّحاة، وكان له أولاد وأحفاد فماتوا وهو باقٍ، وله شِعرٌ جيّد. 360- الْمُعَافَى بن عِمران بن نُفَيْلِ بن جابر بن جبلة2 خ. د. ن: أبو مسعود الأزدي، الموصلي، الحافظ، القدوة، شيخ أهل الموصل وعالمهم وزاهدهم. مولده بعد العشرين ومائة. سمع: ثور بن يزيد، وهشام بن حسّان، وابن جُرَيْج، وجعفر بْن بُرْقان، وحنظلة بْن أبي سُفيان، وسيف بن سُليمان، وأفلح بن حُمَيْد، وموسى بن عُبَيْدة، ومِسْعَر، والأوزاعيّ، وعبد الحميد بن جعفر، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وسفيان الثَّوْريّ، وطبقتهم. وعنه: بقيّة، وابن المبارك ووَكِيع، وموسى بن أعْيَن، وهم من أقرانه، وبِشْر الحافي، والحسن بن بِشْر، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، ومحمد بن جعفر الوَرْكانيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وعبد الله بن أبي خُداش، وآخرون. وله ترجمة في تاريخ يزيد بن محمد الأزْديّ في بضع وعشرين ورقة. وقال: ثنا موسى بن هارون الزّيّات: نا أحمد بن عثمان: سمعتُ محمد بن داود الحرّانيّ: نا عيسى بن يونس قال: خرج علينا الأوزاعيّ ونحن ببيروت أنا والمُعَافَى بن عِمران، وموسى بن أَعْيَن، ومعه كتاب السُّنَن لأبي حنيفة. فقال: لو كان هذا الخطأ في أمة لأوسعه خطأ.   1 العقد الفريد "1/ 323". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 399، 400"، والسير "9/ 80-86". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 224 قال الأزْديّ: صنّف الْمُعَافَى في الزُّهد، والسُّنَن، والفِتَن، والأدب وغير ذلك. وقال أحمد بن يونس: كان سُفيان الثَّوْريّ يقول: الْمُعَافَى بن عِمران ياقوتة العلماء. وقال بِشْر بن الحارث: إني لأذْكر الْمُعَافَى اليوم فأنتفع بذِكره، وأذكر رؤيته فأنتفع. وقال وكيع: نا المعافى وكان من الثقات. وعن بشر الحافي قال: كان ابن المبارك يقول: حدَّثني الرجل الصالح، يعني الْمُعَافَى. أحمد بن عبد الله بن يونس، عن الثَّوْريّ قال: امتحنوا أهل الموصل المعافى. وَرُوِيَ عن الأوزاعيّ قال: لا أقدّم على المَوْصليّ أحدًا. قال ابن سعد: كان الْمُعَافَى ثقة، خيرًا، فاضلا، صاحب سُنَّةٍ. بِشْر بن الحارث. سمعتُ الْمُعَافَى: سمعتُ الثَّوْريّ يقول: إذا لم يكن لله في العبد حاجة نبذة إلى السلطان. قال بِشْر: كان الْمُعَافَى يحفظ الحديث والمسائل، سألته عن الرجل يقول للرجل، أقعدْ هنا ولا تَبْرَح، قال: يجلس حتّى يأتي وقت الصلاة ثمّ يقوم. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: سمعتُ الْمُعَافَى ولم أرَ أفضل منه، يُسأل عن تجصيص القبور فكرهه. وقال عليّ بن مضاء: نا هشام بن بِهرام: سمعتُ الْمُعَافَى يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. قال الهيثم بن خارجة: ما رأيت أأدب من الْمُعَافَى. وورد أن الْمُعَافَى كان أحد الأسخياء الموصوفين، أفنى ماله الجود والحقوق، كان إذا جاءه مغلة، أرسل إلى أصحابه ما يكفيهم سنة، وكانوا أربعة وثلاثين رجلا. قال بِشْر: كان الْمُعَافَى في الفرح والحُزن واحدًا، قتلت الخوارج له ولدين فما تبيّن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 225 عليه شيء؛ وجمع أصحابه وأطعمهم، ثمّ قال لهم: آجركم الله في فلان وفلان1، رواها جماعة. عن بِشْر: قَالَ محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار: كنتُ عند عيسى بن يونس فقال: أسمعت من الْمُعَافَى؟ قلت: نعم. قال: ما أحسب أحدًا رأى الْمُعَافَى وسمع من غيره يريد بعِلمه الله. قال بِشْر: سمعتُ الْمُعَافَى يقول: أجمع العلماء على كراهة السُّكْنَى، يعني ببغداد. وقيل لبشر الحافي: نراك تعشق الْمُعَافَى بن عِمران. فقال: وما لي لا أعشقه وقد كان سُفيان يسمّيه الياقوتة؟ قال عليّ بن حرب: رأيت الْمُعَافَى أبيض الرأس واللّحية، عليه قميص غليظ، وكُمّه تَبِين منه أطراف أصابعه. وقال يحيى بن معين: ثقة. وقال بشر: كان المعافى صاحب دنيا واسعة وضياع كثيرة. قال رجلٌ: ما أشدُّ البرد اليوم، فالتفت إليه الْمُعَافَى وقال: استدفأت الآن؟ لو سكتَّ لكان خيرًا لك. قُلْتُ: وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي الْمُعَافَى حَدِيثٌ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطِيعِيِّ، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ ح، وَأنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، أنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّهْرَوَرْدِيُّ، أنا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْقَصَّارُ قَالا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثنا مُحَمَّدٌ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي سَمِينَةَ، نا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُنْتُ أَسْكُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءَهُ عَنْ جَمِيعِ أَزْوَاجِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ"2. تَابَعَهُ وَكِيعٌ، عَنْ صَالِحٍ. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، وَهُوَ غريب.   1 صفة الصفة "4/ 180". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن ماجه "589". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 226 قال عليّ بن حسين الخوّاصّ، وغيره: مات الْمُعَافَى بن عِمران سنة أربع وثمانين ومائة. وقال ابن عمّار، وَسَلَمَةُ بن أبي نافع: مات سنة خمسٍ وثمانين. وقال الهيثم بن خارجة وغيره: سنة ست. وللمعافى تريجمة في "حلية الأولياء". 361- مُعْتَمِر بن سُليمان بن طَرْخان1 ع: الإمام أبو محمد التَّيميّ البصْريّ، وإنّما ولاؤه لبَني مُرَّة. وقيل له: التَّيميّ لنُزوله في بني تَيْم بالبصْرة. روى عن: أبيه، وعن: عبد الملك بن عُمَيْر، ومنصور بن المعتمر، وأيوب السختياني، وعمرو بن دينار القهرمان، والدُّكَيْن بن الربيع، وليث بن أبي سُليم، وحُمَيْد الطويل، وخلْق. وقد روى عمن هو أصغر منه. روى عن: عبد الرّزّاق، وعاشَرَ أصحاب عبد الرّزّاق بعد معُتْمَر مائة سنة. روى عنه: ابن المهديّ، وأحمد، وإسحاق، وابن مَعِين، والفلاس، وأبو كُرَيِب، وخليفة، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، والحَسَن بن عَرَفَة، وخلْق. وكان إمامًا حُجّةً، زاهدًا، عابدًا، كبير القدْر. قال قُرَّةُ بن خالد: ما مُعْتَمِر عندنا بدون والده وسُليمان التّيميّ. وقال محمد بن سعد: أنا أحمد بن إبراهيم العبْديّ، حدَّثني عبّاس البصْريّ، حدَّثني الأصمعيّ، حدَّثني مُعْتَمِر بن سُليمان قال: قال أبي عُدّ لنفسك من سنة ستٍّ ومائة. وقال سعيد بن عيسى الكُرَيزيّ: مات مُعْتَمِر يوم قتل زبّان الطّليقيّ، وكان النّاس يقولون: مات اليوم أعبدُ النّاس، وقيل: أشطر النّاس. قلت: تُوُفّي مُعْتَمِر في صَفَر سنة سبْعٍ وثمانين ومائة عن إحدى وثمانين سنة.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 402، 403"، السير "8/ 420-422". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 227 362- مَعَدَّى بن سُليمان البصْريّ1 ت. ق: صاحب الطعام. روى عن: عليّ بن زيد بن جدعان، وعمران القصير، ومحمد بن عجلان. وعنه: بدلُ بن المحبَّر، وبُنْدار، ومحمد بن المثنَّى، ونصر بن عليّ الْجَهْضَميّ، وغيرهم. قال سُليمان الشّاذكُونيّ: كان يُعدُّ من الأبدال، وكان من أفضل النّاس. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، عَنْهُ قَالَ: مَرَرْتُ بِوَادِي الْقُرَى فَإِذَا بِهَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ شُعَيْبُ بْنُ مُطَيْرٍ، فَقُلْنَا لَهُ: أَدْخِلْنَا عَلَى أَبِيكَ. فَأَدْخَلَنَا وَقَالَ: يَا أَبَة حَدِّثْ هَؤُلاءِ بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ. قَالَ: وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا فَأَبَى وَقَالَ: اذْكُرْهُ أَنْتَ يَا بُنَيَّ. فَقَالَ: حَدَّثْتَنَا يَا أَبَهْ أَنَّكَ مَرَرْتَ بِذِي خُشُبٍ، فَلَقِيتَ ذَا الْيَدَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَحَدَّثَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ2. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. مَعْدِيّ: ضعفه النَّسائيّ. وقال ابن حِبّان: لا يجوز الاحتجاج به. 363- مُعَلَّى بْنُ رَاشِدٍ، أَبُو الْيَمَانِ الْبَصْرِيُّ3 ق: الْقَوَّاسُ، النَّبَّالُ. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، وَجَدَّتِهِ أُمِّ عَاصِمٍ، رَوَتْ لَهُ، عَنْ نُبَيْشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَثُرَ مَضْغُهُ اسْتَغْفَرْتُ لَهُ"4. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَرَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، وَنَصْرٌ الْجَهْضَمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. لَمْ أَرَ فِيهِ مقالا بجرح ولا توثيق. وهو شيخ.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 438"، والتهذيب "10/ 229". 2 حديث حسن لغيره: أخرجه عبد الله بن أحمد "4/ 77" في زوائد المسند، والطبراني "4224" في الكبير، وله شاهد من حديث أبي هريرة، متفق عليه في الصحيحين. 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 333"، والتهذيب "10/ 237". 4 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "1864"، وابن ماجه "3271"، "2372"، وأحمد "5/ 76". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 228 364- الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة1 خ. د. ت. ق: واسم أَبِي رَبِيعَةَ عَمْرُو بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن مخزوم، الإمام أبو هاشم المخزوميّ المدنيّ الفقيه. سمع: هشام بن عُرْوة، ويزيد بن عُبَيْد، وابن عَجْلان، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وغيرهم. وكان أحد الفقهاء الأعلام، وثّقه ابن مَعِين. قال الزُّبَير بن بكّار: عَرض عليه الرشيد قضاء المدينة فامتنع، فأعفاه ووصله بألفَيْ دينار. قال: وكان فقيه المدينة بعد مالك. وقال محمد بن سَلَمَةَ المخزوميّ: قال المغيرة بن عبد الرحمن: نحن أعلم النّاس بالقرآن وأجهلهم به، صيّرنا العِلم بعظيم قدرِه إلى الجهل بكثير من معانيه. وقال ابنه عيّاش: مات أبي في سابع صفر سنة ستِّ وثمانين ومائة. قلت: عاش اثنتين وستين سنة، وقد وثّقه جماعة، وضعفه أبو داود وحده. 365- المغيرة بن أبي المغيرة، أبو هارون الرَّبَعِيّ الرمليّ2: عن: أبي زُرْعة يحيى السّيبانيّ، وعُرْوة بن رويم، وجماعة. وعنه: أبو مسهر، ومحمد بن عائذ، وهشام بن عمّار وجماعة. قال أبو حاتم الرّازيّ: لا بأس به. 366- المغيرة بن موسى، أبو عثمان البصري3:   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 225"، والتهذيب "10/ 264". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 230". 3 الجرح والتعديل "8/ 230"، والميزان "4/ 166". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 229 مولى عائذ بن عَمْرو المُزَنّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سمع: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وغيرهما. وحدّث ببلد خوارِزْم. روى عنه: يعقوب بن الجراح الخوارزميّ، وبكير بن جعفر الْجُرْجانيّ، وعمّار بن عيسى النَّسَويّ. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال ابن عَدِيّ: ثقة، لا أعلم له حديثًا مُنْكَرًا. 367- المفضَّل بن عبد الله الكوفيّ1 ق: عن: أبي إسحاق السَّبِيعيّ، وجابر الْجُعْفيّ. وعنه: سُوَيْد بن سعيد، ومحمد بن أبي السري العسقلاني. ضعفه أبو حاتم. وقواه ابن حِبّان. 368- المفضَّل بن فَضَالَةَ القتباني المصري2. ع: القاضي أبو معاوية، أحد الأعلام. روى عن: عيّاش بن عبّاس القِتْبانيّ، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن سليمان الطويل؛ ويونس، وَعُقَيْلٍ الأَيْلِيّين، وطائفة. وعنه: حسّان بن عبد الله الواسطيّ ثمّ المصريّ، وأبو صالح الكاتب، وزكريّا بن يحيى كاتب العُمريّ، ومحمد بن رُمْح، ويزيد بن مَوهب الرَّمْليّ، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. وشذَّ ابن سعْد فقال: مُنْكَر الحديث. قال ابن يونس في تاريخه: كان من أهل الدين والورع والفضل.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 319". 2 الجرح والتعديل "8/ 317"، والسير "8/ 153، 154". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 230 وقال أبو داود: كان مُجاب الدَّعوة. لم يحدّث عنه ابن وهْب لأنّه قضى عليه بقضية. وروى عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بْن عبد الحَكَم، عن بعض مشائخه أنّ رجلا لقى الْمُفَضَّلَ بن فَضَالَةَ بعدما عُزل من القضاء فقال: قضيت عليّ بالباطل، وفعلتَ وفعلتَ. فقال له: ولكنّ الذي قضيت له يُطيبُ الثناء عليّ. وقال عيسى بن حمّاد: كان الْمُفَضَّلُ قاضيًا علينا، وكان مُجاب الدَّعوة، وكان مع ضعف بدنه طويل القيام رحمه الله. وقال يحيى بن مَعِين: كان مصريًا وَرَجُلَ صِدْق، كان إذا جاءه من انكسرت يده أو رِجْله جَبَرها. وكان يصنع الأرحية. وقال لَهِيعة بن عيسى: كان الْمُفَضَّلُ قد دعا الله تعالى أن يُذِهب عنه الأملَ، فأذهبه الله عنه، فكاد أن يختلس عقله ولم يهنّه شيء من الدنيا، فدعا الله أن يرد إليه الأمل فرده، فرجع إلى حاله1. قال ابن يونس: وُلد سنة سبْعٍ ومائة، وتُوُفّي سنة إحدى وثمانين ومائة. وقد مر المفضل بن فضالة البصري أخو مبارك. 369- مُلازم بن عَمْرو الحنفيّ اليَماميّ2 ع: عن: موسى بن نجدة، وعن جدّه عبد الله بن بدر اليماميّ، وعبد الله بن النُّعمان السُّحَيْميّ، وغيرهم. ولم أجد له شيئًا عن يحيى بن أبي كثير. روى عنه: عليّ بْن المَدِينيّ، ومُسَدَّد، ويحيى بْن مَعِين، وهنّاد، وأحمد بن المقدام، وجماعة. وثقه ابن مَعِين، وغيره.   1 الحلية "8/ 321". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 435"، والميزان "4/ 180". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 231 وما علمتُ فيه مقالا. له في مسّ الذَّكَر. 370- المِنْهال بن بحر، أبو سَلَمة القُشَيريّ العُقَيْليّ1: عن: ابن عَوْن، وهشام بن حسّان، وابن أبي عِرُوبة، وَقُرَّةَ بن خالد، وعدّة. وعنه: أبو الوليد، وعليّ بن المَدِينيّ، وأبو حفص الفلاس، وآخرون. وثقه أبو حاتم. ولا شيء له في الكُتُب. 371- مهران بن أبي عَمْر الرّازيّ العطار2 ق: عَنْ: أبي حيّان يحيى بْن سَعِيد التَّيْميّ، وإسماعيل بن أبي خالد، وسعيد بن سنان، وسعيد بن أبي عَرُوبة. وعنه: عبد الله بن الجرّاح القَهَسّتانيّ، ومحمد بن عَمْرو زنيج، ويحيى بن مَعِين، ويحيى بن أكثم، ويوسف بن موسى القطّان، وغيرهم. قال أبو حاتم: ثقة صالح الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن معين: كتبتُ عنه وعنده غلط كثير في حديث سُفيان الثَّوْريّ. وقال البخاريّ: في حديثه اضطراب. 372- موسى الكاظم3 ت. ق: هو الإمام أبو الحسن موسى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْعَلَوِيُّ الحُسَينيّ، والد عليّ بن موسى الرِّضا. وببغداد مشهد موسى، والجواد.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 357، 358". 2 الجرح والتعديل "8/ 301"، الميزان "4/ 196". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 139"، والميزان "4/ 201، 202". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 232 روى عن: أبيه، وعن: عبد الملك بن قُدامة الْجُمَحيّ. روى عنه: بنوه: عليّ، وإبراهيم، وإسماعيل، وحسين. وأخوَاه: محمد، وعليّ ابنا جعفر. مولده كان في سنة ثمان وعشرين ومائة. قال أبو حاتم: ثقة إمام. وقال غيره: حجّ الرشيد فحمل معه موسى من المدينة إلى بغداد وحبسه إلى أن تُوُفّي غير مُضَيَّق عليه. وكان صالحًا، عالمًا، عابدًا، متألِّهًا. بلغنا أنّه بعث إلى الرشيد برسالة يقول: إنه لن ينقضي عنّي يَوْمٌ من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتّى نقضي جميعًا إلى يومٍ ليس له انقضاء يخسر فيه المُبْطِلُون1. قال عبد الرحمن بن صالح الأزْديّ: زار الرشيد قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله! يابن عم! يفتخر بذلك. فتقدم موسى بن جعفر فقال: السلام عليك يا أبَه. فتغير وجه الرشيد وقال: هذا الفخر حقًا يا أبا حسن. وقال النسّابة يحيى بن جعفر العلوي المدني، وكان موجودًا بعد الثلاثمائة: كان موسى يُدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخيًّا، يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصُرّة فيها الألف دينار، وكان يُصَرِّر الصُّرَرَ مائتي دينار وأكثر ويرسل بها، فمن جاءته صُرّة استغنى. قلت: هذا يدلّ على كثرة إعطاء الخلفاء العباسيين له، ولعلّ الرشيد ما حبسه إلا لقولته تلك: السلام عليك يا أبَهْ. فإن الخلفاء لا يحتملون مثل هذا. روى الفضل بن الربيع، عن أبيه: أنّ المهديّ حبس موسى بن جعفر، فرأى في المنام عليًّا وهو يقول: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] .   1 تاريخ بغداد "13/ 32". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 233 قال: فأرسل إلي ليلا، فراعني ذلك، وقال: عليّ بموسى. فجئته به، فَعَانَقَهُ وقصّ عليه الرؤيا، وقال: تُؤَمِّنَني أن تخرج عليّ أو على ولدي. فقال: والله لا فعلت ذاك، ولا هو من شأني. قال: صدقت، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار وجهّزه إلى المدينة. عبد الله بن أبي سَعْد الورّاق: حدَّثني محمد بن الحسين الكِنانيّ: حدَّثني عيسى بن مغيث القُرَظيّ قال: زرعتُ بِطّيخًا وقِثّاءً في موضع بالجوّانيّة على بئر، فلمّا استوى بيَّتَه الجرادُ فأتى عليه كلَّه، وكنتُ عرضت عليه مائة وعشرين دينارًا، فبينما أنا جالس إذ طلع موسى بن جعفر فسلّم ثمّ قال: أيْش حالُك؟ فقلت: أصبحت كالعديم، بيّتني الجراد. فقال: يا عَرَفَة، غُلامهُ، زِنْ له مائة وخمسين دينارًا. ثمّ دعا لي فيها، فبعت منها بعشرة آلاف درهم1. مات موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في شهر رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة. وقيل: سنة ستِّ، والأول أصحّ. وعاش بعضًا وخمسين سنة كأبيه، وجدّه، وجدّ أبيه، وجدّ جدّه، ما في الخمسة مَن بلغ الستّين. 373- موسى بن شَيْبَة بن عَمْرو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ السُّلميّ2: الأنصاريّ المدنيّ. عن: عمومة أبيه: خارجة، ونعمان، وعُمَيرة بني عبد الله. وعنه: الحُمَيْدِيّ، وأبو مُصْعَب، وإبراهيم بن حمزة الزُّبَيْديّ. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 374- موسى بن ربيعة، أبو الحَكَم الْجُمَحيّ مولاهم المصريّ3: الزّاهد، العابد، أحد الأولياء.   1 تاريخ بغداد "13/ 29". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 146، 147"، والميزان "4/ 207". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 142، 143". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 234 قال أبو الطاهر بن السَّرْح: كان إذا قدِم الإسكندريَّة يُصلّي اللَّيْلَ أجمع، ويصوم النهار، ويُكثر الذِّكر. وكانت الأساقفة يسمّونه "راهب المسلمين". وقال غيره: كان وصي الإمام عَمرو بن الحارث. روى عن: يزيد بن الهاد، ويحيى بن سعيد، وجماعة. روى عنه: موسى بن أَعْيَن، ويحيى بن بُكَير، وسعيد بن عُفَيْر، وأحمد بن عَمْرو بن السَّرْح، وسعيد بن أبي مريم. قال أبو زُرْعة الرّازيّ: كان ثقة. وقال أحمد بن السَّرْح: مات في آخر سنة تسعٍ وثمانين ومائة. وقيل: مات سنة تسعين ومائة. وعاش ثمانين سنة رحمه الله. 375- موسى بن عيسى البستي الكوفي1 م: القارئ. روى عن: زائدة وغيره. وعنه: إسحاق بن راهَوَيْه، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمير، وسُفْيَان بن وكيع. وثّقه مُطَيِّن. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة كَهْلا. وَلَهُ فِي الصَّحِيحِ حَدِيثٌ واحد أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، عَنْ زَيْنَبَ الشعرية، وَالْقَاسِمِ الصَّفَّارِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُثْمَانَ قَالُوا: أنا وجيه الشامي، وأنا أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَنْطَرِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا مُوسَى الْقَارِئُ، ثنا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ماء   1 الجرح والتعديل "8/ 143". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 235 وَسَتَرْتُهُ فَاغْتَسَلَ1. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ. 376- موسى بن منصور بن هشام بن أبي رقبة اللَّخْمي البصْريّ2: أبو العلاء. عن: أبيه. وعنه: ابنه العلاء، وابن وهْب، والقاسم بن هانئ، وغيرهم. قال ابن يونس: مُنْكَر الحديث. يقال: مات سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 377- مُؤَمَّل بن أَمْيَلَ المُحاربيّ الكوفيّ3: كان شاعرًا مُحسنًا، مدح المهديّ مرَّةً فأجازه بألف دينار. ذكره الخطيب. 378- المؤمّل بن أبي حفصة الشاعر4: هو ابن عمّ مروان بن أبي حفصة. كان من أعيان شعراء المهديّ. 379- ميمون بن يحيى بن مسلم بن الأشجّ5: أبو أُميّة المدنيّ. حدَّث بمصر عن مَخْرمَة بن بُكَير. وعنه: يحيى بن بُكَير، وأحمد بن سعيد الهمداني، وغيرهما.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "249"، "257"، ومسلم "317"، وأحمد "6/ 329، 330"، وأبو داود "242"، والترمذي "103"، والنسائي "1/ 137"، وابن ماجه "573"، والبيهقي "1/ 174" في سننه الكبرى. 2 لم نقف عليه. 3 انظر: تاريخ بغداد "13/ 177-180". 4 تاريخ بغداد "13/ 180". 5 الجرح والتعديل "8/ 239". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 236 مات سنة تسعين ومائة. 380- ميمون بن زيد1: أبو إبراهيم البصْريّ السّقّاء2. عن: ليث بن أبي سُليم، والحسن بن ذكوان. وعنه: شُرَيْح بن النُّعمان وعمرو الفلاس، ونصر بن عليّ، وغيرهم. قال أبو حاتم: ليِّن الحديث. "حرف النون": 381- نُصَيْر بن زياد الطّائيّ الكوفيّ3: عن: أبي اليقظان عثمان بن عُمَيْر، وأبي هارون العبْديّ، وصلْت الدَّهّان. وعنه: حسين الأشقر، ومعاوية بن هشام، وإسماعيل بن أبان الورّاق، ويحيى الحِمانيّ، وأبو سعيد الأشجّ. ذكره بصادٍ مِهملة البخاريّ، ومُطَيِّن، وابن أبي حاتم. وأمّا الدَّارَقُطْنيّ فقال: هذا وهم، بل هو بمعجمة "نُضَيْر". قال الأزْديّ: مُنْكَر الحديث. 382- النَّضْر بن إسماعيل ت. ن: أبو المغيرة البجلي الكوفي القاص4، إمام جامع الكوفة. عن: الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، ومحمد بن سُوقة، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو عُبَيْد، وأحمد بن منيع، وزياد بن أيّوب، والحسن بن عَرَفَة.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 239، 240". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 239، 240". 3 الجرح والتعديل "8/ 492"، الميزان "4/ 264". 4 الجرح والتعديل "8/ 474"، الميزان "4/ 255". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 237 ضعّفه ابن مَعِين. وقال البخاريّ، وأحمد: لم يكن يحفظ الإسناد. وقال ابن عَدِيّ: أرجو أنه لا بأس به. 383- النَّضْر بن محمد المروزي1 ن: أبو عبد الله مولى بني عامر. روى عن: محمد بن المُنْكَدر، وعبد العزيز بن رفيع، ويزيد بن أبي زياد، والعلاء بن المسيب، وأبي حنيفة. وعنه: إسحاق بن راهويه، والحسن بن عيسى بن ماسرجس. وثقه النسائي. مات سنة ثلاث وثمانين ومائة. 384- النضر بن منصور الكوفي2 ت: عن: أبي الْجَنُوب، عن عليّ، وعن سهل الفَزَاريّ. وعنه: أبو هشام الرفاعيّ، وأبو كُرَيِب، وأبو سعيد الأشجّ، وآخرون ضعّفه النَّسائيّ، وغيره. 385- النُّعمان بن عبد السَّلام بن حبيب التَّيْميّ: تَيْمُ الله بنُ ثعلبة، أبو المنذر الأصبهانيّ الفقيه، شيخ أصبهان وعالمها. وأصله نيسابوريّ. قدِم أصبهانَ في فتنة ظهور أبي مسلم الخُراسانيّ وهو صغير مع أبيه، ثمّ رحل وطلب العلم، وكان من كبار الزُّهّاد الورِعين، وله تصانيف نافعة. روى عن: جُرَيْح، وأبي حنيفة، ومِسْعَر، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وطبقتهم. وعنه: ابن مهديّ، وعفّان، وعامر بن إبراهيم، وصالح بن مهران، ومحمد بن   1 الجرح والتعديل "8/ 474"، التهذيب "10/ 434، 435". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 478"، التهذيب "10/ 444". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 238 المغيرة الأصبهانيان، ومحمد بن مبارك، ومحمد بن المِنْهال، وسُليمان بن داود الشاذكُونيّ. قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. وقال أبو نُعَيم الحافظ: كان أحد العُبّاد والزّهاد. زَهد في ضياع أبيه لمُلامسته للسلطان، وكان يتفقّه على مذهب سُفيان، وجالس أبا حنيفة. قال: وتوفي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 386- نُعَيم بن المُوَرّع بن توبة العنبري البصري1: عن: هشام بن عروة، والأعمش، وابن جريج. وعنه: إبراهيم بن عبد الله بن يسار الواسطيّ، ومحمد بن أيّوب البجليّ. قال س: ليس بثقه. وقال ابن عَدِيّ: يسرق الحديث. 387- نوح بن دارج2: أبو محمد النخعي، مولاهم الكوفيّ الفقيه، أحد المجتهدين. تفقه وبرع على الإمام أبي حنيفة، وعلى عبد الله بن شُبْرُمَة؛ وروى عنهما، وعن: الأعمش، وابن أبي ليلى. وعنه: سعيد بن منصور، وأبو نُعَيم ضِرار بن صُرَدَ، وعليّ بن حُجْر، ومحمد بن الصّبّاح الْجَرْجرائيّ، وآخرون. وُلّي قضاء الكوفية مدّة، ثمّ وُلّي قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد. ضعّفه في الحديث النَّسائيّ، وغيره. وكان من كبار أصحاب أبي حنيفة. يُقال: إنه أضرَّ، وبَقِيّ يحكم نحْوًا من ثلاث سنين حتّى فطِنوا به. وقد كذبه يحيى بن معين.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 464"، والميزان "4/ 271". 2 الجرح والتعديل "8/ 484، 485"، التهذيب "10/ 482-484". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 239 وقال ابن حِبّان: روى موضوعات. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. 388- نوح بن قيس الحُدّانيّ الطاحي البصري1 م. ع: أبو روح. روى عن: محمد بن زياد الْجُمَحيّ فيما قيل، وعن: أبي هارون عمارة بن جُوَين العبْديّ، وأيّوب السّخْتيانيّ، ومحمد بن واسع، ويزيد الرَّقاشيّ، ويزيد بن كعب، وجماعة. وهو أخو خالد بن قيس. روى عنه خليفة بن خيّاط، وقُتَيْبة، وحُمَيْد بن مَسْعَدة، وأحمد بن المقداد، وزياد الحسّاني، ونصر الْجَهْضَميّ، وخلْق سواهم. روى عثمان الدارمي، وعن ابن مَعِين: ثقة. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ باس. قلت: تُوُفّي سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وثمانين ومائة، رحمه الله. 389- نوح بن أبي مريم الجامع2: وقد ذُكر في الطبقة الماضية، والله أعلم. "حرف الهاء": 390- هارون بن مسلم بن هُرْمُز3: أبو الحَسَن صاحب الحِنّاء. روى عن: أبيه، وعُبَيْد الله بن الأخنس، ودَفّاع، والقاسم بن عبد الرحمن. وعنه: عبد العزيز بن المغيرة، وقتيبة، وسويد، ونصر بن علي الجهضمي، وعبد السلام بن مظهر.   1 الجرح والتعديل "8/ 483"، والتهذيب "10/ 485، 486". 2 سبق الترجمة له. 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 94"، والميزان "4/ 286". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 240 قال أبو حاتم: لين. وقال الحاتم: ثقة. وخرج له في مستدركه، وهو بصري. 391- هارون بن المغيرة البجلي الرازي الحافظ1 د. ت: عن: عُبَيْد الله بن عَمْر، وحَجّاج بْن أرطأة، وعَمْرو بْن أَبِي قيس الرّازيّ، وغيرهم. وعنه: ابنه إبراهيم، ويحيى بن مَعِين، وإبراهيم بْن مُوسَى الفرّاء، ومحمد بْن حُمَيْد، وزُنَيْج، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 392- هزال بن سعيد السَّبأيّ2: أبو مروان المصريّ. عن: يزيد بن أبي حبيب، وخير بن نُعَيم، وبكر بن عَمْرو. وعنه: حَجّاج بن ريّان، وسعيد بن عُفَير، وغيرهما. وكان ضريرًا، مات سنة إحدى وثمانين ومائة. وقد سمع هزال من أم الصَّعْبة قالت: ثنا أبو الدرداء. 393- هشام بن لاحق المدائنيّ3: عن: عاصم الأحول، وغيره. وعنه: أحمد بن حنبل، وهشام بن بهرام. قال النَّسائيّ: ليس به بأس. 394- هُشَيم بن بشير بن أبي خازم قاسم بن دينار4 ع: الحافظ، أبو معاوية السلمي الواسطي، أحد الأعلام.   1 الجرح والتعديل "9/ 95، 96"، الميزان "4/ 287". 2 لم نقف عليه. 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 69، 70"، والميزان "4/ 306". 4 الجرح والتعديل "9/ 115، 116"، السير "8/ 255-261". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 241 عن: الزُّهْريّ، وعَمْرو بن دينار، وأيّوب، وأبي بِشْر، وحُصَيّن بن عبد الرحمن، ومنصور بن زاذان، وخلْق سواهم. وعنه: شعبة مع تقدُّمه، وابن المبارك، ويحيى القطّان، وعبد الرحمن بن مهديّ، وقُتَيْبة، وأحمد بن حنبل، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، والحسن بن عَرَفَة، وزياد بن أيّوب، وإبراهيم بن مُجَشَّر، وخلْق كثير. سكن بغداد، وانتهت إليه مَشْيَخة العِلم ببغداد في زمانه. مولده سنة أربعٍ ومائة. قال عَمْرو بن عَوْن: كان هُشيم قد سمع من الزُّهْريّ، وعَمْرو بن دينار، وابن الزُّبَير بمكة أيام الحجّ. وقال يعقوب الدَّوْرَقيّ: كان عند هُشيم عشرون ألف حديث. وقال أحمد: لم يسمع هُشَيم من يزيد بن أبي زياد ولا من الحَسَن بن عُبَيْد الله، ولا من أبي خالد ولا من سيّار، ولا من موسى الْجُهَنيّ، ولا من عليّ بن زيد، ثمّ سمّى طائفة كبيرة، يعني حدَّث عنهم بصيغة عن. وكان من كبار المدلِّسين مع حِفْظه وصِدْقه. قال إبراهيم الحربيّ: كان والد هُشيم صاحب صِحْناة1 وكامُخٍ2، وكان يمنع هُشَيْمًا من الطَّلَب، فكتب العِلم حتّى جالس أبا شَيْبَة القاضي وناظره في الفقه. قال: فمرض هُشَيم، فجاء أبو شَيْبَة يعوده، فمضى رجل إلى بشير، قال: الحق ابنك، فقد جاء القاضي يعوده، فجاء، فوجد القاضي في داره، فقال: متى أمَّلْتُ أنا هذا؟ قد كنت أمنعك، أمّا اليوم فلا بقيت أمنعُك3. قال وهْب بن جرير: قلنا لشُعْبة: تكتب عن هُشَيم؟ قال: نعم، ولو حدَّثكم عن ابن عَمْر فصدّقوه. وقال أحمد بن حنبل: لزِمْت هُشَيْمًا أربع سنين، ما سألته عن شيء إلا مرتين   1 الصحناة: نوع من الطعام يعد من الأسماك. 2 كامخ: هي ما يعرف بالمخللات. 3 تاريخ بغداد "14/ 87". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 242 هيبةً له، وكان كثير التسبيح بين الحديث، يقول بين ذلك: لا إله إلا الله، يمد بها صوته. وعن عبد الرحمن بن مهديّ قال: كان هُشَيم أحفظ للحديث من سُفيان الثَّوْريّ. وقال يزيد بن هارون: ما رأيت أحدا أحفظ للحديث من هُشَيم إلا سُفيان إنّ شاء الله. قال أحمد العِجْليّ: هُشَيم ثقة. يُعَدّ من الحفاظ، وكان يدلّس. وقال ابن أبي الدنيا: حدَّثني من سمع عَمْرو بن عَوْن يقول: مكث هُشَيم يصلّى الفجر بوضوء العشاء قبل أن يموت عشر سنين1. وعن حمّاد بن زيد قال: ما رأيت في المحدثين أنبل من هُشَيم، سمعها عَمْرو بن عَوْن، منه. وَسُئِلَ أبو حاتم الرّازيّ، عن هُشَيم فقال: لا يُسأل عنه في صِدقه وأمانته وصلاحه. وقال ابن المبارك: من غيَّر الدهرُ حِفظه، فلم يغيّر حِفْظَ هُشَيم. وقال يحيى بن أيّوب العابد: سمعتُ نصرَ بن بسّام وغيره من أصحابنا قالوا: أتينا معروفًا الكَرْخيّ فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام وهو يقول لهُشَيم: "جزاك الله عن أمَّتي خيرًا"2. فقلت لمعروف: أنت رأيت؟ قال: نعم، هُشَيم خير مما تظنّ. قال أحمد بن أبي خَيْثَمَة: نا سُليمان بن أبي شيخ، نا أبو سُفيان الحُمَيْدِيّ، عن هُشَيم قال: قدِم الزُّبَير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الكوفة في خلافة عثمان، وعلى الكوفة سعيد بن العاص، فبعث إليه بسبعمائة ألف وقال: لو كان في بيت المال أكثر من هذا لبعثت به إليك: فقبلها الزُّبَير. قال أحمد: فحدَّثت بهذا مُصْعَب بن عبد الله، فقال: ما كان الذي بعث به إليه عندنا إلا الوليد بن عُقْبة، وكنا نشكرها لهم. وهشيم أعلم.   1 السابق "14/ 93". 2 تاريخ بغداد "14/ 88". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 243 قال أبو سُفيان: سألت هُشَيْمًا عن التفسير: كيف صار فيه اختلاف؟ فقال: قالوا برأيهم فاختلفوا. قال إبراهيم بن عبد الرحمن الهَرَويّ: سمع هُشَيم، وابن عُيَيْنَة من الزُّهْريّ سنة ثلاثٍ وعشرين في ذي الحِجّة. قال سُفيان: أقام عندنا إلى عمرة المحرم، ثم خرج إلى الجعرانة فاعتمر منها، ثمّ نَفَر ومات من سنته. قال إبراهيم بن عبد الله: كتبت حديثًا لم يسمعه هُشَيم من الزُّهْريّ، ولم يروى عنه سوى أربعة أحاديث سماعًا. منها: حديث السقيفة1، وحديث المضامين2 والملاقيح3، وحديث ما استيسر من الهدي، وحديث اعتكف، فأتته صفيّة. قال أحمد بن حنبل: ليس أحد أصح حديثًا من هُشَيم، عن حُصَين. وقال ابن مهديّ: حِفْظُ هُشَيم عندي أثبت من حفْظ أبي عَوَانه، وكتاب أبي عوانة أثبت. قال عبد الله بن أحمد: سمعتُ أبي يقول: الذين رأيتهم يَخْضِبون: هُشَيم، مُعْتَمر، يحيى بن سعيد، مُعاذ بن مُعَاذ، ابن إدريس، ابن مهديّ، إسماعيل بن إبراهيم، عبد الوهّاب الثَّقفيّ، يزيد بن هارون، أبو معاوية، خِضابٌ جَيّدٌ قانٍ. حفص بن غياث، عبّاد بن العوّام إلى السَّواد، جرير بن نُمير، ابن فُضَيْلٍ، غُنْدَر البُرسانيّ، عبد الرّزّاق، عباد بن عباد بن أبي زائدة، الوليد بن مسلم خِضابًا خفيفًا، مرحوم العطّار، حَجّاج، سعد ويعقوب ابنا إبراهيم، أبو داود، أبو النَّضْر، أبو نُعَيم، خِضابًا خفيفًا. محمد وَيَعْلَى ابنا عُبَيْد، أخوهما عَمْر، خِضابّا خفيفًا. أبو قَطَن، أبو المغيرة، عليّ بن عيّاش، أبو اليَمَان، عصام بن خالد، بِشْر بن شُعيب القُرَشيّ، يحيى بن أبي بُكَيْر، غنّام بن عليّ، مروان بن شُجاع، شجاع بن   1 السقيفة: المراد سقيفة بني ساعدة. 2 المضامين: هو بيع ما في بطون الإناث من الإبل، وقد نهى الإسلام عن ذلك. 3 الملاقيح: بيع ما على ظهور الجمال بدون تمييز، وقد نهى الإسلام عن ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 244 الوليد، حميد الرؤاسي، إبراهيم بن خالد، رأيت هؤلاء يخضِبون. وحديث هُشَيم من أعلاه يقع اليوم: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَالْخَضِرُ بْنُ حَمُّوَيْهِ فِي كِتَابِهِمْ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، أنا ابْنُ بَيَانٍ، أنا ابن مَخْلَدٍ، أنا الصَّفَّارُ، نا ابْنُ عَرَفَةَ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنْ كُنْتُ لأَجِدُهُ فِي ثَوْبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحُتُّهُ عَنْهُ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، فَوَقَعَ بَدَلا عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ. قالوا: تُوُفّي في شعبان سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. قلت: كان من أبناء الثمانين، وكتب عن الزُّهْريّ نسخة كبيرة فضاعت. علّق على وَهْنَه منها. 395- هُشَيم بن أبي ساسان2: أبو عليّ الكوفيّ. إسم أبي ساسان: هشام. عن: أمي الصيرفي، وابن جُرَيْح، وعُبَيْد الله بن عَمْر. وعنه: إبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن خلاد الباهليّ، وقُتَيْبة، وأبو سعيد الأشجّ، وأحمد بن حنبل. سُئِل أبو حاتم عنه فقال: صالح الحديث. وقال أبو داود: لا بأس به. 396- الهيثم بن حُمَيْد الغسّانيّ3 ع: مولاهم أبو أحمد، ويقال: أبو الحارث. روى عن: العلاء بن الحارث، وتميم بن عطية، وأبي وهْب الكلاعي، وثور بن   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "288". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 116"، والثقات لابن حبان "7/ 587". 3 الجرح والتعديل "9/ 82"، والسير "8/ 312، 313". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 245 يزيد، ومُطْعِم بن المِقْدام، وزيد بن واقد، والأوزاعيّ، ويحيى الذّماريّ، وداود بن أبي هند. وعنه: الوليد بن مسلم، وعبد الله بن يوسف، وهشام بن عمار، وعلي بن حجر، ومحمد بن عائذ، وعدة. قال دحيم: كان أعلم الأولين والآخرين، بقول مكحول. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو داود: قدري ثقة. "حرف الواو": 397- وكيع بن محرز الناجي السامي البصري1 ق: عن: زيد العمّيّ، وعثمان بن الْجَهْم، وعباد بن منصور. وعنه: محمد بن أبي بكر المُقَدَّميّ، ونصر الْجَهْضَميّ، والعبّاس بن يزيد البحرانيّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وقال البخاريّ: عنده عجائب. 398- الوليد بن بكير التميمي الطهوي2 ق: أبو خباب الكوفي. عن: الأعمش، وعَمْر بن نافع الثقفي، وسلام الخراز. وعنه: سعيد بْن سُليمان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن نمير، وعبيد بن يعيش، والحَسَن بن عَرَفَة، والحسن بن محمد الطّنافسيّ. قال أبو حاتم: شيخ. 399- الوليد بن محمد الموقري البلقاوي3 ت. ق:   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 37"، الميزان "4/ 336". 2 الجرح والتعديل "9/ 2"، والتهذيب "11/ 131، 132". 3 الجرح والتعديل "9/ 15"، الميزان "4/ 346". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 246 أبو بشير، مولى بني أُميّة. عن: الزُّهْريّ، وعطاء الخُراسانيّ. وعنه: أبو مُسْهر، وسُوَيْد بن سعيد، وصاحب بن الوليد، والحَكَم بن موسى، وعليّ بن حُجْر، ومحمد بن عائذ. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال ابن المَدِينيّ: لا يُكْتَب حديثه. وقال ابن خُزَيْمَة: لَا أحتجّ به. وقال ابن مَعِين: يكذِب. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. سليمان ابن بنت شُرَحْبيل: استحسنت الوليد المُوَقَّريّ في كُتُب الزُّهْريّ فقال: أنت تريد أن تأخذ في مجلسٍ ما قد أقمت أنا فيه مع الزُّهْريّ عشرَ سِنين! وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: لم يزل حديث الوليد بن محمد مقاربًا حتّى ظهر أبو طاهر المقدّسي لا جُزي خيرًا. فقال له سُليمان بن عبد الملك: ويْحك، أهلكت علينا الوليد بن محمد. قال أبو زُرْعة: وظهرت له بحمص أحاديث أُنكرت أيضًا. وظهرت أحاديث بخُراسان يُستَوْحش منها. قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: المُوَقَّريّ يروي العجائب عن الزُّهْريّ. فقال: آهٍ ليس ذاك بشيء. وقال أبو حاتم: سألت ابن المَدِينيّ، عن المُوَقَّريّ، فقال: يروي عنه أهلُ الشام، أرى كُتُبه من نُسَخ الزُّهْريّ من الديوان. وقال أبو زُرْعة: ليِّن في الحديث. قال محمد بن مُصَفَّى: تُوُفّي سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقيل: مات سنة إحدى. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 247 400- وهْب بن إسماعيل الأسَديّ الكوفيّ1 ق: عن: جده محمود بن قيس، وعَمْر بن ذر، والأوزاعيّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن نُمير، وأبو سَعِيد الأشجّ. قَالَ أحمد: له مناكير. 401- وهْب بن راشد الرَّقّيّ2: ويقال: بصْريّ. عن: ثابت، وفرقد السَّبخيّ، ومالك بن دينار، وهشام الدُّسْتَوائيّ. وعنه: سُليمان بن عُمَر، وعليّ بن سعيد بن شداد، وداود بن رشيد، وغيرهم. قال ابن عَدِيّ: ليس بالمستقيم. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. 402- وهْب بن واضح3: أبو الإخريط المكّيّ، شيخ القرّاء، ويُكنى أبا القاسم، من موالي عبد العزيز بن أبي روّاد. قرأ على إسماعيل بن عبد الله القِسْط، وعلى: شِبْلِ بن عبّاد، ومعروف بن مُشْكان. وتصدّر للإقراء. وأخذ عنه جماعة منهم: أبو الحَسَن أحمد بن محمد النبال، وأبو الحسن البزي، وغيرهم. مات سنة تسعين ومائة.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 27"، والتهذيب "11/ 158، 159". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 27"، والميزان "4/ 351، 352". 3 معرفة كبار القراء "1/ 146". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 248 "حرف الياء": 403- يحيى بن بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ1: ابن أبي موسى الأشعريّ. عن: أبيه، وإسماعيل بن أبي خالد. وعنه العلاء بن عَمْرو، وعُبَيْد الله القواريريّ. وسمع منه يحيى بن مَعِين وضعّفه. 404- يحيى بن حمزة بن واقد الحضْرَميّ2 ع: مولاهم السُّلميّ الدّمشقيّ أبو عبد الرحمن الفقيه قاضي دمشق. وُلد سنة ثلاث ومائة. قاله أبو مُسِّهر. وقال مُفَضَّلٌ الغُلابيّ: سنة ثمانٍ ومائة. قرأ القرآن على يحيى الذّماريّ. وروى عن: عُرْوَة بن رُوَيْم، وعَمْرو بن مهاجر، وعطاء الخُراسانيّ، وأبي وهب عبيد الله الكلاعي، ومحمد بن يزيد، والزبيدي، ويزيد بن أبي بكير وعدة. قرأ عليه: الربيع بن ثعلب، وحدَّث عنه: أبو مُسْهِر، وولده محمد بن يحيى، وعبد الرحمن بن مهديّ، ومحمد بن عائذ، ومحمد بن المبارك الصُّوريّ، وهشام بن عمّار، وعليّ بن حُجْر، والحكم بن موسى. قال دُحَيْم: ثقة عالم. وقال أحمد: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: عاش ثمانين سنة. وقال عبّاس، عن ابن مَعِين: يُرمَى بالقَدَر. وقال مرّةً: كان قدريًا. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: وُلّي يحيى بعد سَلَمة بن عَمْرو، فحدّثني أحمد بن   1 الجرح والتعديل "9/ 131، 132"، والميزان "4/ 365". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 136، 137"، السير "8/ 314، 315". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 249 أبي الحواريّ، عن مروان قال: لما قدِم المنصور دمشق سنة ثلاثٍ وخمسين ومائة استعمل يحيى بن حمزة على القضاء، وقال له: يا شابّ، أرى أهل بلدك قد أجمعوا عليك، فإيّاك والهديّة؛ فلم يزل قاضيًا حتّى مات. قال أبو زُرْعة: وأعلم النّاس مكحول، والهيثم بن حُمَيْد، ويحيى بن حمزة. قال دحيم، وجماعة: مات يحيى سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 405- يحيى البرمكيّ1: هو الوزير يحيى بن خالد بن برمك، أبو عليّ. كان المهديّ قد ضمّ إليه هارون الرشيد وجعله في حُجْره، فأحسن سياسته وأدّبه، فلمّا استُخْلِف نوّه بذِكره ورفع محلَّه، فكان يقول: قال أبي: وردّ إصدار الأمور وإيرادها إليه، فلمّا قَتل ابنه جعفرًا خلّد يحيى في السجن. قال الأصمعيّ: سمعته يقول: الدنيا دُوَلٌ، والمال عارية، ولنا بمن قبلنا أسْوَة، ولِمَن بعدنا عبرة. قال إسحاق المَوْصليّ: كانت صِلات يحيى إذا ركب لمن تعرّض له مائتي درهم. وقال المَوْصليّ: قال أبي: أتيت يحيى بن خالد فشكوتُ ضيقه، فقال: ما أصنع لك؟ ليس عندي شيء، ولكن أدلك على أمر فكن فيه رجلا. قد جاءني خليفة صاحب مصر يسألني أن أستهدي صاحبه شيئًا، وقد أبيت فألَح؛ وقد بلغني أنك أعطيت بجاريتك ثلاثة آلاف دينار. فهوذا، استهديه إياها، وإيّاك أن تُنقصها عن ثلاثين ألف دينار شيئًا، وانظر كيف تكون. قال: فوالله ما شعرت بالرجل إلا وقد وافاني، فساومني بالجارية، فلم يزل حتّى بذل لي عشرين ألفًا. فلمّا سمعتها ضعُف قلبي عن ردّها، فبِعْتُها، فلمّا صرت إلى يحيى قال: إنّك لخسيس. كنتَ صبرت، وهذا خليفة صاحب فارس قد جاءني في مثل هذا. فخذ جاريتك، فإذا ساومك لا تُنقصها عن خمسين ألف دينار. قال: فجاءني فبعتها بثلاثين ألف دينار.   1 وفيات الأعيان "6/ 219-229" والسير "9/ 89-91". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 250 ولما صرت إلى يحيى قال: ألم نؤدّبْكَ؟ خُذْ جاريتك إليك. فقلت: جارية قد أفدت بها خمسين ألف دينار ثمّ تعود إلى؟ أشهدك أنها حرة، وأني قد تزوّجتها1. وقيل إن ولد يحيى قال له وهم في السجن والقيود: يا أبَهْ، بعد الأمر والنَّهيْ والأحوال صرنا إلى هذا؟ فقال: يا بُنيّ، دعوة مظلوم غفِلْنا عنها، لم يغفل الله عنها2. مات يحيي سنة تسعين ومائة في حبس الرقة، وله سبعون سنة. 406- يحيى بن أبي زائدة3 ع: هو يحيى بن زكريًا بن أبي زائدة، أبو سعيد الهمداني الوادعي، مولاهم الكوفيّ، الفقيه، أحد الأئمّة والأعلام. روى عن: أبيه، وعاصم الأحوال، وداود بن أبي هند، وهشام بن عُرْوة، وعُبَيْد الله بن عَمْرو، وأبي مالك الأشجعيّ، وليث بن أبي سُليم، وطائفة كبيرة. وتفقه بأبي حنيفة، ولزمه مدّة حتّى برع في الرأي، وصار من أكبر أصحابه، مع الحِفْظ للحديث والإتقان له. روى عنه: أحمد بن حنبل، وإبراهيم بن موسى، وأبو كُرَيِب، وابن مَعِين، وهَنّاد، ويحيى بن يحيى، وأحمد بن مَنِيع، وابن المَدِينيّ، وابنا أبي شيبة، وعلي بن مُسلم الطوسيّ، وزياد بن أيّوب، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، والحسن بن عَرَفَة، وخلْق كثير. قال علي بن المديني: لم يكن بالكوفة بعد الثوري أثبت منه. وقال ابن المَدِينيّ أيضًا: انتهى العلم إلى يحيى بن زكريّا في زمانه. قلت: وُلّي قضاء المدائن. وقال عَمْرو الناقد: سمعتُ ابن عُيَيْنَة يقول: منا قدِم علينا أحدٌ يُشبه هذين الرجلين: ابن المبارك، وابن أبي زائدة.   1، 2 تاريخ بغداد "14/ 131، 132". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 144، 145"، والسير"8/ 299-302". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 251 وقال يحيى القطّان: ما بالكوفة أحد يخالفني أشدّ عليّ من ابن أبي زائدة. وقال: إنه ما غلط قطّ. وأمّا قول أبي نُعَيم الملائيّ: ما هو بأهلٍ أن أحدّث عنه، فما ذَكَر مستندَ ذلك فلا يُلتفت إلى ذلك، ولا إلى كثيرٍ من كلام الأقران بعضهم في بعض. قال ابن نُمير: كان ابن أبي زائدة في الإتقان أكبر من ابن إدريس. وقال النَّسائيّ: ثقة، ثبت. وقال العجلي: كان من الحفاظ، مُفْتيًا، ثبتًا، صاحب سُنّة، ووكيع إنما صنف كتبه على كتب يحيى. وقال عباس، عن يحيى: ما أعلم يحيى بن أبي زائدة أخطأ إلا في حديث واحد. وقال إسماعيل بن حمّاد: يحيى بن زكريّا في الحديث مثل العَروس العطرة. وقال زياد بن أيّوب: كان يحيى بن أبي زائدة يحدّث من حِفْظه. ويقال: إنّ يحيى أوّل من صنّف الكُتُب بالكوفة. مرّ أنّه مات بالمدائن سنة اثنتين وثمانين ومائة. ويقال: سنة ثلاثٍ وثمانين، وله ثلاثٌ وستون سنة. 407- يحيى بن راشد المازني البصري1 ق: البراء. عن: أبي الزُّبَير المكّيّ، وخالد الحذّاء، وداود بن أبي هند، وجماعة. وعنه: نُعَيم بن حمّاد، ومحمد بن أبي بكر المُقَدَّميّ، وأبو حفص الفلاس. ضعّفه أبو حاتم. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِين: ليس بشيء.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 142، 143"، والميزان "4/ 373"، والتهذيب "11/ 206". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 252 قلت: سكن مصر وحدَّث بها. 408- يحيى بن أبي زكريا الغساني الواسطي1 خ: أبو مروان، أصله شاميّ. روى عن: هشام بن عُرْوة، وعبد الله بن عثمان بن خُثَيم، ويونس بن عُبَيْد. وعنه: عبد الوهّاب بن عيسى التّمّار، ومحمد بن حرب النَّسائيّ، وغيرهما ضعّفه أبو داود. وقال أبو حاتم: شيخ. قلت: قد خرّج له البخاريّ حديثًا واحدًا. 409- يحيى بن سابق المدنيّ2: عن: أبي حازم، وزيد بن أسلم. وعنه: قُتَيْبة، وعليّ بن حُجْر، وحُجَين بن المثنَّى. فيه ليِّن. وقال أبو حاتم: ليس بقويّ. 410- يحيى بْن عُبْد الله بْن حسن بْن الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الحسني3. أخو اللَّذَين خرجا على المنصور، وهما محمد بالمدينة، وإبراهيم بالبصرة، ولمّا هلكا إلى عفو الله ورحمته هرب هذا إلى جبال الدَّيْلم في نحوٍ من سبعين رجلا. ثمّ إنّ الرشيد أمّنه بعد، وأشهد عليه بذلك، ووصله بمائة ألف دينار. ثمّ خاف من غائلته4 فحبسه إلى أن مات في سنة بضعٍ وثمانين ومائة.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 146"، والتهذيب "11/ 211". 2 الجرح والتعديل "9/ 153، 154"، والميزان "4/ 377". 3 انظر: تاريخ بغداد "14/ 110-112"، والكامل "6/ 90، 122، 125". 4 غائلته: خيانته وغدره. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 253 411- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْد اللَّه بن أُنَيْس، أبو زكريّا الأنصاريّ المدنيّ1. عن: طلحة بن خِراش، وعبد الرحمن ومحمد ابنا جابر بن عبد الله، وعيسى بن سبرة. وعنه: أبو جعفر النُّفَيليّ، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، ويحيى بن مَعِين، وعمرو بن رافع، وجماعة. قال ابن مَعِين: لم يكن به بأس. 412- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ، أبو زكريّا الخُزاعيّ الكوفيّ2 م. ت. ن. مد. خ. ق. عن: أبيه، والعلاء بن المسيّب، وهشام بن عُرْوة، وطبقتهم. وعنه: أحمد، وإسحاق، وأبو سعيد الأشجّ، وزياد بن أيّوب، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وجماعة. قال أحمد: هو رجل صالح، له هيئة. وقال أبو داود: ثقة. وقال أحمد العِجْليّ: قيل له: إنّ دواء عينيك تَرْكُ البكاء، قال: فما جَبْرُهما إذّن؟! قلت: خرّج له البخاريّ مقرونًا بآخر، وهو قليل الحديث. مات سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. 413- يحيى بن عُبَيْد الله الْجُرَشِيّ3. شيخ بصْريّ. عن: أبيه، وزاجر بن الهيثم.   1 الجرح والتعديل "9/ 163"، والتهذيب "11/ 342، 343". 2 الجرح والتعديل "9/ 171"، والتهذيب "11/ 252". 3 الجرح والتعديل "9/ 168"، الثقات لابن حبان "9/ 254". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 254 وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ومحمد بن سعيد الخزاعي، ومحمد بن المثنَّى. 414- يحيى بن عُقْبة بن أبي العيزار، أبو القاسم الكوفيّ1. عن: ابن أبي ليلى، ومحمد بن جحادة، وإدريس الأودي، وهشام بن عُرْوة. وعنه: محمد بن بكّار بن الرّيّان، والربيع بن ثعلب. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وكذّبه ابن مَعِين. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. 415- يحيى بن مُضَر، أبو زكريّا القَيْسيّ الشاميّ، ثمّ القُرْطُبيّ2. سمع من سُفيان الثَّوْريّ، ومالك يسيرًا. وروى عليه مالك أيضًا شيئًا، وعبد الله بن وهْب، ويحيى بن يحيى الأندلُسيّ، وكان فقيهًا، مُفْتيًا. وروى عن عبد الملك بن حبيب الفقيه قال: صُلِب يحيى بن مُضَر وأصحابه سنة تسع وثمانين ومائة، كانوا أرادوا خَلْعَ الحَكَم صاحب الأندلس، فحدّثني محمد بن عيسى أن الجذوع التي للمصلوبين مائة وأربعين جذعًا. 416- يحيى بن ميمون التمّار3 د. نزيل بغداد. عن: ليث بن أبي سليم، وغيره. وعنه: الحسن بن الصباح البزار، وعليّ بن مسلم الطُّوسيّ. ترَكه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. وقال أحمد: حذفنا حديثه.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 179"، والميزان "4/ 397". 2 من أئمة المالكية كما في ترتيب المدارك للقاضي عياض. 3 الجرح والتعديل "9/ 188"، والتهذيب "11/ 290، 291". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 255 417- يحيى بن يَعْلَى الأسلميّ القَطَوانيّ الكوفيّ1: عن: حميد بن عطاء الأعرج، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، ويونس بن خبّاب، وناجح المحلمي. وعنه: قُتَيْبة، وأبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد بن إشُكاب، وأبو هشام الرفاعيّ. قال المحاربيّ: مضطّرب الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وأمّا: يحيى بن يعلى، أبو المحيّاه التَّيْميّ فقد ذُكر. 418- يحيى بن اليَمَان العِجْليّ الكوفيّ، أبو زكريّا الحافظ2 د. م: عن: هشام بن عُرْوة، وإسماعيل بن أبي خالد، والمِنْهال بن خليفة، وسفيان الثَّوْريّ، وجماعة. وقرأ القرآن على حمزة، وكان من العلماء العاملين. روى عنه: ابنه داود بن يحيى، وبِشْر الحافي، وأبو كُرَيِب، وسُفيان بن وكيع، والحسن بن عَرَفَة، وعليّ بن حرب، وطائفة. قال أحمد: ليس بحُجّة. وقال ابن المَدِينيّ: هو صَدُوق، فُلِج فتغيّر حِفظه. وذكره أبو بكر بن عيّاش فقال: ذاك راهبٌ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ، نا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، نا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، نا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، نا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً يَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"3.   1 الجرح والتعديل "9/ 196"، التهذيب"11/ 304". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 199"، والسير "8/ 315". 3 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "867". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 256 رَوَاهُ التِّرْمِذيُّ، عَنِ ابْنِ وَكِيعٍ. وعن وكيع قال: ما كان أحدٌ من أصحابنا أحفظ للحديث من يحيى بن يمان. كان يحفظ في المجلس خمسمائة حديث، ثمّ نسي. وقال يحيى بن مَعِين: أرجو أن يكون صدوقًا. وقال مرةً: ليس به بأس. وقال مرةً: ضعيف. وقال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: كان سريع الحِفْظ سريع النِّسْيان. وقال يعقوب بن شَيْبَة: كان يُعدّ في الكثرة عن سُفيان مع الأشجعيّ؛ وإنّما أنكروا عليه كثرة الغلط. قيل مات سنة تسعٍ وثمانين ومائة. وقيل سنة ثمانٍ. 419- يزيد بن زُرَيْع1 ع: الإمام، أبو معاوية العيْشيّ البصْريّ الحافظ. عن: أيّوب، وحبيب المعلّم، وحسين المعلّم، والْجُرَيْريّ، وخالد الحذّاء، ويونس، وابن أبي عَرُوبة، وخلْق. وعنه: عليّ بن المَدِينيّ، وبَهْز بن أسد، والقَعْنَبيّ، وعفّان. وقال بعضهم: كان أبوه زريع والي الأبلة، مات عن خمسمائة ألف ما أخذ منها يزيد حبة. قاله ابن حبان. توفي يزيد سنة اثنتين وثماني ومائة، ومولده سنة إحدى ومائة. قال أحمد بن أبي خَيْثَمَة: نا أحمد بن محمد الصّفّار: سمعتُ يزيد بن زُرَيع وَسُئِلَ عن التدليس فقال: التدليس كذب.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 263-266"، والسير "8/ 263-266". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 257 وقال: ثنا عفان، نا يزيد بن زُرَيع قال: أملى عليّ سعيد هذه المسائل من كتابه، يعني مسائل الحَكَم، وحمّاد. وعن القطّان: أنّه كان لا يُقّدم على يزيد بن زَرِيع أحدًا في سعيد. قلت: لم يرحل في الحديث، وكان من بحور العلم. قال ابن المَدِينيّ: لم يزل مشتغلا بإتقان الحديث. قلت: أقدم شيوخه أيّوب، وعمْرو الفلاس، وقُتَيْبة، ومُسَدَّد، ويحيى بن يحيى، وبُنْدار، وأُميّة بن بِسطام، ومحمد بن المِنْهال الضَّرير، ومحمد بن المنهال أخو حجاج، وأحمد بن المِقْدام، ونصر بن عليّ، وأحمد بن عَبْدَة، وخلْق كثير. قال أحمد بن حنبل: كان رَيْحانة البصرة، ما أتقنه وما أحفظه. وقال أبو حاتم: ثقة، إمام. وقال أبو عَوَانة: صحِبت يزيد بن زَرِيع أربعين سنةً يزداد في كلّ سنة خيرًا. وقال بِشْر الحافي: كان يزيد بن زَرِيع مُتْقِنًا حافظًا، ما أعلم أنّي رأيت مثله ومثل صحّة حديثه، رحمه الله. وقال يحيى القطّان: لم يكن ههنا أحدٌ أثبت منه. وقال نصر الْجَهْضَميّ: رأيتُ يزيد بن زَرِيع فِي النَّوم، فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قال: دخلت الجنة. قلت: بماذا؟ قال: بكثرة الصلاة. 420- يزيد بن عبد الله، أبو خالد القُرَشيّ1. ويُقال له: البَيْسَريّ، قيّده ابن نُقْطة بموحَّدة وبسين مهمَلَة. روى عن: ابن جُرَيْج، وأبي مالك الأشجعيّ، وإبراهيم الخوزيّ، وعَمْر بن محمد العُمريّ. وعنه: عليّ بن أبي هاشم الطبراني، وقَطَن بن نُسَير، وغيرهما، والقواريريّ، وأبو كامل الجحدريّ. وَبَقِيَ إلى بعد الثمانين ومائة.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 276"، والميزان "4/ 431، 432". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 258 قال ابن عدي: ليس بالمنكر الحديث. قلت: تُكلِّم فيه ولم يُتْرَك. 421- يزيد بن مَزيد بن زايدة1: الأمير، أبو خالد الشَّيْبانيّ، أحد الأبطال المذكورين، والأجواد المُمَدَّحين، وهو ابن أخت معن بن زائدة. وُلّي إمرةَ اليمن للرشيد، وولي أرمينية وأذْرَبَيْجان مَعًا للرشيد سنة ثلاثٍ وثمانين. ولصريع الغواني قصيدةٌ فيه يقول فيها: قد عوَّد الطَّيْرَ عاداتٍ وثِقْنَ بها ... فهنَّ يتْبَعْنَه في كلّ مُرْتَحَلِ2 يعني وقائعة، وأنّ الطَّير تفترس أشلاء القتلَى. قال: فأمر يزيد حاجبه أن يبيع ضيعةً له، ويعطي الشاعر خمسين ألفًا، فبلغ ذلك الرشيد، فأرسل إليه بمال عظيم، وقال: زده خمسين ألفًا. وقيل: إنّ سَلْمًا الخاسر هجاه فقال: فليت الأمير أبا خالد ... يزيد يزيد كما ينتقصُ فحلف ليقتُلُنَّه، فمدحه بقوله: إنّ لله في البرية سيفيـ ... ـن يزيدًا وخالدَ بنَ الوليد ذاك سيف الرسول في سالف الدَّهر ... وهذا سيف الإمام الرشيدِ3   1 تاريخ بغداد "14/ 334-337"، السير "9/ 71-73". 2 تاريخ بغداد "14/ 334". 3 تاريخ بغداد "14/ 336". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 259 قال خليفة: مات يزيد سنة خمسٍ وثمانين ومائة. وله ابنان، أحدهما خالد ممدوح أبي تمّام الطائي، والآخر محمد أحد الأجواد. ومن كامل المبرِّد: أنّ يزيد بن مزيد نظر إلى لحية عظيمة مخضوبة، فقال لصاحبها: أما أنّك من لحيتك في مئونة. فقال: أجل، ولذلك أقول: لها درهمُ للدهنِ في كلّ لَيْلَةٍ ... وآخر للحنّاء يبتدرانِ ولولا نوال من يزيد بن مَزْيد ... لصوّت في حافاتها الْجَلَمانِ1 وفي الأغاني أن يزيد بن مَزْيد أهديِت له جارية، فلمّا رفع يده من طعامه وطئها، فلم ينزل عنها إلا ميتًا، وذلك ببلد بَرْذَعَة، وكان عنده مسلم بن الوليد صريع الغواني فرثاه، وقال: قبرٌ ببَرْذَعَة استَسَرَّ ضريحُهُ ... خَطَرًا تقاصَرَ دُوَنُه الأخطار أبقى الزَّمانُ على ربيعة بعده ... حُزْنًا لَعْمر اللَّهِ ليس يُعارُ سلكت بك العرب السبيل إلى العلى ... حتى إذا استبقى الردى بك صاروا نَفَضَتْ بك الإفلاسَ آمالُ الغنى ... واسترجعت زُوَّارَها الأمصارُ فاذهبْ كما ذَهَبَتْ غوادي مُزْنَةٍ ... أثْنَى عليها السَّهْلُ والأمر عارُ2 وقيل: إنّما رثى مسلم بهذا يزيد بن أحمد السُّلميّ، فالله أعلم. وعن عَمْر بن المتوكل، عن أمّه قالت: كان ذو الفقار مع محمد بن عبد الله بن حسن يوم قُتِل بالمدينة، فلمّا أحسّ بالموت دفع "ذا الفقار" إلى رجُلٍ معه كان له عليه أربعمائة دينار، وقال: خُذْه فإنّك لا تلقى طالبيًا إلا أخذه منك وأعطاك حقّك3. فلمّا ولي جعفر بن سُليمان العبّاسيّ المدينةَ واليمن دعا الرجل وأخذ منه السيف، وأعطاه أربعمائة دينار، فلم يزل عنده حتّى ولي المهديّ، فبلغه خبرُه، فأخذه منه، ثمّ صار إلى الرشيد.   1 انظر: وفيات الأعيان "6/ 336"، والجلمان: المقص. 2 وفيات الأعيان "6/ 339". 3 وفيات الأعيان "6/ 330". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 260 وقال الأصمعيّ: رأيت الرشيد مُتَّقلِدًا سَيْفًا، فَقَالَ: أَلا أُرِيكَ ذَا الْفَقَارِ؟ قلت: بلى. فقال: استّل سيفي. قال: فاستلَلْتُه، فرأيت فيه ثماني عشرة فقارة. ولمنصور بن سَلَمة النَّمريّ: لو لم يكن لبني شيبانَ من حَسَب ... سوى يزيد لفاتوا الناسَ بالحَسَب ما أعْرفَ النّاس أنّ الجودَ مَدْفَعَةً ... للذَّمّ لكنّه يأتي على النَّشَبِ1 وهو الذي ظفر بالوليد بن طريف رأس الخوارج. وكان يزيد مع كمال شجاعته من دهاة العرب، ما زال يُقابل ابن طريف بالجيوش ويقاتله إلى أن أهلكه بعد أن بارزه بنفسه، وبقيت مبارزتهما نحو ساعتين من النهار أو أكثر، حتّى تعجب منهما الْجَمْعان، ثمّ أمكنت يزيدَ الفرصةُ فضرب رِجْلَ ابن طريف فسقط، وكان من بني شيبان أيضًا، فلمّا قدِم يزيد على الرشيد، قال: يا يزيد ما أكثر أمراء المؤمنين في قومك. قال: نعم، إلا أن منابرهم الْجُذُوع2. وقيل فيما حكاه ابن خلّكان: أنّ الرشيد لما جهّزه إلى حرب ابن طريف الشَّيْبانيّ أعطاه ذا الفقار سيف النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال: خُذْه فإنك ستُنصر به. وفي ذلك يقول مسلم بن الوليد: أذكرتَ سيفَ رسول الله سنته ... وبأس أوَّلَ من صلَّى ومن صاما ويُريد بأْسَ عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 422- يزيد بن يحيى، أبو خالد القُرَشيّ الدّمشقيّ3. عن: يحيى بن يحيى الغسّانيّ، وثور بن يزيد، وموسى بن سيّار، وعمْرو بن مهاجر. وعنه: هشام بن عمّار، والهيثم بن خارجة، وسُليمان بن عبد الرحمن، وغيرهم.   1 النشب: المال أو العقار. 2 وفيات الأعيان "6/ 329". 3 الثقات لابن حبان "9/ 271". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 261 ما ذكره البخاريّ، ولا ابنُ أبي حاتم. 423- اليسع بن طلحة بن أبزوذ المكّيّ1. عن: طاوس، ومجالد، وعطاء. وعنه: سبطه عبد الوهّاب بن فليح، وفيض الرقي، ونُعَيم بن حمّاد، والوليد بن عطاء بن الأغرَّ. قال أبو حاتم: ليس بقوي، منكر الحديث. وقال ابن عَدِيّ: أحاديثه غير محفوظة. قلت: وقع لنا من عواليه في المخلصات. 424- يعقوب بن داود2. وزير المهديّ. مرّت أخباره في حوادث سنة ستٍّ وستين ومائة، وَبَقِيَ إلى هذا الوقت معزولا مجاورًا مكّة. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. 425- يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القاري المدنيّ الزُّهْريّ3، حليفهم. س. ق. نزل في الآخر الإسكندرية. وحدَّث عن: زيد بن أسلم، وسُهيل بن أبي صالح، وعَمرو بن أبي عَمْرو، وأبي حازم. وعنه: يحيى بن يحيى، وسعيد بن منصور، ويحيى بن بُكَير، وقُتَيْبة، وأبو شَرِيك يحيى بن يزيد المُراديّ، وطائفة. وهو ثقة، عالم.   1 الجرح والتعديل "9/ 309"، والميزان "4/ 445، 446". 2 انظر: تاريخ بغداد "14/ 262-265"، السير "8/ 306، 309". 3 الجرح والتعديل "9/ 210"، والتهذيب "11/ 391، 392". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 262 مات سنة إحدى وثمانين ومائة. 426- يعقوب بن الوليد، أبو يوسف الأزْديّ المدنيّ1. عن: أبي حازم، وهشام بن عُرْوة، وجعفر الصادق. وعنه: محمد بن الصّبّاح الجرجرائيّ، ويحيى المَقَابِريّ، ومحمود بن خِداش، وأحمد بن مَنِيع، والحسن بن عَرَفَة. قال أحمد بن حنبل: حرقنا حديثه. وكذّبه أبو حاتم. وقال النَّسائيّ، وغيره: متروك. 427- يَعلى بن الأشدق العُقَيْليّ2. أحد المتروكين، أصله من بادية الطائف. روى عن: عبد الله بن جراد، وزِياد بن ربيعة، وكُليب بن جُريّ، وزعم أنّ لهم صحبة وسكن الرَّقَّةَ. وعنه: داود بن رشيد، وإسماعيل بن عبد الله الرقي، وأيوب بن محمد الوازن، وطائفة. وحدث بحران، وطال عمره، وصار يسأل الناس. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبّان: لا تحل الرواية عنه. وقال ابن عَدِيّ: بلغني عن أبي مُسْهِر قال: قلت لِيَعْلَى بن الأشدق: ما سمع عَمُّك عبدُ الله بنُ جراد مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "جامع" سفيان، و"موطأ" مالك3. وَسُئِلَ عنه أبو زُرْعة فقال: لا يُصَدَّق. قلت: لا ينبغي التشاغل بتخريج عواليه فإنها مما لا يفرح به.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 216، 217"، الميزان "4/ 455". 2 الجرح والتعديل "9/ 303، 304"، والسير "8/ 241، 242". 3 إسناده ضعيف: الكامل "7/ 2743" لابن عدي، وفيه انقطاع. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 263 428- يَعْلَى بن شبيب المكّيّ1 ت. ق. مولى آل الزُّبَير. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وهشام بن عُرْوة. وعنه: الحُمَيْدِيّ، وقُتَيْبة، وإبراهيم بن بشار الرّماديّ. روى اليسير، ومحلُّه الصِّدْق. 429- يَغْنَم بن سالم بن قَنْبَر البصْريّ2. له نسخه عن أنس بن مالك كأنّها موضوعة. حدَّث بمصر. روى عنه: عبد الغني بن سعيد، وعبد الغني بن رفاعة المصريان، وإبراهيم بن صدقة العامريّ، ومحمد بن مَخْلَد الرُّعَينيّ، وعيسى بن مُساور، وأبو مسلم عبد الرحمن بن واقد، وغيرهم. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ: أَخْبَرَكُمُ الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ بِبَغْدَادَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ الزَّاهِدُ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ، أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا عِيسَى بْنُ مُسَاوِرٍ، ثنا يَغْنَمُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: قَالَ لِي أَنَسٌ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَادَ أَعْمَى أَرْبَعِينَ خُطْوَةً لَمْ تَمَسَّ وَجْهَهُ النَّارُ"3. يَغْنَمُ مُجْمَعٌ عَلَى تَرْكِهِ فَلا يُفْرَحُ بِعَوَالِيهِ. قال أبو سعيد بن يونس: روى عن أنس فكُذِّب. وقال أبو حاتم: هو مجهول، ضعيف الحديث. وقال ابن عَدِيّ: عامّة ما يرويه غير محفوظ. قال الطَّحاويّ: سمعتُ يونس بن عبد الأعلى يقول: قدِم علينا يَغْنَم بن سالم مصر، فجئته فسمعته يقول: تزوّجت امرأةً من الجن. فلم أرجع إليه.   1 الجرح والتعديل "9/ 304"، والتهذيب "11/ 401، 402". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 304"، والتهذيب "11/ 401، 402". 3 حديث موضوع: وأخرجه ابن عدي "7/ 2739"، وسبق تخريجه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 264 وقال ابن حِبّان: كان يضع الحديث على أنس. قلت: بَقِيَ إلى حدود التسعين ومائة. 430- يوسف بن خالد بن عُمَيْر السّمتي البصْريّ1ق. الفقيه. عن: عاصم الأحول، ويونس بن عُبَيْد، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، ومحمد بْن عَمْرو، ولزِم أبا حنيفة الإمام حتّى برع وصار من نُجباء أصحابه. روى عنه: ابنه خالد بن يوسف، وداهر بن نوح، وزيد بن الحُرَيش, وخليفة بن خيّاط، ومحمد بن أبي يعقوب الكِرْمانيّ، ونصر بن عليّ الْجَهْضَميّ. رماه ابن مَعِين بالكذب. وقال أبو حاتم: رأيت له كتابًا ألفه في التجهُّم يُنكر فيه الميزان والقيامة. وقال ابن سعد: كان بصيرًا بالفتوى ضعيفًا. وقال النَّسائيّ: ليس بثقه. قلت: مات في رجب سنة تسعٍ وثمانين ومائة. خرّج له ق حديثًا. 431- يوسف بن عطيّة بن ثابت الصّفّار2. أبو سهل السَّعْديّ ثمّ الأنصاريّ، مولاهم البصْريّ. رأى ابنَ سيرين، وروى عن: قَتَادة، وثابت، ومحمد بن واسع، وفرقد السبخيّ، وجماعة. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأحمد بْن منيع، وعبد الله بن عون الخراز، وزياد بن يحيى، وعَمْر بن شبّة، والحسن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وغيرهم. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث.   1 الجرح والتعديل "9/ 211، 222"، والتهذيب "11/ 411-413". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 227"، والميزان "4/ 468، 469". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 265 وقال أبو حاتم والدَّارَقُطْنيّ: ضعيف الحديث. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال الفلاس: كان يَهِمّ، وما علمته يكذِب. وقال النَّسائيّ: متروك. قلت: روى له ابن ماجة في تفسيره، ومات سنة سبعٍ وثمانين ومائة. 432- يوسف بن عطيّة الباهليّ، أبو المنذر الكوفيّ الورّاق1. صاحب مناكير. روى عن: عمْرو بن شمير، وغير واحد. وعنه: عَمْرو بن عليّ، وزيد بن مَوهب الرَّمْليّ، وغيرهما. قال الفلاس: هو أكذب من الصّفّار. وقال الدَّارَقُطْنيّ وغيره: ضعيف. 433- يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب بن سنان الرومي المدني2. روى عن ابن عمّه عبد الحميد بن زياد، وعن أبيه. وعنه: هشام بن عمّار، وإبراهيم بن المنذر الحزاميّ، وجماعة. قال البخاريّ: فيه نظر. وقال أبو حاتم: لا بأس به. 434- يوسف بن يعقوب بن أبي سَلَمة الماجشون المدني3. أبو سَلَمة، مولى آل المُنْكَدر التَّيْميّ. عن: أبيه، والزُّهْريّ، ومحمد بن المُنْكَدر، وصالح بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.   1 الجرح والتعديل "9/ 227"، والميزان "4/ 470". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 228، 229"، والميزان "4/ 473". 3 الجرح والتعديل "9/ 234"، والسير "8/ 330، 331". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 266 وعنه: أبو مُصْعَب، وأحمد بن حنبل، وعليّ بن المَدِينيّ، وشُرَيْح بن يونس، ومحمد بن أبي بكر المُقَدَّميّ، وعليّ بن مسلم الطُّوسيّ، وخلْق سواهم. وثقه يحيى بن مَعِين، وأبو داود. وقال يحيى بن أيّوب المقابريّ: سمعتُ يوسف بن الماجشون يقول: وُلدتُ في عهد سُليمان بن عبد الملك ففرض لي في المقاتلة، فلمّا قام عَمْر بن عبد العزيز مَرَّ باسمي، وكان بنا عارفًا، فقال: ما أعرَفَني بمولد هذا الغلام، فنحّاني من المقاتلة وردّني عَيِّلا. قال يحيى بن مَعِين: كنّا نأتي يوسفَ بنَ الماجشون يحدّثنا وجواريه في بيت آخر يَضْرِبنَ بالمعزفة. قلت: أهل المدينة معروفون بالترخص في الغناء. تُوُفّي يوسف بن الماجشون سنة خمسٍ وثمانين ومائة، وله ثمان وثمانون سنة. 435- يونس بن حبيب1: العلامة، أبو عبد الرحمن الضّبيّ مولاهم البصْريّ. إمام أهل النَّحْو. أخذ عن: أبي عَمْرو بن العلاء، وحمّاد بن سلمة، وغيرهما. أخذ عنه: الكسائي، وسيبويه، والفراء. وله مصنفات في العربية، وطال عمره، وعاش ثلاثا وثمانين سنة. قال خليفة بن خياط: مات سنة ثلاث وثمانين ومائة. الكنى: 436- أبو إسحاق الفزاري2 ع: هو إبراهيم بن محمد.   1 الجرح والتعديل "9/ 237"، والسير "8/ 171". 2 سبق الترجمة له. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 267 437- أبو إسماعيل المؤدب1 ق: هو إبراهيم بن سُليمان بن رَزِين البغداديّ مؤدّب أولاد الوزير أبي عُبَيْد الله. له عن: عطيّة العَوْفيّ، وعاصم بن بَهْدَلَة، وعبد الملك بن عمر، وعاصم الأحول، وطائفة. وعنه: يحيى بن مَعِين، وعثمانٍ بن أبي شَيْبَة، وأخوه وأبو بكر، ومحمد بن الصّبّاح الدُّولابيّ، وأبو عَمْر الدُّوريّ، والحسن بن عَرَفَة، وآخرون. وثقه يحيى بن مَعِين. وقال مَرّة: ضعيف. وقال مَرة ليس به بأس. وكذا قال أحمد. وقال أبو داود: ثقة. رأيتُ ابن حنبل يكثر أحاديثه بنزول. وقال النَّسائيّ: ليس به بأس. قيل: مات قريبًا من سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 438- أبو أُميّة بن يَعْلَى الثّقفيّ2: يقال اسمه إسماعيل. مدنيّ، معمِّر. له عن: نافع، وسعيد المَقْبُريّ، وأبي الزناد، وهشام بن عروة. وحضر جنازة سالم بن عبد الله. روى عنه: زيد بن الحباب، ومحمد بن أبان، ومحمد بن عقبة السدوسي، وشيبان بن فروخ، وداهر بن نوح، والقواريري، وسعيد بن هبيرة. قال البخاري: سكتوا عنه.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 102، 103"، والتهذيب "1/ 125، 126". 2 الجرح والتعديل "2/ 203"، والميزان "1/ 254، 255". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 268 وقال الدارقطني: بصري متروك. وكذا تركه النسائي. وقال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث: هو ممّن يُكْتَب حديثه. وقال أبو أحمد الحاكم: لَيْسَ بالقويّ. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وقال شُعبة: اكتبوا عنه فإنّه شريف لا يكذب. 439- أبو بحر البكراوي1 د. ت: هو عَبْد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أُميّة بن عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفيّ البصري. عن: حسين المعلم، وَدَاوُد بن أَبِي هند، وَمُحَمَّد بن عَمرو، وجماعة. وعنه: أحمد بن عبدة، وحفص الربالي، وخليفة بن خيّاط، وبُنْدار، وعدّة. ضعّفه ابن مَعِين. وقال أبو حاتم: يُكْتَب حديثه. ونقل بن الجوزيّ أنّ أحمد بن حنبل قال: طرحَ الناسُ حديثه. مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة. 440- أبو حفص الأبار2 د. ن. ق: هو عَمْر بن عبد الرحمن بن قيس. كوفيّ ثقة. نزل بغداد وروى عن: منصور، وليث بن أبي سُلَيم، والأعمش، وعمّار الدُّهْنيّ، وعدة.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 264، 265"، والميزان "2/ 578". 2 الجرح والتعديل "6/ 121، 122"، والتهذيب "7/ 473، 474". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 269 وعنه: يحيى بن مَعِين، وداود بْن رشيد، وعثمان بْن أَبِي شَيْبَة، وشُرَيْح بن يونس، والحسن بن عَرَفَة، وآخرون. وكان له غلمان يحملون الإبَر وهو معلِّمُهم. أضرَّ بآخِرِه. وثقه ابن معين، وغيره. 441- أبو خالد الأحمر1 ع. هو سليمان بن حيان، مر. 442- أبو داود النخعي2. هو سُليمان بن عَمْرو، وهو ابن عمّ شريك القاضي. روى عن: أبي طُوالَةَ، وعبد الملك بن عُمَيْر، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، والمختار بن فُلْفُلٍ، وغيرهم. وعنه: آدم بن أبي إياس، ويحيى بن أيّوب المقابريّ، وعبّاد بن يعقوب، والمسيّب بن وضّاح، وطائفة. قال أبو مَعْمَر الهُذَليّ: كان بِشْر المريسي قد أخذ رأي جهْم من أبي داود النخعي، وكان أبو داود كذّابًا. قلت: كان وقِحًا، جريئًا، قَدَريًا من الخير بريئًا. قال عليّ بن المَدِينيّ: كان من الدّجّالين. وقال يحيى بن مَعِين: هو كذّاب النَّخَع. وقال البخاريّ: معروف بالكذِب. قاله قُتَيْبة، وإسحاق. وقال أحمد بن حنبل: كذاب. وروى عباس، عن يحيى قال: أبو داود النخعي رجل سَوْء كذّاب، خبيث، قَدَريّ. لم يكن ببغداد رجل إلا وهو خير من النخعي, كان يضع الحديث.   1 سبق الترجمة له. 2 الجرح والتعديل "4/ 132، 133"، والميزان "2/ 216-218". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 270 سمعته يقول: سمعتُ خصيف وخصّاف ومخصّف، وكان من أكذب النّاس. 443- أبو رُويم: هو طلاب بن حَوْشَب الرَّبَعِيّ1، أخو العّوَّام بن حَوْشَب. عُمِّر دهرًا، وحدّث عن: مُجالد، وإسماعيل بن أبي خالد. وعنه: موسى بن عبد الرحمن المسروقي، والحسين بن علي الصدائي. لا يدرى من ذا. 444- أبو سفيان المعمري2 م. ن. ق: اسمه محمد بن حميد، شيخ بصْريّ ثَبْت، سكن بغداد. وإنّما لُقّب بالمعمري لرحلته إلى مَعْمَر باليمن، وكان من الصُّلَحاء العُبّاد. روى عن: مَعْمَر، وهشام بن حسّان، وسفيان الثَّوْريّ، وغيرهم. وعنه: شُرَيْح بن يونس، وأبو خَيْثَمَة، وأبو سعيد الأشجّ، وَالنُّفَيْليُّ، وابن نُمير، وعَمرو الناقد، وسُفيان بن وكيع، وحُمَيْد بن الربيع. وثقه يحيى بن مَعِين، وأبو داود. ولم يُخرّج له البخاريّ، بل خرّج لأبي سُفيان الحِمْيَريّ، وفيه شيء. قال الخطيب: محمد بن حُمَيْد البكْريّ المعمري، كان مذكورًا بالصلاح والعبادة. وقال ابن مَعِين أيضًا: عبد الرزّاق أحبّ إليّ منه. قال ابن قانع: مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. وسيأتي أبو سُفيان الحِمّيَريّ بعدُ. 445- أبو سليمان الداراني الكبير3 ق: وما هو بالزاهد الشهير، اسم الكبير عَبْد الرَّحْمَن بْن سُليمان بْن أبي الْجَوْن العنسي، بنون، الدمشقي.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 502". 2 الجرح والتعديل "7/ 231"، والميزان "9/ 131، 132". 3 الجرح والتعديل "5/ 240"، والتهذيب "6/ 188". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 271 له رحلة في الحديث. روى عن: الأعمش، وليث بْن أبي سُلَيم، وإسماعيل بْن أَبِي خالد، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وعمرو بن شراحيل الدَّارانيّ، وجماعة. روى عنه: إسماعيل بن عيّاش وهو أكبر منه، وعبد الله بن يوسف التَّنَّيسيّ، وأبو تَوبة الحلبيّ، ومحمد بن عائذ، وصَفْوان بن صالح، وهشام بن عمّار، وعدة. وثقه دحيم. وقال أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عدي: أرجو أنه لا بأس به. قلت: بَقِيَ إلى قريب التسعين ومائة. 446- أبو عاصم العباداني1 ق. اسمه عبد الله، وقيل عُبَيْد الله بن عبيد. شيخ بصْريّ الأصل. روى عن: عليّ بن زيد بن جدعان، والفضل بن عيسى الرَّقاشيّ، وفايد أبي الورقاء، وغيرهم. وعنه: سويد بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، والفلاس، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم وغيره: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال العقيلي: منكر الحديث. 447- أبو عبد الرحمن الزاهد2. اسمه عبد الله بن محمد. روى عن: الأعمش، وأبي عقال، وخلاد بن زيد، وإبراهيم بن أدهم.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 100، 101"، والميزان "2/ 458"، التهذيب "12/ 142". 2 الجرح والتعديل "5/ 157". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 272 وعنه: أسود بن سالم، وسَعْدُوَيْه الواسطيّ، ومهديّ بن جعفر، وداود بن مِهران، وهشام بن عمّار، ويحيى بن أيّوب الزّاهد. لم أرَ لهم فيه كلامًا. 448- أبو عبد الرحمن الفرّاء1. من أفضل مشايخ المَوْصل. اسمه سعيد، وقيل نوح. حدث عن: عوف الأعرابيّ، وسعيد بن أبي عَرُوبه، وهشام بن حسّان. وعنه: القاسم بن يزيد الْجَرْميّ، وَمُعَلَّى بن مهديّ. قال يزيد الأزْديّ: مات سنة ستٍّ وثمانين ومائة. 449- أبو عُبَيْدة الحداد2 خ. د. ت. ن: هو عبد الواحد بن واصل السدوسي، مولاهم البصْريّ. نزيل بغداد. روى عن: بَهْز بن حكيم، وعوف، ويونس بن إسحاق، وعثمان بن أبي رَوّاد، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وزهير بن حرب، وعمرو الناقد، وزياد بن أيوب. وثقه أبو داود. وقال أحمد: لم يكن صاحب حِفْظ، إلا أنّ كتابه كان صحيحًا. وقال عليّ بن الحسين بن حِبّان: وجدتُ بخطّ أبي: ذكر ابن مَعِين أبا عُبَيْدة الحدّاد فقال: كان متثبتًا، ما أعلم أنّا أخذنا عليه خطًأ البَتّة، جيد القراءة لكتابه. وقال أبو قلابة الرقاشي: مات سنة تسعين ومائة.   1 من عباد الموصل ومشايخهم. 2 انظر: الميزان "3/ 677"، والتهذيب "6/ 440". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 273 450- أبو عُبَيْدة العُصْفُريّ1. بصريٌّ فاضل، اسمه إسماعيل بن سِنان. له عن: عِكْرِمة بن عمّار، وغيره. وعنه: علي بن المديني، وخليفة بن خياط. 451- أبو علقمة القروي2 م. د. ن. هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي فروة المدني. عن: عمه إسحاق بن أبي فروة، وعن: صَفْوان بن سليم، ومحمد بن المُنْكَدر، ويزيد بن خُصَيفة. ورأى سعيد المَقْبُريّ. روى عنه: إسحاق بن رَاهَوَيْه، وإبراهيم بن المنذر، وأحمد بن عَبْدة الضّبيّ، ويحيى بن يحيى التّميميّ، وآخرون. وقال ابن سعد: إنّه لقي نافعًا، وسعيد المَقْبُريّ، والصلت بن زُبيد، وروى عنهم. وعُمّر حتّى لقيناه في سنة تسعٍ وثمانين ومائة، وكان ثقة. وقال يحيى بن مَعِين: ثقة. قلت: ما أدري لِمَ لَمْ يُخَرِّج البخاريّ له. مات في المحرَّم سنة تسعين ومائة. 452- أبو المليح الرقي3 د. ت. اسمه الحَسَن بن عَمْر، ويقال: الحسن بن عمرو. حجّ ورأى عطاء بن أبي رباح. وروى عن: ميمون بن مِهران، والزُّهْريّ، وزياد بن بيان الرَّقّيّ، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وغيرهم.   1 الجرح والتعديل "2/ 176"، والثقات لابن حبان "6/ 39". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 155، 156"، التهذيب "6/ 10، 11". 3 الجرح والتعديل "3/ 24، 25"، والتهذيب "2/ 309، 310". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 274 وعنه: عبد الله بن جعفر الرقي، وعمرو بن خالد الحراني، وإبراهيم بن مهدي المصيصي، وأبو جعفر النفيلي، وأبو نعيم عبيد بن هشام، وعبد الجبار بن عاصم، وآخرون. وثقه أحمد بن حنبل، وأبو زرعة. مات في عشر المائة في سنة إحدى وثمانين ومائة. وقع لي من عوالية. 453- أبو الْهَوْلِ الحِمْيَريّ1. الشاعر المشهور. اسمه عامر بن عبد الرحمن، كان آية في الهجاء المُقْذِع. وله مدائح في المهديّ والرشيد. 454- أبو الهَيْذام المُرّيّ2. أمير عرب الشام، وزعيم قيس وفارسها الشهير. وهو قائد العرب المُضَريّة في الفتنة العظمى الكائنة بدمشق بين القيسيّة واليمانية في دولة الرشيد، حتّى تفاقم الأمر وكثر القتل. وله شِعرٌ جيد مشهور. وقد خرج على الرشيد لكونه قتل أخاه، ثمّ ظُفِر بأبي الهيذام، وحُمل مقيّدًا إلى الرشيد. فلما مثل بين يديه أنشده أبياتًا يستعطفه، فمنّ عليه وعفا عنه. اسمه عامر بن عمارة بن خُرَيْم، وهو والد المحدّث موسى بن عامر صاحب الوليد بن مسلم، وراوي كُتُبه. قال المَرْزُبانيّ: قتل عامِل الرشيد بسجستان أخًا لأبي الهَيذام، فخرج أبو الهيذام بالشام، وجمع جمعًا عظيمًا، ورثى أخاه، وغلُظ أمره، وأعْيَت الرشيد الحيلةُ فيه، فاحتال عليه بأخٍ له أرغبه، فشدّ على أبي الهيذام وقيده، وسار به إلى الرشيد.   1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 237، 238"، وفيات الأعيان "4/ 29، 30". 2 الأمالي للقالي "1/ 267"، الشعر والشعراء "2/ 731". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 275 وهو القائل: فأحسنْ أمير المؤمنين فإنّه ... أبي الله إلا أنْ يكون لك الفضلُ فمنّ عليه وأطلقه. أنشد الزُّبَير بن بكّار لأبي الهيذام: سأبكيكَ بالبِيض الرِّقاق وبالقَنَا ... فإنّ بها ما يطلُب الماجدُ الوِترا ولستُ كمن يبكي أخاه بَعْبَرةٍ ... يُعصِّرها في جَفْن مُقْلَتِه عَصْرا وإنا أُناسٌ ما تَفِيضُ دُموعُنا ... على هالكٍ منّا وإنْ قَصَم الظَّهَرا1 قيل: تُوُفّي سنة اثنتين وثمانين ومائة. 455- القاضي أبو يوسف2. هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حُبَيْش بن سعد بن بُجَيْر بن معاوية الأنصاريّ. وسعد بن بُجَيْر هو سعد بن قُتَيْبة، وحَبْتَهُ أمُّهُ ابنةُ خوَّات بن جُبَير. شهد سعد الخندق، ونسبُهُ في بُجَيلة، وإنّما حالف الأنصار. وُلد أبو يوسف بالكوفة سنة ثلاث عشرة ومائة، وطلب العلم سنة ثلاثٍ وثلاثين. وسمع من: هشام بن عروة، وعطاء بن السائب، ويحيى بن سعيد، ويزيد بن أبي زياد، والأعمش، وأبي إسحاق الشَّيْبانيّ، وحَجّاج بن أرطأة، وعُبَيْد الله بن عمر، وطائفة. وتفقه بالإمام أبي حنيفة حتّى صار المقدَّم في تلامذته. تفقه به: محمد بن الحَسَن، وهلال الرائيّ، ومعلى بن منصور، وعدد كثير. وروى عنه: ابن سماعة، ويحيى بن مَعِين، وأحمد بن حنبل، وعليّ بن الجعد، وأحمد بن منَيِع، وعليّ بن مسلم الطوسيّ، وإبراهيم بن الجرّاح، وأسد بن الفُرات،   1 الأمالي "1/ 267" للقالي. 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 201، 202" والسير "8/ 470-473". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 276 وعمرو بن أبي عمرو الحراني، وعمرو الناقد، وخلْق سواهم. وكان والده إبراهيم فقيرًا، فكان أبو حنيفة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يتعاهد أبا يوسف بالمائة دِرهم بعد المائة، يُعينه على طلب العلم. فروى عليّ بن حَرْمَلَة، عن أبي يوسف قال: كنت أطلب الحديث والفقه وأنا مُقِلّ. فجاء أبي يومًا وأنا عند أبي حنيفة، فقال: لا تَمُدَّنّ يا بُنيّ رِجْلك مع أبي حنيفة فأنت محتاجٌ إلى المعاش. فآثرت طاعة أبي، فتفقدني أبو حنيفة، فجعلتُ أتعاهده، فدفعَ لي مائة درهم وقال لي: الْزَم الحَلْقة، فإذا نفذت هذه فأَعْلِمْني. ثمّ أعطاني بعد أيام مائة أخرى، وكان يتعاهدني1. ويُقال: إنّ أمَّه هي التي لامته، وأنّ أباه مات وأبو يوسف صغير، فأسلمته عند قصار. فالله أعلم. قال محمد بن الحسن: مرض أبو يوسف، فعاده أبو حنيفة، فلما خرج قال: إنْ يَمُتْ هذا الفتى فهو أعلمُ مَن عليها. وأومأ إلى الأرض. قال عبّاس الدَّوْرَقيّ: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: أول ما كتبتُ الحديث اختلفت إلى أبي يوسف فكتبت عنه، ثمّ اختلفتُ بعدُ إلى النّاس. وكان أبو يوسف أَمْيَلَ إلى المحدثين من أبي حنيفة ومحمد. إبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسيّ: سمعتُ ابن مَعِين يقول: ما رأيتُ في أصحاب الرأي أثبت في الحديث، ولا أحفظ، ولا أصح رواية من أبي يوسف. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: أَبُو يوسف صاحب حديث، صاحب سُنّة. محمد بن سَمَاعة، عن يحيى بن خالد البرمكيّ قال: قدِم علينا أبو يوسف وأقلّ ما فيه الفقه، وقد ملأ بفقهه ما بين الخافقين. وقال الخُريبيّ: كان أبو يوسف قد أطلع الفِقه والعِلم إطلاعًا، يتناوله كيف شاء. قال عَمْرو النّاقد: كان أبو يوسف صاحب سُنّةٍ.   1 تاريخ بغداد "14/ 244". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 277 قال أحمد: كان أبو يوسف منصفًا في الحديث. بِشْر بن غِياث: سمعتُ أبا يوسف يقول: صحِبت أبا حنيفة سبْعَ عشرةَ سنة، ثمّ رتعتُ في الدنيا تسع عشرة سنة، وأظنُّ أجَلي قد قَرُب، فما نجد إلا يسيرًا حتّى مات. وروى بُكَير العمّيّ، عن هلال الرائي قال: كان أبو يوسف يحفظ التفسير، والمغازي، وأيّام العرب، وكان أحد علومه الفقه. وروى أحمد بن عطيّة، عن محمد بن سَمَاعة قال: كان أبو يوسف، بعدما وُلّي القضاء يُصلّى كلّ يوم مائتي ركعة1. وقال عليّ بن المَدِينيّ: ما أُخذ على أبي يوسف إلا حديثه في الحَجْر، عن هشام بن عُرْوة، وكان صدوقًا. وقال يحيى بن يحيى التّميميّ: سمعتُ أبا يوسف يقول عند وفاته: كل ما أفنيت به فقد رجعت عنه، إلا ما وافق الكتاب والسُّنَّة. وفي لفظٍ: إلا ما في القرآن واجتمع عليه المسلمون. وقال بِشْر بن الوليد: سمعتُ أبا يوسف يقول: مَن تتَّبع غريب الحديث كُذِّب، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب الدِّين بالكلام تَزَنْدَق2. وقال محمد بن سَمَاعة: سمعتُ أبا يوسف في اليوم الذي مات فيه يقول: الَّلهُمّ إنك تعلم إنّي لم أجُر في حُكْمٍ حكمت به، ولقد اجتهدت في الحُكم بما وافق كتابَك وسُنَّة نبيك. قال الفلاس: أبو يوسف صدوق، كثير الغلط. وقال ابن عَدِيّ: لا بأس بِهِ. وقال أبو حاتم: يُكْتَب حديثه. قلت: وأبو يوسف هو أوّل من لُقّب قاضي القضاة، وكان عظيم الرُّتبة عند هارون الرشيد.   1 تاريخ بغداد "14/ 255". 2 العقد الفريد "2/ 208". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 278 قال الطّحاويّ: نا بكّار بن قُتَيْبة: سمعتُ أبا الوليد الطّيالسيّ يقول: لمّا قدِم أبو يوسف البصرةَ مع الرشيد، اجتمع أصحاب الرأي وأصحاب الحديث على بابه. فأشرف عليهم ولم يأذن لفريق منهم؛ وقال: أنا من الفريقين جميعًا. ولا أُقَدَّم فرقة على فِرقة. لكنّي أسأل عن مسألة، فمن أصاب دخلوا. ثمّ قال: رجلٌ مضغ خاتمي هذا حتّى هشمه، ما لي عليه؟ فاختلف أصحاب الحديث، فلم يُعجبه قولهم. وقال فقيه: عليه قيمته صحيحًا، ويأخذ الفضة المهشومة إلا أن يشأ صاحب الخاتم أن يمسكه لنفسه، ولا شيء على هاشمه. فقال أبو يوسف: يدخل أصحاب هذا القول، فدخلت معهم. فسأله المستملي، فأملى حديثًا، عن الحَسَن بن صالح. وقال: ما أخاف على رجل من شيء خوفي عليه من كلامه في الحَسَن بن صالح. فوقع لي أنّه أراد شُعبة، فقمت وقلت: لا أجلس في مجلس يُعرَّض فيه بأبي بِسطام. ثمّ خرجت، فرجعت إلى نفسي، فقلت: هذا قاضي الأفاق، ووزير أمير المؤمنين، وزميله في حجَّهِ، وما يضُرُّه غضبي؛ فرجعتُ وجلست حتّى فرغ المجلس. فأقبل عليّ إقبالَ رجُلٍ ما كان له همٌّ غيري، فقال: يا هشام، وإذا هو يُثنيني لأني كنت عنده ببغداد، والله ما أردت بأبي بسطام سوءًا. وله في قلبي أكبر منه في قلبك فيما أرى. ولكنْ، لا أعلم أني رأيت رجلا مثل الحَسَن بن صالح. قال بكّار: فذكرت هذا لهلال الرائي فقال: أنا والله أجبت أبا يوسف عن مسألة الخاتم. محمد بن شجاع: سمعت الحَسَن بن أبي مالك: سمعتُ أبا يوسف يقول: القرآن كلام الله، مَن قال كيف؟ ولِمَ؟ تعاطى مِرَاءً ومجادلةً استوجبت الحبّس وَالضَّرْبَ المُبْرح. ولا يفلح من استحلى شيئًا من الكلام. ولا يُصَليّ خَلَف من قال: القرآن مخلوق. أبو حازم القاضي: نا الحَسَن بن موسى قاضي هَمَذان، ثنا بِشْر بن الوليد قال: كان أبو يوسف يقول: إذا ذُكر محمد بن الحسن: أيّ سيف هو، غير أنّ فيه صَدَأ يحتاج إلى جلاء. وإذا ذُكر الحَسَن بن زياد اللؤلؤيّ يقول: هو عندي الصَّيْدلانيّ إذا سأله رجلٌ أن يعطيه ما يُسْهِله أعطاه ما يمسكه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 279 وإذا ذكر بِشْرًا يقول: هو كإبرة الرَّفَّاء، طرفها دقيق، ومدخلها لطيف، وهي سريعة الانكسار. وإذا ذكر الحَسَن بن أبي مالك قال: هو كجمل حمل حملا في يوم مَطِير، فتذهب يدُه مَرّةً هكذا، ومرة هكذا، ثمّ يسلم. أبو سُليمان الْجَوْزجانيّ: سمعتُ أبا يوسف يقول: مَن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب العلم بالكلام تَزَنْدق. محمد بن سَعْدان: سمعتُ أبا سُليمان الْجَوْزجانيّ: سمعتُ أبا يوسف يقول: دخلتُ على الرشيد وفي يده دُرَّتان يقلِّبهما، فقال: هل رأيت أحسن منهما؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين! قال: وما هو؟ قلت: الوعاء الذي هما فيه. فرمى بهما إلي وقال: شأنك بهما. قال المؤلّف: قد أفردتُ سيرة القاضي أبي يوسف -رحمه الله- في جُزء. قال بِشْر بن الوليد: مات أبو يوسف يوم الخميس لخمس خلون من ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقال غيره: في ربيع الآخر. وعاش سبعين سنة إلا سنة. وقد قال عبّاد بن العوّام يوم جنازته: ينبغي لأهل الإسلام أن يُعزّي بعضهم بعضًا بأبي يوسف رحمه الله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 280 الفهرس العام للكتاب : الموضوع. رقم الصفحة "الطبقة التاسعة عشرة". "سنة إحدى وثمانين ومائة". 3 الوفيات في هذه السنة. 3 فتح حصن الصفصاف. 3 مَسِيرُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ إِلَى أَنْقَرَةَ. 3 الحج هذا الموسم. 3 استعفاء يحيى بن خالد بن برمك. 4 تولية العكي على المغرب. "سنة اثنتين وثمانين ومائة". 4 المتوفون في هذه السنة. 4 الرشيد يأخذ البيعة لابنه المأمون. 4 تملك ريني على الروم. 5 الحج هذا الموسم. "سنة ثلاث وثمانين ومائة". 5 المتوفون في هذه السنة. 5 خروج الخزر وإيقاعهم بالمسلمين. 6 الحج هذا الموسم. 6 تمرد العكي بالمغرب. "سنة أربع وثمانين ومائة". 6 المتوفون في هذه السنة. 6 خروج الشاري بشهرزور. 7 ولاية البربري والمهلبي وابن الأغلب والرازي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 281 7 أمان ابن عيسى لأبي الخصيب. 7 غارة الشيباني إلى الروم. 7 مسير ابن بيهس للفداء. "سنة خمس وثمانين ومائة". 7 المتوفون في هذه السنة. 7 وثوب أهل طبرستان على متوليهم. 8 وثوب ابن عيسى على الشاري. 8 خروج أبي الخطيب واستفحال أمره. 8 ظهور ابن عيسى وطول اختفائه. "سنة ست وثمانين ومائة". 8 المتوفون في هذه السنة. 8 مقتل أبي الخصيب. 9 سجن ثمامة بن أشرس. 9 بيعة الرشيد لولده المؤتمن. "سنة سبع وثمانين ومائة". 9 المتوفون في هذه السنة. 10 مقتل جعفر البرمكي. 12 مقتل أنس بن أبي شيخ. 12 حكاية ابن الصابئ عن جعفر البرمكي. 14 ترجمة جعفر عند ابن خلكان. 16 هياج القيسية واليمانية بالشام. 16 القاسم يغزو الصائفة. 17 الرشيد يعتقل عبد الملك بن صالح. 17 نِقْفُورُ يَتَمَلَّكُ عَلَى الرُّومِ وَيَنْقُضُ صُلْحَ الْمُسْلِمِينَ. 17 كتاب نقفور إلى الرشيد والرد عليه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 282 18 مسير الرشيد إلى هرقلة. 18 الرشيد يأمر بقتل ابن نهيك. 18 وقعة المضرية واليمانية بدمشق. "سنة ثمان وثمانين ومائة". 19 التوفون في هذه السنة. 19 غزوة درب الصفصاف. "سنة تسع وثمانين ومائة". 19 المتوفون في هذه السنة. 19 مسير الرشيد إلى الري. 20 فداء أسرى المسلمين. "سنة تسعين ومائة". 20 المتوفون في هذه السنة. 20 رافع بن الليث يخلع الطاعة. 20 إسلام الفضل بن سهل. 21 فتح الرشيد هرقلة. 21 فتح حصن الصقالبة. 21 غزوة حميد بن معيوف إلى قبرس. 21 اتخاذ الرشيد قلنسوة. 21 بعث نقفور بالخراج إلى الرشيد. 22 كتاب نقفور إلى الرشيد. 22 انتقاض أهل قبرس. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 283 "تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ" "حَرْفُ الأَلِفِ" 22 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ إسحاق الواسطي السواق. 22 2- إبراهيم بن أعين الشيباني. 23 3- إبراهيم بن أبي بكر بن المنكدر. 23 4- إبراهيم بن جعفر بن محمد الأنصاري. 24 5- إبراهيم بن أبي حية المكي. 26 6- إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري. 26 7- إبراهيم بن عطية الثقفي. 30 8- أبو إسحاق الفزاري"إبراهيم بن محمد". 31 9- إبراهيم بن ماهان بن بهمن الموصلي. 32 10- إبراهيم بن محمد بن ثابت العبدري. 32 11- إبراهيم بن محمد بن مالك الهمداني. 32 12- إبراهيم بن المختار الرازي"حبوي". 32 13- إبراهيم بن مهاجر بن مسمار المدني. 33 14- إبراهيم بن يحيى الفقيه المدني. 35 15- إسحاق بن عبد الرحمن بن المغيرة الزهري. 35 16- أسد بن عمرو البجلي الكوفي. 36 17- إسماعيل بن صالح بن علي الهاشمي. 36 18- إسماعيل بن عبد الله بن سماعة. 37 19- إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين. 37 20- إسماعيل بن عياش بن سليم الحمصي. 41 21- إسماعيل بن مجالد بن سعيد. 42 22- إسماعيل بن يعلى"أبو أمية". 42 23- أغلب بن تميم المسعودي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 284 42 24- أيوب بن جابر اليمامي الحنفي. 42 25- أيوب بن مدرك بن العلاء. 43 26- أيوب بن النجار بن زياد الحنفي. "حرف الباء". 43 27- بختيشوع بن جرجس النصراني. 44 28- بزيع بن عبد الله اللحام. 45 29- بشر بن عمارة الخثعمي المؤدب. 45 30- بشر بن المفضل بن لاحق الحافظ. 45 31- بشير بن ميمون الواسطي. 46 32- بكار بن سُقير المازني. 46 33- بكار بن محمد بن الجارست. 46 34- بكر بن بشر السلمي الترمذي. 46 35- البهلول بن راشد المغربي القيرواني. 47 36- بهلول بن عبيد الكندي. 48 37- البهلول المجنون. 49 38- بهلول بن مؤرق. "حرف الثَّاءِ". 49 39- ثَابِتُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الله بن جُميع. "حرف الْجِيمِ". 49 40- جَابِرُ بْنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيُّ. 50 41- جابر بن نوح الحماني. 50 42- جرير بن عبد الحميد الحافظ. 53 43- جعفر البرمكي. 57 44- جرول بن حنفل النميري. 58 45- جُميع بن عمر العجلي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 285 58 46- جنادة بن سلم بن خالد السوائي. 58 47- جنيد بن عبد الله الحجام. "حرف الحاء". 59 48- حاتم بن إسماعيل المدني. 59 49- حاتم بن وردان السعدي. 60 50- الحارث بن عبيدة المصري. 60 51- الحارث بن موسى الطائي. 60 52- الحارث بن وجيه الراسبي. 60 53- حبيب بن خالد الأسدي الكاهلي. 61 54- حبيب بن حبيب الكوفي. 61 55- حجر بن الحارث الغساني. 61 56- حجوة بن مدرك الغساني. 62 57- حرب بن ميمون صاحب الأغمية. 62 58- حزام بن هشام بن حُبيش الخزاعي. 63 59- حسان بن إبراهيم الكرماني. 64 60- حسان بن سياه البصري الأزرق. 64 61- الحسن بن ثابت التغلبي الأحول. 64 62- الحسن بن قحطبة بن شبيب الطائي. 65 63- الحسن بن يزيد الأصم. 65 64- الحسن بن الحكم بن طهمان الحنفي. 65 65- الحسن بن علي بن الحسن المديني البراد. 66 66- الحسين بن الحسن بن يسار البصري. 66 67- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. 66 68- الحسين بن عيسى الكوفي. 67 69- حصين بن جعفر الفزاري الدمشقي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 286 67 70- حصين بن عمر الأحمسي الكوفي. 67 71- حصين بن نمير الواسطي الضرير. 68 72- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ أَبِي السائب. 68 73- حفص بن عمر بن أبي العطاف. 68 74- حفص بن عمر بن راشد المجاشعي. 69 75- حفص بن عمر قاضي حلب. 69 76- حفص بن ميسرة العقيلي الصنعاني. 69 77- حفص بن النضر السلمي. 70 78- حكام بن سلم الكناني الرازي. 70 79- الحكم بن سنان الباهلي البصري القربي. 70 80- الحكم بن هشام الثقفي الكوفي. 71 81- الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي. 71 82- حكيم بن خذام الأزدي البصري. 71 83- حماد بن شعيب الحماني. 71 84- حماد بن عبد الرحمن الكلبي الظاميء. 72 85- حماد بن عمرو بن سلمة النصيبي. 72 86- حماد بن سعيد الخزاعي. 72 87- حميد بن الأسود الكرابيسي. 73 88- حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤآسي. 73 89- حنظلة بن عمرو بن حنظلة الزرقي. 73 90- حيان بن عبد الله الدارمي. "حرف الخاء". 74 91- خالد بنالحارث بن عبيد الهجيمي. 74 92- خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ الأُمويّ. 75 93- خالد بن عبد الله الطحان المزني. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 287 76 94- خالد بن مهران الكوفي. 76 95- خالد بن نافع الأشعري الكوفي. 76 96- خالد بن يزيد بن عبد الرحمن الهمداني. 77 97- خالد بن يزيد الهدادي البصري. 77 98- خطاب بن القاسم قاضي حران. 77 99- خلف بن خليفة بن صاعد. 79 100- الخليل بن موسى الباهلي. 79 101- خنيس بن عامر بن يحيى المعافري. "حرف الدَّالِ". 79 102- دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ. 80 103- داود بن عبد الجبار الكوفي المؤذن. 80 104- داود بن عطاء المزني. 81 105- درست بن زياد البصري القزاز. "حرف الراء". 81 106- رباح بن زيد الصنعاني. 82 107- الربيع بن زياد الضبي. 82 108- الربيع بن سهل بن الركين الفزاري. 82 109- رِشْدِينُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُفْلِحِ بْنِ هِلالٍ. 83 110- رفاعة بن إياس بن نذير الضبي. 83 111- رفدة بن قُضاعة الغساني. 83 112- روح بن المسيب الكلبي. "حرف الزاي". 84 113- زافر بن سليمان الإيادي. 84 114- الزبير بن خُبيب بن ثابت. 84 115- زكريا بن عبد الله بن يزيد النخعي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 288 85 116- زكريا بن منظور بن ثعلبة. 85 117- زكريا بن يحيى بن عمارة الذراع. 85 118- زياد بن راشد المديني. 86 119- زياد بن الربيع اليحمدي. 86 120- زياد بن سيار الكناني. 86 121- زياد البكائي. 88 122- زياد أبو السكن الباهلي. 123- زياد أبو سفيان الزهري. 88 88 124- زياد بن المغيرة بن زياد العجلي. 89 125- زياد أبو عبد الله بن حميد الأنصاري. 89 126- زين بن شعيب المعافري المصري. "حرف السِّينِ". 89 127- سَابِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَوْصِلِيُّ. 90 128- سالم الدورقي. 90 129- سحبل"عبد الله بن محمد". 90 130- سعدان بن يحيى بن صالح اللخمي. 91 131- سعيد بن خُثيم الهلالي الكوفي. 91 132- سعيد بن عبد الجبار الزبيدي. 91 133- سعيد بن الفضل القرشي. 92 134- سفيان بن حبيب البصري البزاز. 92 135- سفيان بن موسى البصري. 92 136- سلمة بن بشر بن صيفي الدمشقي. 93 137- سلمة بن رجاء التميمي الكوفي. 93 138- سلمة بن صالح الأحمر. 93 139- أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الأَزْدِيُّ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 289 94 140- سليمان بن سالم القرشي. 95 141- سليمان بن عتبة بن ثور الداراني. 95 142- سليمان بن داود بن قيس الفرا. 95 143- سليمان بن عمرو النخعي. 96 144- سليمان بن مسلم الخزاعي. 96 145- سليم بن عامر الحنفي. 96 146- سنان بن هارون البرجمي. 97 147- سهل بن أسهل العدوي البصري. 97 148- سيبويه. 97 149- سيف بن محمد الثوري الكوفي. 98 150- سيف بن هارون البرجمي. "حرف الشين". 98 151- شبيب بن سعيد الحبطي. 98 152- شجاع بن أبي نصر البلخي. 99 153- شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن. 99 154- شعيب بن حازم. 99 155- شقران بن علي. "حرف الصاد". 100 156- صالح بن عمر الواسطي. 100 157- صالح بن قدامة بن إبراهيم المدني. 100 158- صالح بن موسى بن إسحاق الطلحي. 101 159- الصباح بن محارب التيمي الكوفي. 102 160- صدقة بن بشير المدني. 102 161- صدقة بن عبيد الله المازني. 102 162- الصلت بن عبد الرحمن الزبيدي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 290 "حرف الضَّادِ". 102 163- ضِرَارُ بْنُ عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ الْمُعْتَزِلِيُّ. 103 164- ضمام بن إسماعيل. 103 165- ضيغم بن مالك. "حرف الطاء". 104 166- طلحة بن زيد. 104 167- طلحة بن يحيى. 104 168- طلحة بن سنان بن الحارث اليامي. "حرف الْعَيْنِ". 105 169- عَاصِمُ بْنُ سُوَيْدٍ الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ. 105 170- عاصم بن هلال البارقي العنبري. 105 171- عائذ بن حبيب الكوفي. 106 172- عائشة بنت الزبير بن حبيب بن المهلب. 106 173- عَبَّادُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ. 107 174- عباد بن عباد الرملي الأرسوفي. 107 175- عباد بن العوام بن عمر الكلابي. 108 176- عباد بن قيس القيسي البصري الكرابيسي. 108 177- العباس بن الفضل بن عمرو بن عبيد. 109 178- الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأمير. 110 179- عبد الله بن أبي جعفر الرازي. 110 180- عبد الله بن الحارث الجمحي الحاطبي. 110 181- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِك المخزومي. 111 182- عبد الله بن حفص الأرطباني البصري. 111 183- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنُ مَعْبَدٍ الْبَاهِلِيُّ. 111 184- عبد الله بن سعد الدشتكي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 291 111 185- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مروان. 112 186- عبد الله بن سنان الكوفي. 112 187- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ حَيَّانَ الْحَمْرَاوِيُّ. 112 188- عَبْدُ اللَّهِ بْن صالح بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْد الله الأمير. 113 189- عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ بن جابر الأزدي. 113 190- عبد الله بن العُمري الزاهد. 118 191- عبد الله بن عبد القُدّوس التّميميّ السَّعديّ. 118 192- عبد الله بن عمر بن غانم الرُّعَيْنيّ. 119 193- عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظليّ. 137 194- عبد الله بن محمد أبو علقمة الفَرَويّ. 138 195- عبد الله بن مراد السلماني المرادي. 138 196- عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْن ثابت بْن عبد الله. 139 197- عبد الله بن معاوية الزبيري. 140 198- عبد الله بن المنيب الأنصاري الحارثي. 140 199- عبد الله بن موسى بن إبراهيم التيمي الطلحي. 140 200- عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي. 141 201- عبد الجبار بن سليمان اليحصبي المصري. 141 202- عبد الحميد بن عدي الجهني الدمشقي. 141 203- عبد الحميد بن أبي العشرين الدمشقي. 142 204- عبد الرحمن بن بشير الدمشقي الشيباني. 142 205- عبد الرحمن بن الحارث السلامي. 143 206- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ. 143 207- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ. 144 208- عبد الرحمن بن عبد الملك بن سعيد بن حبان. 144 209- عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم الحاطبي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 292 144 210- عبد الرحمن بن مالك بن مغول البجلي. 145 211- عبد الرحمن بن القطامي. 145 212- عبد الرحمن بن أبي الرجال. 146 213- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه العرزمي. 146 214- عبد الرحمن بن مسهر. 147 215- عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي. 147 216- عبد الرحيم بن زيد بن الحواريّ العِمّي. 147 217- عبد الرحيم بن سليمان الرازي. 148 218- عبد الرزاق بن عمر الدمشقي. 148 219- عَبْد السلام بْن حرب الملائي. 149 220- عَبْد السلام بن مَكْلَبَة. 150 221- عبد الصّمد بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ. 152 222- عبد الصمد بن معقل بن منبه اليماني. 152 223- عبد العزيز بن أبي حازم. 153 224- عبد العزيز بن خالد الترمذي. 153 225- عبد العزيز بن عبد الصمد العمي. 154 226- عبد العزيز الدراوردي بن محمد الجهني. 155 227- عبد العزيز بن يعقوب بن أبي سَلَمة. 156 228- عبد القاهر بن السري. 156 229- عبد الغني بن سمرة الرعيني. 156 230- عبد القدوس بن بكر بن خُنيس. 156 231- عبد الكريم بن يعفور الجعفي. 157 232- عبد المؤمن بن عبد الله بن خالد العبسي. 157 233- عُبَيْد الله بن شُميط بن عَجْلان البصْريّ. 157 234- عُبَيْد الله بن عُبَيْد الرحمن الأشجعيّ الكوفيّ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 293 158 235- عبيد الله بن عمرو. 158 236- عبيد الله بن مالك الفهري. 158 237- عبد ربه بن بارق الحنفي اليمامي الكوسج. 158 238- عبد ربه بن صالح القرشي الدمشقي. 158 239- عبد ربه بن ميمون الأشعري. 159 240- عبدة بن سليمان الكلابي. 159 241- عبيدة بن الأسود الهمداني الكوفي. 159 242- عبيدة بن حميد بن صُهيب. 161 243- عتاب بن أعين الكوفي. 161 244- عتاب بن بشير الأموي الحراني. 162 245- عتاب بن محمد بن شوذب البلخي. 162 246- عثمان بن حصن بن علاق القرشي. 162 247- عثمان بن زائدة المقرئ. 163 248- عثمان بن عبد الرحمن الجمحي. 163 249- عثمان بن عثمان الغطفاني. 163 250- عثمان بن كنانة المدني. 164 251- عدي بن أبي عمارة الذراع. 164 252- عُرابي بن معاوية الحضرمي. 164 253- عطاء بن مسلم الخفاف. 165 254- عطوان بن مشكان التميمي الخياط. 165 255- عفان بن سيار الباهلي الجرجاني. 165 256- عفيف بن سالم البجلي. 166 257- عقبة بن إسحاق السلولي الكوفي. 166 258- عقبة بن خالد السكوني. 166 259- عكرمة بن سليمان شيخ القراء. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 294 167 260- علي بن ثابت الجزري. 167 261- علي بن حمزة بن عبد الله الكسائي. 170 262- علي بن زياد التنوسي الفقيه. 171 263- علي بن عبيد الله بن عمر العلوي الطبيب. 171 264- علي بن غراب الفزاري الكوفي. 172 265- علي بن مجاهد الكندي الكابلي الرازي. 172 266- علي بن مسهر القرشي قاضي الموصل. 173 267- علي بن نصر بن علي بن صُهْبان. 173 268- علي بن هاشم بن البريد. 174 269- عمار بن محمد أبو اليقظان الثوري. 174 270- عمر بن أيوب العبدي الموصلي. 175 271- عَمْر بن أبي خليفة حَجّاج بن عتّاب. 175 272- عمر بن الدرفس الغساني الدمشقي. 176 273- عمر بن عبد الرحمن الآبار. 176 274- عمر بن عبيد الطنافسي الكوفي. 176 275- عمر بن عبيد الخزار السابري. 176 276- عمر بن علي بن عطاء بن مقدَّم. 177 277- عمرو بن جميع قاضي حلوان. 177 278- عمرو بن صالح بن المختار الزهري. 178 279- عمرو بن قاسم بن حبيب التمار. 178 280- عمرو بن قيس بن بشير الكوفي. 178 281- عمرو بن النعمان بن جبلة الباهلي. 179 282- عِمران بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى. 179 283- عنبسة بن عبد الواحد بن أمية الأعور. 179 284- عويد بن أبي عمران الجوني. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 295 179 285- عيسى بن حنيفة الكندي. 180 286- عيسى بن سوادة بن الجعر النخعي. 180 287- عيسى بن موسى البخاري غنجار. 181 288- عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. "حرف الغين". 183 289- غسان بن مُضَر الأزْديّ النَّمِريّ المكفوف. "حرف الفاء". 183 290- الفرج بن سعيد أبو رَوْح المأربي. 183 291- فضالة بن حصين الضبي. 184 292- الفضل بن عثمان المرادي الصيرفي. 184 293- فضيل بن سليمان النميري. 184 294- فضيل بن عياض بن مسعود. 193 295- فضيل بن عياض الصدفي المصري. "حرف القاف". 194 296- قدامة بن شهاب المازنيّ البصْريّ. 194 297- قران بن تمام الأسدي الكوفي. "حرف الكاف". 194 298- الليث بن عاصم بن العلاء الخولاني. "حرف اللام". 195 299- الليث بن عاصم بن العلاء الخولاني. 195 300- الليث بن نصر بن سيار الكناني. "حرف الميم". 195 301- الماضي بن محمد الغافقي المصري. 195 302- مبارك بن سحيم. 196 303- مبشر بن عبد الله بن رزين. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 296 196 304- محبوب بن محرز التميمي القواريري. 196 305- محمد بن إبراهيم بن دينار المدني. 197 306- محمد بن الإمام إبراهيم بن محمد بن علي الأمير. 197 307- محمد بن القاضي أبي شيبة إبراهيم العبسي. 198 308- محمد بن إبراهيم بن المطّلب بن السّايب. 198 309- محمد بن إسحاق بن محصن. 198 310- محمد بن أنس الكوفي. 198 311- محمد بن الحجاج بن يوسف الدمشقي. 198 312- محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني. 201 313- محمد بن الحجاج اللخمي الواسطي. 21 314- محمد بن حُمران القيسي. 202 315- محمد بن زائدة التميمي. 202 316- محمد بن سليمان بن الأصبهاني الكوفي. 202 317- محمد بن سعدان بن عبد الله بن حيان. 203 318- محمد بن سليمان بن مسمول. 203 319- محمد بن سليم القرشي البلخي المكي. 203 320- محمد بن سهل الأسدي الكوفي المقعد. 203 321- محمد بن سواء بن عنبر السدوسي. 204 322- ابن السماك محمد بن صبيح العجلي. 206 323- محمد بن عبد الرحمن بن رداد المدنيّ. 206 324- محمد بن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي. 207 325- محمد بن عبد الرحمن السهمي الباهلي. 207 326- محمد بن عبد الرحمن القشيري المقدسي. 207 327- محمد بن عبد الرحمن الطفاوي. 208 328- محمد بن عبد الملك الأنصاري. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 297 208 329- محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي. 209 330- محمد بن عمر الطائي المحري الحمصي. 209 331- محمد بن عمر بن صالح الكَلاعيّ الحمصيّ الحموي. 209 332- محمد بن الفرات الكوفي. 210 333- محمد بن الفضل بن عطية العبسي. 211 334- محمد بن كثير القرشي الكوفي. 211 335- محمد بن كثير البصري القصاب. 211 336- محمد بن مجيب الثقفي الصائغ. 212 337- محمد بن محصن العكاشي. 212 338- محمد بن مروان السدي الصغير. 212 339- محمد بن مسروق بن معدان الكندي. 213 340- محمد بن المعلى اليامي الكوفي. 213 341- محمد بن يزيد الواسطي الزاهد. 214 342- محمد بن يوسف بن معدان. 215 343- مخلد بن خداش الكوفي. 216 344- مخيس بن تميم الأشجعي. 216 345- مدرك بن أبي سعد الفزاري. 216 346- مرحوم بن عبد العزيز البصري العطار. 217 347- مروان بن أبي حفصة سليمان الأموي. 219 348- مروان بن سالم الشامي الجزري. 219 349- مروان بن شجاع الجزري الحراني. 219 350- مروان أبو عبد الملك الرمادي. 220 351- مسلمة بن علقمة المارني. 220 352- مسلمة بن علي بن خلف الخشني. 221 353- المسيب بن شريك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 298 221 354- مصعب بن الزبير العذري. 221 355- مصعب بن سلام التميمي الكوفي. 222 356- مصعب بن ماهان المروزي. 222 357- مطر بن العلاء الفزاري الدمشقي. 223 358- المطلب بن زياد الكوفي. 223 359- معاذ بن مسلم النحوي الكوفي. 224 360- المعافي بن عمران بن نفيل الموصلي. 227 361- معتمر بن سليمان بن طرخان. 228 362- معدى بن سليمان البصري. 228 363- معلى بن راشد البصري القواس النبال. 229 364- المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث. 229 365- المغيرة بن أبي المغيرة الربعي الرملي. 229 366- المغيرة بن موسى البصري. 230 367- المفضل بن عبد الله الكوفي. 230 368- المفضل بن فضالة القتباني المصري. 231 369- ملازم بن عمرو الحنفي اليمامي. 232 370- المنهال بن بحر القشيري العقيلي. 232 371- مهران بن أبي عمر الرازي العطار. 232 372- موسى الكاظم بن جعفر بن محمد. 234 373- موسى بن شيبة بن عمرو السلمي. 234 374- موسى بن ربيعة الجمحي المصري. 235 375- موسى بن عيسى البستي الكوفي. 236 376- موسى بن منصور بن هشام اللخمي. 236 377- مؤمل بن أميل المحاربي الكوفي. 236 378- المؤمل بن أبي حفصة الشاعر. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 299 236 379- ميمون بن يحيى بن مسلم بن الأشجّ. 237 380- ميمون بن زيد البصري السقاء. "حرف النون". 237 381- نُصَيْر بن زياد الطّائيّ الكوفيّ. 237 382- النضر بن إسماعيل البجلي القاص. 238 383- النضر بن محمد المروزي. 238 384- النضر بن منصور الكوفي. 238 385- النعمان بن عبد السلام التيمي. 239 386- نعيم بن المورع بن توبة العنبري. 239 387- نوح بن دراج النخعي. 240 388- نوح بن قيس الحداني الطاحي. 240 389- نوح بن أبي مريم الجامع. "حرف الهاء". 240 390- هارون بن مسلم بن هُرْمُز. 241 391- هارون بن المغيرة البجلي الرازي. 241 392- هزال بن سعيد السبأي. 241 393- هشام بن لاحق المدائني. 241 394- هشيم بن بشير بن أبي خازم. 245 395- هشيم بن أبي ساسان الكوفي. 245 396- الهيثم بن حميد الغساني. "حرف الواو". 246 397- وكيع بن محرز الناجي السامي. 246 398- الوليد بن بكير التميمي الطهوي. 246 399- الوليد بن محمد الموقري البلقاوي. 248 400- وهب بن إسماعيل الأسدي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 300 248 401- وهب بن راشد الرقي. 248 402- وهب بن واضح بن الإخريط المكي. "حرف الياء". 249 403- يحيى بن بُريد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ. 249 404- يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي. 250 405- يحيى البرمكي. 251 406- يحيى بن أبي زائدة الوادعي. 252 407- يحيى بن راشد المازني البصري البراء. 253 408- يحيى بن أبي زكريا الغساني الواسطي. 253 409- يحيى بن سابق المدني. 253 410- يحيى بن عبد الله بن حسن الهاشمي. 254 411- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْد اللَّه. 254 412- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ الخزاعي. 254 413- يحيى بن عبيد الله الجرشي. 255 414- يحيى بن عقبة بن أبي العيزار. 255 415- يحيى بن مضر القيسي القرطبي. 255 416- يحيى بن ميمون التمار. 256 417- يحيى بن يعلى الأسلمي القطواني. 256 418- يحيى بن اليمان العجلي الكوفي. 257 419- يزيد بن زريع. 258 420- يزيد بن عبد الله القرشي البيسري. 259 421- يزيد بن مزيد بن زايدة. 261 422- يزيد بن يحيى القرشي الدمشقي. 262 423- اليسع بن طلحة بن أبزوذ المكي. 262 424- يعقوب بن داود الوزير. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 301 262 425- يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القارئ الزهري. 263 426- يعقوب بن الوليد الأزدي المدني. 263 427- يعلى بن الأشدق العقيلي. 264 428- يعلى بن شبيب المكي. 264 429- يغنم بن سالم بن قنبر البصري. 265 430- يوسف بن خالد بن عمير السمتي. 265 431- يوسف بن عطية بن ثابت الصفار. 266 432- يوسف بن عطية الباهلي الوراق. 266 433- يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي الرومي. 266 434- يوسف بن يعقوب بن أبي سَلَمة الماجشون. 267 435- يونس بن حبيب النحوي. "الكنى". 267 436- أبو إسحاق الفزاري. 268 437- أبو إسماعيل المؤدب. 268 438- أبو أمية بن يعلى الثقفي. 269 439- أبو بحر البكراوي. 269 440- أبو حفص الآبار. 270 441- أبو خالد الأحمر"سليمان بن حيان". 270 442- أبو داود النخعي. 271 443- أبو رويم"طلاب بن حوشب". 271 444- أبو سفيان المعمري. 271 445- أبو سليمان الداراني الكبير. 272 446- أبو عاصم العباداني. 272 447- أبو عبد الرحمن الزاهد. 273 448- أبو عبد الرحمن الفراء. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 302 273 449- أبو عبيدة الحداد. 274 450- أبو عبيدة العصفري. 274 451- أبو علقمة الفروي. 274 452- أبو المليح الرقي. 275 453- أبو الهول الحميري. 275 454- أبو الهيذام المري. 276 455- القاضي أبو يوسف. 281 فهرس الموضوعات. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 303 المجلد الثالث عشر الطبقة العشرون أحداث سنة إحدى وتسعين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة العشرون: أحداث سنة إحدى وتسعين ومائة: من توفي في هذه السنة: خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ الْخَرَّازُ، سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ الأَبْرَشُ، بِالرَّيِّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ، عِيسَى بْنُ يُونُسَ، فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ، وَابْنِ سَعْدٍ، الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ الْفَقِيهُ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُهَلَّبِيُّ، بِالْمِصِّيصَةِ، مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، قَاضِي صَنْعَاءَ، مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَعِيُّ الرَّقِّيُّ. وَتُوُفِّيَ فِيهَا جَمَاعَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ، وَسَيُذْكَرُونَ. خُرُوجُ ثَرْوَانَ بْنِ سَيْفٍ بَحَوْلايَا: وَفِيهَا خَرَجَ ثَرْوَانُ بْنُ سَيْفٍ بَحَوْلايَا، فَسَارَ إِلَيْهِ طَوْقُ بْنُ مَالِكٍ؛ فَهَزَمَهُ طَوْقٌ وَقَتَلَ أَصْحَابَهُ، وَهَرَبَ مَجْرُوحًا. خُرُوجُ أَبِي النِّدَاءِ بِالشَّامِ: وَفِيهَا خَرَجَ أَبُو النِّدَاءِ بِالشَّامِ، فَتَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ. استغلاظ أمر رافع بن الليث عِيسَى مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ: وَفِيهَا غَلُظَ أَمْرُ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ بِسَمَرْقَنْدَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ نَسَفَ بِالطَّاعَةِ، وَأَنْ يُوَجِّهَ إِلَيْهِمْ مَنْ يُعِينُهُمْ عَلَى قِتَالِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ. فَوَجَّهَ صَاحِبَ الشَّاشِ فِي أَتْرَاكِهِ وَقَائِدًا مِنْ قُوَّادِهِ، فَأَحْدَقُوا بِعِيسَى وَلَدِ عَلِيٍّ وَقَتَلُوهُ فِي ذِي الْقِعْدَةِ. وِلايَةُ حَمُّوَيْهِ بَرِيدَ خُرَاسَانَ: وَفِيهَا وَلَّى الرَّشِيدُ حَمُّوَيْهِ الْخَادِمَ بَرِيدَ خُرَاسَانَ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 3 غَزْوَةُ يَزِيدَ بْنِ مَخْلَدٍ الرُّومَ: وَفِيهَا غَزَا بْنُ مَخْلَدٍ الرُّومَ فِي عَشَرَةِ آلافٍ، فَأَخَذَتِ الرُّومُ عَلَيْهِ الْمَضِيقَ، فَقُتِلَ بِقُرْبِ طَرَسُوسَ، وَقُتِلَ مَعَهُ سَبْعُونَ رَجُلا. تَوْلِيَةُ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ الصَّائِفَةَ: فَوَلَّى الرَّشِيدُ غَزْوَ الصَّائِفَةِ هَرْثَمَةَ بْنَ أَعْيَنَ، وَضَمَّ إِلَيْهِ ثَلاثِينَ أَلْفًا مِنْ جُنْدِ خُرَاسَانَ وَمَعَهُ مَسْرُورٌ الْخَادِمُ إِلَيْهِ النَّفَقَاتُ وَجَمِيعُ الأَمْرِ خَلا الرِّئَاسَةِ. مُضِيُّ الرَّشِيدِ إِلَى دَرْبِ الْحَدَثِ: وَمَضَى الرَّشِيدُ إِلَى دَرْبِ الْحَدَثِ فَرَتَّبَ الأُمُورَ، ثُمَّ انْصَرَفَ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي رَمَضَانَ، فَنَزَلَ الرَّقَّةَ، وَأَمَرَ بِهَدْمِ الْكَنَائِسِ فِي الثُّغُورِ. عَزْلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَعَزَلَ عَلِيَّ بن عيسى بن مَاهَانَ عَنْ خُرَاسَانَ بَهَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا سَبَبَ هَلاكِ وَلَدِهِ عِيسَى، فَلَمَّا قُتِلَ وَلَدُهُ خَرَجَ عَنْ بَلْخَ فَأَتَى مَرْوَ خَوْفًا مِنْ رَافِعٍ أَنْ يَأْتِيَ مَرْوَ فَيَمْلِكُهَا. وَكَانَ ابْنُهُ دَفَنَ فِي بُسْتَانِ دَارِهِ أَمْوَالا، نَحْوَ ثَلاثِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَلَمْ يَدْرِ بِهَا عَلِيٌّ. فَأَعْلَمَتْ جَارِيَةٌ لِعِيسَى بَعْضَ الْخَدَمِ، وَتَحَدَّثَ بِهِ النَّاسُ، فَاجْتَمَعَ أَعْيَانُ الْبَلَدِ وَانْتَهَبُوا الْمَالَ هُمْ وَالعَامَّةُ. فَعَلِمَ الرَّشِيدُ فَغَضِبَ، وَعَزَلَهُ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُ، فَبَلَغَتْ ثَمَانِينَ أَلْفَ أَلْفٍ. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى قَدْ عَتَا1 وَتَجَبَّرَ عَلَى الْقُوَّادِ، وَكَانَتْ كُتُبٌ قَدْ وَرَدَتْ عَلَى الرَّشِيدِ أَنَّ رَافِقًا لَمْ يَخْلَعْ، وَلا نَزَعَ السَّوَادَ، وَلا مَنْ شَايَعَهُ، وَأَنَّ غَايَتَهُمْ عَزْلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الَّذِي قَدْ سَامَهُمُ2 الْمَكْرُوهَ. حَجُّ هَذَا الْعَامِ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ مَكَّةَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. امْتِنَاعُ الصَّائِفَةِ: وَلَمْ يكن للمسلمين بعد هذا السَّنَةِ صَائِفَةٌ إِلَى سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ3.   1 عتا: تكبر. 2 سامهم: أذاقهم. 3 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 350"، وتاريخ الطبري "8/ 341"، والكامل "6/ 119-122"، والبداية "10/ 212-213". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 4 أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: صَعْصَعَةُ بْنُ سَلامٍ خَطِيبُ قُرْطُبَةَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمِصْرِيُّ، عَرْعَرَةُ بْنُ الْبَرْنَدِ الشَّامِيُّ الْبَصْرِيُّ، عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ الْعَبْسِيُّ الْكُوفِيُّ، الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ، تُوُفِّيَ مَسْجُونًا، يَحْيَى بْنُ كريب الرعيني المصري، يوسف ابن الْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ. شُخُوصُ هَرْثَمَةَ إِلَى خُرَاسَانَ: وَفِيهَا شَخَصَ هَرْثَمَةُ إِلَى خُرَاسَانَ، وَوَجَّهَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ عِيسَى فِي الظَّاهِرِ أَمْوَالا وَخُلَعًا وَسِلاحًا. فَلَمَّا نَزَلَ نَيْسَابُورَ جَمَعَ وُجُوهَ أَصْحَابِهِ فَخَلا بِكُلٍّ مِنْهُمْ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ يَكْتُمَ أَمْرَهُ، وَوَلَّى كُلَّ رَجُلٍ بَلَدًا وَدَفَعَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ وَجَهَّزَهُ سِرًّا إِلَى بَلَدِهِ. فَعَلَ هَذَا خَوْفًا مِنْ ثَوْرَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى. ثُمَّ سَارَ، فَلَمَّا كَانَ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ مَرْوَ دَعَا ثِقَاتِ أَصْحَابِهِ وَكَتَبَ أَسْمَاءَ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَدَفَع إِلَى كُلِّ رَجُلٍ رُقْعَةً بِاسْمِ مَنْ وَكَّلَهُ بِحِفْظِهِ إِذَا دَخَلَ مَرْوَ. ثُمَّ وَجَّهَ إِلَى عَلِيٍّ: إِنْ أَحَبَّ الأَمِيرُ أَنْ يُوَجِّهَ ثِقَاتِهِ لِقَبْضِ مَا مَعِي فَعَلَ، فَإِنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَتِ الأَمْوَالُ أَمَامَ دُخُولِي كَانَ أَقْوَى لِلأَمِيرِ وَأَفَتَّ فِي عَضُدِ أَعْدَائِهِ. فَوَجَّهَ عَلِيٌّ جَمَاعَةً لِقَبْضِ الأموال؛ فقل هَرْثَمَةُ: اشْغِلُوهُمُ اللَّيْلَةَ. فَفَعَلُوا. ثُمَّ سَارَ إِلَى مَرْوَ، فَلَمَّا صَارَ مِنْهَا عَلَى مِيلَيْنِ تَلَقَّاهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى وَوَلَدُهُ وَقُوَّادُهُ؛ فَلَمَّا وَقَعَتْ عَيْنُ هَرْثَمَةَ عَلَيْهِ ثَنَى رِجْلَهُ لِيَنْزِلَ، فَصَاحَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ لَئِنْ نَزَلْتَ لأَنْزِلَنَّ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 5 فثبت ودنا، فاعتنقا، ثم سارا إِلَى قَنْطَرَةٍ لا يَجُوزُهَا إِلا فَارِسٌ. فَحَبَسَ هَرْثَمَةُ لِجَامَ الْفَرَسِ وَقَالَ لِعَلِيٍّ: سِرْ، فَقَالَ: لا وَاللَّهِ. فَقَالَ هَرْثَمَةُ: لا وَاللَّهِ، أَنْتَ أَمِيرُنَا. ثُمَّ نَزَلَ بِمَنْزِلِ عَلِيٍّ، وَأَكَلا مِنَ السِّمَاطِ. ثُمَّ دَفَعَ الْخَادِمُ كِتَابَ الرَّشِيدِ إِلَى عَلِيٍّ، فَلَمَّا رَأَى أَوَّلَ حرف مِنْهُ سُقِطَ مِنْ يَدِهِ. ثُمَّ أَمَرَ هَرْثَمَةُ بِتَقْيِيدِهِ وَتَقْيِيدِ وَلَدِهِ وَعُمَّالِهِ. ثُمَّ صَارَ إِلَى الْجَامِعِ فَخَطَبَ وَبَسَطَ مِنْ آمَالِ النَّاسِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الرَّشِيدَ وَلاهُ ثُغُورَهُمْ بِمَا بَلَغَهُ مِنْ سُوءِ سِيرَةِ الْفَاسِقِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى، وَإِنِّي مُنْصِفُكُمْ مِنْهُ. فَأَظْهَرُوا السُّرُورَ وَضَجُّوا بِالدُّعَاءِ. ثُمَّ انْصَرَفَ وَدَعَا بِعَلِيٍّ وَآلِهِ فَقَالَ: أَعْفُونِي مِنَ الإِقْدَامِ بِالْمَكْرُوهِ عَلَيْكُمْ. وَنُودِيَ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ لِعَلِيٍّ وَدِيعَةٌ فَأَخْفَاهَا. فَأَحْضَرَ النَّاسُ شَيْئًا كَثِيرًا إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَاسْتَصْفَى هَرْثَمَةُ حَتَّى حُلِيِّ النِّسَاءِ وَالثِّيَابِ، وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَامَهُمْ لِمَظَالِمِ النَّاسِ وَشَدَّدَ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ حَمَلَ عَلِيًّا إِلَى الرَّشِيدِ. تَوَجُّهُ الرَّشِيدِ لِحَرْبِ رَافِعٍ: وَفِيهَا تَوَجَّهَ الرَّشِيدُ نَحْوَ خُرَاسَانَ لِحَرْبِ رَافِعٍ. فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الطَّبَرِيُّ أَنَّ أَبَاهُ شَيَّعَ الرَّشِيدَ إِلَى النَّهْرَوَانِ، فَجَعَلَ يُحَادِثُهُ فِي الطَّرِيقِ إِلَى أَنْ قَالَ: يَا صَبَّاحُ، لا أَحْسَبُكَ تَرَانِي بَعْدَهَا. فَقُلْتُ: بَلْ يَرُدُّكَ اللَّهُ سَالِمًا. ثُمَّ قَالَ: وَلا أَحْسَبُكَ تَدْرِي ما أجد. فقلت: لا والله. فقال: تعالى حَتَّى أُرِيَكَ. وَانْحَرَفَ عَنِ الطَّرِيقِ، وَأَوْمَأَ إِلَى الْخَوَاصِّ فَتَنَحَّوْا، ثُمَّ قَالَ: أَمَانَةَ اللَّهِ يَا صَبَّاحُ أَنْ تَكْتُمَ عَلَيَّ. وَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، فَإِذَا عُصَابَةُ حَرِيرٍ حَوْلَ بَطْنِهِ، فَقَالَ: هَذِهِ عِلَّةٌ أَكْتُمُهَا النَّاسَ كُلَّهُمْ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِي عَلَيَّ رَقِيبٌ، فَمَسْرُورٌ رَقِيبُ الْمَأْمُونِ، وَجِبْرِيلُ بْنُ بَخْتَيْشُوعَ رَقِيبُ الأَمِينِ وَنَسِيتُ الثَّالِثَ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ يُحْصِي أَنْفَاسِي وَيَعُدُّ أَيَّامِي وَيَسْتَطِيلُ دَهْرِي. فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكَ فَالسَّاعَةَ أَدْعُو بِبِرْذَوْنَ، فَيَجِيئُونَ بِهِ أعْجَفَ ليزيد في علتي. ثم دعا ببرذون، فجاؤوا بِهِ كَمَا وَصَفَ، فَنَظَرَ إِلَيَّ ثُمَّ رَكِبَهُ وَانْصَرَفَ. تَحَرُّكُ الْخُرَّمِيَّةِ: وَفِيهَا تَحَرُّكُ الْخُرَّمِيَّةِ بِبِلادِ أَذْرَبَيْجَانَ، فَسَارَ لِحَرْبِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ فِي عَشَرَةِ آلافٍ، فَأَسَرَ وَسَبَى. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 6 قَتْلُ أَبِي النِّدَاءِ: وَفِيهَا قَدِمَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ عَلَى الرَّشِيدِ وَمَعَهُ أَبُو النِّدَاءِ، فَقَتَلَهُ. تَحَرُّكُ ثَرْوَانَ الْحَرُورِيِّ 1: وَفِيهَا تَحَرُّكُ ثَرْوَانَ الْحَرُورِيِّ فَقَتَلَ عَامِلَ الطَّفِّ. حَبْسُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَقُدِمَ بِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى بَغْدَادَ، فَحُبِسَ فِي دَارِهِ. وَقَتَلَ فِيهَا الرَّشِيدُ هَيْثَمًا الْيَمَانِيَّ، وَكَانَ قد خرج. والله أعلم2.   1 الحروري: نسبة إلى حرواء بالعراق، وهي منشأ الخوارج. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 305"، تاريخ الطبري "8/ 341"، الكامل "6/ 119-122"، البداية "10/ 212-213"، صحيح التوثيق "6/ 109". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 7 أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ، زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَبَطُونُ، سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ، الْعَبَّاسُ بْنُ الأَحْنَفِ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، الْعَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ الشَّاعِرُ، الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ بْنُ الرَّبِيعِ الْحَاجِبُ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كُلَيْبٍ الْمُرَادِيُّ، بِمِصْرَ، عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَصْرِيُّ، غُنْدَرٌ، مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، مَرْوَانُ بْنُ مَعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ، أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمُقْرِئُ، بِالْكُوفَةِ. مُوَافَاةُ الرَّشِيدِ جُرْجَانَ: وَفِيهَا وَافَى الرَّشِيدُ جُرْجَانَ، فَأَتَتْهُ بِهَا خَزَائِنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ بَعِيرٍ، ثُمَّ رَحَلَ مِنْهَا فِي صَفَرٍ وَهُوَ عَلِيلٌ3 إِلَى طُوسَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ. الْوَقْعَةُ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ: وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ، فانتصر هرثمة وأسر أخا   1 الحروري: نسبة إلى حرواء بالعراق، وهي منشأ الخوارج. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 305"، تاريخ الطبري "8/ 341"، الكامل "6/ 119-122"، البداية "10/ 212-213"، صحيح التوثيق "6/ 109". 3 عليل: مريض. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 7 رَافِعٍ، وَمَلَكَ بُخَارَى، وَقَدِمَ بِأَخِي رَافِعٍ عَلَى الرَّشِيدِ، فَسَبَّهُ، وَدَعَا بِقَصَّابٍ1 وَقَالَ: فَصِّلْ أَعْضَاءَهُ، ففصله. غلط بن جبريل بن بختيشوع وتطبيب الرَّشِيدِ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ جِبْرِيلَ بْنَ بَخْتَيْشُوعَ غَلِطَ عَلَى الرَّشِيدِ فِي عِلَّتِهِ فِي عِلاجٍ عَالَجَهُ بِهِ كَانَ سَبَبَ مَنِيَّتِهِ، فَهَمَّ الرَّشِيدُ بِأَنْ يُفَصِّلَهُ كَمَا فَعَلَ بِأَخِي رَافِعٍ، وَدَعَا بِهِ فَقَالَ: انْتَظِرْ إِلَى غَدٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّكَ تُصْبِحُ فِي عَافِيَةٍ، فَمَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. وَقِيلَ إِنَّ الرَّشِيدَ رَأَى مَنَامًا أَنَّهُ يَؤُمُّ بِطُوسَ، فَبَكَى وَقَالَ: احْفُرُوا لِي قَبْرًا. فحفروا له، ثُمَّ حُمِلَ فِي قُبَّةٍ عَلَى جَمَلٍ وَسِيقَ به حتى نظر إلى القبر فقال: يا ابن آدَمَ تَصِيرُ إِلَى هَذَا. وَأَمَرَ قَوْمًا فَنَزَلُوا فَخَتَمُوا فِيهِ خَتْمَةً، وَهُوَ فِي مِحَفَّةٍ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ. الرَّشِيدُ يَقْتَفِي أَخْلاقَ الْمَنْصُورِ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَانَ يَقْتَفِي أَخْلاقَ الْمَنْصُورِ، وَيَطْلُبُ الْعَمَلَ بِهَا. إِلا فِي بَذْلِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ خَلِيفَةٌ قَبْلَهُ أَعْطَى مِنْهُ لِلْمَالِ. وَكَانَ يُحِبُّ الشِّعْرَ، وَيَمِيلُ إِلَى أَهْلِ الأَدَبِ وَالْفِقْهِ، وَيَكْرَهُ الْمِرَاءَ فِي الدِّينِ، وَيَقُولُ: هُوَ شَيْءٌ، لا نَتِيجَةَ لَهُ، وَبِالْحَرِيِّ أَنْ لا يَكُونَ فِيهِ ثَوَابٌ. وَكَانَ يُحِبُّ الْمَدِيحَ وَيَشْتَرِيهِ بأغلى ثمن. إجازرة الرَّشِيدِ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ: أَجَازَ مَرَّةً مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ عَلَى قَصِيدَةٍ خَمْسَةَ آلافِ دِينَارٍ، وَخُلْعَةً، وَعَشَرَةً مِنْ رَقِيقِ الرُّومِ، وَفَرَسًا مِنْ مَرَاكِبِهِ. صُحْبَةُ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْمِضْحَاكِ لِلرَّشِيدِ: وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ مَعَ الرَّشِيدِ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمَدَنِيُّ، وَكَانَ مُضْحِكًا فَكِهًا إِخْبَارِيًّا، فَكَانَ الرَّشِيدُ لا يَصْبِرُ عَنْهُ وَلا يمل منه لحسن نوادره ومجونه.   1 قصاب: جزار. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 8 مَوْعِظَةُ ابْنِ السَّمَّاكِ لِلرَّشِيدِ: وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ السَّمَّاكِ دَخَلَ عَلَى الرَّشِيدِ يَوْمًا فَاسْتَسْقَى، فَأُتِيَ بِكُوزٍ، فَلَمَّا أَخَذَهُ قَالَ: عَلَى رِسْلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ مُنِعْتَ هَذِهِ الشَّرْبَةَ بِكَمْ كُنْتَ تَشْتَرِيهَا؟ قَالَ: بِنِصْفِ مُلْكِي. قَالَ: اشْرَبْ هَنَّاكَ اللَّهُ. فَلَمَّا شَرِبَهَا قَالَ: أَسْأَلُكَ لَوْ مُنِعْتَ خُرُوجَهَا مِنْ بَدَنِكَ، بِمَاذَا كُنْتَ تَشْتَرِي خُرُوجَهَا؟ قَالَ: بِجَمِيعِ مُلْكِي. فَقَالَ: إِنَّ مُلْكًا قِيمَتُهُ شَرْبَةُ مَاءٍ لَجَدِيرٌ أَنْ لا يُنافَسَ فِيهِ. قَالَ: فَبَكَى هَارُونُ. وَقَدْ ذَكَرْتُ الرَّشِيدَ فِي الأَسْمَاءِ أَيْضًا. الْبَيْعَةُ لِلأَمِينِ: وَبُويِعَ لابْنِهِ الأَمِينِ مُحَمَّدٍ فِي الْعَسْكَرِ صَبِيحَةَ اللَّيْلَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا الرَّشِيدُ. وَكَانَ الْمَأْمُونُ حِينَئِذٍ بِمَرْوَ، وَالأَمِينُ بِبَغْدَادَ. فَأَتَاهُ الْخَبَرُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ وَخَطَبَ، وَنَعَى الرَّشِيدَ إِلَى النَّاسِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ؛ وَأَمَرَ لِلْجُنْدِ بِرِزْقِ سَنَتَيْنِ. مَسِيرُ رَجَاءٍ الْخَادِمِ بِالْخَلْعِ إِلَى الأَمِينِ: وَأَخَذَ رَجَاءٌ الْخَادِمُ الْبُرْدَ والقضيب والخاتم. وسار عَلَى الْبَرِيدِ فِي اثْنَى عَشَرَ يَوْمًا مِنْ مرو حتى قدم بغداد فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ، فَدَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الأَمِينِ. وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْمَأْمُونَ فَبَايَعَ لِأَخِيهِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ، وَأَعْطَى الْجُنْدَ عَطَاءَ سَنَةٍ، وَأَخَذَ يَتَأَلَّفُ أُمَرَاءَهُ وَقُوَّادَهُ وَيُظْهِرُ الْعَدْلَ، فَأَحَبُّوا الْمَأْمُونَ. بِنَاءُ الأَمِينِ لِمَيْدَانِ الْكُرَةِ: أَمَّا الأَمِينُ فَإِنَّهُ بَعْدَ بَيْعَتِهِ بِيَوْمٍ أَمَرَ بِبِنَاءِ مَيْدَانٍ جِوَارَ قَصْرِ الْمَنْصُورِ لِلَعِبِ الْكُرَةِ. ثُمَّ قَدِمَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ زُبَيْدَةُ فِي شَعْبَانَ، فَتَلَقَّاهَا ابْنُهَا الأَمِينُ. قَدِمَتْ مِنَ الرَّقَّةِ وَمَعَهَا جَمِيعُ الْخَزَائِنِ. الْمَأْمُونُ يُهْدِي الأَمِينَ التُّحَفَ: وَأَقَامَ الْمَأْمُونُ عَلَى خُرَاسَانَ وَإِمْرَتِهَا، وَأَهْدَى لِلأَمِينِ تُحَفًا وَنَفَائِسَ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 9 دُخُولُ هَرْثَمَةَ سَمَرْقَنْدَ: وَفِيهَا دَخَلَ هَرْثَمَةُ حَائِطَ سَمَرْقَنْدَ، فَلَجَأَ رَافِعٌ إِلَى الْمَدِينَةِ الدَّاخِلَةِ. وَرَاسَلَ رَافِعٌ التُّرْكَ فَوَافَوْهُ، فَصَارَ هَرْثَمَةُ فِي الْوَسَطِ. ثُمَّ لَطَفَ اللَّهُ بِهِ وَرَدَّ التُّرْكَ، فَضَعُفَ أَمْرُ رَافِعٍ. مَقْتَلُ نِقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ: وَفِيهَا قُتِلَ نِقْفُورُ مَلِكُ الرُّومِ فِي حَرْبِ بُرْجَانَ، وَبَقِيَ فِي الْمَمْلَكَةِ تِسْعَ سِنِينَ، وَمَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ إِسْتَبْرَاقُ شَهْرَيْنِ وَهَلَكَ، فَمَلَكَ مِيخَائِيلُ بْنُ جرجس زوج أخته1.   1 انظر: تاريخ الطبري "8/ 350-360"، البداية "10/ 218-222". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 10 أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: حَفْصُ بْنُ عُثْمَانَ النَّخَعِيُّ، فِي آخِرِهَا، الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ الْبَلْخِيُّ الْعَابِدُ، ضَعِيفٌ، سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَاضِي بَعْلَبَكَّ. شَقِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ الزَّاهِدُ، عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَنْصُورِ، عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ، أَبُو حَفْصٍ، مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْخَوْلانِيُّ الأَبْرَشُ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ الْكُوفِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ، يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ، أَخُو مُحَمَّدٍ، الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ. ثَوْرَةُ أَهْلِ حِمْصَ بِعَامِلِهِمْ: وَفِيهَا ثَارَ أَهْلُ حِمْصَ بِعَامِلِهِمْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ، فَخَرَجَ إِلَى سَلَمْيَةَ، فَوَلَّى عَلَيْهِمُ الأَمِينَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ الْحَرَشِيَّ، فَحَبَسَ عِدَّةً مِنْ وُجُوهِهِمْ وَقَتَلَ عِدَّةً، وَضَرَبَ النَّارَ فِي نَوَاحِي حِمْصَ، فَسَأَلُوهُ الأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ. وَسَكَنُوا ثُمَّ هَاجُوا فَقَتَلَ طَائِفَةً مِنْهُمْ. عَزْلُ الأَمِينِ لِأَخِيهِ الْقَاسِمِ عَنِ الْوِلايَاتِ: وَفِيهَا عَزَلَ الأَمِينُ أَخَاهُ الْقَاسِمَ عَنْ مَا كَانَ الرَّشِيدُ وَلاهُ، وَذَلِكَ إِمْرَةُ الشَّامِ وَقِنَّسْرِينَ وَالثُّغُورِ، وَوَلَّى مَكَانَهُ خُزَيْمَةَ بْنَ خَازِمٍ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 10 الأَمْرُ بِالدُّعَاءِ لِمُوسَى ابْنِ الأَمِينِ: وَفِيهَا أَمَرَ الأَمِينُ بِالدُّعَاءِ لابْنِهِ مُوسَى عَلَى الْمَنَابِرِ بِالإِمْرَةِ، بَعْدَ ذِكْرِ الْمَأْمُونِ وَالْقَاسِمِ. تَنَكُّرُ الأَمِينِ لِلْمَأْمُونِ: وَتَنَكَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ لِصَاحِبِهِ، وظهر الفساد بينهما. الفضل بن الربيع والأمين عَلَى الْمَأْمُونِ: وَقِيلَ إِنَّ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ عَلِمَ أَنَّ الْخِلافَةَ إِذَا أَفْضَتْ إِلَى الْمَأْمُونِ لَمْ يُبْقِ عَلَيْهِ، فَأَعْدَى الأَمِينُ بِهِ، وَحَثَّهُ عَلَى خَلْعِهِ، وَأَنْ يُوَلِّيَ الْعَهْدَ لابْنِهِ مُوسَى. وَأَعَانَهُ عَلَى رَأْيِهِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ، وَالسِّنْدِيُّ. وَلَمَّا بَلَغَ الْمَأْمُونُ عَزْلُ أَخِيهِ الْقَاسِمِ عَنِ الشَّامِ قَطَعَ الْبَرِيدِيَّةَ عَنِ الأَمِينِ، وَأَسْقَطَ اسْمَهُ مِنَ الطَّرْزِ وَالضَّرْبِ. الْتِحَاقُ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ بِالْمَأْمُونِ: وَكَانَ رَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ لَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ حُسْنُ سِيرَةِ الْمَأْمُونِ فِي عَمَلِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَى الْجَيْشِ، بَعَثَ فِي طَلَبِ الْمَأْمُونِ لِنَفْسِهِ، فَسَارَعَ إِلَى ذَلِكَ هَرْثَمَةُ، وَلَحِقَ رَافِعٌ بِالْمَأْمُونِ فَأَكْرَمَهُ. قُدُومُ هَرْثَمَةَ عَلَى الْمَأْمُونِ: وَقَدِمَ هَرْثَمَةُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُيُوشِ مِنْ سَمَرْقَنْدَ عَلَى الْمَأْمُونِ. وَكَانَ مَعَهُ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَتَلَقَّاهُ الْمَأْمُونُ وَوَلاهُ حَرَسَهُ. إِرْسَالُ الأَمِينِ وُجُوهًا إِلَى الْمَأْمُونِ: ثُمَّ إِنَّ الأَمِينَ أَرْسَلَ وُجُوهًا إِلَى الأَمِينِ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُقَدِّمَ مُوسَى عَلَى نَفْسِهِ، وَيَذْكُرَ أَنَّهُ قَدْ سَمَّاهُ النَّاطِقَ بِالْحَقِّ، فَردَّ الْمَأْمُونُ ذَلِكَ وَأَبَاهُ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 11 مُبَايَعَةُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى الْمَأْمُونَ سِرًّا: وَكَانَ الرَّسُولُ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى، فَبَايَعَ الْمَأْمُونَ بِالْخِلافَةِ سِرًّا، ثُمَّ كَانَ يَكْتُبُ إِلَيْهِ بِالأَخْبَارِ وَيُنَاصِحُهُ مِنَ الْعِرَاقِ. إِسْقَاطُ اسْمِ الْمَأْمُونِ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ: وَرَجَعَ وَأَخْبَرَ الأَمِينَ بِامْتِنَاعِ الْمَأْمُونِ. فَأَسْقَطَ اسْمَهُ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ، وَطَلَبَ الْكِتَابَ الَّذِي كَتَبَهُ الرَّشِيدُ وَجَعَلَهُ بِالْكَعْبَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ عَلَى الأَمِينِ، فأحضره فمزقه وقويت الوحشة. إرسال المأمون بِالْبَقَاءِ عَلَى عَهْدِهِ لِلأَمِينِ: وَأَحْضَرَ الْمَأْمُونُ رُسُلَ الأَمِينِ إِلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ إِلَيَّ فِي أَمْرٍ كَتَبْتُ إِلَيْهِ جَوَابَهُ، فَأَبْلِغُوهُ بِالْكِتَابِ، وَاعْلَمُوا أَنِّي لا أَزَالُ عَلَى طَاعَتِهِ حَتَّى يَضْطَرَّنِي بِتَرْكِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ إِلَى مُخَالَفَتِهِ. فَخَرَجُوا وَقَدْ رَأَوْا جِدًّا غَيْرَ مَشُوبٍ بِهَزْلٍ. نَصَائِحُ أُولِي الرَّأْيِ لِلأَمِينِ: وَنَصَحَ الأَمِينَ أُولُو الرَّأْيِ فَلَمْ يَنْتَصِحْ، وَأَخَذَ يَسْتَمِيلُ1 الْقُوَّادَ بِالْعَطَاءِ. وَقَالَ لَهُ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَنْ يَنْصَحَكَ مَنْ كَذَبَكَ، وَلَنْ يَغُشُّكَ مَنْ صَدَقَكَ. لا تُجَرِّئِ الْقُوَّادَ عَلَى الْخَلْعِ فَيَخْلَعُوكَ، وَلا تَحْمِلْهُمْ عَلَى نَكْثِ الْعَهْدِ فَيَنْكُثُوا بَيْعَتَكَ وَعَهْدَكَ، فَإِنَّ الْغَادِرَ مَغْلُولٌ، وَالنَّاكِثَ مَخْذُولٌ. بَيْعَةُ الأَمِينِ لابْنِهِ مُوسَى بِوِلايَةِ الْعَهْدِ: وَفِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ بَايَعَ الأَمِينُ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لابْنِهِ مُوسَى، وَلَقَّبَهُ النَّاطِقَ بِالْحَقِّ، وَجَعَلَ وَزِيرَهُ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ. وُثُوبُ الرُّومِ عَلَى مَلِكِهِمْ: وَفِيهَا وَثَبَ الرُّومُ عَلَى مِيخَائِيلَ صَاحِبِ الرُّومِ فَهَرَبَ وَتَرَهَّبَ، وَكَانَ مُلْكُهُ سَنَتَيْنِ، فَمَلَّكُوا عليهم ليون القائد2.   1 يستميل: يستطيب. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 308"، تاريخ الطبري "8/ 374"، الكامل "6/ 227". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 12 أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ، وَاسِطِيٌّ، بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ الْوَاعِظُ، بِمَكَّةَ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمَهْدِيِّ، فِيهَا فِي قَوْلٍ، غَنَّامُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، مُؤَرِّجُ بْنُ عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ النَّحْوِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، فِي أَوَّلِهَا بِذِي الْمَرْوَةِ، يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، بِمَكَّةَ، أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ. بَعْضُ الشِّعْرِ الَّذِي قِيلَ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ لِمُوسَى: وَفِيهَا قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِيمَا جَرَى مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ لِمُوسَى وَهُوَ طِفْلٌ، وَذَلِكَ بِرَأْيِ الْفَضْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَرَأْيِ بَكْرِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ. أَضَاعَ الْخِلافَةَ غِشُّ الْوَزِيرِ ... وَفِسْقُ الأَمِيرِ وَجَهْلُ الْمُشِيرْ فَفَضْلٌ وَزِيرٌ وَبَكْرٌ مُشِيرٌ ... يُرِيدَانِ مَا فِيهِ حَتْفُ الأَمِيرْ لِوَاطُ الْخَلِيفَةِ أُعْجُوبَةٌ ... وَأَعْجَبُ مِنْهُ خِلاقُ الْوَزِيرْ فَهَذَا يَدُوسُ وَهَذَا يُدَاسُ ... وَهَذَا لَعَمْرِي خِلافُ الأُمُورْ وَلَوْ يَسْتَعِينَانِ هَذَا بِذَاكَ ... لَكَانَا بِعُرْضَةِ آمْرٍ سَتِيرْ وأعجب بمن ذَا وَذَا أَنَّنَا ... نُبَايِعُ لِلطِّفْلِ فِينَا الصَّغِيرْ وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْ غَسْلَ أَسْتِهِ ... وَمَنْ لَمْ يَخْلُ مِنْ بَوْلِهِ حِجْرُ ظِيرْ تَسْمِيَةُ الْمَأْمُونِ بِإِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ: وَلَمَّا تَيَقَّنَ الْمَأْمُونُ خَلْعَهُ تَسَمَّى بِإِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَكُوتِبَ بِذَلِكَ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 13 عَقْدُ الأَمِينِ الْوِلايَاتِ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَفِي رَبِيعٍ الآخَرِ عَقَدَ الأَمِينُ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ عَلَى بَلَدِ الْجِبَالِ: هَمْدَانَ، وَنَهَاوَنْدَ، وقم، وأصبهان، وأقر له فِيمَا قِيلَ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَعْطَى لِجُنْدِهِ مَالا عَظِيمًا. جَمْعُ الأَمِينِ أَهْلَ بَغْدَادَ لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ لابْنِهِ: وَلَمَّا جَمَعَ الأَمِينُ الْمَلأَ لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ عَلَى ابْنِهِ مُوسَى قَالَ: يَا مَعْشَرَ خُرَاسَانَ، يَعْنِي الَّذِينَ بِبَغْدَادَ، إِنَّ الأَمِيرَ مُوسَى قَدْ أَمَرَ لَكُمْ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ بِثَلاثَةِ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. شُخُوصُ 1 عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لِلْقَبْضِ عَلَى الْمَأْمُونِ: وَشَخَصَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ مِنْ بَغْدَادَ، وَأَخَذَ مَعَهُ قَيْدَ فِضَّةٍ لِيُقَيِّدَ بِهِ الْمَأْمُونَ بِزَعْمِهِ. وَسَارَ مَعَهُ الأَمِينُ إِلَى النَّهْرَوَانِ، فَعَرَضَ بِهَا الْجُنْدَ الَّذِينَ جَهَّزَهُمْ مَعَ عَلِيٍّ. اسْتِعْمَالُ ابْنِ حُمَيْدٍ عَلَى هَمْدَانَ: وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ هَمْدَانَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُمَيْدِ بْنِ قحطبة. لقاء عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِجَيْشِ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ: ثُمَّ شَخَصَ عَلِيٌّ مِنْهَا حَتَّى بَلَغَ الرَّيَّ وَهُوَ عَلَى أُهْبَةِ الْحَرْبِ2 فَلَقِيَهُ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَهُوَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ آلافٍ، وَكَانَ قَدْ جَهَّزَهُ الْمَأْمُونُ، فَأَشْرَفَ عَلَى جَيْشِ عَلِيٍّ وَهُمْ يَلْبَسُونَ السِّلاحَ، وامتلأت بهم الصحراء بياضا وصفرة من السلاح المذهب. فَقَالَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ: هَذَا مَا لا قِبَلَ لَنَا بِهِ، وَلَكِنْ نَجْعَلُهَا خَارِجِيَّةً، نَقْصِدُ الْقَلْبَ. فَهَيَّأَ سبعمائة من الخوارزمية.   1 شخوص: يقال: أشخص فلانًا إليه: والشخوص: الذهاب، المعجم الوجيز "ص8/ 337". 2 أهبة الحرب: استعدادها. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 14 رَفْعُ نُسْخَةِ الْبَيْعَةِ عَلَى الرُّمْحِ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ الأَمِيرُ: فَقُلْنَا لِطَاهِرٍ: نُذَكِّرُ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الْبَيْعَةَ الَّتِي كَانَتْ، وَالْبَيْعَةَ الَّتِي أَخَذَهَا هُوَ لِلْمَأْمُونِ عَلَيْنَا مَعْشَرَ أَهْلِ خُرَاسَانَ. قَالَ: نَعَمْ. فَعَلَّقْنَاهُمَا عَلَى رُمْحَيْنِ، وَقُمْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَقُلْتُ: الأَمَانَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا عَلِيُّ بْنَ عِيسَى أَلا تَتَّقِي اللَّهَ؟ أَلَيْسَ هَذِهِ نُسْخَةَ الْبَيْعَةِ الَّتِي أَخَذْتَهَا أَنْتَ خَاصَّةً؟ اتَّقِ اللَّهَ، فَقَدْ بَلَغْتَ بَابَ قَبْرِكَ. قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ! وَكَانَ عَلِيٌّ ضَرَبَهُ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ. فَصَاحَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ، مَنْ جَاءَ بِهِ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَكَانَ مَعَنَا قَوْمُ بُخَارِيَّةَ، فَرَمَوْهُ وَزَنَّدَهُ وَقَالُوا: نَقْتُلُكَ وَنَأْخُذُ مَالَكَ. مَقْتَلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَخَرَجَ مِنْ عَسْكَرِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسُ بْنُ اللَّيْثِ ورجل آخر، فشد عليه طاهر فضربه قتله، وشد داوود سِيَاهٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ عِيسَى فَصَرَعَهُ وَهُوَ لا يعرفه. فقال طاهر بن الناجي: أَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ! وَظَنَّ أَنَّهُ يُهَابُ فَلا يَقْدِمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. فشَدَّ عَلَيْهِ وَذَبَحَهُ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ انْهَزَمَ جَيْشُهُ. انْهِزَامُ الْبُخَارِيَّةِ: قَالَ أَحْمَدُ: فَتَبِعْنَاهُمْ فَرْسَخَيْنِ، وَأَوْقَفُونَا اثْنَتَيْ عشر مَرَّةً؛ كُلُّ ذَلِكَ نَهْزِمُهُمْ. فَلَحِقَنِي طَاهِرُ بْنُ التَّاجِيِّ وَمَعَهُ رَأْسُ عَلِيٍّ، فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ شُكْرًا. وَوَجَدْنَا فِي عَسْكَرِهِ سَبْعَمِائَةِ كِيسٍ، فِي كُلِّ كِيسٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَوَجَدْنَا عِدَّةَ بِغَالٍ عَلَيْهَا له خَمْرٌ سَوَادِيٌّ. فَظَنَّتِ الْبُخَارِيَّةُ أَنَّهُ مَالٌ، فَكَسَرُوا تِلْكَ الصَّنَادِيقَ فَرَأَوْهُ خَمْرًا، فَضَحِكُوا وَقَالُوا: عَمِلْنَا الْعَمَلَ حَتَّى نَشْرَبَ. التَّسْلِيمُ بِالْخِلافَةِ لِلْمَأْمُونِ: وَأَعْتَقَ طَاهِرٌ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ غِلْمَانِهِ شُكْرًا. فَلَمَّا وَصَلَ الْبَرِيدُ إِلَى الْمَأْمُونِ سَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، وَطِيفَ بِالرَّأْسِ فِي خُرَاسَانَ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 15 انْشِغَالُ الأَمِينِ بِصَيْدِ السَّمَكِ: وَجَاءَ الْخَبَرُ بِقَتْلِهِ إِلَى الأَمِينِ وَهُوَ يَتَصَيَّدُ السَّمَكَ، فَقَالَ لِلَّذِي أَخْبَرَهُ وَيْلَكَ دَعْنِي، فَإِنَّ كَوْثَرًا قَدْ صَادَ سَمَكَتَيْنِ وَأَنَا مَا صِدْتُ شَيْئًا بَعْدُ. شِعْرٌ فِي مَقْتَلِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَقَالَ شاعر من أصحاب علي: لَقِينَا اللَّيْثَ مُفْتَرِشًا يَدَيْهِ ... وَكُنَّا مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ نَخُوضُ الْمَوْتَ وَالْغَمَرَاتِ قِدْمًا ... إِذَا مَا كَرَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ فَضَعْضَعَ رُكْنَنَا لَمَّا الْتَقَيْنَا ... وَرَاحَ الْمَوْتُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ وَأَوْدَى كَبْشَنَا وَالرَّأْسَ مِنَّا ... كَأَنَّ بِكَفِّهِ كَانَ الْقَضَاءُ تَوْجِيهُ الأَمِينِ لِلأَبْنَاوِيِّ: ثُمَّ وَجَّهَ الأَمِينُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَبَلَةَ الأَبْنَاوِيَّ وَأَمِيرَ الدِّينَوَرِ بِالْعُدَّةِ وَالْقُوَّةِ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ هَمْدَانَ. قِلَّةُ تَدْبِيرِ الأَمِينِ مَعَ كَثْرَةِ الْجَيْشِ: وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ أَنَّهُ قَالَ: يُرِيدُ مُحَمَّدُ إِزَالَةَ الْجِبَالِ وَفَلَّ الْعَسَاكِرِ بِالْفَضْلِ وَتَدْبِيرِهِ، وَهَيْهَاتَ. وَهُوَ وَاللَّهِ كَمَا قِيلَ: قَدْ ضَيَّعَ اللَّهُ ذَوْدًا أَنْتَ رَاعِيهَا وَقِيلَ إِنَّ الْجَيْشَ الَّذِي كَانُوا مَعَ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى أَرْبَعُونَ أَلْفًا فِي حَمِيَّةٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا. مَقْتَلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِسَهْمٍ: وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُجَالِدٍ أَنَّ الْوَقْعَةَ اشْتَدَّ فِيهَا الْقِتَالُ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى قُتِلَ بِسَهْمٍ جَاءَهُ. وأن طاهرًا بعث بالأسرى والرؤوس إلى المأمون. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 16 شَغَبُ الْجُنْدِ بِبَغْدَادَ عَلَى الأَمِينِ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْجَرْمِيُّ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا قُتِلَ أَرْجَفَ النَّاسُ بِبَغْدَادَ إِرْجَافًا شَدِيدًا. وَنَدِمَ مُحَمَّدٌ عَلَى خَلْعِهِ أَخَاهُ. وَطَمِعَ الأُمَرَاءُ فِيهِ، وَشَغَّبُوا جُنْدَهُمْ بِطَلَبِ الأَرْزَاقِ مِنَ الأَمِينِ، وَازْدَحَمُوا عَلَى الْجِسْرِ يَطْلُبُونَ الأَرْزَاقَ وَالْجَوَائِزَ؛ فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ فِي طَائِفَةٍ مِنْ قُوَّادِ الأَعْرَابِ فَتَرَامَوْا بِالنِّشَابِ وَاقْتَتَلُوا. فَسَمِعَ الأَمِينُ الضَّجَّةَ، وَأَرْسَلَ يَأْمُرُ ابْنَ خَازِمٍ بِالانْصِرَافِ، وَأَنْزَلَهُمْ بِأَرْزَاقِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَزَادَ فِي عَطَائِهِمْ، وَأَمَر لِلْقُوَّادِ بِالْجَوَائِزِ. اسْتِعْدَادُ الأَبْنَاوِيِّ لِمُحَارَبَةِ طَاهِرٍ: وَجَهَّزَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيُّ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، فَسَارَ إلى همدان وضبط طرقها، وحصن سورهان وَجَمَعَ فِيهَا الأَقْوَاتَ، وَاسْتَعَدَّ لِمُحَارَبَةِ طَاهِرٍ. حَبْسُ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ لِلْمُنْكَسِرِينَ مِنْ جَيْشِ أَبِيهِ: وَقَدْ كَانَ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لَمَّا قُتِلَ أَبُوهُ أَقَامَ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمْدَانَ، فَكَانَ لا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُنْكَسِرِينَ إِلا حَبَسَهُ عِنْدَهُ بِنَاءً مِنْهُ أَنَّ الأَمِينَ يُوَلِّيهِ مَكَانَ أَبِيهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الأَمِينُ يَأْمُرُهُ بِالْمُقَامِ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيِّ. فَلَمَّا سَارَ يَحْيَى إِلَى قُرْبِ هَمْدَانَ تَفَرَّقَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ. تَرَاجُعُ الأَبْنَاءِ أَمَامَ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ: وَأَمَّا طَاهِرٌ فَقَصَدَ مَدِينَةَ هَمْدَانَ وَأَشْرَفَ عَلَيْهِا. فَالْتَقَى الْجَيْشَانِ وَصَبرَ الْفَرِيقَانِ وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى. ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيَّ تَقَهْقَرَ وَدَخَلَ مَدِينَةَ هَمْدَانَ فَأَقَامَ بِهَا يَلُمُّ شَعَثَ أَصْحَابِهِ. حِصَارُ طَاهِرٍ لِهَمْدَانَ: ثُمَّ زَحَفَ إِلَى طَاهِرٍ، وَقَدْ خَنْدَقَ طَاهِرٌ عَلَى عَسْكَرٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا. وَجَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَرِّضُ أَصْحَابَهُ، وَيُقَاتِلُ بِيَدِهِ، وَحَمَلَ حَمَلاتٍ مُنْكَرَةً مَا مِنْهَا حَمْلَةٌ إِلا وَهُوَ يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِي أَصْحَابِ طَاهِرٍ. فَشَدَّ رَجُلٌ عَلَى صَاحِبِ عَلَمٍ عَبْدَ الجزء: 13 ¦ الصفحة: 17 الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ. وَحَمَلَ أَصْحَابُ طَاهِرٍ حَمْلَةً صَادِقَةً حَتَّى أَلْجَأُوهُمْ إِلَى مَدِينَةِ هَمْدَانَ، وَنَزَلَ طَاهِرٌ مُحَاصِرًا لَهَا. طَاهِرٌ يُؤَمِّنُ الأَبْنَاوِيَّ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْرُجُ كُلَّ يَوْمٍ فَيُقَاتِلُ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ. وَتَضَرَّرَ بِهِمْ أَهْلُ الْبَلَدِ وَجُهِدُوا، فَطَلَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ طَاهِرٍ الأَمَانَ فَأَمَّنَهُ وَوَفَى لَهُ. ظُهُورُ أَبِي الْعُمَيْطِرِ السُّفْيَانِيِّ بِدِمَشْقَ: وَفِيهَا ظَهَرَ بِدِمَشْقَ السُّفْيَانِيُّ أَبُو الْعُمَيْطِرِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَطَرَدَ عَنْهَا سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ بَعْدَ حَصْرِهِ إِيَّاهُ بِالْبَلَدِ. وَكَانَ عَامِلَ الأَمِينِ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُ إِلا بَعْدَ الْيَأْسِ. فَوَجَّهَ الأَمِينُ لِحَرْبِهِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ فَلَمْ يَنْفُذْ إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ وَصَلَ إِلَى الرَّقَّةِ فَأَقَامَ بِهَا. أَبُو الْعُمَيْطِرِ يَضْبِطُ دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا حَتَّى السَّاحِلِ: وَعَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ بَيْهَسٍ قَالَ: ضَبَطَ أَبُو الْعُمَيْطِرِ دِمَشْقَ وَانْضَمَّتْ إِلَيْهِ الْيَمَانِيَّةُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الْغُوطَةِ وَالسَّاحِلِ وَحِمْصَ وَقِنَّسْرِينَ، وَاسْتَقَامَ لَهُ الأَمْرُ؛ إِلا أَنَّ قَيْسًا لَمْ تُبَايِعْهُ وَهَرَبُوا مِنْ دِمَشْقَ. وَجَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ دِمَشْقَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ حَنْظَلَةَ: عِنْدَكَ مِنْ عِظَامِ أَبِي الْعُمَيْطِرِ شَيْءٌ؟ قَالَ: هُوَ أَقَلُّ عِنْدَنَا مِنْ هَذَا. وَلَكِنْ هَرَبَ إِلَيْنَا وَخَلَعَ نَفْسَهُ فَسَتَرْنَاهُ. غَلَبَةُ طَاهِرٍ عَلَى كُوَرِ الْجِبَالِ: وَغَلَبَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى قَزْوِينَ وَطَرَدَ عَنْهَا عَامِلَ الأَمِينِ وَغَلَبَ عَلَى سَائِرِ كُوَرِ الْجِبَالِ. غَدْرُ الأَبْنَاوِيِّ بِجُنُودِ طَاهِرٍ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ الأَمِينَ لَمَّا وَجَّهَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيَّ إِلَى هَمْدَانَ أَتْبَعَهُ بِعَبْدِ اللَّهِ وَأَحْمَدَ ابْنَيِ الْحَرَشِيِّ فِي جَيْشٍ مَدَدًا لَهُ. فَلَمَّا خَرَجَ بالأمان هو الجزء: 13 ¦ الصفحة: 18 وَأَصْحَابُهُ، أَقَامَ يُرِي طَاهِرًا وَجُنْدَهُ أَنَّهُ لَهُمْ مُسَالِمٌ رَاضٍ بِعُهُودِهِمْ، ثُمَّ اغْتَرَّهُمْ وَهُمْ آمِنُونَ فَرَكِبَ فِي أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَشْعُرْ طَاهِرٌ وَأَصْحَابُهُ بِهِمْ إِلا وَقَدْ هَجَمُوا عَلَيْهِمْ فَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ. وَرَدَّتْ عَنْهُمْ بِالأَثَرِ سُوءُ حَالَتِهِمْ حَتَّى أَخَذَتِ الْفُرْسَانَ عُدَّتَهَا وَصَدَقُوهُمُ الْقِتَالَ حَتَّى تَقَطَّعَتِ السُّيُوفُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. مَقْتَلُ الأَبْنَاوِيِّ: ثُمَّ هَرَبَ أَصْحَابُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَتَرَجَّلَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَوَصَلَ الْمُنْهَزِمَةُ إِلَى عَسْكَرِ ابْنَيِ الْحَرَشِيِّ، فَدَاخَلَهُمُ الرُّعْبُ فَوَلَّوْا مُنْهَزِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ حَتَّى أَتَوْا بَغْدَادَ. طَاهِرٌ يُخُنْدِقُ عَلَى جُنْدِهِ قُرْبَ حُلْوَانَ: وَسَارَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَقَدْ خَلَتْ لَهُ الْبِلادُ حَتَّى قَارَبَ حُلْوَانَ فعسكر بها وخندق على جنده1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 309"، وتاريخ الطبري "8/ 389"، والكامل "6/ 247"، والبداية "10/ 226"، وصحيح التوثيق "6/ 128". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 19 أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى، قُتِلَ كَمَا يَأْتِي، سَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَاضِي شِيرَازَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ الطَّوِيلُ الدِّمَشْقِيُّ، عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ الأَمِيرُ، عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ الْجَزَرِيُّ، فِي قَوْلٍ، مُخَلَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، فِي قَوْلٍ، وَكِلاهُمَا مَرَّ، مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ الْقَاضِي، الْوَلِيدُ بْنُ خَالِدٍ بِالشَّامِ، قَالَهُ ابْنُ قَانِعٍ، أَبُو نُوَاسٍ الشَّاعِرُ، هُوَ الْحَسَنُ بْنُ هَانِئٍ. الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ يَحُثُّ أَسَدَ بْنَ يَزِيدَ عَلَى نُصْرَةِ الأَمِينِ: وَفِيهَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَثَّابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَزْيَدٍ، أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ الْحَاجِبَ بَعَثَ إِلَيْهِ بَعْدَ مَقْتَلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيِّ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ مُغْضَبًا، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ أَنَا وَإِيَّاكَ نَجْرِي إِلَى غَايَةٍ إِنْ قَصَّرْنَا عَنْهَا ذُمِمْنَا، وَإِنِ اجْتَهَدْنَا فِي بُلُوغِهَا انْقَطَعْنَا. وَإِنَّمَا نَحْنُ شَعْرَةٌ مِنْ أَصْلٍ، إِنْ قَوِيَ قَوِينَا، وَإِنْ الجزء: 13 ¦ الصفحة: 19 ضَعُفَ ضَعُفْنَا، إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ، يَعْنِي الأَمِينَ، قَدْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى الأُمَّةِ الْوَكْعَاءَ، يُشَاوِرُ النِّسَاءَ وَيَعْتَرِضُ عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَقَدْ أَمْكَنَ مَسَامِعَهُ مِنَ اللَّهْوِ وَالْجَسَارَةِ فَهُمْ يُكَبِّدُونَهُ الظَّفَرَ. وَالْهَلاكُ أَسْرَعُ إِلَيْهِ مِنَ السَّيْلِ إِلَى قِيعَانِ الرَّمْلِ، وَقَدْ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ نَهْلِكَ بِهَلاكِهِ، وَنَعْطَبُ بِعَطَبِهِ، وَأَنْتَ فَارِسُ الْعَرَبِ وَابْنُ فَارِسِهَا، قَدْ فَزِعَ إِلَيْكَ فِي لِقَاءِ هَذَا الرَّجُلِ، وَأَطْمَعَهُ فِيمَا قَبْلَكَ أَمْرَانِ. أَمَّا أَحَدَهُمَا فَصِدْقُ طَاعَتِكَ وَفَضْلُ نَصِيحَتِكَ، وَالثَّانِي يُمْنُ نَقِيبَتِكَ وَشِدَّةُ بَأْسِكَ. وَقَدْ أَمَرَنِي بِإِزَاحَةِ عِلَّتِكَ وَبَسْطِ يَدِكَ فِيمَا أَحْبَبْتَ، فَعَجِّلِ الْمُبَادَرَةَ إِلَى عَدُوِّكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُوَلِّيَكَ اللَّهُ تَعَالَى شَرَفَ هَذَا الْفَتْحِ، ويلم بك شَعَثَ هَذِهِ الْخِلافَةِ. أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ يَطْلُبُ نَفَقَةَ سَنَةٍ لِجُنْدِهِ: فَقُلْتُ: أَنَا لِطَاعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُقْدِمٌ، وَلِكُلِّ مَا أَدْخَلَ الْوَهَنَ وَالذُّلَّ عَلَى عَدُوِّهِ حَرِيصٌ. غَيْرَ أَنَّ الْمُحَارِبَ لا يَعْمَلُ بِالْغَدْرِ، وَلا يَفْتَتِحُ أَمْرَهُ بِالتَّقْصِيرِ وَالْخَلَلِ. وَإِنَّمَا مِلاكُ الْمُحَارِبِ الْجُنُودُ، وَمِلاكُ الْجُنُودِ الْمَالُ. وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ مَلأَ فِي أَيْدِي مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَسْكَرِ، وَتَابَعَ عَلَيْهِمْ بِالأَرْزَاقِ وَالصِّلاتِ. فَإِنْ سِرْتُ بِأَصْحَابِي وَقُلُوبُهُمْ مُتَطَلِّعَةٌ إِلَى مَنْ خَلْفِهِمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ لَمْ أَنْتَفِعْ بِهِمْ فِي لِقَاءٍ. وَقَدْ فَضُلَ أَهْلُ السِّلْمِ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ. وَالَّذِي أَسْأَلُهُ أَنْ يُؤْمَرَ لِأَصْحَابِي بِرِزْقِ سَنَةٍ، وَيُحْمَلَ مَعَهُمْ أَرْزَاقُ سَنَةٍ، وَلا أُسْأَلُ عَنْ مُحَاسَبَةِ مَا افْتَتَحْتُ مِنَ الْمُدُنِ. فَقَالَ: قد اشتططت1، ولا بد مِنْ مَنَاظَرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. حبْس الأمين لأسد بْن يزيد: ثمّ ركب معي إِلَيْهِ فدخلتُ، فما دار بيني وبينه إلا كلمتان حتّى غضب وأمر بحبسي. اختيار أحْمَد بْن مَزْيد لقتال طاهر بْن الحسين: وذكر زياد بْن عليّ قَالَ: ثمّ قَالَ الأمين: هَلْ في أهل بيت هذا مِن يقوم مقامه؟ فأنا أكره أن أستفسدهم مع سابقتهم وطاعتهم.   1 شط: شططًا: بعد في الأمر، وأمعن وجاوز الحد، واشتط في حكمه: جار، المعجم الوجيز "ص/ 343". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 20 قالوا: نعم، فيهم أحمد بن زيد عَمُّهُ؛ وأثنوا عَلَيْهِ، فاستقدمه عَلَى البريد. قَالَ أحمد: فبدأت بالفضل بْن الربيع، فإذا عنده عَبْد الله بْن حُمَيْد بْن قَحْطبة، وهو يريده عَلَى الشخوص إلى طاهر بْن الحسين؛ وعبد الله يشتطّ في طلب المال والإكثار مِن الرجال. فلمّا رآني رحّب بي وصيّرني معه إلى صدر المجلس، فكلّمني ثمّ قام معي حتّى دخلنا عَلَى الأمين، فلم يزل يأمرني بالدنو حتى كدت أُلاصقه، فقال: إنّه قد كثُر عليّ تخليط ابن أخيك وتنكُّره، وطالَ خِلافهُ. وقد وُصفتَ لي بخير، وأحببت أن أرفع قدرك وأُعْلي منزلتك. وأنّ أُوَلّيك جهاد هذه الفئة الباغية. فقلت: سأبذل في طاعتكم مهجتي. وصيّة الأمين لأحمد بْن مزيد: قَالَ: وانتخبت الرجال، فبلغ عدّة مِن صحّحتُ اسمَه ألف رَجُل، ثمّ سرت بهم إلى حُلْوان. ودخلت عَلَيْهِ قبل ذَلِكَ وقلت: أوصِني. قَالَ: إيّاك والبغي، فإنه عِقال النصر. ولا تُقدّم رجلا إلا بالاستخارة، ولا تُشْهر سيفًا إلا بعد إعذار، ومهما قدرت عَلَيْهِ باللّين فلا تتعدّه بالحرب، في كلام طويل. وأطلق لَهُ ابن أخيه أسدًا. احتيال طاهر عَلَى جيوش الأمين حتى تقاتلوا وتفرّقوا: وذكر يزيد بْن الحارث أنّ الأمين وجّه معه عشرين ألفًا مِن الأعراب، ومع عَبْد الله بْن حُمَيْد عشرين ألفًا مِن الأبناء، وأمرهم أن ينزلوا حُلْوان ويدفعوا طاهرًا عَنْهَا، وينصبا لَهُ الحرب. فنزلا في خانِقين، فدَسّ طاهر العيون إلى عسكرهما، فكانوا يأتون الجيش بالأراجيف ويخبرونهما أنّ الأمين قد وضَع العطاء لأصحابه، وقد أمر لهم بالأرزاق. ولم يزل يحتال في وقوع الاختلاف والشغْب بينهم حتى اختلفوا، وانتفض أمرهم وقاتلوا بعضهم بعضًا، ورجعوا. تسليم ما احتواه طاهر إلى هَرْثَمَة بْن أَعْيَن: ثمّ دخل طاهر حُلوان، وأتاه هَرْثَمَة بْن أَعْيَن بكتابي المأمون والفضل بْن سهل يأمرانه بتسليم ما حوى مِن المدن إلى هَرْثَمَة، والتَّوجُّه إلى الأهواز. فسلّم ذَلِكَ إِلَيْهِ، وأقام هَرْثَمَة بحُلْوان فحصّنها وأحكم أموره. ومضى طاهر إلى الأهواز. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 21 تولية المأمون للفضل بْن سهل عَلَى جميع المشرق: ودعا المأمون الفضل بْن سهل فولاه عَلَى جميع المشرق مِن هَمَدان إلى جَبَل سِقْينان والتَّبت طولا، ومن بحر فارس والهند إلى بحر الدَّيْلم وجُرجان عرضًا، وقرّر لَهُ عُمالة ثلاثة آلاف ألف درهم، ولقّبه ذا الرياستين. تولية الحَسَن بْن سهل ديوان الخراج: ثمّ ولّى أخاه الحَسَن بْن سهل ديوان الخراج. إطلاق عَبْد المُلْك بْن صالح مِن الحبس: وكان في حبْس الرشيد عَبْد المُلْك بْن صالح بْن عليّ، فأطلقه الأمين وقرّبه، فدخل عَلَيْهِ أحد الأيام وقال: يا أمير المؤمنين إنّي أرى الناس قد طمعوا فيك، وقد بذلت سماحتك، فإنْ بقيت عَلَى أمرك أبطَرْتهم، وإنْ كَفَفْت عَنِ البذْل سخطْتَهم، ومع هذا فإنّ جُنْدك قد داخَلَهم الرعبُ وأضْعَفَتْهُمُ الوقائع، وهابوا عدوَّهم. فإنْ سيّرتهم إلى طاهر غلب بقليلِ مَنْ معه كثيَرهم. وأهل الشام قوم قد مرّستهم الحرب وأَدَّبَتْهم الشدائد، وجُلُّهم مُنْقادُ إليّ، مُسارعٌ إلى طاعتي. فإنْ وجّهتني أتّخذت لك منهم جُنْدًا تعظُم نكايته في عدوّه. فولاه الشام والجزيرة واستحثّه عَلَى الخروج. فلمّا بلغ الرَّقّة أقام بها، وأنفذ رُسُلَه وكُتُبَه إلى رؤساء الأجناد بجمع الأمداد والرجال والزواقيل1 والأعراب مِن كلّ فَجّ، وخلع عليهم. ثمّ إنّ بعض جُنْده الخُراسانيّة نظر إلى فرسٍ كانت أُخِذت منه في وقعة سليمان بْن أَبِي جعفر بالشام تحت بعض الزَّواقيل. فتعلق بها، فتنازعا الفَرسَ، واجتمع الناس وتأهّبوا، وأعان كلٌ منهم صاحبه، وتضاربوا بالأيدي. فاجتمعت بعض الأبناء إلى محمد بْن أَبِي خَالِد الحربيّ وقالوا: أنت شيخنا، وقد ركب الزواقيلُ منّا ما سَمِعْتُ، فاجمع أمرنا وإلا استذلّونا، فقال: ما كنت لأدخل في شَغْب، ولا أشاهدكم عَلَى مثل هذه الحال. فاستعد الأبناء وأتوا الزواقيل وهم غارون، فوضعوا فيهم السيف، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة. فتنادى الزواقيل ولبسوا لأمَة الحرب. ونشبت الحرب بينهم، فوجه عبد الملك رسولًا يأمرهم   1 هم قوم بناحية الجزيرة وما وراءها. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 22 بالكَفّ. فرموه بالحجارة. وكان عَبْد المُلْك مريضًا مُدْنَفًا، وقال: واذُلاه! تُستضام العربُ في دُورها وبلادها وتُقتل. فغضب مِن كَانَ أَمْسك عَنِ الشرّ مِن الأبناء، وتفاقم الأمرُ. وقام بأمر الأبناء الحسين بْن عليّ بْن عيسى بْن ماهان، وأصبح الزواقيل وقد جَيَّشوا بالرَّقّة، واجتمع الأبناء والخُراسانيّة بالرافقة. وقام رجلٌ مِن أهل حمص فقال: يا أهل حمص، الهربُ أهون مِن العَطب، والموت أهْوَن مِن الذُّلّ، النفير النفير قبل أن ينقطع الشمل ويعسر المهرب. ثمّ قام نمر بْن كلب فقال نحو ذَلِكَ، فسار معه عامّة أهل الشام ورحلوا. وأقبل نصر بْن شبت في الزّواقيل، وهو يَقُولُ: فرسانَ قيسٍ اصبري للموت ... لا تُرْهِبُنّي عن لقاء الفَوْت دعي التَّمنّي بعسى وليت ثمّ حمل هو وأصحابه، فقاتل قتالا شديدًا، وكثُر القتل والبلاء في الزّواقيل وحملت الأبناء فانهزمت الزّواقيل. وفاة عَبْد المُلْك وعودة الرجّالة: ثمّ تُوُفّي عَبْد المُلْك في هذه الأيام. فنادى الحسين بْن عليّ بْن عيسى في الْجُنْد، وصَيّر الرَّجَّالَةَ في السفن، والفُرسان عَلَى الظَّهْر، ووصّلهم حتى أخرجهم مِن بلاد الجزيرة في رجب، ودخل بغداد. فلما كان في جوف الليل طلبه الأمين، فقال للرسول: ما أَنَا مُغَنّ ولا مُسامِر ولا مُضْحك، ولا وُلِّيتُ لَهُ عملا، فلأيّ شيءٍ يريدني؟ انصرف فَمِن الغد آتيه. خطبة الحسين بْن عليّ في الأبناء: قَالَ: فأصبح الحسين فوافى باب الجسر، واجتمع إِلَيْهِ النّاس، فأمر بإغلاق الباب الَّذِي يخرج منه إلى عُبَيْد الله بْن عليّ وباب سوق يحيى، وقال: يا معشر الأبناء، إنّ خلافة الله لا تُجاوَر بالبَطر، وَنِعْمَةٌ لا تُسْتَصْحب بالتجبُّر، وإن محمدًا يريد أن يزيغ أديانكم، وينكث بيعتكم، ويفرق أمركم. وتالله إنّ طالت يده، وراجعه مِن أمره قوّة، ليَرجعّن وَبَالُ ذَلِكَ عليكم، ولتعرفّن ضرره. فاقْطعوا أثَره قبل أن يقطع آثاركم، وَضَعُوا عزّه قبل أن يضع عزكم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 23 بيعة الحسين المأمون وخلعه الأمين: ثمّ أمر الناس بعبور الجسر، فعبروا حتى صاروا إلى سكّة باب خُراسان، واجتمعت الحربيّة وأهلُ الأرباض ممّا يلي بابَ الشام، فتسرّعت خيولٌ مِن خيول الأمين مِن الأعراب وغيرهم إلى الحسين، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثمّ استظهر عليهم الحسين وتَفَرّقوا. فخلع الحسينُ محمدًا لإحدى عشرة لَيْلَةً خَلَت مِن رجب، وبايع المأمونَ مِن الغد، ثمّ غدا إلى محمد. حبس الأمين وأمّه في قصر المنصور: فوثب العبّاس بْن موسى بْن عيسى الهاشميّ فدخل قصر الخُلْد وأخرج منه محمدًا إلى قصر المنصور، فحبسه هناك إلى الظهر. وأخرج أمّه، أمّ جعفر، بعد أنْ أبت، وقنعها بالسَّوط وسَبَّها، وأُدخلت إلى قصر المنصور. خطبة محمد بْن أبي خَالِد لاعتزال الحسين بْن عليّ: فلمّا أصبح الناسُ مِن الغد طلبوا مِن الحسين بْن عليّ بْن عيسى بْن ماهان الأرزاق، وقد ماج الناس بعضهم في بعض. وقام محمد بْن أَبِي خَالِد كبير الأبناء بباب الشام فقال: أيّها الناس، والله ما أدري بأيّ سبب تَأمّر الحسين علينا؟ والله ما هُو بأكبرنا سنّا، ولا أكرمنا حسبًا، ولا أعظمنا منزلة وغَناء. وإنّ فينا مِن لا يرضي بالدَّنَيَّةِ، ولا ينقاد بالمخالفة، وإني أوّلكُم نقض عهده، وأنكر فِعله، فمن كَانَ رأيُه رأيي فلْيعتزلْ معي. وقام أسد الحربيّ فقال نحو مقالته. خطبة الشَّيْخ الكوفي وإخراج الأمين مِن حبسه: وأقبل شيخ كبير مِن أبناء الكوفة فصاح: اسكتوا أيّها النّاس؛ فسكتوا لَهُ، فقال: هَلْ تعتدون عَلَى محمدٍ بقطع أرزاقكم؟ قَالُوا: لا! قَالَ: فهل قصّر بأحدٍ مِن أعيانكم؟ قَالُوا: ما عِلمْنا! قال: فهل عُزِل أحدًا مِن قُوّادكم؟ قَالُوا: لا! قَالَ: فما بالكم خذلتموه وأَعَنْتُم عدوّه عَلَى اضطّهاده وأسْره؟ والله ما قتل قوم خليفتهم إلا سلَّط الله عليهم السيف. انهضوا إلى خليفتكم فادفعوا عَنْهُ، وقاتِلوا مِن أراد خلعه. فنهضت الحربيّة، ونهض معهم عامّة أهل الأرباض، فقاتلوا الحسين وأصحابه قتالا الجزء: 13 ¦ الصفحة: 24 شديدًا، وأكثروا في أصحابه الجراح، وأُسِر الحسين. فدخل أسد الحربيّ عَلَى الأمين، فكسر قيودَه وأقعده في مجلس الخلافة. فنظر محمد إلى قومٍ لَيْسَ عليهم لباس الْجُنْد، ولا عليهم سلاح، فأمرهم فأخذوا مِن الخزائن حاجتهم مِن السلاح، ووعدهم ومَنّاهم. الصفح عَنِ الحسين بْن عليّ: وأحضروا الحسين، فلامَه عَلَى خِلافه وقال: ألم أقدّم أباك عَلَى الناس، وأُشرّف أقداركم؟ قَالَ: بلى!. قَالَ: فما الَّذِي استحققتُ بِهِ منك أن تخلع طاعتي، وتؤلّب النّاس عَلَى قتالي؟ قَالَ: الثّقة بعفو أمير المؤمنين وحُسْن الظّنّ بصفحه. قَالَ: فإنّي قد فعلت ذَلِكَ، وولَّيْتُك الطلب بثأر أبيك. ثمّ خلع عَلَيْهِ وأمرَه بالمسير إلى حُلوان، فخرج. هرب الحسين بْن عليّ وقتله: فلمّا خفَّ النّاس قطع الجسر، وهرب في نفر مِن حَشَمه ومواليه. فنادى الأمين في الناس فركبوا وأدركوه. فلما بُصر بالخَّيل نزل فصلّي ركعتين ثمّ تهيّأ، فلقِيهم وحمل عليهم حملات في محلّها يهزمهم، ثمّ عثر بِهِ فرسه فسقط فابتدره الناس فقتلوه، وذلك عَلَى فرسخ مِن بغداد لستّ من رجب. وأتوا برأسه. وقيل إنّ الأمين لما عفى عَنْهُ استوزره ودفع إِلَيْهِ خاتمه. تجديد البيعة للأمين: وصبيحة قتله جدّد الْجُنْد البيعة للأمين. هرب الفضل بْن الربيع: وليلة قتله هرب الفضل بن الربيع. مسير طاهر بن الحسين يقتال بْن يزيد المهلّبي: ولما سار طاهر إلى الأهواز بلغه أنّ محمد بْن يزيد بْن حاتم المهلَّبيّ عامل الأمين عليها قد توجّه في جمع عازمًا النزول بجنديسابور وهو ما بين حَدّ الأهواز، والجبل، الجزء: 13 ¦ الصفحة: 25 ليحمي الأهواز مِن أصحاب طاهر، فدعا طاهر عدّة أمراء مِن جُنْده بأن يكمّشوا السير. ثمّ سارت عساكره حتى أشرفوا عَلَى عسكر مُكْرَم، وبه محمد بْن يزيد، فرجع ودخل الأهواز. ثمّ عبّى أصحابه عَلَى بابها والتقوا، وطال الحرب بينهم. مصرع محمد بْن يزيد وما قِيلَ في رثائه: ثمّ نزل محمد بن يزيد هو وغلمانه عن خيلهم وعرقبوهم، وقاتل حتى طعنه رَجُل برمح. وذكر بعضهم مصرعه ورثاه فقال: سن ذاق طعم الرُّقاد مِن فرحٍ ... فإنّي قد أَضَرَّ بي سَهَري وليّ فتى الرُّشْد فافتقدتُ بِهِ ... قلبي وسمعي وغرَّني بصْريّ كَانَ غِياثًا لدى الْمُحُولِ فقد ... ولّي غمامُ الرّبيع والمطرِ تولية طاهر العمال عَلَى البحرين وأخذ الطاعة مِن الكوفة والموصل وغيرها: وأقام طاهر بالأهواز، وولّي عمّاله عَلَى اليَمامة والبحرين. ثمّ أخذ عَلَى طريق البَرّ متوجهًا إلى واسط، وبها يومئذٍ السّنْدي بْن يحيى الحَرَشيّ. وجعلت المسالح كلّما قُرب طاهر من واحدة هرب مِن يحفظها. فجمع السّنْديّ والهيثم بْن شُعبة أصحابهما وهَمّا بالقتال، ثمّ هربا عَنْ واسط، فدخلها طاهر، ووجّه إلى الكوفة أحمد بْن المهلّب القائد، وعليها يومئذٍ العبّاس بْن موسى الهادي، فبلغه الخبر، فخلع الأمين، وكتب بالطّاعة إلى طاهر. ونزلت خيله واسط ثمّ فم النيل، وكتب عاملُ البصرة، منصور بْن المهدي، إلى طاهر بالطّاعة. ثمّ نزل طاهر جرجرايا وخندق عَلَيْهِ. وكتب بالطّاعة أمير الموصل المطّلب بْن عَبْد الله بْن مالك للمأمون. كلّ ذَلِكَ في رجب. إقرار العمّال عَلَى أعمالهم: ولمّا كتب هَؤلاءِ إلى طاهر بالطّاعة، أقرّهم عَلَى أعمالهم، واستعمل على مكة والمدينة داوود بْن عيسى بْن موسى الهاشميّ، وعلي اليمن يزيد بْن جرير القسْريّ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 26 هزيمة محمد البربريّ عند جسر صرصر: ثمّ غلب طاهر عَلَى المدائن، ثمّ صار منها إلى نهر صَرْصَرٍ، فعقد عَلَيْهِ جسرًا، فوجّه الأمين محمد بْن سليمان القائد، ومحمد بْن حمّاد البربريّ ليُبيّتا يَزَكَ طاهر، فكانت بينهم وقعة شديدة، فانهزم محمد القائد. انهزام الفضل بْن موسى عَنِ الكوفة: ووجّه الأمين عَلَى الكوفة الفضل بْن موسى بْن عيسى الهاشميّ وولاه عليها، فالتقاه محمد بْن العلاء ببعض قوّاد طاهر، فاقتتلوا وانهزم أصحاب فضل، وهمّ في أقفيتهم قتلا وأسرًا، فأسروا إسماعيل بْن محمد الْقُرَشِيّ وجمهور النّجّاريّ. إدبار أمر الأمين: وبقي أمرُ الأمين كلّ يوم في إدبار، والناس معذورون في خلعه، لكون نكث وخلع أخويه المأمون والمؤتمن. وأقام بَدَلَهما ابنه طفلا رضيعًا، مَعَ ما هُوَ فيه مِن الانهماك عَلَى اللَّهو والجهل. ذكر خبر خلع داوود بن عيسى الأمين: وأما داوود بْن عيسى الهاشميّ فإنه كَانَ عَلَى الحرمين، فأسرع في خلع الأمين. وبايع للمأمون وجوهُ أهل الحرمين، فاستخلف عليهما ولده سليمان، وسار في حظيرة مِن أقاربه يريد المأمون بمَرْو. فلمّا قدِم عَلَيْهِ تيمّن1 المأمون ببركة مكّة والمدينة، إذ كانوا أوّل مِن بايعه بعد خراسان. ووصل داوود بخمسمائة ألف درهم، ثمّ رجع مسرعًا ليقيم موسم الحجّ، ومعه ابن أخيه الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فمرّا بالعراق عَلَى طاهر، فبالغ في إكرامهما، ووجّه معهما يزيد بْن جرير بْن يَزِيدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقِسْرِيَّ، وقد عقد لَهُ طاهر عَلَى ولاية اليمن.   1 تيمن: تفاءل، واستبشر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 27 إقامة الموسم: وأقام الموسم العبّاس بْن موسى المذكور. وأحسن يزيد السيرة باليمن. انهزام عليّ بن نهيك أمام هَرْثَمَة: وفي شَعْبان عقد الأمين لعليّ بْن محمد بْن عيسى بْن نهيك الإمرة على نحو أربعمائة قائد، وأمرَه بالمسير إلى هَرْثَمَة. فساروا بحُلوان في رمضان، فهزمهم هَرْثَمَة وأسر أمير الجيش عليّ بْن محمد، وبعث بِهِ إلى المأمون. وزحف هَرْثَمَة فنزل النهروان. شغب الْجُنْد عَلَى طاهر وقتالهم لَهُ: وأقام طاهر عَلَى نهر صَرْصَرٍ، فكان لا يأتيه جيش مِن جهة الأمين إلا هزمه. وأخذ الأمين يدسّ الجواسيس إلى قوّاد طاهر يعدهم ويمنّيهم، فشغبوا عَلَى طاهر، واستأمَن خلقٌ إلى الأمين فأسنى عطاياهم، ثمّ كرّوا إلى صَرْصَرٍ لحرب طاهر. فالتقوا ودام القتال. تفريق الأمين الخزائن والذخائر عَلَى الناس: ثمّ انهزم جيش بغداد، وانتهَب أصحاب طاهر أثقالهم وأموالهم. فبلغ الأمينَ الخبرُ، فأخرج خزائنه وذخائره، وفرّق الصلات، وجمَع أهل الأرباض. واعترض الناس عَلَى عينه، فكان لا يرى أحدًا وسيمًا حسن الرّواء إلا خلع عَلَيْهِ وأمّره، وغلّف لحيته بالغالية، فسُمّوا قوّاد الغالية. وأعطى كل واحد خمسمائة درهم وقارورة غالية. مكاتبة طاهر لقوّاد الأمين واستمالتهم: ثمّ كاتب طاهرُ قوّادَ الأمين فاستمالهم، فشغبوا على الأمين، وذلك لست خلون مِن ذي الحجّة. فشاور قوّاده، فقيل لَهُ: تدارك أمرهم. فبذل فيهم بالعطا وأسرف. ونزل معسكرًا بالبستان، ففتح أهل السجونِ السجونَ وخرجوا، ووثب على العامّة السواد، وساءت حال الناس وعظم الشر، وتواكل الفريقان1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 311"، وتاريخ الطبري "8/ 391"، والكامل "6/ 250"، والبداية "10/ 228". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 28 أحداث سنة سبَع وتسعين ومائة: تُوُفّي فيها: أحمد بْن بشير، أبو بَكْر الكوفيّ، بقيّة بْن الوليد، أبو يُحْمد الكلاعيّ، إبراهيم بْن عُيَيْنة، أخو سُفْيان، بهز بْن أسد، مصريّ ثقة، ربعيّ بْن عُلَيّة، أبو الحَسَن أخو إسماعيل، الحَسَن بْن حبيب بْن نَدْبه، بصْريّ، زيد بْن أَبِي الزرقاء المَوْصِليّ، سلامة بْن رَوْح الأيليّ، عَنْ عُقيل، شُعَيْب بن حرب المدائني الزاهد، عبد الله بن وهب، أبو محمد، بمصر، عَبْد العزيز بْن حمران الزُّهْرِيّ الْمَدَنِيّ، الفضل بْن عَنْبَسَةَ الواسطيّ، ثقة، القاسم بْن يحيى بْن عطاء بْن مقدّم، حدّث فيها، محمد بْن فُلَيْح بْن سليمان المدنيّ، هشام بْن يوسف الصّنْعانيّ الفقيه، ورش المقرئ، واسمه عثمان بْن سَعِيد، وكيع بْن الجرّاح الرّؤاسيّ الإمام، أبو سَعِيد مولى هاشم، هُوَ عَبْد الرَّحْمَن. التحاق المؤتمن ومنصور بالمأمون: وفيها لحِق القاسم الملقّب بالمؤتمن، وهو أخو الأمين، ومنصور بْن المهديّ بالمأمون. شكوى المسلمين مِن أعمال زهير بْن المسيبّ: وفيها نزل زُهير بْن المسيّب الضّبيّ بكَلْواذي، ونصب المجانيق، واحتفر الخندق. وجعل يخرج في الأوقات عند اشتغال الْجُنْد بحرب طاهر، فيرمي بالمجانيق والعرّادات مِن أقبل وأدبر، ويعشّر أموال التّجار. وجعل يرمي المسلمين، فأتوا طاهرًا يشكون منه. وبلغ ذَلِكَ هرثمة من أَعْيَن، فأمدّه بالجنود. اشتداد الحصار عَلَى الأمين ببغداد: ثمّ نزل هَرْثَمَة نهر بين وبنى عَلَيْهِ حائطًا وخندقًا، وأعدّ المجانيق، وأنزل عُبَيْد الله بْن الوضّاح الشمّاسيّة. ونزل طاهر بْن الحسين البستان الَّذِي بباب الأبناء، فضاق الجزء: 13 ¦ الصفحة: 29 الأمين ذَرْعًا، وتفرّق ما كَانَ في يده مِن الأموال العظيمة. فأمر ببيع ما في الخزائن مِن الأمتعة، وضربَ آنية الذهب والفضّة دنانير ودراهم لينفقها. دَرْس 1 محاسن بغداد: ثمّ أمر برمي الحربيّة بالنَّفط والمجانيق، وهلك جماعة، وكثُر الخراب والهدْم حتّى دُرست محاسن بغداد، وعُمِلت فيها المراثي. تسلُّم طاهر لقصر صالح: ولم يزل طاهر مُصابرًا للأمين وجنده، حتَّى مل أهل بَغْدَاد قتاله، فاستأمن إلى طاهر الموكلون للأمين بقصر صالح، وسلّموا إِلَيْهِ القصر بجميع ما فيه في جُمَادَى الآخرة في منتصفه. ثمّ استأمن إلى طاهر صاحب شُرَطة الأمين محمد بْن عيسى. فضعُف ركن الأمين واستسلم. مقتل جماعة في قصر صالح: وقُتِل داخل قصر صالح: أبو العبّاس يوسف بْن يعقوب الباذغيسي وجماعة من القوّاد، وقُتِل خلْق مِن أصحاب طاهر. التحاق جماعة مِن القادة والعباسيين بطاهر: ثمّ لحِق بطاهر عَبْد الله بْن حُمَيْد الطّائيّ، وإخوته، وابن الحَسَن بْن قَحْطَبة، ويحيى بْن عليّ بْن ماهان، ومحمد بْن أَبِي العبّاس الطّائيّ. وكاتَبهُ قوم في السّرّ مِن العباسيين. إقبال الأمين على اللهو والشرب وسوء حال أهل بغداد: ولما كانت وقعة يوم قصر صالح أقبل محمد عَلَى اللهو والشرب، ووكّل الأمر إلى محمد بْن عيسى بْن نَهيك وإلى الهِرْش. فأقبل أصحاب الهِرْش يؤذون الرعيّة وينهبونهم، فلجأ خلْق ولاذوا إلى طاهر، فرأوا مِن أصحابه الأمن والخير. وبقي الناس في بغداد بأسوأ حال، وطال الأمر.   1 درس ذهب. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 30 ولبعضهم: بكيتُ دمًا عَلَى بغداد لمّا ... فقدتُ غضارة العيش الأنيقِ أصابتها مِن الحسّاد عينٌ ... فأفْنَتْ أهلها بالمنجنيق1 وهي طويلة. قتال الغوغاء والعياريين والحرافيش عَنِ الأمين وما قِيلَ فيهم: وبقي يقاتل عَنِ الأمين غوغاء بغداد والعيّارون والحرافشة وأنكوا في أصحاب طاهر. وكانوا يقاتلون بلا سلاح، فقال بعض الشعراء: خرّجت هذه الحروب رجالا ... لا لقحطانها ولا لنزارِ مَعْشَرًا في جواشن الصوف يغدو ... ن إلى الحرب كالأُسود الضَّواري وعليهمْ مَغٍافرُ الْخُوصِ تجزيـ ... ـهم عَنِ البِيض والتَّراسُ الْبَوَارِي لَيْسَ يدرون ما الفرار إذا الأبـ ... ـطال عاذوا مِن القَنا بالفرارِ واحدٌ منهم يُشدّ على ألـ ... ـفين عُرْيَانُ ما لَهُ مِن إزارِ كم شريفٍ قد أخملِتْهُ وكم قد ... رفعتْ مِن مُقامرٍ عيّارِ وقال آخر في غوغاء البغاددة: إذا حضروا قَالُوا بما يعرفونه ... وإن لم يروا شيئًا قبيحًا تخّرصوا ترى البطلَ المشهورَ في كلّ بلدةٍ ... إذا ما رَأَى العريان يومًا يُبَصْبِصُ وقعة درب الحجارة: ثمّ كانت بينهم وقعة درب الحجارة، وكانت لأصحاب محمد الأمين عَلَى أصحاب طاهر، فقُتل فيها خلْق كثير. وقعة باب الشّماسية: ثمّ كانت وقعة باب الشّماسيّة، وأُسِر فيها هَرْثَمَة، وانتصر فيها أصحاب محمد.   1 المنجنيق: يشبه آلة المدفع اليوم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 31 وَأُسَرَ هَرْثَمَة رجلٌ مِن العُراة، ولم يعرفه، فحمل بعض أصحاب هَرْثَمَة عَلَى الرجل فقطع يده وخلّصه، فمرّ منهزمًا، وبلغ خبرهُ أهلَ عسكره فتقوضّ بما فيه، وهرب أهله نحو حُلوان. وكان عَلَى العُراة حاتم بْن الصّقْر. وقعة العُراة وما قِيلَ فيهم: ثمّ نَجَدَ هَرْثَمَة وأصحابَه طاهرُ بنُ الحسين وأصحابُه، وقتلوا مِن العُراة خلائق، فأيقن محمد بالهلاك، وهرب مِن عنده عَبْد الله بْن خازم بْن خُزَيمة إلى المدائن في السُّفن بعياله. وقيل في قتل العُراة: كم قتيلٍ قد رأينا ... ما سألنا لأيش دارعًا تلقاه وعريا ... ن بجهل وطيش حبشيًّا يقتل النا ... س عَلَى قطعة خَيْش مُرتدٍ بالشمس راضٍ ... بالمُنَى من كل عيش يحمل الحملة لا يقـ ... ـتل إلا رأس الجيش احذر الرمية يا طا ... هر من كف الجيش ودام حصار بغداد خمسة عشر شهرًا، هكذا، فلا قّوة إلا بالله. ظهور السفيانيّ بالشام: وفيها أوفى السفياني بالشام، واستولى عَلَى سائرها باليَمانية، وهربت القيسيّة مِن الغوطة. حصار ابن بَيْهس لدمشق: ثمّ إنّه توثّب عَلَيْهِ مسلمة بْن يعقوب الأموي المروانيّ، وقبض عَلَيْهِ في أثناء السَّنَةِ، وقيده. واستبدّ بالأمر وبايع لنفسه، فلم يبلع رِيقَه حتى حاصره ابن بَيْهَس بدمشق أيامًا، ثمّ نصب عَلَى السور السلالم، كما يأتي1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 313"، وتاريخ الطبري "8/ 400"، وصحيح التوثيق "6/ 134-136". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 32 أحداث سنة ثمانٍ وتسعين ومائة: تُوُفّي فيها: إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، أيّوب بْن تميم التّميميّ المقرئ، بدمشق، سُفْيان بْن عُيَيْنَة، أبو محمد الهلالّي، صَفْوان بْن عيسى الزُّهْرِيّ، والأصحّ بعد ذَلِكَ، عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، أبو سَعِيد، عُمَر بْن حفص العبديّ، في قَوْل، عَمْرو بْن الهيثم، أبو قطن، بصْريّ ثِقة، عَنْبَسة بْن خَالِد الأَيْليّ، مالك بْن سُعير بْن الخمس الكوفيّ، محمد بْن شعيب بْن شابور، في قَوْل، محمد بْن معن الغِفَاريّ المدنيّ، تقريبًا، مسكين بْن بُكَيْر الحرّانيّ الحدّاد، محمد بْن هارون الأمين الخليفة، قُتِل، معن بْن عيسى القزاز المدنيّ، يحيى بْن سَعِيد القطّان، يحيى بْن عبّاد الضُّبَعيّ البصْريّ، ببغداد. ذكر استيلاء طاهر عَلَى بغداد: وفيها الحصار كما هُوَ عَلَى بغداد، ففارق محمدًا خُزَيْمَة بْن خازم مِن كبار قوّاده. وقفز إلى طاهر بْن الحسين هُوَ ومحمد بْن عليّ بْن عيسى بْن ماهان، فوثبا عَلَى جسر دِجلة في ثامن المحرَّم فقطعاه، وركّزا أعلامهما، وخلعا الأمين، ودعيا للمأمون. فأصبح طاهر بْن الحسين وألحّ في القتال عَلَى أصحاب محمد الأمين، وقاتل بنفسه. فانهزم أصحاب محمد، ودخل طاهر قسْرًا بالسيف، ونادي مناديه: مِن لَزِم بيته فهو آمن. ثمّ أحاط بمدينة المنصور، وبقصر زُبيدة، وقصر الخُلْد، فثبت عَلَى قتال طاهر حاتم بْن الصَّقْر والهِرْش والأفارقة. فنصب المجانيق خَلَف السّور وعلى القصرين ورماهم. فخرج محمد بأمّه وأهله مِن القصر إلى مدينة المنصور، وتفرّق عامة جُنْده وغلمانه، وقلّ عليهم القُوت والماء، وفنيت خزائنه عَلَى كثْرتها. ذِكر غناء الجارية ضَعْف: وذُكِر عَنْ محمد بْن راشد: أخبرني إبراهيم بْن المهديّ أنّه كَانَ مَعَ محمد بمدينة المنصور في قصر باب الذهب، فخرج لَيْلَةً مِن القصر مِن الضَّيق والضَّنك، فصار إلى قصر القرار فطلبني، فأتيتُ، فقال: ما ترى طِيبَ هذه الليلة، وحُسن القمر، وضوءه في الماء، هَلْ لك في الشراب؟ قلت: شأنك. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 33 فدع برطلٍ مِن نبيذ فشرِبه، ثمّ سُقيتُ مثله، وابتدأتُ أُغنّيه مِن غير أن يسألني، لِعِلمي بسوء خُلُقهِ، فغنّيت. فقال: ما تَقُولُ فيمن يضرب عليك؟ فقلت: ما أحْوَجني إلى ذَلِكَ. فدعا بجاريةٍ اسمها ضَعْف، فتطيّرت مِن اسمها. ثمّ غَنَّتْ بشِعر النّابغة الْجَعْديّ: كُلَيْبٌ لَعَمْري كَانَ أكثَرَ ناصرًا ... وأيْسَرَ ذَنبًا منك ضُرّج بالدَّم فتطيّر مِن ذَلِكَ، وقال: غنّي غيرَ هذا، فغنّت: أبكَى فِراقُهُمُ عينيِ فأرّقها ... إنّ التفرُّقَ للأحباب بَكّاءُ ما زال يعدو عليهم رَيْبُ دهرهُم ... حتى تفانَوْا وريْبُ الدَّهْر عَدَّاءُ فاليوم أبكيهمُ جَهْدي وأندُبهم ... حتى أأوب وما في مُقلتي ماءُ فقال لها: لعنكِ الله، أما تعرفين غير هذا؟ فقالت: ظننتُ أنّك تحبّ هذا! ثمّ غنّت: أما وَرَبّ السُّكُون والحَرَكِ ... إنّ المنايا كثيرةُ الشَّركِ ما اختلف اللَّيْلُ والنهار ولا ... وارت نجومُ السماء في الفلكِ إلا لنقل السلطان عَنْ ملْكٍ ... قد زال سلطانه إلى مَلَكِ وَمُلْكُ ذيِ العرش دائمٌ أبدًا ... لَيْسَ بفانٍ ولا بمشتَركِ1 فقال لها: قومي لعنك الله. فقامت فَتَعثّرت في قدح بِلَّور لَهُ قيمة فكسرته، فقال: ويحْك يا إبراهيم، أما ترى، والله ما أظنّ أمري إلا وقد قرُب. فقلت: بل يُطيل الله عُمرك، ويُعز مُلكَك. فسمعتُ صوتًا مِن دجلة: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: 41] . فوثب محمد مغتمّا، ورجع إلى موضعه بالمدينة، وقُتِل بعد لَيْلَةٍ أو ليلتين. حكاية المسعودي عَنْ مقرطة الأمين: وحكى المسعودي في المروج قَالَ: ذكر إبراهيم بْن المهديّ قَالَ: استأذنتُ على   1 تاريخ الطبري "8/ 477"، والبداية والنهاية "10/ 240". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 34 الأمين في شدّة الحصار، فإذا هُوَ قد قطع دِجلة بالشِباك، وكان في القصرِ برْكة عظيمة، يدخُل مِن دجلة إليها الماءُ في شُبّاك حديد. فسلّمتُ وهو مقيم عَلَى الماء، والخَدَم قد انتشروا في تفتيش الماء، وهو كالوَالِه1، فقال: لا تؤذيني يا عمّ، فإنّ مقْرطتي قد ذهبت مِن البركة إلى دجلة، والمقرطة سمكة كانت قد صيدت لَهُ، وهي صغيرة، فقرطها بحلقتي ذَهَب، فيها جوهرتان، وقيل ياقوتتان، فخرجت وأنا آيس مِن فَلاحه. شدّة بطش الأمين: وكان محمد فيما نقل المسعوديّ، في نهاية الشدّة والبطْش والحُسْن، إلا أنّه كَانَ مَهينًا، عاجز الرأي، ضعيف التدبير. وحُكى أنّه اصطبح يومًا، فأتي بسبْعٍ هائلٍ عَلَى جمل في قفص، فوُضع بباب القصر، فقال: افتحوا القفص وخّلوه. فقيل: يا أمير المؤمنين، إنّه سبعٌ هائل أسود كالثور، كثير الشّعْر. قَالَ: خلّوا عَنْهُ. ففعلوا، فخرج فزأر وضرب بذَنَبه الأرضَ، فتهارب الناس، وأغلقت الأبواب، وبقي الأمين وحده غير مكترِث. فأتاه الأسد وقصَده ورفع يده، فجذبه الأمين وقبض عَلَى ذنبه، وغمزه وهزّه ورماه إلى الخلف، فوقع السَّبْع عَلَى عجزه ميتًا. وجلس الأمين كأنّه لم يعمل شيئًا. وإذا أصابعه قد تخلّعت. فشقّوا بطن الأسد فإذا مرارته قد انشقّت عَلَى كبده. الإشارة عَلَى الأمين بالخروج إلى الجزيرة والشام: وعن محمد بْن عيسى الْجُلُودي قَالَ: دخل على محمد بْن زُبيدة: حاتمُ بْن صقْر، ومحمد بْن الأغلب الإفريقيّ، وقوّاده، فقالوا: قد آلت حالُنا إلى ما ترى، وقد رأينا أن تختار سبعة آلافِ رجلٍ مِن الْجُنْد فتحملهم عَلَى هذه السبعة آلاف فَرَس التي عندك، وتخرج ليلا، فإنّ الّليل لأهله، فتلحق بالجزيرة والشام، وتصير في مملكة   1 الواله: المجنون. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 35 واسعة يتسارع إليك الناس. فعزم عَلَى ذَلِكَ، فبلغ الخبر إلى طاهر، فكتب إلى سليمان بْن المنصور، والى محمد بْن عيسى بْن نَهِيك، والسّنْديّ بْن شاهك: لئن لم تَرُدُّوه عَنْ هذا الرأي لا تركتُ لكم ضيعة. فدخلوا عَلَى محمد، وخوّفوه مِن الذين أشاروا عَلَيْهِ أنّهم يأخذونه أسيرًا، ويتقرّبون بِهِ إلى المأمون. وضربوا لَهُ الأمثال، فخاف ورجع إلى قبول ما يبذلونه لَهُ مِن الأَيْمان، ويخرج إلى هَرْثَمَة. النصح للأمين بالاستسلام لهَرْثَمَة: وعن عليّ بْن يزيد قَالَ: وفارق محمدًا: سليمان بْن المنصور، وإبراهيم بْن المهديّ ولحِق بعسكر المهديّ. وقوي الحصار عَلَى محمد يوم الخميس والجمعة والسبت، وأشار عَلَيْهِ السّنْديّ بأنّه لَيْسَ لَهُ فرج إلا عند هَرْثَمَة. فقال: وكيف لي بهَرْثَمَة وقد أحاط الموتُ بي مِن كلّ جانب؟ فلمّا همّ بالخروج إِلَيْهِ مِن دون طاهر، اشتدّ ذَلِكَ عَلَى طاهر وقال: هُوَ في جُنْدي، وأنا أخرجته بالحرب، ولا أرضي أن يخرج إلى هَرْثَمَة دوني. فقالوا لَهُ: هُوَ خائف منك، ولكن يدفع إليك الخاتم والقضيب والبُردة، فلا يفسُد هذا الأمر. فرضي بذلك. وقوع الأمين في الأسر: ثمّ إنّ الهِرْش لمّا علم بذلك أراد التقرُّب إلى قلب طاهر، فقال في كتاب إِلَيْهِ: الَّذِي قالوه لك مَكْرٌ، ولا يدفعون إليك شيئًا. فاغتاظ وكَمَن حول قصر أمّ جعفر في السلاح والرجال، وذلك لخمسٍ بقين مِن المحرّم. فلمّا خرج محمد وصار في الحرّاقة رموه بالنّشّاب والحجارة، فانكفأت الحرّاقة، وغرِق محمد وهَرْثَمَة، ومن كَانَ بها. فسبح محمد حتى صار إلى بستان موسى، فعرفه محمد بْن حُمَيْد الطّاهريّ، فصاح بأصحابه، فنزلوا ليأخذوه، فبادر محمد الماء، فأُخذ برجْله وَحُمِلَ عَلَى برْذَوْن، وخلْفه مِن يُمسكه كالأسير. ما رُوِيَ حول أسر الأمين: وعن خطّاب بْن زياد أنّ محمدًا وهَرْثَمَة لما غِرقا أتانا محمد بْن حُمَيْد، فأسَرَّ إلى طاهر أنّه أسر محمدًا. فدعا بمولاه قريش الدَّنْدانيّ، وأمره بقتل محمد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 36 وأمّا المدائنيّ فروى عَنْ محمد بْن عيسى الْجُلُوديّ: أنّ محمدًا دعا بعد العِشاء بفَرَس أدهم كَانَ يسمّيه الزُّهَيريّ، وقبّل وَلَدَيْه، ودمعت عيناه. ثم ركب وخرجنا بن يديه، فرِكْبنا دوابَّنا، وبين يديه شمعة، وأنا أقِيه بيدي خوفًا مِن أن تَجيئه ضربةُ سيف بغَتةً. ففُتح لنا باب خُراسان، وخرجنا إلى المُشْرَعَة، فإذا حرّاقة هَرْثَمَة، فنزلنا ورجعنا بالفَرَس وغلّقنا باب المدينة، ثمّ سمعنا الضّجّة، فصعدنا إلى أعلى الباب. وذُكِر عَنْ أحمد بْن سلام صاحب المظالم قَالَ: كنت فيمن كان مع هرثمة من القُوّاد في الحرّاقة، فلمّا دخل محمد الحرّاقة قمنا لَهُ، وجثا هَرْثَمَة عَلَى رُكبتيه فقال: يا سيّدي، لم أقدر عَلَى القيام لمكان النَّقْرس. ثمّ قّبل يديه ورِجْلَيه، وجعل يَقُولُ: يا سيّدي ومولاي، وابن مولاي. وجعل يتصفَّح وجوهنا، ونظر إلى عُبَيْد الله بْن الوضّاح، فقال: أيُّهم أنت؟ قَالَ: عُبَيْد الله. قَالَ: جزال الله خيرًا، فلما أشكرني لِمَا كَانَ منك في أمر الثلج. فشدّ علينا أصحاب طاهر في الزواريق والحرّاقات، وصَبّحوا، وتعلّق بعضهم بالحرّاقة، وبعضهم يسوقها، وبعضهم يرمي بالآجُرّ والنّشّاب، فنُقبت الحرّاقة، ودخلها الماء وغرِقت. فعلِق الملاح بشعر هَرْثَمَة، فأخرجه وخرجنا. وشقّ محمد عَنْهُ ثيابه ورمى بنفسه. فطلعتُ فعلِق بي رجلٌ مِن أصحاب طاهر، وذهب بي إليه، فقال: ما فعل محمد؟ قلت: قد رَأَيْته حين شقّ ثيابَه وقذف بنفسه. فركِب، وأُخذتُ معهم وفي عنقي حبل، وأنا أعدو، فتعبتُ. فقال الَّذِي يجنُبني: هذا لَيْسَ يُصَاد. فقال: انزل فجُزَّ رأسه. فقلت: جُعلتُ فِداك، وَلِمَ؟ وأنا رجلٌ مِن الله في نعمة، ولم أقدر عَلَى الْعَدْوِ، وأنا أفدي نفسي بعشرة آلاف درهم. فقال: وأين هِيَ؟ فقلت: حتى نُصبح أَنَا أرسلُ مِن ترى أنتَ إلى وكيلي في منزلتي بعسكر المهديّ، فإنْ لم يأتِكَ بالعشرة آلاف فاقتلني. فأمر بحملي فحُملت رِدفًا، وردّوني إلى منزلتهم. وبعد هُويّ مِن اللَّيْلِ إذا نَحْنُ بحركة الْخَيْلِ، ثمّ دخلوا وهم يقولون: يُسَر زُبيدة. فأُدخِل عليّ رجلٌ عُريان عَليْهِ سراويل وعمامة ملثَّم بها، وعلى كِتَفْيه خرقة خَلقة، وصيّروه معي، ووكّلوا بنا. فلمّا الجزء: 13 ¦ الصفحة: 37 حسَر العمامة عَنْ وجهة إذا هُوَ محمد. فاستعبرتُ واسترجعت في نفسي. ثمّ قَالَ: مِن أنت؟ قلت: أَنَا مولاك أحمد بْن سلام. فقال: أعرفكَ كنتَ تأتيني بالرَّقَّة. قلت: نعم. قَالَ: كنت تأتيني وتُلْطفني كثيرًا، لستَ مولاي بل أنتَ أخي ومنّي. أُدْنُ مِنّي، فإنّي أجدُ وحشةً شديدة. فضممته إليّ، ثمّ قَالَ: يا أحمد، ما فعل أخي؟ قلت: هُوَ حيّ. قَالَ: قبّح الله صاحب البريد ما أكذبه، كَانَ يَقُولُ لي قد مات. قلت: بل قبّح الله وزراءك. قَالَ: لا تقُل، فما لَهُم ذنب، ولست أول مِن طلب أمرًا فلم يقدر عَلَيْهِ. ثمّ قَالَ: ما تراهم يصنعون بي؟ يقتلوني أو يَفُون لي بأمانهم؟ قلت: بل يَفُون لك يا سيّدي. وجعل يمسك الخِرْقة بعضُدَيْه، فنزعتُ مبطَّنةً عليّ وقلت: أَلْقِها. فقال: ويْحك! دعني، فهذا مِن الله لي في هذا الموضع خير كثير. ذكر خبر قتل الأمين: ثمّ قمت أوتِر، فلمّا انتصف اللَّيْلُ دخل الدار قوم مِن العجم بالسيوف، فقام وقال: إنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، ذَهَبَتْ والله نفسي في سبيل الله، أما مِن حيلةٍ، أما مِن مُغيث. فأحجموا عَنِ التقدُّم، وجعل بعضهم يَقُولُ لبعض: تقدَّم، ويدفع بعضُهم بعضًا، فقمت وصرتُ وراء الحُصُر المُلَفَّفة. وأخذ محمدٌ بيده وسادة وقال: ويحكم إني ابن عم رسول الله، أَنَا ابن هارون، أَنَا أخو المأمون، الله الله في دَمي. فوثب عَلَيْهِ خمارويه، غلام لقريش الدنْدانيّ، فضربه بالسيف عَلَى مقدَّم رأسه، فضربه محمد بالوسادة واتّكى عَلَيْهِ ليأخذ السيف مِن يده. فصاح خمارويه: قتلني قتلني، فتكاثروا عَلَيْهِ فذبحوه مِن قفاه، وذهبوا برأسه إلى طاهر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 38 وذُكِر عَنْ أحمد بْن سلام في هذه القصّة قَالَ: فلقَّنْته لما حدَّثته ذِكَر الله والاستغفارَ، فجعل يستغفر. قَالَ: ونُصِب رأسه عَلَى حائط بستان. وأقبل طاهر يَقُولُ: هذا رأس المخلوع محمد. ثمّ بعث بِهِ مَعَ البُرْد والقضيب والمصلّي، وهو مِن سَعَفٍ مُبطّن، مَعَ ابن عمّه محمد بْن مُصْعَب، فأمر لَهُ بألف درهم. ولما رَأَى المأمون الرأس سَجد. رثاء إبراهيم بْن المهديّ للأمين: ولما بلغ إبراهيم بن المهدب قتْلُ محمد، وأنّ جثته جُرَّت بحبلٍ بكى طويلا، ثمّ قَالَ: عُوجا بمغْنَى طلل داثرٍ ... بالخُلْد ذات الصخر والأجُرِ والمَرْمَر المسنونِ يُطلَى بِهِ ... والبابِ باب الذَّهَب الناضرِ وأبلِغا عنِّي مقالًا إلى الـ ... ـمولى عَنِ المأمور وَالآمِرِ قولا لَهُ: يا ابنَ وليّ الهُدى ... طهّر بلاد الله مِن طاهرِ لم يكفه أن جَزَّ أوداجَه ... ذَبْحَ الهدَايا بمُدَى الجازرِ حتى أتى تُسحبُ أوصاله ... في شَطَنٍ يُفْني بِهِ السّائِرِ قد برد الموتُ عَلَى جفنه ... فطرفُه منكسِرُ الناظرِ1 وبلغ ذَلِكَ المأمونَ فاشتدّ عَلَيْهِ. وثوب الْجُنْد بطاهر: ثمّ إنّ طاهرًا صلّي بالناس يوم الجمعة، وخطبهم خطبةً بليغة. ثمّ إنّ الْجُنْد وثبوا بِهِ للأرزاق، ولم يكن في يديه مال، وضاق بِهِ أمره، فخشي وهرب مِن البُستان، وانتهبوا بعض متاعه، وأحرق الْجُنْد باب الأنبار، وحملوا السلاح يومهم. ومن الغد نادوا: موسى يا منصور. ثمّ تعبّى طاهر ومَن معه لقتالهم، فأتاه الوجوه، واعتذروا بأنّ ما جرى مِن فعل السُّفَهاء الأحداث، فأمر لهم برزق أربعة أشهر، ووصل البريد   1 تاريخ الطبري "8/ 488"، والكامل "6/ 287". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 39 إلى المأمون في ستّة عشر يومًا وهو بمَرْو. ما قِيلَ في رثاء الأمين: وممّا قِيلَ في الأمين: لِمَ نُبَكّيك لماذا لِلطَّربْ ... يا أبا موسى وترْويج اللُّعَبْ ولِتَرْك الخَمْس في أوقاتها ... حرصًا مِنك عَلَى ماء الْعِنَبْ وشنَيفٍ أَنَا لا أبكى لَهُ ... وعلى كوثَر لا أخشى الْعَطَبْ لم تكن تصلُح للمُلْك ولم ... تُعْطكَ الطّاعة بالمُلك الْعَرَبْ لِمَ نُبَكّيك لما عرَّضْتَنا ... للمجانيق وَطَوْرًا للسَّلَبْ1 وساق ابن جرير عدّة قصائد في مراثيه. ولخُزَيْمَة بْن الحَسَن عَلَى لسان أمّ جعفر قصيدة يَقُولُ فيها: أتى طاهرٌ لا طهّر الله طاهرًا ... فما طاهرٌ فيما أتى بمُطهَّرِ قد خرّجني مَكشوفَةَ الوجه حاسرًا ... وأَنْهَبَ أموالي وأحرق آدُري يَعُزُّ عَلَى هارون ما قد لِقيتُهُ ... وما مرّ بي مِن ناقص الخلق أعور تَذَكَّرْ أميرَ المؤمنينَ قَرابتي ... فَدَيْتُكَ مِن ذي حُرمةٍ مُتذكّرِ2 ذكر إسراف الأمين في اللهو والإنفاق: قَالَ ابن جرير: ذُكِر عَنْ حُمَيْد بْن سَعِيد بْن بحر قَالَ: لما ملك محمد، ابتاع الخِصْيان، وغالى بهم وصيّرهم لخلْوته، ورفض النّساء والجواري. وقال حُمَيْد: لما ملك وجَّه إلى البلدان في طل المُلهين، وأجرى لهم الأرزاق، واقتني الوحوش والسباع والطيور، واحتجب عَنْ أهل بيته وأمرائه، واستخفّ بهم. ومَحَقَ ما في بيوت الأموال، وضيّع الجواهر والنفائس. وبنى عدّة قصور لِلَّهْوِ في   1 تاريخ الطبري "8/ 500". 2 السابق "8/ 506". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 40 أماكن. وعمل خمس حرّاقات عَلَى خِلْقة الأسد والفيل والعُقاب والحيّة والفَرَس، وأنفق في عملها أموالا. فقال أبو نُواس: سَخَّر الله للأمين مطايا ... لم تُسخَّر لصاحب المحرابِ فإذا ما رِكابُه سِرْنَ برًّا ... سار في الماء راكبًا ليث غابِ أسدًا باسِطًا ذراعيه يهوي ... أهْرَتَ الشَّدْق1 كالحَ الأنيابِ وعن الحسين بْن الضّحّاك قَالَ: ابتنى الأمين سقيفةً عظيمة، أنفق في عملها نحو ثلاثة آلاف ألف درهم. وعن أحمد بْن محمد البرمكيّ، أنّ إبراهيم بْن المهديّ غنّي محمد بْن زُبيدة: هجرتُكِ حتى قلتِ: لا يعرف الهوى ... وزُرْتك حتى قِيلَ: لَيْسَ لَهُ صبرُ فطرِب محمد وقال: أوقِروا لَهُ زَورقه ذَهَبًا. وجاء عَنْهُ أخبار في مثل هذا، وكان كثير الأكل. رجاء ابن حنبل الرحمة للأمين: قَالَ أحْمَد بْن حنبل: إنّي لأرجو أن يرحم الله الأمين بإنكاره عَلَى إسماعيل بن عُلَيَّة، فإنّه أُدخل عَلَيْهِ فقال لَهُ: يا ابنَ الفاعلة، أنت الَّذِي تَقُولُ: كلام الله مخلوق؟!. استيلاء ابن بَيْهَس عَلَى دمشق: وفيها قوي محمد بْن صالح بْن بَيْهَس الكلابيّ، وظهر عَلَى السُّفيانيّ الَّذِي خرج بدمشق، وحاصرها، ثمّ نصب عليها السلالم وتسوّرها2 أصحابه. وكان قد تغلّب عَلَى دمشق مَسْلَمة بْن يعقوب الأُمويّ، فهربَ وعمد إلى أَبِي العُمَيْطِر، وكان في حبْسه، ففكّ قيده، ثمّ خرجا بزيّ النّساء في السرّ إلى المِزَّة. واستولى ابن بَيْهَس عَلَى البلد. ثمّ جرى بينه وبين أهل المزرة ودَارَيّا حرب. وبقي حاكمًا عَلَى دمشق مدّة مِن جهة المأمون إلى سنة ثمانٍ ومائتين.   1 الشدق: جانب الفم مما تحت الخد، وكانت العرب تمتدح رحابة الشدقين، لدلالتها على جهارة الصوت. المعجم الوجيز "ص/ 338". 2 تسورها: علاها وتسلقها. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 41 ذكر خروج ابن الهِرش في سِفْلة الناس: وفي ذي الحجّة خرج الحَسَن الهِرش في سِفْلة الناس وخلْق مِن الأعراب يدعو إلى الرضا مِن آل محمد. وأتى النّيل، وجبى الخراج، وصادر التّجّار، ونهب القرى والمواشي. استعمال المأمون للحسن بْن سهل عَلَى جميع البلاد المفتوحة: وفيها استعمل المأمون الحَسَن بْن سهل أخا الفضل عَلَى جميع ما افتتحه طاهر بْن الحسين مِن كُوَر الجبال والعراق والحجاز واليمن. ولاية طاهر الجزيرة والشام ومصر والمغرب: وكتب إلى طاهر أن يسير إلى الرَّقَّةِ لحرب نصر بْن شبث، وولاه الجزيرة والشام ومصر والمغرب. وأمر هَرْثَمَة أن يردّ إلى خُراسان. ذِكر ثورة أهل قُرْطُبَة: وفي رمضان ثار أهل قُرْطُبَة بأميرهم الحَكَم بْن هشام الأمويّ وحاربوه لجوره وفسْقه، وتُسمّى وقعة الرَّبَض. وخرج عَلَيْهِ أهل رَبَض البلد، وشهروا السلاح، وأحاطوا بالقصر، واشتدّ القتال، وعظُم الخطْب، واستظهروا عَلَى أهل القصر. فأمر الحَكَم أمراءه فحملوا عليهم، وأمر طائفةً فَنَقبوا السُّور، وخرج منه عسكر، فأتوا القوم مِن وراء ظهورهم، وقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، ونهبوا الدُّور، وأسَروا وعملوا كلّ قبيح، ثمّ لقوا الحَكَم، فانتقى مِن الأسرى ثلاثمائة مِن وجوه البلد، فصُلبوا عَلَى النهر مُنَكَّسِين. وبقي النَّهْب والسَّلْب والحريق في أرباض1 قُرْطُبَة ثلاثة أيام ثمّ أمّنهم، فهجّ أهل قُرْطُبَة وتفرّقوا أيادي سبأ في الطُّرُق، ومضى خلْق منهم إلى الإسكندرية فسكنها2.   1 أنحاء أو أرجاء. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 311"، تاريخ الطبري "8/ 527"، البداية "10/ 240-261"، النجوم الزاهرة "2/ 231"، صحيح التوثيق "6/ 160". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 42 أحداث سنة تسعٍ وتسعين ومائة: تُوُفّي فيها: إِسْحَاق بْن سليمان الرّازيّ، أبو يحيى، إبراهيم بْن عُيَيْنَة، في قَوْل، وقد مّر، حفص بْن عبد الرَّحْمَن قاضي نَيْسابور، الحَكَم بْن عَبْد الله، أَبُو مطيع البلْخيّ، سليمان بْن المنصور أَبِي جعفر، في صَفَر، سيّار بْن حاتم، شُعيب بْن اللَّيْثُ بْن سعْد، في صَفَر، عَبْد الله بْن نُمَيْر الخارفي الكوفيّ، عُمَر بْن حفص العبْديّ، بصْريّ، عَمْرو بْن محمد العنقزيّ الكوفي، محمد بْن شُعيب بْن شابور، ببيروت، الهيثم بْن مروان العنْسيّ الدّمشقيّ، يونس بْن بُكَيْر الكوفيّ، راوي المغازي. وفيها قِدم الحَسَن بْن سهل مِن عند المأمون إلى بغداد، ففرّق عماله في البلاد. وجهّز أزهر بْن زهير بْن المسيّب إلى الهِرش في المحرَّم فقتل الهِرش. خروج ابن طباطبا بالكوفة: وفي جُمَادَى الآخرة خرج بالكوفة محمد بْن إبراهيم بْن طباطبا واسمه إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب يدعو إلى الرضا مِن آل محمد، والعمل بالكتاب والسُّنَّة. وكان القائم بأمره أبو السرايا سريّ بْن منصور الشَّيْبانيّ. فهاجت الفِتَن، وتسرّع الناس إلى ابن طباطبا، واستوسقت1 لَهُ الكوفة. وأتاه الأعراب وأهل النواحي، فجهّز الحَسَن بْن سهل لحربه زهير بْن المسيّب في عشرة آلاف، فالتقوا، فَهُزِم زُهير واستباحوا عسكره، وغنِموا السلاح والخيل، وقووا في ذَلِكَ في سلخ جُمَادَى الآخرة. ذكر أمر أَبِي السرايا: فلمّا كَانَ مِن الغد أصبح محمد بن إبراهيم بن طباطبا ميتًا فجأة. وقيل أنّ أبا السرايا سمّه لكون ابن طباطبا أحرز الغنيمة ولم يُحسن جائزة أَبِي السرايا، أو لغير ذَلِكَ. وأقام أبو السرايا في الحال مكانه شابا أمرد اسمه محمد بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب.   1 استوسقت: وقعت تحت سيطرته. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 43 ثمّ جهّز الحَسَن بْن سهل جيشًا، عليهم عَبْدُوس بْن محمد المَرْوَرُوذيّ لحرب أَبِي السرايا. فالتقوا في رجب، فقُتِل عَبْدُوس، وأُسِر عمّه هارون بْن أَبِي خَالِد، وقُتِل أكثر جيشه وأُسِروا. وقوي الطالبيّون، وضربَ أبو السرايا عَلَى الدراهم: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] . الآية. ثمّ سار أبو السرايا قُدُمًا حتى نزل بقصر ابن هُبَيرة، وجهّز جيوشًا إلى البصرة وإلى واسط فدخلوها، وأوقعوا أمير واسط مِن جهة الحَسَن بْن سهل فهزمه، وانحاز إلى بغداد، وعظُم ذَلِكَ عَلَى الحَسَن، فبعث بردّ هَرْثَمَة بْن أَعْيَن مِن حلوان لحرب أَبِي السرايا، فامتنع، فأرسل إِلَيْهِ ثانيًا يلاطفه، فرجع هَرْثَمَة، وعقد لَهُ الحَسَن بْن سهل عَلَى حرب أَبِي السرايا، وجهّز معه منصور بْن المهديّ. فَعَسكر بنهر صَرْصَرٍ بإزاء أَبِي السرايا، والنهر بينهما. ثمّ تقهقر أبو السرايا فطلبه هَرْثَمَة، وقتل مِن تطرّف مِن جُنْده. وقعة قصر ابن هبيرة: ثمّ كانت وقعة عند قصر ابن هبيرة، قُتِل فيها خلْق مِن أصحاب أَبِي السرايا، فتحيّز إلى الكوفة، وعمد محمد بْن محمد والطالبيّون إلى دُور العباسيّين بالكوفة وضياعهم، فأحرقوا ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم مِن الكوفة. توجيه أَبِي السرايا عمّاله عَلَى المدينة ومكة: ثمّ وجّه أبو السرايا عَلَى المدينة محمد بن سليمان بن داوود بْن الحَسَن بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فدخلها ولم يقاتلْه أحد. ووجّه عَلَى مكّة والموسم حُسين بْن حسن الأفطس بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب، فلمّا قرُب توقّف عَنْ مكّة هيبة لمن فيها، وأميرها داوود بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ العباسي، فلما بلغ أميرها داوود ذَلِكَ، جمع موالي بني العباسي وعبيد حوائطهم. ذكر خروج داوود بْن عيسى مِن مكّة: وكان مسرور الخادم قد حجّ في تِلْكَ السُّنَّةِ في مائتي فارس، فقال لداوود: أقِم لي شخصك أو شخص بعض ولدك، وأنا أكفيك قتالهم. فقال داوود: لا أستحلٌ القتال في الحرم، ولئن دخلوا مِن هذا الفجّ لأخرجنّ مِن الجزء: 13 ¦ الصفحة: 44 الفجّ الآخر. فقال: تُسلَّم مكّة وولايتك إلى عدوك؟ فقال داوود: أيّ حال لي؟ والله لقد أقمت معكم حتى شختُ، فما وُلِّيتُ ولايةً؛ حتى كبرتُ وفني عُمري، فولّوني مِن الحجاز ما فيه القوت. وإنّما هذا المُلْك لك ولأشباهك، فقاتلْ عليه أو دع. ثم انحاز داوود إلى جهة المُشاش بأثقاله، فوجّه بها عَلَى درب العراق، وافتعل كتابًا مِن المأمون بتولية ابنه محمد بن داوود عَلَى صلاة الموسم؛ وقال لَهُ: أخرج فَصَلّ بالناس بمِنى الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، وبتْ بمنى، وصلَّ الصبح، ثمّ اركب دوابّك فانزل طريق عَرَفَة، وخُذ عَلَى يسارك في شِعْب عَمْرو حتى تأخذ طريق المُشاش، حتى تلحقني ببستان ابن عامر. ففعل ذَلِكَ، فخاف مسرور وخرج في أثر داوود راجعًا إلى العراق، وبقي الوفد بعرفة. فما زالت الشمس حضرت الصلاة، فتدافعها قوم مِن أهل مكّة، فقال أحمد بْن محمد بْن الوليد الأزرقيّ، وهو المؤذّن وقاصُّ الجماعة: إذا لم تحضر الوُلاة يا أهل مكّة، فليُصَلِ قاضي مكّة محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي، ولْيخُطبْ بهم. قَالَ: فلمن أدعو، وقد هرب هَؤلاءِ، وأطلّ هَؤلاءِ عَلَى الدخول؟ قَالَ: لا تَدْعُ لأحد. قَالَ: بل تقدّم أنت. دخول حسين بْن حسن مكّة وظُلم أهلها: فأبي الأزرقيّ، حتى قدّموا رجلا فصلّي الصلاة بلا خطبة، ثمّ مضوا فوقفوا بعَرَفَة. ثمّ دفعوا بلا إمام. وحسين بْن حسن متوقّف بسَرف، فبلغه خلو مكة، وهروب داوود، فدخلها قبل المغرب في نحو عشرة، فطافوا وَسَعَوْا، ومضوا بعد المغرب فأتوا عَرَفَة ليلا، فوقفوا ساعة، وأتى مُزْدلفة فصلّي بالناس الفجر. ثمّ إنه أقام بمكة وعسَف1 وظلم وصادر التجار، وكانت أعوانه تهاجم بيوت التجار لأجل الودائع، فيتهمون البريء ويعذّبونه؛ وأخذ ما في خزائن الكعبة مِن مال.   1 عسف: تعامل بالعنف والقوة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 45 ذكر انهزام أَبِي السرايا: وأما هَرْثَمَة فواقَع أبا السرايا ثانيًا فانكسر، ثمّ ثبت وانهزم أصحاب أَبِي السرايا، ثمّ أخذ هَرْثَمَة يكاتب رؤساء الكوفة. وثوب عليّ بْن محمد بالبصرة: وفيها وثب عليّ بْن محمد بْن جعفر الصّادق بالبصرة، واستولى عليها مِن غير حرب. ظهور إبراهيم بْن عليّ باليمن: وظهر باليمن إبراهيم بْن عليّ بْن موسى الرضا، فنفى عاملها عَنْهَا، وسبي، وأخذ الأموال. وكان يقال لَهُ الجزّار لكثرة ما قتل. والله أعلم1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 313"، وتاريخ الطبري "8/ 597"، والكامل "6/ 304". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 46 أحداث سنة مائتين : تُوُفّي فيها: أسباط بْن محمد الكوفيّ، في المحرَّم، أُمَيَّة بْن خَالِد البصْريّ، أخو هدْبة، أيّوب بْن المتوكّل البصْريّ المقرئ، أنس بن عِياض، أبو حمزة اللَّيْثي، سَلْم بْن قُتَيْبة الخُراسانيّ، بالبصرة، سيّار بْن حاتم العَقديّ، فيها بخُلْف، صَفْوان بْن عيسى الزُّهْرِيّ البصْريّ، عُمَر بْن عَبْد الواحد السُّلَميّ الدّمشقيّ، عَبْد المُلْك بْن الصّبّاح المسمعيّ، بصْريّ، عِمارة بْن بِشْر، فيها، حدّث بدمشق، قَتَادة بْن الفضيل الرَّهاوي، مبشّر بْن إسماعيل الحلبيّ، محمد بْن إسماعيل بْن أَبِي فُدَيْك المدنيّ، محمد بْن الحَسَن الأسديّ ابن التَّلّ، محمد بْن حُمَيْد السُّليحيّ الحمصيّ، محمد بْن شُعيب بْن شابور، قاله دُحَيْم، مُعَاذ بْن هشام الدَّسْتُوائيّ، معروف الكرْخيّ العابد، عَلَى الأصحّ، المغيرة بْن سَلَمَةَ المخزوميّ، بصْريّ، أبو البَخْتَرِيّ القاضي وهْب بْن وهْب. مقتل أَبِي السرايا: وفيها هرب أبو السرايا والطالبيّون مِن الكوفة في المحرَّم إلى القادسيّة، فدخلها الجزء: 13 ¦ الصفحة: 46 هَرْثَمَة ومنصور بْن المهديّ وأمّنوا أهلها. ثمّ أتى أبو السرايا إلى ناحية واسط، ثمّ مضى حتى أتى السُّوس وأنفق الأموال. فجاءهم الحَسَن بْن عليّ الباذغيسيّ فأرسل إليهم: اذهبوا حيث شئتم، فلا حاجة لي في قتالكم، ولست بتابعكم. فأتى أبو السرايا إلى قتاله، فالتقوا، فهزمهم الحَسَن واستباح عسكرهم، وجُرح أبو السرايا، وهرب هُوَ ومحمد بْن محمد، وأبو الشوك، وطلبوا رأس العين والجزيرة. فلمّا انتهوا إلى جَلُولا عثر بهم حمّاد الكُنْدُغُوش فأخذهم، وجاء بهم إلى الحَسَن بْن سهل وهو بالنهْروان، فقتل أبا السرايا في عاشر ربيع الأوّل، وبعث محمد بْن زيد بْن عليّ إلى مَرْو إلى المأمون. افتتاح البصرة واختفاء الطالبيين: وسار عليّ بْن أبي سَعِيد إلى البصرة فافتتحها، وكان بها زيد بْن موسى بْن جعفر أخو عليّ بْن موسى الرضا، وهو الَّذِي يقال لَهُ زيد النار، لكثرة ما حرّق من دُور العباسيّين بالبصرة. وكان يأتي بالرجل مِن المُسَوَّدَة فيحرّقه بالنار. وانتهب تُجّار البصرة، فأسره عليّ بْن أَبِي سَعِيد، واختفى الطالبيّون. ذكر ما فعله الأفطس بمكة: وأما حُسين بْن حسن الأفطس فبدّع بمكة حتى تردّه طائفة مِن أهلها، فهدم دُورهم، وأخذ أبناءهم، وجعل أصحابه يَحلّون ما عَلَى الأساطين مِن الذَّهَب اليسير، ويقلعون الشبابيك. فبلغهم قتْلُ أَبِي السرايا، فأتى حسين إلى محمد بْن جعفر الصّادق، وكان شيخًا فاضلا مُحبّبًا إلى الناس، تاركًا للخروج، قد روى العلم عَنْ أَبِيهِ، فقال: قد تعلم ما لك في الناس، فابرز نبايعك بالخلافة، فلا يختلف عليك اثنان، فأبى ذَلِكَ. فلم يزل بِهِ ابنه عليّ وحسين بْن حسن حتى غلبا عَلَى رأيه، وأقاموه يوم الجمعة في ربيع الآخر، فبايعوه، وحشروا الناسَ لمبايعته طَوْعًا وكرهًا. فأقام كذلك أشهرًا. ووثب حُسين عَلَى امرَأَة قُرَشِيّة بارعة الحُسن، فأخذها قهرًا مِن بيت زوجها، وبقيت عنده أيامًا، ثمّ هربت. ووثب علي بن محمد عليّ أمْرَدٍ بديع الجمال، فأخذه مِن دارهم، وأركبه فَرَسه في السَّرْج، وركب عَلَى الكفل، وذهب بِهِ في السّوق حتى خرج بِهِ إلى بئر ميمون الجزء: 13 ¦ الصفحة: 47 في طريق مِنى. فاجتمع أهل مكّة والمجاورون، وأغلقت الأسواق، وأتوا محمد بْن جعفر وقالوا: والله لنخلعنّك، ولنقتلنّك، أو لُتردنّ هذا الغلام الَّذِي أخذه ابنك جهرةً. فقال: والله ما علمتُ. وأمَرَ حُسَيْنًا أن يذهب إلى ابنه، فقال: إنّك والله لَتَعلم أنّي لا أقوى عَلَى ابنك، وأخاف محاربته. فقال محمد بْن جعفر لأهل مكّة: أمّنوني حتى أركب إِلَيْهِ، فأمنوه، فركب حتى صار إلى ابنه وأخذ الغلام، فسلّمه إلى أهله. وبعد قليل أقبل إِسْحَاق بْن موسى بْن عيسى بْن موسى بْن محمد العبّاسيّ فارًا عَنِ اليمن، لِتَغَلُّب إبراهيم بْن موسى بْن جعفر عليها، فنزل المُشَاش؛ فاجتمع العلويّون إلى محمد بْن جعفر فقالوا: قد رأينا أن نُخَنْدِق علينا بأعلي مكّة. ثمّ حشدوا الأعراب، فقاتلهم إِسْحَاق أيامًا، ثمّ كرِه الحربَ وطلب العراق. فلقِيه ورقاء بْن جميل في جُنْدٍ، فقال: ارجعْ بنا إلى مكّة، فرجع. واجتمع إلى محمد غَوْغاءَ أهل مكّة، وسُودان أهل المياه والأعراب، فعَبّأهم ببئر ميمون، وأقبل ورقاء وإسحاق بْن موسى بمن معهم مِن القُوّاد والْجُنْد فالتقوا وقُتِل جماعة. ثمّ تحاجزوا؛ ثمّ التقوا مِن الغد، فانهزم محمد وأهل مكّة. وطلب محمد الأمان، فأجابوه إِلَيْهِ، ثمّ نزح عَنْ مكّة، ودخلها إِسْحَاق ورقاء في جُمَادَى الآخرة. ذكر تفرُّق الطالبيّين عَنْ مكّة: وتفرّق الطالبيّون عَنْ مكّة كلّ قوم ناحية، فأخذ محمد ناحية جُدّة، ثمّ طلب الْجُحْفة. فخرج عَليْهِ محمد بْن حكيم مِن موالي آل العباس. وفد كَانَ الطالبيّون انتهبوا داره بمكة، وبالغوا في عذابه. فجمع عبيدًا ولحِق محمدًا بقرب عُسفان، فانتهب جميع ما معه حتى بقي في وسط سروايل. وهمّ بقتله، ثمّ رحِمَه وطرح عَليْهِ ثوبًا وعمامة، وأعطاه دُريهمات. فمضى وتوصّل إلى بلاد جُهَينة عَلَى الساحل، فأقام هناك أشهرًا يجمع الْجُمُوع، فكان بينه وبين والى المدينة هارون بْن المسيّب وقعات عند الشجرة وغيرها. فهُزم محمد، وفُقئت عينه بسهم، وقُتِل خلْق مِن أصحابه، ورُدّ إلى موضعه. ثمّ طلب الأمان مِن الْجُلُوديّ، ومن ابن عمّ الفضل بْن سهم رجاء، ورُدّ إلى الجزء: 13 ¦ الصفحة: 48 مكّة في آخر السَّنَةِ. فصعد عيسى بْن يزيد الْجُلُوديّ المنبرَ بمكة، وصعِد دونه محمد بْن جعفر، عَليْهِ قِباء أسود؛ فخلع نفسه، واعتذر عَنْ خروجه بأنّه بلغه موت المأمون. وقد صحّ عنده الآن أنّه حيّ، وخلع نفسه، واستغفر مِن فِعْله. ثمّ خرج بِهِ عيسى الْجُلُوديّ إلى العراق، واستخلف عَلَى مكة ابنه محمد بْن عيسى. فبعث الحَسَن بْن سهل بمحمد إلى المأمون. ذكر الحج هذا العام: وأقام الحجّ أبو إِسْحَاق المعتصم بْن الرشيد. مقتل هَرْثَمَة: وأما هَرْثَمَة، فلمّا فرغ مِن حرب أَبِي السرايا سار نحو خُرَاسان، فأتته الكتب مِن المأمون أن يرجع فيلي الشام أو الحجاز. فقال: لا أرجع حتى آتي أمير المؤمنين. إدلالا منه عَليْهِ، وليُشافِهه بمصالح، وليؤذي الفضل بْن سهل بأنّه لَيْسَ بناصح لَهُ. ففهم الفضل مُراده، فقال للمأمون: إنّ هَرْثَمَة قد ظاهَرَ عليك عدوّك، وعادي وليك، وخالف كتبك. وإن خلّيته كَانَ ذَلِكَ مفسدةً لغيره. فتوحّشَ عَليْهِ. وأبطأ هَرْثَمَة، ثمّ قِدم في أواخر السَّنَةِ، فقال لَهُ المأمون: مالأتَ علينا العلويّين، وداهَنْتَ، وحسّنت في السّرّ لأبي السرايا الخروج؟ فذهب هَرْثَمَة ليتكلّم ويدفع عَنْ نفسه، فلم يُقبل منه. وأُمِر بِهِ، فَوُجِئ عَلَى أنفه، ودِيس بطْنُه، وسُحِب وحُبس. ودسّ الفضل إلى الأعوان الغِلْظَة عَليْهِ، ثمّ قتلوه، وقيل مات. ذكر فتنة الْجُنْد ببغداد: وفيها هاج الْجُنْد ببغداد، لكون الحسن بن سهل ولم ينصفهم في العطاء، وبقيت الفتنة أيامًا. رجاء بْن أَبِي الضحّاك لإشخاص عليّ الرضا: وفيها وجّه المأمون رجاء بْن أبي الضحّاك، وهو الذي قِدم عَليْهِ محمد بْن جعفر ومعه قرناس الخادم، لإشخاص عَلَى بْن موسى الرضا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 49 ذكر إحصاء ولد العبّاس: وفيها أُحْصي وَلَدُ العبّاس، فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفًا ما بين ذكرٍ وأنثى. ذكر قتل الروم ملكهم اليون: وفيها قتلت الروم ملكها اليون، وكان قد تملك عليهم سبْعٍ سنين ونصفًا. ثمّ ملّكوا عليهم ميخائيل بْن جورجس ثانية. ذكر قتل يحيى بْن عامر: وفيها قتل المأمون يحيى بْن عامر بْن إسماعيل، لكونه أغلظ لَهُ وقال له: يا أمير الكافرين1.   1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 311-312"، تاريخ الطبري "8/ 534-545"، الكامل "6/ 320"، النجوم الزاهرة "1672"، صحيح التوثيق "6/ 151". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 50 تراجم الأعيان في هذا العَشْر: "حرف الألِف": 1- أحمد بن بشير الكوفي1. أبو بكر مَوْلَى بني مخزوم عَنْ: هاشم بْن هاشم الزُّهْرِيّ، والأعمش، وعبد الله بْن شُبْرُمة، ومجالد، وغيرهم. وعنه: محمد بْن سلام البيكَنْديّ، وسلْم بْن جُنادة، والحسن بْن عَرَفَة، وغيرهم. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 2- أحمد بْن موسى بْن أَبِي مريم2. أبو بَكْر، وقيل أبو عبد الله الخزاعي البصري اللّؤلؤيّ المقرئ. سَمِعَ: ابن عَوَانة، وأبان بْن تغلب، وعامر الجحدري.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 42"، والميزان "1/ 85". 2 الجرح والتعديل "2/ 75"، الثقات لابن حبان "6/ 3". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 50 وروى القراءة عَنْ: عيسى بْن عَمْرو، وعاصم الْجُحْدُريّ، وأبي عَمْرو بْن العلاء، وإسماعيل القسْط. وروى عَنْهُ: رَوْح بْن عَبْد المؤمن، ومحمد بْن يحيى القطعيّ، وخليفة بْن خيّاط، ونصر الجهضمي، ومحمد بن المثنى، وطائفة. قال أبو زرعة الرازي: صدوق قدري. وكنّاه مُسْلِم: أبا بَكْر. 3- إبراهيم بْن الأغلب بْن سالم التّميميّ القيرواني الشهيد أمير المغرب1. كَانَ مِن وجوه جنْد مصر، فوثب، بعد موت أبيه، هُوَ واثنا عشر رجلا بمصر، فأخذوا مِن بيت المال مقدار أرزاقهم، لم يزيدوا عَلَى ذَلِكَ، وهربوا فلحقوا بالزّاب مِن نواحي قيروان. فاعتقد إبراهيم بْن الأغلب عَلَى مِن كَانَ في تِلْكَ الناحية مِن الْجُنْد وغيرهم الرياسة. وأقبل بُهدي إلى هَرْثَمَة بْن أَعْيَن أمير القيروان يومئذٍ ويُلاطفه، ويُعلمه أنّي عَلَى الطاعة، وأنّني ما دعاني إلا الحاجة ومطل الديون لي. فاستعمله هَرْثَمَة عَلَى ناحية الزّاب، فكفاه أمرَها وضبطها. وقِدم عَلَى المغرب محمد بْن مقاتل العكّي، فأساء إلى الناس وَظَلَمَ، فقاموا عَليْهِ، فَنَجَدَه ابنُ الأغلب وأعاده إلى القيروان بعد أن طردوه منها. ثمّ كاتبوا الرشيد يستقيلونه مِن ابن مقاتل. فاستعمل عليهم ابن الأغلب لمّا رَأَى نهضته وحُسْن طاعته وانقيادَ اهل القيروان لَهُ. وكان فقيهًا، دينًا، خطيبًا، شاعرًا، ذا رأي وحزم وبأس ونجدة، وسياسة، وحُسن سيرة. قَلّ أنْ ولي أفريقيةَ أحدٌ مثله في العدل والسياسة. وقد طلب العلم وأخذ عَنْ: اللَّيْثُ بْن سعْد، وغيره. وكان اللَّيْثُ يكرمه، وأعطاه جارية حسناء هي أمّ ابنه زيادة الله. وكان لَهُ بمصر أخ اسمه عَبْد الله، محتشم نبيل. وأرسل أولاده إلى عند عمّهم إبراهيم. وكان مما رفع منزلة إبراهيم بْن الأغلب عند الرشيد ظَفَرُهُ بإدريس بن عبد الله بن   1 وفيات الأعيان "2/ 193-194"، والسير "9/ 128-129". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 51 حسن الحَسَنيّ نزيل المغرب وقتْله. وأشار هَرْثَمَة بْن أَعْيَن عَلَى الرشيد أيضًا بتوليته. وبالغ في وصفه، فولاه في أثناء سنة أربعٍ وثمانين ومائة. وردّ محمد العَكّي إلى المشرق، وانقمع1 الشرّ بالمغرب، وحسُنت حال إفريقية. وبني مدينة سمّاها العباسية. وكان يتولّى الصلاة بنفسه في جامع القَيروان. وكان عالمًا عاملا بعِلْمه، عَثَر يومًا في حصيرة المسجد، فدخل وقال لرؤساء الدّولة: استنكهوني. ففعلوا. فقال: إنّي خشيت أن يقع لأحدكم أنّي سَكْران. وخرج عَليْهِ بتونس حمديس بْن عبد الرَّحْمَن الكِنْديّ، فحاربه وظفر بِهِ، وقتل عشرة آلاف مِن عسكر حمديس في سنة ستٌّ وثمانين، وبعث برأس حمديس إلى الرشيد. وكان قائد جيوشه عِمران بْن مَخْلَد، وكان نازلا عنده في قصره، ثمّ خرج عَلَى ابن الأغلب وحشد، واستولى عَلَى أكثر بلاد إفريقية. وخَنْدَق إبراهيم عَلَى نفسه. وأقامت الحرب بينهما سنة، وهما كفَرسَي رهان، فأمدّه الرشيد بخزانة مالٍ مَعَ جماعة قُوّاد. فقوي ابن الأغلب، وتقلّل الْجُنْد عَنِ ابن مَخْلَد، والتفوا عَلَى ابن الأغلب لأخْذ أُعطياتهم. تُوُفّي ابن الأغلب عَلَى إمرة المغرب لثمان بقين مِن شوّال سنة ستٌّ وتسعين ومائة. وله ستٌّ وخمسون سنة. وولي بعده ابنه عَبْد الله، فأمّن عِمران وأكرمه وصيّره معه في قصره. ثم خاف غائلته2 فقتله. واشتغل الأمين والمأمون بأنفسهما واختبط أمر المغرب وغيرهما. 4- أبان بن عَبْد الحميد الرّقاشيّ3. مولاهم البصْريّ الشّاعر الشهير. مقدّم في الشّعْر والأدب، وله بَصَرٌ بالعِلم والفِقه. وكان ديّنًا خيَّرًا متألهًا، متهجدًا.   1 انقمع: انتهى أو توقف. 2 غائلته: غدره وخيانته. 3 انظر: تاريخ بغداد "7/ 44-45"، تاريخ الطبري "8/ 242". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 52 نظم للبرامكة كتاب "كليلة ودِمْنَة" أُرجوزة في أربعة آلاف بيت، فأجازه الوزير يحيى بْن خَالِد بعشرة آلاف دينار، فتصدّق بنصفها. أثنى عَليْهِ الخطيب، وذكره في تاريخه. 5- إبراهيم بْن صدقة. أبو عامر الأنصاريّ1، بصْريّ، قليل الرواية. سَمِعَ: قيس بْن عُبَيْد، وسُفْيان بْن حسين. وعنه: محمد بْن الْمُثَنَّى العنْبريّ، وأحمد بْن نصر المقرئ. 6- إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي محذورة الْجُمَحيّ الْمَكَّيّ2 عخ، ت، س. عَنْ: جَدّه، وأبيه. وعنه: الشافعي، والحميدي، وجماعة. 7- إبراهيم بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران الهلالّي3 -د. س. ق. مولاهم الكوفيّ، أخو سُفْيان، وعِمران، وآدم، ومحمد. يُكَنَّى أبا إِسْحَاق. روى عَنْ: أبي حيّان يحيى بْن سَعِيد التَّيميّ، ومِسْعر بْن كَدَام، وعَمرو بْن منصور الهمَدانيّ. وعنه: أحمد بْن بُديل، ويحيى بْن مَعِين، وعليّ بْن محمد الطَّنَافسيّ، والحسن بْن عليّ بْن عفّان العامريّ، وهو آخر أصحابه. وتوفي سنة سبْعٍ وتسعين أيضًا. قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ. 8- إبراهيم بْن هُدْبة، أبو هُدْبة البصْريّ4. يحدث عن أنس بالبواطيل.   1 الجرح والتعديل "2/ 106"، والتهذيب "1/ 128". 2 الجرح والتعديل "2/ 113"، والتهذيب "1/ 141". 3 الجرح والتعديل "2/ 118-119"، والتهذيب "1/ 149". 4 الجرح والتعديل "2/ 143-144"، والميزان "1/ 71-72". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 53 روى عَنْهُ: حُمَيْد بْن الربيع، ومحمد بْن عُبَيْد الله بْن المنادي، وسَعْدان بن نصرة، والخضر بْن أبان، وله عَنْهُ نسخة، ورُسْتَة. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: قِدم أصبهان فحدّث عَلَى المنبر، عَنْ أنس، فرُفع ذَلِكَ إلى جرير بن عبد الحميد، فصدقه. قال: وكن المأمون أيضًا يُصدّقه فيها. وتصديقهما لا ينفعه، فإنّه ذاهب الحديث، مُتهمٌ عندَ الحُفّاظ بالكِذب. ولمحمد بْن سُلَيْم المقرئ عَنْهُ نسخة. قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: قِدم أبو هُدْبة، فاجتمع عَليْهِ الناس وقالوا لَهُ: اخْرِجْ رِجْلَك. خافوا أن تكون رِجْلُه رجلَ حمار أو شيطان. وقال أحمد بْن سيّار القطّان: سَمِعْتُ محمد بْن بلال الكِنْديّ يَقُولُ: كان أبو هدبة عدو الله يحفل1 النغم عندنا بواسط. وقال أبو حاتم الرّازيّ: كذّاب. قلت: بقي إلى سنة مائتين. 9- إبراهيم بْن يزيد بْن مَرْدانبَة الكوفيّ2. مولى عَمْرو بْن حُرَيْث. عَنْ: رَقَبَة بْن مَصْقَلَة، وإسماعيل بْن أَبِي هالة. وعنه: أبو كُرَيْب، وأبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وجماعة. 10- إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إسحاق عَمْرو بن عبد الله الهمجاني السَّبِيعيّ الكوفيّ3 -س. ت. ق. عَنْ: أَبِيه وجده.   1 حفل: اللبن في الضرع حفولًا: اجتمع، وحفل الشيء: جلاه، وأظهر حسنه. المعجم الوجيز "ص/ 161". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 145"، والتهذيب "1/ 179". 3 الجرح والتعديل "2/ 148"، والتهذيب "1/ 183-184". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 54 وعنه: أبو كُرَيْب، وإسحاق بْن منصُور السَّلُوليّ، وأبو عُبَيْدة بن أَبِي السَّفَر. ضعّفه ابن مَعين. وقال أبو حاتم: حسن الحديث. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ. قلت: حديثه في الصحيحْين. وتُوُفّي في سنة ثمانٍ وتسعين. 11- أسامة بْن حفص المدنيّ1. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، ويحيى بْن سَعِيد. وعنه: أبو ثابت محمد بْن عُبَيْد الله المدنيّ، وإبراهيم بْن حمزة الزُّبَيْريّ، وغيرهما. روى لَهُ الْبُخَارِيّ حديثًا، وأغفله في تاريخه، وكذا ابن أَبِي حاتم. 12- أسباط بْن محمد، أبو محمد بْن أَبِي عَمرو الكوفيّ2 -ع. والد عُبَيْد بْن أسباط. عَنْ: الأعمش، وأبي إسحاق الشيباني، وعمرو بْن قيس المُلائيّ، وزكريّا بْن أَبِي زائدة. وعنه: أحمد، وإسحاق، والحسن الزَّعْفرانيّ، والحسن بْن عليّ بْن عفّان. وثقه ابن مَعِين. تُوُفّي سنة مائتين في المحرَّم. قَالَ ابن عمّار المَوْصِليّ: قَالَ لنا وكيع: إنّ لأسباط بْن محمد الْقُرَشِيّ ألف حديث، فاسمعوا منه.   1 انظر: الميزان "1/ 174"، التهذيب "1/ 206-207". 2 الجرح والتعديل "2/ 332-333"، والتهذيب "1/ 211". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 55 13- إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن الحسين الهاشميّ الحُسَينيّ الْمَدَنِيُّ1 -ت. ق. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جعفر المَخْرميّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر المليكيّ. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، ويعقوب بْن حميد. قَالَ ابن مَعِين: ما أراه إلا كَانَ صادقًا. 14- إسحاق بْن إسماعيل. أبو يزيد الرّازيّ حيَّوَيْه2. عَنْ: عَمْرو بن أبي قُبَيس، ونُعَيْم بْن مَيْسَرة، ونافع بْن عمر الْجُمَحيّ. وعنه: محمد بْن سَعِيد بْن الأصبهاني، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وأبو بكر بْن أبي شَيْبة، وأخوه عثمان، وآخرون. قَالَ ابن مَعِين: أرجو أن يكون صادقًا. 15- إسحاق بْن الربيع العُصْفُري الكوفيّ3. عَنْ: الأعمش، وداوود بْن أَبِي هند، ومِسْعَر، وأبي مالك النَّخَعيّ. وعنه: محمد بن عمر بن الوليد الكندي، وأحمد بْن بُدَيْل، ومحمد بْن إسماعيل الأحْمُسيّ، وغيرهما. ولا جَرْح فيه. 16- إِسْحَاق بْن سليمان الرازي4 -ع. أبو يحيى الكوفي. نزل الرَّيّ. عَنْ: حنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وابن أَبِي ذيب، وحَرِيز بْن عثمان، وطبقتهم. وعنه: محمد، وأحمد، ومحمد بْن رافع، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن   1 الجرح والتعديل "2/ 215"، والتهذيب "1/ 229". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 212"، والثقات لابن حبان "8/ 110". 3 الجرح والتعديل "2/ 220"، والتهذيب "1/ 232". 4 الجرح والتعديل "2/ 223-224"، التهذيب "1/ 235". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 56 الأزهر، وخِلْق آخرهم الحَسَن بْن مُكْرَم البزّاز. وكان سيّدًا صالحًا خاشعًا ثقة حُجّة. قَالَ أحمد بْن الفُرات: رَأَيْته يروي حديثًا. فضحك غلام فأخرجه. قَالَ: ويقال إنّه كَانَ مِن الأبدال. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين، وقيل سنة مائتين. قَالَ إسحاق الكَوْسج: ما كَانَ أَبْيَنَ خشوعه. كَانَ يبكي كلّ ساعة. 17- إسحاق بن عيسى البغدادي1. أبو هاشم سبط داوود بْن أبي هند. سَمِعَ: الأعمش، وابن أَبِي ذيب، والثوري. وعنه: الحسن بن الصباح البزار، وإسحاق بْن بُهْلُولٍ التّنُوخيّ. قَالَ الخطيب: وكان ثقة. جاور بمكة. 18- إسحاق بْن نَجِيح المَلَطيّ2. أبو صالح نزيل بغداد. عَنْ: هشام بْن حسّان، وابن جُريْج، وجماعة. وعنه: سُوَيد بْن سَعِيد، وعليّ بْن حجر. قَالَ ابن مَعِين: كذّاب عدوّ الله. وقال أبو حاتم بْن حيان: هُوَ دجّال مِن الدَّجاجلة. وقال الفلاس: يضع الحديث. 19- إسحاق بن يوسف بن مرداس3 -ع. أبو محمد القرشي الواسطي الأزرق الحافظ.   1 الجرح والتعديل "2/ 230"، والتهذيب "1/ 245". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 235، 236"، والميزان "1/ 200-202". 3 الجرح والتعديل "2/ 238"، والسير "9/ 171، 172". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 57 عَنِ: الأعمش: وابن عَوْن، وفُضَيْل بْن غَزْوان، ومِسْعَر. وعنه: أحمد، وابن مَعِين، وأحمد بْن مَنِيع، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وسَعْدان بْن نصر، وآخرون. وكان ثقة ثَبْتًا مِن العابدين. ولد سنة بضْعَ عشرة ومائة. وقيل: إنّه مكث عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين. وكان أعلم الناس بشرِيك. وقد قرأ القرآن عَلَى حمزة، وسمع الحروف مِن أَبِي بَكْر بْن عيّاش، وله اختيار في القراءة يروي عَنْ جملة. عَنْهُ: إسماعيل بْن هُود الواسطيّ، وعبد الله بْن هانس، وغيرهما. 20- إسماعيل بْن إبراهيم بْن مِقْسَم1 -ع. أبو بشر الأسدي، مولاهم البصْريّ، الإِمَام ابن عُلَيّة، وهي أمّه. أصله كوفيّ. سَمِعَ: أيّوب السّخْتيانيّ، وإسحاق بْن سُوَيد العَدويّ، وحُمَيْد الطويل، وعليّ بْن زيد، وعطاء بْن السّائب، ومحمد بْن المُنْكَدِر، وعبد الله بْن أبي نَجِيح، ويونس بْن عُبَيْد، وسُهيل بْن أَبِي صالح، والْجُريريّ، وأبا التّيّاح الضُّبعيّ، وعبد العزيز بْن صُهَيب، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وابن عَوْن، وطائفة. وعنه: شُعبة، وابن جُرَيج، وحمّاد بْن زيد وهم أكبر منه. وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وأحمد، وإسحاق، وابن مَعِين، وعليّ بْن المَدِينيّ، وبُنْدار، وخلْق كثير آخرهم موسى بْن سهل الوشّاء. وكان حُجّة حافظًا فقيهًا. ولد سنة عشرٍ ومائة.   1 الجرح والتعديل "2/ 153-155"، والسير "9/ 107-120". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 58 وكان يَقُولُ: مَن قَالَ ابن عُلَيّة فقد اغتابني. قَالَ مؤمّل بْن هشام: سمعته يَقُولُ: لقيت محمد بْن المُنْكَدِر، وسَمِعْتُ منه أربعة أحاديث. فَقُلْتُ: ذا شيخ. فلمّا قدمت البصرة إذا أيّوب يَقُولُ: ثنا محمد بْن المُنْكَدِر. وقال غُنْدَر: نشأت في الحديث يوم نشأن وليس أحدٌ يُقَدَّم في الحديث عَلَى ابن علية. وقال أبو داوود: ما أحدٌ مِن المحدّثين إلا أخطأ، إلا ابن عُلَيَّة، وبِشْر بْن الْمُفَضَّلِ، وقال ابن مَعِين: كَانَ ابن عُلَيَّة ثقة ورِعًا تقيًا. وقال يُونُس بْن بُكَيْر: سَمِعْت شُعْبَة يَقُولُ: ابْن علية سيد المحدثين. وقال عمرو بْن زُرارة: صحِبْتُ ابنَ عُلَيَّة أربَعَ عشرةَ سنة فما رَأَيْته تبسّم فيها. قَالَ عفّان: نا خَالِد بْن الحارث قَالَ: كنّا نُشبّه ابن عُلَيَّة بيونس بْن عُبَيْد. وقال إبراهيم بْن عَبْد الله الهروي: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: دخلت البصرة وما بها خلقٌ يفضل عَلَى ابن عُلَيَّة في الحديث. وقال زياد بْن أيوب: ما رأيتُ لابن عُلَيَّة كتابًا قطّ. وكان يُقال ابنُ عُلَيَّة يَعُدّ الحروف. وقال حَمّاد بْن سَلَمََةَ: ما كُنَّا نُشبّه شمائل إسماعيل إلا بشمائل يونس بْن عُبَيْد، حتى دخل فيما دخل فيه. قلت: وقد ولي القضاء ولعث إِلَيْهِ ابن المبارك يُعنّفه بأبياتٍ حسنة لدخوله في الصَّدَقات. وروى الخطيب في تاريخه: إنّ الحديث الَّذِي أُخِذ عَليْهِ شيء يتعلّق بالكلام في القرآن. دخل عَلَى محمد بْن هارون الأمين فشتمه، فقال: أخطأت. وكان حدَّث بهذا: تجيء البقرة وآل عِمران كأنّهما غمامتان يُحَاجّان عَنْ صاحبهما. فقيل لابن عُلَيَّة: أَلَهُما لسان؟ قَالَ: نعم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 59 فقالوا: إنّه يَقُولُ القرآن مخلوق؛ وإنّما غلط. وقال الفضل بْن زياد: سَأَلت أحمد بْن حنبل عَنْ وُهيب وابن عُلَيَّة: أيُّهما أحبّ إليك إذا اختلفا؟ قَالَ: وُهيب، ما زال إسماعيل وضيعًا مِن الكلام الَّذِي تكلّم فيه إلى أن مات. قلتُ: أليس قد رجع وتاب على رؤوس الناس؟ قَالَ: بلى، ولكنْ ما زال لأهل الحديث. بعد كلامه ذَلِكَ مبغضًا وكان لا ينصف في الحديث كان يحدّث بالشفاعات1. وكان معنا رجلٌ مِن الأنصار يختلف إلى الشيوخ فأدخلني عَليْهِ، فلمّا رآني غضب، وقال: مَن أدخل هذا عليَّ؟ قَالَ أحمد: وبلغني أنّه أُدخِل عَلَى الأمين، فلمّا رآه زحف إليه وقال: يا ابن -يا ابن تتكلَّم في القرآن؟ وجعل إسماعيل يَقُولُ: جعلني الله فِداك، زَلَّةٌ مِن عالم. ثمّ قَالَ أحمد: إنّ يغفر الله لَهُ فيها، يعني الأمين. ثمّ قَالَ: وإسماعيل ثَبْت. وقال الفضل بْن زياد: قلت يا أبا عَبْد الله إنّ عَبْد الوهاب قَالَ: لا يحبّ قلبي إسماعيل أبدًا. لقد رَأَيْته في المنام وكان وجهه أسود. فقال: عافي الله عَبْد الوهاب. ثمّ قَالَ أحمد: لقد لزِمتُ إسماعيل عشرَ سِنين إلا أن أُغيب. ثمّ جعل يحرّك رأسه كأنه يتلهَّف، ثمّ قَالَ: وكان لا يُنْصِف في التحديث، ويحدّث بالشفاعات. قَالَ المؤلّف: لا ينبغي إلا تعظيم ابن عُلَيَّة، فقد كانت منه هفوة ثمّ تاب منها. فكان ماذا؟ مات ابن عُلَيَّة في ذي القِعْدة سنة ثلاثٍ وتسعين. وحديثه بعُلُوّ درجتين في الغيلانيّات. 21- إسماعيل بْن إبراهيم الكرابيسيّ البصْريّ2 -ق. صاحب القُوهيّ. عَنْ: ابن عَوْن، وسُلَيْم القاصّ.   1 تاريخ بغداد "6/ 239". 2 انظر: الميزان "1/ 214"، والتهذيب "1/ 280، 281". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 60 وعنه: محمد بْن عَبْد الله بْن حفص الأنصاري، وحفص بن عمرو الربالي، ومُثَنَّى بْن مُعَاذ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. وثّقه حد. 22- إسماعيل بْن إبراهيم، أبو يحيى التَّيْميّ الكوفيّ الأحْوَل1 -ت. ن. عَنْ: عطاء بن السائب، والأعمش، ومخارق الأحمسيّ، ومطر، وطائفة. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن عُبَيْد المحاربيّ، وآخرون. ضعّفه ن، وغيره. وقال ابن نُمَير: ضعيف جدّا. 23- إسماعيل بْن حكيم. صاحب الزيّاديّ. بصْريّ2. روى عن: محمد بن المنكدر، والفضل بن عيسى الرقاشي، والْجُرَيريّ، وجماعة. وعنه: عٌقبة بْن مُكْرَم، وأزهر بْن جميل، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رسْتة. كذا ذكره ابن أَبِي حاتم ولم يُضعّفْه. 24- إسماعيل بن زياد -ت. أو ابن زياد السكوني قاضي المَوْصِل3. عَنْ: ثور بْن يزيد، وابن جُرِيج، والثَّوْريّ، وشُعْبَة. وعنه: مسعود بْن جُوَيْرية، ونائل بْن نَجيح، ومحمد بْن الحسين البُرْجُلانيّ، وآخرون. قال ابن عدي: منكر الحديث.   1 الجرح والتعديل "2/ 155"، والتهذيب "1/ 281". 2 الجرح والتعديل "2/ 165". 3 انظر: الميزان "1/ 230"، والتهذيب "1/ 298-301". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 61 وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الكُتُب إلا عَلَى سبيل القدْح فيه. 25- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْن ثابت، أبو مُصْعَب الأنصاريّ1 نافلة كاتب الوحي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. روى عَنْ: أَبِيه، وأبي حازم الأعرج. وعنه: إبراهيم بْن حمزة الزُّبَيْريّ، وأبو بَكْر عَبْد الرحمن بْن شَيبة الحزاميّ. قَالَ أبو حاتم: مدنيّ ضعيف الحديث. وقال غيره: إنّه عُمّر إحدى وتسعين سنة. 26- إسماعيل بْن محمد بْن جُحادة الكوفيّ العطّار الضّرير2. عن: أبيه، وداوود بْن أَبِي هند، وأبي مالك الأشجعيّ، وغيرهم. وعنه: الأشجّ، وسُفْيان بْن وكيع، ونصر الْجَهْضَميّ، وأحمد بْن بُدَيْل، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق. 27- إسماعيل بْن يحيى بْن عُبَيْد الله التَّيميّ البكْريّ الكوفيّ3. أبو عليّ. عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وأبي حنيفة، وغيرهما. وعنه: محمد بْن حرب النَّسَائيّ، وسَعْدان بْن نصر. قَالَ صالح جزرة وغيره: كان يضع الحديث. وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه، ولا الاحتجاج بِهِ بحال. وقال: يروي عَنْ مِسْعَر، وفِطْر بْن خليفة أيضا. 28- أشجع بن عمرو السلمي4. الشاعر، بصري.   1 المجروحين "1/ 127"، والميزان "1/ 245". 2 الجرح والتعديل "2/ 195"، والميزان "1/ 246". 3 الجرح والتعديل "2/ 203"، والميزان "1/ 253". 4 انظر: تاريخ بغداد "7/ 45"، وفيات الأعيان "1/ 221-222". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 62 له نظم بديع، مدح الرشيد وغيره؛ وكان جعفر البرمكي يجري عليه في الجمعة مائة دينار. 29- أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد اليامي الكوفي1 -ت. عن: مجالد، وعبيد الله بن عمر. وعنه: أحمد بن منيع، وأبو سعيد الأشج، والحسن بن عرفة. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حاتم: محله الصدق. 30- أشعث بن عبد الله الخراساني السجستاني2 -د. نزيل البصرة. عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وعوف، وشُعْبَة. وعنه: محمد بْن أَبِي بَكْر المُقَدَّميّ، ومحمد بْن عُمَر المُقَدَّميّ، ونصر بن علي الجهضمي، والفلاس. وثقه أبو داوود. روى له حديثًا. 31- أشعث بن شعبة -د. أبو أحمد المصيصي3. أصله خُرَاسانيّ، سكن الثَّغْر. روى عَنْ: إبراهيم بن أدهم، وأرطأة بن المنذر، والمنهال بن خليفة، وورقاء بن عمر. وعنه: محمد بن عيسى بن الطباع، والمسيب بن وضاح، وأبو الطاهر بن السرح، ويعقوب بن كعب الأنطاكي.   1 الجرح والتعديل "2/ 274"، التهذيب "1/ 356". 2 الجرح والتعديل "2/ 274"، والتهذيب "1/ 356". 3 الجرح والتعديل "2/ 272، 273"، التهذيب "1/ 354". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 63 قال أبو زرعة: لين. وذكره ابن حبان في الثقات. 32- أمية بن خالد القيسي1 -م. د. ن. أبو عبد الله، أخو هدبة. بصري، ثبت. روى عن: شُعْبَة، والثَّوْريّ، وأبي الجارية العبْديّ، وطائفة. وعنه: أبو حفص الفلاس، وبُنْدار، ومحمد بْن مُثَنَّى، وطبقتهم. وثّقه أبو حاتم. مات في آخر سنة مائتين عَلَى الصحيح. قَالَ الأثرم: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله يُسأل عَنْ أُمَيَّة بْن خَالِد فلم أره يحمده في الحديث وقال: إنّما كَانَ يحدَّث مِن حِفْظه ولا يُخْرِج. 33- أنس بن عياض الليثي2 -ع. أبو ضمرة المدني، بقيّة المُسْنِدين الثَّقات. ولد سنة أربعٍ ومائة. وروى عَنْ: شَريك بْن أَبِي نَمِر، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صالح، وهشام بْن عُرْوة، وأبي خازم الأعرج، وربيعة الرأي، وصَفْوان بْن سُلَيْم، وطبقتهم مِن صغار التّابعين. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن المَدِينيّ، وأحمد بْن صالح، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عَبْد الحَكَم، وخلْق كثير. وروى عَنْهُ مِن أقرانه بقيّة بْن الوليد. قَالَ أبو زُرعة، والنَّسَائيّ: لا بأس بِهِ. وقَالَ يُونُس بْن عَبْد الأعلى: ما رَأَيْت أحدًا أحسنَ خُلُقًا من أَبِي ضَمْرة، ولا أسمح بِعلْمه منه. قَالَ لنا: والله لو تهيّأ لي أن أحدّثكم بكلّ ما عندي في مجلس لفعلت.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 302"، والتهذيب "1/ 370". 2 الجرح والتعديل "2/ 289"، والتهذيب "9/ 375، 376". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 64 قلت: مات سنة مائتين، وله ستٌّ وتسعون سنة. 34- أوس بْن عَبْد الله بْن بُريدة بْن الحُصَيْب الأسلميّ المَرْوَزِيّ1. روى عَنْ: أخيه سهيل، والحسين بْن واقد. ولم يدرك أَبَاهُ، لعلّه مات وأوس حَمْل. روى عَنْهُ: سليمان بْن عُبَيْد الله، ومحمد بْن مقاتل، والحسين بْن حُرَيْث المَرْوَزِيُّون. قَالَ أبو حاتم: سألنا المَرَاوِزة عَنْهُ فعرفوه وقالوا: تَقَادَمَ موتُه. 35- أوس بْن عَبْد الله السَّلُوليّ البصْريّ2. عَنْ: بُرَيْد بْن أَبِي مريم. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ومُسَدّد، وغيرهم. وهو قديم الوفاة. 36- أيّوب بْن تميم، أبو سليمان التّميميّ الدّمشقيّ3. مقرئ أهل الشام. قرأ عَلَى: يحيى الذَّماريّ، وأبي عَبْد المُلْك الذَّماريّ. تلا عَليْهِ: ابن ذَكْوان، والوليد بْن عُتْبة. وحمل عَنْهُ الحروف: أبو مُسْهٍر، وهشام بْن عمّار. وقد روى الحديث عَنْ: الأوزاعيّ، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، وغيرهما. حدَّث عَنْه: هشام، ودُحَيْم، وآخرون. وهو ثقة، في الحديث والقراءة. مات بعد التّسعين ومائة.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 305، 306"، والميزان "1/ 278". 2 الجرح والتعديل "2/ 350"، والثقات لابن حبان "6/ 73". 3 الجرح والتعديل "1/ 205"، والثقات لابن حبان "6/ 59". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 65 37- أيّوب بْن حسّان الْجُرشيّ الدّمشقيّ1. أبو حسّان. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، ويونس بْن يزيد، والأوزاعي، وثور بْن يزيد، وطائفة. وعنه: هشام بْن عمّار، ودُحَيْم، وسليمان الشُّرَحْبيليّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعة الدّمشقيّ: مقارِب. 38- أيّوب بْن المتوكّل البصْريّ الصَّيْدلانيّ2. المقرئ الإِمَام. سَمِعَ: فَضَيْلَ بْن سليمان، وطبقته. وتلا عَلَى: الكِسائيّ، وعلى: سلام الطّويل، وحُسين الْجُعْفيّ. واختار لنفسه مَقْرءًا. روى عَنْهُ: عليّ بْن المَدِينيّ، ويحيى بْن مَعِين، ومحمد بْن يحيى القُطَعيّ. وَأَجَلُّ مِن تلا عَليْهِ القُطَعيّ. قَالَ ابن المَدِينيّ: نا أيّوب بْن المتوكّل، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ قَالَ: لا يكون إمامًا مِن أخذ بالشاذّ مِن العِلْم، ولا مِن روى عَنْ كلّ أحد، ولا مِن روى كلّ ما سمِع. ويقال: إنّ يعقوبَ الحضرميّ وقف عَلَى قبر أيّوب لما دُفِن، وقال: يرحمك الله يا أيّوب، ما تركتَ خَلَفًا أعلم بكتاب الله منك. وعن أيّوب قَالَ: ما غلبتُ يعقوبَ إلا بالأثر. وقال إسحاق بْن إبراهيم الشهيديّ: دخلت الكوفة فأتيتُ ابنَ إدريس الأَوْديّ، فأوّل ما سألني عَنْ أيّوب، ما فعل أيّوب؟ قلت: بخير، قَالَ: يُقرئ؟ قلت: نعم! قال: ذاك أقرأ الناس.   1 الجرح والتعديل "2/ 244". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 459"، وتاريخ بغداد "7/ 7، 8". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 66 وقال أحمد بْن سِنان القطّان: سَمِعْتُ أيّوب بْن المتوكّل يَقُولُ: قرأت عَلَى يحيى القطّان، وطلب منّي كتاب الحروف، فسمِعه منه. قَالَ أبو حاتم السّجسْتانيّ: أيّوب بْن المتوكّل مِن أقرأ القرّاء وأرواهم للآثار في القرآن. قلت: وثّقه ابن المَدِينيّ. ومات سنة مائتين كهْلا. 39- أيّوب بْن واصل البصْريّ1. سَمِعَ: ابن عَوْن. وعنه: إبراهيم بن المنذر، وعَبْد اللَّه بْن محمد المسِنديّ، ومحمد بْن أسد الخشنيّ، وجماعة. وهو قليل الحديث. قَالَ أبو حاتم: يكتب حديثه. 40- أيوب بن واقد الكوفي2 -ت. أبو الحسن، ويقال أبو سهل. سكن البصرة وحدَّث عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وعثمان بْن حكيم. وعنه: بِشْر بْن مُعَاذ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَدَاهِرُ بْنُ نوح، وجماعة. قَالَ أحمد: ضعيف الحديث. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتابع عَليْهِ. "حرف الباء": 41- بشّار بْن قيراط.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 261"، والميزان "1/ 259". 2 الجرح والتعديل "2/ 260"، والميزان "1/ 259". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 67 أبو نُعَيْم النَّيْسابوريّ نزيل الرَّيّ1. وهو أخو حمّاد بْن قيراط. روى عَنْ: هشام بْن حسّان، وابن جُرَيج، وبكر بن معروف، والثوري، وجعفر بن محمد، وشعبة، وطبقتهم. وعنه: عبد الله بن الوليد بن مهران، وعمرو بن رافع القزويني، ونوح بن أنس. قال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. وقال أبو زُرعة: يكذب، وأخوه حمّاد صَدُوق. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ. 42- بَزِيع بْن حسّان. أبو الخليل البصْريّ الخصّاف2. عَنْ: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وثابت البُنانيّ. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن المبارك، وأزهر بْن جميل، ومحمد بْن بكّار، ويحيى بْن سَعِيد العطّار، ومحمد بْن صدران. وهو متروك، اتهمه ابن حيان، وغيره، أتى بعجائب لا تُحتَمل. 34- بِشْر بْن إبراهيم الأنصاريّ المفلوج3. عَنْ: ثور بْن يزيد، والأوزاعي، وأبي مُرَّة الرّقاشيّ، ومبارك بْن فَضَالَةَ. وعنه: داهر بْن نوح، وعبد الله بْن يوسف الْجُبيريّ، ويوسف بْن بحر، ومحمد بْن عبد الله بن بزيع، وجماعة. ضعفه أبو حاتم، وغيره، وقال ابن عَدِيّ: هُوَ عندي ممّن يضع الحديث. 44- بِشْر بْن الحَسَن -ن. أبو مالك البصري4، أخو حسين بن الحسن.   1 الجرح والتعديل "2/ 417"، والميزان "1/ 310". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 421"، والميزان "1/ 306". 3 الجرح والتعديل "2/ 351"، والميزان "1/ 311". 4 الجرح والتعديل "2/ 355"، والتهذيب "1/ 447". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 68 عَنْ: ابن عَوْن، وأشعث بْن سوار، وابن جرَيْج. وعنه: عُمَر بْن شُعْبَة، وهارون الحمّال، وعثمان بْن أَبِي صفْوان، ومحمد بْن عَبْد الله المخرميّ. قَالَ هارون الحمّال: ثقة ثقة. وقيل: كَانَ يحافظ عَلَى الصّفّ الأوّل خمسين سنة بجامع البصرة. 45- بشر بن السري -ع. أبو عمرو البصري الواعظ العابد الملقَّب بالأَفْوَه1. نزيل مكّة، سَمِعَ: مِسْعَرا، والثَّوْريّ، وزائدة، ومالكًا، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وطائفة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن المَدِينيّ، والفلاس. قَالَ أحمد بْن حنبل: كَانَ متقنًا للحديث عَجَبًا. وقال أبو حاتم: ثَبْتُ صالح. وقال يحيى بْن مَعِين: ثقة. وقال ابن عدي: يقع في حديثه ما ينكر، وهو في نفسه لا بأس بِهِ. وقال العُقَيْليّ: هُوَ في الحديث مستقيم. حَدَّثَنَا أحمد الأبّار، نا عوّام قَالَ: قَالَ الحُمَيْديّ: كَانَ بِشْر بْن السَّريّ جَهْميًا2، لا يحلّ أن يُكْتَب حديثه. قلت: قد صحّ رجوعه عَنِ التجهُّم. حَدَّثَنَا جعفر الفِرْيابيّ، ثنا أحمد بْن محمد المقدمي، ثنا سليمان بْن حرب قَالَ: سَأَلَ بِشْر بْن السَّريّ حمّادَ بْن زيد فقال: الحديث الَّذِي جاء أنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا يتجوّل مِن مكان إلى مكان؛ فسكت حمّاد ثمّ قَالَ: هُوَ في مكانه يقربُ مِن خلقة كيف شاء.   1 الجرح والتعديل "2/ 358"، والتهذيب "1/ 450". 2 الجهمية: إحدى الفرق الضالة وهي تنفي صفات الله تعالى. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 69 قلت: كَانَ مِن حمّاد أن يزجر السائل ويقول: الله ورسولُه أعلم، فإنّ الخوض في هذا لا ينبغي، بل تمرّ الأحاديث كما جاءت ولا يُعترض عليها. وقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: بِشْر بْن السَّريّ تكلّم بمكّة بشيء، فوثب عَليْهِ ابن الحارث بْن عُمَير، يعني حمزة؛ فلقد ذُلّ بمكّة حتى جاء فجلس إلينا ممّا أصابه مِن الذُّلِّ. قَالَ عَبْد الله: يعني تكلّم في القرآن. ثمّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ الثَّوْريّ يستقله. قلتُ: لِمَ؟ قَالَ: سأله عَنْ شيء، يعني عَنْ أطفال المشركين، فقال لَهُ سُفْيان: ما أنت وذا يا صَبي؟ قلت: مات في سنة خمسٍ وتسعين ومائة، أو سنة ستٌّ. 46- بِشْر بْن سَلْم بْن المسيّب البَجَليّ1. كوفيّ، روى عَنْ: إسماعيل بْن خَالِد، ومِسْعَر. وعنه: ابنه الحسن، وأحمد بن إبراهيم الدورقي. قال أحمد بن حنبل: قد رأيته ولم أسمع منه. 47- بشر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مروان الأموي2. روى عَنْ: عمّه عَبْد العزيز بْن عُمَر. وعنه: محمد بْن معاوية الأنماطيّ، ويحيى بْن مَعِين. وقال يحيى: لا بأس بِهِ. 48- بقيّة بْن الوليد بْن صائد3 -م. أ. الحافظ، أبو يُحْمِد الكَلاعيّ الحِمْيَريّ الميْتميّ الحمصيّ. أحد أعلام الحديث. روى عَنْ: محمد بْن زياد الأَلْهانيّ، وبَحير بْن سعْد، وثور بْن يزيد، وعبد الله بْن عُمَر، والزُّبَيْديّ، والأوزاعيّ، وابن جُرَيج، وصَفوان بْن عَمرو، ويونس بْن   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 358"، وتاريخ بغداد "7/ 54". 2 انظر: التاريخ الكبير "2/ 77"، والجرح والتعديل "2/ 361". 3 الجرح والتعديل "2/ 434-436"، والسير "8/ 455، 469". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 70 يزيد، وخلْق لا يُحصَون، تسعة أعشارهم عامّة مجهولون. وعنه: مِن شيوخه: الأوزاعي، وشُعْبَة. ومن أقرانه: ابن المبارك، والوليد بْن مُسْلِم، وإسماعيل بْن عيّاش، وطائفة. وأبو مُسْهٍر، وحَيوة بْن شُرَيْح، وهشام بْن عمّار، ومحمد بْن مُصَفَّى، وداوود بْن رُشَيْد، وكثير بْن عُبَيْد، وعَمْرو بْن عفّان، وأبو عُتبة أحمد بْن الفَرَج الحجازيّ، وخلْق، فالحجازي آخرُهم موتًا. قَالَ يحيى بْن مَعِين، وأبو زُرْعة، وغيرها: إذا روى عَنْ ثقة فهو ثقة حُجّة. وقال ابن المبارك: أعياني بقيّة، يسمّي الكَنى ويكنّي الأسامي. وقال أبو حاتم: سَأَلت أبا مُسْهٍر عَنْ حديثٍ لبقيّة فقال: احذَرْ حديثَ بقيّةْ ... وكن منها عَلَى تقيّهْ فإنّها غير نقيّهْ وقال النَّسَائيّ: إذا قَالَ: ثنا وحَدَّثَنَا فهو ثقة، وإن قَالَ: عَنْ، فلا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ، أَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ القشيري، أنا عبد الحميد البحتري، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، ثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ بَقِيَّةَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، وَأَبُو عُتْبَةَ قَالُوا: ثَنَا بَقِيَّةُ، نا الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ دُعِيَ إِلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ" 1. خرجه مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ بَقِيَّةَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بَقِيَّةَ سِوَاهُ. قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه: سَمِعْتُ بقيّة يَقُولُ: وُلدت سنة عشر ومائة. قَالَ ابن مَعِين: كَانَ شُعْبَة مبجَّلا لبقيّة حيث قِدم عَليْهِ. وقال حَيوة بْن شُرَيْح: سَمِعْتُ بقيّة يَقُولُ: لما قرأت عليّ شُعْبَة نسخة بَحير بْن سعْد، قَالَ لي: يا أبا يُحْمِد، لو لم أسمع هذا منك لطرْت. وقال زكريّا بْن عَدِيّ: قَالَ لنا أبو إِسْحَاق الفَزَاريّ: خُذوا عَنْ بقيّة ما حدَّث عَنِ الثَّقات، ولا تأخذوا عَنْ إسماعيل بْن عيّاش ما حدَّث عَنِ الثقات وغير الثقات.   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1429"، وابن عساكر "3/ 276"، "3/ 288"، "10/ 196"، كما في تهذيب تاريخ دمشق. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 71 إبراهيم بْن موسى الفرّاء، عَنْ رباح، عَنِ ابن المبارك، قَالَ: إذا اجتمع بقيّة وإسماعيل بْن عيّاش فبقيّة أحبّ إليّ. ورواه سُفْيان بْن عَبْد المُلْك، عَنِ ابن المبارك، وقال: كَانَ صدوق الّلسان، ولكن يأخذ عمّن أقبل وأدبر. وعن ابن المبارك: نعم الرجل بقيّة، لولا أنّه يُكنيّ الأسامي ويُسميّ الكنَى. كَانَ دهْرًا يحدّثنا عَنْ أَبِي سَعِيد الوحاظيّ فنظرنا فإذا هُوَ عَبْد القُدُّوس. وقال أحمد بْن حنبل: بقية أحبّ إليّ مِن إسماعيل، وإذا حدّث عَنِ المجهولين فلا تقبلوه. وقال أحمد، روى بقيّة عَنْ عُبَيْد الله مناكير. عثمان الدارميّ، عَنِ ابن مَعِين: بقيّة ثقة. قلت لَهُ: هُوَ أحبّ إليك أو محمد بْن حرب؟ فقال: ثقة وثقة. وقال أحمد العِجليّ، ويعقوب بْن شَيْبة: بقيّة ثقة عَنِ المعروفين. وقال أبو إسحاق الجوزجاني: رحم اله بقيّة، ما كَانَ يبالي إذا وجد خُرافة عمّن يأخذه. فإذا حدَّث عن الثقات فلا بأس. قلت: شرط أن يصرّح بالإخبار ولا يَقُولُ: عَنْ فلان. فإنّه قد دلّس عَنِ ابن جُرَيج، وعن الأوزاعي بطامّات. وقال ابن عَدِيّ: ولبقيّة حديث صالح، وفي بعض رواياته يخالف الثقات. وإذا روى عَنْ أهل الشام فهو ثَبْت، وإذا روى عَنْ غيرهم خلّط كإسماعيل بْن عيّاش. وقال أحمد بْن الحَسَن التَّرْمِذيّ، عَنْ أحمد بْن حنبل: لبقيّة مناكير عَنِ الثقات. وقال حجّاج بْن الشّاعر: سُئِل ابن عُيَيْنَة عَنْ حديثٍ مِن هذه المُلَح، فقال: أبو العَجَب: أَنَا، أبَقيّةُ بنُ الوليد أَنَا!؟. وقال ابن خُزَيْمَة: لا احتجّ ببقيّة. قلت: وكان في بقيّة دُعابه وحُسن خلق. قال أبو التقي اليزني: سمعت بقية ما يَقُولُ: ما أرحمني ليوم الثلاثاء ما يصومه أحد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 72 وقال بركة بْن محمد الحلبي: كنّا عند بقيّة في غُرْفة، فسمع الناس يقولون: لا لا، فأخرج رأسه مِن الطاقة وجعل يصيح معهم: لا لا؛ فقلنا: يا أبا يُحمد، سبحان الله أنت إمام يُقتدَى بك. قَالَ: أُسْكُتْ هذه سُنّة بلدنا. وعن قَثَم بْن أَبِي قَتَادة قَالَ: سَمِعْتُ مِن يسأل بقيّة: كيف يُقال للعروس إذا دخلت عَلَى زوجها؟ قَالَ: ما زلنا نسمع عجائز الحيّ يقُلْن: ادخلي رجْلَك اليمني عَلَى المال والبنين. وقال عطيّة بْن بقيّة: قَالَ أَبِي: دخلت على الرشيد، فقال لي: يا بقيّة إنّي لأُحبّك؛ فقلت: ولأهل بلدي؟ قَالَ: لا، إنهم جُنْد سَوْءٍ، لهم كذا وكذا غَدْرَة. ثمّ قَالَ: حَدَّثَنِي، فَقُلْتُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ الْفُرْسِ، وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ، وَبِلالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ"1. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَثَلاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي" 2. قَالَ: فامتلأ مِن ذَلِكَ فرحًا وقال: يا غلام ناولني الدَّوَاة. وكان القيّم بأمره الفضل بْن الربيع ومرتبته بُعَيْدَة، فناداني وقال: يا بقيّة ناوِلْ أمير المؤمنين الدَّواة بجانبك. قلت: ناوِلْه أنت يا هامان. فقال: سَمِعْتُ ما قَالَ لي يا أمير المؤمنين؟ قَالَ: اسكتْ، فما كنت عنده هامان حتّى أكون عنده فرعون.   1 "حديث ضعيف": أخرجه الطبراني "8/ 131" في الكبير، و"1/ 104" في الصغير، وعبد الرزاق "20432" في مصنفه، والطبري "22/ 66"، في تفسيره، وابن سعد "1/ 1/ 2"، في الطبقات الكبرى، وأبو نعيم "1/ 49" في تاريخ أصفهان. 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2437"، وابن ماجه "4286"، وابن أبي شيبة "11/ 471"، وابن أبي عاصم "1/ 261"، والطبراني "7250" في الكبير. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 73 قَالَ يعقوب الفَسَويّ: بقيّة يّذْكَر بحِفْظ، إلا أنه يشتهي الملح والطرائف فيروي عن الضفعاء. وروى عَبْد الرَّحْمَن بن الحَكَم بْن بشير، عَنْ وكيع قَالَ: ما سَمِعْتُ أحدًا أجرأ عَلَى أَنْ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن بقيّة. قُلْتُ: قَدْ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثًا تُوبِعَ فِيهِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَلَهُ نُسْخَةٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهَا: "تَرِّبُوا الْكِتَابَ"1. وَمِنْهَا: "مَنْ أَدْمَنَ عَلَى حَاجِبِهِ الْمُشْطَ عوفي من الوباء"2. ومنها: "إذ جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلا يَنْظُرْ إِلَى فَرْجِهَا، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى"3. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذِهِ النسخة كلها موضوعة. يشبه أن يكطون بَقِيَّةُ سَمعِهَا مِنْ إِنْسَانٍ ضَعِيفٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَدَلَّسَ عَنْهُ. وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ ببقيّة. قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه، وأحمد، وأبو عُبَيْد، وخليفة، وابن مُصَفَّى، وابن سعْد: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. وقال الوليد بن عبتة: سنة ستٌّ، وقيل: سنة ثمانٍ. 49- بكّار بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْن العوّام الأسَديّ4. الأمير أبو بَكْر، وُلّي المدينةَ للرشيد اثنتي عشرة سنة وأشهُرًا. وكان بِهِ مُعْجَبًا وعنده وجيهًا. أخرج عَلَى يديه أعطية جليلة ضخمة لأهل المدينة في ثلاث مرّات، مجموع ذَلِكَ ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار. وكان يكتب إليه: من عبد الله بن هارون، إلى أَبِي بَكْر بْن عبد الله. ذكر هذا ولده الزبير بن بكار.   1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "3774"، وابن أبي شيبة "9/ 33"، و"9/ 34" في مصنفه. 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي "3/ 54" في الموضوعات، وابن حبان "1/ 202" في المجروحين. 3 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "2/ 507"، وابن حبان "1/ 202" في المجروحين. 4 انظر: وفيات الأعيان "6/ 37". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 74 ثم قال: وكن جوادًا ممدّحًا. قويّ الولاية، متفقَّدًا لمصالح العوامّ، شديدا عَلَى المُبْتَدعَة. أمِنَت أعمالُ المدينة في أيامه. مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وقد طَوّل الزُّبَيْر ترجمة أَبِيه وبالَغَ فيه. 50- بكّار بْن عَبْد الله بْن عُبَيْدة الرَّبَذيّ1. عَنْ: عمّه موسى بْن عُبَيْدة. وعنه: أبو جعفر بْن نُفَيْلٍ، ومحمد بْن مِهْران الحمّال، وحفص بْن عُمَر الْجَنَدِيّ، وأبو حُصَين الرّازيّ. ذكره ابن أَبِي حاتم. 51- بَكْر بْن سليمان. أبو يحيى البصْريّ2. عَنْ: ابن إسحاق، وغيره. وعنه: خليفة بْن خيّاط، وشهاب بْن معمّر، ومحمد بْن عبّاد الْهُذَلِيِّ. قَالَ الْبُخَارِيّ: معروف. وقال أبو حاتم: مجهول. 52- بَكْر بْن سُلَيْم الصّوافّ الطّائفيّ ثمّ المدنيّ3 -ق. عَنْ: زيد بْن أسلم، وربيعة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن، وأبي طَوَالة، وسُهيل، وابن المُنْكَدِر، وأبي صخر حُمَيْد بْن زياد. وعنه: إسحاق الخَطْميّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو الطّاهر أحمد بْن السرْح، وآخرون. وعُمَّر دهرًا. قَالَ أبو حاتم: يُكَتب حديثه.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 409"، والميزان "1/ 341". 2 الجرح والتعديل "2/ 387"، والميزان "1/ 345". 3 الجرح والتعديل "2/ 386"، والميزان "1/ 345". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 75 وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن عدي: ضعيف ينفرد بما لا يتباع عَليْهِ. 53- بَكْر بْن الشَّرُود. وهو بَكْر بْن عَبْد الله بْن الشَّرُود الصّنعانيّ1. عَنْ: مَعْمَر، وسفيان الثوري، ومالك، وعبد الله بن عمرو العُمريّ، ويحيى بْن مالك بْن أنس، وغيرهم. وعنه: محمد بن السري العسقلاني، وميون بْن الحَكَم، ومحمد بْن يحيى بْن جَميل، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النسائي، وغيره: ضعيف. وقال ابن حِبّان: يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل. 54- بَكْر بْن يزيد الحمصيّ الطّويل2. سكن بغداد، وحدّث عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وأبي بَكْر بْن أَبِي مريم. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحمد بْن حنبل، وأبو سَعِيد الأشج. صالح الحديث. 55- بَكْر بْن النّطّاح. أبو وائل الحنفيّ البصْريّ3. شاعر بديع القول، مدح الرشيد، وغيره. ولما تُوُفّي رثاه أبو العَتَاهية بأبيات. 56- بَكْر بْن يونس بْن بُكَير بن واصل الشيباني الكوفي4 -ت. ق.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 388"، والميزان "1/ 346". 2 الجرح والتعديل "2/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 146". 3 تاريخ بغداد "7/ 90"، معجم الأدباء "3/ 92". 4 الجرح والتعديل "2/ 393"، والتهذيب "1/ 488". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 76 عَنْ: موسى بْن عليّ بْن رباح، وعبد الله بْن لَهِيعة. وعنه: أبو كُرَيْب، وعُبَيْد بْن يَعِيش. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتابع عَليْهِ. 57- بَهْز بْن أسد -ع. أبو الأسود العمي البصري، أخو مُعَلَّى بْن أسد. ثقة مشهور. يروى عَنْ: شُعْبَة، ويزيد بْن إبراهيم التُّسْتَرِيّ، وأبي بَكْر بْن النَّسَائيّ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وبُنْدار، وأحمد بْن سِنان، وعبد الرَّحْمَن بْن هاشم الطُّوسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر العبْديّ، وآخرون. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر: ما رَأَيْت رجلا خيرًا منه. يقال: مات سنة سبع وتسعين ومائة. "حرف التاء": 85- تَلِيد بْن سليمان المُحَاربيّ الكوفي2 -ن. عن: أبي الجحاف داوود، وعبد المُلْك بْن عُمَير، وعطاء بْن السّائب، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإسحاق بْن موسى، وابن نُمير، وأبو سَعِيد الأشجّ. قَالَ: أحمد بْن حنبل: كَانَ مذهبه التشيّع، ولم نر به بأسًا. وقال داوود وغيره: رافضي خبيث. وقال يحيى بْن مَعِين: قَعَد مَعَ مولى لعثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فتذاكروا أمر عثمان، فتناوله تَلِيد، فقام إليه المولى فرماه مِن أعلى سطحٍ، فانكسرت رِجْلُه، فكان يمشي عَلَى عصا. وكان مقيمًا ببغداد. سَمِعْتُ منه وليس بشيء.   1 الجرح والتعديل "2/ 431"، والميزان "1/ 353". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 447"، والميزان "1/ 358". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 77 وكذا ضعّفه ابن عَدِيّ. وكذّبه الْجَوْزَجانيّ. "حرف الجيم": 59- الجراج بن مليح ن. ت. أبو عبد الرحمن البهراني الحمصي1. عن: الزبيدي، وحجاد بْن أرطأة، وبكر بْن زُرْعة، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بْن خُمَير الحَرازيّ، وهشام بْن عمّار، وسليمان ابن بِنْت شُرَحْبِيل، وموسى بْن أيّوب النَّصيبيّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابن مَعِين: لا أعرفه. وقوّاه النَّسَائيّ. "حرف الحاء": 60- الحارث بْن مرّة بْن مُجّاعة الحنفي اليماني2 -د. أبو مرة. قدِم بغداد، وحدَّث عَنْ: كُلَيْب بْن منفعة، ويزيد الرقاشيّ، وجماعة فيهم نَكارة وجَهَالة. وعنه: ابن المَدِينيّ، وأحمد، ونصر بْن عليّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ويحيى بْن أكثم، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قلت: روى لَهُ أبو داود حديثًا عَنْ كُلَيب، عَنْ جَدّه.   1 الجرح والتعديل "2/ 523، 524"، والميزان "1/ 390". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 90"، والتهذيب "2/ 156". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 78 61- الحارث بْن عُبَيْدة. أبو وهْب الكَلاعيّ الحمصيّ1، قاضي حمص. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، ومحمد بْن الوليد الزُّبَيْديّ، وسعيد بن غزوان، والعلاء بن عتبة، وإسنماعيل بن رافع، وغيرهم. وعنه: يزيد بن عبد ربه، وعبد الله بن الجبار الخبايري، وعمرو بن عثمان، وآخرون. وَقِيلَ أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ. وقد فرق بينه وبين صاحب ابن خثيم أبو عَبْد الله الْبُخَارِيّ. وقال أبو حاتم: هما واحد. قَالَ: وليس بالقويّ. وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. 62- حَجَّاج بْن سليمان الرُّعَيْنيّ2. أبو الأزهر الْمَصْرِيّ. ويُعرف بابن القَمْريّ. روى عَنْ: حَرْملة بْن عِمران، وَاللَّيْثِ، ومالك، وابن لَهِيعَة. وعنه: محمد بن سلمة المرادي، وغيره. قال ابن يونس: في حديثه خطأ ومناكير. توفي فجأة على حماره سنة سبع وتسعين ومائة. 63- حجاج بن سليمان الحضرمي المصري3. أبو الأسود. روى أيضا عَنْ: اللَّيْثُ، ومالك، وغيرهما. وعنه: ابنه محمد.   1 الجرح والتعديل "3/ 81، 82"، والميزان "1/ 438". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 162"، والميزان "1/ 462، 463". 3 من علماء مصر الأفاضل، انظر "حسن المحاضرة" للسيوطي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 79 64- حُذيفة المَرْعشيّ1. الزّاهد القُدْوَة، صاحب سُفْيان الثَّوْريّ. سيأتي بعد المائتين. 65- الحسن بن حيب بن ندبة2 -ن. أبو سعد البصري. عَنْ: زكريّا بْن أَبِي زائدة، وأبي خَلْدة خَالِد بْن دينار، وهشام بْن عُروة، وجماعة. وعنه: يعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وعليّ بْن الحسين الدَّرْهميّ، وجماعة. قَالَ أحمد: ما بِهِ بأس. قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. 66- الحَسَن بْن عليّ بْن عاصم بْن صُهَيْب الواسطيّ3. مات قبل والده، وقد أدرك التّابعين. وروى عَنْ: أيمن بْن نابل، وعن الأوزاعيّ. روى عنه: أخوه عاصم بن علي، وأحمد بن حنبل. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. 67- الحَسَن بْن محمد البلْخيّ4. الفقيه أبو محمد، قاضي مَرْو. متروك الحديث. روى عَنْ: حُمَيْد الطويل، وعوف الأعرابيّ، وهشام بن حسان.   1 ستأتي الترجمة له. 2 الجرح والتعديل "3/ 8"، والميزان "1/ 261". 3 تاريخ بغداد "7/ 363"، والميزان "1/ 504". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 35"، والميزان "1/ 519، 520". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 80 وعنه: وراث بن الفضل، وإبراهيم بْن مهديّ، وأحمد بْن عَبْد الله الفِرْيانانيّ. وغيرهم. قَالَ ابن عَدِيّ: كل أحاديثه مناكير. - الحَسَن بْن هانئ. أبو نُوَاس، في الكنى. 68- الحَسَن بْن يحيى الخُشَنيّ الدّمشقيّ الغُوطيّ البَلاطيّ1. أبو عبد المُلْك. عَنْ: زيد بْن واقد وهشام بْن عُرْوة، وابن جُرَيج، وعمر بْن قيس، والأوزاعي، وغيرهم. وعنه: سليمان بن عَبْد الرَّحْمَن، وهشام بْن عمّار، والحكم بْن موسى، وهشام بْن خَالِد الأزرق، وآخرون. قَالَ دُحَيْم: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ سيء الحِفْظ. وقال النَّسَائيّ وغيره: لَيْسَ بثقة. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا الحسن بن يحيى، نا بِشْرُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: أَقْبَلَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ حَتَّى وقَفَ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَبْنِي مَسْجِدَنَا هذا، يعني مسجد البلاط، فَقَالَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ له بيتًا في الجنة أفضل منه" 2.   1 الجرح والتعديل "3/ 44"، والميزان "1/ 524". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 122"، ومسلم "2984"، والترمذي "318"، وابن ماجه "736". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 81 69- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب1 -ق. أبو عبد الله العلوي الكوفي، أحد الأشراف النبلاء. روى عَنْ: أَبِيه، وعن عمّه أَبِي جعفر الباقر، وإسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وابن جُرَيج، وجعفر بْن محمد. وعنه: أبو مُصْعَب الزُّهْرِيّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، وإسحاق بْن موسى الخَطْميّ، وعبّاد بْن يعقوب، وسعيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي. قَالَ ابن عَدِيّ: وجدت في حديثه بعض النّكْرة، وأرجو أنّه لا بأس بِهِ. قلت: كَانَ شيخ الطالبيّة في عصره. أحسبه عاش بضعًا وثمانين سنة. 70- حفص بْن نُبَيْلٍ المرْهبيّ الهمَدانيّ2 -د. روى عَنْ: الثَّوْريّ، وزائدة، وداوود الطّائيّ. وعنه: أبو كريب، وأحمد بن بديل، وجماعة. محله الصدق. 71- حفص بن عبد الرحمن -ن. الإمام أبو عمر البلخي الفقيه المشهور بالنَّيْسابوريّ3. أحد الأعلام. روى عَنْ: عاصم الأحول، وداوود بْن أَبِي هند، وابن عَوْن، وأبي حنيفة، وابن أَبِي عَرُوبة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وعيسى بْن طهمان، وإسرائيل، وطائفة. وعنه: الحسين بْن منصور، ومحمد بْن رافع القُشَيْريّ، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، ومحمد بْن عقيل الخُزاعيّ، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله السَّعْديّ، وإسحاق بْن عَبْد الله بْن رَزِين، وعلي بْن الحسن الذهلي، وخلق.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 53"، والتهذيب "2/ 339". 2 لم نقف عليه. 3 الجرح والتعديل "3/ 176"، والتهذيب "2/ 404، 405". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 82 قَالَ الحاكم: كَانَ أَبُوهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عمر بْن فَرُّوخ بْن فَضَالَةَ البلْخيّ قد وُلّي قضاء نَيْسابور في أيام قُتَيْبة بْن مُسْلِم الباهليّ الأمير، وهو في الكوفة. وحفص هذا أفقه أصحاب أَبِي حنيفة الخُراسانيّة. وكان ولي القضاء ثمّ ندم وأقبل عَلَى العبادة. وكان ابن المبارك يزوره. وقال فيه ابن المبارك: هذا اجتمع فيه الفقه، والوقار، والورع. قَالَ الحاكم: سكّة حفص بنَيْسابور منسوبة إليه. وكان أبو عبد الله الْبُخَارِيّ إذا قدِم نَيْسابور يحدّث في مسجده. قلت: ثمّ ساق لَهُ الحاكم عدّة أحاديث غرائب وأفراد. وقد احتجّ بِهِ النَّسَائيّ. وقال أبو حاتم: مضطّرب الحديث. قَالَ إبراهيم بْن حفص: مات أَبِي في ذي القعدة سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 72- حفص بْن عمر. الإمام أبو عِمران الرّازيّ الواسطيّ1، نزيل البصرة. عَنْ: العَوّام بْن حَوْشَب، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وعبد الحميد بْن جعفر، وابن المبارك. وعنه: حفص الرَّبَاليّ، والعلاء بْن سالم الطبري. قال أبو حاتم والدارقطني: ضعيف. وقال الْبُخَارِيّ: يتكلّمون فيه. قَالَ ابن عَدِيّ: لَيْسَ بِهِ حديث مُنْكَر المتن. ومنهم مِن يفرّق بين الرّازيّ وبين الواسطي، ولا فرق. 73- حفص بن غياث بن طلق2 -ع.   1 الجرح والتعديل "3/ 180، 181"، والتهذيب "2/ 413، 414". 2 انظر: الميزان "1/ 567، 568"، السير "9/ 22، 34". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 83 الإمام أبو عمر النخعي القاضي. أحد الأعلام. مولده سنة سبْعَ عشرة ومائة. وروى عَنْ: جَدّه طَلْق بْن معاوية، وعن عاصم الأحول، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وهشام بن عروة، والأعمش، وداوود بْن أَبِي هند، وأبي إِسْحَاق الشَّيْبانيّ، وأبن أَبِي خَالِد، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وخلْق سواهم. وعنه: ابنه عُمَر بْن حفص، وأحْمَد بْن حنبل، وإسحاق، وابن المَدِينيّ، والحسن بْن حمّاد سَجّادة، وأبو بَكْر بْن أَبِي شيبة، وأخوه عثمان، وعَمُرو الناقد، ومحمد بْن مُثَنَّى، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ويحيى بْن مَعِين، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد العُطارديّ، وخلْق. وقد وُلّي قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد، ثمّ بُعِث عَلَى قضاء الكوفة بعد شَرِيك. روى عَبَّاس، عَنِ ابن مَعِين: حفص أثبت مِن عَبْد الواحد بْن زياد، وهو أثبت مِن عَبْد الله بْن إدريس. وقال العِجْليّ، وغيره: ثقة، مأمون، فقيه. وقال داوود بْن رُشَيد: حفص كثير الغلط. وقال يعقوب بْن شَيْبة: هُوَ ثَبْتٌ إذا حدَّث مِن كتابه ويُتَّقَى بعض حِفْظه. وقال ابن عمّار: عِسرٌ في الحديث جدًّا. روى سَعِيد بْن سعيد الجاري، عن طلْق بْن غنّام قَالَ: خرجت مَعَ حفص بْن غِياث في زُقاق. فأتت امرَأَة حسناء. فقالت: أيها القاضي زوّجني فإنّ إخوتي يضرّون بي. فالتفت إليّ فقال: يا طلْق اذهب فزوَّجْها إنّ كَانَ الَّذِي يخطبها كَفُؤًا، فإن كَانَ يسكر مِن النّبيذ أو رافضيًا فلا تزوّجْه. فإن الَّذِي يسكر يطلّق وهو لا يدري، والرافضي فالطلاق عنده واحدة1. وقيل: إنّ أبا يوسف القاضي قَالَ لأصحابه: تعالَوا نكتب نوادر حفص بْن غياث في القضاء.   1 تاريخ بغداد "8/ 193، 194". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 84 فلمّا وردت أحكامُه عَلَى أَبِي يوسف قِيلَ لَهُ: فأين النوادر التي زعمت؟ قَالَ: ويْحكم، إنّ حَفْصًا أراد الله فوفّقه. وقال أحمد بن زهير: نا محمد بْن زيد: سَمِعْتُ حفص بْن غياث قَالَ: كُنَّا ببغداد يجيئنا أصحاب الحديث، فيقول لهم ابن إدريس: عليكم بالشِّعْر والعربيّة. فقلت: ألا تتّقي الله؟ قوم يطلبون آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تأمرهم يطلبون هذا. لئن عُدت لأسوءَنَّك1. قَالَ بِشْر الحافي: قَالَ حفص بْن غِياث: لو رَأَيْت أني أُسُرٌ بما أَنَا فيه لهلكت. ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، نَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عُمَر بْن حفص قَالَ: لما احتضر أَبِي بكيت، فقال: ما يُبكيك؟ قلت: لفراقك ولد خولك في هذا الأمر. قَالَ: لا تبكِ، فما حللت سراويلي عَلَى حرام، ولا جلس إليّ خصمان فباليت مِن توجّه لَهُ الحَكَم2. قَالَ حفص: مرض أبي خمسة عشر يومًا، فردّ معي مائة درهم إلى العامل وقال: هذه لا حظّ لي فيها، لم أحكم هذه الأيام. قَالَ يحيى القطّان: هُوَ أوثق أصحاب الأعمش. وقال ابن مَعِين: جميع ما حدَّث بِهِ حفص بْن غياث ببغداد وبالكوفة إنّما هُوَ مِن حفظه، ولم يُخْرج كتابًا. كتبوا عَنْه ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف حديث. وقال إبراهيم بْن مهديّ: سَمِعْتُ حفْصًا يَقُولُ لرجل يسأله عَنْ مسائل القضاء: لعلك تريد أن تكون قاضيًا. لأن يُدخل الرجلُ إصبَعه فيقلع عينه خيرٌ مِن أن يكون قاضيًا3. قال أبو جعفر المسنديّ: كَانَ حفص بْن غياث مِن أسخى العرب. وكان يَقُولُ: مِن لم يأكل طعامي لا أحدّثه. وإذا كَانَ لَهُ يوم ضيافة لا يبقى رأس في الرواسين.   1، 2 تاريخ بغداد "8/ 190". 2 السابق. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 85 قَالَ الحَسَن سَجّادة: كَانَ يُقال: ختم القُضاةَ حفصُ بْنُ غياث. وقال حفص: والله مَا وُلِّيتُ الْقَضَاءَ حَتَّى حَلَّتْ لِيَ الْمَيْتَةُ. ومات وعليه تسعمائة درهم. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: رَأَيْت مقدَّم فم حفص، مضبَّبة أسنانُه بذَهَب. أَخْبَرَنَا المؤمّل البالِسيّ إجازة: أَنَا الكِنْديّ، أَنَا القزّاز، أَنَا أَبُو بَكْر الخطيب، أَنَا العشامي، أَنَا عليّ بْن عُمَر، أَنَا ابن مَخْلَد: سَمِعْتُ عَبْد الله بْن أحمد، سَمِعْتُ أبا مَعْمَر يَقُولُ: لما جيء بحفص بْن غِياث وابن إدريس ووكيع إلى القضاء طرّي حفصُ خضابَه حين قُرب إلى بغداد، فالتفت ابن إدريس إلى وكيع: أمّا هذا فقد قَبِلَ. قَالَ ابن أَبِي شيبة: ولي القضاء ببغداد سنتين، وولي بالكوفة ثلاث عشرة سنة. قال أبو داوود: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ لا يقدّم بعد الكِبار مِن أصحاب الأعمش غير حفص بْن غِياث، وقال حفص. قلت: مات في آخر سنة أربعٍ وتسعين ومائة. وفي هذا العام أرّخه أحمد بْن عَبْد الجبّار، وجماعة. قَالَ سَلْم بْن جنادة: سنة خمسٍ وتسعين، وقيل سنة ستٌّ، والأوّل الصحيح. 74- الحَكَم بْن أيّوب العبْديّ1. مولاهم الأصبهاني الفقيه، أبو محمد، مِن كبار أهل بلده. روى عَنْ: سَعِيد بن أبي عروبة، والثوري، زفر بْن الهّذَيل، وإسرائيل بْن يونس. روى عَنْهُ: محمد بْن المغيرة، وغيره. وحفيده هُوَ محمد بْن أحمد بْن الحَكَم الأصبهاني مِن مشيخة أبي الشَّيْخ. 75- الحَكَم بْن بشير2 -ت. ق. حدَّث عَنْ: أَبِيه، وعمرو بْن قيس المُلائي، وخلاد بن عيسى الصفار.   1 تاريخ أصبهان "1/ 297". 2 الجرح والتعديل "3/ 114"، والتهذيب "2/ 424". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 86 وعنه: إبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن زُنَيْج، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ الرَّازِيُّونَ. وكان مِن علماء الرَّيّ. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 76- أبو مطيع البلْخيّ، هُوَ الحَكَم بْن عبد الله الفقيه1. صاحب كتاب الفقه الأكبر. تفقَّه بأبي حنيفة وروى عَنْهُ. وعن: ابن عَوْن، وهشام بْن حسّان، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وعبد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة، وأبي الأشهب جعفر العُطارِديّ، وإبراهيم بْن طهمان، والحسن بْن دينار، وطبقتهم. وتفقه بِهِ أهل خُرَاسان، وولى قضاء بلخ، وكان بصيرًا بالرأي، حافظًا للمسائل. كَانَ ابن المبارك يعظّمه ويُجلُّه. روى عَنْهُ: أحمد بْن منيع، وأيّوب بْن الحَسَن الفقيه، وعقيق بْن محمد، وعليّ بْن الحسين الذُّهْليّ، ونصر بْن زياد، والخُراسانيّون. وقدِم بغدادَ مرّات. قَالَ محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ: سَمِعْتُ حاتمًا السَّقَطيّ: سَمِعْتُ ابن المبارك يَقُولُ: أبو مطيع لَهُ المنّة عَلَى جميع أهل الدنيا. قلتُ: حاتم لا يُعرف، وما اعتقد في ابن المبارك أنّه يُطلق مثل هذه العبارة. قَالَ محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ: وقال حاتم: قَالَ مالك بْن أنس لرجل: مِن أَيْنَ أنت؟ قَالَ: مِن بلْخ. قَالَ: قاضيكم أبو مطيع إنّه قام مقام الأنبياء2. قَالَ محمد بْن الفُضَيْل: سَمِعْتُ عَبْد الله بْن محمد العابد يَقُولُ: جاء كتابٌ، يعني مِن الخلافة، وفيه لوليّ العهد: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] ليقرأ على الناس.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 121، 122"، والميزان "1/ 574". 2 تاريخ بغداد "8/ 224". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 87 فسمع أبو مطيع فدخل عَلَى الوالي وقال: بلغ مِن خطر الدنيا أنّا نكفر بسببها. وكرّر هذا مرارًا حتى أبكى الأمير وقال له: إني معك ولكن لا أجتريء بالكلام، فتكلّم وكنْ منّي آمنًا1. وكان أبو مطيع قاضيًا فذهب الناس إلى الجمعة. وذهب أبو مُعَاذ متقلَّدًا سيفًا. وآخّر يوم الجمعة، فارتقى أبو مجيع المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ أخذ لحيته وبكى وقال: يا معشر المسلمين بلغ مِن خطر الدنيا أن تجرّ إلى الْكُفْرِ. من قال: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} لغير يحيى بْن زكريّا فهو كافر. قَالَ: فرجّ أهل المسجد بالبكاء وهرب اللّذان أتيا بالكتاب. وعن النضر بْن شُمَيْلٍ: قَالَ أبو مطيع: نزل الإيمان والإسلام في القرآن عَلَى وجهين، وهو عندي عَلَى وجهٍ واحد. فقلت لَهُ: ممّن ترى الغلط منك، أم مِن الرَّسُول عَليْهِ السلام، أو مِن جبريل، أو مِن الله تعالى؟ فبقي باهتًا2. وقد كَانَ أبو مطيع فيما نقل الخطيب من رؤوس المُرْجِئة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَبِي مطيع فقال: لا ينبغي أن يُروى عَنْهُ. ذكروا عَنْهُ أنّه كَانَ يَقُولُ: الجنّة والنّار خُلِقتا وسَتَفْنَيان، وهذا كلام جَهْم3. وقال ابن مَعِين: هُوَ ضعيف. وقال أبو داوود: تركوا حديثه، كَانَ جَهْميًا. قلت: وممّن روى عنه: محمد بن القاسم البلخي، وخلاد بْن أسلم الصَّفّار، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ. ومات سنة تسعٍ وتسعين ومائة، وله أربعٌ وثمانون سنة. 77- الحَكَم بْن عَبْد الله -خ. م. ت. ن- أبو النعمان البصري4. عن: سعيد بن أبي عروبة، وشعبة.   1 نفس المصدر السابق. 2 تاريخ بغداد "8/ 225". 3 يعني: الضال المضل جهم بن صفوان قبحه الله. 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 122"، والتهذيب "2/ 429". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 88 وعنه: أحمد بْن محمد البزّي، ومحمد بْن المِنْهال، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وأبو قُدامة السَّرْخَسيّ، وغيرهم. وكان ثِقةً من الحُفاظ. مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 78- الْحَكَمُ بنُ مروان الكوفيّ1. أبو محمد. قَالَ الخطيب: حدَّث عَنْ: كامل أبي العلاء، وأزهر بْن سِنان، وفُرات بْن السّائب، وزُهير بْن معاوية. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعبد الله بن محمد بْن أيّوب المخرميّ، والعبّاس بْن الفضل، ورُشَيد الطَّبَريّ. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال ابن مَعِين: ضرير لَيْسَ بِهِ بأس. 79- حَمَّاد بن خَالِد الخَيَّاط2 الْمَدَنِيّ -م. ع. عن: ابن أَبِي ذئب، ومعاوية بن صالح، وأفلح بن حُمَيْد. وَعَنْهُ: ابن معين، وَأَحْمَد بن حنبل، والحسن الزعفراني، وإسحاق بن بهلول. وكان أميًا، لا يكتب، بل كَانَ يتحفظ. وَهُوَ صدوق. قَالَ أحمد: كَانَ حافظا. 80- حَمَّاد بن دليل المدائني3 -د- قاضي المدائن. نزل مَكَّة وترك القضاء وصار يتجر. رَوَى عن: أَبِي حنيفة، وَالحَسَن بن عمارة، وسفيان الثوري. وعنه: الحميدي، وأسد بن موسى، وأحمد بن أبي الحواري. وثقه يحيى بن معين.   1 الجرح والتعديل "3/ 129"، والميزان "1/ 579". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 136"، والتهذيب "3/ 7". 3 الجرح والتعديل "3/ 136"، والتهذيب "3/ 8". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 89 81- حماد بن واقد الصفار1 -ت- شيخ بصري. عن: ثابت البناني، وابن التياح، وأبان بن أَبِي عَيَّاش، وَعَبْد العزيز بن صهيب. وَعَنْهُ: أحمد بن المقدام، وَبِشْر بن معاذ، وَعُمَر بن شبه، وحفص الربالي، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتة، وَمُحَمَّد بْن عَبْد الله الأرزي، وابنه فطر بن حَمَّاد الصَّفَّار. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ معين: ضعيف. 82- حميد بن حماد بن خوار2 -د. ويقال: ابن أبي الخُوَار، أبو الْجَهْم الكوفيّ. عَنْ: حمّاد بْن أبي سليمان الفقيه، وسماك بْن حرب، والأعمش، وجماعة. وعنه: زيد بْن الحُباب، وَأَبُو كُرَيْب، ومحمد بْن مَعْمَر البَحْرانيّ، ومحمود بن غيلان. ضعفه أبو داوود. وقال أبو حاتم: يُكَتب حديثه. 83- حنان بْن سَدِير الصَّيْرفيّ3. عَنْ: جعفر بْن محمد، وأُمَيّ الصَّيْرفيّ، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، ومحمد بْن طلحة بْن مُصَرَّف. وعنه: العلاء بْن عَمْرو الحنفيّ، وعلي بْن محمد الطّنافسيّ، ومحمد بْن ثواب الهبَّاريّ، وعيسى بْن سَعِيد الرّازيّ، ومحمد بن الجنيد العابد. وثقه ابن حبان.   1 الجرح والتعديل "3/ 150"، والتهذيب "3/ 21". 2 الجرح والتعديل "3/ 220"، والتهذيب "3/ 37". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 299"، ولسان الميزان "2/ 367". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 90 "حرف الخاء": 84- خالد بن حيان الرقي1 -ن. أبو يزيد الكندي مولاهم الخراز. مُهْمَل الأوسط. عَنْ: سالم بْن أَبِي المهاجر، وعليّ بْن عُرْوة الدّمشقيّ، وجعفر بْن بُرْقان. وعنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو كُرَيْب، وابن عَرَفَة. قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. مات بالرَّقَّة في ذي القِعْدة سنة إحدى وتسعين. وقال أحمد: لم يكن به بأس. كتبت عنه غرائب. ووثقه ابن معين. وأما الفلاس فقال: ضعيف. 85- خَالِد بْن سليمان. أبو مُعَاذ البلْخيّ2، فقيه أهل بلْخ. مات سنة تسع وتسعين ومائة. كذا وجدته. 86- خَالِد بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ3. أبو سَعِيد. أحد المتروكين. عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: يوسف بْن عَدِيّ، وأبو عُبَيْد القاسم. قَالَ أحمد: متروك الحديث. وقال صالح جَزْرَة: كَانَ يضع الحديث. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء.   1 الجرح والتعديل "3/ 326"، والميزان "1/ 629"، والتهذيب "3/ 84، 85". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 335"، والميزان "1/ 631". 3 الجرح والتعديل "3/ 343"، والميزان "1/ 635، 636". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 91 وقال الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وهو مذكور أيضًا بعد المائتين. 87- خَالِد بْن يزيد العَتَكّي. أبو يزيد البصْريّ اللُّؤلؤيّ1. عَنْ: أَبِي جعفر الرّازيّ، وورقاء اليشْكُريّ. وعنه: أبو حفص الفلاس، ونصر الْجَهْضَميّ. قَالَ أبو زُرْعَة: لَيْسَ بِهِ بأس. 88- خلف بن أيوب العامري البلخي2 -ت. أبو سعيد. مِن علماء أهل بلْخ. روى عَنْ: عوف الأعرابيّ، ومَعْمَر بْن راشد، وإسرائيل، وقيس بْن الربيع. وعنه: أحمد بْن حنبل، وزكريّا بْن يحيى اللؤلؤيّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن مقاتل المَرْوَزِيّ، وطائفة. ذكره ابن حِبّان في الثقات وقال: كَانَ مُرْجِئًا غاليًا يبغض مِن ينتحل السُّنَن. وقال ابن مَعِين: ضعيف. قلت: هُوَ معَادٌ في طبقة مكّيّ بْن إبراهيم البلْخيّ. والذي تحر لي أنّه يُحّول مِن هناك ومن هنا فيُقرَّر في طبقة الشّافعيّ رحمه الله. 89- الخليل بْن أحمد بْن بِشْر بْن المستنير السُّلَميّ البصْريّ3. قليل الرؤية. سَمِعَ: المستنير بْن أخضر بن معاوية بن قرة.   1 الجرح والتعديل "3/ 361"، والسير "9/ 415". 2 الجرح والتعديل "3/ 370"، والتهذيب "3/ 147، 148". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 380"، والتهذيب "3/ 164-166". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 92 وعنه: محمد بْن أَبِي سمينة، وإبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، والعبّاس العنبريّ، وعبد الله بْن محمد الْجُعْفيّ. وثّقه ابن حِبّان. 90- خيران بْن العلاء الكَيْسانيّ الأصمّ1. عَنْ: الأوزاعي، وحمّاد بْن سَلَمَةَ. وعنه: عَبْد العزيز الأويْسيّ، وعليّ بْن حُجْر، وأحمد بْن عيسى التُّسْتَرِيّ. سكن مصر وروى اليسير. "حرف الراء": 91- رِبْعيّ بْن إبراهيم الأسَديّ. أبو الحَسَن البصْريّ2، أخو الإمام إسماعيل بن علية لأبويه. عن: داوود بْن أَبِي هند، وسعيد بْن مسروق، ويونس بْن عُبَيْد، وعوف الأعرابيّ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر النَّيْسابوريّ، والحسن الزَّعْفرانيّ، وآخرون. وحدَّث عَنْهُ مِن القدماء عَبْد الرحمن بْن مهديّ. وقال: كنّا نَعُدُّه مِن بقايا شيوخنا. وقال أحمد الدَّوْرقيّ: كَانَ يفضَّل عَلَى أخيه إسماعيل. وقال يحيى بْن مَعِين: ثقة مأمون. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْكَاتِبُ، أَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا الْخُلَعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَعْرَابِيِّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، نا ربعي بن علية، عن داوود بن أبي هند، عن عامر،   1 الجرح والتعديل "3/ 405"، والميزان "1/ 669. 2 الجرح والتعديل "3/ 409، 410"، والتهذيب "3/ 336". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 93 عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: جَاءَ بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يا رسول الله اشهد إِنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا. قَالَ: "كُلُّ بَنِيكَ نَحَلْتَ مِثْلَ الَّذِي نَحَلْتَ النُّعْمَانَ"؟ قَالَ: لا. قَالَ: "فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً"؟ قَالَ: بَلَى! قَالَ: "فَلا إِذًا"1. هَذَا حَدِيثٌ مُخَرَّجٌ فِي الصِّحَاحِ، مِنْ طريق حصين، وداوود بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَجَمَاعَةٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ. مات رِبْعيّ سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. 92- ريْحان بْن سَعِيد بْن الْمُثَنَّى الشاميّ2. شيخ بصْريّ. عَنْ: عبّاد بْن منصور. وعنه: أبو خَيْثَمَة، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ. قَالَ يحيى بْن مَعِين: ما أرى بِهِ بأسًا. "حرف الزاي": 93- زاجر بْن الصَّلْت الطاحي النَّمِريّ3. عَنْ: الحارث بْن مالك، وجماعة. وعنه: أبو حفص الفلاس، ومحمد بْن مهران الجمال، وعثمن بْن أَبِي شَيبة، ومحمد بْن مرزوق الْبَاهِلِيَّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ.   1 "حديث صحيح": أخرجه مالك "752"، في الموطأ، والبخاري "3/ 206"، ومسلم "1623"، والترمذي "2586"، وابن ماجه "2376"، وأحمد "4/ 271-273". 2 الجرح والتعديل "3/ 517"، والميزان "2/ 62". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 620، 621"، والثقات لابن حبان "4/ 269". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 94 94- زياد بْن الحَسَن بْن الفُرات التّميميّ الكوفيّ القزّاز1 -ت. روى عَنْ: جدّه فُرات القزّاز، وأبان بن تَغْلِب، ومِسْعَر. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الله بْن بَرَّاد الأشعريّ، وجماعة. ذكره ابن حِبّان في الثَّقات. 95- زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زهير بْن ناشرة1. الفقيه الأندلسيّ شَبَطُون اللَّخْميّ، عالم الأندلس، وتلميذ مالك. كَانَ أول مِن أدخل مذهب مالك إلى الجزيرة الأندلُسيّة. وقبل ذَلِكَ كانوا يتفقّهون للأوزاعي، وغيره. قَالَ ابن القاسم الفقيه: سمعتُ زيادًا فقيه الأندلس يسأل مالكًا. قلت: وعليه تفقّه يحيى بْن يحيى اللَّيْثي قبل أن يرحل. وسمع زيادًا مِن معاوية بْن صالح وتزوّج بابنته، وحدث عنه، وعن: مالك، والليث، وسليمان بْن بلال، ويحيى بْن أيّوب، وموسى بْن عليّ بْن رباح، وأبي مَعْشَر السّنْديّ، وطبقتهم. وكان أحد النُّسّاك الوَرِعين. أراده هشام صاحب الأندلس عَلَى القضاء فأبى وهرب. وكان هشام يُكْرمه ويحترمه ويسأله. قَالَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: كُنَّا جُلُوسًا عَنْدَ زِيَادٍ، إِذْ جَاءَ كِتَابٌ مِنْ بَعْضِ الْمُلُوكِ، فَكَتَبَ فِيهِ وَخَتَمَهُ، فَذَهَبَ بِهِ الرَّسُولُ. فَقَالَ لَنَا زِيَادٌ: أتدرون عما يسأل هذا؟ سأل عَنْ كِفَّتَيِ الْمِيزَانِ، أَمِنْ ذَهَبٍ هِيَ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ؟ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ: ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يعنيه" 3.   1 الجرح والتعديل "3/ 529"، والتهذيب "3/ 362". 2 انظر: وفيات الأعيان "6/ 143، 144". 3 "حديث صحيح": أخرجه مالك "1629"، والترمذي "9/ 24"، وابن ماجه "3976". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 95 وكان الأمير هشام يَقُولُ: صحبتُ الناس وبَلَوْتُهُم، فما رَأَيْت رجلا يُسِرّ الزُّهْد أكثر ممّا يُظْهِر إلا زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن. قَالَ ابن يونس: كنية زياد أبو عَبْد الله. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. قَالَ: وقيل مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 96- زيد بْن الحسن القرشي الكوفي1 -ت. أبو الحسين صاحب الأنماط. روى: عَنْ جعفر بْن محمد، وعليّ بْن المبارك الهُنائيّ، ومعروف بْن خَرَّبُوذ. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وابن رَاهَوَيْه، ونصر الوشّاء، وسَعْدُوَيْه. قَالَ أبو حاتم: مُنْكَر الحديث. وذكره ابن حِبّان في الثَّقات. 97- زيد بْن أبي الزرقاء الموصلي2 -د. ن. أبو محمد. روى عَنْ: جعفر بن بُرْقان، وعيسى بْن طَهْمان، وشُعْبَة، وعدّة. وعنه: عليّ بْن سهل، وأبو عُمَير عيسى الرَّمليّان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عمّار، وسعيد بن أسد بْن موسى، وابنه هارون بْن زيد. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. كَانَ عنده جامع سفيان عنه. قلت: سكن الرملة قبل موتع سنة. وكان أحد العُبّاد والنسّاك مِن أصدقاء الُمَعافَى بْن عِمران. ويُقال: إنّه غزا فأُسر ومات في الأسر. مات سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. وقيل مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 560"، والتهذيب "3/ 406". 2 الجرح والتعديل "3/ 575"، والسير "9/ 316، 317". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 96 وقال ابن حِبّان في الثَّقات: يُغرب. وقال ابن عمّار: لم أر في الفضل مثل زيد، والمعافى، وقاسم الجرمي. وروى بِشْر الحافي، عَنْ زيد قَالَ: ما سألتُ إنسانًا شيئًا منذ خمسين سنة. وسمعتُ زيد بْن أَبِي الزَّرقاء يَقُولُ: إذا كَانَ للرجل عَيَّالٌ وخاف عَلَى دينه فليهرُب. وروى زيد، عَنِ اللَّيْثُ، عَنْ عَبْد الله بْن أبي جعفر قَالَ: خير النّاس مِن كَانَ مِن نفسه في عَناء، والناسُ منه في راحة. "حرف السين": 98- سالم بْن نوح العطّار البصْريّ1. أبو سَعِيد. عَنْ: يونس بْن عبيد، وسعيد الْجُرَيريّ، وعبد الله بْن عُمَر، وعمر بْن عامر، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبة. وعنه: بَكْر بْن خَلَف، ومحمد بْن بشّار، وابن مُثَنَّى، وإسحاق بْن إبراهيم الصّوافّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى بِهِ بأسًا، وقد كتبت عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ به. وقال أبو زُرْعة: صدُوق ثقة. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقوي. وقال الدارَقُطْنيّ: فيه شيء. 99- سَبْرة بْن عَبْد العزيز بْن الربيع بْن سَبْرة الْجُهَني2 -د.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 188"، والسير "9/ 325". 2 الجرح والتعديل "4/ 296"، والتهذيب "3/ 452، 453". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 97 أخو حَرْمَلَة بْن عَبْد العزيز. يروى عَنْ: أَبِيه، وعمّه عبد الملك. وعنه: ابن وهب، وهشام بن عمار، ويعقوب بن كاسب، والحكم بن موسى، وآخرون. وثق. 100- سعد بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانَ الْمَقْبُرِيُّ المدني1 -ق. عَنْ: أخيه عَبْد الله، ولم يدرك أَبَاهُ. وعنه: الحُمَيْديّ، وإبراهيم بْن المنذر، وإسحاق بْن موسى، والزُّبَيْر بْن بكّار. عداده في الضعفاء، وقد رُمي بالقَدر. 101- سعْد بْن الصَّلْت بْن بُرْد بْن أسلم البَجَليّ الكوفيّ2. الفقيه قاضي شيراز. ولاؤه لجرير بْن عَبْد الله البَجَليّ. سكن شيراز مدّة. وروى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وأبان بْن تغلِب، ومُطَرَّف بْن طريف، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن عَبْد الله الأنصاريّ، ويحيى الحِمّانيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي شيبة، وسبْطه إِسْحَاق بْن إبراهيم شاذان الفارسيّ. سَأَلَ عَنْهُ سُفْيان الثَّوْريّ فقال: ما فعل سعْد؟ قَالُوا: وُلّي قضاء شيراز. قَالَ: دُرّة وقعت في الحُشّ. قلت: ما رَأَيْت لأحدٍ فيه جرحًا فمحله الصدق. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَحْمُودِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْبُرْجِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بن   1 الجرح والتعديل "4/ 85"، والتهذيب "3/ 469، 470". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 86"، السير "9/ 317-319. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 98 حَفْصٍ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ شَاذَانُ، نَا سعيد بن الصلت، نا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، نَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رياح، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ حَجَّ عَنْ أَبَوَيْهِ وَلَمْ يَحُجَّا جَزَأَ عَنْهُمَا وَعَنْهُ، وَنُشِرَتْ أَرْوَاحُهُمَا فِي السَّمَاءِ وَكُتِبَ عَنْدَ اللَّهِ بَرًّا"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ فَرْدٌ، لا نَعْرِفُهُ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا. وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ هُوَ الْكُوفِيُّ الْمُقْرِئُ، صَدُوقٌ. مات سعْد بْن الصَّلْت سنة ستٌّ وتسعين ومائة. 102- سَعِيد بْن زكريّا القرشي المدائني2 -ت. ن. أبو عثمان. عَنْ: الزُّبَيْر بْن سَعِيد الهاشميّ، وحمزة الزيات، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، والزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن سَعِيد بْن غالب العطّار، وطائفة. وثّقه صالح جزْرة، وغيره. وقد لُيّن. 103- سَعِيد بْن سالم القدّاح الْمَكَّيّ3. أبو عثمان. عَنْ: ابن جريج، وعبيد الله بْن عُمَر، ويونس بْن إسحاق، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: الحسين بْن حُرَيث، وأسد بْن موسى، وعليّ بْن حرب الطّائيّ. وحدّث عَنْهُ مِن الكبار: بقيّة بْن الوليد، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، والشافعيّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال عثمان بْن سَعِيد الدّارميّ: ليس بذاك.   1 "حديث ضعيف": أخرجه الطبراني "5083"، في الكبير، وفيه أحد المجهولين. 2 الجرح والتعديل "4/ 23"، والتهذيب "4/ 30، 31". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 31"، والسير "9/ 319، 320". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 99 وقال محمد بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ: قد كتبت عَنْهُ. وكان مُرْجِئًا. وقال الحُمَيْديّ: ثنا يحيى بْن سُلَيْم قَالَ: قَالَ سَعِيد بْن سالم لابن عَجْلان: أرأيتَ إنّ أَنَا لم أرفع الأذى عَنِ الطريق أكون ناقص الإيمان؟ فقَالَ ابن عَجْلان: مِن يعرف هذا؟ هذا مرجيء. قَالَ يحيى: فلمّا قمنا عاتبته، فردّ عليّ القول. فقلت لَهُ: هَلْ لك أن أقف أَنَا وأنت عَلَى الطَّواف، فتقول أنت: يا أهل الطَّواف إنّ طوافكم لَيْسَ مِن الإيمان. وأقول أَنَا: طوافكم مِن الإيمان، فننظر ما يصنعون؟ قَالَ: تُريدُ أن تُشَهَّرني؟ فقلت: ما تريدُ إلى قولٍ إذا أنت أظهرته شهَّرك1. 104- سعيد بن سلمة بن عطية2 -ن. عَنْ: مَعْمَر. وعنه: محمد بْن عثمان بْن أَبِي صَفْوان. وقال: كَانَ خير أهل زمانه. قلت: خرّج لَهُ النَّسَائيّ في الاستعاذة. 105- سَعِيد بْن عبد الله بْن سعْد3. الفقيه؛ مِن علماء المصريّين. تفقَّه عَليْهِ: ابن وهب، وابن القاسم بمصر. وكان معدودًا مِن زُهّاد الفقهاء. قَالَ ابنُ شَعْبان: هُوَ الَّذِي أعان ابن وهب عَلَى تأليفه. مات بالإسكندرية سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. 106- سعيد بن عمرو الزبيري4.   1 الضعفاء الكبير "2/ 108"، للعقيلي. 2 أحد الضعفاء، كما في سنن الترمذي "8/ 258". 3 الجرح والتعديل "4/ 50، 51"، والثقات لابن حبان "8/ 264". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 100 روى عَنْ: أَبِي الزَّناد. وعنه: ابن أخيه محمد بن الوليد، وأحمد بن عبدة الضبي، وإبراهيم بن المنذر، والزبير بن بكار. قاله ابن أبي حاتم. 107- سعيد بن محمد الثقفي الوراق1 -ت. ق. أبو الحسن الكوفي، نزيل بغداد. روى عن: يحيى بْن سَعِيد، وموسى الْجُهَنيّ، وفضيل بن غزوان، وبسام الصيرفي، وغيرهم. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن عرفة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعلي بن حرب، وآخرون. ضعفه جماعة. وقال الدارقطني: متروك. 108- سفيان بن عبد الملك المروزي2 -د. ت. صاحب ابن المبارك وتلميذه. روى عَنْهُ: إسحاق بْن راهَوَيْه، وعَبْدان بْن عثمان مَعَ تقدّمه، ووهْب بْن زمعة، وحِبّان بْن موسى المَرْوَزِيُّونَ. قَالَ الْبُخَارِيّ: مات قبل المائتين. 109- سُفْيان بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران3 -ع. واسم أبي عِمران ميمون مولى محمد بْن مُزاحم الهلاليّ أخي الضحّاك المفسّر. أبو محمد الكوفيّ ثمّ الْمَكَّيّ. الإمام شيخ الإسلام. مولده سنة سبْعٍ ومائة، في نصف شعبان.   1 الجرح والتعديل "4/ 58، 59"، والتهذيب "4/ 77". 2 الجرح والتعديل "4/ 230"، والتهذيب "4/ 116". 3 الحلية "7/ 270-318"، والسير "8/ 400-418". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 101 وقيل: هُوَ مولى عَبْد الله بْن رُوَيْبة الهلاليّ. طلب الحديث وهو غلام. لقي الكبار، وسمع مِن: قاسم الرحّال في سنة عشرين ومائة. وسمع مِن: الزُّهْرِيّ، وعمرو بْن دينار، وزياد بْن علاقة، والأسود بْن قيس، وعاصم بْن أَبِي النَّجُود، وأبي إسحاق، وزيد بْن أسلم، وعبد الله بْن أَبِي نَجِيح، وسالم أَبِي النَّصْر، وعَبْدة بْن أَبِي لُبابة، وعبد الله بْن دينار، ومنصور بْن المُعْتمر، وسُهيل بْن أَبِي صالح، وخلْق كثير. وانفرد بالرواية عَنْ أكثرهم. وَرُحِلَ إليه مِن الآفاق. روى عَنْهُ: الأعمش، وابن جُرَيج، وشُعْبَة، وهم مِن شيوخه، وابن المبارك، وابن مَهديّ، والشّافعيّ، وابن المَدِينيّ، والحُمَيْديّ، وسعيد بْن منصور، ويحيى بْن مَعِين، وأحمد، وإسحاق، وأحمد بْن صالح، وإسحاق الكَوْسَج، وأحمد بْن مَنِيع، وأبو خَيْثَمَة، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وابن نُمير، وأبو كُرَيْب، ويحيى بْن يحيى، والنُّفَيْليّ، ومحمد بْن يحيى العَدنيّ، وعَمْرو النّاقد، والفلاس، وأحمد بْن شيبان، وبِشْر بْن مطر، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، وسَعْدان بْن نصر، وعليّ بْن حرب، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر، ومحمد بْن عاصم الثَّقَفيّ، ومحمد بْن عيسى المدائني، والزَّعْفرانيّ، والزُّبَيْر بْن بكّار، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأُمَم سواهم. وقد كَانَ طلبة العِلْم يحجّون وما همّهم إلا لُقيّ سُفْيان، فيزدحمون عَليْهِ في الموسم ازدحامًا عظيمًا إلى الغاية لإمامته وعُلُوّ إسناده وحِفْظه، كَانَ مِن بُحور العِلْم. قَالَ الشّافعيّ: لولا مالك وسُفْيان بْن عُيَيْنَة لذهب عِلم الحجاز. وعنه قَالَ: تطلّبت أحاديث الأحكام، فوجدتها كلّها سوى ثلاثين حديثًا عند مالك، ووجدتها كلّها سوى ستّة أحاديث عند ابن عُيَيْنَة. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: كَانَ ابن عُيَيْنَة مِن أعلم الناس بحديث الحجاز. وقال التَّرْمِذيّ: سمعتُ محمدًا، يعني الْبُخَارِيّ، يَقُولُ: ابن عُيَيْنَة أحفظ مِن حمّاد بْن زيد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 102 وقال حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ما رَأَيْت أحدًا فيه مِن آله العِلْم ما في سُفْيان. وما رَأَيْت أكفّ عَنِ الفُتيا منه. وما رأيتُ أحدًا أحسن لتفسير الحديث منه. وقال ابن وهْب: لا أعلم أحدًا أعلم بالتفسير مِن ابن عُيَيْنَة. وقال أحمد: ما رَأَيْت أعلم بالسُّنَن منه. قَالَ وكيع: كتبنا عَنِ ابن عُيَيْنَة أيّام الأعمش. وقال ابن المَدِينيّ: ما في أصحاب الزُّهْرِيّ أتقن مِن سُفْيان. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: دخل سُفْيان بْن عُيَيْنَة عَلَى معن بْن زائدة باليمن، ولم يكن سُفْيان تلطّخ بشيء بعدُ مِن أمر السلطان، فجعل يعِظُه. وقال سُفْيان بْن عُيَيْنَة: حجّ بي أَبِي وعطاء حيّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ابن عُيَيْنَة ثبْتًا في الحديث، وكان حديثه نحوًا مِن سبعة آلاف، ولم يكن لَهُ كتب. وقال بَهْز بْن أسد: ما رأيت مثل سُفْيان بْن عُيَيْنَة. فقيل لَهُ: ولا شُعْبَة؟ قَالَ: ولا شُعْبَة. وقال ابن مَعِين: هُوَ أثبت الناس في عَمْرو بْن دينار. وقال ابن مهديّ: عند ابن عيينة مِن معرفته بالقرآن وتفسير الحديث ما لم يكن عند سُفْيان الثَّوْريّ. وقال عليّ بْن حرب الطّائيّ: سمعت أبي يَقُولُ: كنت أحبّ أن تكون لي جارية في غُنْج ابن عُيَيْنَة إذا حدَّث. وقال رباح بْن خَالِد، كوفيّ ثقة، إنّه سَأَلَ ابن عُيَيْنَة: يا أبا محمد، أبو معاوية يحدّث عنك بشيء لَيْسَ تحفظ اليوم، وكذلك وكيع. فقال: صدَّقْهم، فإنّي كنت قبل اليوم أحفَظَ منّي اليوم. قَالَ محمد بْن المُثَنَّى: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ ذَلِكَ لرباح في سنة إحدى وتسعين ومائة. وقال حامد البلْخيّ: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: رأيتُ كأنّ أسناني سقطت، الجزء: 13 ¦ الصفحة: 103 فذكرتُ ذَلِكَ للزُّهْرِيّ، فقال: تموت أسنانك وتبقى أنت، فمات أسناني وبقيتُ أَنَا. فجعل الله كلّ عُدُولي محدثًا1. قال غياث بن جعفر: سمع ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: أول مِن أسندني إلى أسطوانة مِسْعَر. فقلت: إنّي حَدَث. قَالَ: إنّ عندك الزُّهْرِيّ، وعَمْرو بْن دينار. وقال الرّامَهُرْمُزِيّ: نا موسى بْن زكريّا، نا زياد بْن عُبَيْد الله بْن خُزاعي: سَمِعْتُ سفيان يَقُولُ: كَانَ أَبِي صيرفيًا بالكوفة، فركبَه الدَّين، فحَمَلَنَا إلى مكّة، فصرتُ إلى المسجد، فإذا عَمْرو بْن دينار، فحدَّثني بثمانية أحاديث. فأمسكتُ لَهُ حماره حتّى صلّي وخرج، فعرضت الأحاديث عَليْهِ. فقال: بارك الله فيك. وقال مجاهد بْن موسى: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: ما كتبتُ شيئًا إلا حفِظته قبل أن أكتبه. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت أحدًا أعلم بالسُّنَن مِن سُفْيان بْن عُيَيْنَة. رواها صالح، عَنْ أَبِيه. وقال ابن المبارك: سُئل الثَّوْريّ، عَنْ سُفْيان بْن عُيَيْنَة فقال: ذاك أحد الأَحَدين ما أغربه. وقال ابن المَدِينيّ: قَالَ لي القطّان: ما بقي مِن مُعَلَّميَّ أحدٌ غير سُفْيان بْن عُيَيْنَة. سُفْيان إمامٌ منذ أربعين سنة. وقال ابن المديني: سمعت بشر بن المفضل يقول: ما بقي على وجه الأرض أحد يشبه ابن عيينة. وذكر حَرْمَلَة بْن يحيى أنّ ابن عُيَيْنَة قَالَ لَهُ وأراه خبز شعير: هذا طعامي منذ ستين سنة2. الحميدي: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: لا تدخل هذه المحابرُ بيت رجلٍ إلا أشقى أهلَه وولَده. وقال سُفْيان لرجل: ما حاجتك؟ قَالَ: طلب الحديث! قال: بشر أهلك بالإفلاس.   1 تاريخ بغداد "9/ 178". 2 الحلية "7/ 272". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 104 قَالَ أبو مسلم المُسْتَملي، عَنْهُ: سَمِعْتُ مِن عُمَرو بْن دينار ما لبث نوح في قومه. وقال علي بْن الْجَعْد: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: مِن زيد في عَقْله نقص مِن رزقه. وروى سَعِيد بْن داود، عَنِ ابن عيينة قال: من كانت معصيته في الشهوة فأرجِ لَهُ، ومن كانت معصيته في الكِبْر فأخش عَليْهِ. فإنّ آدم عصا مشتهيًا فغُفر لَهُ، وإبليس عصا متكبّرًا فلُعن. وقال ابن عُيَيْنَة: الزُّهْد: الصبر وارتقاب الموت. وقال: العِلْم إذا لم ينفعك ضرّك. قَالَ عثمان بْن زائدة: قلت للثَّوْريّ: ممّن أسمع؟ قَالَ: عليك زائدة بْن قُدامة، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة. وقال ابن المبارك: سُئِل الثَّوْريّ، عَنِ ابن عُيَيْنَة، فقال: ذاك أحد الأحَدَيْن يَقُولُ: لَيْسَ لَهُ نظير. قَالَ نُعَيْم بن حماد: ما رأيت أحدًا أجمع لمُتَفَرَّقٍ مِن ابن عُيَيْنَة. وقال عليّ بن نصر الجهضمي: نا شُعْبَة قَالَ: رَأَيْت ابن عُيَيْنَة غلامًا معه ألواح طويلة عند عَمْرو بْن دينار، وفي أُذُنه قِرْط، أو قَالَ: شَنْف1. ابن المَدِينيّ: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: جالست عَبْد الكريم الْجَزَريّ سنتين وكان يَقُولُ لأهل بلده: أُنظروا إلى هذا الغلام يسألني وأنتم لا تسألوني. وقال ذؤيب السَّهْميّ: سَأَلت ابن عُيَيْنَة: أسمعتَ مِن صالح مولى التوءمة؟ قَالَ: نعم! هكذا وهكذا. وأشار بيديه، يعني كثرة. وسمعتُ منه ولُعابه يسيل. قَالَ أبو محمد بْن أَبِي حاتم: ولا نعلمه روى عَنْهُ شيئًا. كَانَ منتقدًا للرُّواة. قَالَ ابن المَدِينيّ: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: كَانَ عَمْرو بْن دينار أكبر مِن الزُّهْرِيّ، سَمِعَ مِن جَابِر، والزهري لم يسمع منه.   1 شنف: ما يعلق في الأذن من الحلي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 105 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيُّ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مَطَرٍ قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَاسْتأْذَنَّا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا. فَقُلْنَا: ادْخُلُوا حَتَّى نَهْجِمَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَكَسَرْنَا بَابَهُ وَدَخَلْنَا، وَهُوَ جَالِسٌ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ: سبحان الله، دخلتم داري بغي إِذْنِي، وَقَدْ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلٍ أَنَّ رَجُلا اطَّلَعَ فِي حُجْرٍ مِنْ بَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِدْرَعًا يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ. إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ" 1. قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: ندمْنَا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ. فَقَالَ: ندمْتُمْ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"2. أخرجوا فقد أخذتم رأس مال ابن عُيَيْنَة. سليمان هُوَ أخو قتادة بْن مطر صدوق إنّ شاء الله. وزياد هُوَ ابن أَبِي مريم. قَالَ الفِريابيّ: كنت أمشي مَعَ سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فقال لي: يا أبا محمد ما يزهدني فيك إلا طلبُك الحديث. قلت: أنت يا أبا محمد أيّ شيء كنتَ تعمل إلا طلب الحديث؟ قَالَ: كنت إذْ ذاك صبيًا لا أعقِل. قَالَ عَبْد الكريم بْن يونس: نا ابن عُيَيْنَة قَالَ: أول ما جالست عَبْد الكريم أبو أمية، جالسته وأنا بن خمس عشرة سنة. قَالَ: وقرأت القرآن وأنا ابن أربع عشرة سنة. قَالَ يحيى بْن آدم: ما رأيتُ أحدًا يختصر الحديث إلا وهو يخطئ، إلا سفيان بن عيينة.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 66"، "9/ 13"، ومسلم "2156"، والحميدي "924"، وعبد الرزاق "19431"، والترمذي "2709"، والنسائي "القسامة/ 47"، وأحمد "5/ 330"، وابن أبي شيبة "8/ 569". 2 "حديث حسن": أخرجه ابن ماجه "4252"، وأحمد "1/ 376، 423"، والحاكم في "4/ 243"، والحميدي "105"، والطبراني "1/ 33"، في الصغير، والطحاوي "4/ 291" في شرح المعاني. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 106 قَالَ أحمد بْن خَيْثَمَة: ثنا الحَسَن بْن حماد الحضرمي، نا سفيان قَالَ: قَالَ حمّاد، يعني ابن أَبِي سليمان، ولم نسمعه منه، إذا قَالَ لامرأته: أنتِ طالِق، أنتِ طالقِ، أنتِ طالِق، بانت الأولى، وبطُلَت الاثنتين. قَالَ ابن عُيَيْنَة: رَأَيْت حمّاد بن أَبِي سليمان جاء إلى طبيب عَلَى فَرَس. قَالَ إبراهيم بْن محمد الشّافعيّ: ربّما سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة وقد بلغ إحدى وتسعين سنة، ولم أر فقيهًا أكثر تمثلا بالشِعّر منه، ينشد: سَئِمتُ تكاليفَ الحياةِ ومَن يعشْ ... ثمانينَ عامًا لا أبًا لك يَسْأمِ وقال أبو قدامة السَّرْخَسِيّ: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة كثيرًا ما يَقُولُ: ذهبَ الزّمان فُسدْتُ غير مُسَوَّد ... ومن العناء تفرّدي بالسؤددِ قَالَ أبو حاتم: ابن عُيَيْنَة إمام ثقة. وكان أعلم بحديث عَمْرو بْن دينار مِن شُعْبَة. وأثبت أصحاب الزُّهْرِيّ: مالك، وابن عُيَيْنَة. وقال عَبْد الرزّاق: ما رَأَيْت بعد ابن جُرَيج مثل ابن عيينة في حسن المنطق. ورى الكَوْسج، عَنِ ابن مَعِين: ثقة. وقال يحيى بْن سَعِيد القطّان: اشهدوا أنّ ابن عُيَيْنَة اختلط سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. فمن سَمِعَ منه في هذه السَّنَةِ فسَماعه لا شيء. قلت: أَنَا أستبعد صحّة هذا القول. فإنّ القطّان مات في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين بُعَيد قدوم الحَجّاج بقليل. فمن الَّذِي أخبره باختلاط سُفْيان؟ ومتى لحق يَقُولُ هذا القول؟ فسُفيان حُجّة مطلقًا بالإجماع مِن أرباب الصَّحاح. وقد حجّ سُفْيان سبعين حَجّة، وكان يَقُولُ ليلة الموقف: اللهمّ لا تجعله آخر العهد منك. فلمّا كَانَ عام موته لم يَقُلْ ذَلِكَ، وقال: قد استحييت مِن الله تعالى. وروى سليمان بْن أيوب، عَنْ سُفْيان قَالَ: سمعته يَقُولُ: شهدت ثمانين موقفًا. قلت: هذا أشبه. قَالَ أحمد بْن عَبْدة الضّبّيّ: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: الزُّهْد في الدنيا هُوَ الصبر وارتقاب الموت. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 107 وعن ابن عُيَيْنَة قَالَ: الورع طلب العِلْم الَّذِي يُعرف بِهِ الورع. وكان لَهُ تسعة إخوة، حدَّث منهم أربعة: عِمران، ومحمد، وآدم، وإبراهيم. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: كَانَ سُفْيان لا يكاد يَقُولُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ. قلتُ: ابن عُيَيْنَة معروف بالتدليس، لكنّه لا يدلّس إلا عَنْ ثقة. وقد وقع لنا مِن عواليه جملة وافرة. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ، وَيُوسُفُ بْنُ غَالِيَةَ قَالا: أَنَا أَبُو نَصْرٍ مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ البغوي، نا عثمان بن أبي شيبة، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَقُولُ: "إنكم ملاقوا اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. تُوُفّي سُفْيان في جُمَادَى الآخرة، وقيل في شهر رجب سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. قَالَ الواقدي: في أول رجب، رحمه الله. 110- سُقلاب بْن شُنَيْنَة. أبو سَعِيد الْمَصْرِيّ المقرئ2. قرأ عَلَى: نافع بْن أَبِي نُعَيْم. أخذ عَنْهُ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين ومائة. وشُنَيْنَة: بشين معجمة. 11- السَّكَن بْن إسماعيل البصْريّ الأصمّ3. عَنْ: يونس بْن عُبَيْد، وهشام بْن حسّان، وحُمَيْد الطويل، وطائفة. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، ومُسَدَّد، ويحيى بن مَعِين، وعمرو الناقد.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "7/ 194"، ومسلم "2860"، وأحمد "1/ 220". 2 معرفة كبار القراء "1/ 160". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 287، 288"، التهذيب "4/ 125، 126". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 108 وثّقة أبو داود، ولم يُخرَّجوا لَهُ شيئًا. 112- سلامة بْن رَوْح الأَيْليّ -ن. ق. روى عَنْ: عمّه عُقَيْلِ بْن خَالِد الأَيْليّ كتابه عَنِ الزُّهْرِيّ. وحدَّث عَنْهُ: أحمد بْن صالح، وأبو الطّاهر بْن السَّرْح، ويونس بْن عَبْد الأعرى، ومحمد بن عُزَيزي الأَيْليّ، وغيرهم. ضعّفه أبو زرعة وقال: مُنْكَر الحديث. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. محلّه عندي محلّ الغَفْلة. وقال أحمد بْن صالح: أخبرني ثقة بأيْلَة أنّ سلامة لم يسمع مِن عُقيل بل حدّث عَنْ كتب عقيل. له حديث منكر تفرد به. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْقُرَشِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، أَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا الْخُلَعِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَاجِّ، نَا أحمد بن محمد بن السندي إملاء، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ، نَا سَلامَةُ، نَا عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ"2. رَوَاهُ عَدَدٌ كَثِيرٌ، مِنْهُمُ ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامَةَ. ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنِ اثْنَيْنِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الأَيْلِيِّ أَحَدِ مَشْيَخَةِ النَّسَائِيِّ، عَنْ سَلامَةَ. وَلِسَلامَةَ أَحَادِيثُ مَنَاكِيرُ مِنْهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "امْلِكُوا الْعَجِينَ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ"3. وَبِهِ إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: "بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّ مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ"4.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 301"، والميزان "2/ 183". 2 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "3/ 1160"، وابن الجوزي "2/ 452"، في العلل المتناهية، وانظر المجمع "8/ 79"، "10/ 264". 3 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "3/ 1160"، وانظر الميزان "3361". 4 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن عدي "3/ 1161"، وله شواهد، انظر: السلسلة الصحيحة "2/ 338"، للألباني، والتمهيد "5/ 126"، لابن عبد البر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 109 وَبِهِ: "إِنِّي وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ"1. 113- سلام بْن أبي خُبزة البصْريّ2. عن: ثابت البُناني، وابن جدْعان، ويونس بْن عُبَيْد، ومحمد بْن المُنْكَدِر، وعاصم القارئ، وجماعة. وعنه: صالح بْن حرب، وإسحاق بْن أَبِي إسرائيل، وسعيد بْن محمد الْجَرْميّ، وأبو كامل الجحدريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد الله الحلبيّ، وآخرون. وهو والد سَعِيد بْن سلام العطّار. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك الحديث. وقال الْبُخَارِيّ: سلام بْن أبي خُبزة أبو سَعِيد ضعّفه قُتَيْبة. وقال ابن عَدِيّ: عامّة ما يرويه لَيْسَ يُتَابع عَليْهِ. 114- سَلَمَةُ بْن عَقَّار البغداديّ3. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وفضيل بْن عِياض. وعنه: سَعْدان بْن يزيد، وأحمد وهو الدَّوْرقيّ. وثّقه ابن مَعِين. 115- سَلَمَةُ بْن سليمان المَرْوَزِيّ4 -خ. م. س. المؤدَّب أحد الأئمّة، وصاحب ابن المبارك. أخذ عَنْهُ: ابن راهَوَيْه، ومحمد بْن عبد الله بن قهزاد، وجماعة. وثقه النسائي.   1 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن عدي "3/ 116"، وله شاهد أخرجه البخاري "8/ 131"، ومسلم "الفتن/ 135"، والترمذي "2214"، والنسائي "3/ 189"، وابن ماجه "4040"، وأحمد "3/ 124". 2 الجرح والتعديل "4/ 260، 261"، والميزان "2/ 174". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 167"، وتاريخ بغداد "9/ 134". 4 الجرح والتعديل "4/ 163"، والسير "9/ 433". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 110 قِيلَ: تُوُفّي سنة ستٌّ وتسعين ومائة. 116- سَلَمَةُ بن الفضل الأبرش الرازي1 -د. ت. أبو عبد الله قاضي الريّ. روى المغازي عَنِ: ابن إِسْحَاق. وروى عَنْ: أَعْيَن بْن نابِل، وحَجّاج بْن أرطأة، وعَمْرو بْن أَبِي قيس، وسُفْيان الثَّوْريّ، وغيرهم. وعنه: عَبْد الله بْن محمد المُسْنَديّ، وعثمان بْن أَبِي شَيبة، ويحيى بْن مَعِين، ويوسف بْن موسى القطّان، وابن حُمَيْد، وعدّة. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يحتج بِهِ. وقال الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. وضعّفه النَّسَائيّ. وقال أبو زُرْعة: كَانَ أهل الرَّيّ لا يرغبون فيه لسوء رأيه وَظُلْمٍ فيه. وقال ابن مَعِين: كَانَ يتشيّع، وكان معلّم كُتّاب. وقال أبو حاتم أيضًا: محلّه الصَّدْق. في حديثه إنكار لا يمكن أن أُطلق لساني فيه بأكثر مِن هذا. وقال محمد بْن سعْد: ثقة. كَانَ يقال: إنّه مِن أخشع الناس في صلاته. قلت: وورد عَنْهُ أنّه مِن الحُفّاظ الذين يحفظون الشيء عَلَى البديهة. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: ما خرجنا مِن الرَّيّ حتى رَمَينا بحديث سَلَمَةَ الأبرش. قلت: كَانَ قويًا في ابن إسحاق. أتى عَليْهِ مائة وعشر سنين.   1 الجرح والتعديل "4/ 168-170"، والسير "7/ 49، 50". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 111 قلت: إنْ صحّ هذا فكان يمكنه لقاء الصحابة وكبار التّابعين. مات سَلَمَةَ بْن الفضل سنة إحدى وتسعين ومائة. 117- سَلْم بْن جعفر البكراوي الأعمى1 -د. ت. روى عن: الْجُرَيْريّ، والحَكَم بْن أبان. وعنه: يحيى بْن كثير العنْبريّ، ونُعَيْم بْن حمّاد. ذكره ابن حِبّان في تاريخ الثَّقات. 118- سَلْم بْن سالم البلْخيّ2. أبو محمد الزّاهد العابد. حدَّث ببغداد عَنْ: عُبَيْد الله بْن عُمَر، وحُمَيْد الطويل، وابن جُرَيج، وسُفْيان. وعنه: أحمد بْن منيع، والحسن بْن عَرَفَة، وسَعْدان بْن نصر، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وغيرهم. وقال أبو مقاتل السَّمَرْقَنْديّ: سَلْم في زماننا كعمر بْن عَبْد العزيز في زمانه. وقال ابن سعْد: كَانَ أمّارًا بالمعروف، وكان مطاعًا، فأقدمه الرشيد وحبسه، حتى مات الرشيد فأطلقوه. قَالَ: وكان مُرْجِئًا ضعيفًا. قَالَ الخطيب: كَانَ مذكورًا بالعبادة والزُّهْد، ويذهب إلى الإرجاء. وقال يحيى بْن ماهان: سَمِعْتُ محمد بْن إسحاق اللّؤلؤيّ يَقُولُ: رَأَيْت سَلْم بْن سالم مكث أربعين سنةً لم يرفع رأسه إلى السماء، ولم يُر لَهُ فراش، ولم يُر مُفْطرًا إلا في العيد3. وقيل: إنّ الرشيد إنّما حبسه لأنّه قَالَ: لو شئت أن أضرب الرشيد بمائة ألف سيف لفعلت.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 265"، والميزان "2/ 184". 2 الجرح والتعديل "4/ 266"، والميزان "2/ 184". 3 تاريخ بغداد "9/ 141". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 112 وعن سَلْم قَالَ: ما يَسُرّني أن ألقي الله بعمل مِن مضى، وأن أقول: الإيمان قول وعمل. وقال ابن المَدِينيّ: أخبرني أبو يحيى قَالَ: صحِبْت سَلْم بْن سالم في طريق مكّة، فما رَأَيْته وضع جبينه في المحمل، إلا مرّة مدّ رِجْلَه وجلس. وقال أبو معاوية: دعاني الرشيد لأحدّثه، فقلت: سَلْم هَبةُ لي. فعرفت منه الغضب، وقال: إنّ سَلْمًا لَيْسَ عَلَى رأيك ورأي أصحابك في الإرجاء، وقد جلس في مكّة وقال: لو شئت أن أضرب أمير المؤمنين بمائة ألف سيفٍ لَفَعَلْت. قَالَ: فكلّمته فيه، فخفّف عَنْهُ مِن قيوده1. وقال أحمد بْن حنبل: رأيته أتى أبا معاوية، وكان صديقًا لَهُ، وكان عبدًا صالحًا ولم أكتب عَنْهُ. كَانَ لا يحفظ ويخطئ. وقال النَّسَائيّ: ضعيف. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. أَخْبَرَنَا غَنَّامُ بْنُ مَحَاسِنَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْقَاضِي سَنَةَ عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ، أنا عبد الله بن يحيى السكري، أن إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، نَا سَعْدَانُ، نَا سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ الْبَلْخِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ قَادَ أَعْمَى أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ"2. قُلْتُ: اتُّهِمَ بِهِ ابْنُ عُرْوَةَ. ومات سَلْم سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 119- سَلْم بْن قتيبة الخراساني الفريابي الشعيري3. -خ. ع. أبو قتيبة نزيل البصرة.   1 السابق "9/ 142". 2 سبق تخريجه. 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 266"، والتهذيب "4/ 133". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 113 روى عَنْ: يونس بْن أَبِي إسحاق، وعيسى بْن طَهْمان، وعِكْرمة بْن عمّار، وشُعبة، وطبقتهم. وعنه: زيد بْن أَخْرم، وأبو حفص الفلاس، وبُنْدار، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وهارون بْن سليمان الأصبهاني، وآخرون. وثّقه أبو دَاوُد. تُوُفّي سنة مائتين. 120- سليمان بْن الخليفة أَبِي جعفر عبد الله بن محمد بن علي العباسي1. أبو أيّوب. نائب دمشق للرشيد وللأمين. وقد وُلّي أيضًا البصْرة. روى عن: أَبِيه. وعنه: ابنته زينب، وابن أخيه إبراهيم بْن عيسى. مات في صَفَر سنة تسعٍ وتسعين ومائة، وله خمسون سنة. ذكره ابن عساكر مختصرًا. 121- سليمان بْن عامر الكِنْديّ المَرْوَزِيّ2. عَنِ الربيع بْن أنس فقط. وعنه: إسحاق بْن راهَوَيْه، وعَمْرو بْن رافع القَزْوينيّ، ومحمد بْن يحيى بْن أيّوب الثَّقَفيّ، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق حسن الحديث. - سُلَيْم: هُوَ صاحب حمزة الزّيّات. 122- سُلَيْم بْن عيسى بْن سُلَيْم بْن عامر بْن غالب3. أبو عيسى الحنفي، مولاهم الكوفيّ المقرئ، أحد الأعلام، وأخصّ تلامذة حمزة به، والمقدم في الحذق بحروفه.   1 وفيان الأعيان "3/ 195". 2 الجرح والتعديل "4/ 133، والتهذيب "4/ 203". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 215"، والميزان "2/ 231". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 114 مولده سنة ثلاثين ومائة، ومات سنة مائتين. هكذا أرّخه محمد بْن سعْد. وأما خَلَف القزّاز فقال: ولد سنة تسع عشرة ومائة، ومات سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. وهذا أشبه كما تقدّم. 123- سُلَيْم بْن مُسْلِم الجمحي الْمَكَّيّ الخشّاب1. روى عَنْ: النَّضر بْن عربي، وابن أَبِي ليلى، وابن جُرَيج، ويونس بْن يزيد الأَيْليّ، وموسى بْن عُبَيْدة. وعنه: يحيى بْن حكيم المقدّم، وابن راهَوَيْه، ومحمد بْن مِهران الجمّال، ويعقوب بْن كاسب، وجعفر بْن مِهْران، والمسيّب بْن واضح، ومحمد بْن بحر البصْريّ. قَالَ يحيى بْن مَعِين: جهْميٌ خبيث. وقال النَّسَائيّ: متروك الحديث. وقال أَبُو حاتم: ضعيف مُنْكَر الحديث. 124- سهل بْن زياد البصْريّ الطّحّان2. عَنْ: سليمان التَّيميّ، وداود بْن أَبِي هند، وشَرِيك. وعنه: أحمد بْن حنبل، ونُعَيْم بْن حمّاد، وحفص الرَّباليّ، وبِشْر بْن يوسف. صَدُوق. قَالَ أبو حاتم: تُكِلّم فيه، وما رأينا إلا خيرًا. 125- سهل بْن هاشم بْن بلال الحبشيّ الواسطيّ ثمّ البَيْروتيّ3 -ن. عَنْ: الأوزاعيّ، وشُعْبَة، وسُفْيان، وجماعة. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عمّار، ودُحَيْم، وسليمان ابن بنت شرحبيل، وجماعة.   1 الكامل "3/ 1165"، لابن عدي، والميزان "2/ 322". 2 الجرح والتعديل "4/ 197"، والميزان "2/ 237". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 205"، والميزان "2/ 241". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 115 قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 126- سهل بْن يوسف البصْريّ الأنماطيّ1 -خ. 4. عَنْ: حُمَيْد الطَّوِيلِ، وعَوْف، والعَوَّام بْن حَوْشَب، وعدّة. وعنه: أحمد، والفلاس، وبُنْدار، ونصر بْن عليّ. قَالَ النَّسَائيّ: ثقة. 127- سُوَيْد بْن عَبْد العزيز بْن نمير -ت. ق. أبو محمد السلمي، مولاهم الدّمشقيّ القاضي. وُلّي قضاء بَعْلَبَكّ، وشارك في قضاء دمشق يحيى بْن حمزة في وقت. وكان مِن كبار العلماء، قرأ القرآن عَلَى يحيى الذَّماريّ، وغيره. أخذ عَنْهُ: أبو مُسْهٍر، وهشام، والربيع بْن ثعلب القراءة. وقد روى الحديث عَنْ: أيّوب، وأبي الزُّبَيْر، وحسين بْن عَبْد الرَّحْمَن، وثابت بْن عَجْلان، وعاصم الأحْوَل، وحميد الطويل، وطائفة. وقرأ أيضا على الحسن بن عمران تلميذ عطية بن قيس، وقد قرأ عطيّة عَلَى أمّ الدَّرْداء. روى عَنْهُ: دُحَيْم، ومحمد بْن عائذ، وداود بْن رشيد، وابن ذَكْوان، ومحمد بْن أَبِي السَّريّ، وعدة. قال: أبو نعيم الحلبي: نا سُوَيْدٌ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَهَى عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَيْبَسَ"3. رَوَى دُحَيْمٌ، عَنْ سويد قال: ولدت سنة ثمان ومائة. وقال ابْنُ مَعِينٍ: سُوَيْدٌ وَاسِطِيٌّ، انْتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ. لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ، كَانَ يَقْضِي بَيْنَ النَّصَارَى.   1 الجرح والتعديل "4/ 205"، والتهذيب "4/ 205"، والتهذيب "4/ 259، 260". 2 الجرح والتعديل "4/ 238"، والسير "9/ 18". 3 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "1227"، وله شاهد عند مسلم "1535"، وأبي داود "3368"، والترمذي "1245"، من حديث ابن عمر -رضي الله عنه. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 116 وروى محمد بْن عوف، عنِ ابن مَعِين قَالَ: سُوَيْد لا يجوز في الضحايا. وقال أحمد: متروك. وقال الْبُخَارِيّ: في حديثه نظر لا يُحتَمَل. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بثقة. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. وقال الدّارَقُطْنيّ: يُعْتَبَر بِهِ. قَالَ عليّ بْن حُجْر: قُلت لهُشَيْم: شيخ مِن أهل واسط بدمشق يُقال لَهُ سُوَيْدة فأثني عَليْهِ. وقال ابْن سعْد: أَنَا أبو عَبْد الله الشاميّ قَالَ: وُلّي سُوَيْد قضاء بَعْلَبَكّ، وكان محتاجًا، فلقيه داود بْن أبي شَيْبان فقال: يا أبا محمد وُلَّيت القضاء بعد العِلم والحديث؟ قَالَ: نعم، نَشَدْتُكَ بالله أَتَحْت جُبّتك شِعار؟ فقال داود: نعم! فرفع سُوَيْد جُبّته فإنّما تحتها ثوب. ثمّ قَالَ: أنْشُدُك الله هَلْ هذا الطَّيْلسان لك؟ قَالَ: نعم! قَالَ: فوالله ما هذا الطَّيْلسان لي، أفلا ألي القضاء؟ فوالله لو وُلَّيت بيتَ المال لوليته. قلت: قد روى عَنْهُ من البعالكة: إبراهيم بْن النَّضْر، وعبد الحميد بْن حمّاد الْقُرَشِيّ، وأبو سُلَيْم عَبْد الرَّحْمَن بْن ضحّاك، ومحمد بْن هاشم. وقد وثّقه دُحَيْم وحده. مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 128- سيّار بْن حاتم1 -ت. ن. ق. أبو سلمة البصري العنزي العابد. روى عَنْ: جعفر بْن سُليمان، وصَحِبه مُدة، وعن: الحارث بْن نَبْهان، وعبد الواحد بن زياد، وطائفة.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 257"، والتهذيب "4/ 290". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 117 ويغلب على حديثه القصص والرقاق. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وهارون الحمّال، وعليّ بْن مُسْلِم الطُّوسيّ، ومؤمَّل بْن إهاب، وعبد الله بْن الحَكَم القَطَوانيّ، وآخرون. ذكره ابن حِبّان في الثَّقات. وقيل: كَانَ مِن الصُّلَحاء السَّليمي الباطن. قَالَ أبو داود: سَأَلت القواريريّ عَنْهُ فقال: لم يكن لَهُ عقل. كَانَ معي في الدُّكّان. قلت: أيتهم بكَذِب؟ قَالَ: لا!. وقال الحاكم: كَانَ عابد عصره. أكَثْرَ عَنْهُ أحمد بْن حنبل. وقال الأزديّ: عنده مناكير. قِيلَ: مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وقيل: سنة مائتين. "حرف الشين": 129- شبيب بْن سُلَيْم الأُسَيديّ البصْريّ1. رَأَى الحَسَن البصْريّ سَلْم واحدةً. وروى عَنْ: مِقْسَم، وعن أَبِي هانئ. وعنه: إبراهيم بْن مهديّ، والفلاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، ونُعَيْم بْن حمّاد، ورُسْتَه، ضعّفه الفلاس، والدارقطني. 130- شعيب بن حرب2 -خ. د. ن. أبو صالح المدائني البغدادي الزّاهد العابد، نزيل مكّة. روى عَنْ: عِكْرمة بْن عمّار، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وشُعْبَة، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، والحسن بن الصباح البزار، ويعقوب الدورقي، ومحمد   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 359"، والميزان "21/ 262". 2 الجرح والتعديل "4/ 342"، والسير "9/ 188-191". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 118 ابن عيسى المدائني، وطائفة سواهم. وثقه أبو حاتم، وغيره. وكان منعوتا بالعبادة والورع، أمارا بالمعروف. أثنى عليه سري السقطي. وقال أحمد: شعيب حمل على نفسه في الورع. وقال عبد الله بن خبيق: سَمِعْتُ شعيب بْن حرب يَقُولُ: أكلتُ في عشرة أيام أكلة. وقال أبو حمدون الطَّيّب بْن إسماعيل: ذهبنا إلى شُعيب إلى المدائن وقد بنى لَهُ كوخًا، وعنده خبز يابس يبلّه، وهو جلْد وعظْم. وقد كان قرأ القرآن غير مرّة على حمزة الزّيّات وصحِبَه. قال عَبْد الله بْن أيوب المخرميّ: قَالَ شُعيب بْن حرب: مِن طلب الرئاسة ناطَحَتْه الكِباش. ومن رضي أن يكون ذَنَبًا أبى الله إلا أن يجعله رأسًا1. قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. 131- شُعَيْب بن العلاء الرازي2. أَبُو مُحَمَّد السَّرَّاج، ولقبه أَبُو هُرَيْرَةَ. رَوَى عن: حجاج بن أرطأة، وابن جريج، وجويبر، وسفيان الثوري. وعنه: عمرو بن رافع، ومحمد بن عمرو زنيج. صدوق. 132- شعيب بن الليث بن سعد الفهمي3 -م. د. ن. مولاهم المصري.   1 صفة الصفوة "3/ 10". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 350"، والثقات لابن حبان "4/ 357". 3 الجرح والتعديل "4/ 351"، التهذيب "4/ 355". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 119 عَنْ: أَبِيه، وموسى بْن عليّ بْن رباح. وعنه: ولده عَبْد المُلْك، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع بْن سُليمان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عَبْد الحَكَم، وغيرهم. وكان إمامًا مُفْتيًا ثقة. قَالَ ابن وهْب: ما رَأَيْت ابنًا لعالم أفضل مِن شُعيب بْن اللَّيْثُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تسعٍ وتسعين ومائة، وله أربعٌ وستّون سنة. 133- شقيق البلْخيّ. هُوَ أبو عليّ شقيق بْن إبراهيم الأزديّ الزّاهد1، أحد الأعلام، صاحب إبراهيم بْن أدهم. حدَّث عَنْ: إسرائيل، وعبّاد بْن كثير، وكثير بْن عَبْد الله الأَيْليّ. وعنه: حاتم الأصم، وعبد الصمد بن يزيد مردويه، ومحمد بن أبان المستملي، والحسين بن داود البلخي، وغيرهم. عن علي بن محمد بن شقيق البلخي قال: كانت لجدي ثلاثمائة قرية، ثمّ مات بلا كفن. وسيفه إلى الساعة يتبرّكون بِهِ. وخرج إلى التُّرْك تاجرًا، فدخل عَلَى عَبَدة الأوثان، فرأى عالِمهم قد حلق لِحْيته، فقال: هذا باطل، ولكم خالق وصانع قادر عَلَى كلّ شيء. فقال لَهُ: لَيْسَ يوافق قولك فِعلك. قَالَ: وكيف؟ قَالَ: زعمت أنّه قادر عَلَى كلّ شيء، وقد تعنّيت إلى هنا تطلب الرزق، فلو كَانَ كما تَقُولُ، كَانَ الَّذِي يرزقك هنا يرزقك هناك وتريح العناء. قَالَ: فكان هذا سبب زهدي2. وعن شقيق قَالَ: كنتُ شاعرًا فرزقني الله التوبة. وخرجت من ثلاثمائة ألف   1 انظر: الحلية "8/ 58-73"، والسير "9/ 313". 2 الحلية "8/ 59". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 120 درهم، وكنتُ مُرابيًا. لبستُ الصُّوف عشرين سنة وأنا لا أدري، حتى لقيت عَبْد العزيز بْن أَبِي رَواد فقال: لَيْسَ الشأن في أكل الشعير ولبس الصوف. الشأن أن تعرف الله بقلبك لا تُشْرِك بِهِ شيئًا. والثانية: الرضى عَنِ الله، والثالثة: تكون بما في يدي الله أوثق منك بما في أيدي الناس. وعن شقيق قَالَ: عملت في القرآن عشرين سنة حتى ميّزت بين الدنيا والآخرة، فأصبته في حرفين. قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الشورى: 46] ، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: 60] . وعن حاتم الأصمّ، عَنْ شقيق قَالَ: لو أن رجلا عاش مائتي سنة لا يعرف هذه والأربعة لم يَنْجُ: أوّلها معرفة الله تعالى، الثاني: معرفة النفس، الثالث: معرفة أمر الله ونهيه، الرابع معرفة عدّو الله وعدّو النفس. قَالَ أبو عقيد الرَّصافيّ: نا أحمد بْن عَبْد الله الزّاهد: سَمِعْتُ شقيق بْن إبراهيم يَقُولُ: ثلاث خِصال هِيَ نتاج الزُّهْد: الأولى: أن تميل عَنِ الهوى. الثانية: تنقطع إلى الزُّهْد بقلب. الثالث: أن يذكر إذا خلا كيف مدخله ومخرجه، كيف يدخل قبره؟ ويذكر الجوع، والعطش والحساب والصراط والعري والفضيحة وطول القيام. وقد ذُكِر عَنْ شقيق مَعَ انقطاعه وزُهده أنّه من كبار المجاهدين في سبيل الله. وكذا فلْيكن زُهد الأولياء -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. روى محمد بْن عِمران، عَنْ حاتم الأصمّ قَالَ: كنّا مَعَ شقيق ونحن مُصافُّوا العدّو وَالتُّرْكَ، في يوم لا أرى فيه إلا رؤوسًا تندر، وسيوفًا تُقطع، ورِماحًا تُقصف. فقال لي: كيف ترى نفسك؟ هِيَ مثل الليلة التي زُفّت فيها إليك امرأتك؟ قلت: لا والله! قَالَ: ولكنّي أرى نفسي كذلك. ثمّ نام بين الصَّفَّيْن ودَرَقَتُه تحت رأسه حَتَّى سمعت غطيطُه. فأخذني يومئذ تركيّ وأضجعني للذَّبْح. فبينا هُوَ يطلب السَّكّين مِن خُفّه إذ جاء. سهمٌ عائر، فذبحه وألقاه عني1.   1 الحلية "8/ 64". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 121 وعن حاتم، عَنْ شقيق قَالَ: مَثَلُ المؤمن مثل رجلٍ غرس نخلةً فخاف أن تحمل شوكًا، ومثل المنفاق كَمَثل رجلٍ زرع شوكًا يطمع أن يحمل تمرًا.. هيهات. وعن شقيق قَالَ: لَيْسَ شيء أحبّ إلي مِن الضَّعيف لأنّ رُزْقه عَلَى الله، وأجره لي. وقال الحسين بْن داود: نا شقيق: الزّاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، المداوم عَلَى العبادة قَالَ: ثنا أبو هاشم الأَيْليّ فذكر حديثًا. وعن شقيق قَالَ: لقِيت سُفْيان الثَّوْريّ فأخذت منه لباسَ الدون، رَأَيْت لَهُ إزارًا ثمنه أربعة دراهم إذا جلس متربّعًا أو مدَّ رِجْلَيه يخاف أن تبدو عورته. وأخذت الخشوع مِن إسرائيل. وقال محمد بْن أبان المستمليّ: سَمِعْتُ شقيقًا يَقُولُ: أخذت العبادة من عباد بن كثير، والفِقْه مِن زُفَر. قَالَ ابن أَبِي الدنيا: ثنا محمد بْن الحسين قَالَ: سُئِل شقيق: ما علامة التوبة؟ قَالَ: إدمان البكاء عَلَى ما سلف مِن الذَّنوب، والخوف المُقْلِق مِن الوقوع فيها، وهجران إخوان السُّوء، وملازمة أهل الخير1. وقال ابن أَبِي الدنيا: نا أحمد بْن سَعِيد: قِيلَ لشقيق: ما علامة العبد المباعَد المطرود؟ قَالَ: إذا رَأَيْته قد ضيّع الطاعة، واستوحش قلبه منها؛ وحَلَتْ لَهُ المعصية، واستأنس بها؛ ورغِب في الدنيا وزهِد في الآخرة2. وعن شقيق قَالَ: ما للعبد صاحب خير مِن الخوف والهمّ فيما مضى مِن ذنوبه وما ينزل بِهِ. وعنه قَالَ: مِن شكا مصيبة نزلت بِهِ إلى غير الله، لم يجد حلاوة الطاعة أبدًا. قَالَ الحاكم في تاريخه: قِدم شقيق نَيْسابور عند خروجه راجلًا، في ثلاثمائة مِن زُهّاد خُراسان معه، أيّام المأمون، يعني أيّام ولايته خُراسان. قَالَ: فطلب المأمون الاجتماع به، فامتنع حتى تشفع إليه المأمون.   1، 2 طبقات الأولياء "ص/ 13" لابن الملقن. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 122 روى عَنْهُ مِن أهل نَيْسابور: أيّوب بْن الحَسَن الزّاهد، وعليّ بْن الحَسَن الأفطس، وغيرهما. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا يَحْيَى بْنُ ثَابِتٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ البزاز عرف بابن الخال، أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ الْبَلْخِيُّ، نَا شَقِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ، نَا أَبُو هَاشِمٍ الأَيْلِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا ابْنَ آدَمَ لا تَزُولُ قَدَمَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى تُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عُمْرُكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ، وَجَسَدُكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ، وَمَالُكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَأَيْنَ أَنْفَقْتَهُ"1. إِسْنَادُهُ وَاهٍ، وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ. ذكر يعقوب القرّاب أنّ شقيق بْن إبراهيم رحِمه الله تعالى قُتِل في غزوة كُولان سنة أربعٍ وتسعين ومائة. "حرف الصاد": 134- صالح بْن بَيان الثَّقَفيّ2. ويُقال العبْديّ، قاضي بلد سِيراف مِن أعمال فارس. ويُعرف بالسّاحليّ. حكى عَنْ: شعبة، وسفيان، وفُرات بْن السّائب. وعنه: محمد بْن إسماعيل بْن أَبِي سمينة، وأحمد بْن مطهّر، وغيرهما. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. 135- صالح بْن مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيميّ الطَّلْحيّ3 الكوفيّ -ت. ق. عَنْ: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن رُفيع، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صالح، ومعاوية بْن إِسْحَاق، وهشام بن عروة.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه الترمذي "2417"، والدارمي "1/ 135"، والطبراني "11/ 102" في الكبير. 2 انظر: تاريخ بغداد "9/ 310"، والميزان "2/ 290". 3 الجرح والتعديل "4/ 415"، والسير "8/ 161". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 123 وعنه: داود بن عمرو الضبي، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وقال س: متروك الحديث. 136- صَعْصَعَةُ بنُ سلام. ويقال ابن عَبْد الله الدّمشقيّ1. روى عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكِ. ثمّ دخل الأندلس وصار عالِمها ومُفتيها، وولي خطابة قُرْطُبَة. حدَّث عَنْهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أيّوب القُرْطُبيّ، وموسى بْن ربيعة. قال ابن يونس: كنْيته أبو عَبْد الله. وكان أول مِن أدخل الحديث الأندلس. قال: وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائة. وقيل سنة ثمانين ومائة. 137- صُغْديُّ بْن سِنان. أبو معاوية البصْريّ2. عَنْ: يونس بْن عُبَيْد، وابن جُرَيج، وجعفر بْن الزُّبَيْر، ومحمد بْن مضاء. وعنه: محمد بْن صالح البغداديّ، وزيد بْن الحُرَيْش، والوليد بن عمرو بْن سُكَين، ومحمد بْن هشام بْن أبي خيرة السُّدُوسيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ غيره: ضعيف. 138- صَفْوان بْن عيسى، أبو محمد الزُّهْرِيّ البصْريّ القسّام3 -م. ع. عَنْ: ثور بْن زيد، وابن عجلان، ويزيد بن أبي عبيد، ومعمر، وجماعة.   1 الوافي بالوفيات "16/ 308، 309"، وشذرات الذهب "1/ 332". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 453"، والميزان "2/ 316". 3 الجرح والتعديل "4/ 425"، السير "9/ 309". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 124 وعنه: أحمد، وإسحاق، والفلاس، وأبو قُدامة السَّرْخَسِيّ، ومحمد بن يحيى، وطائفة. قَالَ ابن سعْد: كَانَ ثقة صالحًا. وقال البخاريّ: مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وقيل: سنة مائتين. 139- صِلةُ بنُ سليمان الواسطيّ العطّار1. نزل بغداد وحدّث عَنْ: ابن جُرَيج، وهشام بْن حسّان، وأشعث بْن عَبْد المُلْك. وعنه: محمد بْن حرب النَّسَائيّ، وسليمان بن أحمد الواسطيّ، وصمدون بْن عَبْد الله الطّحّان. كذّبه ابْن مَعِين. وقال أبو حاتم: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. قَالَ سُلَيْمَانُ بن أحمد: نا صلة العطار، أنا ابن جريج، عن عطاء، عن جابر بن مُعَاذٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ أَمَّنَ رَجُلا ثُمَّ قَتَلَهُ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا"2. وَيَرْوِي عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ. 140- صَيْفيّ بْن رِبْعيّ الأنصاريّ3. كوفيّ. عَنْ: أبيه، وابن أبي ذئب، وشعبة، وطبقتهم.   1 الجرح والتعديل "4/ 447"، والميزان "2/ 320". 2 "حديث حسن لغيره": أخرجه العقيلي "2/ 215"، في الضعفاء الكبير، وأخرجه أحمد "5/ 223، 224، 437" وغيره عن عمرو بن الحمق -رضي الله عنه. 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 448"، والتهذيب "4/ 440، 441". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 125 وعنه: أبو كُرَيْب، ومحمد بْن منصور العِجْلي، والحسين بْن يزيد الطّحّان، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث ما أرى بحديثه بأسًا. قلت: لَهُ حديث مُنْكر في التَّرْمِذيّ، عَنْ عَبْد الله بْن عُمَر العُمريّ. "حرف الضاد": - ضمرة بْن ربيعة1. شيخ الرملة. سيأتي بعد المائتين. "حرف العين": 141- عاصم بْن حُمَيْد الكوفيّ الحنّاط2. عَنْ: سِماك بْن حرب، وأبي حمزة ثابت الثُّماليّ. وعنه: يحيى بْن عبد الحميد، وابن نُمَيْر، ومحمد بْن مِهْران الْجَمَّالُ. وثّقه أبو زُرْعة. 142- عاصم بْن سليمان. أبو محمد العبْديّ، ثمّ الكُوزيّ الحذّاء3. شيخ بصْريّ، ضعيف. عَنْ: عاصم الأحول، وداود بْن أَبِي هند، وهشام بْن حسّان. وعنه: محمد بْن موسى الحَرشيّ، ومحمد بْن عيسى بْن الطّبّاع، والحَسَن بن عرفة. كذبه الفلاس.   1 ستأتي الرجمة له. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 342"، والتهذيب "5/ 41". 3 الجرح والتعديل "6/ 344"، والميزان "2/ 350". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 126 وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ. ابْنِ الطَّبَّاعِ: ثنا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر: {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} [الدخان: 26] قَالَ: الْمَنَابِرُ1. 143- عاصم بْن عَبْد العزيز الأشجعيّ2 -ت. ق. المدنيّ، أبو عَبْد الرَّحْمَن. عَنْ: الحارث بْن عبد الركم بْن أَبِي دياب، وهشام بْن عُرْوة، وسعد بْن إِسْحَاق. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وإسحاق بْن موسى الخطميّ، ومحمد بْن المُثَنَّى وقال: هُوَ ثقة. وقال النَّسَائيّ، والدارَقُطْنيّ: لَيْسَ بالقوي. 144- عامر بْن صالح بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ الأسَديّ المدنيّ3 -ت. نزل بغداد، وحدّث عَنْ عمّ أبيه هشام بْن عُرْوة، وابن أَبِي ذئب، ويونس بْن يزيد. وعنه: أحمد بْن حنبل، والصَّلْت الْجَحْدَريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن حاتم الزَّمِّيَّ. وكان فقيهًا إخباريًا علامة لكنّه واهٍ. قَالَ أبو داود: قِيلَ ليحيى بْن مَعِين: إنّ أحمد بْن حنبل حدَّث عَنْ عامر بْن صالح. فقال: ما لهُ، جُنّ؟. وضعّفه غير واحد. وقال الدارقطني: يترك عندي.   1 "خبر موضوع": وأخرجه العقيلي "3/ 337" في الضعفاء الكبير. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 348"، والميزان "2/ 353". 3 الجرح والتعديل "6/ 324"، والتهذيب "5/ 70". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 127 وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: كَانَ كذّابًا يروي عَنْ هشام كلّ حديث سمعه. وقال أحمد بْن محمد بْن محرز، عن ابن معين: كذاب، عدو الله. قَالَ لي حَجّاج: إنّ هذا أتاه، فكتب عَنْهُ حديث هشام بْن عُرْوة، حدّثه بِهِ عَنِ اللَّيْثُ بْن سعْد، وابن لَهِيعَة، عنه. وقال س: لَيْسَ بثقة. وقال ابن عَدِيّ: عامّة حديثه مسروق مِن الثَّقات. 145- عامر بْن صالح بن رستم الخزاز1 -ت. أبو بكر البصري. وهو عامر بن أبي عامر. روى عن: أَبِيه، ويونس بْن عُبَيْد، وأيّوب بْن موسى. وعنه: عُبَيْد الله القواريريّ، وخَلَف البزَّار، ومحمد بْن أَبِي بَكْر المُقَدَّمّي، والفلاس، وابن مُثَنَّى، ونصر بْن عليّ، وعدّة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: لم أر لَهُ حديثًا مُنكرًا. 146- عامر بْن عبد الله. أبو وهْب الْمَصْرِيّ2. عَنْ: عَمْرو بْن شراحيل المَعَافِريّ. وعنه: سَعِيد بْن عُفَير، وأحمد بْن سَعِيد الهمَدانيّ. مات سنة مائتين. 147- العبّاس بْن الأحنف. شاعر زمانه، لَهُ أخبار كثيرة مَعَ الرشيد وغيره.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 324"، والتهذيب "5/ 70". 2 معجم الأدباء "12/ 40، 41"، وشذرات الذهب "1/ 334". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 128 وكان طريفًا كيسًا حلو النادرة مجيدًا في الغزل. ومن شِعْره: يا أيها الرجل المعذَّب نفسَهُ ... أقصِرْ فأنّ شفاءك الإقصارُ نَزَف البكاءُ دموعَ عينك فاستَعٍرْ ... عينًا يُعينك دمعُها المِدرار مِن ذا يُعيرك عينهُ تبكي بها ... أرأيت عينًا للبكاء تُعارُ1 ومن شِعْره: وحدَّثْتني يا سعد عَنْهَا فزِدْتَني ... جُنُونًا فزِدْني مِن حديثك يا سَعْد هواها هويً لم يعرف القلبُ غيرَه ... فليس لَهُ قبلٌ وليس لَهُ بعدُ2 ومن شعره: قد سحب الناسر أذيالِ الظُّنُون بنا ... وفرّق الناسُ فينا قولَهم فِرقا فكاذبٌ قد رمى في الحبّ غيركم ... وصادق لَيْسَ يَدْري أَنَّهُ صَدَقا3 مات العبّاس بْن الأحنف سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. وقيل: مات سنة اثنتين وتسعين ومائة، قبل أَبِي نواس. 148- العبّاس بْن الحسين بْن عُبَيْد الله بن عباس ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. أبو الفضل العلويّ المدنيّ4. قِدم بغدادَ في دولة الرشيد، وبقي في صحبته، ثمّ صحِب بعده ولدَه المأمون. وكان شاعرًا بليغًا مفوّهًا حتّى قِيلَ إنّه أشعر آل أبي طَالِب كلّهم. 149- العبّاس بْن الفضل بْن الربيع بن يونس5.   1 وفيات الأعيان "3/ 20". 2 وفيات الأعيان "3/ 21". 3 السابق "3/ 24"، تاريخ بغداد "12/ 129". 4 انظر: تاريخ بغداد "12/ 126، 127". 5 الوافي بالوفيات "6/ 151". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 129 مولى المنصور. من كبار الأمراء، ولي حجاجة الأمين، وكان مِن الشعراء والفصحاء. تُوُفّي في حياة أَبِيهِ. 150- عَبْد الله بْن الأجلح الكِنْديّ الكوفي1 -ت. ق. أبو محمد. روى عنه: أَبِيهِ، ومنصور بْن المعتمر، ويزيد بْن أبي زياد، وعاصم الأحول، وعطاء بن السائب، والأعمش. وعنه: أبو كريب، ويحيى بن جعفر البيكندي، وعبد الله بن عامر بن زرارة. قال أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 151- عَبْد اللَّه بْن إدريس بْن يزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن3 -ع. أبو محمد الأودي الكوفي. أحد الأئمّة الأعلام. مولده سنة عشرين ومائة. وروى عَنْ: أَبِيهِ، وسهيل بْن أَبِي صالح، وأبي إسحاق الشَّيْبانيّ، وحُصين بْن عَبْد الرَّحْمَن، وهو أقدم شيخ لِقَيه، وهشام بْن عُرْوة، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والأعمش، وابن جُرَيج، وطائفة. وكان مِن جلّة المقرئين. قرأ عَلَى الأعمش، وعلى نافع. وأقرأ القرآن. روى عَنْهُ: مالك مَعَ تقدّمه، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وابن مَعِين، وابنا أبي شَيبة، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن عَبْد الجبّار العُطارِديّ، وخلْق. وقد أقدمه الرشيد ليُوَلّيه قضاء الكوفة فامتنع. قَالَ بِشْر الحافي: ما شرب أحد ماء الفرات فَسَلِم إلا عَبْد الله بن إدريس وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ نسيج وحده.   1 الجرح والتعديل "5/ 10"، والتهذيب "5/ 139، 140". 2 الجرح والتعديل "5/ 8، 9"، والسير "9/ 42، 48". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 130 وقال يعقوب بْن شيبة: كَانَ عابدًا فاضلا. كَانَ يسلك في كثير من فتاياه ومذاهبه مسلك أهل المدينة. يخالف الكوفيّين، وكان بينه وبين مالك صداقة. ثمَّ قَالَ: إنّ جميع ما يرويه مالك في الموطَّأ بلغني عَنْ عليّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فيرسلها أنّه سمعها مِن ابن إدريس. قَالَ أبو حاتم الرّازيّ: هُوَ إمام مِن أَئمّة المسلمين، حُجّة. وقيل: لم يكن بالكوفة أعبد لله مِنه. قَالَ الحسن بن عرقة: لم أر بالكوفة أفضل منه. وروى أبو داود، عَنْ إسحاق بْن إبراهيم، عَنِ الكِسائيّ قَالَ: قَالَ لي الرشيد: مِن أقرأ الناس؟ قلت: عَبْد الله بْن إدريس!. قَالَ: ثمّ مِن؟ قَالَ: قلتُ: حسين الْجُعْفيّ!. قَالَ: ثمّ مَن؟ قلت: رَجُل آخر!. وعن حسين العَنْقزيّ قَالَ: لما نزل بابن إدريس الموت بَكَت ابنتُه فقال: لا تبكي يا بُنّية، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة1. قَالَ ابن عمّار: كَانَ ابن إدريس إذا لَحَن أحدٌ في كلامه لم يحدّثه. وقال ابن مَعِين: سَمِعْتُ ابن إدريس يَقُولُ: عندي قَوْصَرَّة ملكاية، وراوية مِن حوض الرّبّابين، ودبة زيت، ما أحد أغنيى منّي. وكان ابن إدريس يحرّم النبيذ. وقال: قلت لحفص بْن غِياث: اترك الجلوس في المسجد. فقال: أنتَ قد تركتَ ذَلِكَ ولم تُتْرك. قلتُ: يأتيني البلاء وأنا فارّ، أحبّ إلي من أن يأتيني وأنا متعرّض لَهُ. قَالَ أبو خَيْثَمَة: سَمِعْتُ ابن إدريس يَقُولُ: كلّ شرابٍ مُسْكِرٍ كثيرُهُ فإنّه محرم يسيره، إني لكم منه نذير.   1 تاريخ بغداد "9/ 421". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 131 أبو بَكْر بْن أَبِي شيبة: سَمِعْتُ ابن إدريس قَالَ: كتبت حديث أَبِي الحوراء، فخفتُ أن يتصحّف بأبي الجوراء، فكتبت تحته: حورٌ عين. وقال يعقوب السَّدُوسيّ: ثنا عُبَيْد بْن نعيم، ثنا الحسن بن الربيع الثوراني قَالَ: قُرئ كتاب الخليفة إلى ابن إدريس وأنا حاضرٌ: مِن عَبْد الله هارون أمير المؤمنين إلى عَبْد الله بْن إدريس. قَالَ: فشهق ابن إدريس شهقة، وسقط بعد الظهر، فقمنا إلى العصر وهو عَلَى حاله، وانتبه قُبَيْلَ المغرب، وقد صَبَبنا عَليْهِ الماء، فلا شيء. قال: إنها لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، صار يعرفني حتّى يكتب إليّ. أيّ ذَنْبٍ بلغ بي هذا؟ قلت: وقد وثّقه ابن مَعِين، وعبد الرَّحْمَن بْن خراش، والناس. وقيل: بل ولد سنة خمس عشرة ومائة. ووقع لي مِن عالي حديثه. تُوُفّي في شهر ذي الحجّة سنة اثنتين وتسعين ومائة بالكوفة. 152- عَبْد الله بْن إسماعيل بْن خَالِد الكوفيّ1 -ت. ق. عَنْ: أَبِيهِ، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبة، ومُجالد. وعنه: أبو كُرَيْب. 153- عَبْد الله بْن خِراش الشَّيْبانيّ الكوفيّ2 -ق. أخو شهاب بْن خِراش. عَنْ: عمّه العَوّام، وموسى بْن عُقْبَة. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وزيد بْن الحُرَيش، والحَسَن بْن قَزَعَة، وأحمد بْن المِقْدام، وقيس بْن حفص الدّلاميّ، وآخرون. ضعّفوه. قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث.   1 الجرح والتعديل "5/ 3"، والتهذيب "5/ 148". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 45"، والميزان "2/ 413". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 132 وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. 154- عَبْد الله بْن داود التمار1 -ت. أبو محمد الواسطي. عَنْ: ابن جُرَيج، وحَنْظلة بْن أَبِي سُفْيان، والحمَّادَيْن. وعنه: محمد بْن المُثَنَّى، وأحمد بْن سِنان القطّان، وهارون بْن سليمان الأصبهاني، وآخرون. وكان صاحب سُنّة. قَالَ أبو أحمد الحاكم: لَيْسَ بالمتين. وقال الْبُخَارِيّ: فيه نظر. قلت: روى أحاديث موضوعة فكأنّه آفَتها. 155- عَبْد الله بْن رجاء الْمَكَّيّ2 -م. د. ن. ق. بصْريّ الأصل. عَنْ: أيّوب السّخْتيانيّ، وإسماعيل بْن أُمَيَّة، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وابن عَجْلان، وعبد الله بْن عثمان بْن خيثم، وموسى بْن عُقْبة، وابن جُرَيج. وما في هَؤلاءِ أحد أدركهم، عَبْد الله بْن رجاء الغُدّانيّ. وعنه: أحمد، وإسحاق، وشُرَيح بْن يونس، والحسن بْن الصّبّاح البزّار، وابن مَعِين، وبُنْدار، وعَمْرو النّاقد. كنْيته أبو عِمران. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. 156- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي رِفاعة راشد3. أبو عَبْد الرَّحْمَن الخَوْلانيّ، مولاهم الْمَصْرِيّ الزّاهد القدوة.   1 الجرح والتعديل "5/ 48"، والتهذيب "5/ 200، 201". 2 الجرح والتعديل "5/ 54، 55"، والسير "10/ 379، 380". 3 انظر "حسن المحاضرة" للسيوطي تراجم "حرف العين". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 133 كَانَ يقال هُوَ أجلٌ أهل الإسكندرية. مات سنة مائتين، وعاش ثمانيًا وستّين سنة. ذكره ابن يونس مختصرًا. 157- عَبْد الله بْن سَعِيد -خ. أبو بكير النخعي الكوفي1. روى عَنْ العلاء بْن المسيّب، وأجلح بْن عَبْد الله، وحَجّاج بْن أرطأة. وعنه: ابن راهَوَيْه، وَأَبُو سَعِيد الأشجّ. لم يذكره ابن أَبِي حاتم. 158- عَبْد الله بْن سُفْيان بْن عُقْبة اللَّيْثي2. مولاهم المدنيّ، أبو سُفْيان. عَنْ: جَدّه عُقْبة بْن أبي عَائِشَةَ، وأبي طُوَالَةَ، وغَنْم بْن نِسْطاس، وجماعة. وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، وإبراهيم بْن المنذر الحزامي، وأبو مُصْعَب، وإسحاق بْن موسى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 159- عَبْدُ الله بْن سَلَمَةَ. أبو عَبْد الرحمن البصْريّ الأفطس3. عَنْ: الأعمش، وفُضَيْل بْن غَزْوان، وابن أبي ليلى، وموسى بْن عُقْبة. وعنه: الفلاس، وأبو كامل الْجَحْدَريّ، وعمر بْن شَبَّة، وآخرون. قَالَ يحيى القطّان: لَيْسَ بثقة. وقال أحمد بْن حنبل: تركوا حديثه.   1 الجرح والتعديل "5/ 72"، والثقات لابن حبان "8/ 338". 2 الجرح والتعديل "5/ 66، 67"، والثقات لابن حبان "7/ 338". 3 الجرح والتعديل "5/ 69"، والميزان "2/ 431". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 134 وقال ابن عدي: يكتب حديثه مع ضعفه. قلت: كَانَ يستخف بالأئمّة، قَالَ: يكذِب سُفْيان. وتكلّم في غُنْدَر. وقال عَنِ القطّان: ذاك الأحول. وكذا سُنّة الله في كلّ مِن ازدرى العلماء بقي حقيرًا. 160- عَبْد الله بْن عَبْد القُدُّوس الكوفيّ ثمّ الرّازيّ1. عَنْ: الأعمش، وغيره. وعنه: محمد بْن حُمَيْد، وعبد الله بْن داهر، وعَبَّاد بْن يعقوب الرَّواجنيّ. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء، رافضيّ خبيث. وقال غير واحد: ضعيف. 161- عَبْد الله بْن عَبْد الله بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الهُذْليّ المسعوديّ الكوفيّ2. أبو عَبْد الرَّحْمَن. عَنْ: الحارث بْن حصيرة، والأعمش. وعنه: أحمد بْن يعقوب، وهارون بْن حاتم، وآخرون. لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا. 162- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عيسى الخزاز3 -ت. أبو خلف البصري الحريري. روى عن: يحيى البكّاء، ويونس بْن عُبَيْد، وداود بْن أَبِي هند. وعنه: عُقْبة بْن مُكْرَم، وعُمر بْن شَبَّة، وغيرهم. لَهُ في جامع أبي عيسى حديث واحد. وهو ضعيف عندهم.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 104"، والتهذيب "5/ 303، 304". 2 الجرح والتعديل "5/ 105"، والميزان "2/ 457". 3 الجرح والتعديل "5/ 127"، والميزان "2/ 470". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 135 163- عَبْد الله بْن كثير الدّمشقيّ الطّويل1. المقرئ، إمام جامع دمشق. روى عَنْ: الأوزاعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وشَيبان النَّحْويّ، وغيرهم. وعنه: هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، ومحمود بن خالد، والعباس بن الوليد الخلال. قال محمد بن الفيض: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: صلّي بنا عَبْد الله بْن كثير القارئ فقرأ {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ} [الزخرف: 26] فقَالَ: إبراهام. فبعث إِليْهِ والى دمشق نصر بْن حمزة فخفقه بالدَّرَّة وعزله عَنِ الصَّلاة. قَالَ أبو زُرْعة الدّمشقيّ: كَانَ لا بأس بِهِ. وقال أبو حفص بْن شاهين: تُوُفّي سنة ستٌّ وتسعين ومائة، روى بدمشق. 164- عَبْد الله بْن قُبَيْصة. أبو قُبَيْصة الفَزَاريّ، كوفيّ2. روى عَن: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وغيرهما. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخ. 165- عَبْد اللَّه بْن كُلَيْب بْن كَيْسان المُراديّ الْمَصْرِيّ3. أبو عَبْد المُلْك. ولد سنة مائة، وعُمَّر دهرًا. تفقه على ربيعة الرأي، وروى عن: يزيد بن أبي حبيب، وقيس بن الحجاج.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 144"، التهذيب "5/ 368". 2 الجرح والتعديل "5/ 142". 3 الجرح والتعديل "5/ 143، 144"، والتهذيب "5/ 370". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 136 روى عَنْهُ: أبو صالح، ويحيى بْن بُكَيْر، وعَمْرو بْن سَوّاد، ومحمد بْن سَلَمَةَ المراديّ، وأحمد بْن السَّرْح. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. 166- عَبْد الله بْن مُعَاذ بْن نَشيط الصّنْعَانيّ1 -ت. ق. نزيل مكّة. عن: يونس بْن يزيد، ومَعْمَر بْن راشد. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن أَبِي عُمر العَدَنيّ، والزُّبَيْر بْن بكّار، وجماعة. وثّقه مُسْلِم، وغيره، حتى يحيى بْن مَعِين، وأمّا عَبْد الرّزّاق فكان يكذَّبه. قَالَ أبو حاتم: هُوَ أوثق مِن عَبْد الرّزّاق. 167- عَبْد الله بْن موسى بْن إبراهيم بْن طلحة التَّيْميّ الطَّلْحيّ المدنيّ2 -ق. عَنْ: صَفْوان بْن سُلَيم، وأسامة بْن زيد اللَّيْثي، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأثنى عَليْهِ، ويعقوب بْن محمد، ويعقوب بْن كاسب، وجماعة. قَالَ ابن مَعِين: صَدُوق، كثير الخطأ. وقال بعض الحُفّاظ: لَيْسَ بحُجَّة. 168- عَبْد الله بْن ميمون بْن داود القداح المخزومي3 -ت. مولاهم المكي. عن: يحيى بْن الأنصاريّ، وجعفر الصّادق، وعُبَيْد الله بن عمر.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 173"، والميزان "2/ 506". 2 الجرح والتعديل "5/ 166، 167"، والميزان "2/ 508". 3 الجرح والتعديل "5/ 206"، والميزان "2/ 512". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 137 وعنه: إبراهيم الحزاميّ ومُؤمَّل بْن إهاب، وأحمد بْن شَيْبان الرَّمْليّ، وأحمد بْن الأزهر، وعبد الوهّاب بْن فُلَيح. قَالَ الْبُخَارِيّ: ذاهب الحديث. وقال أبو زُرْعة: واهي الحديث. وقال أبو حاتم: متروك. قلت: مات في حدود المائتين. 169- عبد الله بن نمير -ع. أبو هشام الهمداني ثم الخارفي الكوفي الحافظ1. روى عَنْ: هشام بْن عروة، والأعمش، وأشعث بْن سوار، وابن أَبِي خَالِد، وزكريا بن أبي زائدة، وإبراهيم بن الفضل المخزومي، وعبيد الله بن عمر، ويزيد بن أبي زياد، وطائفة كبيرة. وعنه: أحمد، وابن معين، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن الفرات، وعلي بن حرب، والحسن بن علي بن عفان، وأبو عبيدة بن أبي السفر، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَكَانَ مولده في سنة خمس عشرة ومائة. ومات سنة تسع وتسعين ومائة. وقع لنا من عواليه. 170- عبد الله بن وهب بن مسلم2 -ع. الإمام أبو محمد الفهري، مولاهم الْمَصْرِيّ. أحد الأعلام، وعالم الديّار المصريّة. قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: ولد سنة خمس وعشرين ومائة. قَالَ: وقيل إنّه مِن موالي الأنصار. طلب العِلْم وله سبْعٍ عشرة سنة، فعن ابن وهْب قَالَ: دعوت يونس بن يزيد لوليمة عرسي.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 186"، والسير "9/ 244، 245". 2 الجرح والتعديل "5/ 189، 190"، والسير "9/ 223، 234". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 138 قلت: روى عَنْ: يونس، وابن جُرَيج، وحبي بن عبد الله المعافري، وحنظلة بن أبي سفيان، وعمرو بن الحارث، وأسامة بن زيد الليثي، وعمر بن محمد العمري، وعبد الحميد بن جعفر، وأبي صخر حميد بن زياد، وعبد الله بن عامر الأسلمي، وموسى بن علي، والليث، ومالك، وخلائق. وتفقه: بمالك، والليث. وعنه قَالَ: رأيتُ عُبَيْد الله بْن عُمَر قد عَمي وقطع الحديث. ورأيت هشام بْن عُرْوة جالسًا فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: آخذ عَنِ ابن سمعان وأصير إلى ابن هشام، فلما فرغت قمتُ إلى منزل هشام فقالوا: قد نام. فقلت: أحجّ وأرجع، فرجعتُ فوجدته قد مات. قَالَ محمد بْن سَلَمَةَ: سَمِعْتُ ابن القاسم يَقُولُ: لو مات ابن عُيَيْنَة لَضُرِبَت إلى ابن وهْب أكباد الإبل. ما دَوَّن العِلْم أحدٌ تدوينهَ. قَالَ يونس بْن عَبْد الأعلى، عَنِ ابن وهْب قَالَ: أقرأني نافع بْن أَبِي نُعَيْم. وقال أبو زُرْعة: نظرتُ في نحو ثلاثين ألف حديث لابن وهْب لا أعلم أنّي رَأَيْت لَهُ حديثًا لا أصل لَهُ. وهو ثقة. وقد سَمِعْتُ يحيى بْن بُكَيْر. يَقُولُ: هُوَ أفقه مِن عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم. قلت: وله مُوَطَّأ كبير إلى الغاية، وله كتاب "الجامع"، وكتاب "الْبَيْعَةِ"، وكتاب "المناسك"، وكتاب "المغازي"، وكتاب "الرّدّة"، وكتاب "تفسير غريب الموطّأ"، وغير ذَلِكَ. روى عَنْهُ: اللَّيْثُ بْن سعْد، وأصبغ بْن الفَرَج، وأبو صالح، وأحمد بْن صالح، وحَرْمَلَة، والحارث بْن مِسْكين، ويحيى بْن أيّوب المقابريّ، وبحر بْن نصر الخَوْلانيّ والربيع بْن سليمان المُراديّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأبو الماهر بْن السَّرْح، وبحر بْن نصر، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن رُمْح، وعلي بن خشرم، وعمرو بْن سَوَّاد، وعيسى بْن مَثْرُود، ومحمد بْن عبد الله بن عبد الحكم، وهارون بن سعيد الأَيْليّ، وعبد المُلْك بْن شُعيب بْن اللَّيْثُ، وعيسى بْن أحمد العسقلاني، وأحمد بْن عيسى التستري، وإبراهيم بن منقذ الخولاني، وسحنون بْن سعْد القَيْروانيّ، وأحمد بْن عَبْد الرحمن بْن وهْب ابن أخيه، وأَمَم سواهم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 139 وكان ثقة ثْبتًا مِن كبار الزُّهاد. قَالَ أحمد بْن صالح: حدَّث ابن وهْب بمائة ألف حديث، ما رَأَيْت أحدًا أكثر حديثًا منه. وقد وقع عندنا عَنْهُ سبعون ألف حديث. وقال يحيى بْن بُكَيْر: ابن وهْب أفقه مِن ابن القاسم. وقال عليّ بْن الجنيد: سمعت أبا مصعت يعظَّم ابنَ وهْب ويقول: مسائله عَنْ مالك صحيحة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث، صدوق. وقال ابن عَدِيّ في كامله: ابن وهْب مِن الثَّقات. لا أعلم لَهُ حديثًا مُنْكَرا. إذا حدَّث عَنْهُ ثقة. وروى أبو طَالِب، عَنْ أحمد بْن حنبل: ابن وهْب يفصل السَّماعَ مِن العرْض. ما أصحّ حديثه وأثبته. وقد كَانَ يُسيء الأخذ، لكن ما رواه وحدّثه صحيحًا. وقال ابن مَعِين: ثقة. قَالَ خَالِد بْن خِداش: قُرئ عَلَى ابن وهْب كتاب "أهوال يوم القيامة" -تأليفه- فخرّ مَغشيا عَليْهِ. فلم يتكلّم بكلمةٍ، حتى مات بعد أيّام، رحمه الله. وعن سُحْنُون قَالَ: كَانَ ابن وهْب قد قسّم دَهره أثلاثًا: ثُلُثًا في المَرَابط، وَثُلُثًا يُعلّم الناس بمصر، وَثُلُثًا في الحجّ. وقيل إنّه حجّ ستٌّا وثلاثين حجَّة. وكان مالك يكتب إِلَيْهِ: إلى عَبْد الله بْن وهْب مفتي أهل مصر، ولم يفعل هذا مَعَ غيره. وقد ذُكر ابن وهْب وابن القاسم عند مالك، فقال مالك: ابن وهب عالم، وابن القاسم فقيه. وقال أحمد بْن سَعِيد الهمَدانيّ: دخل ابن وهْب الحمّام، فسمع قارئًا يقرأ: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} [غافر: 47] ، فغُشي عَليْهِ. قَالَ أبو زيد بْن أَبِي الغَمْر: كنّا نسمّي ابنَ وهْب: ديوان العِلْم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 140 وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يَقُولُ: نظرت في حديث ابن وهْب نحو ثمانين ألف حديث. قلت: مرّ هذا. وقال: ثلاثين ألف حديث. فالله أعلم. قَالَ أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ: جَدُّ ابن وهْب هُوَ مُسْلم مولى رَيْحانة مولاة عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن أنس الفِهْريّ. وقال ابن أخي ابن وهْب: طلب عبّاد بْن محمد الأمير عمّي ليولّيه القضاء، فتغّيب، فهدم عبّاد بعض دارنا. فقال الصّبّاحي لعبّاد: مَتَى طمع هذا الكذا وكذا أن يلي القضاء؟ فبلغ ذلك عمي، فدع عَليْهِ بالعَمَى، فعَمي بعد جمعة. وقال حَجّاج بْن رِشْدِين: سَمِعْتُ ابن وهْب يتذمّر ويصيح، فأشرفت عَليْهِ مِن غرفتي، فقلت: ما شأنك يا أبا محمد؟ قَالَ: يا أبا الحَسَن، بينما أَنَا أرجو أن أُحشر في زُمْرة العلماء أحشرُ في زُمْرة القُضاة. فتغّيب في يومه، فطلبوه1. قَالَ ابن الطّاهر بْن عَمْرو: جاء نَعي ابن وهْب، ونحن في مجلس سُفْيان، فقال: إنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، أُصيبَ المسلمون بِهِ عامّة، وأُصِبتُ بِهِ خاصّة. وقال النَّسَائيّ: ابن وهْب ثقة، ما أعلمه روى عَنِ الثَّقات حديثًا مُنْكَرا. قلت: بعض الأئمّة تَمَعْقَل عَلَى ابن وهْب في أخْذه للحديث، وأنه كَانَ يترخّص في الأخْذ. وابن وهْب فحُجّة باتفاق. يكفيه قولُ الإمامين أَبِي زُرْعة والنَّسَائيّ فيه. وما مَن يروي مائة ألف حديث ولا يستلحق عَليْهِ في شيء إلا وهو ثَبْت حافظ. والله لو غلط في المائة ألف في مائتي حديث لما أثر ذَلِكَ في ثقته. قَالَ أحمد بْن صالح: كَانَ ابن وهْب يتساهل في المشايخ، ولو أخذ مأخذ مالك في ذَلِكَ لكان خيرًا لَهُ. قَالَ يونس بْن عَبْد الأعلى: مات في شَعْبان سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. قَالَ: وكانوا أرادوه عَلَى القضاء فتغيّب. قلت: وقع لي جملة مِن عواليه.   1 الانتقاء "ص/ 48" لابن عبد البر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 141 171- عَبْد الحكيم بْن منصور الخزاعيّ الواسطيّ1 -ت. عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السّائب. وعنه: عَبْد الله بْن عَون الخرّاز، وإسحاق بْن شاهين، ومحمد بْن عَبْد الله بْن بَزيع، ومحمد بْن حرب النَّشَاسْتجيّ، وآخرون. وليس هُوَ بقويّ. كذّبه يحيى بْن مَعِين، وقال مرةً: ليس حديثه بشيء. وقال أبو داود: ضعيف. وقال النَّسائيّ، وغيره: متروك الحديث. 172- عبد الخالق بْن زيد بْن واقد الدّمشقيّ2. عَنْ: أَبِيهِ، والوضين بْن عطاء، وغيرهما. وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، وصَفْوان بْن صالح، وسُليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: متروك الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 173- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن سعْد بْن عمّار3. ابن مؤذَّن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعْد القَرِظ، أبو محمد الْقُرَشِيّ المخزومي المَدِينيّ المؤذّن. روى عَنْ: أَبِيهِ، وأعمامه، وعن: صَفْوان بْن سُلَيْم، وأبي الزَّناد، وغيرهم. وعنه: إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، والحميدي، ويعقوب بْن كاسب، وإبراهيم بْن المنذر، وجماعة. ضعّفه يحيى بْن مَعِين، وغيره، وصلّحه بعضهم. 174- عبد الرحمن بن سعيد الخزاعي4.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 35"، والميزان "2/ 537". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 37"، والميزان "2/ 543". 3 الجرح والتعديل "5/ 237"، والتهذيب "6/ 183". 4 من علماء المالكية وأفاضلهم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 142 مولاهم الْمَصْرِيّ، أبو سعْد. عَنْ: نافع بْن يزيد، ومالك، وَاللَّيْثِ. مات كهْلا. روى عَنْهُ: يحيى بْن بُكَيْر، ويونس بْن عَبْد الأعلى. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 175- عَبْد الرَّحْمَن بْن سُليمان بْن أبي الْجَوْن العَنْسي الدّارانيّ الدّمشقيّ1 -ق. عَنْ: إسماعيل بْن أبي خَالِد، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، ولَيث بْن أَبِي سُلَيْم، ومحمد بْن صالح الْمَدَنِيّ، والأعمش، وراشد بْن سعْد المقرئيِ. وعنه: إسماعيل بْن عيّاش وهو أكبر منه، ومحمد بْن عائذ، وهشام بْن عمّار، وصفوان بْن صالح، وعدّة. قَالَ دُحَيْم: لا أعلمه إلا ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثَّقات". وَقَالَ أَبُو حاتم: لا يُحْتَج بِهِ. قلت: هذا أكبر مِن زاهد الشام أبي سليمان الدّارانيّ. 176- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله. أَبُو سَعِيد، مولى بني هاشم2. سيأتي بكنيته. 177- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحميد المَهْريّ3 -د. ن. مولاهم الْمَصْرِيّ، أبو رجاء المكفوف. من فضلاء المصريين.   1 الجرح والتعديل "5/ 240"، والتهذيب "6/ 188، 189". 2 انظر: أبا سعيد الهاشمي في الكنى. 3 الجرح والتعديل "5/ 261"، والتهذيب "6/ 219". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 143 روى عن: عُقَيْل بْن خَالِد، وبكر بْن عَمْرو المَعَافِريّ، وغيرهما. وعنه: ابن أخته أبو الطّاهر بْن السَّرْح، وعبد الله بْن وهْب مَعَ تقدَّمه، ويونس بْن عَبْد الأعلى. وثقة أبو داود. مات سنة اثنتين وتسعين ومائة. 187- عَبْد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أُميّة بن عَبْد الرَّحْمَن بن أبي بكرة. -د. ن. ق. أبو يحيى، الثقفي البكراوي البصري1. رَوَى عن: حُمَيْد الطويل، وحسين المعلم، وَدَاوُد بن أَبِي هند، وَمُحَمَّد بن عَمْرو، وَمُحَمَّد بن السائب الكلبي، وطائفة. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وبُنْدار، ومحمد بْن المُثَنَّى، ويحيى بْن حكيم، والفلاس، وخلْق كثير. قَالَ ابن المَدِينيّ: كَانَ يحيى بْن سَعِيد حسن الرأي فيه. وحدَّث عَنْهُ وأنا فلا أحدث عنه. وقال ابن معين: ضعيف. وقال: أحمد بن حنبل: طرح الناس حديثه. هكذا راويه عبد الله، عَنْ أَبِيهِ. وأمّا أبو داود فقال: سَمِعْتُ أحمد يَقُولُ: لا بأس بِهِ. وقال النَّسَائيّ: ضعيف. قَالَ الجرّاح بْن مَخْلَد: تُوُفّي في صَفَر أو المحرَّم سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وقال ابن المَدِينيّ أيضًا: ذهبَ حديثه. 179- عَبْد الرحمن بْن القاسم بْن خَالِد بن جنادة2.   1 الجرح والتعديل "5/ 264"، والميزان "2/ 578". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 279"، والسير "9/ 120-125". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 144 الإمام أبو عبد الله العتقي. مولاهم الْمَصْرِيّ الفقيه. أحد الأعلام، وأكبر أصحاب مالك القائمين بمذهبه. سَمِعَ منه ومن: نافع بْن أَبِي نُعَيْم، وعبد الرحمن بْن شُرَيح، وبكر بْن مُضَر، وجماعة. وعنه: أصْبَغ بْن الفَرَج، وأبو الطّاهر بْن السّرْح، والحارث بْن مسكين، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، وعيسى بْن مَثْرُود، وآخرون. وقد أنفق أموالا جمَّه في طلب العِلْم. قَالَ النَّسَائيّ: ثقة مأمون. أحد الفقهاء. وعن مالك أنّه ذُكر عنده ابن القاسم فقال: عافاة الله، مثله كمثل جراب مملوءٍ مِسكًا. وقيل إنّ مالكًا سُئل عَنِ ابن القاسم، وابن وهْب فقال: ابن وهْب رَجُل علم، وابن القاسم فقيه. وعن أسد بْن الفُرات قَالَ: كَانَ ابن الْقَاسِم يختم كل يوم وليلة ختمتين، فنزل لي حين جئت إِلَيْهِ عن ختمة رغبة في إحياء العلم. وبلغنا عن ابن الْقَاسِم أَنَّهُ قَالَ: خرجت إلى الحجاز اثنتى عشرة مرة، أنفقت كل مرة ألف دينار. وَرُوِيَ عن ابن الْقَاسِم أَنَّهُ كَانَ لا يقبل جوائز السُّلْطَان. وكان يَقُولُ: لَيْسَ في قُرب الوُلاة ولا الدُّنُوَّ منهم خير. قَالَ أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وهْب: سَمِعْتُ عمّي يَقُولُ: خرجت أَنَا وعبد الرَّحْمَن بْن القاسم بِضع عشرة سنة إلى مالك. سنةً أسأل أَنَا مالكًا، وسنةً ابن القاسم. فما سألت أَنَا، كَانَ عند ابن القاسم: سَمِعْتُ مالكًا. وما سأل هو، كان عندي: سمعت مالكًا. إلا أن ابن القاسم ترك من قوله ما خالف الأصل، وتركته أَنَا عَلَى حاله، أو كما قَالَ. وقال الحارث بْن مسكين: أخبرني أَبِي قَالَ: كَانَ ابن القاسم وهو حَدَث في العبادة أشهر منه في العلم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 145 قَالَ الحارث: كَانَ في ابن القاسم: العبادة والسّخاء والشجاعة والعلم والورع والزُّهْد. قَالَ ابن وضّاح: أخبرني ثقة ثقة. عَنْ عليّ بْن مَعْبَد قَالَ: رَأَيْت ابن القاسم في النَّوم، فقلت: كيف وجدت المسائل؟ فقال: أفٍ أُفٍ: قلت: فما أحسَنَ ما وجدتَ؟ قَالَ: الرَّباط بالإسكندرية. قَالَ: ورأيت ابن وهْب أحسن حالا منه. وقد حدث سحنون أنّه رَأَى ابن القاسم فِي النَّوم، فَقَالَ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: وجدت عنده ما أحببت! قَالَ: فأيّ عمل وجدت أفضل؟. قَالَ: تلاوة القرآن!. قَالَ: قلتُ: فالمسائل؟ فكان يُشِير بإصبعه يُكشّيها. قَالَ: فكنتُ أسأله عَنِ ابن وهْب، فيقول: هُوَ في عِلَّيّين. قَالَ أبو جعفر الطَّحاويّ: بَلَغَني عَنِ ابن القاسم أنّه قَالَ: ما أعلم في فلان عَيْبًا إلا دخوله إلى الحُكّام، ألا اشتغل بنفسه؟. قَالَ الحارث بْن مسكين: سَمِعْتُ ابن القاسم يَقُولُ في دعائه: الّلهم امنع الدنيا منّي، وامنعني منها. قَالَ الحارث: فكان في الورع والزُّهْد شيئًا عَجَبًا. قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: ولد ابن القاسم سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وتوفي في صَفَر سنة إحدى وتسعين ومائة. أَخْبَرَنَا يوسف بن أبي نصر، وجماعة، قالوا: أنا ابْنُ الزُّبَيْدِيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَنَا الداوودي، أَنَا ابْنُ حَمُّوَيْهِ، أَنَا الْفَرَبْرِيُّ، ثنا الْبُخَارِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، نا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ بُكَيْرِ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ ح. وَأنا أَحْمَدُ بْنُ الْعمَادِ عَالِيًا، وَهَذَا لَفْظُهُ: أَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَنَا ابْنُ الْبَطَّيِّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، نا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الجزء: 13 ¦ الصفحة: 146 اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ يُوسُفَ بْنَ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ". وَقَالَ: لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مِثْلَ مَا لَبِثَهُ يُوسُفُ، ثُمَّ جَاءَنِي الدَّاعِي لأَجَبْتُهُ". وَقَالَ: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، فَمَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدُ إِلا فِي ثَرْوَةِ قَوْمِهِ"1. لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ الْفَصْلَ الأَوَّلَ مِنْهُ، وَهُوَ: إِنَّ الْكَرِيمَ. وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا. وَمِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ، كَأَنَّ شَيْخًا لَقِيَ الْفِرَبْرِيَّ، وَسَمِعَهُ مِنْهُ. - عَبْد الرحمن بْن محمد المُحَاربيّ2 -ع. ذُكر بنسبته. 180- عَبْد الرَّحْمَن بْن مسعود بْن أشرس الإفريقيّ. مولى الأنصار. روى عَنْ: مالك، وعبد الله بْن عُمَر. وعنه: ابن وهب، وسعيد بن تليد، ومهدي بن جعفر، وعمران بن هارون. لقوه بمصر. 181- عبد الرحمن بن مغراء3 -ع. أبو زهير الدوسي الرازي. عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والأعمش، وجماعة. وعنه: محمد بْن عائذ الكاتب، وسليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، ومحمد بْن حُمَيْد، وزُنَيْج، ويوسف بْن موسى القطّان، وإسحاق بْن الفَيْض الأصبهاني، وعدّة. وولي في أواخر عمره قضاء الأردنّ. قال أبو زرعة: صدوق.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4/ 179، 183"، ومسلم "238"، وأحمد "2/ 326، 350"، وابن ماجه "4026"، وأبو عوانة "1/ 79، 80". 2 سبق ذكره. 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 290، 291"، والسير "9/ 30، 31". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 147 وضعّفه ابن عَدِيّ. وفي حديثه عَنِ الأعمش مناكير. وكان طلابةً للعِلْم، حسن الحديث. مات قبل المائتين. 182- عبد الرحمن بن مهدي1 -ع. ابن حسان بن عبد الرحمن العنبري، مولاهم. وقيل مولى الأزد، أبو سَعِيد البصْريّ الّلؤلؤيّ الحافظ، أحد الأئمّةِ الأعلام. وُلِدَ سنة خمسٍ وثلاثين ومائة. قاله أحمد. سمع: أيمن بْن نابل، وعمر بْن أَبِي زائدة، وهشام بْن أَبِي عَبْد الله، ومعاوية بْن صالح، وإسماعيل بْن مسلم العبْديّ قاضي جزيرة قيس، وعبد الله بْن بُدَيل الْمَكَّيّ، وعبد الجليل بْن عطيّة، وأبا خَلْدة خَالِد بْن دينار السعّديّ، وشُعْبَة، وسُفْيان، والمسعوديّ، وخلقًا كثيرًا. وعنه: ابن المبارك، وابن وهْب، وأحمد، وإسحاق، وعليّ، ويحيى، وابن أبي شَيبة، وأبو خَيْثَمَة، وبُنْدار، وأحمد بْن سِنان، وعبد الرَّحْمَن رُسْتَة، والقَوَاريريّ، وأبو ثور، وأبو عُبَيد، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن مَنْصُور الحارثيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأُمم سواهم. قَالَ أحمد بْن حنبل: هُوَ أفقه مِن يحيى بْن سَعِيد. وقال: إذا اختلف هُوَ ووكيع، فابن مهديّ أثبت، لأنّه أقرب عْهدًا بالكتاب. واختلفا في نحو خمسين حديثًا للثَّوْريّ، فنظرنا، فإذا عامَّةُ الصَّواب في يد عَبْد الرَّحْمَن. وقال أيّوب بْن المتوكّل: كنّا إذا أردنا أن ننظر إلى الدُّنيا والدَّين ذهبنا إلى دار عبد الرحمن بن مهدي.   1 وفيات الأعيان "2/ 387"، والسير "9/ 192-209". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 148 قَالَ إسماعيل القاضي: سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ يَقُولُ: أعلم الناس بالحديث عَبْد الرحمن بْن مهديّ. قلت لَهُ: قد كنتَ كتبت حديث الأعمش، وكنتُ عند نفسي أنّي قد بلغت فيها. فقلتُ: ومَن يفيدني عَنِ الأعمش؟. قَالَ: فقال لي: مَن يفيدك عَنِ الأعمش؟ قلت: نعم! فأطرق، ثمّ ذكر ثلاثين حديثًا ليست عندي. تتبّع أحاديث الشيوخ الذين لم ألقهم أَنَا لم أكتب حديثهم نازلا. قَالَ إسماعيل القاضي: أحفظ أنّ ممّن ذكره منصور بْن أَبِي الأسود. وقال محمد بْن أبي بَكْر المُقَدَّميّ: ما رَأَيْت أحدًا أتقن لِما سَمِعَ، ولما لم يسمع، ولحديث الناس مِن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ. إمام ثَبْت، أثبت مِن يحيى بْن سَعِيد، وأتْقن مِن وَكيع. كَانَ عرض حديثه عَلَى سُفْيان. قَالَ القواريريّ: أملي عليّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ عشرين ألف حديث حفظًا. وقال عبيد الله بن سعيد: سَمِعْتُ ابن مهديّ يَقُولُ: لا يجوز أن يكون الرجل إمامًا حتى يعلم ما يصحّ مما لا يصحّ. وقال ابن المَدِينيّ: كَانَ عِلم عبد الرحمن بن مهدي في الحديث كالسَّحْر. وقال أبو عُبَيْد: سمعت عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: ما تركت حديث رَجُل إلا دعوت الله لَهُ وأُسمّيه. وقال إبراهيم بْن زياد سبلان: قلت لعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ: ما تَقُولُ فيمن يَقُولُ القرآن مخلوق؟ فقال: لو كان لي سلطان لقمت عَلَى الجسر، فلا يمرّ بي أحد إلا سَأَلْتُهُ، فإذا قَالَ: مخلوق ضربت عُنُقُه وألْقيته في الماء1. وقال أبو داود السّخْتيانيّ: التقى وكيع وعبد الرَّحْمَن في الحَرَم بعد العشاء، فتواقفا حتى سمعا أذان الصبح.   1 الحلية "9/ 7". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 149 وعن ابن مهديّ قَالَ: لولا أنّي أكره أن يُعْصَى الله تعالى لَتَمنَّيت أن لا يبقى أحدٌ في المِصر إلا اغتابني. وأيّ شيء أهنأ حَسَنَةً يجدها الرجل في صحيفته لم يعمل بها1. وعنه قَالَ: كنت أجلس يوم الجمعة، فإذا كثر الخلق، فرحت، وإذا قَلُّوا حزِنْت. فسألت بِشْر بْن منصور، فقال: هذا مجلس سوءٍ، فلا تعُد إليه، فما عدت إِليْهِ. قَالَ رُسْتَة: نا يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ أنّ أَبَاهُ قام ليلةً، وكان يُحيي اللَّيْلَ كلّه. قَالَ: فلمّا طلع الفجر رمى بنفسه عَلَى الفراش حتّى طلعت الشمس، ولم يُصلَّ الصُّبْحَ، فجعل عَلَى نفسه أن لا يجعل بينه وبين الأرض شيئًا شهرين، فقرّح فخذاه جميعًا2. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة: سَمِعْتُ ابن مهديّ يَقُولُ لفتى مِن ولد الأمير جعفر بن سليمان: بلغني أنك تتكلم في الرب وتصفه وتشبهه؟ قَالَ: نعم، نظرنا فلم نر مِن خلْق الله شيْئًا أحسن مِن الإنْسَان. وأخذ يتكلّم في الصفة والقامة، فقال: رُوَيْدك يا بُنَيَّ حتّى تتكلّم أول شيء في المخلوق، وإنّ عجزنا عَنْهُ، فنحن عَنِ الخالق أعجز. أخبرني عمّا حدَّثني شُعْبَة، عَنِ الشَّيْبانيّ، عَنْ سَعِيد بْن جُبير، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] ؟ قَالَ: "رَأَى جبريل لَهُ ستّمائة جَناح"3. ثمّ قَالَ عَبْد الرَّحْمَن: فصِفْ لي مخلوقًا لَهُ ستّمائة جناح؟ فبقي الغلام ينظر، فقال: أَنَا أهون عليك، صِفْ لي خلْقًا بثلاثة أجنحة، وركِب الجناحُ الثالث منه موضعًا حتّى أعلم؟ قَالَ: يا أبا سَعِيد، عجزنا عَنْ صفة المخلوق، فأشهِدُك أنّي قد عجزت ورجعت. قَالَ أبو حاتم: سُئل أحمد بْن حنبل عَنْ يحيى، وعبد الرَّحْمَن، فقال: عبد الرحمن أكثر حديثًا.   1 الحلية "9/ 11". 2 الحلية "9/ 12". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4856"، ومسلم "280"، "281"، والترمذي "3277". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 150 قال أحمد بن عبد الله العجلي: شرب عبد الرحمن بن مهدي البلاذر، وكذا الطيالسي، فبرص عبد الرحمن، وجذم الآخر. قال: وقال رَجُل لعبد الرَّحْمَن: لو قِيلَ لك: يُغفر لك ذنب أو تحفظ حديثًا، أيّما أحبُّ إليك؟ قَالَ: أحفَظُ حديثًا!. قَالَ أبو الربيع الزَّهْرانيّ: سَمِعْتُ جريرًا الرّازيّ يَقُولُ: ما رَأَيْت مثل عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، ووصف بصره بالحديث وحِفْظه. وقال نُعَيْم بْن حمّاد: قلت لابن مهديّ: كيف تعرف الكذّاب؟ قَالَ: كما يعرف الطبيب المجنون!. قَالَ أبو حاتم: ثنا محمد بْن أبي صَفْوان: سَمِعْتُ عليّ بْن المَدِينيّ يَقُولُ: لو أُخذتُ فِأحلفتُ بين الركن والمقام لحَلفْت بالله أنّي لم أر أحدًا قط أعلم بالحديث مِن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ. قَالَ ابن المَدِينيّ: ثمّ كَانَ بعد مالك عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ يذهب مذهب تابعي أهل المدينة، ويقتدي بطريقتهم. وقال: نظرت فإذا الإسناد يدور عَلَى ستّة، ثمّ صار عِلمهم إلى اثني عشر، ثمّ صار عِلْمهم إلى ستّة: يحيى بْن سَعِيد، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، ويحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، ووكيع، وابن المبارك، ويحيى بْن آدم. وقال عليّ: أوثق أصحاب سُفْيان يحيى القطّان، وعبد الرَّحْمَن. وقال أحمد بْن حنبل: ابن مهديّ ثقة، خيار، مِن معادن الصَّدق، صالح، مُسْلِم. وقال ابن مهديّ: أبو الأسود يتيم عُرْوة، أخٌ لهشام بْن عُرْوة مِن الرّضاعة. وقد قَالَ هشام بْن عُرْوة: حدَّثني أخي عَبْد الرَّحْمَن بْن نوفل، عَنْ أَبِي قَالَ: لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُعْتَدِلا حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الأمم. فقالوا فيهم بالرأي، فضلّوا وأضلّوا. قَالَ أيّوب بْن المتوكّل: كَانَ حمّاد بْن زيد إذا نظر إلى عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ في مجلسه تهلَّل وجهه. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 151 قَالَ صدقة بْن الفضل المَرْوَزِيّ: أتيت يحيى بْن سَعِيد أسأله، فقال لي: الْزَم عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وأفادني عَنْهُ أحاديث. فسألت عَبْد الرَّحْمَن عَنْهَا، فحدَّثني بها. أحمد بْن سنان قَالَ: سَمِعْتُ مهديّ بْن حسّان قَالَ: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن يكون عند سُفْيان عشرة أيام وخمسة عشر يومًا بالليل والنّهار، فإذا جاءنا ساعةً جاء رسول سُفْيان في أثره يطلبه، فَيَدَعُنا ويذهب إليه. قَالَ أحمد بْن سنان: وسمعت ابن مهديّ يَقُولُ: أفتى سُفْيان في مسألة، فرأى كأنّي أنكرتُ فُتْياه، فقال: أنت ما تَقُولُ؟ قلت: كذا وكذا، خلاف قوله، فسكت. عليّ بْن المَدِينيّ: ثنا عَبْد الرَّحْمَن. قَالَ: قَالَ لي سُفْيان: لو أنّ عندي كُتُبي لأفدتك علمًا. قَالَ أحمد بْن سِنان: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ لا يُتحدَّث في مجلسه، ولا يُبرا قلم، ولا يُتبسّم، ولا يقوم أحد قائمًا كأن على رؤوسهم الطّير، وكأنهم في صلاة. فإذا رَأَى أحدًا منهم تبسّم أو تحدّث، لبس نَعْله وخرج. قَالَ أحمد بْن سِنان: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: عندي عَنِ المغيرة بْن شُعْبَة في المسح على الخُفَّين ثلاثة عشر حديثًا. وقال بندار: سمعت ابن مهدي: لو استقبلت مِن أمري ما استدبرت كتبتُ تفسيرَ الحديث إلى جنبه، وَلأَتيتُ المدينةَ، حتّى أنظر في كتب قومٍ سَمِعْتُ منهم. قَالَ صاعقة: سَمِعْتُ عليّا يَقُولُ: وذكر الفقهاء السبعة فقال: كَانَ أعلم الناس بقولهم وحديثهم ابن شهاب، ثمّ بعده مالك. ثمّ بعد مالك عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ. وقال أحمد بْن حنبل: إذا حدَّث عَبْد الرَّحْمَن عَنْ رَجُل فهو ثقة. وقال عليّ: كَانَ وِرْد عَبْد الرَّحْمَن كلّ ليلة نصف القرآن. وقال محمد بْن يحيى الذُّهْليّ: ما رَأَيْت في يد عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ كتابًا قط. وقال رُسْتَة: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ يَقُولُ: كَانَ يقال إذا لقى الرجلُ الرجلَ فوقه في العِلْم كَانَ يوم غنيمة، وإذا لقي مَن هو مثله دارسَهُ وتعلَّم منه، وإذا لقي مِن هُوَ دونه تواضع لَهُ وعلّمه. ولا يكون إمامًا في العِلْم مِن حدَّث بكلّ ما الجزء: 13 ¦ الصفحة: 152 سَمِعَ، ولا يكون إمامًا مِن حدَّث عَنْ كلّ أحد، ولا مِن يحدّث بالشّاذّ. والحفظ الإتقان. وقال ابن نُمَير: قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: معرفة الحديث إلهامٌ. قَالَ يوسف بن الضحاك: سَمِعْتُ القواريريّ يَقُولُ: كَانَ ابن مهديّ يعرف حديثه وحديث غيره. وكان يحيى القطّان يعرف حديثُه. وسمعت حمّاد بْن زيد يَقُولُ: إنْ عاش عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ ليُخرجن رَجُل مِن أهل البصرة. أبو بَكْر بْن أبي الأسود: سَمِعْتُ ابن مهديّ يَقُولُ ويحيى القطّان جالس وذكر الْجَهْميّة فقال: ما كنت لأُناكِحهم ولا أصلّي خلفهم. وقال عَبْد الرَّحْمَن رُسْتَة: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ يَقُولُ: الْجَهْميّة يريدون أن ينفوا عَنِ الله الكلام، وأن يكون القرآن كلام الله، وأنّ الله كلّم موسى، وقد وكده الله فقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] . قَالَ رُسْتَة: سَأَلت ابن مهديّ عَنِ الرجل يبني بأهله، يترك الجماعة أيامًا؟ قَالَ: لا، ولا صلاة واحدة. وحضرت ابن مهديّ صبيحة بنى على ابنيه، فخرج فأذّن، ثمّ مشى إلى بابهما، وقال للجارية: قولي لهما يخرجان إلى الصلاة. فخرج النّساء والجواري فقلن: سُبحان الله، أيّ شيء هذا؟ فقال: لا أبرح حتّى يخرجا إلى الصلاة، فخرجا بعدَ ما صلّي، فبعث بهما إلى مسجد خارج مِن الدَّرْب. قلت: هكذا كَانَ السلف -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ. قَالَ رُسْتَة: وكان عَبْد الرَّحْمَن يحجّ كلّ عام، فمات أَبُوهُ وأوصى إِليْهِ، فأقام عَلَى أيتامه، فسمعته يَقُولُ: ابتُليت بهؤلاء الأيتام، فاستقرضت من يحيى بن سعيد أربعمائة دينار احتجت إليها في مصلحة أرضهم1. وقد طوّل أبو نُعَيْم الحافظ ترجمة عَبْد الرَّحْمَن في "الحلية"، بحيث أنه روى فيها   1 الحلية "9/ 14". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 153 مائتين وثمانين حديثًا ونيّفًا. وقال: أدرك مِن التّابعين عدَّة منهم: المُثَنَّى بْن سَعِيد، وَأَبُو خلدة، ويزيد بْن أَبِي صالح، وداود بْن قيس، وصالح بْن دِرهم، وجرير بْن حازم. قلت: كَانَ قد ذهب إلى أصبهان في آخر عمره وحدّث بها. تُوُفّي بالبصرة في شهر جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 183- عَبْد السّلام بْن عَبْد القُدُّوس بْن حبيب الوحاظي الشامي1 -ن. أبو محمد. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وثَوْر بْن يزيد، وإبراهيم بْن أبي عبلة. وعنه: كثير بْن عُبَيْد، وأبو التَّقيّ هشام اليَزَنيّ، والعبّاس بْن الخلال، وجماعة. وهو ضعيف كأبيه. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتابع عَلَى شيء مِن حديثه. وقال ابن حِبّان: يروي الموضوعات. 184- عَبْد العزيز بْن عِمران بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عوف الزُّهْرِيّ2 الأعرج -ت. عَنْ: جعفر بْن محمد، وأفلح بْن سَعِيد، وعبد الله بن جعفر المخرمي، وجماعة. وعنه: أبو مُصْعَب، وإبراهيم بْن المنذر الخزاميّ، وأحمد بْن إسماعيل السَّهْميّ، وآخرون. وكان شاعرًا نَسابة. وهو عَبْد العزيز بْن أبي ثابت. اتّفقوا عَلَى تضعيفه. وقال النَّسَائيّ: متروك الحديث.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 48"، والميزان "2/ 617". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 390، 391"، والتهذيب "6/ 623". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 154 وقال الْبُخَارِيّ: لا يُكْتب حديثه، مُنْكَر الحديث. وقال ابن مَعِين: لم يكن صاحب حديث، كَانَ نسّابة لم يكن بثقة. وقال الخطيب: قِدم بغداد، واتّصل بصُحبة يحيى البرمكيّ، وكان ذا برٍ وإفضال. قلت: تُوُفّي سنة سبعٍ وتسعين ومائة. 185- عَبْد العزيز بْن أَبِي عثمان الكوفيّ1. خَتَنُ عثمان بْن زائدة. يروي عَنْ: موسى بْن عُبَيْدة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: زهير بن عباد، وعلي بن ميسرة، وهارون بن إسحاق الهمداني أبو هشام الرفاعي. وكان كبير الشأن. قال الرفاعي: قَالَ لنا وكيع: اذهبوا فاسمعوا منه، فهو أثبت مِن بقي في جامع سُفْيان. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن الحكم بن بشير: ثنا عَبْد العزيز بن أَبِي عثمان، ولم أر مثله. وقال أبو حاتم: كَانَ ثقة. 186- عَبْد الكريم بْن محمد الْجُرجانيّ2. الفقيه أبو سهل. رَوَى عن: أَبِي حنيفة، والصَّلْت بْن دينار، وزُهير بْن محمد، وقيس بن الربيع، وسليمان بْن هَوْذه، وجماعة. وعنه: أبو يوسف القاضي مَعَ تقدّمه، والشافعيّ، وقُتَيْبة بْن سَعِيد. وُلّي قضاء جُرْجان، ثمّ كرِه القضاء وتركه. وحج وجاور بمكة. ذكره حمزة السَّهميّ في "تاريخه" ولم يذكر وفاةً.   1 الجرح والتعديل "5/ 389، 390"، والثقات لابن حبان "8/ 395". 2 انظر: تاريخ جرجان "389" للجرجاني. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 155 187- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطّلب. الأمير أبو عَبْد الرَّحْمَن الهاشميّ العباسيّ1. وُلّي المدينة والصّوائف للرشيد. ثمّ ولي الشام والجزيرة للأمين. وحدث عَنْ: أَبِيهِ، ومالك بْن أنس. روى عَنْهُ: ابنه عليّ، والأصمعيّ، وفُلَيح بْن إسماعيل، وغيرهم حكايات. وقد كَانَ الرشيد بلغه أنّ عَبْد المُلْك عَلَى نيّة الخروج عَليْهِ، فخاف منه وطلبه ثمّ حبسه. ثمّ لاح لَهُ بُطْلان ذَلِكَ، فأطلقه وأنعم عَليْهِ. وعن عَبْد الرَّحْمَن مؤدّب أولاد عَبْد المُلْك بْن صالح قَالَ: قَالَ عَبْد الملك: لا تُطْريني في وجهي، فأنا أعلم بنفسي منك، ولا تعينني على ما يقبح، ودع: كيف أصبح الأمير؟ وكيف أمسى؟. واجعل مكان التعريض لي صواب الاستماع منيّ. روى أسحاق بْن إبراهيم النّديم، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنت بين يدي الرشيد، والناسُ يعزُّونه في طفل، ويهنّونه بمولودٍ ولد تِلْكَ الليلة، فقال عَبْد المُلْك بْن صالح: يا أمير المؤمنين آجَرَك الله فيما ساءك. ولا ساءك فيما سرّك. وجعل هذه بهذه جزاءً للشاكر، وثوابًا للصابر. الرياشيّ: ثنا الأصمعي قَالَ: كنتُ عند الرشيد، فأُتي بعبد المُلْك بْن صالح يرفُل في قُيُوده، فلمّا مثُل بين يدي الرشيد، التفت الرشيد يحدّث يحيى بْن خَالِد، وتمثّل ببيت عَمْرو بْن مَعْدِيّ كرب: أريدُ حياتَه ويُريدُ قَتْلِي ... عَذيِرَكَ مِن خليك مِن مُراد ثم قَالَ: يا عَبْد المُلْك، لَكأنّي، والله، أنظر إلى شُؤبُوبها قد هَمَع، وإلى عارضها قد لمع، وكأنّي بالوعيد قد أوري نارًا، فأبرز عن براجم بلا معاصم. ورؤوس بلا غلاصم، فمهلًا مهلًا بني هاشم بي. والله، سَهُل لكم الوَعر، وصفا لكم الكدر، وألقت إليكم الأمور أزِمَّتَها، فيه اربدادٌ لكم مِن حُلول داهية، أو خَبُوط باليد والرّجِل. فقال: أتكلّم يا أمير المؤمنين؟ قال: قل!.   1 انظر: وفيات الأعيان "1/ 330، 331"، "7/ 54، 55". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 156 قَالَ: اتّقِ الله فيما ولاك، واحفظْه في رعاياك الّتي استرعاك، ولا تجعل الكفرَ بموضع الشُّكر، والعقابَ بموضع الثواب. فقد، والله، سهلت لك الوعور، وجُمعت عَلَى خوفك ورجائك الصُّدُور. وشددت أَوَاخي مُلكك بأوثق مِن رُكني يَلَمْلَم. فأعاده إلى محبسه، ثمّ أقبل علينا وقال: والله لقد نظرت إلى موضع السيف مِن عُنقه مرارًا، فمنعني مِن قتله إبقائي عَلَى مثله. قَالَ: فأراد يحيى بْن خَالِد أن يضع مِن عَبْد المُلْك إرضاءً للرشيد، فقال لَهُ: يا عَبْد المُلْك بلغني أنّك حقود. قَالَ: أيُّها الوزير إنْ كَانَ الحِقْد هُوَ بقاء الخير والشّرّ، إنّهما لَبَاقيان في قلبي. فقال الرشيد: ما رَأَيْت أحدًا أقبحَ للحقد بأحسن من هذا. ويقال إنه إنما حبسه لمّا رآه نظيرًا لَهُ في أشياء مِن النُّبل والفصاحة. مات بالرَّقَّة سنة ستٍ وتسعين ومائة. قاله خليفة بْن خيّاط. 188- عَبْد المُلْك بْن الصّبّاح المسْمعيّ الصَّنْعانيّ ثمّ البصْريّ -خ. م. ن. ت- أبو محمد. عَنْ: ثور بْن يزيد، وابن عَون، وهشام بْن حسّان، وشُعْبَة، وجماعة. وعنه: إسحاق بْن راهَوَيْه، وبُنْدار، ورُسْتَة، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وآخرون. مات سنة مائتين. قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث. 189- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّنْعانيّ الذَّماريّ1 -د. ن. وذِمار من قُرى صنعاء. روى عَنْ: إبراهيم بن أبي عبلة، وسفيان بْن سَعِيد، والأوزاعي، ومحمد بن جابر السُّحَيْميّ.   1 انظر: الميزان "2/ 657"، والتهذيب "6/ 400-402". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 157 وعنه: أحمد، وإسحاق، وأحمد بْن صالح، والفلاس، ونوح بْن حبيب القومسيّ. وثّقه الفلاس. وقال أبو حاتم. لَيْسَ بالقويّ. وقال أبو داود: ضُربت عُنق عَبْد المُلْك الذَّماريَّ صَبْرًا. قَضَى بقودٍ، فدخلت الخوارج فقتلته. وقال ابن عديّ: كَانَ قد نزل البصرة. وقال الْبُخَارِيّ: هُوَ شاميّ نزل البصْرة. وأمّا إبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، ونوح بْن حبيب فسَمَّياه عَبْد المُلْك بن هشام، فلعلّهما اثنان. 190- عَبْد المُلْك بْن محمد البَرْسَميّ الصَّنْعانيّ الدّمشقيّ1 -د. ن. ق. عَنْ: ثابت بْن عَجْلان، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، ومَعْمَر بْن راشد، والأوزاعيّ، وأبي سَلَمَةَ العامليّ، وعدّة. وعنه: زيد بْن المبارك الصَّنْعانيّ، وهشام بْن عمّار، وعَمرو بْن عثمان الحمصيّ، وداود بْن رشيد، وسليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وجماعة. وثّقه سليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وابنه دُحَيْم. وقال أبو حاتم: يُكَتب حديثه. 191- عَبْد المُلْك بْن مهْران. أبو هاشم الرفاعيّ المَوْصِليّ المَغَازِليّ2. روى عَنْ: عَمْرو بْن دينار، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وجماعة. وعنه: بقيّة، وأحمد بْن أَبِي الحَواريّ، وسُلَيمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وموسى بْن أيّوب النصيبي.   1 الجرح والتعديل "5/ 369"، والميزان "2/ 663". 2 الجرح والتعديل "5/ 370"، والميزان "2/ 665". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 158 قال العقيلي: صاحب مناكير. وقال ابن عَدِيّ: مجهول. قلت: كذا ذكره أبو القاسم بْن عساكر. 192- عَبْد المنعم بْن نُعَيْم الأَسْواريّ البصْريّ1. أبو سَعِيد صاحب السقاء. عن: الجريري، ويحيى بْن مُسْلِم البَكَّاء. وعنه: يونس بْن محمد المؤدَّب، ومحمد بْن أبي بَكْر المُقَدَّميّ، وعُقْبة بْن مُكْرَم العمّي، وغيرهم. قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. 193- عَبْد الواحد بْن سليمان الأزْديّ البصْريّ البرّاء2. عَنْ: ابن عَوْن، وحُمَيْد الطّويل. وعنه: مُسْلِم بْن إبراهيم، وعبد الصَّمد، ومحمد بْن جعفر المدائنيّ، وإبراهيم بن عبد الله بن خَالِد المصَّيصيّ، والحسن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وغيرهم. محلُّه الصَّدْق. قَالَ أبو حاتم: مجهول. 194- عَبْد الوهاب بْن حُمَيْد اليَحْصُبيّ3. عَنْ: طلحة بْن عُمَر، وعبد الجليل بْن حُمَيْد. وعنه: عِمران الصُّوفيّ، وأحمد بْن السَّرْح. تُوُفّي قريبًا مِن سنة خمٍ وتسعين ومائة بمصر.   1 الجرح والتعديل "6/ 67"، والميزان "2/ 669". 2 الجرح والتعديل "6/ 21"، والثقات لابن حبان "8/ 425". 3 من علماء مصر كما في "حسن المحاضرة". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 159 195- عبد الوهاب الثقفي -ع. هُوَ ابن عَبْد المجيد بْن الصَّلْت بْن عُبَيْد الله بْن الحَكَم بْن أبي العاص. أبو محمد البصري الحافظ1، أحد الأئمة. روى عن: أيّوب السّخْتياني، وخالد الحذّاء، ومالك بْن دينار، وحُمَيْد الطّويل، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، والشّافعيّ، وَأَبُو حفص الفلاس، وبُنْدار، وحفص الرَّباليّ، والحسن بْن عَرَفة، وخلْق كثير. رُوِيَ عَنِ الفلاس قَالَ: كانت غلّة عَبْد الوهاب الثَّقَفيّ في السُّنَّةِ نحو أربعين ألفًا، يُنفقها كلّها عَلَى أصحاب الحديث. وقال الحافظ: ذُكر عَبْد الوهاب الثَّقَفيّ عند النَّظّام فقال: هُوَ والله أحلى مِن أمنٍ بعد خوف، وبرءٍ بعد سَقَم، وخِصْب بعد جَدْب، وغِنى بعد فَقْر، ومن طاعة المحبوب، وفرج المكروب. وقال عليّ بْن المَدِينيّ، وابن مَعين: ثقة. وقال قُتَيْبة: ما رَأَيْت مثل هَؤلاءِ الفقهاء الأربعة. مالك، وَاللَّيْثُ، وعبّاد بن عبّاد، وعبد الوهاب الثَّقَفيّ. وقال ابن المَدِينيّ: لَيْسَ في الدُّنيا كتاب عَنْ يحيى بْن سَعِيد أصحّ مِن كتاب عَبْد الوهّاب الثَّقَفيّ. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة. وقال العُقَيْليّ: نا محمد بْن زكريّا، ثنا عُقْبة بْن مُكْرَم قَالَ: كَانَ عَبْد الوهّاب الثَّقَفيّ قد اختلط قبل موته بثلاث سِنين أو أربع. قَالَ: وثنا الحسين بْن عَبْد الله الذارع، نا أَبُو دَاوُدَ. قَالَ: جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَعَبْدُ الوهاب الثَّقَفيّ تغيرا، فحجب الناس عنهم. الْحُمَيْدِيُّ: نا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: أن   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 71"، السير "9/ 237-240". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 160 رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ1. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: قَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، مُرْسَلا: قُلْتُ: عَبْدُ الْوَهَّابِ ثِقَةٌ. وَالثِّقَةُ يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ. وَأَمَّا اخْتِلاطُهُ فَمَا ضَرَّ حديثه، لأنه حجب، فبقي بمنزلة من مات. وكان مولده في سنة عشر ومائة، ومات في سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 196- عُبَيْد الله بْن المهديّ بْن المنصور العباسيّ2. وأُمّه رائطة بِنْت السّفّاح. مات سنة أربعٍ أو خمسٍ وتسعين ومائة. وله عَقِب. وكان عظيم الجلالة في دولة أخيه الرشيد. 197- عُبَيْد الله بْن سُهيل بْن صخر الغُدّانيّ3. أبو صخر. عَنْ: عُقْبة بْن أَبِي جُبيرة، وغيره. وعنه: ابنه أحمد، وعليّ بْن المَدِينيّ، ومحمد بن يحيى القطعي. قاله ابن أبي حاتم. 198- عُبَيْد بْن سَعِيد بْن أبَان. أبو محمد الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ4، أخو يحيى، وعَنْبَسَة، ومحمد، وعبد الله. حدَّث عَنْ: الأعمش، وكامل أبي العلاء، وسفيان، وشعبة.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أحمد "3/ 305"، والترمذي "1359"، وابن ماجه "2369" وله، شواهد كثيرة. 2 انظر: تاريخ بغداد "10/ 311"، وتاريخ الطبري "8/ 236". 3 الجرح والتعديل "5/ 318"، والثقات لابن حبان "8/ 404". 4 انظر: الجرح والتعديل "5/ 407"، والتهذيب "7/ 66". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 161 وعنه: ابن راهويه، وابنا أبي شيبة، وأبو كريب، وعلي بن محمد الطنافسي. وثقه أبو حاتم. وقال ابن حبان: مات سنة مائتين. 199- عبيد بن القاسم الأسدي الكوفي1 -ن. عَنْ: هشام بن عروة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خَالِد. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وداود بْن رشيد، وأحمد بْن المقدام. قَالَ ابن حِبّان: حدَّث عَنْ هشام بنسخة موضوعة. وقال الْبُخَارِيّ: لَيْسَ بشيء، لا يُعرف. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، نَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، نَا عُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ، نَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ طعامٍ مِمَّا يَلِيهِ. فَإِذَا أُتِيَ بِالتَّمْرِ جَالَتْ يَدُهُ"2. قَالَ يحيى بْن مَعِين: سمعنا منه، وكان كذّابًا. 200- عُبَيْد بْن واقد القَيْسيّ3 -ت. بصْريّ، يقال اسمه عبّاد. حدَّث عَنْ: سَعِيد بْن عطيّة اللَّيْثي، وزَربيّ أَبِي يحيى، وجماعة مِن الغرباء الذين لا يكادون يُعرفون. وعنه: نصر بْن عليّ، وابن مُثَنَّى، وعَمْرو بْن شَبَّة، وعبد الله بْن عُمَر الأصبهاني أخو رُسْتَة. ضعّفه أبو حاتم. 201- عُتْبَة بْن حمّاد -ق.   1 الجرح والتعديل "5/ 412"، والتهذيب 7/ 72، 73". 2 "حديث موضوع": وأخرجه ابن عدي "5/ 1987" في الكامل للضعفاء. 3 الجرح والتعديل "6/ 5"، والتهذيب "7/ 77، 78". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 162 أبو خليد الحكمي الدمشقي القارئ1. إمام جامع دمشق. حدَّث عَنْ: الزُّبَيْديّ، والأوزاعيّ، وابن ثَوْبان، والوضين بْن عطاء، وسعيد بْن عَبْد العزيز، ومنيب بْن مُدْرك. وعنه: ابنه خُلَيْد، وسليمان بْن أحمد الواسطي، ومحمد بْن وهْب بْن عطيّة. وثّقه أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو بَكْر الخطيب. وقال أبو حاتم: شيخ. 202- عَثَّام بْن عليّ بْن هُجَيْر الكلابيّ العامري الكوفي2 -خ. 4. والد عليّ بْن عَثّام. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، والأعمش، وغيرهما. وعنه: ابنه، وأبو سَعِيد الأشجّ، وأحمد بْن بُدَيْل، وخليفة بْن خيّاط، وعليّ بْن حرب، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ غيره: مات سنة خمس وتسعين ومائة. وقيل سنة أربع. 203- عثمان بن فرقد البصري العطار3 -خ- ت. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وعنه: ابن المَدِينيّ، وزيد بْن أخْزَم، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد شيخ الْبُخَارِيّ. وكنيته أبو مُعَاذ. وُثَّق، وقد ليَّنَه بعضهم يسيرًا. 204- عِراك بْن خَالِد بْن يزيد بْن صالح بْن قبيح المري4.   1 الجرح والتعديل "6/ 370"، والتهذيب "7/ 95، 96". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 44"، والتهذيب "7/ 105، 106". 3 الجرح والتعديل "6/ 164"، والتهذيب "3/ 52". 4 الجرح والتعديل "7/ 38"، والتهذيب "7/ 171، 172". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 163 أبو الضّحّاك، الدّمشقيّ المقرئ. قرأ عَلَى يحيى الذَّماريّ. وحدَّث عَنْ: أبيه، وإبراهيم بْن أبي عَبْلَةَ، وعثمان بْن عطاء الخُراسانيّ، وغيرهم. وأقرأ النّاس مدّةً، فقرأ عَليْهِ: هشام بْن عمّار، والربيع بْن ثعلب. وحدَّث عَنْهُ: ابن ذَكْوان، ومحمد بْن وهْب، وموسى بْن عامر المُرَّيّ، وطائفة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. وقال أبو حاتم: مُضْطَرب بالحديث. قلت: روى لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ لَهُ. 205- عَرْعَرَة بن البرند بن النعمان بن علجة1 -ن. أبو محمد القرشي السامي الناجي البصري، والد محمد، وسليمان، وإسماعيل. روى عَنْ: خاله عبّاد بْن منصور، وهشام بْن عُروة، وابن عَوْن، ومحمد بْن عَمرو بْن عَلْقمة. وعنه: حفيده إبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، وإسحاق بْن راهَوَيْه، والفلاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، وحُمَيْد بْن الربيع. ضعّفه ابن المَدِينيّ، وقوّاه ابن حِبّان، وغيره. مات سنة اثنتين وتسعين ومائة. 206- عِصمةُ بنُ محمد بْن فَضَالَةَ بْن عُبَيْد الأنصاريّ المدنيّ2. عَنْ: موسى بْن عُقْبة، وسُهيل بْن أَبِي صالح، وهشام بْن عُرْوة، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وجماعة. وعنه: سَعِيد بْن سَلَمَةَ الأنصاريّ، ومحمد بن سعْد، وعبد الله بن إبراهيم الغفاري، والسري بن عاصم.   1 الجرح والتعديل "7/ 46"، والتهذيب "7/ 175، 176". 2 الجرح والتعديل "7/ 120"، والميزان "2/ 68". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 164 قَالَ ابْن مَعِين: كذّاب. وقال العُقَيْليّ: يحدّث بالبواطيل. قُلْتُ: لَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "كُلُوا التَّمْرَ عَلَى الرَّيقِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُ الدُّودَ"1. هَذَا مَوْضُوعٌ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 207- عطاء بْن جَبَلَة الفَزَاريّ2. شيخ بغدادي واهٍ، لَهُ عَنْ: عبّاد بْن منصور، والأعمش، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وابن جُرَيج. وعنه: محمد بْن الصّبّاح الجرجرائيّ، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وجماعة. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. 208- عليّ بْن أبي بكر الرازي الأسفذني3 -ت. ق. وأسْفَذْن بذال مُعْجَمَةٍ. لَهُ عَنْ: فُضَيْل بْن مرزوق، ومحمد بْن إِسْحَاق، ومهديّ بْن ميمون، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: مخلد بن مالك الحمال، ومحمد بن حميد، ومحمد بن عبيد الهمداني، وغيرهم. وكان رجلا صالحا ورعًا. وثقه أبو حاتم.   1 "حديث موضوع": وأخرجه ابن عدي "5/ 2009"، في الكامل، والعقيلي "3/ 340"، في الضعفاء الكبير، وابن الجوزي "3/ 25"، في الموضوعات، وانظر: الفوائد المجموعة "180"، وتنزيه الشريعة "2/ 240". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 331"، والميزان "3/ 69". 3 الجرح والتعديل "6/ 176"، والتهذيب "7/ 287". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 165 وقال مخلد الحمال: ما رأيت أحدا أورع منه. وقال القاسم بن زكريا: كان عند محمد بن حميد الرازي، عَنْ عليّ بْن أَبِي بَكْر عشرة آلاف حديث. وقيل كَانَ مِن الأبدال. 209- عليّ بْن حَرْمَلَة التَّيْميّ1. تيم الرّباب. وُلّي قضاء القُضاة بعد محمد بْن الحَسَن. وكان مِن جِلّة أصحاب أَبِي حنيفة، وأبي يوسف. ذكره الخطيب. 210- عليّ بْن زياد. الفقيه أبو الحَسَن السَّهْميّ مولاهم الإسكندرانيّ2، يُعرف بالمحتسب. روى عَنْ: مالك وغيره. وعنه: سَعِيد بْن أبي مريم، ويونس بْن عَبْد الأعلى. وكان زاهدًا عابدًا. قَالَ ابن عَبْد الحَكَم: قام عليُّ بْن زياد إلى الرشيد وهو يخطب الناس بمكة، فقال: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 3] ، فأمر بِهِ، فضُرب مائة سَوْط. فكان في البيت يتأوّه ويقول: الموت الموت. ثمّ أرسل إِليْهِ الرشيد يطلب أن يُحالِلَه، فأَحَلّه. وعن ابن وهْب قَالَ: ما تشبّه عليّ بْن زياد إلا بنوحٍ عَليْهِ السلام في قومه، لا يَمَلّ ولا يَفْتَر مِن الموعظة والأمر بالمعروف والنهي عَنِ المُنْكَر. مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة، رحمه الله تعالى. 211- عليّ بْن ظبيان أبو الحسن العبسي الكوفي3 -ق.   1 تاريخ بغداد "11/ 415". 2 من كبار علماء الديار المصرية كما في "حسن المحاضرة". 3 الجرح والتعديل "6/ 191"، والتهذيب "7/ 341-343". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 166 قاضي القُضاة للرشيد. يقال وُلّي بعد موت محمد بْن الحَسَن، وقبل ذَلِكَ كَانَ عَلَى قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد. روى عَنْ: إسماعيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وأبي حنيفة، وعدّة. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وداود بْن رشيد، وعثمان بْن أَبِي شَيْبَة، وعليّ بْن مُسْلِم الطّوسيّ، ومحمد بْن قُدامة المَصَّيصيّ، ومحمد بْن قُدامة الجوهريّ، وجماعة. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بثقة. وقال الخطيب: كَانَ جليلا دينًا متواضعًا فقيهًا مِن أصحاب الإمام أبي حنيفة، محمود الأحكام. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين، ومائة بقَرْمِيسين. قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وَمِمَّا انْفَرَدَ بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا قَالَ: "الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ"1. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْهُ: وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ظِبْيَانَ، فَلَمْ يَرْفَعْهُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ ظِبْيَانَ: كُنْتُ أَرْفَعُهُ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ، فَوَقَفْتُهُ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ جِدًّا. وَرَوَى أَحْمَدُ بن محمد بن محرز، عن ابن معين قَالَ: كَذَّابٌ خَبِيثٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الضَّعْفُ عَلَى رِوَايَاتِهِ بَيِّنٌ. وَأَمَّا الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ. 212- عليّ بْن عيسى بن ماهان2.   1 "حديث ضعيف جدًا": وأخرجه ابن ماجه "2514"، والخطيب "11/ 445"، في تاريخه. 2 وفيات الأعيان "2/ 517، 518، 522". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 167 الأمير، مِن كبار قُوّاد الدّولة، وهو الَّذِي أشار عَلَى الأمين بخلع أخيه المأمون مِن ولاية العهد، فأمّره الأمين عَلَى أصبهان والجبال، فسار في جيش لَجْبٍ، وقدّم جيش المأمون عليهم طاهرَ بْن الحسين، فالتقى الجمعان، فكان عليّ بْن عيسى أول قتيل. وذلك في سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وكان قد شاخ. وكان مقتله بظاهر الرَّيّ. 213- عليّ بْن القاسم الكِنْديّ الكوفيّ1. عَنْ: عاصم الأحول، وعاصم بْن رجاء بْن حَيْوَة، ومعروف بْن خَرَّبُوذ. وعنه: سَعِيد بْن محمد الْجَرْميّ، وأبو سَعِيد الأشجّ، وعبيد بْن إسحاق العطّار. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. 214- عليّ بْن المبارك الأحمر2. شيخ العربيّة وتلميذ الكِسائيّ. كَانَ مؤدّب الأمين بتعيين الكِسائيّ لَهُ. جرت بينه وبين سِيَبَويْه مناظرة. قَالَ ثعلب: كَانَ الأحمر يحفظ سوى ما يحفظ أربعين ألفَ بيتٍ مِن الشعر. شاهدًا في النّحو. وقال الأحمر: قعدتُ ساعة، فوصل إليّ فيها ثلاثمائة ألف درهم. وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ في أَوَّل أمره من رجالة النوبة بباب الخلافة، وكان يتوقَّد ذكاء. فرأى الكِسائيّ يغدو ويروح، فأحبّ العربيّة، ولزِم الكِسائيّ إلى أن برع، وصيّره الكِسائيّ يعلم أولاد الرشيد عوضا عَنْ نفسه. وللحمر عدّة تلامذة. أخذ عَنْهُ: إسحاق النّديم، وَسَلَمَةُ بْن عاصم. وقيل: إنّ محمد بْن الْجَهْم أدركه، فقال: كنّا إذا أتينا الأحمر تلقّانا الْخَدَمُ، فندخل قصرًا مِن قصور الملوك، ثمّ يخرج لنا، عَليْهِ ثياب الملوك، ينفح مِنه المسك   1 الجرح والتعديل "6/ 201"، والميزان "3/ 151". 2 تاريخ بغداد "12/ 104"، السير "9/ 92، 93". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 168 وهو يبتسم. ونصير إلى الفَرّاء، فيخرج إلينا مُعَّبسًا، فيجلس عَلَى بابه، ونجلس عَلَى الأرض بين يديه، فيكون أحلى عندنا مِن الأحمر. وقال سَلَمَةُ بْن عاصم: كَانَ الفرّاء بينه وبين الأحمر متباعدًا. فمات الأحمر بطريق مكّة، فاسترجع الفرّاء وتوجّع لَهُ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين ومائة. ويقال: اسمه عليّ بْن الحَسَن، فالله أعلم. 215- عُمارةُ بْن بِشْر الدّمشقيّ1 -ن. عن: الأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جَابِر. وعنه: عليّ بْن سهل الرمليّ، ونُصَير بْن الفرج. ويوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم. حدَّث عام مائتين. 216- عُمر بْن حفص العبْديّ البصْريّ2. عَنْ: ثابت البُنانيّ، ومالك بْن دينار، ومطر الورّاق. وعنه: العلاء بْن سالم، وأحمد بْن بشّار. ضعّفه مُسْلِم، وغيره. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وقيل سنة تسعٍ وتسعين. 217- عُمَر بْن حفص بْن عُمَر بْن ثابت الأنصاريّ3. أبو سعْد. عَنْ: أَبِيهِ، وأبي حُمَيْد السّاعديّ. وعنه: يعقوب بْن كعب الحلبيّ، وداود بْن رشيد، وهشام بْن عمّار. كنّاه الحاكم.   1 انظر: الميزان "3/ 173"، والتهذيب "7/ 411، 412". 2 الجرح والتعديل "6/ 103"، والميزان "3/ 189، 190". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 102"، والثقات لابن حبان "8/ 439". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 169 218- عُمَر بْن حفص المعيطيّ1. عَنْ: أَبِي حَيّان التَّيْميّ، وهشام بْن عُرْوة، وعبد المُلْك بْن أَبِي سليمان. وعنه: أحمد بْن حنبل، وَغَيْرِهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 219- عُمَر بْن زُرْعة الخارَفيّ2. عن: محمد بْن سالم، وعيسى بْن عُمَر. وعنه: قُتَيْبة، وأبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وابن نُمَير، وأبو سَعِيد الأشجّ. 220- عُمَر بْن صالح بْن أبي الزّاهرية الأزْديّ البصْريّ الأوقص3. نزيل دمشق. عَنْ: أَبِي جَمْرَة الضُّبَعيّ، وأيّوب السّخْتيانيّ، ومالك بْن دينار. وعنه: داود بْن رشيد، وسليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، ومحمد بْن مُصَفَّى، وموسى بْن عامر. قَالَ أبو حاتم: ضعيف. وقال النَّسَائيّ: متروك. 221- عمر بن عبد الواحد بن قيس -د. ن. ق. أبو حفص السلمي الدمشقي4. عَنْ: يحيى بْن الحارث الذَّماريَّ وتلا عَليْهِ كتاب الله. وروى عَنْ: الأوزاعي، وعمر بْن محمد العُمريّ، وعبد الرحمن بن ثوبان، والنعمان بن المنذر، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "6/ 103". 2 الجرح والتعديل "6/ 110". 3 الجرح والتعديل "6/ 116"، والميزان "3/ 205". 4 الجرح والتعديل "6/ 126"، والتهذيب "7/ 479". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 170 قرأ عليه هشام بن عمار، وروى عنه: هو، ودحيم، وإسحاق بن راهويه، ومحمود بن خالد، وموسى بن عامر، وأبو عتبة الحجازي، وعدة. وثقه أحمد العجلي، وغيره. ولد سنة ثمان عشرة ومائة، وتوفي سنة مائتين. ولم يلحق الأخذ عَنْ والده، مات قديمًا. 222- عُمَر بن هارون البلخي1 -ت. ق. أبو حفص الثقفي مولاهم. عَنْ: جعفر بْن محمد، وابن جُرَيج، وأسامة بْن زيد، وأيمن بْن نَابِلٍ، وطائفة. وعنه: قُتَيْبة، وعثمان بْن أَبِي شَيبة، وأبو سَعِيد الأشجّ، وشُرَيْح بْن يونس، ومحمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن موسى، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وجماعة سواهم. وكان قد جاور بمكة، وتزوّج ابن جُرَيج بأخْته فيما قِيلَ. ضعّفه ابن مَعِين، والنّاس. وقال النَّسَائيّ، وجماعة: متروك؛ وبعضهم كذَّبَه. قَالَ محمد بْن عَمْرو زُنَيْج: قَالَ عُمَر بْن هارون: ألقيتُ مِن حديثي سبعين ألفًا لأبي جُزْءٍ عشرين ألفًا، ولعثمان البُرَّيّ كذا وكذا. فسئل زُنَيْج عَنْهُ فقال: قَالَ بَهْز: لدى يحيى بْن سَعِيد القطّان خسارة. قَالَ: أكثر عَنِ ابن جُرَيج، مِن يلازم رجلا اثنتي عشرة سنة لا يريد أن يُكثر عَنْهُ؟. قَالَ زُنَيْج: وبلغني أنّ أُمّه كانت تُعينه عَلَى الكتاب. قلت: قد طوّل شيخنا أبو الحجاج ترجمته، وهو مَعَ ضَعفه حافظ وإمام مُقرئ مُكْثِر. قَالَ فيه قُتَيْبة: كَانَ شديدًا عَلَى المُرْجِئَة؛ مِن أعلم الناس بالقراءات. وقال غيره: مات ببلْخ في أوّل يومٍ مِن رمضان سنة أربع وتسعين ومائة.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 140، 141"، والسير "9/ 267-276". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 171 وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: قَالَ هَنَّادٌ السَّرِيُّ: نَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا"1. فَهَذَا لا يُعْرَفُ إِلا بِهِ. وَيُخَالِفُهُ مَا ثَبَتَ من قوله -صلى الله عليه وسلم: "أَعْفُوا اللِّحَى" 2. قَالَ ابن سعْد: كتب عَنْهُ الناس كثيرًا وتركوا حديثه. وقال أحمد بْن سيار: كَانَ أبو رجاء، يعني قُتَيْبة، يُطْريه ويُوثَّقه ويقول: كَانَ شديدًا عَلَى المُرْجِئَة، وكان مِن أعلم الناس بالقراءات. كَانَ القرّاء يقرأون عَليْهِ ويختلفون إِليْهِ في الحروف، فسألت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ عَنْهُ وقلت: قد أكثر عَنْهُ، وبلغنا أنّك تذكره. فقال: أعوذ بالله ما قلت فيه إلا خيرًا. ما هو عندنا بمتهم. وقال ابن الجنيد: سمعت ابن مَعِين يَقُولُ: كذّاب، قدِم مكّة وقد مات جعفر بْن محمد، فحدّث عَنْهُ. 223- عِمران بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران. أبو الحَسَن الهلاليّ الكوفيّ3، أخو سُفْيان الإمام. روى عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءِ بْنِ السّائب، وأبي إسحاق السَّبِيعيّ، وعبد المُلْك بْن عُمَير. وعنه: زيد بْن الحراش، وعبده بْن عَبْد الرحيم المَرْوَزِيّ، وأبو سَعِيد الأشجّ، وعَمرو بْن عليّ الباهليّ، وآخرون. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ، يأتي بالمناكير. وقال العُقَيْليّ: لَهُ وهْم وخطأ. وضعفه أبو زرعة، وقواه غيره.   1 "حديث ضعيف جدًا": أخرجه الترمذي "2762"، وأبو الشيخ "282"، في أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم. 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "52"، وأبو داود "4199"، والترمذي "2763". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 302"، والتهذيب "8/ 136، 137". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 172 224- عَمْرو بْن بَكْر السَّكْسَكيّ الشاميّ1. عَنْ: إبراهيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، وابن جُرَيج، وثور بْن يزيد. وعنه: إبراهيم بْن محمد الفِرْيابيّ، وأبو الدرداء هاشم بْن محمد المَقْدِسيّان. اتهمه ابن حِبّان بالوضع. 225- عَمْرو بْن حُمران2. شيخ بصْريّ نزل الرَّيّ. لَهُ عَنْ: عوف، وهشام بْن حسّان، وابن عَوْن. وعنه: يوسف بن موسى القطان، ومحمد بن عيسى الدامغاني، وآخرون. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 226- عمرو بن خليفة البكراوي3. أخو هوذة، يكنى أبا عثمان. شيخ بصري صدوق. روى عَنْ: محمد بْن عَمْرو، وأشعث الحُمْرانيّ. وعنه: محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وغيرهما. 227- عمرو بن مجمع الكوفي4. عن: إسماعيل بن أبي خالد، ويونس بن خباب، وغيرهما. وعنه: أحمد بن أبي شريح، وأبو كريب، ومحمد بن هشام المروزي، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الدارقطني: ضعيف. 228- عمرو بن محمد العنقزي5 -م. 4.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 222"، والميزان "3/ 247". 2 الجرح والتعديل "6/ 227". 3 الثقات لابن حبان "7/ 229". 4 الجرح والتعديل "6/ 265"، والميزان "3/ 286". 5 الجرح والتعديل "6/ 262"، والتهذيب "8/ 98، 99". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 173 أبو سعيد الكوفي. محدّث مشهور، والعَنْقَز: هُوَ المرْزَنْجوشَ. حدَّث عَنْ: ابن جُرَيج، وأبي حنيفة، وحنظلة بْن أبي سُفْيان، وعيسى بْن طهمان، والثَّوْريّ، وإسرائيل. وعنه: قُتَيْبة، وابن راهَوَيْه، وأبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وجماعة. وثّقه أحمد بْن حنبل، وغيره. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 229- عمرو بن هاشم الجنبي1 -د. ن. أبو مالك الكوفي. عن: هشام بن عُرْوة، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، وابن إِسْحَاق، وطبقتهم. وعنه: يحيى بْن مَعِين، وإسحاق بْن موسى الحَكَميّ، والحسن بْن حمّاد، والحضْرميّ، وعبد الله بْن الوضّاح، ومحمد بْن أَبِي السَّريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ. قَالَ ابن عَدِيّ: هُوَ صَدُوق إنّ شاء الله. وقال ابن حِبّان: كَانَ ممّن يقلب الأخبار. لا يجوز الاحتجاج بِهِ. وقال أحمد: صدوق. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا هِبةَ اللَّهِ الْحَاسِبَ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، نَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، إِمْلاءً قَالَ: قُرِئَ عَلَى يَحْيَى بْنِ صَاعِدٍ وَأَنَا أَسْمَعُ: حَدَّثَكُمُ الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةٌ، وعبد الله بن الوضاح اللؤلؤي قالا: ثنا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تَأْتِي قَوْمًا فَتَسْتَعِيرُ مِنْهُمُ الْحُلِيَّ، ثُمَّ تُمْسِكُهُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلى النبي   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 267"، والتهذيب "8/ 111، 112". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 174 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لِتَتُبْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَتَرُدُّ عَلَى النَّاسِ مَتَاعَهُمْ، قُمْ يَا فُلانُ فَاقْطَعْ يَدَهَا"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنَ الْعَوَالِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عن عثمان بن عبد الله بن خرزاذ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ، فَوَقَعَ بَدَلا عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ. - عَمْرو بْن الهيثم2 -م. 4. أبو قَطَن. يأتي بالكنية. 230- عُمير بْن عَبْد المجيد. أبو المغيرة الحنفيّ3- هُوَ أخو أَبِي بَكْر الحنفيّ. روى عَنْ: عَبْد الحميد بْن جعفر. وعنه: أبو خَيْثَمَة، وبُنْدار، ومحمد بْن مَعْمَر، وَآخَرُونَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 231- عَنْبَسة بنُ خَالِد بْن يزيد الأَيْليّ4 -د. خ مقرونًا. عَنْ: عمّه يونس، وابن جُرَيج، ورجاء بْن جميل. يُكنيّ أبا عثمان. روى عَنْهُ: ابن وهْب مَعَ تقدَّمه، ومحمد بْن مهديّ الأصمعيّ، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ. قَالَ أبو داود: عَنْبَسة أحبُّ إلينا مِن اللَّيْثُ، كأنّه يعني في يونس بْن يزيد خاصّة. قلت: غمزه يحيى بْن بُكَيْر، وقال: ما كَانَ أهلا للأخذ عَنْهُ. وقال أبو حاتم: كَانَ على الخراج، فكان يعلق النساء بالثدي.   1 "حديث حسن": أخرجه النسائي "8/ 71"، والخطيب "4/ 326" في تاريخ بغداد. 2 ستأني ترجمته. 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 377"، والثقات لابن حبان "8/ 509". 4 الجرح والتعديل "6/ 402"، والتهذيب "8/ 154". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 175 مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 232- عَوْن بْن عَبْد الله بْن عَوْن بْن عُتْبَة بْن مسعود الهُذْليّ الكوفيّ1. وُلّي القضاء ببغداد في أيّام المهديّ، ويقال في أيّام الرشيد. أخذ عن: الأعمش، وغيره. ولا يُحفظ عَنْهُ شيء مُسْنَد. قَالَ الخطيب: مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. 233- عَوْن بن كَهْمَس بْن الحَسَن البصْريّ التَّيْميّ2. عَنْ: أَبِيهِ، وسليمان التَّيْميّ، وهشام بْن حسّان. وعنه: خَلَف بْن خليفة، ومحمد بْن بشّار، وأحمد، وعبد الله بْن ميمون، وآخرون. قَالَ أبو داود: لم يبلغني إلا خير. 234- العلاء بن الحصين الكوفي الوضين3. الفقيه، قاضي الري. روى عَنْ: عائذ بْن شُرَيْح، والثَّوْريّ، وَاللَّيْثُ، وخالد بْن إياس، وطائفة. وعنه: عَبْد الله بْن الْجَهْم، ويوسف بْن واقد، ومحمد بْن الحَسَن بْن المختار، ومحمد بْن حُمَيْد الحافظ. وكان يقضي بحصن الأردان. قَالَ أبو حاتم: كوفيّ، صالح الحديث. 235- عيسى بْن شُعيب4. أبو الفضل البصري النحوي الضرير.   1 الجرح والتعديل "6/ 384"، والتهذيب "8/ 171". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 388"، والتهذيب "8/ 173، 174". 3 الجرح والتعديل "6/ 354"، والثقات لابن حبان "8/ 503". 4 الجرح والتعديل "6/ 278"، والتهذيب "8/ 213". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 176 عَنْ: مطر الورّاق، وسعيد بْن أبي عَرُوبة، وأبو مُرَّة واصل، ورَوْح بْن القاسم. وعنه: عَمْرو الفلاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن موسى الحَرَشيّ، وعبّاس بْن يزيد البحْرانيّ، وآخرون. صدَّقه الفلاس، وتركه غيره. قَالَ ابن حِبّان: فَحُشَ خطؤه فاستحقّ التَّرْك. قلت: وممّا نقموا عَلَى عيسى بْن شُعيب حديث: "قُدّس الْعَدَسُ عَلَى لسان سبعين نبيًا" وهذا باطل1. سمعه منه عُبَيْد بْن سَعِيد. ولم أجد لَهُ ذِكرًا في كثير مِن كُتُب المجروحين. وما ذكره العُقَيْليّ بل ذكر آخر، قَالَ: 236- عيسى بْن شعيب بْن ثَوْبان المدنيّ2. عَنْ: فُلَيْح، لا يُتَابع عَلَى حديثه. رواه عَنْهُ إبراهيم بْن المنذر الخزاميّ، ثمّ ساق لَهُ العُقَيْليّ خبرًا منكرًا. "حرف الغين": 237- الغازي بْن قيس3. أبو محمد الأندلسيّ، أحد الأئمّة المشاهير. ارتحل إلى المشرق، وروى عَنْ: ابن جُرَيج، والأوزاعي، ومالك وأخذ عَنْهُ الموطّأ وحفِظه. وكان كبير الشأن، مُجاب الدَّعوة. وكان يَقُولُ: ما كذبت منذ احتلمت. روى عَنْهُ: عَبْد المُلْك بْن حبيب صاحب "الواضحة". وقال القاضي عِياض: كَانَ مِن أفقه أهل إفريقيّة. قرأ القرآن عَلَى نافع. حدَّث عَنْهُ: عثمان بْن أيّوب، وأَصْبغ بن خليل، وغيرهما.   1 "حديث باطل": أخرجه ابن حبان "2/ 120"، في المجروحين، وابن الجوزي "2/ 295" في الموضوعات، وانظر: الفوائد المجموعة "161". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 278"، التهذيب "8/ 214، 215". 3 ترتيب المدارك "1/ 347"، وبغية الوعاة "2/ 240". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 177 وعن أصْبَغ قَالَ: سَمِعْتُ الغازي يَقُولُ: والله ما كذبتُ كِذبةً قطّ منذ اغتسلت، ولولا أنّ عُمَر بْن عَبْد العزيز رحِمه الله قاله ما قلته. قَالَ أبو عُمَرو الدالي: الغازي بْن قيس الأمويّ القُرْطُبيّ، قرأ عَلَى نافع وضبط عَنْهُ اختياره، وسمع مِن ابن أبي ذئب، وهو أول مِن أدخل قراءة نافع وموطّأ مالك الأندلس. وعنه قَالَ: عرضت مُصْحَفي هذا، مُصْحَف نافع بْن أبي نُعَيْم ثلاث عشرة مرّة. روى عَنِ الغازي القراءة: ابنُه عَبْد الله. وكان صالحًا عابدًا كثير التهجُّد بالليل، رحمه الله. مات الغازي سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 238- غالب بْن فائد الأسديّ الكوفيّ المقرئ1. عرض عَلَى حمزة. وسمع مِن: سُفْيان، وإسرائيل. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وسهل بْن عثمان، وغيرهما. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بِهِ بأس. 239- غسّان بْن عُبَيْد المَوْصِليّ الأزْديّ2. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، وعِكْرِمة بْن عمّار، وغيرهما. وعنه: عَبْد الجبّار بْن عاصم، وسعدان بْن نصر، وغيرهما. ضعّفه أحمد. واختلف قول ابن مَعِين فيه. وقال الدارَقُطْنيّ: صالح. وقال ابن عمّار: كَانَ يعالج الكيمياء. قلت: هذا يدل على قلة ورعه.   1 الجرح والتعديل "7/ 49". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 51"، والميزان "3/ 334". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 178 240- غسّان بْن مُضَر الأزْديّ البصْريّ1 -ن. سَمِعَ مِن: سعيد بْن يزيد حديثًا واحدًا. رواه عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وخليفة بْن خيّاط، وأبو حفص الفلاس، ومحمد بْن يحيى القطعيّ. وثّقوه. "حرف الفاء": 241- الفُراتُ بْن خالد الرّازيّ2 -ع. والد الحافظ أحمد. روى عَنْ: أسامة بْن زيد اللَّيْثي، ومِسْعَر بْن كُدام، ومالك بْن مِعْوَلٍ، ويونس بْن أبي إسحاق. وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، ومحمد بْن حُمَيْد. وثّقه أبو حاتم. وما أحسب ابنه أدرك الأخذ عَنْهُ. 242- فرج بْن سَعِيد بْن عَلْقَمة3 -د. ن. أبو روح المأربي السبأي اليماني. عَنْ: عمّ أَبِيهِ ثابت بْن سَعِيد بْن أبيض بن جمال، وخالد بْن سَعِيد الأُمويّ. وعنه: الحُمَيْديّ، ومحمد بْن يحيى العدنيّ، وسهل بْن عاصم. قَالَ أبو زُرْعة: لا بأس بِهِ. 243- الفضل بْن حبيب المدائني السَّرَّاج4. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "7/ 51"، والميزان "3/ 335". 2 الجرح والتعديل "7/ 80"، والتهذيب "8/ 258". 3 الجرح والتعديل "7/ 86"، والتهذيب "8/ 260". 4 انظر: الجرح والتعديل "7/ 60". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 179 وعنه: ابن مَعِين، ويزيد بْن عُمَر المدائنيّ. قال ابن مَعِين: لم يكن به بأس. 244- الفضل بْن عَبْد الصّمد الرّقاشيّ البصْريّ1. مِن فُحُولِ الشُّعَراء، مدح الخلفاء الكِبار، وكان بينه وبين أبي نواس مهاجات ومباسطات. 245- الفضل بن العلاء -ن. خ. مقرونًا. أبو العباس الكوفي2، نزيل البصرة. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّة، وأشعث بْن سَوّار، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وخليفة بْن خيّاط، والفلاس، ومحمد بْن عَبْد الله الرُّزّيّ، وجماعة. أخرج لَهُ الْبُخَارِيّ مقرونًا بآخر. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. 246- الفضلُ بْن عنبسة الواسطي الخزاز3 -خ. س. أبو الحسن. عن: شُعْبَة، ويزيد بْن إبراهيم، وهُشَيْم. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحمد بْن سِنان القطّان، ومحمد بْن عَبْد الله المخرميّ، وجماعة. قرنه الْبُخَارِيّ بآخر. وقال فيه أحمد بْن حنبل: ثقة مِن كبار أصحاب الحديث. قلت: مات سنة سبعٍ وتسعين ومائة. وقيل سنة ثلاثٍ ومائتين.   1 الشعر والشعراء "2/ 695"، تاريخ بغداد "12/ 345". 2 الجرح والتعديل "7/ 65"، والتهذيب "8/ 282، 283". 3 الجرح والتعديل "7/ 65"، والتهذيب "8/ 281". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 180 247- الفضل بْن مساور البصْريّ1 -خ. خَتَن أَبِي عَوَانة. روى عَنْ: أَبِي عوانة، وعوف الأعرابيّ، وحجاج بن أرطأة. وعنه: محمد بن المثنى، وبندار، وجماعة. صدوق. 248- الفضل بن موسى -ع. أبو عبد الله السيناني المروزي2، أحد الأئمة الأعلام. وسينان: من قرى مرو. رحل وسمع من: هشام بن عروة، وخثيم بْن عِراك، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، ومحمد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمة، وحسين المعلّم، ومَعْمَر بْن راشد، وآخرين. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وعليّ بْن حُجْر، ويحيى بْن أكثم، والحسين بْن حُرَيْث، وعليّ بْن خَشْرم، ومحمود بْن غَيْلان، ومحمود بْن آدم، وطائفة سواهم. قَالَ أبو نُعَيْم: هُوَ أثبت مِن ابن المبارك. وقال وكيع: أعرفه ثقة، صاحب سُنّة. وقال الأبّار: ثنا عليّ بْن خشرم، نا الفضل بْن موسى قَالَ: كَانَ علينا عامل بمَرْو، وكان نَسَّاء، فقال: اشتروا لي غلامًا وسمّوه بحضرتي حتى لا أنسى اسمه. وقال: ما سمَّيتموه؟ قَالُوا: واقد. قَالَ: فَهَلا اسْمًا لا أنساه أبدًا، قم يا فرقد. قَالَ الحسين بْن حُرَيْث: سَمِعْتُ السَّينَانيّ يَقُولُ: طلبُ الحديث حِرْفةُ المَفَاليس. ما رَأَيْتُ أذلَّ مِن أصحاب الحديث. قَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيْه: كتبتُ العِلْم، فلم أكتب لأحدٍ أوثق في نفسي مِن هذين: الفضل بْن موسى، ويحيى بْن يحيى.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 68"، والتهذيب "8/ 285". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 68، 69"، والسير "9/ 103-105". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 181 قَالَ غيره: مولد الفضل سنة خمس عشرة ومائة. وقال محمد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِيّ: مات ليلة دخل هَرْثَمَة بْن أَعْيَن واليًا عَلَى خُراسان، لإحدى عشرة ليلة مِن ربيع الأوّل سنة اثنتين وتسعين ومائة. 249- الفضل البَرْمَكيّ1. هُوَ الفضل بْن يحيى بْن خَالِد بْن برمك البغداديّ الوزير. أحد رجال الدّهر سُؤْدُدًا وحزْمًا وعزمًا وخبرةً ورأيًا. وُلّي الأعمال الجليلة مِن الوزارة والإمارة بخُراسان وغيرها لهارون الرشيد. فلمّا قتل أخاه جعفر بْن يحيى سجن هذا وأباه حتّى تُوُفِّيَا في الحبْس. قِيلَ: إنّ الفضل بْن يحيى كَانَ أندى كفّا، وأسمح مِن جعفر، لكنّه كَانَ ذا كبرٍ مُفْرِط، وتيهٍ زائد. رُوِيَ أنّه مر بعَمْرو بْن جميل التَّيْميّ وهو يُطعم الناسَ، فلمّا نزل قَالَ: ينبغي أن نعين عَمْرًا عَلَى مروءته، فبعث إِليْهِ بألف درهم. فعطايا هذا الرجل كانت مِن هذا النَّحو. وكان أخًا للرشيد مِن الرَّضاعة. مولده سنة سبعٍ وأربعين ومائة، وأُمُّه بربريةّ اسمُها زُبَيدة، مِن مولّدات المدينة النبويّة. مات في آخر سنة اثنتين وتسعين ومائة. 250- فَيَّاض بْن محمد الرَّقَّيّ2. عَنْ: جعفر بْن بُرقان، وأبي جنَاب الكلبيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق. وعنه: أحْمَد بْن حنبل، وأبو يوسف محمد بْن أحمد بْن الحجاج الرقي، وغيرهما.   1 انظر: وفيات الأعيان "4/ 27-36"، تاريخ بغداد "12/ 334-339". 2 الجرح والتعديل "7/ 87"، والثقات لابن حبان "9/ 11". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 182 فأمّا. - فيّاض بْن محمد البصْريّ الرّاوي1. عَنْ يحيى بْن أبي كثير، ففيه جَهَالة. "حرف القاف": 251- القاسم بن مالك المزني2 -خ. م. ت. ن. ق. أبو جعفر الكوفي. عَنْ: حُصَين بْن عَبْد الرَّحْمَن، وعاصم بْن كُلَيب، والمختار بْن فلفل، وأيّوب بْن عائذ. وعنه: أحمد، وأبو خَيْثَمَة، وعَمْرو النّاقد، وسعيد الْجَرْميّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، والحسن بْن عَرَفَة، وجماعة. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَج بِهِ. وضعّفه السّاجيّ. 252- القاسم بْن يحيى بن عطاء بن مقدم3 -خ. أبو محمد الهلالي المقدمي الواسطي. روى عَنْ: أيّوب بْن خُوط، وعن: داود بْن أَبِي هند، وسُليمان الأعمش، وعُبَيْد الله بْن عُمر. وعنه: ابن أخيه مقدَّم بْن محمد، ومحمد بْن موسى الدُّولابيّ. حدَّث في سنة سبعٍ وتسعين.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 87"، والميزان "3/ 366". 2 الجرح والتعديل "7/ 121"، والسير "9/ 324". 3 التهذيب "8/ 340، 341". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 183 253- القاسم بْن يزيد الجرمي الموصلي1 -ن. العابد الزّاهد، أحد العلماء. روى عَنْ: أفلح بْن حُمَيْد، وابن أبي ذئب، وثور بْن يزيد، وإبراهيم بْن نافع، وجرير بْن عثمان، وَشِبْلِ بْن عَبَّاد، وسُفيان الثَّوْريّ. وعنه: صالح وعبد الله ابنا عَبْد الصّمد بْن أَبِي خِداش، وأحمد وعليّ ابنا حرب الطّائيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عمّار المَوَاصِلَة. وثّقه أبو حاتم. وقال يزيد بْن محمد الأزديّ في تاريخه: كنيته أبو يزيد. قال: وكان زاهدًا ورعًا مِن أصحاب سُفْيان. رحل وكتبَ عمّن لحِق مِن الحجازييّن والكوفييّن والبصْريّين والشاميّين والمَوَاصلَة. وكان حافظًا للحديث متفقّهًا. قَالَ بِشْر بْن الحارث: كَانَ يقال إنّ قاسمًا الْجَرْميّ مِن الأبدال، كانَ لا يشبههم في الزّيّ، يعني أنّ لباسه وحاله دون حال الُمَعافَى بْن عِمْران، وزيد بْن أبي الزَّرقاء. قَالَ عليّ بْن حرب: دخلت منزل قاسم بْن يزيد، فرأيتُ خَرْنُوبًا في زاوية البيت كَانَ يتقوَّت منه، وسيفًا وَمُصْحَفًا. قَالَ: ورأى قاسمُ الْجَرْميّ في النَّوم كأنّ المَوْصِل عَلَى كتفه، قد أخذها مِن عَلَى كِتف فتح المَوْصِليّ، ففسّرها قاسم عَلَى رجلٍ فقال: المَوْصِل تقوم بفتح فيموت، وتقوم بك بعد. قَالَ بِشْر الحافي: كان قاسم يحفظ المسائل والحديث. قَالَ لنا المعافى: اسمعوا منه فإنّه الأمين المأمون. وقال يزيد الأزْديّ: نا عَبْد الله بْن المغيرة مولى بني هاشم، عن بِشْر الحافي، أنّه ذُكر عنده أصحاب سُفْيان، فأجمعوا عَلَى تفضيل المعافى. فقال بِشْر: رُزق المعافى شهرةً، وما رأت عيناي مثل قاسم الْجَرْميّ، رحمه الله.   1 الجرح والتعديل "7/ 123"، السير "9/ 281-283". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 184 وقال هشام بْن بَهْرام: سمعتُ قاسمًا الْجَرْميّ يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. وقال: عليّ الخوّاصّ: تُوُفّي قاسم الْجَرْميّ سنة أربعٍ وتسعين ومائة. ولم أشهد جنازته. قلت: وقع لنا مِن عَوَاليه. 254- قبيصة بْن اللَّيْثُ الأَسَديّ1 -ت. أبو عيسى الكوفي. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زياد، ومطَرَّف بْن طريف، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وغيرهم. وعنه: عثمان بْن أبي شَيبة، وسعيد بْن محمد الْجَرْميّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن عُبَيْد المُحَاربيّ. قَالَ أبو حاتم: شيخ محلُّه الصَّدق. قلت: لَهُ في الجامع فرْدُ حديث. 255- قَتَادة بْن الفُضَيْل الرُّهاويّ2. أبو حُمَيْد. عَنْ: الأعمش، وثور بْن يزيد، وإبراهيم بْن أَبِي عبلة. وعنه: عليّ بْن بحر القطّان، وأحمد بْن سليمان الرُّهَاوِيُّ. قَالَ أبو حاتم: شيخ. قِيلَ: مات سنة مائتين. وذكره ابن حبان في الثقات.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 126"، والتهذيب "8/ 349، 350". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 135"، والتهذيب "8/ 356". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 185 "حرف الكاف": 256- كُرَيْد بْن رَوَاحة القَيْسيّ1. شيخ بصْريّ. عن: شُعْبَة، وأبي هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ. وعنه: حسّان بْن إبراهيم، والهيثم بْن المهلّب البلديّ والد إبراهيم، وعبد الغفّار بْن عَبْد الله شيخ أَبِي يَعْلَى. قَالَ ابن عَدِيّ: في أحاديثه غرائب إفرادات. ثمّ ساق لَهُ عَنْ شُعْبَة، عَنْ قتادة، عَنْ عِكْرمة قَالَ: كَانَ ابن عَبَّاس يَحدُر سَوْرَة البقرة وهو جُنُب يَقُولُ: القرآن في جوفي. رواه حسّان بْن إبراهيم، عَنْهُ. "حرف الميم": 257- مالكُ بنُ سُعَيْر بْن الخِمْس التّميميّ الكوفيّ2 -ت. ن. ق. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وابن أَبِي ليلى، والأعمش. وعنه: زياد بْن الأزهر، وعبد الرحمن بْن بِشْر العبْديّ، وآخرون. قَالَ أبو زُرْعة: صدوق. قلت: خرّج لَهُ الْبُخَارِيّ متابعةً. وضعّفه أبو داود. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 258- مبشر بن إسماعيل الحلبي3 -م. 4. خ مقرونًا. أبو إسماعيل مولى بني كلب.   1 الميزان "3/ 411". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 209، 210"، والتهذيب "10/ 17". 3 الجرح والتعديل "8/ 343"، والسير "9/ 301، 302". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 186 عَنْ: جعفر بْن بَرْقان، وتمّام بْن نَجِيح، وحسّان بْن نوح، والأوزاعيّ، وحريز بْن عثمان. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، والحسن بْن الصّبّاح البزّار، ودُحَيْم، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بن سلام، وطائفة. قال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا. قَالَ: ومات سنة مائتين. قلت: تكلّم فيه بعضهم بلا حُجّة. 259- محرزُ بْن الوضّاح المَرْوَزِيّ1 -ن. عَنْ: إسماعيل بْن أُمَيَّة، ومحمد بْن ثابت قاضي مَرْو. وعنه: محمد بْن عليّ بْن حرب المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن يحيى بْن أيّوب، ومحمود بْن غَيْلان المَرَاوِزة. وَثَّقَهُ ابن حبان. 260- محمد بْن إسماعيل بْن مسلم بْن أَبِي فُدَيْك دينار الدّيليّ2 -ع. مولاهم المدنيّ الحافظ، أبو إسماعيل. عَنْ: سَلَمَةَ بْن ورْدان، وابن أبي ذئب، والضحّاك بْن عثمان، وإبراهيم بْن الفضل المخزومي، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وأحمد بْن الأزهر، وَسَلَمَةَ بْن شبيب، وعبد بْن حُمَيْد، وأبو عُتْبَة أحمد بْن الفَرَج، ومحمد بْن عَبْد الله بْن الحَكَم، وهارون بْن عَبْد الله الحمّال، والحسين بْن عيسى البسْطاميّ، ومحمد بْن مُصَفَّى. وخلْق سواهم. وكان ثقة صاحب حديث، لكنّه لا رحلة لَهُ. قَالَ أبو داود: قد سَمِعَ مِن محمد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمة حديثًا واحدًا. قال ابن سعد وحده: ليس بحجة.   1 التهذيب "10/ 58". 2 السير "9/ 486"، التهذيب "9/ 61". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 187 قال: وتوفي سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وقال الْبُخَارِيّ: تُوُفّي سنة مائتين. 261- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم الأَسَديّ العُكاشيّ1. عَنْ: يحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وإبراهيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، والأوزاعي، وجعفر بْن بُرقان، وابن زياد الإفريقيّ. وعنه: هاشم بْن القاسم الحَرّانيّ، وسليمان بْن سَلَمَةَ الخبايريّ، وغيرهما. كذّبه أبو حاتم، وغيره. لَهُ أحاديث بواطيل. 262- محمد بن ثور الصنعاني2 -د. ت. أبو عبد الله العابد. عَنْ: عوف الأعرابيّ، ومَعْمَر، وابن جُرَيج. وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، ومحمد بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عُبَيْد المُحَاربيّ، ومحمد بْن عُبَيْد بْن حساب، وطائفة. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. وكان صوّامًا قوّامًا قانتًا لله. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: الفضلُ والعبادة والصّدق، رحمه الله. 263- محمد بْن جعفر -ع. أبو عبد الله بن غندر البصري التّاجر الكرابيسيّ الطّيالسيّ الحُجّة الثَّبْت، مولى هذيل، أحد الحُفّاظ الأعلام. سَمِعَ: حُسَيْنًا المعلّم، وابن أَبِي عَرُوبة، وعبد الله بْن سَعِيد بْن أَبِي هند، وعوفًا الأعرابيّ، ومعمر بْن راشد، وابن جريج، وشعبة، فأكثر عنه.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 194"، والتهذيب "9/ 430". 2 الجرح والتعديل "7/ 217، 218"، والسير "9/ 302". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 221، 222"، والسير "9/ 98، 102". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 188 روى عَنْهُ: أحمد، وابن المَدِينيّ، وإسحاق، وابن مَعِين، وَأَبُو خَيْثَمَة، والفلاس، وابن شَيبة، وبُنْدار، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن الوليد البُسْريّ، وخلْق سواهم. قَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ أصحّ الناس كتابًا. وأراد بعض الناس أن يُخَطِّئَ غُنْدَرا فلم يقدر. وقال أحمد بْن حنبل: قَالَ غُنْدَر: لزِمتُ شُعْبَة عشرين سنة. قلت: وابن جُرَيج هُوَ الَّذِي سمّاه غُنْدَرًا لكونه شغب عَلَى ابن جُرَيج أهل الحجاز. وذلك لأنّ ابن جُرَيج تعنّت في الأخذ. قَالَ ابن مَعِين؛ أخرج إلينا غُنْدَر ذات يوم جُرابًا فيه كُتُب وقال: اجْهدوا أن تُخْرجوا فيه خطأ. فما وجدنا فيه شيئًا. وكان يصوم يومًا ويُفطر يومًا منذ خمسين سنة. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: كنّا نستفيد مِن كتب غُنْدَر في حياة شُعْبَة. قلت: وكان يتّجِر في الطَّيالسة والكرابيس، وكان مِن خيار المحدّثين، عَلَى تغفلٍ فيه في غير العِلم. قَالَ الحسين بْن منصور النَّيْسابوريّ: سَمِعْتُ عليّ بْن هشام يَقُولُ: أتيت غُنْدَرًا فذُكر من فضله وعِلمه بحديث شُعْبَة. فقال: هاتِ كتابك، فأبيت إلا أن يُخرج كتابه، فأخرج وقال: يزعم النّاس أنّي اشتريت سمكًا فأكلوه ولطّخوا بِهِ يدي وأنا نائم، فلمّا استيقظت طلبته، فقالوا: أكلت فشُمّ يدك. أفما كان يدلني بطني؟. قَالَ ابن عَثّام: وكان مغفَّلا. وقال ابن المَدِينيّ: هُوَ أحبّ إليّ في شُعْبَة مِن ابن مهديّ. وقال ابن مهديّ: غُنْدَر في شُعْبَة أثبت منّي. وروى سَلَمَةُ بْن سليمان، عَنِ ابن المبارك قَالَ: إذا اختلف الناس في شُعْبَة فكتاب غُنْدَر حكم بينهم. وقال أبو حاتم: كان غُنْدَر صَدُوقًا مؤدّبًا، وفي حديث شُعْبَة ثقة. وقال: في غير حديث شُعْبَة، يُكْتَب حديثه ولا يُحْتَجّ بِهِ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 189 وقال عَبَّاس، عَنِ ابن مَعِين: كَانَ غُنْدَر يجلس عَلَى رأس المنارة يفرّق زكاته. فقيل لَهُ: لِمَ تفعل هذا؟ قَالَ: أُرَغّبّ الناسَ في إخراج الزّكاة. واشترى سمكًا وقال لأهله: أصْلِحُوه، ونام، فأكل عياله السّمك ولطَّخوا يده. فلمّا انتبه قَالَ: هاتوا السّمّك. قَالُوا: قد أكلت! قَالَ: لا. قَالُوا: فشٌمّ يدك. ففعل ثمّ قَالَ: صدقتم ولكنْ ما شبِعت. وقال الدَّيَنَوريّ: ثنا جعفر بْن أَبِي عثمان: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين يَقُولُ: دخلنا عَلَى غُنْدَر فقال: لا أحدّثكم بشيء حتى تجيئوا معي إلى السّوق، فيراكم الناس فيُكرِموني. قَالَ: فمشينا خلفه إلى السّوق، فجعل الناس يقولون: مِن هَؤلاءِ يا أبا عَبْد الله؟ فيقول: هَؤلاءِ أصحاب الحديث جاءوني مِن بغداد يكتبون عنّي. قَالَ يحيى بْن مَعِين: والتفت يومًا إليّ فقال: اعلم أنّي منذ خمسين سنة أصوم يومًا وأُفطِر يومًا. قلت: تُوُفّي رحمه الله في ذي القِعْدة سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة في عَشْر الثمانين. 264- محمد بْن الحارث بْن زياد الحارث1 -ت. شيخ بصْريّ. روى عَنْ: أَبِي الزَّناد، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن البيلمانيّ. وعنه: عفان، وسويد بن سعيد، وعمر بن شبة، وبندار. قال أبو زرعة: متروك. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. 265- محمد بن حرب الخولاني الحمصي الأبرش -ع.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 231"، والتهذيب "9/ 105". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 190 كاتب الزُّبَيْديّ، يُكَنَّى أبا عَبْد الله. حدّث عَنْ: الزُّبَيْديّ، وبُجَيْر بْن سعْد، ومحمد بْن زياد الألهانيّ، وعمر بن روبة، والأوزاعي، وصفوان بن عمرو، وعدة. وعنه: أبو مسهر، ومحمد بن وهب بن عطية، وإسحاق بن راهويه، وكثير بن عبيد، ومحمد بن مصفى، وأبو التقي هشام بن عبد الملك، وأبو عتبة أحمد بن الفرج، وخلق. ذكر ابن سعد أنّه وُلّي قضاء دمشق. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه: مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 266- مُحَمَّدُ بْنُ الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي1 -خ. ن. ق. ويقال له ابن التل، بمُثَنَّاة. عَنْ: أبان بْن عَبْد الله البَجَليّ، ومَطَر بْن خليفة، وسُفْيان، وإبراهيم بْن طَهْمان، وطائفة. وعنه: ابنه عُمَر، وأبو بَكْر، وعثمان ابنا أبي شَيبة، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: شيخ. وذكره ابن عَدِيّ في "الكامل" وقال: لم أر بحديثه بأسًا. وقال العقيلي: لا يُتَابع عَلَى حديثه. وروى عبّاس، عَنْ يحيى قَالَ: قد أدركته وحدّثنا، وليس بشيء. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة مائتين أو نحوها. قلت: 267- ومحمد بن الحسن الأسدي2.   1 الجرح والتعديل "7/ 225"، والتهذيب "9/ 117، 118". 2 تاريخ ابن معين "2/ 511". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 191 عَنِ الأعمش، وعنه: داود بْن عَمْرو الضّبّيّ. قال فيه ابن معين أيضًا: ليس بشيءٍ. 268- محمد بْن الحَسَن بْن أَبِي سارة1. أبو جعفر الرؤاسي الكوفي المقرئ. روى عَنْ: أَبِي عَمْرو حروفه، وله في القراءات اختيار. وسمع مِن: الأعمش، وغيره. أخذ عَنْهُ: الكسائي، ويحيى الفراء، وخلاد بْن خَالِد، وعليّ بْن محمد الكِنْديّ. ذكره أبو عَمْرو الدّانيّ في طبقات المقرئين. ولم يذكره ابن أَبِي حاتم؛ وهو شيخ. 269- محمد بْن الحَسَن بْن عِمران المزني الواسطي2 -خ. ت. ق. قاضي واسط. روى عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والعوَّام بْن حَوْشَب، وفُضَيْل بْن غَزْوان، وعوف الأعرابيّ، وجماعة. وعنه: أحمد، ومحمد بْن سلام البِيكَنْديّ، وزيد بْن الْحُرَيْشِ، ومحمد بْن إسماعيل الأَحمسيّ، ومحمد بْن إسماعيل الحسّانيّ، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين. 270- محمد بْن الحَسَن بْن أبي يزيد الهمَدانيّ الكوفيّ3 -ت. نزيل واسط. عَنْ: الأعمش، وثور بْن يزيد، وجعفر بْن محمد، وعمرو بْن قيس الملائيّ. وعنه: أحمد بْن منيع، وشُرَيْح بْن يونس، والحسن بْن حمّاد، وعمرو بْن زُرارة، وجماعة.   1 الوافي بالوفيات "2/ 334". 2 الجرح والتعديل "7/ 226"، والسير "9/ 303، 304". 3 الجرح والتعديل "7/ 225"، والتهذيب "9/ 120، 121". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 192 قَالَ النَّسَائيّ، وغيره: متروك. وقال ابن مَعِين: كَانَ يكذب. وقال غير واحد: ضعيف. 271- محمد بْن حمزة. أبو وهْب الأسَديّ الرَّقَّيّ1، وَيُعْرَفُ بختن حبيب بن أبي مرزوق. حدث عَنْ: الخليل بْن مُرّة، وجعفر بْن بُرْقان، وزيد بْن رُفَيع، والثَّوْريّ. وعنه: بقيّة وهو مِن أقرانه، وداود بْن رُشيد، وسليمان بْن عُمَر الأقطع، وسعيد بْن يحيى الأمويّ، وموسى بْن أيّوب، وآخرون. قَالَ أبو عَبْد الله بْن مَنْدَه: في حديثه مناكير. 272- محمد بْن حِمْيَر بْن أنيس السليحي الحمصي2 -خ. ن. ق. وسليح بطن مِن قُضَاعة. يُكَنّى أبا عَبْد الله. وقيل: كنيته أبو عَبْد الحميد. روى عَنْ: محمد بْن زياد الألهانيّ، وثابت بْن عَجْلان، وعَمْرو بْن قيس الكِنْديّ، والزُّبَيْديّ، إبراهيم بْن أَبِي عبلة، وطائفة. وعنه: حطّان بْن عثمان، ومحمد بْن مُصَفَّى، وهشام بْن عمّار، وكثير بْن عُبَيْد، وأحمد بْن الفَرَج، وطائفة. وقد حدَّث عَنْهُ مِن شيوخه عَبْد الله بْن لَهِيعة. وثّقه دُحَيْم، ويحيى بْن مَعِين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. بقيّة أحبُ إليّ منه. وقال يعقوب الفَسَويّ: لَيْسَ بالقويّ. قُلْتُ: انْفَرَدَ بِحَدِيثِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 236"، والميزان "3/ 529". 2 الجرح والتعديل "7/ 239"، والسير "9/ 234، 235". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 193 قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلا أَنْ يَمُوتَ" 1. رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. قلت: مات في صَفَر سنة مائتين. - محمد بْن خازم -ع- أبو معاوية2. سيأتي. 273- محمد بْن خَالِد بْن محمد الوَهْبيّ الكِنْديّ الحمصيّ3 -د. ت. أخو أحمد بْن خَالِد. روى عَنْ: إسماعيل بْن أبي خَالِد، وابن جُرَيج، وأبي حنيفة، وعبد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز، وطائفة. وعنه: محمد بْن مُصَفَّى، وعَمْرو بْن عثمان، وكثير بن عبيد، وعمر بْن أيّوب الحمصيّون. قِيلَ: إنّه مات قبل بقيّة بقليل. قَالَ أبو داود: لا بأس بِهِ. 274- محمد بْن خَالِد الْجَنَديّ الصَّنْعانيّ4 -ق. مؤذّن الْجَنَد. روى عَنْ: أبان بْن صالح، وعبد الصّمد بْن معقل، وشبل بْن عبّاد المكي. وعنه: الشافعي، وزيد بن السكن، ومنصور بن البلخي العابد. قال أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث. وقال الحاكم: مجهول. قلت: هو صاحب ذاك الحديث المنكر: "لا مهديّ إلا عيسى بن مريم"5.   1 "حديث حسن": أخرجه الطبراني "8/ 134"، في الكبير، وابن السني "120" في عمل اليوم والليلة. 2 ستأتي ترجمته في "الكنى". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 243"، والتهذيب "9/ 143". 4 الميزان "3/ 535"، التهذيب "9/ 143-145". 5 "حديث باطل": أخرجه الحاكم "4/ 441"، والخطيب "4/ 221"، في تاريخ بغداد، وانظر الفوائد المجموعة "51". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 194 275- محمد بْن ربيعة الكلابيّ الرّؤاسيّ الكوفيّ1 -4. أبو عَبْد الله ابن عمّ وكيع. روى عَنْ: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وابن أَبِي خَالِد، وكامل أبي العلاء. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن معين، وزياد بن أيوب، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وأحمد بن حرب الطائي، والحسين بن محمد بن أبي معشر. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 276- مُحَمَّدُ بْنُ الزبرقان -خ. م. د. ن. أبو همام الأهوازي2. طوّف الأقاليم ولقي الكبار. وحدّث عن: سليمان التَّيْميّ، وابن عَوْن، وموسى بْن عُقْبة، وثور بْن يزيد. وعنه: زُهير بْن حرب، وخلاد بْن أسلم، وزيد بْن الحُرَيْش، وعبد الله بن محمد المسندي، وبندار، ومحمد بن المثنى، وآخرون. وهو ثقة. 277- محمد بْن سعْد الأنصاريّ الأشهليّ الْمَدَنِيّ3. نزل بغداد. عَنْ: ابن عَجْلان، وغيره. وعنه: محمد بْن عَبْد الله المخرميّ. وثّقه ابن مَعِين. وقال الْبُخَارِيّ: مات قبل المائتين. 279- محمد بن سعد المقدسي4.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 252"، والميزان "3/ 545". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 260"، والتهذيب "9/ 166". 3 الجرح والتعديل "7/ 261"، والتهذيب "9/ 184". 4 الجرح والتعديل "7/ 262"، والميزان "3/ 560". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 195 عَنْ: ابن لَهِيعة، ورُديح بْن عطيّة. وعنه: صَفْوان بْن صالح. قَالَ أبو حاتم: مجهول. قلت: لَيْسَ ذِكر هذا مِن شرط كتابنا. 279- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ الْكُوفِيُّ1. حدَّث ببغداد عَنْ: عَبْد المُلْك بْن عُمير، وأبي إِسْحَاق الشيباني؛ وكان مصاحبًا للدولة، فَقَلّ مِن كتب عَنْهُ. روى عَنْهُ: ابن أخيه سَعِيد بْن يحيى، وله عدّة إخوة. قَالَ يحيى بْن سَعِيد، وغيره: مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة عَنْ إحدى وثمانين سنة. 280- محمد بْن سَلَمَةَ الحراني2 -ت. م. أبو عبد الله محدّث حَرَّان. روى عَنْ: خاله أَبِي عَبْد الرحيم خَالِد بْن أبي يزيد، وعن ابن عَجْلان، وابن إِسْحَاق، وخصيف، وهشام بْن حسّان. وعنه: النُّفَيْليّ، وأحمد بْن حنبل، ومحمد بْن الصّبّاح الْجَرجرائيّ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةٌ، فاضلا. تُوُفّي في آخر سنة إحدى وتسعين. وقال النُّفَيْليّ: مات في أول سنة اثنتين وتسعين ومائة. 281- محمدُ بنُ شُجاع بْن نَبْهان المَرُّوذِيّ3. عَنْ: حسن المعلّم، وزيد العَمّيّ، وأبي هارون العبْديّ. وعنه: عيسى غُنْجار، ونُعَيْم بْن حماد، وهدبة بن عبد الوهاب، وغيرهم.   1 الجرح والتعديل "7/ 264"، والثقات لابن حبان "7/ 426". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 276"، السير "9/ 49". 3 الجرح والتعديل "7/ 286"، التهذيب "9/ 219". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 196 قَالَ الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ. وقال ابن المبارك: لَيْسَ بشيء. وقال غير واحد: متروك. 288- محمد بْن شُعيب بْن شابور1. 4. أبو عَبْد الله الدّمشقيّ، أحد علماء الحديث؛ مِن موالي بْني أُمَيَّة. سكن بيروت. روى عَنْ: عُرْوة بْن رُوَيْم، ويحيى بْن الحارث الذَّماريَّ، ويحيى بْن أبي عمرو السيباني، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، والأوزاعي، وعبد الرَّحْمَن بْن حسّان الكِنانيّ، وشَيْبان النَّحْويّ، وعمر مولى عَفْرة، ويزيد بْن أَبِي مريم السّاميّ، وَقُرَّةَ بْن جبريل، وعَمرو بْن الحارث الْمَصْرِيّ، وطائفة. وعنه: سليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل، ودُحَيْم، وكثير بْن عُبَيْد، ومحمد بْن مُصَفَّى، ومحمد بْن هاشم البعليّ، ومحمود بْن خَالِد السُّلَميّ، وخلْق سواهم. وثَّقه دُحَيْم. وقال أحمد: ما أرى بِهِ بأسًا. كَانَ رجلا عاقلا. وقال أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ يحيى الذَّماريَّ، وكان يفتي في مجلس الأوزاعيّ. قَالَ ابن مُصَفَّى: مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وقال هشام بْن عمّار: سنة ثمانٍ. وقال دُحَيْم: سنة مائتين. 283- محمد بْن طلحة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن طلحة التَّيْميّ الْقُرَشِيّ المدنيّ2. أبو عَبْد الله، ويقال لَهُ ابن الطَّوِيلِ.   1 الجرح والتعديل "7/ 286"، السير "9/ 376-378". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 292"، والتهذيب "9/ 237". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 197 يروي عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن ساعدة، وأبي شُمَيْلٍ نافع بْن مالك، وعبد الله بْن مُسْلِم بْن جندب. وعنه: الحُمَيْديّ، وعليّ بْن المَدِينيّ، ودُحَيْم، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ. قَالَ أبو حاتم: محلُّه الصَّدق يُحْتَجّ بِهِ. وذكره ابن حِبّان في "الثَّقات"، ولكنّه غلط في تاريخ موته حيث قَالَ: تُوُفّي سنة ثمانين ومائة. 284- محمد بْن عَبْد الله الكوفيّ1. المقرئ. لقبُه داهرْ. سكن الرَّيّ، وحدَّث عَنْ: ليث بْن أَبِي سُلَيْم، وعَمْرو بْن شَمِر، والأعمش. وعنه: ابنه عَبْد الله بْن داهر، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج، ومحمد بْن حُمَيْد. لَهُ مناكير. تكلّم فيه أبو حاتم. 285- محمد بْن عَبْد الله بْن رزين2. الشّاعر المشهور، الملقَّب بأبي الشّيص، وهو ابن عمّ دِعْبِل الخُزَاعيّ الشّاعر. وهو صاحب تيك القصيدة التي أوّلها: أبقى الزمانُ بِهِ نُدوبَ عِضَاضِ ... ورمى سوادَ قرونهِ ببياضِ 286- محمد بْن عيسى المَرْوَزِيّ3. رحل وسمع مِن: ثور بْن يزيد، وهمّام بْن يحيى، وابن عَوْن، وشعبة، وعبد الملك بن أبي سليمان، وطبقتهم. وعنه: حامد بْن آدم، ومحمد بْن عَبْدُوَيْه، ومحمد بْن تميم، وغيرهم. ذكره محمد بْن حمدويه.   1 الجرح والتعديل "7/ 310"، الميزان "3/ 603". 2 انظر: وفيات الأعيان "6/ 207"، الوافي بالوفيات "3/ 302". 3 أحد علماء مرو المستورون. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 198 287- محمد بْن عثمان بْن صَفْوان الْجُمَحيّ1 -ق. عَنْ: حُمَيْد الأعرج، وهشام بْن عُرْوة. وعنه: الحُمَيْديّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، ومحمد بْن مقاتل المروزي، ومحمد بن مهران الحمال. ضعّفه أبو حاتم. 288- محمد بْن أَبِي عَدِيّ السُّلَميّ2 -ع. مولاهم البصْريّ الحافظ. يُكَنَّى أبا عَمْرو. وقيل: هُوَ محمد بْن إبراهيم بْن أَبِي عَدِيّ، وقيل: أبو عَدِيّ هُوَ إبراهيم. روى عن: حُمَيْد الطّويل، وابن عَوْن، وداود بْن أَبِي هند، وعوف الأعرابيّ، وحُسين المعلّم، وعدّة. وعنه: أحمد بْن حنبل، والفلاس، والحسن بن محمد الزعفراني، وبندار، ومحمد بْن المُثَنَّى، وجماعة. وثّقه أبو حاتم، وغيره. مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 289- محمد بن عيسى بن القاسم ابن سُميع الأُمويّ3 -د. ن. ق. مولاهم الدّمشقيّ المحدَّث. عَنْ: حُمَيْد الطّويل، وهشام بْن عُرْوة، والأوزاعي، وغيرهم. وعنه: هشام بْن عمّار ووثّقه، وهارون بْن محمد بْن بكّار، والعبّاس بْن الوليد الخلال، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. وذكره ابن عَدِيّ في الكامل وقال: لا بأس به.   1 الجرح والتعديل "8/ 24، 25"، والتهذيب "9/ 337". 2 الجرح والتعديل "7/ 186"، والسير "9/ 220، 221". 3 انظر: الميزان "3/ 677"، والتهذيب "2/ 198". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 199 290- محمد بْن عيسى الوابشيّ1. عَنْ: شَرِيك القاضي، وابن الأحْوَص، ووالده. وعنه: يزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المفتي، وشهاب بْن عبّاد، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وآخرون. صُوَيْلح. - محمد بْن الفضل بْن عطيّة. قد ذُكِر. 291- محمد بْن فُضَيْل بن غزوان2 -ع. أبو عبد الرحمن الضبي، مولاهم الكوفيّ الحافظ. عَنْ: أَبِيهِ، وإبراهيم الهَجَريّ، وبيان بن بشر، وحبيب بْن أَبِي عَمْرة، وعاصم الأحول، وحُصين بْن عبد الرَّحْمَن، وعمارة بْن القَعْقاع، وخلْق كثير. وعنه: أحمد، وإسحاق، وأحمد بْن بُدَيل، وعليّ بْن حرب، وأخوه أحمد بْن حرب، وأحمد بن سنان القطان، والحسن بْن عَرَفَة، والأشجّ، وأبو كُرَيْب، وأبو حفص الفلاس، وأحمد بْن عَبْد الجبّار العُطَارِديّ، وخلْق كثير. وكان مِن أجلاس3 الحديث. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حسن الحديث شيعيّ. وقال أبو داود: كَانَ شيعيًا منحرفًا. قلت: إنّما كَانَ متواليًا فقط، مبجِلا للشيخين، وقد قرأ القرآن عَلَى حمزة. ودخل عَلَى منصور بْن المعتمر فوجده مريضًا، فسماعاته مِن هذا الوقت. قَالَ ابن سعْد: بعضهم لا يحتج به.   1 الجرح والتعديل "8/ 37". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 57، 58"، السير "9/ 173-175". 3 أجلاس: المرتفع من كل شيءٍ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 200 وكان أبو الأحوص يَقُولُ: أنشدُ الله رجلا يجالس محمد بْن فُضَيْل، وعَمْرو بْن ثابت أن يُجالسنا. وقال يحيى الحِمّانيّ: سَمِعْتُ فُضَيْل أو حدّثت عَنْهُ، قَالَ: ضربتُ أَبِي البارحَة إلى الصّبّاح أن يترحَّم عَلَى عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فأبى عليّ. وقال الحَسَن بْن عيسى بْن ماسرجس: سألتُ ابن المبارك عَنْ أسباط وابن فُضَيْل، فسكت. فلما كان بعد ثلاثة أيام قَالَ: يا حسن صاحبيك لا أرى أصحابنا يرضونهما. قلتُ: مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وقيل: سنة أربعٍ. 292- محمد بْن فليح بن سليمان1 -خ. ن. ق. أبو عبد الله المدني. عَنْ: أَبِيهِ، وموسى بْن عُقْبة، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وهارون بْن موسى الفرّاء، ومحمد بْن إِسْحَاق المسْلي. قَالَ أبو حاتم: ما بِهِ بأس، لَيْسَ بذاك القويّ. وروى مُعَاوِيَة بْن صالح، عَن يحيى بْن مَعِين قَالَ: لَيْسَ بثقة ولا ابنه. وقال العُقَيْليّ: لا يُتَابع عَلَى بعض حديثه. قلت: كثير مِن الثَّقات قد تفردوا، فيصحّ أن يقال فيهم: لا يُتابَعُون عَلَى بعض حديثهم. قَالَ الْبُخَارِيّ: مات سنة سبعٍ وتسعين ومائة. 293- محمد بْن القاسم الأسَديّ الكوفيّ2 -ت. عَنْ: ثور بْن يزيد، وجعفر بْن محمد بْن برقان، وموسى بن عبيدة، والأوزاعي.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 59"، والتهذيب "9/ 406، 407". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 65"، والتهذيب "9/ 407، 408". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 201 وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، والحسين بْن عيسى البَسْطاميّ، وعُبَيْد بْن يَعِيش، ومحمد بْن مَعْمَر البحرانيّ، وجماعة. ضعّفه أحمد، وابن عديّ. وكنّاه العُقَيْليّ أبا إبراهيم وقال: لا يتابع عَلَى حديثه. وقال أحمد أيضًا: أحاديثه أحاديث سوءٍ، موضوعة. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة سبعٍ ومائتين، يُعَرف ويُنْكر. 294- محمد بْن مروان العُقَيْليّ1 -ت. أبو بكر. شيخ بصْريّ يُعرف بالعِجْليّ. لَهُ عَنْ: سَعِيد المَقْبُريّ إنْ صحّ، وعن: داود بْن أَبِي هند، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، وهشام بْن حسّان. وعنه: يعقوب، وأحمد ابنا الدَّوْرقيّ، والفلاس، ونصر بْن عليّ، ويحيى بْن مَعِين، وطائفة. صدوق. 295- محمد بْن معن الغِفاريّ المدنيّ2 -خ. د. ت. ق. عَنْ: جَدّه محمد بْن معن بْن نضلة، وعن أَبِيهِ، وربيعة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن، ويحيى بْن سَعِيد، وداود بْن خالد. وعنه: ابن المَدِينيّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو مُصْعَب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، قَلِيلَ الْحَدِيثِ. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.   1 الجرح والتعديل "8/ 85، 86"، والتهذيب "9/ 435". 2 الجرح والتعديل "8/ 99، 100"، والتهذيب "9/ 468". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 202 296- محمد بْن ميمون الزَّعْفرانيّ الكوفيّ المفلوج1 -د. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان. وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، وأبو كُرَيْب، ويعقوب الدَّوْرقيّ. وثّقه أبو داود، وغيره. ووهّاه ابن حِبّان. 297- محمد الأمين2. أمير المؤمنين، أبو عبد الله بْن الرشيد هارون بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ العباسيّ البغداديّ. كَانَ وُلّي عهد أَبِيهِ، فولي الخلافة بعد موت أَبِيهِ. وكان مِن أحسن الشباب صورة، أبيض، طويلا، جميلا، ذا قوّة مُفْرِطة وبطْش وشجاعة معروفة، وفصاحة، وأدب، وفضيلة، وبلاغًا. لكن كَانَ يسيء التدبير، كثير التبذير، ضعيف الرأي، أرعن، لا يصلُح للإمارة. ومن شدّته قِيلَ إنّه قتل مرّةً أسدًا بيديه، وهذا شيء عجيب. وَوَرَد أنّه كتب بخطّهِ رُقعة إلى طاهر بْن الحسين فيها: يا طاهر، ما قام لنا منذ قمنا قائم بحقّنا، فكان جزاؤه عندنا إلا السيف، فانظر لنفسك أو دَعْ. قَالَ: فلم يزل طاهر يتبيّن موقع الرُّقعة منه. قلت: وكان طاهر قد انتُدب لحربه مِن جهة أخيه المأمون، فكتب لَهُ هذه الورقة، وهي غاية في التخذيل، لأنه لوّح فيها بأبي مُسْلِم وأمثاله الذين بذلوا نفوسهم في النُّصْحِ، فكان مآلُهُم إلى القتل. قَالَ المسعوديّ: إلى وقتنا هذا، ما وُلّي الخلافة هاشميّ ابن هاشميّة، سوى عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- ومحمد بن زبيدة، يعني الأمين.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 80، 81"، والتهذيب "9/ 485". 2 تاريخ بغداد "3/ 336، 342"، السير "9/ 334، 339". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 203 وقد مرّ في الحديث دولة الأمين وحروبه وما صار إِليْهِ. وكنّاه بعضهم أبا موسى. عاش سبْعًا وعشرين سنة. وآخر أمره خُلِع ثمّ أُسِر وقُتِل صبرًا في المحرَّم سنة ثمانٍ وتسعين ومائة بظاهر بغداد، وطيف برأسه. الصُّوليّ: ثنا أبو العَيناء: حدَّثني محمد بْن عَمْرو الرُّوميّ قَالَ: خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب فأصابته رجمة في وجهه، فجلس يبكي، وجعل الأمين يمسح الدم عَنْ وجهه ثمّ قَالَ: ضربوا قُرَّةَ عيني ... مِن أجلي ضربوه أخذ الله لقلبي ... مِن أناسٍ احرقوه قَالَ: ولم يؤاته طبعه لزيادة، فأحضر عَبْد الله بْن أيّوب التَّيْميّ الشّاعر، وقال لَهُ: قلَّ عليهما. فقال: ما لمن أهوى شَبيهُ ... فَبِهِ الدنيا تتيهُ وَصْلُهُ حلوٌ ولكن ... هجرهُ مرٌّ كريهُ مَنْ رَأَى الناسُ لَهُ ... فضلا عليهم حسدوه مثل ما حسد القا ... ئم بالمُلْك أَخُوهُ فقال الأمين: أحسنَت والله. بحياتي يا عبّاسيّ، أنظر، فإنْ كَانَ جاء عَلَى ظهرٍ فأوقره لَهُ، وإن كَانَ جاء في زورق فأوقره له. قال: فأوقر له ثلاثة أبغال دراهم. وقيل: إنّ سليمان بْن منصور رفع إلى الأمين أنّ أبا نواس هجاه، فقال: يا عمّ، أأقتله بعد قوله: أهدي الثَّناء إلى الأمينِ محمدٍ ... ما بعده بتجارةٍ متربَّصُ صَدَقَ الثَّناءُ عَلَى الأمين محمدٍ ... ومِن الثناء تكذّبٌ وتخرُّصُ قد يَنْقُصُ البدرُ المنيرُ إذا اسْتَوَى ... وبهاءُ نورِ محمدٍ ما ينقُصُ وإذا بُنوا المنصورِ عُدّ حَصَاهُم ... فمحمدٌ ياقوتُها المتخلّص الجزء: 13 ¦ الصفحة: 204 فغضب سليمان، فقال الأمين: فكيف يا عمّ أعمل بقوله، ثمّ أنشده أبياتًا أخَر، ثمّ أبياتًا، ثمّ أرضى سليمان بحبْس أَبِي نُواس. وكانت خلافته أربع سنين وأيامًا. 298- مَخْلَد بْن الحسين1 -ن. م. س. أبو محمد الأزدي المهلبي البصري، نزيل المصَّيصة. وكان أحد أوعية العِلْم. روى عَنْ: موسى بْن عُقْبة، وهشام بْن حسّان، ويونس الأَيْليّ، والأوزاعي، وعدة. وعنه: حجاج الأعور، والحسن بن الربيع البوراني، وأبو صالح محبوب الفراء، والمسيب بن واضح، وموسى بن أيوب النصيبي، وجماعة. قال أحمد العجلي: ثقة، رجل صالح عاقل. وقال أبو داود: كان أعقل أهل زمانه. وروي أنّ هارون الرشيد قَالَ لَهُ: ما قرابة بينك وبين هشام بْن حسّان؟ قَالَ: هُوَ والد إخوتي، يعني لم يَقُلْ زوج أمّي. قَالَ سُنيد بْن داود: سَمِعْتُ مَخْلَد بْن الحسين يَقُولُ: ما ندب الله العباد إلى شيء إلا اعترض فيه إبليس بأمرين، ما يبالي بأيّهما أُظْفِر: إمّا غُلُوٌّ فيه، وإمّا تقصيرٌ عَنْهُ. مات مَخْلَد سنة إحدى وتسعين ومائة. وعن بعضهم أنّه تُوُفّي سنة ستٌّ وتسعين ومائة. 299- مَخْلَد بْن يزيد الحراني2 -خ. م. د. ن. ق. عَنْ: يحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وابن جُرَيْج، وجعفر بْن بُرْقان، وحنظلة بْن أبي سُفْيان، والأوزاعي. وعنه: أحمد، وإسحاق، وابنا أَبِي شَيبة، وابن نُمَير، ومحمد بْن سلام البيكندي، وآخرون.   1 الجرح والتعديل "8/ 347"، السير "9/ 236". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 347"، والتهذيب "10/ 77". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 205 قَالَ أبو حاتم: صدوق. قلت: مُجْمَعٌ عَلَى ثقته. مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. 300- مُرَجّي بن وداع الراسبيّ البصْريّ1. عَنْ: عطاء السُّلَميّ الزّاهد، وغالب القطّان، وأيّوب بْن وائل، وجماعة. وعنه: سيَّار بْن حاتم، وعارم، وأحمد بْن حنبل، وعليّ بْن الحسين الدَّرهميّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وقال ابن مَعِين: ضعيف. 301- مروان بْن معاوية بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ بْنِ عُيَيْنَة بْن حصن الفَزَاري2 الحافظ -ع. أبو عبد الله الكوفي نزيل مكّة، ثمّ دمشق. وهو ابن عم الإمام أَبِي إِسْحَاق الفَزَاريّ. روى عَنْ: حُمَيْد الطّويل، وعاصم الأحول، وابن أَبِي خَالِد، وأبي مالك سعْد بْن طارق الأشجعيّ، ومحمد بْن سُوقة، وموسى الْجُهَنّي، وخلْق كثير فيهم عدد من المجاهيل، فإنه كان طلابة للحديث، يكتب عَنْ كل واحد. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وإسحاق، وابن خَيْثَمَة، والحسين بْن حُرَيْث، والحسن بْن عَرَفَة، ودُحَيْم، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن هشام بْن ملاس، وأُمم سواهم. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: ثَبْت حافظ، كَانَ يحفظ حديثه كله. وقال ابن المديني: ثقة فيما روى عن المعروفين. وقال غيره: أكثر عَنِ المجهولين، فينبغي أن يُتَأمّل حال شيوخه، وهو في نفسه ثقة.   1 الجرح والتعديل "8/ 412، 413"، والميزان "7/ 87". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 272، 273"، والسير "9/ 51-53". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 206 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: كَانَ يلتقط الشيوخ مِن السَّكك. وقال يحيى بْن مَعِين: وجدت عند مروان بخطّه: وكيع رافضيّ. فقلت لَهُ: وكيع خيرٌ منك. فسبَّني. وقيل: كَانَ مروان فقيرًا مُعِيلا، كَانَ الناس يَبُرُّونه. قِيلَ: مات فجأة في عشر ذي الحجّة سنة ثلاث وتسعين ومائة. 302- مُزاحم بْن زُفَر التَّيْميّ الكوفيّ1. أخو عثمان بْن زُفَر. روى عَنْ: فِطْر بْن خليفة، وشُعْبَة، وأيّوب بْن خُوط. وعنه: أبو مُسْهِر، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وهارون بْن موسى، وأبو الربيع الزّهْرانيّ. وكان من أشراف أهل الكوفة. حدَّث بدمشق، ولا رواية لَهُ في الكُتُب السّتّة. وقد وثّقه ابن حِبّان. وله سَميٌّ وهو: مزاحم بْن زُفَر. مِن طبقة صغار التابعين، قد ذُكِر. 303- مَسْعَدة بْن اليَسَع الباهليّ البصْريّ2. أحد الضعفاء. عَنْ: بَهْز بْن حكيم، وجعفر بْن محمد، ومحمد بْن حُمَيْد. وعنه: عُمَر بْن حفص، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن أَبِي الحواريّ، ومُغيرة بْن أحمد، ومحمد بْن وزير الواسطيّ. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: خرقنا حديثه مِن دهرٍ.   1 التهذيب "10/ 100، 101". 2 الجرح والتعديل "8/ 370، 371"، والميزان "4/ 98، 99". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 207 روى ذَلِكَ الْبُخَارِيّ عَنْ أحمد. وقال أبو حاتم: يكذب عَلَى جعفر بْن محمد. وكذا كذّبه أبو داود، ومحمد بْن وزير. نَا مَسْعَدَةُ بْنُ الْيَسَعَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَسَا عَلِيًّا عِمَامَةً يُقَالُ لَهَا السَّحَابُ، فَأَقْبَلَ وَهِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: "هَا عَلِيٌّ قَدْ أَقْبَلَ فِي السَّحَابِ"1. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبِي: فَحَرَّفَهَا هَؤُلاءِ وَقَالُوا: عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ. 304- مسكين بْن بكير الحراني الحذاء -ع. أبو عبد الرحمن. عَنْ: ثابت بْن عَجْلان، وأرطأة بْن المنذر، وجعفر بْن بُرْقان، والأوزاعيّ، وشُعْبَة. وعنه: العُقَيْليّ، وأحمد بْن حنبل، وأحمد بْن شُعيب الحرّانيّ، وولده الحَسَن بْن أحمد، ومحمد بْن وهْب بْن أبي كريمة، وموسى بْن أيّوب النَّصيبيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ، صالح الحديث. وقال غير واحد: صدوق. وقيل: لَهُ عَنْ شُعْبَة ما يُنكر. وقال أبو أحمد الحاكم: لَهُ مناكير كثيرة، كذا قَالَ. قِيلَ: مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 305- مُسْلِم بْن الوليد. صريع الغّواني3، شاعر. مولى الأنصار أبو الوليد. أحد فُحُولِ الشُّعَراء. مدح الرشيد وآل برمك، وسار شعره.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "6/ 2386" في الكامل للضعفاء. 2 الجرح والتعديل "8/ 329"، والسير "9/ 209". 3 انظر: الأغاني "19/ 31-72"، السير "9/ 323، 324". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 208 ويُقال إنّ الرشيد هُوَ الَّذِي لقّبه بصريع الغواني لقوله: أديرا عليّ الكأسَ لا تَشْربا قبلي ... ولا تَطْلُبا مِن عند قاتلتي ذَحْلي هَلِ العيشُ إلا أن تَرُوح مَعَ الصَّبا ... وَتَغْدُو صريعَ الكأس والأَعْيُنِ النُّجْلِ1 وهو القائل: أرادو لِيُخْفُوا قبره عَنْ عدوّهِ ... فطِيبُ تُرابِ القبرِ دلّ عَلَى القبرِ2 ومن هجائه ما قَزَع: أمّا الهجاءُ فَدَقَّ عِرضك دونَه ... والمدحُ فيك كما علمتَ قليلُ فاذْهَبْ فأنت طليقُ عِرْضك إنّه ... عرضُ عَزَزْتَ بِهِ وأنت ذليلُ قَالَ الخطيب: ومسلم بْن الوليد كوفيّ نزل بغداد، وكان مدّاحًا مفوَّهًا بليغًا. قَالَ بعضهم: لمسلم ثلاثة أبيات: أرثَى بيت، وأمدح بيت، وأهجي بيت. فالأول: أرادوا ليُخْفُوا قبَره. والبيت الثاني، وهو أمدح بيت، قوله: يجود بالنَّفسِ إذ ضنّ البخيلُ بها ... والْجُودُ بالنَّفس أقصى غايةِ الْجُود والثالث قوله: قَبُحَتْ مَنَاظِرُهُ، فحِين خبْرتُهُ ... حُسنَتْ مَنَاظِرُهُ لقُبْح المُخبرِ وله في الشّيب: أكره شَيْبيْ وآسَى أن يُزَايِلَني ... أعجبُ بشيءٍ عَلَى البغضاء مودودِ وله يمدح يزيد بْن مَزْيَد الشَّيْبانيّ مِن قصيدة: يكسو السُّيُوفَ نفوس النّاكثين بها ... ويجعل الهام تِيجان القنا الُّذبُل إذا انتضى سيفَه كانت مسالكُهُ ... مسالكَ الموت في الأبدان والقلل   1 تاريخ بغداد "13/ 97". 2 السابق. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 209 كالّليث إنْ هجَّهُ فالموتُ راحتُهُ ... لا يستريح إلى الأيّام والدُّوَلِ قد عوَّد الطَّيْرَ عاداتٍ وثِقْنَ بها ... فهنَّ يَصْحَبْنَه في كلّ مُرْتحَلِ لله مِن هاشمٍ في أرضه جبلُ ... وأنت وابنُك رُكْنا ذَلِكَ الجبلِ1 وله في جعفر البرمكيّ: كأنّه قمر أو ضيغمٌ هصرٌ ... أو حيّةٌ ذكرٌ أو عارضٌ هَطِلُ لا يضحك الدَّهر إلا حين تسألُه ... ولا يُعبَّسُ إلا حين لا يُسَلُ 306- مسروح. أبو شهاب الكوفيّ2. عَنْ: الحَسَن بْن عُمارة، وسُفيان الثَّوْريّ، وعَمْرو بْن خَالِد. وعنه: يزيد بْن مَوْهب الرَّمليّ، وعمر بْن زُرَارة الحَدَثيّ. قَالَ أبو أحمد الحاكم: لَيْسَ حديثه بالقائم. 307- مَسْلَمة بْن يعقوب بْن مَسْلَمة بْن عَبْد المُلْك بْن مروان الأُمويّ3. أحد أشراف الشاميّين. كَانَ أحد مِن خرج عَلَى الدّولة العباسية. وذلك أنّ أبا العُميطر الأُمويّ السُّفْيانيّ لمّا ظهر وغلب عَلَى دمشق في سنة خمسٍ وتسعين ومائة، وبعدها تمكّن مَسْلَمة هذا مِن الأمور، وعمل عَلَى أَبِي العُميطر وقبض عَليْهِ، لأنّ أبا العُميطر كَانَ شيخًا كبيرًا، فقيّده ودعا لنفسه وبايعوه. ثمّ قام عَليْهِ محمد بْن صالح بْن بَيْهس الكلابيّ أمير العرب، فأخذ منه دمشق. فبادر مَسْلَمة وفَكّ قيد أَبِي العُميطر، وخرجا هاربَيْن بزيّ النَّساء إلى المِزّة. ثمّ إنّ مسلمة جاءه الموت بالمِزّة، فصلّي عَليْهِ أبو العُميطر، ثمّ مات بعده بقليل، وعَمّوا قبَره لئلا يُنبش، وذلك في حدود المائتين. 308- مُسْهِر بْن عَبْد المُلْك بْن سَلَع الهمَدانيّ الكوفيّ4.   1 الأغاني "19/ 35-40". 2 لم نقف عليه. 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 410"، والتهذيب "10/ 149". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 210 روى عَنْ: أَبِيهِ، وعن: الأعمش، وعيسى بْن عُمَر القارئ. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، والحسن بْن عليّ الحلوانيّ، ومحمد بْن عَبْد الله المخرميّ، وجماعة. قَالَ الْبُخَارِيّ: فيه بعض النظر. 309- مطرف بن مازن1. قاضي صنعاء. روى عَنْ: ابن جُرَيج، ومَعْمَر. وعنه: الشافعيّ، وداود بْن رشيد. وكان من الأخيار الصُّلحاء، لكنّه واهٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كذاب. وأسقطه ابن حِبّان، وضعّفه آخرون. وأما أبو أحمد بْن عَدِيّ فقال: لم أر لَهُ شيئًا مُنْكَرا. وسمعتُ عُمَر بْن سِنان: نا حاجب بْن سليمان قَالَ: كَانَ مطرَّف بْن مازن قاضي صنعاء، وكان رجلا صالحًا، فأتاه رجلٌ وقال: حلفتُ بطلاق امرأتي ثلاثًا أنّي أخرا عَلَى رأسك. فقام ودخل ووضع عَلَى رأسه منديلا، ثمّ قَالَ للرجل: اصعد واقلل، أو كما قَالَ. 310- مُطَهَّرُ بنُ الهيثم الطّائيّ البصْريّ2 -ق. روى عَنْ: عَلْقَمة بْن أَبِي حمزة الضُّبَعيّ، وموسى بْن عليّ بْن رباح. وعنه: عَبّاد بْن الوليد الغُبْريّ، ومحمد بْن المُثَنَّى، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بن منصور كزبران، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "8/ 314"، والميزان "4/ 125، 126". 2 الجرح والتعديل "8/ 396"، والميزان "4/ 129". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 211 قَالَ ابن حِبّان: مُنْكَر الحديث. وقال ابن يونس: متروك. 311- مُعَاذ بْن مُعَاذ بْن نصر بن حسان -ع. الإمام أبو المثنى العنبري التيمي البصري الحافظ، قاضي البصرة1. روى عَنْ: حُمَيْد، وسليمان التَّيْميّ، وابن عَوْن، وبَهْز بْن حكيم، وعوف، ومحمد بْن عَمْرو، وشُعْبَة، وآخرون. وعنه: ابناه عُبَيْد الله والمثني، وأحمد، وإسحاق، وبُنْدار، وإسحاق بْن موسى، وعبد الله بْن هاشم الطّوسيّ، وسَعدان بْن نصر، وخلْق كثير. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّت بالبصرة. ما رأينا أحدًا أعقل منه. وقال يحيى بْن سَعِيد القطّان: ما بالبصرة ولا بالكوفة ولا بالحجاز أثبت مِن مُعَاذ بْن مُعَاذ. قلت: كَانَ مِن أقران القطّان. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وأبو حاتم: ثقة. قلت: يحيى القطّان أسنّ منه بشهرين. قَالَ أحمد بْن حنبل: ولد مُعَاذ بْن مُعَاذ سنة ستٌّ عشرة ومائة. وقال المدائني: كان جده نصر واليًا لخالد القسر بإصْطَخْر، ومُعَاذ بْن نصر مات في حياة نصر سنة تسع عشرة ومائة. قلت: مات مُعَاذ بْن مُعَاذ في ربيع الآخر سنة ستٌّ وتسعين ومائة. 312- مُعَاذ بْن هشام بْن أبي عبد الله الدستوائي2 -ع. البصري الحافظ.   1 انظر: تاريخ بغداد "3/ 131، 134"، السير "9/ 54-57". 2 الجرح والتعديل "8/ 294، 250"، والسير "9/ 372-374". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 212 عَنْ: أَبِيهِ، وابن عَوْن، وأشعث بْن عَبْد المُلْك، وغيرهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإسحاق، وبُنْدار، وابن المَدِينيّ، ومحمد بْن إسماعيل بْن أَبِي سُمَينة، وعمرو الفلاس، وأبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن المُثَنَّى، وإسحاق الكَوْسج، ويزيد بْن سِنان البصْريّ، وجماعة. قَالَ ابن عَدِيّ: ربّما يغلط وأرجو أنّه صدوق. وروى عبّاس، عَنِ ابن مَعِين: صَدُوق، وليس بحجّة. وقال عَبَّاس بْن عَبْد العظيم الحافظ: كَانَ عنده، عَنْ أَبِيه، عشرة آلاف حديث. قلت: وفاته في ربيع الآخر سنة مائتين. 313- معروف الكَرْخيّ1. هُوَ زاهد العراق، وشيخ الوقت. أبو محفوظ معروف بْن الفَيْرزان، وقيل ابن فَيْروز، مِن أهل كرْخ بغداد. وقيل: كنيته أبو الحَسَن. وكان أَبُوهُ مِن أعمال واسط مِن الصّابئة. وعن أَبِي عليّ الدّقّاق قَالَ: كَانَ أبواه نَصْرانيّين فاسلماه إلى مؤدّب نَصرانيّ، فكان يَقُولُ لَهُ: قل ثالث ثلاثة، فيقول معروف: بل هُوَ الواحد. فيضربه. فهرب، فكان أبواه يقولان: ليته رجع. ثمّ أسلم أبواه2. وذكر السُّلَميّ أن معرومًا داود الطّائيّ ولم يصحّ. أَنْبَأَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ عِلانَ، وَمُؤَمَّلٌ الْبَالِسِيُّ قَالا: أَنَا الْكِنْدِيُّ، أَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا الْخَطِيبُ، أَنَا ابْنُ رِزْقٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنَا مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَوْ أَدْرَكْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا سَأَلْتُ اللَّهَ إِلا العفو والعافية3.   1 انظر: الحلية "8/ 360"، والسير "9/ 339-345". 2 صفة الصفوة "2/ 318، 319". 3 "صحيح مرفوع، ضعيف موقوف": أخرجه الترمذي "3743" وابن ماجه "3850"، وأحمد "6/ 183"، والحاكم "1/ 530" مرفوعًا، وهو صحيح. وأخرجه الخطيب "3/ 199" موقوفًا، وسنده ضعيف، فيه عنعنة الحسن البصري، وهو من المدلسين، وابن صبيح من الضعفاء. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 213 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، أَنَا الْبَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَن بْن إبراهيم، أنا تجنّي الوَهْبانيّة، أنا الحسين بْن طلحة، أَنَا أبو الحَسَن بْن رزقوْية، أَنَا إسماعيل الصَّفّار، نا زكريّا بْن يحيى بْن أسد المَرْوَزِيّ، ثنا معروف الكَرْخيّ قَالَ: قَالَ بَكْر بْن خُنَيْس: إن في جهنم لواديا تتعوذ جهنم من ذَلِكَ الوادي كل يوم سبع مرات. وإنّ في الوادي لَجُبًّا يتعوّذ الوادي وجهنّمُ مِن ذَلِكَ الْجُبّ كلّ يوم سبْع مرّات. وإن في الجب لحية يتعوذ الجب والوادي وجهنم من تِلْكَ الحية كل يوم سبع مرات. يُبدأ بِفَسَقة حَمَلَة القرآن، فيقولون: أيْ ربّ بُديء بنا قبل عَبَدَة الأوثان؟! قِيلَ لهم: لَيْسَ من يعلم كمن لا يعلم. وقد روى معروف عَنْ بَكْر بْن خُنَيْس، وابن السّمّاك شيئًا يسيرًا، وعن: الربيع بْن صُبَيْح. روى عَنْهُ: خَلَف البزّار، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وغيرهم. وقد ذُكِر معروف عند أحمد بْن حنبل فقالوا: قصير العِلْم. فقال للقائل: أمسِكْ، وهل يُراد مِن العِلْم إلا ما وصل إليه معروف؟. قَالَ إسماعيل بْن شدّاد: قَالَ لنا سُفْيان بْن عُيَيْنَة: ما فعل ذَلِكَ الْحَبْرُ الَّذِي فيكم ببغداد؟. قُلْنَا: مَن هُوَ؟. قَالَ: أبو محفوظ، معروف!. قلنا: بخير. قَالَ: لا يزال أهل تِلْكَ المدينة بخيرٍ ما بقي فيهم. وقال السَّرَّاج، أَنَا أبو بَكْر بْن أَبِي طَالِب قَالَ: دخلت مسجد معروف، فخرج وقال: حيّاكم الله بالسّلام، ونَعِمْنا وإيّاكم بالأحزان. ثمّ أذّن، فارتعد ووقف شِعْره، وانحنى حتّى كاد يسقط. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 214 وعن معروف قَالَ: إذا أراد الله بعبدٍ شرًا أغلق عَنْهُ باب العمل، وفتح عَليْهِ باب الجدل. وقال جُشَم بْن عيسى: سَمِعْتُ عمّي معروف بْن الفيرُزان يَقُولُ: سَمِعْتُ بَكْر بْن خُنَيْس يَقُولُ: كيف تتّقي وأنت لا تدري ما تتّقي؟ رواها أحمد الدَّوْرقيّ عَنْ معروف قَالَ: ثمّ يَقُولُ معروف: إذا كنت لا تُحسن تتّقي أكلت الرَّبا، ولقيت المرأة فلم تغَضّ طَرْفَك، ووضعت سيفك عَلَى عاتقك، إلى أن قَالَ: ومجلسي هذا ينبغي أن يُتّقى، ومجيئكم معي مِن المسجد ينبغي لنا أن نتّقيه، فإنّه فتنةٌ للمتبوع، وذلةٌ للتابع1. وعن معروف، وبعث إليه رَجُل بعشرة دنانير فلم يأخذها. ومرّ سائل فأعطاها لَهُ. وقيل: كَانَ يبكي ثمّ يَقُولُ: يا نفس كم تبكين، أَخْلِصي تَخْلُصي. وقيل: سأله رَجُل: يا أبا محفوظ كيف تصوم؟ فبقي يغالطه ويقول: صوم نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ كذا، وصوم داود كَانَ كذا. فألحّ عَليْهِ فقال: أصبح دهري صائمًا، فمن دعاني أكلت، ولم أقل إنّي صائم. وقيل: قصّ إنسان شاربَ معروف وهو يُسبَّح فقال: كيف أقصّ وأنت تسبّح؟ فقال: أنت تعمل وأنا أعمل. وقال رَجُل: حضرتُ معروفًا، فاغتاب رجلٌ رجلا عنده، فقال: أذكر القُطْن إذا وُضع عَلَى عَيْنَيْك. وعنه قَالَ: ما أكثر الصالحين، وما أقلّ الصّادقين. وعنه قَالَ: مِن كابر الله صَرَعه، ومن نازعه قَمَعه، ومن ماكَرَه خَدَعه، ومن توكَّل عَليْهِ مَنَعه، ومن تواضَعَ لَهُ رَفَعه وعنه: كلام العبد فيما لا يعنيه خِذْلان مِن الله. وقيل جاءه ملهوف وقال: ادع لي أن يرد الله علي كيسي، سرق منه ألف دينار.   1 الحلية "8/ 365". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 215 فقال: ماذا أدعو ما زَوَيْتَه عَنْ أنبيائك وأوليائك، فردّه عَليْهِ. وقيل: إنّه أنشد مرّة في السَّحَر: ما يضرّ الذُّنوب لو اعتقتني ... رحمةً لي، فقد علاني المَشِيب1 وعنه قَالَ: مَن لعن إمامَهُ حُرِمَ عَدْلَهُ. وعن محمد بْن منصور الطّوسيّ قَالَ: قعدت مرّة إلى جنب معروف، فلعلّه قَالَ: وَاغَوْثاه بالله عشرة آلاف مرّة. وتلا: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9] . وعن ابن شِيرَوَيْه: قلت لمعروف: بلغني أنّك تمشي عَلَى الماء. قَالَ: ما وقع هذا، ولكنْ إذا هَممتُ بالعُبور جُمع لي طرفًا النَّهر فأتخَطَاه. أبو العبّاس بْن مسروق: نا محمد بْن منصور الطّوسيّ قَالَ: كنت عند معروف، ثمّ جئت وفي وجهه أثر. فسأله رجلٌ عَنِ الأثر فقال: سلْ عمّا يعنيك عافاك الله. فألحّ عَليْهِ وأقسم عَليْهِ، فتغيّر ثمّ قَالَ: صلَّيت البارحة هنا، واشتهيت أن أطوف بالبيت، فمضيت إلى مكّة فطفتُ، وجئت لأشرب مِن زمزم، فزلقتُ، فأصاب وجهي هذا2. وقال ابن مسروق: نا يعقوب ابن أخي معروف قَالَ: قَالُوا لمعروف: استسقِ لنا، وكان يومًا حارًا، فقال: ارفعوا ثيابكم. قَالَ: فما استتمُّوا رفْعَ ثيابهم حتّى مُطِروا. وقد استجاب الله لمعروف في غير ما قضية. وقد أفرد ابن الجوزيّ كتابًا في مناقبه. وقال عُبَيْد بْن محمد الورّاق: مرّ معروف وهو صائم بسقّاء يَقُولُ: رحم الله مِن شرب، فشربَ رجاء الرحمة. وقد حكى السلمي شيئًا منكرًا، وهو أنّ معروفًا كَانَ يحجب عليّ بْن موسى الرّضا، قَالَ: فكسروا ضلْع معروفٍ فمات. فهذا إنْ صحّ، يكون حاجبٌ اسمُهُ باسم معروف.   1 صفة الصفوة "2/ 321". 2 تاريخ بغداد "13/ 201". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 216 وعن إبراهيم الحربيّ قَالَ: قبر معروف التّرياق المجرَّب. يُريد الدّعاء عنده، لأن البقاع المباركة يستجاب فيها الدعاء. كما أن الدعاء في المساجد وفي السَّحَر أفضل. ودعاء المُضطَّر مجابٌ في كلّ مكان. قَالَ محمد بْن عُبَيْد الله بْن المنادي، وثعلب: مات معروف سنة مائتين. وقال عَبْد الرّزّاق بْن منصور: سنة إحدى ومائتين. وشدّ يحيى بْن أَبِي طَالِب فقال: مات سنة أربعٍ ومائتين. وقال أبو بَكْر الخطيب: الصحيح سنة مائتين، رحمه الله ورضي عنه. 314- معمر بن سليمان الرقي1 -د. ت. ن. ق. أبو عبد الله النخعي. عَنْ: خُصَيف، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وحَجّاج بْن أرطأة، وزيد بْن حبان الرَّقَّيّ، وطائفة. وعنه: أبو عُبَيْد، وأحمد بْن حنبل، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيبة، وعليّ بْن حُجْر، وَأَبُو سَعِيد الأشجّ، وسَعدان بْن نصر، وجماعة. وثّقه ابن مَعِين. وذكره أحمد فذكر مِن فضله وهيبته. وقال أبو عُبَيْد: كَانَ مِن خير من رَأَيْت. قلت: مات في شَعْبان سنة إحدى وتسعين ومائة. وقع لي مِن عواليه. 315- معن بْن عيسى بْن يحيى بْن دينار بْن عَبْد الله الأشجعيّ2 -ع. مولاهم الْمَدَنِيّ القزّاز الحافظ أبو يحيى، أحد الأعلام. كَانَ صاحب حانوت وأُجَراء ينسجون لَهُ الْقَزَّ.   1 انظر: الميزان "4/ 156"، والسير "9/ 210". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 277، 278"، والسير "9/ 304-306". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 217 روى عَنْ: ابن أَبِي ذئب، ومالك، وأُبَيّ بْن عَبَّاس بْن سهل، وأبي الغصن ثابت بْن قيس، وزُهير بْن محمد، وسعيد بْن السّائب الطّائفيّ، وهشام بْن سعْد، ومعاوية بْن صالح، وموسى بْن عليّ، وإبراهيم بن طَهْمان، وطبقتهم. ولزِم مالكًا زمانًا، وكان مِن خيار أصحابه ومتقنيهم ومُفتيهم. روى عَنْهُ: أحمد بْن خالد، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو خَيْثَمَة، وهارون الحمّال، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وخلْق سواهم. قَالَ أبو حاتم: هُوَ أوثق أصحاب مالك وأثبتهم. وقال ابن سعْد: كَانَ يعالج القزّ بالمدينة، وله غلمان حاكة. وقيل: كَانَ مالك يتّكيء عَلَى يده في خروجه إلى المسجد، حتّى كان يقال لَهُ: عصا مالك. وقال أبو حاتم أيضا: هو أحب إلي مِن ابن وهْب. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْعَاصِي، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، نَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يُصَافِحُ امْرَأَةً قَطُّ"1. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ مَالِكٍ مِنْ تَأْلِيفِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ. فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا جِدًّا. تُوُفّي معن في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 316- المغيرة بن سلمة -م. د. ن. ق. أبو هشام المخزومي البصري2. عَنْ: أبان العطّار، ونافع بْن عمر، والقاسم بن المفضل الحداني.   1 "حديث صحيح": وأخرجه بنحوه ابن سعد "1/ 8" في طبقاته، وأحمد "2/ 213"، وانظر: السلسلة الصحيحة "530" للألباني. 2 الجرح والتعديل "8/ 223"، والتهذيب "10/ 261". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 218 وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وإسحاق الكَوْسج، وبُنْدار، وعلي بن المديني، ومحمد بن عبد الله المخرمي. قَالَ ابن المَدِينيّ: ما رَأَيْت قُرَشيًا أفضل منه، ولا أشدّ تَوَاضُعًا. أخبرني بعض جيرانه: كَانَ يصلّي طول اللَّيْلِ، -رَضِيَ اللهُ عنه. قلت: مات سنة مائتين. أرخه البخاري، واستشهد به في "الصحيج". وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة ثبتا. 317- المفضّل بْن صالح الكوفيّ1. أبو جميلة الدّلال النّخّاس. عَنْ: زياد بْن عِلاقة، وابن المنكدر، وعمرو بْن دينار، وجماعة. وعنه: محمد بْن عُمَر بْن الوليد الكِنْديّ، ومحمد بْن إسماعيل الأحمسيّ، وأحمد بْن بُديل، ومحمد بْن عُبَيْد المُحَاربيّ، وآخرون. وعُمَّر دهرًا. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يروي المقلوبات عَنِ الثَّقات حتى يتّهمه القلبُ. وقال التَّرْمِذيّ: لَيْسَ بذاك الحافظ. 318- منصور بْن عَبْد الحميد بْن راشد2. أبو رياح. عَنْ: أنس بْن مالك، وابن عمر، وأبي أمامة. وعن: طاووس اليَمَانيّ، وعدّة. حدَّث بمَرْو عَنْهُمْ قُبَيْلَ المائتين.   1 الجرح والتعديل "8/ 316، 317"، والتهذيب "10/ 271، 272". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 175". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 219 وعنه: مُعَاذ بْن أسد، وسلمة بْن سليمان المَرْوَزِيّان، ويحيى بْن خالد البلْخيّ، وعبد الله بْن مُثَنَّى الحلميّ، وغيرهم. لَيْسَ بثقة. وهّاه ابن حِبّان. وقال ابن عساكر في سُباعيّاته: ذكر هبة الله بن فاخر السحزي هذا، وأنّ الرواية لا تحلّ عَنْهُ. 319- منصور بْن عمّار بْن كثير. أبو السَّريّ السُّلَميّ الخُراساني1. ويُقال إنّه بصْريّ. كَانَ زاهدًا، واعظًا، كبير الشأن. روى عَنْ: اللَّيْثُ، وابن لهيعة، والمنكدر بن محمد، ومعروف الخياط، والهقل بن زياد، وبشير بن طلحة، وآخرين. وعنه: ابناه سليم، وداود، وزهير بن عباد الرؤاسي، ومحمد بن جعفر الأحول، وأحمد بن منيع، وعلي بن خشرم، ومنصور بن الحارث، وعبد الرحمن بن يونس الرقي، وغيرهم. وكان إليه المنتهى في بلاغة الموعظة وتحريك القلوب إلى الله. أقام ببغداد مدة، ووعظ بها وبالشام ومصر. وسار ذكره وبعد صيته. قال أبو حاتم: صاحب مواعظ لَيْسَ بالقويّ. وقال ابن عَدِيّ: مُنْكَر الحديث. وقال الدّارَقُطْنيّ: لَهُ أحاديث لا يُتَابع عليها. قَالَ ابن يونس: قصّ بمصر عَلَى النّاس، وسمعه اللَّيْثُ فأعجبه ووصله بألف دينار. وقد حدّث عَنْهُ أيضًا: يحيى بْن بُكَيْر، وسعيد بْن عُفَير. ما قصّ عَلَى الناس أحدٌ مثله.   1 الحلية "9/ 325"، والسير "9/ 93-98". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 220 أبو شُعيب الحرّانيّ: نا عليّ بْن خشرم: قَالَ منصور بْن عمّار: لما قدِمتُ مصر كانوا في قَحْط، فلمّا صلّوا الجمعة ضجّوا بالبكاء والدعاء. فحضرتني نيةٌ، فصرت إلى الصح وقلت: يا قوم تقرَّبوا إلى الله بالصَّدَقة، فما تُقرَّب إليه بأفضل منها. ثمّ رميت بكِسائي وَقُلْتُ: الّلهمّ هذا كسائيِ وهو جَهْدي. فتصدّقوا حتى جعلت المرأة تُلقي خُرْصَها، حتى فاض الكِساء مِن أطرافه، ثمّ هطلت السماء ومُطِرنا. فخرج الناس في الطّين والمطر، فَدُفِعَت، يعني الصدقات، إلى الليث وابن لهيعة، فنظرا إلى كثرة المال فقال أحدهما لصاحبه: لا يُحَرَّك. ووكّلوا بِهِ الثَّقات حتى أصبحوا. فرحتُ أَنَا إلى الإسكندريّة، فبينا أَنَا أطوف عَلَى حصنها إلى رجلٌ يرمقني، فقلت: ما لك؟ قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم! قَالَ: إنّك صرت فتنة. قَالُوا: ذاك الخَضِر دعا، فاستُجيب لَهُ. قلت: بل أَنَا العبد الخاطئ. فقدِمتُ مصر، فلقيت اللَّيْثُ فلمّا نظر إلى قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم!. فأقطعني خمسة عشر فَدَّانًا، وصرت إلى ابن لهيعة فأقطعني خمسة فدادين1. عليّ بْن خَشْرم: نا منصور ح وأبو داود، عَنْ قُتَيْبة، عَنْ منصور قَالَ: قدِمت مصر وبها قحط، فتكلّمتُ، فبذلوا صدقات كثيرة. فأُتيّ بي إلى اللَّيْثُ فقال: ما حملك على أن تكلّمت ببلدنا بغير أمرنا. قلتُ: أصلحك الله، أعرضُ عليك، فإن كَانَ مكروهًا نهيتني. قَالَ: تكلّم. فتكلَّمت، فقال: قم، لا يحلّ أن أسمع هذا وحدي. قَالَ: وأخرج إليّ بعد هذا حلية قيمتها ثلاثمائة دينار. ثمّ لمّا خرج النّاس ناولني كيسًا فيه ألف دينار، وقال: لا تُعْلِم بِهِ ابني فتهون عَليْهِ2. وقال أبو حاتم: نا سُلَيْم بْن منصور، نا أَبِي قَالَ: أعطاني اللَّيْثُ ألف دينار. قَالَ عليّ بْن خَشْرَم: سمعت منصورًا يَقُولُ: المتكلّمون ثلاثة: الحَسَن البصْريّ، وعمر بْن عَبْد العزيز، وعون بْن عَبْد الله. قلت: فأنت الرابع.   1 تاريخ بغداد "13/ 72، 73". 2 السابق "13/ 73، 74". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 221 وقيل: إنّ الرشيد لمّا سَمِعَ وعظه قَالَ: مِن أَيْنَ تعلّمت هذا؟ قَالَ: تَفَلَ في فيَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ وقال: "يا منصور قُلْ"1. السَّرَّاج: نا أحمد بن موسى الأنصاري قَالَ: قَالَ منصور بْن عمّار: حججتُ فَبِتّ بالكوفة، فخرجت في الظَّلْماء فإذا بصارخٍ يَقُولُ: إلهي وعزّتك ما أردتُ بمعصيتي مخالفتك، ولقد عصيتك وما أَنَا بنَكالِك جاهل، ولكنْ خطيئة عرضت أعانني عليها شقائي، وغرّني سَتْرُك، والآن مِن ينقذني؟ فتلوت هذه الآية {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] فسمعت دكدكةً، فلمّا كَانَ مِن الغد مررتُ هناك، فإذا بجنازةٍ، وإذا عجوز تَقُولُ: مرّ البارحة رجلٌ فَتَلا آية، فتفطّرت مرارته، فوقع مَيْتًا2. قَالَ أبو بَكْر، وعثمان ابنا أبي شَيبة: كنا عند ابن عُيَيْنَة فجاء منصور بْن عمار فسأله عَنِ القرآن، فزبره وأشار بالعكاز إليه. وانتهره. فقيل: يا أبا محمد إنّه عابد. قَالَ: ما أرى إلا شيطانًا. قَالَ منصور: دخلت عَلَى سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فحدَّثني ووعظته، فلمّا أثارت الأحزان دموعه رفع رأسه وردها في عينيه، فقلت: هلا أسبلتها إسبالا، وتركتها تجري سجالا. قَالَ: إنّ الدمعة إذا بقيت كَانَ أبقى للحزن في الجوف. قَالَ سُلَيْم بْن منصور: كتب بِشْر المريْسي إلى أَبِي: أخبرني عَنِ القرآن. فكتب إليه: عافانا الله وإيّاك، وجعلنا مِن أهل السُّنَّةِ، فإن يفعل فأعظم بها منّه، وإلا فهي الهلكة. نَحْنُ نرى أنّ الكلام في القرآن بدعة تشارك فيها السّائل والمجيب. تعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيب ما لَيْسَ عَليْهِ. وما أعرفُ خالقًا إلا الله، وما دونه مخلوق، والقرآن كلام الله. فانْتَهِ بنفسك وبالمختلفين فيه معك إلى أسمائه الّتي سمّاه الله بها، ولا تُسَمَّ القرآن باسمٍ مِن عندك، فتكون مِن الضّالّين3. رواها أبو الحسن الميمونيّ، وغيره، عَنْ سُلَيْم.   1 السابق. 2 الحلية "1/ 328، 329". 3 الحلية "9/ 326". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 222 أبو عليّ الكوكبيّ: نا حريز بْن أحمد بْن أَبِي داود: حدَّثني سلمويه بْن عاصم قَالَ: كتب بِشْر إلى منصور بْن عمار يسأله عَنْ قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟. فكتب إليه: استواؤه غير محدود، والجواب فيه تكلف، مساءلتك عَنْهُ بدعة، والإيمان بجملة ذَلِكَ واجب. عَنْ عَبْدَك العابد قَالَ: قِيلَ لمنصور بْن عمّار: تتكلّم بهذا الكلام، ونرى منك أشياء؟ قَالَ: احسبوني دُرّة وجدتموها عَلَى كناسة. وعن بِشْر الحافي أنّه كتب إلى منصور بْن عمّار أنِ اكتب إليَّ بما منَّ الله علينا. فكتب إليه: يا أخي، قد أصبحنا في نعمٍ لا نُحصيها في كثرة ما نعصي. فلا أدري كيف أشكره بجميل ما نَشَرَ، أو قبيح ما سَتَر. قلت: ساق ابن عَدِيّ لمنصور تسعة أحاديث منكرة. وَرُوِيَ أنّه رُئي بعد موته فَقِيلَ: ما فعل اللَّه بك؟. قَالَ: غُفِر لي وقال: يا منصور قد غفرتُ لك عَلَى تخليطك، إلا أنّك تحوش1 الناس إلى ذكري2. وقيل هذا لأبي العتاهية: إنّ يومَ الحسابِ يومٌ عسيرٌ ... لَيْسَ للظّالمين فيه مجير فاتّخذ عدّةً لمطلع القبـ ... ـر وَهَوْلِ الصَّراط يا منصور3 320- منصور بن وردان الأسدي الكوفي4. عَنْ: أبان بْن تَغْلِب، وعليّ بْن عَبْد الأعلى الثعلبي.   1 تحوش: تجمع. 2 الحلية "9/ 325، 326". 3 تاريخ بغداد "13/ 76". 4 الجرح والتعديل "8/ 180"، والتهذيب "10/ 316". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 223 وعنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وابن نُمَير، والحسن بْن محمد الزَّعْفرانيّ. وثقه أحمد. وله سَمِيّ في طبقة منصور بْن المعتمر. وقال بعض الحُفَّاظ: إنّ صاحب الترجمة لا يُحْتَجّ بِهِ، بل هُوَ صُوَيْلح. 321- مؤرَّجُ بْن عَمْرو السَّدُوسيّ البصْريّ النَّحْويّ1. أبو فَيْد، أحد أئمّة العربية واللُّغة. أخذ عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن العلاء، وشُعْبَة، والخليل بْن أحمد. وسكن نَيْسابور وبثّ بها علومه، وأخذ عَنْهُ أهلُها، وصنّف غريب القرآن. أخذ عَنْ: أحمد بْن خَالِد الذُّهْليّ، وخليل بْن أسد، وغيرهما. وكان يَقُولُ: اسمي وكنيتي غريبان. تَقُولُ العرب: أرّتّ بين القوم، إذا حَرّشت بينهم. والفَيْد وَرْدُ الزَّعْفران، وفاد الرجل فَيْدًا: مات. تُوُفّي أبو فَيْد سنة خمسٍ وتسعين ومائة. 322- موسى بْن إبراهيم بْن كثير الأنصاريّ الحزامي المدني2 -ت. ق. عَنْ: طلحة بن خِراش، ويحيى بْن عَبْد الله بْن أبي قَتَادة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحَزاميّ، وعَبده بْن عَبْد اللَّه الصَّفّار، وعلي بْن المَدِينيّ، ودُحَيْم، ويحيى بْن حبيب بْن عربيّ. صدوق، مُقِلّ. 323- موسى بن طارق -ن. أبو قرة الزبيدي3، قاضي زبيد وعالمها.   1 الجرح والتعديل "8/ 443"، والسير "9/ 309، 310". 2 تاريخ بغداد "3/ 258". 3 التهذيب "10/ 349، 350"، والسير "9/ 346". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 224 روى عَنْ: عُبَيْد الله بْن عُمَير، وموسى بْن عُقْبة، وابن جُرَيج، وأيمن بن نابل، وأخذ القراءة عن: نافع بن أبي نعيم. وصنّف السُّنَن. روى عَنْهُ: أحمد، وإسحاق، وصامت بْن مُعَاذ، وأبو جُمّة محمد بْن يوسف الزُّبَيْديّ. قَالَ أبو حاتم: محلُّه الصَّدْق. 324- موسى بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب. أبو الحَسَن الهاشميّ العلويّ المدنيّ1. أخو محمد وإبراهيم اللّذين حاربا المنصور. روى عن: أبيه. وعنه: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْديّ مَعَ تقدُّمه، ومروان بْن محمد الطَّاطَريّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله الهَرَويّ، وَسَلَمَةُ بْن بِشْر، وولده عَبْد الله بْن موسى. اختفى مدّةً بالبصْرة بعد قتل أخَوَيه، ثمّ أُخِذَ فَحُمِلَ إلى المنصور، فضربه سبعين سَوْطًا، ثمّ عفا عَنْهُ. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: روى شيئًا كثيرًا عَنْ أبيه. وقال يحيى بْن مَعِين: قد رَأَيْته وهو ثقة. وقال الْبُخَارِيّ: فيه نظر. وقيل: إنّه امتنع مِن التحديث، وله شِعْر حسنٌ سائر. 325- موسى بْن يحيى بْن خَالِد بْن بَرْمَك2. مِن كبار أمراء الدّولة، ولاه الرشيد إمرة الشام في أيام فتنة أَبِي الهيذام، فقدِم وأصلح بين القيسية واليمانية.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 150"، والميزان "4/ 211". 2 وفيات الأعيان "6/ 220-222". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 225 وكان شابًا شجاعًا كافيًا ذا دَهاء ورأي. عزم المأمون أن يولّيه ثغر السَّند لشجاعته. حكى عَنْهُ: ابنه هارون، والأصمعيّ، وعليّ بْن المَدِينيّ. ولا أعلم مَتَى تُوُفّي. 326- مؤمّل بْن عبد الرَّحْمَن بْن العبّاس البصْريّ1. أبو العبّاس. حدَّث بمصر عَنْ: حُمَيْد الطّويل، وعَوْن، وابن عَجْلان، وأبي أُمَيَّة بْن يَعْلَى. وعنه: أبو يحيي الوتّار، وعبد الغني بْن عبد العزيز العسّال، وعمرو بْن سَوّار، ومحمد بْن عَبْد الله بْن ميمون، وآخرون. عِداده في الضًّعفاء. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عامّة حديثه غير محفوظ. 327- مَيْسَرةُ بنُ عَبْد ربّه التُّسْتَرِيّ2. عَنْ: سُفْيان الثَّوْريّ، وموسى بْن عُبَيْدة، وابن جُرَيج. وعنه: يحيى بْن يزيد الخوّاص، وعمر بْن مطر السَّكسكيّ. قَالَ الْبُخَارِيّ: يُرمى بالكِذب. وقال النَّسَائيّ: متروك الحديث قلت: هُوَ واضع كتاب العقل، وقد تقدّم ذِكره أيضًا. "حرف النون": 328- نَصْر بْن باب. أبو سهل الخراساني3.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 374، 375"، والتهذيب "10/ 382". 2 الجرح والتعديل "8/ 254"، والميزان "4/ 230-232". 3 الجرح والتعديل "8/ 469"، والميزان "4/ 250". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 226 سَمِعَ: أبا إِسْحَاق السَّبِيعيّ، وإسماعيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحْمَد بْن حنبل، ومحمد بْن رافع، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ، وعليّ بْن سَلَمَةَ، وأهل نَيْسابور. وثّقه أحمد. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبّان: لا يُحْتَجّ بِهِ. وقال الْبُخَارِيّ: يرمونه بالكذب. وقال غير واحد: متروك. 329- النضر بن كثير -د. ن. أبو سهل البصري العابد1. عَنْ: عَبْد الله بْن طاوس، وداود بْن أَبِي هند، ويحيى بْن سَعِيد، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعُقبة بْن مُكْرَم، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وعمر بْن شَبَّه. وقال الفلاس: كَانَ يُعَدّ مِن الأبدال. وقال أحْمَد: ضعيف الحديث. وقال الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. "حرف الهاء": 330- هارون بْن أَبِي عيسى2 -ن. روى السّيرة النَّبويَّة عَنِ ابن إسحاق. قَالَ الْبُخَارِيّ: يخطئ عَنْ غير ابن إسحاق. قلت: حدَّث عَنْهُ ابنه عَبْد الله، وَمُعَلَّى بْن أسد.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 478"، التهذيب "10/ 443". 2 الجرح والتعديل "9/ 93"، الميزان "4/ 285". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 227 331- هارون الرشيد1. أمير المؤمنين أبو جعفر بْن محمد المهديّ بن المنصور أَبِي جعفر عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عبد الله بْن عباس العبّاسيّ البغداديّ. استُخْلِف بعهدٍ مِن أبيه سنة سبعين ومائة عند موت أخيه الهادي. حدَّث عَنْ: أَبِيهِ، وجدّه المنصور، ومبارك بن فضالة. روى عنه: ابنه المأمون، وغيره. وكان من أميز الخلفاء، وأجل ملوك الدنيا. وكان كثير الغزو والحج كما قيل فيه: فمن يطلب لقاك أو يرده ... فبالحرمين أو أقصى الثغور مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان، في سنة ثمانٍ وأربعين ومائة. وأمه أُمّ ولد اسمها الخَيْزُران. وكان أبيض طويلا جميلا مليحًا، مُسمَّنًا، فصيحًا، لَهُ نظر في العِلْم والآداب، وقد وَخَطَه الشَّيْب. أغزاه والده أرضَ الروم وهو ابن خمس عشرة سنة. وبلغني أنّه كَانَ يصلّي في خلافته في اليوم مائة ركعة إلى أن مات. ويتصدّق كلَّ يوم مِن صُلْب ماله بألف درهم، فالله أعلم. وكان يحبّ العِلْم وأهله، ويُعظَّم حُرُمات الإسلام، ويبغض المِراء في الدّين، والكلام في معارضة النَّصّ. وكان يبكي عَلَى نفسه وعلى إسرافه وذنوبه، سيّما إذا وُعِظ. وكان يحبّ المديح ويُجيز عَليْهِ الأموال الجزيلة الجليلة. وله: شعرٌ يروق. دخل عَليْهِ مرّةً ابن السّمّاك الواعظ، فبالَغَ في احترامه، فقال لَهُ ابن السّمّاك: تواضُعك في شرفك أشرفُ مِن شَرَفك. ثمّ وعظه فأبكاه.   1 الحلية "8/ 105-108"، السير "9/ 286-295". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 228 وقد وعظه الفُضَيْل بْن عياض حتى جعل يشهق بالبكاء. وكان هُوَ أتى بنفسه إلى بيت الفُضَيْل. ومن محاسنه أنّه لمّا بلغه موتُ ابن المبارك جلس للعزاء، وأمر الأعيان أن يُعَزُّوه في ابن المبارك. قَالَ نِفْطَوَيْه في تاريخه: حكى بعض أصحاب الرّشيد أنّ الرشيد كَانَ يصلّي في اليوم مائة ركعة، لم يتركها إلا لِعلّة. وكان يقتفي آثار جدّه أَبِي جعفر، إلا في الحرْص وَالْبُخْلِ. قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ: مَا ذَكَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ إِلا قَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِي. وَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَحْيَى ثُمَّ أُقْتَلُ، فَبَكَى حَتَّى انْتَحَبَ1. وعن خُرَّزاذ القائد قَالَ: كنت عند الرشيد، فدخل أبو معاوية الضّرير، وعنده رَجُل مِن وجوه قريش، فذكر أبو معاوية حديث: "احتجّ آدمُ وموسى" 2، فقال الْقُرَشِيّ: فأين لِقيه؟ فغضب الرشيد وقال: النَّطْع والسيّف، زنديق يطعن في حديث النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فما زال أبو معاوية يُسَكَّنه ويقول: يا أمير المؤمنين كانت منه بادرة، حتّى سكن3. وعن أَبِي معاوية قَالَ: أكلت مَعَ الرشيد يومًا، ثمّ صَبَّ عَلَى يديّ رجلٌ لا أعرفه. ثمّ قَالَ الرشيد: تدري مِن يصبّ عليك؟ قلت: لا!. قَالَ: أَنَا، إجلالا للعِلم. وقال منصور بْن عمّار: ما رَأَيْت أغزر دمعًا عَنِ الذّكِر مِن ثلاثة: الفُضَيْل بْن عِياض، والرشيد، وآخر. وقال عُبَيْد الله القَواريريّ: لمّا لقي الرشيد فضيلا قَالَ لَهُ: يا حَسَن الوجه، أنت المسؤول عن هذه الأمة.   1 "حديث صحيح": متفق عليه. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 157"، ومسلم "2652"، وأبو داود "4701"، وأحمد "2/ 268، 269". 3 تاريخ بغداد "14/ 7، 8". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 229 ثنا ليث، عَنْ مجاهد: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 199] قَالَ: الْوُصَلُ التي كانت بينهم في الدنيا. فجعل هارون يبكي ويشهق. قَالَ الأصمعيّ: قَالَ لي الرشيد: يا أصمعيّ، ما أغفلك عنّا، وأجفاك لنا؟ قلت: والله يا أمير المؤمنين، ما ألاقَتْني بلادٌ بعدك حتّى أتيتك. فسكتَ، فلمّا تفرّق الناسُ قَالَ: اجلس، فلم يبق سوى الغِلمان، ما ألاقتني؟. فقال الأصمعيّ: كفاك كفّ ما تُليق بدرهم ... جودًا وأخرى تُعْطِ بالسّيف الدّما فقال: أحسنتَ، وهكذا فكنْ، وقَّرْنا في المَلأ، وعَلَّمْنا في الخلاء. وأمر لي، بخمسة آلاف دينار. رواها أبو حاتم عَنْهُ. قَالَ الثعالبيّ في كتاب لطائف المعارف: قَالَ الصُّوليّ: خَلَف الرشيد مائة ألف ألف دينار. قَالَ الثعالبيّ: وحكى غيره أنّ الرشيد خَلَف مِن الأثاث والعَين والوَرِق والجواهر والدّوابّ ما قيمته مائة ألف ألف دينار وخمسة وعشرون ألف دينار. وفي مروج المسعوديّ قَالَ: رام الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم وبحر القُلْزُم ممّا يلي الفَرَما، فقال لَهُ يحيى بْن خَالِد البرمكيّ: كَانَ يختطف الرومُ الناسَ مِن المسجد الحرام وتدخل مراكبهم إلى الحجاز، فتركه. وَرُوِيَ عَنْ إسحاق المَوْصِليّ أنّ الرشيد أجازه مرّة بمائتي ألف درهم. وعن العبّاس بْن الأحنف أنّ الرشيد قَالَ في خطية لَهُ مِن أشعاره: أَمَا يَكْفِيكِ أَنَّكِ تَمْلِكِينِي ... وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَبِيدِي وَأَنَّكِ لَوْ قَطَعْتِ يَدِي وَرِجْلِي ... لَقُلْتُ مِن الهوى أحسنت زِيدي1 قَالَ عَبْد الرّزّاق بْن همّام: كنتُ مَعَ الفُضَيْل بمكّة، فمرّ هارون، فقال فُضَيْل: النّاسُ يكرهون هذا، وما في الأرض أعزّ عليّ منه، لو مات لرأيت أمورًا عظامًا. قَالَ الجاحظ: اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لغيره: وزراؤه البرامكة، وقاضيه أبو   1 تاريخ بغداد "14/ 12". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 230 يوسف، وشاعره مروان بْن أَبِي حفصة، ونديمه العبّاس بْن محمد عمّ أَبِيهِ، وحاجبه الفضل بْن الربيع أَتْيَه الناسِ وأعظمهم، ومغّنيه إبراهيم المَوْصِليّ، وزوجته زُبَيدة1. ويُروَى أنّ الرشيد أعطى سُفْيان بْن عُيَيْنَة مرّة مائة ألف. وأخبارُ الرشيد يطول شرحها. ومحاسنها جَمَّة، وله أخبار في الّلهْو واللَّذّات المحظورة والغناء، والله يسامحه. قَالَ أبو محمد بْن حزم: أُراه كَانَ لا يشرب النّبيذ المختلف فيه إلا الخمر المتَّفق عَلَى تحريمها، ثمّ جاهر بها جهارًا قبيحًا. قلت: تُوُفّي في الغزو بمدينة طُوس مِن خُراسان في ثالث شهر جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة، وصلّي عَليْهِ ابنه صالح، ودُفِن بطوس، رحمه الله. عاش خمسًا وأربعين سنة. 332- هاشم بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ التَّيْميّ البكْريّ2. أبو بَكْر المدنيّ الفقيه. وُلّي قضاء مصر، فقدِمَها بعد انفصال العُمريّ عَنْهَا. ولاه الأمين في سنة أربع وتسعين ومائة. وكان قد تفقَّه بالكوفة عَلَى مذهب أَبِي حنيفة، وكان يتناول النّبيذ ولم تطل ولايته. ومات في المحرَّم سنة ستٍ وتسعين ومائة. 333- هاشم بْن القاسم التَّيْميّ الكوفيّ3. روى عَنِ: الأعمش. وعنه: حُمَيْد بْن الربيع، والعباس بن يزيد البحراني.   1 السابق "14/ 11". 2 الولاة والقضاة "417" للكندي. 3 لم نقف عليه. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 231 334- هُذَيْلُ بْن ميمون الْجُعْفيّ الكوفيّ1. عَنْ: يحيى بْن أبي أنيسه، ومطرح الشّاميّ. وعنه: محمد بْن الصّبّاح الجرجرائيّ، وأحمد بْن حنبل. 335- هشام بْن سليمان بْن عِكرمة بْن خَالِد المخزوميّ الْمَكَّيّ -م. ق. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وابن جُرَيج، ويونس بْن يزيد الأَيْليّ. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وسعيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي، وسُوَيد بْن سَعِيد، ومحمد العَدَنيّ. صَدْوق فيه أدنى شيء، وله أثر في البيوع مِن الْبُخَارِيّ. 336- هشام بْن عَبْد الله بْن عِكْرمة بْن خالد المخزوميّ الْمَكَّيّ1. ابن عم الَّذِي قبله من نبلاء الشرفاء. صحب هشام بن عُرْوَة، وَكَانَ من خاصته، فأكثر عَنْهُ، إلا أَنَّهُ لم يحدث. وَكَانَ جليل القدر يحتسب، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر. ذكر هَذَا ابن سَعْد، ثُمَّ قَالَ: دخل على الرشيد، فدعا لَهُ، -وكلمه بكلامٍ أعجبه، ووعظه، فولاه قضاء المدينة، وأجازه بأربعة آلاف دينار. وَكَانَ سخيا، وصولا لرحمه. قُلْتُ: كنيته أَبُو الوليد. وقد غمزه ابن حبان لأجل الحديث الذي أخبرناه أحمد بن محمد الْحَافِظُ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْمُنَجَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. ح، وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُؤَيَّدِ، أَنَا زَكَرِيَّا الْعُلِيُّ قَالا: أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا يُبْنَى الْهَرْثَمِيَّةُ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، ثَنَا الْبَغَوِيُّ، نا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِمْلاءً سَنَةَ ثمانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ   1 الجرح والتعديل "8/ 113". 2 الطبقات الكبرى "5/ 442"، والميزان "4/ 300". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 232 عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الأَرْضِ"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُصْعَبٌ، عَنْ هِشَامٍ. قَالَ عَبْد الملك بن حبيب الفقيه: قَالَ لي مُطَرِّف بن عَبْد الله: أتى هشام بن عَبْد الله وَهُوَ قاضي المدينة، ومن صالح قضاتها برجلٍ خبيثٍ معروف باتباع الصبيان، قد لصق بصبي في زحمةٍ حَتَّى أفضى. فجلده أربعمائة سوط وسجنه، فما لبث أن مات. 337- هشام بن يوسف الصنعاني الفقيه2 -خ. 4. أبو عبد الرحمن قاضي صنعاء وعالمها. روى عَنْ: ابن جُرَيج، ومَعْمَر، والثَّوْريّ، والقاسم بْن فياض، وجماعة. وعنه: ابن المَدِينيّ، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وإسحاق بْن راهَوَيْه، وابن مَعِين، وعبد الله بْن محمد المُسنْديّ، وجماعة. قَالَ ابن مَعِين: هُوَ أثبت من عبد الرزاق في ابن جُرَيج. وقال أبو حاتم: ثقة متقنّ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ بعض أصحابنا قَالَ مرةً: قَالَ يحيى بْن مَعِين: كتب لي عَبْد الرّزّاق إلى هشام قَالَ: إنّك تأتي رجلا إنّ كَانَ غيّره السلطان، فإنّه لم يغيّر حديثه. وقال يحيى: مكثنا عَلَى باب هشام بْن يوسف خمسين يومًا، لا يحدّثنا بحديث، نذهب معه إلى باب الأمير. وقال أحمد: سَمِعْتُ عَبْد الرّزّاق قَالَ: أتاه، يعني يحيى، فأجزره شاةً، وفعل به وفعل. قال أحمد: هشام ألأم مِن أن يُذْبَح لَهُ. قلت: توفي سنة سبعٍ وتسعين ومائة.   1 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان "3/ 91"، في المجروحين، وانظر: كشف الخفاء "1/ 202، 361". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 70، 71"، والسير "9/ 580-582". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 233 قَالَ إبراهيم بْن موسى الفرّاء: سَمِعْتُ هشام بْن يوسف يَقُولُ: قدِم الثَّوْريّ اليمنَ، فقال: اطلبوا لي كاتبًا سريع الخطّ. فارتادوني، فكنت أكتب. قَالَ أبو زُرْعة: هشام أصحّ اليَمانيّين كتابًا. وقال عبد الرّزّاق: إنْ حدّثكم القاضي فلا عليكم أن لا تكتبوا عَنْ غيره. 338- الهيثم بْن مروان العَنْسيّ1. أبو الحَكَم الدّمشقيّ. عَنْ: يونس بْن مَيْسَرة. وعنه: هشام بْن عمّار، ومحمود بْن خَالِد، وأبو همام السكوني، وجماعة. وعمر دهرًا، لم أرد لأحدٍ فيه كلامًا. محلُّه الصَّدْق. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. "حرف الواو": 339- والبة بْن الحُباب. أبو أسامة الكوفيّ2. شاعر مشهور، مُحِسن النَّعْت للغزل والخمر عَلَى منهاج الشُّعَراء. وكان بينه وبين أَبِي العَتَاهية مُهَاجاة. وكان أبو نُواس يُثْني عَلَى شِعْره. ولما مات والبة رثاه أبو نُواس. 340- وَرْش المقرئ3. عثمان بْن سَعِيد بْن عَبْد الله بْن عَمْرو بْن سليمان.   1 انظر: التهذيب "11/ 99". 2 وفيان الأعيان "2/ 95، 96". 3 الجرح والتعديل "6/ 153"، والسير "9/ 295-299". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 234 وقيل: عثمان بْن سَعِيد بْن عَدِيّ بْن غَزْوان بْن داود بْن سابق القبطيّ الْمَصْرِيّ المقرئ. إمام القراء أبو سعيد، ويقال: أو عمرو، ويقال: أبو القاسم. أصله مِن القَيْروان، وعِدادُه في مَوَالِي آل الزُّبَيْر بْن العوّام. ويقال لَهُ الرّآس. وشيخه نافع هُوَ الَّذِي لقّبه بِورْش لشدّة بياضه. والوَرْش: شيء يُصنع مِن اللَّبن. وقيل: بل لقبه وَرْشان، باسم طائر معروف. فكان يُعجبه هذا الَّلقب ويقول: أستاذي نافع سمّاني بِهِ. ويفتخر بذلك. وكان في حداثته رأسًا في ما قِيلَ، ثمّ اشتغل وبرع في التلاوة، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالدّيار المصرية. وكان بصيرًا بالعربية. وكان أبيض أشقر أزرق، سمينًا مربوعًا، يلبس ثيابًا، قصارًا. مولده سنة عشر ومائة، وكذا أرّخه الأهوازي. وكانت قراءته عَلَى نافع في سنة خمسٍ وخمسين ومائة. قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ: تلا عَلَى نافع ختْمات كثيرة، ثمّ رجع إلى مصر. قلتُ: قرأ عَليْهِ: أبو يعقوب الأزرق، وأحمد بْن صالح، وداود بْن أَبِي طيْبة، وأبو الأزهر عبد الصمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العتَقيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وطائفة سواهم. وقد وقع لي إسناد القرآن العظيم مِن طريقه في غاية العُلُوّ: تلوتُ كتابَ الله عَلَى سُحْنُون الفقيه، عَنْ قراءته عَلَى ابن الصَّفْراويّ، عَنِ ابن عطية، عَنِ ابن الفحّام، عَنِ ابن نفيس، عَنْ أَبِي عَدِيّ، عَنْ أَبِي بَكْر بْن سيف، عَنِ الأزرق، عَنْ وَرْش، عَنْ نافع، عَنْ خمسةٍ مِن أصحاب أُبيّ بْن كعب، وزيد، عَنِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد استوفيت أخبار وَرْش في "طبقات القرّاء". وهو ثَبْت حُجّة في القراءة. مات بمصر في سنة وتسعين ومائة؛ ولا أعلمه روى حديثًا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 235 341- وكيع بن الجراح بن مليح1 -ع. الإمام أبو سفيان الرؤاسي الأعور الكوفي. أحد الأعلام. ورُؤاس بطنٌ مِن قيس عَيْلان. ولد سنة تسعِ وعشرين ومائة، وأصله مِن خُراسان. سَمِعَ مِن: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وابن عَوْن، وابن جُرَيج، وداود بْن يزيد الأوْديّ، وأسود بْن شيبان، ويونس بن أبي إسحاق، وهشام بْن الغاز، والأوزاعي، وشُعْبَة، والثَّوْريّ، وإسرائيل، وجعفر بن برقان، وحنظلة بْن أَبِي سُفيان، وزكريا بْن أَبِي زائدة، وطلحة بْن عَمْرو الْمَكَّيّ، وطلحة بْن يحيى التَّيْميّ، وفضيل بْن غزوان، وموسى بْن عليّ، وهشام الدَّسْتُوائيّ، وأبي جِناب الكلبيّ، وخلْق. وعنه: ابن المبارك وهو أكبر منه، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، ويحيى بْن آدم، والحُمَيْديّ، ومُسددَّ، وأحمد بْن حنبل، وإسحاق، وابن المَدِينيّ، وابن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، وابنا أَبِي شَيبة، وأبو كُرَيْب، وعبد الله بْن هاشم الطّوسيّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله القصّار، وأُمَم سواهم. وكان رأسًا في العِلْم والعمل. وكان أَبُوهُ الجرّاح بن مليح بن عدي بن فرس بن جُمجمة ناظرًا عَلَى بيت المال بالكوفة. وقد أراد الرشيد أن يُوليّ وكيعًا القضاءَ فامتنع. قال يحيى بن يمان: لما مات الثوري، جلس وكيع موضعه. قال القعنبي: كنا عند حماد بن زيد، فلما خرج وكيع قَالُوا: هذا راوية سُفْيان. فقال حمّاد: إنّ شئتم قلت: أرجح مِن سُفْيان. وعن يحيى بْن أيّوب المَقَابِريّ قَالَ: ورث وكيع مِن أمّه مائة ألف درهم. وقال الفضل بْن محمد الشّعرانيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن أكثم يَقُولُ: صحِبْت وكيعًا في الحَضَر والسَّفَر، وكان يصوم الدَّهر، ويختم القرآن كل ليلة.   1 انظر: الجرح والتعديل "90/ 37-39"، والسير "9/ 140-168". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 236 قَالَ يحيى بْن مَعِين: وكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه. وقال أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت أوعى للعِلم ولا أحفظ مِن وكيع. وقال أحمد بْن سهل بْن بحر النَّيْسابوريّ الحافظ: دخلت عَلَى أحمد بْن حنبل بعد المحنة، فسمعته يَقُولُ: كَانَ وكيع إمام المسلمين في وقته. وروى نوح بْن حبيب، عَنْ عَبْد الرّزّاق قال: رأيت الثوري ومَعْمَرا ومالكًا، فما رأت عيناي مثل وكيع قط. وقال ابن معين: ما رأيت أفضل من وكيع. كان يحفظ حديثه، ويقوم الليل، ويسرد الصوم، ويفتي بقول أبي حنيفة. وكان يحيى القطان يفتي بقول أبي حنيفة أيضًا. وقال قتيبة: سَمِعْتُ جريرًا يَقُولُ: جاءني ابن المبارك. فقلت: مِن رَجُل الكوفة اليوم؟ فسكت عنّي ثمّ قَالَ: رَجُل المصْرَين ابن الجرّاح، يعني وكيعًا. قَالَ سَلْم بْن جُنادة: جالستُ وكيعًا سبْعٍ سنين، فما رَأَيْته بَزَق، ولا مسّ حَصاةً، ولا جلس مجلسًا فتحرّك. ولا رَأَيْته إلا استقبل القِبلة، وما رَأَيْته يحلف بالله. وقد روى غير واحدٍ أنّ وكيعًا كَانَ يترخّص في شُرب النَّبيذ. قَالَ إسحاق بْن بُهْلُولٍ الحافظ: قِدم علينا وكيع، يعني الأنبارَ، فنزل في المسجد عَلَى الفُرات. فصِرت إِليْهِ لأسمع منه. فطلب منّي نبيذًا، فجئته بِهِ، فأقبل يشرب وأنا أقرأ عَليْهِ. فلمّا نفذ أطفأ السراج، فقلت: ما هذا؟. قال: لو زدتنا لزدناك!. وقال أبو سَعِيد الأشجّ: كنّا عند وكيع، فجاءه رَجُل يدعوه، إلى عُرْسٍ فقال: أثَمَّ نبيذ؟ قَالَ: لا! قَالَ: لا نحضُر عرسًا لَيْسَ فيه نبيذ. قَالَ: فإنيّ آتيكم بِهِ. فقام. قَالَ ابن مَعِين: سال رَجُل وكيعًا أنّه شربَ نبيذًا، فرأى في النّوم كأن رجلا يقول الجزء: 13 ¦ الصفحة: 237 له: إنّك شربت خمرًا. فقال وكيع: ذاك الشيطان1. وقال نُعَيْم بْن حمّاد: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: هُوَ عندي أحلّ مِن ماء الفُرات. ويُروى عَنْ وكيع أنّ رجلا أغلظ لَهُ، فدخل بيتًا فعقر وجهه ثمّ خرج إلى الرجل وقال: زد وكيعًا بذنْبه. فلولاه ما سُلَّطت عَليْهِ. وقال إبراهيم بْن شِمَاس: لو تمنّيت كنت أتمني عقل ابن المبارك وورعه، وزُهد فُضَيْل ورِقَّته، وعِبادة وكيع وحِفظه، وخشوع عيسى بْن يونس، وصبر حُسين الْجُعْفيّ. وقال نصر بْن المغيرة البخاريّ: سَمِعْتُ إبراهيم بْن شِماس يَقُولُ: رَأَيْت أفقه الناس وكيعًا، وأحفظ الناس ابن المبارك، وأورع الناس فُضَيْل بْن عِياض. وقال مروان بن محمد الطّاطَريّ: ما رأيتُ فيمن رَأَيْت أخشع مِن وكيع. وما وُصفَ لي أحدٌ قطّ إلا رَأَيْته دون الصّفة، إلا وكيعًا، فإنّي رَأَيْته فوق ما وُصِفَ لي. قَالَ سَعِيد بْن منصور: قِدم وكيع مكّة، وكان سمينًا، فقال له الفضيل بن عياض: ما هذال السُّمْن وأنت راهبُ العراق؟. قَالَ: هذا مِن فرحي بالإسلام! فأفحمه. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: ما كان بالكوفة في زمان وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث منه. وقال أبو داود: ما رُؤي لوكيع كتاب قط، ولا لهُشَيم، ولا لحمّاد، ولا لمَعْمَر. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رأت عيني مثل وكيع قطّ. يحفظ الحديث، ويذاكر بالفقه، فيحسن مع ورع واجتهاد. ولا يتكلّم في أحد. قَالَ حمّاد بْن مَسْعَدة: قد رَأَيْت سُفْيان الثَّوْريّ، فما كَانَ مثل وكيع. وقال أحمد أيضًا: ما رَأَيْت أوعى للعلم مِن وكيع. كَانَ حافظًا. وقال ابن أَبِي خَيْثَمَة، وغيره: سمعنا يحيى بْن مَعِين يَقُولُ: مِن فضّلَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ على وكيع فعليه، وذكر اللعنة2.   1 تاريخ بغداد "13/ 472". 2 تاريخ بغداد "13/ 478". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 238 قلت: ما أدري ما عُذر يحيى في هذا اللعن. وقال أبو حاتم: وكيع أحفظ مِن ابن المبارك. وقال أحمد بْن حنبل: عليكم بمُصَنَّفات وكيع. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: كان وكيع يلحن، ولو حَدّثت عَنْهُ بألفاظه لكان عجبًا. كَانَ يَقُولُ: عَنْ عَيْثة. وروى أبو هشام الرفاعيّ، وغيره، عَنْ وكيع قَالَ: مَن زعم أنّ القرآن مخلوق فقد كفر. قَالَ وكيع: الجهر بالبسملة بِدْعة. سمعها أبو سَعِيد الأشجّ منه. قَالَ أحمد بْن زُهير: نا محمد بْن يزيد: حدَّثني حُسين أخو زيدان قَالَ: كنتُ مَعَ وكيع، فأقبلنا جميعًا مِن المصَّيصة أو طَرَسُوس فأتينا الشامَ. فما أتينا بلدًا، إلا استقبلنا واليها، وشهدْنا الجمعة بدمشق. فلمّا سلّم الإمام أطافوا بوكيع، فما انصرف إلى أهله. فحدّثت بِهِ مليحًا ولدهُ فقال: رأيتُ في جسده آثارًا خضراء مما زُحِم. قَالَ الفضل بْن عَنْبَسة: ما رَأَيْت مثل وكيع مِن ثلاثين سنة. محمود بْن غَيْلان: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: اختلفتُ إلى الأعمش سنتين. قَالَ ابن راهَوَيْه: حِفْظي وحِفْظ ابن المبارك تكلُّف. وحفظ وكيع أصلي. قام وكيع واستند وحدث بسبعمائة حديث حفظًا. وقال محمود بْن آدم: تذاكر بِشْر بْن السَّريّ ووكيع ليلة وأنا أراهما مِن العشاء، إلى أن نُودي بالصبُّح. فقلت لبِشْر: كيف رَأَيْته؟. قَالَ: ما رأيت أحفظ منه. وكذا قَالَ سهل بْن عثمان: ما رأيت أحفظ مِن وكيع. وقال عَبْد الله بْن أحمد: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: وكيع مطبوع الحفظ، كان حافظًا حافظًا، كَانَ أحفظ مِن عَبْد الرَّحْمَن بكثير. وقال ابن نُمَير: كانوا إذا رأوا وكيعًا سكتوا. يعني في الحِفظ والإجلال. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 239 وقال أبو حاتم: سُئِل أحمد عَنْ وكيع، ويحيى، وابن مهديّ فقال: كَانَ وكيع أسردهم. قَالَ أبو زُرعة الرّازيّ: سَمِعْتُ أبا جعفر الجمّال يَقُولُ: أتينا وكيعًا، فخرج بعد ساعة وعليه ثياب مغسولة، فلمّا بصُرنا بِهِ فزعنا مِن النّور الَّذِي رأينا يتلألأ مِن وجهه. فقال رجل بجنبي: أهذا مَلَك؟ فتعجّبنا مِن ذَلِكَ النّور. قَالَ أحمد بْن سِنان القطّان: رأيتُ وكيعًا إذا قام في الصلاة لَيْسَ يتحرّك منه شيء، لا يزول ولا يميل عَلَى رِجلٍ دون الأخرى. وقال أحمد بْن أَبِي الحواريّ: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: ما نعيش إلا في سُترة، ولو كُشِف الغطاء لكُشِف عَنْ أمرٍ عظيم. وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: الصَّدْق النِّيّة. قَالَ صالح بْن أحمد: قلت لأبي: أيهُّما أصلح، وكيع أو يزيد؟. فقال: ما منهما والحمد لله إلا كلّ، ولكنّ وكيع لم يختلط بالسلطان. قَالَ الفلاس: ما سَمِعْتُ وكيعًا ذاكرًا أحدًا بسوءٍ قط. وقال ابن عمّار: أحْرَمَ وكيع مِن بيت المقدس. وقال ابن سعْد: كَانَ وكيع ثقة مأمونًا رفيعًا كثير الحديث حُجّة. وقال محمد بْن خَلَف التَّيْميّ: أَنَا وكيع قَالَ: أتيتُ الأعمش فقلت: حدَّثني. قَالَ: ما اسمك؟. قلت: وكيع!. قَالَ: اسمٌ نبيل، وما أحسب إلا سيكون لك نبأ. أَيْنَ تنزل مِن الكوفة؟. قلت: في بني رؤاس!. قال: ابن من منزل الجراح؟. قلت: هو أبي. وكان عَلَى بيت المال. قَالَ: اذهب فجئني بعطائي، وتعال حتى أحدثك بخمسة أحاديث. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 240 فجئت أب فقال: خذ نصف العطاء واذهب. فإذا حدّثك بالخمسة فخذ النصف الآخر، حتّى تكون عشرة. فأتيته بذلك، فأملي عليّ حديثين، فقلت: وعدتني خمسة. قَالَ: فأين الدراهم كلّها؟ أحسب أن أباك درّبك بهذا ولم يدرِ أنّ الأعمش مدرَّب قد شهد الوقائع. قَالَ: فكنت إذا جئته بالعطاء في كلّ شهر حدَّثني بخمسة. قَالَ قاسم الحَرَميّ: كَانَ سُفْيان يتعجبّ مِن حفظ وكيع ويقول: تعال يا رُؤاسي، ويتبسَّم1. قَالَ ابن عمّار: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: ما نظرت في كتابٍ منذ خمس عشرة سنة، إلا في صحيفة يومًا. فقلت لَهُ: عَدّوا عليك بالبصرة أربعة أحاديث غلطت فيها. قَالَ: وحدثتهم بعبادان بنحو من ألف وخمسمائة حديث. أربعة ما هِيَ كثيرة في ذَلِكَ. قَالَ ابن مَعِين: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: ما كتبتُ عَنِ الثَّوْريّ: حَدَّثَنَا قطّ. إنّما كنت أحفظ، فإذا رجعتُ كتبتها. قَالَ يحيى بْن يَمَان: نظر سُفيان في عينيّ وكيع فقال: لا يموت هذا حتى يكون لَهُ شأن. فمات سُفْيان وجلس وكيع مكانه. قَالَ سليمان الشاذكونيّ: قَالَ لنا أبو نُعَيْم: ما دام هَذَا التَّنَّين حيًا ما يُفلح أحدٌ معه. يعني وكيعًا. وقال يحيى بْن أيّوب العابد: حدَّثني صاحب لوكيع أنّ وكيعًا كَانَ لا ينام حتّى يقرأ ثُلُث القرآن، ثمّ يقوم في آخر اللَّيْلِ فيقرأ المفصَّل، يجلس فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر. قَالَ إبراهيم بْن وكيع: كَانَ أَبِي يصلّي اللَّيْلَ، فلا يبقي في دارنا أحدٌ إلا صلّي، حتى جارية لنا سوداء. ابن مَعِين: سمعتُ وكيعًا يقول: أي يوم لنا من الموت.   1 تاريخ بغداد "13/ 475". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 241 وأخذ وكيعًا في قراءة كتاب الزُّهْد، فلمّا بلغ حديثًا منه قام فلم يحدّث، وكذا فعل مِن الغد. وهو حديث: "كن في الدنيا كأنّك غريب" 1. الدّارَقُطْنيّ: نا القاضي أبو الحَسَن محمد بْن علي بْن أمّ شيبان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن بْن سُفيان، عَنْ وكيع، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبِي يجلس لأصحاب الحديث مِن بكرة إلى ارتفاع النهار، ثمّ ينصرف فيقبل، ثمّ يصلّي الظهر، ويقصد طريق المشرعة التي يصعد منها أصحاب الزوايا، فيريحون نواضحهم، فيعلّمهم مِن القرآن ما يؤدّون بِهِ الْفَرْضَ إلى حدود العصر، ثمّ يرجع إلى مسجده، فيصلّي العصر، ثمّ يجلس يتلو ويذكر الله إلى آخر النهار. ثمّ يدخل منزله فيُفْطر عَلَى نحو عشرة أرطال نبيذ، فيشرب منها، ثمّ يصلّي وِرده، كلّما صلّي ركعتين شرب منها حتّى ينفذها ثمّ ينام2. قَالَ نُعَيْم بْن حمّاد: تعشَّينا عند وكيع، فقال: أيّ شيء تريدون أجيئكم بنبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان؟ فقلت: تتكلّم بهذا؟!. قَالَ: هُوَ عندي أحلّ مِن ماء الفُرات. قلت: ماء الفرات لم يُختلف فيه، وقد اختُلف في هذا. وقال الفسَويّ: قد سُئل أحمد إذا اختلف وكيع وعبد الرَّحْمَن فقال: عَبْد الرَّحْمَن يوافق أكثر خاصّة في سُفْيان. وعبد الرَّحْمَن كَانَ يسلّم عَليْهِ السَّلَف ويجتنب المسكِر، ولا يرى أن يزرع في أرض الفرات. وقال عَبَّاس: قلت لابن مَعِين: إذا اختلف وكيع وأبو معاوية في حديث الأعمش، قالَ: يوقف حتى يجيء مِن يتابع أحدهما. ثمّ قَالَ: كانت الرحلة إلى وكيع في زمانه. قَالَ ابن مَعِين: لقيت عند مروان بْن معاوية لوحًا فيه: فلان رافضيّ، وفلان كذا، ووكيع رافضيّ، فقلت لمروان: وكيع خيرٌ منك. فبلغ وكيعًا ذَلِكَ، فقال: يحيى صاحبنا. وكان بعد ذَلِكَ يعرف لي ويُرَحَّب.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 110"، والترمذي "2333"، وابن ماجه "4114"، والطبراني "1/ 30" في الصغير. 2 تاريخ بغداد "13/ 471". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 242 قَالَ أحمد بن سنان: كَانَ وكيع يكونون في مجلسه كأنّهم في صلاة. فإن أنكر مِن أحدٍ شيئًا قام. وكان عَبْد الله بْن نُمَير يغضب ويصيح، وإذا رَأَى مِن يبري قلمًا تغيّر وجهه غضبًا. قَالَ تميم بْن محمد الطّوسيّ: سَمِعْتُ أحمد يَقُولُ: عليكم بمُصَنَفَّات وكيع. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قال: أخطأ وكيع في خمسمائة حديث. قَالَ أبو هشام الرفاعيّ: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: مَن زعم أنّ القرآن مخلوق فقد زعم أنّه مُحدَث، ومن زعم أنّ القرآن مُحدَث فقد كفر. فيقول: احتجّ بعض المبتدعة بقول الله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ} [الأنبياء: 2] مُحْدَث، وبقوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] ، وهذا قَالَ فيه علماء السلف معنا، وأنّه أحدث إنزاله إلينا، وكذا في الحديث الصحيح: "إنّ الله يُحدِث مِن أمره ما شاء" 1. وإنّ ممّا أحدث أن لا تكلّموا في الصلاة. فالقرآن العظيم كلام الله ووحيه وتنزيله، وهو غير مخلوق. قَالَ أحمد بْن الحواري: ذكرت لابن مَعِين وكيعًا، فقال: وكيع عندنا ثَبْت. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَكَم بْن بشير: وكيع، عَنْ سُفْيان غاية الإسناد، لَيْسَ بعده شيء. ما أعدل بوكيع أحدًا. فقيل لَهُ: أبو معاوية، فنفَر مِن ذَلِكَ. نوح بْن حبيب: نا وكيع، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ قَالَ: حضرت موت سُفْيان، فكان عامّة كلامه: ما أشدّ الموت. قَالَ نوح: فأتيتُ ابن مهديّ وقلتُ: حَدَّثَنَا وكيع عنك، وحَكيت لَهُ الكلام، وكان متَّكئًا فقعد وقال: أَنَا حدّثت أبا سُفْيان؟ جزى الله أبا سُفْيان خيرًا، ومن مثل أَبِي سُفْيان، وما يقال لمثل أبي سفيان.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "9/ 187"، أبو داود "924"، والنسائي "3/ 19"، والطيالسي "485"، وأحمد "1/ 463". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 243 عليّ بْن خَشْرم: نا وكيع، عَنْ إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، عَنْ عَبْد الله البهيّ، أنّ أبا بَكْر الصديق جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد وفاته، فأكبّ عَليْهِ فقبّله وقال: بأبي أنت وأميّ، ما أطيب حياتك ومماتك1. ثمّ قَالَ البهيّ: وكان النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُرِك يومًا وليلة حتى ربَا بطنُه، وأنثنت خِنْصراه. قَالَ ابن خشرم: فلمّا حدّث وكيع بهذا بمكة اجتمعت قريش وأرادوا صَلْبه، ونصبوا خشبة ليصلبوه، فجاء ابن عُيَيْنَة، فقال لهم: الله، هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه، وهذا حديث معروف. قَالَ: ولم أكن سمعته، إلا أنّي أردت تخليص وكيع. قَالَ ابن خشرم: سمعته مِن وكيع بعدما أرادوا صلبه. فتعجّبت مِن جسارته. وأُخْبِرتُ أنّ وكيعًا احتجّ فقال: إنّ عِدّةً مِن الصحابة منهم عُمَر قَالُوا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يمت، فأحبّ الله أن يُريهم آية الموت. رواها أحمد بْن محمد بْن عليّ بْن رَزِين الباشانيّ، عَنْ عليّ بْن خشرم. ورواها قُتَيْبة، عَنْ وكيع. وَهَذِهِ هفوة مِن وكيع، كادت تَذهب فيها نفسه. فما لَهُ ولرواية هذا الخبر المنكرَ المنقطع؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"2. ولولا أنّ الحافظ ابن عساكر وغيره ساقوا القصّة في تواريخهم لتركتها وَلَمَا ذكرتها، ولكنْ فيها عِبرة. قَالَ الفَسويّ في تاريخه: وفي هذه السَّنَةِ حدَّث وكيع بمكة عَنْ إسماعيل، عَنِ البهيّ، وذكر الحديث. قَالَ: فرُفِع إلى العثماني فحبَسه، وعزم عَلَى قتله، ونُصِبت خشبته خارج الحرم. وبلغ وكيعًا وهو محبوس. قَالَ الحارث بْن صِدّيق: فدخلت عَليْهِ لمّا بلغني، وقد سَبقَ إليه الخبر.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1341"، "1342"، والنسائي "4/ 11"، وأحمد "6/ 220". 2 "حديث صحيح": وأخرجه مسلم "المقدمة/ 5"، وابن أبي شيبة "8/ 408"، وأبو داود "4992". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 244 قَالَ: وكان بينه وبين سُفْيان بْن عُيَيْنَة يومئذ تَبَاعد فقال: ما أرانا إلا قد اضطُّررنا إلى هذا الرجل واحتجْنا إليه، يعني سُفْيان. فقلت: دعْ هذا عنك، فإنْ لم يُدرك قُتِلْتَ. فأرسل إليه وفزع إليه. فدخل سُفْيان عَلَى العثمانيّ فكلّمه فيه. والعثماني يأبى عَليْهِ، فقال لَهُ سُفْيان: إنّي لك ناصحُ. إنّ هذا رجل مِن أهل العِلْم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فَتُشخَص لمناظرتهم. قَالَ: فعمل فيه كلام سُفْيان، وأمر بإطلاقه. فرجِعتُ إلى وكيع فأخبرته. وأُخرِجَ، فركب حمارًا، وحملناه ومتاعه، فسافر. فدخلت عَلَى العثمانيّ مِن الغد وقلت: الحمد لله الَّذِي لم تُبْلَ بهذا الرجل، وسلَّمك الله. قَالَ: يا حارث ما ندمت على شيء ندامتي على تخيلته. خطر ببالي هذه الليلة حديث جَابِر بْن عبد الله قَالَ: حوّلت أَبِي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رِطابًا يُثبتون، لم يتغيّر منهم شيء1. قَالَ الفسويّ: فسمعت سَعِيد بْن منصور يَقُولُ: كنّا بالمدينة، فكتب أهل مكّة، إلى أهل المدينة بالذي كَانَ مِن وكيع، وقالوا: إذا قِدم عليكم فلا تتّكلوا عَلَى الوالي، وارجموه حتى تقتلوه. قَالَ: ففرضوا عليَّ ذَلِكَ، وبلَغنا الَّذِي هُمْ عَليْهِ. فبعثنا بريدًا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي عَنْ طريق الرَّبَذَة، وكان قد جاور مفرق الطريقين. فلمّا أتاه البريد ردَّ ومضى إلى الكوفة. وقد ساق ابن عدي هذه الواقعة في ترجمة عَبْد المجيد بن أَبِي روّاد، ونقل أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أفتى بقتل وكيع. وقال: أَخْبَرَنَا محمد بْن عيسى المَرْوَزِيّ فيما كتب إليّ، ثنا أبو عيسى محمد، نا العبّاس بنُ مُصْعَب، نا قُتَيْبة، نا وكيع، نا ابن أَبِي خَالِد، فساق الحديث. ثمّ قَالَ قُتَيْبة: حدَّث وكيع بهذا سنة حجّ الرشيد، فقدموه إليه، فدعا الرشيد   1 المعرفة "1/ 175، 176" للفسوي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 245 سُفْيان بْن عُيَيْنَة وعَبْد المجيد. فأمّا عَبْد المجيد فإنّه قَالَ: يجب أن يُقْتَلَ، فإنّه لم يروِ هذا إلا مِن في قلبه غشٌّ للنَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال سُفْيان: لا قتْلَ عَليْهِ، رجلٌ سَمِعَ حديثًا فرواه. المدينة شديدة الحرّ. تُوُفّي النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتُرِك ليلتين لأنّ القوم كانوا في إصلاح أمر الأمّة. واختلفت قريش والأنصار، فمن ذَلِكَ تغيَّر. قَالَ قُتَيْبة: فكان وكيع إذا ذَكَر فعل عَبْد المجيد قَالَ: ذاك جاهلٌ سمعَ حديثًا لم يَعرف وجهه، فتكلَّم بما تكلّم. عَنْ مليح، عَنْ وكيع قَالَ: لما نزل بأبي الموت أخرج يديه وقال: يا بُنيّ ترى يديى ما ضربتُ بها شيئًا قطّ. قَالَ مليح: فحدَّثني داود بْن يحيى بْن يَمَان قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوم، فَقُلْتُ: يَا رسول الله مِن الأبدال؟. قَالَ: الذين لا يضربون بأيديهم شيئًا، وإنّ وكيعًا منهم قلتُ: بل مَن ضربَ بيديه في سبيل الله فهو أفضل1. قال عليّ بْن عَثّام: مرض وكيع فدخلنا عَليْهِ، فقال: إنّ سُفْيان أتاني فبشّرني بجواره، فأنا مبادرٌ إِليْهِ. غُنْجار في تاريخه: نا أحمد بْن سهل: سمعتُ قيس بْن أنيف: سَمِعَت يحيى بْن جعفر: سَمِعْتُ عَبْد الرّزّاق يَقُولُ: يا أهل خُرَاسان، إنّه نُعِيَ لي إمام خُرَاسان، يعني وكيعًا. قَالَ: فاهتممنا لذلك. ثمّ قَالَ: بُعْدًا لكم يا معشر الكلاب، إذا سمعتم مِن أحدٍ شيئًا اشتهيتم موته. قُلْتُ: ومن جسارة وكيع كونه حج بعد تيك المحنة. قال أبو هشام الرفاعيّ: مات وكيع سنة سبْعٍ وتسعين ومائة يوم عاشوراء وَدُفِنَ بفَيْد، يعني راجعًا مِن الحجّ. وقال أحمد: حجّ وكيع سنة ستٌّ وتسعين ومائة، ومات بفيد.   1 الحلية "8/ 371". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 246 342- الوليد بْن عُقْبة بْن المغيرة الشَّيْبانيّ الطّحّان الكوفيّ1 -د. أخو محمد. روى عَنْ: حنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وحمزة الزّيّات، وزائدة. وعنه: أحمد، وإسحاق، وعليّ بْن محمد الطنافسيّ، ومحمد بْن رافع، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق. وقَالَ أبو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. 343- الوليد بْن كثير المُزَنّي المدنيّ2 -ن. نزيل الكوفة. روى عَنْ: ربيعة الرأي، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، والضّحّاك بْن عثمان. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، ويوسف بْن عَدِيّ، وأخوه زكريّا. قَالَ أبو حاتم. يكتب حديثه. 344- الوليد بن مسلم3 -ع. الإمام أبو العبّاس الأُموي، مولاهم الدّمشقيّ، أحد الأعلام. قرأ القرآن عَلَى يحيى الذَّماريَّ، وحدَّث عَنْهُ، وعن: ثور بْن يزيد، وابن جُرَيج، وابن عَجْلان، وَالْمُثَنَّى بْن الصّبّاح، ويزيد بْن أبي مريم، وصَفْوان بْن عَمْرو، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، والثَّوْريّ، ومالك، والليث، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وأبي بَكْر بْن مريم، وعُفَير بْن مَعْدان، ومروان بْن جَناح، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، وخلْق. وعنه: اللَّيْثُ بْن سعْد شيخه، وبقيّة، وابن وهب، وأحمد بن حنبل، ودحيم،   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 12"، والتهذيب "11/ 144". 2 الجرح والتعديل "9/ 14"، التهذيب "11/ 147". 3 الجرح والتعديل "9/ 16، 17"، والسير "9/ 211، 220". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 247 وأبو خَيْثَمَة، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وإسحاق بْن موسى الخطْميّ، وموسى بْن عامر المُرّيّ، ومحمد بْن مُصَفَّى، ومحمود بْن غَيْلان، وعَمرو بْن عثمان، وخلْق كثير. وصنّف التصانيف. قَالَ محمد بْن سعْد: كَانَ الوليد ثقة كثير الحديث والعلم. حجّ سنة أربعٍ وتسعين ومائة، ثمّ رجع فمات بالطريق. وقال دُحَيْم: مولده سنة تسع عشرة ومائة. قَالَ ابن عساكر: قرأ عَليْهِ: هشام بْن عمّار، والربيع بْن ثعلب. وقال الفسويّ: سَأَلت هشام بْن عمّار عَنِ الوليد، فأقبل يصف عِلمَه وورعه وتواضُعه. وقال: كَانَ أَبُوهُ مِن رقيق الإمارة، وتفرّقوا عَلَى أنهم أحرار. وكان للوليد أخ جلِف متكبّر يركب الخيل، ويركب معه غلمان كثير ويتصَيَّد. وقد حُمَّلَ الوليد دِيةً فأدى ذَلِكَ في بيت المال، أَخْرَجَهُ عَنْ نفسه إذ اشتبه عَليْهِ أمرُ أَبِيهِ. قَالَ: فوقع بينه وبين أخيه في ذَلِكَ شغب وجفاء وقطيعة. وقال: فضحتنا، ما كَانَ حاجَتُك إلى ما فعلت؟. وقال أبو التُّقَى الحمصيّ، ثنا سَعِيد بْن مَسْلَمة الْقُرَشِيّ قَالَ: أَنَا أعتقتُ الوليد بْن مسلم، كَانَ عبدي. وقال ابن سعْد، عَنْ رجلٍ إنّ الوليد كَانَ مِن الأخماس فصار لآل مَسْلَمة بْن عَبْد المُلْك، فلمّا قِدم بنو هاشم في دولتهم قبضوا رقيق الأخماس وغيره، فصار الوليد وأهل بيته لصالح بْن عليّ، فوهبهم لابنه الفضل فأعتقهم. ثمّ إنّ الوليد اشترى نفسه منهم، فأخبرني سَعِيد بْن مَسْلَمة قَالَ: جاءني الوليد فأقرّ لي بالرّقّ، فأعتقته. وكان للوليد أخ اسمه جَبَلَة، كَانَ لَهُ قَدْرٌ وجاه. قَالَ أحمد: لَيْسَ أحد أروى لحديث الشاميّين مِن الوليد، وإسماعيل بْن عيّاش. إبراهيم بْن المنذر: قدِمتُ البصرة، فجاءني عليّ بْن المَدِينيّ فقال: أول شيء أطلب، أخرجْ إليَّ حديث الوليد بْن مُسلم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 248 فقلت: يا ابنَ أُمّ، سُبحان الله، وأين سماعي مِن سماعك؟ فجعلتُ أأبى ويُلِحّ، فقلتُ لَهُ: أخبرني عَنْ إلحاحك ما هُوَ؟. قَالَ: أُخْبِرك؛ الْوَلِيدُ رجلُ أهل الشام، وعنده علم كثير، ولم أستمكن منه، وقد حدّثكم بالمدينة في المواسم، ورفع عندكم الفوائد، لأنّ الحُجّاج يجتمعون بالمدينة مِن الآفاق، فيكون مَعَ هذا بعض فوائده، ومع هذا شيء. قَالَ: فأخرجت إِليْهِ، فتعجب مِن كتابه، كاد أن يكتبه عليّ. .... "؟ " سمعنا1 الْفَسَوِيَّ بْن إبراهيم: قَالَ أبو اليَمان: ما رَأَيْتُ مثل الوليد بْن مُسْلِم. وقيل لأبي زُرْعة: الوليد أفقه أم وكيع؟ فقال: الوليد بأمر المغازي، ووكيع بحديث العراقيّين. وقال أبو مُسْهِر: كَانَ الوليد مِن حُفّاظ أصحابنا. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال أبو محمد بْن عَدِيّ: الثَّقات مِن أهل الشام مثل الوليد بْن مُسْلِم. وقال ابن مؤمن: لم نزل فسمع أنّه مِن كتب مصنّفات الوليد صَلُح أن يلي القضاء. ومصنّفاته سبعون كتابًا. قلت: الكتاب منها جزء صغير، وجزء كبير، ونحو ذَلِكَ. الفَسَويّ: سمعتُ الحُمَيْديّ يَقُولُ: خرجتُ يوم القَدَر والوليد في مسجد مِنى وعليه زِحام كثير. وجئت في آخر الناس فوقفت بالبُعد، وعليّ بْن المَدِينيّ بجنْبه، فجعلوا يسألونه ويحدّثهم ولا أفهم. فجمعتُ جماعةً مِن المكّيّين وقلت لهم: جلّبوا وأفسِدوا عَلَى من بالقرب منه. فجعلوا يصيحون ويقولون: لا نسمع. وجعل ابن المَدِينيّ يَقُولُ: اسكتوا نُسمعكم. فاعترضتُ وَصِحْتُ، ولم أكن بعد   1 هكذا بالأصل. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 249 حَلَقْتُ، فنظر ابن المَدِينيّ إليّ ولم يثبتني وقال: لو كَانَ فيك خير لم يكن شعرك على ما رأى. قَالَ: فتفرّقوا ولم يحدّثهم بشيء. قلت: وكان الوليد مَعَ حفظه وثقته قبيح التدليس. يحملُ عن أناس كذابين وتلفى عَنِ ابن جُرَيج، وغيره، ثمّ يُسْقِط الَّذِي سمع منه ويقول: عَنِ ابن جُرَيج. قَالَ أبو مُسْهِر: كَانَ الوليد يأخذ مِن ابن أَبِي السَّفَر حديث الأوزاعيّ، وكان ابن أَبِي السفر كذّابًا، وهو يَقُولُ فيها: قَالَ الأوزاعيّ. قَالَ صالح جَزرة: سَمِعْتُ الهيثم بْن خارجة يَقُولُ: قلت للوليد: قد أفسدتَ حديث الأوزاعيّ. قَالَ: وكيف؟ قلت: تروي عَنِ الأوزاعي، عَنْ نافع، وعن الأوزاعيّ، عَنِ الزُّهْرِيّ، وعنه، عَنْ يحيى. وغيرك يُدخل بين الأوزاعيّ، ونافع، عَبْد الله بْن عامر الأسلميّ، وبينه وبين الزُّهْرِيّ مرّة وغيره. فما يحملك عَلَى هذا؟. قَالَ: أُنْبلُ الأوزاعيّ أن يروي عَنْ مثل هَؤلاءِ. قلت: فإذا روى الأوزاعيّ عَنْ هَؤلاءِ الضُّعفاء مناكير، فأسقطتهم أنتَ وصيّرتها مِن رواية الأوزاعيّ عَنِ الثَّقات ضعّفت الأوزاعيّ؛ فلم يلتفت إلى قولي. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت في الشّاميّين أعقل مِن الوليد. وقال ابن المَدِينيّ: ما رَأَيْت في الشّاميّين مثل الوليد. وقد أغرب أحاديث صحيحة لم يَشْرُكْه فيها أحد. وقال صدقة بن الفضل المَرْوَزِيّ: ما رَأَيْت رجلا أحفظ للحديث الطويل وأحاديث الملاحم من الوليد بن مسلم. وكان يحفظ الأبواب. وقال أبو مُسْهِر: ربّما دَلّسَ الوليد عَنِ الكذّابين. قلت: إذا قَالَ: حَدَّثَنَا، فهو ثقة. وصاحبا الصحيح ينقّبان حديثه إذا أخرجا لَهُ. قَالَ حَرْمَلَة بْن عبد العزيز الْجُهَنّي: نزل عليَّ الوليد بْن مُسْلِم بِذِي المَرْوَة قافلا مِن الحجّ، فمات عندي بِذِي المَرْوَة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 250 قَالَ محمد بْن مُصَفَّى، وغيره: تُوُفّي في المحرَّم سنة خمسٍ وتسعين ومائة، رحمه الله. 345- وَهْبُ بنُ عثمان المخزوميّ المدنيّ1. عَنْ: أَبِي حازم الأعرج، وموسى بن عقبة. وعنه: إبراهيم بْن حمزة، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، ويعقوب بْن كاسب. وهو صَدُوق مُقِل. استشهد بِهِ الْبُخَارِيّ. "حرف الياء": 346- يحيى بْن زكريّا بْن إبراهيم بْن سُوَيْد النَّخَعيّ2. عَنْ: عَبْد المُلْك بْن أبي سليمان، والحسن بْن الحَكَم النَّخَعيّ. وعنه: عثمان بْن أبي شَيبة، وموسى بْن عَبْد الرَّحْمَن المسروقيّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بأس. 347- يحيى بن سعيد الأموي3 -ع. هُوَ ابن سَعِيدُ بْنُ أَبَانِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شمس. أبو أيّوب الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ الحافظ. وله عدة إخوة. روى عَنْ: بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وهشام بْن عُرْوة، والأعمش، وابن أَبِي خَالِد، والثَّوْريّ، وخلْق. وحمل المغازي عن ابن إسحاق. حدَّث عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وشُرَيْح بْن يونس، وحُمَيْد بْن الربيع، وابنه سَعِيد بْن يحيى، وجماعة كثيرة.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 28"، والتهذيب "11/ 165". 2 الجرح والتعديل "9/ 145"، والثقات لابن حبان "9/ 256". 3 الجرح والتعديل "9/ 151، 152"، والسير "9/ 139". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 251 قَالَ أحمد بْن حنبل: عنده عَنِ الأعمش غرائب، وليس بِهِ بأس. وكذا قَالَ غير واحد: إنه لا بأس بِهِ. وروى أحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، عَنِ ابن مَعِين: ثقة. قلت: سكن بغداد، وكانوا يلقّبونه جَمَلايا. مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة وهو في عشر الثمانين. ومات أخوه محمد بْن سَعِيد قبله بعام. وأخوهما عُبَيْد بْن سَعِيد، يروي عَنْ: إسرائيل، وعدّة. وأخوهم عَبْد الله بْن سَعِيد فَعَالِم باللُّغة والشّعْر. وأخوهم الخامس عَنْبَسة بْن سَعِيد روى عَنْ: ابن المبارك، وطائفة، وهو أصغرهم ولهم أخ سادس سَمِعَ: زهير بْن معاوية، ومفضّل بن صدقة. ذكرهم الدارقطني. 348- يحيى القطان -ع. هو يحيى بن سعيد بن فروخ، مولى بني تميم1. الحافظ العِلْم أبو سَعِيد البصْريّ القطّان الأحول. أحد الأئمّة الكبار. مولده في أول سنة عشرين ومائة. روى عَنْ: سليمان التَّيْميّ، وهشام بْن عُرْوة، وعطاء بْن السائب، وحُسين المعلّم، وخيثم بْن عِراك، وحُميد الطويل، ويحيى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، والأعمش، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وسُفْيان، وشُعْبَة، وخلْق كثير. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وعفّان، ومسدّد، وأحمد، وإسحاق، وابن المَدِينيّ، ويحيى بْن مَعِين، وأبو حفص الفلاس، وبُنْدار، وإسحاق الكَوْسج، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن شدّاد المُسْمِعيّ، وأمم سواهم. وكان يقول: لزمت شعبة عشرين سنة.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 150، 151"، والسير "9/ 175". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 252 قَالَ ابن عمّار: روى عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ في تصانيفه ألفي حديث عَنْ يحيى القطّان، فحدّث بها عَنْهُ ويحيى حيٌّ. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت بعيني مثل يحيى بْن سعيد القطّان. وقال ابن المَدِينيّ: ما رأيتُ أحدًا أعلم بالرجال مِن يحيى بْن سَعِيد. وقال بُنْدار: ثنا يحيى بْن سَعِيد إمام أهل زمانه. وقال أحمد بْن الحَسَن التَّرْمِذيّ: سمعتُ أحمد، وَسُئِلَ عَنْ يحيى بْن سَعِيد ووكيع فقال: ما رأيت بعيني مثل يحيى. وقال ابن عمار: كنت إذا نظرت إلى يحيى القطان ظننت أنّه لا يُحسن شيئًا بزيّ التّجّار، فإذا تكلّم أنصتَ لَهُ الفقهاء. وقال أحْمَد بْن محمد بْن يحيى القطّان: لم يكن جدّي يمزح ولا يضحك إلا تَبَسُّمًا، ولا دخل حمّامًا. وكان يَخْضِب. وقال يحيى بْن مَعِين: أقام يحيى بْن سَعِيد عشرين سنةً يختم القرآن في كلّ ليلة. وعن عليّ بْن المَدِينيّ: كَانَ يحيى يختم كلّ ليلة. وقال بُنْدار: اختلفتُ إليه عشرين سنةً، فما أظنّ أنّه عصى الله قطّ. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: كنّا عند يحيى بْن سَعِيد، فقرأ رَجُل سَوْرَة الدُّخان، فَصُعِقَ يحيى وغُشيَ عَليْهِ. قَالَ أحمد بْن حنبل: لو قدر أحدٌ أن يدفع هذا عن نفسه لدفعه يحيى، يعني الصَّعق. قَالَ أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن سَعِيد القطّان: ما أعلم أنّ جدّي قهقه قطّ، ولا دخل حمّامًا قطّ، ولا اكتحل ولا ادَّهنَ. وكان يخضبُ خضابًا حَسَنًا. وروى عَبَّاس، عَنْ يحيى بْن مَعِين قَالَ: كَانَ يحيى القطّان إذا قُرئ عنده القرآن سقط حتى يصيب وجهه الأرض. وقال: ما دخلتُ كنيفًا قطّ إلا ومعي امرَأَة، يعني مِن ضعف قلبه. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 253 قَالَ ابن مَعِين: وجعل جارٌ لَهُ يشتمه ويقع فيه ويقول: هذا الخوزيّ، ونحنُ في المسجد. قَالَ: فجعل يحيى يبكي ويقول: صَدق، ومَن أَنَا وما أَنَا. قَالَ ابن مَعِين: كَانَ يحيى يجيء معه بمسباح، فيدخل يده في ثيابه فيُسبّح. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: اختلفوا يومًا عند شُعْبَة فقالوا: اجعل بيننا وبينك حكمًا. قَالَ: قد رضيت بالأحول، يعني القطّان. فجاء فقضى عَلَى شُعْبَة. فقال شُعْبَة: ومن يطيق نقدَك أصول. وقال ابن سعْد: كَانَ ثقة مأمونًا رفيعًا حُجّة. وقال النَّسَائيّ: أُمناء الله عَلَى حديث رسوله: شُعْبَة، ومالك، ويحيى القطّان. وقال محمد بْن بُنْدار الْجُرْجانيّ: قلت لابن المَدِينيّ: مَن أنفع مِن رَأَيْت للإسلام وأهله؟. قَالَ: يحيى بْن سَعِيد القطّان. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة: سمعتُ عليّ بْن عَبْد الله يَقُولُ: كُنَّا عند يحيى بْن سَعِيد، فلمّا خرج مِن المسجد خرجنا معه، فلمّا صار بباب داره قام وقمنا معه، فانتهى إليه الروبيّ، فقال يحيى لما رآه: ادخلوا. فدخلنا. فقال للروبيّ: اقرأ. فَلَمَّا أخذ في القراءة نظرتُ إلى يحيى يتغيّر حتى بلغ: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} [الدخان: 40] صُعِق يحيى وغُشي عَليْهِ، وارتفع صوته. وكان ببابٍ منه، فانقلب فأصاب الباب فقِار ظهره وسال الدَّم. فصرخ النّساء وخرجنا، ووقفنا بالباب حتّى أفاق بعد كذا وكذا. ثمّ دخلنا عَليْهِ، فإذا هُوَ نائم عَلَى فراشه، وهو يقول: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} . فما زالت به بتلك القُرْحة حتى مات1. وروى أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العَنْبريّ، عَنْ زُهير البابيّ قَالَ: رَأَيْت يحيى بْن سَعِيد في النَّوم، عَليْهِ قميص بين كتفَيه مكتوب: بسم الله الرَّحْمَن الرحيم، كتابٌ مِن الله العزيز العليم ببراءة ليحيى بن سعيد القطان من النار2.   1 الحلية "8/ 382". 2 تاريخ بغداد "14/ 142". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 254 وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ قَالَ: كُنْتُ إِذَا أَخْطَأْتُ قَالَ لِي سُفْيَانُ: أَخْطَأْتَ يَا يَحْيَى. فَرَوَى يَوْمًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جهنم" 1. فقلت: أخطأت يا با عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: وَكَيْفَ هُوَ؟. قُلْتُ: عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!. فَقَالَ لي: صدقت يا يحيى، اعرض عليّ كُتُبَك. قلت: تريد أن ألقى مثل ما لقي زائدة؟. قَالَ: وما لقي زائدة؟ أصلحت لَهُ كتبَه وذكَرته حديثه. وقال أحمد: إلى يحيى القطّان المنتهى في الثبت. قَالَ محمد بْن أَبِي صَفْوان: كَانَ يحيى القطّان نفقته مِن غلّته. إنْ دخل مِن غلّته حنطة أكل حنطة، وإن دخل شعير أكل شعيرًا، وإن دخل تمر أكل تمرًا. قَالَ ابن معين: إنّ يحيى بْن سَعِيد لم يَفُتْه الزوال في المسجد أربعين سنة. وقال عفّان: رَأَى رَجُل ليحيى بْن سعيد قبل موته: أنْ بِشْر يحيى بْن سَعِيد بأمانٍ مِن الله يوم القيامة. وقال أحمد: ما رَأَيْت أحدًا أقلَّ خطأ مِن يحيى بْن سَعِيد. ولقد أخطأ في أحاديث. ثمّ قَالَ: ومَن يُعَرَّى مِن الخطأ والتصحيف؟. قَالَ أحمد العِجْلي: كَانَ يحيى بْن سَعِيد نقيّ الحديث، لا يحدّث إلا عَنْ ثقة. قَالَ أبو قُدامة السَّرْخَسِيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن سَعِيد يَقُولُ: أدركت الأئمة يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2065"، وابن ماجه "3413". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 255 وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أخافُ أن يضيق عَلَى الناس تتّبع الألفاظ، لأنّ القرآن أعظم حُرمةً، وَوَسِعَ أن يُقرأ عَلَى وجوه إذا كَانَ المعنى واحدًا. قَالَ شاذي بْن يحيى: قَالَ يحيى بْن سعيد: مَن قَالَ: أنْ قُلْ هُوَ الله أحد، مخلوق، فهو زِنديق والله الَّذِي لا إله إلا هُوَ. قَالَ الفلاس: كَانَ هجير يحيى بْن سَعِيد إذا سكت ثمّ تكلّم يَقُولُ: يحيي ويميت إليه المصير. وقلتُ لَهُ في مرضه: يعافيك الله إنّ شاء الله. فقال: أحبُّه إليَّ أحبُّه إلى الله. وقال أبو حاتم: إذا اختلف ابن المبارك والقطّان وابن عُيَيْنَة في حديث، أُخِذَ بقول يحيى بْن سَعِيد. ابن المديني: سألتُ يحيى بْن سَعِيد، عَنْ أحاديث عِكرِمة بْن عمّار، عَنْ يحيى بْن أبي كثير، فقال: ليست بصحاح. الفلاس: سَمِعْتُ يحيى يَقُولُ: كنتُ أَنَا وخالد بْن الحارث، ومعاذ بْن مُعَاذ، وما تقدّماني في شيء -يعني مِن العِلْم- كنتُ أذهب معهما إلى ابن عون، فيقعدان ويكتبان، وأجيء أَنَا فأكتبها في البيت. قَالَ محمد بْن يحيى بْن سَعِيد: قَالَ أَبِي: كنتُ أخرج مِن البيت أطلب الحديث، فلا أرجع إلا بعد العتمة. قَالَ عَبْد الله بْن قَحْطبة: نا عبّاس العنبريّ: سمعتُ ابن مهديّ يَقُولُ: لما قِدم سُفْيان الثَّوْريّ البصرة قَالَ لي: جئني بمَن أُذاكره، فأتيته بيحيى بْن سَعِيد. فلمّا خرج قَالَ: قلتُ لك جئني بإنسان جئتني بشيطان! وقال ابن مَعِين: قَالَ لي يحيى بْن سَعِيد: لو لم أروِ إلا عمّن أرضى، ما رويت إلا عَنْ خمسة. قَالَ ابن مَعِين: وروى يحيى عَنِ الأوزاعيّ حديثًا واحدًا. قلت: تفقَّه يحيى بْن سَعِيد في هذا الشأن بشُعْبَة، وسُفْيان. ولزِم شُعْبَة دهْرًا. وأخصّ أصحاب يحيى بْن سَعِيد بِهِ عليّ بْن المديني. وإذا وثَّق يحيى بْن سَعِيد شيخًا الجزء: 13 ¦ الصفحة: 256 فَتَمَسَّك بِهِ، أمّا إذا ليّن أحدًا فتأنَّ في أمره، فإنّ الرجل متعنَّت جدًا. وقد ليّن مثل إسرائيل، وغيره مِن رجال الصّحيح. ولم أقِف عَلَى كتابه في الضُّعفاء، لكن يقع مِن كلامه في أسئلة ابن المَدِينيّ، والفلاس، وابن مَعِين أشياء نافعة. وكان رأسًا في معرفة الْعِلَلِ. أخذ ذَلِكَ عَنْهُ ابن المديني، وأخذ ذَلِكَ عَنِ ابن المَدِينيّ أبو عَبْد الله الْبُخَارِيّ. قَالَ عُتْبَة: وأخذ عَنِ الْبُخَارِيّ التَّرْمِذيّ عِلله الكبرى. وَأَعْلَى شَيْءٍ يَقَعُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى مَا وَقَعَ فِي الْغَيْلانِيَّاتِ، أَنْبَأْنَاهُ جَمَاعَةٌ: أَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَنَا ابْنُ غَيْلانَ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا رَحِمَ اللَّهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ" 1. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدَةَ الْعَنْقَزِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟. قَالَ: غُفر لي عَلَى أنّ الأمر شديد. قلت: فما فعل يحيى القطّان. قَالَ: نراه كما يُرى الكوكب الدُّرّي في أُفق السماء. قلت: قَالُوا مات يحيى بْن سَعِيد في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. قبل موت ابن عُيَيْنَة وابن مهديّ بأربعة أشهر، رحمهم الله. 349- يحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ الحمصيّ العطّار2. أبو زكريّا المحدّث. روى عَنْ: يونس بْن يزيد الأَيْليّ، وحَرِيز بْن عثمان، ويحيى بْن أيّوب الْمَصْرِيّ، وفُضَيْل بْن مرزوق، والمسعوديّ، ومحمد بْن عبد الرَّحْمَن بْن عرق اليَحْصُبيّ، وأبي غسّان محمد بْن مطرَّف، وطائفة كبيرة بالحجاز والشام والعراق ومصر.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 9، 12"، ومسلم "2318"، وأحمد "2/ 241، 514"، وأبو داود "الأدب/ 157"، وابن أبي شيبة "3/ 392، 393". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 152"، والتهذيب "11/ 220". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 257 وعنه: عَبْد الوهاب بْن نجدة، والوليد بْن شجاع، ومحمد بْن مصفى، وَأَبُو تقيّ هشام بْن عَبْد المُلْك، ومحمد بْن عَمْرو بْن حِبّان، وجماعة. وثّقه ابن مُصَفَّى وحده. وضعّفه ابن مَعِين، والدّارَقُطْنيّ، وغيرهما. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابن عدي. له مصنّف في حفظ اللّسان. وهو بيّن الضعف. قلت: بقي إلى حدود المائتين، وسيُعاد بعد المائتين. 350- يحيى بْن سَعِيد السعيديّ البصْريّ1. عَنِ: ابن جُرَيج. وعنه: الحسن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن غالب تمتام، وجماعة. واهٍ، وهو الأمويّ، والعبْشَميّ. قَالَ ابن حِبّان: يروي المقلوبات والمُلْزَقات، لا يجوز الاحتجاج بِهِ إذا انفرد. وهو غير: 351- يحيى بْن سَعِيد التّميميّ المدنيّ2. وغير: 352- يحيى بْن سَعِيد قاضي شيراز3، وقيل التّميميّ هُوَ قاضي شيراز. أحد الضُّعفاء. 353- يحيى بْن سلام البصري4. عن: فطر بن خليفة، وشعبة، والمسعودي، وابن أبي عروبة، والثوري.   1 انظر: المجروحين "3/ 129"، لابن حبان. 2 الجرح والتعديل "9/ 152"، والميزان "4/ 378". 3 المجروحين "3/ 118". 4 الجرح والتعديل "9/ 155". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 258 وعنه: بحر بْن نصر، ومحمد بْن عبد الله بن عبد الحكم. قال أبو حاتم: صدوق. قلت: سيُعاد بعد المائتين. ثمّ ظفِرت بموته في صَفَر سنة مائتين. نزل إفريقية ونشر بها العِلْم. 354- يحيى بْن سُلَيْم الْقُرَشِيّ الطائفي الخرّاز الحذّاء1 -ع. نَزِيلُ مَكَّةَ. روى عن: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عثمان بن خيثم، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وإسماعيل بْن أُمَيَّة الْقُرَشِيّ، وموسى بن عقبة، وابن جريج. وعنه: الشافعي، وإسحاق، والحسن الزعفراني، والحسن بن عرفة، وكثير بن عبيد، ومحمد بن يحيى العدني، وآخرون. روى أحمد بن حنبل عنه حديثا واحدا. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وعن الشافعي قَالَ: كَانَ رجلا فاضلا، وكنّا نُعدّه مِن الأبدال. وكان إذا ركب حمارًا أو دابةً لا يقول له أُغْدُ إنّما يَقُولُ: لا إله إلا الله. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ. وقال أحمد: رَأَيْته يخلط في الأحاديث فتركته. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال البزّي المقرئ: مات يحيى بْن سُلَيْم سنة خمسٍ وتسعين ومائة. 355- يحيى بْن الضريس بن يسار2 -م. ت. أبو زكريّا البَجَليّ، مولاهم الرّازيّ الحافظ، قاضي الرَّيّ. عَنْ: ابن جُرَيج، وابن إِسْحَاق، وعكرمة بْن عمّار، والثَّوْريّ، وأبي جعفر الرّازيّ، وزائدة، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "9/ 156"، السير "9/ 307، 308". 2 الجرح والتعديل "9/ 158، 159"، والسير "9/ 449، 500". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 259 وعنه: ابن مَعِين، وإسحاق، ومحمد بْن حُمَيْد، وأبو غسّان زُنَيْج، وإسحاق بْن الفيض، وجماعة. وكان محدّث الرَّيّ في زمانه. وثّقه ابن مَعِين. وقال أبو حاتم: كَانَ عنده عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَشَرَةُ آلافِ حَدِيثٍ. وَقَالَ وكيع: يحيى بْن ضُرَيْس مِن حفّاظ الناس، لولا أنّه خلط في حديثين. وقال إبراهيم بْن موسى الفرّاء: تعلّمنا علم الحديث مِن يحيى بْن ضُرَيْس. 356- يحيى بْن عَبَّاد الضُّبَعيّ البصري1 -خ. م. ت. ن. أبو عباد، نزيل بغداد. روى عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وشُعْبَة، والحَمَّادَيْن، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو ثَور، ومحمد بْن حاتم السّمين، والحسن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وهارون بْن سليمان الأصبهاني، وآخرون. قَالَ ابن مَعِين: لم يكن بذاك، وكان صدوقًا. وضعّفه زكريّا السّاجيّ، لكن احتجّ بِهِ الشيخان. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 357- يحيى بْن كثير. صاحب البصْريّ. يُكَنَّى أبا النَّضْر2. مذكور في "تهذيب الكمال": إنّه روى عَنْ: عطاء بْن أَبِي رباح، وهذا بعيد، وأحسبه سقط مِن بينها. وروى عَنْ: أيّوب، وعطاء بْن السّائب، وعاصم الأحول، ومحمد بن عمرو، ويزيد الرقاشي، وسليمان التيمي، والجريري.   1 الجرح والتعديل "9/ 173"، والتهذيب "11/ 235، 236". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 182، 183"، والتهذيب "11/ 276". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 260 وعنه: شيبان بن فروخ، وحشيش بن أصرم، ومحمد بن يحيى القطعي، وعباس بن أبي طالب، وولده أبو مالك كثير بن يحيى صاحب البصْريّ. قَالَ أبو زُرْعة، وغيره: ضعيف الحديث. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك. 358- يحيى بْن المتوكّل الباهليّ1. عَنِ: ابن جُرَيج، وعن: عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد. وعنه: سليمان الشّاذْكُونيّ، ومحمد بْن حرب النَّسَائيّ، ويعقوب بْن كعب الحلبيّ، ومحمد بْن سَعِيد بْن غالب العطّار، والحسن بْن الصّبّاح البزّار، وطائفة. ما علمت بِهِ بأسًا. وهو أصغر مِن أَبِي عقيل يحيى بْن المتوكّل صاحب بهيّة. 359- يحيى بْن محمد بن قيس3 -ت. ن. ق. م. أبو زكير المدني ثم البصري. مؤدَّب جعفر بْن سليمان الأمير. طال عُمره وعَمي. حدّث عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، والعلاء بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي حازم، وهشام بْن عُرْوة، وطائفة. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، والفلاس، وبُنْدار، وحفص الرباليّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: يُكتب حديثه. لَهُ حديث مُنْكَر في أكل البلح. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ. لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ غيره: صدوق. وروى الكَوْسج، عَنْ يحيى: ضعيف.   1 الجرح والتعديل "9/ 190"، والتهذيب "11/ 271". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 184"، والتهذيب "11/ 274". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 261 وقال الفلاس: لَيْسَ بمتروك. قُلْتُ: تَفَرَّدَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ"1، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَرَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَنَسٍ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَسْتُ مِنْ ددٍ وَلا الدَّدُ مِنِّي". قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. 360- يحيى بْن محمد بْن عبّاد بْن هاني الشجريّ المدنيّ2. عَنْ: ابن إِسْحَاق، وابن أخي الزُّهْرِيّ، وموسى بْن يعقوب الزّمعيّ. وعنه: ابنه إبراهيم، ومحمد بْن عَبْد الله بْن سَعِيد المساحقيّ، ومحمد بْن منذر القابوسيّ. قَالَ أبو حاتم: ضعيف الحديث. - يحيى بْن واضح. أبو تُميلة. سيأتي بكنيته. 361- يحيى بْن يَزِيدُ بْنُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الحارث بْن عَبْد المطَّلب الهاشميّ النَّوفليّ المدنيّ3. روى عَنْ: أَبِيهِ. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، والهيثم بْن خارجة، ودُحَيْم، ومحمد بْن إِسْحَاق المسيبيّ، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: مُنْكَر الحديث. وقال ابن عَدِيّ: ضعيف. قلت: أبوه يروي عن سعيد المقبري.   1 سبق تخريجه. 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 185"، والتهذيب "11/ 273". 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 198"، والميزان "4/ 414". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 262 362- يزيد بْن سَمْرة الرّهاويّ1. أبو هِزّان. يروي عَنْ: عطاء الخُراساني، وأبي زُرْعة، ويحيى السّيبانيّ. روى عَنْهُ: أبو مُسْهِر، ومحمد بْن عائذ، ويحيى بْن بُكَير. قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: لم يذكروه بجرْح. قلت: ويُحتمل أن يُصيَّر في رجال الطبقة الماضية. 363- يعقوب بْن إسحاق2. أبو عُمارة. بصْريّ نزل الرَّيّ. عَنْ: يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وابن عَوْن. وعنه: عَمْرو بْن رافع، وعيسى بْن إبراهيم البركيّ، ومحمد بْن حُمَيْد، والحسن بْن عَرَفَة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. وقال ابن عَدِيّ: روى ما لا يُتابع عَليْهِ. 364- يعقوب بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ3. روى القراءة عَنْ: نافع بْن أَبِي نُعَيْم. وعنه: حمزة بْن القاسم، ومحمد بْن سَعْدَان، وأبو عَمرو الدوريّ، وغيرهم. 365- يَمَان بْن عَدِيّ الحضرمي الحمصي4. عَنْ: الزبيدي، وبردة بن سنان، وسفيان الثوري.   1 الجرح والتعديل "9/ 268"، واللسان "6/ 288". 2 الجرح والتعديل "9/ 203"، والكامل "7/ 2609". 3 غاية النهاية "2/ 389". 3 الجرح والتعديل "9/ 311"، والتهذيب "11/ 406". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 263 وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، وعمرو بْن عثمان الحمصيّ، وأخوه يحيى بْن عثمان، وموسى بْن أيّوب، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وضعّفه أحمد، والدارَقُطْنيّ. 366- يوسف بْن أسباط الزّاهد1. أحد مشايخ القوم لَهُ مواعظ وحِكَم. روى عَنْ: مُحِلّ بْن خليفة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وزائدة، وطائفة سواهم. روى عنه: المسيب بن وضاح، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي، وغيرهما. وكان مرابطا بالثغور الشامية. قال المسيب: سألته عَنِ الزُّهْد فقال: أن تزهد في الحلال، فأمّا ما حرّم الله فإنِ ارتكبته عذَّبَك. وقال تميم بْن سَلَمَةَ: سالت يوسف بْن أسباط: ما غاية التواضع؟ قَالَ: أن تخرج مِن بيتك فلا تلقى أحدًا إلا رَأَيْت لَهُ الفضل عليك. وقال ابن خُبيق: قَالَ يوسف: خرجت مِن فأتيتُ المصَّيصةَ وجرابي عَلَى عُنقي، فقام ذا مِن حانوته يسلّم عليّ، وقام ذا يسلّم عليّ، فدخلت المسجد أركع، فأحدقوا بي، فتطلّع رَجُل في وجهي، فقلت في نفسي: كم بقاء قلبي عَلَى هذا؟ فرجعتُ بِعَرَقي إلى، فما رجع إلى قلبي إلى سنتين2. وقال يوسف بْن أسباط: للصّادق ثلاث خصال: الحلاوة، والملاحة، والمهابة. وعنه قَالَ: خلْق الله القلوبَ مساكن للذَّكْر، فصارت مساكن للشَّهَوات، لا يمحوا الشهوات مِن القلوب إلا خوف مزعج، أو شوق مُغْلِق. وعنه قَالَ: الزُّهْد في الرئاسة أشدّ مِن الزُّهْد في الدنيا. وقال ابن خُبَيق: قلت ليوسف: مالك لم تأذن لابن المبارك يسلم عليك؟.   1 الجرح والتعديل "9/ 218"، والسير "9/ 169-171". 2 الحلية "8/ 244". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 264 قَالَ: خشيت أن لا أقوم بحقّه وأنا أحبّه. وقال لي: إنّي أخاف أن يعذّب الله الناس بذنوب العلماء. قَالَ: ونظر يومًا إلى رَجُل في يده كتاب، فقال: تزيّنوا بما شئتم، فلن يزيدكم الله إلا اتّضاعًا. وقال أحمد بْن يوسف بْن أسباط: قلت لأبي: أكان مَعَ حذيفة المَرْعَشيّ علمٌ؟. قَالَ: كَانَ معه العِلْم الأكبر: خشية الله. وقال يوسف: سَمِعْتُ الثَّوْريّ يَقُولُ: لم يفقه من لم يعُدّ البلاء نعمة، والرخاء مصيبة. وعن يوسف: إذا رَأَيْت الرجل قد أشِر وبطِر فلا تَعِظْه، فليس للعِظة فيه موضع. وعن يوسف قَالَ: لي أربعون سنة، ما حلّ في صدري شيء إلا تركته. قَالَ شُعيب بْن حرب: ما أقدّم على يوسف بْن أسباط أحدًا. وقال سهل أبو الحَسَن: سَمِعْتُ يوسف بْن أسباط يَقُولُ: يُجزي قليل الورع مِن كثير العمل، وقليل التواضع مِن كثير الاجتهاد. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ: أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا اللَّبَّانُ، عَنِ الْحَدَّادِ: أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، نَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْمَرْوَحِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ، نَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: "إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" 1. وذكر الحديث. قلت: يوسف وثَّقه يحيى بْن مَعِين. وقَالَ أَبُو حاتم: لا يحتج بِهِ. وقال الْبُخَارِيّ: كَانَ قد دَفَنَ كُتُبه، فكان لا يجيء حديثُه كما ينبغي.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4/ 161"، "9/ 165"، ومسلم "القدر/ 1"، وعبد الرزاق "20093". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 265 367- يوسف بْن السَّفْر بْن الفَيْض1. أبو الفيض الدّمشقيّ، كاتب الأوزاعي. روى عَنْهُ: الأوزاعيّ، وبكر بْن خُنَيْس، ومالك بْن أنس. وعنه: هشام بْن عمّار، وموسى بْن أيّوب، ومحمد بْن وزير، ومحمد بْن مُصَفَّى، والعبّاس بْن الوليد البيروتيّ، وعدّة. وحدّث عَنْهُ: بقيّة وهو أكبر منه. قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بثقة. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك يكذب. وقال ابن عديّ: روى أحاديث بواطيل. وقال البَيْهَقيّ: هُوَ في عِداد مِن يضع الحديث. وقال أبو بِشْر الدُّولابيّ: كذّاب. وقال يحيى بْن مَعِين، قَالَ أبو مُسْهِر: كَانَ ابن أبي السَّفْر كذّابًا: قُلْتُ: وَمِنْ بَلايَاهُ، وَسَمِعَهُ مِنْهُ أَبُو هَمَّامٍ السَّكُونِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "مَا جُبِلَ وليٌ لِلَّهِ إِلا عَلَى السَّخَاءِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ"2. 368- يوسف بْن الغَرِق بْن لُمازة3. قاضي الأهواز. عَنْ: سُكَين بْن أَبِي سراح، وأبي شَيبة إبراهيم بْن عثمان العبْسيّ، وعثمان التَّيْميّ، والدَّسْتُوائيّ. وعنه: مروان الرَّقَّيّ، ومحمود بْن خِداش، وأحمد بْن أَبِي سُرَيْج. ذكره ابن عدي، وما رأيته ضعفه.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 223"، والميزان "4/ 466". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "11/ 191"، وابن الجوزي "2/ 179"، في الموضوعات: وانظر: الفوائد المجموعة "76"، والسلسلة الضعيفة "622". 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 227"، والميزان "4/ 471". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 266 وبلغني عَنْ بعضهم تكذيبه، ولا أحقّق الآن مِن هُوَ. وأمّا أبو حاتم فقال: لَيْسَ بالقويّ. 369- يوسف بْن قاضي القضاة أَبِي يوسف يعقوب بْن إبراهيم الفقيه1. وُلّي القضاء بالجانب الغربيّ مِن بغداد في أيّام والده، وروى عَنْ: يوسف بْن أَبِي إِسْحَاق، وغيره. وعنه: أحمد بْن منيع، والحسن بْن شبيب. مات سنة اثنتين وتسعين ومائة. 370- يونس بْن بُكَيْر بن واصل2 -م. ع. ت. د. ق. الحافظ أبو بكر الشيباني الكوفي الحمال، صاحب المغازي. روى عَنْ: الأعمش، وابن إِسْحَاق، وهشام بْن عُرْوة، وكَهْمَس، وعمر بْن ذَرّ الهمَدانيّ، وأقرانهم. وعنه: ولده عبد الله، ويحيى بن معين، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأحمد بن عبد الجبار، وطائفة. قال ابن معين: صدوق. وقال أو حاتم: محله الصدق. وسئل أبو زرعة عنه فقال: أما في الحديث فلا أعلم، فما ينكر عليه. وقال أبو داود: ليس بحجة عندي. سَمِعَ وهو وزياد البكّائيّ من ابن إسحاق بالري. قلت: ومما ينقم عليه التشيع. ورواية مسلم له، ففي الشواهد لا في الأُصُولِ. وقال يحيى بْن مَعِين: هُوَ ثقة، إلا أنه مرجيء.   1 تاريخ بغداد "14/ 296". 2 الجرح والتعديل "9/ 236"، السير "9/ 245-248". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 267 وقال النَّسَائيّ. لَيْسَ بالقويّ. وقال أحمد العِجْلي: ضعيف الحديث عند بعضهم. وقال النَّسَائيّ في مكان آخر: ضعيف. قلت: وقد استشهد الْبُخَارِيّ بِهِ. وأرّخ مُطَيَّن موته في سنة تسعٍ وتسعين ومائة. "الْكُنَى": 371- أبو البَخْتَرِيّ. القاضي وهْب بْن وهْب بْن كثير بْن عَبْد الله الْقُرَشِيّ المدنيّ الفقيه1. روى عَنْ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وجعفر بْن محمد، وجماعة. وعنه: جابر بن سهل الصنعاني، ونوح بن هيثم، والربيع بن ثعلب، والمعافي بن سليمان بن واضح، وعبد الله بن محمد الأدرمي، وآخرون. سكن بغداد، وولاه هارون الرشيد القضاء بعسكر المهدي، ثم عزله. ليس بثقة، وقد مدحه شاعرٌ مرةً، فوصلة بخمسمائة دينار. قال يحيى بن معين: كان عدو الله، يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال عثمان بْن أَبِي شَيبة: أرى أنّه يُبعث يوم القيامة دجّالا. وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ: "لا سَبْقَ إِلا فِي خفٍ أَوْ حَافِرٍ" 2. فَزَادَ فِيهِ: أَوْ جَنَاحٍ، لِيُسَرَّ بِذَلِكَ الْخَلِيفَةُ. عَنْ أَبِي سَعِيد العُقَيْليّ قَالَ: لما قِدم الرشيد المدينة أعظم أن يَرْقى منبر النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قِباء أسود ومِنْطَقة، فقال أبو البَخْتَرِيّ: ثنا جعفر بْن محمد، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نزل جبريل عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قباء أسود، ومنطقة، مُحتَجزًا، فيها خنجر. فقال المعافى التيمي:   1 تاريخ بغداد "13/ 451-457"، السير "9/ 374، 375". 2 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "2/ 256، 358"، وأبو داود "2574"، والترمذي "22"، والنسائي "6/ 227"، وابن ماجه "2878"، وابن أبي شيبة "12/ 502"، والشافعي "349". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 268 ويلٌ وعولٌ لأبي البَخْتَرِيّ ... إذا تَوَافَى الناسُ للمحشرِ مِن قوله الزُّور وإعلانه ... بالكذِب في الناس عَلَى جعفرِ والله ما جالسَه ساعةً ... للفِقه في بدوٍ ولا مَحْضَرِ يزعم أنّ المصطفى أحمدًا ... أتاه جبريل التّقيّ السَّريّ عَليْهِ خفٌّ وقِبا أسود ... مُمَنْطَقًا في الْحَقْو بالخنجرِ1 عمر بن الحسن الأشناني -وليس بثقة: ثنا جعفر الطَّيالسيّ، عَنْ يحيى بْن مَعِين أنّه وقف عَلَى حلقة أَبِي البَخْتَرِيّ، فإذا هُوَ يحدّث بهذا الحديث، فقال لَهُ: كذْبت يا عدو الله. فأخذني الشُّرَط، فقلت لهم: هذا يزعم أنّ رسول ربّ العالمين جبريل نزل عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعليه قِباء. فقالوا لي: هذا والله قاضٍ كذّاب. وأفرجوا عنّي. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله يَقُولُ: ما أشكّ في كذب أَبِي البَخْتَرِيّ. إنّه يضع الحديث. وقال الكَوْسج: قَالَ أحمد بْن حنبل: أبو البَخْتَرِيّ أكذب الناس. وقال أبو زُرْعة، وغيره: كذّاب وقال الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ. قَالَ ابن عساكر: هو وهْب بْن وهْب بْن كثير بْن عَبْد اللَّه بْن زَمْعةَ بْن الأسود بْن المطَّلب بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ بْن كلاب الأسَديّ. وقال ابن سعْد: تحوّل مِن المدينة إلى الشام، ثمّ قِدم بغداد فوُلي القضاء بعسكر المهديّ. ثمّ وُلّي المدينة بعد والد الزُّبَيْر بْن بكار. ثمّ عُزل وقدم بغداد، فسكنها حتى مات سنة مائتين. قَالَ المبَّرد: روى لنا رَجُل باد الهيئة، ودخل عَلَى قوم يشربون فحطّوا مرتبته في الشراب، فقال: نبيذان في مجلسٍ واحدٍ ... لإيثار مثرٍ عَلَى مُقْتِرِ ولو كنت تفعل ذا في الطعام ... لزِمت قياسَك في المسكر   1 تاريخ بغداد "13/ الجزء: 13 ¦ الصفحة: 269 ولو كنتً تفعلُ فعل الكرامِ ... سلكتَ سبيلَ أَبِي البَخْتَرِيّ تتبَّعَ أصحابَه في البلاد ... فأغْنَى المقلّ عن المكثر1 قال: فبعث إليه أبو البَخْتَرِيّ بألف دينار. 372- أبو بَكْر بْن عيّاش بن سالم الأسدي الحناط2، بالنون. -خ. م. الكوفيّ، المقرئ، العابد، أحد الأئمّة الكبار. مولى واصل الأحدب. في اسمه عدّة أقوال أشهرها: شعبة. قال: أنا هشام الرفاعيّ، وحسين بْن عَبْد الأوّل سألاه عَنِ اسمه فقال: شُعْبَة. وسأله يحيى بْن آدم وغيره فقال: اسمي كنيتي. وقال النَّسَائيّ: اسمه محمد؛ وقيل: مُطَرَّف؛ وقيل: رُؤبة، وعتيق، وسالم، وغير ذَلِكَ. وقال هارون بْن حاتم: سَأَلْتُهُ عَنْ مولده، فقال: سنة خمسٍ وتسعين. قلت: هُوَ أنبل أصحاب عاصم. قرأ القرآن عَلَى عاصم ثلاث مرات، وسمع منه، ومن: إسماعيل السُّدّيّ، وأبي إِسْحَاق، وأبي حُصين عثمان بْن عاصم، وَحُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمير، وصالح بْن أَبِي صالح مولى عَمْرو بْن حُرَيْث حدّثه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. ونقل أبو عمرو الدّانيّ أنّ أبا بَكْر عرض القرآن أيضًا عَلَى: عطاء بْن السّائب، وأسلم المنقريّ. وقرأ عطاء، عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ. ولكنْ ما رأينا مِن يُسٍند قراءة أبي بَكْر في مصنَّفات القراءات إلا عَنْ عاصم لَيْسَ إلا. قرأ عَليْهِ: الكِسائيّ، ويحيى العُليميّ، ويعقوب الأعشى. وحدّث عَنْهُ: ابن المبارك، وأبو داود الطَّيَالِسيّ، وأحمد، وإسحاق، وابن نمير،   1 تاريخ بغداد "13/ 452". 2 الحلية "8/ 303-313" السير "8/ 435-446". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 270 وَأَبُو كُرَيْب، والحسن بْن عَرَفَة، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وأبو هشام الرّفاعيّ، وأحمد بْن عَبْد الجبّار العُطَارِديّ، وبَشَر كثير. فإنّه عُمّر دهرًا حتّى قارب المائة. وساء حِفظه قليلا ولم يختلط. قال أحمد بْن حنبل: ثقة، ربما غلط. وهو صاحب قرآن وخير. وقال ابن المبارك: ما رَأَيْت احدًا أسرع إلى السُّنَّةِ مِن أَبِي بَكْر بْن عيّاش. وقال عثمان بْن أَبِي شَيبة: أحضر الرشيد أبا بَكْر مِن الكوفة ومعه وكيع، فدخل وكيع يقوده لضعف بصره، فأدناه الرشيد وقال لَهُ: يا أبا بَكْر، أدركت أيام بني أُمَيَّة وأيامنا، فأينا خير؟ قَالَ: أولئك كانوا أنفع للناس، وأنتم أقْوَم بالصلاة. قَالَ: فصرفه الرشيد، وأجازه بستّة آلاف دينار. وأجاز وكيعًا بثلاثة آلاف دينار. رواها محمد بْن عثمان، عنْ أَبِيهِ. وعن أَبِي بَكْر بْن عياش قال: الدخول في هذا الأمير يسير، والخروج منه إلى الله شديد. رواها أيّوب بْن الأصبهاني الحافظ، عَنْهُ. قَالَ أبو هشام الرّفاعيّ: سَمِعْتُ أبا بَكْر يَقُولُ: أَبُو بَكْر الصِّدِّيق خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي القرآن. لأن الله يَقُولُ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} ، إلى قوله، {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8] . فمن سماه الله صادقًا ليس يكذب. وهم قالوا: يا خليفة رسول الله، يعني أنّهم اتّفقوا عَلَى خطابه بذلك. قَالَ يعقوب بْن شَيبة: كَانَ أبو بَكْر بْن عيّاش معروفًا بالصّلاح البارع. وكان لَهُ فِقْه وعلم بالأخبار. في حديثه اضّطراب. وقال أبو نُعَيْم: لم يكن في شيوخنا أكثر غلطًا مِن أَبِي بَكْر. وأمّا أبو داود فقال: ثقة. وقال يزيد بْن هارون: كَانَ أبو بَكْر خيَّرًا فاضلا، لم يضع جنْبه إلى الأرض أربعين سنة. وقال يحيى بْن مَعِين: لم يُفرش لَهُ فراش خمسين سنة. وقال يحيى الحِمّانيّ: حدَّثني أبو بَكْر بْن عيّاش قَالَ: جئتُ ليلةً إلى زمزم، فاستقيت منها دلْوًا لبنًا وعسلا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 271 وقد جاء مِن غير وجه، عَنْ أَبِي بَكْر أنّه مكث أربعين عامًا يختم القرآن في كلّ يوم وليلة مرّة1. قَالَ أبو العبّاس بْن مسروق: نا يحيى الحماني قَالَ: لما حضرت أبا بَكْر الوفاةُ بكت أخته، فقال لها: ما يُبكيك؟ أنظري إلى تِلْكَ الزّاوية، ختمت فيها ثماني عشرة ألف ختمة2. وروى بِشْر بْن الوليد عَنْهُ أنّه استقى دلْوًا فطلع فيه عسل ولبن. وقال يحيى الحمّانيّ: سمعته يَقُولُ: الخلْق أربعة: معذور، ومخبور، ومجبور، ومثبور، فالمعذور: البهائم. والمخبور: ابن آدم. والمجبور: الملائكة. والمثبور: إبليس. وعن أَبِي بَكْر قَالَ: أدني نفع السكوت السلامة، وكفى بها عافية. وأدنى ضر المنطق الشهرة، وكفى بها بليّة. وقال أبو بَكْر: القرآن كلام الله، غير مخلوق. وقال أبو داود: ثنا حمزة بْن سَعِيد المَرْوَزِيّ قَالَ: سَأَلت أبا بَكْر بْن عيّاش عَنِ القرآن فقال: مِن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو عندنا كافر زِنْديق. وعن أَبِي بَكْر قَالَ: إمامُنا يَهْمِز: مؤصدة فأشتهي أن أسُدّ أذني إذا هَمَزَها. أحمد بْن يونس: قلت لأبي بَكْر بْن عيّاش: لي جار رافضيّ قد مرض. قَالَ: عُدْهُ مثلما تعود اليهوديّ والنصْرانيَّ، لا تنوي فيه الأجر. وقال يوسف بْن يعقوب الصَّفّار: سَمِعْتُ أبا بَكْر يَقُولُ: وُلدت سنة سبعٍ وتسعين، وأخذت رزق عُمَر بْن عَبْد العزيز، ومكثت خمسة أشهر ما شربت ماء، ما أشرب إلا النّبيذ. وقال يوسف: ومات في جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ وتسعون ومائة. قلت: مناقبه كثيرة، وقد سُقْتُ منها في "طبقات القراء". وكان قد قطع الإقراء قبل موته بنحو عشرين سنة، لكنه كان يروي الحروف.   1، 2 الحلية "8/ 303، 304". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 272 وأثبت مِن حمل عَنْهُ قراءاته: يحيى بْن آدم. وعليه دارت قراءاته، مَعَ أنها سماع للحروف فقط، تلا بها عَلَى يحيى شعيب الصّريفيّ، وغيره. وأعلى ما يقع حديثه اليوم فِي جزء ابن عَرَفَة، والله أعلم. قَالَ يعقوب بْن شَيبة: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله المُعيطيّ يَقُولُ: رَأَيْت أبا بَكْر بْن عيّاش بمكة، فأتاه ابن عُيَيْنَة وبرك بين يدي أبي بَكْر، فجعل يَقُولُ: يا سُفْيان كيف أنت، وكيف عائلة أبيك؟ فجاء رَجُل سَأَلَ سُفْيان عَنْ حديث فقال: لا تسألني ما دام هذا الشيخ قاعدًا. 373- أبو تميلة -ع. يحيى بن واضح المروزي الحافظ1. حدَّث عَنْ: موسى بْن عُبَيْدة، ومحمد بْن إسحاق، وأبي طيبة عَبْد الله بْن مُسْلِم، وحسين بْن واقد، والأوزاعيّ، وطبقتهم. وعنه: أحمد، وإسحاق، وسعيد بْن محمد الْجَرميّ، وزياد بْن أيّوب، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج، والحسن بْن عَرَفَة، وعدد كثير. قَالَ أحمد: لَيْسَ بِهِ بأس إن شاء الله، كتبنا عَنْهُ عَلَى باب هُشَيم. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال ابن الجوزيّ في الضُّعفاء لَهُ: قد أدخله البخاري في كتاب الضعفاء. قلت: لا، ما هُوَ في الضعفاء، فعندي كتابا الْبُخَارِيّ في الضعفاء وما هُوَ فيهما. وأيضًا فقد احتجّ بِهِ الْبُخَارِيّ في صحيحه. وقيل: كان أديبًا شاعرًا أيضًا نعمْ. وكذا وهم أبو حاتم حيث حكى أنّ الْبُخَارِيّ تكلّم في أَبِي تُمَيلة. 374- أبو سَعِيد -خ. ن. ق. مولى بني هاشم.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 194"، السير "9/ 210". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 273 هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله. شيخ بصْريّ حافظ1. جاور بمكة. سَمِعَ: قُرّة بْن خَالِد، وشُعْبَة، وزائدة، وصخر بْن جُوَيْرية، وأبان بْن وهب. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وأبو قُدامة عُبَيْد الله بْن سَعِيد، ومحمد بْن يحيى العَدَنيّ، وآخرون. وثّقه أحمد، وغيره. مات في سنة سبعٍ وتسعين ومائة. 375- أمّ عُمَر. بِنْت أَبِي الغُصْن حسّان بن زيد الثَّقفيّة2. عَنْ: أبيها، عَنْ عليّ. وعن: زوجها سعيد بْن يحيى بْن قيس الثقفي. وعنها: أحمد بْن حنبل، ومحمد بْن الصّبّاح الجرجرائيّ، وأبو إبراهيم التّرجمانيّ، وإبراهيم بْن عبد الله الهَرَويّ، وعليّ بْن مُسْلِم الطّوسيّ. قَالَ أحمد: عجوز صدوق. وروى أحمد بْن محمد بْن محرز، عَنِ ابن مَعِين قَالَ: قد سَمِعْتُ منها وليست بشيء. وكناها محمد بن الصّبّاح أمّ عَمْرو، والأول أصحّ. 376- أبو العُمَيْطر. هُوَ الأمير عليّ بْن خَالِد بْن الخليفة يزيد بْن معاوية بْن أَبِي سُفْيَان الأمويّ3 السُّفيانيّ. وأُمُّه هِيَ نفيسة بِنْت عُبَيْد الله بن عباس ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. ولذلك كَانَ يفتخر ويقول: أَنَا ابن شَيْخَيْ صِفّين. أَنَا ابن العِير والنَّفير.   1 الجرح والتعديل "5/ 254"، التهذيب "6/ 309، 210". 2 الميزان "4/ 613". 3 انظر: البداية "10/ 227". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 274 وكان يسكن قرية المِزّة. وداره بدمشق غَربيّ الرَّحبة. خرج بالمِزّة طالبًا المُلْك، وقد كبُر وشاخ، فبُويع بالخلافة، وغلب عَلَى دمشق في دولة الأمين، وتخلخلها في سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وكان خيّرًا في نفسه، دينًا، محمود الطريقة، معتزلا للدولة. وقد كتب العِلْم فأفسدوه. وما زالوا به حتّى خرج. وكان الَّذِي نهض بأعباء دولته خَطَّاب بْن وَجْه الفَلْس الدّمشقيّ، والقُرَشيّون والعرب اليَمَانية. وكاد أن يتم لَهُ الأَمر. وبقي مُديدة، فانتُدب لحربه محمد بْن صالح بْن بَيْهس الكلابيّ الأمير في المُضَريّة، وحاصروا دمشق في آخر سنة سبعٍ وتسعين ومائة. ثمّ تسوّروا البلد وهجموه، وتخاذل الناسُ عَنْ نصر أَبِي العُميطر السُّفيانيّ، فبادر ولبس زيّ امرَأَة، وخرج بين الحُرمُ مِن الخضراء، وذهب إلى المِزّة. ثمّ جرت بينه وبين ابن بَيْهس حروب، وقام معه المِزّيّون وغيرهم. ومات في حدود المائتين، وقد جاوز الثمانين. قَالَ موسى بْن عامر: سَمِعْتُ الوليد بْن مُسْلِم غير مرّة يَقُولُ: لو لم يبق مِن سنة خمسٍ وتسعين ومائة إلا يوم لخرج السُّفيانيّ. قَالَ موسى: فخرج أبو العُميطر فيها. ورواه هشام بْن عمّار عَنِ الوليد. وكان الوليد رأسًا في الملاحم ومعرفتها. ولعلّه ظفر بأثر في ذَلِكَ. وعن أحمد بْن حنبل أنّه قَالَ للهيثم بْن خارجة: كيف كَانَ مُخَرَّج السُّفيانيّ؟ فوصفه بهيئة جميلة واعتزالٍ للشرّ، ثمّ وصفه حين خرج بالظُّلم، وقال: أرادوه عَلَى الخروج مِرارًا ويأبى، فحفرَ لَهُ خَطَّاب سَرَبًا تحت الأرض إلى تحت بيته. ثمّ دخلوا ونادوه في اللَّيْلِ: أخرج فقد آن لك. فقال: هذا شيطان. ثمّ أتوه ثاني ليلة، فوقع في نفسه. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 275 وأتوه ثالث ليلة فخرج. فقال الإمام أحمد: أفسدوه. قَالَ أحمد بْن تبوك بْن خَالِد السُّلَميّ: نا أَبِي قَالَ: خرج أبو العُميطر إلى قرية الْجُرجُلّة فأحرقها، وقتل في بني سُلَيْم. ثمّ كَانَ القُرَشيّون في أصحابه واليَمانية يمرّون بالدّار مِن دُور دمشق فتقول: ريح قيسي تشم من ههنا، فيضربونها بالنّار. 377- أبو القاسم بْن أَبِي الزناد1 -ق. عبد الله بن ذكوان المدني. لم يلحق أَبَاهُ، فربّاه أخوه عَبْد الرَّحْمَن. يروي عَنْ سَلَمَةَ بْن وردان، ونوح بْن نُمَير، وإسحاق بن خازم. وعنه: أحمد بْن حنبل، ويعقوب بْن محمد الزُّهْرِيّ، وإبراهيم بْن المنذر، وعبد الرَّحْمَن بْن يونس الرَّقَّيّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قَالَ سعيد بن يحيى الأموي: سألته عَنْ أسمه فقال: اسمي كنيتي. 378- أبو قَطَن عَمْرو بْن الهيثم القُطَعيّ2 -م. ع. شيخ بصْريّ. لَهُ عَنْ: حمزة الزيّات، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وأبو حُرّة واصل، وشُعْبَة، وطائفة. وعنه: أحمد، وأبو ثور، وبندار، وأحمد بْن سِنان القطّان، ونصر الوشّاء. قَالَ أبو حاتم: صدوق، صالح الحديث. وقال ابن معين: ثقة. قِيلَ: مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 379- أبو مسعود الزجاج3.   1 الجرح والتعديل "9/ 427"، والتهذيب "2/ 203". 2 الجرح والتعديل "6/ 268"، والتهذيب "8/ 114، 115". 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 227"، والميزان "2/ 556". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 276 هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن حسن التّميميّ المَوْصِليّ. روى عن: معمر، وأبي سعد البقّال، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: يحيى بْن آدم، ويحيى الحمّانيّ، وعبد الله بْن عُمَر بْن أبان، وأبو هاشم محمد بْن أَبِي خِداش، وابن عمّار، وعليّ بْن حرب، وإسحاق بْن راهويه، وغيرهم. صالح الأمر، وقال أبو حاتم: لا يحتج به. 380- أبو معاوية -ع. هو محمد بن خازم الكوفي الضرير الحافظ1. أحد أئمة الأثر. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، والأعمش، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وأبي إِسْحَاق الشَّيْبانيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وعاصم الأحول، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن أبي الحواريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وخلق كثير. مولده سنة ثلاث عشرة ومائة. قَالَ أبو نعيم: سَمِعْتُ الأعمش يَقُولُ لأبي معاوية: أمّا أنتَ فقد ربطت رأس كيسَك. وكان شُعْبَة إذا حدَّث بحضرة أَبِي معاوية يراجعه في حديث الأعمش ويقول: أليس كذا، أليس كذا؟. وقال أبو نُعَيْم: لزِم أبو معاوية الأعمش عشرين سنة؛ كذا قَالَ أبو نُعَيْم، ولعلّه أراد عشر سنين. قَالَ أحمد: كَانَ أبو معاوية إذا سئل عَنْ حديث الأعمش يَقُولُ: قد صار في فمي علْقمًا. قَالَ أحمد: وكان والله حافظًا للقرآن، وكان يضطّرب في غير الأعمش. قَالَ ابن المَدِينيّ: كتبنا عَنْ أَبِي معاوية، عن الأعمش ألفًا وخمسمائة حديث.   1 تاريخ بغداد "5/ 242-245"، السير "9/ 73-78". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 277 وقال جرير بْن عَبْد الحميد: كنّا نرفع الحديث عند الأعمش، ثم نخرج، فلا يكون أحفظ منّا لَهُ مِن أبي معاوية. وكان الرشيد يُبَجَّل أبا معاوية ويُحضره فيسمع منه. أَخْبَرَنَا المؤمّل بْن محمد في كتابه: أَنَا الكِنْديّ، أَنَا أبو منصور القزّاز، أَنَا الخطيب، أَنَا ابن رزق، أَنَا الصّوافّ: نا عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كَانَ أبو معاوية إذا سئل عَنْ حديث الأعمش يقول: قد صار في فمي علقما، لكثرة ما يُرددّ عَليْهِ1. قَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ عند أَبِي معاوية عَنِ الأعمش ألف ومائتان. وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: وأبو معاوية إذا جاز حديث الأعمش كثر خطأه. يخطيء عَلَى هشام بْن عُرْوة، وعلى إسماعيل، وعُبَيْد الله بْن عمر. وكذا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف بْن خِراش. وروى عَبَّاس، عنِ ابن مَعِين قَالَ: روى عَنْ عُبَيْد الله مناكير. وقال أحمد بْن داود الحدّانيّ: سمعتُ أبا معاوية يَقُولُ: البُصَراء كانوا عليّ عيالا عند الأعمش. وقال أحمد بْن الحسن السُّكّريّ: أبو معاوية أعرف مِن سُفْيان ومن شُعْبَة بالأعمش. وقال عليّ بْن حسن: قَالَ لي وكيع: إنْ تركتَ أبا معاوية ذهب علم الأعمش، على أنه مرجيء. فقلت: قد دعاني إلى الإرجاء. وعن ابن المبارك: أبو معاوية مرجيء كبير. وقال يعقوب بْن شَيبة: أبو معاوية مِن الثَّقات، وربّما دلّس، وكان يرى الإرجاء. قَالَ: فيقال إنّ وكيعًا ما حضر جنازته لذلك.   1 تاريخ بغداد "5/ 245". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 278 قَالَ الجماعة: مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة؛ وقيل: سنة أربع. 381- أبو معاوية الأسود1. أحد الزهّاد، صحِب إبراهيم بْن أدهم والثَّوْريّ، وكان منقطعًا إلى العبادة. حكى عَنْهُ: أحْمَد بْن أَبِي الحواريّ، وقاسم الجوعيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق العكّاويّ، وغيرهم. قَالَ قاسم الجوعيّ: اسمه يَمَان. وقال يحيى بْن يحيى النَّيْسابوريّ: إنّ كَانَ بقي أحد مِن الأبدال فحُسين الْجُعْفيّ، وأبو معاوية الأسود. وكان بطَرَسُوس. وقال ابن مَعِين: رأيته يلتقط الخرق ويغسلها ويلبسها. وأغلظ لَهُ رَجُل فقال: أستغفر الله مِن ذنبٍ سلّطَكَ بِهِ عليّ. قلت: ومن قول الفقراء: مِن جُنيَ عَليْهِ فليستغفر. وفي الكرامات للالكائي أن أبا معاوية الأسود ذهبَ بصره، فكان إذا أراد أن يقرأ في المصحف ردّ الله عَليْهِ بصره2. قَالَ ابن أَبِي الحواري: جاء جماعة إلى أَبِي معاوية الأسود فقالوا: ادْعُ لنا. فقال: اللهم ارحمني بهم ولا تجرمهم بي. عَبْد الرَّحْمَن بْن عفّان: سَمِعْتُ أبا معاوية يَقُولُ: مِن كانت الدنيا همّه طال في القيامة غمّه؛ ومن خاف الوعيد لها عَنِ الدنيا عمّا يريد؛ إنّ كنتَ تريد لنفسك الجزيل فلا تنم بالليل ولا تُقيل؛ بادِرْ بادر قبل أن ينزل بك ما تحاذر؛ أوه مِن يومٍ يتغّير فيه لوني، ويتلجلج فيه لساني، ويقلّ فيه زادي3. 382- أبو نُواس4. هُوَ شاعر العصر أبو عليّ الحَسَن بْن هانئ، وقيل الحَسَن بْن وهْب الحكمي.   1 انظر: الحلية "8/ 271-273"، والسير "9/ 78-79". 2 صفة الصفوة "4/ 272". 3 الحلية "8/ 272، 273". 4 انظر: الأغاني "20/ 61-73"، السير "9/ 279-281". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 279 مولده بالأهواز، ونشأ بالبصرة. وسمع مِن: حمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بْن زياد. وعرض القرآن عَلَى يعقوب الحضرميّ. وأخذ اللُّغة عَنْ أَبِي زيد الأنصاريّ، وأبي عُبَيْدة، ثم سكن بغداد فمدح الخلفاء والوزراء. وكان رأسا في اللغة، وشعره في الذروة. قال شيخه أبو عبيدة: أبو نواس للمحدثين مثل امريء القيس للمتقدمين. وعن محمد بن مسعر قَالَ: كنّا عند سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فتذاكروا شِعْر أَبِي نُواس، فقال ابن عُيَيْنَة: أنشدوني لَهُ. فأنشدوه. ما هوًى إلا لهُ سببُ ... يبتدي منه وينشعبُ فَتَنَتْ قلبي محبّتهُ ... وجهُها بالحُسْنِ مُنْتِقِبُ تُركت والحُسنُ تأخذه ... تنتقي منه وتنتخِبُ فاكتستْ منه طرائِفه ... واستزادتْ بعضَ ما تهبُ1 فقال ابن عُيَيْنَة. آمنت بالذي خلقها. ولقب أبو نواس بهذا لذؤابتين كانتا تنوس عَلَى عاتقيه، أي تضطّرب. وهو مِن موالي الجرّاح بْن عَبْد الله الحَكَميّ الأمير. ومن شِعْره: خلّ حبيبك لرامي ... وامضِ عَنْهُ بسلام مت بداء الصمت خيـ ... ـر لك مِن داء الكلام إنّما العاقل مِن ... ألجَمَ فاهُ بلجام شبْتَ يا هذا وما ... تترك أخلاقَ الغلام والمنايا آكلاتٌ ... شاربات للأنام2   1 تاريخ بغداد "7/ 438". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 276". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 280 ومن شِعْره: سبحان ذي الملكوت أيَّةُ ليلةٍ ... مَخَضَت صبيحتُها بيوم الموقفِ لو أنّ عينًا وَهَّمتْها نفسُها ... ما في المعاد مُحَصَّلا لم تَطْرفِ1 قَالَ الجمّاز: كَانَ أبو نواس نجلس معه في حلقة يونس، فينتصف منّا في النحو. وقال أبو عمرو الشيباني: لولا أنّ أبا نواس أفسدَ شِعره بهذه الأقذار، يعني الخمور، لاحتججنا بِهِ في كُتُبنا. ومن شِعْر أَبِي نواس: يا قمرًا أبْصَرتُ في مأتمٍ ... يَنْدُب شَجْوًا بين أترابِ تبكي فتُذْري الدُّرَّ مِن نرجسٍ ... وتلطم الوردَ بعُنّابِ فقلت: لا تبكي عَلَى هالكٍ ... وآبكِ قتيلا لكِ بالبابِ لا زال موتًا دأب أحبابه ... ولم تزل رؤيته دأبي2 ومن شِعْره في عليّ بْن موسى الرضا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قِيلَ أنت أشعرُ الناسِ طُرّا ... في رويٍّ تأتي بِهِ وبَدِيهِ فلماذا تركتَ مدحَ ابنِ موسَى ... والخلال التي تجمّعن فيه قلت: لا أهتدي لمدح إمامٍ ... كَانَ جبريل خادمًا لأبيه وله: ألا كلّ حيّ هالكُ، وابنُ هالكٍ ... وذو نَسَب في الهالكين عريقِ إذا امتحنَ الدُّنيا لبيب تكشَّفَت ... لَهُ عَنْ عدوٍّ في ثياب صديقِ3 وله: فتًى يشتري الثناء بماله ... ويعلم أنّ الدائرات تدور   1 السابق "4/ 278". 2 الأغاني "20/ 68، 69". 3 تاريخ بغداد "7/ 443". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 281 فما جزاه جودٌ ولا حلٌّ دونه ... ولكن يصيرُ الجودُ حيثُ يصير1 مات أبو نُواس سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وقيل: سنة ستٍ؛ وقيل: سنة خمس. وترجمته سبْعٍ ورقات في تاريخ بغداد. وأفرد لَهُ أبو العبّاس بْن شاهين جزءًا في أخباره. 383- المحاربي -ع. عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن زياد2. أبو محمد الكوفي الحافظ. عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَلَيْثِ بْنِ أبي سُلَيْم، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وفُضَيْل بْن غَزْوان، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو كُرَيْب، وهنّاد، والحسن بْن عَرَفَة، والأشجّ، وعليّ بْن حرب، وخلْق. قَالَ وكيع: ما كَانَ أحفظه للطوال. وقال ابْن معين: ثقة. وقال أَبُو حاتم: صدوق. وقال أبو داود: ابنه عبد الرحيم المُحَاربيّ أحفظ منه. وقال أبو نُعَيْم: كنّا نكون عند الثَّوْريّ، فإذا مرّ حديث مِن أحاديث الزُّهْد قَالَ: أَيْنَ المُحَاربيّ؟ خُذ إليك هذا مِن بَابتِك. وقال أبو حاتم أيضًا: يروي عَنِ المجهولين. وقال العُقَيْليّ: نا عَبْد الله بْن أحمد قَالَ: بَلَغَنا أنّ المُحَاربيّ كَانَ يدلّس، ولا نعلم أنّه سَمِعَ مِن مَعْمَر شيئًا. وأنكر أَبِي روايته عَنْ مَعْمَر.   1 ديوان أبي نواس "ص/ 481". 2 الجرح والتعديل "5/ 282"، والسير "9/ 136-138". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 282 قَالَ: قِيلَ لأبي إنّ المُحَاربيّ روى عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيرٍ حديث: "تُبنى مدينة بين دجلة ودجيل"1. فقال أبي: كَانَ المُحَاربيّ جليسًا لسيف بْن محمد ابن أخت الثَّوْريّ، وكان سيف كذّابًا. وأظنّ المُحَاربيّ سَمِعَ هذا منه. قلت: ما بين عبد الله وبين المُحَاربيّ منقطع، فما صحّ عَنِ المُحَاربيّ هذا. وقد مات المُحَاربيّ رحمه الله سنة خمسٍ وتسعين ومائة.   1 سبق تخريجه. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 283 الفهرس العام للكتاب : الطبقة العشرون: "سنة إحدى وتسعين ومائة": الصفحة الموضوع 3 الوفيات هذه السنة. 3 خروج ثروان بن سيف بحولايا. 3 خروج أبي النداء بالشام. 3 استغلاظ أمر رافع بن الليث عيسى من ولد علي. 3 ولاية حمويه بَرِيدَ خُرَاسَانَ. 4 غَزْوَةُ يَزِيدَ بْنِ مَخْلَدٍ الرُّومَ. 4 تولية هرثمة بن أعين الصائفة. 4 مضي الرشيد إلى درب الحدث. 4 عزل علي بن عيسى. 5 حج هذا العام. 5 امتناع الصائفة. "سنة اثنتين وتسعين ومائة": 5 المتوفون هذه السنة. 5 شخوص هرثمة إلى خراسان. 6 توجه الرشيد لحرب رافع. 6 تحرك الخرمية. 7 قتل أبي النداء. 7 تحرك ثروان الحروري. 7 حبس علي بن عيسى. "سنة ثلاث وتسعين ومائة": 7 المتوفون هذه السنة. 7 موافاة الرشيد جرجان. 7 الْوَقْعَةُ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ. 8 غلط جبريل بن بختيشوع وتطبيب الرشيد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 285 الصفحة الموضوع 8 الرشيد يقتفي أخلاق المنصور. 8 إجازة الرشيد ومروان بن أبي حفصة. 8 صحبة ابن أبي مريم المضحاك للرشيد. 9 موعظة ابن السماك للرشيد. 9 البيعة للأمين. 9 مسير رجاء الخادم بالخلع إلى الأمين. 9 بناء الأمين لميدان الكرة. 9 المأمون يهدي الأمين التحف. 10 ذدخول هرثمة سمرقند. 10 مقتل نقفور ملك الروم. "سنة أربع وتسعين ومائة": 10 المتوفون هذه السنة. 10 ثورة أهل حمص بعاملهم. 10 عزل الأمين لأخيه القاسم عن الولايات. 11 الأمر بالدعاء لموسى ابن الأمين. 11 تنكر الأمين للمأمون. 11 الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ يُؤَلِّبُ الأَمِينَ عَلَى الْمَأْمُونِ. 11 التحاق رافع بن الليث بالمأمون. 11 قدوم هرثمة على المأمون. 11 إرسال الأمين وجوهًا إلى المأمون. 12 مبايعة العباس بن موسى المأمون سرًا. 12 إسقاط اسم المأمون من ولاية العهد. 12 إِرْسَالُ الْمَأْمُونِ الرَّسُولَ بِالْبَقَاءِ عَلَى عَهْدِهِ لِلأَمِينِ. 12 نصائح أولي الرأي للأمين. 12 بيعة الأمين لابنه موسى بولاية العهد. 12 وثوب الروم على ملكهم. "سنة خمس وتسعين ومائة": 13 المتوفون هذه السنة. 13 بَعْضُ الشِّعْرِ الَّذِي قِيلَ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ لموسى. 13 تسمية المأمون بإمام المؤمنين. 14 عقد الأمين الولايات لعلي بن عيسى. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 286 الصفحة الموضوع 14 جَمْعُ الأَمِينِ أَهْلَ بَغْدَادَ لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ لابْنِهِ. 14 شُخُوصُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لِلْقَبْضِ عَلَى الْمَأْمُونِ. 14 استعمال ابن حُمَيد على همدان. 14 لِقَاءُ جَيْشِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِجَيْشِ طَاهِرِ بن الحسين. 15 رفع نسخة البيعة على الرمح. 15 مقتل علي بن عيسى. 15 انهزام البخارية. 15 التسليم بالخلافة للمأمون. 16 انشغال الأمين بصيد السمك. 16 شعر في مقتل علي بن عيسى. 16 توجيه الأمين للأبناوي. 16 قلة تدبير الأمين مع كثرة الجيش. 16 مقتل علي بن عيسى بسهم. 17 شغب الجند ببغداد على الأمين. 17 حَبْسُ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ لِلْمُنْكَسِرِينَ مِنْ جَيْشِ أبيه. 17 تراجع الأبناء أمام طاهر بن الحسين. 17 حصار طاهر لهمدان. 18 طاهر يؤمن الأبناوي. 18 ظهور أبي العميطر السفياني بدمشق. 18 أَبُو الْعُمَيْطِرِ يَضْبِطُ دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا حَتَّى الساحل. 18 غلبة طاهر على كور الجبال. 18 غدر الأبناوي بجنود طاهر. 19 مقتل الأبناوي. 19 طاهر يخندق على جنده قرب حلوان. "سنة ست وتسعين ومائة": 19 المتوفون هذه السنة. 19 الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ يَحُثُّ أَسَدَ بْنَ يَزِيدَ على نصرة الأمين. 20 أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ يَطْلُبُ نَفَقَةَ سَنَةٍ لِجُنْدِهِ. 20 حبس الأمين لأسد بن يزيد. 20 اختيار أحْمَد بْن مَزْيد لقتال طاهر بْن الحسين. 21 وصية الأمين لأحمد بن مزيد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 287 الصفحة الموضوع 21 احتيال طاهر عَلَى جيوش الأمين حتى تقاتلوا. 21 تسليم ما احتواه طاهر إلى هَرْثَمَة بْن أعين. 22 تولية المأمون للفضل بْن سهل عَلَى جميع المشرق. 22 تولية الحَسَن بْن سهل ديوان الخراج. 22 إطلاق عَبْد الملك بن صالح من الحبس. 23 وفاة عبد الملك وعودة الرجالة. 23 خطبة الحسين بن علي في الأبناء. 24 بيعة الحسين المأمون وخلعه الأمين. 24 حبس الأمين وأمه في قصر المنصور. 24 خطبة محمد بْن أبي خَالِد لاعتزال الحسين بن علي. 24 خطبة الشَّيْخ الكوفي وإخراج الأمين مِن حبسه. 25 الصفح عن الحسين بن علي. 25 هرب الحسين بن علي وقتله. 25 تجديد البيعة للأمين. 25 هرب الفضل بْن الربيع. 25 مسير طاهر بْن الحسين لقتال محمد بن يزيد المهلبي. 26 مصرع محمد بْن يزيد وما قِيلَ في رثائه. 26 تولية طاهر العمال على البحرين. 26 إقرار العمال على أعمالهم. 27 هزيمة محمد البربري عند جسر صرصر. 27 انهزام الفضل بن موسى عن الكوفة. 27 إدبار أمر الأمين. 27 ذكر خبر خلع دَاوُد بْن عيسى الأمين. 28 إقامة الموسم للحج. 28 انهزام علي بن نهيك أمام هرثمة. 28 شغب الجند على طاهر وقتالهم له. 28 تفريق الأمين الخزائن والذخائر على الناس. 28 مكاتبة طاهر لقواد الأمين واستمالتهم. "سنة سبع وتسعين ومائة": 29 المتوفون هذه السنة. 29 التحاق المؤتمن ومنصور بالمأمون. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 288 الصفحة الموضوع 29 شكوى المسلمين مِن أعمال زهير بْن المسيبّ. 29 اشتداد الحصار على الأمين ببغداد. 30 درس محاسن بغداد. 30 تسلم طاهر لقصر صالح. 30 مقتل جماعة في قصر صالح. 30 التحاق جماعة من القادة والعباسيين بطاهر. 30 إقبال الأمين على اللهو والشرب وسوء حال أهل بغداد. 31 قتال الغوغاء والعيارين والحرافيش عن الأمين. 31 وقعة درب الحجارة. 31 وقعة باب الشماسية. 32 وقعة العراة وما قيل فيهم. 32 ظهور السفياني بالشام. 32 حصار ابن بيهس لدمشق. "سنة ثمان وتسعين ومائة": 33 المتوفون هذه السنة. 33 ذكر استيلاء طاهر على بغداد. 33 ذكر غناء الجارية ضعف. 34 حكاية المسعودي عن مقرطة الأمين. 35 شدة بطش الأمين. 35 الإشارة عَلَى الأمين بالخروج إلى الجزيرة والشام. 36 النصح للأمين بالإستسلام لهرثمة. 36 وقوع الأمين في الأسر. 36 ما روي حول أسر الأمين. 38 ذكر خبر قتل الأمين. 39 رثاء إبراهيم بن المهدي للأمين. 39 وثوب الجند بطاهر. 40 ما قيل في رثاء الأمين. 40 ذكر إسراف الأمين في اللهو والإنفاق. 41 رجاء ابن حنبل الرحمة للأمين. 41 استيلاء ابن بيهس على دمشق. 42 ذكر خروج ابن الهِرش في سِفْلة الناس. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 289 الصفحة الموضوع 42 استعمال المأمون للحسن بن سهل. 42 ولاية طاهر الجزيرة والشام ومصر والمغرب. 42 ذكر ثورة أهل قرطبة. "سنة تسع وتسعين ومائة": 43 المتوفون هذه السنة. 43 خروج ابن طباطبا بالكوفة. 43 ذكر أمر أبي السرايا. 44 وقعة قصر ابن هبيرة. 44 توجيه أَبِي السرايا عمّاله عَلَى المدينة ومكة. 44 ذكر خروج داود بْن عيسى مِن مكّة. 45 دخول حسين بْن حسن مكّة وظُلم أهلها. 46 ذكر انهزام أبي السرايا. 46 وثوب علي بن محمد بالبصرة. 46 ظهور إبراهيم بن علي باليمين. "سنة مائتين": 46 المتوفون هذه السنة. 46 مقتل أبي السرايا. 47 افتتاح البصرة واختفاء الطالبيين. 47 ذكر ما فعله الأفطس بمكة. 48 ذكر تفرق الطالبيين عن مكة. 49 ذكر الحج هذا العام. 49 مقتل هرثمة. 49 ذكر فتنة الجند ببغداد. 49 ذكر توجيه رجاء بْن أَبِي الضحّاك لإشخاص علي الرضا. 50 ذكر إحصاء ولد العباس. 50 ذكر قتل الروم ملكهم اليون. 50 ذكر قتل يحيى بن عامر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 290 "تراجم الأعيان في هذا العَشْر": الصفحة الموضوع "حرف الألف": 50 1- أحمد بْن بشير الكوفي. 50 2- أحمد بْن موسى بن أبي مريم الخزاعي اللؤلؤي المقرئ. 51 3- إبراهيم بن الأغلب بن سالم القيرواني الأمير. 52 4- أبان بن عبد الحميد الرقاشي البصري الشاعر. 53 5- إبراهيم بن صدقة الأنصاري البصري. 53 6- إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك الجمحي المكي. 53 7- إبراهيم بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران الهلالّي. 53 8- إبراهيم بن هدبة البصري. 54 9- إبراهيم بن يزيد بن مردانبة الكوفي. 54 10- إبراهيم بن يوسف بن إسحاق السبيعي الكوفي. 55 11- أسامة بن حفص المدني. 55 12- أسباط بن محمد الكوفي. 56 13- إسحاق بن جعفر بن محمد الهاشمي. 56 14- إسحاق بن إسماعيل الرازي حيويه. 56 15- إسحاق بن الربيع العصفري الكوفي. 56 16- إسحاق بن سليمان الرازي. 57 17- إسحاق بن عيسى البغدادي. 57 18- إسحاق بن نجيح الملطي. 57 19- إسحاق بن يوسف بن مرداس الواسطي الأزرق. 58 20 إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسم الأسدي. 60 21- إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي. 61 22- إسماعيل بن إبراهيم التيمي الكوفي. 61 23- إسماعيل بن حكيم صاحب الزيادي. 61 24- إسماعيل بن زياد السكوني قاضي الموصل. 62 25- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ الأنصاري. 62 26- إسماعيل بْن محمد بْن جُحَادة الكوفيّ العطّار. 62 27- إسماعيل بْن يحيى بْن عُبَيْد الله التَّيميّ البكري. 62 28- أشجع بن عمرو السلمي "الشاعر". 63 29- أشعث بن عبد الرحمن بن زُبَيد اليامي الكوفي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 291 الصفحة الموضوع 63 30- أشعث بن عبد الله الخراساني السجستاني. 63 31- أشعث بن شعبة. 64 32- أمية بن خالد القيسي. 64 33- أنس بن عياض الليثي. 65 34- أوس بن عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي. 65 35- أوس بن عبد الله السلولي البصري. 65 36- أيوب بن تميم التميمي الدمشقي. 66 37- أيوب بن حسان الجرشي الدمشقي. 66 38- أيوب بن المتوكل البصري الصيدلاني. 67 39- أيوب بن واصل البصري. 67 40- أيوب بن واقد الكوفي. "حرف الباء": 67 41- بشار بن قيراط النيسابوري. 68 42- بزيع بن حسان الخصاف. 68 34- بشر بن إبراهيم الأنصاري المفلوج. 68 44- بشر بن الحسن البصري. 69 45- بشر بن السري الواعظ الأفوه. 70 46- بشر بن سلم بن المسيب البجلي. 70 47- بشر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز الأموي. 70 48- بقية بن الوليد بن صائد الطلاعي الحميري. 74 49- بكّار بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْن ثابت الأسدي. 75 50- بكّار بْن عَبْد الله بْن عُبَيْدة الرَّبَذيّ. 75 51- بكر بن سليمان البصري. 75 52- بكر بن سليم الصواف الطائفي. 76 53- بكر بن الشرود الصنعاني. 76 54- بكر بن يزيد الحمصي الطويل. 76 55- بكر بن النطاح الحنفي البصري. 76 56- بكر بن يونس بن بكير الشيباني. 77 57- بهز بن أسد العمي. "حرف التاء": 77 58- تَلِيد بن سليمان المحاربي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 292 الصفحة الموضوع "حرف الجيم": 78 59- الجراج بن مليح البهراني الحمصي. "حرف الحاء": 78 60- الحارث بْن مرّة بْن مُجّاعة الحنفي اليماني. 79 61- الحارث بن عبيدة الكلاعي الحمصي. 79 62- حجاج بن سليمان الرعيني "ابن القمري". 79 63- حجاج بن سليمان الحضرمي المصري. 80 64- حذيفة المرعشي "الزاهد". 80 65- الحسن بن حيب بن ندبة البصري. 80 66- الحَسَن بْن عليّ بْن عاصم بْن صُهَيْب الواسطي. 80 67- الحسن بن محمد البلخي الفقيه قاضي مرو. 81 *- الحسن بن هانئ الشاعر أبو نواس. 81 68- الحسن بن يحيى الخشني الغوطي البلاطي. 82 69- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب. 82 70- حفص بن نبيل المرهبي الهمداني. 82 71- حفص بن عبد الرحمن البلخي الفقيه. 82 72- حفص بن عمر الرازي الواسطي. 83 73- حفص بن غياث بن طلق النخعي القاضي. 83 74- الحكم بن أيوب العبدي الأصفهاني الفقيه. 86 75- الحكم بن بشير. 86 76- الحَكَم بْن عَبْد الله أَبُو مطيع البلْخيّ الفقيه. 87 77- الحكم بن عبد الله أبو النعمان البصري. 88 78- الحكم بن مروان الكوفي. 89 79- حماد بن خالد الخياط المدني. 89 80- حماد بن دُلَيل المدائني. 90 81- حماد بن واقد الصفار. 90 82- حُمَيد بن حماد بن خَوَار الكوفي. 90 83- حنان بن سَدِير الصيرفي. "حرف الخاء": 91 84- خالد بن حيان الرقي الكِنْدي الخراز. 91 85- خالد بن سليمان البلْخي فقيه بلخ. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 293 الصفحة الموضوع 91 86- خالد بن عمرو القرشي الأموي الكوفي. 92 87- خالد بن يزيد العتكي اللؤلؤي. 92 88- خلف بن أيوب العامري البلخي. 92 89- الخليل بْن أحمد بْن بِشْر بْن المستنير السلمي. 93 90- خيران بن العلاء الكيساني الأصم. "حرف الراء": 93 91- ربعي بن إبراهيم الأسدي. 94 92- ريحان بن سعيد بن المثنى الشامي. "حرف الزاي": 94 93- زاجر بْن الصَّلْت الطاحي النَّمِريّ. 95 94- زياد بن الحسن بن الفرات التميمي القزاز. 95 95- زياد بن عبد الرحمن بن زياد الفقيه الأندلسي "شبطون اللخمي". 96 96- زيد بن الحسن القرشي الكوفي صاحب الأنماط. 96 97- زيد بن أبي الزرقاء الموصلي. "حرف السين": 97 98- سالم بْن نوح العطّار البصْريّ. 97 99- سبرة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني. 98 100- سعد بن سعيد بن كيسان المقبري. 98 101- سعْد بْن الصَّلْت بْن بُرْد بْن أسلم البجلي قاضي شيراز. 99 102- سعيد بن زكريا القرشي المدائني. 99 103- سعيد بن سالم القداح المكي. 100 104- سعيد بن سلمة بن عطية. 100 105- سَعِيد بْن عبد الله بْن سعْد الفقيه المصري. 100 106- سعيد بن عمرو الزبيري. 101 107- سعيد بن محمد الثقفي الوراق. 101 108- سفيان بن عبد الملك المروزي. 101 109- سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي. 108 110- سُقلاب بن شنينة المصري المقرئ. 108 11- السكن بن إسماعيل البصري الأصم. 109 112- سلامة بن روح الأيلي. 110 113- سلام بن أبي خبزة البصري. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 294 الصفحة الموضوع 110 114- سلمة بن عقار البغدادي. 110 115- سلمة بن سليمان المروزي. 111 116- سلمة بن الفضل الأبرش الرازي قاضي الري. 112 117- سلم بن جعفر البكراوي الأعمى. 112 118- سلم بن سالم البلخي الزاهد. 113 119- سلم بن قتيبة الخراساني الفريابي الشعيري. 114 120- سليمان بن الخليفة أبي جعفر العباسي نائب دمشق. 114 121- سليمان بن عامر الكندي المروزي. 114 *- سليم صاحب حمزة الزّيّات. 114 122- سُلَيْم بْن عيسى بْن سليم الحنفي المقرئ. 115 123- سليم بن مسلم الجمحي المكي الخشاب. 115 124- سهل بن زياد البصري الطحان. 115 125- سهل بْن هاشم بْن بلال الحبشيّ الواسطيّ البيروتي. 116 126- سهل بن يوسف البصري الأنماطي. 116 127- سويد بن عبد العزيز بن نمير قاضي بعلبك. 117 128- سيار بن حاتم البصري العنزي العابد. "حرف الشين": 118 129- شبيب بْن سُلَيْم الأُسَيديّ البصْريّ. 118 130- شعيب بن حرب المدائني البغدادي الزاهد. 119 131- شعيب بن العلاء الرازي السراج. 119 132- شعيب بن الليث بن سعد الفهمي المصري. 120 133- شقيق البلخي الزاهد. "حرف الصاد": 123 134- صالح بن بيان الثقفي العبدي قاضي سيراف. 123 135- صالح بن موسى بن عبد الله التيمي الطلحي الكوفي. 124 136- صعصعة بن سلام الدمشقي. 124 137- صغدي بن سنان البصري. 124 138- صفوان بن عيسى الزهري البصري القسام. 125 139- صلة بن سليمان الواسطي العطار. 125 140- صيفي بن ربعي الأنصاري الكوفي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 295 الصفحة الموضوع "حرف الضاد": 126 * ضمرة بن ربيعة الرملي. "حرف العين": 126 141- عاصم بْن حُمَيْد الكوفيّ الحنّاط. 126 142- عاصم بن سليمان العبدي الكوزي الحذاء. 127 143- عاصم بن عبد العزيز الأشجعي المدني. 127 144- عامر بن صالح بن عبد الله الأسدي المدني. 128 145- عامر بن صالح بن رستم الخزاز. 128 146- عامر بن عبد الله المصري. 128 147- العباس بن الأحنف الشاعر. 129 148- العباس بن الحسين بن عبيد الله العلوي المدني. 129 149- العباس بن الفضل بن الربيع الأمير الحاجب الشاعر. 130 150- عبد الله بن الأجلح الكندي الكوفي. 130 151- عبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي الكوفي. 132 152- عَبْد الله بْن إسماعيل بْن خَالِد الكوفيّ. 132 153- عبد الله بن خراش الشيباني الكوفي. 133 154- عبد الله بن داود التمار الواسطي. 133 155- عبد الله بن رجاء المكي البصري. 133 156- عبد الله بن أبي رفاعة الخولاني المصري الزاهد. 134 157- عبد الله بن سعيد النخعي الكوفي. 134 158- عَبْد الله بْن سُفْيان بْن عُقْبة اللَّيْثي المدني. 134 159- عبد الله بن سلمة البصري الأفطس. 135 160- عبد الله بن عبد القدوس الكوفي الرازي. 135 161- عبد الله بن عبد الله بن أبي عبيدة الهذلي المسعودي الكوفي. 135 162- عبد الله بن عيسى الخزاز البصري الحريري. 136 163- عَبْد الله بْن كثير الدّمشقيّ الطّويل المقرئ إمام جامع دمشق. 136 164- عبد الله بن قبيصة الفزاري الكوفي. 136 165- عَبْد الله بْن كُلَيْب بْن كَيْسان المُراديّ المصري. 137 166- عَبْد الله بْن مُعَاذ بْن نَشيط الصّنْعَانيّ. 137 167- عبد الله بن موسى بن إبراهيم التيمي الطلحي المدني. 137 168- عبد الله بن ميمون بن داود القداح المخزومي المكي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 296 الصفحة الموضوع 138 169- عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي الكوفي. 138 170- عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري المصري. 142 171- عبد الحكيم بن منصور الخزاعي الواسطي. 142 172- عبد الخالق بن زيد بن واقد الدمشقي. 142 173- عبد الرحمن بن سعد بن عمار. 142 174- عبد الرحمن بن سعيد الخزاعي المصري. 143 175- عَبْد الرَّحْمَن بْن سُليمان بْن أبي الْجَوْن العنسي الدّارانيّ. 143 176- عَبْد الرَّحْمَن بْن عبد الله أبو سعيد. 143 177- عبد الرحمن بن عبد الحميد المهري المصري المكفوف. 144 178- عَبْد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أُميّة بن الثقفي البكراوي البصري. 144 179- عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقي المصري الفقهي. 147 *- عبد الرحمن بن محمد المحاربي. 147 180- عَبْد الرَّحْمَن بْن مسعود بْن أشرس الإفريقيّ. 147 181- عبد الرحمن بن مغراء الدوسي الرازي. 148 182- عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري. 154 183- عَبْد السّلام بْن عَبْد القُدُّوس بْن حبيب الوحاظي الشامي. 154 184- عَبْد العزيز بْن عِمران بْن عَبْد العزيز الأعرج. 155 185- عبد العزيز بن أبي عثمان الكوفي. 155 186- عبد الكريم بن محمد الجرجاني. 156 187- عبد الملك بن صالح بن علي الهاشمي العباسي الأمير. 157 188- عبد الملك بن الصباح المسمعي الصنعاني البصري. 157 189- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّنْعانيّ الذَّماريّ. 158 190- عَبْد المُلْك بْن محمد البَرْسَميّ الصَّنْعانيّ الدّمشقيّ. 158 191- عبد الملك بن مهران الرفاعي الموصلي المغازلي. 159 192- عبد المنعم بن نعيم الأسواري البصري السقاء. 159 193- عَبْد الواحد بْن سليمان الأزْديّ البصْريّ البرّاء. 159 194- عبد الوهاب بن حميد اليحصبي. 160 195- عبد الوهاب الثقفي. 161 196- عُبَيْد الله بْن المهديّ بْن المنصور العباسيّ. 161 197- عُبَيْد الله بْن سُهيل بْن صخر الغُدّانيّ. 161 198- عبيد بن سعيد بن أبان القرشي الأموي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 297 الصفحة الموضوع 162 199- عبيد بن القاسم الأسدي الكوفي. 162 200- عبيد بن واقد القيسي. 162 201- عتبة بن حماد الحكمي الدمشقي القارئ. 163 202- عَثَّام بْن عليّ بْن هُجَيْر الكلابيّ العامري الكوفي. 163 203- عثمان بن فرقد البصري العطار. 163 204- عراك بن خالد بن يزيد المري الدمشقي المقري. 164 205- عرعرة بن البرند بن النعمان القرشي السامي الناجي. 164 206- عصمة بن محمد بن فضالة الأنصاري المدني. 165 207- عطاء بن جبلة الفزاري. 165 208- علي بن أبي بكر الرازي الأسفذني. 166 209- علي بن حرملة التيمي قاضي القضاة. 166 210- علي بن زياد. 166 211- عليّ بْن ظَبْيان أبو الحَسَن العَبْسيّ الكوفيّ القاضي. 167 212- علي بن عيسى بن ماهان الأمير. 168 213- علي بن القاسم الكندي الكوفي. 168 214- علي بن المبارك الأحمر النحوي المؤدب. 169 215- عمارة بن بشر الدمشقي. 169 216- عمر بن حفص العبدي البصري. 169 217- عمر بن حفص بن عمر الأنصاري. 170 218- عمر بن حفص المعيطي. 170 219- عمر بن زرعة الخارفي. 170 220- عُمَر بْن صالح بْن أبي الزّاهرية الأزْديّ البصري الأوقص. 170 221- عمر بن عبد الواحد بن قيس السلمي الدمشقي. 171 222- عمر بن هارون البلخي الثقفي. 172 223- عمران بْنُ عُيَيْنَةَ بْنً أَبِي عِمْرَانَ الْهِلالِيُّ الْكُوفِيُّ. 173 224- عمرو بن بكر السكسكي الشامي. 173 225- عمرو بن حمران البصري. 173 226- عمرو بن خليفة البكراوي. 173 227- عمرو بن مجمع الكوفي. 173 228- عمرو بن محمد العنقزي الكوفي. 174 229- عمرو بن هاشم الجنبي الكوفي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 298 الصفحة الموضوع 175 *- عمرو بن الهيثم أبو قطن. 175 230- عمير بن عبد المجيد الحنفي. 175 231- عنبسة بن خالد بن يزيد الأيلي. 176 232- عون بن عبد الله بن عون الهذلي الكوفي. 176 233- عَوْن بن كَهْمَس بْن الحَسَن البصْريّ التَّيْميّ. 176 234- العلاء بن الحصين الكوفي الوضين. 176 235- عيسى بن شعيب البصري النحوي الضرير. 177 236- عيسى بن شعيب بن ثوبان المدني. "حرف الغين": 177 237- الغازي بن قيس الأندلسي. 178 238- غالب بن فائد الأسدي الكوفي المقرئ. 178 239- غسان بن عبيد الموصلي الأزدي. 179 240- غسان بن مضر الأزدي البصري. "حرف الفاء": 179 241- الفرات بن خالد الرازي. 179 242- فرج بن سعيد بن علقمة المأربي السبأي. 179 243- الفضل بن حبيب المدائني السراج. 180 244- الفضل بن عبد الصمد الرقاشي البصري الشاعر. 180 245- الفضل بن العلاء الكوفي. 180 246- الفضل بن عنبسة الواسطي الخزاز. 181 247- الفضل بن مساور البصري. 181 248- الفضل بن موسى السيناني المروزي. 182 249- الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي الوزير. 182 250- فياض بن محمد الرقي. 183 *- فياض بن محمد البصري. "حرف القاف": 183 251- القاسم بن مالك المزني الكوفي. 183 252- القاسم بن يحيى بن عطاء الهلالي المقدمي الواسطي. 184 253- القاسم بن يزيد الجرمي الموصلي الزاهد. 185 254- قبيصة بن الليث الأسدي الكوفي. 185 255- قتادة بن الفضيل الرهاوي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 299 الصفحة الموضوع "حرف الكاف": 186 256- كريد بن رواحة القيسي البصري. "حرف الميم": 186 257- مالكُ بنُ سُعَيْر بْن الخِمْس التميمي الكوفي. 186 258- مبشر بن إسماعيل الحلبي. 187 259- محرز بن الوضاح المروزي. 187 260- محمد بن إسماعيل بن مسلم الديلي المدني. 188 261- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم الأَسَديّ العُكاشيّ. 188 262- محمد بن ثور الصنعاني. 188 263- محمد بن جعفر البصري التاجر الكرابيسي الطيالسي. 190 264- محمد بن الحارث بن زياد الحارثي. 190 265- محمد بن حرب الخولاني الحمصي الأبرش الكاتب. 191 266- محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي. 191 *- 267- ومحمد بن الحسن الأسدي. 192 268- محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي المقري. 192 269- محمد بْن الحَسَن بْن عِمران المزني الواسطي القاضي. 192 270- محمد بْن الحَسَن بْن أبي يزيد الهمَدانيّ الكوفي. 193 271- محمد بن حمزة الأسدي الرقي. 193 272- محمد بْن حِمْيَر بْن أنيس السليحي الحمصي. 194 *- محمد بن خازم أبو معاوية. 194 273- محمد بْن خَالِد بْن محمد الوَهْبيّ الكِنْديّ الحمصي. 194 274- محمد بن خالد الجندي الصنعاني المؤذن. 195 275- محمد بن ربيعة الكلابي الرؤاسي الكوفي. 195 276- محمد بن الزبرقان الأهوازي. 195 277- محمد بن سعد الأنصاري الأشهلي المدني. 195 279- محمد بن سعد المقدسي. 196 279- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ الْكُوفِيُّ. 196 280- محمد بن سلمة الحراني. 196 281- محمد بن شجاع بن نبهان المروذي. 197 288- محمد بن شعيب بن شابور الدمشقي البيروتي. 197 283- محمد بن طلحة بن عبد الرحمن التيمي القرشي المدني. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 300 الصفحة الموضوع 198 284- محمد بن عبد الله الكوفي المقرئ "داهر". 198 285- محمد بْن عَبْد الله بْن رزين الشّاعر أبو الشيص. 198 286- محمد بن عيسى المروزي. 199 287- محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي. 199 288- محمد بن أبي عدي السلمي البصري. 199 289- محمد بن عيسى بن القاسم الأموي الدمشقي. 200 290- محمد بن عيسى الوابشي. 200 *- محمد بن الفضل بن عطية 200 291- محمد بن فضيل بن غزوان الضبي. 201 292- محمد بن فليح بن سليمان المدني. 201 293- محمد بن القاسم الأسدي الكوفي. 202 294- محمد بن مروان العقيلي العجلي. 202 295- محمد بن معن الغفاري المدني. 203 296- محمد بن ميمون الزعفراني الكوفي المفلوج. 203 297- محمد الأمين بن هارون الرشيد الخليفة. 205 298- مخلد بن الحسين الأزدي المهلبي البصري. 205 299- مخلد بن يزيد الحراني. 206 300- مرجى بن وداع الراسبي البصري. 206 301- مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري. 207 302- مزاحم بن زفر التيمي الكوفي. 208 *- مسعدة بن البيسع الباهلي البصري. 208 303- مسكين بن بكير الحراني الحذاء. 208 304- مسلم بن الوليد الشاعر صريع الغواني. 210 305- مسروح الكوفي. 210 306- مسلمة بن يعقوب بن مسلمة الأموي الشريف. 210 307- مُسْهِر بْن عَبْد المُلْك بْن سَلَع الهمَدانيّ. 211 308- مطرف بن مازن قاضي صنعاء. 211 309- مطهر بن الهيثم الطائي البصري. 212 310- معاذ بن معاذ بن نصر العنبري التيمي قاضي البصرة. 212 311- مُعَاذ بْن هشام بْن أَبِي عَبْد الله الدستوائي. 213 312- معروف الكرخي الزاهد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 301 الصفحة الموضوع 217 313- معمر بن سليمان الرقي النخعي. 217 314- معن بن عيسى بن يحيى الأشجعي القزاز. 218 315- المغيرة بن سلمة المخزومي البصري. 219 316- المفضل بن صالح الكوفي الدلال النخاس. 219 317- منصور بن عبد الحميد بن راشد. 220 318- منصور بن عمار بن كثير السلمي الخراساني. 223 319- منصور بن وردان الأسدي الكوفي. 224 320- مؤرج بن عمرو السدوسي البصري النحوي. 224 321- موسى بْن إبراهيم بْن كثير الأنصاريّ الحزامي المدني. 224 322- موسى بن طارق الزبيد قاضي زبيد. 225 323- موسى بن عبد الله بن حسن الهاشمي العلوي. 225 324- موسى بْن يحيى بْن خَالِد بْن بَرْمَك الأمير. 226 325- مؤمّل بْن عبد الرَّحْمَن بْن العبّاس البصْريّ. 226 326- ميسرة بن عبد ربه التستري. "حرف النون": 226 327- نصر بن باب الخراساني. 227 328- النضر بن كثير البصري العابد. "حرف الهاء": 227 329- هارون بن أبي عيسى. 228 330- هارون الرشيد الخليفة. 231 331- هاشم بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن القرشي البكري الفقيه. 231 332- هاشم بن القاسم التيمي الكوفي. 232 333- هذيل بن ميمون الجعفي الكوفي. 232 334- هشام بن سليمان بن عكرمة المخزومي المكي. 232 335- هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي. 233 336- هشام بن يوسف الصنعاني الفقيه. 234 337- الهيثم بن مروان العنسي الدمشقي. "حرف الواو": 234 338- والبة بن الحباب الكوفي. 234 339- وَرْش المقرئ "عثمان بْن سَعِيد بْن عبد الله". 236 340- وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي الأعور. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 302 الصفحة الموضوع 247 341- الوليد بْن عُقْبة بْن المغيرة الشَّيْبانيّ الطّحّان. 247 342- الوليد بن كثير المزني المدني. 247 343- الوليد بن مسلم الأموي الدمشقي. 251 344- وهب بن عثمان المخزومي المدني. "حرف الياء": 251 345- يحيى بْن زكريّا بْن إبراهيم النخعي. 251 346- يحيى بن سعيد الأموي. 252 347- يحيى بن سعيد بن فروخ القطان الأحول. 257 348- يحيى بن سعيد الأنصاري الحمصي العطار. 258 349- يحيى بن سعيد السعيد البصري. 258 350- يحيى بن سعيد التميمي المدني. 258 351- يحيى بن سعيد قاضي شيراز. 258 352- يحيى بن سلام البصري. 259 353- يحيى بْن سُلَيْم الْقُرَشِيّ الطائفي الخرّاز الحذّاء. 259 354- يحيى بن الضريس بن يسار البجلي قاضي الري. 260 355- يحيى بن عباد الضبعي البصري. 260 356- يحيى بن كثير. 261 357- يحيى بن المتوكل الباهلي. 262 358- يحيى بن محمد بن قيس المدني البصري المؤدب. 262 359- يحيى بْن محمد بْن عبّاد بْن هاني الشجري المدني. 262 360- يحيى بن واضح "أبو تميلة". 262 *- يحيى بن يزيد بن عبد الملك الهاشمي النوفلي. 263 361- يزيد بن سمرة الرهاوي. 263 362- يعقوب بن إسحاق. 263 363- يعقوب بْن جعفر بْن أَبِي كثير الأنصاريّ. 263 364- يمان بن عدي الحضرمي الحمصي. 264 365- يوسف بن أسباط الزاهد. 266 366- يوسف بن السفر بن الفيض الدمشقي الكاتب. 266 367- يوسف بْن الغَرِق بْن لُمازة قاضي الأهواز. 267 368- يوسف بن يعقوب بن إبراهيم الفقيه القاضي. 267 369- يونس بْن بُكَير بْن واصل الشَّيْبانيّ الكوفي الحمال. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 303 الصفحة الموضوع "الكنى": 268 370- أبو البختري وهب بن وهب القاضي الفقيه. 270 371- أبو بَكْر بْن عيّاش بْن سالم الأسَديّ الحناط المقرئ العابد. 273 372- أبو تميلة يحيى بن واضح المروزي. 273 373- أبو سعيد "عبد الرحمن بن عبد الله". 274 374- أم عمر الثقفية بنت أبي الغصن. 274 375- أبو العميطر "علي بن خالد" الأمير السفياني. 276 376- أبو القاسم بن أبي الزناد المدني. 276 377- أبو قطن عمرو بن الهيثم القطعي. 276 378- أبو مسعود الزجاج "عبد الرحمن بن حسن التميمي الموصلي". 277 379- أبو معاوية "محمد بن خازم الكوفي الضرير". 279 380- أبو معاوية الأسود الزاهد. 279 381- أبو نواس "الحسن بن هاني" الشاعر. 282 382- المحاربي "عبد الرحمن بن محمد الكوفي". 285 فهرس الموضوعات. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 304 المجلد الرابع عشر الطبقة الحادية والعشرون أحداث سنة إحدى ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الحادية والعشرون: أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ: بَيْعَةُ الْمَأْمُونِ لِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا بِوِلايَةِ الْعَهْدِ: فِيهَا: جَعَلَ المأمونُ وَلِيَّ العهد من بعده عليَّ بْن موسى الرِّضا، وخلع أخاه القاسم بْن الرشيد. وأمر بترك السَّواد ولِبْس الخُضْرة في سائر الممالك، وأقام عنده بخراسان. فعظم هذا عَلَى بُنيّ العبّاس، لا سيما في بغداد. وثاروا وخرجوا عَلَى المأمون، وطردوا الحَسَن بْن سهل من بغداد. وكتب المأمون إلى إسماعيل بْن جعفر بْن سليمان العبّاسيّ أمير البصرة بِلْبس الخُضْرة، فامتنع ولم يبايع بالعهد لعليّ الرِّضا. فبعث المأمون عسكرًا لحربه، فسلّم نفسه بلا قتال، فَحُمِلَ هُوَ وولده إلى خُراسان وبها المأمون، فمات هناك. خلع المأمون والدعوة لإبراهيم بْن المهدي: وفيها عسكر منصور بن المهديّ بكَلْوَاذا، ونصّب نفسه نائبًا للمأمون ببغداد، فسمّوه الْمُرْتَضَى، وسلَّموا عَلَيْهِ بالخلافة، فامتنع من ذلك وقال: إنما أنا نائب المأمون. فلمّا ضَعُف عَنْ قبول ذَلِكَ عدلوا عَنْهُ إلى أخيه إبراهيم بْن المهدي فبايعوه. وجرت فتنة كبيرة، واختبط العراق1. ولاية زيادة اللَّه بْن الأغلب عَلَى المغرب: وفيها وُلّي المغربَ زيادة اللَّه بْن إبراهيم الأغلب التَّميميّ لبني العبّاسيّ بعد موت أخيه عَبْد اللَّه. وبقي في الإمرة اثنتين وعشرين سنة2. تحرك بابَكُ الخرمي: وفيها: تحرك بابك الخرمي3.   1 تاريخ خليفة "470"، تاريخ الطبري "8/ 554"، البداية والنهاية "10/ 247". 2 تاريخ خليفة "470"، تاريخ الطبري "8/ 546"، البداية والنهاية "10/ 247". 3 تاريخ الطبري "8/ 556". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 3 أحداث سنة اثنتين ومائتين : البيعة لإبراهيم بْن المهديّ: في أولها بايع العباسيون وأهل بغداد إبراهيم بْن المهديّ، وخلعوا المأمون لكونه أخرجهم من الأمر وبايع بولاية العهد لعليّ بْن موسى الرِّضا، وأمرهم والدولة بإلغاء السَّواد ولْبس الخُضْرة. فلمّا كَانَ يوم الجمعة خامس المحرَّم صعد إبراهيم بْن المهديّ، الملقب بالمبارك، المنبر. فأول من بايعه عُبَيْد اللَّه بْن العبّاس بْن محمد بْن عليّ بْن منصور بن المهديّ أخوه، ثمّ بنو عمّه، ثمّ القُوّاد1. وكان المطِّلب بْن عَبْد اللَّه بْن مالك الخُزاعيّ هُوَ المتولّي لاجل البَيْعة. وسعى في ذلك، وقام به السِّنْديّ، وصالح صاحب الْمُصَلَّى، ونُصَيْر الوصيف. خروج مهديّ الحروريّ عَلَى إبراهيم بْن المهديّ: ثمّ بايع أهل الكوفة والسَّواد. وعسكر بالمدائن، واستعمل عَلَى جانبي بغداد العبّاس بْن موسى الهاشْميّ، وإِسْحَاق بْن موسى الهادي. فخرج عَلَيْهِ مهديّ بْن عُلْوان الحَرُورِيّ محكِّم، فجهّز لقتاله أبا إِسْحَاق بْن الرشيد، وهو المعتصم، فهزم مَهْديًّا2. وقيل: بل وجه لقتاله المطَّلب. خروج أَبِي السرايا بالكوفة: وخرج أخو أَبِي السّرايا بالكوفة، فلبس البياض، وتجمّع إِلَيْهِ طائفة، فلقيه غسان   1 تاريخ الطبري "8/ 557". 2 تاريخ الطبري "8/ 558". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 4 بْن أَبِي الفَرَج في رجب فقتله، وبعث برأسه إلى إبراهيم بْن المهديّ1. فولاه إبراهيم الكوفة. وَبَيَّتَ عسكرُ إبراهيم بعض أصحاب الحَسَن بْن سهل. وخامر حُمَيْد بْن عَبْد الحميد إلى الحَسَن بْن سهل، ثمّ إنّه بعثه إلى الكوفة، فولّى عليها العبّاس بْن موسى، وأمره أنّ يلبس الخُضْرة، وأن يدعو لأخيه عليّ الرِّضا بعد المأمون. وقال لَهُ: قاتِلْ عَنْ أخيك عسكر ابن المهديّ، فإن أهل الكوفة شيعتكم، وأنا معك2. فلمّا كَانَ الليل خرج حُمَيْد وتركه. ثمّ تواقع بعضُ عسكر ابن المهديّ وأصحاب ابن سهل، فانكسر عسكر ابن سهل، وجرت أمور وحُرُوبٌ بين أهل الكوفة؛ وأهل العراق عند إبراهيم بْن المهديّ3. ثمّ أمر إبراهيم عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد، وهو أكبر قواده، بالمسير إلى ناحية واسط، وبها الحَسَن بْن سهل. وأمر ابن عَائِشَةَ الهاشْميّ، ونُعَيْم بْن خازم أنّ يسيرا، ولحق بهم سَعِيد بْن السّاجور، وأبو البطّ، ومحمد الإفريقيّ، فعسكروا بقُرب واسط، وأمير الكلّ عيسى4. وأمّا الحَسَن بْن سهل فكان متحصنًا بواسط، ومعه أصحابه، والتقوا في رجب، فاقتتلوا أشدّ قتال. ثمّ انهزم جيش إبراهيم بْن المهديّ، وأخذ أصحاب الحَسَن أثقالهم وأمتعتهم وقووا5. ظفر إبراهيم بْن المهديّ بسهل بن سلامة: وفي هذه السنة ظفر إبراهيم بْن المهديّ بسهل بْن سلامة الأَنْصَارِيّ المطَّوِّعيّ، فحبسه وعاقبه. وكان ببغداد يدعو إلى العمل بالكتاب والسُّنَّة، واجتمع لَهُ عامة بغداد. فكانوا ينكرون بأيديهم عَلَى الدولة ويغيرون، ولهم شوكة، وفيهم كثرة، حتّى هَمّ إبراهيم بقتاله.   1 تاريخ الطبري "8/ 558". 2 تاريخ الطبري "8/ 559". 3 تاريخ الطبري "8/ 560". 4 تاريخ الطبري "8/ 561، 562". 5 تاريخ الطبري "8/ 562". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 5 فلمّا جاءت الهزيمة أقبل سهل بْن سلامة يَقُولُ لأصحابه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. فكان كلّ من أجابه لذلك عمل عَلَى باب داره برجًا بآجر وجَصّ، ينصب عَلَيْهِ السّلاح والمصحف. فلمّا وصل عيسى من الهزيمة أتى هُوَ وإخوته وأصحابه نحو سهل؛ لأنّه كَانَ يذكرهم بالفسق ويسبهم، فقاتلوه أيامًا. ثمّ خذله أهل الدُّرُوب؛ لأن عيسى وهبهم حملا من الدراهم، فكفوا. فلمّا وصل القتال إلى دار سهل بْن سلامة ألقى سلاحه واختلط بالنظارة، واختفى ودخل بين النساء. فجعلوا العيون عليه، فأخذوه في الليل من بعض الدُّرُوب، وأتوا بِهِ إِسْحَاق بْن الهادي، وهو وليّ عهد بعد عمّه إبراهيم، وكلمهُ وحاجّهُ وقال: حرضت علينا النّاس وعبتنا! فقال: إنّما كانت دعواي عبّاسيّة؛ وإنّما كنت أدعو إلى الكتاب والسُّنَّة. وأنا عَلَى ما كنت عَلَيْهِ، أدعوكم إِلَيْهِ السّاعة. فلم يقبل منه وقال: أخرج إلى النّاس وقل: ما كنت أدعوكم إِلَيْهِ باطل. فخرج إلى النّاس وقال: يا مَعْشَر النّاس، قد علمتم ما كنت أدعوكم إليه من الكتاب والسنة، وأنا أدعوكم إلى ذَلِكَ السّاعة. فوجأ الأعرابُ في رقبته ولطموه، فنادى: يا مَعْشَر الحربية، المغرور مَن غررتموه. ثم قيد وبعث إلى المدائن، إلى إبراهيم بْن المهديّ. فجرى بينه وبين إبراهيم كنحو ما جرى بين ابن الهادي وبينه. فأمر بسجنه1. وكانوا قد أخذوا رجلا من أصحابه، يقال لَهُ: محمد الرواعيّ، فضربه إبراهيم ونتف لحيته وقهره2. هياج العامة عَلَى بشر المريسي: واستعمل إبراهيم عَلَى قضاء بغداد قيس بْن زياد الخُراسانيّ الحنفيّ، فهاجت في أيّامه العامّة عَلَى بِشْر الْمَرِيسيّ، وسألوا إبراهيم بن المهدي أن يستتبه، فأمر قيس بذلك. قَالَ محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّيْرفيّ: شهدتُ جامع الرّصافة وقد اجتمع النّاس، وقُتَيْبة جالس. وأقام بِشْر الْمَرِيسيّ عَلَى صُنْدوق، ومُستَمْلي سُفْيَان بْن عُيَيْنَة أبو مُسْلِم، ومستملي يزيد بْن هارون يذكر أنّ أمير المؤمنين إبراهيم أمر قاضيه أن يستتيب   1 تاريخ الطبري "8/ 562، 563". 2 تاريخ الطبري "8/ 563". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 6 بشرًا من أشياء عدّدها. منها ذِكْر القرآن. فرفع بِشْر صوته يَقُولُ: مَعَاذَ اللَّه لست بتائب. وكثر النّاس عَلَيْهِ حتّى كادوا يقتلونه، فأُدخل إلى باب الخَدَم. الحوار بين المأمون والرضا: وأما المأمون، فذكر أنّ عليّ بْن موسى الرِّضا حدَّثَ المأمون بما فيه النّاس من القتال والفتن منذ قتل الأمين. وبما كَانَ الفضل بْن سهل يستره عَنْهُ من الأخبار. وأن أهل بيته والناس قد نقموا عَلَيْهِ أشياء، وانهم يقولون: إنّك مسحور أو مجنون، وقد بايعوا عمك إبراهيم. فقال: لم يبايعوه بالخلافة. وإنما صيروه أميرًا يقوم بأمرهم. فبين لَهُ أنّ الفضل قد كتمه وغشه. فقال: من يعلم هذا؟ قَالَ: يحيى بْن مُعَاذ، وعبد العزيز بْن عِمران، وعدة من أمرائك فأدخلهم عَلَيْهِ، فسألهم، فأبوا أنّ يخبروه إلا بأمان من الفضل أنّ لا يعرض لهم. فضمن المأمون ذَلِكَ، وكتب لكل واحدٍ منهم بخطه كتابًا. فأخبروه بما فيه النّاس من البلاء، ومن غضبه أهل بيته وقواده عَلَيْهِ في أشياء كثيرة. وما موه عَلَيْهِ الفضل من أمر هَرْثَمَة. وأن هَرْثَمَة إنّما جاءه لنصحه وهدايته إلى الأمر. وأنّ الفضل دسّ إلى هَرْثَمَة من قتله. وأنّ طاهر بْن الحُسين قد أبلى في طاعتك ما أبلى، وفتح الأمصار، وقاد إليك الخلافة مزمومة، حتّى إذا وطَّأ الأمر أخرج من ذَلِكَ كله، وصير في زاويةٍ من الأرض بالرقة. قد منع من الأموال حَتَّى ضعف أمره، وشغب عليه جنده. وأنه لو كان عَلَى بغداد لضبط الملك بخلاف الْحَسَن بْن سهل. وقد تنوسي طاهر بالرَّقَّة لا يستعان بِهِ في شيء من هذه الحروب1. خروج المأمون إلى العراق: ثمّ سألوا المأمون الخروج إلى العراق، فإنّ بني هاشم والقواد لو رأوا غرّتك سكتوا وأذعنوا بالطّاعة. فنادى بالمسير إلى العراق. ولمّا علم الفضل بْن سهل بشأنهم تعنّتهم حتّى ضرب البعض وحبس البعض. فعاود عليّ الرِّضا المأمون في أمرهم، وذكره بضمانه لهم. فذكر المأمون أن يداري ما هو فيه.   1 تاريخ الطبري "8/ 564، 565". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 7 ثمّ ارتحل من مَرْو وقدم سرخس، فشد قوم عَلَى الفضل بْن سهل وهو في الحمّام، فضربوه بالسيوف حتّى مات في ثاني شَعْبان. وكانوا أربعةً من حَشَم المأمون: غالب المسعوديّ الأسود، وقسطنطين الرُّوميّ، وفرج الدَّيْلَمّي، وموفق الصّقلبي، فعاش ستين سنة، وهرب هَؤُلاءِ، فجعل المأمون لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار. فجاء بهم العبّاس بْن الهَيْثَم الدِّيَنَوَريّ، فقالوا للمأمون: أنت أمرتنا بقتله. فضرب أعناقهم. وقد قِيلَ: إنهم اعترفوا أنّ عليّ ابن أخت الفضل بْن سهل دسّهم. ثمّ إنّه طلب عَبْد العزيز بْن عِمران، وعليَّ بْن أخت الفضل، وَخَلَفًا الْمَصْرِيّ، ومؤنسًا، فقررهم، فأنكروا. فلم يقبل ذَلِكَ منهم، وضرب أعناقهم أيضًا، وبعث برؤوسهم إلى واسط، إلى الحَسَن بْن سهل، وأعلمه بما دخل عَلَيْهِ من المصيبة بقتل الفضل، وأنه قد صيره مكانه. فتأخّر في المسير ليحصّل مغل واسط. ورحل المأمون نحو العراق1. وكان عيسى بْن محمد، وأبو البط، وسعيد يواقعون عسكر الحَسَن كل وقت. دعوة المطلب بْن عَبْد اللَّه للمأمون سرًا: وأما المطلب بْن عَبْد اللَّه فإنه قدِم من المدائن من عند إبراهيم، واعتل بأنه مريض، وأخذ يدعو في السر للمأمون، عَلَى أنّ يكون منصور بْن المهديّ خليفة المأمون ويخلعون إبراهيم. فأجابه إلى ذَلِكَ منصور بْن المهديّ وخزيمة بْن خازم وطائفة، فكتب إلى حُمَيْد بْن عَبْد الحميد، وعليّ بْن هشام أنّ يتقدما إلى نهر صَرْصَر والنهروان. ففهم إبراهيم بْن المهديّ حركتهم، وبعث إلى المطلب ومنصور وخزيمة ليحضروا. فتعللوا عَلَى الرَّسُول. فبعث إبراهيم إلى عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد وإخوته. فأما منصور وخزيمة فأعطيا بأيديهم. وأمّا المُطَّلب فغافل عَنْهُ أصحابه وعبر منزله حتي كثر عليهم النّاس. وأمر إبراهيم بنهب دياره واختفى هُوَ. ولما بلغ ذَلِكَ حُمَيْدًا وعليّ بْن هشام، بعث حُمَيْد قائدًا إلى المدائن ثمّ نزلاها. فندم إبراهيم عَلَى ما صنع بالمطلب ولم يقع به2.   1 تاريخ الطبري "8/ 565، 566". 2 تاريخ الطبري "8/ 566". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 8 أحداث سنة ثلاثٍ ومائتين: تُوُفّي فيها: الحُسين بْن عليّ الْجُعْفيّ وزيد بْن الحُبَاب. وعليّ بْن موسى الرِّضا. وأبو دَاوُد المقرئ. ومحمد بْن بِشْر العبْديّ. ويحيى بْن آدم. والوليد بْن مُزْيَد البَيْروتيّ. وفاة الرِّضا: ولمّا وصل المأمون إلى طوس أقام بها عند قبر أَبِيهِ أيامًا؛ ثمّ إنّ عليّ بْن موسى الرِّضا أكل عنبًا فأكثر منه فمات فجأة في آخر صَفَرها. فدفن عند قبر الرشيد، واغتمّ المأمون لموته. ثمّ كتب إلى بغداد يعلمهم إنّما نقموا عَلَيْهِ بيعته لعليّ بْن موسى وها هُوَ قد مات. فجاوبوه بأغلظ جواب. ولما قدِم المأمون الرّيّ أسقط عَنْهَا ألف ألف درهم. وفيها مرض الحَسَن بْن سهل مرضًا شديدًا، وأعقبه السوداء، وتغير عقله حتّى رُبِط وحُبِس. وكتب قُوّاده بذلك إلى المأمون، فأتاهم الخبر أنّ يكون عَلَى عسكره دينار بْن عَبْد اللَّه، وها أَنَا قادم إليكم1. الخلاف بين ابن المهديّ وعيسى بْن محمد: وأما عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد فشرع بمكاتبة حُمَيْد، والحَسَن بْن سهل سرًا. وبقي إبراهيم بْن المهديّ كلّما لحّ عَلَيْهِ في الخروج إلى المدائن لقتال حُمَيْد يعتل عَلَيْهِ بأرزاق الْجُنْد مرة، وحتى يستغلوا مرة. حتّى إذا توثق بما يريد ممّا بينه وبين حميد والحسن فارقهم، وكان قد ناوشهم بعض القتال في الصورة، ثمّ وعدهم أنّ يسلم إليهم إبراهيم بْن المهديّ. فلمّا وصل بغداد قَالَ للناس: إني قد سالمت حميدًا   1 تاريخ الطبري "8/ 568، 569". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 9 وضمنت لَهُ أنّ لا أدخل عمله ولا يدخل عملي. ثم خندق عَلَى باب الجسر وباب الشام. فبلغ إبراهيم ما هُوَ فيه فحذر1. وقيل: إنّ الّذي نم إِلَيْهِ هارون أخو عيسى، فطلبه إبراهيم، فاعتل عَلَيْهِ عيسى. ثمّ ألح عَلَيْهِ في المجيء، فأتاه، فحبسه بعد معاتبةٍ بينهما، وبعد أنّ ضربه وحبس معه عدة من قواده في آخر شوّال. فمضى بقية أصحابه ومواليه بعضهم إلى بعض، وحرضوا إخوته عَلَى إبراهيم المهديّ، فتجمعوا، وكان رأسهم عَبَّاس نائب عيسى، فطردوا كل عاملٍ لإبراهيم في الكرخ وغيره. ثمّ كثروا عَلَى عامل باب الجسر وطردوه. فدخل إلى إبراهيم وقطع الجسر. ثمّ ظهر الأوباش والشطار2. وكتب عيسى إلى حُمَيْد يحثه عَلَى المجيء ليتسلم بغداد. ولم يصلوا جمعة بل ظهرًا. فقدم حُمَيْد وخرج للقيه عَبَّاس وقواد أهل بغداد، فوعدهم ومناهم وأن ينجز لهم العطاء عَلَى أنّ يصلوا الجمعة فيدعون للمأمون، ويخلعوا إبراهيم، فأجابوه. فبلغ إبراهيم بْن المهديّ الخبرٌ، فأخرج عيسى من الحبْس، وسأله أنّ يكفيه أمر حُمَيْد، فأبى عَلَيْهِ. فلمّا كَانَ يوم الجمعة بعث عَبَّاس إلى محمد بْن أَبِي رجاء الفقيه فصلّى بالناس ودعا للمأمون؛ ووصل حُمَيْد إلى الياسريّة، فعرض بعض الْجُنْد وأعطاهم الخمسين درهمًا التي وعدهم بها، فسألوه أنّ ينقصهم عشرة عشرة؛ لأنهم تشاءموا لما أعطاهم عليّ بْن هشام خمسين خمسين، فغدرهم وقطع العطاء عَنْهُمْ. فقال حُمَيْد: بل أزيدكم عشرة عشرة وأعطيكم ستين. فدعا إبراهيم عيسى، وسأله أيضًا أنّ يقابل حميدًا فأجابه، فخلى سبيله وضمن عَلَيْهِ. فكلَّم عيسى الْجُنْد أنّ يُعطيهم كعطاء حُمَيْد فأَبَوْا عَلَيْهِ. فعبر إليهم هُوَ وإخوته إلى الجانب الغربيّ. وقال: أزيدكم من عطاء حميد. فسبّوه، وقالوا: لا نريد إبراهيم. فدخل عيسى وأصحابه المدينة وأغلقوا الأبواب، وصعدوا السور وقاتلوا ساعة. ثمّ انصرفوا إلى ناحية باب خراسان، فركبوا في السفن. وردّ عيسى كأنه يريد مقاتلتهم، ثمّ احتال حتّى صار في أيديهم شبه الأسير، فأخذ بعض قواده فأتى به   1 تاريخ الطبري "8/ 569". 2 تاريخ الطبري "8/ 569، 570"، البداية والنهاية "10/ 249". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 10 منزله، ورجع فرقة إلى إبراهيم فأخبروه بأسر عيسى، فاغتمّ. وكان قد ظفر في هذه الليالي بالمُطَّلِب بْن عَبْد اللَّه وحبسه ثلاثة أيّام، ثمّ إنّه خلّى عَنْهُ1. وكان النّاس يذكرون أنّ إبراهيم قد قتل سهل بْن سلامة المطَّوِّعيّ، وإنّما هُوَ في حبسه. فأخرجه إبراهيم، فكان يدعو النّاس في مسجد الرصافة إلى إبراهيم بالنّهار. فإذا كَانَ الليل ردّه إلى حبسه. فأتاه أصحابه ليكونوا معه فقال: الزموا بيوتكم فإني أُداري إبراهيم. ثمّ إنّ إبراهيم خلّى سبيله في أول ذي الحجة، فذهب واختفى. فلمّا رأى إبراهيم تفرق الجيش عَلَيْهِ أخرج جميع من عنده للقتال فالتقوا عَلَى جسر نهر ديالى فاقتتلوا، فهزمهم حُمَيْد. فقطعوا الجسر وراءهم2. اختفاء إبراهيم بْن المهديّ: ولما كَانَ يوم الأضحى أمر إبراهيم بْن المهديّ القاضي أنّ يصلّي بالناس في عِيساباذ. فلمّا انصرف النّاس من صلاتهم اختفى الفضل بْن الربيع، ثمّ تحول إلى حُمَيْد، وتبعه عَلَى ذَلِكَ عليّ بْن ريطة، وأخذ الهاشميون والقواد يتسللون إلى حُمَيْد، فاسقط في يد إبراهيم وشُقّ عَلَيْهِ. وبلغه أنّ من بَقِيّ عنده من القواد يعملون عَلَى قبضه. فلمّا جنّه الليل اختفى لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة، وبقي مختفيًا مدة سنتين3. وأما سهل بْن سلامة فأحضره حُمَيْد بْن عَبْد الحميد وأكرمه، وحمله عَلَى بغل وردّه إلى داره. فلمّا قدِم المأمون أتاه فأجازه ووصله، وأمره أنّ يجلس في منزله4. وكانت أيّام إبراهيم سنتين إلا بضعة عشر يومًا5. وصول المأمون إلى همدان: ووصل المأمون إلى همدان في آخر السنة6.   1 تاريخ الطبري "8/ 570، 571". 2 تاريخ الطبري "8/ 571، 572". 3 تاريخ الطبري "8/ 572". 4 تاريخ الطبري "8/ 572، 573". 5 تاريخ الطبري "8/ 573". 6 تاريخ الطبري "8/ 573". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 11 أحداث سنة أربعٍ ومائتين: وصول المأمون إلى النهروان: فيها وصل المأمون إلى النهروان، فتلقاه بنو هاشم والقواد. العودة إلى لبس السواد: وقدم عَلَيْهِ من الرَّقَّةِ بإذنه طاهر بْن الحُسين، ودخل بغداد في نصف صَفَر. ولباسهم وأعلامهم خُضْر. فنزل الرّصافة، وبعد ثمانية أيّام كلّمه بنو هاشم العباسيون وقالوا لَهُ: يا أمير المؤمنين، تركت لبْس آبائك وأهل دولتك ولبست الخُضْرة. وكاتَبَه قُوّاد خُراسان في ذَلِكَ1. وقيل: إنّه أمر طاهر بْن الحُسين أنّ يسأله لَهُ حوائجه فقال: أسأل طَرْحَ الخُضْرة، ولبْس السّواد زيّ آبائك2. ثمّ جلس يومًا وعليه الثياب الخضر، فلمّا اجتمع الملأ دعا بسواد فلبسه، ثمّ دعا بخلعه سوداء فألبسها طاهرًا، ثمّ ألبس عِدَّةَ قُوّاده أقبية وقلانس سوداء. فطرح النّاس الخُضْرة ومزقت. وأسرعوا إلى لبس السَّواد3. ولاية يحيى بْن مُعَاذ الجزيرة: وفيها ولّى المأمون يحيى بْن معاذ الجزيرة، فواقع بابَكُ الخُرَّميّ، فلم يظفر واحد منهم بصاحبه. الولاية عَلَى الكوفة والبصرة: واستعمل المأمون أبا عيسى، أخاه عَلَى الكوفة. واستعمل صالحًا أخاه أيضًا على البصرة.   1 تاريخ الطبري "8/ 574، 575". 2 تاريخ الطبري "8/ 575". 3 تاريخ خليفة "472"، تاريخ الطبري "8/ 575"، البداية والنهاية "10/ 250". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 12 أحداث سنة خمس ومائتين : استعمال طاهر بْن الحُسين عَلَى خراسان: فيها استعمل المأمون عَلَى جُمَيْع خُراسان والمشرق طاهر بْن الحُسين1. فسار إلى عمله في ذي القعدة، وأعطاه عشرة آلاف ألف درهم. ولاية ابن طاهر الجزيرة: وكان ولده عَبْد اللَّه بْن طاهر قد قدِم عَلَى المأمون من الرَّقَّةِ بعد أَبِيهِ، فولاه الجزيرة2. ولاية عيسى بْن محمد آذربيجان وأرمينية: وولّى عَلَى آذَرْبَيْجان وأرمينية عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد، وأمره بقتال بابَكُ3. استعمال بِشْر بْن دَاوُد عَلَى السند: واستعمل عَلَى السند بِشْر بْن دَاوُد، عَلَى أَنَّهُ يحمل إِلَيْهِ في كل سنة ألف ألف درهم. استعمال الْجُلُودي لمحاربة الزُّطّ: واستعمل عَلَى محاربة الزُّطّ عيسى بْن يزيد الْجُلُودي4. الحج هَذَا الموسم: وحجّ بالنّاس عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن العلويّ أمير الحرمين5.   1 تاريخ الطبري "8/ 577". 2 تاريخ الطبري "8/ 580"، البداية والنهاية "10/ 255". 3 تاريخ الطبري "8/ 580". 4 تاريخ الطبري "8/ 580"، البداية والنهاية "10/ 255". 5 تاريخ خليفة "472"، تاريخ الطبري "8/ 580"، البداية والنهاية "10/ 255". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 13 أحداث سنة ستٍّ ومائتين: المدّ يغرق سواد العراق: فيها: كَانَ المدّ الّذي غرق فيه السَّواد، وذهبت الغلات. وغرقت قطيعة أمّ جعفر، وقطيعة العبّاس. تغلُّب بابَكّ عَلَى عيسى بْن محمد: وفيها: غلب بابَكُ عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد وبَيَّته1. تعيين ابن طاهر لمحاربة نَصْر بْن شبث: وفيها، ويقال في الّتي قبلها: دعا المأمون عَبْد اللَّه بْن طاهر وقال: أستخير اللَّه منذ شهر، وقد رأيت أنّ الرجل يصف ابنه ليُطْريه ويرفعه. وقد رأيتك فوق ما وضعك أبوك. وقد مات يحيى بْن مُعَاذ واستخلف ابنه أحمد وليس بشيء. وقد رأيت تَوْلِيَتَك مُضَر، ومُحاربةَ نَصْر بْن شَبَث. فقال: السَّمعُ والطاعة، وأرجو أنّ يجعل اللَّه الخيرة لأمير المؤمنين. فعقد لَهُ لواء مكتوبًا عَلَيْهِ بصُفْرة وزاد فيه المأمون: "يا منصور". وركب الفضل بْن الربيع إلى داره مَكْرُمةً لَهُ2. استعمال إِسْحَاق بْن إبراهيم عَلَى بغداد: وفيها استعمل المأمون عَلَى بغداد إسحاق بن إبراهيم3.   1 تاريخ الطبري "8/ 581"، البداية والنهاية "10/ 255". 2 تاريخ الطبري "8/ 581، 582". 3 تاريخ الطبري "8/ 592". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 14 أحداث سنة سبْعٍ ومائتين: الدَّعوة للرضى في اليمن: فيها، وقيل: في التي قبلها، خرج عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب ببلاد عَكّ من اليمن يدعو إلى الرّضى مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنّ عامل اليمن أساء السّيرة. فبايع عَبْد الرَّحْمَن خلقٌ. فوجّه المأمون لحربه دينارَ بْن عَبْد اللَّه، وكتب معه بأمانه. وحجّ دينار، ثمّ سار إلى اليمن حتّى قرُب من عَبْد الرَّحْمَن، فبعث إِلَيْهِ بأمانه فقبله، وجاء مَعَ دينار إلى المأمون. وعند ظهوره منع المأمون الطّالبيّين من الدخول عَلَيْهِ، وأمرهم بلبْس السَّواد1. موت طاهر بْن الحُسين: وفيها: أصابت طاهرَ بْن الحُسين حُمَّى وحرارة فوُجد عَلَى فراشه ميتًا. وذُكر أنّ عُمَر بْن عليّ بْن مُصْعَب، وحُمَيْد بْن مُصْعَب عاداه وهو يُغَلّس، فقال الخادم: هُوَ نائم. فانتظروا ساعة، فلمّا انبسط الفجر قالا للخادم: أيْقِظْه. قَالَ: لا أجسر2. فدخلا فوجداه ميتًا3. وقيل: إنّه قطع الدُّعاء يوم الجمعة للمأمون ولم يزد عَلَى: اللهم أصْلِح أُمَّةَ محمد بما أصلحْتَ بِهِ أولياءك، واكْفِها مؤونة مَن بَغَى عليها. وطرح عَنْهُ السَّواد. فعرض لَهُ عارضّ فمات لليلته. وأتى الخبر إلى المأمون أوّل النّهار من النُّصَحاء، ووافى الخبر بموته ليلا. وقام بعده ابنه طلحة بْن طاهر، فأقره المأمون فأقرّه المأمون، فبقي عَلَى خراسان سبْعٍ سِنين ثم توفي بعده أخوه عَبْد اللَّه بْن طاهر وهو يحارب بابَكُ، فسار إلى خُراسان، وولي حربَ بابك علي بن هشام4.   1 تاريخ الطبري "8/ 593". 2 لا أجسر: لا أجترأ. 3 تاريخ الطبري "8/ 593، 594"، النجوم الزاهرة "2/ 184". 4 تاريخ الطبري "8/ 594، 495". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 15 وقيل: لما جاء نعيُ طاهر بْن الحُسين قَالَ المأمون: لليدين وللفم، الحمد لله الّذي قدّمه وأخّرنا1. وقد كَانَ في نفس المأمون منه شيء لكونه قتل أخاه الأمين لمّا ظفر بِهِ، ولم يبعث بِهِ إلى المأمون ليرى رأيه فيه. ومات طاهر في جُمَادَى الأولى2. ولاية موسى بْن حفص: وفيها: وُلّي موسى بْن حفص طَبَرِسْتان، والرُّويان، ودُنْباوَنْد3. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالنّاس أبو عيسى أخو المأمون4. ظهور الصناديقي باليمن وهلاكه: وفيها: ظهر الصناديقيّ باليمن واستولى عليها وقتل النساء والولدان، وادّعى النُّبُوَّة، وتبعه خلق وارتدّوا عَنِ الإسلام. ثم أهلكه الله بالطاعون.   1 تاريخ الطبري "8/ 595"، البداية والنهاية "10/ 260". 2 تاريخ الطبري "8/ 595". 3 تاريخ الطبري "8/ 596". 4 تاريخ خليفة "472"، تاريخ الطبري "8/ 596"، البداية والنهاية "10/ 261". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 16 أحداث سنة ثمان ومائتين : امتناع الحَسَن بْن الحُسين عَلَى المأمون: فيها: سار الحَسَن بْن الحُسين أخو طاهر بْن الحُسين من خراسان إلى كرمان ممتنعًا بها، فسار خلفه أحمد بْن أبي خالد حتى أخذه وقدم عَلَى المأمون فعفا عَنْهُ1. ولاية قضاء عسكر المهديّ: وفيها: ولي المأمون محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزوميّ قضاءَ عسكر المهديّ2. ولاية القضاء: وفيها: استعفى محمد بْن سماعة من القضاء فأعفي، ووُلّي مكانه إسماعيل بْن حمّاد بْن أَبِي حنيفة، ثمّ عزل المخزومي عَنِ القضاء، ووُلّي بِشْر بْن الوليد الكِنْديّ3. الحج هذا الموسم: وفيها: حجّ بالنّاس صالح بْن هارون الرشيد4.   1 تاريخ الطبري "8/ 597"، البداية والنهاية "10/ 261". 2 تاريخ الطبري "8/ 597". 3 تاريخ الطبري "8/ 597"، البداية والنهاية "10/ 261". 4 تاريخ خليفة "473"، تاريخ الطبري "8/ 597"، البداية والنهاية "10/ 262". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 16 أحداث سنة تسعٍ ومائتين: تقريب المأمون أهل الكلام: فيها: كَانَ المأمون يقرّب أهل الكلام، ويأمرهم بالمناظرة بحضرته، وينظر ما دلّ عَلَيْهِ العقل. ومجانسة بِشْر بْن غياث الْمَرِيسيّ، وثُمامة بْن أشرس، وهؤلاء الْجُنُوس النُّحُوس. طلب نَصْر بْن شبث الأمان: وكان قد طال القتال بين عَبْد اللَّه بْن طاهر، ونصر بْن شَبَث العُقَيْليّ. ثمّ إنّ عَبْد اللَّه استظهر عَلَيْهِ وحصره في حصن لَهُ، وضيّق عَلَيْهِ حتّى طلب الأمان. فقال المأمون لثُمامة بْن أشرس: ألا تدُلُّني عَلَى رجلٍ من اهل الجزيرة لَهُ عقل وبيان يؤدّي عنّي رسالة إلى نَصْر بْن شَبَث. فقال: بلى يا أمير المؤمنين: جعفر بْن محمد من بُنيّ عامر. قَالَ جعفر: فأحضرني ثُمامة، فكلّمني المأمون بكلامٍ كثير لأبلّغه نصرًا. قَالَ: فأتيته وهو بسَرُوج وأبلغته، فأذعن، وشرط أنّ لا يطأ لَهُ بساطًا. فأتيت المأمون وأخبرته. فقال: لا أجيبه واللَّه حتّى يطأ بساطي. وما باله ينفر منّي؟ قلت: لجُرْمه. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 17 قَالَ: أتراه أعظم جُرْمًا عندي من الفضل بْن الربيع، ومن عيسى بْن أَبِي خَالِد؟ أتدري ما صنع الفضل؟ أخذ قُوّادي وأموالي وجنودي وذهب بذلك إلى أخي وتركني وحيدًا، وأفسد عليَّ أخي حتّى جرى ما جرى، وعيسى طرد خليفتي عَنْ بغداد، وذهب بخَراجي وفَيْئي، وأقعد إبراهيم في الخلافة. قلت: الفضل وعيسى لهم سوابق، ولسلفهم وهم مواليكم. وهذا رَجُل لم يكن لَهُ يد قطّ يحتمل عليها ولا لسَلَفه. وإنّما كانوا جُنْد بُنيّ أُمَيَّةَ. قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ كما تَقُولُ فكيف بالحنْق والغيظ؟. فأتيت نصرًا وأخبرته بأنه لا بد أنّ يطأ بساطه. فصاح بالخيل صيحة فجالت وقال: ويلي عَلَيْهِ! هُوَ لم يقو عَلَى أربعمائة ضِفْدعٍ تحت جناحه يعني الزُّطّ يقوى عَلَى حَلْبة العرب1. ثمّ إنّ عَبْد اللَّه بْن طاهر حصره ونال منه فطلب الأمان، وخرج إلى عَبْد اللَّه بْن طاهر، وكتب لَهُ المأمون كتابًا أمانًا. فهدم عَبْد اللَّه كَيْسوم وخرّبها2. ولاية أرمينية وآذربيجان وحرب بابَكُ: وفيها: ولى المأمون صدقة عَلَى أرمينية وآذَرْبَيْجان ومحاربة بابَكُ، وأعانه بأحمد بْن الْجُنَيْد الإسكافيّ، فأسره بابَكُ. فولّى إبراهيم بْن ليث آذَرْبَيْجان3. الحج هذا الموسم: وحجّ بالناس أمير مكّة صالح بْن العبّاس بْن محمد بْن عليّ4. موت ملك الروم: وفيها مات طاغية الروم ميخائيل بْن جورجس، وكان ملْكه تسع سنين، وملك بعده ابنه توفيل5.   1 تاريخ الطبري "8/ 598، 599". 2 تاريخ الطبري "8/ 601". 3 تاريخ الطبري "8/ 601". 4 تاريخ خليفة "473"، تاريخ الطبري "8/ 601"، البداية والنهاية "10/ 263". 5 تاريخ الطبري "8/ 601"، البداية والنهاية "10/ 263". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 18 أحداث سنة عشرة ومائتين : دخول نَصْر بغداد: فيها: في صَفَر دخل نَصْر بْن شَبَث بغداد، فأنزله المأمون بمدينة أَبِي جعفر وعليه الحَرَس1. ظهور المأمون بابن عَائِشَةَ ورفاقه: وفيها: ظهر المأمون عَلَى إبراهيم بْن عَائِشَةَ، وهو إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهاب بْن إبراهيم الإِمَام، ومحمد بْن إبراهيم الإفريقيّ، وملك بْن شاهي، وفرج البغواريّ، ومن كَانَ معهم ممّن كَانَ يسعى في البيعة لإبراهيم بْن المهديّ ثانيًا. فأَطْلعه عمران القطربلسي، وأرسل إليهم المأمون في صَفَر، وأمر بابن عَائِشَةَ أنّ يُقام ثلاثة أيّام في الشمس عَلَى باب المأمون، ثمّ ضربه بالسِّياط وحبسه في المُطْبَق. وضرب الباقين2. الظفر بإبراهيم بْن المهديّ: وفي ربيع الآخر أُخذ إبراهيم بْن المَهديّ وهو منتقب بين امرأتين. أخذه حارس الليل، وقال: أنتنَّ وأين تُرِدْنَ؟. فاعطاه إبراهيم فيما قِيلَ خاتم ياقوت لَهُ قيمة. فلمّا رأى الخاتم استراب وقال: هذا خاتم من لَهُ شأن، فرفعهنّ إلى صاحب الجسر، فبدت لحية إِبْرَاهِيم فعرفه، وذهب بِهِ إلى المأمون. فلمّا كَانَ في الغد، وحضر الأمراء أقعده والمقنعة في رقبته والملحفة عَلَى جسده يوهنه بذلك. ثمّ إنّ الحَسَن بْن سهل كلّمه فيه، فرضي عَنْهُ3. وقيل: إنّ المأمون استشار الملأ في إبراهيم، فقال بعضهم: اقطَعْ أطرافه، وقال بعضهم: اصلبه.   1 تاريخ الطبري "8/ 602". 2 تاريخ الطبري "8/ 602"، البداية والنهاية "10/ 264". 3 تاريخ الطبري "8/ 603"، البداية والنهاية "10/ 264". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 19 وقال أحمد بْن أَبِي خَالِد: إنّ قتلته وجدت مثلك قتل مثله كثيرًا، وإنْ عفوت لم تجد مثلك عفا عَنْ مثله. وإنّما أحب إليك. وكان سنّه ثمانية وستين، فصيَّره عند أحمد بْن أَبِي خَالِد في سَعَة، وعنده أُمُّه وعياله. وكان يركب إلى المأمون ومعه قائدان يُحيطانه. وأمّا إبراهيم بْن عَائِشَةَ ومن معه في الحبس فإنهم همّوا بنقْب السجن، وسدّوا بابه من عندهم. فركب المأمون بنفسه، فدعا بإبراهيم وسأله فأقرّ، وقتلهم صبرًا وصُلْبوا عَلَى الجسر. زواج المأمون ببوران: وفيها: في رمضان سار الخليفة المأمون إلى واسط، ودخل بُبوران بنت الحَسَن بْن سهل. وأقام عنده سبعة عشر يومًا. وخلع الحَسَن عَلَى القُوّاد عَلَى مراتبهم. وتكلّف هذه الأيام بكل ما ينوب جيش المأمون، فكان مبلغ النَّفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم. ووصله المأمون بعشرة آلاف ألف درهم، وأعطاه مدينة فم الصِّلْح1. وذكر أحمد بْن الحَسَن بْن سهل قَالَ: كَانَ أهلنا يتحدّثون أنّ الحَسَن كُتُب رقاعًا فيها أسماء ضِياع لَهُ ونثرها عَلَى القُوّاد والعبّاسيّين، فمن وقعت في يده رقعة باسم ضَيْعة تسلَّمهًا. ونثر صينية مَلأَى جواهر بين يدي المأمون عندما زُفَّت إِلَيْهِ2. شخوص عَبْد اللَّه بْن طاهر إلى مصر: وفيها: كُتُب المأمون إلى عَبْد اللَّه بْن طاهر بْن الحُسين أنّ يسير إلى مصر. فلمّا قرب منها، وكان بها ابن السَّرِيّ، خندق عليها وتهيّا للحرب. ثمّ التقوا فانهزم ابن السَّرِيّ، وتساقط عامة جُنْده في خندقه. ودخل هُوَ الفُسْطاط وتحصَّن. ثمّ خرج إلى ابن طاهر بالأمان، وبذل لَهُ أموالا3. فتح ابن طاهر للإسكندرية: ثمّ فتح عَبْد اللَّه بْن طاهر الإسكندرية، وكان قد تغلب عليها طائفة أتوا من   1 تاريخ الطبري "8/ 606"، البداية والنهاية "10/ 265". 2 تاريخ الطبري "8/ 607". 3 تاريخ الطبري "8/ 610"، البداية والنهاية "10/ 265". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 20 الأندلس في المراكب، وعليهم رَجُل يُكَنَّى أبا حفص. ثمّ إنّهم نزحوا عَنْهَا خوفًا من ابن طاهر، ونزلوا جزيرة أَقْرِيطش فسكنوها، وبها بقايا من أولادهم1. ظفر عليّ بْن هشام بأهل قمّ: وفيها: امتنع أهل قُمّ، فوجّه المأمون إليهم عليّ بْن هشام فحاربهم وظفر بهم، وهدم سورها، واستخرج منهم سبعة آلاف ألف درهم2. والله أعلم.   1 تاريخ الطبري "8/ 613"، حسن المحاضرة "2/ 11". 2 تاريخ الطبري "8/ 614". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 21 تراجم رجال هذه الطبقة : "حرف الألف": 1- أحمد بْن عطاء الهُجَيْميّ الْبَصْرِيّ العابد1. تلميذ عَبْد الواحد بْن زيد. قَالَ ابن الأَعْرابيّ: برّز في العبادة والاجتهاد، وأخذ المعلوم من القوت. وذكر أنّ الطريق إلى اللَّه تعالى لا تكون إلا من هذه الأبواب: الصوم، والصلاة، والجوع. وكان يميل إلى اكتساب القُوت نهارَه. ولِزم طريق شيخه في اللُّطْف، فكان قَدَرِيًّا غير مُعْتَزِليّ. وكتب شيئًا من الحديث. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة: مرّ بي عبد الرحمن بن مهدي يوم الجمعة، فرآني جالسًا إلى جنب أحمد بْن عطاء، وكان من اهل البِدَع يتكلّم في القدر، وكان أزهد من رأيت. فأتيت عَبْد الرَّحْمَن أعتذر، فقال: لا تُجالِسْه، فإنّ أَهْوَن ما ينزلُ بك أنّ تسمع منه شيئًا يجب لله عليك أنّ تَقُولُ لَهُ: كَذَبْتَ. ولعلك لم تفعل. وكان أحمد بْن عطاء قد نصب نفسه للأستاذية، ووقف دارًا في بَلْهُجَيْم للمتعبدين والمُرِيدين والمنقطعين يَقُصّ عليهم في العشيات. وأحسبها أول دار وقفت بالبصرة للعبادة.   1 ميزان الاعتدال "1/ 119"، سير أعلام النبلاء "9/ 408، 409"، لسان الميزان "1/ 221". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 21 وقد صحبه جماعة منهم: أحمد بْن غسّان، وجلس بعده، ووقف دارًا لنفسه أيضًا، وأبو بَكْر العَطَشيّ، وأبو عَبْد اللَّه الحمّال. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: أحمد بْن عطاء الهُجَيْميّ يروي عَنْ: خالد العبد وعن الضعفاء، وهو متروك. قال الساجي: وهو صاحب المضمار، وكان مجتهدًا، يعني في العبادة. وكان مغفَّلا يحدّث بما لم يسمع. قَالَ ابن المَدِينيّ: أتيته يومًا فوجدت معه دَرَجًا1 يحدِّث بِهِ. فقلت لَهُ: أَسَمِعْتَ هذا؟. قَالَ: لا، ولكن اشتريته وفيه أحاديث حِسان أحدِّث بها هَؤُلاءِ. قلت: أما تخاف اللَّه تقرِّب العباد إلى اللَّه بالكذب عَلَى رسول اللَّه. 2- أحمد بْن أَبِي طيبة عيسى بْن سليمان الدّارميّ الْجُرْجانيّ2. عَنْ: أَبِيهِ أَبِي طيبة، وحمزة الزّيّات، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وعُمَر بْن ذَرّ الهَمْدانيّ، وإبراهيم بْن طِهْمان، ومالك بْن أنس. وعنه: الحُسين بْن عيسى البِسْطاميّ، ومحمد بْن يزيد النيسابوري، وعمار بن رجاء الأسترباذي. كَانَ عالمًا زاهدًا نبيلا. ولاه المأمون قضاء جُرجْان، ووثَّقهُ ابن حِبّان. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين بقومس عَلَى قضائها. 3- إبراهيم بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم3. أبو إِسْحَاق القاريّ، حليف بني زُهرة. قاضي مصر. كَانَ رجلا صالحًا. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة "خمس ومائتين". 4- إبراهيم بْن أيّوب العنبري الفرساني4.   1 الدرج: الورق الموصول. 2 الجرح والتعديل "2/ 64"، الثقات لابن حبان "8/ 3"، تهذيب التهذيب "1/ 45". 3 الولاة والقضاة للكندي "427". 4 الجرح والتعديل "2/ 89"، ميزان الاعتدال "1/ 21". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 22 عَنْ الثَّوريّ، ومبارك بْن فَضَاله. وعنه: هذيل بْن معاوية، والنضر بْن معاوية، وأهل أصبهان. وكان صاحب عبادة وليل. قِيلَ: لم يُعرف لَهُ فراش أربعين سنة. 5- إبراهيم بْن بَكْر1. أبو الأصبغ البَجَليّ الدّمشقيّ. أخو بِشْر بْن بَكْر. عَنْ: ثور بْن يزيد، وزرعة بْن إبراهيم. وعنه: أبو بَكْر الرَّقّيّ، وجامع بْن سوار. تُوُفّي قريبًا من سنة عشر ومائتين. 6- إبراهيم بن بكرالشيباني2. عَنْ: شُعْبَة. وعنه: محمد بْن الحُسين البرجلاني، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وغيرهما. وهو مُتَّهَمٌ، ساقط الحديث. قَالَ أحمد بْن حنبل: أحاديثه موضوعه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. 7- إبراهيم بْن حبيب3 بْن الشهيد. أبو إِسْحَاق الْبَصْرِيّ. عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: ابنه إسحاق، ومحمود بْن غَيْلان، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي صفوان. وثقه النسائي. توفي سنة ثلاثٍ ومائتين. 8- إبراهيم بْن الحَكَم4 بْن أبان العدني. أبو إسحاق. عن: أبيه.   1 لسان الميزان "1/ 40". 2 الجرح والتعديل "2/ 90"، الثقات لابن حبان "8/ 64"، ميزان الاعتدال "1/ 24". 3 الطبقات الكبرى "7/ 303"، التاريخ الكبير "1/ 281"، الجرح والتعديل "2/ 95"، تهذيب التهذيب "1/ 113". 4 الطبقات الكبرى "5/ 548"، التاريخ الكبير "1/ 284"، الجرح والتعديل "2/ 94"، تهذيب التهذيب "1/ 115، 116". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 23 وعنه: أحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن رَاهَوَيْه، وَسَلَمَةُ بْنُ شبيب. قَالَ الأثرم: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه يَقُولُ: في سبيل اللَّه دراهم أنفقناها في الذَّهاب إلى عدن إلى إبراهيم بْن الحَكَم. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. 9- إبراهيم بْن خَالِد بْن عُبَيْد الصَّنْعانيّ المؤذِّن1. عَنْ: مَعْمَر، ورباح بْن زيد، وسفيان الثَّوريّ، وأبي وائل القاصّ عَبْد اللَّه بْن بحير، وأمية بن شبل. وعنه: ثنا أحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وأحمد بْن حنبل، وبكر بْن خَلَف، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، والرَّماديّ. وثّقه ابن مَعِين، وأحمد. وقال ابن حِبّان: كَانَ مؤذّن مسجد صنعاء سبعين سنة. 10- إبراهيم بْن رُسْتم2. أبو بَكْر المَرْوَزِيّ العَقَبيّ. أحد الأَئِمَّةِ. سمع: ابن أَبِي ذئب، وشُعْبة. وعنه: أحمد بْن حنبل، ويوسف القطان. وثّقه ابن مَعِين. وكان نبيلا جليلا، قرّبه المأمون وعرض عَلَيْهِ القضاء فامتنع. وكان قد تفقّه عَلَى محمد بْن الحَسَن. تُوُفّي سنة عشر ومائتين. 11- إبراهيم بْن سليمان3. أبو إِسْحَاق البلْخيّ الزّيّات. عَنْ: سَعِيد، وسُفْيَان، وعبد الحَكَم صاحب أنس.   1 التاريخ الكبير "1/ 284"، الجرح والتعديل "2/ 97"، تهذيب التهذيب "1/ 117، 118". 2 الطبقات الكبرى "7/ 377"، الجرح والتعديل "2/ 99"، ميزان الاعتدال "1/ 30، 31". 3 الكنى والأسماء "1/ 99"، الثقات لابن حبان "8/ 67، 68"، ميزان الاعتدال "1/ 37". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 24 وعنه: محمد بن أسلم الطوسي، ومحمد بن أشرس. 12- إبراهيم بْن عَبْد الحميد1. أبو إِسْحَاق الْجُرَشيّ. عَنْ: شُعْبَة، وسعيد بْن بشير، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وعبد الوهّاب بْن مجاهد. وعنه: إبراهيم بْن أيّوب الحورانيّ، وموسى بْن عامر المُرِّيّ، ومحمد بْن الحُسين بْن أَبِي الدَّرْداء. قَالَ أبو زُرْعة الرّازيّ: ما بِهِ بأس. 13- إبراهيم بْن علي بْن حَسَن2 بْن عليّ بْن أَبِي رافع الرافعيّ الْمَدَنِيّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قدِم بغداد وبها مات. عَنْ: أَبِيهِ، وعمّه أيّوب، وكثير بْن عَبْد اللَّه بْن عَوْف. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وأحمد الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق المسيَّبيّ. ضعفه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. 14- إبراهيم بْن قرة الأَسَديّ الأصمّ3. من أهل قاشان. عَنْ: الثَّوريّ، وصحبه. وله صنف الثَّوريّ كتاب "الجوامع" وقرأه في أُذُنه. سكن الرّيّ، وسمع منه: عَمْرو بْن بزيع، ومحمد بْن حُمَيْد، وإبراهيم بْن أيّوب. 15- إبراهيم بْن موسى4. أبو يحيى المَوْصِليّ الزّيّات. رحل وسمع من: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بن عُرْوة، وعوف الأَعْرابيّ، والحريري، والأعمش.   1 الجرح والتعديل "2/ 113". 2 التاريخ الكبير "1/ 310"، الجرح والتعديل "1/ 115، 116"، تهذيب التهذيب "1/ 146، 147". 3 طبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 37-39". 4 التاريخ الكبير "1/ 327"، الجرح والتعديل "2/ 136، 137"، الثقات لابن حبان "8/ 64، 65". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 25 وعنه: محمد بْن جامع، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، ومحمد بن أحمد بن أَبِي المُثَنَّى. تُوُفّي سنة خمس ومائتين. 16- الأحنف بْن حكيم1. أبو بحر. حدَّثَ بأصبهان عَنْ: جرير بْن حازم، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وأبي ثعلبة الصابر. قَالَ يونس بْن حبيب: حدّثنا الأحنف، عَنْ حمّاد بْن سلمة: سمع إياس بْن معاوية يَقُولُ: أذكر الليلة التي ولدتُ فيها، وضعت أمّي عَلَى رأسي جفنة. قَالَ صاحب الأصل: الأحنف مجهول، وبهذه الحكاية تبيَّن كَذِبُه. 17- إدريس بْن محمد الرّازيّ2. أبو أحمد. عن: الثوري، وعبد العزيز بن أبي رواد، وعثمان بْن زائدة. وعنه: محمد بْن عَمْرو زُنَيْج، وَسَلَمَةُ بْن شبيب. وثّقه أبو حاتم. 18- أزهر بْن سعْد السّمّان3. أبو بَكْر الباهليّ، مولاهم الْبَصْرِيّ. عَنْ: ابن عَون، وسليمان التَّيْميّ، ويونس بْن عُبَيْد. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعليّ بْن المَدِينيّ، وبُنْدار، ومحمد بْن يحيى، ومحمد بْن المُثَنَّى، وعباس الدُّوريّ، وأحمد بْن الفُرات، والكُدَيْميّ. ومن الكبار: عَبْد اللَّه بْن المبارك. وكان ثقة نبيلا، أوصى إِلَيْهِ ابن عَون. وعُمَّر وعاش أربعًا وتسعين سنة. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. قِيلَ: إنّه كَانَ صاحبًا لأبي جعفر المنصور قبل أنّ يُسَتَخْلف. فلمّا وُلّي جاء ليهنّيه فقال: أعطوه ألف دينار وقولوا له: لا تعد.   1 الجرح والتعديل "2/ 323"، ميزان الاعتدال "1/ 166". 2 الجرح والتعديل "2/ 266". 3 الطبقات الكبرى "7/ 294"، الجرح والتعديل "2/ 315"، تهذيب التهذيب "1/ 202، 203". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 26 فاخذها ثمّ عاد من قابل فحُجِب، ثمّ دخل عَلَيْهِ في مجلسٍ عام، فقال: ما جاء بك؟ قَالَ: سَمِعْتُ أنّك مريض فجئت أعودك. فقال: أعطوه ألف دينار. قد قضيت حقَّ العيادة، فلا تَعُد فإنّي قليل الأمراض. قَالَ: فعاد من قابلٍ ودخل في مجلسٍ عامّ. فقال: ما جاء بك؟ قَالَ: دعاءٌ سَمِعْتُهُ منك جئت لأتعلمه. فقال: يا هذا، إنّه غير مستجاب، أني في كلّ سنة أدعو بِهِ أنّ لا تأتينيّ وأنت تأتيني! 19- أزهر بْن القاسم1. أبو بَكْر الراسبيّ الْبَصْرِيّ. نزيل مكة. عن: هشام الدَّسْتُوائيّ، وزكريّا بْن إِسْحَاق الْمَكِّيّ. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، ومحمد بْن رافع، ومحمود بْن غَيْلان، وآخرون وثّقه النَّسائيّ. 20- إِسْحَاق بْن إبراهيم2. أبو عليّ السَّمَرْقَنْديّ، قاضي سمرقنْد وبلْخ. عَنْ: ابن جُرَيْج، والحسين بْن واقد. وعنه، عَبْدة، وأحمد بْن منصور زاج. ذكره ابن أَبِي حاتم. 21- إِسْحَاق بْن إدريس الأُسواريّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: همام، وسُوَيْد بْن أَبِي حاتم، وأبي معاوية، وطائفة. وعنه: محمد بْن المُثَنَّى، وعُمَر بْن شَبَّة. تركه عليّ بْن المَدِينيّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِين: لَيْسَ بشيء يضع الأحاديث.   1 الجرح والتعديل "2/ 314، 315"، ميزان الاعتدال "1/ 173"، تهذيب التهذيب "1/ 205". 2 التاريخ الكبير "1/ 378"، الجرح والتعديل "2/ 207"، الثقات لابن حبان "8/ 109". 3 التاريخ الكبير "1/ 382"، الجرح والتعديل "2/ 213"، ميزان الاعتدال "1/ 184". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 27 وقال الْبُخَارِيّ: تركه النّاس. 22- إِسْحَاق بْن بِشْر بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سالم1. أبو حذيفة الْبُخَارِيّ، مولى بني هاشم. صاحب كتاب "المبتدأ". عَنْ: الأعمش، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وحجّاج بْن أرطأة، وعَبْد اللَّه بْن طاوس، ومحمد بْن إِسْحَاق، وابن جُرَيْج، وجويبر، ومقاتل بْن سليمان. وعنه: أيّوب بْن الحَسَن، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، وأحمد بْن حفص، ومحمد بْن يزيد النَّيْسابوريّ، ومحمد بْن قُدَامة الْبُخَارِيّ، وعليّ بْن حرب النَّيْسابوريّ، وإسماعيل بْن العطّار، وطائفة. قَالَ مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الدَّارَبُجُرْدِيُّ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ الْبُخَارِيُّ، ثقة عن ابن جريج، عن أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَلْيَسْتَلِمِ الأَرْكَانَ كُلَّهَا"2. تفرّد الدّاربُجُرْديّ بتوثيق أَبِي حذيفة، وما هُوَ ممّن يُعبأ بتوثيقه. والحديث كما ترى ساقط. وقال مُسْلِم: أبو حذيفة تركوا حديثه. وقال علي بن المَدِينيّ: كذاب، كَانَ يحدث عَنِ ابن طاوس، فجاؤوا ابن عُيَيْنَة فأخبروه بسِنِّه، فإذا ابن طاوس قد مات قبل أنّ يُولَد. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. وقال أحمد بْن سيّار المَرْوَزِيّ: كَانَ يروي عمّن لم يدرك، فإذا سُئل عن آخرين دونه يَقُولُ: من أَيْنَ أُدرك أَنَا هَؤُلاءِ. وكانت فيه ختلة مَعَ أَنَّهُ كَانَ يُزَنُّ بحِفْظٍ. وقال غُنْجار: تُوُفّي في رجب سنة ستٍّ ومائتين ببُخَارَيّ. قلت: لَهُ عجائب أوردها ابن حِبّان، وابن عديّ، وغير واحد نسأل اللَّه الستر.   1 المجروحين لابن حبان "1/ 135-137"، ميزان الاعتدال "1/ 184-186". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 435". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 28 23- إِسْحَاق بْن عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس1. الأمير أبو الحسن الهاشمي. وُلّي إمرة دمشق للرشيد، ووُلّي البصرة، وغيرها. وحدَّثَ عَنْ أَبِيهِ، وعن المنصور. وعنه: إبراهيم بْن المهديّ، وغيره. وبقي إلى بعد المائتين. قَالَ خليفة: تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. وحكى المدائنيّ قَالَ: تناظر قوم في مجلس إِسْحَاق بْن عيسى الهاشْميّ، فألزم قومٌ دم عُثْمَان عليا وعابوه بذلك، فردَّ قوم عليهم وعابوا عثمان، فتكلّم إِسْحَاق وقال: أعيذ عليًّا باللَّه أنّ يكون قتل عثمان، وأُعيذ عثمان باللَّه أنّ يكون قتله عليّ. قَالَ: فاستحسنوا كلامه. 24- إسحاق بن عيسى القشيري2 بن بنت دَاوُد بْن أَبِي هند -مد. رأى جَدّه. وروى عَنْ: الأعمش، وعبّاد بْن راشد، وجماعة. وعنه: الحَسَن بْن الصّبّاح البزّار، وأبو كُرَيْب، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، ورزق اللَّه بْن موسى، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي زياد القَطَوانيّ، وآخرون. 25- إِسْحَاق بْن الفُرات المصري الفقيه3 -ن. قاضي مصر، مولى التُّجَيْبِيّين: كنْيته أبو نُعَيْم. كَانَ من جِلَّةِ أصحاب مالك. حدَّثَ عَنْ: مالك ويحيى بْن أيّوب، والَّليْث، وحُمَيْد بْن هانئ وهو أكبر شيخ لَهُ. ذكره ابن يونس هنا، وفي ترجمة حُمَيْد. لكن قَالَ ابن وزير: سَمِعْتُ ابن الفُرات يَقُولُ: وُلدت سنة خمس وثلاثين ومائة.   1 تاريخ خليفة "462"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 451، 452". 2 التاريخ الكبير "1/ 399"، الجرح والتعديل "2/ 230"، تهذيب التهذيب "1/ 245". 3 الجرح والتعديل "2/ 231"، ميزان الاعتدال "1/ 195"، تهذيب التهذيب "1/ 426، 427". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 29 قلت: وذكر ابن يونس وفاة حُمَيْد بْن هانئ سنة اثنتين وأربعين ومائة، ويبعد أن يكون ابن الفُرات سمع وله سبْعٍ سنين. وعنه: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وأبو الطّاهر بْن السَّرْح، وبحر بْن نَصْر، وأحمد ابن أخي ابن وهْب، وطائفة. روى عَنِ الشّافعيّ قَالَ: ما رأيت بمصر أحدًا أعلم باختلاف العلماء من إِسْحَاق بْن الفُرات. وقال ابن يونس: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين في ثاني ذي الحجّة، وله سبعون سنة. وقال بحر بْن نَصْر: سَمِعْتُ ابن عُلَيَّة يَقُولُ: ما رأيت ببلدكم أحدًا يُحسن العلم إلا إِسْحَاق بْن الفُرات. وقال ابن عَبْد الحَكَم: ما رأيت فقيهًا أفضل منه. وقال أحمد بْن سَعِيد الهمذانيّ: قرا علينا إِسْحَاق بْن الفُرات "مُوَطّأ مالك"، ونحن بين يديه، فما يسقط حرفًا فيما أعلم. وقال إِسْحَاق: مولدي سنة خمس وثلاثين ومائة، وهو إسحاق بْن الفُرات بْن الْجَعْد بْن سليم مولى معاوية بْن حُدَيْج. ولي قضاءَ مصر نيابة عَنْ محمد بْن مسروق. سُئل أبو حاتم عَنْهُ فقال: شيخ لَيْسَ بالمشهور، يعني لَيْسَ بمشهور الحديث. 26- إِسْحَاق بْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن المسيب1 -د. أبو محمد المسيبي المدني المقرئ. صاحب نافع بْن أَبِي نُعَيْم. قرأ عَلَيْهِ: ولده محمد بْن إِسْحَاق، وخلف بْن هشام، ومحمد بْن سَعْدان، وأبو حمدون الطبيب. وكان إمامًا في القراءة مقبولا. تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. وقد روى عَنْ: ابن أَبِي ذئب، ونافع بْن عُمَر. روى لَهُ: أبو دَاوُد. 27- إِسْحَاق بْن مرار2. أبو عَمْرو الشَّيْبانيّ الكوفي صاحب اللغة.   1 التاريخ الكبير "1/ 401"، الجرح والتعديل "2/ 234"، تهذيب التهذيب "1/ 249". 2 تهذيب التهذيب "12/ 182-184". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 30 حدَّثَ عَنْ: ذكن الشاميّ، وغيره. وأخذ العربية عَنْ جماعة ونزل بغداد، وطال عمره. وكان موثقًا فيما ينقله. أخذ عَنْهُ: ابنه عَمْرو، وأحمد بْن حنبل، وأبو عُبَيْد، ومحمد بْن حبيب. وكان ثعلب يفضّله عَلَى أَبِي عبيدة. وكان صاحب أمن ونزاهة وصدق. قال ابنه: لما سمع أَبِي أشعار العرب، كانت نيفًا وثمانين قبيلة، فكان كلمّا عمل منها قبيلةً وأخرجها إلى النّاس كَتَب مُصْحفًا وجعله في مسجد الكوفة، حتّى كَتَب بخطّه نيِّفًا وثمانين مُصْحفًا. وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يلزم مجالس أَبِي عَمْرو الشَّيْبانيّ ويكتب أماليه. وقال ثعلب: دخل أبو عَمْرو البادية وأكثر عَنِ العرب. إلا أَنَّهُ كَانَ مستهترًا بشرب النبيذ. وقال الجاحظ: إنّما قِيلَ لَهُ: الشَّيْبانيّ لانقطاعه إلى أُناسٍ من بني شَيْبان. وقال الجاحظ: صنف أبو عَمْرو كتاب "الحروف في اللغة" وسمّاه "كتاب الجيم". ولم يذكر لِمَ سمّاه بذلك. ولا علم أحد من العلماء ذَلِكَ. وقد سُئل ابن القطاع عَنْ تسميته بذلك فأبى أن يخبر بذلك إلا بمائة دينار. وله عدة تصانيف في اللغة. تُوُفّي سنة عشر ومائتين، وله نيف وتسعون سنة. قِيلَ: بل جاوز المائة. 28- إِسْحَاق بْن منصور1. أبو عَبْد الرَّحْمَن السَّلُوليّ مولاهم الكوفيّ. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن واقد الهَرَوِيّ، وإسرائيل، وهُرَيْم بْن سُفْيَان. وعنه: أبو كُرَيْب محمد بْن العلاء، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وعباس   1 الطبقات الكبرى "6/ 405"، التاريخ الكبير "1/ 403"، الجرح التعديل "2/ 234"، التهذيب "1/ 250، 251". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 31 الدُّوريّ، وعَمْرو النّاقد، وجماعة. وكان أحد الثِّقات الأعلام. روى عَنْهُ من أقرانه: أبو نُعَيْم الفضل بْن دُكَيْن. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال الْبُخَارِيّ: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. والأصحّ أَنَّهُ تُوُفّي سنة خمسٍ ومائتين. 29- إِسْحَاق بْن منصور بْن حيّان الأَسَديّ الكوفيّ1. عَنْ: عُقْبة بْن إِسْحَاق السَّلُولِيِّ، وعاصم بْن محمد العُمَريّ. وعنه: عثمان بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمير، وسُفْيَان بْن وكيع. ذكره "ابن" أَبِي حاتم، وغيره. قَالَ ابن سعْد: كَانَ خيِّرًا فاضلا. 30- إسماعيل بْن أبان2. أبو إِسْحَاق الغنوي الكوفي الخيّاط. عن: هشام بن عُرْوة، وإٍسماعيل بن أبي خَالِد، ومحمد بْن عجلان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن الوليد الفحّام، وأحمد بْن أَبِي غَرَزَة، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح. قَالَ ابن مَعِين: كذاب. وقال الْبُخَارِيّ، وجماعة: متروك الحديث. تُوُفّي سنة عشر ومائتين. وأما: 31- إسماعيل بْن أبان الوراق. فبعد، سيأتي.   1 الطبقات الكبرى "6/ 406"، التاريخ الكبير "1/ 402، 403"، الجرح والتعديل "2/ 234". 2 التاريخ الكبير "1/ 347"، الجرح والتعديل "2/ 160"، تهذيب التهذيب "1/ 270، 271". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 32 32- إسماعيل بْن حكم1. شيخ بصْريّ من جهالة. عَنْ: يونس بْن عُبَيْد. وعنه: محمد بْن يونس الكُدَيْميّ. 33- إسماعيل بْن سَعِيد بْن عُبَيْد اللَّه بْن جُبَيْر2 الثَّقْفيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: بِشْر بْن آدم الأصغر، وبُنْدار، وسعيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، والكُدَيْميّ. قَالَ أبو حاتم: أدركته ولم أكتب عَنْهُ. 34- إسماعيل بْن مرزوق3. أبو يزيد المُرَاديّ الْمَصْرِيّ. عَنْ: يحيى بْن أيّوب، ونافع بْن يزيد. وعنه: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. 35- إسماعيل بْن الوزير4 أبي عُبَيْد الله مُعَاوِيَة بْن عُبَيْد اللَّه الأشعريّ. أبو الحَسَن. نزيل الرّيّ. عَنْ: شريك، وابن أَبِي الزناد، وهُشَيْم. وعنه: عليّ بْن ميسرة. وأدركه أبو حاتم. قَالَ ابن مَعِين: قد سُمِع، ولكنه كَانَ يشرب الخمر. لَيْسَ بشيء. 36- إسماعيل بْن نَصْر5. عَنْ: أَبِي بَكْر الهُذليّ، وغيره. وعنه: زياد بْن أَبِي مسلم، وغيره.   1 التاريخ الكبير "1/ 350"، الجرح والتعديل "2/ 165". 2 التاريخ الكبير "1/ 357"، الجرح التعديل "2/ 173"، تهذيب التهذيب "1/ 303". 3 الثقات لابن حبان "8/ 100". 4 الجرح والتعديل "2/ 201". 5 الجرح والتعديل "2/ 202". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 33 قَالَ أبو حاتم: قد رأيته، ولا أرى بحديثه بأسًا. 37- إسماعيل بْن عَبْد الكريم بْن معقل بْن مُنَبِّه1 اليَمَانيّ الصَّنعانيّ. عَنْ: عمه عَبْد الصَّمد بْن معقل، وابن عمه إبراهيم بْن عَقِيل. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وعبد بْن حميد، وأحمد بن الأزهر، والحارث بن أبي أسامة. قال النسائي: لا بأس بِهِ. مات سنة عشْرٍ ومائتين. 38- إسماعيل بْن عُمَر2. أبو المنذر الواسطيّ ثمّ البغداديّ. عَنْ: عيسى بْن طِهْمان، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وداود بْن قيس الفرّاء. وعنه: أحمد، وابن مَعِين، ومحمد بْن رافع، وعبّاس الدُّوريّ. وكان عبدًا صالحًا. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقال أحمد: كَانَ ربما يصلّي حتّى تورم قدماه. 39- الأسود بْن عامر3، شاذان. شاميّ ثقة نزل بغداد. عَنْ: هشام بْن حسان، وشُعْبة، وسُفْيَان، وجرير بْن حازم، وطلحة بْن عَمْرو، والحمَّادَيْن، وعبد العزيز الماجِشُون. وعنه: أحمد، وابن المَدِينيّ، وأبو ثَوْر الكلْبيّ، وأحمد بْن الوليد الفحام، وأحمد بْن الخليل البُرْجُلانيّ، وعَمْرو النّاقد، والحارث بْن أبي أسامة، والدارمي، ويعقوب بن شيبة. وثقه ابن المديني، وغيره.   1 الطبقات الكبرى "5/ 548"، التاريخ الكبير "1/ 367"، تهذيب التهذيب "1/ 315، 316". 2 الطبقات الكبرى "7/ 324"، التاريخ الكبير "1/ 370"، الجرح والتعديل "2/ 189"، التهذيب "1/ 319". 3 الطبقات الكبرى "7/ 336"، التاريخ الكبير "1/ 448"، الجرح والتعديل "2/ 294"، تهذيب التهذيب "1/ 340". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 34 وروى عَنْهُ من القدماء بقية بْن الوليد. مات في أوّل سنة ثمانٍ ومائتين. 40- أشعثُ بْن عطاف الأَسَديّ الكوفي المقرئ1. نزيل الرّيّ، أبو النَّضْر. روى القراءة عَنْ حمزة الزّيّات، والحديث عن الثَّوريّ. وعنه: محمد بْن عيسى التَّيْميّ، ومحمد بْن مُقَاتِل، ومحمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وإبراهيم بْن موسى. سُئل عَنْهُ أبو حاتم فقال: صالح الحديث. وقال أبو زُرْعة: كَانَ شيخًا صالحًا. 41- أشهب بْن عَبْد العزيز2 بْن داود بْن إبراهيم. أبو عَمْرو القَيْسيّ العامريّ الْمَصْرِيّ الفقيه. قِيلَ: اسمه سكين، وأشهب لَقَبُه. سمع: الَّليْث، ومالكًا، ويحيى بْن أيّوب، وسليمان بْن بلال، وداود العطار، وجماعة. وعنه: الحارث بْن مسكين، وبحر بْن نَصْر، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن إبراهيم بْن الموّاز الفقيه، وسَحْنُون بْن سَعِيد، وعبد الملك بْن حبيب، وهارون بْن سَعِيد الأَيْليّ، وغيرهم. قَالَ الشّافعيّ: ما أخرجتْ مصر أَفْقَهَ من أشهب لولا طَيْش فيه. وكان أشهب عَلَى خَرَاج مصر، وله أموال وحِشْمة. وقال سُحْنُون: رحِم اللَّه أشهب ما كَانَ يزيد في سماعه حرفًا واحدًا. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ فقيهًا حسن الرأي والنظر.   1 التاريخ الكبير "1/ 433"، الجرح والتعديل "2/ 276"، ميزان الاعتدال "1/ 268". 2 التاريخ الكبير "2/ 57"، الجرح والتعديل "2/ 342"، تهذيب التهذيب "1/ 359، 360". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 35 فضّله مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى ابن القاسم في الرأي. فذُكر ذَلِكَ لمحمد بْن عُمَر بْن لُبَابة الأندلسيّ فقال: إنّما قَالَ ذَلِكَ ابن عَبْد الحَكَم؛ لأنّه لازم أشهب، وكان أخْذُهُ عَنْهُ أكثر. وابن القاسم عندنا أفقه في البيوع وغيرها. قالَ ابن عَبْد البر: أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه، وهو أعلم بهما لكثرة مجالسته لهما وأخذه عَنْهُمَا. قَالَ: ولم يدرك الشّافعيّ حين قدِم مصر أحدًا من أصحاب مالك إلا أشهب، وابن عَبْد الحَكَم. قَالَ سَعِيد بْن مُعَاذ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة. وعن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ أشهب في سجوده يدعو على الشافعي بالموت. فذكرت ذَلِكَ للشافعي، فأنشد: تمنّى رجال أنّ أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي تمنّى خلاف الّذي مضى ... تهيّأ لأُخرى مثلَها، فكأنْ قدِ قَالَ: فمات الشّافعيّ في رجب سنة أربعٍ ومائتين، ومات بعده أشهب بثمانية عشر يومًا. واشترى أشهب من تركة الشافعي اسمه فتيان، اشتريته أَنَا من تركه أشهب. قَالَ ابن يونس: وُلِد أشهب سنة أربعين ومائة لثمانٍ بقين من شَعْبان. قَالَ صاحب الأصل: وقول ابن عبد البر: أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه وَهْمٌ، فإن محمدًا لم يدرك ابن القاسم، وإن الّذي أدركه أَبُوهُ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. ولعله أراد عَبْد اللَّه، بدليل ما قَالَ بعد ذَلِكَ: لم يدرك الشّافعيّ حين قدِم مصر أحدًا من أصحاب مالك إلا أشهب وابن عَبْد الحَكَم. وكان أشهب من كبار أصحاب مالك، وما هُوَ بدون ابن القاسم، وإن كَانَ ابن القاسم أبصر بفقه مالك منه. لكن أشهب أعلم بالحديث من ابن القاسم. 42- أشهل بْن حاتم الْجُمَحيّ1. مولاهم البصري أبو عمرو، وقيل: أبو عمر.   1 التاريخ الكبير "2/ 68"، الجرح والتعديل "2/ 347، 348"، ميزان الاعتدال "1/ 269"، التهذيب "1/ 360، 361". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 36 عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عَون، وكَهْمس بْن الحَسَن، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وابن لَهِيعة، وغيرهم. وعنه: محمد بْن المُثَنَّى، وعبد اللَّه بْن منير المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق الصّاغانيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، والحارث بْن أَبِي أسامة، والكُدَيْميّ. ومن القدماء: عَبْد اللَّه بْن وهْب. وقال: لا أعلم أحدًا من أهل العلم سُمِّيَ بهذا الأسم غيره. قَالَ أبو زُرْعة: محلُّه الصُّدْق، وليس بقويّ. مات سنة ثلاثٍ ومائتين. 43- أصْرَمُ بْنُ حَوْشب1. أبو هشام الكِنْديّ الهَمْدانيّ. أحد المتروكين. عَنْ: أَبِي جعفر الرّازيّ، وقرة بْن خَالِد، وهشام بْن عُرْوَة، ومالك قِيلَ: وعن الأعمش. وعنه: أحمد بْن الفُرات، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وعليّ بْن الحَسَن الذُّهْليّ. كذبه يحيى بْن مَعِين. قِيلَ: مات سنة اثنتين ومائة. 44- أصرم بْن غياث2. أبو غياث النَّيْسابوريّ. عَنْ: عاصم الأحول، وأبي حنيفة، ومقاتل بْن حيان. وعنه: أحمد بْن حرب الزّاهد، وأيوب بْن الحَسَن، وعليّ بْن الحَسَن الدّارابُجُرْديّ. وهو متروك عند الجماعة. 45- أُمية بْن خَالِد3 القيسي البصري. أخو هدبة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 382"، الجرح والتعديل "2/ 336"، ميزان الاعتدال "1/ 272، 273". 2 الكنى الأسماء للدولابي "2/ 78"، الجرح والتعديل "2/ 336"، ميزان الاعتدال "1/ 273". 3 الطبقات الكبرى "7/ 301"، الجرح والتعديل "2/ 302، 303"، ميزان الاعتدال "1/ 275"، التهذيب "1/ 370، 371". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 37 عَنْ: إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله، وشعبة، والثوري، والمسعودي، وأبو الجارية العبدي. وعن: أحمد بْن المِقْدام، والفلاس، وبندار، ومحمد بْن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، مسدد. قَالَ أبو زُرْعة: ثقة. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة إحدى ومائتين. 46- أوس بْن عَبْد اللَّه بْن بريدة بْن الحصيب الأسْلَميّ1 المَرْوَزِيّ. عُمَر دهرًا، ولم يدرك أَبَاهُ. عَنْ: أخيه سهل، والحسين بْن واقد. وعنه: محمد بْن مقاتل المَرْوَزِيّ، والحسين بْن حُرَيْث، وسليمان بْن عُبَيْد اللَّه. قَالَ أبو حاتم الرّازيّ: سألت المراوزة عَنْهُ فعرفوه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. تُوُفّي بعد خروج المأمون من مَرْو. 47- أيّوب بْن خَالِد2. أبو عثمان الْجُهَنيّ الحرّانيّ. عَنْ: الأوزاعي، وغيره. وعنه: أحمد بْن الأزهر، وسليمان بْن سيف، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وإبراهيم بْن هانئ النَّيْسابوريّ. ووثَّقهُ. قَالَ ابن عديّ: حدَّثَ بالمناكير. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لا يُتَابَعُ عَلَى أكثر حديثه. 48- أيّوب بْن سُوَيد الرَّمْليّ3. أبو مسعود الحِمْيَريّ السيباني.   1 التاريخ الكبير "2/ 17"، الجرح والتعديل "2/ 305، 306"، ميزان الاعتدال "1/ 278". 2 التاريخ الكبير "1/ 412"، تهذيب الكمال "3/ 470، 471"، ميزان الاعتدال "1/ 286"، التهذيب "1/ 401". 3 التاريخ الكبير "1/ 417"، الجرح والتعديل "2/ 249، 250"، ميزان الاعتدال "1/ 287، 288"، التهذيب "1/ 405". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 38 عَنْ: ابن جُرَيْج، ويونس الأَيْليّ، وأسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، ويحيى بْن أَبِي عَمْرو السَّيبانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، والأوزاعيّ، وطائفة. وعنه: أبو الطّاهر أحمد بْن السَّرْح، وعبد الرحيم بْن إبراهيم دُحَيْم، وكثير بْن عُبَيْد الحمصيّ، والربيع المُرَاديّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. عَنْ أبن مَعِين: لَيْسَ بشيء، يسرق الأحاديث. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بثقة. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عديّ: يُكتَب حديثه في جملة الضُّعفاء. وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن قال: كَانَ رديء الحِفْظ. وقال الْبُخَارِيّ: يتكلمون فيه. وقد روى عَنْهُ من القدماء: بقية، والشافعي، ومحمد بْن أَبِي الجسريّ. قَالَ ابن أَبِي عاصم: تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين. "حرف الباء": 49- بشر بن بكر التنيسي1 -خ. د. ن. ق- أبو عبد الله البجلي الدمشقي الأصل. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وعَبْدَة بنت خَالِد بْن مَعْدان، والأوزاعيّ، وجماعة. وعنه: ابنه أحمد، والحارث بْن أسد الهَمْدانيّ، ودُحَيْم، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، والربيع المُرَاديّ، وأبو الطّاهر بْن السَّرْح، وخلْق. ومن القدماء: الشّافعيّ. وثّقه أبو زرعة، والدارقطني.   1 التاريخ الكبير "2/ 70"، الجرح والتعديل "2/ 352"، ميزان الاعتدال "1/ 314"، التهذيب "1/ 443، 444". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 39 وقال محمد بْن وزير: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ولدت سنة أربعٍ وعشرين ومائة. وقال ابن يونس: كَانَ أكثر مقامه بتِنِّيس ودمياط. تُوُفّي بدمياط في ذي القعدة سنة خمسٍ ومائتين. قَالَ الخطيب: حدَّثَ عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن وهْب، وسليمان بْن شُعَيْب الكَيْسانيّ، وبين وفاتيهما ستٌّ وسبعون سنة. 50- بِشْر بْن ثابت الْبَصْرِيّ البزّار1 -د. ق- أبو محمد. عَنْ: أَبِي خَلَدة خَالِد بْن دينار، وشُعْبة، وموسى بْن عليّ بْن رباح، وعليّ. وعنه: أبو عبيدة بْن أَبِي السَّفَر، وأبو داود الحرّانيّ، وعبّاس الدُّوريّ، والدّارميّ. وثّقه ابن حِبّان. 51- بِشْر بْن الحُسين الهلالي الأصبهانيّ2. أبو محمد. عَنْ: الزُّبَيْر بْن عديّ، عَنْ أَنَس، وعن: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وعنه: يحيى بْن أَبِي بُكَيْر، وهو من أقرانه، ومحمد بْن زياد الكلْبيّ، وأحمد بْن سليمان المَرْوَزِيّ، والحَجّاج بْن يوسف بْن قُتَيْبة، وغيرهم. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: تُوُفّي بعد المائتين. قال: وجاء إلى أبي داود الطيالسي فقال: حدَّثني الزُّبَيْر بْن عديّ، فكذبه أبو داود، وقال: ما نعرف للزُّبَيْر، عَنْ أنس إلا حديثًا واحدًا. قَالَ ابن حِبّان: روى عَنِ الزُّبَيْر، عَنْ أنس نسخةً موضوعة. وقال الْبُخَارِيّ: فيه نظر. 52- بِشْر بْن عُمَر الزَّهْرانّي الْبَصْرِيّ3 -ع- أبو محمد. عَنْ: شُعْبَة، وعكرمة بْن عمّار، وهَمّام، وأبان العطار، وعاصم بن محمد السري، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "2/ 352"، ميزان الاعتدال "1/ 314"، تهذيب التهذيب "1/ 444". 2 التاريخ الكبير "2/ 71"، الجرح والتعديل "2/ 355"، ميزان الاعتدال "1/ 315، 316". 3 الطبقات الكبرى "7/ 300"، التاريخ الكبير "2/ 80"، الجرح والتعديل "2/ 361"، تهذيب التهذيب "1/ 455، 456". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 40 وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وبِشْر بْن آدم، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بْن يحيى، وبَهْز بْن عليّ، ومحمد بْن يحيى القطعي، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: صدوق. ووثَّقهُ ابن سعْد، وقال: تُوُفّي بالبصرة سنة سبْعٍ. وقال غيره: تُوُفّي في آخر يوم من سنة ستٍّ. 53- بِشْر بْن مبشّر1. أبو المسيّب الواسطيّ. عَنْ: شُعْبَة، وأبي الأشهب، ومهديّ بْن ميمون. وعنه: أحمد بْن سِنان، ومحمد بْن وزير الواسطيان، وأحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وغيرهم. 54- بِشْر بْن المعتمر. أبو سهل. شيخ المعتزلة، وصاحب التّصانيف. تُوُفّي سنة عشرٍ ومائتين. ورّخه ابن النّجّار. 55- بَكْر بْن بكّار2. أبو عَمْرو القَيْسيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: ابن عَون، وعَبّاد بْن منصور، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وهشام الدَّسْتُوائيّ، وحمزة الزّيّات، ومِسْعر، وشُعْبة، وغيرهم. وعنه: أبو داود الطَّيالِسيّ، وهو من طبقته، والحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وإبراهيم بْن سَعْدان، ومحمد بْن إبراهيم الْجَيْرانيّ، وآخرون. وثّقه أبو عاصم النّبيل. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ.   1 الطبقات الكبرى "7/ 316"، التاريخ الكبير "2/ 84"، الجرح والتعديل "2/ 361، 362"، ميزان الاعتدال "1/ 324". 2 التاريخ الكبير "2/ 88"، الجرح والتعديل "382، 383"، ميزان الاعتدال "1/ 343". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 41 وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبّان: ثقة رُبّما يخطئ. وقال أبو نُعَيْم الحافظ: قدِم أصبهان سنة ستٍّ ومائتين، وحدَّثَ بها سنة سبع. 56- بكر بن خداش1. د. أبو صالح الكوفيّ. نزل أصبهان، وحدّث عَنْ: فِطْر بْن خليفة، وعيسى بْن المسيّب البَجَليّ، وحبان بْن عليّ. وعنه: أبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بْن يونس الضَّبّيّ، وسليمان بْن توبة النَّهْروانيّ، وآخرون. لا أعلم فيه ضَعْفًا. 57- بَكْر بْن الخطيب الرام. أبو يونس الباقلانيّ. عَنْ: يونس الكُدَيْميّ، والنَّسَويّ. كنّاه الحاكم، وهو أخو خَالِد بْن الخصيب الّذي رَوَى عَنْهُ أحمد، وخالد. لم أر أحدًا ذكره. 58- بَكْر بْن عيسى الراسبيّ2. أبو بِشْر، صاحب الْبَصْرِيّ. عَنْ: شُعْبَة بْن الحَجّاج. وعنه: أحمد بْن حنبل، وبُنْدار، وجماعة. تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. 59- بَكْر بْن يحيى بْن زبان الْبَصْرِيّ3. عَنْ: أَبِيهِ، وشعبة، وحِبّان بْن عليّ. وعنه: عَبّاد بْن الوليد الغُبْريّ، وأبو قلابة الرَّقاشيّ، وأبو أُمَيَّةَ الطرسوسي. وثقه ابن حبان.   1 الجرح والتعديل "2/ 385"، الثقات لابن حبان "8/ 148". 2 التاريخ الكبير "2/ 92"، الجرح والتعديل "2/ 391"، تهذيب التهذيب "1/ 486". 3 الجرح والتعديل "2/ 394"، تهذيب التهذيب "1/ 107". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 42 60- بُكَيْر بْن جعفر السّليميّ1 الْجَرْجَرائيّ الزّاهد. قاضي جُرجْان. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوريّ، وحسن بْن فَرْقَد، ومغيرة بْن موسى. وعنه: إبراهيم بْن موسى، وأحمد بْن يحيى السَّابَرِيّ، ومحمد بْن بُنْدار السَّبَّاك، وآخرون. قَالَ ابن عديّ: حدَّثَ بمناكير عن المعروفين. وأرجو أَنَّهُ لا بأس بِهِ. ومن قوله: لو كَانَ ما أخطأ فلان جوزًا لاكتفى بِهِ ناسٌ كثير. 61- بهز بْن أسد العَمِّيّ2. أحد الثقات. تقدّم سنة سبْعٍ وتسعين. 62- بُهْلُولُ بْن حسّان بْن سِنان3. أبو الهَيْثَم التَّنُّوريّ الأنباريّ. عَنْ: سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وابن أَبِي ذئب، وشُعْبَة، وشَيْبان، ووَرْقاء، ومالك، وطائفة. وعنه: ابنه إِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ الحافظ. وقد كَانَ أديبًا لُغَوّيًّا إخباريًّا زاهدًا. تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. 63- بُهْلولُ بْن مورق4 الشّاميّ الْبَصْرِيّ. أبو غسان. عَنْ: ثور بْن يزيد، وموسى بْن عُبَيْدة، والأوزاعيّ. وعنه: أبو خَيْثَمَة، وإِسْحَاق الكوسج، والفلاس، والكديمي، وأبو قلابة،   1 ميزان الاعتدال "1/ 349"، لسان الميزان "2/ 61". 2 تقدم ترجمته في الجزء السابق من الطبقة الماضية. 3 تاريخ بغداد "7/ 108، 109". 4 الجرح والتعديل "2/ 429، 430"، الثقات لابن حبان "8/ 152"، تهذيب التهذيب "1/ 499، 500". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 43 ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوّام. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. 64- بَهيم العِجْليّ1. العابد. من نُسّاك عَبّادان، وَيُكَنَّى أبا بَكْر. كَانَ قد غلب عَلَيْهِ الخوف والبكاء والخشوع. تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين رحمه اللَّه عَلَيْهِ. وروى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن داود الخُرَيْبيّ، وغيره. "حرف الثاء": 65- ثابت بْن نَصْر بْن مالك بْن الهَيْثَم2 الخُزاعيّ الأمير. أخو الشهيد أحمد بْن نَصْر. وُلِّيَ إمرة الثغور "سبْعٍ عشرة" سنة. ومات بالمصيصة سنة ثمانٍ ومائتين. قَالَ الخطيب: يُذكر عَنْهُ فضل وصلاح. "حرف الجيم": 66- الجارود بْن يزيد3. أبو عليّ العامريّ. وقيل: أبو الضّحّاك الفقيه النَّيْسابوريّ، أحد أصحاب أَبِي حنيفة. وخُطبته بنَيْسابور مشهورة، ومسجده عَلَى رأس السّكّةِ. روى عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خالد، وسليمان التَّيْميّ، وعُمَر بْن ذَرّ، وشُعْبة، وسُفْيَان، وطائفة. وعنه: أبو سَلَمَةَ التَّبُوذَكيّ، وأحمد بْن رجاء الهَرَوِيّ، والحسين بْن عَرَفَة، وَسَلَمَةُ بْن شَبِيب، ومحمد بْن عَبْد الملك بْن زنجويه، وطائفة.   1 الجرح والتعديل "2/ 436"، الثقات لابن حبان "8/ 153، 154". 2 تاريخ الطبري "8/ 338"، تاريخ بغداد "7/ 142، 143". 3 التاريخ الكبير "2/ 237"، الجرح والتعديل "2/ 525"، ميزان الاعتدال "1/ 384، 385". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 44 قَالَ أبو حاتم: لا يكتب حديثه. وقال النَّسائيّ: متروك. مات سنة ثلاث. وقيل: سنة ست. 67- جابر بن نوح1 -ت- أبو بشر الحماني الكوفي. عَنْ: حُرَيْث بْن السّائب، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والأعمش، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بْن بُدَيْل، ومحمد بْن جعفر الفَيْديّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن آدم المصِّيصيّ، ومحمد بْن طريف البَجَليّ. قَالَ أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بالقوي. وقال مطين: مات سنة ثلاث ومائتين. جَابِر بْن نوح الحمانيّ. ذكرناه في الطبقة الماضية. ويُقال: إنّه مات سنة ثلاث ومائتين، فيحول إلى هنا. 68- جعفر بْن عَون بْن جعفر بْن عَمْرو بن حريث2 -ع- أبو عون المخزومي العمري الكوفي، أحد الأبدال. وُلِد سنة نيفٍ وعشرة ومائة. سمع: الأعمش، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بْن عُرْوَة، ويحيى بْن سَعِيد، وأبي العُمَيْس عُتْبة بْن عَبْد اللَّه، وأبي حنيفة، وجماعة. وعنه: ابن رَاهَوَيْه، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد بْن الفُرات، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه القصّار، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن أحمد بن أبي المثنى، وخلق.   1 التاريخ الكبير "2/ 210"، الجرح والتعديل "2/ 500"، ميزان الاعتدال "1/ 379"، التهذيب "2/ 45، 46". 2 الطبقات الكبرى "6/ 396"، التاريخ الكبير "2/ 197"، الجرح والتعديل "2/ 485"، تهذيب التهذيب "2/ 101". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 45 قال أبو حاتم: صدوق. وقال غيره: توفي في أول السنة راجعًا من الحجّ، وله نيِّفٌ وتسعون سنة. وقال أحمد: رَجُل صالح لَيْسَ بِهِ بأس. وقال محمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء: قَالَ لي أحمد بْن حنبل: أَيْنَ تريد؟ قلت: الكوفة! قَالَ: عليك بابن عَون. قلت: مات في أول سنة سبْعٍ. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة ستٍّ. 69- جُنَيْد الحجّام1 -ن- عَنْ: أستاذه أَبِي أسامة زيد الحجّام. عَنْ: عكرمة، وغيره. وعنه: قُتَيْبة بْن سَعِيد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد الطّنافسيّ، وهارون بْن إِسْحَاق، والحَسَن بْن عليّ بْن عفان العامريّ. قَالَ أبو زُرْعة: ثقة. وقال "النَّسائيّ": لَيْسَ بِهِ بأس. "حرف الحاء": 70- حاتم بْن عَبْد اللَّه2. أبو عبيدة النُّمَيْريّ الْبَصْرِيّ. حدَّثَ بأصبهان سنة بضْعٍ ومائتين عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، والقاسم بْن الفضل الحُدانيّ، وأبي هلال، وجماعة. وعنه: عبد الرحمن بن عمر رستة، وإبراهيم بن راشد، وسمويه في فوائده.   1 التاريخ الكبير "2/ 236"، الجرح والتعديل "2/ 528"، ميزان الاعتدال "1/ 425"، التهذيب "2/ 120". 2 الجرح والتعديل "3/ 260، 261"، الثقات لابن حبان "8/ 211". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 46 قال أبو نعيم الحافظ: كان من الثقات. 71- الحارث بن أسد العتكي البصري. مات في ذي القعدة سنة عشر. 72- الحارث بن أسد الإفريقي. صاحب مالك. قال ابن يونس: مات سنة ثمان ومائتين. 73- الحارث بن عطية البصري1 -ن- نزيل المصِّيصة. عَنْ: هشام بْن حسان، وهشام بْن أَبِي عَبْد اللَّه، والأوزاعيّ، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بْن الحُسين الأنطاكيّ، وحاجب بْن سليمان المنبجيّ، والحَسَن بْن الصّبّاح البزّار، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين. وكان من الزُّهّاد المذكورين. 74- الحارث بْن عِمران الجعفريّ الْمَدَنِيّ2 -ق- عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وجعفر الصّادق، ومحمد بْن سوقة، وغيرهم. عنه: الأشجّ، وإبراهيم بْن يوسف الصَّيْرفيّ، وعبد اللَّه بْن هاشم الطُّوسيّ، ومحمود بْن غَيْلان، وجماعة. ضعّفه أبو زُرْعة. 75- الحارث بْن مُسْلِم3 المَرْوَزِيّ المقرئ. عَنِ: الربيع بْن صُبَيْح، وسُفْيان الثَّوريّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن مِهْران الجمّال، ومحمد بْن حمّاد الطّهرانيّ. نزل الرّيّ. ذكره أبو هاشم وقال: ثقة عابد، صلَّيت خلفه. 76- الحارث بن النعمان بن سالم4.   1 الطبقات الكبرى "7/ 490"، الجرح والتعديل "3/ 85"، تهذيب التهذيب "1/ 142". 2 التاريخ الكبير "2/ 278"، الجرح والتعديل "3/ 84"، ميزان الاعتدال "1/ 439". 3 الجرح التعديل "3/ 88". 4 تهذيب الكمال "5/ 292"، ميزان الاعتدال "1/ 445"، تهذيب التهذيب "2/ 160". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 47 أبو النَّضْر الطُّوسيّ الأكفاني البزّاز. مولى بني هاشم. سكن بغداد. وحدَّثَ عَنْ: سَمِيِّه الحارث بْن النعمان، وسالم اللَّيْثيّ ابن أخت سَعِيد بْن جُبَيْر، وحَرِيز، وعثمان، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وشَيْبان. وعنه: أحمد بْن حنبل، ومحمد بْن حرب النَّسائيّ، والحَسَن بْن الصّبّاح البزّاز، وآخرون. 77- حَجّاج بْن زيان. أبو محمد السَّهميّ، مولاهم الْمَصْرِيّ. عبدٌ صالح، مُجاب الدَّعوة، كبير القدْر. روى عَنْ: عزّان بْن سَعِيد. وعنه: أبو الطاهر بْن السَّرْح. مات سنة خمس ومائتين. 78- حَجّاجُ بن محمد1. -ع- أبو محمد المصِّيصيّ الأعور. مولى سليمان بْن مُجالد. تِرْمِذِيّ الأصل، سكن بغداد، ثمّ نزل المصِّيصَة. سمع: حَريز بْن عثمان، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وابن جُرَيْج، وعُمَر بْن ذَرّ، وشُعْبة، وحمزة الزّيّات، وجماعة. وعنه: أحمد، وابن مَعِين، وأبو عبيدة بْن أَبِي السَّفَر، وأحمد الرَّماديّ، والحَسَن الزَّعْفرانيّ، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد صاعِقَة، وهارون الحَمَّالُ، ويوسف بْن مُسْلِم، وهلال بْن العلاء، وخلْق. قَالَ الإِمَام أحمد: مَا كَانَ أضْبَطه، وأصحّ حديثه، وأشد تعاهده للحروف، وَرَفَعَ أمرَه جدًّا وقال: كَانَ صاحب عربية. وكان يَقُولُ: ثنا ابن جُرَيْج، وإنّما قرأ عَلَيْهِ ثمّ ترك ذَلِكَ، فكان يَقُولُ: قَالَ ابن   1 الطبقات الكبرى "7/ 333"، التاريخ الكبير "2/ 380"، الجرح والتعديل "3/ 166"، التهذيب "2/ 205، 206". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 48 جريج. قد قرأ الكتب كلها عَلَى ابن جُرَيْج إلا "كتاب التَّفسير"، فإنّه سمعه منه إملاء. وقال أبو داود: رَحَلَ أحمد ويحيى إلى الحَجّاج الأعور. قَالَ: وبلغني أنّ يحيى كُتُب عَنْهُ نحوًا مِنْ خمسين ألف حديث. وقال ابن مَعِين: كَانَ أثبت أصحاب ابن جُرَيْج. وقال إبراهيم بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ الخُشْك: حَجّاج بن محمد نائمًا، أوثق من عبد الرزاق يقظانًا. وقال ابن سعْد: قدِم حَجّاج بغداد في حاجةٍ، فمات بها في ربيع الأوَّل سنة ستٍّ، وقد تغيّر في آخر عُمره حين رجع إلى بغداد، وكان ثقة إنّ شاء اللَّه. 79- حُجَيْن بْن المُثَنَّى. في الطبقة الأتية. 80- حُذَيْفة بْن قَتَادة المَرْعَشيّ الزّاهد1. صاحب سُفْيَان الثَّوْريّ. قد ذكرناه في الطبقة العشرين، وكان موته سنة سبْعٍ ومائتين، فينقل. لَهُ قدِم في العبادة وكلام نافع. وهو القائل: إنْ لم تخْشَ أنّ يعذّبك اللَّه عَلَى أفضل عملك فأنت هالك. قلت: يعني لِمَا يَعتوره من الآفات. وقال: لو وجدتُ من يبغضني في اللَّه لأوجبت عَلَى نفسي حُبَّه2. 81- حرمي بن عمارة3 بن أبي حفصة -سوى ت. أبو روح العتكي. مولاهم الْبَصْرِيّ لم يدرك الأخذ عَنْ والده.   1 حلية الأولياء "8/ 267-271"، الزهد الكبير للبيهقي "722"، صفة الصفوة "4/ 268-270". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 267"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 268". 3 الطبقات الكبرى "7/ 303"، التاريخ الكبير "3/ 122"، الجرح والتعديل "3/ 307، 308"، التهذيب "2/ 232". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 49 روى عَنْ: قُرَّةَ بْن خَالِد، وأبي خَلْدة خَالِد بْن دينار، وشُعْبة، وهشام بْن حسّان وهو آخر شيخ لَهُ. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأبو حفص الفلاس، وبُنْدار، وهارون الحمّال، والرَّماديّ، وطائفة. قَالَ ابن مَعِين: صدوق. قلت: تُوُفّي سنة إحدى ومائتين. 82- حَرْمَلَة بْن عَبْد العزيز بْن الربيع بْن سَبْرة1. الْجُهَنيّ الحجازي. عَنْ: أَبِيهِ، وعمه عَبْد الملك. وعنه: عليّ بْن حُجْر، ودُحَيْم، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم الفقيه، وأبو عُتْبة أحمد بْن الفَرَج الحمصيّ. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. مات سنة أربعٍ ومائتين. 83- الحَسَن بن زياد اللؤلؤي الفقيه2. أبو عليّ. مولى الأَنْصَار، صاحب أَبِي حنيفة. أخذ عَنْهُ: محمد بْن شجاع الثَّلْجيّ، وشعيب بن أيوب الصريفيني. وهو كوفي نزل بغداد. قال محمد بن شجاع: سمعته يَقُولُ -وقد سأله رَجُل- زُفَرُ قيّاسًا؟ فقال: وما قولك قيّاسًا؟ هذا كلام الْجُهّال. كَانَ عالمًا. فقال الرجل: أكان زُفَرُ نظرَ في الكلام؟ فقال: ما أسخفك. نقول لأصحابنا: نظروا في الكلام وهم بيوت الفِقْه والعِلم. إنّما يقال: نظر في الكلام من لا عقل لَهُ، وهؤلاء كانوا أعلم باللَّه وبحدوده من أن يتكلّموا في الكلام الّذي تعني. ما كان همهم إلا الفقه.   1 التاريخ الكبير "3/ 69"، الجرح والتعديل "3/ 274"، تهذيب التهذيب "2/ 288". 2 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 30"، الجرح والتعديل "3/ 15"، ميزان الاعتدال "1/ 491". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 50 قَالَ محمد بْن شجاع الثَّلْجيّ: سَمِعْتُ الحَسَن بْن أَبِي مالك يَقُولُ: كَانَ الحَسَن بْن زياد إذا جاء إلى أَبِي يوسف أهمّتْ أبا يوسف نفسُه من كثرة سؤالاته. قَالَ ابن كاس النَّخَعيّ: ثنا أحمد بْن عَبْد الحميد الحارثيّ قَالَ: ما رأيت أحسن خُلُقًا من الحسن بْن زياد، ولا أقرب مأخذًا منه، ولا أسهل جانبًا، مَعَ توفر فقهه وعلمه وزُهده ووَرَعه. وكان يكسو مماليكه ككسْوهِ نفسَه. وقال جعفر بْن محمد بْن عُبَيْد الهَمْدانيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن آدم يَقُولُ: ما رأيت أفْقه من الحَسَن بْن زياد. وقال ابن كاس: نا محمد بْن أحمد بْن الحَسَن بْن زياد، عَنْ أَبِيهِ أنّ الحَسَن بْن زياد سُئل عَنْ مسألة فأخطأ فيها. فلمّا ذهب السائل ظهر لَهُ الحقّ، فاكترى مناديًا فنادى: إنّ الحَسَن بْن زياد استُفتي فأخطأ في كذا، فمن كَانَ أفتاه الحَسَن في شيء فلْيرجع إِلَيْهِ. فما زال حتّى وجد صاحب الفتوى وأعلمه بالصواب. قَالَ زكريّا الساجي: يقال: إنّ اللُّؤلُؤيّ كَانَ عَلَى القضاء، وكان حافظًا لقولهم، يعني أصحاب الرأي. فكان إذا جلس ليحكم ذهب عنه التوفيق حتى يسأل أصحابه عَنِ الحُكْم. فإذا قام عاد إِلَيْهِ حِفْظُه. قَالَ نِفْطَوَيْه: تُوُفّي حفص بْن غِياث سنة أربعٍ وتسعين ومائة، فولي مكانه الحَسَن بْن زياد اللُّؤلُؤيّ. قَالَ أحمد بْن يونس: لمّا ولي الحَسَن بْن زياد لم يُوفَّق، وكان حافظًا لقول أصحابه، فبعث إِلَيْهِ البكّائي: إنّك لم تُوَفَّق للقضاء، وأرجو أنّ يكون هذا لخيرةٍ أرادها اللَّه بك، فاستعف. فاستعفى واستراح. قالَ مُحَمَّد بْن سماعة، سمعتُ الْحَسَن بْن زياد يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث كلّها يحتاج إليها الفُقَهاء. وقال أحمد بْن عَبْد الحميد الحارثيّ: ما رأيت أحسن خلقا من الحسن بن زياد، ولا أسهل جانبًا. وكان يكسو مماليكه كما يكسو نفسه. ضعفه ابن المَدِينيّ. وكان لَهُ كُتُبٌ في المذهب. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 51 وقال محمد بْن رافع: كَانَ الحسن اللُّؤلُؤيّ يرفع قبل الإِمَام ويسجد قبله. قلت: قد ساق في ترجمة هذا أبو بَكْر الخطيب أشياء لا ينبغي ذِكْرها. وتُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وقد روى القراءة عَنْ عيسى بْن عُمَر، زكريّا بْن سِياه. روى عَنْهُ الحروف: الوليد بْن حمّاد اللُّؤلُؤيّ. 84- الحَسَن بْن محمد بْن أعين الحراني -خ. م. ق- أبو علي مولى بني أُمَيَّةَ. عَنْ: عمّه موسى بْن أَعْيَن، وزُهَير بْن معاوية، ومغفّل بْن عُبَيْد اللَّه، وفُلَيْح بْن سليمان، وفضيل بْن غَزْوان، وجماعة. وعنه: لُوَيْن، وَسَلَمَةُ بْن شُعَيْب، والفضل بْن يعقوب الرُّخَاميّ، ومحمد بْن يحيى بْن كثير، وأحمد بْن سليمان الرُّهاويّ، وسليمان بْن سيف الحرّانيّ وطائفة. مات سنة عشر. ووثَّقهُ ابن حِبّان. 85- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي يزيد الْمَكِّيُّ1. أبو محمد المقرئ. قرأ عَلَى: شبل بْن عَبّاد. عن ابن كثير، وابن محيصن. وسمع من: ابن جُرَيْج. روى عَنْهُ القراءة: حامد بْن يحيى البلْخيّ، واحمد بْن محمد البزّيّ، وغيرهما. 86- الحَسَن بْن موسى الأشيب2. أبو عليّ البغداديّ. قاضي المَوْصِل مرة، وقاضي حمص، وقاضي طبرستان. سمع من: ابن أَبِي حبيب، والحَمَّادَيْن، وشُعْبة، وسُفْيَان، وحَرِيز بْن عثمان، وزُهير بْن معاوية، وطائفة. وعنه: أحمد، وأبو خَيْثَمَة، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بن منيع، وحجاج   1 الجرح والتعديل "3/ 35"، تهذيب التهذيب "2/ 317". 2 الطبقات الكبرى "7/ 337"، التاريخ الكبير "2/ 306"، الجرح والتعديل "3/ 36"، التهذيب "2/ 323". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 52 ابن الشاعر، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن أحمد بْن العوّام، والحارث بْن أَبِي أسامة، وبِشْر بْن موسى، وإِسْحَاق الحَرْبيّ، وخلْق. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. قَالَ محمد بْن عَبْد اللَّه بن عمار: وكان بالموصل بيعة قد خربت، فاجتمع النَّصارِي عَلَى الحَسَن الأشْيَب، وجمعوا لَهُ مائة ألف درهم، عَلَى أنّ يحكم لهم بها حتّى تُبْنى. فقال: ادفعوا المال إلى بعض الشهود. فلمّا حضروا الجامع قَالَ: اشهدوا عليّ بأنّي قد حكمت بأن لا تُبني. فنفر النصارى وردّ عليهم المال. قَالَ أبو حاتم: مات بالرِّيّ وحضرت جنازته. وقال ابن سعْد: ولي قضاء حمص والموصل لهارون الرشيد، ثمّ قدِم بغداد إلى أنّ ولاه المأمون قضاء طَبَرِسْتان، فتوجه إليها، فمات بالرِّيّ في ربيع الأوَّل سنة تسعٍ ومائتين. 87- الحُسين بْن الحَسَن بْن عطية بْن سعْد العَوْفيّ الكوفيّ1. أبو عَبْد اللَّه. ولي قضاء الشرقية ببغداد. ثمّ ولي قضاء عسكر المهديّ. وحدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، والأعمش، وأبي مالك الأشجعيّ، وعبد الملك بْن أَبِي سليمان. وعنه: ابنه الحَسَن، وابن أخيه سعْد بْن محمد، وعُمَر بْن شَبَّة، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وَبَقِيَّةُ بْن الوليد، وهو أكبر منه. ضعفه أبو حاتم، وغيره. قَالَ ابن مَعِين: كَانَ ضعيفًا في القضاء، ضعيفًا في الحديث. وقال الحارث بْن أَبِي أسامة: حدَّثني بعض أصحابنا قَالَ: جاءت امرأة إلى العَوْفيّ ومعها صبيّ ورجل، فقالت: هذا زوجي وهذا ابني منه. قال لَهُ: هذه امرأتك؟. قَالَ: نعم. قَالَ: وهذا ابنك؟   1 الطبقات الكبرى "7/ 331"، الجرح والتعديل "3/ 48"، ميزان الاعتدال "1/ 532، 533". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 53 قَالَ: أصلح اللَّه القاضي أَنَا خَصِيّ. قَالَ: فألزمه الولد، فأخذه عَلَى رقبته وانصرف، فلقيه صديق لَهُ خصيّ. فقال: ما هذا؟ قَالَ: القاضي يفرق أولاد الزِّنا عَلَى الخصْيان. وقال الحُسين بْن فهم: كانت لحية العَوْفيّ تبلغ إلى رُكْبته. وعن زكريّا السّاجيّ قَالَ: اشترى رَجُل من أصحاب القاضي العَوْفيّ جاريةً، فغَاضَبتْه، فشكا ذَلِكَ إلى العَوْفيّ. فقال: انفِذْها إليّ. وقال لها العَوْفيّ: يا لَعُوب يا عَزُوب، يا ذات الجلاليب، ما هذا التمنُّع المُجانِب للخيرات والاختيار للأخلاق المشْنُوءات؟ قَالَتْ: أيّد اللَّه القاضي، ليست لي فيه حاجة، فمُرْهُ يبيعني. فقال: يا هُنْيَة كل حكيم وبَحّاث عَنِ اللّطائف عليم. أما علمتِ أنّ فرط الاعتياصات من الموموقات عَلَى طالبي المودات، والباذلين الكرائم المصونات، مؤديات إلى عدم المفهومات؟ فقالت لَهُ: لَيْسَ في الدنيا أصلح لهذه العثنونات المنتشرات عَلَى صدور أهل الركاكات من المَوَاسي الحالقات. وضحكت، فضحك من حضر. وكان العَوْفيّ عظيم اللّحية. ولبعضهم: لحية العَوْفيّ أبدت ... ما اختفي من حَسَن شعري هِيَ لو كانت شراعًا ... لذوي متجر بحري جعلوا السير من الص ... ين إليها نصف شهر قَالَ خليفة: تُوُفّي سنة إحدى ومائتين. وضعفه النَّسائيّ. وقيل: مات سنة اثنتين. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 54 88- الحسين بن الحسن الأشقر1 -ن. أبو عبد الله الفزاري الكوفي. عَنْ: الحَسَن بْن صالح بْن حيّ، وقيس بْن الربيع، وشريك، ورفاعة بْن إياس الضَّبّيّ، وزهير بن معاوية. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بْن عَبْدة، والفلاس، والكُدَيْميّ، وطائفة. قَالَ الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بقويّ. واتهمه ابن عديّ. وقال أبو زُرْعة: مُنكر الحديث. ومات سنة ثمانٍ ومائتين. وله حديث في "ن". 89- الحُسين بْن الحَسَن2. شيخ جليل. عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ونُعَيْم بْن حمّاد، ومحمد بْن بشّار، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وغيرهم. قَالَ عَبْد اللَّه بْن أحمد، عَن أَبِيهِ: كَانَ من الثقات المأمونين. دلهم عَلَيْهِ ابن مهديّ، وكان حَسَن الهيئة، يحفظ عَنِ ابن عَون. كتبنا عنه. 90- الحسين بن علوان بن قدامة3.   1 التاريخ الكبير "2/ 385"، الجرح والتعديل "3/ 49، 50"، ميزان الاعتدال "1/ 531، 532"، التهذيب "2/ 335". 2 التاريخ الكبير "2/ 385"، الجرح والتعديل "3/ 48، 49"، تهذيب التهذيب "2/ 335". 3 الجرح والتعديل "3/ 61"، ميزان الاعتدال "1/ 542، 543". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 55 أبو عليّ الكوفيّ. نزيل بغداد. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، والأعمش، وابن عَجْلان، وغيرهم. وعنه: إسماعيل بْن عيسى العطّار، وزيد بْن إسماعيل الصائغ، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، وغيرهم. وهو كذاب. رَوَى عَنْ: هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْغَائِطَ أَدْخُلُ عَلَى أَثَرِهِ فَلا أَرَى شَيْئًا. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَمَا عَلِمْتِ أَجْسَادُنَا تَنْبُتُ عَلَى أَرْوَاحِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمَا خَرَجَ مِنَّا مِنْ شَيْءٍ ابْتَلَعَتْهُ الأَرْضُ"1. سُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: كَذَّابٌ. وَقَالَ صَالِحٌ جَزْرَةُ: كَانَ يضع الحديث. قلت: توفي بعد المائتين، لا بل في حدود بضع عشرة ومائتين، فإن أبا حاتم الرازي سمع منه وقال: ضعيف متروك. وقال ابن أبي حاتم: ثنا عَنْهُ صالح بْن بِشْر الطَّبَرانيّ. 91- الحُسين بْن عليّ بْن الوليد الْجُعْفيّ2 -ع- مولاهم الكوفي المقرئ الزّاهد، أبو عَبْد اللَّه، وأبو محمد. عَنْ: حمزة الزّيّات، وكان قد قرأ عَلَيْهِ. وأخذ الحروف عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن العلاء، وعن: أَبِي بَكْر بْن عياش. وسمع الثَّوْريّ، والاعمش، وفضيل بْن مرزوق، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وزائدة، وجعفر بْن برقان، ومجمع بْن يحيى الأَنْصَارِيّ. وصحب: الفضيل، وغيره.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 182"، وفيه صاحب الترجمة وهو كذاب وضاع للحديث كما ذكر. 2 الطبقات الكبرى "6/ 396"، التاريخ الكبير "2/ 381"، الجرح والتعديل "3/ 55"، التهذيب "2/ 357-359". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 56 وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن عُمَر الوكيعيّ، وعبد بْن حُمَيْد، وهارون الحمّال، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن عاصم الثَّقْفيّ، وخلق. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رأيت أفضل من حسين الْجُعْفيّ. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال قُتَيْبة: قِيلَ لسفيان بْن عُيَيْنَة: قدِم حسين الْجُعْفيّ، فوثب قائمًا وقال: قدِم أفضل رجلٍ يكون قطّ. وقال موسى بْن داود: كنت عند ابن عُيَيْنَة، فجاء حسين الْجُعْفيّ، فقام سُفْيَان وقبّل يده. وقال يحيى بْن يحيى النَّيْسابوريّ: إنّ بَقِيّ من الأبدال أحد فحُسين الْجُعْفيّ. وسُئل أبو مسعود أحمد بْن الفُرات: من أفضل من رأيت؟ قَالَ: الحفريّ وحسين الْجُعْفيّ، وذكر آخرين. وقال محمد بْن رافع: ثنا الحُسين الْجُعْفيّ، وكان راهب أهل الكوفة. وروى أبو هشام الرفاعي، وعن الكسائي قَالَ: قَالَ لي هارون الرشيد: من أقرأ النّاس؟ قلت: حسين بْن عليّ الْجُعْفيّ. وقال حُمَيْد بْن الربيع: رأى حسين الْجُعْفيّ كأن القيامة قد قامت، وكأن مناديا ينادي: ليقم العلماءُ فيدخلوا الْجَنَّةَ، فقاموا وقمتُ معهم، فقيل لي: اجلس، لست منهم، فأنت لا تحدّث. قَالَ: فلم يزل يحدّث بعد أنّ لم يكن يحدّث حتّى كتبنا عَنْهُ أكثر من عشرة آلاف حديث. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: هُوَ ثقة. وكان يُقرئ القرآن، رأسًا فيه. وكان رجلا صالحًا، لم أر رجلًا قط أفضل منه. وروى عنه سُفْيَان بْن عُيَيْنَة حديثين، ولم يره إلا مُقْعدًا. ويقال: إنّه لم ينحر، ولم يطأ أُنثَى قطّ. وكان جميلا لباسًا، يخضب إلى الصفرة خضابه. وخلف ثلاثة عشر دينارًا. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 57 وكان من أروى النّاس عَنْ زائدة. كَانَ زائدة يختلف إِلَيْهِ إلى منزله يحدثه. وكان سُفْيَان الثَّوْريّ إذا رآه عانقه، وقال: هذا راهب جعفي. قِيلَ: إنّه وُلِد سنة تسع عشر ومائة، ومات في ذي القعدة سنة ثلاث ومائتين. 92- الحُسين بْن عياش بْن حازم1 -ن- أبو بكر السلمي مولاهم اللغوي الجزري الباجدائي الرَّقّيّ. عَنْ: جعفر بْن برقان، وحرام بْن عثمان، وزهير بْن معاوية، وغيرهم. وعنه: عليّ بْن حُمَيْد الرَّقّيّ، وعبد الحميد بْن المستام الحرّانيّ، وهلال بْن العلاء، وهو آخر من روى عَنْهُ. وثّقه النَّسائيّ. وله مصنف في غريب الحديث. قَالَ هلال: مات بباجدًا سنة أربع ومائتين. 93- الحُسين بْن الوليد الْقُرَشِيّ2 -ن. خ. ت- مولاهم النَّيْسابوريّ، الفقيه أبو عَبْد اللَّه، وأبو عليّ. عَنْ: ابن جُرَيْج، وعكرمة بْن عمار، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وإبراهيم بْن طِهْمان، وسعيد بْن عَبْد العزيز، وعبد الرَّحْمَن بْن الغسيل، وطائفة. وعنه: أحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن فيض السُّلَميّ، وأحمد بْن حنبل، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، وَسَلَمَةُ بن شبيب، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وخلْق. وثّقه أحمد بْن حنبل وأثنى عَلَيْهِ خيرًا. وقال آخر: كَانَ يطعم أصحاب الحديث الفالوذَج، وكان يصلهم. كَانَ كريمًا جوادًا، متموّلا فقيهًا، جليل القدر. وذكره الحاكم فقال: الثقة المأمون، شيخ بلدنا في عصره. وكان من أسخى الناس وأورعهم وأقرئهم للقرآن.   1 الجرح والتعديل "3/ 62"، ميزان الاعتدال "1/ 545"، تهذيب التهذيب "2/ 362، 363". 2 الطبقات الكبرى "7/ 377"، التاريخ الكبير "2/ 391"، الجرح والتعديل "3/ 66، 67"، التهذيب "2/ 374، 375". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 58 قرأ عَلَى: الكسائي. وغزا الترك مرات، وحج مرات. ومات سنة اثنتين ومائتين، قاله محمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء. وقال الْبُخَارِيّ: سنة ثلاث. 94- حفص بْن سَلْم1. أبو مقاتل السَّمَرْقَنْديّ. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، ومسعر، وأبي حنيفة، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر. وقيل: روى عَنْ: أيّوب، وله مناكير. روى، عَنْهُ: عليّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ، وعتيق بْن محمد، وأيوب بْن الحَسَن النَّيْسابوريّ. سُئل عَنْهُ إبراهيم بْن طِهْمان فقال: خُذوا عَنْهُ عبادته وحَسْبَكَم. قَالَ الحاكم في تاريخه: قد أفحش القول فيه قُتَيْبة بْن سَعِيد، وغيره. وتُوُفّي سنة ثمان ومائتين. 95- حفص بن عبد الله بن راشد2 -خ. د. ت. ق- أبو عَمْرو السُّلَميّ النَّيْسابوريّ: ويقال: أبو سهل. قاضي نَيْسابور. عَنْ: إبراهيم بْن طِهْمان وهو مجود عَنْهُ، وابن أَبِي ذئب، وعُمَر بْن ذَرّ، وسفيان، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وجماعة. وعنه: ابنه أحمد، وقطن بْن إبراهيم، ومحمد بْن عَقِيل الخُزاعيّ، ومحمد بْن عَمْرو قشمرد، ومحمد بْن يزيد محمش، وطائفة من أهل نَيْسابور. قَالَ محمد بْن عَقِيل: كَانَ قاضيًا عشرين سنة بالأثر، ولا يقضي بالرأي البتة. وقال النسائي: ليس به بأس.   1 الجرح والتعديل "3/ 174"، المجروحين لابن حبان "1/ 256، 257"، ميزان الاعتدال "1/ 557، 558". 2 التاريخ الكبير "2/ 361"، الجرح والتعديل "3/ 175"، تهذيب التهذيب "2/ 403". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 59 وقال ابنه أحمد: تُوُفّي لخمس بقين من شَعْبان سنة تسع ومائتين. قلت: يقع لنا حديثه بعد. 96- حفص بْن عُمَر. أبو عُمَر الزبيدي المَوْصِليّ. سمع: أبا الأحوص، وشريكًا، وعنبر بن القاسم، وجماعة. روى عَنْهُ: عليّ بْن حرب، وغيره. مات سنة سبْعٍ ومائتين. 97- حفص بْن عُمَر الحبطي الرَّمْليّ1. نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: ابن جُرَيْج، وأبي زُرْعة يحيى الشَّيْبانيّ. وعنه: محمد بْن إِسْحَاق الصاغاني، ومحمد بْن الفَرَج الأزرق، وجماعة. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وفي أتباع التّابعين: 98- حفص بْن عُمَر الْمَدَنِيّ2 -ق- اسم جَدّه أَبِي العطاف. منكر الحديث. روى عَنْ: أَبِي الزناد، وغيره. خرج لَهُ ابن ماجه في سننه عن إبراهيم بْن المنذر، عَنْهُ. 99- حفص بْن عُمَر الرّازيّ3 -ق- روى عَنِ: ابن المبارك. قَالَ أبو حاتم: كان يكذب.   1 التاريخ الكبير لابن معين "2/ 121"، الكامل لابن عدي "2/ 795، 796"، ميزان الاعتدال "1/ 562، 563"، لسان الميزان "2/ 235، 236". 2 التاريخ الكبير "2/ 367"، الجرح والتعديل "3/ 177"، ميزان الاعتدال "1/ 560"، التهذيب "2/ 409، 410". 3 الجرح والتعديل "3/ 184"، ميزان الاعتدال "1/ 565". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 60 نقل لَهُ ابن ماجه في تفسيره. 100- حفص بْن عُمَر الشامي البزار1. من طبقة بقية، مجهول. روى لَهُ ابن ماجة. 101- حفص بْن عُمَر العَدَنيّ المعروف بالفرخ. يذكر في الطبقة الآتية. وَاهٍ. 102- حفص بْن عُمَر بْن عُبَيْد الطنافسيّ2 -د. ت- مقل، مقبول. خرج لَهُ التِّرْمِذيّ. 103- حَفْص بْن عُمَر الحوضي. أبو عُمَر النمري. ثقة مشهور، سيأتي إنّ شاء اللَّه. 104- حفص بْن عُمَر الضّرير. أبو عَمْرو الْبَصْرِيّ. سيأتي أيضًا فيما بعد. 105- حفص بْن عُمَر بْن جابان3. شيخ مجهول، روى عَنْ: شُعْبَة. لَهُ ذكر. 106- حفص بْن عُمَر الرفاء4. يروى أيضًا عن شعبة.   1 الجرح والتعديل "3/ 181"، تهذيب الكمال "7/ 48"، ميزان الاعتدال "1/ 565". 2 الجرح والتعديل "3/ 181"، تهذيب التهذيب "2/ 409". 3 الجرح والتعديل "3/ 182". 4 الجرح والتعديل "3/ 183"، ميزان الاعتدال "1/ 564". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 61 قَالَ أبو حاتم: كذاب. 107- حفص بْن عُمَر الواسطيّ1. النّجّار الإِمَام. عَنِ: العوام بْن حوشب. ضعفوه. قَالَ ابن عديّ: روى عَنْ شُعْبَة، وعبد الحميد بْن جعفر. يتكلمون فيه. وقال أبو أحمد الحاكم: يكنى أبا عمران، ويقال له: الإمام. روى عنه: أحمد بن سليمان الرهاوي، وعمرو بن رافع القزويني، ووهب بن بيان، وغيرهم. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. روى أيضا: عَنْ ثور بْن يزيد، وهمام ين يحيى، وأبان بْن أَبِي سِنان الشَّيْبانيّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعة: لَيْسَ بقوي. 108- حفص بْن عُمَر البغداديّ العَدَويّ. عَنْ: معاوية بْن سلام، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن الجنيد، وعبد اللَّه بْن أَبِي سَعِيد الورّاق. وهو مقل. 109- حفص بْن عُمَر الكفر. روى الأباطيل. يأتي فيما بعد، وهو كبير. 110- حفص بْن عُمَر2. قاضي حلب. قديم الموت. روى عَنْ: هشام بْن حسان، ومحمد بْن إِسْحَاق، وصالح بن حسان، والفضل   1 التاريخ الكبير "2/ 367"، الجرح والتعديل "3/ 180، 181"، ميزان الاعتدال "1/ 564، 565"، لسان الميزان "2/ 327، 238". 2 الجرح والتعديل "3/ 179، 180"، المجروحين لابن حبان "1/ 259"، ميزان الاعتدال "1/ 563، 564". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 62 بْن عيسى الرقاشي، وجماعة. وعنه: يحيى بن صالح الوحاظي، ومحمد بن بكار، وعامر بن سيار الحلبي، وهو منكر الحديث، لم يخرجوا له. قال أبو حاتم: ضعيف. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ. 111- حفص بْن عُمَر بْن مرة الشني1. أقدم من هَؤُلاءِ. روى عَنْهُ: أبو سَلَمَةَ التبوذكي. وهو صدوق. خرج لَهُ أبو داود، والترمذي، وغيره. ذكرناه استطرادًا، واللَّه أعلم. 112- حفص بْن عُمَر بْن حفص المخزومي2. قاضي عمان. عَنْ: الزُّهْرِيّ، وغيره. وعنه: الهَيْثَم بْن خارجة، وسليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وهشام بن عمّار. أحاديثه مستقيمه. قاله ابن عساكر. 113- الحكم بن عبد الله3 -خ. م. ت. ن- أبو النعمان البصري. عَنْ: سَعِيد بْن أبي عَرُوبَة، وشُعْبة، وأبي عَوَانة. وعنه: محمد بْن الْمُثَنَّى، وعُقْبة بْن مُكْرَم، وأحمد البزّيّ المقرئ، وأبو قُدَامة عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد السَّرْخَسيّ. وكان ثقة حافظًا.   1 التاريخ الكبير "2/ 365"، الجرح والتعديل "3/ 181"، ميزان الاعتدال "1/ 564"، التهذيب "2/ 410". 2 التاريخ الكبير "2/ 366، 367"، الجرح والتعديل "3/ 182"، الثقات لابن حبان "8/ 198". 3 التاريخ الكبير "2/ 342"، الجرح والتعديل "3/ 122"، ميزان الاعتدال "1/ 575"، التهذيب "2/ 429". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 63 قَالَ الْبُخَارِيّ: حديثه معروف، كَانَ يحفظ. 114- الحَكَم بْن مروان الكوفي1. عَنْ: كامل أَبِي العلاء، وزهير بْن معاوية، وإسرائيل. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعبد اللَّه المُخَرِّميّ. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. 115- الحَكَم بْن هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْن هشام بْن عَبْد الملك بْن مروان2. الأمير أبو العاص الأُمَويّ الأندلسي، ملك الأندلس. ولي الأمر بعد والده. وامتدت أيامه، وأقام في الإمرة سبعًا وعشرين سنة وشهرًا. ولقب نفسه بالمرتضى. وكان فارسًا شجاعًا فاتكًا جبارًا ذا حَزْم ودهاء. وعاش خمسين سنة. هو الّذي أوقع بأهل الربض الوقعة المشهورة. وكان الربض محلة متصلة بقصره، فهدمه ومساجده. وفعل بأهل طليطلة أعظم من ذَلِكَ في سنة إحدى وتسعين ومائة. وتظاهر في صدر ولايته بالخمور والفسق، فقامت الفُقَهاء والكبار فخلعوه في سنة تسع وثمانين. ثمّ أعادوه لما تنصّل وتاب، فقتل طائفة من الكبار. قِيلَ: بلغوا سبعين نفسًا. وصلبهم بإزاء قصره. وكان يومًا شنيعًا ومنظرًا فظيعًا، فلا قوة إلا باللَّه. فمقتته القلوب وأضمروا لَهُ الشّرّ، وأسمعوه الكلام المُرّ، فتحصّن واستعدّ، وجرت لَهُ أمور يطول شرحُها. قَالَ الوزير الفقيه أبو محمد بْن حزْم: كَانَ من المجاهرين بالمعاصي، سفّاكًا للدماء. كَانَ يأخذ أولاد النّاس الملاح فيْخصيهم ثمّ يمسكهم لنفسه. وله أشعار. ولي الأمر بعد ابنهُ أبو المُطَرِّف عَبْد الرَّحْمَن. مات سنة ستٍّ. 116- حمّاد بْن أُسامة بْن زيد الحافظ3.   1 الجرح والتعديل "3/ 129"، ميزان الاعتدال "1/ 579". 2 تاريخ الطبري "6/ 65، 84"، سير أعلام النبلاء "8/ 225-231". 3 الطبقات الكبرى "6/ 394، 395"، التاريخ الكبير "3/ 28"، الجرح والتعديل "3/ 132"، تهذيب التهذيب "3/ 32". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 64 أبو أسامة الكوفيّ، مولى بني هاشم. عَنْ: الأعمش، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وأسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، والأجلح الكِنْديّ، وإدريس الأَوْديّ، وبُرَيْد بن عَبْد اللَّه بْن أَبِي بُرْدَة، وحبيب بْن الشَّهيد، وبهز بْن حكيم، وحسين المعلّم، وزكريّا بْن أَبِي زائدة، والْجُرِيريّ، وهشام بْن عُرْوَة، وخلْق. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ مَعَ تقدُّمِهِ ونُبْله، وأحمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد الدَّوْرقيّ، والحَسَن الحَلْوانيّ، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، وعليّ بْن محمد الطنافسي، ومحمد بْن عبد الله بْن نُمَيْر، ومحمد بن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وأبو كُرَيْب، ومحمود بْن غَيْلان، وأحمد بْن عَبْد الحميد الحارثي، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، والحَسَن بْن عليّ العامريّ، وخلائق. قَالَ أحمد: أبو أسامة ثقة. كَانَ أعلم النّاس بأمور النّاس وأخبار الكوفة. وما كَانَ أرواه عَنْ هشام بْن عُرْوَة. وقال أيضًا: كَانَ ثَبْتًا لا يكاد يخطئ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ: سَمِعْتُ أبا أسامة يَقُولُ: كتبتُ بإصْبَعَيَّ هاتين مائة ألف حديث. وقال ابن الفُرات: كَانَ عنده ستّمائة حديث عَنْ هشام بْن عُرْوَة. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: كَانَ أبو أسامة في زمن الثَّوْريّ يعد من النُّسّاك. وروى يحيى بْن اليَمَان: عَنْ سُفْيَان قَالَ: ما بالكوفة شابّ أعقل من أَبِي أسامة. قَالَ الْبُخَارِيّ: مات في ذي القعدة سنة إحدى ومائتين، وهو ابن ثمانين سنة، فيما قِيلَ. قَالَ الفَسَويّ: سَمِعْتُ ابن نُمَيْر يوهن أبا أسامة، ثمّ يعجب من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، مَعَ معرفته بأبي أسامة، ثم وهو يحدِّث عَنْهُ. قَالَ ابن نُمَيْر: وهو الّذي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، نرى بأنّه لَيْسَ بابن جَابِر، بل هُوَ رَجُل تسمى بِهِ. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 65 قلت: تلقت الأَئِمَّةُ حديث أَبِي أسامة بالقبول لحفظه ودينه، ولم يُنْصفه ابن نُمَيْر. قَالَ محمد بْن عثمان بْن كرامة: سَمِعْتُ أبا أسامة يَقُولُ: وضعت بنو أُمَيَّةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعةَ آلاف حديث. قلت: هذه مجازفة من أَبِي أسامة وغُلُوّ. والكوفيّ لا يُسمع قولُه في الأُمويّ. قَالَ أحمد العِجْليّ: أبو أسامة ثقة "وكان يُعَدّ" من حكماء أصحاب الحديث، شهِدْت جَنَازته في شوّال سنة إحدى ومائتين. 117- حمّاد بْن خالد1 -م. 4- أبو عبد الله القرشي البصري الخياط. نزيل بغداد. عَنْ: أفلح بْن حُمَيْد، وأفلح بْن سَعِيد، وابن أَبِي ذئب، ومعاوية بْن صالح الحضرميّ، وهشام بْن سعْد، وَعِدَّةٍ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن مَنِيع، والحَسَن الزَّعْفرانيّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وعَمْرو النّاقد، وابن نُمَيْر، وجمْعٌ. قَالَ أحمد: كَانَ حافظًا، وكان يحدّثنا وهو يخيط. كتبت عَنْهُ أَنَا ويحيى بْن مَعِين. وقال ابن مَعِين: كَانَ أُمِّيًّا لا يكتب، ثقة. كَانَ يقرأ الحديث. وقال غيره: كان مدنيًّا يخِيط عَلَى باب مالك. 118- حمّاد بْن عيسى بْن عبيدة الْجُهَنيّ الواسطيّ. وقيل: الْبَصْرِيّ2. عَنْ: جعفر الصادق، وابن جُرَيْج، وموسى بْن عبيدة، وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم. عنه: عَبْد بْن حُمَيْد، وإبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وأبو بَكْر الصاغاني، وعباس الدُّوريّ، والكُدَيْميّ، وآخرون. قَالَ ابن معين: شيخ صالح.   1 التاريخ الكبير "3/ 26"، الجرح والتعديل "3/ 136"، تهذيب التهذيب "3/ 7". 2 الجرح والتعديل "3/ 145"، تهذيب الكمال "7/ 281-282"، ميزان الاعتدال "1/ 598"، تهذيب التهذيب "3/ 18". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 66 وقال أبو حاتم: شيخ ضعيف الحديث. قلت: يقال لَهُ: غريق الجحفة؛ لأنّه حجّ في سنة ثمانٍ فغرق بوادي الجحفة. 119- حمّاد بْن قيراط1. أبو عَلَى النَّيْسابوريّ. حدَّثَ بالرِّيّ. عَنْ: سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وشعبة بْن الحجاج. وعنه: إبراهيم بْن مُوسَى الفراء، وإِسْحَاق بْن إبراهيم المَرْوَزِيّ. نزيل الرّيّ، ثمّ خرج إلى الشام وتعبد هناك. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يحتج به. قلت: تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين. 120- حمّاد بْن مَسْعَدَة -ع- أبو سَعِيد التَّميميّ2، ويقال: الباهلي، مولاهم الْبَصْرِيّ. عَنْ: يزيد بْن أَبِي عبيدة، وهشام بْن عُرْوَة، وابن عَون، وابن جُرَيْج، وعُبَيْد اللَّه بن عمر، وسليمان التيمي. وعنه: أحمد، وإسحاق، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وأحمد بْن الفُرات، وطائفة. وثّقه أبو حاتم. وتُوُفّي في رجب سنة اثنتين ومائتين. وقع لنا حديثه بعُلُوٍّ. 121- حمّاد بْن سليمان بْن المَرْزُبان الفقيه. أبو سليمان النيسابوري، صاحب محمد بْن الحَسَن، ويلقب قيراط.   1 الجرح والتعديل "3/ 145"، الثقات لابن حبان "8/ 206"، ميزان الاعتدال "1/ 599". 2 الطبقات الكبرى "7/ 294"، التاريخ الكبير "3/ 26"، الجرح والتعديل "3/ 148"، التهذيب "3/ 19". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 67 عَنْ: شُعْبَة، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وداود بْن أَبِي هند، والثَّوْريّ. قَالَ الحاكم: لقي جماعةً من التّابعين، وتفقّه عَلَى كِبَر سِنّه عند محمد. روى عَنْهُ: أحمد بْن الأزهر، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب. 122- حمّاد بْن معقل1. أبو سَلَمَةَ الْبَصْرِيّ. عَنْ: مالك بْن دينار، وغالب القطّان. وعنه: عُمَر بْن الصَّلْت، ومَسْلَمَة بْن إبراهيم، وجعفر بْن عليّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 123- حمزة بن الحارث بن عمير2 -ت. ق- أبو عمارة العدوي، مولى آل عُمَر -رضى الله عنه. الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّةَ. روى عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه الهَرَوِيّ، وأحمد بْن أَبِي شُعَيب الحرّانيّ، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسماعيل، وبكر بْن خَلَف خَتَنُ المقّري، ورجاء بْن السِّنْديّ الإسْفَرائينيّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. 124- حمزة بْن زياد بْن سعْد الطُّوسيّ3. أبو مُحَمَّد نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: شُعْبَة، والثَّوْريّ، ومالك، وفليح بْن سليمان. وعنه: ابنه محمد، وموسى بن هارون الطوسي، وأحمد بن زياد السمسار. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ مهنا الشّاميّ: سألت الإِمَام أحمد عنه فقال: لا تكتب عنه الخبيث.   1 الجرح والتعديل "3/ 148"، الكنى والأسماء للدولابي "1/ 191"، الثقات لابن حبان "8/ 204". 2 الطبقات الكبرى "5/ 501"، التاريخ الكبير "3/ 52"، الجرح والتعديل "3/ 210"، تهذيب التهذيب "3/ 26، 27". 3 الجرح والتعديل "3/ 211"، الثقات لابن حبان "8/ 210"، ميزان الاعتدال "1/ 607، 608". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 68 125- حمزة بْن القاسم1. أبو عُمارة الأَزْدِيّ الكوفي الأحول المقرئ. قرأ عَلَى: حمزة مرتين وروى عَنْهُ. وعنه: أبو عُمَر الدُّوريّ، وأبو الحارث الَّليْث بْن خَالِد، وعبد الرَّحْمَن بْن واقد. 126- حُمَيْد بْن عَبْد الحميد2. الأمير. من كبار قوّاد المأمون. تُوُفّي سنة عشر. 127- حنيفة بْن مرزوق أبو الحَسَن3. عَنْ: شُعْبَة، وشريك. وعنه: خلاد بْن أسلم، وعبّاس الدُّوريّ، وعليّ بْن شَيْبة السَّدُوسيّ. "حرف الخاء": 128- خَالِد بْن إسماعيل4. أبو الوليد المخزومي، أحد المتروكين. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وابن جُرَيْج، وعبيد الله بن عمر، وابن أبي ذئب. وعنه: الحسين بن الحسن الشيلماني، والعلاء بن مسلمة، وسعدان بن نصر، وأبو سيف محمد بن أحمد الصيدلاني، ومحمد بن المغيرة الشهرزوري. وقال ابن عدي: يضع الحديث على الثقات. وقال ابن حبان: لا تجوز الرواية عَنْهُ. قلت: من موضوعاته، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ {وَإِذْ أَسَرَّ   1 غاية النهاية "1/ 264". 2 الشعر والشعراء "2/ 742-746"، تاريخ الطبري "8/ 609"، الأغاني "18/ 100". 3 الثقات لابن حبان "8/ 217"، تاريخ بغداد "8/ 283". 4 المجروحين لابن حبان "1/ 281، 282"، ميزان الاعتدال "1/ 627". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 69 النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 2] قَالَ: أسرّ إليها أنّ أبا بَكْر خليفتي من بعدي. رواه عَنْهُ سَعْدان. 129- خَالِد بْن الحُسين1. أبو الْجُنَيْد الضّرير. كَانَ ببغداد، روى عَنْ: يحيى بْن القاسم، وحمّاد الرَّبَعِيّ، وعثمان بن مقسم، وغيرهم. وعنه: الحسن بن يزيد الجصاص، وسليمان بن توبة، وأيوب الوزان. قال ابن معين: ليس بثقة. ووهى ابن عدي حديثه. 130- خالد بن عبد الرحمن -د. ت- أبو الهيثم الخراساني المروروذي. نزيل دمشق. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، ومالك بْن مغول، وشُعْبة، وطائفة. سيأتي في الطبقة المقبلة. 131- خَالِد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خَالِد بْن سَلَمَةَ المخزوميّ الْمَكِّيّ2. شيخ. روى عَنْهُ: أبو يحيى بْن أَبِي مُرَّةَ أيضًا، وأبو الدَّرْدَاء عَبْد العزيز بْن مُنيب، ويحيى بْن عَبْدل القَزْوينيّ، وجماعة. سمع: مِسْعَرًا، والثَّوْريّ، ووَرْقاء. قَالَ الْبُخَارِيّ، وأبو حاتم: ذاهب الحديث. وقد جعله ابن عديّ والذي قبلَه واحدًا، وفرّق بينهما العقيلي، وهو الصواب.   1 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 139"، ميزان الاعتدال "1/ 629". 2 الجرح والتعديل "3/ 342"، ميزان الاعتدال "1/ 633"، تهذيب التهذيب "3/ 103، 104". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 70 132- خالد بن عَمْرو بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ1 بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ -د. ق- أبو سعيد الأموي الكوفي، ابن عمّ عَبْد العزيز بْن أبان. عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وشُعْبَة، وسُفْيان، ومالك بْن مغْوَل، وطائفة كبيرة. وعنه: الحَسَن بْن عليّ الخلال، والرَّماديّ، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، وأحمد بْن محمد بْن أَبِي الخناجر، ويوسف بْن مُسْلِم، وخلق. قَالَ أحمد بْن حنبل: لَيْسَ بثقة. وقال أبو زُرْعة: منكر الحديث. وقال صالح جَزَرَة: كَانَ يضع الحديث. 133- خَالِد بْن نَجِيح2. أبو يحيى الْمَصْرِيّ، مولى آل الخطّاب. عَنْ: حيوة بْن شُرَيْح، وموسى بْن عليّ، واللَّيث بْن سعْد، ومالك، وطائفة. قَالَ ابن يونس: منكر الحديث. وقال أبو حاتم الرّازيّ: كذّاب، كَانَ يضع الحديث. والأحاديث الّتي أُنكِرت عَلَى عَبْد اللَّه بْن صالح يُتَوَهَّم أنّها فِعْله. كَانَ يصحبه. تُوُفّي في شوّال سنة أربعٍ ومائتين. قلت: وهذا غير المدائني، ذاك في الطبقة الآتية. 134- خَالِد بْن يزيد3 بْن الأمير خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أسد القَسْريّ الدّمشقيّ. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وأبي حيّان التَّيْميّ، وابن عَون، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "3/ 164"، الجرح والتعديل "3/ 343، 344"، ميزان الاعتدال "1/ 635، 636"، تهذيب التهذيب "3/ 109، 110". 2 الجرح والتعديل "3/ 355"، ميزان الاعتدال "1/ 644". 3 الجرح والتعديل "3/ 359"، ميزان الاعتدال "1/ 647". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 71 وعنه: الوليد بن مسلم، وهو أكبر منه، ودُحَيْم، وأحمد بْن بَكْر البالِسيّ، وأحمد بْن جناب المصِّيصيّ، وآخرون، قَالَ ابْن عديّ: أحاديثه لا يُتابَع عليها لا إسنادًا ولا مَتْنًا، ولم أرَ لهم فيه قولا. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بقويّ. 135- خَالِد بْن أَبِي يزيد1. ويُقال: ابن يزيد أبو الهَيْثَم الفارسي القَرْنيّ. وَقَرْنُ قرية من ناحية قُطْرُبُلّ. عَنْ: شُعْبَة، ووَرْقاء، وأبي شهاب الحنّاط، وجماعة. وعنه: عَبَّاس الدُّوريّ، وأبو بَكْر الصّاغانيّ، وبِشْر بْن موسى، وجماعة. وعن ابن معين قَالَ: لم يكن بِهِ بأس. قلت: تُوُفّي قريبًا من سنة عشر. 136- خَالِد بْن يزيد السُّلَميّ الدّمشقيّ2 -د. ق- والد محمود بْن خَالِد، عَنْ: ليث بْن أَبِي سُلَيْم، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، وابن أَبِي ليلى الفقيه، ومُطْعِم بْن المِقْدام، وجماعة. وعنه: ابنه، ودُحَيْم، وسُليمان ابن بنت شُرَحْبيل، وأحمد بْن بكرويه البالِسيّ. وثّقه ابن حِبّان. 137- خُزَيْمة بْن خازم بْن خُزَيْمة الخُراسانيّ الأمير3. من كبار قُوّاد المأمون، ومن أبناء الدّولة الْعَبَّاسِيَّةِ. لَهُ ذِكْر في الحروب. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين بعدما عَمي. وقد روى عَنْ: ابن أَبِي ذئب. وعنه: يعقوب بن يوسف.   1 الجرح والتعديل "3/ 360"، تهذيب الكمال "8/ 215، 216"، تهذيب التهذيب "3/ 131". 2 الجرح والتعديل "3/ 360"، سير أعلام النبلاء "9/ 415"، تهذيب التهذيب "3/ 130-131". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 120"، تاريخ بغداد "8/ 341". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 72 138- الخصيب بْن ناصح الحارثيّ الْبَصْرِيّ1. نزيل مصر. عن: هشام بن حسان، وشعبة، ويزيد ين إبراهيم التُّسْتَريّ، ونافع بْن عُمَر، وهمام بْن يحيى، وجماعة. وعنه: الربيع المُرَاديّ، وبحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وعَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الحَكَم، وسليمان بْن شُعَيْب الكَيْسانيّ، وجماعة. قَالَ أبو زُرْعة: ما بِهِ بأس إنّ شاء اللَّه. لم يخرجوا لَهُ. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي سنة ثمانٍ ومائتين، وقيل: سنة سبْعٍ. وقيل: أصله بلْخيّ. 139- خلاد بْن يزيد الْجُعْفيّ2. كوفيّ مُقِلّ. روى عَنْ: يونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وزُهير بْن معاوية، وشَرِيك. وعنه: أبو كريب، وعبيد بن يعيش، وابن نُمَيْر. ذكره ابن حِبّان في "الثقات"، وقال: ربما أخطأ. 140- خَلَف بْن تميم بْن أبي عتاب مالك3 -ن. ق- أبو عبد الرحمن الكوفي، نزيل المصيصة. عَنْ: سُفْيَان، وزائدة، وأبي بَكْر النَّهْشليّ، وإسرائيل، وجماعة. وعنه: أبو إِسْحَاق الفَزَاريّ مَعَ تقدُّمِهِ، وأحمد بْن الخليل البُرْجُلانيّ، وأحمد بْن بكرويه البالِسيّ، والحَسَن بْن الصّبّاح البزّاز، وعباس التُّرْقُفيّ، وعباس الدُّوريّ، ويعقوب بْن شَيْبة، وخلق. وقال ابن شَيْبة: ثقة، صدوق، أحد النُّسّاك والمجاهدين، صحب إبراهيم بْن أدهم. وقال أبو حاتم: ثقة.   1 الجرح والتعديل "3/ 397"، الثقات لابن حبان "8/ 232"، تهذيب التهذيب "3/ 143". 2 التاريخ الكبير "3/ 189"، الجرح والتعديل "3/ 366، 367"، ميزان الاعتدال "1/ 657"، التهذيب "3/ 175". 3 الطبقات الكبرى "7/ 491"، التاريخ الكبير "3/ 197"، الجرح والتعديل "3/ 370"، التهذيب "3/ 148". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 73 قَالَ ابن سعْد: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة بالمصِّيصة. وقال أبو مُسْلِم المُسْتَمليّ، وغيره: تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. 141- خَلَف بْن أيّوب الفقيه1. أبو سَعِيد العامري البلْخيّ الحنفيّ. مفتي أهل بلْخ وزاهدهم وعابدهم. أخذ الفقه عَنْ أَبِي يوسف، وقيل: إنّه أدرك مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وتفقّه عَلَيْهِ، وقد سمع منه. ومن: عَوْف الأَعْرابيّ، ومعمر، وإبراهيم بْن أدهم وصحبة مدة. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وأبو كُرَيْب، وعليّ بْن مَسْلَمَة اللَّبَقيّ، وجماعة. وكان من أعلام الأَئِمَّةِ رحمه اللَّه تعالى. وقد ليّنه ابن مَعِين. وَقَدْ رَوَى لَهُ "ت" حَدِيثًا فِي بَابِ فَضْلِ الْفِقْهِ عَلَى الْعِبَادَةِ: ثَنَا أَبُو ريب، ثَنَا خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَصْلَتَانِ لا يَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ: حُسْنُ سَمْتٍ، وَلا فِقْهٌ فِي الدِّينِ" 2. قَالَ "ت": غريب، تفرّد بِهِ خَلَف. ولا أدري كيف هُوَ. قَالَ الحاكم في تاريخه: سَمِعْتُ محمد بْن عَبْد العزيز المذِّكر: سَمِعْتُ محمد بْن عليّ البيكَنْديّ الزّاهد يَقُولُ: سَمِعْتُ مشايخنا يذكرون أنّ السبب لثبات مُلْك آل سامان أنّ أسد بْن نوح الأسير الماضي إسماعيل خرج إلى المعتصم، وكان شجاعًا عاقلا، فتعجّبوا من حُسْنه وعقله. فقال لَهُ المعتصم: هَلْ في أهل بيتك أشجع منك؟ قَالَ: لا. قَالَ: فهل في أهل بيتك أعقل وأعلم منك؟ قَالَ: لا. فما أعجب الخليفة ذَلِكَ. ثمّ بعد ذَلِكَ سأله كذلك فأعاد قوله وقال: هلا قلت ولِمَ ذلك؟   1 الطبقات الكبرى "7/ 375"، التاريخ الكبير "3/ 196"، الجرح والتعديل "3/ 370"، تهذيب التهذيب "3/ 147، 148". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "92684، وابن المبارك في الزهد "459"، والعقيلي في الضعفاء "153"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "278"، وفي صحيح الجامع "3229". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 74 قَالَ: ويحك ولِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لأنّه لَيْسَ في أهل بيتي من وطأ بساط أمير المؤمنين وشاهد طلعته غيري! ثمّ سأل عَنْ علماء بلْخ، فذكروا لَهُ خَلَف بْن أيّوب ووصفوا لَهُ زُهده وعِلْمه. فتحين مجيئه للجمعة وركب إلى ناحيته. فلمّا رآه ترجّل وقصده. فقعد خَلَف وغطّى وجهه. فقال: السّلام عليكم. فأجاب ولم يرفع رأسه. فرفع الأمير أسد رأسه إلى السماء، وقال: اللهم إنّ هذا العبد الصالح يبغضنا فيك، ونحن نحبّه فيك. ثمّ ركب ومرَّ، فأخبر بعد ذَلِكَ أنّ خَلَف بْن أيّوب مرض، فعاده وقال: هَلْ لك من حاجة؟ قَالَ: نعم! حاجتي أنّ لا تعود إليّ، وإنْ مِتُّ فلا تُصلِّ عليَّ وعليك السّواد. فلمّا تُوُفّي شهِد أسد جنازته راجلا، ثمّ نزع السَّواد وصلّى عَلَيْهِ، فسمع صوتًا بالليل: بتواضعك وإجلالك لخلف ثبتت الدَّولة في عُنقك. قَالَ: عَبْد الصَّمد بْن الفضل: تُوُفّي في رمضان سنة خمس عشرة ومائتين. قلت: هذا يوضح لك أنّ وفادة أسد بْن نوح لم تكن عَلَى المعتصم بل على المأمون، إن صحّت الحكاية. تُوُفّي خَلَف سنة خمس ومائتين في أول رمضان، وله تسع وستون سنة. 142- الخليل بْن زكريّا الْبَصْرِيّ الشَّيْبانيّ العبْديّ1 -ق. عن: حبيب الشهيد، وابن جريج، ابن عَون، وعَمْرو بْن عُبَيْد، وهشام بْن حسّان، ومُجَالد. وعنه: محمد بْن عَقِيل النَّيْسابوريّ، وإبراهيم بْن نَصْر الكِنْديّ، والحارث بْن أَبِي أُسامة، وفضل بْن أَبِي طَالِب، وأحمد بْن الخلال التّاجر، وجعفر بْن محمد بْن شاكر، وأحمد بْن الهَيْثَم بْن خَالِد البزّاز. قَالَ أبو جعفر العُقَيْليّ: يحدث عَنِ الثقات بالبواطيل. وقال ابن عديّ: عامة حديثه لا يتابع عَلَيْهِ.   1 تهذيب الكمال "8/ 334-337"، ميزان الاعتدال "1/ 667"، تهذيب التهذيب "3/ 166، 167". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 75 143- خُنَيْس بْن بَكْر بْن خُنَيْس1. عَنْ: أَبِيهِ، ومسْعَر، ومالك بْن مِغْوَلٍ، والثَّوْريّ. وعنه: محمد بْن عَبْد الملك الدَّقيقيّ، وداود بْن سليمان السّامُرّيّ، والحَسَن بْن عَرَفَة، وحمدان الورّاق، وابن الفُرات. "حرف الدال": 144- داود بْن عيسى بْن عليّ العبّاسيّ2. أمير الكوفة للرشيد. روى عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: حفيده محمد بْن عيسى بْن داود، وسعيد بْن عَمْرو، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزوميّ. وقد ولي إمرة الحَرَمين. وأقام الموسم سنة إحدى ومائتين. قَالَ وكيع: أهل الكوفة اليوم بخير أميرهم داود بْن عيسى، وقاضيهم حفص بْن غياث، ومحتسبهم حفص الدَّوْرقيّ. 145- داود بْن المُحَبَّر بْن قَحْذَم بن سليمان3 -ن. ق- أبو سليمان الطائي، ويقال: الثقفي البصري، نزيل بغداد الذي جمع كتاب "العقل". يروي عَنْ: شُعْبَة، وهمام، والربيع بْن صبيح، والحمادين، ومقاتل بْن سليمان، والأسود بْن شَيْبان، وطائفة. وعنه: محمد بن يحيى الأَزْدِيّ، وعليّ بْن إشكاب، وأبو شُعَيْب، وعبد اللَّه بْن أيّوب المُخَرِّميّ، والحسين بْن عيسى البسْطاميّ، وأبو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسيّ، وإسماعيل بْن أَبِي الحارث، ومحمد بْن أحمد بْن العوّام، والحارث بْن أَبِي أسامة، وجماعة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فضحك، وقال: شبْه لا شيء كَانَ لا يدري ما الحديث.   1 الجرح والتعديل "3/ 394"، الثقات لابن حبان "8/ 233"، ميزان الاعتدال "1/ 669". 2 أخبار القضاة لوكيع "1/ 256"، تهذيب تاريخ دمشق "5/ 210-215". 3 التاريخ الكبير "3/ 244"، الجرح والتعديل "3/ 424"، ميزان الاعتدال "2/ 20"، تهذيب التهذيب "3/ 199-201". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 76 وقال عَبَّاس الدُّوريّ: سَمِعْتُ ابن مَعِين، وذكر داود بْن المحبّر. فأحسن الثّناء عَلَيْهِ، وقال: ما زال معروفًا يكتب الحديث، ثمّ ترك ذَلِكَ فصحب قومًا من المعتزلة فأفسدوه. وهو ثقة. وقال في موضع آخر: كَانَ ثقة، ولكنه جفا الحديث. "وكان يتنسك، وجالس الصوفيين بعبادان، وكان يعمل الخوص. ثمّ قدِم بغداد. فلمّا أسنّ أتاه أصحاب الحديث فكان يحدثهم، وكان يخطئ كثيرًا ويصحف". وقال أبو زُرْعة: ضعيف. وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث. وقال أبو داود: ثقة، شبه ضعيف. وقال النَّسائيّ: ضعيف. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. وقال عَبْد الغني بْن سَعِيد، عَنِ الدَّارَقُطْنيّ: كتاب "العقل" وضعه أربعة: أولهم ميسرة بْن عَبْد ربّه، ثمّ سرقه منه داود بْن المحبر فركبه بأسانيد غير ميسرة، وسرقه عَبْد العزيز بْن أَبِي رجاء فركبه بأسانيد أُخَر، ثمّ سرقه سليمان بْن عيسى السِّجْزيّ، فأتى بأسانيد أُخَر. أو كما قَالَ. وقال الخطيب: لو لم يكن لَهُ غير وضعه كتاب "العقل" بأسره لكَان دليلا كافيًا عَلَى ما ذكرته من أَنَّهُ غير ثقة. قُلْتُ: رَوَى "ق"، عَنْ ثِقَةٍ، عَنْ دَاوُدَ: ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَنْفَتِحُ عَلَيْكُمْ مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا: قَزْوِينُ، مَنْ رَابَطَ فِيهَا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً كَانَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ عَامُودٌ مِنْ ذَهَبٍ وَزُمُرُّدَةٌ خَضْرَاءُ، عَلَى يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مِصْرَاعٍ"1. الْحَدِيثَ. وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة ستٍّ ومائتين. 146- داود بْن يحيى بْن يمان العجلي الكوفي2.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن ماجه "2780"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 55"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "371"، وقال: موضوع. 2 الجرح والتعديل "3/ 428". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 77 ثبت حافظ ماهر. روى عَنْ: أَبِيهِ. وكتب في حدود السبعين ومائة وبعدها. سمع منه: معاوية بْن عَمْرو الأَزْدِيّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين شابًا. ولو عاش لكان لَهُ شأن. 147- داود بْن يزيد. أمير السند1. تُوُفّي سنة خمس ومائتين. 148- دُبَيْس بْن حُمَيْد المُلائيّ2. عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وحمزة الزّيّات، وعبد الحميد بْن حميد الرؤاسي. وعنه: علي بْن جَعْفَر الأحمر، ومحمد بْن الأصبهانيّ، وعليّ بْن محمد الطنافسي، وعبد المؤمن بْن عليّ الزَّعْفرانيّ. قَالَ أبو حاتم: ضعيف. "حرف الراء": 149- رَوْح بْن أسلم3 -ت- أبو حاتم الباهلي البصري. عَنْ: زائدة، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه: أبو محمد الدّارميّ، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: لين الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال البخاري: يتكلمون فيه.   1 تاريخ خليفة "463، 464، 470"، تاريخ الطبري "8/ 272، 580". 2 الجرح والتعديل "3/ 446"، ميزان الاعتدال "2/ 23". 3 الطبقات الكبرى "7/ 302"، التاريخ الكبير "3/ 310"، الجرح والتعديل "3/ 499". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 78 150- رَوْح بْن عبادة بْن العلاء بْن حسان1 -ع- أبو محمد القَيْسيّ البصري الحافظ. سمع: ابن عَون، وأيمن بْن نابل، وَحُسَيْنًا المعلّم، وحاتم بْن أَبِي صغيرة، وابن جُرَيْج، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وأشعث بْن عَبْد الملك الحمراني، وزكريّا بْن إِسْحَاق، وشُعْبة، وخلقًا. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وبُنْدار، وابن نُمَيْر، وهارون الحمّال، وإبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بْن سَعِيد الرباطي، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وعبد بْن حُمَيْد، والحارث بْن أَبِي أسامة، وبِشْر بْن موسى، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوام، والكُدَيْميّ، وأبو قلابة، وخلق كثير. قَالَ الكُدَيْميّ: سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ يَقُولُ: نظرت لرَوْح بْن عبادة في أكثر من مائة ألف حديث، كتبتُ منها عشرة آلاف. وقال يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ رَوْح أحد من يتحمل الحمالات، وكان سَرِيًّا، كثير الحديث جدًّا، سَمِعْتُ عليّ بْن المَدِينيّ يَقُولُ: من المحدثين قوم لم يزالوا في الحديث لم يشغلوا عَنْهُ. نشأوا، فطلبوا، ثم صنفوا، ثمّ حدثوا، منهم رَوْح بْن عبادة. وقال أبو بَكْر الخطيب: رَوْح بْن عبادة قدم بغداد وحدَّثَ بها مدة، ثمّ انصرف إلى البصرة فمات بها، وكان كثير الحديث. صنف الكتب في السُّنَن، والأحكام، وجمع التفسير. وكان ثقة. وقال أبو مسعود الرّازيّ: ضعف عَلَى رَوْح بْن عبادة اثنا عشر أو ثلاثة عشر، فلم ينفد قولهم فيه. قلت: صدقة ابن مَعِين، وغيره. وما تكلَّم فيه أحدٌ بحجة. وتكلم فيه ابن مهدي، ثمّ رجع عَنْ ذَلِكَ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة خمسٍ ومائتين، وغلط من قَالَ: سنة سبْعٍ. وحديثه في الكتب الستة ومسانيد الإسلام.   1 الطبقات الكبرى "7/ 296"، التاريخ الكبير "3/ 309"، الجرح والتعديل "3/ 499، 500"، التهذيب "3/ 293". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 79 151 ريحان بن سعيد بن المثنى1 -د. ت- أبو عصمة القرشي السامي الناجي، أخو الْمُثَنَّى، وروح، والمغيرة. كَانَ إمام مسجد عَبّاد بْن منصور بالبصرة. سمع: عَبّاد بْن منصور، وشُعْبة، وروح بْن القاسم. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وإبراهيم الدَّوْرقيّ، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، ومحمد بْن حسّان الأزرق، وآخرون. قَالَ النَّسائيّ، وغيره: لَيْسَ بِهِ بأس. قَالَ ابن سعْد: تُوُفّي سنة ثلاثٍ أو أربعٍ ومائتين. "حرف الزاي": 152- الزَّحّاف بْن أَبِي الزَّحّاف الأصبهانيّ2. أبو محمد. عَنْ: هشام بْن حسان، وابن جُرَيْج، وَالْمُثَنَّى بْن الصّبّاح: وله بأصبهان عَقِب. وعنه: ابنه جعفر، وعقيل بْن يحيى، وغيرهما. 153- زُحَر بْن حصْن الطّائيّ3. يروي عَنْ: أَبِيهِ، وعمّه. وعنه: زكريا بن يحيى الطائي. توفي سنة أربع ومائتين. 154- زهير بن نعيم البابي الزاهد4. أبو عبد الرحمن.   1 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "3/ 330"، الجرح والتعديل "3/ 517"، تهذيب التهذيب "3/ 301". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 321، 322". 3 التاريخ الكبير "3/ 445"، الجرح والتعديل "3/ 619"، الثقات لابن حبان "8/ 258، 259". 4 حلية الأولياء "10/ 147-150"، تهذيب الكمال "9/ 426-428"، تهذيب التهذيب "3/ 353". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 80 نزل البصرة وروى عَنْ: سلام بْن أَبِي مطيع، وبشر بن منصور السليمي. وعنه: عارم، والفلاس، وأحمد الدَّوْرقيّ، وعبد الرَّحْمَن رُسْتَة، وأحمد بْن عصام الأصبهانيّ، وطائفة. قَالَ سهل بْن عاصم: سألت زُهَيْر البابيّ: ألَك حاجة؟ قَالَ: نعم، أنّ تتقي اللَّه! وعنه قَالَ: جالستُ النّاس خمسين سنة، فما رأيت أحدًا إلا وهو يتبع الهوى، حتّى أَنَّهُ ليُخطئ، فيحبّ أنّ النّاس قد أخطأوا. وعنه: وددت أنّ الخلق أطاعوا اللَّه، وأنّي عُذبت بالمقاريض1. 155- زيد بْن الحباب بْن الريان2. أبو رومان. وأبو الحُسين العُكْليّ الخُراسانيّ، ثمّ الكوفيّ. والحُباب ضرْبٌ من الحيات. كَانَ حافظًا زاهدًا جوالًا. روى عن: أسامة ين زيد اللَّيْثيّ، وأسامة بْن زيد بْن أسلم، وأيمن بْن نابل، وسيف بْن سليمان الْمَكِّيّ، وعكرمة بْن عمّار، والضّحّاك بْن عثمان، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وموسى بْن عليّ بْن رباح، وموسى بْن عبيدة، ويحيى بْن أيّوب، ومعاوية بْن صالح، والحسين بْن واقد المَرْوَزِيّ، وخلق. طلب العلم بعد الخمسين ومائة. وروى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن رافع، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بْن سليمان الرهاوي، والحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، وسَلَمَةُ بْن شبيب، وابن نُمَيْر، وأبو كريب، ويحيى بن طالب.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "10/ 150"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 9". 2 الطبقات الكبرى "6/ 402"، التاريخ الكبير "3/ 391"، الجرح والتعديل "3/ 561"، تهذيب التهذيب "3/ 402-404". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 81 ومن القدماء: يزيد بْن هارون، وهو أكبر منه. وثّقه ابن المَدِينيّ وغيره. وقال أحمد: كان صاحب حديث كيسًا، قد رحل إلى مصر وخُراسان في الحديث، وما كَانَ أصبره عَلَى الفقر. كتبت عَنْهُ بالكوفة وههُنا. وقد ضرب في الحديث إلى الأندلس. نقله المَرُّوذِيّ، عَنْ أحمد. قَالَ الخطيب: ظن أحمد أبو عَبْد اللَّه أنّ زيدًا سمع من معاوية بْن صالح بالأندلس، وكان عَلَى قضائها، وهذا وهم. وأحسب أنّ زيدًا سمع منه بِمَكَّةَ، فإن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي سمع منه بِمَكَّةَ. وقال الخطيب: روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن وهْب، ويحيى بْن أَبِي طَالِب وبين وفاتيهما ثمان وسبعون سنة. وقال مُطِّين، وغيره: تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. وقال بعضهم، عَنْ عليّ بْن حرب قَالَ: أتينا زيدًا، فلم يكن لَهُ ثوب يخرج فيه إلينا، فجعل الباب بيننا وبينه حاجزًا، وَحَدَّثَنَا من ورائه. 156- زيد بْن واقد1. أبو عليّ السَّمتيّ الْبَصْرِيّ. نزيل الرّيّ. عَنْ: أَبِي هارون العبْديّ، وإسماعيل السُّديّ، وحُمَيْد الطويل. وعنه: سهل بن زنجلة، وأبو حاتم الرازي وقال: كَانَ شيخًا كبيرًا فانيًا. وقال أبو زُرْعة: رأيته يحدّث، لَيْسَ بشيء. قلت: هذا أكبر شيخ لأبي حاتم، وهو آخر من روى فِي الدُّنيا عَنِ السُّدِّيّ. قَالَ أبو حاتم: هُوَ بصْريّ ثقة. 157- زيد بْن يحيى بن عبيد2 -د. ن. ق- أبو عبد الله الخزاعي الدمشقي. عَنْ: أَبِي سَعِيد حفص بْن غَيْلان، وخليد بن دعلج، والأوزاعي، وعبد الرحمن   1 الجرح والتعديل "3/ 574، 575"، ميزان الاعتدال "2/ 106". 2 التاريخ الكبير "3/ 409"، الجرح والتعديل "3/ 575"، تهذيب التهذيب "3/ 428، 429". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 82 بْن ثابت بْن ثوبان، وعفير بْن مَعْدان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن الأزهر، وأيوب بْن محمد الوزان، وشُعَيب بْن شعيب بْن إِسْحَاق، وعباس التُّرْقُفيّ، وأبو محمد الدّارميّ، ويحيى بْن عثمان الحمصيّ، وطائفة. وثّقه أحمد، وغيره. وشهد جنازته أبو زُرْعة الدّمشقيّ سنة سبْعٍ، ودُفن بباب الصغير. قَالَ أبو زُرْعة: وكان من أهل الفتوى بدمشق. وقال ابن مَعِين: كتبت عَنْهُ، وكان صاحب رأي. 158- زينب بنت الأمير سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاس الْعَبَّاسِيَّةُ الْهَاشِمِيَّةُ1. كانت صغيرة مَعَ أهلها بالحميمة في آخر أيّام بُنيّ أمية. ثمّ نشأت في السعادة والنّعمة، وأدركت عدة خلفاء من بني عمّها، وعاشت إلى هذا الوقت. وإليها ينسب بنو العبّاس الزينبيون أولاد عَبْد اللَّه ولدها ابن محمد بْن إبراهيم الإِمَام. روت عَنْ: أبيها. وعنها: عاصم بن علي، وأحمد بن الخيل بْن مالك، ومحمد بْن صالح الْقُرَشِيّ، وعبد الصمد الهاشْميّ والد إبراهيم. وحكى عَنْهَا المأمون، وكان يحترمها ويجلّها. ويقال: إنها عاشت بعد المأمون، فالله أعلم. ذكرها ابن عساكر. "حرف السين": 159- سالم بْن نوح الْبَصْرِيّ العطّار2 -م. د. ت. ق- عَنْ: سَعِيد الْجُرِيريّ، ويونس بْن عُبَيْد، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر. وعنه: قُتَيْبة، وأحمد بْن حنبل، وبُنْدار، وخليفة بْن خياط، وعبد الرحمن بن   1 تاريخ الطبري "7/ 635، 8/ 86، 197، 263"، تاريخ دمشق "تراجم النساء" "114-116". 2 التاريخ الكبير "4/ 120"، الجرح والتعديل "4/ 188"، ميزان الاعتدال "2/ 113"، تهذيب التهذيب "3/ 443". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 83 بشر بْن الحَكَم، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن حفص الأَنْصَارِيّ، وعُمَر بْن شَبَّة. قَالَ الْبُخَارِيّ: تُوُفّي بعد المائتين. ووثَّقهُ أبو زُرْعة. وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. قَالَ أحمد بْن حنبل: كتبنا عَنْهُ حديثًا واحدًا لا بأس بِهِ. 160- سعْد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ1 -خ. ن- أبو إسحاق، أخو يعقوب، ووالد عَبْد اللَّه، وعُبَيْد اللَّه الزُّهْرِيّ. سمع: أَبَاهُ، وابن أَبِي ذئب، وعبيدة بْن أَبِي رائطة. وعنه: ابناه، ومحمد بْن سعْد الكاتب، ومحمد بْن الحُسين البُرْجُلانيّ. قَالَ أحمد: لم يكن بِهِ بأس. ولكن يعقوب أقرأ للكتب وأحَدّ رأسًا منه. وقال أحمد العِجْليّ: لا بأس بِهِ، وكان عَلَى قضاء واسط. وقال غيره: عُزل عَنِ القضاء، فلحق بالحسن بْن سهل، فولاه قضاء عسكر بفم الصِّلْح، ومات بالمبارك سنة إحدى ومائتين. وله ثلاثٌ وستّون سنة. 161- سَعِيد بْن زكريّا الآدم2. أبو عثمان الْمَصْرِيّ، مولى مروان بْن الحَكَم الأُمَويّ. سمع: الَّليْث، وشهاب بْن خراش، ومفضل بْن فَضَالَةَ. وعنه: الحارث بْن مسكين، وأبو الطاهر بْن السَّرْح، وسليمان المهْرِيّ، وسليمان بْن شُعَيْب الكَيْسانيّ. قَالَ سليمان المهْرِيّ: كَانَ سَعِيد الآدم لو قِيلَ لَهُ: إنّ القيامة تقوم غدًا مَا استطاع أنّ يزداد من العبادة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 343"، التاريخ الكبير "4/ 52"، الجرح والتعديل "4/ 79، 80"، تهذيب الكمال "10/ 238-240". 2 الجرح والتعديل "4/ 33"، تهذيب الكمال "10/ 434، 435"، تهذيب التهذيب "4/ 30، 31". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 84 وقال الحارث بْن مسكين، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم: رأيتُ كأنّه يُقال لي: إنّ اللَّه يصلّي عليك وعلى سَعِيد بْن زكريّا. تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين، وكانت لَهُ عبادة وفضل. تُوُفّي بإخميم. ورّخه ابن يونس. 162- سَعِيد بْن زكريّا المدائني. مرّ قبل المائتين. 163- سَعِيد بْن سُفْيَان الْجَحْدَرِيّ الْبَصْرِيّ1 -ت- عَنْ: داود بْن أَبِي هند، وابن عَوْن، وكَهْمُس، وشُعْبة، وعبد اللَّه بْن مَعْدان. وعنه: بُنْدار، وزيد بْن أخرم، ومحمد بْن المُثَنَّى، وعُقْبة بْن مُكْرَم، وغيرهم. تُوُفّي سنة أربع أو خمس ومائتين. قَالَ أبو حاتم: محله الصدق. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: سَعِيد بْن سُفْيَان ذهب حديثه. 164- سَعِيد بْن سَلْم بْن قُتَيْبة بْن مُسْلِم2. الأمير أبو محمد الباهلي الخُراسانيّ. ولي بعض خُراسان، وكان بصيرًا بالحديث والعربية. سمع: ابن عَوْن، وأبا يوسف القاضي، وغيرهما. وعنه: عليّ بْن خَشْرَم، وابن الأَعْرابيّ صاحب العربيّة، ومحمود بْن غَيْلان. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أتيته وكان عنده حديث عَنِ ابن عَوْن، محله الصُّدْق. 165- سَعِيد بْن الصباح. أبو سعيد النيسابوري الزاهد.   1 التاريخ الكبير "3/ 476"، الجرح والتعديل "4/ 27"، ميزان الاعتدال "2/ 140"، تهذيب التهذيب "4/ 40". 2 تاريخ خليفة "209، 430، 456، 463، 475"، المعارف "407". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 85 أخو يحيى بْن الصّبّاح وإليهما ينسب بنَيْسابور محلَّةٌ وخانٌ كبير. رحل وسمع من: مالك بْن مِغْوَلٍ، ومسعر، وشُعْبة، وسفيان. وعنه: أحمد بْن يوسف، وأحمد بْن حفص، وعليّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ، وأحمد بْن يحيى بْن الصّبّاح، وآخرون. قَالَ أحمد بْن حفص: لم أر أعبد ولا أزهد منه. وقال ابن أَبِي حاتم: ثنا يوسف بْن إِسْحَاق الرّازيّ: ثنا أحمد بْن الوليد، ثنا سَعِيد بْن الصّبّاح: سَمِعْتُ سُفْيَان الثَّوْريّ، وذُكِر عنده رَجُل، فقال: لقد شرع في الدين ما لم يأذن بِهِ اللَّه. 166- سَعِيد بْن عامر1. أبو محمد الضُّبَعيّ الْبَصْرِيّ الزّاهد، مولى بني عجيف. وأخوالُهُ بنو ضبيعة. عَنْ: حبيب بْن الشهيد، ومحمد بْن عَمْرو بْن علقمة، وابن أَبِي عَرُوبَة، وحُمَيْد بْن الأسود، ويونس بْن عُبَيْد، وهَمَّام بْن يحيى، وصالح بْن رُسْتم، وجماعة. وعنه: احمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وابن المَدِينيّ، وبُنْدار، وعبد، والدارمي، ومحمود بْن غَيْلان، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن مُضَر الثَّقْفيّ، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوّام، وأحمد بْن الفُرات، والحارث بْن أَبِي أُسامة، وخلْق. قَالَ محمد بْن الوليد البُسْريّ: سَمِعْتُ يحيى بْن سَعِيد يَقُولُ: هُوَ شيخ المصر منذ أربعين سنة. وقال أبو داود: قَالَ يحيى بْن سَعِيد: إني لأغبط جيران سَعِيد بْن عامر. وقال زياد بْن أيّوب، وابن الفُرات: ما رأينا بالبصرة مثل سَعِيد بْن عامر. وقال ابن مَعِين: ثنا سَعِيد بْن عامر الثقة المأمون. وقال أبو حاتم: كَانَ رجلا صالحًا صدوقًا، في حديثه بعض الغَلَط. وقال أحمد بْن حنبل: ما رأيت أفضل منه، ومن الحُسين الجعفي.   1 الطبقات الكبرى "7/ 269"، التاريخ الكبير "3/ 502"، الجرح والتعديل "4/ 48، 49"، التهذيب "4/ 50، 51". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 86 وقال الخطيب: حدَّثَ عَنْهُ ابن المبارك، ومحمد بْن يحيى بْن المنذر القزّاز، وبين وفاتَيْهما مائة وتسع سنين. وقال ابن حِبّان: مات لأربع بقين من شوّال سنة ثمانٍ ومائتين، وهو ابن ستٍّ وثمانين سنة رحمه اللَّه. 167- سَعِيد بْن هُبَيْرة بْن عديس بْن أنس بْن مالك الكَعْبيّ1. أبو مالك المَرْوَزِيّ. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وجرير بْن حازم، وجُوَيْريه بْن أسماء، وأبي عَوَانَة، وداود بْن أَبِي الفُرات. وعنه: أحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، وأحمد بْن منصور زاج، ورجاء بْن مُرَجّا، والسِّريّ بْن خُزَيْمة. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. 168- سَعِيد بْن مَسْلَمَة بْن هشام بْن عَبْد الملك بْن مروان2 -ت. ق- ومنهم من زاد في نسبه أُميَّة بين مَسْلَمَة، وهشام. وكان بالجزيرة. وروى عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وإسماعيل بْن أُميَّة، وابن عَجْلان، والاعمش، وجعفر الصادق، وجماعة. وعنه: محمد بن الصباح الجرجرائي، وأيوب بن محمد الوزان، وعبد الله بن ذكوان القارئ، ودحيم، ومحمد بن مسعود العجمي، ويونس بن بحر قاضي جبلة، وجماعة. قال البخاري: منكر الحديث، في حديثه نظر. وضعفه النسائي. وقال ابن عدي: أرجو أَنَّهُ ممّن لا يترك حديثه. 169- سعيد بن واصل3.   1 الجرح والتعديل "4/ 70، 71"، ميزان الاعتدال "2/ 162"، لسان الميزان "3/ 48، 49". 2 التاريخ الكبير "3/ 516"، الجرح والتعديل "4/ 67"، ميزان الاعتدال "2/ 158"، التهذيب "4/ 83، 84". 3 التاريخ الكبير "3/ 518"، الجرح والتعديل "4/ 70"، ميزان الاعتدال "2/ 162". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 87 أبو عُمَر الحَرَشِيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: شُعْبَة، وجعفر بْن برقان. وعنه: سَعِيد بْن عَوْن، ومحمد بْن المختار، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعباس الدُّوريّ، وجماعة. وقال ابن المَدِينيّ: ذهب حديثه. وقال النَّسائيّ: متروك. وقال أبو حاتم: لين الحديث. 170- سَعِيد بْن وهْب1. أبو عثمان السّاميّ مولاهم البصري الشاعر المشهور. وكان مختصًّا بآل برمك، ثمّ إنّه تنسّك وغسل أشعاره. تُوُفّي سنة تسعٍ ومائتين. وهو القائل: قَدَمَيَّ اعتورا رمل الكثيب الأبيات. 171- سعيد بن يحيى2 -خ. ت- أبو سفيان الحميري الواسطي. سمع: معمرًا، والعوام بْن حوشب، وعوفًا الأَعْرابيّ، والضّحّاك بْن حمزة، وجماعة. وعنه: يعقوب الدَّوْرقيّ، وعَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، ومحمد بْن وزير، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن سِنان، وجماعة. وثقة أبو داود، وغيره.   1 الأغاني "24/ 1-3، 15"، تاريخ بغداد "9/ 73، 74". 2 الطبقات الكبرى "7/ 314"، التاريخ الكبير "3/ 521"، الجرح والتعديل "4/ 74"، تهذيب التهذيب "4/ 99". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 88 توفي سنة اثنتين وفي شَعْبان، وله تسعون سنة. وقد ضعفه ابن سعد. 172- سفيان بن حمزة بن عروة الأسلمي1 -ق- المدني، أبو طلحة، عمّ حمزة بْن مالك. عَنْ: عُرْوَة بْن سُفْيَان، وكثير بْن زيد. وعنه: إبراهيم بْن حمزة الزبيدي، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث. 173- سُفْيَان بْن عُقْبة السوائي الكوفي2 -4- أخو قَبِيصَة. عَنْ: حسين المعلّم، ومسعر، وحمزة الزّيّات، وسفيان. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وأبو كُرَيْب، ومحمود بْن غَيْلان، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن شاكر، وطائفة. قَالَ ابن نُمَيْر: لا بأس بِهِ. 174- سَلْم بْن سلام الواسطيّ3. عَنْ: شُعْبَة، وشَيْبان، وبكر بْن خُنَيْس. وعنه: أحمد بْن سِنان، وخلف بْن محمد كُرْدُوس، ومحمد بْن عبد الملك، وعليّ بْن إبراهيم الواسطيّون، وغيرهم. 175- سَلَمَةُ بْن سليمان المَرْوَزِيّ4 -خ. ن- المؤدِّب. عَنْ: أَبِي حمزة السُّكّريّ، وعَبْد اللَّه بْن المبارك. وعنه: أحمد بْن أَبِي رجاء الهَرَوِيّ، وأحمد بْن سعيد الرباطي، وعبدة بن عبد   1 التاريخ الكبير "4/ 90"، الجرح والتعديل "4/ 230"، تهذيب التهذيب "4/ 109". 2 التاريخ الكبير "4/ 95"، الجرح والتعديل "4/ 230"، ميزان الاعتدال "2/ 169"، تهذيب التهذيب "4/ 116، 117". 3 الجرح والتعديل "4/ 268"، تهذيب الكمال "10/ 226، 227"، تهذيب التهذيب "4/ 131". 4 الطبقات الكبرى "7/ 378"، التاريخ الكبير "4/ 84"، الجرح والتعديل "4/ 163"، تهذيب التهذيب "4/ 145، 146". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 89 الرَّحْمَن المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن أسلم الطُّوسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن قُهْزَاد، وجماعة. وكان من جلة العلماء. قَالَ أحمد بْن منصور زاج: حَدَّثَنَا بنحوٍ من عشرة آلاف حديث من حفظه. وقال النَّسائيّ: ثقة. قِيلَ: مات سنة ثلاث أو أربع ومائتين. وأمّا الْبُخَارِيّ فقال: قَالَ محمد بْن الَّليْث: توفي سنة ست وتسعين ومائة. 176- سلمة بن سليمان الأَزْدِيّ المَوْصِليّ1. عَنْ: عَبْد العزيز بْن أَبِي رَوّاد، وخليل بْن دَعْلَج، وسفيان الثَّوْريّ. وعنه: عليّ بْن حرب، ومحمد بْن يزيد الرّياحيّ. لينه ابن عديّ، وأبو الفتح الأَزْدِيّ. توفي سنة سبع ومائتين. 177- سَلَمَةُ بْن عَبْد الملك العَوْصيّ الحمصيّ2 -ت- شيخ ن، أحد شيوخ الحديث. سمع: إسرائيل، والحَسَن بْن حيّ وأخاه عليًّا، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وعبد العزيز بْن أَبِي رَوّاد. وعنه: أحمد بْن الفَرَج الحجازيّ، وأحمد بْن أَبِي الحواريّ، وغيرهم. لَهُ حديث في النَّسائيّ. ذكره صاحب الأصل في الطبقة الخامسة، وقد تحوّل إلى طبقة الشّافعيّ. 178- سَلَمَةُ بْن عقار3. وثقه ابن معين.   1 الجرح والتعديل "4/ 178"، ميزان الاعتدال "2/ 191"، تهذيب التهذيب "4/ 149". 2 الجرح والتعديل "4/ 167"، تاريخ بغداد "9/ 134". 3 التاريخ الكبير "4/ 9"، الجرح والتعديل "4/ 107"، ميزان الاعتدال "2/ 199، 200". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 90 يروي عَنْ: فضَيْل بْن عِيَاض، وحماد بْن زيد. وعنه: أحمد بن إبراهيم الدورقي، وسعدان بن يزيد. 179- سليمان بن الحكم بن عوانة الكلبي1. حدث عَنْ: أَبِيهِ، والعلاء بْن كثير الشامي، والقاسم بْن الوليد الكوفيّ. وعنه: محمد بْن الصّبّاح الْجَرْجَرائيّ، ومحمد بْن قُدَامة المصِّيصيّ، ومحمد بن أبي العوام الرياحي. متروك. 180- سليمان بْن داود بْن الجارود. أبو داود الْبَصْرِيّ، الفارسي الأصل. مولى آل الزُّبَيْر الطَّيالِسيّ الحافظ مصنف المسند المشهور. سمع: هشامًا الدستوائي، ومعروف بْن خَرَّبُوذ، وأَيْمَن بْن نَابِلٍ، وشُعْبة، وسفيان، وبسطام بْن مُسْلِم، وصالح بْن أَبِي الأخضر، وأبو عامر الخزّاز، وطلحة بْن عَمْرو، وخلقًا سواهم. وعنه: جرير بْن عَبْد الحميد أحد شيوخه، وأبو حفص الفلاس، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن سعْد الكاتب، وبُنْدار، ويعقوب الدَّوْرقيّ، واخوه أحمد، والكُدَيْميّ، وهارون بْن سليمان، وأحمد بْن الفُرات، ويونس بْن حبيب، وخلق. قَالَ الفلاس: ما رَأَيْت أحفظ منه. وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي: هُوَ أصدق النّاس. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: رحلت إلى أَبِي داود فأصَبْته قد مات قبل قدومي بيوم. قَالَ: وكان قد شرب البلاذُر فجُذِم. وقال سليمان بْن حرب: كَانَ شُعْبَة يحدث، فإذا قام قعد أبو داود وأملى من حفظه ما مَرّ في المجلس. وقال عامر بْن إبراهيم: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن ألف شيخ. وجاء عنه   1 الطبقات الكبرى "7/ 298"، التاريخ الكبير "4/ 10"، الجرح والتعديل "4/ 111-113"، التهذيب "4/ 182-186". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 91 أَنَّهُ كَانَ يسرد من حِفْظه ثلاثين ألف حديث. وحدَّثَ عَبْد الرحيم بْن أَبِي حاتم، عن يونس بْن حبيب قَالَ: قَالَ أبو داود: كنّا ببغداد، وكان شُعْبَة وابن إدريس يجتمعان يتذاكرون، فذكروا باب المجذوم فقلت: ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْن زَيْدُ قَالَ: كَانَ مُعَيْقيب يحضر طعام عُمَر، فقال لَهُ: يا مُعَيْقيب، كُلْ مما يليك. فقال شعبة: يا أبا داود لم تجئ بشيء أحسن مما جئت بِهِ. وقال وكيع: ما بَقِيّ أحد أحفظ لحديث طويل من أَبِي داود. قَالَ: فذُكر ذَلِكَ لأبي داود، فقال: قُلْ لَهُ: ولا قصير. وقال عليّ بْن أحمد بْن النَّضْر: سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ يَقُولُ: ما رأيت أحفظ من أَبِي داود الطَّيالِسيّ. وقال عُمَر بْن شَبَّة: كتبوا عَنْ أَبِي داود بأصبهان أربعين ألف حديث، وليس معه كتاب. وقال حفص بْن عُمَر المِهْرقاني: كَانَ وكيع يَقُولُ: أبو داود جبل العِلم. وقال إبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ: أخطأ أبو داود في ألف حديث. قَالَ خليفة وغيره: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وآخر من روى عَنْ أَبِي داود محمد بْن أسد المَدِينيّ، سمع منه مجلسًا واحدًا. وقد سمعنا "مُسْنِد أَبِي داود" من أصحاب ابن خليل الآدميّ الحافظ. وقد تكلَّم فيه مُحَمَّد بن المنهال الضّرير، وقال: كنت أتهمه. قَالَ لي: لم أسمع من ابن عَوْن. قَالَ: ثمّ سألته بعد ذَلِكَ: أسمعت من ابن عَوْن؟ فقال: نعم، نحو عشرين حديثًا. 181- سليمان بْن صالح1. أبو صالح اللَّيْثيّ مولاهم المَرْوَزِيّ سلمويه، صاحب ابن المبارك أكثر عنه.   1 التاريخ الكبير "4/ 20"، الجرح والتعديل "4/ 123، 124"، تهذيب التهذيب "4/ 199، 200". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 92 وسمع من: أوس بْن عَبْد اللَّه بْن بريدة. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وأحمد بْن شَبّوَيْه، ومحمد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي رزْمة. وعُمِّر دهرًا. قِيلَ: إنّه عاش نحوًا من مائة سنة. روى لَهُ خ مقرونًا بغيره، وهو من أكبر أصحاب ابن المبارك. 182- سليمان بْن عيسى السِّجْزيّ1. يروي عَنْ: ابن عون، وشعبة. وعنه: أحمد بن يوسف، ومحمد بْن أشرس، ومحمد بْن يزيد السَّلَمِيُّون. وكان متهمًا بالكذب. لَهُ عدة أحاديث موضوعة، ساقها ابن عديّ وقال: وضّاع. وذكره الحاكم في تاريخه وقال: يكنى أبا يحيى، ويقال: أبو الربيع، روى عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وابن عَوْن، وداود بن أبي هند، وأكثر عن الثوري، ومالك. وروى عنه جماعة من أكابر مشايخ الحديث عَنْ غير معرفة فهم بحاله. إلى أنّ قَالَ: وأكثر تَعَجُّبي من إمام أهل الحديث يحيى بْن يحيى أَنَّهُ روى عَنْهُ، وخفي عَلَيْهِ حاله. 183- سُلَيْم بْن عثمان الفَوْزيّ2. أخو خطّاب، حمصيّ. زعم أَنَّهُ سمع من محمد بْن زياد الألْهانيّ، فروي عَنْهُ أحاديث مُنْكَرَة. روى عَنْهُ: محمد بْن عَوْف، وأخوه خطّاب، وأبو حُمَيْد أحمد بْن محمد بْن سيّار العَوْهيّ، وسليمان بْن سَلَمَةَ. قَالَ ابن عَوْف: لم نكن نتّهمه. قلت: روى ابن عديّ، عَنِ الغسَّانيّ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن، فذكر حديثًا. 184- السَّمَيْدَعُ بْن واهب بْن سَوَّار الْجَرْميّ الْبَصْرِيّ3 -ت.   1 التاريخ الكبير "4/ 30"، الجرح والتعديل "4/ 134"، ميزان الاعتدال "2/ 218، 219". 2 التاريخ الكبير "4/ 125"، الجرح والتعديل "4/ 216"، ميزان الاعتدال "2/ 230، 231". 3 الجرح والتعديل "4/ 326"، تهذيب الكمال "12/ 143-145"، تهذيب التهذيب "4/ 239، 240". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 93 عَنْ: شُعْبَة، ومبارك بْن فَضَالَةَ. قَالَ أبو حاتم: ما قديمًا، سمع من شُعْبَة سبعة آلاف حديث. وروى عَنْهُ: صالح بْن عديّ، وعُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ. قَالَ أبو حاتم: صدوق. قلت: لَهُ حديث في الغسَّانيّ يقع بعُلُوّ في الغيلانيّات. 185- السِّنْديّ بْن شاهك1. الأمير أبو نَصْر، مولى أَبِي جعفر المنصور. ولي إمرة دمشق للرشيد، ثمّ وليها بعد المائتين. وكان ذميم الخَلْق سِنديًّا كاسْمه. قَالَ الجاحظ: كَانَ لا يستحلف المكاري ولا الملاح ولا الحائك، بل يجعل القول قول المدعي، ويروى أنّ السِّنْديّ هدم سُور دمشق. وقد ضرب مَرَّةً رجلا طويل اللّحية، فجعل يَقُولُ: العفو يا ابن عمّ رسول اللَّه؛ فقال: والَك أَهَاشِميٌّ أَنَا؟! فقال: يا سيّدي، تريد لحية وعقلا! وقال خليفة: تُوُفّي السِّنْديّ سنة أربعٍ ومائتين ببغداد. 186- السِّنْديّ بْن عَبْدُوَيْه الكلْبيّ الرّازيّ2. أبو الهيثم قاضي قزْوين وهَمَذان. واسمه سُهَيْلُ بْن عَبْد الرَّحْمَن. روى عَنْ: إبراهيم بْن طِهْمان، وأبي بَكْر النَّهْشَليّ، وجرير بْن حازم، وعمرو بن أبي قيس. وعنه: أحمد بن الفُرات، ومحمد بْن حمّاد الطِّهْرانيّ، ومحمد بْن عمّار. ورآه أبو حاتم وسمع كلامه. وَرُوِيَ أنّ أبا الوليد الطَّيالِسيّ قَالَ: ما رأيت بالريّ أعلم من السِّنْديّ بْن عَبْدُوَيْه، ومن يحيى بْن الضُّرَيْس. قلت: وقع حديثه بعُلُوٍّ في جزء ابن ثابت، ويقال: اسمه سهل بن عبدويه.   1 عيون الأخبار "1/ 70"، تاريخ الطبري "7/ 519، 523". 2 الجرح والتعديل "4/ 201"، الثقات لابن حبان "8/ 304"، لسان الميزان "3/ 116". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 94 187- سَوْرة بْن الحَكَم الكوفيّ1. الفقيه، نزيل بغداد. يروي عَنْ: شَيْبان النَّحْويّ، وسليمان بْن أرقم. وعنه: محمد بْن هارون، وعباس الدُّوريّ، وجماعة. وكان من كبار الْحَنَفِيَّةِ. 188- سُوَيد بْن عَمْرو2 -م. ت. ن. ق- أبو الوليد الكلبي الكوفي العابد. روى عَنْ: داود الطّائيّ، وعبد العزيز بْن أَبِي سَلَمَةَ الماجِشُون، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وغيرهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو كُرَيْب، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وجماعة. وكان ثقة. 189- سهل بْن حسام بْن مِصَكّ3. عَنْ: شُعْبَة، وغيره. وعنه: محمد بْن مرزوق. تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين. 190- سهل بْن حمّاد العَنْقَزَيّ4. أبو عتّاب الدّلال الْبَصْرِيّ. عَنْ: عَبّاد بْن منصور، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وشُعْبة، وجماعة. وعنه: الدّارميّ، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، ومحمد بْن يحيى بْن المنذر القزاز، وأبو قلابة الرقاشي، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "4/ 327"، تاريخ بغداد "9/ 227، 228". 2 الطبقات الكبرى "6/ 408"، التاريخ الكبير "8/ 148"، الجرح والتعديل "4/ 239"، التهذيب "4/ 277". 3 الجرح والتعديل "4/ 197". 4 التاريخ الكبير "4/ 102"، الجرح والتعديل "4/ 196"، ميزان الاعتدال "2/ 237"، التهذيب "4/ 249، 250". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 95 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا بَأْسَ بِهِ. قلت: تُوُفّي سنة ثمانٍ، وهو بكنيته أشهر. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. 191- سهل بْن المغيرة1. أبو عليّ البزّاز، إمام مسجد عثمان ببغداد. حدَّثَ عَنْ: أَبِي مَعْشَر السِّنْديّ، وإسماعيل بْن جعفر، وعبد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أسلم، وعَبّاد بْن عَبّاد، وطائفة. وعنه: ابنه عليّ، ويحيى بْن مُعَلَّى بْن منصور، ومحمد بْن سهل بْن عسكر. محلُّه الصُّدْق. 192- سيف بن عبيد الله2 -ن- أبو الحسن الجرمي البصري السراج. عَنْ: شُعْبَة، والأسود بْن شَيْبان، والمسعوديّ، ووَرْقاء، وجماعة. وعنه: عَمْرو بْن الفلاس، وعُمَر بْن الخطّاب السِّجِسْتانيّ، وحفص بْن عُمَر السَّيّاريّ، وإِسْحَاق بْن يسار النَّصِيبيّ، وآخرون. قَالَ الفلاس: كَانَ من خِيار الخلْق. وقال عَمْرو بْن يزيد الْجَرْميّ: ثقة. "حرف الشين": 193- شَبَابةُ بْن سَوَّار3 -ع- أبو عمرو الفزاري مولاهم المدائني. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وشُعْبة، وإسرائيل، وحَريز بْن عثمان، وعَبْد اللَّه بْن العلاء بْن زيد وطائفة. وعنه: أحمد، وابن رَاهَوَيْه، وابن المَدِينيّ، وابن معين، وأحمد بن الفرات،   1 تاريخ بغداد "9/ 114، 115". 2 التاريخ الكبير "4/ 172"، الثقات لابن حبان "8/ 300"، تهذيب التهذيب "4/ 295". 3 الطبقات الكبرى "7/ 320"، التاريخ الكبير "4/ 270"، الجرح والتعديل "4/ 392"، تهذيب التهذيب "4/ 300، 301". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 96 والحَسَن الحَلْوانيّ، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن عاصم الثَّقْفيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وخلْق. قَالَ ابن المَدِينيّ، وغيره: كَانَ يرى الإرجاء. وقال أحمد العِجْليّ: قِيلَ لشَبَابَة: أليس الإيمان قولا وعملا؟ قَالَ: إذا قَالَ فقد عمل. وقال أبو زُرْعة: رجع شَبَابةُ عَنِ الإرجاء. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ شُعْبَة يتفقد أصحاب الحديث، فقال يومًا: ما فعل ذاك الغلام الجميل، يعني شَبَابةُ. وقال ابن قُتَيْبة: خرج إلى مَكَّةَ فمات بها. وقال جماعة: تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. 194- شجاع بْن الوليد بْن قيس1. أبو بدر السَّكُونيّ الكوفيّ العابد، نزيل بغداد. عَنْ: عطاء بْن السائب، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، ومغيرة بْن مُقْسِم، وقابوس بْن أَبِي ظبيان، وخصيف، والأعمش، وموسى بْن عُقْبة، وهشام بْن عُرْوَة، وجماعة. وعنه: ابنه أبو همّام، والوليد بْن شجاع، وأحمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وأبو عُبَيْد، وعلى بْن المَدِينيّ، وأبو بَكْر الصَّنعانيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، ومحمد بْن المنادي، وعَبْد اللَّه بْن رَوْح، وخلْق. قَالَ أحمد بْن حنبل: صدوق. وقال ابن سعْد: كَانَ أبو بدر كثير الصّلاة وَرِعًا. وقال الثَّوْريّ: لم يكن بالكوفة أعبد منه. وقال المَرُّوذِيّ: قَالَ أبو عَبْد اللَّه: كنت مَعَ ابن مَعِين، فلقي أبا بدر فقال لَهُ: يا شيخ اتق اللَّه، وانظر هذه الأحاديث لا يكون ابنك يعطيك. قَالَ أبو عَبْد اللَّه: فاستحييت وتنحيت. فبلغني أَنَّهُ قَالَ: إنّ كنت كاذبًا فعل اللَّه بك وفعل.   1 الطبقات الكبرى "7/ 334"، التاريخ الكبير "4/ 261"، الجرح والتعديل "4/ 378، 379"، تهذيب التهذيب "4/ 313، 314". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 97 قَالَ أبو عَبْد اللَّه: أرجو أنّ يكون صدوقًا. ثمّ وثّقه ابن مَعِين وأنصفه. وروى عَنْهُ توثيقه أحمد بْن زُهير، وغيره. وَأَمَّا أبو حاتم فقال: ليِّن الحديث، لا يُحْتَجّ بِهِ، إلا أنّ عنده عَنْ محمد بْن عَمْرو أحاديث صِحاح. قَالَ ابن سعْد، وأبو حسّان الزّياديّ: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وقال البخاري: سنة خمس. 195- شريح بن يزيد1 -د. ن- أبو حيوة الحضرمي الحمصي. المقرئ المؤذِّن. عَنْ: صَفْوان بْن عَمْرو، وسعيد بْن عَبْد العزيز، وأبي البَرّ هُشَيْم حُدَير بْن مَعْدان، وجماعة. وعنه: ابنه حَيْوَة بْن شُرَيْح، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وأحمد بْن الفَرَج الحجازي، وآخرون. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. قرأ عَلَى الكسائي، وله اختيار في القراءة شاذّ. 196- شُعَيْب بْن بَيَان الْبَصْرِيّ الصّفّار2. عَنْ: أَبِي ظِلالٍ القَسْمَليّ، وشُعْبة، وغيرهما. وعنه: سليمان بْن سيف الحرّانيّ، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وإبراهيم بْن المُسْتَمرّ العروقي، وجماعة. تُوُفّي سنة بضعٍ ومائتين.   1 الجرح والتعديل "4/ 334"، الثقات لابن حبان "8/ 313". 2 ميزان الاعتدال "2/ 275"، تهذيب التهذيب "4/ 349، 350". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 98 "حرف الصاد": 197- صالح بْن عَبْد الكريم البغداديّ العابد1. أخذ عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ. حكى عَنْهُ: عليّ بْن الموفق، ومحمد بْن الحُسين البُرْجُلانيّ. وكان يَقُولُ: يا أصحاب الحديث ما ينبغي أن يكون أحد أزهد منكم، وإنما تقلّبون دواوين الموتى لَيْسَ بينكم وبين النبي -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحدٌ إلا وقد مات. 98- صدقة بْن سابق الكوفيّ2. سمع: محمد بْن إِسْحَاق. وعنه: أبو يحيى صاعقة، ومحمد بْن أَبِي عتاب الأعين، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وسَعْدان بْن نَصْر، وغيرهم. وما علمت أحدًا ضعفه. 199- صفوان بن هبيرة3 -ق- أبو عبد الرحمن التيمي العيشي البصري. عَنْ: أَبِيهِ، وعيسى بْن المسيّب البَجَليّ، وابن جريج، وأبي مكين نوح بْن ربيعة، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بْن عليّ الخلال، ومحمد بْن عُمَر المُقَدَّمّي، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأبو قِلابة الرَّقَاشيّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: شيخ. لَهُ حديث واحد عند ابن ماجة في المريض يشتهي شيئًا4. 200- صلة بْن سليمان5. أبو زيد العطار.   1 الجرح والتعديل "4/ 408"، تاريخ بغداد "9/ 312، 313". 2 التاريخ الكبير "4/ 298"، الجرح والتعديل "4/ 434"، الثقات لابن حبان "8/ 320". 3 الجرح والتعديل "4/ 425"، ميزان الاعتدال "2/ 316"، تهذيب التهذيب "4/ 431". 4 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "3440"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف ابن ماجه "3503". 5 التاريخ الكبير "4/ 322"، الجرح والتعديل "4/ 447"، ميزان الاعتدال "2/ 320، 321". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 99 عَنْ: محمد بْن عَمْرو، وهشام بْن حَسّان. وعنه: محمد بْن عَبْد الملك الدقيقي، وغيره. قَالَ أبو داود، وغيره: كذاب، وقد ذكره ابن عديّ، وأورد لَهُ بلايا منها: محمد بْن حرب النَّسائيّ: ثنا صِلَةُ، عَنِ ابْنِ جريج، وعن عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ حَجَّ عَنْ وَالِدَيْهِ أَوْ قَضَى عَنْهُمَا مَغْرَمًا بُعِثَ مَعَ الأَبْرَارِ". وله عَنْ أشعث الحُدّانيّ، وعنه أيضًا: القاسم بْن عيسى الطّائيّ، وسليمان بْن أحمد الواسطيّ. وَرَوَى عَبَّاسُ الدُّورِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: كَانَ صلة ببغداد يكذب. ترك النّاس حديثه. 201- صيفي بْن ربعي الأَنْصَارِيّ الكوفي1. عن: ابن أبي ذئب، وشعبة، والثوري، وجماعة. وعنه: أبو كُرَيْب، والحسين بْن يزيد الطّحّان، وغيرهما. قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث. "حرف الضاد": 202- الضّحّاك بْن عثمان بْن الضّحّاك بْن عثمان بْن عَبْد اللَّه الحزاميّ الصغير2. يروي عَنْ: جَدّه، ومالك. وعنه: ابنه محمد، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وغيرهما. وكان نسّابةَ قريش، عارفًا بالأخبار وأيام الناس.   1 الجرح والتعديل "4/ 448"، الثقات لابن حبان "6/ 476"، تهذيب التهذيب "4/ 440، 441". 2 الطبقات الكبرى "5/ 422"، ميزان الاعتدال "2/ 324"، تهذيب التهذيب "4/ 447، 448". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 100 203- ضَمْرَةُ بْن ربيعة1 -4. أبو عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ مولاهم الدّمشقيّ. ثمّ الرَّمْليّ. سمع: عَبْد اللَّه بْن شوذب، ويحيى بْن أَبِي عَمْرو السَّيبانيّ، والأوزاعيّ، ومولاه عليّ بْن أَبِي حملة، ورجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ، وإبراهيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، وعثمان بْن عطاء الخُراسانيّ، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: يحيى بْن بُكَيْر، ودُحَيْم، وأبو عُمَيْر عيسى بْن النّحّاس، وعَمْرو بْن عثمان، وهشام بْن عمار، وابن ذَكْوان، ومحمد بْن عَمْرو بْن حنان، وأحمد بْن الفَرَج الحجازيّ، وخلق. وكان عالمًا نبيلا، لَهُ غلطات، وهو من الثّقات المأمونين. لم يكن بالشام رَجُل يشبهه. وفي لفظ عن أحمد بْن حنبل: بقية أحب إليّ منه. والأول أصحّ عند أحمد. قَالَ ابن مَعِين: ثقة. قلت: تُوُفّي في رمضان سنة اثنتين ومائتين عَنْ سنٍّ عالية. وقد روى عَنْهُ من شيوخه: إسماعيل بْن عياش. وقال فيه آدم بْن أَبِي أياس: ما رأيت أحدًا أعقل لما يخرج من رأسه منه. وقال ابن سعْد: كَانَ ثقة مأمونًا خيِّرًا. لم يكن هناك أفضل منه. وقال: مات في أول رمضان سنة اثنتين. وقال ابن يونس: كَانَ فقيههم في زمانه رحِمَه اللَّه تَعَالَى. "حرف الطاء": 204- طاهر بْن الحُسين بْن مُصْعَب بن زريق الأمير ذو اليمينين2.   1 الطبقات الكبرى "7/ 471"، التاريخ الكبير "4/ 337"، الجرح والتعديل "4/ 467"، التهذيب "4/ 460، 461". 2 تاريخ خليفة "466، 467، 468، 472"، عيون الأخبار "4/ 57"، سير أعلام النبلاء "10/ 108، 109". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 101 أبو طلحة الخُزاعيّ. أحد قوّاد المأمون الكِبار، والقائم بأعمال خلافته، فإنّه نَدَبَه، وهو معه بُخراسان، إلى محاربة أخيه الأمين. فسار بالجيوش وظفر بالأمين وقتله. وكان جوادًا مُمَدَّحًا من أفراد العالم. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن المبارك، وعليّ بْن مُصْعَب عمّه. وعنه: ابناه: عبد الله أمير خراسان، وطلحة. وفيه يَقُولُ مقدّس الخلوقيّ الشاعر: عجبت لحَرَّاقة ابن الحسي ... ن كيف تعوم ولا تغرق؟ وبحران من وفوقها واحدٌ ... وآخر من تحتها مُطبقُ، وأعجب من ذاك عِيدانُها ... إذا مسّها كفّ لا تورّقُ وعن بعض الشُّعَراء قَالَ: كَانَ لي ثلاث سنين أتردد إلى باب طاهر بْن الحُسين فلا أصل. فركب يومًا للعب بالصَّوالجة، فصرتُ إلى الميدان، فإذا الوصول إِلَيْهِ مُتَعَذَّر. وإذا فُرجة من بُستان، فلمّا سَمِعْتُ ضرْبَ الصّوالجة ألقيت نفسي منها، فنظر إليّ وقال: من أنت؟ قلت: أنا باللَّه وبك وإيّاك قصدت، وقد قلت بيتي شِعْر. قَالَ: هاتِهما. فأنشدته: أصبحت بين فصاحة وتجمُّل ... والْحُرُّ بينهما يموت هزيلا فامْدُدْ إليَّ يدًا تعوّد بطنها ... بذْلَ النّوال وظهرُها التَّقبيلا فوصله بعشرين ألف درهم. ويقال: إنّه وقع يومًا بصلات بلغت ألف ألف وسبعمائة ألف درهم. وكان مَعَ شجاعته وفروسيته خطيبًا بليغًا مُفَوَّهًا أديبًا مهيبًا. تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين، وهو في الكهولة. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 102 205- طاهر بْن رُشَيْد البزّاز. أبو عَبْد الرَّحْمَن، قاضي همدان. عَنْ: سليمان بْن عَمْرو صاحب عَبْد الملك بْن عُمَيْر، وغيره. وعنه: عَبْدُوَيْه القوّاس، وحمدان بْن المغيرة السَّكُونيّ، وعبد الرحيم بْن يحيى الدَّبِيليّ. ذكره شِيرُوَيْه. 206- طلاب بْن حَوْشب الشَّيْبانيّ1. أخو العوّام بْن حوشب. يكنى أبا يريم، ويقال: أبو رويم. روى عن: أخيه، وعاش بعده دهرًا. عن: جعفر الصادق، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، ومجالد، وغيرهم. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عُمَر الْقُرَشِيّ، وموسى بْن عَبْد الرَّحْمَن المسروقيّ، ومحمد بْن إسماعيل الأحْمُسيّ، وعباس الدُّوريّ، وهو أكبر شيخٍ لعبّاس. سُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ، فَقَالَ: صَالِحٌ. "حرف العين": 207- عابد بْن أَبِي عابد البغداديّ. أبو بِشْر المقرئ. قرأ عَلَى: حمزة الزّيّات. تصدر للإقراء ببغداد زمانًا. قرأ عَلَيْهِ: خَلَف بْن هشام، وأحمد بْن جُبَيْر، ومحمد بْن الْجَهْم السّمريّ، وغيرهم. 208- عافية بْن أيّوب بْن عَبْد الرحمن2. مولى دوس. أبو عبيدة المصري.   1 الجرح والتعديل "4/ 502". 2 الجرح والتعديل "7/ 44"، لسان الميزان "3/ 222". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 103 روى عَنْ: معاوية بْن صالح، وحيوة بْن شُرَيْح، وسعيد بْن عَبْد العزيز، والمحرز بْن بلال بْن أَبِي هُرَيْرَةَ، وجماعة. روى عَنْهُ طائفة آخرهم موتًا بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ. تُوُفّي في شَعْبان سنة أربعٍ ومائتين. قاله ابن يونس. 209- عامر بْن إبراهيم بْن واقد الأشعريّ1. مولى أَبِي موسى -رضى الله عنه. أبو إبراهيم الأصبهانيّ المؤذِّن. عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، ومالك، ويعقوب القُمّيّ، وخطّاب بْن جعفر بْن أَبِي المغيرة، وأبي عُبَيْد اللَّه عذار بْن عُبَيْد اللَّه الأصبهاني، والنعمان بْن عَبْد السّلام، وجماعة. وعنه: ابناه إبراهيم، ومحمد، وأبو حفص الفلاس، وأسيد بْن عاصم، ويونس بْن حبيب، وحفص بْن عُمَر المهرقانيّ، وآخرون. قَالَ الفلاس: كَانَ ثقة، من خيار النّاس. وقال أبو نُعَيْم الحافظ: خرج عامر إلى يعقوب القُمّيّ، فكتب عَنْهُ عامّة كُتُبه. وكان يبيع الخشب. وقيل لَهُ: لِمَ لَمْ تكتب عَنِ النُّعْمان بْن عَبْد السّلام كُتُبَه؟ قَالَ: كانوا أغنياء، لهم ورّاقون، ولم يكن لي شيء. تُوُفّي سنة إحدى واثنتين ومائتين. 210- عامر بْن خِداش2. أبو عَمْرو الضَّبّيّ النَّيْسابوريّ. أحد الأئمة والصالحين. سمع: شريكًا القاضي، وفرج بْن فَضَالَةَ، وعَبّاد بْن العوّام. وعنه: محمد بْن عَبْد الوهّاب الفراء، والحسين بْن منصور، وغيرهما. تُوُفّي سنة خمسٍ ومائتين. فيه لين.   1 الجرح والتعديل "6/ 319"، تهذيب الكمال "14/ 11، 12"، تهذيب التهذيب "5/ 61". 2 الثقات لابن حبان "8/ 501"، ميزان الاعتدال "2/ 359". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 104 211- عَبّاد بْن يوسف الكِنْديّ الحمصيّ الكرابيسيّ1. عَنْ: أرطأة بْن المنذر، وصَفْوان بْن عَمْرو، وغيرهما. وعنه: يزيد بْن عَبْد ربه الْجُرْجُسيّ، وإبراهيم بْن العلاء الزُّبَيْديّ، وعَمْرو بْن عثمان، وغيرهم. وقد روى عَنْهُ الوليد بْن مُسْلِم، وهو أكبر منه. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: مَاتَ سنة ستٍّ ومائتين. 212- عباءة بْن كليب2 -ق- أبو غسان اللَّيْثيّ الكوفيّ. عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، وحماد بْن سلمة، وداود الطّائيّ العابد، وجُوَيْريه بْن أسماء، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن الوضّاح اللُّؤلُؤيّ، وأبو كُرَيْب عليّ بْن محمد الطّنافسيّ، ومحمد بْن عُمارة الواسطيّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، والحَسَن بْن عليّ بْن عفان، وطائفة. حدَّثَ بالعراق والريّ. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وليّنه غيره. 213- عَبْد اللَّه بْن إبراهيم بن عمر بن كيسان3 -د. ن- أبو يزيد الصنعاني. عن: أبيه، وعميه: حفص، ووهب، ونويس قليل يمانيين. وعنه: أحمد بن حنببل، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وعليّ بْن المَدِينيّ، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، والرَّماديّ، وطائفة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس.   1 الثقات لابن حبان "8/ 435"، ميزان الاعتدال "2/ 380"، تهذيب التهذيب "5/ 110، 111". 2 الجرح والتعديل "7/ 45"، ميزان الاعتدال "2/ 387". 3 التاريخ الكبير "5/ 41"، الجرح والتعديل "5/ 2، 3"، تهذيب التهذيب "5/ 137". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 105 قلت: أخر لَهُ د. ن. هذا الحديث فقط: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مَأنُوسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ هَذَا الْفَتَى، يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ1. قَالَ: فحزرنا في الركوع عشر تسبيحات، وفي السجود عشر تسبيحات. 214- عَبْدِ اللَّه بْنِ إبراهيم بْنِ أَبِي عَمْرو الغِفَارِيّ المدني2 -د. ن- أبو محمد. عَنْ: أَبِيهِ، وإِسْحَاق بْنُ مُحمد الْأَنْصَارِيّ، ومالك، والمنكدر بْنُ مُحَمَّد وجماعة. وعنه: سَلَمَةُ بْنُ شَبيب، والْحَسَن بْنُ عَرَفَة، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، ويحيى بْنُ زَكَريّا بْنِ شَيْبان، والكُدَيْميّ، وجماعة. قَالَ أبو داود، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابعه عَلَيْهِ الثّقات. ونسبه ابن حِبّان إلى وضع الحديث. 215- عَبْدُ اللَّه بْنُ إِبْراهيم بْنِ الأغلب التَّميميّ المغربيّ3. الأمير، ولي إمرة القيروان بعد والده سنة ستٍّ وتسعين ومائة، وأنشأ عدة حصون، وبنى القصر الأبيض بمدينة الْعَبَّاسِيَّةِ الّتي بناها أَبُوهُ. وأنشأ جامعًا عظيمًا بالعباسية طوله مائتا ذراع في مثله. وعمل سقْفه بالآنك وزخرفه. وَالْعَبَّاسِيَّةُ عَلَى ميلين من القيروان. مات عَبْدُ اللَّه سنة إحدى ومائتين، وولي بعده أخوه الأمير زيادة اللَّه.   1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "888"، والنسائي "1134" مختصرًا، وأحمد في المسند "3/ 162"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن أبي داود "888". 2 تهذيب الكمال "14، 274-276"، ميزان الاعتدال "2/ 388، 389"، تهذيب التهذيب "5/ 137، 138". 3 معجم البلدان "1/ 328، 815"، تاريخ ابن خلدون "4/ 197"، النجوم الزاهرة "2/ 169". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 106 216- عبد الله بن بكر بن حبيب1 -ع- أبو وهب السهمي الباهلي البصري. نزيل بغداد. وسمع: أَبَاهُ، وحميدًا الطويل، وابن عون، وهشام بن حسان، وحاتم بن أبي صغيرة، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وعلي بن المديني، وإسحاق الكوسج، وأبو إسحاق الجوزجاني، وعبد الله بن منير المروزي، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن الفرج الأزرق، والحارث بن أبي أسامة، وعباس الدوري، ومحمد بن أحمد بن أبي العوم. وثقه أحمد، وجماعة. وقال: وسمعتُ من سَعِيد بْنِ أَبِي عَرُوبَة سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة. تُوُفّي في المحرَّم سنة ثمان ومائتين. وكان فقيهًا محدثًا. وكان أَبُوهُ رأسًا في العربية. اختلف أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ في سطر وسطر فحكّما بكْرًا عليهما. 217- عَبْدُ اللَّه بْنُ حُمْرَان بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ حُمران بْنِ أبان2. أبو عَبْدِ الرَّحْمَن العُثْمانيّ، مولاهم الْبَصْرِيّ. عَنْ: ابن عَوْن، وعوف، وعبد الحميد بْنُ جعفر الْأَنْصَارِيّ، وابن أَبِي عَرُوبَة، وجماعة. وعنه: أحمد بْنُ حَنْبل، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْنُ المُثَنَّى، وبُنْدار، وبكار بْنُ قُتَيْبة، ويزيد بْنُ سِنان الْبَصْرِيّ، وإبراهيم بْنُ مرزوق الذين سكنوا مصر، وأسيد بْنُ عاصم الأصبهانيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: مستقيم الحديث، صدوق.   1 الطبقات الكبرى "7/ 295"، التاريخ الكبير "5/ 52"، الجرح والتعديل "5/ 16"، التهذيب "5/ 162، 163". 2 التاريخ الكبير "5/ 73"، الجرح والتعديل "5/ 41"، تهذيب التهذيب "5/ 191، 192". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 107 وقال ابن أَبِي عاصم: مات سنة ستٍّ ومائتين. 218- عَبْدُ اللَّه بْنُ خَلَف الكِلابيّ1. ويقال: الطُّفَاويّ. أبو محمد الْبَصْرِيّ. لم يذكره ابن أبي حاتم. سمع من: هشام بْنِ حسّان، وهو مُقِلّ. روى عَنْهُ: أَحْمَد بن سَعِيد الدّارميّ، وإبراهيم بْن مرزوق الْمَصْرِيّ، وعثمان، وابن طالوت. له حديث وقد خُولِف فيه. قَالَ العُقَيْليّ: في حديثه وهم ونكارة. 219- عَبْدُ اللَّه بْنُ سَعِيد الأُمَويّ الكوفيّ2. أخو يحيى بْنِ سَعِيد. عَنْ: زياد البكائي. وكان ثقة علّامة في اللغة وَالْعَرَبِيَّةِ. حكى عَنْهُ أبو عُبَيْدٍ القاسم كثيرًا. توفي شابًا بعد سنة ثلاثة مائتين. وروى عَنْ أَبِيهِ أيضًا. حدَّثَ عَنْهُ: ابن نُمَيْر، وأحمد بْنُ إبراهيم الدَّوْرقيّ. 220- عَبْدُ اللَّه بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ مُلَيحة النَّيْسابوريّ3. أبو محمد، مسجده بِسِكَّةِ حرب. أكثر عَنْ: عكرمة بْنِ عمّار، وشُعْبة، والثَّوْريّ، ونهشل بْنِ سَعِيد. وعنه: أحمد بن نصر المقرئ، وأحمد بن حرب الزاهد.   1 ميزان الاعتدال "2/ 414"، لسان الميزان "3/ 281، 282". 2 التاريخ الكبير "5/ 104"، الجرح والتعديل "5/ 72". 3 ميزان الاعتدال "2/ 454"، لسان الميزان "3/ 308". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 108 قال الحاكم: الغالب على حديثه المناكير. 221- عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص1 -ت- الزهري المدني. كان ذا عدد في النسب إلى سعْد. روى عَنْ: جَدّه لأُمّه مالك بْنِ حمزة بْنِ أُسَيْدٍ السّاعديّ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وعنه: إبراهيم بن عبد الله الهروي، وأحمد بن عَبْدِ الرَّحْمَن ابن أخي ابن وهْب، ومحمد بْنُ صالح بْنِ النطاح، والكُدَيْميّ، وغيرهم. قَالَ ابن مَعِين: لا أعرفه. وقال أبو حاتم: شيخ. قلت: لَهُ حديث في فضل العبّاس وبنيه. رواه ابن ماجة. 222- عَبْدُ اللَّه بْنُ عِصْمة البُنانيّ النَّصيبيّ2 -ق- شيخ مُقِلّ. يروي عَنْ: سَعِيد، عَنْ نافع، وعن: حمّاد بْنِ سَلَمَةَ، وأبي القُطُوف الجراح بْنِ منهال، وأسد بْنِ عَمْرو، ومحمد بْنِ سَلَمَةَ البنائي. وعنه: عليّ بْنُ الحُسين البزّاز شيخٌ لمُطِّين، ويعقوب بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسب، ومبارك بْنُ عَبْدِ اللَّه السراج، وميمون بن الأصبغ، وغيرهم. قال العقيلي: يرفع الأحاديث ويزيد فيها. وقال ابْنُ عديّ: لم أر للمتقدمين فيه كلامًا. ورأيت لَهُ أحاديث أنكرها. 223- عَبْدُ اللَّه بْن عطارد بْن أذينة الطّائيّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: ثور بْن يزيد، وهشام بْن الغاز، ومسعر بْن كدام، وموسى بْن عليّ بْن رباح. وعنه: عَبْد الغفار بْن عَبْد اللَّه، والخليل بْن ميمون، وصُهَيْب بْن محمد بن عباد، وإسحاق بن عيسى الأيلي.   1 الجرح والتعديل "5/ 112"، ميزان الاعتدال "2/ 460"، تهذيب التهذيب "5/ 312، 313". 2 تهذيب الكمال "15/ 311"، ميزان الاعتدال "2/ 461"، تهذيب التهذيب "5/ 322". 3 المجروحين لابن حبان "2/ 18، 19"، ميزان الاعتدال "2/ 462". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 109 وكان ضعيفًا. قَالَ ابن حِبّان: منكر الحديث جدًا. وقال ابن عديّ: منكر الحديث. 224- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي أمية المَوْصِليّ1. أحد من عُني بالحديث. روى الكثير عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وشريك القاضي. روى عَنْهُ: أحمد بْن عليّ السِّمسار، وغيره. فقد بطريق مَكَّةَ سنة ستٍّ ومائتين، رحمه اللَّه. ورّخه يزيد بْن محمد الْأَزْدِيّ. 225- عَبْد اللَّه بْن أَبِي جعفر عيسى بْن ماهان الرّازيّ التاجر2 -د- عَنْ: أَبِيهِ أَبِي جعفر، وشُعْبة، وأيوب بْن عُتْبة اليَمَانيّ، وقيس بْن الربيع، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بْن عُمَر بْن شقيق، وعمّار بْن الحَسَن، وعبد الرَّحْمَن بْن زُرَيْق، وشبيب بْن الفضل، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وطائفة. وقال محمد بْن حُمَيْد: كَانَ فاسقًا. سَمِعْتُ منه عشرة آلاف حديث فرميت بها. وقال ابن عديّ: بعض حديثه لا يُتابَع عَلَيْهِ. وقال أبو زُرْعة، وأبو حاتم: صدوق. 226- عَبْد اللَّه بْن كثير بْن جعفر بْن أَبِي كثير الْأَنْصَارِيّ3 -ق- مولاهم الْمَدَنِيّ، أبو عُمَر ابن أخي إسماعيل بْن جعفر. يروي عَنْ: أَبِيهِ، وكثير بْن عَبْد اللَّه الْمَدَنِيّ، وسعد بن سعيد المقبري. وعنه: عباس العنبري، ويحيى بن أيوب المقابري، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، والزبير بن بكار. وهو مقل.   1 الكامل في التاريخ "4/ 14، 204". 2 الجرح والتعديل "5/ 127"، ميزان الاعتدال "2/ 404"، تهذيب التهذيب "5/ 176، 177". 3 تهذيب الكمال "5/ 461-463"، ميزان الاعتدال "1/ 473"، تهذيب التهذيب "5/ 366". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 110 227- عبد الله بن معاذ الصنعاني1 -ت. ق- مولى خَالِد بْن غلّاب. عَنْ: مَعْمَر، ويونس بْن يزيد. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، ومحمد بْن يحيى العَدَنيّ، وعبد العزيز بْن يحيى صاحب "الجيدة"، وأبو خَيْثَمَة، والزُّبَير بْن بكّار، وطائفة. قَالَ ابن مَعِين: هُوَ ثقة إلا أن عبد الرزاق كَانَ يكذبه. وقال أبو زُرْعة: أَنَا أقول: هو أوثق من عبد الرزاق. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس بِهِ. 228- عَبْد اللَّه بْن ميمون بْن داود القداح المخزومي2 -ت- مولاهم المكي. عن: يحيى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ، وجعفر الصادق، ومحمد بْن أَبِي حُمَيْد، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وجماعة. وعنه: زياد بْن يحيى الحساني، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد المقدسيّ، وأحمد بْن شَيْبان الرَّمْليّ، وأحمد بْن الأزهر النَّيْسابوريّ، ومؤمل بْن إهاب، وعبد الوهّاب بْن فُلَيْح الْمَكِّيّ، وآخرون. قَالَ الْبُخَارِيّ: ذاهب الحديث. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عَلَيْهِ. وقال التِّرْمِذيّ: منكر الحديث. خرج لَهُ في "الجامع" حديثًا في "القدر"3.   1 التاريخ الكبير "5/ 212"، الجرح والتعديل "5/ 173"، ميزان الاعتدال "2/ 506"، تهذيب التهذيب "6/ 37، 38". 2 التاريخ الكبير "5/ 206"، الجرح والتعديل "5/ 172"، ميزان الاعتدال "2/ 512"، تهذيب التهذيب "6/ 49". 3 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2144"، وابن عدي في الكامل "4/ 1506"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "2439". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 111 229- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن المغيرة بْن نشيط1. أبو الحَسَن، مولى جعدة بْن هُبَيْرة المخزومي. كوفيّ متروك. سكن مصر وروى الطامّات. عَنْ: مالك بْن مِغْوَلٍ، والثَّوْريّ، ومسعر، وعبد العزيز بْن أَبِي رَوَّاد. وعنه: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن البرقي، ومحمد بْن يوسف بْن أَبِي مَعْمَر، ومقدام بْن داود الرُّعَيْنيّ، ومؤمّل بْن إهاب، وآخرون. قَالَ النَّسائيّ: روى عن الثوري، ومالك بن مغول أحاديث كانا أتقى لله من أنّ يحدّثا بها. وقال ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، ومع ضعفه يكتب حديثه. وقال ابن يونس: مات في خامس رجب سنة عشرٍ ومائتين. 230- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن ربيعة بْن قُدَامة بْن مظعون2. أبو محمد القُداميّ المصِّيصيّ. عَنْ: مالك، وإبراهيم بْن سعْد، وطائفة. وعنه: صالح بْن عليّ النَّوْفليّ، ومحمد بْن أبان القلانسيّ، وإبراهيم بْن محمد الصّفّار، وإِسْحَاق بْن إبراهيم بْن سهم، وغيرهم. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إلا على سبيل الاعتبار. وقال أبو عَبْد اللَّه الحاكم: يروي عَنْ مالك الموضوعات. 231- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عُمارة3. أبو محمد القداح الْأَنْصَارِيّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، وسليمان بْن بلال، ومَخْرَمة بْن بُكَيْر، وجماعة. وعنه: عُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بْن سعْد، والفضل بْن سهل، وآخرون. وكان عالمًا بالنسب، ولم يضعفه أحد. ذكره الخطيب، وغيره.   1 الجرح والتعديل "5/ 158"، لسان الميزان "3/ 332، 333". 2 المجروحين لابن حبان "2/ 39، 40"، ميزان الاعتدال "2/ 488، 489". 3 الجرح والتعديل "5/ 158"، تاريخ بغداد "10/ 62". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 112 232- عَبْد اللَّه بْن نافع الصّائغ الْمَدَنِيّ المخزوميّ1 -ن. ء- مولاهم الفقيه. عَنْ: أسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، وابن أَبِي ذئب، وداود بْن قيس الفراء، وسليمان بْن يزيد الكَعْبيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن حَسَن الّذي ثار بالمدينة، ومالك بْن أنس، والليث بْن سعْد، وكثير بْن عَبْد اللَّه بْن عَوْف، وخلق. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وسَحْنُون الفقيه، وأحمد بْن صالح الحافظ، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، والحَسَن بْن عليّ الخلّال، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وأحمد بْن الحَسَن التِّرْمِذيّ، والزُّبَير بْن بكّار، وخلق. قَالَ أبو طَالِب، عَنْ أحمد بْن حنبل: كَانَ صاحب رأي مالك. وكان يُفتي أهل المدينة. ولم يكن صاحب حديث؛ كَانَ ضيّقًا فيه. وقال الْبُخَارِيّ: يُعرف وينكر. وقال أبو حاتم: هُوَ لين في حفظه، وكتابه أصحّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عديّ: روى عَنْ مالك غرائب. لكن لم يرو ابن عديّ في ترجمته إلّا حديثًا واحدًا فوهم فيه وهمًا منكرًا. ذَلِكَ أَنَّهُ روى بإسناده، عَنْ عَبْد الوهّاب بْن بخت، أحد القدماء الذين ماتوا في خلافة هشام بْن عَبْد الملك، وعن عَبْد اللَّه بْن نافع، عَنْ هشام بْن عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ، فذكر حديثًا. ثمّ قَالَ: وإذا روى عَنْ عَبْد اللَّه مثل عَبْد الوهّاب بْن بخت يكون ذَلِكَ دليلًا عَلَى جلالته. وهو من رواية الكبار عَنِ الصغار. قلت: لم يولد صاحب الترجمة إلّا بعد موت عَبْد الوهّاب بدهر. وإنما عَبْد الوهّاب بْن نافع هذا ابن مولى ابن عُمَر قديم الموت. وأما الصائغ فمتأخر. وقال ابن سعْد: كَانَ قد لزم مالكا لزومًا شديدًا، وهو دون معني. وتُوُفّي في رمضان سنة ست ومائتين.   1 الطبقات الكبرى "5/ 438"، التاريخ الكبير "5/ 213"، الجرح والتعديل "5/ 183، 184"، التهذيب "6/ 51-53". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 113 233- عبد الله بن واقد1. أبو عبادة الحرّانيّ. أحد الضعفاء. عَنْ: ابن جُرَيْج، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيَان، وفايد أَبِي الورقاء. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق بْن الصيف، وسَعْدان بْن نَصْر، ومحمد بْن يحيى الحرّانيّ، وغيرهم. قَالَ الْبُخَارِيّ: تركوه. منكر الحديث. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. وأمّا ابن مَعِين فاختلف قولْه فيه. وقال أحمد: ما بِهِ بأس. يشبه أهل النسك والخير. قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين، وقيل: سنة عشر. 234- عَبْد اللَّه بْن الوليد بْن ميمون العدني2 -د. ت. ن- أبو محمد. مولى عثمان -رضى الله عنه. وكان يَقُولُ: أَنَا مكّيّ، فلم يقال لي: العَدَنيّ؟ قلت: هُوَ لقب لَهُ. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، ومصعب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وزمعه بْن صالح، وإبراهيم بْن طِهْمان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن نَصْر النَّيْسابوريّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد المقدسي، ومؤمّل بْن إهاب، وجماعة. قَالَ أحمد بْن حنبل: لم يكن صاحب حديث، وحديثه حديث صحيح. وقال أبو زُرْعة: صدوق. قلت: واستشهد به البخاري في "الصحيح".   1 الطبقات الكبرى "7/ 486"، التاريخ الكبير "5/ 219"، الجرح والتعديل "5/ 191، 192"، التهذيب "6/ 66-68". 2 التاريخ الكبير "5/ 217، 218"، الجرح والتعديل "5/ 188"، تهذيب التهذيب "6/ 70". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 114 235- عَبْد الأعلى بْن سليمان1. أبو عَبْد الرَّحْمَن العبْديّ الزرّاد. سمع: هشام بْن حسان، وهشامًا الدستوائي، وغالبًا القطان. وعنه: علي بن حرب، والرَّماديّ، ويعقوب السَّدُوسيّ، ومحمد بْن سعْد العَوْفيّ، وجماعة. وهو مستور. 236- عَبْد الحميد بْن أَبِي أُوَيْس عَبْد اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ بْنُ أَبِي عامر2. أبو بَكْر الأصبحيّ الْمَدَنِيّ الأعشى، أخو إسماعيل. عَنْ: أَبِيهِ، وسليمان بْن بلال، وابن أَبِي ذئب، وسُفْيَان الثَّوْريّ، ومحمد بْن أَبِي حُمَيْد، والربيع بْن مالك عمّ جَدّه، وجماعة. وقيل: إنّه روى عَنِ ابن عجلان. وعنه: أخوه، وأيوب بْن سليمان بْن بلال، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن رافع، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وهو آخر من حدَّثَ عَنْه. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. ومات سنة اثنتين ومائتين. قاله أخوه. وقد قرأ القرآن عَلَى نافع. روى عَنْهُ القراءة: أحمد بْن صالح، وإبراهيم بْن محمد المدنيّ. 237- عبد الحميد بن عبد الرحمن3 -خ. د. ت. ق- أبو يحيى الحماني الكوفي. ولاؤه لحمان. وهم بطن من تميم. وأصله خوارزمي، ولقبه "بشمين".   1 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 67"، تاريخ بغداد "11/ 71". 2 التاريخ الكبير "6/ 50، 51"، الجرح والتعديل "6/ 15"، تهذيب التهذيب "6/ 118". 3 الطبقات الكبرى "6/ 399"، التاريخ الكبير "6/ 45"، الجرح والتعديل "6/ 16"، تهذيب التهذيب "6/ 120". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 115 روى عَنْ: الأعمش، وبُرَيْد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي بُرْدَة، والحسن بن عمارة، وأبي حنيفة، وطلحة بن يحيى بن طلحة التيمي، وطلحة بن عمرو المكي، وجماعة. وعنه: ابنه يحيى، وأحمد بن عمر الوكيعي، وأحمد بن عبد الحميد الحارثيّ، والحسن بن علي الخلال، وعباس الدوري، ومحمد بن عاصم الثقفي، والحسن بن علي بن عفان، وخلق، والبخاري، عَنْ محمد بْن خَلَف، عَنْهُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وقال أبو داود: كَانَ داعيةً في الإرجاء. وقال هارون الحمّال: مات سنة اثنتين ومائتين. 238- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن عطية1. أبو سليمان الداراني الزّاهد، شيخ أهل الشام في زمانه. قَالَ أحمد بْن أَبِي الحواري: مات سنة خمس ومائتين. وقال أبو يعقوب القرّاب، وأبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: سنة خمس عشرة ومائتين. ستأتي ترجمته في الطبقة التالية. 239- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حمّاد التَّميميّ الكوفي المقرئ2. واسم أَبِيهِ شُكيل، يكنى أبا محمد. قرأ عَلَى حمزة، وكان من جلة أصحابه. ثمّ قرأ عَلَى: أَبِي بَكْر بْن عياش. وروى الحروف عَنْ: نافع: وشَيْبان النَّحْويّ، وعيسى بن عمر. وسمع من: إسرائيل بن يونس، ويحيى بن سلمة بن كهيل، وفطر بن خليفة، وطائفة. روى عنه: الحسن بن جامع، ومحمد بن جنيد، وإسحاق بن الحجاج، ومحمد بن عيسى، وهارون بن حاتم، ومحمد بن الهيثم، وآخرون.   1 سيأتي ترجمته في الطبقة التالية برقم "226". 2 الجرح والتعديل "5/ 244". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 116 240- عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي1. أبو محمد الرازي المقرئ. ودشتك محلة بالري. روى عَنْ: أَبِيهِ، وعُمَر بْن أَبِي قيس الرّازيّ، وأبي جعفر الرّازيّ، وزهير بْن معاوية، وإبراهيم بْن طِهْمان، وأبي حمزة السُّكّريّ، وجماعة. وعنه: ابنه أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأحمد بْن سَعِيد الرباطيّ، وأحمد بْن الفُرات، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن الأزهر، وعامة أهل الرّيّ. وقد رآه أبو حاتم وسمع كلامه. وقال: كَانَ رجلًا صالحًا صدوقًا. وقال ابن مَعِين: لا بأس بِهِ. 241- عَبْد الرَّحْمَن بْن علقمة2. أبو يزيد السَّعْديّ المَرْوَزِيّ. سمع: أبا حمزة السُّكّريّ، وحمّاد بْن زيد، وجماعة. وكان فقيهًا بصيرًا بالرأي والحديث. أخذ الفقه عَنْ: محمد بْن الحَسَن. روى عَنْهُ: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن أبي طَالِب، وجعفر الصائغ، وغيرهم. أكره عَلَى قضاء سرخس فحكم مدة، ثمّ هرب فرارًا بدينه، رحمه اللَّه. 242- عَبْد الرَّحْمَن بْن غزوان3 -خ. د. ت. ن- أبو نوح الخزاعي، ويقال: الضبي مولاهم الملقب بقراد. سكن بغداد، وحدَّثَ عَنْ: عَوْف الأَعْرابيّ، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وعكرمة بْن عمار، وشُعْبة، وجرير بْن حازم، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "5/ 315"، الجرح والتعديل "5/ 254، 255"، تهذيب التهذيب "6/ 207". 2 الجرح والتعديل "5/ 273"، الثقات لابن حبان "8/ 375". 3 الطبقات الكبرى "7/ 335"، الجرح والتعديل "5/ 274"، ميزان الاعتدال "2/ 581، 582"، التهذيب "6/ 247-249". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 117 وعنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وعبد اللَّه بْن أَبِي مَسَرّة، ومحمد بْن سعْد العَوْفيّ، ومحمد بن إسحاق الصنعاني، والحارث بن أبي أسامة، وخلق. وروى عنه من القدماء: أبو مُعَاوِيَة. قَالَ مجاهد بْن موسى: ما كتبت عَنْ شيخ كَانَ أحرّ رأسًا منه، وإنّما كَانَ يهدر: ثنا شعبة، ثنا شغبة. وقال ابن المَدِينيّ، وابن نُمَيْر: ثقة. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ عاقلًا من الرجال. وقال ابن حِبّان: كَانَ يخطئ فيتخالج في القلب منه لروايته عَنِ الَّليْث، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عَائِشَةَ، قصة المماليك وضربهم. تُوُفّي سنة سبْعٍ. 243- عَبْد الرَّحْمَن بْن قلوقا الكوفيّ القارئ1. قرأ عَلَى: حَمْزَةَ، ثمّ عَلَى سُلَيْم. قرأ عَلَيْهِ: رجاء بْن عيسى الجوهريّ، وغيره. 244- عَبْد الرَّحْمَن بْن قيس2. أبو معاوية الزَّعْفرانيّ الْبَصْرِيّ، ثمّ البغداديّ. نزيل نَيْسابور. عَنْ: حُمَيْد الطويل، وعبد اللَّه بْن عَوْن، والثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: أحمد بْن الفُرات، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّنعانيّ، وجماعة. وهو مجمع عَلَى ضعفه. روى له الترمذي حديثًا في "الشمائل".   1 غاية النهاية "1/ 376". 2 التاريخ الكبير "5/ 339"، الجرح والتعديل "5/ 278"، تهذيب التهذيب "6/ 258". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 118 وقال أبو زُرْعة: كذّاب. وكذّبه عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ. أَنْبَأَنِي يَحْيَى الصَّيْرَفِيُّ: أنا عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ الْحَافِظُ: أَنَا مَسْعُودٌ الثَّقَفِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مَنْدَهْ، أَنَا أَبِي، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعَشْرَاءِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْعَتِيرَةِ فَحَسَّنَهَا1. تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: ثَنَا أَبِي، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ، فَذَكَرَهُ. قَالَ أَبِي: ذَكَرْتُهُ لابْنِ حَنْبَلٍ فَاسْتَحْسَنَهُ. وَقَالَ: هَذَا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَابِ، أَمْلِهِ عَلَيَّ. فَكَتَبَهُ عَنِّي. 245- عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمُغِيرَةُ2 بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِد بْن حكيم بْن حزام -خ. د- أبو القاسم الأَسَديّ الحزاميّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: أَبِيهِ، ومالك، وعبد الرَّحْمَن بْن عياش السمعي، والدراوردي، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بْن حمزة الزبيري، وأبو بَكْر عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الملك بْن شَبَّة، والزُّبَير بْن بكّار، وآخرون. 246- عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف بْن مَعْدان الأصبهاني3. أخو الزّاهد محمد بْن يوسف. روى عَنْ: عثمان بْن زائدة. روى عَنْهُ: صالح بْن مِهْران، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتة، ومحمد بْن عاصم الثقفي. توفي سنة عشرين.   1 "حديث موضوع": وفيه صاحب الترجمة وقد كذب كما تقدم. 2 التاريخ الكبير "5/ 354"، الجرح والتعديل "5/ 288"، تهذيب التهذيب "6/ 276". 3 حلية الأولياء "8/ 236". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 119 247- عَبْد الرحيم بْن حمّاد الثَّقْفيّ الْبَصْرِيّ1. عَنِ: الأعمش. قَالَ العُقَيْليّ: حدَّثَ عَنِ الأعمش ممّا لَيْسَ من حديثه. وعنه: يزيد بْن محمد العُقَيْليّ. جدّي. وحدَّثَ عَنْ عَمْرو بْن عُبَيْد أيضًا. 248- عَبْد الرحيم بْن هارون الغسانيّ الواسطيّ2. أبو هشام، نزيل بغداد. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عَوْن، وعوف، وهشام بْن حسان، وشُعْبة، وعبد العزيز بْن أَبِي رواد. وعنه: يحيى بْن موسى ختّ، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن عَبْد الملك الدقيقيّ، وأحمد بْن سليمان الرهاويّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث يكذب. وقال أبو حاتم الرّازيّ: لا أعرفه. وحسّن ت. حديثه. 249- عَبْد السّلام بْن هاشم3. أبو عثمان الْبَصْرِيّ البزار. سمع: شُعْبَة، وحنبل بْن عَبْد اللَّه الْبَصْرِيّ، وعثمان بْن سعْد الكاتب، والعلاء بْن المغيرة، وخالد بْن برد، وطائفة. وعنه: أبو الربيع الزهرنيّ، وعثمان بْن طالوت، ومحمد بْن عُمَر المقدسي، وهلال بْن بِشْر. شهد عَلَيْهِ أبو حفص الفلّاس بالكذب. 250- عَبْد الصَّمد بن حسان4. أبو يحيى المروذي.   1 ميزان الاعتدال "2/ 603، 604"، لسان الميزان "4/ 5". 2 التاريخ الكبير "6/ 103"، الجرح والتعديل "6/ 340"، تهذيب التهذيب "6/ 308، 309". 3 التاريخ الكبير "6/ 66"، الجرح والتعديل "6/ 47"، ميزان الاعتدال "2/ 619". 4 الطبقات الكبرى "7/ 375"، التاريخ الكبير "6/ 105"، الجرح والتعديل "6/ 51"، ميزان الاعتدال "2/ 620". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 120 عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وزائدة، وإسرائيل، وخارجة بْن مُصْعَب، ومالك بْن أنس. وعنه: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وأحمد بْن مُعَاذ السُّلَميّ، وأيوب بْن الحَسَن الزّاهد، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب العبْديّ الفراء. وكان إمامًا فقيهًا، ولي قضاء هَراة، وغيرها. وتُوُفّي سنة عشر ومائتين. لم يخرجوا لَهُ شيئًا في الكتب. وهو من مَرْو الروذ. قَالَ عليّ بْن قُدَامة: ثنا عَبْد الصَّمد بْن حسان قَالَ: سَمِعْتُ الثَّوْريّ يَقُولُ: مر شيخ فظننته صاحب حديث، فقلت: عندك حديث؟ فقال: ما عندي حديث ولكن عند عتيق. قَالَ: وكان يهوديًا خمّارًا. روى عَنْ أحمد بْن حنبل أَنَّهُ ترك حديث عَبْد الصَّمد. وقال السليماني: روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ في "المبسوط". 251- عَبْد الصَّمد بْن عَبْد الوارث بْن سعَيِد بن ذكوان1 -ع- أبو سهل التميمي العنبري، مولاهم الْبَصْرِيّ التنوري. عَنْ: أَبِيهِ، وعكرمة بْن عمار، وهشام الدَّسْتُوائيّ، وهمام بْن يحيى، وأبان العطار، وأبي خلدة خالد بْن دينار، وربيعة بْن كلثوم، وإسماعيل بْن مُسْلِم العبْديّ، وحرب بن شداد، وحرب بْن أبي العالية، وحرب بْن ميمون، وخلق. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ويحيى بْن مَعِين، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وحجاج بْن الشاعر، وبُنْدار، وهارون بْن عَبْد اللَّه، وعبد بْن حُمَيْد، وابنه عَبْد الوارث بْن عَبْد الصَّمد، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وخلق. وكان من ثقات البصريين وحفاظهم. قال أبو حاتم: صدوق. وقال محمد بن سعد وجماعة: توفي سنة سبع ومائتين.   1 الطبقات الكبرى "7/ 300"، التاريخ الكبير "6/ 150"، الجرح والتعديل "6/ 50، 51"، التهذيب "6/ 327، 328". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 121 عَبْد الصَّمد بْن النُّعْمان من الطبقة الآتية. 252 - عَبْد العزيز بْن أبان بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن العاص1 بْن أَبِي أحيحة سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ. أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيّ الأُمَويّ السّعيديّ الكوفيّ. نزيل بغداد. وأحد المتروكين. عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، ومِسْعَر، وفِطْر بْن خليفة، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وطائفة كبيرة. وعنه: الحَسَن بْن مُكْرَم، والحارث بْن أَبِي أسامة، ومحمد بْن الْجَهْم السّمريّ، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوام الرّياحيّ، وإدريس بْن جعفر العطّار، وجماعة. قَالَ أحمد بْن حنبل: لما حدَّثَ بحديث المواقيت تركته. وقال ابن معين: كذاب، حدَّثَ بأحاديث موضوعة. وقال أبو حاتم: متروك، لا يُكتَب حديثه. وقال الْبُخَارِيّ: تركوه. وقال ابن سعْد: وُلّي قضاء واسط، ثمّ عُزل. فقدِم بغداد وبها تُوُفّي في رابع عشر من رجب سنة سبْعٍ ومائتين. وقال الحارث بن أبي أسامة: كَانَ كثير العيال شديد الفقر. 253- عَبْد العزيز بن أبي رزمة غزوان2 -د. ت- أبو محمد اليشكري مولاهم المَرْوَزِيّ. عَنْ: شُعْبَة، وإسرائيل، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه المسعودي، وجُوَبْير بْن سَعِيد، وأبي المُنِيب عَبْد اللَّه العَتَكيّ، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وجماعة. وعنه: ابنه محمد بْن عَبْد العزيز، وأحمد بْن منصور زاج، وعبد بْن حُمَيْد، وأبو وهْب محمد بْن مزاحم، وجماعة من المراوزة.   1 الطبقات الكبرى "6/ 404"، التاريخ الكبير "6/ 30"، الجرح والتعديل "5/ 277، 278"، تهذيب التهذيب "6/ 329". 2 الطبقات الكبرى "7/ 376"، التاريخ الكبير "6/ 29"، الجرح والتعديل "5/ 392"، تهذيب التهذيب "6/ 336، 337". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 122 وكان قد حجّ في سنة خمسٍ وخمسين ومائة، وسمع من جماعة. وُلِد سنة تسعٍ وعشرين ومائة، ومات في المحرَّم سنة ستٍّ ومائتين. ذكره ابن حِبّان في "الثّقات". 254- عَبْد العزيز بْن النُّعْمان المَوْصِليّ1. روى عَنْ: شُعْبَة، وكثير بْن سُلَيْم. وعنه: الْحَسَن بْن محمد الزَّعْفَرانيّ، وعلي بْن حرب. قاله ابن أبي حاتم. ثم قَالَ: سُئل أَبِي عَنْهُ، فقال: مجهول. 255- عَبْد العزيز بْن الوليد بْن سليمان بْن أَبِي السّائب الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ2. روى عَنْ: أَبِيهِ، والأوزاعي، وأيّوب بْن تميم. وعنه: بقية، ودُحَيْم، وهشام بْن عمار، ومحمود بْن خَالِد، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وآخرون. ويُعرف بعبيد الزّاهد. وكان كبير القدر. قَالَ هشام بْن عمّار: ما أدركنا أعبد منه. وقال الوليد بْن عُتْبة: ما أدركنا أفضل منه. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: كَانَ أورع أهل زمانه، وهو الّذي يُعرف بعُبَيْد. 256- عَبْد الغفّار3. أبو حازم. خُراسانيّ رابط بعكا. وروى عَنْ: محمد بْن منصور، عَنِ ابن المُنْكِدر. وروى عَنْ: مالك بْن مِغْوَلٍ، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وجماعة من المجاهيل. وعنه: محمد بن وزير الدمشقي، وأبو الطاهر بن السرح، وإسماعيل بن حصن الجبيلي. قال أبو حاتم: لا بأس به.   1 الجرح والتعديل "5/ 398". 2 التاريخ الكبير "6/ 27"، الجرح والتعديل "5/ 399"، الثقات لابن حبان "8/ 392-396". 3 الجرح والتعديل "6/ 54"، الثقات لابن حبان "8/ 421"، ميزان الاعتدال "2/ 639". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 123 257- عبد الكبير بن عبد المجيد1 -ع- أبو بَكْر الحنفي الْبَصْرِيّ. أخو أبو عليّ الحنفيّ. عَنْ: أسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، وخَيْثَم بْن عِراك، وأفلح بْن حُمَيْد، وعبد الحميد بْن جعفر الْأَنْصَارِيّ، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، والضحاك بْن عثمان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن رَاهَوَيْه، وابن المَدِينيّ، وبُنْدار، ومحمد بْن المُثَنَّى، وإِسْحَاق الكَوْسَج، والذُّهْليّ، وخلْق آخرهم الكُدَيْميّ. وثّقه أحمد، وغيره. وقال ابن سعْد: مات سنة أربعٍ ومائتين. 258- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رواد الأزدي المكي2 -د. م- أبو عبد الحميد، مولى المهلّب بْن أَبِي صُفْرَةَ. عَنْ: أَبِيهِ، وابن جُرَيْج، ومَعْمَر، وعثمان بْن الأسود، ومروان بْن سالم الجزري، وأيْمن بْن نابل، وجماعة. وكان أعلم النّاس بحديث ابن جُرَيْج. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو بَكْر الحُمَيْديّ، ومحمد بْن يحيى العَدَنيّ، وحاجب بْن سليمان المَنْبِجيّ، وأحمد بْن شَيْبان الرَّمْليّ، والزُّبَير بْن بكّار، وخلق كثير. وثّقه ابن مَعِين، وأحمد. وقال أحمد: كَانَ فيه غُلُوٌّ في الإرجاء، ويقول: هَؤُلَاءِ الشُّكّاك. وقال ابن مَعِين: كَانَ أعلم النّاس بحديث ابن جُرَيْج، ولكن لم يكن يبذل نفسه للحديث. ثمّ ذكر من نبله وهيئته. وقال مرّةً: كَانَ صدوقًا، ما كَانَ يرفع رأسه إلى السماء. وكانوا يعظمونه.   1 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "6/ 126"، الثقات لابن حبان "8/ 420"، التهذيب "6/ 370، 371". 2 الطبقات الكبرى "5/ 500"، التاريخ الكبير "6/ 112"، الجرح والتعديل "6/ 64، 65"، تهذيب التهذيب "6/ 381". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 124 وقال عَبْد اللَّه بْن أيّوب المُخَرِّميّ: لو رأيت عَبْد المجيد لرأيتَ رجلًا جليلًا من عبادته. وقال الحُسين بْن عَبْد اللَّه الرَّقّيّ: ثنا عَبْد المجيد، ولم يرفع رأسه أربعين سنة إلى السماء. وكان أَبُوهُ أعبد منه. وقال أبو داود: كَانَ رأسًا في الإرجاء. وقال يعقوب الفَسَويّ: كَانَ مبتدعًا داعية. وقال سَلَمَةُ بْن شبيب: كنتُ عند عَبْد الرّزاق، فجاءنا موت عَبْد المجيد، وذلك في سنة ستٍّ ومائتين، فقال عَبْد الرّزّاق: الحمد لله الّذي أراح أُمَّةَ محمد من عَبْد المجيد. وقال ابن عديّ: عَامَّةُ ما أُنِكر عَلَيْهِ الإرجاء. قَالَ هارون الحمّال: ما رأيت أخشع لله من وكيع، وكان عَبْد المجيد أخشع منه. وقال أبو نُعَيْم: مات سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. قلت: هذا غلط. 259- عَبْد الملك بْن إبراهيم1. أبو عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الْجُدّيّ الْمَكِّيّ. مولى بُنيّ عَبْد الدّار. عَنْ: شُعْبَة، ويزيد ين إبراهيم التُّسْتَريّ، والقاسم بْن الفضل الحدّانيّ، وإبراهيم بْن طِهْمان، وسفيان الثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: عَبْد الله بن منير المروزي، ومحمود بن غيلان، وأحمد بْن منصور زاج، وسليمان بْن منصور الحرّانيّ، وأحمد بْن محمد البزّيّ القارئ، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، وخلْق كثير. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ البزّيّ: ثقة مأمون. وقال أبو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ: هُوَ أحفظ منّي. قَالَ الْبُخَارِيّ: مات سنة أربعٍ أو خمسٍ ومائتين. 260- عَبْد الملك بْن بزيع2.   1 التاريخ الكبير "5/ 406"، الجرح والتعديل "5/ 342"، تهذيب التهذيب "6/ 384، 385". 2 الجرح والتعديل "5/ 344". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 125 أبو مروان الدّمشقيّ. الرجل الصالح نزيل تِنِّيس. روى عَنْ: يحيى الذِّماريّ، والأوزاعي، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وجماعة. وعنه: عَبْد العزيز بْن الوليد، وجعفر بْن مسافر، والحَسَن بْن عَبْد العزيز الجروي، وقال: كَانَ أفضل من رأيته رحمه اللَّه. 261- عَبْد الملك بْن الحَكَم الرَّمْليّ1. عَنْ: جعفر بْن بُرْقان، وابن ثوبان، طلحة بن زيد، وشُعْبة، وابن لهيعة، وطائفة. وعنه: موسى بْن سهل الرَّمْليّ، وإبراهيم بْن محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ المَقْدِسيّ. 262- عبد الملك بْن عَمْرو القَيْسيّ2 -ع- أبو عامر العقدي البصري. عَنْ: زكريّا بْن إِسْحَاق الْمَكِّيّ، وهشام الدَّسْتُوائيّ، ومحمد بْن أَبِي حُمَيْد، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وعُمَر بْن أبي زائدة، وعكرمة بْن عمّار، ورباح بْن أَبِي معروف، وأفلح بْن حُمَيْد، وأفلح بن سعيد، وأيمن بن نابل، شعبة، وإبراهيم بْن طِهْمان، وخلْق. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأبو خَيْثَمَة، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد بْن الفُرات، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن شداد المِسْمَعيّ. ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، والكُدَيْميّ، وخلْق. قَالَ النَّسائيّ: ثقة مأمون. وقال محمد بْن سِنان القزّاز: هُوَ مولى للعقديّين من بُنيّ قيس. وكان لا يَخْضِب. وقال غيره: كَانَ من حُفّاظ أهل البصرة. قَالَ ابن سعْد، ونصْر الْجَهْضميّ: مات سنة أربعٍ ومائتين.   1 الجرح والتعديل "5/ 348". 2 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "5/ 425"، الجرح والتعديل "5/ 359، 360"، الثقات لابن حبان "8/ 388". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 126 قلت: وقع حديثه عاليًا في "الغَيْلانيّات". 263- عَبْد الملك بْن أَبِي كريمة الْأَنْصَارِيّ1 -د- مولاهم المغربي أبو يزيد. يروي عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن أَنْعُم الإفريقيّ، وعُبَيْد بْن ثُمامة المُرَاديّ، ويقال: عُتْبة بْن ثُمامة، ومالك بْن أنس، وخالد بْن حُمَيْد المهْرِيّ. وعنه: أبو الطّاهر أحمد بْن السَّرْح: وعبد الرَّحْمَن بْن زياد الرضابيّ، وقاضي تونس أبو زيد شجرة بْن عيسى التونسيّ. قَالَ ابن السَّرْح: كَانَ من خِيار المسلمين. وقال ابن يونس: توفي سنة أربع ومائتين. أنبئت عَنِ الصَّيْدَلانِيِّ أَنَّ فَاطِمَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَا ابْنُ رَيْدَةَ، أَنَا الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي الطَّاهِرِ بْنِ السَّرْحِ، ثنا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْمَلَكِ بْنُ أَبِي كُرَيْمَةَ الْمَغْرِبِيُّ: حدَّثني عُتْبَةُ بْنُ ثُمَامَةَ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مِصْرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ مِصْرَ، وَسُئِلَ عَنْ مَا مَسَّتِ النَّارُ، الْحَدِيثِ. 264- عَبْد الوهّاب بْن حبيب بْن مِهْران العبْديّ. أبو عِصْمة النَّيْسابوريّ الفراء الزّاهد، والد محمد بْن عَبْد الوهّاب. قَالَ الحاكم في "تاريخه" إمام في الدِّين والفِقْه والأدب والوَرَع، غَزّاء، حَجّاج، صوام، يقاس بعبد اللَّه بْن المبارك في عصره. كنيته أبو عِصْمة المطَّوِّعيّ. قرأ القرآن عَلَى نافع بْن أَبِي نُعَيْم القارئ، والأدب عَلَى الأصمعيّ، وأخذ الفقه عَنْ مالك، والثَّوْريّ. وسمع من: ابن أَبِي ذئب، وعبد العزيز الماجِشُون، وزائدة بْن قُدَامة، وذكر جماعة. وروى عَنْهُ: ابنه، وسَلَمَةُ بْن شيب، وأيوب بْن الحَسَن الزّاهد، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن الحَكَم، وغيرهم. قَالَ ابنه أبو أحمد: مات أَبِي في شوّال سنة ستٍّ ومائتين وأنا بالكوفة.   1 الجرح والتعديل "5/ 364، 365"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 162"، تهذيب التهذيب "6/ 418"، الكاشف "2/ 187". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 127 265- عَبْد الوهّاب بْن عطاء1. أبو نَصْر الْبَصْرِيّ الخفاف. مولى بني عجل. سكن بغداد، وحدَّثَ عَنْ: حُمَيْد الطويل، وسعيد الْجُرِيريّ، وخالد الحذاء، وثور بْن يزيد، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة وكان مكثرًا عَنْهُ، وابن عَوْن، وسليمان التَّيْميّ، ومحمد بْن عَمْرو بْن علقمة. وروى القراءة عَنْ أَبِي عَمْرو بْن العلاء. روى عنه الحروف: خلف البزاز، وأحمد بن جبير الأنطاكي. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرُو النَّاقِدُ، وَالْحَسَنُ بن محمد الزعفراني، وعباس الدوري، والحارث بن أبي أسامة، وخلق كثير. قال ابن سعد: كان كثير الحديث. لزم ابن أبي عروبة وعرف بصحبته. وقال ابن معين: ثقة. وقال البخاري: ليس بالقوي. وقال الدارقطني: ثقة. وقال غيره: كان صالحا "بكاء" رحمه الله. قلت: مات في آخر سنة أربع ومائتين، وكان قد سمع من سَعِيد تصانيفه. قَالَ أحمد بْن حنبل: كان عبد الوهاب يقرأ عند ابن أَبِي عَرُوبَة تصانيفه، فكان عَبْد اللَّه الأفطس يَقُولُ: يا عَبْد الوهّاب طَرِّب طَرِّب. قَالَ: وكان يحيى بْن سَعِيد حَسَن الرأي فيه. وقال المَرْوَذِيّ: قلت لأحمد: عَبْد الوهّاب ثقة. قَالَ: تدري ما تَقُولُ؟ الثقة يحيى القطّان. وروى أَثرم، عَنْ أَحْمَد قَالَ: كَانَ عَبْد الوهّاب عالمًا بسعيد. وقال يحيى بْن أَبِي طَالِب: بلغنا أنّ عَبْد الوهّاب كَانَ مُستَمْلي سعيد، وكان عبد   1 الطبقات الكبرى "7/ 333"، التاريخ الكبير "6/ 98"، الجرح والتعديل "6/ 72"، الثقات لابن حبان "7/ 133". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 128 الوهّاب أكثر النّاس بكاء. ما كَانَ يقوم من مجلسه حتّى يبكي. وقال أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ أَصْلَحُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ. رَوَى عَنْ ثَوْرٍ حَدِيثَيْنِ لَيْسَا مِنْ حَدِيثِهِ. قُلْتُ: أَحَدُهُمَا فِي الْعَبَّاسِ: "اللَّهُمَّ اخْلُفْهُ فِي وَلَدِهِ" 1. حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. 266- عُبَيْد اللَّه بْن سُفْيَان بْن رَوَاحة الْبَصْرِيّ2. عَنْ: ابن عَوْن، وسُفْيَان الثَّوْريّ. وعنه: عَبْد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ. قَالَ يحيى بْن مَعِين: كذّاب. وهو أبو سُفْيَان الصُّوفيّ. 267- عُبَيْد اللَّه بْن عبد المجيد3 -ع- أبو علي الحنفي، أخو أبو بَكْر الحنفيّ. ولهما أَخَوَانِ عُمَيْر، وشريك ليسا بالمشهورَيْن. روى عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وإسماعيل بْن مُسْلِم العبْديّ، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وعكرمة بْن عمّار، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن بشّار، ومحمد بْن يحيى، وعبد اللَّه الدّارميّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وابنه عليّ بْن نَصْر، وسليمان بْن سيف، والكُدَيْميّ، وخلْق. قَالَ أبو حاتم، وغيره: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال الكُدَيْميّ: مات سنة تسع ومائتين.   1 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "3762"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي "3762". 2 الجرح والتعديل "5/ 318"، ميزان الاعتدال "3/ 9"، المجروحين لابن حبان "2/ 66". 3 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "5/ 391"، الجرح والتعديل "5/ 324"، الثقات لابن حبان "8/ 404"، ميزان الاعتدال "3/ 13"، تهذيب التهذيب "7/ 34". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 129 ووقع حديثه عاليًا في "القطيعيات". 268- عُبَيْد بْن عَقِيل بْن صُبَيْح. أبو عَمْرو الهلاليّ الْبَصْرِيّ الضّرير المقرئ المؤدِّب. عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن العلاء، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وهارون بْن موسى الأعور، وسعيد بْن الحَجّاج، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وأبي خلدة خَالِد بْن دينار، وأبان بْن تَوْبة، ومُصْعَب بْن ثابت، وطائفة. وعنه: حفيده مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيل، ومحمد بْن يحيى القطعي، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، ومحمد بْن الْجَهْم السمري، وأبو حاتم السِّجِسْتانيّ، والحارث بن أبي أسامة، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابْن حِبّان: مات في شَعْبان سنة سبْعٍ. 269- عُبَيْد بْن أَبِي قُرَّةَ البغداديّ1. عَنْ: مالك، والليث، وابن لهيعة، وسليمان بْن بلال، وعبد الجبار بْن الورد، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل في مسنده، ومُسدَّد، وأبو خَيْثَمَة، وأحمد بْن محمد بْن يحيى القطّان، وحجاج بْن الشاعر، وآخرون. قَالَ ابن مَعِين: ما بِهِ بأس. وقال الْبُخَارِيّ: لا يُتابع عَلَى حديثه في قصة العبّاس. قلت: الحديث في "المُسْنَد" وهو مُنْكَر. قَالَ: ثَنَا الَّلَيْثُ، عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ مَوْلَى الْعَبَّاسِ، عَنِ الْعَبَّاسِ. قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: "انظر". قلت: أرى الثريا.   1 الطبقات الكبرى "7/ 324"، التاريخ الكبير "6/ 2"، الثقات لابن حبان "8/ 431"، ميزان الاعتدال "3/ 22". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 130 قَالَ: "أَمَا إِنَّهُ يَمْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِعَدَدِهَا مِنْ صُلْبِكَ"1. 270- عثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مسلم الحراني الطرائقي المؤدِّب2. مولى بُنيّ أُمَيَّةَ، وقيل: هُوَ مولى بُنيّ تميم. وفي كنيته أقوال. روى عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وهشام بْن حسان، وجعفر بْن بُرْقان، وابن أَبِي ذئب، وأيمن بْن نابِل، ومعاوية بْن سلّام، وأشعث بْن عَبْد الملك، وطائفة. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وأبو جعفر النُّفَيْليّ، وأبو كُرَيْب، وقُتَيْبة، وعليّ بْن ميمون الرَّقّيّ، وأبو شُعَيْب السُّوسيّ، وأحمد بْن سليمان الرّهَاويّ، وخلْق. وكان أبيض الرأس واللّحية. قَالَ ابن مَعِين: صادق. وقال أبو عَرُوبَة: متعبّد لا بأس به، ويحدث عَنْ قوم مجهولين بالمناكير. وقال ابن عديّ: كنيته أبو عَبْد الرَّحْمَن، عنده عجائب عَنِ المجهولين، وهو في الْجَزَريّين كَبَقِيَّةَ في الشّاميّين. وقال ابن حاتم: أنكر أَبِي عَلَى الْبُخَارِيّ إدخاله فِي كتاب "الضعفاء" وقال محمد بْن يحيى بْن كثير الحرّانيّ: مات سنة ثلاثٍ ومائتين. وقال غيره: سنة اثنتين. 271- عثمان بْن خَالِد بْن عَمْرو بْن عَبْد اللَّه بْن الوليد بْن الشهيد عثمان بْن عفان3. أبو عفان الأُمَويّ العُثْمانيّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: مالك، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزَّناد، وغيرهما. وعنه: ابنه أبو مروان محمد بْن عثمان العُثْمانيّ، والحسين بْن أَبِي زيد الدباغ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري.   1 "حديث ضعيف": أخرجه أحمد في المسند "1/ 209"، والحاكم في المستدرك "3/ 326"، والبيهقي في دلائل النبوة "6/ 518"، ولم يتابع صاحب الترجمة على هذا الحديث كما قال البخاري. 2 الجرح والتعديل "6/ 157، 158"، المجروحين لابن حبان "2/ 96-98"، تهذيب التهذيب "7/ 134، 135". 3 التاريخ الكبير "6/ 220"، الجرح والتعديل "6/ 149"، المجروحين لابن حبان "3/ 102"، تهذيب التهذيب "7/ 114". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 131 قَالَ الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كلّ أحاديثه غير محفوظة. 272- عثمان بْن عُمَر بْن فارس بْن لقيط بْن قيس العبْديّ الْبَصْرِيّ1. يُقَالُ: أصله من بُخَارَى. أبو محمد أو أبو عديّ. عَنْ: هشام بْن حسان، ويونس بْن يزيد، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وأسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، وعليّ بْن المبارك الهُنَائيّ، وابن أَبِي ذئب، وشُعْبة، ومالك، وخلْق. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو خَيْثَمَة، والفلّاس، وبُنْدار، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وخلْق. قَالَ أحمد: رَجُل صالح، ثقة. وقال العِجْليّ: ثقة ثبت. وقال يحيى بْن حكيم القوّام: مات ليلة الاحد لثمانٍ بقين من ربيع الأوَّل سنة تسع. وكذا ورّخه الفلّاس. وغلط أبو أُمَيَّةَ فقال: سنة ثمانٍ. وغلط آخر فقال: سنة سبْعٍ. 273- عثمان بْن كُلَيْب القُضاعيّ الْمَصْرِيّ الحرَسيّ. والحَرَس قرية من قرى مصر. روى عَنْ: عَمْرو بْن الحارث، ونافع بْن يزيد. وعنه: زكريا كاتب العمري، وأبو يحيى الوتار. قتلته البجه بالحرس سنة سبع. 274- عثمان بن اليمان2.   1 الطبقات الكبرى "7/ 296"، التاريخ الكبير "6/ 240"، الجرح والتعديل "6/ 159"، الثقات لابن حبان "8/ 451"، التهذيب "7/ 142". 2 الطبقات الكبرى "5/ 501"، التاريخ الكبير "6/ 256"، الجرح والتعديل "6/ 173"، الثقات "8/ 450"، تهذيب التهذيب "7/ 160". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 132 أبو محمد البصري ثم المكي. سمع: سفيان الثوري، وزمعة بن صالح، وغيرهما. وعنه: أحمد الدورقي، وأحمد بن الوليد البغدادي. كناه الحاكم. 275- عصام بن يزيد بن عجلان1. أبو سعيد جبر الأصبهاني، خادم سفيان الثوري. يروي عَنْ: سُفْيَان، وشُعْبة، وحمزة الزّيّات، ومالك. وعنه: ابناه محمد، ورَوْح، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وآخرون. ومن القدماء: النُّعْمان بْن عَبْد السّلام، وهو أكبر منه. وقيل: إنّ عجلان مولى لمُرَّة الطَّيِّب. 276- عُقْبة بْن علقمة بْن خديج البَيْروتيّ2. أبو عَبْد الرَّحْمَن، ويقال: أبو يوسف، وأبو سَعِيد. عَنْ: أرطأة بْن المنذر، وإبراهيم بن أبي عبلة، وعثمان بن عطاء الخراساني، ويونس الأَيْليّ، والأوزاعي، وجماعة. وعنه: أبو مسهر، ونعيم بن حماد، عيسى بْن يونس الفاخوريّ، وعَمْرو بْن عثمان الحمصيّ، وأبو عُتْبة الحجازيّ، والعبّاس بْن الوليد البَيْروتيّ، وخلْق. وثّقه عَبْد الرَّحْمَن بْن خِراش، وغيره. وقال ابن عديّ: روى عَنِ الأوزاعي ما لم يوافقه عَلَيْهِ أحد. وقال عَبَّاس البَيْروتيّ: مات سنة أربع ومائتين. وممّن روى عَنْهُ ابنه محمد بن عقبة.   1 الثقات لابن حبان "8/ 520". 2 التاريخ الكبير "6/ 443، 444"، الجرح والتعديل "6/ 314"، الثقات لابن حبان "7/ 245"، تهذيب التهذيب "7/ 246، 247". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 133 وفي التابعين: عُقْبة بْن علقمة، أبو الْجَنْوب1. يروي عَنْ عليّ -رضى الله عنه. 277- عليّ بْن بكّار2. أبو الحَسَن الْبَصْرِيّ، نزيل المصِّيصة والثُّغور، الزّاهد العارف. صحب إبراهيم بْن أدهم مُدَّةً. وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وابن عَوْن، وهشام بن حسان، والأوزاعي، وحسين المعلم، وجماعة. وعنه: هناد السري، ويوسف بن مسلمة، والفيض بن إسحاق، وسلمة بن شبيب، وبركة بن محمد الحلبي، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي، وآخرون. قال يوسف بن مسلم: بكى علي بن بكار حتى عمي، وكان قد أثرت الدموع على خديه. قلت: وكان فارسًا مجاهدا في سبيل الله، مرابطا بالثغور. وبلغنا عنه أَنَّهُ قَالَ: واقعنا العدوّ فانهزم المسلمون وقصّر بي فرسي، فقلت: عليَّ فلانة في علفي. فضمنت أنّ لا يليه غيري. وعنه قَالَ: لأن أَلْقَى الشيطان أحبّ إليّ من أنْ ألقى حُذَيفة المَرْعَشيّ، أخاف أنّ أتصنع لَهُ فأسقط من عين اللَّه. وقال موسى بْن طريف: كانت الجارية تفرش لَهُ فتلمسه بيدها وتقول: واللَّه إنك لطيب، واللَّه إنك لَبَارد، واللَّه لأعْلُوَنَّك اللَّيْلَةَ. وكان يصلّي الفجر بوضوء العَتمَة. قَالَ مُطِّين: مات سنة سبْعٍ ومائتين. قلت: غلط من قَالَ: إنّه مات سنة تسع وتسعين ومائة.   1 الجرح والتعديل "6/ 313". 2 الطبقات الكبرى "7/ 490"، التاريخ الكبير "6/ 262"، الجرح والتعديل "6/ 176"، الثقات لابن حبان "8/ 463"، التهذيب "7/ 586". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 134 أمّا عليّ بْن بكّار المصِّيصيّ الصغير، فيأتي بعد الأربعين. 278- عليّ بْن جعفر الصادق بْن محمد الباقر بْن زين العابدين عليّ بْن الحُسين1 -ت. العلويّ الحُسَيني أخو موسى، وإسماعيل، وإِسْحَاق، ومحمد، وعبد اللَّه، وعباس، وفاطمة، وأسماء، وأم فَرْوَةَ، وفاطمة الصُّغرى رحمهم الله. وأمه أمّ وُلِد. روى عَنْ أَبِيهِ شيئًا يسيرًا، وعن: أخيه موسى الكاظم، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وغيرهم. وعنه: ابناه محمد وأحمد، وحفيده عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن عليّ، وابن ابن أخيه إسماعيل بْن محمد بْن إِسْحَاق، وأحمد البزّيّ صاحب القراءة، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وجماعة. روى له الترمذي حديثا في حب آل محمد، عَنْ نَصْر الْجَهْضميّ2، وقع موافقة في جزء العطوف. قَالَ التِّرْمِذيّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وقال ابن أخيه المذكور: تُوُفّي سنة عشر ومائتين. 279- علي بن حفص المدائني3 -م. د. ت. ن- أبو الحسن. عَنْ: عكرمة بْن عمّار، وحريز بْن عثمان، وشُعْبة، وورقاء، وسفيان الثَّوْريّ، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، أبو خَيْثَمَة، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، ومحمد بْن إشكاب، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّغانيّ، ومحمد بْن رافع، ويعقوب بْن شَيْبة، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. 280- عليّ بْن عاصم بْن صُهَيْب4 -د. ت. ق- مولى قريبة بنت محمد بن   1 ميزان الاعتدال "3/ 117"، تهذيب التهذيب "7/ 293". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "3786"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي "3786". 3 التاريخ الكبير "6/ 269"، الجرح والتعديل "6/ 182"، الثقات لابن حبان "8/ 465"، ميزان الاعتدال "3/ 125"، تهذيب التهذيب "7/ 309". 4 الطبقات الكبرى "7/ 313"، الجرح والتعديل "6/ 198، 199"، سير أعلام النبلاء "9/ 249-262"، الميزان "3/ 135-138"، تهذيب التهذيب "7/ 344-248". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 135 أَبِي بَكْر الصديق. أبو الحَسَن الواسطيّ، وُلِد سنة خمس ومائة. روى عَنْ: سهيل بْن أَبِي صالح، وعطاء بْن السائب، ويزيد بْن أَبِي زياد، ويحيى البكاء، وبيان بْن بشر، وحصين بْن عَبْد الرحمن، وعبد اللَّه بْن عُثْمَان بن خيثم، وأبي هارون العبْديّ، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وحُمَيْد الطويل، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن الأزهر، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعبد بْن حُمَيْد، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، ويعقوب بْن شَيْبة، والحَسَن بْن مُكْرَم البزار، والحارث بْن أَبِي أسامة، وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُ. ومن القدماء: يزيد بْن زريع، وعفان بْن مُسْلِم، وآخرون. قَالَ يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ -رحمة اللَّه عَلَيْهِ- من أهل الدِّين والصلاح والخير البارع. وكان شديد التَّوَقّي. ومنهم من أنكر عَلَيْهِ كثرة الغلط والخطأ. ومنهم من أنكر عَلَيْهِ تماريه في ذَلِكَ وترك الرجوع. ومنهم من تكلّم في سوء حِفْظه. وعن عَبّاد بْن العوام قَالَ: لَيْسَ يُنْكَر عَلَيْهِ أَنَّهُ لم يسمع. ولكنّه كَانَ رجلًا مُوسِرًا، وكان الورّاقون يكتبون لَهُ. فأتي من كتبه الّتي كتبوها لَهُ. وقال وكيع: ما زلنا نعرفه بالخير، فخذوا الصِّحاح من حديثه وَدَعُوا الغَلَط. وقال عفّان: قدمتُ أَنَا وبهز واسط، فدخلنا عَلَى عليّ بن عاصم فقال: ممن أنتما؟ قُلْنَا: من أهل البصرة. فقال: من بَقِيّ؟ فذكرنا حمّاد بْن زيد ومشايخ البصريين. فلا نذكر لَهُ إنسانًا إلّا استصغره، فلمّا خرجنا قَالَ بهز: ما أرى هذا يفلح. وقال أحمد بْن أعين: سَمِعْتُ عليّ بْن عاصم يَقُولُ: دفع إليّ أَبِي مائة ألف درهم. وقال: اذهب فلا أرى لك وجهًا إلّا بمائة ألف حديث. وقال وكيع: أدركت النّاس والحلقة لعليّ بْن عاصم بواسط. فقيل لَهُ: إنّه يغلط. فقال: دعوه وغلطه. وقال أحمد بْن حنبل: أمّا أَنَا فأحدّث عَنْهُ. كَانَ فيه لَجَاج1 ولم يكن متهمًا. وقال محمد بْن يحيى: قلت لأحمد بْن حنبل في عليّ بْن عاصم فقال: كَانَ حمّاد بْن سَلَمَةَ يخطئ، وأومأ أحمد بيده، أي كثيرًا، ولم ير بالرواية عنه بأسًا.   1 لجاج: اختلاط. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 136 وقال الخطيب في تاريخه: كَانَ يستصغر النّاس وَيَزْدَرِيَهِم. وقال عَبْد اللَّه بْن عليّ المَدِينيّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أتيت عليَّ بْن عاصم فنظرت في أثلاث كثيرة، فأخرجت منها مائتي طرف. فذهبت إليه فحدث عن المغيرة، عَنْ إبراهيم في التمتُّع. فقلت: إنّما هذا عَنْ مغيرة رأى حمّاد. فقال: من حدثكم؟ قلت: جرير. قَالَ: ذاك الصّبيّ رأيته ما يعقل ما يقال لَهُ. قَالَ: ومر شيء آخر، فقلت: يخالفونك: قَالَ: مَن؟ قلت: أبو عَوَانة. قَالَ: وضَّاع ذاك العبد. قَالَ: ومرّ شيء آخر، فقلت: يخالفونك. قَالَ: مَن؟ قلت: إبراهيم بن إسماعيل. قَالَ: ما رأيت ذاك يطلب حديثًا قطّ. قَالَ: وقال لشُعْبة: ذاك المسكين كنت أكلّم لَهُ خَالِد الحذّاء، فيحدثه. قَالَ الْخَطِيبُ: وَمِمَّا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. قُلْتُ: هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ، وَالْمَخْرَمِيُّ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ"1. وَالْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ أُبَيٍّ، وَأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ، وَإِسْرَائِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. يَرَوْنَ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ مُسْنَدًا وَلَا مَوْقُوفًا. وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ وَلَا وَقَّفَهُ غَيْرَ عَلِيٍّ. وَهُوَ مِنْ أَعْظَمَ مَا أَنْكَرَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْمَخْرَمِيُّ: ثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ هَذَا الحديث فقال: صدق أنا قلته.   1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "1073"، وابن ماجه "1602"، والبيهقي في السنن الكبرى "4/ 59"، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "765"، وفي ضعيف الجامع "5696". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 137 وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى الْعَابِدُ، وَكَانَ ثِقَةً، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ: أَهُوَ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الزَّمِنَ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ، وَعُثْمَانُ أَمَامَهُ، وَعَلِيٌّ خَلْفَهُ، حَتَّى جَاؤُوا فَجَلَسُوا عَلَى رَابِيَةٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ؟ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ؟ فَجِيءَ بِهِ. فَلَمَّا رَآهُ قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَحْيَيْتَ سُنَّتِي. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ أَخْطَأَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ"1. فَقَالَ: أَنَا حَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ مَسْعُودٍ. قَالَ الباغَنْدِيُّ: فَجِئْتُ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، فَحَدَّثْتُهُ بِذَلِكَ، فَرَكَبَ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ فَسَمِعَهُ مِنْهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، وَغَيْرُهُ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: لَقِيتُ عَلِيَّ بْنَ عاصم الواسطي، فأفادني أَشْيَاءَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ. فَأَتَيْتُ خَالِدًا فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَأَنْكَرَهَا كُلَّهَا. وقال الفلّاس: عليّ بْن عاصم فيه ضعف، وكان إنّ شاء اللَّه من أهل الصِّدق. وقال الَّليْث بْن حَبْرويه: سَمِعْتُ يحيى بْن جعفر البيكَنْديّ يَقُولُ: كَانَ يجتمع عند عليّ بْن عاصم أكثر من ثلاثين ألفًا. وكان يجلس عَلَى سطح. وكان لَهُ ثلاثة مُسْتَمْلِين. قَالَ هارون بْن حاتم: سألته عَنْ مولده، فقال: سنة خمس ومائة. وقال تميم بْن المنتصر: وُلِد عليّ بْن عاصم سنة ثمان ومائة. قال: ومات سنة إحدى ومائتين. وقال محمد بْن سعْد: وُلِد سنة تسع ومائة. وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى بواسط، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة وأشهر. 281- عليُّ بنُ موسى الرِّضا2 -ق. د. ت- أحد الأعلام.   1 "حديث ضعيف": تقدم فيما قبله. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 387-393"، ميزان الاعتدال "3/ 158"، البداية والنهاية "10/ 250". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 138 هُوَ الْإِمَام أبو الحَسَن بْن موسى الكاظم بْن جعفر الصادق بْن محمد الباقر بْن عليّ زين العابدين بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الهاشْميّ العَلَويّ الحُسَينيّ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وعُبَيْد اللَّه بْن أرطأة. وعنه: ابنه أبو جعفر محمد، وأبو عثمان المازني، والمأمون، وعبد السّلام بْن صالح، ودارم بْن قُبَيْصة، وطائفة. وأمّه أمّ وُلِد. وله عدَّة إخوة كلّهم من أمّهات أولاد وهم: إبراهيم، والعبّاس، والقاسم، وإسماعيل، وجعفر، وهارون، وحسن، وأحمد، ومحمد، وعُبَيْد اللَّه، وحمزة، وزيد، وعبد اللَّه، وإِسْحَاق، وحسين، والفضل، وسليمان. وعدَّة بنات سمّاهم الزُّبَيْر في كتاب "النَّسَب". وكان سيّد بُنيّ هاشم في زمانه، وأجلّهم وأنبلهم. وكان المأمون يعظّمه ويخضع لَهُ، ويتغالى فيه، حتّى أَنَّهُ جعله وليّ عهده من بعده. وكتب بذلك إلى الآفاق. فثار لذلك بنو العبّاس وتألّموا لإخراج الأمر عَنْهُمْ، كما هُوَ مذكور في الحوادث. وقيل: إنّ دعبلًا الخُزاعيّ أنشده مديحًا فوصله بستمائة دينار وبجبة خز بذل له فيها أَهْل قم ألف دينار، فامتنع وسافر. فأرسلوا من قطع عَلَيْهِ الطريق وأخذ الْجُبَّة. فردّ إلى قمّ وكلّمهم. فقالوا: لَيْسَ إليها سبيل ولكن هذه ألف دينار. وأعطوه خرقه منها. وقال المبرّد، عَنْ أَبِي عثمان المازنيّ قَالَ: سُئل عليّ بْن موسى الرِّضا: يكلف اللَّه العباد ما لا يطيقون؟ قَالَ: هُوَ أعدل من ذَلِكَ. قِيلَ: فيستطيعون أنْ يفعلوا ما يريدون؟ قَالَ: هُمْ أعجز من ذَلِكَ. ويروى أنَّ المأمون هَمّ مَرَّةً أنْ يخلع نفسه من الأمر ويولّيه عليَّ بْن موسى الرِّضا. ولمّا جعله وليّ عهده نزع السّواد العبّاسيّ وألبس النّاس الخُضْرة. وضُرب اسم الرِّضا عَلَى الدينار والدرهم. وقيل: إنّه قَالَ يومًا للرّضا: ما يَقُولُ بنو أبيك في جدّنا العبّاس؟ قَالَ: ما يقولون في رجلٍ فرض اللَّه طاعة نبيه عَلَى خلقه، وفرض طاعته عَلَى نبيه. فأمر لَهُ المأمون بألف درهم. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 139 وَبَلَغَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ مُوسَى خَرَجَ بِالْبَصْرَةِ عَلَى الْمَأْمُونِ وَفَتَكَ بِأَهْلِهَا. فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ أَخَاهُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا يَرُدُّهُ عَنْ ذَلِكَ. فَسَارَ إِلَيْهِ فِيمَا قِيلَ وَحَجَّهُ وَقَالَ لَهُ: وَيْلَكَ يَا زَيْدُ، فَعَلْتَ بِالْمُسْلِمِينَ مَا فَعَلْتَ، وَتَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاللَّهِ لأَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَنْبَغِي لِمَنْ أَخَذَ بِرَسُولِ اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَ بِهِ. فَبَلَغَ كَلَامُهُ الْمَأْمُونَ فَبَكَى، وَقَالَ: هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ. وَلِأَبِي نُوَاسٍ فِي عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: قِيلَ لِي: أَنْتَ أَحْسَنُ النَّاسِ طُرًّا ... فِي فُنُونٍ مِنَ الْمَقَالِ النَّبِيهِ لَكَ مِنْ جَيِّدِ الْقَرِيضِ مَدِيحٌ ... يُثْمِرُ الدُّرُّ فِي يَدَيْ مُجْتَنِيهِ فَعَلامَ تَرَكْتَ مَدْحَ ابْنِ مُوسَى ... وَالْخِصَالَ الَّتِي تَجَمَّعْنَ فِيهِ قُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ مَدْحَ إِمَامٍ ... كَانَ جِبْرِيلُ خَادِمًا لِأَبِيهِ قُلْتُ: هَذَا لَا يَجُوزُ إِطْلاقُهُ مِنْ أَنَّ جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- خَادِمٌ لِأَبِيهِ إِلَّا بِنَصٍّ وَالنَّصُّ مَعْدُومٌ فِيهِ. وَقَدْ كَذَبَتِ الرَّافِضَةُ عَلَى عَلِيٍّ الرِّضَا وَآبَائِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- أَحَادِيثَ وَنُسَخًا هُوَ بَرِيءٌ مِنْ عُهْدَتِهَا، وَمُنَزَّهٌ مِنْ قَوْلِهَا. وَقَدْ ذَكَرُوهُ مِنْ أَجْلِهَا فِي كُتُبِ الرِّجَالِ. مِنْ جُمْلَتِهَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَرْفُوعًا: "السَّبْتُ لَنَا وَالأَحَدُ لِشِيعَتِنَا، وَالاثْنَيْنُ لِبَنِي أُمَيَّةَ، وَالثُّلاثَاءُ لِشِيعَتِهِمْ، وَالأَرْبِعَاءُ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، وَالْخَمِيسُ لِشِيعَتِهِمْ، وَالْجُمُعَةُ لِلنَّاسِ جَمِيعًا"1. فَانْظُرْ مَا أَسْمَجَ هَذَا الْكَذِبُ، قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ وَضَعَهُ. وَبِالإِسْنَادِ: "لَمَّا أُسْرِيَ بِي سَقَطَ إِلَى الأَرْضِ مِنْ عَرَقِي، فَنَبَتَ مِنْهُ الْوَرْدُ، فَمَنْ أَحَبَّ أن يشم رائحتي فليشم الورد"2.   1 "حديث موضوع": وقد بين المصنف رحمه الله عدم نسبته إلى صاحب الترجمة. 2 "حديث موضوع": انظر تذكرة الموضوعات "626" للقيسراني. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 140 وَبِالسَّنَدِ: "ادَّهِنُوا بِالْبَنَفْسَجِ، فَإِنَّهُ بَارِدٌ فِي الصَّيْفِ حَارٌّ فِي الشِّتَاءِ"1. وَ: "مَنْ أَكَلَ رُمَّانَةً بِقِشْرِهَا أَنَارَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً"2. وَ: "الْحِنَّاءُ بَعْدَ النَّوْرَةِ أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ"3. وَ: كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا عَطَسَ قَالَ عَلِيٌّ لَهُ: رَفَعَ اللَّهُ ذِكْرَكَ. وَإِذَا عَطَسَ عَلِيٌّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْلَى اللَّهُ كَعْبَكَ"4. فَأَظُنُّ هَذَا مِنْ كَذِبِ الزَّنَادِقَةِ. نَقَلَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ خِلِّكَانَ، أَنَّ سَبَبَ مَوْتِهِ أَنَّهُ أَكَلَ عِنَبًا فَأَكْثَرَ مِنْهُ. قَالَ: وَقِيلَ: بَلْ كَانَ مَسْمُومًا، فَاعْتَلَّ مِنْهُ، فَمَاتَ. قُلْتُ: مَاتَ فِي صَفَر سنة ثلاثٍ وَمائتين، عَنْ خمسين سنة بطوس. ومشهده مقصود بالزيارة، رحمه اللَّه. 282- عليُّ بْن يزيد سُلَيْم الصدائي الكوفي5. صاحب الأكفان. عَنْ: الأعمش، وهارون بْن عنترة، وفطر بْن خليفة، وزكريّا بْن أَبِي زائدة، وفضيل بْن مرزوق، وجماعة. وعنه: أحمد بْن أَبِي شُرَيْح الرّازيّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن سلّام الطَّرَسُوسيّ، وعبد اللَّه بْن أيّوب المُخَرِّميّ، ومحمد بْن حرب النَّسائيّ، وهارون الحمّال، وطائفة. قَالَ الحَسَن: قَالَ أحمد بْن حنبل: ما كَانَ بِهِ بأس. وقال أبو حاتم: لَيْسَ قويّ، مُنْكَر الحديث. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 106". 2 "حديث موضوع": انظر المجروحين لابن حبان "2/ 106". 3 "حديث موضوع": انظر المجروحين لابن حبان "2/ 106". 4 "حديث موضوع": انظر المجروحين لابن حبان "2/ 106". 5 الجرح والتعديل "6/ 209"، الثقات لابن حبان "8/ 462"، تهذيب التهذيب "7/ 395، 396". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 141 قلت: لم يخرجوا لَهُ. 283- عليُّ بْن يونس البلخي1. العابد. العابد. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وهشام بْن الغاز، وعبد العزيز بْن أَبِي رواد، ومالك بْن أنس، وإسماعيل بْن جعفر، وآخرين. وعنه: يعقوب بْن عُبَيْد النَّهرتيريّ، وإبراهيم بْن هارون البلْخيّ، وإسحاق بْن عَبْد اللَّه بْن رزين النَّيْسابوريّ. ذكره ابن أَبِي حاتم، وما رأيت أحدًا ضعفه ولا من ذكره في أصحاب مالك. أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الْوَفَاءِ مَحْمُودٍ: أَنَا أَبُو الْخَيْرِ مُحَمَّدٌ، أَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَنْدَهْ، أَنَا أَبِي، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ النَّيْسَابُورِيُّ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُزَيْنٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ يُونُسَ الْبَلْخِيُّ، ثنا مَالِكٌ، وَالسُّفْيَانَانِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ"2. ثمّ ظفرت بذكره في "الضعفاء" للعقيلي وقال: لا يتابع عَلَى حديثه. ثمّ ساق من رواية الفضل بْن سهل الأعرج، عَنْ عليّ بْن يونس حديثًا، معروف المَتْن، غريب السند. 284- علية بنت أمير المؤمنين المهديّ3. أخت الرشيد. اشتريت أمها مكنونة للمهدي بمائة ألف درهم، فأولدها علية في سنة ستين ومائة. وكانت عُلَيَّة من أحسن النساء وأظرفهن وأعقلهن، ذات صيانة وأدب بارع.   1 الجرح والتعديل "6/ 209"، الثقات لابن حبان "8/ 459"، ميزان الاعتدال "3/ 163". 2 "حديث صحيح": أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "2535"، وَمُسْلِمٌ "1506"، وَأَبُو داود "2919"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1236"، وَالنَّسَائِيُّ "4671"، وابن ماجه "2747"، وأحمد في المسند "2/ 9، 79، 107"، وعبد الرزاق في المصنف "16138"، وابن حبان في صحيحه "4948، 4949"، والبيهقي في السنن "10/ 292". 3 الأغاني "10/ 158-162"، سير أعلام النبلاء "10/ 187، 188"، النجوم الزاهرة "2/ 191". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 142 تزوجها موسى بْن عيسى بْن موسى بْن محمد العبّاسيّ. وكان الرشيد يبالغ في إكرامها واحترامها. ولها ديوان شعر معروف بين الأدباء. عاشت خمسين سنة، وماتت في حدود العشر ومائتين. 285- عمّار بْن عَبْد الجبار السَّعْديّ المَرْوَزِيّ. أبو الحَسَن. سمع: ابن أَبِي ذئب، وشُعْبة، وطبقتهما. وعنه: أحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، ومحمد بْن عَقِيل الخُزاعيّ. وسيعاد. 286- عمار بْن عَبْد الملك المَرْوَزِيّ1. أبو اليقظان اليربوعي. مولاهم المُسْتَمليّ. سمع: شُعْبَة، وابن لهيعة. ذكره هكذا محمد بْن حَمْدَوَيْه في "تاريخ مَرْو"، وقال: مات ببغداد سنة خمس ومائتين. وقال: وكان سيئ الحِفْظ مغفَّلًا. لَهُ صلاح وعِبادة. ثنا عَنْهُ محمد بْن مَسْعَدَة. 287- عمار بْن مطر العَنْبريّ الرَّهاويّ2. أحد المتروكين المعنيين بالحديث. روى عَنْ: ابن أَبِي ذئب، وزهير، وأبي هلال، ومالك بْن أنس. وعنه: عَبْد اللَّه بْن سالم، ومبارك بْن عَبْد اللَّه السّرّاج، ومحمد بْن الخضر الرَّقّيّ، وأبو فروة الرَّهَاويّ، وعبد اللَّه بْن سَلَمَةَ البلَديّ، وآخرون. قَالَ ابن عديّ: متروك الحديث. 288- عمار بن بشر الدمشقي3 -ت.   1 الجرح والتعديل "6/ 393"، ميزان الاعتدال "3/ 165"، تاريخ بغداد "10/ 253، 254". 2 المجروحين لابن حبان "2/ 196"، ميزان الاعتدال "2/ 169، 170". 3 ميزان الاعتدال "3/ 173"، تهذيب التهذيب "7/ 411، 412". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 143 عَنْ: الأوزاعي، ومعاوية بْن يحيى الصَّدَفيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وغيرهم. وعنه: عليّ بْن سهل الرَّمْليّ، ونصر بْن الفَرَج شيخ النَّسائيّ، ويوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم. وحدَّثَ سنة مائتين. تُوُفّي بعد ذَلِكَ. 289- عِمران بْن أَبَان الواسطيّ1. أخو محمد بْن أَبَان. روى عَنْ: حمزة الزّيّات، وشُعْبة. وعنه: حُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، وسليمان بْن سيف الحرّانيّ، وآخرون. وهو ضعيف الحديث. 290- عُمَر بْن حبيب العَدَويّ الْبَصْرِيّ القاضي2. قِيلَ: هُوَ ابن حبيب بْن محمد بن مجالد بْن سليمان، من بُنيّ عديّ بْن عَبْد مَنَاة. روى عَنْ: حُمَيْد الطويل، وخالد الحذاء، ومحمد بْن عجلان، وهشام بْن عُرْوَة، ويونس بْن عُبَيْد، وطائفة. وعنه: إِسْحَاق بْن إبراهيم شاذان، وحفص الرُّبَاليّ، وحمّاد بْن الحَسَن بْن عَنْبَسَةَ، وأبو أمية الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بْن سِنان القزّاز، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وخلق. قَالَ عَبَّاس، عَنْ يحيى بْن مَعِين: ضعيف يكذب. وقال الْبُخَارِيّ: يتكلّمون فيه. وقال النَّسائيّ: ضعيف. وقال ابن عديّ: حَسَنُ الحديث، يكتب حديثه مع ضعفه.   1 التاريخ الكبير "6/ 409"، الجرح والتعديل "6/ 293"، ميزان الاعتدال "3/ 233". 2 التاريخ الكبير "6/ 148"، الثقات لابن حبان "7/ 172"، الجرح والتعديل "6/ 104، 105"، ميزان الاعتدال "3/ 184"، تهذيب التهذيب "7/ 431-433". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 144 قلت: ولي قضاء البصرة، ثمّ ولي قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد للمأمون. وهو جدّ أَبِي رفاعة عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عُمَر العَدَويّ. ويُروى أَنَّهُ حضر مجلسَ الرشيد، فتنازع الفُقَهاء في الاحتجاج بأبي هُرَيْرَةَ، فقال عُمَر بْن حبيب: هُوَ صَدُوق صحيح النقل. فهمّ الرشيد بقتله لكونه ردّ عَلَيْهِ، وطلبه. ثمّ دفع اللَّه عَنْهُ. قَالَ غير واحد: تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين بالبصرة. 291- عُمَر بْن سعْد1 -ع- أبو داود الحفري الكوفي العابد. والحَفَرِ: مكانٌ بالكوفة. وذِكره بالكنية أولى. عَنْ: مالك بْن مِغْوَلٍ، ومِسْعَر، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وصالح بْن حسّان، وبدر بْن عثمان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، ومحمود بْن غَيْلان، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وعليّ بْن حرب، ومحمد بْن رافع، وعبد بْن حُمَيْد، وطائفة. قَالَ عَبَّاس: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين يقدّمه في حديث سُفْيَان عَلَى محمد بْن يوسف وقبيصه. وقال وكيع: إن كَانَ يدفع بأحد في زماننا فبأبي داود. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: لا أعلمني رأيت بالكوفة أعبد منه. وقال أبو حاتم: صدوق، رَجُل صالح. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ من الصالحين الثّقات. حُكي أَنَّهُ أبطأ يومًا في الخروج إليهم، ثمّ خرج فقال: أعتذر إليكم، فإنه لم يكن لي ثوبٌ غيرُ هذا. صلَّيت فيه، ثمّ أعطيتُهُ بناتي حتّى صَلَّيْن فيه، ثمّ أخذته وخرجت إليكم. قَالَ أبو حمدون المقرئ: دفنا أبا داود الحَفَريّ رحمه اللَّه وتركنا بابه مفتوحًا. ما كَانَ في البيت شيء.   1 الطبقات الكبرى "6/ 403"، التاريخ الكبير "6/ 158"، الجرح والتعديل "6/ 112"، الثقات لابن حبان "7/ 189"، تهذيب التهذيب "7/ 452، 453". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 145 قَالَ ابن سعْد: مات في جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ ومائتين. 292- عُمَر بْن شبيب المُسْليّ1 -ق- أبو حفص المذحجي الكوفي. رأى أبا إِسْحَاق السَّبِيعيّ. عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْم، وعَمْرو بْن قيس الملائي، وإبراهيم بْن مهاجر، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وطائفة. وعنه: إبراهيم بْن سعيد الجوهري، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وعُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بْن طريف، والحَسَن بن علي العامري، وسَعْدان بْن نَصْر، وخلق. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعة: لين الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ صدوقًا. ولكنه كَانَ يخطئ كثيرًا عَلَى قلة روايته. قلت: لَهُ حديث واحد في "سنن ابن ماجة" في الطلاق2. تُوُفّي سنة اثنتين. 293- عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن رزين3 -م. د- أبو العباس السلمي النيسابوري. أخو مبشر، وجعفر. رحل وسمع: محمد بْن إِسْحَاق، وسفيان بْن حسين الواسطيّ، وإبراهيم بن طهمان، وسفيان الثوري، وجماعة.   1 الطبقات الكبرى "6/ 388"، الجرح والتعديل "6/ 115"، المجروحين لابن حبان "2/ 90"، تهذيب التهذيب "7/ 461". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "2079"، والبيهقي: في السنن الكبرى "7/ 369"، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "7/ 150" وقال: قال الدارقطني والبيهقي والصحيح ما رواه سالم ونافع عن ابن عمر موقوفا. 3 سير أعلام النبلاء "9/ 430"، تهذيب التهذيب "7/ 468، 469". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 146 وعنه: أحمد بْن الازهر، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وسهل بن عمار، وأيوب بن الحسين، وجماعة. وقال سهل بن عمار: لم يكن بخراسان أنبل منه. وقال الحاكم: خطتهم أشهر خطة بنيسابور في أيام عبد الله بن عامر بن كريز. وروى أبو العباس: وفاته في سنة ثلاث ومائتين. 294- عمر بن عبد الواحد1. قد مر. وقال بعضهم: تُوُفّي سنة إحدى ومائتين. 295- عُمَر بْن عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدِ الله بن معمر2 -ت- أبو حفص التيمي المدني. عَنْ: إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّه، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، ويونس بْن يزيد، وأبيه. وعنه: محمد بْن الحَسَن بْن زبالة، وإبراهيم بْن المنذر الحزامي، والزُّبَير بن بكار. 296- عمر بن يونس اليمامي3 -ع- أبو حفص. عَنْ: عكرمة بْن عمار، وأبيه يونس بْن القاسم الحنفي، وعاصم بْن محمد العُمَريّ، وملازم بْن عَمْرو، وعُمَر بْن أَبِي خثعم، وحباب بْن فَضَالَةَ صاحب أنس، وغيرهم. وعنه: أبو ثور الفقيه، وأبو خَيْثَمَة، وإِسْحَاق بْن وهْب العلّاف، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وعَمْرو النّاقد، وعبد بْن حُمَيْد، وبُنْدار، وخلق. وثّقه ابن معين، والنسائي.   1 تقدم ترجمته في الطبقة السابقة برقم "221". 2 التاريخ الكبير "6/ 178"، الجرح والتعديل "6/ 124"، تهذيب "7/ 482، 483". 3 الطبقات الكبرى "5/ 556"، التاريخ الكبير "6/ 206"، الجرح والتعديل "6/ 142، 143"، تهذيب التهذيب "7/ 506، 507". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 147 297- عُمَر بْن أَبِي بَكْر1. أبو حفص المَوْصِليّ قاضي الأردن. عَنْ: سليمان بْن بلال، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزناد، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، والزُّبَير بْن بكّار، وغيرهما. ضعفه أَبُو زُرْعة، وغيره. وقال أَبُو حاتم: ذاهب الحديث. وقال سَعِيد بْن نُمَيْر البردي: آفة من الآفات. وَأَمَّا أخوه عَمْرو بْن أَبِي بَكْر المَوْصِليّ أبو بَكْر فولي قضاءَ دمشق للرشيد ثمّ للأمين. وتُوُفّي في حدود المائتين. 298- عَمْرو بْن الأزهر الْبَصْرِيّ العَتَكيّ2. نزيل واسط ثمّ بغداد. عَنْ: حُمَيْد الطويل، وهشام بْن عُرْوَة، وبهز بْن حكيم، وغيرهم. وعنه: حسان بن سيّار، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله الحلبي، وخالد بن عمرو. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك. وكذبه بعضهم. 299- عَمْرو بْن خَالِد3. أبو حفص الأعشى. ويقال: أبو يوسف. كوفي واهٍ. روى عَنْ: عاصم، وهشام بْن عُرْوَة، والأعمش، ومحل الضَّبّيّ. وعنه: عمرو بن عبد الله الأودي، وأحمد بن حازم بن أبي عزرة، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "6/ 100"، ميزان الاعتدال "3/ 184". 2 التاريخ الكبير "6/ 316"، الجرح والتعديل "6/ 221"، ميزان الاعتدال "3/ 245، 246". 3 المجروحين لابن حبان "2/ 79"، ميزان الاعتدال "3/ 256، 257". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 148 قال ابن عدي: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا تحلّ الرواية عَنْهُ. 300- عَمْرو بْن محمد بْن أَبِي رزين1. أبو عثمان الخُزاعيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: ثور بْن يزيد، وهشام بْن حسان، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وشُعْبة، والثَّوْريّ. وعنه: رجاء بْن محمد العُذْريّ، ويحيى بْن مَعِين، ومحمد بْن سِنان القزّاز، ومحمد بْن بشّار، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وطائفة. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات" فقال: ربّما أخطأ. وحدَّثَ سنة ستٍّ ومائتين. 301- عَمْرو بْن محمد العَنْقَزَيّ الْبَصْرِيّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين، وقيل: سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 302- عَمْرو بْن عَبْد الغفار الفقيمي الكوفي2. حدث عنه: عمه الحَسَن بْن عَمْرو الفقيميّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى. وعنه: قُتَيْبة، وأحمد بْن الفُرات، والحَسَن بْن مُكْرَم، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وآخرون. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: رميت بحديثه، وكان رافضيًا. وقال أحمد العجلي: متروك. ومشاه بعضهم.   1 التاريخ الكبير "6/ 375"، الجرح والتعديل "6/ 262"، الثقات لابن حبان "8/ 482"، تهذيب التهذيب "8/ 97، 98". 2 التاريخ الكبير "6/ 352"، الجرح والتعديل "6/ 246"، الثقات لابن حبان "8/ 478"، ميزان الاعتدال "3/ 272". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 149 تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين. 303- عِمران بْن أبان بْن عِمران بْن زياد1. أبو موسى الواسطيّ الطّحّان. عَنْ: حريز بْن عثمان، وحمزة الزّيّات، وشُعْبة، وشريك، وجماعة. وعنه: الحَسَن بْن عليّ الخلّال، والحسين بْن عيسى البسطاميّ، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، وسليمان بْن سيف الحرّانيّ، وعبد اللَّه بْن الحَكَم القَطَوانيّ. قَالَ أبو داود: خرج مَعَ أَبِي السّرايا وقذف قومًا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا أرى بحديثه بأسًا. قَالَ ابن حِبّان: مات سنة خمسٍ ومائتين. لم يُخَرِّجوا لَهُ. 304- عَنْبَسَةُ بْن سَعِيد بْن أبان الأُمَويّ الكوفيّ2. أبو خَالِد: أخو يحيى، وعُبَيْد اللَّه، ومحمد، وعبد اللَّه، وأبان. روى عَنِ: ابْن المبارك. وعنه: ابن أخيه سَعِيد بْن يحيى، ومحمد بْن حسان الأزرقي. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. مات شابًا قبل أخيه عُبَيْد اللَّه المتوفيّ سنة ثلاثٍ ومائتين. وقد ولي قضاء الرّيّ. 305- عَوْف بْن محمد3.   1 تقدمت ترجمته برقم "289". 2 الطبقات الكبرى "6/ 407، 7/ 345"، التاريخ الكبير "7/ 36"، الجرح والتعديل "6/ 400"، الثقات لابن حبان "7/ 290". 3 الجرح والتعديل "6/ 16"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 76"، الثقات لابن حبان "8/ 521-523". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 150 أبو غسان المراديّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: يوسف بْن عبدة العتكي، ومحمد بن مسلم الطائفي. عنه: أبو حفص الفلّاس، وعَبْدة بْن عَبْد اللَّه الصّفّار، وبُنْدار، وغيرهم. 306- العلاء بْن عصيم1. أبو عبد الله الجعفي. مؤذي مسجد حسين الْجُعْفيّ. عَنْ: زُهَيْر بْن معاوية، وأبي الأحوص سلّام، وعنترة بْن القاسم. وعنه: أحمد بْن سَعِيد الرباطيّ، وأبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وعليّ بْن المَدِينيّ، وعبد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الدّارميّ، وآخرون. قَالَ مُطِّين: تُوُفّي سنة ثمانٍ ومائتين. 307- عيسى بْن إبراهيم الْقُرَشِيّ الهاشْميّ2. أحد الضعفاء. قد دار أكثر أقاليم الإسلام. وروى عَنْ: موسى بْن أَبِي حبيب، شيخ تابعي، غير حديثٍ مُنْكَر. وروى عَنْ: زُهَيْر بْن محمد. روى عَنْهُ: بقيَّة بْن الوليد، وبِشْر بْن القاسم، والحسين بْن منصور السُّلَميّ، وعليّ بْن الحَسَن الذُّهْليّ، وجماعة من النيسابوريين. تركه غير واحد. وقال الحاكم: واهي الحديث بمرَّة. روى عَنْهُ من القدماء: كثير بْن هشام، وبقية. 308- عيسى بْن خَالِد3. أبو عبد الله اليمامي.   1 التاريخ الكبير "6/ 518"، الجرح والتعديل "6/ 359"، تهذيب التهذيب "8/ 189". 2 التاريخ الكبير "6/ 407"، المجروحين لابن حبان "2/ 121"، ميزان الاعتدال "3/ 308، 309". 3 الجرح والتعديل "6/ 275"، الثقات لابن حبان "8/ 491". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 151 قدِم دمشق، وحدَّثَ عَنْ: شُعْبَة، وزهير بْن معاوية، ومبارك بن فضالة، والليث بن سعد، وجماعة. وعنه. محمود بْن خَالِد، ودُحَيْم، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وعبد الوهّاب بْن عَبْد الرحيم الأشجعي، وموسى بْن عامر، وعدَّة. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بحديثه. 309- عُيَيْنَة بْن عَبْد الرَّحْمَن1. أبو المنهال المهلّبيّ اللُّغَويّ النَّحْويّ. صاحب الخليل بْن أحمد، ومؤدب الأمير عبد الله بن الطاهر. روى عَنْ: داود بْن أَبِي هند، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة. وعنه: عليّ بْن الحَسَن الهلالي، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء، وأهل نَيْسابور. وكان من كبار أئمَّة العربية. "حرف الغين": 310- غالبُ بْن فَرْقَد الأصبهانيّ2. عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، وكثير بْن مُسْلِم، وعُمَر بْن الصبح. وعنه: إسماعيل بْن زيد القطّان، وعقيل بْن يحيى، وروح بْن جبر. "حرف الفاء": 311- فتيان بْن أَبِي السَّمْح عَبْد اللَّه بْن السَّمْح3. أبو الخيار الْمَصْرِيّ الفقيه. وُلِد سنة خمسين ومائة أو إحدى. وكان من أعيان أصحاب مالك. قَالَ محمد بْن وزير: كَانَ فتيان من أشغب النّاس في البحث. وكان بينه وبين الشّافعيّ مناظرة. فكان فتيان يَقُولُ: لا يباع الحر في الدين.   1 معجم الأدباء "16/ 165-167". 2 طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ "1/ 102، 103"، ذكر أخبار أصبهان "2/ 149". 3 كتاب الولاة والقضاة "362". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 152 وقال الشّافعيّ: إنّ ثَبَتَّ عَلَى القول بعدُ أفعل بك كَيْتَ وكَيْت. وكان الشّافعيّ حليمًا. وقال ابن عَبْد الحَكَم: كَانَ في فتيان عجلة، فأغلظ مرة للشافعي، فانتصر للشافعي سريُّ بْن الحَكَم وضرب فتيان وطوق بِهِ. وقال محمد بْن وزير: حضرت الشّافعيّ وفتيان يتناظران، وجري بينهما الكلام، إلى أنْ قَالَ فتيان: سَمِعْتُ مالكًا يَقُولُ: إنّ الإمام لا يكون إمامًا إلّا عَلَى شرط أَبِي بَكْر فإنه قَالَ: وليتكم ولستُ بخيركم، فإن زغتُ فَقَوَّموني. فاحتج الشّافعيّ بأشياء. فبلغ السَّرِيّ ذَلِكَ، فضرب فتيان، ثمّ وثب أهل المسجد بالشافعي، فدخل منزله فلم يخرج منه إلى أنْ مات. قَالَ يونس بْن عَبْد الأعلى: قَالَ السَّرِيّ: لو شهد عندي آخر مثل الشّافعيّ لضربت عُنُقه. وسمعتُ الشّافعيّ يَقُولُ: واللَّه ما شهدتُ على فتيان قط. ولقد سمعت منه ما لو شهدت بِهِ عَلَيْهِ لحلّ دَمُه. وقال ابن أخي فتيان: سَمِعْتُ عمي يَقُولُ: اللَّه بيني وبين الشّافعيّ. أو لا حَلَّلَ اللَّه الشّافعيّ. وتُوُفّي سنة خمسٍ ومائتين. ذكره ابن عُمَر الكِنْديّ في "الموالي". 312- الفرّاء1. وهو أبو زكريّا يحيى بْن زياد بْن عَبْد اللَّه بْن منظور الأَسَديّ. مولاهم الكوفي النَّحْويّ، صاحب التّصانيف. سكن بغداد وأملى بها كتاب "معاني القرآن" وغير ذَلِكَ. وحدَّثَ عَنْ: قيس بْن الربيع، ومندل بْن عليّ، وأبي الأحوص سلام بْن سُلَيْم، وأبي الحَسَن الكسائي، وأبي بَكْر بْن عياش. وعنه: مَسْلَمَة بْن عاصم، ومحمد بن الجهم السمري، وغيرهما. وكان ثقة.   1 أخبار القضاة لوكيع "3/ 92"، سير أعلام النبلاء "10/ 118-121"، البداية والنهاية "10/ 261". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 153 وقد روى عَنْ ثعلب أَنَّهُ قال: لولا الفَرَّاء لما كانت عربيَّة ولَسَقَطَت؛ لأنّه خلصها؛ ولأنها كانت تُتَنَازَع ويدّعيها كلُّ أَحَد. وذكر أبو بُدَيْل الوضّاحيّ قَالَ: أمر المأمون الفرّاء أنْ يؤلّف ما يجمع بِهِ أصول النَّحْو. وأمر أنْ يُفرد في حُجرة، ووكّل بِهِ خدمًا وجواري يقمن بما يحتاج إِلَيْهِ. وصيَّر لَهُ الورّاقين. فكان عَلَى ذَلِكَ سنين. قَالَ: ولما أملى كتاب "المعاني" اجتمع لَهُ الخلق، فلم يضبط إلّا القضاة، وكانوا ثمانين قاضيًا، وأملّ "الحمد" في مائة ورقة. قَالَ: وكان المأمون قد وكّل بالفرّاء ابنيه يلقّنهما النَّحْو. فأراد يومًا النُّهُوض فابتدرا إلى نَعْله فتنازعا أيُّهما يقدمه. ثمّ اصطلحا أنْ يقدم كل واحد فردة. فبلغ المأمون فقال: لَيْسَ يكبر الرجل عَنْ تواضعه لسلطان ووالده ومعلّمه العِلْم. وقال ابن الأنباريّ: لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربيَّة إلّا الكسائي، والفراء لكان لهم بهما الافتخار عَلَى النّاس. قَالَ: وكان يقال للفرّاء: أمير المؤمنين في النَّحْو. وعن هنّاد بْن السَّرِيّ قَالَ: كَانَ الفرّاء يطوف معنا عَلَى الشيوخ فما رأيناه أثبت سوداء في بيضاء. فظننا أَنَّهُ كَانَ يحفظ ما يحتاج إِلَيْهِ. قِيلَ: إنّما سُمّي بالفرّاء؛ لأنّه كَانَ يفري الكلام. قَالَ سلمة بْن عاصم: إني لأعجب من الفرّاء كيف يعظم الكسائي وهو أعلم منه بالنحو. تُوُفّي بطريق مكَّة سنة سبْعٍ ومائتين، وله ثلاث وستون سنة. 313- الفضل بْن الربيع بْن يونس1. حاجب الرشيد، وابن حاجب المنصور. كَانَ من رجال الدّهر رأيًا وحزْمًا ودَهاء ورياسة. وهو الّذي قام بخلافة الأمين، وساق إِلَيْهِ الخزائن بعد موت والده، وسلّم إِلَيْهِ القضيب والخاتم. وأتاه بذلك من طوس. وكان هُوَ الكلّ لاشتغال الأمين باللعب واللهو. ولمّا تداعت دولة الأمين ولاح عليها الإدبار اختفى الفضل مدة طويلة.   1 سير أعلام النبلاء "10/ 109، 110"، البداية والنهاية "10/ 263". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 154 ولمّا بويع إبراهيم بْن المهديّ ظهر الفضل، وساس نفسه، فلم يدخل معهم في شيء، ولهذا عفا عَنْهُ المأمون. تُوُفّي سنة ثمان ومائتين وهو في عشر السبعين. 314- الفضل بْن عَبْد الحميد المَوْصِليّ1. شيخ مسن، رحل وسمع من: الأعمش، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد. وجماعة. روى عَنْهُ: سَعِيد ين المغيرة، وإِسْحَاق بْن إبراهيم لؤلؤ، وعُبَيْد بْن حفص، وطائفة آخرهم موتًا محمد بْن أحمد بْن أبي المُثَنَّى. وما علمت أحدًا ضعفه. قَالَ الْأَزْدِيّ: تُوُفّي سنة تسع ومائتين. "حرف القاف": 315- القاسم بْن الحَكَم بْن كثير بْن جُنْدب العُرَنيّ الكوفيّ2 -ت- القاضي أبو أحمد قاضي همدان. عَنْ: زكريّا بْن أَبِي زائدة، وأبي حنيفة، والقاسم بْن معن المسعودي، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وعُبَيْد اللَّه بْن الوليد الرّصافيّ، ومِسْعَر، والثَّوْريّ، وطائفة. وعنه: إِسْحَاق بْن الفيض، وأحمد بْن محمد بْن سَعِيد بْن أبان التبعي، وزكريا بن يحيى البلْخيّ، ومحمد بْن المغيرة الضَّبّيّ، وعَمْرو بْن رافع القَزْوينيّ، ومحمد بْن حسّان الأزرق، والمستمرّ بْن الصَّلْت، وخلْق. وقد كَانَ أحمد بْن حنبل عزم عَلَى الرحلة إِلَيْهِ. وثّقه غير واحد. وقال أبو زُرْعة: صدوق. وقال أبو عليّ الرفّاء، عَنْ محمد بْن صالح الأشجّ: مات القاسم بن الحكم سنة   1 الجرح والتعديل "7/ 65"، الكامل في التاريخ "6/ 390". 2 التاريخ الكبير "7/ 171"، الجرح والتعديل "7/ 109"، الثقات لابن حبان "9/ 16"، التهذيب "8/ 311، 312". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 155 ثمان ومائتين وحضرت جنازته. وولد سنة ثلاث عشر ومائة. 316- القاسم بْن الحَكَم بْن أوس الْأَنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ1. عَنْ: مَعْمَر بْن راشد، وغيره. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر القواريري، ومحمد بْن المُثَنَّى العنزيّ. قَالَ أبو حاتم: مجهول. 317- القاسم بْن هارون بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ العبّاسيّ2 المؤتمن بْن الرشيد. كَانَ أَبُوهُ قد جعله وَلِيَّ العهد بعد الأمين والمأمون. وشرط للمأمون إنْ شاء أنْ يُقِرّه أقره، وإن شاء أنْ يخلعه خلعه. فخلعه سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وتُوُفّي سنة ثمانٍ ومائتين وله خمس وثلاثون سنة. 318- قُدَامة بْن محمد بْن خَشْرَم الخشرميّ الْمَدَنِيّ3. عَنْ: أَبِيهِ، وأبوه مجهول، وعن: مَخْرَمة بْن بُكَيْر. وعنه: عَبْد اللَّه بْن هارون بْن موسى الفَرَوِيّ، وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم. قَالَ ابن حِبّان: روى المقلوبات الّتي لا يُشَارَك فيها. لا يجوز الاحتجاج بِهِ. قلت: وروى أيضًا عَنْ: داود بْن المغيرة. وعنه: ابن نُمَيْر، وابن شَيْبة الحزاميّ. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بِهِ بأس. قراد. أبو نوح. اسمه عبد الرحمن. تقدم ذكره.   1 التاريخ الكبير "7/ 171"، الجرح والتعديل "7/ 109"، الثقات لابن حبان "7/ 338"، التهذيب "8/ 318". 2 تاريخ خليفة "458، 470، 473"، الكامل في التاريخ "6/ 387". 3 التاريخ الكبير "7/ 179"، الجرح والتعديل "7/ 129"، المجروحين لابن حبان "2/ 219، 220"، ميزان الاعتدال "3/ 386". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 156 319- قُرَيش بْن إبراهيم الصَّيْدلانيّ1. بغداديّ ثبت حافظ. مات قبل الشيخوخة. روى عن: عبد العزيز الدراوردي، ومعتمر بن سليمان. روى عَنْهُ رفيقاه أحمد بْن حنبل، وسُرَيْج بن يونس. قال يعقوب بن شيبة: كَانَ من عُلَيَّة أصحاب الحديث. مات قبل أنْ يُكتب عَنْهُ. 320- قُرَيش بْن أنس الْبَصْرِيّ2 -خ. م. د. ت. ن- عَنْ: حُمَيْد الطويل، وابن عَوْن، وحبيب بْن الشهيد، وعوف الدارمي، وجماعة. وعنه: علي بن المدني، وبُنْدار، وبكّار بْن قُتَيْبَة، والكُدَيْميّ، ومحمد بْن أَبِي العوّام، وخلْق. قَالَ النَّسائيّ: ثقة إلّا أَنَّهُ تغيّر. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: كَانَ ثقة. وقال الْبُخَارِيّ، عَنْ إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن حبيب: مات سنة تسع ومائتين. قَالَ: وكان قد اختلط ستٍّ سنين في البيت. وقال أبو داود، عَنْ محمد بْن عُمَر المُقَدَّمّي: مات في رمضان سنة ثمان. 321- قُطّرب3. تلميذ سِيبَوَيْه. هُوَ أبو عليّ محمد بْن المستنير الْبَصْرِيّ النَّحْويّ، صاحب التّصانيف. كَانَ يؤدب أولاد الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ. وكان أيّام اشتغاله يبكّر في تحصيل النَّوْبة عَلَى سِيبَوَيْه. فقال لَهُ: ما أنت إلّا قطرب ليل. فلزمه هذا اللقب.   1 الثقات لابن حبان "9/ 25"، تاريخ بغداد "2/ 470، 471". 2 التاريخ الكبير "7/ 195"، الجرح والتعديل "7/ 142"، ميزان الاعتدال "3/ 389"، تهذيب التهذيب "8/ 374، 375". 3 معجم الأدباء "19/ 53، 54"، البداية والنهاية "10/ 259". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 157 روى عَنْهُ: محمد بْن الْجَهْم السمري، وغيره. وكان موثقًا فيما ينقله. تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. "حرف الكاف": 322- كثير بْن هشام1. أبو سهل الكِلابيّ الرَّقّيّ. نزيل بغداد. روى الكثير عَنْ: جعفر بْن بُرْقان. وحدَّثَ أيضًا عَنْ: شُعْبَة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإِسْحَاق، وعَمْرو النّاقد، ومحمد بْن المُثَنَّى، وعباس الدُّوريّ، والحارث بْن أَبِي أسامة، وجماعة. وثّقه ابن مَعِين، وأبو داود. تُوُفّي في شَعْبان سنة سبْعٍ. ولمّا مات قَالُوا: اليوم مات جعفر بْن بُرْقان. وقيل: إنّه روى عَنْ جعفر الصادق. قَالَ عَبَّاس الدُّوريّ: ثنا كثير بْن هُشَيْم وكان من خيار المسلمين. "حرف الميم": 323- محمد بْن إدريس بْن العبّاس بْن عثمان بْن شافع بن السائب بن عبيد بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ2. الْإِمَام العَلَم أبو عَبْد اللَّه الشّافعيّ الْمَكِّيّ المطَّلبيّ الفقيه، نسيب رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وُلِدَ بغرة سنة خمسين ومائة. وحُمِلَ إلى مكَّة وهو ابن سنتين فنشأ بها، وأقبل عَلَى الأدب والعربيَّة والشِّعْر، فبرع في ذَلِكَ. وحُبِّب إِلَيْهِ الرمي حتّى فاق الأقران وصار يصيب من العشرة تسعة. ثم كتب العلم.   1 الطبقات الكبرى "7/ 334"، التاريخ الكبير "7/ 218"، الجرح والتعديل "7/ 158"، الثقات لابن حبان "9/ 26"، التهذيب "8/ 429". 2 التاريخ الكبير "1/ 42"، الجرح والتعديل "7/ 201"، الثقات لابن حبان "9/ 30"، حلية الأولياء "9/ 63-161"، الزهد الكبير للبيهقي "172"، تهذيب التهذيب "9/ 25-31". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 158 وروى عَنْ: سَلْم بْن خَالِد الزنجي فقيه مكة، وداود بْن عَبْد الرَّحْمَن العطّار، وعبد العزيز بْن أَبِي سلمة الماجِشُون، وعمّه محمد بْن عليّ بْن شافع، ومالك بْن أنس، وعرض عَلَيْهِ "المُوَطّأ" حِفظًا، وعطاف بْن خَالِد، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وإبراهيم بْن سعْد، وإبراهيم بْن أَبِي يحيى الأسْلَميّ الفقيه، وإسماعيل بْن جعفر، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُلَيْكِيُّ، وَعَبْدُ العزيز الدَّراوَرْديّ، ومحمد بْن عليّ الْجَنَديّ، ومحمد بْن الحَسَن الفقيه، وإسماعيل بْن عُلَيَّة، ومُطَرِّف بْن مازن قاضي صنعاء، وخلْق سواهم. وعنه: أبو بَكْر الحُمَيْديّ، وأبو عُبَيْد القاسم بْن سلّام، وأحمد بْن حنبل، وأبو ثور إبراهيم بْن خَالِد الكلبي، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البُوَيْطيّ، وحَرْمَلَة بْن يحيى، وأبو إبراهيم إسماعيل بْن يحيى المُزَنيّ، والحسين بْن عليّ الكرابيسي، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، والربيع بْن سليمان المُرَاديّ، وموسي بْن أَبِي الجارود الْمَكِّيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأحمد بْن سِنان القطّان، وأبو الطّاهر أحمد بْن عمرو بْن السَّرْح، وبحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وعبد العزيز الْمَكِّيّ صاحب "الحيدة" وخلق سواهم. وممن روى عَنِ الشّافعيّ: أحمد بْن محمد الأزرقيّ شيخ الْبُخَارِيّ، وأحمد بْن محمد بْن سَعِيد الصَّيْرفيّ البغداديّ، وأحمد بْن سَعِيد الهَمْدانيّ، وأحمد بْن أَبِي سُرَيْح الرّازيّ، وأحمد بْن خَالِد البغداديّ الخلّال، وأحمد بْن يحيى بْن وزير الْمَصْرِيّ، وأحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب، وأحمد بْن صالح، وإبراهيم بْن محمد الشّافعيّ، وإبراهيم بْن المنذر، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وأحمد بْن يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّافعيّ المتكلّم، والحَسَن بْن عَبْد العزيز الحروي، والحارث بن شريح البقال، وداود ين يحيى البلْخيّ، وسليمان بْن داود الْمَصْرِيّ، وسليمان بْن داود الهاشْميّ، والأصمعيّ، وعبد الغني بْن عَبْد الغني الْمَصْرِيّ العسّال، وعبد العزيز بْن عِمران بْن مقلاص، وعليّ بْن سَعِيد الرَّقّيّ، وعليّ بْن سَلَمَةَ الحنفيّ اللَّبَقيّ، وأبو حنيفة قَحْزَم بْن عَبْد اللَّه الأَسْوانيّ، ومحمد بْن يحيى العَدَنيّ، ومحمد بْن سَعِيد بْن خالد العطّار، ومسعود بْن سهل الْمَصْرِيّ الأسود، وهارون بْن سَعِيد الأَيْليّ، ويحيى بْن عَبْد اللَّه، وغيرهم. وهذا التاريخ يضيق عَنْ ذكر شمائل الْإِمَام الشّافعيّ رحمه اللَّه تعالى، وقد أفرد الجزء: 14 ¦ الصفحة: 159 لَهُ غير واحد من العلماء ترجمة في مجلد تامّ. ولكنّا نذكر إنّ شاء اللَّه تعالى لَهُ ترجمة حسنة فنقول: كَانَ السائب بْن عُبَيْد المطَّلبيّ أحد من أسِر يوم بدر من المشركين، وكان يُشَبَّه بالنبي -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمه هِيَ الشّفاء بنت أرقم بْن نَضْلَة أخي عَبْد المطلب ابنَيْ هاشم. ويقال: إنّه أسلم بعد أنْ فَدَى نفسه. ولابنه شافع رؤية. وعثمان بْن شافع معدود من التابعين. وكانت أمّ الشّافعيّ أزْدِيّةَ. فعن ابن عَبْد الحَكَم قَالَ: لمّا حملت أم الشّافعيّ بِهِ رأت كأن المشتري خرج من فرجها حتّى انقض بمصر، ثمّ وقع في كل بلدٍ منه شظية. فتأول المعتبرون أَنَّهُ يخرج منها عالم يخص عِلْمُه أهل مصر، ثمّ يتفرق في سائر البلدان. وعن الشّافعيّ قَالَ: لم يكن لي مال، فكنت أطلب العلم في الحداثة أذهب إلى الديوان استوهب الظُّهُور أكتب فيها1. وقال عمرو بْن سواد: قَالَ لي الشّافعيّ: كانت نهمتي في شيئين: في الرمي وطلب العِلْم. فنلت من الرَّمْيِ حتّى كنت أصيب عشرة من عشرة. وسكت عَنِ العلم. فقلت لَهُ: أنت واللَّه في العلم أكبر منك في الرمي2. قَالَ: وولدت بعسقلان فلمّا أتت عليّ سنتان حملتني أمي إلى مكة. هذه رواية صحيحة. وقال: قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ثنا أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن ابن أخي ابن وهْب: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ولدت باليمن فخافت أمي عليَّ الضَّيْعة وقالت: الْحَق أهلك فتكون مثلهم. فجهزتني إلى مَكَّةَ فقدمتها وأنا ابن عشر. فصرت إلى قريبٍ لي وجعلت أطلب العلم فيقول لي: لا تشتغل بهذا وأقبل علي ما ينفعك. فجعلت لذتي في هذا العلم وطلبته حتّى رزق اللَّه منه ما رزق. كذا قَالَ: إنّه وُلِد باليمن، وهذا غلط، أو لعله أراد باليمن القبيلة.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 77"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "2/ 248". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 77". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 160 وقال أحمد بْن إبراهيم الطّائيّ الأوقع، وهو مجهول: ثنا المُزَنيّ، سمع الشّافعيّ يقول: حَفِظْتُ القرآن وأنا ابن سبْعِ سنين، وحفظت "المُوَطّأ" وأنا ابن عشر سنين. وقال أَبُو بَكْر محمد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الصَّمد بْن أحمد المطلبي الشّافعيّ الْمَكِّيّ، شيخ لابن جُمَيْع: قَالَ أَبِي معاوية الأَيْليّ قَالَ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن، فما علمت أَنَّهُ مر بي حرف إلّا وقد علمت المعنى فيه، ما خلا حرفين، احدَيْهما: دَسّاها1. وعن حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: أتيت مالكًا وأنا ابن ثلاث عشر سنة، وكان ابن عَمٍّ لي والي المدينة، فكلّم لي مالكًا فأتيته. فقال: اطلب من يقرأ لك. فقلت: أَنَا أقرأ2. فقرأت عَلَيْهِ. فكان ربما قَالَ لي لشيءٍ مرّ: أَعْده. فأعيده حفظًا. وكأنه أعجبه. ثمّ سألته عَنْ مسألة فأجابني، ثمّ أخرى فقال: انت تحبّ أنْ تكون قاضيًا3. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكِم: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قرأت عَلَى إسماعيل بْن قسطنطين. وقال: قرأت عَلَى شِبْلٍ. وقال: قرات عَلَى عَبْد اللَّه بْن كثير، وهو عَلَى مجاهد، "وأخبر" مجاهد أَنَّهُ قرأ عَلَى ابن عَبَّاس. قَالَ: وكان إسماعيل يَقُولُ: القرآن اسمٌ وليس بمهموز. ولم يُؤخذ من "قرأت" ولو أُخذ من "قرأت" كَانَ كلّ ما قُرئ قرآنًا. ولكنّه اسم للقرآن مثل التّوراة والإنجيل. وقال محمد بْن إسماعيل، أظنه السُّلَميّ: حدَّثني حسين الكرابيسي قَالَ: بتّ مَعَ الشّافعيّ غير ليلة، وكان يصلي نحو ثُلُثُ اللَّيْلِ، فما رأيته يزيد عَلَى خمسين آية فإذا أكثر فمائة. وكان لا يمر بآية رحمةٍ إلّا سأل اللَّه، ولا بآية عذابٍ إلّا تَعَوَّذ منها. وقال إبراهيم بْن محمد بْن الحَسَن الأصبهاني: ثنا الربيع قَالَ: كَانَ الشّافعيّ يختم القرآن ستين مرّة في رمضان. وكان من أحسن النّاس قراءة. فروى الزُّبَيْر، عَنْ عَبْد الواحد الأستراباذي، قال:   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 104". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 69". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 101"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 69". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 161 سَمِعْتُ عَبَّاس بْن الحُسين: سَمِعْتُ بحر بْن نَصْر يَقُولُ: كنّا إذا أردنا أنْ نبكي قُلْنَا بعضنا لبعض: قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي يقرأ القرآن. فإذا أتيناه استفتح القرآن حتّى يتساقط النّاس، ويكثر عجيجهم بالبكاء من حَسَن صوته. فإذا رأى ذَلِكَ أمسك عَنِ القراءة. وقال أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الجارود، وهو كذّاب: سَمِعْتُ الربيع يَقُولُ: كَانَ الشّافعيّ يفتي وله خمس عشرة سنة. وكان يحيى الليل إلى أنْ مات. وقال محمد بْن محمد الباغَنْديّ: حدَّثني الربيع بْن سليمان قَالَ: ثنا الحُمَيْديّ قَالَ: قَالَ مُسْلِم بْن خَالِد الزنجي وقد مر عَلَى الشّافعيّ فقال: يا أبا عبد الله أفتِ فقد آن لك أنْ تفتي. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: هكذا ذكر في هذه الحكاية. وليس ذَلِكَ بمستقيم؛ لأن الحُمَيْديّ كَانَ يصغر إذ ذاك عَنِ الشّافعيّ وله تِلْكَ السن. والصواب: ثنا عليّ بْن المحسن، ثنا محمد بْن إِسْحَاق الصّفّار، ثنا عَبْد اللَّه بْن محمد القَزْوينيّ: سَمِعْتُ الربيع بْن سليمان: سَمِعْتُ الحُمَيْديّ يَقُولُ: قَالَ مُسْلِم بْن خَالِد الزنجي للشافعي: أفْتِ، فقد آن لك أنْ تُفتي. وهو ابن دون عشرين سنة. ورواها أبو نُعَيْم الإسْتِراباذيّ، عَنِ الربيع، عَنِ الحُمَيْديّ قَالَ: قَالَ مُسْلِم الزنجي. وقال أبو نُعَيْم الحافظ: ثنا عليّ، أَنَا أبو النَّضْر: سَمِعْتُ محمد بْن العبّاس: سَمِعْتُ إبراهيم بْن مراد قَالَ: كَانَ الشّافعيّ طويلًا نبيلًا جسيمًا. وقال الزَّعْفرانيّ: كان الشافعي يخضب بالحناء، خفيف العارضين. وقال المُزَنيّ: ما رأيت أحسن وجهًا من الشّافعيّ، وكان ربّما قبض عَلَى لحيته، فلا تفْضُلُ عَنْ قبضته. قَالَ الربيع المؤذِّن: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: كنت ألزم الرمي حتّى كَانَ الطبيب يَقُولُ لي: أخاف أنْ يصيبك السُّلُّ من كثرة وقوفك في الحر، وكنت أصيب من العشرة تسعة1. وروى عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم فِي كتاب "مناقب الشّافعيّ" لَهُ بإسنادين، أنَّ الشّافعيّ قَالَ: كنت أكتب في الأكناف والعظام.   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 128". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 162 وقال الحُمَيْديّ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: كنت يتيمًا في حَجْر أمّي ولم يكن لها ما تُعطي المعلّم، وكان المعلّم قد رضي منّي أنْ أقوم عَلَى الصبيان إذا غاب، وأخفف عَنْهُ. وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: قدمتُ عَلَى مالك وقد حَفِظْتُ "المُوَطّأ" ظاهرًا1. فقلت: أريد سماعه. فقال: أطلب من يقرأ لك. فقلت: لا عليك أنْ تسمع قراءتي، فإنْ سهُل عليك قرأت لنفسي. فقال: اطلب من يقرأ لك، وكرَّرتُ عَلَيْهِ، فلمّا سمع قراءتي قرأت لنفسي. وقال جعفر ابن أخي أَبِي ثور: سَمِعْتُ عمّي يَقُولُ: كُتُب عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي إلى الشّافعيّ، وهو شاب، أنْ يضع لَهُ كتابًا فيه معاني القرآن، ويجمع الأخبار فيه، وحجة الإجماع، وبيان النّاسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع لَهُ "كتاب الرسالة"2. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي: ما أصلّي صلاةٍ إلّا وأنا أدعو للشافعي فيها. قلت: وكان عَبْد الرَّحْمَن من كبار العلماء. قَالَ فيه أحمد بْن حنبل: عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي إمام. وروى أبو العبّاس بْن سُرَيْج، عَنْ أَبِي بَكْر بْن الْجُنَيْد قَالَ: حجّ بِشْر الْمَرِيسيّ فرجع. فقال لأصحابه: رأيت شابًا من قُرَيش بمكّة ما أخاف عَلَى مذهبنا إلّا منه، يعني الشّافعيّ. وقال الزَّعْفرانيّ: حجّ الْمَرِيسيّ، فلمّا قدِم قَالَ: رأيت بالحجاز رجلًا ما رأيت مثله سائلًا ولا مجيبًا، يعني الشافعي. قال: فقدم علينا، فاجتمع إليه الناس وخفّوا عَنْ بِشْر، فجئت إلى بِشْر. فقلت: هذا الشّافعيّ الّذي كنت تزعمُ قد قدِم. فقال: إنّه قد تغيّر عمّا كَانَ عَلَيْهِ.   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 92"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 73". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 101"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 76". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 163 قَالَ: فما كَانَ مَثَلُهُ إلّا مَثَل اليهود في أمر عَبْد اللَّه بْن سلّام. وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: ستّة أدعو لهم سَحَرًا، أحدهم الشّافعيّ. وقال هارون الزّنْجانيّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: قلت لأبي: يا أَبَه، أيُّ رجلٍ كَانَ الشافعي؟ فإنّي سمعتك تُكثِر من الدّعاء لَهُ؟ فقال: يا بُنيّ، كَانَ الشّافعيّ كالشمس للدنيا، وكالعافية للنّاس، فهل لهذين من خَلَفَ، أو منهما عِوَض؟ الزّنْجانيّ مجهول. وقال أبو داود: ما رأيت أحمد يميل إلى أحدٍ مَيْلَه إلى الشّافعيّ. وقال أبو عُبَيْد: ما رأيت رجلًا أعقل من الشّافعيّ. وقال قُتَيْبَة: الشّافعيّ إمام. وقال أبو عليّ الصّوَّاف: حدَّثني أحمد بْن الحَسَن الحمانيّ: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد يَقُولُ: رأيت الشّافعيّ عند محمد بْن الحَسَن، وقد دفع إِلَيْهِ خمسين دينارًا، وكان قد دفع إليه قبل ذلك خمسين درهمًا، وقال: إنِ اشتهيت العلم فالزم. قَالَ أبو عُبَيْد: فسمعت الشّافعيّ يَقُولُ: كتبتُ عَنْ محمد بْن الحَسَن وقر بعير، ولمّا أعطاه محمد قَالَ: لا تحتشم. قَالَ: لو كنت عندي ممن أحتشمك ما قبلت برك. تفرد بها الحماني، وهو مجهول. لكنّ قول الشّافعيّ: حملت عَنْ محمد بْن الحَسَن وقر بُخْتِيٍّ صحيح، رواه ابن أَبِي حاتم قَالَ: ثنا الربيع قَالَ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: حملت عَنْ محمد بْن الحَسَن حمل بُخْتِيٍّ، لَيْسَ عَلَيْهِ إلّا سماعي1. وقال أبو حاتم: ثنا أحمد بْن أبي سريج الرازي: سمعتُ الشّافعيّ يقول: أنفقتُ عَلَى كُتُب محمد بْن الحَسَن ستين دينارًا، ثمّ تدبرتُها، فوضعت إلى جنب كلّ مسألة2 حديثًا. قلت: وكان الشّافعيّ مَعَ فَرْط ذكائه يستعمل ما يزيده حفظًا وذكاء.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 78". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 78". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 164 قَالَ هارون بْن سَعِيد الأَيْليّ: قَالَ لنا الشّافعيّ أخذت الكتّان سنةً للحِفْظ، فأعقبي رمي الدَّم سنةً1. وقال يونس بْن عَبْد الأعلى: لو جمعت أمة ما وسعهم عقْلُ الشّافعيّ. وعن يحيى بْن أكثم قَالَ: كُنَّا عند محمد بْن الحَسَن في المناظرة، وكان الشّافعيّ رجلًا قرشي العقل والفهم والذهن، صافي العقل والفهم والدماغ، سريع الإصابة. ولو كَانَ أكثر سماعًا للحديث لاستغنى أُمَّةُ محمد -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ عَنْ غيره من الفُقَهاء. رواها أبو جعفر التِّرْمِذيّ: حدَّثني أبو الفضل الوَاشْجِرْدِيّ: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه الصّاغانيّ، عَنْ يحيى، فذكرها. وعن المأمون قَالَ: قد امتحنت محمد بْن إدريس في كلّ شيءٍ فوجدته كاملًا. وقال أبو يحيى الْمَكِّيّ الزّاهد: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد ابن بنت الشّافعيّ: سَمِعْتُ أَبِي وعمّي يقولان: كَانَ ابن عُيَيْنَة إذا جاءه شيء من التفسير وَالْفُتْيَا التفتَ إلى الشّافعيّ فيقول: سلوا هذا2. وقال أبو سَعِيد بْن الأَعْرابيّ، عَنْ تميم بْن عَبْد اللَّه: سَمِعْتُ سُوَيد بْن سَعِيد يَقُولُ: كُنَّا عند سُفْيَان، فجاء الشّافعيّ، فروى سُفْيَان حديثًا رقيقًا، فغشي عَلَى الشّافعيّ، فقيل: يا أبا محمد مات محمد بْن إدريس. فقال: إنّ كَانَ مات فقد مات أفضلُ أهل زمانه. وقال الدَّارَقُطْنيّ في ذكر من روى عَنِ الشّافعيّ: ثنا أبو بَكْر محمد بْن أحمد بْن سهل النابلسي الشهيد، ثنا أحمد بْن محمد بْن زياد الأَعْرابيّ: سَمِعْتُ تميم بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ: سَمِعْتُ أبا زرعة: سمعت قتيبة يقول: مات الثوري ومات الورع، ومات الشافعي فماتت السنن، فيموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع3. وقال الحارث بن سريج البقال: سَمِعْتُ يحيى القطّان يَقُولُ: أَنَا أدعو الله للشافعي أخصه به4.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 136". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 240"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 92". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 250"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 95". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 243"، وبو نعيم في الحلية "9/ 93". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 165 وقال أبو بَكْر بْن خلّاد: وأنا أدعو اللَّه في دُبُر صلاتي للشافعيّ. وقال ... بْن عليّ الظّاهريّ: سَمِعْتُ إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه يَقُولُ: لقيني أحمد بْن حنبل بِمَكَّةَ فقال: تعال حتّى أُرِيك رجلًا لم تر عيناك مثله. قال: قأقامني عَلَى الشّافعيّ1. وقال أبو ثور: ما رأيت مثل الشّافعيّ، ولا رأى هُوَ مثل نفسه. وقال أيّوب بْن سُوَيد صاحب الأوزاعي: ما ظننت أني أعيش حتّى أرى مثل الشّافعيّ. وقال أحمد بْن حنبل، وله طرق عَنْهُ: "إنّ اللَّه يُقيَّض للنّاس في رأس كل مائة سنة من يعلمهم السُّنَن، وينفي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكذب. فنظرنا، فإذا في رأس المائة عُمَر بْن عَبْد العزيز، وفي رأس المائتين الشّافعيّ"2. وقال حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: سُمِّيتُ ببغداد: "ناصر الحديث"3. وقال الفضل بْن زياد: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل يَقُولُ: ما أحدٌ مسّ مَحْبَرَةً ولا قلمًا إلّا وللشافعيّ في عُنقه مِنَّةٌ. وقال أحمد: كَانَ الشّافعيّ من أفصح النّاس. وقال إبراهيم الحربيّ: سألت أحمد عَنِ الشافعي فقال: حديثٌ صحيح، ورأيٌ صحيح. وقال الزَّعْفرانيّ: ما قرأت عَلَى الشّافعيّ حرفًا من هذه الكتب إلّا واحمد حاضر. وقال إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه: ما تكلَّم أحدٌ بالرأي -وذكر الأوزاعي، والثوري، أبا حنيفة ومالكًا- إلّا والشافعي أكثر اتباعًا وأقل خطأ منه. الشافعيٌّ إمام. وقال ابن مَعِين: ليس به بأس.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 97". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 97، 98"، والخطيب في تاريخه "2/ 62". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 107"، والخطيب في تاريخه "2/ 68". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 166 وعن أَبِي زُرْعة قَالَ: ما عند الشّافعيّ حديث فيه غلط. وقال أبو داود: ما أعلم للشافعي حديثًا خطأ. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال الربيع بْن سليمان: لو رأيتم الشّافعيّ لقلتم: إنّ هذه ليست كُتُبه. كَانَ، واللَّه، لسانه أكبر من كُتُبه. وعن يونس بْن عَبْد الأعلى قَالَ: ما كَانَ الشّافعيّ إلا ساحرًا، وما كنّا ندري ما يَقُولُ إذا قعدنا حوله، وكأن ألفاظه سُكّرٌ. وعن عَبْد الملك بْن هشام النَّحْويّ قَالَ: طالت مُجالستُنا للشافعي، فما سمعت منه لحنه قط. وكان ممّن تؤخذ عَنْهُ اللُّغَة. وقال أحمد بْن أَبِي سُرَيْج الرّازيّ: ما رأيت أحدًا أَفْوَهَ ولا أنطق من الشّافعيّ. وقال الأصمعي: أخذت شعر هُذَيْلٍ عَنِ الشّافعيّ. وقال الزُّبَيْر: أخذت شعر هُذَيْلٍ ووقائعها عَنْ عمّي مُصْعَب الزُّبَيْريّ. وقال: أخذتها عَنِ الشّافعيّ حفظًا. وقال موسى بن سهل: أحمد بْن صالح قَالَ: قَالَ لي الشّافعيّ: تعبّد من قبل أنْ تَرَأس. فإنّك إنْ ترأست لم تقدر أنْ تتعبد. قَالَ أحمد: وكان الشّافعيّ إذا تكلَّم كَانَ صوته صوت صَنْجٍ أو جَرَس من حُسْن صوته. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ما رأيت الشّافعيّ يناظر أحدًا إلّا ورحمته. وقال: لو رأيت الشّافعيّ يُناظر لظننت أَنَّهُ سَبْعٌ يأكلك، وهو الّذي علّم النّاس الحُجَج. وقال الربيع بْن سليمان: سُئل الشّافعيّ في مسألة، فأعجب بنفسه، فأنشأ يَقُولُ: إذا المشكلات تَصَدَّتْني ... كَشَفْتُ دقائقها بالنَّظَر الجزء: 14 ¦ الصفحة: 167 ولست بإمَّعَةٍ في الرَّجال ... أُسائِل هذا وذا ما الخَبَر ولكنّي مِدْرَهُ الأَصْغَرين ... فَتَّاحُ خَيْرٍ وفَرَّاجُ شَرّ وعن هارون بْن سَعِيد الأَيْليّ قَالَ: لو أنّ الشّافعيّ ناظر عَلَى أنّ هذا العمود الحجر خشب لغلب، لاقتداره عَلَى المناظرة. وقال الزَّعْفرانيّ: قدِم علينا الشّافعيّ بغداد سنة خمس وتسعين، فأقام عندنا سنتين، ثمّ خرج إلى مَكَّةَ. ثمّ قدِم علينا سنة ثمانٍ وتسعين، فأقام عندنا أشهرًا، ثمّ خرج. يعني إلى مصر. قلت: وقد قدِم قبل ذَلِكَ بغداد قدمته الأولى الّتي لقي فيها محمد بْن الحَسَن. وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ في حكاية ذكرها: لقد أصبحتْ نفسي تتوقُ إلى مصر ... ومن دونها أرضُ المهامه والقفر فوالله ما أدري أللفوز والغنى ... أساق إليها، أم أُساقُ إلى قبري فسيق، واللَّه، إليهما جميعًا. وقال ابن خُزَيْمة، ويوسف بْن عَبْد الأحد الرُّعَيْنيّ، ومحمد بْن أحمد زُغْبة، وأبو القاسم بْن بشّار: سمعنا الربيع يَقُولُ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. رواه ابن خُزَيْمة. الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، نا فُقَيْرُ بْنُ مُوسَى بْنِ فُقَيْرٍ الأَسْوَانِيُّ، نا أَبُو حَنِيفَةَ قَحْزَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسْوَانِيُّ، ثنا الشافعي، ثنا أَبُو حَنِيفَةَ بْنُ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ الْخَوْلانِيُّ الشِّهَلِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِنْ أَحَبَّ الْعَقْلَ أَخَذَ، وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ الْقَوْدُ" 1. وقال عليّ بْن محمد بْن أبان القاضي: ثنا أبو يحيى الساجي، ثنا المُزَنيّ، قال:   1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "4504"، والترمذي "1406"، وأحمد في المسند "6/ 385"، والشافعي في الرسالة "450"، والبيهقي في السنن الكبرى "5/ 52"، والدارقطني في سننه "3/ 95، 96"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "4504"، وفي الباب عن أبي هريرة: أخرجه البخاري "6880"، ومسلم "1355"، وأبو داود "4505". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 168 لما وافى الشّافعيّ مصر، قلت في نفسي: إن كَانَ أحدٌ يُخرج ما في ضميري وما تعلق بِهِ خاطري من أمر التوحيد فهو. فصرت إِلَيْهِ وهو في مسجد مصر، فلمّا جَثَوْت بين يديه قلتُ: إنّه هجس في ضميري مسألة في التوحيد، فعلمت أنّ أحدًا لا يعلم علمك، فما الّذي عندك؟ فغضب ثمّ قَالَ: أتدري أَيْنَ أنت؟ قلت: نعم. قَالَ: هذا الموضع الّذي غرق فيه فرعون. أبلغك أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بالسؤال عَنْ ذَلِكَ؟ فقلت: لا. فقال: هَلْ تكلّم فيه الصحابة؟ قلت: لا. قَالَ: تدري كم نجوم السماء؟ قلت: لا. قَالَ: فكوكبٌ منها تعرف جنسه، طلوعه، أفوله، مِمّ خُلِقَ؟ قلت: لا. قَالَ: فشيءٌ تراه بعينك من الخلق لست تعرفه، تتكلم في خالقه. ثمّ سألني عَنْ مسألة في الوضوء، فأخطأت فيها، ففرّعها عَلَى أربعة أوجُهٍ، فلم أُجِبْ في شيء منها. فقال: شيءٌ تحتاج إِلَيْهِ في اليوم خمس مرات، تدع عِلْمُه، وتتكلف علم الخالق، إذا هجس في ضميرك ذَلِكَ، فارجع إلى اللَّه تعالى، وإلى قوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: 163] الآية، والآية بعدها. فاسْتدِلّ بالمخلوق عَلَى الخالق، ولا تتكلف عِلْمَ ما لا يبلغه عقلُك. قَالَ: فُتْبتُ. مدارُها عَلَى أَبِي عليّ بْن حَمَكان، وهو ضعيف. وقال ابن أَبِي حاتم: في كتابي عَنِ الربيع بْن سليمان قَالَ: حضرت الشّافعيّ، أو حدَّثني أبو شُعَيْب، إلّا أني أعلم أَنَّهُ حضر عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، ويوسف بْن عَمْرو، وحفص الفرد، وكان الشّافعيّ يسميه المُنْفَرد. فسأل حفصٌ عَبْد اللَّه: ما تَقُولُ في القرآن؟ فأبي أنّ يجيبه. فسأل يوسف فلم يجبه، وكلاهما أشار إلى الشّافعيّ. فسأل الشّافعيّ، فاحتج عَلَيْهِ، وطالت المناظرة، فقام الشّافعيّ بالحُجَّة عَلَيْهِ بأن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، وبكفر حفص. قَالَ الربيع: فلقيت حفصًا في المسجد، فقال: أراد الشّافعيّ قتلي! 1 وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 455"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 112". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 169 وقال الربيع: قَالَ الشّافعيّ: تجاوز اللَّه عمّا في القلوب، وكتب عَلَى النّاس الأفعال والأقاويل. وقال المُزَنيّ: قَالَ الشّافعيّ: يُقال لمن ترك الصلاة: لا يعملها. فإنْ صلَّيتَ وإلّا اسْتَتَبْناكَ، فإن تبت وإلّا قتلناك؛ كما تكفر، فنقول: إنْ آمنت وإلّا قتلناك. وعن الربيع: قَالَ الشّافعيّ: ما أوردت الحُجّةَ، والحقَّ على أحدٍ فقبِله إلّا هِبْتُه واعتقدت مودته، ولا كابرني عَلَى الحق أحدٌ ودافع إلّا سقط من عيني1. وقال ابن عَبْد الحَكَم، وغيره: قَالَ الشّافعيّ: ما ناظرتُ أحدًا فأحببتُ أنّ يُخطئ. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ الشّافعيّ إذا ثبت عنده الحديث قلّده وخَبِر خصائله. لم يكن يشتهي الكلام، إنّما همته الفقه. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ الشّافعيّ: أنتم أعلم بالأخبار الصِّحاح منّا، فإذا كَانَ خبرٌ صحيح فأعلمني حتّى أذهب إِلَيْهِ، كوفيًّا كَانَ، أو بصريًا، أو شاميًا. وقال حَرْمَلَة: قَالَ الشّافعيّ. كلُّ ما قلت فكان من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلاف قولي ممّا صحّ فهو أَوْلَى ولا تقلِّدوني وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: إذا وجدتم في كتابي خلاف سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقولوا بها، ودعوا ما قلته2. وقال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وقال لَهُ رَجُل: يا أبا عَبْد اللَّه، نأخذ بهذا الحديث؟ فقال: مَتَى رويتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثًا صحيحًا ولم آخذ بِهِ، فأشهدكم أنّ عقلي قد ذهب3. وقال الحُمَيْديّ: روى الشّافعيّ يومًا حديثًا، فقلت: أتأخذ بِهِ؟ فقال: رأيتُني خرجتُ من كنيسة، أو عَلَى زُنّار، حتّى إذا سَمِعْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثًا لا أقول بِهِ4؟ وقال الشّافعيّ: إذا صح الحديث فهو مذهبي.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 117"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "2/ 251". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 472، 473"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 106، 107". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 474"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 106". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 474"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 106". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 170 وقال: إذا صحّ الحديث فاضربوا بقولي الحائط. وقال الربيع: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أيّ سماءٍ تُظلني، وأيّ أرضٍ تُقلُّني إذا رويت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثًا، فلم أقل بِهِ1. وقال أبو ثور: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كل حديث النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَكَرِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ قَدْ جَزَّءَ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: ثُلُثُهُ الْأَوَّلُ يَكْتُبُ، وَالثَّانِي يُصَلِّي، وَالثَّالِثُ يَنَامُ. قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيحَةٌ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَيْلَهُ كُلَّهُ كَانَ عِبَادَةً. فَإِنَّ كِتَابَةَ الْعِلْمِ عِبَادَةٌ، وَالنَّوْمَ لِحَقِّ الْجَسَدِ عِبَادَةٌ. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا" 2. وَقَالَ مُعَاذٌ: فَاحْتَسَبَ نَوْمَتِي كَمَا احْتَسَبَ قَوْمَتِي. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: ثَنَا الرَّبِيعُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَا شَبِعْتُ مُنْذُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا مَرَّةً، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فَتَقَيَّأْتُهَا. رَوَاهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَزَادَ بِهَا: لِأَنَّ الشِّبَعَ يُثْقِلُ الْبَدَنَ، وَيُزِيلُ الْفِطْنَةَ، وَيَجْلِبُ النَّوْمَ، وَيُضْعِفُ عَنِ الْعِبَادَةِ3. وَعَنِ الرَّبِيعِ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: عَلَيْكَ بِالزُّهْدِ، فَإِنَّ الزُّهْدَ عَلَى الزَّاهِدِ أَحْسَنُ مِنَ الْحُلِيِّ عَلَى النَّاهِدِ4. وقال إِبْرَاهِيم بْن الحَسَن الصُّوفيّ: ثنا حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ما حلفت باللَّه صادقًا ولا كاذبًا5. وقال أبو ثور: ما كَانَ الشّافعيّ يُمْسِك الشيء من سماحته. وقال عَمْرو بْن سواد: كَانَ الشافعي أسخر النّاس عَلَى الدنيا والدرهم والطعام. قَالَ لي: أفلست ثلاث مرات، فكنت أبيع قليلي وكثيري حتى حلي ابنتي وزوجتي،   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 475"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 106". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1974، 1975"، ومسلم "1159"، والنسائي "2390". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 127". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 130". 5 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 164"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 135". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 171 ولم أرهن قطّ1. وقال الربيع: أخذ رَجُل بركاب الشّافعيّ فقال لي: أَعْطِه أربعة دنانير واعذرني عنده2. وعن المُزَنيّ: إنَّ الشّافعيّ وقف عَلَى رَجُلٍ رآه حَسَن الرمي، فأعطاه ثلاثة دنانير، وقال لَهُ: أحسنت3. وقال أبو عليّ الحصائري: سَمِعْتُ الربيع يَقُولُ: مر الشّافعيّ عَلَى حمار في الحذائين، فسقط سوطه، فوثب غلامٌ ومسح السوط بكمه وناوله إيّاه، فقال لغلامه: أعطه تِلْكَ الدنانير. قَالَ الربيع: ما أدري كانت تسعة أو سبعة4. وقال: تزوجت، فسألني الشّافعيّ، كم أصدقتها؟ قلت: ثلاثين دينارًا، عجلّت منها ستّة. فأعطاني أربعة وعشرين دينارًا. وعن الربيع: أنّ رجلًا ناول الشّافعيّ رقعة فيها: إنّي رَجُل بقال، رأس مالي درهم. وقد تزوجت فأعني. فقال: يا ربيع، أعطه ثلاثين دينارًا، واعذرني عنده. فقلت: إنَّ هذا رَجُل تكفيه عشرة دراهم. فقال: ويْحك أَعْطِه. وقال ابن أبي حاتم: ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم: ثنا محمد بْن رَوْح: ثنا الزُّبَيْر بْن سليمان الْقُرَشِيّ، عن الشافعي قال: خرج هرثمة فأقرني سلام أمير المؤمنين هارون وقال: قد أمر لك بخمسة آلاف دينار. قَالَ: فحمل إِلَيْهِ المال، فدعا بحجام فأخذ شعره، فأعطاه خمسين دينارًا. ثمّ أخذ رقاعًا فصرر صررًا، وفرقها في القرشيين، حتّى ما بَقِيّ معه إلّا نحو مائة دينار5.   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 222"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 77، 132". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 130". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 223"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 132". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 221". 5 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 226، وأبو نعيم في الحلية "9/ 131، 132". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 172 وقال أبو نُعَيْم بْن عديّ، والأصم، والعكري، وآخرون: ثنا الربيع: أخبرني الحُمَيْديّ. قَالَ: قدِم علينا الشّافعيّ صنعاء، فضربت لَهُ الخيمة، ومعه عشرة آلاف دينار، فجاء قومٌ فسألوه، فلمّا قلعت الخيمة ومعه منها شيء1. وقال ابن عَبْد الحَكَم: كَانَ الشّافعيّ أسخي النّاس بما يجد2. وقال إِبْرَاهِيم بْن محمود النَّيْسابوريّ: ثنا داود الظّاهريّ، ثنا أبو ثور قَالَ: وكان الشّافعيّ من أسمح النّاس. كَانَ يشتري الجارية الصِّنَّاع الّتي تطبخ وتعمل الحلوى، ويشترط عليها هُوَ أنّ لا يقربها؛ لأنّه كَانَ عليلًا لا يمكنه أنّ يقرب النساء لباسور بِهِ إذ ذاك. فكان يَقُولُ لنا: اشتهوا ما أردتم3. قلت: هذا أصابه بآخرة، وإلّا فقد تزوّج وجاءته الأولاد. وقال أبو عليّ بْن حكمان في "كتاب فضائل الشّافعيّ": ثنا إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن يحيى المُزَنيّ، ثنا ابن خُزَيْمة، ثنا الربيع قَالَ: أصحاب مالك يفخرون فيقولون: كَانَ يحضر مجلس مالك نحوٌ من ستين مُعَمَّمًا. واللَّه لقد عددت في مجلس الشّافعيّ ثلاثمائة معمم سوى من شذ عني. وقال الحَسَن بْن سُفْيَان: ثنا أبو ثور: سَمِعْتُ الشّافعيّ، وكان من معادن الفقه، ونقاد المعاني، وجهابذة الألفاظ يَقُولُ: حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ؛ لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية، وأسماء المعاني معدودة محدودة، وجميع أصناف الدِّلالات عَلَى المعاني، لفظًا وغير لفظ، خمسة أشياء أوّلها اللّفظ، ثمّ الإشارة، ثمّ العقد، ثمّ الخط، ثمّ الّذي يسمى النصبة؛ والنصبة في الحال الدلالة الّتي تقوم مقام تِلْكَ الأصناف، ولا تقصر عَلَى تِلْكَ الدلالات؛ ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها، وحلية مخالفة لحلية أختها، وهي الّتي تكشف لك عَنْ أعيان المعاني في الجملة، وعن خفائها عَنِ التفسير، وعن أجناسها وأفرادها، وعن خاصها وعامها، وعن طباعها في السار والضار، وعما يكون بهوًا بهرجًا وساقطًا مدحرجًا. وقال الربيع: كنت أَنَا والمُزَنيّ والبويطي عند الشافعي، فقال لي: أنت نموت في   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 220". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 222"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 132". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 222"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 133". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 173 الحديث. وقال للمُزنيّ: هذا لو نَاظَرَه الشيطان قَطَعَه وجَدَلَه1. وقال للبُوَيْطيّ: أنت تموت في الحديد. فدخلت عَلَى البُوَيْطيّ أيّام المِحْنة، فرأيته مقيَّدًا مَغْلُولًا2. وقال أبو بَكْر محمد بْن إدريس ورّاق الحُمَيْديّ: سَمِعْتُ الحُمَيْديّ يَقُولُ: قَالَ الشّافعيّ: خرجت إلى اليمن في طلب كُتُب الفِرَاسة حتّى كتبتها وجمعتها3. وقد رُوِيَ عَنِ الشّافعيّ عدّة إصابات في الفِرَاسَة. وعن الشّافعيّ قَالَ: أقدرُ الفُقَهاء عَلَى المناظرة مَن عوَّد لسانه الرَّكْضَ في مَيْدان الألفاظ، ولم يتلعثم إذا رَمَقَتْه العيونُ بالألحاظ. وعنه قَالَ: بئس الزّاد إلى المَعاد العدوانُ عَلَى العِباد. وعنه قَالَ: العالِم يسأل عمّا يعلم وعمّا لا يعلم، فيثبت ما يعلم ويتعلم ما لا يعلم. والجاهل يأنف من التعليم ويأنف من التَّعلُّم. وقال يونس: قَالَ لي الشّافعيّ: لَيْسَ إلى السلامة من النّاس سبيلٌ، فانظر الّذي فيه صلاحك فالْزَمْه4. وعنه قَالَ: ما رفعتُ من أحدٍ فوق منزلته، إلّا وضع منّي بمقدار ما رفعت منه. وعنه قَالَ: ضياع الجاهل قلة عقله، وضياع العالم أنّ يكون بلا إخوان، وأضيعُ منهما من واخَى من لا عقل لَهُ. وعنه قَالَ: إذا خفتَ عَلَى عملك العُجْبَ، فاذْكُرْ رِضَى من تطلبُ، وفي أيّ نُعَيْم ترغب، ومن أيّ عقابُ ترهب، فحينئذ يصغر عندك عملك. وقال: آلات الرّئاسة خمس: صِدْق اللهْجة، وكتمان السر، والوفاءُ بالعهد، وابداء النصيحة، وأداء الأمانة. وقال: من استغضب ولم يغضب فهو حمار، ومن استُرضي، ولم يَرْضَ فهو شيطان5.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 139". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 136". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 136"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 78". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 122". 5 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 202"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 143". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 174 وقال: أيُّما رجالٌ أو أهلُ بيتٍ لم يخرج نساؤهم إلى رجالٍ غيرهم، ورجالُهم إلى نساء غيرِهم، إلّا كَانَ في أولادهم حُمْقٌ1. وقال الحَسَن بْن سُفْيَان: ثنا حَرْمَلَة قَالَ: سُئل الشّافعيّ عَنْ رجلٍ في فيه تمرة وقال: إن أكلتها فامرأتي طالق، وإن طرحتها فامرأتي طالق. قَالَ: يأكل نصفها، ويطرح النصف2. قَالَ حسان بْن محمد الفقيه: سَمِعَ منيّ أَبُو الْعَبَّاس بْن سُرَيْج هذه الحكاية وبنى عليها تفريعات الطّلاق. قَالَ الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: إنْ لم يكن الفُقَهاء العاملون أولياء اللَّه فما لله وليّ3. وقال الشّافعيّ: طلبُ العِلم أفضلُ من صلاة النّافلة4. وقال: حُكمي في أصحاب الكلام أنّ يُطاف بهم في القبائل، ويُنادَى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسُّنَّة، وأقبل عَلَى الكلام. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ما رأيتُ أحدًا أقلّ حبًّا للماء في تمام التطهُّر من الشّافعيّ. وقال أبو ثور: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ينبغي للفقيه أنّ يضع التُّرابَ عَلَى رأسه تواضعًا لله، وشكرًا لَهُ. وقال الأصمّ: سَمِعْتُ الربيع يَقُولُ: سأل رَجُل الشّافعيّ عَنْ قاتل الوَزَغ هَلْ عَلَيْهِ غُسْلُ؟ فقال: هذا فُتْيا العجائز. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ما رأت عيني قطّ مثل الشّافعيّ. لقد قدمت المدينة فرأيت أصحاب عَبْد الملك الماجِشُون يَغْلُون بصاحبهم يقولون: صاحبنا الذي قطع الشافعي.   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 201"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 125". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 143". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 155". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 119"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "2/ 251". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 175 فلقيت عَبْد الملك الماجِشُون، فسألته عَنْ مسألة، فأجابني، فقلت: ما الحُجّة؟ قالَ: لأن مالكا قالَ كذا وكذا. فقلت في نفسي: هيهات أن أسألك عن الحجة فتقول: قالَ معلمي؛ وإنما الحجة عليك وعلى معلّمك. رواها الحَسَن بْن عليّ بْن الأشعث الْمَصْرِيّ، عَنْهُ. وقال إبراهيم بن أبي طالب: سألت أبا قدامة السَّرْخَسيّ، عَنِ الشّافعيّ، وأحمد، وأبي عُبَيْد، وإِسْحَاق، فقال: الشّافعيّ أفقههم. وقال يحيى بْن منصور القاضي: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمة يَقُولُ، وقلت لَهُ: هَلْ تعرف سُنَّةَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الحلال والحرام لم يُودِعْها الشّافعيّ كتابَه؟ قَالَ: لا. وعن الشّافعيّ قَالَ: إذا رأيتُ رجلًا من أصحاب الحديث فكأنّي رأيت رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جزاهم اللَّه خيرًا. حفظوا لنا الأصل، فلهم علينا الفضل1. قَالَ أبو نُعَيْم بْن عديّ، وغيره: قَالَ داود بْن سليمان، عَنِ الحُسين بْن عليّ: سمع الشافعي يقول: حكمي في أهل الكلام حُكمُ عُمَر -رضى الله عنه- في صبيغ. وقال محمد بْن إسماعيل التِّرْمِذيّ: سَمِعْتُ أبا ثور، وحسين بْن عليّ الكرابيسيّ يقولان: سمعنا الشّافعيّ يَقُولُ: حكمي في أصحاب الكلام أنّ يضربوا بالجريد ويُحمَلُوا عَلَى الإبل ويُطاف بهم في العشائر والقبائل؛ قد تقدّم هذا. وقال البُوَيْطيّ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: عليكم بأصحاب الحديث، فإنهم أكثرُ النّاس صوابًا. وقال محمد بْن إسماعيل: سَمِعْتُ الحُسين بْن عليّ يَقُولُ: قَالَ الشّافعيّ: كلّ متكلّم عَلَى الكتاب والسُّنَّة فهو الجدّ، وما سواه فهو هَذَيان. وقال حَرْمَلَة: قَالَ الشّافعيّ: كنت أُقْري النّاسَ وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، وحفِظْت "الموطّأ" قبل أنّ أحتلم. وكان ابن عمّي عَلَى المدينة، فسأل مالكًا أنّ أقرأ عَلَيْهِ "الموطّأ". وقال حَرْمَلَة أيضًا: قَالَ الشّافعيّ: رحلت إلى مالك وأنا بن ثلاث عشرة سنة،   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 109". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 176 فأعجبته قراءتي. رواها دُحَيْم بْن همام، عَنْ حَرْمَلَة. وقال الحَسَن بْن عليّ الطُّوسيّ: ثنا أبو إسماعيل السُّلَميّ: سَمِعْتُ البُوَيْطيّ يَقُولُ: سُئل الشافعي: كم أطول الأحكام. قال: خمسمائة. قِيلَ لَهُ: كم منها عَنْ مالك؟ قَالَ: كلها، إلّا خمسة وثلاثين. قِيلَ لَهُ: كم منها عَنِ ابن عُيَيْنَة؟ قَالَ: كلّها إلّا خمسة1. الْأَصَمُّ: نَبَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ -يَعْنِي فِي الزَّجْرِ- عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، حَدِيثٌ ثَابِتٌ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ. وَقَدْ غَلِطَ سُفْيَانُ فِي حَدِيثِ ابْنِ الْهَادِ. وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي مَحَاشِّهِنَّ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ السَّاجِيُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلرَّبِيعِ فَقَالَ: كَذِبَ. فِي كِتَابِ الشَّافِعِيِّ مَسْطُورٌ خِلَافَ مَا قَالَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُحَرِّمُ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ. قُلْتُ: حَدِيثُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْهُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الله لا يستحيي مِنَ الْحَقِّ، لا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ" 2. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الصَّحِيحُ: ابْنُ الْهَادِ، عَن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن الْحُصَيْنِ، عن هرمي بْن عبد اللَّه، عن خزيمة، عن النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: رَوَاهُ أبو أسامة، عن الْوَلِيد بْن كثير، عَن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن الحُصَيْن الْخَطْمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْخَطْمِيِّ، عَنْ حَرَمِيِّ بْنِ عبد الله، عن خزيمة مثله.   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 519". 2 "حديث صحيح": أخرجه ابن ماجه "1924"، وأحمد في المسند "5/ 213، 214"، والدارمي في سننه "1144"، والطبراني في الكبير "3739، 3740، 3744"، وابن حبان في صحيحه "4198، 4200". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 177 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ثنا أبو بَكْر بْن أَبِي أُوَيْس: حدَّثني سليمان بْن بلال، عَنْ زيد بْن أسلم، عَنِ ابن عِمران، أنّ رجلًا أتى امرأته، في دُبُرها، فوجد في نفسه من ذَلِكَ وجْدًا شديدًا. فأنزل اللَّه تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] قلت: يعني أتاها في فرْجها وظَهرهَا إِلَيْهِ. وقال الربيع: قَالَ الشّافعيّ: لأنْ يلقى اللَّه المرءُ بكلّ ذَنْبٍ ما خلا الشِّرْك باللَّه خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء. وقال: لما تكلّم حفص الفَرد في مناظرته للشافعي: القرآن مخلوق. قَالَ لَهُ: كفرتَ باللَّه العظيم1. وقال: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: من حلف باسمٍ من أسماء اللَّه فحنث، فعلية الكَفّارة؛ لأنّ اسم اللَّه غير مخلوق. ومن حلف بالكعبة والصِّفا والمَرْوَة، فليس عليه الكفارة؛ لأنّه مخلوق2. وقال يُونُسُ بْن عَبْد الأَعْلَى: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: ما صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: لا يقال فيه: لِمَ ولا كيف3. وقال حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشافعي يَقُولُ: الخلفاء خمس: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْد العزيز4. وقال ابن عَبْد الحَكَم: كَانَ الشّافعيّ بعد أنّ ناظر حفصَا الفَرْد يكره الكلام. ويقول: ما شيء أبغض إليّ من الكلام وأهله. وقال الربيع: دخلت عَلَى الشّافعيّ وهو مريض فقال: وددت أنّ النّاس يعلموا هذه الكتب لا يُنْسَب إليّ منها شيءٌ. وقال حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: وددت أنّ كلّ علم أعلمه يعلمه الناس   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 113". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 403"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 112، 113". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 30". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 448". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 178 أؤجر عَلَيْهِ ولا يَحْمَدُوني1. وقال محمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ: سألت أحمد بْن حنبل قلت: ما ترى في كُتُب الشّافعيّ الّتي عند العراقيين؟ هِيَ أحبّ إليك أو الّتي بمصر؟ قَالَ: عليك بالكُتُب الّتي وضعها بمصر. فإنّه وضع هذه الكُتُب بالعراق ولم يحكمها. ثمّ رجع إلى مصر فأحكم تِلْكَ2. وقال ابن وَارَةَ: قلت لأحمد مرّة: ما ترى لي من الكُتُب أنّ أنظر فيه. أرى مالك، أو الثَّوْريّ، أو الأوزاعيّ؟ فقال لي قولًا أَجُلُّهُم أنّ أذكره، وقال: عليك بالشافعي، فإنه أكثرهم صوابًا، وأتْبَعُهُم للآثار. وقال عَبْد اللَّه بْن ناجيه: سَمِعْتُ ابن وَارَةَ يَقُولُ: لما قدمت من مصر أتيت أحمد بْن حنبل، فقال لي: كتبتُ كُتُب الشّافعيّ؟ قلت: لا. قلت: فرّطْت، ما عرفنا العموم من الخصوص، وناسخ الحديث من منسوخه حتّى جالسنا الشّافعيّ. فحملني ذَلِكَ عَلَى الرجوع إلى مصر. وقال محمد بْن يعقوب الفَرَجيّ: سَمِعْتُ عليّ بْن المَدِينيّ يَقُولُ: عليكم بكُتُب الشّافعيّ. قلت: وكان الشّافعيّ مَعَ عظمته في علم الشريعة وبراعته في العربية بصيرًا في الطّبّ. نقل ذَلِكَ غير واحد. فعنه قَالَ: عجبًا لمن يدخل الحمّام ثمّ لا يأكل من ساعته، كيف يعيش؟ وعجبًا لمن يحتجم ثمّ يأكل من ساعته، كيف يعيش3؟ وقال حَرْمَلَة عَنْهُ: من أكل الأُتْرُجّ ثمّ نام لم يأمن أن تصيبه ذِبْحَة. وقال محمد بْن عِصْمة الْجُوزَجَانيّ: سَمِعْتُ الربيع، سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ثلاثة أشياء دواء من لا دواء له، وأعيت الأطباء مُدَاوَاتَهُ: العنب، ولبنُ التّفاح وقصب السُّكَّر. ولولا قصب السكر ما أقمت ببلدكم4.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 119". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 263"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "9/ 97، 102". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 119"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 143". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 122". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 179 وقال: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: كَانَ غلامي أعشى، فلم يكن يبصر باب الدّار، فأخذت لَهُ زيادة الكِبد، فكحّلْتُهُ بها، فأبصر1. وعنه قَالَ: عجبًا لمن تعشّى البيض المسلوق ثمّ نام عَلَيْهِ كيف لا يموت2؟ وقال: الفول يزيد في الدماغ، والدماغ يزيد في العقل3. وعن يونس، عَنْهُ قَالَ: لم أر أنفع للوباء من البنفسج، يدهن بِهِ ويشرب4. وقال صالح جَزْرَة: سَمِعْتُ الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: لا أعلم عِلْمًا بعد الحلال والحرام أنبل من الطّبّ، إلّا أنّ أهل الكتاب قد غلبونا عَلَيْهِ. وقال حَرْمَلَة: كَانَ الشّافعيّ يتلهف على ما صنع المسلمون من الطّبّ ويقول: ضيعوا ثُلُث العِلْم، ووكّلوه إلى اليهود والنَّصاري5. وقيل: إنَّ الشّافعيّ نظر في التنجيم، ثمّ تاب منه وهجره. وقَالَ أبو الشَّيْخ، ثنا عَمْرو بْن عُثْمَان الْمَكِّيّ، ثنا ابن بنت الشّافعيّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ الشّافعيّ وهو حَدَث ينظر في النجوم، وما ينظر في شيء إلّا فاق فيه. فجلس يومًا وامرأتُهُ تَطْلُقُ، فحسَب وقال: تَلِدُ جاريةً عوراء، عَلَى فَرْجها خالٌ أسود، تموت إلى كذا وكذا. فولدت وكان كما قَالَ، فجعل عَلَى نفسه أنّ لا ينظر أبدًا. ودفن تِلْكَ الكُتُب6. وقال فوران: قسمتُ كُتُب أَبِي عَبْد اللَّه أحمد بْن حنبل بين ولديه، فوجدت فيها رسالَتَيِ الشّافعيّ العراقيّ والمصريّ بخطّ أَبِي عَبْد اللَّه. وقال أبو بَكْر الصَّوْمعيّ: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل يَقُولُ: صاحب حديث لا يشبع من كُتُب الشّافعيّ.   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 122". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 118"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 143". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 137، 141". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 118". 5 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 116"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 136، 142". 6 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 126". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 180 وقال البَيْهقيّ: أَنَا الحاكم: سَمِعْتُ أبا أحمد عليّ بْن محمد المَرْوَزِيّ: سَمِعْتُ أبا غالب عليّ بْن أحمد بْن النَّضْر الْأَزْدِيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل، وسُئل عَنِ الشّافعيّ فقال: لقد مَنّ اللَّه علينا بِهِ. لقد كنّا تعلَّمنا كلامَ القوم، وكتبنا كُتُبَهم، حتّى قدِم علينا الشّافعيّ، فلمّا سمعنا كلامه علمنا أَنَّهُ أعلم من غيره، وقد جالسناهُ الأيّامَ واللّيالي، فما رأينا منه إلّا كلّ خير. وقال لَهُ رَجُل: يا أبا عَبْد اللَّه، فإن يحيى بْن مَعِين، وأبا عُبَيْد لا يرضيانه، يعني في نسبتهما إيّاه إلى التَّشيُّع. فقال أحمد: ما ندري ما يقولان. واللَّه ما رأينا منه إلّا خيرًا. وقال ابن عديّ الحافظ: ثنا عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جعفر القَزْوينيّ: ثنا صالح بْن أحمد بْن حنبل: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ "الموطّأ" من الشافعي؛ لأني رأيته فيه ثَبْتًا، وقد سَمِعْتُهُ من جماعة قبله. وقال الحاكم أبو عَبْد اللَّه: سمعت الفقيه أبا بَكْر محمد بْن عليّ الشّاشيّ يَقُولُ: دخلت عَلَى ابن خُزَيْمة وأنا غلام، فقال: يا بُنيّ عَلَى من درسْت الفقه؟ فسمَّيْت لَهُ أبا الَّليْث. فقال: عَلَى من درس؟ قلتُ: عَلَى ابن سُرَيْجٍ، فقال: وهل أَخَذَ ابن سُرَيْجٍ العلم إلا من كتب مستعارة. وقال بعضهم: أبو الليث هذا مهجورٌ بالشّاش، فإن البلد للحنابلة. وقال ابن خُزَيْمة: وهل كَانَ ابن حنبل إلّا غُلامًا من غلمان الشّافعيّ؟ وقال أبو داود السِّجِسْتانيّ، وسأله زكريّا السّاجيّ: مَن أصحاب الشّافعيّ؟ فقال: أوّلهم الحُمَيْديّ، وأحمد بْن حنبل، وأبو يعقوب البُوَيْطيّ. ومن غرائب الاتِّفاق أنّ الْإِمَام أحمد روى عَنْ رجلٍ، عَنِ الشّافعيّ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ: ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاشُ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْحُبُوطِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ "حَ"، وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحُسَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَانِمٍ الْمُقْرِئِ، أَنَا أَبُو مُوسَى الْحَافِظُ أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَنَا أَبُو سَعْدٍ السَّمَّانُ، قَدِمَ عَلَيْنَا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن محمود بتستر، ثنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَا: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ الجزء: 14 ¦ الصفحة: 181 نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- "صَلَّى صَلاةَ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ"1 وَاللَّفْظُ لِلنَّقَاشِ. قَالَ أحمد بْن سَلَمَةَ النَّيْسابوريّ: تزوج إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه بمَرْو بامرأةِ رجلٍ كَانَ عنده كُتُب الشّافعيّ، فتُوُفّي. لم يتزوّجُ بها إلّا لحال الكتب، فوضع "جامع الكبير" عَلَى كتاب الشّافعيّ، ووضع "جامع الصغير" عَلَى "جامع الثَّوْريّ الصغير". فقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور، وكان عنده كُتُب الشّافعيّ، عَنِ البُوَيْطيّ. فقال لَهُ إِسْحَاق: لا تحدّث بكُتُب الشّافعيّ ما دمت هنا. فأجابه، فلم يحدثه بها حتّى خرج. قلت: تُرَى من كَانَ يكتب عَنْ رجلٍ، عَنْ آخر، عَنِ الشّافعيّ، مع وجود إِسْحَاق، وفي نفسي من صحة ذَلِكَ. وقال داود الظّاهريّ: سَمِعْتُ إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه يَقُولُ: ما كنت أعلم أنّ الشّافعيّ في هذا المحلّ، ولو علِمْتُ لم أُفَارِقْه. وقال محمد بْن إِبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ: قَالَ إِسْحَاق: قدمتُ مكّة فقلت للشافعي: ما حالُ جعفر بْن محمد عندكم؟ فقال: ثقة، كتبنا عَنْ إبراهيم بن أبي يحيى، عنه، أربعمائة حديث. وقال يُونُسُ بْن عَبْد الأَعْلَى: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: ما رأيت أفقه من ابن عُيَيْنَة، أمسكت عَنِ الفتيا منه. ونقل أبو الشَّيْخ بْن حِبّان وغيره من وجهٍ أنّ الشّافعيّ لمّا دخل مصر أتاه جلّةُ أصحاب مالك، وأقبلوا عَلَيْهِ، فلمّا رأوْه يخالف مالكًا وينقض عَلَيْهِ تنكروا لَهُ وجفوه، فأنشأ يَقُولُ: أأنثر درًّا بين سارحة النعم؟ ... أأنظم مثورًا لراعية الْغَنَمْ؟ لَعَمْري لَئِنْ ضُيِّعْتُ في شَرِّ بَلْدةٍ ... فلستُ مُضِيعًا بينهم غُرَرَ الْكَلِمْ فإنْ فَرَّج اللَّهُ اللّطيف بلُطْفِه ... وصادَفْتُ أهلًا للعلوم والحكم   1 "حديث منكر": وفيه يحيى بن سليم وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر كما في التهذيب "7842". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 182 بثَثْتُ مُفِيدًا واستَفَدْتُ ودَادَهُمْ ... وإلّا فمخزونٌ لديّ ومُكْتَتَمْ وَمَنْ مَنَح الْجُهَّالَ عِلْمًا أضَاعَهُ ... ومَن مَنَعَ المُسْتَوجِبِينَ فقد ظَلَمْ وكاتمُ عِلْم الدِّين عمّن يُرِيدُهُ ... يَبُوء بأَوْزارٍ وآثِمٍ إذا كَتَم وقال الحافظ ابن مَنْدَه: حدَّثَ عَنِ الربيع قَالَ: رأيت أشهب بْن عَبْد العزيز ساجدًا، وهو يَقُولُ في سجوده: اللهم أمت الشّافعيّ ولا تذهب عِلْم مالك. فبلغ الشّافعيّ ذَلِكَ، فتبسّم وأنشأ يَقُولُ: تمنّى رجال أنّ أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغي خلاف الّذي مضى ... تهيأ لأُخرى مثلها فكأن قد وقد علموا لو ينفع العلم عندهم ... لئن مت ما الداعي عليّ بمُخلدِ1 وقال المُبَرِّد: دخل رجلٌ على الشّافعيّ فقال: إنّ أصحاب أَبِي حنيفة لفصحاء، فأنشد الشّافعيّ يَقُولُ: فلولا الشِّعْرُ بالعُلَماء يُزْري ... لَكُنْتُ الْيَوْمَ أَشْعَرَ من لَبِيدِ وأَشْجَعَ في الْوَغَى من كلّ لَيْثٍ ... وَآلِ مُهَلَّبٍ وأبي يزيد ولولا خشيةُ الرَّحْمَن ربّي ... حَسِبْتُ النّاس كُلَّهُمُ عبِيدي2 قَالَ الحاكم: أخبرني الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد الحافظ، أَنَا أبو عُمارة حمزة بْن عليّ الجوهريّ، ثنا الربيع بْن سليمان قَالَ: حَجَجْنا مَعَ الشّافعيّ، فما ارتقى شُرُفًا، ولا هبط واديًا، إلّا وهو يبكي وينشد: يا راكبًا قفْ بالمُحَصَّبِ من مِنَى ... واهتِفْ بقاعد خِيفِها والنّاهضِ سَحَرًا إذا فاض الحَجيجُ إلى مِنَى ... فَيْضًا كمُلْتَطَم الفُرات الفائضِ إنّ كَانَ رفضًا حُبُّ آلِ محمّدٍ ... فلْيَشْهَد الثَّقَلان أنّي رافضي بهذا الاعتبار قَالَ أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ في الشّافعيّ: كَانَ يتشيع، وهو ثقة.   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 73"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 149، 150". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 62". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 183 قلت: ومعنى هذا التشيع حب عليّ وبغض النواصب، وأن يتخذه مولَّى، عملًا بما تواتر عَنْ نبيّنا -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاه". أمّا من تعرّض إلى أحدٍ من الصّحابة بسببٍ فهو شيعيّ غال نبرأ منه. وقال عثمان الصابوني: أنشدني أبو منصور بْن جمشاد قَالَ: أنشدت لأبي عَبْد اللَّه محمد بْن إِبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ في الشّافعيّ -رضى الله عنه: ومن شُعَب الإيمان حُبُّ ابن شافع ... وفرضٌ أكيدٌ حُبُّهُ لا تَطَوُّعُ وإنّي حياتي شافعيّ فإنْ أمُتْ ... فتوصيتي بعدي بأن تتشفعوا قلت: وللشافعي -رحمه اللَّه- أشعار كثيرة. قَالَ الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غانم في "كتاب مناقب الشّافعيّ". وهو مجلد: وقد جمعت ديوان شِعْرَ الشّافعيّ كتابًا عَلَى حِدَة. ثمّ قَالَ بإسناده إلى ثعلب أَنَّهُ قَالَ: الشّافعيّ إمامٌ في اللغة. وقال أبو نُعَيْم بْن عديّ: سَمِعْتُ الربيع مِرارًا يَقُولُ: لو رأيت الشّافعيّ وحسن بيانه وفصاحته لعجبت. ولو أَنَّهُ ألّف هذه الكُتُب عَلَى عربيّته التي كَانَ يتكلم بها معنا في المناظرة لم يُقدر عَلَى قراءة كتبه لفصاحته وغرائب ألفاظه. غير أَنَّهُ كَانَ في تأليفه يوضح للعوامّ. وقال أبو الحَسَن عليّ بْن مهدي الفقيه: ثنا محمد بْن هارون، ثنا هُمَيْم بْن هَمَّام، ثنا حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ما جهل النّاس، وما اختلفوا إلّا لتركهم كلام العرب، أو قَالَ: لسان العرب، وميلهم إلى أرسطاطاليس. الأصم: أَنَا الربيع قَالَ: قَالَ الشّافعيّ: المُحْدَثَات من الأمور ضَرْبان. أحدهما: ما أُحدث يخالف كتابًا أو سنة أو إجماعًا، فهذه البدعة ضلالة. والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه. لو أحدث هذا فهذه محدثة غير مذمومة. وقد قَالَ عُمَر -رضى الله عنه- في قيام رمضان: نعمت البدعة هذه. يعني أنها محدثة لم تكن. وإذ كانت فليس فيها رد لما مضى1.   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 468، 469"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 113". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 184 رواه البيهقيّ، عَنِ الصَّيْرفيّ عَنْهُ. وقال مُصْعَب بْن عَبْد اللَّه: ما رأيت أحدًا أعلم بأيّام النّاس من الشّافعيّ. وروى أبو العبّاس بْن سُرَيْج، عَنْ بعض النَّسَّابين قَالَ: كَانَ الشّافعيّ من أعلم النّاس بالأنساب. اجتمعوا معه ليلًا، فذاكرهم بأنساب النّساء إلى الصّبّاح. وقال: أنساب الرجال يعرفها كلُّ أحد1. وقال الحَسَن بْن رشيق: أَنَا أحمد بْن عليّ المدائني قَالَ: قَالَ المُزَنيّ: قدِم علينا الشّافعيّ، فأتاه ابن هشام صاحب "المغازي"، فذَاكَره أنسابَ الرجال، فقال لَهُ الشّافعيّ بعد أنّ تذاكرا: دعْ عنك أنساب الرجال فإنها لا تذهب عنّا وعنك، وخذ بنا في أنساب النساء. فلمّا أخذوا فيها بَقِيَ ابن هشام. وقال يونس بْن عَبْد الأعلى: كَانَ الشّافعيّ إذا أخذ في أيّام النّاس يَقُولُ: هذه صناعته. وقال أحمد بْن محمد ابن بنت الشّافعيّ: ثنا أَبِي قَالَ: أقام الشّافعيّ عَلَى العربية وأيام النّاس عشرين سنة وقال: ما أردت بهذا إلّا الاستعانة عَلَى الفقه. وقال أبو حاتم: ثنا يونس بْن عَبْد الأعلى: قَالَ: ما شاهدت أحدًا لقى من السقم ما لقي الشّافعيّ ... فدخلت عَلَيْهِ فقال: اقرأ عليَّ ما بعد العشرين والمائة من آل عِمران، فقرأت ولمّا قمت قَالَ: لا تغفل عنّي فإنّي مكروب. قَالَ يونس: عَنَى بقراءتي ما بعد العشرين والمائة ما لقي النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلم- وأصحابه أو نحوه. وقال ابن خُزَيْمة، وغيره: ثنا المُزَنيّ قَالَ: دخلت عَلَى الشّافعيّ في مرضه الّذي مات فيه، فقلت: يا أبا عَبْد اللَّه كيف أصبحت؟ فرفع رأسه وقال: أصبحت من الدّنيا راحلًا، ولأخواني مفارقًا، ولسوء عملي مُلاقيًا، وعلى اللَّه واردًا. ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنئها، أو إلى نارٍ فأعزيها. ثمّ بكى وأنشأ يَقُولُ: ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت رجائي دون عفوك سلما   1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 488، 489". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 185 تعاظمت ذَنْبي فلمّا قَرَنْتُهُ ... بعَفْوِك ربّي كَانَ عفْوُكَ أَعْظَما فما زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْب لم تَزَلْ ... تجودُ وتعفو منّةً وتَكرما فإنْ تنتقِمْ منِّي فلستُ بآيِسٍ ... ولو دَخَلَتْ نفسي بجُرْمٍ جهنّما ولولاك لم يُغْوَ بإبليسَ عابدٌ ... فكيف وقد أغوى صَفِيَّكَ آدما وإنّي لآتي الذَّنْب أعرفُ قَدْرَهُ ... وأعلَمُ أنّ اللَّه يعفو تكرُّما وقال الأصمّ: ثنا الربيع قَالَ: دخلت عَلَى الشّافعيّ وهو مريض، فسألني عَنْ أصحابنا، فقلت: إنّهم يتكلّمون. فقال: ما ناظرتُ أحدًا قطّ عَلَى الغَلَبَة. وبِودِّي أنّ جُمَيْع الخلْق تعلَّموا هذا الكتاب، يعني كتبه، عَلَى أن لا ينسب إليَّ فيه شيء1. قَالَ: هذا يوم الاحد، ومات يوم الخميس، وانصرفنا من جنازته ليلة الجمعة، فرأينا هلالَ شعْبان سنة أربعٍ ومائتين، وله نيِّفٌ وخمسون سنة. وقال ابن أَبِي حاتم: ثنا الربيع: حدَّثني أبو اللّيث الخفاف، وكان معدِّلًا: حدَّثني العزيزيّ، وكان متعبدًا، قَالَ: رأيت ليلةَ مات الشّافعيّ، كأنّه يُقال: مات النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هذه اللّيلة، فأصبحت، فَقِيلَ: مات الشّافعيّ رحمه اللَّه2. قَالَ حَرْمَلَة: قدِم علينا الشّافعيّ مصر سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وقال أبو علي بن حمكان: ثنا الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد، ثنا الحَسَن بْن سُفْيَان، ثنا سفيان بْن وكيع قَالَ: رأيت فيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت، والناس في أمر عظيم، إذ بَدَرَ لي أخي، فقلت: ما حالكم؟ قَالَ: عرضنا على ربّنا. قلت: فما حال أَبِي؟ قَالَ: غُفِر لَهُ، وأُمِر بِهِ إلى الجنّة. فقلت: ومحمد بْن إدريس؟ قَالَ: حُشِر إلى الرَّحْمَن وَفْدًا، وألبِس حُلَل الكرامة، وتُوِّج بتاج البهاء. قَالَ زكريّا بْن أحمد البلْخيّ، وغيره: سمعنا أبا جعفر محمد بن أحمد بن نصر   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 118". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 101". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 186 التِّرْمِذيّ. يَقُولُ: رأيت في المنام النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مسجده بالمدينة، كأنّي جئت إِلَيْهِ فسلّمت عَلَيْهِ، وقلت: يا رسول اللَّه أكتب رأي أَبِي حنيفة؟ قَالَ: لا. فقلت: أكتب رأي مالك؟ قَالَ: لا تكتب منه إلّا ما وافق حديثي. فقلت: أكتب رأي الشّافعيّ؟. فقال بيده هكذا، كأنه ينتهرني، وقال: تَقُولُ: رأي الشّافعيّ. إنّه لَيْسَ رأي، ولكنه ردٌّ عَلَى من خالف سُنَّتي1. وقد رُوِيَ عَنْ جماعة عديدة نحو هذه القصة والتي قبلها بأنّه غُفر لَهُ، وساق جملةً منها الحافظ ابن عساكر في ترجمة الشّافعيّ، رحمه اللَّه تعالى وأسكنه الجنّة ... إنّه سميع مجيب. 324- محمد بْن أبان بْن الحَكَم العَنْبريّ2. أبو عَبْد الرَّحْمَن الكوفي، نزيل أصبهان. وهو عمّ محمد بْن يحيى بْن أبان. حدَّثَ بعد المائتين عَنْ: مِسْعَر بْن كُدَام، وأبي حنيفة، وسفيان، وشُعْبة، وعَمْرو بْن شَمِر، وزفر بْن الْهُذَيْلِ، وجماعة. وعنه: سهل بْن عثمان، وأحمد بْن معاوية بْن الْهُذَيْلِ، وسليمان بْن سيف العَتَكيّ، ومحمد بْن عُمَر الزُّهْرِيّ أخو رُسْتَة. وهو مُنْكَر الحديث. روى أبو نُعَيْم الحافظ في ترجمته أحاديث ضعيفة، ولم أرَ لأحدٍ فيه جَرْحًا. وهو ضعيف الحديث. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الشَّعَّارُ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عيسى المقرئ، ثنا محمد بن عمر، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ الْحُسَيْنِ، عَنْ أُمِّ سلمة، قالت: قال   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 100". 2 الجرح والتعديل "7/ 200". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 187 رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا حَضَرْتَ الْمَيِّتَ فَقُلْ: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1 هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَرُوَاتُهُ مَعْرُوفُونَ. 325- محمد بْن إسماعيل الفارسيّ2. أبو إسماعيل، نزيل الكوفة. روى عَنْ: فطر بْن خليفة، ومالك بْن مِغْوَلٍ. وعنه: مَعْمَر بْن سهل الأهوازيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، والحَسَن بْن عَلَى بْن عفان، وغيرهم. 326- محمد بْن بِشْر بْن الفَرَافِصَة بْن المختار بن رديح العبدي3 -ع- الحافظ، أبو عبد الله الكوفي. عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وزكريّا بْن زائدة، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وحَجّاج بْن دينار، وحَجّاج بْن أَبِي عثمان، وخلْق. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعلي بن الْمَدِينِيِّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وابن نُمَيْر، وأحمد بْن الفُرات، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن عاصم الثَّقْفيّ، وخلق. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ، عَنْ سماع محمد بْن بِشْر، من سَعِيد بْن أبي عَرُوبَة، فقال: هُوَ احفظ من كَانَ بالكوفة. وقال الكُدَيْميّ، عَنْ أَبِي نُعَيْم قَالَ: لما خرجنا في جنازة مِسْعَر جعلت أتطاول "في المشي"، قلت: يجيئوني فيسألوني عَنْ حديث مِسْعَر، فذاكرني محمد بْن بِشْر بحديث مِسْعَر فأَغْرَب عَلَيَّ سبعين حديثًا، لم يكن عندي منها إلّا حديث واحد. وثقه ابن معين، وغيره.   1 "حديث منكر": وفيه صاحب الترجمة وهو منكر الحديث. 2 الثقات لابن حبان "9/ 78". 3 الطبقات الكبرى "6/ 394"، التاريخ الكبير "1/ 45"، الجرح والتعديل "7/ 210، 211"، التهذيب "9/ 73، 74". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 188 وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة ثلاثٍ ومائتين. 327- محمد بن بكر بن عثمان البرساني البصري1 -ع- أبو عبد الله، ويقال: أبو عثمان. وبُرسان من الأزد. روى عَنْ: ابن جُرَيْج، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وأَيْمن بْن نابل، وهشام بْن حسّان، ويونس بْن يزيد، وعُبَيْد اللَّه بْن أبي زياد القداح، وشُعْبة، وحماد بْن سَلَمَةَ، وطائفة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وبُنْدار، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وهارون الحمّال، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وآخرون. قال ابن معين: ثنا البرساني، وكان واللَّه ظريفًا صاحب أدب ثقة. وقال ابن سعْد: كَانَ ثقة. مات في ذي الحجّة سنة ثلاثٍ ومائتين بالبصرة. 328- محمد بْن جعفر المدائني2 -م. ت- أبو جعفر البزاز. عَنْ: شُعْبَة، وحمزة الزّيّات، وورّقاء، ومنصور بْن أَبِي الأسود، وبكر بْن خُنَيْس، وجماعة. وعنه: احمد بْن حنبل، وحجاج بْن الشاعر، وعبّاس الدُّوريّ، والصَّنعانيّ، واحمد بْن يونس الضَّبّيّ، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوام، وطائفة. قَالَ أحمد: لا بأس بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي "مُسْلِمٍ". أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هَاشِمٍ الصَّفَّارِ، أَنَا وَجِيهٌ، أنا أبو القاسم القشيري، أنا الخفاف، ثنا السراج، نا حجاج بن   1 الطبقات الكبرى "7/ 296"، التاريخ الكبير "1/ 48، 49"، الجرح والتعديل "7/ 212"، التهذيب "9/ 77، 78". 2 التاريخ الكبير "1/ 58"، الجرح والتعديل "7/ 222"، الثقات لابن حبان "9/ 56"، التهذيب "9/ 98، 99". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 189 الشاعر، ثنا محمد بن جعفر، ثنا وَرْقَاءُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مُشْرَعَة، فَقَالَ: "أَلا تُشْرِعُ يَا جَابِرُ"؟ قُلْتُ: بَلَى. فَنَزَلَ فَأشْرَعْتُهُ ثُمَّ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ. فَوَضَعْتُ لَهُ وُضُوءًا، فَجَاءَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَجَّاجٍ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ. 329- محمد بْن جعفر الصادق بْن محمد الباقر بْن عليّ بْن الحُسين2. أبو جعفر الهاشْميّ العَلَويّ الحُسَينيّ المَدِينيّ. الملقّب بالديباج. روى عَنْ: أَبِيهِ، وهشام بْن عُرْوَة. وعنه: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وَيَعْقُوب بن حُمَيْد بن كاسب، وَمحمد بن يحيى العدني، وجماعة. وله عدة إخوة، خرج بمكة في أوائل دولة المأمون، ودعا إلى نفسه، فبايعوه سنة مائتين. فحج حينئذ أبو إسحاق المعتصم، وندب عسكرا لقتاله فأخذوه. وقدم في صحبة أبي إسحاق إلى بغداد، فبقي فيها قليلا وتوفي. وكان بطلا شجاعا عاقلا، يصوم يوما ويفطر يوما. وكان موته بجرجان في شعبان سنة ثلاث ومائتين، فصلى عليه المأمون ونزل في لحده وقال: هذه رحِمٌ وقطعت من سنين. وقيل: إنّ سبب موته أَنَّهُ جامع ودخل الحمّام وافتصد في يومٍ واحدٍ، فمات فجأة، رحِمه اللَّه. 330- محمد بْن جَهْضم اليَمَاميّ3. ويُعرف بالسّاسانيّ. قد أخّرته إلى بعد العشرين؛ لأنّني وجدت عبد الله بن شبيب يروي عنه.   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "766"، وأحمد في المسند "3/ 351". 2 التاريخ الكبير "1/ 57"، الجرح والتعديل "7/ 220"، سير أعلام النبلاء "10/ 104، 105". 3 التاريخ الكبير "1/ 58"، الجرح والتعديل "7/ 223"، الثقات لابن حبان "9/ 61"، التهذيب "9/ 100". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 190 وهو يروي عَنْ محمد بْن طلحة بْن مصرف فأخَّرْتُهُ، وحديثه في الصَّحيحين بواسطة. 331- محمد بْن حرب الْمَكِّيّ1. عَنْ: مالك، والليث، وابن لهيعة، وجماعة. وعنه: بَكْر بْن خَلَف، والحسين بْن عيسى البسْطاميّ. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بِهِ بأس. أصله بصْريّ. 332- محمد بْن الحَسَن بْن آتش الصنعاني الأبناويّ2. وقد ينسب إلى جدّه فيقال: محمد بْن آتَش. عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن عَمْرو الصَّنعانيّ، وأبي بَكْر بْن أَبِي سَبْرَة، وجعفر بْن سليمان الضُّبَعيّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن رافع، ونوح بْن حبيب القُومْسيّ، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وجماعة. قَالَ أبو زُرْعة: ثقة. وأما النَّسائيّ فقال: لَيْسَ بثقة. قلت: لَهُ حديث في "المراسيل" لأبي داود. وقد قَالَ ابن أَبِي حاتم في ترجمته: إن روى عَنْ همّام بْن مُنَبِّه. قلت: لم يلحقه أبدًا. 333- محمد بْن الحَسَن. لقبه: محبوب. يأتي بلقبه إن شاء الله.   1 التاريخ الكبير "1/ 79"، الجرح والتعديل "7/ 237". 2 التاريخ الكبير "1/ 68"، الجرح والتعديل "7/ 226"، الثقات لابن حبان "9/ 69، 7/ 228"، ميزان الاعتدال "3/ 513"، تهذيب التهذيب "9/ 113، 114". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 191 334- محمد بْن خَالِد1. أبو عَبْد اللَّه الحنظلي الرّازيّ الفقيه ممّوَيْه، ويقال: مَتُّوَيْه. شيخ أسْتَراباذ وعالمها والّذي بنى الجامع بها. وأوّل من فِقْه النّاس بها. أخذ عَنْ: أَبِي يوسف. وروى عَنْ: الجرّاح بْن الضّحّاك الكِنْديّ، وعمران بْن وهْب الطّائيّ صاحب أنس، ومالك بْن أنس. وعنه: يوسف بْن حمّاد، وإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الطَّلْقيّ، وعمّار بْن رجاء، وجعفر بْن محمد بْن بِهْرام الإِسْتراباذِيُّون. ترجَمه أبو سعْد الإدريسي. 335- محمد بْن خَالِد بْن عَثْمة الحنفي البصري2. وعَثْمَة هي أمّه. روى عن: مالك، وسليمان بن بلال، وسعيد بن بشير، وجماعة. وعنه: بندار، ومحمد بن يونس الكديمي، وأبو قلابة الرقاشي، وآخرون. قال أبو حاتم: صالح الحديث. ذكره عبد الرحمن بن منده فيمن مات سنة إحدى عشرة ومائتين. 336- محمد بن أبي رجاء الخُراساني الفقيه3. صاحب محمد أَبِي يوسف. ولي قضاء بغداد للمأمون. ومات سنة سبعٍ ومائتين. لا أعرفه.   1 الجرح والتعديل "7/ 244". 2 التاريخ الكبير "1/ 73، 74"، الجرح والتعديل "7/ 243" الثقات "9/ 55، 67"، التهذيب "9/ 42". 3 الثقات لابن حبان "9/ 120"، الكامل في التاريخ "6/ 385". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 192 337- محمد بْن صالح بْن بيهس القَيْسيّ الكِلابيّ1. أمير عرب الشام وفارسها، وفارس قيس وزعيمها وشاعرها، والمقاوم للسُّفْياني أَبِي العُمَيْطر الّذي خرج بدمشق. لم يزل يُجْلِب عَلَى أَبِي العميطر بخيله ورجله، ومحاربه حمية لدولة بني الْعَبَّاس، وهوى عَلَى اليمانية. ولم يبرح حتّى أباده وشتت جموعه، وحكم عَلَى الشام، فولاه المأمون إمرة الشام. تُوُفّي سنة عشر. 338- محمد بْن صالح الواسطيّ2. أبو إسماعيل البطيخي، سكن بغداد. وحدَّثَ عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق الواسطيّ، وحجاج بْن دينار، ومالك. روى عَنْهُ: إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي، والحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ. لم يضعّفه أحد. وقد كنّاه مُسْلِم وقال: أصله، واسطيّ سكن بغداد. 339- محمد بْن عَبّاد الهُنَائيّ الْبَصْرِيّ3 -ت. ن. ق. عَنْ: يونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وشُعْبة، وعليّ بْن المبارك، وجماعة. وعنه: زيد بْن أصرم، وعليّ بْن نَصْر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وعَبّاد بْن الوليد العَنْبريّ، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدُوق. 340- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بْن عُمَر بْن درهم4. أبو أحمد الأَسَديّ الزبيري الكوفيّ الحبّال. عَنْ: فطر بْن خليفة، ومسعر، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وحمزة الزّيّات، وعيسى بْن طِهْمان، وسفيان، وشَيْبان النحوي، وإسرائيل، وأبي إسرائيل الملائي، وخلق.   1 تاريخ الطبري "8/ 415"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 113"، البداية والنهاية "10/ 227". 2 التاريخ الكبير "1/ 117"، الجرح والتعديل "7/ 288"، الثقات لابن حبان "9/ 55". 3 التاريخ الكبير "1/ 175"، الجرح والتعديل "8/ 14"، تهذيب التهذيب "9/ 246". 4 الطبقات الكبرى "6/ 402"، التاريخ الكبير "1/ 133، 134"، الجرح والتعديل "7/ 297"، الثقات لابن حبان "9/ 58"، ميزان الاعتدال "3/ 595"، تهذيب التهذيب "9/ 254، 255". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 193 وأوّل طَلَبه سنة نيفٍ. وخمسين ومائة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن سِنان، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن عصام الأصبهاني، وأبو خَيْثَمَة، وأبو بكر بن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن رافع، ومحمود بْن غَيْلان، ونصر بْن عليّ، وخلْق. قَالَ نَصْر بْن عليّ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ما أبالي أنّ يُسْرَق منّي كتاب سُفْيَان، إنّي أحفظه كلّه. وقال العِجْليّ: كوفيٌّ ثقة يتشيَّع. وقال بُنْدار: ما رأيت رجلًا قط أحفظ من أَبِي أحمد الزُّبَيْريّ. وقال أبو حاتم: حافظ للحديث، عابد، مجتهد لَهُ أوهام. وقال أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يزيد: كَانَ محمد بْن عَبْد اللَّه الأَسَديّ يصوم الدَّهر. فكان إذا تسحّر برغيفٍ لم يُصدّع، فإذا تسحرّ بنصف رغيف صُدِّع من نصف النّهار إلى آخره. فإن لم يتسحّر صُدِّع يومه أجمع. قَالَ أحمد بْن حنبل: مات بالأهواز سنة ثلاثٍ ومائتين. زاد مُطَيِّن: في جُمَادَى الأولى، رحِمَه اللَّه. 341- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن كُناسة1 -ن- واسم كُناسة عَبْد الأعلى بْن عَبْد اللَّه بْن خليفة بْن زُهَيْر بْن نَضْلة أبو يحيى، وأبو عَبْد اللَّه الأَسَديّ الكوفيّ. وقيل: بل كُناسة لَقَبٌ لأبيه. وقيل: هُوَ ابن أخت إِبْرَاهِيم بْن أدْهَم العابد. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْن أَبِي خالد، وعبد الله بن شبرمة، وجعفر بن برقان، ومحمد بن السائب الكلبي، ومسعر، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وابن نُمير، وأحمد بن منصور الرمادي، ومؤمل بن إهاب، ومحمد بن إسحاق الصنعاني، ومحمد بن الفرج الأزرق، والحارث بن أبي أسامة، وخلق.   1 التاريخ الكبير "1/ 35"، الجرح والتعديل "7/ 300"، الثقات لابن حبان "7/ 443"، التهذيب "9/ 259". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 194 وقال ابن معين، وأبو داود، وعلي بن المديني، والعجلي، وغيرهم: ثقة. قَالَ أبو حاتم: كَانَ صاحب أخبار، يُكْتَب حديثُهُ ولا يُحْتَجُّ بِهِ. وقال يعقوب السَّدُوسيّ: ثقة، صالح الحديث، لَهُ علم بالعربية والشِّعْر وأيّام النّاس، وهو ابن أخت إِبْرَاهِيم بْن أدهم. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ أَبِي الْمَكَارِمِ اللَّبَّانُ، وَخَلِيلُ الدَّارَانِيُّ قَالَا: أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ، وَالْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُنَاسَةَ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "غيروا الشيب ولا تشبهوا اليهود" 1. تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ كُنَاسَةَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ، عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا. وقال زيد بْن الحريش، نا عَبْد اللَّه بْن رجاء، عَنِ الثَّوْريّ، وهشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، نحوه. قَالَ يعقوب بْن شَيْبة: مات بالكوفة لثلاثٍ خَلَوْن من شوّال، سنة سبْعٍ ومائتين. وقال مُطَيَّن: سنة سبْعٍ. وقال ابن قانع: سنة تسعٍ، فوهم. ويقال: إنّه وُلِد سنة ثلاث وعشرين ومائة. وله كتاب "الأنواء" وكتاب "معاني الشِّعْر"، وكتاب "سرقات الكُتُب من القرآن". وله يرثي ولده: وسمّيته يحيى ليحيى، فلم يكن ... إلى ردِّ أمرِ اللَّه عَنْهُ سبيلُ تفاءَلْتُ لو يُغْني التَّفاؤل باسمه ... وما خِلْتُ فالًا قبل ذاك يفيل   1 "حديث صحيح لغيره: "أخرجه النسائي "5088، 5089" ومن طرق أخرى ففي الباب عن أبي هريرة أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "3462، 5899"، وَمُسْلِمٌ "2103"، وَأَبُو داود "4203"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1752"، وَالنَّسَائِيُّ "5087"، وابن ماجه "3621"، بمعناه. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 195 342- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدّيق التَّيْميّ الْمَدَنِيّ1. عَنْ: أَبِيهِ، وموسى بْن عُقْبة. وعنه: الزُّبَيْر بْن بكّار، وأبو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن شَيْبة الحزاميّ. 343- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الباهليّ السَّهميّ الْبَصْرِيّ2. سمع: حُصَين بْن عَبْد الرَّحْمَن، ولعلّه آخر من حدَّث عَنْهُ. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن المُثَنَّى، ونصر بْن عليّ، وغيرهما. قَالَ الفلّاس: تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين. روى لَهُ ابن عديّ حديثين قال: هُوَ عندي لا بأس بِهِ. 344- محمد بْن عَبْد الوهّاب الكوفيّ السُّكّريّ القَنّاد3 -ت. ن. ق- أحد العباد والصُّلّاح والزُّهّاد. ورّخه ابن مُطِّين سنة تسعٍ، وورّخه جماعة سنة اثنتي عشرة. فسيذكر هناك. 345- محمد بْن عُبَيْد بْن أَبِي أمية الطنافسي الكوفيّ الأحدب4. أحد الأخوة. عَنْ: الأعمش، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، ويزيد بْن كيسان، وإدريس الأَوْديّ، وعُبَيْد اللَّه بْن عمر، والعوام بن حوشب، وطائفة كبيرة.   1 التاريخ الكبير "1/ 130، 131"، الجرح والتعديل "7/ 299"، الثقات لابن حبان "9/ 63". 2 التاريخ الكبير "1/ 162"، الجرح والتعديل "7/ 326"، الثقات لابن حبان "9/ 72"، ميزان الاعتدال "3/ 618". 3 التاريخ الكبير "1/ 168، 169"، الجرح والتعديل "8/ 12"، الثقات لابن حبان "7/ 443"، التهذيب "9/ 320، 321". 4 الطبقات الكبرى "6/ 397"، التاريخ الكبير "1/ 173"، الجرح والتعديل "8/ 10، 11"، الثقات لابن حبان "7/ 441"، ميزان الاعتدال "3/ 639"، سير أعلام النبلاء "9/ 436-438"، تهذيب التهذيب "9/ 327-329". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 196 وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وابن نُمَيْر، وابنا أَبِي شَيْبة، وأبو خَيْثَمَة، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن سليمان الرُّهَاويّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعباس الدُّوريّ، وخلْق. قَالَ أحمد، وابن مَعِين: عُمَر، ومحمد، وَيَعْلَى بنو عُبَيْد: ثقات. وقال الدَّارَقُطْنيّ: يَعْلَى، ومحمد، وعُمَر، وإدريس، وإبراهيم بنو عُبَيْد كلُّهم ثقات. وكان أبو طالب الحافظ يقول: عبيد بن أبي أمية. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: سمعت أَبِي يَقُولُ: كَانَ محمد بْن عُبَيْد يخطئ ولا يرجع عَنْ خطأه. وقال ابن سعْد: نزل محمد بْن عُبَيْد بغداد دهرًا، ثمّ رجع إلى الكوفة، فمات قبل يَعْلَى في سنة سبْعٍ ومائتين. قَالَ: وكان ثقةً كثير الحديث، صاحب سُنّة وجماعة. قَالَ يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ عمّي يقدّم عثمانَ عَلَى عليّ، وقَلّ من يذهب إلى هذا من الكوفيين. ومات سنة أربعٍ. وقال خليفة، وجماعة: مات سنة خمس. 346- محمد بْن أَبِي عُبَيْدة بْنُ مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ المسعودي الكوفي1 -م. د. ن. ق- واسم أَبِيهِ عَبْد الملك. روى عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: ابنا أَبِي شَيْبة، وإبراهيم بْن أَبِي شَيْبة، وأبو كُرَيْب، وابن نُمَيْر، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي خَيْثَمَة، عَنِ ابن مَعِين: ثقة. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة خمس. قلت: روى الحروف عن حمزة.   1 التاريخ الكبير "1/ 173، 174"، الجرح والتعديل "8/ 17"، الثقات لابن حبان "9/ 46"، تهذيب التهذيب "9/ 334". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 197 347- محمد بْن عُمَر بْن واقد الأسلميّ1 -ت- مولاهم الْإِمَام أبو عَبْد اللَّه الْمَدَنِيّ الواقديّ. عَنْ: محمد بْن عجلان، وابن جُرَيْج، وثور بْن يزيد، وأسامة بْن زيد، ومَعْمَر بْن راشد، وابن أَبِي ذئب، وهشام بْن الغاز، وأبي بَكْر بْن أَبِي سَبْرَة، وسفيان الثَّوْريّ، ومالك، وأبي مَعْشَر، وخلائق. وَكَتَب ما لا يوصف كثرة، وروى القراءة عَنْ نافع بْن أَبِي نُعَيْم، وعيسى بْن وردان. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن سعْد، وأبو حسّان الحَسَن بْن عثمان الزِّياديّ، وسليمان الشّاذكونيّ، ومحمد بْن شجاع البلْخيّ، ومحمد بْن يحيى الْأَزْدِيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّنعانيّ، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، وأحمد بْن الخليل البُرْجُلانيّ، والحارث بْن أَبِي أسامة. وكان من أوعية العلم. ولي قضاء الجانب الشرقي من بغداد، وسارت الرُّكْبان بكُتُبه في المغازي والسِّيَر والفقه أيضًا. وكان أحد الأجواد المذكورين. وكان جَدّه واقد مولى لعبد اللَّه بْن بريدة الأسْلَميّ. وُلِد محمد سنة تسع وعشرين ومائة. وهو مَعَ عظمته في العلم ضعيف. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ نَرْفَعْ أَمْرَ الْوَاقِدِيِّ حَتَّى رَوَى عَنْ مَعْمَرٍ، وعن الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا"2، وفي شَيْءٍ لَا حِيلَةَ فِيهِ. وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ يُونُسَ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرٍ: قَدْ رَوَاهُ عُقَيْلٍ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ الذُّهْلِيّ: نَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نَا نافع بن يزيد، عن عقيل.   1 الطبقات الكبرى "5/ 425، 7/ 334"، التاريخ الكبير "1/ 178"، الجرح والتعديل "8/ 20، 21"، تهذيب التهذيب "9/ 363"، ميزان الاعتدال "3/ 662، 666"، سير أعلام النبلاء "9/ 454، 469". 2 "حديث ضعيف" أخرجه أبو داود "4112"، والترمذي "2778"، وأحمد في المسند "6/ 295، 296"، وابن حبان في صحيحه "5575"، والبيهقي في السنن الكبرى "7/ 91، 92" وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "1806". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 198 وَقَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيُّ: ثَنَا الرَّمَادِيُّ: لَمَّا حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ضَحِكْتُ. قَالَ: مِمَّ تَضْحَكُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وكتب إِلَيْهِ أحمد بْن حنبل، يُقَالُ: هذا حديث تفرد به يونس. وأنت قد حدّثت بِهِ عَنْ نافع بْن يزيد، عَنْ عَقِيل. وقال: إنّ شيوخنا المصريّين لهم عناية بحديث الزُّهْرِيّ. وقال إِبْرَاهِيم بْن جَابِر: سَمِعْتُ الرَّماديّ يَقُولُ، وقد حدَّثَ بحديث عَقِيل، عَنِ الزُّهْرِيّ: هذا ممّا ظُلِم فيه الواقديّ. وقال محمد بْن سعْد: ولي الواقديّ القضاء ببغداد للمأمون أربع سنين، وكان عالمًا بالمغازي والسيرة والفِتُوح والأحكام وأخلاق النّاس، وقد فسّر ذَلِكَ في كتب استخرجها ووضعها وحدّث بها. أخبرني أَنَّهُ وُلِد سنة ثلاثين ومائة، وقدم بغداد سنة ثمانين في دَيْنٍ لحقه، فلم يزل بها. قَالَ: ولم يزل قاضيًا حتّى مات ببغداد لإحدى عشر ليلةً خلت من ذي الحجّة سنة سبْعٍ ومائتين. وقال الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ. وقال ابن نُمَيْر، ومسلم، وأبو زُرْعة: متروك الحديث. وقال أبو داود: كَانَ أحمد بْن حنبل لا يذكر عَنْهُ كلمة. وأنا لا أكتب حديثه. وروى غير واحد، عَنْ أحمد قَالَ: كَانَ يقلب الأسانيد، وكان يجمع الأسانيد ويأتي بمتن واحد. وقال ابن أبي حاتم: ثنا يونس قَالَ: قَالَ لي الشّافعيّ: كُتُب الواقديّ كذِب. وقال إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه: هُوَ عندي ممّن يضع الحديث. وقال الْبُخَارِيّ: ما عندي للواقديّ حرف. قلت: لَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي "تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرٍ". وحاصل الأمر أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى ضعفه. وأجود الروايات عَنْهُ رواية ابنُ سعْد في "الطبقات"، فإنّه كَانَ يختار من حديثه بعض الشيء. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 199 قَالَ أبو بَكْر الخطيب: هُوَ ممّن طبّق شرق الأرض وغربها ذِكرُه. وقال محمد بْن سلّام الْجُمَحيّ: الواقديّ عالم دهره. وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: وناهيك بِهِ الواقدي أمين النّاس على أهل الإسلام. كَانَ أعلم النّاس بأمر الإسلام. فأمّا الجاهلية فلم يعلم فيها شيء. وقال مُصْعَب بْن عَبْد اللَّه: واللَّه ما رأينا مثل الواقدي قطّ. وقال يعقوب بْن شَيْبة: ثنا عُبَيْد بْن أَبِي الفَرَج: حدَّثني يعقوب مولى آل أَبِي عُبَيْد اللَّه قَالَ: سَمِعْتُ الدَّراوَرْديّ وذكر الواقدي فقال: ذاك أمير المؤمنين في الحديث. قَالَ يعقوب: وضعي. مفضَّل قَالَ: قَالَ الواقديّ: لقد كانت ألواحي تضيع، فأوتي بها من شُهْرتها بالمدينة. يُقال: هذه ألواح ابن واقد. وعن ابن المبارك قَالَ: كنت أقدم المدينة، فما يفيدني ويدلني عَلَى الشيوخ إلّا الواقديّ. وقال أبو حاتم: ثنا معاوية بْن صالح الدّمشقيّ: سَمِعْتُ سنيد بْن داود يَقُولُ: كُنَّا عند هُشَيْم، فدخل الواقديّ، فسأله هُشَيْم عَنْ باب ما يحفظ فيه، فقال: ما عندك يا أبا معاوية؟ فذكر خمسة أو ستة أحاديث في الباب. ثمّ قَالَ للواقدي: ما عندك؟ فذكر فيه ثلاثين حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه، والتابعين. ثمّ قَالَ: سألت مالكًا، وسألت ابن أَبِي ذئب، وسألت فلانًا، فرأيت وجه هُشَيْم قد تغير. فلمّا خرج قَالَ هُشَيْم: لئن كَانَ كذابًا فما في الدنيا مثله. وإن كَانَ صادقًا فما في الدنيا مثله. وقال مجاهد بْن موسى: ما كتبت عَنْ أحدٍ أحْفَظَ من الواقديّ. وقال محمد بْن جرير الطَّبَريّ: قَالَ محمد بْن سعْد: كَانَ الواقدي يَقُولُ: ما من أحدٍ إلّا وكتبه أكثر من حفظه، وحفظي أكثر من كُتُبي. وقال يعقوب بن شيبة: لما انتقل الواقديّ من جانب الغربيّ إلى هنا يقال: إنه حمل كتبه على عشرين ومائة وقر. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 200 وعن أَبِي حُذافة قَالَ: كَانَ للواقدي ستّمائة قِمَطْر كُتُب. وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: سَمِعْتُ المُسَيَّبيّ يَقُولُ: رأينا الواقدي يومًا جلس إلي أسطوانةٍ في مجلس المدينة وهو يدرّس، قُلْنَا: أيش تدرّس؟ قَالَ: جزء من المغازي. وقلنا لَهُ مرّة: هذا الّذي تجمع الرجال تَقُولُ: ثنا فلان وفلان، وتجيء بمتنٍ واحد، لو حدثتنا بحديث كلّ رجلٍ عَلَى حِدَة. قَالَ: يطول. قُلْنَا لَهُ: قد رضينا. فغاب عنّا جمعةً، ثمّ جاءنا بغزوة أُحُد عشرين جلدًا، فقلنا: رُدنا إلى الأمر الأول. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: وكان مَعَ ما ذكرناه من سعة عِلْمُه وكثرة حفظه لا يحفظ القرآن. فأنبأنا الحُسين بْن محمد الرافقيّ: ثنا أحمد بْن كامل: حدَّثني محمد بْن موسى البربريّ قَالَ: قَالَ المأمون للواقديّ: أريد أنّ تصلّي الجمعة غدًا بالناس. فامتنع. فقال: لا بد. فقال: واللَّه ما أحفظ سَورَة الْجُمُعَةِ. قَالَ: فأنا أُحَفِّظُك. فجعل يلقّنه السُّورة حتّى يبلغ النصف منها، فإذا حفظه ابتدأ بالنّصف الثاني، فإذا حفظ النّصف الثّاني نسي الأول. فأتعب المأمون ونعس، فقال: هذا رَجُل يحفظ التّأويل ولا يحفظ التنزيل. اذهبْ فصلِّ بهم وأقرأ أيَّ سُورةٍ شئْت. قلت: هذه حكاية قوية السند لكنها مرسلة، وأنا أستبعدها. وقد وثّقه غير واحدٍ لكنْ لا عِبْرة بقولهم مَعَ توافر من تركه. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن جَابِر الفقيه: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْحَاق الصَّغانيّ يَقُولُ، وذُكر الواقديّ: واللَّه لولا أَنَّهُ عندي ثقة ما حدّثت عَنْهُ. وقال مُصْعَب بْن عَبْد اللَّه، وسُئل عَنِ الواقدي فقال: ثقة مأمون. وسُئل معن بْن عيسى عَنْهُ فقال: أَنَا أُسأل عَنِ الواقدي؟ الواقدي يُسأل عنّي. وقال جَابِر بْن كردي: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: الواقديّ ثقة. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 201 وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد يَقُولُ: الواقديّ ثقة. وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: مَن قَالَ: إنّ مسائل مالك وابن أَبِي ذئب تؤخذ عَنْ أوثق من الواقدي فلا يُصَدِّق. وقال عليّ بْن المَدِينيّ فيما رواه عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّه: عند الواقديّ عشرون ألف حديثٍ لم أسمع بها. وقد روى أبو بَكْر الأنباري، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عكرمة الضَّبّيّ أنّ الواقديّ. قدِم العراق في دين لحقه، فقصد يحيى بْن خَالِد، فوصله بثلاثة آلاف دينار. وَرُوِيَ نظيرُها من غير وجهٍ أنّ يحيى وصله بمالٍ طائل. وقال الحَسَن بْن شاذان: قَالَ الواقدي: صار إليّ من السلطان ستّمائة ألف درهم، ما وجبت عليّ فيها زكاة. وقال أبو عكرمة الضَّبّيّ: ثنا سليمان بن أبي شيخ، ثنا الواقدي. قال: أضقت مرَّةً وأنا مَعَ يحيى بْن خَالِد، وجاء عيد، فقالت الجارية: لَيْسَ عندنا من آلة العيد شيء. فمضيت إلى تاجر صديق لي ليُقْرِضني، فأخرج إليّ كيسًا مختومًا فيه ألف دينار ومائتا درهم، فاخذته، فلمّا استقررت في منزلي جاءني صديق هاشميّ فشكا إليّ تأخُّر غلَّته وحاجته القَرْض، فدخلت إلى زوجتي فأخبرتها فقالت: عَلَى أيّ شيءٍ عزَمْتَ؟ قلت: على أن أقاسمه الكيس. قالت: ما صنعت شيئًا. أتيتَ رجلًا سُوقَه فاعطاك ألفًا ومائتي درهم. وجاءك رجلٌ من آلِ رسول اللَّه -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تعطيه نصف ما أعطاك السُّوقة؟ فأخْرَجَتْ لَهُ الكيس، فمضى بِهِ. وذهب التّاجر إلى الهاشْميّ ليقترض منه، فأخرج لَهُ الكيس بعينه فعرفه، وجاءني فخبّرني بالأمر. وجاءني رسول يحيى بْن خَالِد يقول: إنما تأخّر رسولي عنك لشُغْلي. فركبتُ إِلَيْهِ وأخبرته خبر الكيس. فقال: يا غلام هات تِلْكَ الدنانير. فجاء بعشرة آلاف دينار. فقال: هذه ألفي دينار لك، وألفين للتّاجر، وألفين للهاشمي، وأربعة آلاف لزوجتك، فإنها أكرمكم. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 202 وَرُوِيَ نحوها من وجهٍ آخر إلى الواقدي، لكنّه قَالَ: أمر لكلّ واحدٍ من الثلاثة بمائتي دينار. قَالَ عَبَّاس الدُّوريّ: مات الواقدي وهو عَلَى القضاء، وليس لَهُ كَفَن، فبعث المأمون بأكفانه. وقد تقدمت وفاته عَنِ ابن سعْد. روى لَهُ ابن ماجة1 حديثًا واحدًا ولم يسمه، بل قال: ثنا ابن أَبِي شَيْبة، عَنْ شيخ لَهُ، عَنْ عَبْد الحميد بْن جعفر، وذكر حديثًا في التجمل للجُمُعة. وقد رواه عَبْد بْن حُمَيْد، عَنِ ابن أَبِي شَيْبة، عَنِ الواقديّ. 348- محمد بْن أَبِي الوزير عُمَر بْن مُطَرِّف الهاشْميّ2 -د. ن- مولاهم. عَنْ: شريك، وعبد اللَّه بْن جعفر المُخَرِّميّ، ومحمد بْن موسى العطريّ. وعنه: بُنْدار، وبكار بْن قُتَيْبَة القاضي، والكُدَيْميّ، وآخرون. وكان صدوقًا، تُوُفّي كهلًا. 349- محمد بْن عيسى بْن القاسم بْن سميع3 -ق- مولى معاوية بْن أَبِي سُفْيَان الأموي، أبو سُفْيَان الدّمشقيّ. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، والأوزاعيّ، وعبد اللَّه بْن عُمَر، وحُمَيْد الطويل، ومحمد بْن الوليد الزُّبَيْديّ، وابن أَبِي ذئب، وطائفة. وعنه: هشام بْن عمّار، والعبّاس بْن الوليد الخلّال، والهيثم بْن مروان، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: يكتب حديثه.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه ابن ماجه "1095"، ومن طرق أخرى أخرجه أبو داود "1078"، والدارمي "1526"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "1078". 2 التاريخ الكبير "1/ 178"، الجرح والتعديل "8/ 20"، الثقات لابن حبان "9/ 75"، تهذيب التهذيب "9/ 362". 3 التاريخ الكبير "1/ 203"، الجرح والتعديل "8/ 37، 38"، الثقات لابن حبان "9/ 43"، تهذيب التهذيب "9/ 390-392". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 203 وقال ابن عديّ: لا بأس بِهِ. والذي أُنْكِر عَلَيْهِ حديث مقتل عثمان. وقال صالح جزرة، ثنا هشام بْن عمّار قَالَ: جهدتُ بِهِ أن يَقُولُ: ثنا ابن أبي ذئب فأبى إلّا أنّ يَقُولُ: عَنِ ابن أَبِي ذئب. قالَ صالح: قال لي محمود ابن بِنْت مُحَمَّد بْن عِيسَى: هُوَ في كتاب جدي عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أَبِي ذئب. قَالَ صالح: وإسماعيل هذا يضع الحديث. وقال ابن جَوْصا: سألت محمود بْن سُمَيْع فقال: رأيت كُتُب جدّي، عَنْ إسماعيل بْن يحيى، عَنِ ابن أَبِي ذئب، فترك إسماعيل ين يحيى. 350- محمد بْن غياث1. أبو لبيد الكِلابيّ السَّرْخَسيّ. رحل، وسمع من: مالك، وعبد اللَّه بْن المبارك. وعنه: أبو قُدَامة عُبَيْد اللَّه بْن سعْد السَّرْخَسيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ. 351- محمد بن القاسم الأسدي2 -ت- أبو إبراهيم الكوفي. أحد الضُّعَفاء. يروي عَنْ: الأوزاعيّ، وسعيد بْن عُبَيْد الطّائيّ، وابن جُرَيْج، والربيع بن صبيح، وطائفة. وعنه: وهب بن حفص الحراني، وأبو معمر القطيعي، وجماعة. وقال البخاري: يعرف وينكر. وقال أحمد بن حنبل: يكذب. وقال النسائي، وغيره: متروك. قيل: مات في ربيع الأول سنة سبع ومائتين.   1 التاريخ الكبير "1/ 207"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 92"، الجرح والتعديل "8/ 54". 2 الطبقات الكبرى "6/ 401"، التاريخ الكبير "1/ 214"، الجرح والتعديل "8/ 65"، ميزان الاعتدال "4/ 11"، التهذيب "9/ 407، 408". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 204 352- محمد بن مزاحم1 -ت- أبو وهب المروزي. عن: زفر بن الهذيل، وابن المبارك. وعنه: أحمد بن عبدة الأيلي، وأحمد بن منصور زاج، وعبدة بن عبد الرحيم المروزي. 353- محمد بن مصعب بن صدقة القرقساني2 -ت. ق- رحل إلى الأوزاعيّ فروى عَنْهُ. وعن: مبارك بْن فضالة، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وأبي الأشهب جعفر بْن حيّان. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعبّاس الدُّوريّ، والصَّغانيّ، والرمادي، وأحمد بن عبيد بن ناصح، وأحمد بْن عصام الأصبهانيّ، والحَسَن بْن مُكْرَم، وآخرون. قَالَ صالح بْن محمد جَزَرَة: عامّة أحاديثه عَنِ الأوزاعي مقلوبة. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. وقال النَّسائيّ: ضعيف. وقال الخطيب: كَانَ كثير الغلط لتحديثه من حفظه. ويُذكر عَنْهُ الخير والصلاح. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وروى سَعِيد بْن رحمة، عَنِ القُرْقُساني: كنتُ آتي الأوزاعيّ فيحدّث ثلاثين حديثًا، فإذا تفرّق النّاس عرضْتُها عَلَيْهِ، فلا أخطئ. فيقول: ما أتاني أحفظ منك. وقال أحمد بْن محمد بْن أَبِي الخناجر: ما رأينا لمحمد بْن مصعب كتابًا قط. قال ابن عدي: عندي ليس برواياته بأس.   1 الطبقات الكبرى "7/ 377"، التاريخ الكبير "1/ 228"، الجرح والتعديل "8/ 90"، الثقات "9/ 58"، التهذيب "9/ 437". 2 التاريخ الكبير "1/ 239"، والجرح والتعديل "8/ 102، 103"، والمجروحين لابن حبان "2/ 293، 294"، والتهذيب "9/ 458-460". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 205 وقال أبو أمية الطَّرَسُوسيّ: مات سنة ثمان ومائتين. 354- محمد بْن موسى بْن مسكين1. أبو غزية الْمَدَنِيّ الفقيه. من شيوخ الزُّبَيْر بْن بكار. توفي سنة سبع ومائتين. وروى عنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزناد، وفليح بْن سليمان، ومالك بْن أنس، وغيرهم. وولي قضاء المدينة. وعنه: يعقوب بْن محمد الزُّهْرِيّ، والنضر بْن سَلَمَةَ، وإبراهيم بْن المنذر الحزامي، والزُّبَير، وآخرون. قَالَ الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. وقال ابن حِبّان: كَانَ يسرق الحديث ويروي عَنِ الثّقات الموضوعات. 355- محمد بْن مُنَاذِر الْبَصْرِيّ2. الشّاعر أبو ذَرِيح. روى عَنْ: شُعْبَة. وغلب عَلَيْهِ اللهو والمجون وإجادة النظم. روى عَنْهُ: الصَّلْت بْن مسعود، ومحمد بْن ميمون الخيّاط، ومُزْداد بْن جميل. قَالَ ابن مَعِين: أعرفه صاحب شعر، ولم يكن من أصحاب الحديث. وكان يتعشق وُلِد عَبْد الوهّاب الثَّقْفيّ ويشبّب بنساء ثقيف، فطردوه من البصرة فخرج إلى مكّة، وكان يرسل العقارب في المسجد الحرام يلْسَعْن النّاس، ويصب المِدَاد باللّيل في مواضع يتوضّأ منها النّاس ليُسَوِّد وجوههم. لَيْسَ يروي عَنْهُ أحد فيه خير.   1 الطبقات الكبرى "5/ 440"، التاريخ الكبير "1/ 338، 239"، الجرح والتعديل "8/ 83"، ميزان الاعتدال "4/ 94". 2 المجروحين لابن حبان "2/ 271"، ميزان الاعتدال "4/ 47". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 206 356- محمد بْن منيب العَدَنيّ1. أبو الحَسَن. عَنْ: السَّرِيّ بْن يحيى، لَقِيَهُ بعدَن، وقريش بْن حِبّان. وعنه: محمد بْن رافع، وأحمد بْن الأزهر، وعبد بْن حُمَيْد، وطائفة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 357- مُحَمَّدُ بْن مُيَسّر2 -ت- أبو سعد الصغاني البلْخيّ الضّرير، نزيل بغداد. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وأبي حنيفة، وابن إِسْحَاق، وأبي جعفر الرّازيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعتيق بْن محمد، وأبو كُرَيْب، وعبّاس التُّرْقُفيّ وجماعة. قَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ جَهْميًّا شيطانًا، لَيْسَ بشيء. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. 358- محمد بْن يحيى3. أبو غسان الكِنَانيّ الّذي سمع: مالكًا، ومحمد بْن جعفر بْن أَبِي كثير، وجماعة. وعنه: عبد الله بن شبيب الربعي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وغيرهما. وكان كاتبا إخباريا. له حديث في "الصحيح". 359- محمد بن يعلى4 -ت. ق- أبو علي السلمي الكوفي، زنبور.   1 التاريخ الكبير "1/ 240"، والجرح والتعديل "8/ 101، 102"، الثقات لابن حبان "9/ 90"، تهذيب التهذيب "9/ 477". 2 الطبقات الكبرى "7/ 338"، التاريخ الكبير "1/ 245"، الجرح والتعديل "8/ 105"، تهذيب التهذيب "9/ 484". 3 التاريخ الكبير "1/ 266"، الجرح والتعديل "8/ 123"، الثقات لابن حبان "9/ 74"، تهذيب التهذيب "9/ 517، 518". 4 التاريخ الكبير "1/ 268"، الجرح والتعديل "8/ 130، 131"، ميزان الاعتدال "4/ 70، 71"، تهذيب التهذيب "9/ 533، 534". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 207 روى عنه: أَبِي حنيفة، وموسى بْن عبيدة، وعبد الملك بْن أَبِي سُليمان، وجماعة. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعليّ بْن حرب، وإبراهيم بْن أَبِي العَنْبس، وأبو بَكْر الصَّغانيّ. قَالَ الْبُخَارِيّ: ذاهب الحديث. 360- مُجِيبُ بْن موسى الأصبهاني1. صاحب الثَّوْريّ وخادمه. قال أحمد بن عصام: سمعته يَقُولُ: كنتُ عديل سُفْيَان الثَّوْريّ إلى مكّة، فكان يكثر البكاء. فقلت لَهُ: بكاؤك هذا خوفًا من الذنوب؟ فأخذ عُودًا من الْمَحْمَلِ فرمى بِهِ وقال: لذُنوبي أهون عليَّ من هذا، ولكنّي أخاف أنّ أُسلب التوحيد. روى عَنْ مجيب: عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وأحمد بْن يزيد، وأحمد بْن عصام. 361- مُحاضِرُ بْن المُوَرِّع الهَمْدانيّ الياميّ2. ويقال: السَّلُوليّ، الكوفي، أبو المُوَرِّع. عَنْ: الأعمش، وهشام بْن عُرْوَة، وعاصم الأحول، والأجلح الكِنْديّ، وهشام بْن حسّان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن سليمان الرهاوي، وحجاج بن الشاعر، وسليمان بْن سيف، وأحمد بْن يوسف الضَّبّيّ، وعباس الدوري، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ويعقوب بن شيبة. قال أحمد بن حنبل: سَمِعْتُ منه وكان مغفلًا جدًّا. لم يكن من أصحاب الحديث. وقال أبو زُرْعة: صدوق. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس.   1 المجروحين لابن حبان "2/ 167". 2 الطبقات الكبرى "6/ 398"، التاريخ الكبير "8/ 73، 74"، الجرح والتعديل "8/ 437"، الثقات لابن حبان "7/ 513"، تهذيب التهذيب "10/ 51، 52". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 208 وقال ابن سعْد: مات سنة ستٍّ ومائتين. لَهُ حديث واحد في "صحيح مُسْلِم"1. 362- محبوب بن الحسن بن هلال2 -ت. خ. مقرونًا بآخر- أبو جعفر البصري. قيل: اسمه محمد. روى عَنْ: خَالِد الحذّاء، وعبد اللَّه بْن عَوْن، ويونس بْن عُبَيْد، وأشعث بْن عَبْد الملك، وجماعة. وعنه: احمد بْن حنبل، والحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، ومحمد بْن سِنان القزّاز وجماعة. وقد روى حروف القراءة عَنْ إسماعيل بْن مُسْلِم الْمَكِّيّ، عَنِ ابن كثير، وهو ثقة. 363- مروان بْن محمد بن حسان3 -م. ع- أبو بكر الأسدي الدمشقي الطاطري التّاجر. وقيل: كنيته أبو حفص، وقيل: أبو عَبْد الرَّحْمَن. روى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، وسعيد بن بشير، ومالك، واللَّيث، وابن لَهِيعة، وخلق. وعنه: صفوان بن صالح المؤذن، وعبد الله بن ذكوان المقرىء، وأحمد بن أبي الحواري، وأحمد بن الأزهر، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأحمد بن عبد الأحد بن عبود، ومحمود بن خالد السلمي، وهارون بن محمد بن بكار، وخلق. وثقه أبو حاتم، وغيره. وكان الإمام أحمد يثني عليه ويقول: كان يذهب مذهب أهل العلم.   1 "758" باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه كتاب صلاة المسافرين. 2 الجرح والتعديل "8/ 388"، الثقات لابن حبان "7/ 529"، ميزان الاعتدال "3/ 441، 442"، التهذيب "9/ 119". 3 التاريخ الكبير "7/ 373"، الجرح والتعديل "8/ 275"، الثقات لابن حبان "9/ 179"، التهذيب "10/ 95، 96". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 209 وقال أبو زرعة الدمشقي: قَالَ لي أحمد بْن حنبل: كَانَ عندكم ثلاثة أصحاب حديث: مروان الطّاطَريّ، والوليد بْن مُسْلِم، وأبو مُسْهر. قَالَ أبو زُرْعة: وحدثني عَبْد اللَّه بْن يحيى بْن معاوية الهاشْميّ قَالَ: أدركت ثلاث طبقات، أحدها طبقة سَعِيد بْن عَبْد العزيز، ما رأيت فيهم أخشع من مروان بْن محمد. وعن أحمد بْن أَبِي الحواري قَالَ: ما رأيت شاميًا خيرًا من مروان بْن محمد. وقال ابن أَبِي الحواري، عَنْ مروان قَالَ: لا غِنى لصاحب حديثٍ عَنْ ثلاثة: صِدْقه، وحِفْظه، وصحّة كتبه. فإن أخطأ الحفظ لم يضرّه. وقال أبو سليمان الدّارانيّ: ما رأيت شاميًا خيرًا من مروان بْن محمد. وقال صَفْوان بْن صالح: سَمِعْتُ مروان بْن محمد وقيل لَهُ: إنهم يقولون: لَيْسَ لله عين ولا يد. فقال: إنما مذهبهم التعطيل. ت: إذا أراد اللَّه تعالى لَيْسَ كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته نسيج. قَالَ الْبُخَارِيّ: إنّما قِيلَ لَهُ: الطّاطَريّ لثياب نُسِب إليها. وقال الطَّبَرانيّ: كلّ من يبيع الكرابيس بدمشق يُسمّى الطّاطَريّ. وقال محمد بْن عَوْف: كَانَ مُرجِئًا. وقال عَبَّاس الدُّوريّ: عَنِ ابن مَعِين: لا بأس بِهِ. وكان مرجئًا. وأهل دمشق من كَانَ مرجئًا فعليه عمامة، ومن لم يكن مُرجئًا لا يعتّم. وقال الحَسَن بْن محمد بْن بكّار: مولد مروان عام انتثرت النّجوم سنة سبْعٍ وأربعين ومائة، ومات سنة عشر. 364- مسعود بْن عَبْد اللَّه بْن رزين السُّلَميّ القُهُنْدُزِيّ النَّيْسابوريّ1. أخو مبشّر وأخوته. كَانَ عالمًا بالقرآن فاضلًا. روى عَنْ: إبراهيم بن طهمان، وخارجة بن مصعب.   1 الأنساب لابن السمعاني "10/ 275". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 210 روى عنه: أحمد بن معاذ، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وجماعة من أهل نيسابور. توفي سنة عشر. 365- مسعود بن واصل البصري الأزرق1 -ت. ن- صاحب السَّابَرِيّ. روى عَنْ: النَّهاس بْن قَهْم، عَنْ قتادة، وله حديث آخر عَنْ غالب التّمّار. روى عَنْهُ: عُمَر بْن شَبَّة، وأبو بَكْر بْن نافع العبْديّ، وأبو غسان مالك بن عبد الواحد المسمعي. ضعّفه أبو داود الطَّيالِسيّ. 366- المسيّب بْن زُهَيْر الأمير2. من كبار القوّاد ببغداد؛ وكان من حزب الحَسَن بْن سهل الوزير عند قيام الهاشميّين ببغداد عَلَى المأمون، لمّا زوى الأمر عَنْهُمْ إلى عليّ بْن موسى الرِّضا. وقد انكسر جيش الحَسَن بْن سهل غير مرّة. فلمّا تُوُفّي ضده والمحارب لَهُ محمد بْن أَبِي خَالِد استظهر وقوي، وانتصر غير مرّةٍ عَلَى العباسيين، وكان القائم بحربهم عيسى بْن مُحَمَّد بْن أَبِي خَالِد. فجمع عيسى جيشًا كثيفًا يَسُدّ الفضاء، فقيل: إنّهم أُحْصُوا فبلغوا مائة ألفٍ وخمسةً وعشرين ألفًا من بين فارس وراجل. وأُعطي الفارس أربعين درهمًا، والراجل عشرين درهمًا. وجرى على الرعية ببغداد منهم ضُرٌّ وبلاء عظيم من النهب والفسق، واخذ الحريم والصبيان علانية. وبقي النّاس غَنَمًا بلا راعٍ. ومال هذا الجيش الذين أقامهم عيسى على قُطْربل فانتهبوها كلها. ثم قال ببغداد سهل بْن سلامة الْأَنْصَارِيّ ودعا إلى الأمر بالمعروف وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَر، فبايعه خلق من المطوعة، وقمعوا كثيرًا من أهل الفساد؛ ثم آل أمرهم إلى الخروج والقتال. وأمّا المسيّب هذا فإنه قُتِل. وُلّي ذبحَه أبو زنبيل، وحمل رأسه عَلَى رُمْح، وذلك في ربيع الآخر سنة إحدى ومائتين.   1 التاريخ الكبير "7/ 424"، الجرح والتعديل "8/ 284"، ميزان الاعتدال "4/ 100"، التهذيب "10/ 120". 2 تاريخ بغداد "13/ 137" وهو غيره. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 211 367 مُصْعَب بْن ماهان المَرْوَزِيّ1. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ. وعنه: زُهَيْر بْن عَبّاد الرُّواسيّ، وعَبْدة بْن سليمان المَرْوَزِيّ، وإبراهيم بن شماس السَّمَرْقَنْديّ، وآخرون. قَالَ أحمد بْن أَبِي الحواري: كَانَ أمِّيًّا لا يكتب. قَالَ أبو تَوبة الحلبيّ: أشار عليّ عيسى بْن يونس بالكتابة عَنْ مُصْعَب بْن ماهان، وكان مُصْعَب يلحن. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ رجلًا صالحًا، وحديثه مُضارِب، فيه شيء من الخطأ. وقال أبو حاتم: شيخ. 368- مُصْعَب بْن المِقْدام2. أبو عَبْد اللَّه الخَثْعَمِيّ الكوفيّ. عَنْ: أَبِي حنيفة، ومسعر، وفطر بْن خليفة، وفضيل بْن غزوان، وابن جُرَيْج، وعكرمة بْن عمار، وسفيان الثَّوْريّ، وزائدة، وغيرهم. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن رافع، وعبد بْن حُمَيْد، والقاسم بْن زكريّا بْن دينار، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وجماعة. قَالَ أبو داود: لا بأس بِهِ. وقال الدَّارَقُطْنيّ، وغيره: ثقة. قَالَ عليّ بْن حكيم، عَنْهُ قَالَ: كنت أرى رأي الإرجاء، فرأيت في منامي كأنّ في عيني صليبًا، فتركته. قَالَ مُطَيَّن، وغيره: تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. 369- مضاء بن عيسى الكلاعي3.   1 الجرح والتعديل "8/ 308، 309"، الثقات لابن حبان "9/ 175"، ميزان الاعتدال "4/ 121"، التهذيب "10/ 164". 2 التاريخ الكبير "7/ 354"، الجرح والتعديل "8/ 308"، والثقات لابن حبان "9/ 175"، التهذيب "10/ 165، 166". 3 تاريخ دمشق "41/ 502". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 212 الدّمشقيّ الزّاهد، من أهل قرية راوية قِبْليّ مدينة دمشق. روى عَنْ: شُعْبَة، وصحب: سَلْمًا الخواص. حكى عَنْهُ: أحْمَد بْن أَبِي الحواريّ، وقاسم الجوعي، وإبراهيم بن أيوب الحوراني، وعبيد بن عصام. قال ابن أبي الحواري: سمعته يَقُولُ: لإزالة الجبال أهون من إزالة رئاسة قد ثبتت. وقال ابن أبي الحواري: زرت مضاء أنا وأبو سليمان الداراني، فجاءنا ببيض وخلاط. 370- مظفر بن مدرك1 -ن- أبو كامل الخراساني، ثم البغدادي الحافظ. عَنْ: شَيْبان النَّحْويّ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وزُهَيْر بْن معاوية، وعاصم بْن محمد العُمَريّ، ونافع بْن عُمَر الْجُمَحيّ، وعبد العزيز بْن الماجِشُون، وخلْق. وعنه: احمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن أَبِي غالب القُومِسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وغيرهم. وكان أثبت النّاس في زُهَيْر. قَالَ أحمد بْن حنبل: كَانَ أصحاب الحديث ببغداد: أبو كامل، وأبو سَلَمَةَ الخُزاعيّ، والهيثم، يعني ابن جميل. وكان الهَيْثَم أحفظهم. وكان أبو كامل أتقن للحديث منهم. وكان لَهُ عقل شديد ووقار وهيئة. وقال ابن مَعِين: كنت آخذ عَنْهُ هذا الشأن، وكان بغداديًا من الأبناء، رجلًا صالحًا قلّ ما رأيت من يشبهه. وقال أبو خَيْثَمَة: ما كَانَ أبو كامل عندنا بدون وكيع عند الكوفيّين. وقال أبو داود: ثقة ثقة. وقال النَّسائيّ: ثقة مأمون.   1 الطبقات الكبرى "7/ 337"، التاريخ الكبير "8/ 74"، الجرح والتعديل "8/ 442"، التهذيب "10/ 183، 184". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 213 وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: مات سنة سبْعٍ ومائتين. قلت: هُوَ من أقران عليّ بْن الْجَعْد، ولكنه مات قبله بدهرٍ، فلهذا لم يشتهر. وقد ذكره ابن عديّ في شيوخ الْبُخَارِيّ، فغلط ووهم. 371- مُعَاذ بْن خَالِد بْن شقيق بن دينار1 -ن- أبو بكر العبدي المروزي، ابن عم عليّ بْن الحَسَن بْن شقيق. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وأبي طيبة عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم، وأبي حمزة السُّكّريّ، والحسين بْن واقد، وحماد بن سلمة، وجماعة. وعنه: إسحاق بن رَاهَوَيْه، وعَبْدان، ووهب بْن زمعة، ومحمد بْن عليّ بْن حرب، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن قُهْزَاد، ومحمد بْن مقاتل المروزيون. وثّقه ابن حِبّان وقال: مات بعد المائتين. قَالَ شيخنا أبو الحَجّاج: الأشبه أنّ يكون مات بعد المائتين. 372- مُعَاذ بْن خَالِد العسقلانيّ2. عَنْ: أيمن بْن نابِل، وزُهَيْر بْن محمد التَّميميّ. وعنه: حَرْمَلَة بْن يحيى، ومحمد بْن خَلَف العسقلانيّ، والحَسَن بْن عَبْد العزيز الْجَرَوِيُ، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: شيخ. تشبه أحاديثه عَنْ زُهَيْر أحاديث إِبْرَاهِيم بْن أَبِي يحيى. قلت: يلينّه بذلك. 373- مُعَاذ بْن هانئ القَيْسيّ3، وقيل: العيشي، وقيل: اليشكري -خ. ع- أبو هانئ البصري.   1 التاريخ الكبير "7 366"، الجرح والتعديل "8/ 250"، الثقات لابن حبان "9/ 177"، التهذيب "10/ 189". 2 الجرح والتعديل "8/ 250"، ميزان الاعتدال "4/ 132"، تهذيب التهذيب "10/ 189، 190". 3 التاريخ الكبير "7/ 367"، الجرح والتعديل "8/ 250"، الثقات لابن حبان "9/ 178"، تهذيب التهذيب "10/ 196". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 214 عن: حماد بن سلمة، همام بْن يحيى، وإبراهيم بْن طِهْمان، وحرب بْن شداد، ومحمد بْن مُسْلِم الطائفي، وجماعة. وعنه: الفلّاس، وبُنْدار، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، والكُدَيْميّ، وآخرون. تُوُفّي سنة تسع. 374- الْمُعَافَى بْن عِمران الحِمْيَريّ الظهري الحمصيّ1. يروى عَنْ: عَبْد العزيز الماجِشُون، ومالك، وابن لهيعة، وجماعة. وعنه: محمد بْن مُصَفَّى، وأبو حُمَيْد أحمد بْن المغيرة العوهيّ، وسعيد بْن عَمْرو السَّكُونيّ، وكثير بْن عُبَيْد، وأبو النقاء هشام اليزنيّ، وأبو عُتْبة الحجازي، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ. قَالَ محمد بْن عَوْف: ما رأيت مثله في عقله وورعه وفضله. وروى أنّ المعافي هذا كَانَ يحتطب عَلَى ظهره ويتبلّغ بِهِ. وثّقه ابن حِبّان. 375- معاوية بْن حفص الشَّعْبِيّ2. الكوفي، نزيل حلب. روى عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن أدهم، وكامل أبي العلاء، وداود الطائي، والسري بن يحيى، والحكم بن هشام، وطائفة. وعنه: أبو جعفر النفيلي، ومحمد بن مصفى، وأبو حميد أحمد بن محمد العوهي، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق.   1 الجرح والتعديل "8/ 400"، الثقات لابن حبان "9/ 199"، ميزان الاعتدال "4/ 134"، تهذيب التهذيب "10/ 200، 201". 2 التاريخ الكبير "7/ 336"، الجرح والتعديل "8/ 387"، الثقات لابن حبان "9/ 167"، تهذيب التهذيب "10/ 204، 205". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 215 376- معاوية بن هشام1 -م. ع- أبو الحسن الأسدي، مولاهم الكوفيّ القصّار. عَنْ: عليّ بْن صالح بْن حيّ، وحمزة الزّيّات، وشَيْبان، وسفيان، وعمار بْن زُرَيْق، وهشام بْن سعْد، وجماعة. وعنه: احمد بن حنبل، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، ومحمود بْن غَيْلان، وأحمد بْن سليمان الرهاوي، والحَسَن بْن عليّ بْن عفان، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقال يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ هُوَ وإِسْحَاق الأزرق من أعلمهم بحديث شريك. وقال أبو داود: ثقة. قلت: تُوُفّي سنة أربع أو خمس ومائتين. 377- معبد بْن راشد2. أبو عَبْد الرَّحْمَن. حدَّثَ ببغداد عَنْ: معاوية بْن عمار الدهني فقط. وعنه: رويم المقرئ، وموسى بْن داود الضَّبّيّ، والحَسَن بْن الصّبّاح الجزّار. قَالَ عَبْد اللَّه بْن أحمد: قَالَ أبي: رأيت معبدًا هذا ولم يكن به بأس. وكان يفتي برأي ابن أبي ليلى. قال ابن معين من رواية ابن أبي خيثمة له: واسطي ضعيف الحديث. قلت: حديثه عَنْ معاوية أَنَّهُ سأل جعفر بْن محمد الصادق عَنِ الْقُرْآنِ. فَقَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلا مَخْلُوقٍ ولكنّه كلام اللَّه. 378- معروف الكَرْخيّ العابد3. رحمه الله.   1 الطبقات الكبرى "6/ 403"، التاريخ الكبير "7/ 337"، الجرح والتعديل "8/ 385"، الثقات لابن حبان "9/ 166"، ميزان الاعتدال "4/ 138"، تهذيب التهذيب "10/ 218، 219". 2 التاريخ الكبير "7/ 400"، الجرح والتعديل "8/ 281"، الثقات لابن حبان "9/ 194"، ميزان الاعتدال "4/ 141"، التهذيب "10/ 223". 3 "قد تقدم في الطبقة الماضية". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 216 مرّ سنة مائتين. وقيل: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وقد أفرد أبو الفَرَج ابن الْجَوْزيّ أخباره في جزئين. وكان عديم النَّظير زهدًا وعبادة. 379- مُعَلَّى بْن دحية بْن قيس1. أبو دِحْية الْمَصْرِيّ المقرئ. قرأ القرآن عَلَى نافع. قرأ عَلَيْهِ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وأبو مسعود المَدِينيّ، وعبد القوي بْن كمونه. وسمع منه: هشام بْن عمّار. فعن مُعَلَّى قَالَ: خرجت بكتاب الَّليْث بْن سعْد إلى نافع لأقرأ عَلَيْهِ، فوجدته يقرئ الناس بجميع القراءات، فقلت له: يا أبا رُويم ما هذا؟ قَالَ: إذا جاء من يطلب حرفي أقرأته. 380- مُعَلَّى بْن عَبْد الرَّحْمَن الواسطيّ2 -ن- عَنْ: الأعمش، وابن أَبِي ذئب، ومنصور بْن أَبِي الأسود، وعبد الحميد بْن جعفر، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: الحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، وعليّ بْن أحمد الجداريّ، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّاغانيّ، وخلف الواسطيّ كردوس، وإبراهيم بْن دنوقا، وجماعة. قَالَ أبو داود: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين -وسُئل عَنِ المعلى بْن عَبْد الرَّحْمَن- فقال: أحسن أحواله عندي أَنَّهُ قِيلَ لَهُ عند موته: ألا تستغفر اللَّه؟ فقال: ألا أرجو أنّ يغفر لي وقد وضعت في فضل عليّ بْن أَبِي طَالِب سبعين حديثًا. وذهب ابن المَدِينيّ إلى أَنَّهُ كَانَ يكذب. وقال أبو زُرْعة: ذاهب الحديث. وقال الدارقطني: كذاب.   1 حسن المحاضرة للسيوطي "1/ 485". 2 الجرح والتعديل "8/ 334"، المجروحين لابن حبان "3/ 17، 18"، ميزان الاعتدال "4/ 148، 149"، التهذيب "10/ 338". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 217 وأما ابن عديّ فقال: أرجو أَنَّهُ لا بأس بِهِ. قلت: لَهُ حديث في "سنن ابن ماجة". أما مُعَلَّى بْن منصور فثقة، سيأتي ذكره بعد. 381- معمر بن المثنى1 -د- أبو عبيد التيمي البصري النَّحْويّ. صاحب التّصانيف. يُقَالُ: إنّه وُلِد في الليلة التي تُوُفّي فيها الحَسَن الْبَصْرِيّ. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وأبي عَمْرو بْن العلاء، ورُؤْبَة بْن الحَجّاج، وجماعة. وروى عَنْهُ: أبو عُبَيْد القاسم بْن سلّام، وابن المَدِينيّ، وعليّ بْن المغيرة الأثرم، وأبو عثمان المازني، وعُمَر بْن شَبَّة، وأبو العيناء محمد بْن القاسم وآخرون. وحدَّثَ ببغداد بأشياء من كتبه. قَالَ الجاحظ: لم يكن في الأرض خارجيٍ ولا جماعي أعلم بجميع العلوم من أَبِي عبيدة. وقال يعقوب بن شيبة: سَمِعْتُ عليّ بْن المَدِينيّ ذكر أبا عبيدة فأحسن ذكره وصحّح روايته. وقال: كَانَ لا يحكي عَنِ العرب إلّا الشيء الصّحيح. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال المبرّد: كَانَ الأصمعيّ وأبو عبيدة متقاربان في النَّحْو، وكان أبو عبيدة أكمل القوم. وقال ابن قُتَيْبَة: كَانَ الغريب وأخبار العرب وأيامها أغلب عَلَيْهِ، وكان مَعَ معرفته ربما لم يُقِم البيت إذا أنشده حتّى يكسره. وكان يخطئ إذا قرأ القرآن نظرًا، وكان يبغض العرب. وألف في مثالبها كتبًا. وكان يرى رأي الخوارج.   1 الجرح والتعديل "8/ 259"، الكنى والأسماء "2/ 73"، ميزان الاعتدال "4/ 155"، تهذيب التهذيب "10/ 246-248". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 218 وقال غير ابن قُتَيْبَة: إنّ الرشيد أقدم أبا عبيدة وقرأ عَلَيْهِ بعض كتبه. وكتبه تقارب مائتي تصنيف، منها كتاب "مجاز القرآن"، وكتاب "غريب الحديث" وكتاب "مقتل عثمان"، وكتاب "أخبار الحَجّاج"، وغير ذَلِكَ في اللُّغات والأخبار والأيّام. وكان أَلْثغ، وسِخ الثياب، بذيء اللّسان. قَالَ أبو حاتم السِّجِسْتانيّ: كَانَ يُكْرمني بناءً عَلَى أنّي من خوارج سِجِسْتان. ويذكر أَنَّهُ كَانَ يميل إلى الملاح، وفيه يَقُولُ أبو نُوَاس: صلّى الإله عَلَى لُوطٍ وَشِيعَتِهِ ... أبا عُبَيْدة قُلْ باللَّه: آمِينا فأنت عندي لا شكّ بقيَّتهم ... منذ احتلمْتَ وقد جاوزتَ تسعينا تُوُفّي أبا عبيدة سنة عشر ومائتين. وروى ابن خلّكان أَنَّهُ تُوُفّي سنة تسعٍ. ويقال: تُوُفّي سنة إحدى عشرة، وكانً من أبناء المائة. 382- المغيرةُ بْن سِقْلاب1. أبو بِشْر قاضي حَرّان. عَنْ: جعفر بْن بُرْقان، ومحمد بْن إِسْحَاق، ومعقل بْن عُبَيْد اللَّه، وجماعة. وعنه: الفضل بْن يعقوب الرَّخّاميّ، ويزيد بْن محمد الرُّهاويّ، والمُعَافَى بْن سليمان الرَّسْعَنّي، وآخرون. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ ما يرويه لا يتابع عليه. وقال أبو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ: لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا عَلَى حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسَرِّحٍ: ثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سِقْلابٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ" 2. وَالْقُلَّةُ أَرْبَعَةُ آصُعٍ.   1 الجرح والتعديل "8/ 223، 224"، المجروحين لابن حبان "3 /8"، ميزان الاعتدال "4/ 163". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أبو داود "63، 65"، والترمذي "67"، والنسائي "52"، وابن ماجه "517، 518"، وأحمد في المسند "2/ 12، 23، 27، 28، 107"، وعبد الرزاق في المصنف "1/ 79، 80"، وابن حبان في صحيحه "1249، 1253"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "1/ 60". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 219 وَبِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ مِنْ قلال هجر لم ينجسه شيء"1. وقال أَبُو عَرُوبَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ. 383- المفضل بْن عَبْد اللَّه الحَبَطّي اليَرْبُوعيّ الْبَصْرِيّ2. عَنْ: داود بْن أَبِي هند، وإسماعيل بْن مُسْلِم، وعُمَر بْن عامر. وعنه: أبو مَعْمَر القَطِيعيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ الحافظ. وكان جار عَبْد اللَّه بْن بَكْر السَّهميّ نزيل بغداد. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. 384- منصور بْن سَلَمَةَ بن عبد العزيز بن صالح3 -خ. م. ن- أبو سلمة الخزاعي البغدادي. عَنْ: عَبْد العزيز الماجِشُون، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، ومالك بْن أنس، واللَّيث بْن سعْد، وشريك بْن عَبْد اللَّه، ويعقوب القُمّيّ، وسليمان بْن بلال، وطائفة. وعنه: أحمد بْن حنبل، ومحمد بن عَبْد الرّحيم صاعقة، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّغانيّ، وعباس الدُّوريّ، وأبو أميّة الطَّرَسُوسيّ، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. وكان حجة ثبتًا عارفًا.   1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2358"، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "1/ 60". 2 التاريخ الكبير "7/ 406"، الجرح والتعديل "8/ 318، 319"، الثقات لابن حبان "9/ 184"، التهذيب "10/ 272، 273". 3 الطبقات الكبرى "7/ 345"، التاريخ الكبير "7/ 348"، الجرح والتعديل "8/ 173"، الثقات لابن حبان "9/ 172"، سير أعلام النبلاء "9/ 560، 562"، تهذيب التهذيب "10/ 308، 309". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 220 قال أحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة: قَالَ لي أَبِي وقد رجعنا من عند أَبِي سَلَمَةَ الخُزاعيّ: كتبت اليوم عَنْ كبشٍ نطاح. وقال الدَّارَقُطْنيّ: أبو سَلَمَةَ أحد الحُفّاظ الرُّفَعاء الذين كانوا يُسألون عَنِ الرجال ويؤخذ بقولهم فيهم. أخذ عَنْهُ أحمد، وابن مَعِين، وغيرهم علم ذلك. وقال ابن سعد: كان ثقة يتمنع بالحديث، ثم حدَّثَ أيامًا، وخرج إلى الثغور فمات بالمصيصة سنة عشر. وقال أبو بَكْر الأعين: مات سنة عشر. وقال مُطَيَّن كذلك. وقال مرّة: مات سنة تسعٍ. 385- منصور بْن سَلَمَةَ بْن الزّبْرقان1. وقيل: ابن الزّبْرقان بْن سَلَمَةَ. أبو الفضل النّمريّ الشّاعر. كَانَ من أهل الجزيرة فقدم بغداد وامتدح الرشيد، وغيره. وجرت بينه وبين العَتّابيّ وَحْشة حتّى تَهَاجَيَا وتناقضا، وسعى كلُّ واحدٍ منهما في هلاك الآخر. 386- منصور بن صقير2. أبو النضر البغدادي الجندي. روى عنه: حمّاد بْن سَلَمَةَ، ونافع بْن عُمَر الْجُمَحيّ، وثابت بن محمد العبدي، كذا عند ابن ماجة، والصواب محمد بْن ثابت العبْديّ، وعبد اللَّه بْن عرادة، وأبي عَوَانة. وعنه: سهل بْن أَبِي الصُّفْرِيّ، ويعقوب بْن شَيْبة، وأبو أُميّة، ومحمد أحمد بْن الْجُنَيْد، ومحمد بْن غالب تمتام، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: كَانَ جنديًا وليس بالقويّ. 387- منصور بْن عِكْرِمة3.   1 الأغاني "13/ 147". 2 التاريخ الكبير "7/ 346"، الجرح والتعديل "8/ 172"، المجروحين لابن حبان "3/ 39، 40"، الميزان "4/ 185"، التهذيب "10/ 309". 3 التاريخ الكبير "7/ 349"، الجرح والتعديل "8/ 176"، الثقات لابن حبان "9/ 171، 172". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 221 أبو عِكْرِمة الكِلَابيّ. سمع: ابن عَوْن، وطلحة بْن يحيى التَّيْميّ. وعنه: أحمد بْن محمد بْن يحيى القطّان، ومحمد بْن سِنان القزّاز، وهو بصري مقل. 388- منصور بن المهاجر1 -ق- أبو الحسن الواسطي، بيّاع القصب. عَنْ: سعْد بْن طُريف الإسكاف، وشُعَيب بْن ميمون، ومحمد المخرِّم، وأبي حمزة صاحب أنس. وعنه: إِسْحَاق بْن وهْب العلّاف، وسهم بْن إِسْحَاق، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد المجيد، ومحمد بْن عَبْد الملك الدقيقي، وغيرهم. روى لَهُ ابن ماجة في تفسيره. 389- مُهَنّي بْن عَبْد الحميد الْبَصْرِيّ2. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وبُنْدار، ونصر بْن عليّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج. وثّقه عليّ بْن مُسْلِم الطُّوسيّ. 390- موسى بْن عَبْد العزيز3 -د. ق- أبو شعيب القنباري العدني. والقِنْبار شيء تُجاز بِهِ السُّفن. ذكر أَنَّهُ سمع من الحَكَم بْن أبان قَالَ: حدَّثني عكرمة، فذكر صلاة التسليم. روى عَنْهُ: بِشْر بْن الحَكَم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل المَرْوَزِيّ، وزيد بْن المبارك الصَّنعانيّ، ومحمد بْن أسد الخشنيّ. قَالَ عَبْد اللَّه بْن أحمد، عَنِ ابن مَعِين: لا أرى به بأسًا.   1 الجرح والتعديل "8/ 179"، تهذيب التهذيب "10/ 315". 2 الجرح والتعديل "8/ 440"، ميزان الاعتدال "4/ 197"، تهذيب التهذيب "10/ 330، 331". 3 التاريخ الكبير "7/ 292"، الجرح والتعديل "8/ 151"، الثقات لابن حبان "9/ 159"، الميزان "3/ 212"، التهذيب "10/ 356". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 222 وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقع حديثه عاليًا في سبعة مجالس المخلص. 391- موسى بْن عَبْد اللَّه الطّويل1. أبو عَبْد اللَّه؛ فارسيّ نزل واسط وزعم أَنَّهُ سمع من أنس بْن مالك، فحدّث عَنْهُ بعجائب. روى عَنْهُ: إسحاق بن شاهين، ومحمد بن مسلمة الواسطيّ. وقع لنا حديثه عاليًا، ولكنه لَيْسَ بشيء. فَمِنْ حَدِيثِهِ: ثَنَا مَوْلاي أَنَسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أَفْطَرَ عَلَى تَمْرٍ زِيدَ فِي صَلَاتِهِ أَرْبَعُمِائَةَ صِلَاةٍ"2. 392- موسى بْن الأمين محمد بْن الرشيد هارون بْن المهديّ الهاشْميّ العبّاسيّ. كَانَ شابًا مليح الصُّورة، وهو الّذي خلع أَبُوهُ المأمون لأجله، وجعله وليّ عهده. تُوُفّي في شَعْبان سنة ثمانٍ ومائتين. 393- موسى بْن هلال العبْديّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: هشام بْن حسّان، وعبد اللَّه بْن عُمَر العُمَريّ، وغيرهما. وعنه: محمد بْن إسماعيل الأُحْمُسيّ، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ، والفضل بْن سهل الاعرج، وعُبَيْد الورّاق، وأحمد بْن حنبل في كتاب "الزُّهد"، ومحمد بْن جَابِر المحاربيّ، وأحمد بْن حازم بْن أَبِي غَرَزَة. وكان قلانسيًا. قال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: مَجْهُولٌ. قُلْتُ: لَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَهُ بِتَضْعِيفٍ يُسْقِطُهُ فَيَنْكَشِفُ مِنَ "الثِّقَاتِ" لابْنِ حِبَّانَ.   1 الكامل في الضعفاء لابن عدي "6/ 2350". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2350"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 194". 3 الجرح والتعديل "8/ 166"، ميزان الاعتدال "4/ 225". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 223 وَهُوَ الَّذِي انْفَرَدَ بِحَدِيثِ: "مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي"1. وَالْحَدِيثُ، وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا، فَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ: "أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ مَاتَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ" 2. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ مُوسَى بْنِ هِلَالٍ، وَقَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. 394- مؤمل بن إسماعيل3 -ت. ن. ق- أبو عبد الرحمن العدوي، مولاهم الْبَصْرِيّ. مولى آل عُمَر -رضى الله عنه. عَنْ: شُعْبَة، والثَّوْريّ، وعكرمة بْن عمّار، ونافع بْن عُمَر الْجُمَحيّ، وطائفة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن رَاهَوَيْه، وبُنْدار، ومؤمل بْن إهاب، ومحمود بْن غَيْلان، ومحمد بْن سهل بْن سهل بْن المهاجر الرَّقّيّ، وغير واحد. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صدوق، شديد في السُّنَّةِ، كثير الخطأ. وقال الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وأمّا أبو داود فعظّمه ورفع من شأنه وقال: إلّا أَنَّهُ يهمّ في الشيء. قلت: تُوُفّي في رمضان مجاورًا بمكّة سنة ستٍّ ومائتين. "حرف النون": 395- نائل بن نجيح البغدادي4 -ق- ويقال: البصري.   1 "حديث موضوع": أخرجه الدارقطني في سننه "2/ 278"، وابن عدي في الكامل "6/ 2350"، وذكره الشيخ الألباني في ضعيف الجامع وقال: موضوع، وفي السلسلة الضعيفة "1/ 64"، والإرواء "1127". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "99، 6570"، وأحمد في المسند "2/ 373". 3 الطبقات الكبرى "5/ 501"، الجرح والتعديل "8/ 374"، الثقات لابن حبان "9/ 187"، تهذيب التهذيب "10/ 380". 4 المجروحين لابن حبان "3/ 61"، ميزان الاعتدال "4/ 244، 245"، تهذيب التهذيب "10/ 415، 416". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 224 عَنْ: فطر بْن خليفة، ومسعر بْن كُدَام، وعَمْرو بْن شَمِر. وعنه: حفص بْن عُمَر الرّباليّ، وعُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وآخرون. وحديثه يقع عاليًا في "الغَيْلانيّات". قَالَ أبو أحمد بْن عديّ: أحاديثه مظلمة. 396- نصر بن حماد1 -ق- أبو الحارث البصري البجلي الوراق الحافظ. عن: مسعر، وشعبة، ومقاتل بْن سليمان، وعاصم بْن محمد بْن زيد، وإسرائيل، وخلْق. وعنه: قَعْنَب بْن المحرز، ورَوْح بْن الفَرَج البزّار، ومحمد بْن رافع، ويحيى بن جعفر بن الزبرقان، ومحمد بن إسحاق الصاغاني. قال أحمد بْن حنبل: كذّاب. وقال الْبُخَارِيّ: يتكلّمون فيه. وقال أبو حاتم: متروك. 397- النَّضْر بن شميل بن خرشة2 -ع- أبو الحسن المازني البصري النَّحْويّ اللُّغَويّ الحافظ. نزيل مَرْو. روى عَنْ: حُمَيْد الطويل، وهشام بْن عُرْوَة، وابن عَوْن، وهشام بْن حسّان، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وطائفة كبيرة. وعنه: يحيى بْن يحيى، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، ومحمد بْن رافع، وعبد اللَّه بْن منير، ومحمود بْن غَيْلان، وعبد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الدّارميّ، وسعيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، وخلق. وثقه غير واحد.   1 التاريخ الكبير "8/ 106"، الجرح والتعديل "8/ 470"، المجروحين لابن حبان "1/ 21"، ميزان الاعتدال "4/ 250، 251". 2 الطبقات الكبرى "7/ 373"، التاريخ الكبير "8/ 90"، الجرح والتعديل "8/ 477، 478"، الثقات لابن حبان "9/ 212"، ميزان الاعتدال "4/ 258"، تهذيب التهذيب "10/ 437، 438". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 225 وقال أبو حاتم: ثقة صاحب سُنّة. وقيل: إنّه عاش ثمانين سنة. قَالَ العبّاس بْن مُصْعَب: بلغني أنّ عَبْد اللَّه بْن المبارك سُئل عَنِ النَّضْر بْن شُمَيْلٍ فقال: ذاك أحد الأحَدِين. لم يكن أحدٌ من أصحاب الخليل يدانيه. قَالَ العبّاس: كَانَ إمامًا في العربيّة والحديث. وهو أول من أظهر السُّنّة بمرو وجميع خراسان. وكان أروى النّاس عَنْ شُعْبَة. أخرج كتبًا كثيرة لم يسبقه إليها أحد، وولي قضاء مَرْو. وقال أحمد بْن سَعِيد الدّارميّ: سَمِعْتُ النَّضْر بْن شميل يَقُولُ: في كتاب "الحيل" كذا وكذا مسألة كُفْر. وسمعته يَقُولُ: خرج بي أَبِي من مَرْو الروذ إلى البصرة سنة ثمانٍ وعشرين ومائة وأنا ابن خمس أو ستٍّ سنين. هرب حين كانت الفتنة. وقال داود بْن مخراق: سَمِعْتُ النَّضْر يَقُولُ: لا يجد الرجل لذة العلم حتّى يجوع وينسى جوعه. وقال: من أراد شرف الدنيا والآخرة، فليتعلم العلم. قَالَ أحمد: مات في أول سنة أربعٍ ومائتين. وقال محمد بْن عَبْد الله بن قهزاد: مات في آخر يوم من ذي الحجة سنة ثلاثٍ، ودفن في أول يوم من المحرَّم. 398- النَّضْر بْن محمد بْن موسى الْجُرَشيّ اليمامي1. -ن- أبو محمد. عَنْ: عكرمة بْن عمّار، وأبي أُوَيْس، وشُعْبة، وصخر بْن جُوَيْرية. وعنه: عَبَّاس الْعَنْبريّ، وعبد اللَّه بْن محمد بْن الرُّوميّ، وأحمد بْن جعفر الموقريّ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، ومؤمل بْن إهاب. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه   1 التاريخ الكبير "8/ 89"، الجرح والتعديل "8/ 479"، الثقات لابن حبان "7/ 535"، التهذيب "10/ 444". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 226 العِجْليّ: ثقة، روى عَنْ عكرمة بْن عمّار ألف حديث. رحلت إِلَيْهِ فوصلت في خمسة عشر يومًا. 399- النَّضْر بْن محمد بْن مُحَمَّد الْمَرْوَزِيّ. أبو هُشَيْم. تقدّم. 400- نفيسة1. السيدة الصالحة ابنة الأمير حسن بْنُ زَيْدِ بْنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بن أبي طالب الهاشمية الحسنية. صاحبة المشهد الّذي بين مصر والقاهرة. وقد ولي أبوها المدينة للمنصور. ثمّ قبض عَلَيْهِ وحبسه مدّةً، فلمّا اسُتخْلف المهديّ أطلق أباها وردّ عَلَيْهِ كلّ ذهبٍ لَهُ. وحجّ معه، فمات -رحمه اللَّه- بالحاجر. وأمّا هِيَ فتحولت من المدينة إلى مصر مَعَ زوجها إِسْحَاق بْن جعفر الصّادق، فيما قِيلَ. ولم يبلغنا شيء من مناقبها، رحمها اللَّه. تُوُفّيت في شهر رمضان سنة ثمانٍ ومائتين. وللجُهّال فيها اعتقادٌ لا يجوز مثله، وقد بلغ بهم الشِّرْك باللَّه. ويسجدون للقبر، ويطلبون منها المغفرة. وكان أخوها القاسم بْن الحَسَن زاهدًا عابدًا سكن أولاده نيسابور. والسيد العلوي شيخ البيهقي وأولاده. "حرف الهاء": 401- هارون بن إسماعيل2 -خ. م. ت. ن. ق- أبو الحسن البصري الخزاز. عَنْ: عليّ بْن المبارك، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وهَمَّام بْن يحيى. وعنه: إِسْحَاق الكَوْسَج، وعبد بْن حُمَيْد، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وسليمان بْن سيف، ومحمد بْن عَبْد الملك الدقيقي، والكُدَيْميّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: شيخ تاجر محله الصِّدق. عنده كتاب عَنْ عليّ بْن المبارك.   1 وفيات الأعيان "5/ 423، 424"، حسن المحاضرة "1/ 218"، شذرات الذهب "2/ 21". 2 التاريخ الكبير "8/ 226"، الجرح والتعديل "9/ 87"، الثقات لابن حبان "9/ 238"، التهذيب "11/ 3". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 227 وقال أبو داود: لا بأس بِهِ. وقال ابن أَبِي عاصم: تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. 402- هارون بْن عِمران الْأَنْصَارِيّ المَوْصِليّ1. عَنْ: فطر بْن خليفة، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وسفيان الثَّوْريّ. وكان فقيهًا مفتيًا، أريد عَلَى القضاء فامتنع. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، وعليّ بْن حرب. وتُوُفّي سنة إحدى ومائتين. 403- هاشم بْن القاسم بْن مُسْلِم بْن مُقْسِم2. أبو النَّضْر اللَّيْثيّ الخراساني ثمّ البغداديّ قيصر. روى عَنْ: عكرمة بْن عمار، وشُعْبة، وابن أَبِي ذئب، وحريز بن عثمان، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وورقاء بن عمر، وأبي جعفر الرازي، وأبو عقيل الثقفي، وطائفة. وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن معين، وابن أبي شيبة، ومحمود بن غيلان، وهارون الحمال، وعبد بن حميد، وأحمد بن الفرات، وعباس الدوري، والصاغاني، وخلق. وأبو بكر بن أبي النضر ولده. وإنما لقب بقيصر؛ لأن نصر بن مالك الخزاعي كان على شرطة الرشيد، فدخل نصر الحمام وقت العصر وقال: لا تقم الصلاة حتّى أخرج. فجاء أبو النَّضْر إلى المسجد، فقال للمؤذن: ما لك لا تقيم؟ قَالَ: أنتظر أبا القاسم. فقال: أقم. فأقام الصلاة وصلوا. فلمّا جاء نَصْر لام المؤذن فقال: لم يدعني أبو النضر.   1 الجرح والتعديل "9/ 93"، الثقات لابن حبان "9/ 238". 2 الطبقات الكبرى "7/ 335"، التاريخ الكبير "8/ 235"، الجرح والتعديل "9/ 105، 106"، الثقات لابن حبان "9/ 243"، سير أعلام النبلاء "9/ 545-549"، ميزان الاعتدال "4/ 290"، تهذيب التهذيب "11/ 18، 19". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 228 فقال: لَيْسَ هذا هاشم هذا قيصر، يريد ملك الروم، فلزمه ذَلِكَ. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ أبو النَّضْر شيخنا من الآمرين بالمعروف والنّاهين عَنِ المُنْكَر. وقال ابن المَدِينيّ، وغيره: ثقة. وقال العِجْليّ: ثقة صاحب سنة من الأبناء. كان أهل بغداد يفخرون بِهِ. وعن أَبِي النَّضْر قَالَ: ولدت سنة أربعٍ وثلاثين ومائة. وقال ابن حِبّان: تُوُفّي في ذي القعدة سنة خمس. وقيل: سنة سبْعٍ. قلت: إنّما تُوُفّي سنة سبْعٍ بلا شك. قاله مُطَيَّن، والحارث بْن أَبِي أسامة، وغيرهما. 404- هشام بْن محمد بْن السائب بْن بِشْر1. أبو المنذر الكلْبيّ النّسّابة العلّامة الإخباريّ الحافظ. روى عَنْ أَبِيهِ، وعن: مجالد، وأبي مِخْنَف لوط بْن يحيى، وغير واحد. قَالَ أحمد بن حنبل: إنما كان صاحب سَمَر ونَسَب، ما ظننت أحدا يحدّث عَنْهُ. وقال الدَّارَقُطْنيّ، وغيره: متروك. روى عَنْهُ: ابنه العبّاس، وخليفة بْن خيّاط، ومحمد بْن سعْد، وأحمد بْن المِقْدام العِجْليّ، وابن أَبِي السَّرِيّ. وَرُوِيَ عَنْهُ قَالَ: حفظت ما لم يحفظه أحد، ونسيت ما لم ينسه أحد. كَانَ لي عمّ، فعاتبني عَلَى حفظ القرآن، فحفظته في ثلاثة أيّام. دخلت بيتًا وحلفت أنّي لا أخرج منه حتّى أحفظه، فحفظته في ثلاثة أيّام. ونظرت في المرآة مرّةً فقبضت لحيتي، وأردت أنّ آخذ ما تحت القبضة فنسيت فأخذت ما فوق القبضة. ومع فرط ذكاء بن الكلبي لم يكن بثقة، وفيه رفض.   1 التاريخ الكبير "8/ 200"، المجروحين لابن حبان "3/ 91"، ميزان الاعتدال "4/ 304، 305"، لسان الميزان "6/ 196". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 229 وله "كتاب الجمهرة" في النسب، وهو مشهور، وكتاب "حلف الفضول"، و"حلف عبد المطلب وخزاعة"، و"حلف تميم وكلب"، وكتاب "بيوتات قريش"، و"فضائل قيس عيلان"، و"بيوتات ربيعة"، وكتاب "الموردات"، وكتاب "الكنى"، وكتاب "ملوك الطوائف"، وكتاب "ملوك كندة"، ويقال: إنّ تصانيفه تزيد عَلَى مائة وخمسين مصنفًا. قلت: تُوُفّي ابن الكلْبيّ سنة أربعٍ ومائتين عَلَى الصّحيح. وقيل: بعد ذَلِكَ. 405- هشام بْن معاوية1. الكوفيّ الضّرير. من علماء أئمّة العربية. صحب الكِسائيّ وأخذ عَنْهُ. وصنّف كُتُبًا في النَّحْو. تُوُفّي سنة سبْعٍ. 406- هَرْثَمَةُ بْن أعين2. الأمير. ولي مملكة خُراسان للرشيد. وكان من رجال الدهر ورؤوس الدولة. تُوُفّي سنة إحدى ومائتين. 407- الهَيْثَم بن الربيع3 -ت-. أبو المُثَنَّى العُقَيْليّ. عَنْ: الحمَّادَيْن، وسِماك بْن عطية، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وصالح المُرِّيّ. وعنه: نَصْر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وحشيش بْن أصرم، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه السَّعْديّ النَّيْسابوريّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: شيخ لَيْسَ بالمعروف. 408- الهيثم بْن عَبْد الغفّار الطّائيّ4. روى عَنْ: همّام بْن يحيى وسعيد بْن بِشْر، وميسرة بْن مَعْبَد. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن ماتع دُرُخْت، وأبو بَكْر محمد بْن خلاد، وغيرهما.   1 الأعلام "8/ 88". 2 تاريخ خليفة "459، 463". 3 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 105"، الجرح والتعديل "9/ 83"، ميزان الاعتدال "4/ 322". 4 الجرح والتعديل "9/ 85"، ميزان الاعتدال "4/ 323". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 230 قَالَ أحمد بْن حنبل: عرضت عَلَى ابن مهدي أحاديث الهيثم بن عبد الغفار، عَنْ همّام، وغيره فقال: هذا رَجُل كذاب، أو غير ثقة. كَانَ يضع الحديث. 409- الهَيْثَم بْن عديّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أُسَيْد بْن جَابِر1. أبو عَبْد الرَّحْمَن الطّائيّ الإخباري المؤرخ الكوفي. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، ومجالد بْن سَعِيد، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وطائفة. وعنه: محمد بْن سعْد، وأبو الْجَهْم العلاء بْن موسى، وعليّ بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، وآخرون. وله تاريخ صغير. وهو من بابة الواقدي. قَالَ أبو زُرْعة: لَيْسَ بشيء. وقال ابن مَعِين، وأبو داود: كذّاب. وقال النَّسائيّ، وغيره: متروك الحديث. قَالَ الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ. ويُرْوَى عَنِ ابن المَدِينيّ: هُوَ عندي أصلح من الواقديّ. وقال عَبَّاس الدُّوريّ: ثنا بعض أصحابنا قَالَ: قَالَتْ جارية الهَيْثَم بْن عديّ: كَانَ مولاي يقوم عامّة الليل يصلي فإذا أصبح جلس يكذب. تُوُفّي الهَيْثَم سنة سبْعٍ بفم الصلح، وله ثلاث وتسعون سنة، وقلّ ما روى عَنِ المُسْنَد. "حرف الواو": 410- ورد بْن عَبْد اللَّه أبو محمد التَّميميّ الطَّبَريّ2 نزيل بغداد. عَنْ: محمد بْن طلحة بْن مصرف، ومحمد بْن جَابِر الحنفي، وإسماعيل بْن عياش، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "8/ 218"، الجرح والتعديل "9/ 85"، ميزان الاعتدال "4/ 324، 325". 2 الجرح والتعديل "9/ 51"، المجروحين لابن حبان "2/ 187"، تهذيب التهذيب "11/ 112، 113". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 231 وعنه: ولداه محمد ويحيى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وأحمد بْن مُلاعب. وثّقه إِبْرَاهِيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ. قلت: مات كهلًا، ولم يخرجوا لَهُ. 411- وسّاجُ بْن عُقْبة بْن وسّاج الْأَزْدِيّ1. أبو عُقْبة المَقْدِسيّ. عَنْ: الهقل بْن زياد، وعبد الحميد بْن أَبِي العشرين، والوليد بْن محمد المُوَقّريّ. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن محمد الفِرْيابيّ ثمّ المَقْدِسيّ، وسليمان بْن عَبْد الحميد البَهْرانيّ. ذكره ابن حِبّان في "الثّقات". 412- الوليد بْن عَبْد الرَّحْمَن العبْديّ الجاروديّ الْبَصْرِيّ2. عَنْ: شُعْبَة، والحَسَن بْن أَبِي جعفر الجفريّ، وجماعة. وعنه: ولده المنذر بْن الجارود. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة اثنتين ومائتين. 413- الوليد بن القاسم بن الوليد3. ثمّ الخَبْذَعيّ -ت. م- الكوفيّ. وخبذع بطنٌ من قبائل همدان. قيّده ابن ماكولا بفتح الخاء والذّال، وقيّده غيره بالكَسْر. روى عَنْ: الأعمش، ومجالد، ويزيد بْن كَيْسان، وأبي حيّان التَّيْميّ، وفُضَيْل بْن غزوان، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بن حنبل، وأحمد الرَّماديّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، والحسين بْن عليّ الصدائي، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن أحمد بْن الْجُنَيْد الدّقّاق، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوّام، ومؤمل بْن إهاب، وخلْق. قَالَ ابن الْجُنَيْد: سُئل عَنْهُ أحمد بْن حنبل فقال: ثقة كتبنا عنه. وكان جارًّا   1 الثقات لابن حبان "9/ 231"، تهذيب التهذيب "11/ 116". 2 الثقات لابن حبان "9/ 225"، تهذيب التهذيب "11/ 139". 3 التاريخ الكبير "8/ 152"، الجرح والتعديل "9/ 13". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 232 لِيَعْلَى بْن عُبَيْد، فسألت عَنْ يَعْلَى فقال: نعم الرجل، هُوَ جارنا منذ خمسين سنة، ما رأينا منه إلّا خيرًا. قَالَ أحمد بْن حنبل: قد كتبنا عَنْهُ أحاديث حسانًا عَنْ يزيد بْن كيسان فاكتبوا عَنْهُ. وقال ابن عديّ: إذا روى عَنْ ثقة فلا بأس بِهِ. وقال ابْن أَبِي خَيْثَمَة عَن ابْن معين: ضعيف. وقال مطين: مات سنة ثلاث ومائتين. 414- الوليد بن مزيد1 -د. ن- أبو العباس العذري البيروتي. عن: الأوزاعي، وعثمان ابن أَبِي العاتكة، وعثمان بْن عطاء الخراساني، ومقاتل بْن سليمان بْن بشير، وعبد اللَّه بْن شوذب، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وطائفة. وعنه: ابنه العبّاس، وأبو مسهر، ودُحَيْم، وأبو عُمَيْر عيسى بْن النخاس الرَّمْليّ، وأحمد بْن أَبِي الحواري، ومحمد بْن وزير الدّمشقيّ، وجماعة. قال أبو مسهر: وجدت عند الوليد بْن مُزْيَد علمًا لم يكن عند غيره. وقال يوسف بْن أَبِي السفر: سَمِعْتُ الأوزاعي يَقُولُ: ما عرضت فيما حمل عني أصح من كُتُب الوليد بْن مُزْيَد. وقال أبو مسهر: كَانَ ثقة. ولم يكن يحفظ، وكانت كتبه صحيحة. وقال دُحَيْم: مات سنة سبْعٍ ومائتين. 415- وهْب بْن جرير بْن حازم بْن زيد بْن عَبْد اللَّه بْن شجاع2 -ع- أبو العباس الأزدي البصري. عَنْ: أبيه، وهشام بْن حسّان، وابن عَوْن، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وهشام الدَّسْتُوائيّ، وشُعْبة، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن المَدِينيّ، وابن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأبو خَيْثَمَة، وعبد اللَّه المُسْنِديّ، وعَمْرو الفلّاس، وبُنْدار، ومحمد بْن المثنى، وعلي بن نصر الجهضمي، وأبوه، ومحمد بن رافع، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وخلق.   1 التاريخ الكبير "8/ 155"، الجرح والتعديل "9/ 18"، سير أعلام النبلاء "9/ 419، 421"، تهذيب التهذيب "11/ 150". 2 الطبقات الكبرى "7/ 298"، التاريخ الكبير "8/ 169"، الجرح والتعديل "9/ 28"، الثقات لابن حبان "9/ 228"، سير أعلام النبلاء "9/ 442-445"، ميزان الاعتدال "4/ 350"، تهذيب التهذيب "11/ 161، 162". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 233 قال عُثْمَانَ الدَّارَمِيِّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةً. وَقَالَ النسائي: ليس به بأس. وقال أحمد العجلي: بَصْريّ ثقة. كَانَ عمّار يتكلّم فيه. قَالَ: مات بالمَنْجَشَانيّة عَلَى ستة أميال من المدينة منصرفًا من الحجّ. فحُمِل ودُفِن بالبصرة. وقال محمد بْن سعْد: مات سنة ستٍّ ومائتين. "حرف الياء": 416- يحيى بْن آدم بْن سليمان1 -ع- أبو زكريّا الْقُرَشِيّ الكوفيّ الأحْوَل الحافظ، مولى آل أَبِي مُعَيْط. روى عَنْ: فِطْر بْن خليفة، وفضيل بْن مرزوق، ومسعر، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وعيسى بْن طَهْمان، وسفيان الثَّوْريّ، وإسرائيل، ومفضَّل بْن مهلهل، وورقاء بْن عُمَر، وخلْق. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإِسْحَاق بْن راهَوَيْه، ويحيى بْن مَعِين، وأبو كُرَيْب، وهارون الحمّال، وعَبْدة الصّفّار، ومحمد بْن رافع، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وعبد بْن حُمَيْد، والحَسَن بْن عليّ بْن عفان العامريّ، وخلق. وكان فقيهًا إمامًا قارئًا غزير العلم. وثّقه ابن مَعِين، والنسائيّ. وسُئل عَنْهُ أبو داود فقال: يحيى واحد النّاس. وقال يعقوب بْن شَيْبة: ثقة، فقيه البدن. سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ يَقُولُ: يرحم اللَّه يحيى بْن آدم أي علمٍ كَانَ عنده، وجعل يطريه. وقال أبو أسامة: ما رأيت يحيى بْن آدم قطّ إلّا ذكرت الشَّعْبِيّ، يعني أَنَّهُ كَانَ جامعًا للعلم. قَالَ أبو سَعِيد هشام بْن منصور: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل يَقُولُ: قَالَ لي يحيى بْن آدم: يجيئني الرجل ممّن أبغضه أكره مجيئه، فأقرأ عَلَيْهِ كلّ شيء حتّى أستريح منه ولا أراه. ويجيء الرجل أودّه فأتردّد حتّى يرجع إليْ. قلت: وعلى يحيى مدار قراءة أَبِي بَكْر بْن عياش، فإنّه ضبط الحروف وحرّرها، وراجع فيها أبا بَكْر، ولم يقرأ عَلَيْهِ. قَالَ عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم: ثنا عليّ بْن أحمد العِجْليّ، نا أبو هشام الرفاعيّ، نا يحيى بْن آدم قَالَ: سألت أبا بَكْر بْن عياش، عَنْ حروف عاصم الّتي في هذه الكراسة أربعين سنة، فحدثني بها كلها، وقرأها عليّ حرفًا حرفًا. قلت: فقرأ عليه شعيب بن أيوب الصريفيني، وغيره.   1 الطبقات الكبرى "6/ 402"، التاريخ الكبير "8/ 261، 262"، الجرح والتعديل "9/ 128، 129"، الثقات لابن حبان "9/ 252"، سير أعلام النبلاء "9/ 522-529"، تهذيب التهذيب "11/ 175، 176". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 234 وسمع منه الحروف: أَبُو حَمْدُونَ الطَّيِّبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هشام البزار، وأبو هشام الرّفاعيّ، وأحمد بْن عُمَر الوكيعي، وآخرون. قَالَ محمود بْن غَيْلان: سَمِعْتُ أبا أسامة يَقُولُ: كَانَ عُمَر -رضى الله عنه- في زمانه رأس الناس، وكان بعده ابن عَبَّاس في زمانه، وكان بعده الشَّعْبِيّ في زمانه، وكان بعد الشَّعْبِيّ الثَّوْريّ في زمانه، وَكَانَ بَعْدَ الثَّوْرِيِّ يَحْيَى بْنِ آدَمَ. وَقَالَ ابن سعْد: تُوُفّي بفم الصِّلْح في النّصف من ربيع الأوَّل سنة ثلاثٍ ومائتين، وصلَّى عَلَيْهِ الحَسَن بْن سهل. 417- يحيى بْن إِسْحَاق1. أبو زكريّا البَجَليّ السَّيْلحينيّ والسّالحينيّ. والسَّالحين قرية من عمل بغداد. روى عَنْ: أبان بْن يزيد العطّار، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وسعيد بْن عَبْد العزيز التّنُوخيّ، ويحيى بْن أيّوب الْمَصْرِيّ، ويزيد بْن حيان أخي مقاتل، ومحمد بْن سليمان بْن الأصبهاني، وموسى بْن عليّ بْن رباح، وخلْق. رحل في طلب العلم إلى الحجاز ومصر والشام. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وهارون الحمال، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وأحمد بْن سيّار المَرْوَزِيّ، وأحمد بْن أَبِي غَرَزَة، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وبِشْر بْن موسى، والحارث بْن أَبِي أسامة، وأحمد بْن ملاعب، وآخرون. قَالَ أحمد بْن حنبل: شيخ صالح ثقة، سمع من الشاميين، ومن ابن لهيعة، وهو صدوق. وقال ابن سعْد: كَانَ ثقة حافظًا لحديثه. تُوُفّي ببغداد سنة عشر ومائتين في خلافة المأمون. وقال الْبُخَارِيّ وغيره: تُوُفّي سنة عشر. زاد ابن حِبّان أَنَّهُ تُوُفّي في شَعْبان. ومن غرائبه: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَكْلِ أُذُنَيِ الْقَلْبِ"2. خالفه مسدد، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، وغيرهما، فرووه عَنْ عَبْد اللَّه، عَنْ أَبِيهِ، فقال: عَنْ رَجُل من الأنصار. ولفظ مسدد: حدَّثني رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى. رواه أبو داود في "المراسيل".   1 الطبقات الكبرى "7/ 340"، التاريخ الكبير "9/ 259"، الجرح والتعديل "9/ 126"، الثقات لابن حبان "9/ 260"، تهذيب التهذيب "11/ 176، 177". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "4/ 531"، وأبو داود في المراسيل "467". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 235 418- يحيى بْن أَبِي بُكَيْر بْن نسر بْن أبي أسيد1 -ع- أبو زكريا العبدي القيسي، مولاهم الكوفي، قاضي كِرْمان. حدَّثَ ببغداد وغيرها عَنْ: أَبِي جعفر الرّازيّ؛ وشُعْبة، وزائدة، وإبراهيم بْن طِهْمان، وإسرائيل، وجماعة. وعنه: أحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، وعباس الدُّوريّ، وعيسى بْن أَبِي حرب، ومحمد بْن سعْد العَوْفيّ، والحارث بْن أَبِي أسامة، وعليّ بْن سهل، وإبراهيم بْن الحارث البغداديّ، وحفيده عَبْد اللَّه بْن محمد بْن يحيى، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين، وأحمد العِجْليّ. قَالَ محمد بْن المُثَنَّى: تُوُفّي سنة ثمانٍ ومائتين. وقال ابن قانع: سنة تسع. اسم أَبِي بُكَيْر: نسر، وقيل: بِشْر، وقيل: بشير، واللَّه أعلم. 419- يحيى بْن أَبِي الحَجّاج الأهتميّ المِنْقَريّ الْبَصْرِيّ2. أبو أيّوب. عَنْ: سَعِيد الجريريّ، وابن عَوْن، وحاتم بْن أَبِي صغيرة، وابن جُرَيْج، وجماعة. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأحمد بْن الأزهر، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعيسى بْن أحمد البلْخيّ العسقلاني. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقوي. قلت: روى عَنْهُ من أقرانه سَعِيد بْن عامر. 420- يحيى بْن الحَجّاج بْن أَبِي الحَجّاج3. أبو أيّوب. إنّ لم يكن الأوَّل، وإلّا فهو مكّي. روى عَنْ: عَوْف، وابن جُرَيْج، وعبد الله بن مسلم بن هرمز، وسفيان الثوري. وعنه: محمد بن حسان الأزرق، وعبد الجبار بن العلاء، ويزيد بن سنان، ومحمد بن منصور الجواز، ورزق الله بن موسى، وأحمد بن الأزهر.   1 التاريخ الكبير "8/ 264"، الجرح والتعديل "9/ 132"، الثقات لابن حبان "9/ 257"، التهذيب "11/ 190". 2 التاريخ الكبير "8/ 269"، الجرح والتعديل "9/ 139"، الثقات لابن حبان "9/ 255"، التهذيب "11/ 196". 3 الكامل في الضعفاء "7/ 2676، 2677"، ميزان الاعتدال "4/ 368". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 236 ومن غرائبه: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: "أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ تُجَصَّ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا، وَأَنْ تُوطَأَ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَى الْقُبُورِ"1. رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاءِ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وليحيى بْن أَبِي الحَجّاج غير ما ذكرت، ولا أرى بحديثه بأسًا. 421- يحيى بن حسان2 -سوى ق- أبو زكريا التنيسي. عَنْ: معاوية بْن سلام الحبشيّ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وسليمان بْن قرْم، واللَّيث بْن سعْد، ومحمد بْن مهاجر، وجماعة. وعنه: الشّافعيّ، ودُحَيْم، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع بْن سُلَيْمَان المُرَاديّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وبحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وآخرون. وقع لنا في "مُسْنِد الدّارميّ" ولأولادنا الحديثان اللذان رواهما م. ت. عَنِ الدَّارَمِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: "نِعْمَ الإِدَامُ الْخَلُّ"3. وَالْحَدِيثُ: "لا يَجُوعُ أَهْلُ بَيْتٍ عِنْدَهُمْ تَمْرٌ"4. وهما من أعزّ الموافقات. قَالَ دُحَيْم: وُلِد يحيى بْن حسّان سنة أربعٍ وأربعين ومائة. وقال ابن يونس: يحيى بْن حسّان البَكْريّ بَصْريّ ثقة، حَسَنُ الحديث، صنف كتبًا وحدّث بها. وتُوُفّي بمصر في رجب سنة ثمانٍ ومائتين. وقال الشّافعيّ: نبا الثقة يحيى بْن حسان. وقال أحمد بْن حنبل: ثقة، رَجُل صالح، رأيته وما كتبت عَنْهُ. كَانَ يحيى بْن حسان موسرًا محتشمًا. قَالَ الحاكم:   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه مسلم "970"، وأبو داود "3226"، والترمذي "1052"، وابن ماجه "1562"، وأحمد في المسند "3/ 332"، وعبد الرزاق في المصنف "6488"، وابن حبان في صحيحه "3162، 3163، 3164، 3165". 2 التاريخ الكبير "8/ 269"، الجرح والتعديل "9/ 135"، الثقات لابن حبان "9/ 252"، التهذيب "11/ 197". 3 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2051، 2052"، وأبو داود "3820"، والترمذي "1839، 1840"، 1842"، والنسائي "3805"، وابن ماجه "3317، 3318، وأحمد في المسند "3/ 301، 304، 353"، وعبد الرزاق "19569". 4 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2046"، وأبو داود "3831"، والترمذي "1815"، وابن ماجه "3327"، والدارمي "2060، 2061". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 237 حدَّثني الوليد بْن بَكْر: ثنا أحمد بْن محمد بْن جَابِر التِّنِّيسيّ، عَنْ شيوخه، أنّ الشّافعيّ لما ورد تنيس نزل عَلَى يحيى. وكان طباخه لا يعيد اللون في الأسبوع إلّا مرة. فأمر الشّافعيّ الطباخ بإعادة لَوْنٍ استطابه. فلمّا أُحضر تغير يحيى فقال الشّافعيّ: أَنَا أمرته بهذا. فسُرّي عَنْهُ وقال للغلام الطباخ: أنت حرّ لوجه اللَّه شكرًا لانبساط أَبِي عَبْد اللَّه عندنا. 422- يحيى بْن حمّاد1. أبو بَكْر، في الطبقة السابقة. 423- يحيى بْن حُمَيْد الطَّوِيلُ2. عاش دهرًا وروى عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: أبو علقمة عَبْد اللَّه بْن عيسى الفَرَوِيّ، وسعد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. قَالَ ابن عدي: أحاديثه غير مستقيمة. 424- يحيى بْن خليف بْن عُقْبة السَّعْديّ3: عَنْ: ابن عَوْن، وشُعْبة، والثَّوْريّ. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الجوهريّ، ومعمر بْن سهل، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ. وله حديث مُنْكَر عَنْ سُفْيَان. وعنه أيضًا: محمد بْن سعْد في "الطبقات". ولم أر للقدماء فيه كلامًا. 425- يحيى بْن زياد الفراء4. تقدم في حرف الفاء: الفرّاء. 426- يحيى بْن زياد الأَسَديّ5. مولاهم الرَّقّيّ، لقبه: فهير. روى عَنْ: ابن جُرَيْج، وموسى بْن وردان، وطلحة بْن زيد الرَّقّيّ. وعنه: أيّوب بْن محمد الوزان، وشداد بْن رُشَيْد، ومحمد بْن عبد الله بن سابور الرقي.   1 تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة. 2 الجرح والتعديل "9/ 138"، الثقات لابن حبان "7/ 614". 3 الثقات لابن حبان "9/ 265"، ميزان الاعتدال "4/ 372"، لسان الميزان "6/ 252". 4 الثقات لابن حبان "9/ 256"، سير أعلام النبلاء "10/ 118-121"، تهذيب التهذيب "11/ 212، 213". 5 الثقات لابن حبان "9/ 255، 256"، تهذيب التهذيب "11/ 211". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 238 427- يحيى بْن سَعِيد1. أبو زكريّا الحمصيّ العطّار. سمع: يونس بْن زيد الأَيْليّ، وحريز بْن عثمان، وبكر بْن خُنَيْس، والسَّرِيّ بْن يحيى، وعبد الرَّحْمَن المسعودي، وأيّوب بْن خوط الْبَصْرِيّ، وسوار بْن مُصْعَب، وفضيل بْن مرزوق، وأبا غسان محمد بْن مُطَرِّف، ومبارك بْن فَضَالَةَ، ويحيى بْن أيّوب الْمَصْرِيّ، وخلقًا بالشام والعراق، ومصر. وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن أَبِي السَّرِيّ العسقلاني ومحمد بْن مُصَفَّى، وأبو جميل أحمد محمد بْن المغيرة العَوْهيّ، وآخرون. ضعفه ابن مَعِين. ووثَّقهُ محمد بْن مُصَفَّى. وقال أبو داود: جائز الحديث. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابن عدي: له مصنف في حفظ اللسان. ثنا بِهِ أحمد بْن محمد بْن عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي التُّقَى هشام بْن عَبْد الملك، عَنْهُ. وفي الكتاب أحاديث لا يتابع عليها، وهو بين الضعف. 428- يحيى بْن السكن الْبَصْرِيّ2. نزيل الرَّقَّةِ. عَنْ: شُعْبَة، وعمران القطّان. وعنه: هلال بْن العلاء، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، ومحمد بْن حسّان الأزرق. قال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. وقال غيره: تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين؛ وقيل: سنة مائتين. 429- يحيى بْن سلام البصري3. عن: فطر بن خليفة، وشعبة، والمسعودي، وابن أَبِي عَرُوبَة، والثَّوْريّ، ومالك. وقال ابن عديّ: يكتب حديثه مَعَ ضعفه. وقال أبو عَمْرو الدّانيّ: يحيى بْن سلّام بْن أَبِي ثعلبة أبو زكريّا الْبَصْرِيّ. روى الحروف عَنْ أصحاب الحَسَن وغيره، وله اختيار في القراءة من طريق الآثار. سكن إفريقيا دَهْرًا، وسمعوا منه كتابه في "تفسير   1 التاريخ الكبير "8/ 277"، الجرح التعديل "9/ 152"، ميزان الاعتدال "4/ 379، 380"، التهذيب "11/ 220". 2 التاريخ الكبير "8/ 280"، الجرح والتعديل "9/ 155"، الثقات لابن حبان "9/ 253"، ميزان الاعتدال "4/ 380". 3 الجرح والتعديل "9/ 55"، ميزان الاعتدال "4/ 380، 381"، لسان الميزان "6/ 259-261". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 239 القرآن"، وليس لأحدٍ من المتقدمين مثله، وكتابه "الجامع". وكان ثقة ثبتًا عالمًا بالكتاب والسنة. وله معرفة باللغة العربية. وُلِد سنة أربعٍ وعشرين ومائة. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي بمصر بعد رجوعه من الحج في صَفَر سنة مائتين. قلت: وروى عَنْهُ: ابنه محمد بْن يحيى، وأحمد بْن موسى. وسمع منه: عَبْد اللَّه بْن وهْب مَعَ تقدُّمِهِ. وروى أيضًا عَنْهُ: بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 430- يحيى بْن الضُّرَيْس بْن يَسَار1. القاضي أبو زكريّا البَجَليّ مولاهم الرّازيّ، قاضي الرّيّ. رأى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وروى عَنْ: عكرمة بْن عمار، وابن جُرَيْج، وزكريا بْن إِسْحَاق، ومحمد بْن إِسْحَاق بْن يَسَار، وفُضَيْل بْن مرزوق، وإبراهيم بْن طِهْمان، وعَمْرو بْن أَبِي قيس الرّازيّ، وسُفْيَان، وزائدة، وطائفة. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن موسى الفرّاء، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج، ومحمد بْن حُمَيْد، وعبد اللَّه بْن الْجَهْم، وموسى بْن نَصْر الرازيون، ويحيى بْن مَعِين، ويحيى بْن أكثم، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق بْن الفيض الأصبهاني. وروى عَنْهُ من القدماء: جرير بْن عَبْد الحميد. وكان من حفاظ: الرّيّ، كَانَ جرير معجبًا بِهِ. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال إِبْرَاهِيم بْن موسى: منه تعلَّمْنا الحديث. قَالَ الْبُخَارِيّ، عَنْ يونس بْن موسى: مات في ربيع الأوَّل سنة ثلاث ومائتين. 431- يحيى بْن عَبّاد2. أبو عبّاد الضُّبَعيّ، بَصْريّ صدوق، ربما أغرب. حدَّثَ ببغداد عَنْ: شُعْبَة، وفليح بْن سليمان، والمسعودي، ويعقوب القمي.   1 الطبقات الكبرى "7/ 380"، التاريخ الكبير "2/ 282، 283"، الجرح والتعديل "9/ 158-160"، الثقات "9/ 252"، التهذيب "11/ 332". 2 التاريخ الكبير "8/ 292"، الجرح والتعديل "9/ 173"، الثقات لابن حبان "9/ 256"، تهذيب التهذيب "11/ 235، 236". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 240 وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو ثور الكلبي، والحسن بن محمد الزعفراني، ومحمد بن سعد، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. "وذكر البخاري، عَنْ إسماعيل، ولم ينسبه، أَنَّهُ تُوُفّي سنة ثمان وتسعين ومائة، فلم يشر إليها". 432- يحيى بْن عَنْبَسَةَ الْبَصْرِيّ1. عَنْ: حُمَيْد الطويل، وأبي حنيفة، وجماعة. وعنه: أحمد بْن نَصْر الفراء، ويوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم، وعليّ بْن يزيد الفرائضيّ، ونصر بْن هذيل البالِسيّ. يَأْتِي عَنِ الثِّقَاتِ بِالطَّامَاتِ. فَلَهُ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَدَرُ الْوَجْهِ مِنَ السُّكْرِ يُهْدِرُ الْحَسَنَاتِ"2. وَلَهُ قَالَ: "حُسْنُ الْوَجْهِ "مَالٌ" وَحُسْنُ الشَّعْرِ "مَالٌ" وَحُسْنُ اللِّسَانِ مَالٌ"3 -يَعْنِي فِي النوم- كلا الحديثين مَكْذُوبَانِ. 433- يحيى بْن طلحة أبو طلحة المُرَاديّ الْبَصْرِيّ4. سمع من: جَدّه لأمّه سَعِيد بْن جَمْهان. وعُمّر دهرًا. روى عَنْهُ: يحيى بْن أَبِي الخصيب، وأحمد بْن الأزهر النَّيْسابوريّ، وعبد الملك بْن محمد الرَّقَاشيّ، وغيرهم. قَالَ ابن أَبِي حاتم: ثنا عَنْهُ يزيد بْن سِنان الْبَصْرِيّ بمصر. قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكُمْ ابْنُ قُدَامَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَاجِبُ، أَنَا طِرَادٌ، أَنَا ابْنُ حَسْنُونٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ أَبُو طَلْحَةَ إِمْلاءً سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ: سَمِعْتُ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْمِلُوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ سفينة" 5. هذا حديث حسن عال.   1 المجروحين لابن حبان "3/ 124"، ميزان الاعتدال "4/ 400"، لسان الميزان "6/ 272، 273". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2709". 3 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2710". 4 التاريخ الكبير "8/ 283"، الجرح والتعديل "9/ 160". 5 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أحمد في المسند "5/ 221"، والطبراني في الكبير "7/ 97"، والحاكم في المستدرك "3/ 606"، وأبو نعيم في الحلية "1/ 369". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 241 434- يحيى بْن عيسى التَّميميّ النَّهْشَليّ1 الكوفيّ الفاخوريّ الخزاز. نزيل الرملة. روى عن الأعمش، وعبد الأعلى بْن أَبِي المساور، وجماعة. وعنه: عليّ بْن محمد الطُّنافسيّ، ومحمد بْن عثمان بْن كرامة، ومحمد بْن مُصَفَّى، وخلْق سواهم. كَانَ يتردد إلى العراق. وكان الْإِمَام أحمد حَسَن الثناء عَلَيْهِ. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بالقوي. قَالَ أحمد بْن سِنان القطّان: قَالَ لنا أبو معاوية الضّرير: اكتبوا عَنْهُ، فطال ما رأيته عند الأعمش ومسعر. ومن غرائبه ما رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى، عَنْهُ قَالَ: ثنا الأَعْمَشُ قَالَ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فِي الْقَصَصِ، فَأَتَوْا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَسَأَلُوهُ: أَكَانَ النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُصُّ؟ قَالَ: لا. إِنَّمَا بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسَّيْفِ وَالْقِتَالِ. ولكن سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لأَنّ أقعد مَعَ قومٍ يذكرون اللَّه بعد صلاة العصر حتّى تغيب الشمس أحبّ إليّ من الدُّنيا وما فيها" 2. 435- يحيى بْن غَيْلان البغداديّ. قِيلَ: تُوُفّي سنة عشر. قاله محمد بن سعد، وغيره. سيأتي في الطّبقة المقبلة. 436- يحيى بْن فضَيْل القنويّ الكوفيّ3. يروي نسخة عَنِ الحَسَن بن صالح بن حي. وعنه: محمد بن إسماعيل الأُحْمُسيّ، والحَسَن بْن عليّ بْن عفّان، وغيرهما. 437- يحيى بْن فضَيْل العَنَزيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: أبي عمرو بن العلاء.   1 التاريخ الكبير "8/ 296"، الجرح والتعديل "9/ 178"، المجروحين لابن حبان "3/ 126، 127"، سير أعلام النبلاء "9/ 423، 424"، ميزان الاعتدال "1/ 401، 402"، تهذيب التهذيب "1/ 262، 263". 2 "حديث حسن لغيره": أخرجه أبو داود "3667"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "5036"، بلفظ آخر. 3 الجرح والتعديل "9/ 181". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 242 حكى عنه: أبو عبيدة معمر بْن المُثَنَّى. أما: يحيى بْن فضَيْل فرجل يأتي بعد الستين ومائتين. 438- يحيى بْن كثير بْن درهم1. أبو غسّان الْبَصْرِيّ. مولى بني العَنْبر. عَنْ: قُرَّةَ بْن خَالِد، وشُعْبة، وعُمَر بْن العلاء المازني، وسليم بْن أخضر، وسلم بْن جعفر، وعليّ بْن المبارك. وعنه: بُنْدار، والفلاس، ومحمد بْن أَبِي عتاب الأعين، ومحمد بْن يحيى الْأَزْدِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْعَوَّام، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وطائفة. وكان ثقة صاحب حديث. تُوُفّي سنة خمس أو ستٍّ ومائتين. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس. قلت: مرّ قبل المائتين يحيى بْن كثير صاحب الْبَصْرِيّ أبو النَّضْر. 439- يحيى بْن المبارك بْن المغيرة2. أبو محمد العَدَويّ الْبَصْرِيّ المقرئ النَّحْويّ المعروف باليزيديّ لاتّصاله بيزيد بْن منصور. خال المهديّ يؤدّب ولده. قرأ القرآن وجوّده عَلَى أَبِي عَمْرو بْن العلاء، وحدَّثَ عَنْهُ. وعن: ابن جُرَيْج وغيرهما. قرأ عَلَيْهِ: أبو عُمَر الدُّوريّ، وأبو شُعَيْب السُّوسيّ، وجماعة. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو عُبَيْد، وإِسْحَاق الْمَوْصِلِيّ، وابنه محمد بْن يحيى، وآخرون. وقد اتّصل بالرشيد وأدّب المأمون. وكان ثقة، فصيحًا، مفوهًا، حُجَّة، عالمًا باللُّغات والشعر والآداب. أخذ العربية عَنْ أَبِي عَمْرو، والخليل بْن أحمد، وصنّف كتاب "النّوادر"، وكتاب "المقصور والممدود"، وكتاب "الشّكل"، وكتاب "نوادر اللُّغة"، ومختصرًا في النَّحْو. وكان يجلس زمن الرشيد مع الكسائي في مسجد واحد يقريان الناس، فكان الكسائي يؤدب الأمين، وكان اليزيد يؤدب المأمون.   1 التاريخ الكبير "8/ 300"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 76"، الجرح والتعديل "9/ 183"، سير أعلام النبلاء "9/ 538"، تهذيب التهذيب "11/ 266". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 562، 563"، النجوم الزاهرة "2/ 173"، شذرات الذهب "2/ 4". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 243 وروى عَنْ أَبِي حمدون الطَّيِّب بْن إسماعيل قَالَ: شهدت ابن أَبِي العتاهية وكتب عَنِ اليزيديّ نحو عشرة آلاف ورقة، عَنْ أَبِي عَمْرو بْن العلاء خاصّة. قَالَ أَبُو عَمْرو الداني: رَوَى القراءة عَنِ اليزيديّ من آله: محمد، وعبد اللَّه، وإبراهيم، وإسماعيل، وإِسْحَاق أولاده؛ وابن ابنه أحمد بْن محمد، وأبو عُمَر الدُّوريّ، وأبو حمدون، وعامر بْن عُمَر المَوْصِليّ أوقيّة، وأبو شُعَيْب السُّوسيّ، وسليمان بْن خلّاد، ومحمد بْن سَعْدان، وأحمد بْن جُبَيْر، ومحمد بْن شجاع، وأبو أيّوب الخيّاط، وجعفر بْن غلام سجادة، ومحمد بْن عُمَر الرُّوميّ. وقد خالف أبا عَمْرو في اختباره في أحرُف. ثمّ قَالَ أبو عَمْرو: أَنَا خَلَف بْن إِبْرَاهِيم، نا محمد بْن عَبْد اللَّه، نا محمد بْن يعقوب: أخبرني عُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن اليزيدي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يحيى بْن المبارك. قَالَ: كَانَ أَبِي صديقًا لأبي عَمْرو بْن العلاء فخرج إلى مكّة، فذهب أبو عمرو يشيعه وأنا معه، فأوصى بي إلى أَبِي عَمْرو. قَالَ: فلم يرني أبو عَمْرو حتّى قدِم أَبِي فأتي أبو عَمْرو يستقبله. فقال: يا أبا عَمْرو كيف رضاك عَنْ يحيى؟ قَالَ: ما رأيته منذ فارقتك إلى هذا الوقت. فحلف أَبِي أنّ لا أدخل البيت حتّى أقرأ القرآن عَلَى أَبِي عَمْرو قائمًا عَلَى رجلي. فقرأت عَلَيْهِ القرآن كله قائمًا. أحسبه أَنَّهُ قَالَ: وكانت اليمين بالطلاق. عاش اليزيدي أربعًا وسبعين سنة، وتُوُفّي ببغداد سنة اثنتين ومائتين، وقيل: تُوُفّي بمرو مَعَ المأمون. 440- يحيى بْن محمد بْن عباد الْمَدَنِيّ الشجري1 -ت. يروى عَنْ: محمد بْن إِسْحَاق، وموسى بْن عُقْبة، وهشام بْن سعْد، وغيرهم. وعنه: ابنه إِبْرَاهِيم، ومحمد بْن المنذر بْن سَعِيد. ضعفه أبو حاتم. 441- يحيى بْن مُعَاذ2. متولّي الجزيرة. من كبار قواد المأمون. توفي سنة ست ومائتين. 442- يحيى بْن يمان. أحد الثقات المشاهير. تُوُفّي سنة ثلاث ومائتين. كذا ورّخه بعضهم فغلط. بل   1 التاريخ الكبير "8/ 403"، الجرح والتعديل "9/ 185"، ميزان الاعتدال "4/ 406، 407"، التهذيب "11/ 273". 2 تاريخ الطبري "8/ 323، 339، 341"، الكامل "6/ 205، 208، 212، 223، 346". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 244 تُوُفّي قبل التسعين ومائة كما مرّ. وإنّما الّذي تُوُفّي سنة ثلاث ومائتين: داود بْن يحيى. واللَّه أعلم. 443- يزيد بْن بيان1. أبو خَالِد العُقَيْليّ الْبَصْرِيّ المعلم المؤذِّن الضّرير. عَنْ: أَبِي الرحال، عَنْ أنس. وعنه: بُنْدار، والفسويّ، والفلّاس، وأثنى عَلَيْهِ. 444- يزيد بْن أبي حكيم الكِنَانيّ العَدَنيّ2 -خ. ت. ن. ق- عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، والحكم بْن أبان، وزمعة بْن صالح، ومالك بْن أنس. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، والكُدَيْميّ، وآخرون. قَالَ أبو داود: لا بأس بِهِ. قلت: ينبغي أنّ يؤخّر، فإنّ أبا حاتم عزم عَلَى الرحلة إِلَيْهِ. 445- يزيد بن هارون بن زاذني3 -ع- الإمام أبو خالد السلمي، مولاهم الواسطيّ. وُلِد سنة ثمان عشرة ومائة. سمع من: عاصم الأحول، ويحيى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ، وسليمان التَّيْميّ، وسعيد الْجُرِيريّ، وابن عَوْن، وحُمَيْد الطويل، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَبَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، ومحمد بْن عَمْرو بْن علقمة، وحريز بْن عثمان، وشُعْبة وشريك، وخلق كثير. وعنه: أحمد، وابن المَدِينيّ، وأبو خَيْثَمَة، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن سِنان القطّان، وأحمد بْن سليمان الرهاوي، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، وابن نُمَيْر، ويعقوب الدَّوْرقيّ، والحَسَن بْن مُكْرَم، والحارث بن   1 التاريخ الكبير "8/ 323"، الجرح والتعديل "9/ 254"، المجروحين لابن حبان "2/ 199"، ميزان الاعتدال "4/ 420"، التهذيب "11/ 316". 2 التاريخ الكبير "8/ 326"، الجرح والتعديل "9/ 258"، الثقات لابن حبان "9/ 274"، تهذيب التهذيب "11/ 319، 320". 3 الطبقات الكبرى "7/ 314"، التاريخ الكبير "8/ 368"، الجرح والتعديل "9/ 295"، تهذيب التهذيب "11/ 366-369". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 245 أبي أسامة، ومحمد بن مسلمة الواسطيّ، وعبد اللَّه بْن رَوْح المدائني، ومحمد بْن عَبْد الرحيم البزّاز، وخلْق وآخرهم وفاةً إدريس بْن جعفر العطّار. قِيلَ: إنّه بُخَارِيُّ الأصل. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: ما رأيت أحفظ من يزيد بْن هارون. وقال يحيى بْن يحيى: يزيد بْن هارون أحفظ من وكيع. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ يزيد حافظًا متقنًا. وقال زياد بْن أيّوب: ما رأيت ليزيد كتابًا قطّ، ولا حدّثنا إلّا حِفْظًا. وقال السّرّاج: سَمِعْتُ عليّ بْن شُعَيْب يَقُولُ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: أحفظ أربعة وعشرين ألف حديث بالإسناد ولا فَخْر، وأحفظ للشّاميّين عشرين ألف حديث، لا أُسأل عَنْهَا. وقال الفضل بْن زياد: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه وقيل لَهُ: يزيد بْن هارون لَهُ فِقْه؟ قَالَ: نعم، وما كَانَ أذكاه وأفهمه وأفطنه. وقال أحمد بْن سِنان: ما رأينا عالمًا قطّ أحسن صلاةً من يزيد بْن هارون. لم يكن يفتر من صلاة اللّيل والنهار. وقال أبو حاتم: يزيد ثقة إمام لا يُسأل عَنْ مثله. وروى عَمْرو بْن عَوْن، عَنْ هُشَيْم قَالَ: ما بالمصرين مثل يزيد بْن هارون. وقال مؤمل بْن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: ما دلست حديثًا قطّ، إلّا حديثًا واحدًا عن عوف، فما بورك فيه. وعن عاصم بْن عليّ قَالَ: كنت أَنَا ويزيد بْن هارون عند قيس بْن الربيع، فأمّا يزيد فكان إذا صلّى العتمة لا يزال قائمًا حتّى يصلّي الغداة بذلك الوضوء نيفًا وأربعين سنة. وقال محمد بْن إسماعيل الصائغ بمكّة: قَالَ رَجُل ليزيد بْن هارون: كم جزؤك؟ قَالَ: وأنام من الليل شيئًا؟ إذًا لا أنام اللَّه عيني. وقال يحيى بْن أَبِي طَالِب: سَمِعْتُ من يزيد بْن هارون ببغداد، وكان يقال: إنّ في مجلسه سبعين ألفًا. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: يزيد بْن هارون ثقة، ثبت، متعبد، حَسَن الصلاة جدًّا. يصلّي الضحى ستٍّ عشرة ركعة بها من الجودة غير قليل. وكان قد عمي. وقال أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة: ما رأيت أتقن حفظًا من يزيد بْن هارون. وقال أحمد بْن سِنان: هُوَ وهشيم معروفان بطول صلاة الليل والنهار. وقال يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ يزيد يعد من الآمرين بالمعروف والنّاهين عَنِ المُنْكَر. أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ إِجَازَةً: أَنَّ الْكِنْدِيَّ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا الْقَزَّازُ، أَنَا الْخَطِيبُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا الْأَصَمُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ الْوَاسِطِيُّ الْحَافِظُ: حَدَّثَنِي الجزء: 14 ¦ الصفحة: 246 ابْنُ عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ. قَالَ: قَالَ لَنَا الْمَأْمُونُ: لَوْلَا مَكَانَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ لَأَظْهَرْتُ الْقُرْآنَ مَخْلُوق. فَقِيلَ: وَمَنْ يَزِيدُ حَتَّى يُتَّقَى؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنِّي لَأَرْتَضِيهِ لا أَنَّ لَهُ سلطنة. وَلَكِنْ أَخَافُ إِنْ أَظْهَرْتُهُ فَيَرُدُّ عَلَيَّ، فَتَخْتَلِفُ النَّاسُ وَتَكُونُ فِتْنَةً. وَقَالَ أَبُو نَافِعٍ سِبْطُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَعِنْدَهُ رَجُلَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: رَأَيْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ فِي الْمَنَامِ. فَقُلْتُ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَر لي وَشَفَّعَنِي وَعَاتَبَنِي وَقَالَ: أَتُحَدِّثُ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ؟ قُلْتُ: يَا رَبِّ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَبْغَضُ عَلِيًّا. وَقَالَ الْآخَرُ: رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: وَهَلْ أَتَاكَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ؟ قَالَ: أَيْ وَاللَّهِ، وَسَأَلَانِي مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَقُلْتُ: أَلِمِثْلِي يُقَالُ هَذَا؟ وَأَنَا كُنْتُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا فِي دَارِ الدُّنْيَا؟ فَقَالَا لي: صَدَقْتَ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: تُوُفِّي بِوَاسِطٍ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ. قلت: وقع جملة أحاديث بعلو في "الغيلانات" مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ مِنْهَا: "الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" 1. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وقد روى عَبَّاس بْن عَبْد العظيم، وأحمد بْن سِنان، عَنْ شاذ بْن يحيى، أَنَّهُ سمع يزيد بْن هارون يَقُولُ: من قَالَ: القرآن مخلوق فهو زَنْديق كافر باللَّه تعالى. 446- يعقوب بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ2 -ع- أبو يوسف القرشي الزهري العوفي المدني نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، ومحمد بْن أخي الزُّهْرِيّ، وعاصم بْن محمد العُمَريّ، واللَّيث بْن سعْد، وشُعْبة بْن الحَجّاج. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعبد بْن حُمَيْد، وعليّ بْن المَدِينيّ، ويحيى بْن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بْن إِسْحَاق الصغاني، ويعقوب بن شيبة، وخلق سواهم.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1"، ومسلم "1907"، وأبو داود "2201"، والنسائي "75"، وابن ماجه "4227"، وأحمد في المسند "1/ 43"، والبيهقي في السنن الكبرى "1/ 298، 2/ 14، 4/ 112". 2 الطبقات الكبرى "7/ 343"، التاريخ الكبير "8/ 396، الجرح والتعديل "9/ 202"، تهذيب التهذيب "11/ 380، 381". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 247 قَالَ ابن سعْد: ثقة جليل القدْر مُقَدَّم عَلَى أخيه سعْد في الفضل والورع والإتقان. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال ابن سعْد: تُوُفّي بفم الصِّلْح في صحبة الحَسَن بْن سهل في شوّال سنة ثمان ومائتين. 447- يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق1 -م. د. ن. ق- الإمام أبو محمد الحضرمي مولاهم الْبَصْرِيّ. قارئ أهل البصْرة بعد أبي عَمْرو بْن العلاء، وأحد الأئمّة القرّاء العشرة. أخذ القرآن عَنْ: أَبِي المنذر سلّام الطّويل، وأبي الأشهب العُطَارديّ، ومَهْديّ بْن ميمون، وشهاب. وسمع حروفًا من حمزة. وتصدّر للإقراء فقرأ عَلَيْهِ خلق، منهم: رَوْح بْن عَبْد المؤمن، ومحمد بْن المتوكّل رُوَيْس، والوليد بْن حسان التَّوَّزيّ، وأحمد بْن عَبْد الخالق المكفوف، وكعب بْن إِبْرَاهِيم، وحُمَيْد بْن وزير، والمنهال بْن شاذان العُمَريّ، وأبو حاتم السِّجِسْتانيّ، وأبو عُمَر الدُّوريّ، وخلْق سواهم. وسمع الكثير من: شُعْبَة، وهارون بْن موسى النَّحْويّ، وسليم بْن حيان، والأسود بْن شَيْبان، وهمّام، وزائدة، وأبي عَقِيل الدَّوْرقيّ. روى عَنْهُ: أبو حفص الفلّاس، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، وإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن شاذان، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وخلق سواهم. وكان أصغر من أخيه أحمد بْن إِسْحَاق. قَالَ أبو حاتم السِّجِسْتانيّ: هُوَ أعلم من رأينا بالحروف والاختلاف في القرآن وبِعلَلِه ومَذاهبه ومذاهب النحو. وقال أحمد بن حنبل: صدوق. وقال محمد بْن أحمد العِجْليّ يمدح يعقوب الحَضْرميّ: أبوه من القرء كَانَ وجده ... ويعقوب في القراء كالكوكب الدُّرِّيِّ تَفَرُّدُهُ محْضُ الصّواب وَوَجْهُهُ ... فَمَن مثلُهُ في وقته وإلى الحشْرِ؟ وقال عليّ بْن جعفر السعيدي: كَانَ يعقوب أقرأ أهل زمانه. وكان لا يلحن في   1 الطبقات الكبرى "7/ 304"، التاريخ الكبير "8/ 399"، الثقات لابن حبان "9/ 283"، الجرح والتعديل "9/ 203"، التهذيب "11/ 382". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 248 الكلام. وكان أبو حاتم السِّجِسْتانيّ من بعض غلمانه. وعن أَبِي عثمان المُزَنيّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقرأت عَلَيْهِ سَورَة طه، فقرأت "مكانًا سِوى". فقال: اقرأ "سُوًى"، اقرأ قراءة يعقوب. وقال أبو القاسم الهُذليّ: ومنهم يعقوب بْن إِسْحَاق الحَضْرميّ لم يُرَ في زمنه مثله. وكان عالمًا بالعربيّة ووجوهها، والقرآن واختلافه، فاضلًا تقيًّا نقيًّا ورعًا زاهدًا. بلغ من زهده أنّ سرق رداؤه عَنْ كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر، ورُدّ إِلَيْهِ فلم يشعر لشغله بعبادة ربه. وبلغ من جاهه بالبصرة أَنَّهُ كَانَ يحبس ويطلق. وقال أبو طاهر بْن سَوَّار: تُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمس ومائتين. قَالَ: وكان حاذقًا بالقراءة قيّمًا بها، متحريًا، نحويًا فاضلًا. وقال رَوْح بْن عَبْد المؤمن، وغيره: قرأ يعقوب عَلَى سلّام الطويل، وقرأ سلّام عَلَى أَبِي عَمْرو بْن العلاء. وقال محمد بْن المتوكل: قرأت عَلَى يعقوب، وقرأ عَلَى سلّام، وقرأ سلّام عَلَى عاصم بْن أبي النجود، عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن، عَنْ عليّ -رضى الله عنه-. وَرُوِيَ عَنْ يعقوب أَنَّهُ قرأ عَلَى سلّام، وأنّه قرأ عَلَى عاصم الْجُحْدُرِيّ. فهذه ثلاثة أقوال مختلفة. والله أعلم. 448- يَعْلَى بْن عُبَيْد الطنافسي الكوفيّ1. أبو يوسف الحافظ. أحد الأخوة. رَوَى عَنِ: الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وزكريا بن أبي زائدة، وَعَبْدُ الملك بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إسحاق، وأبي حيان التميمي، وطائفة. وعنه: إسحاق بن راهَوَيْه، ومحمود بن غَيْلان، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وهارون الحمال، وعلي بن حرب، وعبد بن حميد، وأحمد بن الفرات، ومحمد بن يحيى الذهلي، وخلق. قال أحمد بن حنبل: كان صحيح الحديث صالحا في نفسه. وقال إسحاق الكوسج، عَنِ ابن مَعِين: ثقة. وقال سَعِيد بْن أيّوب الْبُخَارِيّ: كَانَ يَعْلَى بْن عُبَيْد يحفظ عامّة حديثه، أو جميع ما عنده. وما رأيت أحفظ من وكيع. وقال أبو حاتم:   1 الطبقات الكبرى "6/ 397"، التاريخ الكبير "8/ 419"، الجرح والتعديل "9/ 340، 305"، الثقات "7/ 653"، التهذيب "11/ 302، 403". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 249 هُوَ أثبت أولاد أَبِيهِ في الحديث. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن يونس: ما رأيت أفضل من يَعْلَى بْن عُبَيْد، وما رأيت أحدًا يريد بعلمه اللَّه عزَّ وَجَلَّ إلَّا يَعْلَى بْنَ عُبَيْدٍ. وقال أحمد بْن الفُرات: ما رأيت يَعْلَى ضاحكًا قطّ. قَالَ محمد بْن سعْد: تُوُفّي بالكوفة يوم الأحد لخمسٍ خَلَوْن من شوّال سنة تسعٍ ومائتين. 449- يَعْمَر بْن بِشْر1. أبو عَمْرو المَرْوَزِيّ الفقيه. من كبار أصحاب ابن المبارك. سمع: أبا حمزة السُّكّريّ، والحسين بْن واقد. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن أَبِي شَيْبَة، وعليّ بْن المَدِينيّ، والفضل بْن سهل، ومحمد بْن أحمد بْن الْجُنَيْد، وآخرون. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 450- يوسف بْن عَمْرو2. أبو يزيد الفارسيّ ثمّ الْمَصْرِيّ. إمام مفتٍ. روى عَنْ: ابن لهيعة، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزِّناد، وابن وهْب، واللَّيث. وعنه: الحارث بْن مسكين، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وجماعة. تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وقيل: سنة خمسٍ. 451- يوسف بْن يعقوب السَّدُوسيّ3 -خ. ت. ن. ق- مولاهم المعروف بالضُبَعي نزل فيهم بالبصرة. ويقال لَهُ: السَّلعي لسَلْعة في قفاه. وقيل فِيهِ: السّلَعيّ؛ لأنّه كَانَ يبيع السّلَع. روى عَنْ: سليمان التَّيْميّ، وبهز بْن حكيم، وحسين المعلم، وجماعة. وعنه: محمد بْن بشّار بُنْدار، وأحمد بْن عصام الأصبهاني، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، ويعقوب بْن شَيْبة، وآخرون. وثّقه أحمد بْن حنبل. وتُوُفّي سنة اثنتين. 452- يونس بْن عُبَيْد اللَّه العميري اللَّيْثيّ الْبَصْرِيّ4. أبو عَبْد الرَّحْمَن.   1 الطبقات الكبرى "7/ 379"، الجرح والتعديل "9/ 313"، الثقات لابن حبان "9/ 291". 2 الولاة والقضاة للكندي "470"، تهذيب التهذيب "11/ 420". 3 التاريخ الكبير "8/ 383"، الجرح والتعديل "9/ 233"، الثقات لابن حبان "7/ 634"، تهذيب التهذيب "11/ 431". 4 الجرح والتعديل "9/ 241"، الثقات لابن حبان "9/ 289"، تهذيب التهذيب "11/ 442". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 250 عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، ومالك بْن أنس، وعديّ بْن الفضيل. وعنه: عُمَر بْن شَبَّة، والفلّاس، والكُدَيْميّ. وكان صدوقًا. 453- يونس بْن محمد بن مسلم1 -ع- أبو محمد البغدادي المؤدّب الحافظ. سمع: شَيْبان النَّحْويّ، والحمادين، وفليح بْن سليمان، واللَّيث بْن سعْد، وعبد اللَّه بْن عُمَر العُمَريّ، والقاسم بْن الفضل الحُدانيّ، وحرب بْن ميمون، وطبقتهم. وكان من الحفّاظ المجوِّدين. روى عنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن المَدِينيّ، وأبو خَيْثَمَة، والرَّماديّ، وعبّاس الدُّوريّ، وحُبيش بْن مُبَشّر، وأحمد بْن الخليل البُرجلانيّ، ومحمد بن عبيد الله المنادي، والحارث بْن أَبِي أسامة، وخلق كثير. وثّقه ابن مَعِين. ومات في صَفَر سنة ثمان ومائتين. 454- يونس بن يحيى بن نباتة2. أبو نابتة الْمَدَنِيّ النَّحْويّ. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، وَسَلَمَةَ بْن وردان، وداود بْن قيس. وعنه: عَبْد اللَّه بْن الحَكَم القطواني، والزُّبَير بْن بكّار، وأبو بَكْر بْن شَيْبة الحرّانيّ، وجماعة. قَالَ أبو زُرْعة: صدوق. الكنى: 455- أبو صَفْوان الأُمَويّ3. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن مروان. مكّيّ، ثقة. قُتل أَبُوهُ عند زوال دولتهم، ففرّت بعبد اللَّه أُمُّه إلى مكة، ونشأ بها.   1 الطبقات الكبرى "7/ 337"، التاريخ الكبير "8/ 410"، الجرح والتعديل "9/ 246"، الثقات لابن حبان "9/ 289"، التهذيب "11/ 447". 2 التاريخ الكبير "8/ 411"، الجرح والتعديل "9/ 249"، الثقات لابن حبان "7/ 652"، تهذيب التهذيب "11/ 449". 3 التاريخ الكبير "5/ 104"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 12"، الجرح والتعديل "5/ 72"، الثقات لابن حبان "8/ 337"، ميزان الاعتدال "2/ 429"، تهذيب التهذيب "5/ 238". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 251 وسمع من: ابن جُرَيْج، وثور بْن يزيد، ويونس الأَيْليّ، وجماعة. وكان ثقة. روى عَنْهُ: الشّافعيّ، وأحمد، وابن مَعِين، وعليّ بْن المَدِينيّ، وأبو خَيْثَمَة. وحديثه في الكُتُب الستة سوى ابن ماجة. وقد كنتُ ذكرته في طبقة ابن المبارك، ثمّ إنّني ظفرت بما رواه الْبُخَارِيّ في تاريخه بالإجازة عَنْ أحمد بْن أَبِي بَكْر الأزجيّ، أَنَا سعْد اللَّه بْن نَصْر، أَنَا أبو منصور الخيّاط، أَنَا أحمد بْن سرور المقرئ، ثنا الْمُعَافَى بْن زكريّا، ثنا محمد بْن مَخْلَد: حدَّثني أحمد بْن محمد بْن عَبْد الرحيم صاحبنا: سمعنا أبا سعْد بْن زكريّا بْن يحيى الطّائيّ قَالَ: كَانَ بمكّة شيخ من وُلِد سَعِيد بْن عَبْد الملك بْن مروان، وكان يكنى أبا صَفْوان. وكان شيخًا جميلًا حَسَن الخِضاب، فحدّثني سنة أربعٍ، أو في سنة خمس ومائتين. قَالَ: لقد رأيتُني ولي أربع بنات، وما أملك قليلًا ولا كثيرًا، فحضر الموسم وما عليّ إلّا أخلاق لي. فطرقتني جماعة من القُرَشيّين فقالوا: يا أبا صَفْوان، إنّ أمير المؤمنين الرشيد كَانَ اليوم ببطن مُرٍّ، وهو يصبحنا فهل لك أنّ تمضي فتلقاه بفَخّ أو عَلَى العقبة فتسأله. فمضيت معهم. فتلقّيناه حين صلَّى الفجر، فكلمناه وقلنا لَهُ: يا أمير المؤمنين ناسٌ من قومك جُعنا وعَرينا، فإن رأيت، أنّ تنظر لنا. فترك القوم ورماني ببَصَره. وقال: أنت ممّن؟ قلت: من بني عَبْد مَنَاف. قَالَ: من أيهم؟ قلت: نشدتك اللَّه والرَّحِم ألا تكشفْني عَنْ أكثر من هذا. قَالَ: ويْلك، من أيّ بني عبد مَنَاف؟ فلمّا رأيت غَضَبَه قلت: يا أمير المؤمنين رجلًا من بني أُميّة. قَالَ: من أيّ بُنيّ أُميّة؟ قلت: من ولد مروان. قَالَ: من أيّ ولد مروان؟ قلت: من ولد عَبْد الملك. فرأيت واللَّه الغضب يتردّد في وجهه، قَالَ: ومن أيّ ولد عَبْد الملك؟ قلت: من ولد سَعِيد. قَالَ: سَعِيد الشر؟ قلت: نعم. قال: أنخ. فأنيخت الجمازة، ثم قَالَ: عليّ بحمّاد، وهو عامله عَلَى مكّة. فأُقْبِل بحمّاد فقال: وَيْهًا يا حمّاد. أُوَلّيك أمرَ قوم ويكون في ناحيتك مثل هذا ولا تطلعني عليه. فرأيت حمّادًا ينظر إلى نظر الجمل الصَّؤُول يكاد يأكلني. ثمّ قَالَ: أثِرْ يا غلام. فأثار الجمازة ومرُّوا يطردونه، ورجعت وأنا أخْزَى خلق اللَّه، وأخْوَفُه من حمّاد، وانقمعتُ في داري. فلمّا كَانَ جوف اللّيل أتاني أتٍ وقال: أجِبْ أميرَ المؤمنين. فودعت واللَّه وداعَ الميّت، وخرجت وبناتي ينتفْن شُعورهن ويَلْطِمْن. فأُدْخِلتُ عَلَيْهِ، فسلمت، فردّ عليّ وقال: حيّاك اللَّه يا أبا صَفْوان. يا غلام، احمل مَعَ أَبِي صَفْوان خمسة آلاف دينار. فأخذتها وجئت إلى بناتي فصَبَبْتُها بين أيديهنّ. فوالله ما تمّ سرورنا حتّى طُرِق الباب أن أجِبْ أميرَ الجزء: 14 ¦ الصفحة: 252 المؤمنين. قلت: واللَّه بدا لَهُ فيَّ. فدخلت عَلَيْهِ، فمدّ يده إلى كتاب كأنه إصبع وقال: إلق حمّادًا بهذا الكتاب. فأخذته وصرتُ إلى بناتي فسكنت منهنّ، ثمّ أتيت حمّادًا وهو جالس عند المقام ينظر إلى الفجر، ويتوقعّ خروج أمير المؤمنين، وكان يُغَلِّس بالفجر، فلمّا نظر إليّ كَانَ يأكلني ببصره. فقلت: أصْلَح اللَّه الأمير لِيَفْرَغْ رَوْعُك، فقد جاءك اللَّه بالأمر عَلَى ما تحبّ. فأخذ الكتاب منّي، ومال إلى بعض المصابيح. فقرأه، ثم قَالَ: يا أبا صَفْوان تدري ما فيه؟ قلت: لا واللَّه. قَالَ: اقْرأْه. فإذا فِيهِ مكتوب: بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم، يا حمّاد لا تنظر إلى أَبِي صَفْوان إلّا بالعين الّتي تنظر بها إلى الأولياء، وَأَجْرِ عَلَيْهِ في كلّ شهر ثلاثة آلاف دِرهم. قَالَ: فما زلت واللَّه آخذُها حياة الرشيد. قلت: أحمد بْن محمد شيخ ابن مَخْلَد لَيْسَ بمشهور. 456- أبو عبيدة العُصْفُريّ1. شيخ بَصْريّ، اسمه إسماعيل بْن سِنان. روى عَنْ عكرمة بْن عمّار، وغيره. وعنه: أبو حفص الفلّاس، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ. قَالَ أبو حاتم الرّازيّ: ما بحديثه بأس. 457- وأبو عبيدة اللُّغَويّ. مَعْمَر. مرّ. 458- أبو عَمْرو الشَّيْبانيّ النَّحْويّ. إِسْحَاق بْن مرّار. تقدّم. 459- أبو عيسى بْن هارون الرشيد بْن محمد المهديّ بْن المنصور العبّاسيّ الأمير2. واسمه محمد، وأمه أمّ ولد. ولي إمرة الكوفة سنة أربعٍ ومائتين، وحجّ بالنّاس سنة سبعٍ، وكان موصوفًا بحُسْن الصّورة، وكمال الظرف، وله أدب وشعر جيد. قَالَ الصُّوليّ: حدَّثني عَبْد اللَّه بْن المعتز قَالَ: كَانَ أبو عيسى ابن الرشيد أديبًا ظريفًا، إذا عمل بيتين أو ثلاثة جوَّدَها. فمن شعره: لساني كتوم لأسراركم ... ودمعي نَمُوم بسِرّي مُذيعُ فلولا دموعي كَتَمْتُ الْهَوَى ... ولولا الهوى لم تكن لي دموع   1 التاريخ الكبير "1/ 358، 359"، الجرح والتعديل "2/ 176"، الثقات لابن حبان "6/ 39". 2 تاريخ خليفة "472، 473"، الأغاني "5/ 383"، الكامل في التاريخ "6/ 358، 385". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 253 وقال شيخ بْن حاتم العُكْليّ: ثنا إِبْرَاهِيم بْن محمد قَالَ: انتهى جمال ولد الخلافة إلى أولاد الرشيد. كان فيهم الأمين، وأبو عيسى. لم ير الناس أجمل منه قط. كان إذا أراد الركوب جلس له الناس حتى يروه أكثر مما يجلسون للخلفاء. وقال الغلابي: ثنا يعقوب بْن جعفر قَالَ: قَالَ الرشيد لابنه أَبِي عيسى وهو صبيّ: ليت جمالك لعبد الله، يعني المأمون. فعجب من جوابه عَلَى صغره، وضمّه إِلَيْهِ وقبّله. وقيل: إنّ المأمون كلّم أخاه أبا عيسى بشيء فأخجله فقال: يكلّمني ويَعْبَثُ بالْبَنَان ... من التشويش مُنْكَسِر اللّسان وقد لعِب الحياءُ بِوَجْنَتَيْه ... فصار بياضُها كالأُرْجُوان وقال الصُّوليّ: ثنا الحُسين بْن فهم قَالَ: لما قَالَ أبو عيسى بْن الرشيد: دهاني شهر الصَّوْمِ لا كَانَ من شَهْرِ ... ولا صُمْتُ شَهْرًا بعده آخر الدخر ولو كَانَ يُعْديني الإمامُ بقدرةٍ ... عَلَى الشّهر لاستعْدَيْتُ جهدي عَلَى الشهرِ فناله بعقب هذا صَرْعٌ. فكان يُصْرَع في اليوم مراتٍ حتّى مات، ولم يبلغ رمضانًا آخر. وقال محمد بْن عبّاد المُهَلّبيّ: كَانَ المأمون قد أهّل أخاه أبا عيسى للخلافة بعده. وكان يَقُولُ: ما أجزع من قرب المنيّة حقّ الجزع بلوغ أَبِي عيسى ما لعلّه يشتهيه. وكان أبو عيسى ممّن لم يُرَ قط أجمل منه، فمات. فدخلت للتعزية، فنبذت عمامتي وجعلتها ورائي؛ لأنّ الخلفاء لا تُعزّى في العمائم، فقال المأمون: يا محمد حال الْقَدَرُ دون الوَطَرُ، وأَلْوَتِ المَنِيَّة بالأُمْنية. وكان المأمون يعرّفني ما لَهُ عنده وعزّمه فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين كل مصيبة أخطأتْك تَهُون، فجعل اللَّه الحزن لك لا عليك. قَالَ صاحب "الأغاني" أبو الفَرَج: حدَّثني ابن أَبِي سعْد الورّاق: حدَّثني محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر: حدَّثني أَبِي قَالَ: قَالَ أحمد بْن أَبِي داود: دخلت عَلَى المأمون في أول صحبتي إيّاه، وقد تُوُفّي أخوه أبو عيسى، وكان لَهُ مُحِبًّا، وهو يبكي ويتمثل: سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض ... فحسبك مني ما تحن الجوانح كأنْ لم يَمُتْ حيٌّ سواك ولم تُقَم ... عَلَى أحدٍ إلّا عليك النوائح الجزء: 14 ¦ الصفحة: 254 وقال عَرِيبُ: كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... وليس لعين لم يفض ماؤها عذر كأن بني العبّاس يوم وفاته ... نجوم سماءٍ خر من بينها البدر فبكى المأمون وبكينا، ثم قَالَ لها: نُوحي. فناحت، وردّ عليها الجواري، فبكينا أحرقَ بكاء، وبكى المأمون حتّى قلت: قد جادت نفسه. وقال هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن المهديّ: مات أبو عيسى سنة تسعٍ ومائتين، ونزل في قبره المأمون، وامتنع من الطعام أيّامًا. وقال الصُّوليّ: كَانَ أبو عيسى يُسمّى أحمد أيضًا، وكانت أمّه بربريّة؛ وله جماعة إخوة اسمهم محمد سوى الأمين وسوى صاحب الترجمة، وهم: أبو عليّ محمد: تُوُفّي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وأبو العبّاس محمد: مات سنة خمسٍ وأربعين ومائتين، وكان أعمى القلب مغفَّلًا. وأبو أحمد محمد: وكان طريفًا نديمًا فاضلًا، تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين، وهو آخر من مات من إخوته. وأبو سليمان محمد: سمّاه ابن جرير الطَّبَريّ. وأبو أيّوب محمد: وكان أديبًا شاعرًا. وأبو يعقوب محمد. وكلّهم أولاد إماء. وهذا الأخير مات سنة ثلاثٍ وعشرين، وسأترجم لأبي العباس، ولأبي أحمد إنّ شاء اللَّه تعالى. 460- أبو يوسف الأعشى الكوفيّ1. واسمه يعقوب بْن محمد بْن خليفة المقرئ. أحد الكبار. قرأ عَلَى: أَبِي بَكْر بْن عيّاش. وتصدّر للإقراء مدّة، فقرأ عَلَيْهِ: أبو جعفر محمد بْن غالب الصَّيْرفيّ، ومحمد بْن حبيب الشمّونيّ. وأخذ عَنْهُ الحروف: محمد بْن إِبْرَاهِيم الخواص، ومحمد بْن خَلَف التَّيْميّ، وأحمد بْن جُبَيْر، وعُبَيْد بْن نُعَيْم، وعَمْرو بْن الصّبّاح، وخلف بْن هشام البزاز، وطائفة سواهم.   1 معرفة القراء الكبار "1/ 159"، غاية النهاية "2/ 390". الجزء: 14 ¦ الصفحة: 255 قال أبو بَكْر النّقّاش: كَانَ أبو يوسف الأعشى صاحب قرآن وفرائض، ولست أقدم عَلَيْهِ أحدًا في القراءة عَلَى أَبِي بَكْر، ولا أقدّم في رواية الحروف أحدًا عَلَى يحيى بْن آدم، عَنْ أَبِي بَكْر. قَالَ أبو العبّاس بْن عُقْدة: ثنا القاسم بْن أحمد، أَنَا الشمونيّ، عَنْ أَبِي يوسف الأعشى قَالَ: قَالَ لي أبو بَكْر: يا أبا يوسف أَنَا أصلي خلف إمام بني السيد وهو يقرأ قراءة حمزة، فقد شككني في بعض الحروف التي أقرأها. فاعرض علي عرضة تكون لك أحفظها عنك. قال: فقعد له في أصحاب الشعر، فقرأ، واجتمع الناس حوله يكتبون الحروف، والله أعلم. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 256 الفهرس العام للكتاب : الموضوع الصفحة الطبقة الحادية والعشرون: "أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ" 3 بَيْعَةُ الْمَأْمُونِ لِعَلِيِّ بْنِ موسى الرضا بولاية العهد 3 خلع المأمون والدعوة لإبراهيم بن المهدي 3 ولاية زياد الله بن الأغلب على المغرب 4 تحرك بابك الخرمي "أحداث سنة اثنتين ومائتين" 4 البيعة لإبراهيم بْن المهديّ 4 خروج المهدي الحروري على إبراهيم بن المهدي 4 خروج أبي السرايا بالكوفة 5 ظفر إبراهيم بْن المهديّ بسهل بْن سلامة 6 هياج العامة على بشر المريسي 7 الحوار بين المأمون والرضا 7 خروج المأمون إلى العراق 8 دعوة المطلب بن عبد الله المأمون سرا "أحداث سنة ثلاث ومائتين" 9 المتوفون في هذه السنة 9 وفاة الرضا 9 مرض الحسن بن سهل 9 الخلاف بين ابن المهديّ وعيسى بْن محمد 10 طرد عمال ابن المهدي 10 الدعاء للمأمون الجزء: 14 ¦ الصفحة: 257 11 اختفاء إبراهيم بن المهدي 12 وصول المأمون إلى همدان "أحداث سنة أربعٍ ومائتين" 12 وصول المأمون إلى النهروان 12 العودة إلى لبس السَّواد 12 ولاية يحيى بْن مُعَاذ الجزيرة 13 الولاية على الكوفة والبصرة "أحداث سنة خمس ومائتين" 13 استعمال طاهر بْن الحُسين على خراسان 13 ولاية ابن طاهر الجزيرة 13 ولاية عيسى بْن محمد آذربيجان وأرمينية 13 استعمال بشر بن داود على السند 13 استعمال الجلودي لمحاربة الزط 14 الحج هذا الموسم "أحداث سنة ستٍّ ومائتين" 14 المدّ يغرق سواد العراق 14 تغلب بابك على عيسى بن محمد 14 تعيين ابن طاهر لمحاربة نَصْر بْن شبث 14 استعمال إبراهيم بن محمود على بغداد "أحداث سبع ومائتين" 15 الدعوة للرضى في اليمن 15 موت طاهر بن الحسين 16 ولاية موسى بن حفص 16 الحج هذا الموسم 16 ظهور الصناديقي باليمن وهلاكة الجزء: 14 ¦ الصفحة: 258 "أحداث سنة ثمان ومائتين" 16 امتناع الحَسَن بْن الحُسين على المأمون 16 ولاية قضاء عسكر المهدي 17 ولاية القضاء 17 الحج هذا الموسم "أحداث سنة تسعٍ ومائتين" 17 تقريب المأمون أهل الكلام 17 طلب نصر بن شبت الأمان 18 ولاية أرمينية وأذربيجان وحرب بابك 18 الحج هذا الموسم 18 موت ملك الروم "أحداث سنة عشر ومائتين" 19 دخول نصر بغداد 19 ظهور المأمون بابن عائشة ورفاقه 19 الظفر بإبراهيم بن المهدي 20 زواج المأمون ببوران 20 شخوص عَبْد اللَّه بْن طاهر إلى مصر 20 فتح ابن طاهر للإسكندرية 21 ظفر علي بن هشام بأهل قم الجزء: 14 ¦ الصفحة: 259 تراجم رجال هذه الطبقة: 21 1- أحمد بن عطاء الهجيمي البصري العابد. 22 2- أحمد بْن أَبِي طيبة عيسى بْن سليمان الدارمي. 22 3- إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم القاري. 22 4- إبراهيم بن أيوب العنبري الفرساني. 23 5- إبراهيم بن بكر البجلي الدمشقي. 23 6- إبراهيم بن بكر الشيباني. 23 7- إبراهيم بن حبيب بن الشهيد. 23 8- إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني. 24 9- إبراهيم بن خالد بن عبيد الصنعاني. 24 10- إبراهيم بن رستم العقبي. 24 11- إبراهيم بن سليمان البلخي الزيات. 25 12- إبراهيم بن عبد الحميد الجرشي. 25 13- إبراهيم بْن عليّ بْن حَسَن بْن عليّ الرافعي. 25 14- إبراهيم بن قرة الأسدي الأصم. 25 15- إبراهيم بن موسى الموصلي الزيات. 26 16- الأحنف بن حكيم. 26 17- إدريس بن محمد الرازي. 26 18- أزهر بن سعد السمان. 27 19- أزهر بن القاسم. 27 20- إسحاق بن إبراهيم السمرقندي. 27 21- إسحاق بن إدريس الأسواري. 28 22- إِسْحَاق بْن بِشْر بْن محمد بْن عَبْد الله البخاري. 29 23- إِسْحَاق بْن بِشْر بْن محمد بْن عَبْد الله الهاشمي. 29 24- إسحاق بن عيسى القشيري. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 260 29 25- إسحاق بن الفرات المصري الفقيه. 30 26- إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن المسيبي. 30 27- إسحاق بن مرار الشيباني. 31 28- إسحاق بن منصور السلولي. 32 29- إسحاق بن منصور بن حيان الأسدي. 32 30- إسماعيل بن أبان الغنوي. 32 31- إسماعيل بن أبان الوراق. 33 32- إسماعيل بن الحكم. 33 33- إسماعيل بن سعيد بن عبيد الله الثقفي. 33 34- إسماعيل بن مرزوق المرادي. 33 35- إسماعيل بن الوزير أبي عبيد الله. 33 36- إسماعيل بن نصر الهذلي. 34 37- إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل. 34 38- إسماعيل بن عمر الواسطي. 34 39- الأسوط بن عامر شاذان. 35 40- أشعث بن عطاف الأسدي. 35 41- أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي. 36 42- أشهل بن حاتم الجمحي. 37 43- أصرم بن حوشب. 37 44- أصرم بن غياث. 37 45- أمية بن خالد القيسي. 38 46- أوس بن عبد الله بن بُريدة. 38 47- أيوب بن خالد الجُهني الحراني. 38 48- أيوب بن سويد الرملي. "حرف الباء". 39 49- بشر بن بكر التنيسي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 261 40 50- بشر بن ثابت البصري. 40 51- بشر بن الحسين الهلالي. 40 52- بشر بن عمر الزاهراني. 41 53- بشر بن مبشر الواسطي. 41 54- بشر بن المعتمر. 41 55- بكر بن بكار القيسي. 42 56- بكر بن خداش الكوفي. 42 57- بكر بن الخطيب الرام. 42 58- بكر بن عيسى الراسبي. 42 59- بكر بن يحيى بن زبان. 43 60- بكير بن جعفر السليمي الجرجرائي. 43 61- بهز بن أسد العمي. 43 62- بهلول بن حسان بن سنان. 43 63- بهلول بن مورق الشامي. 44 64- بهيم العجلي العابد. "حرف الثاء". 44 65- ثابت بْن نَصْر بْن مالك الخزاعي. "حرف الجيم". 44 66- الجارود بن يزيد العامري. 45 جابر بن نوح بن أبو بشر. 45 67- جابر بن نوح الحماني. 45 68- جعفر بن عون المخزومي. 46 69- جنيد الحجام. "حرف الحاء". 46 70- حاتم بن عبد الله النميري. 47 71- الحارث بن أسد العتكي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 262 47 72- الحارث بن أسد الإفريقي. 47 73- الحارث بن عطية البصري. 47 74- الحارث بن عمران الجعفري. 47 75- الحارث بن مسلم المروزي. 47 76- الحارث بن النعمان بن سالم. 48 77- حجاج بن زيان السهمي. 48 78- حجاج بن محمد المصيصي. 49 79- حجين بن المثنى. 49 80- حذيفة بن قتادة المرعشي. 49 81- حرمي بن عمارة بن أبي حفصة. 50 82- حرملة بن عبد العزيز بن الربيع. 50 83- الحسن بن زياد اللؤلؤي الفقيه. 52 84- الحسن بن محمد بن أعين الحراني. 52 85- الحسن بن محمد بن عبيد الله المكي. 52 86- الحسن بن موسى الأشيب. 53 87- الحسني بن الحسن بن عطية العوفي. 55 88- الحسين بن الحسن الأشقر. 55 89- الحسين بن الحسن شيخ خليل. 55 90- الحسين بن عُلوان بن قدامة. 56 91- الحسين بن علي نب الوليد الجعفي. 58 92- الحسين بن عياش بن حازم. 58 93- الحسين بن الوليد القرشي. 59 94- حفص بن سلم السمرقندي. 59 95- حفص بن عبد الله بن راشد. 60 96- حفص بن عمر الزبيري. 60 97- حفص بن عمر الحبطي الرملي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 263 60 98- حفص بن عمر المدني. 60 99- حفص بن عمر الرازي. 61 100- حفص بن عمر الشامي. 61 101- حفص بن عمر العدني الفرخ. 61 102- حفص بن عمر بن عبيد. 61 103- حفص بن عُمَر الحوضي. 61 104- حفص بن عُمَر الضرير. 61 105- حفص بن عمر جابان. 61 106- حفص بن عمر الرفاء. 62 107- حفص بن عمر الواسطي. 62 108- حفص بن عمر البغدادي. 62 109- حفص بن عمر الكفر. 62 110- حفص بن عمر قاضي حلب. 63 111- حفص بن عمر بن مرة الشني. 63 112- حفص بن عمر بن حفص المخزومي. 63 113- الحكم بن عبد الله البصري. 64 114- الحكم بن مروان الكوفي. 64 115- الحكم بن هشام الأموي. 64 116- حماد بن أسامة الكوفي. 66 117- حماد بن خالد الخياط. 66 118- حماد بن عيسى الجهني الواسطي. 67 119- حماد بن قيراط النيسابوري. 67 120- حماد بن مسعدة. 67 121- حماد بن سليمان بن المرزبان. 68 122- حماد بن معقل. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 264 68 123- حمزة بن الحارث العدوي. 68 124- حمزة بن زياد بن سعد. 69 125- حمزة بن القاسم الأزدي. 69 126- حميد بن عبد الحميد الأمير. 69 127- حنيفة بن مرزوق. "حرف الخاء". 69 128- خالد بن إسماعيل المخزومي. 70 129- خالد بن الحسين الضرير. 70 130- خالد بْن عَبْد الرحمن الخراساني. 70 131- خالد بْن عبد الرحمن بن خالد المخزومي. 71 132- خالد بن عَمْرو بن محمد بن عبد الله الأموي. 71 133- خالد بن نجيح المصري. 71 134- خالد بن يزيد بن بن الأمير القسري. 72 135- خالد بن أبي يزيد الفارسي القرني. 72 136- خالد بن يزيد السلمي. 72 137- خزيمة بن خازم الخراساني. 73 138- الخصيب بن ناصح الحارثي. 73 139- خلاد بن يزيد الجعفي. 73 140- خلف بن تميم. 74 141- خلف بن أيوب الفقيه. 75 142- الخليل بن زكريا البصري. 76 143- خنيس بن بكر بن خُنيس. "حرف الدال". 76 144- داود بْن عيسى بْن عليّ العباسي. 76 145- داود بن المحبر بن قحذم. 77 146- داود بن يحيى بن يمان. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 265 78 147- داود بن يزيد أمير السند. 78 148- دبيس بن حميد الملائي. "حرف الراء". 78 149- روح بن أسلم الباهلي. 79 150- روح بن عبادة بن العلاء القيسي. 80 151- ريحان بن سعيد بن المثنى. "حرف الزاي". 80 152- الزحاف بن أبي الزحاف. 80 153- زحر بن حصن الطائي. 80 154- زهير بن نعيم البابي. 81 155- زيد بن الحباب بن الريان. 82 156- زيد بن واقد السمتي. 83 157- زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي. 83 158- زيد بنت الأمير سليمان بن علي. "حرف السين". 83 159- سالم بْن نوح الْبَصْرِيّ العطّار. 84 160- سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم. 84 161- سعيد بن زكريا الآدم. 85 162- سعيد بن زكريا المدائني. 85 163- سعيد بن سفيان الجحدري. 85 164- سعيد بن سلم بن قتيبة الأمير. 85 165- سعيد بن الصباح النيسابوري. 86 166- سعيد بن عامر الضبعي. 87 167- سعيد بن هبيرة بن عديس. 87 168- سعيد بن مسلمة بن هشام. 87 169- سعيد بن واصل الحرشي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 266 88 170- سعيد بن وهب السامي. 88 171- سعيد بن يحيى الحميري. 89 172- سفيان بن حمزة الأسلمي. 89 173- سفيان بن عقبة السوائي. 89 174- سلم بن سلام الواسطي. 89 175- سلمة بن سليمان المروزي. 90 176- سلمة بن سليمان الأزدي. 90 177- سلمة بن عبد الملك العوصي. 90 178- سلمة بن عقار. 91 179- سليمان بن الحكم بن عوانة. 91 180- سليمان بن داود الجارود. 92 181- سليمان بن صالح الليثي. 93 182- سليمان بن عيسى السجزي. 93 183- سليم بن عثمان الفوزي. 93 184- السميدع بن واهب. 94 185- السندي بن شاهك. 94 186- السندي بن عبدويه. 95 187- سورة بن الحكم. 95 188- سويد بن عمرو. 95 189- سهل بن حسام بن مصك. 95 190- سهل بن حماد العنقزيي. 96 191- سهل بن المغيرة البزاز. 96 192- سيف بن عبيد الله الجرمي. "حرف الشين". 96 193- شبابة بن سوار. 97 194- سجاع بن الوليد السكوني. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 267 98 195- شريح بن يزيد الحضرمي. 98 196- شعيب بن بيان البصري. "حرف الصاد". 99 197- صالح بْن عَبْد الكريم البغداديّ. 99 198- صدقة بن سابق الكوفي. 99 199- صفوان بن هبيرة. 99 200- صلة بن سليمان. 100 201- صيفي بن ربعي. "حرف الضاد". 100 202- الضحاك بن عثمان الحزامي. 101 203- ضمرة بن ربيعة القرشي. "حرف الطاء". 101 204- طاهر بن الحسين الأمير. 103 205- طاهر بن رشيد البزاز. 103 206- طلاب بن حوشب الشيباني. "حرف العين". 103 207- عابد بْن أَبِي عابد البغداديّ. 103 208- عافية بن أيوب المصري. 104 209- عامر بن إبراهيم بن واقد الأشعري. 104 210- عامر بن خداش الضبي. 105 211- عباد بن يوسف الكندي. 105 212- عباءة بن كليب. 105 213- عبد الله بن إبراهيم بن عمر الصنعاني. 106 214- عَبْدِ اللَّه بْنِ إبراهيم بْنِ أَبِي عَمْرو الغفاري. 106 215- عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب الأمير. 107 216- عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 268 107 217- عبد الله بن حمران العثماني. 108 218- عبد الله بن خلف الكلابي. 108 219- عبد الله بن سعيد الأموي. 108 220- عَبْدُ اللَّه بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ مُليحة. 109 221- عبد الله بن عثمان بن إسحاق الزهري. 109 222- عبد الله بن عصمة البناني. 109 223- عبد الله بن عطار الطائي. 110 224- عبد الله بن عمرو بن عثمان الموصلي. 110 225- عَبْد اللَّه بْن أَبِي جعفر عيسى بْن ماهان. 110 226- عبد الله بن كثير الأنصاري. 111 227- عبد الله بن مُعاذ الصنعاني. 111 228- عبد الله بن ميمون بن داود القداح. 112 229- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن المغيرة بْن نشيط. 112 230- عبد الله بن محمد بن ربيعة المصيصي. 112 231- عبد الله بن محمد بن عمارة القداح. 113 232- عبد الله بن نافع الصائغ. 114 233- عبد الله بن واقد الحراني. 114 234- عَبْد اللَّه بْن الوليد بْن ميمون العَدَنيّ. 115 235- عبد الأعلى بن سليمان الزراد. 115 236- عبد الحميد بن أويس الأصبحي. 115 237- عبد الحميد بن عبد الرحمن الحمائي. 116 238- عبد الرحمن بن أحمد بن عطية الداراني. 116 239- عبد الرحمن بن أبي حماد التميمي. 117 240- عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي. 117 241- عبد الرحمن بن علقمة السعدي. 117 242- عبد الرحمن بن غزوان. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 269 118 243- عبد الرحمن بن قلوقا. 118 244- عبد الرحمن بن المغيرة الزعفراني. 119 245- عبد الرحمن بن المغيرة الأسدي. 119 246- عبد الرحمن بن يوسف بن معدان. 120 247- عبد الرحيم بن حماد الثقفي. 120 248- عبد الرحيم بن هارون الغساني. 120 249- عبد السلام بن هاشم البزار. 120 250- عبد الصمد بن حسان. 121 251- عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري. 122 عبد الصمد بن النعمان. 122 252- عبد العزيز بن أبان الأموي. 122 253- عبد العزيز بن أبي رزمة. 123 254- عبد العزيز بن النعمان الموصلي. 123 255- عبد العزيز بن الوليد القرشي. 123 256- عبد الغفار الخراساني. 124 257- عبد الكبير بن عبد المجيد. 124 258- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رواد. 125 259- عَبْد الملك بْن إِبْرَاهِيم الْجُدِّي. 125 260- عَبْد الملك بن بزيع. 126 261- عبد الملك بن الحكم الرملي. 126 262- عبد الملك بن عمرو القيسي. 127 263- عبد الملك بن أبي كريمة الأنصاري. 127 264- عبد الوهاب بن حبيب بن مهران. 128 265- عبد الوهاب بن عطاء الخفاف. 129 266- عبيد الله بن سفيان بن رواحة. 129 267- عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 270 130 268- عبيد بن عقيل بن صبيح. 130 269- عبيد بن أبي قرة البغدادي. 131 270- عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم. 131 271- عثمان بن خالد بن عمرو الأموي. 132 272- عثمان بْن عُمَر بْن فارس بْن لقيط. 132 273- عثمان بن كُليب القُضاعي. 132 274- عثمان بن اليمان البصري. 133 275- عصام بن يزيد بن عجلان. 133 276- عُقبة بن علقمة البيروتي. 134 - عقبة بن علقمة أبو الجنوب. 134 277- علي بن بكار البصري. 135 - علي بن بكار المصيصي الصغير. 135 278- علي بن جعفر الصادق. 135 279- علي بن حفص المدائني. 135 280- علي بن عاصم بن صُهيب. 138 281- علي بن موسى الرضا. 141 282- علي بن يزيد بن سُليم الصدائي. 142 283- علي بن يونس البلخي. 142 284- عُلية بنت أمير المؤمنين المهدي. 143 285- عمار بن عبد الجبار السعدي. 143 286- عمار بن عبد الملك المروزي. 287- عمار بن مطر العنبري الرهاوي. 143 143 288- عمارة بن بشر الدمشقي. 144 289- عمران بن أبان الواسطي. 144 290- عمر بن حبيب العدوي. 145 291- عمر بن سعد الحفري. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 271 146 292- عمر بن شبيب المسلي. 146 293- عمر بن عبد الله بن رزين. 147 294- عمر بن عبد الواحد. 147 295- عمر بن عثمان بن عمر التيمي. 147 296- عمر بن يونس اليمامي. 148 297- عمر بن أبي بكر الموصلي. 148 298- عمرو بن الأزهر البصري. 148 299- عمرو بن خالد الأعشي. 149 300- عمر بْن محمد بْن أَبِي رزين. 149 301- عمرو بْن محمد العنقزي. 149 302- عمرو بن عبد الغفار الفقيمي. 150 303- عمران بن أبان بن عمران الواسطي. 150 304- عنبسة بن سعيد بن أبان الأموي. 150 305- عوف بن محمد. 151 306- العلاء بن عُصيم. 151 307- عيسى بن إبراهيم القُرشي. 151 308- عيسى بن خالد اليمامي. 152 309- عُيينة بن عبد الرحمن المهلبي. "حرف الغين". 152 310- غالب بن فرقد الإصبهاني. "حرف الفاء". 152 311- فتيان بن أبي السمح. 153 312- الفراء: يحيى بن زياد النحوي. 154 313- الفضل بن الربيع بن يونس الحاجب. 155 314- الفضل بن عبد الحميد الموصلي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 272 "حرف القاف". 155 315- القاسم بْن الحَكَم بْن كثير القاضي. 156 316- القاسم بن الحكم بن أوس. 156 317- القاسم بن هارون المؤتمن. 156 318- قدامة بن محمد الخشرمي. 156 - قراد أبو نوح. 157 319- قريش بن إبراهيم الصيدلاني. 157 320- قريش بن أنس البصري. 157 321- قطرب. "حرف الكاف". 158 322- كثير بن هشام الكلابي. "حرف الميم". 158 323- محمد بن إدريس الشافعي. 187 324- محمد بن أبان بن الحكم العنبري. 188 325- محمد بن إسماعيل الفارسي. 188 326- محمد بن بشر بن الفرافصة. 189 327- محمد بن بكر بن عثمان البُرساني. 189 328- محمد بن جعفر المدائني. 190 329- محمد بن جعفر الصادق. 190 330- محمد بن جهضم اليمامي. 191 331- محمد بن حرب المكي. 191 332- محمد بن الحسن بن آتش. 191 333- محمد بن الحسن"محبوب". 192 334- محمد بن خالد الحنظلي. 192 335- محمد بن خالد بن عثمة. 193 336- محمد بن أبي رجاء الخراساني. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 273 193 337- محمد بن صالح بن بيهس. 193 338- محمد بن صالح الواسطي البطيخي. 193 339- محمد بن عباد الهنائي. 193 340- محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي. 194 341- محمد بن عبد الله بن كُناسة. 196 342- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التيمي. 196 343- محمد بن عبد الرحمن الباهلي. 196 344- محمد بن عبد الوهاب الكوفي. 196 345- محمد بن عُبيد بن أبي أمية. 197 346- محمد بن أبي عبيدة بن معن المسعودي. 198 347- محمد بن عمر بن واقد الأسلمي. 203 348- محمد بْن أَبِي الوزير عُمَر بْن مُطَرِّف. 203 349- محمد بن عيسى بن القاسم. 204 350- محمد بن غياث الكلابي. 204 351- محمد بن القاسم الأسدي. 205 352- محمد بن مزاحم. 205 353- محمد بن مصعب القرقساني. 206 354- محمد بن موسى بن مسكين. 206 355- محمد بن مناذر البصري. 207 356- محمد بن منيب العدني. 207 357- محمد بن ميسر الصغاني. 207 358- محمد بن يحيى الكناني. 207 359- محمد بن يعلى السملي: زنبور. 208 360- مجيب بن موسى الأصبهاني. 208 361- المورع الهمداني. 209 362- محبوب بن الحسن بن هلال. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 274 209 363- مروان بن محمد الطاطري. 210 364- مسعود بن عبد الله بن رزين. 211 365- مسعود بن واصل الأزرق. 212 366- المسيب بن زهير الأمير. 212 367- مُصعب بن ماهان. 212 368- مُصعب بن المقدام الخثعمي. 212 369- مضاء بن عيسى الكلاعي. 213 370- مظفر بن مدرك. 214 371- مُعاذ بن خالد بن شقيق. 214 372- معاذ بن خالد العسقلاني. 214 373- مُعاذ بن هانئ القيسي. 215 374- المعافي بن عمران الحميري. 215 375- معاوية بن حفص الشعبي. 216 376- معاوية بن هشام الأسدي. 216 377- معبد بن راشد. 216 378- معروف الكرخي. 217 379- معلى بن دحية. 217 380- معلى بن عبد الرحمن الواسطي. 218 - معلى بن منصور. 218 381- معمر بن المثنى النحوي. 219 382- المغيرة بن سقلاب. 220 383- المفضل بن عبد الله الحبطي. 220 384- منصور بن سلمة بن عبد العزيز. 221 385- منصور بن سلمة بن الزبرقان. 221 386- منصور بن صُقير. 221 387- منصور بن عكرمة. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 275 222 388- منصور بن المهاجر. 222 389- معنى بن عبد الحميد. 222 390- موسى بن عبد العزيز. 223 391- موسى بن عبد الله الطويل. 223 392- موسى بن الأمين محمد بن الرشيد. 223 393- موسى بن هلال العبدي. 224 394- مؤمل بن إسماعيل. "حرف النون". 224 395- ناثل بن نجيح. 225 396- نصر بن حماد البجلي. 225 397- النضر بن شُميل. 226 398- النضر بن محمد بن موسى الجرشي. 227 399- النضر بن محمد بن محمد. 227 400- نفيسة الهاشمية. "حرف الهاء". 227 401- هارون بن إسماعيل الخزاز. 228 402- هارون بن عمران الموصلي. 228 403- هاشم بن القاسم الليثي. 229 404- هشام بن محمد بن السائب. 230 405- هشام بن معاوية الضرير. 230 406- هرثمة بن أعين الأمير. 230 407- الهيثم بن الربيع العقيلي. 230 408- الهيثم بن عبد الغفار الطائي. 231 409- الهيثم بن عدي الطائي. "حرف الواو". 231 410- ورد بن عبد الله التميمي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 276 232 411- وساج بن عقبة الأزدي. 232 412- الوليد بن عبد الرحمن العبدي. 232 413- الوليد بن القاسم الخبذعي. 233 414- الوليد بن مزيد البيروتي. 233 415- وهب بن جرير الأزدي. "حرف الياء". 234 416- يحيى بْن آدم بْن سليمان القرشي. 235 417- يحيى بن إسحاق السيلحيني. 236 418- يحيى بن أبي بكير بن نسر. 236 419- يحيى بن أبي الحجاج الأهتمي. 236 420- يحيى بن الحجاج. 237 421- يحيى بن حسان التنيسي. 238 422- يحيى بن حماد. 238 423- يحيى بن حُميد الطويل. 238 424- يحيى بن خُليف بن عقبة. 238 425- يحيى بن زياد الفراء. 238 426- يحيى بن زياد الأسدي. 239 427- يحيى بن سعيد الحمصي. 239 428- يحيى بن السكن البصري. 239 429- يحيى بن سلام البصري. 240 430- يحيى بن الضريس بن يسار. 240 431- يحيى بن عباد الضبعي. 241 432- يحيى بن عنبسة البصري. 241 433- يحيى بن طلحة المرادي. 242 434- يحيى بن عيسى التميمي النهشلي. 242 435- يحيى بن غيلان البغدادي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 277 242 436- يحيى بن فضيل القنوي. 242 437- يحيى بن فضل العنزي. 243 - يحيى بن فضيل: رجل. 243 438- يحيى بن كثير بن درهم. 243 - يحيى بن كثير صاحب البصري. 243 439- يحيى بن المبارك بن المغيرة. 244 440- يحيى بْن محمد بْن عباد الْمَدَنِيّ الشجري. 244 441- يحيى بن معاذ متولي الجزيرة. 244 442- يحيى بن يمان. 245 443- يزيد بن بيان العُقيلي. 245 444- يزيد بن أبي حكيم الكناني. 245 445- يزيد بن هارون بن زاذاني. 247 446- يعقوب بن إبراهيم بن سعد العوفي. 248 447- يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي. 249 448- يعلى بن عُبيد الطنافسي. 250 449- يعمر بن بشر. 250 450- يوسف بن عمرو الفارسي. 250 451- يوسف بن يعقوب السدوسي. 250 452- يونس بن عُبيد الله العميري الليثي. 251 453- يونس بن محمد بن مسلم. 251 454- يونس بن يحيى بن نُباتة. "الكنى". 251 455- أبو صفوان الأموي. 253 456- أبو عُبيدة العصفري. 253 457- أبو عُبيدة اللغوي. 253 458- أبو عمرو الشيباني النحوي. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 278 253 459- أبو عيسى بن هارون الرشيد. 255 460- أبو يوسف الأعشى. 257 فهرس الموضوعات. الجزء: 14 ¦ الصفحة: 279 المجلد الخامس عشر الطبقة الثانية والعشرون أحداث سنة إحدى عشرة ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثانية والعشرون: "أحداث سنة إحدى عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: عبد الرّزّاق بن همّام الصَّنْعانيّ باليمن. ومُعَلّى بن منصور الرازيّ الفقيه ببغداد. وعليّ بن الحسين بن واقد، بمَرْو. وعبد الله بن صالح العِجْليّ المقرئ. والأحوص بن جوّاب أبو الجوّاب الضَّبّيّ. وطَلْق بن غَنّام، ثلاثتهم بالكوفة. وأبو العتاهية الشاعر ببغداد. "عودة عبد الله بن طاهر من مصر": وفيها: قدم الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين الخُزاعيّ بغدادَ، من الدّيار المصريّة، فتلقّاه العبّاس، ولد المأمون، وأبو إسحاق أخو المأمون. وقدِم معه من المتغلبين على الشام وغيرها ابن أبي الجمل، وابن السَّرْج، وابن أبي الصَّفْر. "تشيُّع المأمون": وفيها: أمَر المأمون بأن يُنادى: برِئت الذّمة ممّن ذكر معاوية بخير أو فضَّله على أحدٍ من الصَّحابة. وإنّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه1. وكان المأمون يبالغ في التشيُّع، ولكنْ لم يتكلّم في الشيخين بسوء، بل كان يترضّى عنهما، ويعتقد إمامتهما، رضي الله عنهما.   1 تاريخ الطبري "8/ 618، 619". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 3 " أحداث سنة اثنتي عشرة ومائتين ": فيها تُوفي: أسد السُّنّة بن موسى، بمصر. وأبو عاصم النبيل. وعبد الرحمن بن حمّاد الشعبيّ. وعون بن عمارة العبْدي، بالبصرة. ومحمد بن يوسف الفِرْيابيّ، بقَيْسارية. ومنبّه بن عثمان، بدمشق. وأبو المغيرة عبد القُدوُّس الخَولانيّ، بحمص. وزكريّا بن عديّ، ببغداد. وعبد الملك بن عبد العزيز الماجِشُون الفقيه، بالمدينة. وعليّ بن قادم، بالكوفة. وخلّاد بن يحيى، بمكّة. والحسين بن حفص الهمدانيّ، بإصبهان. وعيسى بن دينار الغافقيّ الفقيه، بالأندلس. "توجيه الطوسي لمحاربة بابَك": وفيها وجّه المأمون محمد بن حُمَيد الطُّوسيّ لمحاربة بابَك الخُرَّميّ. "الولاية على اليمن": واستعمل على اليمن: أبا الدّاريّ محمد بن عبد الحميد. "إظهار المأمون خلق القرآن": وفيها: أظهر المأمون القول بخَلْق القرآن، مُضافًا إلى تفضيل عليّ على أبي بكر وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما. فاشْمأزّت النُّفوس منه. ثم سار إلى دمشق فَصام بها رمضان. "الحج هذا الموسم" 1: وتوجّه فحجّ بالناس.   1 تاريخ خليفة "474"، المعرفة والتاريخ "1/ 197"، تاريخ الطبري "8/ 619". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 4 " أحداث سنة ثلاث عشرة ومائتين ": فيها تُوُفّي: عُبيد الله بن موسى العبْسيّ. وخالد بن مَخْلَد القطواني، بالكوفة. وعبد الله بن داوود الخُرَيْبيّ. وعمْرو بن عاصم الكِلابيّ، بالبصرة. وأبو عَبْد الرَّحْمَن عَبْد الله بْن يزيد الْمُقْرِئ، بمكة. وعَمْرو بن أبي سَلَمة التِّنِّيسيّ، بها. والهيثم بن جميل الحافظ، بأنطاكية. "خروج القيسية واليمانية في مصر وولاية المعتصم مصر والشام": وفيها خرج عبد السلام وابن حُلَيْس بمصر في القَيْسيّة واليَمَانيّة. فاستعمل المأمون على مصر والشام أخاه أبا إسحق المعتصم. "ولاية الجزيرة": واستعمل على الجزيرة ولده العباس. "تفريق المأمون للأموال": وأمر لكلّ واحدٍ منهما بخمسمائة ألف دينار، وأمرَ بمثل ذلك لعبد الله بن طاهر، فقيل: إنّه لم يُفرِّق ملِكٌ في يومٍ من المال مثل ذلك أبدًا. "استعمال غسّان بن عبّاد على السِّنْد": واستعمل على السنْد الأمير غسّان بن عبّاد، وكان غسّان ذا رأيٍ وحزم ودهاء وخبرة تامّة، وقد وُلّي إمرة خُراسان قبل طاهر بن الحسين1.   1 الكامل في التاريخ "6/ 409". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 5 " أحداث سنة أربع عشرة ومائتين ": فيها توُفّي: حسين بن محمد المَرْوَزِيّ، ببغداد. وأحمد بن خالد الذهبي، بحمص. وعبد الله بن عبد الحكم الفقيه، بمصر. وسعيد بن سلام العطّار، بالبصرة. ومحمد بن حُمَيد الطُّوسيّ الأمير، قُتِل في حرب الخُرَّمِيّة. وأبو الدّاري أمير اليمن، قُتِل أيضًا. وعُمَيْر الباذَغيسي نائب مصر خلافةً عن المعتصم قُتِل بالحَوْف في حرب ابن حُلَيْس، وعبد السّلام، فسار أبو إسحاق المعتصم بنفسه إليهما فظفر بهما وقتلهما. "خروج بلال الشاري ومقتله": وفيها: خرج بلال الشاري وقويت شوكته، فسار لحربه هارون بن أبي خلف فظفر به هارون وقتله. "ولاية أصبهان وآذربيجان والجبال": وفيها: ولي أصبهان وآذَرْبيجان والجبال وحرب بابك عليُّ بن هشام، فواقَعَ بابَكَ غير مرّة. والله أعلم. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 6 " أحداث سنة خمس عشرة ومائتين ": فيها تُوُفّي: أبو زيد الأنصاريّ، صاحب العربية، بالبصرة، واسمه سعيد بن أوس. والعلاء بن هلال الباهليّ، بالرَّقَّة. ومحمد بن عبد الله الأنصاريّ، القاضي بالبصرة. ومكيّ بن إبراهيم الحنظليّ، ببلْخ. وعليّ بن الحسن بن شقيق، بمرْو. ومحمد بن المبارك الصُّوريّ، بدمشق. وإسحاق بن عيسى الطّبّاع، ببغداد. وقُبيصة بن عُقبة السُّوائيّ، بالكوفة. "غزوة المأمون إلى الروم": وفيها: سار المأمون لغزو الروم في أول العام، واستخلف على بغداد الأمير إسحاق بن إبراهيم بن مُصْعَب. وقدِم عليه محمد بن عليّ بن موسى الرّضا، فأكرمه وأجازه بمالٍ عظيم، وأمره بالدخول بأهله، وهي أمّ الفضل ابنة المأمون، فدخل بها ببغداد1. ثم سار المأمون إلى دابق وأنطاكية، ثم دخل المِصِّيصة، وخرج منها إلى طَرَسُوس، ثم دخل الروم في نصف جُمادَى الأولى، فنازل حصن قُرَّةَ2 حتّى فتحه عَنْوةً وهدمه، وافتتح حصن ماجدة، وتسلّم حصنين بالأمان3. "تهذيب قواعد الديار المصرية": وأمّا أخوه أبو إسحاق فإنه هذب قواعد الدّيار المصريّة، ورجع فقدِم واجتمع بأخيه المأمون بنواحي المَوْصِل. "قدوم المأمون إلى دمشق": وقدِم المأمون دمشق بعد غزوته المذكورة4.   1 الكامل في التاريخ "6/ 417"، البداية والنهاية "10/ 269". 2 تاريخ الطبري "8/ 623". 3 تاريخ الطبري "8/ 623". 4 تاريخ الطبري "8/ 624". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 7 "أحداث سنة ستّ عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: حَبّان بن هلال. وعبد الملك بن قريب الأصمعيّ. وهَوْذة بن خليفة. ومحمد بن كثيّر المصِّيصيّ الصَّنْعانيّ. والحسن بن سَوّار البَغَويّ. وعبد الله بن نافع المدنيّ الفقيه. وعبد الصَّمد بن النّعْمان البزّار. ومحمد بن بكّار بن بلال قاضي دمشق. ومحمد بن عبّاد بن عبّاد المهلّبيّ، أمير البصرة. ومحمد بن سعيد بن سابق نزيل قزْوين. وزُبيدة زوجة الرشيد وابنة عمّه. "عودة المأمون لغزو الروم": وفيها: كرّ المأمون راجعًا إلى غزو الروم، لكونه بلغه أنّ ملك الروم قتل خلقًا من أهل طَرَسُوس والمِصِّيصة، فدخلها في جُمَادَى الأولى، وأقام بها إلى نصف شعبان، وجهز أخاه أبا إسحاق، فافتتح عدّة حصون1. ثم وجّه يحيى بن أكثم فأغار وقتل وسبى، ثم رجع2. "دخول المأمون الديار المصرية": وفي آخر السنة توجّه المأمون من دمشق إلى الديار المصرية ودخلها3، فهو أول من خلها من الخلفاء العباسيين.   1 تاريخ الطبري "8/ 625"، البداية والنهاية "10/ 270". 2 تاريخ الطبري "8/ 625". 3 تاريخ الطبري "8/ 625، 627". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 8 "أحداث سنة سبْع عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: حَجّاج بن مِنْهال الأنماطيّ، بالبصرة. وشُريْح بن النُّعْمان الجوهري. وموسى بن داوود الضّبّي الكوفيّ، ببغداد. وهشام بن إسماعيل العطّار العابد، بدمشق. وعمرو بن مسعدة، وأبو الفضل الصُّولِيُّ كاتب الإنشاء للمأمون. وإسماعيل بن مَسْلَمَة أخو القَعْنَبيّ، بمصر. "قتل عبدوس الفهري بمصر": وفيها: دخل المأمون مصر، فأحضر بين يديه عَبْدُوس الفِهْريّ فضُرِبَت عنقه1. قال المسعوديّ: وكان قد تغلّب عليها. "عودة المأمون إلى دمشق وغزو الروم": وعاد إلى دمشق، ثمّ سار إلى أَذَنَة، ودخل أرض الروم، فنزل على لُؤْلُؤَةَ وحاصرها مائة يوم، ثمّ رحل عنها، وخلّف عليها عُجَيْفًا، فخدعَه أهلها وأسروه، ثم أطلقوه بعد جمعةٍ. وأقبل الملك تَوْفِيل في جيوش الروم، لعنهم الله، إلى حصن لؤلؤة فأحاط بعجُيَفْ. فبلغ ذلك المأمون، فجهّز الجنود لحربه، فارتحل تَوفْيِل وكتب كتابًا إلى المأمون يطلب الصُّلْح، فبدأ بنفسه وأغلظ في المكاتبة. فاستشاط المأمون غضبًا وقصد الروم، وعزم على المسير إلى قُسْطنطينية، ثم فكّر في هجوم الشتاء فرجع2. "حريق البصرة": وفيها: وقع حريق عظيم بالبصرة يُقال: إنّه أتى على أكثرها، وكان أمرًا مزعجًا يفوق الوصف.   1 تاريخ الطبري "8/ 627". 2 تاريخ الطبري "8/ 627"، البداية والنهاية "10/ 271، 272". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 9 " أحداث سنة ثمان عشرة ومائتين ": فيها تُوُفّي: أبو مُسْهِر الغسّانيّ شيخ الشام. ومُعَلّى بن أسد العمِّيّ. ويحيى بن عبد الله البابْلُتّيّ على الصحيح. ومحمد بن الصَّلْت الأَسَديّ الكوفيّ. وعبد الله بن يوسف التِّنِّيسيّ. وحَجّاج بن أبي منيع الرَّصافيّ. وإسحاق بن بكر بن مُضر المُضَري. ومحمد بن نوح العِجْليّ. والخليفة المأمون. وحبيب كاتب مالك. وبِشْر المَرِيسيّ. "بناء طُوَانة": وفيها: اهتم المأمون ببناء طُوَانة من أرض الروم، وحشد لها الرجال والصُّنّاع، وأمر ببنائها ميلًا في ميل. وقرّر ولده العبّاس على بنائها، ولزِمه عليها أموال لَا يحصيها إلّا الله تعالى1، وهي على فم الدَّرْب ممّا يلي طَرَسُوس. وافتتح عدّة حصون. "ذِكر المِحْنة": في أثناء السنة كتب المأمون إلى نائبه على بغداد إسحاق بن إبراهيم الخُزَاعيّ، ابن عمّ طاهر بن الحُسين، في امتحان العلماء، كتابًا يقولُ فيه: وقد عرف أمير المؤمنين أنّ الجمهور الأعظم والسَّواد الأكبر مِن حَشو الرَّعيّة، وسَفْلَة العامّة، ممّن لَا نظر له ولا رَوِيّة ولا استضاءة بنور العِلم وبرهانه، أهل جهالةٍ بالله تعالى وعَمًى عنه، وضلالةٍ عن حقيقة ديِنه، وقصورٍ أن يَقْدُرُوا الله حق قَدْره، ويعرفوه كُنْه معرفته، ويُفرّقوا بينه وبين خلْقه. وذلك أنّهم ساوَوْا بين الله وبين خلْقِهِ، وبين ما أُنزل من القرآن. فأطبقوا على أنّه قديم لم يخلقْه الله ويخترعه. وقد قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] فكلّ ما جعله الله فقد خلقه كما قال: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور} ، وقال: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ} [طه: 99] فأخبر أنّه قصصٌ لأمور أحدثهُ بعدها. وقال: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} [هود: 2] والله مُحْكم كتابَه ومُفَصِّلُهُ، فهو خالقه ومُبْتَدِعُهُ. ثم انتسبوا إلى السنة، وأنهم أهل الحق   1 تاريخ الطبري "8/ 631". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 10 والجماعة، وأنّ مَن سواهم أهل الباطل والكُفْر. فاستطالوا بذلك وغرّوا به الجهّال، حتّى مال قوم من أهلِ السَّمْت الكاذب والتَّخَشُّع لغير الله إلى موافقتهم، فنزعوا الحقّ إلى باطلهم، واتّخذوا دون الله وليجةً إلى ضلالهم. إلى أن قال: فرأى أمير المؤمنين أنّ أولئك شرّ الأمّة، المنقوصون من التّوحيد حظًا، أوعيةُ الجهل وأعلام الكذب، ولسان إبليس الناطق في أوليائه، والهائل على أعدائه مِن أهل دِين الله، وأحقُّ أن يُتَّهم في صِدْقه، وتُطرح شهادته، ولا يُوثَق به، ذلك أعمى وأضلّ سبيلًا. ولَعَمْرو أمير المؤمنين، إنّ أكْذَب النّاس مَن كذب على الله ووحْيه. وتخرّص الباطل، ولم يعرف الله حقيقة معرفته. فاجْمَعْ مَن بحضرتك من القُضاة، فاقرأ عليهم كتابنا وامتحنهم فيما يقولون، واكشفهم عمّا يعتقدون في خلق الله وإحداثه. ولِعلمهم أنّي غير مستعينٍ في عملٍ ولا واثقٌ بمن لَا يوثق. فإذا أقرّوا بذلك ووافقوا فمُرهم بنصّ مَن بحضرتهم من الشهود، ومسألتهم عن علمهم في القرآن، وترْك شهادة مَن لم يُقِرّ أنّه مخلوق. واكتب إلينا بما يأتيك عن قضاة أهل عملك في مسألتهم، والأمر لهم بمثل ذلك. وكتب المأمون إليه أيضًا في إِشخاص سبعة أنفُس، وهم: محمد بن سعْد كاتب الواقديّ، ويحيى بن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، وأبو مسلم مُسْتملي يزيد بن هارون، وإسماعيل بن داود، وإسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ. فأُشْخِصوا إليه، فامتحنهم بخلْق القرآن فأجابوه، فردّهم من الرَّقّة إلى بغداد1. وسبب طَلَبهم أنّهم توقّفوا أولًا، ثم أجابوه تَقِيّةً. وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم بأن يُحضر الفقهاء ومشائخ الحديث ويخبرهم بما أجاب به هؤلاء السبعة، ففعل ذلك، فأجابه طائفة وامتنع آخرون. فكان يحيى بن مَعِين وغيره يقولون: أَجَبْنا خوفًا من السيف2. ثم كتب المأمون كتابًا آخر من جنس الأول إلى إسحاق، وأمره بإحضار من امتنع، فأحضرَ جماعةً منهم: أحمد بن حنبل، وبِشْر بن الوليد الكِنْدِيّ، وأبو حسان الزيادي، وعليبن أبي مقاتل، والفضل بن غانم، وعُبيد الله بن عمر القواريري،   1 تاريخ الطبري "8/ 634"، والبداية والنهاية "10/ 272". 2 تاريخ الطبري "8/ 634"، والبداية والنهاية "10/ 272". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 11 وعليّ بن الْجَعْد وسَجّادة، والذّيّال بن الهيثم، وقُتَيبة بن سعيد وكان حينئذٍ ببغداد، وسَعْدويْه الواسطيّ، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وابن الهِرْش، وابن عُلَيّة الأكبر، ومحمد بن نوح العِجْليّ، ويحيى بن عبد الرحمن العُمَريّ، وأبو نصر التّمّار، وأبو مَعْمَر القطِيعيّ، ومحمد بن حاتم بن ميمون، وغيرهم. وعُرِض عليهم كتاب المأمون فَعَرَّضوا ووَرَّوْا ولم يُجيبوا ولم يُنكروا. فقال لبِشْر بن الوليد: ما تقول؟ قال: قد عرَّفْتُ أميرَ المؤمنين غيرَ مرّة. قال: وإن، فقد تجدد من أمير المؤمنين كتاب. قال: أقول: كلام الله. قال: لم أسألك عن هذا. أمخلوقٌ هو؟ قال: ما أحُسِنُ غيرَ ما قلت لك. وقد استعهدتُ أميرَ المؤمنين أن لَا أتكلم فيه. ثم قال لعليّ بن أبي مقاتل: ما تقول؟ قال: القرآن كلام الله، وإنْ أمَرَنَا أميرُ المؤمنين بشيءٍ سمِعنا وأطعنا. وأجاب أبو حسان الزّياديّ بنحو من ذلك. ثم قال لأحمد بن حنبل: ما تقول؟ قال: كلام الله. قال: أمخلوقٌ هو؟ قال: هو كلام الله لَا أزيد على هذا. ثم امتحن الباقين وكتب بجواباتهم. وقال ابن البكّاء الأكبر: أقول القرآن مجعولٌ ومُحْدَثٌ لوُرُود النّصّ بذلك. فقال له إسحاق بن إبراهيم: والمجعول مخلوق؟ قال: نعم. قال: فالقرآن مخلوق؟ قال: لَا أقول: مخلوق1. ثم وجه بجواباتهم إلى المأمون، فورد عليه كتاب المأمون: بَلَغَنا ما أجاب به مُتَصَنِعَةُ أهل القِبْلة، ومُلْتَمِسُوا الرئاسة، فيما ليسوا له بأهلٍ. فمن لم يُجِب أنّه مخلوق فامنعْه من الفتوى والرواية. ويقول في الكتاب: فأمّا ما قال بِشْر فقد كذب. لم يكن جرى بين أمير المؤمنين.   1 تاريخ الطبري "8/ 637-639"، البداية والنهاية "10/ 273". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 12 وبينه في ذلك عهد أكثر من إخبار أمير المؤمنين من اعتقاده كلمة الإخلاص، والقول بأنّ القرآن مخلوق، فادعُ به إليك، فإنْ تاب فأَشْهِرْ أمره، وإِنْ أصرّ على شِرْكه، ودفع أن يكون القرآن مخلوقًا بكُفْره وإلحاده، فاضربْ عُنُقه وابعث إلينا برأسه. وكذلك إبراهيم بن المهْدي فامتَحِنْه، فإنْ أجاب، وإلّا فاضربْ عُنُقه. وأمّا عليّ بن أبي مقاتل، فقُل له: ألستَ القائل لأمير المؤمنين: إنّك تحلِّل وتحرم. وأما الذيال، فأعلمه أنه كان في الطّعام الذي سرقه من الأنبار ما يشغله. وأمّا أحمد بن يزيد أبو العوّام وقوله: إنّه لَا يُحْسِن الجواب في القرآن، فأَعْلِمْه أنّه صبيُّ، في عقله لَا في سِنِّه، جاهلٌ سيُحْسِن الجواب إذا أُدِّب، ثم إنْ لم يفعل كان السيفُ من وراء ذلك. وأمّا أحمد بن حنبل، فأَعْلِمْه أنّ أمير المؤمنين قد عرف فحوى مقالته، واستدّل على جَهْله وآفته بها. وأمّا الفضل بن غانم، فأَعلْمِهْ أنّه لم يَخْفَ على أمير المؤمنين ما كان منه بمصر، وما اكتسب من الأمول في أقل من سنة، يعني في ولايته القضاء. وأمّا الزّياديّ، فأَعلِمْه أنّه كان مُنتحلًا ولا كأوّلِ دعيٍّ. فأنكر أبو حسّان أن يكون مولى لزياد بن أبيه، وإنّما قيل له: الزّياديّ لأمرٍ من الأمور. قال: وأمّا أبو نصر التّمّار، فإنّ أمير المؤمنين شبَّه خساسة عقله بخساسة متجره. وأمّا ابن نوح، وابن حاتم، فأعْلِمْهم أنّهم مشاغيل بأكل الرِّبا عن الوقوف على التوحيد، وإنّ أمير المؤمنين لو لم يستحلّ محاربتهم في الله إلّا لإربائهم، وما نزل به كتابُ الله في أمثالهم لَاستحلّ ذلك. فكيف بهم وقد جمعوا مع الإرباء شِرْكًا، وصاروا للنَّصارى شَبَهًا1؟ وأمّا ابن شجاع، فأَعْلِمْه أنّك صاحبه بالأمس، والمستخرج منه ما استخرجه من المال الذي كان استحلَّه من مال الأمير عليّ بن هشام. وأمّا سَعدويْه الواسطيّ، فقل له: قبّح الله رجلًا بلغ به التصنُّع للحديث والحِرص على الرئاسة فيه، أن تمنى وقت المحنة.   1 تاريخ الطبري "8/ 648". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 13 وأمّا المعروف بسَجّادة، وإنكاره أن يكون سمع ممن كان يجالس من الفقهاء القولَ بأنّ القرآن مخلوق، فأَعْلِمْه أنّ في شُغله بإعداد النَّوَى، وحُكمه لإصلاح سجّادته، وبالودائع الّتي دفعها إليه عليّ بن يحيى وغيره ما أذهله عن التوحيد. وأمّا القواريريّ ففيما انكشف من أحواله، وقبوله الرّشا والمصانعات، ما أبان عن مذهبه وسوء طريقته وسخافة عقله ودينه. وأمّا يحيى العُمريّ، فإنْ كان من ولد عمر بن الخطّاب فجوابه معروف. وأمّا محمد بن الحسن بن عليّ بن عاصم، فإنّه لو كان مُقْتديًا بمن مضى من سلفه لم ينتحل النِّحْلَةَ التي حُكِيَتْ عنه، وأنّه بعدَ صبيٌّ يحتاج إلى أن يُعلَّم. وقد كان أمير المؤمنين وجّه إليك المعروف بأبي مُسْهِر، بعد أن نصّه أمير المؤمنين عن محنته في القرآن، فجمجم عنها ولَجْلج فيها، حتّى دعا له أمير المؤمنين بالسيف، فأقرّ ذميمًا، فأَنْصِصْه عن إقراره، فإنْ كان مقيمًا عليه فأشْهِر ذلك وأظْهِرْه، ومَن لم يرجع عن شِرْكه ممّن سمَّيتُ بعد بِشر، وابن المهديّ، فاحمِلْهم موثَّقين إلى عسكر أمير المؤمنين ليسألهم. فإنْ لم يرجعوا حملهم على السيف. قال: فأجابوا كلّهم عند ذلك، إلّا أحمد بن حنبل، وسجّادة، ومحمد بن نوح، والقواريريّ، فأمرَ بهم إسحاق فقُيِّدوا، ثم سألهم من الغد وهم في القيود فأجاب سجّادة. ثم عاودهم ثالثًا فأجاب القواريريّ، ووجَّه بأحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح المضروب إلى طَرَسُوس. ثم بلغ المأمون أنهم إنما أجابوا مُكْرَهينَ، فغضِب وأمر بإحضارهم إليه. فلما صاروا إلى الرَّقَّةِ بَلَغَتهم وفاةُ المأمون. وكذا جاء الخبر بموت المأمون إلى أحمد1. ولطف الله تعالى وفرج. وأمّا محمد بن نوح فكان عديلًا لأحمد بن حنبل في المَحْمل، فمات. فوليه أحمد بالرَّحْبة وصلّى عليه ودفنه، رحمه الله تعالى. "وفاة المأمون": وأما المأمون فمرض بالروم، فلما اشتدّ مرضه طلب ابنَه العبّاس لِيَقْدم عليه، وهو يظنّ أنّه لَا يدركه، فأتاه وهو مجهود، وقد نفذت الكُتُب إلى البلدان، فيها: من عبد   1 تاريخ الطبري "8/ 644، 645"، البداية والنهاية "10/ 273، 274". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 14 الله المأمون وأخيه إسحاق الخليفة من بعده، بهذا النّصّ. فقيل: إنّ ذلك وُقِّع بأمر المأمون. وقيل: بل كتبوا ذلك وقت غَشْيٍ أصابه، فأقام العبّاس عنده أيّامًا حتّى مات1. "ذِكر وصيّة المأمون": "هذا ما أشهد عليه عبد الله بن هارون أمير المؤمنين أنّ الله وحده لَا شريك له في مُلكه، وأنّه خالقٌ وما سواه مخلوق. ولا يخلو القرآن من أن يكون شيئًا له مثلٌ، والله لَا مثل له" إلى أن قال: "والبعث حقّ، وإنّي مذنب أرجو وأخاف، فإذا متُّ فوجّهوني وليُصّلّ عليّ أقربكم منّي نَسَبًا، وليُكبّرْ خمسًا". وذكر وصايا من هذا النّوع، إلى أن قال: "فرحِم الله عبدًا اتَّعظ وفكّر فيما حتّم الله على جميع خلقه من الْفَنَاءِ، وقضى عليهم من الموت الذي لَا بدّ منه. فالحمد لله الذي توحّد بالبقاء. ثم لينظُر المرءُ ما كنت فيه من عزّ الخلافة، هل أغنى عنّي شيئًا إذا جاء أمر الله؟ لَا والله. ولكن أضعِف به عليّ الحسنات. فيا لَيْتَ عبد الله بن هارون لم يكن بَشَرًا، بل ليته لم يكن شيئًا. يا أبا إسحاق ادْنُ منّي واتَّعِظْ بما ترى، وخُذ بسيرة أخيك في القرآن، واعمل في الخلافة إذ طوّقَكَها اللَّهُ تعالى عمل المريد لله، الخائف من عقابه، ولا تغترّ بالله وتَمْهيله، فكأنْ قد نزل بك الموت، ولا تغفل عن أمر الرعيّة، الرعيّةَ الرعيّةَ، الْعَوَامَّ الْعَوَامَّ، فإنّ المُلْك بهم اللَّهَ اللَّهَ فيهم وفي غيرهم. يا أبا إسحاق عليك عهد الله، لتقَومّن بحقّ الله في عباده، ولتؤثِرَنّ طاعة الله على معصيته. قال: اللهمّ نعم. قال: فانظُر مَن كنت تسمعني أُقَدِّمه فأضْعِف له في التقدمة. وعبد الله بن طاهر أقرّه على عمله، وقد عرفت بلاءه وغناءه.   1 تاريخ الطبري "8/ 645-647". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 15 وأبو عبد الله بن أبي دُؤاد لَا يُفارقك، وأشْرِكْه في المشورة في كل أمرك، ولا تتّخذنّ بعدي وزيرًا، فقد علمت ما نكبني به يحيى بن أكثم في معاملة الناس، وخُبْث سريرته حتّى أبعدْتُهُ. هؤلاء بنو عمّك من ذُرِّيَّة أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه أحسِنْ صُحْبتهم، وتجاوَزْ عن مُسِيئهم، وأَعطهِم الصِّلات1. ثم تُوُفّي في رجب، ودُفِن بطَرَسُوس. "خلافة المعتصم": وكان أول من بايع المعتصم: العبّاسُ بنُ المأمون. "ما ذكره المسبّحي عن المحنة في مصر": قال محمد بن عُبيد الله المُسبّحي في "تاريخ مصر": كتب المعتصم إلى نائبه على مصر كُنْدر، وإلى قاضي مصر هارون بن عبد الله الزُّهْريّ كتابًا بخطّ الفضل بن مروان يمتحن فيه الناس بخلْق القرآن. فأحضرهم القاضي هارون، فأجاب عامّة الشهود وأكثر الفقهاء، إلّا من هرب منهم. وكان هارون إذا شهد عندَه عدلْان سألهما عن القرآن، فإنْ أقرّا أنّه مخلوق قبلهما، وأخذ بذلك المؤذِّنون والمحدّثون. وأُقِرّ المعلّمون أنّ تعلّمه الصّبيان كتعليم القرآن، يعني القول بخلق القرآن. وبقيت المحنة إلى أن وُلِّيَ الخلافةَ المتوكّل سنة اثنتين وثلاثين. "الوباء والغلاء بمصر": وفيها: وقع الوباء العظيم بمصر، فمات أكثرهم، وغلا السِّعر هذه السنة وبعض سنة تسع عشرة. قال: ولم تبقَ دارٌ ولا قرية إلّا مات أكثر أهلها. ولم يبق بمصر رئيس ولا شريف مشهور. وولّت الدنيا عمّن بقي من أولادهم، وركبهم الذُّلّ، وجفاهم السلطان؛ لأنّهم خرجوا غير مرّة وأثاروا الفتنة.   1 تاريخ الطبري "8/ 647-650". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 16 ثم سَرَدَ مَن مات من أشرافهم من أول دولة المأمون إلى آخرها، فسمَّى من كبارهم أبا نصر الوليد بن يعفر بن الصّبّاح بن أبرهة، تُوُفّي سنة سبعٍ وتسعين ومائة، وإبراهيم بن حوّى تُوُفّي فيها، وإبراهيم بن نافع الطّائيّ، تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين، وعثمان بن بلادة فيها، وهاشم بن خُدَيْج، ومحمد بن حسّان بن عتاهية سنة تسعٍ وتسعين، وهُبيرة بن هاشم بن خُدَيْج، وزُرْعة بن معاوية سنة مائتين. ثم سمَّى عددًا كثيرًا لَا نعرفهم كان لهم جاه وحشمة في عصرهم بمصرهم، انْمحت آثارهم وانطوت أخبارهم. "هدم الطُّوانة": وفيها: أمر المعتصم بهدم طُوَانة الّتي قدمنا أنّ المأمون أمر ببنائها، ثم حُمِل ما بها من الآلات والسلاح، وتفرّق ما تعب عليه المأمون. وسافر الناس الذين أُسكنِوا بها إلى بلادهم، ثم انصرف المعتصم إلى بغداد، فدخلها في أول رمضان من السنة1. "اشتداد أمر الخُرَّمِيّة": وفيها: عظُم الخَطْب واشتدّ الأمر بالخُرّميّة، لعنهم الله، ودخل في دِينهم خلق من أهل بلاد هَمذان وبلاد إصبهان، وجيّشوا بأرض همذان، فسار لحربهم إسحاق بن إبراهيم بن مُصْعَب في ذي القعدة، فظفر بهم وقتل منهم ملحمة عُظمى. فيُقال: إنّه قُتِل منهم ببلاد همذان ستّين ألفًا، وهرب باقيهم إلى بلاد الروم. وكان المصافّ بأرض همذان مما يلي الرّيّ. وبعضهم يقول: قُتِل منهم فوق المائة ألف، وكانت ملحمة هائلة.   1 تاريخ الطبري "8/ 667". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 17 " أحداث سنة تسع عشرة ومائتين ": فيها تُوُفّي: عليّ بن عيّاش الأَلهاني، بحمص. وأبو بكر عبد الله بن الزُّبير الحُمَيْديّ، بمكة. وأبو نُعَيم الفضل بن دُكين. وأبو غسّان مالك بن إسماعيل النَّهْديّ، بالكوفة. وعَمرو بن حكّام. وإبراهيم بْن حُميد الطويل. وسعد بْن شُعْبَة بْن الحَجّاج، بالبصرة. وأبو الأسود النَّضْر بن عبد الجبّار، بمصر. وسليمان بن داود الهاشميّ. وغسّان بن الفضل الغلابيّ، ببغداد. "ظهور محمد بن القاسم بالطالقان": وفيها: ظهر محمد بن القاسم العلوي الحسيني بالطالقان يدعو إلى الرِّضا من آل محمد. فاجتمع عليه خلْق، فسار لقتاله جيش من قِبل عبد الله بن طاهر، فجرت بينهم وقعات عديدة، ثم انهزم محمد بن القاسم فقصد بعض كُوَر خُراسان، فظفر به متولّي نَسَا، فقيّده وبعث به إلى ابن طاهر، فحبسه المعتصم. ثم إنّه هرب من السجن ليلة عيد الفطر، ونزل في حبلٍ دُلّي له. فنودي عليه: مَن أحضره فله مائة ألف درهم، فلم يقعوا به. "قدوم السبْي من الخُرَّميّة": وفي جُمادَى الأولى قدِم بغداد، إسحاق بن إبراهيم بسبيٍ عظيم من الخُرَّميّة الذين أوقع بهم بهمذان1. "إفساد الزُّطّ بالبصرة": وفيها: عاثت الزُّطّ بنواحي البصرة، فانتدب لحربهم عُجَيْف بن عنبسة، فظفر بهم وقتل منهم نحو الثمانمائة. ثم جرت له معهم حروب. وكان عدّتهم خمسة عشر ألفًا2.   1 تاريخ الطبري "9/ 8"، البداية والنهاية "10/ 282". 2 تاريخ الطبري "9/ 8"، البداية والنهاية "10/ 282". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 18 " ثم دخلت سنة عشرين ومائتين ": فيها تُوُفّي: عفان ببغداد. وقالون بن عيسى بن مينا. ومُطَرِّف بن عبد الله، بالمدينة. وأبو حُذَيْفة المَرْوزِيّ. وعاصم بن يوسف اليَرْبُوعيّ. وخلّاد بن خالد القارئ، بالكوفة. وعثمان بن الهيثم المؤذّن. والخليل بن عمر بن إبراهيم العبْديّ. وعبد الله بن رجاء، بالبصرة. وآدم بن أبي أياس، بعسقلّان. وعبد الله بن جعفر الرَّقّي، بالرَّقّة. وقَرعوس بن العبّاس الثقفيّ صاحب مالك، بالأندلس. ومحمد الجواد ولد عليّ بن موسى الرّضا، ببغداد. "دخول الزُّطّ بغداد": ويوم عاشوراء دخل عُجَيف بغدادَ بسبي الزُّطِّ وأَسْراهم، فعبّأهم على هيئتهم في الحرب، وكان يومًا مشهودًا. ثم نفذوا إلى عين ذربة، فأغارت عليهم الروم، فاجتاحوهم حتّى لم ينج منهم أحد1. "مسير الأفشين لحرب بابك": وفيها: عقد المعتصم على حرب بابك وعلى بلاد الجبل للأفشين، واسمه حيدر بن كاوس. ثم وجّه أبا سعيد محمد بن يوسف إلى أردبيل لعمارة الحصون التي   1 تاريخ الطبري "9/ 10". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 19 خرّبها بابَك ففعل ذلك. وكان محمد بن البُعيث صديق بابَك في قلعة شاهي وحصن تبريز من بلاد أَذرَبْيَجْان، فبعث بابَكُ قائده عصمة، فنزل بابن البُعيث فأكرمه وأنزل إليه الإقامات وأضافه وسقاه خمرًا وأسره، وقتل جماعة من مقدّميه، فهرب عسكره. وجعل ابن البُعيث يناصح المعتصم، ودلّه على عورة بلاد بابَك، ثم كانت وقعة كبيرة بين بابَك والأفشين انهزم فيها بابَك، وقُتِل من أصحابه نحو الألف، وهرب إلى مُوقان، ومنها إلى مدينته التي تُسمى البَذّ، وبعث الأفشين بالرؤوس والأسارى إلى بغداد1. "محنة الإمام أحمد": وفي رمضانها كانت محنة الإمام أحمد، وضُرِب بالسّياط، ولم يُجِب. وسيأتي ذلك في ترجمته. "إنشاء المعتصم لمدينة سُرّ من رأى": وفي ذي القعدة نزل المعتصم بالقاطول وأمر بإنشاء مدينة سُرّ من رأى، فاشترى أرضها من رُهبان لهم دير هناك. وقد كان الرشيد ينزل بالقاطول لِطيبه. واستخلف المعتصم على بغداد ولده الواثق2. "غضب المعتصم على وزيره الفضل": وفيها: غضب المعتصم على وزيره الفضل بن مروان وصادره، وأخذ منه أموالًا عظيمة تفوق الوصف، حتّى قيل: إنّه أخذ منه عشرة آلاف ألف دينار، واستأصله وأهل بيته ونفاه إلى السّنّ، قرية بطريق الموصل3. وولي بعد الوزارة محمد بن عبد الملك الزّيّات. "عناية المعتصم باقتناء التُّرْك": واعتنى المعتصم باقتناء التُّرْك، فبعث إلى سمرقند وفَرغانة والنّواحي في شرائهم،   1 تاريخ الطبري "9/ 12، 13". 2 تاريخ الطبري "9/ 17". 3 تاريخ الطبري "9/ 18-20". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 20 وبذل فيهم الأموال، وألبسهم أنواع الدِّيباج ومناطق الذهب. فكانوا يطردون خيلهم ببغداد ويُؤْذُون الناس. فربّما ثار أهل البلد بالتركيّ فقتلوه عند صدْمه للمرأة والشيخ. فعزم المعتصم على التحوّل من بغداد وتنقل على دجلة، والقاطول هو نهر منها، فانتهى إلى موضع سامرّاء، وفي مكانها دير عالي لرهبان. فرأى فضاءً واسعًا جدًّا وهواءً طَيِّبًا فاستمرأه، وتصيّد ثلاثًا فوجد نفسه تطلب أكثر من أكله، فعلم أنّ ذلك لتأثير الهواء والتُّرْبة والماء. فاشترى من أهل الدَّيْر أرضهم بأربعة آلاف دينار، وأسّس قصره بالوزيريّة التي يُنسب إليها التّين الوزيريّ العديم النظير في الحسن. وجمع عليها الفَعَلَةَ والصُّنّاع من الممالك. ونقل إليها أنواع الأشجار والغُرُوس، واختُطَّت الخِطّط والدُّروب، وجدّوا في بنائها، وشُيّدت القصور، واستُنْبِطت المياه من دجله وغيرها، وتَسَامع النّاس وقصدوها، وكثُرت بها المعايش. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 21 " ذكر أهل هذه الطبقة مرتبة على الحروف ": "حرف الألف": 1- أحمد بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق1. م. د. ت. ن. أبو إسحاق الحضرمي، مولاهم البصْريّ، أخو المقرئ يعقوب. كان أسن من يعقوب. روى عن: عِكْرمة بن عمّار، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وهَمَّام، ووُهَيْب، وأبي عَوَانة، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، وأبو بكر بن أبي شَيْبة، وإبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وإسحاق الحربيّ، وأبو خَيْثمة، وولده أحمد بن أبي خَيْثمة، والحارث بن أبي أسامة، وعبد بن حُمَيْد وطائفة. وثّقه أبو حاتم، والنَّسائي. ومات سنة إحدى عشرة، وكان يحفظ حديثه.   1 الطبقات الكبرى "7/ 304"، التاريخ الكبير"2/ 1"، الجرح والتعديل "2/ 40"، الثقات لابن حبان "8/ 3"، سير أعلام النبلاء "10/ 174، 175"، تهذيب التهذيب "1/ 14". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 21 2- أحمد بن إشكاب الصفار1: -خ- أبو عبد الله، كوفيّ نزل مصر. قيل: اسمه أحمد بن مَعْمَر بن إشْكاب، وقيل: أحمد بن عبد الله بن إشْكاب. سمع: شَرِيكًا، وعبد السّلام بن حرب، ورِفاعة بن إياس الضَّبِّيّ، ومحمد بن فُضَيْلٍ، وأبا بكر بن عيّاش، وجماعة. وعنه: خ، ويعقوب الفَسَويّ، وأحمد بن عيسى اللّخْميّ الخشّاب، وبكر بن سهل الدِّمياطيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو حاتم الرّازيّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة مأمون. وقال ابن يونس في تاريخه: تُوُفّي سنة سبْع أو ثمان عشرة. 3- أحمد بن أوفى الأهْوازيّ2: عن: عَبّاد بن منصور، وشُعْبة. وعنه: مَعْمَر بن سهل، وغيره. 4- أحمد بن أيّوب السَّمَرْقَنديّ3: نزيل مَرْو. عن: أبي حمزة السُّكَّريّ. وعنه: إسحاق بنُ راهَوَيْه، والنَّضْر بن سَلَمَةَ، وغيرهما. 5- أحمد بن تَوْبة السُّلَميّ المَرْوَزيّ المُطَّوَّعيّ: الغازي الأمير المجاهد البطل الزّاهد. سمع: ابن المبارك، وإبراهيم بن المغيرة، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وحَرْمَلَة بن عبد العزيز. وعنه: إسحاق الكَوْسَج، وعبد الله بن أحمد بن شَبوَيْه، ويحيى بن المثنى.   1 التاريخ الكبير "2/ 4"، الجرح والتعديل "2/ 77"، سير أعلام النبلاء "10/ 576"، تهذيب التهذيب "1/ 16". 2 الثقات لابن حبان "8/ 4"، ميزان الاعتدال "1/ 84"، لسان الميزان "1/ 138، 139". 3 التاريخ الكبير "2/ 2"، الجرح والتعديل "2/ 40"، الثقات لابن حبان "8/ 4". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 22 ذكره ابن ماكولا فقال: لم يتهدف للتحديث. قال: وكان يقال: إنه مستجاب الدعوة. فتح استيجاب في أربعين رجلا. وبها أولادهم تعرف بأولاد الأربعين، يشار إليهم في استيجاب. قال غُنْجار: سكن أحمد بن توبة بِيكَنْد، وبها تُوُفّي. 6- أحمد بن جعفر1: أبو عبد الرحمن الوكيعيّ الكوفيّ الضّرير الحافظ. عَنْ: حفص بن غياث، ووكيع، وغيرهما. وكان أبو نعيم يقول: ما رأيت أحفظ منه. وعنه: إبراهيم الحربي، وقال: كان يحفظ مائة ألف حديث، وما أحسبه سمع حديثًا إلا وحفظه. قلت: وروى عنه أحمد بن القاسم الأنماطي. وَقَالَ: إِبْرَاهِيمُ الحربي: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لأَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَكِيعِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي لأُحِبُّكَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عبيد، عن المقدام قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ" 2. وَقَالَ أَبُو داود: كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَكِيعِيُّ يَحْفَظُ الْعِلْمَ عَلَى الْوَجْهِ. وَقَالَ الَّدارقُطْنيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ. 7- أحمد بن حفص3: أبو حفص البخاريّ الفقيه الحنفيّ. عالم أهل بُخارى في زمانه. ووالده شيخ   1 تاريخ بغداد "4/ 58، 59". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "5124"، والترمذي "2391"، والبخاري في الأدب المفرد "542"، وأحمد في المسند "4/ 130"، والحاكم في المستدرك "4/ 171"، وابن حبان في صحيحه "570"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "279". 3 المعرفة والتاريخ للفسوي "1/ 642"، سير أعلام النبلاء "10/ 157-159". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 23 بُخَارى أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حفص الفقيه. لم أظفر بأخباره، وقد تُوُفّي في المحرّم سنة سبْع عشرة ومائتين. رحل وتفقّه بمحمد بن الحسن. وسمع من وكيع وطبقته. قال محمد بن أبي رجاء البخاريّ: سمعت أبا حفص أحمد بن حفص يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم، عليه قميصٌ، وامرأة إلى جَنْبه تبكي. فقال لها: لَا تبكي، فإذا مِتُّ فابكي. قال: فلم أجد من يُعبّرها لي، حتّى قال لي إسماعيل والد البخاريّ: إنّ السُّنّة قائمة بعدُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَدِيبُ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ نَصْرٍ الشَّاعِرَ يَقُولُ: تَذَاكَرْنَا الْحَدِيثَ: "إِنَّ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عَلَمَ الزَّمَانِ" 1. فَبَدَأْتُ بِأَبِي حَفْصٍ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ فَقُلْتُ: هُوَ فِي فِقْهِهِ وَوَرَعِهِ وَعَمَلِهِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عَلَمَ الزَّمَانِ. ثُمَّ ثَنَّيْتُ بِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فَقُلْتُ: هُوَ فِي مِعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَطُرُقِهِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عَلَمًا. ثُمَّ ثلَّثْتُ بِأَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ السُّرْمَارَائِيِّ فَقُلْتُ: رجلٌ يَقْرَأُ عَلَى مِنْبَرِ الْخِلَافَةِ هَهُنَا يَقُولُ: شَهِدْتُ مَرَّةً أَنَّ رَجُلًا وَحْدَهُ كَسَرَ جُنْدَ الْعَدُوِّ، فَإِنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ علَمَ الزَّمَانِ. قَالُوا: نَعَمْ. وُلد أحمد بن حفص سنة خمسين ومائة، ولقي أيضًا هُشَيْمًا، وجرير بن عبد الحميد. أَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخَلّالِ، أنا جعفر، أنا السفلي، أَنَا ابْنُ الطُّيُورِيِّ، أَنَا هَنَّادُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ بِبُخَارَى، ثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ حَمْدُوَيْهِ، أنا أحمد بن عمر بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا أَبُو حَفْصٍ أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعَةٍ: بِاللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وبالقدر خيره وشره من الله" 2.   1 حديث صحيح بلفظ مختلف: أخرجه أبو داود "4291"، والحاكم في المستدرك "4/ 522"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "599". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2145"، وابن ماجه "81"، وأحمد في المسند "1/ 97"، وابن حبان في صحيحه "178"، والحاكم في المستدرك "1/ 32، 33"، والبغوي في شرح السنة "66"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "7584". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 24 8- أحمد بن حُمَيْد1: أبو الحسن الطُّرَيْثِيثّي الكوفيّ خَتَنُ عُبَيد الله بن موسى، ويعرف بدار أم سلمة. كان من حُفّاظ الكوفة. سمع: حفص بن غِياث، وابن المبارك، وعبد الله الأشجعيّ، ومحمد بن فُضَيْل، ويحيى بن أبي زائدة، وجماعة. وعنه: خ، وحنبل بن إسحاق، والدّارمّي، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن إسماعيل التِّرمِذِيّ، وآخرون. وثقة أبو حاتم. وقال مُطَيِّن: مات سنة عشرين. 9- أحمد بن خالد بن موسى2 -ع: ويقال: ابن محمد. أبو سعيد الوَهْبيّ الكنديّ الحمصي، أخو محمد بن خالد. روى عن: محمد بن إسحاق، ويونس بن أبي إسحاق، وشَيْبان، وعبد العزيز الماجِشُون، وإسرائيل، وجماعة. وعنه: البخاريّ خارج "الصّحيح" ومحمد بن يحيى، وَسَلَمَةُ بن شبيب، ومحمد بن مُصَفَّى، ويحيى، وَعَمْرو ابنا عثمان بن سعيد، وصَفْوان بن عَمْرو، ومحمد بن خالد بن خَلِيّ، وموسى بن عيسى بن المُنْذر، وعِمران بن بكّار، وأحمد بن عليّ الدمشقي الخرّاز، وأحمد بن عبد الوّهاب بن نَجْدَة، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ. وقال ابن مَعِين في رواية أبي زُرْعة عنه: ثقة. وقال ابن أَبِي عاصم: مات سنة أربع عشرة.   1 التاريخ الكبير "2/ 2"، الجرح والتعديل "2/ 46، 47"، الثقات لابن حبان "8/ 5"، التهذيب "1/ 26". 2 التاريخ الكبير "2/2"، الجرح والتعديل "2/ 49"، الثقات لابن حبان "8/ 6"، التهذيب "1/ 26، 27". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 25 10- أحمد بن محمد بن الوليد بن عُقبة1 بن الأزرق بن عَمْرو بن الحارث بن أبي شَمِر. أبو الوليد الغساني الأزْرَقيّ المكّيّ. جدّ صاحب "تاريخ مكة" أبي الوليد مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الأزرقيّ. روى عن: عَمْرو بن يحيى بن سعيد الأموي، ومالك، وأبو حاتم، وعبد الجبّار بن ورد، وإبراهيم بن سعد، وفُضَيْل بن عِياض، ومسلم بن خالد الزّنْجيّ، وجماعة. وعنه: البخاريّ، ومحمد بن سعد كاتب الواقديّ، وأبو حاتم، وأبو بكر الصّاغانيّ، وحنبل بن إسحاق، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر التِّرْمِذيّ آخر من روى عنه، إلا أنْ يكون محمد بن علي الصّائغ. وثّقه أبو حاتم، وغيره. 11- أحمد بن المفضّل الْقُرَشِيُّ الحَفَريّ2: مولى عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. عن: الثوري، والحَسَن بن صالح، وإسرائيل، وأسباط بن نصر. وعنه: أبو بكر بن أبي شَيْبَة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم. كان صَدُوقًا، من رؤساء الشيعة. مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة ومائتين. 12- أحمد بن يعقوب المسعوديّ الكوفيّ3: عن: إسحاق بن سعيد بن عَمْرو بن سعيد الأُمويّ، وعبد الرحمن بن الْغَسِيلِ، ويزيد بن المِقدام بن شرُيَحْ. وعنه: البخاريّ، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وأبو سعيد الأشج، والدارمي، وجماعة.   1 الطبقات الكبرى "5/ 202"، التاريخ الكبير "2/ 3"، الجرح والتعديل "2/ 70"، الثقات لابن حبان "8/ 7"، التهذيب "1/ 79". 2 الطبقات الكبرى "6/ 410"، التاريخ الكبير "2/ 5"، الجرح والتعديل "2/ 77"، الثقات لابن حبان "8/ 28"، التهذيب "1/ 81". 3 التاريخ الكبير "2/2"، الجرح والتعديل "2/ 80"، الثقات لابن حبان "8/ 4"، تهذيب التهذيب "1/ 91". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 26 13- أحمد بن يوسف1. أبو جعفر الكوفي، مولى بني عجل. كان أحد الأذكياء والأُدباء والشعراء، ولي كتابةَ الرسائل للمأمون. قال الخطيب: كان من أذكى الكُتّاب وأفطنهم، وأجمعهم للرسائل. فصيح اللّسان، حَسَن الخَطّ. قال: وبلغني أنّه تُوُفّي سنة ثلاث عشرة ومائتين. وهو القائل: إذا قُلت في شيءٍ: نعم فَأتِمَّهُ ... فإنَّ نَعَم ديْنٌ على الْحُرِّ واجب وإلّا فَقُلْ: لَا واسْتَرِحْ وأرِح بها ... لكيلا تقول الناس: إنّك كاذب وعن أبي هفّان قال: أهدى أحمد بن يوسف للمأمون هدّية وكتب معها: على العبد حقٌّ فهو لَا بُدَّ فاعِلُهْ ... وإنْ عظُم المولى وجلَّت فَوَاضلهْ ألم ترنا نُهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غِنًى فهو قابلُهْ ولو كان يُهْدَى للمليك بقدْره ... لقصّر علُّ البحر عنه وناهلُهْ ولكنّنا نُهْدي إلى مَن نُجِلُّهُ ... وإنْ لم يكن في وُسْعنا ما شاكله وله: قلبيِ يحبّك يا مُنَى ... قلبي ويُبْغضُ من يُحبُّكْ لأكونَ فردًا في هوا ... ك فليتَ شِعري كيف قلبُكْ؟ 14- أحمد بن أبي خالد يزيد بن عبد الرحمن 2: أبو العبّاس الكاتب الأحوال. ولي وزارة المأمون بعد الفضل بن سهل، ولكنْ لم يبلغ مرتبة الفضل. وكان خبيرًا مدبِّرًا كريمًا جوادًا ذا رأيٍ ودَهاء، إلّا أنّه كانت فيه فظاظة ودعارة أخلاق. يقال: إنّ رجلًا قال له يومًا: لقد أعطيت ما لم يعطه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.   1 الأغاني "23/ 81، 117-121"، تاريخ بغداد "5/ 216-218"، البداية والنهاية "10/ 269". 2 تاريخ الطبري "8/ 575"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 118-120". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 27 فقال: لئن لم تخرج ممّا قلت، لأُعاقبنّك. فقال: قال الله تعالى لنبيّه عليه الصّلاة والسلام: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] وأنت فظٌّ غليظٌ وما يُنْفَضّ من حولك. يقال: إنّ أصله من الأردن، كتب لبعض أمراء دمشق ثم ترقّت به الحال إلى الوزارة. وكان أبوه كاتبًا لوزير المهديّ أبي عُبيد الله، ثم صار كاتبا للهادي، فمات بجُرجان مع الهادي. وقد ناب أحمد بن أبي خالد في الوزارة عن الحَسَن بن سهل. حكى الصُّوليّ قال: بعث أحمد بن أبي خالد بإبراهيم بن العبّاس إلى طلحة بن طاهر وقال: قل له: ليست لك ضَيعة بالسّواد، وهذه ألف ألف درهم فاشتَرِ بها ضيعة، والله لئن قبلتَ لتَسُرُّني، وإنْ أبَيتْ لتُغْضِبني. فردّها وقال: أنا أقدر على مثلها، وأخْذُها اغتنام. والحال بيننا ترتفع عن أن يزيد في الودّ أخذُها أو يُنْقِصُه رَدّها. قال: فما رأيتُ أكرمَ منهما. وعن أحمد بن رُشَيْد قال: أمر لي ابن أبي خالد بمالٍ، فامتنعت من قبوله، فقال لي: واللهِ إنّي لأُحِبّ الدَّراهم، ولولا أنّك أحبّ إليّ منها ما بذلتُها. وقال أحمد بن أبي طاهر: كان أحمد بن أبي خالد أَسِيّ اللّقاء، عابس الوجه، يهرّ في وجه الخاصّ والعامّ. غير إنّ فِعْلَه كان أحسن من لقائه. ومن كلامه: لَا يُعَدّ شُجاعًا من لم يكن جوادًا، فإنْ لم يقدر على نفسه بالبذْل لم يقدر على عدوّه بالقتل. تُوُفّي في آخر سنة اثنتي عشر ومائتين. 15- أحمد بن أبي الطَّيِّب المَرْوزِيّ1: سكن مَرْو ثمّ الرّيّ، ثمّ قدم بغداد. وولي شرطة بخارى.   1 التاريخ الكبير "2/ 3، 4"، الجرح والتعديل "2/ 52"، ميزان الاعتدال "1/ 102"، تهذيب التهذيب "1/ 44"، الضعفاء والمتروكين للدارقطني "64". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 28 عن: إبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن مُجالد، وخالد بن عبد الله، ومُصْعَب بن سلّام، وعبد الله بن المبارك، وعُبَيد الله بن عَمْرو. وعنه: البخاريّ، وأحمد بن سَيَّار، وعبد الله بن منير المَرْوَزِيّان، وأبو زُرْعَة الرّازيّ، وأبو بكر الأثرم. ضعّفه أبو حاتم. وقال أبو زُرْعَة: كان حافظًا، محلُّه الصِّدْق. وخرّج له التِّرْمِذيّ. 16- أبان بن سُفْيان البَجَليّ: روى الكثير عن: زائدة، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وهمَّام. وعنه: محمد بن إسماعيل، وغيره. توفي سنة أربع عشرة ومائتين. وهو متروك. 17- إبراهيم بن إسحاق بن عيسى الطالقاني1. أبو إسحاق: عن: المنكدر بن محمد بن المنكدر، وعبد الله بن المبارك، والوليد بن مسلم. وعنه: أحمد بن حنبل، والصاغاني، والرمادي. وثقة يحيى بن معين. توفي بمرو سنة خمس عشرة ومائتين. قاله الخطيب. وقيل: إنه سمع من مالك، وصنّف كتاب "الرؤيا" وكتاب "الفرس" وغير ذلك. 18- إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة2: أبو إسحاق الأسدي البصري المتكلم الجهمي.   1 التاريخ الكبير "1/ 273"، الجرح والتعديل "2/ 86"، الثقات لابن حبان "8/ 68"، تهذيب التهذيب "1/ 103، 104". 2 تاريخ بغداد "6/ 20-23". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 29 وقد ناظر الشافعي، وكان يقول بخلق القرآن ويناظر عليه. وكان يرد خبر الواحد، ويقول: الحُجّة بالإجماع. فقال له الشافعي في مناظرته: أبإجماع رددت خبر الواحد، أم بغير إجماع؟ فانقطع. وقد ذكره أبو سعيد بن يونس فقال: له مصنَّفات في الفقه تُشْبه الْجَدَل. روى عنه: بحر بن نصر الخولاني، وياسين بن زرارة القِتْبانيّ. قلت: وكان الإمام أحمد يقول: ضالٌّ مُضِلّ. تُوُفّي ابن عُلَيَّة بمصر سنة ثمان عشر، وكان أبوه من أئمّة الإسلام. 19- إبراهيم بن الجرّاح بن صُبيح التَّميميّ ثم المازنيّ1: مولاهم المَرْوَزِيّ ثم الكوفيّ. ولي قضاء مصر بعد إبراهيم بن إسحاق سنة خمسٍ ومائتين، وعُزل سنة إحدى عشرة. وتُوُفّي في أول سنة سبع عشرة أو تسع عشرة. روى عن: يحيى بن عُقْبة بن أبي العَيْزَار، شيخ حافظ. روى عنه: حَرْمَلَة، وأحمد بن عبد المؤمن. وشهد عليه حَرْمَلَة بأنّه يقول بخلْق القرآن. وقال يونس بن عبد الأعلى: كان داهية عالمًا. وذكره ابن يونس. 20- إبراهيم بن حُميد بن تَيْرَوَيْه الطّويل البصْريّ2: لم يُدْرك الأخذَ عن والده. وحدّث عن: شعبة، ومبارك بن فَضَالَةَ، والحَكَم بن عطّية، وحمّاد بن سلمة، وصالح بن أبي الأخضر.   1 الولاة والقضاة للكندي "427-433". 2 الجرح والتعديل "2/ 94"، الثقات لابن حبان "8/ 68". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 30 روى عنه: أبو مسلم الكَجّيّ، وهشام بن علي السِّيرافيّ، وعبد الله بن محمد بن النُّعمان، ومحمد بن سليمان الباغَنديّ، ومحمد بن سليمان المِصِّيصيّ، وأحمد بن داود المكّيّ شيخا الطّبرانيّ. وهو صدوق. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة تسع عشرة. 21- إبراهيم بن أبي العبّاس السّامري1: عن: أبي مَعْشَر السِّنديّ، وشَرِيك. وعنه: أحمد بن حنبل، والعبّاس الدُّوريّ، والصّنْعانيّ. وثّقه الدّارَقُطْنيّ. 22- إبراهيم بن عمر بن مطرِّف2: -خ. ع-. مولى بني هاشم المكّيّ ثم البصْريّ. أخو محمد بن أبي الوزير. عن: عبد الرحمن بن الغسيل، ونافع بن عمر، وزَنْفَل العَرَفيّ، ومالك بن أنس. وعنه: عبد الله بن محمد المسندي، وبندار، ومحمد بن المثنى. وكان حيًا في سنة ثلاثٍ ومائتين. 23- إبراهيم بن عيسى3: أبو إسحاق البصْريّ الخلّال. عن: سفيان الثَّوريّ، ومبارك بن فَضَالَةَ، وأبي هلال. قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي سنة أربع عشرة ومائتين.   1 الطبقات الكبرى "7/ 346"، الجرح والتعديل "2/ 121"، الثقات لابن حبان "8/ 68"، ميزان الاعتدال "1/ 39"، التهذيب "1/ 131". 2 التاريخ الكبير "1/ 333"، الجرح والتعديل "2/ 114"، الثقات لابن حبان "8/ 65"، تهذيب التهذيب "1/ 147، 148". 3 الجرح والتعديل "2/ 116". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 31 24- إبراهيم بن نصر السُّورينيّ: قد ذُكر فيحوَّل. 25- إبراهيم المَوْصِليّ: في طبقة هشُيم. مَرّ. 26- أحوصُ بن جواب1 -م. د. ت. ن-. أبو الجواب الضبي الكوفي. عن: عمّار بن رُزَيْقٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، ويونس بن إسحاق، وسُفيان الثَّوريّ، وسُليمان بن قرَمْ. وعنه: أبو خَيْثَمَة، وحجّاج بن الشّاعر، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو بكر الصّاغانيّ، وأحمد بن يونس الضَّبّيّ الإصبهانيّ. 27- إدريس بن يحيى2: أبو عَمرو مولى بنى أُمّية المصريّ المعروف بالخَولانيّ الزاهد. عن: حَيْوَة بن شُرَيْح، ورجاء بن أبي عطاء، وبكر بن مُضَر، وحَرْمَلَة بن عِمران. وعنه: أبو الطاهر بن السرح، وسعيد بن أسد بن موسى، ويونس بن عبد الأعلى الصَّدفيّ، وجماعة. قال أبو زُرْعة الرازيّ: صَدُوق. وقال غيره: كان يُقال: إنّه من الأبدال. وكان يُشَبَّه بِبِشْر الحافي في فضله وعبادته. توفي سنة إحدى عشرة ومائتين. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بمصر، أنا محمد بن عباد، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عمر، أنا أبو الطاهرأحمد بن محمد بن   1 التاريخ الكبير "2/ 58، 59"، الجرح والتعديل "2/ 328"، الثقات لابن حبان "6/ 89"، التهذيب "1/ 191، 192". 2 الجرح والتعديل "2/ 265"، الثقات لابن حبان "8/ 133"، سير أعلام النبلاء "10/ 165، 166". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 32 عَمْرٍو "ح"، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي، وَأَنَا أَبُو العباس ابن الْحَاجِّ الإِشْبِيلِيُّ: ثَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ أَحْمَدُ بْنُ محمد الصابوني إملاءً، قالا: ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ، ثَنَا رَجَاءُ بْنُ أَبِي عَطَاءٍ الْمُؤَذِّنُ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَطْعَمَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ حَتَّى يُشْبِعَهُ، وَسَقَاهُ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى يَرْوِيَهُ، بَعَّدَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ، مَا بَيْنَ كُلِّ خَنْدَقٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جَيِّدُ الإِسْنَادِ. رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ مِصْرِيُّونَ أَوْ نَازِلُونَ بِدِيَارِ مِصْرَ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مَكَارِمِ الأَخْلاقِ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، نَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بِمِصْرَ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ كَامِلٍ، نَا إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى، نَا حَيْوَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعْفَرًا إِلَى الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ اعْتَنَقَهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَلا أَهَبُ لَكَ، أَلا أُبَشِّرُكَ، أَلا أَمْنَحُكَ" فَذَكَرَ صَلاةَ التَّسْبِيحِ2. ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ. أخبرنا أبو إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، أَنَا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ، أَنَا أبو الفضائل الكاغِديّ، أنا أبو عليّ الحدّاد، أنا أبو نُعَيم الحافظ، نا عليّ بن هارون: ثنا موسى بن هارون الحافظ: سمعت ابن زَنْجَوَيْه -فيما أرى يذكر- أنّ إدريس بن يحيى الخَوْلانيّ كان بمصر كبِشْر بن الحارث عندنا ببغداد. قال موسى: ولا أظنُّهم كانوا يقدّمون عليه أحدًا. وَبِهِ أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ حَرْمَلَةَ: ثَنَا جَدِّي، ثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ أَبِي شِهَابٍ، عَنْ نَافِعٍ،   1 "حديث موضوع": أخرجه الطبراني في الكبير "20/ 162"، عن معاذ، والحاكم في المستدرك "4/ 144"، والبيهقي في شعب الإيمان "3/ 281"، وذكره الهيثمي في المجمع "3/ 130"، وقال: رواه الطبراني في الأوسط بنحوه، وفيه جاء بن أبي عطاء وهو ضعيف، وذكره الشيخ الألباني في الترغيب والترهيب، وقال: موضوع. 2 "حديث موضوع": أخرجه عبد الرزاق في المصنف "5004"، والحاكم في المستدرك "1/ 319"، وذكره الشيخ الألباني في الترغيب والترهيب. وقال: موضوع. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 33 عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ قَالَ: "يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ بِيَدِهِ وَالسَّمَاوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ" 1. قال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيتُ في الصُّوفية عاقلًا إلّا إدريس بن يحيى الخَوْلَانيّ. قلت: كان إدريس بن يحيى من سادة الأولياء بالدّيار المصريّة، رحمه الله ورضي عنه. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سُئِل أبو زُرْعة عنه فقال: رجل صالح من أفاضل المسلمين، صدوق. وعن عبد الله بن عبد الحَكَم: سمعت ابن وهيب يقول: ما رأيت صوفيًا قطّ إلّا أحمق، إلا إدريس بن يحيى. 28- آدم بن أبي إياس العسقلانيّ الإمام 2: اسم أبيه عبد الرحمن، وقيل: ناهية بن شعيب. أبو الحسن الخُراسانيّ المَرْوَزيّ. نشأ ببغداد وسمع بها الكثير، وبالحرمين، والكوفة، والبصرة، والشام، ومصر. وسكن عسقلان إلى أن مات بها. روى عن: ابن أبي ذئب، وشَيبان النَّحْوِيِّ، وإسرائيل، وحفص بن مَيْسرة، وحَريز بن عثمان، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وشُعْبة، والمسعوديّ، والليث بن سَعْد، ومبارك بن فَضَالَةَ، وطائفة. وعنه: خ، وت، ون، وق بواسطة، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن عبد الله العَكّاويّ اللَّحْيانيّ، وأسحاق بن سُوَيْد الرَّمْليّ، وإسحاق بن إسماعيل الرَّمليّ نزيل إصبهان، وسَمُّوَيْه، وثابت بن نُعَيم الهُوجيّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وهاشم بن مرثد   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه البخاري "7412"، ومسلم "2788"، وأبو داود "4732" كلهم من طرق عن ابن عمر وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه البخاري "6519"، ومسلم "2787"، وغيرهم. 2 الطبقات الكبرى "7/ 490"، التاريخ الكبير "2/ 39"، الجرح والتعديل "2/ 268"، الثقات لابن حبان "8/ 134"، سير أعلام النبلاء "10/ 335-338"، تهذيب التهذيب "1/ 196". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 34 الطبراني، وأبو حاتم، وخلْق كثير. وقال أبو حاتم: ثقة مأمون متعبّد، من خيار عباد الله. وقال أحمد بن حنبل: كان مَكِينًا عند شُعبة، وكان من السّتّة الذين كانوا يضبطون الحديث عند شُعبة. وقال أبو حاتم: حضرتُ آدَمَ بنَ أبي إياس وقال له رجل: سمعت أحمد بن حنبل، وَسُئِلَ عن شُعبة، كان يُملي عليهم ببغداد أو كان يقرأ؟ قال: كان يقرأ، وكان أربعة أنفس يكتبون: آدم وعلي النَّسائيّ. فقال آدم: صَدَق أحمد. كنتُ سريع الخطّ، وكنت أكتب، وكان الناس يأخذون من عندي. وقدِم شُعْبة بغدادَ، فحدّث بها أربعين مجلسًا، في كلّ مجلس مائة حديث، فحضرت أنا منها عشرين مجلسًا. وقال إبراهيم بن الهيثم البلديّ: بلغ آدمُ نيّفًا وتسعين سنة، وكان لَا يَخْضِب. كان أشغل من ذلك، يعني في العبادة. وقال الحسين الكوكبيّ: حدّثني أبو عليّ المَقْدِسيّ قال: لما حضَرت آدمَ بنَ أبي إياس الوفاةُ ختم القرآنَ وهو مُسجّى. ثم قال: بُحبيّ لك ألا رَفَقْتَ، فلِهذا المصرع كنت أُؤَمّلك، لهذا اليوم كنت أرجوك. ثم قال: لَا إله إلّا الله، ثم قضى1. وقال أبو بكر الأَعْيُن: أتيت آدَمَ العسقلانيّ فقلت له: عبد الله بن صالح كاتب اللّيث يُقْريك السّلام. فقال: لَا تُقْريه منّي السّلام. قلت: لِمَ؟ قال: لأنه قال: القرآنُ مخلوق. فأخبرته بعُذْره وأنّه أظهر النّدامة وأخبر النّاس بالرجوع. قال: فاقْرِيه السلام. وَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ بَغْدَادَ فاقرأ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ السَّلامَ وَقُلْ لَهُ: يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ وَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِمَا أَنْتَ فِيهِ، وَلا يَسْتَفِزَّنَّكَ أَحَدٌ، فَإِنَّكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى الْجَنَّةِ. وَقُلْ لَهُ: ثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي   1 أخرجه ابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 308". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 35 هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَكُمْ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلا تُطِيعُوهُ" 1. قَالَ: فَأَبْلَغْتُ ذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ حَيًّا وَمَيِّتًا، فَلَقَدْ أَحْسَنَ النَّصِيحَةَ. وقال محمد بْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ عشرين، وهو ابن ثمانٍ وثمانين سنة. وقال الفَسَويّ، ومطِّين: مات سنة عشرين. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: سنة إحدى وعشرين. قلت: حدّث عنه من القُدَمَاء بشِرْ بن بكر التِّنِّيسيّ. 29- إسحاق بن إبراهيم الحُنَيْنِيّ المدنّي2: نزيل طَرَسُوس. عن: أسامة بن زيد بن أسلم، وسُفيان الثَّوريّ، وكثير بن عبد الله المُزَنّي، ومالك، وجماعة. وعنه: عليّ بن ميمون الرَّقّيّ، ومحمد بن عَون الطّائيّ، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم، وفهد بن سليمان المصريّ، وأحمد بن إسحاق الخشّاب. قال البخاريّ: في حديثه نظر. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ضعيف. مات سنة ست عشرة.   1 حديث صحيح لغيره: أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد "7/ 28، 29"، وللحديث طرق أخرى ففي الباب عن علي أخرجه البخاري "7257"، ومسلم "1840"، وأبو داود "2625"، وأحمد "1/ 94"، وابن حبان في صحيحه "4567"، وفي الباب عن أبي سعيد أخرجه ابن ماجه "2863"، وأحمد "3/ 67"، وابن حبان "4558". 2 التاريخ الكبير "1/ 379"، الجرح والتعديل "2/ 208"، الثقات لابن حبان "8/ 115"، الميزان "1/ 179، 180". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 36 30- إسحاق بن بكر بن مُضَر بن محمد بن حكيم1: -م. ن-: أبو يعقوب المصري. سمع أباه فقط. وعنه: الحارث بن مسكين، ومحمد وعبد الرحمن ابنا عبد الله بن عبد الحَكَم، وأخوهما سعْد، وموسى بن قريش التّميميّ، والربيع بن سليمان الْجِيزيّ، وخلْق آخرهم: يحيى بن عثمان بْن صالح. قَالَ أَبُو حاتم: لَا بأس به، عنده دَرْج عن أبيه. وقال ابن يونس: كان فقيهًا مُفْتِيًا، وكان يجلس في حلقة اللّيث بن سَعْد ويُفْتي بقول اللّيث، وكان ثقة. توفي سنة ثمان عشرة. وقال غيره: وُلد سنة اثنتين وأربعين ومائة. قلت: أظنه تفقّه على اللّيث. 31- إسحاق بن بُرَيْه الكوفيّ: عن: أبان بن تغلب، وسليمان بن قرم، وعمّار بن زُرَيق. وعنه: يحيى بن زكريا بن شيَبان، وجعفر بن عَمرو بن عنبسة، وسليمان بن عبد الملك، وأحمد بن الحسن بن عبد الملك الكوفيّون. كان صدوقا. 32- إسحاق بن حسّان2 أبو يعقوب الخزيمي المُرّيّ: مولاهم الشاعر، له ديوان مشهور. قال أبو حاتم السّجسْتانيّ: الخُرَيْميّ أشعر المُوَلَّدين. وعن المبرّد قال: كان جميل الشّعِر، مقبولًا عند الكُتَّاب. ذهبت عيناه بعد السّبعين ومائة. روى عنه من شِعْره: الجاحظ، وأحمد بن عُبَيد بن ناصح.   1 التاريخ الكبير "1/ 383"، الجرح والتعديل "2/ 214"، الثقات لابن حبان "8/ 113"، التهذيب "1/ 227، 228". 2 تاريخ الطبري "8/ 251"، تاريخ بغداد "6/ 326"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 437-440". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 37 33- إسحاق بن خَلَف الكوفيّ1: صاحب الحسن بن صالح بن حيّ. زاهد عابد، نزل بالشام وروى عن: حفص بن غِياث. وروى عنه: أحمد بن أبي الحواري، وقال: كان من الخائفين لله، ما دخل الشام عراقيّ منذ ستّين سنة خيرٌ منه. وقال: سمعته يقول: مَن دخل في السّفر والبرّيّة بِلا زاد فمات، كان على غير السُّنّة. وقال ابن أبي الحواريّ: قال لي عمر بن حفص بن غِياث: خرج إسحاق بن خلَفَ من الكوفة وما يُعْدَلُ به أحد. 34- إسحاق بن سالم الضَّبّيّ البصْريّ الصّائغ2: عن: عبد الواحد بن زياد، وفُضَيْل بن عِياض، وجماعة. وعنه: أبو حاتم: وقال: ثقة لقيته في أيّام الأنصارّي. 35- إسحاق بن عيسى بن نجيح بن الطباع3: -م. ت. ن. ق- أبو يعقوب. أخو محمد ويوسف. بغداديّ ثقة. نَزَل أَذَنَة. سمع: مالكًا، وابن لَهِيعَة، وحمّاد بن زيد، وشَرِيكًا، وجرير بن حازم، وحمّاد بن سَلَمَةَ، والقاسم بن معن المسعوديّ، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بن منيع، وأبو خيَثْمَة، وعبد الله الدّارميّ، والحارث بن أبي أُسَامة، ويعقوب بن شيْبَةَ، ويوسف بن مسلم، وخلْق. قال صالح جزرة: صدوق.   1 الجرح والتعديل "2/ 219". 2 الجرح والتعديل "2/ 222". 3 الطبقات الكبرى "7/ 343"، التاريخ الكبير "1/ 399"، الجرح والتعديل "2/ 230، 231"، الثقات لابن حبان "8/ 114"، تهذيب التهذيب "1/ 245". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 38 ولُد سنة أربعين ومائة. وقال ابن سعد: مات بأذَنة في ربيع الأوّل سنة خمس عشرة. وقيل: سنة أربع عشرة. 36- أسد بن الفُرات1: الفقيه أبو عبد الله القَيْروانيّ المغربيّ، مولى بنى سُلَيم. أحد الكبار من أصحاب مالك. وُلِدَ بحَرّان سنة خمسٍ وأربعين ومائة، ودخل القيروان مع أبيه في الغزو. وقال ابن ماكولا: أسد بن الفرات قاضي إفريقية، مولده في سنة أربع وأربعين ومائة. روى "الموطّأ"، ورحل إلى الكوفة فأخذ عن أهلها. وسمع عن: يحيى بن أبي زائدة، وأبي يوسف، وجرير بن عبد الحميد، ومحمد بن الحسن الشَّيبانيّ، وكتب عِلْم أبي حنيفة. أخذ عنه: أبو يوسف القاضي مع تقدمه. وكان قد تفقه قبل ذلك ببلده على عليّ بن زياد القُومِسيّ. وكان جليلًا محترمًا كبير القدْر. قيل: إنّه لما قدِم مصر من الكوفة جاء إلى ابن وهْب فقال له: هذه كُتُب أبي حنيفة، وسأله أن يُجيب فيها على مذهب مالك. فتورّع. فذهب بها إلى ابن القاسم، فأجابه بما حفظ عن مالك وبما يعلم من أُصول مالك وقواعده. وتُسمَّى "المسائل الأسديّة". وحصلت له رئاسة بإفريقية، واشتغلوا عليه. فلما ارتحل سُحْنُون بالأسديّة إلى ابن القاسم وعرضها عليه. قال ابن القاسم: فيها شيء لَا بدّ من تغييره. وأجاب عن أماكن. ثم كتب إلى أسد أنْ عارِضْ كُتُبِك بكُتُب سُحْنُون، فلم يفعل ذلك. فبلغ ذلك ابن القاسم فتألَّم وقال: اللَّهم لَا تبارك في الأسديّة. فهي مرفوضة عند المالكية.   1 سير أعلام النبلاء "10/ 225-228"، شذرات الذهب "2/ 28، 29". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 39 قال أبو زُرْعة الرازيّ: كان عند ابن القاسم ثلاثمائة جِلْد أو نحوه عن مالك مسائل. وكان أسد رجل من أهل الغرب، سأل محمد بن الحسن عن مسائل، ثم سأل ابن وهْب، فأبى أن يُجيب، فأتى ابن القاسم فتوسّع له، وأجابه بما عنده عن مالك وبما يراه. والناس يتكلّمون في هذه المسائل. قال عبد الرحمن الزّاهد: قدِم علينا أسد فقلت: ما تأمرني، بقول أهل العراق، أو بقول مالك؟ فقال: إنْ كنتَ تريد الله والدّارَ الآخرة فعليك بقول مالك. وإن كنتَ تريد الدنيا فعليك بقول أهل العراق. ولما كان بالعراق كان يلزم محمد بن الحسن فنفدت نفقته، فَكَلَّمَ محمدُ فيه الدّولَة، فوصلوه بعشرة آلاف درهم. قال: ومات صاحب لنا، فنُودي على كُتُبه، فكان المنادي يقول: هذه مُقَابَلَةٌ على كُتُب الإفريقيّ، يريدني. وكنت معروفًا بتصحيح المقابلة. فبيعت ورقتين بدِرهم. وعنه قال: قال لي ابن القاسم: كنت أقرأ ختمتين في اليوم واللّيلة، فأَنزل لك عن ختمةٍ، رغبةً في إحياء العلم. وقال داود بن أحمد: رأيت أَسَدًا يعرض التفسير، فقرأ قوله تعالى: {أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14] فقال: ويل أهلَ البِدَع، يزعمون أنّ الله خلق كلامًا يقول: أنا الله. قلت: ومضى أسد بن الفرات غازيًا أميرًا من قِبل زيادة الأغلبيّ أمير القَيْروان، فافتتح بلدًا من جزيرة صقلّية. وكان رجلًا شجاعًا زحف إليه ملك صقلّية في مائة ألف وخمسين ألفًا. قال بعضهم: فلقد رأيت أسدًا وفي يده اللّواء يقرأ: "يس"، ثم حمل بالناس فهزم اللَّهُ المشركين، وانصرف أسد فرأيت الدَّم قد سال من قناة اللّواء على ذراعه وقد جمَد. ومرض وهو محاصِر سَرَقُوسِية ومات هناك في ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة ومائتين. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 40 ويقال: إنّ أسدًا قال: أيُّها الأمير عزلتني من القضاء؟ فقال: لا، ولكن زِدْتُكَ الإمرة، وهي أشرف. فأنتَ أميرٌ وأنت قاضٍ. رحمه الله. 37- أسد بن موسى بن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان1: -خت. د. ن-. الحافظ الأمويّ المَرْوانيّ. أسد السُّنَّةِ المصريّ. وُلد بمصر، ويقال: بالبصرة سنة اثنتين وثلاثين ومائة عند زوال دولة بني مروان. فنشأ في طلب الحديث، وروى عن: شُعْبة، وجرير بن عبد الحميد، وبكر بن خُنيس، وشيبان النّحْويّ، وعافية بن يزيد، وعبد الرحمن المسعودي، وعبد العزيز الماجشون، وفضيل بن مرزوق، وطائفة. وأقدم شيخ له ابن أبي ذئب، ويونس بن أبي إسحاق. وعنه: أحمد بن صالح، وعبد الملك بن حبيب، وابنه سعيد بن أسد، والربيع المرادي، والربيع الجيزي، والمقدام بن داود الرعيني، وأبو يزيد بن يوسف القراطيسي، وطائفة. قال النسائي: ثقة، ولو لم يصنف كان خيرا له. وقال البخاريّ: هو مشهور الحديث، يقال له: أسد السُّنَّةِ. وقال ابن يونس: ثقة، تُوُفّي بمصر في المحرم سنة اثنتي عشرة، وقد استشهد به البخاريّ. 38- أسِيد بن زيد بن نجيح2: مولى صالح بن علي الهاشمي العباسي، أبو محمد الكوفي الجمال. عن: أبي إسرائيل المُلائي، وزُهير بن معاوية، وشريك، وعَمْرو بن شِمّر، واللّيث بن سَعْد، ومحمد بن عطية العوفي، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "2/ 49"، الجرح والتعديل "2/ 338"، الثقات لابن حبان "6/ 79"، ميزان الاعتدال "1/ 207"، سير أعلام النبلاء "10/ 162- 164"، تهذيب التهذيب "1/ 260". 2 الجرح والتعديل "2/ 318"، المجروحين لابن حبان "1/ 180، 181"، ميزان الاعتدال "1/ 256، 257". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 41 وعنه: خ. حديثًا واحدًا قَرَنَه بآخر، عن هُشَيم، وإبراهيم الحربيّ، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، والحسن بن علي بن عفان، وعيسى بن عبد الله زغاث الطيالسي، وابن وارة، وعدة. قال ابن معين: كذاب، ذهبت إليه إلى الكرخ فأردت أن أقول له: يا كذاب فقرفت من شِفار الحذّائين. وقال النّسائيّ: متروك. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. وقال الخطيب: قدِم بغدادَ، وحدّث بها، وكان غير مَرْضِيّ. قلت: كأنه مات قبل العشرين بقليل، وفى هذه الحدود لقيه سَمُّوَيْه. 39- إسماعيل بن أبان الوراق1: كوفيّ مُكْثر. سمع: إسرائيل، وعبد الحميد بن بَهْرام، وعبد الرحمن بن الْغَسِيلِ، ومِسْعَر بن كِدَام، ويحيى بن يَعْلَى الأسْلَميّ، وأبا الْمُحَيَّاةِ يحيى بن يَعْلَى التيمي، وأبا الأحوص، وجماعة كثيرة. وعنه: خ. وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شَيْبة، وإبراهيم الْجَوْزَجانيّ، وأحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، وسَمُّوَيْه الإصْبهانيّ، والحسين بن الحَكَم الحبري، وأبو زرعة الرازي، وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن سُليمان البَاغَنْديّ، وخلق كثير. وثّقة أحمد، وأبو داود. وقال عبّاس: عن ابن مَعِين: إسماعيل بن أبان الورّاق ثقة، وإسماعيل بن أبان الغَنَويّ كذاب، وضع حديثًا مَتْنُهُ: "السابع من ولد العبّاس يلبس الخُضْرة"، يعني المأمون. وقيل: كان في الوراق تشيع.   1 الطبقات الكبرى "9/ 409"، التاريخ الكبير "1/ 347"، الجرح والتعديل "2/ 160، 161"، الثقات لابن حبان "8/ 91"، ميزان الاعتدال "1/ 211، 212"، سير أعلام النبلاء "0/ 347"، تهذيب التهذيب "1/ 69". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 42 وقال مُطَيِّن: مات سنة ستّ عشرة. 40- إسماعيل بْن جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس1: الأمير، أبو الحسن الهاشميّ العباسيّ. كان نبيلًا سيدًا كبير القدْر. لم يَلِ لبني عمّه ولاية. وقد حدّث عن أبيه، عن جده. وتُوُفيّ ببغداد سنة ستّ عشرة، وصلَّى عليه الأمير إسحاق بن إبراهيم. 41- إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة: القاضي أبو حيّان الكوفّي الفقيه، قاضي الجانب الشرقيّ ببغداد، ثم قاضي البصْرة. روى عن: مالك بن مِغْوَلٍ، وابن أبي ذئب، وعمر بن ذر. وعنه: غسان بن الفضل الغلابي، وسهل بن عثمان العسكري، وعمرو بن عبد الله الأودي، وعبد المؤمن بن علي الزعفراني. وكان صالحا دينا، عابدا، محمود القضاء. ولي قضاء الأمين، وولي قضاء البصرة بعد مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بن أبي عمران قاضي مصر: كان إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة إذا سئل ما كان أبو حنيفة يقول فيمن تزوّج ذات محرمٍ منه، ودخل بها، قال: ثنا أبو نُعَيم، عن سُفيان الثَّوريّ قال: لَا حَدَّ عليه. وقد ولي إسماعيل أيضًا قضاء الكوفة، ثم قضاء البصرة. ولما عُزِل عن قضائها بعيسى بن أبان شيّعوه وأثنوا عليه وقالوا: عَفَفْتَ عن أموالنا ودمائنا. فانبسط وقال: وعن أبنائكم. يُعرّض بيحيى بن أكثم. وقال صالح جَزْرَة: كان جَهْميًّا ليس بثقة. وقال إسحاق بن موسى الأنصاري: سمعت سعيد بن مسلم الباهليّ يقول: إسماعيل بن حمّاد يقول في دار المأمون: القرآن مخلوق، ديني ودين أبي.   1 المعرفة والتاريخ للفسوي "2/ 246"، تاريخ بغداد "6/ 260، 261". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 43 قلت: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة ومائتين. 42- إسماعيل بن داود بن عبد الله بن مخراق المدنيّ1: عن: مالك، وهشام بن سعد، ومحمد بن نُعَيْم المجمّر. وعنه: محمد بن منصور المكّيّ، وبكر بن خَلَف، ورزق الله بن موسى المصريّ، وآخرون. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث جدًا. وكذا ضعّفه ابن حِبّان وغيره. 43- إسماعيل بن صَبيح اليَشْكُرِيّ الكوفيّ2: عن: مبارك بن حسان، وكامل أبي علاء، وأبي إسرائيل إسماعيل الملائيّ. وعنه: أبو كُرَيْب، والحسن بن الحَكَم الجريّ، وجماعة. تُوُفّي سنة سبْع عشرة، وذكره ابن حِبّان في "الثّقات". وممن روى عنه: ولده الحَسَن، ومحمد بن عُبَيد بن عُتْبة الكِنْديّ. وكان ذا قوّة حافظة. روى أبو سعيد الأشجّ، عن أبي بكر بن عيّاش قال: قدِم الرشيد الكوفة فأرسل إليّ: حدّث المأمون. فحدّثته نيّفًا وأربعين حديثًا، فقال لي رجل معه: يا أبا بكر تريد أن أُعيد ما حدّثت؟ قلت: نعم. فأعادها كلّها ما أسقط منها حرفًا. فقلت: من أنت؟ قال المأمون: هذا إسماعيل بن صَبيح. فقلت: القوم كانوا أعلم بك حين وضعوك هذا الموضع. 44- إسماعيل بن سعيد بن عُبيد اللَّهِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ الثَّقَفِيُّ الْبَصْرِيُّ3:   1 التاريخ الكبير "1/ 374"، الجرح والتعديل "2/ 167، 168"، المجروحين لابن حبان "1/ 129"، ميزان الاعتدال "1/ 226"، لسان الميزان "1/ 403، 404". 2 الجرح والتعديل "2/ 178، 599"، الثقات لابن حبان "8/ 97"، تهذيب التهذيب "1/ 306". 3 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "33". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 44 روى عن أبيه. وعنه: بندار، ومحمد بن المُثَنَّى، ويحيى بن أبي الخصيب، ويزيد بن سنان القزّاز. قال أبو حاتم: أدركته: ولم أكتب عنه، شيخ. 45- إسماعيل بن عبد الملك الزيبقي البناني1: عن: الثوري، ومعروف بن واصل، وإبراهيم بن طَهْمان. وعنه: أبو أمية الطرسوسي، وأبو حاتم، وقال: صدوق. 46- إسماعيل بن أبي مسعود2. كاتب الواقديّ: روى عن: خَلَف بن خليفة، وعَبّاد بن العوَّام. وعنه: عباس الدوري، وعبد الكريم بن الهيثم. بغدادي ثقة. 47- إسماعيل بن مسلمة بن قعنب3 -ق: أبو بشر الحارثي المصري، أخو القعنبي، ويحيى، وعبد الملك، وعبد العزيز. وهو مدني سكن مصر. وحدَّث عن: أبيه، والحمادين، وشعبة، وعبد الله بن عَرَادة، والربيع بن صَبِيح، ووُهَيْب بن خالد، وجماعة. وعنه: الربيع بن سليمان المُراديّ، وأبو زُرْعة الرازيّ، وأبو حاتم، وأبو إسماعيل التِّرْمِذيّ، وأبو يزيد القراطيسيّ، ويحيى بن عثمان بن صالح، وخلق، وقال أبو حاتم: صدوق. ووثقه ابن حبان وقال: كان من خيار الناس. وقال غيره الحاكم أبو عبد الله: زاهد ثقة.   1 الجرح والتعديل "2/ 188، 189"، الثقات لابن حبان "8/ 99". 2 الثقات لابن حبان "8/ 95"، لسان الميزان "1/ 439". 3 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 127"، الجرح والتعديل "2/ 201"، الثقات لابن حبان "8/ 96"، سير أعلام النبلاء "10/ 265"، تهذيب التهذيب "1/ 335". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 45 روى له ابن ماجة حديثًا في الوضوء. وقال ابن حِبّان: مات سنة تسعٍ ومائتين. وهذا لَا يصحّ، فإن أبا زُرْعة ويعقوب الفسوي لقياه، وإنما رحلا سنة بضع عشرة. ورأيت بخطّي أَنّه تُوُفّي سنة سبع عشرة. وكذا أرّخه ابن يونس. 48- أسود بن سالم 1 أبو محمد البغداديّ العابد: سمع: حماد بن زيد، وعُبيد الله الأشجعيّ. وعنه: محمد بن عبد الله المخرميّ، وأحمد بن زياد السّمْسار. وكان صديقًا ودودًا لمعروف الكرخيّ. قال محمد بن جرير: كان ثقةً ورِعًا. تُوُفّي سنة ثلاثٍ أو أربع عشرة. ويُذكر عنه أنّه غَسَل وجهه يومًا من بكرةٍ إلى الظُّهر، فقيل له في ذلك فقال: رأيتُ مبتدِعًا وقد غسّلت وجهي إلى الساعة، وما أظنّه نقي. 49- أسيد بن زيد نجيح 2: مولى صالح بن علي الهاشمي العباسي. أبو محمد الكوفيّ الجمّال. يُرتّب هنا، وقد تقدم. 50- أشرف بن محمد 3: القاضي أبو سعيد النّيْسابوريّ الفقيه. تلميذ أبى يوسف القاضي. حدث عن: قيس بن الربيع، وهُشَيم، وأبي الأحْوَص، وغيرهم. حدَّث عنه: محمد بن الحسين البخاريّ، وإبراهيم بن عبد الله السعدي.   1 الجرح والتعديل "2/ 294"، الثقات لابن حبان "8/ 130". 2 قد تقدم برقم "38". 3 الطبقات السنية رقم "536". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 46 "حرف الباء": 51- بَدَلُ بن المحبَّر بن منبه 1 -خ. ع: أبو المنير التميمي اليربوعي الواسطي البصري. عن: شُعبة، وزائدة، ووُهَيْب بن ميمون، وحرب بن أبي العالية، وشداد بن سعيد بن أبى طلحة الراسبيّ، وبِشْر بن فَرْقَد، وعَبَّاد بن راشد، وعبد الملك بن الوليد بن معدان، وجماعة. وعنه: خ، وأبو داود بواسطة، وأحمد بن الأزهر، وحمّاد بن عَنْبَسة، وأبو يحيى عبد الله بن أبي مَيْسَرة، بُنْدار، ومحمد بن المُثَنَّى، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وأبو مسلم الكجّيّ، وطائفة كبيرة. قال أبو زرعة: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وهو أرجح من أُمَيَّة بن خالد، وبَهْز، وحَبّان، وعَفّان. قلت: بدل فُقِد ولا يُدْرى أين مات، ولا أرّخه أحد. ومات في حدود خمس عشرة، ولا يُعْبَأ بقول من ضعْفه. 52- بشر بن آدم 2: أبو عبد الله البغداديّ الضرير الأكبر. عن: الحَمَّادَيْن، وشَرِيك، وعبد العزيز بن المختار، وعلي بن مُسْهر، وطائفة. وعنه: خ، وإسحاق بن راهُوَيْه، والذُّهَليّ، والدّارميّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن الفُرات، وإبراهيم الحربيّ، ومحمد بن غالب تمتام، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وذكره ابن حِبّان في "الثقات".   1 التاريخ الكبير "2/ 150"، الجرح والتعديل "2/ 439"، الثقات لابن حبان "8/ 153"، الميزان "1/ 300، 301"، التهذيب "1/ 423". 2 الطبقات الكبرى "7/ 356"، التاريخ الكبير "2/ 70"، الجرح والتعديل "2/ 351"، الثقات لابن حبان "8/ 142"، التهذيب "1/ 442". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 47 وقال هارون الحمّال: ولد سنة خمسين ومائة. وقال ابن قانع: مات في ربيع الأول سنة ثمان عشرة. قال ابن سعْد: رأيت أصحاب الحديث يتَّقون حديثه. 53- بشر بن أبي الأزهر1: القاضي أبو سهل النَّيْسابوريّ الكوفيّ الفقيه. أحد الأعلام. سمع: شريكًا، وابنَ المبارك، وخارجة بن مُصْعَب، وابن عُيَيْنَة. وتفقه على القاضي أبي يوسف. وعنه: الذُّهَليّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، ومحمد بن عبد الوهاب الفرّاء، وآخرون. وكان من أعيان عُلماء الكوفة وزُهادهم. مات في سادس رمضان سنة ثلاث عشرة ومائتين. وقد كتب إليه المأمون مرّةً كتابًا فأخذ يبكي. 54- بِشْر بن شُعيب بن أبي حمزة دينار2 -خ. ت. ن-: أبو القاسم الحمصي. مولى قريش. روى عن أبيه بَسّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق الكَوْسَج، وعِمران بن بكار، والبخاري في غير الصحيح، وهو والترمذي والنَّسائيّ بواسطة، ومحمد بن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بن خالد بن عليّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ذُكر لي أنّ أحمد بن حنبل قال له: سمعت من أبيك شيئًا؟ فقال: لا.   1 المعرفة والتاريخ للفسوي "1/ 172"، الثقات لابن حبان "8/ 142". 2 الطبقات الكبرى "7/ 475"، التاريخ الكبير "2/ 76"، الجرح والتعديل "2/ 359"، الثقات لابن حبان "8/ 141"، تهذيب التهذيب "1/ 451، 452"، ميزان الاعتدال "318، 319". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 48 قال: فأجاز لك؟ قال: نعم. وقال أبو زُرعَةَ: سماعه كسَمَاع أبي اليَمَان إنّما كان إجازةً. وقال أبو اليَمَان الحكم بن نافع: كان شُعيب عَسِرًا، فدخلنا عليه حين احتضر، فقال: هذه كُتُبي قد صحَّحْتُها، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا فَلْيَأْخُذْهَا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِضَ فَلْيَعْرِضْ. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَهَا من ابني فلْيَسمَعْ، فإنّه قد سمعها منّي. وقال ابن حِبّان: مات سنة ثلاث عشرة. قلت: روى خ. عن إسحاق عنه. 55- بِشْر بن غِياث بن أبي كريمة1 أبو عبد الرحمن المَرِيسيّ العدويّ. مولى زيد بن الخطاب: كان من أعيان أصحاب الرأي. أخذ عن أبي يوسف، وبرع في الفقه، ونظر في الكلام والفلسفة. وجرّد القول بخلْق القرآن وناظَرَ عليه، ودعا إليه. وكان رأس الْجَهْميّة. أخذ عن الْجَهْم بن صَفْوان فيما أرى، ثم تبيّنْت أنّه لم يُدْرك الْجَهْم. وسمع من: حماد بن سلمة، وسفيان بن عُيَيْنَة. وقد رماه بالكُفْر غير واحد من الأئمّة. ساق الخطيب أقوالهم في تاريخه. ونقل أنّه مات في ذي الحجة سنة ثمان عشرة ومائتين. قال البُوَيْطيّ: سمعت الشّافعيَّ يقول: ناظرتُ المَريْسيّ في القُرْعَة فذكرتُ له حديث عِمران بن حُصَين في القُرْعَة فقال: هذا قِمار. فأتيتُ أبا البَحُتَرِيّ القاضي فذكرتُ له قولَه فقال: يا أبا عبد الله شاهدٌ آخر وأصْلِبْهُ. وقال أبو النّضْر هاشم: كان أبو بِشْر المَرِيسيّ يهوديًا قصّارًا صبّاغًا في سُوَيْقة نصر بن مالك. وقال غير واحد: قال رجلٌ ليزيد بن هارون: إنّ عندنا ببغداد رجلًا يقال له: المريسي يقول بخلق القرآن.   1 تاريخ الثقات للعجلي "81"، تاريخ بغداد "8/ 577"، سير أعلام النبلاء "10/ 199-202"، الميزان "1/ 322". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 49 فقال: ما في فِتْيانكم أحدٌ يفتك به؟!. قلت: وقد كان المَرِيسيّ أُخِذَ في دولة الرشيد وأُوذيَ لأجل مقالته. قال أحمد بن حنبل، فيما رواه عنه أبو داود في المسائل: سمعت عبد الرحمن بن مهديّ أيّام صُنِع ببِشْر ما صُنِع يقول: من زعم أن الله لم يكلّم موسى عليه السلام يُستتاب، فإنْ تاب وإلّا ضُرِبَتْ عُنُقُه. قال المَرُّوذِيّ: سمعت أبا عبد الله، وذكر بِشْرًا، فقال: مَن كان أبوه يهوديًّا، أيَّ شيءٍ تُراه يكون؟ وقال أحمد بن حنبل: كان بِشْر يحضر مجلس أبي يوسف فيستَغِيث ويصيح، فقال له أبو يوسف مرّة وهو يُناظره: لَا تنتهي أو تُفسِد خشبةً. وقال أحمد بن الحسن التِّرْمِذِيّ: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: كان المَرِيسي ليس بصاحب حججٍ، بل صاحب خَطَب. قال أبو عبد الله، فيما رواه عنه الأثرم، أنّه سُئِل عن الصّلاة خلف بِشر المَرِيسيّ، قال: لَا يُصَلِّي خلْفه. وقال أبو داود: سمعتُ قُتَيْبة يقول: بِشر المَرِيسيّ كافر. وأخبار بِشْر في ستّ ورقات في "تاريخ الخطيب". 56- بشر بن القاسم بن حمّاد1: أبو سهل السُّلَميّ الهَرَوِيّ، ثم النَّيْسابُوريّ الفقيه الحنفيّ. حج وسمع من مالك. ودخل مصر وسمع من الليث بن سعد، وابن لَهِيعةَ. وبالبصرة من: أبي عَوَانَة، وحمّاد بن زيد، وأبي الأحوص. وعنه: بنوه الفُقَهاء: سهل، والحَسَن، والحسين، ومحمد بن عبد الوهّاب الفراء، وأحمد بن يوسف السُّلَمِيّ، وجماعة. وكان رفيق يحيى بن يحيى في الرحلة. تُوُفّي في ذي القعدة سنة خمس عشرة.   1 الطبقات السنية "565". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 50 57- بشر بن محمد بن أبان السُّكَّريّ1: عن شُعْبة، وورقاء، وحَرِيز بن عثمان. وعنه أبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وجماعة. وهو صَدُوق. 58- بِشْر بن المُعْتَمِر2: أبو سهل شيخ المُعْتزِلَة. من القراء الكبار. ذكره ابن النّجّار في "تاريخ بغداد" فقال: ذكر محمد بن إسحاق النّديم أنّه كوفيّ، ويقال: بغداديّ. انتهت إليه رئاسة الاعتزال في وقته. قال: وكان مع ذلك راوية للشعر والأخبار، شاعرًا. وكان جماعة من الفضلاء يفضّلونه على أبان اللاحقي، وله قصيدة نحو ثلاثمائة ورقة. وكان أبرص، وله مصنَّفات كثيرة. تُوُفّي سنة عشرٍ، وقد عَلَتْ سِنُّهُ. 59- بِشْر بن المنذر الرمليّ3: روى عن: الليث، وابن لَهِيعَة، ومحمد بن مسلم الطائفي. وعنه: موسى بن سهل الرملي، ومحمد بن عوف الحمصي. قال أبو حاتم: صدوق. أتيناه فدققنا بابه دقا قويا، فحلف أنْ لَا يحدّثنا. وقد مرّ.   1 التاريخ الكبير "2/ 84"، الجرح والتعديل "2/ 364"، الثقات لابن حبان "8/ 9139"، الميزان "1/ 324". 2 سير أعلام النبلاء "10/ 203"، لسان الميزان "2/ 33". 3 الجرح والتعديل "2/ 367"، الثقات لابن حبان "8/ 144"، ميزان الاعتدال "1/ 325". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 51 60- بكر بن خداش1: روى عن: عيسى بن المسيبَّ البَجَليّ، وحيّان بن عليّ. وعنه: العبّاس بن أبي طالب، وأحمد بن يونس الضَّبّيّ، وغير واحد. 61- بكار بن الخصيب2: يؤخّر إلى هنا. 62- بكر بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي2 -د. ن. ق-. أبو عبد الرحمن الأنصاريّ الكوفيّ: عن: ابن عمّه عيسى بن المختار، وقيس بن الربيع. وعنه: أبو كُرَيْب، وأحمد الدَّوْرقيّ، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن أبي غَرَزَة. وثَّقة الدَّارقُطْنيّ. ومات سنة تسع عشرة. ولي قضاء الكوفة. 63- بكر بن محمد العابد3: عن: سُفيان الثَّوريّ، والفُضّيل بن عياض، وعليّ بن بكّار. وعنه: أحمد بن أبي الحواريّ، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب، وحسن بن مالك الضَّبِّيّ، وآخرون. وهو قليل الحديث. 64- بلال بن يحيى بن هارون الأسْوانيّ. أبو الوليد: عن: اللَّيث، ومالك، وابن لهيعة.   1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق. 2 الطبقات الكبرى "6/ 406"، الجرح والتعديل "2/ 389"، الثقات لابن حبان "8/ 46"، تهذيب التهذيب "1/ 485". 3 الجرح والتعديل "2/ 393"، الثقات لابن حبان "8/ 147". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 52 تُوُفّي سنة سبْع عشرة ومائتين. روى عنه: يحيى بن محمد رفيقه. "حرف الثاء": 65- ثابت بن محمد الكوفي1 -خ. ت-. أبو محمد العابد: عن: مِسْعر بن كدام، وفِطْر بن خليفة، والثَّوْريّ، وزائدة. وعنه: خ، وأحمد بن مُلاعب، وأبو زرعة، وأبو بكر الصنعاني، وأبو حاتم، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. وقال الحاكم: ليس بضابط. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمس عشرة. 66- ثُمامةُ بنُ أشرس2: أبو معن النُّمَيريّ البصْريّ المتكلم. أحد رؤوس المعتزِلة المشهورين. قال المبرد: قال ثُمامة: خرجت من البصرة أريد المأمون، فرأيت مجنونًا شُدَّ، فقال لي: ما اسمك؟ قلت: ثُمَامة. قال: المتكلّم؟ قلت: نعم. قال: جلستَ على هذه الآجُرَّة، ولم يأذن لك أهلُها. قلت: رأيتها مبذولة. قال: لعلّ لهم تدبيرًا غير البذْل. أخبِرْني متى يجد النّائم لَذَّةَ النوم؟ إن قلتَ: قبل أن ينام أحلْت؛ لأنّه يَقْظَان. وإنْ قلتَ: في حال النَّوم أبطلت؛ لأنّه لَا يعقل. وإنْ قلتَ:   1 الطبقات الكبرى "6/ 404"، التاريخ الكبير "2/ 170"، الجرح والتعديل "2/ 457، 458"، الثقات لابن حبان "8/ 158"، ميزان الاعتدال "1/ 366، 367"، تهذيب التهذيب "2/ 14". 2 تاريخ بغداد "7/ 145-148"، الأغاني "4/ 18"، ميزان الاعتدال "1/ 371" سير أعلام النبلاء "10 203-206". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 53 بعده، فقد خرج عنه، ولا يوجد الشيء بعد فقدِهِ. فما كان عندي فيها جواب. وعنه أيضًا قال: عُدْتُ رجلًا وتركتُ حماري على بابه. ثم خرجت، فإذا عليه صبيّ فقلت: لِمَ ركبتَ بغير إذني؟ قال: خفت أن يذهب، فحفِظْتُهُ لك. قلت: لو ذهب كان أهوَن عليَّ. قال: فهبْه لي وَعُدَّ أنّه ذهب، واربح شُكري. فلم أدرِ ما أقول! وقال الخطيب في تاريخه: أنا الحسين بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أبي عَلّاثة، أنا أحمد بن جعفر بن سَلْم، نا أبو دُلف هاشم بن محمد الخَزَاعيّ، نا الجاحظ سنة ثلاثٍ وخمسين ومائتين: حدّثني ثُمامة بن أَشرس. قال: شهِدتُ رجلًا وقد قدّم خصمه إلى والٍ وقال: أصلحك الله، هذا ناصبيّ، رافضيّ، جَهْميّ، مُشَبَّه، يشتم الحَجّاج بن الزُّبَير الذي هدم الكعبة على عليّ بن أبي سفيان، ويلعن معاوية بن أبي طالب. وقال الخطيب: نا الصَّيْمَرِيّ، نا المَرزبانيّ: أخبرني محمد بن يحيى، نا يمَوُت بن المُزَرِّع: حدّثني الجاحظ قال: دخل أبو العَتَاهية على المأمون فطعن على المُبْتَدِعة، ولعَن القَدَرِيّة. فقال المأمون: أنت صاحب شعرٍ ولغةٍ، وللكلام قوم. قال: نعم، ولكن اسأل ثُمامةَ عن مسألةٍ، فقُلْ لهُ يُجِبْني. ثم أخرج يده فحرَّكها وقال: يا ثُمامة مَن حرَّك يدي؟ قال: مَن أُمُّه زانية. فقال: شتمني والله. قال ثُمامة: ناقضَ واللهِ. قال أبو رَوْق الهِزّانيّ: نا الفضل بن يعقوب قال: اجتمع ثُمامة ومعه يحيى بن أكثم عند المأمون، فقال المأمون ليحيى: ما العِشْق؟ قال: سَوانحُ تَسْنَح للعاشق يُؤْثرُها ويهيم بها. قال ثُمامة: أنت بالفِقْه أبصر منك بهذا، ونحن أحذق منك. قال المأمون: فقُلْ. قال: إذا امتزجت جواهرُ النُّفوس بوصل المُشَاكلة نتجت لُمَحُ نورٍ ساطع تستضيء الجزء: 15 ¦ الصفحة: 54 به نواظر العقل، ويهتزّ لإشراقه طبائع الحياة، يُتَصَوَّر من ذلك اللَّمْح نورٌ خاصٌ بالنّفس، متصلٌ بجوهرها يُسمَّى عِشْقًا. فقال المأمون: هذا وأبيك الجواب!!. هارون بن عبد الله الحمّال: أنا محمد بن أبي كَبْشة قال: كنت في سفينةٍ، فسمعت هاتفًا يقول: لَا إله إلّا الله، كذب المَرِيسيّ على الله. ثم عاد الصّوت: لَا إله إلّا الله، على ثُمامة، والمَرِيسيّ لعنهُ الله. قال: ومعنا رجلٌ من أصحاب المَرِيسيّ في المركب فخرّ ميتًا. اتصل ثُمامة بالرشيد، ثم من بعده بالمأمون، وكان أحد من يقول بخلْق القرآن. حكى عن تلميذه الجاحظ نوادر وملحًا. كان هو وبِشْر المَرِيسيّ آفةً على السُّنَّةِ وأهلِها. قال الفقيه الحافظ أبو محمد بن حزم: ذُكِر عنه أنّه كان يقول: إنّ العالم فعل الله بطباعه. وإنّ المقلِّدين من اليهود والنصارى وعباد الأوثان لا يدخلون النار، بل بصيرون تُرابًا. وإنّ من مات من المؤمنين مُصِرًّا على كبيرة مُخَلَّد في النّار. وإنّ جميع أطفال المؤمنين يصيرون تُرابًا ولا يدخلون الجنّة. "حرف الجيم": 67- جعفر بن جَسْر بن فرقد البصْريّ 1: عن: أبيه، وهشام بن حسّان، وحبيب بن الشهيد. قال أبو حاتم: كتبتُ عنه وهو شيخ. ولقبُهُ شُبّان. وعنه: أبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وأبو مسلم الكَجّيّ. وهو ممَن يُعتَبَر بحديثه. وله مناكير عن أبيه. وهو أيضًا ضعيف.   1 الجرح والتعديل "2/ 476"، الثقات لابن حبان "8/ 159"، ميزان الاعتدال "1/ 403، 404". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 55 قال ابن عديّ: جعفر بن جَسْر أحاديثه مناكير. وقال أبو الفتح الأزديّ: يتكلمون فيه. قلت: وقع لي حديثه بعُلُوّ، والله أعلم. 68- جعفر بن عيسى بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن البصْريّ1: الحَسَنيّ الأنصاريّ. حدَّث عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان. وولي قضاء الجانب الشرقي في أيام المأمون، وأول دولة المعتصم. وقال أبو زرعه: ولي قضاء الري، وهو صدوق. وقال أبو حاتم: جهمي ضعيف. قلت: روى عنه: أبو الأحوص محمد بن نصر، وإبراهيم السوطي. ومات سنة تسع عشرة. 69- جنادة بن مروان الحمصي2: عن: حريز بن عثمان، وعيسى بن أبي رزين الثمالي. وعنه: إسحاق بن إبراهيم بن العلاء، وعمران بن بكار، ومحمد بن عوف. قال أبو حاتم: ليس بقوي، أخشى أن يكون كذب في حديث عبد الله بن بُسْر أنِّه رأى في شارب النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بياضًا بحيال شفتيه3. "حرف الحاء": 70- حاتم الجلاب المروزي4:   1 الجرح والتعديل "2/ 485، 486"، تاريخ بغداد "7/ 160- 162". 2 الجرح والتعديل "2/ 516"، ميزان الاعتدال "1/ 424"، لسان الميزان "2/ 139". 3 حديث صحيح لغيره: أخرجه البخاري "3546"، وأحمد في المسند "4/ 187، 188"، والبغوي في شرح السنة "3655". 4 الجرح والتعديل "3/ 261"، الثقات لابن حبان "8/ 211"، تهذيب التهذيب "2/ 132". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 56 صاحب ابن المبارك. قيل: هو ابن العلاء، وقيل: ابن يوسف، وقيل: ابن إبراهيم. روى أيضًا عن: خالد الطّحان، وفُضَيْل بن عِياض. وعنه: أحمد بن عَبده الآمُليّ، ومحمد بن عبد الله بن قُهْزَاذ، ومحمد بن موسى المَرْوَزِيُّون. مات سنة: ثلاث عشرة. 71- حاتم بن عبيد الله: أبو عبيدة النميري. ذُكِر في الطبقة الماضية. 72- الحارث بن خليفة1 أبو العلاء المؤدب: سمع: شعبة، وأبان بن زيد. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن غالب تَمْتام، وحَمْدان بن عليّ. 73- الحارث بن منصور الواسطيّ2: الزاهد، أبو سُفيان، ويُقال: أبو منصور. عن: سُفيان، وإسرائيل، وبحر السَّقّاء، ويزيد بن إبراهيم، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بن مُكْرَم، والباغَنْديّ الكبير، وخلف بن محمد كُرْدُوس، ويحيى بن جعفر بن الزِّبْرِقان، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي. قال أبو حاتم: صدوق. 74- حَبّان بن هلال الباهليّ3 -د-:   1 الجرح والتعديل "3/ 74"، ميزان الاعتدال "1/ 433"، لسان الميزان "2/ 149". 2 الجرح والتعديل "3/ 90، 91"، الثقات لابن حبان "8/ 182"، ميزان الاعتدال "443، 444"، التهذيب "2/ 158". 3 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "3/ 113"، الجرح والتعديل "3/ 297"، الثقات لابن حبان "8/ 214"، التهذيب "2/ 170". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 57 ويقال: الكناني البصري. أبو حبيب. عن: شعبة، وجُوَيْرية بن أسماء، وأبان العطّار، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وسَلْم بن زَرِير، ومَعْمَر بن راشد، وهمام بن يحيى، وطائفة. وعنه: أحمد بن سعيد الدّارميّ، وإسحاق الكَوْسج، وعَبْد بن حُمَيد، والدَّارميّ، ومحمد بن الحسين الحنَيْنيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وخلْق. وثقة ابن مَعِين، وأحمد بن حنبل. وقال ابن سعد: كان ثقة حُجّةً ثَبْتًا، امتنع من التّحديث قبل موته. قال: ومات بالبصرة في رمضان سنة ست عشرة. قلت: ولامْتناعه لم يسمع منه البخاريّ، وأبو حاتم، وطبقتهما. وهو مر آخر مَن حدّث عن مَعْمَر. قال أحمد بن حنبل: إليه المنتهى بالبصْرة في التثبُّت. قال بكّار بن قُتَيْبَة: ما رأيت نَحْويًّا يشبه الفقهاء إلا حبان بن هلال، والمازني. 75- حبيب بن أبي حبيب مرزوق1: وقيل: رُزَيْق. أبو محمد الحنفيّ مولاهم المدنيّ، كاتب مالك وقارئه. كان يقرأ عليه "المُوَطّأ" للناس في بعض الأوقات. وبقراءته سمع يحيى بن بُكَيْر مرّة. قال ابن مَعِين، وغيره: أشَرُّ السَّماع عَرْضُ حبيب على مالك. كان يقرأ، فإذا انتهى المجلس صَفَح أوراقًا وكتب: بلغ. وقال أبو أحمد الحاكم: روى أحاديث شبيهة بالموضوعة عن مالك، وابن أبي ذئب، وهشام بن سعد. روى عنه: الربيع بن سليمان الجيزي، وأحمد بن الأزهر.   1 الجرح والتعديل "3/ 100"، المجروحين لابن حبان "1/ 265"، ميزان الاعتدال "1/ 452، 453"، التهذيب "2/ 181، 182". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 58 أخبرنا السراج: سمعتُ محمد بن سهل بن عسكر قال: كتبنا عن حبيب كاتب مالك عشرين حديثًا، فأتينا ابن المدينيّ، فَعَرضنا عليه فقال: هذا كله كذب. وقال يحيى بن مَعِين: وعامّة سماع المصريّين عرْض حبيب. ثم قال ابن مَعِين: سألوني عنه بمصر فقلتُ: ليس بشيء. وقال الإمام أحمد: حبيب ليس بثقة. وقال النسائي: متروك. وقال ابن عديّ: كان يضع الحديث. ثم روى له عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، حديثين موضوعين. وروى عن ابن أبي ذئب، وشبْل بن عَبّاد، وهشام بن سعد المناكير، وعنه: عبد الله بن الوليد الحرّانيّ، وأحمد بن الأزهر، وحام بن نوح، ومحمد بن مسعود العجميّ، وجماعة. سكن مصر وبها تُوُفّي سنة ثمان عشرة. ومن حديثه: قال ابن عديّ: ثنا محمد بن حاتم بالرملة، وإسماعيل بن محمد بن يوسف أبو هارون الجبرينيّ، وهي مدينة بيت إبراهيم عليه السلام، وحوله قرى، وفيه قبر إبراهيم، وكلّ مَن يدخل هذه القرية يضيفونه ويقولون: إنّه ضيف إبراهيم. ولإبراهيم -عليه السلام- أوقاف على الضيافة إلى السّاعة1. قَالَ: ثَنَا حَبِيبٌ، نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَمَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُعْجِبَنَّكُمْ إِسْلامُ الْمَرْءِ حَتَّى تَعْلَمُوا مَا قِبْلَتُهُ"2. قال ابن عديّ: وهذا عن مالك، وابن أبي ذئب باطل، إنّما يَرِدُ به عبد الله بن محمد الرقّيّ، عن إسحاق بن أبي فروة، عن نافع، وإسحاق متروك الحديث. 76- حَجّاج بن رِشْدين بن سعد3 أبو الحسن المصري:   1 أخرجه ابن عدي في الكامل "2/ 818". 2 حديث موضوع: أخرجه ابن عدي في الكامل "2/ 818"، وفيه صاحب الترجمة وكان يضع الحديث. 3 الجرح والتعديل "3/ 160"، الثقات لابن حبان "8/ 202"، ميزان الاعتدال "1/ 461". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 59 روى عن: أبيه، وحَيْوَة بن شُرَيْح. توُفّي سنة إحدى عشرة ومائتين. ضعفّه أبو أحمد بن عديّ. 77- حَجّاجُ بنُ مِنْهال الأنماطيّ البصْريّ1 -ع- أبو محمد: عن: قُرَّةَ بن خالد، وشُعبة، وجُوَيرِية، والحَمَّادَيْن، وهَمّام، وعبد العزيز الماجِشُون، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَرِيّ، وجماعة. وعنه: خ. والباقون بواسطة، وإسحاق الكَوْسَج، وإسحاق شاذان، وأحمد بن الفُرات، وإسماعيل القاضي، وعَبْد، والدّارميّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وهلال بن العلاء، وأبو مسلم الكَجِّيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: ثقة فاضل. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة، رجل صالح. كان سمسارًا يأخذ من كلّ دينار حبّة، فجاء خُرَاسان موسرٌ من أصحاب الحديث، فاشترى له أنماطًا، فأعطاه ثلاثين دينارًا، فقال: ما هذه؟ قال: سمسرتك. قال: دنانيرك أهون عليّ من هذا التُّراب. هاتِ من كلّ دينار حَبَّة. فأخذ دينارًا وكَسْرًا. وقال خلف كُرْدوس: تُوُفّي سنة ستّ عشرة، وكان صاحب سُنّة يُظْهرها. وقال ابن سعْد، والبخاريّ: تُوُفّي سنة سبْع عشرة، في شوال. 78- حَجّاجُ بنُ أبي منيع الرصافّي2: عن: جدّه عُبَيد الله بن أبي زياد الرُّصافيّ، رُصافة هشام بن عبد الملك، عن الزُّهْريّ، وله عنه نسخة كبيرة. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وابن وَارَةَ، وهلال بن العلاء، ويعقوب   1 الطبقات الكبرى "7/ 301"، التاريخ الكبير "2/ 380"، الجرح والتعديل "3/ 167"، الثقات لابن حبان "8/ 202"، التهذيب "2/ 206". 2 الطبقات الكبرى "7/ 474"، التاريخ الكبير "2/ 380"، الثقات لابن حبان "8/ 202"، تهذيب التهذيب "2/ 207، 208". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 60 الفَسَويّ، وأحمد بن مهديّ الإصبهانيّ، وأيوب الوزّان، وأبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبيّ، وجماعة. قال هلال: وكان من أعلم النّاس بالأرض وما أنبتت، وأعلم الناس بالفَرس من ناصيته إلى حافِره، وبالبعير من سَنامه إلى خُفّه. وكان مع بني هشام في الكتاب. كذا قال، وإنّما الذي كان مع بني هشام جده عبيد الله. قال الذهلي: لم أر لعبيد الله رواية غير ابن ابنه الذي يقال له: حجاج بن أبي منيع. أخرج إليَّ جزءًا من حديث الزهري، فنظرت فيها فوجدتها صحاحا. وذكره ابن حبان في "الثقات". وعلق له البخاري في الطلاق. واسم أبيه يوسف بن عبيد الله. وقال هلال بن العلاء: سكن حلب في آخر عُمره. وقال الحَجّاج في سنة ستّ عشرة ومائتين: أنا اليوم ابن ستٍّ وسبعين سنة. 79- حجاج بن نصير1 -ت- أبو محمد الفساطيطي القيسي البصري: عن: هشام الدّسْتُوائيّ، وأبى خَلْدَة خالد بن دينار، وَقُرَّةَ بن خالد، وفِطْر بن خليفة، ومبارك بن عَبّاد، وخلْق. وعنه: أحمد بن سعيد الدّارميّ، والرَّماديّ، ومحمد بن عبد الملك الدَّقِيقيّ، وأحمد بن الحسن التِّرْمِذيّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وأبو محمد الدّارميّ، وعبّاس الدُّوريّ، وخلْق آخرهم أبو مسلم الكجّيّ. قال أبو حاتم: ضعيف تُرك حديثه. وقال البخاريّ: يتكلمون فيه. وقال النسائيّ: ضعيف لا يُكتَب حديثه. وذكره ابن حبان في "الثقات" لكن قال: يخطىء ويهم.   1 الطبقات الكبرى "7/ 305"، التاريخ الكبير "2/ 380"، الجرح والتعديل "3/ 167"، الثقات لابن حبان 8"/ 202"، التهذيب "2/ 208، 209". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 61 وقال مُطَيِّن: مات سنة ثلاث عشرة. قلت: وساق له ابن عديّ أيضًا أحاديث وَهِم في سندها، أما متونها فمعروفة. 80- حجين بن المثنى1 -خ. م. د. ت. ن-: أبو عمر اليمامي نزيل بغداد. عن: عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوبان، وعبد العزيز بن الماجِشُون، واللّيث، ومالك، وجماعة. وعنه: أحمد، ومحمد بن رافع، وحَجّاج بن الشّاعر، وأحمد بن منصور الرَّماديّ، وأحمد بن منصور زاج، وعبّاس الدُّوريّ، وطائفة. قال البخاريّ: كان قاضيًا على خُراسان، وأصله من اليَمَامة. وقال ابن سعْد: قدِم بغداد، ونزلها، وكان صاحب لؤلؤ وجوهر، لزم السوق، وكان ثقة. قلت: توفي بعد عشرٍ ومائتين، أو قبلها. 81- الحر بن مالك2 -ق-. أبو سهل العنبري البصري: عن: مالك بن مِغْوَلٍ، وشُعبة، ووُهَيب. وعنه: بُنْدار، وابن وَارَةَ، وأبو حاتم الرازيّ، وقال: صدوق، ومحمد بن سليمان الباغَنْديّ. 82- حسان بن حسان بن أبي عباد3. أبو علي البصري نزيل مكة: عن: شعبة، وهمام بن يحيى، وجماعة.   1 الطبقات الكبرى"7/ 338"، التاريخ الكبير "3/ 134"، الجرح والتعديل "3/ 319"، الثقات لابن حبان "8/ 219"، التهذيب "2/ 216". 2 التاريخ الكبير "3/ 83"، الجرح والتعديل "3/ 278"، ميزان الاعتدال "1/ 471"، تهذيب التهذيب "2/ 221، 222". 3 التاريخ الكبير "3/ 34، 35"، الجرح والتعديل "3/ 238"، الثقات لابن حبان "8/ 208"، ميزان الاعتدال "1/ 478"، التهذيب "2/ 248". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 62 وعنه: خ. وأبو زُرْعَة الرازيّ، ومحمد بن أحمد الْجُنَيْد الدّقّاق، ويحيى بن عبدك القزويني، وعلي بن الحسن السخاوي. قال أبو حاتم: منكر الحديث. قلت: مات سنة ثلاث عشرة. وكان المقرئ يثني عليه. 83- حسان بن حسان الواسطي1: شيخ ليس بالقوي، ينفرد عن الثقات. عالم يتابع عليه. قاله الدارقطني. وقال: ليس هو بالذي يروي عنه البخاريّ. 84- الحسن بن بلال البصْريّ ثم الرملّي2: عن: جرير بن حازم، وحَمَّاد بن سَلَمَةَ، وأشعث بن بَرَاز، ونصر بن طَرِيف. وعنه: جعفر بن مسافر التِّنِّيسيّ، وسعيد بن أسد بن موسى، والفضل بن يعقوب الرُّخاميّ، ومحمد بن عَوْن الطّائيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. له حديث في "اليوم والليلة". 85- الحسن بن الحسين العُرَنّي الكوفيّ3: عن: أجلح بن عبد الله الكِنْديّ، وجرير بن عبد الحميد، وأهل الكوفة. وعنه: جعفر بن عبد الله العلويّ، وغيره. ومن متأخّري الرُّواة عنه: الحسين بن الحَكَم الحِبَرِيّ. ضعفّه ابن حبّان. 86- الحسن بن خُمَير الحرازيّ4 -ت. حمصيُّ مُقِلٌّ صدوق:   1 المغني في الضعفاء "1/ 156"، ميزان الاعتدال "1/ 478"، لسان الميزان "2/ 187". 2 الجرح والتعديل "3/ 2، 3"، الثقات لابن حبان "8/ 171"، تهذيب التهذيب "2/ 258". 3 الجرح والتعديل "3/ 6"، المجروحين لابن حبان "1/ 238"، ميزان الاعتدال "1/ 483-485". 4 الجرح والتعديل "3/ 11"، الثقات لابن حبان "8/ 172"، تهذيب التهذيب "2/ 274". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 63 عن: إسماعيل بن عبّاس، والجرّاح بن مَلِيح البَهْرانيّ وعنه: عِمران بن بكّار، ومحمد بن عوف الطائي. 87- الحسن بن سوار1 -د. ت. ن. أبو العلاء البغوي المروذي: حدّث ببغداد عن: عِكْرمة بن عمّار، وموسى بن عليّ بن رباح، واللَّيْث بن سعْد، ومبارك بن فَضَالَةَ، وإسماعيل بن عيّاش، وغيرهم. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازيّ، وإسحاق الحربيّ، وهارون الحمّال، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ. قال أبو حاتم: صدوق. ووثّقه أحمد. تُوُفّي سنة ستّ عشرة بخُراسان. 88- الحسن بن عطية بن نجيح2 -ت. أبو علي القرشي الكوفي البزاز: عن: أبي عاتكة صاحب أنّس، وعن: حمزة الزّيات، وَفُضَيْلِ بن مرزوق، ويعقوب القُمّي، وجماعة. وقرأ القرآن على حمزة. قرأ عليه: محمد بن عيسى الإصبهاني، وغيره. وروى عنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وعباس الدوري، وأبو زرعة الرازي، والبخاري في تاريخه، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تمتام، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال البخاري: مات سنة إحدى عشرة ومائتين، أو نحوها. قال محمد بن عيسى الإصبهاني: قرأت عليه القرآن، فقال لي: قرأت على حمزة ختمة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 375"، الجرح والتعديل "3/ 17"، ميزان الاعتدال "1/ 493، 494"، التهذيب "2/ 281، 282". 2 التاريخ الكبير "2/ 301"، الجرح والتعديل "3/ 27"، تهذيب التهذيب "2/ 294". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 64 89- الحسنُ بن عَنْبَسَةَ الورّاق1: بصْريّ. روى عن: شُعبة، وشَرِيك. وعنه: ابنه حمّاد، ومحمد بن المُثَنَّى الزَّمِن، وجماعة. قال ابن قانع: تُوُفّي في رمضان سنة ثلاث عشرة. 90- الحسَن بن قُتَيبة الخُزَاعيّ المدائنيّ2: عن: مِسْعَر، وموسى بن عُبَيْدة، وعِكرِمة بن عمار، وحجاج بن أرطأة، وحمزة الزّيّات، وجماعة. وعنه: الحَسَن بن عَرَفَة، وأبو أُميَّة الطَّرَسُوسيّ، والحَسَن بن مُكرَم، والحارث بن أبي أُسامة، وأحمد بن حازم، وأحمد بن حازم بن أبي غَرزَة. قال الدارقطنيُّ: متروك الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وَيُكْنَى أبا علّي. وقد ذكره العُقَيْليّ في "الضُّعَفاء" فروى عن محمد بن بحر الواسطيّ، عنه حديثًا وَهَمَ في سَنَده. وَسَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ، أَحَدُهُمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَيَاضِيُّ، عَنْهُ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ مُنْذِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَمُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: "مَنْ تَمَسَّكَ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي فَلَهُ أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ"3. وَهَذَا أَخَافُ لا يَكُونُ مَوْضُوعًا، وما فيه مجروح سوى الحسن.   1 الجرح والتعديل "3/ 31"، ميزان الاعتدال "1/ 516". 2 الجرح والتعديل "3/ 33، 34"، الثقات لابن حبان "8/ 168"، ميزان الاعتدال "1/ 518، 519". 3 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في الزهد "2/ 118"، وابن عدي في الكامل "2/ 739"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 65 91- الحسن بن واقع1. أبو عليّ صاحب ضَمْرَةَ بن ربيعة: روى عنه: محمد بن مسلم بن وَارَةَ، والبخاريّ في غير "الصحيح"، وإسماعيل سَمُّويْه، وجماعة. وهو من أهل الرَّمْلَةِ. وثقة ابن حِبّان. وتُوُفّي سنة عشرين ومائتين. ولا أعلمه روى عن غير ضَمْرة إلّا عن أيّوب بن سُوَيْد شيئًا. وقد كتب عنه يحيى بن مَعِين، مع تقدُّمه. وحدَّث عنه أبو حاتم. ويقال: صدوق. 92- الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن الحُرّ بْن زَعْلان2 -خ: أبو علي العامري الفقيه البغداديّ الملقب بإشْكاب، من أبناء الخُراسانّية. روى عن: محمد بن راشد المكحوليّ، وفُلَيْح بن سليمان، وشَرِيك، وجماعة. وعنه: ابناه علي، ومحمد، ومحمد بن إسحاق الصَّاغانيّ، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن عبد الله المخرمي. قال ابن سعْد: لزِم أبا يوسف القاضي فأبصر الرأي، ثم قعد عنهم، ولم يزل ببغداد يؤتَى في الحديث والفِقْه إلى أن مات سنة ستّ عشرة، وهو ابن إحدى وسبعين سنة. ووثّقه أبو بكر الخطيب. وروى له البخاريّ مقرونا بغيره. 93- الحسين بن حفص بن الفضل بن يحيى بن ذكوان الهمداني3 -م. ق:   1 الطبقات الكبرى "7/ 472"، التاريخ الكبير "2/ 307"، الجرح والتعديل "3/ 40"، تهذيب التهذيب "2/ 324". 2 الطبقات الكبرى "7/ 348"، الجرح والتعديل "3/ 46"، تهذيب التهذيب "2/ 329، 330". 3 التاريخ الكبير "2/ 391"، الجرح والتعديل "3/ 50"، الثقات لابن حبان "8/ 186"، تهذيب التهذيب "2/ 337، 338". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 66 أبو محمد الإصبهاني. ثقة، نبيل، كوفيّ. نقل علمًا كثيرًا إلى إصبهان، وأفتى بمذهب الكوفيين. وكان إليه الرئاسة والقضاء والفتوى بإصبهان. وروى عن: السُّفْيانَيْن، وهشام بن سَعْد، وإسرائيل، وإبراهيم بن طَهْمان، وعبد العزيز بن أبي رَوَّاد، وأبي يوسف القاضي، وجماعة. وعنه: حفيده أحمد بن محمد، وأَسِيد بن عاصم، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأحمد بن الفُرات، وعمر بن شَبَّة، وأبو قِلابة الرِّقاشِيّ، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ المكّيّ، ويحيى بن حاتم العسْكريّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْمي، وجماعة كبيرة. قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. وقال أبو حاتم أيضًا: هو أحبّ إليّ من عصام بن يزيد جَبَّر. وقال أبو نُعَيْم: كان وجه النّاس وزَيْنَهم. وكان دخْلُه في كلّ سنة مائة ألف درهم، فما وجبت له زكاة قطّ. وكانت جوائزه وَصِلاتُهُ دارَّةً على المُحَدّثين وأهل العلم والفضل مثل أبي مسعود، وعَمْرو بن عليّ. وكان من المختصّين بسُفيان الثَّوريّ. وقيل: إنّ سُفيان حَجَّ على مَرْكبه. قلت: وآخر من روى عنه محمد بن إبراهيم الْجَيْرانيّ. تُوُفيّ سنة اثنتي عشرة. 94- الحسين بن خالد1. أبو الْجُنَيد، البغداديّ الضرير: عن: شُعبَة، والثُّوريّ، وحمّاد بن سَلَمَةَ، ومُقاتل بن سليمان، وعبد الحَكَم صاحب أَنّس، وجماعة. وعنه: سَلْمان بن ثَوْبة البهْرانيّ، والحسن بن مُكْرَم، والحارث بن أبي أسامة، وغيرهم. قال ابن معين: ليس بثقة.   1 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 139"، ميزان الاعتدال "1/ 534". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 67 95- الحسينُ بنُ عُرْوة البصْريّ1 -ق: عن: الحمَّاديْن، ومالك. وعنه: أحمد بن المعدِّل الفقيه، ونصر بن علي الْجَهْضميّ، وبكر بن خَلَف ختن المقرئ، وغيرهم. قال أبو حاتم: لَا بأس به. 96- الحسين بن محمد بن بهرام2 -ع: أبو أحمد المروذي المؤدب نزيل بغداد. ويقال: أبو عليّ. عن: شَيْبان النَّحْويّ، وجرير بن حازم، وإسرائيل، وسليمان بن قَرْم، وابن أبي ذئب، وأبي غسان محمد بن مُطَرِّف، وجماعة. وعنه: أحمد، وابن معين، وأبو خيثمة، وعبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم الحربيّ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وطائفة. ومن القُدماء: عبد الرحمن بن مَهْديّ. ومن المتأخرين: حنبل بن إسحاق. قال معاوية بن صالح بن أبي عُبَيد الله الأشعريّ: قال أبو أحمد حسين بن محمد: قال لي أحمد بن حنبل: اكتُبُوا عنه. وجاء معي إليه يسأله أن يحدّثني. وقال ابن سعد: ثقة. وقال النسائيّ: ليس به بأس. قال حنبل: مات سنة ثلاث عشرة. وقال مُطين: سنة أربع عشرة. 97- حفص بن حمزة3:   1 الجرح والتعديل "3/ 62"، ميزان الاعتدال "1/ 541"، تهذيب التهذيب "2/ 343". 2 الطبقات الكبرى "7/ 338"، التاريخ الكبير "2/ 390"، الجرح والتعديل "3/ 64"، الثقات "8/ 185"، التهذيب "2/ 366". 3 تاريخ بغداد "8/ 201، 202". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 68 أبو عمر الضّرير البغداديّ. عن: سَوّار بن مُصْعَب، وجماعة. وعنه: الحارث بن أبي أسامة. 98- حفص بن عمر البصري1 -د. أبو عمر الضرير: عن: جرير بن حازم، ومبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وغيرهم. وعنه: د. وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وحفص بن عمر الحَبَطّي السَّيّاريّ، وأبو خليفة الفضل بن الحُباب الْجُمَحيّ، وآخرون. قال أبو حاتم: صَدُوق، يحفظ عامّة حديثه. وقال ابن حبان: كان من العلماء بالفقه، والأخبار، والفرائض، والحساب، والشعر، وأيام الناس، وولد أعمى. وقال ابن عساكر: مات لتسعٍ بقين من شَعبان سنة عشرين. كذا ورّخ موته أبو داود. 99- حفص بن عمر بن خالد: أبو عمر المازنيّ البصْريّ. سمع: جعفر بن سليمان الهاشميّ، والنَّضْر بن عاصم الهُجَيْميّ. وعنه: أبو مسعود يزيد بن خالد، وأبو القلابة الرّقاشيّ. كناه الحاكم. وقال الدَّارَقُطْنيّ، يُحدِّث عن: شُعبة، وسعيد. 100- حفص بن عمر الأبلي2: تقدم في الطبقة الماضية، يؤخر إلى هنا.   1 الجرح والتعديل "3/ 183"، الثقات لابن حبان "8/ 199"، ميزان الاعتدال "1/ 565"، التهذيب "2/ 411، 412". 2 الجرح والتعديل "3/ 183"، المجروحين لابن حبان "1/ 258، 259"، ميزان الاعتدال "1/ 561، 562". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 69 يروي عن: ثور بن يزيد، ومسعود بن كدام، وعبد الله بن المُثَنَّى، وجعفر بن محمد، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بن مرزوق، ومحمد بن سليمان الباغَنْديّ، وأبو حاتم، ويزيد بن سِنان القزّاز، وجدّ أبي جعفر العُقَيْليّ. قال: حفص بن عمر بن ميمون أبو إسماعيل الأُبُلّيّ. قال ابن عديّ: أحاديثه كلها مُنْكَرَة المثْنى، أو مُنْكَرَةُ الإسناد. وهو إلى الضعف أقرب. قال أبو حاتم: كان شيخا كذابا. 101- حفص بن عمر بن ميمون العَدنيّ1: الملقّب بالفَرْخ. يُكَنَّى أبا إسماعيل. عن: ثور بن يزيد، وابن أبي ذئب، ومالك بن مغْوَل، والحَكَم بن أبان، والفضل بن لاحق، وشُعْبة، وطائفة. وعنه: أحمد بن عمر الوَكِيعيّ، وعثمان بن طالوت بن عَبّاد، وعبّاس التُّرْقفيّ، ومحمد بن حمّاد الطِّهْرانيّ، ونصر بن عليّ الْجَهْضميّ، ومحمد بن مُصَفَّى، وهارون بن مُلُوك المصريّ، وآخرون. قال أبو حاتم: أنا أبو عبد الله الطهراني: ثنا حفص بن عمر العدني وكان ثقة. وقال أبو حاتم: كان لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابن عديّ: عامة حديثه غير محفوظ. ويقال له: الصنعانيّ. 102- حفص بن عمر الحَوْضيّ. صاحب شُعبة: في الطبقة الآتية.   1 التاريخ الكبير "2/ 365"، الجرح والتعديل "3/ 182"، المجروحين لابن حبان "1/ 257"، التهذيب "2/ 410، 411". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 70 103- حفص بن عمر بن حكيم1: ويُعرف بحفص الكَفْر. عن: هشام بن عُرْوَة، وعَمْرو بن قيس. وعنه: علي بن حرب الطائي، وتمتام. قال ابن عدي: حدَّث بالبواطيل. ثم ساق له عدّة أحاديث واهية. 104- الحكم بن أسلم2: وهو ابن سلمان. أبو مُعاذ الحَجَبيّ. عن: شعبة، وعبد العزيز بن مسلم. وعنه: أبو حاتم وقال: صَدُوق، ومحمد بن غالب تَمْتام. 105- الحَكَم بن المبارك الباهليّ3: مولاهم البلْخي الخاشِتيّ، أبو صالح. عن: مالك، وحمّاد بن زيد، وشَريك، ومحمد بن راشد المكحوليّ. وعنه: أبو محمد الدَّارميّ، ويحيى بن بشر، ويحيى بن زكريا البلخيان. وثقة ابن حبان. وأخرج له التِّرْمِذِيُّ، والبخاريّ في كتاب "الأدب". وقد روى عبد بن حُمْيد في مسنده، عن الدَّارميّ، عنه حديثًا، وقع لنا موافقةً بعلوٍّ من كتاب الدّارميّ. قال البخاريّ: مات سنة ثلاث عشرة أو نحوها. قال محمد بن العبّاس بن الأخرم في وصيته: قال الحَكَم بن المبارك البَلْخيّ: إنّ الْجَهْميّ لَا يعرف ربه.   1 المجروحين لابن حبان "1/ 259، 260"، ميزان الاعتدال "1/ 563"، لسان الميزان "2/ 326". 2 الجرح والتعديل "3/ 114". 3 التاريخ الكبير "2/ 344"، الجرح والتعديل "3/ 128"، الثقات لابن حبان "8/ 95"، تهذيب التهذيب "2/ 438". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 71 106- الْحَكَمُ بنُ المبارك النَّيْسابوريّ: سمع: خارجة بن مُصْعب، والوليد بن سَلَمَةَ. روى عنه: قطن بن إبراهيم، ومحمد بن الحَجّاج العامريّ النَّيْسَابوريّان. 107- الْحَكَمُ بنُ محمد الآمليّ الطبريّ1: أبو مروان، نزيل مكة. سمع: ابن عُيَيْنَة، ويحيى بْن أبي زائدة، وعبد المجيد بن أبي رَوّاد. وعنه: سَلَمَةَ بن شبيب، والنضر بن سَلَمَةَ المَرْوَزِيّ، والبخاريّ في كتاب "أفعال العباد". وما ليَّنَهُ أحد. 108- حمّاد بن عَمرو النَّصيبيّ2 أبو إسماعيل: عن: الأعمش، والثَّوْريّ. وعنه: عليّ بن حرب، وسَعدان، بن نصر، وإبراهيم بن الهيثم. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ، وغيره: متروك. وروى عنه أيضا: إبراهيم بن موسى الفرّاء، ومحمد بن مَهْران. "حرف الخاء": 109- خالد بن الحُباب البصري3: أبو الحُبَاب، نزيل حماة. سمع: ابن عَوْن، وسُليمان التَّيْميّ، وهشام بن حسان.   1 التاريخ الكبير "2/ 338"، الجرح والتعديل "3/ 127"، الثقات لابن حبان "8/ 195"، التهذيب "2/ 438". 2 التاريخ الكبير "3/ 28"، الجرح والتعديل "3/ 144"، المجروحين لابن حبان "1/ 252"، ميزان الاعتدال "1/ 598". 3 الجرح والتعديل "3/ 326"، الثقات لابن حبان "6/ 266"، ميزان الاعتدال "1/ 629". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 72 وعنه: أبو حاتم، وغيرهم. حديثه في الغيلانيات. قال أبو حاتم: يكتب حديثه. 110- خالد بن عبد الرحمن1 -د. ن. أبو الهيثم الخراساني، نزيل دمشق: سمع: عيسى بن طَهْمان، ومالك بن مِغْوَلٍ، وشُعْبة، والمسعوديّ. وعنه: يحيى بن مَعِين وَوَثَّقَهُ، وبحر بن نصر الخَوْلانيّ، والربيع المُراديّ، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن البَرْقيّ، وعبد الله بن أبي مَيْسرة المكّيّ، وآخرون. 111- خالد بن عمرو السفلي، بالضم2. الحمصي: عن: بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، ومروان الفَزَاريّ. وعنه: أبو حاتم الرازيّ وقال: شيخ. وقال جعفر الفِرْيابيّ: كان يكذب. 112- خالد بن القاسم المدائنيّ الحافظ3: أحد المتَّهَمين بالكذب. وضع على الليث بن سَعْد أحاديث. قال الخطيب: خالد بن القاسم أبو الهَيْثم المدائنيّ، عن: الليث، وحماد بن زيد، وعُبيد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وجماعة. حدث عنه: عيسى بن أبي حرب، والحسن بن مكرم، والحارث بن أبي أسامة. وقال ابن معين، والبخاري، ومسلم: متروك. وقال ابن معين أيضا: كان يزيد في الأحاديث، يوصلها لتصير مسندة.   1 الجرح والتعديل "3/ 341"، ميزان الاعتدال "1/ 633"، تهذيب التهذيب "3/ 103". 2 الجرح والتعديل "3/ 334"، ميزان الاعتدال "1/ 636، 637"، لسان الميزان "2/ 382". 3 التاريخ الكبير "3/ 167"، الجرح والتعديل "3/ 347، 348"، المجروحين لابن حبان "1/ 282، 283"، ميزان الاعتدال "1/ 637". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 73 وقال أبو يحيى صاعقة: توفي سنة إحدى عشرة ومائتين. وقد روى عنه صاعقة وقال: كذّاب، يدَّعي ما لم يسمع. كنيته أبو الهيثم. وقال أبو زُرْعة: كذّاب. وقال أبو حاتم: متروك. صحب الليث من العراق إلى مصر. 113- خالد بن مخلد القَطَوانيّ1. أبو الهَيْثَم البَجَليّ. وقطوان موضع بالكوفة: سمع: مالكا، ونافع بن أبي نُعَيْم، وسليمان بن بلال، وعلي بن صالح بن حيّ، وأبا الغُصْن ثابت بن قيس، وعبد الله بن جعفر المَخْرَميّ، وكثير بن عبد الله المُزَنيّ، ومحمد بن موسى الفِطريّ، وجماعة. وعنه: خ. والباقون سوى أبي داود، عن رجلٍ عنه، وعبد بن حُمَيْد، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن شدّاد المُسْمِعيّ، وأبو أميَّة الطَّرسُوسيّ، وطائفة. ومن الكبار: عُبَيْد الله بن موسى. قال ابن مَعِين: ما به بأس. وقال أبو داود: صدوق لكنه يتشيَّع. وقال مُطَيِّن: مات سنة ثلاث عشرة. وقال ابن سَعْد: كان مُنْكر الحديث مُفْرِطًا في التَّشَيُّع، كتبوا عنه ضرورة. 114- خالد بن يزيد الكاهليّ الكوفيّ2. المقرئ والمجود أبو الهيثم الكحال. من أصحاب جمزة الزّيّات: روى عن: شيخه ضمرة، وإسرائيل، والحَسَن بن صالح الفقيه. وعنه: خ، وأبو أُمَّية الطرسوسي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، ومحمد بن الحجاج الضبي، وآخرون.   1 الطبقات الكبرى "6/ 406"، التاريخ الكبير "3/ 174"، الجرح والتعديل "3/ 354"، ميزان الاعتدال "1/ 640"، التهذيب "3/ 116". 2 التاريخ الكبير "3/ 184"، الجرح والتعديل "3/ 360، 361"، الثقات لابن حبان "8/ 224"، تهذيب التهذيب "3/ 125". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 74 وقرأ عليه: سهل بن محمد الحلاب، وغيره. وعنه قال: قرأت على حمزة فقال لي حمزة: حسنها لا جعلني الله فداك. مات سنة اثنتي عشرة. وقال مُطَيِّن: سنة خمس عشرة. وكان صدوقًا. 115- خالد بن يزيد. أبو الوليد العُمريّ المكّيّ: سيذُكر بعد. 116- خالد بن يزيد وقيل: خالد بن أبي يزيد 1: أبو الهيثم المَزْرَفّي، ويقال: القُطْرُبُلّيّ. عن: شُعْبة، ومَنْدَل بن عليّ، وحمّاد بن زيد. وعنه: أبو بكر الصّاغانيّ، وعبّاس الدوري، وبشر بن موسى، وجماعة. قال ابن مَعِين: لم يكن به بأس. 117- خطاب بن عثمان الطّائيّ الفَوْزيّ الحمصيّ 2 أبو عَمرو: وفَوْز من قرى حمص. سمع: إسماعيل بن عيّاش، وعيسى بن يونس، ومحمد بن حمير، وجماعة. وعنه: خ. د. و. ن، بواسطة، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وإسماعيل سمويه، وسلمة بن أحمد الفوزي، وسليمان بن عبد الحميد البهراني، وآخرون. قال ابن أبي الدنيا: ثنا القاسم بن هاشم: حدثني خطّاب الفَوْزيّ وكان يُعَدّ من الأبدال. وذكره ابن حبان في "الثقات".   1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "135". 2 التاريخ الكبير "3/ 201"، الجرح التعديل "3/ 386"، الثقات لابن حبان "8/ 232"، التهذيب "3/ 146". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 75 118- خلاد بن خالد 1. وقيل ابن عيسى: أبو عيسى، وقيل: أبو عبد الله الشَّيْبانيّ الصَّيْرفيّ الكوفي المقرئ الأحْول. صاحب سليم القارئ. اقرأ الناس مدَّةً بحرف حمزة. قرأ عليه: أبو بكر محمد بن شاذان الْجَوهريّ، وأبو الأحوص محمد بْن الهَيْثَم العُكْبُريّ، ومحمد بن يحيى الخُنَيْسيّ، والقاسم بن يزيد الوزّان وهو أَجَلّ إخوانه، وعليه دارت قراءته. وقد سمع الحديث من: الحسن بن صالح بن حيّ، وزُهير بن معاوية. روى عنه: أبو حاتم، وأبو زُرْعة، وغيرهما. قال أبو حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة عشرين بالكوفة. وقد ذكر الدّانيّ رجلًا آخر فقال: خلّاد بن خالد، ويقال: ابن يزيد أبو عيسى الأحول، قرأ عليه حمزة، وهو من أصحابه. وقال ابن مجاهد: وممّن قرأ على حمزة خلّاد بن خالد الأحول. وقال أبو هشام الرفاعيّ: أَقْرَأ من قرأ على حمزة أربعة: إبراهيم الأزرق، وخالد الكحّال، وخلّاد الأحول، وكان عبد الرحمن بن أبي حمّاد أكبرهم وأعلمهم بعِلَل القرآن. 119- خلاد بن يحيى بن صَفْوان 2. أبو محمد السُّلَميّ الكوفيّ: سمع: عيسى بن طَهْمان، وفِطْر بن خليفة، وعبد الواحد بن أيمن، وسُفيان الثَّوريّ، وخلقًا. عنه: خ. و. د. ت. عن رجل عنه، وأبو زُرْعة، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وبِشْر بن موسى، وإسماعيل بن يزيد عمّ أبي زُرْعة وخال أبي حاتم، وحنبل بن إسحاق.   1 التاريخ الكبير "3/ 189"، الجرح والتعديل "3/ 368"، شذرات الذهب "2/ 74". 2 التاريخ الكبير "3/ 189"، الجرح والتعديل "3/ 368"، الثقات لابن حبان "8/ 229"، التهذيب "3/ 174". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 76 وقال أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: صدوق إلا أنّ في حديثه غلطًا قليلًا. وقال حنبل: مات سنة سبْع عشرة. وقال البخاريّ: سكن مكة، ومات بها قريبًا من سنة ثلاث عشرة. 120- خلادُ بنُ يزيد بن حبيب بن سيّار التَّميميّ البصْريّ: قال أبو سعيد بن يونس: روى عن: حُمَيد الطّويل، وله عقِب بمصر، وبها تُوُفيّ في ذي الحجّة سنة أربع عشرة. قلت: لم يذكره البخاريّ ولا ابن أبي حاتم، وهو كالمجهول. 121- خلادُ بنُ يزيد الباهليّ البصْريّ الأرقط1: صهر يونس بن حبيب النَّحْويّ. يروي عن: هشام بن الغاز، وسُفيان الثَّوريّ. وعنه: عمر بن شبة، والفلاس. ذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ عشرين ومائتين. 122- خَلَفُ بنُ خالد بن إسحاق المصريّ2 أبو المضاء مَوْلَى قريش: يروي عن: يحيى بن أيّوب المصريّ. قَالَ ابن يونس: تُوُفيّ في ذي القعدة سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. قلت: يغلب على ظنّي أنّه هو الذي بعده لاتفاق العصر والاسم والأب والبلد والوَلاء. لم يبق إلّا الكنْية. والمُهَنّا والمَضاء من أسرع شيءٍ إلى تصحيف الواحدة بالأخرى، فالله أعلم. 123- خَلَف بن خالد أبو المهنأ المصري3. مولى قريش:   1 الجرح والتعديل "3/ 367"، ميزان الاعتدال "1/ 657"، تهذيب التهذيب "3/ 176". 2 التاريخ الكبير "3/ 195"، الجرح والتعديل "3/ 372"، تهذيب التهذيب "3/ 150". 3 تهذيب التهذيب "3/ 150"، وانظر ما قبله. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 77 عن: اللَّيْث، وبكر بن مُضَر، وابن لَهِيعة. وعنه: خ. وأبو حاتم، وإبراهيم بن ديزيل، وحَبُّوش بن رزق الله. وعبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: مات قبل الثلاثين. 124- خلف بن الوليد البغدادي الجوهري1. نزيل مكة: سمع: شعبة، وإسرائيل، وأبا جعفر الرازي، وغيرهم. وعنه: أحمد بن أبي خيثمة، وأحمد بن ملاعب، وبشر بن موسى، ويحيى بن عبدك القزويني، وأبو زرعة الرازي، ووثقه. توفي سنة اثنتي عشرة بمكة. 125- الخليل بن عمر بن إبراهيم2 -ن. أبو محمد العبدي البصري: عن: أبيه، وعمر بن سعيد الأبَحّ، وعُبَيد الله بن شُمَيْط بن عَجْلان. وعنه: محمد بن المُثَنَّى، وإسماعيل سَمُّويْه، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بْن عَبْد الملك الدَّقِيقيّ، وعلى بن المَدِينّي، ووثَّقهُ. تُوُفّي سنة عشرين ومائتين. 126- الخليل بن أبي نافع المُزَنّي المَوْصِليّ العابد3: بلغنا عنه أنّه كان يكتب كلّ ما يتكلم به في لوح ويُحْصيه، فيَجدُهُ في آخر النّهار بضع عشرة كلمة. توفيّ ببغداد سنة سبْع عشرة، رحمة الله عليه.   1 التاريخ الكبير "3/ 195"، الجرح والتعديل "3/ 371"، الثقات لابن حبان "8/ 227". 2 التاريخ الكبير "3/ 200"، الجرح والتعديل "3/ 381"، الثقات لابن حبان "8/ 231"، التهذيب "3/ 168". 3 تاريخ بغداد "8/ 235". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 78 "حرف الدال": 127- داود بن عبد الله بن أبي الكرام1 مُحَمَّد بْن عليّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طالب -ق. أبو سليمان الهاشمي الجعفري المدني: عن: مالك، وإبراهيم بن أبي يحيى، والدَّرَاوَرْدِيّ. وعنه: أبو بكر بن أبي شَيْبة، وأخوه عثمان بن أبي شَيْبة، وابن نُمَيْر، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تَمْتام. وثقة أبو حاتم. وقيل: كان سريًّا جوادًا مُمَدَّحًا مُكْثِرًا عن حاتم بن إسماعيل. قال أبو حاتم: كان عنده عن حاتم بن إسماعيل مصنّفات شريك نحو ثلاثين جزءًا. 128- داود بن المفضَّل2. أبو الحسن الأزديّ البصْريّ الخيّاط: عن: حمّاد بن سلمة، وسعيد بن راشد، وغيرهما. وعنه: أبو حاتم، وغيره. قال أبو حاتم: رُوِيَ عن حمّاد بن حُمَيْد قال: رأيت الحسن يشدّ أسنانه بالذَّهَب، فتكلم الناسُ فيه لهذا الحديث وقالوا: إنّما روى هذا عبد الرحمن بن مهديّ، عن حمّاد. قال أبو حاتم: وليس هذا ممّا يُوهنه. وصَدَق أبو حاتم. 129- داود بن منصور النسائي3 -ن. أبو سليمان. نزيل بغداد: عن: جرير بن حازم، واللّيث بن سَعْد، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وإبراهيم بن طَهْمان، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "3/ 417"، ميزان الاعتدال "2/ 11"، تهذيب التهذيب "3/ 190". 2 التاريخ الكبير "3/ 243"، الجرح والتعديل "3/ 425، 426". 3 الجرح والتعديل "3/ 426"، الثقات لابن حبان "8/ 234"، ميزان الاعتدال "2/ 21"، تهذيب التهذيب "3/ 202، 203". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 79 وعنه: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي المضاء، ويوسف بن سعيد بن مسلم، وأبو حاتم الرازيّ، وعبد الكريم الدَّيْرعاقُوليّ، وجماعة. ولي قضاء المِصِّيصة، وسكنها. وثّقة النسائي. وقال أبو حاتم: صَدُوق، سمعت منه في سنة عشرين ومائتين. 130- داود بن مهران1. أبو سُليمان البغداديّ الدّبّاغ: سمع: عبد العزيز بن أبي رواد، وداود العطّار، وعبد الجبّار بن الورد، وطائفة. وعنه: محمد بن عبد الرحيم صاعقة، وعيسى زعاث، وعبّاس الدُّوريّ. قال أحمد العِجْليّ: ثقة. تُوُفّي داود سنة سبع عشرة. "حرف الذال": 131- ذؤيب بن عِمامة السَّهْميّ المدنيّ2: أبو عبد الله. عن: عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سهل، ويوسف بن الماجِشُون، ومالك بن أنس، ومُحْرِز بن هارون. وعنه: إسحاق بن موسى الأنصاريّ، وأبو حاتم الرازيّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ غيره: سكن الموصل وحدَّث بها، ثم ردّ إلى المدينة فتُوُفّي بها في ذي الحجة سنة عشرين ومائتين. وهو منسوب إلى جدّه الأعلى، فهو ذُؤيْب بن عَبْد اللَّه بن عَمْرو بن مُحَمَّد بن ذؤيب بن عمامة القرشي السهمي.   1 الجرح والتعديل "3/ 426"، الثقات لابن حبان "8/ 235-236". 2 الجرح والتعديل "3/ 450"، الثقات لابن حبان "8/ 238"، ميزان الاعتدال "2/ 33". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 80 "حرف الراء": 132- الربيع بن رَوْح الحضرميّ الحمصيّ1. أبو رَوْح: عن: المغيرة بن عبد الرحمن المخزوميّ، وبقيّة، وجماعة. وعنه: محمد بن عَوْف الطّائيّ، وعِمْران بن بكّار، وأبو حاتم الرازيّ. وقال: ثقة خيارًا. 133- رواد بن الجراح2 -ق. أبو عصام العسقلاني: عن: الأوزعي، وابن زَبْر، وخُلَيْد بن دَعْلَج، وأبي سعيد السّاعديّ الراوي عن أنس، وأبي بكر الهُذَلّي، وسُفيان الثَّوريّ، وجماعة. وعنه: يحيى بن معين، وعباس الترقفي، وذاكر بن شيبة شيخ الطبراني، ومحمد بن خلف العسقلاني، ومهنا بن يحيى الشامي. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، روى غير حديث منكر. وقال عباس، عم ابن مَعِين: ليس به بأس، إنما غلط في حديثٍ عن الثَّوريّ. وقال أبو حاتم: محلّه الصِّدْق، وتغير بآخره. وقال البخاريّ: كان قد اختلط لَا يكاد يقوم حديثه. وقال أحمد بن حنبل: صاحب سُنّة لَا بأس به إلّا أنّه حدَّث عن سُفيان بمناكير. وقال محمد بن عَوْف الطّائيّ: دخلنا عسْقلان ورَوَّاد قد اختلط. وقال أبو أحمد الحاكم: كان من أهل خُراسان وسنّه قريب من سن سفيان الثوري. لم يكن في الشام أكبر منه في وقته.   1 التاريخ الكبير "3/ 279"، الجرح والتعديل "3/ 461"، الثقات لابن حبان "8/ 239"، تهذيب التهذيب "3/ 243". 2 التاريخ الكبير "3/ 336"، الجرح والتعديل "3/ 524"، الثقات لابن حبان "8/ 246"، ميزان الاعتدال "2/ 55"، التهذيب "3/ 288-290". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 81 134- رُوَيز بن محمد بن رُوَيز بن لاحق البصْريّ1: عن: شُعْبة، وأبي شهاب الحنّاط. وعنه: حاتم بن اللَّيث، وعُمر بن شَبَّة، ومحمد بن سُليمان الباغَنْدِيّ. صالح الحديث. ولم يورده ابن أبي حاتم. وجاء به الأمير مع وزير. 135- رُوَيم بن يزيد2: أبو الحسن المقرئ البصري. مولى العَوَّام بن حَوْشَب. روى عن: سَلام بن أبي المنذر، واللَّيث بن سعد. وعنه: عليّ بن المَدِينيّ، ومحمد بن أبي عَتّاب الأَعْيَن، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وجعفر بن محمد بن شاكر، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفّي سنة إحدى عشرة. قال الخطيب: وله مسجد بنهر القلّائين ببغداد يُنْسَب إليه. كان يُقرئ فيه. قرأ على: سُلَيْم، وميمون القنّاد. قرأ عليه: محمد بن شاذان الجوهريّ، وغيره. وهو جدّ الصُّوفية رُوَيْم المذكور بعد الثلاثمائة، والله أعلم. "حرف الزاي": 136- زُبَيدة بنت جعفر بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن عليّ3: واسمها أَمَةُ العزيز، وكُنْيتها أم جعفر الهاشمية العباسية. والدة الأمين محمد بن   1 المشتبه في أسماء الرجال للذهبي "2/ 660". 2 الجرح والتعديل "3/ 523"، الثقات لابن حبان "8/ 245"، تاريخ بغداد "8/ 429، 430". 3 سير أعلام النبلاء "10/ 241"، البداية والنهاية "10/ 271"، النجوم الزاهرة "2/ 213، 214". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 82 الرشيد. وقيل: لم تلد عبّاسية "خليفة" إلا هي. وكان لها حُرْمة عظيمة، وبِرّ، وصَدَقات، وآثار حميدة في طريق الحجّ. والمنصور جدُّها هو الذي لقّبها زُبيدة. ومن أخبارها أنّها أنفقت في حَجَّها بضعةً وخمسين ألف ألف درهم. فروى هارون بن سليمان الأصبهانيّ قال: ثنا رجل من ثَقِيف يُقال له: محمد بن عبد الله قال: سمعت إسماعيل بن جعفر بن سليمان يقول: حجّت أمّ جعفر، فبلغت نفقتُها في ستين يومًا أربعة وخمسين ألف ألف. وحكى الفضل بن مروان أنّ زُبَيدة قالت للمأمون عند دخوله بغداد: أُهنّئُكَ بخلافةٍ قد هنَّأتُ نفسي بها عنك. ولئِن فقدتُ ابنًا خليفةً لقد عُوِّضتُ ابنًا خليفةً لم ألِده. وما خسر من اعتاض مثلَك. وقيل: كان في قصرها من الأموال والحَشَم والخَدَم والآلات ما يقصُر عنه الوصف. من جُملة ذلك مائة جارية كلٌّ منهنّ تحفظ القرآن. فكان يُسمع من قصرها كَدَوِيّ النَّحْلِ من القراءة. ولم تزل زَين نساء العراق في أيام زَوْجها، وأيّام ولدها الأمين، وأيّام ابن زوجها المأمون، إلى أن تُوُفيّت سنة ستّ عشرة ومائتين. 137- زُفَرُ بنُ عبد الله البصْريّ1: نزيل أَذَنَةَ. روى عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان. سمع منه: أبو حاتم الرازي سنة عشرين ومائتين، وعاش بعد ذلك قليلا. 138- زكريا بن عدي بن زريق2، وقيل: الصلت بدل زريق: أبو يحيى التيمي الكوفي، نزيل بغداد. أخو يوسف بن عدي نزيل مصر.   1 الجرح والتعديل "3/ 609". 2 الطبقات الكبرى "6/ 407"، التاريخ الكبير "3/ 424"، الجرح والتعديل "3/ 600"، تهذيب التهذيب "3/ 331". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 83 كان أبوهما ذميا فأسلم. روى عن: شريك، وحمّاد بن زيد، وأبي الأَحْوَص، وابن المبارك، وعبيد الله بن عمرو الرقي، ويزيد بن زُرَيع، وطبقتهم. وعنه: إسحاق بن راهوَيْه، والكَوْسَج، وحَجّاج بن الشّاعر، وعبْد بن حُمَيْد، والدَّارميّ، وأحمد بن عليّ البَربَهَاريّ، ومعاوية بن صالح الأشعريّ الدّمشقيّ، ومحمد بن إسماعيل البخاريّ في غير "الصّحيح"، وفي "الصّحيح" بواسطة، وآخرون. قال أحمد العِجْليّ: كوفي ثقة، رجل صالح متقشّف. وقال المنذر بن شاذان: ما رأيت أحفظ من زكريّا بن عديّ. جاءه أحمد، وابن مَعِين وقالا: أخْرِجْ إلينا كتاب عُبَيد الله بن عَمرو. فقال: ما تصنعون به. خذوا حتى أُمْلِيَ عليكم كلَّه. وكان يحدِّث عن عدّة من أصحاب الأعمش فيميّز ألفاظهم. وقال عبد الرحمن بن خِرَاش: ثقة، ورِع. وقيل: إنّ زكريّا لما احتضر قال: اللهم إنّي إليك لَمُشْتاق. قال ابن سعْد: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة إحدى عشرة. وقال إسماعيل بن أبي الحارث وغيره: تُوُفيّ يوم الخميس ليومين مَضَيا من جُمَادَى الآخرة سنة اثنتي عشرة، رحمه الله، ببغداد. وقال أبو عَوْف البُزُورِيّ: ما كتبت عن أحدٍ أفضل من زكريّا بن عديّ. وقال صاعقة: قدِم زكرّيا فكلّموا له من استعمله على ضيعة في الشهر بثلاثين درهمًا، فقدِم بعد شهر وقال: ليس أراني أعمل بقدر الأجرة. واشتكت عينه فأتاه رجل بكُحْل فقال: أنت ممّن يسمع الحديث؟ قال: نعم. فأبى أن يأخذه. قلت: لَا اعتبار بما قاله أبو نُعَيْم: ما لهُ وللحديث هو بالتَّوراة أعلم. قال ابن سعْد: هو مِن موالي تَيْم الله، كان رجلًا صالحًا ثقة. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 84 139- زكريّا بن عطّية البَحْرانيّ البصْريّ1: عن: عثمان بن عطاء الخُراسانيّ، وسعد بن محمد الزُّهْريّ. وعنه: الحَسَن بن علي الحلوانيّ، ومحمد بن إبراهيم الرازيّ الفاميّ، وأبو أُميَّة الطَّرَسُوسيّ. قال أبو حاتم: مُنْكَر الحديث. 140- زياد بن يونس الحضرمي الإسكندراني2 -د. أبو سلامة المقرئ: قرأ عَلَى: نافع بْن أَبِي نُعَيْم وروى عنه. وعنه: سليمان بن بلال، واللَّيث، ونافع بن عمر، وغيرهم. وعنه: أحمد بن عبد الرحمن الوَهْبيّ، ويونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن داود الإسكندرانيّ، وجماعة. وثقه أبو سَعِيد بْن يُونُس وقَالَ: كان طَلّابًا للعلم. تُوُفّي سنة إحدى عشرة، وكان يُسّمى سوسة العِلْم. 141- زيد بن المبارك الصَّنْعانيّ اليمنيّ العابد3 -د: نزيل الرملة. عن: رَبَاح بن زيد، ومحمد بن ثُور، وعبد الملك بن محمد، ويوسف بن زكرّيا الصَّنْعانّيين، وسُفْيان بن عُيَيْنَة. وعنه: جعفر بن مُسَافر، والرَّماديّ، وعبّاس بن عبد العظيم العَنْبريّ. وكان العنبريّ يُعظّمه ويُثْني عليه. وقال أبو حاتم: صدوق، قد أدركته.   1 التاريخ الكبير "3/ 424"، الجرح والتعديل "3/ 595"، الثقات لابن حبان "8/ 252"، ميزان الاعتدال "2/ 74". 2 الجرح والتعديل "3/ 549"، الثقات لابن حبان "8/ 248"، تهذيب التهذيب "3/ 389". 3 الجرح والتعديل "3/ 573"، الثقات لابن حبان "8/ 251"، تهذيب التهذيب "3/ 424، 425". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 85 وقال عبّاس العَنْبريّ: كنّا نقول: أحمد بن حنبل بالعراق، وصَدَقة بن الفضل بخُراسان، وزيد بن المبارك باليمن. 142- زينب بنت الأمير سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس العباسيّة1: وُلدت بالحُمَيْمة من أرض البَلْقاء في أواخر دولة بني أُميّة. وأدركت دولةَ بني العبّاس من أوّلها. وحدَّثت عن: أبيها. روى عنها: عاصم بن علي، وعبد الصمد بن موسى الهاشميّ، وأحمد بن الخليل البرْجلاني، وآخرون. وكان المأمون يحترمها، ويتأدَّب معها. وعاشت بِضْعًا وثمانين سنة. وإليها يُنسب طِراد الزَّيْنبيّ وأهل بيته. "حرف السين": 143- سُرَيْج بن مسلم الكوفيّ العابد2: يروي عن: الثَّوريّ، وغيره. وعنه: أبو حاتم. وقال: ثقة، ومحمد بن خلف التَّيْميّ، وغيرهما. كنيته أبو عمرو. 144- سريج بن النعمان بن مروان3 -خ. ع: أبو الحسين. ويُقال: أبو الحسن البغداديّ الجوهريّ اللؤلؤي. عن: الحَمَّادَيْن، وفُلَيْح، وحَشْرَج بن نُبَاتَة، وعبد الله بن المؤمّل المخزوميّ، ونافع بن عمر، وأبي عوانة، وجماعة.   1 سبق ترجمتها في الجزء الماضي برقم "158". 2 الجرح والتعديل "4/ 305". 3 الطبقات الكبرى "7/ 341"، التاريخ الكبير "4/ 205"، الجرح والتعديل "4/ 304"، الثقات لابن حبان "8/ 306"، التهذيب "3/ 457". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 86 وعنه: خ. والباقون سوى مسلم بواسطة، وأحمد بن منيع، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وإبراهيم الحربيّ، ومحمد بن رافع، وأبو زُرْعة الرازيّ، ومحمد بن إسحاق الصّاغانيّ، وخلْق. وروى البخاريّ أيضًا عن رجل عنه. قال حنبل: تُوُفّي يوم الأضحى سنة سبع عشرة ومائتين. 145- سَعْدان بن بِشْر المَوْصِليّ التّمّار1: عن: سُفْيان الثَّوريّ، وجماعة. وعنه: علي بن الحسين، والمَوَاصِلة. تُوُفيّ سنة سبْع عشرة. 146- سَعْد بن حفص2: أبو محمد الطَّلْحيّ الكوفيّ المعروف بالضَّخْم، مولى آل طلحة. روى عن: شَيبان فقط. وعنه: خ. وحفص بن عُمر الرَّقّيّ سنجة، وعباس الدوري، وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وجماعة. قال مطين: كان ثقة، وتوفي سنة خمس عشرة. 147- سعد بن شعبة بن الحجاج العتكي3: عن: أبيه، ويحيى بن يسار صاحب الحَسَن البصْريّ. وقال أبو حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة تسع عشرة.   1 الكامل في التاريخ "6/ 422". 2 التاريخ الكبير "4/ 55"، الجرح والتعديل "4/ 82"، الثقات لابن حبان "8/ 284"، تهذيب التهذيب "3/ 468". 3 التاريخ الكبير "4/ 85"، الجرح والتعديل "4/ 86"، الثقات لابن حبان "8/ 283"، ميزان الاعتدال "2/ 122". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 87 148- سعد بن عبد الحميد بن جعفر1 -ن. ت. ق: أبو معاذ الأنصاري الحكمي المدني. نزيل بغداد. سمع: مالكًا، وفُلَيْح بن سليمان، وعبد الرحمن بن أبي الزِّناد. وعنه: عباس الدُّوريّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأحمد بن مُلاعب، وإبراهيم الحربيّ، وطائفة. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 149- سَعيد بن أَوْس بن ثابت بن بشير بن أبي زيد2 -د. ت: أبو زيد الأنصاري النَّحْويّ الإمام، صاحب التصنيفات اللُّغَويّة والأدبيّة، وهو بكنيته أشهر. عن: ابن عَوْف، وعوف الأعرابيّ، ومحمد بن عَمْرو، وسليمان التَّيْميّ، وأبي عَمْرو بن العلاء، وسعيد بن أبي عَرْوبة، ورُؤْبة بن العجّاج، وعَمْرو بن عُبَيد شيخ المعتزلة، وطائفة. وعنه: خَلَف البزّار وقرأ عليه القرآن، وأبو عمر الْجَرّميّ صالح بن إسحاق، والعبّاس الرِّياشيّ، وأبو حاتم السجسْتانيّ، وأبو عُبيد القاسم، وأبو عثمان المازني، وعمر بن شبة، وأبو حاتم، والكُدَيْميّ، وأبو العَيْناء، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزّاز، وأبو مسلم الكَجّيّ، وخلْق. قال ابن أبي حاتم: سمعتُ أبي يُجمل القولَ فيه ويرفع شأنه، ويقول: هو صدوق. وقال صالح جَزرة: ثقة. وقال غيره: أبو زيد الأنصاريّ، جدّ هذا، هو أحد الستّة الذين جمعوا القرآن فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومات في خلافة عمر بالبصرة. واسمه ثابت بن زيد بن قيس الخزرجيّ. وعن أبي عثمان المازنيّ قال: كنّا عند أبي زيد، فجاء الأصمعيّ فأكبّ على رأسه   1 الطبقات الكبرى "7/ 346"، التاريخ الكبير "4/ 61"، الجرح والتعديل "4/ 92"، ميزان الاعتدال "2/ 124"، التهذيب "3/ 377". 2 الجرح والتعديل "4/ 4، 5"، المجروحين لابن حبان "1/ 342"، تهذيب التهذيب "4/ 3-5". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 88 وجلس وقال: هذا عالِمُنا ومعلّمنا منذ ثلاثين سنة. فنحن كذلك إذ جاء خَلَفُ الأحمر فأكبّ على رأسه وقال: هذا عالمنا ومعلِّمنا منذ عشر سِنين. وقال المازنيّ: سمعت أبا زيد يقول: وقفتُ على قصّاب فقلت: بكم البطنان؟ فقال: بمِصْفعان يا مضرطان! فغطَّيتُ رأسي وفَرَرْت. وذكر أبو سعيد السِّيرافيّ أنّ أبا زيد كان يقول: كلّ ما قال سِيَبوَيْه: أخبرني الثّقة، فأنا أخبرته. ومات أبو زيد بعد سِيبَويْه بنيِّف وثلاثين سنة قال: ويقال: إنّ الأصمعيّ كان يحفظ ثُلُث اللُّغَة، وكان أبو زيد يحفظ ثُلُثَيِ اللّغة، وكان الخليل يحفظ نصف اللُّغَة، وكان أبو مالك عَمْرو بن كركرة الأعرابيّ يحفظ اللُّغَة كلَّها. وقال المبرّد: كان أبو زيد أعلم الثلاثة بالنَّحْو: أبو زيد، وأبو عُبْيدة، والأصمعيّ. وكان له حَلَقة بالبصْرة. قال أبو موسى الزَّمِن، وأبو حاتم الرّياشيّ: مات سنة خمس عشرة. زاد أبو حاتم: وله ثلاث وتسعون سنة. وعن أبي زيد قال: أردت الانحدار إلى البصرة، فقلت لابن أخٍ لي: اكْتَرِ لنا. فنادي: يا معشر الملّاحون. فقلت: ويلك، ما تقول؟ قال: أنا مُغْرى بحُبّ النَّصْب. 150- سعيد بن بُرَيْد التَّميميّ الصُّوفيّ العارف1: أبو عبد الله النِّباجيّ الزاهد. أخذ عن: الفضيل بن عِياض، وغيره. حكى عنه: أحمد بْن أبي الحواري، وعبد الله بْن خُبَيْق الأنطاكيّ، والوليد بن عُتْبة الدمشقيّ، وغيرهم. وكان عبدًا صالحًا، وعابدًا سائحًا. له أحوال وكرامات.   1 الجرح والتعديل "4/ 8"، حلية الأولياء "9/ 310-317"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 121-123". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 89 قال ابن أبي الحواري: سمعته يقول: أصل العبادة عندي في ثلاث: لَا تَرُدّ من أحكامه شيئًا، ولا تسأل غيره حاجة، ولا تدّخر عنه شيئًا1. وقال أحمد بن أبي الحواريّ: سمعتُ أبا عبد الله النِّبَاجيّ يقول: تدري أيّ شيء؟ قلت: البارحة؟ قلت: قبيحٌ بعيدٍ ذليلٍ مثلي يُعْلِم عظيمًا مثلك. ما تعلم أنّك لو خيّرتني بين أن تكون الدّنيا كلّها لي أتنعَّم فيها حلالًا لَا أُسأل عنها غدًا، وبين أن تخرج نفسي السّاعة لاخْتَرْتُ الموت2. وقال ابن أبي الدُّنيا: ثنا داود بن محمد، سمع أبا عبد الله النِّباجيّ يقول: خمس خصالٍ بها يتمّ العمل: معرفة الله، ومعرفة الحق، وإخلاص العمل لله، والعمل على السُّنّة، وأكْل الحلال. فإنْ فُقِدت واحدة لم يُرفع العمل. وذلك أنّك إذا عرفتَ الله ولم تعرف الحقّ لم تنتفع. وإذا عرفت الحقّ وعرفتَ الله ولم تُخْلِص لم تنتفع. وإذا عرفت الله والحقَّ وأخلصت ولم تكن على السُّنَّةِ لم تنتفع. وإن تمّت الأربع ولم يكن الأكل من الحلال لم تنتفع3. وقال أبو نُعَيم في "الحلْية": سمعت أبي يقول: سمعت خالي أحمد بن محمد بن يوسف: سمعت أبي يقول: كان أبو عبد الله النِّباجيّ مُجاب الدَّعوة، له آيات وكرامات، بينا هو في بعض أسفاره على ناقة وفي الرفقة رجلٌ عائن قَلّ ما نظر إلى شيءٍ إلّا أتلفه. فقيل له: احفَظْ ناقتك من العائن. قال: ليس له إليها سبيل. فأُخبر العائن بقوله، فتحيّن غَيْبة النِّباجيّ وجاء فَعَانَ النّاقة، فاضطربت وسقطت. وأتى النِّباجيّ فرآها فقال: دُلُّوني عليه، فدلّوه. فأتاه فوقف عليه وقال: بسم الله، حبسٌ حابس، وشهابٌ قابس. رددت عين العائن عليه، وعلى أحبّ النّاس إليه، في كلوتيه رشيق، وفي ماله يليق، {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ، ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: 3، 4] . قال: فخرجت حَدَقَتَا العائن وقامت النّاقة لَا بأس بها4.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 313". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 311". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 310". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 316-317". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 90 151- سعيد بن داود بن سعيد بن أبي زَنْبر1: أبو عثمان الزَّنْبريّ المدنيّ، نزيل بغداد. سمع: مالكًا، وأبا شهاب الحنّاط. وعنه: البخاريّ في "الأدب"، والرَّماديّ، وإبراهيم الحربيّ، والحسَن بن الصّبّاح البزّار، وأبو حاتم، والحارث التميمي، وآخرون. قال ابن الصّبّاح: كان من خِيار الناس. وقال أبو حاتم: يروي "الموطأ"، وليس بالقوي. قلت: تفرد عن مالك بمناكير. قال يحيى بن مَعين: ما كان عندي بثقة. وقال أبو زُرْعة: ضعيف. وقال أحمد بن حنبل: أخاف أن يكون قد خلّط على نفسه. 152- سعيد بن الربيع2: أبو زيد، صاحب الهَرَويّ. شيخ بصري كان يبيع الثياب الهروية. روى عن: قُرَّةَ بن خالد، وشُعْبة، وعليّ بن المبارك، وغيرهم. وعنه: خ. وم. وت. ون بواسطة، وحَجّاج بن الشّاعر، وبُنْدار، وعبد بن حُمَيْد، وأبو قِلابة الرِّقاشيّ، والكُدَيْميّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. تُوُفّي فِي ذي الحجّة سنة إحدى عشرة. وكان جدّهُ مكاتبًا لزُرارة بن أَوْفَى.   1 التاريخ الكبير "3/ 470"، الجرح والتعديل "4/ 18"، المجروحين لابن حبان "1/ 325"، التهذيب "4/ 24، 25". 2 التاريخ الكبير "3/ 471"، الجرح والتعديل "4/ 20"، الثقات لابن حبان "8/ 265"، تهذيب التهذيب "4/ 27". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 91 153- سَعيد بن سلام العطّار1. أبو الحَسَن البصْريّ: عن: ثور بن يزيد، وزكرّيا بن إسحاق، وسُفيان الثَّوريّ. وعنه: أبو قِلابة الرَّقاشيّ، وإسماعيل القاضي، وأبو مسلم الكَجّيّ، وجماعة. قال أبو داود: ضعيف. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. تُوُفّي سنة أربع عشرة. 154- سعيد بن شُرَحْبيل الكِنْديّ الكوفّي2: عن: اللَّيث، وابن لَهِيعَة، ويحيى بن العلاء الرازيّ، وجماعة. وعنه: خ. وس، ق عن رجل عنه، وأبو كُرَيْب، والقاسم بن زكريّا الكوفيّ، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شَيْبة، ووالده، والحارث بن أبي أُسامة، وجماعة. قال مُطَيِّن: مات سنة اثنتي عشرة. 155- سعيد بن عبد الله بن دينار: أبو رَوْح البصْريّ التِّمّار. نزيل دمشق. عن: الربيع بن صُبيح، وعبد الواحد بن زيد. وعنه: سَلَمَةُ بن شَبِيب، وعبّاس التُّرقُفيّ، وجماعة. 156- سعيد بن عيسى بن تَلِيد الرُّعَيْنِيُّ3: مولاهم المصريّ. وقد ينسب إلى جده.   1 التاريخ الكبير "3/ 481، 482"، الجرح والتعديل "4/ 31، 32"، المجروحين لابن حبان "1/ 321"، ميزان الاعتدال "2/ 141". 2 الطبقات الكبرى "6/ 411"، التاريخ الكبير "3/ 483"، الجرح والتعديل "4/ 33"، الثقات لابن حبان "8/ 264"، التهذيب "4/ 48". 3 التاريخ الكبير "3/ 461"، الجرح والتعديل "4/ 51، 52"، الثقات لابن حبان "8/ 261"، التهذيب "4/ 71". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 92 سمع: المفضل بن فَضَالَةَ، وعبد الله بن وهْب، وابن القاسم، وزين بن شُعيب، ورشْدين بن سعْد، وابن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: خ. ون. عن رجل عنه، وابن أخيه المِقْدام بن داود بن عيسى، وأبو حاتم الرازيّ، وجماعة. وثقه أبو حاتم. وتوفي في ذي الحجّة سنة تسع عشرة، وكان كاتبًا لغيرِ واحد من قُضاة مصر. 157- سعيد بن مَسْعَدَة1. أبو الحسن البصْريّ، مولى بني مُجَاشِع: ويُعرف بالأخفش النَّحْويّ. أحد الأعلام. أخذ عن: الخليل، ولزم سِيبَوَيْه حتى بَرع. وكان أسنّ من سيبويْه. قال أبو حاتم السجسْتانيّ: كان الأخفش رجل سَوْء قَدَريًّا. كتابه في المعاني صويلح إلا أنّ فيه أشياء في القَدَر. وقال أبو عثمان المازنيّ: كان الأخفش أعلم النّاس بالكلام وأصدقهم بالْجَدَل. قلت: كان المازنّي من تلامذة الأخفش. وروى ثعلب، عن سَلَمة، عن الأخفش قال: جاءنا الكِسائيّ إلى البصرة، فسألني أن أقرأ عليه كتاب سِيبَوَيْه ففعلت، فوجّه إليّ خمسين دينارًا. قال سَلَمَةُ: وكان الأخفش يُعلِّم ولد الكِسائيّ. وكان ثعلب يفضِّل الأخفش، ويقول: كان أوسع النّاس عِلْمًا، وله كُتُب كثيرة في النَّحْو والعَرُوض. وعن الأخفش قال: أتيت بغداد ووافَيْت مسجدَ الكِسائيّ، فإذا بين يديه الفَرّاء، والأحمر، وابن سَعْدان، وغيرهم. فسألته عن مائة مسألة، فأجاب بجوابات خطّأْته في جميعها. فهم أصاحبه بالوُثُوب عليّ فمنعهم وقال: بالله أنت أبو الحسن سعيد بن مَسْعَدَة؟ قلت: نعم. فقام إليّ وعانقني وأجلسني إلى جانبه، ثم قال: أحب أن يتأدب أولادي بك.   1 سير أعلام النبلاء "10/ 206-208"، البداية والنهاية "10/ 293"، شذرات الذهب "2/ 36". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 93 فأجَبْتُهُ. ثم فيما بعد سألني أن أؤلّف له كتابًا في معاني القرآن. قال محمد بن إسحاق: تُوُفّي الأخفش سنة إحدى عشرة. وقال غيْره: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة. وقيل: سنة خمس عشرة ومائتين. وله عدّة مصنّفات. 158- سعيد بن المغيرة1 -ن. أبو عثمان المصيصي الصياد: عن: أبي إسحاق الفَزَاريّ، وابن المبارك، ومُعْتَمِر بن سليمان. وعنه: الدَّارميّ، وأبو حاتم، وعبد الكريم الدَّيْرعَاقُوليّ، وإبراهيم بن دِيزيل، ومحمد بن سُليمان الكوفيّ، وجماعة. وكان صالحًا فاضلًا كبير القَدْر. قال أبو حاتم: حسْبُك به فضلًا أنّه ابتدأ قراءة كتاب السِّيَر فرأيت أهل المِصِّيصة قد غلَّقوا حوانيتهم وحضروا مجلسه. قلت: وثّقه أبو حاتم، وغيره. 159- سعيد بن هاشم بن صالح: أبو عمر المخزوميّ، مولاهم المصريّ الفقيه الفيُّوميّ. كان من أصحاب مالك. تُوُفّي بالفَيُّوم سنة أربع عشرة. 160- سُفيان بن زياد البغداديّ المخرّميّ الرصافّي2: عن: عيسى بن يونس، وعبد الله بن ضِرار، وغيرهما. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، ومحمد بْن عُبَيد اللَّه بْن المنادي، وتمتام، وغيرهم. قال الخطيب: كان ثقة. 161- السكن بن سليمان الأزدي البصري3:   1 الجرح والتعديل "4/ 67، 68"، الثقات لابن حبان "8/ 266"، تهذيب التهذيب "4/ 88". 2 تهذيب التهذيب "4/ 111"، تهذيب الكمال "11/ 149-153"، ميزان الاعتدال "2/ 168". 3 التاريخ الكبير"/ 181، 182"، الجرح والتعديل "4/ 288"، الثقات لابن حبان "8/ 306". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 94 عن: سَلْم بن زَرِير. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ. تُوُفّي سنة عشرين. 162- سلامة بن بِشْر1. أبو كلثم العُذْريّ الدّمشقيّ: عن: يزيد بن السمط، وصدقة بن عبد الله السَّمين، والحسن بن يحيى الخشَنيّ. وعنه: أبو إسحاق الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بن أبي الحواريّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصّمد، وأبو حاتم وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق. 163- سلام بن سليمان بن سَوّار المدائنيّ2 -ق. أبو العباس الثقفي الضرير، نزيل دمشق: سمع بإفادة عمّه شَبَابة من: أبى عَمرو بن العلاء، وابن أبي ذئب، وعيسى بن طَهْمان، وشُعْبة، وغيرهم. وعنه: أحمد بن الأزهر، وعبّاس بن الوليد البيروتيّ، وعبد الله بن رَوْح، وأبو حاتم، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وعليّ بن محمد الجكّانيّ، وهارون الأخفشي الدّمشقيّ. قال أبو حاتم: ليس بالقويّ. ووثّقه غيره. وقال ابن عديّ: مُنْكَر الحديث. تُوُفّي بدمشق في حدود العشرين. 164- سَلْمُ بنُ إبراهيم البصري3 -د. ق. أبو محمد الوراق:   1 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 98"، الجرح والتعديل "4/ 302"، الثقات لابن حبان "8/ 301". 2 الجرح والتعديل "4/ 259"، المجروحين لابن حبان "1/ 342"، ميزان الاعتدال "2/ 178، 179". 3 الجرح والتعديل "4/ 269"، تهذيب الكمال "11/ 212، 213"، ميزان الاعتدال "2/ 184"، تهذيب التهذيب "4/ 127". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 95 عن: عِكْرمة بن عمّار، وشُعْبة، ومُبارك بن فَضَالَةَ، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بن عبد الله بن الْجُنَيْد، وأحمد بن صالح الوزّان، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وتَمْتَام، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ. وضعْفه ابن مَعِين. 165- سَلْم بن ميمون الخوّاص الزّاهد1: رازيّ الأصل. سكن الرملة. وروى عن: مالك، وأبي خالد الأحمر، وجماعة. وعنه: يونس بن عبد الأعلى، وعَمْرو بن أسلم الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بن عَوُف الحمصيّ، وغيرهم. قال إسماعيل بن مسلم بن قَعْنَب: رأيتُ كأن القيامة قد قامت، وكأن مناديا ينادي: ألا لِيَقُم السّابقون. فقام سُفيان الثَّوريّ. ثم نادى: ألا لِيَقُم السّابقون. فقام سَلْم الخَوَّاص. ثم نادى الثالثة فقام إبراهيم بن أدهم2. وقال سَلْم الخوّاص: النّاس ثلاثة أصناف: صنف شبه الملائكة، وصنف شبه البهائم، وصنف شبه الشياطين3. قال أبو حاتم: أدركته وكان مُرْجِئًا لا يُكتَب حديثه. وقد تقدم سليمان الخوّاص. وعاش ابن ميمون هذا إلى بعد ثلاث عشرة ومائتين. 166- سلمة بن بشير النيسابوري4:   1 الجرح والتعديل "4/ 267"، المجروحين لابن حبان "345"، ميزان الاعتدال "2/ 186، 187"، لسان الميزان "3/ 66". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 278"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 274". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 278". 4 الجرح والتعديل "4/ 157". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 96 عن: هشيم، وابن أبي حازم، وطبقتهما. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. قيل: إنه روى بالرّيّ أربعين ألف حديث سنة إحدى عشرة وبعدها. 167- سَلَمَةُ بن داود العُرضيّ1: عن: أبي المَلِيح الرَّقّيّ، وإسماعيل بن عيّاش. وعنه: صالح بن بِشْر الطَّبرانيّ، وأبو حاتم الرازيّ وقال: ثقة. 168- سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ2. الطَّلْحيّ الكوفيّ. أبو أيّوب: له عن آبائه نسخة نحو بضعٍ وعشرين حديثًا أورد منها ابن عديّ عدة أحاديث مُنْكَرَة. روى عنه: الفضل بن سُخَيت، وأحمد بن منصُور الرماديّ، ومحمد بن عَمْرو بن تمّام المصريّ، وغيرهم. 169- سليمان بن بُرْد بن نَجِيح3: أبو الربيع التُّجَيْبيّ، مولاهم المصريّ الفقيه، أحد الأئمة. عن: مالك، واللَّيث، والدَّرَاوَرْديّ، وطبقتهم. قال مِقْدام بن داود: ما رأيتُ أحدًا كان أعلم بالقضاء وآلته منه. روى عنه: مِقْدام، ومالك بن عبد الله بن سيف. مات في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين. 170- سليمان بن الحكم بن عوانة الكلبي4: حدث عن: العلاء بن كثير، والقاسم بن الوليد الهمذاني.   1 الجرح والتعديل "4/ 160"، والأنساب "8/ 430". 2 الجرح والتعديل "4/ 101"، ميزان الاعتدال "2/ 197"، لسان الميزان "3/ 77، 78". 3 الولاة والقضاة للكندي "436". 4 تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة "179". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 97 وعنه: محمد بن قدامة المصيصي، ومحمد بن الصباح، ومحمد بن أبي العوام. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. 171- سليمان بن داود بن دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاس1: أبو أيوب، وأبو داود الهاشمي العباسي الأمير. كان شريفا جليلا، عالما ثقة سريا. بلغنا عن أحمد بن حنبل أنّه قال: كان يَصْلُح للخلافة. سمع: عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، وإسماعيل بن جعفر، وإبراهيم بن سعْد، وعَبْثَر بن القاسم، وسُفيان بن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وعبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم الحربيّ، والحارث بن أبي أُسامة، وأبو مسلم الكَجّيّ، وغيرهم. قال الزَّعْفرانيّ، قال لي الشافعيّ: ما رأيت أعقل من هذين الرجلين: أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشميّ. وقال النَّسائيّ، وغيره: ثقة. وعن ابن وَارَةَ: سُمع سليمان بن داود يقول: ربما أتحدّث بحديثٍ واحد ولي نيّة، فإذا أتيت على بعضه تغيّرت نيّتي، وإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيّات. وقال ابن سعْد، وأحمد بن زُهير: مات سنة تسع عشرة. 172- سُليمان بن عبيد الله الأنصاري الرقي2 -ن. ق. أبو أيوب الحطاب: سمع: عُبيد الله بن عَمْرو الرّقّيّ، وبقيّة بن الوليد.   1 الطبقات الكبرى "7/ 343"، التاريخ الكبير "4/ 10"، الجرح والتعديل "4/ 113"، الثقات لابن حبان "8/ 277"، التهذيب "4/ 187". 2 التاريخ الكبير "4/ 25"، الجرح والتعديل "4/ 127"، ميزان الاعتدال "2/ 214"، تهذيب التهذيب "4/ 209، 210". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 98 وعنه: أبو أُميّة الطَّرَسُوسّي، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو حاتم الرازيّ، وحفص بن عمر سنجة، وطائفة. قال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. 173- سليمان بن عثمان1 أبو داود الكلابّي البصْريّ العطّار: عن: القاسم بن الفضل الحداني، وحزم بن أبي حزم. وعنه: أَسيد بن عاصم. قال أبو حاتم: شيخ. 174- سليمان بن كَرَان2: سمع: مُبَارك بن فَضَالَةَ، وعمر بن عبد الرحمن الأبّار. وعنه: محمد بن مرزوق، ومحمد بن زكرّيا الأصبهانيّ. تُوُفي سنة ثمان عشرة، وهو طُفَاويّ. لَيَّنَهُ ابن عديّ، وغيره. وآخر من روى عنه: محمد بن عثمان بن أبي سُوَيْد. وهو ابن كران براء مُخَفّفة. قيّده عبد الحقّ في أحكامه في "السّؤال". 175- سليمان بن النُّعمان الشَّيْبانيّ البصْريّ3: عن: همّام بن يحيى، ويحيى بن العلاء. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وقال أبو حاتم: شيخ. 176- سليمان بن أبي هوذة4:   1 الجرح والتعديل "4/ 131". 2 الجرح والتعديل "4/ 138"، ميزان الاعتدال "2/ 221"، لسان الميزان "3/ 101، 102". 3 الجرح والتعديل "4/ 147"، الثقات لابن حبان "8/ 276". 4 التاريخ الكبير "4/ 41"، الجرح والتعديل "4/ 148". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 99 عن: حماد بن سَلَمَةَ، وأبي هلال، وعَمْرو بن أبي قيس، وجماعة. وعنه: عيسى بن أبي فاطمة، ومُقاتل بن محمد، وسليمان بن داود القزّاز. قال أبو زُرْعة: صدوق. 177- سليمان بن محمد الأسلمّي اليساريّ1: ابن عم مُطَرَّف بن عبد الله. سكن الجار، وحدّث عن: ابن أبي ذئب، ومالك، ونافع القارئ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وجماعة. روى عنه: أبو حاتم. وقال: صدوق. 178- سهل بن عامر البَجَليّ2: عن: مالك بن مِغْوَلٍ، وفُضَيْل بن مرزوق، وإسرائيل. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شَيْبة، والحَسَن بن عليّ بن عفان، وجماعة. قال أبو حاتم: أدركته بالكوفة. كان يفتعل الحديث. 179- سهل بن محمود3. أبو السَّرِيّ: حدّث ببغداد عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش. وعنه: محمد بْن أحمد بن السّكَن، وعبّاس الدُّوريّ. وكان صالحًا ناسكًا ثقة. تُوُفّي كهلًا في سنة خمس عشرة. قال يعقوب بن شَيْبة: كان أحد أصحاب الحديث، وأحد النُّسّاك. 180- سَوَّار بن عمارة4. أبو عمارة الرملي:   1 الجرح والتعديل "4/ 140". 2 الجرح والتعديل "4/ 202"، الثقات لابن حبان "8/ 290"، ميزان الاعتدال "2/ 239"، لسان الميزان "3/ 119". 3 تاريخ بغداد "9/ 115، 116". 4 التاريخ الكبير "4/ 169"، الجرح والتعديل "4/ 273"، الثقات لابن حبان "8/ 302"، تهذيب التهذيب "4/ 269". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 100 عن: رجاء بن أبي سَلَمَةَ، والسَّريّ بن يحيى بن عُيَيْنَة. وعنه: أبو عُمَير عيسى بن محمد، وموسى بن سهل، ومحمد بن خلف العسقلانيّ، وزياد بن أيّوب، وأبو زُرْعة الدِّمشقيّ. قال أبو حاتم: أدركته ولم أسمع منه، وهو صدوق. تُوُفّي سنة أربع أو خمس عشرة. 181- سُورةُ بن زُهير1: أبو السَّرِيّ الخُراسانيّ. روى عن: مِسْعَر بن كُدام، وغيْره. قال أحمد بن سَيَّار المَرْوَزِيّ: ثنا سُورة بن زُهير رجل من أهل خُراسان لقِيته بالإسكندريّة أُرِيدَ أن يتكلّم بخلْق القرآن فامتنع. "حرف الشين": 182- شدّاد بن حكيم2: ولّي قضاء بَلْخ مُكْرَهًا فحكم ستّة أشهر وهرب إلى سَمَرقَنْد. مات سنة ثلاث عشرة ومائتين عن تسعٍ وثمانين سنة. نقل عن تعاليق ابن قاضي. ذكره المصّنف في غير طبقته فنقلته. 183- شُعَيْبُ بنُ يحيى التُّجَيْبيّ العِباديّ المصريّ3 -ن: عن: نافع بن يزيد، ويحيى بن أيّوب، واللَّيْث، ومالك، وغيرهم. وعنه: الحارث بن مسْكين، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الحَكَم، وزيد بن بِشْر، وبكر بن سَهْل الدمياطي، وجماعة.   1 الأسماء والكنى للحاكم "1/ 259". 2 الجرح والتعديل "4/ 331، 332"، الثقات لابن حبان "8/ 301"، لسان الميزان "3/ 140". 3 الجرح والتعديل "4/ 353"، الثقات لابن حبان "8/ 309"، ميزان الاعتدال "2/ 278"، التهذيب "4/ 357". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 101 ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن يونس: كان رجلا صالحًا، غلبت عليه العبادة. تُوُفّي سنة إحدى عشرة. وقيل: سنة خمس عشرة. 184- شهاب بن مُعَمَّر1: أبو الأزهر العَوَقيّ البصْريّ ثم البلْخيّ. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وفُرات بن السّائب، وسّوّادة بن أبي الأسود. وعنه: البخاريّ في "الأدب"، وأبو قُدامة عبد الله السَّرْخَسِيّ، وعبد الصمد بن الفضل البلْخيّ، وجماعة، وابن أخيه أبو شِهاب مُعَمَّر بن محمّد. وثقة ابن حِبّان. "حرف الصاد": 185- صاعدُ بنُ عُبيد البَجَلّي الحرّانيّ2 -ت. ق: عن: زهير بن معاوية، وموسى بن أعين. عنه: جعفر بن مسافر، ومحمد بن الحَجّاج الحضْرميّ، وأبو محمد الدارمي. 186- صالح بن مهران3 -ن: أبو سفيان الشيباني، مولاهم الأصبهانيّ الصُّوفيّ العارف. روى عن: النُّعمان بن عبد السّلام، وغيره. وعنه: محمد بن عاصم، وأخوه أسيد بن عاصم، ومحمد بن عبد الله بن الحسن.   1 الجرح والتعديل "4/ 363"، الثقات لابن حبان "8/ 314"، تهذيب التهذيب "4/ 368، 369". 2 الجرح والتعديل "4/ 453"، تهذيب الكمال "13/ 5"، تهذيب التهذيب "4/ 379". 3 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 199"، الجرح والتعديل "4/ 413"، تهذيب الكمال "13/ 93-95"، التهذيب "4/ 403، 404". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 102 وكان يُسمّى الحكيم لعقْله وورعه. وقد دوّنوا من كلامه رحمه الله. أخرج النّسائيّ، عن الفلاس، عنه. ووثقه الفلّاس. وقال أبو نُعَيم الحافظ: كان من الورع بمحلّ. قال أَسِيد بن عاصم: كان يفتي، وكان أفقه من الحسين بن حفص. 187- صالح بن الأمير نصر بن مالك الخزاعي 1: أخو أحمد بن نصر الشهيد. روى عن: ابن أبي ذئب، وشُعْبة، وجماعة. وعنه: عباس الدُّوريّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وآخرون. وثقه محمد بن جرير الطبريّ. وتُوُفّي سنة تسع عشرة. 188- الصَّلْتُ بن محمد 2: أبو همام البصْريّ الخارَكيّ. وخارَك من ساحل البصرة. سمع: حمّاد بن زيد، ومهديّ بن ميمون، وأبا عَوَانة، وعبد الواحد بن زياد، وجماعة. وعنه: خ. ون. عن رجل عنه، وإبراهيم بن المسستمر العُرُوقيّ، ومحمد بن مرزوق البصْريّ، وآخرون. وكان أحد الثِّقات. قال أبو حاتم: صالح الحديث.   1 الجرح والتعديل "4/ 418". 2 التاريخ الكبير "4/ 304"، الجرح والتعديل "4/ 441"، الثقات لابن حبان "8/ 324"، تهذيب التهذيب "4/ 435، 436". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 103 "حرف الضاد": 189- الضّحّاكُ بنُ مَخْلَد بن الضّحّاك بن مسلم بن الضّحّاك1: أبو عاصم النبيل الشيبانيّ البصْريّ، التاجر في الحرير، الحافظ. وُلِد سنة اثنتين وعشرين ومائة، وسمع: جعفر بن محمد الصّادق، ويزيد بن أبي عُبَيد، وأيْمَن بن نابِل، وبَهْز بن حكيم، وزكريا بن إسحاق المكّيّ، وابن جُرَيْج، وهشام بن حسّان، وابن عَوْن، وسليمان التَّيْميّ، وثور بن يزيد، وابن عَجْلان، والأوزاعيّ، وابن أبي عَرُوبَة، وخلْقًا. وعنه: خ. وهو والجماعة عن رجلٍ عنه، وجرير بن حازم أحد شيوخه، وسُفيان بن عُيَيْنَة إنْ صَحّ، وأحمد بن حنبل، وأبو خَيْثَمَة. وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وبُنْدار، وأبو حفص الفلّاس، والدّارميّ، والحارث بن أبي أسامة، وأبو مسلم الكَجّيّ، وخلْق آخرهم مَوْتًا محمد بن حبان البصري المتوفى بعد الثلاثمائة. قيل: إنّ فِيلًا قدِم البصْرَة فخرج النّاس يتفرجون، فقال ابن جريح لأبي عاصم: ما لك لَا تخرج؟ قال: لم أجد منك عِوَضًا. قال: أنت نبيل. وقيل: لُقِّب به؛ لأنّه كان فاخر البَزّة. وقيل: حلف شُعبة أن لَا يُحدِّث شهرًا، فقصده أبو عاصم وقال: حَدِّث وغُلامي حرٌّ كَفَّارةً عنك. وكان أبو عاصم حافظًا ثَبْتًا، لم يُر في يده كتاب قطّ. وكان فيه مُزَاح وكيس. قال عُمر بن شَبَّة: واللَّهِ ما رأيت مثله. وقال البخاريّ، وغيره: سمعنا أبا عاصم يقول: ما اغتبتُ أحدًا منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها.   1 الطبقات الكبرى "7/ 295"، التاريخ الكبير "4/ 336"، الجرح والتعديل "4/ 463"، الثقات لابن حبان "6/ 483"، تهذيب التهذيب "13/ 218-291"، سير أعلام النبلاء "9/ 480-485"، ميزان الاعتدال "2/ 325"، التهذيب "4/ 450". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 104 وقال ابن مَعِين: ثقة، ولم يكن يُعرب. وقال أبو داود: كان أبو عاصم يحفظ قدْر ألف حديث من جيّد حديثه، وكان فيه مُزَاح. قال إسماعيل بن أحمد أمير خُراسان: سمعت أبي يقول: كان أبو عاصم كبير الأنف، فسمعته يقول: تزوّجت امرأةً. فعمدتُ لأُقَبِّلها، فمنعني أنفي، فقالت: نحّ رُكبتك. فقلت: إنّما هو أنْف. قال غير واحد: تُوُفّي في ذي الحجّة في آخر أيام التشريق سنة اثنتي عشرة. وقال بعضهم: سنة ثلاث عشرة، وأظنه غلطًا. وقد جاوز التسعين بيسير. قال ابن سعْد: كان ثقةً فقيهًا، مات بالبصرة ليلة الخميس لأربع عشرة خَلَت من ذي الحجّة. قلت: غلط من قال: إنه مات سنة ثلاث عشرة وذلك؛ لأنه لم يصل خبرُ موته إلى بغداد إلا في سنة ثلاث عشرة، فَوَرّخه بعض المحدّثين فيها. وأما البخاريّ فقال: مات سنة أربع عشرة في آخرها. قال يزيد بن سِنان القزّاز: سمعتُ أبا عاصم يقول: كنت اختلف إلى زُفَر بن الْهُذَيْلِ، وَثَمَّ آخر يُكَنَّى أبا عاصم رثّ الهيئة يختلف إلى زُفَر. فجاء أبو عاصم يستأذن، فخرجتْ جاريةٌ فقالت: مَن ذا؟ قال: أنا أبو عاصم. فدخلت فقالت لزُفَر: أبو عاصم بالباب. قال: أيُّهما هو؟ فقالت: النبيل منهما. فأذِنت لي فدخلتُ، فقال لي زُفَر: قد لقَّبتك الجارية بلقبٍ لَا أراه أبدًا يفارقك. لقَّبَتْك بالنّبيل. فلزِمني هذا اللَّقب. رواها غير واحد عن القزّاز. قال محمد بن عيسى: سمعت أبا عاصم يقول: ما دلَّسْتُ قَطّ، إنّي لأَرجُم من يُدلّس. وفي تهذيب الكمال، عن البخاريّ ما ذكرنا من وفاته. كذا قال. وقال شيخنا عبد الله بن تَيْمية: بل ذكر البخاريّ وفاته سنة اثنتي عشرة غير مرّة. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 105 "حرف الطاء": 190- طَلْقُ بنُ السَّمْح بن شُرَحْبيل1. أبو السِّمْح المصريّ: عن: يحيى بن أيوب، ونافع بن يزيد، وموسى بن عليّ بن رباح، وقَحْذَم بن يزيد اللَّخْميّ، وحَيْوَة بن شُرَيْح، وجماعة. وعنه: ابنه حَيْوة، والربيع بن سُليمان الْجِيزيّ، ومحمد بن عبد الملك بن زَنْجُوَيْه، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الحَكَم وآخرون. قال ابن يونس: كان نفاطًا في البحر يرمي بالنار، وتوفي بالإسكندريّة سنة إحدى عشرة ومائتين. قلت: روى النَّسائيّ في كتاب "اليوم والليلة" له حديثّا. وذكره ابن أبي حاتم في كتابه. 191- طَلْقُ بنُ غنَّام بن طلْق بن معاوية النَّخَعيّ2 -خ. م: ابن عمّ حفص بن غياث. وكاتب شَرِيك القاضي ثم حفص بن غياث على الحُكْم. سمع: زائدة، وشَيْبان، وشَرِيكًا، والمسعوديّ، ومالك بنُ مغْول، وهمّام بن يحيى، وجماعة. وعنه: خ. والباقون سوى مسلم بواسطة، وأحمد بن حنبل، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْب، وأبو أُميَّة الطَّرَسُوسيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وعبد الله بن الحُسَين المِصِّيصيّ، وطائفة. قال أبو داود: صالح. وقال ابن سعْد: ثقة صدوق. مات في رجب سنة إحدى عشرة أيضًا.   1 الجرح والتعديل "4/ 491"، تهذيب الكمال "13/ 454، 455"، ميزان الاعتدال "2/ 345"، التهذيب "5/ 32". 2 الطبقات الكبرى "6/ 405"، التاريخ الكبير "4/ 360"، الجرح والتعديل "4/ 491، 492"، الثقات لابن حبان "8/ 327"، تهذيب الكمال "13/ 456-459"، سير أعلام النبلاء "10/ 240"، ميزان الاعتدال "2/ 345"، التهذيب "5/ 33، 34". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 106 "حرف العين": 192- عاصم بن يوسف اليربوعي1 -خ. ت. ن. أبو عَمْرو الكوفيّ الخيّاط: عن: أبي الأَحْوَص سلام بن سُلَيم، وقُطْبة بن عبد العزيز السّعْديّ، وأبي شِهاب الحَنّاط، وإسرائيل بن يونس، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، وأحمد بن أبي غرَزَة الغِفاريّ، وجعفر بن محمد بن الْهُذَيْلِ، وأبو محمد الدّارميّ، وجاره يوسف بن موسى القطان، وطائفة. وثّقه مُطَيِّن، وقال: مات سنة عشرين. 193- عَبّادُ بن صُهَيْب2. أبو بكر الكُلَيْبيّ البصْريّ. عن: الأعمش، وسعيد بن أبي عَرُوبة، وعُمر مولى عَفْرَة، وهشام بن عُرْوة، وابن عَجْلان، وأمثالهم. وعنه: حسين بن علّي بن مهْران، وإبراهيم بن راشد، ومحمد بن عثمان، ومحمد بن خُزَيْمَة البصْريّ. قال ابن عديّ: لعَبَّاد تصانيفُ كثيرة، ومع ضَعْفِه يُكتَب حديثه. قال لنا عَبْدان: عند أحمد بن رَوح، عن عبّاد بن صُهَيْب مائة ألف حديث. قال عبدان: وعبّاد لم يكذِّبه النّاس، إنّما لُقّن بآخره. وقال البخاريّ: سكتوا عنه. وكان يرى القدر. توفي قريبًا من سنة اثنتي عشرة ومائتين. وأمّا ابن مَعِين فروى عنه يحيى بن عبد الرحمن الأعمش، ولا أعرفه أنّه قال: عبّاد بن صهيب أثبت من أبي عاصم.   1 التاريخ الكبير "6/ 491"، الكنى والأسماء "2/ 43"، الجرح والتعديل "6/ 352"، الثقات لابن حبان "8/ 506، التهذيب "5/ 59". 2 الطبقات الكبرى "7/ 297"، التاريخ الكبير "6/ 43"، الجرح والتعديل "6/ 81، 82"، المجروحين "2/ 164"، الميزان "2/ 367". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 107 194- عَبّادُ بنُ موسى1. أبو عُقْبة القُرَشيّ البصْريّ العَبّادانيّ الأزرق: نزيل بغداد. عن: سفيان، وإسرائيل، وإبراهيم بن طَهْمان، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز بن أبي رَوّاد، وجماعة. وقيل: إنه سمع من ابن عَوْن. وعنه: أحمد بن يوسف التَّغْلبيّ، ومحمد بن إسحاق الصّاغانيّ، وإسحاق الحَرْبيّ، وإبراهيم بن فهد السّاجّي، وجماعة. وثقة الصّاغانيّ، ولم يُخَرِّجوا له شيئًا. 195- عبّاس بن طالب البصْريّ2: نزيل مصر. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبي عَوَانَة، وروح بن عطاء، وعبد الواحد بن زياد. وعنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو حاتم. حدّث في سنة ستّ عشرة. قال أبو زُرعة: ليس بذاك. 196- عبّاس بن الوليد3. أبو الفضل البصْريّ. نزل الشام وحدّث عن: شُعبة، ومبارك بن فَضَالَةَ، وأبي جعفر الرازيّ. وعنه: أحمد بن محمد بن سيَّار العَوْهيّ، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر الطَّرَابُلُسيّ. 197- عبّاس بنُ الوليد الفارسيّ ثم الإفريقيّ4. أبو الوليد:   1 تهذيب الكمال "14/ 165، 166"، ميزان الاعتدال "2/ 378"، تهذيب التهذيب "5/ 106، 107". 2 الجرح والتعديل "6/ 216"، الثقات لابن حبان "8/ 510"، ميزان الاعتدال "2/ 384". 3 الجرح والتعديل "6/ 214"، الثقات لابن حبان "8/ 510". 4 لسان الميزان "3/ 245، 246". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 108 روى عن: عبد الله بن رَوْح، ومالك بن أنس. قُتِل شهيدًا في رمضان سنة ثمان عشرة، وذلك عند فتح تونس لما خالَفَتْ عليَّ بنَ الأغلب. 198- عبد الله بن إسماعيل بن عثمان1: أبو مالك الْجَهْضميّ البصْريّ. عن: شُعبة، وجرير بن حازم، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه: إسحاق بن سيّار النَّصِيبيّ. وكتب عنه أبو حاتم الرازي ولم يحدِّث عنه. قال: هو لين. 199- عبدُ الله بن أيّوب التَّيْميّ الشاعر2: مدح الأمين، والمأمون، وغيرهما. وكان شاعرًا محسنًا. 200- عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي3 -ع: أبو عبد الرحمن مولى آل عُقْبة بن أبي مُعَيْط. سمع: عُبيد الله بن عَمْرو، وأبا المَلِيح الحَسَن بن عُمر، وموسى بن أَعْيَن الرَّقّيّين، وإسماعيل بن عَيّاش، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، ومُعْتَمر بن سليمان. وعنه: أحمد الدَّوْرقيّ، وإسماعيل بن سَمُّوَيْه، وَسَلَمَةُ بن شَبيب، وعبد الله بن عبد الرحمن الدَّارميّ، ومعاوية بن صالح الأشعريّ، وهلال بن العلاء، وطائفة آخرهم موتًا أبو شعيب الحراني. وثقه ابن معين، وغيره.   1 الجرح والتعديل "5/ 3"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 103"، ميزان الاعتدال "2/ 392". 2 الأغاني "20/ 44-59"، تاريخ بغداد "9/ 411-413". 3 الطبقات الكبرى "7/ 486"، التاريخ الكبير "5/ 62"، الجرح والتعديل "5/ 23"، الثقات لابن حبان "8/ 351"، التهذيب "5/ 173". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 109 وقال هلال: أضرّ سنة ستّ عشرة، وتغير سنة ثمان عشرة، ومات سنة عشرين. قلت: تٌوُفيّ في ثالث وعشرين شعبان بالرَّقّة. رَوَت الجماعة عن رجلٍ عنه. 201- عبد الله بن الْجَهْم1: أبو عبد الرحمن الّرازيّ. لم يرحل. وسمع من: قاضى الرّيّ عِكْرمة بن إبراهيم، وجرير بن عبد الحميد، وعَمْرو بن أبي قيس الرازيّ، وابن المبارك، وجماعة. وعنه: أحمد بن أبي سُرَيْج، ويوسف بن موسى القطّان، وجماعة. قال أبو زُرْعة: رأيته وكان صدوقًا. لم أكتب عنه. - عبد الله بن خيران: تأخر. 202- عبد الله بن داود بن عامر بن الربيع2: أبو عبد الرحمن الهمْداني الشَّعْبيّ الكوفيّ المعروف بالخُرَيْبيّ. سكن الخُرَيْبة، وهي محلَّة بالبصْرة. وكان من كبار أئِّمة الأثر. سمع: هشام بن عُرْوة، والأعمش، وَسَلَمَةَ بن نُبَيْط، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، وابن جُرَيْج، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، وخلقًا. وعنه: الحسن بن صالح بن حيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنَة وهما من شيوخه. ومسدد، ونصر بن عليّ، وبُنْدار، وعَمْرو الفلاس، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، والكُدَيمِيّ، وبِشْر بن موسى الأسديّ، وخلْق. قال ابن سعد: كان ثقةً، عابدًا، ناسكًا.   1 الجرح والتعديل "5/ 27"، الثقات لابن حبان "8/ 344"، ميزان الاعتدال "2/ 404"، تهذيب التهذيب "5/ 177، 178". 2 الطبقات الكبرى "7/ 295"، التاريخ الكبير "5/ 82"، الجرح والتعديل "5/ 47"، الثقات لابن حبان "7/ 60"، التهذيب "1/ 412". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 110 وقال ابن مَعِين: ثقة، مأمون. وقال الكُدَيْميّ، عن عبد الله بن داود قال: كان سبب دخولي البصْرة لأن ألقى ابن عَوْن، فلمّا صرتُ إلى قناطر سَرْدارا تلقّاني نعْيه، فدخلني مَا اللهُ بِهِ عليم. أبو حفص الفلّاس: سألت عبد الله بن داود عن بازيّ أُخِذ من أرض العدوّ. فقال: إنْ كان مُعَلَّمًا وُضِع في المَغْنَم، وإنْ كان وَحْشيًّا فهو لصاصة. عليّ بن حرب: سألت الخُرَيْبيّ عن الإيمان؟ قال: قَوْلِي فيه قول ابن مسعود، وحُذَيفة، وإبراهيم النَّخَعيّ: قولٌ وعملٌ يزيد وينقص. ثم قال: أنا مؤمن عند نفسي، ولا أدري كيف أنا عند ربّي. وقال زيد بن أخزم: سمعت الخُرَيْبيّ يقول: نَوْلُ الرجل أن يُكره ولده على طلب الحديث. ليس الدّين بالكلام، إنّما الدين بالآثار. وقال الكُدَيْميّ عنه: ما كذبت إلّا مرّةً واحدة. قال لي أبي: قرأت عليّ العِلْم؟ قلت: نعم، وما كنت قرأت عليه. وقال الفلّاس: سمعت الخُرَيْبيّ يقول: كانوا يستحبّون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لَا تعلم به زوجته ولا غيرها. وقال زيد بن أخزم: سمعت الخُرَيْبيّ يقول: مَن أمكن النّاس مِن كلّ ما يريدون أضرّوا بدُنياه ودِينه. وقال أبو داود: خلّف الخُرَيْبيّ أربعمائة دينار. وبعث إليه محمد بن عَبّاد مائة دينار فقبِلها. وقال إسماعيل الخطْبيّ: سمعت أبا مسلم الكجي يقول: كتبت الحديث وعبد الله بن داود حي. ولم آته؛ لأني كنت في بيت عمتي. فسألت عن أولادها فقالوا: قد مضوا إلى عبد الله. فأبطؤا ثم جاءوا يذمّونه وقالوا: طلبناه في منزله فقالوا: هو في بسيتينيةٍ له بالقُرب. فقصدناه، فسلَّمْنا، وسألناه أن يُحدِّثنا، فقال: مُتِّعتُ بكم، أنا في شغلٍ عن هذا. هذه البُسَيْتينية لي فيها معاش، وتحتاج إلي سقْيِ، وليس لي مَن يسقيها. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 111 فقلنا: نحن نُدير الدُّولاب ونسقيها. فقال: إنْ حَضَرَتْكم نيةٌ فافعلوا. فتشلَّحنا وأدَرْنا الدُّولاب حتّى سقينا البستان. ثم قلنا: تُحدِّثنا؟ قال: مُتِّعتُ بكم ليس لي نيةٌ، وأنتم كانت لكم نيّة تُؤْجَرون عليها. وقال أحمد بن كامل: نا أبو العيناء قال: أتيت الخُريْبيّ فقال: ما جاء بك؟ قلت: الحديث. قال: اذهب فتحفظ القرآن. قلت: قد حفظت القرآن. قال: اقرأ أو {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ} [يونس: 71] . فقرأت العشر حتى أنفذته. فقال: اذهب الآن فتعلَّم الفرائض. قلت: قد تعلَّمتُ الفرائض الصُّلْب والْجَدّ والكُبْر. قال: فأيّهما أقرب إليك ابن أخيك أو ابن عمّك؟ قلت: ابن أخي. قال: ولِمَ؟ قلت: لأنّ أخي من أبي، وعمّي من جدّي. قال: اذهب الآن فتعلّم العربية. قلت: قد عُلِّمْتُها قبل هذين. قال: فلِم قال عُمر حين طعن: يا لله، يا للمسلمين؟ قلت: فَتَحَ تِلك على الدّعاء، وكسر هذه على الاستغاثة والاستنصار. فقال: لو حدثت أحدًا لحدثتك. وقال عبّاس العَنْبريّ: سمعتُ الخُرَيْبيّ يقول: وُلِدتُ سنة ستٍّ وعشرين ومائة. وقال الكُدَيْميّ: مات في النصف من شوّال سنة ثلاث عشرة. وقال بِشْر الحافي: دخلت على عبد الله بن داود في مرضِه الذي مات فيه، فجعل يقول ويُمِرّ يدَه إلى الحائط: لو خُيّرت بين دخول الجنّة وبين أن أكون لَبِنَةً من هذا الحائط لاخترتُ أن أكون لَبِنةً، متى أدخل أنا الجنّة؟. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 112 وكان يقف في القرآن تورُّعًا وَجُبْنًا. قال عثمان بن سليمان بن سافريّ: قال لي وكيع: النظر في وجه عبد الله بن داود عبادة. وقال إسماعيل القاضي: لما دخل يحيى بن أكثم البصرة مضى إلى الخُرَيْبيّ، فلما دخل رأى الخُرَيبيُّ مِشْيَتَه. فلما جلس وسلَّم قال: معي أحاديث تُحدِّثني بها. قال: مُتِّعتُ بك، إنّي لمّا نظرت إليك نويتُ أن لَا أُحَدِّث. قال محمد بن شجاع: قلت لعبد الله الخُرَيْبيّ: إنّ بعض الناس أخبرني أنّ أبا حنيفة رجع عن مسائل كثيرة. قال: إنّما يرجع الفقيه عن القول إذا اتّسع علمه. 203- عبد الله بن داود الواسطي التمار1 -ت: وهو أقدم وفاةً من الخريبيّ وأصغر. عن: حنظلة بن أبي سُفيان، وابن جُرَيْج، وحماد بن سَلَمَةَ، واللّيث بن سعد، وجماعة. وعنه: محمد بن المُثَنَّى، وأحمد بن سِنان القطّان، وأحمد بن أبي سُرَيْج الرازيّ، وهارون بن سليمان الأصبهانيّ، وآخرون. قال ابن المُثَنَّى: كان واللهِ ما علمته، ثقة صاحب سُنّة. وقال ابن عديّ: هو عندي ممّن لَا بأس به إن شاء الله. 204- عبد الله بن رجاء الغداني2 -خ. ن. ق. أبو عمرو البصري: عن: شُعبة، وعِكْرمة بن عمّار، وهمّام، وشَيْبان، وعاصم بن عمر العمريّ، وعبد الرحمن المسعوديّ، وجرير بن أيّوب البَجَليّ، وإسرائيل، وعبد الحميد بن بهرام، وسعيد بن سَلَمة بن أبي الحسام، وخلق.   1 التاريخ الكبير "5/ 82"، الجرح والتعديل "5/ 48"، المجروحين "2/ 34، 35" تهذيب التهذيب "5/ 200، 201". 2 التاريخ الكبير "5/ 91"، الجرح والتعديل "5/ 55"، الثقات لابن حبان "8/ 341"، تهذيب التهذيب "5/ 209، 210". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 113 وعنه: خ. ون. ق بواسطة، وإبراهيم الحربيّ، وأبو بكر الأثرم، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأُسَيْد بن عاصم، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وعثمان بن عمر الضَّبّيّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وأبو خليفة الفضل بن الحباب، وخلق. كثير الغلظ والتَّصحيف. وقال أبو حاتم: ثقة، رِضًى. وقال ابن المَدِينيّ: اجتمع أهل البصرة على عدالة رجلين: أبي عمر الحَوْفيّ، وعبد الله بن رجاء. تُوُفّي في سلْخ ذي الحجّة سنة تسع عشرة. ودُفِن مِن الغد سنة عشرين. - أمّا عبد الله بن رجاء المكّي، فقد مرّ في طبقة وكيع. 205- عبد الله بن الزُّبير بن عيسى1. خ. د. ت. ن: الإمام أبو بكر القُرَشيّ الأَسَديّ الحُمَيْديّ، لحميد بن زهير بن الحارث بن أسد المكّيّ. مُحدَّث مكّة وفقيهها، وأَجَلّ أصحاب سُفْيان بن عُيَيْنَة. سمع: ابن عُيَيْنَة، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وفُضَيْل بن عِياض، ومَروان بن معاوية، والوليد بن مسلم، ووكيعًا، والشافعيّ، وطائفة. وعنه: خ. ود. ت. ن. عن رجل عنه، وهارون الحمّال، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وَسَلَمَةَ بن شَبِيب، ويعقوب الفَسَويّ، ويعقوب السَّدُوسيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم الرازيّان، وأبو بكر محمد بن إدريس المكّيّ وَرَّاقُهُ، ومحمد بن عبد الله بن سنجر الْجُرْجَانيّ، ومحمد بن عبد الله بن البَرْقيّ، وبِشر بن موسى، والكُدَيْميّ، وخلْق. قال أحمد بن حنبل: الحُمَيْديّ عندنا إمام. وقال أبو حاتم: أثبت الناس في ابن عُيَيْنة: الحُمَيْديّ. قال: جالست ابنَ عُيَيْنَة تسع عشر سنة أو نحوها.   1 الطبقات الكبرى "5/ 502"، التاريخ الكبير "5/ 96، 97"، الكنى والأسماء "1/ 118"، الجرح والتعديل "5/ 56، 57"، الثقات لابن حبان "8/ 341"، سير أعلام النبلاء "10/ 616-621"، تهذيب التهذيب "5/ 215، 216". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 114 وقال يعقوب بن سُفْيان: ثنا الحُمَيْديّ وما لقيت أنصحَ للإسلام وأهله منه. وقال غيره: كان حُجَّةً حافظًا. كان لَا يكاد يَخْفى عليه شيء من حديث سُفْيان. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى: ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، وَذَكَرَ حَدِيثَ: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ" 1. فَقَالَ: لَا تَقُولُ غَيْرَ هَذَا عَلَى التَّسْلِيمِ وَالرِّضَا بِمَا بِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ. لَا تَسْتَوْحِشُ أَنْ تقول كما قال القرآن والحديث. قال الفَسَوِيّ: سمعتُ الحُمَيْديّ يقول: كنت بمصر، وكان لسعيد بن منصور حلقة في مسجد مصر يجتمع إليه أهل خُراسان وأهل العراق. فجلست إليهم فذكروا شيخًا لسُفيان وقالوا: كم يكون حديثه؟ فقلت: كذا وكذا. فاستكثر ذلك سعيد وابن دَيْسَم. فلم أزل أُذاكِرهما بما عندهما عنه، ثم أخذت أَغرب عليهما، فرأيتُ فيهما الحياء والخجل. وقال محمد بن سهل القُهُسْتانيّ: ثنا الربيع: سمعت الشافعيّ يقول: ما رأيت صاحب بلغمٍ أحفظَ من الحُمَيْديّ. كان يحفظ لابن عُيَيْنَة عشرةَ آلاف حديث. وقال محمد بن إسحاق المَرْوَزِيّ: سمعت إسحاق بن راهوَيْه يقول: الأئمة في زماننا: الشافعيّ، والحُمَيْدي، وأبو عُبَيْد. وقال عليّ بن خَلَف: سمعت الحُمَيْديّ يقول: ما دمت بالحجاز، وأحمد بالعراق، وإسحاق بخُراسان لَا يَغْلِبُنا أحد. وقال السّرّاج: سمعتُ محمد بن إسماعيل يقول: الحُمَيْديّ إمامٌ في الحديث. قلت: والحُمَيْديّ معدود من الفُقَهاء الذين تفقّهوا بالشّافعيّ. قال ابن سعْد، والبخاريّ: تُوُفّي بمكة سنة تسع عشرة ومائتين. وقال غيرهما: في ربيع الأول.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2612"، وأحمد في المسند "2/ 244، 347، 463، 519"، والحميدي "1121"، وابن حبان في صحيحه "5605"، وأخرجه مختصرًا البخاري "2559"، ومسلم "2612"، وأحمد "2/ 313". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 115 206- عبد الله بن السري الأنطاكي الزاهد1 -ق: كان من أهل المدائن، وصحِب شُعَيب بن حرب العابد، وروى عنه. وعن: سعيد بن زكريّا المدائنيّ، وصالح المُرّيّ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وحفص بن سليمان القارئ، وغيرهم. وعنه: خَلَف بن تميم الكوفيّ مع تقدُّمه، وأحمد بن أبي الحواري، وأحمد بن نصر النَّيْسابوريّ، وموسى بن سهل الرمليّ، وعبّاس الدوري، وأحمد بن خليل الحلبيّ شيخ الطّبراني، وآخرون. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي "سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ": عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ تَمِيمٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، رَفَعَهُ قَالَ: "سَيَلْعَنُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا"2. أَسْقَطَ خَلَفٌ، أَوْ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ إِسْنَادِهِ سَطْرًا، إِمَّا عَمْدًا أَوْ غَلَطًا. فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ خُلَيْدٍ الْحَلَبِيَّ، وَغَيْرَهُ رَوَوْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّرِيِّ الْأَنْطَاكِيِّ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثَنَا عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وكذلك رواه محمد بن معاوية الأنماطيّ، عن سعيد بن المدائنيّ. وحديث خَلَف وقع عاليًا في جزء محمد بن الفرج الأزرق عنه، عن عبد الله بن السَّريّ. قال ابن عديّ: لَا بأس به. 207- عبد الله بن سليم3 -ن. أبو عبد الرحمن الْجَزَريّ الرَّقِّيّ: عن: أبي المَلِيح، وعُبَيد الله بن عَمْرو، وعيسى بن يونس.   1 الجرح والتعديل "5/ 78"، المجروحين لابن حبان "2/ 33، 34"، ميزان الاعتدال "2/ 427، 428"، التهذيب "5/ 233". 2 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه ابن ماجه "263"، وابن أبي عاصم في السنة "994"، وضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة "1507". 3 التاريخ الكبير "5/ 110"، الجرح والتعديل "5/ 77"، الثقات لابن حبان "8/ 352"، تهذيب التهذيب "5/ 244". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 116 وعنه: أيّوب الوزّان، ومحمد بن جَبَلة الرافقيّ، ومحمد بن عليّ بن ميمون الرَّقّيّ. مات سنة ثلاث عشرة. 208- عبد الله بن سِنان الهَرَويّ1: روى عن: عبد الله بن المبارك، ويعقوب القُمّيّ، وفضيل بن عياض. وعنه: الذهلي، وأبو زرعة، وبشر بن موسى، وجماعة. توفي سنة ثلاث عشرة. وثقة أبو داود. 209- عبد الله بن صالح بن مسلم العجليّ الكوفي المقرئ2: والد الحافظ أحمد بن عبد الله صاحب التاريخ. قرأ القرآن على: حمزة الزّيّات، وهو آخر مَن قرأ عليه موتًا. وروى عنه: وعن: أبي بكر النَّهْشَليّ، والحسن بن صالح بن حيّ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وفُضَيْل بن مرزوق، وزُهير بن معاوية، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وأسباط بن نصر، وشَبِيب بن شَيْبة، وعبد العزيز الماجِشُون، وجماعة. وعنه: البخاريّ، فيما قيل، وابنه أحمد بن عبد الله العِجْليّ، وَأَحْمَدَ بْنَ أَبِي غَرَزَة، وَأَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى البلاذُريّ الكاتب، وبشْر بن موسى، وأبو زُرْعة الرازيّ، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تَمْتام، وإبراهيم الحربيّ، وخلْق سواهم. وُلد بالكوفة سنة إحدى وأربعين ومائة، وسكن بغداد وأقرأ بها. تلا عليه: أبو حمدون الطيب بن إسماعيل بن نصر الرازيّ. قال عبد الخالق بن منصور، عن ابن مَعِين: ثقة.   1 التاريخ الكبير "5/ 112"، الجرح والتعديل "5/ 68"، الثقات لابن حبان "8/ 342"، ميزان الاعتدال "2/ 437". 2 الجرح والتعديل "5/ 85، 86"، الثقات لابن حبان "8/ 352"، تهذيب الكمال "15/ 109-115"، سير أعلام النبلاء "10/ 403-405"، تهذيب التهذيب "5/ 261-263". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 117 وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن حِبّان في كتاب "الثقات": كان مستقيم الحدَّيث. "فصل": قال خ. في تفسير سورة الفتح: ثنا عبد الله، ثنا عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ، عن هلال، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو، فذكر حديث: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الفتح: 8] . قال أبو نصر الكَلَاباذيّ، وأبو القاسم اللالكائيّ، والوليد بن بكر الأندلسيّ: عبد الله هو ابن صالح العِجْليّ. وقال أبو عليّ بن السَّكَن، في روايته عن الفِربْريّ، عن البخاريّ: ثنا عبد الله بن مَسْلَمَة، يعني القَعْنَبيّ، نا عبد العزيز، فذكره. وقال أبو مسعود الدّمشقيّ في "الأطراف": عبد الله هو ابن رجاء، ثم قال: والحديث عند عبد الله بن رجاء، وعبد الله بن صالح. وقال أبو عليّ الغسّانيّ: عبد الله هو ابن صالح كاتب اللَّيث. وتابَعَهُ على ذلك أبو الحَجّاج شيخنا، وقال: هو أَوْلَى الأقوال بالصّواب؛ لأنّ البخاريّ رواه في باب الانبساط إلى النّاس من كتاب "الأدب" له. فقال: ثنا عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ، ورواه في البيوع من "الصّحيح" عن العَوَقيّ. والحديث عنده بهذين الإسنادين في "الصّحيح" وفي كتاب "الأدب". إلى أن قال: وإذا تقرَّر أنّ البخاريّ روى هذا الحديث عن عبد الله بن صالح، وَقَعَ الاشتراك بين العجلي، وبين الكاتب. فكونه كاتب الليث أولى؛ لأنا تيقنا أَنّ البخاريّ قد لقي كاتبَ اللَّيث وأكثر عنه في "التاريخ" وغيره من مُصَنَّفاته. وعلّق عنه في أماكن من "الصّحيح"، عن اللّيث، عن عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ. وهذا معدوم في حقّ العَجْليّ، فإنّ البخاريّ ذكر له ترجمةً في "التاريخ" مختصرةً جدًّا، لم يروِ عنه فيها شيئًا، ولا وجدنا له رواية مُتَيَقِّنة عنه لا في "الصحيح" ولا في غيره. وَقَدْ رَوَى فِي التَّارِيخِ، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ. وَأَيْضًا فَلَمْ نَجِدْ لِلْعِجْلِيِّ رِوَايَةً، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الجزء: 15 ¦ الصفحة: 118 أَبِي سَلَمَةَ سِوَى حديثٍ واحدٍ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 1. بِخِلافِ كَاتِبِ اللَّيْثِ فَإِنَّهُ رَوَى الْكَثِيرَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ. قُلْتُ: وَأَيْضًا، فإنّ النّاس رَوَوْا الحديث المذكور عن كاتب اللّيث. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الْجِهَادِ مِنْ "صَحِيحِهِ" فَقَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَفَلَ مِنْ حَجٍّ2. الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ، عن الفربري، عن البخاري، ثنا عبد الله بْنُ يُوسُفَ. ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ. وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي "الْأَطْرَافِ": هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا هُوَ؟ وقال أبو عليّ الغسّانيّ: هو عبد الله بن صالح كاتب اللّيث. ثم ظفرنا برواية البخاريّ، عن كاتب اللّيث في نفس "الصّحيح" ولله الحمد. وذلك أنّه في مكان خَفِيّ. فإنّه روى حديثًا علّقه فقال: وقال اللّيث، عن جعفر بن ربيعة في الذي نجر الخشبة وأوقرها الألفَ دينار3. ثم قال في آخر الحديث: حدّثني عبد الله بن صالح، ثنا اللّيثُ بهذا. قال أحمد العجلي: وُلِد أبي سنة إحدى وأربعين ومائة. وتُوُفّي سنة إحدى عشرة وله سبعون سنة. قلت: الظّاهر أنّ أحمد لم يضبط وفاة أبيه، وأظّنه عاش إلى قريب العشرين. فإنّه روى عنه مَنْ لَا يُعرف له سَمَاع في سنة إحدى عشرة، بل بعدها بأربع سنين، وخمس سنين، وأكثر. فروى عنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وإبراهيم بن عبد بن   1حديث صحيح: أخرجه البخاري "2447"، وفي الأدب المفرد "470، 485"، ومسلم "2579"، والترمذي "2030"، وأحمد في المسند "2/ 137، 156، 159". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2995"، ومسلم "1344". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2063"، وأحمد في المسند "2/ 348". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 119 الْجُنَيْد، وإبراهيم بن دروقا، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، ومحمد بن العبّاس المؤدّب مولى بني هاشم، ومحمد بن غالب تَمْتام، وهؤلاء مَن طَلَبَه بعد سنة إحدى عشرة. وأوّل رحلة أبي حاتم سنة ثلاث عشرة. ولا أعلم لأكثرهم سماعًا إلّا بعد ذلك. والله أعلم. 210- عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث1 -ن: الفقيه أبو محمد المصري، والد الفقيه محمد، وسعد، وعبد الرحمن، وعبد الحَكَم. ويقال: إنه مولى عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سمع: مالكًا، والليث، وَمُفَضَّلَ بن فَضَالَةَ، ومسلم بن خالد الزَّنْجيّ، ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندرانيّ، وابن وهْب، وابن القاسم، وبكر بن مُضَر، وجماعة. وعنه: بنوه الأربعة، والدَّارِميّ، وخير بن عَرَفَة، ومحمد بن عبد الله بن الْبَرْقِيِّ، ومِقْدام بن داود الرُّعَينيّ، ويوسف بن يزيد القراطيسيّ، ومالك بن عبد الله بن سيف التُّجِيبيّ، ومحمد بن عَمْرو أبو الكَرَوَّس المصريّ، وآخرون. قال أبو زُرعة: ثقة. وقال ابن وارة: كان شيخ مصر. وقال أحمد العِجْليّ: لم أر بمصر أعقل منه ومن سعيد بن أبي مريم. وقال ابن حبان: كان ممن عقل مذهب مالك وفرع على أصوله. وذكر أبو الفتح الأزديّ في "الضعفاء": أنّ ابن مَعِين كذّب عبد الله. وذكر هذا السّاجيّ، عن ابن مَعِين. وقد حدَّث عن الشّافعيّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بكتاب "الوصايا". قال السّاجي: فسألت الربيع فقال: هذا الكتاب وجدناه بخطّ الشّافعيّ ولم يُحدِّث به، ولم يقرأ عليه.   1 الطبقات الكبرى "7/ 518"، التاريخ الكبير "5/ 142"، الجرح والتعديل "5/ 105، 106"، التهذيب "5/ 289". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 120 قلت: تكذيب يحيى له لم يصحّ. وقال أبو عمر الكِنْديّ في كتاب "الموالي" بمصر: ومنهم عبد الله بن عبد الحَكَم بن أَعْيَن. سكن عبد الحَكَم وأبوه جميعًا بالإسكندرية وماتا بها. ووُلِد عبد الله سنة خمسٍ وخمسين ومائة، وتُوُفّي في رمضان سنة أربع عشرة. وقال ابن عبد البَرّ: صنّف كتابًا اختصر فيه أُسْمِعتُه من ابن القاسم، وابن وهْب، وأَشْهَب. ثم اختصر من ذلك كتابًا صغيرًا. وعليهما مع غيرهما عن مالك قول البغداديين المالكيّة في الدّراسة. وإيّاهما شرح أبو بكر الأبْهَريّ. قلت: وقد صنف "كتاب الأموال"، و"كتاب فضائل عمر بن عبد العزيز" وسارت بتصانيفه الرُّكْبان. وكان محتشمًا نبيلًا، متموّلًا، رفيع المَنْزِلة. وهو مدفون إلى جانب الشّافعيّ. وهو الأوسط من القيود الثلاثة. وقال أبو إسحاق الشّيرازيّ: كان أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله. أفضت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب. قيل: إنّه أعطى الشّافعيّ ألف دينار. 211- عبد الله بن عثمان بْن عطاء بْن أَبِي مسلم الخُراسانيّ1: أبو محمد. أخو محمد بن عثمان. من أهل الرملة. روى عن: عَطّاف بن خالد المخزوميّ، وطلْحة بن زيد الرَّقّيّ، ومسلم بن خالد الزَّنْجيّ، وشِهاب بن خِراش، وغيرهم. وَوَهِم من قال: إنه روى عن أبي مالك الأشجعيّ. روى عنه: إبراهيم بن محمد بن يوسف الفِرْيابيّ، وإسماعيل سمويه، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وموسى بن سهل الرملي، وأبو حاتم الرازي وقال: سمعت منه بالرملة سنة سبْع عشرة. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ". 212- عَبْدُ اللَّهِ بن غالب العباداني2 -ق:   1 التاريخ الكبير "5/ 146"، الجرح والتعديل "5/ 113"، الثقات لابن حبان "8/ 437"، التهذيب "5/ 317". 2 تهذيب الكمال "15/ 423"، تهذيب التهذيب "5/ 355". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 121 عن: الربيع بن صَبِيح، وعبد الله بن زياد البحرانيّ، وعامر بن يَسَاف. وعنه: عباد بن الوليد الغَبريّ، وعبّاس التُّرْقُفِيّ، ومحمد بن عَبْدَك القزّاز، ويحيى بن عَبْدَك القزْوينيّ، ومحمد بن يحيى الأزْديّ. 213- عبد الله بن مروان1. أبو شيخ الحرّاني: عن: زُهير بن معاوية، وعيسى بن يونس. وعنه: أبو حاتم الحافظ، وإبراهيم بن الهيثم البلديّ، وإسحاق الحربيّ. وغيرهم. وثقه أبو حاتم، ولقيه في سنة ثلاثٍ عشرة ومائتين. 214- عبد الله بن نافع بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بن العوام2 -ن. ق. أبو بكر الأسدي الزبيري المدني. وليس بالصّائغ. ذاك مخزوميّ، وهذا يقال له: عبد الله بن نافع الأصغر: يروي عن: مالك، وعبد العزيز بن أبي حازم، وأخيه عبد الله بن نافع الأكبر. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهليّ، ومعروف الحمّال، ويعقوب بن شَيْبة، وعبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن المعدّل الفقيه، وأحمد بن الفرج الحمصيّ، وطائفة. قال ابن مَعِين: صدوق. وقال البخاري: أحاديثه معروفة. وقال الزُّبير بن بكّار: كان المنظور إليه من قريش بالمدينة في هَدْيِهِ وَفِقْهِهِ وعَفافِه. وكان قد سرد الصوم وقد توفي في المحرم سنة ستّ عشرة وهو ابن سبعين سنة. وكذا ورّخ البخاريّ وفاته. وأما الصّائغ فقد مرّ. 215- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ بْنِ أَبِي عِيسَى3. أبو علي الشاميّ، نزيل البصرة:   1 التاريخ الكبير "5/ 207"، الجرح والتعديل "5/ 166"، الثقات لابن حبان "8/ 345". 2 الطبقات الكبرى "5/ 439"، التاريخ الكبير "5/ 213، 214"، الجرح والتعديل "5/ 184"، الثقات لابن حبان "8/ 347"، ميزان الاعتدال "2/ 514"، تهذيب التهذيب "6/ 50". 3 التاريخ الكبير "5/ 220"، الجرح والتعديل "5/ 194"، الثقات لابن حبان "8/ 349"، تهذيب التهذيب "6/ 59". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 122 عن: أبيه، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. وَعَنْهُ: ابن المَدِينيّ، والفلاس، والكُدَيْميّ، وسليمان بن سيف الحَرّانيّ، وأبو قِلابة الرَّقَاشيّ، وجماعة. وكان صدوقًا. كان حيًا سنة إحدى عشرة. 216- عبد الله المأمون بن هارون الرشيد بن محمد المهديّ بن عبد الله المنصور. أبو العبّاس الهاشميّ1: وُلِد سنة سبعين ومائة عندما استُخْلِف أبوه الرشيد. وقرأ العلم في صِغره، وسمع من هُشَيم، وعَبّاد بن العوّام، ويوسف بن عطّية، وأبي معاوية الضّرير، وطبقتهم. وبرع في الفقه والعربية وأيام الناس. ولما كبر عني بالفلسفة وعلوم الأوائل وشهر فيها، فجره ذلك إلى القول بخلق القرآن. روى عنه: ولده الفضل، ويحيى بن أكثم، وجعفر بن أبي عثمان الطَّيالسيّ، والأمير عبد الله بن طاهر، وأحمد بن الحارث الشّيعيّ، ودِعْبِل الخُزَاعيّ، وآخرون. وكان من رجال بنى العبّاس حزْمًا وَعَزْمًا، وَحِلْمًا وَعِلْمًا، ورأيًا ودَهاءً، وهَيبةً وشجاعةً، وسُؤْدُدًا وسَمَاحة. وله محاسن وسيرة طويلة. قال ابن أبي الدُّنيا: كان أبيض، رَبْعة، حَسَن الوجه، تعلوه صُفْرة، وقد وَخَطَه الشَّيْب. أَعْيَن، طويل اللحية رقيقها. ضيّق الجبين، على خدّه خال. وقال الجاحظ: كان أبيض فيه صُفْرة. وكان ساقاه دون جسده صفراوين، كأنهما طُلِيتَا بالزَّعْفران. وقال ابن أبى الدُّنيا: قدِم الرشيد طُوسَ سنة ثلاثٍ وتسعين، فوجّه ابنَه المأمون إلى سَمَرْقَنْد. فأتته وفاة أبيه وهو بمرو.   1 الأغاني "7/ 147"، تاريخ بغداد "10/ 183-192"، تاريخ دمشق "222، 293". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 123 وقال غيره: لما خلع الأمين أخاه المأمون من ولاية العهد غضب المأمون ودعا إلى نفسه بخُراسان، فبايعوه في أول سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وقال الخطْبيّ: كان يُكنَّى أبا العبّاس، فلمّا استُخْلف اكتنى بأبي جعفر. وأمّه أم ولد اسمها مراجل، ماتت أيّام نِفاسها به. وقال أيضًا: دُعي للمأمون بالخلافة والأمين حيّ في آخر سنة خمسٍ وتسعين، إلى أن قُتل الأمين، فاجتمع النّاس عليه، وتفرّقت عُمّاله في البلاد، وأقيم الموسم سنة ستٍّ وسنة سبعٍ باسمه، وهو مقيمٌ بخُراسان. واجتمع الناس عليه ببغداد في أول سنة ثمانٍ. وأتاه الخبر بمَرْو، فولّي العراق، الحَسَن بن سَهل، وقدِمَها سنة سبعٍ. ثم بايع المأمون بالعهد لعليّ بن موسى الرضا الحُسَينيّ رحمه الله، ونوّهَ بذِكرِهِ، وغيَّر زيّ آبائه من لبْس السَّواد، وأبدله بالخُضْرة. فغضب بنو العبّاس بالعراق لهذين الأمرين وقطعوه، وبايعوا إبراهيم عمَّه ولقَّبوه "المبارك". فحاربه الحَسَن بن سهل، فهزمه إبراهيم وألحقه بواسط. وأقام إبراهيم بالمدائن. ثم سار جيش الحَسَن وعليهم حُمَيْد بن الطّوسيّ، وعليّ بن هشام، فهزموا إبراهيم، فاختفى وانقطع خبره إلى أن ظهر في وسط خلافة المأمون، فعفا عنه. وكان المأمون فصيحًا مُفَوَّهًا. وكان يقول: معاوية بِعَمْرِه، وعبد الملك بِحَجَّاجِهِ، وأنا بنفسي. وقد رُوِيَت هذه عن المنصور. وقيل: كان نقش خاتمه: المأمون عبد الله بن عُبَيْد الله. رُوِي عنه أنّه ختم في بعض الرمضانات ثلاثًا وثلاثين ختْمة. وقال الحسين بن فهم الحافظ: ثنا يحيى بن أكثم قال: قال لي المأمون: أريد أن أُحدِّث. فقلت: وَمَن أولى بهذا مِن أمير المؤمنين؟ فقال: اصنعوا لي منبرًا. ثم صعِد، فأوّل حديث أورده: حُدِّثْنَا عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: "امْرُؤُ الْقَيْسِ صَاحِبُ لِوَاءِ الشِّعْرِ إِلَى النار"1.   1 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه أحمد في المسند "2/ 228"، وابن عدي في الكامل "1/ 204، 4/ 1404"، وفيه أبي الجهم شيخ هشيم بن بشير ولم أعرفه كما قال الهيثمي في المجمع "8/ 119". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 124 ثم حَدَّث بنحوٍ من ثلاثين حديثًا ثم نَزَل فقال لي: كيف رأيت يا يحيى مجلسنا. قلت: أجلّ مجلس، تفقّه الخاصّة والعامّة. فقال: ما رأيتُ لكم حلاوة. إنّما المجلس لأصحاب الخُلْقان والمَحَابر. وقال السّرّاج: ثنا محمد بن سهل بن عسكر قال: تقدّم رجل غريب، بيده محبرة إلى المأمون فقال: يا أمير المؤمنين صاحب حديث منقطع به. فقال: ما تحفظ في باب كذا؟ فلم يذكر فيه شيئًا. قال: فما زال المأمون يقول: ثنا هُشَيْم، وثنا يحيى، وثنا حَجّاج، حتّى ذكر الباب. ثم سأله عن باب آخر، فلم يذكر فيه شيئًا. فقال المأمون: ثنا فلان، وثنا فلان، إلى أن قال لأصحابه: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيامٍ ثم يقول: أنا من أصحاب الحديث، أعطوه ثلاثة دراهم. ومع هذا فكان المأمون مسرفًا في الكَرَم، جوادًا مُمَدَّحًا. جاء عنه أنّه فرّق في ساعة واحدة ستَّةً وعشرين ألف ألف درهم. وكان يشرب النّبيذ. وقيل: بل كان يشرب الخمر، فيُحرَّر ذلك. وقيل: إنّه أجاز أَعْرابيًا مرّةً لكونه مدحه بثلاثين ألف دينار. وأما ذكاؤه فمُتَوَقِّد. روى مسروق بن عبد الرحمن الكندي: حدثني محمد بن المنذرالكندي جار عبد الله بن إدريس قال: حجّ الرشيد، فدخل الكوفة وطلب المُحدِّثين. فلم يتخلّف إلّا عبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس، فبعث إليهما الأمين والمأمون. فحدَّثهما ابن إدريس بمائة حديث، فقال المأمون: يا عمّ، أتأذن أن أُعيدها من حفظي؟ قال: افعل. فأعادها، فَعَجِب من حفظه. ومضيا إلى عيسى فحدّثهما، فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم، فأبى أن يقبلها وقال: ولا شُربة ماء عَلَى حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وروى محمد بن عَون، عن ابن عُيَيْنَة أنّ المأمون جلس فجاءته امرأة وقالت: يا أمير المؤمنين مات أخي وخلّف ستّمائة دينار، فأعطوني دينارًا، وقالوا: هذا نصيبك. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 125 فحسب المأمون وقال: هذا نصيبك. هذا خلّف أربع بنات. قالت: نعم. قال: لهن أربعمائة دينار. وخلّف والدةً فلها مائة دينار. وخلّف زوجةً فلها خمسة وسبعون دينارًا. بالله ألكِ اثنا عشر أخًا؟ قالت: نعم. قال: لكلّ واحدٍ ديناران وَلَكِ دينار. وقال ابن الأعرابيّ: قال لي المأمون: أخبرني عن قول هند بنت عُتْبة: نحن بنات طارق ... نمشي على النَّمارق قال: فنظرت في نسبها فلم أجده، فقلت: ما أعرف. قال: إنّما أرادت النَّجْم، انتسبتْ إليه لحُسنْها. ثم رمى إليّ بعنبرةٍ بعْتُها بخمسة آلاف دِرْهم. وقال بعضهم عن المأمون: مَن أراد كتابًا سرًّا فلْيكتبُ بلبنٍ حليب حُلِبَ لوقته، ويرسله إلى من يريد فيَعْمد إلى قِرْطاس فيحرقه وَيَذُرُّ رماده على الكتابة، فتُقرأ له. وقال الصُّوليّ: كان المأمون قد اقترح في الشطرنج أشياء. وكان يحبّ اللَّعِب بها. وعن بعضهم قال: استخرج المأمون كُتُب الفلاسفة واليونان من جزيرة قبرس. وقدِم الشامَ غير مَرّة. وقال أبو مَعْشَر المنجِّم: كان أَمّارًا بالعدْل، محمود السيرة، ميمون النَّقيبة، فقيه النفس، يُعَدّ مع كبار العُلماء. وعن الرشيد قال: إنّي لأعرف في عبد الله حزْم المنصُور، ونُسُك المهديّ، وعزّة الهادي، ولو أشاء أن أنسبه إلى الرابع، يعني نفسه، لنسبته. وقد قدّمتُ محمدًا عليه، وإنّي لأعلم أنّه مُنقاد إلى هواه، مبذِّر لِمَا حَوَتْه يده، يشارك في رأيه الإماءَ والنّساءَ. ولولَا أمّ جعفر ومَيْل بني هاشم إليه لقدَّمتُ عبدَ الله عليه. وعن المأمون قال: لو عرف الناس حُبّي للعَفْو لتقدّموا إليَّ بالجرائم. وأخاف أن لَا أؤجَرَ فيه. يعني لكوْنه طبعًا له. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 126 وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يحلُمُ حتّى يُغيظَنا. وقيل: إنّ فلاحًا مرَّ فقال: أتظنُّون بأنّ هذا يَنْبُل في عيني وقد قتل أخاه الأمين؟ فسمعها المأمون فتبسَّم وقال: ما الحيلة حتّى أنْبُل في عين هذا السّيّد الجليل؟ وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يجلس للمناظرة في الفِقْه يوم الثلاثاء، فجاء رجل عليه ثياب قد شمّرها ونَعْلُهُ في يده. فوقف على طَرَف البساط وقال: السلام عليكم. فردّ عليه المأمون. فقال: أتأذن لي في الدُّنُوّ؟ قال: ادْنُ وتكلَّم. قال: أخبِرْني عن هذا المجلس الذي أنت فيه. جلَسته باجتماع الأمّة أَمْ بالمُغَالبة والقَهْر؟ قال: لَا بهذا ولا بهذا. بل كان يتولّى أمر المؤمنين مَن عقد لي ولأخي. فلمّا صار الأمر لي علمت أنّي محتاج إلى اجتماع كلمة المؤمنين في الشرق والغرب على الرضى بي. فرأيت أنّي متى خلّيتُ الأمرَ اضطّرب حبْل الإسلام ومَرَجَ عهدهم، وتنازعوا، وبطل الجهاد والحقّ، وانقطعت السُّبُل. فقمت حِياطةً للمسلمين إلى أن يُجْمِعوا على رجلٍ يرضون به، فأُسلِّم إليه الأمر. فمتى اتّفقوا على رجلٍ خرجت له من الأمر. فقال: السلام عليكم ورحمة الله. وذهبَ، فوجّه المأمون مَن يكشف خبره. فرجع وقال: يا أمير المؤمنين مضى إلى مسجد فيه خمسة عشر رجلًا في مثل هيئته، فقالوا له: أَلَقِيتَ الرجل؟ قال: نعم. وأخبرهم بما جرى. قالوا: ما نرى بما قال بأسًا. وافترقوا. فقال المأمون: كفينا مؤونة هؤلاء بأيسر الخَطْب. وقيل: أهدى ملك الروم إلى المأمون تُحَفًا سِنِية منها مائة رطل مِسْك، ومائة حلّة سَمُّور. فقال المأمون: أَضْعِفُوها له ليعلم عزّ الإسلام وذُلّ الكُفْر. وقيل: دخل رجل من الخوارج على المأمون، فقال: ما حملك على الخلاف؟ قال: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] . قال: ألك علمٌ بأنها مُنَزّلة؟ قال: نعم. قال: ما دليلك؟ قال: إجماع الأمّة. قال: فكما رضيتَ بإجماعهم في التنزيل، فارْضَ بإجماعهم في التأويل. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 127 قال: صدقت، السلام عليك يا أمير المؤمنين. وقال محمد بن زكريّا الغلابيّ: ثنا مَهْديّ بن سابق قال: دخل المأمون يومًا ديوان الخَراج، فمرّ بغلام جميل على أُذنه قلم. فأعجبه حُسنُه فقال: مَن أنت؟ قال: الناشئ في دولتك، وخِرِّيج أدبك، والمتقلِّب في نِعمتك يا أمير المؤمنين، الْحَسَنُ بنُ رجاء. فقال: يا غلام، بالإحسان في البديهة تفاضَلَت العقول. ثم أمر برفع مرتبته عن الدّيوان، وأمر له بمائة ألف درهم. وعن إسحاق المَوْصِلّي قال: كان المأمون قد سخط على الخليع الشّاعر لكونه هجاه عندما قُتِل الأمين. فبينا أنا ذات يوم عند المأمون إذ دخل الحاجب برُقْعة، فاستأذن في إنشادها. فأُذِن له، فقال: أَجِرْني فإنّي قد ظَمِئْتُ إلى الوعدِ ... متى تُنْجزِ الوعدَ المؤكَّد بالعهدِ أُعيذُكَ مِن خُلْف الملوك فقد ترى ... تقطُّعَ أنفاسي عليك من الوجدِ أَيَبْخَلُ فردُ الْحُسْنِ عنّي بنائلٍ ... قليلٍ وقد أفردته بهوي فردِ إلى أن قال: رأى اللَّهُ عبدَ اللَّهِ خيرَ عبادِهِ ... فمَّلكَهُ واللَّهُ أعلمُ بالعبد ألا إنّما المأمونُ للنّاسِ عِصْمةً ... مميِّزةً بينَ الضلالة والرُّشدِ فقال له: أحسنت. قال: يا أمير المؤمنين أحسن قائلها. قال: ومن هو؟ قال: عُبَيْدك الحُسَين بن الضّحّاك. فقال: لَا حيّاه اللَّهُ ولا بيّاه. أليس هو القائل: فلا تمّت الأشياء بعد محمدٍ ... ولا زال شَمْلُ المُلْك فيها مبدَّدا ولا فرح المأمون بالمُلْك بعدَهُ ... ولا زال في الدّنيا طريدًا مُشرَّدًا هذه بتلك، ولا شيء له عندنا. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 128 قال الحاجب: فأين عادةُ عَفْوِ أمير المؤمنين. قال: أمّا هذه فنعم. ائذنوا له. فدخل، فقال له: هل عرفت يوم قتل أخيك هاشمية هتكت؟ قال: لا. قال: فما معنى قولك: وممّا شجى قلبي وكَفْكَفَ عَبْرتي ... مَحارِمُ من آلِ الرسول استُحلَّتِ ومهتوكةٌ بالجلْد عنها سُجُوفها ... كعابٌ كقرن الشمس حين تَبَدَّتِ فلا بات لَيْلُ الشّامتين بغبطةٍ ... ولا بَلَغَتْ آمالُهم ما تَمَنَّتِ فقال: يا أمير المؤمنين، لوعة غلبتني، وروعة فاجأتني، ونعمة سُلِبتُها بعد أن غمرتني. فإن عاقبتَ فبحقّك، وإن عفوتَ فبفضلك. فدمعت عينا المأمون وأمر له بجائزة. حكى الصُّوليّ أنّ المأمون كان يحبّ اللّعِب بالشَّطَرَنْج، واقترح فيه أشياء. وكان ينهى أن يقال: تعال نلعب، ويقول: بل نَتَنَاقَل. ولم يكن بها حاذقًا، فكان يقول: أنا أدبِّر أمر الدُّنيا واتْسع لها، وأضيق عن تدبير شِبْرَيْن. وله فيها شعر: أرضٌ مربعةٌ حمراء من أدمٍ ... ما بين إلْفَيْن معروفين بالكَرَمِ تَذَاكرا الحربَ فاحتالا لها حِيَلًا ... مِن غير أن يأثَمَا فيها بسفْكِ دمِ هذا يُغير على هذا وذاك على ... هذا يُغير وعينُ الحَزْم لم تَنَمِ فانظُر إلى فطنٍ جالتْ بمعرفةٍ ... في عسكَرَيْن بلا طبلٍ ولا عَلَمِ وقيل: إنّ المأمون نظر إلى عمّه إبراهيم بن المهديّ وكان يُلَقَّب بالتِّنّين، فقال: ما أظنّك عشقت قطّ. ثم أنشد: وجه الذي يعشق معروفُ ... لأنّه أصفرٌ منحوف ليس كمن يأتيك ذا جثةٍ ... كأنّه للذّبْح معلوف وعن المأمون قال: أعياني جوابُ ثلاثة. صِرتُ إلى أمّ ذي الرّئاستين أُعزّيها فيه، فقلت: لَا تأسَيْ عليه فإنّي عوضه لك. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 129 قالت: يا أمير المؤمنين وكيف لَا أحزن على ولدٍ أكسبني مثلك. وأُتيتُ بِمُتنبئ فقلت: مَن أنت؟ قال: أنا موسى بن عِمران. قلت: ويْحك، موسى كانت له آيات فأْتني بها حتى أؤمن بك. فقال: إنّما أتيت بتلك المعجزات فرعون، إذ قال: أنا ربّكم الأعلى. فإن قلت كذلك أتيتك بالآيات. قال: وأتى أهلُ الكوفة يشكون عاملهم فقال خطيبهم: هو شرّ عاملٍ. فأمّا في أول سنةٍ فإنّا بِعْنا الأثاث والعقار، وفي الثانية بعنا الضّياع، وفي الثالثة نزحنا عن بلدنا وأتيناك نستغيث بك. فقلت: كذبت، بل هو رجل قد حمدتُ مذهبَهُ، ورضيتُ دينَهُ، واخترتُهُ معرفةً منّي بقديم سخطكم على العمّال. قال: صدقتَ يا أمير المؤمنين وكذبتُ أنا. فقد خصصْتنا به هذه المدة دون باقي البلاد، فاستعملته على بلدٍ آخر ليشملهم من عدله وإنصافه مثل الذي شملنا. فقلت: قُم في غيرِ حِفْظ الله، قد عزلته عنكم. وممّا يُنسب إلى المأمون من الشِّعر قولُهُ: لساني كتومٌ لأسراركُمْ ... ودمعي نمومٌ لسريّ مُذِيعُ فلولَا دموعي كَتَمْتُ الهوى ... ولولا الهوى لم تكن لي دموعُ وكان قدوم المأمون من خُراسان إلى بغداد سنة أربعٍ ومائتين. ودخلها في رابع صفر بأبهةٍ عظيمة، وبحمْل زائد. قال إبراهيم بن محمد بن عَرَفة النَّحْويّ في تاريخه: حكى أبو سليمان داود بن عليّ، عن يحيى بن أكثم قال: كنت عند المأمون وعنده جماعةٌ من قوّاد خُراسان، وقد دعا إلى خلْق القرآن حينئذٍ، فقال لأولئك القوّاد: ما تقولون في القرآن. فقالوا: كان شيوخنا يقولون: ما كان فيه من ذِكْر الحمير والجِمال والبقر فهو مخلوق، وما كان من سوى ذلك فهو غير مخلوق. فأما إذا قال أمير المؤمنين: هو مخلوق، فنحن نقول: كله مخلوق. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 130 فقلت للمأمون: أتفرح بموافقة هؤلاء؟ قال ابن عَرَفة: أمر المأمون مناديًا فنادى في الناس ببراءة الذّمّة ممّن ترحَّم على معاوية أو ذكره بخير. وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة. فكثر المنكر لذلك، وكاد البلد يفتتن ولم يلتئم له من ذلك ما أراد، فكفَّ عنه. يعني كفّ عنه إلى بعد هذا الوقت. ومِن كلام المأمون: النّاس ثلاثة، فمنهم مثل الغذاء لَا بُدّ منه على حالٍ من الأحوال، ومنهم كالدّواء يُحْتاج إليه في حال المرض، ومنهم كالدّاء مكروه على كلّ حالٍ. وعن المأمون قال: لَا نزهة ألذّ من النظر في عقول الرجال. وقال: غَلَبَةُ الحُجّة أحبّ إليّ من غَلَبَة القُدرة؛ لأنّ غَلَبَة الحُجّة لَا تزول، وغَلَبَةُ القُدرة تزول بزوالها. وكان المأمون يقول: الملك يغتفر كلَّ شيء إلّا القَدْح في المُلْك، وإفشاء السّرّ، والتعرّض للحُرَم. وقال: أعيت الحيلة في الأمر إذا أقبل أن يُدبر، وإذا أدبر أن يُقبل. وقيل للمأمون: أيُّ المَجالس أحسن؟ قال: ما نُظِر فيه إلى النّاس. فلا منظر أحسن من النّاس. وكان المأمون معروفًا بالتشيُّع، فروى أبو داود المَصَاحِفيّ قال: سمعت النَّضْر بن شُمَيْلٍ يقول: دخلت على المأمون فقال: إنّي قلت اليوم: أصبح ديني الذي أدِينُ به ... ولستُ من الغَداةِ مُعْتذرا حبّ عليّ بعد النّبيِّ ولا ... أشتم صِدِّيقَه ولا عُمَرا وابنُ عفانٍ في الْجِنان مع الأبرار ... ذاك القتيل مُصْطَبرا وعائشُ الأمّ لستُ أشْتمها ... مَن يَفْتَريها فنحن منه بُرا وَقَدْ نَادَى الْمَأْمُونُ بِإِبَاحَةِ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ حَتَّى أَبْطَلَهَا، وَرَوَى لَهُ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنَيِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِمَا مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فِي خَيْبَرَ1. فَلَمَّا صَحَّحَ لَهُ الحديث رجع إلى الحق.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4216، 5523"، ومسلم "1407"، والترمذي "1794"، = الجزء: 15 ¦ الصفحة: 131 وأمّا مسألة خلق القرآن فلم يرجع عنها وصمّم عليها في سنة ثمان عشرة. وامتحن العلماء، فعُوجِل ولم يُمْهَل. توجّه غازيًا إلى أرض الروم فلمّا وصل إلى البَذَنْدون واشتدّ به الأمر أوصى بالخلافة إلى أخيه المعتصم. وكان قد افتتح في غزوته أربعة عشر حصنًا. وردّ فنزل على عين البَذَنْدون، فأقام هناك واعتل. قال المسعودي: أعجبه برد ماء العين وصفاؤها، وطِيب الموضع وكثرة الخُضْرة. وقد طُرح له درهم في العين، فقرأ ما عليه لفرط صفائها. ولم يقدر أحد أن يسبح فيها لشدّة بردها. فرأى سمكة نحو الذّراع كأنّها الفضّة. فجعل لمن يخرجها سيفا، فنزل فراشٌ فاصطادها وطلع، فاضطربت وفرت إلى الماء فتنضح صدر المأمون ونحْره وابتلّ ثوبه. ثم نزل الفرّاش ثانيةً وأخذها. فقال المأمون: تُقْلَى السّاعة. ثم أخذته رِعْدة فغُطّي باللُّحُف وهو يرتعد ويصيح. فأُوقدت حوله نارٌ. ثم أتي بالسمكة فما ذاقها لشُغله بحاله. فسأل المعتصمُ بُخْتَيْشُوعَ وابنَ ماسَوَيْه عن مرضه، فجسّاه، فوجدا نبضه خارجًا عن الاعتدال، مُنْذِرًا بالفَنَاء، ورأيا عَرَقًا سائلًا منه كلُعاب اللاغِيّة، فأنكراه ولم يجداه في كُتُب الطّبّ. ثم أفاق المأمون من غَمْرته، فسأل عن تفسير اسم المكان بالعربيّ، فقيل له: "مدّ رجليك". فتطيّر به. وسأل عن اسم البقعة، فقيل: الرَّقَّةُ. وكان فيما عُمِل مِن مولده أنّه يموت بالرَّقّة. فكان يتجنّب النزول بالرَّقّة. فلما سمع هذا من الروم عَرَف وأيسَ، وقال: يا من لَا يزول مُلْكه ارحَم من قد زال ملكه. وأجلسَ المعتصمُ عنده من يُلقّنه الشهادة لما ثَقُل. فرفع الرجل بها صوتَه، فقال له ابنُ ماسوَيْه: لَا تصيح، فواللهِ ما يفرّق الآن بين ربّه وبين ماني. ففتح عينيه وبهما من عِظَم التَّوَرُّم والاحمرار أمرٌ شديد، وأقبل يحاول بيديه البطْشَ بابن ماسويه، ورام مُخَاطبَتَه فعجز، فرمَق بطرفه نحو السّماء وقد امتلأت عيناه دموعًا، وقال في الحال: يا مَن لَا يموت ارحم مَن يموت. ثم قضى ومات في يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثماني   = والنسائي "6/ 126"، وابن ماجه "1961"، وأحمد في المسند "1/ 79"، والحميدي "37"، وابن حبان "4143". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 132 عشرة. فنقله ابنه العبّاس وأخوه المعتصم لما تُوُفّي إلى طَرَسُوس، فدُفِن هناك في دار خاقان خادم أبيه. 217- عبد الله بن يحيى1 -ن. أبو محمد الثقفي البصري: عن: بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، وعبد الواحد بن زياد، وأبي عَوَانة، وسُلَيْم بن أخضر. وعنه: إبراهيم بن يعقوب الْجَوْزجانّي، وأبو محمد الدّارميّ، والكُدَيْميّ، ويعقوب الفَسَويّ، وعبد العزيز بن معاوية القُرَشيّ، ومحمد بن يحيى الأزْديّ، وإبراهيم بن حرب العسكريّ. وقال الْجُوزَجَانيّ: ثقة مأمون. 218- عبد الله بن يحيى2 -خ. د. أبو يحيى المعافري المصري البرلسي: عن: سعيد بن أبي أيّوب، وموسى بن عليّ، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وحَيْوَة بن شُرَيْح، ومعاوية بن صالح، واللَّيْث، وجماعة. وعنه: دُحَيْم، والحسن بن عبد العزيز الْجَرَويّ، وجعفر بن مسافر، ووهْب الله بن رزق المصريّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. زاد أبو زُرْعة: أحاديثه مستقيمة. وقال ابن يونس: تُوُفّي بالبُرُلُّس سنة اثنتي عشرة ومائتين. 219- عبد الله بن يزيد3 -ع: مولى آل عمر الفاروق. أبو عبد الرحمن المقرئ المكّي. أصله من ناحية الأهواز ممّا يلي البصْرة. وُلِد في حدود العشرين ومائة.   1 الجرح والتعديل "5/ 203، 204"، الثقات لابن حبان "8/ 349، 350"، تهذيب التهذيب "6/ 76، 77". 2 التاريخ الكبير "5/ 232"، الجرح والتعديل "5/ 204"، ميزان الاعتدال "2/ 524"، تهذيب التهذيب "6/ 77، 78". 3 التاريخ الكبير "5/ 228"، الجرح والتعديل "5/ 201", الثقات لابن حبان "8/ 342"، التهذيب "6/ 83، 84". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 133 روى عن: كَهْمس بن الحَسَن، وأبي حنيفة، وابن عَوْن، وموسى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وحرملة بن عمران التجيبي، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، وشعبة، وعبد الرحمن بن دينار بن أنعم الإفريقي، وخلق. وعنه: خ. وع. عن رجلٍ، عنه. وأحمد بن حنبل، وأبو خَيْثَمة، وابن راهوَيْه، وابن نُمَيْر، وهارون الحمّال، والحسن بن عليّ الحداني، وعبّاس الدّوريّ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن مَسْلَمَة الواسطيّ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الصّائغ، وبشْر بْن مُوسَى، والحارث بن أبي أُسامة، وَرَوْح بن الفرج القطّان، وعَمرو بن مَلُول، وخلْق. وثّقه النّسائيّ، وغيره. وهو من أكبر شيوخ البخاريّ. قال محمد بن عاصم: سمعته يقول: أنا ما بين التسعين إلى المائة. وأقرأتُ القرآن بالبصرة ستًّا وثلاثين سنة. وههنا بمكة خمسًا وثلاثين سنة. قلت: كان قد أخذ الحروف عن نافع بن أبي نُعَيْم، وله اختيار في القراءة رواه عنه ابنه محمد. وكان يلّقن القرآن، وكان إمامًا في القرآن والحديث، كبير الشأن. قال البخاريّ: مات بمكّة سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة. وقال مُطَيِّن: سنة ثلاث عشرة تُوُفّي أبو عبد الرحمن المقرئ رحمه الله. 220- عبد الأعلى بن القاسم1 -ق: أبو بشير الهمداني البصري اللؤلؤي. عن: حماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وسَوّار بن عبد الله بن قُدامة، وشَرِيك. وعنه: عَبدْه بن عبد الله الصّفّار، وأبو حفص الفلاس، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو حاتم الرازيّ، وقال: صدوق. 221- عبد الأعلى بن مُسْهِر بن عبد الأعلى بن مسهر2 -ع: الإمام أبو مسهر الغساني الدمشقي، أحد الأعلام.   1 الجرح والتعديل "6/ 30"، الثقات لابن حبان "8/ 409"، تهذيب التهذيب "6/ 97، 98". 2 الطبقات الكبرى "7/ 473"، التاريخ الكبير "6/ 73، 74"، الجرح والتعديل "6/ 29"، الثقات لابن حبان "8/ 408"، سير أعلام النبلاء "10/ 228- 238"، تهذيب التهذيب "6/ 98-101". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 134 ويُعرف بابن أبي دُرامة، وهي كنية جَدِّهِ عبد الأعلى. وُلِد أبو مُسهر سنة أربعين ومائة. وروي عن: سعيد بن عبد العزيز، وعبد الله بن العلاء بن زَبْر، وسعيد بن بشير، ومالك بن أنَس، وإسماعيل بن عياش، وإسماعيل بن عبد الله بن سماعة، وخالد بن يزيد المُرّيّ، وصدقة بن خالد، ويحيى بن حمزة، وخلق. وأخذ القراءة عن: نافع بن أبي نُعَيم، وأيّوب بن تميم. وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الذّهَليّ، ومحمد بن إسحاق الصَّغانيّ، وإسحاق الكَوْسج، وعبّاس التُّرْقُفيّ، وأبو أُميّة محمد بْن إِبْرَاهِيم الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وإبراهيم بن دَيْزيل، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وعبد الرحمن بن القاسم بن الرّوّاس، وخلْق. قَالَ أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يقول: رحِم الله أبا مُسْهِر ما كان أثبته، وجعل يُطْريه. وقال يحيى بن مَعِين: إذا رأيتني أُحدِّث ببلدة فيها مثل أبي مسهر فينبغي للحِيَتي أن تُحْلَق. وقال أبو زُرْعة، عن أبي مسهر: وُلِد لي ولد والأوزاعيُّ حيّ، وجالستُ سعيدَ بن عبد العزيز اثنتي عشر سنة، وما كان من أصحابه أحدٌ أحفظ لحديثه منّي، غير أنّي نسيت. وقال محمد بن عَوْف: سمعت أبا مُسْهِر يقول: قال لي سعيد بن عبد العزيز: ماشبهتك في الحِفْظ إلّا بجدّك أبي دُرَامة. ما كان يسمع شيئًا إلّا حفظه. وقال محمد بن عثمان التَّنُوخيّ: ما بالشّام مثل أبي مُسْهِر. وقال أبو زُرْعَة الدّمشقيّ: قال ابن مَعين: منذ خرجت من باب الأنبار إلى أن رجعت لم أرَ مثل أبي مُسْهِر. قال أبو مُسْهِر: رأيت أبا مُسْهِر يحضُر الجامع بأحسن هيئة في البياض والسّاج والخُفّ، ويقيم على شاميّة طويلة بعِمامة سوداء عَدَنيّة. قلت: كان أبو مُسْهِر مع جلالته وعِلمه من رؤساء الدّمشقيّين وأكابرهم. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 135 قال العبّاس بن الوليد البيروتيّ: سمعت أبا مُسْهِر يقول: لقد حرصت على عِلم الأوزاعيّ حتّى كتبت عن إسماعيل بن سَمَاعة ثلاثة عشر كتابًا، حتّى لقيت أباك فوجدت عنده عِلْمًا لم يكن عند القوم. وقال دُحَيم: قال أبو مسهر: رأيت الأوزعي، وجلست مع عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن مُسْهِر فقال: ثقة، ما رأيت أفصح منه ممّن كتبنا عنه، هو وأبو الجماهر. وقال محمد بْن الفَيْض الغسّانيّ: خرج السُّفْيانيّ أبو العُمَيْطر سنة خمسٍ وتسعين ومائة فولّى قضاءَ دمشق أبا مُسْهِر كَرْهًا، ثم تنحّى عَنِ القضاء لما خُلِع أبو العُمَيْطر. وقال ابن زَنْجُوَيْه: سَمِعْتُ أبا مُسْهِر يَقُولُ: عرامة1 الصّبيّ في صِغره زيادة في عقله في كِبَره. وقال ابن دِيزِيل: سمعتُ أبا مُسْهِر يُنشد: هَبْك عُمّرتَ مثل ما عاشَ نُوح ... ثم لاقيتَ كلَّ ذاك يَسَارا هل من الموت لَا أبا لك بُدٌّ ... أيُّ حيٍّ إلى سوى الموتِ صارا "محنة أَبِي مُسهر مَعَ المأمون": قال الحافظ ابن عسكر: قرأت بخطّ أَبِي الحسين الرازيّ: سَمِعْتُ محمود بْن محمد الرّافقيّ: سَمِعْتُ عليَّ بْن عثمان النُّفَيْليّ يَقُولُ: كنّا عَلَى باب أَبِي مُسْهِر جماعةً من أصحاب الحديث، فمرض، فدخلنا عَلَيْهِ نَعودُه، فقلنا: كيف أنت؟ كيف أصبحت؟ قَالَ: في عافيةٍ راضيًا عَنِ اللَّه، ساخطًا عَلَى ذي القرنين، حيث لم يجعل السّدّ بيننا وبين أهل العراق، كما جعله بين أهلِ خُراسان وبين يأجوج ومأجوج. قَالَ: فما كَانَ بعد هذا إلّا يسيرًا حتى وافى المأمون دمشقَ، ونزل بدَير مُرَّان وبنى القُبَيْبة فوق الجبل، فكان يأمر باللّيل بجمرٍ عظيم فيوقَد، ويُجعل في طُسُوتِ كِبار، ويُدلي من عند القُبَيْبَة بسلاسل وحِبال، فتضيء لَهُ الغُوطة، فيُبْصرها بالليل.   1 العرامة: الشدة والشراسة. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 136 وكان لأبي مُسْهر حلقة في الجامع بين العشاءين عند الحائط الشرقيّ، فبينا هُوَ ليلةً إذ قد دخل الجامع ضوء عظيم، فقال أبو مسهر: ما هذا؟ قالوا: النار التي تُدَلّى لأمير المؤمنين من الجبل حتّى تضيء لَهُ الغُوطة. فقال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 128، 129] . وكان في الحلقة صاحب خبر للمأمون، فرفع ذَلكَ إلى المأمون، فحقدها عَلَيْهِ. وكان قد بلغه أنه كان على قضاء أبي المعيطر. فلما رحل المأمون أمر بحمل أَبِي مُسْهر إِلَيْهِ، فامتحنه بالرَّقَّة في القرآن. قَالَ: وحدّثني أبو الدَّحْداح أحمد بْن محمد: ثنا الحسن بْن حامد النَّيسابوريّ، حدّثني أبو محمد: سَمِعْتُ أصبغ وكان مَعَ أَبِي مُسْهِر هُوَ وابن أَبِي النّجا خرجا يخدمانه، فحدّثني أصبغ أنّ أبا مُسْهِر دخل عَلَى المأمون بالرَّقَّة وقد ضرب رقبة رجلٍ وهو مطروحٌ بين يديه، فوقف أبا مُسْهِر في الحال، فامتحنَهُ فلم يُجِبْهُ، فأمر بِهِ، فوُضع في النِّطْع ليضرب رقبته، فأجاب إلى خلق القرآن، فأُخرِج من النّطْع، فرجع عَنْ قوله، فأُعيد إلى النّطّع، فأجاب، فأمر بِهِ أن يوجَّه إلى بغداد، ولم يثق بقوله، فأُحضِر وأقام عند إسحاق بْن إبراهيم، يعني متولّي بغداد، أيّامًا لَا تبلغ مائة يوم، ومات. قَالَ الحسن بْن حامد: فحدّثني عبد الرحمن، عَنْ رَجُل من إخواننا يُكنى أبا بَكْر أنّ أبا مُسْهِر أقيم ببغداد ليقول قولًا يبرىء فيه نفسَه من المحنة ونفي المكروه، فبلغني أنّه قَالَ في ذَلكَ الموقف: جزى اللَّه أمير المؤمنين خيرًا، عَلَّمَنا ما لم نكن نعلم، وَعَلِمَ عِلْمًا لم يعلمه من كَانَ قبله. وقال: قلِ: القرآن مخلوق وإلّا ضربت عُنقك، ألا فهو مخلوق، هُوَ مخلوق. قَالَ: فأرجو أن تكون لَهُ في هذه المقالة نجاة. وقال الصُّوليّ: ثنا عَوْن بْن محمد، عَنْ أبيه قَالَ: قَالَ إسحاق بْن إبراهيم: لمّا صار المأمون إلى دمشق ذكروا لَهُ أبا مُسْهِر ووصفوه بالعِلْم والفِقْه، فأحضره فقال: ما تَقُولُ بالقرآن؟ قَالَ: كما قَالَ اللَّه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 5] . قَالَ: أمخلوق هُوَ أو غير مخلوق؟ قَالَ: ما يَقُولُ أمير المؤمنين؟ قَالَ: مخلوق. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 137 قَالَ: بخبرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو عَنْ أصحابه، أو التّابعين؟ قَالَ: بالنَّظَر. واحتجّ عَلَيْهِ. قَالَ: يا أمير المؤمنين، نَحْنُ مَعَ الجمهور الأعظم، أقول بقولهم، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق. قَالَ: يا شيخ أخبِرْني عَنِ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل اختتن؟ قَالَ: ما سَمِعْتُ في هذا شيئًا. قَالَ: فأخبِرني عَنْهُ أكان يُشْهِدُ إذا زوَّج أو تزوَّج؟ قَالَ: ولا أدري. قَالَ: اخرج قبّحك اللَّه، وقبَّح من قلّدك دينه، وجعلك قُدْوة. وقال أبو حاتم الرازيّ: ما رأيت أحدا في كورة من الكور أعظم قَدْرًا ولا أجلّ عند أهلها من أَبِي مُسْهِر بدمشق. وكنت أرى أبا مُسْهِر إذا خرج إلى المسجد اصطفَّت النّاس يسلّمون عَلَيْهِ ويقبلون يده. قَالَ أحمد بْن عليّ بْن الحَسَن البصْريّ: سَمِعْتُ أبا داود سليمان بْن الأشعث، وقيل لَهُ: إنّ أبا مُسْهِر كَانَ متكبرًا في نفسه، فقال: كَانَ من ثقات النّاس. رحِم اللَّه أبا مُسْهِر لقد كَانَ من الإسلام بمكانٍ حُمِل عَلَى المحنة فأبى، وحُمِل عَلَى السيف مُدَّ رأسه وجُرّد السيف فأبى. فلمّا رأوا ذَلكَ منه حُمِل إلى السجن فمات. وقال محمد بْن سعد: أُشْخِص أبو مُسْهر من دمشق إلى المأمون، فسأله عَنِ القرآن فقال: هُوَ كلام اللَّه، وأبى أن يقول: مخلوق. فدعا لَهُ بالسّيف والنّطْع. فلمّا رَأَى ذلك قال: مخلوق. فتركه. وقال: أما لو إنك قلتَ ذاك قبل أن أدعو لك بالسيف لقبِلْتُ منك ورددتك إلى بلادك، ولكنّك تخرج الآن فتقول: قلت ذَلكَ فَرَقًا من السيف. أَشْخِصوه إلى بغداد فاحبسوه بها حتّى يموت. فأُشْخِص من الرَّقَّةِ إلى بغداد في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة فَحُبِسَ، فلم يلبث إلّا يسيرًا حتّى مات في الحبس في غُرّة رجب، فأُخرج ليُدْفَن، فشهده قوم كثير من أهل بغداد. وقال غيره: عاش تسعًا وسبعين سنة. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 138 قُلْتُ: حَدِيثُ: "يَا عِبَادِيَ إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ" 1. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الْأَدَبِ" لَهُ: ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ، أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" عَنِ الصَّغَانِيِّ، عَنْ أبي مسهر. 222- عبد الحميد بن إبراهيم2 -س: أبو تقيّ الحضرميّ الحمصيّ الضّرير، وهو أبو تقي الكبير. روى عن: عفير بن مَعْدان، وعبد الله بن سالم، وإسماعيل بن عياش. وعنه: عمران بن بكار البراد، وسليمان بن عبد الحميد البهراني، ومحمد بن عون الحمصيون، وغيرهم. روى له النسائي حديثا واحدا متابعة، وقال: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ليس بشيْء، كان لَا يحفظ ولا عنده كُتُب. 223- عبد الحميد بن الوليد بن المغيرة3. أبو زيد الأشجعيّ، مولاهم المصريّ الفقيه الإخباريّ: سمع: اللّيث، وابن لَهيعَة، وجماعة. وأخذ الآداب عن: ابن الكلْبيّ، وأبي عُبَيدة، والواقديّ، والهَيْثم بن عديّ، وطائفة. وكان عَجَبًا من العُجْب، علامة. ولُقّب بكَبد؛ لأنّه كان ثقيلًا. تُوُفّي سنة إحدى عشرة ومائتين عن سبعين سنة. وقد روى أيضًا عن مالك.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري في الأدب المفرد "490"، ومسلم "2577"، والترمذي "2490"، وابن ماجه "4257"، وأحمد في المسند "5/ 160"، وعبد الرزاق "20272"، وابن حبان في صحيحه "619". 2 الجرح والتعديل "6/ 8"، الثقات لابن حبان "8/ 400"، ميزان الاعتدال "2/ 537"، التهذيب "6/ 108". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 699"، الكنى والأسماء للدولابي "1/ 180". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 139 روى عنه: سعيد بن عُفَير، وأحمد بن يحيى بن وزير، وغيرهما. تُوُفّي في شوّال. 224- عبد الرحمن بن إبراهيم1. أبو عليّ الراسبيّ المخرميّ: عن: فُرات بن السّائب، ومالك. وعنه: يحيى بن جعفر بن الزّبرقان، وغيره. وهو مُنْكر الحديث. 225- عبد الرحمن بن حمّاد بن شعيب2 -خ. ت. أبو سلمة العنبري الشعيثي البصري: عن: ابن عَوْن، وسعيد بن أبي عَرُوبَة، وعبّاد بن منصور، وكَهْمَس، وسُفيان الثَّوريّ. وعنه: خ. وت. عَنْ رَجُل عَنْهُ، ويعقوب الفَسَويّ، وإسحاق بْن سيّار النَّصِيبيّ، والكُدَيْميّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وجماعة. قَالَ أَبُو زُرْعة: لَا بَأْسَ بِهِ. وقَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقويّ. وقال أبو القاسم ابن مَنْدَه: مات فِي ذي الحجة سنة اثنتي عشرة. 226- عبد الرحمن بن أحمد3: وقيل: عبد الرحمن بن عطّية، وقيل: ابن عساكر، وقيل: ابن أحمد بن عطيّة السيّد القُدْوة. أبو سليمان الدّارانيّ العَنْسيّ. قيل: أصله واسطيّ، وُلِد في حدود الأربعين ومائة أو قبل ذلك.   1 تاريخ بغداد "10/ 255- 257"، ميزان الاعتدال "2/ 545، 546". 2 التاريخ الكبير "5/ 275"، الجرح والتعديل "5/ 225، 226"، تهذيب التهذيب "6/ 164". 3 الجرح والتعديل "5/ 214"، الثقات لابن حبان "8/ 376"، حلية الأولياء "9/ 254"، سير أعلام النبلاء "10/ 182-186"، شذرات الذهب "2/ 13". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 140 وروى عن: سُفْيان الثَّوريّ، وأبي الأشهب، وعبد الواحد بن زيد، وعَلْقَمَة بن سُوَيْد، وعليّ بن الحسن الزّاهد، وصالح بن عبد الجليل. وعنه: تلميذه أحمد بن أبي الحواري. وهاشم بن خالد، وحُمَيْد بن هشام العَنْسيّ، وعبد الرحيم بن صالح الدّارانيّ، وإسحاق بن عبد المؤمن، وعبد العزيز بن عُمَير، وإبراهيم بن أيّوب الحورانيّ، وآخرون. قَالَ أبو الْجَهْم بْن طَلّاب: ثنا أحمد بْن أَبِي الحواريّ قَالَ: كَانَ اسم أَبِي سليمان عبد الرحمن بْن أحمد بْن عطيّة العنْسيّ من صَلِيبة العرب. وقال حُمَيْد بْن هشام: قلت لأبي سليمان عبد الرحمن بْن أحمد بْن عطيّة، فذكر حكاية. واختلف على أبي الْجَهْم فقال أبو أحمد الحاكم، عنه، عن ابن أبي الحواري: اسمه عبد الرحمن بن عَسْكَر. قَالَ ابن أَبِي الحواري: سَمِعْتُ أبا سليمان رحمة اللَّه عَلَيْهِ يَقُولُ: صلِّ خلف كلّ مبتدعٍ إلّا القدري لا تصل خلفه، وإنْ كَانَ سلطانًا. وقال: سَمِعْتُ أبا سليمان يَقُولُ: كنت بالعراق أعمل، وأنا بالشام أعرف1. قَالَ: وسمعته يَقُولُ: لَيْسَ لِمَن أُلْهِم شيئًا من الخير أن يعمل بِهِ حتّى يسمعه من الأثر. فإذا سمعه من الأثر عمل بِهِ وحمد اللَّه حيث وافق ما في قلبه. وقال الخَلْديّ: سَمِعْتُ الْجُنَيْد يَقُولُ: قَالَ أبو سليمان الدّارانيّ: ربّما يقع في قلبي النُّكْتَة من نُكَتِ القوم أيّامًا فلا أقبل منه إلّا بشاهدَيْن عَدْلَيْن: الكتاب والسُّنَّة. قَالَ الجنيد: وقال أبو سليمان: أفضل الأعمال خلاف هوى النَّفْس. وقال: لكل شيء عِلم، وعِلْم الخِذْلان تَرْكُ البُكاء. ولكلّ شيء صدأ، وصدأ نور القلب شبَعُ البَطَن. وقال أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: أصل كلّ خير الخوف من اللَّه، ومفتاح الدُّنيا الشبع، ومفتاح الآخرة الجوع2.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 272"، والخطيب في تاريخه "10/ 249"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 224". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 259"، والخطيب في تاريخه "10/ 250". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 141 وقال الحاكم: أَنَا الخَلْديّ: حدّثني الْجُنَيْد: سَمِعْتُ السَّرِيّ السَّقَطيّ: حدّثني أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: قدَّم إليّ أهلي مرَّةً خبزًا وملْحًا، فكان في الملح سمسمة فأكلتها، فوجدت رانَها عَلَى قلبي بعد سنة. وقال أحمد: سَمِعْتُ أبا سليمان يَقُولُ: مَن رَأَى لنفسه قيمة لم يذق حلاوة الخدمة. وعنه قَالَ: إذا تكلّف المتعبّدون أن يتكلّموا بالإعراب ذهب الخشوع من قلوبهم. وقال أحمد: سَمِعْتُ أبا سليمان يَقُولُ: إنّ في خلْق اللَّه خلقًا لو زُيِّن لهم الْجِنان ما اشتاقوا، فكيف يُحَبّون الدُّنيا وقد زهَّدهم فيها1. وسمعته يَقُولُ: لولا اللّيل لما أحببتُ البقاء في الدّنيا. وما أحبّ البقاء في الدّنيا لتشقيق الأنهار وغرْس الأشجار، ولَرُبّما رَأَيْت القلبَ يضحك ضحكًا2. وقال أحمد: رَأَيْت أبا سليمان حين أراد أن يُلبّي غُشِي عَلَيْهِ، فلمّا أفاق قَالَ: بلغني أنّ العبد إذا حجّ من غير وجهه، فلبّى قِيلَ لَهُ: لَا لَبَّيْك ولا سَعْدَيْك حتّى تطرح ما في يديك، فما يؤمنا أن يقال لنا مثل هذا؟ ثم لبّى3. وقال الْجُنَيْد: شيءٌ يُروَى عَنْ أَبِي سليمان أَنَا أستحسنه كثيرًا، قوله: من اشتغل بنفسه شُغِل عَنِ النّاس، ومن اشتغل بربّه شُغِل عَنْ نفسِهِ وعن النّاس. قال عمرو بن بحر الأسدي: سَمِعْتُ ابن أَبِي الحواريّ: سَمِعْتُ أبا سليمان يَقُولُ: مَن وثق بالله في رزقه زاد الله في حُسْن خلقه، وأعقبه الحِلْم، وسَخَتْ نفسُهُ في نَفَقَته، وقَلَّت وساوِسُهُ في صلاتِهِ4. وعن أَبِي سليمان قَالَ: الفُتُوَّة أن لَا يراك اللَّهُ حيث نهاك، ولا يفقدَكَ حيثُ أمرك. وللشيخ أَبِي سليمان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كلام جليل من هذا النمط.   1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 273". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 263، 264"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 228". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 263، 264"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 228". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 257". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 142 وقد أَنْبَأَنَا أبو الغنائم بْن علّان، عَنِ الْقَاسِمِ بْن عَلِيٍّ، أَنَا أَبِي، أَنَا طاهر بْن سهل، أَنَا عبد الدّائم الهلاليّ، أَنَا عبد الوهّاب الكلابيّ: سَمِعْتُ محمد بْن خُرَيْم العُقَيْليّ: سَمِعْتُ أحمد بْن أَبِي الحواريّ يَقُولُ: تمنيت أن أرى أبا سليمان الدّارانيّ في المنام، فرأيته بعد سنة، فقلت لَهُ: يا معلّم، ما فعل اللَّه بك. قَالَ: يا أحمد دخلت من باب الصغير، فرأيت وسْقَ شيخٍ، فأخذتُ منه عُودًا، فلا أدري تخلّلت بِهِ أم رَمَيْتُ بِهِ؟ فأنا في حسابه من سنة. قَالَ أبو زُرْعة الطَّبريّ: سألت سعيد بْن حَمْدون عَنْ موت أَبِي سليمان الدّارانيّ فقال: سنة خمس عشرة ومائتين. وكذا ورّخ وفاته أبو عبد الرحمن السُّلَميّ، والقَرَّاب. وقيل: سنة خمسٍ ومائتين، قاله ابن أَبِي الحواريّ. 227- عبد الرحمن بن سِنان1. أبو يحيى الرّازي المقرئ: عن: عبد العزيز بن أبي داود، ونُعَيْم بن مَيْسَرة. وعنه: يحيى بن عَبْدَك، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، والفضل بن شاذان المقرئ. قال أبو حاتم: مقرئ صدوق. 228- عبد الرحمن بن عبد العزيز المدائنيّ سَبْويه2: روى عن: سُلَيْم بن أخضر. روى عنه: عبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن إسحاق الوزّان. 229- عبد الرحمن بن علقمة3. أبو يزيد السَّعديّ المَرْوَزيّ الفقيه: سمع: أبا حمزة السُّكّريّ، وأبا عَوَانة، وحمّاد بن يزيد. وكان من كبار أصحاب ابن المبارك. روى عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن أبي طالب، وأبو زُرْعة، وحمدان الورّاق.   1 الجرح والتعديل "5/ 242". 2 الجرح والتعديل "5/ 261". 3 تقدمت ترجمته في الجزء السابق. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 143 وكان بصيرًا بالرأي. تفقّه على محمد بن الحسن، وغيره. أكرهوه على قضاء سَرْخَس فهرب. قال أبو حاتم الرازي: صدوق. 230- عبد الرحمن بن مُصْعب بن يزيد الأزديّ المَعْنيّ1: عمّ عليّ بن عبد الحميد الكوفيّ القطّان، نزيل الريّ. عن: فِطر بن خليفة، وسُفْيان الثَّوريّ، وإسرائيل، وشَرِيك. وعنه: القاسم بن زكريّا الكوفيّ، وعليّ بن محمد الطّنافسيّ، وأحمد بن الفرات، وعبّاس الدُّوريّ، وعبد السّلام بن عاصم، وحفص بن عمر الرَّقّيّ سنجة ألف، وطائفة. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ خَلِيلٍ الدَّارَانِيِّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، ثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُصْعَبٍ الْمَعْنِيُّ، نَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ حِجَارَةَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عدلٍ عِنْدَ سلطانٍ جَائِرٍ" 2، رَوَاهُ ت. ق، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. قلت: ليس له في الكتابين سوى هذا الحديث، وما أعلم فيه جرحًا. قال ابن سعد: كان عابدًا ناسكًا يُكنَّى أبا يزيد. قيل: تُوُفِّي سنة إحدى عشرة ومائتين. 231- عبد الرحمن بن هانئ بن سعيد3: أبو نُعَيْم النَّخَعِيّ الكوفيّ. ابن بنت إبراهيم النخعي.   1 الطبقات الكبرى "6/ 408"، الجرح والتعديل "5/ 292"، تهذيب التهذيب "6/ 270". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "4344"، والترمذي "2174"، وابن ماجه "4011" وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "491". 3 التاريخ الكبير "5/ 362"، الجرح والتعديل "5/ 298"، ميزان الاعتدال "2/ 595"، التهذيب "6/ 289". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 144 روى عن: ابن جريح، ومِسْعر، وفِطْر بن خليفة، وسُفْيان الثَّوريّ، ومالك بن مِغْوَلٍ، ومحلّ بن محرز الضَّبّيّ، وجماعة. وعنه: البخاريّ في تاريخه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو زُرْعة، وأحمد بن أبي غَرَزَة، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وأبو حاتم، وآخرون. قال أحمد: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وقال ابن مَعِين مَرّة: ضعيف. وقال مَرّة: كذّاب. وقال أبو داود: ضعيف. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي الْقَلْبِ مِنْهُ لِرِوَايَتِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَتَلَ ضِفْدَعًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ مُحَرَّمًا كَانَ أَوْ حَلالا"1. قال مُطَيَّنٌ: مات سنة ستّ عشرة. 232- عبد الرحمن بن واقد البصْريّ العطّار 2: عن: شريك، وأبي عَوَانة، وأبي الأحوص سلام بن سُلَيْم، والجرّاح بن مَلِيح. وعنه: إسحاق بن سيّار النَّصِيبيّ، وأبو حاتم الرّازيّ. وسئل عنه أبو حاتم فقال: شيخ. 233- عبد الرحيم بن واقد الخُراسانيّ 3: عن: هَيّاج بن بِسْطام، وعديّ بن الفضل. وعنه: محمد بن الْجَهْم، والحارث بن أبي أُسامة. حدّث ببغداد.   1 حديث ضعيف: أخرجه ابن عدي في الكامل "4/ 1623"، وفيه صاحب الترجمة كما أن فيه تدليس أبي الزبير عن جابر. 2 التاريخ الكبير "5/ 359"، الجرح والتعديل "5/ 296"، تهذيب التهذيب "6/ 293". 3 تاريخ بغداد "11/ 85، 86"، ميزان الاعتدال "2/ 607". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 145 قال الخطيب: في حديثه مناكير. 234- عبد الرحيم بن المحاربيّ عبد الرحمن بن محمد الكوفيّ 1. أبو زياد: سمع: أباه، ومُبارك بن فَضَالَةَ، وشَريكًا، وزائدة، وغيرهم. وعنه: خ. وق. عن رجل عنه، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وابن نمير، وعبد بن حميد، وأحمد بن أبي غرزة. قال أبو زُرْعة: شيخ فاضل، ثقة. وقال أبو داود: هو أثبت من أبيه. قال البخاريّ: مات في رمضان سنة إحدى عشرة. 235- عبد الرزاق بن همام بن نافع 2 -ع: الإمام أبو بكر الحميري مولاهم الصَّنْعانيّ، أحد الأعلام. عن: أبيه، ومَعْمَر، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وعُبَيد الله بن عمر، وابن جُريْج، والمُثَنَّى بن الصَّبّاح، وثَور بن يزيد، وحَجّاج بن أرطأة، وزكريّا بن إسحاق، والأوزاعيّ، وعِكْرمة بن عمّار، والسُّفْيانين، ومالك، وخلْق. ورحل إلى الشام بتجارةٍ فسمع الكثير من جماعة. ومولده سنة ستٍّ وعشرين ومائة. وعنه: شيخاه معتمر بن سليمان، وسُفيان بن عُيَيْنَة، وأبو أُسامة وهو أكبر منه، وأحمد، وابن مَعِين، وإسحاق، ومحمد بن رافع، ومحمد بن يحيى، ومحمود بن غيلان، وأحمد بن صالح، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن الفرات، والرمادي، وإسحاق الكَوْسِج، والحسن بن عليّ الحلال، وَسَلَمَةُ بن شَبِيب، وعبد بن حُمَيْد، وإسحاق الدَّبَريّ، وإبراهيم بن سُوَيْد الشّاميّ، وخلْق كثير. قال عبد الرّزّاق: جالسنا معمرًا سبع سنين.   1 الطبقات الكبرى "6/ 407"، التاريخ الكبير "6/ 104"، الجرح والتعديل "5/ 340"، تهذيب التهذيب "6/ 306، 307". 2 الطبقات الكبرى "5/ 548"، التاريخ الكبير "6/ 130"، الجرح والتعديل "6/ 38، 39"، الثقات لابن حبان "8/ 412"، ميزان الاعتدال "2/ 609-614"، تهذيب التهذيب "6/ 310-315". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 146 وقال أحمد بن صالح: قلت لأحمد بن حنبل: رأيت أحدًا أحسن حديثًا من عبد الرّزّاق؟ قال: لَا. وقال عبد الوهّاب بْن همّام: كنت عند مَعْمَر فذكر أخي عبد الرّزّاق. وقال: خليق إنْ عاش أن تُضرب إِلَيْهِ أكباد الإِبِل. قَالَ ابن أَبِي السَّرِيّ العسْقلانيّ: فَوَاللَّهِ لقد أتْعَبَها، يعني الإِبِل، ولما ودّعت عبد الرزّاق قَالَ: أمّا في الدنيا فلا أظن أن نلتقي فيها، ولكنّا نسأل اللَّه أن يجمع بيننا في الآخرة. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: قلت لأحمد بْن حنبل: كَانَ عبد الرّزّاق يحفظ حديث مَعْمر؟ قَالَ: نعم. قِيلَ لَهُ: فَمَنْ أثبت في ابن جُرَيْج: عبد الرّزاق، أو محمد بْن بَكْر البّرْسَانيّ؟ قَالَ: عبد الرّزّاق. وقال لي: أتينا عبد الرّزّاق قبل المائتين، وهو صحيح البصر. ومَن سَمِعَ منه بعدما ذهَب بصره فهو ضعيف السَّماع. وقال هشام بْن يوسف: كَانَ لعبد الرّزّاق حين قدِم ابن جُرَيْج اليمن ثمان عشرة سنة. قَالَ ابن مَعِين: هشام بْن يوسف أثبت في ابن جُرَيْج من عبد الرّزّاق. وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن حديث: "النّار جُبار" 1. فقال: هذا باطل، وليس من هذا شيء. ثم قَالَ: وَمَن يُحَدِّث بِهِ عَنْ عبد الرّزّاق؟ قلت: حدّثني أحمد بْن شَبَّوَيْه. قَالَ: هَؤُلّاءِ سمعوا بعدما عَمي. كَانَ يُلقَّن فلُقِّنَه، وليس هُوَ في كُتُبه. وقد أسندوا عَنْهُ أحاديث ليست في كُتُبه، كَانَ يُلَقَّنَها بعدما عَمِي. قلت: عبد الرّزّاق راوية الإسلام، وهو صدوق في نفسه. وحديثه محتجٌّ به في   1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "4594"، وابن ماجه "2676" وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "4594". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 147 الصِّحاح. ولكن ما هُوَ ممّن إذا تفرّد بشيء عُدّ صحيحًا غريبًا. بل إذا تفرّد بشيء عُدّ مُنْكَرًا. وكان من مذهبه أن يَقُولُ: أَخْبَرَنَا، ولا يَقُولُ: حَدَّثنا. وهي عادة جماع من أقرانه، وممّن قبله كحمّاد بْن سلمة، وهشيم. قال الحافظ بن أبي الفوارس: يزيد بن هارون، وهشيم، وعبد الرزاق لَا يقولون إلّا أَخْبَرَنَا، فإذا رَأَيْت حديثًا فهو من خطأ الكاتب. قَالَ محمود بْن رافع: قدِم أحمد، وإسحاق عَلَى عبد الرّزّاق، وكان من عادته أن يَقُولُ: أَخْبَرَنَا. فقالا لَهُ: قل: حَدَّثنا. فقالها. وقال نُعَيم بْن حمّاد: ما رَأَيْت ابن المبارك قطّ يَقُولُ: حَدَّثنا. كَانَ يرى أنّ أَخْبَرَنَا أوسع. وقال يحيى القطّان، وأحمد بْن حنبل، والبخاريّ، وطائفة: حَدَّثنا، وأنا، واحد. "فصل": قَالَ جعفر بْن أَبِي عثمان الطَّيَالِسيّ: سَمِعْتُ ابن مَعِين يَقُولُ: سَمِعْتُ من عبد الرّزّاق كلامًا يومًا استدللتُ بِهِ عَلَى ما ذُكِر عَنْهُ من المذهب، يعني التشيُّع. فقلت لَهُ: إنّ أُستاذَيك اللَّذَيْن أخذتَ عنهم ثِقات كلّهم أصحاب سُنّة: مَعْمَر، ومالك، وابن جُرَيْج، وسُفيان، والأوزاعيّ. فَعَمَّن أخذتَ هذا المذهب؟ فقال: قدِم علينا جعفر بْن سليمان الضُّبَعيّ، فرأيته فاضلًا حَسَن الهَدْيِ، فأخذت هذا عَنْهُ. وقال ابن أَبِي خَيْثَمَة: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين، وقيل لَهُ: إنّ أحمد بْن حنبل. قَالَ: إنّ عُبَيْد اللَّه بْن موسى يُرَدّ حديثه للتشيُّع. فقال: كَانَ واللهِ الَّذِي لَا إله إلّا هُوَ عبد الرّزّاق أغلى في ذَلكَ منه مائة ضُعْف. ولقد سمعت من عبد الرّزّاق أضعاف ما سَمِعْتُ مِن عُبَيْد اللَّه. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي: أكان عبد الرّزّاق يُفْرِط في التَّشَيُّع؟ فقال: أمّا أَنَا فلم أسمع منه في هذا شيئًا. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 148 وقال سَلَمَةُ بْن شَبيب، سَمِعْتُ عبد الرّزّاق يَقُولُ: واللَّهِ ما انشرح صَدْري قطّ أن أفضّل عليًّا عَلَى أَبِي بَكْر وعمر. وقال أحمد بْن الأزهر: سَمِعْتُ عبد الرّزّاق يَقُولُ: أفضّل الشيخين بتفضيل عليّ إيّاهما عَلَى نفسه، ولو لم يفضّلْهما لم أفضِّلْهما. كفى بي إزراء أن أحبّ عليًّا ثم أخالف قوله. وقال محمد بْن أَبِي السَّرِيّ: قلت لعبد الرّزّاق: ما رأيك في التفضيل؟ فأبى أن يخبرني. وقال: كَانَ سُفيان يَقُولُ: أبو بَكْر، وعمر، ويسكت. وكان مالك يَقُولُ: أبو بَكْر، وعمر، ويسكت. قَالَ ابن عديّ: قد رحل إلى عبد الرّزّاق ثقات المسلمين وأئمّتهم، وكتبوا عَنْهُ، ولم يَرَوْا بحديثه بأسًا، إلّا أنّهم نسبوه إلى التَّشَيُّع. وقد روى أحاديث في الفضائل مما لَا يوافقه عَلَيْهِ أحد من الثّقات، فهذا أعظم ما ذمّوه من روايته لهذه الأحاديث، ولِما رواه في مثالب غيرهم. وقال أبو صالح محمد بْن إسماعيل: بَلَغَنَا ونحن عند عبد الرّزّاق أنّ ابن مَعِين، وأحمد بْن حنبل تركوا حديث عبد الرّزّاق، أو كرِهوه، فَدَخَلَنا من ذَلكَ غمٌّ شديد. فلمّا كَانَ وقت الحجّ وافيتُ بمكَّةَ يحيى بنَ مَعِين، فسألته، فقال: يا أبا صالح، لو ارتدّ عبدُ الرّزّاق عَنِ الإسلام ما تركنا حديثه. رواها ابن عديّ، عَنِ ابن حمّاد، عَنْ أَبِي صالح هذا. وقال أحمد بْن الأزهر: سَمِعْتُ عبد الرّزّاق يَقُولُ: صار مَعْمَر هَلِيلَجَةً في فمي. وقال فَيَّاض بْن زُهير النسائيّ: تشفّعنا بامرأة عبد الرّزّاق عَلَيْهِ، فدخلنا، فقال: هاتوا، تشفّعتم إليّ بمَن ينقلب معي عَلَى الفراش. ثم قَالَ: لَيْسَ الشفيعُ الَّذِي يأتيك مُؤْتزِرًا ... مثلَ الشَّفيعِ الَّذِي يأتيك عُرْيانا وقال ابن مَعِين: قَالَ بِشْر بْن السَّرِيّ: قَالَ عبد الرّزّاق: قدِمت مكَّةَ مرّةً، فأتاني أصحاب الحديث يومين، ثم انقطعوا يومين أو ثلاثة. فقلت: يا ربّ ما شأني؟ كذّابٌ أَنَا؟ أيّ شيء أَنَا؟ فجاءوني بعد ذَلكَ. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 149 وقال المفضَّل الْجَنَديّ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْن شَبِيب يَقُولُ: سَمِعْتُ عبد الرزاق يَقُولُ: أخزى اللَّه سِلْعةً لَا تُنْفق إلّا بعد الكِبَر والضَّعْف. حتّى إذا بلغ أحدهم مائة سنة كُتِب عَنْهُ. فإمّا أن يقال: كذّاب فيُبْطِلون عِلْمه، وإما أن يقال: مبتدع فيبطلون عمله. فما أقلّ مَن ينجو مِن ذَلكَ. وقال محمود بْن غَيْلان، عَنْ عبد الرّزّاق، قَالَ: قَالَ لي وكيع: أنت رَجُل عندك حديث وحفظك ليس بذاك. فإذا سُئِلت عَنْ حديثٍ فلا تقل: لَيْسَ هُوَ عندي، ولكن قُلْ: لَا أحْفَظُهُ. وقال ابن معين، قال لي عبد الرّزّاق: أكتُب عنّي حديثًا واحدًا من غير كتاب. فقلت: لَا، ولا حرف. قلت: وقد صنف عبد الرزاق "التفسير" و"السنن" وغير ذلك. و"مصنف عبد الرّزّاق" بضعة وخمسون جزءًا، يجيء ثلاث مجلَّدات. وسمع منه كُتُبه: إسحاق الدَّبَريّ، وعُمِّر دهرًا، فأكثر عَنْهُ الطّبَرانيّ. قَالَ محمد بْن سعْد: مات في النّصف من شوّال سنة إحدى عشرة. - عبد الصّمد بْن حسّان. مَرّ. 236- عبد الصّمد بن عبد العزيز الرازيّ 1. أبو عليّ العطّار المقرئ: عن: أبي جعفر الرازيّ، وبشير بن سُليمان، وعَنْبَسة قاضي الرّيّ، وجَسْر بن فَرْقَد، وعَمْرو بن أبي قيس، وأبي الأحْوص، وفُضَيْل بن عِياض، وخلْق كثير. وعنه: حفص بن عمر المَهْرقانيّ، ويحيى بن عَبْدك، وإسماعيل بن يزيد خال أبي حاتم، ومحمد بن عمّار، وآخرون. تُوُفّي في حدود نيفٍ ومائتين. وقيل: إن أَبا زُرعة الرازيّ روى عنه، وهو بعيد. وكان صدوقًا.   1 التاريخ الكبير "6/ 105"، الثقات لابن حبان "8/ 415". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 150 237- عبد الصّمد بن النُّعمان البغداديّ البزّاز 1: حدث عن: عيسى بن طَهْمان صاحب أنس، وحمزة الزّيّات، وابن أبي ذئب، وشعبة وطائفة. وعنه: عباس الدوري، وأحمد بن ملاعب، ومحمد بن غالب تمتام، وجماعة كثيرة. وثقه ابن معين، وغيره، ولم يقع له شيء في الكتب الستة. توفي سنة ست عشرة ببغداد. وعن الدّارقُطْنيّ قال: ليس بالقويّ. 238- عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عَمْرو بْنُ أُوَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ القُرَشيّ 2 العامري -خ. د. ت. ق: أبو القاسم المدني المعروف بالأويسي. روى عن: عبد العزيز بن عبد الله الماجِشُون، ونافع بن عمر الْجُمحيّ، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، وسليمان بن بلال، ومالك بن أنس، وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير، وابن أُمَيَّة، وعبد الله بن جعفر المَخْرَمّي، وإبراهيم بن سعد، وطائفة. وعنه: خ. ود. ت. عن رجل عنه، وهارون الحمّال، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وعبد اللَّه بْن أَبِي زياد القَطَوانيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعبد اللَّه بْن شَبِيب المدنيّ، وجماعة. وثقة أبو داود، وغيره. 239- عبد العزيز بن عُمَيْر 3: أبو الفقير الخُراسانيّ الزّاهد أحد العارفين. نزل دمشق وجالس أبا سليمان الداراني.   1 الجرح والتعديل "6/ 51، 52"، الثقات لابن حبان "8/ 415"، ميزان الاعتدال "2/ 621". 2 التاريخ الكبير "6/ 13"، الجرح والتعديل "5/ 387"، الثقات لابن حبان "8/ 396"، التهذيب "6/ 345، 346". 3 صفة الصفوة "4/ 234". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 151 وروى عن: زيد بن أبي الزَّرقاء، وحَجّاج الأعور، وجماعة. وروى عنه: أحمد بن أبي الحواري، وإبراهيم بن أيّوب الْجَوْزَجانيّ، وغيرهما. وكانت رابعةُ الشامّية تُسَمّيه سيدّ العابدين. ومن قوله: إن من القلوب قلوبًا مرتصدة، فإذا وجدت بُغْيتها طارت إليه. وعنه قال: إنّما يُفْتح على المؤدب بقدر المتأدبين. وقد تكلم أبو الفقير مرّة بحضرة أَبِي سليمان، فجعل أبو سليمان يخور كما يخور الثور. وقال: ذِكْر النِّعَم يورث الحبَّ لله تعالى. 240- عبد العزيز بن المغيرة بن أمي أو ابن أمية 1 -ق: أبو عبد الرحمن المنقري البصري الصفار. نزيل الرّيّ. عن: مبارك بن فَضَالَةَ، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وجرير بن حازم، والحَمَّادَيْن. وعنه: يوسف بن موسى القطّان، ويحيى بن عَبْدك القزْوينيّ، وابن وارة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم الرازيّ. قال أبو حاتم: صدوق لَا بأس به. 241- عبد العزيز بن منصور 2: أبو الأصبغ اليَحْصُبيّ المصريّ. عن: حَيّوَة بن شُرَيْح، واللَّيث بن مالك، ونافع المقرئ، وغيرهم. وعنه: قاسم بن الفَرج الردفيّ، وغيره. تُوُفيّ سنة ست عشرة ومائتين.   1 الجرح والتعديل "5/ 397"، تهذيب التهذيب "6/ 359". 2 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 110". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 152 242- عبد الغفّار بن الحَكَم 1: أبو سعيد الحرّانيّ، مولى بني أمية. عن: فُضَيْل بن مرزوق، وزهير بن معاوية، ومبارك بن فضالة، والليث بن سعد، وجماعة. وعنه: عَمْرو النّاقد، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن يحيى الحرّانّي، وأبو فَرْوة، ويزيد بن محمد الرُّهاويّ، وآخرون. تُوُفّي في آخر شعبان سنة سبْع عشرة. وقد وُثِّق. روى له النّسائيّ حدَّيثًا في "مُسْنَد عليّ" رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 243- عبد الغفّار بن عُبَيد الله القُرشيّ الكُرَيزيّ البصْريّ 2: عن: شُعبة، وصالح بن أبي الأخضر، وأبي المِقْدام هشام بن زياد. وعنه: ابن وارة، وأبو حاتم. ما رأيت أحدًا ضعّفه إلا البخاريّ فقال: ليس بقائم الحديث. وقال: عبد الغفّار بن عُبَيد الله بن عبد الأعلى ابن الأمير عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ الْقُرَشِيِّ حديثه في البصْريّين. 244- عبد القُدُّوس بن الحجاج 3 -ع: أبو المغيرة الخولاني الحمصي. عن: صَفْوان بن عَمْرو السَّكْسَكيّ، وحريز بن عثمان الرَّحبيّ، وأرطأة بن المنذر، وأبي بكر بن عُبَيد الله بن أبي مريم، وعَبْدة بنت خالد بن مَعْدان، وعُفَيْر بن مَعْدان الحمصيَّيْن، وأبي عَمْرو الأوزاعيّ، وعبد الله بن العلاء بن زبر، ويزيد بن عطاء   1 الثقات لابن حبان "8/ 420"، تهذيب التهذيب "6/ 365". 2 التاريخ الكبير "6/ 122"، الجرح والتعديل "6/ 54"، سير أعلام النبلاء "10/ 437". 3 الطبقات الكبرى "7/ 472"، التاريخ الكبير "6/ 120"، الجرح والتعديل "6/ 56"، تهذيب التهذيب "6/ 369". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 153 اليَشْكُريّ، وعبد الرحمن المسعوديّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، وَطَائِفَةٌ من صغار التّابعين. وعنه: خ. وع. عن رجل عنه، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، والذُّهَليّ، وإسحاق الكَوْسَج، وَسَلَمَةَ بْن شَبِيب، وأبو محمد الدّارميّ، وأحمد بْن عبد الرحيم بْن يزيد الحَوْطيّ، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ، وخلْق كثير. وكان من ثِقات الشّاميّين ومُسْنِدِيهم. قال البخاريّ: مات سنة اثنتي عشرة وصلّى عليه أحمد بن حنبل. قَالَ محمد بْن عبد الملك زَنْجُوَيْه: ما رَأَيْت أَخْوَف لله من إسحاق بْن سليمان الرازيّ، وما رَأَيْت أَخْشَع من أَبِي المغيرة، ولا أحفظ من يزيد بن هارون، ولا أعقل من أَبِي مُسْهِر، ولا أورع من الفِريابيّ، ولا أشدّ تقشُّفًا من بِشْر الحافي. 245- عبد الكريم بن رَوْح بن عَنْبَسَةَ1 -ق: أبو سعيد البصْري، مولى عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. عن: أبيه، وسُفْيان الثَّوْريّ، وشُعْبة، وحمّاد بن سَلَمَةَ. وعنه: خَلَف بن محمد كُرْدُوس، وأبو أمية الطَّرَسُوسّي، ومحمد بن شدّاد المُسْمَعيّ، ويحيى بن أبي طالب، والكُدَيْمِيُّ، وجماعة. ذكره ابن حِبّان في "الثقات". وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وعشرين ومائتين. 246- عَبْد الملك بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سَلَمَةَ الماجِشُون2 -ن. ق: أبو مروان التيمي، مولاهم المدني الفقيه صاحب مالك.   1 الجرح والتعديل "6/ 61"، الثقات لابن حبان "8/ 423"، ميزان الاعتدال "2/ 644"، التهذيب "6/ 372، 373". 2 الطبقات الكبرى "5/ 442"، التاريخ الكبير "5/ 424"، الجرح والتعديل "5/ 358"، تهذيب التهذيب "6/ 407-409". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 154 روى عن: أبيه، ومالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد، وخاله يوسف بن يعقوب الماجِشُون، ومسلم بن خالد الزَّنْجيّ، وغيرهم. وعنه: أبو حفص الفلاس، ومحمد بن يحيى الذُّهَلّي، وعبد الملك بن حبيب الفقيه، والزُّبَير بن بكّار، ويعقوب الفَسَويّ، وسعد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، وجماعة. قال مُصْعَب بن عبد الله: كان مفتي أهل المدينة في زمانه. وقال ابن عبد البَرّ: كان فقيهًا فصيحًا، دارت عليه الفُتْيا في زمانه، وعلى أبيه قبله. وكان ضريرًا، قيل: إنه عَمِيَ في آخر عُمره، وكان مُولَعًا بسَماع الغناء. وقال أحمد بْن المعذّل: كلّما تذكرت أنّ التُّراب يأكل لسان عبد الملك بْن الماجِشُون صَغُرت الدُّنيا في عيني. وكان ابن المعذّل من الفُصَحاء المذكورين، فقيل لَهُ: أين لسانك من لسان أستاذك عبد الملك؟ فقال: لسانه إذا تعايى أحيى من لساني إذا تحايى. وقال أبو داود: كان لا يعقل الحديث. قيل: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة، وقيل: سنة ثلاث عشرة، وقيل: سنة أربع عشرة. وقد قال فيه يحيى بْن أكثم: كَانَ عبد الملك بحرًا لَا تكدّره الدِّلاء. 247- عبد الملك بن قُريب بن عبد الملك1 بن علي بن أصبغ بن مُظَهِّر بن عَبْد شمس بن أَعْيا بن سعد بن عبد بن غَنْم بن قُتَيْبَة بن مَعْن بن مالك بن أعصُر بن سعد بن قيس بن عَيْلان بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عدنان -د. ت. أبو سعيد الباهلي الأصمعي البصري، صاحب اللغة. قيل: اسم أبيه عاصم، ولَقَبُهُ قَريب. كان إمام زمانه في علم اللّسان.   1 التاريخ الكبير "5/ 428"، الجرح والتعديل "5/ 363"، ميزان الاعتدال "2/ 662"، التهذيب "6/ 415-417". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 155 روى عن: أبي عَمْرو بن العلاء، وقُرَّةَ بن خالد، ومِسْعَر بن كِدَام، وابن عَوْن، ونافع بن أبي نُعَيم، وسليمان التَّيْميّ، وشُعْبة، وبكّار بن عبد العزيز بن أبي بَكْرَة، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وَسَلَمَةَ بن بلال، وعمر بن أبي زائدة، وخلق. وعنه: أبو عُبَيدة، ويحيى بن مَعِين، وإسحاق المَوْصِليّ، وزكريا بن يحيى المِنْقَريّ، وَسَلَمَةُ بن عاصم، وعُمر بن شَبَّة، وعبد الرحمن بن عبد الله بن قُرَيب ابن أخي الأصمعيّ، وأبو حاتم السّجَسْتانيّ، وأبو الفضل الرِّياشّي، ونصر بن عليّ الْجَهْضميّ، وأبو العَيْناء، وأبو مسلم الكجّيّ، وأحمد بن عُبَيْد أبو عَصِيدة، وبِشْر بن مُوسى، وأبو حاتم الرازيّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وخلْق. روى عباس، عن ابن مَعِين: سمعتُ الأصمعيّ يقول: سمع منّي مالك بن أنس. وأثنى أحمد بن حنبل على الأصمعيّ في السُّنّة. وقال إسحاق المَوْصِليّ: دخلت عَلَى الأصمعيّ أَعُوده، وإذا قمطرٌ، فقلت: هذا عِلْمُكَ كلُّه؟ فقال: إنّ هذا من حَقٍّ لكثير. وقال ثعلب: قِيلَ للأصمعيّ: كيف حفِظتَ ونسي أصحابُك؟ قَالَ: درستُ وتركوا. وقال عُمَر بْن شَبَّة: سَمِعْتُ الأصمعيّ يَقُولُ: أحفظ ستّة عشر ألف أُرْجُوزة. وقال ابن الأَعْرابيّ: شهِدت الأصمعيَّ وقد أنشد نحو مائتي بيت، ما فيها بيتٌ عَرَفْناه. وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ما عَبَّر أحدٌ من العرب بأحسَنَ من عبارة الأصمعيّ. وقال أبو معين الحسين بن الحسن الرازي، سألت يحيى بْن مَعِين، عَنِ الأصمعيّ فقال: لم يكن ممّن يكذِب، وكان من أعلم النّاس في فنِّه. وقال أبو داود: صدوق. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُولُ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ النَّحْوَ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ الجزء: 15 ¦ الصفحة: 156 "فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" 1؛ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيهِ كَذَبْتَ عَلَيْهِ. وقال نصر بْن عليّ: كَانَ الأصمعيّ يتّقي أن يفسّر حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما يتّقي أن يفسّر القرآن. وقال إسحاق المَوْصِليّ: لم أَرَ الأصمعيّ يدَّعي شيئًا من العِلم، فيكون أحدٌ أعلَمَ بِهِ منه. وقال الرِّياشيّ: سَمِعْتُ الأخفش يَقُولُ: ما رأينا أحدًا أعلم بالشِّعْر من الأصمعي. وقال المبرِّد: كَانَ الأصمعيّ بحرًا في اللّغة لَا نعرف مثله فيها. وكان أبو زيد الأنصاريّ أكبر منه في النَّحْو. وقال الدّعلجيّ غلام أَبِي نُوَاس: قِيلَ لأبي نُوَاس: قد أُشْخِصَ أبو عُبَيدة والأصمعيّ إلى الرشيد. فقال: أمّا أبو عُبَيدة فإنّهم إن مكّنوه من سِفْره قرأ عليهم أخبار الأوّلين والآخِرين. وأمّا الأصمعيّ، فَبُلْبُلٌ يُطْربُهُم بنَغَماته. وقال أبو العَيْنَاء: قَالَ الأصمعيّ: دخلت أَنَا وأبو عُبَيْدة عَلَى الفضل بْن الربيع، فقال: يا أصمعيّ كم كتابُكَ في الخَيل؟ قلت: جلدٌ. فسأل أبو عُبَيْدة عَنْ ذَلكَ، فقال: خمسون جِلْدًا. فأمر بإحضار الكتابَيْن، وأحضر فرسًا، وقال لأبي عُبَيْدة: اقرأ كتابك حرفًا حرفًا، وضع يدك عَلَى موضع موضع. فقال: لست ببيطار، إنّما هذا شيء أخذْتُهُ وسمعته من العرب. فقمتُ فحسرتُ عَنْ ذراعي وساقي، "ثم وثبت" فأخذت بأذُن الفَرَس، ثم وضعت يدي عَلَى ناحيته، فجعلتُ أقبض منه بشيء وأقول: هذا اسمه كذا، وأنشد   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "108"، ومسلم "2"، وأحمد في المسند "3/ 203، 209" من حديث أنس ومن حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري "110"، ومسلم "3"، ومن حديث المغيرة: أخرجه البخاري "1291"، ومسلم "4". وفي الباب: عن عبد الله بن عمرو، والزبير بن العوام، وأبي سعيد وعلي وغيرهم من الصحابة. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 157 فيه، حتّى بلغتُ حافِزَه. فأمر لي بالفَرَس. فكنت إذا أردت أن أغيظ أبا عُبَيدة ركبت الفَرَسَ وأتيته. وروى ابن دُرَيْد، عَنْ شيخٍ لَهُ، قَالَ: كَانَ الأصمعيّ بخيلًا، وكان يجمع أحاديث البُخَلاء. وقال محمد بْن سَلّام الْجُمَحيّ: كنّا مَعَ أَبِي عُبَيدة في جنازة، ونحن بقرب دار الأصمعيّ، فارتفعت ضجّة من دار الأصمعيّ، فبادر النّاس ليعرفوا ذَلكَ، فقال أبو عُبَيدة: إنّما يفعلون ذَلكَ عند الخُبْز، كذا يفعلون إذا فقدوا رغيفًا. وقال الأصمعيّ: بلغت ما بلغت بالعِلم، ونلت ما نلت بالمُلَح. وقد قَالَ لَهُ أعرابيّ رآه يكتب كلَّ شيء: ما أنت إلّا الحَفَظَة تكتب لَفْظ اللَّفظة. قلت: ومع كَثْرة طلبه واجتهاده كَانَ من أذكياء بني آدم وحفّاظهم. قَالَ أبو العبّاس ثعلب، عَنْ أحمد بْن عُمَر النَّحْويّ قَالَ: لما قدِم الحَسَن بْن سهل العراقَ قَالَ: أحبّ أن أجمع قومًا من أهل الأدب فيُبْحِرُون بحضرتي. فحضر أبو عُبَيدة مَعْمَر بْن المُثّنَّى، والأصمعيّ، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وحضرتُ معهم. فابتدأ الحَسَن فنظر في رِقاع كانت بين يديه ووقّع عليها، وكانت خمسين رقعة. ثم أمر فدُفعت إلى الخازن. ثم أقبل علينا وقال: قد فعلنا خيرًا، ونظرنا في بعض ما نرجو نفْعَه من أمور النّاس والرّعيّة، فنأخذ الآن فيما نحتاج إِلَيْهِ. فأفضنا في ذِكر الحُفّاظ، فذكرنا للزُّهْريّ، وقَتَادة، ومَرَرْنا، فالتفت أبو عُبَيْدة وقال: ما الغَرَضُ أيُّها الأمير في ذِكر ما مضى؟ وإنّما تعتمد في قولنا عَلَى حكايةٍ، عَنْ قوم، وتترك مَن بالحَضْرة ههنا من يَقُولُ: إنّه ما قرأ كتابًا قطّ، فاحتاج إلى أن يعود فيه، ولا دخل قلبه شيء فخرج عَنْهُ؟ فالتفت الأصمعيّ وقال: إنّما يريدني بهذا القول أيّها الأمير. والأمرُ في ذَلكَ عَلَى ما حكى، وأنا أُقرِّب عَلَيْهِ. قد نظر الأمير فيما نظر فيه من الرِّقاع، وأنا أعيد ما فيها، وما وَقَّع بِهِ الأمير عَلَى التّوالي. فأُحضِرت الرّقاع، فقال الأصمعيّ: سَأَلَ صاحب الرقعة الأولى كذا، واسمه كذا، فَوُقِّعَ لَهُ بكذا. والرقعة الثانية والثالثة، حتى مرّ في نيفٍ وأربعين رقعة، فالتفت إِلَيْهِ نصر بْن عليّ فقال: أيّها الرجل أَبْقِ عَلَى نفسك من العين. فكفّ الأصمعيّ. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 158 وَرُوِيَ نحوها من وجهٍ آخر، وفيه فقال: حسْبُك السَّاعَةَ، واللهِ تقتلك الجماعة بالعَيْن، يا غلام خمسين ألف درهمٍ واحملوها معه. فقال: تنعّم بالحامل كما أنعمت بالمحمول. قَالَ: هُمْ لك، يعني الغلمان الذين حملوها إِلَيْهِ، ثم عوّضه عنهم بعشرة آلاف. قَالَ عَمْرو بْن مرزوق: رَأَيْت الأصمعيّ وسِيبَوَيْه يتناظران، فقال يونس النَّحْويّ: الحقُّ مَعَ سيبويه، وهذا يغلب بلسانه. وعن الأصمعيّ أنّ الرشيد أجازه مرّةً بمائة ألف درهم. وللأصمعيّ تصانيف كثيرة منها: كتاب خلق الْإِنْسَان، والمقصور والممدود، الأجناس، الأنواء، الصِّفات، الهَمْز، الخيل، القِداح، المَيْسِر، خلْق الفَرَس، كتاب الإِبِل، الشاء، الوحوش، الأخبية، البيوت، فَعَل وأفْعَلَ، الأمثال، الأضداد، الألفاظ بالسلاح، اللُّغات، مياه العرب، النوادر، أصول الكلام، القلب والإبدال، مَعاني الشِّعر، المصادر، الأراجيز، النَّخْلة، النّبات، ما اختلف لفْظُهُ واتفق معناه، غريب الحديث، السَّرْج واللِّجام، التّرْس والنِّبال، الكلام الوحشيّ، المذكَّر والمؤنَّث، نوادر الأعراب، وغير ذَلكَ من الكُتُب. وأكثر تصانيفه مختصرات. قال أبو العَيْناء: كنّا في جنازة الأصمعيّ سنة خمس عشرة. وقال شَبَاب: مات سنة خمس عشرة. وقال البخاريّ، ومحمد بن المُثَنَّى: مات سنة ست عشرة. وقيل: إنه عاش ثمانيًا وثمانين سنة. 248- عبد الملك بن نُصَيْر: أبو طَيْبة المُراديّ، مولاهم المصريّ، مُفْرِض أهل مصر في زمانه. قال ابن يونس: روى عن: اللَّيث، ومالك. وكذا في أولاده، علم الفرائض. توفي سنة إحدى عشرة، ويأتي. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 159 249- عبد الملك بن هشام بن أيوب1: أبو محمد الذهلي، وقيل: الحميري المعافري البصري النحوي. نزيل مصر، ومهذب "السيرة النبوية"، سمعها من زياد بن عبد الله صاحب ابن إسحاق ونقّحها، وحذف جملة من أشعارها، وروى فيها مواضع عن: عبد الوارث المنتوري، وغيره. رواها عنه: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن البرقي، وأخوه عبد الرحيم، ومحمد بن الحسن القطان، وجماعة. وثّقه أبو سعيد بن يونس. وذكره أبو زيد السُّهَيْليّ فقال: هو حِمْيَريّ، له كتاب في أنساب حِمْيَر وملوكها. قلت: الأصحّ أنّه ذُهَليّ كما ذكر ابن يونس وقال: تُوُفّي بمصر في ثالث عشر ربيع الآخر سنة ثمان عشرة ومائتين. وقال السُّهَيليّ: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة، فوهِم أيضًا. وقد سَمِعْتُ السيرة من روايته، فأخبرنا بها أبو المعالي الأبرقوهيّ. قرأتها في ستّة أيّام في النّهار الطّويل. أَنَا عبد القويّ بْن عبد العزيز السَّعْديّ، أَنَا عبد الله بْن رفاعة السّعْديّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْخُلَعِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْن النّحّاس، أَنَا أبو محمد بْن الورد، أَنَا أبو سعيد عبد الرحيم بْن عبد الله بْن عبد الرحيم، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، ثنا زِيَادُ بْن عبد الله، عَنِ ابن إسحاق، فذكر الكتاب. وكان ابن هشام نَحْويًّا أديبًا إخباريًا فاضلًا، رحمه اللَّه. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: حدّثني أبو العبّاس عُبَيد اللَّه بْن محمد المُطَّلبيّ، بالرمْلَة، عَنْ زكريا بْن يحيى بْن حَيَّوَيْه: سَمِعْتُ المُزَنيّ يَقُولُ: قدِم علينا الشافعيّ، وكان بمصر عبد الملك بْن هشام صاحب "المغازي". وكان علّامة أهل مصر بالعربية والشعر. فقيل لَهُ في المصير إلى الشّافعيّ، فتثاقل، ثم ذهب إِلَيْهِ فقال: ما ظننتُ أن الله خلق مثل الشافعي.   1 سيرة ابن هشام "المقدمة"، سير أعلام النبلاء "10/ 428، 429". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 160 250- عبد الوهّاب بن عطيّة وهو وهْب بن عطية الفقيه1 -ن. ق: أبو محمد السلمي الدمشقي، أحد الأئمة. منسوب إلى جدّه. واسم أبيه سعيد بن عطّية. سمع: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وسُفيان بن عُيَيْنَة، وشَبِيب بن إسحاق، وطائفة. وعنه: العبّاس بن الوليد الخلال، ويحيى بن عثمان الحمصيّ، وعبد الله الدّارميّ، وآخرون. قال أبو زُرْعة النّضْريّ: شهدت جنازة عبد الوهاب بن سعد بن عطية المفتي الذي يقال له: وهْب في سنة ثلاث عشرة ومائتين. 251- عُبَيد الله بن الحارث بن محمد بن زياد القُرَشّي2: شيخ مُعَمَّر، لم يلحق جدّه. وروى عن: ابن عَوْن، وهشام بن حسّان، وابن أبي عَرُوبة، وجماعة. وعنه: عثمان بن طالوت، وأبو حاتم الرازيّ. قال أبو حاتم: صدوق. 252- عُبَيد الله بن عبد الواحد بن صبره القُرَشيّ3: بصري معمّر. قال ابن أبي حاتِم: روى عن: أشعث بن عبد الملك، وعمرو بن عبيد. كتب عنه: أبي أيام الأنصاري. 253- عُبَيْد الله بن موسى بن أبي المختار، بَاذَام4: أبو محمد العبسي، مولاهم الكوفي الحافظ المقرئ الشيعي.   1 تاريخ دمشق "25/ 208". 2 الجرح والتعديل "5/ 312". 3 الجرح والتعديل "5/ 324". 4 الطبقات الكبرى "6/ 400"، التاريخ الكبير "5/ 401"، الجرح والتعديل "5/ 334، 335"، التهذيب "7/ 50-53". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 161 وُلِد بعد العشرين ومائة، وسمع: هشام بن عُرْوة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة، وحنظلة بن أبي سفيان المكي، وأيمن بن نابل، وابن جريج، وشيبان النحوي، وعثمان بن الأسود، والأوزاعي، ومعروف بن خربوذ، وخلقا. وعنه: خ، وع. بواسطة، وأحمد بْن حنبل، وابن راهوَيْه، وابن مَعِين، وعَبْد بْن حُمَيْد، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وابن نُمير، وأحمد بْن غَرَزَة الغِفاريّ، وعبّاس الدُّوريّ، والحارث بْن أَبِي أُسامة، والدّارميّ، ومحمد بْن سليمان الباغَنْديّ، والكُدَيْميّ، وخلْق كثير. قال ابن معين، وغيره: ثقة. قال أبو حاتم: ثقة صَدُوق، وأبو نُعَيْم أتقن منه، وعُبَيد الله أثبتهم في إسرائيل. وقال أحمد بن عبد الله العِجْليّ: كان عالمًا بالقرآن، رأسًا فيه. ما رأيته رافعًا رأسه. وما رؤيّ ضاحكًا قطّ. وقال أبو داود: كان مُحْتَرقًا شِيعيًا. وقال أبو الحسن الميمونيّ: ذُكر عند أحمد بْن حنبل عُبَيْد اللَّه بْن موسى فرأيته كالمُنْكِر لَهُ. قَالَ: كَان صاحب تخليط. حَدَّث بأحاديث سَوْء، وأخرج تِلْكَ البلايا، فحدَّث بها. قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ، قرأ عَلَى: عيسى بْن عُمَر الهَمْدانيّ، وعليّ بْن صالح بْن حيّ. وأخذ الحروف عَنْ حمزة، وعن الكِسائيّ، وعن شيبان النحوي. وتصدر للإقراء. قرأ عَلَيْهِ: إبراهيم بْن سليمان، وأيّوب بْن عليّ، ومحمد بن عبد الرحن، وأحمد بْن جُبَيْر. وسمع منه الحروف: محمد بْن عليّ بْن عفّان العامريّ، وهارون بْن حاتم، وجماعة. واقرأ الناس في مسجد الكوفة. قلت: هو من كبار شيوخ البخاريّ. قال ابن سَعْد: تُوُفّي في ذي القِعْدة سنة ثلاث عشرة. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 162 قلت: غلط من قال: تُوُفّي سنة أربع عشرة. وقد أخذ القرآن والعبادة عن حمزة الزيات. وكان صاحب تعبُّد وفَضْل وزهادة، عفا الله عنه. 254- عُبَيْدُ بن إسحاق العطّار1: أبو عبد الرحمن الكوفيّ، عطّار المطَّلقات. عن: قيس بن الربيع، وزهير بن معاوية، وشَريك، وسيف بن عمر التَّميميّ، وسِنان بن هارون البُرْجُميّ، وغيرهم. وعنه: ميمون بن الأصبغ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ، ويحيى بن محمد بن حُريش، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم وقال: ما رأينا إلا خيرًا، ولم يكن بذاك. وعنه أيضًا: الحسن بن عليّ بن زياد الرازيّ شيخ العُقَيْليّ. ضعّفه ابن مَعِين وقال: قلت له: هذه الأحاديث التي تحدّث بها باطل. فقال: اتق الله ويْحَك. فقلت له: هي باطل. وقال البخاري: عنده مناكير. قلت: ومن مناكيره قَالَ: ثنا قَيْسٌ، عَنْ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ حَدِّثْنِي عَنْ رَبِّكَ هَذَا. أَوَ مِنْ لُؤْلُؤٍ هُوَ؟ قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ صَاعِقَةً فَأَحْرَقَتْهُ2. قال ابن حِبّان: تُوُفّي سنة أربع عشرة ومائتين. 255- عُبَيدُ بنُ الصّبّاح الكوفيّ الخزاز3: عن: عيسى بن طَهْمان، وموسى بن عليّ بن رباح، وفُضَيْل بن مرزوق، وكامل بن أبي العلاء، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "5/ 441"، الجرح والتعديل "5/ 401، 402"، المجروحين لابن حبان "2/ 176"، الميزان "3/ 18". 2 حديث منكر: أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1986". 3 الجرح والتعديل "5/ 408"، ميزان الاعتدال "3/ 202"، لسان الميزان "4/ 119". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 163 وعنه: موسى بن عبد الرحمن المَسْروقيّ، وأحمد بن يحيى الصُّوفّي. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. 256- عُبَيد بن حيّان الْجُبَيليّ السّاحليّ1: عن: الأوزاعيّ، واللَّيث بن سعد، وابن لَهِيعَة. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيَ، ومحمد بن عَوْف الطائي، ويزيد بن عبد الصّمد، وغيرهم. قال ابن عَوْف: لَا بأس به. 257- عبيدةُ بنُ عثمان الثقفيّ الدّمشقيّ2: أحد الفُقهاء. روى عن: مالك، وسعيد بن عبد العزيز. روى عنه: عباس بن الوليد، ومعاوية بن صالح الأشعري، ومحمد بن عمر الدولابي. 258- عبيس بن مرحوم بن عبد العزيز العطار3: مولى آل معاوية بن أبي سفيان. بصري مقل. روى عن: أبيه، وعن عبد العزيز بن عبّاس بن سهل السّاعديّ، وغيرهما. وعنه: ابنه بِشْر، والحَسَن بن عَرَفَة، والبصْريّون. ذكره ابن حِبّان في "الثقات". 259- عتاب بن زياد4 -ق: أبو عمرو المروزي.   1 الجرح والتعديل "5/ 405"، الثقات لابن حبان "8/ 433". 2 التاريخ الكبير "7/ 78"، الجرح والتعديل "7/ 34"، الثقات لابن حبان "8/ 524". 3 الجرح والتعديل "7/ 34". 4 الجرح والتعديل "7/ 13"، الثقات لابن حبان "8/ 522"، تهذيب التهذيب "7/ 92". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 164 عن: أبي حمزة محمد بن ميمون السُّكَّريّ، وخارجة بن مُصْعَب، وعُبَيْد الله بن المبارك، ومحمد بن مسلم الطّائفيّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن مَعِين، وأبو حاتم، والصَّنَعانيّ، والحسين بن الْجُنَيْد الدَّامغانيّ، وإبراهيم بن عبد الرّحيم بن دَنُوقا، وطائفة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال مُطَيِّن: مات سنة اثنتي عشرة. قلت: روى له ق. حديثًا واحدًا. 260- عثمان بن حكيم بن ذبيان1 -ن: أبو عمرو الأودي الكوفي، أخو عثمان بن حكيم. عن: الحسن بن صالح بن حيّ، وشَرِيك القاضي، وحبّان بن عليّ. وعنه: ولده أحمد بن عثمان، ومحمد بن الحسين الحسينيّ. قال مُطّين: تُوُفّي سنة تسع عشرة. 261- عثمان بن رقاد البصْريّ2: إمام مسجد بني عُقَيل. عن: الحسن بن أبي جعفر، وأبي هلال، وسُوَيْد بن أبي حاتم، والخليل بن مُرَّة. وعنه: إسحاق بن سَيَّار، وأبو حاتم الرازيّ. 262- عثمان بن زُفر بن مزاحم بن زفر3 -ت. ن: وقيل: عثمان بن زُفَر بن علاج التَّيْميّ الكوفي. عن: عاصم بن محمد العُمَريّ، ويعقوب القُمّيّ، وقيس بن الربيع، وزهير بن   1 الطبقات الكبرى "6/ 410"، الجرح والتعديل "6/ 147"، ميزان الاعتدال "3/ 32"، تهذيب التهذيب "7/ 111". 2 الجرح والتعديل "6/ 150". 3 الطبقات الكبرى "6/ 411"، التاريخ الكبير "6/ 222"، الجرح والتعديل "6/ 150"، الثقات لابن حبان "8/ 453"، التهذيب "7/ 116". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 165 معاوية، وعبد العزيز بن الماجِشُون، وأبي بكر النَّهْشَليّ، وجماعة. وعنه: إبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، وأحمد الرماديّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، ويعقوب الفَسَويّ، وخلْق. قال أبو حاتم: صدوق. وقال مُطَيِّن: مات في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة ومائتين. وقد وهِم ابنُ سَعْد وقال فيه: عثمان بن زُفَر بن الهُذَيل. - أمّا عثمان بْن زُفَر الْجُهَنيّ الدّمشقيّ1 فكان في حدود الثلاثين ومائة. لَهُ حديثان. روى عَنْهُ: مَعْمَر، وبقيّة بْن الوليد. 263- عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القُرَشيّ2 -د. ن. ق: مولى بني أميّة. أبو عَمْرو الحمصيّ. عن: حَرِيز بن عثمان، وحسّان بن نوح، وشُعيب بن أبي حمزة، وأبي غسّان محمد بن مطِّرف، ومعاوية بن سلام، وجماعة. وعنه: ولداه عَمْرو ويحيى، وأحمد بن محمد بن المغيرة العَوْهيّ، وعبّاس التُّرْقُفيّ، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وآخرون. وثقة أحمد، وابن مَعِين. وقال عبد الوهاب بن نجدة: كان يقول: هو من الأبدال. قلت: بقي إلى حدود العشرين. 264- عثمان بن صالح بن صفوان السهميّ المصريّ3. أبو يحيى: عن: مالك، واللَّيث، والزَّنْجيّ، وابن لَهِيعَة، وضَمْرة بن ربيعة، وبكر بن مضر، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "6/ 222"، الجرح والتعديل "6/ 150"، الثقات لابن حبان "8/ 449". 2 الجرح والتعديل "6/ 152"، الثقات لابن حبان "8/ 449"، تهذيب التهذيب "7/ 118". 3 التاريخ الكبير "6/ 228"، الجرح والتعديل "6/ 145"، الثقات لابن حبان "8/ 453"، تهذيب التهذيب "7/ 122". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 166 وعنه: خ. ون. ق. عَنْ رجلٍ عَنْهُ، ويحيى بْن مَعِين، وحُمَيْد بْن زَنْجُوَيْه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، ومالك بْن عبد الله بْن سيف التُّجَيبيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وابنه يحيى بْن عثمان، وخلْق. قال أبو حاتم: كان شيخًا صالحًا سليم النّاحية. قيل له: كان يلّقن؟ قال: لَا. وقال ابن حِبّان: كان راويًا لابن وهْب. وقال ابن يونس: مات في المحرَّم سنة تسع عشرة. قَالَ أحمد بْن محمد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين: سألت أحمد بْن صالح، عَنْ عثمان بْن صالح، فقال: دعْه. دعْه. رأيته عند أحمد متروكًا. 265- عثمان بن الهيثم بن جَهْم بن عيسى بن حسّان بن المنذر1: وهو الأَشَجّ البصْريّ العبْديّ، أبو عَمْرو المؤذِّن، مؤذّن جامع البصرة. عن: عَوْف، وابن جُرَيْج، ورؤبة بن الحَجّاج، وهشام بن حسّان، وجعفر بن الزُّبَيْر الشّاميّ، ومبارك بن فَضَالَةَ. وعنه: خ. وأسيد بْن عاصم، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن عثمان الذارع، والحارث بن أبي أسامة، وأبو مسلم الكجي، وأبو خليفة الجمحي، وهو آخر من روى عنه، ومحمد بن زكريا الأصبهاني، وخلق. قال أبو حاتم: كان صدوقا، غير أنّه كان بآخره يلقن. وقال أبو داود: مات في حادي عشر رجب سنة عشرين. 266- عثمان بن يمان2 -ن. أبو محمد الحداني الهروي اللؤلؤي، نزيل مكّة: عن: موسى بن عليّ بن رباح، وسُفيان الثَّوريّ، وأبي المقدام هشام بن زياد، وزمعة بن صالح، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "6/ 256"، الجرح والتعديل "6/ 172"، الثقات لابن حبان "8/ 453"، تهذيب التهذيب "7/ 157". 2 الطبقات الكبرى "5/ 501"، التاريخ الكبير "6/ 256"، الجرح والتعديل "6/ 173"، الثقات لابن حبان "8/ 450". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 167 وعنه: أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأحمد بن نصر النَّيْسابوريّ، وعبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة، وعبد الله بن شَبِيب، والكُدَيْميّ، وطائفة. قال ابن حِبان: ربّما أخطأ. قلت: له حديث واحد في كتاب النَّسائيّ. 267- عُرْوة بن مروان1. أبو عبد الله العِرْقيّ الطَّرَابُلُسيّ الزاهد حدَّث بمصر عن: زُهَير بن معاوية، وموسى بن أَعْيَن. وعنه: يونس بن عبد الأعلى، وسعيد بن عثمان التنوخي، وخير بن عرفة. قال الدارقطني: شيخٍ أمي ليس بالقوي. وقال غيره: كان عابدا ورعا يتقوت من النبات، رحمه الله. وهو عروة بن مروان الرقي الجرار، يروي أيضا عن: محمد بن عبد الله المُحْرِم، وإسماعيل بن عيّاش، وعُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ. وعنه: أيّوب بن محمد الوزّان. ومنهم من فَرَّقَ بينهما. 268- عصام بن خالد2: أبو إسحاق الحضرمّي الحمصيّ. عن: حَرِيز بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَسَّانُ بْنُ نوح، وأرطأة بن المنذر، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وجماعة. وعنه: خ. وهو من كبار شيوخه، وأحمد بن حنبل، وحُمَيْد بن زَنْجُوَيْه، ومحمد بن عوف الطّائّي، ومحمد بن مسلم بن وَارة، وآخرون. قال النسائيّ: ليس به بأس. وقال البخاريّ: مات ما بين سنة إحدى عشرة إلى سنة خمس عشرة ومائتين.   1 الجرح والتعديل "6/ 398"، ميزان الاعتدال "3/ 64، 65"، لسان الميزان "4/ 164، 165". 2 التاريخ الكبير "7/ 71"، الجرح والتعديل "7/ 26"، الثقات لابن حبان "7/ 301"، التهذيب "7/ 194، 195". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 168 269- عصام بن يوسف بن ميمون بن قُدامة1: أبو عصمة الباهليّ البلْخيّ، أخو إبراهيم بن يوسف. عن: شعبة، وسُفْيان الثَّوريّ، وغيرهما. وعنه: مَعْمَر بن محمد العَوْفيّ، وإسماعيل بن محمد الفَسَويّ، ومحمد بن عبد بن عامر السَّمَرْقَنْديّ الضَّعيف، وابنه عبد الله بن عصام، وآخرون. وكان هو وأخوه شيخَيْ بلْخ في زمانهما. تُوُفّي سنة خمس عشرة ببلْخ. قال ابن عدّي: له عن الثَّوريّ ما لَا يُتابع عليه. 270- عصمة بن سليمان الكوفيّ الخزّاز2: عن: شُعْبة، وسُفيان، وجرير بن حازم. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، والحارث بن أبي أُسامة، وأبو مسلم الكَجّيّ. قال أبو حاتم: ما به بأس. "مطلب ترجمة عفّان شيخ أحمد والبخاري": 271- عَفّانُ بن مسلم بن عبد الله3 -ع: مولى عَزْرَة بن ثابت الأنصاريّ، أبو عثمان البصْريّ الصّفّار، الحافظ، نزيل بغداد. وُلِد سنة أربعٍ وثلاثين ومائة تقريبًا أو تحديدًا، وسمع سنة نيفٍ وخمسين ومائة فأكثر. حَدَّث عن: شُعْبة، وهَمَّام، والحَمَّادَيْن، وهشام الدَّسْتُوائيّ، ووهيب، وصخر بن جويرية، وديلم بن غزوان، وطائفة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 379"، الجرح والتعديل "7/ 26"، الثقات لابن حبان "8/ 521"، الميزان "4/ 168". 2 الجرح والتعديل "7/ 20، 21". 3 الطبقات الكبرى "7/ 298"، التاريخ الكبير "7/ 72"، الجرح والتعديل "7/ 30"، ميزان الاعتدال "3/ 81، 82". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 169 وعنه: خ. وع. عن رجل عنه، وأحمد بْن حنبل، وإسحاق بْن راهوَيْه، وابن المَدِينيّ، وابن مَعِين، والفلّاس، وأبو بَكْر بْن أَبِي شيبة، والذُّهَليّ، وعَبْد، وعبد اللَّه بْن أحمد الدَّوْرقيّ، وأبو زُرْعة الدِّمشقيّ، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة الرازيّ، وعليّ بْن عبد العزيز، وخلْق. قَالَ يحيى القطّان: إذا وافقني عفّان لَا أبالي مَن خالفني. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَه شُعْبَةُ: "يَقْطَعُ الصَّلاةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ" 1. قَالَ الفلّاس: فقال لَهُ عفّان: ثنا همّام، عَنْ قَتَادة، عَنْ صالح أَبِي الخليل، عَنْ جابر بْن زيد، عَنِ ابن عبّاس فبكى يحيى وقال: اجترأتَ عليَّ، ذهب أصحابي خَالِد بْن الحارث، ومُعاذ بْن مُعاذ. قَالَ أحمد العِجْلي: عفّانٌ بصْريٌ ثقة، ثَبْت، صاحب سُنّة. كَانَ عَلَى مسائل مُعاذ بْن مُعاذ القاضي، فجُعل لَهُ عشرة آلاف دينار عَلَى أن يقف عَلَى تعديل رجلٍ فلا يَقُولُ عدلًا ولا غير عدل، فأبى. وقال: لَا أُبطل حقًّا من حقوق اللَّه. وكان يَذْهب برقاع المسائل إلى الموضع البعيد يسأل. فجاء يومًا إلى مُعاذ وقد تلطّخت بالنّاطف. قَالَ: ما هذا؟ قَالَ: إنّي أبعد فأجوع، فأخذت ناطفًا في كُمّي أكلته. وقال عبد الله بْن جعفر المَرْوَزيّ: سَمِعْتُ عَمْرو بْن عليّ يَقُولُ: جاءني عفّان فقال: عندك شيء نأكله؟ فما وجدت شيئًا، فقلت: عندي سَوِيق شعير. فقال: أخرِجه. فأخرجته فأكل أكْلا جيدًا، وقال: ألا أخبرك بأُعْجُوبة. شهِد فلانٌ وفُلان عند القاضي بأربعة آلاف دينار عَلَى رَجُل. فأمرني أن أسأل عنهما. فجاءني صاحب   1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "703"، والنسائي "750"، وابن ماجه "949"، وأحمد في المسند "1/ 347"، وابن حبان في صحيحه "2387"، والبيهقي في السنن "2/ 374". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 170 الدَّنانير فقال لي: لك من هذا المال نصفه وتعدِّل شاهدي؟. فقلت: استجبت لك، وشُهودُهُ عندنا غير مستورين. وقال حنبل: حضرتُ أبا عبد الله وابن معين عند عفّان بعدما دعاه إسحاق بْن إبراهيم، يعني نائب بغداد للمحنة، وكان أوّل من امتُحِن من النّاس عفّان، فسأله يحيى بْن مَعِين فقال: أخبِرْنا. فقال: يا أبا زكريّا لَمْ أُسَوِّد وجهك ولا وجوه أصحابك، أيْ لم أُجِبْ. فقال لَهُ: فكيف كَانَ؟ قَالَ: دعاني إسحاق، فلمّا دخلت عَلَيْهِ قرأ عليّ كتاب المأمون، فإذا فيه: امتحِنْ عفَّان وادْعُهُ إلى أن يَقُولُ: القرآن كذا وكذا. فإن قَالَ ذَلكَ فأقِرَّه عَلَى أمره، وإلّا فاقطع عَنْهُ الَّذِي يجري عَلَيْهِ، وكان المأمون يُجري عَلَيْهِ خمسمائة دِرهم كلَّ شهر. قَالَ: فقال لي إسحاق: ما تَقُولُ؟ فقرأت عَلَيْهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] حتى ختمتُها. فقلت: أمخلوقٌ هذا؟. قَالَ: يا شيخ إنَّ أمير المؤمنين يَقُولُ: إنّك إن لم تُجِبْه يقطع عنك ما يجري عليك. فقلت لَهُ: يَقُولُ اللَّه تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] فسكتَ وانصرفت. فَسُرَّ بذلك يحيى بْن مَعِين، وأحمد، ومَن حضَر. وقال إبراهيم بْن دِيزِيل: لما دُعي عفّانُ للمحنة كنت آخذًا بلجام حماره، فلما حضر عُرِض عَلَيْهِ القول فامتنع، فقيل لَهُ: يُحبس عطاؤك، وكان يُعطى ألف دِرهم كلّ شهر، فقال: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] . قَالَ: وكان في داره نحو أربعين إنسانًا. فَدَقّ عَلَيْهِ الباب داقّ، فدخل عَلَيْهِ رَجُل شبهته بسمان أو زيات، ومعه ألف درهم، فقال: يا أبا عثمان ثبّتك اللَّه كما ثبّت الدِّين، وهذا لك في كلّ شهر، يعني الألف. وقال جعفر بْن محمد الصّائغ: اجتمع عفّان، وعليّ بْن المَدِينيّ، وأبو بَكْر بْن الجزء: 15 ¦ الصفحة: 171 أَبِي شَيْبة، وأحمد بْن حنبل، فقال عفّان: ثلاثة يُضَعَّفون في ثلاثة: عليّ بْن المَدِينيّ في حماد بن زيد، وأحمد في إبراهيم بْن سعْد، وابن أَبِي شَيْبة في شَرِيك. فقال عليّ: وعفّان في شُعْبة. قلت: هذا عَلَى وجه المزاح، وإلّا فهؤلاء ثِقات في شيوخهم المذكورين سيّما عفّان في شُعْبة، فإنّ الحسين بْن حبّان قَالَ: سألت ابن مَعِين فقلت: إذا اختلف أبو الوليد وعفّان عن شُعْبة؟ قَالَ: القول الصّواب قول عفّان. قلت: وأبو نُعَيْم وعفّان؟ قَالَ: عفّان أثبت. وقال أحمد بْن حنبل: عفّان، وحِبّان، وبَهْز هَؤُلّاءِ المتثبّتون، وإذا اختلفوا رجعت إلى قول عفّان، هُوَ في نفسي أكبر. وقال الحسن الحلوانيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين: كَانَ عفّان، وبَهْز، وحِبّان يختلفون إليّ، فكان عفّان أضبط القوم وأمكرهم. عملت مرّة عليهم في شيء فما فطِن بِهِ إلّا عفّان. وذُكِر عفّان عند عليّ بْن المَدِينيّ فقال: كيف أذكر رجلًا إذا شكّ في حرف فيضرب عَلَى خمسة أسطر؟. وسئل أحمد بْن حنبل: مَن تابع عفّان عَلَى الحديث الفُلانيّ؟ فقال: وعفّان يحتاج إلى مُتَابِع؟ وقال يعقوب بْن شَيْبة: سَمِعْتُ ابن مَعِين يَقُولُ: أصحاب الحديث خمسة: مالك، وابن جُرَيْج، والثَّوريّ، وشُعْبة، وعفّان. قلت: مالك أفقهُهُم، وابن جُرَيْج أعرفهم بالتّفسير، والثَّوْريّ أحفظهم وأكثرهم رواية، وشُعْبة أتْقنهم وأوثقهم شيوخًا، وعفّان مختصر شُعْبة، فإنّه كَانَ متعنِّتًا في الرجال، كثيرَ الشَّكَّ والضَّبْط للخطّ. يكتب ثم يعرض عَلَى الشيخ ما سمعه. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: أبو نُعَيم وعفّان لَا أقبل قولهما في الرجال. لَا يَدَعُونَ أحدًا إلّا وقعوا فيه. وقال ابن مَعِين: عبد الرحمن بْن مهديّ أحفظ من عفّان، ولم يكن من رجال عفّان في الكتاب. وكان عبد الرحمن أصغر منه بسنتين. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 172 وقال عبد الرحيم بْن منيب: قَالَ عفّان: اختلف يحيى بْن سعيد وعبد الرحمن في الحديث، فَبَعثا إليَّ، فقال عبد الرحمن: أقول شيئًا وتسأل عفّان. فقال يحيى: ما أجد أكره إلي أن يخالفني من عفان. فقال عفان: وخالفتهما، فنظر يحيى في كتابه فوجد الأمر عَلَى ما قلت. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: لزِمنا عفّان عشْرَ سِنين، وكان أثبت من عبد الرحمن بْن مهديّ. وقال أبو حاتم: عفّان إمام، ثقة، متقن، متين. وقال جعفر بْن أَبِي عثمان الطّيالِسيّ: سَمِعْتُ عفّان يَقُولُ: يكون عند أحدهم حديث فيُخْرجه بالمقرعة. كتبتُ عَنْ حمّاد بْن سَلَمَةَ عشرة آلاف حديث ما حَدّثتُ منها بألفَيْن. وكتبتُ عَنْ عبد الواحد بْن زياد ستّة آلاف حديث ما حَدَّثتُ منها بألف. وكتبتُ عَنْ وُهَيْب أربعة آلاف حديث ما حدّثتُ منها بألف. قلت: ومع حِفِظه وإمامته واتّفاق كُتُب الإسلام عَلَى الاحتجاج بِهِ قد تُكُلِّمَ فيه، وتبارَدَ ابن عديّ بذِكره في كتاب "الضُّعفاء". لكنّه ما ذكره إلّا ليُبطِل قول من ضَعَّفه. فإنّ إبراهيم بْن أَبِي داود قَالَ: سَمِعْتُ سليمان بْن حرب يَقُولُ: ترى عفّان كَانَ يضبط عَنْ شُعْبة، والله جهد جهده أن يضبط عَنْ شعبة حديثًا واحدًا ما قدر عَلَيْهِ. كَانَ بطيئًا رديء الفَهْم. قَالَ ابن عديّ: عفّان أشهر وأوثق من أن يُقال فيه شيء. ولا أعلم لَهُ إلّا أحاديث مَرَاسيل، عَنْ حمّاد بْن سَلَمَةَ، وغيره وصَلَهَا، وأحاديث موقوفة رفعها، وهذا ممّا لَا يُنْقِصه، فإنّ الثّقة قد يهمّ. وعفّان قد رحل إِلَيْهِ أحمد بْن صالح من مصر، وكانت رحلته إِلَيْهِ خاصّةً دون غيره. الْفَسَوِيُّ في تاريخه: قَالَ سَلَمَةُ، هُوَ ابن شَبِيب: قلت لأحمد بْن حنبل: طلبتُ عفّان في منزله قَالُوا: خرج، فخرجتُ أسأل عَنْهُ، فقيل: تَوَجَّه هكذا. فجعلت أمضي وأسأل عَنْهُ حتّى انتهيتُ إلى مقبرة، وإذا هُوَ جالس يقرأ عَلَى قبر بِنْت أخي ذي الرئاستين، فبزقتُ عَلَيْهِ. وقلت: سَوْءة لك. قَالَ: يا هذا، الخُبْزَ الخُبْز. قلت: لَا أشْبَعَ اللَّهُ بطنك. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 173 وقال لي أحمد بْن حنبل: لَا تَذْكُرنّ هذا، فإنه قد قام في المِحنة مقامًا محمودًا عَلَيْهِ، ونحو هذا من كلام. قَالَ الحسن الحلواني: قلت لعفّان: كيف لم تكتب عَنْ عِكْرمة بْن عمّار؟ قَالَ: كنت قد ألححت في طلب الحديث فأضَرّ ذَلكَ بي، فحلفتُ أن لَا أكتب الحديث ثلاثة أيام، فقدم عكرمة في تلك الثلاثة أيام، فحدَّث ثم خرج. ابْنُ عَدِيٍّ: ثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ، نَا عفان، نا همام: ثنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولا"1. وكان بسام لقبه هَمّامًا، فلما فرغه قال بسام: والله ما حدثكم بهذا همام، ولا حدثه قتادة هماما. فتفكّر في نفسه وعلم أنّه أخطأ، فمدّ يده إلى لحية بسّام وقال: أدعو إلى صاحب الربْع يا فاجر. قَالَ: فما خلّصوه منه إلا بالجهد. وقال ابن مَعِين، وأبو خيثمة: أنكرنا عفّان في صفر سنة تسع عشرة، وفي رواية سنة عشرين، ومات بعد أيام. وقال محمد بن عبد الله المُسبّحي: مات عفّان في ربيع الآخر سنة عشرين. وقال أبو داود: شهدت جنازته ببغداد ولم أسمع منه. قلت: غلظ من ورّخه سنة تسع عشرة. 272- عليّ بن إسحاق السُّلَميّ2 -ت: مولاهم المَرْوَزيّ الدّارَكانيّ، أبو الحَسَن. عن: أبي حمزة السُّكَّريّ، والفضل السِّينانيّ، وابن المبارك. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بن الفرات، وأحمد بن الخليل البرجلاني،   1 حديث صحيح: أخرجه أحمد في المسند "5/ 42"، من طريق عفان بلفظ مختلف، ومن طريق آخر: أخرجه أبو داود "2588"، والترمذي "2163" وأحمد في المسند "3/ 300"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "2588". 2 الطبقات الكبرى "7/ 376"، التاريخ الكبير "6/ 262"، الجرح والتعديل "6/ 174"، الثقات لابن حبان "8/ 461". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 174 وعبّاس الدُّوريّ، وموسى بن حزام التِّرمِذيّ، وآخرون. وثقه النَّسائيّ، وغيره. وقال أبو رجاء محمد بن حَمْدَوَيْه: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة ومائتين. 273- عليّ بن إسحاق بن إبراهيم1. أبو الحَسَن الحنظلّي السَّمَرقنْديّ: عن: إسماعيل بن جعفر المدنيّ، وعبد الله بن المبارك، وجماعة. عنه: أبو حاتم الرازيّ، ومحمد بن كرّام شيخ الكرّامية، وآخرون. تُوُفي أيضًا سنة ثلاث عشرة، كما قيل. 274- عليّ بن ثابت الدّهّان الكوفيّ العطّار2 -ق: عن: سَوّاد بن سليمان، وأبي بكر النَّهْشَليّ، وأسباط بن نصر، وعليّ بن صالح بن حيّ، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن أبي غَرَزَة الغِفَاريّ، وعبد الله بن أسامة الكلبيّ، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن عُبَيد بن عُتْبة الكِنْديّ، ومحمد بن الحُسين الحسنيّ، وجماعة. ذكره ابن حِبّان في "الثّقات". قال مُطَيِّن: تُوُفّي سنة تسع عشرة ومائتين. 275- عليُّ بنُ جَبَلَة3: أبو الحسن الكوفيّ الحضرميّ. روى عن: سالم بن أبي مريم، وغيره. وهو مقل.   1 الجرح والتعديل "6/ 175"، الثقات لابن حبان "8/ 466"، تهذيب الكمال "2/ 955"، تهذيب التهذيب "7/ 283". 2 التاريخ الكبير "6/ 264"، الجرح والتعديل "7/ 177"، الثقات لابن حبان "8/ 457"، الميزان "3/ 116"، التهذيب "7/ 289". 3 التاريخ الكبير "6/ 265"، الجرح والتعديل "6/ 77"، الثقات لابن حبان "8/ 457". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 175 روى عنه: أبو قدامة السَّرْخَسيّ، وعليّ بن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ، وغيرهما. 276- علي بنَ جَبلة1. أبو الحسن الضّرير، الشّاعر الملقّب بالعَكَوَّك: شاعر مُحسِن، مقدَّمٌ في زمانه. مدح المأمون والأمير أبا دُلَف العِجْليّ، وسارت له أمثال وأشعار. أخذ عنه: الجاحظ، وأبو عصيدة بن عُبَيْد، وغيرهما. وكان آخر أمره إلى الهلاك. فإنّ المأمون أمر بِهِ فشُدَّ لسانُهُ، فمات. وقال: أستحِلّ دمَك بكُفْرك حيث تَقُولُ: أنت الَّذِي تُنْزل الأيّامَ منزِلَها ... وتنقل الدَّهرَ من حالٍ إلى حالِ وما مددتَ مَدَى طرفٍ إلى أحدٍ ... إلّا قضيتُ بأرزاقٍ وآجالِ أَخْرِجوا لسانه من قفاه. ذكره ابن خلّكان. والعَكَوّك القصير السَّمين. تُوُفّي سنة ثلاث عشرة أيضًا. 277- عليّ بن الحسن بن شقيق بن دينار بن مشعب2 -ع: أبو عبد الرحمن العبدي. مولى آل الجارود العبْديّ. وكان شقيق بصْريًّا. نزل مَرْو. سمع: علي بنَ الحُسَين بن واقد، وأبي حمزة السُّكَّريّ، وأبا المنيب عُبَيد الله العَتَكّي، وإبراهيم بن طَهْمان، وإسرائيل بن يونس، وقيس بن الربيع، وخارجة بن مُصْعَب، وابن المبارك، وطائفة. وعنه: خ، وم. ع. عن رجل عنه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وأحمد بْن سَيَّار، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأحمد بْن منصور   1 الأغاني "20/ 14-43"، سير أعلام النبلاء "10/ 192-194"، شذرات الذهب "2/ 30". 2 الطبقات الكبرى "7/ 376"، التاريخ الكبير "6/ 268، 269"، الجرح والتعديل "6/ 180"، الثقات لابن حبان "8/ 460"، سير أعلام النبلاء "10/ 349- 352"، تهذيب التهذيب "7/ 298، 299". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 176 زاج، ومحمد بن عبد الله بن قُهْزاد المَرْوَزِيّ، وولده محمد بْن عليّ، وخلْق. قال أحمد بن حنبل: لم يكن به بأس. تكلّموا فيه للإرجاء، وقد رجع عنه. وقال الحسين بن حبان: قال ابن معين: ما أعلم أحدًا قدِم علينا من خُراسان كَانَ أفضل من ابن شقيق. كَانَ عالمًا بابن المبارك، قد سَمِعَ الكُتُب مِرارًا. حَدّث يومًا عَنِ ابن المبارك، عَنْ عوف بْن زيد بْن شُراجة، فقيل لَهُ: ابن شراحة فقال: لا، ابن شراجة، سمعته من ابن المبارك أكثر من ثلاثين مرّة. وقال أبو داود: سَمِعَ الكُتُب من ابن المبارك أربع عشرة مرّة. وقال عليّ: سَمِعْتُ من أَبِي حمزة كتاب "الصّلاة"، فنهق حمار، فاشتبه عليّ حديثٌ ولا أدري أيّ حديث، فتركت الكتاب كلّه. وقال العبّاس بْن مُصْعَب: كَانَ عليّ بْن الحسن بْن شقيق جامعًا. وكان يُعَدّ من أحفظهم لكُتُب ابن المبارك. وقد شارك ابنَ المبارك في كثيرٍ من رجاله. وكان أوّل أمره المنازعةَ مَعَ أهل الكتاب، حتّى كتب التّوراةَ والإنجيل والأربعةَ والعشرين كتابًا من كُتُب ابن المبارك، ثم صار شيخًا ضعيفًا لَا يمكنه أن يقرأ، فكان يُحَدِّث كلَّ إنسان الحديثين والثلاثة، وتُوُفّي سنة خمس عشرة ومائتين. وكذلك قَالَ جماعة في وفاته. ويُقال: وُلِد ليلة قُتِل أبو مسلم الخُراسانيّ في سنة سبعٍ وثلاثين ومائة. 278- عليّ بن الحسن بن يعمر الشامي المصري1: روى عن: سُفْيان الثَّوريّ، ومبارك بن فَضَالَةَ، وعَمْرو بن صُبح، وعبد الله بن عُمر العُمَريّ، والهَيْثَم بن أبي زياد. وعنه: ياسين بن عبد الأعلى القِتْبانّي، ومالك بن عبد الله بن سيف، ومحمد بن عَمْرو بن نافع، ومحمد بن رَوْح العنبريّ، وسعيد بن عثمان التَّنوخيّ، ومحمد بن عبد الله بن ميمون الرَّقّيّ، وعبد الرحمن بن خالد بن نَجِيح. قال ابن عديّ: أحاديثه بَوَاطيل، وهو ضعيف جدًّا.   1 الكامل في الضعفاء لابن عدي "5/ 1852-1854"، ميزان الاعتدال "3/ 119، 120"، لسان الميزان "4/ 212-214". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 177 279- علي بن الحسن التميميّ البزّاز1: كُراع. سكن الرّيّ. عن: مالك، وشَرِيك، وجعفر بن سليمان، وحمّاد بن زيد، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وجعفر بن محمد الزَّعْفرانيّ الرازيّون. قال أبو زُرْعة: لم يكن به بأس. 280- عليّ بن الحسين بن واقد2 -ع. ق. 4: مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ. أبو الحسن القُرَشيّ المَرْوَزِيّ. عن: أبيه، وأبي حمزة السُّكّريّ، وسُلَيْم مولى الشَّعْبيّ، وهشام بن سعدٍ المدنيّ، وخارجة بن مُصعَب، وابن المبارك. وعنه: إسحاق بن راهَوَيْه، ومحمود بن غَيْلان، ورجاء بن مُرَجَّى، وعلي بن خَشْرَم، ومحمد بن عَقِيل بن خُوَيْلِد، وأبو الدَّرْداء عبد العزيز بن منيب، ومحمد بن رافع، وخلْق. قال أبو حاتم: ضعيف الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ البخاريّ: ليس به بأس. قلت: وولُد سنة ثلاثين ومائة. 281- عليّ بن حفص3. أبو الحسن المَرْوَزيّ، نزيل عسقلان: روى عن: ابن المبارك. وعنه: خ. وقال: لقيته بعسقلان سنة سبع عشرة.   1 الجرح والتعديل "6/ 180". 2 التاريخ الكبير "6/ 267"، الكنى والأسماء للدولابي "1/ 147"، الجرح والتعديل "6/ 179"، الثقات لابن حبان "8/ 460". 3 التاريخ الكبير "6/ 270"، الثقات لابن حبان "8/ 469"، تهذيب التهذيب "7/ 309، 310". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 178 282- عليّ بن عُبَيدة1: أبو الحسن الرَّيْحانيّ الكاتب. أحد البُلّغاء والفُصحاء. له تصانيف أدبيّة، ولهجة عربيّة، واختصاص بالمأمون. تُوُفّي سنة تسع عشرة ومائتين. وقد اتهم بالزَّنْدقة، فالله أعلم. وتصانيفه تدلُّ عَلَى فلسفته وفراغه من الدِّين. وهي كثيرة سَرَدها ياقوت في "تاريخ الأدباء" وقال: قال جحظة: نا أبو حَرْمَلَة قَالَ: قَالَ عليّ بْن عُبَيْدة: حضرني ثلاثةُ تلامذة، فقلت كلامًا أعجبهم. فقال أحدهم: حقٌ هذا الكلام أنْ يُكتَب بالغوالي عَلَى خدود الغَواني. وقال الآخر: بل حقُّه أنْ يُكتَب بأنامل الحُور عَلَى النُّور. وقال الآخر: بل حقّه أن يُكتَب بقلم الشُّكْر في وَرَق النِّعَم. 283- عليّ بن عياش بن مسلم2 خ. ع. أبو الحسن الألهاني الحمصي البكاء: عن: حَرِيز بن عثمان، وشُعَيب بن أبي حمزة، والمُثنَّى بن الصّبّاح، وعبد الرحمن بن ثَوْبان، وصَدَقَة بن عبد الله السَّمِين، وعُتْبَة بن ضَمْرة بن حبيب، وعُفَير بن سَعْدان، وأبي غسّان محمد بن مُطَرِّف، وعدّة. وعنه: خ. وع. عن رجلٍ عنه، وأحمد بن حنبل، وعَمْرو بْن منصور النَّسائيّ، وإبراهيم الْجَوْزَجانيّ، وإبراهيم بْن الهيثم البَلَديّ، وأحمد بْن عبد الرحيم الحَوْطيّ، وأحمد بْن عبد الوهّاب بْن نَجْدَة، وأحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حمزة، وإسماعيل سَمُّوَيّه، وأبو زُرْعة الدِّمشقيّ، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ، ويزيد بْن محمد بْن عبد الصّمد، ومحمد بْن يحيى، وجماعة. وثقة النَّسائيّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: كنت أُفيد النَّاسَ عَنْ عليّ بْن عيّاش وأنا بدمشق، فيخرجون ويسمعون منه وأنا بدمشق، حتّى وَرَدَ نعيه.   1 تاريخ بغداد للخطيب "12/ 18، 19". 2 الطبقات الكبرى "7/ 473"، التاريخ الكبير "6/ 290"، الجرح والتعديل "6/ 199"، الثقات لابن حبان "8/ 460". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 179 وقال يحيى بْن أكثم: أدخلتُ عليَّ بْن عياشٍ عَلَى المأمون، فتبسّم ثم بكى، فقال: يا يحيى أدخلتَ عليَّ مجنونًا؟ قلت: أدخلتُ عليك خيرَ أهلِ الشام وأعلّمَهم بالحديث، ما خلا أبا المغيرة. وقال عليّ: ولِدتُ سنة ثلاثٍ وأربعين ومائة. وقال يعقوب الفَسَويّ: مات سنة تسع عشرة. قلت: يقع حديثه عاليًا لابن طَبَرْزَد. 284- عليّ بن قادم1. أبو الحَسَن الخُزَاعيّ الكوفيّ: عن: سعيد بن أبي عَرُوبَة، وفِطْر بن خليفة، ومِسْعَر بن كُدَام، وسُفيان، وشُعْبة، وأَسْباط بن نصر، وجماعة. وعنه: أحمد بن الفُرات، وأحمد بن عبد الحميد الحارثيّ، وأحمد بن حازم الغِفَاريّ، وأحمد بن متيَّم بن أبي نُعَيْم، وأحمد بن يحيى الصُّوفيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسي، ويعقوب الفَسَويّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ ابن معين: ضعيف. وقال مطين: مات سنة اثنتي عشرة. وقال ابن سَعْد: سنة ثلاث عشرة، وقال: مُنْكَر الحدَّيث، شديد التشيُّع. 285- عليّ بن محمد المَنْجُورِيّ البلْخيّ2: ومنجور من قُرى بلْخ. سمع: شُعْبة، والثَّوْريّ، وأبا جعفر الرازيّ، ومقاتل بن سليمان، وابن أبي ذئب، وعدّة. وعنه: عبد الصّمد بن الفضل البلْخِي. ذكره السليماني.   1 الطبقات الكبرى "6/ 404"، التاريخ الكبير "6/ 293"، الجرح والتعديل "6/ 201"، تهذيب التهذيب "7/ 374". 2 الثقات لابن حبان "8/ 466". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 180 286- عليّ بن مَعْبَد بن شدّاد العبْديّ الرّقّيّ1 -ت. ن: الحافظ، نزيل مصر. يروي عن: أبي الأحوص سلام بن سُلَيْم، واللَّيث بن سَعْد، وعُبَيد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وإسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، وابن وهب، وخلق من الشام والجزيرة ومصر والعراق والحجاز. وعنه: إسحاق الكوسج، ودحيم، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الحَكَم، وعبد الملك بن حبيب الفقيه، وأبو حاتم الرازي، ومقدام بن داود الرعيني، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأبو يزيد يوسف القراطيسي، وخلق. وكان من كبار الحفاظ والفقهاء. وقيل: لبس صورفيا. قال الطحاوي: سَمِعْتُ سليمان بْن شُعيب: سَمِعْتُ عليّ بْن مَعْبَد. يَقُولُ: أُدْخِلْتُ عَلَى المأمون فقال: يا عليّ بَلَغَنَا عنك أحوالٌ جميلة، وقد رَأَيْت أن أُوَلِّيك قضاءَ مصر. فقلت: يا أمير المؤمنين إني أضعف على ذَلكَ. قَالَ: فاستعفِ بأخيك، فقد قِيلَ لي: إنّ لَهُ فضلًا وعِلْمًا. أما استعنت أَنَا بأخي هذا؟ فالتفتُّ، فإذا المعتصم قائم في دارتي. فلم أُجِبْه، فتبيّنت الغيظَ في وجهه، فقلت: لي حُرمة. قَالَ: وما ذاك؟ قلت: بسماعي العلم مَعَ أمير المؤمنين عند محمد بن الحسن. قال: ومن أين كنت أنت تصل إلى محمد؟ فقلت: بأبي مَعْبَد بْن شدّاد. فقال: أبوك مَعْبَد؟ قلت: نعم. قَالَ: إنّه كَانَ من طاعتنا عَلَى غاية، فلِم لَا تكون مثله؟ ثم خرجت من عنده. قال أبو حاتم: ثقة.   1 التاريخ الكبير "6/ 297"، الجرح والتعديل "6/ 205"، الثقات لابن حبان "8/ 467"، التهذيب "7/ 384، 385". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 181 وقال ابن يونس: يُكنّى أبا محمد، مَرْوَزِيّ الأصل، قدِم مصر مَعَ أبيه، وكان يذهب في الفقه مذهب أَبِي حنيفة. تُوُفيَ بمصر سنة ثمان عشرة. 287- عليّ بن ميْثَم الأسديّ الكوفيّ التّمّار: شيخ الشَّيعة في وقته ومتكلمهم. روى عن: زُرَارَة بن أَعْيَن، وغيره. حكى عنه: عمر بن شَبَّة، وأبو العَيْناء محمد بن القاسم النَّحْويّ. وهو عليّ بن إسماعيل بن شُعيب بن مَيْثَم. 288- عليّ بن هشام1: الأمير أبو الحسن المَرْوَزِيّ. أحد قُواد المأمون. كان فارسًا موصوفًا بالشجاعة والإقدام، مع الظُّلْم والفَتْك. وكان شاعرًا مُفْلِقًا فاضلًا. وُلّي كُوَرَ الجبال، فأساء السّيرة، وقتل جماعة، وصادر، ثم هم بالخروج واللحوق ببابك الخرمي، فظفر به عُجَيْف الأمير، وأتي به المأمون، فقتله، وقتل معه أخاه حُسينًا سنة سبع عشرة ومائتين. 289- عمّار بن عبد الجبّار2 أبو الحَسَن القُرشيّ، مولاهم المَرْوَزِيّ: روى عن: شُعْبَة، وغيره. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة إحدى عشرة. وقد ذكره الخطيب في تاريخه فقال: سمع من ابن أبي ذئب، ومبارك بن فَضَالَةَ، وشعبة. روى عنه: عبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم بن دَنُوقا، ومحمد بن إسرائيل الْجَوْهريّ، وأحمد بن زياد السمسار.   1 تاريخ الطبري "8/ 424، 543"، الأغاني "23/ 435". 2 التاريخ الكبير "7/ 30"، الكنى والأسماء للدولابي "1/ 148"، الجرح والتعديل "6/ 393، 394"، الثقات لابن حبان "8/ 518"، ميزان الاعتدال "2/ 165". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 182 تُوُفّي بمكة. قال البخاريّ: مات بعد أيّام التّشريق بيوم. قلت: هو صدوق. 290- عمّار بن مطر الرّهاويّ1: عن: أبي ثَوْبان، وابن أبي ذئب، ومالك، وسعيد بن عبد العزيز. وعنه: أحمد بن عبد الله الباجُدّائيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، وغيرهما. قال ابن عديّ: متروك. 291- عَمْرو بن حَكّام2. أبو عثمان البصْريّ: عن: شُعْبة وهو مُكِثْرٌ عنه. له عنه أربعة آلاف حديث لكنّه ضعيف بمرّة. قال البخاريّ: ضعّفه عليّ بن المَدِينيّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تُرِك حديثه، وهو صاحب حديث حقّ الزَّنْجَبِيل. تُوُفّي سنة عشرة. والحديث مُنْكَر، رواه عَنْ شُعبة، عَنْ عليّ بْن زيد، عَنْ أَبِي المتوكّل، عَنْ أَبِي سعيد: أنّ ملك الرُّوم أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جرّة زَنْجَبِيل فقسّمها بين أصحابه، لكلّ واحدٍ قطعة، وأعطاني قطعة3. قلت: الحُفّاظ استنكروه؛ لأنّه ما أتى بِهِ أحد عَنْ شُعْبة سواه. وأنا أستنكره أيضًا لمعناه. كيف يُهدي ملك الروم الزَّنْجبيل إلى الحجاز، وإنّما يُهدى الزَّنْجبيل من هناك إلى أرض الروم؟ فهو كما قِيلَ: "كجالب القَرّ إلى هَجَر". وهذا الحديث رواه عَنْهُ عبد الله بْن أَبِي زياد القَطَوانيّ، وأسِيد بْن عاصم، وعبد العزيز بْن معاوية، وسفيان بْن محمد الفزاري، وآخرون.   1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "287". 2 التاريخ الكبير "6/ 324"، "325"، الجرح والتعديل "6/ 227، 228"، المجروحين "2/ 80"، الميزان "3/ 254". 3 حديث منكر: أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 267". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 183 وروى عَنْهُ أيضًا: رجاء بْن الجارود، ومحمد بْن داود، وأبو رفاعة، وآخرون. وسمع أيضًا من: سليمان بْن حِبّان. 292- عمر بن راشد1. مولى مروان بن عثمان، شيخ مصريّ: عن: ابن عَجْلان، وابن أبي ذئب، وهشام بن عُرْوة، وعبد الرحمن بن حَرْمَلَة، وغيرهم. وعنه: أبو مُصْعب المَدِينيّ الملقب بمُطَرِّف، وأحمد بن عبد المؤمن المصريّ، ويعقوب بن سُفيان الفَسَويّ. وهو مُنْكر الحديث بمرّة، يأتي بعجائب. قال ابن أبي حاتم: شيخ مدنيّ سكن القُلْزُم. قال أبي: تركت السَّمَاعَ منه لمّا وجدت حديثه كذبًا. قلت: هو عمر بن راشد الجاريّ، كان ينزل الجار أيضًا، وهو القُرَشيّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. عمر بن سهل بن مروان المازني2 -ق. أبو حفص البصري، نزيل مكّة. روى عن: مبارك بن فَضَالَةَ، وأبي الأشهب العُطَارديّ، وبحر بن كُنَيْز السَّقّاء، وأبي حمزة العطّار، وجماعة. وعنه: بكر بن خَلَف، ومؤمّل بن إهاب، ويحيى بن عَبْدك القزوينيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وبِشْر بن موسى الأسَديّ، وعبد الله بن شَبِيب الرَّبعيّ، وجماعة. له حديث واحد في "سُنَن ابن ماجة". 294- عُمَر بن يزيد الرفا الشيباني البصري3:   1 الجرح والتعديل "6/ 108"، المجروحين لابن حبان "2/ 93، 94"، ميزان الاعتادل "3/ 195"، "196". 2 التاريخ الكبير "6/ 163"، الجرح والتعديل "6/ 114"، الثقات لابن حبان "8/ 440"، التهذيب "7/ 458". 3 الجرح والتعديل "6/ 142"، والكامل في الضعفاء "5/ 1710"، وميزان الاعتدال "3/ 231". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 184 عن: عِكْرِمة بن عمّار، وشُعْبة. وعنه: سليمان بن ثَوْبة النَّهْروانيّ، وأبو حاتم ثم تركه، وضرب الفلاس على حديثه، واتهمه غيرْه. 295- عمر بن عَمْرو1: أبو حفص العسقلانيّ الطَّحَّان. عن: سُفْيان الثَّوريّ، وأبي فاطمة النَّخَعيّ، وعمر بن صُبح، ومحمد بن جابر، وصَدَقة الدّمشقيّ. وعنه: زكرّيا بن الحَكَم، وأبو قُرْصافة العَسْقلّانيّ، وإبراهيم بن أبي سُفيان القَيْسرانيّ، ومحمد بن عبد الحَكَم القَطَويّ. قال ابن عديّ: كان في عِداد من يضع الحديث. حدَّث بالبَوَاطيل. 296- عَمْرو بن الربيع بن طارق2 -خ. م. د: أبو حفص الهلالي الكوفي ثم المصري. عن: يحيى بن أيّوب، واللَّيث، ومالك، وابن لَهِيعة، وعِكْرِمة بن إبراهيم المَوْصليّ قاضي الرّيّ. وعنه: خ. وم. د. عَنْ رَجُل عَنْهُ، وإسحاق الكَوْسَج، وأبو بحر الصّنْعانيّ، وأبو حاتم، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وإبراهيم بْن دِيزِيل، وبحر بْن عثمان بْن صالح، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن يونس: تُوُفّي لثمانٍ بقين من ربيع الأول سنة تسع عشرة. 297- عَمْرو بن أبي سلمة التنيسي3 -ع:   1 الكامل في الضعفاء "5/ 1721، 1722"، ميزان الاعتدال "3/ 215"، الجرح والتعديل "6/ 127". 2 التاريخ الكبير "6/ 331"، الجرح والتعديل "6/ 233"، الثقات لابن حبان "8/ 485"، التهذيب "8/ 33". 3 التاريخ الكبير "6/ 341"، الكنى والأسماء "1/ 153"، الجرح والتعديل "6/ 235"، الثقات لابن حبان "8/ 482". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 185 أبو حفص الهاشمي، مولاهم الدَّمشقيّ، نزيل تِنِّيس. عن: الأوزاعيّ، وأبي مُعَيْد حفص بن غَيْلان، وزُهير بن محمد التميمّي، وعبد الله بن العلاء بن زَبْر، وصدقة بن عبد الله السمين، ومالك، وليث، وجماعة. وعنه: عبد الله بن محمد المُسْنَديّ، وأحمد بن صالح الطَّبريّ، ومحمد بن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بن وَارَةَ، ومحمد بن عبد الله البَرْقِي، وأخوه أحمد بن عبد الله، ومحمد بن إدريس الشّافعيّ ومات قبله بزمان، وعبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم، وأحمد بن مسعود المقدسيّ، وخلق. قَالَ حُمَيْد بْن زَنْجُوَيْه: لمّا رجعنا من مصر دخلنا عَلَى أحمد بْن حنبل، فقال: مررتم بأبي حفص عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَةَ؟ فقلنا: وما عنده؟ عنده خمسون حديثًا والباقي مناولة. قَالَ: كنتم تنظرون في المناولة وتأخذون منها. قَالَ الوليد بْن بَكْر الحافظ الأندلُسيّ: عَمْرو بْن أبي سَلَمَةَ أحد أئمّة الأخبار من نَمَط ابن وهْب، يختار من قول مالك، والأوزاعيّ. ضعّفه ابن مَعِين. ووثّقه جماعة. وتوفي سنة أربع عشرة على الصّحيح. وقيل: سنة ثلاث عشرة. وحديثه في الكُتُب. 298- عَمرو بن عاصم بن عبيد الله بن الوازع1 -ع: أبو عثمان الكلابي القيسي البصري. عن: شعبة، وهَمّام، وجَرِير بن حازم، وحمّاد بن سلمة، وجده عبيد الله بن الوزاع، وطائفة. وعنه: خ. وع. بواسطة، وأحمد بن إسحاق السرمارئي، والحسن بن علي   1 الطبقات الكبرى "7/ 305"، التاريخ الكبير "6/ 355"، الجرح والتعديل "6/ 250"، الثقات لابن حبان "8/ 481"، سير أعلام النبلاء "10/ 256، 257"، ميزان الاعتدال "3/ 269، 270"، تهذيب التهذيب "8/ 58، 59". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 186 الحلواني، وعبد الله الدارمي، وبندار، وعبد بن حميد، ويعقوب الفسوي، ومحمد بن يونس الكديمي، وطائفة كبيرة. وثقة ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال إسحاق بن سيار: سمعته يقول: كتبت عن حمّاد بضعة عشر ألفًا. وقال البخاريّ: مات سنة ثلاث عشرة. 299- عمرو بن عثمان بن سيّار الكلابي الرَّقّيّ1 -ق: عن: زُهَير بن معاوية، وعبد الله بن عَمْرو، وإسماعيل بن عيّاش، وموسى بن أَعْيَن، وجماعة. وعنه: أحمد بن الأزهر، وَسَلَمَةُ بن شَبِيب، وعبد الله بن حمّاد الأيْليّ، ومحمد بن يحيى الذُّهلّي، وسَمُّوَيْه، وأحمد بن إسحاق الخشّاب، وخلْق. قال أبو حاتم: يتكلمون فيه. كان شيخًا أعمى بالرَّقَّة يحدّث النّاس من حفظه بأحاديث منكرة. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. وقال ابن عديّ: هو ممّن يُكْتَب حديثه. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: مَاتَ سنة تسع عشرة. وقال غيره: سنة سبْع عشرة، والأول أشبه. 300- عَمْرو بن محمد الأعْسَم الزَّمِن2: بصْريٌّ نزل بغداد، وحدّث عن: فُضَيْل بن مرزوق، وحسام بن سَمَك، وقيس بن الربيع. وعنه: عليّ بن إشْكاب، ورجاء بن الجارود، وزكريا بن يحيى الناقد.   1 التاريخ الكبير "6/ 354"، الجرح والتعديل "6/ 249"، الثقات لابن حبان "8/ 483، 484"، التهذيب "8/ 76، 78". 2 المجروحين لابن حبان "2/ 74، 75"، ميزان الاعتدال "3/ 286، 287"، لسان الميزان "4/ 375، 376". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 187 قال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف، كثير الوهْم. وممّن روى عنه: أحمد بن الحسين بن عبّاد البغداديّ. وروى عنه عن سليمان بن أرقم، وعن إسماعيل بن عيّاش، وجماعة. وَقَدْ وَهَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَذَكَرَ لَهُ أَحَادِيثَ مِنْهَا: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ أَتَى حَائِضًا فَجَاءَ وَلَدُهُ أَجْذَمَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ"1. 301- عَمْرو بن مُخَرِّم2: أبو قَتَادة، بصْريٌّ، متروك. روى عن: جرير بن حازم، وثابت الحفّار. شيخ يروي عن: ابن أبي مُلَيْكَة، ويزيد بن زُرَيْع، وسُفيان بن عُيَيْنَة. وعنه: جعفر بن طَرْخان، وأحمد بن عمر بن يونس، وجماعة. قال ابن عديّ: روى البَوَاطيل. 302- عَمْرو بن مَسْعدة بن سعيد بن صول3: الأديب أبو الفضلٍ الصُّوليّ، أحد كُتَّاب المأمون البُلَغاء. كان فصيحًا مُفَوَّهًا جوادًا مُمَدَّحًا. تُوُفّي سنة عشرة بأذَنَة في خدمة المأمون. قِيلَ: إنّه خلَّف ثمانين ألف ألف درهم، فرُفِع ذَلكَ إلى المأمون فقال: هذا لمن اتّصل بنا قليل، فَبَارك اللَّه لِوَرَثَته. 303- عَمْرو بن منصور القيسيّ البصْريّ القدّاح4: عن: هشام بن حسّان، وأبي هاشم الزَّعْفَرانيّ، وشُعْبة، ومبارك بن فضالة، وجماعة.   1 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 74". 2 الجرح والتعديل "6/ 265"، ميزان الاعتدال "3/ 287". 3 سير أعلام النبلاء "10/ 181، 182". 4 التاريخ الكبير "6/ 376"، الجرح والتعديل "6/ 265"، الثقات لابن حبان "8/ 481"، التهذيب "8/ 106، 107". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 188 وعنه: محمد بن عامر الثَّقفيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو حاتم، وأبو عبد الله البخاريّ في كتاب القراءة خلف الإمام، وآخرون. تُوُفّي سنة خمس عشرة، ووثّقه ابن حِبّان. 304- عَمْرُو بنُ هاشم البيروتي1 -ق- أبو هاشم: عن: ابن عَجْلان إنْ صحّ، وعن: الأوزاعيّ، وعبد الله بن لَهِيعَة، والهَيْثَم بن حُمَيْدٍ، والهِقْل بن زياد، وجماعة. وعنه: يوسف بن بحر قاضي حمص، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، ومحمد بن مسلم بن وَارَةَ، وأبو زُرْعة الرازيّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصّمد، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وطائفة. قال ابن وَارَةَ: كان قليل الحديث، وليس بذاك. كان صغيرًا حين كتب عن الأوزاعيّ. وقال ابن عديّ ليس به بأس. 305- عوف بن محلّم2. أبو المِنْهال الخُزاعيّ النّديم: كان إخباريًا علامة، شاعرًا مجوِّدا. وكان عبد الله بن طاهر يقدّمه ويُكْرِمه. وكان أبوه طاهر لَا يكاد يفارق عَوْفًا. وأصله من حَرّان، وهو القائل: إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى تَرْجُمان وبدّلتني بالشَّطَاط3 انْحِناءة ... وكنتُ كالصَّعْدة تحت السِّنان ومنها: فَقَرِّباني بأبي أنتما ... من وَطَني قبل اصفرار البنان وقبل منعاي إلى نسوةٍ ... أوطانها حران والرقتان   1 الجرح والتعديل "6/ 268"، ميزان الاعتدال "3/ 290"، تهذيب التهذيب "8/ 112". 2 طبقات الشعراء لابن المعتز "185-193"، العقد الفريد "6/ 83، 110". 3 الشطاط: حسن القوام والاعتدال. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 189 فأَذِن له عبد الله بن طاهر في السَّفر إلى أهله، فمات في الطّريق. 306- عَوْنُ بن عمارة1 -ق: أبو محمد العبدي البصري. عن: حُمَيْد الطّويل، وبَهْز بن حكيم، وعبد الله بن عَوْن، وسُليمان التّميميّ، وهشام بن حسّان، وعبد الله بن المُثَنَّى الأنصاريّ. وعنه: أحمد بن الأزهر، وأحمد بن يوسف النَّيْسابوريّان، والحسن بن عليّ الخلال، وإسحاق بن سَيّار، والحارث بن أبي أسامة، وعبَّاس الدُّوريّ، وأبو قلابة الرقاشي، ومحمد بن يونس الكديمي، وخلق. قال أبو زُرْعة: مُنْكَر الحديث. وقال البخاريّ: يُعْرف ويُنْكر. وقال أبو حاتم: أدركته ولم أكتب عنه. وقال ابن عدّي: يُكْتَب حديثُهُ. وقال مُطَيِّن: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة. 307- العلاء بن عبد الجبّار2: أبو الحَسَن العطّار مولى الأنصار. بصْريٌّ مشهور، سكن مكّة، وحدّث عن: الحمَّادَيْن، ومبارك بن فَضَالَةَ، وجَرِير بن حازم، ونافع بن عَمْرو، ووُهَيْب بن خالد، وطائفة. وعنه: خ. وت. ق. عَنْ رجلٍ عَنْهُ، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن عثمان الرّهاويّ، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن أَبِي مَسَرَّة، وعبد اللَّه بْن شَبِيب المدنيّ الإخباريّ، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وعليّ بْن أحمد بْن النَّضْر الأزْديّ، وولده عبد الجبّار بْن العلاء، وبِشْر بْن موسى، وطائفة.   1 التاريخ الكبير "7/ 81"، الجرح والتعديل "6/ 388"، ميزان الاعتدال "3/ 306"، تهذيب التهذيب "8/ 173". 2 التاريخ الكبير "6/ 518"، الطبقات الكبرى "5/ 501"، الجرح والتعديل "6/ 358"، الثقات لابن حبان "8/ 513". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 190 قال النَّسائيّ: ليس به بأس. قلت: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة. 308- العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري1 -ت. ق: أبو الهذيل البصري. عن: عُبَيْد الله بن عِكْراش، ومحمد بن إسماعيل بن طريح الثَّقفيّ، وغيرهما. وعنه: محمد بن بشّار، وعمر بن شَبّة، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وإسماعيل القاضي، وجماعة. قال ابن حِبّان: لَا يعجبني الاحتجاج به. وقال ابن قانع: مات سنة عشرين. قلت: له حديث واحد في التِّرمِذيّ، وابن ماجة. وكان معمرًا. وذاك الحديث وقع لنا عاليًا في "الغَيْلانّيات" وهو ثمانيّ لابن البخاريّ. 309- العلاء بْن هلال بْن عُمَر بْن هلال بن أبي عطيّة2 -ن: أبو محمد الباهلي الرقي. عن: حمّاد بن زيد، وإسماعيل بن عيّاش، وخَلَف بن خليفة، وعُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وهُشَيْم، وطائفة. وعنه: ابنه هلال بن العلاء، ومحمد بن عليّ بن ميمون الرَّقّيّ، ومحمد بن جَبَلَة الرّافقيّ، وحفص بن عمر سْنَجة، وأبو إسحاق الْجَوْزَجانيّ، وطائفة. ضعفه أبو حاتم. وقال النَّسائيّ: هلال بْن العلاء عَنْ أبيه، لَهُ غير حديث مُنْكَر فلا أدري أتى منه أو من أبيه.   1 التاريخ الكبير "6/ 513"، الجرح والتعديل "6/ 359"، المجروحين لابن حبان "2/ 183، 184"، التهذيب "2/ 93". 2 التاريخ الكبير "6/ 511"، الجرح والتعديل "6/ 361"، المجروحين لابن حبان "2/ 184"، التهذيب "8/ 193". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 191 وقال هلال: وُلد أبي سنة خمسين ومائة، ومات سنة خمس عشرة. 310- عيسى بن جعفر الرياحيّ الكوفيّ1: قاضي الريّ. روى عن: مِسْعر بن كُدَام، وسُفْيان الثَّوريّ، وعبد العزيز بن أبي رواد، وجماعة. وعنه: أبو حاتم الرازي وقال: شيخ صالح صدوق، ومحمد بن عمّار الرازيّ، وغيرهما. 311- عيسى بن دينار بن واقد2: الفقيه أبو محمد الغافِقيّ، نزيل قُرْطُبة. رحل وسمع من: عبد الرحمن بن القاسم وصحِبَه مدَّةً وعوّل عليه. قَالَ ابن الفَرَضيّ: كانت الفُتْيا تدور عَلَيْهِ بالأندلس، ولا يتقدّمه أحد. وكان صالحًا ورِعًا، يرونه مُسْتَجَاب الدَّعْوة. وكان محمد بْن وضّاح يَقُولُ: هو الذي علّم أهلَ الأندلس الفقه. وقال محمد بْن عبد الملك بْن أعْيَن: كَانَ عيسى بْن دينار رافعة من يحيى بْن يحيى اللّيثيّ. وقال أبان بْن عيسى بْن دينار: كَانَ أَبِي قد أجمع عَلَى تَرْك الفُتْيا بالرأي، وأحبّ الفُتْيا بما رُوِيَ من الحديث، فأعجلته المَنِيَّةُ عَنْ ذَلكَ. تُوُفّي سنة اثنتي عشرة ومائتين، رحمه الله. 312- عيسى بن زياد الرازيّ3: عن: نُعَيْم بن مَيْسرة، وابن المبارك، ويعقوب القُمّيّ، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، وقال: صدوق.   1 الجرح والتعديل "6/ 273"، الثقات لابن حبان "8/ 492". 2 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "331". 3 الجرح والتعديل "6/ 276". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 192 313- عيسى بن صَبيح، وهو ابن أبي فاطمة1: عن: زكريا بن سلّام، والثَّوريّ، ومالك، ويعقوب القُمّيّ، وطائفة. وعنه: عليّ بن مَيْسَرة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم. قال أبو حاتم، وغيره: صدوق. 314- عيسى بن المنذر السُّلَميّ الحمصيّ2 -م: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقيّة بْن الوليد، وجماعة. وعنه: ابنه موسى بن عيسى، وإسحاق الكَوْسَج، وابن وَارَةَ. 315- عيسى بن المُنْكَدِر بن محمد بن المُنْكَدِر3: القاضي أبو الفضل التَّيْميّ المدنيّ الأصل، المصريّ. وُلّي قضاء، مصر سنة إحدى عشرة ومائتين، وكان يتنكّر باللّيل ويكشف أخبار الشُّهُود. ولما قدِم المعتصم مصر عزله سنة أربع عشرة، وأقامه للناس، وأخذه معه إلى بغداد فمات بها في السجن. وقد روى عن: أبيه وغيره. وله بمصر دار كبيرة. 316- عيسى بن موسى الأنصاريّ4: أبو عَمْرو. عن: ابن عون، وشعبة. وعنه: أبو حاتم، ووثّقهُ. "حرف الغين": 317- غسان بن المفضّل الغلابي البصري5:   1 الجرح والتعديل "6/ 279". 2 الثقات لابن حبان "8/ 494"، تهذيب التهذيب "8/ 232". 3 كتاب الولاة والقضاة للكندي "184، 428، 433". 4 الجرح والتعديل "6/ 286". 5 الطبقات الكبرى "7/ 349"، الجرح والتعديل "7/ 52"، الثقات لابن حبان "9/ ". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 193 نزل بغداد، وحدّث بها عن: نُعَيْم بن سليمان، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وسفيان بن عيينة. وعنه: محمد بن عبد الله المخرمي، وإسحاق الحربي، ومحمد بن غالب التمتام، وآخرون. وثقه الدارقطني، وغيره. ومات كهلا سنة تسع عشرة. وكان عاقلا لبيبا. "حرف الفاء": 318- فتح بن سعيد الموصلي1: أبو نصر الزاهد، أحد سادات مشايخ الصوفية. له أحوال ومقامات. يقال: إنه كان يتقوت بفلس نخالة. وورد أنّه رَأَى صبيَّيْن، مَعَ ذَا كسرةٌ عليها كامخ، ومع الآخر كسرةٌ عليها عَسَل. فقال صاحب الكامخ: أطْعِمْنِي من عسلك. قَالَ: إنْ صِرت لي كلبًا أطعمتُك. قَالَ: نعم. فجعل في عُنُقه حبلًا وقال: انبح. قَالَ فتح: لو قنعتَ بكامخك ما صرت لَهُ كلبًا. ثم قَالَ: هكذا الدُّنيا. وكان فتح قد سَمِعَ الحديث: من عيسى بْن يونس. وقدِم بغداد زائرًا لِبشْر الحافي، فأضافه بنصف درهم خُبْزًا وتمرًا. وهو فتح الصغير. تُوُفّي سنة عشرين. وأمّا الكبير، فهو فتح المَوْصِليّ المُتَوَفَّى سنة سبعين ومائة. رحمهما الله.   1 حلية الأولياء "8/ 292-294"، سير أعلام النبلاء "10/ 483، 484". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 194 319- فُدَيْك بن سليمان1. أبو عيسى القَيْسرانيّ العابد: روى عن: الأوزاعيّ، ومحمد بن سُوقَة. وعنه: البخاري في خبر رفع اليدين، وأحمد بن الفُرات، وعَمْرو بن ثور الحذاميّ، وجماعة. وقال محمد بن يحيى الذُّهَليّ: كان من العُبّاد. قلت: وقع لنا حديثه بعلوٍ. 320- الفضل بن خالد2. أبو مُعاذ المَرْوَزِيّ النَّحْويّ: عن: سُليمان التيمي، وداود بن أبي هند، وغيرهما. وعنه: أيّوب بن الحَسَن، وعليُّ بن الحَسَن الأفطس. تُوُفّي سنة إحدى عشرة. ورّخه البخاريّ، وترجمه الحاكم ولم يُضَعِّفْه. وقال ابن أبي حاتم: روى عنه محمد بن شقيق، وعبد العزيز بن مُنيب. 321- الفضل بن دُكَيْن3: الإمام أبو نُعَيْم. واسم أبيه عَمْرو بن حمّاد بن زُهَيْر بن دِرْهم التَّيْميّ الطّلحيّ. مولاهم الكوفيّ المُلائيّ الأحول. شَرِيك عبد السّلام بْن حرب، وكانا في دكانٍ واحد يبيعان المُلاء. سمع: الأعمش، وزكريا بن أبي زائدة، وإسماعيل بن مسلم العبْديّ، وجعفر بن بُرْقان، وأبا خَلدة خالد بن دينار، وسيف بن سليمان المكّيّ، وعمر بن ذَرّ، وفِطْر بن خليفة، ومالك بن مِغْوَلٍ، ومسعر بن كدام، وموسى بن علي بن رباح، ويونس بن أبي إسحاق، وشُعْبَة، والثَّوريّ، وخلقًا كثيرًا.   1 التاريخ الكبير "7/ 136"، الجرح والتعديل "7/ 98"، الثقات لابن حبان "9/ 3"، تهذيب التهذيب "8/ 257". 2 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 122"، الجرح والتعديل "7/ 61"، الثقات لابن حبان "9/ 5". 3 الطبقات الكبرى "6/ 400"، الجرح والتعديل "7/ 61، 62"، الثقات لابن حبان "7/ 319"، سير أعلام النبلاء "10/ 142-157"، تهذيب التهذيب "8/ 270، 276". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 195 وعنه: خ. وع. عن رجلٍ عنه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، والدَّارميّ، وعبْد، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة الدّمشقي، ومحمد بْن سَنْجَر الْجُرْجانيّ، ومحمد بْن جعفر القَتَّات، ومحمد بْن الحَسَن بْن سَمَاعة، وعليّ بْن عبد العزيز البَغَويّ، وخلْق كثير. وقد روى عنه: عبد الله بن المبارك مع تقدُّمه. قَالَ أبو حاتم: قَالَ أبو نُعَيْم: شاركتُ الثوَّريّ في أربعين أو خمسين شيخًا. وأمّا حنبل بْن إسحاق فقال: قَالَ أبو نُعَيم: كتبت عن نيفٍ ومائة شيخ ممن كتب عنهم سفيان. وقال محمد بن عبدة بن سليمان: كنت مع أبي نعيم، فقال لَهُ أصحاب الحديث: يا أبا نعيم، إنما حملت عَنِ الأعمش هذه الأحاديث. فقال: وَمَن كنت أَنَا عند الأعمش؟ كنت قِرْدًا بلا ذَنَب. وقال صالح بْن أحمد بْن حنبل: قلت لأبي: وكيع، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أين يقع أبو نعيم من هؤلاء؟ قَالَ: يجيء حديثه عَلَى النصف من هَؤُلّاءِ إلّا أنّه كيّس يَتحرَّى الصِّدق. قلت: فأبو نُعَيْم أثْبَتُ أو وكيع؟ قَالَ: أبو نُعَيْم أقلُّ خَطَأً. وقال حنبل: سُئِل أبو عبد الله فقال: أبو نُعَيْم أعلم بالشيوخ وأنسابهم، وبالرجال، ووكيع أفقه. وقال يعقوب بن شيبة: سمعت أحمد بن حنبل يَقُولُ: هُوَ أثبت من وكيع. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ ابيه قال: أخطأ وكيع في خمسمائة حديث. وقال أحمد بْن الحسن التِّرْمِذِيّ: سمعتُ أبا عبد الله يَقُولُ: إذا مات أبو نُعَيْم صار كتابُه إمامًا. إذا اختلف النّاس في شيءٍ فزِعوا إِلَيْهِ. وقال أبو زُرْعة الدِّمشقي: سَمِعْتُ يحيى بْن معين يَقُولُ: ما رَأَيْت أثبت من رجُلَين: أبو نُعَيْم، وعفّان. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 196 وسمعت أحمد بْن صالح يَقُولُ: ما رَأَيْت محدّثًا أصدق من أَبِيّ نُعَيْم. وقال يعقوب الفَسَويّ: أجمعَ أصحابنا أنّ أبا نُعَيْم كَانَ غايةً في الإتقان. وقال أبو حاتم: كَانَ حافظًا مُتْقِنًا، لم أرَ من المحدّثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظٍ واحدٍ لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثَّوريّ. وكان أبو نُعَيْم يحفظ حديث الثَّوريّ حفظًا جيدًا، وهو ثلاثة آلاف وخمسمائة حديث، ويحفظ حديث مسعر وهو خمسمائة حديث. وكان لَا يُلقّن. وقال الرَّماديّ: خرجت مَعَ أحمد وابن مَعِين إلى عبد الرّزّاق خادمًا لهما إلى الكوفة. قَالَ يحيى: أريد أن أختبر أبا نُعَيْم. فقال أحمد: لَا تريد، الرجل ثقة. فقال يحيى: لَا بُدَّ لي. فأخذ ورقةً فكتب فيها ثلاثين حديثًا، وجعل عَلَى رأس كلّ عشرة منها حديثًا لَيْسَ من حديثه. ثم جاءوا إلى أَبِي نُعَيْم، فخرج وجلس عَلَى دُكّان طين، وأخذ أحمد فأجلسه على يمينه، وأخذ يحيى فأجلسه عَنْ يساره. ثم جلست أسفل الدُّكّان. ثم أخرج يحيى الطَّبَق، فقرأ عَلَيْهِ عشرة أحاديث، فلمّا قرأ الحادي عشر قَالَ أبو نُعَيْم: لَيْسَ هذا من حديثي، فاضْرِبْ عَلَيْهِ. ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال أبو نعيم: ليس هذا من حديثي، فاضرب عليه. ثمّ قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فتغيّر أبو نُعَيْم وانقلبت عيناه، ثم أقبل عَلَى يحيى، فقال: أمّا هذا، وذراع أحمد بيده، فأورع من أن يعمل مثلَ هذا. وأمّا هذا، يُريدني، فأقلّ من أن يفعل ذَلكَ. ولكن هذا من فِعْلك يا فاعل. ثم أخرج رِجْلَه فرفس يحيى بْن مَعِين، فرمى بِهِ من الدّكّان، وقام فدخل داره. فقال أحمد ليحيى: ألم أَمْنَعْك من الرجل وأَقُلْ لك: أنّه ثبتٌ؟ قَالَ: واللهِ لَرَفْسَتُه لي أحبُّ إليّ من سَفْرَتي1. وقال محمد بْن عبد الوهّاب الفرّاء: كنّا نهاب أبا نعيم أشد من هيبة الأمير.   1 أخرجه الخطيب في تاريخه "12/ 353، 354". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 197 وقال أحمد بْن مُلاعِب: حدّثني ثقة، قَالَ: قَالَ أبو نُعَيْم: ما كَتَبت عليَّ الحَفَظَة أنّي سَبَبْتُ معاوية. وقال محمد بْن أبان: سَمِعْتُ يحيى القطّان يَقُولُ: إذا وافقني هذا الرجل ما باليتُ مَن خالفني. وقال يعقوب بن شيبة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو نُعَيْم نزاحم بِهِ ابن عُيَيْنَة. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: شيخان كَانَ النّاس يتكلّمون فيهما ويذكرونهما، وكنّا نَلْقى من الناس في أمرهما ما اللَّهُ بِهِ عليم. قاما لِلَّه بأمرٍ لم يقم بِهِ كبيرُ أحد: عفّان وأبو نُعَيْم. وقال أبو العبّاس محمد بْن إسحاق الثَّقفيّ: عَنِ الكُدَيْميّ: لما أُدْخِل أبو نُعَيْم عَلَى الوالي ليمتحنه، وثَمّ أحمد بْن يونس، وأبو غسّان، وغيرهما. فأَوَّلُ من امتُحِن فلانٌ فأجاب، ثم عطف عَلَى أَبِي نُعَيْم فقال: قد أجاب هذا. ما تَقُولُ؟ فقال: واللَّهِ ما زلتُ أَتّهم جَدَّه بالزَّنْدَقة. ولقد أخبرني يونس بْن بُكَيْر أنّه سَمِعَ جدَّ هذا يَقُولُ: لَا بأس أن ترمي الْجَمْرة بالقوارير. أدركت الكوفة وبها أكثر من سبعمائة شيخ، الأعمش فمَن دُونَه يقولون: القرآن كلام اللَّه. وعُنُقي أهون عليّ من زِرّي هذا. فقام إِلَيْهِ أحمد بْن يونس فقبّل رأسه، وكان بينهما شَحْناء، وقال: جزاك اللَّه من شيخٍ خيرًا. روى أحمد بْن الحَسَن التِّرمِذيّ، وغيره، عَنْ أَبِي نُعَيْم قَالَ: القرآن كلام اللَّه لَيْسَ بمخلوق1. وقال صاحب "مرآة الزَّمان": قَالَ عبد الصَّمد بْن المهتدي: لما دخل المأمون بغداد، نادى بتَرْك الأمر بالمعروف وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَر وذلك؛ لأنّ الشيوخ بقوا يَضْرِبُون ويَحْبِسون، فنهاهم المأمون. وقال: قد اجتمع النّاس عَلَى إمامٍ، فمرّ أبو نُعَيْم فرأى جنديًا وقد أدخل يده بين فخذي امرأةٍ، فنهاه بعُنْف، فحمله إلى الوالي، فحمله الوالي إلى المأمون.   1 أخرجه الخطيب في تاريخه "12/ 349". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 198 قَالَ: فأُدخِلتُ عَلَيْهِ بُكْرةً وهو يُسَبّح، فقال: توضّأ. فتوضّأت ثلاثًا ثلاثًا، عَلَى ما روى عبْد خيرٍ، عَنْ عليّ. فقال: ما تَقُولُ في رَجُل مات عَنْ أبَوَيْن؟ فقلت: للأُمّ الثلُث والباقي للأب. قَالَ: فإنْ خلّف أبَوَيْه وأخاه؟ قلت: المسألة بحالها، وسقط الأخ. قَالَ: فإنْ خلَّف أبَوَيْن وأَخَوَيْن؟ قلت: للأمّ السُّدُس، وما بقي للأب. فقال: في قول النّاس كلّهم؟ قلت: لَا، إنّ جدّك ابن عبّاس ما حجب الأمّ عَنِ الثُّلث إلّا بثلاثة إخوة. فقال: يا هذا مَن نهى مثلَكَ عَنْ أن يأمر بالمعروف ويَنْهَى عَنِ المُنْكَر؟ إنّما نهينا أقوامًا يجعلون المعروف مُنْكَرًا. ثم خرجت. وقال أبو بَكْر المَرُّوذِيّ، عَنْ أحمد بْن حنبل: إنّما رفع اللَّه عفّان وأبو نُعَيْم بالصِّدق حين نُوّه بذِكْرهما. وقال أبو عُبَيْد الآجُرِّيّ: قلت لأبي داود: كَانَ أبو نُعَيْم حافظًا؟ قَالَ: جدًّا. وقال هارون بن حاتم: سألت أبا نُعَيْم: متى وُلِدْت؟ قال: سنة تسعٍ وعشرين ومائة. وقال أحمد بن مُلاعب: سمعته يقول: ولدت في آخر سنة ثلاثين ومائة. قلت: ومات شهيدًا، فإنّه طُعِن في عُنقه وحصل له ورشكين. وقال يعقوب بن شَيْبة، عن بعض أصحابه: إن أبا نُعَيْم مات بالكوفة ليلة الثُّلاثاء لانسلاخ شَعبان سنة تسع عشرة. وقال غيره: مات في رمضان، ولا مُنَافَاةَ بين القَوْلَين، فإنّ مُطَيِّنًا رأَى أبا نُعَيم وخاطَبَه، وقال: مات يوم الشَّكّ من رمضان سنة تسع عشرة. وقد غلط محمد بن المُثَنَّى فخالف الجمهور وقال: مات سنة ثمان عشرة في آخرها. وقال بِشْر بْن عبد الواحد: رَأَيْت أبا نُعَيْم في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ يعني فيما كَانَ يأخذ عَلَى الحديث. قَالَ: نظر القاضي في أمري، فوجدني ذا عيالٍ فعفا عني. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 199 وقال عليّ بْن خَشْرَم: سَمِعْتُ أبا نُعَيم يَقُولُ: يلومونني عَلَى الأخذ، وفي بيتي ثلاثة عشر، وما في بيتي رغيف. قلت: كَانَ بين الفخر عليّ بْن البخاريّ وبين أَبِي نُعَيْم خمسةُ أنفس في عدّة أحاديث. وهو أجل شيخ للبخاري. 322- الفضل بن الموفق1 -ق: أبو الجهم الكوفي. ابن عَمّة سُفْيان بن عُيَيْنَة. سمع: فُضَيْل بن مرزوق، ومِسْعَر بن كُدَام، وسُفْيان الثُّوريّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن سَيَّار النَّصِيبيّ، وأبو أُمَيّة الطَّرَسوسيّ. ضعفّه أبو حاتم، وغيره. وليس بالمتروك. 323- فَهْد بن عوف2: أبو ربيعة القُطَعيّ، واسمه زيد، ولَقَبُهُ فهد. روى عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، ووُهَيْب، وأبي عَوَانَة، وشَرِيك وطائفة. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، ومحمد بن الْجُنَيْد، وآخرون. تركه الفلّاس، ومسلم. وقال أبو حاتم: ما رأيت بالبصرة أَكْيَس ولا أحلى من أبي ربيعة. قِيلَ لَهُ: فما تَقُولُ فيه؟ قال: يُعْرف ويُنْكَر. وقال أبو زُرْعة: اتهم بسَرِقَة حديثَين. قلت: تُوُفّي في المحرَّم سنة تسع عشرة ومائتين. 324- فيض بن الفضل3 أبو محمد البجلي الكوفي:   1 التاريخ الكبير "7/ 118"، الجرح والتعديل "7/ 68"، الثقات لابن حبان "9/ 6"، التهذيب "8/ 287، 288". 2 التاريخ الكبير "3/ 404"، الجرح والتعديل "3/ 570"، الثقات لابن حبان "9/ 13"، الميزان "3/ 366". 3 التاريخ الكبير "7/ 140"، الجرح والتعديل "7/ 88"، الثقات لابن حبان "9/ 12". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 200 عن: مِسْعَر، ومالك بن مِغْوَلٍ، وعمر بن ذَرّ. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، وإبراهيم بن دِيزِيل، والفضل بن يوسف القُطْبانيّ، وغيرهم. 325- الفيض بن إسحاق1: أبو يزيد الرَّقّي، خادم الفُضَيْل بن عِياض. سمع: الفُضَيْل، ومحمد بن عبد الله بن عُبَيد المُحْرِم. وعنه: محمد بن غالب بن سعيد الأنطاكيّ، وعبد الله بن الربيع الرَّقّي، وهلال بن العلاء. "حرف القاف": 326- القاسم بن كثير القُرَشيّ2 -ت. ن: مولاهم المصريّ، قاضي الإسكندريّة. روى عن: أبي غسّان محمد بن مُطَرِّف، واللَّيْث بن سعد. وعنه: أبو محمد الدَّارميّ، ومحمد بن سهل بن عسكر، ويزيد بن سِنان البصْريّ، وآخرون. قَالَ النَّسائيّ: ثقة. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ يونس: يقال: إنه من أهلِ العراق، وهو عندي مصريّ. وكان رَجُلا صَالِحًا. تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ عِشْرِينَ ومائتين. 327- قالون المقرئ3 صاحب نافع بن أبي نعيم:   1 الطبقات الكبرى "7/ 486"، التاريخ الكبير "7/ 139، 140"، الجرح والتعديل "7/ 88"، الثقات لابن حبان "9/ 12". 2 الجرح والتعديل "7/ 118"، تهذيب التهذيب "8/ 330، 331". 3 الجرح والتعديل "6/ 290"، سير أعلام النبلاء "10/ 326، 327" ميزان الاعتدال "3/ 327". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 201 واسم قالون عيسى بن مِينَا بن وَرْدَان بن عيسى الزُّرَقّي، مولى الزُّهْريّين. أبو موسى المدنّي النَّحْويّ، معلّم العربّية. يقال: إنه ربيب نافع، وهو الذي لقّبه قالون بجَوْدة قراءته. وقالون معناه جيّد، وهي لفظة رومّية. حدّث عن شيخه نافع، وعن محمد بن جعفر بن أبي كثير، وعبد الرحمن بن أبي الزَّناد، وغيرهم. وعنه: أبو زُرْعة الرازيّ، وإبراهيم بن دِيزِيل، وإسماعيل القاضي، وموسى بن إسحاق القاضي، وجماعة. وقرأ عَلَيْهِ القرآن طائفة كبيرة، منهم: ابنه أحمد، وأحمد بْن يزيد الحُلْوانيّ، وأبو نَشِيط محمد بْن هارون، وأحمد بْن صالح المصريّ الحافظ. وانتهى إليه رئاسة الإقراء في زمانه بالحجاز. ورحل إِلَيْهِ النَّاس، وطال عُمره، وبَعُد صِيتُهُ. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ عليَّ بْن الحَسَن الهِسِنْجانيّ يَقُولُ: كَانَ قالون شديد الصَّمَم. فلو رَفَعت صوتك حتّى لَا غاية، لَا يسمع، فكان ينظر إلى شَفَتَيِ القارئ فيردّ عَلَيْهِ اللَّحن والخطأ. وقال عثمان بن خرزاد الحافظ: ثنا قالون قال: قَالَ لي نافع: كم تقرأ عليّ، اجلس إلي أسطوانة حتّى أُرسل إليك. وقال أبو عَمْرو الدّانيّ: عرض أيضًا عَلَى عيسى بْن وَرْدان الحَذّاء. روى القراءة عَنْهُ: ابناه أحمد وإبراهيم، والحُلْوانيّ، وأحمد بْن صالح، ومحمد بْن عبد الحَكَم القطْريّ، وعثمان بْن خُرَّزاد، ثم سمّى جماعة. قلتُ: تُوُفّي قالون سنة عشرين ومائتين، ورّخه غير واحد، وعاش نيِّفًا وثمانين سنة. وغلط من قال: تُوُفّي سنة خمسٍ ومائتين غَلَطًا بيِّنًا. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 202 328- قَبِيصَةُ بنُ عُقْبة بن محمد بن سُفيان بن عقبة1 -ع: أبو عامر السوائي الكوفي. عن: شعبة، وسفيان، وإسرائيل، وورقاء، وطبقتهم. وعن أكبر منهم كعيسى بن طَهْمان، وفِطْر بن خليفة، ومالك بن مِغْوَلٍ، ومِسْعَر، وعاصم بن محمد العُمَرِيّ. وعنه: خ. وم. ع عَنْ رجلٍ عَنْهُ، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمود بْن غَيْلان، ومحمد بْن إسحاق الصَّغانيّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأحمد بْن سليمان الرّهاويّ، والحارث بْن أَبِي أُسامة، وحفص بْن عُمر سَنْجَة، وخلْق. قال حنبل: قال أبو عبد الله: كان قبيصة كثير الغلظ، وكان رجلًا صالحًا ثقة، لَا بأس به. وأيّ شيء لم يكن عنده، يعني أنّه كثير الحديث. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سمعت أبي يذكر أبا حُذَيْفة، فقال: قَبِيصة أثبت منه جدًا، يعني في سُفْيان. وقال ابن مَعِين: قَبِيصة ثقة في كل شيء، إلا في حديث سُفيان، ليس بذاك القويّ. فإنّه سمع منه وهو صغير. وقال يعقوب الفَسَويّ: سَمِعْتُ قَبِيصة يَقُولُ: صلَّيت بسُفْيان الفريضة. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: لو حدَّثنا قَبِيصة، عَنِ النَّخَعيّ لَقَبِلْنا منه. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سُئِل أبو زُرْعة عَنْ قَبِيصة، وأبي نُعَيْم فقال: كان قبيصة أفضل الرجلين، وأبو نعيم أتقن الرجلين. وقال أبو حاتم: لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحدٍ لا يغيره سوى قبيصة، وأبي نعيم في حديث الثَّوريّ، وسوى يحيى الحِمّانيّ في حديث شَرِيك، وعليّ بْن الْجَعْد في حديثه. وقال إسحاق بْن سيّار النَّصِيبيّ: ما رأيت من الشيوخ أحفظ من قبيصة.   1 الطبقات الكبرى "6/ 403"، التاريخ الكبير "7/ 177"، الجرح والتعديل "7/ 126، 127"، الثقات لابن حبان "9/ 21"، ميزان الاعتدال "3/ 383، 384"، تهذيب التهذيب "8/ 347-349". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 203 وكان هنّاد بْن السَّرِيّ صالحًا كثير البكاء. فإذا ذكر قَبِيصة قَالَ: الرجل الصّالح. وتّدْمَع عيناه. وقال جعفر بْن حَمْدُوَيْه: كنّا عَلَى باب قَبِيصة ومعنا دُلَف بْن أَبِي دُلَف، ومعه الخادم يكتب الحديث. فصار إلى باب قَبِيصة، فدقّ عَلَيْهِ فأبطأ، فعاوَدَه الخادم وقال: ابن ملك الجبل عَلَى الباب، وأنت لَا تخرج إِلَيْهِ؟ فخرج وفي طرف إزاره كسْرة من الخُبْز. فقال: رجلٌ قد رضي من الدّنيا بهذا، ما يصنع بابن الجبل؟ واللَّهِ لَا حدّثْتُهُ. فلم يحدِّثْه. وقال هارون الحمّال: سمعته يقول: جالست الثوري وأنا ابن ستّ عشرة سنة ثلاث سِنِين. قال مطين، وغيره: مات في صفر سنة خمس عشرة، رحمه الله. 329- قَحْطَبَة بن غُدانة1: أبو مَعْمَر الْجُشَميّ البصْريّ. عن: هشام الدَّسْتُوَائيّ، وسعيد بن أبي عَرُوبة. سمع منه أبو حاتم، وقال: صَدُوق. 330- قُدَامةُ بنُ محمد بن قُدَامة بن خَشْرم الأشجعيّ المدنيّ2 -ن: عن: إسماعيل بن شيبة الطائفي، وداود بن المغيرة، ومَخْرَمَة بن بُكَيْر. وعنه: أحمد بن صالح الحافظ، وَسَلَمَةُ بن شَبِيب، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، ومحمد بن سَعْد المعوقيّ، وآخرون. 331- قَرَعُوسُ بن العّباس بن قَرعوس بن عُبَيد بن منصور الثَّقفيّ الأندلسيّ3: الفقيه صاحب مالك.   1 الجرح والتعديل "7/ 149". 2 التاريخ الكبير"7/ 179"، الجرح والتعديل "7/ 129"، تهذيب التهذيب "8/ 365". 3 تاريخ علماء الأندلس "372، 373"، لسان الميزان "4/ 473". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 204 كان إمامًا صالحًا دينًا كبير القدر على الإسناد. رحل وأخذ عن: ابن جريج. قال ابن يونس: وفي ذلك نظر. وأخذ عن سُفيان الثَّوريّ، ومالك، واللَّيث، ثم غلب عليه الفقه واشتهر به، وكان يروي "الموطأ" عن مالك. حمل عنه: أصبغ بن الخليل، وعثمان بن أيّوب، وغير واحد. وقال ابن الفَرَضيّ: كان فقيهًا لَا عِلم له بالحديث. قال: كان ديِّنًا ورِعًا فاضلًا. مات سنة عشرين بالأندلس. 332- قُطْبةُ بن العلاء بن المِنْهال1: أبو سُفْيان الغَنَويّ الكوفيّ. روى عن: أبيه، وسُفْيان الثَّوريّ. وعنه: عليّ بن حرب، وأحمد بن يوسف السّلميّ، ويعقوب الفَسَويّ، وجماعة. قَالَ البخاريّ: فِيهِ نظر. وقال النَّسائيّ، وغيره: ضعيف. 333- قيسُ بن محمد بن عِمران الكِنْديّ2: عن: عُفَير بن مَعْدان، وغيره. وعنه: العبّاس الرّياشيّ، وأبو حاتم، وجماعة. وُثّق. "حرف الكاف": 334- كثيّر بن إياس الدولي المصري:   1 التاريخ الكبير "7/ 191"، الجرح والتعديل "7/ 141، 142"، ميزان الاعتدال "3/ 390". 2 الجرح والتعديل "7/ 104"، الثقات لابن حبان "9/ 15"، تهذيب التهذيب "8/ 402". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 205 عن: اللّيث، ونافع بن يزيد، ومُفَضَّل بن فَضَالَةَ. ذكره ابن يونس. تُوُفي سنة تسع عشرة ومائتين. 335- كعب بن خُرَيْم المُرّيّ الدّمشقيّ1 أبو حارثة: عن: يحيى بن حمزة، ومحمد بن حرب، وجماعة. وعنه: ابنه أحمد، ودُحَيْم، وأبو حاتم الرازيّ. قال دُحَيْم: شيخ صالح. 336- كلثوم بن عَمْرو2: أبو عَمْرو العتّابيّ الأديب الشاعر الإخباريّ. كان خطيبًا بليغًا فصيحًا مُفَوَّهًا، مدح الرشيد والمأمون. كان يتزهّد ويتصوف ويقلّ من السلطان. وقد قَالَ مرّة للمأمون: يدُك بالعطاء أطلق من لساني بالسؤال. وإنه لَا دِين إلّا بك، ولا دُنيا إلّا معك. ومن شعره: ألا قد نُكّس الدَّهرُ ... فأضحى حُلْوُهُ مُرًّا وقد جرّبت من فيه ... فلم أَحْمَدْهُم طُرًّا فالزِمْ نفسَك الياسَ ... من النّاس تَعِشْ حُرّا وقال الرِّياشيّ: قَالَ مالك بْن طَوْق للعَتّابيّ: يا أبا عَمْرو رأيتك كلّمتُ فلانًا فأطَلْت كلامك. قَالَ: نعم. كانت معي حَيْرَةُ الدّاخل، وفِكْرَةُ صاحبِ الحاجة، وذُلُّ المسألة، وخوف الرد مع شدة الطمع.   1 الجرح والتعديل: "7/ 163". 2 تاريخ الطبري "8/ 663"، الأغاني "13/ 107"، تاريخ بغداد "488-492". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 206 "حرف اللام": 337- الليث بن عاصم1 -د. ت: أبو زرارة القتباني المصري. روى عن: ابن عَجْلان، وابن جُرَيْج، وغيرهما. وعنه: يونس بن عبد الأعلى، وحفيده ياسين بن عبد الأحد القِتْبانيّ. وكان صالحًا عابدًا، مُعَمَّرًا، نيَّف عَلَى التّسعين. ومات سنة إحدى عشرة في صَفَر. وهو لَيْث بن عاصم بن كُلَيْب بن خِيار بن خيْر بن أسعد بن ناشرة. وقال ابن أبي حاتم: ليث بن عاصم أبو زُرَارة القِتْبانيّ. روى عن: أبي قَبِيل، وأبي الخير الْجَيْشَانيّ. وعنه: ابن وهْب، وأبو شَريك يحيى بن يزيد المصريّ، وأبو الطّاهر بن السَّرْح. قلت: فهذا الَّذِي ذكره ابن أَبِي حاتم آخر أكبر من صاحب التّرجمة، وهذا عجيب. وأمّا شيخنا المِزِّيّ فخلط الترجمتين، أعني الّذي ذكره ابن أَبِي حاتم بلَيْث بْن عاصم بْن العلاء الخَوْلانيّ الحُداديّ بالضَّمّ والتّخفيف. والظاهر أنّهما واحد، وَهِمَ ابن أَبِي حاتم في نِسْبَته وكنيته. مات قبل ابن وهْب. "حرف الميم": 338- محمد بن أسعد التغلبيّ2: أبو سعيد المكّيّ ثم المِصِّيصيّ.   1 الجرح والتعديل "7/ 181"، الثقات لابن حبان "9/ 29"، تهذيب التهذيب "8/ 468، 469". 2 الجرح والتعديل "7/ 208"، الثقات لابن حبان "9/ 68"، ميزان الاعتدال "3/ 480"، التهذيب "9/ 46، 47". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 207 عن: زُهَير بن معاوية، وأبي إسحاق الفَزَاريّ، وعَبْثَرِ بن القاسم، وابن المبارك. وعنه: عبد الله الدَّارميّ، ومحمد بن المُثَنَّى المصريّ، وإسحاق الكَوْسج، وأحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، ومحمد بن أحمد بن الْجُنَيْد الدّقّاق، وآخرون. قال أبو زُرْعة: منكر الحديث. 339- محمد بن أعين1 -ت: أبو الوزير المروزي خادم ابن المبارك، ووصيه. عنه، وعن: ابن عُيَيْنَة، وفُضَيْل بن عِياض، وغيرهم. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن راهَوَيْه، ومحمد بن عَبْد العزيز بْن أَبِي رَزْمة، وأحمد بن عَبْدة الآمُليّ، وأحمد بن منصور زاج، وآخرون. قال محمد بن عبد الله بن قُهْزاد: مات سنة ثلاث عشرة ومائتين. 340- محمد بن بكّار بن بلال2 -د. ت. ت: أبو عبد الله العاملي الدمشقي، قاضي دمشق. عن: محمد بن راشد المكحولّي، وسعيد بن بشير، وموسى بن عليّ بن رباح، وسعيد بن عبد العزيز، واللَّيث بن سَعْد، وجماعة. وعنه: ابناه هارون والحَسَن، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، والهيثم بن مروان العبْسيّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم الرازيّ، وجماعة. وذكره أبو زُرْعة في أهل الفتوى بدمشق. وقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي بمكة، وقال: هو صدوق. وقال ابنه: تُوُفّي سنة ستّ عشرة ومائتين، ووُلِد سنة اثنتين وأربعين ومائة.   1 التاريخ الكبير "1/ 41"، الجرح والتعديل "7/ 207"، الثقات لابن حبان "9/ 65"، التهذيب "9/ 66". 2 الطبقات الكبرى "7/ 347"، التاريخ الكبير "1/ 44"، الجرح والتعديل "7/ 211"، التهذيب "9/ 74، 75". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 208 - أمّا محمد بْن بكّار الرّيّان: فمن أقرانه، لكنه تأخر عنه. 341- محمد بن بلال1 -د. ت: أبو عبد الله الكندي البصري التمار. عن: همام بن يحيى، وعمران القطّان، وعبد الحَكَم القَسْملّيّ، وحرب بن ميمون الأنصاريّ. وعنه: أحمد بن سِنان، وأحمد بن الأزهر، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَالْبُخَارِيُّ في كتاب "الأدب"، وعثمان بن طالوت، والكُدْيميّ، وجماعة. قال أبو داود: ما سمعت إلا خيرًا. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وهو معرَّف عن عِمران القطّان. 342- محمد بن الحسن بن زَبَالَة المخزوميّ2 -د. ق: مولاهم أبو الحسن المدنّي، أحد الضُّعفاء. روى عن: أسامة بن زيد بن أسلم، ومالك، وسليمان بن بلال، والدَّراورديّ، وخلْق كثير من أهل المدينة ضعفاء ومَجَاهيل. وعنه: أحمد بن صالح المصريّ، وأبو خَيْثَمة، وهارون الحمّال، والزُّبَير بْن بكّار، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بن أبي مَسَرَّة، وآخرون. رماه ابن مَعِين بالكذب. وقال أحمد بْن صالح: كتبت عَنْهُ مائة ألف حديث، ثم تبين لي أنّه كَانَ يضع الحديث فتركته. وما رَأَيْت أحدًا أعلم بالمغازي والأنساب منه. وقال أبو داود: كذاب.   1 التاريخ الكبير "1/ 43"، الجرح والتعديل "7/ 210"، الثقات لابن حبان "9/ 60"، التهذيب "9/ 82". 2 التاريخ الكبير "1/ 67"، الجرح والتعديل "7/ 227، 228"، المجروحين لابن حبان "2/ 274"، التهذيب "9/ 115". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 209 وقال النَّسائيّ: متروك. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَنْكَرَ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "افْتُتِحَتِ الْقُرَى بِالسَّيْفِ وَافْتُتِحَتِ المَدِينَةُ بِالْقُرْآنِ"1. قُلْتُ: كَانَ إِخْبَاريًّا عَلَامَةً، أَكْثَرَ عَنْهُ الزُّبَيْرُ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ: لَيْسَ بِمَتْرُوكٍ. 343- محمد بن حُمَيَد الطّوسيّ الأمير2: كان مقدم الجيش الذين حاربوا بابك الخرمي، فقُتِل إلى رحمة الله وعفّوه، فوُلّي بعده على الجيوش عليّ بن هشام، إلى أن قُتِل أيضًا في قتال الخُرَّميّة سنة سبْع عشرة. وكان مَقْتَل محمد في سنة أربع عشرة. 344- محمد بن خالد بن عَثْمَة الحنفيّ البصْريّ3 -ع: وعَثْمَة هي أمّه. روى عن: مالك، وسليمان بن بلال، وسعيد بن بشير، وجماعة. عنه: بندار، ومحمد بن يونس الكديمي، وأبو قلابة الرقاشي، وآخرون. قال أبو حاتم: صالح الحديث. ذكره عبد الرحمن بن منده فيمن مات سنة إحدى عشرة ومائتين. 345- محمد بن أبي الخصيب الأنطاكيّ4: عن: مالك بن أنس، وابن لَهِيعَة. وثّقه الخطيب. وعنه: إبراهيم الحربيّ، وتَمْتَام، وجماعة. تُوُفّي سنة ثمان عشرة، وكان صَدُوقًا.   1 حديث موضوع: أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 58"، وفيه صاحب الترجمة وهو كذاب. 2 تاريخ الطبري "8/ 619، 622"، الكامل في التاريخ "6/ 404، 407، 412، 413". 3 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "325". 4 تاريخ بغداد "5/ 249، 250". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 210 346- محمد بن رويز بن لاحق1: شيخ بصري. يروي عن: شُعْبة، وجماعة وعنه: حاتم بن اللَّيث، ومحمد بن سليمان الباغَنْديّ، وأبو حاتم، وقال: صَدُوق. 347- محمد بن زُرْعة الرعيني2: روى عن: الوليد بن مسلم، وابن شُعَيْب، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيّ. ثقة، حافظ، من أصحاب الوليد. تُوُفّي سنة ستّ عشرة. 348- محمد بن زياد3: أبو إسحاق المقدسيّ. عن: إبراهيم بن أبي علبة، وأبي المُرَجَّى المُوَقّريّ. وعنه: موسى بن سهل الرملي، ومحمد بن عوف الحمصي. قال أبو حاتم: صالح، لم يقدر لي أن أكتبَ عنه. 349- محمد بن سعيد بن سابق الرازيّ4 -د: نزيل قزوين. روى عن: أبيه، وأبي جعفر الرازيّ، وزُهير بن معاوية، وعمرو بن أبي قيس، وطائفة.   1 الجرح والتعديل "7/ 254". 2 الثقات لابن حبان "9/ 79، 80"، المعرفة والتاريخ للفسوي "1/ 115". 3 الجرح والتعديل "7/ 258". 4 التاريخ الكبير "1/ 96"، الجرح والتعديل "7/ 265"، الثقات لابن حبان "9/ 62"، التهذيب "9/ 187". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 211 وعنه: أحمد بن أبي سُرَيْج، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، ويحيى بن عبدك، ومحمد بن أيّوب الرّازيُّون، وجماعة. وثّقه يعقوب بن شَيْبة. وتُوُفّي سنة ستّ عشرة. 350- محمد بن سابق1 -خ. ت: أبو جعفر البغدادي البزاز، مولى بنى تميم. سمع: مالك بن مِغْوَلٍ، وشَيْبان بن عبد الرحمن النَّحْويّ، ووَرْقَاء بن عَمْرو، وإبراهيم بن طَهْمان، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو خَيْثَمَة، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن غالب تمتام، وأحمد بن أبي خَيْثَمَة، وآخرون. روى عَنْهُ: البخاريّ في كتاب "الأدب". وقال في "الصّحيح": ثنا محمد بْن سابق أو الفضل بْن يعقوب، عَنْهُ، وذلك في كتاب الوصايا من "الجامع الصحيح". تُوُفّي سنة ثلاث عشرة. قال يعقوب بن شَيْبَة: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقِيلَ: مات سنة أربع عشرة، نقله ابن قانع، وأحمد بن كامل. ونقل الأول مُطَيّن. 351- محمد بن سعيد بن سليمان2 -خ. ت: أبو جعفر الكوفي المعروف بابن الإصبهاني.   1 الطبقات الكبرى "7/ 324"، التاريخ الكبير "1/ 111"، الجرح والتعديل "7/ 283"، الثقات لابن حبان "9/ 61"، التهذيب "9/ 174". 2 التاريخ الكبير "1/ 95"، الجرح والتعديل "7/ 265"، تهذيب التهذيب "9/ 188، 189". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 212 سمع: القاسم بن معن المسعوديّ، وأبا الأحوص شَرِيك بن عبد الله، وعبد الله بن المبارك، وجماعة. وعنه: خ. وت. عَنْ رَجُل عَنْهُ، وأحمد بْن ملَاعب، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وبِشْر بْن موسى، وآخرون. وَصَفه بالإتقان يعقوب بن شَيْبة، وغيره. وَلَقَبُهُ حمدان. قَالَ أبو حاتم: كَانَ حافظًا يُحدِّث من حفظه. لم يكن بالكوفة. أتقن حفظًا منه. وكان لَا يقبل التَّلْقين. قلت: تُوُفّي سنة عشرين. 352- محمد بن سعيد بن الفضل1: أبو الفضل القُرَشّي الدّمشقيّ المقرئ. كان أبوه يروي عن ابن عَوْن وطبقته بدمشق. وهو روى عن: اللّيث، وابن لَهِيعة، والهيثم بن حميد، وطائفة. روى عنه: الحسن بن علي الحلواني، ومحمود بن سميع، وجماعة. قال ابن عساكر: ذكره ابن أبي حاتم. 353- محمد بن سعيد القرشي البصري2: روى عن: حمزة بن واصل، وحمّاد بن سَلَمَةَ. وعنه: عبد الرحمن بن الأزهر البلخي، ومحمد بن حاتم المصيصي، وأبو زرعة، وطائفة. نزل بغداد. يأتي بعد الثلاثين. 354- محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني3 -ن:   1 الجرح والتعديل "7/ 666". 2 التاريخ الكبير "1/ 96"، الجرح والتعديل "7/ 264، 265"، تاريخ بغداد "5/ 305، 306". 3 التاريخ الكبير "1/ 98"، الجرح والتعديل "7/ 267"، الثقات لابن حبان "9/ 69"، التهذيب "9/ 119، 200". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 213 أبو عبد الله، ولقبه بُومة. عن: أبيه، وشُعَيْب بن أبي حمزة، وعبد الله بن العلاء بن زَبْر، وفِطْر بن خليفة، وأبي جعفر الرازيّ، وجعفر بن بُرْقان، وعدّة. وعنه: حفيده سليمان بن عبد الله، وسليمان بن سيف، وأحمد بن سليمان الرُّهاويّ، ومحمد بن يحيى الحرّانيّ، وطائفة. وثّقه النَّسائيّ. وقال ابن حبّان في "الثّقات": مات سنة ثلاث عشرة. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. قلت: تفرد بالرواية عَنْ جماعةٍ قدماء. 355- محمد بن سليم1: أبو عبد الله الكوفيّ البغداديّ القاضي. حدّث عن: شَرِيك، وإبراهيم بن سَعْد، وهُشَيْم. روى عنه: كاتب الواقدي. وكتب عنه أبو حاتم وضعفه. وقال ابن معين: ليس بثقة. قيل: ولي قضاء ببغداد. 356- محمد بن الصلت بن الحجاج2 -خ. ت. ن. ق: أبو جعفر الأسدي. مولاهم الكوفيّ الأصمّ. عن: فُلَيْح بن سليمان، ومنصور بن أبي الأسود، وعبيد الله بن إياد بن لقيط، وعبد الرحمن بن سليمان بن الْغَسِيلِ، وزُهَيْر بن معاوية، وأبي كُدَيْنة يحيى بن المهلب، وخلق.   1 الجرح والتعديل "7/ 275"، ميزان الاعتدال "3/ 574". 2 الطبقات الكبرى "6/ 409"، التاريخ الكبير "1/ 118"، الجرح والتعديل "7/ 288، 289"، التهذيب "9/ 232". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 214 وعنه: خ. وت. ن. ق. عَنْ رجلٍ عَنْهُ، والحسن بْن عليّ بْن عفّان، وعبّاس الدوري، وعبد الله الدّارميّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بْن إسماعيل السُّلَميّ، ومحمد بْن الحسين الحنينيّ، وخلْق. وثقة أبو حاتم، وغيره. تُوُفي سنة ثمان عشرة، وقيل: سنة تسع عشرة ومائتين. 357- محمد بن عاصم بن حفص بن تذراق بن ذكوان بن يناق1 -ق. وعبد الله المعافري، مولاهم البصريّ. عن: مالك، ومُفَضَّل بن فَضَالَةَ، وهَمّام بن إسماعيل. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الحَكَم، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم وقد التقاه بمكّة. وثقه أَبُو سعَيِد بْن يُونُس وقال: تُوُفّي فِي خامس صَفَر سنة خمس عشرة. 358- محمد بن عبّاد بن زياد المَعَافِريّ الإسكندراني. ن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح. وعنه: أبو يحيى الوقاد، وهانئ المتوكّل. تُوُفّي سنة ثمان عشرة. 359- محمد بن عبّاد بن زياد المُزَنّي2: أبو جعفر الكوفيّ الخزار، نزيل الرّيّ. عن: الدَّرَاوَرْديّ، وهُشَيْم، وطبقتهما. وعنه: أبو حاتم وقال: صَدُوق. 360- محمد بن عباد بن عبّاد بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ الْمُهَلَّبِيُّ3.   1 الجرح والتعديل "8/ 45"، الكامل لابن عدي "1/ 321"، تهذيب التهذيب "9/ 240". 2 الجرح والتعديل "8/ 14، 15". 3 التاريخ الكبير "1/ 175"، الجرح والتعديل "8/ 14"، الثقات لابن حبان "9/ 104"، سير أعلام النبلاء "10/ 189". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 215 أمير البصرة. روى عن: أبيه، وهُشَيْم. وعنه: إبراهيم الحربي، ومحمد بن يونس الكديمي، وأبو العيناء محمد بن القاسم. وكان جوادا ممدحا من سروات بني المهلب. قال عبد الله بن أبي سعد الوراق: ثنا يزيد بْن محمد بْن المهلَّب: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كتب منصور بْن المهديّ إلى محمد بْن عبّاد يشكو دَيْنًا وضيقًا وجَفْوة سلطان، فأرسل إِلَيْهِ محمد بْن عبّاد عشرة آلاف دينار. قلت: منصور هُوَ أخو هارون الرشيد، وما كَانَ محمد مَعَ كرمه وحشمته لِيَصِلَه، وقد عرّض بالطلب بأقلّ من عشرة آلاف دينار. وقال أبو العَيْنَاء: قَالَ المأمون لمحمد بْن عبَّاد: أردت أن أولّيك فمنعني إسرافُك في المال. فقال: مَنْعُ الْجُود سوء ظَنٍّ بالمعبود. فقال: لو شئت أنفقت، عَلَى نفسك، فإنّ هذا المال الَّذِي تنفقه ما أبعدَ رجوعه إليك. فقال: يا أمير المؤمنين، من لَهُ مولى غنيّ لَا يفتقر. فقال المأمون للنّاس: من أراد أن يكرمني، فلْيكْرمْ ضيفي محمد بْن عباد، فجاءت إليه أموال من كل ناحية، فما برح وعنده منها درهم. وقال: الكريم لَا تُحَنّكه التَّجارب. قَالَ أبو الشيخ: نا محمد بْن يحيى البصْري: ثنا عمّي قَالَ: دخل محمد بْن عبّاد عَلَى المأمون، فقال: كم دَيْنَك يا أبا عبد الله؟ قَالَ: ستُّون ألف دينار. قَالَ: يا خازن أعطِه مائة ألف دينار. وروى ابن الأنباريّ، عَنْ أبيه، عَنِ المغيرة بْن محمد، وغيره قَالَ: قَالَ المأمون لمحمد بْن عبّاد: بلغني أنّه لَا يَقْدَم أحدٌ البصْرَة إلّا أضَفْتَه. فقال: مَنْع الْجُود سُوءُ ظنٍّ بالمعبود. فاستحسنه منه وأعطاه المأمون ما مبلغه ستة آلاف درهم. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 216 ومات محمد وعليه خمسون ألف دينار دَيْنًا. وقال الغُلابيّ: قِيلَ للعُتْبيّ: مات محمد بْن عبّاد. فقال: نَحْنُ مُتْنا بفَقْده، وهو حيٌّ بمَجْده. كانت وفاته سنة ستّ عشرة ومائتين. 361- محمد بن عبد الله بن زياد1: أبو سَلَمَةَ الأنصاريّ البصْريّ. روى عن: مالك بن دينار، وحُمَيْد، وسليمان التَّيْميّ، وقرة بن خالد. وعنه: يحيى بن خذام، ومحمد بن صالح بن النطاح البغدادي. وهو صاحب مناكير عن مالك بن دينار. قَالَ ابن حِبّان: يروي عَنِ الثّقات ما لَيْسَ من حديثهم. لَا يجوز الاحتجاج بِهِ. 362- محمد بن عبد الله بن خاقان: أبو عبد الله المازني البصْريّ ثم النَّسَفيّ، مفتي نَسْف. روى عن: هُشَيْم، وسُفْيان بن عُيَيْنَة. وعنه: إبراهيم ولده، وطفيل بن زيد النسفي. قال جعفر المستغفري: توفي سنة عشرين ومائتين. 363- محمد بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ2 -ع. الإمام أبو عبد الله الأنصاريّ البخاريّ الأنسيّ البصْريّ. قاضي البصرة زمن الرشيد، ثم قاضي بغداد بعد العَوْفِي. سمع: حُمَيْدًا الطّويل، وسليمان التَّيْميّ، وابن عَوْن، وسعيدًا الْجُرَيْريّ، وهشام بن حسّان، وحبيب بن الشَّهيد، ومحمد بن عَمْرو بن علقمة، وأشعث بن عبد الله   1 المجروحين لابن حبان "2/ 266، 267"، ميزان الاعتدال "3/ 598، 600". 2 الطبقات الكبرى "7/ 294"، التاريخ الكبير "1/ 132"، الجرح والتعديل "7/ 305"، الثقان لابن حبان "7/ 443"، التهذيب "7/ 274". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 217 الحُدانيّ، وأشعث بن عبد الملك الحُمرانيّ، وابن جُرَيْج، وسعيد بن أبي عَرُوبة، وأباه عبد الله، وآخرين. وعنه: خ. وع. عَنْ رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وبُنْدار، ومحمد بْن المُثّنَّى، وإسماعيل سَمُّوَيْه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو حاتم، ومحمد بن إسماعيل التِّرمِذيّ، وإسماعيل القاضي، وأبو مسلم الكجّيّ، وخلق كثير. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لم أر من الأئمّة إلّا ثلاثة: أحمد بْن حنبل، وسليمان بْن داود الهاشميّ، ومحمد بْن عبد الله الأنصاريّ. وقال النسائيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ما كَانَ يضع الأنصاريَّ عند أصحاب الحديث إلّا النَّظرُ في الرأي. وأمّا السّماع فقد سَمِعَ. وقال: وَذَهَبَ للأنصاريّ كتبٌ في فتنة، أظنّ المُبَيِّضة، فكان بعدُ يُحدِّث من كتب أبي الحكم. فكان حديث الحجامة من ذاك. وقال ابن مَعِين: كَانَ الأنصاريّ يليق بِهِ القضاء. قِيلَ: والحديث؟ فقال: للحرب أقوام لها خُلِقوا وقال زكريّا السّاجي: رَجُل جليل عالم، غلب عَلَيْهِ الرأي، ولم يكن عندهم من فرسان الحديث مثل يحيى القطّان ونُظَرائه. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَنْكَرَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدِيثَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عن ميمون، عن أبي عَبَّاسٍ: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ محرمٌ صَائِمٌ"1. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: إِنَّهُ وَهِمَ فِيهِ. وَالصَّوَابُ حَدِيثُ حُمَيْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ يزيد بن   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1938، 1939، 5694"، وأبو داود "2373"، والترمذي "775"، وابن ماجه "1682"، وابن حبان في صحيحه "3531". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 218 الأصم: أن رسول الله تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ1. وَقَدْ رَوَى الْأَنْصَارِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ هَكَذَا. ويُقَالُ: إِنَّ غُلَامًا لَهُ أَدْخَلَ عَلَيْهِ حَدِيثَ ابْنَ عَبَّاسٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيُّ: لَيْسَ مِنْ ذلك شيء، إنّما أراد حديث حبيب، عَنْ ميمون، عَنْ يزيد بن الأصم: أن رسول الله تزوّج ميمونة وهو مُحْرِم. رواه يعقوب الفَسَويّ، عَنْ عليّ. قَالَ الخطيب: وقد جالس الأنصاريّ في الفقه سوّار بْن عبد الله، وعثمان البَتّيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن الحَسَن العَنْبَريّ. وقدِم بغداد فولي بها القضاء، وحَدَّث بها، ثم رجع. وقال ابن قُتَيْبة: قلّد الرشيد محمد بْن عبد اللَّه الأنصاري القضاء، بالجانب الشرقيّ في آخر خلافته. فلما ولي المأمون عزله، وولّي مكانه عَوْن بْن عبد الله، وولّي محمد بْن عبد الله المَظَالم بعد إسماعيل بْن عُلَيَّة. قَالَ محمد بْن المُثَنَّى: سَمِعْتُ الأنصاريّ يَقُولُ: ولدتُ سنة ثمان عشرة ومائة. وكان يأتي عليّ، قبل اليوم، عشرةُ أيامٍ لَا أشرب فيها الماء، واليوم أشرب كلّ يومين. وسمعته يَقُولُ: ما أتيت سلطانًا قطّ إلّا وأنا كارِهٌ. وقال محمد بْن سعْد: تُوُفّي في رجب سنة خمس عشرة ومائتين. قلت: وذكر الخطيب وغيره أنّه سَمِعَ من مالك بْن دينار. 364- محمد بن عبد الله بن قيس2. بو مُحرز الكِنانيّ الفقيه، قاضي إفريقية. روى عن: مالك بن أَنَس، وغيره. وكان أحد الصّالحين. ولي القضاء مدّة، وذلك بعد عبد الله بن عمر بن غانم.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5114"، ومسلم "1410"، والترمذي "844"، والنسائي "2837"، وابن ماجه "1965"، وأحمد في المسند "1/ 221، 228"، وابن حبان في صحيحه "4131". 2 البيان المغرب لابن عذاري "1/ 104". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 219 قَالَ ابن يونس: فبلغني أنّ إبراهيم بْن الأغلب لما تُوُفّي ابن غانم قِيلَ لَهُ: عليك بصاحب اللّفافة، وكان يلبس عِمامة لطيفة، فلما أراد أن يولّيه أمره فركب معه. فركب عَلَى حمارٍ فكَبَا بِهِ. فعنّ عَلَيْهِ إبراهيم فلحِقه ثم قَالَ: يا أبا مُحرِز، إنّي عزمت عَلَى توليتك القضاء. قَالَ: لست أصلُح. فقال: لو كَانَ الأغلب سالم حيًّا لم أكن أَنَا واليًا، ولو كَانَ عبد الرحمن بْن زياد بْن أَنْعَم وابن فَرُّوخ حيّين لم تكن أنت قاضيًا. ولكنْ لكلِّ زمانٍ رجال. فولّاه القضاءَ فامتنع، فأمر قائدًا من قواده فأخذ بضبعيه حتى أجلسه مجالس الحُكْم، حتّى حكم بين الناس. تُوُفّي سنة أربع عشرة ومائتين. 365- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ1 -خ. م. ن. ق: بو عبد الله الرقاشي البصري. عن: مالك بن أنس، وحمّاد بن زيد، وجماعة. وعنه: ابنه أبو قِلابة، ومحمد بن إسماعيل التِّرمِذيّ، وجماعة. وثّقه أحمد بن عبد الله العِجْليّ. وكان من عباد الله الصالحين. وروى عَنْهُ أيضًا: خ. وم. ن. ق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ. وقال يعقوب بن شَيْبة: ثِقة ثَبْت. وقال العِجْليّ: يقال: إنّه كَانَ يصلي في اليوم والليلة أربعمائة ركْعة. وقال أبو حاتم: ثنا محمد بْن عبد الله الرَّقاشيّ الثّقة الرّضا. وقال محمد بن المُثَنَّى: مات سنة تسع عشرة. 366- محمد بن عبد الله بن الشيخ أبي جعفر الرازيّ عيسى بن ماهان2 -د: سمع: عبد العزيز بن أبي حازم، وزافر بن سليمان، وإبراهيم بن المختار.   1 الجرح والتعديل "7/ 305"، تهذيب الكمال "3/ 1226"، تهذيب التهذيب "9/ 277، 278". 2 الجرح والتعديل "7/ 302"، تهذيب التهذيب "9/ 251". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 220 وعنه: أحمد بن الفُرات، وأبو حاتم، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس. وروى أبو داود عن رجلٍ، عنه. 367- محمد بن عبد العزيز الرمليّ المؤذّن1 -خ. ن: عن: قيس بن الربيع، وحفص بن مَيْسَرة، وإسماعيل بن عيّاش، وجماعة. وعنه: خ. ون. بواسطة، وإسماعيل سمويه، ويعقوب الفسوي، وابن وارة، وآخرون. وكان يغرب. 368- محمد بن عبد الملك2: أبو جابر الأزدي البصري ثم المكي. عن: ابن عون، وشعبة، والحسن الجفري، وهشام بن حسان، ومعلى بن هلال، وعدة. وعنه: أبو يحيى بن أبي ميسرة، ومحمد بن عوف الطائي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، والحارث بن أبي أسامة، وآخرون. قال أبو حاتم: أدركته ومات قبلنا بيسير. وليس بقوي. 369- محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الكوفي القناد3 -خ. ت. ق: الرجل الصالح. روى عن: مِسْعَر، وأبي حنيفة، وسُفْيان الثَّوريّ، وغيرهم. وعنه: محمد بن الحسين البرجلاني، وأحمد بن جواس، وهارون بن إسحاق الهمداني وقال: كان من أفضل النّاس، يعني كان من الصلحاء. توفي سنة اثنتي عشرة.   1 التاريخ الكبير "1/ 167"، الجرح والتعديل "8/ 8"، الثقات لابن حبان "9/ 81"، تهذيب التهذيب "9/ 313". 2 التاريخ الكبير "1/ 165"، الجرح والتعديل "8/ 5"، الثقات لابن حبان "9/ 64"، تهذيب التهذيب "9/ 318". 3 التاريخ الكبير "1/ 168، 169"، الجرح والتعديل "8/ 12"، الثقات لابن حبان "7/ 443"، تهذيب التهذيب "9/ 320، 321". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 221 370- محمد بن عَرْعَرَة بن البِرِنْد الشامّي1 -خ. م. د: عن شُعْبة، والقاسم بن الفَضْل الحُدانيّ، وابن عَوْن، وإسماعيل بن مسلم العَبْديّ، وعمر بن أبي زائدة، ومبارك بن فضالة. وعنه: خ. وم. د. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وبُنْدار، وابن وَارَةَ، وأحمد بْن الحسن التِّرْمِذيّ، وابنه إبراهيم بْن محمد، وآخر مَن روى عَنْهُ أبو مسلم الكَجّيّ. قال أبو حاتم: ثقة. وقال ابن سعد: مات سنة ثلاث عشرة. 371- محمد بن عقبة الشيباني2 -خ: أبو عبد الله، وأبو جعفر. سمع: سوّار بن مُصْعَب، وأبا إسحاق النُّمَيْريّ، وفضيل بن سليمان النميري. وعنه: خ. ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن أيوب الرازي، وجماعة. وثقه مطين، وتوفي سنة عشرين. 372- محمد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن الصادق جعفر بن الباقر محمد بن زين العابدين علي بن الشهيد الحسين ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ3: وجعفر الهاشمي الحسيني. كان يلقب بالجواد، وبالقانع، وبالمرتضى. كان من سروات آل بيت النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. زوّجه المأمون بابنته. وَفَدَ هو وزوجته على المعتصم فأكرمه وأجله.   1 الطبقات الكبرى "7/ 305"، التاريخ الكبير "1/ 203"، الجرح والتعديل "8/ 50"، الثقات "9/ 69"، التهذيب "9/ 343". 2 التاريخ الكبير "1/ 200"، الجرح والتعديل "8/ 36"، الثقات لابن حبان "9/ 50"، تهذيب التهذيب "9/ 346". 3 تاريخ الطبري "8/ 566، 623"، تاريخ بغداد "3/ 54، 55". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 222 وتُوُفّي ببغداد في آخر سنة عشرين شابّا طرِيًّا له خمسٌ وعشرون سنة. وكان أحد الموصوفين بالسّخاء، ولذلك لُقِّب بالجواد. وقبره عند قبر جدّه موسى. وقيل: تُوُفّي في آخر سنة تسع عشرة، رحمه الله ورضي عنه. وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين تدّعي الشِّيعة فيهم العِصمة. وكان مولده في سنة خمسٍ وتسعين ومائة. ولما تُوُفّي حُمِلت زوجته أمُّ الفضل إلى دار عمّها المعتصم. 373- محمد بن عمر بن الوليد بن لاحق التَّيْميّ1: عن: مالك، وشَرِيك، ومسلم الزّنجيّ، ومحمد بن الفُرات، وطائفة. وعنه: أبو زُرْعَة، وغيره. قال أبو حاتم: أرى أمره مضطّربًا. قلت: هو محمد بن الوليد اليَشْكُريّ. نُسِبَ إلى جدّه. وله أيضًا عن: هُشَيْم. وروى عنه: محمد بن غالب تمتام. قال أبو الفتح الأزْديّ: لَا يسوى بَلَحَةً. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. ووهّاه ابن حِبّان. 374- محمد بن عمر2 -ت- أبو عبد الله بن الرومي: عن: شُعْبة، والخليل بن مُرَّة، وشَرِيك. وعنه: إبراهيم بن موسى، وحفص بن عمر سنجة ألف، ويعقوب الفسوي، وأبو حاتم، وآخرون.   1 الجرح والتعديل "8/ 22"، ميزان الاعتدال "3/ 666"، تهذيب التهذيب "9/ 368، 369". 2 التاريخ الكبير "1/ 178، 179"، الجرح والتعديل "8/ 21، 22"، الثقات لابن حبان "9/ 71"، التهذيب "9/ 360". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 223 قال أبو زُرْعة: فيه لِين. قلت: قرأ على اليَزِيديّ، وعبّاس بن الفضل. 375- محمد بن عُيَيْنَة الفَزاريّ المِصِّيصيّ1 -ت: خَتَنُ أبي إسحاق الفَزَاريّ. عن: أبي إسحاق، وابن المبارك، ومروان بن معاوية. وعنه: أبو عُبَيد وهو من أقرانه، أحمد الدَّوْرقّي، وعَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الدَّارميّ، وجماعة. 376- محمد بن القاسم بن عليّ بن عمر بن زيد العابدين عليّ بن الحسين2: أبو عبد الله العلويّ الحسينيّ الزّاهد. وكان يُلَقّب بالصُّوفيّ للبْسه الصُّوف. وكان فقيهًا عالمًا معظَّمًا عند الزَّيْدِية. ظهر بالطّالقان فدعا إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاجتمع لَهُ خلْق كثير، وجهّز العساكر، وحارب عسكر خُراسان وقوي سلطانه، ثم انهزم جُنْدُه وقُبِضَ عَلَيْهِ، وأُتيَ بِهِ إلى المعتصم في شهر ربيع الآخر من السنة، سنة تسع عشرة، فحُبس بسامرّاء. ثمّ إنّه هرب من حبْسه يوم العيد، وستر اللَّه عَلَيْهِ وأضمرته البلاد. قَالَ أبو الفرج صاحب "الأغاني" في كتاب "مقَاتِل الطالبين": احتال لنفسه فخرج متخفيًا، وصار إلى واسط، وغاب خبره. وقال ابن النّجّار في "تاريخه": بواسط مشهد يقال: إنّه مدفون فيه، فالله أعلم. وَرُوِيَ عَنِ ابن سلّام الكوفيّ أنّ المعتصم قتله صَبْرًا. وكان أبيض صبيحَ الوجْه، تامّ الخَلْق، قد وَخَطَه الشَّيْب، ونَيَّف على الخمسين. وذهبت طائفة من الجاروديّة إلى أنّه حيّ لم يَمُتْ ولا يموت حتّى يملأ الأرضَ قِسْطًا وعدْلًا، نقل ذلك أبو محمد بن حزْم، رحمه الله.   1 الطبقات الكبرى "7/ 491"، التاريخ الكبير "1/ 204"، الجرح والتعديل "8/ 42"، تهذيب التهذيب "9/ 394". 2 تاريخ الطبري "9/ 7"، سير أعلام النبلاء "10/ 191، 192"، النجوم الزاهرة "2/ 230". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 224 377- محمد بن كثير بن أبي عطاء المِصَّيصيّ الصَّنْعانيّ الأصل1: أبو يوسف. سمع: الأوزاعيَّ، وعبد الله بن شَوْذَب، ومَعْمَر بن راشد، والثَّوريّ، وزائدة. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن عَوْف، وعبد الله الدّارميّ، وجماعة. ضعّفه الإمام أحمد. وقال ابن مَعِين: صدوق. وقال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. وقال العُقَيْليّ: هو من صَنْعاء دمشق. وذكر ابن الأكفانيّ قَالَ: هُوَ من مِصِّيصة دمشق، وليس هذا القول بشيء. روى جماعة عَنْ محمد بْن كثير، عَنِ الأوزاعي قَالَ: كَانَ عندنا ببيروت صيّاد يخرج يوم الجمعة يصطاد، ولا يمنعه مكان الجمعة لذلك. فخرج يومًا فخُسف بِهِ وببَغْلَته، فلم يبقَ منها إلّا أُذُناها وذَنَبُها. قَالَ خليفة: محمد بْن كثير صَنْعانيّ، نشأ بالشّام، ونزل المِصِّيصة. وقال ابن سعْد: يذكرون أنّه اختلط في آخر عُمره. وقال ابن أَبِي حاتم: نا أَبِي: سَمِعْتُ الحسن بْن الربيع يَقُولُ: محمد بْن كثير المِصِّيصيّ اليوم أوثق النّاس. كَانَ يُكتب عَنْهُ وأبو إسحاق الفَزَاريّ حيّ، وكان يُعرف بالخير منذ كَانَ. وقال محمد بْن عُوف: سَمِعْتُ محمد بْن كثير المِصِّيصيّ يَقُولُ: بُنيّ كَثير، كثيرُ الذُّنوب ... ففي الحِلّ والبلِّ مَن كَانَ سبَّهُ بُنيّ كثير، دَهَتْه اثنتان ... رياءٌ وعجبٌٍ يُخالِطْنَ قَلْبَه بُنيّ كثير، أكولٌ نؤومٌ ... وما ذاك مِن فعلِ مَن خاف ربه   1 الطبقات الكبرى "7/ 489"، التاريخ الكبير "1/ 218"، الجرح والتعديل "8/ 69، 70"، التهذيب "9/ 415-417". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 225 بُنيّ كثير، تعلَّمْ عِلْمًا ... لقد أَعْوز الصُّوفُ مَن جُزَّ كلبَهْ قَالَ الحسن بْن الربيع: ينبغي لمن يطلب الحديث لله تعالى أن يرحل إلى محمد بْن كثير المِصِّيصيّ. وقد ضعّفه أحمد بن حنبل جدًّا، وكان مغفَّلًا. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سُئِل عَنْهُ أبو زُرْعة فقال: دُفِع إِلَيْهِ كتاب الأوزاعيّ، وفي كلّ حديث: ثنا محمد بْن كثير، فقرأه إلى آخره يَقُولُ: ثنا محمد بْن كثير، عَنِ الأوزاعيّ، وهو محمد بْن كثير. قلت: حديثه يقع عاليًا في "الغَيْلانيّات". تُوُفّي سنة ستّ عشرة فِي تاسع عشر من ذي الحجّة، وله مناكير. 378- محمد بن المبارك بن يعلى1 -ع: أبو عبد الله القرشي الصوري القلانسي. سمع: سعيد بن عبد العزيز، ومعاوية بن سلام، ومالك بن أنَس، وإسماعيل بن عيّاش، وصَدَقَة بن خالد، وطائفة. وعنه: يحيى بن مَعِين، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن عَوْف، وأبو زُرْعة الدمشقيّ، وعبد الله الدّارميّ، ويوسف بن سعيد بن مُسلّم، وعبّاس التُّرقُفيّ، وآخرون. قال ابن مَعين: كان شيخ البلد -يعني دمشق- بعد أبي مُسْهِر. وقال أبو داود: كان رجل الشّام بعد أبي مُسْهِر. قلت: يعني في الجلالة والعِلْم، وإلّا فأبو مُسْهِر عاش بعده ثلاث سنين. وثّقه غير واحد. وقال محمد بْن العبّاس بْن الدّرفْس: سَمِعْتُ محمد بْن المبارك الصُّوريّ يَقُولُ: اعمل لله فإنّه أنفع لك من العمل لنفسك.   1 التاريخ الكبير "1/ 240"، الكنى والأسماء "2/ 56"، الجرح والتعديل "8/ 104"، المجروحين لابن حبان "2/ 46"، سير أعلام النبلاء "10/ 390، 391"، تهذيب التهذيب "9/ 423، 424". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 226 وعن محمد بْن المبارك، وَسُئِلَ عَنْ علامة المحبّة لله، قَالَ: المراقبة للمحبوب، والتَّحرّي لمرضاته. وقال أبو زُرْعة: شهِدْتُ جنازتَه بدمشق في شوّال سنة خمس عشرة، وصلّى عَلَيْهِ أبو مُسهِر بباب الجابية، وجعل يُثني عَلَيْهِ. ومن كلام محمد بْن المبارك: كذِب من ادّعى المعرفةَ بالله ويداه ترعى في قصاع المُكْثِرِين. ومَن وضَع يده في قصعة غيره ذلّ لَهُ. وقال: اتّقِ اللَّه تَقْوى، لَا تُطْلعْ نفسك عَلَى تقوى اللَّه تُخْبر بِهِ غيرَك، وتسلِّط الآفة عَلَى قلبك. 379- محمد بن مَخْلَد1. أبو أسْلَم الرُّعَيْنيّ الحمصيّ: عن: محمد بن الوليد الزُّبَيديّ، وأبي مَعْبَد حفص بن غَيْلان. ولعلّه آخر مَن حَدَّث عنهما. وعنه: محمد بن مُصَفَّى، وسعْد بن محمد البَيْروتّي، وأزهر بن زُفَر، وإبراهيم بن محمد بن يوسف الفِرْيابيّ، وبكر بن سهل، وغيرهم. وله أيضًا عن: مالك، وإسماعيل بن عيّاش. قال ابن عدي: هو منكر الحديث عن كلّ مَن يروي عَنْهُ. وقال البَغَويّ: يُحَدِّث عَنْ مالك وغيره بالبواطيل. وقد قال أبو حاتم: لم أر له حديثًا مُنْكَرًا. 380- محمد بن مِسْعَر2. أبو سفيان التميمي البصري: سمع: فضيلًا، وداود العطّار، وابن عُيَيْنَة. وعنه: المُفَضّل الغُلابيّ، وأبو إسماعيل التِّرْمِذيّ، وأبو العَيْنَاء. حدَّث ببغداد. وقال أبو إسماعيل: كان من خِيار عباد الله.   1 التاريخ الكبير "1/ 241"، الجرح والتعديل "8/ 92، 93"، ميزان الاعتدال "4/ 32". 2 تاريخ بغداد "3/ 299، 300". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 227 381- محمد بن مَسْلمة1. أبو هشام المخزوميّ المدنيّ الفقيه النَّسّابة: نزيل دمشق. حَدَّث عن: مالك، وإبراهيم بن سعْد. وعنه: أبو حاتم، وأبو إسحاق الجوزجاني، وهارون الحمال، وأبو زرعة الدمشقي، وآخرون. قال أبو إسحاق في كتاب "طبقات الفقهاء": جمع بين العلم والورع. وقال أبو حاتم الرازي: كان من أفقه أصحاب مالك. وقال أبو زُرْعة: ثقة. وقال الْجَوْزَجانيّ: سَأَلْتُهُ، وكان علّامة بأنساب بني مخزوم. قلت: هُوَ محمد بْن مَسْلمة بْن محمد بْن هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بن المغيرة. وقد ذكره البخاري في "تاريخه" وقال: قيل له: ما لرأي رجلٍ دخل البلاد كلّها إلّا المدينة. قَالَ: لأنه دجّال، والمدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدّجّال. 382- محمد بن مزاحم2: أخو سهل. مروزي، أظنه قد توفي سنة إحدى عشرة ومائتين، وله إحدى وثمانون سنة. 383- محمد بن معاذ بن عبد الحميد الدمشقي3: مولى قريش.   1 التاريخ الكبير "1/ 240"، الجرح والتعديل"8/ 71"، الثقات لابن حبان "9/ 55". 2 الطبقات الكبرى "7/ 377"، التاريخ الكبير "1/ 228"، الجرح والتعديل "8/ 90"، الثقات "9/ 58"، التهذيب "9/ 437". 3 الجرح والتعديل "8/ 96"، الثقات لابن حبان "9/ 69". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 228 عن: سعيد بن عبد العزيز، ومعاوية بن يحيى الأطرابلسي، وسعيد بن بشير، وسهل بن هشام، وجماعة. وعنه: يزيد بن عبد الصمد، والعباس بن الوليد بن صبح، وأبو زرعة الدمشقي. وقال: مات في نصف شعبان سنة خمس عشرة. 384- محمد بن النُّوشَجان1: أبو جعفر البغدادي السُّوَيْديّ الحافظ. لُقّب بذلك لرحلته إلى سُوَيد بن عبد العزيز الدّمشقيّ. روى عنه وعن: الدَّرَاوَرْديّ، والوليد بن مسلم، وطبقتهم. ومات قبل أوان الرواية. روى عنه أقرانه: أحمد بن حنبل في "مُسْنَده"، وابن مَعِين، وأحمد الدَّوْرقيّ. قال أبو داود: ثقة. ثنا عَنْهُ أحمد بْن حنبل، وكان صاحب شكوك. رجع النّاس من عند عبد الرّزّاق بثلاثين ألف حديث، ورجع بأربعة آلاف. 385- محمد بن هانئ2. أبو عَمْرو الطّائيّ: والد الحافظ أبي بكرم الأثرم. سمع: أبا الأحوص، وهشيمًا، وابن المبارك، وطبقتهم. وعنه: محمد بن يحيى الأزدي، وأبو حاتم الرازِي. محله الصدق. 386- محمد بن يحيى بن المبارك3: أبو عبد الله اليَزِيديّ البغداديّ الشاعر. أحد أئمة اللسان.   1 التاريخ الكبير "1/ 253"، الجرح والتعديل "8/ 110". 2 الجرح والتعديل "8/ 117"، الثقات لابن حبان "7/ 413". 3 تاريخ بغداد "3/ 412، 413". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 229 كان عارفًا بالقرآن، واللُّغة. مدح الرشيد والمأمون، وخرج إلى مصر مع المعتصم زمن المأمون، فمات بها. 387- محمد بن يزيد بن سِنان بن يزيد1: أبو يزيد التميميّ، مولاهم الْجَزَريّ الرُّهاويّ. روى عن: أبيه، وجدّه سِنان، وابن أبي ذئب، ومعقل بن عبيد الله، وجماعة. وعنه: ابنه الأصغر أبو فروة يزيد بن محمد، وابن وارة، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب، وأبو أمية الطرسوسي، وأبو حاتم وقال: كان رجلًا صالحًا. لم يكن مِن أجلاس الحديث. وقال النسائيّ: ليس بالقويّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. قلت: وكان مَولده في سنة اثنتين وثلاثين ومائة. ومات جدّه في خلافة المنصور، وكان شيخًا معمَّرًا رأى علّيًا وشهد معه صِفّين. قَالَ أبو حاتم: قلت لمحمد بْن يزيد كَانَ جدّك أدرك عليًّا فما سِنُّهُ؟ قَالَ: كَانَ جدّي يُكَنَّى أبا حكيم، أَتَتْ عَلَيْهِ ستٌّ وعشرون ومائة سنة. وأخبرني جدّي أنه غزا ثمانين غَزَاة. قلت: أخرج النَّسائيّ لمحمد في "مُسْنَد عليّ". ومات سنة عشرين ومائتين. 388- محمد بن يزيد بن خُنَيس المخزومّي2 -ت. ق: مولاهم المكِّي. عن: ابن جُرَيْج، وسعيد بن حسَان، وسُفْيان الثَّوريّ، وعبد العزيز بن أبي رواد.   1 التاريخ الكبير "1/ 259"، الجرح والتعديل "8/ 127، 128"، الثقات لابن حبان "9/ 74"، التهذيب "9/ 524". 2 التاريخ الكبير "1/ 261، 262"، الجرح والتعديل "8/ 127"، الثقات لابن حبان "9/ 61"، التهذيب "9/ 523". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 230 وعنه: أحمد بن الفُرات، ومحمد بن بشّار بُنْدار، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وحنبل بن إسحاق، وجماعة. وكان صالحًا، ورِعًا، كبير القدْر. وثقه أبو حاتم. 389- محمد بن أبي يزيد الخُراسانيّ: رجل فاضل، نزل المَوْصِل، وحدّث عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، ومهديّ بن ميمون، وشَرِيك، وجماعة. وعنه: سِنان بن محمد، ومحمد بن أحمد بن أبي المُثَنَّى المَوْصِليّان. تُوُفّي سنة سبْع عشرة. 390- محمد بن يوسف بن واقد1 -ع: الإمام أبو عبد الله الضبي، مولاهم الفِرْيابيّ، وفِرياب من بلاد التُّرْك. روى عن: الأوزاعيّ، وسُفْيان الثَّوْريّ، وإبراهيم بن أبي عبلة، ويونس بن أبي إسحاق، وعمر بن ذر الهمداني، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وجرير بن حازم، وخلق. وعنه: خ. وع. بواسطة، وأحمد بْن حنبل، ودُحَيْم، وابن وَارَةَ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وعبّاس التُّرْقُفيّ، وأحمد بْن عبد الرحيم بْن البَرْقيّ، وعبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم، وعَمْرو بْن أَبِي ثور الْجُذَاميّ، وإبراهيم بْن أَبِي سُفْيان القَيْسرانيّ، وخلْق. قال: وُلِدْتُ سنة عشرين ومائة. وقال أحمد بن حنبل: لقيته بمكّة، وكان رجلًا صالحًا. وقال البخاريّ: كان من أفضل أهل زمانه. وقال محمد بن عبد الملك بن زنجويه: ما رأيت أورع من الفريابي.   1 الطبقات الكبرى "7/ 489"، التاريخ الكبير "1/ 264، 265"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 60"، الجرح والتعديل "8/ 119، 120"، سير أعلام النبلاء "10/ 114-118"، الميزان "4/ 71، 72"، التهذيب "9/ 535". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 231 وقال محمد بْن سهل بْن عسكر: خرجت مَعَ الفِرْيابيّ في الاستسقاء، فَرَفَعَ يديه فما أرسلهما حتّى مُطِرْنا. وقال أحمد بْن يوسف السُّلميّ: قلت للفِرْيابيّ: أوصِني. قَالَ: عليك بتقوى اللَّه، ولزوم السُّنَّةِ، واجتناب السُّلْطان. وقال الدَّارَقُطْنيّ: تقدّم الفِرْيابيّ عَلَى قُبَيْصة في الثَّوريّ لفضله ونُسُكِه. وقال ابن عديّ: للفِرْيابيّ عَنِ الثَّوريّ إفرادات. وقد رحل إِلَيْهِ أحمد بْن حنبل، فلمّا قَرُب من قَيْسارية نُعي إِلَيْهِ، فعدل إلى حمص. وهو فيما يتبيّن لي صدوق، لَا بأس بِهِ. قلت: كَانَ الناس يرحلون إليه إلى قَيْساريّة من ساحل فلسطين. قال يعقوب الفَسَويّ: تُوُفّي في أول سنة اثنتي عشرة. 391- مالك بن إسماعيل1 -ع: أبو غسان النهدي، مولاهم الكوفّي سِبْط إسماعيل بن حمّاد بن أبي سليمان. روى عن: فُضَيْل بن مرزوق، وإسرائيل، وزُهَير بن معاوية، وعبد العزيز بن الماجشون، والحسن بن صالح بن حجاز، وأسباط بن نصر، وجُوَيْرية بن أسماء، وورَقْاء بن عُمر، وخلْق. وعنه: خ. وم. ع. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأحمد بْن مُلاعب، وأحمد بْن سليمان الرُّهاويّ، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد الصّاغانيّ، ومعاوية بْن صالح الأشعريّ، وأَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم، وآخرون. قَالَ محمد بْن عليّ بْن داود البغداديّ: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين يَقُولُ لأحمد بْن حنبل: إِنْ سَرَّك أن تكتب عَنْ رجلٍ لَيْسَ في قلبك منه شيء فاكتب عَنْ أَبِي غسّان. وقال أبو حاتم: قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بالكوفة أتقن منه. وقال يعقوب بْن شيبة: ثقة، صحيح الكتاب، متثبت من العابدين.   1 الطبقات الكبرى "6/ 404"، التاريخ الكبير "7/ 315"، الكنى والأسماء "2/ 76"، الجرح والتعديل "8/ 206، 207"، الثقات لابن حبان "9/ 164"، ميزان الاعتدال "2/ 424، 425"، التهذيب "10/ 3، 4". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 232 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: أبو غسّان محدِّث من أئمّة المحدِّثين. وقال أبو حاتم: لم أرَ بالكوفة أتقن منه لَا أبو نُعَيْم ولا غيره. وله فضلٌ وعبادة واستقامة. وكانت عَلَيْهِ سجّادتان. كنتَ إذا نظرت إليه كأنه خرج من قبر. وقال النَّسائي: ثقة. وقال أبو داود: جيّد الأخذ، شديد التشيُّع. وقال ابن سعْد: مات في غرة ربيع الآخر سنة تسع عشرة ومائتين. 392- مالك بن سليمان الهَرَويّ1: أبو عبد الرحمن السَّعديّ المفّسر. روى عن: إبراهيم بن طَهمان، وشُعْبة بن الحَجّاج، ومَعْمَر بن الحسن، وإسرائيل، وابن أبي ذئب. توفي سنة أربع عشرة. 393- مالك بن فديك2: كوفي، سمع من: الأعمش. لقِيه مُطَيِّن. خرَّج له البيهقّي في الصلاة. لم أرَه فِي كتاب ابن أَبِي حاتم، ولا غيره. 394- المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى بن هِلال3: أبو عليّ التميميّ المَوْصِليّ، جدّ أبي يَعْلَى أحمد بن عليّ. روى عن: أبي شِهاب الحنّاط، وعليّ بن مُسْهِر. ونزل بغداد للتّجارة. روى عنه: أحمد بن مُسَاوِر، ومحمد بن غالب تمتام.   1 الجرح والتعديل "8/ 210"، ميزان الاعتدال "3/ 427"، لسان الميزان "5/ 4". 2 الثقات لابن حبان "9/ 165". 3 الثقات لابن حبان "9/ 193". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 233 395- مُخَوَّل بن إبراهيم بن مُخَوَّل بن راشد النَّهْديّ1. الكوفيّ الحنّاط. عن: إسرائيل بن يونس، وعبد الجبّار بن العبّاس، وغيرهما. وعنه: أحمد بن يحيى الصوفيّ، وأحمد بن عثمان بن حكيم، وأبو حاتم الراويّ. وقال: صدوق. قلت: يقال: إنه كان من غُلاةِ الرافضة. 396- مسرور بن صَدَقَة الحارثّي الدّمشقّي: عن: الأوزاعيّ. وعنه: قاسم الخوعيّ، وأحمد بن عبد الواحد بن عَبُّود، وأحمد بن بكر البالِسيّ، وآخرون. 397- مسرور بن موسى. أبو عبد الرحمن. قاضي نَيْسابُور: كنّاه الحاكم. سمع في رحلته مع يحيى بن يحيى من: مالك، وابن لَهِيعَة، وابن المبارك، وغيرهم. وعنه: أحمد بْن عبد الله العَتَكيّ، ورجاء بْن السّنْديّ، وعليّ بْن سَلَمة اللَّبَقيّ، والحسين بْن منصور، وغيرهم. 398- مسكين بن عبد الرحمن التُّجَيْبيّ المصريّ2. أبو الأسود: عن: الليث بن سعد، وخالد بن حُمَيْد، ويحيى بن أيّوب. تُوُفّي سنة خمس عشرة ومائتين. 399- مطرِّف بن عبد الله بن مطرِّف بن سليمان بن يَسَار3 -خ. ت. ق:   1 الجرح والتعديل "8/ 399"، الثقات لابن حبان "9/ 203"، ميزان الاعتدال "4/ 85". 2 الثقات لابن حبان "9/ 194". 3 الطبقات الكبرى "5/ 438"، التاريخ الكبير "7/ 397"، الجرح والتعديل "8/ 315"، ميزان الاعتدال "4/ 124، 125"، تهذيب التهذيب "10/ 175، 176". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 234 مولى أم المؤمنين ميمونة. الفقيه أبو مُصْعَب الهلاليّ اليساريّ المدنيّ الأطْرُوش. روى عن: خاله مالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وأسامة بن زيد بن أسلم، وعبد الرحمن بن أبي المَوّال، ونافع بن أبي نُعَيْم، ومسلم بن خالد الزَّنجيّ، وجماعة. وعنه: خ. وت. وق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، والربيع بْن سليمان المُراديّ، وأبو زُرْعة الرازيّ، وأبو حاتم، ويعقوب الفَسَويّ، وأحمد بْن خُلَيْد الحلبيّ، وبِشْر بْن موسى، وأبو يحيى عبد الله بْن أَبِي مَسَرّة، وخلْق سواهم. وقال أبو حاتم: صدوق، مضطّرب الحديث. وهو أحب إليّ من إسماعيل بن أبي أُوَيْس. مات سنة عشرين ومائتين. وتابعه على وفاته أحمد بن أبي خَيْثَمَة. وقيل: وُلد سنة سبعٍ وثلاثين ومائة. وكان من كبار الفقهاء المالكيّة، رحِمه الله. 400- مُعَاذُ بن فَضَالَةَ1 أبو زيد البصْريّ: عن: هشام الدَّسْتُوائيّ، وسُفْيان الثَّوْريّ، ويحيى بن أيّوب المصريّ، وحفص بن مَيْسرة، وعمر بن قيس سَنْدل، وجماعة. وعنه: خ. ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبو حاتم ووثقه، ويعقوب الفسوي، وأبو قلابة الرقاشي، وأبو مسلم الكجي، وآخرون. 401- معاوية بن عبد الله الأسواني: مولى بني أمية أبو سفيان. روى عن: مالك، واللَّيْث، وابن لَهِيعة. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح، وغيره. توفي سنة ثمان عشرة.   1 التاريخ الكبير "7/ 366"، الجرح والتعديل "8/ 251"، الثقات لابن حبان "9/ 177"، تهذيب التهذيب "10/ 193". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 235 402- معاوية بن عمرو بن المهلب بن عمرو الأزدي المعني البغدادي1: أبو عمرو. عن: فضيل بن مرزوق، وإسرائيل، وزائدة، وجرير بن حازم، وعبد الرحمن المسعودي، وجماعة. وروى المغازي عن: أبي إسحاق الفَزَاريّ. وعنه: خ. وع. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ويحيى بْن مَعِين، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، وأحمد بْن منيع، وعَمْرو النّاقد، وزُهَير بْن حرب، وهارون الحمّال، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن أحمد بْن النَّضر الأزديّ، وخلْق. قَالَ أحمد بْن حنبل: صدوق ثقة. وقال ابن مَعِين: كَانَ رجلًا شجاعًا لَا يبالي بلقاء رجلٍ أو عشرين. وكان يُقال لَهُ: ابن الكِرْمانيّ. وقال ابن سعْد: روى عَنْ زائدة مُصَنَّفَه، وعن أَبِي إسحاق الفَزَاريّ كتاب "السيرة" في دار الحرب. ونزل بغداد وسمع من أهلها. وقال أبو غالب عليّ بْن أحمد بْن النَّضْر الأزديّ: رَأَيْت جدّي معاوية بْن عَمْرو وهو عند رأس أُمِّهِ وهي في الموت، فجعل وجهها نحو القِبْلة ورِجْلَيْها بحِذاء القبلة. فلما قاربت أن تقضي سترها منّا وصلّى عليها فكبَّر أَرْبَعًا. قال: وكان مولده سنة ثمانٍ وعشرين ومائة. ومات سنة أربع عشرة ومائتين. قال ابن سعْد: تُوُفّي في غُرّة جُمَادَى الأولى سنة أربع عشرة. قاله في "الطّبقات الصغير". 403- معقل بن مالك2 -ت- أبو شريك الباهلي البصري:   1 الطبقات الكبرى "7/ 341"، التاريخ الكبير "7/ 334"، الجرح والتعديل "8/ 386"، الثقات لابن حبان "9/ 167"، سير أعلام النبلاء "10/ 214، 215"، تهذيب التهذيب "10/ 215". 2 الجرح والتعديل "8/ 286"، الثقات لابن حبان "9/ 202"، ميزان الاعتدال "4/ 147"، التهذيب "10/ 234". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 236 عن: محمد بن راشد المكحوليّ، وعُقْبة بن عبد الله الأصَمّ، وأبي عَوَانة، وطائفة. وعنه: محمد بن المُثَنَّى، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وأحمد بن الحسن التِّرْمِذيّ، والبخاريّ في "كتاب القراءة خلف الإمام"، ويعقوب الفَسَويّ، والكُدَيْميّ. وثقه ابن حِبّان. وتُوُفّي سنة ثلاث عشرة. 404- مُعَلّى بن أسد1 -خ. م. ت. ن. ق: أبو الهيثم العمي المصري المؤدّب. أخو بَهْز بن أسد. عن: وُهَيْب بن خالد، وعبد العزيز بن المختار، وعبد الله بن المُثَنَّى الأنصاريّ، ويزيد بن زُرَيْع، وجماعة. وعنه: خ. وم. ت. ن. ق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وحَجّاج بْن الشاعر، وسليمان بْن معبد السبخيّ، وحفص بْن عُمَر سنجة الرَّقّيّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وهلال بْن العلاء، وعثمان الدّارميّ، وعليّ بْن عبد العزيز البَغَويّ، وطائفة. وكان من الثَّقات الأثبات. قال أبو حاتم: ما أعلم أنّي عثرت له على خطأ غير حديث واحد. وقال ابن حِبّان: مات في رمضان سنة ثمان عشرة، ومائتين بالبصرة. وقال خليفة: مات سنة تسع عشرة ومائتين. 405- المُعَلّى بن تُرْكة2. أبو عبد الصّمد: سمع: المسعوديّ، وأبا معشر السندي. وسكن الثغور.   1 الطبقات الكبرى "7/ 306"، التاريخ الكبير "7/ 395"، الجرح والتعديل "8/ 334"، الثقات "9/ 182"، التهذيب "10/ 236". 2 المغني في الضعفاء "2/ 669"، ميزان الاعتدال "4/ 148"، لسان الميزان "6/ 63". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 237 روى عنه: محمد بن آدم بن سليمان، وأحمد بن هارون بن آدم المصيصيان. قال أبو الفتح الأزْديّ: متروك. وقال أبو أحمد الحاكم: لا يتابع في رجل روايته. 406- معلى بن منصور1 -ع: أبو يعلى الرازي، نزيل بغداد. عن: مالك، واللَّيْث، وشَرِيك، وأبي عَوَانة، وحمّاد بن زيد، وسليمان بن بلال، وعبد الله بن جعفر المُخَرِّميّ، وهُشَيْم، وخلْق. وتفقّه على أبي يوسف، وغيره. وكان من كبار علماء الرأي. روى عنه: أبو ثور الكلبّي، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بن يحيى الذُّهْلي، وحجاج بن الشاعر، وأحمد بن الأزهر، وأحمد الرمادي، وأبو بكر بن شيبة، وعباس الدوري، ومحمد بن عبد الله المخرمي، والبخاري في غير "الصحيح"، وخلق. ولم يكتب عنه أحمد بن حنبل حرفا. وقال أبو حاتم الرازي: قيل لأحمد: كيف لم تكتب عَنِ الْمُعَلَّى بْن منصور؟ قَالَ: كَانَ يكتب الشّروط، ومَن كتبها لم يَخْلُ مِن أن يكذب. وقال أبو زُرْعة: رحم اللَّه أحمد بْن حنبل، بلغني أنّه كَانَ في قلبه غُصَص مِن أحاديث ظهرت عَنِ المُعَلّى بْن منصور كَانَ يحتاج إليها. وكان الْمُعَلَّى أشبه القوم، يعني أصحاب الرأي، بأهل العلم. وذلك أنّه كَانَ طَلّابةً للعلم، رحل وعُنِي بِهِ، وهو صَدُوق. وقال عُثْمَانَ الدَّارَمِيِّ: عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةً. وَقَالَ أحمد العِجْليّ: ثقة صاحب سُنّة. قيل: طلبوه للقضاء غير مرّة فأبى.   1 الطبقات الكبرى "7/ 341"، التاريخ الكبير "7/ 395"، الجرح والتعديل "8/ 334"، تهذيب التهذيب "10/ 238-240". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 238 وقال يعقوب بن شيبة: ثقة متقن فقيه. وقال أحمد بن كامل: كان من كبار أصحاب أبي يوسف ومحمد ومِن ثقاتهم في الرواية. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وقال عُمَر بْن بكّار القافلانيّ: ثنا محمد بْن إسحاق، وعبّاس بْن محمد. قالا: سمعنا يحيى بْن مَعِين يَقُولُ: كَانَ الْمُعَلَّى بْن منصور الرازي يومًا يُصلّي، فوقع عَلَى رأسه كور الزَّنابير، فما التفت ولا انفتل حتّى أَتَمّ صلاته. فنظروا فإذا رأسه قد صار هكذا من شدّة الانتفاخ. وقال أبو عَمْرو أحمد بْن المبارك المُسْتَملي: حدّثني سهل بْن عمّار قَالَ: كنتُ عند الْمُعَلَّى بْن منصور، وإبراهيم بْن حرب النَّيْسابوريّ في أيّام خاض الناس في القرآن. فدخل علينا إبراهيم بْن مقاتل المَرْوزيّ، فذكر للمُعَلَّى أنّ الناس قد خاضوا في أمره. قَالَ: ماذا؟ قَالَ: يقولون: إنّك تَقُولُ: القرآن مخلوق. قَالَ: ما قلت، ومَن قَالَ: القرآن مخلوق فهو عندي كافر. وقال ابن سَعْد، وجماعة: تُوُفّي سنة إحدى عشرة. قلت: وقد دخل عَلَيْهِ البخاري سنة عشر فسمع منه شيئًا يسيرًا؛ لأنّه وجده عليلًا. 407- مَعْمَرُ بن عبّاد1: وقيل: معمر بن عَمْرو، أبو المعتمر البصْريّ العطّار المعتزليّ. مولى بني سُلَيْم وأحد كبارهم ومتبوعيهم. وكان يَقُولُ: إنّ في العالم أشياء موجودة لَا نهاية لها ولا تُحصى، ولا لها عدد ولا مقدار. وهذا تكذيب للآية {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار} [الرعد: 8] ، ولقوله: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 28] ، وعلى هذا طلبته المعتزلة بالبصرة عند السلطان، ففرّ إلى بغداد، وبها مات مختفيًا عند إبراهيم بن السندي.   1 طبقات المعتزلة "54-56"، التبصرة "45"، الملل والنحل "1/ 65". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 239 وكان يزعم أنّ اللَّه لم يخلق لَوْنًا، ولا طُولًا، ولا عَرضًا، ولا عُمقًا، ولا رائحة: ولا قُبْحًا، ولا حُسْنًا، ولا سَمْعًا ولا بَصَرًا، وذلك كلّه فِعل الأجسام بطِباعها. وعُورض بقوله تعالى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] . فقال: إنّما أراد خلْقَ الإماتة والإحياء. وكان يزعم أنّ النّفس ليست جسمًا ولا عَرَضًا، ولا تُماسّ شيئًا ولا تُبَايِنُه، ولا تتحرَّك ولا تَسْكُن. وهذا قول أهل الإلحاد. وكان بينه وبين النَّظَّام مُناظرات ومُنازعات في مسائل، وله مصنَّفات في الكلام. قَالَ محمد بْن إسحاق النَّديم: تُوُفّي سنة خمس عشرة ومائتين. 408- معمّر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ1 الهاشميّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -ق: وقيل: معمّر بن محمد بن عُبَيد اللَّه بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رافع. روى عن: جدّه، وأبيه، وعمّه معاوية. وعنه: عَبّاد بن الوليد العَنْبريّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن يحيى بن مالك السُّوسيّ، والحسن بن مُكْرَم. قال ابن مَعِين: لم يكن من أهل الحديث لا هُوَ ولا أَبُوهُ. كَانَ يلعب بالحَمَام. وقال ابن عديّ: مقدار ما يرويه لَا يُتَابَع عَلَيْهِ. وقال أبو حاتم: رأيته سنة ثلاث عشرة ومائتين. روى له ابن ماجة حديثين. 409- مُعَمَّر بن يَعْمَر اللَّيْثِي الدّمشقيّ2: سمع: معاوية بن سلّام. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، والعبّاس بن الوليد الخلّال.   1 الجرح والتعديل "8/ 373"، المجروحين لابن حبان "3/ 38، 39"، ميزان الاعتدال "4/ 156"، التهذيب "10/ 250". 2 الثقات لابن حبان "9/ 192"، تهذيب التهذيب "10/ 251". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 240 ضبطه بالتّثقيل عبد الغني، ومحلُّه الصَّدق. 410- مَعْنُ بنُ الوليد بن هشام بن يحيى بن يحيى الغسّانيّ1: عن: أبيه، وسُفيان بن عُيَيْنَة، ومروان بن معاوية، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم، ويزيد بن محمد بن عبد الصّمد، وآخرون. وكان دُحَيْم لَا يقدّم عليه أحدًا من أصحاب الوليد بن مسلم. وقال أبو حاتم: ثقة. قلت: تُوُفّي سنة ثمان عشرة، وما أظنّه جاوز الخمسين رحمه الله. 411- مكّيُّ بنُ إبراهيم بن بشير بن فرقد2 -ع: أبو السكن التميمي الحنظلي البلخي. أحد الثّقات الأعلام. روى عن: أيْمَن بن نابِل، ويزيد بن أبي عُبَيْد، وبهز بن حكيم، والجعيد بن عبد الرحمن، وجعفر الصادق، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وهشام بن حسان، وهاشم بن هاشم بن عتبة، وابن جريج، وأبي حنيفة، وطائفة. وعنه: خ. وع. عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وبندار، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وإبراهيم بن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وعبد الصَّمد بن سليمان البلْخيّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وعبد الصّمد بن الفضل البلْخيّ، وحفيده محمد بن الحسن بن مكّيّ، وخلْق آخرهم موتا معمّر بن محمد بن معمّر البلْخيّ. قَالَ عبد الله بْن عَمرو بْن العَمْركيّ: سَمِعْتُ عبد الصّمد بْن الفضل: سَمِعْتُ مَكِّيًّا يَقُولُ: حججت ستّين حَجّةً، وتزوّجت ستّين امْرَأَة. وجاورت بالبيت عَشْر سِنين، وكتبت عَنْ سبعة عشَرَ نفْسًا من التّابعين. ولو علمت أنّ الناسَ يحتاجون إليّ لَمَا كتبتُ عن أحدٍ دون التابعين.   1 الجرح والتعديل "8/ 278"، الثقات لابن حبان "9/ 181". 2 الطبقات الكبرى "7/ 373"، التاريخ الكبير "8/ 71"، الجرح والتعديل "8/ 441"، تهذيب التهذيب "10/ 293-295". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 241 وعن عُمَر بْن مُدرك، عَنْ مكّيّ قَالَ: قطعت البادية من بلْخ خمسين مرّة حاجًّا، ودفعت في كِرَى بيوت مكّة ألف دينار ونيِّفًا. وقال الفلّاس: قدِم علينا مكي بن إبراهيم سنة اثنتي عشرة. وقال آخر: قدِم بغداد سنة خمسٍ ومائتين. وعنه قال: وُلدت سنة ستٍّ وعشرين ومائة. وقال محمد بن سَعْد، وغيره: مات ببلْخ في النّصف من شعبان سنة خمس عشرة. وقال محمد: كان ثقة ثَبْتًا. وقال محمد بْن عبد الوهاب الفرّاء: ثنا مكّيّ بْن إبراهيم الرجل الصّالح بنَيْسابور. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة مأمون. وقال النَّسائيّ: ليس به بأس. قُلْتُ: حَدَّثَ مَكِّيٌّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى النَّجَاشِيِّ"1. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ. قُلْتُ: ثُمَّ إِنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ رِوَايَتِهِ. قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ: سَأَلْنَا مَكِّيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَنَا مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا فِي كِتَابِي، يَعْنِي حَدِيثَ: "كَبَّرَ عَلَى النَّجَاشِيِّ". وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ": ثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ مَكِّيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: "مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْهَى عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عليهما: متعة النساء، ومتعة الحج"2.   1 حديث صحيح لغيره: أخرجه البخاري "1333"، ومسلم "951"، وأبو داود "3204". 2 حديث صحيح لغيره: أخرجه النسائي في السنن الصغرى "2735"، وفي الكبرى "3716"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي "2735". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 242 قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُعْضِلٌ، لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ غَيْرُ مَكِّيٍّ، وَهُوَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ. وقال مكّيّ: حضرت مجلس محمد بْن إسحاق، فإذا هُوَ يروي أحاديث في صفة اللَّه تعالى لم يحتملْها قلبي، فلم أعُدْ إِلَيْهِ. وعن مكي قال: طلبت الحديث ولي سبع عشرة سنة. 412- مكّيّ بن عبد الله الرُّعَيْنيّ: في طبقة أحمد بن حنبل. يأتي. 413- مُنّبه بن عثمان اللَّخْميّ الدَّمشقيّ1: كان أسند شيخٍ بقي بدمشق. روى عن: ثور بن يزيد، وعُرْوة بن رُوَيْم، وأرطأة بن المنذر، وخُلَيد بن دَعْلج، وعمر بن زيد، والأوزاعيّ، والوَضِين بن عطاء، وطائفة. وعنه: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن مُصَفَّى، وهارون بن محمد بن بكّار، وأحمد بْن يحيى بْن حمزة، وأحمد بْن عبد القاهر اللَّخْميّ شيخ للطَّبرانيّ، وآخرون. قال ابن زَبْر: وُلِد سنة ثلاث عشرة ومائة. وقال أبو زرعة الدمشقي: سَمِعْتُ منبّه بْن عثمان يَقُولُ: كنت حَمْلًا عام الجرّاح الحَكَميّ، وهي سنة اثنتي عشرة. وقال أبو حاتم: كان صدوقًا. وقال أبو زُرْعة: لِقيتُهُ سنة اثنتي عشرة ومائتين ومات بعد ذلك بيسير. 414- منصور بن زيد بن أبي خداش الموصلي: رحل، وكتب الكثير.   1 الجرح والتعديل "8/ 419"، الثقات لابن حبان "9/ 198". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 243 وروى عن: المُعَافَى بن عِمران، ومحمد بن مسلم الطّائفيّ، وعيسى بن يونس، وجماعة. روى عنه: نسيبه عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أَبِي خِداش، ومبارك بن عبد الله النَّصيبيّ. تُوُفّي سنة ثلاث عشرة ومائتين. 415- منصور بن صقير1. أبو النضر: عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وعُبَيد الله بن عَمْرو الْجَزَريّ، وموسى بن أَعْين، وجماعة. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وجعفر بن شاكر، وبِشْر بن موسى، وجماعة. قال أبو حاتم: في حديثه اضطّراب، وليس بالقويّ. روى عنه أيضًا: محمد بن غالب تمتام، وأبو أُميّة محمد بن إبراهيم. وكان جُنْديًّا. 416- منصور بن مجاهد البصْريّ: شيخ. يروي عن: أبي عَوَانة، وحمّاد بن زيد، وغيرهما. قال أبو الفتح الأزديّ: كان يضع الحديث. وقال أبو القاسم بن مَنْده: تُوُفّي سنة ثمان عشرة ومائتين. 417- مِنْهالُ بن بحر2. أبو سَلَمَةَ العُقَيْليّ: عن: ابن عَوْن، وهشام بن حسان، وسعيد بن أبي عروبة، وجماعة. وعنه: أبو حفص الفلاس، وأبو حاتم الرازي وقال: ثقة، وعلّي بن عبد العزيز. قال العقيلي: في حديثه نظر.   1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "376". 2 التاريخ الكبير "8/ 12"، الجرح والتعديل "8/ 357"، المجروحين لابن حبان "1/ 82"، ميزان الاعتدال "4/ 191". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 244 418- موسى بن خالد1 -م: أبو الوليد الحلبي، خَتَن الفِريْابيّ. سمع: أبا إسحاق الفَزَاريّ، ومُعْتَمر بن سليمان، وجماعة. وتُوُفّي كهلًا. روى عنه: عبّاس التُّرقُفيّ، ومحمد بن سهل بن عسكر، وعبد الله الدّارميّ. له في "مسلم" حديث وقع لنا موافقةً في كتاب الدّارميّ. 419- موسى بن داود الضبي2 -م. د. ن. ق: أبو عبد الله الطرسوسي الحلواني. أصله من الكوفة، ثم سكن بغداد، ثم ولي قضاء طَرَسُوس وبها تُوُفي. سمع: شُعْبة، والثَّوْريّ، وحماد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز الماجشون، ومبارك بن فَضَالَةَ، وزُهير بن معاوية، ونافع بن عمر، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، وحَجّاج بن الشّاعر، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بْن يحيى الْأَزْدِيّ، ومحمد بْن أحمد بن أبي خَلَف، ومحمد بن أحمد بن أبي العوّام، وعبّاس الدُّوريّ، وخلْق. وثقة غير واحد. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: كان زاهدًا، ثقة، صاحب حديث. ولي قضاء المِصِّيصة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كان مُصَنِّفًا مُكثِرًا مأمونًا، ولي قضاء الثغور. قلت: آخر مَن حَدَّث عنه بِشْر بن موسى الأسَديّ. قال ابن سعْد: كان ثقة صاحب حديث، ولي قضاء طَرَسُوس وبها مات سنة سبع عشرة.   1 الثقات لابن حبان "9/ 161"، الجمع بين رجال الصحيحين "2/ 485". 2 الطبقات الكبرى "6/ 356"، التاريخ الكبير "7/ 283"، الجرح والتعديل "8/ 141"، الثقات لابن حبان "9/ 160"، ميزان الاعتدال "4/ 204"، تهذيب التهذيب "10/ 342، 343". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 245 له في "مسلم" حديث في الصّلاة. 420- موسى بن سليمان1. أبو عِمران الباهليّ البصْريّ: عن: قُزْعَة بن سُوَيْد، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجرير بن حازم. روى عنه: أبو حاتم وقال: ثقة، ثقة. 421- موسى بن سليمان2: الفقيه أبو سليمان الْجَوْزجانيّ، صاحب أبي يوسف، ومحمد. روى عنهما، وعن: ابن المبارك. وعنه: بِشْر بن موسى، والقاضي البِرْتِي، وأبو حاتم الرازيّ، وجماعة. قال ابن أبي حاتم: كان يُكَفِّر القائلين بخلق القرآن. وقيل: إنّ المأمون عرض عَلَيْهِ القضاء فامتنع، وذكر أنّه لَا يصلُح، فأعفاه. 422- موسى بن مسعود3 -خ. د. ت. ق: أبو حذيفة النهدي البصري. عن: أَيْمَن بن نابِل، وإبراهيم بن طَهْمان، وسُفْيان، وزائدة، وعِكْرِمة بن عمّار، وشِبْل بن عَبّاد، وغيرهم. وعنه: خ. ود. ت. ق. عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن محمد شَبُّوَيْه، ومحمد بن يحيى، وعبد بن حُمَيْد، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو حاتم، وحمّاد بن إسحاق القاضي، ومحمد بن الحسن بن كَيْسان المِصِّيصيّ، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن زكرّيا الأصبهانيّ، وحفصَ بن عمر الرَّقّيّ، وخلْق. قال أحمد: هو من أهل الصِّدْق. وقال أبو حاتم: صدوق، معروف بالثَّوريّ. وكان الثَّوريّ نزل البصرة على   1 الجرح والتعديل "8/ 144، 145". 2 الجرح والتعديل "8/ 145"، تاريخ بغداد "13/ 36، 37". 3 الطبقات الكبرى "7/ 304"، التاريخ الكبير "7/ 295"، الجرح والتعديل "8/ 163"، تهذيب التهذيب "10/ 370". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 246 رَجُل، وكان أبو حُذَيْفَة معهم. فكان سُفْيان يوجّه أبا حُذَيفة في حوائجه. ولكن كَانَ يصحّف. وروى عَنْ سُفْيان الثَّوريّ بضعة عشرة ألف حديث في بعضها شيء. وقال بُنْدار: ضعيف. وقال ابن خُزَيْمة: لَا أحتجّ به. وقال الفلّاس: لَا يحدِّث عنه مَن يُبصر الحديث. وقال ابن سعد: قِيلَ: إنّ الثَّوريّ تزوّج أمّه لما قدِم البصرة. وقال غيره: كان مؤدِّبًا. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة عشرين. وفيها قَالَ محمد بْن المُثَنَّى: تُوُفّي المِنْهال بْن بحر، وزُفَر بْن هبيرة، وسَكَنُ بْن سليمان، وبِشْر بْن الوضّاح، ومحمد بْن مَخْلَد الحضْرميّ، وهانئ بْن يحيى. وقال البخاريّ: مات أبو حُذَيْفة سنة عشرين. وقال غيره: عاش اثنتين وتسعين سنة. "حرف النون": 423- نَصر بن مزاحم المِنْقَريّ الكوفّي1: سكن بغداد. وروى عن: شُعْبة، والثَّوْريّ، ويزيد بن إبراهيم، وغيرهم. وعنه: نوح بن حبيب، وأبو سعيد الأشجّ، وعليّ بن المنذر، وغيرهم. وكان يترفّض. قال أبو إسحاق الجوزجاني: كان زائغًا عن الحقّ. وقال صالح بن محمد: يروي عن الضعفاء.   1 التاريخ الكبير "8/ 105"، الجرح والتعديل "8/ 468"، الثقات لابن حبان "9/ 215"، الميزان "4/ 253". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 247 وقال أبو الفتح الأزْديّ: هو غالٍ في مذهبه غير محمود في حدَّيثه. مات سنة اثنتين عشرة ومائتين. 424- النَّضر بن عبد الجبّار بن نصير1. -د. ن. ق: أبو الأسود المرادي، مولاهم المصريّ الكاتب. كاتب لَهِيعة بن عيسى بن لَهِيعة قاضي مصر. روى عن: ابن لَهِيعة، ونافع بن يزيد، واللَّيث، وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ، وَمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ، وَجَمَاعَةٌ. وعنه: أحمد بن صالح المصريّ، وأبو عُبَيْد القاسم بن سلّام، ويحيى بن مَعِين، والربيع بن سليمان الجيزيّ لَا المُراديّ، ومحمد بن إسحاق الصّاغانيّ، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو حاتم، والمِقْدام بن داود الرُّعَيْنِي، ويحيى بن عثمان السَّهْميّ، وجماعة. قال ابن معين: كان راوية ابن لَهِيعة، وكان شيخًا صدوقًا. وقال أبو حاتم: صدوق، عابد، شبهّته بالقَعْنَبيّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو سعيد بن يونس: تُوُفّي لخمسٍ بقين من ذي الحجة سنة تسع عشرة ومائتين. وصلّى عليه هارون بن عبد الله القاضي. وكان مولده سنة خمس وأربعين ومائة. وله أَخَوان عالمان: رَوْح، وعبد الله. 425- نوح بن ميمون2. أبو سعيد العِجْلِي البغداديّ. عن: سُفْيان الثَّوْريّ، ومالك بن أنس، وبُكَيْر بن معروف. وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الملك الدَّقيقيّ، ومحمد بن غالب تمتام، وجماعة.   1 التاريخ الكبير "8/ 90"، الجرح والتعديل "8/ 480"، الثقات لابن حبان "9/ 213"، تهذيب التهذيب "10/ 440". 2 الثقات لابن حبان "9/ 211"، تهذيب التهذيب "10/ 450". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 248 وثّقه الخطيب. ويقال له: "المضروب" لضربةٍ جاءته في وجهه من اللُّصوص. 426- نوفل بن مُطَّهر1. أبو مسعود الضّبّيّ الكوفّي الحافظ: روى عن: أبي الأَحْوَص سلّام، وابن المبارك، ومُفَضَّل بن مُهَلْهل. وعنه: عليّ بن محمد الطُّنَافِسيّ، وعبد الرحمن بن الحَكَم، والحسين بن الربيع، وأحمد بن جواس الحنفي. قال أبو حاتم: صاحب حديث صدوق، مثل يحيى بن آدم يحفظ ويَعْقِل. "حرف الهاء": 427- هارون بن صالح بن إبراهيم التَّيْميّ الطّلْحيّ المدنّي2: عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وعبد العزيز بن أبي حازم، وغيرهما. وعنه: يحيى بن موسى البلْخيّ، وأبو حاتم وقال: صدوق، ومحمد بن إسماعيل السُّلميّ. حدث سنة ست عشرة. 428- هارون ابْن الوزير أبي عُبَيْد الله مُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الأَشْعَرِيُّ3: مولاهم البغدادي. سمع: أباه، وعطاف بن خالد، وفرج بن فضالة، وحفص بن غياث. وعنه: عبد الله الدارمي، وعبد الكريم الديرعاقولي، وأبو حاتم وقال: صدوق. 429- هانئ بن يحيى4. أبو مسعود السلمي البصري:   1 تاريخ الثقات للعجلي "453"، الجرح والتعديل "8/ 488، 489". 2 الجرح والتعديل "9/ 91، 92"، الثقات لابن حبان "9/ 239"، تهذيب التهذيب "11/ 8". 3 الجرح والتعديل "9/ 97"، تهذيب التهذيب "1/ 11". 4 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 114"، الجرح والتعديل "9/ 103"، الثقات لابن حبان "9/ 247". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 249 عن: زائدة، وأبي قَحْذَم النَّضْر بن مَعْبَد. وعنه: أبو حفص الصَّيْرفيّ، وأبو حاتم الرازّي، وقال: ثقة صدوق. 430- هُرَيْم بن عثمان1. أبو المهلَّب الطّفاويّ. عن: القاسم بن الفضل الحُدانيّ، وعِمارة بن زاذان، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم. قال أبو حاتم: بصْريُّ، صَدُوق. 431- هشام بن إسماعيل بن يحيى2. أبو عبد الملك الدّمشقيّ العطّار: عن: إسماعيل بن عيّاش، وهِقْل بن زياد، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: أبو عُبَيد، وأحمد بن الفُرات، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصّمد، وآخرون. وقال النسائي: ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ المَوْصِليّ: كَانَ مِن عُبّاد الخَلْق. ما رَأَيْت بدمشق أفضل منه. وقال أحمد العِجْلي: ثقة صاحب سُنّة صالح. وقال عبد السّلام بْن عتيق: ثنا هشام بْن إسماعيل العطّار، وما كان في بلدنا مثله. كان أشبه بالقَعْنَبيّ، رحِمه اللَّه. وقال أبو زُرْعة: تُوُفّي سنة سبْع عشرة ومائتين. 432- هشام بن بَهْرام المدائنيّ3 -د. ن: عن: أبي شِهاب الحنّاط، والمعافى بن عمران.   1 الجرح التعديل "9/ 117، 118"، الثقات لابن حبان "9/ 245". 2 التاريخ الكبير "8/ 193"، الجرح والتعديل "9/ 52"، الثقات لابن حبان "9/ 233"، التهذيب "11/ 32". 3 الجرح والتعديل "9/ 53"، الثقات لابن حبان "9/ 233"، تهذيب التهذيب "11/ 33". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 250 وعنه: عبّاس الدُّوريّ، والصَّغَانيّ، وعليّ بن أحمد بن النّضْر. وثقة الخطيب. 433- هشام بن سعيد الطّالقانيّ البزّاز1 -د. ن: نزيل بغداد. عن: معاوية بن سلّام، وعبد الله بن لَهِيعة، ومحمد بن مهاجر. وعنه: هارون الحمّال، وأحمد بن أبي خَيْثمة، ومحمد بن رافع، ومحمد بن يوسف البِيكَنْديّ، وأحمد بن حنبل. قال الإمام أحمد: ثقة صالح. 434- هارون بْن الفضل2: أبو يَعْلَى الرازيّ الحنّاط. عن: عَمْرو بن يحيى بن سعيد الأُمويّ، ومحمد بن سليمان الأصبهانيّ، ومسلم بن خالد الزَّنْجيّ، ورفاعة بن إياس، وجماعة. وسمع من: محمد بن سُليمان البَلْخيّ صاحب الضّحّاك. روى عنه: أبو يحيى الزَّعْفرانيّ، وأبو حاتم الرازيّ. 435- هَوْذَةُ بنُ خليفة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي بكرة الثقفي3 -ق: البكرواي البصْريّ الأصمّ، أبو الأشهب. نزيل بغداد ومُسْنِدُها. روى عن: سليمان التَّيْميّ، ويونس بن عُبَيْد، وابن عَوْن، وعَوْف الأعرابيّ، وأبي حنيفة، وابن جريج، وطائفة.   1 الطبقات الكبرى "7/ 346"، الجرح والتعديل "9/ 62، 63"، الثقات لابن حبان "9/ 232"، تهذيب التهذيب "11/ 41". 2 الجرح والتعديل "9/ 93". 3 الطبقات الكبرى "7/ 339"، التاريخ الكبير "8/ 246"، الجرح والتعديل "9/ 118، 119"، تهذيب التهذيب "11/ 74، 75". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 251 وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن سَعْد، ويوسف بن موسى القطّان، ومحمد بن عبد الله المُخَرِّميّ، وعباس الدُّوريّ، والحارث بن أبي أسامة، وبِشْر بن موسى، وإبراهيم الحربيّ، وخلْق. قال أحمد بن حنبل: ما كان أصلح من حديثه، أرجو أن يكون صدوقًا. وقال: ماكان أضبطه من عَوْف. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابن مَعِين: ضعيف. وقال غيره: كان قد كتب الكثير ولكن ذهبت أكثر كُتُبه. مات في شوّال سنة ستّ عشرة وله إحدى وتسعون سنة. قلت: ووقع حديثه عاليًا لأصحاب ابن طبرزد، والكندي. 436- الهيثم بن جميل1 -ق- أبو سهل البغدادي الحافظ: نزيل أنطاكية. عن: مالك، والليث، وحماد بن سَلَمَةَ، وزُهير بن معاوية، وشَرِيك، ومَنْدَل بن عليّ، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن عوف الطّائيّ، ويوسف بن مُسلّم، وطائفة. قال الدّارَقُطنيّ: ثقة حافظ. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة، صاحب سُنّة. وقال ابن قانع: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة. وأما ابن عدي فقال: ليس بالحافظ، يغلط على الثّقات، وأرجو أن لَا يتعمَّد الكذب.   1 الطبقات الكبرى "7/ 490"، التاريخ الكبير "8/ 216"، الجرح والتعديل "9/ 86"، الثقات لابن حبان "9/ 236" التهذيب "11/ 90". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 252 437- الهيثم بن عُبَيد الله القُرَشّي1: عن: يزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وقيس بن الربيع، والحَسَن بن صالح بن حي. وعنه: محمد بن إسماعيل الأحْمُسيّ، وأبو حاتم الرازيّ وقال: صدوق. "حرف الواو": 438- ورد بن عبد الله2. أبو محمد الطَّبريّ. سمع: عديّ بن الفضل البصْريّ، وجرير الضَّبّيّ، ومحمد بن طلحة بن مصرّف. وعنه: ابناه محمد ويحيى، وأحمد بن مُلاعب، وغيرهم. وثقة ابن جَوْصا. وقد سكن بغداد. 439- الوضّاح بن حسّان الأنباريّ3: عن: فُضَيْل بن مرزوق، وشعبة، وإسرائيل، وغيرهم. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، والصَّنعَانيّ، وأبو أُميّة الطَّرّسُوسيّ، ومحمد بن سعد العَوْفيّ. قال الفَسَويّ: شيخ مغفَّل. 440- الوليد بن محمد بن النُّعمان السُّلَميّ البصْريّ الحجّام4: حدّث بَنْيسابور سنة سبْع عشرة. عن: شُعْبة، وحمّاد بن سَلَمَةَ. وله غرائب.   1 الطبقات الكبرى "6/ 410"، الجرح والتعديل "9/ 85". 2 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "400". 3 الجرح والتعديل "9/ 41"، تاريخ بغداد "3/ 465، 466". 4 الجرح والتعديل "9/ 14، 15"، الضعفاء والمتروكين للدارقطني "172". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 253 وعنه: محمد بن عبد الوهاب الفراء، وأحمد بن مُعَاذ، وجماعة. وأبو زُرْعة، وأبو حاتم. وكان عارفًا بالعربيّة. قال أبو حاتم: ما به بأس. 441- الوليد بن موسى القُرَشيّ الدّمشقيّ1: عن: الأوزاعيّ، وغيره. حدّث بمصر. روى عنه: يوسف بن يزيد القراطيسيّ، ويحيى بن عثمان السَّهْميّ. وهو في عداد الضعفاء. قال العُقيليّ: روى عن الأوزاعيّ البواطيل. 442- الوليد بن الوليد بن يزيد2: أبو العبّاس العنْسيّ الدّمشقيّ القَلانِسيّ. عن: الأوزاعيّ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وسعيد بن عبد العزيز. وعنه: سَلَمَةُ بن شَبِيب الذُّهَليّ، وعبّاس التُّرقُفيّ، وجماعة. قال الدّارَقُطْني، وغيره: متروك. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال صالح جَزَرَة: قَدَرِيّ. 443- وهْب الله بن راشد3: مولى شُرَحْبِيل الحَجَريّ الروميّ الأصل ثم المصري. أبو زرعة المؤذّن. شيخ مُعَمَّر. كان مؤذّنَ جامع مصر.   1 الضعفاء للعقيلي "4/ 321، 322"، المجروحين لابن حبان "3/ 82". 2 الجرح والتعديل "9/ 19"، المجروحين لابن حبان "3/ 81، 82"، ميزان الاعتدال "4/ 349". 3 الجرح والتعديل "9/ 27"، الثقات لابن حبان "9/ 228"، ميزان الاعتدال "4/ 352". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 254 روى عن: يونس بن يزيد الأيْليّ، وحُمَيْد بن شريح، وغيرهما. ذُكر أنّه وُلِد سنة سبعٍ وعشرين ومائة. تُوُفّي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة. وقد غمزه سعيد بن أبي مريم. روى عنه: سعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، والربيع المُرادي، وطائفة. 444- وهْب بن زَمْعَة التميمي المروزي1 -ت. ن- أبو عبد الله: عن: أبي حمزة السُّكّريّ، وابن المبارك، وعبد العزيز بن أبي رَزْمة، وفَضَالة بن إبراهيم الفَسَويّ، وسُفْيان بن عبد الملك، وغيرهم. وعنه: البخاريّ في خارج "الصحيح"، وأحمد بن عَبْدة الآملي، ومحمد بن عبد الله قُهْزاد، وأحمد بن محمد بن شَبُّوَيْه، وجماعة. وثّقةُ النَّسَائيّ. "حرف الياء": 445- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي قُتَيْلَة السُّلَميّ المدنيّ2. أبو إبراهيم: عن: مالك، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، وعبد العزيز، وعبد الخالق ابْنَيْ أبي حازم، وعمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزوميّ، وجماعة. وعنه: الزُّبَير بن بكّار، ومحمد بن نصر النَّيْسابوريّ الفرّاء، وإبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسيّ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعبد الله بن شبيب الرَّبْعيّ. قال أبو حاتم: ثقة. 446- يحيى بن بسطام3. أبو محمد البصري:   1 التاريخ الكبير "8/ 170"، الجرح والتعديل "9/ 28"، تهذيب التهذيب "11/ 163". 2 الجرح والتعديل "9/ 127"، الثقات لابن حبان "9/ 258"، تهذيب التهذيب "11/ 174". 2 التاريخ الكبير "8/ 264"، الجرح والتعديل "9/ 132"، ميزان الاعتدال "4/ 366". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 255 رحل في طلب العِلم، وسمع من: اللَّيث بن سَعْد، وابن لَهِيعة، وعبد الواحد بن زياد، ويحيى بن حمزة القاضي، وجماعة. وعنه: أبو محمد الدَّارميّ، وأبو حاتم الرازيّ وقال: ما به بأس، كتبتُ عنه سنة أربع عشرة. 447- يحيى بن حماد بن أبي زياد1 -م. ت. ن. ق: أبو بكر، ويقال: أبو محمد الشيباني. مولاهم البصْريّ خَتَن أبي عَوَانة. عن: أبي عَوَانة، وعِكْرِمة بن عمّار، وشُعْبَة، وهَمّام، وعبد العزيز بن المختار، واللَّيث بن سعْد، وجماعة. وعنه: خ. وخ. أيضًا م. ت. ق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وإسحاق بن رَاهُوَيْه، وإسحاق الكوسج، وإسحاق بن إبراهيم بن شاذان، وإسحاق بن سَيّار النصيبيّ، وبكّار بن قُتَيْبة، وعبد الله الدَّارميّ، وبُنْدار، وابن وارة، والكُدَيْميّ، وخلْق. قال ابن سعْد: ثقة كثير الحديث. وقال محمد بن النُّعمان بن عبد السّلام: لم أرَ أعبدَ مِن يحيى بن حمّاد، وأظنّه لم يضحك. وقال البخاريّ: مات سنة خمس عشرة ومائتين. 448- يحيى بن سعيد السَّعْديّ العَبشميّ2: أبو زكرّيا الكوفيّ، ويقال: البصْريّ. روى عَنْ: ابن جُرَيْج، عَنْ عطاء، عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر، عَنْ أَبِي ذَرّ، فذكر الحديث الطّويل المُنْكَر الَّذِي يُروى أيضًا عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلانيّ، عَنْ أَبِي ذَرّ. روى عنه: الحسن بن إبراهيم البياني، والحسن بن عرفة، وإبراهيم بن حرب بن عمر، ومحمد بن غالب تمتام، وموسى بن العباس التستري، وغيرهم. قال العقيلي: لا يتابع على حديثه.   1 الطبقات الكبرى "7/ 306"، التاريخ الكبير "8/ 267"، الجرح والتعديل "9/ 137، 138"، تهذيب التهذيب "11/ 199، 200". 2 الضعفاء للعقيلي "4/ 404"، المجروحين لابن حبان "3/ 129"، ميزان الاعتدال "4/ 377، 378". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 256 وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. وقال ابن عديّ: يُعرف بهذا الحديث، وهو حديث مُنْكَر من هذا الطريق. 449- يحيى بن عبد الله بن الضَّحّاك بن بابْلُتّ1: وهو رازيّ قدِم حَرَّان، فقيل لَهُ: من أين أنت؟ قَالَ: من الرّيّ من موضع، يقال لَهُ: بابْلُتّ. وأمّا أبو أحمد الحاكم فقال: بابْلُتّ قرية بين حَرّان والرَّقّة. روى عن: زوج أمّه الأوزاعيّ، وأبي بكر بن أبي مريم الغسّانيّ، وابن أبي ذئب، وصَفْوان بن عَمْرو السَّكْسَكيّ، وأبي جعفر الرازيّ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وجماعة. وعنه: أبو إسحاق الْجَوْزجانيّ، وأبو أميّة الطَّرَسُوسيّ، وإسماعيل سَمُّويْه، ومحمد بن يحيى الحرّانيّ، وسليمان بن سيف الحرّاني، وإسحاق بن سيّار النَّصيبيّ، وحفص بن عمر الرَّقّيّ، وابن زوجته أبو شُعَيْب عبد الله بن الحسن الحرانيّ، وغيرهم. قال البخاريّ: قال أحمد بن حنبل: أمّا السَّماع فلا يُدفع. وضعّفه أبو زُرْعة، وغيره، وابن حِبّان. وقال ابن عديّ: له أحاديث صالحة عن الأوزاعيّ تفرّد ببعضها. وأثر الضَّعْف على حديثه بَيِّن. قال محمد بن يحيى: تُوُفّي سنة ثمان عشرة ومائتين. وأمّا قول أحمد بن كامل القاضي أنّه عاش سبعين سنة فغير ثابت، لعلّه كان تسعين سنه، فتصحّف. 450- يحيى بن عَمرو بن عُمارة2. أبو الخَطّاب اللَّيْثيّ الدّمشقيّ: عن: الأوزاعيّ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.   1 الطبقات الكبرى "7/ 487"، التاريخ الكبير "8/ 288"، الجرح والتعديل "9/ 164، 165"، تهذيب التهذيب "11/ 240". 2 الجرح والتعديل "9/ 177"، الثقات لابن حبان "9/ 265". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 257 وعنه: يزيد بن عبد الصّمد، وأبو حاتم الرازيّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ. قال أبو حاتم: ثقة. 451- يحيى بن عَنْبَسة القُرَشّي1: من ضُعفاء العراقّيين. روى عن: حُمَيْد الطّويل، وأبي حنيفة. وعنه: يوسف بن سعيد بن مُسلّم، وغالب بن تمتام. وكان متهما. قال الدَّارَقُطْنيّ: كذّاب. وقال ابن حِبّان: دجّال. 452- يحيى بن غَيْلان بن عبد الله بن أسماء بن حارثة2 -م. ت. ن- أبو الفضل الأسلمي الخزاعي البغدادي: عن: مالك بن أَنَس، وأبي عَوَانة، ويزيد بن زُرَيْع، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، والفضل بن سهل الأعرج، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وإسحاق الحربيّ، وآخرون. قال محمد بن سعْد: تُوُفّي سنة عشر ومائتين. وقال بعضهم: سنة ثلاث عشرة. 453- يحيى بن قزعة المؤذن المكي3 -خ: عن: مالك بن أنس، وسليمان بن بلال، ونافع بن أبي نُعَيْم القارئ، وجماعة. وعنه: خ. ومحمد بن وَارَةَ، وأبو يحيى عبد الله بن أبي مسرة، وغيرهم.   1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "422". 2 الطبقات الكبرى "7/ 341"، التاريخ الكبير "8/ 298"، الثقات لابن حبان "9/ 261"، التهذيب "11/ 263". 3 التاريخ الكبير "8/ 300"، الجرح والتعديل "9/ 182"، الثقات لابن حبان "9/ 257"، تهذيب التهذيب "11/ 265". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 258 454- يحيى بن المبارك الصنعاني. صنعاء دمشق: رحل وروى عن: مالك، وشَرِيك، وشِبْل بن عبّاد، وكثير بن سُلَيْم. نزل أرسوف فروى عنه من أهلها: إسماعيل بن عباد، وخطاب بن عبد الدائم، وعبد العظيم بن إبراهيم، وغيرهم. ذكره ابن عساكر. 455- يحيى بن مصعب1: أبو زكريا الكلبي الكوفي. جار الأعمش. حكى عنه حكايات. وروى عن: عمر بن نافع الثَّقفيّ، وإسماعيل بن زياد النّافا. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم وقالا: صدوق. 456- يحيى بن المغيرة السَّعدي الرّازيّ2: عن: شَرِيك، وعطّاف بن خالد، وأبي الأحْوَص، وغيرهم. ورأى: الحَجَّاج بن أرطأة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وابن وارة، وابن الضُّرَيْس. قال أبو حاتم: صدوق. 457- يحيى بن نصر بن حاجب المَرْوَزيّ3: نزيل بغداد. روى عن الكبار: عاصم الأحول، وعبد الله بن شُبْرُمَة، وثور بن يزيد الحمصيّ، وهلال بن خَبّاب، ووَرْقَاء بن عمر، ويونس بن يزيد الأَيْليّ، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بن سعيد الْجَوْهريّ، وأحمد بن منصور زاج، ورجاء بن الجارود، وعبد العزيز بن عبد الله الهاشميّ.   1 التاريخ الكبير "8/ 306"، الجرح والتعديل "9/ 190"، الثقات لابن حبان "9/ 255". 2 الجرح والتعديل "9/ 191"، الثقات لابن حبان "9/ 262". 3 الجرح والتعديل "9/ 193"، الثقات لابن حبان "9/ 254"، ميزان الاعتدال "4/ 411، 412". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 259 قَالَ أحمد بْن سيّار المَرْوَزِيّ: كتبنا عَنْهُ وكان يحدّث عَنْ سُفيان الثوريّ، وابن شُبْرُمَة، ويونس. فلما حدث عن هلال بْن خبّاب، وإسحاق بْن سُوَيد بَرَد أمره، وفتر الناسُ عَنْهُ. ثم خرج إلى العراق. وقال مُهَنَّأ الشّاميّ: سألت أحمد بْن حنبل عَنْهُ فقال: كَانَ جَهْميًّا يَقُولُ قول جَهْم. وقال أبو حاتم الرازيّ: بَلِيتُهُ عندي قِدَمُ رِجاله. وقال أبو زُرْعة: ليس بشيء. وقال عبد العزيز الهاشميّ: مات سنة خمس عشرة ومائتين. 458- يحيى بن يعْلَى بن الحارث1 -خ. م. ت. ن. ق- أبو زكريا المحاربي. عن: أبيه، وزائدة. وعنه: خ. وم. ت. ن. ق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، ويعقوب الفَسَويّ، وأحمد بن مُلاعب، وطائفة. وثّقه أبو حاتم. وقال مُطَيِّن: مات سنة ستّ عشرة ومائتين. 459- يزيد بن خالد بن مرشل2: أبو مَسلَمَة القُرَشيّ اليافيّ، من أهل يافا. عن: عبد الرحمن بن ثابت ثَوْبان، وأبي خالد الأحمر، ورديح بن عطّية، وأبان بن عنْبَسَة. وعنه: محمود بن إبراهيم بن سميع، وموسى بن سهل الرمليّ. قال ابن سميع: ثقة عاقل.   1 الطبقات الكبرى "6/ 408"، التاريخ الكبير "8/ 311"، الجرح والتعديل "9/ 196"، الثقات "9/ 261"، التهذيب "11/ 303". 2 الجرح والتعديل "9/ 259"، الثقات لابن حبان "9/ 275". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 260 460- يزيد بن محمد1: أبو خالد الأَيْليّ. عن: يونس بن يزيد، وابن لَهِيعَة. وعنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، وابن خالد بن يزيد. ذكره أبو حاتم ولم يضعِّفْه، وقال: أدركته. 461- يَسْرَةُ بن صفوان بن جميل2 -خ: أبو صفوان اللخمي الدمشقي. كذا كنّاه النَّسائيّ، وغيره. وكناه محمد بن عَوْف الطّائيّ أبا عبد الرحمن، من أهل قرية البلاط. عن: إبراهيم بن سَعْد، وحُدَيْج بن معاوية، ونافع بن عمر الْجُمَحيّ، وعبد الجبّار بن الورد، وفُلَيْح بن سليمان، وطائفة. وعنه: خ. ودُحَيْم، وأبو حاتم، وعباس التُّرْقُفيّ، وإسماعيل سمويه، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري، وأبو زرعة الدمشقي، وآخرون. وكان رجلا صالحا فاضلا. وثقه أبو حاتم. ومن شعره فيما قَالَ: ولَرُبَّما ابتسم الكريم من الأذى ... وضميره من حرّه يتأوّه وَلَرُبَّما خَزَنَ التَّقِيُّ لسانَه ... حَذَر الجواب وإنّه لَمُفَوَّه قَالَ الْحَسَن بْن محمد بْن بكّار بْن بلَال: وُلِد يَسْرَةُ بنُ صَفْوان سنة عشرٍ ومائة، ومات سنة ستّ عشرة ومائتين. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: تُوُفّي سنة خمس عشرة. وقال غيره: عاش مائة سنة وأربع سنين.   1 الجرح والتعديل "9/ 289"، الثقات لابن حبان "9/ 275". 2 التاريخ الكبير "8/ 428"، الجرح والتعديل "9/ 314"، التهذيب "11/ 377، 378". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 261 462- يعقوب بن إسحاق البصْريّ1: ابن بنت حُمَيْد الطّويل. شيخ مُعَمَّر قال: وُلدت سنة عشرين ومائة. سمع: حُمَيْدًا، وعبد الله بن أبي عثمان. ورأى: أبان بن أبي عيّاش على برذونٍ أَشْهَب. كتب عنه: أبو زُرْعة. وحدّث عنه: أبو يحيى بن أبي مَسَرّة المكّيّ، وغيره. وجاور بمكّة. ما علِمْتُ لهم فيه كلامًا. 463- يعقوب بن إسحاق بن أبي عبّاد المكّيّ2: عن: إبراهيم بن طَهْمان، وحمّاد بن شُعَيْب، وجماعة. وعنه: عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بْن عبد الحَكَم، ومحمد بن الحَجّاج الضَّبّيّ. قال أبو حاتم: كان يسكن القُلْزُم فقدمتها وهو غائب. وكان لَا بأس به. 464- يعقوب بن الْجَهْم الحمصيّ3: عن: عَمْرو بن جرير، ومحمد بن واقد، وعليّ بن عاصم، وغيرهم. وعنه: أبو التُّقَى هشام بن عبد الملك، وإبراهيم بن عُبَيْد اليَمَانيّ. ذكر له ابن عديّ أحاديث مناكير. وقال: البلاء منه. 465- يعقوب بن محمد بن عيسى بن عبد الملك بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ4 -ق:   1 الجرح والتعديل "9/ 204". 2 تاريخ الطبري "2/ 389"، الجرح والتعديل "9/ 203"، الثقات لابن حبان "9/ 285". 3 الكامل لابن عدي "7/ 2607، 2608"، ميزان الاعتدال "4/ 450"، لسان الميزان "6/ 306". 4 الطبقات الكبرى "5/ 441"، التاريخ الكبير "8/ 397، 398"، الجرح والتعديل "9/ 214، 215"، التهذيب "11/ 396". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 262 الفقيه أبو يوسف القرشي الزهري المدني. عن: إبراهيم بن سعْد، وصالح بن قُدامة، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكيّ، والمُنْكَدِر بن محمد بن المُنْكَدر، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزوميّ، وخلق من الحجازيين. وعنه: حجاج بن محمد، وحاتم بن الليث، وإسحاق الحربي، وعباس الدوري، والحارث بن أبي أسامة، وأبو العيناء محمد بن القاسم، ومحمد بن يونس الكديمي، وخلق. قال ابن سعد: جالس العلماء وكان حافظا. وقال ابن معين: ما حدثكم عن الثَّقات فاكتبوه. وقال أبو زُرْعة: ليس بشيءٍ. يُقارب الواقديّ. وقال حَجّاج بن الشّاعر: ثنا، وهو ثقة. وقال أبو حاتم: هو على يدي عدلٌ. قلت: علّق له البخاريّ مسألة في "صحيحه" في باب جوائز الوفد. مات سنة ثلاث عشرة، قاله النّسائيّ. 466- يَعْلَى بن عبّاد الكِلابيّ1: عن: شُعْبة، وهمام، وطبقتهما. وعنه: أحمد بن مُلاعب، وإسحاق الحربيّ، وبِشْر بن موسى، وجماعة. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. 467- يوسف بن بُهْلُولٍ التميميّ الأنباريّ2: عن: شَرِيك، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وأبي خالد الأحمر.   1 الجرح والتعديل "9/ 305"، الثقات لابن حبان "9/ 29"، ميزان الاعتدال "4/ 457". 2 الطبقات الكبرى "6/ 411"، التاريخ الكبير "8/ 368"، الجرح والتعديل "9/ 220"، الثقات "9/ 278"، التهذيب "11/ 409". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 263 وعنه: خ. وأحمد بن حنبل، وإبراهيم بن الهيثم البَلَديّ، وأبو زرعة، وحنبل بن إسحاق، وطائفة. وثقة مطين. توفي بالكوفة سنة ثمان عشرة. 468- يوسف بن منازل التيمي الكوفي1 -ن. ق- أبو يعقوب: عن: عبد الله بن إدريس، وحفص بن غِياث، وجماعة. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم الحربيّ، وأبو حاتم الرازيّ، وأحمد بن أبي خَيْثمة، وعدّة. وَثّقَهُ ابن مَعِين. "الكنى": 469- أبو عبّاد الكاتب2: وزير المأمون. طوّل ابن النّجّار ترجمة هذا. وقال: ثابت بن يحيى بن يَسَار: أبو عبّاد الرازيّ كاتب المأمون كان من الكُفَاة. قلت: هو مشهور بالكنْية. ذكره الصُّوليّ، ومحمد بن عبْدوس الْجَهْشياريّ في "أخبار الوزراء". وملخص أمره أنه كان خبيرًا بالحساب والكتابة، بارعًا في التصرُّف، ناهضًا في أمور المأمون عَلَى أتمّ ما يكون. ثمّ إنّه عجز من النُّقْرُس واسْتَعْفَى. وكان جوادًا نبيلًا لكنه كان شرسًا عَبُوسًا. قال الصُّوليّ: مات في المحرَّم سنة عشرين ومائتين عن خمسٍ وستّين سنة. 470- أبو العتاهية3. الشاعر المشهور:   1 التاريخ الكبير "8/ 385"، الجرح والتعديل "9/ 231"، الثقات لابن حبان "9/ 280"، تهذيب التهذيب "11/ 424". 2 تاريخ الطبري "8/ 660"، سير أعلام النبلاء "10/ 199". 3 الأغاني "1-112"، سير أعلام النبلاء "10/ 195-198"، شذرات الذهب "2/ 25". الجزء: 15 ¦ الصفحة: 264 هو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سُوَيْد بن كَيْسان العَنَزيّ، مولاهم الكوفيّ، نزيل بغداد، وأصله من سَبْي عين التَّمْر. ولقبوه بأبي العَتَاهية لاضطّرابٍ كان فيه. وقيل: بل كَانَ يحبّ الخَلاعة فكُنّي بأبي العَتَاهية لعُتُوِّه. وهو أحد مَن سار قولُهُ وانتشرَ شِعره. ولم يجتمع لأحدٍ ديوان شعر لكثرته. وقد نَسَكَ بآخره. وقال في الزُّهْد والمواعظ، فأحسَنَ وأبلغ. وكان أبو نُوَاس يُعَظّمه ويخضع لَهُ، ويقول: واللَّهِ ما رأيته إلّا توهّمت أنّه سماويّ وأنّي أرضيّ. وقد مدح أبو العتاهية الخلفاءَ والبَرَامكَةَ والكِبار. ومِن شِعره قوله: ولقد طربت إليك حتّى ... صِرْتُ من فَرْط التَّصابي يَجد الجليسُ إذا دنا ... رِيحَ الصبابة من ثيابي وله: إن المطايا تشتكيك؛ لأنّها ... تطوي إليك سَبَاسِبًا ورِمالا فإذا رحَلْنَ بنا رَحَلْن مُخِفَّةً ... وإذا رجِعْنَ بنا رجعن ثِقالا وله أُرْجُوزة فائقة يقولُ فيها: هي المقادير فلمني أو فدر ... إنْ كنتُ أخطأتُ فما أخطأ القَدَرْ لكلّ ما يؤذي وإنْ قَلّ أَلَمْ ... ما أطول اللّيل عَلَى مَن لم يَنَمْ إنَّ الشَّباب والفَراغ والجِدَةُ ... مُفْسِدَةٌ للمَرْءِ أيّ مَفْسَدَة حَسْبُكَ ممّا تبتغيه القُوتُ ... ما أكثر القُوتُ لمن يموت وله فيما أنشدنا أبو عليّ بْن الخلّال: أَنَا ابن المقيّر، أخْبَرَتْنا شُهْدَة: أَنَا النّعاليّ، أَنَا محمد بْن عُبَيد اللَّه، ثنا عثمان بْن السَّمّاكَ، ثنا إسحاق الخُتليّ: حدّثني سليمان بْن أَبِي شيخ: أنشدني أبو العتاهية: الجزء: 15 ¦ الصفحة: 265 نُنَافِسُ في الدُّنيا ونحن نَعِيبُها ... لقد حَذَّرْتناها لَعَمْري خطوبُها وما نَحْسِبُ السّاعاتِ تقطعُ مدّةً ... عَلَى أنّها فينا سريعٌ دَبِيبُها كأنّي بَرَهْطي يَحمِلون جَنَازتي ... إلى حفرةٍ يُحْثي عليَّ كثيبُها وداعيةٍ حَرَّى تُنادي وإنّني ... لَفِي غفلةٍ عَنْ صَوْتها لَا أجيبُها وإنّي لَمِمَّن يكره الموتَ والبِلى ... ويُعْجبُهُ ريحُ الحياةِ وطِيبُها أيا هادم اللذات ما منك مهربٌ ... تحاذر منك النفس ما سيصيبها رأيتُ المنايا قُسِّمت بين أنفسٍ ... ونَفْسي سيأتي بعدهُنَّ نَصِيبُها ومن شعره: لِدُوا للموت وابْنُوا للخَراب ... فكُلُّكُم يصير إلى ذَهاب لِمن نبني ونحنُ إلى تُرابٍ ... نصير كما خُلِقنا من ترابِ ألا يا موتُ لم أرَ منكَ بُدًّا ... أتيتَ فما تَحيفُ ولا تُحابي كأنّك قد هجمت عَلَى مَشِيبي ... كما هَجَمَ المَشِيبُ عَلَى شبابي ويا دُنيايَ ما لي لَا أراني ... أسدّ بمنزلٍ إلّا نَبَا بي وما لي لَا أُلِحّ عليكِ إلّا ... بعثت الهمّ من كلّ بابِ أراكِ وإنْ ظلمتِ بكلّ لونٍ ... كحُلْم النَّومِ أو لَمْع السَّراب وهذا الخلْقُ منكِ عَلَى وقارٍ ... وأرجُلُهم جميعًا في الرِّكاب تقلّدتَ العظامَ من الخطايا ... كأنّك قد أمِنْتَ من العقابِ فمهما دُمتَ في الدُّنيا حريصًا ... فإنَّكَ لَا تُوَفَّق للصوابِ سَأُسأَلُ عَنْ أمورٍ كنتُ فيها ... فما عُذري هناك وما جوابي؟ بأيَّةِ حجةٍ تَحْتَجُّ نفسي ... إذا دعيت إلى طول الحساب هما أمرن يوضح لي مقامي ... هنالك حين أنظر في كتابي فإمّا أنْ أُخَلّدُ في نعيمٍ ... وإمّا أن أُخَلّدَ في عذابِ الجزء: 15 ¦ الصفحة: 266 ومن شعره: أَنساكَ مَحْياكَ المماتا ... فطَلَبْتَ في الأرض الثباتا أوثقت بالدنيا وأن ... ت ترى جماعتها شتاتا وعزمت ويك على الحيا ... ة وطُولِها عَزْمًا ثَبَاتا دارٌ تَواصُلُ أهلِها ... سيعود نَأْيًا وانْبِتاتا إنّ الإلهَ يُميتُ من أحيا ... ويُحيي مَن أماتا يا مَن رَأَى أبَوَيْه في ... مَن قد رَأَى كانا فماتا هل فيهما لك عبرةٌ ... أم خِلْتَ أَنَّ لك انفلاتا ومن الذي طلب التفل ... ت من منيته ففاتا كل تصبحه المن ... ية أو تبيّته بَيَاتا تُوُفّي أبو العَتَاهية في جُمادَى الآخرة سنة إحدى عشرة ومائتين عَنْ نيفٍ وثمانين سنة، وقيل: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة. مدح المهديَّ فَمَن دونَه من الخُلفاء. أخبرنا سنقر الكلبيّ بها: أَنَا يحيى بْن جعفر، أَنَا أَبِي، أَنَا أحمد بْن علي بْن سوار، أَنَا محمد بْن عبد الواحد، أَنَا أبو سعيد السِّيرافيّ، أَنَا محمد بْن أَبِي الأزهر: أنشدنا الزُّبير بْن بكّار، عَنْ أَبِي العَتَاهية: أيا ربِّ إنّ النّاسَ لَا يُنْصِفونني ... فكيف وإنْ أنصفتُهم ظلموني؟ وإنْ كَانَ لي شيء تَصَدّوا لأَخْذِهِ ... وإنْ جئتُ أبغي شَيْئهم منعوني وإنْ نالَهم بَذْلي فلا شُكْرَ عندهم ... وإنْ أَنَا لم أَبْذُل لهم شتموني وإنْ طَرَقَتْني نائبةٌ فَكِهُوا بها ... وإنْ صَحِبَتْني نعمةٌ حسدوني سأمنعُ قَلْبي أنْ يَحِنّ إليهم ... وأَحْجبُ منهم ناظري وجُفوني وله: أيا مَن خَلْفَهُ الأصلُ وَمَن قُدّامَه الأَمَلُ ... أما واللَّهِ ما يُنْجِيك إلّا الصِّدقُ والعملُ الجزء: 15 ¦ الصفحة: 267 سل الأيام عن أملاكها الماضيين ما فعلوا ... أما شُغِلوا بأنفُسِهم فصار بها لهم شُغلُ وصاروا في بُطُونِ الأرضِ وارْتَهَنُوا بما عمِلوا ... وما دفع المنيَّةَ عَنْهُمْ جاهٌ ولا حَوْلُ وكانوا قبل ذاك ذَوِي المَهَابة أينما نزلوا ... وكانوا يأكلون أطايبَ الدُّنيا فقد أُكِلوا ذكرتُ الموتَ فالتبسَتْ عليَّ بذِكره السُّبُلُ ومن شعره: المرء في تأخر مُدَّته ... كالثَّوبِ يَبْلَى بعد جِدّتِه عَجَبًا لمتنبهٍ يضيّع ما ... يحتاج فيه ليوم رَقْدتِهِ وله: حسناءُ لَا تبتغي حُلْيًا إذا برزت ... كأنّ خالقها بالحُسْن حلّاها قامت تمشي فلَيتَ اللَّهَ صَيَّرني ... ذاك التُّرابَ الَّذِي مَسّتهُ رِجلاها وله: وإني لمعذورٌ عَلَى طولِ حُبّها ... لأنَّ لها وجهًا يدل على عذري وإذا ما بَدَتْ والبدْرُ ليلةَ تَمِّهِ ... رأيتَ لها فَضْلا مُبينًا عَلَى البدرِ وتهتزُّ مِن تحت الثّياب كأنّها ... قضيبٌ من الرَّيْحان في ورقٍ خُضْرِ أبى اللَّهُ إلَّا أَنْ أموتَ صَبَابَةً ... بِساحرةِ العينينِ طيّبة النَّشْرِ ذكر الصُّوليّ أنّ أبا العتاهية جلس حجّامًا ليُذلّ نفسه ويتزهّد، وكان يحجم الأيتام. فقال لَهُ بَكْر بْن المُعْتَمِر: أتعرف مَن يحتاج إلى إخراج الدّم من هَؤُلّاءِ؟ قَالَ: لَا قَالَ: أتعرف مقدار ما تخرج من الدم؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فأنت تريد أن تتعلَّم عَلَى أكتافهم ما تريد الأجر. قَالَ أبو تمّام: خمسة أبيات لأبي العتاهية ما تهيّأ لأحدٍ مثلها: قوله: الجزء: 15 ¦ الصفحة: 268 النّاسُ في غَفَلاتِهِمْ ... وَرَحَى المَنِيّةِ تَطْحَنُ وقوله: ألم تَرَ أنّ الفقرَ يُرجَى لَهُ الغِنَى ... وأنّ الغِنَى يُخشى عَلَيْهِ مِن الفقرِ وقوله في موسى الهادي: ولما استقلُّوا بأثقالهمْ ... وقد أَزْمَعُوا للّذي أزمعوا قرنْتُ التفاتِي بآثارهمْ ... وأَتْبَعْتُهُم مُقْلَةً تَدْمَعُ وقوله: هَبِ الدُّنيا تُسَاقُ إليك عفوًا ... أليس مصير ذاك إلى زوال؟ الجزء: 15 ¦ الصفحة: 269 الفهرس العام للكتاب : الموضوع رقم الصفحة -الطبقة الثانية والعشرون- "أحداث سنة إحدى عشرة ومائتين". 3 المتوفون هذه السنة. 3 عودة عبد الله بن طاهر من مصر. 3 تشيع المأمون. "أحداث سنة اثنتي عشرة ومائتين". 3 المتوفون هذه السنة. 4 توجيه الطوسي لمحاربة بابك. 4 الولاية على اليمن. 4 إظهار المأمون خلق القرآن. 4 الحج هذا الموسم. "أحداث سنة ثلاث عشرة ومائتين". 4 المتوفون هذه السنة. 5 خروج القيسية واليمانية في مصر وولاية المعتصم مصر والشام. 5 ولاية الجزيرة. 5 تفريق المأمون للأموال. 5 استعمال غسان بن عباد على السند. "أحداث سنة أربع عشرة ومائتين". 5 المتوفون هذه السنة. 6 خروج بلال الشاري ومقتله. 6 ولاية إصبهان وأذربيجان والجبال. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 271 "أحداث سنة خمس عشرة ومائتين". 6 المتوفون هذه السنة. 7 غزوة المأمون إلى الروم. 7 تهذيب قواعد الديار المصرية. 7 قدوم المأمون إلى دمشق. "أحداث سنة ست عشرة ومائتين". 7 المتوفون هذه السنة. 8 عودة المأمون لغزو الروم. 8 دخول المأمون الديار المصرية. "أحداث سنة سبع عشرة ومائتين". 8 المتوفون هذه السنة. 9 قتل عبدوسي الفهري بمصر. 9 عودة المأمون إلى دمشق وغزو الروم. 9 حريق البصرة. "أحداث سنة ثمان عشرة ومائتين". 9 المتوفون هذه السنة. 10 بناء طوانة. 10 ذكر المحنة. 14 وفاة المأمون. 15 ذكر وصية المأمون. 16 خلافة المعتصم. 16 ما ذكره المسبّحي عن المحنة في مصر. 16 الوباء والغلاء بمصر. 17 هدم الطوانة. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 272 17 اشتداد أمر الخرمية. "أحداث سنة تسع عشرة ومائتين". 17 المتوفون هذه السنة. 18 ظهور محمد بن القاسم بالطالقان. 18 قدوم السبي من الخرمية. 18 إفساد الزط بالبصرة. "ثم دخلت سنة عشرين ومائتين". 19 المتوفون هذه السنة. 19 دخول الزط بغداد. 19 مسير الأفشين لحرب بابك. 20 محنة الإمام أحمد. 20 إنشاء المعتصم لمدينة سر من رأي. 20 غضب المعتصم على وزيره الفضل. 20 عناية المعتصم باقتناء الترك. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 273 ذكر أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الأَلِفِ" 21 1- أحمد بن إسحاق بن زيد بن عبد الله. 22 2- أحمد بن إشكاب الصفار. 22 3- أحمد بن أوفى الأهوازي. 22 4- أحمد بن أيوب السمرقندي. 22 5- أحمد بن توبة السلمي المطوعي. 23 6- أحمد بن جعفر الوكيعي. 23 7- أحمد بن حفص البخاري. 25 8- أحمد بن حُميد الطريثيثي. 25 9- أحمد بن خالد بن موسى الكندي. 26 10- أحمد بن محمد بن الوليد الغساني. 26 11- أحمد بن المفضل القرشي. 26 12- أحمد بن يعقوب المسعودي. 27 13- أحمد بن يوسف الكوفي. 27 14- أحمد بن أبي خالد يزيد الأحول. 28 15- أحمد بن أبي الطيب المروزي. 29 16- أبان بن سفيان البجلي. 29 17- إبراهيم بن إسحاق بن عيسى الطالقاني. 29 18- إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة. 30 19- إبراهيم بن الجراح بن صُبيح. 30 20- إبراهيم بن حميد بن تيرويه. 31 21- إبراهيم بن أبي العباس السامري. 31 22- إبراهيم بن عمر بن مطرف. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 274 31 23- إبراهيم بن عيسى الخلال. 32 24- إبراهيم بن نصر السوريني. 32 25- إبراهيم الموصلي. 32 26- أحوص بن جواب. 32 27- إدريس بن يحيى الخولاني. 34 28- آدم بن أبي إياس العسقلاني. 36 29- إسحاق بن إبراهيم الحُنيني. 37 30- إسحاق بن بكر بن مضر. 37 31- إسحاق بن بُريه الكوفي. 37 32- إسحاق بن حسان. 38 33- إسحاق بن خلف. 38 34- إسحاق بن سالم الضبي. 38 35- إسحاق بن عيسى بن نجيح. 39 36- أسد بن الفرات. 41 37- أسد بن موسى بن إبراهيم الأموي. 41 38- أسيد بن زيد بن نجيح. 42 39- إسماعيل بن أبان الوراق. 43 40- & جعفر بن سليمان الهاشمي. 43 41- & حماد بن أبي حنيفة. 44 42- & داود بن عبد الله المدني. 44 43- & صبيح اليشكري. 44 44- & سعيد بن عُبيد الله. 45 45- & عبد الملك الزيبقي. 45 46- & أبي مسعود. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 275 45 47- إسماعيل بن مسلمة بن قعنب. 46 48- أسود بن سالم. 46 49- أسيد بن زيد بن نجيح. 46 50- أشرف بن محمد. "حرف الباء". 47 51- بَدَلُ بن المحبَّر بن منبه. 47 52- بشر بن آدم. 48 53- بشر بن أبي الأزهر. 48 54- بشر بن شعيب بن أبي حمزة. 49 55- بشر بن غياث بن أبي كريمة. 50 56- بشر بن القاسم بن حماد. 51 57- بشر بن محمد بن أبان السكري. 51 58- بشر بن المعتمر. 51 59- بشر بن المنذر الرملي. 52 60- بكر بن خداش. 52 61- بكار بن الخصيب. 52 62- بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله الكوفي. 52 63- بكر بن محمد العابد. 52 64- بلال بن يحيى بن هارون الأسواني. "حرف الثاء". 53 65- ثابت بن محمد الكوفي. 53 66- ثمامة بن الأشرس. "حرف الجيم". 55 67- جعفر بن جَسْر بن فرقد. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 276 56 68- جعفر بن عيسى بن عبد الله البصري. 56 69- جنادة بن مروان الحمصي. "حرف الحاء". 56 70- حاتم الجلاب المروزي. 57 71- حاتم بن عبيد الله النميري. 57 72- الحارث بن خليفة. 57 73- الحارث بن منصور الواسطي. 57 74- حبان بن هلال الباهلي. 58 75- حبيب بن أبي حبيب مرزوق. 59 76- حجاج بن رشدين بن سعد. 60 77- حجاج بن منهال الأنماطي. 60 78- حجاج بن أبي منيع الرصافي. 61 79- حجاج بن نُصير الفساطيطي. 62 80- حُجين بن المثنى. 62 81- الحُر بن مالك. 62 82- حسان بن حسان بن أبي عباد. 63 83- حسان بن حسان الواسطي. 63 84- الحسن بن بلال البصري. 63 85- الحسن بن الحسين العرني. 63 86- الحسن بن خُمير. 64 87- الحسن بن سوار. 64 88- الحسن بن عطية بن نجيح. 65 89- الحسن بن عُنبسة الوراق. 65 90- الحسن بن قتيبة الخزاعي. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 277 66 91- الحسن بن واقع. 66 92- الحسين بن إبراهيم بن الحر. 66 93- الحسين بن حفص بن الفضل. 67 94- الحسين بن خالد البغدادي. 68 95- الحسين بن عُروة البصري. 68 96- الحسين بن محمد بن بهرام. 68 97- حفص بن حمزة الضرير. 69 98- حفص بن عمر البصري. 69 99- حفص بن عمر بن خالد المازني. 69 100- حفص بن عمر الأبلي. 70 101- حفص بن ميمون العدني. 70 102- حفص بن عُمَر الحوضي. 71 103- حفص بن عُمَر بن حكيم. 71 104- الحكم بن أسلم. 71 105- الحكم بن المبارك الباهلي. 72 106- الحكم بن المبارك النيسابوري. 72 107- الحكم بن محمد الآملي. 72 108- حماد بن عمرو النصيبي. "حرف الخاء". 73 109- خالد بن الحُباب البصري. 73 110- خالد بْن عَبْد الرحمن الخراساني. 73 111- خالد بْن عمرو السُلفي. 73 112- خالد بن القاسم المدائني. 74 113- خالد بن مخلد القطواني. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 278 74 114- خالد بن يزيد الكاهلي. 75 115- خالد بن يزيد العمري. 75 116- خالد بن يزيد المزرفي. 75 117- خطاب بن عثمان الطائي. 76 118- خلاد بن خالد الشيباني. 76 119- خلاد بن يحيى بن صفوان. 76 120- خلاد بن يزيد بن حبيب البصري. 77 121- خلاد بن يزيد الباهلي الأرقط. 77 122- خلف بن خالد بن إسحاق المصري. 77 123- خلف بن خلف أبو المهنأ. 78 124- خلف بن الوليد البغدادي. 78 125- الخليل بن عمر بن إبراهيم. 78 126- الخليل بن أبي نافع المُزني. "حرف الدال". 79 127- داود بن عبد الله بن أبي الكرام. 79 128- داود بن المفضل. 79 129- داود بن منصور النسائي. 80 130- داود بن مهران الدباغ. "حرف الذال". 80 131- ذؤيب بن عمامة. "حرف الراء". 81 132- الربيع بن روح الحضرمي. 81 133- رواد بن الجراح. 82 134- رويز بن محمد بن رُوَيز. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 279 82 135- رويم بن يزيد. "حرف الزاي". 82 136- زبيدة بنت جعفر المنصور. 83 137- زفر بن عبد الله البصري. 83 138- زكريا بن عدي بن زريق. 85 139- زكريا بن عطية البحراني. 85 140- زياد بن يونس الحضرمي. 85 141- زيد بن المبارك الصنعاني. 86 142- زينب بنت الأمير سليمان بن علي. "حرف السين". 86 143- سريج بن مسلم الكوفي. 86 144- سريج بن النعمان بن مروان. 87 145- سعدان بن بشر الموصلي. 87 146- سعد بن حفص الطلحي. 87 147- سعد بن شعبة بن الحجاج. 88 148- & عبد الحميد بن جعفر. 88 149- & أوس بن ثابت. 89 150- & بريد التميمي. 91 151- & داود بن سعيد. 91 152- & الربيع. 92 153- & سلام العطار. 92 154- & شرحبيل الكندي. 92 155- & عبد الله بن دينار. 92 156- & عيسى بن تليد. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 280 93 157- سعيد بن مسعدة. 94 158- سعيد بن المغيرة المصيصي. 94 159- سعيد بن هاشم بن صالح. 94 160- سفيان بن زياد البغدادي. 94 161- السكن بن سليمان الأزدي. 95 162- سلامة بن بشر العذري. 95 163- سلام بن سليمان بن سوار. 95 164- سلم بن إبراهيم البصري. 96 165- سلم بن ميمون الخواص. 96 166- سلمة بن بشير النيسابوري. 97 167- سلمة بن داود العرضي. 97 168- & أيوب بن سليمان. 97 169- & برد بن نجيح. 97 170- & الحكم بن عوانة. 98 171- & داود بن داود. 98 172- & عبيد الله الأنصاري. 99 173- & عثمان الكلابي. 99 174- & كران. 99 175- & النعمان الشيباني. 99 176- & أبي هوذة. 100 177- & محمد الأسلمي. 100 178- سهل بن عامر البجلي. 100 179- سهل بن محمود. 100 180- سوار بن عُمارة. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 281 101 181- سورة بن زهير. "حرف الشين". 101 182- شداد بن حكيم. 101 183- شعيب بن يحيى التجيبي. 102 184- شهاب بن مُعمر العوقي. "حرف الصاد". 102 185- صاعد بن عُبيد البجلي. 102 186- صالح بن مهران. 103 187- صالح بن الأمير نصر الخزاعي. 103 188- الصلت بن محمد الخاركي. "حرف الضاد". 104 189- الضّحّاكُ بنُ مَخْلَد بن الضّحّاك. "حرف الطاء". 106 190- طلق بن السمح. 106 191- طلق بن غنام بن طلق. "حرف العين". 107 192- عاصم بن يوسف اليربوعي. 107 193- عباد بن صُهيب. 108 194- عباد بن موسى القرشي. 108 195- عباس بن طالب البصري. 108 196- عباس بن الوليد البصري. 108 197- عباس بن الوليد الفارسي. 109 198- عبد الله بن إسماعيل بن عثمان. 109 199- عبد الله بن أيوب التيمي الشاعر. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 282 109 200- عبد الله بن جعفر بن غيلان. 110 201- عبد الله بن الجهم الرازي. 110 202- عبد الله بن حيران. 110 - عبد الله بن داود بن عامر. 113 203- عبد الله بن داود الواسطي التمار. 113 204- عَبْد الله بْن رجاء الغداني. 114 - عَبْد الله بن بن رجاء المكي. 114 205- عبد الله بن الزبير بن عيسى. 116 206- عبد الله بن السري الأنطاكي. 116 207- عبد الله بن سليم الجزري. 117 208- عبد الله بن سنان الهروي. 117 209- عبد الله بن صالح بن مسلم. 118 - فصل. 120 210- عبد الله بن عبد الحكم المصري. 121 211- عبد الله بن عثمان بن عطاء. 121 212- عَبْد الله بْن غالب العباداني. 122 213- عَبْد الله بن مروان الحراني. 122 214- عبد الله بن نافع بن ثابت. 122 215- عبد الله بن هارون الشامي. 123 216- عبد الله المأمون بن هارون الرشيد. 133 217- عبد الله بن يحيى الثقفي. 133 218- عبد الله بن يحيى المعافري. 133 219- عبد الله بن يزيد. 134 220- عبد الأعلى بن القاسم. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 283 134 221- عبد الأعلى بن مسهر. 16 - محنة أبي مسهر مع المأمون. 139 222- عبد الحميد بن إبراهيم الحضرمي. 139 223- عبد الحميد بن الوليد بن المغيرة. 140 224- عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي. 140 225- عبد الرحمن بن حماد بن شعيب. 140 226- عبد الرحمن بن أحمد الداراني. 143 227- عبد الرحمن بن سنان المقرئ. 143 228- عبد الرحمن بن عبد العزيز المدائني. 143 229- عبد الرحمن بن علقمة المروزي. 144 230- عبد الرحمن بن مصعب القطان. 144 231- عبد الرحمن بن هانئ بن سعيد النخعي. 145 232- عبد الرحمن بن واقد العطار. 145 233- عبد الرحيم بن واقد الخراساني. 146 234- عبد الرحيم بن المحاربي. 146 235- عبد الزراق بن همام. 148 - فصل. 150 - عبد الصمد بن حسان. 150 236- عبد الصمد بن عبد العزيز الرازي. 151 237- عبد الصمد بن النعمان البزار. 238- عبد العزيز بن عبد الله العامري. 151 151 239- عبد العزيز بن عمير. 152 240- عبد العزيز بن المغيرة بن أمي. 152 241- عبد العزيز بن منصور اليحصبي. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 284 153 242- عبد الغفار بن الحكم. 153 243- عبد الغفار بن عبيد الله القرشي. 153 244- عبد القدوس بن الحجاج. 154 245- عبد الكريم بن روح بن عنبسة. 154 246- عبد الملك بن عبد العزيز التيمي. 155 247- عَبْد الملك بْن قريب الأصمعي. 159 248- عَبْد الملك بن نصير المرادي. 160 249- عبد الملك بن هشام النحوي. 161 250- عبد الوهاب بن عطية الفقيه. 161 251- عبيد الله بن الحارث القُرشي. 161 252- عُبيد الله بن عبد الواحد القرشي. 161 253- عُبَيْد الله بن موسى بن أبي المختار. 163 254- عبيد بن إسحاق العطار. 163 255- عبيد بن الصباح الخزار. 164 256- عبيد بن حيان الجبيلي. 164 257- عبيدة بن عثمان الثقفي. 164 258- عبيس بن مرحوم العطار. 164 259- عتاب بن زياد المروزي. 165 260- عثمان بن حكيم بن ذبيان. 165 261- عثمان بن رقاد البصري. 165 262- عثمان بن زفر بن مزاحم. 166 - عثمان بن زفر الجهني. 166 263- عثمان بن سعيد بن كثير. 166 264- عثمان بن صالح بن صفوان. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 285 167 265- عثمان بن الهيثم بن جهم. 167 266- عثمان بن يمان الحداني. 168 267- عروة بن مروان العرقي. 168 268- عصام بن خالد الحضرمي. 169 269- عصام بن يوسف بن ميمون. 169 270- عصمة بن سليمان الكوفي. 169 - مطلب ترجمة عفّان شيخ أحمد والبخاري. 169 271- عَفّانُ بن مسلم بن عبد الله الصفار. 174 272- إسحاق السلمي. 175 273- إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. 175 274- علي بن ثابت الدهان. 175 275- علي بن جبلة الكوفي. 176 276- علي بن جبلة العكوك. 176 277- علي بن الحسن بن شقيق. 177 278- علي بن الحسن بن يعمر الشامي. 178 279- علي بن الحسن التميمي البزاز. 178 280- علي بن الحسين بن واقد. 178 281- علي بن حفص المروزي. 179 282- علي بن عبيدة الريحاني. 179 283- علي بن عياش الحمصي. 180 284- علي بن قادم الخزاعي. 180 285- علي بن محمد المنجوري. 181 286- علي بن معبد بن شداد. 182 287- علي بن ميثم الأسدي. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 286 182 288- علي بن هشام المروزي. 182 289- عمار بن عبد الجبار. 183 290- عمار بن مطر الرهاوي. 183 291- عمرو بن حكام. 184 292- عمر بن راشد. 184 293- عمر بن سهل المازني. 184 294- عمر بن يزيد الرفا. 185 295- عمر بن عمرو العسقلاني. 185 296- عمرو بن الربيع الهلالي. 185 297- عمرو بن أبي سلمة التنيسي. 186 298- عمرو بن عاصم الكلابي. 187 299- عمرو بن عثمان بن سيار الكلابي. 187 300- عمرو بن محمد الأعسم. 188 301- عمرو بن مخرم. 188 302- عمرو بن مسعدة. 188 303- عمرو بن منصور القداح. 189 304- عمرو بن هاشم البيروتي. 189 305- عوف بن محلم. 190 306- عون بن عُمارة. 190 307- العلاء بن عبد الجبار العطار. 191 308- العلاء بن الفضل المنقري. 191 309- العلاء بن هلال الباهلي. 192 310- عيسى بن جعفر الرياحي. 192 311- عيسى بن دينار بن واقد الغافقي. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 287 192 312- عيسى بن زياد الرازي. 193 313- عيسى بن صبيح. 193 314- عيسى بن المنذر السلمي. 193 315- عيسى بن المنكدر. 193 316- عيسى بن موسى الأنصاري. "حرف الغين". 193 317- غسان بن المفضل الغلابي. "حرف الفاء". 194 318- فتح بن سعيد الموصلي. 195 319- فُديك بن سليمان العابد. 195 320- الفضل بن خالد المروزي النحوي. 195 321- الفضل بن دُكين. 200 322- الفضل بن الموفق. 200 323- فهد بن عَوف القُطعي. 200 324- فيض بن الفضل. 201 325- الفيض بن إسحاق. "حرف القاف". 201 326- القاسم بن كثير القرشي. 201 327- قالون المقرئ. 203 328- قبيصة بن عُقبة السوائي. 204 329- قحطبة بن غُدانة. 204 330- قُدامة بن محمد الأشجعي. 204 331- قرعوس بن العباس. 205 332- قُطبة بن العلاء بن المنهال. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 288 205 333- قيس بن محمد بن عمران. "حرف الكاف". 205 334- كثير بن إياس الدولي. 206 335- كعب بن خُريم. 206 336- كلثوم بن عمرو. "حرف اللام". 207 337- الليث بن عاصم القتباني. "حرف الميم". 207 338- محمد بن أسعد التغلبي. 208 339- محمد بن أعين. 208 340- محمد بن بكار بن بلال. 209 - محمد بن بكار الريان. 209 341- محمد بن بلال الكندي. 209 342- محمد بن الحسن بن زبالة. 210 343- محمد بن حميد الطوسي الأمير. 210 344- محمد بن خالد بن عثمة. 210 345- محمد بن أبي الخصيب الأنطاكي. 211 346- محمد بن رويز بن لاحق. 211 347- محمد بن زرعة الرعيني. 211 348- محمد بن زياد المقدسي. 211 349- محمد بن سعيد بن سابق. 212 350- محمد بن سابق البزاز. 212 351- محمد بن سعيد بن سليمان. 213 352- محمد بن سعيد بن الفضل. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 289 213 353- محمد بن سعيد القُرشي. 213 354- محمد بن سليمان بن أبي داود. 214 355- محمد بن سُليم القاضي. 214 356- محمد بن الصلت بن الحجاج. 215 357- محمد بن عاصم بن حفص المعافري. 215 358- محمد بن عباد بن زياد المعافري. 215 359- محمد بن عباد بن زياد المزني. 215 360- محمد بن عباد بن عباد المهلبي. 217 361- محمد بن عبد الله بن زياد. 217 362- محمد بن عبد الله بن خاقان. 217 363- محمد بن عبد الله بن المثنى. 219 364- محمد بن عبد الله بن قيس الفقيه. 220 365- محمد بن عبد الله بن محمد الرقاشي. 220 366- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بْن ماهان. 221 367- محمد بن عبد العزيز الرملي. 221 368- محمد بن عبد الملك الأزدي. 221 369- محمد بن عبد الوهاب القناد. 222 370- محمد بن عرعرة بن البرند. 222 371- محمد بن عقبة الشيباني. 222 372- محمد بن الرضا علي بن الكاظم. 223 373- محمد بن عمر بن الوليد التيمي. 223 374- محمد بن عمر الرومي. 224 375- محمد بن عيينة الفزاري. 224 376- محمد بن القاسم بن علي الحسيني. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 290 225 377- محمد بن كثير بن أبي عطاء المِصَّيصيّ. 226 378- محمد بن المبارك بن يعلى الصوري. 227 379- محمد بن مخلد الرعيني. 227 380- محمد بن مسعر. 228 381- محمد بن مسلمة المخزومي. 228 382- محمد بن مزاحم المروزي. 228 383- محمد بن مُعاذ الدمشقي. 229 384- محمد بن النوشجان. 229 385- محمد بن هانئ الطائي. 229 386- محمد بن يحيى بن المبارك اليزيدي. 230 387- محمد بن يزيد بن سنان الجزري. 230 388- محمد بن يزيد بن خنيس. 231 389- محمد بن أبي يزيد الخراساني. 231 390- محمد بن يوسف بن واقد الفريابي. 232 391- مالك بن إسماعيل النهدي. 233 392- مالك بن سليمان الهروي. 233 393- مالك بن فُديك. 233 394- المثنى بن يحيى الموصلي. 234 395- مخول بن إبراهيم بن مخول. 234 396- مسرور بن صدقة الحارثي. 234 397- مسرور بن موسى. 234 398- مسكين بن عبد الرحمن التجيبي. 234 399- مطرف بن عبد الله بن مطرف. 235 400- معاذ بن فضالة. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 291 235 401- معاوية بن عبد الله الأسواني. 236 402- معاوية بن عمرو بن المهلب. 236 403- معقل بن مالك الباهلي. 237 404- معلى بن أسد. 237 405- المعلى بن تركة. 238 406- معلى بن منصور. 239 407- معمر بن عباد المعتزلي. 240 408- معمر بن محمد بن عبيد الله الهاشمي. 240 409- معمر بن يعمر الليثي. 241 410- معن بن الوليد الغساني. 241 411- مكي بن إبراهيم البلخي. 243 412- مكي بن عبيد الله الرعيني. 243 413- منبة بن عثمان اللخمي. 243 414- منصور بن زيد بن أبي خداش. 244 415- منصور بن صقير. 244 416- منصور بن مجاهد البصري. 244 417- منهال بن بحر. 245 418- موسى بن خالد الحلبي. 245 419- موسى بن داود الضبي. 246 420- موسى بن سلميان الباهلي. 246 421- موسى بن سليمان الجوزجاني. 246 422- موسى بن مسعود النهدي. "حرف النون". 247 423- نصر بن مزاحم المنقري. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 292 248 424- النضر بن عبد الجبار المرادي. 248 425- نوح بن ميمون العجلي. 249 426- نوفل بن مطهر الضبي. "حرف الهاء". 249 427- هارون بن صالح الطلحي. 249 428- هارون بن الوزير أبي عبيد الله. 249 429- هانئ بن يحيى السلمي. 250 430- هريم بن عثمان الطفاوي. 250 431- هشام بن إسماعيل الدمشقي. 250 432- هشام بن بهرام المدائني. 251 433- هشام بن سعيد الطالقاني. 251 434- هارن بن الفضل الحناط. 251 435- هوذة بن خليفة. 252 436- الهيثم بن جميل. 253 437- الهيثم بن عبيد الله القرشي. "حرف الواو". 253 438- ورد بن عبد الله. 253 439- الوضاح بن حسان الأنباري. 253 440- الوليد بن محمد بن النعمان. 254 441- الوليد بن موسى القرشي. 254 442- الوليد بن الوليد بن زيد. 254 443- وهب الله بن راشد الحجري. 255 444- وهب بن زمعة التميمي. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 293 "حرف الياء" 255 445- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي قتيلة. 255 446- يحيى بن بسطام. 256 447- يحيى بن حماد بن أبي زياد. 256 448- يحيى بن سعيد السعدي. 257 449- يحيى بن عبد الله بن الضحاك. 257 450- يحيى بن عمرو بن عمارة. 258 451- يحيى بن عنبسة القرشي. 258 452- يحيى بن غيلان الخزاعي. 258 453- يحيى بن قزعة المؤذن. 259 454- يحيى بن المبارك الصنعاني. 259 455- يحيى بن مُصعب الكلبي. 259 456- يحيى بن المغيرة السعدي. 259 457- يحيى بْن نصر بْن حاجب. 260 458- يحيى بْن يعلى بن الحارث. 260 459- يزيد بن خالد بن مرشل. 261 460- يزيد بن محمد الأيلي. 261 461- يسرة بن صفوان بن جميل. 262 462- يعقوب بن إسحاق البصري. 262 463- يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد. 262 464- يعقوب بن الجهم الحمصي. 262 465- يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري. 263 466- يعلى بن عباد الكلابي. 263 467- يوسف بن بهلول التميمي. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 294 264 468- يوسف بن المنازل التيمي. "الكنى": 264 469- أبو عباد الكاتب. 264 470- أبو العتاهية. 271 فهرس الموضوعات. الجزء: 15 ¦ الصفحة: 295 المجلد السادس عشر الطبقة الثالثة والعشرون أحداث سنة إحدى وعشرين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم "الطبقة الثالثة والعشرون": أحداث سنة إحدى وعشرين ومائتين": وفيها تُوُفِّي: أبو اليَمَان الحمصيّ، وعاصم بن عليّ بن عاصم، والقَعْنَبيّ، وعَبَدان المَرْوَزِيّ، واسمه عبد الله بن عثمان، وهشام بن عُبَيْد الله الرّازيّ. "الوقعة بين الخرَّميّة والمسلمين": وفيها كانت وقعة هائلة بين الخُرَّميّة وبين المسلمين وأميرها بُغَا الكبير، فانكسر ثمّ ثبت وأُمدَّ بالجيوش، والتقى الخُرَّميّة فهزمهم1. "ذكر فتنة الجمحيّ": وفيها ولي إمرة مكّة محمد بن داود بن عيسى العبّاسيّ، فبعث رجلًا من بني جُمَح لعَدّ المواشي وقال: هاتوا كلّ فريضةٍ دينارًا. فامتنعوا عليه وقالوا: تريد أن تَغْصِبنَا أموالَنا. إنّما في عمدك أن تأخذ الفريضة شاةً. فحاربهم وحاربوه وقُتِل طائفة، وقتل الجحميّ، فجهّز محمد بن داود أخا الجحميّ، فقتل وبدّع وعاث جيشه. قال الفَسَويّ: سَمِعْتُ بعض السُّفَهاء الذين كانوا معه يقول: افتضضْنا أكثر من عشرين ألف عذراء. "ذِكر كسوة البيت": وفيها حجّ حنبل بن إسحاق، فيما حَدَّث أبو بكر الخلّال، عن عصمة بن عصام، عنه، قال: رأيت كِسْوَة البيت الدِّيباج وهي تخفُق في صحن المسجد، وقد كُتِب في الدّارات: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} [الشورى: 11] . فلمّا قدِمت أخبرت أحمدَ بنَ حنبل، فقال: قاتَلَه الله، الخبيثَ عمد إلى كتاب الله فغيَّره، يعني ابن أبي دؤاد، فإنّه أمر بذلك. "بناء سامِرّاء": وفيها تكامل بناء سامِرّاء.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 23"، والكامل في التاريخ "6/ 456". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 3 " أحداث سنة اثنتين وعشرين ومائتين ": وتُوُفّي فيها: عمر بن حفص بن غِياث، وخالد بن نِزار الأَيْليّ، وأحمد بن محمد الأزرقيّ الذي ذكرناه في الطبقة الماضية، وعليّ بن عبد الحميد المفتي، ومسلم بن إبراهيم، والوليد بن هاشم العِجْليّ. "الوقعة بين الأفشين وبابَك الخرَّميّ": قال شبابُ العُصْفُريّ: فيها كانت وقعة الأفشين بالكافر بابَك الخُرَّميّ، فهزمه الأفشين واستباح عسكَرَه، وهرب بابَك، ثمّ أسروه بعد فصولٍ طويلة. وكان من أبطال زمانه وشُجعانهم المذكورين. عاثَ وأفسدَ وأخافَ الإسلامَ وأهلَه. غَلَب على أذْرِبَيّجَان وغيرها، وأراد أن يُقيم مِلّة المَجُوس. وظهر في أيّامه المازيار القائم بمِلّة المَجُوس بطَبَرِسّتان، فعظُم شَرَّه وبلاؤه. وكان المعتصم في أول هذه السنة قد بعث نفقات الجيوش إلى الأفشين، فكانت ثلاثين ألف ألف درهم1. "فتح البَذَّ مدينة بابَك": وفي رمضان فُتِحَتِ الْبَذَّ مدينة بابَك، لعنه الله، بعد حصارٍ طويل صعْب، وكان بها بابَك قد عصى بعد أن عمل غير مصافٍّ مع المسلمين. فلما أُخِذَتِ اختفى في غَيْضَةٍ بالحصْن، وأُسِرَ أَهْلُه وأولادُه. ثمّ جاء كتاب المعتصم بأمانه، فبعث به إليه الأفشين مع رجُلين، وكتب معهما: ولدُ بابَك يشيرُ على أبيه بالدخول في الأمان فهو خير فلمّا دخلا في الغيضة إلى بابَك قتل أحدهما، وقال للآخر: اذهب إلى ابن الفاعلة ابني وقُل له: لو كنتَ ابني للحِقْتَ بي. ثمّ خرّق كتاب الأمان، وخرج من الغَيْضَة وصعِد الجبَل في طريقٍ وعرة يعرفها2.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 29"، والكامل في التاريخ "6/ 461". 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 46". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 4 وكان الأفشين قد أقام الكُمَناء في المضائق، فأفلت بابَك منهم، وصار إلى جبال أرمينية، فالتقاه رجل يقال له سهْل البِطْريق، فقال له: الطّلبُ وراءَك فانزِلْ عندي. فنزل عنده. وبعث سهل إلى الأفشين يخبره. فجاء أصحاب الأفشين فأحاطوا به وأخذوه1. وكان المعتصم قد جعل لمن جاء به حيًّا ألفيْ ألف درهم، ولمن جاء برأسه ألف ألف درهم، فأعطى سهل ألفي ألف، وحطّ عنه خَراج عشرين سنة، ثمّ قتل بابك سنة ثلاث وعشرين. "رواية السمعودي عن هرب بابك": قال السمعودي: هربَ بابَك متنكّرًا2 بأخيه وأهله وولده ومَنْ تَبِعَهُ من خاصّته، وتزيّوا3 بزيّ التُّجّار السَّفّارة، فنزل بأرض أرمينية بعمل سهل بن سِنْبَاط، فابتاعوا4 شاةً من راعٍ فنكِرَهم وذهب إلى سهلٍ فأخبره. فقال: هذا بابَك ولا شكّ. وكانت قد جاءته كُتُب الأفشين بأن لا يَفُوته بابَك إن مرّ به. فركب سَهْل في أجناده حَتّى أتى بابَك، فترجّل5 لبابَك وسلّم عليه بالمُلْك وقال: قمْ إلى قصرك وأنا معك. فسارَ معه، وقُدِّمت الموائد، فقعد سَهْل يأكل معه، فقال بابَك بعُتوٍّ وجهلٍ: أمِثْلُكَ يأكل معي؛ فقام سهل واعتذر وغاب، وجاء بحدّاد ليقيّده، فقال بابك: أعذرًا يا سهل؟ فقال: يا ابن الخبيثة إنّما أنت راعي بقر. وقيّد من كان مَعه، وكتب إلى الأفشين، فجهّز إليه أربعة آلاف فتسلّموه، وجاؤوا ومعهم سهل، فخلع عليه الأفشين وتوّجه، وأسقط عنه الخراج، وبُعثت بطاقة إلى المعتصم بالفتح، فانقليت بغداد بالتكبير والضجيج، فلله الحمد رب العالمين.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 50"، والكامل في التاريخ "6/ 474". 2 أي متخفيا. 3 أي لبيسوا. 4 أي اشتروا. 5 أي سار على قدمه الجزء: 16 ¦ الصفحة: 5 "أحداث سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين": فيها تُوُفّي: عبد الله بن صالح كاتب الَّليْث، وخالد بن خِداش، ومحمد بن سِنَان العَوْفيّ، ومحمد بن كثير العَبْديّ، وموسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيّ، ومُعَاذ بن أسد المَرْوَزِيّ. "قدوم الأفشين بغداد": وفيها قَدِم الأفشين بغداد، في ثالث صفر ببابَك الخُرَّميّ وأخيه. وكان المعتصم يبعث إلى الأفشين منذ فَصَلَ عن بَرْزَنْد كلّ يوم بفَرَسٍ وخِلْعة، كلّ ذلك من فَرَحه بأسْر بابَك1. "ذكر ما رتبه المعتصم من البريد": ومن عناية المعتصم بأمرِ بابك أنّه رتّب البريد من سامِرّاء إلى الأفشين بحيث أنّ الخبر يأتيه في أربعة من أيّام من مسيرة شهر. فلمّا قدِم ببابَك أنزلوه بالمطيرة. "تنكُّر المعتصم لرؤية بابَك": فلمّا كان في جَوْف الليل أتى أحمد بن أبي دؤاد متنكرًا2، فنظر إلى بابَك وشاهدَهُ، وَرَدّ إلى المعتصم فأخبره. فلم يَصْبر المعتصم حَتّى أتي متنكرًا، فتأمّلهُ وبابَك لا يعرفه. "ديانة بابَك": وكان، لعنه الله، ثَنَويًّا على دِين ماني، ومَزْدَكْ، يقول بتناسُخ الأرواح، ويَسْتَحِلّ البنت وأُمَّها. وقيل: كان وَلَدَ زِنا، وكانت أمّه عَوْراء تُعْرَف برمية العِلْجَة. وكان عليّ بن مَزْدكان يزعمُ أنّه زنى بها، وأنّ بابَك منه. وقيل: كانت فقيرة من قُرى آذْرَبَيْجان، فزنى بها نَبَطيّ، فحملت منه بابَك،   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 52"، والكامل في التاريخ "6/ 477". 2 أي: متخفيًا. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 6 ورُبّي بابَك أجيرًا في قريته. وكان بتلك الجبال قومٌ من الخُرَّميّة ولهم مُقَدَّمان: جاوِنْدان وعِمران. فتفرَّس جاوِنْدان في بابَك الشجاعة، فأستأجره من أُمّهِ، فأحبّته امرأة جاوِندان، وأطلعتْه على أمور زوجها، ثمّ قُتِل جاوِنْدان في وقعة بينه وبين ابن عمٍّ لهُ، فزعمت امرأته أنّه استخلف بابَك، فصدّقها الْجُنْد وانقادوا له، فأمرهم أن يقتلوا بالّليل مَن وجدوا من رجلٍ أو صبيّ. فأصبح خلقٌ مُقَتَّلين. ثمّ انضم إليه طائفة من قُطّاع الطريق، وطائفة مِن الفلّاحين والشُّطّار1. ثمّ استفحل أمره، وعظُم شرُّه، وصار معه عشرون ألف مقاتل. وأظهر مذهب الباطنيّة، واستولى على حصون ومدائن، وقتل وسبى إلى أن أظفر الله به. فأركبه المعتصم فيلًا، وألبسه قِباءً من ديباج، وقَلَنْسُوَة سَمُّور مثل الشَّرْبُوش، وخَضَبوا الفِيل بالحِنّاء، وطافوا به2. "قطع أطراف بابَك وقتله": ثمّ أمَر المعتصم بأربعته فقُطِّعَت، ثمّ قُطع رأسه وطِيف به بسامرّاء. وبعث بأخيه إلى بغداد، ففُعِل به نحو ذلك، واسمه عبد الله. ويُقال إنّه كان أشجع من بابَك. فيقال إنّه قال لأخيه بابَك قُدّام الخليفة: يا بابَك قد عملتَ ما لم يعملْه أحد، فأصبِرْ صبرًا لم يصبرْه أحد. فقال: سوف ترى صبري. فلمّا قُطِعت يدُه مسح بالدَّم وجهه، فقالوا: لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: قولوا للخليفة إنّك أمرتَ بقطع أربعتي وفي نفسك أنّك لا تكويهما وتدع دمي ينزف، فخشيت إذا خرج الدّم أن يصفرّ وجهي، فترون أنّ ذلك من جَزَع الموت. فعطيت وجهي بالدم لهذا. فقال المعتصم: لولا أنّ أفعاله لا تُوجِب الصَّنيعة والعَفْوَ لكان حقيقًا بالاستبقاء. ثمّ ضُرِبت عُنُقه، وأُحْرِقت جُثّته، وفُعِل ذلك بأخيه، فما منهما مَن صاح. ويقال إنّ بابَك قتل مائةً وخمسين ألفًا، وما ذلك ببعيد.   1 أي: اللصوص. 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 53". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 7 "ما وجده المؤلّف بخط ابن جماعة": ووجدتُ بخطّ رفيقنا ابن جماعة الكِنانيّ أنّه وجد بخطّ ابن الصّلاح، رحمه الله، قال: اجتمع قومٌ مِن الأُدباء، فأحصَوا أنّ أبا مسلم قتل ألفي ألف، وأن قتلى بابك بلغوا ألف ألف وخمسمائة ألف. "الحرب بين الأفشين وطاغية الروم": وفيها سار الأفشين بالجيوش، فالتقى طاغيةَ الروم، فاقتتلوا أيّامًا، وثبت كِلا الفريقين، وقُتِل خلقٌ منهما، ثمّ انهزم الطّاغية ونزل النّصْر. وكان هذا الكلب قد حَصرَ زِبَطْرة وافتتحها عَنْوةً، وقتل وسبى وحرق الجامع1. "فتح عمورية": وفيها خرّب المعتصم أَنْقِرة وغيرها، وأنكى في بلاد الروم وأوطأهم خوفًا وذُلًّا، وافتتح عَمُّورية كما هو مذكور في ترجمته. وكانت نكايته في الروم مما لم يُسْمع لخليفةٍ بمثله، فإنّه قد شتّت جُموعهم، وخرّب ديارهم؛ وكان ملكهم تُوفيل بن ميخائيل بن جرجس قد نزل على زِبَطْرة في مائة ألف، ثمّ أغار على مَلْطِية، وعَمّ بلاؤه وفي ذلك يقول إبراهيم بن المهديّ: يا غيرة الله قد عاينت فانتقمي ... هَتَك النّساء وما منهنّ يرتكبُ هَبِ الرجالَ على أجرامها قُتِلَتْ ... ما بالُ أطفالها بالذَّبْح تُنْتَهَبُ؟ فلمّا سمِع المعتصم هذا الشِّعْر خرج لوقته إلى الجهاد، وجرى ما جرى. وكان على مقدّمته أشناش التُّرْكيّ، وعلى مَيْمنته إيْتاخ التُّركيّ، وعلى المَيْسَرة جعفر بن دينار، وعلى الساقة بغا الكبير وعلى القلب عُجَيْف، ودخل من الدُّروب الشّاميّة، وكان في مائتي ألف على أقلّ ما قيل، والمكثر يقول: كان في خمسمائة ألف. ولما افتتح عَمُّورية صمّم على غزو القُسْطنطينيّة، فأتاه ما أزعجه من أمر العبّاس بن المأمون، وأنّه قد بُويع، وكاتبَ طاغية الروم، فَقَفَلَ المعتصم، وقبض على العبّاس ومُتَّبعيه وسجنهم.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 55-57". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 8 "أحداث سنة أربعٍ وعشرين ومائتين": فيها تُوُفّي: إبراهيم بن المهديّ، وإبراهيم بن سُوَيْد الذّراع، بصْري، وسعيد بن أبي مريم، وبكّار بن محمد السِّيرينيّ، وسليمان بن حرب، وأبو معمر عبد الله بن عَمْرو المِنْقَريّ المُقْعَد، وعبد السّلام بن مطهّر، وعبد الغفّار بن داود الحَرّانيّ، وعليّ بن محمد المدائنيّ، وأبو عُبَيْد القاسم بن سلّام، وعَمْرو بن مرزوق، وقُرّة بن حبيب، وأبو الْجَمَاهر محمد بن عثمان الكَفَرْسُوسيّ، ومحمد بن عيسى بن الطّبّاع الحافظ، ومحمد بن الفضل عارِم، ويزيد بن عبد ربّه الحمصيّ، والعبّاس بن المأمون بن الرشيد. "إظهار المازيار الخلاف بطبرستان ": وفيها أظهر مازيار بن قارن الخلاف بطَبرِسْتان وحارب، وكان مُبَاينًا لآل طاهر. وكان المعتصم يأمره بحمل الخراج إليهم فيقول: لا أحمله إلّا إلى أمير المؤمنين. وكان الأفشين يسمع أحيانًا من المعتصم ما يدلّ على أنّه يريد عَزْل عبد الله بن طاهر. فلمّا ظفر ببابَك ونزل من المعتصم المنزلة الرفيعة، طمع في إمرة خُراسان. وبلغه منافرة المازيار لابن طاهر، فترجّى أن يكون ذلك سببًا لعزل ابن طاهر. ثمّ إنّه دسّ كُتُبًا إلى المازيار يقوّي عزْمه. وبعث المعتصم لمحاربة المازيار جيشًا عليهم الأفشين. وجبى المازيار الأموال، وعَسَفَ. وأخرب أسوار آمل والرَّيّ وجُرْجَان، وهرب النّاس إلى نَيْسابور. فأرسل ابنُ طاهر جيشًا، عليهم عمُّه الحَسَن بن الحسين. وجرت حروب وأمور، ثمّ اختلف أصحاب المازيار عليه. ثمّ قُتِل بعد أن أهلك الحرث والنّسل. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 9 "أحداث سنة خمسٍ وعشرين ومائتين": فيها تُوُفّي: أصبغ بن الفَرَج الفقيه، وأبو عمر الحَوْضيّ، وسَعْدَوَيْه الواسطيّ، وشاذ بن فَيّاض، وأبو عمر الْجَرْميّ، وعمر بن سعيد الدّمشقيّ الأعور، وفَرْوَةُ بن أبي المَغْراء، وأبو دُلَف الأمير، ومحمد بن سلّام البِيكَنْديّ، ويحيى بن هاشم السمسار. "وزارة الزّيّات": وفيها استوزر المعتصم محمدَ بنَ عبد الملك الزّيّات. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 9 "القبض على الأفشين": وفيها قبض المعتصم على الأفشين1 لعداوته لعبد الله بن طاهر، ولأحمد بن أبي دُؤَاد، فعملا عليه، وما زالا حَتّى القيا في قلب المعتصم أنّ الأفشين يريد قتله. ونَقَلَ إليه ابن أبي دُؤَاد أنّه يكاتب المازيار. فطلب المعتصم كاتبه وتهدّده بالقتل، فاعترف وقال: كتبتُ إليه بأمره يقول: لم يبق غيري وغيرك وغير بابَك. وقد مضى بابَك، وجيوش الخليفة عند ابن طاهر، ولم يبق عند الخليفة سواي، فإنْ هزمت ابنَ طاهر كفيتُك أنا المعتصم، وتخلص لنا الدّين الأبيض، يعني المَجُوسية. وكان يُتَّهَم بها. فَوَهب المعتصم للكاتب مالًا وأحسن إليه، وقال: إن أخبرتَ أحدًا قتلتُك. فَرُوِيَ عن أحمد بن أبي دُؤَاد قال: دخلت على المعتصم وهو يبكي ويُقلق، فقلت: لا أبكى اللَّهُ عينيك، ما بك؟ قال: يا أبا عبد الله، رجلٌ أنفقتُ عليه ألف ألف دينار، ووهبتُ له مثلها يريد قتلي. قد تصدّقتُ لله بعشرة آلاف ألف درهم، فخُذْها ففرّقْها. وكان الكَرْخُ قد احترق، فقلت: نفرّق نصف المال في بناء الكَرْخ، والباقي في أهل الحَرَمَيْن. قال: افعل. وكان الأفشين قد سيّر أموالًا عظيمة إلى مدينة أَشْرُوسَنةَ، وهمّ بالهرب إليها، وأحسّ بالأمر. ثمّ هيّا دعوةً ليسُمّ المعتصم وقُوّاده، فإن لم يَجِب دعا لها الأتراك مثل إيْتاخ، وأشِناس فيُسمِّمهم ويذهب إلى أرمينية، ويدور إلى أشْرُوسَنَة. فطال به الأمر، ولم يتهيّأ له ذلك، فأخبر بعضُ خَوَاصّه المعتصمَ بعزمه، فقبض حينئذ المعتصم عليه وحبسه، وكتب إلى ابن طاهر بأن يقبض على ولده الحَسَن بن الأفشين2. "أسْر المازيار": وفيها أُسٍر المازيار، وقُدِم به إلى بين يدي المعتصم.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 104". 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 106"، والكامل في التاريخ "6/ 512". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 10 "ذِكر الرجلين العاريين عن اللحم": وعن هارون بن عيسى بن المنصور قال: شهدت دار المعتصم وقد أتي بالأفشين، والمازيار، وبموند مُوبِذان أحد ملوك السُّغد، وبالمَرْزُبان، وأحضروا رجلين فعريا، فإذا أجنابهما عارية عن اللّحْم. فقال الوزير ابن الزّيّات: يا حيدر، تعرف الرجلين؟ قال: نعم. هذا مؤّذنٌ، وهذا إمامٌ بَنَيا مسجدًا بأشروسنة، فضربتُ كلّ واحدٍ منهما ألفَ سَوْط. قَالَ: وَلَم؟ قال: "إنّ" بيني وبين ملوك السُّغْد عهدًا، أنْ أترك كلّ قومٍ على دينهم، فوثب هذان على بيتٍ فيه أصنامُ أهلِ أشْرُوسَنَة، فأخرجا الأصنام واتّخذاه مسجِدًا، فضربتهما على تَعَدِّيهما. "ذكر الحوار بين ابن الزّيّات وحيدر والأفشين والمازيار": فقال ابن الزّيّات: فما كتابٌ عندك قد زينته بالذهب والجوهر، وجعلته في الدّيباج، فيه الكُفْر بالله؟ قال: كتابٌ ورِثْتُه عن أبي، فيه آدابٌ وحِكَم من آداب الأكاسرة، فآخُذُ منه الأدب، وأدفع ما سواه، مثل كتاب "كليلة ودِمْنة"، وما ظننتُ أنّ هذا يُخْرجني عن الإسلام. فقال ابن الزّيّات للموْبِذ: ما تقول؟ فقال: إنْ كان هذا يأكل المخنوقة، ويحملني على أكْلها، ويزعم أنّ لحمها أرطب من المذبوحة. وقال لي: إنّي قد دخلت لهؤلاء القوم في كلّ ما أكره، حَتّى أكلت الزيت، وركبت الجمل، ولبست النعل، غير أنّي إلى هذا العام لم أسقط عني شعرًا، يعني عانته، ولم أختَتِن. وكان المُوبِذ مجوسيًّا، ثمّ بعد هذا أسلم على يد المتوكّل. فقال الأفشين: خبّروني عن هذا المتكلّم، أَثِقَةً هو في دينه؟ قالوا: لا. قال: فما معنى قُبُولكم شهادته؟ فتقدّم المرزبان وقال: يا أفشين كيف تكتب إليك أهل مملكتك؟ قال: كما كانوا يكتبون إلى أبي وجَدّي. قال ابن الزّيّات: فكيف كانوا يكتبون؟ قال: كانوا يكتبون إليه بالفارسيّة ما تفسيره بالعربيّة: إلى الإله من عبده. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 11 قال: كذا هو. قال: نعم. قال: فما أبقيت لِفرْعَوْن؟ قال: خفت أن يفسدوا عليّ بتغيير ما يعهدونه. فقال له إسحاق بن إبراهيم الأمير: كيف تحلف لنا بالله فنصدّقك، وأنت تدّعي ما ادّعى فِرْعَون. فقال: يا إسحاق، هذه سورة قرأها عُجَيْف على عليّ بن هشام، وأنت تقرؤها عليّ، فانظر غدًا من يقرأها عليك. ثمّ تقدّم مازيار، فقالوا له: تعرف هذا؟ قال: نعم. قالوا: هل كاتبتَه؟ قال: لا؟ فقالوا للمازيار: هل كتب إليك؟ قال: كتب إليّ أخوه على لسانه أنّه لم يكن يَنْصر هذا الدّين الأبيض غيري وغيرك وغير بابَك. فأمّا بابَك فإنّه بحُمقه قتل نفسه، فانْ خالفتَ لم يكن للخليفة من يؤمر بقتالك، غيري، ومعي الفُرسان وأهل النجدة والبأس. فإن وُجّهت إليك لم يبق أحد يحاربنا إلّا ثلاثة: العرب، والمغاربة، والأتراك فأمّا العربيّ فبمنزلة الكلب، أطرح له كِسْرة، ثمّ اضرب رأسه بالدّبُّوس. وهؤلاء الذّئاب، يعني المغاربة، فإنّهم أَكَلَة رأس، وأمّا التُّرْك، فإنّما هي ساعةٌ حَتّى تَنْفَدَ سهامُهُم، ثمّ تَجُول عليهم الخيلُ جَولَةً، فتأتي على أخرهم، ويعود الدّين إلى ما لم يزل عليه أيّام العجم. فقال الأفشين: هذا يدَّعي على أخي، ولو كنت كتبت بهذا إليه لأستميله كان غير مستنكَر، لأنّي إذا نصرت أمير المؤمنين بيدي، كنتُ أن أنصره بالحيلة أحرى لآخذ برقبة ذا. فزجره أحمد بن أبي دُؤَاد وقال: أمطهّرٌ أنت؟ قال: لا. قال: ما منعك من ذلك؟ قال: خفت التَّلَف. قال: أنت تلقى الحروب وتخاف من قطع قَلْفَة. قال: تلك ضرورة أصبر عليها، وأمّا القلْفَة فلا، ولا أخرُج بها من الإسلام. فقال أحمد: قد بان لكم أمره. قال: فردّ إلى الحبس1.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 108-110"، والكامل في التاريخ "6/ 510-516". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 12 "ذِكر الزلزلة بالأهواز": وفيها زلزلت الأهواز، وسقط أكثر البلد والجامع، وهرب النّاس إلى ظاهر البلد، ودامت الزَّلْزَلة أيّامًا، وتَصَدَّعت الجبال منها1. "ذِكر ولاية دمشق": وفيها ولي إمرة دمشق دينار بن عبد الله، وعُزِل بعد أيام بمحمد بن الْجَهْم السّاميّ، وكِلاهما لم يترجمه ابن عساكر، ولم يذكر من أخبارهما شيئًا.   1 انظر الكامل في التاريخ "6/ 521". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 13 "أحداث سنة ستٍّ وعشرين ومائتين": فيها تُوُفّي: إسحاق بن محمد الفرويّ، وإسماعيل بن أبي أُوَيْس، وجندل بن والق، وسعيد بن كثير بن عُفَيْر، وسُنيد بن داود المِصِّيصيّ، وعياش بْنُ الْوَلِيدِ الرقام، وغسان بن الربيع المَوْصِليّ، ومحمد بن مقاتل المَرْوَزِيّ، ويحيى بن يحيى التيمي النَّيْسَابوريّ. "ذِكْر المطر بتَيْمَاء": وفيها في جُمادى الآخرة مُطِرَ أهل تَيْماء، على ما ذكر ابن حبيب الهاشميّ بَرَدًا كالبَيْض، قتل منهم ثلاثمائة وسبعين نفسًا، ونظروا إلى أثر قَدَمٍ طولها نحو ذراع، ومن الخطوة نحو خمسة أذرُع. وسمعوا صوتًا: ارحم عبادك، اعف من عبادك. "ذِكْر سجن الأفشين وموته": وكان المعتصم قد سجن الأفشين في مكان ضيّق، فذكر حمدون بن إسماعيل قال: بعث معي الأفشين رسالة إلى المعتصم يترقّق له، ويحلف ويتنصّل ويتذلل له، فلم يغن ومنع من الطعام حَتّى مات. ثمّ أخرج وصُلِبَ في شَعْبان1. قال الصُّوليّ: أُخْرِج وصُلِبَ، وأُتِيَ بأصنامٍ كانت في داره قد حُمِلَت إليه من   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 111". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 13 أشْرُوسَنَة. فأُحْرِقَتْ وأُحْرِقَ معها1. وقيل: بل تُرِكَ مصلوبًا مدّة. واسمه حيدر بن كاوس من أولاد الأكاسرة، والأفشين لَقَبُ لمن مَلَك أشْرُوسَنَة. وكان موصوفًا بالشّجاعة والرأي والخبرة. وقد مرّ أنّه حارب بابَك وظفر به. وكان أكبر من بقي في دولة المعتصم. "ذِكر المازيار": وأما المازيار صاحب طَبَرِسْتان فاسمه محمد بن قارن. وكان ظَلُومًا غشومًا صادر أهل طَبَرِسْتان أذلّهم، وجعل السّلاسل في أعناقهم، وخرّب أسوار مدائنهم. حارب جيوش المعتصم إلى أن انكسر، فأُسِرَ، وقُتِلَ أخوه شَهْرَيار. وضُرِبَ هو حَتّى مات، وصُلِبَ إلى جانب بابَك. وكان عظيمًا عند المأمون يكتب إليه: إلى أصبهنذ2 إصبهان وصاحب طَبَرِسْتان. وكان قد جمع أموالًا لا تُحْصَى. "ذكر عزْل الزُّهْريّ عن قضاء الديار المصرية": وفيها عُزِلَ عن قضاء الدّيار المصرية هارون بن عبد الله الزُّهْريّ الأصمّ، ووُلّي محمد بن أبي الَّليْث الحارث بن شدّاد الإياديّ الْجَهْميّ الخوارِزْميّ، وبقي في القضاء نحوًا من عشرِ سنين، ولم يكن محمود السّيرة في أحكامه. وقد امتحن الفقهاء بمصر في القرآن، وحَكَم على بني عبد الله بن عبد الحَكَم بودائع كانت للجرويّ عندهم بألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار، فأقاموا الشُّهود بأن الجرويّ كان قد أبرأهم وأخذ الذي له، فَعَسَفَهم هذا الجهميّ، وعنّتهم.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 114". 2 اسم لكل من حكم بلاد طبرستان. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 14 "أحداث سنة سبعٍ وعشرين ومائتين": تُوُفّي فيها: أحمد بن حاتم الطّويل، وأحمد بن عبد الله بن يونس اليَرْبُوعيّ، وإبراهيم بن بشّار الرماديّ، وأبو النَّضْر إسحاق بن إسحاق الفراديسيّ، وإسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، وبِشْر الحافي، وسعيد بن منصور صاحب السنن، وسهل بن بكّار، ومحمد بن حيّان أبو الأزهر، وشُعَيْب بن محرز، ومحمد بن الصّبّاح الدّولابيّ، ومحمد بن عبد الوهّاب الحارثيّ، ومحمد بن هارون المعتصم بالله، وأبو الوليد الطَّيَالسيّ، والهيثم بن خارجة، ويحيى بن بِشْر الحريريّ. "خروج المبرقع بفلسطين": وفيها خرج بفلسطين أبو حرب، الذي زعم أنّه السُّفيانيّ، فدعا إلى الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر أولًا، إلى أن قَوِيَت شوكتهُ، واستفحل أمره. وسبب خروجه أنّ جنديًا أراد النزول في داره فمانعته أهل المبرقع، فضربها بسوطٍ أثّر في ذراعها. فلمّا جاء زوجها بكت وشكت إليه، فذهب إلى الجنديّ وقتله، وهرب. ولبس بُرْقُعًا لئلا يُعرف. ونزل الجبال بجبال الغَوْر1 مُبَرْقَعًا، فكان يأتيه الرجل، فيحثّه على الأمر بالمعروف ويعيب الدّولة. فاستجاب له قوم من فلّاحي القُرى، وادّعى أنّه أُمَويّ، وتكاثف2 الأمر، فسار لحربه رجاء الحصاريّ أحد قوّاد المعتصم في ألف فارس، فأتاه فوجده في زُهاء مائة ألف. فعسكر بحذائه، ولم يجسر على لقائِه. فلمّا كان أوان الزراعة تفرّق أكثر أولئك في فلاجتهم، وبقي في نحو ألفَين، فواقَعَه رجاء. وكان المبرقع بطلًا شجاعًا، فحمل على العسكر، فأفرجوا له، ثمّ أحاطوا به، وأسروه وسجنوه، فمات في آخر هذه السنة، وقيل: خنقوه. "ذكر فتنة القيسيّة بدمشق": وفيها بعث المعتصم على دمشق الأمير أبا المغيث الرافقيّ، فخرجت عليه طائفة من قَيْس، لكونه أخذ منهم خمسة عشر نفسًا فصلبهم. فأغارت قيس على جبل السلطان، وعسكروا بمرج راهط. فوجّه أبو المغيث جيشًا لقتالهم، فقُتِلَ خلْق من الجيش، وثبتت القيسيّة. ثمّ رجعوا على دمشق، فتحصّن بها أبو المغيث، فوقع حصار   1 جبال بالأردن. 2 أي غلظ وثخن واشتد وظهر. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 15 شديد، فمات المعتصم والأمرُ على ذلك. قال محمد بن عائذ: قدم دمشق رجاء الحصاريّ، فواقَعَ أهلَ المرج، وجَسْرين، وكَفر بطْنًا، وسقيا، في جُمَادَى الأولى، وأصيب من النّاس خلْق. وقال عليّ بن حرب: كتب الواثق إلى الرَّقّة إلى رجاء الحصاريّ يأمره بالمسير إلى دمشق. فقدمها، ونزل بدير مُرَّان، والقيسيّة معسكرون بمرج راهط. فوجّه إليهم يسألهم الرجوع إلى الطّاعة. فامتنعوا إلّا أن يَعْزِل أبا المغيث عن دمشق. فأنذرهم القتالَ يوم الاثنين، ثمّ كبسهم يوم الأحد بغتةً بكفْر بَطْنا1. وكان جُمهور القيسيّة بدُومَة2، فوافاهم وقد تفرقوا، فوضع السيف فيهم، وقتل منهم ألفًا وخمسمائة. وقتلوا الأطفال، وجرّحوا النّساء، ونهبوا. فهرب ابن بَيْهَس ولحق بقومه بحَوْرَان3. وقُتِلَ ابن عمّ رجاء. وقتل من الأجناد نحو الثلاثمائة وقد عاش رجاء إلى سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. "ذِكر بيعة الواثق بالله": وبويع للواثق بالله هارون في التاسع عشر ربيع الأول بعد موت أبيه، بعهدٍ منه.   1 قرية من قرى غوطة دمشق. 2 قرية من قرى غوطة دمشق. 3 الكامل في التاريخ "6/ 528، 529". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 16 "أحداث سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين": وفيها تُوُفّي: أحمد بن شَبُّويْه المَرْوَزِيّ، وأحمد بن محمد بن أيّوب، صاحب المغازي، وإبراهيم بن زياد، سَبْلان، وأحمد بن عِمران الأخْنَسيّ، وإسحاق بن بِشْر الكاهليّ الكوفيّ، وبشار بن موسى الخفّاف، وحاجب بن الوليد الأعور، وحمّاد بن مالك الحَرَسْتاني، وداود بن عَمْرو الضَّبّيّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِوَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ العنبريّ القاضي، وعبد الله بن عبد الوهّاب الحَجَبيّ، وعبد الرحمن بن المبارك، وأبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التّمّار، وعُبَيْد الله العَيْشيّ، وعليّ بن عَثْام الكوفيّ، وأبو الْجَهْم صاحب الجزء، وعيسى بن إبراهيم البِرَكيّ، ومحمد بن جعفر الوَرْكَانيّ، ومحمد بن حسّان السَّمْتيّ، وأبو يَعْلَى محمد بن الصَّلْت التُّوَّزِيّ، والعُتْبيّ الإِخباريّ محمد بن عُبَيْد الله، ومحمد بن عِمران بن أبي ليلى، والمُثَنَّى بن مُعَاذ العنبريّ، ومُسدَّد، ونُعَيْم بن الهيصم، ويحيى الحِمّانيّ. "ذكر وقوع قطعة من جبل العقبة": وفيها وقعت قطعة من الجبل الذي عند جَمْرة العَقَبَة، فَقُتِل جماعة من الحاج1 رحمهم الله.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 124"، والكامل في التاريخ "7/ 9". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 16 "أحداث سنة تسعٍ وعشرين ومائتين": وفيها تُوُفّي: أحمد بن شبيب الحَبَطيّ، وإسماعيل بن عبد الله بن زُرَارة الرَّقّيّ، وثابت بْنُ مُوسَى العابد، وخالد بن هياج الهَرَويّ، وخَلَف بن هشام البزّار، وأبو مِكْيَس الذي زعم أنّه سمع من أنس، وأبو نُعَيْم ضِرار بن صُرد، وعبد الله بن محمد المُسْنديّ، وعبد العزيز بن عثمان المَرْوَزِيّ، وعمّار بن نصر، وعَمْرو بن خالد الحَرّانيّ نزيل مصر، ومحمد بن معاوية النَّيْسَابوريّ، ونُعَيْم بن حمّاد الخزاعيّ، ويحيى بن عَبْدَوَيْه صاحب شُعْبَة، ويحيى بن يوسف الزَّمِّيّ، ويزيد بن صالح الفرّاء النَّيْسَابوريّ. "ذكر ما صادره الواثق من أهل الدواوين": وفيها صادر الواثق بالله الدّواوين وسجنهم، وضرب أحمد بن أبي إسرائيل ألف سَوْط، وأخذ منه ثمانين ألف دينار، وأخذ من سليمان بن وهب كاتب الأمير إيتاح أربعمائة ألف دينار، ومن أحمد بن الخصيب وكاتبه ألف ألف دينار. فيقال إنَّهُ أخذ من الكُتّاب في هذه النَّوْبة ثلاثة آلاف ألف دينار1.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 125"، والكامل في التاريخ "7/ 10". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 17 " أحداث سنة ثلاثين ومائتين ": وفيها توفّي: أحمد بن جميل المرزويّ، وأحمد بن جناب المِصِّيصيّ، وإبراهيم بن إسحاق الصّينيّ، وإبراهيم بن حمزة الزُّبَيْريّ، وإسحاق بن إسماعيل الطّالْقانيّ، وإسماعيل بن سعيد الشّالنجيّ، شيخ أهل طَبَرِسْتان، وإسماعيل بن عيسى العطار، وسعيد بن عَمْرو الأشعثيّ، وسعيد بن محمد الْجَرْميّ، وَعَبْدُ الله بْنُ طاهر الأمير، الجزء: 16 ¦ الصفحة: 17 وعبد الحميد بن صالح البُرْجُميّ، وعبد العزيز بن يحيى المَدنيّ، نزيل نَيْسَابُور، وعليّ بن الْجَعْد، وعليّ بن محمد الطّنَافِسيّ، وعَوْن بن سلّام الكوفيّ، ومحمد بن إسماعيل بن أبي سَمِينَة، ومحمد بن سَعْد كاتب الواقديّ، وأبو غسّان مالك بن عبد الواحد المِسْمَعيّ، ومحبوب بن موسى الأنطاكيّ، ومهديّ بن جعفر الرَّمْليّ. "ذكر قتال الأعراب حول المدينة": وفيها عاشت الأعراب حول المدينة، فسار لحربهم بُغا الكبير، فدوّخهم وأسرَ وقتل فيهم. وكان قد حاربهم حمّاد ابن جرير الطبريّ القائد، فقُتِل هو وعامّة أصحابه، واستباحوا عسكره. وحَبَس بُغا منهم في القيود بالمدينة نحو ألف نفس فنقبوا الحبْس فأخبرت بهم امرأة، فأحاط بهم أهل المدينة وحصروهم يومين، ثمّ برزوا1 للقتال بُكرةً، وكان مقدّمهم عزيزة السّلميّ، فكان يحمل ويرتجز: لا بد من رحِم وإنْ ضاق البابْ ... وإني أنا عُزيزة بن قطّابْ الموت خيرٌ للفتى مِن العذابْ وكان قد فكّ قيده وهو يقاتل به يومَه. ثمّ قُتِلَ، وقُتِلَتْ عامّة بني سليم، وقتل جماعة من الأعراب2.   1 أي: خرجوا بعد خفاء. 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 129-131"، والكامل في التاريخ "7/ 13". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 18 رجال هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أحمد بن جميل المَرْوَزِيّ أبو يوسف1. حدَّث ببغداد عن: عبد الله بن المبارك. ومُعْتَمِر بن سليمان. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وعباس الدوري، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 44"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 284"، وتاريخ الطبري "9/ 263"، وتاريخ بغداد "4/ 76-78". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 18 ووثقه ابن معين. توفي سنة ثلاثين. وكان يبيع البز. 2- أحمد بن جناب بن المغيرة1 -م. د. س- أبو الوليد المصّيصيّ. قيل إنّه بغداديّ الأصل. عن: عيسى بن يونس، والحَكَم بن ظُهَيْر الفزاريّ، وخالد بن يزيد بن أسد القَسْريّ. وعنه: "م". "د"، وإبراهيم بن هانئ، وأحمد بن الحَسَن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وأبو يعلى الموصلي، وخلق. ومن القدماء: أحمد بن حنبل، وأحمد بن ملاعب. قال صالح جزرة: صدوق. وروى له النَّسائيّ، عن رجلٍ، عنه. مات سنة ثلاثين ومائتين 3- أحمد بن حاتم بن يزيد الطّويل2. سمع: مالكًا ومسلم بن خالد الزّنْجيّ، وعِدّة. وعنه: ابن أبي الدنيا، وعبد الله بن أحمد، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وتُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين ببغداد. 4- أحمد بن حاتم بن مخشيّ3. بصريّ.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 45"، والثقات لابن حبان "8/ 17"، وتاريخ الطبري "5/ 347، 389"، والثقات لابن حبان "8/ 17"، والمجروحين "2/ 64". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 395"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 112-114"، وتعجيل المنفعة للحافظ "24". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 48"، والثقات لابن حبان "8/ 11"، والوافي بالوفيات "6/ 295". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 19 سمع: حمّاد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد. وعنه: أبو زُرْعة الرازيّ. 5- أحمد بن الحجاج البكريّ الشّيبانيّ المرزويّ1. عن: أبي ضَمْرة، وحاتم بن إسماعيل، وابن المبارك، وابن عُيَيْنة، وجماعة. وعنه: "خ" وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، والدّراميّ، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وآخرون. أثنى عليه أحمد بن حنبل، وقد حدَّث ببغداد. تُوُفّي يوم عاشوراء سنة اثنتين وعشرين. 6- أحمد بن الحُرَيْش2. أبو محمد. قاضي نَيْسَابور ثمّ هَرَاة. وكان من أفضل القُضاة وأعلمهم. قيل إنّه من مَرْو الرُّوذ. سمع: سُفْيان بن عتيبة، ووكيعًا، وابن فُضَيْل، وأبا أُسامة. وعنه: عثمان الدّارميّ، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وجعفر بن محمد بن الحسين، ومحمد بن نصر. روى عنه أبو زيد أنّه سمع وكيعًا، عن سُفْيان قال: لا يتّقى الله أحدٌ إلاّ اتقاه الناس شاؤوا أمّ أبَوْا. تُوُفّي فجأةً سنة ثلاثين. 7- أحمد بن الحَكَم3 أبو عليّ العبديّ. حدَّث بمصر عن مالك، وشريك.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 45"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 3"، والصغير له "228"، والثقات لابن حبان "8/ 6". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 27، 28، 31"، والأنساب لابن السمعاني "2/ 25، 26"، ومعجم البلدان "1/ 318". 3 انظر الضعفاء والمتروكين للدارقطني "51"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 122"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 94". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 20 وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح، وغيره. متفق على تركه. توفي سنة ثلاث وعشرين. 8- أحمد بن داود1. أبو سعيد الواسطي، الحداد. عن: جمّاد بن زيد، وخالد الطحان. وعنه: محمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبو بكر الصنعاني. وثقه ابن معين. توفي سنة إحدى وعشرين ومائتين. وقال ابن حبان: كان حافظا متقنا. 9- أحمد بن سليمان بن أبي الطيب2. أبو سليمان المروزي الحافظ، نزيل بغداد، ونزيل الري أيضا. روى عن: إبراهيم بن سَعْد، وأبي المَلِيح الرَّقّيّ، وعُبَيْد الله الرَّقّيّ، وابن المبارك، وأبي إسحاق الفزاري، وطبقتهم. وعنه: الذهلي، والبخاري، وقد مر في الطبقة الماضية. 10- أحمد بن شبيب بن سعيد3. أبو عبد الله الحبطي، البصري، نزيل مكة. والحبطات من تميم. سمع: أباه، ويزيد بن زريع، ومروان بن معاوية، وجماعة.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 358"، والجرح والتعديل "2/ 50"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 4"، وتاريخ بغداد "4/ 138-140". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 52"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 3، 4"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 173"، وتهذيب الكمال "1/ 357". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 54، 55"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 4"، والثقات لابن حبان "8/ 11"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 327". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 21 وعنه: "خ"، والنَّسائيّ بواسطة، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زرعة، والذهلي، ويعقوب الفسوي، وجماعة. وثقه أبو حاتم. وتوفي سنة تسع وعشرين. وآخر من روى عنه محمد بن علي بن زيد الصائغ. 11- أحمد بن عاصم1. أبو محمد البلخي. عن: عبد الرزاق، والأصمعي، وحيوة بن شريح الحمصي. وعنه: البخاري في "كتاب الأدب"، وعبد الله بن محمد الجوزجاني. توفي في ذي الحجة سنة سبعٍ وعشرين ومائتين. 12- أحمد بن عاصم الأنطاكي2. أبو عبد الله الزاهد الواعظ. كتب العلم وحدَّث عن: أبي معاوية، ومَخْلَد بن الحسين، والهيثم بن جميل، وإسحاق الحنينيّ. وعنه: أحمد بن أبي الحواري، وأبو زرعة النّصريّ، ومحمود بن خالد السَّهْميّ، وعبد العزيز بن محمد الدّمشقيّ، وآخرون. وسكن دمشق مدّة. قال أبو حاتم الرّازيّ: أدركته بدمشق، وكان صاحب مواعظ وزُهْد. وقال السُّلَميّ: أحمد بن عاصم أبو عليّ. وقال: أبو عبد الله من أقران بشر الحافي، وسريّ السّقطيّ. وكان قال: هو جاسوس القلوب.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 66"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5"، والثقات لابن حبان "8/ 12"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 363". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 66"، والثقات لابن حبان "8/ 20"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 363"، وميزان الاعتدال "1/ 106". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 22 وقال أحمد بن أبي الحواري: سمعته يقول: إذا صارت المعاملة إلى القلب استراحت الجوارح. "هذه" غنيمة باردة: أصلحْ فيما بقي يُغْفَر لك ما مضى. ما أغبط أحدًا إلّا مَن عرف مولاه. وقال: يسير اليقين يُخْرج كلَّ الشَّكّ من القلب. ويسير الشَّكّ يُخْرِج كلّ اليقين من القلب. وقال ابن أبي حاتم: قال لي عليّ بن عبد الرحمن: قال لي أحمد بن عاصم: قلّة الخوف من قلّة الحزن في القلب. وإذا قلّ الحزن خرِب القلب. كَمَا أَنَّ الْبَيْتَ إِذَا لَمْ يُسْكَنْ خَرِبَ. وقال أبو زُرْعة: أملى عليّ أحمد بن عاصم الحكيم: النّاس ثلاث طبقات: مطبوعٌ غالب، وهم المؤمنون، فإنْ غفِلوا ذكروا. ومطبوع مغلوب، فإذا بَصروا أبصروا، ورجعوا بقوّة العقل. ومطبوع مغصوب، غير ذي طباع، فلا سبيل إلى ردّه بالمواعظ. 13- أحمد بن عبد الله بن يونس1 -ع. أبو عبد الله التّميميّ اليربوعيّ الكوفيّ الحافظ. وُلد سنة اثنتين وثلاثين ومائة تقريبًا. وسمع من: سُفْيان الثَّوريّ، وزُهَير بن معاوية، وزائدة، وإسرائيل، وعاصم بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر، وعبد العزيز الماجِشُون، وجدّه يونس بن عبد الله بن قيس اليَرْبُوعيّ، وخلْق. وعنه: "خ". "م". "د"، والباقون بواسطة، وإبراهيم الحربيّ، وعبد بن حُمَيْد، وأبو زرعة، وحصين الوادعيّ، وإبراهيم بن شَرِيك، وأحمد بن يحيى الحَلَوانيّ، وخلق.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 405"، والجرح والتعديل "2/ 57"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5"، والصغير له "230"، والثقات لابن حبان "8/ 9". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 23 قال أبو داود: سألت أحمد بن يونس فقال: لا يُصلَّى خَلْف من يقول: القرآن مخلوق. هؤلاء كُفّار. قال الفضل بن زياد: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل، وسأله رجل: عمّن أكتب؟ قال: ارحل إلى أحمد بن يونس، فإنّه شيخ الإسلام. وقال أبو حاتم: كان ثقة متقنًا. وقال البخاريّ: مات بالكوفة في ربيع الآخر سنة سبْعٍ وعشرين، وهذا من كبار شيوخ مسلم. 14- أحمد بن عبد الملك بن واقد1 -خ. ن. ق. أبو يحيى الأسديّ. مولاهم الحَرّانيّ. عن حمّاد بن زيد، وإبراهيم بن سَعْد، وأبي المُليح الرَّقّيّ الحَسَن بن عمر، وزُهَير بن معاوية، وعُبَيْد الله بن عمرو، وأبي عوانة، وطائفة. وعنه: "خ" و"ن". و"ق". بواسطة، وأحمد بن حنبل، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تمتام، وأبو شُعَيْب الحَرّانيّ، وطائفة. قال أحمد بن حنبل رأيته حافظًا لحديثه صاحب سُنَّةٍ. فقيل له: أهل حرانّ يُسيئون الثّناء عليه، فقال: أهل حَرانّ قَلَّ ما يَرْضَون عن إنسان، هو يَغْشَى السُّلطان، بسبب ضَيْعة له. وقال أبو حاتم: كان نظير النُّفَيْليّ في الصِّدْق والإتقان. وقال أبو عَرُوبة: مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. 15- أحمد بن عَبْدَوَيْه المَرْوَزِيّ2. سمع: ابن مبارك وصحبه، وخارجه بن مُصْعَب. وعنه: أحمد بن سَيّار، ومحمد بن قُهْزاد. وَثّقَهُ ابن ماكولا.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 61، 62"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 3"، والثقات لابن حبان "8/ 7"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 391-393". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 5"، والإكمال "6/ 32". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 24 16- أحمد بن عبيد الله بن سهيل1 -خ. د. أبو عبد الله الغدانيّ البصريّ وغدانة، هو ابن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. سمع: جرير بن عبد الحميد، وخالد بن الحارث، وأبا أُسامة، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: "خ". "د"، وحرب الكِرمانيّ، وأحمد بن داود المكي، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. وهم ابن عساكر في "النبل" أنّ التِّرْمِذِيّ روى عنه. تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين، ويقال: سنة سبعٍ وعشرين. 17- أحمد بن عثمان المرزوي2. سمع: ابن المبارك وغيره. وَثّقَهُ ابن حِبّان. وتُوُفّي سنة ثلاثٍ وعشرين. روى عنه البخاريّ في بعض تواليفه. 18- أحمد بن عِمران بن عبد الملك3. أبو جعفر الأخنسيّ الكوفيّ. نزيل بغداد. عن: أبي خالد الأحمر، وعبد السلام بن حرب، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس. وجماعة. وعنه: ابن أبي الدنيا، وأحمد بن أبي خيثمة، والبغويّ، وغيرهم.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 58"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 4"، والثقات لابن حبان "8/ 20"، وتهذيب الكمال "1/ 400، 401". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 63"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 4"، والثقات لابن حبان "8/ 9"، والضعفاء للعقيلي "1/ 126". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 64"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 202"، والثقات لابن حبان "8/ 13"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2279". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 25 ومنهم من سمّاه محمدًا كالبخاريّ، وقال: مُنْكَر الحديث. وقال أحمد بن عبد الله العِجْليّ: لا بأس به. 19- أحمد بن غسّان البصْريّ العابد. أحد مشايخ العابدين بالبصرة. صَحِبَ أحمد بن عطاء الهيجيميّ الزّاهد، وبني دارًا للزُّهّاد. وكان يعظ ويتكلّم على الأهوال بعد شيخه، ولكن كان يقول بالقَدَر، ورجع عنه. فلمّا كانت المحنة أيّام المعتصم أبى أن يقول بخلْق القرآن، فحُمل إلى بغداد وحُبِس بها. فاتفق معه في الحبْس أحمد بن حنبل، والبُوَيْطيّ. قال عليّ بن عبد العزيز البَغَويّ: سَمِعْتُ البُوَيْطيّ يقول: قلت لأحمد بن حنبل: ما أحسن كلام هذا الرجل، يعني أحمد بن غسّان. قال: إنّه بصْريّ وأخاف عليه، يعني القَدَر. إلّا أنهما سمعا كلامه، وأعجبهما هديه، وخاطباه في القَدَر، فرجع عنه. قال ابن الأعرابيّ: وأخبرني بعضهم أنّ هذا كان يتهيّأ للجمعة، ويجيء إلى باب السّجن، فيردّه السَّجّان، فيقول: اللهمّ أشْهَدْ. وذكر عُبَيْد الله بن مُعَاذ العَنْبَريّ أنّ كتابًا وردَ عليهم من بغداد برجوع ابن غسّان عند القَدَر. قال ابن الأعرابي: إلا أنّ أولاده وأصحابه يُنْكِرون ذلك. قال: ومات فيما أحسب ببغداد في السجن. فأخبرني أحمد بن محمد الحَرّانيّ أنّه سمع أبا داود يقول: قال أحمد بن حنبل: ما خرجت حَتّى رجع أحمد بن غسّان عن القَدَر. 20- أحمد بن محمد بن الوليد1. أبو الوليد الأزرقيّ المكّيّ. قد مرّ في الطبقة الماضية، ثمّ وجدت أبا عبد الله الحافظ قد أرّخ وفاته في سنة اثنتين وعشرين ومائتين.   1 تقدمت ترجمته. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 26 21- أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان1 -د- أبو الحسن الخزاعيّ المروزيّ. وهو أحمد بن شَبُّويْه. والد عبد الله بن أحمد بن شَبُّويْه. حافظ رحّال، سمع: ابن المبارك، والفضل السِّينانيّ، وسفيان بن عيينة، وأبا أسامة، وجماعة. وعنه: "د"، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وآخرون. ومن أقرانه: يحيى بن مَعِين، وغيره. قال النَّسائيّ: ثقة. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بن شبويه: سَمِعْتُ أبي يقول: من أراد علم القَبْر فعليه بالأَثَر. ومن أراد عِلْم الخُبز فعليه بالرأي. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: حدَّثني ثابت بن أحمد بن شَبُّويْه قال: كان يُخَيَّل إليّ أنّ لأبي فضيلة على أحمد بن حنبل للجهاد، وفكاك الأَسرى، ولُزُوم الثُّغُور. فسألت أخي عبد الله فقال: أحمد بن حنبل أرجح. فلم أقتنع بقوله، فأُرِيتُ كأن شيخًا حوله النّاس ويسمعون منه، ويسألونه. فسألته فقلت: يا أبا عبد الله، أخْبِرْني عن أحمد بن حنبل، وأحمد بن شَبُّويْه أيُّهما عندك أعلى؟ فقال: سبحان الله، إنّ أحمد بن حنبل، ابتُليَ فصبر، وإنّ ابن شَبُّويْه عُوفي. المبتَلَى الصّابر كالمُعَافَى؟ هيهات. قال البخاريّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومُطَيّن: مات سنة ثلاثين. وزاد البخاري: وهو ابن ستّين سنة. وقال ابن ماكولا: مات بطرسوس سنة تسعٍ وعشرين. قال المِزّيّ: روى "خ". في الوضوء، والأضاحي، والجهاد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن المبارك. وقال الدّارقطنيّ: هو ابن شبّويه هذا.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 55"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/5"، والثقات لابن حبان "8/ 13"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 433-436". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 27 وقال أبو نصر الكَلاباذيّ، وغير واحد، إنّه أحمد بن موسى بن موسى المَرْوَزِيّ السّمسار مَرْدَوَيْه. وهو من أهل الطبقة الآتية، ومن شيوخ "ت". "ن". 22- أحمد بن محمد بن أيّوب البغداديّ1. صاحب المغازي أبو جعفر الورّاق. كان ناسخًا للفضل بن يحيى البرمكيّ. سمع: إبراهيم بن سَعْد، وأبا بكر بن عيّاش. وعنه: "د"، وعلي بن عبد العزيز البَغَويّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى المروزي. وآخر من روى عنه: أبو يعلى. قال عثمان الدارمي: كان أحمد، وابن المديني يحسنان القول فيه. وكان يحيى بن معين يحمل عليه. قلت: رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قال: هو كذّاب لم يسمع من إبراهيم. وروى عبد الخالق بن منصور، عن ابن مَعِين قال: ليس بثقة. وقال يعقوب بن شبيه: ليس هو مِن أصحاب الحديث، ولا يعرفه أحد بالطَّلَب، وإنّما كان ورّاقًا، فذكر أنّه نسخ كتاب "المغازي" لبعض البرامكة، فأمره أن يأتي إبراهيمَ بن سَعْد يصحّحها، فزعم أنّ إبراهيم قرأها عليه وصحّحها. وقال ابن عَديّ: روى عن إبراهيم بن سَعْد، وأُنْكِرَت عليه. وحدَّث عن أبي بكر بن عيّاش بالمناكير. وهو صالح الحديث ليس بمتروك. وقال محمد بن سَعْد: مات لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وعشرين.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 353"، والجرح والتعديل "2/ 70"، والثقات "8/ 12، 17"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 431-433". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 28 قلت: له في السُّنَن حديث واحد في الأذان، عن امرأة من الأنصار قالت: "كانت بيني من أطول بيتٍ حول المسجد، فكان بلال يؤذّن عليه الفجر"1. 23- أحمد بن معاوية المَذْحِجيّ2. عن: الوليد بن مسلم، وأبي معاوية الأسود، والحرّ بن وسيم العابد. وعنه: محمد بن وَهْب بن عطيّة، والقاسم الجوعيّ، وأحمد بن أبي الحواري. وأظنه كان من الصّالحين بدمشق. 24- أحمد بن المفضَّل3. أبو عليّ الكوفيّ. عن: وَكِيع، وأسباط بن نصر. وعنه: يعقوب الفَسَويّ، وأهل الكوفة. قال ابن حِبّان: ثقة، قديم الموت. 25- أحمد بن المنذر الْجُدّيّ القَزّاز4. عن: حمّاد بن مَسْعَدَة. وعنه عبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ. تُوُفّي سنة ثلاثين. 26- أحمد بن أَبِي سَلَمَةَ نصر5. أبو بكر البغداديّ الكاتب. ابن أخت أحمد بن يوسف وزير المأمون. شاعر مليح الألفاظ، رقيق الحاشية. روى عنه: عَوْن بن محمد، وعبد الرحمن بن أحمد الكاتب، وغيرهما. وكتب لبعض أمراء بغداد.   1 أخرجه أبو داود في سننه "519". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 76"، والأنساب "11/ 214". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 410"، والجرح والتعديل "2/ 77"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5"، والثقات لابن حبان "8/ 28". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 78"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 490"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 158". 5 انظر الوافي بالوفيات "8/ 211". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 29 وهو القائل: معتدلُ القامةِ مثلُ القضيب ... يهتزُّ في لينٍ وحسنٍ وطيبْ يعذلني فيه جميعُ الورى ... كأنّني جئت بأمرٍ عجيبْ أظنُّ نفسي لو تعشقتها ... بلبيت فيها بملامِ الرَّقيبْ ومن شعره: آه ويلي على الشّباب وفي أيّ ... زمانٍ فقدتُ شرخ الشّباب حين مات الغيور وارتحض المهـ ... ـر وزال الحجابُ عن كلّ باب 27- أحمد بن يحيى الضَّبّيّ الكوفيّ1. أبو جعفر. حدَّث بإصبهان عن: هُشيم، ويزيد بن زُرَيْع، وجماعة. وعنه: إسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وعبد الله بن محمد بن زَكَريّا. 28- أحمد بن يحيى بن حُمَيْد بن تَيْرَوَيْه الطّويل2. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وغيره. وعنه: أبو خليفة الْجُمَحيّ، وأحمد بن داود المكّيّ. وَثّقَهُ ابن حِبّان. 29- أحمد بن أبي الْجُرْجَانيّ3. أبو محمد، نزيل طرابلس الشّام. سمع: ابن عُليّة، ومحمد بن يزيد الواسطيّ. وعنه: محمد بن عَوْف، ومحمد بن يزيد بن عبد الصَّمد. 30- أحمد بن يوسف الترمذي4. قاضي الرّيّ.   1 انظر تاريخ خليفة "36". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 81"، والثقات لابن حبان "8/ 10". 3 ستأتي ترجمته. 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 81". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 30 روى عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وعبّاد بن العوّام، وطبقتهما. وعنه: أبو حاتم، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس. 31- إبراهيم بن إسحاق1. أبو إسحاق الصِّينيّ الْجُعْفيّ، مولاهم الكوفيّ. عن: قيس بن الربيع، ومالك بن أنس. وعنه: موسى بن إسحاق الأنصاريّ الخطْميّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، ومُطَيِّن، وغيرهم. وكان صدوقًا ضريرًا، ورّخه مُطَيِّن سنة ثلاثين. وقال ابن قانع: سنة اثنتين وثلاثين. قال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. 32- إبراهيم بن الأشعث البخاري2. خادم الفُضَيْل بْن عِياض. روى عَنْ: الفُضَيْل، ومعن القَزّاز، وابن عيينة، وغنجار. وعنه: سعيد بن سعد البخاري، وعلي بن صالح. روى حديثا باطلا. قال أبو حاتم: كنا نظن به الخير فقد جاء بمثل هذا. وقال أبو الفضل السليماني: لقبه لام. وروى عنه: عبد بن حميد، ونصر بن الحسين البخاري. مات يالشاش.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 85، 86"، والثقات لابن حبان "8/ 78"، والضعفاء والمتروكين للدارقطني "49"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 18". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 88"، والثقات لابن حبان "8/ 66"، والمجروحين له "1/ 24"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 20، 21". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 31 33- إبراهيم بن بشار الرّماديّ1 -د. ت. أبو إسحاق البصريّ. وأصله من جَرْجَرايا. عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وأبي معاوية، وعبد الله بن رجاء المكّيّ، وعثمان بن عبد الرحمن الطّرائفيّ، وغيرهم. وعنه: "د"، "ت". بواسطة، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وإسماعيل القاضي، وتَمْتَام، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وآخرون، ويوسف بن يعقوب القاضي. قال البخاري يهمّ في الشيء، وهو صَدُوق. وروى عنه في غير "الصّحيح". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أبي يقول: كأنّ سُفْيان الذي يروى عنه إبراهيم بن بشّار ليس سُفْيان بن عُيَيْنة، يعني ممّا يُغْرب عنه. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقويّ. وقال أبو الفتح الأزديّ: صدوق لكنّه يهِمّ. وقال ابن عَديّ: سألت محمد بن أحمد الزُّرَيْقيّ بالبصرة، عن الرماديّ فقال: كان والله أزْهَد أهل زمانه. وقال ابن عَديّ: لا أعلم أُنكِر عليه إلّا هذا الحديث الذي ذكره البخاريّ، يعني حديثًا رواه النّاس، عن ابن عُيَيْنة مُرْسَلًا فَوَصَله هو. قال: وباقي حديثه، عن ابن عُيَيْنة، وأبي معاوية، وغيرهما، من الثّقات مستقيم. وهو عندنا من أهل الصِّدْق. وقال ابن حِبّان: كان متقنًا ضابطًا، صحب سُفْيان سِنِين كثيرة، فإنّه قال: ثنا سُفْيان بمكّة وعبّادان، وبين السَّماعَيْن أربعون سنة.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 308"، والجرح والتعديل "2/ 89، 90"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 277"، والثقات لابن حبان "8/ 72". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 32 تُوُفّي سنة أربعٍ وقيل: سنة سبعٍ وعشرين. ومن أقرانه: - إبراهيم بن بشّار الخُراسانيّ الزّاهد. سيأتي في الطبقة الآتية: 34- إبراهيم بن جابر الباهليّ القَزّاز1. عن: يزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، ومهديّ بن ميمون، والحمَّادَيْن. وعنه: أبو زُرْعة. 35- إبراهيم بن حِبّان بن البراء بن النَّضْر بن أنس بن مالك الأنصاريّ البخاريّ البصْريّ2. نزيل الموصل. روى عن: الحمّادين، ومالك بن أنس، وشَرِيك. وعنه: بكر بن سهل الدِّمْياطيّ، ومحمد بن سِنَان بن سرح الشَّيْزَريّ، وأبو حاتم الرّازيّان، والحسن بن سعيد ابن مهران. تُوُفّي سنة أربعٍ أو خمسٍ وعشرين. وهو متَّهم بالكذِب. 36- إبراهيم بن الحَسَن الثعلبيّ الكوفيّ3. عن: شَرِيك، ويحيى بن أبي زائدة. وعنه: أبو أُسَامة عبد الله الكلبيّ، وأحمد بن يحيى الصوفيّ. قال أبو حاتم: شيخ.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 92". 2 انظر الإكمال "2/ 312". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 92". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 33 37- إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مُصْعَب بن عبد الله بن الزُّبَيْر1 -خ. د- أبو إسحاق القرشيّ الزّبيريّ المدنيّ. عن: إبراهيم بن سَعْد، ويوسف بن الماجِشُون، ووَهْب بن عثمان المخزوميّ، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وعبد العزيز بن أبي حازم، وحاتم بن إسماعيل، وجماعة. وعنه: "خ"؛ و"د"، وإسماعيل القاضي، وأخوه حماد، والعباس بن الفضل الأسفاطي، ومحمد بن نصر الصائغ، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. وقال محمد بن سعد: ثقة، صدوق في الحديث. يأتي الربذة كثيرا للتجارة ويقيم بها، ويشهد العيدين بالمدينة. وقال البخاري: مات سنة ثلاثين ومائتين. 38- إبراهيم بن زياد البغدادي سبلان2 -م. د. ن- أبو إسحاق. عن: إسماعيل بن مَخْلَد، وحمّاد بن زيد، وعبّاد بن عبّاد، ومُفرج بن فَضَالَةَ، وهُشَيْم. وعنه: "م". "د". و"ن". بواسطة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن نصر المَرْوَزِيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وخلْق. قال أبو بكر أحمد بن عثمان كُرَيْب: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: إذا مات سَبَلان ذهب علم عبّاد بن عبّاد. وقال مهنا: سألت أحمد بن حنبل عن سَبَلان فقال: لا بأس به، كان معنا عند هُشَيْم. وقد سمع من عبّاد بن عبّاد المُهَلَّبيّ. وقال أبو زرعة: ثقة. وقال أبو موسى بن هارون: كان قد ضبّب أسنانه بالذّهب.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 441"، والجرح والتعديل "2/ 95"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 283"، والثقات لابن حبان "8/ 72". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 351"، والجرح والتعديل "2/ 100"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 286"، والثقات لابن حبان "8/ 77". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 34 وتُوُفّي في ذي الحجّة سنة ثمانٍ وعشرين. - إبراهيم بن سَيّار النَّظّام1. في الآخر، يأتي بكنيته. 39- إبراهيم بن شَماس2. أبو إسحاق السَّمَرْقَنْديّ الغازي، نزيل بغداد. عن: مسلم الزّنْجيّ، وابن المبارك، وإسماعيل بن عيّاش، وبقيّة، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بن مُلاعب، وأبو زُرْعة، وأحمد بن عليّ البربهاريّ، وعبّاس الدُّوريّ، وآخرون. قال الأثرم: سَمِعْتُ أبا عبد الله يحسن الثناء عليه. وقال: كتب إليّ بعض أصحابنا أنّه أوصى بمائة ألف يستفك بها أسرى من التُّرّك. قال: فاشترينا مائتي نفس. قال أبو عبد الله: وقَتَلَتْه التُّرّك أيضًا، فانظُر بما خُتِم له. وكان صاحب سُنَّةٍ، له نكاية في التُّرْك. وقال أحمد بن سَيّار: كان صاحب سنةٍ وجماعة، كتب العِلْم وجالَس النّاس. رأيت إسحاق بن رَاهَوَيْه يعظّم من أمره، ويحرّضنا على الكتابة عنه. وكان ضخمًا عظيم الهامة، حسن الصِّبغة، أحمر الرأس واللّحية، حَسَن المجالسة يَفِدُ على الملوك، وله حظٌّ في الغَزْو. وكان فارسًا شجاعًا قتله التُّرْك وهو جاء من ضيْعته وهو غارٌّ لم يشعر بهم، وذلك خارج سمرقند، ولم يعرفوه. وقيل: يوم الإثنين في المحرَّم سنة إحدى وعشرين. وقال أبو سَعْد الإدريسي: كان شجاعًا بطلًا مبارِزًا، وعالمًا عاملًا، ثقة، متعصّبًا لأهل السُّنّة، كثير الغزو. رحمه الله.   1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل 2/ 105"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 293"، والثقات لابن حبان "8/ 69"، والمجروحين له "3/ 71". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 35 40- إبراهيم بن صُبَيْح الطَّلْحي1. روى عن: ابن جُرَيْج وتأخّر. لكنّه ليس بثقة. روى مُطَيِّن عنه، عن ابن جُرَيْج خبرًا باطلًا. وأول سماع مُطَيِّن سنة خمسٍ وعشرين. قاله الخطيب. 41- إبراهيم بن العبّاس بن عيسى بن عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ الْمَرْوَانِيُّ2. القاضي أبو العبّاس. ولي قضاء قُرْطُبة بمشورة يحيى بن يحيى، فحُمِدَت سيرته، وزانه تواضُعُه. تُوُفّي سنة بضعٍ وعشرين ومائتين. 42- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زَبْر الدّمشقيّ3. أبو إسحاق. روى عن: أبيه، وعن سعيد بن عبد العزيز، ويحيى بن حمزة. روى عنه: البخاريّ خارج "الصّحيح"، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو إسحاق الْجَوْزجانيّ، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو عَبْد الملك أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وآخرون. قال النَّسائيّ في الكنى: ليس بثقة. ولد سنة سبْعٍ وأربعين ومائة، وتوفي في حدود الثلاثين ومائتين أو بعدها. 43- إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهديّ البصريّ4. أخو موسى. روى عن: أبيه، وجعفر بن سليمان، وبُرَيْه بن عمر بن سَفِينَة، وابن عُيَيْنة، وأبي بكر بن عيّاش، وجماعة.   1 انظر السابق واللاحق للخطيب البغدادي "269"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 37". 2 انظر. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 109"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 304"، والجرح والتعديل "2/ 109"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 39". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 112"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 296"، والثقات لابن حبان "8/ 67"، والمجروحين له "1/ 111". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 36 وعنه: أحمد الدورقي، وأبو أمية، وهارون الجمال، ويعقوب الفسوي، والكديمي، وجماعة. وله مناكير. 44- إبراهيم بن مهدي المصيصي1 -د. عن: شَرِيك القاضي، وأبي عَوَانة، وإبراهيم بن سَعْد، وحمّاد بن زيد، وأبي المَلِيح الحَسَن بن عمر الرَّقّيّ، وعليّ بن مُسْهِر، وشَبِيب بن سُلَيم البصْريّ، وطبقتهم. وعنه: د، وإبراهيم بن الهيثم البلديّ، وأحمد بن إبراهيم بن فيل، وإسحاق بن سَيّار النَّصيبيّ، والحَسَن بن عليّ بن الوليد الفارسيّ، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وعبد الكريم الدَّيْرعاقوليّ، وطائفة كبيرة. وَثّقَهُ أبو حاتم. وقال ابن قانع: مات سنة خمسٍ وعشرين. وقال آخر: سنة أربع. أمّا: - إبراهيم بن مهديّ الأَيْليّ: فسيأتي سنة ثمانين. 45- إبراهيم بن المهديّ محمد بن المنصور أبي جعفر عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلي أَبُو إسحاق العبّاسي الهاشميّ الأسود، المُلَقَّب بالمبارك2. ويُلقب أيضًا بالتَّيْس لسُمْنه وضخامته. كان فصيحًا مُفَوَّهًا بارعًا في الأدب والشِّعْر. بارعًا إلى الغاية في الغناء ومعرفه الموسيقى. ويُقال له ابن شَكْلَةَ، وهي أُمّه. روى عن: المبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن يحيى الأبحّ. وعنه: ابنه هبة الله، وحميد بن فروة، وأحمد بن الهيثم، وغيرهم.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 138، 139"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 331"، والثقات لابن حبان "8/ 71"، وتاريخ الطبري "1/ 326". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 269، 270"، وتاريخ الطبري "8/ 211"، وسير أعلام النبلاء "10/ 557-561". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 37 قال علي بن المغيرة الأثرم: حدَّثني إبراهيم بن المهديّ أنّه ولي إمرة دمشق سنتين، ثمّ أربع سِنين لم يُقْطع على أحدٍ في عمله طريق. وأُخْبِرتُ أنّ الآفة كانت في قطع الطّريق من دعامة والنُّعمان مَوْلَيان لبني أُمَيّة، ويحيى بن أرميا من يهود البلْقاء. وأنّهم لم يضعوا يدهم في يد عامل. فلمّا ولّيت كاتبتهم. قال: فكتب إليه النُّعْمان بالأيمان المحرجة أنّه لا يُفسِد في عمله ما دام واليًا. قال: ودخل إلى دعامة سامعًا مطيعًا، وأعلمني أنّ النُّعْمان قد صدق وأنّه يفي. وأعلمني أنّ اليهوديّ كتب إليه أنّي خارج إلى مناظرتك فاكتب لي أمانًا تحلِف لي فيه أنّك لا تُحْدِثُ فيّ حدثًا حنّى تَرُدْني إلى مأمني. فأجبته. قال: فقدِم عليّ شابً أشعَر أمعَر، عليه أقبية ديباج ومِنْطَقة وسيف مُحَلّى. فدخل إلى دار معاوية، وكنتُ في صحنها. فسلّم من دون البساط. فقلت: ارتفِع. فقال: أيُّها الأمير إنّ للبساط ذمامًا، أخاف أن يلزمني جلوسي عليه، ولستُ أدري ماذا تسومني. فقلت له: أَسْلِمْ واسْمَعْ وأَطِعْ. فقال: أمّا الطاعة فأرجو. وأمّا الإسلام فلا سبيل إليه. فأعلِمْني بما لي عندك إذا لم أدخل في دينك. قال: فقلت لا بدّ من أداء الجزية. فقال: يعفيني الأمير. قال: فقلت: لا سبيل إلى ذلك. قال: فأنا منصرف على أماني. فأذِنْتُ له، وأمرتُهم بأن يَسْقُوا فَرَسه عند خروجه إليه. فلمّا رأى ذلك دعا بدابّةٍ شاكريّة، فرَكِبَها وترك دابّتَه، وقال: ما كنت لآخذ معي شيئًا قد أرتفق منكم بمرفقٍ فأحاربكم عليه. قال: فاستحسنت منه ذلك وطلبته، فلمّا دخل قلتُ: الحمد لله الذي أظفرني بك بلا عقد ولا عهد. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 38 قال: وكيف ذاك؟ قلت: لأنّك قد انصرفت من عندي ثمّ عُدت إليّ. قال شرطك أن تصيّرني إلى مأمني. فإنْ كان دارك مأمني فلستُ بخائف، وإن كان مأمني داري فردّني إلى البلقاء. فجهدتُ به إلى أداء الجزية، على أن أهبه في السّنة ألفي دينار، فلم يفعل. فأَذِنْتُ له في الرجوع إلى مأمنه. فرجعَ ثمّ أسعرَ الدُّنيا شرًّا. ثمّ حُمِل إلى عُبَيْد الله بن المهديّ مالٌ من مصر فخرج اليهوديّ متعرّضًا له، فكتب إليّ النُّعْمان بذلك، فكتبتُ إليه آمره بمحاربة اليهوديّ إنْ عرض للمال. فخرج النُّعْمان ملتقيًا للمال، ووافاه اليهوديّ، ومع كلّ واحد منهما جماعته. فسأل النُّعْمان اليهوديّ الانصراف، فأبى وقال: إنْ شئتَ خرجت إليك وحدي وأنت في جماعتك، وإنْ شئتَ تَبَارَزْنَا، فإنْ ظفرتُ بك انصرف أصحابك إليّ وكانوا شركائي في الغنيمة، وإنْ ظفرتَ بي صار أصحابي إليك. فقال له النُّعْمان: يا يحيى، ويْحَكَ أنت حدثٌ، وقد بُليت بالعُجْب. ولو كنت من قريش لما أمكنك مُعَارة السلطان. وهذا الأمير هو أخو الخليفة. وإنّا وإن فَرَّقَنا الدّينُ أحبُّ أن لا يجري على يديّ قتل فارسٍ من الفرسان، فإن كنت تحب ما أحبّ من السّلامة فأخرج إليّ، ولا يُبْتلى بك وبي مَن يَسوءُنا قتله. قال: فخرجا جميعًا وقت العصر، فلم يزالا في مبارزةٍ إلى الظّلام، فوقف كلٌّ منهما على فَرَسه، واتّكأ على رمحه، إلى أن غلبت النُّعْمان عيناه، فطعنه اليهوديّ، فوقع سِنَان رُمْحه في مِنْطَقة النُّعْمان، فدارت المِنْطَقة وصار السِّنان يدور بدَوَران المِنْطَقة إلى الظَّهْر، فاعتنقه النُّعْمان وقال لَهُ: أغدرًا يا ابن اليهوديّة؟ فقال له: أوَ محاربٌ ينام يا ابن الأمة واتّكئ عليه النُّعْمان عند مُعانقته إيّاه، فسقط فوقه، وكان النُّعْمان ضخْمًا، فصار فوق اليهوديّ، فذبحه وبعث إليَّ برأسه. فلم يختلف عليّ بعدها أحد. ثمّ ولي بعدي دمشقَ سليمانُ بنُ المنصور، فانتهبه أهل دمشق وسَبَوْا حُرُمَه، ثمّ ولي بعده أخوه منصور، فكانت على رأسه الفتنة العظمى. ثمّ لم يُعط القوم طاعة بعد ذلك، إلى أن افتتح دمشقَ عبدُ الله بنُ طاهر سنة عشرٍ ومائتين. وكان السّبب في صرفي عن دمشق للمرة الأولى أنّني اشتهيت الاصطباح فأغلقتُ الأبواب. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 39 قال: فحضر الكاتب، فصار إليه بعض الحَشَم، فسأله أن يكتب له إلى صاحب المنزل، فلم يمكن إخراج الدواة، واستعجله ذلك الغلام، فأخذ فحمةً، وكتب في خَزَفة لحاجته، فأخذ سُلَيم حاجبي تلك الفحمة فكتب على الحائط: كاتبٌ يكتب بفحمة في الخَزَف، وحاجِبٌ لا يصل. فوافى صاحب البريد، فقرأ ما كتب سُلَيم، فكتب بذلك إلى الرشيد، فوافى كتابُه الرَّقَّةَ يوم الرابع، فساعةَ وقع بصرُه على الكتاب عزلني، وحبسني مائة يوم، ثمّ رضي عنّي بعد سنة. ثمّ قال لي بعد سنتين: بحقّي عليك لَمَا تخيّرت ولاية أُولِّيكَها فقلت: دمشق فسألني عن سبب اختياري لها، فأخبرته باستطابتي هواءها، واستمرائي ماءها، واستحساني مسجدَها وغُوطَتها. فقال: قدرُك اليوم عندي يتجاوز ولاية دمشق، ولكن أجمع لك مع ولاية الصّلاة والمعادن ولايةَ الخراج، فعقد لي عليها. وقال الخطيب: بويع إبراهيم بن المهدي بالخلافة زمن المأمون، وقاتل الحَسَن بنَ سهل، فهزمه إِبْرَاهِيم، فتوجَّه نحو حُمَيْد الطُّوسيّ فقاتله فهزمه حُمَيْد واستخفى إبراهيم زمانًا حَتّى ظفر به المأمون، فعفا عنه. وكان أسودَ حالِكَ1، عظيم الْجُثّة. لم يُرَ في أولاد الخلفاء قبله أفصح منه ولا أجْوَد شِعرًا وكان وافر الأدب، جوادًا حاذقًا بالغناء معروفًا به. وفيه يقول دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعيّ: نَفَر ابن شَكْلَة بالعراق وأهلها ... وهفا إليه كلّ أطلَسَ مائق إن كان إبراهيم مضطلعا بها ... فلتصلحن من بعده لمُخارِقِ وقال ابن ماكولا: وُلِد سنة اثنتين وستين ومائة. وقال الخطيب2: بايع أهلُ بغداد لإبراهيم في داره، ولقّبوه بالمبارك، وقيل: المَرْضِيّ، في أول سنة اثنتين ومائتين. فغلب على الكوفة وبغداد والسّواد. فلمّا أشرف المأمون على العراق ضعُف إبراهيم. قال: وركب إبراهيم بُأُبَّهة الخلافة إلى المُصلى يوم النَّحْر، فصلّى بالنّاس وهو ينظر إلى عسكر المأمون. ثمّ انصرف من الصّلاة وأطعمَ النّاس بقصر الخلافة بالرّصافة، ثم استتر وانقضى أمره.   1 أي شديد السواد. 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 142". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 40 قال: وظفر به المأمون في سنة عشر، فعفا عنه وبقى مُكْرَمًا إلى أن تُوُفّي في رمضان سنة اربعٍ وعشرين. روى المبرّد عن أبي محلّم قال: قال إبراهيم بن المهديّ حين أُدْخِلَ على المأمون: ذنبي أعظم من أن يحيط به عُذْر، وعفوك أعظم من أن يتعاظمه ذَنْب1. وعن حُمَيْد بن قُرَّةَ أن المأمون قال لعمّه إبراهيم: يا إبراهيم أنت المتوثّب علينا تدّعي الخلافة؟ فقال: يا أمير المؤمنين أنت وليّ الثّأر، والمحكَّم في القِصاص، والعفو أقرب للتَّقْوى. وقد جعلك الله في كلّ ذي ذنب. فإنْ أخذتَ أخذتَ بحقّك، وإنْ عفوتَ عَفَوْتَ بفضل. ثمّ ذكر له حديثًا في العَفْو فقال: قد قبلت الحديث وعفوت عنك. هاهنا يا عمّ2. وقال ابن الأنباريّ: ثنا أحمد بن الهيثم، ثنا إبراهيم بن المهديّ، ثنا جماعة، والأصحّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"من نُوقش يوم الحساب عُذِّب". كذا أخرجه الحافظ ابن عساكر في صدر ترجمة إبراهيم، وهو إبراهيم بن مهديّ المِصِّيصيّ إن شاء الله. وقال إبراهيم الحربيّ: نُودي سنة ثمانٍ ومائتين أنّ أمير المؤمنين قد عفا عن عمّه إبراهيم. وكان إبراهيم حَسَن الوجه، حَسَن الغناء، حَسَن المجلس، رأيته وأنا مع القواريريّ يَوْمًا، وكان على حمار، فقبّل القواريريّ فخذه3. وقال داود بن سليمان الأنباريّ: حَدَّثَنَا ثُمامة بن أشرس، قال: قال لي المأمون: قد عزمتُ على تفْزيع عمّي. قال: فحضرتُ، فبينا نحن على السِّماط إذ سَمِعْتُ صلصلة الحديد، فإذا بإبراهيم موقوف على البساط، ممسوك بضبعَيْه4، مغلولة5 يده إلى عنقه، قد تبدل   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 146". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 146". 3 انظر تاريخ بغداد "6/ 146". 4 الضبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها وهما ضبعان. 5 أي مربوطة. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 41 شعره على عينيه، فسلَّم، فقال المأمون: لا سلَّم الله عليك، أكُفْرًا يا إبراهيم بالنّعمة وخروجا على أمير المؤمنين؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ القُدرة تُذْهِب الحفيظة. ومَن مُدَّ له في الاغترار هجمت به الأناة على التَّلف. وقد رفعك الله فوق كلّ ذي ذنب، كما وضع كل ذي ذنب دونك، فإن تُعاقِبْ فبحقّك، وإنْ تعفُ فبفضلك. فقال: إنّ هذين قد أشارا عليّ بقتلك، وأومأ إلى المعتصم أخيه، وإلى العبّاس ابنه. فقال: أشارا عليك بما يُشار به على مثلك، وفي مثلي من حُسْن السياسة وإنّ المُلْك عقيم. ولكنّك تأبى أنْ تستجلب نصرًا إلّا من حيث عوَّدك الله. وأنا عمُّك، والعمُّ صِنْو الأب. وبكى، فتغرغرت عينا المأمون. ثمّ قال: يا ثُمامة، إنّ الكلام كلامٌ كالدُّرّ، يا غلْمان حلّوا عن عمّي، وغيّروا من حالته في أسرع وقت، وجيئوني به. ففعلوا ذلك، فأحضره مجلسه، ونادمه، وسأله أن يُغنّي، فأبى وقال: نذرتُ لله عند خلاصي تَرْكَه، فعزم عليه، وأمر أن يوضع العود في حُجْره، فغنّى. وعن منصور بن المهديّ قال: كان أخي إبراهيم إذا تنحنح طرِبَ من يسمعه، فإذا غنّى أصْغَتِ الوحوش ومدّت أعناقها إليه حَتّى تضع رؤوسها في حجْره. فإذا سكت نَفَرَت وهربت. وكان إذا غنى لم يبقَ أحدٌ إلّا ذُهِلَ، ويترك ما في يده حَتّى يفرغ. وقال عبد الله بن العبّاس بن الفضل بن الربيع: ما اجتمع أخٌ وأختٌ أحسن غناءً من إبراهيم بن المهديّ وعُلَيّة. وكانت عُليّة تُقَدَّم عليه. وقال عَوْن بن محمد: استتر إبراهيم، فكان يتنقّل في المواضع، فنزل بقريب أخت له، فوجهت إليه بجاريةٍ حسناء لتخدمه، وقالت: أنتِ له. ولم يدر إبراهيم، فأعجبته، فقال: بأبي ومن أنا قد أصبحـ ... ـت مأسورًا1 لديه والذي أجللت خذّي ... يه فقبَّلتُ يديهِ والذي يقتلني ظُلْمًا ... ولا يُعْدَى عليه أنا ضيف وجزا ... ء الضّيف إحسان إليه   1 أي أسير. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 42 ومن شعره: قد شاب رأسي ورأس الحرص لم يشب ... إن الحريص على الدنيا لفي تعب لو كان يصدقني ذهني بفكرته ... ما أشتد غمي على الدنيا ولا نصبي بالله ربك كم بيتٍ مررت به ... قد كان يعمر باللذات والطرب طارت عقاب المنايا في جوانبه ... وصار من بعدها للويل والحرب وقيل: إن المأمون شاور في قتله أحمد بن خالد الوزير فقال: يا أمير المؤمنين إن قتلته فلك نظراء، وإن عفوت فما لك نظير. قلت: لا يُعَدّ إبراهيم من الخلفاء، لأنّه شقّ العصا وكانت أيّامه سنتين إلّا شهرًا. وله ترجمة طويلة في "تاريخ دمشق" تكون في سبْعٍ عشرة ورقة. 46- إبراهيم بن مهران بن رستم1. أبو إسحاق المَرْوَزِيّ. حدّث ببغداد عن: الَّليْث، وابن لَهِيعَة، وشريك. وعنه: عبد الله بن أحمد، وموسى بن هارون. 47- إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زادان2 -ع. أبو إسحاق التّميميّ الرازيّ الحافظ الفرّاء، المعروف بالصَّغير. وكان الإمام أحمد يُنكر هذا ويقول: هو كبير في العِلْم والْجَلالة. سمع: أبا الأحْوَص سلّام بن سُلَيم، وخالد بن عبد الله، وجرير بْن عَبْد الحميد، ويحيى بْن أَبِي زائدة، وعيسى ابن يونس، وبقيّة، والوليد بن مسلم، وطبقتهم بالشّام والعراق وغير موضع. وعنه: خ. م. د. والباقون بواسطة، ومحمد بن يحيى، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن إبراهيم الطَّيَالسيّ، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وجماعة. وكان أحد الأئمّة الأعلام.   1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 137"، والتاريخ الكبير البخاري "1/ 327"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 219-221". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 43 قال أبو زُرْعة: هو أتقن من أبي بكر بن أبي شَيْبَة، وأصحّ حديثًا؛ وأتقن وأحفظ من صالح بن صالح. وقال أبو حاتم: هو من الثّقات، أتقن من محمد بن مِهران الجمّال. وقال صالح بن جَزَرَة: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعة يقول: كتبتُ عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى الرّازيّ مائة ألف حديث، وعن أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة، مائة ألف حديث. وقال النَّسائيّ: ثقة. 48- إبراهيم بن يحيى بن عَبّاد بن هانئ المَدنيّ الشَّجَريّ1 -ت. كان ينزل الشَّجَرَة بذي الحُلَيْفَة. روى عن: أبيه، وإبراهيم بن سَعْد. وعنه إسحاق بن إبراهيم شاذان، ومحمد بن إسماعيل البخاري في "جامع الترمذي"، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعبد الله بن شبيب، ومحمد بن يحيى الذهلي، والعباس بن الفضيل الأسفاطي، ومحمد بن الضريس، وآخرون. قال أبو حاتم: ضعيف. وقال محمد بن إسماعيل الترمذي: لم أر أعمى قلبا من الشجري. قلت له: حدّثكم إبراهيم بن سَعْد. فقال: حدّثكم إبراهيم بن سَعْد. وقلت: حدثك أبوك. فقال: حدّثك أبوك. وقال مرّة: حدَّثني إبراهيم بن سَعْد ولم أسمعه منه. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَذَكَرَهُ فِي "الثِّقَاتِ". وَرَوَى له التِّرْمِذِيّ. يقع حديثه بعُلُوّ في الدعاء للمَحَامِليّ.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 147"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 336"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 230، 231". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 44 وقال بعضهم: تُوُفّي قبل أيّوب بن سليمان بن بلال. ومات أيّوب سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 49- إبراهيم بن يحيى بن المبارك اليزيديّ اللُّغَويّ1. كان من أئمّة العربيّة، ومن أعيان الشّعراء. أخذ عن: أبيه وأبي يزيد الأنصاريّ، والأصْمَعيّ. وله كتاب "ما أتقن لفظه واخْتَلَفَ معناه"، وهو نهاية في فنِّه، يكون مجلّدين. وله كتاب "مصادر القرآن"، وكتاب "بناء الكعبة"، وغير ذلك. أدرك خلافة المعتصم، وكان ينادم المأمون على الشّراب. وهو القائل يخاطب المأمون: أنا المذنبُ الخطّاء والعفو الواسع ... ولو لم يكن ذنبٌ لما حَسُنَ الْعَفْوُ سَكِرْتُ فأبدتْ منّي الكأس بعضَ ما ... كرهتُ وما إن يستوي السّكر والصّحو ولا سيما إذ كنتُ عند خليفةٍ ... وفي مجلسٍ ما إنْ يَليق به اللَّغْوُ في أبياتٍ، نسأل الله العفْو والسَّتْر. 50- إبراهيم بن أَبِي سُوَيْد الذّراع الحافظ2. هو إبراهيم بن الفضل بن أبي سُوَيْد البصْريّ. سمع: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبا عَوَانة، وعبد الواحد بن زياد، وعُمارة بن زاذان، وجماعة. روى عنه: محمد بن بشّار، ومحمد بن يحيى، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو حاتم، وخلْق كثير. ذُكِرَ ليحيى بن مَعِين فقال: كثير التصحيف.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 209، 210"، والأغاني "20/ 249-256"، والوافي بالوفيات "6/ 165، 166". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 301"، والجرح والتعديل "2/ 122، 123"، والثقات لابن حبان "8/ 69". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 45 وقال أبو حاتم: ثقة رضيّ. قلت: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين، ولا رواية له في كتب الأئمّة السّتّة. 51- إبراهيم بن أبي العبّاس1 -ن. ويقال ابن العبّاس. أبو إسحاق السامريّ. كوفي نزل بغداد. وقال ابن ماكولا: السّامَرِيّ بفتح الميم وتخفيف الراء. عن: شَرِيك، وعبد الرحمن بن أبي الزّناد، وأيّوب بن جابر، وبقيّة، وإسماعيل بن عياش، وعدّة. وعنه: أحمد بن حنبل، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن رافع، ومعاوية بن صالح الأشعري، وأحمد بن عليّ البَرْبَهاريّ، وجماعة. وَثّقَهُ الدَّارَقُطْنيّ. وروى له النَّسائيّ حديثًا واحدًا في الخمر. واختلط بأخره، فحجبه أهله حتّى مات. 52- أزرق بن عَذَوَّر بن دُحَيْن العنبريّ البصْريّ2. عن: أبيه، عن جدّه. وعنه: أبو حفص الفلّاس، وأبو زُرْعة، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وهشام بن عليّ السِّيرافيّ. 53- الأزرق بن عليّ الحنفيّ3. أبو الجهم. كوفيّ مشهور.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 346"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 309"، والجرح والتعديل "2/ 121"، والثقات لابن حبان "8/ 68". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 339"، والإكمال "3/ 314". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 339"، والثقات لابن حبان "8/ 136"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 317". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 46 سمع: حسّان بن إبراهيم الكِرّمانيّ، وعَمْرو بن يونس اليَمَاميّ. وعنه: أبو زُرْعة، وعبد الله بن أحمد، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ. تُوُفّي في حدود الثلاثين ومائتين. 54- إسحاق بن إبراهيم1. أبو النّصر القُرَشيّ الأُمَويّ، مولاهم الدّمشقيّ الفَرَاديسيّ. عن: سعيد بن عبد العزيز، وإسماعيل بن عيّاش، وصَدَقَة بن خالد، ويحيى بن حمزة، وطائفة. وعنه: د، وخ. ورُبّما نَسَبه إلى جدّه فقال إسحاق بن يزيد، ون. بواسطة، وأبو زُرْعة النَّصْريّ، وأبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم السَّرِيّ، وعثمان بن خُرَّزاذ، وطائفة. وقال أبو زُرْعة: كان من الثّقات البكّائين. وقال أبو حاتم، وغيره: ثقة. تُوُفّي في ربيع الأول عن ستٍّ وثمانين سنة. 55- إسحاق بن إسماعيل الطّالْقانيّ2. أبو يعقوب، نزيل بغداد. سمع: جرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بْن عُيَيْنة، وعَثّام بن عليّ، وحسين بن عليّ الْجُعْفيّ، وحكام بن سلم، وسليمان بن الحكم بن عوانة، ومعتمر بن سليمان، وجماعة. وعنه: د، وأبو يعقوب الحربيّ، وابن أبي الدُّنيا، وخلف بن عمرو العكبري، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو يعلى، وأبو القاسم البغوي، وآخرون.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 208"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 379"، والثقات لابن حبان "6/ 50"، وتهذيب الكمال "2/ 389". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 99"، والثقات لابن حبان "8/ 113"، وتاريخ بغداد "6/ 334-337"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 409-412". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 47 قال إبراهيم بن الجنيد: سئل ابن معين، وأنا أسمع، عن إسحاق بن إسماعيل، فقال: صَدُوق. ولقد كلَّمني أن أُكَلِّمَ أُمّه أن تأذن له في الخروج إلى جرير بن عبد الحميد، فكلَّمتُها، فأجابتني، فخرج معي اثنا عشر رجلاّ مشاة1. ولم يكن له تلك الأيام شيء. قال: وبُلي من النّاس. قال: كيف هذا. قال: يكذّبونه وهو صَدُوق. وقال ابن المَدِيني: كان معنا عند جرير، وكان غلامًا ولم يكن يضبط. وقال الدَّارَقُطْنيّ، وجماعة: ثقة. وقال البَغَويّ: مات في رمضان سنة ثلاثين، وقطع الحديث2 قبل أن يموت بخمس سنين. 56- إسحاق بن بِشْر بن مقاتل3. أبو يعقوب الكاهليّ الكوفيّ. عن: مالك، وأبي مَعْشَر، وحفص بن سُليمان، وغيرهم، وكثير بن سُلَيم. وعنه: محمد بن عليّ الأزْديّ، وأحمد بن حفص السَّعْديّ، وإسحاق بن إبراهيم السِّجِسْتانيّ، وعمر بن حفص السَّدُوسيّ، وآخرون. قال مُطَيِّن: ما سمعت أبا بكر بن أبي شبيه كذَّب أحدًا إلّا إسحاق بن بِشْر الكاهليّ. وقال ابن عَديّ: كَانَ يضع الحديث. وقال موسى بن هارون: مات بالمدينة سنة ثمانٍ وعشرين، وهو كذّاب. قُلْتُ: وَمِنْ مَوْضُوعَاتِهِ عَلَى أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، رفعه:   1 أي على الأرجل. 2 أي توقف عن التحديث. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 214"، والمجروحين لابن حبان "1/ 135، 136"، والضعفاء للعقيلي "1/ 98-100". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 48 "يَدْخُلُ بِالْحَجَّةِ الْوَاحِدَةِ ثَلَاثَةُ نفرٍ الْجَنَّةَ: الْمَيِّتُ، وَالْحَاجُّ عَنْهُ، وَالْمُنْفِذُ لَهُ بِذَلِكَ". وَبِهِ قَالَ: مَنْ مَاتَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ لَمْ يُعْرَضْ وَلَمْ يُحَاسَبْ. روى الحديث الأول عبد الرّزّاق، عن أبي معشر. 57- إسحاق بن بِشْر1. أخو حُذيفة البخاريّ، صاحب المبتدأ. وقد ذُكر. 58- إسحاق بن بشر الرازيّ البزّار2. عن: ابن عُيَيْنة، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، وأبو زُرْعة. قال أبو حاتم: صَدُوق. 59- إسحاق بن عبد الواحد القُرَشيّ المَوْصِليّ3 -ن. سمع: مالكًا، وحمّاد بن زيد، وأبا الأحْوَص، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ. وعنه: سليمان بن وَهْب، وعليّ بن جابر، وتَمْتَام، وعبد اللله بن عبد الصَّمد بن أبي خِداش، وإدريس بن سُلَيم المَوْصِليّان. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. قاله يزيد بن محمد الأزْديّ. 60- إسحاق بن عمر بن سليط4 -م. أبو يعقوب البصريّ، هُذَليّ النَّسَب. يروي عن: مبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن سلمة، وسليمان بن المغيرة.   1 تقدمت ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 214"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 100". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 115"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 102، تهذيب الكمال للمزي "2/ 454-456". 4 انظر الطبقات الكبري لابن سعد "7/ 303"، والجرح والتعديل "2/ 230"، والثقات لابن حبان "8/ 111"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 460". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 49 وعنه: م؛ وأبو حاتم، وأبو داود في غير السُّنَن، وموسى بن هارون، وجماعة. توفي سنة تسعٍ وعشرين. 61- إسحاق بن كعب1. بغداديّ. سمع: شَرِيكًا، وعبّاد بن العوّام. وعنه: ابن أبي الدّنيا، وتمتام2، وأبو حاتم، وقال: صَدُوق. وقال النَّسائيّ: يُكنى أبا يعقوب. 62- إسحاق بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بْن أبي فروة3 -خ. ت. ق- أبو يعقوب الفرويّ. المدنيّ، مولى عثمان -رضي الله عنه. سمع: مالكا، ونافع بن أبي نُعَيْم، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، وعُبَيْدة بن نابِل، وعبد الله بن جعفر المُخَرّمي، وسليمان بن بلال، وجماعة. وعنه: خ. وت. ق. بواسطة، وأبو بكر الأثرم، وإسماعيل القاضي، وعبد الله بن شندر، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن إسماعيل الصّائغ، وطائفة. قال أبو حاتم: صَدُوق. ولكن ذهب بصره. ورُبما لُقِّن. وكُتُبُه صحيحة. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات". ووهّاه أبو داود، ونقَم عليه حديث الإفك لروايته عن مالك. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. وقد روى عنه خ. ويوبّخونه على هذا. وقال البخاري: مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 232"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 400"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 333، 334". 2 لعله تمام وأخطأ الناسخ. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 233"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 401"، والصغير له "230"، والثقات لابن حبان "8/ 114". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 50 63- إسحاق بن المنذر1. عن: أبي عُقَيْل يحيى بن المتوكّل، وعبد الحميد بن بهرام. وعنه: الحَسَن بن محمد بن سَلَمَةَ الرّازيّ النَّحْويّ، ومحمد بن يحيى بن سليمان المَرْوَزِيّ، وغيرهما. ذكره ابن أبي حاتم. وما لينه أحد. 64- إسماعيل بن جعفر بن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طالب الهاشميّ2. عن: الحَسَن بن زيد العلويّ، وحسين بن عليّ العلويّ، وعبد الله بن عبد العزيز العُمَريّ. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، وغيره. قال أبو حاتم: لم يكن به بأس. 65- إسماعيل بن الخليل3 -خ. م. أبو عبد الله الكوفيّ الخزّار. عن: يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وعليّ بن مُسْهِر، وأبي خالد الأحمر، وجماعة. وعنه خ. م، وبِشْر بن موسى، والحسين بن جعفر القتّات، وتمتام، ويعقوب الفسوي، وجماعة. وثقه مطين وقال: مات سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 66- إسماعيل بن سعيد4. أبو إسحاق الطّبري الكسائيّ الشّالنجيّ.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 235"، وتاريخ الطبري "1/ 326". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 163، 164"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 350"، وتاريخ الطبري "7/ 37"، والثقات لابن حبان "8/ 92". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 167"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 352"، والثقات لابن حبان "8/ 99"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 83-85". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 173"، والثقات لابن حبان "8/ 97"، وتاريخ جرجان "141-143". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 51 والشّالَنْج من بيع المِخْلاة والمِقْوَد. وسكن إسْتَرَاباذ. وحدَّث عن: عبد العزيز بن أبي حازم، وعبّاد بن العوّام، وجماعة. وعنه: الضّحّاك بن الحسين، وأهل إسْتَرَاباذ وجُرْجان. وكان صدوقًا. صنّف كتاب "البيان في الفقه" على مذهب أبي حنيفة. وتُوُفّي سنة ثلاثين ومائتين. 67- إسماعيل بن عبد الله بن زُرارة1. أبو الحَسَن الرَّقّيّ. عن: عُبَيْد الله بن عَمْرو، ويعلى بن الأشدق، وحمّاد بن زيد، وحَجّاج بن أبي منيع، وخالد بن عبد الله، وشَرِيك، وإسماعيل بن عيّاش، وطائفة. وعنه: ابنه إبراهيم، وأحمد بن بِشْر المرثديّ، وأحمد بن يونس الضَّبّيّ، وإسماعيل سمّويه، والحسن بن عليّ ابن الوليد الفَسَويّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو شُعَيْب الحَرّانيّ، وطائفة. وَثّقَهُ ابن حِبّان، والدَّارَقُطْنيّ، وغيرهما. وقال أبو الفتح الأزدي: مُنْكَر الحديث. وقال ابنه: مات أبي بالبصرة سنة تسعٍ وعشرين. قال شيخنا أبو الحَجّاج، قال أبو القاسم في "الشيوخ النُّبْل": روى عنه ابن ماجة، وروى النَّسائيّ، عن رجلٍ عنه. وإنّما الذي روى عنه ابن ماجة: إسماعيل بن عبد الله بن خالد القُرَشيّ الرَّقّيّ. ولم يدرك ق. ابن زُرَارة. وأما النّسائيّ فلم نقف على روايته، عن رجل، عنه. ثمّ قال شيخنا: وذكر الدَّارَقُطْنيّ، والبرقاني، وابن طاهر أنّ خ. روى عن ابن زرارة المذكور.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 181"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 366"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 119-123". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 52 وقد روى البخاريّ عِدّة أحاديث عن إسماعيل بن عبد الله، عن مالك، وغيره، وهو إسماعيل بن أبي أُوَيْس والله أعلم. 68- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أُوَيْس بن مالك بن أبي عامر1. أبو عبد الله بن أُوَيْس الأشجعيّ، المَدنيّ. أخو عبد الحميد بن أبي أُوَيْس. قرأ القرآن على نافع، وهو آخر أصحابه. وعليه قرأ: أحمد بن صالح المصريّ، وغيره. وروى عن: خاله مالك بن أنس، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وعبد العزيز الماجِشُون، وكثير بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ، وسليمان بن بلال، وعبد الرحمن بن أبي الزّناد، وَسَلَمَةُ بن وَرْدان، وطائفة. وعنه: خ. م، ود. ت. ق. بواسطة، وأحمد بن صالح المصريّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وعبد الله الدّارميّ، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن نصر الصّائغ، وعليّ بن جَبَلَة الإصبهانيّ، وخلْق كثير. وقال أحمد: لا بأس به. وقال أحمد بن أبي خيثمة، عن ابن مَعِين: صَدُوق، ضعيف العقل. ليس بذاك، يعني أنّه لا يُحسن الحديث، ولا يعرف يؤدّيه أو يقرأ من غير كتابه. وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق، وكان مغفَّلًا. وقال النَّسائيّ: ضعيف. وقال مرّة: ليس بثقة. وقال ابن عَديّ: روى عن خاله غرائب لا يُتابعه عليها أحد، وهو خير من أبيه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ليس أختاره في الصّحيح. قلت: روى عنه الشيخان، وروى مسلم أيضًا، عن رجلٍ، عنه. مات سنة ستٍّ. ويقال سنة سبعٍ وعشرين، وله ثمانٍ وثمانون سنة. قال محمد بن وضّاح: قال لي ابن أبي أُوَيْس: ليس اليوم بالمدينة أحد قرأ على نافع غيري.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 438"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 364"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "285"، والثقات لابن حبان "1/ 99". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 53 قلت: ولم يكن مُتصدّيًا للإقراء، بل للحديث. قال الفضل بن زياد: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل وقيل له: بالمدينة اليوم؟ قال: ابن أبي أويس هو عالم كثير العِلْم، أو نحو هذا. وقال أحمد بن حنبل مرّة: هو ثقة. قام في أمر المحنة، مقامًا محمودًا. وقال البَرْقَانيّ: قلت للدَّارَقُطْنيّ: لِم ضعّف النَّسائيّ إسماعيل بن أبي أُوَيْس؟ فقال: ذكر محمد بن موسى الهاشميّ وهو إمام كان النَّسائيّ يخصّه بما لم يخصّ به ولده. فقال: حكى لي النّسائيّ أنه حكى له سلمة ابن شَبِيب، عنه، قال: ثمّ توقف أبو عبد الرحمن النَّسائيّ، فما زلت أداريه أن يحكي لي الحكاية، حَتّى قال: قال لي سَلَمَةُ: سَمِعْتُ إسماعيل بن أبي أُوَيْس يقول: ربّما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم. فقلت للدَّارَقُطْنيّ: من حكى لك هذا عن محمد بن موسى؟ قال: الوزير، يعني ابن حنزابة، وكتبتها من كتابه. وقال ابن مَعِين مرّة: ليس بذاك، ضعيف العقل. وقال مرّة: ليس بشيء. سمعهما منه ابن أبي خيثمة. ثمّ قال ابن مَعِين: قال لنا عبد الله بن عُبَيْد الله الهاشميّ صاحب اليمن: خرجتُ ومعي إسماعيل بن أبي أُوَيْس إلى اليمن، فدخل لي يومًا ومعه ثوبٌ وشي فقال: امرأتي طالق ثلاثًا إن لم تشتر من هذا الرجل ثوبه بمائة دينار. قلت للغلام: زِنْ له. فوزن له. وإذا بالثّوب يساوي خمسين دينارًا، فسألتهُ بعدُ فقال: إنّه أعطاني منه عشرين دينارًا. قلت: استقرّ الأمرُ على توثيقه وتجنُّب ما يُنكر له. 69- إسماعيل بن عبد الحميد1. أبو بكر العِجْليّ البصْريّ العطّار، صاحب الرقيق.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 187". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 54 عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبي الأشهب، وطبقتهما. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم وقال: صَدُوق. 70- إسماعيل بن عَمْرو بن نجيح البَجَليّ1. مولاهم الكوفيّ. نزيل إصبهان وشيخها ومُسْنِدُها. سمع: مِسْعَر بن كُدَام، ومالك بن مِغْوَلٍ، وعبد الغفّار بن القاسم، وكاملًا أبا العلاء، وأبا مَعْشَر، وفضيل بن مرزوق، وسفيان الثّوريّ، وشيبان، وغيرهم. وعنه: عبد الله بن محمد بن زَكَريّا، ومحمود بن أحمد بن الفَرَج، وإبراهيم بن نائلة، ومحمد بن نُصَيْر، ومحمد بن عليّ الفرقديّ، ومحمد بن إبراهيم الصّفّار الأصبهانيّون، وخلْق كثير. وكان قد "انتهى إليه عُلُوّ الإسناد بإصبهان". قال محمد بن يحيى بن مَنْده: سَمِعْتُ إبراهيم بن إدريس ذكر إسماعيل وأحسن الثناء عليه. وقال شيخنا مثل ذلك. وكان عنده عن فلان وفلان. وذكره ابن حبّان في "الثّقات". أما الدارقطني فضعفه. وقال ابن عدي: حدَّث عن مِسْعَر، والثَّوريّ، والحَسَن بن صالح، وغيرهم بأحاديث لا يُتابع عليها. وروى عنه: أُسَيْد بْن عاصم، وعبد الله بْن محمد بْن سلّام، والقاسم بن نصر المخرّميّ. ثمّ روى له ابن عَديّ أحاديث وقال: هذه الأحاديث مع سائر رواياته التي لم أذكرها عامّتها مَا لا يُتابَع عليه، وهو ضعيف. قلت: تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 190"، والثقات لابن حبان "8/ 100"، والكامل لابن عدي "1/ 316، 317"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 239، 240". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 55 71- إسماعيل بن عيسى العطّار1. بغداديٌّ صَدُوق. عنده عن: إسماعيل بن زَكَريّا الخُلْقانيّ، وزياد بن عبد الله البكّائيّ. وعنده "المبتدأ"، عن أبي حُذيفة البخاريّ. روى عنه: الحَسَن بن عَلُّوَية القطان، وأحمد بن علي البربهاري، وغيرهما. توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وثقه الخطيب، وغيره. وضعّفه الأزدي. 72- أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع2 -خ. ت. س. أبو عبد الله الأُمَويّ الفقيه، مولى عمر بن عبد العزيز. وُلِد بعد الخمسين ومائة. وإنّما طلب العِلْم كبيرًا، فلم يلق مالكًا ولا الَّليْث، بل تفقّه على ابن وَهْب، وعبد الرحمن بن القاسم وروى عنهما، وعن: أُسَامة بن زيد، وأخيه عبد الرحمن بن زيد، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وحاتم بن إسماعيل، والعبّاس بن خَلَف بن إدريس بن عمر بن عبد العزيز، وعيسى بن يونس، وغيرهم. وعنه: خ. وت. س. بواسطة، وأحمد بن الحَسَن التِّرْمِذِيّ، وأحمد بن الفرات، والربيع الْجِيزيّ، وأبو الدرداء عبد العزيز بن المَرْوَزِيّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأبو يزيد القراطيسيّ، وخلْق. ذكره يحيى بن مَعِين فقال: كان من أعلم خَلْق الله برأي مالك يعرفها مسأله مسألة، متى قالها مالك ومن خالفه فيها. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ صاحب سنّة.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 191"، والثقات لابن حبان "8/ 99"، وتاريخ بغداد للخطيب "1/ 262، 263". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 321"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 36"، والثقات لابن حبان "8/ 133". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 56 وقال أبو حاتم: كان أجلّ أصحاب ابن وَهْب. وقال ابن يونس: كان يحيى بن عثمان يقول: هو من ولد عبيد المسجد. كان بنو أُمَيّة يشترون للمسجد عبيدًا يخدمونه، وهو من ولد أولئك. وكان مطلعًا بالفِقْه والنَّظَر. تُوُفّي لأربعٍ بقين من شوّال سنة خمسٍ وعشرين. وكان ذُكِرَ للقضاء في مجلس عبد الله بن طاهر، فسبقه سعيد بن عُفَيْر. وقال ابن يونس: حدَّثني عليّ بن الحَسَن بن قُدَيد، عن يحيى بن عثمان بن صالح، عن أبي يعقوب البُوَيْطيّ أنّه كان حاضرًا في مجلس ابن طاهر الأمير حين أمر بإحضار شيوخ مصر. قال: فقال لنا: إنّي جمعتكم لترتادوا لأنفسكم قاضيًا. فكان أول من تكلَّم يحيى بن بُكَيْر، ثمّ تكلَّم ابن ضمرة الزُّهْريّ فَقَال: أصلح الله الأمير، أصبغ بن الفرج الفقيه العلم الورِع، فذكر الحكاية. وقال بعض الكبار: ما أخرجت مصرُ مثل أصبغ. وقال أبو نصر: سَمِعْتُ الربيع والمُزْنيّ يقولان: كنّا نأتي أصبغ قبل قدوم الشّافعيّ، فنقول له: علِّمنا ممّا علَّمك الله. وقال مُطَرِّف بن عبد الله: أصبغ أفقه من عبد الله بن عبد الحكم. وروى عليّ بن قُديْد، عن شيخ له قال: كان بين أصْبَغ وبين ابن عبد الحَكَم مباعدة، وكان أحدهما ويرمي الآخر بالبُهتان. وقال ابن وزير: كان أصبغ خبيث الّلسان، وربّما كان صاعقة. ومن مناقب أصبغ: قال ابن قُدَيد: كتب المعتصم في أصبغ ليُحمل إليه في المحنة، فهرب واختفى بحُلْوان؛ رحمه الله. وفيه يقول الجمل الشّاعر في مدح الخليفة: وطَويتَ أصبغَ حِقْبَةً في بيتِه ... فَسَتَرته جُدْرَ البيوت السُّتَّرِ أبدَلْتَهُ بِرِجاله وجُمُوعِه ... خَرْقًا مُقَاعَدَةَ النّساءِ الخُدَّرِ الجزء: 16 ¦ الصفحة: 57 فإذا أراد مع الظّلام لحاجةٍ ... أخذ النِّقابَ وفضْلَ مِرْط المِعْجَرِ 73- أصرم بن حَوْشَب1. القاضي أبو هشام الهَمْدانيّ. قاضي همدان. حدَّث في سنة ثلاثين ومائتين عن: قُرَّةَ بن خالد، وزياد بن سَعْد، وعبد الله بن إبراهيم الشَّيْبانيّ، ومِنْدل بن عليّ، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن سعيد الْجَوْهَريّ، وعثمة بن الفضل، وابن قهزاد، وعثمان بن صالح الحنّاط، ومحمد بن يحيى الأزْديّ، وطائفة سواهم. قال ابن مَعِين: كذّاب خبيث. وقال البخاريّ: متروك. قال أبو إسحاق الْجَوْزجانيّ: كتبتُ عنه بهَمَدان سنة ثلاثين. وهو ضعيف. 74- أغلب بن إبراهيم بن الأغلب التَّميميّ2. أمير القيروان وابن أميرها. ولي الأمر بعد أخيه زيادة الله بن إبراهيم فبقى ثلاثة أعوام ومات في ربيع الآخر سنة ستٍّ وعشرين. ثمّ ولي بعده ولده محمد بن الأغلب وطالت أيّامه، وبقي تسع عشرة سنة. 75- أيّوب بن سليمان بن بلال3 -خ. د. ت. ن. أبو يحيى القرشيّ التّيميّ، مولاهم المَدنيّ. مشهور صَدُوق، لم أره لحق أباه، وإنّما روى عن رجلٍ، عن أبيه. وهو عبد الحميد بن أبي أُوَيْس، له عنه نسخة. وحكى عن: عبد العزيز بن أبي حازم.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 382"، والجرح والتعديل "2/ 336"، والمجروحين "1/ 181"، والكامل لابن عدي "1/ 394". 2 انظر نهاية الأرب "24/ 117". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 248"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 415، 416"، والثقات لابن حبان "8/ 126"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 472". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 58 وعنه: خ. ود. ت. ن. بواسطة، وأحمد بن شَبُّويْه المَرْوَزِيّ، وإبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسيّ، والزُّبَيْر بن بكّار، وَأَبُو حَاتِم، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعبد الله بن شبيب، وجماعة. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات" وقال: سمع مالكًا. ومات سنةً أربعٍ وعشرين. 76- أيّوب بن سليمان البصْريّ المكتّب1. عن: أبي عَوَانة، وأبي هلال. وعن عمّه عمّر بن معدان. وعنه: عليّ بن نصر الْجَهْضميّ، ومحمد بن شُعْبَة بن جوان. "حرف الباء": 77- بابَك الخُرَّميّ2. مذكور في الحوادث في أماكن. 78- بشّار بن موسى الخفّاف3. أبو عثمان العِجْليّ أو الشَّيْبانيّ البصريّ. عن: شريك، وأبي عوانة، عبيد الله بن عمرو الرقي، ويزيد بن زريع، وعطاء بن مسلم الخفّاف، وخلْق. وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله بن أحمد، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، والحَسَن بن عَلُّوَيه، وصالح جَزَرَة، وأبو القاسم البَغَويّ. قال عليّ بن المَدِينيّ: ما كان ببغداد أصلب في السُّنّة منه. وقال ابن عَديّ: أرجو أنه لا بأس به.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 249"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 415"، والثقات لابن حبان "8/ 126". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 118-123"، وتاريخ الطبري "8/ 556"، والكامل في التاريخ "6/ 328". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 352"، والجرح والتعديل "2/ 417"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 130"، وتهذيب الكمال "4/ 83-90". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 59 وقول من وَثّقَهُ أشبه. وقال أبو داود: كان أحمد يكتب عنه وأنا لا أُحَدِّث عنه. وقال ابن مَعِين: ليس بثقة. وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال الفلّاس: ضعيف الحديث. توفّي سنة ثمانٍ وعشرين في رمضان. 79- بِشْر الحافي بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء1. أبو نصر المَرْوَزِيّ، ثمّ البغداديّ الزّاهد الكبير المعروف ببِشْر الحافي. وهو ابن عمّ عليّ بن خشرم المحدِّث. سمع: إبراهيم بن سَعْد، وحمّاد بن زيد، وأبا الأحْوَص، وشَرِيكًا، ومالكًا، والفُضَيْل بن عِيَاض، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وخالد بن عبد الله الطّحّان، والمُعافى بن عِمران، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم. وعنه: أحمد الدَّوْرقيّ، ومحمد بن يوسف الْجَوْهَريّ، ومحمد بن المُثَنَّى السِّمسار، وسَرِيّ السَّقَطيّ، وعمر بن موسى الجلّاء، وإبراهيم بن هاني، وخلق غيرهم. وكان عديم النّظير زُهْدًا وورعًا وصلاحًا. كثير الحديث إلّا أنّه كان يكره الرواية، ويخاف من شهوة النَّفس في ذلك، حَتّى أنّه دفن كُتُبه. أَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ، وَالْمُؤَمَّلُ، وَغَيْرُهُمَا كِتَابَةً قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّنْدِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ السِّمْسَارُ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَوْفِيَّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "اتَّخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا، فَلَبِسَهُ، ثُمَّ ألقاه".   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 342"، والجرح والتعديل "2/ 356"، والثقات لابن حبان "8/ 143"، وحلية الأولياء "6/ 357". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 60 وعن بِشْر أنّه قيل له: ألا تُحَدِّث؟ قال: أنا أشتهي أن أحدّث، وإذا اشتهيت شيئًا تركتُه. وقال إسحاق الحربيّ: سَمِعْتُ بشرَ بن الحارث يقول: ليس الحديث من عُدّة الموت. فقلت له: قد خرجتُ إلى أبي نُعَيْم. قال: أتوب إلى الله بذهابي. وعن أيّوب العطار سمع بشرًا يقول: ثنا حمّاد بن زيد ثمّ قال: استغفِرُ الله، إن لذِكْر الإسناد في القلب خُيَلاء. وقال أبو بكر المَرْوَزِيّ: سَمِعْتُ بِشْرًا يقول: الجوع يصفي الفؤاد، ويُميت الهوى، ويُورث العِلْم الدّقيق. وقال أبو بكر بن عثمان: سَمِعْتُ بِشْر بن الحارث يقول: أنّي لأشتهي شِواءً منذ أربعين سنة، ما صفي لي دِرهمُهُ. وقال الحَسَن بن عَمْرو: سَمِعْتُ أبا نصر التّمّار يقول: أتاني بِشْر ليلةً، فقلت الحمد لله الذي جاء بك. جاءنا قُطْنٌ من خُراسان، فَغَزَلته البِنْتُ وباعته، واشترت لنا لحمًا، فَتَفْطَر عندنا. قال: لو أكلت عند أحدٍ أكلت عندكم. إنّي لأشتهي الباذنجان منذ سنين. فقلت: وإن فيها الباذنجان من الحلال. فقال: حَتّى يصفو لي حُبُّ الباذنجان. وقال محمد بن عبد الوهّاب الفرّاء: سَمِعْتُ عليّ بن عَثّام يقول: أقام بِشْر بن الحارث بعَبّادان يشرب من ماء البحر، ولا يشرب من حياض السلاطين، حَتّى أضَرّ بجَوْفه، ورجع إلي أخيه وَجِعًا. وكان يتّخذ المغازل ويبيعها. فذاك كسْبُه. وقال موسى بن هارون الحافظ: ثنا محمد بن نُعَيْم بن الهيثم قال: رأيتهم جاؤوا إلى بِشْر فقال: يا أهل الحديث علمتم أنّه يجب عليكم فيه زكاة، كما يجب على من مَلَكَ مائتي درهم، خمسة دراهم. وقال محمد بن هارون أبو نَشِيط: نهاني بِشْر بن الحارث عن الحديث وأهله. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 61 وقال: أقبلت إلى يحيى القطّان، فبلغني أنّه قال: أحب هذا الفتى لطلبه الحديث. وذكريعقوب بن بختان الفرّاء أنّه سمع بِشْر بن الحارث يقول: لا أعلم أفضل من طلب الحديث والعِلْم لمن اتقى الله، وحَسُنَت نيَّتُه فيه. وأمّا أنا، فأستغفر الله من كل خطوة خطوت فيه. وقيل كان بِشْر يَلْحن ولا يعرف العربيّة. وعن المأمون قال: لم يبق أحدًا نستحي منه غير بِشْر بن الحارث. وقال أحمد بن حنبل: لو كان بِشْر تزوج لَتَمّ أمرُه. وقال إبراهيم الحربيّ: ما أخرجتْ بغدادُ أتمّ عقلًا من بِشْر، ولا أحفظ للسانه. كان في كلّ شعرةٍ منه عقل، وطيء النّاسُ عُنُقه خمسين سنة ما عُرِف له غِيبةٌ لمسلم. وما رأيت بعيني أفضَلَ من بِشْر. وعن بِشْر قال: المتقلِّب في جوعه، كالمتشحِّط في دمه في سبيل الله. وعنه قال: شاطرٌ سخيّ أحبّ إلى الله من صوفيّ بخيل. وعنه قال: أمس قد مات، واليوم في النزاع، غدا لم يولد بعد. وعنه قال: لا يفلح من ألِف أفخاذ النّساء. وعنه قال: إذا أعجبك الكلام فأصمُت، وإذا أعجبك الصّمتْ فتكلَّم. وقيل إنّ بعضهم تسمَّع على بِشْر فسمعه يقول: اللهمّ إنْ تعلم أنّ الذلَّ أحبّ إليّ من العزّ، وأنّ الفقر أحبّ إليّ من الغِنَى، وأنّ الموت أحبّ إليّ من الحياة. وعن بِشْر قال: قد يكون الرجل مُرائيًا بعد موته. قالوا: وكيف هذا؟ قال: يحبّ أن يكثر النّاس في جنازته. وعنه قال: لا تجدْ حلاوة العبادة حَتّى تجعل بينك وبين الشّهوات سَدًّا من حديد. أَخْبَرَنَا القاضي أبو محمد بن علوان، أنا أبو محمد بن قُدامة الفقيه سنة إحدى عشرة وستّمائة قال: حدَّثني ابني أبو المجد عيسى، أنا أبو طاهر بن المَعْطوش، أنا أبو الغنايم محمد بن محمد، أنا أبو إسحاق البَرْمكيّ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجزء: 16 ¦ الصفحة: 62 الزُّهْريّ: حدَّثني حمزة بن الحسين البزّاز، ثنا عبد الله بن محمد بن عيسى: حدَّثني حمزة بن دهقان قال: قلت لِبِشْر بن الحارث: أحبّ أن أخلو معك. قال: إذا شئت. ونكون يومًا، فرأيته قد دخل قبّةً، فصلّى فيها أربع ركعات، لا أُحسِن أصلّي مثلها، فسمعته يقول في سجوده: اللهمّ إنّك تعلم فوق عرشك أنّ الذُّلّ أحبّ إليّ من الشَّرَف، الّلهمّ إنك تعلم فوق عرشك أنّ الفقر أحبّ إليّ من الغنى، اللهمّ إنّك تعلم فوق عرشك أنّي لا أؤثر على حبّك شيئًا. فلمّا سمِعتُه أخذني الشهيق والبكاء. فلمّا سمعني قال: اللهمّ أنتَ تعلم أنّي لو أعلم أنّ هذا هاهنا لم أتكلّم. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: من زعم أن أسماء الله مخلوقة فقد كفر. وقَالَ عَبْد الرحمن بْن أبي حاتم: ثنا محمد بن المُثَنَّى صاحب بِشْر بن الحارث. قال: قال رجل لِبِشْر وأنا حاضر: إنّ هذا الرجل، يعني أحمد بن حنبل، قيل له: أليس الله قديمًا، وكلّ شيءٍ دونه مخلوق؟ قال: فما ترك بِشْر الرجل يتكلَّم حَتّى قال: ألا كلّ شيءٍ مخلوق إلّا القرآن. قال المَرْوَزِيّ فيما رواه الخلّال، عنه، عن عبد الصَّمد العَبَّادانيّ: قال رجل لِبِشْر بن الحارث: يا أبا نصر يدخل أحدٌ من الموحِّدين النّار؟. فقال: استرحت إنْ كان هذا عقلك. وقال أحمد بن بِشْر المَرْثَديّ: ثنا إبراهيم بن هاشم قال: دَفَنّا لِبِشْر ثمانية عشر ما بين قِمَطْر إلى قَوْصَرة، يعني مِن الحديث. وقيل لأحمد بن حنبل: مات بِشْر، فقال: مات رحمه الله وما له نظير في هذه الأمّة إلّا عامر بن عبد قيس، فإنّ عامرًا مات ولم يترك شيئًا. ثمّ قال أحمد: لو تزوج كان قد تمّ أمر. رواها أبو العبّاس البرائيّ، عن المَرْوَزِيّ، عن أحمد. ورأى بِشْرًا بعض الفقراء بعد موته فَقَالَ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي ولكلّ من اتبّع جنازتي، وكلّ من أحبّني إلى يوم القيامة. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 63 تُوُفّي بِشْر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلَ سَنَةَ سبعٍ وعشرين قبل المعتصم بستّة أيّام، وله خمسٌ وسبعون سنة في يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول. قال أبو بكر بن أبي داود: قلت لعليّ بن خشرم لمّا أخبرني أنّ سماعه وسماع بِشْر بن الحارث بن عيسى واحد. قلت له: فأين حديث أمّ زَرْع؟ فقال: سماعي معه، وكتبتُ إليه أن يوجّه به إليّ. فكتب إليّ: هل عملت بما عندك، حَتّى تطلب ما ليس عندك؟ قال عليّ: وُلد بِشْر في هذه القرية وكان يتفتّى في أول أمره. وقد جرح. وقال حسن المسوحي: سَمِعْتُ بِشْر بن الحارث يقول: أتيت باب المعافى بن عمران، فدفقت الباب، فقيل لي: من؟ فقلت: بِشْر الحافي. فقالت جُوَيْرية من داخل الدار: لو اشتريتَ نَعْلًا بدانِقَين ذهب عنك اسمُ الحافي. وقال الحَسَن بن رشيق، عن عمر بن عبد الله الواعظ قال: كان بِشْر بن الحارث شاطرًا1 يجرح بالحديد، وكان سبب توبته أنّه وجد قِرْطاسًا في أتون حمّام فيه "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فعظُم ذلك عليه، ورفع طرْفه إلى السّماء وقال: سيدي، اسمُك هنا ملقى. فرفعه، وقلع عنه السَّحاة التي هو فيها، وأعطى عطّارًا درهمًا، فاشترى به غالية، لم يكن معه سواه، ولطّخ بها تلك السحاة، وأدخله شُقّ حائط. وانصرف إلى زجّاج كان يجالسه. فقال له الزّجّاج: واللهِ يا أخي، لقد رأيتُ لك في هذه الّليلة رؤيا ما أقولها حَتّى تحدّثني ما فعلتَ بينك وبين الله. فذكر له شأن الورقة. فقال: رأيت كأنّ قائلًا يقول لي في المنام: قل لِبِشْر ترفع لنا اسمًا من الأرض إجلالًا أن يداس، لنتوهّن باسّمك في الدُّنيا والآخرة2. وذكر أبو عبد الرحمن السُّلَميّ أن بِشْرًا كان من أبناء الرؤساء والكَتَبَة. صحب الفُضَيْل بن عِيَاض. سألت الدَّارَقُطْنيّ عنه فقال: زاهد، جبل، ثقة، ليس يروى إلّا حديثًا صحيحًا. وعن بِشْر قال: لا أعلم أفضل من طلب الحديث، والعِلْم لمن اتقى الله وحَسُنَت نيَّتُه فيه. وأمّا أنا فأستغفر الله من كل خطوة خطوت فيه.   1 أي لص. 2 انظر حلية الأولياء "8/ 336". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 64 وقال جعفر البردانيّ: سَمِعْتُ بِشْر بن الحارث يقول: إنّ عوج بن عنق كان يأتي البحر، فيخوضه برِجْله، ويحتطب السّاج، وكان أوّل من دلّ على السّاج وجَلَبَه. وكان يأخذ من البحر حُوتًا بيده، فيشويه في عين الشمس. وقيل: لقي بِشْرًا رجلٌ، فجعل يقبِّل بِشْرًا ويقول: يا سيّدي أبا نصر. فلمّا ذهب تغرغرت عينا بِشْر وقال: رجلٌ أحبَّ رجلًا على خير توهّمه، لعلّ المُحبّ قد نجا، والمحبوب لا يُدْرَى ما حالُه. وقال إبراهيم الحربيّ: رأيت رجالات الدُّنيا، فلم أرَ مثل ثلاثة: رأيت أحمد بن حنبل، وتعجز الدُّنيا أن تلد مثله. ورأيت بِشْر بن الحارث من قرنه إلى قَدَمه مملوءًا عقلًا. ورأيت أبا عُبَيْد كأنّه جبل نُفخ فيه عِلْم. وقال أيضًا: لو قُسّم عَقْل بِشْر على أهل بغداد صاروا عقلاء. قلت: وقد روى له أبو داود في "كتاب المسائل" والنَّسائيّ في "مُسْنَد عليّ". 80- بِشْر بن عُبَيْد1. أبو عليّ الدّارسي. ودارس بُلَيْدَة من نواحي البصّرة على البحر. روى عن: سَلَمَةَ بن الصّلت، وأبي يوسف القاضي، وطحلة بن زيد، وغيرهم. وعنه: أبو حاتم، وأحمد بن محمد بن مُعَلّى الآدميّ، وعُبَيْد الله بن جرير بن جَبَلَة. قال أبو حاتم: كتبت عنه في أيام سليمان بن حرب. وقال ابن عَديّ: مُنْكَر الحديث، بيَّن الضَّعْف. وقال الأزْديّ: كذّاب. قلت: مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. - بِشْر بن عُبَيْس. في الطبقة الآتية.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 362"، والثقات لابن حبان "8/ 141"، وتاريخ الطبري "7/ 177"، والكامل لابن عدي "2/ 447". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 65 81- بشر بن محمد1 -خ- أبو محمد المروزي السّختيانيّ. سمع: ابن المبارك، والفضل بن موسى السِّينانيّ، ويحيى بن واضح. وعنه: البخاريّ، وأحمد بن سيّار، وإسحاق بن الفيض الإصبهانيّ، وجعفر الفريانيّ. وقال ابن عساكر في "النُّبْل" إنّه مات سنة أربعٍ وعشرين. وهذا لا يستقيم، فإنّ الفِرْيَابيّ رحل سنة ثمانٍ أو تسعٍ وعشرين، ولحِقَه. وقد ذكره ابن حِبّان في "الثقات"، وقال: كان مُرْجِئًا. ذَكَرَ وفاته في سنة أربعٍ وعشرين: البخاريّ، والكَلاباذيّ. 82- بِشْر بن الوضّاح2. أبو الهيثم البصْريّ. عن: بشير بن عُقْبَة الدَّوْرقيّ، وعبّاد بن منصور النّاجي، والحَسَن بن أبي حعفر. وعنه: أحمد بن يوسف السُّلَميّ، ومحمد بن إسماعيل البخاريّ في "تاريخه"، ومحمد بن بشّار، ومحمد بن المُثَنَّى، وجماعة. قال عبد العزيز بن معاوية القُرَشيّ: حدَّثني بِشْر بن الوضّاح وكان من خيار المسلمين. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات". وقال ابن أبي عاصم: مات سنة إحدى وعشرين. وروى له التِّرْمِذِيّ في "الشّمائل". 83- بكّار بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سيرين السّيرينيّ البصريّ3.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 364"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 84"، والثقات لابن حبان "8/ 144"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 145". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 369"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 85"، وتاريخ الطبري "3/ 180"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 160". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 297"، والجرح والتعديل "2/ 409، 410"، والكامل لابن عدي "2/ 477"، وسير أعلام النبلاء "10/ 397-399". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 66 كبير مسنّ. روى عن: ابن عَوْن، وأيَمْن بن نابِل، وعَبّاد بن راشد، وسُفْيان الثَّوريّ. وعنه: الحَسَن بن محمد الزَّعْفَرانيّ، وإبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وعَبّاد بن عليّ البصْريّ، وأبو مسلم الكَجَّيّ، ومحمد بن زَكَريّا الغَلابيّ. قال أبو حاتم: مضطّرب لا يسكن القلب إليه. وقال أبو زُرْعة: ذاهب الحديث. وقَالَ عَبْد الرحمن بْن أبي حاتم: ثنا الحسين بن الحَسَن الرازيّ قال: سُئِل يحيى بن مَعِين عن بكّار السِّيرِينيّ فقال: كتبتُ عنه وليس به بأس. وقال غيره: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. 84- بكر بن الأسود العايذيّ1. ويقال له: بكّار. كوفي، ثقة. روى عن: أبي بكر بن عيّاش، ويحيى بن أبي زائدة، وابن المبارك، وطبقتهم. وعنه: أبي سعيد الأشج، ومحمد بن عُبَيْد بن عُتْبَة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم وآخرون. كنيته أبو عُمَر. قال أبو حاتم: صَدُوق. 85- بيان بن عمر البياني البخاريّ2. أحد العلماء العبّاد ومن أئمة السُّنّة. سمع يحيى القطّان، ويزيد بن هارون وجماعة. وعنه: خ، وأبو زُرْعة الرّازيّ وعُبَيْد الله بن واصل.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 382"، والثقات لابن حبان "8/ 149"، والأنساب "8/ 331". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 425"، والتاريخ للبخاري "2/ 134، والثقات لابن حبان "8/ 155"، وتهذيب الكمال "4/ 305، 306". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 67 وَثّقَهُ ابن حِبّان. ومات سنة اثنتين وعشرين. وبيان بالياء آخر الحروف. قال الحسين بن عَمْرو البخاريّ كان بيان بن عَمْرو يقرأ القرآن في كلّ يومٍ وَلَيْلَةٍ ثلاث مرّات. فقلت له: كيف تقرأ هذا القراءة؟ قال: يَسَّر الله عليَّ ذلك. قال الحسين: كان يَفْرَغ من الخَتْمة الثالثة عند السحر ثم يأخذ بالبكاء والتَّضَرُّع. رحمةُ الله عليه. وقال عُبَيْد الله بن واصل: كان بيان بن عَمْرو يدخل بستانَه، ولا يخرج حَتّى يُصلّى عند كلّ شجرة رَكْعتين. قال ابن أبي حاتم: بيان بن عَمْرو أبو محمد البخاريّ روى عن سالم بن نوح، ويحيى بن سعيد "القطّان"، وابن مهدي. سَمِعْتُ أبي يقول ذلك. وهو شيخ مجهول، والحديث الذي رواه عن سالم بن نوح "حديث" باطل. قلت: قوله: مجهول، ممنوع. وأمّا في الحديث الذي رواه فسالم له مناكير، لعلّ هذا منها. قال فيه ابن مَعِين: ليس بشيء. قلت: ولهذا لم يخرّج له البخاريّ، وخرّج له مسلم. "حرف التاء": 86- تُرْك الحذّاء المقرئ1. العبد الصالح. من مشاهير أصحاب سُلَيم. قرأ عليه: رجاء بن عيسى الْجَوْهَريّ، ومحمد بن عُمَر بن أبي مذعور. وقال أحمد بن محمد الأدميّ: كان ترك من أقرأ النّاس بالقرآن وأعبدهم.   1 انظر الإكمال لابن ماكولا "1/ 249". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 68 "حرف الثاء" 87- ثابت بن موسى1 -ق- أبو يزيد الكوفيّ العابد. عن: سُفْيان الثَّوريّ، وشَرِيك. وعنه: هنّاد، ومحمد بن عثمان بن كرامة، ومحمد بن عُبَيْد المحاربيّ، وأحمد بن أبي غَرَزَة، وأبو برزة الحاسب، ومحمد بن عبد الله مُطَيِّن، وآخرون. وهو ضعيف. وليس هُوَ بثابت بن محمد الكوفيّ العابد. ذاك أقدم وأوثق. مرّ. وهذا هو صاحب حديث: "من كثرة صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ"2. رواه هنّاد، وابن كرامة، وابن مُلاعب، وغيرهم، عن ثابت، عن شَرِيك. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من كَانَتْ لَهُ وَسِيلَةٌ إِلَى سُلْطَانٍ فَدَفَعَ بِهَا مَغْرَمًا أَوْ جَرَّ بِهَا مَغْنَمًا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تُدْحَضُ الْأَقْدَامُ"3. قلت: وقد ضعّفه أبو حاتم، وغيره. وتُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين. قال أبو مَعِين الحسين بن الحَسَن: سَمِعْتُ يحيى بن مَعِين يقول: ثابت أبو يزيد كذّاب.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "2/ 458"، والمجروحين لابن حبان "1/ 207"، والكامل لابن عدي "2/ 525". 2 حديث لا أصل له: أخرجه ابن ماجه "1333"، وابن أبي حاتم في العلل "196"، وابن حبان في المجروحين "1/ 207"، والخطيب في تاريخه "1/ 341"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 109-111". قال أبو حاتم: فذكرت لابن نمير فقال: الشيخ لا بأس به، والحديث منكر. قال أبي -أي أبي حاتم- الحديث موضوع. 3 حديث ضعيف: أخرجه ابن عدي في الكامل "2/ 526"، وفي إسناده صاحب الترجمة قال فيه أبو حاتم: كذاب. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 69 "حرف الجيم": 88- جعفر بن إدريس المَوْصِليّ. الزّاهد. أحد الأمّارين بالمعروف. استشهد في قلعة الروم بسُمَيْساط1. وقد روى اليسير عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، ووكيع. وعنه: محمد بن خطّاب، وإبراهيم بن الهيثم البلديّ. وقُتِل سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 89- جعفر بن حرْب الهَمْدانيّ المعتزليّ2. من كبار مصنفيّ المعتزلة لا بارك الله فيهم. أخذ بالبصرة عن: أبي الهُذَيل العلّاف، واختص بالواثق. ومات كهلًا سنة ثلاثين. وقيل سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 90- جُنادة بن محمد بن أبي يحيى3. أبو عبد الله المُرِّيّ الدّمشقيّ. سمع: يحيى بن حمزة، وعيسى بن يونس، وعبد الحميد بن أبي العشرين. وكان فقيهًا مُفْتيًا، من علماء دمشق. روى عنه أبو حاتم الرّازيّ وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وعثمان بن خُرَّزاذ. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة سنة ستٍّ وعشرين. قال أبو حاتم: صدوق.   1 بلدة على شاطئ الفرات. 2 ستأتي ترجمته بعد ذلك. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 516"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 234"، والثقات لابن حبان "8/ 165". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 70 91- جَنْدَل بن والق بن محرس1. أبو عليّ التَّغْلبيّ الكوفيّ. عن: عَمْرو بن شِمْر، وشَرِيك، وأبي الأحْوَص ومِنْدل بن عليّ. وغيرهم. وعنه: البخاريّ في كتاب "الأدب" له، وأحمد بن ملاعب، وأحمد بن عليّ الخرّاز، ومُطَيِّن، وطائفة سواهم. مات في سنة ستٍّ وعشرين أيضًا. روى عنه من المتأخّرين: محمد بن عثمان، بن أبي شَيْبَة، وأبو مَعِين محمد بن الحسين الوادعيّ، والحسين ابن جعفر القتّات. قال أبو حاتم: صَدُوق. 92- جُوَيْن بن ضمرة القشيريّ2. أبو عمر. سمع: حرب بن أبي العالية. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، ويعقوب بن إسماعيل الأزْديّ. صَدُوق. "حرف الحاء": 93- حاجب بن الوليد بن ميمون الأعور3. أبو أحمد الشاميّ المؤدّب، نزيل بغداد. عن: حفص بن ميسرة الصَّنْعانيّ، وبقيّة، والوليد بن محمد الموقِريّ، ومحمد بن حرب الأبرش، وجماعة. وعنه: م؛ وأحمد بن سعيد الدّارميّ، والذهلي، وابن أبي الدنيا، ويعقوب بن   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 535"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 246"، والثقات لابن حبان "8/ 167"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 150-152". 2 انظر ترجمته في الجرح والتعديل "2/ 541"، برقم "2248". 3 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 359"، والجرح والتعديل "3/ 285"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 80"، والثقات لابن حبان "8/ 212". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 71 شيبة، وأبو القاسم البغوي، وآخرون. وثقه ابن حبان، وغيره. ومات في رمضان سنة ثمانٍ وعشرين. وقع لي مِن عواليه. 94- حِبّان بن عمّار الحَكَم1. أبو أحمد. والد الحسين بن حِبّان تلميذ يحيى بن مَعِين. عن: عبّاد بن عبّاد المُهَلَّبيّ، ويحيى بن كثير البصْريّين. وعنه: عليّ بن الحَسَن بن عَبْدَوَيّه الخزّاز، وعليّ بن عبد الله بن المبارك، والصَّنْعانيّ. - حبيب بن أوس2. أبو تمّام. سيأتي، ويقال تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 95- حَجَّاج بن إبراهيم الأزرق البغداديّ3. نزيل مصر، ونزيل طَرَسُوس. عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وأبي شِهاب الحنّاط، وأبي عَوَانة، وجماعة. وعنه: الربيع المُراديّ، وأحمد بن الحَسَن التِّرْمِذِيّ، وعبد الكريم الدَّيْرعاقُوليّ، وأبي الدَّرداء عبد العزيز بن منيف، ومِقْدام بن داود الرُّعَيْنيّ، وطائفة. وكان ثقة إمامًا صاحب سُنّة، أكثر عن ابن وَهْب. 96- حرب بن محمد بن علي بن حيان4.     1 انظر ترجمته في تاريخ بغداد للخطيب "8/ 257، 258"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 310". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 154"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 380"، والثقات لابن حبان " 8/ 203"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 418-420". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 252، 253"، والثقات لابن حبان "8/ 213". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 72 أبو عليّ الطّائيّ المَوْصِليّ. عن: مالك، وشَرِيك، وأبي الأحْوَص، والمُعَافَى بن عِمران. وعنه: ابناه عليّ ومعاوية، وجعفر بن أحمد النَّصِيبيّ. وكان متموِّلًا كثير الأفضال على أهل الحديث. تُوُفّي في سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 97- حرميُّ بن حفص بن عمر1 -خ. د. ن. أبو عليّ العتكيّ القسمليّ البصريّ. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبان بن يزيد، وعبد الواحد بن زياد، ومحمد بن عبد الله بن عُلاثَة، ووُهَيْب بن خالد، وعبد العزيز بن مسلم، وغيرهم. وعنه: خ؛ ود. ن. بواسطة، وأبو بكر الأثرم، وإسماعيل القاضي، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وعلي بن عبد العزيز البَغَويّ، وعبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن عثمان ابن أبي سويد الذّارع، وخلْق سواهم. قال أبو حاتم: أدركته وهو مريض، ولم أكتب عنه. قلت: قد عاش بعد ذلك مُدّة. فإنّ البخاريّ، وغيره قال: مات سنة ثلاثٍ وعشرين. وقال بعضهم. سنة ستٍّ وعشرين. وكان ثقة. 98- حسّان بن عبد الله الواسطيّ2 -خ. ن. ت- أبو علي الكنديّ نزيل مصر. عن: الَّليْث وابن لَهِيعَة، وفضل بن فَضَالَةَ، وخلّاد بن سليمان الحَضْرَميّ وجماعة.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 303"، والجرح والتعديل "3/ 308"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 122، 123"، والثقات لابن حبان "8/ 216". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 238، 239"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 34"، والثقات لابن حبان "8/ 207"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 31-33". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 73 وعنه: خ. ون. ت. بواسطة، وإسحاق بن سَيّار النَّصِيبيّ، ومحمد بن إسحاق الصغانيّ، وفِهْر بن سليمان الدّلال، ويعقوب الفَسَويّ، ويحيى بن عثمان بن صالح السَّهْميّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال ابن يونس: كان أبوه واسطيًّا، ووُلِد حسّان بمصر وبها تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 99- حسّان بن غالب بن نَجِيح الرُّعَيْنيّ1. مولاهم المصريّ أبو القاسم. روى عن: الَّليْث، ومالك، وابن لَهِيعَة وعبد الله بن سويد بن حبان. قال ابن يونس: كان ثقة، توفي بدلاص2، من الصعيد سنة ثلاث وعشرين ومائتين في رجب. 100- الحسن بن بشر بن سلم بن المسيّب3 -خ. ت. ن. أبو عليّ الهمدانيّ البجليّ الكوفيّ. عن: أسباط بن نصر، وزُهَير بن معاوية، وشَرِيك، وأبي إسرائيل الملائي إسماعيل بن خليفة، وأبي الأحْوَص، والمعافى بن عِمران، وجماعة. وعنه: خ. وت. ن. بواسطة، وإبراهيم الْجَوْزجانيّ، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن يونس الضّبّيّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وحرب الكِرْمانيّ وخلْق سواهم. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عديّ: ليس هو بمنكر الحديث.   1 انظر المجروحين لابن حبان "1/ 271"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 199"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 479". 2 بلد غرب النيل. 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 410"، والجرح والتعديل "3/ 3"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 287"، والثقات لابن حبان "8/ 169". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 74 وقال البخاريّ: مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. 101- الحَسَن بن حُدان بن طريف1. أبو عليّ. عن: كثير بن سُلَيم، وجسر بن الحَسَن، وإسماعيل بن عيّاش. وعنه: أبو حاتم، ومحمد بن أيّوب الرَّازيّان. 102- الحَسَن بن الحَكَم القطربُلّيّ2. حدَّث ببغداد عن: الوليد بن مسلم، وشُعَيْب بن حرب، وغيرهما. وعنه: يعقوب السَّدُوسيّ، وأبو القاسم البَغَويّ. تُوُفّي سنة ثلاثين. 103- الحَسَن بن الربيع البورانيّ3 -ع- أبو عليّ البجليّ القسريّ الكوفيّ الحصّار الخشّاب. عن: عُبَيْد اللَّه بْن أياد بْن لَقِيط، وعبد الجبّار بن الورد، وأبي الأحْوَص، وحمّاد بن زيد وأبي إسحاق الخميسيّ، وخازم بن الحسين، وخالد بن عبد الله، ومهديّ بن ميمون، وطائفة كبيرة. وعنه: خ، وم، ود، والباقون بواسطة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم وأحمد بن أبي غَرزة، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وخلق. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، صالح، متعبّد. كان يبيع البواري. وقال أبو حاتم: كان من أوثق أصحاب عبد الله بن إدريس. وقال غيره: كان يبيع الخشب والقصب.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 9"، والمغنى في الضعفاء "1/ 157"، وميزان الاعتدال "1/ 483". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 294". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 409"، والجرح والتعديل "3/ 13، 14"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 294"، والثقات لابن "8/ 172". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 75 قال ابن سَعْد: مات في رمضان سنة إحدى وعشرين، وكان مِن أصحاب ابن المبارك. 104- الحَسَن بن شَوْكر1. أبو عليّ البغداديّ. عن: إسماعيل بن جعفر، وخَلَف بن خليفة، وهُشَيْم، وإسماعيل بن عيّاش، وجماعة. وعنه: د، والحَسَن بن عليّ المَعْمريّ، ومحمد بن عبدوس السراج، والهيثم بن خلف الدوري، وجماعة. وثقه ابن حبان، ومات قريبا من سنة ثلاثين. 105- الحسن بن عبيد الله بن الحسن العنبري2. قاضي البصرة وابن قاضيها. توفي سنة ثلاث وعشرين. ورخه شباب العصفري. 106- الحسن بن عمرو السدوسي البصري3 -د. عن: جرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن الوليد العدنيّ، وهُشَيْم، ووَكِيع، وغيرهم. وعنه: د، وإسحاق بن سَيّار النَّصِيبيّ، وعثمان بن سعيد الدارمي، وآخرون. 107- الحسن بن عمرو بن سيف العبدي4. ويقال الباهلي. أبو عليّ البصريّ.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 176"، وتاريخ بغداد للخطيب "7/ 327، 328"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 176". 2 انظر تاريخ خليفة "420". 3 انظر التهذيب الكمال للمزي "6/ 286"، وتهذيب التهذيب للحافظ "2/ 310". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 26"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 299"، والثقات لابن حبان "8/ 171"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 287، 288". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 76 عن: شعبة، ومالك بن مغول، وأبي بكر الهذلي، والحسن بن أبي جعفر الحفري. وعنه: الذهلي، وأبو أمية الطرسوسي، وابن وارة، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وعبد الله بن الدورقي. وله غرائب وعجائب. تركوه. 108- الحسن بن عمرو السجستاني العابد1. يروى عن: حمّاد بن زيد، وطبقته. وَثّقَهُ ابن حِبّان وقال: روى عنه أهل بلده. تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 109- الحَسَن بن محبوب بن الحَسَن بن هلال القُرَشيّ البصْريّ2. عن: أبيه، وحمّاد بن زيد، وعبد العزيز بن المختار. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وقال أبو حاتم: لا بأس به. 110- الحَسَن بن محمد الطَّنَافِسيّ3. أخو عليّ. عن: خاله يَعْلَى بن عُبَيْد، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس. وعنه: أبو زُرْعة، ويحيى بن عبدك القَزْوينيّ، وكثير بن شهاب. 111- الحسين بن عبد الأول النّخعيّ الكوفي4ّ.   1 انظر تقريب التهذيب للحافظ "1/ 169". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 38". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 35، 36"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 306"، والثقات لابن حبان "8/ 173". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 416"، والجرح والتعديل "3/ 59"، والثقات لابن حبان "8/ 187"، وللعجلي "119". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 77 عن: أبي خالد الأحمر، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس، وأبي تُمَيْلة، وطبقتهم. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، ومحمد بن عبد الله مطّين، وجماعة. وقال أبو زُرْعَةَ: رَوَى أحاديث لَا أدري مَا هِيَ فلست أحدث عَنْهُ. وقال أبو حاتم: تكلَّم النّاس فيه. روى عن أبي تُمَيْلة، عن أبي المنيب، عن عطاء، عن جابر في صوم عاشوراء. وقال أبو بكر بن أبي شَيْبَة: إنّما ثنا أبو تُمَيْلة، عن أبي المُنِيب، عن عَكْناء بنت جابر بن زيد، عن أبيها. قلتُ: وهم فصحّف "عكناء" عطاء. قال مُطَيِّن: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. 112- حفص بن عُمَر بن الحارث بن سخبرة1 -خ. د. س. أبو عمر الأزديّ النّمريّ من النمر بن غَيْمَان البصْريّ، المعروف بالحَوْضيّ. عن: هشام الدَّسْتَوائيّ، وأبي قُرَّةَ واصل بن عبد الرحمن، وشُعْبَة، وهمّام، ويزيد التُّسْتَريّ، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وطائفة. وعنه: خ، ود، ون بواسطة، وخ. أيضًا عن صاعقة عنه، وأحمد بن الفُرات، وأحمد بن داود المكّيّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وأحمد بن محمد بن عليّ الخُزَاعيّ، وإسماعيل القاضي، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وعثمان بن خُرّزاذ، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، ومحمد بْن أيّوب بْن الضُّرَيْس، ومُعَاذ بْن المُثَنَّى، وخلْق. قال أبو طالب، عن أحمد بن حنبل: ثبتٌ مَتْقِن، لا يؤخذ عليه حرفٌ واحد. وقال عليّ بن المَدِينيّ: اجتمع أهل البصرة على عدالة أبي عُمَر الحَوْضيّ، وعبد الله بن رجاء. وقال عُبَيْد الله بن جرير بن جَبَلَة: أبو عُمَر الحَوْضيّ مولى النَّمِرِيّين صاحب كتاب متقن، رأيته أبيض الرأس واللّحية.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 306"، والجرح والتعديل "3/ 182"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 366"، والثقات لابن حبان "8/ 200". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 78 قال: وتُوُفّي في جُمادى الآخرة سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. وقال أبو حاتم: صَدُوق، متقِن، أعرابيّ فصيح. 113- الحكم بن نافع1 -ع. أبو اليمان الحمصيّ البهرانيّ، مولاهم. عن: حريز بن عثمان، وعُفَيْر بن مَعْدان، وأبي بكر بن أبي مريم، وصفوان بن عَمْرو، وأرطأة بن المنذر التّابعيِّين، وشُعَيْب بن أبي حمزة، وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهم. وعنه: خ، والباقون بواسطة، وأحمد، وابن مَعِين، وأبو عُبَيْد، والذُّهَليّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ومحمد بن عَوْف، وعليّ بن محمد الْجَكّانيّ، وخلْق. وكان ثقة، نبيلًا، إمامًا، استقدمه المأمون من حمص إلى دمشق ليولّيه القضاء على حمص. قال ابن معين: أعتقهم امرأةً من بهرا يقال لها: أمّ سلمة. وقال أبو حاتم: ثقة، نبيل. وقال سعيد البَرْدَعيّ: سَمِعْتُ أبا زُرْعة الرّازيّ يقول: لم يسمع أبو اليَمَان من شُعَيْب إلّا حديثًا واحدًا، والباقي إجازة. وقال أحمد بن حنبل: كان يقول: أنا شُعَيْب، واستحلّ ذلك بشيءٍ عجيب: كان شُعَيْب عسِرًا في الحديث، فسأله أهل حمص أن يأذَنَ لهم، وحضر أبو اليَمَان، فقال لهم: ارووا تلك الأحاديث عنّي. فكان ابن شُعَيْب بن أبي حمزة يقول: جاءني أبو اليَمَان فأخذ كتب أبي منّي بعدُ، وهو يقول: أنا. فكأنّه استحلّ ذلك بأنْ سمع شُعَيْبًا يقول لقوم: أرووه عنّي. رواها الأثرم عن الإمام أحمد. وقال أبو داود: ثنا محمد بن عَوْف قال: لم يسمع أبو اليمان من شعيب إلاّ كلمة.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 472"، والجرح والتعديل "3/ 129"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 344"، والثقات لابن حبان "8/ 194". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 79 وقال إبراهيم بن ديزيل: قال لي أبو اليَمَان: سألني أحمد بن حنبل: كيف سَمِعْت الكُتُب من شُعَيْب؟ قلتُ: قرأت عليه بعضه، وقرأ عليّ بعضه، وأجاز لي بعضه، وبعضه مناولة. وقال في الآخر: قُل في كلّه: أنا شُعَيْب. وأمّا الأحْوَص بن الغلابيّ فروى عن أبيه أنّ يحيى بن مَعِين قال: سألتُ أبا اليَمَان عن حديث شُعَيْب فقال: ليس هو مناولة، المناولة لم أُخْرجها إلى أحد. قال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: سَمِعْتُ أبا اليَمَان يقول: وُلِدتُ سنة ثمانٍ وثلاثين ومائة. قال: ومات سنة إحدى وعشرين ومائتين. وكذا أرّخ موته محمد بن مُصَفّى الحمصيّ، والفَسَويّ. وقال البخاريّ: سنة اثنتين وعشرين. وقال أبو بكر محمد بن عيسى الطَّرَسُوسيّ: سَمِعْتُ أبا اليَمَان يقول: صرت إلى مالك، فرأيت ثَمَّ من الحُجَّاب والفرش شيئًا عجيبًا، فقلت: ليس هذا من أخلاق العلماء. فمضيت وتركته، ثمّ نَدِمتُ بعد. قال أبو حاتم: كان يسمّى كاتب إسماعيل بن عيّاش، كما يسّمى أبو صالح كاتب الَّليْث. 114- حمّاد بن حمّاد بن خوار1. أبو النّصر التَّميميّ الضّرير. شيخ معمّر، صَدُوق. روى عن: كامل أبي العلاء، وفُضَيْل بن مرزوق، وأبي بكر النَّهْشَليّ. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وغيرهما. قال أبو حاتم: لقيته بالكوفة سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. وقال يعقوب: سَمِعْتُ منه في بني حرام. 115- حمّاد بن محمد بن مجيب الفزاريّ الأزرق الكوفيّ2.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 135"، والثقات لابن حبان "8/ 206". 2 انظر الضعفاء للعقيلي "1/ 313"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 155"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 599". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 80 أبو محمد. نزيل بغداد. عن: مبارك بن فَضَالَةَ، ومحمد بن طلحة بن مصرِّف، وغيرهما. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، وصالح جَزَرَة، وأبو القاسم البَغَويّ. وضعّفه جَزَرَة. تُوُفّي سنة ثلاثين ومائتين. أرّخه البَغَويّ، وقال: سمع من الأوزاعيّ، وسمعتُ منه. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ. لَمْ يَصِحُّ حَدِيثُهُ. ثُمَّ سَاقَ لَهُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَتِيقِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ" 1. الْحَدِيثَ. 116- حمّاد بن مالك بن بسطام2. أبو مالك الأشجعيّ الدّمشقيّ الحرستانيّ. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، والأوزاعيّ، وسعيد بن بشير. وعنه: الوليد بن مسلم، وهو أكبر منه، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وعثمان الدّارميّ، وأحمد بن إبراهيم البُسْريّ، وطائفة. قال أبو حاتم: أخرج حمّاد بن مالك أربعين حديثًا عن ابن جابر، فأُخْبر أبو مُسْهِر بذلك فأنكره، وقال: لم يُدْرك ابنَ جابر. وسئل أبو حاتم عنه فقال: شيخ. وقال إسحاق بن إبراهيم الهَرَويّ: تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 117- حميد بن المبارك3.   1 الإسناد ضعيف والحديث صحيح: أما من جهة ضعفه وذلك من أجل صاحب الترجمة وأما المتن فقد صح عن أبي هريرة أخرجه أبو داود "3658"، والترمذي "2649"، وابن ماجه "266"، وابن حبان "1/ 297". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 149"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 28"، والثقات لابن حبان "8/ 206". 3 انظر تاريخ بغداد "8/ 160". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 81 عن: أبي إسماعيل المؤّدب. وعنه: إسحاق الخُتُّليّ، والحَسَن بن إسحاق العطّار. مات سنة ثلاثين ومائتين. 118- حيوة بن شريح بن يزيد1 -خ. د. ت. ق. أبو العبّاس الحضرميّ الحمصيّ. عن: أبيه، وإسماعيل بن عيّاش، وبقيّة، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: خ، ود، وت، وق. بواسطة، وأحمد بن حنبل، وأبو محمد الدّارميّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حُمَيْد، وأحمد بن محمد العَوْهيّ، وخلْق. وَثّقَهُ ابن مَعِين، وغيره. وتُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. "حرف الخاء": 119- خالد بن خداش بن عجلان2 -م. ن. أبو الهيثم المهلّبيّ، مولاهم البصْريّ، نزيل بغداد. عن: مالك، وأبي عَوَانة، وبكّار بن عبد العزيز بن أبي بَكْرة، وحمّاد بن زيد، ومهدي بن ميمون، وجماعة. وعنه: م؛ ون. بواسطة، وأحمد بن زُهَير، وابن أبي الدُّنيا، وأبو زُرْعة، وعثمان بن خُرّزاد، وابنه محمد بن خالد، وطائفة. قال أبو حاتم، وغيره: صَدُوق. وقال زَكَريّا السّاجيّ: فيه ضعف.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 306"، والتاريخ الكبير للبخاري"3/ 121"، والثقات لابن حبان "8/ 217"، وتهذيب الكمال للمزي "7/ 482-484". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 347"، والجرح والتعديل "3/ 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 146"، والثقات لابن حبان "8/ 225". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 82 قلت: أكثر ما نقموا عليه أنّه ينفرد بأحاديث عن حمّاد بن زيد، ولا يُنْكَر ذلك فإنّه كان ملازمًا له. تُوُفّي في جُمادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وعشرين. 120- خالد بن خلي الكلاعيّ الحمصيّ1 -خ. ن. أبو القاسم قاضي حمص. سمع: بقيّة، ومحمد بن حرب، وَسَلَمَةَ بن عبد الملك العوصيّ، ومحمد بن حمير، وغيرهم. وعنه: خ، ون، بواسطة، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد بن عوف، وابنه محمد بن خالد، وجماعة. قال النسائي: ليس به بأس. قال أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد القاضي: سَمِعْتُ سليمان بن عبد الحميد البَهْرانيّ يقول: لمّا وجَّه المأمون إلى أهل حمص ليقدموا عليه دمشق، فوقع اختياره على أربعة: يحيى بن صالح الوحاظي، وأبو اليمان، وعلي بن عياش، وخالد بن خلي. فأدخلوا. فأول من دخل أبو اليمان، فقال له يحيى بن أكثم: ما تقول في يحيى بن صالح؟ قال: أورد علينا من هذه الأهواء شيئًا لا نعرفه. قال: فما نقول في عليّ بن عيّاش؟ قال: رجل صالح لا يَصْلُح للقضاء. قال: فخالد بن خَلِّي؟ قال: أنا أقرأته القرآن. فأمر به فأُخْرِج. ثمّ أُدْخِل يحيى فقال: ما تقول في الحَكَم بن نافع؟ قال: شيخ من شيوخنا مؤدِّب أولادنا. قال: فعليّ بن عيّاش؟ قال: رجل صالح لا يصلُح. قال: فخالد بن خَلِّي؟ قال: عنّي أخذ العِلْم، وكتب الفقه. فأُخْرِج، وأُدْخِل عليّ بن عيّاش، فحادثه ثمّ قال: ما تقول في الحَكَم بن نافع؟ قال: شيخ صالح يقرأ القرآن.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 146"، والثقات لابن حبان "8/ 225". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 83 قال: فما تقول في يحيى بن صالح؟ قال: أحد الفقهاء. قال: فخالد؟ قال: رجل من أهل العِلْم. ثمّ أخذ يبكي، فكثُر بكاؤه، ثمّ أُخْرِج، وأُدْخِل خالد بن خَلِّي، فقال له: ما تقول في أبي اليَمَان الحَكَم؟ قال: شيخنا وعالمنا ومَنْ قرأنا عليه القرآن. قال: فما تقول في يحيى؟ قال: أحد فقهائنا، ومَنْ أخذنا عنه العِلْم والفقه. قال: فما تقول في عليّ بن عيّاش؟ قال: رجل من الأبدال، إذا نزلتْ بنا نازلةٌ سألناه، فدعا الله تعالى فكشفها. وإذا أصابنا القَحْطُ سألناه، فدعا الله، فأسقانا الغيث. ثمّ عمد يحيى بن أكثم إلى سترٍ رقيق بينه وبين المأمون فرفَعه، فقال له المأمون: يا يحيى، هذا يصلُح للقضاء فَولِّه. فأمر بالخِلَع فَخُلِعَتْ عليه، وولّاه القضاء. 121- خالد بن نزار بن المغيرة1 -د. ن- أبو يزيد الأيليّ. عن: الأوزاعيّ، وإبراهيم بن طَهْمان، ونافع بن عُمَر، ومالك بن أنس، وجماعة. وعنه: ابنه طاهر بن خالد، وأحمد بن صالح المصريّ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وهارون بن سعيد الأَيْليّ، وخلْق آخرهم مقدام بن داود الرُّعَيْنيّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. قال الدانيّ: روى القراءة عَرْضًا، وسماعًا عن نافع بن أبي نُعَيْم. 122- خالد بن هياج بن بِسْطام الهَرَويّ2. عن: أبيه. وعنه الحسين بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن السّاميّ، وآخرون. تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين بهراة.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 223"، والأنساب "1/ 404"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 184، 185". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 225"، وميزان الاعتدال "1/ 644"، ولسان الميزان للحافظ "2/ 388". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 84 123- خالد بن يزيد1 أبو الوليد العَدَويّ العُمَريّ المكّيّ. وقيل: كنيته أبو الهيثم. روى عن: سَلَمَةَ بن وَرْدان، وابن جُرَيْج، وسفيان الثوري، وابن أبي ذئب، وعمر بن صهبان، وأبي الغصن ثابت ابن قيس، وإبراهيم بن سعد. وعنه: علي بن حرب، ومحمد بن عوف الطائي، وقطن النيسابوري، وأحمد بن بكر البالسي، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وآخرون. وسئل عنه ابن معين، فلم يعرفه. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. وقال مرّة: عامّة أحاديثه مناكير. وضعّفه موسى بن هارون وقال: مات سنة تسعٍ وعشرين بمكة. وقد فرّق بينهما ابن عَديّ، فذكرَ أولًا: أبا الوليد، فقال فيه: العدويّ. وقال في الثاني: يُكَنَّى أبا الهيثم العُمَريّ. قلت: ما كَنَّاهُ غير هشام بن عمّار، بها. وذكره ابن حِبّان، وقال: يروي الموضوعات عن الأثبات. وصَدَقَ والله ابنُ حِبّان، فقد سَرَدَ له ابن عَديّ جملةً واهية. ومنها: عن ابن جريج، عن ابن عبّاس: مَن حفظ على أمّتي أربعين حديثًا2. 124- خِداش بن الدَّخْداخ بن الفَنْجلاخ. عن: مالك بن أنس، وابن لَهِيعَة. وعنه: أحمد بن داود المكّيّ، ومحمد بن غالب تمتام، وغيرهما.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 360"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 184"، والتاريخ الصغير له "225"، والمجروحين لابن حبان "1/ 284". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 890، 5/ 1799، 6/ 2227"، والخطيب في تاريخه "6/ 322"، وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 118"، وفي إسناده صاحب الترجمة وللمزيد انظر المطالب العالية "3076"، وتلخيص الحبير "3/ 93". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 85 125- الخضر بن محمد بن شجاع1 -ن- أبو مروان الحرّانيّ، ابن أخي مروان بن شُجَاع. سمع: عمّه، وإسماعيل بن جعفر، وهُشَيْمًا، وابن المبارك، وطائفة. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وإسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وهلال بن العلاء، وآخرون. قال أبو حاتم الرّازيّ: جالسْتُهُ بحَرّان، وذكر أنّ عليه يمينًا أنّه لا يُحَدَّث. كان صَدُوقًا. قلت: تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 126- خَلَفُ بن خالد2. أبو المضاء القُرَشيّ، مولاهم المصريّ. روى عن: يحيى بن أيّوب، ونافع بن يزيد. توفي سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 127- خلف بن محرز. أبو مالك الهذلي المدني. عن: مالك، وحاتم بن إسماعيل، وعبد العزيز الدراوردي، وغيرهم. وكان رضيعا لقاضي مصر هارون بن عبد الله الزهري. قدم مصر وحدَّث بها. روى عنه: سعيد بن عُفَيْر، ويحيى بن عثمان بن صالح. تُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثلاثين ومائتين. 128- خَلَفُ بن موسى بن خَلَف العَمّيّ البصْريّ3. عن: أبيه، وحفص بن غياث.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 398، 399"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 221"، والثقات لابن حبان "8/ 231"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 263". 2 انظر تهذيب الكمال للمزي "8/ 283-284"، وتهذيب التهذيب للحافظ "3/ 150". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 372"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 195"، والثقات لابن حبان "8/ 227"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 298". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 86 عنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، والبخاري في كتاب "الأدب" له، وأحمد بن يونس الضَّبّيّ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وجماعة. قال ابن أبي حاتم: مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. 129- خَلَف بن هشام بن ثعلب1، وقيل: ابن طالب، بن عُراب -م. د. أبو محمد البغداديّ المقرئ البزار. أحد الأعلام. له قراءة اختارها وأقرأَ بها. وقد قرأ على: سُلَيْم صاحب حمزة. وسمع: مالكًا، وأبا عَوَانة، وأبا شِهاب عبد ربّه الحنَّاط، وحمّاد بن زيد، وأبا الأحْوَص، وشَرِيكًا، وحمّاد بن يحيى الأبحّ، وجماعة. وعنه: م، د، وأحمد، وأبو زُرْعة، وموسى بن هارون، وإدريس بن عبد الكريم الحدّاد، وعرض عليه القرآن، وأحمد ابن أبي خيثمة، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، ومحمد بن إبراهيم بن أبان السراج، وابنه محمد ابن خلف، ووراقه أحمد بن إبراهيم، وآخرون. قال أبو عمرو الداني: إنه قرأ أيضًا على أبي يوسف يعقوب الأعشى، وروى الحروف عن إسحاق المسيّبيّ، ويحيى بن آدم. روى عنه القراءة عَرْضًا: أحمد بن يزيد الحَلْوانيّ؟، وإدريس بن عبد الكريم، ومحمد بن الْجَهْم، وَسَلَمَةُ بن عاصم، وأحمد بن زُهَير، ومحمد بن واصل، وأحمد بن إبراهيم الورّاق، ومحمد بن يحيى الكِسائيّ، وجماعة لا يُحْصَون كَثْرةً. قال حمدان بن هاني المقرئ: سَمِعْتُ خَلَفًا البزّار يقول: أَشْكَلَ عليّ بابٌِ من النَّحْو، فأنفقت ثمانين ألف درهم حتّى حذقته. وقال عبد الملك بن حُمَيْد الميمونيّ: قال رجل لأبي عبد الله: ذهبت إلى خَلَف البزّار أعِظُه، بلغني أنّه حدَّث بحديث أبي الأحْوَص، عن عبد الله: ما خلْق الله شيئًا أعظم -كذا. فقال أبو عبد الله: ما كان ينبغي له أن يحدِّث بهذا في هذه الأيّام.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 348"، والجرح والتعديل "3/ 372"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 196"، والصغير له 231"، والثقات لابن حبان "8/ 228". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 87 قلت: يعني أيّام المحنة. وَالْحَدِيثُ: "مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا كَذَا أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ"1. قال أحمد بن حنبل لمّا أوردوا عليه هذا يوم المحنة: إنّ الخلق هاهنا وقع على السّماء والأرض، وهذه الأشياء لا على القرآن. قلت: وَثّقَهُ ابن مَعِين، والنَّسائيّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كان عابدًا فاضلًا. وقال: أعدتُ الصّلاة أربعين سنة كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيّين. وقال الحسين بن فَهْم: ما رأيت أنبل من خَلَف بن هشام. كان يبدأ بأهل القرآن، ثمّ يأذن لأصحاب الحديث. وكان يقرأ علينا من حديث أبي عَوَانة خمسين حديثًا. وقيل: إنّ خَلَفًا كان يسردُ الصَّوم. وقد وقع لي حديثه بعُلُوّ: ثنا المؤمَّل بن محمد، وغيره قالوا: أنبأ الكِنْديّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب، أنا عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشران، أنا عثمان بن أحمد الدّقّاق: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسّان الأنماطيّ: سَمِعْتُ أحمد بن إبراهيم ورّاق خَلَف بن هشام أنّه سمع خَلَفًا يقول: قدمتُ الكوفة فصرتُ إلى سُلَيم بن عيسى، فقال لي: ما أقْدَمَك؟ قلت: أقرأ عليّ أبي بكر بن عيّاش. فقال: لا تريده. قلت: بلى. فدعا ابنه وكتب معه رُقْعَة إلى أبي بكر، ولم أدرِ ما كتب فيها. فأتينا منزل أبي بكر. قال ابن أبي حسّان: وكان لخَلَف تسعة عشر سنة. فلمّا قرأ الورقة قال: أدخِل الرجل. فدخلتُ وسلَّمت، فصَّعد فيَّ النَّظر، ثمّ قال: أنت خَلَف؟ قلت: نعم. قال: أنت لم تخلّف ببغداد أحدًا أقرأ منك.   1 أخرجه الترمذي "2884". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 88 فسكتُّ، فقال لي: اقعد، هات اقرأ. قلت: عليك؟ قال: نعم. قلت: لا والله، لا أقرأ على رجل يستصغر رجلًا من حَمَلَةِ القرآن. ثمّ خرجت، فوجّه إلى سُلَيم يسأله أن يردّني، فأبيت. قال: ثمّ ندِمتُ، واحتجت، فكتبت قراءة عاصم، عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عيّاش. تُوُفّي في سابع جُمادى الآخرة سنة تسعٍ وعشرين، ووُلد سنة خمسين ومائة. وقال النّقاش: قال يحيى الفحّام: رأيت خلف بن هشام بن ثعلب في المنام، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غَفَرَ لي. 130- خَلَفُ بن يحيى المازنيّ البخاريّ1. قاضي الرَّيّ. قال أبو نُعَيْم الحافظ: ولي قضاء إصبهان، وروى عن: أبي مطيع البَلْخيّ، ومُصْعَب بن سلّام، وإبراهيم بن حمّاد البصْريّ، وعصام بن طليق. وعنه: يحيى بن عبدك القَزْوينيّ، ومحمد بن إسماعيل الإصبهانيّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ. قال أبو حاتم: متروك لا يُشْتَغَل به. كان يكذب. 131- الخليل بن زياد المحاربيّ الكوفيّ الخوّاصّ2. كوفيّ سكن دمشق. سمع: عَمْرو بن أبي المِقْدَام ثابت، وعليّ بن مُسْهِر، وأبا بكر بن عيّاش، وغيرهم.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 372"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 256"، والوافي بالوفيات "13/ 358"، وميزان الاعتدال "1/ 663". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 381"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 337، 338"، وتهذيب التهذيب "3/ 167". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 89 وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم. ويُحتمل أن يكون هو الذي روى "د" في الدِّيات، عن محمد بن يحيى، عن خليل، عن محمد بن راشد، فالله أعلم. "حرف الدال": 132- داود بن سليمان الْجُرْجَانيّ1. عن: سليمان بن عمرو النّخعيّ، وعمرو بن جُمَيْع. وعنه: أحمد بن مِهْران الإصبهانيّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وغيرهما. رماه ابن معين بالكذب. 133- داود بن شبيب2 -خ. د. ق- أبو سليمان الباهليّ البصريّ. عن: همّام بن يحيى، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وحبيب بن أبي الْجَرْميّ، وعُبَيْدة بن أبي رائطة، وجماعة. وعنه: خ، ود، وق. عن رجلٍ عنه، والذُّهَليّ، وأبو قِلابة الرِّقاشيّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وحنبل بن إسحاق، وأحمد بن داود المكّيّ، ومحمد بن الضُّرَيْس، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وهشام بن عليّ السِّيرافيّ، وخلْق. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال غيره: مات لسبعٍ خَلَوْن من رمضان، قاله البخاريّ، سنة اثنتين أو ثلاث وعشرين ومائتين. 134- داود بن أبي طَيْبة المقرئ. أبو سليمان المصريّ. اسم أبيه هارون بن يزيد، مولى آل عُمَر بن الخطّاب. قرأ القرآن على وَرْش، وهو من جِلَّة أصحابه، وعَرَضَ على عليّ بن كيسة على سُلَيم صاحب حمزة، فيما قيل.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 413"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 263"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 8". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 303"، والجرح والتعديل "3/ 415"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 243"، والثقات لابن حبان "8/ 235". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 90 قرأ عليه: ابنه عبد الرحمن، وموسى بن سهل، والحسين بن عليّ بن زياد، وعُبَيْد بن محمد البزّاز، والفضل ابن يعقوب الحمراويّ، وغيرهم. تُوُفّي في شوّال سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 135- داود بن عَمْرو بن زهير بن حَميل1 على الصّحيح، وقيل: ابن حُمَيل بحاء مضمومة -م. س- أبو سليمان الضَّبّيّ البغداديّ. وضبّة هو ابن أدّ بن طابخة بن الياس. روى عن: جُوَيْرية بن أسماء، وحمّاد بن زيد، وإسماعيل بن عيّاش، وشَرِيك، وأبي الأحْوَص، وعبد الجبّار بن الورد، ونافع بن عُمَر الْجُمَحيّ، وأبي معشر، ونجيح السندي، وأبي شهاب الحناط، وخلق كثير. وعنه: م، ون. بواسطة، وأحمد بن حنبل، وإبراهيم الحربيّ، وعثمان بن خُرَّزاذ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وأبو العلاء محمد بن أحمد الوكيعيّ، وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وطائفة. قال أبو الحَسَن محمد بن العطار: رأيت أحمد بن حنبل يأخذ لداود بن عَمْرو بالرِّكاب. قال ابن مَعِين: ليس به بأس. وقال البغويّ: ثنا داود بن عَمْرو بن زُهَير الثّقة المأمون. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ حَدِيثَيْنِ، وَوَقَعَ لِي حَدِيثُهُ بِعُلُوٍّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عبد الله، وأنا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَرِيكٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، أَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَرْبُ خُدْعَةٌ" 2. تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 349"، والجرح والتعديل "3/ 420"، والتاريخ الكبير "3/ 236"، والثقات لابن حبان "8/ 236". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6/ 110"، ومسلم "1739"، وأبو داود "2636"، والترمذي "1675". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 91 136- داود بن نوح السِّمسار الأشقر1. عن: حمّاد بن زيد، وغيره. وعنه: محمد بن إسحاق الصَّنْعانيّ، والحارث بن أبي أُسَامة، وغيرهما. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 137- دِرْهَمُ بن مُظاهر الأصبهانيّ2. حجّ ثلاثين حَجّة، وكان على المسائل بالبلد. يروى عن: عبد العزيز بن مسلم، وأبي صَدَقَة الْجُدّيّ. وعنه: أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وإسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وحَجَّاج بن يوسف بن قُتَيْبة، ويحيى بن مُطَرِّف، وعبد الله بن محمد بن النعمان، والإصبهانيون. ولم يذكره ابن أبي حاتم في كتابه. 138- دينار3. أبو مِكْيَس الحبشيّ. شيخ كبير زعم أنّه مولى لأنس بن مالك، وأنّه سمع منه. روى عنه: محمد بن موسى البربريّ، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وغيرهما. وهو ساقط متروك باتّفاق. تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. روى الطَّبرانيّ في مُعْجَمه، عن محمد بن أحمد البصْريّ القَصّاص: ثنا دينار، عن أنس، فذكر حديثًا. وممّن روى عنه عيسى بن يعقوب الزَّجّاج شيخ أبي بكر بن شاذان، وأحمد بن محمد بن غالب غلام خليل. ذكره ابن عَديّ في "كامله" وقال: مُنْكَر الحديث ذاهب، شبه مجهول.   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "2/ 19"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 365، 366"، والكامل في التاريخ "7/ 9". 2 انظر طبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 289-191". 3 انظر المجروحين لابن حبان "1/ 295"، وتاريخ بغداد الخطيب "8/ 381، 382"، والكامل لابن عدي "3/ 976"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 30، 31". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 92 "حرف الراء": 139- رجاء بن السِّنْديّ1. أبو محمد الإسفرائينيّ. من كبار أصحاب الحديث، لكنّه مات قبل أن ينتشر ذِكْره. وقد حدَّث عن: أيّوب بن النجّار، وأبي خالد الأحمر، وعبد الله بن وهب، وطائفة كبيرة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو عبد الله البخاريّ، ومحمد بن محمد بن رجاء السِّنْديّ حفيده، وجماعة. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين، وليس له شيء في الكُتُب السّتّة. وقال أبو حاتم: صَدُوق، كتبتُ عنه. 140- الربيع بن يحيى بن مقسم2 -خ. د. أبو الفضل المرإيّ البصريّ الأشنانيّ. عن: شُعْبَة، ومالك بن مِغْوَلٍ، ومبارك بن فَضَالَةَ، وزائدة، وطائفة. وعنه: خ؛ ود، وحرب بن إسماعيل الكِرْمانيّ، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن محمد التمار، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن أيوب بن الضُّرَيْس، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة ثبت. وأما الدارقطني فصرح بضعفه، وقال أيضًا: ليس بقويّ يخطئ كثيرًا. قال الحاكم: سألت الدَّارَقُطْنيّ عنه فقال: روى عَنِ الثَّوريّ، عَنِ ابْنِ المّنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ في الجمع بين الصّلاتين، وهذا يُسقِط مائة ألف حديث. وقال ابن قانع: مات سنة أربعٍ وعشرين.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 503"، والثقات لابن حبان "8/ 247"، وتهذيب الكمال "9/ 163، 164". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 471"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 279"، والثقات لابن حبان "8/ 240". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 93 141- رَوْح بن عبد الواحد1. أبو عيسى الحَرّانيّ. عن: خُليد بن دَعْلَج، وزُهَير بن معاوية، وموسى بن أَعْيَن. قال أبو حاتم: كتبتُ عنه بأذنه سنة تسع وعشرين ومائتين وليس هو بالمُتْقِن. "حرف الزاي": 142- زَكَريّا بن سهل المَرْوَزِيّ2. روى عن: ابن المبارك، والنَّضْر بن شُمَيْلٍ، ومَعْن بن عيسى القزّاز، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهما. حدث بالري. قال أبو حاتم: صدوق. 143- زكريا بن نافع الأرسوفي3. روى عن: السِّرِيّ بن يحيى، ومالك بن أنس، ومحمد بن مسلم الطّائفيّ، وعباد بن عباد الخواص، ومصعب بن ماهان، وغيرهم. وعنه: يعقوب الفسوي، وعلي بن الحسن السنجاني، ومعاذ بن محمد خشنام النسائي. ذكره هكذا ابن أبي حاتم. ولم يضعفه لا هو ولا أحد. وقد تفرّد بخبر طويل في قصّة سَلْمان الفارسيّ. 144- زَكَريّا بن يحيى بن صالح بن سليمان بن مطر4 -خ. ت. أبو يحيى البلخيّ اللّؤلؤيّ الحافظ الفقيه، أحد الأئمّة. أخذ عن: أبي مطيع الحَكَم بن عبد الله الفقيه، وغيره.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 499، 500"، والثقات لابن حبان "8/ 243"، والضعفاء للعقيلي "2/ 58"، وميزان الاعتدال "2/ 60". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 602". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 594، 595"، والثقات لابن حبان "8/ 252"، والأنساب "1/ 185". 4 انظر الثقات لابن حبان "8/ 254"، وتهذيب الكمال للمزي "9/ 378، 379". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 94 ورحل فأخذ عن: وَكِيع، وعبد الله بن نُمَيْر، وأبي أسامة، وغيرهم. وعنه: خ، وت. عن رجل عنه، وأحمد بن يسار المَرْوَزِيّ، وعبد الصَّمَد بن سليمان، ويحيى بن منصور الهَرَويّ، وجعفر الفِرْيابيّ، وغيرهم. قال الحَسَن بن حمّاد الصّاغانيّ: سمعت قتيبة يقول: فتيان يقول: فتيان خُراسان أربعة: زَكَريّا بن يحيى اللُّؤْلؤيّ، والحَسَن بن شجاع، والدّارميّ، والبخاريّ. وقال ابن حِبّان في كتاب "الثّقات": كان ثقة صاحب سنّة وفضل، ممن يرد على أهل البدع، وهو صاحب كتاب "الإيمان". ذكر أحمد بن يعقوب البَلْخيّ أنّه تُوُفّي عند قُتَيْبة ببغْلان، يوم الأحد، لخمسٍ بقين من ذي الحجّة، سنة ثلاثين، وهو ابن ستٍّ وخمسين سنة. وقال غيره: تُوُفّي في المحرَّم سنة اثنتين وثلاثين. 145- زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب التَّميميّ1. أمير القيروان وابن أميرها. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 146- زِيرك2. أبو العبّاس الرّازيّ. مولى مُعَاذ بن مُهاصر. سمع: جرير بن عبد الحميد، وعُمَر بن عليّ بن مقدّم، يونس بن بُكَيْر، وطبقتهم. وعنه: أَبُو حاتم، وعلى بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد. قال ابن الْجُنَيْد: شيخ صَدُوق. "حرف السين": 147- سَعْد بْن محمد بْن الْحَسَن بْن عطية بن سعد العوفي3.   1 انظر تاريخ الطبري "10/ 138"، والعقد الفريد "6/ 34"، والوافي بالوفيات "15/ 18، 19". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 625". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 126، 127"، والأنساب "9/ 90". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 95 عن: أبيه، وسليمان بن قرْم، وفُلَيْح بن سليمان. وعنه: ابنه محمد بن سَعْد، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا. وَثّقَهُ بعضهم. وأمّا أحمد بن حنبل فقال: كان جَهْميًّا. 148- سَعْد بن يزيد الفرّاء1. أبو الحَسَن النَّيْسَابوريّ. عن: إبراهيم بن طَهْمان، ومبارك بن فَضَالَةَ، وموسى بن عليّ بن رباح، وابن لَهِيعَة، وجماعة. وعنه: أيّوب بن الحَسَن، ومحمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء، وعليّ بْن الحَسَن الذُّهَليّ، والحَسَن بن سُفْيان، وداود ابن الحسين البَيْهَقيّ، وآخرون. محلُّه الصِّدْق. 149- سعيد بن أسد بن موسى الأُمَويّ2 المصريّ. أبو عثمان. روى عن: ضَمْرة، ووالده. وله مصنَّفات في فضائل التّابعين رُوِيَت عنه، وكان فاضلًا. مات سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. 150- سعيد أشعث بن سعيد البصْريّ3. عن: أبيه عن أبي الربيع السّمّان، وأبي عَوَانة، وسعيد بن سلمة، وأبي بكر بن شعيب بن الحبحاب، ومحمد ابن دينار. وعنه: أبو زرعة الرازي، وغيره. قال أحمد بن حنبل: ما أراه إلا صدوقا.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 283"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 480، 481". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 5"، والثقات لابن حبان "8/ 271". 3 انظر الطبقات الكبري لابن سعد "7/ 518"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 465"، والصغير له "229"، والثقات لابن حبان "8/ 266". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 96 151- سعيد بن أبي مريم1 - ع. وهو سعيد بن الحَكَم بن محمد بن سالم. أبو محمد الجمحيّ. مولاهم المصريّ، أحد الثّقات. سمع: يحيى بن أيّوب، ونافع بن يزيد، وأُسَامة بن زيد بن أسلم، وأبا غسّان محمد بن مُطَرِّف، ونافع بن عُمَر الْجُمَحيّ، وسليمان بن بلال، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، والَّليْث، ومالكًا، وإبراهيم بن سُوَيْد، وطائفة. وعنه: خ، ثمّ هو والجماعة، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ومحمد ابن عبد الله بن البَرْقيّ، ويحيى بن مَعِين، ويحيى بن أيّوب العلّاف، ويحيى بن عثمان بن صالح، وحُمَيْد بن زَنْجَويْه، وعثمان الدّارميّ، وأحمد بن حَمّاد زُغْبَة، وخلْق كثير. في "التَّهذيب" ترجمة قُدامة بن موسى الْجُمَحيّ أنّه روى عن: أنس، وابن عمر؛ وأنّ سعيد ابن أبي مريم وعثمان بن عُمَر بن فارس، وجماعة رووا عنه وأنه مات سنة 153هـ وما اعتقد أنّ ابن أبي مريم لقي هذا. قال أبو داود: هو عندي حُجّة. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة. كان له دِهْلِيز طويل، وكان يأتيه الرجل فيقف، فيسلم، فيرُدّ عليه: لا سلَّم الله عليك ولا حَفِظَك، وفَعَل بك. فنقول: ما لهذا؟ فيقول: قَدَرِيٌّ خبيث. ويأتي آخر فيقول: رافضيّ خبيث. ولا يظنّ ذاك إلاّ أنّه ردّ عليه سلامه. ولم أر بمصر أعقل منه ومن عبد الله بن عبد الحَكَم. وقال عثمان الدّارميّ: كنت عنده، فأتاه رجل فسأله أن يُحَدِّثه، فامتنع، وسأله آخر فأجابه. فقال له الأول: سألتك ولم تُجِبْني وأجبت هذا. وليس هذا حقّ العلم.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 518"، والجرح والتعديل "4/ 13، 14"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 465"، والثقات لابن حبان "8/ 266". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 97 فقال: إنْ كنت تعرف السَّيبانيّ من الشَّيْبانيّ، وأبا جمرة من أبي حمزة، حدَّثناك وخَصَصْناك. وقال ابن يونس: كان ابن أبي مريم فقيهًا، ولد سنة أربعٍ وأربعين ومائة، ومات سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 152- سعيد بن زنبور البغداديّ1. عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وإسماعيل بن مجالد. وعنه: أحمد بن بِشْر المَرْثَديّ، وأحمد بن عليّ الأبّار، وإدريس بن عبد الكريم الحدّاد. وقال شيخنا أبو الحَجّاج الحافظ: إنّما هو سَعْد. 153- سعيد بن زياد2. مولى الأزْد. ويُعرف بالقَطاس. عدلٌ مصريّ جليل. قال ابن يونس: بلغ ابنَ أبي الَّليْث القاضي عنه كلامٌ، فأسقط شهادته، وأقامه للنّاس في المسجد، فجاء رجل من الأزْد، فادّعى رقبته، وأتى بشهود ملفَّقين، فشهِدوا له بذلك. فحكم القاضي بشهادتهم، وأمَر فنوديَ عليه، فبلغ دينارًا واحدًا، فاشتراه القاضي ابن أبي الَّليْث وأعتقه. قاله يحيى بن عثمان بن صالح. وقال: حضرت ذلك. وقد روى عنه يحيى أيضًا. وسمعت أبا جعفر الطَّحاويّ يقول: ما رُئيَ أمرٌ كان أوحش من أمر القَطاس، ولا شهادة زورٍ كانت مثلها. لقد أخبرني جماعة ممّن حضر أمره أنّ الشّهود كانوا شُهود زورٍ. قال ابن يونس: لزِم منزله، فلم يخرج منه حَتّى توفّي سنة خمسٍ وعشرين ومائتين.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 267"، والإكمال "4/ 190". 2 انظر الولاة والقضاة "244، 456". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 98 154- سعيد بن سابق الرشيديّ الأزرق1. مصريٌّ معروف، يُكنّى أبا عثمان. يروي عن: حَيْوَة بن شُرَيح، وخالد بن حُمَيْد، وغيرهما. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين في ربيع الآخر. 155- سعيد بن سليمان سَعْدَوَيْه الواسطي2 -ع. أبو عثمان الضّبّيّ البزّار، نزيل بغداد. رأى معاوية بن صالح الحضرميّ بمكّة، وسمع: مبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن سلمة، وأزهر بن سنان، وسليمان ابن كثير العَبْديّ، وعبد العزيز الماجِشُون، ومنصور بن أبي الأسود، والَّليْث، وعبّاد بن العوّام، وطائفة. وعنه: خ، ود، والباقون بواسطة، والذُّهَليّ، وهلال بن العلاء، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن يحيى الحُلْوانيّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبَرِيّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وعثمان بن خُرَّزاذ، وخلْق. ذكره أحمد بن حنبل وقال: كان صاحب تصحيف ما شئت. وقال أبو حاتم: ثقة مأمون، لعلّه أوثق من عَفَّان. وقال صالح بن محمد جَزَرَة: سَمِعْتُ سعيد بن سليمان، وقيل له: لم لا تقول ثنا؟ فقال: كلّ شيء حدّثتكم به فقد سمعته، ما دلّست حديثًا قطّ. ليتني أحدّث بما قد سَمِعْتُ. وسمعته يقول: حججتُ ستّين حَجَّة. وقال الخطيب: كان سَعْدَوَيْه من أهل السنة، وأجاب في المحنة، يعني تقيَّة. وقال أحمد بن عبد الله العِجْليّ: قيل لسعدويه بعد ما انصرف من المحنة: ما فعلتم؟ قال: كَفَرْنا ورجعنا.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 263"، والأنساب "6/ 124". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 340"، والجرح والتعديل "4/ 26"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 481"، والثقات لابن حبان "8/ 267". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 99 وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ، نزل بغداد، وتَجَرَ بها، وتُوُفّي بها في رابع ذي الحجّة سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. ورُوِيَ أنّ سَعْدَوَيْه عاش مائة سنة. 156- سعيد بن سليمان بن خالد1. ابن بنت نشيط الدِّيليّ النَّشيطيّ البصْريّ. عن: أبان بن يزيد، وجرير بن حازم، وسَلْم بن زُرَيْر، ودَيْلم بن غَزْوان، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه أبو زُرْعة وأبو حاتم، وأحمد بن داود المكّيّ، والعبّاس بن الفضل الأسفاطيّ، وعثمان بن عمر الصّبّيّ، وجماعة. قَالَ أبو دَاوُد: لَا أحدث عَنْهُ. وكان أبو حاتم لا يرضاه وقال: فيه نظر. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عنه فقال: نسأل الله السّلامة، وحرَّك رأسَهُ وقال: ليس بالقويّ. - سعيد بن يحيى سَعْدَوَيْه الأصبهانيّ2. يأتي إن شاء الله. 157- سعيد بن شبيب3 -د- أبو عثمان الحضرمي المصري. عن: مالك، ويحيى بن أبي زائدة، وخَلَف بن خليفة، وبقيّة، وجماعة. وعنه: د، وعبد الكريم الديرعاقولي، وأبو حاتم، وأبو إسحاق الجورجاني، وجماعة. وكان شيخا صالحا مقبولا، حدَّث بمصر، وبطرسوس.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 26"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 488، 489"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 142". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 33"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 498"، وتهذيب التهذيب "4/ 47، 48". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 100 لم يذكره ابن يونس. 158- سعيد بن صُلْح القَزْوينيّ1. سمع: هُشَيْمًا، وعبّاد بن العَوّام، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن أيّوب الرّازيّون. قال أبو حاتم: صَدُوق. 159- سعيد بن عبد الملك بن واقد2. أبو عثمان الأسديّ الحَرّانيّ، أخو أحمد بن عبد الملك. سمع: أبا المَلِيح الرَّقّيّ، ومحمد بن سَلَمَةَ الباهليّ. وعنه: محمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وغيره. قال أبو حاتم: يتكلمون فيه، ورأيت فيما حدّث أحاديث كذبًا. 160- سعيد بن عمرو3 -د- أبو عثمان الحضرميّ الحمصيّ البابوسيّ. عن: إسماعيل بن عيّاش، وبقيّة. وعنه: د، وعبد الكريم الديرعاقولي، ومحمد بن عوف الطائي، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ. 161- سعيد بن عمرو بن سهل بن إسحاق بن محمد بن الأشعث بن قيس4 -م. ن- أبو عثمان الكنديّ الأشعثيّ الكوفيّ. عن: حمّاد بن زيد، وعَبْثَر بن القاسم، وابن المبارك، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 34". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 45"، والثقات لابن حبان "8/ 267"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 150". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 51"، وتهذيب الكمال للمزي "11/ 24، 25"، وتهذيب التهذيب "4/ 68، 69". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "4/ 51"، والثقات لابن حبان "8/ 267". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 101 وعنه: م، ون، عن رجل، عنه، وبقيّ بن مَخْلَد، وأبو زُرْعة، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وعثمان بن خُرَّزاذ، وآخرون. وَثّقَهُ أبو زُرْعة، وغيره. وقال مُطَيِّن: مات في صفر سنة ثلاثين. 162- سعيد بن عُفَيْر1. هو سعيد بن كثير بن عُفَيْر بن سَلْم بن يزيد. أبو عثمان الأنصاريّ، مولاهم المصريّ. سمع: يحيى بن أيّوب، ومالكًا، والَّليْث، وابن لَهِيعَة، وسليمان بن بلال، ويعقوب بن عبد الرحمن، وجماعة. وعنه: خ، وم، ون. عن رجل عنه، وعبد الله بن حماد الآمُليّ، وأبو الزِّنّباع رَوْح بن الفرج القطّان، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأحمد بن حمّاد زُغْبَة، وأحمد بن محمد الرّشْدينيّ، وطائفة. قال ابن عَديّ: سَمِعْتُ ابن حمّاد يقول: قال السَّعْديّ: فيه غير لون من البِدع، وكان مخلّطًا غير ثقة. قال ابن عَديّ: وهذا الذي قاله السَّعْديّ لا معنى له. ولم أسمع أحدًا ولا بلغني عن أحد كلام في سعيد بن عُفَيْر، وهو عند النّاس ثقة. وقد حَدَّث عند الأئمة، إلّا أن يكون السَّعْديّ أراد به سعيد بن عُفَيْر آخر. وقال أبو حاتم: كان يقرأ من كُتُب النّاس، وهو صَدُوق. وقال ابن يونس: كان سعيد من أعلم النّاس بالأنساب والأخبار الماضية، وأيّام العرب، والتَّواريخ، وكان في ذلك كله شيئًا عجبًا. وكان مع ذلك أدبيًا فصيحًا، وحسن البيان، حاضر الحجّة، ولا تُمَلّ مجالسته، ولا ينزف علمه، وكان شاعرًا مليح الشّعر.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 59"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 514"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 47"، وتهذيب الكمال للمزي "11/ 45-47". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 102 وكان عبد الله بن طاهر لمّا قدم مصرَ رآه، فأعجبه وأُعجب به، واستحسن ما يأتي به. وكان يلي نقابة الأنصار والقَسْم عليهم، وله أخبار مشهورة. وُلِدَ سنة ستٍّ وأربعين ومائة. وحدَّثني محمد بن موسى الحضرميّ، نا عليّ بن عبد الرحمن: ثنا سعيد بن كثير بن عُفَيْر قال: كنّا بقُبّة الهَوَى عند المأمون، فقال لنا: ما أعجب فِرْعَونُ من مصر حيث يقول: أليس لي مُلْك مصر؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ الذي ترى بقيّة ما دُمِّر، لأنّ الله تعالى قال: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُون} [الأعراف: 137] قال: صدقت. ثمّ أمسك. وقال ابن يونس في مكان آخر: وهذا الحديث ممّا أُنْكِر على سعيد بن عفير، ما رواه عن ابن لَهِيعَة إلّا هو. وكذا أُنْكِر عليه حديث آخر رواه عن ابن لَهِيعَة. مات سنة ستٍّ وعشرين. قال غيره: لسبعٍ بقين من رمضان. 163- سعيد بن محمد بن سعيد الجرميّ الكوفيّ1 -خ. م. د. ق- أبو عبيد الله. عن: شَرِيك، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، وحاتم بن إسماعيل، وعَمْرو بن أبي المِقدام، وعَمْرو بن عطيّة العوفي، وأبي يوسف القاضي، ويعقوب بن أبي المتين خال سُفْيان بن عُيَيْنة. وعنه: خ، وم، ود، وق، عن رجلٍ، عنه، ومحمد بن يحيى، وأبو زُرْعة، وابن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وإبراهيم الحربيّ، وإبراهيم بن عبد الله بن أيّوب المخرّميّ، وآخرون. سُئِل أحمد عنه فقال: صَدُوق، كان يطلبُ معنا الحديث. وقال أبو داود: ثقة. وقال غيره: كان شيعيًا.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 502"، والجرح والتعديل "4/ 68"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 516"، والثقات لابن حبان "8/ 268". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 103 قال إبراهيم بن المخزوميّ: كان إذا قدم بغداد نزل على أبي، وكان إذا جاء ذِكْر النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربّما سكت. وإذا جاء ذِكْر عليّ قال: -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 164- سعيد بن منصور بن شُعْبَة1 -ع. الحافظ الحُجَّة، أبو عثمان الخراسانيّ المَرْوَزِيّ، ويقال: الطّالْقانيّ. قيل: إنّه نشأ ببلْخ، ورحل وطوَّف، وصار مِن الحُفّاظ المشهورين والعلماء المتقنين. وجاور بمكة. سمع: مالكًا، والَّليْث، وفُلَيْح بن سليمان، ومهديّ بن ميمون، وإسماعيل بن زَكَريّا، وحمّاد بن زيد، وخالد بن عبد الله، وحفص بن ميسرة، وأبا الأحْوَص، وعُبَيْد الله بن إياد، و"علي بن" المَدِينيّ، وأبا عَوَانة، وخلْقًا. وعنه: م، ود، ود. أيضًا والباقون بواسطة، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور الكلبيّ، والأثرم، وأحمد بن نَجْدة الهَرَوِيّ، وبِشْر بن موسى، والحسين بن إسحاق التُّسْتَريّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبرِيّ، والعبّاس الأسفاطيّ، وأبو شُعَيْب الحَرّانيّ، ومحمد بن عليّ الصّائغ، وخلْق كثير. قال سَلَمَةُ بن شَبِيب: ذكرته لأحمد بن حنبل فأحسن الثّناء عليه وفخَّم أمره. وقال أبو حاتم: ثقة، من المتقنين الأثبات ممّن جمع وصَنَّف. وكذا أثنى عليه جماعة. وقال حرب الكرمانيّ: أملى علينا نحوًا من عشرة آلاف حديث مِن حفظه، ثمّ صنَّف بعد ذلك الكُتُب. وكان موسَّعًا عليه. وقال حنبل: سألتُ أبا عبد الله عنه فقال: من أهل الفضل والصِّدق. وقال الكَلاباذيّ: وُلِدَ سعيد بجَوْزَجان، ونشأ ببَلْخ. قال سَلَمَةُ بن شَبِيب: وقد كنتُ أسمع سليمان بن حرب يُنكر على سعيد بن منصور الشيء، وكذلك كان الحُمَيْدي يُنكر عليه، ويُخَطِّئه في بعض ما يروى عن سُفْيان. ولم يكن الذي بينه وبين الحُمَيْديّ حسن. فسمعتُ سعيدًا يقول: لا تسألوني عن حديث حمّاد بن زيد، فإنّ أبا أيّوب يجعلنا على طبق، ولا تسألونا عن حديث سُفْيان، فإنّ هذا الحُمَيْديّ يجعلنا على طبق.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 502"، والجرح والتعديل "4/ 68"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 516"، والثقات لابن حبان "8/ 268". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 104 وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل مَن بمكة؟ قال: سعيد بن منصور. قلت: مَن نَظَرَ سُنن سعيد بن منصور عرف حِفْظَ الرجل وجلالته. قال يعقوب الفَسَويّ: سمعت الحميدي يقول: كنت بمصر، وكان لسعيد بن منصور حلقة بمصر في مسجدها. قال الفَسَويّ: كان سعيد إذا رأى في كتابه خطًا لم يرجع عنه. وقال ابن سَعْد، وأبو داود، ومُطَيِّن، وحاتم بن الَّليْث: مات سنة سبعٍ وعشرين. قال ابن يونس: مات بمكّة في رمضان سنة سبعٍ. وقال بعضهم: سنة ستٍّ، وهو غَلَط. وقال بعضهم: سنة تسعٍ، وهو غلط أيضًا. 165- سعيد بن يحيى الأصبهانيّ1. سَعْدَوَيْه الطّويل. عن: مسلم بن خالد الزّنجيّ، وإسماعيل بن جعفر، وأبي بكر بن عيّاش، وَسَلَمَةَ بن صالح. وعنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، وعبد الله بن محمد بن زَكَريّا، وأحمد بن مساور، ومحمد بن خَلَف التَّيْميّ، وغيرهم من الأصبهانيّين. قال أبو نُعَيْم الحافظ: صَدُوق. 166- سَلْم بن قادم2. أبو الَّليْث. حدَّث ببغداد عن: سُفْيان، وبقيّة بن الوليد، ومحمد بن حرب، وغيرهم. وعنه: صالح بن محمد جَزَرَة، وموسى بن هارون، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 75"، والثقات لابن حبان "8/ 270"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 163، 164". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 351"، والجرح والتعديل "4/ 268"، والثقات لابن حبان "8/ 297"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 145، 146". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 105 167- سَلْم بن المغيرة1. عن: أبي بكر بن عيّاش، وغيره. وعنه: عُمَر بن حفص السَّدُوسيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة ثمانٍ أيضًا. 168- سَلَمَةُ بن حِبّان العَتَكيّ البصْريّ2. عن: عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعَرْعرة بن البِرنْد، وجماعة. وعنه: يوسف القاضي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وآخرون. 169- سليمان بن حرب بن بجيل3 -ع- أبو أيّوب الأزذيّ الواشجيّ البصريّ، قاضي مَكّة. سمع: شُعْبَة، والحَمَّادَيْن، وجرير بن حازم، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، ومبارك بن فضالة، ملازم بن عَمْرو، وحَوْشَب بن عُقَيْل، ووُهَيْب بن خالد، والأسود بن شَيْبان. وعنه: خ، ود، ود. أيضًا والباقون، عن رجلٍ، عنه، ويحيى القطّان، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن رَاهَوَيْه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، والحارث بن أبي أُسَامة، وإبراهيم الحربيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وعثمان بن خُرَّزاذ، وخلْق. قال أبو حاتم: هو إمام لا يدلّس ويتكلّم في الرجال. قرأ الفقه، وليس هو بدون عفّان. وقد ظهر من حديثه نحو عشرة آلاف حديث، وما رأيت في يده كتابًا قطّ. وحضرت مجلسه ببغداد فحزروا الحاضرين بأربعين ألفًا. بني له شبه منبر بجنب قصر المأمون، فصعده، وحضر المأمون والقوّاد. وكان المأمون في القصر قد أرسل سترًا شفّ، وبقي يكتب ما يملي.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 146، 147". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 159"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 327"، والثقات لابن حبان "8/ 287". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 300"، والجرح والتعديل "4/ 108، 109". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 106 قال: فسئل سليمان أوّل شيء "حديث حوشب بن عقيل" فلعله قد قال: ثنا حَوْشَب بن عُقَيْل أكثر من عشر مرّات، وهم يقولون: لا نسمع. ثمّ قالوا: ليس الرأي إلّا أن نُحضر هارون المُسْتَملي. فأحضروه. فلمّا قال: من ذكرت رَحمك الله. إذا صوته خلاف الرَّعْد. فسكتوا، وقعد المستملون كلُّهم. واستملى هارون، وكان لا يسأل سليمان عن حديث إلّا حدَّث من حِفْظه. فقمنا من مجلسه فأتينا عَفَّان، فقال: ما حدّثكم أبو أيّوب؟ وإذا هو يعظّمه. وقال الفَسَويّ: سَمِعْتُ سليمان بن حرب يقول: سَمِعْتُ الحديث في سنة ثمانٍ وخمسين ومائة. قال: مولده سنة أربعين ومائة. وعن يحيى بن أكثم قال: قال لي المأمون: ومَنْ تَرَكتَ بالبصرة؟ قلت: سليمان بن حرب، حافظ للحديث، ثقة، عامل في نهاية الصّيانة. فأمر بحمله إليه، فقدِم، واتَّفق أنّه كان في مجلس المأمون أحمد بن أبي دُؤَاد، وثُمامة. فكرهتُ أنْ يدخل مثله بحضرتهم. فلمّا دخل رفع المأمون مجلسه، وقال ابن أبي دُؤَاد: يا أمير المؤمنين نسأل الشيخ عن مسألةٍ. فنظر المأمون إلى سليمان نظر تخيير له، فقال سليمان: ثنا حمّاد بن زيد قال: قال رجلٌ لابن شُبْرُمَة: إنّي أريد أن أسألك مسألةٌ. قال: إنْ كانت مسألتُك لا تُضْحِك الجليسَ، ولا تُزْري بالمسئول، فَسَلْ. وثنا وهيب بن خالد قال: قال إياس بن معاوية: مِن المسائل ما لا ينبغي للسّائل أن يسأل عنها، ولا للمسئول أن يجيب فيها. فإنْ كانت مسألته من غير هذا فليسأل. قال يحيى: فهابه القوم، فما نطقَ أحدٌ منهم بكلمة. وقال أحمد بن حنبل: مات سنة أربعٍ وعشرين. زاد غيره: في ربيع الآخرة. ومَن قال سنة تسع فقد غلط وصَحّف. 170- سليمان بن عبد الله بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس الهاشميّ الأمير1.   1 انظر تاريخ خليفة "471، 475"، وتاريخ الطبري "8/ 573"، والوافي بالوفيات "7/ 393، 394". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 107 ولي المدينة واليمن للمأمون، وعزله المعتصم. له ذكر. 171- سنيد بن داود المصّيصي1 -ق- أبو عليّ المحتسب. عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وابن المبارك، وأبي بكر بن عيّاش، وجماعة. وعنه: أبو بكر الأثرم، وأبو زُرْعة، وأحمد بن أبي خيثمة، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وخلْق سواهم. صدّقه أبو حاتم، وقال أبو داود: لم يكن بذاك. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. ومشاه غيره. وتُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. واسمه حسين، ولَقَبُهُ سنيد. 172- سهل بن بكّار2 -خ. د. ن- أبو بشر البصريّ. عن: شُعْبَة، وجرير بن حازم، ويزيد بن إبراهيم، والسِّرِيّ بن يحيى، وأبان بن يزيد، وجُوَيْريه بن أسماء، وطائفة. وعنه: خ، ود، وأبو زرعة، وأبو حاتم ووثّقه، ومحمد بن محمد التّمّار، وأبو مسلم الكجي، وآخرون. توفي سنة سبعٍ، أو ثمانٍ وعشرين. وروى ن، عن رجلٍ، عنه. 173- سَهْل بن تمام بن بزيع3 -د- أبو عمرو الطّفاويّ البصريّ.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 326"، والثقات لابن حبان "8/ 304"، وتاريخ الطبري "1/ 87"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 161-165". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 302"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 103"، والجرح والتعديل "4/ 194"، والثقات لابن حبان "8/ 291". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 194"، والثقات لابن حبان "8/ 290"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 176، 177"، وميزان الاعتدال "2/ 237". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 108 عن: أبيه، وقُرَّةَ بن خالد، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وعبّاد بن منصور، وصالح بن أبي الجوزاء، وعَمْرو بن سُلَيم الباهليّ، وجماعة. وعنه: د، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان بن حرّزاذ، ومحمد بن محمد التّمّار، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ. وقال أبو زرعة: لم يكن يكذب، وربما وهم في الشيء. 174- سهل بن صقير1 -ق- أبو الحسن البصريّ ثم الخلاطيّ. عن: مالك، والمبارك بن سُحَيم، وإبراهيم بن سَعْد، والدَّرَاوَرْديّ، ويوسف بن عطية وغيرهم. وعنه: سهل بن زَنْجَلَة، وشُعَيْب بن محمد الدُّبَيْلي، وآخرون. قال ابن عَديّ: لم يُحَدِّثنا عنه غير القاسم بن عبد الرحمن الفارقيّ وأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب. وقال الخطيب: كان يضع. 175- سهل بن محمد بن الزُّبَيْر العسْكريّ2 -د. ن. نزيل البصرة. سمع: عَبْثَر بن القاسم، ويحيى بن أبي زائدة، وعبد الله بن إدريس. وعنه: د، ون. عن رجلٍ، عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأحمد بن محمد الخُزَاعيّ الأصبهانيّ، وجماعة. وَثّقَهُ أبو حاتم. وتُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. قال أبو زُرْعة: كان أكيس من سهل بن عثمان.   1 انظر الكامل لابن عدي "3/ 1278"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 193-195"، وتهذيب التهذيب "4/ 254". 2 الجرح والتعديل "4/ 204"، والثقات لابن حبان "8/ 292"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 200". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 109 176- سهل بن نصر المطبخيّ1. عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان، وخَلَف بن خليفة. وعنه: عباس الدوري، وأحمد بن أبي خيثمة، وآخرون. ما علِمتُ فيه مقالًا. 177- سيدان بن مُضارب الباهليّ البصْريّ2. عن: حماد بن زيد، ويزيد بن زُرَيْع، وغيرهما. وعنه: خ، وأبو حاتم، وهلال بن العلاء، وجماعة. قال أبو حاتم: صَدُوق. قلت: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. "حرف الشين": 178- شاذ بن فياض3 -د. ن. أبو عبيدة اليشكريّ البصريّ، واسمه هلال. وشاذ أعجمي معناه الفرمان، وذاله مُخَفَّفة، وقيل مُشَدَّدة. عن: هشام الدَّسْتُوائيّ، وشُعْبَة، والثَّوريّ، وعِكْرِمة بن عمّار، وجماعة. وعنه: د، ون. عن رجل عنه، والفلّاس، ومحمد بن المُثَنَّى، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، وحنبل بن إسحاق، ومحمد بن حيّان المازنيّ، ومحمد بن أيّوب الضّريس، وأبو خليفة الجمحيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق ثقة. وقال البخاري: مات سنة خمسٍ وعشرين ومائتين.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 116"، والأنساب "11/ 359". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 216"، والثقات لابن حبان "8/ 306"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 319". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 78"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 211"، والمجروحين لابن حبان "1/ 363"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 339-341". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 110 179- شاذ بن يحيى الواسطيّ1. عن: وَكِيع، ويزيد بن هارون. وعنه: عبّاس بن عبد العظيم العَنْبَريّ، وتميم بن المنتصر، وأحمد بن سِنَان، وأبو بكر الأَعَيْن، وعبّاس التُّرْقُفيّ، ومحمد بن عبد العزيز الدِّينَوَريّ، وطائفة. 180- شجاع بن أشرس2. أبو العبّاس البغداديّ. عن: عبد العزيز بن الماجِشُون، وقيس بن الربيع، والَّليْث بن سَعْد، ويزيد بن عطاء، وغيرهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن عليّ الخزّاز، وجماعة. قال ابن مَعِين: ليس به بأس. 181- شُرَيح بن مَسْلَمَة التَّنُوخيّ الكوفيّ3. عن: إبراهيم بن يوسف السَّبِيعيّ، وشَرِيك القاضي، ومَنْدَل بن عليّ، وغيرهم. وعنه: أحمد بن عثمان بن حكيم، وأبو حاتم الرّازيّ، وقال: صَدُوق. وقد روى البخاريّ: والنَّسائيّ، عن رجلٍ، عنه. وتوفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 182- شعيب بن محرز بن شُعَيْث بن زيد بن أبي الزَّعْراء4. أبو محمد الكوفيّ، ثمّ البصْريّ. سمع: شُعْبَة، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم الرازّيان، وأبو خليفة.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 392"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 341، 342"، وسير أعلام النبلاء "10/ 434". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 379"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 250، 251". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 335"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 230"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 448-450"، وتهذيب التهذيب للحافظ "4/ 329". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 386"، والثقات لابن حبان "8/ 315"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 279". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 111 قال أبو حاتم: شيخ. واسم أبي الزَّعْراء: عبد الله بن هانئ الأزْديّ، صاحب ابن مسعود. مشهور. تُوُفّي شعيث سنة سبعٍ وعشرين. 184- شهاب بن عبّاد1 -خ. م. ت. ن- أبو عمر العبديّ الكوفيّ. سمع: الحَمَّادَيْن، وشَرِيكًا، وإبراهيم بن حُمَيْد الرُّؤاسيّ، وجماعة. وعنه: خ، وم، وت، ون، عن رجلٍ، عنه، وإسماعيل سمويه، وأحمد بن أبي غَرزَة الغِفَاريّ، وإبراهيم بن شَرِيك الأَسَديّ، وآخرون. وكان ثقة ثَبْتًا. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة أربعٍ وعشرين. 184- شهاب بن عبّاد العَبْديّ العصْريّ2. فتابعيّ يروي عن: ابن عبّاس، وابن عُمَر. وعنه: ابنه هود العصري، ويحيى بن عبد الرحمن. لم يخرجوا له. "حرف الصاد": 185- صالح بن إسحاق3. أبو عمر الجرمي البصري النحوي. كان من كبار أئمّة العربية في زمانه، وأروعهم وأخيرهم.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 410"، والجرح والتعديل "4/ 363"، والثقات لابن حبان "8/ 314"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 573-575". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 361"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 234"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 575-576". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 317"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 561-563". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 112 روى عن: عبد الوارث التَّنُّوريّ، ويزيد بن زُرَيْع. وأخذ اللُّغة عن: يونس بن حبيب، وأبي عُبَيْدة. والنحو عن: سعيد بن مَسْعَدَة الأخفش. روى عنه: أحمد بن ملاعب، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وجماعة. ونال بالأدب المال والجاه والحشمة. قال أبو نُعَيْم الأصبهانيّ: قدِم إصبهان مع فيض بن محمد الثَّقَفيّ، فأعطاه يوم مقدمه عشرة آلاف درهم، وكان يَصِله كلّ سنة باثني عشر ألف درهم. قال المبرد: كان الْجَرْميّ أثبت القوم في كتاب سِيبَويْه، وعليه قرأت الجماعة، وكان عالمًا باللّغة حافظًا لها. وله كتب انفراد بها. وكان جليلًا في الحديث والأخبار. كان أَغْوَص على الاستخراج مِن المازنيّ، وإليهما انتهى عَلْم النَّحْو في زمانهما. قلت: وله مختصرٌ في النَّحْو مشهور، وكتاب "غريب سِيبَويْه"، وكتاب "الأبنية" وكتاب "العَرُوض"، وغير ذلك من التصانيف الأدبية. تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين. وقد قدِم الْجَرْميّ بغداد، وناظَرَ الفرّاء. 186- صالح بن عُبَيْد الله1. مولى بني هاشم. نزل الثَّغْر بمدينة أذَنَة، وحدّث عن: أبي المليح الرَّقّيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنة. روى عنه: أبو حاتم الرازي، وغيره. 187- صدقة بن الفضل المروزي2 -خ- أبو الفضل.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 407، 408". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 434"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 298"، والثقات لابن حبان. "8/ 321"، وتهذيب الكمال للمزي "13/ 144-146". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 113 عن: أبي حمزة السُّكَّريّ، وحفص بن غِياث، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وعبد الله بن وَهْب، وطبقتهم. وعنه: خ، ويعقوب الفَسَويّ، وعبيد الله بن واصل البخاري، ومحمد بن نصر المروزي، وأحمد بن منصور زاج، وأبو محمد الدارمي، وأبو الموجه محمد بن عمرو، وآخرون. وكان إماما ثقة صاحب سُنّة. يقال: إنه كان بمرو كأحمد بن حنبل ببغداد. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين، أو سنة ثلاثٍ وعشرين، رحمه الله. وقال عبّاس بن الوليد النَّرْسيّ: كنّا نقول: صدقة بن الفضل بخراسان، وأحمد بن حنبل بالعراق. 188- صفر بن إبراهيم1. أبو الربيع الأزْديّ البخاريّ العابد. سمع من: الفُضَيْل بن عِيَاض، وابن المبارك، وابن عُيَيْنة. روى عنه: محمد بن الفضل المفسّر، وأهل بخارى. وقد اختلف في سكون الفاء من اسمه وحركتها. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 189- صَقْر بن عبد الرحمن بن مالك بن مِغْوَلٍ2. أبو بَهْز. حدَّث بواسط عن: شَرِيك، وخالد الطّحّان. وعنه أبو حاتم وقال: صَدُوق. "حرف الضاد": 190- ضرار بن صُرد التَّيْميّ3.   1 انظر الإكمال لابن ماكولا "5/ 194، 195". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 310"، والثقات لابن حبان "8/ 305"، والكامل لابن عدي "4/ 1412"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 317". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "4/ 465"، والمجروحين لابن حبان "1/ 380". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 114 أبو نُعَيْم الكوفيّ الطّحّان العابد. سمع: إبراهيم بن سَعْد، وعبد الله بن المبارك، وعبد العزيز بن أبي حازم، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن يوسف السُّلَميّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، ومُطَيِّن، وجماعة. قالوا أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ البخاريّ: "متروك"، مع أنّه قد روى عنه في كتاب "أفعال العباد". قال مُطَيَّن: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين في ذي الحجّة. وقال عليّ بن الحَسَن الهسنْجانيّ: سَمِعْتُ ابن مَعِين يقول: بالكوفة كذّابان: هو، وأبو نعيم النّخغيّ. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ مَا رَوَى عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ تُبَيِّنُ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ بَعْدِي"1، وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ. "حرف الطاء": 191- الطّيّب بن زَبّان2. أبو زَبّان العَسْقلانيّ. عن: زياد بن سَيّار. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم: سَمِعْتُ أبا زُرْعة يقول: أتيته بأحاديث فقلت: يا أبا زَبّان، حَدَّثكم زياد بن سَيّار الكِنانيّ. فقال: يا أبا زَبّان حَدَّثكم زياد بن سيّار الكنانيّ.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن حبان في المجروحين "1/ 380"، وأورده المصنف في الميزان له "3951"، وعلته صاحب الترجمة. 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 498"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 362"، والثقات لابن حبان "6/ 493"، وميزان الاعتدال "2/ 346". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 115 فقلت: أبو زَبّان أنتَ هو. فقال: أبو زَبّان أنتَ هو. فكنت كلّما قلت له شيئًا قال مثله، فوضعتُ يدي على بسم الله الرحمن الرحيم وعلى اسمه، ورأيته، فقال: ثنا زياد بن سَيّار. قال عبد الرحمن: فقلت لأبي زُرْعة: فهذا تحلّ الرواية عنه؟ قال: نعم، هو عندي صَدُوق!. "حرف العين": 192- عاصم بن عليّ بن عاصم بن صهيب1 -خ. ت. ق. أبو الحسين الواسطيّ، مولى قريبة بنت محمد بن الصِّدَّيق أبي بكر التَّيْميّ. سمع: أباه، وعِكْرِمة بن عمّار، وابن أبي ذئب، وعاصم بن محمد العُمَريّ، وشُعْبَة، والمسعوديّ، والقاسم بن الفضل الحدّانيّ، وخلق. وعنه: خ، ون. ق. عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وأحمد بن حنبل، وابن عمّه حنبل، وإبراهيم الحربيّ، والدّارميّ، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن يحيى المروزيّ. خلق. حدّث ببغداد مدّة، وعاد إلى واسط، وبها مات. وقد حطّ عليه يحيى بن مَعِين. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: صحيح الحديث، قليل الغلط. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال أبو الحسين بن المنادي: كان مجلسهُ يُحزر ببغداد بأكثر من مائة ألف إنسان. وكان يستملي عليه هارون الدّيك، وهارون مُكْحُلة. وقال عمر بن حفص السَّدُوسيّ: سمعنا من عاصم، فوجَّه المعتصمُ من يحزر مجلسه في رحْبة النَّخْل الّتي في جامع الرُّصافة. وكان يجلس على سطح، وينتشر   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 316"، والجرح والتعديل "6/ 348"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 491، 492"، والثقات لابن حبان "8/ 506". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 116 وينتشر النّاس، حَتّى سمعته يومًا يقول: ثنا الَّليْث بن سَعْد، ويُستعاد. فأعاد أربع عشرة مرة، والناس لا يسمعون. وكان هارون يركب على نَخْلَة مِعْوَجَّة يستملي عليها. فبلغ المعتصمَ كثرة الجمع، فأمر بحزرهم، فوجّه بقطّاعي الغَنَم، فحزروا المجلسَ عشرين ومائة ألف. وعن: أحمد بن عيسى قال: أتاني آتٍ في منامي فقال: عليك بمجلس عاصم بن عليّ فإنّه غيظ لأهل الكُفْر. وكان رحِمه الله ممّن ذَبَّ عن الإسلام في المحنة. فروى الهيثم بن خَلَف الدُّوريّ، أنّ محمد بن سُوَيْد الطّحّان حدثه قال: كنّا عند عاصم بن عليّ، ومعنا أبو عُبَيْد، وإبراهيم بن أبي الَّليْث، وجماعة. وأحمد بن حنبل يُضْرَب. فجعل عاصم يقول: ألا رجل يقوم معي فنأتي هذا الرجل فنكلّمه؟ قال: فما يجبه أحد. ثمّ قال ابن أبي اللّيث: أنا أقوم يا أبا الحسين. فقال: يا غلام خُفّي. فقال ابن أبي اللّيث: يا أبا الحسين، أبلغُ إليّ بناتي فأوصيهنّ. قال: فظنّنا أنّه ذهب يتكفّن ويتحنّط، ثمّ جاء فقال: إنّي ذهبت إليهنّ فبكين. قال: وجاء كتاب ابنَتيْ عاصم من واسط: يا أبانا، إنّه قد بَلَغَنَا أنّ هذا الرجل أخذ أحمد بن حنبل، فضربه على أن يقول القرآن مخلوق. فأّتقِ الله ولا تُجِبْه. فَوَاللَّهِ لإن يأتينا نعيّك أحبّ إلينا من يأتينا قُلْتُه1. وذكر ابن عَديّ لعاصم ثلاثة أحاديث، تفرّد بها عن شُعْبَة، ثمّ قال ابن عَديّ: لا أعلم شيئًا مُنْكَرًا سواها. ولم أر بحديثه بأسًا. تُوُفّي عاصم في رجب سنة إحدى وعشرين. 193- عامر بن حُجَيْر بن سُوَيْد الباهليّ البصْريّ2. أبو الْحَسَنُ. عن: عمّه قُزْعَه بن سُوَيْد، وحمّاد بن زيد. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، ووثّقاه.   1 هذا جواب البنات فما بالك لو كن رجالا، فعلى هذا فليربي الأولاد. والله المستعان وعليه التكلان. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 320". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 117 194- عامر بن سعيد1. أبو حفص الخراسانيّ البزّار. نزل دمشق وحَدَّث عن يزيد بن زُرَيْع، وأبي معاوية الضَّرير، وهشام بن يوسف الصَّنْعانيّ، وجماعة. وعنه: سَعْد بن محمد البَيْرُوتيّ، وعثمان بن حرّازذ، وإبراهيم بن عبد الله بن الْجُنَيْد. وَثّقَهُ ابن مَعِين. 195- عَبَّادُ بنُ موسى2 -خ. م. د. ن. أبو محمد الختّليّ الأنباريّ. نزل بغداد وحدَّث عن: إبراهيم بن سَعْد، وإسماعيل بن عيّاش، وهُشَيْم، وإسماعيل بن جعفر، وجماعة. وعنه: م. ود، وخ، ون، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن عليّ الأبّاروأحمد بن عليّ القاضي المَرْوَزِيّ، وأبو يَعْلَى أحمد بن عليّ، وصالح جَزَرَة، وأحمد بن يحيى الحَلْوانيّ، وجماعة. وَثّقَهُ أبو زُرْعة، وغيره. تُوُفّي في آخر سنة تسعٍ وعشرين. وقيل: في أوّل سنة ثلاثين، بطَرَسُوس. 196- العبّاس بن بكّار الضَّبّيّ البصْريّ3. روى عن: أبي بكر الهُذَلي، وخالد بن عبد الله، وعبد الله بن المثنّى الأنصاريّ، وآخرون.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 322"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 238". 2 انظر الطبقات الكبري لابن سعد "7/ 353"، والجرح والتعديل "6/ 87"، والثقات لابن حبان "8/ 436"، وتهذيب الكمال للمزي "14/ 161-164". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 216"، والثقات لابن حبان "8/ 512"، والمجروحين له "2/ 190"، والكامل لابن عدي "5/ 1665". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 118 وعنه: قطن بن إبراهيم، وإسحاق بن وهب العلاف، ومحمد بن زكريا الغلابي، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد، وجماعة. وكان كذابا. رَوَى عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ غَرَسَ غَرْسًا، يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ. فَقَالَ: سُبْحَانَ الْبَاعِثِ الْوَارِثِ، أَتَتْهُ بِأُكْلَتِهِ"1. وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ: "الْغَلاءُ وَالرُّخْصُ جُنْدَانِ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ، اسْمُ أَحَدِهِمَا الرَّغْبَةُ، وَالآخَرُ الرَّهْبَةُ"2. قال ابن عدي: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، ولا كَتْب حديثه إلّا على سبيل الاعتبار. وَرَوَى عَنْ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَفَعَهُ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى منادٍ: يَا أَهْلَ الْجَمْعِ، غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ فَاطِمَةُ "3. قلت: هو والعبّاس بن الوليد بن بكّار، نسب إلى حدّه. توفّي سنة إحدى وعشرين، أرّخه أبو القاسم بن مَنْده. وكنّاه الحَاكم أبو أحمد: أبا الوليد، وقال: ذاهب الحديث، وهو ابن أخت أبي بكر الهُذَليّ. 197- عبّاس بن سليمان بن جميل القسمليّ4. مولاهم الموصليّ.   1 "حديث باطل": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 190"، وعلته صاحب الترجمة صدر المصنف قوله فيه: كان كذابا. 2 "حديث باطل": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 190". وانظر ما قبله. 3 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1665"، وقال: وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر لا أعلم قد رواه عن خالد غير عباس هذا. 4 انظر الكامل في التاريخ "6/ 460". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 119 عن: نافع بن عُمَر الْجُمَحيّ، وأبي شهاب عبد ربّه الحنّاط، وجماعة. وعنه: سليمان بن عبد الخالق البلديّ، وابن أبي كامل المَوْصِليّ. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 198- عبّاس بن الفضل العَبْديّ1. أبو عثمان البصْريّ الأزرق. عن: همّام بن يحيى، وحرب بن شدّاد. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وأبو حاتم الرّازيّ ومحمد بن الضُّرَيْس. تركه أبو زُرْعة. وقال البخاريّ: ذَهَب حديثه. قلت: قد مرَّ في طبقة ابن المبارك: - عبّاس بن الفضل البصْريّ الأنصاريّ2. متروك أيضًا. فأمّا الأزرق. فقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي أيّام الأنصاريّ. وسمعته يقول: تُرِك حديثُه. 199- العبّاس بن المأمون بن الرشيد الهاشميّ الأمير3. أحد مَن ذُكِرَ للخلافة عند وفاة أبيه. وقد تلكّأ عند مبايعة المعتصم، وهمّ بالخروج عليه في سنة ثلاثٍ وعشرين، فقبض عليه المعتصم، ومات في سنة أربعٍ وعشرين ومائتين شابا.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 213"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 5، 6"، والثقات لابن حبان "8/ 510". 2 انظر الضعفاء والمتروكين للدارقطني "138"، والكامل لابن عدي "5/ 1664"، والضعفاء لابن الجوزي "2/ 79". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 606، 618"، والعقد الفريد "1/ 29، 2/ 149". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 120 200- عبد الله بن أيّوب بن أبي علاج المَوْصِليّ1. مولى عُقَيْل بن أبي طالب. عن: يونس الأيليّ، وابن أبي ذئب، وهشام بن الغاز، وعِكْرِمة بن عمّار. وعنه: سِنَان بن محمد بن غالب، وعليّ بن جابر المَوْصِليّان. قال ابن حِبّان: روى عن يونس نسخةً كلّها موضوعة. وقال يزيد بن محمد: كان رجلًا صالحًا مُنْكَر الحديث. قال: ويقال كان من أعبر النّاس للرؤيا. وقال غيره: ليس بثقة ولا مأمون. تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين. 201- عبد الله بن أبي حسّان2. واسم أبيه عبد الرحمن بن يزيد، أو يزيد بن عبد الرحمن، اليصبيّ، الإفريقيّ المغربيّ الفقيه. رحلَ وأخذ عن: مالك، وابن أبي ذئب، وابن عيينة. وأخذ بالمغرب عن: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الفريقي. وعُمِّر دهرًا، وكان من الراسخين في العِلْم. روى عن ابن وَهْب قال: ما رأيت مالكًا أميل منه لعبد الله بن أبي حسّان. وعن سَحْنُون قال: كنتُ أوّلَ طلبي إذا انغلقت عليّ المسائل، آتي ابنَ أبي حسّان. تُوُفّي ابن أبي حسّان سنة سبعٍ وعشرين. مولده سنة أربعين ومائة. قال محمد بن سَحْنُون: مات سنة ستٍّ وعشرين.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 10، 11"، والمجروحين لابن حبان "2/ 37، 38"، والكامل لابن عدي "4/ 1527"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 394". 2 انظر الديباج المذهب "133، 134". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 121 202- عبد الله بن خالد الكوفيّ الفقيه1. عن: سُفْيان بْن عُيَيْنة، وشُعَيْب بْن حرب، وإبراهيم بن بكر الشَّيْبانيّ، وغيرهم. وقد أكرهه المأمون على قضاء إصبهان، فسار إليها. وكان فاضلًا صالحًا. روى عنه: عبد الرحمن بن عُمَر رُسْتَة، وعَمْرو بن سعيد الجمّال، ومحمد بن المغيرة، وأُسَيْد بن عاصم، وغيرهم. وبَلَغَنَا عنه أنّه كان مارًّا إلى مجلس الحُكْم، فرأى رجلًا قد وقع حِمْلُه، فشمّر ونزل فحمل معه. وأنّ رجلًا قال له في حكومةٍ: أتَّقِ الله. فوضع يده على رأسه، وعَنَّفَ نفسَه وَوَبَّخها، ثمّ هرب. ولم يُرَ بَعْد إلّا يومًا، رآه بعضهم في الثَّغْر، وهو في جملة الحُرّاس -رَضِيَ اللَّهُ عنه. 203- عبد الله بن أبي بكر العَتَكيّ2. وهو عبد الله بن السَّكَن بن الفضل بن المؤتمن الأزْديّ. أبو عبد الله البصْريّ. عن: شُعْبَة، وهمّام، والأسود بن شَيْبان، وجرير بن حازم، وجماعة. وعنه: البخاريّ في كتاب "الأدب" له، وإبراهيم الحربيّ، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وعبد اللَّه بْن أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم الرَّازيّان، وعبد الله بن واصل البخاريّ، وطائفة. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال ابن أبي عاصم: تُوُفّي سنةً أربعٍ وعشرين. 204- عبدُ الله بن خيران3.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 44"، وحلية الأولياء لأبي نعيم "10/ 392"، وأخبار إصبهان له "2/ 49، 50". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 18"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 55"، والثقات لابن حبان "8/ 339"، وتهذيب الكمال "14/ 348". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 450"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 415"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 424". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 122 أبو محمد الكوفيّ. حدَّث ببغداد عن: شُعْبَة، وعن الرحمن المسعوديّ. وعنه: أحمد بن حرب المعدل، ومحمد بن غالب تمتام، وعيسى الطيالسي رغاث، وأبو بكر بن أبي الدنيا. وهو أكبر شيخ لأبي بكر. قال الخطيب: اعتبرت من روايته أحاديث كثيرة، فوجدتها مستقيمة تدل على الثقة. وذكره العقيلي في "الضعفاء" فقال: لا يُتابَع على حديثه. ثمّ ساقَ له ثلاثة أحاديث حسنة أحدها موقوف رفعه. 205- عبد الله بن داهر الرّازيّ الأحمريّ1. حدَّث ببغداد عن: عبد الله بن عَوَانة، وعَمْرو بن جُميْع. وعنه: صالح بن محمد جَزَرَة، وموسى بن هارون، وأحمد بن الحَسَن الصُّوفيّ. وقال صالح: صَدُوق. 206- عبد الله بن سِنَان الهَرَويّ2. عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وابن المبارك، ويعقوب القُمّيّ. روى عنه: أبو زُرْعة، ومحمد بن يحيى الذّهليّ، وبشر بن موسى، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ. وَثّقَهُ أبو داود. تُوُفّي سنة ثلاثٍ عشرة "ومائتين". 207- عبد الله بن رشيد3.   1 انظر الكامل لابن عدي "4/ 1543"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 453"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 416". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 68"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 112"، والثقات لابن حبان "8/ 342"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 469". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 343"، والمغني في الضعفاء "1/ 338"، ولسان الميزان للحافظ "3/ 285". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 123 أبو عبد الرحمن. لم يذكره ابن أبي حاتم. وكنّاه أبو أحمد، وقال: سمع مُجّاعة بن الزُّبَيْر العَتَكيّ. وعنه: السَّرِيّ بن السَّهْل الْجُنْدَيْسَابُوريّ. 208- عبد الله بن سلم المِسْمَعيّ البصْريّ1. صاحب الطَّيَالسة. قال ابن أبي حاتم: روى عن: جدّه خالد بن رخيم الباهليّ المسمعيّ، وعبد الله ابن عَوْن. وعنه: أبو الوليد الطَّيَالسيّ، ونُعَيْم بن حمّاد، ونصر بن عليّ الجهضميّ. وأدركه عليّ بن الحسين بن الْجُنَيْد، وكتب عنه وقال: صَدُوق. وقال القواريريّ: هو من كبار أصحاب ابن عَوْن إلّا أنّه قلّ ما روى. 209- عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة العنبريّ القاضيّ2 -ن. أبو السّوّار البصريّ. سمع: أباه، وعبد الله بن بكر المُزَنيّ، ويزيد بن إبراهيم، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجرير بن حازم، ووُهَيْب بن خالد، ومالك بن أنس. وعنه ابن سَوّار، ومعاوية بن صالح الأشعري، وأبو زرعة الرازي، وحرب بن الكِرّمانيّ، ومحمد بن إبراهيم البُوسنْجيّ، وعُبَيْد الله بن واصل البخاريّ، ومُعَاذ بن المُثَنَّى، وأبو خليفة، وخلْق. وَثّقَهُ أبو داود، وغيره. وكان صاحب سُنَّةٍ وعِلْم. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 77، 78". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 203"، والجرح والتعديل "5/ 77"، وأخبار القضاة لوكيع "2/ 58"، والثقات لابن حبان "8/ 350"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 70-72". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 124 روى له النَّسائيّ حديثًا في الفرائض، وهو وأبوه وجدّه "تولّوا" قُضاة البصْرة. 210- عبد الله بن صالح بن محمد بن مُسلم الْجُهَنيّ1 -خ. د. ت. ق- مولاهم المصريّ، أبو صالح، كاتب اللّيث ابن سَعْد. وُلِدَ سنة سبعٍ وثلاثين ومائة، ورأى زَبَّان بن فايد، وعَمْرو بن الحارث. وسمع: موسى بن عليّ بن رَبَاح، ومعاوية بن صالح، ويحيى بن أيّوب، وعبد العزيز بن الماجِشُون، وسعيد بن عبد العزيز التَّنُوخيّ، ونافع بن يزيد، وجماعة. وأكثر على الَّليْث. وعنه: يحيى بن مَعِين، والذُّهَليّ، والبخاريّ على الصّحيح. ظفرتُ برواية البخاريّ، عن عبد الله بن صالح، عن الَّليْث، في باب التجارة في البحر، في "الصحيح"، كما شرحناه في ترجمة عبد الله بن صالح العِجْليّ. وأبو حاتم، وأبو إسحاق الْجَوْزجانيّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وحُمَيْد بن زنجويه، والدّارميّ، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وإبراهيم بن الحَسَن بن ديزيل، وخلْق، آخرهم وفاةً محمد بن عثمان بن سعيد بن أبي السَّواريّ المصريّ المُتَوَفَّى سنة سبعٍ وتسعين ومائتين. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ شَيْخُهُ اللَّيْثُ حَدِيثًا رَوَاهُ ابْنُ دِيزِيلَ: ثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو الْمُهَنَّا، ثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، عَمّنْ أَخْبَرَهُ بِرَفْعِ الْحَدِيثِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا أُعْطِيَ أحدٌ الشُّكْرَ فَمُنِعَ الزِّيَادَةِ"2. الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ دِيزِيلَ: ثُمَّ أَتَيْتُ أَبَا صَالِحٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: نَعَمْ أنا حَدَّثْتُهُ بِذَلِكَ. قُلْتُ: فَمَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: يَحْيَى بْنُ عطارد ابن مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مُرْسَل. وقد استشهد البخاريّ بعبد الله بن صالح في "الصّحيح"، وروى عنه حديثًا كما رجّحنا في ترجمة عبد الله بن صالح المذكور في الطبقة الماضية.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 518"، والجرح والتعديل "5/ 86"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 121"، والمجروحين لابن حبان "2/ 40-43". 2 "حديث ضعيف إسناده معضل": أخرجه البيهقي "4527"، وأورده المصنف في السير "10/ 123"، وقال: وهو مرسل لا بل معضل. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 125 وروى في باب التّجارة في البحر. قال ابن حِبّان: كان كاتبًا على مُغَلّ الَّليْث بن سَعْد، مُنْكَر الحديث جدًا، وكان في نفسه صَدُوقًا. سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يقول: كان له جار سوء بينه وبينه عداوة، فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، ويكتب في قِرْطَاس بخطٍّ يُشْبه خطًّ عبد الله بن صالح، ويطرح في داره في وسط كُتُبه، فيجده عبد الله، فيحدِّث به على التوهُّم أنّه خطّه. فمن ناحيته وقع المناكير في أخباره. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ، خَيْرٌ من عشر غزوات، وعزوة لمن حجّ، خير من عشر حجّات، وعزوة فِي الْبَحْرِ، خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةٍ فِي الْبَرِّ"1. ثَنَاهُ أَبُو عَرُوبَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن عزّون، نا عَبْدُ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ. وَرَوَى عَنِ اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن شُفَيٍّ الأَصْبَحِيِّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "خَلْفِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْبَثُ إِلَّا قَلِيلًا، وَصَاحِبُ رَحَى دَارَةِ الْعَرَبِ عُمَرُ"، وَذَكَرَ2 الْحَدِيثَ. ثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ فَذَكَرَهُ. وَذَكَرَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ أَحَادِيثَ أُخَرَ مُنْكَرَةٌ. قال ابن أبي حاتم في ترجمة عبد الله بن صالح: روى عنه اللّيث، وابن وهب ودحيم.   1 "حديث ضعيف": أخرجه البيهقي "4/ 334، 335"، وابن حبان في المجروحين "2/ 41"، والحديث في ضعيف الجامع "2692". 2 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 42"، وابن عدي في الكامل "4/ 208"، وقال المصنف في الميزان "3/ 157، 158"، فساقه بإسناده عن يحيى بن معين. قال: وأنا أتعجب من يحيى مع جلالته ونقده كيف يروي مثل هذا الباطل ويسكت عنه وربيعة صاحب مناكير وعجائب. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 126 قال ابن عَبْد الحَكَم: سَمِعْتُ أبي، وَسُئِلَ عن أبي صالح، فقال: تسألوني عن اقرب رجل إلى الَّليْث؟ رحل معه في ليله ونهاره وسَفَره وحَضَره، ويخلو معه غالبًا، فلا يُنْكر لمثله أن يُكْثر عن الَّليْث. وقال أبو حاتم: هو أمين صَدُوق ما عَلِمْتُه. وقال أبو حاتم: سَمِعْتُ ابن مَعِين يقول: أقلّ الأحوال أنّه قرأ هذه الكُتُب على الَّليْث، فأجازها له، ويمكن أن يكون ابن أبي ذئب كتب إلى الَّليْث بهذا الدَّرْج. قال أحمد بن صالح: لا أعلم أحدًا روى عن اللّيث، عن ابن أبي ذئب إلّا أبو صالح. وذُكِر أنّ أبا صالح أخرج دَرْجًا قد ذهب أعلاه، ولم يدْر حديثَ مَن هو، فقيل له: حديث ابن أبي ذئب. فروى عن الَّليْث، عن ابن أبي ذئب. وقال صالح جَزَرَة: كان ابن مَعِين يوثّقه، وعندي أنّه كان يكذب في الحديث. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. وقال إسماعيل سَمُّوَيْه، عن عبد الله قال: صَحِبْتُ الَّليْث عشرين سنة. وقال الفضل بن محمد الشَّعْرانيّ: ما رأيت عبدَ الله بنَ صالح إلّا وهو يُحَدِّث أو يسبِّح. وقال يعقوب الفَسَويّ: حَدَّثَنَا الرجل الصّالح أبو صالح عبد الله بن صالح. وقال الرَّمادي، عن أبي صالح قال: خرجنا مع الَّليْث إلى بغداد سنة إحدى وستّين ومائة، فشهِدْنا الأضحى ببغداد. قُلْتُ: فِي هَذِهِ النَّوْبَةِ سَمِعَ مِنْ سَعِيدٍ مُفْتِي دِمَشْقٍ. وَأَبْلَغَ مَا نَقَمُوا عَلَيْهِ حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زُهْرَةَ ابن مَعْبَدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ: "إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلَى الْعَالَمِينَ"1 بِطُولِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ وَلَكِنْ قَدْ تَابَعَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعٍ. فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْعَسْكَرِيِّ، وَعَلِيُّ بن داود القنطريّ، عنهما، عن نافع.   1 "حديث موضوع" أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 41"، والخطيب في تاريخه "3/ 162"، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: موضوع والحمل فيه على أبي صالح. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 127 قال أبو زُرْعة وغيره: هو من وضْعِ خالد بن نَجِيح المصريّ. وكان يضع في كُتُب الشيوخ ما لم يسمعوا. وقال ابن عَديّ: أبو صالح عندي مستقيم الحديث، إلّا أنّه يقع في حديثه غلط، ولا يعتمد الكذِب. وقال غير واحد: تُوُفّي يوم عاشوراء سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. ومن طبقته سَمِيُّهُ: - عبد الله بن صالح الكوفيّ. المذكور في الطبقة الماضية. 211- عَبْد اللَّه بْن طاهر بْن الْحُسَيْن بْن مُصْعَب1. الأمير العادل أبو العبّاس الخُزَاعيّ المُصْعَبيّ، أمير إقليم خُراسان وما يليه. وُلد سنة اثنتين وثمانين ومائة. وتأدَّب في صِغَره. وقرأ العِلْم والفقه، وسمع من: وَكِيع، ويحيى بن الضُّرَيْس، وعبد الله المأمون. روى عنه: إسحاق بن رَاهَوَيْه، وهو أكبر منه، ونصر بن زياد القاضي، وأحمد بن سعيد الرباطي، والفضل بن محمد الشَّعرانيّ، وابنه محمد بن عبد الله الأمير، وابن أخيه منصور بن طَلْحة، وآخرون. قال المرزبانيّ: كان بارع الأدب، حَسَن الشِّعْر، تنقّل في الأعمال الجليلة شرقًا وغربًا. قلّده المأمون مصر والمغرب، ثمّ نقله إلى خُراسان. وقال ابن ماكولا: زُرَيق: بتقديم الزَّين: الحسين بن مُصْعَب بن زُرَيْق بن أسعد، مولى سَعْد بن أبي وقّاص. كذا قال، وصوابه: مولى طلحة بن عبد الله الخُزَاعيّ، وهو طلحة الطّلحات أمير سجستان. وروى الحاكم في "تاريخه" عن أبي الحسين محمد بن يحيى الحسيني، أنّ أسعد جدّ بني طاهر كان يُعرف في العجم بفُرخ رزّين موزة، فأسلم على يد عليّ عليه السّلام،   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 240"، وتاريخ الطبري "8/ 580، 581"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 483-489". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 128 على أن لا يغيّر اسمه. فسأل عن اسمه فقيل: اسمٌ مُشْتَقٌّ من السّعادة. فقال: هو إذًا أسعد. وكان والده يُسَمّى فيروز. وقال إبراهيم نِفْطَوَيْه: لمّا غلب عبد الله بن طاهر الشّام، وَهْب له المأمون ما وصل إليه من الأموال هناك، ففرّقها على القوّاد. ولما دخل مصر وقف على بابها وقال: أخزى الله فرعون، ما كان أخسّه، وأدنى هِمَّته. مَلَكَ هذه القرية وقال: أنا ربّكم الأعلى. واللهِ ما دخلتَها. وكان ابن طاهر جوادًا ممدحًا. وفَدَ عليه دِعْبِل، فلمّا أكثر عطاياه توارى عنه، وكتب إليه: هجرتك، لم أَهْجُرْك من كُفْرِ نعمةٍ ... وهل يُرْتَجَى نَيْلُ الزّيادة بالكُفْر ولكننّي لمّا أتيتك زائرًا ... فأفرطت في بري عجزتُ عن الشُّكْر فمِلان لا آتيك إلّا معذّرًا ... أزورك في الشهرين يومًا وفي الشهر فإنْ زدت في بِرّي تزّيدتُ جَفْوَةً ... ولم نلتقِ حَتّى القيامة والحشرِ فوصل إليه منه ثلاثمائة ألف درهم. وعن العبّاس بن مُجَاشع قال: لمّا قدم ابن طاهر اعتراضه دِعْبِل وقال: جئتُكَ مستشفعًا بلا سببٍ ... إليك إلّا بحُرمةِ الأدب فاقضِ ذمامي، فإنّني رجلٌ ... غيرُ ملحٍّ عليك في الطَّلب فبعث إليه بعشرة آلاف درهم، وبهاذين البَيْتَيْنِ: اعَجَلْتَنَا فأتاك عاجلُ بِرّنا ... ولو انتظرت كثيرة لم نُقْلِلِ فخُذِ القليلَ وكنْ كمَنْ لم يسألِ ... ونكون نحن كأنّنا لم نفعلِ وفيه يقول عوف بن ملحّم: يا ابنَ الّذي دان له المشرقان ... طُرًّا، وقد دان له المغربان إنَّ الثمانين وبُلِّغْتَها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان وبدلّنني بالنشاط أنْحِنا ... وكنت كالصَّعْدة تحت السّنان ولم تدع فيّ لمستمتِع ... إلّا لساني وبحسْبي لسان الجزء: 16 ¦ الصفحة: 129 أدعو به الله وأُثْنى على ... فضل الأمير المُصْعَبي الهجّان فقرِّباني بأبي أنتما ... منْ وطني قبل اصفرار البنان وقبل منعاي إلى نسوةٍ ... أوطانُها حَرّان الرّقمتان وقال أحمد بن يزيد السُّلَميّ: كنت مع ابن طاهر، فوقّع على رقاع مرّةً، فبلغت صلاته ألفي ألف وسبعمائة ألف، فدعوتُ له وحسَّنْت فعاله. وَرُوِيَ نحوها بإسناد آخر. وقال ابن خلّكان: كان ابن طاهر شهْمًا نبيلًا، عالي الهِمّة. ولي الدِّينَوَر، فلمّا خرج بابَك على خُراسان بعث لها المأمونُ عبدَ الله، فسار إليها في سنة ثلاثٍ عشرة، وحارب الخوارج، وقدِم نَيْسَابُور سنة خمس عشرة، فأُمْطِروا. فقال شاعر: قد قُحِطَ النّاسُ في زمانهمُ ... حَتّى إذا جئتَ جئتَ بالمطرِ غَيْثان في ساعةٍ لنا أتيا ... فمرحبًا بالأمير والدُّرَر وقد رحل إليه أبو تمام، وعمل فيه قصائد، وصنّف "الحماسة" في هذه السَّفرة بهمَذان، لأنه انحبس بهمذان للثلوج، وأقام في دار رئيس، له كُتُب عظيمة، فرأى فيها ما لا يوصف من دواوين العرب، فاختار منها أبو تمّام كتاب "الحماسة". ومن كلام ابن طاهر: سِمَنُ الكِيس، ونُبْلُ الذَّكْر، لا يجتمعان. ويقال إن البِطّيخ العَبْدَلاويّ بمصر منسوب إلى عبد الله بن طاهر. وممّا ينسب إلى عبد الله من الشّعر قوله: نبّهتُه وظلامُ الّليل منسدلٌ ... بين الرياض دفينًا في الرياحين فقلت: خُذْ. قال: كَفّى لا تُطَاوِعُني ... فقلتُ: قُمْ. قال: رِجْلي لا تُؤاتيني إنّي غفلتُ عن السّاقي، فصيَّرني ... كما تراني سليبَ العقل والدِّين وله: نحنُ قوم تليننا الحدق النجـ ... ـل على أنّنا نُلِينُ الحديدا الجزء: 16 ¦ الصفحة: 130 نملك الصّيد، ثمّ تملكنا البيـ ... ـض المصوناتُ أعْيُنًا وخُدودا تتّقى سُخْطَنا الأُسُود، ونخشى ... سَخَطَ الخِشْف حين يُبْدي الصُّدُودا فترانا يوم الكريهة أحرا ... رًا وفي السّلْم للغَواني عَبِيدا وعن سهل بن مَيْسَرة أنّ جيران دار عبد الله بن طاهر أمرَ بإحصائهم، فبلغوا أربعة آلاف نفس، فكان يقوم بمؤنتهم وكِسْوَتهم. فلمّا خرج إلى خُراسان، انقطعت الرواتب من المُؤنة، وبقيت الكِسْوة مدّة حياته. وروى الخطيب بإسناده إلى محمد بن الفضل: أنّ ابن طاهر لمّا افتتح مصر ونحن معه، سوّغه المأمون خَرَاجَها، فصعد المنبر، فلم ينزل حَتّى أجاز بها كلها، وهي ثلاثة آلاف ألف دينار، أو نحوها. فأتى مُعَلّى الطّائيّ قبل أن ينزل، فأنشده، وكان واجدًا عليه: يا أعظمَ النّاسِ عفوًا عند مقدرةٍ ... وأظلَمَ النّاس عند الْجُود بالمال لو يصبحُ النِّيل يجري ماؤه ذَهَبًا ... لمّا أشرت إلى خزنٍ بمِثْقال فضحك وسُرّ بها، واقترض عشرة آلاف دينار، فدفعها إليه. وكان ابن طاهر عادلًا في الرعيّة، عظيم الهَيْبَة، حَسَن المذهب. قال أحمد بن سعيد الرباطيّ: سمعته يقول: والله لا استجيز أن أقول إيماني كإيمان يحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل، وهؤلاء يقولان: إيماننا كإيمان جبريل وميكائيل. وقال أبو زَكَريّا يحيى العَنْبريّ: سَمِعْتُ أبي يقول: خلّف ابن طاهر في بيت ماله أربعين ألف ألف درهم. هذا دون ما في بيت العامّة. وقال أحمد بن كامل القاضي: مات عبد الله بن طاهر، وكان قد أظهر التَّوبة، وكسر الملاهي، وعمّر الرِّباطات بخُراسان، ووقف لها الوقوف، وافتدى الأسرى من التُّرْك بنحو ألفي ألفي دِرهم. وقال أبو حسّان الزّياديّ: مات بمرو في ربيع الأول سنة ثلاثين، مرض ثلاثة أيّام بحلْقه، يعني الخوانيق، وله ثمانٍ وأربعون سنة. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 131 212- عبد الله بن عاصم الحمّانيّ1 -ق. أبو سعيد البصريّ. سمع: الحمَّادَين، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وعبد الله بن المُثَنَّى الأنصاريّ، ومهديّ بن ميمون، وجماعة. وعنه: أحمد بن عبد الله بن حكيم الفِرْيَابيّ، وأبو زُرْعة، وتَمْتَام، وأحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ، ومحمد بن أيّوب الرّازيّ، وخلْق. قال أبو حاتم، وغيره: صَدُوق. روى له ق. حديثًا واحدًا. 213- عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ بن مالك2. أبو محمد الحجازيّ، نزيل بُخَارَى. سمع: مالكًا، وحمّاد بن زيد، وإسماعيل بن عيّاش فيما زعم. وعنه: محمد بن عثمان السّمسار، وإسحاق بن محمود البخاريّان. قال صالح جَزَرَة: كذّاب، من أكذب خلْق الله تعالى، وعامّة أحاديثه بواطيل. 214- عبد الله بن عبد الوهّاب الحجبي البصري3 -خ. ن. عن: مالك، وأبي عَوَانة، وحمّاد بن زيد، ويوسف بن الماجِشُون، والعطّاف بن خالد، ويزيد بن زُرَيْع، وطائفة. وعنه: خ، ون. عن رجل عنه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وعثمان بن خُرَّزاذ، وتَمْتَام، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، ويوسف بن يعقوب القاضي، وخلْق. وَثّقَهُ أبو حاتم، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 134"، والثقات لابن حبان "8/ 354"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 137-139". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "10/ 27-29". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 307"، الجرح والتعديل "5/ 106"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 141"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 246-248". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 132 وتُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين، قال أبو نصر: ثمان عشرة، فغلِط. 215- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَة بْنِ أبي رَواد ميمون، وقيل: أيمن، الأزديّ العتكيّ1 -خ. م. د. ت. ن. أبو عبد الرحمن: المروزيّ عبدان. أخو عبد العزيز بن شاذان. وهما سِبْطا عبد العزيز بن أبي رَوْاد. سمع عبدان من: شُعْبَة حديثًا واحدًا. وقال العبّاس بن منصور: سمع عَبْدان بن شُعْبَة أحاديث دون العشرة. ومن: أبيه، وأبي حمزة محمد بن ميمون السُّكَّريّ، ومالك بن أنس، وعيسى بن عُبَيْد الكِنْديّ، وعبد الله بن المبارك، وحمّاد بن زيد، يزيد بن زُرَيْع، وخلْق. وعنه: خ، وم. د. ت. ن. عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن محمد بن شَبُّويْه، وأحمد بن سَيّار، ومحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن شقيق، وأبو الموجّه محمد بن عَمْرو، والعبّاس بن مُصْعَب، والقاسم بن محمد بن الحارث، وأبو عليّ محمد بن اليَشْكُريّ المَرْوَزِيّون، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعُبَيْد الله بن واصل البخاريّ، ومحمد بن عَمْرو قَشْمرد، ويعقوب الفَسَويّ، وخلْق. وكان ثقة إمامًا. قال أحمد بن عبدة الآمُلي: تصدّق عَبْدان في حياته بألف ألف درهم. وكَتب كُتب ابن المبارك بقلم واحد. قال: وقال عَبْدان: ما سألني أحد حاجة إلّا قمت2 له بنفسي فإنْ تمّ3، وإلّا قمت له بمالي، فإن تمّ، وإلاّ استغنت بالإخوان، فإنِ تم وإلّا استعنت بالسُّلطان. وعن أحمد بن حنبل قال: ما بقي إلّا الرحلة إلى عبدان بخراسان.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 113"، والتايخ الكبير للبخاري "5/ 147"، والثقات لابن حبان "8/ 352"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 276-279". 2 أي ذهبت معه لأقضي حاجته بنفسي. 3 أي قضيت. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 133 قال الحاكم: هو إمام بلده في الحديث، سمع من شُعْبَة أحاديث دون العشر، ولم يُكْتَب. وَرِثَه أخوه. وقد ولّاه ابن طاهر قضاء الجوزجان، ثمّاستعفى فأُعْفي. قلت: تُوُفّي عَبْدان في أواخر شَعْبان سنة إحدى وعشرين، وله ستٍّ وسبعون سنة. وأما: - عبدان بن محمد المَرْوَزِيّ1. فآخر من طبقة عَبْدان الأهوازيّ، كتبَ عنه الطّبرانيّ، وغيره. سوف يأتي. 216- عبد الله بن عَمْرو بن أبي الحجاج ميسرة2 -ع. أبو معمر التميميّ المنقريّ. مولاهم البصْريّ المُقْعَد. عن: أبي الأشهب جعفر بن حيان العُطَارِديّ، وعبد الوارث بن سعيد، وعَبْثَر بن القاسم، وجرير بن عبد الحميد، وجماعة. وعنه: خ، ود، والباقون بواسطة، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعبد الله الدّارميّ، وأحمد بن محمد الرتيّ القاضي، وأبو زُرْعة، وعثمان بن خُرَّزاذ، وخلْق. وكان راوية عبد الوارث، وليس له في الكُتُب السّتّة شيء عن غيره. قال أحمد بن أبي خيثمة، عن ابن معين: ثقة، ثبت. وقال يعقوب بن شية: كان ثقة ثبتًا، صحيح الكتاب. وكان يقول بالقَدَر. وقال أبو داود: أبو مَعْمَر أثبت من عبد الصَّمَد بن عبد الوارث مِرارًا. وقال أبو حاتم: صَدُوق متقِن، غير أنّه لم يكن يحفظ. وكان له قدْر عند أهل العلم.   1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 119"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 155"، والثقات لابن حبان "8/ 353"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 353". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 134 وقال أبو زُرْعة: كان ثقة حافظًا. قال البخاريّ، وغيره: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 217- عبد الله بن عيسى الطُّفَاويّ1. عن: مِسْمَع بن عاصم، ويوسف بن عطيّة. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وجماعة. 218- عبد الله بن أبي عَرابة الشّاشيّ الحافظ2. من عُلماء الحديث. سمع: ابن عُيَيْنة، ووَكِيعًا، وطبقتهما. وروى عنه، وعن أخيه سَلْم المحدِّث: خَلَف بن عامر البخاريّ، وغيره. ذكره السُّلَيْمَانيّ. 219- عبد الله بن محمد بن حميد3 -خ. د. ت. أبو بكر بن أبي الأسود الحافظ البصْريّ. ابن أخت عبد الرحمن بن مهديّ. ولي قضاء همدان. وحدَّث عن: مالك، وأبي عَوَانة، وعبد الواحد بن زياد، وجعفر بن سليمان، وجدّه أبي الأسود حُمَيْد بن الأسود، ومُعْتَمِر بن سليمان، ويزيد بن زُرَيْع، وحاتم بن إسماعيل، وخلْق. وعنه: خ. د. ت، عن رجل، وإبراهيم الحربيّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وابن أبي الدُّنيا، وعثمان بن خُرَّزاذ، ويعقوب الفَسَويّ، وطائفة. وسمع وهو صغير باعتناء خاله.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 128"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 34". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 362". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 159"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 189"، والثقات لابن حبان "8/ 348"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 434". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 135 قال عبد الخالق بن منصور، عن ابن مَعِين: لا بأس به، ولكنّه سمع من أبي عَوَانة وهو صغير. وكان يطلب الحديث. وقال الخطيب: سكن بغداد، وكان حافظًا متقِنًا. وقال أبو حسّان الزياديّ، وغيره: مات في جُمادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وعشرين، وهو ابن ستّين سنة. 220- عبد الله بن الفرج1. أبو محمد القنطريّ. أحد العُبّاد ببغداد. كان بِشْر الحافي يزوره ويَوَدُّه. وله كلام نافع. حكى عنه: محمد بن الحسين البُرْجُلانيّ، وأحمد بن محمد التاجي، وعليّ بن الموفّق، وغيرهم. 221- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن جعفر بن اليَمَان بن أخنس بن خُنَيْس2 -خ. ت. الحافظ أبو جعفر الْجُعْفيّ البخاريّ المُسْنَديّ. لُقِّبَ بذلك لأنّه كان يفتي بالمستند، ويزهد في المُرْسَل. وعلى يد جدّه الأعلى يَمَان بن أخنس أسلَم المغيرة جدّ أبي عبد الله البخاريّ. سمع عبد الله من: سُفْيان بن عُيَيْنة، وإسحاق الأزرق، ومروان بن معاوية، وعبد الرحمن بن مهديّ. ورحل إلى عبد الرّزّاق، وإلي سعيد بن أبي مريم، وعَمْرو بن أبي سَلَمَةَ. أقدم شيخ لقي الفُضَيْل بن عِيَاض. وعنه: خ، وت. عن البخاريّ عنه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعُبَيْد الله بن واصل، وأحمد ابن سَيّار المَرْوَزِيّ. وآخر من حَدَّثَ عَنْهُ مُحَمَّد بْنُ نصر المَرْوَزِيُّ الفقيه. قال أبو حاتم: صدوق.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "10/ 41، 42". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 162"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 189"، والثقات لابن حبان "8/ 354"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 735". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 136 وقال أحمد بن سَيّار: غاب أبو جعفر عن بلده، وأقام في طلب الحديث في الآفاق. وكان يُلَّقْب بالمُسْنَديّ، وهو من المعروفين من أهل العدالة والصِّدق، صاحب سُنَّةٍ وجماعة وإتقان. رأيته بواسط حسن القامة، أبيض الرأس واللحية. ورجع إلى بخارى، ومات بها. وقال البخاري: مات لستٍ بقين من ذي القعدة سنة تسعٍ وعشرين. وقال الحاكم: هو إمام الحديث في عصره بما وراء النهر بلا مدافعة. وأستاذ أبي عبد الله البخاري، وعن خلف بن عامر، عن البخاريّ. قال: قال لي الحَسَن بن شُجاع: أنت مِن أين يفوتك الحديث، وقد وقعت على هذا الكنز، يعني المُسْنَدي. وعن المُسْنَدي قال: ودّعت الفُضَيْل، فقلت: أوصِني. قال: كن ذَنَبًا ولا تكن رأسًا. 222- عبد الله بن محمد بن الربيع1 -ن. أبو عبد الرحمن العائديّ الكرمانيّ، ثم الكوفيّ. نزيل المِصّيصة. وقد يُنْسَب إلى جدّه. سمع: عبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وعليّ بن مُسْهِر، وجرير بن عبد الحميد، وعبّاد بن العوام، وابن المبارك، وطبقتهم. وعنه: إبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، والدّارميّ، وأبو حاتم، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة صَدُوق مأمون. قلت: له في النَّسائيّ حديث واحد. 223- عبد الله بن محمد بن هارون التُّوزيّ القُرَشيّ2. مولاهم النَّحْويّ. قرأ كتاب سِيبَويْه على أبي عُمَر الجرميّ، وحمل عن الأصمعيّ، وغيره.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 162"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 734". 2 انظر الوافي بالوفيات "17/ 521"، والفهرست لابن النديم "57، 58"، وتوضيح المشتبه "1/ 639، 640". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 137 قال أبو العبّاس المبرِّد: ما رأيتُ أحدًا أعلم بالشِّعر منه، وله كتاب "الخيل" وكتاب "فعلت وأفعلت"، وغير ذلك. تُوُفّي سنة ثلاثين، وهو كَهْل. 224- عبد الله بن مروان1. أبو شيخ الحَرّانيّ. حدَّث ببغداد عن زُهَير بن معاوية، وعيسى بن يونس. روى عنه: أبو حاتم الرازي، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وإسحاق بن الحسن الحربي. وثقه أبو حاتم. 225- عبد الله بن مروان بن معاوية الفزاري2. روى عن: أبيه. وروى عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وجماعة. يُكنَّى أبا حُذَيْفة. روى عن: ابن أبي الدُّنيا، والبَغَويّ. وكان ثقة. 226- عبد الله بن مسلمة بن قعنب3 -خ. م. د. ت. ن. الإمام أبو عبد الرحمن الحارثيّ القَعْنَبيّ المَدنيّ. نزيل البصرة ثمّ مَكّة. ولد بعد الثلاثين ومائة، وسمع من صغار التّابعين.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 166"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 207"، والثقات لابن حبان "8/ 345". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 302"، والجرح والتعديل "5/ 181"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 212"، والثقات لابن حبان "8/ 353". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 138 سمع: أفلح بن حُمَيْد، وشُعْبَة، وابن أبي ذئب، وأسامة بن زيد بن أسلم، ومالكًا، والحَّمادين، وداود بن قيس الفرّاء، وَسَلَمَةَ بن وردان، والَّليْث بن سَعْد، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، ونافع بن عُمَر الْجُمَحيّ، وخلْقًا. وعنه: خ، م، د، وم. أيضًا، ت. ن؛ عند رجلٍ، عنه، وعبد الله بن داود الخُرَيْبيّ، وهو أكبر منه، ومحمد بن عبد الله ابن سنجر الحافظ، ومحمد بْن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بْن عَبْد الله بن عبد الحَكَم، وهلال بن العلاء، وعبد بن حُمَيْد، وعَمْرو بن منصور النَّسائيّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن أيوب بن الضُّرَيْس، ومحمد بن عليّ الصائغ، ومحمد بن مُعَاذ دُرّان، ومُعَاذ بن المُثَنَّى، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، وخلْق سواهم. قال أبو زُرْعة: ما كتبتُ عن أحدٍ أجلّ في عيني من القَعْنَبيّ. وقال أبو حاتم: ثقة حجّة لم أر أخشع منه. سألناه أن يقرأ علينا "المُوَطّأ"، فقال: تعالوا بالغداة. فقلنا: لنا مجلسٌ عند حَجَّاج. قال: فإذا فرغتم منه. قلنا: نأتي مسلم بن إبراهيم. قال: فإذا فرغتم منه. قلنا: نأتي أبا حُذَيْفة. قال: فبعد العَصْر. قلنا: نأتي عارِمًا. قال: فبعد المغرب؛ فكان يأتينا بالّليل. فنخرج علينا وعليه كساء، ما تحته شيء في الصّيف، فكان يقرأ علينا في الحَرّ الشّديد حينئذٍ1. وقال ابن مَعِين: ما رأيت رجلًا يُحَدِّث لله إلّا وَكِيعًا، والقَعْنَبيّ.   1 أي في هذا الوقت. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 139 وقال الحافظ أبو عمرو الجيزي أحمد بن محمد: سَمِعْتُ أبي يقول: قلت للقَعْنَبيّ: ما لك لا تروي عن شُعْبَة غير هذا الحديث؟. قال: كان شُعْبَة يستثقلني، فلا يحدثني. وقال الخريبيّ، مع جلالته وفَضله: حدَّثني القَعْنَبيّ، عن مالك، وهو واللهِ عندي خيرَ من مالك. وقال أبو حفص الفلّاس: كان القَعْنَبيّ مُجاب الدَّعوة. وقال عثمان بن سعيد الدّارميّ: سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ، وذكر أصحاب مالك، فقيل له: معن، ثم القعنبيّ. قال: لا بل القَعْنَبيّ، ثمّ مَعّن. وقال محمد بن الوهّاب الفرّاء النَّيْسَابوريّ: سمعتهم بالبصرة يقولون: عبد الله بن مَسْلَمَة من الأبدال. وقال إسماعيل القاضي: كان القَعْنَبيّ من المجتهدين في العبادة. وقال إمام الأئمة ابن خُزَيْمة: سَمِعْتُ نصر بن مرزوق يقول: أثبت النّاس في "المُوَطّأ": القَعْنَبيّ، وعبد الله بن يوسف التِّنِّيسيّ بعده. وقال إسماعيل القاضي: كان القَعْنَبيّ لا يرضى قراءة حبيب، فما زال حَتّى قرأ بنفسه "المُوَطّأ" على مالك. وقال محمد بن سعيد: كان القَعْنَبيّ عابدًا فاضلًا، قرأ على مالك كُتُبَه. وقال أبو بكر الشيرازي في كتاب "الألقاب": سَمِعْتُ أبا إسحاق المُسْتَمْليّ: سَمِعْتُ أحمد بن منير البَلْخيّ: سَمِعْتُ حمدان بن سهل البَلْخيّ الفقيه يقول: ما رأيت أحدًا إذا رُؤي ذُكر الله إلّا القَعْنَبيّ رحمه الله، فإنّه كان إذا مرّ في مجلسٍ يقولون: لا إله إلّا الله. وقيل: كان يسمى الراهب لعبادته وفضله. وروى عبد الله بن أحمد بن الهيثم، عن جدّه قال: كنّا إذا أتينا القَعْنَبيّ خرج إلينا كأنه مُشْرفٌ على جهنّم. وقال محمد بن عبد الله الزُّهْريّ، عن الحُنَيْني: كنّا عند مالك بن أنس، فقدِم ابن قَعْنَب من سَفَر، فقال مالك: قوموا بنا إلى خير أهل الأرض. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 140 وقال الحاكم: قال الدّارقطنيّ: يُقَدَّم في "المُوَطّأ" مَعّن، وابن وَهْب، والقَعْنَبيّ. قال: وأبو مُصْعَب ثقة في "المُوَطّأ". قلت: لم يَرْوِ عن القَعْنَبيّ، عن شُعْبَة سوى حديث واحد، لأنّه، أدركه في آخر أيّامه. وروى بعض النّاس لذلك قصّةً لا تصحّ. تُوُفّي القَعْنَبيّ في المحرم سنة إحدى وعشرين، وقد سمع منه مسلم أيّام الموسم سنة عشرين، وهو أكبر شيخ له. وآخر من روى حديثه عاليًا أبو الحَسَن بن البخاريّ، كان بينه وبينه خمسٍ أنفُس. وسمعنا "المُوَطّأ" من روايته بِعُلُوّ المَرّة الأولى ببَعْلَبَكّ، والثّانية بحلب. 227- عبد الله بن مهديّ. أبو محمد العامريّ النَّيْسَابوريّ. في أعقابه جماعة فُضَلاء بنَّيْسَابور. سمع من: خارجه بن مُصْعَب، وابن المبارك، وأصرم بن عتّاب. وعنه: حفيده محمد بن فور، وسهل بن عمّار العَتَكيّ، ومحمد بن زيد السُّلَميّ. تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين. 228- عبد الأحد بن الَّليْث بن عاصم1. أبو زُرْعة القِتْباني المصريّ. شيخٌ نبيل. روى عن: حَيْوَة بن شُرَيح، ويحيى بن أيّوب، ومالك بن أنس، وعثمان بن الحَكَم. قال ابن يونس: مات في رجي سنة ثمانٍ وعشرين، عن بضعٍ وثمانين سنة. 229- عبد الأعلى بن عبد الواحد البُرُلُّسيّ. عن: همّام، وزين بن شُعَيْب. تُوُفّي سنة ثلاثين ومائتين.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 424"، والأنساب "10/ 62". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 141 230- عبد الباقي بن عبد السّلام المصريّ. عن: همّام بن إسماعيل، وابن وَهْب. مات بعد العشرين ومائتين. روى عنه: محمد بن إسحاق الصَّاغانيّ، وغيره. 231- عبد الجبّار بن سَعْد بن سليمان المساحقيّ1. الفقيه المدنّي، صاحب مالك. روى عنه، وعن: ابن أبي ذئب. وعنه: إسماعيل القاضي، وغيره. وولي قضاء المِصِّيصة، وعاش بضعًا وثمانين سنة. قال مُصْعَب الزُّبَيْريّ: كان أجمل قُرَشيّ وجهًا، وأحسنهم لسانًا، رحِمه الله. وقال: تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. وقال ابن سَعْد: سنة تسع وعشرين. 232- عبد الحميد بن بكّار2. أبو عبد الله السُّلَميّ الدّمشقيّ، ثمّ البيروتيّ. قرأ القرآن على أيّوب بن تميم. وروى عن: سعيد بن عبد العزيز الفقيه، وسعيد بن بشير، والهِقْل بن زياد، والوليد بن مسلم، وغيرهم. وعنه: أبو داود في كتاب "المراسيل"، وسَعْد بن محمد البيروتيّ، والعبّاس بن الوليد البيروتيّ. وقرأ عليه العبّاس بحرف ابن عامر.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 440"، والجرح والتعديل "6/ 32"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 109"، والثقات لابن حبان "8/ 418". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 9"، والثقات لابن حبان "8/ 402"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 564". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 142 وروى عنه أيضًا: يعقوب الفَسَويّ، وأحمد بن المعلى القاضي، وأبو عَبْد الملك، أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وطائفة. 233- عبد الحميد بن صالح1 -ن. أبو صالح البُرْجُميّ الكوفيّ المقرئ. قرأ على أبي بكر بن عيّاش، وعلى أبي يوسف الأعشى. قرأ عليه: جعفر بن عنبسة، وإسماعيل بن عليّ الخيّاط. وكان يَؤُمّ بمسجد بني شيطان. وحدَّث عنه: زُهَير بن معاوية، وقيس بن الربيع، وحبّان بن عليّ، وعاصم بن محمد العُمَريّ، وأبي بكر النَّهْشَليّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن أبي غَرَزَة، والحسين بن إسحاق التُّسْتَريّ، وعبّاس الدُّوريّ، ومُطَيِّن، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وموسى بن إسحاق الأنصاريّ، وجماعة. قال مُطَيَّن: مات سنة ثلاثين. وقال أبو حاتم، صَدُوق. 234- عبد الحميد بن أبي طالب2. أبو يزيد البصْريّ، واسم أبيه حمّاد. روى عن: عبد الله بن المُثَنَّى، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز بن مسلم، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، وأبو زُرْعة. 235- عبد الرحمن بن بُجَيْر الكلاعي3. قال ابن يونس: ثقة شريف مصريّ. روى عن يحيى بن أيّوب، ومالك بن أنس.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 14"، والثقات لابن حبان "8/ 402"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 767"، وتهذيب التهذيب "6/ 117". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 12". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 143 تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. وعنه: ابنه محمد. وابنه غير مأمون. 236- عبد الرحمن بن بكر الطبريّ الآمُليّ1. عن: شَرِيك، وعبد الواحد بن زياد، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وهو صَدُوق. 237- عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم القُرَشيّ الجمحي البصري2 -م. عن: جدّه، والنَّضْر بن إسماعيل، ومحمد بن حُمْران القَيْسيّ. وعنه: م، وأحمد بن داود المكّيّ، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن غالب تمتام، وأبو خليفة، وجماعة. قال أبو حاتم: محله الصدق. وقال ابن عساكر: مات سنة ثلاثين. 238- عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي3. الفقيه أبو محمد مولى بني مخزوم. أخذ عن: ابن وَهْب، وأشهب، وابن القاسم، وابن نافع، وعبد الملك بن الماجِشُون. وبَرَع في رأي مالك. وحدَّث عن أبي ضمرة، وغيره. وله مسائل تسمّى "الدّمياطيّة".   1 انظر الجرح والتعديل 5" 217". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 217"، وتهذيب الكمال "2/ 777"، وتقريب التهذيب "1/ 145". 3 انظر طبقات الفقهاء للشيرازي "154"، والديباج المذهب لابن فرحون "148". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 144 روى عنه: يحيى بن عَمْرو، وغيره. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين، وآخر من حَدَّث عنه أحمد بن حمّاد زُغْبة. 339- عبد الرحمن بن الحَكَم بن بشير الرّازيّ الحافظ1. رأى زَكَريّا بن سلّام العُتْبيّ نزيل الرَّيّ. ثمّ حمل عن: عتّاب بن أَعْيَن صاحب الأعمش، وجرير بن عبد الحميد، ونزفل بن مُطَهّر، وحَكّام، وأبي بكر بن عيّاش، وابن عُيَيْنة، وحفص بن غياث، وخلق. وعنه: محمد بن مهران الجمال، وابن وارة، وأبو زرعة، وآخرون. قال ابن واره: كان أعلم الناس بشيوخ الكوفيين. وقال إبراهيم بن موسى الفراء: ما رأيت أحدا أفهم بمشيخة أبي إسحاق السبيعي، من عبد الرحمن بن الحكم. 240- عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي الكوفي2. لا نعلمه روى عن غير أبيه. وروى عنه: البخاريّ في كتاب "الأدب"، ومحمد بْن عبد الله بْن نُمَيْر، ومحمد بن عُبَيْد بن عُتْبَة الكِنْديّ، وابن أخيه محمد بن بِشْر بن شَرِيك، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شَيْبَة، وجماعة. قال أبو حاتم: واهي الحديث. وقال ابن حِبّان: ربّما أخطأ، وذكره في "الثّقات". قال ابن عقدة: تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 241- عبد الرحمن بن الضّحّاك3. أبو سُلَيم، ويقال: أبو مسلم البعلبكّيّ القارئ المعرف بابن كسرى.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 227". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 244"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 296"، والثقات لابن حبان "8/ 375"، وتاريخ الطبري "3/ 217". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 247". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 145 روى عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وسُوَيْد بن عبد العزيز، وجماعة. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، وعَمْرو بن عيسى الحمصيّ، وأبو المنذر محمد بن سُفْيان. قال أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 242- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عبد الملك بن شَيْبَة الحزامي1 -خ. ن. مولاهم المَدنيّ أبو بكر. سمع: ابن أبي فُدَيْك، والوليد بن مسلم، وأبا نُبَاتَة يونس بن يحيى المَدنيّ، وعبد الله بن نافع الصّائغ، وعبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن الحزاميّ، وجماعة. وقيل: إنّه روى عن هُشَيْم بن بشير، وفيه نظر. وعنه: خ. ون، عن رجلٍ: عنه، والفضل بن محمد الشَّعرانيّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو مَعِين الرّازيّ، ومحمد بن يزيد الأسفاطيّ. قال أبو حاتم الرّازيّ: كان يختلف إلى عبد العزيز الأُوَيْسيّ وهو شابّ يكتب عنه، فرآه أبو زُرْعة فسمع منه. وقال أبو زُرْعة: لم يكن بين حديثه وبين موته كبير شيء. اختلفتُ إلى بيته عشرين ليلة أنظرُ في كُتُبه. وقال أبو بكر بن داود: ضعيف. 243- عبد الرحمن بن عُبَيْد بن محمد بن عائشة2. شاعر محسن ظريف أديب. تُوُفّي في حياة أبيه ببغداد، فقدِم أبوه من البصرة لأجل ميراثه في سنة سبعٍ وعشرين.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 259"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 318"، وتهذيب الكمال "2/ 802"، وميزان الاعتدال "2/ 578". 2 انظر الكامل في التاريخ "6/ 529"، والعقد الفريد "4/ 354". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 146 244- عبد الرحمن بن المبارك البصريّ الخلقانيّ1 -خ. د. ت. العَيْشيّ الطُّفَاويّ. ويقال: السَّدُوسيّ؛ أبو بكر، ويقال أبو محمد. عن: وُهَيْب بن خالد، ومهدي بن ميمون، وأبي عَوَانة، وحمّاد بن زيد، وحزم القُطَعيّ، وطائفة. وعنه: خ، ود، عن رجلٍ: عنه، وحرب الكِرْمانيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن أيّوب الرَّازيّون، ومحمد بن محمد التّمّار، وأبو خَلَف الْجُمَحيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وخلْق. قال أبو حاتم: ثقة. وقال ابن عساكر: توفي سنة ثمانٍ، وقيل: سنة تسعٍ وعشرين. 245- عبد الرحمن بن محمد بن عَلْقَمَة2. أبو أُمَيّة الفَرَضيّ. بصْريّ مستور. يروى عن: شُعْبَة، ومبارك بن فَضَالةِ. وعنه: سوار بن عبد الله القاضي. قال خليفة: مات أبو أمية سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 246- عبد الرحمن بن مقاتل3 -د. أبو سهل التّستريّ، ثم البصّريّ. خال القَعْنَبيّ. عن: مالك بن أنس، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد الله بن عُمَر العُمَريّ. وعنه: د، وعليّ بن عبد الله البَغَويّ، ومعاذ بن المثنى، وأبو خليفة الجمحيّ.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 304"، والجرح والتعديل "5/ 292"، والثقات لابن حبان "8/ 380"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 814". 2 انظر خليفة "477"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 257". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 292"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 352"، والثقات لابن حبان "8/ 379"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 818، 819". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 147 قال أبو حاتم الرازي: صدوق. 247- عبد الرحمن بن موسى الهواري1. أبو موسى الأندلسي الفقيه. رحل في "طلب" العلم، وأخذ عن: مالك، وسُفْيان بن عُيَيْنة. ودخل العراق، وأخذ العربية عن: أبي زيد الأنصاريّ، والأصْمَعيّ. وأحكم عِلْم اللّسان، وصعِد إلى بلاده، فغرقت كُتُبُه في البحر، فجاء أهل أسْتِجَةَ يهنُّونه بالسّلامة، ويُعَزّونه في كُتُبه، فقال: ذهب الخَرْج وبقى الدَّرْج، وكان حافظًا، وعَنَى بالدَّرْج ما في صدره. وكان متضلّعًا من القراءات والتّفسير، وغير ذلك. روى عنه تفسيره محمد بن أحمد العتبي. وحكى محمد بن عُمَر بن لُبابة، عن القَعْنَبيّ قال: كان أبو موسى الأسْتِجيّ إذا قدِم قُرْطُبَة لم يُفْتِ يحيى بن يحيى، ولا عيسى، ولا سعيد بن حسّان حَتّى يرحل عنها. قلت: عيسى هو ابن دينار صاحب ابن القاسم، وهو أقدم موتًا من أبي موسى رحمه اللَّه. 248- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي المهاجر الدّمشقيّ2. عن: المّنْكَدِر بن محمد بن المّنْكَدِر، وسُفْيان بن عيينة، والوليد بن مسلم. وعنه: أبو حاتم، والفَسَويّ، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وأحمد بن إبراهيم البُسْريّ، وجماعة. وكان من علماء دمشق الكبار. قال أبو حاتم: ما بحديثه بأس.   1 انظر الديباج المذهب لابن فرحون "148". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 302"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 367"، والثقات لابن حبان "8/ 378". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 148 وقال غيره: تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 249- عبد الرحمن بن يونس1. أبو مسلم الروميّ المُسْتَمْليّ البغداديّ، مولى أبي جعفر المنصور. كان يستملي على سُفْيان بن عُيَيْنة فروى عنه، وعن: حاتم بن إسماعيل، وابن فُضَيْل، ومحمد بن أبي فُدَيْك، وجماعة. وعنه: خ، وإبراهيم الحربيّ، وعباس الدوري، وحنبل بن إسحاق، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. وأما أبو العباس السراج فقال: سألت أبا يحيى صاعقة عنه، فلم يرضه في الحديث، وأراد أن يَتَكَلَّم فيه فقال: استغفر الله. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ عِنْدَهُمْ. وقال محمد بن سَعْد: أخبرني أنّه ولد سنة أربعٍ وستّين ومائة ومات فجأة في عاشر رجب سنة أربعٍ وعشرين. وكذا أرّخه أحمد بن أبي خَيْثَمة، وحاتم بن الَّليْث. 250- عبد الرحيم بن محمد بن زيد2 السُّكَّريّ. عن: أبي بكر بن عيّاش. وعنه: أبو الآدان عُمَر بن إبراهيم، وإبراهيم بن موسى وغيرهما. وَثّقَهُ الدَّارَقُطْنيّ. 251- عبد الرّزّاق بن عُمَر الدّمشقيّ3 -د. العابد، أحد الأولياء.   1 انظر الطبقات الكبري لابن سعد "7/ 356"، والجرح والتعديل "5/ 303"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 369"، والثقات لابن حبان "8/ 379". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "11/ 86". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 49، 50"، والضعفاء للنسائي "297"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 828، 829"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 609". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 149 روى عن: مدرك بن أبي سَعْد الفَزَاريّ، ومحمد بن القاسم بن سميع، ومبشّر الحلبيّ. وعنه: حفيده أحمد بن عبد الله بن عبد الرّزّاق، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصَّمَد. أخرج أبو داود حديثًا، عن رجل، عنه. قال أبو حاتم: كان فاضلًا متعبّدًا صدوقًا، يعدّ من الأبدال. وقال أبو داود: كان مِن ثقات المسلمين، رحِمه الله تعالى. 252- عبد الرّزّاق بن عُمَر بن بزيع البَزِيعيّ الشَّرَويّ1. عن: ابن المبارك، ويحيى بن أبي زائدة. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عُبَيْد بن عُتْبَة الكِنْديّ، وقال: كان من خِيار النّاس. 253- عبد السّلام بن مُطَهّر بن حسام بن مِصَكّ بن ظالم بن شيطان2 -خ. د. أبو ظفر الأزديّ البصريّ. عن: شُعْبَة، ومبارك بن فَضَالَةَ، وجرير بن حازم، وموسى بن خَلَف العَمِّيّ، وسليمان بن المغيرة، وجماعة يسيرة. وعنه: خ، ود، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن خيثمة، وأحمد بن داود المكي، وإسماعيل سمويه، وعثمان بن خرزاذ، ومحمد بن حبّان المازني، وأبو خليفة، وخلق. وقد روى أبو داود، عن مُحَمَّد بْنُ المثني، عَنْهُ أيْضًا. قال أبو حاتم: صدوق.   1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "6/ 131"، والثقات لابن حبان "8/ 412"، والمجروحين له "2/ 160"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 829". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 308"، والجرح والتعديل "6/ 48"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 67"، وتهذيب الكمال للمزي 2/ 833". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 150 وقال أبو دَاوُد: مات في رجب سنة أربعٍ وعشرين. 254- عبد الصَّمَد بن عبد الكريم القُدسيّ1 المُطَّوِّعيّ. عن: أبي المَلِيح الرَّقّيّ، وعُبَيْد الله بن عَمْرو، وهُشَيْم، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، لقيه سنة عشرين ومائتين. 255- عبد الصَّمَد بن داود بن مِهران الحَرّانيّ. أخو أبي صالح. ولد بإفريقيا. وسمع من: زُهَير بن معاوية. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 256- عبد العزيز بن الخطّاب2 -ق. أبو الحسن الكوفيّ، نزيل البصرة. عن: شُعْبَة، والحَسَن بن صالح، ومحمد بن إسماعيل بن رجاء الزُّبَيْديّ، وأبي مَعْشَر نَجِيح، وقيس بن الربيع، وجماعة. وعنه: عَمْرو بن عليّ الفلّاس، وأحمد بن الأزهر، وأبو قلابة الرِّقاشيّ، وإبراهيم بن دِيزِيل، وأبو مسلم الكَّجّيّ، والعبّاس بن الفضل الأسفاطيّ، وعثمان بن خرّزاذ، ومحمد بن حبّان المازنيّ، وخلْق. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال الفلّاس: ثقة. وقال أبو داود: مات في ذي القعدة سنة أربعٍ وعشرين. 257- عبد العزيز بن داود الحَرّانيّ3. أخو عبد الغفار الأتي.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 52". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 381"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 29"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 836"، وسير أعلام النبلاء "10/ 425". 3 الجرح والتعديل "5/ 381"، والثقات لابن حبان "8/ 395". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 151 سمع: زُهَير بن معاوية، وحمّاد بن سَلَمَةَ. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، لَقِيه بِحّران، وأبو شُعَيْب عبد الله بن الحَسَن الحَرّانيّ. وَثّقَهُ أبو حاتم. وقال أبو عُرْوَبة: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 258- عبد العزيز بن عثمان بن جبلة1 -خ. ن. أبو الفضل الأزديّ المروزيّ، شاذان، أخو عَبْدان. روى عن أبيه فقط. وعنه: ابنه خَلَف، ورجاء بن مُرَجّا الحافظ، وأحمد بن سَيّار الحافظ، وأبو عليّ محمد بن يحيى المَرْوَزِيّ الصّائغ. ولد سنة ثمانٍ وأربعين ومائة، ومات في المحرم سنة تسعٍ وعشرين بعد عَبْدان بثمان سنين. روى البخاريّ، والنَّسائيّ، عن الصّائغ، عنه. 259- عبد العزيز بن موسى2. أبو رَوْح اللاحونيّ البَهْرانيّ الحمصيّ، ابن عمّ أبي اليَمَان. سمع: أبا عوانة، وحمّاد بن زيد، وخالد بن عبد الله، وجماعة. وعنه: محمد بن عوّف الطّائيّ، وعبد الكريم الدّيرعاقوليّ، وأحمد بن عبد الوهّاب الحوطيّ، وأبو حاتم، وقال: كتبتُ عنه بسَلَمية، وهو "صَدُوق" ثقة مأمون. قلت: لم يخرّجوا له. 260- عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 -ن.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 395"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 840"، وتهذيب التهذيب "6/ 349". 2 انظر الثقات لابن حبان "7/ 395، 396"، ومن قبله الجرح والتعديل "5/ 397"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 844". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 384"، والثقات لابن حبان "8/ 396"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 447". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 152 أبو عبد الرحمن العمريّ المدنيّ. نزل بغداد، وحدَّث عن: إبراهيم بن سَعْد، وأبي أويس عبد الله الأصبحيّ. وعنه: إبراهيم بن الحارث العُباديّ، وأبو زُرْعة، وموسى بن هارون، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى. قال الدَّارَقُطْنيّ: ليس به بأس. قلت: وروى ن. حديثًا، عن المَرْوَزِيّ، عنه، وقع لنا عاليًا بدرجة. 261- عبد الغفار بن داود بن مهران بن زياد1 -خ. د. ن. ق. أبو صالح البكريّ الحّرانيّ. نزيل مصر. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وزُهَير بن معاوية، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، وعبد الله بن عيّاش القِتْبانيّ، ويعقوب بن عبد الرحمن القارئ، وإسماعيل بن عيّاش، وأبي المُلَيْح الرَّقّيّ، وخلْق. وعنه: خ. ود. ن. ق، عن رجلٍ عنه، وأبو بكر الأثرم، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وعبد الله بن حماد الأماب، ومحمد لن عوف الطائي، وعثمان بن سعيد، والدّارميّ، ومحمد بن عمرو بن نافع الطّحّان، والمِقْدام بن داود الرُّعَيْنيّ، وموسى ين عيسى بن المنذر الحمصيّ، ويحيى بن أيّوب العلّاف، ويحيى بن عثمان السَّهْميّ، وأحمد بن حمّاد زُغْبَة، وخلْق. وكان واحدًا من العلماء والرؤساء. قال ابن يونس: كانت أمّه من أهل البصرة بنت سعيد بن يزيد الأزديّ، فخرج بِهِ أبوه من إفريقيا سنة إحدى وأربعين وهو طفل، فنشأ بالبصرة، وكتب بها الفقه والحديث، إلى أن رجع إلى مصر مع أبيه، سنة إحدى وستين ومائة. وخرج إلى المغرب. وكان ثقة ثَبْتًا فَقيهًا على مذهب أبي حنيفة.   1 انظر التاريخ الصغير للبخاري "229"، والثقات لابن حبان "8/ 421"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 84". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 153 وكان أحد وجوه مصر. قدم المأمون مصر، فكان يُجَالسه، وله معه أخبار. وقال أبو بكر الخطيب: ولد بإفريقيا سنة أربعين ومائة، وخرج به أبوه وهو طفل إلى البصرة، فنشأ بها، وتفقَّه وسمع، ثمّ رجع إلى مصر مع أبيه، فسمع من الَّليْث بن سعد، وغيره. وقال: خلت الإسكندريّة، فسلّمتُ على موسى بن عليّ بن رباح، وأعجلني السَّفَرُ، فلم أسمع منه، وفاتني. وكان يكره أن يقال له الحَرّانيّ. وإنما سُمّي بذلك لأنّ أخويه عبد الله وعبد العزيز وُلِدَا بها. ولم يزالا بها، ولهما ثروة ونعمة. وأما أخَوَاه: عبد الخالق، وعبد الصَّمَد، وهو فُوِلدَا بإفريقيا ثمّ تحوّلوا منها. مات أبو صالح بمصر سنة أربعٍ وعشرين في شعبان، وغلط من قال سنة ثمانٍ وعشرين. 262- عبد الغنيّ بن سعيد بن عبد الرحمن الثَّقَفيّ1. مولاهم المصريّ، أبو محمد. روى عن: موسى بن عبد الرحمن الصّنعانيّ كتاب "التّفسير" عن ابن جُرَيْج، وموسى. متروك. رواه عنه: بكر بن سهل الدِّمْياطيّ. قال ابن يونس: ضعيف الحديث. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين في رجب. 263- عبد الكبير بن المُعَافَى بن عِمران الأزديّ المَوْصِليّ2. أحد الفُضَلاء، والزّهّاد.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 424، 425"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 642"، ولسان الميزان للحافظ "4/ 45". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 63"، والكامل في التاريخ "6/ 460". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 154 روى عن: أبيه، وعن حمّاد وجماعة. وخرج إلى الثغر وأقصى الدُّنيا، ونزل المِصِّيصة محملًا لذِكره، يبيع البقل. روى عنه: عثمان بن سعيد التَّنُوخيّ، وغيره. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين، رحمه الله. 264- عبد المُتَعَالي بن طالب1 -خ. أبو محمد الأنصاريّ الظّفريّ البغداديّ. عن: عَوَانة، وإبراهيم بن سَعْد، وأبي المَلِيح الرَّقّيّ، وابن وهب. وعنه: خ، أحمد بن حنبل، وابن أبي الدُّنيا، وعثمان بن سعيد الدارمي، وعبدان الأهوازي، وجماعة. وقال عبد الخالق بن منصور، عن ابن مَعِين: ثقة. مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 265- عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك بن ذكوان2. -م. ن. وقيل: عبد الملك بن عبد العزيز بن الحارث. أبو نصر القيشريّ النَّسَويّ الدّقيقيّ التّمّار الزّاهد. عن: أبان بن يزيد العطّار، وحمّاد بن سَلَمَةَ، والقاسم بن الفضل الحَرّانيّ، وجرير بن حازم، وسعيد بن عبد العزيز الدّمشقيّ، وابن الأشهب العُطَارِديّ، وزُهَير بن معاوية، وعُقْبَة بن عبد الله الرفاعيّ الأصمّ، ومالك بن أنس، وطائفة. وعنه: م. ون. ن عن رجلٍ: عنه، وأبو حاتم، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وأحمد بن أبي خيثمة، ومحمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وأحمد بن عليّ القاضي المَرْوَزِيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي وخلق.   1 انطر الجرح والتعديل "6/ 68"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 135"، وتاريخ بغداد "11/ 134"، 135"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 648". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 340"، والجرح والتعديل "5/ 385"، والتاريخ للبخاري "5/ 423". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 155 قال أبو حاتم: ثقة. وقال: كان يُعَدُّ من الأبدال. وقال النَّسائيّ: ثقة. وقال سعيد البَرْدَعيّ: سَمِعْتُ أبا زُرْعة يقول: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن يحيى بن معين، ولا أحدٍ ممن امُتِحَن فأجاب. وقال محمد بن سَعْد: أبو نصر التّمّار من أبناء خُراسان، ذُكر أنّه وُلِد بعد مقتل أبي مسلم الدّاعية بستّة أشهرُ، ونزل بغداد في رَبَض الطُّوسيّ، وتَجِر في التَّمْر، وغيره. وكان ثقة فاضلًا خيَّرًا ورِعًا. تُوُفّي ببغداد في أوّل يوم من المحرَّم، سنة ثمانٍ وعشرين، وهو ابن إحدى وتسعين سنة. وكان بَصَرُه قد ذهب. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَافِيُّ، أنا الفتح بن عبد الله الكاتب، أنا عبد اللَّهِ الْحَاسِبَ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، ثنا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ الْوَزِيرُ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، نا أبو نصر التّمّار، وعبد الأعلى ابن حَمَّادٍ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ قَالُوا: ثنا حَمَّادِ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العثراء، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أما تكون الزّكاة من الّلّية؟ فَقَالَ: "لَوْ طُعِنَتْ فِي فَخْذِهَا لأَجْزَأَ عَنْكَ"1. قال محمد بن محمد بن أبي الورد: قال لي مؤذّن بِشْر الحافي: رأيت بِشْرًا فِي النَّوم، فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟. قَالَ: غُفِر لي. قلت: فما فعل بأبي نصر التّمّار؟ فقال: هيهات ذاك في عِلِّيّين بفقره وصبره على بنيانه. 266- عبد الملك بن مسلمة بن يزيد2.   1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "2825"، والنسائي "7/ 228"، وابن ماجه "2183"، وأحمد "4/ 334". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 371"، والمجروحين لابن حبان "2/ 134"، وتاريخ الطبري "2/ 316"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 664". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 156 أبو مروان المصريّ الفقيه، مولى بني أُمَيّة. حمل عن: مالك، والَّليْث بن سَعْد، وابن لَهِيعَة، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بن قُتَيْبة أبو محمد العسقلانيّ، ويحيى بن عثمان بن صالح المصريّ، وإسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وأبو حاتم، وجماعة. ضعّفه ابن حِبّان. وقال ابن يونس: مُنْكَر الحديث. قال: وهو مولى جَزْء بن عبد العزيز بن مروان، وكان فقيهًا من أصحاب مالك، وُلِدَ سنة أربعين ومائة، ومات في ذي الحجة سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 267- عبد المنعم بن إدريس1 اليماني. ابن بنت وَهْب بن مُنَبَّه. روى عن أبيه كتاب "المبتدأ"، وأدَّعى أنّه سمع من: ابن جريح، ومَعْمَر. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، ومحمد بن أحمد البراء. قال أحمد بن حنبل: يكذّب على وَهْب. وقال البخاريّ: ذاهب الحديث. قيل: إنّه عُمِّر تسعين سنة، ومات سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 268- عبد الوهّاب بن2 عليّ. أبو بِشْر التَّميميّ الكوفيّ. عن: إسماعيل بن جعفر، وغيره. وعنه: أحمد بن حمّاد زُغْبَة. تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثلاثين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 67"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 138"، والمجروحين لابن حبان "2/ 157"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 668". 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 68". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 157 269- عُبَيْد بن جناد الكِلابيّ1 الرَّقّيّ. نزيل حلب وقاضيها، من موالي بني جعفر بن كلاب. عن: عُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وابن المبارك، وعطاء بن مسلم، وابن عُيَيْنة. وعنه: عُمَر بن شَبَّة، وأحمد بن يحيى الحَلَوانيّ، وابن أبي الحواري، وأبو زُرْعة. قال ابن أبي حاتم: سُئِل عنه أبي، فقال: صَدُوق. 270- عُبَيْد الله بن حفص بْنُ عُمَرَ بْنِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بن مَعْمَر2. أبو عبد الرحمن القُرَشيّ التَّيْميّ البصْريّ الإخباريّ المعروف بابن عائشة، وبالعَيْشيّ، لأنّه من ولد عائشة بنت طلحة بن عُبَيْد الله. سمع: حمّاد بن سَلَمَةَ، وجُوَيْرية بن أسماء، وعبد الواحد بن زياد، ومهديّ بن ميمون، ووَهْب بن خالد، وأبا عَوَانة، وأبا هلال الراسبيّ. وعنه: أبو داود، وأحمد بن حنبل، وأبو زُرْعة، وابن أبي الدُّنيا، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وإبراهيم الحربي، وأبو القاسم البَغَويّ. قال أبو حاتم، وغيره: صَدُوق في الحديث. وكان عنده عن حمّاد تسعة آلاف حديث. وقال أبو داود: كان طَلّابًا للحديث، عالمًا بالعربيّة وأيّام النّاس، لولا ما أفسد نفسه. وهو صَدُوق. وقال زَكَريّا السّاجيّ، قُرِفَ بالقَدَر وكان برِئًا منه. وكان من سادات أهل البصرة، غير مدافَع كَرَمًا سخيًّا. قال يعقوب بن شَيْبَة: أنفق ابن عائشة على إخوانه أربعمائة ألف دينار في الله، حَتّى التجأ إلى أن باع سقف بيته.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 404"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 132"، والثقات لابن حبان "8/ 432"، والإكمال "2/ 45". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 335"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 888"، وسير أعلام النبلاء "10/ 564-567". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 158 وقال إبراهيم بن إسحاق المعروف بالحربيّ: ما رأت عيني مثل ابن عائشة. فقيل له: يا أبا إسحاق، رأيتَ أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين، وابن رَاهَوَيْه، وتقول: ما رأيت مثلَ ابن عائشة. فقال: نعم. مات في رمضان سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 271- عُبَيْد بنُ يحيى1. أبو سُلَيم الأسدي مولاهم الْجَزَريّ. عن: قيس بن الربيع، وعَبْثَر بن القاسم. وعنه: هلال بن العلاء الرَّقّيّ، وأحمد بن بزيع الإسكاف الرّقّيّ. 272- عبيد بن يعيش2 -م. ن. أبو محمد الكوفيّ المحامليّ العطّار. سمع: عبد الرحمن بن محمد المحاربي، وابن فُضَيْل، وعبد الله بن نُمَيْر، وأبا بكر بن عيّاش، ويحيى بن آدم، وجماعة. وعنه: م. ون. عن رجلٍ، عنه، أبو زُرْعة، والبخاريّ في كتاب "رفعِ الْيَدَين"، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وإبراهيم بن أبي داود البُرُلُسُيّ، ومحمد بن جعفر القتّات، ومُطَيِّن، وخلْق. قال أبو داود: ثقة ثقة. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال عمّار بن رجاء: سَمِعْتُ عُبَيْد بن يعيش يقول: أقمتُ ثلاثين سنة، ما أكلت بيدي باللّيل. وكانت أختي تلقمني، وأنا أكتب.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 431"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 897"، وتهذيب التهذيب للحافظ "7/ 87". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 414"، والجرح والتعديل "6/ 5، 6"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 9"، والثقات لابن حبان "8/ 431". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 159 وقال أبو بكر بن مُنْجَوَيْه، وغيره: مات سنة تسعٍ وعشرين في رمضان. 273- عُتْبَة بن سعيد بن حِبّان بن الرحض1. ويقال الرَّخْس. أبو سعيد السُّلَميّ الحمصيّ. عن: إسماعيل بن عيّاش، والوليد الموقريّ، ومَخْلَد بن الحسين، وأبي عَلْقَمَة عبد الله الفَرْوي. وعنه: أبو أُمَيّة الطّرسوسيّ، وأبو عبد الله البخاريّ، عثمان بن سعيد الدّارميّ، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وجماعة. قال النَّسائيّ: ليس به بأس. قلت: لم يخرّجوا له شيئًا. 274- عتيق بن يعقوب بن صديق بن موسى بن عبد الله2 بن الزُّبَيْر. أبو بكر الأَسَديّ الزُّبَيْريّ الفقيه الصالح المَدنيّ. سمع "المُوَطّأ" ولازم مالِكًا، وصحِب عبد الله بن عبد العزيز العُمَريّ الزّاهد، وما زال من خيار العلماء. قال ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ أبا زُرْعة يقول: بلغني أنّ عتيق بن يعقوب حفظ "الموطأ" في حياة مالك. فال ابن أبي حاتم: وروى عن: الزُّبَيْر بن الحريث، والدَّرَاوَرْديّ. قلت: وعن: أبي بن عبّاس بن سهل. وعنه: الذُّهَليّ، وأبو زُرْعة، وعليّ بن حرب، والعبّاس بن أبي طالب، وطائفة. تُوُفّي سنة أربعٍ أو ثمانٍ وعشرين ومائتين. 275- عثمان بن سعيد الكوفيّ الزّيّات الطّبيب الصّائغ3 الأحول.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 371"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 528"، والثقات لابن حبان "8/ 508"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 902". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 439"، والجرح والتعديل "7/ 46". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 152"، وتهذيب الكمال "2/ 909"، وتهذيب التهذيب "7/ 19". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 160 عن: مبارك بن فَضَالَةَ، وأبي مَعْشَر نَجِيح السِّنْديّ، وداود بن عُلَيّة، والقاسم بن مَعّن المسعوديّ، وعبيد الله ابن عَمْرو الرَّقّيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن عثمان الأَوْديّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بن عُبَيْد بن عُتْبَة الكِنْديّ، وأبو عبد الله البخاريّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 276- عثمان بن سعيد بن مُرَّة القُرَشيّ المُرِّيّ الكوفيّ المكفوف1. جار أبي غسّان النَّهْديّ. روى عن: إسرائيل، ومِسْعَر، وعليّ بن صالح بن حيّ، والحَسَن بن صالح أخيه، وهيّاج بن بِسْطام، وطائفة. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وإسحاق الحربي، وعيسى بن عبد الله زغاث، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن إسماعيل السُّلَميّ، ومحمد بن سليمان البَاغَنْديّ، وخلْق. ذكره ابن حِبّان في كتاب "الثّقات". 277- عُرَيْب المغنّية2. كانت بارعة الحسن، كاملة الظّرف، حاذفة بالغناء وَقَوْلِ الشِّعْر، معدومة المِثْل، اشتراها المعتصم بمائة ألف وأعتقها. ويقال: إنّ جعفر البرمكيّ كان قد أحبَّ امرأة وهي أمّ عُرَيب، فتزوّجها وترددّ إليها سرًّا، وأسكنها في مكان لئلا يعلم أبوه، فولدت له عُرَيب، ثمّ ماتت. فاسترضع جعفر لعُرَيب المراضع، وسلّمها إلى امرأةٍ نصرانية. فلمّا قُتِل باعَتْها النّصرانيّة سرًّا، فاشتراها الأمين من النّخّاسين، ولم يعرف ثمنها، فلمّا هلك الأمين عادت إلى سِنْبِس النّخّاس، وصارت له، فشُغف بها. وقدِم المأمون من طُوس، فاشتهر أمرها، واشتراها من سِنْبِس كرْهًا، فمات صَبَابَة بها. ثمّ صارت للمعتصم. ولها أصوات معروفة، وأشعار مُطْرِبة، وصيت بحُسْن الصَّوت.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 152"، والثقات لابن حبان "8/ 450"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 909"، وتهذيب التهذيب "7/ 119". 2 انظر طبقات الشعراء لابن المعتز "425، 461"، والأغاني لأبي الفرج "21/ 52-90". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 161 278- عَفَّان بن مَخْلَد البَلْخيّ1. عن: وَكِيع، ويحيى بن يَمَان. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وموسى بن إسحاق. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. 279- عليّ بن الجارود بن مَزْيَد النَّيْسَابوريّ. أبو الحَسَن. ثقة مشهور، رحّال. سمع: مالك بن أنس، وابن لَهِيعَة، وشَرِيك بن عبد الله، وطبقتهم. وعنه: محمد بن أشرس، وزَكَريّا بن داود الخفّاف، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وغيرهم. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. 280- عليّ بن الْجَعْد بن عبيد2 -خ. د. أبو الحسن الهاشمي. مولاهم البغداديّ الجوهري الحافظ. مُسند بغداد في زمانه. سمع: محمد بن أبي ذئب، وشُعْبَة، وسُفْيان، وحريز بن عثمان، أحد التابعين، والحسن بن صالح بن حي، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وشَيْبان النحوي، وعاصم بن محمد العُمَريّ، وعبد الرحمن المسعودي، وعبد العزيز الماجشون، والقاسم بن الفضل الحراني، وخلقًا كثيرًا. وتفرّد عن جماعة. وعنه: خ. ود، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وأبو يعلي الموصلي، وأحمد بن يحيى الحلواني، ومحمد ابن عبدوس بن كامل، ومحمد بن يحيى بن سليمان المروزي، وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، وإبراهيم بن هاشم البغوي، وأحمد بن عليّ المروزيّ، وأبو القاسم البغوي، وخلق.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 277، 278". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 338"، والجرح والتعديل "6/ 178"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 266"، وتاريخ الطبري "7/ 559". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 162 وجاء عنه أنّه رأى الأعمش وقال: قدِمتُ البصرةَ سنة ستٍّ وعشرين، وكان سعيد بن أبي عَرُوبة حيًّا، ولقيت فيها همّام. ولقيت سُفْيان بمكّة سنة سبعٍ، وسمعت منه، ومن ابن عُيَيْنة. وقال نِفْطَوَيْه: كان عليّ بن الْجَعْد أكبر من بغداد بعشر سنين. وعن موسى بن داود قال: ما رأيت أحفظ من عليّ بن الْجَعْد. كنّا عند ابن أبي ذئب، فأملى علينا عشرين حديثًا، فحفظها وأملاها علينا. وقال صالح جَزَرَة: سَمِعْتُ خَلَف بن سالم يقول: صرت أنا، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين إلى عليّ بن الْجَعْد، فأخرج إلينا كُتُبَه وذهب فظنَنّا أنّه يتخذ لنا طعامًا، فلم نجد في كتابه إلّا خطًا واحدًا. فلمّا فرغنا من الطّعام قال: هاتوا. فحدَّث بكلّ شيء كتبناه حِفْظًا. وقال عليّ بن الْجَعْد: كتبت عن سُفْيان بن عيينة بالكوفة سنة ستّين ومائة. وقال عبدوس النَّيْسَابوريّ: ما أعلم أنّي لقيت أحفظ من عليّ بن الْجَعْد، وكان عنده عن شُعْبَة نحوٌ من ألف ومائتي حديث. وقال أبو حاتم: ما كان أحفظه لحديثه وهو صَدُوق. وقال أبو جعفر النُّفَيْليّ: لا يُكْتَب عن عليّ بن الْجَعْد، وضعّف أمره جدًا وقال أبو إسحاق الْجَوْزجانيّ: عليّ بن الْجَعْد متشبّث في بِدَعه، زائغٌ عن الحقّ. وقال أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ: قلت لعليّ بن الْجَعْد: بَلَغَني أنّك قلت: ابن عَمْرو ذاك الصّبيّ. قال: لم أقُل، ولكن معاوية ما أكره أن يُعذّبه الله. وقال هارون بن سفيان المستلي: كنت عند عليّ بن الْجَعْد فذكر عثمان، فقال: أخذ من بيت المال مائة ألف درهم بغير حقّ. قلت: لا واللهِ، ما أخذها إلّا بحقّ، إن كان أخذها. فقال: لا واللهِ، ما أخذها إلّا بغير حقّ. وقال داود: وُسِمَ عليّ بن الْجَعْد بمَيْسم سوء، قال: ما يسوءني أن يعذّب الله معاوية. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 163 وقال العُقَيْليّ: قلت لعبد الله بن أحمد بن حنبل: لِمَ لَم تكتب عن عليّ بن الْجَعْد؟ قال: نهاني أبي أن أذهب إليه. وكان يبلغه عنه أنّه يتناول الصّحابة. وقال زياد بن أيّوب: سَمِعْتُ عليّ بن الْجَعْد يَقُولُ: القرآن كلامُ اللَّه، ومن قَالَ: مخلوقٌ، لم أعنّفه. وقال ابن مَعِين: عليّ بن الْجَعْد أثبت البغداديّين في شُعْبَة، وهو ثقة، صَدُوق. وقال النَّسائيّ: صَدُوق. وَقَالَ عَبْدُ الرّزّاق بن سليمان بن عليّ الْجَعْدِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَحْضَرَ الْمَأْمُونُ أَصْحَابَ الْجَوْهَرِ، فَنَاظَرَهُمْ عَلَى متاعٍ كَانَ مَعَهُمْ ثُمَّ نَهَضَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَامَ لَهُ كُلُّ مَنْ فِي الْمَجْلِسِ إِلا ابْنُ الْجَعْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ كَهَيْئَةِ المُغْضِبِ، ثُمَّ اسْتَحْلَلَهُ فَقَالَ: يَا شَيْخُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُومَ لِي؟ قَالَ: أَجْلَلْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي يَأْثُرُهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُبَارَكَ بْنَ فَضَالَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"1. فَأَطْرَقَ2 الْمَأْمُونُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: لا يُشْتَرَى إِلا مِنْ هَذَا الشَّيْخِ. قَالَ: فَاشْتَرَى مِنْهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِقِيمَةِ ثَلاثِينَ أَلْفِ دِينَارٍ. قال أبو القاسم البَغَويّ: أُخْبِرتُ انه ولد سنة أربعٍٍ وثلاثين ومائة؟ وأُخْبِرتُ عن إسحاق بن أبي إسرائيل أنّه قال في جنازة عليّ بن الْجَعْد: أخبرني، يعني عليًّا، أنّه منذ نحو ستين سنة، يصوم يومًا، ويُفْطر يومًا. قال البَغَويّ: تُوُفّي يوم السبت لستٍّ بقين من رجب سنة ثلاثين، وقد استكمل ستًّا وتسعين سنة. قلت: آخر من روى حديثه في الدُّنيا عاليًا أبو المُنَجّا بن الَّلّتيّ، وهو أعلى ما سُمِعَ اليوم، وهو سنة خمس عشرة وسبعمائة.   1 "إسناده ضعيف مرسل، والحديث صحيح": أخرجه أبو داود "5229"، وأحمد "4/ 93، 100"، وانظر الصحيحة "357". 2 أي نظر في الأرض متأملا. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 164 281- عليّ بن جعفر بن زياد الأحمر الْكُوفِيُّ1. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: أَبِي بَكْرِ بْنِ عيّاش، وعبد الله بن إدريس. وعنه: عبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى المَرْوَزِيّ، ومحمد بن عَبْدُوس السّرّاج. وَثّقَهُ مُطَيَّن وقال: تُوُفّي سنة ثلاثين أيضًا. 282- عليّ بن الحسن بن طيبان -خ. ن. أبو الحسن المروزيّ الملجكانيّ. عن مبارك بن فَضَالَةَ، وأبي عَوَانة، ورافع بن سَلَمَةَ. وعنه: خ. ون، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، وعبد الله بن واصل، وجماعة. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين بخُراسان. 283- عليّ بن رُزَيْن2. أبو عبد الله الهَرَويّ. من سادة الصُّوفيّة. كان أستاذ "أبي" عبد الله المغربيّ الزّاهد. ذكر إبراهيم بن شَيْبان الصّوفيّ عليا فقال: أتى عليه مائة وعشرون سنة. وقد صحب الحسن البصّريّ. قلت: هذا ليس بصحيح. قال: وقبره بجبل الطُّور سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 284- عليُّ بن عبد الحميد بن مصعب المعنيّ3 -ت. ن.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 178"، والثقات لابن حبان "8/ 468"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 366".2 انظر صفة الصفوة لابن الجوزي "4/ 336". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 408"، والجرح والتعديل "6/ 195"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 287"، والثقات لابن حبان "8/ 465". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 165 أبو الحسن، وقيل أبو الحسين الكوفيّ. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز الماجِشُون، وسليمان بن المغيرة، وسلّام بن مسكين، وزُهَير بن معاوية، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وأحمد بن الفرات، وأحمد بن خيثمة، وإسماعيل بن سَمُّوَيْه، وبِشْر بن موسى، والدّارميّ، وعبّاس الدُّوريّ، وخلْق. وَثّقَهُ أبو حاتم، وغيره. قال النَّسائيّ: مات سنة اثنتين وعشرين. علّق له البخاريّ حديثًا، رواه بعينه التِّرْمِذِيّ، عن البخاريّ، عن عليّ بن عبد الحميد. وهو ابن عمّ عبد الرحمن بن مُصْعَب. كذا قال ابن سَعْد. وإنّما هو ابن أخيه. قال: وكان فاضلًا خيّرًا. 285- عليّ بن عثمان اللّاحقيّ البصْريّ1. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبي عَوَانة، وداود بن أبي الفُرات، وجُوَيْرية بن أسماء، وعبد الواحد بن زياد. وعنه: مُعَاذ بن المُثَنَّى، ويحيى بن محمد بن الذُّهَليّ، وأحمد بن عليّ الأبّار، وإبراهيم بن فهد، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وطائفة. تُوُفّي بالبصرة سنة ثمانٍ وعشرين، وكان صَدُوقًا. وأما ابن خراش فقال: فيه اختلاف. وهو أبو الحَسَن عليّ بْنُ عُثْمَانُ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ لاحِقٍ. وقد روى عنه عَفَّان، وهو أكبر منه. وقال أبو حاتم: ثقة.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 196"، والثقات لابن حبان "8/ 465"، وميزان الاعتدال للمصنف "10/ 568، 569". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 166 286- عليّ بن عثّام بن عليّ1 -م. الإمام أبو الحَسَن الكلابيّ العامري الكفويّ، نزيل نَيْسَابُور. سمع: شَرِيك بن عبد الله، وحمّاد بن زيد، وعبد السَّلام بن حرب، وعبد الله بن المبارك، وفُضَيْل بن عِيَاض، وداود بن نُصَيْر الطّائيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنة، ووالده عَثّام بن عليّ، وطائفة. وعنه: إسحاق بن رَاهَوَيْه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وسلمة بن شبيب، وأيوب بن الحسن الزاهد، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وأبو حاتم الرّازيّ، وجماعة. وَثّقَهُ أبو حاتم. وروى مسلم حديثًا، عن رجلٍ، عنه. قال الحاكم في "تاريخه" في حقّه: أديب، فقيه، حافظ، زاهد، واحد عصره، وكان لا يُحَدِّث إلّا بعد الجهد، وأكثر ما أخذ عنه الحكايات والزهديات، قرأتُ بخط أبي عَمْرو المستملي: سَمِعْتُ محمد بن عبد الوهّاب يقول: ما رأيت مثل عليّ بن عثّام في العُسْر في الحديث. وكان يقول: النّاس لا يُؤْتَوْن من حليم. يجيء الرجل فَيسأل، فإذا أخذ غلط، ويجيء الرجل فيأخذ ثمّ يصحّف، ويجيء الرجل، فيأخذ ليُماري صاحبه، ويجيءُ الرجل، فيأخذ ليُباهي به، وليس عليّ أن أعلم هؤلاء إلّا رجل يجيئني، فيهتمّ لأمر دينه، فحينئذٍ لا يَسَعَني أن أمنعه. وقال: سَمِعْتُ عليّ بن عثّام، وكان من أفصح النّاس يقول النّاس يقول: دَنّت إلينا دانّة من بني هلال، وهم من أفصح النّاس، فخرج عليّ بعضهم بُنيٌّ له فقال: يا أبه، إنّ فلانًا دفعني في حَوْمة الماء. قلت: يا بني، وما حَوْمة الماء. قال: بُعْثُطة. قلت: وما بُعْثُطة؟ قال: مَجمّة الماء. قلت: وما مجمّة؟ فقال كلمة لم أحفظها.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 464"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 984، 985"، وسير أعلام النبلاء "10/ 565-571". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 167 قال محمد بن عبد الوهّاب: ورد عليّ بن عثّام نَيْسابور سنة خمسٍ ومائتين، فسكنها، فلمّا ورد عبد الله بن طاهر، بعث إليه يسأله حضور مجلسه، فأبى عليه، وتشفع بإسحاق بن رَاهَوَيْه حَتّى أعفاه، ثمّ خرج من نَيْسَابُور سنة خمسٍ وعشرين ومائتي، فحجّ وذهب إلى طَرَسُوس، فسكنها إلى أن تُوُفّي بِطَرَسُوس سنة ثمانٍ وعشرين. 287- عليّ بن قُدامة الطُّوسيّ الوكيل1. حدَّث ببغداد عن: ابن المبارك، وعبيدة بن حميد. وعنه: عبّاس الدّوريّ، إسحاق الخَتُّليّ. قال يحيى بن مَعِين: لم يكن ممّن يكذب. وقال غيره: مات سنة تسعٍ وعشرين. 288- عليّ بن قَرِين بن بَيْهس الأصبهانيّ2. عن: خالد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب، وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وعفيف بن سالم، وطائفة. وعنه: أسيد بن عاصم، ويحيى بن مُطَرِّف، وأحمد بن مهران، وعبد الله بن محمد بن زَكَريّا، وعِمران بن عبد الرحيم الأصبهانيون، وأحمد بن محمد البَرائيّ. قال أبو نُعَيْم: كان يُضَعَّف. وقيل: تُوُفّي بعد الثلاثين، فربّما أُعيده. كذّبه ابن مَعِين، وموسى بن هارون، وجماعة. 289- عليّ بن المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى التَّميميّ المَوْصِليّ3. والد أبي يعلى أحمد بن عليّ.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 50، 51"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 151"، ولسان الميزان للحافظ "4/ 251". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 201"، والكامل لابن عدي "5/ 1857"، والضعفاء للعقيلي "3/ 349"، والميزان للمصنف "3/ 15". 3 انظر الإكمال لابن ماكولا "2/ 190". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 168 روى عَنْ: هُشَيْم، وجرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وعنه: ابنه في مُسْنَدِه. 290- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي سيف1. أبو الحَسَن المدائنيّ الأخباريّ. بصْريٌّ سكن بغداد بعد أن سكن المدائن مُدّةً، فَنُسِبَ إليها، وهو صاحب المصنّفات المشهورة. وكان عالمًا بالمغازي والسِّير والأنسابْ، وأيّام العَرب. صَدُوقًا فيما يُبْديه. سمع من: قُرَّةَ بن خالد، وشُعْبَة، وعَوَانة بن الحَكَم، وجُوَيْريه بن أسماء، وابن أبي ذئب، وسلّام بن مسكين، ومبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وطائفة. وعنه: خليفة بن خيّاط المصريّ، والزُّبَيْر بن بكّار، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، والحارث بن أبي أُسَامة، والحَسَن بن عليّ بن المتوكل، وآخرون. قال أحمد بن أبي خَيْثَمة: كان أبي، ومُصْعَب الزُّبَيْريّ، ويحيى بن مَعِين، يجلسون بالعَشِيّات على باب مُصْعَب، فمرّ ليلةٍ رجلٌ على حمارٍ فارهٍ2 وبزّةٍ3 حسنة، فسلَّم، وخصَّ بمسائله يحيى بن مَعِين، فقال له يحيى: يا أبا الحَسَن، إلى أين؟ قال: إلى دار هذا الكريم الذي يملأ كُمّي دنانيرَ ودراهم إسحاق بن إبراهيم المَوْصِليّ. قال: فلمّا وَلَّى قال يحيى بن مَعِين: ثقة ثقة ثقة. قال: فسألت أبي من هذا؟ قال: المدائني. وقال محمد بن حرب، وذكر المدائني، فقال: أخبرني بنسبه الحارث، وذكر أنّه قبل موته بثلاثين سنة سرد الصوم، وأنّه كان قد قارب المائة، فقيل له في مرضه: ما تشتهي؟ قال: أشتهي أن أعيش.   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 191"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 161"، والكامل في التاريخ "6/ 516"، وسير أعلام النبلاء "10/ 400-402". 2 أي طويل. 3 البَزُّ: نوع من الثياب. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 169 قال: وتُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين، وكان عالمًا بالفُتُوح، والمغازي، والشِّعْر، وأيّام النّاس، صَدُوقًا في ذلك. وقال غيره: تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين ومائتين، وله ثلاثٌ وتسعون سنة، رحمه الله. مات في دار إسحاق الموصليّ، وكان منقطعًا إليه. وقال ابن الأخشيد المتكلّم: كان المدائني متكلّمًا من غِلْمَان مَعْمَر بن الأشعث. حكى المدائني قال: أمر المأمون بإدخالي عليه، فذكر عليًّا -رَضِيَ اللَّهُ عنه، فحدّثته فيه بأحاديث، إلى أنْ ذَكَر لعْنَ بني أُمَيّة له، فقلت: حدَّثني أبو سَلَمَةَ المُثَنَّى بن عبد الله الأنصاري قال: لي رجلٌ: كنتُ بالشّام فجعلت لا أسمع عليًّا ولا حَسَنًا ولا حُسَيْنًا -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، إنّما أسمع معاوية، يزيد، الوليد، فمررت برجلٍ على بابه، فاستقيته فقال: أسقِه يا حَسَن. فقلت: أَسَمَّيْتَ حَسَنًا؟ فقال: أولادي حَسَن وحُسَين وجعفر، فإنّ أهل الشّام يسمّون أولادهم، بأسماء خلفاء الله، ولا يزال أحدهم يلعن ولده ويشتُمُه، فلم أسمّهم بذلك لئلّا أَلْعَنَ إنْ لَعَنْتُهُم خلفاء الله. فقلت: حسِبْتُكَ خيرَ أهل الشّام، وإذا ليس في جهنّم شرٌّ منكم. فقال المأمون: لا جَرَم، قد جعل الله من يلعن أحياءهم وأمواتهم ومَن في الأصلاب، يعني لَعْن الشّيعة للنّاصبة. ذكر ياقوت الحَمَويّ أسماء مصنّفات المدائنيّ في خمسٍ ورقات ونصف، منها: كتاب "تسمية المنافقين وأخبارهم"، كتاب "حَسَب النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، كتاب "فتوحه"، كتاب "عُهُوده". وله عِدّة كُتُب في "أخبار قريش" و"أهل البيت"، كتاب "من هجاها زوجُها"، "تاريخ الخلفاء الكبير"، كتاب "خُطَب عليّ"، كتاب "أخبار الحَجّاج"؛ وعِدّة كُتُب في الفتوحات، وعِدّة كُتُب في الشُّعراء وأخبارهم، "خبر أصحاب الكهف"، "أخبار ابن سِيرِين"، كتاب "الجواهر"، كتاب "الأكَلَةَ"، كتاب "الزَّجْر والفأل"، وغير ذلك. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 170 291- عليّ بن مَيْسَرة بن خالد الهَمْدانيّ1. أبو الحَسَن. محدِّث رحّال. روى عن: ابن المبارك، وأشعث بن عطّاف، وجرير بن عبد الحميد، وطبقتهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، قال أبو حاتم: صَدُوق. 292- عليّ بن أبي هاشم بن طِبْراخ البغدادي2 -خ. واسم أبيه عُبَيْد الله. عن: شَرِيك، وهُشَيْم، وحمّاد بن زيد، وإبراهيم بن سَعْد، وطائفة. وعنه: خ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وإسحاق الحربي، وعبد الله بن الحسين المِصِّيصيّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبَرِيّ، وأحمد بن عليّ الخزّاز، وآخرون. وقف في القرآن فتكلّموا فيه قليلًا. وأمّا أبو حاتم فقال. وقف في القرآن، فترك النّاس حديثه. وتكلَّم فيه ابن معين، وابن المَدِينيّ للوقف. 293- عمّار بن نصر3. أبو ياسر السَّعْديّ الخُراسانيّ، المَرْوَزِيّ. عن: جرير، وابن المبارك، وابن عُيَيْنة، وبقيّة، ويوسف بن عطيّة، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، وصالح جَزَرَة، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وآخرون. قال جزرة: عندي لا بأس به.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 205، 206". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 194، 195"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 9"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 994، 995". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 518"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 255، 256"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 997، 998". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 171 وقال أَبُو حاتم: صَدُوق. وذكره ابن حِبّان فِي "الثقات". مات في رمضات سنة تسعٍ وعشرين ببغداد. 294- عمّار بن هارون1. أبو ياسر البصْريّ المستملي الدّلّال. عن: أبي المقدام هشام بن زياد، وعُتْبَة بن عبد الله الرفاعيّ، وسلّام بن مِسْكين، وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وجماعة. وعنه: محمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، والحَسَن بن سُفْيان، وآخرون. قال أبو أحمد بن عَدِيّ: عامّة ما يرويه غير محفوظ. وقال موسى بن هارون: متروك الحديث. 295- عُمَر بن إبراهيم بن خالد الهاشميّ2. هو آخر من زعم أنّه سمع من عبد الملك بن عُبَيْد. روى عنه: عبد الله بن أيّوب المُخرّميّ، وإسحاق الخُتُّليّ، وأحمد بن مُصْعَب المَرْوَزِيّ. ذكره ابن أبي حاتم، ولم يضعّفْه. وقال الخطيب في كتاب "السّابق واللّاحق": بَلَغَنَا أنّه تُوُفّي بعد العشرين ومائتين. قلت: وروى عن: عيسى بن عليّ العبّاسيّ، وابن أبي ذئب، وشُعْبَة، وسُفْيان. وأظنّه أنّه سقط بينه وبين عبد الملك رجل. قال الخطيب في تاريخه: عُمَر بن إبراهيم أبو حفص يُعرف بالكرديّ، مولى بني هاشم، كان غير ثقة.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 518"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 255، 256". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 98"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 202"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 179، 180"، ولسان الميزان للحافظ "4/ 280". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 172 وقال أحمد بن محمد بن عُقْدة الحافظ: ضغيف. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كذّاب. 296- عُمَر بن حفص بن غياث النخعيّ الكوفيّ1 -خ. م. د. ت. ن. أبو حفص. عن: أبيه، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس الأَوْديّ. وعنه: خ. م. ود. ت. ن، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وأحمد بن مُلاعِب، وإسماعيل سَمُّوَيْه، والدّارميّ، والذُّهَليّ، وأبو حاتم، ويعقوب الفَسَويّ، وطائفة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال أبو داود: تَبعْتُه إلى منزله، ولم أسمع منه، يعني لم يتّفق له الأخْذ عنه. قال البخاريّ: تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. قلت: لم يخرّجوا له شيئًا عن غير أبيه. 297- عُمَر بن الخطاب الكِنْديّ. مولاهم الإسكندرانيّ. إخباريٌّ له تاريخ. روى عن: همّام بن إسماعيل، ويعقوب بن عبد الرحمن، وغيرهما. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي في ذي القعدة عن إحدى وعشرين. 298- عُمَر بن سعيد بن سليمان2. أبو حفص القرسيّ الدّمشقيّ الأعور. روى عن: سعيد بن عبد العزيز، وسعيد بن بشير، وخالد بن يزيد، والوليد بن مسلم، وجماعة.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "6/ 103"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 150"، والثقات لابن حبان "8/ 445". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 111"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 106"، والمجروحين لابن حبان "2/ 89"، والكامل لابن عدي "5/ 127". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 173 وعنه: ابن سَعْد في "الطّبقات"، وابن أبي الدُّنيا، ومحمد بن سَعْد العَوْفيّ، وأحمد بن عليّ الأبّار، وعثمان بن خُرَّزاذ، وطائفة. تركه أبو حاتم. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. وقال مسلم: ضعيف الحديث. وقال أبو حسّان الزّياديّ: توفّي سنة خمسٍ وعشرين ومائتين عن نيفٍ وثمانين سنة. سكن بغداد. 299- عُمَر بن عبد الوهّاب بن رياح بن عُبَيْدة1 -م. ن. أبو حفص الرياحيّ البصريّ. عن: جُوَيْريه بن أسماء، ويزيد بن زُرَيْع، ومُعْتَمِر بن سليمان. وعنه: عليّ بن المَدِينيّ، والبخاري، ومحمد بن رافع، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وحنبل بن إسحاق، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة مأمون. ذهبتُ إليه في جامع البصرة فقلت له: إنّ رأيت أن تحدِّثني؟ فقال: ليس هذا موضعه، إن أردتَ ففي المنزل. وكان منزله في أقصى البصرة، فأتيناه ولم نصادفْه، ولم نعد إليه. قال البخاريّ، وابن أبي عاصم: تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. زاد البخاريّ: لأيّام بقين من شَعْبان. 300- عُمَر بن عثمان بن عاصم بن صهيب2 التَّيْميّ. مولاهم أبو حفص الواسطيّ ابن عمّ عاصم بن عليّ. روى عن: عبّاد بن العوام، وعبد السّلام بن حرب، ومعتمر بن سليمان، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 122، 123"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 176، 177"، والثقات لابن حبان "8/ 445"، وتهذيب الكمال"2/ 1019". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 124"، وتاريخ خليفة "439، 441"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1019"، وتهذيب التهذيب "7/ 481". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 174 وعنه: أحمد بن سنان، وأبو زرعة، وأبو حاتم: صدوق. 301- عمر بن علي بن أبي بكر الكندي الأسعدي الرازي1. سمع: أباه وعبد العزيز الدراوردي، وأبا بكر بن عياش، وطبقتهم. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وقالا: صدوق. 302- عمرو بن حماد بن طلحة الكوفي القتاد2 -م. د. ن. وقد يُنْسَبُ إلى جدّه. عن: أسباط بن نصر، وهو مُكْثِر عنه، والمطِّلب بن زياد، ومَنْدَل بن عليّ، وعليّ بن هاشم بن البريد، وحفص القاريّ، وجماعة. وعنه: م. ود. ن، عن رجلٍ، عنه، وإبراهيم الْجَوْزجانيّ، وأحمد بن ملاعب، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، وعبّاس التُّرْقُفَيّ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وأبو حاتم، وعبد الله بن محمد بن النُّعْمان، وتَمْتَام، وعليّ بن عبد العزيز، وخلْق. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال أبو داود: كان من الرافضة، ذكر عثمانَ بشيءٍ، فطلبه السُّلطان. وقال مَطَيِّن: مات في صفر سنة اثنتين وعشرين. قُلْتُ: لَهُ فِي "مُسْلِمٍ" حَدِيثٌ وَاحِدٌ، أَنْبَأَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ سَلَامَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْجَمَّالِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، نَا أَسْبَاطٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْأُولَى، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانُ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، فَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدَّيَّ، فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا وَرِيحًا كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ"3. وفي البصْريين ممن اسمه: عَمْرو بن حمّاد، رجلان.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 125". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 228"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 323"، والثقات لابن حبان "8/ 483"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 103". 3 "خبر صحيح": أخرجه مسلم "2329". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 175 303- عَمْرو بن حمّاد الأزْديّ الفَرَاهِيديّ1. عن: حمّاد بن زيد. وعنه: إسحاق بن وَهْب العلّاف، وغيره. 304- عَمْرو بن حمّاد العَبْديّ2. عن: مروان بن معاوية الفَزَاريّ، وغيره. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم وقال: صَدُوق. 305- عَمْرو بن خالد بن فرّوخ بن سعيد3 -خ. ق. أبو الحسن التّميميّ، ويقال: الخزاعيّ الحرّانيّ، نزيل مصر. والد أبي عُلاثة محمد بن عمرو. روى عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وعبد الحميد بن بهرام، والَّليْث بن سَعْد، وزُهَير بن معاوية، وشريك بن عبد الله، وابن اهيعة، وطائفة. وعنه: خ. وق، عن رجلٍ، عنه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وابنه أبو عُلاثة، ويحيى بن عثمان السَّهْميّ، وعثمان بن خرّزاذ، وعمر بن عبد العزيز بن مِقْلاص، والحَسَن بن الفَرَج الغزّيّ، وأبو الزِّنْبَاع رَوْح بن الفَرَج، وخلْق. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة، ثَبْت. وقال البخاريّ: مات سنة تسعٍ وعشرين. 306- عَمْرو بن الصّبّاح4. أبو حفص الكوفيّ الضّرير المقرئ المجّود. صاحب حفص.   1 انظر تهذيب الكمال للمزي "2/ 1030"، وتهذيب التهذيب للحافظ "8/ 23". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 228، 229"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 323"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1030". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 518"، والجرح والتعديل "6/ 230"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 327"، والثقات لابن حبان "8/ 485". 4 انظر غاية النهاية لابن الجزري "1/ 601". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 176 قرأ على حفص، وروى الحروف عن أبي يوسف الأعشى، عن أبي بكر بن عيّاش. وكان محقّقًا حاذقًا بالقراءة، له حلقة كبيرة وأصحاب. قرأ عليه: عليّ بن سعيد البزّاز، والحسن بن المبارك، وعليّ بن محصن، ومحمد بن عبد الرحمن الخيّاط شيح ابن شنبود، وآخرون. وبعض النّاس يقول: إنّه لم يقرأ على حفص، بل أخذ عنه الحروف. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 307- عَمْرو بن عَوْن بن أَوْس بن الجعد1 -خ. د. ع. الحافظ أبو عثمان السّلميّ الواسطيّ البزّاز. عن: الحمَّادَيْن، وأبي عَوَانة، وعبد العزيز بن الماجِشُون، وشَرِيك القاضي، وهُشَيْم، وطائفة. وعنه: خ. ود، وخ. أيضًا، والباقون بواسطة، وحَجَّاج بن الشَّاعر، وعبد الله المُسْنَديّ، والدّارميّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان الدارمي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وخلْق. وَثّقَهُ غير واحد. وقال يزيد بن هارون: عَمْرو بن عَوْن ممّن يزداد كلّ يوم خيْرًا. وقال إبراهيم بن عبد الله الختّليّ، سَمِعْتُ يحيى بن مَعِين يقول: ثنا عَمْرو بن عَوْن، وأطنب يحيى في الثّناء عليه. وقال أبو زُرْعة: قلّ من رأيت أثبت حِفْظًا. وقال أبو حاتم: ثقة حُجّة. وقال حاتم بن الَّليْث: مات سنة خمسٍ وعشرين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 252"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 361"، والثقات لابن حبان "8/ 485"، وتاريخ الطبري "1/ 326". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 177 308- عمرو بن مرزوق1 -د. خ. مقرونًا. أبو عثمان الباهليّ، مولاهم البصْريّ. عن: عِكْرِمة بن عمّار، ومالك بن مِغْوَلٍ، وشُعْبَة، والحمَّادَيْن، وعبد الرحمن المسعودي، وأبي إدريس صاحب لأنسٍ. وعنه: خ. مقرونًا، ود، وأبو زُرْعة، وحرب الكِرْماني، وأحمد بن داود المكّيّ، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وعثمان بن خرّزاذ، ومحمد بن محمد بن حبّان التّمّار، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، وخلْق. وكان يحيى القطّان لا يرضاه في الحديث. قاله القَواريريّ. وقال أبو زُرْعة: سَمِعْتُ سليمان بن حرب وذكر عَمْرو بن مرزوق فقال: جاء بما ليس عندهم فحسدوه. وقال سعيد بن سَعْد البخاريّ سَمِعْتُ مسلم بن إبراهيم يقول: كانت الكُتُب التي عند أبي داود الطَّيَالسيّ لعَمْرو بن مرزوق. وكان عَمْرو رجلًا غزّاء يغزو في البحر، فلمّا مات أبو داود حوّل عَمْرو كُتُبَه. وقال ابن المَدِينيّ: اتركوا حديث الفهرين والعمرين، يعني فهر بن حيّان، وفهر بن عَوْف، وعَمْرو بن مرزوق، وعَمْرو بن حكَّام. وقيل: كان عند عَمْرو بن مرزوق، عن شُعْبَة ثلاثة آلاف حديث. وقال أبو الفتح الأزْديّ: كان سماع أبي داود الطَّيَالسيّ، وعَمْرو بن مرزوق من شُعْبَة شيئًا واحدًا. وكان ابن مَعِين يطري عَمْرًا ويرفع ذِكْره. وقال أبو زُرْعة: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل، وقيل له: إنّ عليّ بن المَدِينيّ تكلَّم في عمرو، فقال: عمرو رجل صالح، لا أدري ما يقول عليّ. قال عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي: قال أحمد بن حنبل لابنه صالح حين قدِم من البصرة: لِمَ لَم تكتب عن عَمْرو بن مرزوق؟ فقال: نهيت.   1 انظر القيادة الكبرى لابن سعد "7/ 305"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 373"، والصغير له "229"، وانظر الجرح والتعديل "6/ 263". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 178 فقال: إنّ عَفَّان كان يرضى عَمْرًا، ومن كان يُرضي عَفَّان؟ وقال أحمد: كان عَمْرو صاحب غزوٍ وخير. وقال محمد بن عيسى بن أبي قماش: سألت يحيى بن معين عنه، فقال: ثقة مأمون، صاحب غزوٍ وقرآن وفضل، وحَمَده جدًا. وقال أبو حاتم: كان ثقة من العباد، ولم نجد أحدًا مِن أصحاب شُعْبَة كان أحسن حديثًا منه. وقال ابن عديّ: سَمِعْتُ أحمد بن محمد بن خالد يقول: لم يكن بالبصرة مجلس أكبر من مجلس عمرو بن مرزوق. كان فيه عشر آلاف رجل. وقال النَّسائيّ في الكُنَى: أنا الحَسَن بن أحمد بن حبيب، ثنا بُنْدار: سَمِعْتُ عَمْرو بن مرزوق. وسئل: أَتَزوّجت ألف امرأة؟ فقال: أو زيادة على ألف امرأة. قال محمد بن عيسى بن أبي قمّاش: رأيته احمر الرأس والّلحية، وكان يخضِب بالحِنّاء، ومات بالبصرة في صَفَر سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. قلت: وله سميٌّ وهو في طبقة شيوخه. 309- عَمْرو بن مرزوق الواشجيّ البصْريّ1. عن: عَوْن بن أبي شدّاد، وغيره. وعنه: مسلم بن إبراهيم، وأبو الوليد، وأبو عُمَر الحَوْضيّ، وموسى بن إسماعيل، وجماعة. قال ابن مَعِين: ليس به بأس. 310- عَمْرو بن هارون2. أبو عثمان المقرئ.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 263"، والتاريخ لابن معين "2/ 452"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 372"، وتهذيب الكمال "2/ 1050". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 368"، والثقات لابن حبان "8/ 498". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 179 صَدُوق مرضيّ. روى عن: ابن عُيَيْنة، ويحيى بن العلاء. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو سعيد يحيى بن سعيد القطّان، وغيرهما. 311- عِمران بن ميسرة1 -خ. د. أبو الحسن المنقريّ البصريّ الآدميّ. عن: عبد الوارث بن سعيد، ويحيى بن زَكَريّا بن أبي زائدة، وعبّاد بن العوام، ومحمد بن فُضَيْل، وحفص بن غِياث، وطائفة. وعنه: خ. د، وأبو بكر الأثرم، وأبو زرعة الرازيّ، وأبو خليفة الفضل بن الحباب، وأبو مسلم الكجّيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، وآخرون. قال ابن أبي عاصم: مات سنة ثلاث وعشرين. 312- عمران بن هارون الرملي2. أبو موسى. عن: عطاف بن خالد، وابن لهيعة، ومسكين المؤذن، وأبي خالد الأحمر، وجماعة. وعنه: موسى بن سهل الرملي، وأبو زرعة، وأبو حاتم. قال أبو زرعة: صدوق. وقال ابن يونس: في حديثه لين، ويعرف بالصوفي. قلت: يروي الطبراني، عن مسعود بن محمد الرَّمْليّ، عنه. 313- عَوْن بن جبلة الأزديّ الموصليّ الأديب3.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 306"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 429"، والثقات لابن حبان "8/ 498"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1059". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 307"، والثقات لابن حبان "8/ 498"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 244"، ولسان الميزان "4/ 350، 351". 3 انظر الكامل في التاريخ لابن الأثير "6/ 346". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 180 روى عن: وَكِيع. وعنه: جابر المَوْصِليّ. قُتِلَ سنة ثلاثين، فهاجت الحرب بسببه بين الأزد واليمن. 314- عون بن سلاّم1 -م. أبو جعفر الكوفيّ. سمع: أبا بكر النَّهْشَليّ، وزُهَير بن معاوية، ومحمد بن طلحة بن مُصَرِّف، وإسرائيل بن يونس. وعنه: م، وموسى بن إسحاق الأنصاريّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وموسى بن هارون، وأحمد علي الأبار، ومحمد بن عبد الله مطين. وهو من كبار شيوخهم. وكان صدوقا معمرا، توفي في ذي القعدة سنة ثلاثين، وله تسعون سنة. 315- العلاء بن عمرو الحنفي الكوفي2. أبو محمد شيخ واهي الحديث. قال ابن قانع: توفي سنة سبعٍ وعشرين. قلت: روى عن أبي إسحاق الفزاريّ حديثًا موضوعًا، وعن وضّاح بن حسّان حديثًا موضوعًا. روى عنه: حفص بن عمرو بن صبيح البصريّ، ومحمد بن يونس الكديميّ، وعمر بن حفص السّياريّ، وغيرهم. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ بحال. وقال أبو الفتح الأزْديّ: لا يُكْتَب عنه بحال.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 388"، والثقات لابن حبان "8/ 516"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1066". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 355"، والثقات لابن حبان "8/ 504"، والمجروحين له "2/ 185"، ولسان الميزان للحافظ "4/ 185". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 181 316- العلاء بن موسى بن عطية1. أبو الجهم الباهليّ صاحب الجزء المشهور الذي هو أعلى الأجزاء إسنادًا في سنة خمس عشرة وسبعمائة. قال أبو بكر الخطيب: كان صَدُوقًا سمع: الَّليْث بن سَعْد، وسوّار بن مُصْعَب، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وجماعة. وعنه: إسحاق بن سنين، وأحمد بن عليّ الأبّار، وأبو القاسم البَغَويّ، وغيرهم. تُوُفّي ببغداد في أوّل سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 317- عيّاش بن الوليد الرّقام2 -خ. د. أبو الوليد البصريّ القطّان. عن: مُعْتَمِر بن سليمان، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، ومحمد بن فُضَيْل، والوليد بن مسلم، وطبقتهم. وعنه: خ، ود، وأبو زُرْعة الرازيّ، وأحمد بن خيثمة، وأبو حاتم، والعباس بن الفضل الأسفاطي، ومحمد بن محمد بن حبّان التمار. وقد روى أبو داود أيضا، عن عيسى بن شاذان، عنه. قالوا: تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 318- عيسى بن إبراهيم البركي3 -د. من سكّة البرك بالبصرة.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 240، 241"، وسير أعلام النبلاء "10/ 525"، والعبر "1/ 403". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 6"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 48"، والثقات لابن حبان "8/ 509"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1075"، 1076". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 272"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 407"، والثقات لابن حبان "8/ 494"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1077". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 182 سمع: حمّاد بن سَلَمَةَ، والحارث بن نَبْهان، وعبد العزيز بن مُسْلم القسمليّ، وجماعة. وعنه: د، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة ثمانٍ وعشرين أيضًا. 319- عيسى بن أبان1. الفقيه صاحب محمد بن الحَسَن. ولي قضاء البصرة، وغيرها. وصنّف التصانيف. وحدَّث عن: هُشَيْم، وإسماعيل بن جعفر، ويحيى بن أبي زائدة. وعنه: الحَسَن بن سلّام السّوّاق، وغيره. وكان أحد الأجواد الكرام. ويُحكى عنه القول بخلْق القرآن، أجارنا الله، وهو معدودٌ من الأذكباء. قال بكّار بن قتيبة: سَمِعْتُ هلال الرأي يقول: ما قَعد في الإسلام قاضٍ أفقه من عيسى بن أبان في زمانه. وقال الطَّحَاويّ: سَمِعْتُ بكّار القاضي يقول: كان لنا قاضيان لا مِثْل لهما: إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة، وعيسى بن أبان. قال الطَّحَاوي: حدَّثني أبو حازم القاضي: حدَّثني شُعَيْب بن أيّوب قال: لمّا أتى عيسى بن هارون إلى المأمون بتلك الأحاديث التي أوردها على أصحابنا، قال المأمون لإسماعيل بن حمّاد، ولِبِشْر، ولابن سِماعة: إن لم تُبَيْنوا الحُجَّة وإلّا منعْتُكم من الفتوى بهذا القول، يعني الذي يخالف هذه الأحاديث، وجمعت النّاسَ على خلافه. ولم يكن عيسى بن أبان حضرَ، كان دونهم في السِّنّ، فوضع إسماعيل بن حمّاد   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 272"، والتاريخ الكبير "6/ 407"، والثقات لابن حبان "8/ 494"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1077". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 183 كتابًا كان سِبابًا كله، وتكلّف يحيى بن أكثم، فلم يفعل شيئًا، فوضع عيسى بن أبان كتابه الصغير، فأُدْخِلَ على المأمون، فلمّا قرأه قال: حسدوا الفتى إذا لم ينالوا سَعْيَهُ ... فالنّاس أعداءٌ لهُ وخُصُوم. كضرائر الحَسْناء قُلْنَ لوجهها ... حَسَدًا وبَغْيًا إنّه لَذَميم تُوُفّي عيسى سنة إحدى وعشرين ومائتين. 320- عيسى بن مسلم الصّفّار1. البغداديّ المعروف بالأحمر. له مناكير. روى عن: مالك، وحمّاد بن زيد. وعنه: محمد بن عبد الله مُطَيَّن، وغيره. "حرف الغين": 321- غالب بن حَلْبَس الكلبيّ2. أبو الهيثم، بصري. عن: جُوَيْرية بن أسماء، ومهديّ بن ميمون، وعِدّة. وعنه: الحسين بن بحر، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وجماعة. صَدُوق. 322- غسّان بن الربيع بن منصور3. أبو محمد الأزديّ الموصليّ.   1 انظر الضعفاء الكبير للعقيلي "3/ 394"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 160، 161"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 323". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 50"، والإكمال "2/ 498". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 52"، والثقات لابن حبان "9/ 2"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 329"، وميزان الاعتدال "3/ 334". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 184 سمع: عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وأبا إسرائيل المُلائيّ، والَّليْث بن سَعْد، وجماعة. وكان شيخًا نبيلًا صالحًا ورعًا، وله نسخةٌ مَرْوِيّة. حدَّث عنه: الإمام أحمد، ويحيى بن مَعِين، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وجماعة. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. وتُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. وروى أبو محمد الخلّال، عن الدَّارَقُطْنيّ أنّه صالح. 323- غسّان بن الفضل1. أبو عمرو السِّجِسْتانيّ، نزيل مَكّة. عن: حمّاد بن زيد، وبِشْر بن ميمون، وحزم بن أبي حزم القُطَعيّ، وغيرهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو بكر الأثرم، وأبو داود في كتاب "المراسيل". وَثّقَهُ ابن حِبّان. 324- غسّان بن مالك2. أبو عبد الرحمن البصْريّ السُّلَميّ. عن: سلّام بن سلم، وحمّاد بن مَسْلَمَة، وسلّام بن المنذر. وعنه: أبو زُرْعة الرّازيّ، وغيره. وليّنه أبو حاتم.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 51"، والثقات لابن حبان "9/ 2"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1089"، وتهذيب التهذيب للحافظ "8/ 247". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 50"، والثقات لابن حبان "9/ 2"، وميزان الاعتدال "3/ 335"، ولسان الميزان "4/ 419". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 185 "حرف الفاء": 325- فروة بن أبي المغراء1 -خ. ت. أبو القاسم بن مَعْدي كَرِب الكِنْديّ الكوفيّ. عن: شَرِيك، وأبي الأحْوَص، وعليّ بن مُسْهِر، وعبيدة بن حُمَيْد، وغيرهم. وعنه: خ، وت، عن رجلٍ، عنه، وعبد الله الدّارميّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن محمد بن النُّعْمان الإصبهانيّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وجماعة. تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين. قال أبو حاتم: صَدُوق. 326- فَضَالَةُ بن المفضّل بن فَضَالَةَ2. أبو ثوابة الرُّعَيْنيّ ثمّ القِتْبانيّ المصريّ. سمع: أباه. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْميّ، وأبو الأحْوَص محمد بن الهيثم. ذمّه أبو حاتم، وتُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. - الفضل بن غانم. يأتي في الطبقة الآتية. 327- فُضَيْل بن عبد الوهّاب الغَطَفَانيّ الكوفيّ3 القنّاد -د. نزيل بغداد. عن: شَرِيك، وأبي الأحوص، وحمّاد بن زيد.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 414"، والجرح والتعديل "7/ 83"، والثقات لابن حبان "9/ 11". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 79"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 125"، والثقات لابن حبان "9/ 10"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 349". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 349"، والجرح والتعديل "7/ 74"، والثقات لابن حبان "9/ 9"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1102". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 186 وعنه: د، وابن أبي الدُّنيا، وأحمد بن أبي خيثمة، وعثمان بن خرزاذ، وموسى بن هارون، وآخرون. وثقه أبو حاتم. 328- فطر بن حماد بن واقد البصري1. روى عن: مالك بن أنس، ومهديّ بن ميمون، وحمّاد بن زيد. روى عنه: أبو زرعة الرازي ووثقه. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. 329- الفيض بن وثيق الثقفي البصري2. عن: حماد بن زيد، وجرير، وأبي عوانة. وعنه: أبو حاتم، وأبو زرعة، وعبد الله بن أحمد بن الدورقي، وآخرون. رواه ابن معين بالكذب، ومشاه غيره. وذكره ابن أبي حاتم فيما ضعفه، ولم أره في "الكامل" لابن عدي، والظاهر أنّه صالحٌ في الحديث. "حرف القاف": 330- القاسم بن سلّام3. الإمام أبو عُبَيْد البغداديّ الفقيه الأديب، صاحب المصنَّفات الكثيرة في القراءات والفقه واللُّغات والشِّعر. قرأ القرآن على: الكِسائيّ، وإسماعيل بن جعفر، وشجاع بن أبي نصر.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 90"، والثقات لابن حبان "9/ 14"، وحلية الأولياء "6/ 258"، وميزان الاعتدال "3/ 363". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 88"، والثقات لابن حبان "9/ 12"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 398، 399". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 355"، والجرح والتعديل "7/ 111"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 172"، والثقات لابن حبان "9/ 16". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 187 وسمع الحروف من طائفة. وقد سمع: إسماعيل بن عياش، وإسماعيل بن جعفر، وهشيم بن بشير، وشَرِيك بن عبد الله، وهو أكبر شيخ له، وعبد اللَّه بْن المبارك، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وجرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بْن عُيَيْنة، وعبّاد بن عبّاد، وعباد ابن العوام، وخلقًا آخرهم موتًا هشام بن عمّار. وعنه: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعباس الدوري، والحارث بن أبي أُسَامة، وأحمد بن يوسف التَّغْلبيّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن يحيى بن سليمان المَرْوَزِيّ، وأحمد بن يحيى البلاذُريّ الكاتب، وآخرون. قال عليّ البَغَويّ: ولد أبو عبيد بهراة، وكان أبوه عبدًا لبعض أهل هَراة. وقال أبو بكر الخطيب: كان أبوه روميًّا، خرج يومًا أبو عُبَيْد مع ابن مولاه في الكُتّاب، فقال للمؤدّب: علّم القاسم فإنّها كيّسة. وقال محمد بن سَعْد: كان أبو عُبَيْد مؤدِّبًا، صاحب نحوٍ وعربيّة، وطلبٍ للحديث والفقه. ولي قضاء طَرَسُوس أيّام ثابت بن نصر بن مالك. ولم يزل معه ومع ولده. وقدم بغداد، ففسّر بها غريب الحديث. وصنّف كُتُبًا، وحدَّث، وحجٌ فتُوُفّي بمكّة سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. وقال ابن يونس: قدِم مصر مع ابن مَعِين سنة ثلاثٍ عشرة، وكتب بمصر. وقال إبراهيم بن أبي طالب: سألت أبا قدامة السرخسي، عن الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عُبَيْد فقال: أما أفقههم وأفهمهم فالشافعي، إلا أنّه قليل الحديث، وأما أورعهم فاحمد بن حنبل، وأما أحفظهم فإسحاق، وأما أعلمهم بلُغات العرب فأبو عُبَيْد. وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الحقُّ يحب لله، أبو عُبَيْد أفقه منّي وأعلم مني. وقال الحَسَن بن سُفْيان: سَمِعْتُ ابن رَاهَوَيْه يقول: إنّا نحتاج إلى أبي عُبَيْد، وأبو عُبَيْد لا يحتاج إلينا. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 188 وقال عبّاس الدُّوريّ: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: أبو عُبَيْد أستاذ. وعن حمدان بن سهل قال: سألت يحيى بن مَعِين، عن أبي عُبَيْد فقال: مثلي يُسأل عن أبي عُبَيْد؟ أبو عُبَيْد يُسأل عن النّاس. وقال أبو داود: ثقة مأمون. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة إمام جبل. وسلّام أبوه روميّ. وقال أبو عبد الله الحاكم: كان أبو محمد بن قُتَيْبة يتعاطى التقدُّم في علوم كثيرة، ولم يرضه أهل علم منها، وإنما الإمام المقبول عند الكلّ فأبو عُبَيْد. وقال إبراهيم الحربي: رأيت ثلاثة تعجز النّساء أن تلِدْن مثلهم. رأيت أبا عبيد ما مثله إلّا بجبل نُفخ فيه رَوْح، ورأيت بِشْر بن الحارث، فما شبهّته إلّا برجلٍ عُجِن من قَرْنه إلى قدمه عِلْمًا، ورأيت أحمد بن حنبل، فرأيت كأنّ الله قد جعل له عِلْمَ الأوّلين من كلّ صنف، يقول ما شاء، ويُمسك ما شاء. وقال عبد الله بن أحمد: عرضت كتاب "غريب الحديث" لأبي عُبَيْد على أبي، فاستحسنه وقال: جزاه الله خيرًا. وقال مُكْرَم بن أحمد القاضي: قال إبراهيم الحربيّ: وكان أبو عُبَيْد كأنّه جبلٌ نُفِخَ فيه الروح، يُحسن كلّ شيء إلّا الحديث صناعة أحمد بن حنبل ويحيى. قال: وكان أبو عُبَيْد يؤدِّب غلامًا، ثمّ اتّصل بثابت بن نصر بطَرَسُوس، فولي أبا عُبَيْد قضاءها ثمان عشرة سنة، فاشتغل عن كتابة الحديث. كتب في حداثته عن هُشَيْم، وغيره، فلمّا صنَّف احتاج أن يُكْتَب عن يحيى بن صالح، وهشام بن عمّار. وأضعف كتبه كتاب "الأموال"، يجيء إلى بابٍ فيه ثلاثون حديث أو خمسون أصلًا عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيجيء بحديث، حديثين، يجمعهما من حديث الشّام، ويتكلم في ألفاظها. وليس له كتاب مثل "غريب المصنّف". قال: وانصرف أبو عُبَيْد يومًا، فمرّ بدار إسحاق المَوْصِليّ، فقالوا له: يا أبا عُبَيْد صاحب هذه الدّار يقول: إنّ في كتابك "غريب المصنّف" ألف حرف خطأ. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 189 فقال: كتاب فيه أكثر من مائة ألف يقع فيه ألف خطأ ليس بكثير، ولعلّ إسحاق عنده رواية، وعندنا رواية، فلم يعلم. والروايتان صواب، ولعلّه أخطأ في حروف، وأخطأنا في حروف، فيبقى الخطأ شيء يسير. قال: وكتاب "غريب الحديث" فيه أقلّ من مائتي حرف: سَمِعْتُ، والباقي: قال الأصْمَعيّ، وقال أبو عَمْرو. وفيه خمسة وأربعون حديثًا لا أصل لها، أتي فيها أبو عُبَيْد من أبي عُبَيْدة مَعْمَر بن المُثَنَّى. وقال عبد الله بن جعفر بن درسْتَويْه الفارسيّ، من علماء بغداد النَّحْويّين على مذهب الكوفيين: ورُواة الُّلغة، والغريب، والعُلماء بالقراءات، ومَن جمع صُنُوفًا من العِلْم، وصنَّف الكُتُب في كلّ فنٍ من العلوم والآداب، فأكثر، وشُهِر: أبو عبيد القاسم بن سلاّم. وكان مؤدِّبًا لآل هرثمة، وصار في ناحية عبد الله بن طاهر. وكان ذا فضلٍ ودِين وسترٍ، ومذهب حَسَن. روى عن: أبي زيد، وأبي عُبَيْدة، والأصْمَعيّ، واليَزِيديّ، وابن الأعرابيّ، وأبي زياد الكِلابيّ. وعن: الأُمَويّ، وأبي عَمْرو الشَّيْبانيّ، والكِسائيّ، والأحمر، والفرّاء. وروى النّاس من كُتُبه المصنَّفة بضعةً وعشرين كتابًا في القرآن، والفقه، وغريب الحديث، والغريب المصنَّف، والأمثال، ومعاني الشِّعْر، وغير ذلك، وله كُتُبٌ لم يروها، قد رأيتها في ميراث بعض الطاهريّين، تُباع كثيرة، في أصناف الفقه كلّه. قال: وبلغنا أنّه كان إذا صنف كتابًا أهداه إلى عبد الله بن طاهر، فيحمل إليه مالًا خطيرًا استحسانًا لذلك، وكُتُبه مُسْتَحْسَنَة مطلوبة في كلّ بلد. والرّواة عنه مشهورون ثقات ذَوُو ذِكْرٍ ونُبْل. وقال: قد سُبق إليّ جَمْع كُتُبه، فمن ذلك: "المصنَّف الغريب" وهو أَجَلّ كتبه في الّلغة، فإنّه احتذى فيه كتاب النَّضْر بن شُمَيْلٍ الذي يسمّيه كتاب "الصِّفات". بدأ فيه بخلْق الإنسان، ثمّ بخلق الفَرَس، ثمّ بالإِبل، فذكر صنْفًا بعد صنْف. وهو أكبر من كتاب أبي عُبَيْد وأجْوَد. ومنها: كتاب "الأمثال"، وقد صنَّف فيها قبله الأصْمَعيّ، وأبو زيد، وأبو عُبَيْدة، الجزء: 16 ¦ الصفحة: 190 وجماعة، إلّا أنّه جمع رواياتهم في كتابه؛ وكتاب "غريب الحديث" أَوَّل من عمله أبو عُبَيْدة، وقُطْرَب، والأخفش، والنَّضْر، ولم يأتوا بالأسانيد، وعمل أبو عدنان البصْريّ كتابًا في "غريب الحديث" وذكر فيه الأسانيد، وصنّفه على أبواب السُّنَن، إلاّ أنّه ليس بالكبير، فجمع أبو عبيد عامّةَ ما في كُتُبهم وفسّره، وذكر الأسانيد، وصنف "المسند" على على حدته، و"أحاديث كلّ رجلٍ من الصّحابة والتّابعين" على حِدَتهِ، وأجاد تصنيفه، فرغِب فيه أهل الحديث والفقه والّلغة، لاجتماع ما يحتاجون إليه فيه. وكذلك كتابه في "معاني القرآن"؛ وذلك أنّ أَوَّل مَنْ صَنَّفَ في ذلك من أهل الّلغة أبو عُبَيْدة، ثمّ قُطْرُب، ثمّ الأخفش، وصنَّف من الكوفيّين: المسائيّ، ثمّ الفرّاء، فجمع أبو عُبَيْد من كُتُبهم، وجاء فيه بالآثار وأسانيدها، وتفاسير الصّحابة، والتّابعين، والفُقَهاء، وروى النّصف منه، ومات. وأمّا الفِقْه فإنّه عمد إلى مذهب مالك. والشّافعيّ، فتقلّد أكثر ذلك، وأتى بشواهده، وجمعه مِن حديثه ورواياته، واحتجّ بالّلغة والنَّحْو، فحسّنها بذلك. وله في القراءات كتاب جيّد، ليس لأحدٍ من الكوفيّين قبله مثله، وكتاب في الأموال، من أحسن ما صُنِّف في الفقه وأَجْوَده. وقال أبو بكر بن الأنباريّ: كان أبو عُبَيْد يقسّم الّليل، فيصلّي ثُلثه، وينام ثُلثه، ويُصَنِّف ثُلثه. وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: في كتاب "الطهارة" لأبي عُبَيْد حديثان، ما حدَّث بهما غيره، ولا حدَّث بهما عنه غير محمد بن يحيى المَرْوَزِيّ. أحدهما حديث شُعْبَة، عن عَمْرو بن أبي وَهْب، والآخر حديث عُبَيْد الله بن عُمَر، عن سعيد المَقْبُريّ، حدَّث به يحيى القطّان، عن عُبَيْد الله، وحدَّث به النّاس، عن يحيى، عن ابن عَجْلان. وقال ثعلب: لو كان أبو عُبَيْد في بني إسرائيل لكان عجبًا. وقال القاضي أبو العلاء الواسطيّ: أنبأ محمد بن جعفر التَّميميّ، ثنا أبو عليّ النحوي، نا الفساطيطيّ قال: قال أبو عُبَيْد مع عبد الله بن طاهر، فبعث إليه أبو دلف يستهديه أبا عبيد مدّة شهرين، فأخذه إليه، فأقام شهرين، فلمّا أراد الإنصراف الجزء: 16 ¦ الصفحة: 191 وَصَلَه بثلاثين ألف درهم، فلم يقبلها وقال: أنا في جَنَبَة1 رجلٍ لم يُحْوِجْني إلى صِلَة غيره. فلمّا عاد إلى ابن طاهر وَصَلَه بثلاثين ألف دينار، فقال: أيُّها الأمير قد قَبِلْتُها، ولكنْ قد أغنيتني بمعروفك وبِرِّك، وقد رأيت أنْ أشتري بها سلاحًا وخيلًا، وأوجّه به إلى الثَّغر، ليكون الثّواب متوفّرًا على الأمير. ففعل. وقال عليّ بن عبد العزيز: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد يقول: المتّبع للسُّنّة كالقابض على الْجَمْر، وهو اليوم عندي أفضل من ضرب السَّيف في سبيل الله. وقال عبّاس الدُّوريّ: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد يقول: عاشرتُ النّاس، وكلّمتُ أهل العِلْم، فما رأيت قومًا أَوْسَخَ وَسَخًا. ولا أضعف حُجّةً من الرافضة، ولا أحمق منهم. ولقد وُلِّيتُ قضاء الثَّغْر فَنَفَيْتُ ثلاثة جَهْمِيَّيْن ورافضيًّا، أو رافِضِيَّيْن، وجَهْميًّا. وقال: إنّي لأتبيّن في عقل الرجل أن يدع الشّمس ويمشي في الظّلّ. وقال بعضهم: كان أبو عُبَيْد أحمر الرأس والّلحية، مَهِيبًا، وَقورًا، يخضب بالحِنّاء. وقال الزُّبَيْديّ: عَدَدْتُ حروف "الغريب" فوجدته سبعة عشر ألف وتسعمائة وسبعين. وقال أبو عُبَيْد: دَخَلْتُ البَصْرة لأسمع من حمّاد بن زيد، فإذا هو قد مات، فَشَكَوْتُ ذلك إلى عبد الرحمن بن مهديّ، فقال: مهما سبقت به فلا تُسْبقَنّ بتقوى الله. وقال محمد بن الحسن الأُبريّ؛ سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة: سَمِعْتُ أحمد بن نصر المقرئ يقول: قال إسحاق: إن الله لا يستحي من الحقِّ، أبو عُبَيْد أَعْلَمُ منّي، ومن أحمد بن حنبل، والشّافعيّ. وقال عبد الله بن طاهر الأمير، وَرُوِيَتْ عنه ومن وجهين: للنّاس أربعة: ابْنِ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَالشَّعْبِيِّ فِي زَمَانِهِ، والقاسم بن مَعّن في زمانه، وأبو عُبَيْد في زمانه. وقال عَبْدان بن محمد المَرْوَزِيّ: ثنا أبو سعيد الضّرير قال: كنت عند عبد الله بن   1 أي في رعاية. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 192 طاهر، فورد عليه نعيّ1 أبي عُبَيْد، فأنشأ يقول: يا طالبَ العِلْم قد مات ابنُ سلّام ... وكان فارسَ علمٍ غَيرَ مِحْجَامِ مات الذي كان فينا رُبْعَ أربعةٍ ... لم يلقَ مثلهُمُ إِسْنادُ أحكامٍ خير البَرِيّةِ عبدُ الله أوّلُهُم ... وعامرٌ، ولَنِعْمَ التِّلْوُ يا عام هما اللذان أنافا فوق غيرهما ... والقاسمان ابنُ معنٍ وابنُ سلّامِ ومناقب أبي عُبَيْد كثيرة، وقد حكى عنه البخاريّ في كتاب "أفعال العباد". وذكره أبو داود في كتاب "الزّكاة"، وغيره في تفسير أسنان الإبِل. وعاش ثمانيًا وستين سنة، رحمه الله. 331- القاسم بن سلّام بن مسكين2. أبو محمد الأزْديّ البصْريّ. عن: أبيه، وعبد العزيز بن سلم، وعبد القاهر بن السَّرِيّ، وحمّاد بن زيد. وعنه: أبو حاتم، ويعقوب الفَسَويّ، وتَمْتَام، ويوسف بن يعقوب القاضي. قال أبو حاتم: صَدُوق. أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قُدَامَةَ الْفَقِيهُ، أَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَا الْجَوْهَرِيُّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ كَيْسَانَ، أَنَا يُوسُفُ الْقَاضِي، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ سَلامِ بْنِ مِسْكِينٍ، ثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خُلَيْدٍ الْعَصَرِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا غَرَبَتْ شمسٌ إلَّا بِجَنْبَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ، يُسْمِعَانِ الْخَلائِقَ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ: اللَّهُمَّ عَجِّلْ لمنفقٍ خَلَفًا، اللَّهُمَّ عَجِّلْ لممسكٍ تَلَفًا" 3. صحيحٌ عالٍ. وقال ابن حِبّان: مات سنة ثمان وعشرين.   1 أي خبر موته. 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 110"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 172"، والثقات لابن حبان "9/ 18"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1110". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2/ 120"، ومسلم في الزكاة "57"، والبيهقي "4/ 187" بلفظ: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا فيه ملكان ينزلان ... " الحديث. أما لفظ الترجمة فلم أقف عليها. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 193 332- القاسم بن عُمَر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ بْنُ أَبِي أيّوب الأنصاريّ1. حدَّث ببغداد في سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. عن: محمد بن المّنْكَدِر، وداود بن أبي هند، وما استحى من ذلك فسمع منه: إسحاق بن سُفْيان الخُتُّليّ، وآحاد الطَّلبَة. روى عنه الخُتُّليّ حديثًا مُنْكَرًا وقال: كان مُعمَّرًا. قلت: الحديث باطل، وهو آفتُه. 333- القاسم بن عَمْرو بن محمد العنقريّ2. أو محمد الكوفيّ. سمع: أباه. وعنه: أحمد بن سعيد الدّارميّ، وأحمد بن الأزهر. 344- القاسم بن عيسى3. الأمير أبو دُلَف العِجْليّ. صاحب الكَرَج وواليها. حدَّث عن: هُشَيْم، وغيره. روى عنه: محمد بن المغيرة الأصبهانيّ. وكان فارسًا شجاعًا، وجوادًا مُمَدَّحًا، وشاعرًا محسنا، له أخبار في السّخاء والحماسة. وُلّي حرب الخُرَّميّة فدوّخهم4 وأبادهم، وولي إمرة دمشق للمعتصم. قال إسحاق بن إبراهيم المَوْصِليّ، عن أبيه: كنتُ في مجلس هارون الرشيد، إذ   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 423، 424"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 376"، ولسان الميزان "4/ 463-464". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 115"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 172"، والصغير له "219". 3 تاريخ الطبري "8/ 391، 392"، وأخبار إصبهان لأبي نعيم "2/ 160"، والأنساب "8/ 401"، والكامل في التاريخ "6/ 516". 4 أي أذلهم وأخضعهم. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 194 دخل عليه غلامٌ أمرد، فسلَّم، فقال الرشيد: لا سلّم الله على الآخَر، أفسدتَ علينا الجبل، يا غُلام. قال: فأنا أصلحه يا أمير المؤمنين. ثمّ جاوزه إلى أن قال: أفسدتُه يا أمير المؤمنين وأنت عليّ، أَفَأَعْجزُ عن صلاحه وأنت معي؟ فخلع عليه وولّاه الجبل. فلمّا خرج قلت: من هذا؟ قالوا: أبو دُلَف. فلمّا ولّي قال الرشيد: أرى غلامًا يرمي مِن وراء همّةٍ بعيدة. وقد كان أبو دُلَف فصيحًا حَسَن الجواب. قال له المأمون يومًا وهو مقطّب: أأنت الذي يقول فيك الشّاعر: إنّما الدُّنيا أبو دلفٍ ... بين مغراه ومُحْتَضَرِهْ فإذا ولّي أبو دلفٍ ... ولَّتِ الدُّنيا على أثره فقال: يا أمير المؤمنين شهادو زُور، وقول غَرُور، ومَلقِ مُعْتَفْ، وطالب عُرْف. وأصدق منه ابن أختٍ لي حيث يقول: دعيني أجوبُ الأرض ألتمِسِ الْغِنى ... فما الكَرَجُ الدُّنيا ولا النّاس قاسمُ فتبسم المأمون. ومن شعره: أيُّها الراقد المؤرّق1 عيني ... نَمْ هَنيئًا لك الرّقادُ اللّذيذُ علِم الله أنّ قلبي ممّا قد ... جنت مُقْلتاكَ فيه وَقِيذُ وقال ثعلب: ثنا ابن الأعرابيّ، عن الأصْمَعيّ قال: كنت واقفًا بين يدي المأمون، إذ دخل عليه أبو دُلَف العِجْليّ، فنظر إليه المأمون شزرًا2. فقال: أنت الذي يقول فيك عليّ بن جَبَلَة: لهُ راحةٌ لو أنّ مِعْشار عُشْرِها ... على البَرِّ كان البَرُّ أندى من البحرِ له هممٌ لا منْتَهَى لكِبارها ... وهمَّتُه الصُّغْرَى أجلُّ من الدهر ولو أنّ خلق في مَسْكِ فارسٍ ... وبارزه كان الخلي من العمر   1 أي الذي يتقرب على الوسادة ولم ينم. 2 أي بحدةٍ. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 195 أبا دلفٍ بُورِكْتَ في كلّ وجهةٍ ... كما بُوِركَتْ في شهرها لَيْلَةُ القَدْرِ فقال: يا أمير المؤمنين بكذوب عليّ، لا والذي في السّماء1 بيتُه، ما أعرف مِن هذا حرفًا. فقال: قد قال فيك: ما قال لا قطّ من جودٍ أبو دُلَفٍ ... إلّا التشهُّد لكن قوله نعم قال: لا أعرف هذا يا أمير. وقال أبو العَيْناء: حدَّثني إبراهيم بن الحَسَن بن سهل قال: كنّا في موكب المأمون، فترجّل له أبو دلفٍ، فقال له المأمون: ما أخّرك عنّا؟. قال: عِلَّةٌ عَرَضَتْ لي. فقال: شفاك الله وعافاك، اركب. فوثب من الأرض على الفَرَس، فقال: ما هذه وثبة عليل. فقال: بدعاء أمير المؤمنين شُفِيت. وعن: أبي دلفٍ أنّه فرّق يومًا مبلغًا كبيرًا من المال، ثمّ أنشأ يقول لنفسه: كفاني من مالي دِلاصٌ وسابحٌ2 ... وأبيض من صافي الحديد ومِغْفَرُ وقال مرّةً، وقد تكاثر عليه الشُّعَراء وهو مضيق اليد، فتمثّل: لقد خُبِّرْت أنْ عَلَيْك دَيْنًا ... فزِدْ في رَقْمِ دَيْنِك واقضِ3 دَيْني يا غلام اقترض لي عشرين ألفًا بأربعين ألفًا وفرّقها عليهم. ومن شعره. نحن قومٌ تليننا الحدق4 النجل5 ... على أننا نلين الحديدا   1 بيوت الله في الأرض المساجد، ولعله يقصد عرشه بدل بيته، وفي النهاية فهو يقصد الله جل شأنه. 2 سابح أي جاري. 3 أي وسدد. 4 لعله يقصد المهارة. 5 أي الولد. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 196 نملك الأُسْد ثمّ تَمْلِكنا البِيض ... المَصُوناتُ أَعْيُنًا وخُدُودا فترانا يوم الكريهة أحرارًا ... وفي السِّلْم للغواني عَبِيدا وقال المَحَامِليّ: ثنا عبد الله بن أبي سَعْد الورّاق: حدَّثني محمد بن سلمة البلخي: حدثني محمد بن علي الفكهاني حدَّثني دُلْف بن أبي دُلف قال: رأيت أبي في النّوم، فأدخلني دارًا وحشة سوداء مُخْزِية، ثمّ أصعدني دَرَجًا فيها، فأدخلني غرفة، حِيطانُها من أثر النّار، وفي أرضها أثر الرّماد، وإذا أبي عريان، فقال لي كالمستفهم: دلف؟ قلت: نعم أصلح والله الأمير. فأنشأ يقول: أَبْلِغَنْ أهلي ولا تُخْفِ عنهم ... ما لقينا في البرزخِ الخَنَّاق قد سئلنا عن كلّ ما قد فعلنا ... فارحووا وحْشتي وما قد أُلاقي1 أفهمتَ؟ قلت: نعم. فقال: فلو أنّا إذا مُتْنَا تُرِكْنَا ... لكانَ الموتُ راحةَ كلِّ حيّ ولكنْ إذا مُتْنَا بُعِثْنا ... ونُسْأل بعد ذا عن كلّ شيّ قالوا: تُوُفّي أبو دُلَف سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 335- القاسم بن أبي سفيان محمد بن حُمَيْد المَعْمَريّ البغداديّ2. عن: عبد الرحمن قصّة أضحيّة خالد القَسْريّ بالْجَعْد بن درهم. رواها عنه: قُتَيْبة، والحَسَن بن الصّبّاح البَزّار، وعثمان بن سعيد الدّارميّ. وَثّقَهُ قُتَيْبة. وأما يحيى بن مَعِين فقال: كذّاب خبيث. قلت: توفّي سنة ثمانٍ وعشرين.   1 أي أجد. 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 119، 120"، والثقات لابن حبان "9/ 15"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 378". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 197 336- القاسم بن هانئ الأعمى1. أبو محمد، مولى آل عُمَر بن الخطّاب، العَرَويّ. روى عن: الَّليْث بن سَعْد، وغيره بمصر. قال ابن يونس: مُنْكَر الحديث وقد اختلط. مات في ذي القعدة سنة سبعٍ وعشرين ومائتين. 337- القاسم بن يزيد بن عَوَانة2. أبو صَفْوان الكلابي المعافريّ البصريّ. نزيل دمشق. روى عن: حسّان الأزرق، ويحيى بن كثير. وعنه: أحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 338- قُتَيْبة بن مِهران الآزاذانيّ الإصبهانيّ3 المقرئ. صاحب الإمالة. أخذ القراءة عن الكِسائيّ. وحدَّث عن: شُعْبَة، والَّليْث بن سَعْد، وأبي مَعْشَر نَجِيح، وجماعة. وكنيته أبو عبد الرحمن. قرأ عليه: إدريس بن عبد الكريم الحدّاد، والعبّاس بن الوليد بن مِرْداس، وأحمد بن محمد بن حَوْثَرة الأصمّ، وزُهَير بن محمد الزّهْرانيّ، وبِشْر بن إبراهيم الثَّقَفيّ، وقُرّاء إصبهان. وانتهت إليه رئاسة الإقراء بأصبهان. وله إمالات مزعجة معروفة. وقد صحب الكسائيّ مدّة طويلة.   1 انظر الضعفاء الكبير للعقيلي "3/ 481"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 381". 2 انظر الأسامي والكنى للحاكم "1/ 286". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 140"، والثقات لابن حبان "9/ 20"، وأخبار إصبهان لأبي نعيم "2/ 164". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 198 وأخذ أيضًا عن: إسماعيل بن جعفر، وسليمان بن مسلم. حدَّث عنه: إسماعيل بن يزيد القطّان، ويونس بن حبيب، وعُقَيْل بن يحيى، وعبد الرحمن بن محمد الإصبهانيون. وكان موجودًا في حدود العشرين ومائتين، لأنّ إدريس أدركه وقرأ عليه. وقال يونس بن حبيب: كان من خِيار النّاس، وكان مقرئ أصبهان في زمانه. وروى العبّاس بن الوليد، عن قُتَيْبة أنّه قرأ: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْن} 1 [البقرة: 102] . بالكسر جعلهما من ملوك الدُّنيا. وقال عُقَيْل بن يحيى: سَمِعْتُ قُتَيْبة يقول: قرأت على الكِسائيّ، وقرأ عليّ الكِسائيّ. وقيل: إنّه صحب الكسائي خمسين سنة. 339- قُرَّةُ بن حبيب2. أبو علي البصري الفتويّ الرّمّاح. حدَّث عنه: عبد الله بن عَوْن، وشُعْبَة، وأبي الأشهب العُطَارِديّ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار. وهو آخر من حدَّث عن ابن عَوْن من الثّقات. وعنه: البخاريّ في غير "الصّحيح"، وأبو داود في غير "السَّنَن"، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد ابن غالب تَمْتَام، وأبو العبّاس أحمد بن محمد بن عليّ الخُزَاعيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، والحَسَن بن سهل المجوز، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وجماعة. وَثّقَهُ أبو حاتم. وتُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. روى الْبُخَارِيّ فِي "صحيحه"، عن رجلٍ، عَنْهُ.   1 في رسم المصحف "وما أنزل على الملكين" بالفتح. 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 132"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 183، 184"، والثقات لابن حبان "9/ 24"، وتهذيب الكمال" 2/ 1127". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 199 340- قيس بن حفص الدّارميّ1 -خ. مولاهم البصْريّ، أبو محمد. عن: أبي الأشهب، وحمّاد بن زيد، وأبي عَوَانة، وجماعة. وعنه: خ، وأحمد بن سعيد الدّارميّ، وحرب الكِرْمانيّ، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وآخرون. وكان ثقة. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. "حرف اللام": 341- الَّليْث بن خالد البَلْخيّ2. أبو بكر. عن: مالك بن أنس، وحمّاد بن زيد. وعنه: أبو حاتم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهما. حدَّث ببغداد. - الَّليْث بن خالد البغداديّ. أبو الحارث. سيأتي بعد. 342- الَّليْث بن داود القَيْسيّ3. عن: شُعْبَة، ومبارك بن فَضَالَةَ. وعنه: يوسف بن محمد بن صاعد، وأحمد بن عليّ الخزّاز، ومقاتل بن صالح. أحاديثه مستقيمة. قاله الخطيب.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 95"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 156"، والثقات لابن حبان "9/ 15"، وتهذيب الكمال "2/ 1133". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 181"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 15"، وتعجيل المنفعة للحافظ "355". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 14"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 240"، والمغني في الضعفاء "2/ 535". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 200 "حرف الميم": 343- المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى التَّميميّ1. جدّ أبي يَعْلَى المَوْصِليّ، مُكْثِر. عن: أبي شهاب الحناط، وعليّ بن مُسْهِر. وسكن بغداد للتجارة، وكان له قَدْر ومحلّ. روى عنه: ابن مُساوِر الجوهريّ أحمد بن القاسم، وتَمْتَام. قال أبو يَعْلَى: تُوُفّي سنة ثلاثٍ وعشرين. 344- محمد بن أسد2. أبو عبد الله الخَوْشيّ الأسفرائينيّ الحافظ. أحد الأعلام. رحل وسمع: الفُضَيْل بن عِيَاض، وابن المبارك، وسُفْيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: محمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وإبراهيم الحربي، وأبو بكر الصغاني، وأبو حاتم الرازيّ، وأبو لبيد السّرخسيّ، وآخرون. ولما مات قَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيه: كَانَ نصف خراسان. خوش من قرى أسفرائين. ويقال له: الخُشّي. 345- محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة3 -خ. د. أبو عبد الله الهاشميّ، مولاهم البصْريّ المحدِّث، الغازي. روى عن: مُعْتَمِر بن سليمان، وأبي خالد الأحمر، والمُعَافَى بن عِمران، ومُعَاذ بن هشام، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وجرير بن عبد الحميد، وحفص بن غِياث، ويزيد بن زُرَيْع، وأبي بكر بن عيّاش، وجماعة.   1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 193"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 170، 171". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 209"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 81، 82"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 655، 656". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 189"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 36، 37"، وتهذيب الكمال "3/ 174، 175". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 201 وعنه: د، وخ، عن رجلٍ، عنه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، والبخاري في "تاريخه"، وموسى بن هارون، ومحمد بن أيّوب الرّازيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وأبو القاسم النحوي، ومحمد بن هارون بن المجدِّر، وخلْق. قال أبو حاتم: كان ثقة غزّاء. وقال أبو داود: كان من شُجْعان النّاس. وقال موسى بن هارون: مات في ربيع الأول سنة ثلاثين وهو متوجه إلى طرسوس. أَخْبَرَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الله بن الزَّاغُونِيُّ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَمِينَةَ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: "قُلْتُ لأَنَسٍ: هَلْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَعْلَيْهِ؟. قَالَ: نَعَمْ"1. 346- محمد بن إسماعيل بن عيّاش العنْسيّ2 الحمصيّ -د. عن: أبيه. وعنه: أبو زُرْعة، ومحمد بن عَوْف، وسليمان بن عبد الحميد البَهْرانيّ، وأبو الأحْوَص محمد بن الهيثم المكبريّ، وجماعة. قال أبو داود: لم يكن بذاك، قد رأيته ودخلت حمص غير مرّة وهو حيّ. قلت: ثمّ روى في سُنَنهِ، عن رجلٍ، عنه. 347- محمد بن أُمَيّة3 بن آدم -ق. أبو أحمد القرشيّ، مولاهم السّاويّ.   1 "خبر صحيح": أخرجه البخاري "1/ 145"، ومسلم "555"، والترمذي "400". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 189، 190"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1175"، وتهذيب التهذيب للحافظ "9/ 60، 61". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 208"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 42"، والصغير له "230"، والثقات لابن حبان "9/ 73". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 202 عن: عيسى بن موسى غُنْجار، وعبد الله بن إدريس الأَوْديّ، وَسَلَمَةَ بن الفضل، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، والبخاريّ في "كتاب الأدب"، وعليّ بن جميلة السّاويّ. قال النَّسائيّ: مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 348- محمد بن أيّوب1. أبو هُرَيْرَةَ الكِلابيّ الواسطيّ. عن: عبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، ومُعْتَمِر بن سليمان، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، ويحيى القطّان، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، والكُدَيْميّ، ومحمد بن سليمان البَاغَنْديّ، وإسحاق بن إبراهيم البُشْتيّ، وجماعة. قال أبو حاتم: صالح. 349- محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن حرب2. الحافظ أبو عبد الله البَلْخيّ اللُّؤْلؤيّ. مولى بني سَهْم. كان أحد الأئمة. حدَّث ببغداد عن: مالك بن أنس، وخارجة بن مُصْعَب، ويحيى بن يَمَان، وبِشْر بن السَّرِيّ، وطائفة. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، والحسين بن الأحْوَص، وعُبَيْد الله بن أحمد الكِسائيّ، وآخرون. قال أحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ: كان آيةً من الآيات في الحفظ. وكان لا يكلّمه إنسان إلّا عَلَاه في كلّ فنّ.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 197"، والثقات لابن حبان "9/ 114"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1176". 2 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 307"، والكامل لابن عدي "6/ 2282"، وتاريخ بغداد للخطيب "1/ 234-237". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 203 وزعموا أنه ذَاكَرَ ابن الشّاذكُونيّ، وكان كلّ واحد منهما ينتصف من الآخر. قال: فروى له بابًا لم يكن عند ابن الشّاذكُونيّ، فقال: ليس من ذا شيء. أشار الخطيب إلى تضعيفه فقال: لم يوثَّق. 350- محمد بن بِشْر الأَسَديّ الكوفيّ الحريريّ1. أخو يحيى بن بِشْر. سمع: الأوزاعيّ، وسعيد بن بشير، وسعيد بن عبد العزيز، ومعروفًا الخيّاط، وجماعة. وعُمِّر دهرًا، وهو أَسَنّ من أخيه. روى عنه: أبو زُرْعة الرّازيّ، والحسين بن عُمَر بن أبي الأحْوَص الثَّقَفيّ، ويعقوب بن ثوّاب. ويقال: إنّه مات في العام الذي مات فيه أخوه يحيى. 351- محمد بن بُكَيْر بن واصل بن مالك بن قيس الحَضْرَميّ2. أبو الحسين البغداديّ، نزيل إصبهان. عن: شَرِيك، وأبي الأحْوَص، وخالد بن عبد الله، ومُصْعَب بن سلّام، وأبي مَعْشَر السِّنَدي، وهُشَيْم، وفَرَج بن فَضَالَةَ، وطائفة. وعنه: أحمد المرادي، وأحمد بن الفُرات، وعبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن محمد بن النُّعْمان، وعبد الله بن محمد بن زَكَريّا، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وخلْق. قال أبو حاتم: صَدُوق عندي، يغلط أحيانًا. وقال أبو نُعَيْم الأصبهاني: هو صاحب غرائب، تُوُفّي بعد العشرين ومائتين. وقال يعقوب بن شيبة: شيخ ثقة صدوق.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 211". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 214"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 46"، والثقات لابن حبان "9/ 82"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1179". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 204 352- محمد بن أبي بلال1. عن: مالك. وعنه: موسى بن هارون الحافظ. قال الخطيب: لا بأس به، تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. وقال ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 353- مُحَمَّدُ بْنُ تَوْبَة2. أبو بكر الطَّرَسُوسيّ الزّاهد، نزيل دمشق. روى عن: الفُضَيْل بن عِيَاض، وسعيد بن عامر الضُّبَعيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن أبي الحواري، وأبو زرعة الدمشقي، وأخوه عبد الله. 354- محمد بن جعفر بن زياد بن أبي هاشم3 -م. د. أبو عمران الوركانيّ الخراسانيّ، نزيل بغداد. عن: شَرِيك، وأبي الأحْوَص، وعبد الرحمن بن أبي الزِّناد، ومالك بن أنس، وأبي مَعْشَر السِّنْديّ، وإبراهيم بن سَعْد، وطائفة. وعنه: م. د، وعبّاس الدُّوريّ، وعبد الله بن أحمد، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى، والبغوي، وآخرون. وكتب عنه من الكبار: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين ووثقاه. قال موسى بن هارون: توفي لتسعٍ بقين من رمضان سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 355- محمد بن جهضم الثقفي اليمامي4 -خ. م. د. ن. نزيل البصرة.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 98". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 215". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 346"، والجرح والتعديل "7/ 222"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1182". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 223"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 58"، والثقات لابن حبان "9/ 61"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1184". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 205 عن: محمد بن طلحة بن مُصَرِّف، وإسماعيل بن جعفر، وأبي مَعْشَر المَدنيّ، وجماعة. وعنه: إسحاق الكَوْسَج، ومحمد بن المُثَنَّى، وخَلَف كردُوس، وأبو أُمَيّة الطَّرَسُوسيّ، وعبد العزيز بن معاوية، وعبد الله بن شَبِيب الرَّبْعيّ، وجماعة. 356- محمد بن حاتم بن يونس1 -د. ن. أبو جعفر الْجَرْجَرائيّ ثمّ المِصِّيصيّ العابد المعروف بيحيى. عن: عبد الله بن المبارك، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وعَبْدَة بن سليمان، ومروان بن معاوية، وبِشْر بن حرب، وبِشْر الحافي، وجماعة. وعنه: د. ون، عن رجلٍ، عنه، والحَسَن بن جرير الصّوريّ، وهلال بن العلاء، ويعقوب بن شَيْبَة، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، والعبّاس بن الفضل البغداديّ نزيل حلب، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، ويوسف بن يعقوب القاضي، وجماعة. وروى أبو داود أيضًا، عن رجلٍ، عنه. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال ابن أبي عاصم: مات سنة خمسٍ وعشرين. 357- محمد بن حسّان بن خالد2 -د. أبو جعفر الضّبّيّ البغداديّ السّمتيّ. عن: خَلَف بن خليفة، وفُضَيْل بن عِيَاض، ويوسف بن الماجِشُون، وهُشَيْم بن بشير، وإسماعيل بن مجالد، وابن المبارك، وطائفة. وعنه: د، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، ومحمد بن وضاح القرطبي، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وآخرون. قال أبو حاتم ليس بالقويّ.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 238"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1184"، وسير أعلام النبلاء "11/ 451". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 238"، وأخبار القضاة لوكيع "2/ 205، 419"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1186"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 412". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 206 وقال الدارقطني: ثقة، يُحَدِّث عن الضَّعَفَاء. وقال موسى بن هارون: مات في سابع ذي الحجة سنة ثمانٍ وعشرين. 358- محمد بن الحَسَن بن المختار التَّميميّ1 الكوفيّ. نزيل الرَّيّ. عن: مسلم الزّنجيّ، يونس بن أبي يَعْفُور، وعَمْرو بن أبي المقدام، وعليّ بن مُسْهِر، وطائفة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وغيرهما. قال أبو زُرْعة: صَدُوق. قلت: تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. 359- محمد بن حيّان2 -م. أبو الأحوص البغويّ، نزيل بغداد. عن: عبد العزيز بن أبي حازم، ومسلم بن خالد الزّنْجيّ، وهُشَيْم، وعُمَر بن عُبَيْد الطَّنَافِسيّ، وابن عُلَيَّة، وجماعة. وعنه: م، وإبراهيم الحربي، وموسى بن هارون، وعثمان بن خرزاذ، وأبو القاسم البغوي. وقع لنا حديثه عاليا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زهير: مات في ذي الحجة سنة سبعٍ وعشرين. وَلَهُ فِي "مُسْلِمٍ" فَرْدُ حَدِيثٍ، أَنْبَأَنَاهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ قُدَامَةَ، أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ السِّبْطُ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، أَنَا ابْنُ أَخِي عُمَرُ، نَا الْبَغَوِيُّ، نَا أَبُو الْأَحْوَصِ، أَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة،   1 انظر الجرح والتعديل "رقم 1257". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 352، والثقات لابن حبان "9/ 73"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1191، 1192". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 207 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من حملعلينا السِّلاحَ لَيْس مِنَّا" 1. مُوَافَقَةٌ بعُلُوٍّ. 360- محمد بن خالد بُرامة2. أبو جعفر الهاشميّ. روى عن مالك حديثًا موضوعًا. وعن: المُفَضَّل بن فَضَالَةَ، والوليد بن مسلم. روى عنه: الحَسَن بن عليّ بن خَلَف الصَّيْدلانيّ، وعبد الله بن منصور الصَّبّاغ، وأحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ، وجماعة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ يَكْذِبُ، سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيثًا، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ" 3. وقال أحمد الشيرازيّ في "الألقاب": أبو نُعَيْم الطُّوسيّ، عن محمد بن خالد الهاشميّ بُرامة. قال ابن عساكر: أظنُّه تصحيف. وقال أبو أحمد الحاكم: لقبه بُرامة. 361- محمد بن خالد بن مُرْتَنيل الأشجّ4. مولى عبد الرحمن بن معاوية الدّاخل. كان مِن كبار الفقهاء بقُرْطُبَة. رحل وسمع: ابن وَهْب، وابن القاسم، وجماعة. وولي الشُّرِطة والإمامة بقُرْطُبَة. وكان لا يأخذه في الله لَوْمَةُ لائم. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين، وقيل: سنة عشرين ومائتين.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 90"، ومسلم "161"، والنسائي "7/ 117"، والترمذي "1459"، وابن ماجه "2575، 2576"، وأحمد "2/ 3، 16". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 244". 3 "إسناده موضوع والحديث صحيح": أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح "7/ 244"، وفي إسناده صاحب الترجمة، وله شاهد كما عند ابن ماجه "4252"، وأحمد "1/ 376، 423، 433"، وانظر كذلك المستدرك "4/ 243"، والحديث في صحيح الجامع. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 524". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 208 362- محمد بن زياد بن مَخْلَد الإصبهانيّ1. مُكْثِر عن النُّعْمان بن عبد السّلام. روى عنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، ومحمد بن عيسى الزَّجّاج. وَثّقَهُ أبو نُعَيْم الحافظ، وذكره في تاريخه. 363- محمد بن زياد أبو جعفر الإصبهانيّ ثمّ الرّازيّ2 القطّان. عن: سفيان بن عيينة، ومرحوم العطار. وعنه: أبو حاتم، وقال: شيخ. 364- محمد بن زياد بن زبّار الكلبيّ3. أبو عبد الله الدّمشقيّ. إخباريّ عارف بالنَّسب. روى عن: الشّرقيّ بن قطاميّ مؤدّب المهديّ. روى عنه: أحمد بن حنبل، وتَمْتَام، وأحمد بن عليّ الخزّاز، وجماعة. قال ابن مَعِين: لا شيء. وقال جَزَرَة: ليس بذاك. 365- محمد بن سَعْد بن منيع4. مولى بني هاشم. الحافظ أبو عبد الله البصْريّ، كاتب الواقديّ. سكن بغداد، وصنّف "الطّبقات الكبير" و"الطّبقات الصغير"، وحدَّث عن: هُشَيْم، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وإسماعيل ابن عُلَيَّة، والوليد بن مسلم، ومَعّن بن عيسى،   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 259"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 228". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 259". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 258"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 83"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 281، 282"، والكامل في التاريخ 7/ 25". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 364"، والجرح والتعديل "7/ 262"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1201". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 209 وأبي ضَمْرة، وابن أبي فُدَيْك، ومحمد بن عُمَر بن واقد الأسلميّ الواقديّ، ووَكِيع، وخلْق كثير من طبقتهم ومن الطّبقة التي بعدهم، حَتّى كتب عن أقرانه، ومن أصغر. وصنّف وظهرت فضائله ومعرفته الواسعة. روى عنه: أحمد بن عبيد، وأبو عصيدة، وأحمد بن يحيى البلاذريّ، وأبو بكر بن أبي الدنيا، والحسين بن محمد ابن فهم، والحارث بن أسامة، وعبيد الله بن محمد بن يحيى اليزيدي. وروى أبو داود في "سننه" حكاية، عن رجلٍ، عنه. قال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: يصدق. رأيته جاء إلى القواريريّ، وسأله عن أحاديث فحدَّثه. وقال إبراهيم الحربيّ: كان أحمد بن حنبل يوجّه في كلّ جمعة بحنبل بن إسحاق إلى ابن سَعْد، يأخذ منه جُزئين من حديث الواقديّ، وينظر فيهما إلى الجمعة الأخرى. قال إبراهيم: ولو ذهب سَمِعَهُما كان خيرًا له. قال الحسين بن فَهْم: محمد بن سَعْد هو مولى الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، كثير العِلْم، كثير الحديث، كثير الكُتُب، كتب الحديث، والغريب، والفقه. تُوُفّي ببغداد يوم الأحد لأربعٍ خَلَوْن من جُمادَى الآخرة سنة ثلاثين ومائتين، وهو ابن اثنتين وستين سنة، رحمه الله. 366- محمد بن سعيد بن الوليد الخُزَاعيّ البصْريّ مَرْدَوَيْه1 -خ. كان جار مسلم بن إبراهيم. روى عن: همّام بن يحيى، ودُرُسْت بن زياد، وزياد بن الربيع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 265"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1203"، وتهذيب التهذيب للحافظ "9/ 190". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 210 وعنه: خ، وأبو زُرْعة، وحرب الكِرْمانيّ، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وآخرون. قال أبو حاتم: كان ثقة صدوقا. 367- محمد بن سفيان بن وردان الأسدي الكوفي المقرئ1 الحذاء. نزيل الري. روى القراءات في جزءٍ عن الكِسائيّ. وسمع: شَرِيك، وحمّاد بن زيد، وجماعة. روى عنه: محمد بن عيسى الإصبهاني، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة، وقالا: صَدُوق في الحديث. 368- محمد بن سنان2 -خ. د. ت. ق. أبو بكر الباهليّ العوقيّ. العَوقة حيّ من الأزْد بالبصرة نزل فيهم. وروى عن: جرير بن حازم، وإبراهيم بن طَهْمَان، ونافع بن عُمَر، وفُلَيْح بن سُليمان، وهمّام بن يحيى، وسليم ابن حيّان، ويزيد بن إبراهيم بن التُّسْتَريّ، وجماعة. وعنه: خ. د. وت. ق، عن رجلٍ، عنه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وحفص بن عُمَر سَنْجَة، وعثمان بن خُرَّزاذ، وأبو قلابة الرِّقاشيّ وأبو مسلم الكَّجّيّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوق. وقال ابن أبي عاصم، وغيره: توفّي سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 275"، والثقات لابن حبان "9/ 80". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 304"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 109"، وانظر الجرح والتعديل "7/ 279". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 211 369- محمد بن سلّام بن الفرج البخاريّ البِيكَنْديّ1 الحافظ -خ. أبو عبد الله، مولى بني سُلَيم. طوّف وكتب الكثير عن أبي الأحْوَص سلّام بن سُلَيم. ورأى: مالك بن أنس فلم يسمع منه، وهُشَيْم، وإسماعيل بن عيّاش، وابن المبارك، وإسماعيل بن جعفر، وزائدة بن أبي الرّقاد، وجرير بن عبد الحميد، وعيسى بن موسى غُنْجار، وأبي إسحاق الفَزَاريّ، وخلْق. وعنه: خ، والدّارميّ، وعُبَيْد الله بن واصل، ومحمد بن بُجَيْر أبو عُمَر، وأحمد بن الضؤ، وحُمَيْد بن النَّضْر، وطُفَيْل بن زيد النَّسَفيّ، وخلْق لا نعرفهم من أهل ما وراء النَّهْر. قال أحمد بن الهيثم الشّاشيّ: قال لي يحيى بن يحيى: بخُراسان كَنْزان، كنزٌ عند محمد بن سلّام البِيكَنْديّ، وكنز عند إسحاق بن رَاهَوَيْه. وروى محمد بن يوسف السَّمَرْقَنْديّ، عن محمد بن مُيَسَّر الكِرْمينيّ قال: انكسر قلم محمد بن سلّام البِيكَنْديّ في مجلس شيخٍ، فأمر أن يُنادَى: قلم بدينار؛ فطارت إليه الأقلام. وقال محمد بن يعقوب البِيكَنْديّ: سَمِعْتُ عليّ بن الحسين يقول: كان محمد بن سلَام في منزله، فَدُقَّ بَابُهُ، فخرج، فقال: يا أبا عبد الله، أنا جنّيّ، ورسول ملك الجن إليك، يسلم عليك ويقول: لا يكون لك مجلسٌ إلّا يكون منّا في مجلسك أكثر من الأنس. قال محمد بن يعقوب: وهذه حكاية عندنا مستفيضة مشهورة. وعن محمد بن سلّام قال: لم أجلس إلى سوق بِيكَنْد منذ أربعين سنة. وقال سهل بن المتوكّل سمعته يقول: أنا محمد بن سلَام، بالتخّفيف. وقيل: قُلِعت عين محمد بن سلّام في غَزَاة. وقال سَهْل بن المتوكّل: سَمِعْتُ محمد بن سلَام يقول: أنفقت في طلب العلم   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 278"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 110"، والمجروحين لابن حبان "1/ 199"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1208". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 212 أربعين ألفًا، وأنفقتُ في نشره أربعين ألفًا، وليت ما أنفقت في طلبه كان في نشره، أو كما قال. وقال عُبَيْد الله بن شُرَيح: سَمِعْتُ محمد بن سلَام يقول: أحفظ نحوًا من خمسة آلاف حديث. قال غُنْجار: وكان له مصنّفات في كلّ بابٍ من العِلْم. وكان بينه وبين أبي حفص أحمد بن حفص مَوَدة وأُخُوَّة. وكلّ واحدٍ منهما مخالف للآخر في المذهب. وقال عُبَيْد الله بن واصل: سَمِعْتُ محمد بن سلَام يقول: كتبت عن أربعمائة شيخ. وقال عليّ بن الحسين: سَمِعْتُ محمد بن سلَام يقول: أدركت مالك بن أنس، فإذا النّاس يقرأون عليه، فلم أسمع منه لذلك. قلت: كان عامّة مشايخ ذلك الوقت إنّما يَرْوُون من لَفْظهم. وقد دخل ابن سلَام خُوارَزْمَ مع غُنْجار، وسمعا بها من عبد الكريم بن الأسود البصْريّ، والمغيرة بن موسى. قال حاضر بن الَّليْث: ثنا عيسى بن موسى، ومحمد بن سلَام قالا: نا المغيرة بن موسى، عن سعيد بن بشير، عن قَتَادَة، فذكر حديثًا. وقال سهل بن المتوكل: نا محمد بن سلام، نا مغيرة البصْريّ، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، فذكر حديثًا. وقال محمد بن إسماعيل البخاريّ: مات في سابع صفر سنة خمسٍ وعشرين. وقال يحيى بن جعفر البِيكَنْديّ: وُلِد محمد بن سلَام في السّنة التي مات فيها سُفْيان الثَّوريّ. - محمد بن سلّام الْجُمَحيّ. في الطبقة الآتية. 370- محمد بن صالح الفَزَاريّ البغداديّ1 الخيّاط.   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 5"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 356، 357". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 213 عن: شَرِيك القاضي، وغيره. وعنه: صالح بن محمد جَزَرَة، وأحمد بن الحَسَن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ. وَثّقَهُ صالح بن محمد. وتُوُفّي سنة ثلاثين. - محمد بن الصّبّاح الْجُرْجَرائيّ. يأتي. 371- محمد بن الصّبّاح الرُّعَيْنيّ. مصريّ، سمع ابن وَهْب. تُوُفّي سنة ثلاثين. 372- محمد بن الصّبّاح1 -ع. أبو جعفر البغداديّ الدّولابيّ البزّاز. مولى مُزَيْنَة. وهو صاحب كتاب "السُّنَن" الذي سمعناه. سمع: إبراهيم بن سَعْد، وشَرِيك بن عبد الله، وإسماعيل بن زَكَريّا، وخالد بن عبد الله، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وإسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، والوليد بن أبي ثور، وخلقًا سواهم. وعنه: خ. م. د، وت. ق. بواسطة، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن أبي خَيْثَمَة، وإسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعثمان الدّارميّ، وأبو زُرْعة، وأبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الوَكِيعيّ، وخلْق سواهم. وَثّقَهُ أحمد، وغيره. وقال أبو حاتم: ثقة، يُحْتَجّ بحديثه. حدَّث عَنْهُ أحمد بْن حنبل ويحيى بْن معين، وكان أحمد يعظمه.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 342"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 118"، والجرح والتعديل "7/ 289"، وتهذيب الكمال "3/ 1212". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 214 وقال تَمْتَام: ثنا محمد بن الصّبّاح الدُّولابيّ الثّقة المأمون والله. وقال ابن حِبّان: وُلِدَ بقرية دولاب من الرَّيّ. وقال موسى بن هارون، وغيره: مات يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خَلَت من المحرَّم سنة سبعٍ وعشرين. وقال ابنه أحمد: مات وهو ابن سبعٍ وسبعين سنة غير شهر أو شهرين، رحمه الله. 373- محمد بن صَبيح المَوْصِليّ1. سمع: المُعَافَى بن عُمْران، وغيره. وعنه: أحمد بن حنبل، وعليّ بن حرب، وجماعة. وكان صالحًا عابدًا. وقد ذكر البخاريّ أنه بغداديّ فوهِم. 374- محمد بن الصّلت2 -خ. ن. أبو يعلى التّوّزي. وتَوَّز هي تَوَجّ، بلدة من أعمال فارس. نزل البصرة، وحدَّث عن: عبد العزيز بن أبي حازم، وحاتم بن إسماعيل، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وسُفْيان بن عُيَيْنة، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: خ، عن رجلٍ، وإبراهيم بن حرب العسكريّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والعباس بن الفضل الأسفاطيّ، ومحمد بن محمد التّمّار، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق، كان يملي علينا من حفظه التفسير وغيره، وربما وهم. قال البخاري: مات سنة سبعٍ وعشرين. وقال غيره: ثمانٍ.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 67"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 118"، وتاريخ بغداد "5/ 373". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 289"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 118"، والثقات لابن حبان "9/ 82"، وتهذيب الكمال "3/ 1213". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 215 375- محمد بن الطفيل بن مالك1 النّخعيّ -ت. أبو جعفر. عن: ابن عمّه شَرِيك بن عبد الله، وحمّاد بن زيد، وفُضَيْل بن عِيَاض، وبِشْر بن عمارة، وجماعة. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، والبخاريّ في كتاب "الأدب"، وأحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ، وأحمد بن عَمْرو القَطَوانيّ، وعثمان بن عبد الله الدّارميّان، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وآخرون. وَثّقَهُ ابن حِبّان. وكان قد سكن فَيْد. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. روى التِّرْمِذِيّ له حديثًا واحدًا. 376- محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعيّ2 البصريّ -د. ق. أبو عبد الله. عن: جرير بن حازم، وحماد بن سلمة، ومالك، ومبارك بن فَضَالَةَ، ورجاء صاحب السَّقَطِ، وابن الأشهب جعفر بن حيّان، وشَبِيب بن شَيْبَة، وطائفة. وعنه: د، وق، عن رجلٍ، عنه، وإبراهيم الحربيّ، وإسماعيل القاضي، وعليّ بن عبد العزيز، ومحمد بن محمد التّمّار، وأبو حاتم، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، وغيرهم. وَثّقَهُ علي بن المَدِينيّ. وقال ابن أبي عاصم: توفّي سنة ثلاثٍ وعشرين.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 293"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 123"، والثقات لابن حبان "9/ 63"، وتهذيب الكمال "3/ 1214". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 301"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 88"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1222"، وتهذيب التهذيب "9/ 264، 265". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 216 377- محمد بن عبد الله الأنباريّ1. أبو جعفر الحَذاء. عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وسُفْيان بن عُيَيْنة. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن عمّه حنبل، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ. 378- محمد بن عبد الوهّاب2 بن الزُّبَيْر. أبو جعفر الحارثيّ الكوفيّ، ثمّ البغداديّ. رأى سُفْيان الثَّوريّ، وسمع: أبا شهاب الحَنّاط، وعبد الرحمن بن الْغَسِيلِ، ومحمد بن مسلم الطّائفيّ، وجماعة. وعنه: عبد الله بن أحمد بن عليّ الأبّار، وأبو القاسم البَغَويّ، وآخرون. قال الدَّارَقُطْنيّ: ثقه له غرائب. وكذا قال صالح بن محمد الحافظ. قال موسى بن هارون: مات "سنة" سبعٍ وعشرين، قلت: وقع لنا حديثه عاليًا في "المُنْتَقَى" من "المخلّصات". 379- محمد بن عُبَيْد الله بن عَمْرو بن معاوية بن عمرو بْن عُتْبَة بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ3 بْنِ أُمَيَّةَ. أبو عبد الرحمن القُرَشيّ، الأُمَويّ، المشهور بالعُتْبيّ البصْريّ الإخباريّ. أحد الفُصَحاء والأدباء. سمع: أباه، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وجماعة. وعنه أبو حاتم السّجِسْتانيّ، وأبو الفضل الرَّياشيّ، ومحمد بن يونس الكديميّ، وآخرون.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 383"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 414". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 10"، والثقات لابن حبان "9/ 83". 3 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 186"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 324-326"، والكامل في التاريخ "7/ 9". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 217 وله قصيدة سائرة في ولده يقول فيها: والصُبر يُحمد في المواطن كلَّها ... إلّا عليك، فإنّه مذمومُ تُوُفّي العُتْبيّ سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. وأمّا: - العُتْبيّ المكّيّ. فمتأخّر، يأتي. 380- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن أبي زيد1 -خ. أبو ثابت المدنيّ التاجر. عن: إبراهيم بن سَعْد، ومالك، وعبد العزيز بن أبي حازم، وجماعة. وعنه: خ، وأبو زُرْعة، وإسماعيل القاضي، والعباس بن الفضل الأسفاطي، وآخرون. توفي سنة سبعٍ وعشرين ومائتين في المحرّم. 381- محمد بن عثمان2 -د. ق. أبو الجماهر التَّنُوخيّ الدّمشقيّ الكَفَرْسُوسيّ. ويُكْنَى أبا عبد الرحمن. سمع: سعيد بن بشير، وسليمان بن بلال، وخُلَيْد بن دَعْلَج، وسعيد بن عبد العزيز التَّنُوخيّ، وإسماعيل بن عيّاش، والهيثم بن حُمَيْد، وطائفة. وعنه: د. وق، عن رجلٍ، عنه، وعبد الله بن حمّاد الآمُليّ، وحويت بن أحمد، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وعثمان الدّارميّ، والحسن بن جرير الصّوريّ، وأبو   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 441"، والجرح والتعديل "8/ 3"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 170"، والثقات لابن حبان "9/ 80". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 25"، والتاريخ الكبير "1/ 181"، والثقات لابن حبان "9/ 77"، وتهذيب الكمال "3/ 1242". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 218 عبد الملك أحمد بن إبراهيم البُسْريّ، وخلْق. وَثّقَهُ أبو مُسْهِر، وأبو حاتم. وقال عثمان الدّارميّ: كان أوثق مَن أدركْنا بدمشق. ورأيت أهل دمشق مُجْمِعين على صَلاحه، ورأيتهم يقدّمونه على هشام، وعلى ابن أبي أيّوب، يعني سليمان بن عبد الرحمن. وُلِد سنة أربعين ومائة، أو سنة إحدى وأربعين. وقال أبو زُرْعة: مات سنة أربعٍ وعشرين. قلت: وروى أبو داود أيضًا، عن محمود بن خالد، عنه. قال أبو حاتم: ما رأيت أفصح منه. 382- محمد بن عطاء النَّخَعيّ1 الكوفيّ. نزل مصر، وحدَّث عن: شَرِيك، وإسماعيل بن عيّاش، وعبد الوارث، وابن وَهْب، وطبقتهم. روى عنه: أبو حاتم، وقال: شيخ. سمع منه بمصر سنة ستٍّ عشرة. 383- محمد بن عُقْبَة السَّدُوسيّ2 البصْريّ. ابن عمّ عُقْبَة بن هَرِم. روى عن: جعفر بن سليمان، وطالب بن حُجَيْر، ومسكين بن أبي فاطمة، ويونس بن أرقم، وعبد الله بن خِراش، وآخرين. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. ثمّ تركه أبو زُرْعة وأبو حاتم، فما حدَّثا عنه لضَعْفه. 384- محمد بن عليّ بن أبي خداش3.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 46، 47". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 36"، والتاريخ الكبير "1/ 200"، والثقات لابن حبان "9/ 100". 3 انظر الكنى والأسماء للدولابي "2/ 148"، والكامل في التاريخ "6/ 476"، والوافي بالوفيات "4/ 106". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 219 أبو هاشم الأَسَديّ المَوْصِليّ العابد. راوية المُعَافَى بن عمران. رحل وأكثر عن: ابن عُيَيْنة، وعيسى بن يونس، وجماعة. وكان من العلماء العاملين. قال يعلى الزَّرّاد: سَمِعْتُ بِشْر بن الحارث رحمه الله يقول: وَدِدْت أنّي ألقى الله تعالى بمثل عمل أبي هاشم، أو بمثل صحيفته. وقال أحمد بن دبّاس: كنّا عند المُعَافَى بن عِمران، فأقبل أبو هاشم، فقال المُعَافَى: أراه في القوم، يعني الأبدال. وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسٍ الأَزْدِيُّ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِهَدْيِهِ وَدَلَّهِ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا مَاتَ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِهَدْيِهِ وَدَلِّهِ عَلْقَمَةُ، فَلَمَّا مَاتَ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِهَدْيِهِ وَدَلِّهِ الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، فَلَمَّا مَاتَ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِهَدْيِهِ وَدَلِّهِ أَبُو هَاشِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ. وقال أبو زكريّا الأزديّ: خدّثت عن تَمْتَام قال: قلت ليحيى بن مَعِين: كتبتَ "جامع سُفْيان"، عن أبي هاشم، عن المُعَافَى؟. فقال ابن مَعِين: بلغني أنّ هذا الرجل نظير المُعَافَى أو أفضل منه. قال أبو زَكَريّا: حدّثني العلاء بن أيّوب: حدَّثني مَن حضر أبا هاشم لمّا التقى الجمعان، فقال لرُفَقَائه: هذا يومٌ كنت أتمنّاه، عليكم السّلام. ثمّ سدّد رُمْحه، وجعله على قَرَبُوس سَرْجِه، وحمل على الروم، فكان آخر العهد به. روى عن أبي هاشم جماعة منهم: صالح بن العلاء، وإسماعيل بن حمّاد التّمّار، وحُمَيْد بن زَنْجَوَيْه. قال أبو زَكَريّا: كان صالحًا زاهدًا مجاهدًا، استُشْهِد في سبيل الله لمّا جاشت الروم بشِمْشاط1 مقبلًا غير مُدْبر، سنة اثنتين وعشرين، رحمه الله.   1 مدينة في الروم. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 220 385- محمد بن عِمران بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي1 ليلى -ت. الإمام أبو عبد الرحمن الأنصاريّ الكوفيّ. سمع: أباه، ومعاوية بن عمّار الذّهنيّ، وحَبّان بن عليّ العَنَزيّ، وشَرِيك بن عبد الله، وطائفة. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، والبخاريّ في كتاب "الأدب"، وأبو عَمْرو أحمد بن أبي غَرزة، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وآخرون. قال أبو حاتم: أملى علينا كتاب "الفرائض"، عن أبيه، عن ابن أبي ليلى، عن الشَّعْبيّ، من حفظه، لا يقدّم مسألة على مسألة، وهو صَدُوق. وقال غيره: تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين. - محمد بن عِمران الأَخْنَسيّ2. وقيل: أحمد، تقدّم في الألف. 386- محمد بن عُمَر بن حفص القَصَبيّ3. عن: عبد الوارث بن سعيد، والمفضَّل بن محمد الضَّبّيّ. وعنه: عبّاس الدُّوريّ وأبو بكر الصَّغانيّ، وصالح بن محمد الرّازيّ. وَثّقَهُ يحيى بن مَعِين. 387- محمد بن عُمَر4. أبو عبد الله المُعَيْطيّ البغداديّ. عن: شَرِيك بن عبد الله، وأبي الأحْوَص، وجماعة. وعنه: إسحاق الحربيّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ. وَثّقَهُ محمد بن سَعْد الكاتب وقال: مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 41"، والثقات لابن حبان "9/ 82"، وتهذيب الكمال "3/ 1253، 1254"، وتهذيب التهذيب "2/ 197". 2 تقدم الكلام عليه. 3 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 187"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 21، 22". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 22"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 22". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 221 388- محمد بن عَمْرو بن عثمان. أبو جعفر الْجُعْفيّ الكوفيّ ثمّ المصريّ. حدَّث عن: ضمام بن إسماعيل، وغيره. تُوُفّي في أوّل سنة ثلاثين. 389- محمد بن عَوْن1. أبو عَوْن الزّياديّ البصْريّ. عن: إبراهيم بن طَهْمان، وهَمَّام بن يحيى، وعَمْرو بن كثير بن أفلح، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، والعبّاس بن الفضل الأسفاطيّ ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة. 390- محمد بن عيسى بن عبد الواحد2. الفقيه أبو عبد الله المَعَافِريّ القُرْطُبيّ الأعشى. رحل في طلب العِلْم في السَّنة التي مات فيها مالك بن أنس، فسمع من: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى بْن سعَيِد القطّان، ووَكِيع بن الجرّاح، وطائفة. وكان الغالب عليه الأثر. وكان رئيسًا نبيلًا، وسَرّيًّا جليلًا، وسخيًّا كريمًا. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. وقيل: سنة اثنتين وعشرين، وقيل: سنة ثمان عشرة، فالله أعلم. تَرْجَمَهُ ولدُ الفَرَضَيّ. روى عنه: محمد بن وضّاح، وأَصْبَغ بن خليل، وآخرون. وكان فيه دُعابة ومُزاح، ويُذكر أنه كان يشرب النَّبيذ. 391- محمد بن عيسى3 بن الطّباع -خ. د. ن. ق.   1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 197"، والجرح والتعديل "8/ 48". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 5". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 38، 39"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 203"، والثقات لابن حبان "9/ 64". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 222 الحافظ أبو جعفر البغداديّ نزيل أَذَنَه من الثَّغْر. روى عن: مالك، وجُوَيْرية بن أسماء، وشَرِيك، وحمّاد بن زيد، وأبي عَوَانة، وفرج بن فَضَالَةَ، وطائفة. وعنه: خ. تعليقًا، د، ون. ق، عن رجلٍ، عنه، وأبو حاتم، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وابن أخيه محمد بن يوسف بن الطّبّاع، وآخرون. قال أبو حاتم: ثنا الثقة المأمون محمد بن عيسى، وما رأيت من المحدّثين أحفظ للأبواب منه. وقال أبو داود: كان يتفقّه، وكان يحفظ نحوًا من أربعين ألف حديث. وقال النَّسائيّ، وغيره: ثقة، تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. وروى عنه من شيوخ الطَّبرانيّ: أحمد بن عبد الرحيم، وأحمد بن عبد الوهّاب الحَوْطيّان، وأحمد بن مسعود، وطالب بن قُرَّةَ الأَذَنيّ، وغيرهم. وكان مولده في سنة خمسين ومائة تقريبًا، وكان أخوه إسحاق أكبر منه بعشر سنين. وله مصنّفات كثيرة. سئل عنه أحمد بن حنبل فقال: عالم فهم. وقال أبو حاتم: ثقة مُبَرِّز، كان أتقن من أخيه إسحاق، وإسحاق أَجَلّ منه. سمعت محمد بن عيسى يقول: خرج أخي إلى الرّيّ، وكتب جرير، فنظرت فيما كتب وحَفِظْتُه. فقدم جرير العراق، فجعلت أطالبه بتلك الأحاديث، فقال: لِمَ لَم تَقْدَم علينا؟. قلت: خفّة اليد. فقال: أرى حمارك فارهًا، وثيابك بيضاء. فقلت: عارية. فقال لأخي: أراه حافظًا كيِّسًا. قال: هو يتيم أنا ربيّته. قال: كيف شُكْرُه لك، فإنّه يقال: أن اليتيم لا يكاد يشكر. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 223 392- محمد بن أبي غالب1 البغداديّ. أبو عبد الله. عن: هُشَيْم. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وعبد اللَّه بْن أحمد بن الدَّوْرقيّ. وَثّقَهُ الخطيب. قال ابن أبي حاتم: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. أمّا. - محمد بن غالب القُومِسيّ: فمتأخّر. 393- محمد بن غِياث2. أبو لَبِيد السَّرْخَسيّ. عن: مالك، وخُدَيْج بن معاوية، ومفصّل بن فَضَالَةَ، ومحمد بن جابر، وابن أبي الزِّناد. وعنه: محمد بن حاجب المَرْوَزِيّ، وَسَلَمَةُ بن شَبِيب، وجماعة. قال أبو حاتم: بلخيٌّ مرجئ. 394- محمد بن الفضل3 -ع. أبو النُّعْمان السَّدُوسيّ البصْريّ الحافظ. ولقبه عارِم. روى عن: الحمادين، وجرير بن حازم، ومهديّ بن ميمون، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وثابت بن يزيد الأحول، وعمارة بن زاذان، وجماعة. وعنه: خ، وع، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، وأبو زُرْعة، وعبد بن حُمَيْد، ومحمد بن غالب تَمْتَام، ومحمد بن وَارَةَ، ومحمد بن الحسين الحنينيّ،   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 55"، والتاريخ الصغير للبخاري "237"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1257". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 54"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 207". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 305"، والجرح والتعديل "8/ 58، 59"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 208"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1258، 1259". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 224 ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وأحمد بن سليمان الرّهاويّ، وخلْق. قال ابن وارة: ثنا عارِم بن الفضل الصَّدُوق الأمين. وقال أبو حاتم: إذا حدّثك عارِم فاختم عليه، عارِم لا يتأخّر عن عَفَّان. وكان سليمان بن حرب يقدِّم عارِمًا على نفسه. وقال أبو حاتم أيضًا: اختلط عارِم في آخر عمره وزال عقله. فمن سمع منه قبل عشرين ومائتين فَسَمَاعُه جيّد. وأبو زُرْعة لقيه سنة اثنتين وعشرين. وقال البخاريّ: تغيَّر في آخر عُمره. قالوا: مات في صفر سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. وقال أبو داود السِّجِسْتانيّ: بَلَغَنَا أن عارِمًا أُنْكِرَ سنة ثلاث عشرة ومائتين، ثمّ راجعه عقْلُه، ثمّ استحكم به الاختلاط سنة ستّ عشرة. قُلْتُ: فَمِمَّا أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ رِوَايَتُهُ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ حَدِيثُ: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ"1. وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، كَمَا رَوَاهُ عَفَّانُ، وَغَيْرُهُ. قال الحَسَن بن عليّ الخلّال: سَمِعْتُ سليمان بن حرب يقول: إذا ذكرت أبا النُّعْمان فاذكُر: أيّوب، وابن عَوْن. وقال أبو جعفر العُقَيْليّ: قال لنا جدّي: ما رأيت بالبصْرة شيخًا أحسن صلاة من عارِم. وكانوا يقولون: أخذ الصّلاة عن حمّاد بن زيد، عن أيّوب. وكان عارِم مِنْ أخشع مَنْ رأيت، رحمه الله. قال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة تغيّر بآخره، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث مُنْكَر. قلت: فهذا قول الدَّارَقُطْنيّ الذي لم يأتِ بعد النَّسائيّ مثله، فأين هو من قول ابن حِبّان الخسّاف في عارِم: اختلط في آخر عُمره، وتغيّر حتّى كان لا يدري ما يحدِّث به. فوقع المناكير الكثيرة في حديثه، فيجب التنكّب عن حديثه فيما رواه المتأخّرون. فإذا لم يُعلم هذا من هذا ترك الكلّ، ولا يحتج بشيءٍ منها.   1 "إسناده ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 121"، وفي إسناده صاحب الترجمة. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 225 ثمّ لم يقدر ابن حِبّان أنّ يسوق لعارِم حديثًا مُنْكَرًا. 395- محمد بن القاسم الحَرّانيّ سُحَيْم1. عن: زُهَير بن معاوية، وعُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وإسماعيل بن عيّاش، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم. قال أبو حاتم: صَدُوق. 396- محمد بن كثير العَبْديّ البصْريّ2 -ع. أبو عبد الله أخو سليمان. روى عن: أخيه، وسُفْيان، وشُعْبَة، وإسرئيل، وهمّام وجماعة. وعنه: خ. د. وم. ع، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعَبْد، والدّارميّ، ومُعَاذ بن المُثَنَّى، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال البخاري: مات سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. وقال ابن حِبّان: ثنا عنه الفضل بن الحُبَاب وكان تقيًّا فاضلًا يخضب. قال: وعاش تسعين سنة. قال ابن مَعِين: لم يكن يستأهل أن يُكْتَب عنه. رواها ابن الْجُنَيْد الخُتّليّ، عنه. 397- محمد بن كثير بن مروان الفِهْريّ الشاميّ3. نزل بغداد، وروى عن: إبراهيم بن أبي عَبْلَة، والأوزاعيّ، والَّليْث بن سَعْد وابن لهيعة.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 66"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 215"، والثقات لابن حبان "9/ 83". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 305"، والجرح والتعديل "8/ 70"، والثقات لابن حبان "9/ 77"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 18". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 70"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 193"، والكامل لابن عدي "6/ 2259"، وميزان الاعتدال "4/ 20". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 226 وَعَنْهُ: حَامِدُ بْنُ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ. قَالَ إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْهُ، فَقَالَ: إِذَا مَرَرْتَ بِهِ فَارْجُمُهُ، ذَاكَ الَّذِي يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُتْرَكُ الْمَصْلُوبُ عَلَى الْخَشَبَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ"1. وقال ابن مَعِين: لم يكن ثقة. وقال ابن عَديّ: روى بواطيل، والبلاء منه. وقال أبو الفتح الأزْديّ: متروك. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدَّخِيلِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْفِهْرِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُمِّ حَرَامٍ، وَأَخْبَرَنِي "إِنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقِبْلَتَيْنِ"2. قلت: حدَّث الفِهْريّ سنة ثلاثين ومائتين، وقد وقع لنا من عواليه في "المُنْتَقَى" من "المخلصيّات". تقدّم: محمد بن كثير المِصِّيصيّ. 398- محمد بن كُلَيْب البصْريّ3. حدَّث ببغداد عن: حمّاد بن زيد، وأبي إسماعيل المؤدِّب، ومُعْتَمِر بن سليمان. وعنه: نصر بن طَوْق، وأبو القاسم البَغَويّ. وثقة الخطيب. 399- محمد بن محبّب4 -د. ن. ق. أبو همّام الدّلاّل القرشيّ البصريّ، صاحب الرقيق.   1 "حديث إسناده ضعيف جدا": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2259"، وفي إسناده صاحب الترجمة وقد تركه الأزدي. 2 "إسناده ضعيف جدا": أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد "3/ 193"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 195". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 96"، والتاريخ الكبير "1/ 247"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1265". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 227 عن سُفْيان الثَّوريّ، وإسرائيل، وإبراهيم بن طَهْمان، وسعيد بن السّائب، وغيرهم. وعنه: رجاء بن مُرَجّا، وأحمد بن منصور الرماديّ، والقاضي البِرْتيّ، وأبو مسلم الكجّيّ، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وخلْق. وَثّقَهُ أبو داود، وروى عن رجلٍ، عنه. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. 400- محمد بن محبوب1 -خ. د. ن- أبو عبد الله البُنانيّ البصْريّ. عن: الحَمّادَيْن، وأبي عَوَانة، وسرار بن مُجشّر، وعبد الواحد بن زياد، وجماعة. وعنه: خ، د، ون، عن رجلٍ، عنه، وعَمْرو بن منصور النَّسائيّ، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وطائفة. قال أبو داود: سَمِعْتُ يحيى بن مَعِين يُثْني عليه ويقول: كيّس صادق كثير الحديث. قال البخاريّ: مات سنة ثلاثٍ وعشرين. وقال غيره: سنة اثنتين وعشرين. 401- محمد بن مُصْعَب البغداديّ2. أبو جعفر الدّعّاء. أحد عبّاد الله الأولياء. كان صاحب أحوال وكرامات. روى عن: ابن المبارك، وغيره. وعنه: أبو الحَسَن محمد بن محمد بن العطّار، ومحمد بن نصر الصائغ، وابن بسّام، وغيرهم. ووصفه الإمام أحمد بالسّنة.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 102"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 245"، والثقات لابن حبان "9/ 80". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 361"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 279-281"، والأنساب "5/ 318". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 228 قلت: تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 402- محمد بن مُعَاذ بن عبّاد بن مُعَاذ العنبري1 البصري -م. د. عن: عمّ أبيه مُعَاذ بن مُعَاذ، وأبي عَوَانة، ومُعْتَمِر بن سليمان، وعبد الواحد بن زياد، وسُفْيان بن عُيَيْنة، ومحمد بن السّمّاك، ومُزَاحِم بن العَوْام، وطائفة. وعنه: م. د، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وموسى بن إسحاق الأنصاريّ، والحسن بن علي بن الوليد الفسوي، وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق ليس به بأس. وقال أبو زرعة: قدم الري، وصار إلى طبرستان. وقال أبو داود: أراه مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين. 403- محمد بن معاوية بن أعين2. أبو علي الهلالي النيسابوري، نزيل مكة. روى عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وزُهَير بن معاوية، وسليمان بن بلال، وخارجة بن مُصْعَب، والَّليْث بن سَعْد، وجماعة. وطوّف وصنّف وكان ضعيفًا. روى عنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وأبو حاتم، ومُطَيِّن، ومحمد بن عبد الرحمن السّاميّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبَرِيّ، ومحمد بن عليّ الصائغ، وبُهْلُول بن إسحاق، وأحمد بن عبد المؤمن، والحَسَن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وآخرون. قال يحيى بن مَعِين: كذّاب. وقال غير واحدٍ: ضعيف. وقال الفلّاس: فيه ضَعْف، وهو صَدُوق قد روى عنه النّاس.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 43"، وانظر الجرح والتعديل "8/ 95، 96"، والضعفاء للعقيلي "4/ 145، 146"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1274". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 103، 104"، والتاريخ الصغير للبخاري "231"، والضعفاء للدارقطني "152"، وتاريخ بغداد "3/ 270"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1274". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 229 وقال أبو زُرْعة: كان شيخًا صالحًا إلّا أنه كان كلّما لُقِّن تَلَقَّن. وقال أبو بكر محمد بن إدريس المكّيّ: ما كتبتُ عنه إلّا من أصله، وكان معروفًا بالطَّلب. وكان يُحَدِّث حفظًا، فلعلّ يغلط ولا يحفظ. وقال حرب الكِرْمانيّ: كتبتُ عنه، وكان مستمليه سَلَمَةُ بن شَبِيب، وكان مُوسرًا. وقال النَّسائيّ: متروك. وقال مُطَيَّن: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين. وكذا أرّخه موسى بن هارون، وزاد: بمكّة. 404- محمد بن معاوية البصريّ. عن: جويرية بن أسماء. ضغيف مجهول. 405- محمد بن مقاتل1 -خ- أبو الحسن المروزيّ الكسائيّ، ولقبه رخّ. روى عن: ابن المبارك، وخالد بن عبد الله،، وخَلَف بن خليفة، وأوس بن عبد الله بن بُرَيْدة، وابن عُيَيْنة، وابن وهب، ومبارك بن سعيد الثوري، وطائفة. وعنه: خ، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زرعة، ومحمد بن إسحاق الصغاني، وإسماعيل سمويه، وأحمد بن سيار المروزي، ومحمد بن عبد الرحمن السامي، ومحمد بن الصائغ، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وخلق. قال أبو حاتم: صدوق. وقال البخاري: مات آخر سنة ست وعشرين ومائتين. وقال الخطيب: سكن بغداد ثم جاور بمكة. 406- محمد بن مكّيّ بن عيسى المروزيّ2 -د. ت.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 105"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 242"، والثقات لابن حبان "9/ 81"، وتهذيب الكمال "3/ 1275". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 78"، والمعرفة والتاريخ "1/ 705"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1275". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 230 عن: ابن المبارك، وعُمَرو بن هارون البَلْخيّ. وعنه: أحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن حاتم المروزيّ، ود، وت، عن رجلٍ، عنه. وَثّقَهُ ابن حِبّان. 407- محمد بن موسى بن أَعْيَن الْجَزَريّ1 -خ. ن. عن أبيه، وزُهَير بن معاوية. وعنه: عليّ بن عثمان النفيليّ، ومحمد بن سلم بن وَارَةَ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وجماعة. وكان صدوقًا. وجدت ابن حِبّان قال: تُوُفّي سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 408- محمد بن نصر المَرْوَزِيّ. شيخ يروى عن ابن المبارك، لا يكاد يُعرف. سمع منه: عبد الله بن الإمام أحمد في سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 409- محمد بن أبي نُعَيْم الواسطيّ الهُذَليّ2. واسم أبيه موسى. عن: أبان بن يزيد العطّار، ومهديّ بن ميمون، ووُهَيْب بن خالد، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وحنبل بن إسحاق، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وعليّ بن إبراهيم الواسطيّ. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال: سألت عنه يحيى بن مَعِين فقال: ليس بشيء.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 83"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 237"، والثقات لابن حبان "9/ 64"، وتهذيب الكمال "3/ 1278". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 83، 84"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 254"، والثقات لابن حبان "9/ 75". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 231 وقال أبو داود: سألت ابن مَعِين عن ابن أبي نُعَيْم فقال: كذّاب خبيث. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابعه عليه الثِّقات. وقال ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ أحمد بن سِنَان يقول: ابن أبي نُعَيْم ثقة صَدُوق. 410- محمد المعتصم بالله1. أمير المؤمنين أبو إسحاق بن هارون الرشيد بن المهديّ الهاشميّ العبّاسيّ. وُلِدَ سنة ثمانين ومائة، وأُمَّه أمُّ ولد اسمُها ماردة. روى عن: أبيه، وعن أخيه المأمون. روى عنه: إسحاق المَوْصِليّ، وحمدون بن إسماعيل، وآخرون. بُويع بعد المأمون بعَهْدٍ منه إليه في رابع عشر من رجب سنة ثماني عشر ومائتين. وكان أبيض، أصْهب اللحية، طويلها، رَبْع القامة، مُشْرب الَّلون، ذا شجاعة، وقوّة، وهمّة عالية. وكانت خلافته ثمانية أعوام وثمانية أشهر، وكان عُرْيًا من العِلْم. فروى الصُّوليّ، عن محمد بن سعيد، عن إبراهيم بن محمد الهاشميّ قال: كان مع المعتصم غلام في الكُتّاب يتعلّم معه، فمات الغلام. فقال له الرشيد أبوه: يا محمد مات غلامك. قال: نعم سيّدي، واسترح من الكُتّاب. فقال: وإن الكتّاب لَيَبْلغ منك هذا؟ دعوه لا تعلّموه. قال: فكان يكتب ويقرأ قراءةً ضعيفة. قال خليفة: حجّ بالنّاس أبو إسحاق بن الرشيد سنة مائتين. وقال الصُّوليّ: ثنا عَوْن بن محمد: رأيت المعتصم أوّل ركبةٍ رَكِبها ببغداد وهو خليفة حين قدِم من الشّام. وذلك أوّل يومٍ من رمضان سنة ثمان عشرة، وأحمد بن أبي دؤاد يسايره، وهو مقبل عليه.   1 انظر تاريخ خليفة "475"، والمعارف لابن قتيبة "383"، وتاريخ الطبري "8/ 359، 360"، وأخبار مكة للأزرقي "1/ 14". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 232 وقال أبو الفضل الرِّياشيّ: كتب ملك الروم -لعنه الله- إلى المعتصم يتهدّده، فأمرَ بجوابه، فلمّا قُرئ عليه الجواب لم يرضه. وقال للكاتب: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد، فقد قرأت كتابك وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكافر لمن عُقْبَى الدار". وقال أبو بكر الخطيب، وغيره: غزا المعتصم بلاد الروم سنة ثلاثٍ وعشرين، فأنكى في العدّو نكايةً عظيمة، ونصَب على عَمّورِية المجانيق، وفتحها، وقتل ثلاثين ألفًا، وسبى مثلهم، وكان في سَبْيه ستّون بِطْريقًا، ثمّ أحرق عَمُّورِية. قال خليفة: وفي هذه السنة أُتِيَ ببابَك الخُّرْميّ أسيرًا، فأمر بقطع أربعته وصلبه. قلت: كان من أَهْيب الخلفاء وأعظمهم، لولا ما شان سُؤْددَه بامتحان العلماء بخلْق القرآن، نسأل الله السّلامة. قال نفطويه: للمعتصم مناقب كثيرة. وكان يقال له: المثمّن فإنه كان ثامن الخلفاء من بني العبّاس، ومَلَك ثمان سنين وثمانية أشهر، وفتح ثمانية فتوح: بلاد بابَك على يد الأفشين، وفتح عَمُّورِية بنفسه، والزُّطّ بعُجَيْف، وبحر البصّرة، وقلعة الأحراف، وأعراب ديار ربيعة، والشّاري، وفتح مصر. وقتل ثمانية أعداء: بابَك، وباطيش، ومازَيار، ورئيس الزّنادقة، والأفشين، وعُجَيْفًا، وقارون، وقائد الرافضة. وإنّما فتح مصر قبل خلافته. وزاد غير نَفْطَوَيْه: إنّه خَلّف من الذَّهب ثمانية آلاف ألف دينار، ومن الفضّة الدّراهم مثلها. وقيل: ثمانية عشر ألف ألف. ومن الخيل ثمانين ألف فَرَس، وثمانية آلاف مملوك، وثمانية آلاف جارية. وبنى ثمانية قصور، وقيل: بل بلغ عدد غلمانه التُّرْك ثمانية عشر ألفًا. وعن أحمد بن أبي دُؤاد قال: استخرجت من المعتصم في حَفر نهر الشّاش ألفي ألف، غير أنّه كان إذا غضب لا يُبالي من قتلَ. وقال إسحاق المَوْصِليّ: دخلت عليه وعنده قَيْنَةٌ تغني. فقال: كيف تراها؟ قلت: تقهر الغناء برِفْق، وتختله برِفْق، وتخرج من الشيء إلى أحسن منه. وفي صوتها شجًى وشذور أحسن من الدُّرّ على النُّحور. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 233 فقال: صِفتُكَ لها أحسن من غنائها، خُذْها لك. فامتنعتُ لعِلمي بمحبتّه لها، فوصلني بمقدار قيمتها. وبَلَغَنا أنّ المعتصم لمّا تجهّز لغزو عمورية حكم المنجون أنّ ذلك طالَع نَحْس، وأنّه يُكْسَر، فكان من ظَفْرِه ونَصْرِه ما لم يَخْفَ، وفي ذلك يقول أبو تمّام قصيدته البديعة: السَّيفُ أصدق إنباءً من الكُتُبِ ... في حَدّهِ الحَدُّ بين الْجِدّ والَّلعبِ منها: والعِلْم في شُهُب الأيام لامعةً ... بين الخَمِيسَيْن لا في السَّبْعةِ الشهب أين الرواية أمّ أين النّجومُ وما ... صاغوه من زُخْرُفٍ فيها ومن كذِبِ تخرُّصًا وأحاديثًا مُلَفْقَةً ... ليست بنَبْع إذا عُدَّت ولا غَرَبِ وعن أحمد بن أبي دُؤَاد قال: كان المعتصم يُخرج ساعده إليّ ويقول: يا أبا عبد الله، غصّ ساعدي بأكثر قوّتك. فأقول: ما تَطِيب نفسي. فيقول: إنه لا يُضيرني. فأروم ذلك، فإذا هو لا تعمل فيه الأسِنّة فضلًا عن الأسنان. وانصرف يومًا من دار المأمون إلى داره، وكان شارع الميدان منتظمًا بالخِيَم، فيها الْجُنْد، فإذا امرأة تبكي وتقول: ابني ابني، وإذا بعض الجبد قد أخذ ولدها، فدعاه المعتصم، وأمره بردّ ابنها عليها، فأبى، فاستدناه، فدنا منه، فقبض عليه بيده، فسمعتُ صوت عظامه، ثمّ أطلقه فسقط وأمر بإخراج الصّبيّ إلى أمّه. وقال أحمد بن أبي طاهر: ذكر أحمد بن أبي دُؤَاد المعتصم يومًا، فأسهب في ذِكْرِه، وأطنب في وصْفه، وذكر من سعة أخلاقه، ورضيّ أفعاله، وقال: كثيرًا ما كنتُ أُزامله في سفره. قال أبو بكر الخطيب: ولكَثْرة عسكر المعتصم وضِيق بغداد عنه، بنى سُرّ من رأى، وانتقل إليها فسكنها بعسكره، وسُمّيت العسكر، وذلك في سنة إحدى وعشرين ومائتين. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 234 وعن عليّ بن يحيى المنجّم قال: استتمّ عِدّة غلمان المعتصم الأتراك بضعة عشر ألفًا، وعُلِّق له خمسون ألف مِخْلاة. وذَلَّل العدَوّ بالنّواحي. فيقال: إنه قال في مرض موته: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَة} [الأنعام: 44] . وقال المسعودي: وَزَرَ له ابن الزّيّات إلى آخر أيّامه، وغلب عليه أحمد بن أبي دُؤَاد. وقال ابن أبي الدُّنيا: نا عليّ بن الجعد قال: لمّا احتصر المعتصم جعل يقول: ذهبت الحيلة فليس حيلة. حَتّى صمت. قال: وحدَّثني شيخ من قُريش أنّه جعل يقول: أؤخذ من بين هذا الخلّق. قال: وكان أصْهَب الّلحية جدًّا، وطويلَها. قلت: وللمعتصم شعرٌ لا بأ س به، وكلمات فصيحة. قال نَفْطَوَيْه: فممّا يُرْوَى من كلامه: إذا شُغلت الألباب بالأداب، والعقول بالتعليم، تنبّهَت النفوس على محمود أمرها، وأبرز التّحريك حقائقها. قال نَفْطَوَيْه: وحُدِّثت أنّه كان من أشدّ النّاس بطْشًا، وأنّه جعل زَنْد رجلٍ بين أصابعه، فكسره. وقال عبد الله بن حمدون النّديم، عن أبيه، سمع المعتصم يقول: عاقل عاقل مرّتين أحمق. وقال إسحاق بن إبراهيم الأمير: واللهِ ما رأيت كالمعتصم رجلًا. لقد رأيته يُمْلي كتابًا، ويقرأ كتابًا، ويعقد بيده، وإنّه لَيُنْشِدُ شعر أبي خِراش الهُذَليّ: حَمِدتُ إلهِي بعد عُرْوَة إذ نجا ... خِراشٌ وبعضُ الشَّرِّ أهْوَنُ من بعضِ بلى إنّها تَعْفُو الكلوم، وإنّما ... يؤكل بالأدنى، وإنْ جلّ ما يمضي ولم أدرِ من ألقى عليه ردَاءه ... ولكنّه قد سئل عن ماجدٍ محض مات المعتصم يوم الخميس، لإحدى عشر ليلةٍ بقِيَت من ربيع الأوّل، سنة سبْعٍ وعشرين ومائتين، وله سبْعٍ وأربعون سنة وسبعة أشهر. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 235 قلت: فهذا يدلُ على أنّ مولده قبل سنة ثمانين بأشهُر. ودُفِنَ بسُرّ مَنْ رأي، وصلّى ابنه الواثق عليه. ومِن أحسن ما سُمِع مِن المعتصم قوله إنْ صحّ عنه: اللهمّ إنّك تعلم أنّي أخافك من قِبَلي، ولا أخافك من قِبَلك، وأرجوك من قِبَلك، ولا أرجوك من قِبَلي. 411- محمد بن هانئ1. أبو عَمْرو الطَّائيّ. حدَّث ببغداد عن: مُصْعَب بن سلّام وأبي الأحْوَص، وهُشَيْم. وعنه: ابنه، وأبو حاتم الرازي. وابنه هو الحافظ أبو بكر الأثرم. 412- محمد بن هانئ السلمي النيسابوري. رحل وسمع من: هُشَيْم، وجرير بن عبد الحميد، وابن المبارك. وعنه: ابنه إبراهيم، ومحمد بن عَمْرو الحَرَشيّ، ومحمد بن عبد السّلام الورّاق. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 413- محمد بن وَهْب بن مسلم2. أبو عَمْرو القُرَشيّ، مولاهم الدّمشقيّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، والوليد بن مسلم. روى عنه: الربيع بن سليمان الْجِيزيّ، ويحيى بن أيّوب العلّاف. وأحمد بن محمد بن رِشْدين، وأبو الأحْوَص محمد بن الهيثم، والمصريّون. سكن مصر، وهو مُنْكَر الحديث. خلطه بالّذي بعده غير واحد، والصّواب التّفريق بينهما.   1 تقدمت ترجمته. 2 انظر الكامل لابن عدي "6/ 2272، 2273"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 61"، وتهذيب التهذيب "9/ 506". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 236 414- محمد بن وهب بن عطية1 -خ. ق. أبو عبد الله السّلميّ الدّمشقيّ. سمع: بقيّة، ومحمد بن حرب الخَوْلانيّ، والوليد بن مسلم، وعِراك بن خالد، وجماعة. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وأبو أُمَيّة الطَّرَسُوسيّ، وأحمد بن منصور الرّماديّ، وأبو حاتم، وعليّ بن محمد بن عيسى الْجَكّانيّ، وعُبَيْد بن شَرِيك البزّار. قال أبو حاتم: صالح الحديث. ووَثّقَهُ الدَّارَقُطْنيّ. روى البخاريّ، وابن ماجه، عن الذُّهَليّ، عنه. وقال ابن عَديّ: له غير حديث مُنْكَر، وقد تكلموا فيمن هو خيرٌ منه. ثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الصَّدَفِيُّ بِمِصْرَ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا مالك، عن سميّ بن الأحلج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ، ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ، وَهُوَ الدَّوَاةُ، ثُمَّ خَلَقَ الْعَقْلَ، ثُمَّ قَالَ: مَا خَلَقْتُ خَلْقًا أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْكَ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَهَذَا بِهَذَا الإِسْنَادِ بَاطِلٌ. قُلْتُ: صَدَقُ ابْنُ عَدِيٍّ، لَكِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ وَهْبٍ لَيْسَ هُوَ بِالسُّلَمِيِّ بَلْ هُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْقُرَشِيُّ الَّذِي نَزَلَ مِصْرَ. وَهُوَ أَسَنُّ مِنَ السُّلَمِيِّ. أَلا تَرَى أَنَّ الرَّاوِيَ عَنْهُ هُوَ الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ؟ وَالرَّبِيعُ لَمْ يَرْحَلْ. وَمَا كَانَ أَبُو حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ يُثْنِيَانِ عَلَى رجلٍ يَرْوِي مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ. وممّن خلط فيه الحافظ ابن مِنْده فقال: محمد بن وهب بن سعد بن عطية مولى قريش، يكنى أبا عَمْرو، مُنْكَر الحديث، سكن مصر. قال ابن عساكر: محمد بن وَهْب بن سعيد بن عطية السّلميّ الدّمشقيّ.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 114"، وتاريخ الطبري "7/ 518"، والكامل لابن عدي "6/ 2272" وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1284، 1285". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 237 ثمّ قال بعده: محمد بن وَهْب بن مسلم القُرَشيّ أبو عَمْرو الدّمشقيّ. فهذا أكبرهما، لأنّه روى عن عبد الله بن العلاء. - محمد بن يحيى بن سَعْد القطّان. أخَّرته عَمْدًا. 415- محمد بن يزيد الحزامي الكوفيّ البَزّار1 -خ. عن: شَرِيك، وابن المبارك، ويحيى بن أبي زائدة، والوليد بن مسلم، وحبان بن عليّ. وعنه: خ، والدّارميّ، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وغيرهم. 416- مالك بن عبد الواحد2 -م. د. أبو غسّان المسّمعيّ البصريّ. عن: بِشْر بن المفضل، ومُعْتَمِر بن سليمان، وعبد العزيز العَمِّيّ، وطبقتهم. وعنه: م؛ ود، وعثمان بن خُرَّزاذ، وموسى بن هارون، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وآخرون. توفي سنة ثلاثين. 417- المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري البصري3 -م. أخو عُبَيْد الله. سمع: أباه، وبِشْر بن المفضّل، ومعتمر بن سليمان، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 128"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 261"، والثقات لابن حبان "9/ 78"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1291". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 213، 214"، والثقات لابن حبان "9/ 164"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1299". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 326، 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 420"، والثقات لابن حبان "9/ 194"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1303". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 238 وعنه: ولداه الحَسَن، ومُعَاذ، وإبراهيم الحربيّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وآخرون. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 418- محبوب بن موسى الأنطاكيّ1 -د- أبو صالح الفرّاء. عن: عبد الله بن المبارك، وأبي إسحاق الفَزَاريّ، وشُعَيْب بن حرب، وجماعة. وعنه: د، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وآخرون. توفي سنة ثلاثين. قال العجلي: ثقة صاحب سُنّة. 419- محمود بن الحَسَن الورّاق2. الشاعر المشهور. أكثر من الشّعر في المواعظ والحِكَم. وتُوُفّي في خلافة المعتصم. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وأبو العبّاس بن مسروق، وغيرهما. فمن شعره قوله: كبُر الكبيرُ عن الأدب ... أدبُ الكبير من التعبْ حَتّى متى وإلى متى ... هذا التمادي في الّلعبِ الرّزْق لو لم تأتِهِ ... لأتاك عَفْوًا من كتبْ إن نمت عنه لم يَنَمْ ... حَتّى يحرّكه السَّببْ روى الجاحظ أنّ المعتصم طلب جاريةٍ كانت لمحمود الورّاق، وكان نخّاسًا، بستّة آلاف دينار، فامتنع من بيعها، فلمّا مات اشتريت للمعتصم بسبعمائة دينار، فلمّا   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 389"، والثقات لابن حبان "8/ 389"، وللعجلي "421"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1307". 2 انظر تاريخ بغداد "13/ 87"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 461، 462". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 239 أُدْخِلَت إليه قال لها: كيف رأيتِ؟ قالت: إذا كان الخليفة ينتظر بشهواته المواريث، فإنّ سبعين دينارًا في ثمني كثيرة. فأخجلته. - مِرْداس. هو أبو هلال الأشعري1. سيأتي بكنيته إن شاء الله. 420- مُرَّة بن عبد الواحد الكَلاعيّ. أبو يزيد البُرُلُسيّ. روى عن: همّام بن إسماعيل، وزَيْن بن شُعَيْب. تُوُفّي سنة ثلاثين. 421- مسدّد بن مسرهد2 -خ. د. ت. ن. الحافظ أبو بكر الأسديّ البصريّ. عن: جويرية بن أسماء، وأبي عَوَانة، وأبي الأحْوَص، وحمّاد بن زيد، وجعفر بن سُلَيْمَان الضبعي، وعبد الواحد ابن زياد، وعبد الوارث، ويزيد بن زُرَيْع، وابن عُلَيَّة، ويحيى بن سعيد القطّان، وخلْق. وعنه: خ، وت. ن، عن رجلٍ، عنه، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة، وإسماعيل القاضي، وابن عمّه يوسف بن يعقوب القاضي، ومُعَاذ بن المُثَنَّى، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وآخرون. قال يحيى القطّان: لو أتيت مُسَدَّدًا فحدَّثته في بيته لكان يستأهل. وقال يحيى بن مَعِين: هو ثقة ثقة. وقال أحمد بن عبد الله العِجْليّ: مُسدَّد بن مُسَرْهَد بن مُسَرْبَل بن مُسْتَوْرد الأَسَديّ. ثقة. كان يُملي عليّ حَتّى أضجر، فيقول لي: يا أبا الحَسَن، أكتب هذا الحديث. فيُمْلي عليّ بعد ضَجَري خمسين ستّين حديثًا. فأتيته في رحلتي الثانية، فإذا عليه زحام، فقلت: قد أخذت بحظّي منك.   1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 307"، والجرح والتعديل "8/ 438"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 72، 73"، والثقات لابن حبان "9/ 200". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 240 وكان أبو نُعَيْم يسألني عن اسمه واسم أبيه، فأخبره، فيقول: يا أحمد هذه رقية العقرب. وقال أبو حاتم الرازي: أحاديث مسدد، عن يحيى بن سَعِيدٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر، كأنّها الدّنانير، كأنّك تسمعها من النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وصدق أبو حاتم. فأمّا ما ذكر أبو عليّ منصور بن عبد الله الخالديّ من نَسَب مُسدَّد. فقال: هو مُسدَّد بن مسرهد بن مسربل ابن مُغْربَل بن مُرَعْبَل بن أرْنَدَل بن سَرَنْدَل بن ماسك بن مستورد، فهذا لا يُعْتَمَد عليه لأنّ الخالديّ غير ثقة. قال محمد بن سَعْد: تُوُفّي مُسدَّد سنة ثمانٍ وعشرين. 422- مسلم بن إبراهيم1 -ع. أبو عمر الأزدي، ثم الفراهيديّ، مولاهم البصْريّ الحافظ. سمع من ابن عَوْن حديثًا واحدًا، ومن: قُرَّةَ بن خالد، وسعيد بن أبي عَرُوبة، وشُعْبَة، وهمّام، وأبان بن العطار، ومالك بن مِغْوَلٍ، ووَهْب بن خالد، وسلام بن مِسْكِين، وإسماعيل بن مسلم العَبْديّ وهشام بن عبد الله الدُّسْتُوائيّ، وبشرٍ كثير. يقال: إنه كتب عن ستّمائة شيخ بالبصرة، ولم يسمع بغيرها إلّا اليسير. وعنه: خ. د، والباقون، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وعبد بن حُمَيْد، وعبد الله الدّارميّ، وسليمان بن سيف الحَرّانيّ، ومحمد بن سنْجر الحافظ، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو مسلم الكجي، وحفص بن عُمَر سَنْجَة، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، وخلْق سواهم. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، وَزَيْنَبَ الشِّغْرِيَّةِ، أَنَّ زَاهِرَ بْنَ طَاهِرٍ أَخْبَرَهُمَا، أنا أَبُو يَعْلَى الصَّابُونِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عون فحدّثني قال:   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 304"، والجرح والتعديل "8/ 180"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 254"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1323". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 241 أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ وَقَدْ عَمِيَ، فَقُلْتُ لمولاةٍ: قَوْلِي لأَبِي وَائِلٍ، حَدِّثْنَا مَا سَمِعَ مِنِ ابن مسعود. فقلت: يَا أَبَا وَائِلٍ حَدِّثْهُمْ مَا سَمِعْتَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَمَجْمُوعُونَ فِي "صَعِيدٍ" واحدٍ يُسْمِعُكُمُ الدَّاعِي، وَيُنْقِذُكُمُ الْبَصَرُ. أَلا وَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، والسّعيد من وعظ بغيره. قال أحمد بن أبي خيثمة، عن يحيى بن مَعِين: ثقة مأمون. وقال نصر بن عليّ: سَمِعْتُ مسلم بن إبراهيم يقول: قعدت مرّة أُذاكر شُعْبَة عن خالد بن قيس، فقال: كذب تلقى أبي هُرَيْرَةَ. وقال العِجْليّ: كان مسلم يسكن البصرة في دارٍ كبيرة، فإنما معه أخته، وهي عجوزة كبيرة، كان أصحاب الحديث إذا أرادوا أن يغيظوه قالوا: أختك قَدَرِيّة. فيقول: لا والله إلّا مُثَبتة. وكان ثقةً، عَمِي بأخَرَة، يروي عن سبعين امرأة. وقال أبو زُرْعة: سمع مسلم بن إبراهيم يقول: ما أتيتُ حلالًا ولا حرامًا قطّ. وكان أتى عليه نيفٌ وثمانون سنة. قال أبو حاتم: كان لا يحتَاج إليه. يعني الْجِماع. وقال أبو داود: كتب عن قريب من ألف شيخ. وقال إسماعيل التِّرْمِذِيّ: سَمِعْتُ مسلم بن إبراهيم يقول: كتبت عن ثمانمائة شيخ، ماجزت الجسر. قال أبو داود: ما رحل إلى أحدٍ، وكان يحفظ حديث قُرَّةَ، وحديث هشام، وحديث أبان يَهُذُّهُ هَذًّا، وهو أحبّ إلينا من ابن كثير. كان ابن كثير لا يحفظ، وكانت فيه سلامة. تُوُفّي في صَفَر سنة اثنتين وعشرين ومائتين، وقد قارب التّسعين. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 242 423- مضاء بن الجارود الدّنيوريّ1. أبو الجارود. عن: سلّام بن مِسْكين، وأبي عَوَانة، وصالح المُرِّيّ، وجماعة. وعنه: جعفر بن أحمد الزنجانيّ، والنَّضْر بن عبد الله الدّيِنَوَريّ. قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. 424- مُضَر بن غسّان بن مُضَر2. أبو عُيَيْنة الأزْديّ. سمع: حمّاد بن سَلَمَةَ. وعنه: عُقْبَة بن سِنَان، وهشام بن عليّ السَّدُوسيّ. 425- مسلم بن عبد الرحمن الْجَرْميّ3. أحد أبطال الإسلام، ومن يُضْرب به المثل في الفروسيّة والإقدام. سمع من: مَخْلَد بالمِصِّيصة. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: روى عنه المنذر بن شاذان الرّازيّ الصادق أنه قتل من الروم مائة ألف. 426- معاذ بن أسد بن أبي شجرة4 -خ. د. أبو عبد الله الغنويّ المروزيّ كاتب ابن المبارك. سكن البصرة وحدَّث عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وابن المبارك، والفضل السِّينانيّ، والنّضر بن شميل، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 403"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 50"، وميزان الاعتدال "4/ 122"، ولسان الميزان "6/ 46". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 441، 442"، والثقات لابن حبان "9/ 199". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 188". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 250، 251"، والتاريخ الكبير "7/ 366"، والثقات لابن حبان "9/ 178"، وتاريخ بغداد "13/ 134". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 243 وعنه: خ، د، وأحمد بن حنبل، وإسماعيل القاضي، وأبو زُرْعة، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وأحمد بن عليّ الأبار، وأحمد بن داود المكّيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال البخاريّ: وُلِد سنة خمسين ومائة، أو نحوها. وقال ابن عساكر: مات سنة تسعٍ وعشرين، وقيل: سنة ثمانٍ وعشرين، وقيل: سنة ثلاثٍ وعشرين. 427- المُعَافَى بن محمد. أبو مَعْدَان الأزْديّ المَوْصِليّ. عن: مالك بن أنس، وأبي المُلَيْح الرَّقّيّ، وإبراهيم بن سَعْد، ويوسف بن الماجِشُون. وعنه: عليّ بن جابر المَوْصِليّ. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. 428- مَعْمَر بن بكّار السَّعْديّ1. روى عن: إبراهيم بن سَعْد، وهشام بن أبي هشام الحنفي، ونجيح بن إبراهيم، وجماعة. وعنه: سلمة بن شبيب، ومطّين. وقال العقيلي: في حديثه وهم. 429- مقاتل بن محمد النّصر آباذيّ الرازي2. روى عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي بكر بن عيّاش، وطبقتهما. فأكثر وأحسن. روى عنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وقال أبو حاتم: كان فقيهًا ثقة.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 259"، والثقات لابن حبان "9/ 196"، والضعفاء للعقيلي "4/ 207"، وميزان الاعتدال "4/ 135". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 355، 356". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 244 وقال أبو زُرْعة: ما خلّف بالعراق مثله، كان ثقة مأمونًا. 430- مُلَيْح بن وَكِيع بن الجرّاح الرُّؤاسيّ1 الكوفيّ. عن: أبيه، وجرير بن عبد الحميد. وعنه: أبو زُرْعة الرّازيّ، ومُطَيِّن، وأبو حصين الوادعيّ. قال أبو حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. 431- مهديّ بن جعفر بن جَبْهان بن بِهرام2. أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن الرَّمْليّ الزّاهد. عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وعبد العزيز بن أَبِي حازم، وعليّ بن ثابت الْجَزَريّ، والوليد بن مسلم، وضَمْرة، ورُدَيْح بن عطيّة، وابن المبارك، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وعثمان الدّارميّ، ومحمد بن التِّرْمِذِيّ، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وأبو الزِّنْباع رَوْح بن الفَرَج، وأبو عَبْد الملك أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وجماعة. قال ابن مَعِين، وصالح جَزَرَة: لا بأس به. وقال ابن عَديّ: يروي عن الثِّقات ما لا يُتابَع عليه. وقال ابن يونس: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين، وهذا وهم. قد سمع منه البُسْريّ بصور سنة ثلاثين. 432- مهديّ بن حفص3 -د- أبو أحمد البغداديّ. عن: حماد بن زيد، وخلف بن خليفة، وأبي الأحوص سلاّم، وعيسى بن يونس.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 367، 368"، والثقات لابن حبان "9/ 195". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 338"، والثقات لابن حبان "9/ 201"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1380". 3 انظر الطبقات لابن سعد "7/ 352"، والجرح والتعديل "8/ 337"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 425"، والثقات لابن حبان "9/ 201". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 245 وعنه: د، وإبراهيم الحربيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، ومحمد بن الفضل السَّقْطيّ، وآخرون. وَثّقَهُ أبو بكر الخطيب. ومات سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 433- مهديّ بن عيسى1. أبو الحَسَن الواسطيّ. عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان، وعيسى بن ميمون، وخالد بن عبد الله الطحان. وعنه أبو حاتم، وأبو زرعة وغيرهما، قال أبو حاتم: صدوق. 434- موسى بن إسماعيل2. أبو عِمران البَجَليّ الْجَبُّليّ، عن يعقوب القُمّي وإبراهيم بن سَعْد الزُّهْريّ، وابن السماك، وابن المبارك، وحفص ابن سَلْم، وآخرين. وعنه: أحمد بن سِنَان، والحَسَن بن سهل المحور، ومحمد بن عبد الله بن أبي نُعَيْم، ومحمد بن عُبّادة، وأيّوب ابن حسّان الدَّقّاق، وجماعة، ومحمد بن عيسى بن السَّكَن. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ غيره: كان رفيق يحيى بن مَعِين. وجبل: قريةٌ ممّا يلي واسط. 435- موسى بن إسماعيل3 -ع. أبو سلمة التّبوذكيّ البصريّ الحافظ، مولى بني مِنْقَر. روى حديثًا واحدًا عن شُعْبَة، وآخر عن حمّاد بن زيد. وعن حمّاد بن سَلَمَةَ تصانيفه، وعن: يزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وأبي الأشهب   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 337"، والثقات لابن حبان "9/ 201". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 136"، والثقات لابن حبان "9/ 160". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 353"، والجرح والتعديل "8/ 136"، والثقات لابن حبان "9/ 160". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 246 العُطَارِديّ، وبكّار بن عبد العزيز بن أبي بَكْرة، وجرير بن حازم، وأبان بن يزيد العطّار، وقيس بن الربيع، والربيع بن مسلم، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وعبد العزيز الماجِشُون، وخلْق. وعنه: خ. د، وم. ت. ن. ق، عن رجلٍ، عنه، ويحيى بن معين، والذُّهَليّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأحمد بن داود المكّيّ، ومحمد بن أيّوب البَجَليّ، ومحمد ابن غالب تَمْتَام، والعبّاس بن الفضل الأسفاطيّ، وسِبْطه أبو بكر أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم، وخلْق كثير. قال عبّاس، عن ابن مَعِين قال: ما جلست إلى شيخ إلّا هابَني أو عَرَف لي، ما خلا هذا الأثرم التَّبُوذَكيّ. قال عبّاس: فعددتُ ما كتبنا عنه خمسة وثلاثين ألف حديث. وقال ابن المَدِينيّ: مَن لم يكتب عن أبي سَلَمَةَ كتب عن رجلٍ، عنه. وقال أبو حاتم: لا أعلم بالبصرة ممّن أدركناه أحسن حديثًا من أبي سَلَمَةَ. وإنّما سُمّي التَّبُوذَكيّ لأنّه اشترى بتَبُوذَك دارًا، فنُسب إليها. وقال أحمد بن أبي خَيْثَمَة: سَمِعْتُ أبا سَلَمَةَ يقول: لا جُزي خيرًا من سمَّاني تَبُوذَكيّ، أنا مولى بني مِنْقَر، إنّما نزل داري قوم من تَبُوذَك، فسمّوني تَبُوذَكيّ. وقال أبو بكر بن المقدّميّ: ثنا الحسن بن القاسن بن دُحَيْم الدّمشقيّ، ثنا محمد بن سليمان قال: قدِم علينا يحيى بن مَعِين البصرة، فكتبَ عن أبي سَلَمَةَ وقال: إنّي أريد أن أذكر لك شيئًا فلا تغضب. قال: هات. قال: حديث همّام، عن ثابت، عن أَنس في الغار، لم يروه أحدٌ من أصحابك، إنّما رواه عَفَّان وحبّان، ولم أجِدْه، في صدْر كتابك، إنّما وجدته على ظهره. قال: فتقول ماذا؟ قال: تحلف لي إنّك سَمِعْتَه من همّام. قال: ذكرت أنّك كتبت عنّي عشرين ألفًا "فإن كنت" عندك "فيها صادقًا" فما الجزء: 16 ¦ الصفحة: 247 ينبغي أن تكذبني في حديث وإن كنت عندك كاذبًا، فينبغي أن لا "تصدّقني فيها ولا تكتب عنّي شيئًا وترمي بها". "بَرَّةُ بنت" أبي عاصم طالق ثلاثًا إنْ لم أكن سمعتُه من همّام. واللهِ لا كلّمتُك أبدًا. قال حاتم بن الَّليْث الْجَوْهَري: كان أبو سَلَمَةَ أحمر الرأس والّلْحية يَخْضِب الحِنّاء. قد رأى سعيد بن أبي عَرُوبة وحفظ عنه مسائل. قال: ومات بالبصرة في رجب سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين، رحمه الله. 436- موسى بن إبراهيم المَرْوَزِيّ1. عن: ابن لَهِيعَة، وأبي جعفر الرّازيّ، وإبراهيم بن سَعْد. وعنه: أبو القاسم البَغَويّ، وهو من قدماء شيوخه، سمع منه سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. قال الدَّارَقُطْنيّ، وغيره: متروك. وقال ابن مَعِين: كذّاب. 437- موسى بن أيّوب2 -د. ن. أبو عمران النّصيبيّ الأنطاكيّ. عن: ابن المبارك، ومُعْتَمِر بن سليمان، وأبو المُلَيْح الرَّقّيّ، وأبي إسحاق الفَزَاريّ، وبقيّة بن الوليد، وجماعة كثيرة. وعنه: محمد بن عَوْف الحمصيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن محمد بن تميم النَّصِيبيّ، ومحمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وأبو حُمَيْد أحمد بن محمد العَوْهيّ، وأحمد بن إبراهيم البُسْريّ، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق.   1 انظر الكامل لابن عدي "6/ 2347"، والضعفاء للعقيلي "4/ 166"، وتاريخ بغداد "13/ 38، 39"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 199". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 134، 135"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 326"، والثقات لابن حبان "9/ 161"، وتهذيب التهذيب "1/ 336". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 248 وروى أبو داود، والنَّسائيّ، عن رجلٍ، عنه. 438- موسى بن بحر العراقيّ المَرْوَزِيّ1. أبو عِمران. عن: عبد العزيز بن عبد الصَّمَد العَمِّيّ، وعليّ بن هاشم بن الوليد، وعبّاد بن العَوّام، وجرير بن عبد الحميد. وعنه: البخاريّ في كتاب "الأدب"، وعُبَيْد الله بن واصل، والحَسَن بن سُفْيان. وَثّقَهُ ابن حِبّان، وقال: مات سنة ثلاثين ومائتين. 439- موسى بن محمد2. أبو هارون البكّاء. نزيل قَزْوين. سمع: الَّليْث بن سَعْد، وعبد الله بن لَهِيعَة، وحفص بن مَيْسَرة. روى عنه: يوسف بن يعقوب القَزْوِينيّ، وأبو حاتم الرازيّ، وأثنى عليه. وأما أبو زُرْعة فضعّفه. وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. وضعّفه أيضًا أحمد بن حنبل. 440- موسى بن محمد بن عطاء بن طاهر البَلْقاويّ3 المقدسيّ. ويقال: الرَّمْليّ. أحد المتروكين. عن: مالك، وشَرِيك، والعَطّاف بن خالد، وأبي المُلَيْح، والوليد الموقّريّ، وطائفة. وعنه: الربيع بن محمد الّلاذِقيّ، وأحمد بن خُلَيْد الحلبيّ، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وعثمان الدّارميّ، وأبو الأحْوَص العُكْبَرِيّ، والنّاس.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 137"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 281"، والثقات لابن حبان "9/ 162"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1383". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 160، 161"، وتاريخ بغداد "13/ 35، 36"، ولسان الميزان للحافظ "6/ 129". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 161"، والمجروحين لابن حبان "1/ 73"، والكامل لابن عدي "6/ 2346"، وميزان الاعتدال "4/ 219". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 249 كنّاه النسائي: أبا طاهر، وقال: ليس بثقة. ورماه بالكذب أبو زرعة، وأبو حاتم. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. قال أبو سعيد بن يونس: "حَدَّثَنَا محمد بن موسى" الحَضْرَميّ، ثنا إبراهيم بن سليمان الأَسَديّ قال: جِئتُ موسى بن محمد البَلْقاويّ "فأملى عليّ". وَقَالَ: اكْتُبْ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، "أَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- دَفَعَ إِلَى مُعَاوِيَةَ سَفَرْجَلَةً وَقَالَ: الْقَنِي بِهَا فِي الْجَنَّةِ". قال الأَسَديّ: فلم أعُدْ أليه. 441- موسى بن معاوية2. أبو جعفر الصُّمَادِحيّ الفقيه، عالم إفريقيا في وقته. رحلَ في طلبِ العِلْم تفقّه، وأكثر عن وَكِيع. وكان يذكر أنّه من ولد جعفر بن أبي طالب. قال ابن يونس: عاش خمسًا وستّين سنة، أو أربعًا وستّين سنة. قلت: وتواليف ابن عبد البَرّ، وابن حَزْم، والطَّلَمَنْكيّ مشحونة برواياته عن وَكِيع. ومات في ذي القِعْدة سنة خمسً وعشرين ومائتين. 442- موسى بن هارون بن بشير3 -خ. د. ت. أبو عُمَر القَيْسيّ الكوفيّ البُرْديّ المعروف بالبُنّيّ. وقيل: إنّ البُرْديّ لقبٌ له لبردةٍ كان يلبسها. رحل وسمع من: الوليد بن مسلم، وابن وهب، وهشام بن يوسف الصّغانيّ.   1 "إسناده ضعيف جدا": أخرجه ابن حبان "1/ 115"، في ترجمة إبراهيم بن زكريا، والحديث في إسناده صاحب الترجمة، وهو متروك. 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 160"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1394"، وتهذيب التهذيب للحافظ "10/ 375". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 250 وعنه: محمد بْن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه البَرْقيّ، وعبد الله غير منسوب فقيل هو ابن حمّاد الآمُليّ، ويحيى بن عثمان بن صالح، وجماعة آخرهم أحمد بن حمّاد زُغْبَة التُّجَيْبيّ. قال ابن يونس: كوفي، قدِم مصر وحدَّث بها، وخرج إلى الفَيُّوم، فتوفي بها في جُمادَى الآخرة سنة أربعٍ وعشرين. وقال ابن حِبّان في "الثّقات": كان يبيع التَّمْر البُرْديّ فنُسِبَ إليه، وكان راويًا للوليد. قلت: روى له البخاريّ مقرونًا بآخر. 443- مؤمل بن الفضل1 -د. ن- أبو سعيد الْجَزَرَيّ الحَرّانيّ. عن: عيسى بن يونس، وبقيّة بْن الوليد، ومحمد بْن حرب الْأَبرش، والوليد بن مسلم، وعَتّاب بن بشير، وطائفة. وعنه: د، ون، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن سليمان الرّهاويّ، وسليمان بن سيف، وعثمان الدّارميّ، وعثمان بن خرزاذ، وطائفة. وقد روى عنه يحيى بن يحيى النَّيْسَابوريّ، وهو أكبر منه. قال أبو حاتم: ثقة رضيّ. وروى أبو عَرُوبة، عن محمد بن يحيى بن كثير الحَرّانيّ، أنّه مات سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. "حرف النون": 444- نَصْر بن المغيرة البخاريّ2. نزيل بغداد. عن: جرير بن حازم، ومسلم بن خالد الزّنجي.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 375"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 49"، والثقات لابن حبان "9/ 188"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1395". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 468"، وتاريخ الطبري "13/ 426"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 284". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 251 وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن سعيد الحمّال، وأحمد بن أبي خيثمة وَثّقَهُ ابن مَعِين. وكنّاه محمد بن عبد الله المُخَرّميّ: أبا الفَتْح. 445- نُعَيْم بن حمّاد بن معاوية بن الحارث بن همّام بن سَلَمَةَ بن مالك1 خ. د. ت. ق. أبو عبد الله الخُزَاعيّ المَرْوَزِيّ الأعور الفارض الحافظ الفقيه، نزيل مصر. رأى الحسين بن واقد. وسمع من: إبراهيم بن طَهْمان، وأبا حمزة السُّكَّريّ، وعيسى بن عُبَيْد الكِنْديّ، وعبد الله بن المبارك، ونوح بن أبي مريم، وهُشَيْم بن بشير، ومُعْتَمِر بن سليمان، وخارجة بن مُصْعَب، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، ونوح بن قيس، ويحيى بن حمزة، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وبقيّة بن الوليد، وخلْقًا بالشّام، والعراق، ومصر، وخُراسان. وعنه: خ. ود. ت. ق، عن رجلٍ، عنه، ويحيى بن مَعِين، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدّارميّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم الرّازيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وعبد العزيز ابن منيب، وعُبَيْد بن شَرِيك البَزّار، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وخلْق آخرهم موتًا حمزة بن محمد الكاتب. قال الإمام أحمد: جاءنا نُعَيْم ونحن على باب هُشَيْم، نتذاكر المقطّعات، فقال: جمعتم حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فعُنينا بها من يومئذٍ. وكان نُعَيْم كاتبًا لأبي عِصْمَة نوح بن أبي مريم. وكان أبو عِصْمَة شديد الردّ على الْجَهْمِيّة، ومنه تعلَّم نُعَيْم بن حمّاد. وقال صالح بن مسمار: سَمِعْتُ نُعَيْم بن حمّاد يقول: أنا كنتُ جَهْميًّا فلذلك عرفتُ كلامهم، فلمّا طلبت الحديث عرفت أنّ أمرهم يرجع إلى التّعطيل.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 519"، والجرح والتعديل "8/ 463، 464"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 100"، وتاريخ الطبري "1/ 32"، والثقات لابن حبان "9/ 219"، والكامل لابن عدي "7/ 2482-2485". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 252 وقال يوسف بن عبد الله الخُوَارِزْميّ: سألت أحمد بن حنبل، عن نُعَيْم بن حمّاد، فقال: لقد كان من الثّقات. وقال الخطيب: يقال نُعَيْم أوّل من جمع المُسْنَد وصنَّف. وقال الحسين بن حِبّان: سَمِعْتُ ابن مَعِين يقول: نُعَيْم صَدُوق. رجل صدق، أنا أَعْرَف النّاس به. كان رفيقي بالبصّرة. كتب عن رَوْح بن عُبَادة خمسين ألف حديث. وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعت ابن مَعِين يقول: نُعَيْم بن حمّاد ثقة. وقال العِجْليّ: صَدُوق ثقة. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: وصل أحاديث يُوقِفُها النّاس. وقال أبو حاتم: محلّة الصّدق. قال العبّاس بن مُصْعَب: نُعَيْم بن حمّاد الفارضي وضع كُتُبًا في الرّدّ على أبي حنيفة، وناقَضَ محمد بنَ الحَسَن، ووضع ثلاثة عشر كتابًا في الرّدّ على الْجَهْميّة، وكان من أعلم النّاس بالفرائض. ثمّ خرج إلى مصر، فأقام بها نيّفًا وأربعين سنة. وحُمل إلى العراق في امتحان القرآن مع البُوَيْطيّ مقيدين، فمات نُعَيْم بسُرّ من رأى. قال أحمد بن عبد الله العِجْليّ الحافظ: سألت نُعَيْم بن حمّاد، وكان ثقة: أَيَسُرُّكَ أنّك شهدت صِفِّين؟. قال: لا. وقال لي نُعَيْم: وضعت ثلاثة كُتُب على الْجَهْمِيّة اكتبها. قلت: لا. قال: ولِم؟ قلت: أخاف أن يقع في قلبي منها شيء. قال: تَرْكُها والله خيرٌ لك. قلت: فلم تدعوني إليها؟ وقال أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: نَا نُعَيْمٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الجزء: 16 ¦ الصفحة: 253 قَالَ: "تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بضعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ، أَعْظَمُهَا فِتْنَةً عَلَى أُمَّتِي قومٌ يَقِيسُونَ الأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُحِلُّونَ الْحَرَامَ وَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ"1. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَسَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ صِحَّةِ هَذَا فَأَنْكَرَهُ. وَقَالَ: شُبِّهَ لَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ضَمْرَةَ الْمَرْوَزِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. قُلْتُ: فَنُعَيْمٌ؟ قَالَ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: كَيْفَ يُحَدِّثُ ثِقَةٌ بِبَاطِلٍ؟. قَالَ: شُبِّهَ لَهُ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، عَنْ عِيسَى بن يونس. ثم قال: أناه عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، نا النَّجَّادُ، نا هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر، وساقه من طريق الدِّيرعَاقُولِيُّ، عَنْ سُوَيْدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِنُعَيْمٍ، رَوَاهُ عَنْ عِيسَى، فَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ: ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ رجلٍ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْخَوَاشِتِيُّ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ سَرَقَهُ قومٌ ضُعَفَاءُ مِمَّنْ يُعْرَفُونَ بِسَرِقَةِ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، وَالنَّضْرُ بْنُ طَاهِرٍ، وَثَالِثُهُمْ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْبَارِيُّ. قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ، وَكَانَ ثَبْتًا، عَنْ سُوَيْد فَقَالَ: قَدِمْتُ عَلَى سُوَيْدٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَذَكَرَهُ. فَوَافَقْتُ سُوَيْدًا عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِي، وَدَارَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَلامٌ كَثِيرٌ. قُلْتُ: سُوَيْد احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"، وَأَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ كَيْفَ يَرْوِيهِ مِثْلُ نُعَيْمٍ، وَسُوَيْدٌ، وَالْحَكَمُ الْبَلْخِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، ثُمَّ لا ينسب إلى عيسى بل إلى هؤلاء.   1 "حديث منكر": أخرجه الخطيب في تاريخه "13/ 307، 308"، وابن عدي في الكامل "7/ 2483". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 254 وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ عِيسَى، فَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنْهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عِنْدَ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ نَحْوَ عِشْرِينَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ: سَمِعْتُ النَّسَائِيَّ يَذْكُرُ فَضْلَ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ وَتَقَدُّمَهُ فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالسُّنَنِ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ فِي قَبُولِ حَدِيثِهِ فَقَالَ: قَدْ كَثُرَ تَفَرُّدُهُ عَنِ الأَئِمَّةِ الْمَعْرُوفِينَ بأحاديث كثيرة، فصار في حَدِّ مَنْ لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: عَرَضْتُ عَلَى دُحَيْمٍ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: "إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ"1. فَقَالَ دُحَيْمٌ: لَا أَصْلَ لَهُ. نُعَيْمٌ: نَا ابْنُ وَهْبٍ، نَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ أَنَّهَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "رَأَيْت رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، شَابًّا مُوَقَّرًا، رِجْلَاهُ فِي حَضْرٍ، عَلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ ذَهَبٍ"2. قَالَ النَّسَائِيُّ: مَنْ مَرْوَانُ حَتّى يُصَدَّقَ عَلَى اللَّهِ؟. وَقَالَ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ مَنْصُورٍ: رَأَيْتُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ كَأَنَّهُ يُهَجِّنُ نُعَيْمَ بْنَ حَمَّادٍ فِي حَدِيثِ أُمِّ الطُّفَيْلِ، وَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ. نُعَيْمٌ: ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَا تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلُكُهَا رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا هَذَا؟ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ" 3. الْحَدِيثُ. رَوَاهُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بن جبير يحدّث عن معاوية، فذكره.   1 "حديث لا أصل له": أخرجه أبو زرعة في تاريخه "1/ 621"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 2 "حديث منكر": أخرجه الخطيب في تاريخ "3/ 311"، وانظر كلام العلماء على الحديث في أعلى الصفحة. 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "13/ 117"، ومسلم "الإمارة 4"، وأحمد "2/ 29". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 255 قُلْتُ: هَذَا أمرٌ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حِفْظِ نُعَيْمٍ. وَأَمَّا صَالِحُ جَزَرَةَ فَقَالَ: مَا نَعْرِفُهُ عِنْدَ ابْنِ الْمُبَارَكِ. قُلْتُ: وَتَفَرَّدَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ: "قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرٌ مُطَهَّرٌ"1. وَإِنَّمَا رَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابن أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ سَاقَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "كَامِلِهِ" الأَحَادِيثَ الَّتِي ينفرد بها نعيم، منها: حديثه عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "أَنْتُمُ "الْيَوْمَ" فِي زمانٍ مَنْ تَرَكَ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ"2. الْحَدِيثَ. وَمِنْهَا: عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرِهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هريرة، "أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ سَبْعًا فِي الْأُولَى، وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ". وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ. وَمِنْهَا: عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ ثور، عن خالد بن معدان، عن وائله، رَفَعَهُ: "الْمُتَعَبِّدُ بِلَا فِقْهٍ كَالْحِمَارِ فِي الطَّاحُونَةِ"3. وبه قال: "تغطية الرأس بالنّهار رفعه، وَبِاللَّيْلِ رِيبَةٌ"4. لَمْ يَرْوِهِمَا عَنْ بَقِيَّةَ سِوَى نعيم. ومنها: عَنِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُلْ أُهْرِيقُ الْمَاءَ، وَلَكِنْ قُلْ: أَبُولُ"5. وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ. وقال محمد بن سَعْد: نزل نُعَيْم مصر، فلم يزل بها حَتّى أشخص في خلافه أبي إسحاق يعني المعتصم، فسُئل عن خلْق القرآن، فأبى أن يجيب فيه بشيءٍ ممّا أرادوه عليه، فحسبه بسامرّاء، فلم يزل محبوسًا حَتّى مات في السّجن، في سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين.   1 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2484"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 2 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي "7/ 2483"، وانظر ما سبق. 3 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي "7/ 2484"، وأبو نعيم في الحية "5/ 219"، وانظر ما سبق. 4 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2484"، وانظر ما سبق. 5 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2484". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 256 قال ابن يونس: مات في السجن ببغداد غداة يوم الأحد، لثلاث عشرة، خَلَت من جُمادَى الأولى سنة ثمانٍ. وكان يفهم الحديث، وروى أحاديث مناكير عن الثّقات. وأرّخه فيها مُطَيَّن، وابن حِبّان. وقال البَغَويّ، ونِفْطَوَيْه، وابن عَديّ: مات سنة تسعٍ. زاد نِفْطَوَيْه: كان مُقَيَّدًا محبوسًا لامتناعه من القول بخلّق القرآن، فَجُرَّ بأقياده، فأُلقي في حفرةٍ ولم يُكَفَّن، ولم يُصَلّ عليه. فعل به ذلك صاحب ابن أبي دؤاد. وقال أبو بكر الطّرسوسيّ: أخذ سنة ثلاثٍ وأربعٍ وعشرين، فألقوه في السّجن، ومات في سنة سبعٍ وعشرين، وأوصى أن يُدفن في قيوده. وقال: إنّي مخاصم. وكذا أرّخه العبّاس بن مُصْعَب سنة سبعٍ. والأوّل أصحّ. وقد روى مسلم في مقدمة كتابه، عن رجلٍ، عنه. ووقعت نسخة من حديثه لابن طَبَرْزَد عالية مرّة. 246- نُعَيْم بن الهيصم1. أبو محمد الهَرَويّ. حدَّث ببغداد عن أبي عَوَانة، وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وفرج بن فَضَالَةَ، وجماعة. وعنه: حاتم بن الَّليْث، وموسى بن هارون، وأبو القاسم البَغَويّ، وأحمد بن الحَسَن الصُّوفيّ، وآخرون. قال ابن مَعِين: صَدُوق. وقال غيره: مات سنة ثمانٍ وعشرين. وله نسخة مَرْوِيَّةٌ. 447- نوح بن أَنس2. أبو محمد الرّازيّ.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 351"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 100"، والثقات لابن حبان "9/ 219". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 486"، والثقات لابن حبان "9/ 211". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 257 عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي معاوية، وطبقتهما. وعنه: أبو حاتم وقال: صَدُوق، والفضل بن شاذان، والحَسَن بن أبي مِهران. وكان مقرئًا محدثًا. 448- نوح بن يزيد1 -د. أبو محمد المؤدب، بغداديٌّ ثقة. روى عن: إبراهيم بن سَعْد كتابه. قال أحمد بن حنبل: أخرج إليَّ كتاب إبراهيم بن سَعْد، فرأيت فيه ألفاظًا، وكان مستثبتًا لا بأس فيه. قلت: روى عنه: هو، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعبّاس الدّوريّ، وأحمد بن عليّ الخزّار، وآخرون. قال النَّسائيّ: ثقة. "حرف الهاء": 449- هارون بن الأشعث الهَمْدانيّ البخاريّ2 -خ. عن: وَكِيع، وأبي سعيد مولى بني هاشم. وعنه: ح، ومحمد بن اسلم الطُّوسيّ، والفضل بن محمد الشّعرانيّ، وسهل بن شاذَويْه، وآخرون. وَثّقَهُ البخاريّ. 450- هارون بن عُمَر المخزومي3 الدّمشقيّ. عن: سُوَيْد بن عبد العزيز، والوليد بن مسلم، وجماعة.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 362"، والجرح والتعديل "8/ 485"، والثقات لابن حبان "9/ 211"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1427". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 241"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1429"، وتهذيب التهذيب للحافظ "11/ 3". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 93"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 13". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 258 وعنه: إبْرَاهِيم الحربيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وعثمان بن خُرَّزاذ، وآخرون. وكان فقيهًا من كبار أهل الرَّيّ، نزل بغداد مُدّة. - هارون ابن الوزير أبي عُبَيْد الله الأشعريّ1. قد مرّ في الطبقة الماضية. 451- هاشم بن عبد الواحد القَيْسيّ الكوفي2 الجشّاش. عن: الحَسَن بن صالح بن حيّ، ويزيد بن عبد العزيز بن سِيَاه. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وقال: صَدُوق. 452- الهُذيل بن إبراهيم الْجُمّانيّ3. لأنّه كان صاحب جُمّة. عن: عثمان بن عبد الرحمن الوقاصيّ. وعنه: أبو مسلم الكَّجّيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ. 453- هشام بن بَهْرام4 -د. عن: المُعَافَى بن عِمران، وأبي شهاب عبد ربّه الحنّاط، وحاتم بن إسماعيل. وعنه: د، وعثمان بن خُرَّزاذ، وتَمْتَام، وأبو بكر الأثرم، وجماعة. وَثّقَهُ محمد بن وَارَةَ الحافظ. 454- هشام بن الحَكَم الكوفيّ5. الرافضي الحرّار الضّالّ المشبّه، أحد رءوس الرفض والجدل.   1 تقدم ذكره 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 106"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 234"، والثقات لابن حبان "7/ 585". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 245"، والأنساب "3/ 299"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 173". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 53"، والثقات لابن حبان "9/ 233"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 47"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1437". 5 انظر الملل والنحل للشهرستاني "2/ 133-137"، والعقد الفريد "2/ 383"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 543، 544". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 259 قال أبو محمد بن حزم في كتب "المِلل والنِّحَل" وجمهور المتكلّمين، يعني الرافضة، كهشام بن الحكم، وتلميذه أبي عليّ الضحّاك، وغيرهما تقول بأن علم الله تعالى محدث، وأنّه لم يعلم شيئًا حَتّى أحدث لنفسه عِلْمًا. قال: وقد قال هشام هذا في مناظرته لأبي الهُذَيل العلّاف أنّ ربّه سبعةَ أشبارٍ بشِبْر نَفْسِه. وهذا كفرٌ صحيح. قال: وكان داود الْجَوَاربيّ، من كبار متكلّميهم، يزعم أنّ ربّه لحمٌ ودم على صورة الإنسان. قال: ولا يختلفون أنّ الشمس رُدَّت على عليّ بن أبي طالب مَرّتين. قال: ومن قول الإماميّة كلها قديمًا وحديثًا أنّ القرآن مُبَدّل، زِيد فيه، ونُقِصَ منه كثيرًا، إلّا عليّ بن الحُسين، يعني الشريف المرتضى، وصاحبيه. 455- هشام بن عبد الملك1 -ع. الإمام أبو الوليد الطَّيَالسيّ البصْريّ، مولى باهلة. وُلد سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائة، وروى عن: عِكْرِمة بن عمّار، وهشام الدَّسْتَوائيّ، وعاصم بن محمد العمري، وعمر بن أبي زائدة، وهمام بن يحيى، وشعبة، وزائدة، وحماد بن سلمة، وسلم بن زرير، وخلق. وعنه: خ، د، والباقون، عن رجلٍ، عنه، ود، أيضًا، عن رجلٍ، وعنه، وإسحاق بن رَاهَوَيْه، وإسحاق الكوسج، وعبد الله الدارمي، وعبد بن حميد، وأبو موسى الزّمنه، ويندار، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تمتام، وعبد الكريم بن الهيثم، ومحمد بن حيان المازني، وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي الإصبهاني، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن الضريس، وخلق. قال الميموني، عن أحمد بن حنبل: أبو الوليد اليوم شيخ الإسلام ما أُقَدِّم عليه اليوم أحدًا من المحدّثين، وأبو الوليد متقن.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 300"، والجرح والتعديل "9/ 65"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 195"، والثقات لابن حبان "5/ 571". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 260 وقال ابن وارة: قال لي أبو نُعَيْم: لولا أبو الوليد ما أشرتُ عليك أن تَقْدَم البصرة، فإنْ دخلتَها لا تجد فيها إلّا مغفلًا إلّا أبا الوليد. وقال أحمد العِجْليّ: أبو الوليد ثقة ثَبْت كان يروي عن سبعين امرأةً، وكانت الرحلة إليه بعد أبي داود الطَّيَالسيّ. وقال أحمد بن سِنَان: ثنا أبو الوليد أمير المحدِّثين. وقال ابن وارة: حدَّثني أبو الوليد، وما أراني أدركتُ مثله. وقال أبو زُرْعة: أدرك الوليد نصف الإسلام. وكان إمامًا في زمانه، جليلًا عند النّاس. وقال أبو حاتم: أبو الوليد إمام، فقيه، عاقل، ثقة، حافظ، ما رأيتُ في يده كتابًا قطّ. وعن محمد بن حمّاد قال: استأذن رجل على أبي الوليد، فوضع رأسَهُ "على الوِسادة"، وقال للخادم: قولي السّاعة وضع رأسَه. وقال عبّاس العنبريّ: سَمِعْتُ أبا الوليد يقول: من لم يعقد قلبَهُ على أنّ القرآن ليس بمخلوق، فهو خارج عن الإسلام. وقال ابن المَدِينيّ لأبي الوليد: ما عُذرك عند الله، وبأيّ شيءٍ تحتج إذا وقفت بين يديه في ترك رفع اليدين قبل الركوع وبعده؟. فرفع يديه أبو الوليد بعد أن أتى عليه ثمانون سنة لا يرفع. قال البخاريّ: مات أبو الوليد في ربيع الآخر سنة سبعٍ وعشرين. قلت: عاش أربعًا وتسعين سنة، ووقع لنا من عالي حديثه بإجازة. 456- هشام بن عُبَيْد الله الرّازيّ الفقيه1. السِّنّيّ بالكسر نسبة إلى السِّنّ. روى عن: ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، وعبد العزيز بن المختار، وحمّاد بن زيد، وطبقتهم بالحجاز والعراق.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 67"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 8"، والمجروحين لابن حبان "3/ 90". وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 300". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 261 وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، ومحمد بن سعيد العطّار، والحَسَن بن عَرَفَة، وحمدان بن المغيرة، وأبو حاتم، وعبد الله بن يزيد، وأحمد بن الفُرات، وآخرون. قال موسى بن نصر: سمعته يقول: لقيت ألفًا وسبعمائة شيخ أصغرهم عبد الرّزّاق، وخرج منّي في طلب العلم سبعمائة ألف درهم. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال: ما رأيت أحدا في كورة من الكور أعظم قدْرًا، ولا أجَلّ قدْرًا عند أهلها من هشام الرازيّ بالرَّيّ، وأبي مُسْهِر بدمشق. وأمّا ابن حبّان فضعّفه، وساق له حديثًا عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "الدَّجَاجُ غَنَمُ فُقَرَاءِ أُمَّتِي، وَالْحَجُّ لَهُمُ الْجُمُعَةُ"1. وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ. وَذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "طَبَقَاتِ الْحَنَفِيَّةِ" مُخْتَصَرًا، وَقَالَ: هُوَ لَيِّنٌ فِي الرِّوَايَةِ، وَفِي دَارِهِ مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. قلت: كان من كبار أئمّة السُّنّة. قال ابن أبي حاتم: ثنا محمد بن خَلَف الخزّاز: سَمِعْتُ هشام بن عُبَيْد الله الرازيّ يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. فقال له رجل: أليس الله يقول: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] . فقال: مُحْدَث النَّبأ، وليس عند الله محدث. قال: وأبناء عليّ بن الحَسَن بن يزيد السُّلَميّ: سَمِعْتُ أبي يقول: سمعت هشام بن عبيد الله يقول: حُبس رجلٌ في التَّجَمُّم، فتاب. قال: فجيء به إلى هشام ليمتحنه، فقال له: أتشهد أنّ الله على عرشهِ، باينٍ من خلقه. فقال: لا أدري ما باين من خلقه.   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن حبان في المجروحين "3/ 90"، وانظر كلام الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة "175". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 262 فقال: رُدّوه إلى الحبْس، فإنّه لم يتُب بعد. ذكرته على التّقريب، ثمّ وجدت عبد الرحمن بن مَنْدَه ذكره فيمن تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 457- هشام بن عَمْرو الفُوَطيّ1. شيخ كبير. أخذ عنه: عبّاد بن سليمان، وغيره. وكان لا يُجيز لأحدٍ أن يقول: "حسْبُنا الله ونِعْم الوكيل". ولا: إنّ الله تعالى يعذِّب الكفار بالنّار، ولا: إنّه يُحْيى الأرض بالمطر. ويرى أنّ القول بأنّ الله يُضِلّ مَنْ يَشَاء ويهدِي مَنْ يَشاء إلحادٌ وضلالٌ، ويقول: قولوا: حَسْبُنَا الله ونِعْمَ المُتَوَكَّل عليه. وقولوا: إنّ الله يعذّب الكُفّار في النّار، ويُحيي الأرضَ عند نزول المطر. قال المبرّد: قال رجل لهشام بن عَمْرو الفُوَطيّ: كم تعدّ؟. قال: من واحدٍ إلى أكثر من ألف. قال: لم أُرِدْ هذا، كم لك من السّنّ؟. قال: اثنان وثلاثون سِنًّا. قال: لم أُرِدْ هذا، كم لك من السِّنِين؟. قال: ما لي منها شيء كلُّها لله. قال: فما سِنُّك؟. قال: عظم. قال: فابنُ كم أنت؟ قال: ابن أبٍ وأمٍ. قال: فكم أتى عليك؟   1 انظر الفرق بين الفرق "159-164"، والملل والنحل "1/ 17"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 547". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 263 قال: لو أتي عليّ شيءٌ لقَتَلَني. قال: فكيف أقول؟ قال: قل كم مضى مِن عُمُرك. قلت: هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعِّرين عباراتٌ وشَقَاشِق يتقعَّرون بها قدِيمًا وحدِيثًا، ويحرّفون بها الكلام عن مواضعه، والخطابَ العربيّ عن موضوعه، والحديث العُرْفي عن مفهومه في القرآن والحديث، وكلام النلاس، فأبعدهم الله، وأبعد شَرَّهُم. 458- هلال بن يحيى البصْريّ1. الفقيه الحنفيّ صاحب أبي يوسف، ويُعرف بهلال الرأي. روى عنه أحمد بن محمد بن بِشْر أنّه سمع أبا يوسف يقول: العِلْم بالكلام يدعو إلى الزَّنْدَقَة. 459- الهيثم بن خارجة2 -خ. ت. أبو أحمد، ويقال: أبو يحيى المَرْوَزِيّ، ثمّ البغداديّ. عن: مالك، والَّليْث، ويعقوب القُّمّيّ، وحفص بن مَيْسَرة، وطائفة كبيرة بالشّام، والحجاز، والعراق، ومصر، وخراسان. وعنه: خ، ون، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، وعبد الله ابنه، وأبو زُرْعة، وأحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسين بن عبد الجبّار الصُّوفيّ. أخرج عنه البخاريّ في غَزْوَة الفَتْح. وقال أحمد الصُّوفيّ: ثنا الهيثم بن خارجة، وكان يُسَمّى شُعْبَة الصغير. وقال هشام بن عمّار: كنّا نسمّيه شُعْبَة الصغير. وقال يحيى بن معين: ثقة.   1 انظر طبقات الفقهاء للشيرازي "139"، والفهرست لابن النديم "205". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 342"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 216"، والجرح والتعديل "9/ 86"، والثقات لابن حبان "9/ 236". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 264 وقال النَّسائيّ: ليس به بأس. وقال صالح جَزَرَة: كان يتزهَّد، وكان أحمد بن حنبل يُثْني عليه، وكان سيء الخُلُق مع المحدّثين. وقال البخاريّ، وغيره، تُوُفّي في ذي الحجة سنة سبعٍ وعشرين. قلت: قد جاءه البَغَويّ ولم يسمع منه. وآخر من روى عنه أبو يَعْلَى المَوْصِليّ. "حرف الواو": 460- واصل بن عبد الشّكور البخاريّ. عن: عيسى غُنْجار، وعبد الله بن وَهْب، ويحيى بن سُلَيم. وعنه: ابنه عُبَيْد الله بن واصل الحافظ، وغيره. 461- الوليد بن أبان الكرابيسيّ1. المتكلِّم. أخذ عنه الكلام حُسين الكرابيسيّ. قال أحمد بن سِنَان القطّان: كان الوليد خالي، فلمّا حَضَرَتْه الوفاة قال لبَنِيه: تعلمون أحدًا أعلم بالكلام مني؟ قالوا: لا. قال: فتتّهمُوني؟. قالوا: لا. قال: فإنّي أُوصيكم، عليكم بما عليه أصحاب الحديث، فإنّي رأيت الحقَّ معهم، لستُ أعني الرُّؤَساء، ولكن هؤلاء المُمَزَّقين. 462- الوليد بن صالح النّخّاس2 -خ. م.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 441"، وسير أعلام النبلاء للحافظ المصنف "10/ 548". 2 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 362"، والجرح والتعديل "9/ 7"، وتاريخ الطبري "5/ 40"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1469". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 265 قد ذكر في الطبقة الماضية. وآخر من روى عنه الحَسَن بن عليّ بن شَبِيب المَعْمَريّ. وهو الوليد بن صالح، أبو محمد الضَّبّيّ الْجَزَريّ. روى عن: جرير بن حازم، وإسرائيل، والَّليْث بن سَعْد، وجماعة. وعنه: خ، وم؛ عن رجلٍ، عنه، وأبو بكر الأثرم، وإبراهيم الحربيّ، وإسماعيل القاضي، وآخرون كثيرون. وَثّقَهُ أبو حاتم. 463- الوليد بن هشام بن حجّام1. أبو عبد الرحمن البصْريّ الإخباريّ. سمع: أباه، وحَرِيز بن عثمان، وجماعة. وعنه: خليفة بن خيّاط، وأبو حاتم الرّازيّ، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب. وقع حديثه عاليًا في جزء "الغطْريف"، وتُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين بالبصْرة. "حرف الياء": 464- يحيى بن إسماعيل2 -د- أبو زكريّا الواسطيّ. عن: عبد السّلام بن حرب، وعبّاد بن العوام، وإبراهيم بن سَعْد، وطبقتهم. وعنه: د؛ وأَبُو بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وعباس الدوري، ومحمد بن غالب تمتام، وأحمد بن علي الخزاز، وجماعة. قال أحمد بن حنبل: أعرفه قديمًا وكان لي صديقًا.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 20"، وتاريخ الطبري "5/ 213، 299". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 363"، والجرح والتعديل "9/ 126"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1486". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 266 465- يحيى بن إسماعيل1. أبو العبّاس، ويقال أبو زَكَريّا الكوفيّ الخوّاصّ. عن: شَرِيك القاضي، وهُشَيْم، وابن فُضَيْل. وعنه: البخاريّ في "تاريخه"، ومحمد بن عبيد بن عتبة الكندي، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وآخرون. وَثّقَهُ ابن حِبّان. 466- يحيى بن بشر بن كثير2 -م. أبو زكريّا الأسديّ الكوفيّ الحريريّ. قال ابن سَعْد: كان تاجرًا قدم دمشق فسمع من: معاوية بن سلّام الحَبَشيّ، وسعيد بن عبد العزيز، وسعيد ابن بشير. قلت: ومعروف الخيّاط الشّاميّين، وغيرهم. وعنه: م، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وعبد الله الدّارميّ، عثمان بن خُرَّزاذ، وموسى بن إسحاق الأنصاريّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، ومُطَيِّن. قال صالح جَزَرَة: صَدُوق. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. وقال ابن سعد، البغويّ: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. زاد ابن سَعْد، فقال: في جُمادى الأولى في خلافة الواثق. وقال مُطَيَّن: سنة سبعٍ. 467- يحيى بن أبي الخطيب الرازيّ3.   1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "8/ 260"، والثقات لابن حبان "9/ 258"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1486، 1487". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 411"، والجرح والتعديل "9/ 131"، والثقات لابن حبان "9/ 262"، وتهذيب الكمال "3/ 1491". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 147"، والثقات لابن حبان "9/ 264"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 160، 161". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 267 قاضي عُكْبَرَا. عن: حمّاد بن زيد، ومعاوية بن عبد الكريم الضالّ، وأبي بكر بن عيّاش، وعليّ بن مُسْهِر، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن موسى، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن عمّار، الرازيّون. قال أبو حاتم: ثقة من أوعية العلم؛ ما أعلم كان في زمانه أحدًا أكثر حديثًا منه. 468- يحيى بن صالح الوحاظيّ1 -خ. م. د. ت. ق. أبو زَكَريّا، ويقال أبو صالح الدّمشقيّ الحمصيّ الفقيه. عن: عُفَيْر بن مَعْدان، وسعيد بن بشير، وسليمان بن بلال، وسعيد بن عبد العزيز، وفليح بن سليمان، ومعاوية ابن سلّام الحبشيّ، ومالك بن أنس، وسليمان بن عطاء، ومحمد بن مهاجر، وسَلَمَةَ بن كُلْثُوم، وطائفة. وعنه: خ، وم. خ. أيضًا، د. ت. ق. وإسحاق الكَوْسَج، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو حاتم، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم، وأبو زرعة الدمشقي، وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، وأبو زيد أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد الحوطيان، وعبد الرحمن بن القاسم الرواس، وعثمان الدارمي، وعلي بن محمد بن عيسى الجّكّانيّ، وخلق وسواهم. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صدوق. وقال أبو عوانة الإسفرائيني: حسن الحديث صاحب رأي، وهو عديل محمد بن الحَسَن الفقيه بمكّة. وقال أحمد بن صالح المصريّ: ثنا يحيى بن صالح ثلاثة عشر حديثًا عن مالك ما وجدناها عند غيره. وقد وَثّقَهُ ابن عَديّ، وابن حِبّان، وغيرهما. وضعّفه بعضهم ببدعةٍ فيه.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 473"، والجرح والتعديل "9/ 158"، والتاريخ الكبير "8/ 282"، والثقات لابن حبان "9/ 260". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 268 قال أحمد بن حنبل: أخبرني إنسان مِن أصحاب الحديث أنّ يحيى بن صالح قال: لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث، يعني هذه التي في الرؤية. قال أحمد بن حنبل: كان نزعَ إلى رأي جَهْم. وقال أبو جعفر العقيليّ: الوحاظيّ حمصيّ حهميّ. وقال البخاريّ: قال عبد الصَّمَد: سألت يحيى بن صالح عن الإيمان فقال: ثنا أبو المُلَيْح، سَمِعْتُ ميمون بن مهران يقول: أنا أَقْدَم من الإرجاء. قال محمد بن مُصَفَّى، وجماعة: تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 469- يحيى بن الصّامت المدائني1. عن: أبي إسحاق الفزاري، وعبد الله بن المبارك. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وتَمْتَام، وموسى بن هارون. وَثّقَهُ الخطيب. 470- يحيى بن عاصم البخاريّ2. عن: وَكِيع، وابن عُيَيْنة. وكان موصوفًا بالصِّدْق والحفظ. حدَّث بِنَيْسابُور فروى عنه: إسماعيل بن قُتَيْبة، وداود بن الحسين البَيْهَقيّ. وكان من أئمة الأثر. قال عبد الله بن سعيد بن جعفر، بخاري: ما رأيت أعجب من يحيى بن عاصم. كان يجيء إلى أبي حفص أحمد ابن حفص، فيجلس عنده، فكان أبو حفص يقول: ثنا أحمد بن الحَسَن، عن يعقوب، عن أبي حنيفة أنّ قال كذا. فيثبُ يحيى ويقول: يا أبا حفص، خالف والله أبو حنيفةَ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فيضع أبو حفص الكتاب من يده، ويقول: كيف؟ فيقول: ثنا يزيد بن هارون، وثنا عبد الرّزّاق، ونا جعفر بن عَوْن، فيسرد تلك الأحاديث. فيقول أبو حفص: هكذا   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي "14/ 163". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 179". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 269 قالوا، ويصيح أصحاب أبي حفص يقولون: هذا يقع في سَلَفنا، هذا يقع في شيخنا، هذا كذا. فيسكت أبو حفص، ويظنّ أنه لا يعود. قال: فيأتي ويتكلَّم مثله. قال ابن أبي حاتم: هو يحيى بن عاصم بن جُوَيْبر بن سعيد بن عبد الرحمن بن النضر بن عبد الله بن الكوّا اليَشْكُريّ، روى عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْلٍ، وعبد الرّزّاق، وابن عُيَيْنة، وسمّى جماعة. ثمّ قال: روى عنه: أبي، وقال: صَدُوق. 471- يحيى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ميمون العِجْليّ1. أبو زَكَريّا الحِمّانيّ الكوفيّ الحافظ. عن: أبيه، وقيس بن الربيع، وعبد الرحمن بن الْغَسِيلِ، وسليمان بن بلال، وشَرِيك، وأبي عَوَانة، وأبي إسرائيل المُلائي، ومَنْدَل بن على، وعبد الرحمن بن زياد، وخلْق. وعنه: أبو حاتم، وعثمان بن خُرَّزاذ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وابن أخيه أبو القاسم البَغَويّ، ومحمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وموسى بن هارون، ومُطَيِّن، وخلْق. وكان أحمد بن حنبل يضعفه ويتهمه. وقال إبراهيم الْجُوزجانيّ: تُرِك حديثه. وقال محمد بن يحيى الذُّهَليّ: ذهب كأمسِ الذّاهب. وقال أبو حاتم: سألت يحيى بن مَعِين، عن يحيى الحِمّانيّ، فأجمل القول فيه وقال: ما لهُ؟ كان يسرد مُسْنَده أربعة آلاف سرْدًا. وحديث شَرِيك ثلاثة آلاف. وقال عبّاس، وأحمد بن أبي خَيْثَمَة وآخرون، عن ابن مَعِين: ثقة. ووصفه أبو حاتم بالحفظ لحديث شريك.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 411" والجرح والتعديل "9/ 168-170"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 291"، وتاريخ الطبري "5/ 151". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 270 وقال ابن عَديّ: يقال إنّ يحيى الحِمّانيّ أوّل من صنّف المُسْنَد بالكوفة، وأوّل من صنف المُسْنَد بالبصرة مسدد، وأوّل من صنف المُسْنَد بمصر أسدُ السُّنّة. ويحيى قد تكلَّم فيه أحمد، وابن المَدِينيّ، وكان ابن مَعِين حَسَن الثّناء عليه، وعلى أبيه. إلى أن قال: ولم أر في مُسْنَده وأحاديثه أحاديث مناكير. وأرجو أنّه لا بأس به. قلت: وليحيى ذِكْر في القول عند دخول المسجد في "صحيح مسلم"، فإنّه قال بلغني أن "يحيى الحِمّانيّ" يقول: وأبو أُسَيْد. قلت: وكان أيضًا شيعيًّا له كلامٌ نحسٌ في معاوية، نقله الخطيب، وهو: قال زياد بن أيّوب: سَمِعْتُ يحيى الحِمّانيّ يقول: كان معاوية على غير ملّة الإسلام. قال زياد: كَذّب عدوّ الله. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: جَاءَنِي الْحِمَّانِيُّ إِلَى هُنَا، وَكَانَ يكذب جهازًا، فَقُلْتُ: إِنَّهُ حَدَّثَ عَنْكَ، عَنْ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ، عَنْ شَرِيكٍ بِحَدِيثِ: "أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ" 1. فقال: كَذَب، ما حدَّثته به، ما زلنا نعرفه يسرق الأحاديث أو يتلقّطها، وقد طَلَب وسمع، فلو اقتصر على ما سمع. وقال ابن خِداش: ثنا محمد بن يحيى، عن أبي محمد الدّارميّ قال: أودعت كُتُبي عند يحيى الحِمّانيّ، فقدمت، فإذا هي على خلاف ما تركتها عنده، وإذا قد نسخ حديث خالد بن عبد الله، وسليمان بن بلال، ووضعه في المُسْنَد. وأما الرَّماديّ فقال: هو أوثق عندي من أبي بكر بن أبي شَيْبَة، وما يتكلّمون فيه "إلّا" من الحسد. قلت: وقع لنا حديثه عاليًا. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الْهَمْدَانِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ الْوَزِيرِ، ثَنَا الْبَغَوِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بن عبد الحميد، ثنا   1 "بالنسبة للحديث فهو صحيح": أخرجه البخاري "4/ 146"، ومسلم "مساجد 181"، وابن ماجه "680"، وأحمد "2/ 462، 4/ 250". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 271 شَرِيكٌ، ثَنَا مَنْصُورٌ، ثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ، ثَنَا عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فمن كذب عليّ معتمدًا فَلْيَلِجِ النَّارَ" 1. هَذَا حَدِيثٌ حسنٌ عالٍ مُتَّصِلٌ، سَالِمٌ مِنَ الْعَنْعَنَةِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلتَّدْلِيسِ، قَلَّ أَنْ يَضَعَ مِثْلَهُ. قال البَغَويّ: مات يحيى الحِمّانيّ في رمضان سنة ثمانٍ وعشرين، وكان أوّل من مات بسامرّاء من المحدِّثين الذين قدِموا، وكان لا يخضِب. 472- يحيى بن عَبْدَوَيْه البغداديّ2. عن: شُعْبَة، وشَيْبان، وحمّاد بن سَلَمَةَ. ويقال له أيضًا: يحيى بن عبد الله. وعنه: إسحاق بن سُنَين، وجعفر بن كذال، وعبد الله بن أحمد بن جنبل. وأثنى عليه أحمد بن حنبل، وأمرَ ابنه عبد الله بالسّماع منه. أما ابن مَعِين فرماه بالكذِب. تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين تقريبًا. 473- يحيى بن عِمران3. عن: سليمان بن أرقم، وحُصَيْن الأحمسيّ. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، وتَمْتَام، وأحمد بن عليّ الخزّاز، وأحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ. ولي قضاء فارس لأبي يوسف الوصيّ. 474- يحيى بن محمد بن سابق الكوفيّ4. يُعرف بعصا ابن إدريس، وهو ممّن نزل المصّيصة.   1 "الحديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 178"، ومسلم "1"، وابن ماجه في سننه "31". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 173، 174"، والثقات لابن حبان "9/ 259"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 165"، وسير أعلام النبلاء "10/ 424". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "14/ 162". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 185"، وتهذيب الكمال "11/ 272"، وتهذيب التهذيب "11/ 272". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 272 عن: ابن إدريس، ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ، وعبد الله بْن نُمَيّر، وأبي أُسَامة. وعنه: أبو بكر الأثرم، ومحمد بن داود المِصِّيصيّ. روى له النَّسائيّ. 475- يحيى بن مَعْمَر بن عِمران بن منير الإلهانيّ1. الشّاميّ، ثمّ الإشبيليّ، أحد الأئمة. كان فقيه إشبيلية ومرضيها. وكان زاهذًا ورِعًا عاقلًا، قوالًا بالحق. ولي قضاء قُرْطَبَة فحُمِد وشُكِر، وكان آفةً على الفقهاء، رادعًا للشهود، حَتّى أنّه سجل على سبعة عشر نفسًا السَّخْط، فعملوا عليه حَتّى عُزِل. وهو من تلامذة أشهب، رحل إليه. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 476- يحيى بن هاشم2. أبو زَكَريّا الغسّانيّ الكوفي. حدَّث عن: هشام بن عُرْوَة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وهؤلاء الكبار. وعنه: الحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن أيوب الرازي، ومعاذ بن المثنى، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وطائفة. ولو كان ثقة لكان مسند زمانه، ولكن رماه بالكذب يحيى بن معين، وصالح جزرة، وغيرهما. توفي سنة خمسٍ وعشرين، أو بعدها بقليل. ووقع لنا عالي حديثه بالإجازة: قال النسائي: متروك. وقال ابْن عدي: هُوَ فِي عداد من يضع الحديث.   1 انظر تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 178، 179". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 195"، والمجروحين لابن حبان "3/ 125، 126"، والكامل لابن عدي "7/ 2706". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 273 477- يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن1 -خ. م. ت. ن. الإمام أبو زَكَريّا التَّميميّ المِنْقَريّ النَّيْسَابوريّ. قال الحاكم فيه: إمام عصره بلا مدافعة. وُلد بنَيْسَابُور، وبها أعقابه وخطّته المنسوبة إليه. قال حمدان السُّلَميّ: يحيى بن يحيى مولى جعفر بن خِرْقاش التّميميّ. وقال أبو عمرو المُسْتَمْلِي: وُلِد سنة اثنتين وأربعين ومائة. قلت: سمع: زياد بن ميمون، ويزيد بن المقدام بن شُرَيح، وكثير بن سُلَيم الأيلي، ولكن لم يرو عنهم لضعفهم. وروى عن: زُهَير بن معاوية، ومالك، والَّليْث، وسليمان بن بلال، وأبي عَوَانة، وعَبْثَر بن القاسم، وجعفر بن سليمان، وهُشَيْم، وخارجة بن مُصْعَب، وشَرِيك بن عبد الله، ومحمد بن جابر اليماميّ، وإسماعيل بن جعفر، وابن لهيعة، وأبي الأحوص، وخلق. وعنه: خ، م. وت. ن، عن رجلٍ، عنه، وإسحاق بن رَاهَوَيْه، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وابنه يحيى بن محمد، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وَسَلَمَةَ بن شَبِيب، ومحمد بن أسلم الطُّوسيّ، وخلْق كثير من آخرهم إبراهيم بن عليّ الذُّهَليّ، وداود بن الحسن البَيْهَقيّ، وعليّ بن الحَسَن الصّفّار. قال يحيى بن يحيى: أوّل من جالست في العِلْم حفص بن عبد الرحمن في سنة إحدى وستين ومائة. قال يحيى الذُّهَليّ: سَمِعْتُ إسحاق بن رَاهَوَيْه يقول: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى ولا أحسِب أن يحيى رأى مثل نفسه، وقال سعيد بن شاذان: ثنا داود الخَفَّاف، قال: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: ما رأى يحيى بن يحيى مثل نفسه وما رأى النّاسُ مثله. رواها أبو السّكن المزنيّ، وقال: ثنا سعيد.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 197"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 310"، والصغير له "230"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1542". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 274 وقال: أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن رَاهَوَيْه يقول: مات يحيى بن يحيى يوم مات، وهو إمامٌ لأهل الدُّنيا. وقال الأمير عبد الله بن طاهر مُتَولّي خُراسان: ما رأي يحيى بن يحيى مثل نفسه، وشك يحيى بن يحيى عندنا يقين. وقد كتب يحيى مرّة رقعةً إلى عبد الله بن طاهر، فقَبَّل الرقعة ووضَعها على عينيه. وكانت من أجل ديوان إسحاق بن رَاهَوَيْه، فَوَفَاها عنه. وقال يحيى بن محمد الذُّهَليّ: ما رأيت أحدًا أَجَلّ ولا أعرف من يحيى بن يحيى. وعن ابن رَاهَوَيْه قال: ظهر ليحيى بن يحيى نَيِّفٌ وعشرون ألف حديث. وقال محمد بن يحيى الذُّهَليّ: لو شئتُ لقلتُ هو رأس المحدّثين في الصّدق. وعن الحَسَن بن عليّ الزّنْجَانيّ قال: كان يحيى بن يحيى يحضر مجلس مالك، وكان المأمون يحضره؛ كذا قال، وذلك غلط، فإنّ المأمون لم يلق مالكًا. قال؛ فانكسر قلم يحيى، فناوله المأمون قَلَمًا من ذهب، فامتنع من أخْذه، فكتب المأمون على ظهر جزءٍ: ناولتُ يحيى بن يحيى قلمًا فلم يقبله. فلمّا ولي الخلافة كتب إلى عامله أنّ يولي يحيى قضاء نَيْسابُور، فقال يحيى للأمير: قل لأمير المؤمنين: نَاولْتَني قلمًا وأنا شابٌ فلم أقبله، أَفَتُجْبرني على القضاء وأنا شيخ؟. فرفع ذلك إلى المأمون، فقال: يولّي رجلًا يختاره، فأشار برجل، فلم يلبث أن دخل على يحيى وعليه السّواد، فَضَمَّ يحيى فراشَه كراهية أن يجمعه وإيّاه، فقال له: ألم تخترني؟. فقال: إنما قلت اختاروه، وما قلت لك أن تتقلَّد القضاء. ويُروى أن يحيى بن يحيى شرب دواءً، فقالت زوجته: قم فتمشّى في الدّار. قال: أنا أحبّ أن أحاسب نفسي أربعين سنةً على خُطاي، فما أعلم ما هذه المِشْيَة. وقال محمود بن غَيْلان: سَمِعْتُ يحيى بن يحيى يقول: مَن قال القرآن مخلوق فهو كافر بالله، وبانت منه امرأته. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 275 وقال مسلم: سَمِعْتُ يحيى بن يحيى يقول: من زعم أنّ مِن القرآن من أوله إلى آخره آية منه مخلوقة، فهو كافر. وقال غير واحد: كان يحيى بن يحيى مثبتًا ثقة. كان إذا شكَّ في حديث ضَرَبَ عليه. وقال أحمد بن حنبل: اشتهي من يحيى بن يحيى، سليمان بن بلال، وزُهَير بن معاوية. وَرُوِيَ أن يحيى بن يحيى أراد الحجّ بآخره، فأشفق عليه عبد الله بن طاهر من "ذلك" وقال "أنت من الإسلام بالعُروة الوثقى، فلا آمن أن تُمْتَحَن، فتصير إلى مكروه، فهذا الإذن، وهذه النصيحة، فقعد". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أبي يُثْني على يحيى بن يحيى وقال: ما أخرجت خُراسان بعد ابن المبارك مثله. كنّا نسمّيه يحيى الشّكّاك، من كثرة ما كان يشكّ في الحديث. وقال زَكَريّا بن يحيى بن يحيي: أوصي أبي بثياب جَسَده لأحمد بن حنبل، فأتيته بها في منْديل، فنظر إليها وقال: ليس هذا من لباسي. ثمّ أخذ ثوبًا واحدًا وردّ الباقي. قال البخاريّ: مات في صفر سنة ستٍّ وعشرين. قال بِشْر بن الحَكَم: حزرنا في جنازة يحيى بن يحيى مائة ألف رجل. وقال الحاكم: سَمِعْتُ الحافظ أبا عليّ النَّيْسَابوريّ يقول: كنت في غمٍّ شديد، فرأيت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنَامِ، كأنّه يقول لي: صِر إلى قبر يحيى بن يحيى واستغفر، وسَلِ الله حاجتك1. فأصبحت ففعلت ما أمرني به، فقُضِيَت حاجتي. قال أحمد بن يوسف السُّلَميّ: سَمِعْتُ يحيى بن يحيى يقول: من نظر في كتاب "كليلة ودِمْنَة" جرّه ذلك إلى الزَّنْدَقة، ومن نظر في كتاب "صِفِّين" حمله على سَبّ الصّحابة، ومن نظر في كتاب أبي فلان كان آخر عهده بالعلم.   1 لا نعلم لهذا دليل من الشرع فكيف بالمنامات. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 276 قلت: وقع لنا جزء كبير من حديث يحيى بن يحيى، بإجازة عالية، فيه عِدّة أحاديث موقفًا. 478- يحيى بن يحيى1. أبو محمد الليثي. فقيه أهل الأندلس وصاحب مالك أيضًا، سيأتي إن شاء الله في الطبقة الآتية. 479- يحيى بن يوسف بن أبي كريمة الزِّمّيّ2 -خ. ق. حدَّث ببغداد عن: شَرِيك، وأبي الأحوص، وأبي المليح الرّقّي، وضمام بن إسماعيل، وخلْق كثير. وعنه: خ. وق، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن محمد البرقيّ القاضي، وعثمان بن خزاذ، وعليّ بن أحمد بن النَّضْر الأزْديّ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وآخرون. وكان ثقة نبيلًا، صاحب حديث. وَثّقَهُ أبو زُرْعة. وقال حاتم بن الَّليْث: مات سنة تسعٍ وعشرين. 480- يزيد بن صالح3. أبو خالد النَّيْسَابوريّ الفرّاء. سمع: إبراهيم بن طهمان، وأبا بكر النَّهْشَليّ، وقيس بن الربيع، وعبد الله بن عمر، وخارجة بن مُصْعَب، ومالك بن أنس، وطائفة. وعنه: أحمد بن حفص السُّلَميّ، وإسماعيل بن قُتَيْبة، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، والحَسَن بن سُفْيان، وآخرون. قال إسماعيل بن قُتَيْبة: كان من أورع مشايخنا وأكثرهم اجتهادًا. وقال الحَسَن بن سُفْيان: فاتني يحيى بن يحيى بالوالدة، لم تَدَعْني أخرج إليه، فعوّضني الله بأبي خالد الفرّاء، وكان أسنَدَ من يحيى بن يحيى.   1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 200"، والثقات لابن حبان "9/ 262"، وتاريخ بغداد "14/ 166"، وتهذيب الكمال "3/ 1527". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 272"، والثقات لابن حبان "9/ 275"، وسير أعلام النبلاء "10/ 479". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 277 تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. 481- يزيد بن عبد ربّه الجرجسيّ1 -د. م. ن. ق. أبو الفضل الزّبيديّ الحمصي المؤذّن الحافظ. كان يسكن عند كنيسة جُرْجُس فنُسِبَ إليها. سمع: بقيّة، ومحمد بن حرب، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: د، وم. ن. ق، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل وهو أسنّ منه، وإسحاق الكَوْسَج، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، ومحمد بن عَوْف الطائي، وآخرون. أثنى عليه أحمد بن حنبل وقال: ما كان أثبته. قلت: مات كهلًا في سنة أربعٍ وعشرين، وكان مولده سنة ثمانٍ وستّين ومائة. 482- يزيد بن عبد العزيز2. أبو خالد الطَّيَالسيّ. روى عن: أبي خالد الأحمر، ويحيى بن سُلَيم، وعبد الحميد بن بِهْرام. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم. قال أبو حاتم: صدوق "ثقة" من نبلاء الرجال. 483- يزيد بن عمرو بن جنزة3 المدائني. عن: أبي عوانة، والربيع بن بدر. وعنه: عباس الدوري، وعيسي بن زغاث، وهيذام بن قتيبة. ولم يذكر بجرح. 484- يزيد بن قبيس الجبليّ4.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 275"، والجرح والتعديل "9/ 279"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 349"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1537". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 278"، والأسامي والكنى "1/ 173". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "14/ 347، 348"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 30". 4 انظر الثقات لابن حبان "9/ 276"، والكاشف "3/ 248". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 278 من أهل جبلة. حدث عن: الوليد بن مسلم، والمُعَافَى بن عِمران الحمصيّ، وجماعة. وعنه: أبو داود، وسليمان بن عبد الحميد البَهْرانيّ، وموسى بن عيسى بن المنذر، وآخرون. 485- يزيد بن مِهران الكوفيّ الخباز1. عن: أبي بكر بن عيّاش، ومحمد بن فُضَيْل. وعنه: عَمْرو بن منصور النَّسائيّ، وأبو حاتم، وإبراهيم بن عبد الله الخُتّليّ، وجماعة. تُوُفّي سنة ثمانٍ، وقيل سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. روى لنا رجل، عنه. 486- يزيد بن مروان الخلّال2. عن: ابن أبي الزِّناد، وجماعة. وعنه: أحمد بن عليّ الخزّاز، وأبو شُعَيْب الحَرّانيّ. قال ابن مَعِين: كذّاب. 487- يوسف بن محمد العصفريّ3 -خ. أبو يعقوب. خُراسانيّ نزل البصرة. عن: سُفْيان الثَّوريّ، ويحيى بن سُلَيم الطّائفيّ. وعنه: خ، وحرب بن إسماعيل الكِرْماني، وسعيد بن عبد الرحمن الفرّاء. وثّقة أبو داود.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 416"، والجرح والتعديل "9/ 290"، والثقات لابن حبان "9/ 275"، وتهذيب الكمال "3/ 1543". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 291"، والثقات لابن حبان "9/ 276"، والكامل لابن عدي "7/ 2737"، وتاريخ بغداد "14/ 348". 3 انظر تهذيب الكمال "3/ 1562"، وتهذيب التهذيب "11/ 423". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 279 488- يوسف بن مروان1. النَّسائيّ، ثمّ الرَّقّيّ المؤذِّن نزيل بغداد. عن: عُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، والفُضَيْل بن عِيَاض، وغيرهما. وعنه: عبّاس الدوري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأحمد بن عليّ المَرْوَزِيّ القاضي، وآخرون. وَثّقَهُ الخطيب. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 489- يوسف بن يونس الأفطس2. أخو أبي مسلم المُسْتَمْليّ. عن: مالك، وشَرِيك، وسليمان بن بلال. وعنه: أحمد بن يحيى كرنيب، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ، وأحمد بن خُلَيْد الحلبي. وَثّقَهُ الدَّارَقُطْنيّ. وليّنه ابن عَديّ. "الكنى": 490- أبو إسحاق النّظّام3. البصْريّ المتكلّم المُعْتزليّ الإمام ذو الضّلال والإجرام، طالع كلام الفلاسفة فخلطه بكلام المعتزلة، وتكلَّم في القَدَر، وانفرد بمسائل، وتبعه أحمد بن حائط، والأسواريّ، وغيرهما. وأخذ عنه: الجاحظ.   1 انظر تاريخ بغداد "14/ 299"، وتهذيب الكمال "3/ 1562"، وتهذيب التهذيب "11/ 423". 2 انظر المجروحين لابن حبان "3/ 137"، والكامل لابن عدي "7/ 2628"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 476". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 97، 98"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 541، 542"، والعقد الفريد "4/ 91". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 280 وكان معاصرًا لأبي الهُذَيْل العلّاف. ذكره ابن حزم فقال: اسمه إبراهيم بن سيّار مولى بني بجير بن الحارث بن عبّاد الضُّبَعيّ، هو أكبر شيوخ المعتزلة ومقدّمهم. كان يقول: أنّ الله لا يقدر الظّلم ولا الشّرّ. قال: ولو كان قادرًا لكُنّا لا نأمن مِن أن يفعله، أو أنّه قد فعله. وإنّ النّاس يُعْذَرون على الظُّلم. وصرّح بأنّ الله لا يقدر على إخراج أحدٍ من جهنَّم، واتَّفق هو والعلّاف على أنّ الله ليس يقدر من الخير على أصلح ممّا عمل. قلت: القرآن والعقل الصحيح يكذّب هؤلاء التّيُوس الضُّلّال قبّحهم الله. ومن شعره: بدرٌ دجى في بدن شطب ... عطّل حُسْن اللُّؤْلُؤ الرطْبِ يلومني النّاس على حبّهِ ... يا جَهْلَهم باللّوم في الحبِّ نعشق من صبغهم ما حلا ... فكيف ما من صبغة الرّبِّ وللنِّظّام مقالات خبيثة، وقد كفّره غير واحد. وقال جماعة: كان عليّ دين البَرَاهمة المُنْكِرين للنُّبُوَّة والبعث، لكنّه كان يُخْفي ذلك. سقط من غرفة وهو سَكْران فهَلك. 491- أبو عبد الرحمن المتكلّم الشّافعيّ1. هو أحمد بن يحيى بن عبد العزيز البغداديّ. روى عن أبي عبد الله الشّافعيّ، فنُسِب إليه. ذكره الحافظ أبو بكر.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 200". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 281 وكان يقول: من فاتته صلاة عمْدًا فإنه لا يمكن أن يقضيها أصلًا، كمن فاته الوقوف بعَرَفَة لا يمكن أن يقضيه. أخذ عنه داود بن عليّ عِلْم الاختلاف. 492- أبو عيسى الملّقب بالمردار1. أحد رءوس المُعْتَزِلة بالبصرة. أخذ عن: بِشْر بن المُعْتَمِر. وتزهّد وتعبّد وانفراد بمسائل ملعونة. زعم أنّ الربّ تعالى يقدر على الكذب والظُّلْم، وكفَّرَ من قال بقِدَم القرآن، ومن قال أفعالنا مخلوقة، أو قال برؤية الله تعالى. حَتّى أنّه كفَّر كلَّ من خالفه، حَتّى أنّه قال له رجل: فالجنّة الّتي عرضها السّماوات والأرض لا يدخلها إلّا أنت وثلاثة. فسكت. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 493- أبو موسى الفرّاء2. من رءوس المُعْتَزِلَة البغداديّين. قال المسعوديّ: مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 494- أبو هلال الأشعريّ3. قال أبو حاتم الرّازيّ: سألته عن اسمه فقال: هو كنيتي. وقال أبو أحمد: اسمه مِرْداس بن محمد بن الحارث بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنُ أبي موسى الأشعريّ. عن: مالك، وأبي بكر النَّهشلي، وقيس بن الربيع، وشَرِيك، ويحيى بن العلاء، والقاسم بن مَعّن، وعاصم بن محمد العمريّ.   1 انظر الفرق بين الفرق "164-166"، ولسان الميزان "4/ 398". 2 انظر الفهرست "305"، ومروج الذهب "3404". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 199"، وميزان الاعتدال "4/ 88". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 282 وعنه: مُطَيَّن، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وأحمد بن محمد البغداديّ، وابن أبي الدُّنيا، وأحمد بن أبي غَرَزَة، ومحمد بن عَبْدك القزّاز، وبِشْر بن موسى الأَسَديّ، وغيرهم. وهو من كبار شيوخ الكوفة، ليّنه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 495- أبو الهُذَيْل العلّاف البصْريّ1. المُتكلّم المُعْتَزليّ، واسمه محمد بن الهذيل. كان من أجلاد القوم ورءوسهم. زعم بجهلٍ أنّ أهل الجنّة تنقطع حركاتهم حَتّى لا يتكلّمون كلمة، وينقطع نَعيم الجنّة. وأنكر الصِّفات المقدَّسة وقال: عِلْم الله هو الله. ونقل عنه أبو محمد بن حزم في كتاب "الفصل" أنّه قال: إنّ لمّا يقدر "الله تعالى" عليه آخرًا، أو أنّ لقُدرته تعالى نهاية لو خرج إلى الفعل. وإنّ خرج لم يقدر الله بعد ذلك على شيء أصلا، ولا على خلْق ذرّةٍ فما فوقها. وهذا كفرٌ مجرَّد. يُروى أنّ المأمون قال لحاجبه: مَن بالباب؟. قال: أبو الهُذَيْل المُعْتَزليّ، وعبد الله بن أباض الخارجيّ، وهشام بن الكلْبيّ الرافضيّ. فقال: ما بقي من رءوس جهنَّم أحد إلّا وقد حضر. وقد نُقل أنّ صاحب التّرحمة شرِب مرَّةً عند صاحبٍ له، فراود غلامًا أمرد في الطّهارة، فضربه الغلام بتورٍ، فدخل في رقبته، وصار مثل الطَّوْق، فاحتاجوا إلى إحضار حدّادٍ حَتّى فكْهُ من رقبته. أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطّويل صاحب واصِل. وقد طال عُمُره، وصنَّف الكتب، ونَيَّف على التسعين. أخذ عنه: عليّ بن ياسين، وغيره.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 98"، والكامل في التاريخ "6/ 521"، والعقد الفريد "2/ 338"، وسير أعلام النبلاء "10/ 542، 543". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 283 مات سنة سبعٍ وعشرين، وقيل: سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. ومن رءوس المعتزلة أيضًا. 496- ضِرار بن عَمْرو1. وإليه يُنْسب الطائفة الضِّراريّة. وكان يقول: يمكن أن يكون جميعَ من في الأرض ممّن يُظْهِر الإسلام، كُفّارًا كلهم في الباطن، لأنّ ذلك جائز على كلّ فرد منهم في نفسه. ويقول: إنّ الأجسام إنّما هي أعراضٌ مجتمعة، وإنّ النّار ليس فيها حَرّ، ولا في الثّلج بردٍ، ولا في العَسَل حلاوة، وغير ذلك. وإنّ ذلك إنّما يخلقه الله عند الَّلمْس والذّوق. وقال المروزيّ: قال أحمد بن حنبل: شهدت على ضِرار عند سعيد بن عبد الرحمن، فأمر بضرب عُنقه فهرب. قال حنبل -فيما يحكيه عن أحمد بن حنبل- قال: دخلتُ على ضِرار عندنا ببغداد، وكان مشوَّه الخَلْق، وكان به الفالج، وكان يرى رأي الاعتزال، فكلّمه إنسان، وأنكر الجنّة والنّار. وقال اختلف العلماء، بعضهم قال: خُلِقا. وبعضهم قال: لم يُخْلَقَا. فوثب عليه أصحاب الحديث، وضربوه في الدّار، وخرجتُ فجئت السُّلْطانَ، وكنتُ حَدَثًا، فقلت: هذا الكُفْر وجُحُود القرآن، قال الله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 46] . قال: فأتوا به الْجُمَحيّ، وشهدوا عليه عنده، فصيّر دمه هدْرًا لمن قتله، فاستخفى وهرب. قالوا: أخفاه يحيى بن خالد عنده حَتّى مات. قال الذّهبيّ: هذا يدّل على موته في خلافة الرشيد، فينبغي أن يحوّل. وأيضًا   1 انظر العقد الفريد "3/ 57"، والفرق بين الفرق للبغدادي "201"، وسير أعلام النبلاء "10/ 544-546". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 284 فإنّ حَفْصًا الفرد الذي ناظر الشّافعيّ من تلامذة ضِرار، يُنْكر عذاب القبر. قاله ابن حزم. وحكى الأبّار قال: جاء قوم شهدوا على ضِرار أنّه زِنديق، فقال سعيد: قد أبَحْتُ دمَه، فمن شاء فليقتلْه. وعزلوا سعيد بن عبد الرحمن. قال: فمرَّ شَرِيك القاضي ومنادٍ ينادي: مَن أصاب ضِرار فله عشرة آلاف درهم. فقال شَرِيك: السّاعة خلَّفْتُه عند يحيى بن خالد، أراد أن يُعلم أنّهم ينادون عليه وهو عندهم. قال الذّهبيّ: فلهذا ونحوه تكلَّم النّاس في معتقد البرامكة. 497- داود الجواربيّ1. كان رافضيًّا مجسِّمًا كهشام بن الحَكَم. قال أبو بكر بن أبي عَوْن: سَمِعْتُ يزيد بن هارون يقول: الجواربيّ والمَرّيسيّ كافران. ثمّ سَمِعْتُ يزيد ضَرَب للجواربيّ مَثَلا، فقال: إنّما داود الجواربيّ عبر جسر واسط يريد العيد، فانقطع الجسر، فغرق من كان عليه، فخرج شيطان وقال: أنا داود الجواربيّ.   1 انظر ميزان الاعتدال "2/ 23"، ولسان الميزان "2/ 427". الجزء: 16 ¦ الصفحة: 285 الفهرس العام للكتاب : الموضوع رقم الصفحة -الطبقة الثالثة والعشرون- "دخلت سنة إحدى وعشرين ومائتين" 3 المتوفون هذه السنة. 3 الوقعة بين الخرمية والمسلمين. 3 ذكر الفتنة الجمحي. 3 ذكر كسوة البيت. 4 بناء سامِرّاء. ثمّ دخلت سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 4 المتوفون هذه السنة. 4 الوقعة بين الأفشين وبابك الخرمي. 4 فتح البذ مدينة بابك. 5 رواية المسعودي عن هرب بابك. ودخلت سنة ثلاث وعشرين ومائتين. 6 المتوفون هذه السنة. 6 قدوم الأفشين بغداد. 6 ذكر ما رتبه المعتصم من البريد. 6 تنكر المعتصم لرؤية بابك. 6 ديانة بابك. 7 قطع أطراف بابك وقتله. 8 ما وجده المؤلف بخط ابن جماعة. 8 الحرب بين الأفشين وطاغية الروم. 8 فتح عمورية. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 287 سنة أربع وعشرين ومائتين. 9 المتوفون هذه السنة. 9 إظهار المازيار الخلاف بطبرستان. ومن سنة خمس وعشرين ومائتين. 9 المتوفون هذه السنة. 9 وزارة الزيات. 10 القبض على الأفشين. 10 أسرار المازيار. 11 ذكر الرجلين العارين عن اللحم. 11 ذكر الحوار بين ابن الزّيّات وحيدر والأفشين والمازيار. 13 ذكر الزلزلة بالأهواز. 13 ذكر ولاية دمشق. ومن سنة ست وعشرين ومائتين. 13 المتوفون هذه السنة. 13 ذكر المطر بتيماء. 13 ذكر سجن الأفشين وموته. 14 ذكر المازيار. 14 ذكر عزْل الزُّهْريّ عن قضاء الديار المصرية. سنة سبع وعشرين ومائتين. 14 المتوفون هذه السنة. 15 خروج المبرقع بفلسطين. 15 ذكر فتنة القيسية بدمشق. 16 ذكر بيعة الواثق بالله. سنة ثمان وعشرين ومائتين. 16 المتوفون هذه السنة. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 288 17 ذكر وقوع قطعة من جبل العقبة. سنة تسع وعشرين ومائتين. 17 المتوفون هذه السنة. 17 ذكر ما صادره الواثق من أهل الدواوين. سنة ثلاثين ومائتين. 17 المتوفون هذه السنة. 18 ذكر قتال الأعراب حول المدينة. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 289 رجال هذه الطبقة من المعجم "حرف الألف" 18 1- أحمد بن جميل المَرْوَزِيّ. 19 2- أحمد بن جناب بن المغيرة. 19 3- أحمد بن حاتم بن يزيد الطويل. 19 4- أحمد بن حاتم بن مخشي. 20 5- أحمد بن الحجاج البكري الشيباني. 20 6- أحمد بن الحريش. 20 7- أحمد بن الحكم. 21 8- أحمد بن داود. 21 9- أحمد بن سليمان بن أبي الطيب. 21 10- أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي. 22 11- أحمد بن عاصم البلخي. 22 12- أحمد بن عاصم الأنطاكي. 23 13- أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي. 24 14- أحمد بن عبد الملك بن واقد الأسدي. 24 15- أحمد بن عبدويه المروزي. 25 16- أحمد بن عبيد الله بن سهيل. 25 17- أحمد بن عثمان المروزي. 25 18- أحمد بن عمران بن عبد الملك. 26 19- أحمد بن غسان البصري العابد. 26 20- أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي. 27 21- أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان. 28 22- أحمد بن محمد بن أيوب البغدادي. 29 23- أحمد بن معاوية المذحجي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 290 29 24- أحمد بن المفضل الكوفي. 29 25- أحمد بن المنذر الجدي القزاز. 29 26- أحمد بن أبي سلمة نصر البغدادي. 30 27- أحمد بن يحيى الضبي الكوفي. 30 28- أحمد بن يحيى بن حُمَيْد بن تَيْرَوَيْه. 30 29- أحمد بن أبي أحمد الجرجاني. 30 30- أحمد بن يوسف الترمذي. 31 31- إبراهيم بن إسحاق الصيني. 31 32- إبراهيم بن الأشعث البخاري. 32 33- إبراهيم بن بشار الرمادي. 33 - إبراهيم بن بشار الخراساني الزاهد. 33 34- إبراهيم بن جابر الباهلي القزاز. 33 35- إبراهيم بن حيان بن البراء بن النضر. 33 36- إبراهيم بن الحسن الثعلبي الكوفي. 34 37- إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة الزبيري. 34 38- إبراهيم بن زياد البغدادي سبلان. 35 - إبراهيم بن سيار النظام. 35 39- إبراهيم بن شماس السمرقندي. 36 40- إبراهيم بن صبيح الطلحي. 36 41- إبراهيم بن العبّاس بن عيسى بن عمر الأموي. 36 42- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زبر. 37 43- إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهديّ البصْريّ. 37 44- إبراهيم بن مهدي المصيصي. 37 - إبراهيم بن مهدي الأيلي. 37 45- إبراهيم بن المهدي محمد بن منصور. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 291 43 46- إبراهيم بن مهران بن رستم. 43 47- إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زاذان. 44 48- إبراهيم بن يحيى بن عَبّاد بن هانئ. 45 49- إبراهيم بن يحيى بن المبارك اليزيدي. 45 50- إبراهيم بن أبي سُويد الذراع. 46 51- إبراهيم بن أبي العباس السامري. 46 52- أزرق بن عذور بن دحين العنبري. 46 53- الأزرق بن علي الحنفي. 47 54- إسحاق بن إبراهيم القرشي الفراديسي. 47 55- إسحاق بن إسماعيل الطالقاني. 48 56- إسحاق بن بشر بن مقاتل الكاهلي. 49 57- إسحاق بن بشر البخاري. 49 58- إسحاق بن بشر الرازي البزار. 49 59- إسحاق بن عبد الواحد القرشي الموصلي. 49 60- إسحاق بن عمر بن سليط. 50 61- إسحاق بن كعب. 50 62- إسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي. 51 63- إسحاق بن المنذر. 51 64- إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم الهاشمي. 51 65- إسماعيل بن الخليل الكوفي الخزاز. 51 66- إسماعيل بن سعيد الشالنجي. 52 67- إسماعيل بن عبد الله بن زُرارة. 53 68- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أويس. 54 69- إسماعيل بن عبد الحميد العجلي صاحب الرقيق. 55 70- إسماعيل بن عمر بن نجيح البجلي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 292 56 71- إسماعيل بن عيسى العطار. 56 72- أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع. 58 73- أصرم بن حَوشب الهمداني. 58 74- أغلب بن إبراهيم بن الأغلب. 58 75- أيوب بن سليمان بن بلال القرشي. 59 76- أيوب بن سليمان البصري المكتب. "حرف الباء". 59 77- بابك الخرمي. 59 78- بشار بن موسى الخفاف. 60 79- بشر الحافي بن الحارث. 65 80- بشر بن عبيد الدارسي. 65 - بشر بن عُبيس. 66 81- بشر بن محمد المروزي السختياني. 66 82- بشر بن الوضاح البصري. 67 83- بكار بن محمد بن عبد الله السيريني. 67 84- بكر بن الأسود العايذي. 67 85- بيان بن عمرو البخاري. "حرف التاء". 68 86- ترك الحذاء المقريء. "حرف الثاء". 69 87- ثابت بن موسى الكوفي العابد. "حرف الجيم". 70 88- جعفر بن إدريس المَوْصِليّ الزّاهد. 70 89- جعفر بن حرب الهمداني المعتزلي. 70 90- جُنادة بن محمد بن أبي يحيى. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 293 71 91- جندل بن والق بن محرس. 71 92- جوين بن ضمرة القشيري. "حرف الحاء". 71 93- حاجب بن الوليد بن ميمون الأعور. 72 94- حبان بن عمار بن الحكم. 72 - حبيب بن أوس. 72 95- حجاج بن إبراهيم الأزرق البغدادي. 72 96- حرب بن محمد بن علي بن حيان الطائي. 73 97- حرمي بن حفص بن عمر العتكي. 73 98- حسان بن عبد الله الواسطي. 74 99- حسان بن غالب بن نجيح الرعيني. 74 100- الحسن بن بشر بن سلم بن المسيب. 75 101- الحسن بن حُدان بن طريف. 75 102- الحسن بن الحكم القطربلي. 75 103- الحسن بن الربيع البوراني. 76 104- الحسن بن شوكر. 76 105- الحسن بن عُبيد الله بن الحسن العنبري. 76 106- الحسن بن عمرو السدوسي البصري. 76 107- الحسن بن عمرو بن سيف العبدي. 77 108- الحسن بن عمرو السجستاني العابد. 77 109- الحَسَن بن محبوب بن الحَسَن بن هلال. 77 110- الحسن بن محمد الطنافسي. 77 111- الحسين بن عبد الأول النخعي. 78 112- حفص بن عُمَر بن الحارث بن سخبرة. 79 113- الحكم بن نافع الحمصي البهراني. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 294 80 114- حماد بن حماد بن خوار الضرير. 80 115- حماد بن محمد بن مجيب الفزاري. 81 116- حماد بن مالك بن بسطام. 81 117- حميد بن المبارك. 82 118- حيوة بن شُريح بن يزيد. "حرف الخاء". 82 119- خالد بن خِداش بن عَجْلان. 83 120- خالد بن خلي الكلاعي الحمصي. 84 121- خالد بن نزار بن المغيرة الأيلي. 84 122- خالد بن هياج بن بسطام الهروي. 85 123- خالد بن يزيد العدوي العمري. 85 124- خداس بن الدخداخ بن الفنجلاخ. 86 125- الخضر بن محمد بن شجاع الحراني. 86 126- خلف بن خالد القرشي. 86 127- خلف بن محرر الهذلي. 86 128- خلف بن موسى بن خلف العمي. 87 129- خلف بن هشام بن ثعلب المقريء. 89 130- خلف بن يحيى المازني البخاري. 89 131- الخليل بن زياد المحاربي الخواص. "حرف الدال". 90 132- داود بن سليمان الجرجاني. 90 133- داود بن شبيب الباهلي. 90 134- داود بن أبي طيبة المقريء. 91 135- داود بن عمرو بن زهير بن جميل. 92 136- داود بن نوح السمسار. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 295 92 137- درهم بن مظاهر الأصبهاني. 92 138- دنيار الحبشي. "حرف الراء". 93 139- رجاء بن السندي. 93 140- الربيع بن يحيى بن مقسم. 94 141- روح بن عبد الواحد الحراني. "حرف الزاي". 94 142- زكريا بن سهل المروزي. 94 143- زكريا بن نافع الأرسوفي. 94 144- زكريا بن يحيى بن صالح البلخي اللؤلؤي. 95 145- زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب. 95 146- زيرك الرازي. "حرف السين". 95 147- سَعْد بْن محمد بْن الحَسَن بْن عطية العوفي. 96 148- سعد بن يزيد الفراء النيسابوري. 96 149- سعيد بن أسد بن موسى الأموي. 96 150- سعيد بن أشعث بن سعيد. 97 151- سعيد بن أبي مريم الجُمَحي. 98 152- سعيد بن زنبور البغدادي. 98 153- سعيد بن زياد. 99 154- سعيد بن سابق الرشيدي. 99 155- سعيد بن سليمان سعدوية الواسطي. 100 156- سعيد بن سليمان بن خالد. 100 - سعيد بن يحيى سعدويه الأصبهاني. 100 157- سعيد بن شبيب الحضرمي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 296 101 158- سعيد بن صلح القزويني. 101 159- سعيد بن عبد الملك بن واقد. 101 160- سعيد بن عمرو البابوسي. 101 161- سعيد بن عمرو بن سهل الكندي. 102 162- سعيد بن عفير. 103 163- سعيد بن محمد بن سعيد الجرمي. 104 164- سعيد بن منصور بن شعبة. 105 165- سعيد بن يحيى الأصبهاني. 105 166- سلم بن قادم. 106 167- سلم بن المغيرة. 106 168- سلمة بن حبان العتكي. 106 169- سليمان بن حرب بن بجيل. 107 170- سليمان بن عبد الله بن سليمان الأمير. 108 171- سنيد بن داود المصيصي. 108 172- سهل بن بكر. 108 173- سهل بن تمام بن بزيع. 109 174- سهل بن صُقير. 109 175- سهل بن محمد بن الزبير العسكري. 110 176- سهل بن نصر المطبخي. 110 177- سيدان بن مُضارب الباهلي. "حرف الشين". 110 178- شاذ بن فياض. 111 179- شاذ بن يحيى الواسطي. 111 180- شجاع بن أشرس. 111 181- شُريح بن مسلمة التنوخي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 297 111 182- شُعيب بن محرز بن شعيث. 112 183- شهاب بن عباد العبدي الكوفي. 112 184- شهاب بن عباد العبدي البصري. "حرف الصاد". 112 185- صالح بن إسحاق الجرمي النحوي. 113 186- صالح بن عُبيد الله. 113 187- صدقة بن الفضل المروزي. 114 188- صفر بن إبراهيم. 114 189- صفر بن عبد الرحمن بن مالك بن مِغْوَلٍ. "حرف الضاد". 114 190- ضرار بن صُرد التيمي. "حرف الطاء". 115 191- الطيب بن زبان. "حرف العين". 116 192- عاصم بن علي بن عاصم بن صُهيب. 117 193- عامر بن حُجير بن سُويد الباهلي. 118 194- عامر بن سعيد الخراساني. 118 195- عباد بن موسى الختلي. 118 196- العباس بن بكار الضبي. 119 197- عباس بن سليمان بن جميل القسملي. 120 198- عباس بن الفضل العبدي. 120 - عباس بن الفضل البصري. 120 199- العباس بن المأمون بن الرشيد. 121 200- عبد الله بن أيّوب بن أبي علاج. 121 201- عبد الله بن أبي حسان الإفريقي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 298 122 202- عبد الله بن خالد الكوفي الفقيه. 122 203- عَبْد الله بْن أَبِي بكر العتكي. 122 204- عَبْد الله بن خيران. 123 205- عبد الله بن داهر الأحمري. 123 206- عبد الله بن سنان الهروي. 123 207- عبد الله بن رشيد. 124 208- عبد الله بن سلم المسمعي. 124 209- عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة. 125 210- عبد الله بن صالح بن محمد الجهني. 128 - عبد الله بن صالح الكوفي. 128 211- عَبْد اللَّه بْن طاهر بْن الْحُسَيْن بْن مُصعب. 132 212- عبد الله بن عاصم الحماني. 132 213- عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ الحجازي. 132 214- عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي. 133 215- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَة بْنِ أبي رواد. 134 - عبدان بن محمد المروزي. 134 216- عبد الله بن عَمْرو بن أبي الحَجّاج. 135 217- عبد الله بن عيسى الطفاوي. 135 218- عبد الله بن أبي عرابة الشاشي. 135 219- عبد الله بن محمد بن حميد. 136 220- عبد الله بن الفرج القنطري. 136 221- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الجعفي. 137 222- عبد الله بن محمد بن الربيع العائذي. 137 223- عبد الله بن محمد بن هارون التُّوزيّ. 138 224- عبد الله بن مروان الحراني. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 299 138 225- عبد الله بن مروان بن معاوية الفزاري. 138 226- عبد الله بن مسلمة بن قعنب. 141 227- عبد الله بن مهدي العامري. 141 228- عبد الأحد بن الليث بن عاصم. 141 229- عبد الأعلي بن عبد الواحد البرلسي. 142 230- عبد الباقي بن عبد السلام البصري. 142 231- عبد الجبار بن سعد بن سليمان. 142 232- عبد الحميد بن بكار البيروتي. 143 233- عبد الحميد بن صالح البرجمي. 143 234- عبد الحميد بن أبي طالب البصري. 143 235- عبد الرحمن بن بجير الكلاعي. 144 236- عبد الرحمن بن بكر الطبري الآملي. 144 237- عبد الرحمن بن بكر بن الربيع الجمحي. 144 238- عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي. 145 239- عبد الرحمن بن الحَكَم بن بشير الرّازيّ. 145 240- عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي. 145 241- عبد الرحمن بن الضحاك البعلبكي. 146 242- عبد الرحمن بن عبد الملك بن شَيْبَة. 146 243- عبد الرحمن بن عُبَيْد بن محمد بن عائشة. 147 244- عبد الرحمن بن المبارك الخلقاني. 147 245- عبد الرحمن بن محمد بن علقمة الفرضي. 147 246- عبد الرحمن بن مقاتل التستري. 148 247- عبد الرحمن بن موسى الهواري. 148 248- عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل الدمشقي. 148 249- عبد الرحمن بن يونس المستملي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 300 149 250- عبد الرحيم بن محمد بن زيد السُّكَّريّ. 149 251- عبد الرزاق بن عمر الدمشقي. 150 252- عبد الرّزّاق بن عُمَر بن بزيع البَزِيعيّ. 150 253- عبد السلام بن مطهر بن حسام. 151 254- عبد الصمد بن عبد الكريم القدسي. 151 255- عبد الصَّمَد بن داود بن مِهران الحَرّانيّ. 151 256- عبد العزيز بن الخطاب. 151 257- عبد العزيز بن داود الحراني. 152 258- عبد العزيز بن عثمان بن جبلة. 152 259- عبد العزيز بن موسى اللاحوني. 152 260- عبد العزيز بن أبي سلمة العمري. 153 261- عبد الغفار بن داود بن مهران. 154 262- عبد الغنيّ بن سعيد بن عبد الرحمن. 154 263- عبد الكبير بن المعافي بن عمران. 155 264- عبد المتعالي بن طالب الظفري. 155 265- عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك. 156 266- عبد الملك بن مسلمة بن يزيد. 157 267- عبد المنعم بن إدريس اليماني. 157 268- عبد الوهاب بن علي التميمي. 158 269- عُبيد بن جناد الكلابي الرقي. 158 270- عبيد الله بن حفص بن عمر العيشي. 159 271- عبيد بن يحيى الأسدي. 159 272- عبيد بن يعيش المحاملي. 160 273- عُتبة بن سعيد بن حِبّان بن الرحض. 160 274- عتيق بن يعقوب بن صديق. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 301 160 275- عثمان بن سعيد الكوفي الزيات. 161 276- عثمان بن سعيد بن مرة القرشي. 161 277- عريب المغنية. 162 278- عفان بن مخلد البلخي. 162 279- علي بن الجارود النيسابوري. 162 280- علي بن الجعد بن عبيد الهاشمي. 165 281- علي بن جعفر بن زياد الأحمر. 165 282- علي بن الحسن بن طيبان. 165 283- علي بن رزين. 165 284- عليُّ بن عبد الحميد بن مُصْعَب المعْنيّ. 166 285- علي بن عثمان اللاحقي. 167 286- علي بن عثام بن علي. 168 287- علي بن قدامة الطوسي الوكيل. 168 288- علي بن قرين بن بيهس. 168 289- علي بن المثنى بن يحيى. 169 290- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي سيف. 171 291- علي بن ميسرة بن خالد الهمذاني. 171 292- علي بن أبي هاشم بن طبراخ. 171 293- عمار بن نصر السعدي. 172 294- عمار بن هارون. 172 295- عمر بن إبراهيم بن خالد الهاشمي. 173 296- عمر بن حفص بن غياث النخعي. 173 297- عمر بن الخطاب الكندي. 173 298- عمر بن سعيد بن سليمان. 174 299- عُمَر بن عبد الوهّاب بن رياح بن عُبيدة. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 302 174 300- عُمَر بن عثمان بن عاصم بن صُهيب. 175 301- عمر بن علي بن أبي بكر الكندي. 175 302- عمرو بن حماد بن طلحة القتاد. 176 303- عمرو بن حماد الأزدي الفراهيدي. 176 304- عمرو بن حماد العبدي. 176 305- عمرو بن خالد بن فروخ. 176 306- عمرو بن الصباح الكوفي. 177 307- عَمْرو بن عَوْن بن أَوْس بن الْجَعْد. 178 308- عمرو بن مرزوق الباهلي. 179 309- عمرو بن مرزوق الواشجي. 179 310- عمرو بن هارون المقريء. 180 311- عمران بن ميسرة المنقري. 180 312- عمرو بن هارون الرملي. 180 313- عون بن جبلة الأزدي الموصلي. 181 314- عون بن سلام. 181 315- العلاء بن عمرو الحنفي. 182 316- العلاء بن موسى بن عطية. 182 317- عياش بن الوليد الرقام. 182 318- عيسى بن إبراهيم البركي. 183 319- عيسى بن أبان الفقيه. 184 320- عيسى بن مسلم الصفار. "حرف الغين". 184 321- غالب بن حلبس الكلبي. 184 322- غسان بن الربيع بن منصور. 185 323- غسان بن الفضل السجستاني. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 303 185 324- غسان بن مالك السلمي. "حرف الفاء". 186 325- فروة بن أبي المغراء. 186 326- فضالة بن المفضل بن فضالة. 186 - الفضل بن غانم. 186 327- فضيل بن عبد الوهاب الغطفاني. 187 328- فطر بن حماد بن واقد البصري. 187 329- الفيض بن وثيق الثقفي. "حرف القاف". 187 330- القاسم بن سلام أبو عبيد البغدادي. 193 331- القاسم بن سلام بن مسكين. 194 332- القاسم بن عمر بن عبد الله الأنصاري. 194 333- القاسم بن عمرو بن محمد العنقزي. 194 334- القاسم بن عيسى العجلي الأمير. 197 335- القاسم بن أبي سفيان محمد بن حُميد. 198 336- القاسم بن هانئ الأعمى. 198 337- القاسم بن يزيد بن عوانة. 198 338- قتيبة بن مهران الأزاذاني. 199 339- قرة بن حبيب القنوي. 200 340- قيس بن حفص الدارمي. "حرف اللام". 200 341- الليث بن خالد البلخي. 200 - الليث بن خالد البغدادي. 200 342- الليث بن داود القيسي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 304 "حرف الميم" 201 343- المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى التميمي. 201 344- محمد بن أسد الخوشي. 201 345- محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة. 202 346- محمد بن إسماعيل بن عياش العنسي. 202 347- محمد بن أمية بن آدم. 203 348- محمد بن أيوب الكلابي. 203 349- محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن حرب. 204 350- محمد بن بشر الأسدي الكوفي. 204 351- محمد بن بكير بن واصل الحضرمي. 205 352- محمد بن أبي بلال. 205 353- محمد بن توبة الطرسوسي. 205 354- محمد بن جعفر بن زياد بن أبي هاشم. 205 355- محمد بن جهضم الثقفي اليمامي. 206 356- محمد بن حاتم بن يونس الجرجرائي. 206 357- محمد بن حسان بن خالد السمتي. 207 358- محمد بن الحسن بن المختار التميمي. 207 359- محمد بن حيان البغوي. 208 360- محمد بن خالد بُرامة. 208 361- محمد بن خالد بن مُرْتَنيل الأشجّ. 209 362- محمد بن زياد بن مخلد الإصبهاني. 209 363- محمد بن زياد الأصبهاني الرازي. 209 364- محمد بن زياد بن زبار الكلبي. 209 365- محمد بن سعد بن منيع. 210 366- محمد بن سعيد بن الوليد الخزاعي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 305 211 367- محمد بن سفيان بن وردان الأسدي. 211 368- محمد بن سنان الباهلي العوقي. 212 369- محمد بن سلام بن الفرج البخاري. 213 - محمد بن سلام الجمحي. 213 370- محمد بن بن صالح الفزاري. 214 - محمد بن الصباح الجرجرائي. 214 371- محمد بن الصباح الرعيني. 214 372- محمد بن الصباح الدولابي. 215 373- محمد بن صبيح الموصلي. 215 374- محمد بن الصلت التوزي. 216 375- محمد بن الطفيل بن مالك النخعي. 216 376- محمد بن عبد الله بن عثمان الخُزَاعيّ. 217 377- محمد بن عبد الله الأنباري. 217 378- محمد بن عبد الوهاب بن الزبير. 217 379- محمد بن عبيد الله بن عمرو العتبي. 218 - العتبي المكي. 218 380- محمد بن عبيد الله بن محمد المدني. 218 381- محمد بن عثمان التنوخي الكفرسوسي. 219 382- محمد بن عطاء النخعي. 219 383- محمد بن عقبة السدوسي. 219 384- محمد بن علي بن أبي خداش. 221 385- محمد بن عمران بن محمد الأنصاري. 221 - محمد بن عمران الأخنسي. 221 386- محمد بن عمر بن حفص القصبي. 221 387- عمر المعيطي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 306 222 388- محمد بن عمرو بن عثمان الجُعفي. 222 389- محمد بن عون الزيادي. 222 390- محمد بن عيسى بن عبد الواحد المعافري. 222 391- محمد بْن عيسى بْن الطباع. 224 392- محمد بْن أبي غالب البغدادي. 224 - محمد بن غالب القومسي. 224 393- محمد بن غياث السرخسي. 224 394- محمد بن الفضل السدوسي. 226 395- محمد بن القاسم الحراني. 226 396- محمد بن كثير العبدي. 226 397- محمد بن كثير بن مروان الفهري. 227 398- محمد بن كليب البصري. 227 399- محمد بن محبب الدلال. 228 400- محمد بن محبوب البناني. 228 401- محمد بن مصعب البغدادي. 229 402- محمد بن معاذ بن عباد العنبري. 229 403- محمد بن معاوية بن أعين الهلالي. 230 404- محمد بن معاوية البصري. 230 405- محمد بن مقاتل المروزي الكسائي. 230 406- محمد بن مكي بن عيسى المروزي. 231 407- محمد بن موسى بن أعين الجزري. 231 408- محمد بن نصر المروزي. 231 409- محمد بن أبي نعيم الواسطي. 232 410- محمد بن المعتصم بالله أمير المؤمنين. 236 411- محمد بن هانيء الطائي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 307 236 412- محمد بن هانيء السلمي النيسابوري. 236 413- محمد بن وهب بن مسلم القرشي. 237 414- محمد بن وهب بن عطية السلمي. 238 - محمد بن يحيى بن سعد القطان. 238 415- محمد بن يزيد الحزامي الكوفي. 238 416- مالك بن عبد الواحد المسمعي. 238 417- المثنى بن معاذ بن مُعاذ العنبري. 239 418- محبوب بن موسى الأنطاكي. 239 419- محمود بن الحسن الوراق الشاعر. 240 - مرداس الأشعري. 240 420- مرة بن عبد الواحد الكلاعي. 240 421- مسدد بن مسرهد. 241 422- مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي. 243 423- مضاء بن الجارود الدينوري. 243 424- مضر بن غسان بن مضر. 243 425- مسلم بن عبد الرحمن الجرمي. 243 426- مُعاذ بن أسد بن أبي شجرة الغنوي. 244 427- المُعافي بن محمد الأزدي الموصلي. 244 428- معمر بن بكار السعدي. 244 429- مقاتل بن محمد النصر آباذي. 245 430- مُليح بن وكيع بن الجراح الرؤاسي. 245 431- مهديّ بن جعفر بن جَبْهان بن بِهرام. 245 432- مهدي بن حفص البغدادي. 246 433- مهدي بن عيسى الواسطي. 246 434- موسى بن إسماعيل البجلي. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 308 246 435- موسى بن إسماعيل التبوذكي. 248 436- موسى بن إبراهيم المروزي. 248 437- موسى بن أيوب النصيبي. 249 438- موسى بن بحر العراقي. 249 439- موسى بن محمد البكاء. 249 440- موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي. 250 441- موسى بن معاوية الصمادحي. 250 442- موسى بن هارون بن بشير البردي. 251 443- مؤمل بن الفضل الجزري. "حرف النون". 251 444- نصر بن المغيرة البخاري. 252 445- نُعيم بن حماد بن معاوية الخزاعي. 257 446- نُعيم بن الهيصم الهروي. 257 447- نوح بن أنس الرازي. 258 448- نوح بن يزيد المؤدب. "حرف الهاء". 258 449- هارون بن الأشعث الهمداني. 258 450- هارون بن عمر المخزومي. 259 - هارون ابن الوزير أبي عبيد الله. 259 451- هاشم بن عبد الواحد القيسي الجشاش. 259 452- الهذيل بن إبراهيم الجماني. 259 453- هشام بن بهرام. 259 454- هشام بن الحكم الرافضي الحرار. 260 455- هشام بن عبد الملك الطيالسي. 261 456- هشام بن عبيد الله الرازي الفقيه. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 309 263 457- هشام بن عمرو الفوطي. 264 458- هلال بن يحيى البصري الفقيه. 264 459- الهيثم بن خارجة المروزي. "حرف الواو". 265 460- واصل بن عبد الشكور. 265 461- الوليد بن أبان الكرابيسي. 265 462- الوليد بن صالح النخاس. 266 463- الوليد بن هشام بن حجام. "حرف الياء". 266 464- يحيى بن إسماعيل الواسطي. 267 465- يحيى بن إسماعيل الكوفي الخواص. 267 466- يحيى بن بشر بن كثير الأسدي. 267 467- يحيى بن أبي الخصيب الرازي. 268 468- يحيى بن صالح الوحاظي. 269 469- يحيى بن الصامت المدائني. 269 470- يحيى بن عاصم البخاري. 270 471- يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن العجلي. 272 472- يحيى بن عبدويه البغدادي. 272 473- يحيى بن عمران. 272 474- يحيى بن محمد بن سابق الكوفي. 273 475- يحيى بن معمر بن عمران الإلهاني. 273 476- يحيى بن هاشم الغساني. 274 477- يحيى بن يحيى بن بكر المنقري. 277 478- يحيى بن يحيى الليثي. 277 479- يحيى بن يوسف بن أبي كريمة الزِّمّيّ. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 310 277 480- يزيد بن صالح النيسابوري الفراء. 278 481- يزيد بن عبد ربه الجُرجسي. 278 482- يزيد بن عبد العزيز الطيالسي. 278 483- يزيد بن عمرو بن جنزة المدائني. 278 484- يزيد بن قبيس الجبلي. 279 485- يزيد بن مهران الكوفي الخباز. 279 486- يزيد بن مروان الخلال. 279 487- يوسف بن محمد العُصفري. 280 488- يوسف بن مروان النسائي. 280 489- يوسف بن يونس الأفطس. "الكنى". 280 490- أبو إسحاق النظام المعتزلي. 281 491- أبو عبد الرحمن المتكلم الشافعي. 282 492- أبو عيس الملقب بالمردار. 282 493- أبو موسى الفراء. 282 494- أبو هلال الأشعري. 283 495- أبو الهُذيل العلاف البصري. 284 496- ضرار بن عمرو. 285 497- داود الجواربي. 287 فهرس الموضوعات. الجزء: 16 ¦ الصفحة: 311 المجلد السابع عشر الطبقة الرابعة والعشرون أحداث سنة إحدى وثلاثين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الرابعة والعشرون: أحداث سنة إحدى وثلاثين ومائتين: فيها: تُوُفّي أحمد بْن نصر الخُزَاعِيّ شهيدًا، وإبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، وَأُمَيَّة بْن بِسْطَام، وأَبو تَمَّام بن حبيب بْن أَوْس الطّائِيّ الشّاعر، وخالد بْن مرداس السراج، وسليمان بن داود الخُتُّليّ، وسُليمان بْن داود المباركيّ، وسهل بْن زَنْجلة الرّازيّ، وعبد اللَّه بْن محمد بن أسماء، وعبد الرحمن بن سلامة الْجُمَحِيّ، وعبد اللَّه بْن مُزْيَد المقرئ الدّمشقي، وعليّ بْن حَكَم الأزديّ، وكامل بْن طلحة الجحدريّ، ومحمد بْن زياد الأعرابيّ اللُّغَويّ، ومحمد بْن سلام الْجُمَحِيّ أخو عبد الرحمن، ومحمد بْن المِنْهَال التَّميميّ الضرير، ومحمد بْن المِنْهَال العطّار أخو حَجَّاج، ومحمد بْن يحيى بْن حمزة قاضي دمشق، ومُحرز بْن عَوْن، ومِنْجَاب بْن الحارث، وهارون بْن معروف، ويحيى بْن عبد اللَّه بْن بُكَيْر، وأبو يعقوب يوسف يحيى البُوَيْطِي. الواثق يأمر بامتحان خلْق القرآن: وفيها ورد كتاب الواثق إلى أمير البصرة يأمره بأن يمتحن الأئمة والمؤذنيين بخلْق القرآن. وكان قد تبع أباهُ المعتصم في امتحان النّاس بخلْق القرآن. رفعُ المتوكّل للمحنة: فلمّا استخلف المتوكّل بعده رفع المحنة، ونشر السنة. خبر الفِداء بين المسلمين والروم: وفيها كان الفداء، فاستفكّ من طاغية الروم أربعة آلاف وستمائة نفس. فتفضّل أحمد بْن أبي دؤاد فقال: من قال من الأسارى القرآن مخلوق، خلِّصُوه وأعطوهُ دينارين. ومن امتنعَ دعوه في الأسر ولَم يقع فداء بين المسلمين والروم منذ سبعٍ وثلاثين سنة. دخول المجوس إشبيلية: وفيها نقل أبو مروان بْن حبّان في تاريخ الأندلس واقعة غريبة فقال: وَرَدَ مجوس يُقال لَهم الأردمانيّون إلى ساحل الأندلس الغربيّ، في أيام الأمير عبد الرحمن، فوصلوا إشْبيلية وهي بغير سورْ، ولا بِهَا عسكر، فقاتلهم أهلها ثُمَّ انهزموا. فدخل المجوس إشبيلية، وسَبَوْا الذُّرِّيَة ونهبوا. فأرسل عبد الرحمن عسكرًا، فكسروهم واستنقذوا الأموال والذُّرِّيّة، وأسروا منهم أربعة آلاف، وأخذوا لهم ثلاثين مركبًا. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 3 أحداث سنة اثنين وثلاثين ومائتين : تُوُفِيّ فيها إبراهيم بْن الحَجَّاج النِّيليّ لا الشّاميّ، والحَكَم بْن موسى القَنْطَريّ الزّاهد، وجُوَيْرية بْن أشرس، وعبد اللَّه بْن عون الخراز، وعبد الوهاب بْن عَبْدَةَ الحَوْطِيّ، وعليّ بْن المغيرة الأثرم اللُّغَويّ وعَمْرو بْن محمد النّاقد وعيسى وعمرو بْن سالِم الشّاشيّ، وهارونَ الواثق بالله ويوسف بْن عديّ الكوفيّ. الحرب بين بُغا الكبير وبني نُمَيْر: وفيها كانت وقعة كبيرة بين بُغا الكبير وبين بني نُمَيْر، وكانوا قد أفسدوا الحجاز وتهامة بالغازات، وحشدوا في ثلاثة آلاف راكب، فهزموا أصحاب بُغَا، وجعل يناشدهم الرجوع إلى الطّاعة، وبات بحذائهم ثُمَّ أصبحوا فالتقوا، فانهزمَ أصحابُ بُغَا، فأيقنَ بالهلاكِ. وكان قد بعث مائتي فارس إلى جبل لبني نُمَيْر. فبينما هو في الإشراف على التَّلَف، إذا بِهم قد رجعوا يضربون الكوسات1، فحملوا على بني نُمَير فهزموهم، وركبوا أقفيتهم قتلًا وأسرًا، فأسروا منهم ثمانمائة رجل. فعاد بُغَا وقدِم سامرّاء، وبين يديه الأسرى2. خبر العطش بالحجاز: وفيها مات خلْق كثير من العطش بأرض الحجاز. الزلازل بالشام: وفيها كانت الزلازل كثيرة بالشّام، وسقطت بعض الدور بدمشق، ومات جماعة تحت الردم.   1 أي: الأبواق. 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 148-150". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 4 أحداث سنة ثلاثة وثلاثين ومائتين : فيها تُوُفِيّ: أحمد بْن عبد اللَّه بْن أبي شُعَيب الحرّانيّ، وإبراهيم بْن الْحَجّاج السَّامِيّ، وإسحاق بْن سعيد بْن الأَرْكُون الدِّمشقيّ، وحبّان بْن موسى المَرْوَزِيّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ بِنْتَ شُرَحْبِيلَ، وداهر بْن نوح الأهوازيّ، ورَوْح بْن صلاح المصريّ، وسهل بْن عثمان العسكريّ، وعبد الجبّار بْن عاصم النَّسَائِيّ، وعُقْبة بْن مُكْرَم الضَّبّيّ، ومحمد بْن سماعة القاضي، ومحمد بن عائذ الكاتب، والوزير بن محمد بْن عبد الملك بْن الزَّيّات، ويحيى بْن أيّوب المَقَابِرِيّ، ويَحْيَى بْن مَعِين، ويزيد بْن مَوْهِب الرَّمْليّ. الزلزلة بدمشق: وفيها جاءت زلزلة مَهُولة بدمشق، سقطت فيها شُرُفات1 الجامع، تصدع حائط المحراب، وسقطت منارته2. وهلك خلْق تحت الرَّدْم. وهرب النّاس إلى الْمُصَلّى باكين مُتَضرِّعين، وبقيت ثلاث ساعات، وسكنت، وقال: أحمد بْن كامل في تاريخه إنّ بعض أهالي دير مُرَّان3 رأى دمشق تنخفضُ وترتفعُ مِرارًا، فمات تحت الْهَدم مُعْظم أهلها. كذا قال، واللَّهُ حَسِيبهُ. وهرب النّاس إلى المُصَلّى قال: وانكفأت قريةٌ بالغُوطة، فلَمْ ينجُ منها إلَّا رجلٌ واحد، وكانت الحِيطان تنفصلُ حجارتها، مع كَوْن الحائط عرضُه سبعة أدرُع. وامتدّت إلى أنطاكية، فهدمتها، وإلى الجزيرة فأخربتها، وإلى المَوْصِل فيُقالُ: هَلَكَ من أهلها خمسون ألفًا، ومن أهل أنطاكية عشرون ألفًا. إصابة ابن أبي دؤاد بالفالج: وفيها أصاب أحمد بْن أبي دؤاد فالج4 صيره حجرًا ملقى.   1 الشرفة هي: أعلى الشيء. 2 أي: المأذنة. 3 وهو بالقرب من دمشق. 4 الفالج هو: شلل يصيب أحد شقي الجسم طولًا. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 5 أحداث سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين: تُوُفِيّ فيها أحمد بْن حرب النَّيْسَابُوريّ الزّاهد، ورَوْح بْن عبد المؤمن القارئ، وأبو خَيْثَمة زُهير بْن حرب، وسليمان بْن داود الشَّاذكُونيّ، وأبو الربيع سليمان بن داود الزهراني، وعبد الله بْن الرّمّاح قاضي نَيْسَابور، وأبو جعفر عبد اللَّه بْن محمد النُّفَيْلِيّ، وعليّ بْن بحر القطّان، وعليّ بْن المَدِينيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، ومحمد بْن أبي بكر المُقَدَّمِيّ، والْمُعَافَى بْن سليمان الرَّسْعَنِيّ، ويحيى بْن يحيى اللَّيْثيّ الفقيه. خبر هبوب الريح بالعراق: وفيها هبت ريح بالعراق -ما قيل- شديدة السموم، لم يعهد مثلها، أحرقت زرع الكوفه، والبصرة وبغداد، وقتلت المسافرين. ودامت خمسين يومًا، واتصلت بهمدان، فأحرقت الزرع والمواشي، واتصلت بالموصل وسنجار، ومنعت الناس من المعاش1 في الأسواق، ومن المشي في الطرق، وأهلكت3 خلقًا كثيرًا والله أعلم بصحّة ذلك. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالناس من العراق محمد بْن داود بن عيسى العباسي، وهو كان أمير الحج في هذه الأعوام. إظهار المتوكّل للسنة: وفيها أظهر السنة المتوكّلُ في مجلسه، وتحدَّث بِهَا، ووضع المحنة ونهى عن القول   1 أي البيع والشراء. 2 أي ماتوا. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 6 بِخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الآفاق1، واستقدمَ المحدِّثينَ إلى سامرّاء، وأجزلَ عطاياهم وأكرمهم، وأمرهم أن يُحدِّثوا بأحاديث الصِّفَات والرؤية. وجلس أبو بكر بْن أبي شَيْبة في جامع الرّصافة، فاجتمعَ له نَحوٌ من ثلاثين ألف نفس، وجلس أخوهُ عثمان بْن أبي شَيْبَة على منبر في مدينة المنصور، فاجتمعَ إليه أيضًا نحوٌ من ثلاثين ألفًا. وجلس مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ وحدَّث، وتوفّر دعاء الخلْق للمتوكّل، وبالغوا في الثّناء عليه والتّعظيم له، ونسوا ذنوبه، حتّى قال قائلهم، الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصِّدِّيق يوم الردة، وعمر بن عبد العزيز في ردّ المظالِم، والمتوكّل في إحياء السنة وإماتَة التَّجَهُّم. خروج البُعَيْث عن الطاعة: وفيها خرج عن الطّاعة محمد البُعَيْث أمير آذَرْبَيْجَان وأرمينية، وتَحَصَّن بقلعة مَرَنْد، فسار لقتاله بُغَا الشَّرابيّ في أربعة آلاف، فنازله وطال الحصار، وقُتِلَ طائفة كبيرة من عسكر بُغَا. ثُمَّ نزل بالأمان، وقيل بل تدلّى ليهرب فأسروه. والله أعلم.   1 الأفاق أي: بلغ النهاية في الكرم والعلم. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 7 أحداث سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين: فيها تُوُفِيّ: أحمد بْن عمر الوَكِيعيّ، وإبراهيم بْن العلاء زِبْريق الحمصيّ، وإسحاق الْمَوْصِليّ النّديم، وسُرَيْج بْن يونس العابد، وإسحاق بْن إبراهيم بْن مُصْعَب أمير بغداد، وشُجاع بْن مَخْلَد، وشَيْبَان بْن فَرُّوخ، وأبو بكر بْن أبي شَيْبَة، وعُبَيْد اللَّه بْن عمر القواريريّ، ومحمد بْن عبّاد المكيّ، ومحمد بن حاتم السمين، معلى بْن مهديّ الْمَوْصِليّ، ومنصور بْن أبي مزاحم، وأبو الهُذَيْل العلّاف شيخ المعتزلة، وهُرَيْم بْن عبد الأعلى البصْرِيّ، وعَمْرو بن عبّاس. إلزام النصارى بلباس العسليّ: وفيها ألزم المتوكّل النصارى بلبس العسلي. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 7 أحداث سنة ستة وثلاثين ومائتين : فيها تُوُفِيّ: أحمد بْن إبراهيم الْمَوْصِليّ، وإبراهيم بْن أبي معاوية الضَّرير، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو إبراهيم التَّرْجُمانيّ إسماعيل بْن إبراهيم، وأبو مَعْمَر القَطِيعيّ إسماعيل بْن إبراهيم، والحارث بْن سُرَيْج النَّقّال، والْحَسَن بْن سهل وزير المأمون، وخالد بْن عَمْرو الشّاميّ، وصالِح بْن حاتِم بْن وردان، وأبو الصَّلْت الهَرَويّ عبد السلام بْن صالِح، ومحمد بْن إسحاق المسيّبيّ، ومحمد بْن عَمْرو السَّوّاق، ومحمد بْن مقاتل العبَّادانيّ، ومُصْعَب بْن عبد اللَّه الزُّبَيْرِيّ، ومنصور بْن المهديّ الأمير، ونصر بْن زياد قاضي نيسابور. وهُدْبَة بْن خالد. إرسال المتوكّل القُضاة لأخذ البيعة لأولاده: وفيها أشْخَص المتوكل القضاة من البلدان لبيعة ولاة عهد لأولاده: المنتصر بالله محمد، وَمِنْ بعده الْمُعْتَزّ بالله محمد، وَمِنْ بَعْدِهِ المؤيَّد بالله إبراهيم. وبعث خَوَاصَّهُ إلى البُلدان ليأخذوا الْبَيْعَةَ بذلك. حوادث دمشق: وفيها، أو في حدودها، وثبوا1 على نائب دمشق سالِم بْن حمد، فقتلوهُ يوم الجمعة على باب الخضراء. وكان من العرب، فلمّا وُلِّيَ أذَلَّ قومًا بدمشق من السَّكُون والسَّكاسِك، ولَهم وَجَاهةٌ وَمَنعة2، فثاروا به وقتلوه. فندبَ المتوكّل لدمشق أفريدون التُّرْكيّ، وسَيَّرهُ إليها. وكان شُجاعًا فاتكًا ظالِمًا، فقدِم في سبعة آلاف فارس، وأباح لَهُ المتوكّل القتل بدمشق والنَّهْب، على ما نُقِلَ إلينا، ثلاث ساعات. فنزل ببيت لِهْيَا، وأراد أن يُصَبِّح بالبلد، فلمّا أصبح نظر إلى البلد وقال: يا يوم ما يُصبحك منّي. وقُدِّمَت له بغلة فضربته بالزَّوْج3 فقتلته، وقبر ببيت لِهْيا4، وردّ الجيش الذي معه خائفين. وبلغ المتوكّل، فصلُحت نيته لأهل دمشق.   1 وثبوا أي: بلغوا أو علوا. 2 أي وقوة. 3 أي بأرجلها. 4 أي وهي بلد بغوطة دمشق. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 8 هدم قبر الحسين: وفيها أمر المتوكّل بِهْدَم قبر السّيد الحسين بْن عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وهدم ما حوله من الدُّور، وأن تُعمل مزارع. ومنع الناس من زيارته وحُرِثَ وبقي صحراء. وكان معروفًا بالنّصب، فتألّم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتْمَه1 على الحيطان والمساجد، وهجاهُ الشعراء، دِعْبِل، وغيرُه. وفي ذلك يقول يعقوب بْن السِّكّيت، وقيل: هي للبسّاميّ عليّ بْن أحمد، وقد بقي إلى بعد الثلاثمائة: بالله إن كانت أمية قد أتت ... قَتْلَ ابنِ بنت نبيّها مظلوما فلقد أتاهُ بنو أبيه بِمثله ... هذا لَعَمْرُكَ قبره مهدوما أسِفُوا على أن لا يكونوا شارَكوا ... في قتله، فتتبَّعوهُ رميما غزوة علي بْن يحيى الصائفة: وفيها غزا عليّ بْن يحيى الصّائفة في ثلاثة آلاف فارس، فكان بينه وبين ملك الروم مصاف، انتصر فيه المسلمون، وقُتِلَ خلقٌ من الروم، وانْهَزَمَ ملكهم في نَفَرٍ يسير إلى القسطنطينية. فسار الأميرُ عليّ، فأناخ على عَمُّورِيَة، فقاتل أهلها، وأخذها عُنْوَةً2، وقتل وأسر، وأطلق خلْقًا من الأسر، وهَدَم كنائسها، وافتتح حصن الفطس، وسبى منه نحو عشرين ألفًا. الحج هذا الموسم: وحج بالناس محمد المنتصر وليّ العهد، ومعه أُمُّ المتوكّل وشيَّعها المتوكّل إلى النّجف ورجع، وأَنْفَقَتْ أموالًا جزيلة.   1 أي سبه وقذفه. 2 أي غصب. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 9 أحداث سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين: فيها تُوُفِيّ: إبراهيم بن محمد ابن عم الشافعي، وحاتِم الأصمّ الزّاهد، وسعيد بْن حفص النُّفَيْلِيّ، والعبّاس بْن الوليد النَّرْسِيّ، وعبد اللَّه بْن عامر بْن زُرَارَة، وعبد اللَّه بْن مطيع، وعبد الأعلى بْن حمّاد النَّرْسِيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن مُعاذ العَنْبَريّ، وأبو كامل الفُضَيْل بْن الحسن الْجُحْدريّ، ومحمد بْن قُدامة الجوهريّ، ووَثِيمة بْن موسى نزيل مصر، وكان إخباريًّا. ذكر وثوب أهل أرمينية بعاملهم يوسف بْن محمد: وفيها وثبت بطارقة أرمينية بعاملها يوسف بْن محمد فقتلوه، فجهزَّ المتوكّل لحربِهم بُغا الكبير، فالتقاهم على دَبِيل1، فنُصِر عليهم، وقتل منهم خَلْقًا عظيمًا، وسبَى خلقًا، حتّى قيل إنّ المَقْتَلة بلغت ثلاثين ألفًا، وسار إلى تَفْلِيس. المتوكّل يأمر بحلق لحية قاضي القضاة في مصر: وفيها بعثَ المتوكّل إلى نائب مصر أن يحلق لحية قاضي القضاة بِمصر أبي بكر محمد بْن أبي اللَّيْث، وأن يضربه، ويطوف به على حِمَار، فَفُعِلَ ذلك به في شهر رمضان، وسُجِنَ، فإنّا لله وإنّا إليه رَاجِعُونَ. اللَّهُمَّ لا تأجرهُ في مصيبته، فإنّه كان ظالِمًا من رؤوس الْجَهْميّة. ولاية الحارث بْن مسكين القضاء: ثُمَّ ولي القضاء الحارث بْن مسكين بعد تمنُّع، وأمر بإخراج أصحاب أبي حنيفة والشافعي من المسجد، ورُفِعَتْ حُصُرُهم، ومنع عامّة المؤذّنين من الأذان. وكان قد أُقعِد، فكان يُحمل في مَحَفّة إلى الجامع، وكان يركب حمارًا متربعًا. وضرب الذين يقرءون بالألحان. وحمله أصحابُه على النّظر في أمر القاضي الذي قتله محمد بْن أبي الليث، وكانوا قد لعنوهُ لَما عُزِل، ورفعوا حُصُرَهُ، وغسّلوا موضعه من المسجد. فكان الحارث بْن مسكين يُوقِف القاضي محمد بْن أبي اللَّيْثِ، ويضرب كل عشرين يومًا سَوْطًا، لكي يؤدّي ما وجب عليه من الأموال. وبقي هذا أيّامًا. وعُزِلَ الحارث بعد ثمان سِنين ببكار بن قتيبة.   1 مدينة بأرمينية. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 10 قدوم ابن طاهر على المتوكّل: وفيها قدم محمد بْن عبد اللَّه بْن طاهر وافدًا على المتوكل من خُراسان، فولّاهُ العراق1. مصادرة المتوكل لابن أبي دؤاد: وفيها غضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد وصادره، وسجن ابنه وإخْوته وصادرهم، ثُمَّ صُولِح بعد ذلك على ستة عشر ألف ألف درهم، وأشهد بيع كلّ ضيعة لَهم وافتقروا2. ولاية ابن أكثم القضاء: ورضي المتوكّل عن يحيى بْن أكثم، وولاه القضاء والمظالِم3. إطلاق المتوكّل للمساجين: وفيها أطلق المتوكّل جميع من في السجون مِمّن امتنعَ عن القَوْلِ بِخَلْقِ القرآن في أيّام أبيه، وأمرَ بإنْزَالِ جُثة أحمد بْن نصر الخُزَاعِيّ، فَدُفِعَتْ إلى أقاربه فَدُفِنتْ4. ظهور النار بعسقلان: وفيها ظهرت نارٌ بعسقلان، أحرقت البيوت والبَيَادر، وهربَ الناس، ولَم تزل تحرق إلى ثُلث اللّيل ثُمَّ كُفَّت، بإذن اللَّه. بناء قصر العروس بسامرّاء: وفيها كان بناء قَصْر العروس. بسامرّاء، وتكمّل في هذه السنة، فبلغت النَّفَقة عليه ثلاثين ألف ألف درهم. طلب المتوكّل لأحمد بْن حنبل: وفيها طلب المتوكّل من أحمد بْن حنبل المجيء إليه بسامرّاء، فسار إليه، ولَم يجتمع به، بل دخل على ولده المعتز5.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 188". 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 189"، والكامل في التاريخ "7/ 59". 3 انظر تاريخ الطبري "9/ 188". 4 انظر تاريخ الطبري "9/ 190". 5 البداية والنهاية "1/ 316". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 11 أحداث سنة ثَمانٍ وثلاثينَ ومائتين: فيها تُوُفِّيَ: أحمد بْن جوّاس الحنفيّ، وأحمد بْن محمد الْمَرْوَزِيّ مَرْدَوَيْهِ، وإبراهيم بْن أيّوب الحَوْرَانيّ الزّاهد، وإبراهيم بْن هشام الغسَّانيّ، وإسحاق بن إبراهيم بن زبريق، وإسحاق بْن رَاهَويْه، وبِشْرُ بْن الحَكَم العَبْدِيّ، وبِشْرُ بْن الوليد الكِنْديّ، والربيع بْن ثعلب، وزُهَيْر بْن عَبّاد الرُّؤَاسيّ، وحكيم بْن سيف الرَّقّيّ، وطالوتُ بْن عَبّاد، وعبد الرحمن بْن الحَكَم بْن هشام صاحب الأندلس الأُمَوِيّ. وعبد الملك بْن حبيب فقيه الأندلس، وعَمْرو بْن زُرَارة، ومحمد بْن بكّار بْن الرّيّان، ومحمد بْن الحُسَيْن البُرْجُلانيّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ المتوكّل اللُّؤلُؤيّ المقرئ، ومحمد بْن أبي السَّرِيَّ العسقلانِيّ، ويَحْيَى بْن سليمان الْجُعَفِيّ نزيل مصر. حصار بُغا تفليس: وفيها حاصر بُغَا تَفْليس، وبها إسحاق بْن إسماعيل مولى بني أُميّة، فخرج للمحاربة، فَأُسِرَ وضُرِبَتْ عُنُقه، وأُحْرِقَتْ تَفْليس، واحترق فيها خلْق. وفتحت عدة حصون بنواحي تفليس1. غزو الروم دِمياط بالمراكب: وفيها قصدت الروم، لعنهم الله، دمياط2 في ثلاثمائة مركب، فكبسوا البلد، وسَبَوا ستمّائة امرأة، ونَهبوا، وأحرقوا، وبدعوا، وخرجوا مسرعين في البحر3. فلا قوّة إلا بالله.   1 انظر تاريخ الطبري "1/ 489". 2 وهي من مدن مصر. 3 انظر تاريخ الطبري "9/ 193". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 12 أحداث سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين: فيها تُوُفّي إبراهيم بْن يوسف البلْخِيّ الفقيه، وداود بنُ رُشَيْد، وَصَفْوان بْن صالح الدّمشقيّ المؤذّن، والصَّلْت بْن مسعود الجحدري، وعبد الله بن عمر أبان مشْكدانة، وعثمان بْن أبي شَيْبَة، ومحمد بْن مِهران الجمّال الرازيّ، ومحمد بْن نصر المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن يحيى بْن أبي سَمِينة، ومحمود بْن غَيْلان، ووَهْب بْن بقيّة، ويَحْيَى بْن مُوسَى خَتّ. نفي المتوكّل لابن الجهم: وفيها نفي المتوكّل عليّ بْن الْجَهْم إلى خُراسان1. غزوة علي بْن يحيى بلاد الروم: وفيها غزا الأمير عليّ بْن يحيى الأرمنيّ بلاد الروم، فأوغلَ فيها، فيقال: إنه شارفَ القسطنطينية فأحرق ألف قرية، وقتل عشرة آلاف علْج، وسبى عشرين ألف رأس، وعاد غانِمًا سالِمًا. عزل ابن أكثم عن القضاء: وفيها عُزِلَ يَحيى بْن أكثم عن القضاء، وصُودر، وأُخِذَ من داره مائة ألف دينار، وأُخِذَ له من البصرة أربعة آلاف جريب.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 169". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 13 أحداث سنة أربعين ومائتين : فيها تُوُفِيّ: أحمد بْن خَضرَوَيْه البلْخِيّ الزّاهد، وأحمد بْن أبي دُؤاد القاضي، وأبو ثور الفقيه إبراهيم بْن خالد، وإسماعيل بْن عُبَيْد بْن أبي كريمة الحرّانيّ، وجعفر بْن حُمَيْد الكوفيّ، والحسن بْن عيسى بْن ماسرجس، وخليفة العُصْفُرِيّ شَبَاب، وسُوَيْد بْن سعيد الحَدَثَانيّ، وسُوَيْد بْن نصر الْمَرْوَزِيُّ، وعبد السّلام بْن سعيد سَحْنُون الفقيه، وعبد الواحد بْن غِياث، وقُتَيْبَة بْن سعيد، ومحمد بْن خالد بْن عبد اللَّه الطّحّان، ومحمد بْن الصّبَاح الجرجرائيّ، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج الرازيّ، ومحمد بْن أبي عَتّاب الأعْيَن، واللّيْث بْن خالد المقريء صاحب الكِسَائِيّ. وثوب أهل حمص على أبي المغيث: وفيها وثب أهلُ حمص على أبي المغيث الرافقيّ، متولّي البلد، وأخرجوهُ منها، وقتلوا جماعةً من أصحابه، فسار إليهم الأمير محمد بْن عَبْدَوَيْه، ففتك بهم، وفعل بهم العجائب1. الصَّيْحة في خلاط: وفيها سمعَ أهلُ خِلاط صيحة عظيمة من جوّ السماء، فمات منها خلق. وقوع البَرَد بالعراق: وفيها وقَعَ بَرَد بالعراق كَبَيْض الدَّجاج. وقوع خَسْف بالمغرب: ويُقال -والله أعلم: إن فيها خسف المغرب بثلاث عشرة قرية، ولَم ينجُ من أهلها، إلا نَيّفٌ وأربعون رَجُلًا، فأتَوا القيروان، فمنعوهم من الدخول، وقالوا: أنتم مسخوطٌ عليكم، فَبَنَوْا لهم خارج البلد.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 197"، والكامل في التاريخ "7/ 73". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 14 رجال هَذِهِ الطبقة على المعجم: "حرف الألف": 1- أحمد بن إبراهيم بن خالد -د- أبو علي الموصلي نزيل بغداد1. عن: إبراهيم بْن سعد، وأبي إسماعيل المؤدّب، وإبراهيم بْن سليمان، وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأبي الأَحْوَص، وشَرِيك، ومحمد بْن ثابت العبْديّ، وأبي عَوَانة، وطائفة. وعنه: "د" فَرْد حديث، وابن أبي الدُّنيا، وأحمد بْن الحسن الصُّوفيّ، وأبو يَعْلَى، ومُطَيَّن، والبَغَويّ، وموسى بْن هارون، وطائفة. وثَّقه ابن مَعِين، فقال في رواية عبد الله بْن أحمد: ليس به بأس. أَبُو يَعْلَى: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ ثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ لِلْمَدِينَةِ يَثْرِبَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ"2. تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ، وَهُوَ لَيِّنٌ، وَصَالِحٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ: مَاتَ فِي ثامن ربيع الأول سنة سِتٍّ وَثَلَاثِينَ. أحمد بْن أبي أحمد الْجَرْجَرائيّ. أبو محمد. سيأتي3. 2- أحمد بْن أسد بْن عاصم4. أبو عاصم البَجَليّ الكوفيّ. سِبْط مالك بْن مِغْوَلٍ. سمع: أبا الأَحْوَص سَلام بْن سُلَيْم. وعنه: محمد بْن صالح بْن ذَريح، وغيره وثّقه ابن حِبّان. 3- أحمد بْن أيّوب بْن راشد أبو الحَسَن الضَّبَيّ البصْريّ5. عن مَسْلَمَة بْن عَلْقَمة، وعبد الوارث بْن سعيد، ومحمد بْن أبي عَدِيّ. وكان ثقة. روى عنه: البخاري في كتاب الأدب له، وأبو زرعة، وأبو يعلى، وغيرهم. 4- أحمد بن بحر العسكري عسكر مكرم6. عن: عَبْثَر بْن القاسم، وعمر بْن عُبَيْد، وعليّ بْن مُسْهِر. وعنه إسماعيل بن إسحاق الكوفي، وعلي بن الحسن الهسنجاني. قال أبو حاتم: حديثه صحيح ولا أعرفه. 5- أحمد بْن جعفر بْن ميسرة. أبو معشر الهَرَويّ الفقيه. عن هُشَيْم، وحفص بن غياث. توفي سنة إحدى وثلاثين.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 360"، والجرح والتعديل "2/ 39"، والثقات لابن حبان "8/ 25"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 245-247". 2 "إسناده ضعيف": أخرجه "4/ 285"، وفي إسناده يزيد بن أبي زياد قال الذهبي لين. 3 برقم "28". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "2/ 41، 42"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5". 5 انظر الجرح والتعديل "2/ 40"، والثقات لابن حبان "8/ 19"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 260". 6 انظر الجرح والتعديل "2/ 42"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 84". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 15 6- أحمد بن جواس1 -م. د- أبو عاصم الحنفي الكوفي. عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي الأحوص سلام بْن سُلَيْم، وعُبَيْد الله الأشجعيّ، وابن المبارك، وابن عيينة، وأبي هريرة -المكتب- حباب. وعنه: م. د.، وإبراهيم بْن أبي شَيْبَة، والحسن بْن سُفْيان، والحسن بْن علّي المَعْمِريّ، ومحمد بْن صالح بْن ذَرِيحٍ، ومَطَيَّن، وغيرهم. مات في ثالث الْمحرَّم سنة ثمان وثلاثين. ولَهُم شيخ آخر. أحمد بْن جوّاس الأسْتُوائيّ2. نيسابوريّ من طبقة مسلم. 7- أحمد بْن حاتم3. أبو النصر النحوي، صاحب الأصمعي. أخذ عنه: ثعلب، وإبراهيم الحربيّ. وصنّف في اللُّغة كتاب "الشَّجر" وكتاب الخيل، وغير ذلك. وكان مُوَثَّقًا مُصَدَّقًا. تُوُفّي سنة إحدى وثلاثين. 8- أحمد بْن حاتم البغدادي عن: شُعيب بْن حرب، ويحيى بْن يَمَان. وعنه: محمد بْن عَوْف الحمصيّ، ومحمد بْن أيّوب البَجَليّ، أورده ابن أبي حاتم. 9- أحمد بْن حاجّ بْن قاسم بْن قُطْبة4 أبو عبد الله العامري النَّيْسابوريّ الفقيه صاحب محمد بْن الحَسَن. سمع: ابن المبارك، وابن عُيَيْنَة، ووكيعا. وكان رئيسا جليلا. روي عنه: أحمد بن نصر اللباد، ومحمد بن ياسين بن النضر، وجماعة. توفي سنة سبع وثلاثين. 10- أحمد بن حرب بن فيروز5 الإمام أبو عبد الله النيسابوري الزاهد، أحد الفقهاء العابدين. رحل وسمع من: سُفيْان بْن عيينة، ومحمد بن عبيد، وأبي داود الطياليسي، وأبي أُسامة، وابن أبي فُدَيْك، وأبي عامر النقدي، وحفص بن عبد   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 44، 45"، والثقات لابن حبان "8/ 20"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 285، 286". 2 انظر تهذيب الكمال "1/ 286". 3 انظر تاريخ الطبري "9/ 145"، والكامل في التاريخ "7/ 26"، وتاريخ بغداد "4/ 114". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 48". 5 انظر تاريخ الطبري "4/ 205"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 118"، وميزان الاعتدال "1/ 89". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 16 الرحمن، وعبد الوهاب الخفّاف، وعبد الله بْن الوليد العُرَنيّ، وعامر بْن خُداج، وطبقتهم. روى عنه: أبو الأزهر، وسهل بْن عمّار، ومحمد بْن شادان، والعبّاس بْن حمزة، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيان، وإبراهيم بْن إسحاق الأنماطيّ، وأحمد بْن نصر الّلّباد، وإسماعيل بْن قُتَيْبَة، وزكريّا بْن دَلُّوَيْه، وخلْق سواهم. قال زكريّا بْن دَلُّوَيْه: كان أحمد بْن حرب إذا جلس بين يدي الحَجَّام ليحْفي شارِبَه يُسبِّح، فيقول له الحجام: اسكت ساعة. فيقول: اعْمَلْ أنت عملَك. ورُبَّما قطع شفته وهو لا يعلم. قال الحاكم: ثنا أبو العبّاس عبد اللَّه بْن أحمد الصُّوفيّ: حدَّثَنِي أبو عَمْرو محمد بْن يحيى قال: مرّ أحمد بْن حرب بصبيانٍ يلعبون، فقالَ أحدهم: أمسكوا فهذا أحمد بْن حرب الذي لا ينامُ اللّيل. قال: فقبض على لحيته وقال: الصّبيان يهابونَك بأنّك لا تنامُ اللّيل وأنت تَنام. قال: فأحيا اللّيل بعد ذلك حتّى مات. وقال زكريّا بْن حرب: كان أخي أحمد ابتدأ في الصوم وهو في الكُتَّاب. فلمّا راهَقَ حجّ مع أخيه الحسين، وأقاما بالكوفة لطلب العِلم، وببغداد والبصرة، ثُمَّ قَدِم، فأقبل على العبادة لا يفتر1، وأخذ المواعظ والذِّكْر، وحثّ على العبادة، وأقبلّ الناس على مجلسه، وألّف كتاب "الأربعين"، وكتاب "عيال اللَّه"، وكتاب "الزُّهد" وكتاب "الدُّعاء". وكتاب "الحكمة"، وكتاب "الْمَنَاسِك"، وكتاب "التَّكسُّب". ورغِبَ النّاسُ في سماعها: فلمّا ماتت أمُّه سنة عشرين ومائتين عاد إلى الحجّ والغّزْو، وخرج إلى التُّرْك، وفتح فتحًا عظيمًا، فحسده عليه أصحاب الرِّباط، وسَعَوْا فيه إلى عبد اللَّه بْن طاهر. فأُدْخِلَ عليه، فلم يأذن له في الجلوس وقال: تخرج وتَجمع إلى نفسك هذا الْجَمْع، وتخالف أعوان السلطان. ثُمَّ علم ابن طاهر صِدْقَه فتركه، فخرج إلى مكّة وجاوَرَ. وعن أحمد بْن حرب قال: قال ابن المبارك: أربعة، منها ثلاثة مَجَازٌ، وواحد حقيقة: عُمرنا في الدُّنيا، ومُكثنا في القبور، ووقوفنا في الْحَشْر، ومُنْصَرَفُنا إلى الأبد، فهو الحقيقة، وما قبله مجاز. وأحمد بن حرب تنحله الكرامة وتخضع له، لأنه شيخ بن كرّام. وعن يحيى بْن يحيى النَّيْسَابُوري قال: إن لَم يكن أحمد بْن حرب من الأبدال فلا أدري من هم. وقال محمد بْن الفضل البخاريّ: سمعتُ نصر بْن محمود البَلْخِيّ يقول: قال أحمد بْن حرب: عبدتُ اللَّه خمسين سنة، فما وجدتُ حلاوة العبادة حتى تركت ثلاثة   1 أي لا يمل. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 17 أشياء: تركت رضى الناس حتى قدرت أتكلَّم بالحقّ. وتركتُ صُحْبَة الفاسقين حتَّى وجدتُ صُحبة الصّالحين. وتركتُ حلاوة الدُّنْيَا حتَّى وجدتُ حلاوة الآخرة. وقال محمد بْن عبد اللَّه بْن موسى السَّعْدَيّ: كُنّا في مجلس أحمد بْن حرب لما قدم من بُخارى، فاجتمع عليه العامَّةُ من أهل المدينة والقُرى، فقالوا كلّهم: يا أبا عبد اللَّه، ادع لنا، فإن زَرْعَنَا وأرْضَنَا لَم ينبت منذ عامين، أو قال: عام. فرفع يديه ودعا، فما فرِغَ حتّى طلعت سَحَابة، وكانت الشمسُ طالعةً، فمُطِرْنَا مطرًا لَمْ نرَ مثله، فجئنا مشمِّرين أثوابنا من شدة المطر، حتى ينبت الزرع. قلت ساق الحاكم ترجمته في عدّة أوراق. وقال محمد بْن عليّ المَرْوَزِيّ: روى أشياء كثيرة لا أُصُولَ لَها. قال زكريّا بْن دَلُّويَه، وغيره: تُوُفِيّ سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين، ولهُ ثمان وخمسون سنة. 11- أحمد بْن حمّاد الذُّهَليّ الخُراسانيّ المَرْوَزِي الأمير. عن ابن المبارك، والحسين بْن واقد. وعمِّر دهرًا. روى عنه: ابنة الأمير أبو الهيثم خالد بْن أحمد، ومحمد بْن عَبْدة المَرْوَزِيّ، وغيرهما. تُوُفّى أيضًا سنة أربعٍ وثلاثين. 12- أحمد بْن حمّاد الواسطيّ1 الخزّاز. عن خالد الطّحّان. وعنه: أسلم بْن سهل في تاريخه وقال: مات سنة اثنتين وثلاثين. 13- أحمد بْن خَضْرَوَيْه البلْخيّ2 الزّاهد أبو حامد، من كبار المشايخ بِخُراسان. صحِب: حاتمًا الأصمّ، وأبا يزيد البِسْطاميّ. قال السُّلَميّ في "تاريخ الصُّوفيَّة": أحمد بْن خَضْرَوَيْه من جِلّة مشايخ خُراسان، سألَتْه امرأته أن يحملها إلى أبي يزيد، وتُبْرئه من مَهْرِهَا، ففَعل. فلمّا قعدت بين يديه كشفت عن وجهها، وكانت مُوسرة، فأنفقت مالها عليهما. فلمّا أراد أن يرجع قال لأبي يزيد: أَوْصِني. قال: ارجع فتعلَّم الفُتُوَّة مِن امرأتك. وبَلَغَني عن أبي يزيد أنّه كان يقول: أحمد بْن خَضْرَوَيْه أستاذنا. ويُقالُ: إنّ أحمد بْن خَضْرَوَيْه لُقِيَّه إبراهيم بْن أدهم ولَقِيَه. قلتُ: هذا بعيد. ثُمَّ قال السُّلَمِيّ: سمعتُ منصور بْن عبد اللَّه: سمعتُ محمد بْن حامد يقول: كنتُ جالسًا عند ابن خَضْرَوَيْهِ وهو في النَّزْعِ، فسأله رجلٌ عن مسألةٍ، فقال:   1 انظر الإكمال لابن ماكولا "2/ 185". 2 انظر حلية الأولياء "10/ 42، 43"، وطبقات الصوفية للسلمي "3/ 106"، وسير أعلام النبلاء "1/ 487". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 18 يابني، بابًا كنتُ أدقُّه منذ خمس وتسعين سنة يُفتح السّاعة، لا أدْرِي أيُفْتَحُ بالسّعادة أَمْ بالشّقاء، فأنّى لي أوان الجواب. وكان عليه سبعمائة دينار دَيْنًا، فوفاها إنسانٌ عنه. وكان أبو حفص النَّيْسَابُوري يقول: ما رأيتُ أكبر هِمّة ولا أصدق حالًا من أحمد بْن خَضْرَوَيْه. وكان له قدم في التَّوَكُّلِ. وبَلَغَنَا عنه أنّه قال: القلوب جوّالة، فإمّا أن تجول حول العرش، وإمّا أن تجول حول الحُشّ. قيل: إنّ أحمد بْن خَضْرَوَيْه مات سنة أربعين ومائتين. 14- أحمد بن أبي دؤاد بْن حَرِيز1 القاضي أبو عبد الله الأياديّ البصري ثم البغداديّ. واسم أبيه: الفَرَج. ولى القضاء للمعتصم وللواثق، وكان مصرِّحًا بمذهب الْجَهْميّة، داعيةً إلى القول بخلْق القرآن. وكان موصوفًا بالْجُود والسّخاء، وحسن الخُلُق، وغزارة الأدب. قال الصُّولِيّ: كان يُقال: أكرم من كان في دولة بني العباس البرامكة، ثم أبي دؤاد، لولا مَا وَضع به نفسه من محبّة المِحْنة لاجتمعت الألْسُنُ عليه، ولَمْ يُضَفْ إلى كرمه كرم أحد. ولد ابن أبي دؤاد سنة ستّين ومائة بالبصرة. قال حَرِيز بْن أحمد بن أبي دؤاد قال: كان أبي إذا صلى رفع يديه إلى السّماء وخاطب ربّه فقال: ما أنت بالسبب ضعيفًا وَإنَّما ... نُجْحُ الْأُمُورِ بقُوَّةِ الأسبابِ فاليومَ حاجَتُنَا إليك، وإنما ... يدعى الطبي لساعةِ الأَوْصَابِ وقال أبو العَيْنَاء: كان أحمد بن أبي دؤاد شاعرًا مُجيدًا، فصيحًا بليغًا، ما رأيتُ رئيسًا أفصح منه. وقال فيه بعضُ الشعراء: لقد أَنْسَتْ مساوئَ كلِّ دهر ... محاسن أحمد بن أبي دؤاد وما سافرتُ فِي الآفاق إِلَّا ... ومن جَدْوَاك راجلتي وزادي يُقيمُ الظّنُّ عندك والأماني ... وإنْ قَلِقتْ ركابي في البلاد وقال الصُّوليّ: ثنا عَوْن بْن محمد الكِنْدِيّ قال: لعهدي بالكرخ، وإن رجلًا لو   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 649"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 169"، وميزان الاعتدال "1/ 67". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 19 قال ابن أبي دؤاد مُسلم لقُتِل في مكانه. ثُمَّ وقع الحريق في الكرخ، وهو الذي لَمْ يكن مثله قطّ. كان الرجلُ يقوم في صينّية شارع الكَرْخ فيرى السفن في دجلة. فكلم ابن أبي دؤاد المعتصمَ في النّاس وقال: يا أمير المؤمنين رعيّتك في بلد آبائك ودار مُلْكهم، نزل بهم هذا الأمر، فاعِطْف عليهم بشيء يُفَرَّقُ فيهم يُمسك أرماقهم ويبنون به ما انْهَدَمَ. فلَم يزل يُنازله حتّى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، وقال: يا أمير المؤمنين إنْ فَرّقها عليهم غيري خفتُ أن لا يقسّم بالسَّويَّة1. قال: ذاك إليك. فقسّمها على مقادير ما ذهبَ منهم، وغرِم من ماله جُملة. قال عون: فلَعَهْدِي بالكَرْخ بعد ذلك، وإنّ إنسانًا لو قال: زرُّ ابن أبي دؤاد وسِخ لقُتِل. وقال ابن دُرَيْد: أنا الحسن بن الخضر قال: كان ابن أبي دؤاد مؤالفًا لأهل الأدب من أيّ بلد كانوا. وكان قد ضمّ إليه جماعة يموّنهم، فلمّا مات اجتمع ببابه جماعة منهم، فقالوا: يُدفن مَن كان على ساقِه الكرم وتاريخ الأدب ولا نتكلّم فيه؟ إنّ هذا لَوَهْنٌ وتقصير. فلمّا طلع سريره قام ثلاثة منهم، فقال أحدهم: اليوم مات نظامُ الفَهْم واللَّسْن ... ومات مَنْ كان يُسْتعدي على الزَّمَنِ وأظلمَتْ سُبُل الآداب إذ حُجِبَتْ2 ... شَمسُ المكارم في غيمٍ3 من الكفنِ وقال الثاني: ترك المنابرَ والسّريرَ تَوَاضُعًا ... وله منابر لو يشاء وسَريرُ ولِغَيْره يُجْبَى الخَراجُ وإنّما ... تُجْبَى إليه مَحامدٌ وأجورُ وقال الثالث: وليس نسيمَ المِسْك ريحَ حَنُوطه ... ولكنه ذاك الثناء المخلَّفُ وليس هرِيرَ النَّعْش ما تسمعونه ... ولكنّها أصلابُ قوم تُقَصَّفُ قال أبو رَوْق الهِزّانيّ: حكى لي ابنُ ثعلبة الحنفيّ عن أحمد بْن المعذَّل أنّ ابن أبي دؤاد كتب إلى رجلٍ من أهل المدينة: إنْ تابَعتَ أمير المؤمنين في مقالته استوجبتَ حُسن المكافأة.   1 أي بالتساوي. 2 أي غابت. 3 غيم أي ذهاب النور. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 20 فكتبَ إليه: عَصَمَنا اللَّهُ وإيَّاك من الفتنة. الكلامُ في القرآن بدعة يشترك فيها السّائلُ والمجيب. تعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيبُ ما ليس عليه. ولا نعلمُ خالقًا إلّا اللَّه، وما سواهُ مخلوق إلّا القرآنُ، فإنّه كلامُ اللَّه. وعن المهتدي بالله محمد بْن الواثق قال: كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلًا أحضرنا ذلك إلى المجلس. فَأُتِيَ بشيخٍ مخضوبٍ مقيَّد، فقالَ أبي: ائذنوا لابن أبي دؤاد وأصحابه. فأُدْخِلَ الشيخُ، فقالَ: السلامُ عليك يا أمير المؤمنين. فقال له: لاسلم الله عليك. قال: بئس ما أدبك مؤدبك. قلتُ في رُواتها غير مجهول. فقال له ابن أبي دؤاد: يا شيخ ما تقول في القرآن؟ فقال: لَمْ تُنْصِفْنِي، وُلِّيَ السّؤال. قال: سَلْ. قال: ما تقول في القرآن؟ قال: مخلوق. قال: هذا شيءٌ عَلِمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وعمر، والخلفاء الراشدون، أم شيء لَم يعلموه؟ فقال -يعني ابن أبي دؤاد: شيء لم يعلموه. فقال: سبحان الله، شيء لَم يعلمه رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- ولا أبو بكر ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت. فخجل ابن أبي دؤاد فقال: أقِلْنِي. قال: أَقَلْتُك. ما تقول في القرآن؟ قال ابن أبي دؤاد: مخلوق. قال: هذا شيء علمه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- والخلفاء؟ قال: علموه، ولِم يَدْعوا النّاس إليه. قال: أفلا وَسِعَكَ ما وَسِعَهُم؟ فقام أبي الواثق ودخل خُلْوَته، واستلقى على ظهره وهو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَبُو بَكْرٍ، ولا عثمان، ولا عليّ، ولَم يدعوا إليه، أفلا وسِعك مَا وَسِعَهم. ثُمَّ دعا عمّارًا الحاجب، وأمره أن يرفع عنه القيود، ويُعطيه أربعمائة دينار، وسقط من عينه ابن أبي دؤاد. ولم يمتحن بعدها أحدًا. قال ثعلب: أنشدني أبو الحَجّاج الأعرابيّ: نكست الدين يا ابن أبي دؤاد ... فأصبح من أطاعكَ في ارتدادِ زَعمت كلام ربّك كان خَلْقًا ... أما لكَ عند ربّك من مَعَادِ؟ كلامُ اللَّه أنزله بعِلْمٍ ... وأنزله على خير العباد الجزء: 17 ¦ الصفحة: 21 وَمَنْ أمسى ببابِكَ مُستضيفًا ... كَمَنْ حلّ الفَلاةَ1 بغير زاد لقد أظرفت يا ابن أبي دؤاد ... بقولك إنّني رجلٌ إيادي وقال أبو بكر الخلال في كتاب "السنة": ثنا الحَسَن بْن أيّوب المخرّميّ قال: قلتُ لأحمد بْن حنبل: ابن أبي دؤاد؟ قال: كافر بالله العظيم. قال: ثنا عبد الله بْن أحمد بْن حنبل: سمعتُ أبي: سمعتُ بِشْرَ بْن الوليد يقول: استتيب ابن أبي دؤاد من القرآن مخلوق في لَيْلَةٍ ثلاث مرّات، يتوب ثُمَّ يرجع. وقال: حدَّثَنِي محمد بْن أبي هارون: أن إسحاق بْن إبراهيم بْن هانئ قال: حضرتُ العيد مع أبي عبد اللَّه، فإذا بقاصٍّ يقول: على ابن أبي دؤاد لعنةُ اللَّه، وحشى اللَّه قبره نارًا. فقال أبو عبد الله: ما أنفعهم للعامّة. وقال خالد بْن خِداش: رأيتُ في المنام كأنّ آتيًا أتاني بطَبَق وقال: اقرأه. فقرأتُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم. ابن أبي دؤاد يريد أن يمتحن النّاسَ. فمن قال القرآن كلامُ اللَّه، كُسِيَ خاتَمًا من ذَهَب، فَصُّهُ ياقوتة حمراء، وأدخله اللَّه الجنّة وغفر له. ومن قال: القرآنُ مخلوق، جُعِلت يمينه يمين قرد، فعاش بعد ذلك يومًا أو يومين ثُمَّ يصير إلى النار. ورأيتُ قائلًا يقول: مسخ ابن أبي دؤاد، ومُسِخَ شعيب، وأصاب ابن سَمَاعة فالج، وأصابَ آخر الذَّبْحَة -ولَمْ يُسَمَّ- هذا منام، صحيح الإسناد. وشُعَيب هو ابن سهل القاضي من الجهمية. قد رمي ابن أبي دؤاد بالفالج وشاخ. فعن أبي الْحُسَين بْن الفضل: سمع عبد العزيز بْن يحيى المكيّ قال: دخلتُ عَلَى أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد وهو مفلوج، فقلتُ: لَم آتِكَ عائدًا، ولكنْ جئتُ لأحمد اللَّه على أنْ سَجَنَكَ في جِلْدِك. وقال الصُّوليّ: نا المغيرة بْن محمد المهلَّبيّ قال: مات أبو الوليد محمد بْن أحمد بن أبي دؤاد هو وأبوه   1 أي المكان البعيد. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 22 منكوبَيْن في ذي الحجة، سنة تسعٍ وثلاثين، ومات أبوه يوم السّبت لسبْعٍ بقين من المحرَّم سنة أربعين. قال الصُّوليّ: ودُفِنَ في دارهِ ببغداد. 15- أحمد بْن أبي رجاء أبو الوليد الحنفيّ الهَرَويّ1. قال البخاري: هو ابن عبد الله بْن أيوب. وقال أبو عبد الله الحاكم: أحمد بْن عبد اللَّه بْن واقد بْن الحارث، وساقَ نَسَبه إلى دول بن حنيفة. وقال: إمام عصره بهراة من الفقه والحديث. طلب مع أحمد بْن حنبل، وكتب بانتخابه. قلت: روى عن: ابن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، والنَّضْر بْن شُمَيْلٍ، ويحيى بْن آدم، وأَبِي أسامة، وجماعة. وعنه: خ. والدّارميُ، وأبو زرعه، وأبو حاتم، وحَمْدَوَيْه بْن خطّاب البخاري مستملي البخاري. توفي في نصف جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين. أحمد بن سريج. هو أحمد بن عمر2. سيأتي في الطبقة الآتية بعد أبي مصعب الزهري. 16- أَحْمَد بْن سِنان3 أبو عبد الله القُشَيْريّ النيسابوري الخزقني، وخزقن من قرى نيسابور. سمع: ابن عُيَيْنَة، وأبا معاوية، ووَكِيعًا، وسلْم بْن سالم. وعنه: العَباس بْن حمزة، وأبو يحيى الخفّاف، وجماعة. تُوُفّي سنة تسع وثلاثين.   1 الجرح والتعديل "2/ 57"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5" والثقات لابن حبان "8/ 28" وتهذيب الكمال للمزي "1/ 363-365". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 57"، والثقات لابن حبان "8/ 15"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 367-369". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 23 17- أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب مسلم مولى عمر بن عبد العزيز الأمويّ. أبو الحَسَن الحرّانيّ، والد الحَسَنِ، وجد المسند أبي شعيب عبد الله بن الحَسَن الحرّانيّ. سمع: زُهير بْن معاوية، والحارث بْن عُمَير، وعيسى بْن يونس، وموسى بْن أعين، وجماعة، وجماعة. وعنه: د، وخ. ت. ن بواسطة، وأحمد بْن فيل البالِسيّ، وحفيده أبو شُعيب، وصالح بْن عليّ النَّوْفليّ، ومحمد بْن جَبَلَة الرّافقيّ، ومحمد بْن يحيى بْن كثير الحرّانيّ، وأبو زُرْعة الرازيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق، ثقة. وقال ابن كثير الحرّانيّ: تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين. وقيل غير ذلك، والأول أصحّ. 18- أحمد بْن عبد اللَّه بْن قيس بْن سلمان بْن بُريدة بْن الخُصيب الأسلمي المَرْوَزِيّ1. عن: النّضْر بْن شُمَيْلٍ، وعبد الله بن بكر، وشبابة. وعنه أبو حاتم وقال: صدوق، كتبت عنه بالرِّيّ سنة ثلاثين. 19- أحمد بْن عبد الصّمد بن علي2 أبو أيوب الأنصاري الرزقي. حدَّث ببغداد عن: ابن عُيَيْنَة، وعبد الله بن النمير. وعنه: الحَسَن بْن عليّ المَعْمَريّ، وأبو القاسم البَغَويّ، وغيرهما. 20- أحمد بْن عَمار بْن شادي الوزير أبو العباس3. وزير المعتصم كان من أهل المذار فانتقل أبوه إلى البصرة زمن الرشيد. وكان أبو العبّاس موصوفًا بالعِفّة والصِّدْق، فاحتاج الفضلُ بْن مروان الوزير إلى من يقوم بأمر ضياع أقطعها المعتصم. فنهض ابن عمّار في ذلك، وبالغ، فطلبه الفضل ونوّه بذِكره، وأخذ يصف عِفَّته للمعتصم. فلمّا نكب المعتصم الفضلَ لَم تثق نفسه إلى أميرٍ إلَّا ابن عمّار، فولاهُ العرض عليه، وسمّاهُ النّاس وزيرًا. وكان جدّه شادي طحّانًا وكذلك هو، فأثري وكثُرَ مَاله وتقدّم. قال عَوْنُ بن محمد: ولى   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 58". 2 انظر تاريخ الطبري "4/ 208"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 270"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 17". 3 انظر وفيات الأعيان "5/ 94، 101"، والوافي بالوفيات "7/ 255". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 24 المعتصم العرض عليه لثقته، ولما كان يصفه به الفضل، ولم يكن ممن تصلح له الوزارة ولا مخاطبة الملوك. قال الصُّوليّ: وثنا أحمد بْن إسماعيل قال: عرض أحمد بْن عمّار الكُتُب أربعة أشهر، وخُوطب بالوزارة، ونفذت عنه الكتب، فورد يومًا كتابًا من عبد اللَّه بْن طاهر أحبّ المعتصم أن يُجيب عنه سرًّا، فدعا ابن عمّار وقال: أجِبْ عَنْه بحضرتي، فلَم يقم بذلك حتّى أحضر بعض الكُتّاب. ولَمّا رأى عجْزه همّ بعَزْله. وكان المعتصم يقول لِمحمد بْن عبد الله الزّيّات: يا محمد ما أَحْوَجَ ابن عمّار إلى أن يكون مع عفّته مثل فصاحتك. قال الصَّوليّ: ثنا محمد بْن القاسم قال: كان أحمد بن أبي دؤاد يحبّ بقاء أمر ابن عمّار عليه، لئلا يصير الأمر إلى ابن الزيات، فإنه يبغضه. وقيل إن ابن عمّار كان يتصدَّق كل يوم بمائة دينار، مع ما هو فيه من الأمانة، فنبل بذلك المعتصم أيضًا، وكان كثير الأموال. قال الصُّوليّ: ثنا أحمد بْن شَهْرَيار، عن أبيه قال: كان ابن عمّار يختم في كلّ ثلاثة أيّام ختمة، فلمّا عُزِلَ عن العَرْض رُسِمَ له بديوان الأزِمّة، فامتنعَ، واستأذنَ في المجاورة سنة، فأذِنَ المعتصم له، ووصله بعشرة آلاف دينار، ثُمَّ أعطاهُ خمسة وعشرين ألف دينار، ففرّقها بِمكّة. تُوُفّي بالبصرة سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين كهْلًا. 21- أحمد بْن عِمران بْن عيسى المري الموصلي المقريء، روى "جامع سُفيان الثَّوْريّ" عن المُعَافَى بْن عمران. روى عنه: عُبَيْد الله بْن أبي جعفر. وتُوُفّي سنة خمس وثلاثين. 22- أحمد بْن عمر بْن حفص بْن جَهْم بْن واقد1 أبو جعفر الكندي الكوفي الجلاب الضرير المقريء المعروف بالوكيعيّ. نزيل بغداد. والد إبراهيم. روى عن: حفص بْن غِياث، وابن فُضَيْل، وأبي معاوية، وحسين الجعفي، وعبد الحميد الجماني، وجماعة. وعنه: م. وأبو داود في المسائل له، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن علي القاضي المروزي، وأحمد بن علي الأبار، وأحمد بن علي الموصلي أبو يعلى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ونصر بن القاسم الفرائضي، وطائفة. وثقه ابن معين، وغيره، ومات في صفر سنة خمسين وثلاثين. قال العباس بن مصعب:   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 62، 63"، والثقات لابن حبان "8/ 9"، وتاريخ بغداد "4/ 284"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 412-414". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 25 سمعت أحمد بن يحيى الكهشميني، وكان معروفًا بالفضل والعقل، يقول: سمعتُ أحمد بْن عمر الوَكِيعيّ يقول: وُلِّيتُ المظالِم بِمَرْوَ اثنتي عشر سنة، فلَم يَرِدْ عليّ حكم إلا وأنا أحفظُ فيه حديثًا، فلم أحتج إلى الرأي ولا إلى أهله. وقد روى القراءة عن يحيى بْن آدم. 23- أحمد بْن محمد بْن موسى السّمسار المَرْوَزِيّ مَرْدَوَيْه1، وربّما قيل فيه: أحمد بْن موسى. عن: ابن المبارك، وجرير، وإسحاق الأزرق. وعنه: خ، ت، ن. وقال: لا بأس به. قال أحمد بْن أبي خَيْثَمَة: مات سنة خمس وثلاثين. وممن روى عنه: محمد بْن عمر الرَّمليّ، وعبد اللَّه بْن محمود المَرْوزَيّ. وكان يُكثر عن ابن المبارك. وسمع من النضر بْن محمد المَرْوَزَيّ، شيخ يروي عن يحيى بْن سعيد الأنصاريّ. وقال الشيرازي: تُوُفّي في ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 24- أحمد بْن معاوية أبو بكر الباهليّ البصْريّ2. سمع: عَبّاد بْن عَبّاد، وأبا بكر بْن عيّاش، وعنه: محمد بْن محمد الباغَنْديّ، وغيره. قال الخطيب: لا بأس به. 25- أحمد بْن المعذل بْن غَيْلان بْن الحَكَم3 أبو العبّاس العَبْديّ البصْريّ المالكيّ الفقيه المتكلِّم. قال أبو إسحاق الشيرازي: كان من أصحاب الملك بن الماجشون، ومحمد بن مسلمة. وكان ورِعًا متّبِعًا للسنة. وكان مُفَوَّها له مصنَّفات. وقال غيره: سمع من بِشْر بْن عمر الزّهرانيّ، وغيره، وكان بصيرًا بمذهب مالك. وعليه تفقّه إسماعيل القاضي وأخوه حمّاد، ويعقوب بْن شَيْبَة السَّدُوسيّ. وقال أبو بكر النّقّاش: قال لي أبو خليفة الْجُمَحِيّ: أحمد بْن المعذَّل أفضل من أحمدكم، يُريد أحمد بْن حنبل. وقال أبو إسحاق الحضرميّ: كان أحمد بْن المعذَّل من الفقه والسّكينة والأدب والحلاوة في غاية. وكان أخوه عبد الصّمد بْن المعذَّل   1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "2/ 6"، والثقات لابن حبان "8/ 29"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 473، 474". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 41"، وتاريخ الطبري "8/ 56، 203"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 162". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 16"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 194"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 519-521". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 26 الشاعر يؤذيه ويهجوه. وكان أحمد يقول له: أنت كالإصبع الزّائدة، إنْ تُرِكت شانت، وإنْ قَطِعَتْ آلَمَت. ولأحمد بْن المعذَّل أخبار. وكان أهلُ البصرة يسمُّونه الراهب لدِينه وتعبُّده. قال أبو داود: كان ابن المعذَّل ينهاني عن طلب الحديث. وقال يموت بْن المُزَرِّع، عن المبرّد، عن أحمد بْن المعذَّل قال: كنت عند ابن الماجِشُون، فجاء بعضُ جُلَسائه فقال: يا أبا مروان أعجوبة1. قال: وما هي؟ قال: خرجتُ إلى حائطي بالغابة، فعرض لي رجلٌ فقال: اخلَعْ ثيابك، فأنا أَوْلَى بِهَا. قلتُ: وَلِمَ؟ قال: لأنّي أخوك وأنا عُريان. قلت فالمواساة؟ قال: قد لبستها برهة. قلت: فتعريني فتبدو عَوْرَتِي؟ قال: قد روينا عن مالك أنّه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عُرْيَانًا. قلتُ: يلقاني النّاس فيرون عَوْرَتِي. قال: لو كان أحد يلقاك في هذه الطريق ما عرضتُ لك. قلت: أراك ظريفًا، فدعني حتّى أمضي إلى حائطي فأبعثُ بِهَا إليك. قال: كلا، أردتَ أن توجِّه عَبيدك فيمسوكوني. قلتُ أحْلِفُ لَك. قال: لا روينا عن مالك قال: لا تَلْزَم الأَيْمَان التي يُحلف بها اللصوص. قلت: فأحلف أنّي لا أحتالُ في يميني. قال: هذه يمين مركّبة. قلتُ دع المناظرة، فواللهِ لأوَجِّهنّ بِهَا إليك طيّبةً بِهَا نفسي. فأطرَقَ ثُمَّ قال: تصفّحت أمر اللّصوص من عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى وقتنا، فلم أجد لصًّا أخذ بنسيئة، وأكره أن أبتدع في الإسلام بِدْعَة يكون عليّ وِزْرُهَا ووزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلى يوم القيامة، اخلعْ ثيابَك. فخلعتها، فأخذها وانصرف. وقال حرب الكرْمَانيّ: سألتُ أحمد بْن حنبل أيكون من أهل السنة، مَنْ قال: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق. قال: لا، ولا كرامة. وقد بلغني عن ابن معذَّل الذي يقول بِهذا القول أنّه فتن النّاس من أهل البصرة كثير. وقال أبو قِلابة الرّقاشيّ: قال لي أحمد بْن حنبل: ما فعل ابن مُعَذَّل؟ قلتُ: هو على نحو ما بلغك. قال: أما إنّه لا يُفْلِحُ. وقال نصرُ بْن عليّ: قال الأصمعيّ، ومرّ به أحمد بْن مُعَذَّل فقال: لا تنتهي أو تفتق في الإسلام فتقًا. قلت: قد كان ابن المعذل من بُحُور العلم، لكنّه لم يطلب الحديث، ودخل في الكلام، ولِهذا توقّف في مسألة القرآن، رحمه الله.   1 أي شيء عجيب. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 27 26- أحمد بْن نصر بْن مالك بْن الهيثم بْن عوف بْن وهْب1 أبو عبد الله الخُزَاعيّ المَرْوَزِيّ البغداديّ الشهيد. كان جدّه مالك بْن الهيثم أحد نُقباء بني العبّاس في ابتداء الدولة السّفّاحية. وهو من ذُرّية عمرو بْن لحي بْن قَمْعَة بْن خنْدَف، وإليه جماع خُزَاعة، ويُقال لَهم بنو كعب. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ عَمْرَو بن لحي يجر قصبه فِي النَّارِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ بَحَّرَ الْبَحِيرَةَ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ، وَغَيَّرَ دِينَ إِسْمَاعِيلَ" 2. وكان أحمد بن نصر شيخًا جليلًا، أمّارًا بالمعروف، قوّالًا بالحق، من أولاد الأمراء. سمع من: مالك، وحمّاد بْن زيد، وهُشَيْم، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة. وروي اليسير عنه: أحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وابنه عبد اللَّه بْن الدَّورقيّ، ومعاوية بْن صالح الأشعريّ الحافظ، ومحمد بن يوسف الطّبّاع، وجماعة. وروى أبو داود في المسائل عنه. وقال إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يترحّم عليه ويقول: ختم اللَّه له بالشهادة. قلتُ: فكتبت عنه؟ قال: نعم، كان عنده مصنّفات هُشَيم كلها، وعن مالك أحاديث كبار. ثُمَّ قال ابن معين: كان أحمد يقول: ما دخلَ عليه أحدٌ يَصْدُقُه، يعني الخليفة سواه. ثُمَّ قال يَحْيَى بْن مَعِينٍ: ما كان يحدّث يقول: لست موضع ذلك. وقال الصولي: وكان أحمد بْن نصر من أهل الحديث، وكان هو وسهل بْن سلامة حين كان المأمون بخُراسان بايَعَا النّاس على الأمر بالمعروف والنَّهْيِ عن الْمُنْكَر، إلى أن قَدِمَ المأمون بغداد، فَرَفَق بسهل حتّى لبس السَّواد، وأخذ الأرزاق، ولزِمَ أحمد بيته. ثُمَّ إنّ أَمْرَهُ تحرّك ببغداد في آخر أيّام الواثق، واجتمعَ إليه خلقُ يأمرونَ بالمعروف، إلى أن ملكوا بغداد. وتعدّى رجلان من أصحابه مُوسِرَيْن، فبذلا مالًا وعزما على الوثوب ببغداد في شعبان سنة إحدى وثلاثين، فنُمَّ الخبر إلى إسحاق بْن إبراهيم، فأخذ جماعة منهم، فيهم أحمد بْن نصر وصاحباهُ، فقيّدهما. ووجد في منزل أحدهما أعلامًا. وضرب خادمًا لأحمد، فأقرَّ أنّ هؤلاء كانوا   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 79"، والثقات لابن حبان "8/ 14"، وتاريخ الطبري "9/ 315"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 173". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4623"، ومسلم "2856"، وأحمد "2/ 275، 366". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 28 يصيرون إليه ليلًا فيعرّفونه ما عملوا، فحملهم إسحاق مقيّدين إلى سامرّاء فجلس لَهم الواثق، وقال لأحمد: دع ما أخذت له. اتقول في القرآن؟ قال: كلامُ اللَّه. قال: أَمَخْلُوق هو؟ قال: كلامُ اللَّه قال: أَفَتَرى ربَّك في القيامة؟ قال: كذا جاءت الرواية. قال: ويْحَكَ يُرى كما يُرى المحدود المتجسِّم، ويحويه مكان، ويحصره النّاظر؟ أنا كفرت بربٍّ هذه صفته، ما تقولون فيه؟ فقال عبد الرحمن بْن إسحاق، وكان قاضيًا على الجانب الغربيّ، فعُزِلَ: هو حَلال الدَّم. وقال جماعة من الفقهاء كقوله، فأظهر ابن أبي دؤاد أنه كان كاره لقَتْلَه، وقال: يا أمير المؤمنين شيخ مختَلٌّ، لعلّ به عاهة، أو تغيّر عقله، يؤخَّر أمره ويُستتاب. فقال الواثق: ما أراهُ إلا مؤدّيًا لكُفْره، قائمًا بِما يعتقده منه. ثُمَّ دعا بالصَّمصامة وقال: إذا قمت إليه لا يقومنَّ أحدٌ معي، فإنِّي أحتسبُ خُطاي إلى هذا الكافر الذي يعبُدُ ربًّا لا نعبده ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بِهَا. ثُمَّ أمر بالنّطْع1، فأُجْلِسَ عليه وهو مُقيّد، وأمرَ بشدّ رأسه بحبل، وأمرهم أن يمدّوه، ومشى إليه فضرب عُنُقه، وأمر بِحمل رأسه إلى بغداد، فنُصِبَتْ بالجانب الشرقيّ أيامًا، وفي الجانب الغربي أيّامًا، وتتبّع رؤساء أصحابه فسُجنوا. وقال الْحَسَن بْن محمد الحَرْبيّ: سمعتُ جعفر بْن محمد الصّائغ يقول: رأيتُ أحمد بْن نصر حيث ضُربت عنقه قال رأسه: لا إله إلا اللَّه. قال المَرْوَزِيّ: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر أحمد بْن نصر فقال: رحمه اللَّه، ما كان أسخاه، لقد جاد بنفسه. وقال الحاكم عن القاسم بْن القاسم السَّيَّاريّ، عن شيخ له، هو رئيس مَرْو أبو العبّاس أحمد بْن سعيد بْن مسعود الْمَرْوَزِيّ قال: هذه نسخة الورقة المعلَّقة في أُذُن أحمد بْن نصر: هذا رأس أحمد نصر بْن مالك، دعاهُ عبد اللَّه الإمام إلى هارون إلى القول بخلق القرآن ونفي التَّشبيه، فأبى إلا الْمُعَانَدة، فعجّله اللَّه إلى ناره. وكتب محمد بْن عبد اللَّه: وقيل إنّ الواثق حنق عليه لأنّه ذكر للواثق حديثًا فقال له الواثق: تكذب.   1 أي بساط من جلد. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 29 فقال: بل أنت تكذب. وقيل إنه قال له: يا صبي. وقيل إنه كان يقول عن الواثق إذا خلا: فعل هذا الخنزير. وقال: هذا الكافر. وبلغ ذلك للواثق، وخاف أيضًا من خروجه، فقتله بحجّة خلْق القرآن، ليومين بقيا من شعبان. وكان شيخًا أبيض الرأس واللّحية، وكان في سنة إحدى وثلاثين. قال أحمد بْن كامل القاضي أخبرني أبي أنّه رآه، وأخبرني أنّه وُكّل بالرأس من يحفظه، وأن الموكل به ذكر أنه يراه في الليل يستدبر إلى القبلة بوجهه، فيقرأ سورة ياسين بلسانٍ طَلِق. وأنّه لَمَّا أخبر بذلك طُلِبَ فخاف وهرب. قلتُ: هذه حكاية لا يصح إسنادها. وَرُوِيَ نحوها بإسنادٍ فيه عثمان بْن محمد العثماني، وهو ثقة. وقال أبو العباس السَّرّاج: سمعتُ يعقوب بْن يوسف المطوّعيّ، وهو ثقة، يقول: لمّا جيء بالرأس نصبوهُ على الْجِسْر، فكانت الرّيحُ تُديره قِبَلَ القِبْلة، فأقعدوا له رجلًا معه قصب أو رُمح، فكان إذا دار نحو القبلة أداره إلى خلاف القِبلة. وقال السّرّاج: سمعتُ خَلَف بْن سالِم يقول بعدما قُتِلَ أحمد بْن نصر وقيل له: ألا تسمع ما النّاس فيه يا أبا محمد يقولون: إنّ رأس أحمد بْن نصر يقرأ؟ قال: كان رأس يحيى بْن زكريّا يقرأ. وقال السّرّاج: سمعتُ عبد اللَّه بْن محمد يقول: ثنا إبراهيم بْن الحَسَن قال: رأى بعضُ أصحابنا أحمد بْن نصر في النَّوم فقال: ما فعل بك ربك؟ قلتُ: ما كانت إلا غفوة حتّى لقيتُ اللَّه، فضَحِكَ إليَّ. وقال رجلُ اسمه محمد بْن عُبَيْد: رأيتُ أحمد بْن نصر، فقلتُ: ما صنع اللَّهُ بِكَ؟ قال: غضبتُ له فأباحني النّظر إلى وجهه. قال الخطيبُ: لَم يزل الرأس منصوبًا ببغداد، والجسد مصلوبًا "بسُرَّ من رأى"1 ستّ سنين، إلى أن أُنزِلَ وجُمِع، فدُفن بالجانب الشرقيّ. وقال غيره: دُفِن في شوال سنة سبع وثلاثين ومائتين -رضي اللَّه عنه. 27- أحمد بْن أبي نافع المُرّيّ الموْصليّ2 عن المعافى بن عمران، وعفيف بن سالم. وعنه: أبو عبد الله الدّعّاء. تُوُفِّيَ سنة خمس وثلاثين. وهّاه أبو يَعْلَى المَوْصِليُّ. له مناكير. وروى عنه عليّ بْن الحسين بْن الْجُنَيْد. كنيته أبو سلمة.   1 بلدة بالعراق. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 79"، والثقات لابن حبان "8/ 17"، والكامل لابن عدي "1/ 173"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 160". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 30 28- أحمد بْن أبي أحمد الْجُرْجانّي1. نزيل أطْرَابُلُس الشام. حدَّث عن إسماعيل بْن عُلَيَّه، وشَبّابة بْن سَوّار، وعنه: هَنبل بْن محمد الحمصيّ، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ الحافظ، ومحمد بْن يزيد بْن عبد الصّمد، وآخرون. وقيل: اسم أبيه محمد. وكنيته أبو محمد. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، أَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ محمد حُضُورًا فِي الرَّابِعَةِ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَقِيهُ سنة سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى السِّمْسَارُ، أَنَا مُظَفَّرُ بْنُ حَاجِبٍ الْفَرْغَانِيُّ، ثنا محمد بْنُ يَزِيدَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ، ثنا محمد بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ أَنَا صَدَقَةُ الدَّقِيقِيُّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: "وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تقليم الأظافر، وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَرْبَعِينَ يَوْمًا"2. 29- إبراهيم بْن أيّوب الحَوْرانيّ الزّاهد3 روى عن الوليد بْن مسلم، وحمزة بْن ربيعة، وسُوَيد بْن عبد العزيز، وأبي سلمان الداراني، وغيرهم. وعنه: يعقوب الفَسَويّ، وأحمد بْن عليّ الأبّار، وأحمد بْن زبّان الكِنْديّ، وغيرهم. تُوُفّي في أحد الربيعين من سنة ثمان وثلاثين، وما أعلم فيه جرحًا. قال أحمد بْن عليّ الأبّار الحافظ: ثنا محمد بْن مقاتل الصَّيْرفيّ، ثنا إبراهيم بْن أيّوب الحَوْرانيّ قال: كان على حمص قاضٍ طويل اللّحية كنيته أبو العشْق، وكان نَقْش خاتمه ثَبت الحبّ ودام، وعلى اللَّه التَّمام. قال ابن أبي حاتِم: كان إبراهيم بْن أيّوب من العُبّاد، رَحِمَهُ اللَّه. 30- إبراهيم بْن بشار الخراساني الصوفي4 صاحب إبراهيم ابن أدهم، طال عُمره وبقي إلى بعد الثلاثين روى عن إبراهيم بْن أدهم وحمّاد بْن زيد، والفضيل بن غياض. روى عنه: أحمد بن أحمد بْن عوْن البُزُوريّ، وإبراهيم بْن نصر المنصوريّ، وأبو العبَاس السّرّاج. وذكره ابن حِبّان في الثقات. قال الدارقطني: تأخرت وفاته.   1 انظر الكامل لابن عدي "1/ 175، 176"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 152"، ولسان الميزان "1/ 300". 2 "حديث صحيح": أخرجه ومسلم "258"، والنسائي "1/ 15، 16"، والترمذي "2907"، وابن ماجه "295"، وأحمد "2/ 122، 503". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 88"، والإكمال "3/ 25". 4 انظر الثقات لابن حبان "8/ 7"، وحلية الأولياء لأبي نعيم "7/ 368"، وتاريخ بغداد "6/ 47"، وصفة الصفوة "4/ 127-129". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 31 31- إبراهيم بْن الحَجّاج بْن زيد السّاميّ النّاجيّ1 -ن- أبو إسحاق البصري. عن: أبان بن يزيد العطار، وحماد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز بْن المختار، ووُهَيْب بْن خالد، ومُزَاحم بْن العوّام بْن مزاحم، وجماعة. وعنه: ن بواسطة، وإبراهيم بْن هاشم البَغَويّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن سعيد القاضي، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يَعْلَى، وجعفر الفِرْيابيّ، والحَسَن بْن سُفْيان، وعثمان بن خرزاد، ومحمد بْن عَبْدة بْن حرب، ومحمد بْن محمد الْجُذُوعيّ القاضي، وموسى بْن هارون وآخرون. وثقه ابن حبان وقال: مات سنة إحدى وثلاثين وقال موسى بْن هارون: سنة ثلاث وثلاثين وهو الصحيح. وقع لي من عواليه. قال موسى: سألتُه عَنْ مولده فَقَالَ: سنة ستٍّ وأربعين ومائة. 32- إبراهيم بن الحجاج2 -ن- أبو إسحاق النيلي البصري. والنيل مدينة بين واسط والكوفة. عن حمّاد بْن زيد، وأبي عَوَانَة، وسلام بْن أبي مطيع، وغيرهم. وعنه: ن. بواسطة، وأبو يَعْلَى، وأحمد بْن عليّ بْن سعيد القاضي، والحَسَن بْن سفيان، وغيرهم. ذكره ابن حِبان أيضًا في الثّقات. وقال ابن قانع: مات بالبصرة سنة اثنتين وثلاثين. روى له ن. حديثًا في الأشربة. 33- إبراهيم بْن الحسن بْن نَجيح الباهلي المقريء البصْريّ3. التبّان العلاف. عن حمّاد بْن زيد، ويونس بْن حبيب. وقرأ على: سلام بْن سليمان الطّويل. وعنه: أبو حاتم وأبو زُرْعة وأبو حاتم السّجستانيّ وعبد اللَّه بْن أحمد بن حنبل قال أبو حاتم: شيخ ثقة بصير بالقرآن. وقال محمد بْن جرير: مات سنة خمس وثلاثين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 93"، والثقات لابن حبان "8/ 78"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 69-71" وسير أعلام النبلاء "/ 11/ 39، 40". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 80"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 71، 72"، وتهذيب التهذيب للحافظ "1/ 114". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 92"، والثقات لابن حبان "8/ 78"، وتهذيب التهذيب "1/ 115". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 32 24- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان1 -د. ق. أبو ثور الكلبي البغدادي، الفقيه أحد الأعلام. وقيل كنيته أبو عبد الله، ولقبه أبو ثور. عن: ابن عُيَيْنَة، وابن عُلَيَّة، وعُبَيْدة بْن حُمَيْد وأبي معاوية، وَوَكيع، ومُعاذ بْن مُعاذ، وعبد الرحمن بْن مهديّ، والشّافعيّ، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه: د. ق، ومسلم بْن الحجّاج خارج "الصحيح"، وأبو القاسم البغوي، والقاسم بن زكريا المطرز، ومحمد بن صالح بن ذَرِيح، ومحمد بن إسحاق السراج، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وجماعة. قال عبد الرحمن بْن خاقان: سألتُ أحمد بْن حنبل عن أبي ثور فقال: لَم يبلغني إلا خيرًا إلا أنه لا يعجبني الكلام الذي يصيّرونه في كُتُبهم. وقال أبو بكر الأعْيَن: سألتُ أحمد بْن حنبل عنه فقال: أعرفُه بالسنة منذ خمسين سنة وهو عندي في مِسْلاخ سُفيان الثَّوْرِيّ. وقال غيره إنّ رَجُلًا سأل أحمد بْن حنبل عن مسألةٍ فقال: سَلْ غيرنا سَلِ الفقهاء سَلْ أبا ثور. وقال النّسائيّ هو أحد الفقهاء، ثقة مأمون. وقال ابن حِبّان: كان أحد أئمّة الدّنيا فِقْهًا وعِلمًا وورعًا وفضلًا وخيرًا، ممن صنّف الكُتُب، وفرَّع على السُّنَن، وذبَّ عنها، وقمع مخاليفها. وقال بدر بْن مجاهد: قال لي سُليمان الشاذكُونيّ: اكتب رأي الشافعيّ، واخرج إلى أبي ثور فاكتب عنه، لا يفوتنَّك بنفسه. وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو ثور أولًا يتفقّه بالرأي، ويذهب إلى قول أهل العراق، حتّى قدِمَ الشافعيّ بغداد، فاختلف إليه أبو ثور، ورجع عن الرأي إلى الحديث. وقال أبو حاتم: هو رجل يتكلم بالرأي فيخطيء ويُصيب، وليس محلّه محلّ المتّسعين في الحديث. وقال عبيد محمد بن عبد البزّار صاحبه: تُوُفّي أبو ثور في صفر سنة أربعين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 97"، والتاريخ الصغير للبخاري "233"، والثقات لابن حبان "8/ 74"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 65-69". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 33 35- إبراهيم بن دينار1 -م - أبو إسحاق التمار، بغداديُّ ثقة. سمع: هُشَيْمًا، ومُعْتَمرًا، وابن عُيَيْنَة، وابن عَلَيْهِ، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ، وروح بن عبادة. وعنه: م، وأحمد بْن أبي عَوْف البزوريّ، وأبو زُرْعة الرازيّ، وتَمْتَام، وعبد الله بن أحمد، وأبو يعلى الموصلي، وجماعة. تُوُفّي سنة اثنتين وثلاثين. 36- إبراهيم بْن العلاء بن الضحاك بن المهاجر2 -د- أبو إسحاق الزبيدي الحمصي، زِبْرِيق، والد إسحاق، ومحمد. سمع: إسماعيل بْن عيّاش، وبقيّة، والوليد بْن مسلم، وثَوَابة بْن عَوْن الحمويّ، وجماعة. وعنه: د، وأحمد بْن عليّ الأبّار، وبَقيّ بْن مَخْلَد، وجعفر الفِرْيابيّ، وحفيده عمرو بن إسحاق بن زبريق ومحمد بن جعفر بن يحيى بن رزين الحمصي وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن رَزِين: تُوُفّي سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. 37- إبراهيم بْن محمد بْن سليمان الشّاميّ3 مجهول، لم يروِ عنه غير محمد بْن الفيض الغسَّانيّ، وذكر أنّه تُوُفّي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. قال أبو أحمد الحاكم: نا ابن الفيض، نا أبو إسحاق إبراهيم بْن محمد بْن سليمان بْن بلاد بْن أبي الدَّرْداء: حدَّثَنِي أبي، عن أبيه سُليمان، عن أمّ الدَّرْدَاء، عَنْ أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لَمّا دخلَ عمر الشام سألهُ بلال أن يقرَّه به، ففعل ونزل داريًّا. ثُمَّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول له: "ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني؟ "، فانتبه حزينًا وركبَ راحلته وقصد المدينة، فأتى قبر النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فجعل يبكي عنده ويمرّغ وجهه عليه. فأقبلَ الحَسَن والحسين، فضمّهما وقبّلهما، فقالا: نشتهي أن نسْمع أذانك. ففعل، وعلا سطح المسجد، ووقَفَ موقفه الذي كان يقفُ فيه، فلمّا أن قال:   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 98"، والثقات لابن حبان "8/ 82"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 70"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 84، 85". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 121"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 307"، والثقات لابن حبان "8/ 71"، والكامل لابن عدي "6/ 2290". 3 انظر تهذيب تاريخ دمشق "2/ 259". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 34 اللَّه أكبر اللَّه أكبر ارتجّت المدينة. فلمّا أن قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ازدادت رجّتها، فلمّا أن قال: أشهدُ أنّ محمدا رسول اللَّه. خرج العواتق من خدورهن، وقبل: بُعث رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فما رُؤي يوم أكثر باكيًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ ذلك اليوم. إسناده جيّد ما فيه ضعيف، لكنّ إبراهيم مجهول. 38- إبراهيم بْن محمد بْن العبّاس بن عثمان بن شافع1 بن السائب بن عبيد بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ بْنِ كِلابٍ -ن. ق. - أبو إسحاق القرشي المطلبي ابن عم الشّافعيّ، المكّيّ. سمع: أباه، وفُضَيْل بْن عِياض، وجده لأمّه محمد بْن عليّ بْن شافع، والمنكدر بْن محمد بْن المنكدر، وحمّاد بْن زيد، وعبد العزيز بْن أبي حازم، وابن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: ق. ون. بواسطة، وأحمد بْن سيّار المَرْوَزِيّ، وأبو بكر بْن أبي عاصم، وبَقيّ بن مَخْلد، ومُطَيَّن. وثّقة النّسائيّ، وغيره. ومات سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائتين. 39- إبراهيم بن محمد بن خازم2 -د- مولى بني سعْد، أبو إسحاق ولد أبي معاوية الضرير الكوفي عنه أبيه، وأبي بكر بْن عيّاش، ويحيى بْن عبس الرمليّ. وعنه: د. وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وعُبَيْد بْن عثَّام، ومحمد بْن عثمان بْن أبي شَيْبَة، ومطين، والحسن بن سفيان، وجماعة. قال أبو زُرْعَة: صدوق صاحب سنة، مات سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 40- إبراهيم بْن محمد البَخْتَرِيّ أبو إسحاق المَوْصِليّ. عن: شريك، وأبي عَوَانَة، وحمّاد بْن زيد. وعنه: إبراهيم بن الهيثم الزهيري، وأبو نصر الخفاف، وغيرهما، توفي سنة ست أيضا. 41- إبراهيم بن محمد بن عرعرة3 بن البرند بن النعمان بن علجة بن الأقنع بن كزمان بن الحارث بن حارثة بن مالك بن سعد بن عبيدة بن الحارث بن سامة بن   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 129"، والثقات لابن حبان "8/ 73"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 175، 176". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 130"، والثقات لابن حبان "8/ 77"، ويهذيب الكمال للمزي "2/ 171". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "8/ 309"، والجرح والتعديل "2/ 130"، والثقات لابن حبان "8/ 77"، والمجروحين له "2/ 134، 135"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 182". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 35 لؤي بن غالب -م- أبو إسحاق القرشي السامي البصري، نزيل بغداد. عن: جعفر بْن سليمان الضُّبَعيّ، وحَرَميّ بْن عُمارة، والخليل بْن أحمد المُزَنيّ، وعبد الرحمن بْن مهديّ، ويحيى القّطان، وعبد الرَّزَّاق، وعبد الوهّاب الثّقفيّ، وجدّه عَرْعرَة، وغُنْدَر، وطائفة. وعنه: م، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وأبو يعلى، وأحمد بن الحسن الصوفي، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. قال محمد بْن عُبيد اللَّه: كنتُ عند أحمد بْن حنبل، فقيل له: إنَّهم يكتبون عن إبراهيم بْن عَرْعَرة، فقال: أُفٍّ، لا يُبالونَ عمّن يكتبون. وروى الأثرم، عن أحمد أنّه غمز ابن عرعرة. وقال علي بن الحسن بن حبان: وجدت بخط أبي: قلتُ لابن مَعِين: ابنُ عَرْعَرَة؟ فقال: ثقة معروف بالحديث مشهور بالطلب، كيس الكتاب، ولكنه يُفسد نفسه. يدخل في كل شيء. وقال ابن عديّ: ثنا القاسم بْن صَفْوان البرذعيّ قال: قال لنا عثمان بْن خُرَّزاذ: أحفظ من رأيتُ أربعة، فذكر إبراهيم بْن عَرْعَرَة منهم. قال موسى بْن هارون: مات لسبْعٍ بقين من رمضان سنة إحدى وثلاثين. 42- إبراهيم بْن مَخْلَد الّطالْقانيّ1 -د- عن: رشدان بْن سعْد، وابن المبارك، وعبد الرحمن بْن مَغْراء، وأبي بكر بْن عيّاش، وجماعة. وعنه: د.، وأبو الزِّنْباع المصريّ، ومحمد بْن منصور الطُّوسيّ. 43- إبراهيم بن الْمُنْذِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المنذر بن المغيرة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ حِزَامِ بن خويلد بن أسد -خ. ت. س. ق. أبو إسحاق الأسدي المدني المعروف بالحزامي. وخالد هو أخو حكيم بْن حِزام. كان إبراهيم بن منذر من أئمّة الحديث بالمدينة. روى عن: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، وابن وهْب، ومعن بن عيسى، وابن أبي فديك، وأبي ضمرة، والوليد بن مسلم، وخلق كثير. وعنه: خ. ق وت. س. بواسطة، وأحمد بْن إبراهيم البُسْريّ، وثعلب   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 68"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 186، 197". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 36 النَّحْوي، وبَقِيّ بْن مَخْلد، وابن أبي الدُّنيا، وأبو جعفر محمد بْن أحمد التَّرْمِذيّ، ومحمد بْن إبراهيم البوشّنْجيّ، ومُطَّين، ومَسْعَدَة بْن سعد العطّار، وخلْق. قال صالح جَزَرَةَ: صدوق. وكذا قال أبو حاتم. وقال عثمان الدرامي: رأيتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ كتب عن إبراهيم بْن المنذر أحاديث ابن وهْب ظننتها "المغازي" وقال عَبْدَان بْن أحمد الهمْدَانيّ سمعتُ أبا حاتم يقول: إبراهيم بْن المنذر أَعْرَف بالحديث من إبراهيم بْن حمزة، إلا أنّه خلط في القرآن. جاء إلى أحمد بْن حنبل فاستأذنَ عليه، فلم يأذن له وجلس حتّى خرج فسلم عليه، فلم يرد السلام عليه. وقال الأثرم: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: أيّ شيء يبلغني عن الحِزاميّ؟ لقد جاءني بعد قدومه من العسكر، فلمّا رأيته أخذتني -أخبِرك- الحَمِيَّة، فقلتُ: ما جاء بِكَ إليّ؟ قالَها أبو عبد الله بانتهار. قال: فخرج فلقي أبا يوسف، يعني عمّه، فجعل يَعْتَذِر. قال يعقوب الْفَسَوِيُّ: مات في المحرَّم سنة ست وثلاثين. وقيل: حفظ عن مالك مسألة. 44- إبراهيم بْن موسى الوَرْدُوليّ1. الفقيه، شيخ أصحاب الرأي. رحل وطلب العلم؛ وسمع من: فُضَيْل بْن عِيَاض، ومُعْتَمَر بْن سليمان، وعبد اللَّه بْن المبارك، وسُفْيان، وجماعة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن المهلَّبيّ، وأحمد بْن حفص السَّعْديّ، وغيرهما. 45- إبراهيم بْن مهران2. أبو إسحاق المَروَزِيّ. حدّث ببغداد عن اللَّيْث بْن سعْد، وشَرِيك، وابن لَهِيعَة. وعنه: عبد الله بن أحمد بن حنبل، وموسى بن هارون، وعمر بن حفص السدوسي. 46- إبراهيم بن أبي الليث نصر3.   1 انظر الضعفاء لابن عدي "1/ 270، 271"، وميزان الاعتدال "1/ 68". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 82". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 141"، والكامل لابن عدي "1/ 217"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 191-196". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 37 أبو إسحاق، بغدادي ضعيف. روى عن: فَرَج بْن فَضَالَةَ، وعُبَيْد اللَّه الأشجعيّ، وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله، وأبو يعلى الموصلي، وغيرهم. وقال ابن عديّ: أرجو أنّه لا بأس به. قال أبو حاتِم: كان ابن مَعين يحمل عليه، والقواريريّ أحبّ إليّ منه. وقال الخطيب: هو تِرْمِذِيّ الأصل، يروي أيضًا عن: شَرِيك، وهُشْيَم. وعنه ابن المديني، وإبراهيم بن هانيء. وقال أبو حاتِم: كان أحمد يُجمل القول فيه. قلتُ: ثُمَّ توقّف عليٌّ في الرواية عنه. وقال أبو داود: سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يقول: أفْسَد نفسه في خمسة أحاديث عنده، لو كانت في الجبل لكان ينبغي أن يُرحل فيها. ثُمَّ قال أبو داود صدوق. وَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْن أَحْمَدَ الدَّوْرَقيّ: كُنَّا نختلف إلى إبراهيم بْن نصر بْن أبي اللّيث سنة ستّ عشرة ومائتين أنا، وأبي، وابنُ معين، ومحمد بْن نوح، وأحمد بْن حنبل، في غير مجلس، نسمعُ منه تفسير الأشجعي، فكان يقرأ علينا من صحيفة كبيرة. فأوّل ما فطن له أبي أنّه كذّاب، فقال له أبي: يا أبا إسحاق هذه الصّحيفة كأنّها أصل الأشجعيّ؟ فقال له: نعم، كانت له نسختان، فوهبَ لي نسخة. فسكت أبي، فلمّا خرجنا قال أبي: يا بنى، يذهب عَناؤنا إلى هذا الشيخ باطلًا. الأشجعيّ كان رجلًا فقيرًا، وكان يوصَل، وقد رأيناهُ وسمعنا منه. من أينَ كان يمكنه أن تكون له نسختان؟ فلا تقُلْ شيئًا، وسكت. وَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ مَسْتُورًا حَتَّى حَدَّثَ بِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ فِي الرُّؤْيَةِ، وَأَقْبَلَ يَتَّبِعُ كُلَّ حَدِيثٍ فِيهِ رُؤْيَةٌ يَدَّعِيهِ. فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ مَعِينٍ لِكَثْرَةِ مَا ادَّعَى. وَحَدَّث بِحَدِيثِ عَوْنِ بْنِ مَالِكٍ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِثَلَاثِمَائَةِ لِسَانٍ"1. فَقَالَ يَحْيَى: هَذَا الْحَدِيثُ أُنْكِرَ عَلَى نُعَيْمٍ الْفَارِضِ، مِنْ أَيْنَ سَمِعَ هَذَا مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ؟ فَجَاءَ رَجُلٌ خُرَاسَانِيٌّ فَقَالَ: أَنَا دَفَعْتُهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي اللَّيْثِ فِي رُقْعَةِ تِلْكَ الْجُمُعَةِ. فقال ابن مَعِين: لا تُسقِط حديث رجلٍ برجلٍ واحد. فلمّا كان بعد قليل حدَّث بأحاديث حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عن وَكِيع بْن عُدُس عن عمّه أبي رزين: "أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ والأرض، وضحك ربنا". فحدّث بِهَا عن هُشَيْم، عن يَعْلَى. فقال يَحْيَى بْن مَعِينٍ: إبراهيم بْن أبي الليث كذّاب، سَرق الحديث. قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعتُ يحيى يقول: صاحب الأشجعيّ كذّاب خبيث. تُوُفّي سنة أربعٍ وثلاثين. وقال يعقوب بْن شيبة: كان أصحابنا كتبوا   1 انظر تاريخ بغداد "6/ 193، 194". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 38 عن إبراهيم بْن أبي الليث، ثُمَّ تركوه لأنّه روى أحاديث موضوعة. وقد سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يقول: هو يكذبُ في الحديث. وقال الفلاس: كان يكذب. وكذا قال جَزَرَة. 47- إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى1. أبو إسحاق الغساني الدمشقي. عن: أبيه، ومعروف الخيّاط، وعبد اللَّه بْن عِياض الإسكندرانيّ، وسُوَيْد بْن عبد العزيز، وشُعيب بْن إسحاق. وقيل إنه روى عن سعيد بْن عبد العزيز. روى عنه: ابنه أبو حارثة أحمد، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأحمد بْن عليّ الأبّار، وجعفر الفِرْيابيّ، والحَسَن بْن سُفْيان، ومحمد بن الحَسَن بن قتيبة العسقلاني، وطائفة وسواهم. وُلِدَ سنة خمسين ومائة. وهو صاحب حديث أبي ذرّ الطّويل. تفرَّد به، عن أبيه، عن جدّه. قال الّطبرانيّ: لم يروه عن يحيى إلا ولده، وهم ثقات. وذكره ابن حبان في الثقات. وخرج حديثه الطّويل وصحّحه. وأمّا ابن أبي حاتِم فقال: قلتُ لأبي: لِمَ لا تحدّث عن إبراهيم بْن هشام الغسّانيّ؟ فقال: ذهبتُ إلى قريته، فأخرج إلي كتابًا، رغم أنّه سمعه من سعيد بْن عبد العزيز، فنظرتُ فيه فإذا فيه أحاديث ضَمْرة، عن ابن شَوْذب، ورجاء بْن أبي سَلَمَةَ. فنظرتُ إلى حديثه فاستحسنْتُه من حديث اللّيث بْن سعد، عن عَقيل، فقلتُ له: أذكر هذا. فقال: ثنا سعيد بْن عبد العزيز، عن ليث بْن سعد، عن عَقِيل، بالكسر. ورأيتُ في كتابه أحاديث عن سُوَيْد بْن عبد العزيز، عن مُغيرة، فقلتُ: هذه أحاديث سُوَيْد، فقال: ثنا سعيد بْن عبد العزيز، عن سُوَيْد. وأظُنُّه لَم يطلب العلم وهو كذّاب. قال عبدُ الرحمن: فذكرتُ لعليّ بْن الحسين بْن الْجُنَيْد بعضَ هذا الكلام عن أبي، قال: صدق أبو حاتِم، ينبغي أن لا تحدَّث عنه. قال محمد بْن الفَيْض: مات سنة ثمان وثلاثين. قال ابن الجوزي: قال أبو زرعة: كذاب.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 142، 143"، والثقات لابن حبان "8/ 79"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 72، 73". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 39 48- إبراهيم بْن يوسف بْن ميمون بْن قُدامة1 -ن- وقيل ابن رَزِين. أبو إسحاق الباهليّ البلْخيّ المعروف بالماكياني. وماكيان من قرى بَلْخ، وهو أخو عصام، ومحمد. عن: حماد بْن زيد، وأبي الأحوص، وخالد الطّحّان، ومالك، وشريك، وإسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن عياش، وهشيم، وطائفة. وعنه: ن، ومحمد بن كرام بن شيخ الكرّاميّة، وحامد بْن سهل البخاريّ، وجعفر بْن سوّار الحافظ، ومحمد بْن قُدامة البْلخيّ، وزكريّا السِّجْزيّ خيّاط السنة، ومحمد بْن محمد الصِّدِّيق البلْخيّ، وخلْق سواهم. وثقه النَّسائيّ، وابن حِبّان. وقال ابن حِبّان: كان ظاهر مذهبه الإرجاء، واعتقاده في الباطن السنة سمعتُ أحمد بْن محمد: سمعتُ محمد بْن داود الفُوعيّ يقول: حلفتُ أنِّي لا أكتبُ إلا عمّن يقول: الإيمان قولٌ وعملٌ. فأتيت إبراهيم بن يوسف فأخبرته، فقال: اكتب عني، فإني أقول: الإيمان قول وعمل. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتِم فِي كتاب "الرّدِّ على الْجَهْمِيَّة": حدثني عيسى بن بنت إبراهيم بن طهمان قال: كان إبراهيم بْن يوسف شيخًا جليلًا من أصحاب الرأي، طلب الحديث بعد أن تفقّه في مذهبهم، فأدركَ ابن عُيَيْنَةَ، ووَكِيعًا. فسمعتُ محمد بْن محمد الصِّدِّيق يقول: سمعتُه يَقُولُ: القرآن كلامُ اللَّه، ومن قَالَ مخلوق فهو كافر، بانت منه امرأته. ومَنْ وَقَفَ فهوَ جَهْمِيّ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ: رَوَى عن مالك، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ". وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَضَرَ لِيَسْمَعَ مِنْهُ وقُتَيْبَةُ حَاضِرٌ، فَقَالَ لِمَالِكٍ: إِنَّ هَذَا يَرَى الإِرْجَاءَ. فأَمَر أن يُقام من المجلس، ولَم يسمع منه غير هذا الحديث. ووقع له بِهذا مع قُتَيْبَة عداوة، فأخرجه من بلْخ، فنزل قرية بَغْلان. قلتُ: وكان إبراهيم بْن يوسف شيخ بَلْخ وعالمها في زمانه. مات لأربع بقين من جُمادى الأولى سنة تسع وثلاثين. 49- إدريس بْن سُليمان بْن يحيى بْن أبي حفصة2 يزيد مولى مروان بْن الحَكَم اليَمَاميّ الشّاعر، أخو مَروان بْن أبي حَفْصَة. شاعر مُفْلِق بديع القول. فضّله بعضهم على أخيه. وقد عاش بعد أخيه دهرًا طويلًا. مدح الواثق، والمتوكل، وآل طاهر.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 148"، والثقات لابن حبان "8/ 76"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 251-255"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 76". 2 انظر الوافي بالوفيات "8/ 315"، وديوان المعاني "1/ 63". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 40 روى عنه: أحمد بن أبي خثيمة، ويحيى بْن عليّ المنجّم. وكان الواثق يقول: ما مدحني شاعرٌ بِمثل ما مدحني به إدريس. وكان أعور، ويُكنَّى أبا سليمان. قال أبو هفان هو من مروان. وأنشد المبرّد لإدريس من قصيدة: يقولُ أُنَاسٌ إنّ مصرَ بَعيدةٌ ... ومَا بعُدت مصْرُ وفيها ابنُ طاهرِ وأبعدُ من مصرَ رجالٌ نَعُدّهم ... بحضرتنا معروفُهُمْ غيرُ حاضرِ عن الخير مَوْتَى، ما تُبالي إنْ زُرْتَهم ... على طمع، أم زرت أهلَ المقابرِ 50- أزداد بْن جميل بْن السّبَّال1 عن: إسرائيل، وأبي جعفر الرازيّ، ومالك. وعنه: علي بن الحسين بن حبان، عبد الله بن إسحاق المدائني، وابن ناجية، وعمر بن أيوب السقطي. ذكره الخطيب هكذا ولم يتكلم فيه. 51- إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله بن مطر2 بن عبيد الله بن غالب بن وارث بن عبيد الله بن مرة بن كعب بن همام بن أسد بن مرة بن عمرو بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم -ع. إلا ق. أنبأني بنسبه هذا أبو الغنايم القَيْسِيّ: أَنَا أَبُو اليُمْن الكِنْدِيّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ، أنا الخطيب أبو بكر: حدَّثَنِي أبو الخطّاب العلاء بْن أبي المغيرة بْن أحمد، عن ابن عمّه أبي محمد عليّ بْن أَحْمَد بْن سعيد بْن حزْم قال: إسحاق بْن راهَويَه هو إسحاق بْن إبراهيم، فذكره. قلت: هو أحد الأئمّة الأعلام المتبوعين، أبو يعقوب التميميّ الحنظليّ المَرْوَزِيّ الإمام، نزيل نَيْسابور وعالمها. ولد سنة إحدى وستين ومائة. وسمع من عبد اللَّه بْن المبارك سنة بضْعٍ وسبعين، فترك الرواية عنه لكونه لم يتُقن الأخذ عنه كما يجب. وارْتَحلَ في طلب العلم سنة أربعٍ وثمانين. قال عليّ بْن إسحاق بْن رَاهَوَيْه، فيما رواهُ عنه عثمان بْن جعفرَ اللّبّان: وُلِدَ أبي من بطن أمّه مثقوبَ الأُذُنَيْن، فمضى جدّي راهَوَيْه إلى الفضل بْن موسى، فسأله عن ذلك، فقال: يكون ابنك رأسًا إمّا في الخير، وإما في الشر.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 48، 49"، والإكمال "5/ 30". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 209"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 379"، والثقات لابن حبان "8/ 115"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 345-355". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 41 وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: قال لي عبد اللَّه بْن طاهر: لِمَ قيل لك ابن رَاهَوَيه؟ وما معنى هذا؟ وهل تكره أن يُقال لك هذا؟ قلتُ إنّ أبي وُلِدَ في طريق مكّة، فقالت المَرَاوِزَة: رَاهَوَيْه، بأنّه وُلِدَ في الطريق. وكان أبي يكره هذا، وأما أنا فلستُ أكرهه. سمع إسحاقُ قبل الرحلة من: ابن المبارك، والفضل السِّينانيّ، وأبي تُمَيْلَة، ويحيى بْن واضح، وعمر بْن هارون، والنَّضْر بْن شُمَيْلٍ. وفي الرحلة من: جرير بْن عبد المجيد، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد العزيز الدَّارَقُطْنيّ، وفُضَيْل بْن عِياض، ومُعْتَمر بْن سُليْمَان، وعيسى بْن يونس، وعبد العزيز بْن عبد الصّمد العَمّيّ، وابن عُلَيّة، وأسباط بْن محمد، وبقيّة بْن الوليد، وحاتِم بْن إسماعيل، وحفص بْن غِياث، وأبي خالد الأحمر سُليمان بْن حيّان، وشُعيب بْن إسحاق، وعبدُ اللَّه بْن إدريس، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبدُ الرَّحْمَن بْن مهديّ، وعبد الرزّاق، وعبد الوهاب الثّقفيّ، وعتّاب بْن بشير الْجَنَدِيّ، وأبي معاوية، وغُنْدُر، وابن فُضَيْل، والوليد بْن مسلم، وأبي بكر بْن عيّاش، وخَلْقٍ سِوَاهُم. وعنه: الجماعة سوى ق.، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين قريناه، ويحيى بن آدم شيخه ومحمد بن يحيى بن الذهلي، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن سلمة، وإبراهيم بن أبي طالب، وموسى بن هارون، وعبد الله بن محارب شيرويه، ومحمد بن رافع، والحسن بن سفيان، ومحمد بن نصر المروزي، وابنه محمد بن إسحاق، وجعفر الفريابي، وإسحاق بن إبراهيم النيسابوري البستي، وخلق آخرهم أبو العباس السراج. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عبد اللَّه الكاتب، أنا محمد بن عمر، ومحمد بْن أحمد الطّرائفيّ، ومحمد بْن عليّ ابن الدّاية قالوا: أنا أبو جعفر محمد بْن المُسْلِمَةِ، أنا أبو الفضل عُبَيْد اللَّه الزَّهْريّ، أنا حعفر بْن محمد: ثنا إسحاق بْن رَاهَوَيْه: أنا عيسى بْن يونس، نا الأوزَاعِيّ، عن هارون بْن رياب أنّ عبد اللَّه بْن عَمْرو لَمّا حَضَرَتْهُ الوفاة خطبَ إليه رجل ابنتَه قالت: إنِّي قد قلتُ فيه قولًا شبيهًا بالعِدَة، وإنِّي أكره أن ألقى اللَّه بثلث النّفاق. أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، وَجَمَاعَةُ إِجَازَةٍ، قَالُوا: أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَرَكَاتٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَافِظُ أَنَا الْقَاسِمُ النَّسِيبُ أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحَمَدَ الرَّزَّازُ، أَنْبَأَ جَعْفَرُ بْنُ محمد بْنِ الْحَكَمِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ "ح" وَأَنْبَأَنَا ابن علان، أنفا الجزء: 17 ¦ الصفحة: 42 الْكِنْدِيُّ، نَا الْقَزَّازُ، نَا الْخَطِيبُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ رَامِينَ الإِسْتَرَابَاذِيُّ الْقَاضِي، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ بُنْدَارٍ الإِسْتَرَابَاذِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِيُّ قَالَا: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ: حَدَّثَنِي بَقِيَّةُ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ: نَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ إِلَّا مِنْ بَأْسٍ"1. وقد روى عن إسحاق: أبو العبّاس السّرّاج كما قدّمنا، وعاش بعد بقيّة مائة وستّ عشرة سنة. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثنا أبي: سمعتُ إسحاق بْن رَاهَوَيْه يروي عن عيسى بْن يونس قال: لو أردتُ أبا بكر بْن أبي مريم على أن يجمع لي فلانًا وفلانًا لفعل، يعني: يقول عن راشد بْن سعْد، وضَمرة، وحبيب بْن عُتْبَة. قال عبد اللَّه: لَم يرو أبي عن إسحاق غير هذا. وقال موسى بْن هارون: قلتُ لإسحاق: من أكبر، أنت أو أحمد؟ فقال هو أكبرُ منّي في السّن وغيره. وكان مولد إسحاق في سنة ستٍّ وستّين ومائة فيما يروي موسى. وقل محمد بْن رافع: قال إسحاق بْن راهويه: كتب عنّي يحيى بْن آدم أَلْفَيْ حديث. وقال حاشد بْن مالك: سمعتُ وَهْبَ بْن جرير يقول: جزى اللَّه إسحاق بْن راهَوَيه، وصدقة، يعني ابن الفضيل، ومعمرًا عن الإسلام خيرًا، أَحْيُوا السنة بالمشرق، مَعْمر هو ابن بِشْر. وقال نُعَيْم بْن حَمَّاد: إذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بْن راهَوَيه فاتَّهِمْهُ في دِينه. وقال أحمد بْن حفص السَّعْدِيّ: قال أحمد وأنا حاضر: لم يعبر الْجِسْرَ إلى خُراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإنّ النّاس لَم تزل يُخالف بعضهم بعضًا. وقال أحمد بْن أسلم الطُّوسيّ حين مات إسحاق: ما أعلمُ أحدًا كان أخشْى لله من إسحاق، يقول اللَّه تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] . وكان أعلم الناس. وقال أحمد بن سعيد الرباطي: ولو كان سفيان الثَّوريّ والحمّادان في الحياة لاحتاجوا إلى إسحاق. قال محمد فأخبرتُ بذلك محمد بْن يحيى الصفّار، فقال: والله لو كان الحسنُ البصري في الحياة لاحتاج إلى إسحاق في أشياء كثيرة. وقال الدّارميّ: ساد إسحاق أهلَ المشرق والمغرِب بِصِدْقة. وعن أحمد بْن حنبل، وسئل عن إسحاق فقال: لا أعرف له بالعراق نظيرًا وقال حنبل: سمعت   1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "2263"، وابن أبي شيبة في مصنفه "7/ 215"، والخطيب في تاريخ بغداد "6/ 346"، انظر الضعيفة "4706". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 43 أحمد بْن حنبل وسئل عن إسحاق، فقال: مثل إسحاق يُسأل عنه؟ أسحاق عندنا إمام. وقال النَّسائيّ: إسحاق بْن راهَوَيْه أحد الأئمّة، ثقة مأمون. سمعت سعيد بن ذُؤَيْب يقول: ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحاق. وقال ابن خُزَيْمَة: والله لو كان إسحاق في التّابعين لأقرُّوا له بِحفْظه وعِلْمه وفِقْهه، وقالَ عليّ بْن خَشْرَم: نا ابن فُضَيْل، عن ابن شُبْرُمَة، عن الشَّعْبِيّ قال: مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَلا حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِحَدِيثٍ قَطُّ إِلا حفظته. فحدثت بِهذا إسحاق بْن راهَوَيه فقال: تَعْجَب من هذا؟ قلتُ: نعم. قال: ما كنت أسمع شيئًا إلا وحفظته وكأنّي أنظرُ في سبعين ألف حديث، أو قال أكثر من سبعين ألف حديث في كُتُبي. وقال أبو داود الخَفّاف: سمعتُ إسحاق بْن راهَوَيه يقول: لكأنِّي أنظرُ إلى مائة ألف حديث في كتبي، وثلاثين ألف أسردُها. قال: وأملى علينا إسحاق أحد عشر ألف حديث من حِفْظِهِ ثُمَّ قرأها علينا، فما زاد حرفًا، ولا نقص حرفًا. رواها ابن عديّ، عن يحيى بْن زكريّا بْن حَسُون، سمع أبا داود فذكرها. وعن إسحاق قال: ما سمعتُ شيئًا إلا وحفظته، ولا حفظتُ شيئًا قطّ فنسيته، وقال أبو يزيد محمد بْن يَحْيَى: سمعتُ إسحاق يقول: أحفظُ سبعين ألف حديث عن ظهر قلب. وقال أحمد بْن سَلَمَةَ: سمعتُ أبا حاتِم الرازيّ يقول: ذكرتُ لأبي زُرْعة إسحاق بْن راهَوَيْه وحِفْظِه، فقال أَبُو زُرْعَة: ما رُؤِيّ أحفظ مِنْ إسحاق. قال أبو حاتِم: والعَجَبُ من إتقانِهِ وسلامته من الغَلَط، مع ما رُزِقَ من الحِفْظِ. قال: فقلتُ لأبي حاتِم إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه. فقال أبو حاتم: فهذا أعجبُ، فإنّ ضبط الأحاديث المُسْنَدَةِ أسهل وأهونُ من ضبط أسانيد التّفسير وألفاظها. وقال إبراهيم بْن أبي طالب: فاتني عن إسحاق مجلس من مُسْنَده، وكان يُمْليه حِفْظًا، فودِدتْ إليه مِرارًا ليعيده، فيعتذر. فقصدته يومًا لأسأله إعادته، وقد حُمِلَ إليه حنطة من الرُّسْتَاق، فقال لي: تقوم عندهم وتكتبُ وزْن هذه الحنطة، فإذا فرغتَ أعدتُ لك. ففعلتُ ذلك، فسألني عن أول حديث من المجلس، ثُمَّ اتّكأ على عَضَادة1 الباب، فأعاد المجلس حِفْظًا، وكان قد أملى الْمُسْنَد كلَّه حِفْظًا. قال الْبَرْقَانِيّ: قرأنا على أبي أحمد بن إبراهيم الخورازمي بِهَا: حدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ القاضي: سمعتُ إسحاق -يعني ابن رَاهَوَيه- يقول تاب رجلٌ من الزَّنْدَقة، وكان يبكي ويقول: كيف تُقْبَلُ توبتي وقد زوّرت أربعة آلاف حديث تدور   1 عضادة الباب هي: خشبتان منصوبتان مثبتتان على جانبي الحائط. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 44 في أيدي الناس. وقال عبد الله بْن الأثرم: سمعتُ محمد بْن إسحاق بْن راهَوَيْه يقول: دخلتُ على أحمد بْن حنبل فَقَالَ: أنتّ ابن أبي يعقوب؟ قلتُ: بلى. قَالَ: أما إنّك لو لزِمْتَه كان أكثر لفائدتك، فإن لَم ترَ مثله. وقال أبو داود: تغير أبو إسحاق قبل موته بخمسة أشهر، وسمعتُ منه في تلك الأيام فرميت به. وقال قُتَيْبَة: الحُفّاظ بخُراسان: إسحاق بْن راهَوَيْه، ثُمَّ عبد الله الدرامي، ثُمَّ محمد بْن إسماعيل. وقال أحمد بْن يوسف السلمي: سمعت يحيى بن يحيى يقول: قالت لي امرأتي: كيف تقدِّمُ إسحاق بين يديك، وأنت أكبرُ منه؟ قلتُ إسحاق أكثر مِنِّي علمًا وأنا أحسنُ مِنْهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْه: سمعتُ أحمد بْن حنبل يقول: إسحاق لَم يُلْقَ مثله. وعن فضل بْن عِبْدان الحِمْيَريّ: سألتُ أحمد بْن حنبل عن رجال خُراسان، فقال: إسحاق فلَم ترَ مثله. وأمّا الحسين بْن عليّ البسامي فَفَقِيه، وأمّا إسماعيل بْن سعيد الشالنجيّ ففقيه عالِم. وأمّا أبو عبد الله العطّار، فبصير بالعربيّة والنَّحْو. وأمّا محمد بْن أسلم، فلو أمكنني زيارته لزُرْتُه. وقال أحمد بْن سَلَمَةَ: قلتُ لأبي حاتِم: أقبلتَ على قول أحمد بْن حنبل، وإسحاق؟ فقال: لا أعلمُ في دهر ولا في مصر مثل هذين الرجلين. وقال داود بْن الحسين البهيقي: سمعتُ إسْحَاقَ الحَنْظَليّ يقول: دخلتُ على عبد اللَّه بْن طاهر الأمير، وفي كُمِّي تَمْرٌ آَكُلُه. فنظرَ إليّ وقال: يا أبا يعقوب إنْ لَم يكن تركك للريّاء من الرياء، فما في الدنيا أقل رياءًا منك. وقال أحمد بْن سعيد الرِّباطيّ في إسحاق بْن راهَوَيْه رَحِمَهُ اللَّه: قُربي إلى اللَّه دعاني إلى ... حُبِّ أبي يعقوب إسحاق لَم يجعل القرآنَ خلْقًا كما ... قد قاله زِنْديقُ فُسّاقِ يا حُجّةَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ ... في سنة الماضين للباقي أبوك إبراهيم مخلص التُّقَى ... سَبَّاقُ مجدٍ وابنُ سَبَّاقِ وقال أحمد بْن كامل: أخبرني أبو يحيى الشَّعْرانيّ أنّ إسحاق تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وأنه كان يخضب بالحناء. وقال لي: ما رأيتُ بيده كتابًا قطّ، وما كان يُحدِّثُ إلا حِفْظًا. وقال: كنتُ إذا ذاكرتُ إسحاقَ الْعِلْمَ وجدته فرْدًا، فإذا جئت إلى أمير الدُّنيا رأيته لا رأي له. وقال أحمد بْن سَلَمَةَ: سمعتُ إسحاق الحنظليّ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يقول: ليس بين أهل العِلْم اختلاف أنّ القرآن كلامُ اللَّه وليس بِمخلوقٍ. وكيف الجزء: 17 ¦ الصفحة: 45 يكون كلام الرب عَزَّ وَجَلَّ مخلوقًا؟ وقال السّرّاج: سمعتُ إسحاق الحنظلي يقول: دخلتُ على طاهر بْن عبد اللَّه وعنده منصور بْن طلحة، فقال لي منصور: يا أبا يعقوب، تقول إن الله ينزل كل ليلة؟ قلت: تؤمن به، إذا كنت لا تُؤمنُ أنّ لكَ في السّماء رَبًّا لا تحتاجُ أن تسألني عن هذا. فقال له طاهر: أَلَمْ أَنْهَكَ عن هذا الشيخ؟ وقال أبو داود: سمعتُ ابن راهَويه يقول: من قال: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق فهو جَهْمِيّ. وعن إسحاق بْن رَاهَوَيْه قال: إذا قال لك الْجَهْميّ كيف يَنْزِلُ ربنا إلى السماء الدنيا؟ فقل: كيف صعد؟ وقال الدُّولابِيّ: قال محمد بْن إسحاق بْن راهَوَيْه: وُلِدَ أبي سنة ثلاثٍ وستّين ومائة، وتُوُفِيّ ليلة النّصف من شَعْبَان سنة ثَمانٍ وثلاثين ومائتين. قال: وفيه يقول الشاعر: يا هَدَّةً ما هُدِدْنَا ليلة الأحد ... بنصف شعبان لا تنسى بد الدَّهْرِ قال الخطيب: فهذا يدلُّ على أنّ مولده كان في سنة إحدى وستّين. وقال أبو عَمْرو المُسْتَملي النَّيْسَابُوريّ: تُوُفِيّ ليلة نصف شَعْبَان، وله سَبْعٌ وسبعونَ سنة. أخبرني عليّ بْن سَلَمَةَ الكرابيسيّ، وهو من الصالِحين قال: رأيتُ ليلة مات إسحاق الحنظليُّ ارتفع من الأرض السّماء من سكّة إسحاق، ثُمَّ نزلَ فسقط في الموضع الذي دُفِنَ فيه إسحاق ولَم أشعر بِموته، فلمّا غدوتُ إذا بحفّار يحفر قبر إسحاق في الموضع الذي رأيت القمر وقع فيه. وقال الحاكم: إسحاق بْن راهَويَه، وابن المبارك، ومحمد بْن يحيى، هؤلاء دفنوا كُتُبَهم. 52- إسحاق بْن إبراهيم بْن العلاء الضّحّاك بْن المهاجر1 أبو يعقوب الزُّبَيْديّ الحمصيّ، ابن زِبْرِيق. عن: بقيّة، وزيد بْن يحيى بْن عُبَيْد، وأَبِي مُسْهِر، وأبي المغيرة عبد القدوس، وغيرهم. وعنه: إبراهيم الجوزجاني، وعثمان الدارمي، ويحيى بْن عثمان المصريّ، ويعقوب الفَسَويّ، وآخر من حدَّث عنه يحيى بْن محمد بْن عَمْروس المصريّ. قال أبو حاتم: لا بأس به، سمعت ابن مَعِين أثنى عليه خيرًا. وقال النسائى في الكنى: روى عمرو بن الحارث الحمصي، ليس بثقة.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 209"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 380"، والثقات لابن حبان "8/ 113"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 181". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 46 وقال أبو داود: ليس بشيء. وكذبه محمد بْن عَوْف. قلت: وقد روى عنه البخاريّ في كتاب الأدب، ومات بمصر في رمضان سنة ثمان وثلاثين. وقال أخو محمد بْن إبراهيم، وقد مرّ أبوهما آنفًا. قال أبو حاتم بعد قوله: لا بأس به: لكنّهم يحسدونه. 53- إسحاق بْن إبراهيم بْن مُصْعَب الخُزاعي1 الأمير ابن عم طاهر بن الحسين الأمير. وكان يعرف بصاحب الْجَسْر. ولي إمْرَة بغداد مدّة طويلة، أكثر من ثلاثين سنة، وعلى يده أمِتحن العلماء بأمر المأمون وأكْرِهوا على القول بخلْق القرآن. وكان خبيرًا صائمًا سائسًا2 حازمًا وافر العقل، جودًا ممدَّحًا، له مشاركة في العِلْم. حكى المسعوديّ في ذكر وفاته قال: حدَّث عنه موسى بْن صالِح بْن شيخ بن عُمَيْرَة أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّوم يقول له: أَطْلِقِ القاتل. فارتاع وأمرَ بإحضار السِّنْدِيّ وعيّاش، فسألهما: هل عندكما مَنْ قَتَلَ؟ قال عيّاش: نعم. وأحضروا رجلًا فقال: إنْ صَدَقْتَنِي أَطْلقتُك. فابتدأ يحدّثه بخبره، وذكر أنه هو وجماعة كانوا يفعلون الفواحش، فلمّا كان أمس جاءتهم عجوز تختلف إليهم للفساد، فجاءتهم بصبيّة بارعة الجمال. فلمّا توسّطت الدّار صرخت صرخةً وَغُشِيَ عليها، فبادرتُ إليها فأدْخَلتها بيتًا وسكَّنتُ روعها، فقالت: اللَّهَ اللَّهَ فيَّ يا فتيان، خَدَعَتْنِي هذه وأخذتني بزَعْمها إلى عُرْس، فهجمتْ بي عليكم، وجدّي رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وأُميّ فاطمة، فاحفظوهما فيّ. فخرجتُ إلى أصحابي فعرّفتهم، فقالوا: بل قضيتَ أرَبَك. وبادروا إليها، فَحُلْتُ بينهم وبينها، إلى أن تفاقم الأمرُ، ونالتني جراح، فعمدتُ إلى أشدِّهم في أمرها فقتلته وأخرجتها. فقالت: سترك اللَّه كما سترتني. فدخل الجيرانُ وَأُخِذْتُ. فأطلقه إسحاق. تُوُفِيّ لستٍ بقيت فِي ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين ومائتين. وولي بعده ابنه محمد. وذكره ابن النجار في تاريخه.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 592"، والكامل في التاريخ "7/ 52"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 171". 2 من السياسة وهي الحكمة. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 47 54- إسحاق بْن إبراهيم بْن ميمون1 أبو محمد التّميميّ المَوْصِليّ النّديم صاحب الغناء. كان إليه الْمُنْتَهَى في معرفة الموسيقى، وله أدبٌ وافرٌ، وشعرٌ رائقٌ جزْل. وكان عالمًا بالأخبار وأيّام الناس، وغير ذلك من الفقه والحديث واللّغة، وفنون العلم. سمع من: مالك، وهُشَيْم، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وبقيّة، وأبي معاوية، والأصمعيّ، وجماعة. وعنه: ابنه حماد الرواية، والأصمعيّ شيخه، والزُّبَيْر بْن بكّار، وأبو العَيْناء، وميمون بْن هارون، ويزيد بْن محمد المهلّبيّ، وآخرون. ولد سنة خمسين ومائة أو بعدها قال إبراهيم الحربيّ: كان ثقة عالِمًا. وقال الخطيب: كان حلو النادرة، حسن المعرفة، جيد الشعر، مذكور بالسخاء. له كتاب الأغاني الذي رواه عنه ابنه حمّاد. وعن إسحاق الْمَوْصِليّ قال: بقيتُ دهرًا من عُمْرِي أُغَلِّسُ كلَّ يومٍ إلى هُشَيْم، أو غيره من المحدِّثين، ثُمَّ أصير إلى الكِسَائيّ، أو الفَرّاء، أو ابن غَزالة فأقرأ عليه جُزْءًا من القرآن، ثُمَّ إلى أبي منصور زَلْزَل فيضاربني طريقتين أو ثلاثة، ثم آتي عاتكة بن شهدة، فأخذ منها صوتًا أو صوتين، ثُمَّ آتي الأصمعيَّ وأبا عُبَيْدَةَ فأناشِدُهما وأستفيد منهما. فإذا كان العشاء، رحلت إلى أمير المؤمنين الرشيد. وكان ابن الأعرابي يصفُ إسحاق النّديم بالعِلْم وَالصِّدْقِ وَالْحِفْظِ ويقول: أسمعتم بأحسن من ابتدائه: هل إلى أن تنام عيني سبيلُ؟ ... إنّ عهدي بالنّوم عهدٌ طويلُ وقال إسحاق: لَمّا خرجنا مع الرشيد إلى الرَّقَّةِ قال لي الأصمعيّ: كم حملت معك من كتبك؟ قال: ستة عشر صُنْدُوقًا، فكم حملت أنت؟ قال: معي صُنْدُوق واحد. وقال: رأيتُ كأن جريرًا ناولني كُبَّةً من شَعر، فأدخلتها في فمي، فقال العابر: هذا رجلٌ يقول من الشعر ما شاء. وقيل إن إسحاق النّديم كان يكرهُ أن يُنسب إلى الغناء ويقول: لأن أُضْرَبَ على رأسي بالمقارع، أحبُّ إليّ من أن يُقالَ عَنِّي مُغَنِّي. وقال المأمون: لولا شُهْرَته بالغناء لولَّيتُه القضاء. وقيل كان لإسحاق المَوْصِليّ غُلامٌ اسمه فتح يستقي الماء لأهل داره دائمًا على بَغْلٍ، فقال يومًا: ما في هذا البيت أشقى مني ومنك، أنت تُطعمهم الخُبز، وأنا أسقيهم الماء. فضحك إسحاق وأعتقه، ووهبه   1 انظر تاريخ الطبري "7/ 650"، والكامل في التاريخ "7/ 53"، والعقد الفريد "1/ 266"، وسير أعلام النبلاء "11/ 118-121". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 48 الْبَغْلَ. الصّوليّ: نا أبو العَيْنَاء، نا إسحاق الْمَوْصِليّ قال: جئتُ أبا معاوية الضّرير، معي مائة حديث، فوجدتُ ضريرًا يحجبه لينفعه. فوهبته مائة درهم، فاستأذنَ لي. فقرأتُ المائة حديث، فقال لي أبو معاوية: هذا مُعْيل ضعيف، وما وعدته تأخذه من أذناب النّاس، وأنتَ أنتَ. قلتُ قد جعلتها مائة دينار. قال: أحسنَ اللَّه جزاءَك. وقال إسحاق: أنشدتُ للأصمعي شعرًا لي، على أنّه لشاعر قديم: هل إلى نظرة إليكَ سبيلُ ... يُرْوَى منها الصَّدَى ويُشْفَى الغليلُ إنّ ما قلّ منكِ يَكثرُ عندي ... وكثيرٌ من الحبيب القليلُ فقال: هذا الدّيباجُ الخُسرُوَانيّ. قلتُ: إنّه ابن ليلته. فقال: لا جَرَمَ فيه أَثرُ التَّوليد. قلتُ: ولا جَرَمَ فيك أَثَرُ الحَسَد. وقال أبو عِكْرِمَة الضَّبّيّ: ثنا إسحاق الْمَوْصِليّ قال: دخلتُ على الرشيد وأنشدته: وآمِرَةٍ بالبُخْلِ قلتُ لَها: اقْصِري ... فذلك شيء ما إليه سَبيلُ أرَى النّاس خِلان الجواد، ولا أرى ... بَخيلًا له في العالَمين خليلُ وَإِنِّي رأيتُ الْبُخْلَ يُزْري بأهله ... فأكرمُ نفسي أن يُقال بَخيلُ ومَن خيرِ حالات الفتى لو علِمْته ... إذا نالَ شيئًا أن يكون نبيلُ عطائي عطاءُ المُكثرينَ تكرُّمًا ... ومالي كما قد تعلمين قليل وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأيُ أمير المؤمنين جميلُ فقال: لا كيف إن شاء اللَّه. يا فَضْلُ، أَعْطِهِ مائة ألفَ دِرْهَمٍ. لله دَرُّ أبياتٍ تأتينا بِهَا، ما أجودَ أُصولها، وأحسن فُصولها. فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين كلامُك أحسن من شِعْرِي. فقال: يا فضل أعطه مائة ألف أخرى. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 49 قال: فكان ذلك أول ما اعتقدته. وهذه الكلمة لإسحاق: رضا المتجني غاية ليست تُدْرَكُ، وَأَنْشَدَ: ستذكُرني إذا جَرّبْتَ غَيْرِي ... وَتَعْلَم أنني كنتُ كَنْزا بذلتُ لك الصَّفاءَ بكلّ جَهْدِي ... وكنتُ كما هويت فصرتُ جزّا وَهُنْتُ عليكَ لَمّا كنتُ مِمّن ... يهونُ إذا أخوه عليه عَزَّا ستندمُ إنْ هلكتُ وعِشْتَ بعدي ... وتعلمُ أنّ رَأْيَكَ كان عَجْزا وعن إسحاق قال: جاء مروان بْن أبي حفصة إليّ يومًا، فاستنشدني من شعره. فأنشدته: إذا كانت الأحرارُ أصلي ومنصبي ... ورافع ضَيْمِي حازمٌ وابنُ حازمِ عَطَسْتُ بأنْفٍ شامِخٍ وتناوَلَت ... يداي السّماءَ قاعدًا غيرَ قائِم فجعل يستحسن ذلك، ويقول لأبي: إنّك لا تدري ما يقول هذا الغلام. تُوُفّي إسحاق سنة خمس وثلاثين، وقد نادم جماعةً من الخلفاء، وكان محبَّبًا إليهم، رحمه اللَّه. 55- إسحاق بْن إبراهيم أبو موسى الهَرَويّ1، ثم البغداديّ. عن: هُشَيْم، وابن عُيَيْنَة، وحفص بن غياث. وعنه: عبد الله بن أحمد، والبغوي. سئل عنه الإمام أحمد فقال: ذاك صديق لي وأعرفه قديمًا، يكتب. وأثنى عليه. وقال ابن مَعِين: ثقة. تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 56- إسحاق بْن إبراهيم بْن أبي كامل الحنفيّ2 أبو الفضل، وأبو يعقوب الحافظ. روى عن: جعفر بْن عَوْن، ووهْب بْن جرير، وعبد الرزّاق، وخلق من طبقتهم. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم، وأحمد بْن عليّ الخزّاز، والحَسَن بْن سفيان. قال أبو حاتم: صدوق.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 210/ 211"، والثقات لابن حبان "8/ 116"، وتاريخ بغداد "6/ 337"، ولسان الميزان "1/ 345، 346". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 209"، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي "6/ 362". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 50 57- إسحاق بْن إبراهيم بْن صالح العُقَيليّ1 نزيل طرطوس. حدَّث بإصبهان عن: ابن المبارك، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، والشّافعيّ. وعنه: أحمد بْن الفُرات، وأُسَيْد بْن عاصم، ومُسلم بْن سعيد، والإصبهانيّون. تُوُفّي سنة أربعين ومائتين. 58- إسحاق بْن سعيد بْن إبراهيم بْن عُمير2 بْن الأركون أبو مَسْلمة الجمحي الدمشقي. عن: سعيد بن بشر، وسعيد عبد العزيز الفقيه، وخليد بن دعلج، والوليد بن مسلم. وعنه: أبو إسماعيل الترمذي، وأبو عبد الملك أحمد البسري، وأحمد بن أنس بن مالك، وأحمد بن علي بن الأبار، وأحمد بن إبراهيم بن فيل، وآخرون. قال أبو حاتم: ليس بثقة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: مُنْكَر الحديث. تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 59- إسحاق بْن يحيى بْن مُعَاذ بْن مُسلم الخَتْليّ3 ولي نيابة إمرة دمشق في أيّام المأمون، ثمّ وليها أيّام الواثق استقلالًا، ثم ولي إمرة مصر نيابةً عن المنتصر في دولة المتوكّل. وكان شجاعًا جوادًا مُمَدَّحًا جليل القدر. حكى عنه: عيسى بْن لَهيعَة، وأحمد بْن أبي طاهر صاحب كتاب أخبار بغداد و" ... "4 بْن النّضر. وختْلان بلد عند سَمَرْقَنْد. ومات بمصر معزولًا في مُسْتَهلِّ ربيع الآخر سنة سبعٍ وثلاثين. 60- إسماعيل بْن إبراهيم بْن بسام5 -ن- أبو نعيم الترجماني البغدادي. سمع: إسماعيل بْن عيّاش، وأبا عَوَانَة، وعَمْرو بْن جُمَيْع، وصالحًا المُرِّيّ، وحُدَيْج بْن معاوية، وَخَلَفَ بْن خليفة، وحِبَان بْن عليّ، وشُعَيْب بْن صَفْوان، وعبد اللَّه بْن وهْب، وطائفة. وعنه: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن أيوّب المُخَرّميّ، وأحمد بْن الحَسَن الصُّوفي، وأحمد بْن الحسين الصُّوفيّ الصّغير، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وإسحاق بن إبراهيم المنجقنيقي، وعبد الله أحمد بْن حنبل، وأبو القاسم البَغَويّ، ومحمد بن   1 انظر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 215، 216". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 221"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 101"، ولسان الميزان للحافظ "1/ 363، 364". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 646"، والوافي بالوفيات "8/ 429، 430"، وحسن المحاضرة "2/ 9". 4 بياض. 5 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 358"، والجرح والتعديل "2/ 157"، والثقات لابن حبان "8/ 93"، وتاريخ بغداد "6/ 264". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 51 إبراهيم بْن أبان السّرّاج، وخلْق. قال ابن معين، وأبو داود: ليس به بأس. وقال أبو العبّاس السّرّاج: مات لستٍ خَلَوْنَ من المُحرَّم سنة ستٍّ وثلاثين. وقال الْحُسين بْن الفَهْم: تُوُفِيّ لِخَمسٍ خَلَوْنَ منه وكان صاحب سنة وفضْل وخير كثير. قلت روى له "س" في السُّنَن، بواسطة. 61- إسماعيل بْن إبراهيم بن معمر بن الحسين1 -خ. م. د. ن- أبو معمر القطيعي الهروي، نزيل بغداد. عن: إسماعيل بْن جعفر، وإسماعيل بْن عيّاش، وخَلَف بْن خليفة، وعبد اللَّه بْن المبارك، وعليّ بْن هاشم بْن البُرَيْد، وهيثم ومروان بْن شجاع، وشَرِيك، وابن عُيَيْنَة، وطائفة. وعنه: خ. م. د. ون. بواسطة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وروى البخاريّ أيضًا، عن محمد صاعقة، عنه. وعنه أيضًا: أبو بكر أحمد بن علي المرزوي وصالح بْن محمد وأبو يعْلَى المَوْصِليّ وطائفة قال محمد بْن سعْد: ثقة ثَبْت، صاحب سنة وفضل. وقالَ عُبَيْد بْن شَرِيك: كان أبو مَعْمَر القَطِيعيّ من شدّة إدلاله بالسنة يقول: لو تكلَّمْت بغْلَتِي لقالت: إنَّها سُنِّيَّةٌ. وأُخِذَ في المحنة، فأجابَ، فلمّا خرج قال: كَفَرْنَا وخَرَجْنا. وقال سعيد البَرْذَعِيّ، عن أبي زُرْعَة: كان أحمد بْن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي التّمّار، ولا أبي مَعْمَر، ولا يَحْيَى بْن مَعِينٍ، ولا أحد مِمَّن امتُحن فأجابَ. وقال أبو يَعْلَى: حدَّث أبو معمر بالموصل بنحو ألفي حديث حِفْظ، فلَمَّا رجع إليهم في بغداد، كتب إلى أهل الْمَوْصِل بالصّحيح من أحاديث كان أخطأ فيها نحو ثلاثين، أو أربعين حديثًا. وقال عبد اللَّه بْن أحمد: سمعتُ أبا مَعْمَرَ الهُذَليّ يقول: مَنْ زَعَمَ أنّ اللَّه لا يتكلم ولا يسمعُ ولا يُبصرُ ولا يرضى ولا يغضبُ فهو كافرٌ إنْ رأيتموهُ على بئرٍ واقفًا فألقوه فيها، بهذا أدين لله عز وجل. وقَالَ عَبْد الرحمن بْن أبي حاتم: ثنا يَحْيَى بْن زكريّا بْن عيسى: سمعتُ أبا شُعيب صالِح الهروي: سمعتُ أبَا مَعْمَر القَطِيعيّ يقول: آخر كلام الْجَهْمِيَّة أنّه لَيْسَ في السَّماء إِلَه. تُوُفِّيَ أبو مَعْمَر في نصف جُمَادَى الأوّل سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 62- إسماعيل بْن إبراهيم بْن هود2 أبو إبراهيم الواسطيّ الضرير. عن:   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 359"، والجرح والتعديل "2/ 157"، والثقات لابن حبان "8/ 102"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 19". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 157، 158"، وتاريخ الطبري "7/ 556، 559". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 52 إسحاق الأزرق، ويزيد بْن هارون الواسطيَّيْن. وعنه بعض النّاس. قال أبو حاتِم: كان جَهْميًّا فلا أحدِّثُ عنه. كان يقفُ في القرآن. وضرب أبو زرعة على حديثه بعد أن خرج عنه في مُسْنَدِهِ. 63- إسماعيل بْن سالم الصّائغ1 -م- بغداديُّ، نزل مكّة. روى عن: هُشَيْم، ويحيى بْن زائدة، وابن عُلّيَّة، وعباد بن عباد، وجماعة. وعنه: ابنه محمد بن إسماعيل، وم.، وأبو بكر بن عاصم، ويعقوب الفسوي، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ المكي، وطائفة. وثقه ابن حبان. 64- إسماعيل بن سيف البصري2 عن: حمّاد بْن زيد، وهشام بْن سلمان المُجَاشِعيّ، وغيرهما. وعنه: عبدان، وأبو يعلى، وعمران بن موسى السختياني. قال ابن عديّ: كان يسرق الحديث. 65- إسماعيل بْن عُبَيد بْن عمر بن أبي كريمة3 -ن. ق- أبو أحمد الحراني، مولى عثمان -رضي اللَّه عنه- قدِم بغداد، وحدَّث عن: عتّاب بْن بشير، ومحمد بْن سَلَمَةَ، ويحيى بن زيد، ومحمد بْن موسى بْن أعْيَن، وسعيد بْن بَزِيع الحرّانيّين، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه: ن. وق. لكن روى ن. في اليوم والليلة، وروى عن زكريا السجزي، عنه، في السُّنَن، وأبو بكر بْن أبي الدّنيا، وأحمد بْن عَوْف البُزُوريّ، وعَبْدان بْن أحمد، وعبد اللَّه بْن ناجية، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، والهيثم بْن خَلَف الدُّوريّ، وخلْق. وثقه الدارقطني. وقال وأبو عَرْوبَة: مات بسامرّاء سنة أربعين. 66- إسماعيل بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن زكريا ين يحيى بن طلحة بن عبيد الله -ق- التميمي الطلحي الكوفي4.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 101"، وتاريخ بغداد "6/ 274"، والأنساب "8/ 26"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 102". 2 انظر الجراح والتعديل "2/ 176"، والثقات لابن حبان "8/ 103"، والكمال لابن عدي "1/ 318"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 233". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 188"، والثقات لابن حبان "8/ 103"، والتاريخ للطبري "1/ 263"، وتاريخ بغداد "6/ 173"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 152-154". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 195"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 246". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 53 عن: أبي بكر بْن عيّاش، وأسباط بْن محمد، ورَوْح بْن عُبادة، وجماعة. وعنه: ق.، وأبو زرعة، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن جعفر القتات، ومطين وقال: ثقة، تُوُفّي سنة اثنتين وثلاثين. وقال غيره: سنة ثلاث. 67- إسماعيل بْن محمد بْن جَبَلَة1 أبو إبراهيم السّرّاج المعقّب. عن: عبّاد بْن عبّاد، ومروان بْن معاوية. وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله بن أحمد، ومحمد بن سعد العوفي. خير فاضل، عظم أمره عبد الله بن أحمد. 68- إسماعيل بن أبي الحكم بن محمد بن أبي الحكم2 بن المختار بن أبي عبيد الثقفي الكوفي سمع: المطّلب بْن زياد، وعيسى بْن يونس. وعنه: أبو زرعة، وغيره. قال أبو حاتم: شيخ، وقال مُطَيَّن: تُوُفّي سنة اثنتين وثلاثين. 69- أمية بْن بِسْطام بن المنتشر3 -خ. م. س- أبو بكر العيشي البصري، ابن عم يزيد بْن زُرَيْع، روى عن: يزيد بْن زُرَيْع، ومُعْتَمر بْن سليمان، وأبي عَقِيل يحيى بْن المتوكل، وبشر بْن المفضل، وغيرهم. وعنه: خ. م. وس بواسطة، وأبو زُرْعة، وأبو بكر بْن أبي عاصم، والحَسَن بْن سُفيان، وجعفر الْفِرْيَابِيّ، ومحمد بْن حِبّان بْن بكر الباهليّ، وخلْق آخرهم أبو يَعْلَى الموصلي. وثقه ابن حبان وقال: مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 70- إيتاخ التُّرْكيّ العبّاسيّ الأمير4 كان سيف نقمة الخلفاء، وكان المتوكّل قد خافه، فبات عنده ليلةً على الْمُسكر، فعَرْبَد على المتوكل. وكان بطلًا شهمًا شجاعًا جريئًا. ثُمَّ إنّ إيتاخ حجّ، فلمّا بلغ الكوفة ولّى مكانه وَصيف، فلمّا رجع من حجّه عزمَ على أن يسلكَ طريق الفُرات إلى سَامرّاء، ونِيَّتُه الخروج، فلو فعلَ لظفرَ بالمتوكّل. فكتب إليه إسحاق بْن إبراهيم نائب بغداد باتّفاقٍ من المتوكّل: أنْ قد رُسِمَ لك أن تَدْخُلَ بغداد، ليلقاكَ العباسيّون وتُطْلَق الجوائز. فجاء فدخل بغداد وتلقوه. ثم   1 انظر تاريخ بغداد "6/ 265". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 165". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 303"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 11"، والثقات لابن حبان "8/ 123"، وحلية الأولياء "3/ 15". 4 انظر تاريخ الطبري "9/ 29، 56"، والكامل في التاريخ "6/ 416، 479"، والوافي بالوفيات "9/ 481". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 54 إنّ إسحاق فرَّق بينه وبين غلمانه، وأنزله دار خُزَيْمَة، ثُمَّ قبض عليه وقيده، وغلّه بثمانين رطْل حديد، وهلكَ في السجنِ بعد قليلٍ في جُمَادى الأولى. فلمّا مات أحضر إسحاق القُضاة والشهود، فشهدوا أنّه مات حتف أنفه، وأنه لا أثر به. فيُقال: إنّه أُميت عَطَشًا. وأخذ المتوكل أمواله، فبلغت ألف ألف دينارًا وسُجِنَ ولديه إلى أن اطلقهما المنتصر في خلافته. مات سنة أربع وثلاثين ومائتين. 71- أيوب بْن يونس1 أبو أميّة البصْريّ الصّفّار. روى عن: وهب بْن خالد، وغيره. وعنه: أبو زُرْعة الرازيّ، والحسن بن سفيان، ونحوهما. وقد لنا من حديثه في آخر المصافحة الرَّقانيّة. "حرف الباء": 72- بَجيْر بْن النّضْر بْن سعد أبو أحمد البخاريّ العابد. عن: عيسى غُنْجار، وحجّ فرأى الفُضَيل، وسُفْيان. روى عنه: سهل بْن شاذَوَيْه، وطاهر بْن مَحْمَوَيْه، وعمر بْن هنّاد. مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. 73- بسّام بْن يزيد النّقّال الكيّال2 عن: حمّاد بْن سَلَمَةَ. وعنه: يزيد بْن الهيثم، وأبو القاسم البَغَويّ، وعليّ بْن الحسين بْن الْجُنَيْد، وآخرون. قال أبو الفتح الأزديّ: تُكلِّمَ فيه. 74- بِشْر بْن الحَكَم بْن حبيب بْن مِهْران3 -خ. م. ن- أبو عبد الرحمن النيسابوري الفقيه العابد. عن: مالك، وشَرِيك بْن عبد الله، وأبي شبية إبراهيم بن عثمان العبسي، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، وفضيل بن غياض، وسفيان بن عيينة، والدراوردي، ومسلم بن خالد الزنجي، وهشيم، وعبد ربه بن بارق، وفضيل بن منبوذ، وخلق. وعنه: خ. م. ن، وإسحاق بْن راهَوَيْه وهو من طبقته، وعبد الله الدرامي،   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 262"، والثقات لابن حبان "8/ 127". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 434"، والثقات لابن حبان "8/ 155"، والأنساب "12/ 132"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 139". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 355"، والتاريخ الصغير للبخاري "233"، والثقات لابن حبان "8/ 144"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 114-117". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 55 ومحمد بْن يحيى، والحَسَن بْن سفْيان، وإبراهيم بْن أبي طالب، ومسدَّد بْن قَطَن، وولده عبد الرحمن بْن بِشْر، وابن عمّه محمد بْن عبد الوهّاب الفرّاء، وآخرون. وثقه ابن حِبّان، وغيره. وقال إبراهيم بْن أبي طالب، عن بِشْر قال: إنّ اللَّه عاقَبَ عليّ بْن المَدِينيّ بكلامه في أبيه. قال الحسين بْن محمد القبّانيّ: تُوُفّي في شهر رجب سنة ثمان وثلاثين، وقال زكريا بْن دَلُّوَيْه الواعظ: سنة سبع وثلاثين ومائتين. 75- بِشْر بْن عبيس بن مرحوم بن عبد العزيز العطار البصْريّ1 -خ- مولى آل معاوية سكن الحجاز، وروى عن: جدّه، وأبيه، وحاتم بْن إسماعيل، ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ، وجماعة. وعنه: خ، وإبراهيم بْن دِيزِيل، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن علي الصائغ، وجماعة. مات سنة ثلاثين. وقيل: سنة ثمان وثلاثين ومائتين. 76- بشر بن عمار القهستاني2 -د- عن: عيسى بْن يونس، وعبد الرحيم العَمّيّ، وأسباط بن محمد. وعنه: د. حديثًا واحدًا، وابن أبي الدّنيا، وأحمد بن سيار المروزي. وثقه ابن حبان. 77- بشر بن الوليد بن خالد3 أبو الوليد الكندي الفقيه. سمع مالكًا، وعبد الرحمن بْن الْغَسِيلِ، وحشرج بن نباتة، وحماد بن زيد، وصالحا المري، وأبا يوسف القاضي وعليه تفقه. وعنه: الحسن بن علويه، وحامد بن شعيب البلخي، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وجماعة. وكان جميل المذهب، حسن الطريقة، ولي القضاء بعسكر المهدي سنة ثمان ومائتين. ثم ولي قضاء مدينة المنصور إلى سنة ثلاث عشرة وكان واسع الفقه عالما دينا. كان يصلي في اليوم مائتي ركعة. وكان يصليها بعدما فلج وشاخ. قال محمد بْن سَعْد الْعَوْفِيّ: روى بِشْر بْن الوليد عن أبي يوسف كُتُبَه، وولي قضاء بغداد في الجانبين، فسَعَى به رجلٌ إلى الدولة وقال: إنّه لا يقول القرآن مخلوق. فأمر المعتصم أن يُحبس في منزله، ووكّل ببابه. فلما استخلف   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 362"، والثقات لابن حبان "8/ 140"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 135، 136". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 142". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 355"، والجرح والتعديل "2/ 369"، والتاريخ الصغير للبخاري "233"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 326". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 56 المتوكّل أمرَ بإطلاقه، فبقي حتّى كبُرت سِنُّه، ثم إنه تكلم بالوقف بالقرآن، فأمسك أصحابُ الحديث عنه وتركوه. قال صالِح جَزَرَة: بِشْر بْن الوليد صدوق، ولكنّه لا يعقل، كان قد خَرِف. وذكر أبو عبد الرحمن السُّلّميّ أنّه سأل الدَّارَقُطْنيّ عن بِشْر بْن الوليد فقال: ثقة. قلتُ: وبَلَغَنَا أنّ بِشْرَ بْن الوليد كان صالِحًا خَشِنًا في الْحُكم. وكان يُجري في مجلس ابن عُيَيْنَة مسائل فيقول: سَلُوا بِشْرَ بْن الوليد. تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 78- بكّار بْن الحَسَن بْن عثمان العنبريّ الإصبهانيّ1 الفقيه الحنفيّ. حدّث عن: عبد اللَّه بْن المبارك، وغيره. وعنه: مسلم بْن سعيد، وعبد اللَّه بْن بُنْدار الإصبهانيّان. وقد امتُحِنَ في أيّام الواثق فلَم يُجِب، فعزم القاضي حيّان بْن بِشْر علَى نفيه من إصبهان، فجاء البريد بموت الواثق، فطرد الأعوان عن داره، فقال النّاسُ: ذهبَ بكّار بالدَّسْت2، وخَرَى حَيَّان في الطّسْت3. تُوُفِيّ بَكّار سنة ثَمانٍ وثلاثين وقيل ثلاث وثلاثين ومائتين. 79- بكر بْن خَلفٍ البصْريّ4 -د. ق- أبو بشر ختن أبي عبد الرحمن المقريء. روى عن: ابن عُيَيْنَة، وغُنْدر، وعبد الرحمن بن مهدي، وإبراهيم بن خالد الصغائي. وعنه: خ. تعليقًا، ود. ق. وعبد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن سعيد الرازيّ. وثقه أبو حاتم، ومات سنة أربعين. 80- بكر بن سعيد بن عبد الله الخولاني أبو عبد الله الأسدي المصري الأحدب، عن: الليث بْن سعْد، وابن وهْب. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح. مات في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين ومائتين. أرخه ابن يونس. 81- بهلول بن صالح بن عمر بن عبيدة النجيبي ثم الفردمي.   1 انظر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 237، 238"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 131، 132"، والوافي بالوفيات "10/ 187". 2 أي صدر المجلس. 3 الطست: إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه يغسل فيه. 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 385"، والثقات لابن حبان "8/ 150"، وتهذيب الكمال للمزي 4/ 205-208". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 57 أبو الحسن. عن أبيه، ومالك بْن أنس، وعبد اللَّه بْن فَرُّوخ. تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. "حرف الثاء": 82- ثور بْن عَمْرو القَيْسرانيّ1 عن: ابن عُيَيْنَة، والوليد بْن مسلم. وعنه: محمد بْن الحَسَن بْن قُتَيْبة العسقلانيّ، وثَّقه ابن حبان. ومات سنة اثنين وثلاثين. "حرف الجيم": 83- جعفر بْن حُمَيد الكوفيّ2 -م- أبو محمد. عن: عُبَيْد اللَّه بْن أياد بْن لَقِيط، وشَرِيك، وإسماعيل بْن عيّاش. عنه: م.، وأبو زرْعَة، ومُطَيِّن، وعبْدان الأهوازيّ، وأبو يعلى الموصلي، وآخرون. وكان ثقة. توفي في جمادى الآخرة سنة أربعين، وله تسعون سنة. 84- جعفر بن حرب الهمداني3 من كبار المعتزلة. أخذ بالبصرة عن أبي الهُذَيْل العلاف. وصَنَّف الكُتُب. مات سنة ست وثلاثين ومائتين، وكان شيخ أهل الكلام ببغداد، وإلى أبيه ينسب باب حرب. 85- جعفر بن مبشر4 أبو محمد الثقفي البغدادي المعتزلي، أحد مصنفي المعتزلة. انقلع سنة أربع وثلاثين، وكان موصوفا بالديانة. 86- جعفر بن مهران5 أبو سلمة البصري السباك.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 158"، والأنساب "10/ 290". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 477"، والثقات لابن حبان "8/ 161"، وحلية الأولياء "4/ 197"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 20-22". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 162، 163"، والكمال في التاريخ "7/ 57"، ولسان الميزان للمصنف "2/ 113". 4 انظر الكامل في التاريخ "7/ 44"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 144"، ولسان الميزان للمصنف "1/ 121". 5 انظر الجرح والتعديل "2/ 491"، والثقات لابن حبان "8/ 160"، والإكمال لابن ماكولا "5/ 29". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 58 سمع: الفُضَيْلَ بْن عِياض، وعبد الوارث بْن سعيد، وجماعة. وعنه: الحَسَن بْن سُفْيان، وأبو يعلى الموصلي. وثقه ابن حبان وقال: مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 87- جمعة بْن عبد الله بن زياد1 -خ. أبو بكر السلمي البلخي. عن: هشيم، مروان بْن معاوية، وغيرهما. وعنه: خ.، والحَسَن بْن سفيان، والحسن بْن الطّيّب البلْخيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 88- جميل بْن عزيز التّيميّ المّوْصِليّ الزّاهد صحِب قاسم بْن يزيد الحرميّ، وتأدَّب بآدابه، وروى عنه، وعن: المُعَافَى بْن عِمران. وعنه: عبد العزيز بْن حيّان المَوْصِليّ. تُوُفّي سنة أربعين ومائتين. "حرف الحاء": 89- حاتم الأصمّ2. أبو عبد الرحمن البَلْخيّ الزّاهد النّاطق بالحكمة. له كلام عجيب في الزُّهد والوعظ، وكان يُقال له لُقمان هذه الأمّة. حكى عنه: سعيد بْن العبّاس الصَّدَفيّ، والحَسَن بْن سعيد السّقّاء، وغيرهما. وكان قد صحِب شقيقًا البلْخيّ وتأدَّب بآدابه. قال السُّلَمي: هو حاتم بْن عُنْوان، ويقال ابن يوسف، ويقال حاتم بْن عُنْوان بْن يوسف. روى عن: شقيق البلْخيّ، وسعيد بْن عبد اللَّه الماهانيّ. قال: وروى عنه: عبد اللَّه بْن سهل الرّازيّ، وأحمد بْن خَضْرَوَيْه البلْخيّ الزّاهد، ومحمد بْن فارس البلْخيّ. ثم قال: تُوُفّي سنة سبع وثلاثين ومائتين. وكذا ورّخه أبو القاسم عبد الرحمن بْن مَنْدَه. قال أبو عبد الله الخَوَّاص: دخلتُ مع أبي عبد الرحمن حاتِم الأصمّ الري ومعنا ثلاثمائة وعشرونَ رجلًا نريد الحجّ، وعليهم الصُّوفَ والزّرنبانقات، ليس معهم جُراب ولا طعام. قال عبدُ اللَّه بْن محمد بْن زكريا الإصبهانيّ: نا أبو تُراب النَّخْشبيّ قال: الرّياء على ثلاث أوجه: وجه   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 165، 166"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 102"، وتهذيب التهذيب "2/ 110". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 260"، وحلية الأولياء لأبي نعيم "8/ 64"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 241". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 59 في الباطن، ووجهان في الظّاهر: فأمّا الظاهر فالإسراف والفساد، فإذا رأيتهما فاحكُم بأنّ هذا رياء، إذا لا يجوز في الدين الإسراف والفساد، وإذا رأيت الرجل يصوم ويتصدَّق، فإنّه لا يجوز أن تحكم عليه بالرّياء، فإنّه لا يعلمُ هذا إلا اللَّه. ولا أدري أيُّهما أشدّ على النّاس أنفًا العُجْب أو الرِّياء، وَالْعُجْبُ داخل فيك، والرياء خارجٌ عليك، مثل كلب عَقُور في البيت، وآخر خارج البيت، فأيُّهما أشدّ عليك؟ قال أبو تُراب: سمعتُ حاتِمًا الأصمّ يقول: لي أربع نِسْوة، وتسعة أولاد، ما طمع الشيطان أن يوسوس لي في شيء من أرزاقهم. وسمعتُه يقول: المؤمن لا يغيبُ عن خمسة أشياء: عن اللَّه، والقضاء، والرّزق، والموت، والشّيطان. وقال محمد بْن أبي عِمْرَان: نا حاتِم الأصمّ، وكان من جِلّة أصحاب شقيق البلْخِيّ، وَسُئِلَ: على ما بنيت أمرك؟ قال: علمتُ أنّ رزقي لا يأكلهُ غيري، فاطمأنَّت به نفسي، وعلمتُ أنّ عملي لا يعمله غيري فأنا مشغولٌ به. وعلمتُ أنَّ الموتَ يأتيني بغتةً1، فأنا أبادره، وعلمتُ أنّي لا أخلو من عين الله حيث كنت فأنا أستحي منه. 90- الحارث بْن أفلح2 عن: عبد الرحمن بْن أبي الزّناد. روى عنه: علي بْن الحسين بْن الجنيد ووثّقه. أمّا. 91- الحارث بْن أفلح3 شيخ مروان بن معاوية الفزازي فقديم، وهو الذي فيه ابن مَعِين: ليس بثقة. 92 - الحارث بْن سريج4 أبو عمرو الخورزامي ثم البغداديّ النّقّال، بالنون. روى عن حمَّاد بْن سَلَمَةَ، ويزيد بْن زُرَيع، وسُفْيان بْن عيينة.   1 أي فجأة. 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 69"، وتاريخ الطبري "7/ 195". 3 انظر الضعفاء للعقيلي "1/ 220، 221"، والكامل لابن عدي "2/ 613"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 431". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 76"، وتاريخ الطبري "7/ 58"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ 219"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 433، 434". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 60 وعنه: ابن أبي الدنيا، وإبراهيم بن هاشم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي. قال النَّسائي: متروك. وقال موسى بْن هارون: مات النّقّال، وكان واقفيًّا يُتَّهم بالحديث، سنة ست وثلاثين ومائتين. 93- الحارث بْن عبد اللَّه بْن إسماعيل بْن عُقَيْل1 أبو الحَسَن البصْريّ الخازن نزيل همذان. سمع: أبا مَعْشَر المدنيّ، وقيس بْن الربيع، وإبراهيم بْن سعد. وعنه: إبراهيم بْن أحمد بْن يَعِيش، ومحمد بْن إسحاق المُسُوحيّ، ومحمد بْن عبد الجبّار سَنْدُول، وموسى بْن هارون، والحَسَن بْن سُفْيان، وجماعة. قال أبو زُرْعَة: لَم يبلغني عنه حدَّث بحديثٍ منكَرٍ، إلا حديثًا واحدًا أخطأ فيه. وقال غيره: تُوُفّي سنة خمس وثلاثين، وكان أبوه من خُزّان الخلافة. وقد غَمَزَهُ ابن عدي. 94- حامد بن عمر بن حفص بْن عُبَيْد2 اللَّه بْن أبي بكرة -خ. م- الثقفي البكراوي، أبو عبد الرحمن البصري قاضيِ كِرْمان. وأمّا مسلم فقال في نَسَبه: حامد بْن عمر بْن حفص بْن عبد الرحمن بْن أبي بكرة. روى عن: أبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بْن زياد، وبكّار بْن عبد العزيز بْن أبي بَكْرة، وبشر بن المفضل، ومسلمة بن علقمة المازني، وجماعة. وعنه: خ.، وم.، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وأبو الهيثم بْن خالد بْن أحمد الأمير، وآخرون. ذكره ابن حيان في "الثّقات" وقال: استقدمه عبد اللَّه بْن طاهر إلى نَيْسَابُور وكتب عنه أهلها. قال البخاريّ: مات في أول سنة ثلاثٍ وثلاثين. 95- حبان بن موسى بن سوار3 -خ. م. ت. ن. أبو محمد السلمي المروزي الكشميهني. عن: أبي حمزة، ومحمد بْن ميمون السُّكَّريّ، وعبد الله بن المبارك، ونوح بن أبي مريم الفقيه، وداود بن عبد الرحمن العطار، وغيرهم. وعنه: خ، م، وت، بواسطة، ويوسف بن عدي الكوفي وهو   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 183"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 437"، ولسان الميزان "2/ 153". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 300"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 125"، والثقات لابن حبان "8/ 218"، وحلية الأولياء "1/ 246". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 271" والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 90"، والثقات لابن حبان "8/ 214"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 344-346". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 61 أقدم منه، وأبو زرعة الرازي، وابن واره، وجعفر الفريابي، والحسن بن سفيان، وعبد الله بن محمود السعدي، وجماعة. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ البخاري: مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. أمَّا سَمِيُّهُ. حِبَّان بْن موسى الكِلابِيّ الدّمشقيّ الذي روى عن زكريّا خياط السنة، فتوفي سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. 96- حبيب بْن أوس بْن الحارث بْن قيس1 أبو تمام الّطائيّ الحَوْرانيّ الجاسميّ الأديب، حامل لواء الشعر في وقته. وكان أبوه أوس نَصْرانيًّا، فأسلم هو ومدح الخلفاء والأمراء، وسار شِعره في الدّنيا، وتنافس الأدباء في تحصيل ديوانه. وهو الذي جمع الحماسة. وكان أسمر طُوَالًا فصيحًا حُلْو الكلام، فيه تمتمة يسيرة. ولد سنة تسعين ومائة أو قبلها. قال الخطيب أبو بكر: كان في أيّام حداثته يسقي الماء بِمصر في الجامع. ثُمَّ جالس الأدباء وأخذ عنهم. وكان فطِنًا فَهْمًا يحبُّ الشعر، فلم يزل حتّى قاله، فأجاد وشاع ذِكْرُه. وبلغ المعتصم خبره فطلبه، فعمل له قصائد فأجازه، وقدّمه على شعراء وقته. وجالس ببغداد الأدباء، وكان موصوفًا بالظُّرْف وحُسْن الأخلاق، والكَرَم. قال المسعودي: وكان ماجنًا خليعًا، رُبّما تَهاونَ بالفرائض، مع صحّة اعتقاده. وروى محمد بْن محمود الخُزَاعِيّ، عن عليّ بْن الْجَهْم قال: كان الشعراء يَجتمعونَ كلّ جُمعة بالجامع ببغداد ويتناشدونَ. فبينا نَحنُ يوم جمعة أنا وَدِعْبِل، وأبو الشَّيْص، وابن أبي فَنَن، والنّاسُ يستمعونَ قوْلَنا، إذْ أبصرتُ شابًّا في أُخْرَيَات النّاس بِزِيّ الأَعْرَاب. فلمّا سكتنا قال: قد سمعتُ إنشادكم منذ اليوم، فاسمعوا إنشادي: قلنا: هات. فقال: فَحْوَاكَ عَيْنٌ عَلَى نَجْوَاكَ يا مذل ... حتام لا يتقى قولُك الخَطِلُ فإنَّ أَسْمَح مَن تشكو إليه هوًى ... مَنْ كان أحسنَ شيءٍ عندهُ العَذَلُ   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 301"، وتاريخ الطبري "1/ 194"، والجامع الكبير لابن الأثير "2/ 67"، وتهذيب "2/ 177". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 62 ما أقبلتْ أوجُهُ اللَّذاتِ سافرةً ... مُذْ أَدْبَرَتْ باللِّوَى أيّامُنا الأُوَلُ إن شئتَ أن لا ترى صبرًا لمصطبر ... فانظر على أيّ حالٍ أصبح الطَّللُ كأنَّما جاد مَغْنَاه فغيَّره ... دُمُوعُنا يوم بانوا فهي تنهمل إلى أن قال فيها يمدح المعتصم: تَغَايَرَ الشِّعْرُ فيه إذْ سَهِرْتُ له ... حتَّى ظَنَنْتُ قوافيه ستقتتل فقلنا: لمن هذا الشِّعْر؟ فقال: لِمَن أَنْشَدْكُمُوه. قلنا ومنْ تَكون؟ قال: أبو تَمّام حبيب بْن أوس. فرفعناهُ وجعلناهُ كأحدنا، ثُمَّ ترقَّت حاله، وكان من أمره ما كان. والمَذِل: الْخَدِرُ الفاتِرُ. وقيل للبُحْتُريّ: يزعمُونَ أنّك أشعر من أبي تَمّام. فقال: لا والله، ما ينفعني هذا القول، ولا يضر أبا تمام. والله ماأكلت الخبز إلا به. ولو وددت أنّ هذا الأمر كما قالوا. ولكنِّي والله تابعٌ له، لائذٌ به. ومن شعره حيث يقول في قصيدته الدّالية: ولم تُعطِني الأيّام نومًا مُسْكنًا ... أَلَذُّ به إلا بنوم مُشَرِّدِ وطولُ مُقامِ المرء بالحيّ مُخْلِقٌ ... بديباجتيه، فاغترِبْ تتجدَّد فإنِّي رأيت الشمس زيدت محبَّة ... إلى النّاس أنْ ليست عليهم بسَرْمَدِ وقيل إِنَّ الحسَنَ بْن وَهْب الكاتب مرض، فكتب إليه أبو تَمّام: يا حليفَ النَّدَى ويا تؤام الجو ... د ويا خَيْرَ من حَبَوْتَ القريضا ليتَ حُمّاك بي، وكان لك الأجـ ... ـر فلا تشتكي، وكُنتُ المريضا وله: وإنّ أَوْلَى البرايا أَنْ تُوَاسِيه ... لدى السُّرور لَمَنْ واساك في الحَزَنِ إنّ الكرام إذا ما أَيْسَروا ذكروا ... من كان يأْلَفُهُم في المنزل الخشِنِ وله: غدا الشَّيْبُ مختطًّا بفَوْدَيَّ خِطَّةً ... طريقُ الرَّدَى منها إلى النَّفْسِ مَهْيَعُ هو الرُّزْءُ يجفى، والمعاشن يُجْتَوَى ... وذو الإِلْفِ يُقْلَى والجديدُ يُرقَّعُ له منظرُ في العَيْن أبيض ناصعٌ ... ولكنَّهُ في القلبِ أسودُ أسفعُ الجزء: 17 ¦ الصفحة: 63 وله: أَلَم تَرَنِي خَلَّيْتُ نفسي وشانَهَا ... فلم أحفل بالدنيا ولا حَدَثانَها لقد خوّفَتني الحادثاتُ صُرُوفَها ... ولو أَمَّنَتْني ما قبِلْتُ أمانَها يقولون: هل يبكي الفتى لخريدة ... متى أراد، اغتاض عَشْرًا مكانها؟ وهل يَسْتعيضُ المرءُ من خَمْس كَفِّهِ ... ولو صاغ من حُرِّ اللُّجَيْنِ بَنَانَها؟ وله: ماجود كفِّك إنْ جادت وإن نجِلَت ... من ماء وجهي إذا أخلقته عوضُ وله: وما أبالي، خير القول أصدقه ... حقنت له ماء وجهي، أو حقنت دمي روى الصولي عن محمد بْن موسى قال: عنيَ الحسن بْن وَهْب بأبي تَمَّام، فولاهُ بريد الْمَوْصِل، فأقام بِهَا أقلّ من سنتين، ومات في جُمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قال الصُّولِيُّ: وأخبرني مَخْلَد المَوْصِليّ أنّ أبا تَمّام مات بالْمَوْصِل سنة اثنتين وثلاثين في المحرَّم. وللوزير محمد بْن عبد الملك الزّيّات يرثي أبا تمام، رحمه الله: أأتى مِنْ أَعظم الأنباء ... لَمَّا ألمَّ مُقَلْقِلُ الأحشاءِ قالوا: حَبيب قد ثَوَى، فأجَبْتُهُم: ... ناشَدْتُكُمْ، لا تجعلوهُ الطّائي 97- الحُتَاتُ بنُ يحيى اللَّخْميّ المصريّ1 عن: رِشْدِين بْن سعد. وعنه: يحيى بْن عثمان بْن صالح. قال ابن يونس: تُوُفّي سنة أربعين في شوال، وقد رأى اللّيث. 98- الْحَسَنُ بنُ حمّاد الضَّبّيّ الكوفيّ الورّاق2. أبو عليّ. سمع: أبا خالد الأحمر، وابن عُيَيْنَة، والمحاربيّ، وعَمْرو بْن محمد العُنْقُزيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الصوفي،   1 انظر الإكمال لابن ماكولا "2/ 146". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 9" وتاريخ الطبري "5/ 336"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 133-136". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 64 وموسى بْن إسحاق الأنصاريّ، وقال: ثقة مأمون. قلت: تُوُفّي سنة ثَمان أو تسع وثلاثين. أما الحَسَن بْن حمّاد الحضرميّ، سَجَّادة1. فعاشَ بعده مُدَيدة، وسيأتي. 99- الحسن بْن سهل الوزير أبو محمد2، أخو ذي الرئاستين الفضل بْن سهل. كانا من بيت رئاسة في المجوس، فأسلما مع أبيهما في أيام الرشيد، واتّصلوا بالبرامكة، فكان سهل يَتَقَهْرَم ليحيى البَرْمكيّ، فضمّ يحيى الأخَوين إلي ولديه، فضمّ جعفر الفضل بْن سهل إلي المأمون وهو وليّ عهدٍ، فغلب عليه، ولم يزل معه إلى أن قُتل، فكتب المأمون بمنصبه، وهو الوزارة، إلى الحَسَن. ثُمَّ لَم تزل رُتبته في ارتقاء إلى أن تزوَّج المأمون ببُوران بنته، وانحدَر إلى فم الصلح للدخول بها سنة ست وعشر ومائتين. ففُرش للمأمون ليلة العُرس حصير من ذهب مسفوف، ونُثِرَ عليه جوْهَر كثير، فلم يأخذ أحدٌ شيئًا. فوجَّه الحَسن إلى المأمون: هذا نثار يجب أن يُلقط. فقال لِمَن حوله من بنات الخلفاء: شرِّفن أبا محمد. فأخذنَ منه اليسير. ويُقال: إنّ الْحَسَن نثر على الأمراء رقاعًا فيها أسماء ضياع، فمن أخذ رُقْعَة ملك الضَّيْعَة. وأَنْفَقَ في وليمة ابنته أربعة آلاف ألف دينار. ولَم يزل الحسن وافرَ الْحُرْمة إلى أن مات. وكان يُدْعَى بالأمير أبي محمد. وقد شكا إليه الحسَنَ بْن وَهْب الكاتب إضافةً، فوجّه إليه بِمائة ألف درهم، ووصل محمد بْن عبد الملك الزّيات مرّة بعشرين ألفًا. ويُقال: إنه بعث إليه نَوْبَةً بخمسة آلاف دينار. وكان أحدَ الأجواد الموصفين. قال إبراهيم نِفْطَوَيْه: كان من أسمح النّاس وأكرمهم، ومات سنة ستٍّ وثلاثين، عن سبعين سنة. وحدثني بعض ولده أنّه رأى سقّاء يَمُرُّ في داره، فدعا به فقال: ماحالتك؟ فذكر له بنتًا يريدُ زفافها، فأخذ يوقّع له بألف درهم، فأخطأ فوقَّع له ألف ألف درهم. فأتى به السّقّاء وكيلَه، فأنكرَ الحال، واستعظم مراجعته. فأتوا غسان بن عباد أحد   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 295". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 256"، وتاريخ الطبري "8/ 377"، والكامل في التاريخ "7/ 52، 53"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "1/ 171، 172". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 65 الكُرماء، فأتاهُ وقال: أيُّها الأمير، إن اللَّه لا يحب المسرفين فقال: ليس في الخير إسراف. ثُمَّ ذكرَ أمرَ السّقّاء فقال: واللهِ لا رجعتُ عن شيء خطَّتْه يدي. فصولِحَ السّقّاء على جملةٍ منها. قيل إنه مات بسَرْخَس في ذي القعدة من شُرْبِ دواء أفرط به سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 100- الحسن بْن علي بْن راشد الواسطيّ1 -د. نزيل البصرة. سمع: أباه، وخالد بْن عبد اللَّه، وأبا الأحوص سلام بن سليم. وعنه: د.، وأحمد بْن عَمْرو القَطَرانيّ، وأحمد بن عمرو البزار، وعبدان الجواليقي، وزكريا الساجي، والبغوي، وآخرون. قال ابن حِبّان: هو مستقيم الحديث. قلت: تُوُفّي سنة سبع وثلاثين. 101- الحسن بن عمر بن شقيق2 -خ. أبو علي الجرمي البلخي. نزيل الرِّيّ، وكان يجيء إلى بلخ، ويقيم بها. فقيل له البلْخيّ. عن: أبيه، وحمّاد بْن زيد، وعبد الوارث، ويزيد بْن زُرَيْع، وجعفر بْن سليمان، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وعنه: خ. وعبد اللَّه بْن الإمام أحمد، وأبو يَعْلَى، وجعفر الفِرْيابيّ، وإبراهيم بن محمد بن نائلة الأصبهاني، والحسن بن سفيان، والحكم التِّرْمِذيّ، وعليّ بْن الحسين بْن الْجُنَيْد، وحَوْمل البخاري، وأبو حاتم. صدوق. مات بعد سنة ثلاثين. قال الكَلاباذيّ: خرج من بلْخ إلى البصرة سنة ثلاثين، ومات بعد ذلك. 102- الحسن بن عيسى بن ماسرجس3 -م. د. ن. أبو علي النيسابوري. عن مولاه عبد اللَّه بْن المبارك، وأبي الأحوص سلام بْن سُلَيم، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش، وجرير بْن عَبْد الحميد، وعبد السّلام بن حرب، وشعبة   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 21"، والثقات لابن حبان "8/ 174"، والكامل لابن عدي "2/ 743"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 215-218". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 25"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 278-280"، وتهذيب التهذيب "2/ 308". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 31"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 302"، والثقات لابن حبان "8/ 174"، وتاريخ بغداد للخطيب "7/ 351". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 66 بْن الخِمْس، وأبي معاوية، ونوح بْن أبي مريم، وجَماعة. وعنه: م. د. ون. بواسطة، وزكريّا خيّاط السنة، والبخاريّ خارج الصّحيح، وأبو القاسم البَغَويّ، وأبو العبّاس السّرّاج، وأبو يَعْلَى، ويحيى بْن صاعد. ومن القدماء: أحمد بْن حنبل، وغيره. وكان من رؤساء النصّارى وأولي الثروة، فأسلم وصار مِن العلماء. قال أبو عبد الله الحاكم: سمعتُ الحسين بْن أحمد بْن الحسين الماسرجسيّ يحكي عن جدِّه، وغيره من أهل بيته قال: كان الْحَسَن والحسين ابنا عمّ عيسى الماسرجسّي يحكي عن جدِّه أنّهما كانا أَخَوَيْن يركبان معًا، فيتحيّر الناس من حُسْنِهما وبِزَّتهما، فاتّفقا على أن يُسْلِما، فقصدا حَفْصَ بنَ عبد الرحمن ليُسْلِما على يده. فقال لَهُما: أنتما من أجلّ النصارى، وعبد اللَّه بْن المبارك خارجٌ في هذه السنة إلى الحج، وإذا أسلمتما على يده كان أعظم عند المسلمين وأرفع لكما في عزّكما وجاهكما، فإنه شيخ أهل المشرق. فانصرفا عنه. فمرض الحسين ومات نصرانيًا، فلمّا قَدِمَ ابن المبارك، أسلمَ الحَسَن على يده1. قال الحاكم: وحدثني أبو عليّ النَّيْسَابُوريّ الحافظ، عن شيوخه، أنّ ابن المبارك نَزَلَ مَرَّةً برأس سكّة عيسى، وكان الْحَسَنَ بْن عيسى يركب، فيجتاز به وهو في المجلس، والْحَسَن من أحسن الشّباب، فسأل عنه ابن المبارك: فقيل إنه نصرانيّ. فقال: اللَّهُمَّ ارزقه الإسلام فاستُجيب له. وقال أبو العبّاس السّرّاج: ثنا الْحَسَن بْن عيسى مولى عبد اللَّه بْن المبارك، وكان عاقلًا، عد في مجلسه بباب الطاق اثنتا عشر ألف محبرة، ومات بالثّعْلبيّة سنة أربعين. قال الحاكم: سمعتُ أبا بكر وأبا القاسم ابني المؤمّل بْن الحسن يقولان: أَنْفَقَ جدُّنَا في الحجة التي توفي فيها ثلاثمائة ألف درهم. قال الحاكم: فحججتُ معهما، وزرتُ معهما بالثَّعْلَبيّة قبرَ جدّهما، فقرأتُ على لوح قبره: بِسْمِ اللَّهِ الرحمنِ الرَّحيم، {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] . هذا قبر الْحَسَن بْن عيسى بْن ماسرجس، مولى عبد اللَّه بْن المبارك، تُوُفِّيَ في صفر سنة أربعين ومائتين قال محمد بن المؤمل الماسرجسي: سمعت أبا يحيى البزار يقول لأبي رجاء   1 انظر تاريخ بغداد "7/ 352". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 67 القاضي محمد بْن أحمد: كنتُ فيمن حجّ مع الحسن بْن عيسى وقت وفاته بالثَّعْلَبيّة سنة أربعين، فاشتغلتُ بحفظ محملي عن شُهُوده، لغيبة عديلي، فأُريتُه في النَّومِ فقلتُ: يا أبا عليّ، ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي ولكلِّ مَنْ صَلَّى عليَّ. فقلتُ فاتتني الصّلاة عليك لغيبة العديل. قال: لا تجزع، غفر لي ولكل من صَلَّى عليّ1، ولكلّ من يترحمُ عليّ1. اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. 103- الحسن بْن هارون بْن عقّار2. عن: جرير بْن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر. وعنه: ابن مسروق، وأحمد بْن عليّ الجزّار، وأحمد بْن أبي العجوز. 104- الحسن بْن يوسف بْن أبي المُنْتاب الرازيّ3. نزيل قزوين. عن: جرير بْن عبد الحميد، وفُضَيْل بْن عِياض، وجماعة. وعنه: مُطَيَّن، وهارون بْن حيّان القَزْوينيّ شيخ لابن ماجة. روى له ابن ماجة في تفسيره شيئًا. 105- الحسن بْن أبي الحسن يزيد المؤذن4. عن: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، وابن أبي فُدَيْك. وعنه: قاسم المطرز، والهيثم بن خلف. قال ابن عديّ: منكر الحديث. 106- الحسين بْن الحسّن الشَّيْلَمانيّ5. عن: خالد بْن إسماعيل المخزومي شيخ يروي عن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو. وعنه: موسى بْن إسحاق الأنصاريّ، وأبو يعلى الموصلي.   1 انظر تاريخ بغداد "7/ 345". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 174"، والإكمال لابن ماكولا "6/ 222". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 44"، والتدوين في أخبار قزوين للرافعي "2/ 139". 4 انظر الكامل لابن عدي "2/ 744، 745"، وتاريخ بغداد للخطيب "7/ 451، 452"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 526". 5 انظر الجرح والتعديل "3/ 49"، وتاريخ بغداد "8/ 32، 33"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 365"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 531". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 68 وقال موسى: توفي في سنة خمس وثلاثين. قال أبو حاتم: مجهول. قلت: وروى أيضًا عن وضّاح بْن حسّان الأَنباريّ. 107- الحسين بْن حبّان1. صاحب يَحْيَى بْن مَعِينٍ. له كتاب سؤالات عن ابن مَعِين "غزير الفوائد". رواه عنه ابنه على وِجادة. مات شابًّا قبل ابن مَعِين بسنة 108- الحسين بْن الضّحّاك القُرَشيّ النَّيْسابوريّ2. عن: شَرِيك بْن عبد اللَّه، وإبراهيم بْن سعد. وعنه: مسلم في غير الصحيح، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وإبراهيم بن عمرويه. 109- الحسين بن عبيد الله3. أبو علي العجلي. روى عن: مالك، وعبد العزيز بْن الماجِشُون، وابن أبي حازم. وعنه: إسحاق الختلي، وعبيد الله العثماني. قال الدَّارَقُطْنيّ: كان يضع الحديث. 110- الحسين بْن الفَرَج4. أبو عليّ، وقيل: أبو صالح البغداديّ ابن الخيّاط. عن: ابن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، وعبد اللَّه بْن إدريس، وشُعَيب بْن حرب، وجَماعة. وعنه: عُبَيْد بْن الحَسَن الأصبهانيّ، وأحمد بْن الهيثم بْن خالد البزّاز، وجعفر بْن محمد بن شريك، والحسين بْن جبلة الإصبهانيّ. وكان حافظًا لكنّهم ضعّفوه. وقال ابن مَعِين: ذاك نعرفه يسرق الحديث. قلت: سرقة الحديث أهون من وضعه أو اختلاقه. وسرقةُ الحديث أن يكون محِّدث ينفردُ بحديث، فيجيء السّارق ويدَّعِي أنه سمعه أيضًا من شيخ ذاك المحدث، وليس بسرقة الأجزاء والكُتُب، فإنَّها أنحسُ بكثير من سرقة الرواية، وهي دون وضع   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "8/ 36"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 316". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 186". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "8/ 55"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 215"، وميزان الاعتدال "1/ 541"، ولسان الميزان "2/ 296". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 62، 63"، وتاريخ الطبري "1/ 59"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 84"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 545". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 69 الحديث في الإثم لقوله: إنَّ كَذِبًا عليَّ ليس كَكَذِبٍ على غيري1. قال أبو حاتِم: لا أُحَدِّثُ عنه. أَنْكَر عليه حديث لَمْ يكن إلا عند ابن أبي شُعَيْب فرَواهُ هو. 111- الحسين بْن محمد2. أبو عليّ السَّعْديّ البصْريّ الذّارع. حدَّث ببغداد عن فُضَيْل بْن سليمان النُّمَيْريّ، وعبد المؤمن بْن عَبّاد العَبْدي، وسهل بْن أسلم العدويّ. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وأحمد بْن الحسين، الصُّوفيّ، والبغوي، وغيرهم. 112- الحسين بن المتوكل بن أبي عبد الرحمن بن حسان3 -ق. أبو عبد الله بْن أبي السَّريّ العسقلانيّ، مولى بنو هاشم أخو محمد بْن أبي السّرِيّ. سمع: ضمرة بْن ربيعة، ووَكيعًا، ومحمد بْن حِمْيَر الحمصيّ، وأبا داود الحفري. وعنه: ق.، ومحمد بْن سعد كاتب الواقدي وهو أكبر منه، والحسين بن إسحاق التستري، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني. قال أخوه: لا تكتبوا عن أخي فإنَّه كَذَّاب. وقال أبو عَرُوبة الحرّانيّ: الحسين بْن أبي السَّرِيّ خال أمِّي كذّاب. وقال أبو داود: ضعيف. وقال غيره: مات سنة أربعين ومائتين. 113- الحسين بْن منصور بْن جعفر بن عبد الله بن رزين4 -خ. ن- أبو علي السلمي النيسابوري الحافظ. روى عن: أخَوَيْ جدِّه عُمَر ومبشّر، وأبي معاوية، وابن نُمَيْر، ووَكيع، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وأبي أسامة، وأسباط بْن محمد، وطائفة. وعنه: خ.، ون.، وأحمد بْن سَلَمَةَ، وجعفر بْن أحمد بْن نصر الحافظ، والحسن بن سفيان، وأبو العباس السراج، ومحمد بن شادل، وأبو سعيد محمد بن شاذان، وآخرون. ومن القدماء يحيى بن التميمي، وهو أكبر منه. وثقه النسائي.   1 "حديث صحيح": تقدم تخريجه. 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 64"، وأخبار القضاة لوكيع "2/ 18"، والثقات لابن حبان "8/ 190"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 90". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 189"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 468"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 536"، وتهذيب التهذيب "2/ 365". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 65"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 392"، والثقات لابن حبان "8/ 186"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 481". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 70 وقال الحاكم: هو شيخ العدالة والتَّزْكِية، في عصره. وأخصّ النّاس بيحيى بْن يحيى. وكان يحيى يُعيب عليه اشتغالَه بالشهادة. سمعتُ خَلَفَ بنَ محمد البخاريّ يقول: سمعتُ أبا عَمْرو أحمد بْن نصر رئيس نَيْسَابُور بُبُخَارى يقول: ثنا الحسين بْن منصور، وقد عُرِضَ عليه قضاء نَيْسَابُور، فاختفى ثلاثة أيّام، ودعا اللَّه، فمات في اليوم الثالث. ومن كلامه قال: رُبَّ معتزل للدنيا ببدنه مخالطها بقلبه، ورُبَّ مُخالطٍ للدُّنْيَا ببدنه، مُفارقُها بقلبه وهو أكْيَسُهُما1. قال السّرّاج: مات في جُمَادَى الآخرة سنة ثَمانٍ وثلاثين ومائتين. 114- حفص بْن عبد الله الحُلْوانيّ2. أبو عمر الضّرير. حدّث بحُلْوان عن: المبارك بْن سُحَيم، وحفص بْن سليمان الفارقيّ، وعيسى غنجار. سمع منه: أبو حاتم وقال: صدوق. وبقي إلى سنة ست وثلاثين، فمات في جمادى الآخرة. قاله موسى بن هارون، وكنّاه أبا عَمْرو. 115- حفص بْن النّضْر التميمي البخاري3. عن: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، وحفص بْن غِياث، وطبقتهما. وعنه: أخوه عليّ. تُوُفّي في صفر، قاله ابن ماكولا، سنة ست وثلاثين. 116- الْحَكَمُ بن موسى4 -م. س. ق. أبو صالح البغدادي القنطري الزّاهد. سمع: إسماعيل بْن عيّاش، والعُطّاف بْن خالد، وعبد الرحمن بْن أبي الرجال، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم. وعنه: م. وس. ق. بواسطة، الإمام أحمد، والدّارميّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وأبو القاسم البَغَويّ، والحارث بْن أبي أسامة، وغيرهم. وكتب عنه: علي بن المديني. وثقة ابن مَعِين. وقال الحسين بْن فَهْم: كان رجلًا صالحًا، ثبْتًا في الحديث. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: سألتُ أبا عليّ جَزَرَة عن سُرَيْج بْن   1 نسأل الله أن نكون منهم. 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 175"، والثقات لابن حبان "8/ 200". 3 انظر الإكمال ماكولا "7/ 351". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 346"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 344"، وانظر الجرح والتعديل "3/ 128"، والثقات لابن حبان "8/ 195". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 71 يونس، والْحَكَم بْن موسى، ويحيى بْن أيّوب، فوثقهم جدا وقال: هؤلاء الثلاثة تقطَّعوا من العبادة. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بَغْدَادَ، فَحَدَّثَهُ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلم: "أسوء النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ" 1 فَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَوْ غَيْرُكَ حَدَّثَ بِهِ مَا صُنِعَ بِهِ؟ قُلْتُ: رَوَاهُ النَّاسُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ عَنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى فِي الصَّدَقَاتِ، فَقَالَ: لَا أُحَدِّثُ بِهِ. قُلْتُ: وكذا انفرد بِحديث الصَّدقات، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ داود، وصوابه سليمان بْن أرقم. تُوُفّي الحَكَم في شَوَّالٍ سنة اثنتين وثلاثين ليومين بقيا من الشهر. 117- حكم بن سيف2 -د. أبو عمرو الرقي مولى بني أسد. عن: أبي المُلَيْح الحسن بن عمرو، وعُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقِّيَّيْن، وعيسى بن يونس. وعنه: د.، وبَقيّ بْن مَخْلَد، والحَسَن بْن سُفْيان، ومحمد بْن وضّاح الأندلسيّ، والفريابي، والحسين بن عبد الله القطان، وجماعة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ، لا يُحْتَجُّ بِهِ. قلت: توفي بسنة ثمان وثلاثين. 118- حمزة بْن سعيد المَرْوَزِيّ3: نزيل طَرَسُوس. عن: أبي بكر بْن عيّاش، وابن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: أبو داود في كتاب المسائل، وإسحاق بن سيار النصيبي، وإبراهيم بن الحارث العبادي. 119- حوثرة بن أشرس4: أبو العامر العدوي البصري. عن: مبارك بْن فَضَالَةَ، وعُقْبَة بْن عبد اللَّه الرفاعيّ، وحماد بن سلمة، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو يعلى الموصلي،   1 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "5/ 310"، وابن خزيمة "1/ 331"، والحاكم "1/ 353"، والطبراني في الكبير "3/ 242". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 205"، والثقات لابن حبان "8/ 212"، وتهذيب الكمال للمزي "7/ 195-197". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 211"، والثقات لابن حبان "8/ 209". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 283"، والثقات لابن حبان "8/ 215"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 668". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 72 وجعفر الفريابي، والحسن بن سفيان الفسوي، وطائفة وسواهم. توفي سنة اثنتين وثلاثين في آخرها، وما علمت به بأسا. 120- حيان بن بشر القاضي1: أبو بشر الأسدي الحنفي. عن: هُشَيْمٍ، وأبي يوسف القاضي، وأبي معاوية، ويحيى بْن آدم. وعنه: بِشْر بْن مُوسَى، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن الْجُنَيْد، ومحمد بْن عَبْدُوس، وأبو القاسم البَغويّ. وولي قضاء إصبهان في دولة المأمون، وولي قضاء الشرقيّة ببغداد في دولة المتوكّل. قال ابن مَعِين: لا بأس به، تُوُفّي سنة سبع أو ثَمانٍ وثلاثين. وكان مِن كبار أصحاب الرأي. "حرف الخاء": 121- خالد بْن عابد بْن يحيى الزوفي. مصريّ. عن: رِشْدِين بْن سعْد، وابن وهْب. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح. توفي سنة231. 122- خالد بن مرداس2. أبو الهيثم البغدادي السراج، له نسخة رواها عنه أبو القاسم البغوي. وكان صدوقا ثقة. يروي عن: إسماعيل بْن عيّاش، وأيّوب بْن جابر اليَمَاميّ، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم. روى عنه أيضا: أبو يعلى الموصلي، وغيره. 123- خديجة بنت محمد3.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 247"، وتاريخ الطبري "2/ 128-130"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 3284"، والوافي بالوفيات "3/ 225". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 354"، والثقات لابن حبان "8/ 226"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 307". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "14/ 435". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 73 روت عَنْ إِسْحَاق الأزرق، ويزيد بْن هارون، وأبي النَّضر هاشم. وكَانت تَغْشَى1 أَحْمَد بْن حنبل. روى عنها: عبد اللَّه بْن أحمد في كتاب الزهد. 124- خلف بن سالم2 -ن. أبو محمد السندي، مولى بني المهلِّب. من شيوخ بغداد، يروي عن: هشيم، وأبي بكر عياش. وعنه: أحمد بن أبي خثيمة، والحَسَن بْن عليّ المعمريّ، وغيرهما. وكان يوصف بالحِفْظ والمعرفة. رحل إلى عبد الرزّاق. وتُوُفّي سنة إحدى وثلاثين. وروى عن: ابن عُلّيَّة، وعبد اللَّه بْن إدريس ويحيى القطّان، وغُنْدَر. وآخر مَن روى عنه أحْمَد بْن الحَسَن بْن عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفي. 125- خَلَفُ بنُ قُديد. أبو علي الأزْديّ المصريّ. روى عن: ابن وهْب، وغيره. ومات فجأة سنة تسعٍ وثلاثين وهو قائم يرمي في الغرض. 126- خليفة بْن خيّاط بْن خليفة بْن خياط3 -خ. الحافظ أبو عَمْرو العُصْفُريّ البصْري، المعروف بشباب. وكان حافظًا نسّابة إخباريًا عالمًا بأيّام النّاس. صنف "التاريخ"، "الطبقات" وغير ذلك. روى الكثير. سمع: أباه، وسُفيان بْن عُيَيْنة، وزياد بن عبد الله البكائي، ويزيد بن زريع، وابن علية، وخالد بْن الحارث، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبد الرحمن بن مهدي، وغندر، ومحمد بن أبي عدي، ومعتمر بن سليمان، وخلقا كثيرا. وذكر شيخنا المزي في تهذيبه أنَّه روى عن حَمّاد بْن سَلَمَةَ. قلتُ: لَم يُدْرِكْهُ، فلعلّه حمّاد بْن أسامة، فتصحّف. وعنه: خ. في صحيحه سبعة أحاديث أو أكثر، وبقي بن مخلد، وحرب   1 أي تأتيه. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 354"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 196"، والجرح والتعديل "3/ 371"، والثقات لابن حبان "8/ 228" 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 378"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 191"، وتاريخ الطبري "7/ 510"، والثقات لابن حبان "8/ 233"، والفهرست لابن النديم "232". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 74 الكرْمانيّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وأبو بكر بْن أبي عاصم، وأبو يعلى الموصلي، وعبدان الأهوازي، وعمر بْن أحمد الأهوازيّ، وموسى بْن زكريّا التُّسْتَرِيّ، وآخرون. ليَّنه بعضهم. وقال ابن عديّ: هو مستقيم الحديث صدوق، من متيقّظي الُّرواة. وقال مُطَيَّن: مات سنة أربعين. "حرف الدال": 127- داهر بْن نوح الأهوازيّ1. عن: أبي عَوَانة، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي، وحماد بن زيد، وعنبس بن مرحوم، وعليلة بن بدر، وجماعة. وعنه: جماعة آخرهم عبدان الأهوازي. ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما أخطأ. وقال أبو القاسم بن منده: توفي سنة ثلاث وثلاثين. ومِمَّن روى عنه: سعيد بْن عثمان الأهوازيّ. 128- داود بْن أُميّة الأزْديّ2. سَمِعَ: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، ومُعاذ بْن مُعاذ بْن هشام. روى عنه: د. في سُنَنِه، وأبو القاسم البَغَويّ. وهو صدُوق. 129- داود بْن حمّاد3. أبو حاتم البلْخيّ. حدَّث ببغداد عن: إبراهيم بْن أبي حيّة المكّيّ، وأبي مطيع البلْخيّ، وابن عُيَيْنَة ووَكيع. وعنه: محمد بْن عَبْدُوس بْن كامل، وعليّ بْن سعيد الرازيّ، وأحمد بْن سَلَمَةَ النَّيْسابوريّ. ومن الكبار مثل أبي زرعة.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 238"، ولسان الميزان للحافظ "2/ 413"، والوافي بالوفيات "13/ 456". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 407". 3 الجرح والتعديل "3/ 409"، والثقات لابن حبان "8/ 236"، وتاريخ بغداد "8/ 368". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 75 130- داود بن رشيد1 -خ. م. د. ق. أبو الفضل الخوارزمي مولى بني هاشم. مِن أعيان شيوخ بغداد. سَمِعَ: أبا المَلِيحِ الحَسَن بْن عمر الرَّقِّيَّ، وإسماعيل بْن عيّاش، وإسماعيل بْن جعفر، وهُشَيْم بْن بشير، ويحيى بْن أبي زائدة، والوليد بْن مسلم، وابن عُلَيَّة، وطائفة بالعراق والجزيرة والشام. وعنه: م. د. ق. وخ. ن، عن رجلٍ، عنه، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وأبو يَعْلَى الموصلي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو القاسم البَغَويّ، ومحمد بْن المُجَدّر، وخلْق. وثقه ابن مَعين، وغيره. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة نبيل. وقال أحمد بْن مروان الدِّينَوَرِيّ: نا إبراهيم الحربيّ، ثنا داود بْن رُشَيد، قال: قمتُ ليلةً أُصَلِّي: فأخَذَنِي البردُ لِمَا أنا فيه من العُرْي، فأخذني النّومُ، فرأيتُ كأنّ قائلًا يقول: يا داود أَنَمْنَاهُم وأقَمْنَاكَ فتبكي علينا. قال إبراهيم قاريء داود: ما نام بعدها. يعني ما ترك التَّهْجُد بعدها. قال: وسمعتُ داود يقول: قالت حكماء الهند: لا ظفر مع بغْي، ولا صحّة مع نَهَمٍ، ولا ثناء مع كِبْر، ولا صداقة مع خِبّ، ولا شرف مع سوء أدب، ولا برّ مع شُحّ، ولا اجتناب محرَّم مع حِرص، ولا محبّة مع هُزْء، ولا ولاية حُكم مع عديم فِقْه، ولا عُذرَ مع إصرار، ولا سلامة لُب مع غِيبة، ولا راحة مع حَسَد، ولا سُؤدُد مع انتقام، ولا رئاسة مع غزارة نفس وَعُجْبٍ، ولا صواب مع ترك مشاورة، ولا ثبات مُلك مع تهاون وجهالة وزراء. تُوُفِّيَ في سابع شَعْبَان سنة تسعٍ وثلاثين. 131- داود بْن صَغِير البخاريّ2. حدَّث ببغداد سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين أو بعدها عن الأعمش. وزعمَ أنّ عُمره مائةٌ وخمسٌ وعشرون سنة. وكان من الضعفاء. روى عنه: إسحاق بْن سُنَيْن الختليّ. وروى أيضًا عن: أبي عبد الرحمن كثير النوا، وسفيان الثوري، لا، بل وحدَّث عن أنس بْن مالك.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 349"، والتاريخ الكبير للبخاري "238"، والثقات لابن حبان "8/ 236"، وحلية الأولياء "8/ 335". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "8/ 367"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 9"، ولسان الميزان "2/ 419". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 76 وروى عنه: عبيد الله بن عبيد اللَّه الصَّيْرفيّ، وعبد اللَّه بْن محمد بْن نصر المَرْوَزِيّ، والفضل بْن مَخْلَد الدَّقّاق. قال الدّارَقُطْنيّ: مُنْكَر الحديث. وقال الخطيب: ضعيف. وهو داود بْن صَغير، بِمعجمة، بْن شبيب بْن رستم. لا ينبغي أن يُروى عنه. 132- داود بْن مِخْراق الفِرْيابيّ1 -د. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وابن وهْب، وغيرهم. وعنه: د، ومحمد بْن عبد الوهّاب الفرّاء، ومحمد بن أحمد بن سليمان الهروي، وإسحاق بن إبراهيم البستي القاضي، وجعفر الفريابي. توفي سنة تسع وثلاثين. وأما حبان فذكر في "الثقات" أنه مات بعد الأربعين. 133- داود بْن مُصحّح العسقلانيّ2. عن: أبي خالد الأحمر. ذكره ابن حِبان في الثقات، وقال مستقيم الحديث. ثنا عنه بْن الحسن بْن قُتَيْبَة. 134- داود بْن مُعاذ3 -د. ن. أبو سليمان العَتَكيّ البصْريّ نزيل المِصِّيصة. عن: حمّاد بْن زيد، وعبد الوارث، والحَسَن بْن أبي جعفر الْجُفْريّ، وجَماعة. وعنه: د.، ون، عن رجلٍ، عنه، ومُضر بْن محمد الأسَديّ، وعثمان بن حرزاذ، وجعفر الفِرْيابيّ. وثقه النسائي. وسمع الفِرْيابيّ عنه سنة ثلاث وثلاثين. 135- دينار4. الذي أدّعي لُقيّ أنس. ذكرناه في الطبقة الماضية.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 425"، والثقات لابن حبان "8/ 336"، وتهذيب الكمال للمزي "7/ 449". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 236". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 425"، والثقات لابن حبان "8/ 235"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 451". 4 تقدمت ترجمته. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 77 "حرف الراء": 136- الربيع بْن ثعلب1. أبو الفضل المروزي ثم البغدادي العابد المقريء. رحلَ وقرأ بدمشق على الوليد بْن مسلم، وعِرَاك بْن خالد، وجماعة. وكان بصيرًا بقراءة الشّاميين. وحدَّث عن: إسماعيل المؤدّب، وجارية بْن هَرِم، وفرج بْن فَضَالَةَ، وجماعة. قرأ عليه جماعة منهم: أبو الطَّيِّب سالم، وسليمان بْن يحيى الضَّبّيّ. وحدّث عنه: عليّ بْن إسحاق بْن زاطيا، وأبو العبّاس السّرّاج، وأبو القاسم البَغَويّ، وأحمد بْن الحسين الصُّوفيّ، وعبد اللَّه بْن ناجية. قال جَزَرَة الحافظ: كان ثقة من عباد اللَّه الصّالحين. وقال غيره: تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين. 137- رِفاعة بْن الهيثم الواسطيّ2 -م. عن: خالد بْن عبد اللَّه الطحان، وهشيم بن بشير. وعنه: م، وأسلم بْن سهل، وعبد الله بْن محمد بْن شِيرُوَيْه النَّيسابوريّ، وإبراهيم بْن محمد الصَّيْدلانيّ. 138- رَوْحُ بنُ صلاح بْن سيّابة بْن عَمْرو3. أبو الحارث الحارثي المَوْصِليّ، ثمّ المصريّ. عن: يحيى بْن أيّوب، وسُفْيان الثَّوْريّ، وموسى بن علي بن رباح، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وغيرهم. وعنه: أحمد بن محمد بن رشدين، وعيسى بن صالح المؤذن، وجعفر بن أحمد بن بيان، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وأحمد بن حماد زغبة. له مناكير. قال ابن عديّ: ضَعِيفٌ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَذَكَرَهُ فِي "الثِّقَاتِ". تُوُفّي بمصر في رمضان سنة ثلاث وثلاثين. وهو آخر من حدَّث عن موسى، ويحيى، وسعيد. وقال الحاكم: هو ثقة مأمون شامي.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 456"، والثقات لابن حبان "8/ 240"، والوافي بالوفيات "14/ 81". 2 انظر رجال صحيح مسلم لابن منجوبة "1/ 208"، وتهذيب الكمال للمزي "9/ 209"، وتهذيب التهذيب "3/ 282". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 244"، والكامل لابن عدي "3/ 1005، 1006"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 342". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 78 139- رَوْحُ بْن عبد الجبّار بْن نضر. أبو محمد المُراديّ، مولاهم المصريّ. أخو النَّضْر، وعبد اللَّه. وقد كنّاه ابن يونس: أبا الزِّنْباع، وهو أعرف. وقال: روى عن: ابن وهْب، وابن القاسم. حدَّث عنه: أبنه الحارث بْن رَوْح، ويحيى بْن عثمان بْن صالِح. قال: ومات في جُمَادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين. 140- رَوْحُ بنُ عبد المؤمن1. أبو الحَسَن الهُذَليّ، مولاهم البصْريّ المقرئ صاحب يعقوب الحضرميّ. قرأ عليه، وجلس للإقراء فأخذ عنه: أبو بكر محمد بْن وهْب الثَّقفيّ، وأحمد بْن يحيى الوكيل، وأحمد بْن يزيد الحُلْوانيّ، وأبو الطَّيّب بْن حمدان. وسمع الحديث من: أبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد، وجعفرَ الضُّبَعِيّ. وعنه: خ.، وإبراهيم بْن محمد بْن نائلة الإصبهانيّ، وعبد اللَّه بْن أحمد، ومُطَيَّن، وأبو خليفة، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وطائفة. ذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثلاث وثلاثين قبلها أو بعدها. وقال غيره: مات سنة أربع، وقبل سنة خمس. 141- رَوْحُ بْن قُرَّةَ المقرئ2. عرض القرآن على سلام الطّويل، وعلى يعقوب الحضْرميّ. وسمع من ابن عُيَيْنَة. قرأ عليه: أبو عبد الله الزُّبَيْريّ فقيه البصرة. وسمع منه: أحمد بْن الصَّقْر بْن ثَوْبان. 142- رُوَيْمُ بنُ يزيد المقرئ3. سمع: سلام بْن سليمان الطَّويلَ، واللَّيث بْن سعد. وأخذ القراءة عَرْضًا عن: سُلَيم صاحب حمزة، وميمون القتّاد. عرض عليه غير واحد منهم: محمد بن شاذان الجوهري شيخ ابن شنبوذ. وحدَّث عنه: محمد بْن عبد الرحيم، وغيره.   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 449"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 310"، والثقات لابن حبان "8/ 244"، وتهذيب الكمال للمزي "9/ 246". 2 انظر غاية النهاية لابن الجوزي "1/ 285، 286". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 523"، والثقات لابن حبان "8/ 245"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 429". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 79 143- رباح بنُ الفَرَج الدِّمشقيّ1. عن: زيد بْن يحيى، وأبي مُسْهِر. وعنه: أحمد بْن الْمُعَلَّى، وجعفر الفِرْيابيّ في "الثّقات". "حرف الزاي": 144- زكريّا بْن يحيى الواسطيّ الأحمر. عن: خالد بْن عبد الله الطحان. وعنه: أسلم بن بحشل وقال: مات سنة أربعٍ وثلاثين. 145- زكريّا بْن يحيى بْن صُبَيْح اليَشْكُريّ الواسطيّ، زَحْمَوَيْه2. عن: عبد الرحمن بْن أبي الزّناد، وفَرَج بْن فَضَالَةَ. وعنه: اسلم في تاريخه، وأبو زُرْعة الرازيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة خمسٍ وثلاثين. 146- زهير بن حرب بن شداد3 -خ. م. د. ق. أبو خيثمة النسائي الحافظ، مولى بْن الحريش بْن كعب بْن عامر بْن صعصعة. قيل: كان اسم جدِّه اشتاك، فعُرِّبَ شدّادًا. كان من كبار أئمة الأثر ببغداد، وهو والد الحافظ أبي بكر صاحب التّاريخ. سمع. هُشَيْمًا، وابن عُيَيْنَة، وأبا معاوية، ويحيى القطان، وحفص بْن غِياث، وجرير بْن عَبْد الحميد، وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، وعبد الله بن إدريس، وابن فضيل، وخلقا كثيرا. وعنه: خ. م. ق. وابنه، وعبّاس الدُّوريّ، وبقي بن مخلد، وأبو يعلى، وابن أبي الدنيا. وأبو بكر أحمد بن عليّ بن سعيد المروزي، وخلق. وثقة بن معين. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال يعقوب بْن شَيْبَة: هو أثبت من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. وقال النَّسائي: ثقة مأمون. وقال جَعْفَر الفِرْيَابيّ: سألتُ محمد بْن عبد اللَّه بْن نُمَيْرٍ: أيّما أحبّ إليك أبو   1 انظر تهذيب تاريخ دمشق "5/ 346". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 601"، والثقات لابن حبان "8/ 253". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 354"، والجرح والتعديل "3/ 591"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 429"، وتاريخ الطبري "4/ 417، 419". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 80 خيثمة، وأبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة؟ فقالَ: أبو خَيْثَمة، وجعل يُطْرِي أبا خيثمة ويَضَع من أبي بكر. وقال عليّ بْن الحُسين بْن الْجُنَيْد: سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يقول: أبو خَيْثَمة زهير بْن حرب يكفي قبيلة. تُوُفِيّ في سابع شَعْبَان، سنة أربع وثلاثين، وله أربع وسبعون سنة. 147- زهير بْن عبّاد الرُّؤاسيّ1. ابن عمّ وكيع. سمعَ: مالك بْن أنس، وحفص بْن مَيْسَرة، وفُضَيل بْن عِياض، والمسيّب بْن شَرِيك، وابن المبارك، وجماعة. وعنه: محمد بْن أحمد العُرَيْبيّ، والحَسَن بْن الفَرَج الغزّيّ، والحَسَن بْن سُفيان، وجماعة منهم أبو حاتم الرازيّ وقال: ثقة، وكان يُكنَّى أبا محمد. تُوُفّي في شَوّال سنة ثمان وثلاثين بِمصر. 148- زيد بن يزيد الثقفي2 -م. أبو معن الرقاشي البصري. سمع: مُعْتَمر بْن سليمان، وغُنْدَرًا، وخالد بْن الحارث، ووهْب بْن جرير، ووَكِيعًا، وطائفة. وعنه: م. ومحمد بْن محمد القاضي الجذوعي، والحسين بن إسحاق التستري، ومعاذ بن مثنى العنبري. وثقه م. "حرف السين": 149- سالم بْن حامد الأمير3. ولي إمرة دمشق للمتوكّل، فظلم وعَسف. وكان بدمشق جماعة من أشراف العرب لَهم قوّة ومَنَعة، فقتلوه يوم جُمعة على باب الْخَضَراء. فغضب المتوكّل وثارت نفسه وقال: مَن للشام، ولْيَكُن في صَوْلة الحَجّاج؟ فقيل له: أفريدون التركي. فأمره   1 انظر الجرح والتعديل "3/ 591"، والثقات لابن حبان "8/ 256"، وميزان الاعتدال "2/ 83"، ولسان الميزان للحافظ "2/ 492". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 575"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 119"، وتهذيب التهذيب "3/ 429". 3 انظر تهذيب تاريخ دمشق "6/ 49، 50"، والوافي بالوفيات "15/ 87"، وسير أعلام النبلاء "11/ 162". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 81 وسار إليْهَا في سبعة آلاف. وأطلقَ له المتوكّل القتل بدمشق يومًا إلى ارتفاع النّهار، والنَّهْبَ ثلاثة أيّام. فنزل ببيت لِهْيَا1، فلمّا أصبح قال: يا دمشق إيش يحلّ بك اليوم مني؟ فَقُدِّمَت له بغلة دهْمَاء ليركبها، فلمّا أراد أن يضع رِجْلَهُ في الرِّكَاب ضربته بالزَّوْج على صدره، فسقط ميتًا، وقبره يُعرف ببيت لِهْيَا. ورجع عسكره إلى بغداد. ثُمَّ جاء المتوكّل بعد ذلك إلى دمشق وقد صَلُحَت نِيَّتُه للدمشقيّين. سحنون2. اسمه عبد السلام. يأتي في هذه الطبقة. 150- سُرَيْج بْن يونس بن إبراهيم3 -خ. م. ن. أبو الحارث المَرْوَزِيّ الأصل البغداديّ. عن: إسماعيل بْن جعفر، وهُشَيْم، وإسماعيل بْن مجالد، وعَبّاد بْن عَبّاد، ويحيى بْن أَبِي زائدة، ويوسف بْن يعقوب الماجِشُون، وأبي إسماعيل المؤدّب، ومروان بْن شجاع، وخلْق. وعنه: م. وخ. ن، عن رجل، عنه، وبقي بن مخلد، وأبو يحيى صاعقة، وأبو زُرْعة، وموسى بْن هارون، ومُطَيَّن، وأبو القاسم البَغَويّ، وأحمد بْن الحسن الصُّوفيّ، وخلْق. سُئِلَ عنه أحمد بْن حنبل فقال: صاحب خير. وقال ابن مَعين: ليس به بأس. وقال البخاريّ: مات في ربيع الأول سنة خمس وثلاثين. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال عبد اللَّه بْن أحمد: سمعتُ سُرَيْج بْن يونس يقول: رأيتُ ربّ العِزّة فِي المنام فقال: سَلْ حاجتك. فقلتُ: رحمانُ سَرْبِسَر، يعني رأسًا برأس. قلتُ: وكان سُرَيْج من الزُّهَاد والعُبّاد ببغداد، له حكايات شبه الكرامات رَحِمَهُ اللَّه. وكان إمامًا في السنة. 151- سعيد بْن ذُؤَيْب4. أبو الحَسَن المَرْوزِيّ، النَّسائيّ الأصل. عن: أبي أسامة، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وأبي   1 قرية مشهورة بغوطة دمشق. 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الطبقات لابن سعد "7/ 357"، والجرح والتعديل "4/ 305"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 205"، والثقات لابن حبان "8/ 207". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 19"، والثقات لابن حبان "8/ 270"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 135". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 82 ضَمْرة، وعبد الرّزّاق، وجماعة. وعنه: حاشد بْن إسماعيل، وعُبَيْد اللَّه بْن واصل البُخَاريّان، والحسن بن سفيان، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائيان، ون. أيضًا في سُنَنه، عن رجل، عنه. تُوُفّي سنة سبع وثلاثين. 152- سعيد بْن سليمان التميميّ1 الفقيه. أحد أصحاب الرأي. أخذ الفقه عن القاضي أبي يوسف، ومحمد بْن الحَسَن، وحدَّث عنهما. تُوُفّي سنة خمس وثلاثين. 153- سعيد بْن إدريس الواسطيّ2. عن: أبي شهاب الحنّاط عبد ربّه. وعنه: أسلم بْن سهل الواسطيّ وقال: تُوُفّي سنة إحدى وثلاثين بواسط. 154- سعيد بْن حسّان3. أبو عثمان القُرْطُبيّ، مولى بني أُميَّة. رحل وتفقّه على أشهب، وأصحاب مالك، وبرعَ في مذهب مالك. وكان فقيهًا مفتيًا إمامًا زاهد كبير القدر. وكان مؤاخيا ليحيى بْن يحيى اللّيثيّ، آخذًا بِهَدْيه. حمل عنه: إبراهيم بْن محمد بْن باز، وغيره. تُوُفّي سنة ست وثلاثين. 155- سعيد بْن حفص بْن عَمْرو بْن نفيل4 -ن. أبو عمرو الحراني الرملي، خال الحافظ بن أبي جعفر النُّفَيْليّ. سمع: زهير بْن معاوية، ومَعقِل بْن عُبَيد اللَّه، وشَرِيك بْن عبد اللَّه، وأبا المَلِيح، وموسى بْن أَعْيَن، وجماعة. وعنه: محمد بْن يحيى بْن كثير محدِّث حران، ومضر بن محمد الأسدي،   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "2/ 245". 2 انظر تاريخ واسط "247". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 160"، وبغية الملتمس "307". 4 انظر الثقات لابن حبان "8/ 269"، والأنساب "12/ 126"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 390"، وتهذيب التهذيب "4/ 17". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 83 وهلال بْن العلاء، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وأحمد بْن سليمان الرُّهاويّ، وأحمد بْن فيل البالِسيّ، والحَسَن بْن سُفْيان، وجماعة. تُوُفّي في رمضان سنة سبْع وثلاثين. ووثقه ابن حِبّان. 156- سعيد بن عبد الجبار1 -م. د. أبو عثمان القرشي الكرابيسي، بصري نزل مكة، وحدَّث عن: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وحرب بْن أبي العالية، ومالك، وفُضَيل بْن عِيَاض، وجماعة. وعنه: م. د. وبَقيّ بْن مَخْلَد، وأبو زُرْعة، وابن أبي عاصم، وأبو يعلى الموصلي، وعبدان، وعمران بن موسى السختياني، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال أبو القاسم البَغَويّ: مات في آخر سنة ست وثلاثين. ومن رواة العلم بِهذا الاسم. 157- سعيد بْن عبد الجبّار بْن وائل بْن حُجْر الكوفيّ2. له أحاديث عن أبيه، وعنه عبد اللَّه بْن أبان. 158- وسعيد بْن عبد الجبّار الزُّبيْدي3. من طبقة هُشَيْم. 159- وسعيد بْن عبد الجبّار. عن محمد بْن جابر اليَماميّ، مجهول. 160- سعيد بْن نُصَير الواسطي4. سمع: ابن عُيَيْنَة. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، والبَغَويّ. أمّا: سعيد بْن نُصَير نَزيل الرِّقة، ففي الطبقة الأخرى.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 44"، والثقات لابن حبان "8/ 267"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 520". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 43"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 495"، والثقات لابن حبان "6/ 35"، والمغني في الضعفاء "1/ 262". 3 انظر الثقات لابن حبان "6/ 365"، والكنى والأسماء للدولابي "2/ 28". 4 انظر الثقات لابن حبان "8/ 269". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 84 161- سعيد بن النضر1 -خ. أبو عثمان البغدادي، نزيل آمُل جَيْحُون. سمع: إسماعيل بْن عيّاش، هشيم بْن بشير، وغيرهما. وعنه: خ.، والفضل بْن أحمد الآمُليّ. ذكره ابن حبان في الثقات. وتوفي سنة أربع وثلاثين. 162- سفيان بن بشير. أبو الحسين الكوفي. عن: مالك بْن أنس، وعليّ بْن هاشم بْن البَريد. وعنه: محمد بن رزين بن جامع، ومحمد بن داود بن عثمان الصدفي، ومحمد بن عثمان بن أبي شبيبة، ومطين، وغيرهم. لم يذكره ابن أبي في كتابه. 163- سلمة بن عاصم النحوي2. من كبار أئمة العربية بالعراق. روى عن الفراء كتبه، وروى عنه: إبراهيم الحربي، وثعلب، وإدريس بن عبد الكريم، وهو ثقة مشهور. 164- سلمة بن حفص السعدي3. أبو بكر. عن: عبد اللَّه بْن إدريس، والمُحَارِبيّ. وعنه: تَمْتَام، وابن أبي الدُّنيا، وصالح جَزَرَة، وآخرون. 165- سليمان بْن أحمد بْن محمد الْجُرَشيّ الدّمشقيّ4. ثم الواسطيّ. عن: الوليد بْن مسلم، ومروان بْن معاوية، ومحمد بْن شُعَيْب، وجماعة. وعنه: حنبل بن إسحاق، وأسلم بن بحشل، وإبراهيم بْن سَعْدان، وعليّ بْن عبد العزيز البَغَويّ، وعَبْدان الأهوازيّ، وجماعة. قال البخاريّ: فيه نظر.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 69"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 57"، والثقات لابن حبان "8/ 267"، وتهذيب الكمال للمزي "11/ 88". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 165"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 134"، والوافي بالوفيات "15/ 324". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 134". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 101"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 3"، والثقات لابن حبان "8/ 276"، والكامل لابن عدي "3/ 1139"، وميزان الاعتدال "2/ 194، 195". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 85 وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثنا عنه عَبْدان بالعجائب. وقال أبو حاتِم الرازي: كان حُلْوًا، قَدِمَ بغداد فكتب عنه أحمد بْن حنبل وَابنُ مَعِين، ثُمَّ تَغيَّر بأخرة. فلمّا كان في رحلتي الثانية، قيل لي: قد أخذ في الشّراب والْمَعَازِف والملاهي. وسُئل عنه صالح جَزَرَة فقال: يُتَّهم في الحديث. 166- سليمان بْن أيّوب1. أبو أيّوب. صاحب البصري. حدث عن: حماد بن زيد، وهارون بْن دينار، وعبد الرحمن بْن مهديّ، وطائفة. وعنه: إسماعيل القاضي، وصالح جَزَرة، وأحمد بْن الحَسَن بْن عبد الجبّار، والبَغَويّ. قال ابن مَعِين: هو ثقة حافظ، رواها ابن الْجُنَيْد عنه. وقال الحسين بن حبان: قال ابن مَعِين: سليْمَان صاحب البصْريّ من الحُفّاظ الثِّقَات، كان يتحفظ عن يحيى بْن سعيد، يأنفُ أن يكتب عنده. وقال مُطَيَّن: مات سنة خمس وثلاثين. وقال علي بْن الْجُنَيْد: كان من الحفّاظ، لم أرَ بالبصرة أنبل منه. 167- سليمان بْن داود بْن بِشْر الشَّاذكُونيّ2. الحافظ أبو أيّوب المِنْقَري البصْريّ. عن: حمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بن زياد، وجعفر بن سليمان، وعبد الوارث، وخلْق كثير. وعنه: أبو قِلابة الرقاشِيّ، وأَسِيد بْن عاصم، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وإبراهيم بْن محمد بْن الحارث، ومحمد بْن عليّ الفَرْقَديّ، والإصبهانيّون، والحَسَن بْن سُفْيان، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ وكانا يدلّسانه، يقولان: سليمان أبو أيوب فقط. قال عَمْرو النّاقد: قدم سليمان الشَّاذَكُونِي بغدادَ، فقال لي أحمد بْن حنبل: اذْهَب بنا إلى سليمان نتعلَّم منه نقْدَ الرجال. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كان أعلمنا بالرجال يَحْيَى بْن مَعِينٍ، وأحفظنا للأبواب سليمان الشَّاذَكُونيّ. وكان عليّ بْن المَدِينيّ أحفظنا للطوال. وقال عباس العنبري، وسئل: أيهما أعلم بالحديث: الشَّاذَكُونِيّ أو ابن الْمَدِينِي؟ فقال: ابن الشَّاذَكُونِيّ بصغير الحديث، وعليّ بجليله. وقال أبو عبيد: انتهى العلم إلى أربع -يعني عِلْمَ الحديث: إلى أحمد بْن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 23، 339"، والثقات لابن حبان "8/ 279"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 48". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 309"، والجرح والتعديل "4/ 114"، والتاريخ الصغير للبخاري "232"، وتاريخ الطبري "7/ 421"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 677". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 86 بن معين، وأبي بكر بن شَيْبَة. فكان أحمد أفقههم به، وكان عليّ أعلمهم به، وكان ابن مَعِين أجمعهم له، وكان أبو بكر أحفظهم له. قال زكريّا الساجي: وهم أبو عبيد، أحفظهم له سُليمان الشّاذَكُونِيّ. رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَعِنْدَهُ بُلْبُلٌ -يَعْنِي الْمُحَدِّثَ- كَانَ أَسْوَدَ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاذَكُونِيِّ كَلامٌ. فَقَالَ لَهُ الشاذكوني: والله لأقتلنك. قال يَحْيَى: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَقْتُلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. أَنْتَ حَدَّثْتَنِي عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أمة لأمرت بقتلها، فاقتلوا كُلَّ أَسْوَدٍ بَهِيمٍ" 1 وَهَذَا أَسْوَدُ. وقال ابن عديّ: سألتُ عَبْدَان عنه، فقال: مَعَاذ اللَّه أَن يُتَّهم، إنّما كان قد ذهبت كُتُبُه، فكان يُحدِّثُ حِفْظًا. وقيل إنه لَمَّا احتضر قال: اللَّهُمَّ إنِّي أعتذرُ إليكَ، غير أنِّي ما قذفتُ مُحْصَنَةً، ولا دَلَّسْتُ حديثًا. وقال الساجي: ثنا أحد بْن محمد: نا ابن عَرْعَرَةَ قال: كنتُ عند يَحْيَى بْن سعيد، وعنده بلبل، وابن أبي خُدَّوَيْه، وابن الْمَدِينِي، فقال عليّ لِيَحْيَى: ما تقولُ في طارق، وإبراهيم بْن مُهاجر؟ قال: يجريان مَجْرَى واحدًا. فقالَ الشَّاذَكُونيّ: يسألُكَ عمّا لا تدري، وتكلّف لنا ما لا تحسن، إنما تكتب عليك ذنوب حديث إبراهيم بن مهاجر خمسمائة حديث، عندك عنه مائة، وحديث طارق مائة، عندك عشرة. فأقبل بعضنا على بعض وقلنا: هذا ذلّ. فقال يَحْيَى: دعوه، فإنْ كَلَّمْتُموه لَم آمن أن يقذفنا بأعظم من هذا. وقال إبراهيم بْن أوْرمة: كان أبو داود الطَّيالِسيّ بإصبهَان، فلَمَّا أراد الرجوع أخذ يبكي، فقالوا له: إنّ الرجل إذا رجعَ إلى أهله فرح، فقال: إنّكم لا تعلمون إلى مَنْ أرْجع. أَرْجِعُ إلى شياطين الإنس: عليّ بْن الْمَدِيني، وسُليْمَان الشّاذَكُونيّ، وابن بحر السّقّاء -يعني الفلاس- وسئل ابن صالِح بْن محمد الحافظ عن الشاذكوني فقال: ما رأيتُ أحفظ منه. فقلتُ: بأي شيء كان يهتم؟ قال: كان يُكذب في الحديث. وَسُئِلَ أحمد بْن حنبل عنه، فقال: جالس حمّاد بْن زيد وبشر بن المفضل، ويزيد ين زُرَيْع، فما نفعه اللَّه بواحدٍ منهم. وقال ابن مَعِين: جرّبت على سليمان الشاذكونيّ الكذِب. وقال   1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "2849"، والنسائي "7/ 185"، والترمذي "1486، 1489"، وابن ماجه "3205"، وأحمد "5/ 56، 57". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 87 النسائيّ: ليس بثقة. وقال عبّاس العَنْبريّ: ما مات ابن الشّاذكونيّ حتّى انسلخ من العِلْم انسلاخ الحيَّة من قشْرها. قال ابن المديني: كُنَّا عند ابن مهديّ، فجاءوا بالشاذكوني سكران، وعن البخاريّ قال: هو أضعف عندي من كلّ ضعيف. وقال ابن مَعِين: قال لنا الشاذكوني: هاتوا حرفًا واحدًا من رأي الحسن لا أحفظه. وحكى ابن قانع أنه سمع إسماعيل بْن الفضل يقول: رأيتُ الشاذكونيّ فِي النَّوم فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِرَ لِي. قلتُ: بِماذا؟ قال: كنتُ في طريق أصْبَهان، فأخذني المطرُ ومعي كُتُب. ولَمْ أكن تحت سقف، فانكببتُ على كُتُبِي حتَّى أصبحت، فغفر اللَّه لي بذلك. قلتُ: كان أبوهُ يتْجَرُ في البَزّ، ويبيعُ هذه الْمُضَرَّبَات الكبار، وتُسَمَّى باليمن شاذكونيّة، فنُسِبَ إليها. قال ابن قانع، وأبو بكر بن عاصم، ومُطَيَّن، وغيرهم: تُوُفّي سنة أربع وثلاثين. وقال أبو الشيخ: تُوُفّي سنة ست وثلاثين، وقدِم إلى إصبهان ست مرات. 168- سليمان بْن داود1 -خ. م. د. ن. أبو الربيع الأزدي العتكي الزهري البصري المقريء المحدِّث الثقة. سمع: مالكًا، وفُلَيْح بْن سليمان، وحمّاد بْن زيد، وشَرِيكًا، وأبا شهاب الحنّاط، وجرير بْن حازم، وجماعة. وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن المَدِينيّ، وجماعة من أقرانه، وخ. م. د، وروى ن، عن رجلٍ عنه. وروى عنه: محمد بْن الذُّهَليّ، وأبو زُرْعة، والنَّسائيًّ، وغيرهم. وأمّا ابن خِراش فقال: تكلَّم الناس فيه، وهو صدوق. قلتُ: هذه مجازفة من عبد الرحمن، فإنا لا نعلم أحدًا أضعف الزَّهْرَانِيّ، بل أجمعوا على الاحتجاج به. تُوُفّي في رَمَضان سنة أربع وثلاثين. ووقع لي من موافقاته العالية، وكان من أئمة العِلم. وقال أبو عَمْرو الدّانيّ: له كتاب جامع في القراءات. سمع من نافع بْن أبي نُعَيْم حرفين، ومن حفص العاضديّ، وعبد الوارث التنوري، وذكر جماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 13"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 11"، والكامل في التاريخ "7/ 45"، وتهذيب الكمال للمزي "11/ 423". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 88 169- سليمان بْن داود بْن محمد بْن شُعْبة بْن النّجّار1. أبو أيّوب اليَمَاميّ، ثمّ البصْريّ. عن: فُلَيْح بْن محمد، ويحيى بْن مروان، وعُمارة بْن عُقْبة، وغيرهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وغيرهما. قال أبو حاتم: أثنى عليه ابن مَعِين وقال: قلّ من رأيت أفهم لحديث اليَمَامة منه. 170- سليمان بْن داود بن رشيد2 -م. أبو الربيع الختلي، ثم البغدادي الأحول. سمع: أبا حفص الأبّار، ومحمد بْن حرب، وجماعة. وعنه: م، وأبو زُرْعة، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وآخرون. وكان ثقة. وثقة صالح جَزَرة. وتُوُفّى في رمضان سنة إحدى وثلاثين. وليس لأبيه رواية. 171- سليمان بْن داود3 -م. أبو داود المباركي، والمبارك بقرب واسط. سمع: أبا شِهاب الحنّاط، وأبا حفص الأبّار، ويحيى بْن زكريّا بْن أبي زائدة، وعنه: م. وعبد اللَّه بْن أحمد، وأحمد بْن الحسن الصُّوفيّ الكبير، وآخرون. قال ابن مَعِين: لا بأس به. توفي سنة إحدى أيضًا وكان ببغداد. سمّاه ابن أبي حاتم: سليمان بْن محمد. ووثقه أبو زُرْعة. وقد جوّده ابن نقطة وبيّن أنه سليمان بْن محمد قطعًا. 172- سليمان بن سلم4 -ن. أبو داود البلخي المصاحفي. عن: النَّضْر بْن شُمَيْلٍ، وأبي مطيع، وعمر بن هارون البلخيين، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 114"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 11"، والمجروحين لابن حبان "1/ 334"، والكامل لابن عدي "3/ 1125"، وميزان الاعتدال "2/ 202". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 116"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 37"، وسير أعلام النبلاء "10/ 677". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 114"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 38"، والأنساب "11/ 116"، وسير أعلام النبلاء "10/ 678". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 121"، والثقات لابن حبان "8/ 282"، والأنساب "11/ 337". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 89 وعنه: ن، والتَّرْمِذيّ في كتاب "الشّمائل"، وموسى بن هارون، وغيرهم. وكان ثقة بن خيار عباد اللَّه، رَحِمَهُ اللَّه. تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين. 173- سُلَيْمَان بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عباس العباسي1. ولي المدينة للمأمون، ثم مكّة. وحجّ بالنّاس. ثم عزله المعتصم. مات سنة أربع وثلاثين ومائتين. 174- سليمان بْن عبد الرحمن بْن عيسى بن ميمون2 -خ. ع. الحافظ أبو أيوب التميمي الدمشقي ابن بنت شُرَحْبيل بْن مسلم الخَوْلانيّ. سمع: معروفًا الخيّاط الذي رأى واثلة بْن الأسقع، وإسماعيل بْن عيّاش، وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وبقيّة، والوليد بْن مسلم، وعبد اللَّه بْن وهْب، وابن عُيَيْنَة، وخلْقًا. وعنه: خ. د. وخ. أيضًا وت. ن. ق.، عن رجل عنه، وأبو زُرْعة النَّضْريّ والرّازيّ، وأبو قُصَيّ إسماعيل العُذْريّ، وأحمد بْن الْمُعَلَّى، وجعفر الفِرْيابيّ، وخلْق. وُلِدَ سنة ثلاثٍ وخمسين ومائة، وكان يَخْضِب بالحُمْرَة. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: حدَّثَنِي سليمان فقيه أهل دمشق، وكان من أهل الفتوى. وقال أبو داود السجستاني: سليمان بن شرحبيل يخطيء كما يخطيء أَكْيَس منه، وهو خيرٌ من هشام بْن عمار. وقال ابن مَعِين: ليس به بأس، وهشام بْن عمّار أَكْيَس منه. وقال أبو حاتم: صدوق، لكنّه أروى النّاس عن الضُّعفاء والمجهولين. كان عندي في حد: لو أنّ رجلًا وضع له حديثًا لَم يفهم، وكان لا يميّز. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة، عنده مناكير عن الضُّعَفاء. وقال ابن جَوْصَا: سمعتُ إبراهيم بْن يعقوب الْجَوْزَجَانيّ قال: كُنّا عند سُلَيْمَانَ بْن عبد الرحمن، فلَمْ يأذَن لَنا أيّامًا، فلمّا دخلنا عليه قال: بَلَغَنِي وُرُود هذا الغلام الرازيّ، يعني أبا زرعة، فدرست للقائه ثلاثمائة ألف حديث. قال عَمْرو بْن دُحَيْم: تُوُفِيّ لليلة من صَفَر سنة ثلاثٍ وثلاثين. قلتُ: وقع لنا من عواليه قليل. وحديث الحِفْظِ الذي رواهُ له التِّرْمِذيّ في نقدي أنَّه باطل، ولا يحتمله الوليد بْن مسلم، فإنّا لَمْ نرَ مَنْ رواهُ عن الوليد غيره، ويقول هو إن الوليد   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 573"، وتهذيب تاريخ دمشق "6 281"، والوافي بالوفيات "15/ 393". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 129"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 24"، والثقات لابن حبان "8/ 278"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 26". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 90 سمعه من ابن جُرَيْج. ولعلّ سليمان شُبّه له. فإنّ هشام بْن عمّار رواهُ عن محمد بْن إبراهيم، مجهول، عن مجهول آخر، عن عِكْرِمَة. 175- سليمان بْن منصور البلخي الذَّهَبيّ1 -ن. عن: مسلم بْن خالد الزّنْجِيّ، وعبد الجبار بن الورد، أبي الأَحْوَص، وجماعة. وعنه: ن.، ومحمد بْن عليّ الحَكَم الترمذي، ومحمد بن رمح، وأحمد بن علي الأبار، وآخرون. وكان يلقب زرغندة. توفي سنة أربعين. وذكره ابن حبان في "الثقات". 176- سليم بن منصور بن عمار المروزي2. أبو الحسن. عن: أبيه، وإسماعيل بْن عُلَيّة، وأبي داود، وعليّ بْن عاصم، وعنه: أبو حاتم الرازي وحسن أمره، وإسحاق الحربي، وموسى بن هارون. قال ابن أبي حاتِم: قلتُ لأبي: أهلُ بغداد يتكلَّمُونَ فيه. فقالَ: مَهْ! 177- سهل بْن بشير بْن القاسم3. أبو القاسم النَّيْسابوريّ الفقيه سَهْلَوَيْه. أخو حَسَن وحُسين. سمع: جرير بْن عبد الحميد، وبقيّة بْن الوليد. وعنه: العباس بن حمزة، ومطين، وجماعة. توفي سنة تسع وثلاثين. 178- سهل بن زنجلة4 -ق. الحافظ أبو عمرو الرازي الخياط الأشتر. قَدِمَ بغداد سنة إحدى وثلاثين. وحدَّث عن: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، والوليد بْن مسلم، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش، وجرير بْن عَبْد الحميد، وأبي معاوية، وحفص بْن غِياث، ووَكيع، وجماعة.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 279"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 75، 76"، وتهذيب التهذيب "4/ 221". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 232"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 232". 3 انظر تاريخ دمشق "10/ 446". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 198"، والتاريخ الكبير للبخاري "رقم 2106"، والثقات لابن حبان "8/ 291"، وتاريخ الطبري "9/ 269"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 186-188". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 91 وعنه: ق، وأبو حاتم، وإدريس بْن عبد الكريم الحدّاد، وإبراهيم الحربي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وأبي يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسين الصوفي. قال أبو حاتم: وهو سهل بْن أبي سَهْل. له مصنَّفات في السُّنَن. يقال: تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين. قال سهل بْن زَنْجَلة: ثنا أبو عليّ السَّمْتيّ: ثنا غالب القطّان. قال: كنا ندعو في الزَّمن الأول: اللَّهُمَّ ارزُقْنَا عِلْم الْحَسَن، وورع ابن سِيرين، وحِفْظَ قَتَادة، وعَقْل بكر بْن عبد اللَّه الْمُزَنِيّ، وعبادة ثابت البُنَانِيّ، وزُهْدَ مالك بْن دينار، رَحِمَهُم اللَّه ورضي عنهم. 179- سهل بن عثمان العسكري1 -م. الحافظ أبو مسعود، أحد الأئمّة. رحل وسمع حمّاد بْن زيد، وشريك بن عبد الله، وأبا الأحوص، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، وزياد بن عبد الله، وعلي بن مسهر، ويزيد بن زريع، وخلقا. وعنه: م. وعليّ بْن أحمد بْن بِسْطام الزَّعْفرانيّ، وعبيد الغزال، وجعفر بن أحمد بن فارس، وعبد الرحمن بن محمد بن سَلْم الرّازي، وعبدان الأهوازي، وطائفة سواهم. وروي عن القدماء: علي بن المديني. قال أبو الشيخ: خرج عن إصبهان سنة اثنتين وثلاثين إلى الرِّيّ، ثمّ رجعَ إلى العراق، ومات بعسكر مُكْرَم. وكان كثير الفوائد والغرائب. وذكره ابن حِبّان في كتاب "الثِّقَات". وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وثلاثين. وروى عنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم وقال: صدوق. 180- سُوَيْد بن سعيد2 -م. ق. أبو محمد الهروي الحدثاني. سكن حديثة الفَوْرة التي تحت عانة، فنُسِب إليها. حدَّث عن: مالك، وحفص بْن مَيْسرة، وشَرِيك، وإبراهيم بْن سعد، وعليّ بْن مُسْهِر، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 203"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 102"، والثقات لابن حبان "8/ 292"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 197-200". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 283"، والمجروحين لابن حبان "2/ 252"، وتاريخ الطبري "1/ 333"، والكامل لابن عدي "3/ 1263". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 92 وعنه: م. ق، وعُبَيد العِجْل، ومُطَيَّن، وعبد اللَّه بْن أحمد، وأحمد بْن محمد الوشاء، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبو القاسم البغوي، وعبد الله بن ناجية وخلق. وكف بصره بأخرة فربما لقن ما ليس من حديثه. وقال أبو حاتم: كثير التدليس صدوق. وقال البَغَويّ: كان من الْحفّاظ. كان أحمد بْن حنبل يتيّقن عليه لولديه. وقال النسائيّ: ليس بثقة. وقال ابن مَعِين: هو حلال الدم. قلتُ: هذا الرجل مِمّن لَم يتورَّع ابن مَعِين في تضعيفه. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثَنَا أَبُو يَعْلَى، ثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ قَالَ فِي ديننا برأيه فاقتلوه"1 قال ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ تَلَوَّنَ فِيهِ سُوَيْدٌ، فَمَرَّةً يَرْوِيهِ هَكَذَا عَنِ ابْنِ أَبِي الرِّجَالِ، وَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَجِيحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ. وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَوْ وَجَدْتُ درقة وسيفًا لغزوت سويد الْأَنْبَارِيَّ. وقال الحاكم: أنكرَ عُلَيَّةُ على سُوَيْد حديثه في الْعِشْق. قال: وقيل إنّ يَحْيَى بْن مَعِينٍ لَمّا ذُكِرَ له هذا الحديث قال: لو كان لي فَرَس ورُمْح غَزَوْتُ سُوَيْدًا. وأكثر ما روى عنه مسلم، من روايته عن حفص بْن مَيْسَرَة. وقال إبراهيم بْن أبي طالب: قلت لِمسلم: كيف استجزت الرواية عن سُوَيْد في الصحيح؟ فقال: ومِنْ أينَ آتي بنسخة حفص بْن مَيْسَرة؟! قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: سُوَيْدٌ تَكَلَّمَ فِيهِ يَحْيَى، وَقَالَ: قَدْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عطية، عن أبي سعيد حديث: "الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 2 قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَلَمَّا دَخَلْتُ مِصْرَ سنة سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمَائَةٍ، وَجَدْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَنْجَنِيقِيِّ، وَكَانَ ثِقَةً، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، كَمَا قَالَ سويد فتخلص سويد. وقال ابن عدي:   1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "1/ 325، 4/ 1595"، والخطيب في تاريخه "6/ 322، 9/ 229". قال أبو زرعة: سمعت يحيى بن معين يقول وقيل له: روى سويد هذا الحديث فقال: ينبغي أن يبدأ بسويد فيستتاب. انظر العلل "1/ 457"، وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: قال في الوجيز وضعه إسحاق الملطي "507". 2 "الحديث صحيح": أخرجه الترمذي "3678"، وابن ماجه "118"، وأحمد "3/ 3، 62، 64"، والحاكم "3/ 166"، والطبراني "3/ 25، 28"، وهو في صحيح الجامع. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 93 روى سُوَيْد، عن مالِك الْموطّأ، ويُقال إنّه سمعه خلف حائط، فضُعِّف في مالك. وهو إلى الضَّعْفِ أقرب. وقال أبو زُرْعة الرازيّ: أمّا كُتبه فصِحاح. وأمّا إذا حدّث من حِفْظِهِ فلا. وقال الْبُخَاريّ: تُوُفِّيَ في أول شَوّال سنة أربعين بالحديثة. فيه نظر. كان قد عَمِيَ، فلُقِّن ما ليس من حديثه. قال الْبَغَويّ: بلغ مائة سنة. قُلْتُ: وَمِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ سُوَيْدٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قِيلَ لَهُ: "لَوْ صَلَّيْتَ عَلَى أُمِّ سَعْدٍ. فَصَلَّى عَلَيْهَا وَقَدْ أَتَى لَهَا شَهْرٌ. وَكَانَ غَائِبًا"1. رَوَاهُ جَمَاعَةٌ ثِقَاتٌ عَنْهُ، وَهُوَ مِمَّا نُقِمَ عَلَيْهِ. وَكَذَا تَفَرَّدَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ" 2. وَهَذَا إِنَّمَا رَوَاهُ النَّاسُ، عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَكِنْ لَفْظُهُ: "لَا تَذْهَبُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلُكَ رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي" 3. 181- سويد بن نصر4 -ت. ن. أبو الفضل المروزي، المعروف بالشاه. سمع: ابن المبارك، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، ونوح بْن أبي مريم، وغيرهم. وعنه: ت.، ن.، والحسين بْن إدريس الهَرَويّ، والحَسَن بْن الطيّب البلْخيّ، وجماعة. قال النَّسائيّ: ثقة. وقيل إنّه جاوز التّسعين. تُوُفّي سنة أربعين أيضًا. "حرف الشين": 182- شجاع بن مخلد5 -م. د. ق.   1 "خبر ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1264"، وفي إسناده صاحب الترجمة وانظر كلام المصنف. 2 "إسناده ضعيف والمتن صحيح": أخرجه ابن عدي "3/ 1264"، وفي إسناده صاحب الترجمة، بيد أن الحديث له شاهد من حديث أم سلمة عند أبي داود "2/ 207"، وابن ماجه "2/ 519"، والحاكم "4/ 557"، قال الشيخ الألباني في الضعيفة "1/ 108" هذا سند جيد رجاله كلهم ثقات، وله شواهد كثيرة. 3 أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1264". 4 انظر الجرح التعديل "4/ 239"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 148"، والثقات لابن حبان "8/ 295"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 272-274". 5 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 352"، والجرح والتعديل "4/ 379"، والثقات لابن حبان "8/ 313"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 251". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 94 أبو الفضل البغوي، نزيل بغداد. سمع: هُشَيْمًا، وإسماعيل بْن عيّاش، وابن عُيَيْنَة، ووكيعا، وجماعة. وعنه: م. د. ق. وإبراهيم الحربيّ، وأبو القاسم البغوي، وموسى بن هارون، وحامد بن شعيب البلخي، وأحمد بن الحسن الصوفي. وثقه ابن معين، ومات سنة خمس وثلاثين. ويقال له الفلاس. وقال إبراهيم الحربيّ: حدَّثنِي شجاع بْن مَخْلَد ولَم نكتب ها هنا عن أحدٍ خير منه. وقال موسى بْن هارون: وُلِدَ سنة خمسين ومائة. وقال الحسين بْن فَهْم: تُوُفِّيَ في عاشر صفر، وحضره بشرٌ كثير. وهو ثقة ثَبْت. 183- شعيب بْن يوسف النسائي1 -ن. أبو عمرو. عن: ابن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وابن مهديّ، وغيرهم. وعنه: ن. ووثَّقه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم. وكان من أصحاب الحديث الأَثْبات. 184- شيبان بْن أبي شيبة فروخ2 -م. د. ن. أبو محمد الحبطي، مولاهم الأبُلّيّ البصْريّ. سمع: أبا الأشهب العُطارِدِيّ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وجرير بْن حازم، ومبارك بن فضالة، وسلام بْن مسكين، وأبان العطّار، ومحمد بْن راشد، وجماعة. وعنه: م. د. ون. عن رجلٍ، عنه، ومُطَيَّن، وخلق كثير. وكان ثقةً صدوقًا مكثرًا. قال عَبْدَان: كان عنده خمسون ألف حديث. وكان عندهم أثبت، من هُدْبَةَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كان يرى القدر، واضطّر النّاس إليه بأخرة. قيل وُلِدَ سنة أربعين ومائة، فإنّ موسى بْن هارون سأله عن مولده، فقال: فيها. ثُمَّ شكّ شيئًا في أنّ مولده قبل ذلك بسنة أو سنتين. ومات سنة خمسٍ، وقيل سنة ست وثلاثين وهو أصح.   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 353". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 357"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 254"، والثقات لابن حبان "8/ 315"، وتهذيب الكمال "12/ 598". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 95 "حرف الصاد": 185- صالح بْن حاتم بْن وردان1 -م. أبو محمد البصري. سمع: أباه، وحمّاد بْن زيد، ويزيد بْن زُريع، ومعتمر بْن سليمان، وجماعة. وعنه: مُسلم، وأبو مسلم الكَجّيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، والبَغَويّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ست وثلاثين. وقال: أبو حاتم: شيخ. 186- صالح بن سهيل2 -د. أبو أحمد النخعي الكوفي. عن: مولاه يحيى بْن زكريّا بْن أبي زائدة، وعن: المُحاربيّ. وعنه: د. وأبو زُرْعة، وأبو حاتم ومطين، وأبو لبيد السامي، وآخرون. 187- صالح بْن عبد اللَّه بْن ذكوان3 -ت. أبو عبد الله الترمذي الباهلي الحافظ، نزيل بغداد. حدَّث عن: مالك، وشَرِيك، وعبد الوارث، وحماد الأبَحّ، وأبي عَوَانة، وجعفر بْن سليمان، وطائفة. وكان ثقة صدوقًا صاحب حديث. وعنه: ت. روى أيضًا عن رجلٍ، عنه، وابن أبي الدُّنيا، وصالح بْن محمد جَزَرَة، وأبو زُرْعَة، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وابن كرّام، وخلْق. قال أبو حاتم: صدوق. وقيل إنه تُوُفّي بمكّة سنة تسع وثلاثين. قال ابن حِبّان: كان صاحب حديث وسنة وفضل، كتب وجمع. 188- صالح بن محمد الترمذي4. عن: أبي داود الطَّيَالِسيّ، ومقاتل بْن الفضل اليَمَانيّ، والسدي الصغير، وعنه:   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 398"، والثقات لابن حبان "8/ 318"، والمجروحين له "1/ 27"، وتهذيب الكمال للمزي "13/ 27". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 405"، والثقات لابن حبان "8/ 318"، والمعرفة والتاريخ "3/ 201". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 407"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 285"، والثقات لابن حبان "8/ 317"، وتهذيب الكمال للمزي "13/ 61-64". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 412"، والثقات لابن حبان "8/ 317"، والمجروحين له "1/ 370، 371". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 96 حازم بن زمزم البلخي الحنفي. قال ابن أبي حاتم. ثم قال ابن حِبَّان: كان جَهْمِيًّا داعيةً يبيعُ الْخَمْرَ وَيُبِيحُ شُرْبَهُ. رشا لهم ولّوه قضاء تِرْمذ، فكان يؤذي من يقول: الإيمان قولٌ وعملٌ. حتّى أنّه أخذ مُحدِّثًا صالِحًا، فجعل في عُنِقه حبلًا، وطّوف به. وكان الْحُمَيْدِيّ بِمَكّة يقنت عليه. وكان إسحاق بْن رَاهَوَيْه إذا ذكره بَكَى من تَجرُّئه على اللَّه. ولأبي عَوْن عصام فيه قصيدة طويلة أوَّلها: تفتّى بشرقِ الأرض شيخ مُفَّتنُ ... له قحم في الصالحين إذ ذُكِرْ أنافَ على التِّسْعِينَ لا دَرَّ دَرُّهُ ... وعجَّلَه ربِّي الجليل إلى سَقَرْ 189- صالح بْن مالك1. أبو عبد الله الخُوَارزميّ نزيل بغداد. حدث عن العزيز بْن أبي سَلَمَةَ الماجِشُون، وأظنّه آخر من حدث عنه، وأبي مسلم قائد الأعمش، وصالح المري، وحفص بن سليمان المقريء، وغيرهم. وعنه: عبد الله بن أحمد، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي، وآخرون. قال الخطيب: كان صدوقًا. 190- صَفْوانُ بنُ صالح بْن صَفْوان بْن دينار2 -د. الحافظ الكبير أبو عبد الملك الثقفي، مولاهم الدّمشقيّ، مُؤذّن جامع دمشق. سَمِعَ: ابن عيينة، وسُوَيْد بن عبد العزيز، ومروان بْن معاوية، والوليد بْن مسلم، ووَكيعًا، وطبقتهم. وعنه: د. وت. ن. عن رجل عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأحمد بن أنس بن مالك، وأحمد بن المعلَّى، وجعفر الفريابي، وَمحمد بْن قتيبة العسقلاني، وآخرون كثيرون. وكان يَنْتَحل مذهب الكوفييّن. قال أبو حاتم: صدوق. وقال التِّرْمِذيّ: ثقة. وقال السُّلَمِيّ بْن مُعَاذ: قلتُ لسليمان بْن عبد الرحمن: إنّ صَفْوان بْن صالِح يأبى أن يُحدِّثَنا. قال: فدخلَ صَفْوان فسلّم عليه، فقال سليمان: بلغني أنّك تأبى أن تحدِّث. قال: يا أبا يعقوب منعنا   1 انظر الجرح والتعديل "4/ 416"، والثقات لابن حبان "8/ 318"، وتاريخ بغداد "9/ 316". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 425"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 309"، والثقات لابن حبان "8/ 321"، وتهذيب الكمال للمزي "13/ 191-196". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 97 السُّلطان. قالَ: وَيْحَكَ، حدِّث، فإنّه بلغني أنّ أهل الْجَنَّةِ يحتاجون إلى العلماء في الجنّة كما يحتاجونَ إليهم في الدُّنْيَا. فحدَّث لعلّك أن تكون منهم. فحدثنا. قال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: تُوُفّي أول سنة تسع وثلاثين. وقال عَمْرو بْن دُحَيْم: تُوُفّي في ربيع الأول سنة تسع. وقال يعقوب الفَسَويّ: وُلِدَ سنة ثمانٍ أو تسعٍ وستين ومائة. 191- صقر بْن عبد الرحمن الكوفيّ1. حدَّث ببغداد، عن: خلف بْن خليفة، وعبد اللَّه بْن إدريس. وعنه: أبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وغيره. وهو متروك. 192- الصَّلْت بن مسعود2 -م. أبو بكر، ويقال أبو محمد الجحدريّ البصْريّ قاضي سامرّاء. سمع: حمّاد بْن زيد، وعُبَيْد بْن القاسم، ودُرُسْت بْن زياد، والحارث بْن وجيه، وحرب بْن ميمون صاحب الأعشى، ومحمد بْن ثابت العبْديّ، وجماعة. وعنه: م. وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى، وعبدان، وأبو لبيد محمد بن إدريس، وجماعة. قال صالح جَزَرَة: ثقة. قلت: تُوُفّي في صفر سنة تسع وثلاثين. وكل ما روى عنه مسلم حديثًا واحدًا. "حرف الطاء": 193- طالوت بْن عَبّاد3. أبو عثمان البصْريّ الصَّيْرفيّ. عن: فضال بْن جُبَيْر، عن أبي أمامة الباهلي. وعن الربيع بْن مسلم، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وأبي هلال محمد بْن سُلَيم، واليَمَان أبي حُذَيْفة، وسعيد بْن إبراهيم، وجماعة. وله نسخة مشهورة وقعت لنا بعلو. وعنه:   1 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 213"، والكامل لابن عدي "4/ 1412"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 341"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 317". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 441"، والتاريخ الصغير للبخاري "233"، والثقات لابن حبان "8/ 324"، والكامل لابن عدي "4/ 399-1401". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 495"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 363"، والثقات لابن حبان "8/ 329". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 98 يحيى بْن محمد الحِنّائيّ، وعليّ بْن سعيد بن بشير الرازي، وآخرون. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال غيره: تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ، وَيُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّمْلِيِّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذا تواجه المسلمان بسيفهما فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ" 1. 194- طاهر بْن أبي أحمد محمد بْن عبد اللَّه بْن الزُّبَيْر الزُّبَيْريّ2. عن: أبي بكر بْن عيّاش، وغيره. وعنه: محمد بْن عبد اللَّه الحضرميّ، وموسى بْن إسحاق القاضي، وغيرها. أورده ابن أبي حاتم في كتابه. وقد روى عن عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه أبي أحمد. ورَّخ مُطَيَّن موته سنة أربعين ومائتين. 195- الطيب بن إسماعيل3. أبو أحمد الذهلي البغدادي اللؤلؤي المقريء العابد. كان كبير الشأن، كثير الورع، إماما في القراءة والتجويد. روى الحروف عن: الكسائي، ويعقوب الحضْرميّ، ويحيى بن آدم. وقرأ على إسحاق المسيبي، وعبيد الله بن موسى، وحسين الجعفي. وروى عن سُفْيان بن عُيَيْنَة، وغير واحد. وعنه: إسحاق بْن سُنَيْن الحبكيّ، وسليمان بن يحيى الضبي، وأبو العباس بن مسروق، والقاسم بْن أحمد المعشريّ. وقرأ عليه: أبو علي الحسين بن الحسين الصواف المقريء، وغيره. سيُعاد في الآتية. "حرف العين": 196- عاصم بن عمر بن علي بن مقدم4.   1 "الحديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 13"، ومسلم "2888"، وأبو داود "4268"، والنسائي "7/ 124"، وابن ماجه "3963"، وأحمد "4/ 401، 403". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 499"، والثقات لابن حبان "8/ 328"، ووفيات الأعيان "6/ 383". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 360"، ووفيات الأعيان "6/ 183، 184"، والوافي بالوفيات "16/ 510". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 347"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 350"، والثقات لابن حبان "8/ 507". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 99 أبو البشر المقدمي البصري. عن: أبيه. وعنه: أبو بكر بْن أبي الدُّنيا، وعبد اللَّه بْن أحمد، وأحمد بْن الحسن الصُّوفيّ، وجماعة. قال ابن مَعِين: صدوق. وقال البَغَويّ: مات سنة إحدى وثلاثين، وقد كتبت عنه. 197- عاصم بن النضر1 -م. د. ن. أبو عمر الأحول التميمي البصري. ومنهم من سمّاه عاصم بْن محمد بْن النَّضْر سمع: مُعْتَمر بْن سليمان، وخالد بْن الحارث. وعنه: م. د. ون، عنه، وإبراهيم ابن أورمة وأحمد بْن محمد بْن النَّضْر. سمع: مُعْتَمر بْن سليمان، وخالد بْن الحارث. وعنه: م. د. ون. عنه، وإبراهيم بن أرومة، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وهو الذي سماه عاصم بن محمد بن عاصم الرازي، وجعفر الفريابي، وعبدان الأهوازي، والحسين بن إسحاق التستري، وطائفة. 198- عبادة بن زياد الأسدي الكوفي2، بفتح أوله. روى عن: يحيى بْن العلاء الرازيّ، وقيس بْن الربيع، وعمر بْن سعْد، وجماعة من طبقتهم. وعنه: محمد بن عثمان أبي شيبة، وإبراهيم بْن سليمان النَّهْميّ، وعثمان بْن خُرَّزاذ، وأبو حُصَيْن محمد بْن الحسين الوادعي، وإبراهيم بن هانيء النَّيْسابوريّ، ومُطَيَّن وآخرون. قال موسى بْن هارون: تركتُ حديثه. وقال ابن عديّ: شيعيّ غال، تُوُفّي سنة إحدى وثلاثين بالكوفة. قال محمد بْن محمد بْن عَمْرو النَّيْسَابُوري: الحافظ عَبَادة بْن زياد مُجْمَعٌ على كذبه ووضعه الأحاديث. وقال أبو حاتم الرازيّ: محلُّه الصِّدق. وقال موسى بْن إسحاق الأنصاريّ: صدوق. قلت: روى أيضًا عن أبيه، عن أبي الزّناد، وروى عن أبي بكر بْن عيّاش. 199- عبّاس بْن الحسين3 -خ. أبو الفضل البغدادي القنطري، قنطرة البَرَدان. عن: يحيى بْن آدم، وأبي أسامة، ومبشر الحلبي.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 351"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 132"، والثقات لابن حبان "8/ 506". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 97"، والثقات لابن حبان "8/ 521"، وتاريخ الطبري "1/ 333"، والكامل "4/ 1654". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 215"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 7"، والثقات لابن حبان "8/ 511"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 137". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 100 وعنه: خ.، والحسن بْن عليّ المعمريّ، وعبد الله بن أحمد، وموسى بن هارون. ووثقه عبد الله. قال أبو عبدة الله بْن مَنْدَه: تُوُفّي سنة أربعين. 200- العبّاس بْن عبد الله البغداديّ الورّاق1. عن: وَكِيع ومحمد بْن بكر البرْسانيّ. وعنه: أبو بكر الصغاني، ويزيد بن الهيثم، وأحمد بن بشر المرثدي. وثقه الدارقطني وقال: عنده المصنفَّ لوكيع. مات سنة ثلاث وثلاثين. 201- العبّاس بْن عبد الرحمن2. أبو الحارث القُرَشيّ الدِّمشقيّ. عن: بكر بْن عبد العزيز. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، وأبو عبد الملك البُسْريّ، وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق. 202- عبّاس بْن عثمان بْن محمد3 -ق. أبو الفضل البجلي الدمشقي الراهبي، من محلّة الراهب. كان مُؤدبًا له فضيلة وإتقان. سَمِعَ: الوليد بْن مسلم، وَعِرَاكَ بْن خَالِد. وعنه: ق.، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وَأَبُو زُرْعَة الدّمشقيّ، وعثمان بْن خُرَّزاذ، وأحمد بْن علي بن الأبّار، وعمر بن سعيد المنبجي، وطائفة. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِم يَقُولُ: احفظوني فِي عبّاس، فإنّ لي فِيهِ فراسة. ووثّقه أَبُو الْحَسَن بْن سُمَيع. قَالَ أبو زُرْعة: وُلِدَ سنة ستٍّ وسبعين ومائة، ومات سنة تسعٍ وثلاثين. 203- العبّاس بْن غالب البغدادي الورّاق4. كَانَ عنده "المصنّف" لوكيع. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر الصَّغَانيّ، وأحمد بْن بِشْر المَرْثَديّ. وثّقه الدَّارَقُطْنِيّ، ومَات سنة ثلاثٍ وثلاثين.   1 سيأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 211". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 218"، والثقات لابن حبان "8/ 511"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 233". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 362"، والجرح التعديل "6/ 217"، وأخبار القضاة "2/ 312"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 136". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 101 قال أبو أَحْمَد بْن حُمَيْد: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل يُعظّم شأنه. وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو زُرْعَة الرازيّ فقال: ثقة لا بأس بِهِ. 204- الْعَبَّاس بْن الوليد بن نصر1 -خ. م. ن. أبو الفضل الباهلي. مولاهم النَّرْسِيّ الْبَصْرِيّ، ابن عمّ عَبْد الأعلى بن حماد. ونرس هو جدهما نصر، كان بعض العجم يريد أن يدعوه نصر فنطق بِهَا نَرْس لِرَدَاءَة لسانه. سمع: أَبَا عَوَانة، وعبد الواحد بْن زياد، والْحمَّادَيْن، ويزيد بْن زُرَيْع، وعبد اللَّه بْن جَعْفَر المدينيّ، وجماعة. وعنه: خ. م. ون. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن عليّ الْمَرْوَزِيّ، وأحمد بْن عليّ الأبّار، وأحمد بْن عليّ الْمَوْصِليّ، والْحَسَن بْن سُفْيَان، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وطائفة. وثّقه ابن مَعِين، وغيره ورجّحوه عَلَى ابن عمّه. تُوُفِيّ سنة سَبْعٍ وثلاثين، وقيل: سنة ثَمانٍ. 205- عَبْد اللَّه بْن برّاد بْن يوسف بْن أَبِي بُرْدَة بن أبي موسى الأشعريّ2 -م. أبو عامر الكوفي، عمّ عَبْد اللَّه بْن عامر بْن برّاد. سمع: عَبْد اللَّه بْن إدريس، وابن فُضَيْلٍ، وأبا أسامة، وغيرهم. وعنه: م.، وقال الْبُخَاريّ فِي "الصحيح": قَالَ عبدُ اللَّه بْن برّاد: نا أَبُو أسامة فذكر حديثًا. وروى عَنْهُ: مُوسَى بْن هارون، ومُطَيَّن، وعَبْدَان، وَالْحَسَن بْن سُفْيَان. قَالَ الْإِمَام أَحْمَد: لَيْسَ بِهِ بأس. كَانَ معنا بالكوفة. وقال مطيَّن: مات فِي جُمَادى الآخرة سنة أربعٍ وثلاثين. وأمّا ابن أخيه فيروي عَنْهُ ابن ماجة، وينسبه إلى جده فيوهم أنه هو. 206- عبد الله بكّار. سمع: عِكْرِمَة بْن عمّار، ومحمد بْن ثابت البُنَانيّ. روى عنه: أبو يعلى الموصلي، وهو من كبار شيوخه.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 214"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 6"، والثقات لابن حبان "8/ 510"، وتهذيب الكمال للمزي "14/ 259". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 416"، والجرح والتعديل "5/ 17"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 57"، والثقات لابن حبان "8/ 354". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 102 207- عبد الله بن الجراح بن سعيد1 -د. ق. أبو محمد التميمي القهستاني، نزيل نَيْسَابُور. محدِّث جليل عالي الإسناد. رحل وسمعَ: مالك بْن أنس، وحمّاد بْن زيد، وإبراهيم بْن سعْد، وأبا الأحْوَص، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، وطائفة. وعنه: د.، ق.، وأبو عبد الرحمن النسائي في حديث مالك، وإبراهيم بن أبي طالب، والحسن بن سفيان، وأبو العباس السراج، وعدة. قَالَ أبو حاتم: كَانَ كثير الخطأ، ومحلُّه الصِّدْق. وقال النسائيّ: ثقة. وقال الحاكم: مُحدِّث كبير سكنَ نَيْسَابُور، وبِهَا انتشر عِلْمُه. وقال أَبُو يَعْلَى الخليليّ: تُوُفِيّ سنة سَبْعٍ وثلاثين ومائتين. وقال أَبُو قُرَيش الحافظ: تُوُفِيّ سنة اثنتين وثلاثين. قلتُ: هذا غلط، ويُبيّن ذَلِكَ سماع النَّسائيّ منه. فإنّه إنّما قدِمَ نَيْسَابُور سنة خمس أوست. 208- عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن يَحْيَى بْن خالد2 -م. د. أبو محمد البرمكي ابن وزير الرشيد. سكن البصرة ثم بغداد. وحدَّث عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق، ووَكِيع، ومَعْن القزّاز. وعنه: م. د. وأحمد بْن عَمْرو البزّار، وجعفر الفريابي، والقاسم بن زكريا المطرز، وجماعة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: ثقة. 209- عَبْد اللَّه بْن حرب اللَّيْثِيّ3. عَنْ: عَبْد السلام بْن حرب الليثي، والمعتمر بْن سُلَيْمَان، وهذه الطبقة. كتب عَنْهُ أَبُو حاتِم وقال: ثقة حافظ.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 27، 28"، والثقات لابن حبان "8/ 356"، والكامل في التاريخ "1/ 593"، وتهذيب الكمال "14/ 361-363". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 24"، والتاريخ الكبير للبخاري "151"، والثقات لابن حبان "8/ 360"، وتهذيب الكمال للمزي "14/ 384". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 41، 42". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 103 210- عَبْد اللَّه بْن خُلَيْد1. أَبُو العميثل الكاتب. شاعر مُجيد، وكاتب بليغ، ولُغَوِيّ بارع. كتب الإنشاء للأمير عَبْد اللَّه بْن طاهر، وله فِيهِ مدائح. وبَلَغَنَا أنّ أَبَا تَمّام الطّائيّ لَمَّا أنشد الأمير عبدَ اللَّه بْن طاهر قصيدته البابيّة قَالَ أَبُو العُمَيْثِل: يا أَبَا تَمّام لِمَ لا تقولُ ما يُفْهَم؟ فقال: يا أبا العميثل: لما لا تَفْهَمُ مَا يُقال؟ قِيلَ: هذا الجواب المُسْكِتُ الْمُطْرِبُ. تُوُفِيّ سنة أربعين. 211- عَبْد اللَّه بن سالم2 -د. ق. ويُقال: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سالِم الزبيدي الكوفي القزاز. أبو محمد المفلوج. سمعَ: وَكِيعًا، وعُبَيْدَةَ بْن الأسود، والْحُسَيْن بْن زيد بْن عليّ الهاشِميّ، وجماعة. وعنه: د. ق. وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، ومُطَيَّن، والْحَسَن بْن سُفْيَان، وجماعة. قال أبو يعلى؛ كان من خيار الكُوفَة. وقال مُطَيَّن: مات فِي شوّال سنة خمسٍ وثلاثين. 212- عَبْد اللَّه بْن سَعْد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ3. أَبُو القاسم الزُّهْرِيّ العَوْفِيّ البغداديّ. كَانَ أكبر إخوته. سمع: أباهُ، وعمّه يعقوب بن إبراهيم، وجعفر بن عون. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل، وأبو القاسم البغوي، وجماعة. وثقه ابن حبان، وغيره. ومات بالمصيصة، سنة ثمان وثلاثين. ذكر ابن عدي وحده أنّ خ. روى عَنْهُ فِي صحيحه. وأمّا رواية الْبُخَاريّ عَنْ أخيه عُبَيْد اللَّه فبِلَا شكّ. 213- عَبْد اللَّه بْن سلَّام الشّاشِيّ. عَنْ: حمّاد بْن زيد، ومعاوية الضّال، وهشيم، وعمرو بن الأزهر. وعنه: فتح   1 انظر الفهرست لابن النديم "48"، ووفيات الأعيان "3/ 89-91"، والبداية والنهاية "10/ 322، 323". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 77"، والثقات لابن حبان "8/ 350"، وتهذيب الكمال للمزي "14/ 551، 552". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 64"، والثقات لابن حبان "8/ 366"، وتهذيب الكمال "15/ 17". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 104 ابن عبيد السمرقندي، وغيره. مات في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. وذكره الخطيب في تلخيصه. 214- عبد الله بن سليمان1. أبو محمد البعلبكي العدوي. سمع: اللَّيْث بْن سعد، وابن المبارك، وغيرهما. وعنه: يَحْيَى بْن محمد بْن أَبِي الصُّفَيْرَاء شيخ لابن عديّ، ومحمد بْن محمد الباغَنْدِيّ. وهو مستقيم الحديث مُقِلّ. 215- عَبْد اللَّه بْن عامر بْن زُرَارة2. أَبُو محمد الحضرميّ، مولاهم الكوفيّ. عَنْ أَبِيهِ، وشَرِيك، ويَحْيَى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، وعليّ بْن مُسْهِر، وأبي بَكْر بْن عيّاش، وجماعة وعنه: م. د. ق، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وعبْدَان، وأبو يعْلَى، ومحمد بْن صالِح بْن ذَرِيح، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال مطين: مات سنة سَبْعٍ وثلاثين. وكان يلّون بصُفْرَة. 216- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الجبّار3. أَبُو القاسم الخَبائريّ الحمصيّ، من ولد خبائر بْن كَلاع بْن شُرَحْبيل. سَمِعَ: إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، ومحمد بْن حرب، وبقية، وأبي إسحاق الفزازي، وطائفة. وأقْدَمَ شيخ لَهُ الحكم بْن الوليد الوُحَاظيّ -تابعيّ سَمِعَ من عَبْد اللَّه بْن بُسْر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وعُمِّر دهرًا. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتِم الرّازيّان، وإسماعيل بْن محمد بْن قيراط، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ، وجعفر الفِرْيَابيّ، وجماعة. قَالَ ابن عديّ: تُوُفِيّ سنة خمس وثلاثين. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال أَبُو أَحْمَد الحاكم: كَانَ إمام مسجد حمص.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 364"، والكامل لابن عدي "4/ 1545"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 463، 464"، وميزان الاعتدال "2/ 432". 2 الجرح والتعديل "1/ 123"، الثقات لابن حبان "8/ 355"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 142، 143". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 106"، والثقات لابن حبان "8/ 348"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 189، 190". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 105 217- عَبْد اللَّه بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زيد بن الخطاب1 -ن. أَبُو محمد، وقيل أَبُو عُمَرَ الخطّابيّ الْبَصْرِيّ. سَمِعَ: عَبْد العزيز بْن محمد الدَّرَاوَرْدِيّ، ومُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، ويزيد بْن زُرَيْع، ومحمد بْن يزيد الواسطي، وجَمَاعة. وعنه: أَبُو بَكْر الأثرم، وعِمْرَان بْن مُوسَى بْن مُجَاشِع، وهِلالُ بْن العلاء، وعَبْدَان الأهوَازِيّ، والبَغَويّ. وثّقه الخطيب، وغيره. ومات فِي ذي القعدة سنة ستًّ وثلاثين. روى النَّسَائيّ، عَنْ هلال، عَنْهُ. 218- عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن الرّمّاح2. أَبُو محمد النَّيْسَابُوريّ قاضي نَيْسَابُور. قَالَ الحاكم: وليَ القضاء أيام المعاذية، ثم بقي إلى أول أيام الطاهرية وكان أبوه بلخيا. سَمِعَ منه: يحيى بْن يَحْيَى. وروى الرّمّاح عَنْ مقاتل بْن سُلَيْمَان. واسم الرّمّاح: ميمون. رحل عبد الله وسمع: مالكًا، وحمّاد بْن زيد، ومُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، وجماعة. روى عَنْهُ: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه مَعَ تقدُّمه، والذُّهِليّ، وإبراهيم بْن أَبِي طالب، وجعفر بْن محمد بْن سَوّار، وزكريّا بْن دَلُّويه، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفَرّاء، وخلْق سواهم. وقد كَانَ عبدُ اللَّه من غُلاةِ السنة القوّالين بالحقّ. قَالَ أَبُو زيد عَبْد اللَّه بْن محمد: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: من قَالَ القرآن مخلوق فهو كافر. وَمَنْ قَالَ الجمعة ليست بواجبة فهو كافر، ومَن شكّ فِي كُفْرِهم فهو كافر. قَالَ محمد بْن يحيى الذُّهَليّ: هُوَ ثقة. وقال الحاكم: ثنا أَبُو الفضل محمد بْن إِبْرَاهِيم، ثنا أَبُو الْعَبَّاس مكّي بْن محمد البلْخِيّ، ثنا أَبُو سُلَيْمَان محمد بْن منصور قَالَ: قَالَ لي بِشْر بْن الوليد: اشكروا ابن الرّمّاح. فقد كُنَّا فِي مجلس أمير المؤمنين وهو وراء السِّتْر، فخرجَ خَصِيّ فقال: أميرُ المؤمنين يَقُولُ: مَنْ لَمْ يكن عَلَى رأينا فلا يشهد مجلسَنا. فقام ابن الرّمّاح وقال: لسنا عَلَى هذا الرأي، ولا نُبَالِي ألا نجلسَ هذا المجلس. قَالَ بِشْر: فغطّيتُ وجهِي وسددت أذني وقلت: الساعة أسمع وقع السيوف3.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 356"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 21". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 11"، والثقات لابن حبان "8/ 357"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 12، 13". 3 أي أنه يضرب بالسيف ليقتل. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 106 فلمّا لَم أسمع رفعتُ يدي، وإذا قفاهُ ووجهه إلينا قد بلغ الباب ليخرج فقلتُ: الحمد لله الَّذِي سلّمه منهم. تُوُفِيّ فِي ثالث عشر ذي القعدة سنة أربعٍ وثلاثين. 219- عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مُحَمَّد بْن أبان بْن صالِح بْن عُمَيْر الأُمَويّ1 -م. د- مولى عثمان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الكوفي، مُشْكُدَانَة. سَمِعَ: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وابن المبارك، وعبيد اللَّه الأشجعي، وعليّ بْن هاشم بْن البُرَيد، ويَحْيَى بْن زكريّا بن زائدة، وابن فُضَيْل، وطائفة. وعنه: م. د. وأبو زُرْعَة الرازيّ، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن عليّ القاضيّ، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، ومحمد بْن عَبْدُوس السّرّاج، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبان السّرّاج، وأبو القاسم البَغَويّ. قَالَ أَبُو حاتِم: صدوق. وقال أَبُو العبّاس السّرّاج: سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وأتاهُ رجلٌ عَلَى كتابهِ مُشكدانة فغضب، وقال: إنّما لقَّبني مُشْكدانة أَبُو نُعَيْم. كنت إذا أتيتُه تلبّست وتطيَّبت، فإذا رآني قَالَ: قد جاء مُشكدانة وهو بلسان الخُراسانيّين: وعاء المِسْك. قَالَ ابن عساكر: مات فِي المحرم سنة تسعٍ وثلاثين. قِيلَ: كَانَ يتشيّع. وسيُذكَر فِي ترجمة صالِح جزرَة. 220- عَبْد اللَّه بْن عَمْرو2 -م. ويُقالُ عَبْد اللَّه بْن محمد بْن الروميّ اليمامي. نزيل بغداد. سَمِعَ: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وأبا معاوية، وجماعة. وعنه: م، وإبراهيم الحربيّ، وأبو حاتم الرازي، وقال: صدوق. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 221- عَبْد اللَّه بْن عِمْرَان بْن أَبِي عليّ الأسَديّ الأصبهانيّ3 -ق. نزيل الرِّيّ. سَمِعَ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وأبا معاوية، وجماعة. وعنه: ق.، وأبو محمد الدّارميّ، وإسماعيل سَمُّويْه، وإبراهيم بن نائلة، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وآخرون.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 110، 111"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 145، 146"، والثقات لابن حبان "8/ 358"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 345، 347". 2 انظر تاريخ بغداد "10/ 71، 72". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 130"، والثقات لابن حبان "8/ 358"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 160"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 379-381". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 107 قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقد روى عَنْهُ البخاريّ خارج "الصحيح". 222- عَبْد اللَّه بْن عَوْن1 -م. ن. ابن أمير الديّار المصرية أَبِي عَوْن عَبْد الملك بْن يزيد الهِلاليّ البغداديّ أَبُو محمد الأدمي الخراز الزاهد. أخو محرز بن عون. سَمِعَ: مالِكًا، وشَرِيكًا، وإبراهيم بْن سعْد، وإسماعيل بْن جَعْفَر، ومبارك بْن سَعِيد الثَّوْرِيّ، وخلف بن خليفة، ويوسف بن الماجشون، وخلقًا وعنه: م. ن. عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وأبو زُرْعَة، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وأبو شُعَيْب الحرَّانيّ، وأحمد بْن عليّ الْمَرْوَزِيّ، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، ومطيَّن، وأبو القاسم البَغَويّ، وخلْق. وثّقه ابن مَعِين، والدَّارَقُطْنِيّ. وقال صالِح جَزَرَة: ثقة مأمون، يُقال: إنّه كَانَ من الأبدال. وقال ابن منيع: ثنا عبد الله بن عون الخزاز وكان من خيار عباد الله. قَالَ: ومات فِي رمضان سنة اثنتين وثلاثين، قلتُ: وقع حديثه عاليًا. 223- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أسماء بْن عُبَيْد بْن مخارق2 -خ. م. د. ن. ويُقال ابن مِخْراق. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الضُّبَعِيّ البصري. سَمِعَ: عمّه جُوَيْرية بْن أسماء، ومهديّ بْن ميمون، وجعفر بْن سُلَيْمَان، وابن المبارك. وعنه: خ. م. د. ون. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن إِبْرَاهِيم البوسنجيّ، وموسى بْن هارون، ويوسف القاضي، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وأبو خليفة، وأخرون. وثَّقه أَبُو حاتِم. وقال ابن وارة: حدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن محمد، وقيل لَهُ: هُوَ أفضل أهَلِ البصرة، فذكرته لِعليّ بْن الْمَدِيني فعظَّم شأنه. وقال أَحْمَد الدَّوْرَقِيّ: لَم أرَ بالبصرة أفضل منه. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وفي مُسْنَد أَبِي يَعْلَى جملةٌ من عواليه. 224- عبد الله بن محمد بن إسحاق3.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 357"، والجرح والتعديل "5/ 131"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 34"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 402-405". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 307"، والجرح والتعديل "5/ 159"، والثقات لابن حبان "8/ 356"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 733، 734". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 160"، والثقات لابن حبان "8/ 343". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 108 أَبُو محمد الْفَهْميّ المعروف بالبيطاريّ الفقيه الْمَصْرِيّ. روى عَنْ: مالك، وابن لَهِيعة، وسليمان بن بلال، وجماعة. وعنه: أبو زرعة الرازي، ويعقوب الفسوي، وآخرون. قَالَ ابن يونس: تُوُفِيّ فِي صَفَر سنة إحدى وثلاثين. وكان ينزلُ عِنْدَ بلال البيطار، فنُسِبَ إِلَيْهِ. وثّقه أَحْمَد بْن صالِح المصريّ. 225- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نُفيل1 بْن زراع بْن عليّ –وقيل: ابن زرّاع بْن عَبْد اللَّه بْن قيس بْن عصْم بْن كُرْز بْن هِلال -خ. ع- الإمام أبو جعفر القضاعي النفيلي الحراني الحافظ. سَمِعَ: مالك بْن أنس، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة، وَمَعْقِلَ بْن عُبَيْد اللَّه، وأبا الْمُلَيْح الْحَسَنَ بْن عُمَرَ الرَّقِيّ، وابن المبارك، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزِّنَاد، وعُفَيْر بْن مَعْدَان، وهُشَيْم بْن بشير، وَخَلْقًا. وأقدمَ شيخ سَمِعَ من محمد بْن عمران الحَجَبيّ -شيخ مدنيّ- روى عَنْ جدَّته صفيّة بِنْت شَيْبَة. وعنه: د. وخ. ت. ن. ق. عن رجل، عنه، وأحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، ومحمد بْن يَحْيَى الذُّهَليّ، وأبو زُرْعَة، وأبو داود سُلَيْمَان بْن سيف الحرّانيّ، وأحمد بْن سُلَيْمَان الرُّهَاويّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم البُوسَنْجِيّ، وجعفر الفِرْيَابيّ، وخلْق. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة الآجُرِّيّ: سمعتُ أَبَا دَاوُد يقول: ما رَأَيْت أحفظ من النُّفَيْلِيّ. قلتُ: ولا عِيسَى بْن شاذان؟ قَالَ: ولا عِيسَى بْن شاذان. وكان الشَّاذكُونِيّ لا يقرّ لأحدٍ فِي الْحِفْظ إلَّا للنُّفَيْلِيّ. وكان أَحْمَد إذا ذكره يعظمّه. قَالَ أَبُو داود: ما رأينا لَهُ كتابًا قطّ. وكلّ ما حَدَّثَنَا فمن حِفْظِه. وقال: قلتُ لأحمد: أيّما أثبت فِي زُهَيْر: أَحْمَد بْن يونس، أو النُّفَيْلِيّ؟ فقال: أَحْمَد بْن يونس رجلٌ صالِح، والنُّفَيْلِيّ صاحب حديث. وسمعتُ أَبَا داود يَقُولُ: اشْهَدْ عليَّ أنيِّ لَمْ أرَ أحفظ من النُّفَيْلِيّ. وقال أَبُو حاتِم: ثنا ابنُ نُفَيْل الثّقة المأمون. وروى أَحْمَد بْن سَلَمَةَ النَّيْسَابُوريّ، عَنِ ابْن وارة قَالَ: أَحْمَد بْن حنبل ببغداد، وأحمد بْن صالِح بِمصر، وابن نُمَيْر بالكوفة، والنُّفَيْلِيّ، بِحرَّان، هَؤُلَاءِ أرْكَانُ الدِّين. وقال جَعْفَر بْن أبان: سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: أَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِيّ أهلٌ أن يقتدى به. وعن ابن نمير قال: كان النُّفَيْلِيّ رابع أربعة. قِيلَ: مَنْ هُم؟ قَالَ: ابن مَهْديّ، ووكيع، وأبو نُعَيْم، وهو رابعهم. تُوُفِيّ النُّفَيْلِيّ فِي أحد الربيعين سنة أربعٍ وثلاثين، وأحسبه جاوز الثمانين.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 487"، والجرح والتعديل "5/ 159"، والثقات لابن حبان "8/ 356"، وتهذيب الكمال "2/ 738". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 109 226- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي شَيْبَة إبراهيم بن عثمان بن خواستى1 -خ. م. د. ن. ق- الإمام أبو بكر العبسي، مولاهم الكوفيّ الحافظ أحد الأعلام. سَمِعَ: شَرِيك بْن عَبْد اللَّه القاضي، وأبا الأَحْوَص، وعبد السَّلام بْن حرب، وأبا خَالِد الأحمر، وجرير بْن عَبْد الحميد، وابن المبارك، وعليّ بْن مُسْهِر، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعَبّاد بْن العَوَّام، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وخلف بْن خليفة، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعليّ بْن هاشم بْن البُرَيْد، وعمر بْن عُبَيْد، وهُشَيْم بْن بشير، وخلْقًا كثيرًا. وعنه: خ. م. د. ق. ون، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وابنه، إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر، وابن أخيه محمد بْن عثمان بْن أَبِي شيبة، وأبو زرعة، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بْن وضَّاح، وبَقِيّ بْن مَخْلَد القُرْطُبيّان، والْحَسَن بْن سُفْيَان، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وجعفر الفريابي، والبغوي، وخلق سواهم. وروى عنه القدماء: محمد بْن سَعْد فِي الطبّقات. قَالَ يَحْيَى الحِمّانيّ: أولاد ابن أَبِي شَيْبَة من أهل العلم، كانوا يزاحموننا عِنْدَ كلّ محدِّث. وقال أَحْمَد بْن حنبل: أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة صدوق، وهو أحبُّ إليّ من أخيه عثمان. وقال أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: كَانَ ثقة حافظًا للحديث. وقال محمد بْن عُمَرَ بْن العلاء الْجُرْجَانيّ: سمعتُ أَبَا بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وأنا معه فِي جُبّانة كِنْدَة، فقلتُ لَهُ: يا أَبَا بَكْر سمعتَ من شُريك وأنتَ ابنُ كم؟ قَالَ: وأنا أربع عشرة سنة، وأنا يومئذ أحفظُ للحديث منّي اليوم. فسألتُ ابن مَعِين عَنْ سماع أَبي بَكْر، عَنْ شَرِيك، فقال: أَبُو بَكْر عندنا صدوق. وما يحمله أن يَقُولُ وجدتُ فِي كتاب أَبِي بخطّه، وحُدِّث عَنْ رَجُل حديث الدّجّال وكُنّا نظنُّ أَنَّهُ سمعه من أَبِي هشام الرِّفَاعِيّ. وقال عَمْرو الفلاس: ما رأيتُ أحفظَ من ابن أَبِي شَيْبَة. قَدِمَ علينا مَعَ عليّ بْن الْمَدِينيّ فسَرَد الشَّيْبَانيّ أربعمائة حديث حفظًا وقام. وقال أَبُو عُبيد: انتهى الحديث إلى أربعة: أَبُو بَكْر بْن أَبِي شيبة أسردهم له، وأحمد بن حنبل أفقههم فِيهِ، ويَحْيَى بْن مَعِين أجمعهم لَهُ، وعليّ بْن المديني أعلمهم بِهِ. وقال عَبْدَان الأهْوازيّ: كَانَ يقعد عِنْدَ الأُسْطُوانة أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وأخوهُ، ومُشْكَدَانة، وعبد اللَّه بْن البراد، وغيرهم، كلهم   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "5/ 160"، والثقات لابن حبان "8/ 358"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 732، 733". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 110 سُكُوت إلا أَبَا بَكْر، فإنَّه يَهْدُر. قَالَ ابن عَدِيّ: هِيَ الأُسْطُوانة الَّتِي كَانَ يجلسُ إليها ابنُ عُقْدَةَ. فقال لي: ابنُ عقدة: هِيَ أسْطُوانة ابن مَسْعُود، جلس إليها بعده عَلْقَمة، وبعده إِبْرَاهِيم، وبعده منصور، وبعده الثَّوْرِيّ، وبعده وكيع، وبعده أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وبعده مُطَيَّن. وقال صالِح جَزَرَة: أعلمُ من أدركت بالحديث وعِلَله: عليّ بْن الْمَدِيني، وأحفظهم عِنْدَ المذاكرة أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. وقال ابن عُقْدَةَ: سمعتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن خِرَاش: سمعتُ أَبَا زرْعَة يَقُولُ: ما رأيتُ أحفظَ من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. فقلتُ: يا أَبَا زُرْعَة، فأصحابنا البغداديّون؟ فقال: دع أصحابك، فإنَّهم أصحابُ مخاريق، ما رأيتُ أحفظَ من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شيبة. وعن أبي عبيد قال: أحسنهم وضعًا لكتاب الله أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. قَالَ الخطيب: كان متقنًا حافظًا. صنف "المسند" و"الأحكام" و"التفسير"، وحدَّث ببغداد هُوَ وأخواه: القاسِم وعُثْمَان. قَالَ نَفْطَوَيْه فِي تاريخه: وفي سنة أربعٍ وثلاثين أشخص المتوكّل الفقهاءَ والمحدِّثينَ، فكان بيْنَهُم مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ، وإسحاق بْن أَبِي إسرائيل، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه الْهَرَويّ، وأبو بَكْر، وعثمان ابنا أَبِي شيبة، وكانا من الحفّاظ. قَالَ: فَقُسِّمَت بينهم الجوائز، وأمرهم المتوكّل أن يُحدِّثوا بالأحاديث التي فيها الرّدُّ عَلَى الْمُعْتَزِلَة والْجَهْمِيَّة، فجلس عثمان فِي مدينة المنصور، واجتمعَ عَلَيْهِ نحوٌ ثلاثين ألفًا. وجلس أَبُو بَكْر فِي مسجد الرّصافة، وكان أشدّ تقدُّمًا من أخيه، واجتمعَ عَلَيْهِ نحوٌ من ثلاثين ألفًا. قَالَ البخاريّ: مات فِي الْمُحَرَّم سنة خمسٍ وثلاثين. قلتُ: له كتابان كبيران نفيسان: "المسند" و"المصنف". 227- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن هاني1. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن النَّيْسَابُوريّ النَّحْوِيّ تلميذ الأخفش الأوسط. سَمِعَ: يُوسف بْن عطيّة، وعبد الأعلى بْن عبد الأعلى، ومحمد بن جعفر غندرًا، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن ناجية، وجعفر بن محمد بن سوار، محمد بن شادل، والسراج. قَالَ الخطيب: ثقة. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين. 228- عَبْد اللَّه بْن محمد2.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "10/ 72، 73". 2 انظر طبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 329"، والأنساب "10/ 477"، ولسان الميزان "3/ 347". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 111 أَبُو الوليد الكِنَانيّ. عَنْ عَبْد اللَّه بْن إدريس، وأبي معاوية الضرير، وأبي داود الطيالسي. كان كثير الحديث، إلا أَنَّهُ تَجَاهَرَ بالرَّفْض، وأنكر خلافة الصِّدِّيق -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فجمع له الأمير عبد العزيز دُلَف مشايخ ناحيته، أَبَا مَسْعُود الحافظ، ومحمد بْن بكّار، ومحمد بْن الفَرَج وزيد بْن خَرَشَة، فناظروه، فأبى إلا الثّبوت عَلَى ضلاله. فضربه أربعين سَوْطًا، وهَجَرَهُ النّاس. ثُمَّ صنّف ابن مَسْعُود كتابًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ. 229- عَبْد اللَّه بْن مروان بْن معاوية1. أَبُو حُذَيْفَة الفزازي. عَنْ: أَبِيهِ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والوليد بْن مُسْلِم. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وأبو القاسم البغوي. وثقه الخطيب. توفي سنة إحدى وثلاثين. 230- عبد الله بن مسلم بن رشيد2. أبو محمد بن الهاشمي، مولاهم. حدَّثَ نيسابور عَنْ: مالك، واللَّيْث بْن سعد، وإبراهيم بْن هَدْبة. وعنه: الْعَبَّاس بْن حمزة، وعبد اللَّه بن محمد النصراباذي، وغيرهما. وكان ثقة قد اتُّهِمَ بالوضع. 231- عَبْد اللَّه بْن مطيع بن راشد3 -م. ن. أبو محمد البكري النيسابوري. عن: إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر، وهُشَيْم، وابن المبارك. وعنه: م. ون. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو القاسم البَغَويّ، وجماعة. وقعَ لِي حديثه عاليًا. وتُوُفِيّ سنة سَبْعٍ وثلاثين. 232- عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بن شيبة4. أبو محمد الأنصاري.   1 انظر تاريخ بغداد "10/ 151، 152". 2 انظر المجروحين لابن حبان "3/ 44"، والضعفاء "2/ 141"، ولسان الميزان "3/ 359". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 153"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 154"، والثقات لابن حبان "8/ 351"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 177". 4 انظر الجرح والتعديل "5/ 167"، والثقات لابن حبان "8/ 355"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 147". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 112 حدَّث ببغداد، عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن قيس، ومُصْعَب النَّوْفَليّ، وإبراهيم بن صرمة، وعنه: تمتام، والبغوي، ومحمد بن المجدر. قَالَ أبو حاتم: كَانَ بحُلْوان، ومحلُّه الصِّدْق. 233- عَبْد اللَّه بْن يزيد بن راشد1. أبو بكر القرشي الدمشقي المقريء، الملقب بحمار القُرّاء. شيخٌ مُسِنّ مُعَمِّر، روى عن: ثور بن يزيد، هشام بْن الغاز، والأوزاعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، والوليد بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي السائب. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، ويزيد بن عبد الصمد، وأحمد بن المعلى، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن الفيض الغساني، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وجماعة. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، قد حدَّث عَنْهُ ثقات. وقال بعضهم: لَم يدرك ثور بْن يزيد، إنّما روى عَنْ صَدَقة بْن عَبْد الله، وقال ابن حاتِم: روى عَنِ الأوزاعي حديثًا واحدًا ومسائل، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حديثين، وعن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْلَة حديثًا واحدًا. وقال الفَسَويّ: سألتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم عَنْهُ. فقال: أُفٍّ. وقال الفَسَوِيّ: لَم تخف نفسي أن أُحدِّث عَنْهُ. وقالَ الْحَسَن بْن " .... "2 وقال أَبُو حاتِم: أثنى عَلَيْهِ دُحَيْم ووصفه بالصِّدْق والسّتْر. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين ومائتين، عَنْ خمسٍ وتسعين سنة. 234- عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن عليّ المقدّميّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان، وفُضَيْل بْن عِياض. قال أبو حاتم: كتبنا عنه، وكنا نكتب عَنْ أخيه محمد وهو ينظرُ من بعيد. وقال أبو زُرْعة: رَأَيْته وليس بشيء. تُوُفِيّ هُوَ وأخوهُ سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. 235- عَبْد الأعلى بْن حمّاد بْن حمّاد بْن نصر4 خ. م. د. ن   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 202"، والمعرفة والتاريخ "2/ 438". 2 بياض. 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 18، 19"، والثقات لابن حبان "8/ 357"، والكامل لابن عدي "4/ 15071"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 398". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 29"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 74"، والثقات لابن حبان "8/ 409"، والكامل في التاريخ "7/ 66". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 113 الحافظ أبو يحيى الباهلي مولاهم البصْرِيّ المعروف بالنَّرْسِيّ، ابن عمّ عباس المذكور آنفًا. روى عَنْ: الحمَّادَيْن، وعبدُ الجبار بْن الورد، ووُهَيْب بْن خَالِد، ومالك بْن أنس وسلام بْن أَبِي مطيع، ويزيد بن زريع. وعنه: خ. م. د. ون. بواسطة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن عبد الحميد الكشي، وعبد الله بن ناجية، وبقي بن مخلد، وأحمد بن يحيى البلاذري الكاتب، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يعلى الموصلي، وأبو بكر أحمد بن علي القاضي المروزي، وجعفر الفريابي، والبغوي، وخلق. وثقه أبو حاتم. وغيره. توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين، وأخطأ من قَالَ سنة ستٍّ. وقع لي حديثه عاليًا. 236- عَبْد الجبار بْن عاصم1. أَبُو طالب النَّسَائيّ، حدَّث ببغداد عَنْ: أبي المليح الحسن بن عمر، وعُبَيْد الله بْن عَمْرو الرَّقيّ، وإسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، وغيرهم. وعنه: أحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وجماعة. قَالَ مُوسَى بْن إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ: كَانَ أَبُو طالب جلادًا فتاب اللَّه عَلَيْهِ. فيُقال إنه دُلّي عَلَيْهِ كيس، فكان يُنفقُ منه. رواها ابن أَبِي حاتِم، عَنْ مُوسَى. وثّقه غير واحد. وتُوُفِيّ سنة ثلاثٍ وثلاثين. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: ثقة. 237- عَبْد الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم بْن أَعْيَن2. الفقيه أَبُو عثمان الْمَصْرِيّ. أحد الإخوة. سَمِعَ أباهُ، وابن وهْب. وكان فقيها صالحا عالما، ولد سنة ثمانين ومائة وسجن وعذب عذابا شديدا. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يونس: عُذِّبَ فِي السجن ودُفِنَ عَلَيْهِ فمات فِي جُمَادى الأولى سنة سَبْعٍ وثلاثين لكونه اتُّهِمَ بودائع لعليّ بْن الْجَرَوِيّ. وقال ابن أَبِي دُلَيْم: لَم يكن فِي إخوته أفقه منه. وقيل: إنّ بني عَبْد الحَكَم ألزموا فِي نوبة ابن جَرَويّ بأكثر من ألف ألف دينار. واستُصفيت أموالُهم وأموال أصحابِهم، ونُهِبَت منازلهُمْ. ثُمَّ بعد مدة ورد كتاب   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 350"، والجرح والتعديل "6/ 33"، والثقات لابن حبان "8/ 418". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 36"، وسير أعلام النبلاء "11/ 162، 163"، ولسان الميزان للحافظ "3/ 393". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 114 المتوكل بإخراج من بقي منهم في السّجون، وردّ إليهم أموالَهم أو بعضها، وسجن القاضي الأصمّ الَّذِي تعصَّب عليهم، وحُلِقت لحيته، وضرِب بالسِّياط، وطِيفَ بِهِ عَلَى حمار. وكان من كبار الْجَهْمِيّة، نسألُ اللَّه السِّتْر. قَالَ أَبُو الطّاهر بن أَبِي عُبَيْد اللَّه المدينيّ: لَم يكن فِي أصحاب ابن وَهْب أتقنَ منه ولا أجود خطًّا، يعني عَبْد الْحَكَم. وقال يَحْيَى بْن عثمان بْن صالِح: أحضر بنو عَبْد الحَكَم شهودًا بأنّ ابن جَرَويّ أَبْرأَهم، وأحضرَ وكيل ابن الْجَرَويّ شُهودًا بِخلافِ ذَلِكَ، حتّى كاد أن تكون فتنة. وبعث المتوكل مستخرجًا للمال، ومعه عَبْد اللَّه ولد الجروي، فحكم على بني الحكم بألف ألف دينار وأربعمائة ألف وأربعة آلاف دينار. 238- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق الضّبيّ1. مولاهم القاضي الفقيه الحنفيّ أحد العلماء. ولي قضاء الرَّقَّةِ، ثُمَّ ولي قضاء مدينة المنصور والجانب الشرقيّ من بغداد فِي خلافة المأمون. وتُوُفِيّ سنة اثنتين وثلاثين. 239- عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَكَم بْن هشام2. أَبُو المطرّف الأمويّ المرواني صاحب الأندلس. ولد بطليطلة سنة ستٍّ وسبعين، وأمّه أمّ ولد. ولي الأندلسَ سنة ست ومائتين، وامتدت أيامه. وكان عادلا في الرعية مشكور السيرة بخلاف أبيه، فاضلا له نظر في العلوم العقلية. وهو أول من أقام رسوم الإمرة، وامتنع من التبذل للعامة. وبنوا بأمره سور إشبيلية، وأمرَ بالزيادة فِي جامع قرطبة. وكان يتشبّه بالوليد بْن عَبْد الملك فِي عُلُوّ الهِمّة. وكان مُحبًّا للعلماء مقربًا لَهم، مهمًّا بالثُّغور والجهاد. وكان يقيم الصلوات للنّاس بنفسه، ويُصلِّي إمامًا بِهم فِي كثير من الأوقات. وجاءه من الأولاد ما لم يجيئ لأحد من الخلفاء. كَانَ لَهُ خمسون ابنًا وخمسون بنتًا. وكانت دولته اثنتين وثلاثين سنة. توفي في ربيع الآخر سنة ثمان   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 636"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 260، 261". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 5"، والعقد الفريد "2/ 469"، والكامل في التاريخ "3/ 258، 524". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 115 وثلاثين ومائتين، وولي الأندلس بعده ابنه محمد، وعاش إلى سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. قَالَ ابن ماكوى: واسمُ أمه حلاوة. 240- عبد الرحمن بن سلام بن عبيد الله الجمحي1 -م. مولاهم أَبُو حرب الْبَصْرِيّ، أخو محمد بْن سلام الإخباريّ. روى عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان، وحمّاد بْن سَلَمة، والربيع بْن مُسْلِم، ومبارك بْن فَضَالَةَ، وأبي المقدام هشام بْن زياد، وجماعة. وعنه: م. وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن غلاب بن تَمتام، ومُعاذ بْن الْمُثَنَّى، وموسى بْن هارون الحافظ، والْحَسَن بْن سُفْيَان، وأبو يَعْلَى الموصلي، وأبو خليفة الْجُمَحِيّ وآخرون. وقال أبو حاتم: صدوق. قَالَ مُوسَى بْن هارون: تُوُفِيّ بالبصرة سنة إحدى وثلاثين، وفيها مات أخوه. 241- عَبْد الرَّحْمَن بْن صالِح الأزديّ العَتَكيّ2. أَبُو صالِح، ويُقالُ أَبُو محمد. كوفي نزل بغداد. عَنْ: شَرِيك، ويَحْيَى بْن أَبِي زائدة، وعليّ بْن مُسْهِر، وإبراهيم بْن محمد بْن أَبِي يَحْيَى، وعبد الله بن المبارك، وفضيل بن عياض، ومهديّ بْن ميمون. وعنه: إِبْرَاهِيم الحربي، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وعبد اللَّه بْن أحمد الدَّوْرَقِيّ، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، ويوسف القاضي، وأبو يَعْلَى الموصلي، وأبو القاسِم البَغَويّ، وأحمد بْن الْحَسَن بْن عَبْد الجبّار الصُّوفيّ الكبير، وخَلْق. وكان أحدُ مَنْ عُنِيَ بالأثَر. قَالَ الْحُسَيْن بْن فَهْم: قَالَ خَلَف بْن سالِم ليَحْيَى بْن مَعِين: نمضي إلى عَبْد الرَّحْمَن بْن صالِح؟ فقال لَهُ: أُغْرُب، لا صَلّى اللَّه عليك. عنده والله سبعون حديثًا، ما سمعتُ منها شيئًا. وقال سهل بْن علي الدُّوريّ: سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يَقُولُ: يَقْدَم عليكم رَجُل من أهل الكوفة، يُقال لَهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن صالح، ثقة صدوق   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 242، 243"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 793"، وسير أعلام النبلاء "10/ 650، 651". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 360"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 298"، والثقات لابن حبان "8/ 380"، وتاريخ الطبري "5/ 215". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 116 شيعي، لأنْ يخرّ من السّماء، أحبّ إِلَيْهِ من أن يكذب فِي نصف حرف. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال أَبُو داود: كَانَ رَجُل سَوْء، وضع كتاب مثالب1 فِي الصّحابة. وقال صالح جَزَرَة: كَانَ يقرض2 عثمان. وقال مُوسَى بْن هارون: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن ثقة فِي الحديث، وكان يحدث بمثالب أزواج النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وأصْحَابِهِ، وكان شيعي محترق. وقال البغوي: سمعته يَقُولُ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر وعمر. تُوُفِيّ فِي سَلْخ ذي الحجّة سنة خمسٍ وثلاثين. وقد روى لَهُ النَّسَائيّ في كتاب خصائص علي -رضي الله عنه- حديثًا واحدًا. 242- عَبْد الرَّحْمَن بْن عفّان3. أَبُو بَكْر الصُّوفيّ. أحد المتروكين. يروي عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عيّاش، وأبي إِسْحَاق الفَزَاريّ. وعنه: إِسْحَاق الْخُتَّليّ، وجعفر الْفِرْيَابيّ. قَالَ ابن مَعِين: كذّاب. 243- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو البَجَليّ الحرّانيّ4. عَنْ: زهير بْن معاوية، وغيره. وعنه: أَبُو عَرُوبَة وهو أكبرُ شيخ لَهُ. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. وقد ذكره الحاكم فِي الكنى فقال: يُكنَّى أَبَا عثمان. سَمِعَ زُهَيْرًا، وأبا عَوَانة الوضّاح. روى عَنْهُ: يَعْقُوبَ الفَسَويّ، وَمحمد بْن يَحْيَى بْن كثير الحرّانيّ. 244- عبد الرحمن بن أبي الغمر عمر بن عبد الرحمن5. أَبُو زيد السَّهْميّ، مولاهم الْمَصْرِيّ الفقيه، صاحب ابن القاسم. روى عَنْ: مفضل بْن فضالة، وابن وهْب، وابن القاسم. وعنه: أحمد بن محمد بن رشدين،   1 ثلب الشيء -ثلبًا: كسر حرفه وثلب فلانًا: عابه وتنقصه. 2 قرض الشيء أي قطعه. 3 انظر تاريخ بغداد "10/ 264، 265"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 579"، ولسان الميزان للحافظ "3/ 423". 4 انظر الجرح والتعديل "5/ 267"، والثقات لابن حبان "8/ 380". 5 انظر الجرح والتعديل "5/ 274"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 33"، وتهذيب التهذيب "6/ 249، 250". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 117 والبخاري، وأبو الزنباع روح بن الفرج القطان، وعاش ثلاثا وسبعين سنة. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. 245- عبد الرحمن بن نافع1. أبو زياد المخرمي، ولقبه: درخت. روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزّناد، والمغيرة بْن سقْلاب، وغيرهما. وعنه: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الدَّوْرَقيّ، وعبدُ اللَّه بْن أَبِي سعد الورّاق. وثّقه بعضهم. 246- عَبْد الرحيم بْن عَبْد العزيز2. أَبُو يزيد الزُّرَيْقِيّ. سَمِعَ: هُشَيْمًا، وبَهْز بْن أسد. وعنه أَبُو حاتم، وعلى بْن الْحُسَيْن بْن الجنيد. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 247- عَبْد الرحيم بن مطرف بن أنيس بن قدامة3 -د. ن. أبو سفيان الرؤاسي الكوفي السروجي ابن عمّ وكيع. روى عَنْ: أَبِيهِ، وعُبَيْد الله بن عمرو، وإسحاق الفرازي، ويزيد بْن زُرَيْع، وعَتّاب بْن بشير، وعيسى بْن يونس وجماعة. وعنه: أَبُو داود، وأبو زُرْعَة، وابن أَبِي الدُّنيا، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وأحمد بْن أَبِي خيْثَمة، وعثمان بن خرزاد. وثّقه أَبو حاتِم، وغيره. مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 248- عبد السلام بن وغبان بْن عَبْد السّلام بْن حبيب4. أَبُو محمد الكلبي الحمصي الشاعر الملقَّب بديك الْجِنّ. أحد شعراء الدَّولة العبّاسية، أصله من بلدة سَلَمية، ومولده بِحمص. قِيلَ لَمْ يُفارق الشّام، وكان شيعيًا ظريفًا خليعًا ماجنًا، لَهُ مَرَاثٍ فِي الْحُسَيْن. وكان مولده سنة إحدى وستين   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 294"، والثقات لابن حبان "8/ 381"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 263". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 341". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 341"، والثقات لابن حبان "8/ 413"، تهذيب الكمال للمزي "2/ 828". 4 انظر الأغاني "14/ 51-68"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 163، 164". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 118 ومائة. أخذ عَنْهُ: أَبُو تَمَّام الطّائيّ، وغيره. وقيل إنّ أَبَا نُوَاس لَمَّا سارَ إلى مصر ليمدح الخصيب بْن عَبْد الحميد اجتاز بحمص فاختفى منه ديك الْجِنّ واستصغر نفسه معه، فجاء إلى داره وقال: لجاريته، قولي أن يخرج، فقد فتن أهل العراق بقوله: مُوَرّدةٌ من كفّ ظَبْيٍ كأنَّما ... تناولَها من خدِّهِ فأدارها فلمّا سَمِعَ ذَلِكَ خرجَ إِلَيْهِ وأدْخَلهُ، وعمل لَهُ ضيافة. ومن أبيات هذه القصيدة: فقُمْ أنت فاحْثُثْ كأسَها غيرَ صاغِرِ ... ولا تسق غير خَمْرَها وعُقَارَها فَقَامَ يكادُ الكأسُ يحرِقُ كَفَّهُ ... من الشَّمْس أو من وَجْنَتَيْه استعارها ظللْنَا بأيدينا نُتَعْتعُ روحَها ... فتأخذُ من أرواحنا الرّاحُ ثارها عَنْ يقظان بْن سلام قَالَ: قُلْنَا لأبي تمّام: لو نَهَيْتَ ديكَ الجنّ مِمّا هُوَ فِيهِ، ولك عشرة آلاف درهم. قَالَ أَبُو تَمّام: فدخلتُ عَلَيْهِ وهو مطَّرِحٌ عَلَى حصيرٍ سَكْران، وعلى رأسه غُلام يروّحُه. فلمّا رآنِي الغلام نبههُ، فلمّا رآني قام يلبّني، وقال تُحسِن تَقُولُ مثلي؟ ثُمَّ أنشد: أما ترى راهبَ الأسحارِ قد هتفا ... وحثّ تغريدُه لَمَّا علا السُّعُفا أَوْفَى يصيغُ إلى فانوس مغرقة ... كغُرَّة التّاج لَمَّا عُولي الشُّرَفَا مشنّف بعقيق فوقَ مديحِهِ ... هَلْ كنت فِي غير أُذنٍ تعهد الشّنفا لَمّا أراحت رُعاةُ الليل عاريةً ... من الكواكبِ كادت ترتقي السّدُفا هزّ اللّواء عَلَى ما كَانَ من هَيَفٍ ... فارْتَجّ لَمّا علاه اهْتَزّ ثُمَّ هَفَا ثُمَّ استمرّ كما غنّى عَلَى طَرَبٍ ... تكدّر الْمَاءُ عَلَى تغريده وصفا قام مختلفًا كالدرر مطَّلِعًا ... والرَّيمُ ملتفتًا والغُصْنُ مُنعطِفا رقّت غُلالة خَدَّيْه فلو رميا ... باللّحظ أو بالْمُنَى همّا بأن يكفا كأن قافًا أديرت فوق وجنتيه ... واختطّ كاتبُها من فوقها ألِفَا فاستلّ راحًا كبيضٍ واقَعَتْ جحفًا ... حَلا لَنَا أو كنارٍ صادَفَتْ سُعُفا فلَم أزَل من ثلاثٍ واثنتين ومن ... خمسٍ وستٍّ وما استعلى وما لَطُفا الجزء: 17 ¦ الصفحة: 119 حتّى توهَّمتُ نَوشروانَ لِي خَوَلا وخِلْتُ أنّ نديمي عاشِرُ الْخُلَفا قَالَ: فلم أزل بِهِ حتّى نوَّمتُه وخرجتُ، فقيل لي: إنّما قُلْنَا تَنْهَهُ. قلتُ: دعه ينام، فإنّي إن نهيته تجرَّمنا عشرة آلاف كبيرة. وقيل إنّ ديك الْجِنّ كَانَ لَهُ غُلام وجارية مليحان، وكان يهواهما. فدخل عليهما يومًا فرآهما فِي لُحافٍ معتنِقَيْن، فشدّ عليهما فقتلهما ثُمَّ سُقِطَ من يده، وجلس عِنْدَ الجارية يبكي ويقول: ياطلعة طلع الحِمَامُ عليها ... وجَنَى لَها ثَمَرَ الرَّدَى بيديها روَّيتُ من دمها الثَّرى ولطالَما ... روّى الهوى شفتي من شفتيها فوحق عينيها ما وطِئَ الثَّرَى ... شيءٌ أعزُّ عليّ من عينيها ما كَانَ قَتْلِيها لأنّي لَم أَكُن ... أبْكِي إذا سفك العيار عليها لكن نَحَلت عَلَى سواي بِحُسْنها ... وأنفت من نظر الغُلام إليها ثُمَّ جلس عِنْدَ الغلام وقال: قمرٌ أَنَا استخرجته من خِدْرِه ... بمودّتي وجزيته من غدره فقتلته وله عليّ كرامةٌ ... ملء الحشا وله الفؤاد بأسره عهدي بِهِ ميتًا كأحسن نائمٍ ... والدَّمعُ يَنْحَرُ مُقْلتي فِي نَحْرِه لو كَانَ يدري الميْتُ ماذا بعدَه ... بالحيّ منه بَكَى لَهُ فِي قَبره غُصَصٌ تكادُ تفيضُ منها نفسُهُ ... ويكادُ يخرُجُ قلبُهُ من صدرِه قَالَ سَعِيد بْن زيد الحمصيّ: دخلتُ عَلَى ديك الْجِنّ، وكنتُ اختلفتُ إِلَيْهِ لَمّا كتب شِعره، فرأيته وقد شابت لحيته وحاجباهُ وشعر زَنْدَيه. وكانت عيناهُ خضراوين، ولذلك سُمِّي ديك الْجِنّ، وقد صبغ لحيته بالزِّنْجَار، وعليه ثياب خُضْر. وكان جيّد الغناء بالطَّنْبُور، وفي يديه آلة الشُّرْب وهو يُغنّي. تُوُفيّ سنة خمسٍ أو ست وثلاثين ومائتين. 249- عَبْد السلام بْن سَعِيد بن حبيب1.   1 انظر ترتيب المدارك للقاضي عياض "2/ 585"، وسير أعلام النبلاء "12/ 63-69"، والبداية والنهاية "10/ 322، 323". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 120 شيخ المغرب أَبُو سَعِيد التّنوخيّ الحمصيّ ثُمَّ القيروانيّ الفقيه المالكيّ سَحْنُون، قاضي القيروان ومصنف المدونة. دخل مصر وقرأ عَلَى ابن وَهْب، وابن القاسم، وأشهب. وبرعَ فِي مذهب مالك. وعلى قوله المعوَّل بالمغرب. انتهت إِلَيْهِ رئاسة العِلم بالمغرب، وتفقّه بِهِ خلق كثير. وقد تفقّه أولًا على ابن غانم، غيره بإفريقية، ورحلَ فِي العِلم سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. فسمع بِمكة من: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكيِع، والوليد بْن مُسْلِم. وكان موصوفًا بالدّيانة والورع، مشهورًا بالسّخاء والكَرَم. فعن أشهب قَالَ: ما قَدِمَ علينا مثلُ سَحْنُون. وعن يُونس عَبْد الأعلى قَالَ: سَحْنُون سيّد أهل المغرب. وروى عَنْهُ منهم: يحيى بْن عَمْرو، وعيسى بْن مسكين، وحمديِس، وابن المغيث. قَالَ ابن عَجْلان الأندلسيّ: ما بُورك لأحدٍ بعد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي أصحابه ما بُورِكَ لسَحْنُونَ فِي أصحابه، فإنَّهم كانوا فِي بلد أئمّة. وعن سَحْنُون قَالَ: إذا أتى الرجلُ مجلس القاضي ثلاثة أيّام متوالية بلا حاجة ينبغي أن لا تُقْبَلُ شهادته. وسُئِلَ سَحْنُون: أَيَسَعُ العالِم أن يَقُولُ: لا أدري فيما يدري؟ فقال: أما فِيهِ كتاب أو سنة بائنة فلا. وأمّا ما كَانَ من هذا الرأي فإنّه يَسَعُهُ ذَلِكَ، لأنه لا يدري أَمُصيبٌ هُوَ أَمْ مخطيء. ومن كلامه: أَكْلُ بالمسكنة خيرٌ من أكْلٍ بالعِلم. محبّ الدنيا أعمى لَم ينِّوره العقل. ما أقبحَ بالعالِم أن يأتي الأمراء فيُقال هُوَ عِنْدَ الأمير. والله ما دخلت عَلَى سلطان إلا خرجت حاسبتُ نفسي، فوجدتُ عليها الدرك. وأنتم ترون مخالفتي لهواه، وما ألقاهُ من الغِلْظَة -والله ما أخذتُ لَهم دِرْهَمًا، ولا لبستُ لَهم ثوبًا. ولد سنة ستين ومائة، توفي فِي رجب سنة أربعين ومائتين. وكان يقولُ: قبَّح اللَّه الفقر. أدركنا مالك، وقرأنا عَلَى ابن القاسم. وأمّا المدوّنة فأصلها أسئلة، سألَها أَسَد بْن الفُرات لابن القاسم. فلمّا رَحَل بِها سَحْنُون عرضها عَلَى ابن القاسم، وصحّح فيها كثيرًا، ثُمَّ رتّبها سَحْنُون وبَوَّبَها، واحتجّ للكثير منها بالآثار. وسَحْنُون بفتح السين وبضمّها طائر بالمغرب. 250- عَبْد السلام بْن صالِح بْن سليمان بن أيوب بن ميسرة1.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 48"، والمجروحين لابن حبان "2/ 151"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 46". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 121 أَبُو الصَّلْت الْقُرَشِيّ العَبْشَميّ، مولاهم الهَرَوِيّ ثُمَّ النيسابوريّ. مولى عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة. عَنْ: مالك، وشَرِيك، وحمّاد بْن زيد، وعبد السلام بْن حرب، وخَلَف بْن خليفة، وهُشيم، وعلي بْن مُوسَى الرّضي، وإسماعيل بن عياش. وعنه: سهل بن أبي سهل، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وابن أبي الدنيا، وعباس الدوري، وعليّ بن الحسين بن الْجُنَيْد، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وأحمد بن أبي خيثمة، والحسن بن الحباب المقريء، والحسن بن علويه القطان، وعبد الله بن أحمد بن حنبل. وكان موصوفا بالزهد والتأله. قَالَ أَحْمَد بْن سيَّار المروزي: قَدِمَ مَرْو غازيًا، فأدخلَ عَلَى المأمون، فلمّا سَمِعَ كلامه جعله من خاصة إخوانه، وحبسه عنده، إلى أن خرج معه إلى الغزو. ولَم يزل مُكرمًا عنده إلى أن أراد المأمون إظهار كلام جَهْم وخلْق القرآن. فجمع بينه وبين بشر المريسي، وسأله أن يُكلمه. وكان أَبُو الصلت رد عَلَى أهل الأهواء من الْمُرْجِئة والْجَهْميّة والزّنادقة القدرية، وكَلَّم بشر المذكور غير مرة بحضرة المأمون، وغيره من أهل الكلام. وفي كل ذَلِكَ كَانَ الظفر لَهُ. قَالَ: وكان يعرف كلام الشّيعة، فناظرته فِي ذَلِكَ لاستخراج ما عنده، فما وجدته يُفرط. ورأيته يقدّم أَبَا بَكْر وعمر، ويترحّم عَلَى عليّ وعثمان، ولا يذكرُ الصّحابة إلا بالجميل. وسمعته يَقُولُ: هذا مذهبي الَّذِي أُدين لله بِهِ. إلا أن ثَمَّ أحاديث يرويها فِي المثالب. وسألتُ إسحاقَ بْن إِبْرَاهِيم عَنْ تِلْكَ الأحاديث، نحو ما جاء فِي أَبِي مُوسَى، وما رُوِيَ فِي معاوية، فقال: هذه أحاديث قد رُويَتْ، فأمّا من يرويها عَلَى طريق المعرفة فلا أكرهُ لَهُ ذَلِكَ. وأمّا من يرويها ديانة، فإنِّي لا أرى الرواية عَنْهُ. وسُئِلَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، عن أبي الصلت فقال: فقد سَمِعَ وما أعرفه بالكذب. وقال أبو حاتم: لَم يكن عندي بصدوق. وأمّا أَبُو زُرْعَة فأمر أن يضرب عَلَى حديثه. وقال النسائي: لَيْسَ بثقة. وقال الدّارَقُطْنيّ: كَانَ رافضيًّا خبيثًا. وقيل إنه كَانَ يَقُولُ كلب للعلوية خير من جميع بني أمية تُوُفيّ يوم الأربعاء لستٍّ بقين من شوّال سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 122 251- عَبْد السلام بْن عاصم الهِسِنْجَانيّ الرازيّ1. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، والصباح بْن مُحَارب، وعبد الرَّحْمَن بْن مغراء، ومُعاذ بْن هشام. وعنه: أبو يحيى بن مسرة المكي، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازيون، ومطين. قَالَ أبو حاتم: شيخ. 252- عَبْد السلام بْن محمد الحضرمي الحمصيّ2. ويُعرف بسُلَيْم. عَنْ: بقية، وعبد اللَّه بْن سالِم، والوليد بْن مُسْلِم. وعنه: محمد بن عوف، وأبو حاتم وقال: صدوق. 253- عَبْد الصمد بْن أَبِي خِداش الموصِليّ3. عَنْ: زُهير بْن معاوية، وإسماعيل بْن عيّاش، والوليد بْن مُسْلِم. وعنه: حفيده أحمد بن صالح. توفي بالحدث سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 254- عبد الصمد بن الفقيه عبد الرحمن بن القاسم المصري4. أبو الأزهر. عَنْ: أَبِيهِ، وسُفيان بْن عُيَيْنَة. كان فقيها، إماما، مصنفا. قرأ القرآن عَلَى وَرْش، ومن أجله اعتمد أهلُ الأندلس عَلَى قراءة وَرْش. روى عَنْهُ: محمد بْن الوضاح القُرْطُبيّ، وغيره. وهو أخو الفقيه مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن المتوفى سنة تسع وأربعين. قَالَ الدَّانِيّ: قرأ عَلَيْهِ محمد بْن سَعِيد الأنماطيّ، وبكر بْن سهل الدِّمياطيّ، وإسماعيل بْن عَبْد اللَّه النّخّاس، وغيرهم. تُوُفيّ فِي رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 255- عَبْد الصمد بْن المعذّل العبدي البصري5.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 49"، وتهذيب الكمال "2/ 832"، وتهذيب التهذيب للحافظ "6/ 322". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 48، 49"، والثقات لابن حبان "8/ 427". 3 انظر الإكمال لابن ماكولا "2/ 429". 4 انظر غاية النهاية "1/ 389"، وحسن المحاضرة "1/ 486". 5 انظر أخبار القضاة لوكيع "2/ 180"، والأغاني "13/ 226-255"، ووفيات الأعيان "1/ 124". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 123 الشاعر المشهور، أخو أَحْمَد بْن المعذل الفقيه. كَانَ من فحول الشعراء. ومن شعره: تكلّفني إذلالُ نفسي لعزِّها ... وهانَ عليها أن أُهَانَ لتُكْرَما تَقُولُ: سلِ المعروف يحيى بْن أكثمٍ ... فقلتُ: سليه ربّ يحيى بْن أكثما وله: أرى النّاس أحدوثةً ... فكوني حديثًا حَسَنْ كأنْ لَم يزل ما أتى ... وما قد مضى لَمْ يَكُنْ إذا وطني رابَني ... فكل بلادٍ لي وطَنْ 256- عَبْد الصَّمد بْن يزيد1. أبو عبد الله الصَّائغ مَرْدَوَيْه الصُّوفِيّ. خادم الفُضَيْل بْن عِيَاض. كَانَ ثقةً دَيِّنًا صالِحًا من أهل الورع والسنة. عَنْ: الفُضَيْل، وابن عُيَيْنَة، وشقيق البلخي. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وموسى بن هارون، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ. مات سنة خمس وثلاثين ومائتين، يوم مات عبد الرحمن بن صالح الأزدي. وحضره أمة من الأمم. قَالَ ابن هارون: وكان عَبْد الرَّحْمَن ميّتًا فِي داره، وما رأيتُ عَلَى بابه أحدًا. 257- عَبْد العزيز بْن بحر الْمَرْوَزِيّ المؤدِّب2. نزيل بغداد. عَنْ: سُلَيْمَان بْن أرقم، وعطّاف بْن خَالِد، وإسماعيل بْن عيّاش. وعنه: عبد الله بن أبي سعد الوراق، وابن أبي الدنيا. لم يضعف. 258- عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مقلاص3.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 363"، والجرح والتعديل "6/ 52"، والثقات لابن حبان "8/ 415"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 40". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 363"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 448"، وميزان الاعتدال "2/ 623". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 391"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 191"، والثقات لابن حبان "8/ 396". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 124 الإمام أبو علي الخزاعي. مولاهم المصري الفقيه. كان من كبار أصحاب ابن وهب، والشافعي. لزمهما مدة. وكان صالحا ورعا زاهدا. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. روى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم وقال: صدوق. وهو ابن بِنْت سَعِيد بْن أَبِي أيوب. 259- عَبْد العزيز بن يحيى بن يوسف1. أبو الأصبع البكائي، مولاهم الحراني. عن: أبي إسحاق الفزازي، وابن عُيَيْنَة، وعيسى بن يونس، ومحمد بن سلمة. وعنه: أبو داود، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة، ومحمد بن يحيى الذهلي، وجعفر الفريابي. قَالَ أبو حاتم: صدوق. تُوُفيّ بتلّ عبدي سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. 260- عَبْد العزيز بْن يحيى بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد العزيز المدنيّ2. أَبُو محمد الهاشمي، من موالي آل الْعَبَّاس. عَنْ: اللَّيْث بْن سعد، ومالك، وسليمان بْن بلال، والدَّرَاورْدِيّ. وعنه: زكريّا بْن داود الخفّاف، وصالِح بْن عليّ النَّوْفَليّ الحلبي، وَمحمد بْن أيّوب الرازيّ، وَمحمد بْن علي الصائغ المكي، وموسى بْن إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، وغيرهم. قَالَ البخاريّ: لَيْسَ من أهل الحديث. يضع الحديث. وقال أبو زُرْعة: لَيْسَ يصدق. وقال العقيليّ: يحدث عن الثقات بالبواطيل. وقال ابن عدي: ضعيف جدًّا، يسرق حديث النّاس. حدّث فِي شعبان سنة ثلاثين ومائتين، وعاش بعد ذَلِكَ قليلًا. 261- عَبْد العزيز بْن يحيى بْن مُسْلِم بْن ميمون الكِنَانيّ3. المكيّ الفقيه. صاحب كتاب "الحيدة". وكان يلقب بالغُول لَدمَامة منظره. عَنْ: سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية الفزازي، وعبد الله بْن مُعَاذ الصّغانيّ، وَمحمد بْن إدْرِيس الْإِمَام الشافعيّ، وهشام بْن سُلَيْمَان المخزوميّ. وعنه: أَبُو العيناء محمد   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 399"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 19، 20"، والثقات لابن حبان "8/ 397". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 400"، والضعفاء للعقيلي "3/ 19"، ولسان الميزان "4/ 37". 3 انظر تاريخ بغداد "10/ 449"، والفهرست لابن النديم "261"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 639". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 125 ابن القاسم، والْحُسَيْن بْن الفضل البَجَليّ، وأبو بَكْر بْن يعقوب بْن إِبْرَاهِيم التَّيْميّ. وهو قليل الحديث. قَالَ الخطيب: قَدِمَ بغداد زمن المأمون، وجرى بينه وبين بشر المريشي مناظرة فِي القرآن. وكان من أهل العلم والفضل. وله مصنفات عدّة. وكان مِمّن تفقّه بالشافعيّ، واشتهرَ بصُحبته. قَالَ داود بْن عليّ الطّاهريّ: كَانَ عَبْد العزيز بْن يَحْيَى الْمَكِّيّ أحد أتباع الشافعيّ والمقتبسين عَنْهُ. وقد طالت صحبته لَهُ. وخرج معه إلى اليمن. ونقل الخطيب فِي تاريخه عَنْ عَبْد العزيز قَالَ: دخلتُ عَلَى أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد وهو مفلوج1، فقلتُ: إنِّي لَم آتك عائدًا، ولكن جئتُ لأحمد اللَّه على أنْ سَجَنَكَ في جلْدك. وعن أَبِي العَيْنَاء قال: لَمَّا دخلَ عَبْد العزيز عَلَى المأمون، وكانت خلْقته بشعة جدًّا، ضحك أَبُو إِسْحَاق المعتصم، فقال: يا أمير المؤمنين لِم ضَحك هذا؟ إن اللَّه لم يصطف يوسف لجماله، وإنّما اصطفاهُ لدينه وبيانه. فضحك المأمون وأعجبه. 262- عبد الملك حبيب بْن سُلَيْمَان بْن هارون بْن جاهمة بن العباس مرداس السُّلَميّ2. الفقيه أَبُو مروان العباسيّ الأندلسيّ القُرطبيّ المالكيّ. أحد الأعلام. وُلِدَ سنة نَيِّفٍ وسبعين ومائة فِي حياة مالك. وروى قليلًا عَنْ: صَعْصَعة بْن سلّام، والغاز بْن عيسى، وزياد شَبْطُون. ورحل وحجّ فِي حدود العشرين مائتين، فسمعَ من عَبْد الملك بْن الماجِشُون، ومُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وأسد السنة بْن مُوسَى، وأصبغ بن الفرج، وإبراهيم بن المنذر الخزامي، وغيرهم. ورجع إلى الأندلس بعلم جَمّ وفِقْهٍ كثير. وكان موصوفًا بالحذْق فِي مَذْهَب مالك. وله مصنَّفَات كثيرة منها: كتاب "الواضحة"، وكتاب "الجامع"، وكتاب "فضائل الصَّحابة"، وكتاب "تفسير الموطأ"، وكتاب "حروب الْإسْلَام"، وكتاب "سيرة الْإِمَام فِي الملحدين"، وكتاب "طبقات الفقهاء"، وكتاب "مصابيح الهُدى". قَالَ ابن بَشْكَوال: قِيلَ لِسَحنون: مات ابن حبيب. فقال: مات علم الأندلس، بل والله عالِم الدُّنْيَا. وقال بعضهم: هاجت رياح وأنا فِي البحر، فرأيتُ عَبْد الملك بْن حبيب رافعًا   1 الفالج هو: شلل يصيب أحد شقي الجسم طولًا. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 269-272"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 148"، ولسان الميزان "4/ 59، 60". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 126 يديه متعلقًا بِحبال السّفينة يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنْ كنت تعلم أنِّي إنّما أردتُ ابتغاء وجهك وما عندك فخلِّصنا. فسلَّم اللَّه. وقد أضعف ابن حزم وغيره عَبْد الملك بْن حبيب، ولا ريب فِي أَنَّهُ كَانَ ضعيفًا. قَالَ أَبُو عُمَر أَحْمَد بْن سَعِيد الصَّدفيّ: قلتُ لأحمد بْن خَالِد: إنّ الواضحة عجيبة جدًا، وإن فيها عِلْمًا عظيمًا، فما مدخلها؟ قَالَ: أول شيء إنّه حكى فيها مذاهب لَم نجدها لأحدٍ من أصحابه، ولا نُقِلَت عنهم، ولا هِيَ فِي كتبهم. ثُمَّ قَالَ الصَّدفيّ فِي تاريخه: كَانَ كثير الرواية، كثير الجمع، يعتمدُ عَلَى الأخذ بالحديث. ولَم يكن يميّزه، ولا يعرف الرجال. وكان فقيهًا فِي المسائل. وكان يُطْعَنُ عَلَيْهِ بكثرة الكُتُب. وذُكِرَ أنّه كَانَ يستجيزُ الأخذ بلا رواية ولا مقابلة وذُكِرَ أَنَّهُ أخذ إجازة كثيرة وأُشير إِلَيْهِ بالكذب. سمعتُ أحمد بن خالد يطعن عليه بذلك وينتقصه غير مرّة. وقال: قد ظهر لنا كذبه فِي "الواضحة" من غير شيء. وقال ابن أَبِي مريم: كَانَ ابن حبيب بِمصر، فكان يضعُ الطّويلة، وينسخُ طول نَهاره. فقلتُ: إلى كم ذا النَّسْخ، مَتَى تقرأه عَلَى الشيخ؟ فقال: قد أجازَ لي كُتُبه، يعني أسد بْن مُوسَى، فخرجتُ من عنده فأتيتُ أسدًا فقلتُ: تمنعنا أن نقرأ عليك وتجيز لغيرنا؟ فقال: أَنَا لا أرى القراءة فكيف أُجيز؟ فأخبرته فقال: إنّما أخذ منّي كُتُبي ليكتب منها، لَيْسَ ذا عليّ. وقال أَحْمَد بْن عَبْد البَرّ النَّارَنْجِيّ: هُوَ أولُ من أظهر الحديث بالأندلس، وكان لا يميز صحيحه من سقيمه، ولا يفهم طُرُقه، ويُصَحِّف أسماء الرجال، ويحتجّ بالمناكير. فكان أهلُ زمانه لا يرضون عَنْهُ، وينسبونه إلى الكذب. ثُمَّ قَالَ: وكان ما بين عَبْد الملك بْن حبيب ويحيى بْن يحيى سيّئًا، وذلك أَنَّهُ كَانَ كبير المخالفة، ليحيى. وكان قد لقي أصبغ بِمصر، فأكثر عَنْهُ، فكان إذا اجتمعَ مَعَ يحيى بْن يحيى، وسعيد بْن حسّان، ونُظَرائهم عِنْدَ الأمير عَبْد الرَّحْمَن وقُضاته فسئلوا، وقال يحيى بِما عنده، وكان أسنّ القوم وأَوْلاهُم بالتقدُّمِ -يدفع عَلَيْهِ عَبْد الملك بأنه سمعَ أصبغ بْن الفَرَج يَقُولُ كذا. فكان يحيى يغمّه مخالفته لَهُ. فلمّا كَانَ فِي بعض الأيام جمعهم القاضي في الجامع، فسألهم عَنْ مسألة، فأفتى فيها يحيى بْن يحيى، وسعد بْن حسان بالرواية، فخالفهما عَبْد الملك، وذكر خلافهما روايةً عَنْ أصبغ. وكان عَبْد الأعلى بْن وهب من أحداث أهل زمانه، وكان قد حجّ وأدركَ أصبغ بْن الفَرَج بِمصر، ورى عَنْهُ. فدخل يومًا بأثر شورى القاضي عَلَى سَعِيد بْن حسّان، فقال لَهُ: يا أَبَا وهب، ما الجزء: 17 ¦ الصفحة: 127 تقولُ فِي مسألة كذا؟ -المسألة التي سألَهم فيها القاضي- هَلْ تذكر لأصبغ بْن الْفَرَج فيها شيئًا؟ فقال: نعم، أصبغ يَقُولُ فيها كذا. فأفتى بموافقة يحيى، وسعيد. فقال لَهُ سَعِيد: أنظر ما تَقُولُ، أنت عَلَى يقين من هذا؟ قال: نعم. قال: فأتني بكتابك. قَالَ عَبْد الأعلى: فخرجتُ مسرعًا، ثُمَّ ندمتُ ودخل عليّ الشك. ثُمَّ أتيتُ داري، فأخرجتُ الكتاب من قرطاس كما رويته عَنْ أصبغ، فسُررتُ، ومضيتُ إلى سَعِيد بالكتاب. فقال: تمضي بِهِ إلى أَبِي محمد. فمضيتُ بِهِ إلى يحيى بن يحيى بْن يحيى، فأعلمته ولَم أدر ما القصة. فاجتمعنا بالقاضي وقالا: إن عَبْد الملك يُخالفنا بالكذب. والمسألة التي خالفنا فيها عندك. هنا رجلٌ قد حجّ وأدرك أصبغ، وروى عَنْهُ هذه المسألة، كقولنا عَلَى خلاف ما ادّعاهُ عَبْد الملك، فارْدَعْه وكُفَّهُ. فجمَعهم القاضي ثانيًا، وتكلّموا، فقال عَبْد الملك: قد أعلمتُك ما يقولُ فيها أَصْبَغ. فبَدرَ عَبْد الأعلى بْن وَهْب وقال: يكذب عَلَى أصبغ. أَنَا رويت هذه المسألة عَنْهُ عَلَى ما قَالَ هذان، وهذا كتابي. فأخرج المسألة: فأخذ القاضي الكتاب وقرأ المسألة، وقال لعبد الملك ما ساءه من القول، وقال: تُفْتينا بالكذِب والخطأ، وتُخالفُ أصحابَك بالهوى؟ لولا البُقْيَا عليك لعاقبتك. ثُمَّ قاموا. قَالَ عَبْد الأعلى: فلمّا خرجتُ مررتُ عَلَى دار ابن رستم الحاجب، فرأيتُ عَبْد الملك خارجًا من عنده وفي وجهه الشر. فقلت: مالي لا أدخلُ عَلَى ابن رستم؟ فدخلتُ، فلم ينتظر جلوسي حتّى قَالَ: يا مسكين من غرّك، أو من أدخلك فِي هذا العارض؟ مثل عَبْد الملك بْن حبيب وتكذّبه؟ فقلتُ أصلحكَ اللَّه، إنّما سألني القاضي عَنْ شيء، فأجبته بِما عندي. ثُمَّ خرجتُ من عنده. وكان عَبْد الملك قد شكا إِلَيْهِ ما وقع وقال؛ إنّ القاضي أتى برجل لَيْسَ من أهل العلم والرواية، فأجلس معي وكذبني، وأوقفني موقفًا عجيبًا. فقال لَهُ ابن رستم: اكتب بطاقة بالقصة وارفعها للأمير. فكتبَ يصف القصة، ويَشنّع. فأمر الأمير أن يبعث فِي القاضي. فبعث فِيهِ، فخرجت وصيّة الأمير يَقُولُ: لك فِي أمرك أن تشاور عَبْد الأعلى. وكان عَبْد الملك قد بنى بطاقته عَلَى أن يحيى بْن يحيى أمره بذلك. فقال القاضي: ما أمرني أحد بمشاورته ولكنه كَانَ يختلفُ إليّ، وكنتُ أعرفه من أهل الخير والعلم، مَعَ الحركة والفَهْم والحج والرحلة، فلمْ أرَ نفسي فِي سَعَة من تَرْك مشاورة مثله. وسأل الأمير وزراءه عَنْ عَبْد الأعلى، فأثنوا عَلَيْهِ ووصفوا عِلْمَه وولاءه. وكان لَهُ ولاء. قَالَ عبدُ الأعلى: فصَحِبْتُ يومًا عيسى بن الجزء: 17 ¦ الصفحة: 128 الشهيد، فقال لي: قد رُفِعْت عليك بطاقة رديئة لكنّ اللَّه دفع شرّها. وعن محمد بْن وضّاح قَالَ: قَالَ لي إِبْرَاهِيم بْن المنذر: أتاني صاحبكم عَبْد الملك بْن حبيب بغرارة مملوءة كتبًا، فقال لي: هذا عِلْمُكَ تجيزه لي؟ قلت: نعم. ما قرأ عليّ منه حرفًا ولا قرأته عَلَيْهِ. وكان محمد بْن عُمَرَ بْن أبان يَقُولُ: عَبْد الملك بْن حبيب عالِم الأندلس، ويحيى بْن يحيى عاقلها، وعيسى بْن دينار فقيهها. مات ابن حبيب يوم السبت لأربع مضين من رمضان سنة ثمانٍ، وقيل فِي ذي الحجة سنة تسع وثلاثين ومائتين. 263- عَبْد الملك بْن حبيب1. أَبُو مروان المصِّيصي البزّاز. عَنْ: أَبِي إسحاق الفزازي، وعبد اللَّه بْن المُبارك. وعنه: أَبُو داود، ومحمد بن عوف الطائي، وعثمان بن خرزاذ، وَمحمد بْن وضّاح القَرْطُبيّ، وجعفر الفِرْيَابيّ. 264- عَبْد الملك بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن زريق بْن عُبَيْد اللَّه2 بْن أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو الْحَسَن الأندلسيّ الزّاهد. عَنْ: ابن القاسم، وابن وهْب، وغيرهما، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 265- عَبْد الملك بْن زُونان3. أَبُو مروان الأندلسيّ. شيخ مُعمّر، فقيه كبير. أدرك مُعَاويَة بْن صالِح الحمصيّ قاضي المغرب، وأخذ عَنْهُ. ورحل بأخرة فسمع من: ابن وهب، وابن القاسم. وكان يُفتي بالأندلس أولًا عَلَى مذهب الأوزاعي، ثُمَّ رجع إلى مذهب مالك. قِيلَ: زونان لَقَبُه، واسمه: حسن بْن محمد. مات سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين بالأندلس فِي شَعْبَان، وقد جاوزَ التسعين. 266- عبد الواحد بن غياث4.   1 تهذيب الكمال للمزي "2/ 852"، وسير أعلام النبلاء "12/ 108"، وتهذيب التهذيب "6/ 389، 390". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 269"، وبغية الملتمس "376". 3 انظر ما قبله. 4 انظر التاريخ الصغير للبخاري "234"، وانظر الجرح والتعديل "6/ 23"، والثقات لابن حبان "8/ 426". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 129 أَبُو بحر البصْريّ الْمِرْبَديّ. سَمِعَ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وفَضَال بْن خيبر، وعبد العزيز القسْمَليّ. وعنه: أبو داود، وأبو يعلى الموصلي، والبزار، وبقي بن مخلد، وأبو القاسم البغوي، وزكريا الساجي. وكان من الثقات المسندين. قَالَ أبو زُرْعة: صدوق. مات سنة أربعين ومائتين. 267- عَبْد الوارث بْن عُبَيْد اللَّه العَتَكيّ الْمَرْوَزِيّ1. عَنْ: ابن المبارك، وخالد بْن مُسْلِم الزَّنْجيّ. وعنه: الترمذي، وعبد الله بن محمود المروزي، وإسحاق بن إبراهيم البستي القاضي. مات سنة تسع وثلاثين ومائتين. 268- عبد الوهاب بن نجدة2. أبو محمد الحوطي الجبلي. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقيّة بْن الوليد. وعنه: ابنه أحمد، وأبو داود، وأبو بكر بن أبي عاصم. وكان صدوقا. توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 269- عبيد الله بن عمر بن يزيد الإصبهاني القطان3. أبو عمرو، وهو القصار. سَمِع: جرير بْن عَبْد الحميد، ويحيى القطّان، ومحمد بن أبي عدي، ووكيع بن الجراح. وعنه: إسحاق بن حنبل، وعبدان بن أحمد، ومحمد بن يحيى بن منده، قَالَ أَبُو الشيخ: لَهُ أحاديث ينفردُ بِهَا. وقال الذَّهبِيّ: آخر ما حُدِّث عَنْهُ سنة سبْعٍ وثلاثين ومائتين فيما علمتُ. 270- عُبَيْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مَيْسَرة4. أَبُو سَعِيد القواريري الْبَصْرِيّ الحافظ. مَوْلَى بني جُشَم. نزل بغداد ونشر بِهَا عِلْمًا   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 76"، والثقات لابن حبان "8/ 416". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 73"، والثقات لابن حبان "8/ 411"، وحلية الأولياء لأبي نعيم "4/ 150-152"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 871". 3 انظر أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 100"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 208-210". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 350"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 395، 396"، والجرح والتعديل "5/ 327"، والثقات لابن حبان "8/ 405". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 130 كبيرًا وسمع: حمّاد بْن زيد، وأبا عَوَانة، ويوسف بْن الماجِشُون، وعبد الواحد بْن زياد، والفضل بْن عِيَاض، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وعبد الوارث بْن سَعِيد، ومسلم بْن خَالِد الزّنجيّ، وسفيان بْن عُيَيْنَة. وعنه: الشيخان، وأبو داود، وأبو زُرْعَة، وإبراهيم الحربيّ، وصالِح جَزَرَة، وأبو يَعْلَى الموصلي، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وأبو القاسم البَغَويّ. وكتب عنه: أحمد، وابن معين، والقدماء. قَالَ ابن مَعِين، والنَّسائيّ: ثقة. وقال أَحْمَد بْن سيّار الْمَرْوَزِيّ: لَم أرَ فِي جَميع من رأيت مثل مسدّد بالبصرة، والقواريري ببغداد، ومن عليّ، ومن إِبْرَاهِيم بْن عَرْعَرة. تُوُفِيّ ببغداد يوم الجمعة لثلاث عشرة من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومائتين، وحضره خلْق كثير، وله أربعٌ وثمانون سنة. 271- عُبَيْدُ اللَّه بْن فضالة بْن إِبْرَاهِيم1. أَبُو قُدَيد النَّسائيّ الحافظ. رحل وسمع من: عَبْد الرزّاق باليمن، وَمحمد بْن يوسف الفِريابيّ بالشام، ويزيد بْن هارون بواسط، وأبي عَبْد الرَّحْمَن المقريء بِمكّة، وأبي اليمان بحمص، والأنصاري بالبصرة، ويحيى بْن يحيى بنيْسَابور. وعنه: النسائي، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، والحسن بْن سُفْيَان. قال النسائي: ثقة مأمون. بقي إلى حدود الأربعين ومائتين. 272- عُبَيْدُ اللَّه بْن مُعاذ بْن مُعَاذ بْن نضر بْن حسّان2. أَبُو عَمرو العنْبَريّ الْبَصْرِيّ الحافظ، من بني عمّ سوّار بْن عُبَيْد اللَّه العنبريّ. عَنْ: أَبِيهِ، ومُعَتَمِر بْن سُلَيْمَان، ويحيى القطّان، ووكيع. وعنه: مسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان بن سعيد الدارمي، وزكريا بن يحيى الساجي، وجعفر الفريابي، والبغوي. قَالَ أَبُو حاتِم الرازيّ: ثقة. مات سنة سبع وثلاثين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 331"، والثقات لابن حبان "8/ 407"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 887". 2 انظر التاريخ الكبير للبخاري "5/ 401"، والجرح والتعديل "5/ 315"، والثقات لابن حبان "8/ 406"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 889". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 131 273- عُبَيْد بْن الصّباح بْن صُبَيْح1. أَبُو محمد الكوفي المقريء أخو عمرو بن الصباح. أخذ القراءة عوضًا عَنْ حفص، وهو من أجل أصحابه وأضبطهم. روى عَنْهُ القراءة عرضًا أَحْمَد بْن سهل الأشنانيّ. قَالَ: وكان ما علمت من الورعين المتقين. مات سنة خمس وثلاثين ومائتين. 274- عَبْدَة بْن سُلَيْمَان الْمَرْوَزِيّ2. صاحب ابن المبارك. عَنْهُ، وعن: الفضل السيناني، وأبي إسحاق الفرازي، ونوح بْن أَبِي مريم. وعنه: أَبُو داود، وأبو بكر الأثرم، وعثمان الدرامي، وَمحمد بْن عاصم الثقفيّ، وأبو حاتِم، وقال: صدوق. 275- عثمان بْن صخر العُقَيْلِيّ الْبَصْرِيّ الزّاهد. أحد مشايخ القوم، كَانَ يَقُولُ بالخصوص، يعني أن اللَّه يختصّ برحمته من يشاء، ويقول بالمحنة. وكان مقدَّمًا في النُّسَّاك. كتب الحديث، وروى عَنْهُ: الكُدَيْمِيّ، وغيره. وصحِبَهُ أَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وسافر معه. 276- عثمان بْن طالوت بْن عبّاد الصَّيْرَفِيّ3. تُوُفِيّ فِي حياة والده سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. عَنْ: عَبْد الصمد بْن عَبْد الوارث، وأزهر السّمّان، وقريش بن أنس، والأصمعي. وعنه: أبو عبد البخاري، ومحمد بن الذهلي، وهاشم بن مرثد الطبراني. وكان صدوقا. 277- عثمان بن عبد الله4.   1 انظر الجرح والتعديل "5/ 408"، والثقات لابن حبان "8/ 1429"، وتاريخ الطبري "5/ 40"، ولسان الميزان "4/ 119". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 89، 90"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 115"، والثقات لابن حبان "8 437"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 872". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 454". 4 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 102، 103"، والكامل لابن عدي "5/ 1823"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 282". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 132 أبو عمرو الأموي. عَنْ: حمّاد بْن سلمة، ومالك، واللَّيْث. وعنه: علي بن إسحاق بن زاطيا، وعبد الله بن ناجية، وأبو يعلى. وهو أحد المتروكين لإتيانه بالطامات. وقال ابن عديّ: لَهُ أحاديث موضوعة. وجدّه هُوَ: عَمْرو بْن عثمان بْن عفان. 278- عثمان بْن عَبْد الوهّاب بْن عَبْد المجيد الثّقفِيّ1. أَبُو عَمْرو. روى بإصبهان عَنْ: والده، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: النضر بن هشام، ويعقوب بن إسحاق الضبي، ومحمد بن إبراهيم ابن شبيب. لا نعلم فيه حرجًا. 279- عثمان بْن أَبِي شَيْبَة2. هُوَ عثمان بْن محمد بن أبي شيبة بن إِبْرَاهِيم بْن عثمان بْن خُوَاسْتَى، أَبُو الْحَسَن العبسي، مولاهم الْكُوفيّ. أخو أَبُو بَكْر، والقاسم. كَانَ من كبار الحُفاظ كأخيه. دخل إلى الحجاز، والرِّيّ، والبصرة، والشّام، وبغداد، وصنَّف الْمُسْنَد، والتّفسير، وغير ذَلِكَ. روى الكثير عَنْ: شَرِيك، وأبي الأحوص، وهُشَيْم، وإسماعيل بْن عَبَّاس، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وحَرِيز بْن عَبْد الحميد، وابن عُلَيَّة، وابن المبارك، وعلي بن مسهر وغيرهم. وعنه: الشيخان، وأبو داود، وإبراهيم الحربي، وإبراهيم بن أبي طالب، وعبد الله بن أحمد، وأبو بكر بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن الصوفي، والفريابي، والبغوي، وآخرون. سُئل عَنْه أَحْمَد بْن حنبل فَقَالَ: ما علمت إلا خيرا. وأثنى عليه. وقال ابن مَعِين: ثقة مأمون. قَالَ الذَّهبِيّ: وكان لا يحفظُ القرآن، وإذا جاء منه شيء صحَّف فِي بعض الأحايين. مات فِي ثالث المحرّم سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين. 280- عثمان بْن محمد بْن سَعِيد. أَبُو القاسم الرازيّ الدَّشْتَكيّ. نزيل البصرة. عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الدَّشْتكيّ، وغيره.   1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 453"، وأخبار أصبهان "1/ 359، 360". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 66، 67"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 250"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 35". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 133 مُقِلّ. وعنه: أَبُو دَاوُد، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وعَبْدَان الأهوازيّ. 281- عصام بْن الحَكَم الشَّيْبَانيّ العُكْبَريّ1. عَنْ: ابن عُيَيْنَة، ويحيى بْن آدم. وعنه: ابنه عَبْد الوهاب، وابن ذَريح، وصالِح القيراطيّ. 282- عصام بْن مُكْرَم الضَّبّيّ الهلاليّ الْكُوفيّ. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ومُصْعَب بْن سلام، والمسيب بْن شَرِيك، ويحيى بْن يَمَان. وعنه: إبراهيم بن ديزيل، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأحمد بن علي الأبار، ومطين، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى، وعبدان. قَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال مُطَين: تُوُفِيّ فِي ذي القعدة سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. وكان صدوقًا. 283- عَلْكَدَة بْن نوح الأندلسيّ الرُّعَيْنِيّ2. عَنْ: ابن وهْب، وابن القاسم. مات بالأندلس سنة سَبْعٍ وثلاثين ومائتين. 284- عليُّ بْنُ بَحْر بْن مُوسَى3. أَبُو الْحَسَن الفارسي ثُمَّ البغداديّ القطّان الحافظ. عَنْ: عَبْد العزيز الدَّراورْدِيّ، وحاتم بْن إِسْمَاعِيل، وعبد المهيمن بْن عبّاس الساعدي، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وبقيّة بْن الوليد، وعبد الرزّاق، وهشام بْن يوسف، وحَرِيز بْن عَبْد الحميد، وأبي خَالِد الأحمر، وخلْق. وعنه: أَبُو داود، وَمحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم، وحنبل بْن إِسْحَاق، وهلال بْن العلاء، وإبراهيم الحربيّ. وثقه ابن مَعِين. ومات ببابسير من ناحية الأهواز سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. 285- عليّ بْن بِشْر الإصبهانيّ الأُمَويّ4.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 289". 2 انظر علماء الأندلس "1/ 343"، وبغية الملتمس "436". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 176"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 263"، والثقات لابن حبان "8/ 468"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 352". 3 انظر أخبار أصبهان "2/ 1، 2"، وطبقات المحدثين "2/ 138-145". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 134 عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، ويزيد بْن هارون، وعبد الرزاق. وعنه: عبيد بن الحسن، وإبراهيم بن نائلة، والقاسم بن منده. متروك. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 286- علي بن بريد1. أبو دعامة القيسي الإخباري الراوية. عَنْ: أَبِي العتاهية، وأبي نواس. وعنه: أَحْمَد بْن طاهر، ويزيد بن محمد المهلبي، وعون بن محمد الكندي. وهو بلقبه أشهر. 287- عليّ بْن حبيب2. أَبُو الْحَسَن البلْخِيّ عَلُّوَيَّة. شيخٌ مُعَمِّر. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، ونوح بْن أَبِي مريم. وعنه: دُحَيْم بْن نوح، وعليّ بْن إِسْمَاعِيل الجوهري. مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وله من العمر مائة وخمس عشر سنة. 288- عليّ بْن الْحَسَن بْن سُلَيْمَان3. أَبُو الْحَسَن الحضرميّ الواسطيّ، ويُقال الْكُوفيّ الأدميّ، الملقّب بأبي الشَّعْثَاء. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عياش، وحفص بْن غِياث، وعَبْدة بْن سُلَيْمَان، وخالد بْن عَبْد اللَّه الطّحان، وغيرهم. وعنه: مسلم، وأبو زرعة الرازي، وأسلم بن سهل بحشل، وصالح بن محمد جزرة، والحسن بن سفيان. وثقه أبو داود. مات في آخر سنة ست وثلاثين ومائتين. 289- علي بن حكيم بن ذبيان4. أبو الحسن الأودي الكوفي، أخو عثمان. عَنْ: جَعْفَر بْن زياد الأحمر، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، ومُصْعَب بْن المقدام. وعنه: مُسْلِم، والْبُخَاريّ فِي كتاب الأدب، وَأَحْمَد بْن أَبِي غَرَزَة، وعُبيد بْن غنّام، وعثمان بْن خُرَّزاذ، ومُطّين، وموسى بن   1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 183". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 180"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 377"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 96". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 410"، والجرح والتعديل "6/ 183"، والثقات لابن حبان "8/ 467"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 965". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 135 إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، والفِرْيَابيّ، وعَبْدَان. قَالَ أبو حاتم: صدوق. توفي في سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 290- عليّ بْن حكيم بْن زاهر السَّمَرقَنْدِيّ1. أَبُو الْحَسَن. عَنْ ابن عُيَيْنَة، وأبي خَالِد الأحمر، وحفص بْن سلم السمرقندي. وعنه: جيهان الفرعاني، وجعفر الفِرْيَابيّ. قَالَ الخطيبُ: كَانَ فقيهًا يُعرف بعليّ البكّاء لكثرة بكائه. وكان ثقة. جاور بمكة نحوًا من عشرين سنة، ومات سنة خمسين وثلاثين ومائتين. 291- عليّ بْن حمزة بْن سَوّار العكّيّ2. بصْرِيّ صَدُوق. عَنْ: جرير بْن حازم، وحمزة المعْوَليّ. وعنه: أبو زرعة، وأبو يعلى. 292- علي بن المديني. هو عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن جعْفَر بْن نجيح، مولى عروة بن عطية السعدي. الإمام أبو الحسن البصري، أحد الأعلام، وصاحب التصانيف. ولد سنة إحدى وستين ومائة. سَمِعَ: أباهُ، وحمّاد بْن زيد، وهُشَيْمًا، وابن عُيَيْنَة، والدَّرَاوَرْدِيّ، وعبد العزيز بْن عَبْد الصمد العَمّيّ، وجعفر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعيّ، وجرير بْن عَبْد الحميد، وابن وهْب، وعبد العزيز بْن أَبِي حازم، وعبد الوارث، والوليد بْن مُسْلِم، وغُنْدَرًا، ويحيى القطّان، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وابن عُلَيَّة، وعبد الرّزّاق، وغيرهم. وعنه: الْبُخَاريّ، وأبو داود، وَأَحْمَد بْن حنبل، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهلال بن العلاء، وحُمَيْد بْن زَنْجَويَه، وإسماعيل القاضي، وصالِح جَزَرَة، وعليّ بْن غالب البَهِيّ، وأبو خليفة الْجُمَحِيّ، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وَمحمد بْن جَعْفَر الْإِمَام الدِّمياطيّ، وَمحمد بْن محمد الباغَنْدي، وعبد اللَّه البَغَويّ، وغيرهم، آخرهم وفاةً عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أيوب الكاتب، وأقدمهم وفاة شيخه سُفْيَان بْن عُيَيْنَة. قَالَ الخطيب: وبين وفاتيهما مائة وعشرون سنة.   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 106"، والثقات لابن حبان "8/ 466، 467". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 308"، والجرح والتعديل "6/ 193"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 14". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 136 قَالَ أبو حاتم: كَانَ ابن الْمَدِينِيّ عَلَمًا فِي النّاس فِي معرفة الحديث والعِلل، وما سَمِعْتُ أحدًا سمّاهُ قطّ، إنّما كَانَ يُكنّيه تبجيلًا لَهُ. وعن ابن عيينة قال: يلومونني عَلَى حُبّ عليّ بْن الْمَدِينِيّ. والله لَمَّا أتعلم منه أكثر مِمّا يتعلم منّي. وعن ابن مهديّ قَالَ: عليّ بْن الْمَدِينِيّ أعلمُ الناس بحديث رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وخاصّة بحديث ابن عُيَيْنَة. وقال ابنُ مَعِين: عليٌّ من أروى النّاس. وقال أَبُو قُدامة السَّرْخَسيّ: سمعتُ عليّ بْنَ الْمَدِينِيّ يَقُولُ: رأيتُ فيما يرى النائم كأن الثريا تدلت حتى تناولتها. قال أبو قدامة فصدق رؤياهُ. بلغ فِي الحديث مبلغًا لَم يبلغه كبير أحد. وقال النَّسَائيّ: كأنّ اللَّه خلق عليّ بْن الْمَدِينِيّ لِهذا الشأن. وقال أَبُو يحيى صاعقة: كَانَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ إذا قدِم بغداد تصدَّر للحلقة، وجاء يحيى، وَأَحْمَد بْن حنبل والْمُعَيْطِيّ، والنّاس يتناظرون، فإذا اختلفوا فِي شيء تكلَّم فِيهِ عليّ. وقال أَحْمَد بْن زُهير يَقُولُ: سَمِعْتُ ابن مَعين يَقُولُ: كَانَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ إذا قَدِمَ علينا أظهرَ السنة، وإذا ذَهبَ إلى البصرة أظهر التشيُّع. وقال إِبْرَاهِيم بْن معقل: سمعتُ الْبُخَاريّ يَقُولُ: ما استصغرتُ نفسي عِنْدَ أحدٍ إلَا عِنْدَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ. وقيل لأبي داود: أَحْمَد أعلمُ أم عليّ؟ قَالَ: عليّ أعلم باختلاف الحديث من أَحْمَد. وقال أَبُو داود: ابن الْمَدِينِيّ خيرٌ من عشرة آلاف مثل الشَّاذَكونيّ. وعن أَبِي عُبَيْدَة قَالَ: انتهى العلم إلى أربعة: أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له، وأحمد بن حنبل أفقههم فيه، وعليّ بْن الْمَدِينِيّ أعلمهم بِهِ، ويحيى بْن مَعِين أكتَبُهم لَهُ. ومع ذَلِكَ كَانَ مِمّن أجاب فِي المحنة، نسألُ اللَّه العافية. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بن القطّان يَقُولُ: ويْحَك يا عليّ، أراك تتبع الحديث تتبُّعًا، لا أحسبك تموت حتَّى تُبْتَلَى. وقال أزهر بْن جميل: كنّا عِنْدَ يحيى بْن سَعِيد، فجاء عبدُ الرَّحْمَن بْن مهديّ ممتقع1 اللون أشعث، فقال: رأيتُ البارحة كأن قومًا من أصحابنا قد نُكِّسوا. فقال ابن الْمَدِينِيّ: يا أَبَا سَعِيد هُوَ خير، قَالَ تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: 68] .   1 متغير. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 137 فقال عَبْد الرَّحْمَن: اسكت، فَواللَّهِ إنّك لفي القوم. وقال الأثرم عليّ بْن المغيرة: سمعتُ الأصمعي وهو يَقُولُ لابن الْمَدِينِيّ: واللهِ يا عليّ، لتتركنّ الْإسْلَام وراء ظهرك. وقال الصُّوليّ: ثنا الحسين بن فهم قَالَ: أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد لابن الْمَدِينِيّ، بعد وصلهُ بعشرة آلاف درهم وثياب ومركبٍ بعدّته: يا أَبَا الْحَسَن، حديث جرير فِي الرؤية ما هُوَ؟ قَالَ: صحيح. قَالَ: هَلْ عندك فِيهِ شيء؟ قَالَ: يعفيني القاضي. قَالَ: يا أَبَا الْحَسَن هذه حاجة الدَّهْر. ولَم يزل بِهِ حتّى قَالَ: فِيهِ من لا يعوَّل عَلَيْهِ قيس بْن أَبِي حازم، إنّما كَانَ أعرابيًّا بوَّالًا عَلَى عَقِبَيْه. فقبّله ابن أَبِي دُؤاد واعتنقه. فلمّا ناظر أَحْمَد بْن حنبل قال: يا أمير المؤمنين يحتج علينا بحديث جرير، وإنّما هُوَ من رواية قيس بْن أَبِي حازم، أعرابيّ بوّال عَلَى عقبيه. قَالَ: فقال أَحْمَد بْن حنبل بعد ذَلِكَ: فحين أطْلَع لي هذا علمت أَنَّهُ من عمل عليّ بْن الْمَدِينِيّ. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: هذا باطل، قد نزَّه اللَّه عليَّ بْن الْمَدِينِيّ عَنْ قول ذَلِكَ فِي قيس بْن أَبِي حازم، وليس فِي التّابعين من أدركَ العشرة وروى عنهم غيره. ولَم يحك أحدٌ مِمن ساق محنة أَحْمَد أَنَّهُ نوظر فِي حديث الرؤية. قَالَ والدي: يُحكى عَنْ علي أنه روى لابن دُؤاد حديثًا عَنِ الوليد بْن مُسْلِم فِي القرآن أخطأ فِيهِ، فكان أَحْمَد بْن حنبل يُنْكرُ عَلَيْهِ رواية ذَلِكَ الحديث. واللفظُ: "كِلُوه إلى عالمه"، فقال: "كِلُوه إلى خالِقِه" وقال أَبُو العَيْنَاء: دخلَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ إلى أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد بعد محنة أَحْمَد بْن حنبل، فناوله رُقْعَةً، فقال: هذه طُرِحَت فِي داري. فإذا فيها: يا بان الْمَدِينِيّ الَّذِي شُرِعَت لَهُ ... دُنيا فجاد بدينه لينالها ماذا دعاكَ إلى اعتقاد مقالةٍ ... قد كَانَ عندك كافرًا من قالها أمرٌ بدا لك رُشْدُهُ فقبِلْتَهُ ... أمْ زهرة الدُّنيا أردتَ نَوَالها فلقد عهِدتُكَ لا أَبَا لك مرَّةً ... صعْبَ الْمَقادة للّتي تُدْعَى لَها إنّ الحريب لمن يصاب بدينه ... لا من يرزيء ناقة وفِصَالها فقال لَهُ: لقد قمت وقمنا من حقّ اللَّه بِما يصغّر قدْر الدُّنيا عِنْدَ كبير ثوابه. ثُمَّ وصله بِخمسة آلاف درهم. وقال ابن عدي: سمعتُ مُسَدَّد بْن أَبِي يوسف القَلوَسيّ: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: قلتُ لعلي بْن الْمَدِينِيّ: مِثْلُك وفي علمك يُجيبُ إلى ما أجبت إِلَيْهِ؟ قَالَ: يا أَبَا يوسف ما أهْون عليك السّيف. وقال إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بن الجنيد: الجزء: 17 ¦ الصفحة: 138 سمعتُ ابن مَعِين، وذُكِرَ عِنْدَه ابن الْمَدِينِيّ، فحملوا عليه، فقلت: ما هو عن النّاس إلا مُرْتَدّ. فقال: ما هُوَ بِمُرْتَدّ، وإنّما هُوَ عَلَى إسلامه. رَجُل خافَ فقال ما عَلَيْهِ. وعن محمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبَة: سمعتُ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ عَلَى المنبر يَقُولُ: من زعم أنّ القرآن مخلوق فهو كافر، ومن زعم اللَّه لا يرى فهو كافر، ومن زعم أنّ اللَّه لَم يكلِّم مُوسَى حقيقة فهو كافر. تُوُفِّيَ لليلتين من ذي القعدة سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين بسامرّاء. 293- عليّ بْن عيسى المخرميّ البغداديّ1. عَنْ: هُشَيْم، وحفص بْن غِياث، وعبد اللَّه بْن إدريس. وعنه: حرب الكرْمَاني، وابن أَبِي الدُّنْيَا، وعبد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل، وأبو القاسم البَغَويّ. وثَّقه صالح بْن محمد جَزَرَة. تُوُفيّ فِي ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 294- عليّ بْن قَرِين بْن بَيْهَس2. أَبُو الْحَسَن الْبَصْرِيّ. سكن بغداد، وحدَّث عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وعبد الوارث. وعنه: عَبْد اللَّه بْن هارون السَّعْدِيّ، وغيره. وهو متروك متَّهم. قَالَ مُوسَى بْن هارون: كذّاب. وقال ابن قانع: يضع الحديث. مات سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين. 295- عليّ بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن أَبِي شدّاد الحافظ3. أَبُو الْحَسَن الطَّنَافِسيّ الكوفِيّ. محدِّث قَزْوِين. عَنْ: أخواله محمد، وَيَعْلَى ابني عُبَيْد الطَّنافسيّ، وأبي بَكْر بْن عياش، وأبي مُعَاويَة، وابن عُيَيْنَة، وحفص بْن غياث، وعبد اللَّه بْن وهب. وعنه: أَبُو زُرْعة، وأبو حاتِم، وابن وَارَةَ، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، وَمحمد بْن الضُّرَيْس، وعليّ بْن سَعِيد بْن بشير الرازيّون، وابنه الْحُسَيْن بْن عليّ قاضي قَزْوين، ويحيى بْن عَبْدَك القَزْويني، قَالَ أبو حاتم: كَانَ ثقة صدوقًا. وهو أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة فِي الفضل والصَّلاح. وأبو بَكْر أكثر حديثًا منه وأفهم. توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 11". 2 تقدم ترجمته. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 202"، والثقات لابن حبان "8/ 467"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 990". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 139 296- عليُّ بْن هاشم بْن مرزوق1. أَبُو الْحَسَن الرّازيّ، مولى بني هاشم. عَنْ: هُشَيْم، وعُبَيْدَة بْن حُمَيْد، وعَبَّاد بْن العَوَّام، وعليّ بْن غُرَاب، وابن مطيع الْحَكَم بن عبد الله قاضي بلخ، وأبي بكر بن عياش. وعنه: أبو حاتم، والحسن بن العباس، وأحمد بن جعفر الحمال، وعبد الرحمن بن محمد بن سالم، ومحمد بن عبد الله بن رسته الإصبهاني. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 297- عليُّ بْن المغيرة2. أَبُو الْحَسَن الأثرم، صاحب اللُّغَة، كَانَ من كبار علماء اللِّسَان ببغداد. حمل عَنْ: أَبِي عُبَيْدَة، والأصمعي، وغيرهما. وعنه: أَحْمَد بْن أَبِي خيثمة، وَمحمد بْن يَحْيَى الكِسَائي الصَّغير، وَأَحْمَد بْن يحيَى البلاذُريّ، والزُّبير بْن بكّار، وأبو الْعَبَّاس ثعلب. وكان مقبول الرواية، بصيرًا بالنَّحْو واللُّغة. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 298- عُمَرَ بْن فرج الرُّخَّجيّ الكاتب3. كَانَ من علية الكُتّاب، يصلح للوزارة. سخط عَلَيْهِ المتوكّل، فأخذ منه ما قيمته مائة وعشرون ألف دينار. ثم صالحه على أن يرد إِلَيْهِ ضياعه عَلَى ماله. ثُمَّ غضب عَلَيْهِ وصُفِعَ4 ستّة آلاف صفعة فِي أيام، وأُلْبِسَ عباءة. ثُمَّ رضي عَنْهُ، ثُمَّ سَخطَ عَلَيْهِ ونفاهُ. تُوُفِيّ ببغداد. 299- عُمَرَ بْن موسى5.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 208"، والثقات لابن حبان "8/ 475"، وتهذيب الكمال "2/ 994". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 470"، وتاريخ بغداد "12/ 107"، والكامل في التاريخ "7/ 35"، والفهرست "56". 3 انظر تاريخ الطبري "9/ 140، 150"، والكامل في التاريخ "7/ 23، 29"، ومروج الذهب "2834". 4 صفعة صفعًا: أي ضربه بكفه مبسوطة. 5 انظر الثقات لابن حبان "8/ 445"، والكامل لابن عدي "5/ 1710"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 226". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 140 أَبُو حفص الحادي البصْريّ ثُمَّ الكُدَيْمِيّ. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وأبي الربيع السّمّان أشعث، وأبي هلال محمد بْن سُلَيْم. وعنه: عَبْدَان الأهوازي، وعمر السّخْتياني، وزكريّا الساجيّ. قَالَ ابن عديّ: ضعيف، يسرق الحديث. 300- عُمَرَ بْن هشام1. أَبُو حفص النَّسَويّ. صاحب مظالم الرَّيِّ. عَنْ: الفضل بْن مُوسَى السِّينانيّ، والنَّضْر بْن شُمَيْلٍ، وفَضَالة بْن إِبْرَاهِيم. وعنه: أَبُو داود، وأبو حاتِم، وعبد اللَّه الخُتَّليّ. 301- عمّار بْن زَرْبي2. أَبُو الْمُعْتَمِر الْبَصْرِيّ الضرير المؤدِّب. عَنْ: مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، وبِشْر بْن منصور. وعنه: عبدان، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى. كذبه عبدان. 302- عمرو بن حفص3. ويقال عمر. أبو هشام الثقفي مولاهم الدمشقي البزاز. ولاؤه للحجاج بن يوسف. عَنِ: الوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن شُعَيب. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وأبو زرعة الدمشقي، وأحمد بن المعلى، وأحمد بن إبراهيم البسري. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 303- عَمْرُو بْن الْحُصَيْن العُقَيْلِيّ الباهليّ الْبَصْرِيّ ثُمَّ الحَرزيّ4 أَبُو عثمان4. عَنْ: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عُلاثة، وأبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد، ويحيى بْن العلاء الرازيّ، وعبد العزيز بن مسلم، وعلي بن سارة. وعنه: أحمد بن داود المكي، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد بْن أيّوب بْن الضُّرَيْس، ومعاذ بْن المثنى، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وأبو معشر الحسن بن سليمان الدارمي، والحسين بن   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 142"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 230". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 392"، والثقات لابن حبان "8/ 517، 518"، الكامل لابن عدي "5/ 1731". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 229". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 229"، والضعفاء للدارقطني "130"، والكامل لابن عدي "5/ 1797"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 252". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 141 إسحاق التستري، وأبو يعلى الموصلي. قَالَ أبو حاتم: ذاهب الحديث. وقال ابن عديّ: حدَّث عَنِ الثّقات بغير حديث مُنْكَر، وهو مظلم الحديث. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك. تُوُفيّ بعد الثلاثين ومائتين. 304- عَمْرُو بْن رافع بْن الفُرات1. أَبُو حُجْر البَجَليّ القَزْوينيّ. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وابن المبارك، وإسماعيل بْن جَعْفَر، وابن عيينة، والفضل بن موسى، وعباد بن العوام. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، والحسن بن العباس، وأحمد بن عبد الرحمن القلانسي، ومحمد بن أيوب الرازيون، ومحمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي، ومحمود بن الفرج الإصبهاني. قَالَ أَبُو حاتِم: قلّ من كتبنا عَنْهُ أصدق لَهجةً وأوضح حديثًا منه. مات سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين. 305- عَمْرو بْنُ زُرارة بْن واقد2. أَبُو محمد الكلابي النيسابوري المقريء. قرأ القرآن عَلَى الكسائي، وحدَّث عَنْ: هُشَيْم، ويحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، وعبد العزيز بْن أَبِي حازم، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ. وعنه: الشَّيْخَان، والنسائيّ، وَمحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وإبراهيم بْن أَبِي طالب، والحسن بْن سُفْيَان، وَمحمد بْن إِسْحَاق السّراج. قَالَ النسائيّ: ثقة. ومات سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 306- عَمْرُو بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ثَوْبَان3. مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو الْحَسَن الباهليّ. عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن سعد، ويعقوب القُمّيّ، وابن المبارك، وحمّاد بْن زيد. وعنه: يزيد بْن خَالِد الإصبهاني، وصالِح بْن   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 232، 233"، والثقات لابن حبان "8/ 487"، وتهذيب الكمال "2/ 1032"، وتهذيب التهذيب "8/ 32". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 233"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 332"، والثقات لابن حبان "8/ 487"، وسير أعلام النبلاء "11/ 406". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 233"، والضعفاء للدراقطني "130"، والكامل لابن عدي "5/ 1800"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 204". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 142 العلاء العَبْدِيّ، ورَوْح بْن عَبْد المجيب، وسمع منه فِي سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. قَالَ ابن عديّ: يسرق الحديث ويُحدِّثُ بالبواطيل. 307- عَمْرُو بن عباس الباهليّ1. أَبُو عثمان البصريّ الأهْوَازِيّ الرازيّ والد عَمْرو الباهليّ. عَنْ: ابن عُيَيْنَة، وغُنْدر، وابن مهديّ. وعنه: الْبُخَاريّ، وحرب الكِرْمَانيّ، وعَبْدَان الأهْوازيّ. كَانَ حافظًا صاحب حديث. مات فِي ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين ومائتين. 308- عَمْرُو بْن قسطْ أو قُسَيْط2. أَبُو عليّ السُّلَمِيّ الرَّقِيّ. عن: أبي المليح، وعبيد الله بن عمرو الرِّقيين، ويعلى بن الأشدق. وعنه: أبو داود، وأحمد بن إسحاق بن يزيد الخشاب، وأبو زرعة الرازي، وعثمان بن خرزاذ. توفي سنة ثلاثين ومائتين. قلتُ: كَانَ حقّه أن يحوَّل إلى الطبقة التي قبل هذه الطبقة. 309- عَمْرُو بْن عَمْرو بْن يزيد. أبو عبد الله الغافِقيّ. مولاهم الْمَصْرِيّ. عَنْ: الليث بْن سعد، وابن لَهِيعة. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح. وهو والد إسماعيل بن عمرو المدني راوي الموطأ عَنْ عَبْد الملك بْن الماجِشُّون، عَنْ مالك. مات سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. 310- عَمرو بْن محمد بْن بُكَيْر بْن سابور3. الحافظ أَبُو عثمان البغداديّ النّاقد. نزلَ الرَّقَّةَ مُدّةً. عَنْ: هُشَيْم، وأبي خَالِد الأحمر، والسفيان بْن عُيَيْنَة، وحفص بْن غِياث، ومُعْتَمر بْن سليمان، وأبي معاوية، وعبد الرزّاق. وعنه: الشيخان، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو القاسم   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 252"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 362"، والثقات لابن حبان "8/ 468"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1039". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 256"، والثقات لابن حبان "8/ 486"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1047". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 358"، والجرح والتعديل "6/ 262"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 375"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 205". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 143 البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وجعفر الفريابي. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: كَانَ عَمْرو الناقد يتحرّى الصِّدْق. وقال أبو حاتم: ثقة أمين. وقال الْحُسَيْن بْن فَهْم: كَانَ ثقة صاحب حديث، فقيهًا من الحفّاظ المعدودين. تُوُفيّ لأربعٍ خَلَوْنَ من ذِي الحجّة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 311- عِمْران بْن يزيد بْن أَبِي جميل الدمشقي1. ذكره ابن أَبِي حاتم فقال: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بْن سَمَاعة، وهِقْل بْن زياد، والدَّرَاوَرْدِيّ، وشهاب بْن خِراش. وعنه: أبي وأبو زرعة. 312- عون بن يوسف2. أبو محمد الخزاعي المغربي الكناني الفقيه. سَمِعَ من: عَبْد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أسلم، وغيره. وعنه: محمد بْن وضّاح، وكان يُفضِّلْه وَيُثْنِي عَلَيْهِ. مات فِي جُمَادى الأولى سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين، عَنْ سنٍّ عالية. 313- عيّاش بْن الوليد3. وهو عياش بْن الأزرق. بصريٌّ نزل أَذَنَة. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. وعنهُ: أَبُو داود، وَأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه العجليّ الحافظ، وجعفر الفِرْيَابيّ. 314- عِياض بْن عَبْد الملك الْمُراديّ. مولاهم المصريّ، أَبُو يزيد. عَنْ: ابن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن كُلَيْب، وابن وهب. وكان من أفضل أهل زمانه. وعنه: عَبْد الكريم بْن إِبْرَاهِيم. تُوُفِّيَ بأَيْلَة سنة تسع وثلاثين ومائتين. 315- عيسى بن سالم الشاشي4.   1 انظر الجرح والتعديل "6/ 307"، وتهذيب التهذيب "9/ 223". 2 انظر ترتيب المدارك "2/ 627"، وطبقات الفقهاء "157". 3 انظر الإكمال لابن ماكولا "6/ 68". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 278"، والثقات لابن حبان "8/ 494"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 61". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 144 عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقِيّ، وعبد اللَّه بْن المبارك. وعنه: مُوسَى بْن هارون، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وأبو القاسم البغويّ. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة؛ تُوفيّ بطريق حُلْوان سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. "حرف الغين": 316- غُزَيْلُ بْن سِنَان الموصِليّ. مولى بَنِي تَميم. عَنْ: المعافى بْن عِمران، وعفيف بْن سالم. وعنه: أَحْمَد بْن حمدون الموصليّ. تُوُفيّ سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين. مجهول. "حرف الفاء": 317- الفتح بْن هشام الترجمانيّ1. عَنْ: أَبِي عُلَيَّة. وعنه: أَبُو إِسْحَاق السّرّاج. مات سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 318- الفُرات بْن نصر2. الفقيه أَبُو حفص القُهُنْدُزيّ الْهَرَويّ. سَمِعَ الكُتُب من: محمد بْن الْحَسَن. وحمل أيضًا عَنْ: أَبِي يوسف. وعنه: أحمد بْن حَبُّوَيْه. مات سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 319- الْفَرَجُ بنُ سَهيل بْن الفَرَج القُضَاعِيّ ثُمَّ الفارابيّ الزّاهد3. عَنْ: ابن وهْب، وأبي إِسْمَاعِيل الزّاهد. وصحب إدريس بْن يحيى. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: كَانَ حكيمًا ينطقُ بالحكمة. تُوفيّ فِي المحرم سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 320- الفضل بْن زياد4. أَبُو الْعَبَّاس الطَّسْتِيّ، بغداديّ ثقة. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، وعبّاد بْن عبّاد. وعنه: ابن أبي الدنيا، وموسى بن هارون، وإبراهيم بن هاشم البغوي.   1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 14"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 383". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 14". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 86". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 62"، والثقات لابن حبان "9/ 6"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 360". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 145 321- الفضل بن غانم1. أبو علي المروزي الخزاعي. عَنْ: مالك، وسليمان بْن بلال، وأبي يوسف. وعنه: أحمد بن أبي خيثمة، ومحمد بن يَحْيَى الْمَرْوَزِيّ، وأبو القاسم البَغَويّ. وقد تولّى قضاء مصر عامًا وعزل، وذلك في ثمانٍ وتسعين ومائة، وكان كبير اللحية جدًّا، وكان يُصلِّي بالنّاس الجمعة، فإذا خطبَ جعل فِي لحيته عودًا ليردّ عنها عين لَهِيعة بْن عيسى، وكان فيما قِيلَ عُيُونًا مجرَّبًا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الفضل لَيْسَ بقويّ. وتكلَّم فِيهِ أيضًا أَحْمَد بْن حنبل. وولي قضاء الرِّيّ فيما قاله ابن أَبِي حاتِم. مات سنة ستة وثلاثين ومائتين. 322- الفضل بْن مُقاتِل2. أَبُو مُقاتِل الأزْدِيّ البلْخِيّ عَنْ النَّضْر بْن شُمَيْلٍ وعبد الرزّاق ويزيد بْن أَبِي حكيم وعنه البخاري في كتاب الأدب وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب وجعفر الفريابي وثقه البخاري. 323- فضيل بن الحسين بن طلحة3. أبو كامل الجحدري البصري ابن أخي كامل بن طلحة. عَنْ: الحمَّادَيْن، وعبد الواحد بْن زياد، وخالد بْن عَبْد الله الطّحّان، وسُلَيْم بْن أخضر. وعنه: مسلم، وأبو داود، وابن أبي عاصم، وعبدان، والبغوي. وكان ثقة مشهورا. مات سنة سبع وثلاثين ومائتين. 324- فطر بن حماد بن واقد الصفار4. بصري، مقل. عَنْ: أَبِيهِ، ومالك بْن أنس. وعنه: مُسْلِم فِي غير الصحيح، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن عَمْرو البزّاز، وعليّ بْن سَعِيد الرّازيّ. توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 66"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 239"، وتاريخ الطبري "8/ 637"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 357". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 69". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 71، 72"، والثقات لابن حبان "9/ 10"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1102". 4 تقدمت ترجمته. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 146 "حرف القاف": 325- القاسم بْن أُميّة العَبْدِيّ الْبَصْرِيّ الحذاء1. عَنْ: مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، وحفص بْن غِيَاث. وعنه: أبو زرعة وقال: صدوق، وأبو حاتِم. 326- القاسم بْن محمد بْن أَبِي شَيْبَة2. أخو أَبِي بَكْر، وعثمان: ضعيف الحديث بمرّة. عَنْ: يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وعبد اللَّه بْن إدريس، وإسماعيل بْن عُلَيَّة. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتِم ثُمَّ تركا حديثه؛ وصالح جررة، وأبو يَعْلَى. مات سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. 327- القاسم بْن هلال3. أَبُو محمد القُرْطُبيّ. رحل، وسمع: عَبْد اللَّه بْن وهْب، وعبد الرَّحْمَن بْن القاسم. حدَّث عَنْهُ: أولاده. وكان بصيرًا بِمذهب مالك. تُوُفِيّ سنة إحدى، وقال ابن يونس: سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين. 328- قُتَيْبَة بْن سَعِيد بْن جميل بْن طريف4. أَبُو رجاء الثّقفي، مولاهم البلْخَيّ، نزيل قرية بَغْلان. قَالَ ابن عديّ: اسمه يَحْيَى، وقُتَيْبَة لَقَبٌ لَهُ. وُلِدَ سنة تسعٍ وأربعين ومائة. سَمِعَ: مالكًا، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، وأبا عَوَانة، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الموّال، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، ومفضّل بْن فَضَالَةَ، وحمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بْن زياد، وبكر بْن مُضَر، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وأبا الأحوص، وجعفر بْن سُلَيْمَان، وإسماعيل بْن جَعْفَر، وخلقًا بِخُراسان، والعراق، والحجاز، ومصر. وعنه: من عدا ابن ماجة، وابن حمّاد، وَأَحْمَد بْن   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 107"، والمغني في الضعفاء "2/ 517". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 120"، تاريخ جرجان "299"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 379"، ولسان الميزان "4/ 465". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 355"، وبغية الملتمس "451". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 379"، والجرح والتعديل "7/ 140"، والثقات لابن حبان "9/ 20"، وتاريخ الطبري "2/ 388"، وحلية الأولياء "6/ 319". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 147 حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو خيْثَمَة، ويَحْيَى بْن مَعِين، والحسن بْن عَرَفة، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زُرْعَة، وجعفر الفِرْيَابي، والحسن بْن سُفيان، وموسى بْن هارون، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج. عَنْ: الْحَسَن بْن سُفْيَان قَالَ: كُنَّا عَلَى باب قُتَيْبَة، وكان معنا رجلٌ يقول: لا أخرج حتّى أكبّر عَلَى قُتَيْبَة. فمرض الرجل ومات، فأُخبرَ قُتَيْبَة فخرج، فصلّى عَلَيْهِ، وكتب عَلَى قبره: هذا قبر قاتل قُتَيْبَة. قَالَ أَحْمَد بْن يسار: كَانَ جدّ قُتَيْبة مولى للحجاج، وكان يذكر كرامته عَلَيْهِ، وأنه كَانَ يجلس عَلَى سرير عَنْ يمينه. وكان قتيبة رَبْعَةً، أصلع، حُلو الوجه، حَسَن الخَلْق، غَنيًّا من ألوان الأموال من البقر، والإبل، ولقد قَالَ لي: أقِمْ عندي هذه الشّتْوَة حتّى أُخرج لك مائة ألف حديث عَنْ خمس أُناسيّ. وكان ثَبْتًا صاحب سنة. كتب الحديث عَنْ ثلاث طبقات. فقال ابن أَبِي خيثمة: سُئِلَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، عَنْ قتيبة، فقال: ثقة. وقال النسائي: ثقة مأمون. ومن شعر قُتَيْبَة: لولا القضاءُ الَّذِي لا بُدّ مُدْركُهُ ... والرّزْق يأكله الْإِنْسَان بالقَدَر ما كَانَ مثلي فِي بَغْلانَ مَسْكَنُهُ ... ولا يَمرُّ بِهَا إلا عَلَى سَفَر ومن عجيب الاتفاق أنّ التِّرْمِذِيَّ روى حديث الجمع بين الصلاتين عَنْ قُتَيْبَة، ثُمّ رَوَاهُ عَنْ عَبْد الصمد بْن سُلَيْمَان، عَنْ زكريّا اللُؤلؤيّ، عَنْ أَبِي بَكْر الأعْيَن، عَنْ عليّ بْن الْمَدِينِيّ، عَنْ أَحْمَد بْن حنبل، عَنْ قُتَيْبَة. 329- قَطَنُ بنُ نُسَير2. أَبُو عبّاد الغُبَريّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ. وعنه: مسلم، وأبو داود، ومطين، وأبو يعلى الموصلي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي. قال أبو حاتِم: رأيتُ أَبِي يحمل عَلَيْهِ. وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث ويوصله.   1 أي أصناف. 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 138"، والثقات لابن حبان "9/ 22"، والكامل لابن عدي "6/ 2075"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1130". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 148 "حرف الكاف": 330- كامل بْن طلحة1. أَبُو يَحْيَى الْجَحْدَريّ الْبَصْرِيّ. وُلِدَ سنة خمسٍ وأربعين ومائة. عن: مبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وأبي الأشهب جَعْفَر بْن حبّان، واللّيث بْن سعد ومالك، وابن لَهِيعة. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي، وأبو داود السجستاني، في كتاب "المسائل"، وأبو بكر بن أبي عاصم، وموسى بن هارون، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل فِيهِ: مقارب الحديث. وقال أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 331- كثير بْن يحيى بن كثير2. أبو مالك. عن: أبي عوانة، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وثابت بْن يزيد الأحوال، وغيرهم. وعنه: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي زيادات المسند، وإبراهيم بن هاشم البغوي وعبيد الله بن النعمان المنقري، وهشام بن علي السدوسي. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: روى عَنْهُ أَبِي، وأبو زُرْعة، وقال: صدوق. تُوُفيّ سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 332- كعب بْن سَعِيد3. أَبُو سَعِيد العامريّ الْبُخَاريّ، يُعرف بكَنْعَان. ذكره السُّلَيْمَانيّ فقال: كَانَ ناسكًا صَدُوقًا من الأبدال. سَمِعَ: مروان بْن مُعَاويَة، ويحيى بْن سليم، وأبا أسامة، وعبد الرواق. وعنه: بَحر بْن النَّضْر، وأبو صَفْوَان السّرماريّ. وكان يَقُولُ: الْإيِمَان قولٌ وعمل. "حرف اللام": 333- لَيْثُ بن حماد الصفار4.   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 363"، والجرح والتعديل "7/ 172"، والثقات لابن حبان "9/ 28"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1141". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 158"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 219"، والثقات لابن حبان "9/ 26"، وميزان الاعتدال "3/ 410". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 28". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 16". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 149 حدّث ببغداد فِي سنة اثنتين وثلاثين. عَنْ: عَبْد الواحد بْن زياد، وأبي عَوَانة، وعنه: محمد بْن جَابِر السَّقَطيّ، وإدريس بْن عَبْد الكريم الحدّاد، وعبد اللَّه بْن محمد البَغَويّ. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا. 334- اللَّيْث بْن خَالِد1. أبو الحارث البغدادي، وقيل المروزي. المقريء. من كبار المقرئين ببغداد. قرأ عَلَى: أَبِي الْحَسَن الكِسَائي، وأخذ الحروف عَنْ: يحيى اليزيديّ، وحمزة بْن القاسم الأحْوَل. وتصدَّرَ للإقراء، وحمل الناس عنه. وكان ثقة ثبتًا فيما ينقله. روى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْن عاصم، وَمحمد بْن يَحْيَى الكِسَائيّ الصّغير. مات سنة أربعين. "حرف الميم": 335- مالك بْن حويص الهَرَويّ2. عَنْ: مالك بْن أنس، وفُضَيْل بْن عِياض. وعنه: يحيى بن أحمد بن زياد، وغيره. توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين. 336- مالك بن سليمان الألهاني3. حمصي، ضعيف، يكنى: أبا أنس. حدَّث بسامرّاء عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقيّة بْن الوليد. وعنه: ابن البراء العبدي، وعلي بن أحمد بن النضر، ومحمد بن محمد الباغندي. ضعفه محمد بن عوف وقال: كَانَ ابن عمّ زوجتي، سَمِعَ منه أَبُو بَرْزة الحاسب سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 337- محمد بْن أبان بْن عمران بن زياد الواسطي الطحان4.   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 16". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 165". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 210"، والثقات لابن حبان "9/ 165"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 158". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 199"، والثقات لابن حبان "9/ 187"، وتاريخ الطبري "5/ 295"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1156". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 150 أَبُو الْحَسَنَ، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أَبُو عِمْران السُّلَمي، وقيل الْقُرَشِيّ. عَنْ: أبان بْن يزيد العطّار، والحَمَّادّيْن، وجرير بْن حازم، وسلام بْن مسكين. وشَرِيك، وعُقبَةُ بْن عَبْد اللَّه الأصم، وفُلَيْح بْن سُلَيْمَان. وعنه: بَقِيّ بْن مَخْلَد، وأبو زُرْعة، ومطيّن، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، ومُضَر بْن محمد الأسديّ، وَمحمد بْن محمد الباغَنْديّ، قَالَ ابن حبّان فِي كتاب "الثِّقَات": ربّما أخطأ. وفي "صحيح الْبُخَاريّ": ثنا محمد بْن أبان، ثنا غُنْدَر، فِي موضعين من كتاب الصلاة. وقال ابن عدي: هُوَ الواسطيّ. وقال أَبُو نصر الكَلاباذيّ، وجماعة: هُوَ محمد بْن أبان البلْخِيّ. وقال بَحْشَل: كَانَ فقيهًا، ومولده سنة سبع وأربعين ومائة. قال ابن أَحْمَد. وتُوُفِيّ سنة تسعٍ، وقيل ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 338- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن العَنْبسيّ الْكُوفيّ. عَنْ: أَبِي مَعْشَر السِّنْديّ. وعنه: محمد بْن عَبْد اللَّه مُطَيّن. قَالَ أبو عبد الله بْن مَنْدة: تُوفيّ بعد الثلاثين ومائتين. 339- محمد بْن القاضي أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد1. أَبُو الوليد الإياديّ. لَمَّا ضُرِبَ أَبُوهُ بالفالِج وانقطعَ فِي بيته ولاه المتوكّل قضاء القضاة. لأن ابن أَبِي دُؤاد كَانَ يبالغ فِي خدمة المتوكّل وفي نُصْحه. وكان المتوكّل يكرهُ أَحْمَد لأجل مذهبه وتهجُّمه عَلَى القول بخلق القرآن. ثُمَّ عزل المتوكّل أَبَا الوليد عَنِ القضاء بيحيى بْن أكثم. وصادر أَبَا الوليد، فَحُمِلَ إِلَيْهِ مائة ألف دينار وجواهر ونفائس. ثُمَّ صُولِح بعد ذَلِكَ عَلَى ستة عشر ألف ألف دِرْهَم. وتوالت الآفات عَلَى ابن أبي دُؤاد بمرضه ونكبته، ثُمَّ فجع بابنه أَبِي الوليد هذا، فمات سنة سَبْعٍ وثلاثين، أو فِي سنة أربعين ومائتين. ومات أَحْمَد بعده بعشرين يومًا. ولأبي الوليد أخبار طريفة فِي الْبُخْل. 340- محمد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن المسّيب بْن أَبِي السّائب2 بْنُ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن مخزوم.   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 173، 179"، وتاريخ الطبري "9/ 188"، وتاريخ بغداد للخطيب "1/ 297". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 194"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 40، 41"، والثقات لابن حبان "9/ 89". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 151 أبو عبد الله الْقُرَشِيّ المخزوميّ المسيبيّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وسُفيان بْن عُيَيْنَة، وأنس بْن عياض، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، وَمحمد بْن فُلَيْح. وقرأ القرآن على أبيه عَنْ نافع. وأقرأ. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، وأبو زُرْعة، وإبراهيم الحربيّ، وأبو يَعْلَى الموصلي، وَمحمد بْن عبدوس بْن كامل. كَانَ عالِمًا صالِحًا جليل القدر. قَالَ مُصْعَب الزُّبَيْريّ: لا أعلمُ فِي قريش كلّها أفضل من المسيبيّ. وثَّقه صالح جَزَرَة. مات ليومين بقيا من ربيع الأول سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 341- محمد بن إسحاق بن هاشم الرافعي1. عن ولد أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. دمشقيّ. عَنْ: سَعِيد بْن عَبْد العزيز. وعنه: أَحْمَد بْن نصر بْن شاكر، وجعفر الفريابيّ، وَأَحْمَد بْن الْمُعَلَّى. 342- محمد بْن أسد الحَوْشِيّ الحافظ2. أبو عبد الله الإسفرائينيّ أحد الأعلام. إمام رحّال مصنِّف. وحَوْش من قرى إسفرائين. عن: ابن المبارك، عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وبقيّة بْن الوليد، والوليد بْن مُسْلِم، وفُضَيْل بْن عياض. وعنه: محمد بن عبد الوهاب الفراء، وأبو إبراهيم الحربي، وأبو بكر الصغاني، وأبو حاتم الرازي، وأبو لبيد السرخسي. ولما مات قَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيه: كَانَ نصف خُراسان. 343- محمد بْن أَبِي العتاهية إِسْمَاعِيل البغداديّ3. الشاعر ابن الشاعر، ويُلَقَّب عتاهية. لَهُ شعر جيّد فِي الزُّهد. عَنْ: أَبِيهِ، وهشام الكلبيّ. وعنه: ابن أبي الدنيا، وأحمد بن أبي خيثمة، والمبرد. ومن شعره: قد أفلح الساكت الصموت ... كلام راعي الكلام قوت ما كل نطق له جواب ... جواب ما يكره السكوت يا عجبًا لامرىء ظلوم ... مستيقن أنه يموت   1 انظر تاريخ دمشق "37/ 100". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 209"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 406"، وسير أعلام النبلاء "10/ 655، 656". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 34"، والأغاني "4/ 788". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 152 344- محمد بْن بشير بْن مروان1. أَبُو جَعْفَر الكِنْدِيّ الدّعاء. بغداديّ، جائز الحديث. عَنْ: ابن المبارك، وابن السمّاك الواعظ، وابن عيينة. وعنه: ابن أبي الدنيا، وأبو يعلى. مات سنة ست وثلاثين ومائتين. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لَيْسَ بالقويّ. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بثقة. 345- محمد بْن بكّار بْن الرّيان الهاشمي2. مولاهم الرُّصَافِيّ البغداديّ، أبو عبد الله. عَنْ: محمد بْن طلحة بْن مَطَرِّف، وعبد الحميد بْن بِهْرام، وفُلَيْح بْن سُلَيْمَان، وقيس بْن الربيع، وأبي مَعْشَر نَجِيح السِّنْدِيّ، والوليد بْن أَبِي ثور، وإسماعيل بْن جَعْفَر. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، وابنه إِبْرَاهِيم بْن محمد، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنْيَا، وموسى بْن هارون، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وحامد بْن شُعَيْب، وإبراهيم بْن هاشم البَغَويّ، وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وعِمْران بْن مُوسَى بْن مُجاشع، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، وَمحمد بْن الْحُسَيْن بْن مُكْرَم. قَالَ مُوسَى: شيخ لا بأس بِهِ. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. مات فِي ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ومائتين، عَنْ ثلاثٍ وتسعين سنة. 346- محمد بْن بكّار بْن الزُّبَيْر العَيْشيّ البصْرِيّ الصَّيْرَفيّ3. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ ويزيد بن زريع، ومعتمر بن سليمان، ومروان بن معاوية. وعنه: مسلم، وأبي داود، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يعلى الموصلي، وعبدان الأهوازي، والحسن بن سفيان، وإبراهيم بن محمد بن نائلة الإصبهاني. وكان ثقة صاحب حديث. تُوُفيّ سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين. 347- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن عَلِيّ بن عطاء بن مقدم4.   1 انظر الضعفاء لابن الجوزاء "3/ 44"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 491"، والمغني في الضعفاء "2/ 559". 2 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 347"، والجرح والتعديل "7 212"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 44"، والثقات لابن حبان "9/ 788". 3 انظر تهذيب الكمال للمزي "3/ 1178"، وسير أعلام النبلاء "11/ 115"، وتهذيب التهذيب "9/ 76، 77". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 308"، والجرح والتعديل "7/ 213"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 49"، والثقات لابن حبان "9/ 58". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 153 الْمُحَدِّث أبو عبد الله الثَّقِفيّ مولاهم الْبَصْرِيّ المقدَّميّ، والد أَحْمَد، وَمحمد. عَنْ: عمّه عُمَرَ بْن عليّ، وأبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد، ويزيد بْن زُرَيْع، وفُضَيْل بْن سُلَيْمَان، ويوسف بْن الماجشون، وعثّام بْن عليّ، وعبّاد بْن عَبّاد. وعنه: الشيخان، وإسماعيل القاضي، ويوسف القاضي، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يعلى الْمَوْصِليّ، وَأَحْمَد بْن عليّ بْن سَعِيد الْمَرْوَزِيّ، وعبد الله بن أحمد، والحسن بن سفيان. وثّقة ابن مَعِين، وأبو زُرْعَة. مات فِي أول سنة أربع وثلاثين ومائتين. 348- محمد بْن ثعلبة بْن سواء السَّدُوسيّ البصْرِيّ1. عَنْ: عمّه محمد بْن سواء فقط. وعنهُ: أَبُو بَكْر بن أبي عاصم، وموسى بن هارون، وأبو لَبِيد محمد بْن إدريس السَّرْخَسِيّ، وعَبْدان الأهوازيّ، وأبو يَعْلَى. 349- محمد بْن جامع البصْرِيّ العطّار2. عَنْ: حمّاد بْن زيد، ومُعْتَمِر. وعنه: أبو يعلى، وعبدان، وعلي بن سعيد الرازي، وأحمد بن حفص الجرجاني. ضعفه أبو يعلى. وقال ابن عديّ: لَهُ أحاديث لا يُتَابعُ عليها. وقال أبو حاتم: كتبت عنه، وهو ضعيف الحديث. 350- محمد بْن جَعْفَر بْن أَبِي مؤاتية الكلبيّ الكوفيّ3. نزيل فَيْد. ويُقال لَهُ الْفَيْدِيّ العلاف. عَنْ: أَبِي مُعَاويَة، وابن فُضَيْل، ووكيع. وعنه: البخاري، ومحمد بن الفضل بن جابر السقطي، ومطين. مات في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين ومائتين. 351- محمد بن حاتم بن ميمون المروزي ثم البغدادي4 السمين. أبو عبد الله. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن إدريس، ويحيى القطّان، وابن عيينة، وعبد الله بن نمير، وإسماعيل بن علية. وعنه: مسلم، وأبو داود، والحسن بن سفيان، وأحمد   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 218". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 223"، والثقات لابن حبان "9/ 79"، والكامل لابن عدي "6/ 2273"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 498". 3 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 57"، والثقات لابن حبان "9/ 132". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 359"، والجرح والتعديل "7/ 237"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 70"، وحلية الأولياء "10/ 336". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 154 ابن يحيى البلاذري، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ. وثقه ابن حبان، وابن عدي، والدارقطني. قَالَ محمد بْن سواء: استخرج كتابًا في تفسير القرآن كتبه لناس ببغداد، وكان يَنْزِلُ قطيعة الربيع. وقال الفلاس: لَيْسَ بشيء. تُوفيّ يوم الأربعاء لِخمس بقين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومائتين. وأمّا. 352- محمد بْن حاتِم المصِّيصيّ. الملقب جنّي، فهو صدوق من أقرانه، ولكنّه تأخّر موته. وكذا: 353- محمد بْن حاتِم الزّميّ1. من أقرانِهما، ولكنْ تأخّر موته. 354- وَمحمد بْن حاتِم بْن بزيع2. أصغر منهم، توفي قبل الخمسين. 355- وَمحمد بْن حاتِم بْن نُعَيْم المصيصي. من صغار شيوخ النسائي، أدركهُ ابن عدي، وبقي إلى قرب الثلاثمائة. 356- محمد بْن الحارث بْن راشد الْمَصْرِيّ. يُعرف بعذرة. سَمِعَ: ابن لَهِيعة، وعبيد اللَّه بْن عَمْرو الرقيّ، وضمام بْن إِسْمَاعِيل. وعنه: الْحَسَن بْن سُفْيَان، وَأَحْمَد بْن داود بْن أَبِي صالِح الحراني، وحسن بْن سَعِيد. فِيهِ لين. تُوفيّ فِي ذي القعدة سنة أربعين ومائتين. 357- محمد بْن حبيب الجاروديّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: عَبْد العزيز بْن أَبِي حازم. وعنه: أَحْمَد بْن عليّ الجزّار، وأبو القاسم البَغَويّ. وكان صدوقًا.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 238"، والثقات لابن حبان "9/ 90". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 108". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 110"، وميزان الاعتدال "3/ 508". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 155 358- محمد بْن حبيب الشمونيّ1. أَبُو جَعْفَر الكوفيّ المقريء. قرأ عَلَى أَبِي يوسف الأعشى صاحب ابن عيّاش. وكان أحذق أصحاب الأعشى. قرأ عَلَيْهِ: إدريس بن عبد الكريم، والقاسم أَحْمَد الخيّاط، وَمحمد بْن عَبْد اللَّه الحربيّ. وكان يُلَقِّن القرآن. 359- محمد بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي شيخ2. أَبُو جَعْفَر البُرْجُلانيّ صاحب المعلَّقَات فِي الزُّهد والرقائق. عَنْ: مالك بْن ضَيْغَم، وحسن الْجُعْفيّ، والهيثم بن عبيد، وزيد بن الحباب، وسعيد بن عامر، وأزهر السمان. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وإبراهيم بن الجنيد، ومحمد بن يحيى الواسطي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو العباس بن مسروق. قَالَ أبو حاتم: ذُكِرَ لي أنّ رجلًا سألَ أَحْمَد بْن حنبل عَنْ شيء فِي أخبار الزُّهد، فقال: عليك بِمحمد بْن الْحُسَيْن. 360- محمد بْن حفص3. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن البصْريّ القطان، خال عيسى بْن شاذان. عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وأبي داود، ومسلم بن قتيبة، وأبي عاصم. وعنه: أَبُو داود، وحرب الكرمانيّ، ومطين، وابن أَبِي الدُّنْيَا. وثَّقه ابن حِبّان. 361- محمد بْن خَالِد بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد الواسطيّ الطحان4. سمعَ: أباهُ، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، وأبا شهاب عَبْد ربّه بْن نافع، وفَرَج بْن فَضَالَةَ، وهُشَيْم. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وإبراهيم بْن يوسف الهِسِنْجَانيّ، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، ومحمود بْن محمد الواسطيّ، ويوسف بْن يعقوب إمام جامع واسط. ضَعَّفه أَبُو زُرْعة. واتَّهمه ابن معين. تُوُفيّ سنة أربعين ومائتين.   1 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 305"، وغاية النهاية "2/ 114". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 229"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 222، 223"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 522". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 95". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 243"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 74"، والثقات لابن حبان "9/ 90"، والكامل لابن عدي "6/ 2275". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 156 362- محمد بْن خَالِد بْن العبّاس بْن زمل السَّكْسكيّ البتلهي1. عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، وبقيّة بْن الوليد. وعنه: يعقوب الفسوي، ومسلم بن الحجاج، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة. 363- محمد بن خلاد بن كثير2. أبو بكر الباهلي البصري. عَنْ: مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، ونوح بن قيس، وغندر، ويحيى القطان ولَزمه مدّة. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، والحسن بْن سُفْيَان، وعبد اللَّه بْن ناجية، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل. وثَّقه مُسَدِّد. قَالَ ابن حبّان: مات سنة تسعٍ وثلاثين وقال ابن أَبِي حاتِم: سنة أربعين ومائتين. 364- محمد بْن خلاد بْن هلال3. أبو عبد الله التّميميّ الإسكندرانيّ. سَمِعَ: اللَّيْث، وضمام بْن إِسْمَاعِيل، ويعقوب الإسكندرانيّ. قَالَ ابن يونس: يروي المناكير. ماتت سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 365- محمد بْن زياد بْن الأعرابي4. أبو عبد الله الهاشمي مولى آل الْعَبَّاس بْن محمد الهاشميّ. كَانَ عَجَبًا فِي معرفة لُغة العرب والأنساب. وكان أَحْوَلَ. عَنْ: أَبِي مُعَاويَة الضَّرير، وغيره. وعن: الكِسَائيّ، والقاسم بْن مَعْن المسعوديّ. وعنه: إِبْرَاهِيم الحربيّ، وعثمان الدّارمي، وأبو الْعَبَّاس ثعلب، وأبو شُعَيْب الحراني، وشمر بن حمدويه. وكان يَقُولُ: وُلِدْتُ فِي الليلة التي مات فيها أبو حنيفة.   1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 93"، والمعرفة والتاريخ "1/ 535". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 246"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 76"، والثقات لابن حبان "9/ 86"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 195". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 245"، والثقات لابن حبان "9/ 85"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 573"، ولسان الميزان "5/ 155". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 282-285"، والكامل في التاريخ "7/ 25"، والفهرست لابن النديم "61"، وسير أعلام النبلاء "2/ 264". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 157 ولم يكن من الكوفيين أشبه برواية البصْريين منه. وكان يزعم أنّ الأصمعي وأبا عبيدة لا يعرفان شيئًا. وقال ابن الأعرابيّ فِي كلمة رواها الأصمعيّ: سمعتها من ألف أعرابيّ خلاف ما قاله الأصمعيّ. وقال ثعلب: لزمتُ ابن الأعرابي تسع عشرة سنة، وكان يحضر مجلسه زُهاء مائة إنسان، ما رأيتُ بيده كتابًا قطّ. وانتهى إِلَيْهِ علمُ اللُّغة والِحفِظِ. وقال أَبُو منصور الأزهريّ: ابن الأعرابي كوفيّ الأصل، زاهد، ورِع، صدوق، حفظ من الغريب والنوادر ما لَمْ يحفظه غيره. وسمعَ من الأعراب الذين كانوا ينزلون بظاهر الكوفة بني أسد، وبني عقيل، فاستكثر، وأخذ النَّحْو عَنِ الكِسَائيّ. وكان أَبُوهُ عبدًا سِنْديًّا. ومن تأليفه: كتاب "النّوادر"، وهو كبير، وكتاب "تفسير الأمثال"؛ وكتاب "معاني الشِّعْر"، وغيرها. تُوفيّ سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 366- محمد بْن أَبِي زكير يحيى بْن إِسْمَاعِيل1. أبو عبد الله الصدفي، مولاهم المصري. مكثر عَنِ ابْن وهْب، وغيره. وعنه: يعقوب الفَسَويّ. مات فِي جُمَادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 367- محمد بْن سَعْدان2. أبو عبد الله النحوي المقريء الضَّرير. أحد الأئمة بالعراق. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن إدريس، وأبي مُعَاويَة. وعنه: عَبْد اللَّه بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الْمَرْوَزِيّ. وصنَّف فِي النَّحو والقراءات، وكان بصيرًا بِهَا. قرأ القرآن، عَلَى سُلَيْم، وغيره. قرأ عَلَيْهِ: محمد بْن أَحْمَد بْن واصل، وسليمان بْن يحيى الضبي، وجعفر بْن محمد الأدميّ. قال أبو الحسين بْن المنادي: اختار لنفسه ففسد عَلَيْهِ الأصل. إلا أَنَّهُ كَانَ نحويًا. قَالَ الخطيب: ثقة. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 368- محمد بن سَعِيد بْن أَبِي مريم. أَبُو عبد الله الْمَصْرِيّ. عَنْ: ابن وهْب، والفِرْيَابيّ. مات سنة خمس وثلاثين ومائتين.   1 سيأتي ترجمته. 2 انظر الكامل في التاريخ "7/ 26"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 324"، والفهرست لابن النديم "75"، والبداية والنهاية "10/ 307". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 158 369- محمد بْن سَعِيد بْن زياد1. أَبُو سَعِيد الْقُرَشِيّ الكُرَيْزِيّ الْبَصْرِيّ الأثرم. نزيل بغداد. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمة، وهَمَّام بْن سَعِيد، وأبان بْن يزيد. وعنه: يعقوب الفَسَويّ، وَمحمد بْن غالب تَمْتَام، وعبد اللَّه بْن الأزهر البلْخِيّ، وَمحمد بْن حاتِم المصيصي، وأبو زُرْعَة. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 370- محمد بْن سلام بْن عُبَيْد اللَّه2. أبو عبد الله الْجُمَحِيّ مولاهم البَصْرِيّ الإخباريّ، أخو عَبْد الرَّحْمَن. ولاؤهم لقُدامة بْن مظعون. قَالَ ابن قانع: كَانَ أديبًا عالِمًا عارفًا بارعًا. صنَّفَ كتاب "طبقات الشعراء". وحدَّث عَنْ: حمّاد بْن سَلَمة، ومبارك بْن فضالة، وأبي عَوَانة. وعنه: أَحْمَد بْن أَبِي خيثمة، وثعلب، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، وَأَحْمَد بْن عليّ الأبّار، وجماعة آخرهم أَبُو خليفة الْجُمَحِيّ. وقال صالح جَزَرَة: صدوق. وقال الْحُسَيْن بْن فَهْم: قَدِمَ علينا محمد بْن سلام بغداد سنة اثنتين وثلاثين، فاعتلّ علّة شديدة، فأهدى إِلَيْهِ الرؤساء أطباءَهم، وكان منهم ابن ماسُوَيْه، فلمّا رآه قَالَ: ما أرى مِنَ العلة كما أرى من الْجَزَع. فقال: والله ما ذاكَ بحرصٍ عَلَى الدُّنْيَا مَعَ اثنتين وثمانين سنة، ولكنّ الْإِنْسَان فِي غَفْلة حتّى يوقظ بعِلْمه. فقال: لا تجزع، فقد رأيت فِي عَرَقك من الحرارة الغريزيّة وقوّتها ما إن سلَّمك اللَّه من العوارض بلّغك عشر سِنين أخرى. قَالَ ابن فَهْم: فوافق كلامُه قَدَرًا، فعاش كذلك. ومات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 371- محمد بْن أَبِي داود سُلَيْمَان الأنباريّ. عَنْ أَبِي مُعاوية، وابن نُمَيْر، ووكيع. وعنه: أبو داود، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وأبو بكر بن أبي عاصم. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. 372- محمد بن سليم بن مسلم.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 264"، والثقات لابن حبان "9/ 77"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 305، 306". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 278"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 294"، وتاريخ الطبري "6/ 157"، وتاريخ بغداد "5/ 327"، وميزان الاعتدال "1/ 321". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 159 أبو عبد الله الحجبي المكي. عَنْ: شَرِيك، ومسلم الزّنْجِيّ. وعنه: مضر بن محمد الأسدي، ومحمد بن علي الصائغ، ومطين. وكان أبوه من أصحاب ابن جريج. 373- محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال التميمي الفقيه1. أبو عبد الله الكوفي قاضي بغداد، وصاحب أبي يوسف القاضي. أخذ عنه، وعن: محمد بن الحسن. وبرع في مذهب أبي حنيفة، وصنف التصانيف. وروى أيضا عَنْ: اللَّيْث، والمسيّب بْن شَرِيك. وعنه: الْحَسَن بْن محمد بْن عَنْبر الوشّاء، وَمحمد بْن عِمْران الضَّبِيّ. قَالَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ: لو كَانَ أهلُ الحديث يصدقون فِي الحديث كما يصدق محمد بْن سماعة في الرأي لكانوا منه على نهاية وكان ابن سماعة يصلي كل يوم مائتي ركعة وعن محمد بْن عمران الضبيّ قَالَ محمد بْن سماعة: مكثتُ أربعين سنة لَم تفُتْني التكبيرة الأولى إلا يومًا ماتت فيه أمي. وفاتتني صلاة في جماعة، فقمتُ وصلَّيْتُ خمسًا وعشرين صلاة، أريدُ بذلك التضعيف. فغلبتني عيني فقيل لي: فِي اليوم قد صليت، ولكن كيف لك بتأمين الملائكة؟ ولي ابنُ سماعة القضاء لِهارُون الرشيد سنة اثنتين وتسعين ومائة بعد يوسف بْن أَبِي يوسف القاضي، فلم يزل قاضيًا إلى أن ضعُف بصره، فعزله المعتصم بإسماعيل بْن حمّاد بْن أَبِي حنيفة. قَالَ طلحة بْن محمد بْن جَعْفَر: وُلِدَ ابن سماعة سنة ثلاثين ومائة، ومات سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين، وله مائة وثلاث سنين. 374- محمد بْن سماعة2. أَبُو الأصبع الْقُرَشِيّ الرمليّ. عَنْ: ضمرة، ومَعْن بْن عيسى. وعنه: أبو داود، وجعفر الفريابي. مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. 375- محمد بن الصباح بن سفيان3.   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 95"، وتاريخ الطبري "8/ 271"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1206". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 283"، والثقات لابن حبان "9/ 112"، والكنى والأسماء للدولابي "1/ 100". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 289"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 118"، والثقات لابن حبان "9/ 103"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 367". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 160 أبو جعفر الجرجرائي الباهلي، مولى عمر بن عبد العزيز. وجرجرايا بين واسط وبغداد. سكن المخرم من بغداد. عَنْ: عَبْد العزيز بْن أَبِي حازم، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وهُشَيْم، وجرير بْن عَبْد الحميد، وسُفيان بْن عُيَيْنَة، ومروان بْن شجاع. وعنه: أَبُو داود، وموسى بْن هارون، وجعفر الفريابي، وأبو الْعَبَّاس السّراج، والقاسم المطَرِّز. وثقه أَبُو زُرْعَة، وغيره. وقال البخاريّ: مات بَجَرْجَرايا لانْسِلاخ جُمَادى الآخرة سنة أربعين ومائتين. 376- محمد بْن الضُّرَيْس الصَّلْصَال1. أَبُو الغَضَنْفَر الْكُوفيّ، مشهور بالزُّور والخمور. عَنْ: العطّاف بْن خَالِد، وأبيه. وعنه: محمد بن الباغندي، وعلي بن سعيد العسكري. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. 377- محمد بْن عائذ2. أبو أَحْمَد، وأبو عبد الله، الدمشقي. المفتي الكاتب. ولي خراج الغُوطة زمن المأمون، وصنَّف المغازي والفُتُوح والصَّوائف. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، والهيثم بْن حُمَيْد، ويحيى بْن حمزة، والوليد بْن محمد الموقريّ، والوليد بن مسلم، وسويد بن عبد العزيز، والعطاف بن خالد، وعَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيدَ بْنِ جابر. وعنه: محمود بن خالد السلمي، ويعقوب الفسوي، وأبو زرعة، وأبو داود في غير السنن، وأحمد بن إبراهيم البسري، ومحمد بن وضاح القرطبي، وجعفر الفريابي. قَالَ صَالِح جَزَرَة: ثقة إِلَّا أَنَّهُ قَدَريّ. وقال النسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وُلِدَ سنة خمسين ومائة، ومات بدمشق لِخمسٍ بقين من ربيع الآخر سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين. وسئل عَنْهُ ابن مَعِين فوثَّقه. 378- محمد بن عباد بن الزبرقان المكي3.   1 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 310"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 374-376"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 72". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 75"، والكامل في التاريخ "7/ 35"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 589". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 358"، والجرح والتعديل "8/ 14"، والثقات لابن حبان "9/ 90"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 374". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 161 نزيل بغداد. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وحاتم بْن إِسْمَاعِيل، وَالدَّرَاوَرْدِيّ، ومروان بْن مُعَاويَة. وعنه: الشيخان، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وعثمان بن خرزاذ، وعبد الله أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى بن منده، وموسى بن هارون، والبغوي، وأبو يعلى. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَد: حديثُه حديثُ أهل الصِّدْق. مات فِي آخر يوم من ذي الحجّة سنة أربعٍ وثلاثين. 379- محمد بْن عبّاد بْن مُوسَى الكوفيّ سندولا1. عَنْ: عَبْد السّلام بْن حرب، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ. وعنه: إبْرَاهِيم الحربيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وغيرهما. فيه ضعف. 380- محمد بن العباس2. أبو عبد الله، مولى بني هاشم البغدادي، صاحب الشّامة. سَمِعَ: شعيب بْن حرب، ومبشّر بْن إِسْمَاعِيل. وعنه: موسى بن هارون، وعبد الله بن ناجية. مات سنة تسع وثلاثين ومائتين. 381- محمد بْن عَبْد الله بْن نمير3. أَبُو عبد الرحمن الهمداني الحارثي الكوفي الحافظ. أحد الأعلام. سَمِعَ: أَبَاهُ، وعمر بْن عُبَيْد، والمطلَّب بْن زياد، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن إدريس، وَمحمد بْن فُضَيْل، وعبدة بْن سُفْيَان، وحفص بْن غِياث، وابن عُلَيَّة. وعنه: الشيخان، وأبو داود، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة، وأحمد بن ملاعب، ومحمد بن وضاح، ومطين، وأبو يعلى الموصلي. قَالَ أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل يعظّم ابن نُمَيْر تعظيمًا عَجَبًا، ويقول: أيّ فتى هُوَ؟! وعنه قَالَ: هُوَ دُرَّة العراق. وقَالَ عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد: ما رأيتُ بالكوفة مثل محمد بْن عَبْد الله بن نُمير، كان رجلًا   1 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 252"، وتاريخ الطبري "2/ 373"، وتاريخ بغداد "2/ 373"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 589". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 48"، والثقات لابن حبان "9/ 153"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 109". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "7/ 307"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 144"، والثقات لابن حبان "9/ 85". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 162 قد جمع العلم والفهم والسنة الزهد. وقال أَحْمَد بْن سُلَيْمَان: ما رأيتُ من أحداث الكوفيين رجلًا أفضل عندي من محمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر. وقال أبو حاتم: ثقة يُحْتَجّ بحديثه. وقال النسائي: ثقة مأمون. قَالَ الذَّهبِيّ: وله كلام فِي الجرح والتعديل والعِلَل. قَالَ ابن الْجُنَيْد: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل، وابن مَعِين يقولان فِي شيوخ الكوفيّين ما يَقُولُ ابن نُمَيْر فيهم. مات فِي شَعْبَان أو رمضان سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. 382- محمد بْن عَبْد اللَّه1. أَبُو جَعْفَر الْبَصْرِيّ الرُّزّيّ. عَنْ عاصم بْن هلال، ومُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان. وعنه: مسلم، وأبو داود، وعباس الدوري، وعبد الله أحمد بن حنبل. كان صدوقا. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 383- محمد بن عبد الله بن بكار2. أبو عبد الله البسري الدمشقي. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، والوليد بْن مُسْلِم. وعنه: حفيده أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، وجعفر الفريابي. مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 384- محمد بن عبد الأعلى بن موسى المرادي. مولاهم المصري القراطيسي الفقيه. ولد سنة خمسين ومائة. عَنْ: نافع بْن يزيد، والمفضل بْن فَضَالَةَ. توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين. 385- محمد بن عبد الجبار الهمذاني3. من رؤساء همذان. كثير الحج والغزو والعبادة. يقال: إن يحيى بن معين أخذ بركابه. عَنْ: سُفيان بْن عُيَيْنَة، ويزيد بْن هارون. وعنه: أبو داود في المراسيل، ومطين، وابن أخيه إبراهيم بن مسعود الهمذاني.   1 انظر الجرح والتعديل "7/ 310"، والأنساب "6 / 133"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1228"، وتهذيب التهذيب "9/ 285". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 77". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 145"، والتدوين في أخبار قزوين للرافعي "1/ 312"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1228". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 163 386- محمد بن عبد الرحمن بن عبد الصمد العنبري البصري1. عَنْ: أُمَيّة بْن خَالِد، وابن مهديّ. وعنه: أبو دَاوُد، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، وعبدان الأهوازي. 387- محمد بن عبد المجيد التميمي البغدادي المفلوج2. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وعُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقّيّ، وبقية بن الوليد. وعنه: ابن أبي الدنيا، وعبد الله بن ناجية، ومحمد بن صالح بن ذريح. ضعيف. ضعفه تمتام. 388- محمد بن عبد الملك بن أبان بن أبي حمزة3. الوزير أبو جعفر بن الزيات. كان أبوه زياتا، ونشأ هو فقرأ الأدب، وقال الشعر البديع، وتوصل بالكتابة إلى أن اتصل بالمعتصم، ووزر له، وللواثق. وكان أديبًا بليغًا عالِمًا باللّغة والنَّحْو والشِّعْر. رثى أَبَا تَمّام الطّائيّ. وكان بينه وبين ابن أَبِي دُؤاد عداوة. فلمّا استخلف المتوكّل أغراهُ ابن أَبِي دُؤاد بابن الزيّات، فصادره وعذَّبه وسجنهُ. وكان من القائلين بخلق القرآن. رُوِيَ أنّه كَانَ يَقُولُ: الرَّحْمَةُ خَوَرٌ فِي الطبيعة. ما رحمتُ أحدًا قط. ولَمّا سُجِنَ فِي القفص الضيّق وسائر جهاته بِمسامير إلى داخله كالمسالّ، كَانَ لا يَقَرُّ لَهُ فِيهِ قرار، ويصيح ارحموني. فيقولون: الرَّحْمَةُ خَوَر فِي الطّبيعة. مات سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين. 389- محمد بْن عُبَيْد بْن حِسَاب الغُبَريّ الْبَصْرِيّ4. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وأبي عَوَانة، وجعفر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعيّ، وعبد الواحد بن زياد، ومعاوية الضال، وعبد العزيز بن المختار، ومحمد بن ثور الضغاني. وعنه: مسلم، وأبو داود، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وعبد الله بن أحمد، والحسن بن سفيان، وزكريا   1 انظر تهذيب الكمال للمزي "3/ 1231"، وتهذيب التهذيب "9/ 299". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 392"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 630"، ولسان الميزان "5/ 264". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 346"، وتاريخ الطبري "9/ 20، 22"، والفهرست "122"، والوافي بالوفيات "4/ 32-34". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 11"، والثقات لابن حبان "9/ 89"، والأنساب "9/ 124"، وتهذيب الكمال للمزي "9/ 329". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 164 الساجي، وجعفر الفريابي، وأبو يعلى، وعبدان. وثقه النسائي. وقال أَبُو داود: ابن حِسَاب عندي حُجَّة. مات سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 390- محمد بْن عُبَيْد بْن ميمون التَّيْميّ1 المدنيّ التّبّان. عَنْ: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وعيسى بْن يونس، ومسكين بْن بُكَيْر. وعنه: الْبُخَاريّ، وأبُو زُرْعة الرازيّ، وأبو العبّاس ثعلب، ومُطَيَّن. قَالَ أبو حاتم: شيخ. 391- محمد بْن أَبِي عتّاب الأعْيَن2. أَبُو بَكْر بْن الْحَسَن بْن طريف البغدادي الحافظ. عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وأبي عَبْد الرحمن المقريء، وزيد بن الحباب، وعمرو بْن أَبِي سلمة التنيسي، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، ووهب بن جرير، ويزيد بن هارون. وعنه: مسلم في مقدمة كتابه، وأبو داود في غير السنن، وعباس الدوري، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو القاسم البغوي، وأبو العباس السراج. وثقه ابن حبان. مات في جمادى الآخرة سنة أربعين ومائتين. 392- محمد بن عمر بن حفص القصبي البصري المقريء3. روى الحروف عَنْ: عَبْد الوارث التَّنُّوريّ، عَنْ أَبِي عَمْرو. وعنه: أَحْمَد بْن أَبِي خيثمة، وَأَحْمَد بْن محمد بْن الشّمّاس، ويموت بْن المُزَرِّع. قَالَ ابن مَعِين: صدوق. 393- محمد بْن عَمْرو الروميّ البغدادي الإخباريّ النّديم4. جالَسَ المعتصم والواثق. حكى عَنْهُ: أَبُو العَيْناء، ويزيد بْن محمد المهلّبيّ، وعَوْن بْن محمد الكِنْدِيّ. تُوُفِيّ بسامرّاء فِي شَعْبَان سنة أربعين ومائتين. 394- محمد بْن عَمْرو بْن عبّاد بْن جَبَلَة بْن أبي رواد5.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 11"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 259"، والثقات لابن حبان "9/ 82". 2 الجرح والتعديل "7/ 229"، والثقات لابن حبان "9/ 95"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 182، 183"، وتهذيب الكمال "3/ 1240". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 21". 4 انظر البيان والتبيين "1/ 61"، وفتوح البلدان "396"، ومروج الذهب "2721". 5 انظر الثقات لابن حبان "9/ 83"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1251"، وتهذيب التهذيب "9/ 373". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 165 أَبُو جَعْفَر العَتَكيّ الْبَصْرِيّ. سَمِعَ: محمد بْن جَعْفَر، وابن أَبِي عديّ، وأمية بن خالد. وعنه: مسلم، وأبو داود، ومطين، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي. وثقه أبو داود. مات سنة أربع وثلاثين ومائتين. 395- محمد بن عمرو بن بكر التميمي العدوي الرازي1. أبو غسان الطيالسي زنيج. عَنْ: جرير، وَسَلَمَةُ بْن الفضل، وحَكّام بْن سلْم، وأبي نُمَيْلة يَحْيَى بْن واضح، وبَهْز بْن أسد. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، والحسن بْن سُفْيَان، وموسى بْن هارون، وَمحمد بْن إِسْحَاق السّرّاج، وأبو بِشْر الدَّولابِي. وثّقه أَبُو حاتِم. مات فِي آخر سنة أربعين، وقيل فِي سنة إحدى وأربعين ومائتين. 396- محمد بْن عُمَرو البلْخَيّ السّوّاق، ويُقالُ السَّوِيقيّ2. عَنْ: هُشَيْم، وحاتِم بْن إِسْمَاعِيل، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وجماعة. وعنه: خ. ت. وأبو زُرْعة الرازيّ، وآخرون. والأظهر أنّه هُوَ الَّذِي قال البخاري: ثنا محمد بن محمد بن عمرو، ثنا مكيّ بْن إِبْرَاهِيم. قَالَ أَبُو زُرْعَة: كَانَ صالحًا، قدم علينا الحج. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 397- محمد بْن عَمْرو الغَزِّيّ الزّاهد3. روى عَنْ: العُطّاف بْن خَالِد، ومالك، والوليد بْن مُسْلِم، وجماعة. وعنه: أَبُو زُرْعَة الرازيّ، وَمحمد بْن الْحَسَن بْن قُتَيْبَة العسقلانيّ، وولده عَبْد اللَّه بْن محمد الغَزِّيّ، وإبراهيم بْن أَبِي أيّوب، وسعد البَيْروتيّ. قَالَ أبو زُرْعة: ما رأيتُ بالشام أصلحَ من محمد بْن عَمْرو. وكان تأتي عَلَيْهِ ثمانية عشر يومًا لا يأكُلُ فيها ولا يشربُ. وقال إِبْرَاهِيم بْن أَبِي أيّوب: كَانَ يأكلُ فِي رمضان جميعه أكلتين. وقال أَبُو حاتِم: لا بأس بِهِ. قُلتُ: هُوَ والد عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَمْرو بْن الحجاج الغزي شيخ أبي داود.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 34"، والكنى والأسماء "2/ 76"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1251". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 34"، وتاريخ الطبري "10/ 50"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1253". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 33"، وحلية الأولياء "7/ 282". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 166 398- محمد بْن غُرَيْر بْن الوليد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزهري1 -خ. أبو عبد الله المدني، نزيل سمرقَنْد. عَنْ يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد، ومُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وغيرهما. وعنه: خ.، وعبد اللَّه بْن شَبِيب، وأبو جَعْفَر محمد بن أحمد الترمذي. 399- محمد بن الفرج بن عبد الوارث البغدادي2 -م. د. مولى بني هاشِم. صالِحٌ عَابِد. سَمِعَ: هُشَيْمًا، وابن عُيَيْنَة، وعيسى بن يونس، وخاله أبا همام محمد بن الزبرقان، وجماعة. وعنه: م. د. وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وحامد بْن شُعَيْب البلْخِيّ، وموسى بن هارون، والبغوي، والسراج وخلق. قَالَ أبو زُرْعة: صَدُوق. وقال البَغَويّ: مات سنة ستٍّ وثلاثين. 400- محمد بْن قُدَامَة3. أَبُو جَعْفَر البغداديّ اللؤْلُؤيّ الْجَوْهَريّ، مولى الأنصار. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن إدريس، وابن عُلَيَّة، وزيد بن الحباب، ووكيع، وأبي معاوية، ويزيد بْن هارون. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدنيا، وأبو يعلى الموصلي، وعبد الله بن صالح البخاري، وإسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو القاسم البغوي، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ضعيف لَم أكتب عَنْهُ شيئًا. فأما. 401- محمد بن قدامة المصيصي4.   1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 207". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 60"، والثقات لابن حبان "9/ 121"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1257". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 66"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 7"، والثقات لابن حبان "9/ 111"، وتاريخ بغداد "3/ 188". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 188-190". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 167 مولى بني هاشم، فإن أبا داود قد روى عنه أحاديث، وبقي إلى حدود الخمسين بالمصيصة. سيأتي. وقد وَهِمَ أَبُو بَكْر الخطيب فخلط ترجمة أحدهما بالآخر، وفرَّق بينهما ابن أَبِي حاتِم، وجماعة. وأيضًا فإنّ النّسَائيّ لَم يُدْرِك الجوهريّ، لأنه مات سنة سبْعٍ وثلاثين وأدرك المصيصيّ كما هُوَ مذكور فِي ترجمته. وقال فِيهِ: لا بأسَ بِهِ. 402- محمد بْن قُدَامة1. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد. وعنه: محمد بْن مَخْلَد. شيخ طوسيّ تأخرّ. 403- محمد بْن قُدَامة بن إسماعيل2 -م. أبو عبد الله السلمي البخاري، نزيل مَرْو، ومُسْتَملي النّضْر بْن شُمَيْل. رحَلَ وسمع من: عُمَرَ بْن عُبَيْد، وجرير بْن عَبْد الحميد، والنَّضْر بْن شُمَيْل، ويزيد بْن هارون، وزيد بْن الْحُبَاب، وإسحاق بْن بِشْر صاحب المبتدأ. وعنه: م. عيسى بْن محمد الْمَرْوَزِيّ الكاتب، وعبد الله بن صالح البخاري، والحسن بن سفيان، وأبو داود في غير السنن، وآخرون. ذكره ابن حبان في الثّقات. 404- محمد بن كامل المروزي3 -ت. ن. عَنْ: هُشَيْم، وعبد العزيز بْن أَبِي حازم، وعَبّاد بْن العَوّام، ووكِيع. وعنه: ت. ن. وقال: ثقة. 405- محمد بْن كوثر الْبُخَاريّ. عن: فضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، وأبي ضمرة. وعنه: الفضل بْن أَبِي عُلْوان، وأسباط بْن اليَسَع، وفتح بْن الْحُسَيْن البخاريّون. 406- محمد بن المتوكل4.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 66". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 98"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1260"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 15". 3 انظر تهذيب الكمال للمزي "3/ 1261"، وتهذيب التهذيب للحافظ "9/ 415". 4 انظر وفيات الأعيان "6/ 391". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 168 أبو عبد الله اللؤلؤي المقريء، صاحب يعقوب الحضرمي وتلميذه. ولقبه: رويس. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو بَكْر محمد بْن هارون التّمّار، وغيره. تُوُفِيّ سنة ثمانٍ وثلاثين بالبصرة. 407- محمد بْن أَبِي السَّرِيّ المتوكّل بْن عَبْد الرحمن1 -د. أبو عبد الله العسقلاني. سَمِعَ: الفُضَيْل بْن عِيَاض، وعبد اللَّه بْن وَهْب وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز، وسفيان بْن عينة، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ورِشْدِين بْن سعد، وخَلْق سواهم. وعنه: د. وَأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وبكر بن سهل الدمياطي، وجعفر الفريابي، والحسن بن سفيان، وعلي بن محمد بن عيسى الجكاني، ومحمد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة العسقلانيّ، وطائفة. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن الْجُنَيْد: سألتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، عَنِ ابْن أَبِي السّريّ فقال: ثقة. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عديّ: كثير الغَلَط. وقال ابن حبان في كتاب الثقات: كان مِنَ الْحُفّاظ. وقال ابن عديّ: سمعتُ محمود بْن عَبْد البَرّ يَقُولُ: ثنا ابن أَبِي السَّريّ، ومات يوم الخميس لِخمسٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سنة ثمانٍ وثلاثين. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْد السّلام، أَنَا محمد بن إبراهيم الطرائفي، وغيره، أنا بن الْمُسْلمة، أَنَا أَبُو الفضل الزُّهْريّ، نا جَعْفَر الفِرْيَابيّ، ثنا محمد بْن أَبِي السّريّ العسقلانيّ، نا زيد بْن أَبِي الزَّرْقَاء، عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ قَالَ: خلاف ما بيننا وبين الْمُرْجِئة ثلاث: نقول: الْإيِمَان قولٌ وعملٌ، وهم يقولون: قول ولا عمل. ونقول: الْإيِمَان يزيد وينقص، وهو يقولون: لا يزيد ولا ينقص. ونحنُ نقول: النّفاق وهم يقولون: لا نفاق. 408- محمد بْن مُعَاويَة العَتَكيّ الْبَصْرِيّ2. يروي عَنْ: مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، ويزيد بْن زُرَيْع، وسهل بْن عثمان. وعنه: عبد الله بن محمد بن زكريا، وزكريا بن عصام الإصبهانيون. قَالَ أَبُو نُعَيْم: قدم أصبهان بعد الثلاثين.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 105"، والثقات لابن حبان "9/ 88"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1264". 2 انظر أخبار أصبهان "2/ 181"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 176-178". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 169 409- محمد بْن المغيرة بْن سلْم بْن عَبْد اللَّه بْن المغيرة بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مريم1. أبو عبد الله الأموي الإصبهانيّ العابد. صاحب النُّعْمَان بْن عَبْد السلام. سَمِعَ منه تصانيفه. وكان فِي صِغَرِه صاحب ليل وعبادة وأوراد. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن الفُرات، وَمحمد بْن عاصم، ويَحْيَى بْن مُطَرِّف، وإبراهيم بْن محمد بْن نائلة، وعبد اللَّه بْن محمد بْن العبّاس الإصبهانيّون. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين. 410- محمد بْن مُقاتِل العَبّادانيّ2. أَبُو جَعْفَر. أحد المشهورين بالفضل والسنة والعبادة. يروي عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وابن المبارك. وعنهُ: أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقيّ، وأبو بَكْر الْمَرْوَزِيّ، وموسى بْن هارون، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين. 411- محمد بْن المنذر البغدادي3. حدَّث بإصبهان سنة اثنتين وثلاثين، عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وبقيّة بْن الوليد، وجماعة. وعنه: محمود بْن أَحْمَد بْن الفَرَج. 412- محمد بْن المِنْهَال التَّميميّ المُجَاشِعيّ الْبَصْرِيّ4 -خ. م. د. ن- الضَّرير الحافظ أَبُو جَعْفَر، وقيل: أبو عبد الله. سَمِعَ: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان، وأبا عَوَانة، ويزيد بْن زُرَيْع، وجماعة. وعنه: خ. م. د. ون. بواسطة، وعبد اللَّه الدّارميّ، وعثمان الدّارميّ، ويوسف بْن يعقوب القاضي، وَمحمد بن إبراهيم   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 92"، وأخبار أصبهان "2/ 310". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 87"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 276"، والأنساب "8/ 336". 3 انظر تاريخ أصبهان "2/ 182"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 300". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 92"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 247"، والثقات لابن حبان "9/ 85"، وتهذيب الكمال "3/ 1277". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 170 البُوسَنْجِي، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وَأَحْمَد بْن عليّ بْن سَعِيد الْمَرْوَزِيّ. قَالَ أَحْمَد العِجْلِيّ: بصْريٌّ ثقة، لَم يكن لَهُ كتاب. قلتُ لَهُ: لك كتاب. قَالَ: كتابي صدري. وقال أبو حاتم: كتب عَنْهُ عليّ بْن الْمَدينيّ كتاب يزيد بْن زُرَيْع، وهو ثقة حافظ. وقال عثمان بْن خُرَّزاذ: أحفظ من رأيتُ أربعة: محمد بْن المِنْهَال الضَّرير، وإبراهيم بْن محمد عَرْعَرَة، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم. وقال ابن عديّ: سمعتُ أَبَا يَعْلَى يذكرُ محمد بْن الْمِنْهَال ويُفَخِّمُ أمره، ويذكر أَنَّهُ كَانَ أحفظَ من بالبصرة في وقته، وأثبتهم قي يزيد بْن زُرَيْع. مات فِي سابِع عشر من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 413- محمد بْن الْمِنْهَالِ الْبَصْرِيّ العطّار1. أخو حَجّاج بْن مِنْهَال. عَنْ: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعيّ، ويزيد بْن زُرَيْع، وعبد الواحد بْن زياد. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتِم، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، ومُطَيّن، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: سألتُ أَبِي عَنْهُ وعن الضّرير فقال: ثقتان، والضَّرير أحفظ وأكيْس. قِيلَ: مات أيضًا سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 414- محمد بْن مهران الرازيّ الجمّال2 -خ. م. د. أبو جعفر الحافظ. عَنْ: معتمر بْن سُلَيْمَان، ونوح بْن قيس الْحُدَّانِيّ، وعبد العزيز الدراوردي، وسفيان بن عيينة، وجرير بن عبد الحميد، وحاتم بن إسماعيل، وعيسى بن يونس، وعبد الرزاق، والوليد بن مسلم، ومسكين بن بكير، وخلق. وعنه: خ. م. د. وأبو زرعة، وأبو حاتم، وَمحمد بْن إِسْحَاق السّرّاج، ومحمد بن إبراهيم الطيالسي، وجعفر بن أحمد بن فارس، وموسى بن هارون، وطائفة. قَالَ أبو حاتم: كَانَ جَعْفَر الجمّال أوسع حديثًا من إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى، وكان مُوسَى أتقن. وقال أَبُو بَكْر الأَعْيَن: مشايخ خُرَاسان ثلاثة: أوّلُهم قُتَيْبَة، والثاني محمد بْن مهران، والثالث عليّ بْن حُجْر. قَالَ البخاريّ: مات أول سنة تسعٍ وثلاثين، أو قريبًا منه.   1 التاريخ الكبير للبخاري "1/ 247"، والثقات لابن حبان "9/ 100"، وتهذيب الكمال "3/ 1377". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 93"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 777"، والثقات لابن حبان "9/ 93"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1277". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 171 415- محمد بْن ناصح البغداديّ1. عَنْ: بقيّة، ويحيى بْن سَعِيد الأمويّ. وعنه: ابن أبي الدنيا، ومحمد بن الليث الجوهري، وغيرهما. 416- محمد بن النضر بن مساور بن مهران المروزي2 -د. ن. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وجعفر بْن سُلَيْمَان، وفُضَيْل بْن عِياض، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: د.، ن.، وعبد اللَّه بْن محمود السَّعْدِيّ، ونصر بن الحكم، وأحمد بن تميم المروزيون. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: مَاتَ سنة تسعٍ وثلاثين. وكان أبوهُ مِمَّن يروي عَنْ خارجة بْن مُصْعَب، وقد حدَّث قديمًا. 417- محمد بْن الهُذَيْل بْن عَبْد اللَّه البَصْرِيّ3. أَبُو الْهُذَيْل العلاف. شيخ الاعتزال ورأس الضّلال، وصاحب التّصانيف. عمَّر دهرًا وكُفّ بصره وخَرِف. وعاش مائة سنة أو نحوها. ومات بالصرة سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين، وقيل تُوُفِيّ سنة ست بالبصرة. 418- محمد بْن يحيى بْن حمزة الدِّمشقيّ البتهلي4. قاضي مدينة دمشق وابن قاضيها. عَنْ أَبِيهِ وجادَةً، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز. وعنه: ابناه أحمد وعبيد، ومحمد بن الفيض الغساني. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. روي أَنَّهُ كَانَ لِمحمد بْن بَيْهَس الكِلابيّ بِنْت خطبها جماعة من الكبار، وامتنعَ عَنْ تزويجها. فشكت ذَلِكَ إلى محمد بْن يَحْيَى بْن حمزة القاضي، فراسله فامتنع. فزوجها القاضي بكفء على كره أبيها. ثم أثبتت البنت بأنه كفء. وكان سبب ذلك الحرب بين اليَمَانيّة والقَيْسية. فجمع ابن بَيْهس القيسيّة لهدْم بيت لِهْيَا قرية القاضي، وجمع القاضي اليمانية، وامتنعَ بِهم، فبقي الحرب بينهم خمس عشرة سنة،   1 انظر تاريخ بغداد "3/ 324"، ووفيات الأعيان "5/ 398". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 97"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1281"، وتهذيب التهذيب "9/ 491، 492". 3 تاريخ الطبري "7/ 521"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 366"، والوافي بالوفيات "5/ 161-163". 4 انظر الثقات لابن حبان "9/ 74"، والتدوين في أخبار قزوين للرافعي "1/ 431"، والوافي بالوفيات "5/ 183". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 172 إلى أن قدم عَبْد اللَّه بْن طاهر. وعن الحسن بن حامد: أن كتب المأمون وردَ عَلَى متولّي دمشق بامتحان قاضي دمشق محمد بْن يحيى، فأجاب، وكان بعدُ ذلك يمتحن الشهود. وقال غيره: كَانَ يَحْيَى بْن أكثم لَمّا قدِمَ مَعَ المأمون استعمل عَلَى قضاء دمشق محمد بْن يَحْيَى البَتَلْهِيّ، فلمّا ولي ابن دُؤاد القضاء عزله. 419- محمد بْن يَحْيَى بْن سعيد بن فروخ1 -م. أبو صالح البصري القطان. سَمِعَ: أباهُ، وفُضَيْل بْن عِيَاض، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ومُعَاذ بْن مُعَاذ، وجماعة. وعنه: ابناهُ أَحْمَد وصالِح، والبخاري فِي تاريخه، وعلّق لَهُ تعليقًا. وروى م. فِي مقدّمة صحيحه، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ. وروى عَنْهُ أيضًا: عفّان وهو أكبر منه، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، والحسن بْن سُفْيَان، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وجماعة. وكان صدوقًا. تُوُفِيّ سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين. وقال بعضهم: تُوُفِيّ سنة ثلاثٍ وعشرين، وذلك غلط. 420- محمد بْن يَحْيَى بْن أَبِي سمينة مِهران2 -د. البغدادي التمار. عَنْ: هُشَيْم، والْمُعَافَى بْن عِمْرَان، ومعتمر بْن سليمان، وأبي معاوية، وأبي بكر بْن عيّاش، وجرير بْن عبد اللَّه، وعَبّاد بْن العوّام، وعبد الرزّاق، وخلق كثير. وقيل: إنه روى عَنْ أَبِي عَوَانة، وليس بشيء، ما أدركه. وعنه: د.، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي، وأبو العباس السراج، وأبو القاسم البغوي، والبخاري في غير "الصّحيح". قَالَ أَبُو حاتِم: صدوق. وسأل المروذيّ عَنْهُ أَحْمَد بْن حنبل فقال: لولا أنّ فِيهِ تِلْكَ الخُلّة، يعني شُرْب النَّبِيذ عَلَى مذهب الكوفيين. وقال البَغَويّ، ومُطَيّن: تُوُفِيّ سنة تسعٍ وثلاثين. قلتُ أمّا. محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي سمينة فبصري، تقدم ذكره.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 123، 124"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 266، 267"، والثقات لابن حبان "9/ 82"، وتهذيب الكمال "3/ 1285". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 124"، والثقات لابن حبان "9/ 86"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 413". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 173 421- محمد بْن يَحْيَى بْن نَجِيح المكّيّ1. قَدِمَ إصبهان. وروى عَنْ: هُشَيْم، والْفُضَيْل بْن عِيَاض، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس. وعنه: أحمد بن الفرات، وعبيد بن الحسن، وعبد الله بن بندار الضبي، وجماعة. له غرائب. 422- محمد بن أبي زكير يحيى بن إسماعيل2. الفقيه أبو عبد الله الصَّدَفيّ، مولاهم المصريّ. عَنْ: ابن وهْب، وضُمْرَة بْن ربيعة، والشافعيّ. وعنه: أَبُو إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ، وأبو زَكريّا البَرْدَعيّ، ويعقوب الفَسَويّ. وكان صدوقًا. تُوُفِيّ سنة اثنتين وثلاثين. 423- محمد بْن يوسف3. أَبُو أَحْمَد الْبُخَاريّ البِيكَنْديّ، مُحَدِّث، عالِم رحّال. روى عَنْ: إِبْرَاهِيم ولد حُمَيْد الطّويل، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وَوَكِيع، والنَّضْر بْن شُمَيْل، وطائفة. وعنه: خ. وعُبَيْد اللَّه بْن واصل، وحُرَيْث بْن عَبْد الرَّحْمَن البخاريّون، وأحمد بن سيار المروزي، وغيرهم. وقد روى عَنْ أقرانه كأحمد بْن حنبل، وأبي سَعِيد الأشَجّ. 424- محمد بْن يوسف بْن الصّباح الغَضِيضيّ4. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وَهْب، وغيره. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والبغوي. وكان ثقة. تُوُفِيّ سنة تسعٍ وثلاثين. 425- مالك بن حويص الهروي5.   1 انظر أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 180"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 172-175". 2 تقدمت ترجمته. 3 انظر طبقات الحنابلة "1/ 327"، وتهذيب الكمال "3/ 1293"، وتهذيب التهذيب "9/ 538". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 120"، وتاريخ بغداد "3/ 392"، والأنساب "9/ 158". 5 انظر الثقات لابن حبان "9/ 165". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 174 عَنْ: مالك بْن أنس، وفُضَيْل بْن عِياض. وعنه: يحيى بن أحمد بن زياد. توفي سنة تسع أيضا. 426- محفوظ بن الفضل بن أبي توبة1. حدَّث ببغداد عَنْ: ضمرة بْن ربيعة، وعبد الرّزاق، ومَعْن القزّاز. وعنه: صالح جزرة، وإسماعيل القاضي، وعمر بن أيوب السقطي. وليس بالقوي. توفي سنة سبع وثلاثين. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: كَانَ معنا باليمن، ولَم يكن ينسخ. وضعّف أمره جدًّا. 427- محمود بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي مطر2 -ن. قاضي بَلْخ. عَنْ: الفضل السِّينانيّ، وأبي أُسَامة، وجماعة. وعنه: ن. تُوُفِيّ سنة ثمانٍ وثلاثين. 428- محمود بْن غيلان3 -ع. سوى د. أبو أحمد العدوي. مولاهم الْمَرْوَزِيّ الحافظ. رحل وعنِي بالأثر، وتقدّم فِي السنة. وحدّث عَنْ: الفضل السِّينانيّ، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والوليد بْن مُسْلِم، وعبد الرّزاق، ويحيى بْن سُلَيم، وأبي مُعَاويَة، وَوكيع، وخلْق. وعنه: الجماعة سوى أَبِي داود، وأبو زُرْعة، وأبو حاتِم، ومُطَيّن، والحسن بْن سُفْيَان، والهيثم بْن خَلَف الدُّوريّ، وأبو القاسم البَغَويّ، وخَلْق. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: أعرفه بالحديث صاحب سنة، قد حُبس بسبب القرآن. وقال النَّسائيّ: ثقة. وقال محمود: سَمِعَ منّي إِسْحَاق بْن راهَوَيْه حديثين. قلتُ: تُوُفِيّ فِي رمضان سنة تسعٍ وثلاثين، وغلط مَن قَالَ سنة تسعٍ وأربعين. وقع لنا من عواليه. أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ قَالا: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَنَّا، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبُنْدَارُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المخلص، أنا عبد الله   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 422، 423"، والثقات لابن حبان "9/ 204"، وتاريخ بغداد "13/ 191". 2 المعجم المشتمل لابن عساكر "1030". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 291"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 404"، والثقات لابن حبان "9/ 202"، وتاريخ بغداد "13/ 89". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 175 بْنُ محمد: ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، نَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، نَا الْجُعَيْدُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَكِيدُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ بِسُوءٍ إلَّا انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ" 1. قَالَ الحاكم: روى عَنْهُ خ. م. فِي الصّحيحين، وإبراهيم بن بي طالب، وَمحمد بْن شاذان " ..... "2 وَمحمد بْن إِسْحَاق السّراج، وسائر مشايخنا. ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد اللَّه بِمَرْوَ، وثنا أَبُو رجاء محمد بْن حَمْدَوَيْهِ قَالَ: خَرَجَ محمود بْن غَيْلان إلى الْحَجّ سنة ستٍّ وأربعين ومائتين، ثُمَّ انصرف إلى مَرْو، وتوفي لعشرٍ بقين من ذي القعدة سنة تسعٍ وأربعين، رحمه الله. قلت: كذا وأرخه ابن حَمْدَويْه. 429- محرز بْن سَلَمَةَ العدّنيّ المكيّ3 -ق. شيخٌ معمر مُسْنَد، من أكبر شيوخ ابن ماجة. روى عَنْ: نافع بْن عمرَ الْجُمَحِيّ، ومالك بْن أنس، والْمُنْكَدِر بْن محمد بْن الْمُنْكَدِر، وجماعة. وعنه: ق، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وَمحمد بْن عليّ الصّائغ، وموسى بْن إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، وَمُطيّن، وآخرون. يُقال إنّه حجّ ثلاثًا وثمانين حَجَّة، وتُوُفِيّ سنة أربعٍ وثلاثين بِمكة. ذكره ابن حِبّان فِي "الثقات". 430- محرز بن عون4 -م. أبو الفضل البغدادي، أخو الزاهد عبد الله بن عون الجزاز. روى عن: مالك بن أنس، وشريك بن القاضي، وخلف بن خليفة، وعلي بن مسهر، وجماعة. وعنه: م، والإمام أَحْمَد، وابنه عَبْد الله بن أحمد، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1877"، ومسلم "1387". 2 بياض. 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 246"، والثقات لابن حبان "9/ 192"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1308". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 361"، والجرح والتعديل "8/ 346"، والثقات لابن حبان "9/ 191". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 176 وقال غيره: تُوُفِيّ فِي رجب سنة إحدى وثلاثين، ومولده كَانَ فِي سنة خمس وأربعين ومائة. 431- مُخَارِق1. المغنّي المشهور. غَنّى للرشيد والمأمون. وله أخبار مسطورة فِي كتاب الأغاني. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين. وكان ذا تَجمُّلٍ وأموال وخَدَم. قَالَ ابن النّجّار: مُخَارق بْن يحيى بْن ناووس أَبُو الْمُهَنّا المغنّي، مولى عاتكة، ثُمَّ مولى الرشيد. نشأ بالمدينة، وكان أَبُوهُ لحّامًا، وكان مُخَارق ينادي وهو صبيّ عَلَى اللّحم. فلمّا بان طِيبُ صوته علّمته عاتكة المغنيّة الغناء، وقدِمَت بِهِ الكوفة، واشتراهُ إِبْرَاهِيم الْمَوْصِليّ منها بثلاثين ألف دِرهم، وأهداهُ للفضل، فأخذه منه الرشيد ثُمَّ أعتقه. قاله أَبُو الفرج الإصبهانيّ. قَالَ محمد بْن خَلَف وكيع: حدَّثَنِي هارون بْن مُخَارق قَالَ: كَانَ أَبِي إذا غَنَّى هذا الصّوت بكى: يا ربعَ سلمى لقد هيَّجْتَ لِي طَرَبًا ويقول: غنّيته للرشيد فأعتقني، وقال: أعِدْهُ. فلمّا أعَدْتُه قَالَ: سَلْ حَاجَتك. قلتُ: ضيعة يقيمني عليها. قَالَ: قد أمرتُ لك، فأعِدْهُ فأعدتُه فقال حاجتُك؟ قلت: تأمر لي بمتنزل وفرش وخادم قال: ذلك لك أعد الاصوت فأعدْتُه، فبكى وقال: سل حاجتك؟ فقبّلت الأرض، وقلتُ: أن يطيلَ اللَّه عُمُرك، ويجعلني من كل سوء فِداك. روى عَبد اللَّه بْن أَبِي سعد، عَنْ محمد بْن محمد قَالَ: كَانَ والله مُخارق مِمَّن لو تنفَّس لأَطْرَب من يسمعه بنَفَسه. وذكر صاحب الأغاني قَالَ: قَالَ محمد بْن الْحَسَن الكاتب: حدَّثني محمد بْن أَحْمَد بْن يحيى المكيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خرج مُخَارق مَعَ بعض إخوانه متنّزهًا، فنظرَ إلى قوس فسأله إيّاها، فبَخِلَ بِهَا، وسنحت ظِبَاءٌ بالقرب منه، فقال لصاحب القَوْس: أرأيت إن تَغَنَّيت صَوْتًا فعَطَفت بِهِ خدودَ هذه الظِّبَاء، أتدفعُ لي القَوْس؟ قَالَ: نَعَمْ. فاندفعَ يُغَنِّي بأبياتٍ، فتعطّفت الظِّبَاءُ راجعةً إِلَيْهِ، حتّى وقفت بالقُربِ منه مُصْغِيةً. فعجِب من حضر، وناوله الرجل القَوْس. 432- مَخْلَد بْن خَالِد السعيري العسقلاني2 -م. د.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 521"، والكامل في التاريخ "7/ 26"، والبداية والنهاية "10/ 307". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 349"، وتاريخ بغداد "13/ 175"، وتهذيب التهذيب "10/ 73، 74". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 177 نزيل طَرْسُوس. سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا مُعَاويَة، وإبراهيم بْن خَالِد الصَّغانيّ. وعنه: م. د. وجعفر الفِرْيَابيّ، وأبو الحسن بن سفيان، وجماعة. 433- مخلد بن الحسن الحراني1. حدَّث ببغداد، عن: أبي المليح، وعبد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقِيّ. وعنه: ن. وأبو يعلى الموصلي، وأبو العباس السراج، وحمد بْن المجدر، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقيل: أصله مَرْوَزِيّ. 434- مَخْلَد بْن خِدَاش البصْرِيّ2 -ن. عَنْ: حَمّاد بْن زيد. وعنه: ن. مجهول. 435- مروان بْن جَعْفَر بْن سعد بْن سَمُرَة بْن جُنْدب السَّمُريّ الْكُوفيّ3. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عياش، وعثّام بْن عليّ، وَمحمد بن إبراهيم بن حبيب، وداود بن المحبر، وجماعة. وعنه: أبو بكر الصغائي، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم، وَأَحْمَد بْن عليّ الأبّار، ومُطَيّن، وَمحمد بْن أَبِي شَيْبَة، ذكره ابن أَبِي حاتِم وقال: صدوق صالِح الحديث. وقال أبو الفتح الأزديّ: يتكلمون فيه. قلت: هذا غير مفسَّر فلا يضرّ. قَالَ مُطَيّن: مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 436- مسروق بْن المرزبان بن مسروق بن معدان4 -ق. أبو سعيد الكندي. عَنْ: أَبِي الأحوص، وشَرِيك، وعبد اللَّه بْن المبارك، ويحيى بْن أَبِي زائدة، وجماعة. وعنه: ق. وأبو يعلى الْمَوْصِليّ، وعَبْدان الأهوازيّ، ومطين، ومحمود بن محمد الواسطي، وآخرون. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: مَاتَ سنة أربعين ومائتين، أو قبلها بقليل، أَوْ بعدها بقليل.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 349"، وتاريخ بغداد "13/ 175". 2 انظر حلية الأولياء "5/ 19"، وتهذيب التهذيب "10/ 74". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 417"، والجرح والتعديل "8/ 276"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 89، 90". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 417"، والجرح والتعديل "8/ 397"، والثقات لابن حبان "9/ 206". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 178 437- مسلم بن أبي عبد الرحمن البغدادي1. نزيل طَرْسُوس. روى عَنْ: وكيع، ومَخْلَد بْن الْحُسَيْن، وجماعة. وعنه: أَبُو يَحْيَى صاعقة، وخَلَف بْن عَمْرو العُكْبَريّ، وموسى بْن هارون، وجماعة. وثّقه الخطيب وقال: مات سنة أربعين. 438- مُصَرِّف بْن عَمْرو الإيَاميّ الْكُوفيّ2 -د. عَنْ: عبد الله بن إدريس، وينس بْن بُكَيْر. وعنه: د. ومُطَيّن، والحسن بْن سُفْيَان، وأبو زُرْعَة. وثّقه أَبُو زُرْعَة، وتُوُفِيّ سنة أربعين ومائتين. 439- مُصْعَب بْن سَعِيد الحرّانيّ المِصِّيصيّ3. أَبُو خَيْثَمَة المكفوف. عَنْ: ابن المبارك، وزُهَيْر بْن مُعَاويَة، وعبد اللَّه بْن عُمَرَ، وعيسى بْن يونس، وموسى بْن أَعْيَن، وَمحمد بْن سَلَمَةَ، ومسكين بْن بُكَيْر. وعنه: محمد بن عوف الطائي، وأحمد بن عبد الوهاب المصيصي، وأحمد بن مسيب الحلبي، وأحمد بن النضر العسكري، والفضل بن عبد الله الأنطاكي، والحسن بن سفيان. وقال ابن عديّ: يُحدّث عَنِ الثقات بالمناكير، ويصحّف عليهم. وقال أبو حاتم: صدوق، وعبد اللَّه بْن جَعْفَر الرقي أحب إليّ منه. 440- مُصْعَب بن عبد الله بن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْن العوام4. الْإِمَام أبو عبد الله الْقُرَشِيّ الأسديّ الزُّبَيْريّ الْمَدَنِيّ، نزيل بغداد. سَمِعَ: أباهُ، ومالِكًا، والضَّحّاك بْن عثمان، وإبراهيم بْن سعد، وعبد العزيز الدراوردي.   1 انظر تاريخ بغداد "13/ 100"، وتاريخ جرجان للسهمي "411". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 420، 421"، والثقات لابن حبان "9/ 207"، وتاريخ الطبري "1/ 42". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 309"، والثقات لابن حبان "9/ 175"، والكامل لابن عدي "6/ 2362". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 439"، والجرح والتعديل "8/ 309"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 354". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 179 وعنه: ابن ماجة حديثا واحدا في النجش1، وإبراهيم الحربي، والزبير بن بكار، وأبو يعلى الموصلي، وأبو العباس السراج، وأبو القاسم البغوي، وسفيان بن عيينة. وثقه الدارقطني، ومنهم من لينه للوقف في القرآن. قَالَ أَبُو بَكْر الْمَرْوَزِيّ: كَانَ من الواقفة، فقلتُ لَهُ: قد كَانَ وكيع وأبو بَكْر بْن عيّاش يقولان: القرآن غير مخلوق. فقال: أخطأ وكِيع وأبو بَكْر. قلتُ: فعندنا عَنْ مالك أنّه قَالَ غير مخلوق. قَالَ: إنّا لَمْ نَسْمَعه. قلتُ: وكان مُصْعَب علامة فِي النَّسب، أديبًا إخباريًّا فصيحًا، من نُبلاءِ الرِّجَال وأفرادِهم. روى عَنْهُ الشيخان مُسْلِم وأبو داود خارج كتابيهما. وقال الزُّبَيْر بْن بكّار: كَانَ عمّي وجْهَ قريش مروءةً وعِلْمًا وشَرَفًا وثَبَاتًا وَقَدْرًا وجاهًا. وكان من نسّابةَ قريش، عاش ثمانين سنة. قَالَ أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: مُصْعَب الزُّبَيْريّ مستثبت. مات فِي شوّال سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. قَالَ الزُّبَيْر بْن بكّار: حدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن أَبِي صُبَيْح المربيّ قَالَ: لَمَّا استُعْمِلَ جدّك عَبْد اللَّه عَلَى اليمن، قَالَ لي ابنه مُصْعَب: امضِ معنا. فتأخّرتُ ثمّ قدِمْتُ عليهم صنْعَاء، فَنزلت فِي دار الإمارة، فأكرمني وأجرى عليّ خَمْسين دينارًا في الشهر، ولما انصرفت وصلني بخمسمائة دينار. ولابن أَبِي صُبَيْح فِيهِ: فما عَيْشُنَا إلّا الربيع وَمصْعَب ... يدور علينا مُصْعَبٌ ونَدُورُ وفي مُصْعَب إنْ غَبَّنَا القَطْرُ والنَّدَى ... لَهَا ورق معرورق وشكير متى مايرى الراؤن غُرَّة مُصْعَبٍ ... يُنِيرُ بِهَا إشراقه فَتُنيرُ يَرَوْا ملكًا كالبدْرِ أمّا فِنَاؤه ... فَرَحْبٌ، وأمّا قَدْرَه فكبيرُ له نِعَمٌ عَدَّ قَصَّرَ دُوَنَها ... وَلَيْسَ بِهَا عمّا يزيدُ قُصُورُ 441- الْمُعَافَى بْن سُلَيْمَان الرَّسْعنيّ2. عَنْ: فُلَيْح بْن سُلَيْمَان، وزُهير بْن معاوية، والقاسم بن معن المسعودي.   1 أي المضاربة في التجارة. 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 400"، والثقات لابن حبان "9/ 199"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1341"، وتهذيب التهذيب "10/ 198، 199". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 180 وعنه: هلال بن العلاء، وأحمد بن إبراهيم بن ملحان، والقاسم بن الليث العتابي الرسعني، وجعفر الفريابي، وكان صدوقا. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. 442- معلل بن نفيل1. أبو أحمد النهدي الحراني عَنْ زُهَيْر بْن مُعَاويَة وعنه أَبُو عَرُوبَة وأبو عَقِيل أنس بْن السَّلْم ومات قبل الأربعين ومائتين. 443- مُعَلَّى بْن مهديّ بن رستم أبو يعلى الموصلي الزهد2. عَنْ: مهديّ بْن ميمون، وَشَريك بْن عَبْد اللَّه، وأبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد. وعنه: أحمد بن حمدون، وإدريس بن سليم، وإبراهيم بن علي العدوي، وأبو يعلى. قَالَ ابن حَمْدُون: حُمَّ ابنُ مَهْديّ أربعين سنة كلّ سنة دائمًا. تُوُفِيّ فِي شَعْبَان سنة خمس وثلاثين ومائتين. وهو بَصْرِيّ نزل البصرة. 444- مَعْمَرُ بنُ مَخْلَد الْجَزَريّ السّرُوجيّ3. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وخَلَف بْن خليفة. وعنه: محمد بن جبلة الرافقي، وهلال بن العلاء. توفي بملطية سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قَالَ النسائيّ: ثقة. 445- مِنْجَاب بْن الحارث4. أَبُو محمد التَّميميّ الْكُوفيّ. عَنْ: أَبِي الأَحْوَص سلام بْن سُلَيْم، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، ومُصْعَب بْن سلّام، وعليّ بْن مُسْهِر. وعنه: مسلم، وبقي بن مخلد، ومحمد بن عبد الله الحضرمي مطين، وجعفر الفريابي. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين.   1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 201". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 335"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 23"، والثقات لابن حبان "9/ 182"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 151". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 259". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 412"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 30"، والثقات لابن حبان "9/ 206"، وتهذيب الكمال "3/ 1371". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 181 446- منصور بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ1 عَبْدِ اللَّهِ بن محمد الهاشمي العباسي. ولي إمرة دمشق للأمين، وولي قبلها البصرة. دعي إلى الخلافة في أول دولة المأمون، فامتنع. روى عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز. وعنه: أبو العيناء، وغيره. قَالَ أَبُو الصَّقْر محمد بْن داود بْن عيسى: كَانَ أَبِي عَلَى شَرطة منصور بدمشق، وكان الأمين يعجبه البللور، فدس منصور من سرق قلة الجامع البللور. فلمّا رأى إمام الجامع مكانَها فارغًا ضربَ بقَلَنْسُوَتِه الأرضَ وصرخ: سُرِقَتْ قُلَّتُكُمُ. فقال النّاس: لا صلاة بعد القُلَّة. فصارت مثلًا. قَالَ أَبُو الصَّقْر: لَمّا رَجِعَ المأمون إلى بغداد وجد القُلّة، فردّها إلى جامع دمشق. تُوُفِيّ منصور سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 447- منصور بْن أَبِي مُزَاحِم2. أَبُو نصر التُّرْكِيّ، واسم أَبِيهِ بشير، وولاؤه للأَزْدِ، كَانَ كاتبًا ثقة صاحب سنة. وكان لَهُ ديوان فتركه. سَمِعَ: مالِكًا، وشَرِيكًا، وإبراهيم بْن سعد، وأبا الأَحْوَصَ، وإسماعيل بْن جَعْفَرَ. ورأى شُعْبَة. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، وإبراهيم الحربيّ، وموسى بْن هارون، وَأَحْمَد بن الحسن الصوفي، وأبو القاسم البغوي. قال ابن مَعِين: صدوق. مات فِي ذي القعدة سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. 448- مهرجان النيسابوريّ الزّاهد. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن المبارك. وعنه: أَبُو يحيى الخَفّاف، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيَان، وزكريّا بْن دَلَّويه. وحُكِيَ عَنْهُ أنَّهُ كَانَ لا يشربُ الماء فِي الصَّيْف أربعين يومًا زهدًا3. توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين.   1 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 11"، وتاريخ الطبري "7/ 511"، والكامل في التاريخ "7/ 57"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 449". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 170"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 349"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 173"، والثقات لابن حبان "9/ 173". 3 وأي زهد هذا خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 182 449- مُوسَى بْن أيّوب النَّصيبيّ1. أَبُو عِمْرَان، نزيل أنطاكيَة. عَنْ: مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، وابن المبارك. وعنه: أَبُو حاتِم الرازيّ، وَمحمد بْن إِبْرَاهِيم البُوسَنْجِيّ، وَمحمد بْن يزيد بْن عَبْد الصَّمد. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق. 450- مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ البصْرِيّ الأسلع. عَنْ: عُمَرَ بْن سَعِيد الأبحّ. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو يَعْلَى، وَأَحْمَد بْن عليّ بْن سَعِيد الْمَرْوَزِيّ القاضي. 451- مُوسَى بْن مروان الرقي2. عَنْ: عيسى بْن يونس، وأبي مُعَاويَة، وبقيّة. وعنه: أبو داود، وابن ماجة، والقاسم بن الليث الرسعني. توفي سنة أربعين ومائتين. 452- موسى بن محمد بن حيان3. أو: ابن محمد بن سعيد بن حيان، بالحاء، ثم آخر الحروف4. صدوق، صاحب حديث. سَمِعَ بالبصرة: عَبْد الوهّاب الروميّ، وغُنْدَرًا، وابن أَبِي عديّ، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ. وعنه: أَبُو بَكْر الصَّغَانيّ، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو يعلى الموصلي، وعبد اللَّه المارستانيّ. قَالَ الخطيب: أحاديث مستقيمة. 453- مُوسَى بْن مُعَاويَة بْن صُمَادِح بْن عَوْن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ المحدِّث5. الصدوق، أَبُو جَعْفَر الهاشمي المغربيّ. رحَال مكثر عَنْ: وكيع، وابن مهديّ. وعنه: محمد بن أحمد العنسي. قَالَ: محمد بْن وضّاح: لقيته بالقَيْرَوان، وهو كثير   1 تقدمت ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 164"، والثقات لابن حبان "9/ 161"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 41"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1392". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 961"، والثقات لابن حبان "9/ 161"، وتاريخ بغداد "13/ 41، 42"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 221". 4 وهي الياء. 5 تقدم الكلام عليه. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 183 الحديث. رحل إلى الكوفة والرِّيّ. وهو ثقة. وقال ابن لُبَابة: ثقة. مات بعد الثلاثين ومائتين. 454- مُوسَى. الْإِمَام أَبُو الوليد بْن أَبِي الجارود1 المكيّ الفقيه، صاحب الشافعيّ من كبار أصحاب الشافعيّ. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: روى عَنِ الشافعيّ حديثًا كثيرًا، وروى عَنْهُ كتاب "الأمالي" وغيره. وكان من القيّمين بِمذهب الشافعيّ بِمكّة. وله رواية عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة. روى عَنْهُ: التِّرْمِذيّ، والربيع بْن سُلَيْمَان المُرادي، ويعقوب الفَسَويّ، وابن وَارَةَ. قَالَ الذَّهَبيّ: أظنُّه قديم الموت. "حرف النون": 455- نصر بْن الحُرَيْش2. أَبُو القاسم الصّامت. بغداديّ. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. عَنْ: الْمُشْمَعِلِّ بن ملحان، وأبي سهل مسلم الخراساني. وعنه: إسحاق الختلي، والحسين بن بشار، ومحمد بن بشر بن مطر. يقال: حج أربعين حجة لم يكلم فيها أحدا. 456- نصر بن الحكم الياسري3. عَنْ: خَلَف بْن خليفة، وَهُشَيْم. وعنه: ابن البراء، وإسحاق بن سفيان، وأحمد بن علي الأبار، والحسن بن علوية. 457- نصر بن عاصم الأنطاكي4. عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، ويحيى القطان، ومحمد بن سلمة الحراني، وبشر بن إسماعيل، ومسكين بن بكير، وطبقتهم. ورحل إلى النواحي في طلب العلم.   1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 162"، والأنساب "2/ 339"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1384". 2 انظر حلية الأولياء "10/ 319، 320"، وتاريخ بغداد "13/ 285"، وميزان الاعتدال "4/ 250". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 215"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 284"، والأنساب "12/ 281". 4 انظر الثقات لابن حبان "9/ 217"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1409"، وميزان الاعتدال "4/ 252". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 184 وعنه: د، والحافظ بْن عَبْد اللَّه بْن المستورد البغداديّ أبو سيار، وعثمان بن خرزاذ، وجعفر الفريابي، وآخرون، ذكره ابن حبان في "الثقات". 458- نصر بن زياد1. الفقيه أبو محمد النيسابوري، قاضي نيسابور، تفقه على: محمد بن الحسين. وتأدب على: النضر بن شميل. وروى عَنْ خارجة بْن مُصْعَب، وابن المبارك، وجرير بْن عَبْد الحميد، وزافر بْن سُلَيْمَان، وهيّاج بْن بِسْطَام. وعنه: محمد بن رافع، وأيوب بن الحسن، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وجعفر بن محمد بن الحسين، وإبراهيم بن علي الذهلي، وطائفة. قَالَ الحاكم: نصر بْن زياد بْن جشل، ولي قضاء نيسابور بضع عشرة سنة، ولَم يزل محمودًا عِنْدَ السُّلطان والرَّعية. وله عندنا بنيسَابور آثار كبيرة مذكورة. وكانت كُتُب المأمون إِلَيْهِ متواترة. وكان كوفيّ المذهب، وأعقابه عَنْ آخرهم حديثّيون. سمعتُ يحيى بْن محمد العَنْبَريّ: سمعتُ أَحْمَد بْن محمد البالويّ يقولون: كَانَ نصر بْن زياد يأمرُ بالمعروف ويَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، ويقول: لولا هذا لَم أتلبَّس لَهم بعمل، لكنِّي إذا لَم أَلِ القضاء لَم أقدر عَلَيْهِ. وكان يُحيي اللّيل ويصوم الاثنين والخميس والجمعة، ولا يرضى من العمّال حتّى يؤدّوا حقوق النّاس. وقال غيره: عاش ستًّا وتسعين سنة. وقال سِبْطُ أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه: تُوُفِيّ فِي سابع صفر سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 459- نصر بْن فَضَالَةَ النَّيْسَابوريّ2. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووكِيع. وعنه: أحمد بن سيار المروزي، ومحمد بن إسحاق السراج. توفي سنة ثمان وثلاثين عند قتيبة. 460- نصير بن يوسف بن أبي نصر الرازي النحوي المقرئ3. أبو المنذر تلميذ أبي الحسن الكسائي. كان من أئمة القراء المشهورين. أخذ عنه: محمد بن عيسى بن رزين الإصبهاني، وعلي بن أبي نصر النحوي، ومحمد بن   1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 217". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 217". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 492، 493"، والسابق واللاحق "157"، وإنباه الرواة "3/ 347". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 185 إدريس الدنداني. وآخر من قرأ عَلَيْهِ أَحْمَد بْن رُسْتُم الطَّبريّ شيخ عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم. وله مصنَّف فِي رسم المصحف. وقد روى الحديث عَنْ: إِسْحَاق بْن سليمان، وغيره. 461- النضر بْن سَعِيد بْن النَّضْر بْن شُبْرُمَة1. أَبُو صُهَيْب الحارثيّ الْكُوفيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وعبد اللَّه بْن بُكَيْر، والوليد بْن أَبِي ثور، والحسن بْن محمد إمام المطمورة. وعنه: أَبُو سَعِيد الأشجّ، وَمحمد بْن عثمان بْن أَبِي شيبة، ومُطَيّن، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد الرازيّ، وغيرهم. ما أعلمُ فِيهِ جَرْحًا لغير ابن قانِع فإنّه ضعَّفَهُ. "حرف الهاء": 462- هارون بْن سالِم2. أَبُو عُمَرَ القُرْطُبيّ الزّاهد. عَنْ: يحيى بْن يَحْيَى اللَّيْثِيّ، وعيسى بْن دينار. ورحل إلى ديار مصر فأخذ عَنْ: أشهب بْن عَبْد العزيز، وأصبغ بْن الفَرَج. قَالَ ابن الفَرَضيّ: كَانَ منقطع القرين فِي الزُّهد والعِلْم، مُجَاب الدَّعْوة، فقيهًا كبير القدر. يُقال: امتُحنت إجابة دعوته فِي غير ما شيء، ومات فِي الْكُهُولَةِ. وكان عَلَيْهِ إخبات وحُزْن، وكان لا ينامُ عَلَى فراشٍ فِي رمضان. حكى إمام مسجد قرطبة أنّه رأى هارون بْن سالِم باللّيل سجد، قَالَ: فرأيتُ شجرة فِي المسجد سجدت وراءه، فلمّا قام قامت. وقال إِبْرَاهِيم بْن هلال: ما رأيتُ هارون بْن سالِم يُصَلِّي قطّ إلّا وهو يرتعد. وكان يسكن بيتًا بلا أبواب. وكان مقدَّمًا فِي زمانه فِي الزُّهد والعبادة. قَالَ ابن بَشْكَوال: وقبره يتبرك به3، ويعرف بإجابة الدعوة. جربت ذلك مرارًا. قلت: فروى عَنْهُ عامر بْن مُعَاويَة القاضي، وغيره. تُوُفِيّ سنة ثمانٍ وثلاثين. 463- هارون بْن عَبّاد النَّهْدِيّ المصيصي ثم الأنطاكي -د.   1 انظر الجرح والتعديل "8/ 481"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 256"، ولسان الميزان للحافظ "6/ 160". 2 انظر علماء الأندلس "2/ 169"، وجذوة المقتبس للحميدي "364". 3 القبور ليست من الأمور التي يتبرك بها وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 186 عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي بكر بْن عيّاش، وجماعة. وعنه: د. وَمحمد بْن وضّاح القُرْطُبيّ. 464- هارون بن عبد الله بن محمد بْن كثير بْن مَعْن بْن عَبْد الرَّحْمَن عوف الزهري1. أبو يحيى المكي القاضي نزيل بغداد. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. وتفقّه عَلَى أصحاب مالك كأبي مُصْعَب، والهُدَيريّ. وقيل: إنه إبراهيم سمعَ من مالك. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: سَمِعَ: مالك بْن أنس، وَالدَّرَاوَرْدِيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أسلم. وعنه: يحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد السلام الهروي، والزبير بن بكار، ويونس بن عبد الأعلى. وولي قضاء العسكر، ثم ولي قضاء مصر إلى أن عُزِلَ فِي آخر خلافة المعتصم. وقال أَبُو إِسْحَاق الشِّيرازيّ: هُوَ أعلمُ مَنْ صَنَّف الكُتُب فِي مختلف قول مالك. وقال القاضي عيّاض: كَانَ من الفقهاء العُلماء فِي مذهب أهل المدينة، واسع الأدب. وقال أَبُو سَعِيد بْن يونس: تُوُفِيّ بسامرّاء فِي شعبان سنة اثنتين وثلاثين. 465- هارون الواثق بالله2. أَبُو جَعْفَر، وقيل: أَبُو القاسم. أمير المؤمنين ولد المعتصم بالله أبي إسحاق محمد بْن الرشيد هارون بْن المهديّ محمد بْن المنصور الهاشمي العباسيّ. وأُمُّه روميّة اسمها قراطيس، أدركت دولة ابنها. ولي الأمر بعهد أَبِيهِ. ونقل إِسْمَاعِيل الخطبيّ أنّه وُلِدَ لَعشْرٍ بقين من شَعْبَان سنة ستٍّ وتسعين ومائة. قَالَ يَحْيَى بْن أكثم: ما أحسَنَ أحدٌ إلى آل أَبِي طالب ما أحسن إليهم الواثق. ما مات وفيهم فقير. وقال حمدون بْن إِسْمَاعِيل: كَانَ الواثق مليح الشِّعْر، وكان يُحبُّ خادمًا أُهْدِيّ لَهُ من مصر، فأغضبه الواثق يومًا، ثُمَّ إنه سمعه يَقُولُ لبعض الخدم: والله إنه إبراهيم لَيَرُوم أن أكلّمه من أمس فما أفعل فقال الواثق:   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 92"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 230"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 13". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "2/ 175"، وتاريخ الطبري "9/ 12، 17"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 15"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 306". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 187 يا ذا الَّذِي بعذابي ظلّ مفتخرًا ... ما أنت إلا مليك جار إذ قدر قَدَرا لولا الهَوَى لَتَجاريْنَا عَلَى قَدَرٍ ... وإنْ أُفِقْ منه يومًا ما فسوف ترى قَالَ الخطيب: كَانَ أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد قد استولى عَلَى الواثق وحمله عَلَى التشدُّد فِي المحنة. ودعا النّاس إلى القول بِخلْق القرآن. ويُقال: إنّ الواثق رجع عَنْ ذَلِكَ القول قبل موته. وقال عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى: حدثنا إِبْرَاهِيم بْن أسباط بْن السَّكَن قَالَ: حُمِلَ رجلٌ فيمَن حُمِلَ، مُكَبَّلٌ بالحديد من بلاده، فأُدْخِلَ. فقال ابن أَبِي دُؤاد: تقولُ أَوْ أقول؟ قَالَ: هذا أوّل جوركم. أخرجتم النّاس من بلادهم، ودعوتموهم إلى شيء. لا بل أقول. قَالَ: قُلْ. والواثق جالس. فقال: أخبرني عَنْ هذا الرأي الَّذِي دَعْوتُم النّاس إِلَيْهِ، أَعَلِمَهُ رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فلم يدعُ النَّاس إِلَيْهِ، أم شيء لم يعلمه؟ قال: علمه. قال: فكان يسمعه أن لا يدعو النّاس إِلَيْهِ، وأنتم لا يسعكم، قَالَ: فبُهِتُوا. قَالَ: فاستضحك الواثق، وقام قابضًا عَلَى فمه، ودخل بيتًا ومدَّ رِجْليه وهو يَقُولُ: وَسِعَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلم- أن يسكت عنا ولا يسعنا. فأمر أن يعطى ثلاثمائة دينار، وأن يُردّ إلى بلده. وعن طاهر بْن خَلَف: سمعتُ المهتدي بالله بْن الواثق يَقُولُ: كَانَ أَبِي إذا أراد أن يقتل رجلًا أَحْضَرَنا. فأُتِيَ بشيخ مخضوب مقيَّد، وقال أَبِي: ائذنوا لابن أَبِي دُؤاد وأصحابه. وأُدْخِلَ لشيخ فقال: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لا سلم الله عليك. قال: بئس ما أدَّبك مؤدِّبُك. قَالَ اللَّه تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] قلت: هذه حكاية مُنْكرَة، ورُواتُها مَجاهيل، لكن نسوقها. قَالَ: فقال ابن أَبِي دُؤاد: يا أمير المؤمنين الرجل متكلِّم. فقال لَهُ: كلِّمْهُ. فقال: يا شيخ ما تقولُ فِي القرآن؟ قَالَ: لِمَ تنصفني، ولي السؤال. قَالَ: سَلْ يا شيخ. قَالَ: ما تقولُ فِي القرآن؟ قَالَ: مخلوق. قَالَ: هذا شيء عَلِمَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بَكْر وعمر والخلفاء، أم شيء لَم يعلموه؟ فقال: شيء لم يعلموه. فقال: سبحان الله، شيء لَم يعلموهُ أَعَلِمْتَه أنت؟ قَالَ: فَخَجِل وقال أقِلْنِي. قَالَ: والمسألةُ بِحالِها؟ قَالَ: نعم. قَالَ: ما تقول في القرآن؟ قال: مخلوق، قال: شيء علمه رسول الله؟ قلت: عَلِمَه. قَالَ: عَلِمَهُ ولَم يدْعُ النّاس إِلَيْهِ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أفلا وسِعَك ما وسِعَه ووسِع الخلفاء بعده. فقام أَبِي الواثق فدخل الخلْوة، واستلقى وهو يَقُولُ: شيء لَم يعلمه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَبُو بَكْرٍ، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، علمته أنت؟ الجزء: 17 ¦ الصفحة: 188 سبحان اللَّه عَلِمُوه ولَم يدْعوا النّاس إِلَيْهِ، أفلا وسِعَك ما وسِعَهم؟ ثُمَّ أمر برفع قيود الشيخ، وأمر له بأربعمائة دينار، وسقطَ ابن أَبِي دُؤاد من عينه، ولَم يمتحن بعدها أحدًا. وروى نحوًا من هذه الواقعة أَحْمَد بْن السِّنْديّ الحداد، عَنْ أَحْمَد بْن الممتنع، عَنْ صالِح بْن عليّ الهاشميّ المنصوريّ، عَنِ المهتدي بالله، رَحِمَهُ اللَّه. قَالَ صالِح: حضرته وقد جلسَ للمتظلّمين، فنظرتُ إلى القَصَص تُقرأ عَلَيْهِ من أولّها إلى آخرها، فيأمر بالتوقيع عليها، ويختمها، فيسُرّني ذَلِكَ. وجعلت أنظر إِلَيْهِ، ففطِنَ، ونظر إليّ، فغضضت عَنْهُ، حتى كَانَ ذَلِكَ منه ومنّي مرارًا. فقال لي: يا صَالِح فِي نفسك شيء تُحب أن تقوله؟ قلتُ: نعم. فلمّا انفضّ المجلسُ أُدْخِلْتُ مجلسه فقالَ: تَقُولُ ما دار في نفسك أو أقوله أنا؟ فقلتُ يا أمير المؤمنين ما ترى. قَالَ: أقول إنك استحسنتَ ما رأيتَ منّا. فقلت: أيَّ خليفة خليفتنا، إن لَم يكن يَقُولُ القرآن مخلوق. فوردَ عَلَى قلبي أمرٌ عظيم، ثُمَّ قلت: يا نفس هَلْ تموتين قبل أجَلِك؟ فقلتُ: نعم. فأطرق ثم قال: اسمع مني، فو الله لتسمعنّ الحقّ. فسُرّي عنّي وقلت: ومَن أولى بالحقّ منك وأنت خليفة ربّ العالمين، وابن عمّ سيد المرسلين؟ قَالَ: ما زلت أقول أن القرآن مخلوق صَدْرًا من أيام الواثق، حتى أقدَمَ شيخًا من أَذَنة فأُدْخِلَ مقيدًا، وهو جميل حسَن الشَّيْبَة. فرأيتُ الواثق قد استحيا منه ورَقّ لَهُ. فما زال يُدْنيه حتَّى قرُبَ منه وجلسَ، فقال: ناظِر ابنَ أَبِي دُؤاد. فقال: يا أمير المؤمنين إنّه يَضْعُف عَنِ المناظرة. فغضبَ وقال: أبو عبد الله يضعف عَنْ مناظرتِكَ أنتَ؟ قَالَ: هَوِّن عليك، وائذن لي فِي مناظرته. فقال: ما دعوناك إلا لِهذا. فقال: احفظ عليّ وعليه، ثُمَّ قَالَ: يا أَحْمَد أخبرني عَنْ مقالتك هذه، هِيَ مقالة واجبة داخلة فِي عقد الدّين، فلا يكون الدِّين كاملًا حتى يُقال فِيهِ بِما قلت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأخبرني عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين بعثه اللَّه، هَلْ سَتَر شيئًا مِمّا أُمِرَ بِهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فدَعا إلى مقالتِك هذه؟ فسكت. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين واحدة. فقال الواثق: واحدة. فقال الشيخ: أخبرني عَنِ اللَّه تعالى حين قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] أَكَانَ اللَّه هُوَ الصّادق فِي إكْمَال دينه، أو أنتَ الصّادق فِي نُقْصَانه، حتّى يُقال بِمقالتِكَ هذه؟ فسكت. فقال الشيخ: اثنتان. قَالَ الواثق: نعم. وقال: أخبرني عن مقالتك هذه، أعلمها رسول الله أم جهلها؟ قلت: عَلِمَها. قَالَ: فدعا النّاسَ إليْهَا. فسكت. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ثلاثة. قَالَ: نعم. قَالَ: فاتسع لرسول اللَّه أنْ عَلِمها أن يُمسك عنها، ولَم يُطالب أمَّتَه بِهَا؟ قَالَ: نعم. قال: الجزء: 17 ¦ الصفحة: 189 واتسع لأبي بَكْر، وعمر، وعثمان، وعليّ ذَلِكَ؟ قَالَ: نعم. فأعرض الشيخ عَنْهُ، وأقبلَ عَلَى الواثق فقال: يا أمير المؤمنين قد قدَّمْتُ القول أنّ أَحْمَد يصبو ويضعُف عَنِ المناظرة. يا أمير المؤمنين إنْ لَمْ يتَّسع لك من الإمساك عَنْ هذه المقالة ما زعم هذا أَنَّهُ اتسع للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، ولأبي بَكْر، وعمر، وعثمان، وعليّ، فلا وسَّع اللَّه عليك. قَالَ الواثق: نعم كذا هُوَ. اقطعوا قيد الشيخ. فلمّا قطعوهُ ضرب الشيخ بيده إلى القيْد فأخذه، فقال الواثق: لِمَ أخَذْتَه؟ فقال: لأنِّي نويتُ أن أتقدَّم إلى مَن أوصي إِلَيْهِ، إذا مت أن يجعله بيني وبين كَفَني، حتى أخاصم بِهِ هذا الظّالِم عِنْدَ اللَّه يوم القيامة وأقول: يا رب لِمَ قيدني وروَّع أهلي؟ ثُمَّ بكى فبكى الواثق وبكينا. ثُمَّ سأله الواثق أن يجعله فِي حِلّ، وأمر لَهُ بصلة فقال: لا حاجة لي بِها. قَالَ المهتدي بالله: فرجعت عَنْ هذه المقالة، وأظنّ أنّ الواثق رجعَ عنها من يومئذ. وقال إِبْرَاهِيم بن نِفْطَوَيْه: حدَّثَنِي حامد بْن العبّاس، عَنْ رَجُل، عَنِ المهتدي بالله، أنّ الواثق مات وقد تاب عَنِ القول بِخلْق القرآن. وكان الواثق وافر الأدب. بَلَغَنَا أنّ جارية غنته بشعر العَرْجيّ: أَظَلُومُ إنّ مُصَابَكُم رجُلًا ... ردَّ السّلامَ تَحيَّةً ظُلْمُ فَمِن الحاضرين من صَوَّب نصْبَ رجُلًا، ومنهم من قَالَ: صوابها: رجلٌ. فقالت: هكذا لقَّنني المازنيّ. وطلب المازنيّ، فلمّا مثُل بين يدي الواثق، قَالَ: مِمّن الرجل؟ قَالَ: من بني مازن. قَالَ: أي الموازن، أمازِن تميم، أم مازن قيس، أم مازن ربيعة؟ قلتُ: مازن ربيعة. فكلّمني حينئذ بلغة قومي فقال: با اسبُك. لأنّهم يقلبون الميم باء والباء ميم فكرهتُ أن أواجهه بِمَكرٍ، فقلتُ: بَكْر يا أمير المؤمنين. ففطِنَ لَها وأعجبته. فقال: ما تقول في هذا البيت. قلت: الوجه النصب. لأن مُصَابكم مَصْدَر، بِمعنى أصابتكم. فأخذ البريديّ يعارضني، قلتُ: هُوَ بِمنزلة إنّ ضَرْبَك زيدًا ظلم. فلرجل مفعول مُصَابكم، والدليل عَلَيْهِ أن الكلام مُعلق، إلى أن تَقُولُ ظُلْمٌ فيتمّ. فأُعْجِبَ الواثق، وأعطاني ألف دينار. قَالَ ابن أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ الواثق أبيض، تعلوهُ صُفْرة، حسنَ اللحية، فِي عينيه نُكْتة. وقال زُرقان بْن أَبِي دُؤاد: لَمَّا احتضر الواثق جعل يردِّد هذين البيتين: الجزء: 17 ¦ الصفحة: 190 الموتُ فِيهِ جميعُ الخلْقِ مُشْتَركٌ ... لا سُوقَةٌ منهم يبقى ولا ملكُ ما ضَرَّ أهلَ الدنيا فِي تَنَافُرهم ... وليس يُغْنِي عَنِ الأملاك ما مَلَكوا ثُمَّ أمر بالبُسُط فطُويت، وألصق خدّه بالأرض، وجعل يَقُولُ: يا من لا يزول ملكه، ارْحَم من قد زَال مُلْكُه. روى أَحْمَد بْن محمد الواثقي أمير البصرة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنتُ أحد من مرّض الواثق فِي عِلته، إذ لحقته غشيةٌ، فما شككنا أنه مات. قال بعضنا لبعض تقدموا. فما جَسَر أحدٌ، فتقدَّمت أَنَا، فلمّا صرتُ عِنْدَ رأسه، وأردتُ أن أضعَ يدي عَلَى أنفه، لِحقَتْه إفَاقَةٌ، ففتح عينيه، فكدتُ أموتُ فزِعًا، من أن يراني قد مشيت إلى غير رُتْبتي، فرجعتُ إلى خَلْف، فتعلقت قبيعة سيفي بالعَتَبة، فعثرت عَلَى سيفي فاندقّ، وكاد أن يدخل فِي لحمي. فسلمتُ وخرجتُ، فاستدعيت سيفًا، وجئتُ فوقفتُ ساعة، فتلف الواثق تَلَفًا لم يُشك فِيهِ. فشددت لحيته وغمَّضْتُه وسجَّيْتُه، وجاء الفراشون، فأخذوا ما تحته يردوه إلى الخزائن، لأنه مثبت عليهم، وتُرِكَ وحده فِي البيت. فقال لي أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد القاضي: إنّا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، وأحب أن تحفظه إلى أن يُدْفن، فأنتَ من أخصّهم بِهِ فِي حياته. فرددت باب المجلس، وجلستُ عِنْدَ الباب، فحَسَسْتُ بعد ساعة بحركة فِي البيت أفزعتني، فدخلت، فإذا بِجرذون قد جاء فاستل عينه فأكلها، فقلت: لا إله إلا اللَّه، هذه العين التي فتحها من ساعة، فاندقّ سيفي هيبة لَهَا. قَالَ: وجاءوا فغسلوه، وأخبرت ابن أَبِي دُؤاد الخبر. قَالَ: والجرذون دابَة أكبر من اليربوع. كانت خلافة الواثق خمس سنين ونصف. ومات بسُرَّ منْ رَأَى، يوم الأربعاء، لست بقين من ذي الحجة، من سنة اثنتين وثلاثين، وبُويع بعده المتوكّل. 466- هارون بْن معروف1 -خ. م. د. أبو علي المروزي، نزيل بغداد. كَانَ خزّازًا وأضَرّ بأخرة. روى عَنْ: هُشَيْم، ويحيى بْن أَبِي زائدة، وابن عُيَيْنَة، ومروان بْن شجاع، وعَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وعبد اللَّه بْن وهْب، وأبي بَكْر بْن عيّاش، والوليد بْن مُسْلِم، وخلْق كثير من   1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 355"، والجرح والتعديل "9/ 96"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 226". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 191 العراقيين، والحجازيين، والمصريين، والشاميين، والْجَزَريين. وعنه: م، د، وخ، عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وَأَحْمَد بْن حنبل، وَمحمد بْن يحيى الذّهليّ، وصالح جَزَرَة، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وَأَحْمَد بْن خيثمة، وموسى بْن هارون، وأبو القاسم البَغَويّ، وطائفة. وثقة ابن أبي حاتِم، وجماعة. قَالَ ابنُ أَبِي حاتِم: سَمِعَ منه أَبِي ببغداد سنة خمس عشرة، بعدما عَمِي، من حفظه. وقال أَبُو داود: سمعتُ الثقة يَقُولُ. قَالَ هارون بْن معروف: رأيتُ فِي المنام قِيلَ لي مَن آثر الحديث عَلَى القرآن عُذِّب. قَالَ: فظننتُ أنّ ذَهاب بصري من ذَلِكَ. وقال هارون الحمّال: سمعتُ هارون بْن معروف يَقُولُ: من زعم أنّ القرآن مخلوق فكأنّما عَبْد اللّات والعُزَّى. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ هارون بن معروف قال: من زعم أن اللَّه لا يتكلم فهو يعبدُ الأصنام. قلتُ: عاش هارون أربعًا وسبعين سنة، ومات فِي آخر رمضان سنة إحدى وثلاثين. وكان صدوقًا فاضلًا صاحب سنة. 467- هارون بْن أَبِي هارون العَبْديّ1. حدَّث ببغداد عَنْ: أَبِي الْمُلَيْح الرَّقِيّ، وبقيّة. وعنه: مطين، وعبد الله بن ناجية. وكان صدوقا. 468- هاشم بن الحارث المروذي نزيل2 بغداد. عَنْ: أَبِي المليح، وعبيد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقِّيَّين. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والبغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي الكبير، وغيرهم. وثقه الخطيب وقال: تُوُفِيّ سنة أربع وثلاثين. حديثه بعُلوٍّ فِي جُزءَين. 469- هاشم بْن الوليد3. أَبُو طالب الهَرَويّ. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عياش، وحفص بْن غِياث، ويحيى بْن سُلَيْم الطائفيّ. وعنه: أبو حاتم الرازي، ومحمد بن عبد الرحمن الشّامي، والحسين بن إدريس، وآخرون.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 98"، والثقات لابن حبان "9/ 240"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 21". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 244"، وتاريخ بغداد "14/ 66". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 106"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 349"، والثقات لابن حبان "9/ 243". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 192 توفي سنة تسع وثلاثين ومائتين. 470- هبيرة بن محمد التمار الأبرش1. قرأ القرآن عَلَى حفص صاحب عاصم. وتصدّر للإقراء. قرأ عَلَيْهِ: حُسْنُون بْن الهيثم الدُّوَيْريّ، والخَضر بْن الهَيْثَم الطُّوسي، وَأَحْمَد بْن عليّ الخزّاز، وغيرهم. كنيته أَبُو عمر. 471- هدبة بن خالد بن الأسود بن هدبة2 -خ. م. د. أَبُو خَالِد القَيْسيّ الثَّوْبَانيّ الْبَصْرِيّ، ويُقال لَهُ هداب. صلّى عَلَى شُعْبَة، وسمع من: الحمّادين، وهَمّام بْن يحيى، وجرير بْن حازم، وأبان العطار، وسليمان بْن المغيرة، ومبارك بْن فضالة، وهارون بْن مُوسَى النحوي، وسلام بْن مسكين، وطائفة بصريين. وعنه: خ. م. د. وبقيّ بْن مَخْلَد، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأحمد بن عَمْرو القطرانيّ، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وجعفر الفِرْيَابيّ، والحسن بْن سُفْيَان، وأبو معشر الْحَسَن بْن سفيان الدارميّ، وعبدُ اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، وعَبْدان الأهوازيّ، وأبو القاسم البَغَويّ، وخلْق. قَالَ عليّ بْنُ الْجُنَيْدِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أبو حاتم: صدوق. وقال ابن عديّ: لا بأس بِهِ. ولا أعرفُ لَهُ حديثًا مُنْكَرًا فيما يرويه. وأمّا النسائي فقال: ضعيف. وقال لحسن بْن سُفْيَان: سمعتُ هُدْبَةَ يَقُولُ: صلَّيْتُ عَلَى شُعْبَة، فقيل لَهُ: رَأَيْته؟ فقال: رأيتُ من هُوَ خيرٌ منه، حمّاد بْن سَلَمَةَ وكان سُنِّيًّا، وكان شُعْبَة يرى الإرجاء. وقال عَبْدان الأهوازيّ كنّا لا نُصَلِّي خلف هُدْبة من طول صلاته ويسبح فِي الركوع والسجود نيِّفًا وثلاثين تسبيحة وكان من أشبه خلق اللَّه بِهشام بْن عمّار لحيته ووجهه وكل شيء منه حتّى صلاته. وقال ابن عديّ: سمعتُ أَبَا يَعْلَى، وسُئِلَ عَنْ هُدْبَةَ، وشَيْبان، أيهما أفضل؟ قَالَ: هُدْبَةُ أفضلهما وأوثقهما، وأكثرهما حديثًا. كَانَ حديث حمّاد بْن سَلَمَةَ عِنْدَه نسختين: واحدة عَلَى الشيوخ، وواحدة عَلَى التّصنيف. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ   1 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 205"، وغاية النهاية "2/ 353". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 301"، والجرح التعديل "9/ 114"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 295"، وتهذيب الكمال "3/ 1453". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 193 عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو الْفَضْلِ الزُّهْرِيُّ، أَنَا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ: ثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآَنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو داود، عَنْ محمد بْن عَبْد الملك: تُوُفِيّ هُدْبة سنة خمس وثلاثين. وقال ابن حبان: مات سنة ست أو سبع وثلاثين ومائتين. 472- هريم بن عبد الأعلى بن الفرات2 -م. أبو حمزة الأسدي البصري. عَنْ: مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، ويزيد بْن زُرَيْع، وخالد بْن الحارث، وجماعة. وعنه: م، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وعَبْدان الأهوازيّ، وأبو يعلى الموصلي، وعبد الله أَحْمَد بْن حنبل، وطائفة. حدَّث بإصبهان سنة عشرين ومائتين. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي "الثِّقَاتِ": مَاتَ سَنَةَ أربعين أو قبلها أو بعدها بقليل. وقال أَبُو الشيخ: مات بالبصرة سنة خمس وثلاثين ومائتين. 473- هريم بن مسعر3 -ت. أبو عبد الله الأزدي خادم الفُضَيْل بْن عِياض. روى عَنْ: الفُضَيْل، وعَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ. وعنه: ت، وجعفر الفِرْيَابيّ، وأحمد بن عبد الله بن مالك. وثقه ابن حبان. 474- هشام بن إسحاق. أبو ربيعة العامري مولاهم المصري. قَالَ ابن يونس: كَانَ عالِمًا بأخبار مصر. روى عَنْ: اللّيث، ومالك. ومات في ربيع الآخر سنة خمس وثلاثين.   1 "حديث صحيح": أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "9/ 58"، وَمُسْلِمٌ "797"، وَأَبُو داود "4830"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2869"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 124، 125". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 246"، وأخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 336"، وطبقات المحدثين "2/ 157-159"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1436". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 245"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1436"، وتهذيب التهذيب "11/ 31". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 194 475- الهيثم بن أيوب1 -ن. أبو عمران الطالقاني. عن: إبراهيم بن سعد، ويحيى ابن أَبِي زائدة، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وجماعة. وعنه: ن، وجعفر الفِرْيَابيّ، ومحمد بن عبد الله بن يوسف الدوري، وجماعة. وثقه النسائي، وكان إماما كبير القدر. توفي سنة ثمان وثلاثين. بالطالقان من بلاد خراسان. 476- الهيثم بن خالد الجهني الكوفي2 -د. عَنْ: وكيع، وحسين الجعفي، وعبد الله بن نير، وجماعة. وعنه: د. وقال: ثقة. كتبت عَنْهُ سنة خمسٍ وثلاثين. لم أجد من روى عَنْهُ غير أَبِي داود. وتُوُفِيّ سنة تسعٍ وثلاثين. 477- الهيثم بْن خَالِد الْكُوفيّ الورّاق3. مستملي أبي نُعَيْم سيأتي. 478- والهيثم بْن خَالِد المصيصي: حدّث ببغداد بعد الخمسين. 479- والهيثم بْن خَالِد البغداديّ: شيخ من طبقة المصيصيّ. 480- والهيثم بْن خَالِد الْكُوفيّ: عَنْ شَرِيك. شيخ فِيهِ جهالة. 481- الهيثم بْن اليَمَان4. أَبُو بِشْر الرازيّ. عَنْ: شَرِيك، وأبي الأحوص، وإسماعيل بْن زكريّا، وهُشَيْم. روى عنه: أَبُو حاتم، وعلى بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، وغيرهما. وهو صالح الحديث. قاله فيما أرى عبد الرحمن بن أبي حاتم.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 86"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1454"، وتهذيب التهذيب للحافظ "11/ 90". 2 انظر ميزان الاعتدال للمصنف "4/ 321"، والمغني في الضعفاء "2/ 716". 3 ستأتي ترجمته. 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 86". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 195 "حرف الواو": 482- وثيمة بن موسى بن الفرات الفارسي1. نزيل مصر. صنف كتاب الردة، وجوده. وكان تاجرا في الوشي. وله معرفة بالأخبار وأيام الناس. دخل إلى الأندلس وغيرها. روى عنه: ولده عمارة بن وثيمة. ومات في جمادى الآخرة سنة سبع. يروي عَنْ: سَلَمَةَ بْن الفضل الأبرش، ومالك بْن أنس، وطائفة. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: يُحدِّث عَنْ سَلَمَةَ بْن الفضل بأحاديث موضوعة. - الواثق بالله. اسمه هارون. مَرّ2. 483- الوليد بْن عَبْد الملك بْن مُسَرَّح3. أَبُو وَهْب الحرّانيّ. عَنْ: سُلَيْمَان بْن عطاء الحرانيّ، وعبيد اللَّه بْن عديّ بْن عديّ، وَيَعْلَى بْن الأشدق، وغيرهم. وعنه: جَعْفَر الفِرْيَابيّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم وقال: صدوق. قلتُ: مات سنة أربعين. 484- الوليد بْن عُتْبَة4 -د. أبو العباس الأشجعي الدمشقي المقرئ. قرأ على أيّوب بْن تَميم. وسمع من: الوليد بْن مسلم، وبقية، وضمرة بن ربيعة، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 51-53"، والأنساب "12/ 270"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 331"، ولسان الميزان "6/ 217". 2 تقدم برقم "467". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 10"، والثقات لابن حبان "9/ 227"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 252"، والأنساب "9/ 23". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 12"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 150، 151"، والثقات لابن حبان "9/ 226"، وتهذيب الكمال "3/ 1470". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 196 وعنه: د.، وأبو زُرْعَة، وجعفر الفريابي، وَمحمد بْن الْحُسَيْن بْن قُتَيْبَة العسقلاني، وعمر بْن سَعِيد المَنْبِجيّ، وجماعة. قَالَ أَبُو زُرْعَة الدمشقيّ: كَانَ القُراء بدمشق الذين يُحكمون القراءة. الشاميّة العثمانية ويضبطونَها: هشام، وابن ذَكْوان، والوليد بْن عُتبَة. وقال محمد بْن عَوْف: هُوَ أوثق من صَفْوان بْن صالِح. وُلِدَ سنة ستٍّ وسبعين ومائة. وقال أَبُو زُرْعَة الدمشقيّ: مات فِي جمادى الأولى سنة أربعين. قلتُ: قرأ عَلَيْهِ أَحْمَد بْن مُضَر بْن شاكر، وأخذ عَنْهُ الحروف أَحْمَد بْن يزيد الحلوانيّ، وفضل بْن محمد الأنطاكيّ. 485- وَهْب بْن بقيّة بْن عثمان بْن سابور1 -م. د. أبو محمد الواسطي، ويقال له وهبان. عَنْ: هُشَيْم، ويزيد بْن زُرَيْع، وخالد بْن عَبْد اللَّه الطحّان، وطبقتهم. وعنه: م. د. وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وجعفر الفريابيّ، وأبو العباس السراج، وآخرون. قَالَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ: ثقة لكنه سَمِعَ وهو صغير. قلتُ: وقع لنا حديثه عاليا. وتُوُفيّ سنة تسعٍ وثلاثين. "حرف الياء": 486- يحيى بْن أيوب2 م. د. أبو زكريا البغدادي المقابري العابد. عَنْ: شَرِيك، وإسماعيل بْن جَعْفَر، وخَلَف بْن خليفة، وهُشَيْم، ومُصْعَب بْن سلّام، وعبّاد بْن عَبّاد، وعبد اللَّه بْن وَهْب، وخَلْق. وعنه: م. د. وأبو زُرْعَة، وابن أَبِي الدُّنْيَا، ومحمد بن وضاح القرطبي، والحسين بن فهم، وأحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 28"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 41"، والثقات لابن حبان "9/ 229"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1477". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 357"، والجرح والتعديل "9/ 128"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 188"، والكامل في التاريخ "7/ 45". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 197 الصوفي، وأبو القاسم البغوي، ومحمد بن إبراهيم السراج، وحامد بن شعيب البلخي، وخلق. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: رجلٌ صالِح، صاحب سُكُون ودعة. وقال عليّ بْن الْمَدِينِيّ: صدوق. وقال أَبُو شُعَيْب الحرانيّ: ثنا يحيى بْن أيّوب، وكان من خيار عِباد اللَّه. وقال محمد بْن مَخْلَد: نا الْعَبَّاس بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأشْهَليّ: حدَّثَنِي أَبِي قَالَ: مررتُ بِمقابِر، فسمعتُ همهمةً، فاتبعتُ الأثر، فإذا يحيى بْن أيّوب فِي حُفْرة من تِلْكَ الحُفَر، وإذا هُوَ يدعو يبكي ويقول: يا قُرّة عين المطيعين، ويا قُرَّةَ عين العاصين، ولِمَ لا تكون قُرّة عين العاصين، وأنت سترت عليهم الذّنوب. ولِمَ لا تكون قرة عين المطيعين، وأنت مثبت عليهم بالطاعة. قَالَ: ويعاود البكاء. فغلبني البكاء، ففطنَ بي وقال: تعال، لعلّ اللَّه إنَّما بعث بك لخير. وقال الْحُسَيْن بْن فَهْم: كَانَ يحيى بْن أيّوب ثقة، وَرِعًا، مسلمًا، يَقُولُ بالسنة، ويَعيب من يَقُولُ بقول جَهْم وبخلاف السنة. قال: توفي يوم الأحد لاثنتي عشرة خَلَت من ربيع الأول سنة أربع وثلاثين. وأمّا مُوسَى بْن هارون فقال: ليلة الأحد لعشرٍ مَضَيْن من ربيع الأول. وأخبرني أَنَّهُ ولد سنة سبعٍ وخمسين ومائة. 487- يحيى بْن بِشْر البلْخِيّ الفلاس العابد1 -خ. عن: سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، ووَكِيع، وشبابة، وطبقتهم. وعنه: خ. وَأَحْمَد بْن سيار المروزي، وعبد الله الدارمي، وعبد الله بن حميد، وآخرون. قَالَ الْبُخَاريّ: تُوُفِيّ فِي خامس المحرم سنة اثنتين وثلاثين، رحمه اللَّه. 488- يحيى بْن أَبِي عُبَيْدة رجاء بْن عَبْد اللَّه2. أَبُو محمد الواديّ الحرانيّ. سَمِعَ: زهير بن معاوية، وأبا يوسف بن يعقوب بن إبراهيم.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 131"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 263"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1491". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 264". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 198 وعنه: أَبُو عَرُوبة الحرّانيّ، ورّخه وقال: سمعتُ منه وكان لا يخضب. مات فِي جُمَادَى الأولى سنة أربعين ومائتين. 489- يحيى بْن سُلَيْمَان بْن يحيى بْن سَعِيد بن مسلم بن عبيد1 -خ. ت. أبو سعيد الجعفي الكوفي المقرئ. نزيل مصر. سَمِعَ حروف عاصم من: أَبِي بَكْر بْن عياش. أخذها منه: أَحْمَد بْن محمد بْن رشدين. وسمع: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وأبا خَالِد الأحمر، وعبد الرَّحْمَن المحاربيّ، وأبا بَكْر بْن عياش، ووكيعًا، وعبد اللَّه بن وهب، وطائفة. وعنه: ح، وت، عَنْ رجُلٍ، عَنْهُ، وَمحمد بْن يحيى الذُّهَلِيّ، وَمحمد بْن عَوْف الطائيّ، والحسين بْن إسحاق التستري، والحسن بن سفيان، وأبو طاهر محمد بْن أَحْمَد بْن عثمان الْمَدِينِيّ، والحسن بْن غُلَيب الْمَصْرِيّ، وآخرون. قَالَ النسائي: لَيْسَ بثقة. وقال غيره بتوثيقه. قَالَ أبو حاتم: شيخ. وقال ابن حبان فِي كتاب الثقات: ربَّما أَغْرَب. وقال ابن يونس: تُوُفِيّ سنة سبع وثلاثين. وقال فِي مكان آخر: سنة ثمان. 490- يحيى بْن سُلَيْمَان الْجُفْريّ الإفريقيّ2. أَبُو زكريا. روى عن: أبي معمر بْن عَبْد الصمد، وغيره. وعنه: حَبْرُون بْن عيسى البَلَويّ. قِيلَ: تُوُفِيّ سنة سبعٍ أيضًا. 491- يحيى بْن طلحة اليربوعي الكوفي3. عَنْ: شَرِيك، وفُضَيْل بْن عياض. وعنه: علي بن الحسين بن الجنيد الرازي، وغيره.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 154"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 280"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1503". 2 انظر ميزان الاعتدال للمصنف "4/ 383"، والمغني في الضعفاء "2/ 737". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 160"، والثقات لابن حبان "9/ 264"، وتاريخ الطبري "1/ 324"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 387". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 199 492- يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر المخزوميّ1 -خ. م. ق. مولاهم الْمَصْرِيّ الحافظ أَبُو زكريّا. ولد سنة أربع وخمسين ومائة. وأخذ عَنْ: مالك، واللَّيْث، وابن لَهِيعة، وحماد بن زيد، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، ويعقوب بن عبد الرحمن القاري، وبكر بن مضر، ومفضل بن فضالة، وابن وهب، وخلق سواهم. وعنه: خ. وم. وق، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وحَرْمَلة بْن يحيى، وَمحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وأبو زُرْعَة، وَمحمد بْن إِسْحَاق الصَّاغانيّ، وَمحمد بْن إبراهيم الوسنجي، ويحيى بن أيوب العلاف، ويحيى بن عثمان بْن صالِح السهمي، وَأَحْمَد بْن محمد بْن الحجّاج بْن رشدين، وخير بْن موفّق، وأبو الزنباع روح بن الفرج وأبو علي الحسن بن فرج الغزّيّ، وآخرون كثيرون. قَالَ أبو حاتم: كَانَ يفهم هذا الشأن، يُكْتَب حديثه، ولا يُحْتَج بِهِ. قلتُ: قد احتج بِهِ صاحبا "الصحيحين". وكان غزير العلم عارفًا بالحديث وأيّام الناس، بصيرًا بالفتوى. قَالَ عُبَيْد بْن رجال: سمعتُ يحيى بْن بُكَيْر يَقُولُ لأبي زُرْعة: لَيْسَ ذا ليس ذا زغرغة عَنْ زوبعة، إنّما ترفع السِّتْر، تنظر إلى بنيك وأصحابه بين يديه، مالك، عن ابن عمر، عن نافع. وقد قَالَ فِيهِ النسائيّ: ضعيف. وقال فِي موضع آخر: لَيْسَ بثقة. ولَم يقبل النّاس من النسائي إطلاق هذه العبارة فِي هذا، ما فِي الْجُعْفِيّ المتقدم فيما قبله، كما لَم يقبلوا منه ذَلِكَ فِي أَحْمَد بْن صالح الْمَصْرِيّ. قَالَ أسلم بْن عَبْد العزيز الأندلسي: حَدَّثَنَا بَقِيّ بْن مَخْلد أنّ يحيى بْن بكير سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً. قلت: ومن جلالته عِنْدَ الْبُخَاريّ روى محمد بْن عَبْد اللَّه، وهو الذهليّ، عَنْ يحيى بْن بكير. أَخْبَرَنَا محمد بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْعَصْرُونِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنِ الْمُؤَيَّدِ الطُّوسِيِّ، وَغَيْرِهِ قَالَ الْمُؤَيِّدُ: أَنَا محمد بْنُ الْفَضْلِ الْفَزَارِيُّ، أَنَا عُمَرُ بْنُ مَسْرُورٍ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُمَيْرٍ، ثَنَا محمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوسَنْجِيُّ، نَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حدثني عن اللَّيْثُ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ وَبُطُونِ الأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ" 2. تُوُفِيّ فِي النصف من صفر سنة إحدى وثلاثين.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 165"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 285"، وتاريخ الطبري "3/ 429، 431"، والثقات لابن حبان "9/ 262". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "41"، وأحمد "4/ 191"، والبيهقي "1/ 70"، وصححه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 200 493- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن زياد الأسلميّ الخراساني خاقان1 -خ. المروزي، ويقال البلخي. أخوه جمعة وزنجويه. ويكنى أبا سهل، وقيل: وأبو اللَّيْث. روى عَنْ: ابن المبارك، ونوح بْن أَبِي مريم، وحفص بْن غياث، والوليد بْن مُسْلِم، وجماعة. وعنه: خ. وحاشد بْن إِسْمَاعِيل، وعبيد اللَّه بْن شريح، وجماعة آخرهم أَبُو الْعَبَّاس محمد بْن إِسْحَاق السّراج. وكانت أمه جارية من أهل تُبَّت. 494- يحيى بْن عثمان2. أَبُو زكريّا الحربيّ. عَنْ: أَبِي الْمُلَيْح الرَّقيّ، وإسماعيل بْن عيّاش، والهِقَل بْن زياد، وبقيّة، وطائفة. وأصله من سجستان. وكان عابدًا صالِحًا قانتًا لله. روى عن: ابن أَبِي الدُّنْيَا، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن حبّان، وَمحمد بْن عبْدُوس بْن كامل، وأبو زُرْعة الرازيّ، والبَغَويّ، والسّراج. وثّقه أَبُو زُرْعَة. وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال البَغَويّ: تُوُفِيّ سنة ثمانٍ وثلاثين. 495- يَحْيَى بْن مَعِينٍ بْن عَوْن بْن زياد بْن بِسْطَام3 -ع. وقيل: غِيَاث بدل عَوْن. الْإِمَام العالِم أَبُو زكريّا المُرّيّ، مُرّة بْن غَطَفان، مولاهم البغداديّ. أصله من الأنبار، ونشأ ببغداد، وسمع بِهَا، وبالحجاز، والشّام، ومصر، والنَّواحي. وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وخمسين ومائة، فهو أسنّ من عليّ بْن الْمَدِينِيّ، وَأَحْمَد بْن حنبل، وأبي بَكْر بْن أَبِي شيبة، وإسحاق بْن راهويه. كانوا يتأدَّبون معه ويعرفونَ لَهُ فضله. وكان أبوهُ كاتبًا لعبد اللَّه بْن مالك، فخلف ليحيى ألف ألف درهم فيما قِيلَ. سَمِعَ: عَبْد الله بن المبارك، وهشيم بن بشر، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وجرير بْن عَبْد الحميد، وإسماعيل بْن مجالد، ويحيى بْن أَبِي زائدة، ويحيى بْن عَبْد اللَّه الأنيسي المدنيّ، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا حفص الأبّار، وحفص بْن غِياث، وعَبّاد بْن العَوّام، وعمر بْن عُبَيْد الطَّنافسي، وعيسى بْن يونس، ويحيى بْن سَعِيد القطان، ووكيعًا، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وخلْقًا من طبقتِهم ومن بعدهم. ورحل إلى اليمن   1 انظر تهذيب الكمال للمزي "3/ 150"، وتهذيب التهذيب للحافظ "1/ 239". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 351"، والجرح والتعديل "9/ 174"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1511". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 354"، والجرح والتعديل "9/ 292"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 145"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 156-159"، وسير أعلام النبلاء "11/ 71-96". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 201 عَبْد الرزاق. وعنه: خ. م. د. وخ. ت. ن. ق، عن رجل، عنه، وأحمد بْن حنبل، وَمحمد بْن سعد، وأبو خَيْثَمة، وهناد وطائفة من أقرانه. وعباس الدروي، وأبو بَكْر الصَّاغانِيّ، وَأَحْمَد بْن أَبِي خيثمة، ومعاوية بْن صالِح الأشعري، وعثمان بْن سَعِيد الدارميّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن الْجُنَيْد، وإسحاق الكَوْسَج، وحنبل بن إسحاق، وصالح جزرة وخلق من هذا الطبقة. وموسى بْن هارون، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وأحمد بن الحسين بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وعبد الله أَحْمَد بْن حنبل، وجعفر الفريابي، وَمحمد بْن إِبْرَاهِيم البغداديّ مربّع، وَمحمد بْن صالِح كَيْلَجَة، وعليّ بْن الْحَسَن بْن عَبْد الصمد ما غَمَّة، والحسين بْن محمد عُبيد العِجْل، الحُفاظ -ويُقال إنّهم من تلامذة يَحْيَى بْن مَعِينٍ، وإنه لقبهم- وآخرون. ووقع لنا حديثه عاليًا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: أَنَا أبو الفضل محمود بن عمر الأرموي، وَأَنَا أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ الْهَرَوِيِّ: أَنْبَا يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ الزَّاهِدُ. قَالَا: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ سنة سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ: ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي"1. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ. وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى ابْنِ مَعِينٍ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِوَضْعِ الجوائح، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ"2، وَبِالْإِسْنَادِ: ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا عَثْرَتَهُ، أَقَالَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3. أَخْرَجَهُمَا أَبُو داود، عن يحيى بن معين.   1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "3789"، والحاكم "3/ 149"، والطبراني "3/ 39"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 211"، والخطيب في التاريخ "4/ 160"، والحديث في ضعيف الجامع. 2 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3374"، والنسائي "7/ 294"، وابن ماجه "8/ 22"، وأحمد "3/ 309". 3 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3460"، والحاكم "2/ 45". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 202 وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِ وَالِدِهِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَهُوَ مِمَّا قِيلَ: إِنَّ ابْنَ مَعِينٍ تَفَرَّدَ بِهِ. وقال ابن عدي: سمعت عبدان بن الأَهْوَازِيَّ: سَمِعْتُ حُسَيْنَ بْنَ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ يَتَكَلَّمُ فِي ابْنِ مَعِينٍ وَيَقُولُ: مِنْ أَيْنَ لَهُ حَدِيثُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا"؟ هُوَ ذَا كُتُبُ حَفْصٍ عِنْدَنَا. وَهُوَ هَذَا كُتُبُ ابْنِهِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عِنْدَنَا، وَلَيْسَ فِيهِ مِنْ هَذَا شَيْءٌ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يحيى أوثق أو أجل مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ شَيْءٌ كَذَلِكَ. وَالْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدٍ مُتَّهَمٌ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ. وَقَدْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبُو عَوْفٍ الْبُزُورِيُّ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. قَالَ أَحْمَد بْن زُهَير: وُلِدَ يَحْيَى سنة ثمانٍ وخمسين ومائة. وقال أَبُو حاتِم: يَحْيَى بْن مَعِينٍ إمام. وقال النسائي: هُوَ أَبُو زكريا الثقة المأمون، أحد الأئمة فِي الحديث. وقال عليّ بْن الْمَدِينِيّ: لا نعلمُ أحدًا من لدُن آدم كتب من الحديث ما كتب يَحْيَى بْن مَعِينٍ. وقال عبّاس الدوريّ: سمعتُ ابن معين يَقُولُ: لو لَم نسمع الحديث خمسين مرة ما عرفناهُ. وعن يَحْيَى بْن مَعِينٍ، قَالَ: كتبتُ بيدي ألف ألف حديث. وقال صالِح بْن محمد جَزَرَة: ذُكِرَ لي أن يَحْيَى بْن مَعِينٍ خلّف من الكتب ثلاثين، قمطرًا وعشرين جُعْبًا. طلب يحيى بن أكثم كتبه بمائتي ألف دينار، فلم يدع أَبُو خَيْثَمة أن تُباع. وقال عباس الدوري، فينا رواهُ عَنْهُ الأصم: سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يقول: كنت إذ كُنَّا فِي قرية بِمصر ولم يكن معنا شيء ولا ثَمّ شيئًا نشتريه فلما أصبحنا إذا نحن بزنبيل مليء سمك مشويّ وليس عنده أحد فسألوني عَنْهُ فقلتُ اقتسموهُ فكُلُوه قَالَ يحيى: أظنّ أَنَّهُ رزقُ رزقهم اللَّه وسمعتُ يحيى مِرارًا يَقُولُ القرآنُ كلامُ اللَّه وَلَيْسَ بِمخلوق، والإيمان قولٌ وعملٌ يزيد وينقص. عبّاس الدوريّ: سمعتُ ابن معين يقول: كنت إذا دخلت بيتي في الليل قرأتُ آية الكرسي عَلَى داري وعيالي خمس مرات، فبينما أَنَا أقرأ، إذا شيء يُكلمني: كم تقرأ هذا، كأن لَيْسَ إنسان يُحسن يقرأ غيرك. فقلتُ: فأرى هذا يَسُوءك، والله لأزيدنّك. فصرتُ أقرأها فِي الليلة خمسين ستّين مرة. قَالَ عَبَّاس الدوري: قِيلَ ليحيى بْن معين: ما تقولُ فِي الرجل يقوّم للرجل حديثه، يعني ينزع منه اللّحن؟ فقال: لا بأس بِهِ. وقال عَبَّاس: سمعتُ يحيى يَقُولُ: لو لَم أكتب الحديث من ثلاثين وجْهًا ما عقِلْنَاهُ. وقال مجاهد بْن مُوسَى: سمعتُ ابن معين يَقُولُ: كتبنا عَنِ الكذّابين وسَجرنا بِهِ التنور، وأخرجنا خبزًا نضيجًا. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: ما الدُّنْيَا إلا كحُلْم. والله ما ضرّ رجلًا اتَّقَى اللَّه عَلَى ما أصبح وأمسى. الجزء: 17 ¦ الصفحة: 203 لقد حججتُ وأنا ابن أربعٍ وعشرين سنة، خرجتُ راجلًا من بغداد إلى مكة، هذا منذ خمسين سنة كأنّما كَانَ أمس. فقلتُ ليحيى بْن معين: ترى أن ينظر الرجل فِي الرأي، رأي الشافعيّ وأبي حنيفة؟ قَالَ: ما أرى لِمسلم أن ينظر فِي رأي الشافعي. ينظر فِي رأي أَبِي حنيفة أحبّ إليّ. قلتُ: إنّما يَقُولُ هذا يحيى لأنه كَانَ حنفيًّا، وفيه انحرافٌ معروف عَنِ الشافعي والإنصاف عزيز. قَالَ ابن الجنيد: سمعتُ يحيى يَقُولُ: تَحريمُ النبيذ صحيح، وأقفُ عنده لا أحرِّمه. قد شربه قومٌ صالِحون بأحاديث صِحاح. وحرّمه قومٌ صالِحون بأحاديث صِحاح. أَنَا سمعتُ يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُولُ: حديث الطِّلاء، وحديث عُتْبَة بْن فرقد جميعًا صحيحان. وقال عليّ بْن الْمَدِينِيّ: انتهى علمُ الناس إلى يَحْيَى بْن مَعِينٍ. وقال القواريري: قَالَ لي يحيى بن القطّان: ما قَدِمَ علينا مثل هذين الرجلين أحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين. وقال أَحْمَد بْن حنبل: كَانَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ أعلمنا بالرجال. وعن أَبِي سَعِيد الحدّاد قَالَ: النّاس عِيال فِي الحديث عَلَى يَحْيَى بْن مَعِينٍ. وقال محمد بْن هارون الفلاس: إذا رأيت الرجل يبغضُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ فاعلم أَنَّهُ كذّاب. وعن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: كل حديث لا يعرفه يَحْيَى بْن مَعِينٍ فهو كذب، أو ليس هو بِحديث. وقال جَعْفَر بْن أَبِي عثمان الطيالسي: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، فجاء رجلٌ مستعجل وقال: يا أَبَا زكريّا حدِّثْنِي بشيء أذكرك بِهِ. فقال يَحْيَى: أذكر أنك سألتني أن أحدِّثك، فلم أفعل. وقال أَبُو داود: سمعت ابن معين يقول: أكلنا عجنة خبزٍ وأنا ناقهٌ مِنَ علّة. وقال الْحُسَيْن بْن فَهْم: سمعتُ ابن معين يَقُولُ: كنت بِمصر فرأيتُ جارية بيعت بألف دينار ما رأيتُ أحسن منها صَلَّى اللَّه عليها. فقلتُ: يا أَبَا زكريّا مثلك يَقُولُ هذا؟ قَالَ: نعم. صَلَّى اللَّه عليها وعلى كل مليح. وقال عَبَّاس الدوري: رأيتُ أَحْمَد بْن حنبل فِي مجلس رَوْح بْن عُبَادة يسألُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ عَنْ أشياء، يَقُولُ: يا أَبَا زكريّا، كيف حديث كذا، وكيف حديث كذا؟ يستثبته فِي أحاديث سمعوها. وَأَحْمَد يكتب ما يَقُولُ. وقلّ ما سَمِعْتُ أَحْمَد يسمّيه، إنّما كَانَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو زكريّا. وقَالَ أَبُو عُبَيْد الآجُرّيّ: سألتُ أَبَا دَاوُد أيّما أعلم بالرجال: عليّ بْن الْمَدِينِيّ، أو ابن معين؟ قال يحيى عالم بالرجال، وليس عندي من خبر أهل الشّام شيء. وقال عبّاس الدوري: نا ابن معين قَالَ: حضرتُ نُعَيْم الجزء: 17 ¦ الصفحة: 204 ابن حمّاد بِمصر، فجعل يقرأ كتابًا صنَّفه فقال: نا ابن المبارك، عَنِ ابْن عَوْن، وذكر أحاديث. فقلتُ: لَيْسَ هذا عَنِ ابْن المبارك. فغضب وقال: تَرُدُّ عليّ. قلتُ: أي والله أريد دينك. فأبى أن يرجع. فلمّا رَأَيْته لا يرجع قلت: لا والله ما سمعتُ هذه من ابن المبارك، ولا سمعها هُوَ من ابن عَوْن قط. فغضب وغضب مَنْ عنده، وقام فدخل البيت، فأخرج صحائف وجعل يَقُولُ وهي بيده: أين الذين يزعمون أن يَحْيَى بْن مَعِينٍ لَيْسَ بأمير المؤمنين فِي الحديث. نعم يا أَبَا زكريّا غلطت، وإنّما روى هذه الأحاديث عَنِ ابْن عَوْن غير ابن المبارك. قَالَ الْحُسَيْن بْن حبّان: قَالَ ابن معين: دفع إليّ ابن وَهْب كتابًا عن معاوية بن صالح خمسمائة حديث أو أكثر، فانتقيتُ منها شرارها. لَم يكن لي يومئذ معرفة. قلت: أسمعتها من أحد قبل ابن وهْب؟ قَالَ: لا قلتُ: يعني أنه مبتدئًا لا يحسن الانتخاب، فعلنا نحو هذا وندمنا بعد. قَالَ أَبُو زُرْعَة: لم ينتفَع بيحيى لأنه كَانَ يتكلمُ فِي النّاس. وكان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن يحيى بن مَعِينٍ، ولا عَنْ أحدٍ ممن امتُحن فأجاب. قلتُ: كَانَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ لَهُ أُبَّهة وجلالة. وله بَزّة حَسنة. وكان يركبُ البَغْلَة ويتجمّل. فأجاب فِي المحنة خوفًا عَلَى نفسه. قَالَ حُبَيْش بْن مبشّر الفقيه: كَانَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يحج، فآخر حجة حجها ورجع وصل إلى المدينة، أقام بِهَا يومين ثلاثة. ثُمَّ خرج حتى نزل المنزل مَعَ رُفقائه، فباتوا. فرأى فِي النّوم هاتِفًا يهتف بِهِ: يا أَبَا زكريّا أترغبُ عَنْ جواري، مرّتين؟ فلمّا أصبح قال لرفقائه: امضوا ورجع بها فأقام بِهَا ثلاثًا، ثُمَّ مات، فحُمِلَ عَلَى أعواد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وصلّى عَلَيْهِ النّاس، وجعلوا يقولون: هذا الذّابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكذب. قَالَ الخطيب: الصحيح أَنَّهُ مات فِي ذَهابه قبل أن يحج. وقال محمد بْن جرير الطبري: خرج يحيى حاجًا وكان أَكُولًا. فحدثني أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن شاه أَنَّهُ كَانَ فِي الرفقة التي فيها يَحْيَى بْن مَعِينٍ. فلمّا صاروا بفَيْد أُهْدِيَ إلى يَحْيَى بْن مَعِينٍ فالوذج ولَم ينضج، فقلنا: يا أَبَا زكريّا لا تأكله، فإنا نخافه عليك. فلم يعبأ بكلامنا وأكله. فلما استقرّ فِي معدته حتى شكا وجع بطنِه، واستطلق بطنه، إلى أن وصلنا إلى المدينة ولا نهوض بِهِ. وتفاوضنا فِي أمره، ولَم يكن لنا سبيل إلى المقام عَلَيْهِ لأجل الحج. ولَم ندر ما نعمل فِي أمره. فعزم بعضنا عَلَى القيام عَلَيْهِ وترك الحج. وبتنا ليلتنا فلم نصبح حتى مضى ومات، فغسّلناهُ ودفناهُ. وقالَ مُهيب بْن سُليم الْبُخَاريّ: ثنا محمد بْن يوسف الْبُخَاريّ قَالَ: كُنَّا فِي الحج مَعَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، فدخلنا المدينة ليلة الجمعة، ومات من ليلته. فلما الجزء: 17 ¦ الصفحة: 205 أصبحنا تسامَع الناس بقدوم يحيى وبِموته، فاجتمع العامة، وجاءت بنو هاشم فقالوا: نُخْرج لَهُ الأعواد التي غُسِلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكره العامة ذَلِكَ، وكثُر الكلام. فقالت بنو هاشم: نحنُ أَوْلَى بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- منكم، وهو أهلٌ أن يُغسل عليها. ودُفِنَ يوم الجمعة فِي ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين. قَالَ مهيب بْن سُليم: وفيها وُلْدتُ. قَالَ عبّاس الدوري: مات قبل أن يحجّ، وصلّى عَلَيْهِ والي المدينة. وكلّم الحزامي الوالي، فأخرجوا لَهُ سرير النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فحُمِلَ عَلَيْهِ. وقال أحمد بن خيثمة: مات لسبعٍ بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين. وقد استوفى خمسًا وسبعين سنة ودخل فِي السِّت. ودُفن بالبقيع. وقال حُبَيْش بْن مبشر، وهو ثقة: رأيتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ فِي النَّوم فقلتْ: ما فعلَ اللَّه بك؟ قال: أعطاني وحباني وزوجني ثلاثمائة حوراء، ومهد لي بين البابين. رأيت رواية غريبةً، وهي أنّ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن السلمي روى عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: مات يَحْيَى بْن مَعِينٍ قبل أَبِيهِ بعشرة أشهر. قَالَ ابن خلكان: رأيتُ في الإرشاد للخليلي أن ابن معين مات بسبع بقين من ذي الحجة. قَالَ: فعلى هذا تكون وفاته بعد أن حجّ. قلتُ: بل الصحيح أَنَّهُ فِي ذي القعدة كما مرّ، وما حجّ تِلْكَ السنة. والله أعلم. 496- يحيى بن موسى بن عبد ربه المحدث1 -خ. د. ت. ن. أَبُو زكريّا الحُدّانيّ الْكُوفيّ، ثُمَّ البلْخيّ، ولَقَبُه خت. رَحّال جَوّال. سَمِعَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن فُضَيْل، وعبد اللَّه بْن نمير، وعبد الرزاق، وطبقتهم. وأكثر وأطْنَب. وعن: خ. د. ت. ن. وعبد اللَّه الدارمي، وجعفر الفريابي، وأبو الْعَبَّاس السراج، وطائفة. وثّقه أَبُو زُرْعة، وغيره. ومات فِي رمضان سنة تسعٍ وثلاثين. 497- يحيى بْن يحيى بْن كثير بْن وَسْلاس بْن شِملال بْن مَنْعايا2 الْإِمَام أَبُو محمد البربريّ المَصْمُوديّ الليثيّ، مولى بني ليث الأندلسي القرطبي الفقيه. دخل جده   1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "8/ 307"، والجرح والتعديل "9/ 188"، والثقات لابن حبان "9/ 267"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1522". 2 انظر وفيات الأعيان "6/ 413"، وسير أعلام النبلاء "10/ 519-525"، والعبر "1/ 419"، والبداية والنهاية "10/ 312". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 206 أَبُو عيسى كثير بْن وسلاس إلى الأندلس، وتولّى بني ليث. ووُلِدَ يحيى بْن يحيى سنة اثنتين وخمسين ومائة، وسمع الموطأ من: زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن شَبْطون. وسمع من: يحيى بْن مُضَر، وغيرُ واحد. ثُمَّ رحل إلى المشرق وهو ابن بضع وعشرين سنة، فِي آخر أيام مالك رَحِمَهُ اللَّه. فسمع من مالك "الموطأ" غير أبواب من الاعتكاف، شك فِي سماعها، فرواها عَنْ زياد، عَنْ مالك. وسمع: الليث بْن سعد، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وابن وهب، وحمل عنه موطأه، وعن ابن القاسم مسائله. وحمل عَنِ ابْن القاسم من رأيه عشرة كُتب، أكثرها سؤاله وسماعه من مالك. ثُمَّ رجع إلى المدينة يسمع ذَلِكَ من مالك، فوجده عليلًا، فأقام بالمدينة إلى أن توفيّ مالك رَحِمَهُ اللَّه، وحضر جنازته. وسمع أيضًا: من القاسم بْن عَبْد اللَّه العُمَريّ، وأنس بْن عياض الليثي، وطائفة. وقيل: إنه سمع من نافع من أَبِي نُعَيْم قارئ المدينة، وما أحسبه أدركه. روى عَنْهُ خلق من علماء الأندلس، وانتفعوا به وبعلمه وبفضله. ونال من الرئاسة والحُرْمة الوافرة ما لم ينله غيره. حمل عَنْهُ: ولده أَبُو مروان عُبَيْد اللَّه، وَمحمد بْن الْعَبَّاس بْن الوليد، وَمحمد بْن وضّاح، وبقيّ بْن مخلد، وصباح بْن عَبْد الرَّحْمَن العتقي، وآخرون. وكان أَحْمَد بْن خَالِد بْن الحباب يَقُولُ: لم يُعْط أحد من أهل العلم بالأندلس من الحظوة وعِظم القدر وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بْن يحيى. ويذكر أن يحيى بْن يحيى كَانَ عَنْد مالك، فخطر الفيل عَلَى باب مالك، فخر كل من كَانَ فِي مجلسه لرؤيته سوى يحيى. فأعجب ذَلِكَ مالكًا، وسأله: من أنتَ وأين بلدك؟ ولَم يزل مُكْرمًا عنده. وعن يحيى بن يحيى قال: أخذت الليث، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال الليث: دعه. ثُمّ قَالَ لي: قد خدمك العلم. فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذَلِكَ. وقيل: إن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحكم أمير الأندلس نظر إلى جارية فِي رمضان، فلّم يملك نفسه أن واقعها. فندم وطلب الفقهاء. فحضروا، فسألهم عَنْ توبته، فقال يحيى: صم شهرين متتابعين. فسكتوا. فلمّا خرجوا قَالُوا ليحيى: ما لك لم تُفْته بمذهبنا عَنْ مالك، أنّه يُخَيَّرُ بين العِتْق والصوم والإطعام؟ فقال: لو فتحنا لَهُ هذا الباب لسَهُل عَلَيْهِ أن يطأ كل يوم، ويعتق رقبة. فحملته عَلَى أصعب الأمور لئلا يعود. وقال ابن عَبْد البَرّ: قدم يحيى بْن يحيى إلى الأندلس بعلم كثير، فعادت فُتْيا الأندلس بعد الجزء: 17 ¦ الصفحة: 207 عيسى بْن دينار عَلَيْهِ، وانتهى السلطان والعامة إلى رَأَيْه. وكان فقيهًا حسن الرأي، لا يرى القُنوت فِي الصبح، ولا فِي سائر الصلوات. ويقول: سمعتُ الليث بْن سعد يَقُولُ: سمعتُ يحيى بْن سَعِيد الْأنْصَارِيّ يَقُولُ: إنّما قنت رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَ أربعين يومًا يدعو عَلَى قوم، ويدعو لآخرين. قَالَ: وكان الليث لا يقنت. قَالَ ابن عَبْد البر: وخَالَفَ يحيى مالكًا فِي اليمين مَعَ الشاهد، ولم يرَ القضاء بِهِ ولا الحكم، وأخذ بقول الليث فِي ذَلِكَ. وكان يرى كِراء الأرض بجزء مما يؤخذ منها على مذهب الليث وقال: هِيَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَر. وقضى بدار أبين إذا لَم يوجد فِي أهل الزوجين حكمان يصلحان لذلك. وقال ابن عَبْد البر أيضًا: كَانَ يحيى بْن يحيى بن إمام أهل بلده، والمقتدى بِهِ منهم، والمنظور إِلَيْهِ، والمعول. وكان ثقة عاقلًا حسن الرأي والسمت، يشبه فِي سمته بسمت مالك. ولم يكن لَهُ بَصرٌ بالحديث. وقال ابن الفَرضيّ: كَانَ يُفْتي برأي مالك، وكان إمام وقته وواحد بلده. وكان رجلًا عاقلًا. قَالَ محمد بْن عُمَرَ بْن لُبابة: فقيه الأندلس عيسى بْن دينار، وعالمها عَبْد الملك بْن حبيب، وعاقلها يحيى بن يحيى. وقال ابن الفرضيّ: وكان يحيى ممن اتهم ببعض الأمر فِي الهَيْج، فهربَ إلى طُلَيْطِلة ثُمَّ استأمن، فكتب لَهُ الأمير الحكم أمانًا وردّه إلى قُرْطبة. وقَالَ عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جَعْفَر: رأيتُ يحيى بْن يحيى نازلًا عَنْ دابته، ماشيًا إلى الجامع يوم جمعة وعليه عمامة ورداء متين، وأنا أحبس دابة أَبِي. وقال أَبُو القاسم بْن بَشْكَوال: كَانَ يحيى بْن يحيى مُجاب الدعوة، قد أخذ فِي نفسه وهيبته ومقعده هيئة مالك رَحِمَهُ اللَّه. قلتُ: وبه ظهر مذهب الْإِمَام مالك بالأندلس. فإنه عرض عَلَيْهِ القضاء فامتنع. فكان أمير الأندلس لا يولّي القضاء بمدائن الأندلس إلا من يشير بِهِ يحيى بْن يحيى، فكثر تلامذة يحيى لذلك، وأقبلوا عَلَى فقه مالك، ونبذوا ما سواه. قَالَ غير واحد: تُوُفِيّ فِي رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين: وقيل: سنة ثلاث. 498- يزداد بْن مُوسَى بْن جميل1. حدّث ببغداد عَنْ: أَبِي جَعْفَر الرازيّ، وإسرائيل بن يونس. وتفرد بالرواية   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "14/ 355". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 208 عَنْهُمَا. وعاش بضعًا وتسعين سنة. روى عَنْهُ: عُمَرَ بْن أيوب السقطي، وعبد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائني، وعبد اللَّه بْن ناجية، وغيرهم. 499- يزيد بْن خَالِد بْن يزيد بْن عَبْد اللَّه بْن مَوْهب1. أَبُو خَالِد الرمليّ الزاهد. شيخ الرملة ومُسْندها. روى عَنْ: الليث بْن سعد، ومفضل بْن فَضَالَةَ، ويحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، ويحيى بْن حمزة، وعيسى بْن يونس، وبكر بْن مُضَر، وابن وَهْب، وجماعة. وعنه: د. ون. ق. عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وأبو حاتِم، وَأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وجعفر بْن محمد الفريابيّ، وَمحمد بْن الْحَسَن بن قتيبة العسقلاني، والآخرون. وقال أَحْمَد بْن محمد السجزيّ: ما رأيتُ محدِّثًا أخشع لله من يزيد الرمليّ. قلتُ: وقع لي حديثه فِي السماء عُلُوًّا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْد اللَّه، أَنَا محمد بْن عليّ، والقاضي الأيوبيّ، ومحمد بن أحمد بن الداية، قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَر بْن المُسْلِمة، أَنَا أَبُو الفضل الزُّهريّ: ثنا جَعْفَر الفِرْيابيّ، ثنا يزيد بْن خَالِد بْن موهب بالرملة سنة اثنتين وثلاثين، ثنا الليث، عَنْ عُقَيْل، عَنِ ابْن شهاب، أنّ أَبَا إدريس الخولانيّ أخبره، أنّ يزيد بْن عُمَيْرة، وكان من أصحاب مُعَاذ بْن جَبَل، قَالَ: كَانَ مُعَاذ لا يجلسُ مجلسًا إلا قَالَ حين يجلس: اللَّه حكم قسط، تبارك اسمه، هلك المرتابون. وذكر الحديث. قَالَ أَبُو القاسم بْن عساكر: تُوُفِيّ سنة اثنتين، ويُقال: سنة ثلاث وثلاثين؛ ويقال: سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين. 500- يزيد بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد ين ميمون بن مهران2. أبو محمد اليمامي، نزيل مكة. شيخ معمّر، تفرَّد بالرواية عَنْ عِكْرِمة بْن عمّار. وعنه: ق. ويعقوب الفَسَوي، ومحمد بن عبد الله مطين، وموسى بن هارون، وجماعة. توفي سنة ثلاث أو أربع وثلاثين ومائتين.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 259"، والثقات لابن حبان "9/ 276"، وحلية الأولياء "6/ 168"، وتهذيب الكمال "3/ 1532". 2 انظر الثقات لابن حبان "7/ 620"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1537"، وتهذيب التهذيب للحافظ "11/ 343". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 209 501- يزيد بن مخلد1. أبو خداش الواسطي. عَنْ: هشيم، وبشر بْن ميسر. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن يوسف الهِسِنْجَانيّ، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الجنيد. 502- يعقوب بْن عيسى بْن ماهان الْمَرْوَزِيّ2. ثُمَّ البغداديّ، المؤدِّب. حدّث عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن سعد. وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله بْن أَحْمَد، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ. 503- يعقوب بْن القاسم3. أَبُو يوسف الطّلْحيّ التَّيْميّ. عَنْ: الدَّرَاوَرْدِيّ، وابن المبارك، وابن عيينة، وجماعة. وعنه: الحارث بن أبي أسامة، وعبد الله بن أبي سعد الوراق. وهو ثقة. 504- يعقوب بن كعب الأنطاكي الحلبي4 -د. أَبُو حامد وأبو يوسف. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب، وبقية بْن الوليد، وعيسى بْن يونس، والوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن سَلَمَةَ الحرّانيّ، وأبي معاوية الضرير، وخلق كثير. وعنه: د. وَأَحْمَد بْن سَيّار الْمَرْوَزِيّ، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو بكر بن أبي عاصم، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: ثقة. وقال أَحْمَد العجليّ: ثقة، رجلٌ صالِح صاحب سنة. 505- يوسف بن عدي5 -خ. ن. أبو يعقوب الكوفي، مولى تَيْم اللَّه. أخو زكريّا بْن عديّ. حدّث عَنْ: مالك بْن أنس، وشَرِيك، وعُبَيد الله بن عمرو الرقي، وجماعة.   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 291". 2 انظر تاريخ بغداد "14/ 271". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 213"، وأخبار القضاة "1/ 190"، والثقات لابن حبان "9/ 283"، وتاريخ بغداد "14/ 272". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 213، 214"، والثقات لابن حبان "9/ 284"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1553". 5 انظر الجرح والتعديل "9/ 227"، والثقات لابن حبان "9/ 280"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 484-487". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 210 وعنه: خ، ون، عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم، ويعقوب الْفَسَوَِيُّ، وَمحمد بْن إِبْرَاهِيم البُوسنْجيّ، والحسن بْن الفرج الغزّيّ، وَمحمد بْن وضّاح، وطائفة من المصريين، وغيرهم. قَالَ أبو زُرْعة: ثقة. ذهب إلى مصر للتجارة فسكنها. وقال غيره: تُوُفِيّ فِي ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وأضرّ قبل موته بيسير. 506- يوسف بْن عَمْرو بْن يسار1. الْإِمَام أَبُو يعقوب الْمَدَنِيّ ثُمَّ الْمَصْرِيّ، المقرئ المعروف بالأزرق. لَزِمَ وَرْشًا مدة طويلة وأتقن عَلَيْهِ القراءة، وتصدر للإقراء. وانفرد عن روش بتغليظ اللامات وترقيق الراءات، وغير ذَلِكَ. قرأ عَلَيْهِ خلق منهم: أَبُو الْحَسَن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه النحّاس، وقَوَّاس المقرئ، وأبو بَكْر عَبْد اللَّه بْن مالك بْن سيف. قَالَ أَبُو عديّ عَبْد العزيز: سمعتُ أَبَا بَكْر بْن سيف يَقُولُ: سمعتُ أَبَا يعقوب الأزرق يَقُولُ: إن وَرْشًا لمّا تعمّق فِي النحو اتخذ لنفسه مقرأ يُسمّى مقرأ وَرْش. فلما جئت لأقرأ عَلَيْهِ قلت لَهُ: يا أَبَا سَعِيد إني أحب أن تُقرئني مقرأ نافع خالصًا، وتَدَعني مما استحسنت لنفسك. قَالَ: فقلدته مقرأ نافع. وكنتُ نازلًا مَعَ ورش فِي الدار، فقرأتُ عَلَيْهِ عشرين ختمة بين حَدْر وتحقيق. فأمّا التحقيق، فكنتُ أقرأ عَلَيْهِ فِي الدار التي كُنَّا نسكنها فِي بيت عَبْد اللَّه. وأمّا الحَدْر، فكنت أقرأ عَلَيْهِ إذا رابطت معه بالإسكندرية. قَالَ أَبُو الفضل الخُزَاعيّ: أدركتُ أهل مصر والمغرب عَلَى رواية أبي يعقوب الأزرق عَنْ وَرْش لا يعرفون غيرها. 507- يوسف بْن يحيى2. الْإِمَام أَبُو يعقوب الْمَصْرِيّ البُوَيْطيّ الفقيه، صاحب الشافعيّ. روى عَنْ: ابن وَهْب، والشافعي، وغيرهما. وعنه: الربيع المراديّ رفيقه، وإبراهيم الحربيّ، وَمحمد بْن إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ، وأبو حاتِم وقال: صدوق، وَأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن فيل، والقاسم بْن هاشم السِّمْسَار، وآخرون. كان صالحا عابدا متهجدا، دائم الذكر   1 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 181"، وحسن المحاضرة "1/ 486". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 235"، والكامل في التاريخ "7/ 26"، وسير أعلام النبلاء "12/ 58-63". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 211 والتشاغل بالعلم. بلغنا أن الشافعي قَالَ: لَيْسَ فِي أصحابي أعلمُ من البويطي. قَالَ إمام الأئمة ابن خُزَيْمة: كَانَ ابن عَبْد الحكم أعلم من رأيت بِمذهب مالك، فوقعت بينه وبين البويطي وحشة عِنْدَ موت الشافعي، فحدثني أَبُو جَعْفَر السُّكري قَالَ: تَنَازعَ ابن عَبْد الحكم والبويطي مجلس الشّافعيّ، فقال البُوَيْطيّ: أَنَا أحقُّ بِهِ منك. وقال الآخر كذلك. فجاء الحميدي، وكان تِلْكَ الأيام بِمصر، فقال: قَالَ الشّافعيّ: لَيْسَ أحدٌ أحقّ بمجلسي من يوسف، وليس أحد من أصحابي أعلمُ منه. فقال لَهُ ابن عَبْد الحكم: كذبتَ. قَالَ: كذبت أنت وأبوك وأُمُّك. وغضب ابنُ عَبْد الحكم، وجلس البويطي فِي مجلس الشافعيّ، وجلس ابن الحكم فِي الطاق الثالث. قَالَ زكريّا بْن أَحْمَد البلخي: نا أَبُو جَعْفَر محمد بْن أَحْمَد التِّرْمِذِيّ: ثنا الربيع بْن سُلَيْمَان قَالَ: كَانَ البويطي حين مرض الشافعيّ بمصر هُوَ وابن عَبْد الحكم، والمزني، فاختلفوا فِي الحلقة أيُّهم يقعدُ فيها؟ فبلغ الشافعيّ فقال: الحلقة للبويطي فلهذا اعتزل ابن عبد الحكم وأصحابه. وكانت أعظمُ حلقة فِي المسجد، والناس إِلَيْهِ فِي الفُتْيَا والسُّلطان إِلَيْهِ. فكان أَبُو يعقوب البويطي يصوم ويقرأ القرآن، ولا يكاد يمر يوم وليلة إلا وختم. مَعَ صنائع المعروف إلى النّاس. قَالَ: فسَعَى بِهِ، وكان أَبُو بَكْر الأصمّ من سَعى بِهِ، لَيْسَ هُوَ بابن كَيْسَان الأصمّ. وكان أصحاب ابن أَبِي دُؤاد وابن الشافعيّ ممن سعى بِهِ، حتى كتب فِيهِ ابن أَبِي دُؤاد إلى والي مِصْرَ، فامتحنه، فلم يُجِب. وكان الوالي حَسَن الرأي فِيهِ. فقال: قل فيما بيني وبينك. قال: إنه يفتدى بي مائة ألف، ولا يدرون المعنى. قَالَ: وكان قد أُمر أن يُحمل إلى بغداد فِي أربعين رطل حديد. قَالَ الربيع: وكان المزنيّ ممن سَعَى بِهِ، وحَرْمَلة. قَالَ أَبُو جَعْفَر التِّرْمِذِيّ: فحدثني الثقة عَنِ البويطي أَنَّهُ قال: بريء الناسُ من دمي إلا ثلاثة: حَرْمَلَةُ، والمزني، وآخر. وقال الربيع: كَانَ البويطي أبدًا يحرك شفتيه بذكر اللَّه. ما أبصرتُ أحدًا أنْزَعَ لِحُجَّةٍ من كتاب اللَّه من البويطيّ. ولقد رَأَيْته عَلَى بَغْلٍ فِي عُنقه غِلّ، وفي رجليه قَيْد. وبين الغل والقيد سلسلة حديد، وهو يَقُولُ: إنّما خَلَق اللَّه الخلق بِكُنَّ. فإذا كانت مخلوقة، فكأن مخلوقًا خُلِقَ بِمخلوق. ولئن أدخلت عَلَيْهِ لأصدِّقَنه، يعني الواثق، ولأموتَنّ فِي حديدي هذا، حتى يأتي قومٌ يعلمون أَنَّهُ قد مات فِي هذا الشأن قومٌ فِي حديدهم. وقال الربيع أيضًا: كتب إلى الجزء: 17 ¦ الصفحة: 212 البويطي أن اصبر نفسك للغرباء، وحسّن خُلُقَك لأهل حلقتك، فإني لَم أزل أسمع الشافعيّ رَحِمَهُ اللَّه يُكثر أن يتمثل بِهذا البيت: أهين لَهُمْ نفسي لكي يكرمونَها ... ولن تُكرم النفس التي لا تهينها قلت: ولَمّا تُوُفِيّ الشافعيّ جلس فِي حلقته بعده أَبُو يعقوب البُوَيْطيّ، ثُمَّ إنه حُمِلَ فِي أيّام المحنة إلى العراق مقيدًا، فسُجِنَ إلى أن مات فِي سنة إحدى وثلاثين ومائتين فِي رجب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ أَبُو عمرو المستملي: حضرنا مجلس محمد بْن يحيى الذُّهلي، فقرأ علينا كتاب البُوَيْطيّ إِلَيْهِ، وإذا فِيهِ: والذي أسألُكَ أن تعرض حالي عَلَى إخواننا أهل الحديث، لعل اللَّه يخلصني بدعائهم، فإني والحديد، وقد عجزت عَنْ أداء الفرائض الطهارة والصلاة. فضجّ الناس بالبكاء والدُّعَاء لَهُ. ومن محاسن البويطي، قال أبو بكر الأثرم: كنا في مجلس البويطي، فقرأ علينا الشافعيّ أن التيمُّم ضربتان. فقلتُ لَهُ: حديث عمّار، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ التيُّمم ضربة واحدة1. فحكّ من كتابه ضربتان، وصيّره ضربة على حديث عمّار. ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشافعيّ: إذا رأيتم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ألبست فاضربوا عَلَى قولي: وخذوا بالحديث فإنّه قولي. قَالَ ابن الصلاح: روى هذا الحافظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْه، القول الَّذِي حكى عَنِ القديم أن التَّيُّمم للوجه والكف فحسْب. 508- يوسف بْن يعقوب الْكُوفيّ الصّفار2 -خ. م. عَنْ: عَبْد الله بن إدريس، وأبي بكر بن عياش، وجماعة. وعنه: خ. م. وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، والحسن بْن سُفْيَان، وَمحمد بْن عَبْد اللَّه الحضرمي مُطَيّن، وجماعة. وثّقه أَبُو حاتِم. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 509- يونس عبد الرحيم العسقلاني3.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 347"، ومسلم "الحيض/ 110". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 234"، والثقات لابن حبان "9/ 281"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1665". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 241"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 482"، ولسان الميزان للحافظ "6/ 332". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 213 سَمِعَ: ابن وهب، وضمرة بْن ربيعة. وعنه: حنبل، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنْيَا، ويعقوب الفسوي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. "الكِنى": 510- أَبُو بَكْر بْن مروان بْن الحَكَم الأَسيْديّ البصْريّ1. تُوُفِيّ سنة أربع وثلاثين. حدَّث عَنْ: جُوَيْرية بْن أسماء، وحمّاد بْن زيد. وعنه: عُمَرَ بْن شَبَّة، والْمَعْمَريّ. قَالَ أبو حاتم: كتبتُ عنهُ وليس بِهِ بأس. 511- أَبُو عُبَيْدَة بْن الفضل بْن عِيَاض المكيّ. قَدِمَ مصر فِي وكالة توكّلَها، فحدّث عَنْ والده رَحِمَهُ اللَّه، ثُمَّ رجع إلى مكة وبها تُوُفِيّ سنة ست وثلاثين فِي صفر، قاله ابن يونس. 512- أَبُو يوسف الغسُّولي الزّاهد2. نزيل ثغر طَرَسُوس. رأى إِبْرَاهِيم بْن أدهم. وطال عُمره، ولقي كبار الصالحين. وتوفي سنة أربعين ومائتين بطَرْسُوس. 513- ماني المُوَسْوس3. هُوَ أَبُو الْحَسَن محمد بْن القاسم الْمَصْرِيّ، الأديب الشاعر، نزيل بغداد. لَهُ نظمٌ بديع، وكان يسكن مزاجه فِي بعض الأوقات. كان في دولة المتوكل. قَالَ ابن المرزُبان: أنشدتُ لِماني: سلي عائداتي كيفَ أَبْصَرْنَ حالتي ... فإن قلت قد حابَيْنَني فاسْألي النّاسا فإنْ لَم يقولوا مات وهو مَيِّتٌ ... فزيدي إذًا قلبي جُنونًا ووِسْواسا وقال أَبُو هفّان الشاعر: أنشدني أَبُو الْحَسَن ماني لنفسه: ما ساءني إعراضها ... عنّي ولكنْ سرَّني سألتناها عِوَضٌ ... من كلّ وجهٍ حسن   1 انظر الجرح والتعديل "9/ 345"، والثقات لابن حبان "9/ 293". 2 انظر الزهد الكبير للبيهقي "80"، وصفة الصفوة لابن الجوزي "4/ 277". 3 انظر تاريخ بغداد "3/ 169"، والأغاني للأصبهاني "23/ 181-187". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 214 وأنشد المبرد لماني: هيف الحضور قَواصدُ النَّبْلِ ... قَتَّلْنَنا بالأَعْين النُّجْلِ كحّل الجمالُ جُفونَ أعْيُنها ... فغَنين عَنْ كَحَلٍ بلا كُحْلِ وكَأنَّهُنَّ إذا أردنَ خُطًا ... يَقْلَعْنَ أرْجُلّهنَّ مِن وَحْلِ وقال أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه: أنشدني ماني الموسوس قَالَ: أنشدنا العُدَيّا الحنفيّ لنفسه: ما أنصفتك الْجُفُونَ لم تَكِفِ ... وقد رأينَ الحبيبَ لم يقفِ فابكِ ديارًا دبّ الزمانُ لَها ... فباعَ فيها الْجَفَاء باللُّطْفِ ثُمَّ استعارت مسامعًا كسُدَ اللـ ... ـوم عليها من عاشق كلف كأنها إذْ تقنّعت بِبِلًى ... شَمْطَاء ما تستقلُّ من خَرَفِ 514- أَحْمَد بْن يحيى بْن عَبْد العزيز أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الأشعري نَسَبًا1. ويُعرف بأبي عَبْد الرَّحْمَن الشافعيّ. واشتهر بالكنية والنسبة لكونه تفقّه بالشافعي، وغَلَبَ عَلَيْهِ الجدل والمناظرة والكلام. وأخذ عَنْهُ: داود بْن عليّ الإصبهانيّ عِلْم الاختلاف. قاله أَبُو عُبَيْد بْن حربويه. وقال الخطيب: حدّث عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، والشافعيّ. روى عَنْهُ: محمد بْن إِبْرَاهِيم القوهستاني، ومطين. ثم ساق الخطيب له حديثًا. قال الدراقطني: كَانَ من كبار أصحاب الشافعيّ، ثُمَّ صار من أصحاب ابن أَبِي دؤاد، واتَّبعهُ عَلَى رأيه. 515- ابن كلاب2. هو أبو محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن كُلّاب المتكلم الْبَصْرِيّ. كَانَ يرُدُّ عَلَى المعتزلة وربَما وافقهم. ذكر أَبُو طاهر الذُّهلي أن الْإِمَام داود بْن علي الإصبهاني أخذ الكلام والْجَدَل عَنْ عَبْد اللَّه بْن كُلّاب. وفي ترجمة الحارث بْن أسد المحاسبي للخطيب أَنَّهُ تخرج بأبي محمد عَبْد اللَّه بْن سَعِيد القطّان الملقب، فيما حكاه هو،   1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 200"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 555". 2 انظر طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "2/ 299، 300"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 174-176"، ولسان الميزان للحافظ "3/ 290، 291". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 215 كُلابًا. وأصحابه كُلابية. لأنه كَانَ يجر الخصوم إلى نفسه بفضل بيانه، كأنه كُلاب. قَالَ شيخنا ابن تَيْمية: كَانَ لَهُ فضل وعِلْم ودين، وكان ممن انتُدِبَ للردّ عَلَى الجهْميّة. ومن قَالَ عَنْهُ إنه ابتدعَ ما ابتدعه ليظهر دين النصارى على المسلمين كما يذكر طائفة، ويذكرون أَنَّهُ أرضى أخته بذلك، فهذا كذب عَلَيْهِ، افتراهُ عَلَيْهِ المعتزلة والجهمية الذين رد عليهم. فإنّهم يزعمون أن من أثبت فقد قَالَ بقول النَّصَارى. قَالَ شيخنا: وهو أقربُ إلى السنة من خصومه بكثير، فلمّا أظهروا القول بخلْق القرآن، وقال أئمة السنة بل هُوَ كلامُ اللَّه غير مخلوق، فأحدث ابن كُلاب القول بأنه كلامٌ قائمٌ بذات الربّ، بلا قدرة ولا مشيئة. فهذا لَم يكن يتصوّره عاقل، ولا خطرَ ببال الجمهور، حتى أحدث القول بِهِ ابن كُلاب. وقد صنّف كُتُبًا كثيرة فِي التوحيد والصفات، وبيّن فيها أدلة عقلية عَلَى فساد قول الجهمية. وبيّن أن علو اللَّه تعالى عَلَى عرشه ومباينته لخلقه معلومٌ بالفِطرة والأدلة العقلية، كما دلّ عَلَى ذَلِكَ الكتاب والسنة. وكذلك ذكرها الحارث المحاسبي فِي كتاب "فَهْم القرآن". 516- أَبُو دِعَامة القَيْسيّ1: إخباريّ مشهور اسمه عَلِيّ بْن بُرَيْد، تصغير بَرْد. روى عَنْ: أبي نواس، وأبي العتاهية، وغيرهما. ولم يرو غير الحكايات والأدب. روى عنه: أحمد بن أبي طاهر، ويزيد بن محمد المهلبي، وعون بن محمد الكندي، وغيرهم. ذكره ابن ماكولا في بريد. والله سبحانه وتعالى أعلم.   1 انظر تاريخ الطبري "8/ 73"، وتاريخ بغداد "11/ 353"، والإكمال لابن ماكولا "1/ 229". الجزء: 17 ¦ الصفحة: 216 الفهرس العام للكتاب : رقم الصفحة الموضوع الطبقة الرابعة والعشرون "سنة إحدى وثلاثين ومائتين" 3 المتوفون هذه السنة 3 الواثق يأمر بامتحان خلق القرآن 3 رفع المتوكل للمحنة 3 خبر الفداء بين المسلمين والروم 4 دخول المجوس إشبيلية "سنة اثنتين وثلاثين ومائتين" 4 المتوفون هذه السنة 4 الحرب بين بُغا الكبير وبني نُمير 4 خبر العطش بالحجاز 5 الزلازل بالشام "سنة ثلاث وثلاثين ومائتين" 5 المتوفون هذه السنة 5 الزلزلة بدمشق 6 إصابة ابن أبي دؤاد بالفالج "سنة أربع وثلاثين ومائتين" 6 المتوفون هذه السنة 6 خبر هبوب الريح بالعراق 6 الحج هذا الموسم 6 إظهار المتوكل للسنة 7 خروج البُعيث عن الطاعة "سنة خمس وثلاثين ومائتين" 7 المتوفون هذه السنة الجزء: 17 ¦ الصفحة: 217 7 إلزام النصارى بلباس العسلي "سنة ست وثلاثين ومائتين" 8 المتوفون هذه السنة 8 إرسال المتوكل القضاة لأخذ البيعة لأولاده 8 حوادث دمشق 9 هدم قبر الحسين 9 غزوة علي بن يحيى الصائفة 9 الحج هذا الموسم "سنة سبع وثلاثين ومائتين" 9 المتوفون هذه السنة 10 ذكر وثوب أهل أرمينية بعاملهم يوسف بْن محمد 10 المتوكّل يأمر بِحلق لحية قاضي القضاة بِمصر 10 ولاية الحارث بن مسكين القضاء 11 قدوم ابن طاهر على المتوكل 11 مصادرة المتوكل لابن أبي دؤاد 11 ولاية ابن أكثم القضاء 11 إطلاق المتوكل للمساجين 11 ظهور النار بعسقلان 11 بناء قصر العروس بسامراء 12 طلب المتوكل لأحمد بن حنبل "ومن سنة ثمان وثلاثين ومائتين" 12 المتوفون هذه السنة 12 حصار بُغا تفليس 12 غزوة الروم دمياط بالمراكب "سنة تسع وثلاثين ومائتين" 13 المتوفون هذه السنة 13 نفي المتوكل لابن الجهم 13 غزوة علي بن يحيى بلاد الروم الجزء: 17 ¦ الصفحة: 218 13 عزل ابن أكثم عن القضاء "سنة أربعين ومائتين" 13 المتوفون هذه السنة 13 وثوب أهل حمص علي أبي المغيث 13 الصيحة في خلاط 13 وقوع البرد بالعراق 13 وقوع خسف بالمغرب الجزء: 17 ¦ الصفحة: 219 "رجال هَذِهِ الطبقة على المعجم": "حرف الألف" 14 1- أحمد بن إبراهيم بن خالد 15 - أحمد بن أبي أحمد الجرجرائي 15 2- أحمد بن أسد بن عاصم 15 3- أحمد بن أيوب بن راشد 15 4- أحمد بن بحر العسكري 15 5- أحمد بن جعفر بن ميسرة 16 6- أحمد بن جواس 16 - أحمد بن جواس الأستوائي 16 7- أحمد بن حاتم النحوي 16 8- أحمد بن حاتم البغدادي 16 9- أحمد بْن حاجّ بْن قاسم بْن قُطبة 16 10- أحمد بن حرب بن فيروز 18 11- أحمد بن حماد الذهلي 18 12- أحمد بن حماد الواسطي 18 13- أحمد بن خضرويه البلخي 19 14- أحمد بن أبي دؤاد بن حريز 23 15- أحمد بن أبي رجاء الهروي 23 - أحمد بن سريج 23 16- أحمد بن سنان القشيري 24 17- أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب مسلم 24 18- أحمد بن عبد الله بن قيس الأسلمي 24 19- أحمد بن عبد الصمد بن علي الزرقي 24 20- أحمد بن عمار بن شادي الوزير 25 21- أحمد بن عمران بن عيسى المري 25 22- أحمد بْن عمر بْن حفص بْن جَهْم بن واقد 26 23- أحمد بن محمد بن موسى السمسار الجزء: 17 ¦ الصفحة: 220 26 24- أحمد بن معاوية الباهلي 26 25- أحمد بن المعذل بن غيلان 28 26- أحمد بْن نصر بْن مالك بْن الهيثم 30 27- أحمد بن أبي نافع المزي الموصلي 31 28- أحمد بن أبي أحمد الجرجاني 31 29- إبراهيم بن أيوب الحوراني الزاهد 31 30- إبراهيم بن بشار الخراساني 32 31- إبراهيم بن الحجاج بن زيد السامي 32 32- إبراهيم بن الحجاج النيلي 32 33- إبراهيم بن الحسن بن نجيح الباهلي 33 34- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان 34 35- إبراهيم بن دينار التمار 34 36- إبراهيم بن العلاء بن الضحاك 34 37- إبراهيم بن محمد بن سليمان الشامي 35 38- إبراهيم بْن محمد بْن العبّاس بْن عثمان 35 39- إبراهيم بن محمد بن خازم الضرير 35 40- إبراهيم بن محمد البختري 35 41- إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند 36 42- إبراهيم بن مخلد الطالقاني 36 43- إبراهيم بن المنذر بن عبد الله الحزامي 37 44- إبراهيم بن موسى الوردولي 37 45- إبراهيم بن مهران المروزي 37 46- إبراهيم بن أبي الليث نصر 39 47- إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني 40 48- إبراهيم بْن يوسف بْن ميمون بْن قُدامة 40 49- إدريس بْن سليمان بْن يحيى بْن أبي حفصة 41 50- أزداد بن جميل بن السبال 41 51- إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الجزء: 17 ¦ الصفحة: 221 46 52- إسحاق بْن إبراهيم بْن العلاء بْن الضّحّاك 47 53- إسحاق بْن إبراهيم بْن مُصْعَب الخُزاعي الأمير 48 54- إسحاق بن إبراهيم بن ميمون النديم 50 55- إسحاق بن إبراهيم الهروي 50 56- إسحاق بْن إبراهيم بْن أبي كامل الحنفيّ 51 57- إسحاق بن إبراهيم بن صالح العقيلي 51 58- إسحاق بن سعيد بن إبراهيم الجُمحي 51 59- إسحاق بْن يحيى بْن مُعاذ بْن مُسلم الختلي 51 60- إسماعيل بن إبراهيم بن بسام 52 61- إسماعيل بن إبراهيم بن معمر القطيعي 52 62- إسماعيل بن إبراهيم بن هود 53 63- إسماعيل بن سالم الصائغ 53 64- إسماعيل بن سيف البصري 53 65- إسماعيل بْن عُبيد بْن عمر بْن أبي كريمة 53 66- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الطلحي 54 67- إسماعيل بن محمد بن جبلة 54 68- إسماعيل بن أبي الحكم بن محمد الثقفي 54 69- أمية بن بسطام بن المنتشر 54 70- إيتاخ التركي العباسي الأمير 55 71- أيوب بن يونس الصفار "حرف الباء" 55 72- بَجيْر بْن النّضْر بْن سعد البخاري 55 73- بسام بن يزيد النقال الكيال 55 74- بِشْر بْن الحَكَم بْن حبيب بْن مِهْران 56 75- بشر بن عُبيس بن مرحوم 56 76- بشر بن عمار القهستاني 56 77- بشر بن الوليد بن خالد الكندي 57 78- بكار بن الحسن بن عثمان العنبري الجزء: 17 ¦ الصفحة: 222 57 79- بكر بن خلف البصري 57 80- بكر بن سعيد بن عبد الله الخولاني 57 81- بُهلول بن صالح بن عمر بن عبيدة "حرف الثاء" 58 82- ثور بن عمرو القيسراني "حرف الجيم" 58 83- جعفر بن حميد الكوفي 58 84- جعفر بن حرب الهمداني 58 85- جعفر بن مبشر المعتزلي 58 86- جعفر بن مهران السباك 59 87- جمعة بن عبد الله بن زياد البلخي 59 88- جميل بن عزيز التيمي الموصلي الزاهد "حرف الحاء" 59 89- حاتم الأصم البلخي 60 90- الحارث بن أفلح 60 91- الحارث بن أفلح 60 92- الحارث بن سريج 61 93- الحارث بْن عبد اللَّه بْن إسماعيل بْن عقيل 61 94- حامد بن عمر بن حفص بن عبيد الله البكراوي 61 95- حبان بن موسى بن سوار الكشميهني 62 - حبان بن موسى الكلابي الدمشقي 62 96- حبيب بْن أوس بْن الحارث بْن قيس 64 97- الحُتات بن يحيى اللخمي المصري 64 98- الحسن بن حماد الضبي 65 - الحسن بن حماد الحضرمي سجادة 65 99- الحسن بن سهل الوزير 66 100- الحسن بن علي بن راشد الواسطي 66 101- الحسن بن عمر بن شقيق الجزء: 17 ¦ الصفحة: 223 66 102- الحسن بن عيسى بن ماسرجس 68 103- الحسن بن هارون بن عقار 68 104- الحسن بن يوسف بن أبي المنتاب 68 105- الحسن بن أبي الحسن يزيد المؤذن 68 106- الحسين بن الحسن الشيلماني 69 107- الحسين بن حبان 69 108- الحسين بن الضحاك القُرشي 69 109- الحسين بن عبيد الله العجلي 69 110- الحسين بن الفرج 70 111- الحسين بن محمد بن السعدي 70 112- الحسين بن المتوكل العسقلاني 70 113- الحسين بن منصور بن جعفر 71 114- حفص بن عبد الله الحلواني 71 115- حفص بن النضر التميمي 71 116- الحكم بن موسى القنطري 72 117- حكيم بن سيف الرقي 72 118- حمزة بن سعيد المروزي 72 119- حوثرة بن أشرس 73 120- حيان بن بشر القاضي "حرف الخاء" 73 121- خالد بْن عابد بْن يحيى الزوفي 73 122- خالد بن مرداس السراج 73 123- خديحة بنت محمد 74 124- خلف بن سالم السندي 74 125- خلف بن قُديد الأزدي 74 126- خليفة بن خياط بن خليفة "حرف الدال" 75 127- داهر بن نوح الأهوازي الجزء: 17 ¦ الصفحة: 224 75 128- داود بن أمية الأزدي 75 129- داود بن حماد البلخي 76 130- داود بن رُشيد 76 131- داود بن صغير البخاري 77 132- داود بن مِخراق الفريابي 77 133- داود بن مصحح العسقلاني 77 134- داود بن مُعاذ العتكي 77 135- دينار "حرف الراء" 78 136- الربيع بن ثعلب المروزي 78 137- رفاعة بن الهيثم الواسطي 78 138- روح بن صلاح بن سيابة 79 139- روح بن عبد الجبار بن نضر 79 140- روح بن عبد المؤمن 79 141- روح بن قرة المقرئ 79 142- رويم بن يزيد المقرئ 80 143- رياح بن الفرج الدمشقي "حرف الزاي" 80 144- زكريّا بْن يحيى الواسطيّ الأحمر 80 145- زكريا بن يحيى بن صُبيح اليشكري 80 146- زهير بن حرب بن شداد 81 147- زهير بن عُباد الرؤاسي 81 148- زيد بن يزيد الثقفي "حرف السين" 81 149- سالم بن حامد الأمير 82 - سحنون 82 150- سريج بن يونس بن إبراهيم 82 151- سعيد بن ذؤيب الجزء: 17 ¦ الصفحة: 225 83 152- سعيد بن سليمان التميمي 83 153- سعيد بن إدريس الواسطي 83 154- سعيد بن حسان القرطبي 83 155- سعيد بْن حفص بْن عَمْرو بْن نُفَيل 84 156- سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي 84 157- سعيد بن عبد الجبار بن وائل 84 158- سعيد بن عبد الجبار الزبيدي 84 159- سعيد بن عبد الجبار 84 160- سعيد بن نصير الواسطي 84 - سعيد بن نُصير نزيل الرقة 85 161- سعيد بن النضر البغدادي 85 162- سفيان بن بشر الكوفي 85 163- سلمة بن عاصم النحوي 85 164- سلمة بن حفص السعدي 85 165- سليمان بن أحمد بن محمد الجرشي 86 166- سليمان بن أيوب البصري 86 167- سليمان بن داود بن بشر الشاذكوني 88 168- سليمان بن داود الأزدي العتكي 89 169- سليمان بْن داود بْن محمد بْن شُعْبة 89 170- سليمان بن داود بن رشيد 89 171- سليمان بن داود المباركي 89 172- سليمان بن سلم المصاحفي 90 173- سليمان بن عبد الله بن علي العباسي 90 174- سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى 91 175- سليمان بن منصور البلخي الذهبي 91 176- سُليم بن منصور بن عمار 91 177- سهل بن بشير بن القاسم 91 178- سهل بن زنجلة الجزء: 17 ¦ الصفحة: 226 92 179- سهل بن عثمان العسكري 92 180- سويد بن سعيد الحدثاني 94 181- سويد بن نصر المروزي "حرف الشين" 94 182- شجاع بن مخلد 95 183- شعيب بن يوسف النسائي 95 184- شيبان بن أبي شيبة فروخ "حرف الصاد" 96 185- صالح بْن حاتم بْن وردان 96 186- صالح بن سهل النخعي 96 187- صالح بن عبد الله بن ذكوان 96 188- صالح بن محمد الترمذي 97 189- صالح بن مالك الخوارزمي 97 190- صفوان بن صالح بن صفوان 98 191- صقر بن عبد الرحمن الكوفي 98 192- الصلت بن مسعود "حرف الطاء" 98 193- طالوت بن عباد الصيرفي 99 194- طاهر بْن أبي أحمد محمد بْن عبد الله 99 195- الطيب بن إسماعيل "حرف العين" 99 196- عاصم بْن عمر بْن عليّ بن مقدم 100 197- عاصم بن النضر 100 198- عبادة بن زياد الأسدي 100 199- عباس بن الحسين القنطري 101 200- العباس بن عبد الله البغدادي 101 201- العباس بن عبد الرحمن القُرشي 101 202- عباس بن عثمان بن محمد البجلي الجزء: 17 ¦ الصفحة: 227 101 203- العباس بن غالب البغدادي 102 204- العباس بن الوليد بن نصر 102 205- عبد الله بن براد بن يوسف 102 206- عبد الله بن بكار 103 207- عبد الله بن الجراح بن سعيد 103 208- عبد الله بن جعفر بن يحيى البرمكي 103 209- عبد الله بن حرب الليثي 104 210- عبد الله بن خُليد 104 211- عبد الله بن سالم المفلوج 104 212- عبد الله بن سعد بن إبراهيم الزهري 104 213- عبد الله بن سلام الشاشي 105 214- عبد الله بن سليمان البعلبكي 105 215- عبد الله بن عامر بن زرارة 105 216- عبد الله بن عبد الجبار الخبائري 106 217- عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن عَبْد الرَّحْمَن الخطابي 106 218- عبد الله بن عمر بن الرماح 107 219- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ مَشْكِدَانَةَ 107 220- عبد الله بن عمرو الرومي اليمامي 107 221- عَبْد اللَّه بْن عِمْرَان بْن أَبِي عليّ الأسدي 108 222- عبد الله بن عون الهلالي 108 223- عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي 109 224- عبد الله بن محمد بن إسحاق الفهمي 109 225- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نفيل 110 226- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي شَيْبَة 111 227- عبد الله بن محمد بن هاني النحوي 111 228- عبد الله بن محمد الكناني 112 229- عبد الله بن مروان بن معاوية الفزاري 112 230- عبد الله بن مسلم بن رُشيد الجزء: 17 ¦ الصفحة: 228 112 231- عبد الله بن مطيع بن راشد 112 232- عبد الله بن موسى بن شيبة 113 233- عبد الله بن يزيد بن راشد 113 234- عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن عليّ المقدمي 113 235- عبد الأعلى بن حماد بن حماد 114 236- عبد الجبار بن عاصم النسائي 114 237- عَبْد الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحكم 115 238- عبد الرحمن بن إسحاق الضبي 115 239- عبد الرحمن بن الحكم بن هشام 116 240- عبد الرحمن بن سلام بن عبيد الله 116 241- عبد الرحمن بن صالح الأزدي العتكي 117 242- عبد الرحمن بن عفان الصوفي 117 243- عبد الرحمن بن عمرو البجلي الحرّانيّ 117 244- عبد الرحمن بن أبي الغمر عمر 118 245- عبد الرحمن بن نافع 118 246- عبد الرحيم بن عبد العزيز الزُريقي 118 247- عبد الرحيم بن مطرف بن أنيس 118 248- عبد السلام بن رغبان، ديك الجن 120 249- عبد السلام بن سعيد بن حبيب 121 250- عبد السلام بن صالح بن سليمان 123 251- عبد السلام بن عاصم الهسنجاني 123 252- عبد السلام بن محمد الحضرمي 123 253- عبد الصمد بن أبي خداش 123 254- عبد الصمد بن الفقيه عبد الرحمن المصري 123 255- عبد الصمد بن المعذل العبدي 124 256- عبد الصمد بن يزيد الصائغ 124 257- عبد العزيز بن بحر المروزي 124 258- عبد العزيز بن عمران الخزاعي الجزء: 17 ¦ الصفحة: 229 125 259- عبد العزيز بن يحيى بن يوسف البكائي 125 260- عبد العزيز بن يحيى بن سليمان الهاشمي 125 261- عبد العزيز بن يحيى بن مسلم الكناني 126 262- عبد الملك بن حبيب بن سليمان السُلمي 129 263- عبد الملك بن حبيب المصيصي 129 264- عبد الملك بن الحسن بن محمد الأندلسي 129 265- عبد الملك بن زونان 129 266- عبد الواحد بن غياث 130 267- عبد الوارث بن عبيد الله العتكي 130 268- عبد الوهاب بن نجدة 130 269- عبيد الله بن عمر بن يزيد الزهري 130 270- عبيد الله بن عمر بن ميسرة 131 271- عُبيد الله بن فضالة بن إبراهيم 131 272- عبيد الله بن معاذ بن معاذ 132 273- عبيد بن الصباح بن صبيح 132 274- عبدة بن سليمان المروزي 132 275- عثمان بن صخر العقيلي 132 276- عثمان بن طالوت بن عباد 132 277- عثمان بن عبد الله الأموي 133 278- عثمان بْن عَبْد الوهّاب بْن عَبْد المجيد الثقفي 133 279- عثمان بن أبي شيبة العبسي 133 280- عثمان بن محمد بن سعيد الدشتكي 134 281- عصام بن الحكم الشيباني 134 282- عصام بن مكرم الضبي 134 283- علكدة بن نوح الأندلسي 134 284- علي بن بحر بن موسى 134 285- علي بن بشر الأصبهاني 135 286- علي بن بريد القيسي الجزء: 17 ¦ الصفحة: 230 135 287- علي بن حبيب البلخي علويه 135 288- علي بن الحسن بن سليمان الواسطي 135 289- علي بن حكيم بن ذبيان الأودي 136 290- علي بن حكيم بن زاهر السمرقندي 136 291- علي بن حمزة بن سوار العكي 136 292- علي بن المديني 139 293- علي بن عيسى المخرمي 139 294- علي بن قرين بن بيهس 139 295- علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي 140 296- علي بن هاشم بن مرزوق الرازي 140 297- علي بن المغيرة الأثرم 140 298- عمر بن فرج الرخجي الكاتب 140 299- عمر بن موسى الحادي 141 300- عمر بن هشام النسوي 141 301- عمار بن زربي 141 302- عمرو بن حفص البزاز 141 303- عمرو بن الحصين العُقيلي 142 304- عمرو بن رافع بن الفرات 142 305- عمرو بن زرارة بن واقد الكلابي 142 306- عَمْرُو بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ثوبان 143 307- عمرو بن العباس الباهلي 143 308- عمرو بن قُسط السلمي 143 309- عمرو بن عمرو بن يزيد الغافقي 143 310- عَمرو بْن محمد بْن بُكير بْن سابور 144 311- عِمْران بْن يزيد بْن أَبِي جميل الدمشقي 144 312- عون بن يوسف الخزاعي المغربي 144 313- عياش بن الوليد الأزرق 144 314- عياض بن عبد الملك المرادي الجزء: 17 ¦ الصفحة: 231 144 315- عيسى بن سالم الشاشي "حرف الغين" 145 316- غزيل بن سنان الموصلي "حرف الفاء" 145 317- الفتح بن هشام الترجماني 145 318- الفرات بن نصر القهندزي 145 319- الفرج بن سهيل بن الفرج القضاعي 145 320- الفضل بن زياد الطستي 146 321- الفضل بن غانم المروزي 146 322- الفضل بن مقاتل الأزدي البلخي 146 323- فضيل بن الحسين بن طلحة الجحدري 146 324- فطر بن حماد بن واقد الصفار "حرف القاف" 147 325- القاسم بن أمية العبدي 147 326- القاسم بن محمد بن أبي شيبة 147 327- القاسم بن هلال القرطبي 147 328- قُتَيْبَة بْن سَعِيد بْن جميل بْن طريف 148 329- قطن بن نسير "حرف الكاف" 149 330- كامل بن طلحة الجحدري 149 331- كثير بن يحيى بن كثير 149 332- كعب بن سعيد العامري "حرف اللام" 149 333- ليث بن حماد الصفار 150 334- الليث بن خالد البغدادي "حرف الميم" 150 335- مالك بن حويص الهروي 150 336- مالك بن سليمان الألهاني الجزء: 17 ¦ الصفحة: 232 150 337- محمد بن أبان بن عمران الواسطي 151 338- محمد بن إبراهيم بن إسحاق العنبسي 151 339- محمد بْن القاضي أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد 151 340- محمد بن إسحاق بن محمد المخزومي 152 341- محمد بن إسحاق بن هاشم الرافعي 152 342- محمد بن أسد الحوشي الحافظ 152 343- محمد بن أبي العتاهية إسماعيل 153 344- محمد بن بشير بن مروان الكندي 153 345- محمد بن بكار بن الريان الهاشمي 153 346- محمد بن بكار بن الزبير العيشي 153 347- محمد بن أبي بكر بن علي المقدمي 154 348- محمد بن ثعلبة بن سواء السدوسي 154 349- محمد بن جامع البصري العطار 154 350- محمد بن جعفر بن مؤاتية الكلبي 154 351- محمد بن حاتم بن ميمون المروزي 155 352- محمد بن حاتم المصيصي 155 353- محمد بن حاتم الزمي 155 354- محمد بن حاتم بن بزيع 155 355- محمد بن حاتم بن نعيم المصيصي 155 356- محمد بن الحارث بن راشد المصري 155 357- محمد بن حبيب الجارودي 156 358- محمد بن حبيب الشموني 156 359- محمد بن الحسين بن أبي شيخ 156 360- محمد بن حفص البصري القطان 156 361- محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي 157 362- محمد بْن خَالِد بْن العبّاس بْن زمل البتلهي 157 363- محمد بن خلاد بن كثير الباهلي 157 364- محمد بن خلاد بن هلال الجزء: 17 ¦ الصفحة: 233 157 365- محمد بن زياد بن الأعرابي 158 366- محمد بن أبي ركيز يحيى بن إسماعيل 158 367- محمد بن سعدان النحوي المقرئ 158 368- محمد بن سعيد بن أبي مريم 159 369- محمد بن سعيد بن زياد الكريزي 159 370- محمد بن سلام بن عبيد الله الجمحي 159 371- محمد بن أبي داود سليمان الأنباري 159 372- محمد بن سليم بن مسلم 160 373- محمد بن سماعة بن عبيد الله التيمي 160 374- محمد بن سماعة القرشي الرملي 160 375- محمد بن الصباح بن سفيان 161 376- محمد بن محمد بن الضريس الصلصال 161 377- محمد بن عائذ الدمشقي 161 378- محمد بن عباد بن الزبرقان المكي 162 379- محمد بْن عبّاد بْن مُوسَى الكوفيّ سندولا 162 380- محمد بن العباس صاحب الشامة 162 381- محمد بن عبد الله بن نمير 163 382- محمد بن عبد الله البصري الرزي 163 383- محمد بن عبد الله بن بكار 163 384- محمد بن عبد الأعلى بن موسى المرادي 163 385- محمد بن عبد الجبار الهمذاني 164 386- محمد بن عبد الرحمن بن عبد الصمد العنبري 164 387- محمد بن عبد المجيد التميمي المفروج 164 388- محمد بن عبد الملك بن أبان الزيات 164 389- محمد بن عبيد بن حساب الغبري 165 390- محمد بن عبيد بن ميمون التبان 165 391- محمد بن أبي عتاب الأعين 165 392- محمد بن عمر بن حفص القصبي الجزء: 17 ¦ الصفحة: 234 165 393- محمد بن عمرو الرومي الإخباري النديم 165 394- محمد بن عمرو بن عباد العتكي 166 395- محمد بن عمرو بن بكر التميمي العدوي 166 396- محمد بن عمرو البلخي السواق 166 397- محمد بن عمرو الغزي الزاهد 167 398- محمد بن غزير بن الوليد الزهري 167 399- محمد بن الفرج بن عبد الوارث 167 400- محمد بن قُدامة اللؤلؤي 167 401- محمد بن قُدامة المصيصي 168 402- محمد بن قدامة 168 403- محمد بن قدامة بن إسماعيل 168 404- محمد بن كامل المروزي 168 405- محمد بن كوثر البخاري 168 406- محمد بن المتوكل اللؤلؤي 169 407- محمد بن أبي السري العسقلاني 169 408- محمد بن معاوية العتكي 170 409- محمد بن المغيرة بن سلم الإصبهاني 170 410- محمد بن مقاتل العباداني 170 411- محمد بن المنذر البغدادي 170 412- محمد بن المنهال التميمي المجاشعي 171 413- محمد بن المنهال البصري العطار 171 414- محمد بن مهران الرازي الجمال 172 415- محمد بن ناصح البغدادي 172 416- محمد بن النضر بن مساور 172 417- محمد بْن الهُذيل بْن عَبْد اللَّه البَصْرِيّ 172 418- محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي 173 419- محمد بْن يَحْيَى بْن سَعِيد بْن فَرُّوخ 173 420- محمد بن يحيى بن أبي سمينة الجزء: 17 ¦ الصفحة: 235 173 - محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة 174 421- محمد بن يحيى بن نجيح المكي 174 422- محمد بن أبي زكير يحيى بن إسماعيل 174 423- محمد بن يوسف البيكندي 174 424- محمد بن يوسف بن الصباح الغضيضي 174 425- مالك بن حويص الهروي 175 426- محفوظ بن الفضل بن أبي توبة 175 427- محمود بن سليمان بن أبي مطر 175 428- محمود بن غيلان العدوي 176 429- محرز بن سلمة العدني 176 430- محرز بن عون البغدادي الخزاز 177 431- مخارق المغني 177 432- مخلد بن خالد الشعيري 178 433- مخلد بن الحسن الحراني 178 434- مخلد بن خداش البصري 178 435- مروان بن جعفر بن سعد السمري 178 436- مسروق بن المرزبان الكندي 179 437- مسلم بن أبي مسلم البغدادي 179 438- مصرف بن عمرو الإيامي 179 439- مُصعب بن سعيد الحراني المصيصي 179 440- مصعب بن عبد الله بن مصعب 181 441- المعافى بن سليمان الرسعني 181 442- معلل بن نفيل الهندي 181 443- معلى بن مهدي بن رستم 181 444- معمر بن مخلد الجزري السروجي 181 445- منجاب بن الحارث التميمي 182 446- منصور بن المهدي الهاشمي 182 447- منصور بن أبي مزاحم التركي الجزء: 17 ¦ الصفحة: 236 182 448- مهرجان النيسابوري الزاهد 183 449- موسى بن أيوب النصيبي 183 450- مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الأسلع 183 451- موسى بن مروان الرقي 183 452- موسى بن محمد بن حيان 183 453- موسى بن معاوية بن صمادح 184 454- موسى بن أبي الجارود المكي "حرف النون" 184 455- نصر بن الحريش 184 456- نصر بن الحكم الياسري 184 457- نصر بن عاصم الأنطاكي 185 458- نصر بن زياد النيسابوري 185 459- نصر بن فضالة النيسابوري 185 460- نُصير بن يوسف بن أبي الرازي 186 461- النضر بن سعيد بن النضر الحارثي "حرف الهاء" 186 462- هارون بن سالم القُرطبي 186 463- هارون بن عباد النهدي المصيصي 187 464- هارون بن عبد الله بن محمد الزهري 187 465- هارون الواثق بالله 191 466- هارون بن معروف المروزي 192 467- هارون بن أبي هارون العبدي 192 468- هاشم بن الحارث المروذي 192 469- هاشم بن الوليد الهروي 193 470- هبيرة بن محمد التمار الأبرش 193 471- هدبة بن خالد بن الأسود 194 472- هريم بن عبد الأعلى بن الفرات 194 473- هريم بن مسعر الترمذي الجزء: 17 ¦ الصفحة: 237 194 474- هشام بن إسحاق العامري 195 475- الهيثم بن أيوب الطالقاني 195 476- الهيثم بن خالد الجهني 195 477- الهيثم بن خالد الكوفي الوراق 195 478- الهيثم بن خالد المصيصي 195 479- الهيثم بن خالد البغدادي 195 480- الهيثم بن خالد الكوفي 195 481- الهيثم بن اليمان "حرف الواو" 196 482- وثيمة بن موسى بن الفرات الفارسي 196 - الواثق بالله 196 483- الوليد بن عبد الله بن مسرح 196 484- الوليد بن عتبة الأشجعي 197 485- وهب بن بقية بن عثمان "حرف الياء" 197 486- يحيى بن أيوب المقابري 198 487- يحيى بن بشر البلخي الفلاس 198 488- يحيى بن أبي عبيدة رجاء 199 489- يحيى بن سليمان بن يحيى الجعفي 199 490- يحيى بن سليمان الجعفري الإفريقي 199 491- يحيى بن طلحة اليربوعي 200 492- يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر المخزوميّ 201 493- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن زياد الأسلميّ 201 494- يحيى بن عثمان الحربي 201 495- يحيى بن معين 206 496- يحيى بن موسى بن عبد ربه 206 497- يحيى بْن يحيى بْن كثير بْن وَسْلاس 208 498- يزداد بن موسى بن جميل الجزء: 17 ¦ الصفحة: 238 209 499- يزيد بن خالد بن يزيد الرملي 209 500- يزيد بن عبد الله بن يزيد اليمامي 210 501- يزيد بن مخلد الواسطي 210 502- يعقوب بن عيسى بن ماهان 210 503- يعقوب بن القاسم الطلحي 210 504- يعقوب بن كعب الأنطاكي 210 505- يوسف بن عدي الكوفي 211 506- يوسف بن عمرو بن يسار 211 507- يوسف بن يحيى البويطي 213 508- يوسف بن يعقوب الكوفي الصفار 213 509- يونس بن عبد الرحيم العسقلاني "الكِنى" 214 510- أَبُو بَكْر بْن مروان بْن الحَكَم 214 511- أبو عبيدة بن الفُضيل بن عياض 214 512- أبو يوسف الغسولي الزاهد 214 513- ماني الموسوس 215 514- أحمد بن يحيى بن عبد العزيز الأشعري 215 515- ابن كلاب المتكلم 216 516- أبو دعامة القيسي 217 فهرس الموضوعات الجزء: 17 ¦ الصفحة: 239 المجلد الثامن عشر الطبقة الخامسة والعشرون أحداث سنة إحدى وأربعين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم حسبنا الله ونعم الوكيل الطبقة الخامسة والعشرون: أحداث سنة إحدى وأربعين ومائتينِ: فيها تُوفّي: الإمام أحمد بْن حنبل، وجُبَارة بن المُغِّلس، والحَسَن بن حمّاد سَجَّادة، وأبو تَوْبة الربيع بن نافع الحلبيّ، وعبد الله بن منير المَرْوَزِيّ، وأبو قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، وأبو مروان محمد بن عثمان العثمانيّ، ومحمد بن عيسى التيمي المقرئ، وهُدْبة بن عبد الوهاب المَرْوَزِيّ، ويعقوب بن حُمَيْد بن كاسب. وثوب أهل حمص علي واليهم: وفيها: وثب أهل حمص بواليهم محمد بن عَبْدَوَيْه، وأعانهم النَّصارى، فقاتلهم، وأنجده صالح أمير دمشق1. تناثُر الكواكب: وفي جُمَادَى الآخرة ماجت النّجوم في السّماء، وتناثرت الكواكب كالجراد أكثر الليل؛ وكان أمرًا مزعجًا لم يُعْهَد مثلُه. غارة الروم على عين زربة: وفيها: أغارت الروم على من بعين زَرَبَة. غارة البُجاة 2 في مصر: وأغارت البُجاة على ناحيةٍ من مصر، فسار إليهم القُمّي، وتبِعَه خلق من المطوعة   1 "خبر صحيح": ذكره الطبري في تاريخ "9/ 199، 200"، وابن كثير في البداية والنهاية "10/ 323"، وتاريخ حلب للعظيمي "257"، ونهاية الأرب "22/ 286، 287"، وشذرات "2/ 96". 2 البجاة: هم طائفة من سودان بلاد النوبة والمغرب. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 3 من الصّعيد، فكان في عشرين ألفًا بين فارس وراجل. وحُمِل إليه في بحر القُلْزُم عدّة مراكب، فيها أقوات، ولجّجوا بها في البحر حتّى يلاقوا بها ساحل البُجاة. وحشد له ملك البُجاة عساكر يقاتلون على الإبِل بالحِراب، فتناوشوا أيّامًا من غير مصَافٍّ، وقصد البجاة ذلك ليفنى زاد المسلمين. ثمّ التقوا، فحملوا على البُجاة، فنفرتِ إِبلُهم من الأجراس، ونفرت في الجبال، والأودية، ومزَّقت جمعهم. فأُسِرَ وقُتِل خَلْقٌ منهم، وساقَ وراءهم، فهرب الملك وأخذ تاجه وخزائنه. ثمّ أرسل الملك يطلب الأمان وهو يؤدّي الخراج. وسار معهم إلى باب المتوكّل في سبعين من خواصه، واستناب ولده، وكان يعبد الأصنام1.   1 راجع: تاريخ الطبري "9/ 203-206"، وتجارب الأمم "6/ 548-551"، والبداية "10/ 324، 325". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 4 أحداث سنة اثنتين وأربعين ومائتين : فيها تُوُفّي: أبو مُصْعَب الزُّهْريّ، والحَسَن بن عليّ الحُلْوانيّ، وابن ذَكْوان المقرئ، وزكريّا بن يحيى كاتب العُمريّ، ومحمد بن أسلم الطُّوسيّ، ومحمد بن رُمح التُّجَيْبيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمّار، ويحيى بن أكثم. خبر زلازل عدة 1: ويقال: فيها كانت زلزلة عظيمة بقومس وأعمالها، هلك منها خلق تحت الهدْم، قيل: بلغت عُدَّتهم خمسةً وأربعين ألفًا. وكان معظم ذلك بالدّامَغَان2، حتّى قيل: سقط نصفها. وزُلْزلت الرِّيّ، وجُرْجَان، ونَيْسابور، وطَبَرِسْتان. ورُجمت قرية السّويدا بناحية مُضَر، ووقع منها حجر على خيمة أعراب. ووُزن حجر منها، فكان عشرة أرطال3.   1 انظر تاريخ الطبري "9/ 207"، والكامل في التاريخ "7/ 81"، والبداية والنهاية "10/ 343". 2 انظر تاريخ اليعقوبي "2/ 491"، وتاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء "145". 3 نهاية الأرب "22/ 290"، وتاريخ الخلفاء "348"، ومآثر الإناقة "1/ 233". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 4 مسير جبل باليمن: وسار جبل باليمن عليه مزارع لأهله حتّى أتى مزارع آخرين. صياح الطائر بحلب: ووقع بحلب على دُلْبة طائرٌ أبيض دون الرخمة في رمضان، فصاح: يا معاشر النّاس، اتقوا الله الله الله، فصاح أربعين صوتًا، ثمّ طار. وجاء مِن الغد، ففعل كذلك. وكتب البريد بذلك وأشهد خمسمائة إنسان سمعوه1. خرج الروم إلى آمِد والجزيرة: وفيها حشدت الروم، وخرجوا من ناحية شِمْشاط إلى آمد والجزيرة، فقتلوا وسَبَوْا نحو عشرة آلاف، ورجعوا2. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالنّاس والي مكّة عبد الصمد بن موسى بن محمد الهاشميّ. وحجّ من البصرة إبراهيم بن مطهِّر الكاتب على عجلة تجرّها الإبِل، وتعجّب النّاس من ذلك.   1 نهاية الأرب "22/ 290"، والأعلاق والخطيرة "2/ 307". 2 تاريخ الطبري "9/ 207"، والبداية والنهاية "10/ 343"، والنجوم الزاهرة "2/ 307". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 5 أحداث سنة ثلاثٍ وأربعين ومائتين: تُوُفيّ فيها: أحمد بن سعيد الرباطيّ، وأحمد بن عيسى المصريّ، وإبراهيم بن العبّاس الصُّوليّ، والحارث المُحَاسبِيّ، وحَرْمَلَة، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ، وهارون الحمّال. عزم المتوكل السكنى بدمشق: وفي آخرها قدِم المتوكّل إلى دمشق، فأعجبته، وبنى له القصر بدارَيّا، وَعَزَمَ على الجزء: 18 ¦ الصفحة: 5 سُكْنَاهَا، فعمل يزيد بن محمد المُهَلّبيّ: أظنُّ الشّام تشمَتُ بالعراقِ ... إذا عزم الإمامُ على انْطلاقِ فإنْ تَدَعِ العِراقَ وساكنيه ... فقد تُبْلى المليحةُ بالطّلاقِ1 فبدا له ورجع بعد شهرين أو ثلاثة، في سنة أربعٍ2. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالنّاس عبد الصّمد بن موسى، وسار بالموكب من العراق جعفر بن دينار. والله أعلم3.   1 تاريخ الطبري "9/ 209"، مروج الذهب "4/ 114". 2 تاريخ اليعقوبي "2/ 491"، وتجارب الأمم "6/ 552". 3 وراجع: تاريخ الطبري "9/ 209"، والبداية "10/ 344-346". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 6 أحداث سنة أربع وأربعين ومائتين : فيها تُوَفيّ: أحمد بن منيع، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَوِيّ، وإسحاق بن موسى الخَطْميّ، والحَسَن بن شُجاع البلْخيّ الحافظ، وأبو عمّار الحسين بن حُرَيْث، وحُمَيْد بن مَسْعَدَة، وعبد الحميد بن بيان الواسطيّ، وعليّ بن حُجْر، وعُقْبة بن عبد الله المَرْوَزِيّ، ومحمد بن أبان المستمليّ، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب، ويعقوب بن السكيت. فتح حصن للروم: وفيها افتتح بُغَا حصنًا من الروم يقال له صُمُلَّة1. نفي طبيب المتوكل: وفيها سخط المتوكّل على طبيبه بَخْتَيْشُوع، ونفاه إلى البحرين.   1 "خبر صحيح": ذكره الطبري في تاريخه "9/ 207-211"، وتاريخ حلب للعظيمي "258"، والبداية "10/ 345"، وانظر صحيح التوثيق "6/ 230". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 6 اتفاق الأعياد: فيها: اتّفق عيد الأضحى، وفَطِير اليهود، وعيد الشّعانين للنصارى في يوم واحد1.   1 التاريخ للطبري "9/ 211"، والبداية "10/ 346"، والنجوم الزاهرة "2/ 318". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 7 أحداث سنة خمسٍ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أحمد بن عَبْدة الضَّبّيّ، وإسحاق بن إسرائيل، وإسماعيل بن موسى السُّدّيّ، وذو النُّون المصريّ، وسَوّار بن عبد الله العنْبريّ، وعبد الله بن عِمران العابديّ، ودُحَيْم، وأبو تُراب النَّخْشَبيّ، ومحمد بن رافع، وهشام بن عمّار. عموم الزلازل في البلاد: ويقال: فيها عمّت الزلازل الدُّنيا، فأخربت القلاع والمدن والقناطر، وهلك خلق بالعراق والمغرب. وسقطت من أنطاكية نيِّفٌ وتسعون برجًا. وتقطّع جبلها الأقرع وسقط في البحر. وسُمِع من السّماء أصوات هائلة، وهلك أكثر أهل اللاذقّية تحتّ الردْم. وذهبت جَبَلةُ بأهلها، وهُدِمت بالِس وغيرها. وامتدّت إلى خُراسان، ومات خلائق منها. وأمر المتوكل بثلاثة آلاف ألف درهم للذين أصيبوا بمنازلهم1. وزلزلت مصر. وسمعَ أهل بُلْبِيس من ناحية مصر ضجّة هائلة، فمات خلق من أهل بُلْبِيس. وغارت عيون مكّة2. بناء الماحوزة: وفيها: أمر المتوكّل ببناء الماحوزة، وسماها الجعفريّ. وأقطع الأمراء بُنَاها، وأنفق بعد ذلك عليها أكثر من ألفَيْ ألف دينار. وبنى قصرًا سمّاه اللؤلؤة، لم ير مثله في   1 "خبر صحيح": ذكره الطبري في تاريخه "9/ 212، 213"، واليعقوبي في تاريخه "2/ 491"، وتاريخ الخلفاء "349". 2 تاريخ الطبري "9/ 213"، والبداية "10/ 346". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 7 عُلُوِّه وارتفاعه. وحفر للماحوزة نهرًا كان يعمل فيه اثنا عشر ألف رجل، فقُتِل المتوكّل وهم يعملون فيه، فبطُل عمله، وخربت الماحوزة، ونُقِض القصر1. غارة الروم على سُميساط: وفيها: أغارت الروم على سميساط فقتلوا خمسمائة، وسَبَوْا، فغزا عليّ بن يحيى، فلم يظفر بهم.   1 وراجع تاريخ الطبري "9/ 212"، وتاريخ اليعقوب "2/ 492"، والنجوم الزاهرة "2/ 320". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 8 أحداث سنة ستٍّ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأحمد بن أبي الحواريّ، وأبو عَمْرو الدُّوريّ المقرئ، ودِعْبِل الشّاعر، ولُوَيْن، ومحمد بن مُصَفَّى، والمسيِّب بن واضح. غزو المسلمين الروم: وفيها: غزا المسلمون الرومَ، فسبوا، واستنقذوا خلائق من الأسرى1. تحوُّل المتوكّل إلى الماحوزة: ويوم عاشوراء تحوّل المتوكّل إلى الماحوزة مدينته التي أمر ببنائها، وفرَّق في الصُّنَّاع والعمّال عليها مبلغًا عظيمًا2. المطر ببلخ: وفيها: مُطِرَت بناحية بلْخ مطرًا دمًا عبيطًا3. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالرَّكْب العراقيّ محمد بن عبد الله بن طاهر، فولي أعمال الموسم، وأخذ   1 "خبر صحيح": ذكره الطبري في تاريخه "9/ 219"، ونهاية الأرب "22/ 392". 2 "خبر صحيح": أورده الطبري "9/ 219"، والبداية "10/ 347". 3 راجع: نهاية الأرب "22/ 293"، والنجوم الزاهرة "2/ 322". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 8 معه ثلاثمائة ألف دينار لأهل مكة، ومائة ألف لأهل المدينة، ومائة ألف لإجراء الماء من عَرَفَات إلى مكة1.   1 تاريخ الطبري "9/ 221"، والبداية والنهاية "10/ 347". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 9 أحداث سنة سبْعٍ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفّي: إبراهيم بن سعد الْجَوْهريّ، وأبو عثمان المازنيّ، والمتوكّل على الله، وَسَلَمَةُ بن شبيب، وسُفْيان بن وكيع، والفتح بن خاقان الوزير. بيعة المنتصر بالله: وفي رابع شوّال بُويع بالخلافة بعد قتل المتوكّل ابنُه المنتصر بالله محمد. فولَّى المظالم أبا عَمْرة أحمد بن سعيد مولى بني هاشم1.   1 تاريخ الطبري "9/ 239". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 9 أحداث سنة ثمانٍ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أحمد بن صالح المصريّ، والحسين الكرابيسيّ، وطاهر بن عبد الله الأمير، وعبد الجبار بْن العلاء، وعبد الملك بْن شعيب بن الليث، وعيسى بن حمّاد زُغْبة، والقاسم بن عثمان الْجَوْعيّ، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، والمنتصر بالله محمد، ومحمد بن زُنْبُور المكّيّ، وأبو كُرَيْب محمد بن العلاء، ومحمد بن موسى الحَرَشِيّ، وأبو هشام الرفاعيّ. وقوع الوحشة بين وصيف التركي والوزير: وفيها: وقع بين الوزير أحمد بن الخصيب وبين وصيف التُّرْكيّ وحْشَةٌ، فأشار الوزير على المنتصر أن يُبْعِدَ عنه وَصِيفًا، وخوَّفه منه. فأرسل إليه: إنّ طاغية الروم أقبل يريد الإسلام، فسِرْ إليه. فاعتذر، فأحضره وَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ أَنْتَ أَوْ أَخْرُجَ. فقال: لا، بل أخرج أنا. فانتخب المنتصر معه عشرة آلاف، وأنفق فيهم الأموال، وساروا. ثمّ بعث المنتصر إلى وصيف يأمره بالمقام بالثغر أربع سنين1.   1 تاريخ الطبري "9/ 240-244"، والنجوم الزاهرة "2/ 326". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 9 خلع المعتزّ والمؤيّد من العهد: وفي صفر خلع المعتز والمؤيد أنفسهما من المعهد مُكْرَهَيْن. لمّا استقامت الأمور للمنتصر ألحّ عليه أحمد بن الخصيب، ووصيف، وبغا في خلعهما خوفًا من موته قبل المعتزّ، فيهلكهم المعتزّ. وكان المنتصر مكرِمًا للمعتزّ والمؤيد إلى أربعين يومًا من خلافته، ثمّ جعلهما في حُجْرة، فقال المعتزّ لأخيه: أحضرنا يا شقيّ هنا للخلْع. قال: ما أظنّه يفعل. فجاءتهم الرُّسُل بالخَلْع، فأجاب المؤيّد، وامتنع المعتزّ وقال: إن كنتم تريدون قتْلي فافعلوا. فمضوا وعادوا فحبسوه في بيتٍ، وأغلظوا له، ثمّ دخل عليه أخوه المؤيّد وقال: يا جاهل قد رأيت ما جرى على أبينا، وأنت أقربُ إلى القتل، اخلَعْ، ويلك، فإن كان في عِلْم الله أنّك تلي لَتَلِيَنَّ. فخلع نفسه، وكتبا على أنفسهما أنّهما عاجزان، وقصْدنا أن لا يأثَم المتوكّل بسببنا، إذ لم نكن له موضعا. واعترافا بذلك في مجلس العامّة بحضرة جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ، ووَصِيف، وبُغا، ومحمد بن عبد الله بن طاهر، وبُغا الصّغير، وأعيان بني عمّهما. فقال لهما المنتصر: أَتَرَياني خلعتكما طمعًا في أن أعيش بعدكما حتّى يكبر ولدي عبد الوهَّاب وأُبايع له؟ والله ما طمعت في ذلك. ووالله لأن يلي بنو أبي أحبّ إليَّ من أن يلي بنو عمّي، ولكنّ هؤلاء -وأومأ إلى الأمراء- ألحّوا عليَّ في خلْعكما، فخفت عليكما من القتْل إن لم أفعل، فما كنت أصنعُ؟ أقتلهم؟ فوالله ما تفي دماؤهم كلُّهم بدم بعضكما. فأكبّا عليه فقبّلا يده وضَمَّهُما إليه وانصرفا1. مقتل محمد الخارجي: وفيها حكم محمد بن عمر الخارجيّ بناحية المَوْصِل؛ ومال إليه خلق.   1 تاريخ الطبري "9/ 244"، وتجارب الأمم "6/ 558-560"، والبداية والنهاية "10/ 353". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 10 وسار لحربه إسحاق بن ثابت الفَرَغانيّ، فالتقوا، فقُتِل جماعة من الفريقين، ثمّ أسِر محمد وجماعة، فقتِلوا وصُلبوا إلى جانب خشبة بابَك1. استيلاء الصفّار على خراسان: وفيها: قويت شوكة يعقوب بن اللَّيْث الصَّفّار، واستولى على مُعْظم إقليم خُراسان؛ وسار من سِجِسْتان ونزل هراة، وفرّق في هذه الأموال2. مقتل المنتصر بالله: وفيها: قُتِل المنتصر بالله بالذَّبْحة، وهي الخوانيق، وقيل: إنه سُمَّ3. بيعة المستعين بالله: وبُويع بعده المستعين بالله أبو العباس أحمد بن المعتصم. وأمّه أمّ ولد، اسمها مُخَارِق. وكان مليحا أبيض، بوجهه أثر جُدَرِيّ، وكان أَلْثَغ. ولمّا هلك المنتصر اجتمع القُوّاد وتشاوروا، وذلك برأي ابن الخصيب، فقال لهم أُوتَامِش: متى وليْتم أحدًا من ولد المتوكّل لا يُبقي منّا باقية. فقالوا: ما لها إلا أحمد بن المعتصم ولَد أُستاذنا. فقال محمد بن موسى المنجّم سرّا: أَتُوَلُّون رجلا عنده أنُّه أحقّ بالخلافة من المتوكّل وأنتم دفعتموه عنها؟ ولكن اصطَنِعوا إنسانًا يعرف ذلك لكم. فلم يقبلوا منه، وبايعوا أحمد المستعين وله ثمانٍ وعشرون سنة. فاستكتب أحمد بن الخصيب، واستوزر أوتامِش. فبينا هو قد دخل دار العامة في دَسْت الخلافة، إذا جماعة من الشّاكريّة والغَوْغاء وبعض الْجُنْد، وهم نحو ألف، قد شهروا السلاح وصاحوا: المعتز يا منصور4.   1 وراجع: النجوم الزاهرة "2/ 326". 2 النجوم الزاهرة "2/ 326". 3 تاريخ الطبري "9/ 251"، تاريخ مختصر الدول "146". 4 تاريخ الطبري "9/ 257"، والبداية والنهاية "11/ 2". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 11 فتنة الغوغاء: ونشبت الحرب بين الفريقين، وقُتل جماعة. فخرج المستعين عن دار العامّة وأتى إلى القصر الهارونيّ، فبات به. ودخل الغَوْغاء دار العامّة، فنهبوا خزائن السّلاح، ونهبوا دُورًا عديدة. وكثُرت الأسلحة واللامَة1 عليهم، فأجلاهم بُغَا الصَّغير عن دار العامّة، وكثُرت القتلى بينهم. فوضع المستعين العطاء فسكنوا. وبعث بكتاب البَيْعة إلى محمد بن عبد الله بن طاهر إلى بغداد، فبايع النّاس. وأعطى المستعين أحمد بن الخصيب أموالا عظيمة2. نفي ابن الخصيب إلى أقريطش: ثمّ في هذه السنة، في رجب أو قبله، نفاه إلى أقْرِيطش، ونهب أمواله بعد المحبّة الزائدة3. وذلك بتدبير أوتامش، وحطّه عليه عند المستعين. تولية ابن طاهر العراق: وفيها: عقد المستعين لمحمد بن عبد الله بن طاهر على العراق والحَرَمَيْن والشّرطة4. وفاة طاهر بن عبد الله: وتُوُفّي أخوه طاهر بن عبد الله بُخراسان، فعقد المستعين لابنه محمد بن طاهر على خُراسان5. موت بُغا الكبير: ومات بُغا الكبير في جُمَادَى الآخرة، فعقد المستعين لابنه موسى بن بغا على   1 اللامة: هو الخوذة التي تقي رأي الفارس. 2 وراجع: تاريخ الطبري "9/ 256-258"، ونهاية الأرب "22/ 302"، والبداية والنهاية "11/ 2". 3 تاريخ الطبري "9/ 259"، والنجوم الزاهرة "2/ 328". 4 تاريخ الطبري "9/ 258"، وشذرات الذهب "2/ 117، 118"، وتاريخ سني ملوك الأرض "146". 5 مرآة الجنان "2/ 155"، تاريخ اليعقوبي "2/ 494، 495". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 12 أعمال أبيه1. حبْس المعتزّ والمؤيّد: وفيها: حبس المستعين المعتزّ والمؤيّد، وضيّق عليهما، واشترى أكثر أملاكهما كُرْهًا. وجعل لهما في السنة نحو ثلاثة وعشرين ألف دينار2. الفتنة بين أهل حمص وعاملهم: وفيها: أخرج أهل حمص عاملهم، فراسلهم وخدعهم حتى دخلها، فقتل منهم طائفة، وحمل من أعيانهم مائة إلى العراق، وهدم سور حمص3. العقد لأوتامش على مصر والمغرب: فيها: عقد المستعين لأوتامش على مصر والمغرب مع الوزارة، ففرق في الْجُنْد ألفي ألف دينار4. غزوة الصائفة: وفيها: غزا وصيف الصّائفة5. نفْي ابن خاقان: وفيها: نفي المستعين عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان إلى بَرْقَةَ، والله أعلم6. أحداث سنة تسعٍ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: عبد بن حميد، وأبو حفص الفلاس.   1 تاريخ الطبري "9/ 258"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 283"، والنجوم الزاهرة "2/ 327". 2 مروج الذهب "4/ 162"، والتاريخ للطبري "9/ 258". 3 وراجع: تاريخ اليعقوبي "2/ 495"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 283". 4 تاريخ الطبري "9/ 260"، نهاية الأرب "22/ 303". 5 تاريخ ابن خلدون "3/ 283، 284"، وتجارب الأمم "6/ 557". 6 تاريخ الطبري "9/ 258"، والنجوم الزاهرة "2/ 327". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 13 شغب الْجُنْد ببغداد: وفي صَفَر، شغب الْجُنْد ببغداد عند مقتل عمر بن عُبَيْد الله الأقطع، وعلي بن يحيى الأرمني أمير الغُزاة ببلاد الروم مجاهدين، وعند استيلاء التُّرْك على بغداد، وَقَتْلِهِم المتوكّل وغيره، وتَمَكُّنِهِم من الخلفاء وأذِيّتهم للنّاس. ففتح الْجُند والشّاكريّة السُّجون، وأحرقوا الجسر، وانتهبوا الدَّواوين، ثمّ خرج نحو ذلك بسُرَّ من رأى. فركب بُغا وأُوتامِش، وقتلوا من العامّة جماعة. فحمل عليهم العامّة، ففتكت من الأتراك جماعة. وشُجّ وَصِيف بحجر، فأمر بإحراق الأسواق1. مقتل أوتامش: وفي ربيع الآخر قُتِل أُوتامِش وكاتبه شجاع، فاستوزر المستعين أبا صالح عبد الله بن محمد بن يزداد2. عزْل جعفر بن عبد الواحد عن القضاء: وفيها عُزِل عن القضاء جعفر بن عبد الواحد وولاه جعفر بن محمد بن عمّار البُرْجُميّ الكوفيّ3. خبر الزلزلة في الرّيّ: وجاءت زلزلة هلك فيها خلقٌ تحت الهدْم في الري4.   1 مختصر تاريخ الدول "146"، والبداية والنهاية "11/ 3". 2 تاريخ الطبري "9/ 264"، وخلاصة الذهب المسبوك "229" للإربلي. 3 تاريخ الطبري "9/ 265"، والنجوم الزاهرة "2/ 330". 4 البداية والنهاية "11/ 4"، والنجوم الزاهرة "2/ 330". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 14 أحداث سنة خمسين ومائتين : فيها تُوُفيّ: أبو الطّاهر أحمد بن السَّرْح، وأبو الحسين البزّيّ مُقرئ مكّة، والحارث بن مسكين، وأبو حاتم السِّجِسْتانيّ، وعبّاد بن يعقوب الرّواجنيّ شيعيّ، وعَمْرو بن عثمان الحمصيّ، والجاحظ، وكُثَيِّر بن عُبَيْد الحمصيّ، ونصر بن علي الجهمضي. مقتل يحيى بن عمر في المصافّ بالكوفة: وفيها: ظهر يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بالكوفة. وقُتِل في المصافّ بينه وبين جيش محمد بن عبد الله بن طاهر بناحية الكوفة، ومحمود بن خالد، وهشام بن خالد الأزرق1. استيلاء الحسن بن زيد على آمل: ثمّ في رمضان، خرج الحَسَن بن زيد بن محمد الحَسنيّ بطَبَرسْتان واستولى على آمُل، وجبى الخَرَاج، وامتدَّ سلطانه إلى الرِّيِّ، وهمذان، والتجأ إليه كلّ من يريد الفتنة والنَّهْب. وانهزم عسكر ابن طاهر بين يديه مرَّتين. فبعث المستعين جيشًا إلى همدان2. العقد للعباس على العراق: وفيها: عقد المستعين لابنه العَبّاس على العراق والحَرَمَيْن3. نفي جعفر بن عبد الواحد: وفيها: نُفي جعفر بن عبد الواحد إلى البصرة لأنّه عُزِل عن القضاء، وبعث إلى الشّاكريَّة، فأفسدهم4. وثوب أهل حمص بعاملهم: وفيها: وثب أهل حمص بعاملها الفضل بن قارن، فقتلوه في رجب، فسار إليهم موسى بن بُغا، فالتقوا عند الرَّسْتَن، فهَزَمهم، وافتتح حمص، وقتل فيها مقتلة عظيمة. وأحرق فيها وأسر من رءوسها5.   1 "خبر صحيح": تاريخ الطبري "9/ 266-271"، والبداية "11/ 5، 6"، وتاريخ اليعقوبي "2/ 497"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 285"، وشرح شافية أبي فراس "177". 2 "خبر صحيح": تاريخ الطبري "9/ 271-276"، والبداية والنهاية "11/ 6"، وسني ملوك الأرض "170". 3 "خبر صحيح": مروج الذهب "4/ 154"، والنجوم الزاهرة "2/ 331"، وصحيح التوثيق "6/ 245". 4 الكامل في التاريخ "7/ 134"، والنجوم الزاهرة "2/ 331". 5 تاريخ الطبري "9/ 276"، والأعلاق الخطيرة "1/ 73"، وصحيح التوثيق "6/ 245". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 15 تراجم رجال هَذِهِ الطبقة: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن كثير1 -م. د. ت. ق- أبو عبد الله العبدي النُّكْريّ البغداديّ الدَّوْرقيّ. أخو يعقوب الدَّوْرقيّ، وهي نسبة إلى عمل القَلانِس الدَّوْرَقيّة. وكان أبوه صالحا ناسكا. فقيل: إنّه كان مَن تنسَّك في ذلك الزَّمان سُمّي دَوْرقيا. وقيل: كانوا يَلْبَسون القلانِس الطّويلة الدَّوْرَقيّة. سمع: هُشَيْما، وجرير بن عبد الحميد، وحفص بن غِياث، ويزيد بن زُرَيْع، وإسماعيل بن عُلَيَّة، وطائفة. وعنه: م. د. ت. ق، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وأحمد بن منصور الرَّماديّ، والهيثم بن خَلَف الدُّوريّ، ومحمد بن محمد بن بدْر الباهليّ، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابْن عساكر: تُوُفّي لِسَبْعٍ بقين من شعبان سنة ستٍّ وأربعين. قلت: كمّل ثمانين سنة، وقد جَمَعَ وصَنَّفَ، وكان حافظا فَهما. 2- أحمد بن أبان القُرَشيّ2. سمع: الدَّراوَرْديّ. وعنه: أبو بكر البزّار في مُسْنَدِه. 3- أحمد بن إبراهيم بن مهران3. أبو الفضل البُوشَنْجيّ. عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وأنس بن عياض.   1 التاريخ الكبير "2/ 6"، والصغير "236"، والجرح "2/ 39"، وتاريخ بغداد "4/ 776"، والمعجم المشتمل لابن عساكر "37"، وتذكرة الحفاظ "2/ 505". 2 الثقات لابن حبان "8/ 32". 3 تاريخ بغداد "4/ 8"، وميزان الاعتدال "1/ 79، 278". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 16 وعنه: الحسين المَحَامليّ، ومحمد بن مَخْلَد. ولعلّه بقي إلى بعد الخمسين. 4- أحمد بن إدريس1. أبو حُمَيْد الجلاب. بغداديّ، روى عن: هُشَيْم. وعنه: الحسين المَحَامليّ، وغيره. 5- أحمد بن إسحاق بن الحُصَيْن2 -خ- أبو إسحاق السلمي البخاري المعروف بالسرماري، وسُرْماريا مِن قرى بُخَارى. سمع: يَعْلَى بن عُبَيْد، وعثمان بن عمر بن فارس، وطبقتهما. وعنه: خ، وإسحاق ابنه، وإدريس بن عبدك، وطائفة. وكان ثقة زاهدا مجاهدا فارسا مشهورا، يضرب بشجاعته المثل. قال إبراهيم بن عفان البزاز: كنا عند أبي عبد الله البخاري، فجرى ذكر أبي إسحاق السرماري فقال: ما نعلم في الإسلام مثله. فخرجت من عنده، فإذا أجد رئيس المطوعة، فأخبرته، فغضب ودخل على البخاري فسأله، فقال: ما كذا قلت. ولكن ما بَلَغَنا أنّه كان في الإسلام ولا في الجاهليّة مثله. رواها إسحاق بن أحمد بن خَلَف، عن إبراهيم هذا. وقال أبو صَفْوان إسحاق: دخلتُ على أبي يومًا، وهو في البستان يأكل وحده، فرأيتُ في مائدته عُصْفُورًا يأكل معه، فلمّا رآني العصفور طار. وعن أحمد بن إسحاق السّرْماريّ قال: ينبغي لقائد الغُزاة عشْر خِصال: أن يكون في قلب الأسد لا يجبُن، وفي كبر النِّمر لا يتواضع، وفي شجاعة الدُّبّ يقتل   1 تاريخ بغداد "4/ 38، 39، 1645". 2 رجال صحيح البخاري "1/ 25، 26"، للكلاباذي، والجمع بين رجال الصحيحين "1/ 8، 10" لابن القيسراني، والتقريب "1/ 10". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 17 بجوارحه كلّها، وفي حملة الخنزير لا يُولّي دُبُرَه، وفي إغارة الذّئب إذا آيس من وجه أغار من وجه؛ وفي حمل السّلاح كالنّملة تحمل أكثر من وزنها، وفي الثَّبات كالصَّخْر، وفي الصّبر كالحمار، وفي وقاحة الكلب لو دخل صيده النّار لَدَخَل خلْفه، وفي التماس الفُرصة كالدّيك. أخبرني أبو عليّ بْن الخلّال، أَنَا جعفر الهمدانيّ، أنا أبو طاهر السِّلَفّي، أنا المبارك بن الطُّيُوريّ، وأبو عليّ البَردانيّ قالا: أنا هَنّاد النَّسَفيّ، أنا محمد بن أحمد غُنْجار: سمعتُ أبا بكر محمد بن خالد المُطِّوَعيّ: سمعتُ أبا الحَسَن محمد بن إدريس المطّوّعّيّ البخاريّ: سمعتُ إبراهيم بن شمّاس يقول: كنت أكاتب أحمد بن إسحاق السُّرْماريّ، فكتب إليّ: إذا أردتّ الخروج إلى بلاد الغُزّية في شراء الأسرى فاكتب إليّ. فكتبت إليه فقدم إلى سمرقند فخرجنا. فلما علم جَبْغَويه استقبلنا في عدّة من جيوشه، فأقمنا عنده، إلى أن فرغنا من شراء الأسرى. فركب يومًا وعرض جيشه فجاء رجلٌ فعظَّمه وبجَّله وخلع عليه، فسألني السُّرْماريّ عن الرجل، فقلت: هذا رجل مبارز يُعَدُّ بألف فارس، لا يولّي من ألف. فقال: أنا أبارزه. فلم التفتْ إلى قوله، فسمع جبغويْه ذلك، فقال لي: ما يقول هذا؟ قلت: يقول كذا وكذا. فقال: لعلّ هذا الرجل سكران لا يشعر، ولكنْ غدًا نركب. فلمّا كان الغد ركب، وركب هذا المبارز، وركب أحمد السُّرْماريّ ومعه عامود في كُمّه، فقام بإزائه، فدنا منه المبارز، فهزَم أحمد نفسه منه حتّى باعَدَه من الجيش، ثمّ ضربه بالعامود قتله، وتبع إبراهيم بن شمّاس لأنّه كان سبقه بالخروج إلى بلاد المسلمين فلحِقَه. وعلم جَبْغويه فبعث في طلبه خمسين فارسًا من خيار جيشه، فلحِقوا أحمد. فوقف تحت تلّ مختفيًا حتّى مرّوا كلّهم، ثمّ خرج، فجعل يضرب بالعامود واحدًا بعد واحد، ولا يشعر مَن كان بالمقدمة حتى قتل تسعة وأربعين نفسا، وأخذ واحدًا منهم فقطع أنفه وأُذُنَيه وأطلقه. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 18 فذهب إلى جَبْغويْه فأخبره، فلمّا كان بعد عامين وتُوُفّي أحمد ذهب إبراهيم بن شمّاس في الفداء، فقال له جبْغويْه: من كان ذاك الّذي قتل فرساننا؟ قال: ذاك أحمد السُّرْماريّ. قال: فلِمَ لم تحمله معك؟ قلت: إِنّه تُوُفِّيَ. فصكِّ وجهه وصكِّ في وجهي وقال: لو أعلمتني أنه هو لكُنْت أصرفه من عندي مع خمسمائة بِرْذَوْن وعشرة آلاف غَنَم. وبه إلى غُنْجار: ثنا أَبُو عَمْرو أَحْمَد بْن محمد المقرئ: سمعت بكر بن منير يقول: رأيت أحمد السُّرْماريّ، وكان ضخمًا، أبيض الرأس واللّحية. ومات بقريته سرماري، فبلغ كِراء الدّابّة من المدينة إليها عشرة دراهم. وخلّف ديونًا كثيرة، فكان غرماؤه ربّما يشترون من ماله حزمة القصب من خمسين درهمًا إلى مائة درهم حُبّا له. فما رجعوا حتّى قضوا ديونه. وبه: سمعت أبا نصر أحمد بن أبي حامد الباهليّ: سمعت أبا موسى عِمران بن محمد المّطّوعيّ: سمعت أبي يقول: كان عامود السُّرْماريّ ثمانية عشر مَنّا. فلمّا شاخ جعله اثني عشر منا. وكان يقاتل بالعامود. وبه: سمعت محمد بن خالد، وأحمد بن محمد قالا: سمعنا عبد الرحمن بن محمد بن جرير: سمعت عُبَيْد بن واصل: سمعت السُّرْماريّ يقول، وأخرج سيفه فقال: اعلم يقينًا أنّي قتلتُ به ألفَي تركي، وإنْ عشت قتلت به ألفًا أخرى. ولولا أنّي أخاف أن تكون بِدْعةً لأمرتُ أن يُدفن معي. ذكر محمود بن سهل الكاتب، وذُكِر السّرماريّ، فقال: كانوا في بعض الحروب وقد حاصروا مكانًا ورئيس العدوّ قاعد على صفّة، فأخرج السُّرماريّ سهمًا فَغَرَزَه في الصّفّة فأومأ الرئيس لينتزعه، فرماه بسهمٍ آخر خاط يده، فتطاول الكافر لينزع ما في يده، فرماه بسهمٍ في نَحْره قتله، وانهزم العدوّ، وكان الفتح. تُوُفيّ سنة اثنتين وأربعين. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 19 6- أحمد بن إسحاق الأهوازي البزاز1 -د. ن- عن: أبي أحمد الزُّبَيديّ، وأبي عبد الرحمن المقرئ. وعنه: د. ن، وعَبْدان، ومحمد بن جرير الطَّبريّ، وجماعة. وقال النسائي: صالح. توفي سنة خمسين. 7- أحمد بن أسد بن سامان2. الأمير أبو إسماعيل والد الملوك السامانية أمراء ما وراء النهر. وهو أخو الأمير نوح بن أسد الدين. افتتح اسبيجاب، إحدى مدائن الترك، في أيام المعتصم. توفي أحمد بفرغانة سنة خمسين. 8- أحمد بن بجير. أبو عبد الله البزاز. شيخ عراقي. روى عن: إسماعيل بن عُلَيَّة، ومُعاذ بن مُعاذ، وإسحاق الأزرق. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا. 9- أحمد بن بكار بن أبي ميمونة3 -ن- أبو عبد الرحمن الحراني، مولى بني أميّة. سمع: محمد بن سَلَمَةَ، وأبا معاوية الضّرير. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ، وأبو عَرُوبة، ومحمد بن الباغَنْديّ. مات في صفر سنة أربعٍ وأربعين بحرّان.   1 تهذيب التهذيب "1/ 14، 15"، وخلاصة تذهيب التهذيب "4"، والكاشف "1/ 12، 13، 7". 2 تاريخ اليعقوبي "2/ 397"، والكامل في التاريخ "7/ 279، 280"، ووفيات الأعيان "5/ 161". 3 تهذيب الكمال "1/ 277"، والتقريب "1/ 12". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 20 10- أحمد بن ثابت1 -ق. أبو بكر الجحدري البصري. عن: سُفيان بن عُيَيْنَة، وغُنْدر، وعبد الوهْاب الثّقفيّ، ووكيع، ويحيى القطّان، وخلق. وعنه: ق، وابن أبي داود، وأبو عروبة الحراني، وعمر بن بجير، وأبو بكر بن خزيمة، وآخرون. عاش إلى سنة خمسين. 11- أحمد بن ثابت2. أبو يحيى الرازي الحافظ فرخويه. سمع: عبد الرزاق، وعفان، وأقرانهما. وعنه: محمد بن أيّوب الرّازي، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني. وكان غير ثقة. 12- أحمد بن الحسن بن جنيدب3 -خ. ت- أبو الحسن الترمذي الحافظ. سمع: أبا النّضر، ويَعْلَى بن عُبَيْد الله بن موسى، وأبا نُعَيْم، وسعيد بن أبي مريم، وأبا صالح كاتب اللَّيْث، وخلقا كثيرا بالعراق، ومصر، وخُراسان. وعنه: خ. ت، وأبو بكر بن محمد بن إسحاق بن خُزَيْمة، وأهل خُراسان. وسألوه عن العِلل والْجَرْح والتّعديل والفقه. وكان من تلامذة أحمد بن حنبل. روى عنه خ. حديثا عن أحمد بن حنبل في المغازي. وقدِمَ نَيْسَابور سنة إحدى وأربعين. ولا تاريخ لموته. 13- أحمد بن الحسن بن خراش4 -م. ت- أبو جعفر البغدادي.   1 التهذيب "1/ 21"، والمعجم المشتمل "40 رقم 13" لابن عساكر. 2 ميزان الاعتدال "1/ 314"، والجرح والتعديل "2/ 44، 21". 3 سير أعلام النبلاء "12/ 156، 157"، والتقريب "1/ 13". 4 تاريخ بغداد "4/ 78-80"، والكاشف "1/ 15، 16". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 21 عن: عبد الرحمن بن مهديّ، وشَبّابة، ووهْب بن جرير. وعنه: م. ت، ومحمد بن هارون المجدّر، وأبو العباس السراج، وآخرون. توفي سنة اثنين وأربعين. 14- أحمد بن الحسن الكندي البغدادي1. حدث بالري عن أبي عُبَيدة اللُّغَويّ، وحَجّاج بن نُصَيْر. وعنه: الفضل بن شاذان المقرئ، والحسن بن الليث الرازيان. ذكره ابن أبي حاتم. 15- أحمد بن حميد2. أبو زرعة الجرجاني الصيدلاني الحافظ نزيل مكة. صحب يحيى القطان. وكان عارفا بالعلل. روى عنه: موسى بن هارون. 16- أحمد بن حميد3. أبو طالب الفقيه صاحب أحمد بن حنبل. فقير صالح، خيرَّ، عالم، له مسائل. روى عنه: أبو محمد فَوْزان، وزكريّا بن يحيى. تُوُفّي سنة أربع وأربعين. 17- أحمد بن خالد4 -ت. ن- أبو جعفر البغدادي الخلال. قاضي الثَّغْر. سمع: ابن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق.   1 الجرح والتعديل "2/ 47، 35". 2 تاريخ جرجان للسهمي "61 رقم 2". 3 الجرح "2/ 48، 37"، وتاريخ بغداد "4/ 123". 4 تاريخ بغداد "4/ 126-128"، وطبقات الحنابلة "1/ 42" لابن أبي يعلى، والتقريب "1/ 14". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 22 وعنه: ت. ن، وجعفر الفِريابيّ، وأحمد الأبار، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة خير. وتوفي سنة ست وأربعين أو سنة سبع. 18- أحمد بن الخصيب الجرجرائي الكاتب1. كاتب المنتصر قبل الخلافة. فلما استخلف وزر له، فظهر منه جهل وحمق وتيه. قال له المنتصر يوما: أريد أن أقطع السيّدة، يعني أمَّه، ضياع شجاع والدة المتوكّل. قال: وما قلت للفاجرة؟ فقال المنتصر: قتلني الله إن لم أقتلك. وكان سيئ الخُلق متكبّرًا، استغاث به مظلوم يومًا، فأخرج رِجْله من الرّكاب ورَفسه على فؤاده، فسقط ميتًا. فعزِّ ذلك على المنتصر، وأراد قتله، فمات قبل أن يتفرَّغ له. وقيل: إنّه رُفعت له قَصص بني هاشم، فكتب عليها: هشَّم الله وجوههم. وكتب على قصةٍ للأنصار: لا نَصَرَهم الله. ولمّا ولي المستعين همَّ به، فأرضاه بالأموال، فيقال إنّه أعطى المستعين ألف ألف دِرهم؛ وغضب عليه، ونفاه إلى جزيرة أقريطش. 19- أحمد بن الخليل2 -ن- أبو علي البغدادي البزّاز، نزيل نَيْسابور. عن: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وحَجّاج بن محمد الأعور، وأبي النَّضْر، وطبقتهم. وعنه: ن. وقال: ثقة، وعبدان الأهوازيّ، وابن خزيمة، وآخرون. مات لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثمان وأربعين.   1 تاريخ الطبري "9/ 75، 125، 128"، والعقد الفريد "3/ 10"، والتنبيه والإشراف "314"، وسير أعلام النبلاء "12/ 553". 2 التاريخ الصغير "236" للبخاري، وتاريخ بغداد "4/ 129"، والتهذيب "1/ 27". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 23 20- أحمد بن سعيد بن إبراهيم الحافظ1 -خ. م. د. ت. ن- أبو عبد الله الرباطي الأشقر. نزيل نَيْسابور. سمع: وَكِيعا، وعبد الرّزّاق، وإسحاق بن منصور السَّلُوليّ، ووهْب بن جرير، وسعيد بن عامر، وطائفة. وعنه: الجماعة سوى ق، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وابن خُزَيْمة، وأبو العبّاس السّرّاج، وعدّة. وعنه قال: جئت إلى أحمد بن حنبل، فجعل لا يرفع رأسه إليّ، فقلت: يا أبا عبد الله إنّه يُكتب الحديث عنّي بخُراسان، فإنْ عاملتني بهذا رموا بحديثي. فقال أحمد: هل بُدَّ أن يقال يوم القيامة: أين عبد الله بن طاهر وأتباعه؟ فانظر أين تكون منه. قلت: إنما ولاني أمر الرّباط، فلذلك دخلت معه. فجعل يكرِّر قولَهُ عليّ. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وأربعين، وقيل: سنة خمسٍ وأربعين. وكان يحفظ ويفهم. 21- أحمد بن سعيد بن يعقوب الكِنْديّ الحمصيّ2. أبو العبّاس. عن: بقيّة، وعثمان بن سعيد بن كثير. وعنه: ن. وقال: لا بأس به، وسعيد بن عَمْرو البرذعيّ. وأجاز لابن أبي حاتم. 22- أحمد بن صاعد الصُّوريّ الزّاهد3. له مواعظ وكلام نافع.   1 التاريخ الكبير "2/ 6"، وعمل اليوم والليلة "265" للنسائي، والتهذيب "1/ 30". 2 التقريب "1/ 15"، والجرح والتعديل "2/ 53"، والكاشف "1/ 18". 3 الأنساب "8/ 105"، والجرح والتعديل "2/ 56". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 24 حكى عنه: أحمد بن أبي الحواري، وسعد بن محمد البّيْروتيّ، ومحمد بن الحَسَن الْجَوْهريّ، وآخرون. ذكره ابن أبي حاتم. 23- أحمد بن صالح1 -خ. د- أبو جعفر الطبري. أبوه المصريّ الحافظ أحد أركان العِلْم والحِفْظ. قال أبو سعيد بن يونس: كان أبوه جُنْدِيًّا من جنود طَبَرِسْتان، فوُلِد له أحمد بمصر سنة سبعين ومائة. قلت: سمع: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وعبد الله بن وهْب، وحَرَمِيّ بن عُمارَة، وعَنْبَسَة بن سعيد، وابن أبي فُدَيْك، وعبد الرزاق، وعبد الله بن نافع، وطائفة. وعنه: خ. د، ثم خ. عن رجلٍ عنه، وعَمْرو النّاقد، والذُّهْليّ، ومحمد بن عبد الله بن نُمّيْر، ومحمود بن غَيْلان، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وصالح جَزَرَة، وأبو إسماعيل التِّرْمِذيّ، وخلق كثير آخرهم أبو بكر بن أبي داود. وقدِم بغداد سنة اثنتي عشرة ومائتين، فسمع من عفّان، وجالَسَ أحمد بن حنبل وناظَرَه. قال أبو زُرْعة: سألني أحمد بن حنبل: مَن بمصر؟ قلت له: أحمد بن صالح. فسُرَّ بذِكره ودعا له2. وقال صالح بن محمد: قال أحمد بن صالح: كان عند ابن وهْب مائة ألف حديث، كتبتُ عنه خمسين ألف حديث3. قال صالح: لم يكن بمصر أحد يُحسن الحديثَ غير أحمد بن صالح. وكان رجلا جامعًا، يعرف الفِقْه والحديث والنَّحْو، ويتكلَّم في حديث الثَّوريّ وشعبة وأهل العراق؛ يعني يذاكر به.   1 التاريخ الكبير "2/ 6"، الصغير "236"، والجرح "2/ 56، 73"، وتذكرة الحفاظ "2/ 495"، وتاريخ بغداد "4/ 202"، ومروج الذهب "3067" وغيره. 2 تاريخ بغداد "4/ 196"، والكامل لابن عدي "1/ 184". 3 تاريخ بغداد "4/ 200". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 25 قال: وكان يذاكر بحديث الزُّهْريّ ويحفظه. وقال عليّ بن الحسين بن الْجُنَيْد: سمعت ابن نُمَيْر يقول: ثنا أحمد بن صالح، وإذا جاوزت الفُرات فليس أحد مثله. وَسُئِلَ عنه أبو حاتم فقال: ثقة كتبت عنه بمصر، ودمشق، وأنطاكية1. وقال البخاريّ: هو ثقة صدوق، ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحُجَّة. وقال يعقوب الفسوي: كتبت عن ألف شيخ وَكَسْرٍ، حجتي فيما بيني وبين الله رجلان: أحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح2. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: أحمد بن صالح ثقة، صاحب سنة3. وقال أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: كتب أحمد بن صالح المصريّ عن سلامة بن رَوْح، وكان لا يُحَدِّث عنه. وكتبَ عن ابن زبالة خمسين ألف حديث، وكان لا يحدث عنه4. وقال ابن وارة الحافظ: أحمد بن حنبل ببغداد، وأحمد بن صالح بمصر، والنُّفَيْليّ بحَرّان، وابن نُمَيْر بالكوفة؛ هؤلاء أركان الدِّين. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بكر زَنْجَوَيْهِ يَقُولُ: قَدِمْتُ مِصْرَ فَأَتَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ، فَسَأَلَنِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ بَغْدَادَ. قَالَ: تَكْتُبُ لِي مَوْضِعَ مَنْزِلِكَ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَافِي الْعِرَاقَ، حَتَّى تَجْمَعَ بَيْنِي وبين أحمد بن حنبل. قال: فقدم، فذهب بِهِ إِلَى أَحْمَدَ، فَقَامَ إِلَيْهِ وَرَحَّبَ بِهِ وَقَرَّبَهُ وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ جَمَعْتَ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، فتعال نَذْكُرَ مَا رَوَى عَنِ الصَّحَابَةِ. فَتَذَاكَرَا، وَلَمْ يُغْرِبْ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ. ثُمَّ تَذَاكَرَا مَا رُوِيَ عَنْ أَنْبَاءِ الصَّحَابَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عِنْدَكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أبيه، عن   1 الجرح والتعديل "2/ 56". 2 تاريخ بغداد "4/ 200". 3 تاريخ الثقات "48". 4 طبقات الحنابلة "1/ 48". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 26 عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي حُمُرَ النَّعَمِ وَأَنِّي لَمْ أَشْهَدْ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ" 1. فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: أَنْتَ الأُسْتَاذُ وتذكر مثل هذا؟ فجعل أحمد يبتسم وَيَقُولُ: رَوَاهُ عَنْهُ رَجُلٌ مَقْبُولٌ، أَوْ صَالِحٌ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ. فَقَالَ: مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ. قَالَ: ثناهُ رَجُلَانِ ثِقَتَانِ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وبشر بن المفضل. فقال: سألتك بالله إِلَّا مَا أَمْلَيْتَهُ عَلَيَّ. فَقَالَ: مِنَ الْكِتَابِ. ثُمَّ قَامَ وَأَخْرَجَ الْكِتَابَ وَأَمْلَاهُ. فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: لَوْ لَمْ أَسْتَفِدْ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ كَثِيرًا. ثُمَّ وَدَّعَهُ وَخَرَجَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صالح قال: حدَّثت أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثّمار، فأعجبه، واستزادني مثلَه، فقلتُ: ومن أين مثله؟ 2 وعن أبي نُعَيْم قال: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى، يعني أحمد بن صالح3. وقال عَبْدان: سمعت أبو داود يقول: أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهمه الناس. وقال صالح جزرة: حضرت مجلس أحمد بن صالح فقال: حرج على كل مبتدع وماجن أن يحضر مجلسي. فقلت: أمّا الماجن فأنا هو. وذاك أنّه قيل له: إنّ صالحًا الماجِن قد حضَر مجلسك. قال أبو بكر الخطيب: يقال كان آفة أحمد بن صالح الكِبْر وشراسة الخلق4.   1 "حديث صحيح": أخرجه أحمد بنحوه "1/ 193"، وذكره ابن هشام في السيرة "134"، وابن سعد في الطبقات "1/ 129". 2 تاريخ بغداد "4/ 198". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 27 ونال النَّسائيّ منه جفاءٌ في مجلسه، فذلك الّذي أفسد بينهما. قال ابن عديّ: سمعت محمد بن هارون البَرْقيّ يقول: حضرت مجلسَ أحمد بن صالح وَطَرَد النَّسائي من مجلسه، فحمله على أن تكلَّم فيه. قال النَّسائيّ في الكنى: أبو جعفر أحمد بن صالح ليس بثقة ولا مأمون، تركه محمد بن يحيى، ورماه يحيى بن مَعِين بالكذِب، ثناه معاوية بن صالح عن يحيى قال: أحمد بن صالح كذّابٌ يتفلسف. وقال ابن عديّ: سمعتُ محمد بن سعد السعْدي: سمعت النَّسائيّ: سمعت معاوية بن صالح يقول: سألت ابن مَعِين، عن أحمد بن صالح فقال: رأيته كذّابًا يَخْطُر في جامع مصر. وروى الحاكم، عن أبي حامد السّيّاريّ: ثنا أبو بكر محمد بن داود الرّازيّ يقول: ارتحلت إلى أحمد بن صالح، فدخلت فتذَاكَرْنا إلى أن ضاق الوقت، ثمّ أخرجتُ من كُمّي أطرافًا فيها أحاديث سألته عنها. فقال لي: تعود. فعُدت من الغد مع أصحاب الحديث، فأخرجت الأطراف وسألته عنها، فقال: تعود. فقلت: أليسَ قلت لي بالأمس تعود؟ ما عندك ما يُكتب أو ردّ عليّ مُسْنَدًا أو مُرْسَلا أو حَرْفًا ممّا أستفيد، فإنْ لم أورد لك عمّن هو أَوْثق منك فلست بأبي زُرْعة. ثم قمتُ وقلت لأصحابنا: مَن ههُنا ممّن يُكتب عنه؟ قالوا: يحيى بن بُكَيْر. فذهبتُ إليه. وروى أبو عَمْرو الدّاني، عن مَسْلَمَة بن القاسم الأندلسيّ قال: النّاس مُجْمعون على ثقة أحمد بن صالح1. وقال. وكان سبب تضعيف النَّسائي له أنّه كان لا يحدِّث أحدًا حتّى يشهد عنده رجلان أنّه من أهلِ الخير والعدالة، كما كان يفعل زائدة. فدخل النِّسائيّ بلا إذْنٍ ولم يأته بمن يشهد له، فلمّا رآه أنكره وأمرَ بإخراجه2. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ النَّسَائِيُّ يُنْكِرُ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ مِنْهَا: عَنِ ابْنِ وهب، عن   1 سير أعلام النبلاء "10/ 131". 2 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 28 مالك، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "الدين النصيحة" 1. والحديث فقد رواه يونس بْن عَبْد الأعلى، عَنِ ابن وهْب. قال: وقد كان سمع في كُتُب حَرْمَلَة، فمنعه حَرْمَلَة، ولم يدفع إليه إلا نصف الكُتُب. فكان أحمد بن صالح ينكر كلَّ من بدأ بحَرْمَلَة إذا وافى مصر، لم يحدِّثه أحمد2. وسمعت بعض مشايخنا يقول: قال أحمد بن صالح: صنَّف ابن وهْب مائة ألف وعشرين ألف حديث، فعند بعض النّاس منها الكُلّ، يعني حَرْمَلَة، وعند بعض النّاس النّصف، يعني نفسه. قال: وسمعت القاسم بن مهديّ يقول: كان أحمد بن صالح يستعير منّي كلّ جُمعة الحمار، فيركبه إلى الصّلاة. وكنتُ جالسًا عند حَرْمَلَة في الجامع، فجاء أحمد على باب الجامع، فنظر إلينا وإلى حَرْمَلَة ولم يسلِّم، فقال حرملة: أنظر إلى هذا، بالأمس يحمل دواتي، واليوم يمرُّ بي فلا يُسَلِّم!. قال القاسم: ولم يحدِّثني أحمد لأني كنت جالسًا عند حَرْمَلَة. قال: وسمعت عبد الله بن محمد بن سَلْم المقدسي يقول: قدمِتُ مصرَ، فبدأت بحَرْمَلَة، فكتبتُ عنه كتاب عَمْرو بن الحارث، ويونس بن يزيد، والفوائد. ثم ذهبت إلى ابن صالح، فلم يحدِّثني. فحملت كتاب يونس فحرّقته بين يديه لأُرْضيه، وليتني لم أحرقْه، فلم يرض، ولم يحدِّثني. قال ابن عديّ: وأحمد من حفّاظ الحديث. وكلام ابن مَعِين فيه تحامُل وأما سوءُ ثناءِ النَّسائيّ عليه فلِما تَقَدَّم. إلى أن قال: ولولا أنّي شرطت أن أذكر في كتابي كلّ من تكلَّم فيه متكلِّم لكنت أُجِلُّ أحمد بن صالح أن أذكره3. وقال ابن يونس: مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين.   1 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "1932"، والنسائي "7/ 157"، وأحمد في مسنده "4/ 257"، وأبو نعيم في الحلية "8534، 10515". 2 الكامل "1/ 186". 3 الكامل "1/ 187". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 29 قال: ولم يكن عندنا بحمد الله كما قال النَّسائيّ، ولم تكن له آفة غير الكبر. قلت: وقع لي حديثه عاليًا في جزء ابن الطّلاية وغيره. 24- أحمد بن صالح المكّيّ السوّاق1. يقال له السَّمُوميّ. عن: مؤمّل بن إسماعيل، ونُعَيْم بن حمّاد، وطبقتهما. وعنه: الحسن بن اللَّيْث الرّازيّ. قال أبو زُرْعَة: صدوق، لكنّه يحِّدث عن الضُّعَفاء والمجهولين. وقال ابن أبي حاتم: روى عن مؤمّل أحاديث في الفِتَن تدلّ على توهين أمره. 25- أحمد بن عبد الله بن الحكم2 -م. ت. ن- أبو الحسين ابن الكردي الهاشمي مولاهم البصْريّ. عن: مروان بن معاوية، وغندر، وجماعة. وعنه: م. ت. ن، والبزّار في مُسْنَده، وقاسم بن زكريّا المطرِّز، وآخرون. تُوُفّي سنة سبْعٍ وأربعين. أحمد بن عاصم الأنطاكيّ الزّاهد. قد تقدمَّ. 26- أحمد بن أبي الحواري عبد الله بن ميمون3 -د. ق- أبو الحسن الثعلبي الغطفاني الدمشقي الزاهد. أحد الأئمة. أصله من الكوفة.   1 تاريخ بغداد "4/ 202"، والثقات "8/ 25، 26". 2 رجال صحيح مسلم "1/ 36، 22" لابن منجويه، والتهذيب "1/ 47"، والمعجم المشتمل "49" لابن عساكر. 3 الجرح والتعديل "2/ 47، 56"، والمراسيل لأبي داود "25، 219"، والفقيه والمتفقه "2/ 168" للخطيب، وحلية الأولياء "10/ 5-33"، والكاشف "1/ 21، 50"، ومعجم البلدان "5/ 134، 237". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 30 سمع: ابن عُيَيْنة، والوليد بن مسلم، وحفص بن غِيَاث، وعبد الله بن إدريس، وأبا معاوية، وعبد الله بن نُمَيْر، وعبد الله بن وهْب، وأبا الحسن الكِسائيّ، وخلْقا. وصِحب أبا سليمان الدّارانيّ. وأخذ بدمشق عن: أبي مُسْهر، وجماعة. وعنه: د. ق، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، وسعيد بن عبد العزيز الحلبيّ، ومحمد بن خزيم، ومحمد بن المعافي الصيداوي، وأبو الجهم المشغراني، ومحمد بن محمد الباغندي، وخلق كثير. قال هارون بن سعيد، عن يحيى بن معِين، وذُكِر أحمد بن أبي الحواري، فقال: أهل الشّام به يُمطَرون. رواها ابن أبي حاتم، عن محمد بن يحيى بن مَنْدَه، عنه. وقال محمود بن خالد، وذُكِر أحمد بن أبي الحواري، فقال: ما أظنّ بقي على وجه الأرض مثله. وعن الْجُنَيد قال: أحمد بن أبي الحواري رَيْحانة الشّام. وقال أبو زُرْعة: حدَّثني أحمد بن أبي الحواري قال: قلتُ لشيخ دخل مسجد النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دُلَّني على مجلس إبراهيم بن أبي يحيى. فما كلّمني. فإذا هو عبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ. وقال أحمد بن عطاء الرُّوَذباريّ: سمعتُ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي الحواريّ قال: كنّا نسمع بكاء أبي باللَّيل حتّى نقول: قد مات. ثمّ نسمع ضَحِكَه حتّى نقول: قد جُنّ. وقال محمد بن عَوْف الحمصيّ: رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا بطَرَسُوس، فلمّا صلّى العَتْمَة قام يصلّي، فاستفتح بالحمد إلى قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 4] ، فطُفْتُ الحائطَ كلّه ثمّ رجعت، فإذا هو لا يجاوز {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 4] . ثم نمتُ، ومَرَرْتُ به سحرا وهو يقرأ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، فلم يزل يردَّدُها إلى الصُّبْح. وقال سعيد بن عبد العزيز: سمعتُ أحمد بن أبي الحواري يقول: مَن عمل بلا الجزء: 18 ¦ الصفحة: 31 اتّباع سنة فعَمَلُه باطل1. وقال: مَن نظر إلى الدّنيا نَظَرَ إرادةٍ وحُبّ، أخرج الله نورَ اليقين والزُّهْد من قلبه2. قلت: ولأحمد قدم ثابت في العلم والحديث والزُّهْد والمواظبة. ومن مناقبه: قال أبو الدَّحْداح الدّمشقيّ: نا الحسين بن حامد أنّ كتاب المأمون وردَ على إسحاق بن يحيى بن مُعاذ أمير دمشق، أن أحْضِر المحدِّثين بدمشق فامْتَحِنْهُم. فأحضر هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وعبد الله بن ذَكْوان، وأحمد بن أبي الحواري، فامْتَحَنَهُم امتحانًا ليس بالشّديد، فأجابوا، خلا أحمد بن أبي الحواري، فجعل يرفق به ويقول: أليس السَّماوات مخلوقة؟ أليست الأرض مخلوقة؟ وأحمد يأبى أن يُطيعه. فسجنه في دار الحجارة، ثمّ أجاب بعدُ، فأطلقه. وقال أحمد بن أبي الحواري: قال لي أحمد بن حنبل: متى مَوْلدُك؟ قلت: سنة أربعٍ وستّين ومائة3. قال: هي مولدي. وقد ذكر السُّلَميّ في مِحَن الصُّوفيّة أحمدَ بنَ أبي الحواري فقال: شهد عليه قوم أنّه يُفَضِّل الأولياء على الأنبياء، وبذلوا الخطوط عليه. فهربَ من دمشق إلى مكّة، وجاورَ حتّى كتب إليه السّلطان يسأله الرجوع، فرجع. قلت: هذا من الكذِب على أحمد، رحمه الله، فإنّه كان أعلم بالله من أن يقع في ذلك، وما يقع في هذا إلا ضالٌّ جاهل. وقال السُّلَميّ في تاريخ الصُّوفيّة: سمعتُ محمد بن جعفر بن مطر: سمعت إبراهيم بن يوسف الهَسَنْجانيّ يقول: رمى أحمد بن أبي الحواري بكُتُبه في البحر وقال: نِعْم الدّليل كنت. والاشتغال بعد الوصول مُحَال. ثم قَالَ السُّلَميّ: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله الطِّبَريّ: سمعت يوسف بن الحسين   1 طبقات الصوفية للسلمي "101" رقم "4". 2 حلية الأولياء "10/ 6"، والزهد للبيهقي "134". 3 راجع: تهذيب الكمال "1/ 374". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 32 يقول: طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة، ثمّ حمل كُتُبه كلّها إلى البحر فغرّقها، وقال: يا عِلْم لم أفعلْ هذا بك استخفافًا، ولكنْ لمّا أهتديتُ بك استغنيت عنك. ثم روى السُّلَميَ وفاة ابن أبي الحواري سنة ثلاثين ومائتين، وهذا غلط1. حكاية عجيبة لا أعلم صحّتها: روي السُّلَميّ، عن محمد بْن عَبْد اللَّه، وأبي عَبْد اللَّه بْن بالَويَهْ، عن أبي بكر الغارميّ: سمعا أبا بكر السّبّاك، سمعتُ يوسف بن الحسين يقول: كان بين أبي سليمان الدّارانيّ، وأحمد بن أبي الحواري عقْد لا يخالفه في أمر. فجاءه يومًا وهو يتكلَّم في مجلسه فقال: إنَّ التّنُّور قد سُجِرِ. فلم يُجِبْه. فقال: إنَّ التّنُّور قد سُجِر، فما تأمر؟ فلم يُجِبْه. فأعاد الثّالثة فقال: اذهب فاقْعُدْ فيه. كأنّه ضاقَ به. وتغافل أبو سليمان ساعةً، ثمّ ذكر فقال: اطلبوا أحمد، فإنّه في التّنّور؛ لأنه على عقْدٍ أن لا يخالفني. فنظروا فإذا هو في التّنُّورِ لم يحترق منه شَعْرة. قال عَمْرو بن دُحَيْم: تُوُفّي لثلاثٍ بقين من جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وأربعين. 27- أحمد بن عبد الله بن خالد بن موسى2. أبو عليّ الشَّيْبانيّ الْجُوباريّ، ويقال: الْجُوَيْباريّ الهَرَوِيّ، المعروف بسَتّوق. وجُوبار: من أعمال هراة. روى عن: جرير، وابن عُيَيْنَة، والفضل بن موسى السّينانيّ، ووَكِيع، وغيرهم أحاديث وضَعَها عليهم. وعنه: محمد بن كرّام السّجِسْتانيّ شيخ الكرّاميّة، وأحمد بن بهرام، وآحاد الناس.   1 صفة الصفوة "4/ 238". 2 ميزان الاعتدال "1/ 106-108"، وأحوال الرجال "206" للجوزجاني. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 33 قال ابن عَدِيّ: له أحاديث كثيرة وضعها1. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كذاب2. وقال الحاكم أبو عبد الله: لا يَحِلّ كَتْبُ حديثه بوجهٍ. قُلْتُ: وَمِنْ مَوْضُوعَاتِهِ: رُوِي عَنْ أَبِي يَحْيَى الْمُعَلِّمِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ قَالَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ يُكْنَى أَبَا حَنِيفَةَ، يُجَدِّدُ اللَّهُ سُنَّتِي عَلَى يَدَيْهِ". تُوُفيّ في رجب سنة سبع وأربعين. 28- أحمد بن عبد الرحمن بن بكّار بن عبد الملك بن الوليد بن بُسْر بن أرطأة3. -ت. ن. ق- أبو الوليد القرشي العامري البسري الدمشقي، نزيل بغداد. سمع: الوليد بن مسلم، وعِراك بن خالد، ومروان بن معاوية. وعنه: ت. ن. ق، وأبو محمد الدّارِميّ، وعبد الله بن ناجية، وأبو القاسم البَغَويّ، وأبو حامد الحضرمي، وحاجب الفرعاني، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صالح. مات في رمضان سنة ثمان وأربعين. وقال الباغَنْديّ: نا إسماعيل بن عبد الله اليَشْكُريّ قال: لم يسمع أبو الوليد مِنَ الوليد بن مسلم شيئًا. وكنت أعرفه شبه قاصّ. وكان يحلّل النّساء للرّجال، ويُعطي السَّبْي، سامحه الله. 29- أحمد بن عَبْدَة بن موسى الضبي4 -م. ع- أبو عبد الله البصري. سمع: حمّاد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد، وحفص بن جُمَيْع، وطائفة. وعنه: م. ع، وزكريا السّاجيّ، وأبو بكر بن خزيمة، وخلق كثير.   1 راجع الكامل في الضعفاء "1/ 181". 2 في الضعفاء والمتروكين "37". 3 سير أعلام النبلاء "12/ 114"، والتهذيب "1/ 52". 4 التاريخ الصغير "236"، وتاريخ الطبري "1/ 296"، والجرح والتعديل "2/ 62". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 34 وكان ثقة نبيلا. توفي في شوال سنة خمس وأربعين. 30- أحمد بن عثمان بن عبد النور1 -م. ت. ن- أبو عثمان النَّوْفَليّ البصْريّ، المعروف بأبي الْجَوْزاء عن: أبي داود الطَّيالِسيّ، وقريش بن أنس، وأزهر السّمّان، وغيرهم. وعنه: م. ت. ن. وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، وآخرون. وكان من نُسّاك أهل البصرة وثقاتهم. تُوُفّي سنة ستٍّ وأربعين ومائتين. 31- أحمد بن عَمْرو بن عبد الله بن عُمَرو بن السرح2 -م. د. ن. ق- أبو الطاهر الأموي، مولاهم المصريّ الفقيه. عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وابن وهْب، وسعيد الآدم. وعنه: م. د. ن. ق، وطائفة آخرهم أبو بكر بن أبي داود. وكان من جِلّة العلماء، شرح موطأ ابن وهب. وتوفي لأربع عشرة خلت من ذي القعدة سنة خمسين. وتفرَّد عن ابن وهْب بحديث. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثناه أَبُو الْعَلاءِ الْكُوفِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ محمد، وَمحمد بْنُ زِيَادِ بْنِ حَبِيبٍ، وَغَيْرُهُمْ قَالُوا: ثنا أَبُو طَاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، نا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، الرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا". هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ3. 32- أحمد بن عيسى بن حسّان4 -خ. م. د. ن. ق-   1 رجال صحيح مسلم "1/ 34" لابن منجويه، والتهذيب "1/ 61". 2 عمل اليوم والليلة "385"، والمراسيل لأبي داود "في أكثر من موضع"، والجرح والتعديل "2/ 15". 3 أخرجه ابن عدي من طريق ابن السرح به كما في الكامل "4/ 204". 4 التاريخ الكبير "2/ 6"، والصغير له "235"، والتهذيب "1/ 65". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 35 أبو عبد الله المصريّ المعروف بابن التُّسْتَريّ. سمع: ضِمام بن إسماعيل، ومفضَّل بن فَضَالَةَ، وابن وهْب، وبِشْر بن بكر، وأزهر السَّمّان، وغيرهم. وعنه: الجماعة سوى ت، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربيّ، ويوسف القاضي، وأبو القاسم البَغَويّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وآخرون. قال: أبو داود: سألت ابن مَعِين عنه فحلفَ بالله أنّه كذّاب. وقال أبو زُرْعة لمّا نظر في صحيح مسلم: يروي عن أحمد بن عيسى في الصّحيح، وما رأيتُ أهل مصر يشكّون في أنّه. وأشارَ إلى لسانه. وأمّا النَّسائيّ فقال: ليس به بأس. وقال الخطيب: ما رأيتُ لمن ترك الاحتجاج بحديثه حُجّة. مات بسامرّاء في صفر سنة ثلاث وأربعين ومائتين. وكان أبوه يّتَّجِر إلى تُسْتَر، فَعُرِف بالتُّسْتَريّ، وهي شُشْتَر. 33- أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ بن الشّهيد الحُسَين الحُسَينيّ1. سيّد العلويّة وشيخهم. حَبَسه الرشيد عند الفضل بن الربيع مدةً، فهرب وتنقّل واختفى دهرا طويلا، وكبر وضعُف بصَرُه. مات بالبصرة سنة سبْعٍ وأربعين في رمضان. 34- أحمد بن عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَر ابن الإمام عليّ بن أبي طالب2. أبو طاهر العلويّ المدنيّ. عن: أبيه، وابن أبي فُدّيْك. وعنه: محمد بن منصور بن يزيد الكوفيّ، وأبو يونس المدني، وغيرهما.   1 سير أعلام النبلاء "12/ 72"، وتاريخ الطبري "8/ 275". 2 ميزان الاعتدال "1/ 126، 127"، والجرح والتعديل "2/ 65". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 36 ذكره ابن أبي حاتم، وأبو أحمد الحاكم، ولم يضعّفاه. له غرائب. 35- الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيَّان بن عبد الله بن أَنَس بن عَوْف بن قاسط بن مازن بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة بن عُكابة بْن صَعْب بْن عليّ بْن بَكْر بْن وائل1. الإمام أبو عبد الله الشَّيْبانيّ. هكذا نسَبه ولده عبد الله واعتمده أبو بكر الخطيب، وغيره. وقال ابن أبي حاتم: ثنا صالح بْن أَحْمَد قَالَ: وجدتُ في كتاب أَبِي نسبَهُ؛ فَسَاقه إلى مازن، ثم قال: ابن هُذَيْل بن شيبان بن ثعلبة بن عُكابة. قلت: قال فيه هُذَيْل بن شَيْبان كما ترى، وهو غَلَط. وقال البَغَويّ: نا صالح بن أحمد فقال فيه: ذُهْل، بدل: هُذَيْل. وكذا نقل إبراهيم بن إسحاق الغَسيل، عن صالح. فدلَّ على أنّ الوهْم من ابن أبي حاتم. وأما قَول عبّاس الدُّوريّ، وأبي بكر بن أبي داود أنّ الإمام أحمد كان من بني ذُهل بن شيبان، فغلَّطهما الخطيب. وقال: إنّما كان من بني شيبان بن ذُهَل بن ثَعْلَبَة. قال: وذُهْل بن ثعلبة هو عمّ ذُهْل بن شيبان بن ثعلبة. فينبغي أن يقال فيه: أحمد بن حنبل الذُّهْليّ على الإطلاق. وقد نسبه البخاري إليهما معًا فقال: الشَّيْبانيّ الذُّهْليّ2. وأمّا "ابن ماكولا" مع بَصَره بالأنساب فَوَهِم، وقال في سياق نَسَبه: مازن بن ذُهْل بن شَيْبان بن ذهل بن ثعلبة. ولم يتابع عليه.   1 الطبقات لابن سعد "7/ 354"، وتاريخ الطبري "2/ 292"، والثقات "8/ 18"، وتهذيب الكمال "1/ 437-470". 2 راجع التاريخ الكبير "2/ 5". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 37 وقال صالح بن أحمد: قال لي أبي: وُلِدْتُ في ربيع الأول سنة أربع وستّين ومائة1. قال صالح: وجيء بأبي حُمِل من مرو، فتوفي أبوه محمد شابا ابن ثلاثين سنة، فوليت أبي أمه2. قال أبي: وكانت قد ثقبت أذني، فكانت أمي تصير فيهما لؤلؤتين. فلما ترعرعت نزعتهما، فكانتا عندها، فدفعتهما إلي، فبعتهما بنحو من ثلاثين درهما3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وأحمد بن أبي خيثمة إنه ولد في ربيع الآخر. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طلبتُ الحديث سنة تسعٍ وسبعين، وجاءنا رجل وأنا في مجلس هُشَيْم فقال: مات حمّاد بن زيد4. فمن شيوخه: هُشَيْم، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وإبراهيم بن سعد، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى القطّان، والوليد بن مسلم، وإسماعيل بن عُلَية، وعليّ بن هاشم بن البريد، ومعتمر بن سليمان، وعمّار بن محمد ابن أخت الثَّوريّ، ويحيى بن سُلَيْم الطّائفيّ، وغُنْدر، وبِشْر بن المفضّل، وزياد البكّائيّ، وأبو بكر بن عيّاش، وأبو خالد الأحمر، وعبّاد بن عبّاد المُهَلّبيّ، وعَبّاد بن العوّام، وعبد العزيز بن عبد الصّمد العمِّيّ، وعمر بن عُبَيْد الطّنَافِسِيّ، والمطَّلِب بن زياد، ويحيى بن أبي زائدة، والقاضي أبو يوسف، ووَكِيع، وابن نُمَيْر، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وعبد الرّزَاق، والشافعيّ، وخلْق كثير. وممّن روى عنه: خ. م. د، ومَنْ بَقي بواسطة؛ وخ. د. أيضا بواسطة، وابناه صالح، وعبد الله، وشيوخه: عبد الرّزّاق، والحَسَن بن موسى الأشيب، والشّافعيّ لكنه قال: الثقة. ولم يُسَمَّه5.   1 تاريخ بغداد "4/ 415". 2 تاريخ دمشق "7/ 222". 3 حلية الأولياء "9/ 163". 4 تاريخ دمشق "7/ 228". 5 تاريخ دمشق "7/ 256". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 38 وأقرانه: عليّ بن المَدِينيّ، ويحيى بن مَعِين، ودُحْيم الشّاميّ، وأحمد بن أبي الحواري، وأحمد بن صالح المصريّ. ومِنَ القدماء: محمد بن يحيى الذُّهْليّ، وأبَو زُرْعَة، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو حاتم، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وإبراهيم الحربيّ، وأبو بكر الأثرم، وأبو بكر المّرْوَزيّ، وحرب الكِرمْانيّ، وموسى بن هارون، ومُطَيَّن، وخلْق آخرهم أبو القاسم البَغَويّ. وقال أبو جعفر بن ذَرِيح العكبري: طلبت أحمد بن حنبل لأسأله عن مسألة، فسلّمت عليه، وكان شيخًا مخضوبًا، طُوالا، أسمر شديد السُّمرة1. وقال الخطيب: وُلِد أبو عبد الله ببغداد ونشأ بها، وطلب العلم بها، ثمّ رحل إلى الكوفة، والبصْرة، ومكّة، والمدينة، واليمن، والشّام، والجزيرة. وقال أحمد: مات هُشَيْمٍ سنة ثلاثٍ وثمانين، وخرجت إلى الكوفة في تلك الأيّام، ودخلت البصرة سنة ستٍّ وثمانين. ثمّ دخلتها سنة تسعين، وسمعت من عليّ بن هاشم سنة تسع وسبعين. ثمّ عدت إليه المجلسَ الآخر وقد مات. وهي السنة الّتي مات فيها مالك2. وقال: قدِمْنا مكة سنة سبْعٍ وثمانين، وقد مات الفُضَيْل، وفي سنة إحدى وتسعين، وفي سنة ستٍّ. وأقمتُ بمكة سنة سبُعٍ، وخرجنا سنة ثمانٍ. وأقمت سنة تسعٍ وتسعين عند عبد الرّزّاق، وحججت خمس حِجَج، منها ثلاث راجلا. وأنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهمًا. ولو كان عندي خمسون دِرْهمًا لخرجتُ إلى جرير بن عبد الحميد3. وقال: رأيت ابن وهْب بمكّة، ولم أكتب عنه. وقال محمد بن حاتم: ولي جد الإمام أحمد بن حنبل بن هلال: سَرْخَس، وكان من أبناء الدّعوة. فحُدّثت أنّه ضربه المسيب بن زُهير الضبي ببخارى، لكونه شغب الجند4.   1 تاريخ بغداد "4/ 412". 2 حلية الأولياء "9/ 162". 3 تاريخ دمشق "7/ 229، 230". 4 راجع تاريخ بغداد "4/ 415". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 39 وعن عبّاس النَّحْويّ قال: رأيت أحمد بن حنبل حسن الوجه، رَبْعَه، يَخْضِب بالحِنّاء خضابا ليس بالقاني. وفي لحيته شَعِرات سُود. ورأيت ثيابه غلاظا، إلا أنّها بِيض. ورأيتهُ مُعْتَمّا وعليه إزار1. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ذهبتُ لأسمع من ابن المبارك فلم أُدْرِكْه. وكان قد قدِم فخرج إلى الثَّغر، فلم أسمع منه ولا رأيته. وقال عارم أبو النُّعْمان: وضع أحمد عندي نَفَقَتَه، فكان يجيء فيأخذ منها حاجته، فقلت له يومًا: يا أبا عبد الله بَلَغَني أنَّك من العرب. فقال: يا أبا النُّعْمان نحن قوم مساكين. فلم يزل يدافعني حتّى خرج ولم يقل لي شيئًا2. وقال صالح: عزم أبي على الخروج إلى مكّة. ورافق يحيى بن معين، فقال أبي: نجح ونمضي إلى الصنعاء إلى عبد الرزاق فمضينا حتّى دخلنا مكّة، فإذا عبد الرّزّاق في الطَّواف، وكان يحيى يعرفه، فطفْنا، ثمّ جئنا إلى عبد الرّزّاق، فسلَّم عليه يحيى وقال: هذا أخوك أحمد بن حنبل. فقال: حيّاه الله، إنّه لَيَبْلُغُني عنه كلام أُسَرُّ بِهِ. ثبّته الله على ذلك. ثمّ قام لينصرف، فقال يحيى: ألا نأخذ عليه الموعد. فأبى أحمد وقال: لم أغير النية في رحلتي إليه. أو كما قال. ثمّ سافر إلى اليمن لأجله، وسمع منه الكُتُب، وأَكْثَرَ عنه3. فصل في إقباله على العلم واشتغاله وحِفْظه: قال الخلال: أنا المَرُّوذِيّ أنّ أبا عبد الله قال له: ما تزوّجت إلا بعد الأربعين. وعن أحمد الدَّوْرَقيّ، عن أبي عبد الله قال: نحن كتبنا الحديث من ستّة وُجوه وسبعة وُجوه، لم نضبطه، فكيف يضبطه من كتبه من وجه واحد.   1 راجع تاريخ دمشق "7/ 225". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 40 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سمعت أبا زُرْعَة يقول: كان أبوك يحفظ ألف ألف حديث. فقيل له: وما يُدْريك؟ قال: ذاكَرْتُه فأخذت عليه الأبواب1. وقال جُنَيْد: سمعت أبا عبد الله يقول: حفظت كلّ شيء سمعته من هُشَيْم، وهُشَيْم حيّ2. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قال سعيد بن عَمْرو البَرْدَعيّ: يا أبا زُرْعَة، أنت أحفظ أَمّ أحمد بن حنبل؟ فقال: بل أحمد3. قلت: وكيف علمت؟ قال: وجدتُ كُتُبَه ليس في أوائل الأجزاء ترجمة أسماء المحدِّثين الذين سمع منهم. فكان يحفظ كلّ جزء ممّن سمعه، وأنا لا أقدر على هذا. وعن أبي زرعة قال: حرز كُتُب أحمد يوم مات، فبلغت اثنى عشر حملا وعدلا، وما كان ظهر كتابٍ منها: حديث فلان؛ ولا: ثنا فلان. وكلّ ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه. وقال الحَسَن بن منبّه: سمعت أبا زُرْعة قال: أخرج إليَّ أبو عبد الله أجزاء كلّها: سُفيان، سُفيان، ليس على حديثٍ منها: ثنا فلان. فظننتها عن رجلٍ واحدٍ، فانتخبْتُ منها. فلمّا قرأ عليّ جعل يقول: ثنا وكيع، ويحيى، وثنا فلان. فعجبت من ذلك، وجهدت أن أقدر على شيءٍ من هذا، فلم أقدر. قال المَرُّوذيّ: سمعت أبا عبد الله يقول: كنت أذاكر وَكِيعًا بحديث الثَّوريّ، وكان إذا صلى العِشاء الآخرة خرج من المسجد إلى منزله. فكنت أُذَاكره، فربّما ذكر تسعة عشرة أحاديث، فأحفظها. فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث: أَمْلِ علينا. فأُمْلِها عليهم. وقال الخلال: ثنا أبو إسماعيل التِّرْمِذيّ: سمعت قُتَيْبة بن سعيد يقول: كان وَكِيع إذا كانت العَتْمَة ينصرف معه أحمد بن حنبل، فيقف على الباب فيُذَاكره. فأخذ وَكِيع   1 تاريخ بغداد "4/ 419، 420". 2 راجع: تقدمة المعرفة "595". 3 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 41 ليلةً بعضادتي الباب ثمّ قال: يا أبا عبد الله، أريد أن ألقي عليك حديث سُفْيان. قال: هات. قال: تحفظ عن سُفْيان، عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل كذا؟ قال: نعم. ثنا يحيى. فيقول: سَلَمَةُ كذا وكذا، فيقول: ثنا عبد الرحمن. فيقول: وعن سَلَمَةَ كذا كذا. فيقول: أنت حدَّثتنا. حتّى يفرغ من سَلَمَةَ، فيقول أحمد: فتحفظ عن سَلَمَةَ كذا وكذا؟ فيقول وكيع: لا. ثمّ يأخذ في حديث شيخ، شيخ. فلم يزل قائمًا حتّى جاءت الجارية فقالت: قد طلع الكوكب. أو قالت الزُّهْرة. وقال عبد الله: قال لي أبي: خُذْ أيَّ كتاب شئت من كُتُب وَكِيع. فإنْ شئت أن تسألني عن الكلام حتّى أخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد، حتّى أخبرك عن الكلام. وقال الخلال: سمعتُ أبا القاسم بن الخُتَّليّ -وكفاك به- يقول: أكثر النّاس يظنّون أنّ أحمد إذا سُئِل كان عِلْم الدُّنيا بين عينيه. وقال إبراهيم الحربيّ: رأيت أحمد كأنّ الله جمع له عِلْم الأوّلين والآخرين. وعن أحمد بن سعيد الرّازيّ قال: ما رأيت أسود أحفَظَ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أعْلَم بِفقْهه ومعانيه من أحمد بن حنبل1. وقال ابن أبي حاتم: ثنا أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعين، وأصحابَنَا. وكنا نتذاكر الحديث من طريقين وثلاثة. فيقول يحيى من بينهم: وطريق كذا. فأقول: أليس قد صحّ هذا بإجماعٍ منّا؟ فيقولون: نعم. فأقول: ما تفسيره؟ ما فِقْهُهُ؟ فيقفون كلّهم، إلا أحمد بن حنبل2. وقال الخلال: كان أحمد قد كَتَبَ الرَّأي وحفِظها، ثمّ لم يلتفت إليها. وقال أحمد بن سِنان: ما رأيت يزيد بن هارون لأحدٍ أشدَّ تعظيمًا منه لأحمد بن حنبل. لا رأيته أكْرَمَ أحدًا مثله. وكان يُقْعده إلى جنبه ويوقره ولا يمازحه.   1 تاريخ بغداد "4/ 419". 2 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 42 وقال عبد الرّزّاق: ما رأيت أفقه من أحمد بن حنبل ولا أروع. وقال إبراهيم بن شماس: سمعت وَكِيعًا يقول: ما قدِم الكوفةَ مثل ذاك الفتى -يعني أحمد؛ وسمعت حفص بن غيَاث يقول ذلك. وَعَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: مَا نظرتُ إلى أحمد بن حنبل إلا تذكّرت به سُفْيان الثَّوريّ1. وقال القواريريّ: قال لي يحيى القطّان: ما قدِم عليَّ مثل أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين2. وقال أبو اليَمَان: كنت أشبّه أحمد بن حنبل بأرطأة بن المُنْذر. وقال الهيثم بن جميل: إنْ عاش هذا الفتى سيكون حُجَّة زمانه، يعني أحمد. وقال قُتَيْبة: خير أهل زماننا ابن المبارك، ثمّ هذا الشّابّ، يعني أحمد بن حنبل. وقال أبو داود: سمعتُ قُتَيْبة يقول: إذا رأيت الرجل يحبّ أحمد فاعلم أنّه صاحب سنة. وقال عبد الله بن أحمد بن شَبَّويْه، عن قُتَيْبة: لو أدرك أحمد عصر الثَّوريّ، والأوزاعيّ، ومالك، واللّيث، لكان هو المقدَّم. فقلت: لقُتَيْبة: تضمُّ أحمدَ إلى التّابعين؟ فقال: إلى كبار التّابعين3. وسمعت قُتَيْبة يقول: لولا الثَّوريّ لَمَاتَ الورع، ولولا أحمد بن حنبل لأحْدَثوا في الدّين4. وقال أحمد بن سَلَمَةَ: سمعتُ قُتَيْبَة يقول: أحمد بن حنبل إمام الدّنيا. وقال العبّاس بن الوليد البَيْروتيّ: ثنا الحارث بن عبّاس قال: قلت لأبي مُسْهِر: هل تعرفُ أحدًا يحفظ على هذه الأمّة أمر دِينها؟ قال: لا أعلمه إلا شاب في ناحية   1 راجع: حلية الأولياء "9/ 169". 2 حلية الأولياء "9/ 165". 3 الجرح والتعديل "2/ 69"، وتاريخ دمشق "7/ 238". 4 تاريخ بغداد "4/ 417". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 43 الشّرق، يعني أحمد بن حنبل1. وقال المُزَنيّ: قال لي الشّافعيّ: رأيتُ ببغداد شابًا إذا قال: حدَّثنا، قال النّاس كلّهم: صَدَق. قلت: من هو؟ قال: أحمد بن حنبل. وقال حَرْمَلَة: سمعت الشّافعيّ يقول: خرجت من بغداد، فما خلَّفت بها رجلا أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل2. وقال الزَّعْفُرانيّ: قال لي الشّافعيّ: ما رأيت أَعْقَل من أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي. وقال محمد بن إسحاق بن راهَوَيْه: سمعتُ أبي يقول: قال لي أحمد بن حنبل: تعالَ حتّى أُرِيكَ رجلا لم تَرَ مثله. فذهبَ بي إلى الشّافعيّ. قال أبي: وما رأى الشافعي مثل أحمد بن حنبل. لولا أحمد وبذْل نفسِهِ لِمَا بذلَها له لذهب الإسلام. وعن إسحاق قال: أحمد حُجّة بين الله وبين خَلْقه3. وقال محمد بن عَبْدَوَيْه: سمعت عليَّ بن المَدِينيّ وذكر أحمد بن حنبل فقال: هو أفضل عندي من سعيد بن جُبَيْر في زمانه. لأنّ سعيدًا كان له نُظرَاء، وإنّ هذا ليس له نظير. أو كما قال. وقال عليّ بن المَدينيّ: إن الله أعَزَّ هذا الدين بأبي بكر الصِّدّيق يوم الرِّدَّةِ، وبأحمد بن حنبل يوم المِحْنَة4. وقال أبو عُبَيْد: انتهى العِلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل وهو أفقههم، وذكر الحكاية.   1 الجرح والتعديل "2/ 68". 2 تاريخ دمشق "7/ 235". 3 راجع تاريخ دمشق "7/ 235". 4 راجع تاريخ بغداد "4/ 418". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 44 وقال محمد بن نصر الفرّاء: سمعت أبا عُبَيْد يقول: أحمد بن حنبل إمامنا، إنّي لأتزَّين بذِكره. وقال أبو بكر الأثرم، عن أبي عُبَيْد: ما رأيت رجلا أعلم بالسنة من أحمد. وقال أحمد بن الحَسَن التِّرْمِذيّ: سمعت الحَسَن بن الربيع يقول: ما شبَّهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سَمْتِه وهيئته. وقال الطَّبَرانيّ: ثنا محمد بن الحسين الأنماطيّ قال: كنّا في مجلسٍ فيه يحيى بن مَعِين، وأبو خيثمة، وجماعة، فجعلوا يُثْنُون على أحمد بن حنبل فقال رجل: لا تُكثِروا بعض هذا. فقال يحيى بن مَعِين: وكَثْرة الثّناء على أحمد تُسْتَنْكَر؟ لو جلسنا مجالسنا بالثنّاء عليه ما ذكرنا فضائله بكمالها. وقال عبّاس، عن ابن مَعِين: ما رأيت مثل أحمد. وقال جعفر النُّفَيْليّ: كان أحمد من أعلام الدّين1. وقال المَرُّوذيّ: حضرتُ أبا ثوْر سُئِل عن مسألة فقال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيخنا وإمامُنا فيها كذا وكذا. وقال إبراهيم الحربيّ: قال ابن مَعِين: ما رأيتُ أحدًا يُحَدِّثُ لله إلا ثلاثة: يَعْلَى بن عُبَيْد، والقَعْنَبيّ، وأحمد بن حنبل. وقال عبّاس الدُّوريّ: سمعت ابن مَعِين يقول: أرادوا أن أكون مثل أحمد، والله لا أكون مثله أبدًا. وقال أبو خَيْثَمَة: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، ولا أشدّ قلْبًا منه. وقال عليّ بن خَشْرَم: سمعت بشْر بن الحارث، وَسُئِلَ عن أحمد بن حنبل فقال: أنا أُسْأل عن أحمد؟ إنّ أحمد أدخل الكِيرَ فخرج ذَهَبًا أحمر2. رواها جماعة، عن ابن خشرم.   1 تقدمة المعرفة "295". 2 حلية الأولياء "9/ 170"، بنحوه وفيه: "فخرج ذهبة حمراء". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 45 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قال أصحاب بِشْر بن الحارث حين ضُرب أحمد في المحنة: يا أبا نصر لو أنّك خرجتَ، فقلت: إنّي على قول أحمد بن حنبل. فقال بِشْر: أتريدون أن أقومَ مقام الأنبياء1؟. رُوِيَتْ من وجهين عن بِشْر، وزاد أحدهما: قال بِشْر: حفظ الله أحمد من بين يديه ومِن خلفه. وقال القاسم بن محمد الصّايغ: سمعتُ المَرُّوذيّ يقول: دخلت على ذي النُّون السّجنَ ونحن بالعسكر، فقال: أيّ شيء حال سيّدنا؟، يعني أحمد بن حنبل. وقال إسحاق بن أحمد: سمعتُ أبا زُرْعة يقول: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل في فنون العِلم. وما قام أحدٌ مثل ما قام أحمد به. وقال ابن أبي حاتم: قالوا لأبي زُرْعة: فإسحاق بن راهَوَيْه؟ قال: أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق وأَفْقَه. قد رأيت الشيوخ، فما رأيتُ أحدًا أكمل منه. اجتمع فيه زُهْدٌ وفضلٌ وفقهٌ وأشياءٌ كثيرة. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عليّ بن المَدِينيّ وأحمد بن حنبل أيُّهما أحفظ؟ فقال: كانا في الحِفْظ متقاربَيْن وكان أحمد أفقه. وقال أبي: إذا رأيت الرجل يحبّ أحمد فاعلم أنّه صاحب سنة2. وسمعت أبي يقول: رأيت قُتَيْبَة بمكة فقلت لأصحاب الحديث: كيف تغفلون عنه وقد رأيت أحمد بن حنبل في مجلسه؟ فلمّا سمعوا هذا أخذوا نحوه وكتبوا عنه. وقال محمد بن حمّاد الطِّهْرانيّ: سمعتُ أبا ثَوْر يقول: أحمد بن حنبل أعلم أو أفقه من الثَّوريّ3. وقال محمد بن يحيى الذُّهْليّ: جعلتُ أَحْمَد بْن حنبل إمامًا فيما بيني وبين الله. وقال نصر بن عليّ الْجَهْضميّ: كان أحمد أفضل أهل زمانه. وقال عَمْرو النّاقد: إذا وافَقَني أحمد على حديثٍ لا أبالي من خالفني.   1 انظر المصدر السابق. 2 وانظر تقدمة المعرفة "308". 3 تقدمة المعرفة "299". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 46 وقال محمد بن مِهران الجمّال وذُكِر له أحمد بن حنبل فقال: ما بقى غيره. وقال الخلال: ثنا صالح بن عليّ الحلبيّ: سمعتُ أبا همّام السَّكُونيّ يقول: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، ولا رأي أحمد مثلَه1. وقال محمد بن إسحاق بن خُزَيْمة: سمعت محمد بن سَخْتَوَيْه البَرْذَعيّ يقول: سمعتُ أبا عُمَيْر عيسى بن محمد الرمليّ، وذكر أحمد بن حنبل فقال: رحمه الله، عن الدّنيا ما كان أمُره، وبالماضين ما كان أشبَههُ، وبالصّالحين ما كان أَلْحَقَه. عُرِضَت له الدَنيا فأباها، والبِدَع فنفاها2. وقال أبو حاتم الرازيّ: كان أبو عُمَيْر بن النّحّاس الرمليّ من عُبّاد المسلمين، فقال لي: كتبتّ عن أحمد بن حنبل شيئًا؟ قلت: نعم. قال: فأملّ عليَّ. فأمليتُ عليه شيئًا3. عن حَجّاج بن الشّاعر قال: ما كنت أحبّ أن أُقتل في سبيل الله ولم أُصَلِّ على أحمد بن حنبل. وعنه قال: قبَّلتُ يومًا ما بين عينَيْ أحمد بن حنبل وقلت: يا أبا عبد الله بلغتَ مبلغ سُفيان، ومالِك، ولم أظنّ في نفسي أنّي بقيتْ لي غاية. فبلغَ والله في الإمامة أكثر من مبلغهما. وعن حَجّاج بن الشّاعر قال: ما رأت عيناي روحًا في جسد أفضل من أحمد بن حنبل. وعن محمد بن نصر المَرْوَزِيّ قال: اجتمعتُ بأحمد بن حنبل وسألته عن مسائل، وكان أكثر حديثًا من إسحاق بن راهَوَيْه وأفقه منه. وعن محمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ قال: ما رأيت أجمع في كلّ شيءٍ من أحمد بن حنبل ولا أعقل.   1 تاريخ دمشق "7/ 251". 2 تاريخ دمشق "7/ 252". 3 تقدمة المعرفة "298". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 47 وقال محمد بن مسلم بن وَارَةَ: كان أحمد صاحب فِقه، وصاحب حِفْظ، وصاحب معرفة. وقال أبو عبد الرحمن النَّسائيّ: جمع أحمد بن حنبل المعرفة بالحديث، والفقه، والورع، والزُّهد، والصّبر. وَقَالَ خَطَّابُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْحَكَمِ الْوَرَّاقِ: لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ". رَدَدْنَاهُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ1. وقال أبو داود: كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة، لا يُذكر فيها شيءٌ من أمر الدّنيا. ما رأيته ذكر الدّنيا قطّ2. وقال صالح جَزَرَة: أفقه من أدركت في الحديث أحمد بن حنبل. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ، وذُكِر الشّافعي عنده، فقال: ما استفادَ منّا أكثر ممّا استفدنا منه3. قال عبد الله: كلّ شيء في كتاب الشّافعيّ: أنا الثقة؛ فهو عن أبي. وقال الخلال: ثنا أبو بكر المَرُّوذيّ قال: قدِم رجل من الزّهّاد، فأدخلته على أبي عبد الله، وعليه فرو خَلِقٌ، وخُرَيْقَة على رأسه، وهو حافٍ في بردٍ شديد، فسلَّم وقال: يا أبا عبد الله قد جئت من موضعٍ بعيد، وما أردتُ إلا السّلام عليك، وأريد عَبّادان، وأريد إنْ أنا رجعتُ أن أمرَّ بك وأسلّم عليك. فقال: إن قُدِّر. فقام الرجلُ وأبو عبد الله قاعد. قال المَرُّوذيّ: ما رأيت أحدًا قطّ قام من عند أبي عبد الله حتّى يقوم أبو عبد الله له، إلا هذا الرجل. فقال لي أبو عبد الله: ما ترى ما أشبَهه بالأبدال. أو قال: إنّي لأذكر به الأبدال.   1 راجع تاريخ بغداد "5/ 21"، وتاريخ دمشق "7/ 251". 2 تاريخ دمشق "7/ 252". 3 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 48 فأخرج إليه أبو عبد الله أربعة أَرْغِفة مشطورة بكامِخ وقال: لو كان عندنا شيء لَوَاسيناك. قال الخلال: وأنا المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: ما أكثر الدّاعي لك. قال: أخاف أن يكون هذا استدراجًا بأيّ شيء هذا. وقلت لأبي عبد الله: إنّ رجلا قدم من طَرَسُوس وقال لي: إنّا كنّا في بلاد الروم في الغزو، وإذا هدأ اللَّيْلُ ورفعوا أصواتهم بالدّعاء: ادعوا لأبي عبد الله، وكنّا نمدّ المنجنيق ونرمي عنه. ولقد رُمي عنه الحجر والعِلْج1 على الخصن مُتَتَرس بدَرَقَة، فذهبَ برأسه وبالدَّرَقَة. فَتَغَّير وجهه وقال: ليته لا يكون استدراجًا. فقلتُ: كلا. قال الخلال: وأخبرني أحمد بن حسين قال: سمعتُ رجلا من خُراسان يقول: عندنا أحمد بن حنبل، يرون أنّه لا يُشبه البَشَر، يظنّون أنّه من الملائكة. وقال لي رجل: نظرةٌ عندنا من أحمد تَعْدِل عبادةَ سنة. قال الخلال: وقال المَرُّوذيّ: رأيتُ بعض النّصارى الأطّباء قد خرج من عند أبي عبد الله ومعه راهب، فسمعت الطّبيب يقول: إنّه سألني أن يجيء معي حتى ينظر إلى أبي عبد الله. وقال المَرُّوذيّ: وأدخلت نصرانيًا على أبي عبد الله يعالجه فقال: يا أبا عبد الله إنّي لأشتهي أن أراك منذ ستّين سنة. ما بقاؤك صلاحُ الإسلام وحدهم، بل للخلْق جميعًا، وليس من أصحابنا أحد إلا وقد رضي بك. قال المَرُّوذيّ: فقلت لأبي عبد الله: إنّي لأرجو أن يكون يُدعى لك في جميع الأمصار. فقال: يا أبا بكر، إذا عرف الرجلُ نفسه فما ينفعه كلام النّاس. وقال عبد الله بن أحمد: خرج أبي إلى طرسوس ساشيا، وحجّ حَجَّتين أو ثلاثًا ماشيًا، وكان أصبر الناس على الوحدة.   1 والعِلْجُ: هو كل جافٍ شديد من الرجال "ج" علوج، وأعلاج. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 49 وبِشْر فيما كان فيه لم يكن يصبر على الوحدة، كان يخرج إلى ذا وإلى ذاك1. وقال عبّاس الدُّوريّ: حدَّثني علي بن أبي فَزَارَة جارنا قال: كانت أميّ مُقْعَدَة من نحو عشرين سنة، فقالت لي يومًا: اذهب إلى أحمد بن حنبل، فَسَلْهُ أن يدعو لي. فأتيتُ فدققت عليه وهو في دِهْليزه، فلم يفتح لي وقال: مَن هذا؟ قلت: أنا رجلٌ سألتني أمّي، وهي مُقْعَدَة، أن أسألك أن تدعُوَ الله لها. فسمعتُ كلامَهُ كلام رجل مُغْضَب فقال: نحن أحوج أن تدعُوَ الله لنا. فوَّليْت منصرفًا، فخرجتْ عجوزٌ فقالت: إنّي قد تركته يدعو لها. فجئت إلى بيتنا دققتُ الباب، فخرجت أميّ على رِجْلَيها تمشي وقالت: قد وهبَ الله ليَ العافية2. رواها ثقتان، عن عبّاس. وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يُصلّي في كل يوم وليلة ثلاثمائة رَكْعة، فلمّا مرض من تلك الأسواط أضْعَفَتْه، فكان يصلّي كلّ يومٍ وليلة مائة وخمسين رَكْعة3. وقال عبد الله بن أحمد: ثنا عليّ بن الْجَهْم قال: كان لنا جارٌ فأخرج إلينا كتابًا فقال: أتعرفون هذا الخطّ؟ قلنا: هذا خطّ أحمد بن حنبل، فكيف كتب لك؟ قال: كنا بمكة مقيمين عند سُفْيان بن عُيَيْنَة، ففقدْنا أحمد أيّامًا، ثمّ جِئنا لنسأل عنه، فإذا الباب مردودٌ عليه، وعليه خِلْقان. فقلت: ما خَبَرُك؟ قال: سُرِقت ثيابي. فقلت له: معي دنانير، فإن شئت صِلةً، وإن شئت قَرْضًا. فأبى. فقلت: تكتب لي بأجرة؟ قال: نعم. فأخرجت دينارًا فقال: اشترِ لي ثوبًا واقطعه نصفَين، يعني إزارًا ورداء، وجئني ببقيّة الدينار. ففعلتُ وجئت بورق، فكتب لي هذا4.   1 حلية الأولياء "9/ 183"، وتاريخ دمشق "7/ 258". 2 حلية الأولياء "9/ 186"، وتاريخ دمشق "7/ 259". 3 حلية الأولياء "9/ 179-181". 4 حلية الأولياء "9/ 177". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 50 وبِشْر فيما كان فيه لم يكن يصبر على الوحدة، كان يخرج إلى ذا وإلى ذاك1. وقال عبّاس الدُّوريّ: حدَّثني علي بن أبي فَزَارَة جارنا قال: كانت أميّ مُقْعَدَة من نحو عشرين سنة، فقالت لي يومًا: اذهب إلى أحمد بن حنبل، فَسَلْهُ أن يدعو لي. فأتيتُ فدققت عليه وهو في دِهْليزه، فلم يفتح لي وقال: مَن هذا؟ قلت: أنا رجلٌ سألتني أمّي، وهي مُقْعَدَة، أن أسألك أن تدعُوَ الله لها. فسمعتُ كلامَهُ كلام رجل مُغْضَب فقال: نحن أحوج أن تدعُوَ الله لنا. فوَّليْت منصرفًا، فخرجتْ عجوزٌ فقالت: إنّي قد تركته يدعو لها. فجئت إلى بيتنا دققتُ الباب، فخرجت أميّ على رِجْلَيها تمشي وقالت: قد وهبَ الله ليَ العافية2. رواها ثقتان، عن عبّاس. وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يُصلّي في كل يوم وليلة ثلاثمائة رَكْعة، فلمّا مرض من تلك الأسواط أضْعَفَتْه، فكان يصلّي كلّ يومٍ وليلة مائة وخمسين رَكْعة3. وقال عبد الله بن أحمد: ثنا عليّ بن الْجَهْم قال: كان لنا جارٌ فأخرج إلينا كتابًا فقال: أتعرفون هذا الخطّ؟ قلنا: هذا خطّ أحمد بن حنبل، فكيف كتب لك؟ قال: كنا بمكة مقيمين عند سُفْيان بن عُيَيْنَة، ففقدْنا أحمد أيّامًا، ثمّ جِئنا لنسأل عنه، فإذا الباب مردودٌ عليه، وعليه خِلْقان. فقلت: ما خَبَرُك؟ قال: سُرِقت ثيابي. فقلت له: معي دنانير، فإن شئت صِلةً، وإن شئت قَرْضًا. فأبى. فقلت: تكتب لي بأجرة؟ قال: نعم. فأخرجت دينارًا فقال: اشترِ لي ثوبًا واقطعه نصفَين، يعني إزارًا ورداء، وجئني ببقيّة الدينار. ففعلتُ وجئت بورق، فكتب لي هذا4.   1 حلية الأولياء "9/ 183"، وتاريخ دمشق "7/ 258". 2 حلية الأولياء "9/ 186"، وتاريخ دمشق "7/ 259". 3 حلية الأولياء "9/ 179-181". 4 حلية الأولياء "9/ 177". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 51 حنبل، فدخل رجلٌ فقال: مَن منكم أحمد بن حنبل؟ فسكتنا، فقال أحمد: هأنذا. قال: جئت من أربعمائة فَرْسخ بَرّا وبحرًا. كنت ليلة جمعة نائمًا فأتاني آتٍ، فقال لي: تعرف أحمد بن حنبل؟ قلتُ: لا. قال: فائْتِ بغداد وسَلْ عنه، فإذا رأيته فقل إنّ الخَضِر يقرئُكَ السّلام ويقول: إنّ ساكن السّماء الّذي على عرشه راضٍ عنك، والملائكة راضون عنك بما صبرت نفسك لله. فصل في آدابه: قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يأخذ شعرةٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيضعها على فيه يُقبّلها، وأحسب أنّي رأيته يضعها على عينه ويغمسها في الماء ويشربه يستشفى به. ورأيته قد أخذ قَصْعَة النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فغسّلها في جُبّ الماء، ثمّ شرب فيها. ورأيته يشرب ماء زمزم، يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه1. وقال أحمد بن سعيد الدّارمِيّ: كتب إليِّ أحمد بن حنبل: لأبي جعفر أكرمه الله، من أحمد بن حنبل. وعن سعيد بن يعقوب قال: كتب إليِّ أحمد: من أحمد بن محمد إلى سعيد بن يعقوب، أمّا بعد، فإنّ الّدنيا داء والسّلطان داء، والعالِم طبيب. فإذا رأيتَ الطبيب يجرُ الدّاء إلى نفسه فآحذره، السلام عليك. وقال عُبَيْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْريّ: حدَّثني أبي قال: مضى عمّي أبو إبراهيم أحمد بن سعْد إِلَى أَحْمَد بْن حنبل، فسلَّم عليه. فَلَمَّا رآه وثب قائمًا وأكرمه. قال المَرُّوذِيُّ: قَالَ لِي أَحْمَدُ: مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا إِلَّا وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ، حَتَّى مَرَّ بِي "أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَجَمَ وَأَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ دِينَارًا"2، فَأَعْطَيْتُ الْحَجَّامَ دِينَارًا حِينَ احْتَجَمْتُ. وقال ابن أبي حاتم: ذكر عبد الله بن أبي عمر البكْريّ قال: سمعت عبد الملك الميمونيّ يقول: ما أعلم أنّي رأيت أحدًا أنظف ثوبًا ولا أشد تعاهد لنفسه في شاربه   1 وراجع: حلية الأولياء: 9/ 183، 184". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2102"، ومسلم "1577"، ومالك في موطئه "2/ 974". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 52 وشَعر رأسه وشَعر بَدَنه، ولا أنقى ثوبًا وشدّة بياض من أحمد بن حنبل. وقال الخلال: أخبرني محمد بن الْجُنَيْد أنّ المَرُّوذيّ حدَّثهم قال: كان أبو عبد الله لا يدخل الحمّام. وكان إذا احتاج إلى النَّورة تَنَوّر في البيت1. وأصلحت له غير مرّة النّورة، واشتريت له جلْدًا ليدِهِ يُدْخِل يَدَه فيه ويتنوَّر. وقال حنبل: رأيت أبا عبد الله إذا أراد القيام قال لجُلَسائه: إذا شئتم2. وقال المَرُّوذيّ: رأيت أبا عبد الله قد ألقى لختَّانٍ دِرهَمين في الطّسْت3. وقال موسى بن هارون: سئل أحمد بن حنبل فقيل له: أين نطلب البُدَلاء؟ فسكت حتّى ظننّا أنّه لا يجيب، ثمّ قال: إنْ لم يكن من أصحاب الحديث فلا أدري. وقال المَرُّوذيّ: كان الإمام أحمد إذا ذكر الموت خنقَتْه العبرة. وكان يقول: الخوف يمنعني أكْلَ الطّعام والشّراب. وقال: إذا ذكرتُ الموت هان عليَّ كلُّ شيءٍ من أمرِ الدّنيا. وإنّما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وإنّها أيام قلائل. ما أعدِلُ بالفقر شيئًا. وقال: لو وجدتُ السّبيل لخرجت حتّى لا يكون لي ذِكْر. وقال: أريد أن أكون في بعض تلك الشِّعاب بمكّة، حتى لا أُعْرَف. قد بُليت بالشُّهْرة. إنّي لأتمنّى الموت صباحًا ومساءً. وقال المَرُّوذيّ: ذُكِر لأحمد أنّ رجلا يريد لقاءه، فقال: أليس قد كره بعضُهم اللّقاء. يتزيَّن لي وأتزيَّن له. وقال: لقد استرحت. ما جاءني الفرح إلا منذ حلفت أن لا أُحَدِّث، وليتنا نُتْرَك. الطّريق ما كان عليه بِشْرُ بن الحارث. وقال المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: إنّ فلانًا قال: لم يزهد أبو عبد الله في الدّراهم وحدها، قد زهد في النّاس.   1 راجع سير أعلام النبلاء "9/ 457". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 53 فقال: ومَن أنا حتّى أزهد في النّاس؟ النّاسُ يريدون أن يزهدوا فيَّ. وسمعت أبا عبد الله يكره للرجل أن ينام بعد العصر، يخاف على عقله. وسمعته يقول: لا يفلح مشن تعاطى الكلام، ولا يخلو من أن يتجهَّم. وَسُئِلَ عن القراءة بالألحان فقال: هذه بدعةٌ لا تُسْمع. وكان قد قارب الثمانين، رحمه الله. فصل في قوله في أُصول الدين: قَالَ أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يقول: الإيمان قولٌ وعمل، يزيد وينقص. البر كله من الإيمان، والمعاصي تنقص من الإيمان. وقال إسحاق بن إبراهيم البَغَويّ: سمعتُ أحمد بن حنبل، وَسُئِلَ عمّن يقول: القرآن مخلوق، فقال: كافر. وقال سَلَمَةُ بن شبيب: سمعت أحمد يقول: من قال القرآن مخلوق فهو كافر. وقال أبو إسماعيل التِّرْمِذيّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من قال القرآن مخلوق فهو كافر. وقال إسماعيل بن الحسن السّرّاج: سألت أحمد عمّن يقول: القرآن مخلوق. فقال: كافر. وعمن يقول: لفْظي بالقرآن مخلوق. فقال: جَهْميّ. وقال صالح بن أحمد: تناهى إلى أبي أن طالب يحكي أنه يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق. فأخبرت أبي بذلك، فقال: مَن أخبرك؟ قلت: فلان. فقال: ابعث إلى أبي طالب. فَوَجَّهْتُ إليه، فجاء وجاء فوزان، فقال له أبي: أنا قلت لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ وغضب وجعل يرعد، فقال: قرأت عليك قُلْ هو الله أحد فقلت لي: ليس هذا بمخلوق. فقال: فَلِمَ حكيت عنّي أنّي قلت لك: لفْظي بالقرآن غير مخلوق؟ وبَلَغَني أنّكَ وَضَعْتَ ذلك في كتاب، وكتبتَ به إلى قومٍ. فامْحه، واكتبْ إلى القوم أنّي لم أقُلْه الجزء: 18 ¦ الصفحة: 54 لك. فجعل فَوْزان يعتذر إليه، وانصرف من عنده وهو مرعوب، فعاد أبو طالب، فذكر أنّه قد حَكَّ ذلك من كتابه، وأنّه كتب إلى القوم يخبرهم أنّه وهِمَ على أبي. قلتُ: الَّذي استقرّ عليه قول أبي عبد الله: أنَّ مَن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جَهْميّ، ومَن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فهو مبتدع. وقال أحمد بن زَنْجَوَيْه: سمعت أحمد بن حنبل يقول: اللّفظيّة شرٌّ من الْجَهْميّة1. وقال صالح بن أحمد: سمعت أبي يقول: افترقت الْجَهْميّة على ثلاث فِرَق: فرقة قالوا: القرآن مخلوق. وفرقة قالوا: القرآن كلام الله تعالى، وسكتوا. وفرقة قالوا: لفْظُنا بالقرآن مخلوق. وقال أبي: لا يُصلِّي خلف واقِفيّ، ولا خلْف لفْظيّ. وقال المَرُّوذيّ: أخبرتُ أبا عبد الله أنّ أبا شُعيب السُّوسيّ الذي كان بالرَّقَّة فرَّق بين ابنتهِ وزوجها لما وقف بالقرآن. فقال: أحسَن، عافاه الله. وَجَعَل يدعو له. وقد كان أبو شُعيب شاور النُّفَيْليّ، فأمره أن يفرِّق بينهما. قال المَرُّوذيّ: ولمّا أظهر يعقوب بن شيبة الوقف حذَّر أبو عبد الله عنه، وأمَرَ بهجرانه وهجران من كلّمه. قلت: ولأبي عبد الله في مسألة اللَّفظ نصوصٌ متعددَة. وأولَ مَن أظهر اللّفظ الحسين بن عليّ الكرابيسيّ2، وذلك في سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. وكان الكرابيسيّ من كبار الفقهاء.   1 الجهمية: هم إحدى الفرق الكلامية التي تنسب إلى الإسلام، وهي ذات مفاهيم وآراء عقدية كانت لها آراء خاطئة في مفهوم الإيمان وفي صفات الله تعالى وأسمائه. 2 وراجع ترجمته في الكامل في الضعفاء لابن عدي "2/ 775-777"، وميزان الاعتدال "1/ 544"، والبداية "11/ 2". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 55 وقال المَرُّوذيّ في كتاب "القَصَص": عزم حَسن بن البزّاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب المدلّسين الّذي وضعه الكرابيسيّ يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التَّيْميّ. فمضيتُ إليه في سنة أربعٍ وثلاثينِ فقلت: إنّ كتابك يريدُ قومٌ أن يعرضوه على عبد الله، فأظْهِر أنّك قد ندِمتَ عليه. فقال: إنّ أبا عبد الله رجلٌ صالح، مثله يوفَّق لإصابة الحقّ. قد رضيتُ أن يُعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أنْ أمحوه، فأبيت. فجيء بالكتاب إلى عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلَّموا على مُسْتَبْشَعات من الكتاب، وموضعٍ فيه وضْع على الأعمش، وفيه: إنْ زعمتم أنّ الحَسَن بن صالح كان يرى السّيف فهذا ابن الزُّبَير قد خَرَج. فقال أبو عبد الله: هذا أراد نُصْرة الحَسَن بن صالح، فوضع عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد جمع للرّوافض1 أحاديثَ في هذا الكتاب. فقال أبو نصْر: إنّ فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب. فقال: حذروا عنه. ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسيّ، فبلغني أنّه قال: سمعت حُسَيْنًا الصّايغ يقول: قال الكرابيسيّ: لأقولنَّ مقالة حتّى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفْظي بالقرآن مخلوق. فقلت لأبي عبد الله: إنّ الكرابيسيّ قال: لفْظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضًا: أقول: إنّ القرآن كلام الله غير مخلوق من كلّ الجهات، إلا أنّ لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إنّ لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر. فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتَلَه الله، وأيُّ شيءٍ قالت الْجَهْميّة إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثمّ قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقضَ كلامه إلا خيرُ كلامه الأوّل حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق. ثمّ قال أحمد: ما كان الله لَيدَعَه وهو يقصد إلى التّابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلَّم فيهم. ماتَ بشر المَرِيسيّ، وخَلفَه حُسين الكرابيسي.   1 الروافض: فرقة من الشيعة تجيز الطعن في الصحابة. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 56 ثم قال: أيش خبر أبي ثَوْر؟ وافقَه على هذا؟ قلت: قد هجره. قال: قد أحسن. قلت: إنّي سألت أبا ثَوْر عمن قال: لفْظي بالقرآن مخلوق، فقال: مبتدع. فغضبَ أبو عبد الله وقال: أيْش مبتدِع؟! هذا كلام جَهْمٍ بعينه. ليس يُفْلح أصحاب الكلام. وقال عبد الله بن حنبل: سُئِل أبي وأنا أسمع عن اللّفظيّة والواقفة فقال: من كان منهم يُحسن الكلام فهو جَهْميّ. وقال الحَكَم بن مَعْبَد: حدَّثني أحمد أبو عبد الله الدّوْرقيّ قال: قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول في هؤلاء الذين يقولون: لفْظي بالقرآن مخلوق؟. فرأيته استوى واجتمع وقال: هذا شرّ من قول الْجَهْميّة. مَن زعم هذا فقد زعم أنّ جبريل تكلَّم بمخلوق، وجاء إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمخلوق. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الأَسَدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا طَالِبٍ أَحْمَدَ بْنَ حُمَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَدْ جَاءَتْ جَهْمِيَّةٌ رَابِعَةٌ. فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: قَالَ إِنْسَانٌ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ فِي صَدْرِهِ الْقُرْآنَ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ فِي صَدْرِهِ مِنَ الإِلَهِيَّةِ شيء. فقال: من قال هذا فقد قَالَ مِثْلَ قَوْلِ النَّصَارَى فِي عِيسَى أَنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ فِيهِ. مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِ هَذَا قَطُّ. قُلْتُ: أَهَذِهِ الْجَهْمِيَّةُ. قَالَ: أَكْبَرُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُنْزَعُ الْقُرْآنُ مِنْ صُدُورِكُمْ". قلتُ: الملفوظ كلام الله، وهو غير مخلوق، والتّلفُّظ مخلوق لأنّ التُّلفُّظ من كسْب القارئ، وهو الحركة، والصّوت، وإخراج الحروف، فإنّ ذلك ممّا أحدثه القارئ، ولم يُحْدِث حروف القرآن ولا معانيه، وإنّما أحدث نُطْقُهُ به. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 57 فاللّفظ قَدر مشتَرك بين هذا وهذا، ولذلك لم يجوّز الإمام أحمد: لفْظي بالقرآن مخلوق ولا غير مخلوق؛ إذ كلّ واحدٍ من الإطلاقيْن مُوهِمٌ. والله أعلم. وقال أبو بكر الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مَطَر، وزكريّا بن أبي يحيى، أنّ أبا طالب حدَّثهم أنّه قال لأبي عبد الله: جاءني كتاب من طرسوس أنّ سَرِيّا السَّقَطيّ قال: لمّا خلق الله الحروف سَجَدَتْ إلا الألِف فإنّه قال: لا أسجد حتّى أُومر. فقال: هذا كُفْر. فرحم الله الإمام أحمد ما عنده في الدّين محاباة. قال الخلال: أنبأ محمد بن هارون أنّ إسحاق بن إبراهيم حدَّثهم قال: حضرت رجلا سأل أبا عبد الله فقال: يا أبا عبد الله إجماع المسلمين على الإيمان بالقَدَر خيره وشرّه؟ قال أبو عبد الله: نعم. قال: ولا نكفّر أحدًا بذنب؟ فقال أبو عبد الله: أسكُتْ، من ترك الصّلاة فقد كفَر، ومَن قَالَ: القرآن مخلوق فهو كافر. وَقَالَ الْخَلالُ: أَخْبَرَنِي محمد بْنُ سُلَيْمَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ الْعَطَّارُ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: أُصُولُ السنة عِنْدَنَا التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَتَرْكُ الْبِدَعِ وَتَرْكُ الْخُصُومَاتِ، وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ، وَتَرْكُ الْمِرَاءَ وَالْجَدَلِ. وَلَيْسَ فِي السنة قِيَاسٌ، وَلا يُضْرَبُ لَهَا الأَمْثَالُ، وَلا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ، وَالْقُرْآَنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإِنَّهُ مِنَ اللَّهِ لَيْسَ بِبَائِنٍ مِنْهُ. وَإِيَّاكَ وَمُنَاظَرَةَ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ، وَمَنْ قَالَ بِاللَّفْظِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ وَقَفَ فِيهِ فَقَالَ: لا أَدْرِي، مَخْلُوقٌ أَوْ لَيْسَ مَخْلُوقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلامُ اللَّهِ؛ فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ. وَالإِيمَانُ بِالرُّؤْيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَبَّهُ1؛ فَإِنَّهُ مَأْثُورٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ قَتَادَةُ وَالْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالْحَدِيثُ عِنْدَنَا عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْكَلامُ فِيهِ بِدْعَةٌ. وَلَكِنْ نُؤَمِّنُ عَلَى مَا جَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَإِنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُ الْعِبَادَ يوم القيامة، ليس بينهم وبينه ترجمان2.   1 رواه مسلم بنحوه "176". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6539"، وأحمد في مسنده "4/ 256-377"، والترمذي "2529"، وابن ماجه "185"، "1843"، وابن أبي عاصم "1/ 269"، والطبراني في الكبير "17/ 82، 83" وغيره. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 58 قال حنبل بن إسحاق: قلت لأبي عبد الله: ما معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} ، و {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] . قال: عِلمُه عِلمُه. وسمعته يقول: ربُّنا تبارك وتعالى على العرش بلا حَدٍّ ولا صفة. قلت: معنى قوله بلا صفة أي بلا كيفيّة ولا وصْف. وقال أبو بكر المَرُّوذيّ: حدَّثني محمد بن إبراهيم القيسيّ قال: قلت لأحمد بن حنبل: يُحكى عن ابن المبارك أنّه قيل له: كيف نعرف ربَّنا؟ قال: في السّماء السّابعة على عرشه. قال أحمد: هكذا هو عندنا. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: من زعم أن أسماء الله مخلوقة فقد كفر. وقال عبد الله بن أحمد في كتاب الرّدّ على الْجَهْميّة تأليفه: سألت أبي عن قومٍ يقولون: لمّا كلَّم الله موسى لم يتكلَّم بصوت. فقال أبي: بلى تكلَّم -جلَّ ثناؤه- بصوت. هذه الأحاديث ترويها كما جاءت. وقال أبي: حديث ابن مسعود: إذا تكلَّم الله سُمِع له صوت كمرِّ السلسلة على الصفوان. قال: هذه الْجَهْميَّة تنكره، وهؤلاء كُفّار يريدون أن يموّهوا على النّاس. ثُمَّ قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ: عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ صوته أهل السماء فيخرن سُجَّدًا. وقال عبد الله. وجدت بخطّ أبي ممّا يُحْتَجّ به على الْجَهْميّة من القرآن: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ} ، {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} [يس: 82] ، {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ} [آل عمران: 45] ، {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام: 115] ، {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا الجزء: 18 ¦ الصفحة: 59 اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النمل: 9] ، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] ، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] ، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] ، {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 38] ، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] ، {يَا مُوسَى، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [طه: 11] ، {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] ، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] . قلت: وذكر آيات كثيرة في الصّفات، أنا تركت كتابتها هنا. وقال يعقوب بن إسحاق المطّوّعيّ: سمعت أحمد بن حنبل، وَسُئِلَ عن التفضيل فقال: على حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أبو بكر، وعمر، وعثمان. وقال صالح بن أحمد: سُئِل أبي، وأنا شاهد، عمّن يُقَدّم عليًا على عثمان يبدع؟ فقال: هذا أهل أن يبع. أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدَّموا عثمان. وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لِأَبِي: مَنْ الرافضيّ؟ قال: الّذي يشتم رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو يتعرَّض لهم ما أراه على الإسلام. وقال أبو بكر المَرُّوذيّ: قيل لأبي عبد الله ونحن بالعسكر، وقد جاء بعض رسُل الخليفة فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيما كان بين عليّ ومعاوية؟ قال: ما أقول فيهم إلا الحُسنَى. وكلام الإمام أحمد كثير طيّب في أصول الدّين، لا يتّسع هذا الباب لسياقِهِ قد جمعه الخلال في مصَّنفٍ سماه كتاب السنة عن أحمد بن حنبل في ثلاث مجلَّدات، فممّا فيه: أنبا المَرُّوذيّ: سمعتُ أبا عبد الله يقول: مَن تعاطى الكلام لا يُفْلح، من تعاطى الكلام لم يَخْلُ من أن يتجهَّم. وسمعتُ أبا عبد الله يقول: لست أتكلَّم إلا ما كان من كتاب أو سنة، أو عن الصّحابة والتّابعين. وأمّا غير ذلك فالكلام فيه غير محمود. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَن أحبّ الكلام لم يفلح، لا يؤول أمرُهم إلى خير. وسمعته يقول: عليكم بالسنة والحديث وإيّاكم والخوض والجدال والمِراء، فإنّه لا يُفْلح من أحبّ الكلام. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 60 وقال لي: لا تجالِسْهم، ولا تكلّم أحدًا منهم. ثم قال: أدركنا الناس وما يعرفون هذا، ويجانبون أهلَ الكلام. وسمعته يقول: ما رأيتُ أحدًا طلب الكلام واشتهاه فأفلح لأنه يخرجه إلى أمر عظيم. لقد تكلّموا يومئذٍ بكلام، واحْتَجّوا بشيءٍ ما يَقْوَى قلبي ولا ينطلق لساني أنْ أحكيه. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ثنا أبو الحارث: سمعت أبا عبد الله يقول: قال أيّوب: إذا تمرّق أحدكم لم يَعد. وقال الخلال: أنا أحمد بن أصرم المُزَنيّ قال: حضرتُ أحمد بن حنبل قال له العبّاس الهَمْدانيّ: إنّي رُبّما رَدَدْت عليهم. قال أحمد: لا ينبغي الجدال. ودخل أحمد المسجد وصلّى، فلمّا انفتل قال: أنت عبّاس؟ قال: نعم. قال: اتقِ الله، ولا ينبغي أن تَنْصب نفسك، وتشتهر بالكلام ولا بوضْع الكُتُب. لو كان هذا خيرًا لتقدَّمنا فيه الصّحابة. لم أرَ شيئًا من هذه في الكُتُب، وهذه كلّها بدعة. قال: مقبولٌ منك يا أبا عبد الله، استغفر الله وأتوبُ إليه، إنّي لست أطلبهم، ولا أدُقُّ أبوابهم؛ لكنْ أسمعهم يتكلّمون بالكلام، وليس أحدٌ يردّ عليهم فأَغْتَمّ، ولا أصبر حتّى أرُدّ عليهم. قال: إن جاءك مسترشدٌ فأرشِدْه. قالها مِرارًا. قال الخلال: أنا محمد بن هارون، ومحمد بن جعفر، أنّ أبا الحارث حدَّثهم قال: سألت أبا عبد الله قلت: إنّ ههُنا مَن يُناظر الْجَهْميَّة يبين خطأهم، ويُدقّق عليهم المسائل، فما ترى؟ قال: لستُ أرى الكلام في شيء من هذه الأهواء، ولا أرى لأحد أن يُنَاظرهم. أليس قال معاوية بن قُرَّةَ: الخصومات تحبط الأعمال. والكلام رديء لا يدعو إلى خير. تجنَّبوا أهل الجدال والكلام، وعليك بالسُّنَن، وما كان عليه أهل العلم قبلكم، فإنّهم كانوا يكرهون الكلام والخوض مع أهل البِدَع. وإنّما السّلامة في تَرْك هذا. لم نؤمر بالجدال والخصومات. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 61 وقال: إذا رأيتم من يحبّ الكلام فاحْذروه. قال ابن أبي داود: ثنا موسى بن عمران الأصبهانيّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تجالس أصحاب الكلام، وإنْ ذَبُّوا عن السنة. وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: ما زال الكلام عند أهل الخير مذمومًا. قلت: ذمّ الكلام وتعلّمه قد جاء من طُرُقٍ كثيرة عن الإمام أحمد، وغيره. فصل في سيرته: قال الخلال: قلت لزُهَير بن صالح بن أحمد: هل رأيت جدّك؟ قال: نعم، مات وقد دخلت في عشر سنْين. كنّا ندخل إليه كلّ يوم جمعة أنا وإخواتي، وكان بيننا وبينه باب. وكان يكتب لكلّ واحدٍ منا حبَّتين حبَّتين من فِضّةٍ في رقْعة إلى فاميّ1 يعامله، فنأخذ منه الحبَّتين، وتأخذ الأخَوات. وكان ربّما مررت به وهو قاعد في الشّمس، وظهره مكشوف، وأثر الضَّرْب بَيِّنٌ في ظهره. وكان لي أخٌ أصغر منّي اسمه عليّ، فأراد أبي أن يختنه، فاتّخذ له طعامًا كثيرًا، ودعا قومًا، فلمّا أراد أن يختنه وجّه إليه جدّي فقال له: بَلَغَني ما أحدَثْته لهذا الأمر، وقد بلغني أنّك أسرفتُ، فابدأ بالفقراء والضُّعفاء فأطْعمْهم. فلمّا كان من الغد، وحضر الحَجّام2، وحضر أهلنا، فجاء جدّي حتّى جلس في الموضع الّذي فيه الصّبيّ، وأخرج صُرَيْرَة دفعها إلى الحَجّام، وصُرَيْرةً دفعها إلى الصبّيّ، وقام فدخل منزله. فنظر الحَجّام في الصُّرَيْرة فإذا درهم واحدٌ. وكنّا قد رفعنا كثيرًا مما افْتُرِش، وكان الصبّيّ على مَصْطَبَة مرتفعة على شيء من الثّياب الملوّنة، فلم يُنْكِر ذلك. وقدِم علينا من خُراسان ابن خالة جدّي، فنزل على أبي، وكان يُكنَّى بأبي أحمد، فدخلت معه إلى جدّي، فجاءت الجارية بطبق خلاف، وعليه خبز وبقل وخل   1 الفامي: هو الصائغ. 2 الحجام: وهو الذي يقوم بعمل الحجامة، والحجامة: هي امتصاص الدم بالمحجم بعد تشريط الجلد. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 62 وملْح. ثم جَاءت بغضارة فوضعتها بين أيدينا، فيها مَصلية، فيها لحم وسَلْق كثير، فجعلنا نأكل وهو يأكل معنا، ويسأل أبا أحمد عمّن بقي من أهلهم بخُراسان في خلال ما يأكل، فربّما استعجم الشّيء على أبي أحمد، فيكلّمه جدّي بالفارسيّة، ويضع القطعة اللّحم بين يديه وبين يديّ. ثمّ رفع الغِضارة1 بيده، فوضعها ناحيةً، ثمّ أخذ طَبَقًا إلى جنْبه، فوضعَه بين أيدينا، فإذا تمرٌ برّيّ، وجوز مُكَسَّر. وجعل يأكل، وفي خلال ذلك يناول أبا أحمد. وقال عبد الملك الميمونيّ: كثيرا ما كنت أسأل أبا عبد الله عن الشّيء فيقول: لبَّيْك لبَّيْك. وعن المَرُّوذيّ قال: لم أر الفقير في مجلس أعزَّ منه في مجلس أبي عبد الله. كان مائلا اليهم، مُقْصِرًا عن أهل الدّنيا. وكان فيه حلمٌ، ولم يكن بالعَجُول. وكان كثير التّواضع، تَعْلوه السّكينة والوَقار. إذا جلس في مجلس بعد العصر لا يتكلّم حتى يُسأل. وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدّر. يقعد حيث انتهى به المجلس. وقال الطِّبَرانيّ: ثنا موسى بن هارون: سمعت إسحاق بن راهَوَيْه يقول: لمّا خرج أحمد بن حنبل إلى عبد الرّزّاق انقطعت به النَّفَقَة، فأكرى نفسه من جمّالين إلى أن جاء صنعاء، وعرض عليه أصحابه المواساة، فلم يقبل. قال الفقيه عليّ بن محمد بن عمر الرّازّي: سمعتُ أبا عمر غلام ثعلب: سمعتُ أَبَا القاسم بْن بشّار الأنْماطيّ: سَمِعْتُ المُزَنيّ: سمعت الشّافعيّ يقول: رأيت ببغداد ثلاث أُعجوبات: رأيت فيها نَبَطيّا يتنحّى عليَّ حتّى كأنّه عربيّ. ورأيت أعرابيًّا يَلْحن حتّى كأنه نَبَطيّ، ورأيت شابّا وخَطَه الشَّيْب، فإذا قال: حدَّثنا. قال النّاس كلُّهم: صَدَق. قال المُزَنيّ: فسألته، فقال: الأول الزَّعْفرانيّ والثّاني أبو ثَوْر الكلبيّ وكان لحّانًا، وأمّا الشّابّ فأحمد بن حنبل. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: رأيت أبي حرّج على النَّمل أن يخرج النّمْل من داره. ثم رأيت النَّمْل قد خرجن بعد ذلك نَمْلا سودًا، فلم أرهم بعد ذلك.   1 الغضارة: غضارة العيش: السعة والنعمة. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 63 رواها أحمد بن محمد اللُّنْبانيّ، عنه. قال أبو الفَرَج بن الْجَوزيّ: لما وقع الغَرَق سنة أربع وخمسين وخمسمائة، غرقت كتبي، وسلِم لي مجلد، فيه ورقتان بخط الإمام أحمد. ومن نهي أبي عبد الله عن الكلام، قال المَرُّوذيّ: أُخْبِرت قبل موت أبي عبد الله بسنتين أن رجلا كتب كتابًا إلى أبي عبد الله يشاوره في أن يضع كتابًا يشرح فيه الرّدّ على أهل البِدَع، فكتب إليه أبو عبد الله. قال الخلال: وأخبرني عليّ بن عيسى أنّ حنبلا حدّثهم قال: كتب رجل إلى أبي عبد الله. قال: وأخبرني محمد بن عليّ الورّاق ثنا صالح بن أحمد قال: كتب رجلٌ إلى أبي يسأله عن مناظرة أهل الكلام والْجُلُوس معهم، فأملى عليّ أبي جواب كتابه: أحسنَ الله عاقبتك، الّذي كنّا نسمع عليه من أدركنا أنّهم كانوا يكرهون الكلام والْجُلُوس مع أهل الزَّيْغ، وإنّما الأمر في التّسليم والانتهاء إلى ما في كتاب الله، لا تَعْدُ ذلك. ولم يزل النّاس يكرهون كلّ مُحْدَث، من وضْعِ كتابٍ، وجلوسٍ مع مبتدع، ليُورد عليه بعض ما يُلْبس عليه في دينه. وقال المَرُّوذيّ: بَلَغَني أنّ أبا عبد الله أنكر علي وليد الكرابيسيّ مناظرته لأهلِ البِدَعِ. وقال المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: قد جاءوا بكلام فلان ليُعْرَض عليك. وأعطيته الرقعة، فكان فيها: والإيمان يزيد وينقص فهو مخلوق، وإنّما قلت إنّه مخلوق على الحركة والفعل لا على القول، فمن قال: الإيمان مخلوق، وأراد القول، فهو كافر. فلمّا قرأها أحمد وانتهى إلى قوله: الحركة والفعل، غضب، فرمى بها وقال: هذا مثل قول الكرابيسيّ1؛ وإنّما أراد الحركات مخلوقة، إذا قال الإيمان مخلوق، وأي شيء بقي؟ يُفلح أصحابُ الكلام. قلت: إنّما حطّ عليه أحمد بن حنبل لكونه خاض وأفتى وقسَّم، وفي هذا عبرة وزاجر، والله أعلم. فقد زجر الإمام أحمد كما ترى في قصّة الرقعة التي في الإيمان،   1 تقدمت مصادر ترجمته قريبا. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 64 وهي والله بحثٌ صحيح، وتقسيمٌ مليح. وبعد هذا فقد ذَمّ من أطلق الخَلْق على الإيمان، باعتبار قول العبد لا باعتبار مَقُوله؛ لأنّ ذلك نوعٌ من الكلام، وهو كان يذمّ الكلام وأهله، وإنْ أصابوا، ونهى عن تدقيق النَّظر في أسماء الله وصفاته، مع أن محمد بن نصر المروزي قد سمع إسحاق بن رَاهوَيْه يقول: خلق الله الإيمان والكفر، والخيرَ والشّرّ. فصل في زوجاته وأولاده: قال زهير بن صالح بن أحمد: تزوّج جدي بأمّ أبي عبّاسة بنت الفضل من العرب من الرَّبَض، لم يولد له منها غير أبي. ثمّ ماتت. قال المَرُّوذيّ: سمعتُ أبا عبد الله يقول: أقامت معي أمّ صالح ثلاثين سنة، فما اختلفتُ أنا وهي في كلمة. وقال زهير: لمّا ماتت عبّاسة تزوّج جدّي بعدها امرأة من العرب، يقال لها رَيْحانة، فولدت له عبد الله وحده. وقال أبو بكر الخلال: ثنا أحمد بن محمد بن خلف البراثيّ: أخبرني أحمد بن عَبْثَر قال: لمّا ماتت أمّ صالح قال أحمد لامرأة عندهم: اذهبي إلى فلانة ابنة عمّي فاخطبيها لي من نفسها. قالت: فأتيتها فأجابته. فلما رَجَعَتْ إليه قال: كانت أختها تسمع كلامك؟ قال: وكانت بعينٍ واحدة. فقالت له: نعم. قال: فاذهبي فاخطبي تلك التي بعينٍ واحدة. فأتتها فأجابته. وهي أم عبد الله ابنه. فأقام معها سبْعًا ثم قالت له: كيف رأيت يابن عمّي؟ أنكرت شيئًا؟ قال: لا، إلا أَنَّ نَعْلِك هذه تصرّ. فيما تقدّم وهْم من أحمد، رحمه الله، تزوّج بهذه بعد موت أم صالح، وذلك لا يستقيم؛ لأنّ عبد الله وُلد لأحمد، ولأحمد خمسون سنة غير أشهرُ، وكان صالح أكبر من عبد الله بسنوات؛ لأنّه سمع من عفّان، وأبي الوليد. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 65 وذكر أبو يعقوب الهَرَويّ، وغيره أنّ صالحًا ولد سنة ثلاثٍ ومائتين، ولأبيه إذ ذاك تسعٌ وثلاثون سنة. فصالح أكبر من عبد الله بعشر سِنين والله أعلم. وقال الخلال: حدَّثني محمد بن العبّاس: نا محمد بن عليّ: حدَّثني أبو بكر بن يحيى قال: قال أبو يوسف بن بْختان: لمّا أمرنا عبد الله أن نشتري له الجارية مضيت أنا وفوزان، فتبِعني أبو عبد الله فقال لي: يا أبا يوسف، ويكون لها لحم. قال زُهير بن صالح: لمّا تُوَفّيت أمّ عبد الله اشترى حُسْن، فولدت منه زينب، ثم الحسن، والحسين توءما، وماتا بالقُرب من ولادتها، ثمّ ولدت الحسن، محمدا، فعاش، ثمّ حَتَّى صارا من السّنّ إلى نحوٍ من الأربعين سنة. ثمّ ولدت بعدهما سعيدًا. قال الخلال: وثنا محمد بن عليّ بن يحيى: سمعت حُسْن، أمّ ولد أبي عبد الله تقول: قلت لمولاي: يا مولاي اصرفْ. فَرْدَ خلْخالي. قال: وتَطيب نفسك؟ قلت: نعم. قال: الحمد لله الذي وفَّقك لهذا. قالت: فأعطيته أبا الحسن بن صالح، فباعه بثمانية دنانير ونصف، وفرَّقها وقت حَمْلي. فلما ولدتُ حَسَنًا أعطى مولاتي كرّامة درهمًا، وهي امرأة كبيرة كانت تخدمهم، وقال لها: اذهبي إلى شجاع القصّاب يشتري لك بهذا رأسًا. فاشتري لنا رأسا، وجاءت به، فأكلنا. فقال لي: يا حُسْن، ما أملك غير هذا الدِّرهم، وما لكِ عندي غير هذا اليوم. قالت: وكان إذا لم يكن عند مولاي شيء فرحَ يومَه ذلك. فدخل يومًا فقال لي: أريد أن أحتجم اليوم وليس معي شيء. فجئتُ إلى جَرّة لي فيها غزْل، فبعته بأربعة دراهم، فاشتريت لحمًا بنصف درهم، وأعطى الحجّام درهمًا، واشتريت طِيبًا بِدِرهم. ولمّا خرج إلى سُرّ مَنْ رأى كنتُ قد غزلت غزْلا ليّنًا، وعملت ثوبًا حسنًا، فلمّا قدِم أخرجته إليه، قال: ما أريده. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 66 فدفعته إلى فَوْزان، فباعه باثنتين وأربعين درهمًا، واشتريت منه قطنًا، فغزلته ثوبًا كبيرًا، فلمّا أعلمته قال: لا تقطعيه دعيه. فكان كَفَنه كفن فيه. وأخرجت الغليظ فقطعته. وعن أحمد بن جعفر بن المنادى أنّ أبا عبد الله اشترى جاريةً بثمنٍ يسير، سمّاها رَيْحانة ليتسرّى بها. لم يُتَابع ابن المنادي على هذا. قال حنبل: وُلد سعيد قبل موت أحمد بنحوٍ من خمسين يومًا. وقال بعض النّاس: ولي سعيد قضاء الكوفة، ومات سنة ثلاث وثلاثمائة. وهذا لا يصحّ. فإنّ سعيدًا ولد قبل موت أبيه، ومات قبل موت أخيه عبد الله بدهْر. لأنّ إبراهيم الحربيّ عَزّى عبد الله بأخيه سعيد. وأمّا الحسن، ومحمد. قال ابن الْجَوْزيّ: فلا نعرف من أخبارهما شيئًا. وأمّا زينب فكبرت وتزَّوجت. وله بنت اسمها فاطمة، إن صحّ ذلك. ذِكْرُ المِحْنَة: ما زال المسلمون على قانون السَّلَف من أنّ القرآن كلام الله تعالى ووحْيه وتنزيله غير مخلوق، حَتَّى نبغت المعتزلة والْجَهْميّة، فقالوا بخلق القرآن، متستّرين بذلك في دولة الرشيد. فروى أحمد بن إبراهيم الدَّورقيّ، عن محمد بن نوح، أنّ هارون الرشيد قال: بَلَغَني أنّ بِشْر بن غياث يقول: القرآن مخلوق. لله عليَّ إنْ أظفرني به لأقتلنّه. قال الدَّورقيّ: وكان بِشْر مُتَواريًا أيّام الرشيد، فلمّا مات ظهر بِشْر ودعى إلى الضَّلالَةِ. قلت: ثمّ إن المأمون نظر في الكلام، وباحث المعتزلة، وبقي يقدِّم رِجْلا ويؤخِّر أخرى في دعاء النَّاس إلى القول بخلق القرآن، إلى أنُ قوي عزمه على ذلك في السنة التي مات فيها، كما سُقْناه. قال صالح بن أحمد بن حنبل: حُمِل أبي، ومحمد بن نوح مقَّيدين، فصرنا معهما إلى الأنبار، فسأل أبو بكر الأحوال أبي فقال: يا أبا عبد الله، إن عُرِضت على السيف تجيب؟. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 67 قال: لا. ثمّ سُيِّرا، فسمعت أبي يقول: صرنا إلى الرّحْبَة ودخلنا فيها، وذلك في جوف اللّيل، فعَرَض لنا رجلٌ فقال: أيّكم أحمد بن حنبل؟ فقيل له: هذا. فقال للجمّال: على رسْلك. ثمّ قال: يا هذا، ما عليك أن تُقتل ههُنا وتدخل الجنّة. ثم قال: أسْتَوْدعُك الله، ومضى. قال أبي: فسألت عنه، فقيل: هذا رجل من العرب من ربيعة يعمل الشِّعْر في البادية، يقال له جابر بن عامر، يُذكر بخير. وروى أحمد بن أبي الحواري: ثنا إبراهيم بن عبد الله قال: قال أحمد بن حنبل: ما سمعتُ كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابيّ كلَّمني بها في رَحْبة طَوْق، قال: يا أحمد، إن يَقْتُلُكَ الحقُّ مُتَّ شَهِيدًا، وإن عشْت عشت حميدًا. فقوي قلبي. قال صالح بن أحمد: قال أبي: صرنا إلى أذنة، ورحلنا منها في جوف الليل، وفتح لنا بابها، فإذا رجل قد دخل فقال: البشرى، قد مات الرجل، يعني المأمون. قال أبي: وكنت أدعو الله أن لا أراه. وقال محمد بن إبراهيم البُوَشْنجيّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: تبيّنت الإجابة في دعوتين: دعوتُ الله أن لا يجمع بيني وبين المأمون، ودعوته أن لا أرى المتوكّل. فلم أر المأمون ومات بالبَذَنْدُون1 وهو نهر الرّوم، وأحمد محبوس بالرَّقَة حتى بويع المعتصم بالروم، ورجَع فردَّ أحمد إلى بغداد. وأمّا المتوكّل فإنّه لمّا أحضر أحمد دار الخلافة ليحدِّث ولده، قَعَد لَهُ المتوكّل في خَوْخةٍ2 حَتَّى نظر إلى أحمد، ولم يره أحمد. قال صالح: لما صدر أبي ومحمد بن نوح إلى طرسوس رُدّا في أقيادهما، فلمّا صارا إلى الرّقّة حُملا في سفينة، فلمّا وصلا إلى عانات تُوَفّي محمد، فأطلق عنه قيده، وصلى عليه أبي.   1 البذندون: هي قرية بينها وبين طرسوس يوم من بلاد الثغر: "معجم البلدان 1/ 361، 362". 2 الخوخة: كوة في البيت تُؤدي إليه الضوء. وباب صغير وسط باب كبير نُصب حاجزا بين دارين. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 68 وقال حنبل: قال أبو عبد الله: ما رأيتُ أحدًا على حداثة سِنّهِ وقدر عِلْمه أَقْوَم بأمر الله من محمد بن نوح. وإنّي لأرجو أن يكون قد خُتِم له بخير. قال لي ذات يوم: يا أبا عبد الله، الله، الله، إنّك لستَ مثلي، أنت رجل يُقْتَدى بك، قد مَدَّ الخلْق أعناقهم إليك لما يكون منك. فاتَّقِ الله واثْبت لأمرِ الله. أو نحو هذا. فمات وصلَّيت عليه ودفنته. أظنّه قال: بعانة. قال صالح: وصار أبي إلى بغداد مقيَّدًا، فمكث بالياسريّة أيّامًا، ثمّ حُبِس في دارٍ اكْتُرِيَتْ عند دار عُمارة. ثمّ نُقِل بعد ذلك إلى حبْس العامّة في درب المَوْصِليّة، فقال أبي: كنتُ أصلّي بأهل السّجن وأنا مقيّد. فلمّا كان في رمضان سنة تسع عشرة1 حُوِّلْتُ إلى دار إسحاق بن إبراهيم. وأمّا حنبل بن إسحاق فقال: حُبس أبو عبد الله في دار عُمارة ببغداد في إسطبلٍ لمحمد بن إبراهيم أخي إسحاق بن إبراهيم، وكان في حبْسٍ ضيّق؛ ومرِض في رمضان، فحُبِس في ذلك الحبْس قليلا، ثم حُوِّل إلى سجن العامّة، فمكث في السّجن نحوًا من ثلاثين شهرًا، فكنّا نأتيه. وقرأ عليَّ كتاب الإرجاء وغيره في الحبْس، فرأيته يصلّي بأهل الحبْس وعليه القيد، فكان يُخْرج رِجْله من حلقة القيد وقت الصّلاة والنّوم. رَجَعْنَا إِلَى مَا حَكَاهُ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا حُوِّلَ إِلَى دَارِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَكَانَ يُوجَّهُ إِلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ بِرَجُلَيْنِ، أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ رَبَاحٍ، وَالْآخَرُ أَبُو شُعَيْبٍ الْحَجَّامُ، فَلَا يَزَالانِ يُنَاظِرَانِي حَتَّى إِذَا أَرَادَا الانْصِرَافَ دُعِيَ بِقَيدٍ، فَزِيدَ فِي قُيُودِي. قَالَ: فَصَارَ فِي رِجْلِهِ أَرْبَعَةُ أَقْيَادٍ. قَالَ أَبِي: فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ دَخَلَ عَلَيَّ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَنَاظَرَنِي، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي عِلْمِ اللَّهِ؟ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ. فَقُلْتُ لَهُ: كَفَرْتَ. فَقَالَ الرَّسُولُ الَّذِي كَانَ يَحْضُرُ مِنْ قِبَلِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّ هذا رسول أمير المؤمنين.   1 راجع: حلية الأولياء "9/ 197". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 69 فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هَذَا قَدْ كَفَرَ. فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ وَجَّهَ، يَعْنِي الْمُعْتَصَمِ، بِبُغَا الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَبِيرُ، إِلَى إِسْحَاقَ، فَأَمَرَهُ بِحَمْلِي إِلَيْهِ. فَأَدُخِلْتُ عَلَى إِسْحَاقَ فَقَالَ: يَا أَحَمْدُ، إِنَّهَا وَاللَّهِ نَفْسُكَ، إِنَّهُ لَا يَقْتُلُكَ بِالسَّيْفِ. إِنَّهُ قَدْ آلَى بِأَنْ لَمْ تُجِبْهُ أَنْ يَضْرِبَكَ ضَرْبًا بَعْدَ ضَرْبٍ، وَأَنْ يَقْتُلَكَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُرَى فِيهِ شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ1. أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] . أَفَيَكُونُ مَجْعُولًا إِلَّا مَخْلُوقًا؟ فَقُلْتُ: قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] أَفَخَلَقَهُمْ؟ قَالَ: فَسَكَتَ فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِبَابِ الْبُسْتَانِ أُخْرِجْتُ وَجِيءَ بِدَابَّةٍ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهَا وَعَلَيَّ الْأَقْيَادُ، مَا مَعِي أَحَدٌ يُمْسِكُنِي. فَكِدْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ أَخِرَّ عَلَى وَجْهِي لِثِقَلِ الْقُيُودِ. فَجِيءَ بِي إِلَى دَارِ الْمُعْتَصِمِ، فَأُدْخِلْتُ حُجْرَةً، وَأُدْخِلْتُ إِلَى الْبَيْتِ، وَأُقْفِلَ الْبَابُ عَلَيَّ، وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ سِرَاجٌ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَمَسَّحَ لِلصَّلَاةِ، فَمَدَدْتُ يَدَيَّ، فَإِذَا أَنَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٌ مَوْضُوعٌ، فَتَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخْرَجْتُ تَكَّتِي مِنْ سَرَاوِيلِي، وَشَدَدْتُ بِهَا الْأَقْيَادَ أَحْمِلُهَا، وَعَطَفْتُ سَرَاوِيلِي. فَجَاءَ رَسُولُ الْمُعْتَصَمِ فَقَالَ: أَجِبْ. فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَدْخَلَنِي عَلَيْهِ، وَالتَّكَّةُ فِي يَدِي أَحْمِلُ بِهَا الْأَقْيَادَ. وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَابْنُ أَبِي دُؤَادٍ حَاضِرٌ، وَقَدْ جَمَعَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِي، يَعْنِي الْمُعْتَصِمَ: ادْنُهُ، ادْنُهُ. فَلَمْ يَزَلْ يُدْنِينِي حَتَّى قَرُبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ وَقَدْ أَثْقَلَتْنِي الْأَقْيَادُ، فَمَكَثْتُ قَلِيلًا ثُمَّ قُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ؟ فَقَالَ: تَكَلَّمْ. فَقُلْتُ: إِلَى مَا دَعَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ فَسَكَتَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَالَ: إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقُلْتُ: فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ جَدَّكَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَأَلُوهُ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الإيمان؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم.   1 في حلية الأولياء "9/ 197"، "وآن يلقيك". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 70 قَالَ: "شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامَةَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُعْطُوا الْخُمْسَ مِنَ الْمَغْنَمِ" 1. قَالَ أَبِي: قَالَ -يَعْنِي الْمُعْتَصِمَ- لَوْلَا أَنِّي وَجَدْتُكَ فِي يَدِ مَنْ كَانَ قَبْلِي مَا عَرَضْتُ لَكَ. ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ، أَلَمْ آمُرْكَ بِرَفْعِ الْمِحْنَةِ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ إِنَّ فِي هَذَا لَفَرَجًا لِلْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: نَاظِرُوهُ، كَلِّمْهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَلِّمْهُ. فَقَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ قُلْتُ لَهُ: مَا تقول في عِلْمِ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ. فَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ: أَلَيْسَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] وَالْقُرْآنُ أَلَيْسَ هُوَ شَيْءٌ؟ فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] فَدَمَّرَتْ إِلَّا مَا أَرَادَ اللَّهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] أَفَيَكُونُ مُحْدَثٌ إِلَّا مَخْلُوقًا؟ فقلت: قال الله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1] فَالذِّكْرُ هُوَ الْقُرْآنُ. وَتِلْكَ لَيْسَ فِيهَا أَلِفٌ وَلَامٌ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الذِّكْرَ. فَقُلْتُ: هَذَا خَطَأٌ، حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الذِّكْرَ" 2. وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ جَنَّةٍ وَلَا نَارٍ وَلَا سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ"3. فَقُلْتُ: إِنَّمَا وَقَع الْخَلْقُ عَلَى الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَمْ يَقَعْ على القرآن.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "53، 87"، ومسلم "13/ 17"، بنحوه مطولا، وأبو داود "4677"، والترمذي "2611"، وغيرهم. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3191"، "7418". 3 "إسناده منقطع": أخرجه الترمذي "2884"، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "9/ 478". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 71 فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدِيثُ خَبَّابٍ: يَا هَنَتَاهْ، تَقَرَّبَ إلى الله بما استطعت فإنك لن تتقرب إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ. قُلْتُ: هَكَذَا هُوَ. قال صالح بن أحمد: فجعل أحمد بن أبي دُؤَاد ينظر إلى أبي كالمُغْضَب، قال أبي: وكان يتكلَّم هذا، فأردّ عليه، ويتكلَّم هذا، فأردّ عليه، فإذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دُؤاد فيقول: يا أمير المؤمنين هو والله ضالّ مُضِلّ مُبْتَدِع. فيقول: كلِّموه، ناظروه. فيكلّمني هذا، فأّرد عليه، ويكلّمني هذا، فأردّ عليه، فإذا انقطعوا يقول لي المعتصم: ويْحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: يا أمير المؤمنين، أعطُوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسول الله حتى أقول به. فيقول ابن دؤاد: أنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنة رسول الله؟ فقلت له: تأوّلت تأويلا، فأنتَ أعلم، وما تأوّلتَ ما يُحْبَس عليه وما يُقَيَّد عليه1. قال حنبل: قال أبو عبد الله: ولقد احتجّوا عليَّ بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطلق لساني أنْ أحكيه. أنكروا الآثار، وما ظننتهم على هذا حتّى سمعتُ مقالتهم، وجعلوا يدعون، يقول الخصم: وكذا وكذا. فاحتججت عليهم بالقرآن بقوله: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: 42] فذمَّ إبراهيم أباه أنْ عبد ما لا يسمع ولا يُبَصر، أَفَهَذا مُنْكَرٌ عندكم؟. فقالوا: شبَّه يا أمير المؤمنين، شبَّه يا أمير المؤمنين2. وقال محمد بن إبراهيم البُوشنْجيّ: حَدَّثَنِي بعض أصحابنا أن ابن أبي دؤاد يقول: يا أمير المؤمنين، والله لئن أجابك لَهُو أحب إليَّ من مائة ألف دينار، ومائة ألف دينار، ويَعُدّ من ذلك ما شاء الله أن يَعُدّ. فقال المعتصم: والله لئن أجابني لأطلقنّ عنه بيدي، ولأركبنّ إليه بجندي، ولأطأن عقبه3.   1 حلية الأولياء "9/ 197-199". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 479". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 479"، حلية الأولياء "9/ 201". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 72 ثمّ قال: يا أحمد، والله إنّي عليك لشَفيق، وإنّي لأشفق عليك كشفقتي على هارون ابني. ما تقول؟ فأقول: أعطُوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسوله. فلمّا طال المجلس ضجر وقال: قوموا. وحبسني، يعني عنده، وعبد الرَّحْمَن بْن إسحاق يكلّمني. فقال المعتصم: ويْحك أجِبْني. وقال: ما أعرفك، ألم تكن تأتينا؟ فقال له عبد الرَّحْمَن بْن إسحاق: يا أمير المؤمنين أعرفه منذ ثلاثين سنة يرى طاعتك والجهاد والحجّ معك. قال: فيقول: والله إنّه لعالم، وإنّه لَفَقيه، وما يسوءني أن يكون معي يردّ عنّى أهل المِلَل. ثُمَّ قال لي: ما كنت تعرف صالحًا الرّشيديّ؟ قلت: قد سمعت باسمه. قال: كان مؤدبي، وكان فِي ذلك الموضع جالسًا، وأشار إلى ناحيةٍ من الدّار، فسألته عن القرآن فخالفني، فأمرت به فوطئ وسُحب. ثُمَّ قال: يا أحمد أجِبْني إلى شيءٍ لك فِيه أدني مخرج حتّى أطلق عنك بيدي. قلت: أعطُوني شيئًا من كتاب اللَّه وسنة رسوله. فطال المجلس وقام، ورُددت إلى الموضع الَّذِي كنتُ فِيهِ، فلمّا كان بعد المغرب وجّه1 إليّ رجلين من أصحاب ابن أبي دؤاد يبيتان عندي ويناظراني ويقيمان معي، حَتَّى إذا كان وقت الإفطار جيء بالطعام، ويجتهدان بي أن أُفِطر، فلا أفعل2. ووجّه إليَّ المعتصم ابن أبي دؤاد فِي بعض اللّيالي فقال: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول؟ فأردّ عليه نحوًا مما كنت أرد. فقال ابن أبي دؤاد: والله لقد كتبت اسَمك فِي السَّبْعة، يحيى بْن مَعِين، وغيره، فمحوته. ولقد ساءني أخْذُهم إيّاك. ثُمَّ يقول: إنّ أمير المؤمنين قد حلف أن يضربك ضربًا بعد ضرب، وأن يُلْقيك فِي موضعٍ لا ترى فِيهِ الشّمس، ويقول: إن أجابني جئت إليه حَتَّى أطلق عنه بيدي3.   1 يعني المعتصم. 2 حلية الأولياء "9/ 200"، سير أعلام النبلاء "9/ 479، 480". 3 حلية الأولياء "9/ 201". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 73 وانصرفت، فلمّا أصبح جاء رسوله فأخذ بيدي حَتَّى ذهب بي إليه، فقال لهم: ناظروه وكلَّموه. فجعلوا يناظرونني، فأردّ عليهم، فإذا جاءوا بشيء من الكلام ممّا ليس فِي الكتاب والسنة قلت: ما أدري ما هذا. قال: يقولون: يا أمير المؤمنين إذا توهُّمَتْ له الحُجّة علينا ثبت. وإذا كلّمناه بشيءٍ يقول لا أدري ما هذا1. فقال: ناظروه. فقال رَجُل: يا أحمد أراك تذكر الحديث وتنتحله. قلت: فما تقول فِي {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] قال: خصّ اللَّه بها المؤمنين. قلت: ما تقول إن كان قاتلا أو عبدًا؟ فسكت. وإنّما احتججت عليهم بهذا لأنّهم كانوا يحتجّون بظاهر القرآن، وحيث قال لي: أراك تنتحل الحديث احتججت بالقرآن، يعني. فلم يزالوا كذلك إلى قرب الزّوال فلمّا ضجر قال لهم: قوموا؛ وخلا بي وبعبد الرحمن بْن إسحاق. فلم يزل يكلّمني. ثُمَّ قال أبي: فقام ودخل، ورُددت إلى الموضع2. قال: فلمّا كان فِي اللّيلة الثالثة قلت: خليقٌ أن يحدُث غدًا من أمري شيء، فقلت لبعض من كان معي الموكَّل بي: ارتَدْ3 لي خيطًا. فجاءني بخيط، فشددتُ به الأقياد، ورددتُ التّكّة إلى سراويلي مخافةَ أن يحدث من أمري شيء فأتعرّى. فلمّا كان من الغد فِي اليوم الثّالث وجَّه إليَّ، فأُدْخلت، فإذا الدَّار غاصّة، فجعلت أدخل من موضعٍ إلى موضع، وقوم معهم السّيوف، وقوم معهم السّياط، وغير ذلك. ولم يكن فِي اليومين الماضيين كبيرٌ أحدٍ من هؤلاء. فلمّا انتهيت إليه   1 المصدر السابق. 2 حلية الأولياء "9/ 200، 201". 3 وفي الحلية "9/ 901" "أريد". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 74 قال: اقعد. ثُمَّ قال: ناظِروه، كلِّموه1. فجعلوا يناظرونني، ويتكلم هذا فأردّ عليه، ويتكلَّم هذا فأردّ عليه، وجعل صوتي يعلو أصواتهم، فجعل بعض مَن على رأسه قائم يوميء إليَّ بيده، فلمّا طال المجلس نحّاني، ثُمَّ خلا بهم. ثُمَّ نحّاهم وردّني إلى عنده فقال: ويْحك يا أحمد، أجبني حَتَّى أطلق عنك بيدي. فرددت عليه نحوًا ممّا كنت أرد، فقال لي: عليك، وذكر اللَّعْن. وقال: خذوه واسْحبوه واخلعوه. قال: فَسُحِبْتُ ثُمَّ خلعتُ2. قال: وقد كان صار إليّ شعرٌ3 مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كُمّ قميصي، فوجّه إليّ إسحاق بْن إبراهيم: ما هذا المصرور فِي كُمّ قميصك؟ قلت: شَعرٌ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وسعى بعض القوم إلى القميص ليخرّقه4 عليّ، فقال لهم، يعني المعتصم: لا تخرقوه. فنزع القميص عنّي. قال: وظننت أنّه إنما درئ عن القميص الخرقَ بسبب الشَّعْر الَّذِي كان فِيهِ. قال: وجلس المعتصم على كرسيّ ثُمَّ قال: العُقابين والسِّياط. فجيء بالعقابين، فَمُدَّت يداي، فقال بعض من حضَر خلفي: خُذْ أي الخشبتين بيديك وشُدّ عليهما. فلم أفهم ما قال، فتخلّعت يداي5. وقال محمد بْن إبراهيم البُوشَنْجيّ: ذكروا أنّ المعتصم لان فِي أمر أحمد لما عُلّق فِي العُقابين، ورأى ثُبوته وتصميمه وصلابته فِي أمره، حَتَّى أغراه ابن أبي دُؤاد وقال له: إن تركْتَه قيل إنك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله.   1 انظر المصدر السابق. 2 راجع: حلية الأولياء "9/ 201". 3 وفي حلية الأولياء "9/ 202": "صار إلي شعرتان ... ". 4 لعله يعني: "ليحرقه". 5 راجع حلية الأولياء "9/ 202". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 75 فهاجه ذلك على ضربه. قال صالح: قال أبي: لمّا جيء بالسّياط نظرَ إليها المعتصم وقال: ائتوني بغيرها. ثُمَّ قال للجلادين: تقدَّموا. فجعل يتقدَّم إليَّ الرجل منهم فيضربني سوطين، فيقول له: شدّ، قطع اللَّه يدك. ثُمَّ يتنحّى، فيقْدَم الآخر فيضربني سَوْطين وهو يقول فِي كلّ ذلك: شدّ، قطع اللَّه يدك. فلمّا ضُربتُ تسع عشر سوطًا قام إليَّ، يعني المعتصم، وقال: يا أحمد، علامَ تقتل نفسك؟ إنّي والله عليك لَشَفيق. قال: فجعل عُجَيْف1 ينْخسني بقائمة سيفه وقال: أتريد أن تغلب هؤلاء كلَّهم. وجعل بعضهم يقول: ويْلك، الخليفة على رأسك قائم. وقال بعضهم: يا أميرَ المؤمنين دَمُهُ فِي عُنُقي، اقتُلْه2. وجعلوا يقولون: يا أمير المؤمنين أنت صائم وأنت فِي الشّمس قائم. فقال لي: ويْحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقول به. فرجع وجلس، وقال للجلاد: تقدَّم وأوجع، قطع اللَّه يدك. ثُمَّ قام الثانية فجعل يقول: ويْحك يا أحمد أجِبْني. فجعلوا يُقْبلون عليَّ ويقولون: يا أحمد إمامك على رأسك قائم. وجعل عبد الرحمن يقول: مَن صنع مِن أصحابك فِي هذا الأمر ما تصنع؟ وجعل المعتصم يقول: ويْحك أجِبْني إلى شيءٍ لك فِيهِ أدنى فرج حَتَّى أطلق عنك بيدي. فقلت: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئا من كتاب الله فيرجع. وقال للجلادين: تقدموا.   1 وفي حلية الأولياء "9/ 202": "وجعل يعجب وينخسني". 2 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 76 فجعل الجلاد يتقدَّم ويضربني سَوْطين ويتنحّى، وهو في خلال ذلك يقول: شُدّ، قطع اللَّه يدك. قال أبي: فذهب عقلي، فأفقت بعد ذلك، فإذا الأقياد قد أُطلقت عنّي. وقال لي رَجُل ممّن حضر: إنّا كَبَبْناك على وجهك، وطرحنا على ظهرك بارية ودُسْناك1. قال أبي: فما شعرت بذلك، وأتوني بسَوِيق فقالوا لي: اشرب وتقيأ. فقلت: لا أُفْطر. ثُمَّ جيء بي إلى إسحاق بْن إبراهيم، فحضرت صلاة الظُّهر، فتقدَّم ابن سماعة فصلّى، فلمّا انفتل من الصّلاة قال لي: صلّيتَ والدّم يسيل فِي ثوبك؟! 2. فقلت: قد صلّى عُمَر وجرحه يَثْعَب دمًا. قال صالح: ثُمَّ خلي عَنْهُ، فصار إلى منزله. وكان مَكْثه فِي السّجن منذ أُخِذ وحُمِل إلى ضُرِب وخُلّي عَنْهُ ثمانية وعشرين شهرًا. ولقد أخبرني أحد الرجلين اللذين كانا معه قال: يابن أخي، رحمة اللَّه على أَبِي عبد الله، والله ما رَأَيْت أحدا يُشْبهه. ولقد جعلت أقول له فِي وقت ما يوجّه إلينا بالطّعام: يا أَبَا عبد الله، أنت صائم وأنت فِي موضع تقيّة3. ولقد عطش، فقال لصاحب الشراب: ناولني. فناوله قدحًا فِيهِ ماء وثلج، فأخذه ونظر إليه هُنيّة ثُمَّ رده ولم يشرب، فجعلت أعجب من صبره على الجوع والعطش وهو فيما هُوَ فِيهِ من الهَول4. قال صالح: كنتُ ألتمس وأحتال أن أُوصِل إليه طعامًا أو رغيفًا فِي تلك الأيام، فلم أقدر. وأخبرني رَجُلٌ حضره أنّه تفقّده فِي هذه الأيام الثّلاثة وهم يناظرونه، فما لَحَن فِي كلمة.   1 وفي حلية الأولياء "9/ 203": "وسارية". 2 وفي حلية الأولياء "9/ 203": "والدم يسيل من ضربك". 3 راجع مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي "407". 4 حلية الأولياء "9/ 203". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 77 قال: وما ظننت أنّ أحدًا يكون فِي مثل شجاعته وشدّة قلبه1. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ذهبَ عقلي مرارًا، فكان إذا رُفِع عنّي الضَّرب رجعتُ إلى نفسي. وإذا استرخيت وسقطتُ رُفع الضَّرب. أصابني ذلك مرارا، ورأيته، يعني المعتصم، قاعدًا فِي الشمس بغير مِظَلّة، فسمعته وقد أَفَقْتُ يقول لابن دؤاد: لقد ارتكبتَ فِي أمر هذا الرجل. فقال: يا أمير المؤمنين إنّه والله كافر مشرك، قد أشرك من غير وجه. فلا يزال به حَتَّى يصرفه عمّا يريد. وقد كان أراد تخليتي بغير ضرب، فلم يدعْه ولا إسحاق بن إبراهيم، عزم حينئذٍ على ضرْبي. قال حنبل: وبلغني أنّ المعتصم قال لابن أبي دؤاد بعدما ضُرِب أبو عبد الله: كم ضُرِبَ؟ فقال ابن أبي دُؤاد: نيّف وثلاثين أو أربعة وثلاثين سوطًا2. وقال أبو عبد الله: قال لي إنسان ممّن كان: ثُمَّ ألقينا على صدرك بارية. أكببناك على وجهك ودُسْناك3. قال أبو الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ: قال المَرُّوذيّ: قلت وأحمد بين الهنبادين: يا أستاذ، قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] . قال: يا مَرُّوذيّ، أخرج انظُر. فخرجت إلى رَحْبة دار الخليفة، فرأيت خَلْقًا لا يُحصيهم إلا الله تعالى، والصُّحُف في أيديهم، والأقلام والمحابر. فقال لهم المَرُّوذيّ: أيّ شيء تعملون؟ قالوا: ننتظر ما يقول أحمد فنكتبه. فدخل إلى أحمد فأخبره، فقال: يا مَرُّوذيّ أضلّ هؤلاء كلُّهم؟ قلت: هذه حكاية منقطعة لا تصحّ4. قال ابن أبي حاتم: ثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي قال: لما حمل   1 سير أعلام النبلاء "9/ 482". 2 انظر المصدر السابق. 3 حلية الأولياء "9/ 203". 4 راجع سير أعلام النبلاء "9/ 483"، ومناقب أحمد لابن الجوزي "329، 230". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 78 أحمد ليُضْرَب جاءوا إلى بِشْر بن الحارث فقالوا: قد حُمِل أحمد بن حنبل وحُمِلت السِّياط، وقد وَجَبَ عليك أن تتكلَّم. فقال: تريدون منّي مقام الأنبياء؟ ليس ذا عندي. حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه1. وقال الحسن بن محمد بن عثمان الفَسَويّ: حدَّثني داود بن عَرَفة: ثنا ميمون بن الأصْبغ قال: كنت ببغداد، فسمعتُ ضجّة، فقلت: ما هذا؟ قالوا: أحمد يُمتحن. فأخذت مالاش له خطر، فذهبت به إلى من يُدْخلني إلى المجلس، فأدخلوني، وإذا بالسّيوف قد جُرِّدت، وبالرماح قد رُكِّزت، وبالتِّراس قد صُفِّفت، وبالسِّياط قد طُرِحت2، فألبسوني قِباءً أسود ومنطقة وسيفًا، ووقّفوني حيث أسمع الكلام. فأتى أمير المؤمنين، فجلس على كرسيّ، وأُتِيَ بأحمد بن حنبل، فقال له: وقرابتي من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأضربنّك بالسّياط، أو تقول كما أقول. ثم التفت إلى جلاد فقال: خُذْهُ إليك. فأخذه، فلمّا ضُرِب سوطًا قال: بسم الله. فلمّا ضُرِب الثّاني قَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. فلمّا ضُرِب الثّالث قال: القرآن كلام الله غير مخلوق. فلما ضرب الرابع قال: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] . فضربه تسعة وعشرين سوطًا. وكانت تكّة أحمد حاشية ثوب، فانقطعت، فنزل السّراويل إلى عانَتِه، فقلت: السّاعة ينهتك. فرمى بطرْفه إلى السّماء، وحرّك شفتيه، فما كان بأسرع من أن بقي السّراويل لم ينزل. فدخلت عليه بعد سبعة أيّام، فقلت: يا أبا عبد الله رأيتك وقد انحلّ سراويلك، فرفعت رأسك أو أطرافك إلى السّماء، فما قلت؟ قال: قلت: اللهم إنّي أسألك باسمَك الّذي ملأت به العرش إنْ كنت تعلم أنّي علي الصّواب، فلا تَهْتِكْ لي ستْرًا3. وقال جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهانيّ: ثنا أحمد بن أبي عُبَيْد الله قال: قال أحمد بن الفَرَج: حضرت أحمد بن حنبل لمّا ضُرِب، فتقدّم أبو الدن فضربه بضعة   1 راجع المصدر السابق. 2 وفي سير أعلام النبلاء "9/ 483" " ... وبالسياط قد وضعت ... ". 3 "حكاية منكرة": وقاله الذهبي في السير "9/ 484" ولفظه: "هذه حكاية منكرة، أخاف أن يكون داود وضعها". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 79 عشر سَوطًا، فأقبل الدّم من أكتافه، وكان عليه سراويل، فانقطع خيطه، فنزل السراويل، فَلَحظْتُه وقد حرَّك شفتيه، فعاد السّراويل كما كان، فسألته عن ذلك فقال: قلت: إلهي وسيدي، وقفتني هذا الموقف، فتهتكني على رءوس الخَلائِقِ! هذه حكاية لا تصحّ1. ولقد ساق فيها أبو نُعَيْم الحافظ من الخُرافات والكذِب ما يُسْتحى من ذكره. وأضعف منها ما رواه أبو نُعَيْم في الحلية2: ثنا الحسين بن محمد، نا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القاضي: حَدَّثَنِي أبو عبد الله الجوهري: حَدَّثَنِي يوسف بن يعقوب: سمعت عليّ بن محمد القُرَشيّ قال: لما قُدِّمَ أحمد ليُضْرب وجُرِّد وبقي في سراويله، فبينا هو يُضرب انحلّ سراويله، فجعل يحرّك شفتيه بشيءٍ، فرأيت يدين خرجتا من تحته وهو يُضرب، فشدَّتا السّراويل. فلمّا فرغوا من الضَّرب قلنا له: ما كنتَ تقول؟ قال: قلت: يا من لا يعلم العرش منه أين هو إلا هو، إن كنتُ على الحق فلا تُبْدِ عورتي. قلت: هذه مكذوبة ذكرتها للمعرفة. ذكرها البيهقيّ، وما جسر على تضعيفها. ثُمَّ روى بعدها حكاية في المحنة، عن أبي مسعود البَجَليّ إجازةً، عن ابن جَهْضَم، وهو كَذُوب، عن النّجّاد، عن ابن أبي العوّام الرّياحيّ، فيها من الرَّكاكة والخَرْط ما لا يروج إلا على الْجُهّال. وفيها أنّ مئزره اضطّرب، فحرَّك شفتيه، فما استتمّ الدّعاء حتى رأيت كفّا من ذهب قد خرج من تحت مئزره بقُدرة الله، فصاحت العامّة. وقال محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة: سمعتُ شاباص التّائب يقول: لقد ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطًا، لو ضربتُه فيلا لَهَدَّتُه. قال ابن أبي حاتم: نا أبي قال: قال إبراهيم بن الحارث العُباديّ: قال أبو محمد الطُّفاويّ لأحمد: يا أبا عبد الله، أَخْبِرْنِي عما صَنَعوا بك. قال: لمّا ضُرِبت جاء ذاك الطّويل اللّحية، يعني عُجَيفًا، فضربني بقائم سيفه فقلت: جاء الفرجشن يُضرب عنقي وأستريح. فقال ابن سماعة: يا أمير المؤمنين اضرب عُنقه، ودَمُهُ في رقبتي.   1 "حكاية لا تصح": وقاله الذهبي في السير "9/ 484"، وانظر حلية الأولياء "9/ 206". 2 حلية الأولياء "9/ 195، 196". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 80 قال ابن أبي دُؤاد: لا يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإنّه إن قُتِل أو مات في دارك قال النّاس: صبر حتّى قتل، واتّخذوه إمامًا، وثبتوا على ما هم عليه. ولكن أطِلْقه لساعة، فإنْ مات خارجًا من منزلك شك الناس بأمره1. قال ابن أبي حاتم: وسمعت أبا زُرْعة يقول: دعي المعتصم بعمّ أحمد بن حنبل ثم قال للنّاس: تعرفونه؟ قالوا: نعم، وهو أحمد بن حنبل. قال: فانظروا إليه أليس هو صحيح البدن؟ قالوا: نعم. ولولا أنّه فعل ذلك لكنتُ أخاف أن يقع شيء لا يُقام له. قال: فلمّا قال: قد سلّمته إليكم صحيح البَدَن. هَدأ النّاس وسكنوا. قال صالح: صار أبي إلى المنزل ووجّه إليه من السِّحَر من يُبْصر الضَّرْب والجراحات ويعالج منها. فنظر إليه وقال: أنا والله لقد رأيت مَن ضُرِب ألف سوط، ما رأيت ضربًا أشدّ من هذا. لقد جرّ عليه من خلفه ومن قُدّامه. ثُمَّ أدخل ميلا في بعض تلك الجراحات وقال: لم ينضب. فجعل يأتيه ويعالجه، وكان قد أصاب وجهه غير ضربة؛ ثم مكث يعالجه ما شاء الله. ثم قال: إنّ ههنا شيئًا أريد أن أقطعه. فجاء بحديدة، فجعل يعلق اللّحم بها ويقطعه بسكّين، وهو صابر بحمد الله، فبرئ. ولم يزل يتوجّع من مواضع منه. وكان أثر الضرب بيّنا في ظهره إلى أن تُوُفّي. وسمعت أبي يقول: والله لقد أعطيتُ المجهود من نفسي، وودِدْتُ أنّي أنجو مِنْ هَذَا الأَمْرِ كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لي. ودخلت على أبي يومًا فقلت له: بَلَغَني أنّ رجلا جاء إلى فضل الأنْماطيّ فقال له: اجعلني في جل إذ لم أقم بنُصْرتك. فقال فضل: لا جعلت أحدًا في حِلّ. فتبسّم أبي وسكت. فلمّا كان بعد أيّام قال: مررت بهذه الآية: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] فنظرت في تفسيرها، فإذا هو ما حَدَّثَنِي أبو   1 راجع سير أعلام النبلاء في الموضع السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 81 النُّضْر: ثنا ابن فَضَالَةَ المبارك: حَدَّثَنِي من سمع الحسن يقول: إذا جئت الأُمم بين يدي ربّ العالمين نودوا: ليقُم من أجرُه على الله. فلا يقوم إلا من عفا في الدّنيا. قال أبي: فجعلت الميت في جل من ضربه إيايّ. ثُمَّ جعل يقول: وما علي رجل ألا يعذّب الله بسببه أحدًا1. وقال حنبل بن إسحاق: لمّا أمر المعتصم بتخلية أبي عبد الله خلع عليه مُبطّنة وقميصًا وطيلسانًا وخُفًّا وقَلَنْسُوَة، فبينا نحن على باب الدّار والنّاس في الميدان والدُّرُوب وغيرها، وأُغلقت الأسواق، إذ خرج أبو عبد الله على دابة من دار أبي إسحاق المعتصم، وعليه تلك الثّياب، وابن أبي دُؤاد عن يمينه، وإسحاق بن إبراهيم، يعني نائب بغداد، عن يساره، فلمّا صار في دِهْليز المعتصم قبل أن يخرج قال لهم ابن أبي دُؤاد: اكشفوا رأسه. فكشفوه، يعني الطَّيلسان2 فقط، وذهبوا يأخذون به ناحية الميدان نحو طريق الحبْس. فقال لهم إسحاق: خذوا به ههنا، يريد دِجْلة. فَذُهب به إلى الزَّورق، وحُمِل إلى دار إسحاق، وأقام عنده إلى أن صُلِّيت الظُّهْر. وبعث إلى أبي وإلى جيراننا ومشايخ المحالّ، فجُمِعوا وأدخِلوا عليه، فقال لهم: هذا أحمد بن حنبل إن كان فيكم من يَعرفه، وإلا فلْيعرفه. وقال ابن سماعة حين دخل للجماعة: هذا أحمد بن حنبل، فإنّ أمير المؤمنين ناظَرَه في أمره، وقد خلّي سبيله، وها هو ذا. فأُخرج على دابّة لإسحاق بن إبراهيم عند غروب الشّمس، فصار إلى منزله ومعه السّلطان والنّاس، وهو منحني. فلمّا ذهب لينزل احتضنْتُه ولم أعلم، فوقعت يدي على موضع الضَّرْب فصاح، فنحّيت يدي، فنزل متوكِّئا عليّ، وأغلق الباب ودخلنا معه، ورمى بنفسه على وجهه لا يقدر يتحرّك إلا بجهد، وخلع ما كان عليه، فأمر به فبِيع، وأخذ ثمنه فتصدَّق به. وكان المعتصم أمر إسحاق بن إبراهيم أن لا يقطع عنه خبره، وذلك أنّه تُرِك فيما حُكي لنا عند الإياس منه. وبَلَغَنا أن المعتصم ندم وأُسقط في يده حتى صح. فكان   1 سير أعلام النبلاء "9/ 485". 2 الطيلسان: ضرب من الأوشجة يلبس على الكتف أو يحيط بالبدن، خال من التفصيل والخياطة، أو هو ما يعرف في العامية المصرية بالشال "ج" طيالس وطيالسة. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 82 صاحب خبر إسحاق يأتينا كل يوم يتعرّف خبره حتّى صحّ، وبقَيتْ إبهاماه متخلعَتين تضربان عليه في البرد حتّى يُسَخّن له الماء. ولمّا أردنا علاجه خِفنا أن يدسّ ابن دُؤاد سُمًّا إلى المعالج، فعملنا الدّواء والمراهم في منزلنا. وسمعته يقول: كلّ من ذكرني في حِلّ إلا مبتدع. وقد جعلت أبا إسحاق، يعني المعتصم، في حِلّ. ورأيت الله تعالى يقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بكر بالعفو في قصّة مِسْطح1. قال أبو عبد الله: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم في سبيلك2. فصل في محنته من الواثق: قال حنبل: ولم يزل أبو عبد الله بعد أن برئ من مرضه يحضر الجمعة والجماعة ويفتي ويحدِّث حتّى مات المعتصم، وولى ابنه الواثق، فأظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى ابن أبي دؤاد وأصحابه. فلما اشتد الأمر على أهل بغداد، وأظهرت القُضاة المحنة، وفُرّق بين فضل الأنماطيّ وامرأته، وبين أبي صالح وامرأته، كان أبو عبد الله يشهد الجمعة ويعيد الصّلاة إذا رجع ويقول: الجمعة تؤتي لفضلها، والصّلاة تُعاد خلف من قال بهذه المقالة3. وجاء نفر إلى أبي عبد الله وقالوا: هذا الأمر قد فشا وتفاقم، ونحن نخافه على أكثر من هذا. وذكروا أنّ ابن أبي دُؤاد أراد أن يأمر المعلّمين بتعليم الصّبيان في الكُتّاب مع القرآن كذا وكذا. فنحن لا نرضى بإمارته. فمنعهم من ذلك وناظَرَهم. وحكى حنبل قصْده في مناظرتهم وأمرهم بالصَّبْر. فبينا نحن في أيّام الواثق إذ جاء يعقوب ليلا برسالة إسحاق بن إبراهيم إلى أبي   1 وهو مِسْطَح بْن أُثَاثَة بْن عَبَّاد بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيُّ الْمُطَّلِبِيُّ، ابن خالة أبي بكر الصديق. وكان مسطح ممن خاض في الإفك على عائشة. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 487". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 489". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 83 عبد الله: يقول لك الأمير إنّ أمير المؤمنين قد ذكرك، فلا يجتمعنّ إليك أحد، ولا تُسَاكنّي بأرضٍ ولا مدينة أنا فيها. فاذهب حيث شئت من أرض الله. فاختفى أبو عبد الله بقيّة حياة الواثق. وكانت تلك الفتنة، وقُتل أحمد بن نصر، فلم يزل أبو عبد الله مختفيا في منزله في القرب. ثمّ عاد إلى منزله بعد أشُهر أو سنة لمّا طغى خبره. ولم يزل في البيت مختفيًا لا يخرج إلى الصّلاة ولا غيرها حتّى هلك الواثق. وعن إبراهيم بن هانئ قال: اختفى أحمد بن حنبل عندي ثلاثة أيام ثم قال: اطلب لي موضعا. قلت: لا آمن عليك. قال: افعل. فإذا فعلت أفدتك. فطلبت له موضعًا، فلمّا خرج قال لي: اختفى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الغار ثلاثة أيّام، ثم تحوّل1. قلت: أنا أتعجَّب من الحافظ أبي القاسم كيف لم يَسُقِ المحنة ولا شيئًا منها في تاريخ دمشق مع فرط استقصائه، ومع صحّة أسانيدها، ولعلّ له نيّة في تَرْكها. فصل في حال أبي عبد الله أيّام المتوكّل: قال حنبل: ولي جعفر المتوكّل فأظهر الله السنة وفرّج عن النّاس، وكان أبو عبد الله يحدِّثنا ويحدِّث أصحابه في أيّام المتوكّل، وسمعته يقول: ما كان النّاس إلى الحديث والعلم أحوج منهم في زماننا2. ثمّ إنّ المتوكّل ذكره وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم في إخراجه إليه. فجاء رسول إسحاق إلى أبي عبد الله يأمره بالحضور، فمضى أبو عبد الله ثم رجع فسأله أبي عمّا دُعِيَ له فقال: قرأ عليَّ كتاب جعفر يأمرني بالخروج إلى العساكر3.   1 سير أعلام النبلاء "9/ 489". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 490". 3 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 84 قال: وقال لي إسحاق بن إبراهيم: ما تقول في القرآن؟ فقلت: إنّ أمير المؤمنين قد نهى عن هذا. فقال: لا تُعِلْم أحدًا أنّي سألتك. فقلت له: مسألة مسترشد أو مسألة متعنّت؟ قال: بل مسألة مسترشد. فقلت له: القرآن كلام الله ليس مخلوق، وقد نهى أمير المؤمنين عن هذا. وخرج إسحاق إلى العساكر، وقدِم ابنه خليفةً له ببغداد، ولم يكن عند أبي عبد الله ما يتجمّل به وينفقه، وكانت عندي مائة درهم، فأتيتْ بها أبي، فذهب بها إليه، فأخذها وأصلح بها ما احتاج إليه، واكْتَرى منها، وخرج ولم يلق محمد بن إسحاق بن إبراهيم، ولا سلَّم عليه. فكتب بذلك محمد إلي أبيه، فحقدها إسحاق عليه، فقال للمتوكّل: يا أمير المؤمنين إنّ أحمد بن حنبل خرج من بغداد ولم يأت محمدا مولاك. فقال المتوكّل: يرد ولو وطئ بساطي. وكان أبو عبد الله قد بلغ بُصْرَى، فوجّه إليه رسولا يأمره بالرجوع، فرجع وامتنع من الحديث إلا لولده ولنا. وربّما قرأ علينا في منزلنا. ثمّ إنّ رافعًا رفع إلى المتوكّل أن أحمد بن حنبل رَبَّصَ علويّا في منزله، وأنّه يريد أن يُخرجه ويُبايع عليه، ولم يكن عندنا عِلْم، فبينا نحن ذات ليلة نيام في الصَّيف سمعنا الْجَلَبة، ورأينا النّيران في دار أبي عبد الله، فأسرعنا، وإذا أبو عبد الله قاعدٌ في إزار، ومظفَّر بن الكلبيّ صاحب الخبر وجماعة معهم. فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل: وَرَدَ على أمير المؤمنين أنّ عندكم علويًا ربصته لتُبايع عليه وتُظهره. في كلامٍ طويل. ثمّ قال له مظفَّر: ما تقول؟ قال: ما أعرف من هذا شيئًا، وإنّي لأرى له السَّمع والطّاعة في عُسْرِي ومَنْشَطِي ومكرهي، وآثره لأدعو الله له بالتّسديد والتّوفيق في اللّيل والنّهار. في كلامٍ كثير غير هذا. وقال ابن الكلبيّ: قد أمرني أمير المؤمنين أن أُحَلِّفك. قال: فاحلفه بالطّلاق ثلاثًا أن ما عنده طلْبه أمير المؤمنين. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 85 قال: وفتَّشوا منزل أبي عبد الله والسَّرَب والغُرَف والسُّطُوح، وفتُشوا تابوت الكُتُب، وفتّشوا النّساء والمنازل، فلم يروا شيئًا ولم يحسّوا بشيء، وردّ الله الّذين كفروا بغيظهم. فكتب بذلك إلى المتوكّل، فوقع منه موقعًا حسنًا وعلم أنّ أبا عبد الله مكذوبٌ عليه. وكان الّذي دس عليه رجل من أهل البِدَع، ولم يَمُتْ حتّى بيَّن الله أمرَهُ للمسلمين، وهو ابن الثَّلجيّ. فلمّا كان بعد أيّام بينا نحن جلوسٌ بباب الدّار إذا يعقوب أحد حُجّاب المتوكّل قد جاء، فاستأذن على أبي عبد الله، فدخل ودخل أبي وأنا، ومع بعض غلمانه بدْرةٌ، على بغْلٍ، ومعه كتاب المتوكّل، فقرأه على أبي عبد الله: إنّه قد صحّ عند أمير المؤمنين برآءة ساحتك، وقد وجّه إليك بهذا المال تستعين به. فأبى أن يقبله وقال: ما لي إليه حاجة. فقال: يا أبا عبد الله، اقبل من أمير المؤمنين ما أمرك به فإنّ هذا خير لك عنده، فاقبل ولا تردّه. فإنّك إنْ رددته خفت أن يظنّ بك ظَنّ سَوْء. فحينئذ قبِلَها. فلمّا خرج قال: يا أَبَا عليّ. قلت: لبِّيك. قال: ارفع هذه الإجانة وضعها، يعني البدْرة، تحتها. فوضعتها وخرجنا. فلما كان اللَّيْلُ إذا أمّ ولد أبي عبد الله تدقّ علينا الحائط، فقلت لها: ما لكِ؟ قالت: مولاي يدعو عمَّه. فأعلمت أبي، وخرجنا فدخلنا على أبي عبد الله، وذلك في جوف اللّيل. فقال: يا عمّ، ما أخذني النّوم هذه اللّيلة. فقال له أبي: ولِمَ؟ قال: لهذا المال. وجعل يتوجّع لأخْذه، وجعل أبي يُسَكِّنه ويُسَهِّل عليه، وقال: حتّى تُصبح وترى فيه رأيك، فإنّ هذا ليل والنّاس في منازلهم. فأمسك، وخرجنا. فلمّا كان في السِّحَر وجَّه إلى عَبْدُوس بن مالك، والحَسَن بن الجزء: 18 ¦ الصفحة: 86 البزّار، فحضرا، وحضر جماعة منهم: هارون الحمّال، وأحمد بن مَنِيع، وابن الدَّوْرقيّ، وأنا، وأبي، وصالح، وعبد الله فجعلنا نكتب من يذكرونه من أهل السنة والصّلاح ببغداد والكوفة، فوجّه منها إلى أبي سعيد الأشجّ، والى أبي كُرَيْب، وإلى من ذُكِر أنّه من أهل العلم والسنة ممّن يعلمون أنّه محتاج. ففرِّقها كلّها ما بين الخمسين إلى المائة والمائتين، فما في الكيس دِرهم. ثمّ تصدَّق بالكيس على مسكين. فلما كان بعد ذلك مات إسحاق بن إبراهيم وابنه محمد، وولي بغداد عبد الله بن إسحاق، فجاء رسوله إلى عبد الله، فذهب إليه، فقرأ عليه كتابَ المتوكّل فقال له: يأمرك بالخروج. فقال: أنا شيخ ضعيف عليل. فكتب عبد الله بما ردّ عليه، فورد جواب الكتاب بأنّ أمير المؤمنين يأمره بالخروج. فوجّه عبد الله جنوده، فباتوا على بابنا أيّاما حتّى تهيّأ أبو عبد الله للخروج، فخرج وخرج صالح، وعبد الله، وأبو رُمَيْلة. قال صالح: كان حُمل أبي إلى المتوكّل سنة سبْعٍ وثلاثين ومائتين، ثم عاش إلى سنة إحدى وأربعين، فكان قلّ يوم يمضي إلا ورسول المتوكًل يأتيه. قال حنبل في حديثه: وقال أبي ارجع. فرجعت، فأخبرني أبي قال: لما دخلنا إلى العساكر إذا نحن بموكب عظيم مقبل، فلمّا حاذى بنا قالوا: هذا وَصيف. واذا فارس قد أقبل، فقال لأحمد: الأمير وصيف يُقْرئك السلام، ويقول لك: إنّ الله قد أمكنك من عدوّك، يعني ابن أبي دُؤاد، وأمير المؤمنين يقبل منك، فلا تدع شيئًا إلا تكلَّمت به. فما رد عليه أبو عبد الله شيئًا. وجعلت أنا أدعو لأمير المؤمنين، ودعوتُ لوَصِيف، ومضينا فأنزلنا في دار التّيّاح، ولم يعلم أبو عبد الله، فسأل بعد ذلك: لمن هذه الدار؟ قالوا: هذه دار التّيّاح. فقال: حوّلوني، اكْتَروا لي. فلم نزل حتّى اكترينا له دارًا. وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها الجزء: 18 ¦ الصفحة: 87 المتوكّل، والفاكهة والثّلج، وغير ذلك. فما نظر إليها أبو عبد الله، ولا ذاق منها شيئًا. وكانت نفقة المائدة كلّ يوم مائة وعشرين درهمًا. وكان يحيى بن خاقان، وابنه عُبَيْد الله، وعليّ بن الْجَهْم يأتون أبا عبد الله ويختلفون إليه برسالة المتوكل. ودامت العِلّةُ بأبي عبد الله وضعُف ضعفًا شديدًا. وكان يواصل، فمكث ثمانية أيّام ولا يأكل ولا يشرب. فلمّا كان في اليوم الثّامن دخلت عليه، وقد كاد أن يُطْفأ، فقلت: يا أبا عبد الله، ابْن الزُّبَيْر كان يواصل سبعة أيّام، وهذا لك اليوم ثمانية أيام. قال: إنّي مُطِيق. قلت: بحقّي عليك. قال: فإنّي أفعل. فأتيته بسَويق فشرب؛ ووجّه إليه المتوكّل بمالٍ عظيم فردَّه، فقال له عُبَيْد الله بن يحيى: فانّ أمير المؤمنين يأمرك أن تدفعها إلى ولدك وأهلك. قال: هم مستعفون فردّها عليه. فأخذها عُبَيْد الله فقسّمها على ولده وأهله. ثُمَّ أجرى المتوكّل على أهله وولده أربعة آلاف في كلّ شهر، فبعث إليه أبو عبد الله: إنّهم في كفاية، وليست بهم حاجة. فبعث إليه المتوكل: إنما هذا لوالدك، ما لكَ ولهذا؟ فأمسك أبو عبد الله. فلم يزل يُجْري علينا حتّى مات المتوكّل1. وجرى بين أبي عبد الله وبين أبي في ذلك كلام كثير، وقال: يا عمُّ، ما بقي من أعمارنا؟ كأنّك بالأمر قد نزل بنا، فالله الله فإنّ أولادنا إنّما يريدون يتأكّلون بنا، وإنّما هي أيام قلائل. لو كُشِفَ للعبد عمّا قد حُجِب عنه لعَرف ما هو عليه من خيرٍ أو شرّ، صبرٌ قليل وثوابٌ طويل، وإنّما هذه فتنة. قال أبي: فقلت: أرجو أن يؤمنك الله مما تحذر.   1 سير أعلام النبلاء "9/ 493". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 88 قال: فكيف وأنتم لا تتركون طعامهم ولا جوائزهم، لو تركتموها لتركوكم. وقال: ما ننتظر؟ إنّما هو الموت، فإمّا إلى جنة وإمّا إلى نار؛ فطوبى لمن قدِم على خير. قال أبي: فقلت له: أليس قد أمرت، ما جاءك من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف نفس أن تأخذه. قال: قد أخذت مرَّةً بلا إشراف نفسي فالثانية والثالثة؛ فما بال نفسك ألم تستشرف؟ فقلت: ألم يأخذ ابن عُمر وابن عبّاس؟ فقال: ما هذا وذاك؟ وقال: لو أعلم أنّ هذا المال يؤخذ من وجهه ولا يكون فيه ظُلم ولا حيف لم أُبَالِ1. قال حنبل: فلمّا طالت علّة أبي عبد الله كان المتوكّل يبعث بابن ماسَوَيْه المتطبّب فيصف له الأدوية، فلا يتعالج، ودخل المطبّب على المتوكّل فقال: يا أمير المؤمنين، أحمد ليست به عِلّة في بدنه، إنّما هو من قلّة الطّعام والصّيام والعبادة. فسكت المتوكّل2. وبلغ أمَّ المتوكّل خبرُ أبي عبد الله، فقالت لابنها: أشتهي أن أرى هذا الرجل. فوجّه المتوكّل إلى أبي عبد الله يسأله أن يدخل على ابنه المُعَتَزّ ويُسَلِّمَ عليه ويدعو له ويجعله فِي حُجْره. فامتنع أبو عبد الله من ذلك، ثُمَّ أجابَ رجاء أن يُطْلق وينحدر إلى بغداد. فوجّه إليه المتوكّل خلعة، وأتوه بدابّة يركبها إلى المعتزّ، فامتنع، وكانت عليها مثيرة نُمُور. فقُدِّم إليه بَغْل لرجل من التّجّار فركبه، وجلس المتوكّل مع أمّه فِي مجلسٍ من المكان، وعلى المجلس سَترٌ رقيق. فدخل أبو عبد الله على المعتزّ، ونظر إليه المتوكّل وأمّه، فلمّا رأته قَالَتْ: يا بُنيّ، اللَّه اللَّه فِي هذا الرجل، فليسَ هذا ممّن يريد ما عندكم، ولا المصلحة أن تحبسه عن منزله، فَأذَن له فليذْهب3. فدخل أبو عبد الله على المعتزّ فقال: السّلام عليكم، وجلسَ ولم يسلّم عليه بالإمرة.   1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 سير أعلام النبلاء "9/ 495". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 89 قال: فسمعت أَبَا عبد الله بعد ذلك ببغداد يقول: لمّا دخلت عليه وجلست قال مؤدِّب الصّبيّ: أصلح اللَّه الأمير، هذا الَّذِي أمَره أميرُ المؤمنين يؤدِّبك ويعلّمك. فردَّ عليه الغلام وقال: إن علَّمني شيئًا تعلَّمته. قال أبو عبد الله: فعجبتُ من ذكائه وجوابه على صِغَره. وكان صغيرًا. قال: ودامت عِلّةُ1 أبي عبد الله وبلغ الخليفة ما هُوَ فِيهِ، وكلَّمه يحيى بْن خاقان أيضًا وأخبره أنّه رَجُل لا يريد الدّنيا. فأذِن له بالانصراف. فجاء عُبَيْد اللَّه ابن يحيى وقت العصر فقال: إنّ أمير المؤمنين قد أذِن لك، وأمرَ أن تُفرش لك حَرّاقة2 تنحدر فيها. فقال أبو عبد الله: اطلبوا لي زَوْرقًا فأنحدر فِيهِ السّاعة. فطلبوا له زورقًا فانحدرَ فِيهِ من ساعتِه3. قال حنبل: فما عِلمْنا بقدومه حَتَّى قيل لي إنّه قد وافى، فاستقبلته بناحية القطيعة، وقد خرج من الزَّورق، فمشيت معه فقال لي: تقدَّم لا يراك النّاس فيعرفوني. فتقدَّمت بين يديه حَتَّى وصل إلى المنزل، فلمّا دخل ألقى نفسه على قفاه من التعب والعياء. وكان فِي حياته ربما استعار الشّيء من منزلنا ومنزل ولده4. فلمّا صار إلينا من مال السّلطان ما صار امتنع من ذلك، حَتَّى لقد وُصف له فِي عِلّته قَرْعةٌ تُشْوَى ويؤخذ ماؤها. فلمّا جاءوا بالقَرْعة قال بعض من حضر: اجعلوها فِي تنّور، يعني فِي دار صالح، فإنّهم قد خبزوا. فقال بيده: لا. ومثل هذا كثير5. وقد ذكر صالح بْن أحمد قصّة خروج أَبِيهِ إلى العساكر ورجوعه، وتفتيش بيوتهم   1 يعني بقوله: "ودامت علة أبي ... " يقصد مرضه. 2 الحراقة: ضرب من السفن فيها مرامي نيران، والحراقة أيضا سفينة خفيفة المر "المعجم الوسيط ص/ 168". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 494". 4 سير أعلام النبلاء "9/ 495". 5 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 90 على العلويّ، ثُمَّ ورود يعقوب قَرْقَرَة ومعه العشرة آلاف، وأنّ بعضها كان مائتي دينار والباقي دراهم. قال: فجئت بأجّانة خضراء، فأكببتها1 على البدْرة، فلمّا كان عند المغرب قال: يا صالح خذ هذا صيّرْه عندك. فصيّرته عند رأسي فوق البيت. فلمّا كان سَحَر إذا هُوَ ينادي: يا صالح. فقمت وصعدت إليه، فقال: ما نمت. قلت: لِمَ يا أبه؟ فجعل يبكي وقال: سِلمتُ من هؤلاء، حَتَّى إذا كان فِي آخر عمري بُليتُ بهم. وقد عزمتُ عليك أن تفرّق هذا الشيء إذا أصبحت. فقلت: ذاك إليك. فلما أصبح جاءه الْحَسَن2 بْن البزّار فقال: جئني يا صالح بميزان. وجِّهوا إلى أبناء المهاجرين والأنصار. ثُمَّ وجِّهْ إلى فلانٍ حَتَّى يفرّق فِي ناحيته، وإلى فلان، حَتَّى فرّقها كلّها، ونحن فِي حالةٍ اللَّه بها عليم. فجاءني ابنٌ لي فقال: يا أبَه أعطني درهمًا. فأخرجت قطعةً فأعطيته. وكتب صاحب البريد إنّه تصدّق بالدّراهم فِي يومه، حَتَّى تصدَّق بالكيس. قال عليّ بْن الْجَهْم: فقلت: يا أمير المؤمنين قد تصدَّق بها. وعلم النّاس أنّه قد قبلَ منك. ما يصنع أحمد بالمال وإنّما قُوتُه رغيف؟! قال: فقال لي: صدقت يا عليّ3. قال صالح: ثُمَّ أُخرج أبي ليلا، ومعنا حُرّاس معهم النّفّاطات، فلمّا أصبح وأضاء الفجر قال لي: صالحُ معك دراهم؟ قلت: نعم. قال: أعطهم.   1 وفي حلية الأولياء "9/ 207" "فأكفأتها". 2 وفي حلية الأولياء "9/ 207" "الحسين". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 495". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 91 فلمّا أصبحنا جعل يعقوب يسير معه، فقال له: يا أَبَا عبد الله1، ابن الثّلجي بَلَغَني أنّه كان يذكرك. فقال له: يا أَبَا يوسف سلِ اللَّه العافية. فقال له: يا أَبَا عبد الله تريد أن نؤدّي عنك رسالةً إلى أمير المؤمنين؟ فسكت. فقال: إنّ عبد الله بْن إسحاق أخبرني أنّ الوابصيّ قال له إنّي أشهد عليه أنّه قال: إنّ أحمد يعبُد ماني. فقال: يا أَبَا يوسف يكفي اللَّه. فغضب يعقوب والتفتَ إليَّ فقال: ما رَأَيْت أعجب ممّا نَحْنُ فِيهِ، أسأله أن يطلق لي كلمةً أخبر أمير المؤمنين، فلا يفعل. قال: ووجّه يعقوب إلى المتوكّل بما عمل، ودخلنا العسكر وأبي منكِّس الرأس، ورأسه مُغَطّى، فقال له يعقوب: اكشف رأسك يا أَبَا عبد الله، فكشفه. ثُمَّ جاء وصيف يريد الدّار، ووجّه إليه بعدما جاز بيحيى بْن هَرْثَمَة فقال: يُقرئك أمير المؤمنين السّلام ويقول: الحمد لله الَّذِي لم يُشْمت بك أهل البِدَع. قد علمتَ ما كان من حال ابن أبي دُؤاد، فينبغي أن تتكلَّم بما يحبّ اللَّه. ومضى يحيى وأنزل أبي دار إيتاخ. فجاء عليّ بْن الْجَهْم وقال: قد أمرَ لكم أمير المؤمنين بعشرة آلاف مكان تلك الّتي فرَّقتها، وأمرَ أن لا يُعلم شيخكم بذلك فيغتَمّ. ثُمَّ جاءه محمد بْن معاوية فقال: إنّ أمير المؤمنين يُكثر من ذِكْرِك ويقول: يقيم ههنا يُحَدِّث. فقال: أَنَا ضعيف2. ثُمَّ صار إليه يحيى بْن خاقان فقال: يا أَبَا عبد الله قد أمر أمير المؤمنين أن أصير إليك لتركب إلى ابنه أبي عبد الله، يعني المعتز3.   1 راجع حلية الأولياء "9/ 208". 2 حلية الأولياء "9/ 208". 3 راجع: سير أعلام النبلاء "9/ 496". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 92 ثُمَّ قال لي: قد أمرني أمير المؤمنين أن يُجْرى عليك وعلى قراباتك أربعة آلاف درهم، ففرقها عليهم. ثم دعا يحيى من الغد فقال: يا أَبَا عبد الله تركب؟ فقال: ذاك إليكم. ولبس إزاره وخُفّه. وكان خفه له عنده نحو من خمسة عشر عامًا، قد رُقّع برقاع عدّة. فأشار يحيى أن يلبس قَلَنْسُوَة. قلت: ما له قَلَنْسُوَة. إلى أن قال: فدخل دار المعتزّ، وكان قاعدًا على دُكّان فِي الدّار، فلمّا صعِد الدُّكّان قعد فقال له يحيى: يا أَبَا عبد الله إنّ أمير المؤمنين جاء بك ليُسرّ بقربك، ويُصيّر أَبَا عبد الله ابنه فِي حُجْرك. فأخبرني بعضُ الخدم أنّ المتوكّل كان قاعدًا وراء سترٍ. فلمّا دخل أبي الدّار قال لأمه: يا أمَه نارت الدّار. ثُمَّ جاء خادم بمنديل، فأخذ يحيى المنديل، وذكر قصّةً فِي إلباسه القميص والطَّيْلسان والقَلَنْسُوَة وهو لا يحرّك يده. ثُمَّ انصرف1. وكانوا قد تحدّثوا أنّه يخلع عليه سوادًا. فلمّا صار إلى الدّار نزع الثّياب، ثُمَّ جعل يبكي وقال: سلمت من هؤلاء منذ ستّين سنة، حَتَّى إذا كان فِي آخر عمري بُليتُ بهم. ما أحسبني سلمتُ من دخولي على هذا الغلام، فكيف بمن يجب عليَّ نُصْحه من وقت تقع عيني عليه، إلى أن أخرج من عنده. يا صالح وجّه بهذه الثّياب إلى بغداد تباع ويُتصدَّق بثمنها، ولا يشتري أحد منكم منها شيئًا. فوجَهتُ بها إلى يعقوب بْن بُخْتان2، فباعها وصرف ثمنها، وبقيت عندي القَلَنْسُوة. قال: ومكث خمسة عشر يوما يفطر في ثلاثةٍ على تمر سَويق، ثُمَّ جعل بعد ذلك يُفطر ليلةً على رغيف، وليلة لا يُفْطر. وكان إذا جيء بالمائدة توضع بالدِّهْليز لئلا يراها، فيأكل مَن حَضَر. فكان إذا أجهده الحَرُّ بَلَّ خرقةً فيضعها على صدره. وفي كلّ يوم يوجّه إليه بابن ماسَوَيْه فينظر إليه ويقول: يا أَبَا عبد الله أَنَا أميل إليك وإلى أصحابك، وما بك علة إلا الضعف وقلة الزاد3.   1 سير أعلام النبلاء "9/ 496". 2 وفي حلية الأولياء "9/ 210" "التختكان". 3 وفي حلية الأولياء "9/ 210" "وقلة البر". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 93 إلى أن قال: وجعل يعقوب وغِياث يصيران إليه ويقولان له: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول فِي ابن أبي دُؤاد وفي حاله؟ فلا يجيب فِي ذلك بشيء. وجعل يعقوب ويحيى يخبراه بما يحدث فِي أمر ابن أبي دُؤاد فِي كلّ يوم، ثُمَّ أحْدِر إلى بغداد بعدما أشهد عليه ببيع ضياعه1. وكان ربّما صار إليه يحيى بْن خاقان وهو يصلّي، فيجلس فِي الدِّهْليز حَتَّى يفرغ2. وأمر المتوكل أن يشترى لنا دار فقال: أَبَا صالح. قلت: لبَّيْك. قال: لئن أقررت لهم بشراء دار لتكوننّ القطيعة بيني وبينكم. إنّما يريدون أن يصيّروا هذا البلد لي مأوى ومسكنًا. فلم نزل ندفع بشراء الدّار حتّى اندفع3. وجَعَلَتْ رُسُل المتوكّل تأتيه يسألونه عَنْ خبره، ويصيرون إليه فيقولون: هُوَ ضعيف. وفي خلال ذلك يقولون: يا أَبَا عبد الله لا بدّ من أن يراك4. وجاءه يعقوب فقال: يا أَبَا عبد الله، أمير المؤمنين مشتاق إليك ويقول: أنظر يومًا تصير فِيهِ أيّ يوم هُوَ حَتَّى أعرفه. فقال: ذاك إليكم. فقال: يوم الأربعاء يوم خال. وخرج يعقوب، فلمّا كان من الغد جاء يعقوب فقال: البُشْرَى يا أَبَا عبد الله، أميرُ المؤمنين يقرأ عليك السّلام ويقول: قد أعفيتك عن لبس السّواد والرُّكُوب إلى وُلاة العهود وإلى الدّار. فإنْ شئت فالْبس القُطْن، وإن شئت فالْبس الصّوف. فجعل يحمد اللَّه على ذلك.   1 حلية الأولياء "9/ 210". 2 وفي سير أعلام النبلاء "9/ 211" "حتى يفرغ من الصلاة". 3 حلية الأولياء "9/ 210، 211". 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 94 ثُمَّ قال يعقوب: إنّ لي ابنًا وأنا به مُعْجَب، وإنّ له من قلبي موقعًا، فأحبّ أن تحدّثه بأحاديث. فسكت، فلمّا خرج قال: أتراه لا يرى ما أَنَا فِيهِ1؟! وكان يختم من جمعة إلى جمعة. فإذا ختم دعا فيدعو ونُؤَمِّن، فلمّا كان غداة الجمعة وجَّه إليَّ والى أخي، فلما ختم جعل يدعو ونحن نُؤَمِّن، فلمّا فرغ جعل يقول: أستخير اللَّه مرّات. فجعلت أقول ما يريد. ثُمَّ قال: إنّي أعطي اللَّه عهدًا، إن عهده كان مسئولا. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] إنّي لا أحدّث حديث تمامٍ أبدًا حَتَّى ألقى اللَّه، ولا أستثني منكم أحدًا. فخرجنا وجاء عليّ بْن الْجَهْم، فأخبرناه فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. وأخبر المتوكّل بذلك وقال: إنّما يريدون أن أُحدِّث ويكون هذا البلد حبْسي. وإنما كان سبب الَّذِين أقاموا بهذا البلد لما أُعطوا فقبلوا وأُمِروا فحدَّثوا2. وجعل أبي يقول: والله لقد تمنّيت الموت فِي الأمرِ الَّذِي كان، وإنّي لأتمنّى الموت فِي هذا، وذلك أن هذا، وذلك أن فتنة الدّنيا، وذاك كان فتنة الدّين. ثُمَّ جعل يضمّ أصابعه ويقول: لو كان نفسي فِي يدي لأرسلتها. ثُمَّ يفتح أصابعه3. وكان المتوكّل كلّ يوم يوجّه فِي كلّ وقت "من" يسأله عن حاله، وكان فِي خلال ذلك يأمر لنا بالمال ويقول: يوصل إليهم، ولا يُعلم شيخهم فيغتمّ. ما يريد منهم إن كان هُوَ لا يريد الدّنيا، فلِمَ يمنعهم؟ وقالوا للمتوكّل: إنّه لا يأكل من طعامك، ولا يجلس على فراشك، ويحرّم الَّذِي تشرب. فقال لهم: لو نشر المعتصم وقال فِيهِ شيئًا لم أقبلْ منه4. قال صالح: ثُمَّ انحدرتُ إلى بغداد، وخلَّفتُ عبد الله عنده، فإذا عبد الله قد قدِم، وجاء بثيابي الّتي كانت عنده. فقلت: ما جاء بك؟ فقال: قال لي: انحدر،   1 سير أعلام النبلاء "9/ 497". 2 حلية الأولياء "9/ 211". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 497". 4 حلية الأولياء "9/ 212". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 95 وقل لصالح لا يخرج، فأنتم كنتم آفتي. والله، لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أخرجت واحدا منكم معي. لولاكم لمن كانت توضع هذه المائدة؟ ولمن كان تُفرش هذه الفُرُش ويجري هذا الإجراء؟ فكتبت إليه أُعْلِمُه ما قال لي عبد الله، فكتب إليَّ بخطه: أحسنَ اللَّه عاقبتك، ودفع عنك كلّ مكروه ومحذور، الَّذِي حملني على الكتاب إليك الَّذِي قلت لعبد اللَّه: لا يأتيني منكم أحدٌ رجاء أن ينقطع ذِكْري ويَخْمُل. إذا كنتم هنا فشا ذِكْري. وكان يجتمع إليكم قوم ينقلون أخبارنا، ولم يكن إلا خيرًا1. فإن أقمتَ فلم تأتني أنتَ ولا أخوك فهو رضائي، ولا تجعل فِي نفسك إلا خيرًا، والسّلام عليك ورحمة اللَّه2. قال: ولمّا خرجنا من العساكر رُفعت المائدة والفرش وكلّ ما أقيم لنا. ثُمَّ ذكر صالح كتاب وصيّته ثُمَّ قال: وبعث إليه المتوكّل بألف دينار ليقسمها، فجاء عليّ بْن الْجَهْم فِي جوف اللّيل، فأخبره أنه يهيّئ له حرّاقة لينحدر فيها. ثُمَّ جاء عُبَيْد اللَّه ومعه ألف دينار وقال: إنّ أمير المؤمنين قد أذِن لك، وقد أمر لك بهذه. قال: قد أعفاني أمير المؤمنين ممّا أكره، فردّها. وقال: أَنَا رقيق على البرد، والظّهر أرفق بي. فكتب له جواز، وكتب إلى محمد بْن عبد الله فِي برِّه وتَعَاهُده، فقدِم علينا3. ثُمَّ قال بعد قليل: يا صالح. قلت: لبَّيْك. قال: أحبّ أن تدع هذا الرزق، فإنّما تأخذونه بسببي. فسكتُّ، فقال: ما لك؟ قلت: أكره أن أعطيك بلساني وأخالف إلى غيره، وليس في القوم أكثر عيالا مني ولا أعذر. وقد كنت أشكو إليك وتقول. أمرك منعقد بأمري، ولعلّ اللَّه أن يحلّ عنّي هذه العُقْدة. وقد كنت تدعو لي. فأرجو أن يكون اللَّه قد استجاب لك. فقال: والله لا تفعل. فقلت: لا.   1 راجع حلية الأولياء "9/ 212". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 498". 3 حلية الأولياء "9/ 213". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 96 فقال: لِمَ فعل اللَّه بك وفعل؟ 1 ثُمَّ ذكر قصّة فِي دخول عبد الله، وقوله له وجوابه له، ثُمَّ دخول عمّه عليه وإنكاره الأخذ، إلى أن قال: فهجَرنا وسدَّ بيننا وبينه، وتحامي منازلنا أن يدخل منّا إلى منزله شيء. ثُمَّ أُخْبِرَ بأخذ عمّه فقال: نافقني، وكذَبَني. ثُمَّ هجره وترك الصّلاة فِي المسجدٍ، وخرج إلى مسجد خارج يصلّي فِيهِ2. ثُمَّ ذكر قصّة دعائه صالحًا ومعاقبته فِي ذِكْره، ثُمَّ فِي كتابته إلى يحيى بْن خاقان ليترك معاوية وأولاده. وبلغ الخبر إلى المتوكّل، فأمر بحمل ما اجتمع لهم فِي عشرة أشهر، وهو أربعون ألف درهم إليهم. وإنه أُخْبِر بذلك، فسكت قليلا وضرب بذقنه على صدره، ثُمَّ رفع رأسه فقال: ما حيلتي إن أردت أمرًا وأراد اللَّه أمرا؟!. قال أبو الفضل صالح: كان رسول المتوكّل يأتي أبي يبلّغه السّلام، ويسأله عن حاله، نفضة حَتَّى نُدَثّره، ثُمَّ يقول: والله، لو أنّ نفْسي بيدي لأرسلتها وجاء رسول المتوكّل إلى أبي يقول: لو سلم أحد من النّاس سلمتَ. رَفَع رَجُلٌ إليَّ أن علويّا قدِم من خُراسان، وأنّك وجَّهت إليه من يلقاه، وقد حبست الرجل وأردتُ ضربه فكرهتُ أن تغتمّ فَمُرْ فِيهِ. قال: هذا باطل، يُخْلى سبيله3. ثُمَّ ذكر قصّة فِي قُدوم المتوكّل بغداد، وإشارته على صالح بأن لا يذهب إليهم، ثُمَّ فِي مجيء يحيى بْن خاقان من عند المتوكّل، وما كان من احترامه ومجيئه بألف دينار ليفرّقها، وقوله: قد أعفاني أمير المؤمنين من كلّ ما أكره4. وفي توجيه محمد بْن عبد الله بْن طاهر ليحضره وامتناعه من حضوره وقوله: أَنَا رَجُل لم أخالط السلطان، وقد أعفاني أمير المؤمنين ممّا أكره. وهذا ممّا أكره. قال: وكان قد أدمن الصّوم لما قدم، وجعل لا يأكل الدَّسِم. وكان قبل ذلك يُشْتَري له الشحم بدرهم، فيأكل منه شهرًا، فترك أكل الشحم وأدمن الصوم والعمل،   1 حلية الأولياء "9/ 213". 2 حلية الأولياء "9/ 214"، وسير أعلام النبلاء "9/ 498". 3 حلية الأولياء "9/ 215"، وسير أعلام النبلاء "499". 4 سير أعلام النبلاء "9/ 499". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 97 فتوهّمت أنّه قد كان جعل على نفسه إن سلم أن يفعل ذلك. وقال الخلال أبو بكر: حَدَّثَنِي محمد بْن الْحُسَيْن أن أَبَا بَكْر المَرُّوذيّ حَدَّثَهم: كان أبو عبد الله بالعساكر يقول: أنظر هَلْ تجد لي ماء الباقِلاء1. فكنت ربّما بللت خبزه بالماء فيأكله بالملح. وربّما أنّه منذ دخلنا العساكر إلى أن خرجنا ما ذاق طبخًا ولا دَسَمًا. وعن المَرُّوذيّ قال: أنبهني أبو عبد الله ذات ليلة وكان قد واصل، فإذا هو قاعد فقال: هوذا يُدَارُ بي من الجوع، فأطعمني شيئًا، فجئته بأقلّ من رغيف، فأكله وقال: لولا أنّي أخاف العون على نفسي ما أكلت. وكان يقوم من فراشه إلى المخرج، فيقعد يستريح من الضَّعف من الجوع حَتَّى أنْ كنت لأبلّ الخرقة فيلقِها على وجهه لترجع إليه نَفْسُه، حَتَّى وأوصى من الضعف من غير مرض، فسمعته يقول عند وصيّته ونحن بالعساكر، وأشهد على وصيّته: هذا ما أوصى به أحمد بْن محمد، أوصى أنّه يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، وأنّ محمدا عبده ورسوله، وذكر ما يأتي2. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مكث أبي بالعسكر عند الخليفة ستّة عشر يومًا، ما ذاق شيئًا إلا مقدار رُبع سَوِيق، ورأيت ما فِي عينيه قد دخلا فِي حَدَقتيه3. وقال صالح بْن أحمد: وأوصى أبي بالعساكر هذه الوصيّة: بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم هذا ما أوصى به أحمد بْن محمد بْن حنبل: أوصي أنه يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، وأنّ محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودِين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون. وأوصى مَن أطاعه من أهله وقرابته أن يعبدوا اللَّه فِي العابدين، ويحمدوه فِي الحامدين، وأن ينصحوا لجماعة المسلمين. وأوصي أنّي قد رضيتُ بالله ربّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيّا. وأوصي أن لعبد اللَّه بْن محمد المعروف بفوزان علي نحوا من   1 وفي السير "9/ 499": "هل تجد ماء باقلي". والباقلي: يعني بها الفول. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 499". 3 حلية الأولياء "9/ 179" بنحوه. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 98 خمسين دينارا، وهو مصدّق فيما قال، فَيُقْضَى ما له عليَّ مِن غلّة الدّار إن شاء اللَّه، فإذا استوفى أُعطِيَ ولدُ صالح وعبد اللَّه ابني أحمد بْن محمد بْن حنبل، كلَّ ذَكَرٍ وأنثى عشرة دراهم بعد وفاء مال أبي محمد. شهد أبو يوسف، وصالح، وعبد الله بْن أحمد. أُنْبِئْتُ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ1، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: كَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى إِلَى أَبِي يُخْبِرُهُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ فَأَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِ الْقُرْآنِ، لَا مَسْأَلَةَ امْتِحَانٍ، وَلَكِنْ مَسْأَلَةَ مَعْرِفَةٍ وَتَبْصِرَةٍ. فَأَمْلَى عَلَيَّ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهِ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى وَحْدِي مَا مَعِي أَحَدٌ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَحْسَنَ اللَّهُ عَاقِبَتَكَ أَبَا الْحَسَنِ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَدَفَعَ عَنْكَ مَكَارِهَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِرَحْمَتِهِ. قَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ بِالَّذِي سَأَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرِ الْقُرْآنِ بِمَا حَضَرَنِي. وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُدِيمَ تَوْفِيقَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِي خَوْضٍ مِنَ الْبَاطِلِ وَاخْتِلافٍ شَدِيدٍ يَنْغَمِسُونَ فِيهِ، حَتَّى أَفْضَتِ الْخِلافَةُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَفَى الله بأمير الْمُؤْمِنِينَ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَانْجَلَى عَنِ النَّاسِ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الذُّلِّ وَضِيقِ الْمَجَالِسِ، فَصَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَذَهَبَ بِهِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَقَعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَوْقِعًا عَظِيمًا، وَدَعُوا اللَّهَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ يَزِيدَ فِي نِيَّتِهِ، وَأَنْ يُعِينَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ. فَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لا تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ الشَّكَّ فِي قُلُوبِكُمْ. وَذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَفَرًا كَانُوا جُلُوسًا بِبَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ كَذَا؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ كَذَا؟ فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ كأنما فقئ في وجهه حَبُّ الرُّمَّانِ وَقَالَ: "أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ؟ إِنَّمَا ضَلَّتِ الأُمَمُ قَبْلَكُمْ فِي مِثْلِ هَذَا. إِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِمَّا ههنا في شيء. انظروا الذي أمرتم فَاعْمَلُوا بِهِ، وَانْظُرُوا الَّذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ، فَانْتَهُوا عنه" 2.   1 أبو نعيم في حلية الأولياء "9/ 216-219". 2 أخرجه أحمد في مسنده "2/ 118"، وابن ماجه "85"، وقال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 99 وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مِرَاءٌ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ" 1. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي جَهْمٍ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تُمَارُوا فِي الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّ مِرَاءً فِيهِ كُفرٌ" 2. وقال ابن عَبَّاس: قدِم على عُمَر بْن الخطاب رجل، فجعل عُمَر يسأله عن النّاس، فقال: يا أمير المؤمنين قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا. فقال ابن عَبَّاس: فقلتُ: والله ما أحبّ أن يتسارعوا يومهم هذا فِي القرآن هذه المسارعة. قال: فَزَبَرَني عُمَر وقال: مَهْ. فانطلقت إلى منزلي مكتئبًا حزينًا، فبينا أَنَا كذلك إذ أتاني رَجُل فقال: أجِبْ أمير المؤمنين. فخرجت فإذا هُوَ بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي، فخلا بي وقال: ما الَّذِي كرهت؟ قلت: يا أمير المؤمنين متى يتسارعوا هذه المسارعة يحتقُوا، ومتى ما يحتقوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا. قال: لله أبوك، والله إن كنتُ لأكتُمها النّاس حَتَّى جئتَ بها3. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ فَيَقُولُ: "هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي" 4. وَرُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لَنْ تَرْجِعُوا إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ، يَعْنِي الْقُرْآنَ"5. وَرُوِيَ عن ابن مَسْعُود أنّه قال: جرّدوا القرآن ولا تكتبوا فِيهِ شيئًا إلا كلام الله عز وجل6.   1 "صحيح": أخرجه أحمد في مسنده "2/ 286"، وأبو داود "4603"، والحاكم في مستدركه "2/ 223"، وصححه ووافقه الذهبي، وانظر صحيح الجامع الصغير وزيادته "6687" للألباني. 2 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في المسند "4/ 170". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 501". 4 "صحيح": أخرجه أبو داود "7434"، والترمذي "2926"، وابن ماجه "201". 5 "ضعيف": أخرجه الترمذي "2912". 6 سير أعلام النبلاء "9/ 501". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 100 وَرُوِيَ عن عُمَر بْن الخطّاب أنّه قال: إنّ هذا القرآن كلام اللَّه، فضعوه مواضعه1. وقال رجل للحسن الْبَصْرِيّ: يا أَبَا سَعِيد، إنّي إذا قرأت كتاب اللَّه وتدبّرته كدت أن آيس، وينقطع رجائي. فقال: إنّ القرآن كلام اللَّه، وأعمال ابن آدم إلى الضَّعف والتّقصير، فاعمل وأَبْشِر2. وقال فَرْوة بْن نَوْفل الأشجعيّ: كنتُ جارا لخَبّاب، وهو مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرجتُ معه يومًا من المسجد وهو آخذ بيدي فقال: يا هَنَاه، تقرَّب إلى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحبُّ إليه من كلامه3. وقال رَجُل للحَكَم بْن عُتَيْبَةَ: ما يحمل أهل الأهواء على هذا؟ قال: الخصومات4. وقال معاوية بن قرد -وكان أَبُوهُ ممّن أتى النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم: إيّاكم وهذه الخصومات فإنّما تُحبط الأعمال5. وقال أبو قِلابة -وكان قد أدرك غيرَ واحدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُجالسوا أهل الأهواء، وقال: أصحاب الخصومات، فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلالَتِهِمْ، ويُلْبِسوا عليكم بعضَ ما تعرفون6. ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بْن سِيرِينَ فقالا: يا أَبَا بَكْر نحدّثك بحديث؟ قال: لا. قالا: فنقرأ عليك آية؟ قال: لا، لَتَقومان عنّي أو لأقومَنّهُ. فقاما. فقال بعض القوم: يا أَبَا بَكْر، وما عليك أن يقرأا عليك آية؟ قال: إني خشيت   1 انظر السابق. 2 انظر السابق. 3 انظر السابق. 4 سير أعلام النبلاء "9/ 501". 5 انظر المصدر السابق. 6 ومن قول أبي قلابة ذكره في سير أعلام النبلاء "9/ 502". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 101 أن يقرأا عليّ آية فَيُحَرِّفانها، فيقرّ ذلك فِي قلبي، ولو أعلم أنّي أكون مثلي السّاعة لتركتهما1. وقال رَجُل من أهل البِدَع لأيوب السّختيانيّ: يا أَبَا بَكْر أسألك عن كلمةٍ، فولى وهو يقول بيده: ولا نصف كلمة. وقال ابن طاوس لابن له يكلمه رَجُل من أهل البدع: يا بني، أدخل إصبعيك فِي أذنيك حَتَّى لا تسمع ما يقول. ثم اشدد اشدد. وقال عمر بْن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل. وقال إبراهيم النخعي: إن القوم لم يدخر عنهم شيء خبئ لكم لفضل عندكم. وكان الْحَسَن رحمه اللَّه يقول: شر داء خالط قلبا، يعني: الأهواء. وقال حذيفة بْن اليمان: اتقوا اللَّه، وخذوا طريق من كان قبلكم، والله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن تركتموه يمينا وشمالا فقد ضللتم ضلالا بعيدا، أو قال: مبينا2. قال أبي: وإنما تركت ذكر الأسانيد لما تقدم من اليمين التي قد حلفت بها مما قد علمه أمير المؤمنين. لولا ذاك ذكرتها بأسانيدها. وقد قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] . وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] ، فأخبر بالخلق. ثم قال: {وَالْأَمْرُ} فأخبر أن الأمر غير الخلق. وقال عز وجل: {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1-4] فأخبر أن القرآن من علمه. وقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} [البقرة: 120] . ووقال: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا   1 حلية الأولياء "9/ 218". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 502". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 102 جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145] . وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} [الرعد: 37] . فالقرآن من علم اللَّه. وفي هذه الآيات دليل على الَّذِي جاءه هُوَ القرآن، لقوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 145] . وقد رُوِيَ عن غيرِ واحد ممّن مضى من سَلَفنا أنّهم كانوا يقولون: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. وهو الَّذِي أذهب إليه. لستُ بصاحب كلام، ولا أرى الكلام فِي شيء من هذا، إلا ما كان فِي كتاب اللَّه، أو فِي حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو عن أصحابه، أو عن التابعين. فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود1. قلت: رُواة هذه الرسالة عن أحمد أئمة أثبات، أشهدُ بالله أنّه أملاها على ولده. وأمّا غيرها من الرسائل المنسوبة إليه كرسالة الإصْطَخريّ ففيها نَظَر. والله أعلم2. ذكر مرضه رحمه اللَّه: قال ابنه عبد الله: سَمِعتُ أبي يقول: استكملت سَبْعا وسبعين سنة، فَحُمَّ من ليلته، ومات يوم العاشر. وقال صالح: لمّا كان فِي أوّل يوم من ربيع الأوّل من سنة إحدى وأربعين ومائتين. حُمَّ أبي ليلة الأربعاء، وبات وهو محموم يتنفّس نَفَسًا شديدًا، وكنتُ قد عرفتُ علته. وكنتُ أمرّضُه إذا اعتلّ. فقلت له: يا أبه، على ما أفطرتَ البارحة؟ قال: على ماء باقلاء3. ثُمَّ أراد القيام فقال: خُذْ بيدي. فأخذت بيده، فلمّا صار إلى الخلاء ضعفت رِجلاه حَتَّى توكّأ علي. وكان يختلف إليه غير متطبب، كلهم مسلمون، فوصف له متطبّب قَرْعة تُشْوى ويُسقى ماؤها، وهذا يوم الثلاثاء وتُوُفّي يوم الجمعة، فقال: يا صالح. قلت: لَبَّيْك. قال: لا تُشْوى فِي منزلك ولا في منزل أخيك.   1 حلية الأولياء "9/ 219". 2 طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "1/ 24-36". 3 حلية الأولياء "9/ 220". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 103 وصار الفتح بْن سهل إلى الباب ليَعُوده فحجبه، وأتى ابن علي بْن الجعد فحجبه، وكثُر النّاس، فقال: أي شيء ترى؟ قلت: تأذن لهم فيدعون لك1. قال: أستخير اللَّه تعالى. فجعلوا يدخون عليه أفواجًا حَتَّى تمتلئ الدّار، فيسألونه ويدعون له ثُمَّ يخرجون، ويدخل فوج آخر. وكثُر الناس، فامتلأ الشارع، وأغلقنا الباب الزقاق، وجاء رَجُل من جيراننا قد خضب، فقال أبي: إني لأرى الرجل يحيى شيئا من السنة فأفرح به2. وكان له فِي خُرَيْقة قُطَيْعات، فإذا أراد الشّيء أعطينا مَن يشتري له. وقال لي يوم الثّلاثاء: أنظر في خريقتي شيء. فنظرت، فإذ فيها درهم، فقال: وجّه اقتضِ بعض السُّكّان. فوجّهتُ فأعطيت شيئًا، فقال وجّه فاشتر تمرًا وكفّر عنّي كفّارة يمين، وبقي ثلاثة دراهم أو نحو ذلك، فأخبرته فقال: الحمد لله. وقال: اقرأ عليّ الوصيّة. فقرأتها عليه فأقَرَّها. وكنتُ أنام إلى جنْبه، فإذا أراد حاجة حرّكني فأناوله. وجعل يحرّك لسانَه ولم يئن إلا فِي اللّيلة التي تُوُفّي فيها. ولم يزل يصلّي قائمًا، أَمْسكه فيركع ويسجد، وأرفعه فِي ركوعه3. واجتَمَعَتْ عليه أوجاع الحصْر وغير ذلك، ولم يزل عقله ثابتًا، فلمّا كان يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلةً خَلَت من ربيع الأوّل لساعتين من النّهار تُوُفّي4. وقال المَرُّوذيّ: مرض أبو عبد الله ليلة الأربعاء لليلتين خَلَتا من ربيع الأول، مرض تسعة أيّام، وكان رُبّما أذن للنّاس، فيدخلون عليه أفواجا يسلمون عليه، ويرد عليهم بيده.   1 سير أعلام النبلاء "9/ 533". 2 المصدر السابق. 3 انظر السابق. 4 انظر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 104 وتَسَامَعَ الناس وكثروا، وسمع السلطان بكثرة الناس، فوكل السلطان ببابه وبباب الزُّقاق الرابطة وأصحاب الأخبار. ثُمَّ أغلق باب الزقاق، فكان النّاس فِي الشّوارع والمساجد، حَتَّى تعطل بعض الباعة، وحيل بينهم وبين الباعة والشراء1. وكان الرجل إذا أراد أن يدخل إليه ربّما دخل من بعض الدُّور وطُرُز الحاكة، وربّما تسلّق. وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الأبواب. وجاءه حاجب ابن طاهر فقال: إنّ الأمير يُقرئك السّلام وهو يشتهي أن يراك. فقال: هذا ممّا أكره، وأمير المؤمنين أعفاني مما أكره2. وأصحاب الخير يكتبون بخبره إلى العساكر، والبُرُدُ3 تختلف كلّ يوم. وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون عليه؛ وجاء قوم من الفضاة وغيرهم، فلم يؤذن لهم. ودخل عليه شيخ فقال: أذكُرْ وقوفك بين يدي اللَّه. فشهق أبو عبد الله وسالت دموعه على خديه. فلمّا كان قبل وفاته بيوم أو بيومين قال: ادعوا لي الصّبيان بلسانٍ ثقيل. فجعلوا ينضمّون إليه، وجعل يشمّهم ويمسح بيده على رءوسهم وعينه تدمع. وأدخلت الطّسْت تحته، فرأيت بَوْلَهُ دمًا عبيطًا ليس فِيهِ بول، فقلت للطّبيب فقال: هذا رَجُل قد فتَّت الحُزْن والغَمُّ جَوْفَه4. واشتدّت علته يوم الخميس ووضّأته فقال: خلال الأصابع. فلما كانت ليلة الجمعة، ثقل، وقبض صدرا، فصاح الناس، وعلت الأصوات بالبكاء، حَتَّى كأن الدنيا قد ارتجت، وامتلأت السكك والشوارع5.   1 سير أعلام النبلاء "9/ 533". 2 وانظر المصدر السابق. 3 البرد: مفردها بريد. 4 سير أعلام النبلاء "9/ 534". 5 انظر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 105 وقال أبو بَكْر الخلال: أخبرني عصمة بْن عصام: ثنا حنبل قال: أعطى ولد الفضل بْن إبراهيم أَبَا عبد الله وهو فِي الحبس ثلاث شعرات وقال: هذه مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأوصى عند موته أن يجعل على كل عين شعرة، وشعرة على لسانه1. ففعل به ذلك عند موته. وقال حنبل: تُوُفّي يوم الجمعة في ربيع الأوّل. وقال مُطّيَّن: في ثاني عشر ربيع الأوّل. وكذلك قال عبد الله بن أحمد، وعبّاس الدُّوريّ. وقال البخاريّ: مرض أحمد بن حنبل لليلتين خَلَتَا من ربيع الأوّل، ومات يوم الجمعة لاثنتي عشرة خَلَت من ربيع الأوّل. قلت: غلِط ابنُ قانع، وغيره، فقالوا في ربيع الآخر، فلُيعرف ذلك. وقال الخلال: ثنا المَرُّوذيّ قال: أُخرجت الجنازة بعد منصرف النّاس من الجمعة2. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، ثنا هشام بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ" 3. وقال صالح: وجه ابن طاهر، يعني نائب بغداد، بحاجبه مظفّر، ومَعه غلامين معهما مناديل، فيها ثياب وطيب فقالوا: الأمير يُقرئك السّلام ويقول: قد فعلتُ ما لو كان أمير المؤمنين حاضره كان يفعل ذلك. فقلت: أقرِئ الأمير السّلام وقل له: إنّ أمير المؤمنين قد كان أعفاه فِي حياته مِمَّا كان يكره، ولا أحبّ أن أُتْبعه بعد موته بما كان يكره فِي حياته. فعاد. وقال: يكون شعاره، فأعدت عليه مثل ذلك4.   1 انظر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 434". 3 "صحيح": أخرجه أحمد في المسند "6593"، والترمذي "1074". 4 سير أعلام النبلاء "9/ 534". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 106 وقد كان غَزَلت له الجارية ثوبًا عشاريًا قُوّم بثمانية وعشرين درهمًا ليقطع منه قميصين، فقطعنا له لفافتين، وأخذ منه فوزان لُفافَة أخرى، فأدرجناه فِي ثلاث لفائف، واشترينا له حَنُوطًا، وفُرغ من غسله، وكفّناه. وحضر نحوَ مائة من بني هاشم ونحن نكفنه، وجعلوا يقبّلون جبهته حَتَّى رفعناه على السّرير. وقال عبد الله بْن أحمد: صلّى على أَبِي مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْنُ عَبْد اللَّه بْن طاهر، غَلبنا على الصّلاة عليه. وقد كُنَّا صلّينا عليه نَحْنُ والهاشميّون فِي الدّار. وقال صالح: وجّه ابن طاهر: مَن يصلّي عليه؟ قلت: أَنَا. فلمّا صرنا إلى الصّحراء إذا ابن طاهر واقف، فخطا إلينا خطوات وعزَّانا ووضع السّرير. فلمّا انتظرت هُنَيَّةً تقدّمتُ وجعلتُ أسوّى صفوفَ النّاس، فجاءني ابن طاهر فقبض هذا على يدي، ومحمد بْن نصر على يدي وقالوا: الأمير. فما نعتهم فَنَحِّيَاني وصلّى، ولم يعلم النّاسُ بذلك. فلمّا كان من الغد علم النّاسُ، فجعلوا يجيئون ويصلُّون على القبر. ومكث النّاسُ ما شاء اللَّه يأتون فيصلُّون على القبر1. وقال عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن خاقان: سمعت المتوكل يقول لمحمد بْن عبد الله: طوبى لك يا محمد، صليت على أحمد بْن حنبل، رحمة اللَّه عليه2. وقال أبو بَكْر الخلال: سمعتُ عَبْد الوهّاب الورّاق يقول: ما بَلَغَنَا أن جَمْعًا فِي الجاهليّة والإسلام مثله، حَتَّى بَلَغَنَا أنّ الموضع مُسح وحُزِر على الصّحيح، فإذا هُوَ نحوٌ من ألف ألف، وحزرنا على القُبُور نحوًا من ستّين ألف امْرَأَة. وفتح النّاسُ أبواب المنازل فِي الشّوارع والدُّرُوب ينادون: مَن أراد الوضوء؟. وروي عبد الله بْن إسحاق البَغَويّ أَنْ بنَان بْن أحمد القَصَبانيّ أخبره أنّه حضر جنازة أحمد، فكانت الصُّفوف من الميدان إلى قنطرة باب القطيعة، وحزر من حضرها من الرجال ثمانمائة ألف، ومن النساء ألف امْرَأَة. ونظروا فيمن صلّى العصر فِي مسجد الرصافة فكانوا نيفا وعشرين ألفا.   1 سير أعلام النبلاء "9/ 535". 2 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 107 وقال مُوسَى بْن هارون الحافظ: يقال إنّ أحمد لما مات، مُسِحت الأمكنة المبسوطة الّتي وقف النّاسُ للصّلاة عليها، فحُزر مقادير النّاس بالمساحة على التقدير ستّمائة ألف وأكثر، سوى ما كان فِي الأطراف والحوالي والسُّطُوح والمواضع المتفرّقة أكثر من ألف ألف. وقال جَعْفَر بْن محمد بْن الْحُسَيْن النَّيْسابوريّ: حَدَّثَنِي فتح بْن الحَجّاج قال: سمعتُ فِي دار الأمير محمد بْن عَبْد الله بْن طاهر أنّ الأمير بعث عشرين رجلا يحزروا كم صلّى على أحمد بْن حنبل، فحُزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفًا، سوى من كان فِي السُّفُن فِي الماء1. ورواها خشنام بْن سَعِيد فقال: بلغوا ألف ألف وثلاثمائة ألف. وقال ابن حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: بلغني أن المتوكّل أمَر أن يُمسح الموضع الَّذِي وقف عليه الناس حيث صَلَّى على أحمد، فبلغ مقام ألفي ألف وخمسمائة ألف2. وقال البيهقيّ: بَلَغَني عن البَغَوَيّ أنّ محمد بْن عبد الله بْن طاهر أمر أن تُحْزَر الخلق الَّذِي فِي جنازة أحمد، فاتفقوا على سبعمائة ألف. وقال أبو هَمّام الوليد بْن شجاع: حضرت جنازة شَرِيك، وجنازة أبي بَكْر بْن عيّاش، ورأيت حضور النّاس، فما رَأَيْتُ جمعًا قط يشبه هذا. يعني في جنازة أحمد. وقال أبو عبد الرحمن السُّلَميّ: حضرت جنازة أبي الفتح القوّاس مع الدّارّقُطْنيّ، فلمّا نظر إلى الْجَمْع قال: سمعتُ أَبَا سهل بْن زياد: سمعتُ عبد الله بْن أحمد بْن حنبل: سمعت أبي يقول: قولوا لأهل البِدَع: بيننا وبينكم الجنائز. وقال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنِي أبو بَكْر محمد بْن الْعَبَّاس الْمَكِّيّ: سمعت الوَرْكانيّ جار أحمد بْن حنبل يقول: يوم مات أحمد بْن حنبل وقع المأتم والنَّوْح فِي أربعة أصناف: المسلمين واليهود والنّصارى والمجوس. وأسَلَمَ يوم مات عشرون ألفًا من اليهود والنصارى والمجوس3.   1 انظر سير أعلام النبلاء "9/ 536". 2 تقدمة المعرفة "312". 3 تاريخ بغداد "4/ 423"، وحلية الأولياء "9/ 180". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 108 وفي لفظٍ عن ابن أبي حاتم: عشرة آلاف1. وهي حكاية مُنْكَرَة لا أعلم رواها أحد إلا هذا الوَرْكانيّ، ولا عَنْهُ إلا محمد بْن الْعَبَّاس، تفرّد بها ابن أبي حاتم، والعقل يحيل أن يقع مثل هذا الحادث فِي بغداد ولا يرويه جماعة تتوفّر هِمَمُهُم، ودَوَاعيهم على نقل ما هُوَ دون ذلك بكثير. وكيف يقع مثل هذا الأمر الكبير ولا يذكره المَرُّوذيّ، ولا صالح بْن أحمد، ولا عبد الله بْن أحمد بْن حنبل الّذين حكوا من أخبار أبي عبد الله جُزَيْئات كثيرة لا حاجة إلى ذكرها. فوالله لو أسلم يوم موته عشرة أَنَفسٍ لكان عظيمًا، ولكان ينبغي أن يرويه نحو من عشرة أنفس. وقد تركت كثيرًا من الحكايات، إمّا لضَعْفها، وإمّا لعدم الحاجة إليها، وإما لطولها. ثُمَّ انكشف لي كذب الحكاية بأنّ أَبَا زُرعة قال: كان الوَرْكانيّ، يعني محمد بْن جَعْفَر، جار أحمد بْن حنبل وكان يرضاه2. وقال ابنُ سعد، وعبد اللَّه بْن أحمد، وموسى بْن هارون، مات الوَرْكانيّ فِي رمضان سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. فظهر لك بهذا أنّه مات قبل أحمد بدهرٍ، وكيف يحكى يوم جنازة أحمد، رحمه اللَّه؟ قال صالح بْن أحمد: جاء كتاب المتوكّل بعد أيّام من موت أَبِي إلى ابن طاهر يأمره بتعزيتنا، ويأمر بحمل الكُتُب. فحملتها وقلتُ: إنّها لنا سماع، فتكون فِي أيدينا وتُنَسَخ عندنا. فقال: أقول لأمير المؤمنين. فلم نزل ندافع الأمير، ولم تخرج عن أيدينا، والحمد لله. وقد جمع مناقب أبي عبد الله غير واحد، منهم أبو بَكْر البَيْهقيّ فِي مجلّد، ومنهم أبو إسماعيل الْأَنْصَارِيّ فِي مُجَيْلد، ومنهم أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ فِي مجلد، والله تعالى يرضى عنه ويرحمه.   1 انظر الحلية في الموضع السابق. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 537". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 109 36- أحمد بن الزُّبَيْر الأطرابُلُسيّ1. عَنْ: زيد بْن يحيى بْن عُبّيْد، ومؤمّل بن إسماعيل. وعنه: ابن زياد النَّيْسابوريّ، ومحمد أخو خَيْثَمَة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق. 37- أَحْمَد بن عَبْد اللَّه بن عَبْد الصَّمَد بن عليّ الهاشميّ العبّاسيّ. أبو العَبَر الشاعر المُفْلِق ....... قيل إنّه هجا آل أبي طالب فقتله رجل كوفيّ بكلام استحلّ به دمه. وله شِعْر فائق من عهد الأمين وإلى أَيام المتوكّل. ثمّ أخذ في الحمق والمجون. وكان من أذكياء العالم، حتّى قيل: لم يكن في الدنيا صناعة إلا وهو يعلمها ويعلمها بيده. قُتِل سنة خمسين. 38- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم بن نافع بن أبي بَزّة2. أبو الحسن المخزوميّ مولاهم البَزّي المكّيّ المقرئ. مؤذن المسجد الحرام أربعين سنة. والبزّة: بالشَّدّة. قال الْبُخَارِيّ: اسم أبي بَزّة بشّار مَوْلَى عبد الله بْن السّائب المخزومي، أصله من همذان. أسلم على يد السّائب بن صَيْفيّ. قلت: وُلد سنة سبعين ومائة، وقرأ على: عِكْرمة بْن سُلَيْمَان مَوْلَى بني شَيبة، وأبي الإخريط وهُب بْن واضح: وأحمد مَوْلَى عبد العزيز بْن أبي، وعبد اللَّه بْن زياد مَوْلَى عُبَيْد بْن عُمَير الَّليْثيّ، عن أحدهم، عن إسماعيل القِسط، وغيره، عن ابن كثير إمام أهل مكّة نفسِه، قرأ عليه بعد أن أتقن القرآن على صاحبَيْه شِبْل بْن عَبّاد، ومعروف بن مشكان.   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 50، 81". 2 ميزان الاعتدال "1/ 144، 145"، والبداية "11/ 86". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 110 كذا رُوِيَ عَنْهُ أبو الإخريط. قرأ عليه: أبو ربيعة محمد بْن إسحاق الرَّبعيّ، وإسحاق بْن أحمد الخزاعي، وأحمد بْن فَرَج، والحَسَن بْن الْحُبَابِ، وغيرهم. وكان شيخ الحرم وقارئه فِي زمانه، مع الدّين والورع والعبادة. وقد تفرَّد بحديثٍ مسَلَسَلٍ فِي التّكبير من {وَالضُّحَى} [الضحى: 1] . رَوَاهُ عَنْهُ: الحسن بْن مَخْلَد، ومحمد بْن يوسف بْن مُوسَى، والحسن بْن الْعَبَّاس الرّازيّ، ويحيى بْن محمد بْن صاعد، وجماعة. وقع لي عاليًا، وهو حديث مُنْكر. قال أبو حاتم: لا أُحَدِّث عَنْهُ، فإنّه روى عن عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ حديثًا منكرًا؛ وهو ضعيف الحديث. قلت: وذكره أبو جَعْفَر العُقَيْليّ فِي كتاب الضّعفاء فقال: مُنْكر الحديث، يوصل الأحاديث1. ثنا خَالِدُ بْنُ مَنْصُورٍ: نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ: ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم: ثنا الربيع بْنُ صَبِيحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الدِّيكُ الأَبْيَضُ الأَفْرَقُ حَبِيبِي وَحَبِيبُ حَبِيبِي جِبْرِيلُ، يَحْرُسُ سِتَّةَ عَشَرَ بَيْتًا"2. قُلْتُ: مَا هَذَا الْحَدِيثُ بِبَعِيدٍ عَنِ الْوَضْعِ. وعاش ثمانين سنة. وتُوُفّي بمكة خمسين ومائتين. وقد روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ فِي تاريخه، وآخرون. سمع من: مالك بْن سَعِيد، ومؤمّل بْن إسماعيل، وسليمان بْن حرب، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى. 39- أحمد بن محمد بن علقمة بن رافع بن عمر بن صبح بن عون3.   1 الضعفاء للعقيلي "2/ 127، 155". 2 موضوع: وانظر الضعفاء الكبير للعقيلي، والموضوعات لابن الجوزي "3/ 6"، القيسراني في التذكرة "1057". 3 تهذيب الكمال "1/ 482، 483"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 178، 179"، والتهذيب "1/ 79". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 111 أبو الحَسَن المكّيّ المقرئ النّبّال القوّاس. سمع من: مسلم بن خالد الزَّنْجيّ، وغيره. وقرأ القرآن على أبي الإخريط وهْب بن واضح. قرأ عليه: قُنْبُل، وأحمد بن يزيد الحُلْوانيّ، وغير واحد. وحدَّث عنه: بَقِيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن عليّ الصّائغ، ومُطَيَّن، وعليّ بن أحمد بن بِسطام، وغيرهم. تُوُفّي سنة خمسٍ وأربعين بمكة. قال ابن مجاهد: قال لي قَنْبَل: قال لي القوّاس: إِلْقَ هذا الرجل البَزّيّ فَقُلْ له: ليس هذا الحرف من قراءتنا، يعني {وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} [إبراهيم: 17] مخفَّفًا. قال: فلقيته فأخبرته فقال: قد رجعت. ثُمَّ أتى إليه من الغد. قال قنبل: سمعت القواس يقول: نَحْنُ نقف حيث انقطع البعض، إلا في ثلاث نتعمد الوقف عليها: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] ، {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} [الأنعام: 109] في الأنعام، {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] . قال الدّانيّ: تُوُفّي القُواس سنة أربعين ومائتين، فُيحَرَّر. 40- أحمد بن محمد بن عيسى1. أبو جعفر السَّكُونيّ البغداديّ. عن: أبي بكر بن عيّاش، وأبي يوسف القاضي. روى عنه: محمد بن مَخْلَد، وغيره. وهو من الضُّعَفاء. 41- أحمد بن محمد بن نيزك2 -ت- أبو جعفر البغدادي المعروف بالطوسي.   1 تاريخ بغداد "5/ 59"، وميزان الاعتدال "1/ 148". 2 تاريخ بغداد "5/ 108"، والمعجم المشتمل "59"، وميزان الاعتدال "1/ 151". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 112 عن: رَوْح بن عُبادة، والأسود شاذان، وغيرهما. وعنه: ت، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وأبو حامد الحضرمي. توفي سنة ثمان وأربعين. 42- أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن الْمُبَارَك1. أبو جعفر العدوي اليزيدي المقرئ. من كبار ندماء المأمون وشعرائه. سمع: أبا زيد الأنصاري صاحب العربيّة، وأباه. وقرأ على جدّه فيما أظنّ. روى عنه: أخواه الفضل وعُبَيد الله، وابن أخيه محمد بن العبّاس، وعَوْن بن محمد الكِنْديّ، ومحمد بن عبد الملك الزّيّات. له ذِكْرٌ في تاريخ دمشق. 43- أحمد بن مُصَرِّف بن عَمْرو الياميّ2 -ن- كوفي محدث. روى عن: أبي أُسامة، ومحمد بن بشير، وزيد بن الحُباب، وطبقتهم. وعنه: ن. في السُّنَن، والحكيم التِّرْمِذيّ محمد بن عليّ، ومحمد بن عمر بن يوسف النَّسائيّ، وغيرهم. قال ابن حِبّان في كتاب الثّقات: مستقيم الحديث. 44- أحمد بن منيع بن عبد الرحمن3 -ع- أبو جعفر البغوي الحافظ الأصم المروروذي الأصل نزيل بغداد؛ وصاحب المُسْنَد المشهور. سمع: هُشَيْما، وعَبّاد بن العوّام، وابن عُيَيْنَة، ومروان بن شجاع، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد الله بن المبارك، وطبقتهم.   1 تاريخ بغداد "5/ 117"، وبغية الوعاة "1/ 169". 2 التهذيب "1/ 80"، وخلاصة تذهيب التهذيب "12". 3 التاريخ الكبير للبخاري "2/ 6"، والصغير له "235"، والجرح "2/ 77"، والتهذيب "1/ 84". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 113 وعنه: الجماعة، لكن خ. بواسطة، وسِبْطه أبو القاسم البَغَويّ، وعبد الله بن ناجية، وابن صاعد، وخلق. قال البَغَويّ: أُخْبِرتُ عن أحمد بْن منيع أنّه قال: أَنَا من نحو أربعين سنة أختم فِي كل ثلاث. قال صالح جَزَرَة، وغيره: ثقة. وقال البَغَويّ: تُوُفّي جدّي في شَوَّال سنة أربعٍ وأربعينٍ، وكان مولده هُوَ وأبو خَيْثَمة سنة ستين ومائة. 45- أحمد بن ناصح1 -ن- أبو عبد الله، نزيل الثَّغْر. عن: عبد العزيز الدَّراوَرْديّ، وأبي بكر بن عيّاش. وعنه: ن، ومحمد بن سُفْيان المُصِّيصيّ الصفار، وغيره. لم يذكره ابن أبي حاتم. 46- أحمد بن نصر بن زياد2. أبو عبد الله القرشي النيسابوري المقرئ الزاهد. عن: عبد الله بن نمير، وابن أبي فديك، وأبي أسامة، والنضر بن شميل، وجماعة. سمع منه: أبو نعيم أحد شيوخه. وحدث عنه: ت. ن، وسلمة بن شَبِيب، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحراني، وخلق. وكان كثير الرحلة إلى الشام، والعراق، ومصر. ورحل إلى أبي عبيد على كبر السن متفقها، فأخذ عنه، وكان يفتي على مذهبه، وعليه تفقه ابن خزيمة قبل أن يرحل. وكان ثقة نبيلا مأمونا صاحب سنة.   1 التهذيب "1/ 85"، والكاشف "1/ 29". 2 التهذيب "1/ 85"، وطبقات الحفاظ "237". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 114 تُوُفّي سنة خمس وأربعين1. قال الحاكم: كان فقيه أهل الحديث في عصره، كثير الحديث والرحلة، رحمه الله. 47- أحمد بن نصر2. أبو بكر العتكي السَّمَرْقَنْديّ. ذكره ابن حِبّان في الثقات وقال: كان رجلا صالحا مجتهدا في العبادة، قمع أهلَ البِدَع في أيّام المحنة، وقام بما ينبغي. يروى عن: ابن عُيَيْنَة، وأبي ضمرة. وعنه: عبد الله بن عبد الرحمن الدَّارِميّ، وأهل سَمَرْقَنْد. تُوُفّي سنة خمس وأربعين. 48- أحمد بن هشام بن بِهْرام المدائنيّ3. عن: أبي معاوية، ووَكِيع. وعنه: ابن صاعد، وأبو بَكْر بْن أَبِي داود. وكان ثقة، قاله الخطيب. 49- أحمد بن يحيى بن إسحاق. أبو الحسين الرَّاوَنْديّ. قال المسعوديّ: تُوُفّي سنة خمسين ومائتين، عن أربعين سنة. قال: وله من الكُتُب مائة وأربعة عشر كتابا. قلت: غلط المسعودي، بل بقي إلى قريب الثلاثمائة. 50- أحمد بن يحيى بن وزير بن سليمان بن مهاجر4 -ن- أبو عبد الله   1 المعجم المشتمل "61/ رقم 91". 2 الثقات لابن حبان "8/ 22"، والأنساب "8/ 390" لابن السمعاني. 3 تاريخ بغداد "5/ 197، 198"، ورسالة الغفران "461". 4 المعرفة والتاريخ "1/ 536، 2/ 625"، والتهذيب "1/ 89"، وخلاصة تذهيب التهذيب "14". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 115 التجيبي، مولاهم المصريّ الحافظ النَّحْويّ، أحد الأئمّة. روى عن: عَبْد الله بْن وهْب، وشُعَيب بْن اللَّيْث، وأَصْبَغ بن الفَرجَ، وخلْق سواهم. وعنه: ن. وقال ثقة، والحسين بن يعقوب المصريّ، وأبو بكر بن أبي داود، وآخرون. وُلِد سنة إحدى وسبعين ومائة. قال أبو عمر الكِنْديّ: كان فقيها من أصحاب ابن وهْب. كان أعلم أهل زمانه بالشِّعْر والغريب وأيّام النّاس. وكان يتقبّل، فانكسر عليه خَراجٌ، فسجنه أحمد بن محمد بن مدبّر، فمات في حبّسه في شوّال سنة خمسين، رحمه الله. 51- أحمد بن يعقوب بن صالح البلْخيّ1. عن: أبي مقاتل حفص بن سَلْم. تُوُفيّ في رمضان سنة سْبعٍ وأربعين. 52- أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث2 بن زُرَارَةُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ -ع- الفقيه أبو مصعب الزهري العوفي، قاضي المدينة. وُلِد سنة خمسين ومائة، ولزِم مالكا وتفقَّه عليه، وسمع منه الموطّأ. وسمع من: العُطّاف بن خالد، ويوسف بن الماجشون، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، وطائفة. وعنه: الجماعة، لكن ن. بواسطة، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وأبو زُرْعة الرّازيّ، ومُطَيَّن، وخلْق آخرهم موتا إبراهيم بن عبد الصَّمد الهاشميّ. ذكره الزُّبَير بن بكّار فقال: هو فقيه أهل المدينة غير مدافَع. تُوُفّي في رمضان سنة اثنتين وأربعين على القضاء، وله اثنتان وتسعون سنة.   1 لسان الميزان "1/ 327"، والمغني في الضعفاء "1/ 63". 2 الجرح والتعديل "2/ 43"، والعبر "1/ 436"، والتهذيب "1/ 20، 21". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 116 قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ثنا عبد الله بْن محمد بْن الفضل الصَّيْداويّ قال: أتى قوم أَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ فقالوا: إنّ قِبَلَنا ببغداد رَجُلٌ يقول: لفظه بالقرآن مخلوق. فقال: هذا كلامُ خبيثٍ نبَطَيّ. وقال أبو محمد بْن حزم: آخر ما رُوِيَ عن مالك موطأ أبي مصعب وموطأ أبي حذافة. وفي هذين الموطأين نحوٌ من مائة حديث زائدة، وهي آخر ما روى عن مالك. فهذا دليل على أنه كان يزيد فِي الموطأ أحاديث بلغته فيما بعد، أو كان أغفلها ثُمَّ أَثْبَتَها. وهكذا يكون العُلماء رحمهم اللَّه. قلت: أمّا أبو حُذافة فهو أحمد بْن إسماعيل السَّهْميّ الْمَدَنِيّ، سيأتي فِي الطبقة الآتية. وقد سمعتُ مُوَطّأ أبي مُصَعَب على ابن عساكر، بإجازته من المؤيد، وبين المؤَيَّد، وبين أبي مُصْعَب أربعةُ أنفس، وهذا فِي غاية العُلُوّ، ولله الحمد. قال الدارقطني: أبو مصعب ثقة فِي الموطأ. وقدمه علي يحيى بْن بكير. وقال أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ: قال الزُّبَيْر بْن بكار: كان أبو مُصْعَب على شَرِطة عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن عبد الله الهاشميّ عامل المأمون على المدينة، وولي القضاء. ومات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافَع. قال أبو زُرْعة، وأبو حاتم: صدوق. قال ابن عَبْد البَرّ: مات سنة إحدى وأربعين ومائتين. قلت: ما علمتُ فِيهِ جرحةً، ولا ذكر إلا فِي الثّقات. لكنْ قال أحمد بْن أبي خيثمة: لا تكتب عن مُصْعَب، واكتب عمَّن شئت. قال ابن الذَّهَبيّ: أراه نهاه عن الأخْذ عَنْهُ، لكونه على القضاء، والله أعلم. وقد ذكره ابن عساكر فِي النُّبْل فقال فِيهِ: أحمد بْن أبي بكر زرارة. فقد أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْح: أَنَا زاهر، أَنَا الكَنْجَروديّ، أَنَا أبو أحمد الحاكم، أَنَا أَبُو عَبْد اللَّه محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن زياد الطَّيَالِسِيُّ: ثنا أبو مصعب أحمد بْن أبي بَكْر الزُّهْرِيّ، وسألناه عن اسم أبيه فقال: لا نعرف له اسمًا. 53- أحمد بن أبي سُرَيج الصّبّاح النَّهْشَليّ1 -خ. د. ن- وقيل أحمد بن   1 الجرح والتعديل "2/ 56"، وتاريخ بغداد "4/ 205"، والتهذيب "1/ 44". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 117 عمر بن الصّبّاح، أبو جعفر الرّازيّ البغدادي. قرأ القرآن على أبي الحَسَن الكِسائيّ، وأقرأه. وسمع: شُعَيب بن حرب، وأبا معاوية الضّرير، وابن عُلَيّة، ووَكِيعا، وجماعة. وعنه: خ. د. ن، وأبو بكر بن أبي داود، وأهل الرِّيّ. وقرأ عليه: العبّاس بن الفضل الرّازيّ. وقال النَّسائيّ: ثقة. وروى عنه أيضا: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وقال أبو حاتم: صدوق. 54- أحمد بن أبي عبيد الله السليمي البصري الوراق1 -ت. ن- اسم أبيه بِشْر. عن: يزيد بن زريع، وسلم بن قتيبة، وعمر المقدمي. وعنه: ت. ن، وقال: ن. ثقة؛ والحسن بن عُلَيْل. 55- إبراهيم بن الحارث الأنصاريّ2. أبو إسحاق العُباديّ. ومن ولد عُباده بن الصّامت. بغداديُّ جليل نزل طَرَسُوس مُرابِطا. كان الإمام أحمد بن حنبل يحترمه ويعظّمه، وكان هو يُفْتي بحضرة أبي عبد الله فيُعجبه ويقول: جزاك الله يا أبا إسحاق خيرا. روى عن: مُصْعَب الزُّبَيْريّ، وجماعة. وأكبر شيخ له عليّ بن عاصم. روى عنه: أبو بكر الأثرم، وحرب بْن إِسْمَاعِيل الكرماني، وأبو بَكْر بْن أبي داود.   1 التهذيب "1/ 60"، وخلاصة التذهيب "9". 2 تاريخ بغداد "6/ 55، 56"، وتهذيب التهذيب "1/ 113". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 118 56- إبراهيم بن الحسين بن خالد1. الفقيه أبو إسحاق الأندلسيّ القُرْطُبيّ المالكيّ. رحل وحجّ ولقي مُطَرِّف بن عبد الله، وعليّ بن مَعْبَد، وعبد الله بن هشام، وغيرهم. وصنَّف تفسيرا للقرآن، وكان بصيرا بالفقه. ولي أحكام الشرطة ببلده. ومات في رمضان سنة تسعٍ وأربعين. 57- إبراهيم بن حمزة الرَّمْليّ البّزاز2 -د- عن: ضمرة بن ربيعة، وزيد بن أبي الزّرقاء. وعنه: د، وعَبْدان الأهوازيّ، وأبو بكر بن أبي داود. 58- إبراهيم بن خالد المروزي الجرميهني3. الحافظ المعروف بالبطيطي. بلغنا عن بُنْدار أنه قال: حُفّاظ الدّنيا أربعة، وكلُّهم غلماني: إبراهيم الجرميهني، وأبو زرعة، والدّارميّ. مات سنة خمسين. 59- إبراهيم بن زياد البغداديّ الصّائغ4. عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وابن عُلَيَّة. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، وابن صاعد، وداود بن سليمان، وغيرهم. وكان ثقة.   1 وتاريخ علماء الأندلس "1/ 8" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "153" للحميدي. 2 تهذيب الكمال "2/ 76"، والتهذيب "1/ 34". 3 الجرح والتعديل "2/ 97"، واللباب لابن الأثير "1/ 273". 4 الجرح والتعديل "2/ 100". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 119 أمّا: 60- إبراهيم بن زياد البغداديّ الخيّاط1. عن شريك، وجماعة، فشيخ أقدام من هذا. كتب عنه أبو حاتم أيضا. 61- إبراهيم بن سعد الجوهري2 -د. ت. ن. ق- أبو إسحاق البغدادي. طبريّ الأصل، صاحب حديث. سمع: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وعبد الوهّاب الثّقفيّ، وابن فُضَيْل، ووَكِيعا، وأبا ضَمْرة، وأبا أُسامة، وأبا معاوية، وطائفة. وعنه: الجماعة سوى البخاريّ، وأبو الْجَهْم المَشْغَرانيّ، وابن جَوْصا، وأبو طاهر الحسن بن فِيل، وأبو عَرُوبة الحَرَّانيّ، ومحمد بن عليّ الحكيم التِّرْمِذيّ ويحيى بن صاعد، وخلق. وروى النَّسائيّ في كتاب، خصائص علي -رضي الله عنه، عن زكريّا السِّجْزِيّ، عنه، وقال: هو ثقة. وقال عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن خاقان السُّلَميّ: سَأَلت إبراهيم بْن سَعِيد الْجُوهريّ، عن حديث لأبي بكر الصديق فقال لجاريته: أخرجي لي الجزء الثالث والعشرين من مسند أبي بكر. فقالت له: لا يصحّ لأبي بَكْر خمسون حديثًا، من أَيْنَ ثلاثة وعشرون جزءًا؟ فقال: كلّ حديث لا يكون عندي من مائة وجهٍ، فأنا فِيهِ يتيم. قال الخطيب: كان مكثرًا ثقة ثبتًا، صنَّف المُسْنَد. وقال إبراهيم الهَرَويّ: كان أبوه ثقة محتشمًا نبيلا، حجّ مرةً، فحجّ معه أربعمائة نفس، منهم هُشَيْمٌ، وإسماعيل بْن عيّاش، وكنتُ أنا منهم. اختلف في موت إبراهيم، فقيل: سنة أربع، وقيل سنة سبْعٍ، وقيل: سنة تسعٍ وأربعين، وقيل: سنة ثلاثٍ وخمسين. مات بعَيْن زَرْبَة مُرابَطا، رحمه الله. وكان حَجّاج بن الشّاعر يليّنه بلا حُجّة.   1 تاريخ بغداد "6/ 76"، والجرح والتعديل "2/ 101". 2 الجرح والتعديل "2/ 104"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 213"، والتهذيب "1/ 123-125". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 120 62- إبراهيم بن سفيان الزبادي1. اللُّغَويّ النَّحْويّ، أحد أئمّة العربيّة بالعراق. أخذ عن: الأصمعيّ، وغيره. وهو من ولد زياد بن أبيه أمير الكوفة. ذكره يعقوب بن السكّيت فقال: هو نسيج وحده. قلت: وقد ذكره الوزير ابن القفطي في تاريخ النُّحاة. 63- إبراهيم بْن سلام2. أبو إسحاق الْمَكِّيّ، مَوْلَى بْني هاشم. روى عن: الدَّرَاوَرْديّ، والفُضَيل، وسعيد بن سالم القدّاح، ويحيى بن سليم. وعنه: أبو الأحوص العكبري، وابن صاعد، وابن خزيمة. قال أبو أحمد الحاكم: ربما روى ما لا أصل له. 64- إبراهيم بن العبّاس بن محمد بن صُول3. مولى يزيد بن المهلَّب بن أبي صُفْرة، أبو إسحاق الصُّوليّ البغداديّ الأديب، أحد الشّعراء المشهورين والكُتّاب المذكورين. له ديوان مشهور؛ وكان جدّه صول المجوسيّ ملك جُرْجان، فأسلم على يد يزيد. سمع الصُّوليّ من: عليّ بن موسى الرضا. روى عنه: أبو العبّاس ثعلب، وغيره. وكان موصوفا بالبلاغة والبراعة والنَّظْم والشِّعْر. قال دِعْبِل الخُزاعيّ: لو تكسّب إبراهيم بْن الْعَبَّاس بالشِّعْر لَتَرَكَنَا فِي غير شيء. ومن نثْره عن الخليفة: أما بعد، فإن أمير المؤمنين.   1 كشف الظنون "501، 1427، 1467"، والفهرس "58"، وبغية الوعاة "181". 2 ميزان الاعتدال "1/ 36"، ولسان الميزان "1/ 64". 3 تاريخ بغداد "6/ 117، 118"، مرآة الجنان "2/ 143". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 121 أناةً فإنْ لم تُغْن أعقَب بعدها ... وعبدًا فإن لم يُغْن أغنت عزائمه والسلام. تُوُفّي في شَعْبان سنة ثلاث وأربعين بسامَرّاء. 65- إبراهيم بن عبد الله المَرْوَزِيّ الخلال1 -ن. عن: عبد الله بن المبارك. وعنه: ن، والحَسَن بْن سُفْيان، وعبد اللَّه بْن محمد المَرْوَزيّ. وثقة ابن حبان. وتوفي سنة إحدى وأربعين. 66- إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي2 -ت. ق. أبو إسحاق الحافظ، نزيل بغداد. سمع: إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد، وهُشَيما وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وطبقتهم. وعنه: ت. ق، وابن أَبِي الدُّنيا، وجعفر الفريابي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن فرج المقرئ، وأحمد بن الحسين الصوفي، وموسى بن هارون، وخلق سواهم. وكان صالحا زاهدا متعففا دائم الصيام، إلا أن يدعوه أحد فيُفْطِر. وكان من أعلم النّاس بحديث هُشَيْم، وأثبتهم فيه. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا عَدْوَى وَلا هَامَةَ وَلا نَوَّ وَلا صَفَرَ" 3 نَوٌّ: مِنَ الأَنْوَاءِ.   1 التهذيب "1/ 132"، والكاشف "1/ 39"، والثقات "8/ 75". 2 تاريخ بغداد "6/ 118-120"، وميزان الاعتدال "1/ 39". 3 "صحيح": أخرجه مسلم "2220"، وأبو داود "3912". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 122 قال صالح جَزَرَة عَنْهُ: ما مِن حديث هُشَيْمٌ إلا وقد سمعه عشرين مرّة وأكثر، وكنت أُوقفه. كنت سمعت منه مع سَعِيد الجوهريّ والد إبراهيم. قال صالح: أعلم الناس بحديث هُشَيْمٌ: عَمْرو بْن عون، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ. وقال ابن مَعِين: أصحاب هُشَيْمٌ محمد بْن الصّبّاح الدُّولابيّ، وإبراهيم الهَرَويّ، وإبراهيم أحسنهما. وقال أبو دَاوُد: إبراهيم بْن عبد الله الهَرَويّ ضعيف. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بالقويّ. تُوُفّي فِي رمضان سنة أربعٍ وأربعين، عن بضع وتسعين سنة. 67- إبراهيم بن عبد الله بن خالد المِصِّيصيّ1. عن: وَكِيع بن الجرّاح، والحارث بن عطيّة، وحَجّاج الأعور. وعنه: عُبَيْد بن الهيثم الحلبيّ، وعلي بن موسى الرَّبعيّ. ضعّفه ابن حِبّان، وغيره. وله عجائب. 68- إبراهيم بن عبد الله بن صَفْوان النَّصْريّ الدّمشقيّ الحمّاد2. عمّ الحافظ أبي زُرْعة. روى عن: ابن وهْب، وضَمْرة بن ربيعة، والهيثم بن عِمران. روى عنه: أبو زُرْعة، وولده محمود بن أبي زُرْعة، وسليمان بن محمد الخُزاعيّ، وآخرون. 69- إبراهيم بن عبد الله بن المُنذر الباهليّ الصَّنْعانيّ3 -ت- روى عن: وَكِيع، وَيَعْلَى بن عُبَيْد، والمقرئ، وعبد الرّزّاق. وعنه: ت، ومحمد بن إسماعيل السلمي الترمذي.   1 ميزان الاعتدال "1/ 40"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 40"، ولسان الميزان "1/ 71". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 226". 3 التهذيب "1/ 137"، والكاشف "1/ 41". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 123 70- إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي الفياض1. أبو إسحاق البرقي الفقيه. يروى عن: ابن وهْب، وأشهب. أخذ النّاس عنه بمصر. ومات سنة خمس وأربعين. قال ابن يونس: له مناكير. 71- إبراهيم بن عَوْن بن راشد2. أبو إسحاق السَّعديّ الأصبهانيّ المَدِينيّ. سمع: ابن عُيَيْنَة، وَوَكِيعا، وعُبَيْد الله بن موسى. وعنه: محمد بن أحمد الأبْهَريّ، ومحمد بن أحمد بن يزيد. قال أبو نُعَيْم الحافظ: كان من خيار النّاس. 72- إبراهيم بن عيسى الأصبهانيّ الزّاهد3. صاحب معروف الكَرْخيّ. روى عن: شَبّابة بن سَوّار، وأبي داود الطَّيالِسيّ. وعنه: أحمد بن محمد البزّاز. قال أبو الشّيخ: كان خيرا عابدا فاضلا، لم يكن بإصبهان في زمانه مثله. ومن دعائه: اللهم إنْ كُنت مُدْخِلي النار فعظم خلقي فيها حتى لا يكون لأمّة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ- فيها موضعًا. ومن الرُّواة عَنْهُ: النَّضْر بن هشام. توفي سنة سبع وأربعين.   1 لسان الميزان "1/ 76"، والأنساب لابن السمعاني "2/ 159". 2 ذكر في طبقات المحدثين بإصبهان لأبي الشيخ "2/ 277-279". 3 الجرح والتعديل "2/ 117"، وحلية الأولياء "10/ 393". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 124 وقيل: إن أَبَا الْعَبَّاس بْن مسروق رَأَى هذا يمشى على الماء. 73- إبراهيم بن محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب التَّميميّ1. أمير القيروان، وابن أمرائها؛ أبو أحمد. كان حسن السّيرة، كثير العطاء، ميمون الطَّلْعة. بنى بإفريقيّة حصونا كثيرة منيعة، واشترى العبيد والسّلاح. وأمِنت البلاد في أيّامه. مات في ذي القعدة سنة تسعٍ وأربعين. وبعده ولي زيادة الله ابنه. 74- إبرهيم بن محمد بن عبد الله2 -د. ن- أبو إسحاق التيمي المعمري. قاضي البصْرة. ثقة. عن: ابن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وابن داود الخُرَيْبيّ. وعنه: د. ن، وأبو حامد الحضرميّ، وابن دُرَيْد، وأبو رَوْق الهِزّانيّ. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمسين. وكان من كبار العلماء. 75- إبراهيم بن محمد بن يوسف بن سرج الفريابي3 -ق- نزيل القدس. ما هو بابن صاحب الثَّوريّ. سمع: الوليد بن مسلم، وضّمرة بن ربيعة، وأيّوب بن سُوَيْد. وعنه: ق، وأبو بكر بن أبي عاصم، والفِرْيابيّ، وابن قُتَيْبة العسقلانيّ، وبِقَيّ بْن مَخْلَد، وخلْق. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق.   1 الوافي بالوفيات "6/ 104، 2535". 2 التقريب "1/ 56"، وتاريخ بغداد "6/ 151"، والثقات "4/ 5". 3 الجرح والتعديل "2/ 131"، والمعجم المشتمل "69" لابن عساكر. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 125 76- إبراهيم بن المستمرّ1. أبو إسحاق البصْريّ العُرُوقيّ. عن: أبيه، وأبي داود، وأبي عامر العَقَديّ، وجماعة. وعنه: د. ن. ق، وأبو عيسى التِّرْمِذيّ في الشّمائل، وأبو بكر بن خُزَيْمة، وخلق كثير. وكان أحد الثّقات. 77- إبراهيم بن مكتوم المَصَاحِفيّ2. حدَّث بالبصرة في هذا الوقت عن: أبي داود الطَّيالِسيّ، وعبد الصّمد بْن عَبْد الوارث. وعنه: ابن صاعد، وأبو رَوْق الهِزّانيّ. وكان صدوقا. 78- إبراهيم بن هارون البلخي العابد3 -ن- عن: حامد بن إسماعيل، وداود بن الجّراح. وعنه: ن، والتِّرْمِذيّ في شمائله، ومحمد بن عليّ التِّرْمِذيّ الحكيم، ومحمد بن عليّ بن طرْخان. 79- إبراهيم بن هاشم بن عُبَيْد الله. أبو إسحاق بن أبي صالح الثَّقفيّ المَرْوَزيّ، قاضي نَيْسابور. عن: النَّضْر بن شُمَيْل، ورَوْح بن عُبادة. وكان قَدَريّا. روى عنه جماعة. مات سنة ست وأربعين.   1 الجرح والتعديل "2/ 2/ 140"، والتهذيب "1/ 164". 2 الجرح والتعديل "2/ 139"، والثقات "8/ 84". 3 التهذيب "1/ 176"، وخلاصة تذهيب "23". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 126 80- إبراهيم بن الإمام يحيى بن المبارك اليَزِيديّ1. العلامة أبو إسحاق. بصْريّ نزل بغداد. وكان رأسا في الأدب. سمع من: الأنصاريّ، والأصمعيّ. وله مصنَّف يَفتخر به اليزيديّون، وهو ما اختلف معناه واتفق لفظه، نحو من سبعمائة ورقة. يرويه عنه: عبد الرحمن بن عبد المؤمن، وجماعة. 81- إبراهيم بن يوسف الحضْرميّ الكِنْديّ الكوفيّ الصَّيْرفيّ2. عن: حفص بن غِياث، وأبي بكر بن عيّاش. وعنه: ابن صاعد، وقاسم المطِّرز، وعليّ التّابعيّ. وثّقة ابن حِبّان. مات سنة تسعٍ وأربعين. 82- أزهر بن مروان الرَّقاشيّ البصري النواء3 -ت. ق- يلقب فريخ. عن: حمّاد بن زيد، وعبد الوارث، والحارث بن نبهان، ومحمد بن سواء. وعنه: ت. ق، وعبدان، وأبو بكر بن أبي عاصم، وموسى بن هارون. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وأربعين. 83- إسحاق بن أبي إسرائيل إبراهيم بن كامَجْر المَرْوَزِيّ4 -د. ن- نزيل بغداد أبو يعقوب الحافظ. عن: شَرِيك، وحمّاد بن زيد، وكثير بن عبد الله الأيْليّ، وخلْق. ورأى زائدة. وعنه: د، ون. بواسطة، وهارون الحمّال، والبخاريّ في كتاب الأدب، وابن   1 تاريخ بغداد "6/ 209، 210"، الأغاني "18/ 17". 2 الجرح والتعديل "2/ 148"، وميزان الاعتدال "1/ 76"، وخلاصة تذهيب التهذيب "24". 3 أخبار القضاة "1/ 68" لوكيع، والتهذيب "1/ 205". 4 الطبقات لابن سعد "7/ 353"، والجرح والتعديل "2/ 210"، والتهذيب "1/ 223". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 127 ناجية، وأبو بكر أحمد بن عليّ المَرْوَزيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصليّ، وأحمد بن القاسم أخو أبي اللّيث الفرائضيّ، وأبو العبّاس السّرّاج، وخلْق. وروى قراءة عليّ بن ضمرة الكِسائيّ، عنه. وقرأه ابن عامر، عن الوليد بن مَسْلَمَة، عن الذّماريّ، عنه. قَالَ أحمد بن زُهير، عن ابن مَعِين: ثقة1. وقال عثمان الدّارِميّ، عن ابن مَعِين: ثقة2. ثُمَّ قال عثمان: لم يكن عثمان أظهر الوقف حين سَأَلت ابن مَعِين عَنْهُ. وقال أبو القاسم البَغَويّ: كان ثقة مأمونًا، إلا أنّه كان قليل العقل. وقال صالح جَزَرَة: صدوق، إلا أنّه كان يقول: القرآن كلام اللَّه، ويقف3. وقال السّرّاج: سمعتُ إسحاق بْن أَبِي إسرائيل يقول: هؤلاء الصِّبيان يقولون: كلام اللَّه غير مخلوق. ألا قَالُوا كلام اللَّه وسكتوا. ويشير إلى دار أحمد بْن حنبل. قال إسحاق بْن دَاوُد: قال أحمد بْن حنبل: تجَّهمَ ابن أبي إسرائيل بعد تسعين سنة. فقال محمد بْن يحيى الْمَكِّيّ: ذكرتُ لأبي عبد الله إسحاقَ بْنَ أبي إسرائيل فقال: ذاك أحمق. وقال إسحاق بْن إبراهيم بْن هانئ: سمعتُ أَبَا عبد الله أحمد بْن حنبل، ذَكَر ابن أبي إسرائيل فقال: بعد طلبه للحديث وَكَثْرة سماعه شكَّ، فصار ضالا شكَّاكًا. وقال أبو حاتم الرّازّي4: كتبتُ عَنْهُ فوقفَ فِي القرآن، فوقفنا عَنْ حديثه. وقد تركه النّاس حَتَّى كنت أمُرُّ بمسجده وهو وحيد لا يقربه أحد، بعد أن كان النّاس إليه عُنقًا واحدا. قال شاهين بْن السَّمِيدَع العَبْديّ: سمعت أحمد بن جنبل يقول: إسحاق بن أبي   1 تاريخ بغداد "6/ 358". 2 انظر المصدر السابق. 3 تاريخ بغداد "6/ 360". 4 الجرح والتعديل "2/ 210". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 128 إسرائيل واقفي مشئوم، إلا أنّه صاحب حديثٍ كيس1. وقال زكريا الساجي: وتركوا إسحاق بن أبي إسرائيل لموضع الوقف، كان صدوقًا. وقال الْحُسَيْن بْن إسماعيل الفارسيّ: سَأَلت عَبْدُوس بْن عبد الله النَّيسابوريّ عن إسحاق بْن أبي إسرائيل فقال: كان حافظًا جدًا ولم يكن مثله فِي الحفظ والورع. فقلت: كان يُتَّهم بالوقف؟ قال: نعم. وقال أحمد بْن أبي خيثمة: قال لي مُصْعَب الزُّبَيريّ: نَاظَرَني إسحاق بْن أبي إسرائيل فقال: لا أقول كذا ولا أقول غير ذا، يعني فِي القرآن. فناظَرْتُه فقال: لم أقل فِي الشّك ولكنّي أسكت كما سكت القومُ قبلي. وقال مُوسَى بْن هارون: مولده سنة خمسين ومائة. وقال الْبُخَارِيّ، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه الثقفي، وابن قانع: مات سنة خمسٍ وأربعين ومائتين2. زاد ابن قانع: فِي شعبان. وقال البَغَويّ، وعليّ بن أحمد بن النَّضْر: مات سنة ست. زاد البَغَويّ: في شَعْبان بسامرّاء. وقع لي من عوالي ابن أبي إسرائيل. 84- إسحاق بن إبراهيم بن داود البصْريّ السَّوّاق3 -ق- عن: يحيى القطّان، وعبد الرحمن بن مهديّ، وأبي عاصم. وعنه: ق، والفضل بن الحسن الأهوازيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن حماد الطهراني. 85- إسحاق بن الأخيل الحلبي4.   1 تاريخ بغداد "6/ 359، 360". 2 الثقات لابن حبان "8/ 117". 3 تهذيب التهذيب "1/ 213"، والمعجم المشتمل "73". 4 الجرح والتعديل "2/ 213". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 129 عن: مبشر بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي داود. 86- إسحاق بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْن عَبْد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي1 -د. ت. ن. ق. أبو موسى المدني الفقيه، نزيل سامرّاء. ثمّ قاضي نيسابور. سمع: ابن عُيَيْنَة، وعبد السّلام بن حرب، ومعن بن عيسى، وجماعة. وكان فاضلا صاحب سنة. ذكره أبو حاتم الرازيّ وأطنبَ في الثّناء عليه وروى عنه، وبَقِيّ بن مَخْلَد، والفِرْيابيّ، وابن خُزَيْمة، وابنه موسى بن إسحاق الخطْميّ. قيل: إنّه تُوُفيّ بجوسية مِن أعمال حمص سنة أربع وأربعين. وثّقه النَّسائيّ. وكثيرًا ما يقول التِّرْمِذيّ: ثنا الْأَنْصَارِيّ. وهو هذا. وقد تفرد بحديث رواه عنه النسائي، وابن ناجية، وطائفة. قال: ثنا معن، نا مالك، عن عبد الله بْن إدريس، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبيه: قال: بعث عُمَر إلى عبد الله بْن مَسْعُود، وإلى أبي الدَّرْداء، وإلى أبي مَسْعُود فقال: ما هذا الحديث الَّذِي تُكْثِرون عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فحبسهم فِي المدينة حَتَّى استُشْهِد. 87- إسحاق بن يوسف الْجُرْجانيّ الدَّيْلَمانيّ2. سمع: ابن عُيَيْنَة، وحفص بن عمر العَدَنيّ. وعنه: ابنه عبد الله، وعقيل بن يحيى. وثّقة أبو نُعَيْم الأصبهانيّ. ومات سنة خمسٍ وأربعين.   1 الجرح والتعديل "2/ 235"، والتهذيب "1/ 251"، والبداية والنهاية "1/ 251". 2 أخبار إصبهان لأبي نعيم "1/ 216". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 130 88- إسماعيل بن بَهْرام الوشّاء الخزّاز الخَبْذَعيّ1 الكوفيّ. سمع: عبد العزيز الدراوردي، ومعلَّى بن هلال، وعبيد الله الأشجعي. وعنه: ق، وبقيّ بن مَخْلَد، وأبو داود السجستاني، ومطَيَّن، والحسن بن سفيان. قال أبو حاتم: صدوق. وقال غيره: مات سنة إحدى وأربعين. 89- إسماعيل بن تَوْبة الثَّقَفيّ الرّازيّ2. نزيل قزوين، أحد الثِّقات الرّحّالة. سمع: فُضَيْل بن عِياض، وإسماعيل بن جعفر، وخلف بن خليفة، وهشيم بن بشير. وعنه: ق، والحسن بن إسحاق التُّسْتَريّ، وعبد الله بن وهب الدينوري، وأهل قزوين. قال أبو حاتم: صدوق. توفي سنة سبع وأربعين. 90- إسماعيل بن حفص3. أبو بكر الأبلي البصري القطان. سمع: معتمر بن سليمان، وأبا بكر عياش، وطبقتهما. وعنه: ن. ق، وأبو بكر بن عاصم، وعَبْدان، وابن خُزَيْمَة، وجماعة. 91- إسماعيل بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري. سمع من: عبد الرزاق، وغيره.   1 الجرح والتعديل "2/ 161"، وتاريخ جرجان للسهمي "367"، وميزان الاعتدال "1/ 224". 2 الجرح والتعديل "2/ 162"، والتهذيب "1/ 286". 3 تهذيب الكمال "3/ 62، 63"، وميزان الاعتدال "1/ 227". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 131 وعنه: ابن أخيه أبو بكر بن إسحاق، ومحمد بن ياسين بن النضر. وكان ثقة. 92- إسماعيل بن زياد البلخي الأزدي1. عن: ضمرة بن ربيعة، وغيره. مات سنة ست وأربعين. 93- إسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ2. أبو عبد الله، وأبو الحسن القرشي العبدري الرقي الفقيه المعروف بالسكري. قاضي دمشق. روى عن: عُبَيْد الله بن عَمْرو، وأبي المَلِيح الحَسَن بن عمر، وَيَعْلَى بن الأشدق، وابن المبارك، وأبي إسحاق الفزاري، وبقية، وعيسى بن يونس، وجماعة. وعنه: ق، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، ومحمد بن هشام بن ملاس، ومحمد بن محمد الباغَنْديّ، وآخرون. وثقة الدَّارَقُطْنيّ. وقال أبو حاتم: صدوق. قال ابن الفَيْض الدّمشقيّ: ولّي أحمد بْن أبي دؤاد على قضاء دمشق إسماعيل بْن عبد الله السكري في سنة ثلاث وثلاثين، فأقام قاضيا إلى أن وَلِيَ القضاء للمتوكّل يحيى بْن أكثم، فعزل إسماعيل محمد بْن هاشم بْن ميسرة3. قلت: لم يذكره ابن عساكر فِي شيوخ النُّبْل، وذكر بدله سميّه: إسماعيل بْن عبد الله بْن زرارة الرقي، وقال: رُوِيَ عَنْهُ ق، وروي ن. عن رجلٍ، عَنْهُ. قال لنا الحافظ أبو الحجاج: رُوِيَ ق. خمسة أحاديث قال فيها: ثنا إسماعيل بْن عبد الله الرقي، وإنما هُوَ السكري لا ابن زرارة. لأن ابن زرارة مات سنة تسع   1 التاريخ الكبير "1/ 355"، وميزان الاعتدال "1/ 231". 2 الجرح والتعديل "2/ 181"، والتهذيب "1/ 307"، والميزان "1/ 136". 3 تهذيب الكمال "3/ 116". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 132 وعشرين، وإنما رحل بعد الثلاثين1. قال إبراهيم بْن أيّوب الحَوْرانيّ: قلت لإسماعيل بْن عبد الله القاضي: بَلَغَني أنّك كنت صوفيّا، مَن أَكَلَ من جُرابك كِسْرةً افتخر بها. فقال: حَسْبُنا اللَّه ونِعْمَ الوكيل2. وقال أبو الحَسَن علي بن الحسن بن علاة الحرّانيّ: مات إسماعيل بن عبد الله السُّكّريّ بعد الأربعين، وكان يُرمَى بالتّجهُّم. 94- إسماعيل بن عَمرو. أبو محمد المصريّ الفقيه، صاحب أشهب. يروى عن: ابن وهْب، وعبد الملك بن الماجِشُون، وغيرهما. وروى عنه جماعة آخرهم عبد الحَكَم بن أحمد الصّدَفيّ. تُوُفّي في رجب سنة ثمان وأربعين، قاله ابن يونس. 95- إسماعيل بن الفضل3. أبو إبراهيم الشّالَنْجيّ، قاضي جُرْجان. روى عن: إسماعيل بن جعفر، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: أحمد بن مُعَاذ السُّلَميّ، وابن مُجَاشِع السّخْتيانيّ، وأهل جُرجان. تُوُفّي سنة ست وأربعين. 96- إسماعيل بن مسعود4 -ن- أخو الصَّلْت بن مسعود الْجَحْدَرِيّ البصْريّ. عن: يزيد بن زُرَيْع، ومعتمر بن سليمان التَّيْميّ، وبشْر بن المفضّل. وعنه: ن، والفِرْيابيّ، ومحمد بن جرير، وجماعة.   1 انظر المصدر السابق. 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 26". 3 الأنساب لابن السمعاني "7/ 260". 4 الجرح والتعديل "2/ 200"، والتهذيب "1/ 331". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 133 قال النَّسائيّ: ثقة. وتُوُفّي سنة ثمانٍ وأربعين. 97- إسماعيل بن موسى الفَزَاريّ1 -د. ت. ق- ابنُ ابنةِ إسماعيل السُّدّيّ. أبو محمد، وقيل: أبو إسحاق. كوفيّ، ثقة، شيعيّ متوالي. سمع: عمر بن شاكر، ومالك بن أنس، وشَرِيك بن عَبْد الله، وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي الزّناد، وجماعة. وعنه: د. ت. ق، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وابن خُزَيْمَة، وطائفة كبيرة وأما ابن أبي حاتم فقال: سمعتُ أبي يقول: سَأَلْتُهُ عن قرابته من السُّدّيّ، فأنكر أن يكون ابن ابنته، وإذا قرابته منه بعيدة2. قال أبو حاتم: صدوق. سمعته يقول: سمَّتني أمّي باسم السُّديّ. قلت: توفي سنة خمس وأربعين، وشيخه عُمَر بْن شاكر يروي عن أنس بن مالك. وقبل: إنّه كان يغلو ويسُبّ. قال عَبْدان الأهوازيّ: أنكر علينا أبو بَكْر بْن أبي شَيبة أو هناد ذهابنا إلى إسماعيل بن موسى. وقال: أيش عملتم عند هذا الفاسق الَّذِي يشتم السَّلَف؟ رواها ابن عديّ عَنْهُ وقال: أوصَلَ عن مالك حديثين، وتفرَّد عن شَريك بأحاديث. وإنَّما أنكر غُلُوَّه فِي التَّشَيُّع. وقال عليّ بْن محمد بْن كاس الحنفيّ القاضي، وهو ثقة: ثنا عليّ بْن جَعْفَر الرُّمانيّ، نا إسماعيل ابن بِنْت السُّدّيّ قال: كنتُ فِي مجلس مالك، فَسُئِلَ عن فريضةٍ، فأجاب بقول زيد. فقلت: ما قال فيها علي وابن مَسْعُود. فأومأ إلى الحجبة، فلما هموا بي عدوت وأعجزتهم، فقالوا: ما نصنع بكتبه ومحبرته؟ قال: اطلبوه برفق.   1 التهذيب "1/ 335"، والجرح "2/ 196". 2 الجرح "2/ 196". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 134 فجاءوا إلي، فجئت معهم، فقال مالك: من أين أنت؟ قلت: كوفي. قال: فأين خلفت الأدب؟ قلت: إنما ذاكرتك لأستفيد. فقال: إن عليا وعبد الله لا يُنْكَر فضلُهُما، وأهل بلدنا على قول زَيْدُ بْن ثابت. وإذا كنتَ بين قومٍ فلا تبدأهم بما لا يعرفون، فيبدو لك منهم ما تركه. 98- إسماعيل بن يوسف1. أبو عليّ الدَّيْلميّ الزّاهد الحافظ. روى شيئا عن: مجاهد بن موسى. وأخذ عن: أحمد بن حنبل. وكان شابا يتوقَّد ذكاءً، لم يشتهر لموته صغيرا. قال الدّارَقُطْنيّ: هو بغداديّ، زاهد ورِع، فاضل، ثقة. قلت: وكان يسهر في طاحون بثلاث دراهم. كتب عَنْهُ: الْحَسَن بْن أبي العنبر، والعبّاس بْن يوسف الشَّكليّ. قال أبو الحُسَين بن المنادي: ذُكِر لي أنّه كان يحفظ أربعين ألف حديث، وكان مشهورا بالزُّهد. وكان مَكْسَبُه من المُساهَرَة في الأَرْحاء، رحمه الله. وقد رآه محمد بن مخلد العطار. 99- أصْبَغُ بنُ دِحْية الصَّدفيّ المصريّ2. عن: رِشْدين بن سعد، وعبد الله بن وهْب. وعنه: ابنه جَرْوَل. تُوُفّي سنة خمس وأربعين ومائتين.   1 تاريخ بغداد "6/ 274-276"، وطبقات الحنابلة "1/ 107، 108" لأبي يعلى، والوافي بالوفيات "9/ 245". 2 ميزان الاعتدال "1/ 270"، والمغني في الضعفاء "1/ 92". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 135 100- أيوب بن محمد ب أيوب الهاشمي البصري1 -ق- المعروف بالقلب. عن: عبد الواحد بن زياد، وعبد القاهر بن السَّرِيّ، وأبي عَوَانة. وعنه: ق، وابن أبي الدُّنيا، والحسن بن سفيان، وزكريا الساجي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي. 101- أيوب بن عافية بن أيوب البصري. يروي عن: ابن وهْب، ووالده عافية. تُوُفّي في شَعْبان سنة ستٍ وأربعين. قاله ابن يونس. 102- أيّوب بن عليّ بن الهيصم بن أيّوب بن مسلم2. الكِنانيّ الفلسطينيّ. سمع: زياد بن سيّار. وعنه: سليمان بن محمد بن الفضل، وأبو بكر بن أبي داود، وأحمد بن جوصا، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ. وجده الأعلى مُسْلِم هُوَ أخو أبي قُرْصافة من أبيه. 103- أيّوب بن محمد بن زياد بن فروخ3 -د. ن- أبو سليمان الرقي الوازن. مولى بني هاشم. سمع: أبا إسحاق الفَزَاريّ، ومعّمر بن سليمان، ومروان بن معاوية، وابن عُلَيَّة. وعنه: د. ن، وأبو عَرُوبة، وأبو بكر بن أبي داود، وأهل الجزيرة. وكان يزن القطن. وثقه النسائي، وغيره. مات في ذي القعدة سنة تسعٍ وأربعين ومائتين.   1 تهذيب الكمال "3/ 489"، والتهذيب "1/ 410". 2 الجرح والتعديل "2/ 252". 3 المعرفة والتاريخ "2/ 457"، ومروج الذهب "3067"، والتهذيب "1/ 411". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 136 "حرف الباء": 104- بَرَكَةُ بن محمد الحلبيّ1. أبو سعيد الأنصاريّ. عن: مروان بن معاوية، ويوسف بن أسباط، وعليّ بن بكّار، ومبشّر بن إسماعيل. وعنه: أبو نَشِيط محمد بن هارون، وأبو الحسين عَبْد اللَّه بْن محمد بْن يونس السّمْنانيّ، وموسى بن محمد الأنطاكيّ، وأحمد بن زكريّا البصْريّ شاذان، وعمر بن محمد الهمدانيّ، وآخرون. قال الدَّارَقُطْنيّ: كذّاب يضع الحديث. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أَبَا الْحُسَيْن السّمْنانيّ يقول: نظر صالح بْن الأشرس فِي بعض حديثي، عن بركة فقال: ليس هذا بركة، هذا عقوبة. 105- بِسْطام بن جعفر الأزْديّ المَوْصِليّ2. عن: مالك، وحمّاد بن زيد، وإبراهيم بن أبي يحيى. وعنه: أحمد بن حمدون، وإبراهيم بن عليّ المَوْصِليّان. تُوُفّي سنة اثنتين وأربعين. 106- بِشْر بن بشّار البغداديّ3. عن: يزيد بن هارون، وداود بن المحبّر. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، والحسن بن الحُباب، وأبو العبّاس السراج، وغيرهم. 107- بشر بن معاذ العقدي4 -ت. ن. ق- أبو سهل البصري الضرير.   1 الجرح والتعديل "2/ 433"، والميزان "1/ 303". 2 الثقات لابن حبان "8/ 155". 3 تاريخ بغداد "7/ 84" "3519". 4 الجرح والتعديل "2/ 368"، والتهذيب "1/ 458". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 137 عن: إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك بْن أبي محذورة الْجُمَحيّ، وأبي عَوَانة، ومرحوم بن عبد العزيز العطّار، وعبد الواحد بن زياد، وحمّاد بن زيد، وهُشَيْم، ومعتمر، وطائفة. وعنه: ت. ن. ق، وأبو بكر البزّار، وعمر بن محمد بن بُجَير، والقاسم المطرِّز، وابن خزيمة، وآخرون. وثقة ابن حبان وقال: مات سنة خمس وأربعين أو في حدودها. قلت: كان من أبناء التسعين. 108- بشر بن هلال1 -م. ع- أبو محمد النميري البصري الصواف. عن: جعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وعبد الوارث، ويزيد بن زُرَيْع، وعليّ بن مُسْهِر، وداود بن الزِّبْرَقان. وعنه: ع. سوى البخاريّ، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وإسحاق المَنْجنيقيّ، وعَبْدان الأهوازيّ، ومحمد بن عليّ الحكيم، وابن خُزَيْمَة، وآخرون. قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدق. وكان أيقظ من بِشْر بن مُعَاذ. وقال ابن أبي عاصم: مات سنة سبعٍ وأربعين. 109- بُغا الكبير2. أبو موسى التّركيّ، أحد قُوّاد المتوكّل وأكبرهم. كان موصوفا بالشّجاعة والإقدام، وله همّة عالية وهيبَة، وَوَقْعٌ في النُّفوس. وله فتوحات ووقعات. وكان مملوكا للحَسَن بن سهل الوزير. وكان يحمق ويجهل في رأيه، وقد باشر عدّة حروب وما جُرح قطّ. وكان فيه دِين وإسلام. طال عمره وعاش نحوا من ستّين سنة، وتوفي سنة ثمان وأربعين.   1 الجرح والتعديل "2/ 369"، ورجال صحيح مسلم "1/ 87" لابن منجويه، والتهذيب "1/ 462". 2 تاريخ الطبري "8/ 609"، دول الإسلام "1/ 149". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 138 110- بكْر بن محمد بن عديّ بن حبيب1. أبو عثمان المازنيّ البصْريّ النَّحْويّ، وهو بكنيته أشهر. أخذ عن: أبي عبيدة، والأصمعي. وصنف التصانيف المشهورة في العربية والتصريف. روى عنه: الحارث بن أبي أسامة، وأبو عمران موسى بن سهل الجوني، وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد. ولزمه المبرد وأكثر عنه. وقد دخل على الواثق فوصله بجملة. توفي سنة سبع، أو ثمان وأربعين. وكان المبرد يقول: لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان الْمَازِنِيِّ. قال المبرّد: قال أبو عثمان الْمَازِنِيِّ: قرأ علي رَجُل كتاب سيبويه فِي مدة طويلة، فلما بلغ أخره قال: أما إنّي ما فهمتُ منه حرفًا، وأمّا أنت فجزاك اللَّه خيرًا. وقال الْمَازِنِيِّ: قرأت القرآن على يعقوب، فلما ختمت رمى إلي بخاتمه وقال: خذه، ليس لك مثل. وكان الْمَازِنِيِّ ذا دينٍ وورع. قيل: إنّ يهوديًا أتاه ليقرأ عليه كتاب سِيبَوَيْه وبذل له مائة دينار، فامتنع وقال: هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة آية ونيّف، ولستُ أمكِّنُ منه ذِمِّيّا. وقال بكّار بْن قُتَيْبَةَ القاضي: ما رَأَيْت، نحْويّا يشبه الفقهاء إلا حبان بن هلال، والمازني. وقال المبرّد: كان الْمَازِنِيِّ إذا ناظر أهل الكلام لم يستعِن بشيء من النَّحْو، وإذا ناظَره النُّحاة لم يستعن بشيءٍ من الكلام. وعن الْمَازِنِيّ قال: حضرت مجلس المتوكّل، وحضر يعقوب بْن السِّكّيت، فقال: تكلَّما فِي مسألة.   1 مشاهير علماء الأمصار "153"، ومعجم الأدباء "2/ 380"، والبداية "10/ 302"، والتهذيب "12/ 178". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 139 فقلت: تكلَّما فِي مسألة. فقلت ليعقوب: ما وزن نَكْتَل؟ فقال: نفعل. قلت: اتَّئِدْ. ففكّر وقال: نفتعل. قلت: نكتل أربعة أحرف، ونفتعل خمسة. فسكت. فقال المتوكّل: ما الجواب؟ قلت: وزنها فِي الأصل نفتعِل لأنّها نكتيل، فلمّا تحرّك حرف العِلَّة، وانفتح ما قبله، وقُلِب ألفا، فصارت نكتال، ثُمَّ حُذِفت الألف للجزْم، فبقيت نَكْتَلْ. فقال المتوكلْ: هذا هُوَ الحقّ. فلمّا خرجنا قال يعقوب: بَالغْتَ اليوم فِي أذاي. قلت: لم أقصدك بسوء1. وقيل: إن جاريةً غنَّت الواثق: أَظَلُومٌ إنّ مُصابكم رجلا ... أهدى السّلام تحيّةً ظلْمٌ فقال بعض الحاضرين: رجل، بالرفع. فقالت: هكذا لقنني الْمَازِنِيِّ. فطلبه الواثق فقال: إن معناه إن إصابتكم رجلا كقوله إن ضربك زَيْدا فالرجل مفعول، وظلم هُوَ الخبر. قال: فأعطاني الواثق ألف دينار. 111- بكر بن النّطّاح2. من أعيان الشعراء. كان في هذا الزمان.   1 وفيات الأعيان "6/ 397، 398" في ترجمة "ابن السكيت". 2 الأغاني "19/ 39-52"، وحياة الحيوان "3/ 196"، وتاريخ بغداد "7/ 90، 91"، وفوات الوفيات "1/ 146-148". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 140 "حرف التاء": 112- تميم بن المنتصر بن تميم بن الصلت1 -د. ن. ق- أبو عبد الله الهاشمي مولى ابن عبّاس، أبو عبد الله الواسطيّ. عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق، ومحمد بن يزيد الواسطيّ، وأبي هَمّام بن الزّبْرقان، ويزيد بن هارون، وطائفة. وعنه: سِبْطاه: أسْلَم بن سهل الحافظ بَحْشَل، وخليل بن أبي دانة، ود. ن. ق، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وجعفر الفِرْيابيّ، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمود بن محمد الواسطي، وآخرون. وكان محدثا ثقة. مات سنة أربع وأربعين. "حرف الجيم": 113- جابر بن كردي الواسطي2. عن: يزيد بْن هارون، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ. وعنه: محمد بن جرير، وابن صاعد. قال النسائي: لا بأس به. 114- الجارود بن معاذ السلمي الترمذي3 -ت. ن- أبو معاذ، وأبو داود. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي خالد الأحمر، والفضل بن موسى السِّينانيّ، والوليد بن مسلم، ووَكِيع، و ... وطائفة. وعنه: ت. ن، وابنه محمد بن الجارود، ومحمد بن عليّ الحكيم التِّرْمِذيّ، وأحمد بن عليّ الأبّار، ومحمود بن محمد المَرْوَزِيّ، وطائفة. قال النسائي: ثقة.   1 تاريخ الطبري "1/ 15، 16"، والتهذيب "1/ 514". 2 تاريخ بغداد "7/ 238"، والتهذيب "2/ 44". 3 التهذيب "2/ 53"، والثقات "8/ 166". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 141 قال ابن عساكر: مات سنة أربع وأربعين. 115- جبارة بن المغلس1 -ق- أبو محمد الحماني الكوفي. عن: شبيب بن شبّة، وأبي بكر النَّهْشَليّ، وأبي شَيْبة إبراهيم بن عثمان العبْسيّ، وعبد الأعلى بن أبي المُسَاوِر، وعُبَيْد بن وسيم الجمّال، وقيس بن الربيع، وأبي عَوَانَة، وطائفة. وعنه: ق، وابن أخيه أحمد بن الصلت الحِمّانيّ، وبَقِيّ بن مَخْلَد، والحسين بن إدريس الهَرَويّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومطين، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي شيبة، والحَسَن بن سُفْيان، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، والحسين بن بحر البَيْرُوذِيّ، وعَبْدان، وطائفة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: عرضت على أبي أحاديث سمعتها من جبارة فأنكر بعضها وقال: هذه موضوعة. وقال البخاريّ: مضطّرب الحديث. وقال أبو معين الحسين بن الحسن الرازي عن ابن مَعِين: كذّاب. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: ما هو ممّن يكذب. كان يوضع له الحديث فيُحدّث به. قال البخاريّ: مات بالكوفة سنة إحدى وأربعين. وقال مُوسَى بْن هارون: وقد قارب الأربعين. 116- الجرّاح بن عبد الله بن الفَرَج التُّجَيْبيّ2. مولاهم المصريّ. سمع من: ابن وهْب مع يونس بن عبد الأعلى. قَالَ ابن يونس: تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ.   1 الطبقات لابن سعد "6/ 415"، والنجوم الزاهرة "2/ 306"، وشذرات الذهب "2/ 98". 2 المعرفة والتاريخ "1/ 593" للفسوي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 142 117- الجرّاح بن مَخْلَد العِجْليّ البصْريّ القزّاز1 -ت- عن: مُعّاذ بن هشام، ورَوْح بن عُبَادة، وأبي داود الطَّيالِسيّ، ووهْب بن جرير، وسَلْم بن قُتَيْبَة، وجماعة. وعنه: ت، وأبو داود في كتاب القَدر، والبخاريّ في التاريخ، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو بكر بن أبي داود، وابن صاعد، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وأبو عروبة، وعبدان، وآخرون. وكان ثقة. 118- جعفر المتوكّل على الله2. أمير المؤمنين أبو الفضل بْن المعتصم بالله أَبِي إِسْحَاق محمد بْن هارون الرشيد القرشي العبّاسيّ البغداديّ. وُلِدَ سنة خمسٍ ومائتين، وبُويع فِي ذي الحجّة سنة اثنتين وثلاثين بعد الواثق. وقيل: بل وُلِدَ سنة سبْعٍ ومائتين. حكي عن: أبيه، ويحيى بْن أكثم. وعنه: علي بن الجهم الشاعر، وغيره. وكان أسمر، مليح العينين، نحيف الجسم، خفيف العارضين، إلى القصر أقرب3. وأمه أمّ ولد اسمها: شُجاع. قال خليفة: استخلف المتوكّل، فأظهر السنة، وعمل بها فِي مجلسه، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة وإظهار السنة، وَبَسَطَها ونصر أهلها، يعني محنة خلْق القرآن. وقد قدِم دمشق فِي صفر سنة أربعٍ وأربعين وعزم على المُقام بها وأعجبته، ونقل دواوين المُلْك إليها. وأمر بالبناء بها. وأمر للأتراك بما أرضاهم من الأموال، وبنى قصرا كبيرًا بدَارَيّا من جهة المزة.   1 الجرح والتعديل "2/ 524"، والثقات "8/ 164". 2 المعارف "393" لابن قتيبة، وتاريخ بغداد "7/ 165-172"، والروض المعطار للحميري "17، 112"، ومرآة الجنان "2/ 154"، وذم الهوى "268" لابن الجوزي. 3 راجع تاريخ بغداد "7/ 172". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 143 قال عليّ بْن الْجَهْم: كانت للمتوكّل جُمّة إلى شحمة أُذُنَيه كأبيه وعمّه. وقال ابن أبي الدّنيا: أمّ المتوكّل أم ولد اسمُها شجاع1. وقال الفَسَويّ: بُويع له لستٍّ بقين من ذي الحجّة. خرج من دمشق المتوكّل بعد إقامة شهرين وأيّام، ورجع إلى سامرّاء دار ملكه على طريق الفُرات، وعرّج من الأنبار. وقيل: إنّ إسرائيل بْن زكريّا الطبيب نعتَ له دمشق، وأنها توافق مزاجَه وتُذْهِبُ عَنْهُ العِلَل التي تَعْرِض له فِي الصَّيْف بالعراق. وقال خليفة: حجّ المتوكّل بالنّاس قبل الخلافة فِي سنة سبْعٍ وعشرين. وكان إبراهيم بْن محمد التيَّمِيُّ قاضي البصرة يقول: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق يوم الردة، وعمر بْن عبد العزيز فِي ردّ مظالم بني أُميّة، والمتوكّل فِي مَحْو البِدَع وإظهار السنة2. وقال يزيد بْن محمد المهلَّبيّ: قال لي المتوكّل: يا مُهَلَّبيّ، إنّ الخلفاء كانت تتصعَّب على النّاس ليطيعوهم، وأنا ألين لهم ليحبّوني ويُطيعوني3. وحكى الأعسم أنّ عليّ بْن الْجَهْم دخل على المتوكّل وبيده دِرَّتان يقلِّبهما، فأنشده قصيدةً له يقول فِيها: وإذا مررت ببئر عر ... وة فاسْقني من مائها قال: فَدَحَا إليَّ بالدرّة، فقلَّبتها، فقال: تستنقص بها! وهي والله خيرٌ من مائة ألف. قلت: لا والله، ولكنّي فكّرت فِي أبياتٍ أعملها آخذ بها الأخرى. فقال: قُلْ. فقلت: بِسُرّ مَن رَأَى إمامٌ عدل ... تغرف من بحره البحار   1 تاريخ بغداد "7/ 166". 2 تاريخ بغداد "7/ 170". 3 الإنباء في تاريخ الخلفاء "117"، وتاريخ الخلفاء للسيوطي "352". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 144 يُرْجَى ويُخْشَى لكلّ خَطْب ... كأنّه جنّةٌ ونارُ المُلْكُ فِيهِ وفي بنيه ... ما اختلف اللّيل والنهارُ يداه فِي الْجُود صرّتان ... عليه كِلتاهما تغارُ لم تأتِ منه اليمينُ شيئًا ... إلا أتت مثلَها اليسارُ1 قال: فدحا التي فِي يساره وقال: خُذْها، لَا بارَكَ اللَّه لك فِيها. قَالَ الخطيب أبو بَكْر: ورُويت هذه الأبيات للبُحْتَريّ فِي المتوكّل2. وعن مروان بْن أبي الْجَنُوب أنّه مدح المتوكّل، فأمر له بمائة ألفٍ وعشرين ألفًا، وبخمسين ثوبًا. وقال علي بْن الْجَهْم: كان المتوكّل مشغوفًا بقبيحةٍ لا يصبر عَنْها، فوقفت له يومًا وقد كَتَبَتْ على خدّها بالغالية جَعْفَر. فتأمّلها ثُمَّ أنشأ يقول: وكاتبةٍ فِي الخد بالمِسْك جعفرًا ... بنفسي مَحَطُّ المِسْكِ من حيثُ أثَّرا لَئِنْ أَوْدَعَتْ سطرًا من المِسْك خدَّها ... لقد أَوْدَعَتْ قلبي من الحبّ أَسْطُرا3 قد ورد عن المتوكّل شيء من الحديث. ويقال: إنّه سلَّم عليه بالخلافة ثمانيةٌ كلّ واحدٍ منهم أَبُوهُ خليفة: مَنْصُورٌ بْن المهديّ، والعبّاس بْن الهادي، وأبو أحمد بْن الرشيد، وعبد اللَّه بْن الأمين، وموسى بْن المأمون، وأحمد بْن المعتصم، ومحمد بْن الواثق، وابنه المنتصر ابن المتوكّل. وكان جوادًا ممدحًا؛ ويقال: ما أعطى خليفةٌ شاعرًا ما أعطى المتوكّل. وفيه يقول مروان بن أبي الجنوب: فأمْسِك نَدَى كفّيك عنّي ولا تزد ... فقد خفت أن أطعنى وأن أتجبّرا فقال: لا أُمْسِك حَتَّى يُغرقك جودي.   1 تاريخ بغداد "7/ 167". 2 انظر السابق. 3 راجع الأغاني "19/ 311"، والنجوم الزاهرة "2/ 325". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 145 وقد بايع بولاية العهد ولَده المنتصر، ثُمَّ إنّه أراد أن يعزله ويولّي المعتزّ أخاه لمحبّته لأمّه قبيحة، فسأل المنتصر أن ينزل عن العهد، فأبى. وكان يُحضِره مجالس العامّة، ويحطّ منزلته ويتهدّده، ويشتمه ويتوعَّده. واتّفق أن التُّرْك انحرفوا عن المتوكّل لكونه صادَر وصِيفًا وبُغا، وجرت أمور، فاتّفق الأتراك مع المنتصر على قتل أَبِيهِ. فدخل عليه خمسةٌ فِي جوف اللّيل وهو فِي مجلس لَهْوه فِي خامس شوّال، فقتلوه سنة سبَعٍ وأربعين. وورد أنّ بعضهم رآه فِي النّومِ، فَقَالَ لَهُ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي بقليل من السنة أَحْيَيَتُها1. وقد كان المتوكّل منهمكًا فِي اللَّذّات والشُّرْب، فلعلّه رُحِمَ بالسنة، ولم يصحّ عَنْهُ النَّصْب2. قال المسعوديّ: ثنا ابن عَرَفَة النَّحْويّ، ثنا المبرّد قال: قال المتوكّل لأبي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر الصّادق: ما يقول ولدُ أبيك فِي الْعَبَّاس؟ قال: ما تقولُ يا أمير المؤمنين فِي رَجُلٍ فَرَض اللَّه طاعة نبيّه على خلُقه، وافترض طاعته على نبيّه. وكان قد سُعي بأبي الْحَسَن إلى المتوكًل، وإنّ فِي منزله سلاحًا وكتبًا من أهل قُمّ، ومِن نيّته التَّوَثُّب. فكبس بيته ليلا، فوُجِد فِي بيتٍ عليه مدرّعة صوف، متوجّه إلى ربّه يقوم بآيات. فَأُخِذ كهيئته إلى المتوكل وهو يشرب، فأعظمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس فقال: ما خامر لحمي ودمي قطّ، فاعفِني منه. فأعفاه وقال: أنشِدْني شِعْرًا. فأنشده. باتوا على قُلَل الأجبالَ تحرسهم ... غُلْبُ الرجال ولم تنفعهم الْقُللُ3 الأبيات. فبكى لله المتوكّل طويلا، وأمَر برفع الشّراب، وقال: يا أَبَا الْحَسَن لقد ليَّنت هنا   1 تاريخ بغداد "7/ 170". 2 النصب: مصطلح يعرف به الجماعة الذين تعصبوا على الإمام علي -رضي الله عنه- يعني بهم من انتصبوا لعداوة الإمام علي وشيعته. 3 الشاهد في مروج الذهب "4/ 94" بنحوه. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 146 قلوبًا قاسية. أعليك دَيْنٌ؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار. فأمر له وردّه مكرَّمًا. وحكى المسعوديّ أنّ بُغا الصّغير دعا بباغِر التُّركيّ، وكان باغر أهوج مِقْدامًا، فكلَّمه واختبره فِي أشياء، فوجده مُسارِعًا إليها، فقال: يا باغر هذا المنتصر قد صحّ عندي أنّه عامِلٌ على قتْلي، وأريد أن تقتله، فكيف قلبك؟ ففكّر طويلا ثُمَّ قال: هذا لا شيء، كيف نقتله وأبوه، يعني المتوكّل، باقٍ، إذا يقتلكم أَبُوهُ. قال: فما الرأي عندك؟ قال: نبدأ بالأب. قال: ويْحك، وتفعل؟ قال: نعم، وهو الصّواب. قال: انظر ما تقول. وردّد عليه، فوجده ثابتًا، ثُمَّ قال له: فادخل أنت على أثري فإن قتلتُه وإلا فاقتُلْني وضَعْ سيفَك عليَّ وقُلْ: أراد أن يقتل مولاه. فتمّ التّدبير لبُغا فِي قتل المتوكّل. حدَّث البُحْتُريّ قال: اجتمعنا فِي مجلس المتوكّل، فَذُكِر له سيف هِنْديّ، فبعث إلى اليمن فاشْتُرَى له بعشرة آلاف وأُتي به فأعجبه، ثُمَّ قال للفتح: ابغِني غلامًا أدفع إليه هذا السّيف لا يفارقْني به. فأقبل باغر التُّرْكيّ، فقال الفتح بْن خاقان: هذا موصوف بالشّجاعة والبسالة فدفع المتوكّل إليه السِّيف وزاد فِي أرزاقه، فوالله ما انتضى ذلك السّيف إلى ليلة ضَرَبَه بها باغر. فلقد رَأَيْت من المتوكّل فِي اللّيلة التي قُتِل فيها عَجَبًا. تذاكَرْنا الكِبْر، فأخذ يذمُّه ويتبرّأ منه. ثُمَّ سجد وعفَّر وجهه بالتّراب، ونثر من التّراب على رأسه ولِحْيَته وقال: إنّما أَنَا عَبْدٌ. فتطيّرت له من التّراب. ثُمَّ جلس للشُّرْب، وعمل فِيهِ النّبيذ، وَغَنَّى صوتًا أعجبّه فبكى، فتطيّرت من بكائه. فإنّا فِي ذلك إذ بَعَثَتْ إليه قبيحة بخلُعة استَعْمَلَتْها له دُرَاعة حمراء خَزّ، ومُطْرَف خَزّ، فلبِسها، ثُمَّ جذب المطرف فخرقه من طرفه إلى طرفه وقلعه وقال: اذهبوا ليكون كَفَني. فقلت: إنّا لله، انقضت والله المدّة، وسكر المتوكّل سكرًا شديدًا، ومضى من الجزء: 18 ¦ الصفحة: 147 اللّيل ثلاثُ ساعات، إذ أقبلَ باغر ومعه عشرة نفر من الأتراك تبرق أسيافهم فهجموا علينا، وقصدوا المتوكّل. وصعِد منهم واحدٌ إلى السّرير، فصاح الفتح: ويلكم مولاكم. وتهارب الغلْمان والْجُلَساء والنُّدَماء على وجوههم، وبقي الفتح وحده، فما رَأَيْت أقوى نَفْسًا منه، بقي يمانعهم، فسمعتُ صيحة المتوكّل وقد ضربه باغَر بالسّيف المذكور على عاتقه، فَقَدَّه إلى خاصِرته، وضربه آخرٌ بالسّيف، فأخرجه من ظهره، وهو صابر لا يزول، ثُمَّ طرح نفسه على المتوكّل، فماتا فلُفّا فِي بساطٍ، وطُرِحا ناحية، فلم يزالا فِي ليلتهما وعامّة النهار، ثُمَّ دُفِنا معًا. وكان بُغا الصغير قد استوحش من المتوكّل لكلامٍ لَحِقَه منه. وكان المنتصر يتألف الأتراك لا سيّما مَن يبعده أَبُوهُ1. قال المسعوديّ: ونُقِل فِي قِتْلته غير ما ذكرنا. قال: وأنفق المتوكّل على الهارونيّ والْجَوْسَق والْجَعْفَريّ أكثر من مائتي ألف ألف دِرهم. ويقال: إنه كان له أربعة آلاف سرية وطئ الجميع؛ ومات وفي بيت المال أربعة آلاف ألف دينار، وسبعة آلاف دِرهم. ولا يُعلمُ أحدٌ متقدّم فِي جِدٍّ أو هَزْل إلا وقد حظي بدولته، ووصل إليه نصيب وافرٌ مِن المال2. ذكر محمد بْن أبي عَوْن قال: حضرت مجلس المتوكّل وعنده محمد بْن عبد الله بْن طاهر، فغمز المتوكّل مملوكًا مليحًا أن يسقى الْحُسَيْن بْن الضّحّاك الخليع كأسًا ويحييه بتُفّاحة عنبر. فأنشأ الخليع يقول: وكالدرة البيضاء حيا بعنبر ... من الورد يسعى قرائط كالوردِ له عَبَثاتٌ عند كلّ تحيّة ... بعينيه تستدعي الخَليَّ إلى الوجْدِ تمّنيتُ أن أُسْقَى بكفّيه شُرْبةً ... تُذَكّرُني ما قد نسِيتُ من العهد سقى اللَّه دَهْرًا لم أبِتْ فِيهِ ساعةً ... من الدَّهْرِ إلا من حبيبٍ على وعد   1 ورد هذا الخبر في مروج الذهب "4/ 118-121". 2 مروج الذهب "4/ 122" وما بعدها. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 148 فقال المتوكل: أحسنت والله؛ يعطى لكل بيت ألف دينار1. ولما قتل رثته الشعراء، فمن ذلك قول يزيد المهلبي: جاءت مَنيته والعينُ هاجعة ... هلا أَتَتْهُ المَنَايا والقنا قِصَدُ خليفة لم يَنَلْ ما ناله أحدٌ ... ولم يُصَغْ مثله روحٌ ولا جَسَدٌ2 قال علي بْن الجهم: أهدى ابن طاهر إلى المتوكل وصائف عدة فيها محبوبة، وكانت عالمة بصنوف من العلم عوادة، فحلت من المتوكل محلا يفوق الوصف. فلما قتل ضمت إلى بغا الكبير، فدخلت عليه يوما للمنادمة، فأمر بهتك الستر، وأمر القيان، فأقبلن يرفلن فِي الحلى والحلل. وأقبلت محبوبة فِي ثياب بيض، فجلست منكسرة، فقال: غن. فاعتلت. فأقسم عليها. وأمر بالعود فوضع فِي حجرها، فغنت ارتجالا على العود: أي عيش عيلذ لي ... لا أرى فِيهِ جعفرا ملِك قد رَأَيُتُه ... فِي نجيعٍ معُفرا كل مَن كان ذا خبـ ... ـال وسُقْمٍ فقد بَرَا غير محبوبة التي ... لو ترى الموتُ يُشترا لاشترته بما حَوَتْهُ يداها لتُقْبرا فغضب وأمر بها فسحبت، فكان آخر العهد بها3. وبويع المنتصر بالله ابن المتوكل صبيحتئذ بالقصر الجعفري، وسنه ثلاث وعشرون سنة. 119- الجمّاز اسمه محمد بن عَمْرو الشّاعر النّديم4. من أهل البصرة.   1 انظر المصدر السابق. 2 مروج الذهب "4/ 124". 3 مروج الذهب "4/ 127". 4 تاريخ الطبري "9/ 189"، والأذكياء لابن الجوزي "134، 141، 152"، ووفيات الأعيان "2/ 351". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 149 عُمِّر دهرا، وكان يقول: أَنَا أسنُّ من أبي نُوَاس1. طلبه المتوكلّ، فلمّا حضر قال: إني أريد أن استبرئك. فقال: بحَيْضةٍ يا أمير المؤمنين أم بحَيْضَتَين؟ ثُمَّ عبث به ابن خاقان، فقال: إنّ أميرَ المؤمنين قد عزم على أن يولّيك جزيرةَ القرود. قال: أَفَعَلَيْكَ سمعٌ وطاعة2؟. ومرَّ مع رفيقٍ له المغرب، فرآهما إمامٌ فشرعَ يقيم الصّلاة، فقال: اصبر، أما نَهْيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ تلّقي الْجَلب3. وحضر عند أمير سِماطًا، فبقي يحوّل إليه زبادي فارغة وناقصة فقال: أيّها الأمير نَحْنُ اليومُ عصبة ربّما فضل لنا شيء، وربّما حوّله أهلُ السّهام. "حرف الحاء": 120- الحارث بن أسد المُحَاسِبيّ4. أبو عبد الله البغداديّ الصّوفيّ الزّاهد، العارف، صاحب المصنَّفات في أحوال القوم. روى عن: يزيد بن هارون، وغيره5. وعنه: أبو العبّاس بن مسروق، وأحمد بن القاسم أخو أبي اللَّيْث، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، والْجُنيد رحمه الله، وإسماعيل بن إسحاق السّرّاج، وأبو عليّ بن خيْران الفقيه واسمه حسين. قال الخطيب: وله كُتُب كثيرة فِي الزُّهد، وأصول الديانة، والرد على المعتزلة والرافضة6.   1 تاريخ بغداد "3/ 125". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 تاريخ بغداد "8/ 211-216"، والزهد للبيهقي "149"، والأعلام "2/ 153". 5 سير أعلام النبلاء "10/ 100". 6 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 150 قال الْجُنَيْد: مات والدُ الحارث يوم مات، وإنّ الحارث لَمُحْتَاجٌ إلى دانِق، وخلّف مالا كثيرا، فما أخذ منه الحارث حبة وقال: أهلُ ملَّتين لا يتوارثان. وكان أَبُوهُ واقفيّا1، يعني يقف في القرآن لا يقول: مخلوق، ولا غير مخلوق2. وقال أبو الْحَسَن بْن مُقْسِم: سمعت أَبَا عليّ بْن خيران الفقيه يقول: رَأَيْت الحارث بْن أسد بباب الطّاق متعلّقا بأبيه، والنّاس قد اجتمعوا عليه يقول له: طلّق أمي، فإنّك على دينٍ وهي على غيره3. وقال أبو نُعَيّم: أنبأنا الخلدي: سمعت الجندي يقول: كان الحارث يجيء إلى منزلنا فيقول: اخرج معنا نُصْحِر. فأقول: تُخْرجني من عُزْلتي وأمْني على نفسي إلى الطُّرُقات والآفات ورؤية الشَّهَوات؟ فيقول: أخرج معي ولا خوف عليك. فأخرج معه. فكأنّ الطريق فارغ من كلّ شيء، لا نرى شيئًا نكرهه. فإذا حصلتُ معه فِي المكان الَّذِي يجلس فِيهِ يقول: سَلْني. فأقول: ما عندي سؤال. ثُمَّ تَنْثَالُ عليَّ السؤالات، فأسأله فيجيبني للوقت، ثُمَّ يمضي فيعملها كُتُبًا. وكان يقول لي: كم تقول عُزْلتي أُنسي، لو أنّ نصف الخلق تقرّبوا منّي ما وجدتُ بهم أُنْسًا، ولو أنّ النّصف الآخر نأى عنّي ما استوحشت لبُعْدِهم. واجتاز بي الحارث يومًا، وكان كثير الضّرّ، فرأيتُ على وجهه زيادة الضّرّ من الجوع. فقلت: يا عمُّ، لو دخَلْتَ إلينا؟ قال: أوَ تَفعَل؟ قلت: نعم، وتَسُرّني بذلك. فدخلتُ بين يديه، وعمدت إلى بيت عمّي، وكان لا يخلو من أطْعِمة فاخرة، فجئت بأنواع من الطّعام، فأخذ لُقْمةً، فرأيته يلوكها ولا يَزْدَرِدها. فوثب وخرج وما كلَّمني. فلمّا كان من الغد لقيته فقلت: يا عمّ، سَرَرْتني، ثم نغصت علي. قال: يا   1 "الواقفية": هم الذين يقفون في مسألة خلق القرآن، فلا يقولون مخلوق ولا غير مخلوق. 2 سير أعلام النبلاء "10/ 100". 3 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 151 بُنيّ أمّا الفاقة فكانت شديدة، وقد اجتهدتُ أن أنال من الطّعام، ولكن بيني وبين اللَّه علامة، إذا لم يكن الطّعام رَضيّا ارتفع إلى أنفي منه زَفْرة1، فلم تقبلْه نفسي؛ فقد رميت بتلك اللُّقْمة فِي دِهْليزكم2. وقال ابن مسروق: قال حارث المحاسبيّ: لكلّ شيء جوهر، وجوهر الإنسان العقل، وجوهر العقل التَّوفيق. قال: وسمعت الحارث يقول: ثلاثة أشياء عزيزة: حُسن الوجه مع الصيانة، وحُسن الخَلْق مع الدِّيانة، وحُسن الإخاءِ مع الأمانة3. ومن كلامه: تَرْكُ الدُّنيا مع ذِكرها صفة الزّاهدين. وتَرْكها مع نسيانها صفة العارفين4. وقد كان الحارث كبير الشّأن قليل المِثْل، لكنّه دخل في شيء يسير من الكلام، فنقموه عليه. قال أحمد بْن إسحاق الصِبْغيّ الفقيه: سمعت إسماعيل بْن إسحاق السّرّاج يقول: قال لي أحمد بْن حنبل: يبلغني أنّ الحارث هذا يُكِثر الكَوْن عندك، فلو أحضرتَه منزلَكَ وأجلستني من حيث لا يراني، فأَسْمَع كلامَهُ. فقصدت الحارث، وسألته أن يحضرنا تلك اللّيلة، وأن يُحضِر أصحابَه. فقال: فيهم كثرة، فلا تُزِدْهم على الكُسْبِ والتَّمر. فأتيت أَبَا عبد الله فأعلمته، فحضر إلى غرفةٍ واجتهد فِي وِرْده، وحضر الحارث وأصحابه فأكلوا، ثُمَّ صلُّوا العتمة، ولم يصلُّوا بعدها، وقعدوا بين يدي الحارث لا ينطقون إلى قرب نصف اللّيل. ثُمَّ ابتدأ رَجُل منهم، فسأل عن مسألة، فأخذ الحارث فِي الكلام، وأصحابه يستمعون وكأن على رءوسهم الطَّير، فمنهم مَن يبكي، ومنهم مَن يحنّ، ومنهم من يزعق، وهو في كلامه.   1 وفي تهذيب الكمال "5/ 211": "زفورة". 2 حلية الأولياء "10/ 74"، و"صفة الصفوة" "2/ 368". 3 صفة الصفوة "2/ 367". 4 الزهد الكبير "149، 312" للبيهقي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 152 فصعدتُ الغرفة لأتعرَّف حال أبي عبد الله، فوجدته قد بكى حَتَّى غُشِي عليه، فانصرفتُ إليهم. ولم تزل تلك حالهم حَتَّى أصبحوا فقاموا وتفرّقوا، فصعدت إلى أَبِي عبد الله وهو متغيّر الحال، فقلت: كيف رَأَيْت هؤلاء يا أَبَا عبد الله؟ فقال: ما أعلم أنّي رَأَيْت مثل هؤلاء القوم، ولا سمعت فِي علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل، ومع هذا فلا أرى لك صُحْبتهم. ثُمَّ قام وخرج. رواها أبو عبد الله الحاكم، عن الصِبْغيّ1. وقال سَعِيد بْن عمرو البَرْدعيّ: شهدتُ أَبَا زُرْعة، وَسُئِلَ عن الحارث المُحَاسبيّ وكُتُبه، فقالَّ: إيّاك وهذه الكُتُب، هذه كُتُب بِدَعٍ وضَلالات. عليك بالأثر، فإنّك تجد فِيهِ ما يُغْنيك عن هذه الكُتُب. قيل له: هذه الكُتْب عِبْرة. قال: مَن لم يكن له فِي كتاب اللَّه عِبْرة، فليس له فِي هذه الكُتُب عِبْرة. بَلَغَكم أنّ مالكًا، والثَّوريّ، والأوزاعيّ، صنَّفوا هذه الكُتُب فِي الخطرات والوساوس؟ ما أسرع النّاس للبِدَع2. وقال أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ فِي طبقات النُّسّاك: كان الحارث قد كتب الحديث وتفقّه، وعرف مذاهب النُّسّاك وآثارهم وأخبارهم. وكان من العلم بموضع، لولا أنّه تكلَّم فِي مسألة اللَّفْظ ومسألة الْإِيمَان، صحِبَه جماعة، وكان الْحَسَن المسوحيّ مِن أسنِّهم3. وقال أبو القاسم النَّصْراباذيّ: بَلَغَني أنّ الحارث تكلَّم فِي شيءٍ من الكلام، فهجَره أحمد بن حنبل، فاختفى في الدار ببغداد ومات فيها. ولم يُصَلِّ عليه إلا أربعةُ نَفَر. ومات سنة ثلاثٍ وأربعين. قال الْحُسَيْن بْن عبد الله الخِرَقيّ: سَأَلت المَرُّوذيّ عن ما أنكَر أبو عبد الله على المُحَاسبيّ فقال: قلت لأبي عبد الله: قد خرج المُحاسبيّ إلى الكوفة فكتب الحديث وقال: أَنَا أتوب مِن جميع ما أنكر عليّ أبو عبد الله.   1 طبقات الشافعية الكبرى "2/ 39، 40"، للسبكي. 2 تاريخ بغداد "8/ 215". 3 وفيات الأعيان "2/ 58". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 153 فقال: ليس لحارث توبة. يشهدون عليه بالشّيء ويجحد؛ إنّما التَّوبة لمن اعترف. فأمّا من شُهِد عليه وجَحَد فليس له توبة. ثُمَّ قال: احذروا عن حارث بالآفة إلا ..... فقلت: إنّ أَبَا بَكْر بْن حَمَّاد قال لي إنّ الحارث مرَّ به ومعه أبو حفص الخصّاف. قال: فقلت له: يا أَبَا عبد الله، تقول إنّ كلام اللَّه بصوت. فقال لأبي حفص: أجِبْه. فقال أبو حفص: مَتَى قلت بصوتٍ احتجتَ أن تقول بكذا وكذا. فقلت للحارث: إيش تقول أنت؟ قال: قد أجابك أبو حفص. فقال: أبو عبد الله أحمد بْن حنبل: أَنَا من اليوم أُحذّر عن حارث. حَدَّثَنَي الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ صَوْتَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ. قلت: وبعد هذا فرحِم اللَّه الحارث، وأين مثل الحارث؟ الحارث بْن أسد الهْمداني الْمَصْرِيّ. يأتي فِي الطبقة الآتية. 121- الحارث بن أسد بن عبد الله1. قاضي سِنْجار. روى عن: مروان بن محمد. وعنه: إبراهيم بن رحمون، وطلحة بن بكر السّنْجاريّان. ذكره شيخنا المزّي للتمييز، ولا أعلم متى كان. وقد مر: الحارث بْن أسد العَتَكيّ فِي عشَرٍ ومائتين.   1 تهذيب التهذيب "2/ 136"، وخلاصة تذهيب التهذيب "67". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 154 والحارث بْن أسد الإفريقيّ الفقيه صاحب مالك، سنة ثمانٍ ومائتين. 122- الحارث بن مسكين بن محمد بن يوسف1 -د. ن- قاضي الدّيار المصرية أبو عَمْرو الفقيه، مولى زبّان بن عبد العزيز بن مروان الأُمويّ. سأل اللَّيْث بن سعد عن مسألة، وتفقَّه بابن وهْب، وابن القاسم، وروى عنهما. وعن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وأشهب، ويوسف بن عَمْرو الفارسيّ، وبِشْر بن عمر الزهراني، وجماعة. وعنه: د. ن، وابنه أحمد بن الحارث، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو يعلى المَوْصِليّ، وعليّ بن الحَسَن بن قُديد، ومحمد بن زبّان بن حبيب، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بن محمد بن يونس السّمْنانيّ، وآخرون. سُئِل عنه أحمد بن حنبل فقال فيه قولا جميلا2. وقال ابن مَعِين: لا بأس به3. ونقل عليّ بْن الحسين بن حبان، عن أبيه قال: قال أبو زكريّا: الحارثُ بْن مِسكين خيرٌ من أصْبغ بْن الفَرَج وأفضل. وقال النَّسائيّ: ثقة مأمون4. وقال أبو بَكْر الخطيب: كان فقيهًا ثبتًا؛ حمله المأمون إلى بغداد وسجنه فِي المحنة، فلم يُجِبْ. فلم يزل محبوسًا ببغداد إلى أن وليَ المتوكّل فأطلقه، فحدَّث ببغداد ورجع إلى مصر. وكتب إليه المتوكّل بقضاء مصر. فلم يزل يتولاه من سنة سبْعٍ وثلاثين إلى أن استعفى من القضاء، فَصُرِف عَنْهُ سنة خمسٍ وأربعين ومائتين. قال بحر بْن نصر: عرفتُ الحارث أيّام ابن وهْب على طريقة زهادة وورع وصدق حتى مات.   1 التاريخ الصغير "537" للبخاري، طبقات الفقهاء "154" للشيرازي، وتذكرة الحفاظ "2/ 514"، والتهذيب "2/ 156-158"، والبداية "11/ 7". 2 تاريخ بغداد "8/ 216، 217". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 155 قلت: كان مع تبحُّره فِي العلم، قَوَّالا بالحق، عديم النّظير. قال يوسف بْن يزيد القراطيسيّ: قدِم المأمون مصر وبها مَن يتظلَّم من إبراهيم بْن تميم، وأحمد بْن أسباط عاملَيْ مصر، فجلس الفضل بْن مروان فِي الجامع، واجتمع الأعيان: فأُحْضِر الحارث بْن مِسكين ليولِّي القضاء، فبينا الفضل يكلِّمه إذْ قال المتظلِّم: سَلْهُ أصلحكَ اللَّه عن ابن تميم وابن أسباط. فقال: ليس لِذا حضَر. قال: أصلحك اللَّه سَلْهُ. فقال له الفضل: ما تقول فيهما؟ قال: ظالمين غاشمين. فاضطرب المسجد، فقام الفضل فأعلم المأمون وقال: خفت على نفسي من ثورة النّاس مع الحارث. فطلبَه المأمون، فابتدأه بالأمثال، ثُمَّ قال: ما تقول فِي هذين الرجُلَين. قال: ظالِمَيْن غاشِمَيْن. قال: هَلْ ظلماك بشيء؟ قال: لا. قال: فعاملتها؟ قال: لا. قال: فكيف شهدت عليهما؟ قال: كما شهدت أنّك أمير المؤمنين، ولم أرك إلا السّاعة. قال: اخرج من هذه البلاد، وبعْ قليلك وكثيرك. وحبسه فِي خيمة، ثُمَّ انحدر إلى البَشَرُود فأحْدَرَه معه، فلمّا فتح البَشَرُود أحضر الحارث، ثُمَّ سأله عن المسألةِ الّتي سأله عَنْهَا بمصر، فردَّ الجواب بعينه. قال: فما تقول فِي خروجنا هذا؟ قال: أخبرني ابن القاسم، عن مالك أنّ الرشيد كتب إليه يسأله عن قتالهم. فقال: إنْ كانوا خرجوا عن ظُلْمٍ من السّلطان فلا يحلّ قتالهم، وإن كانوا إنّما شقّوا العَصَا فقِتالهم حلال. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 156 فقال له: أنت تَيْس، ومالك أتَيْس منك. ارحل عن مصر. فقال: يا أمير المؤمنين إلى الثُّغُور؟ قال: الحق بمدينة السّلام1. وروي دَاوُد بْن أبي صالح الحرّانيّ، عن أبيه قال: لما أُحضِر الحارث مجلس المأمون جعل المأمون يقول: يا ساعي. يردِّدُها. قال: يا أمير المؤمنين إن أذنتَ لي فِي الكلام تكلَّمت. قال: تكلَّم. قال: والله ما أَنَا بساعي، ولكنّي أُحْضِرْتُ فسمعتُ، وأطعتُ حين دُعيت، ثُمَّ سُئِلتُ عن أمرٍ فاستعفيتُ، فلم أُعْفَ ثلاثًا، فكان الحقُّ آثرُ عندي من غيره. فقال المأمون: هذا رَجُلٌ أراد أن يُرفع له عَلَمٌ ببلده، خذه إليك2. وقال أحمد بْن المؤدِّب: خرج المأمون وأخرج بالحارث سنة سبع عشرة ومائتين. وخرجت امْرَأَةُ الحارث فحجَّت وذهبت إليه إلى العراق3. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: قال لي أبي دُؤاد: يا أَبَا عبد الله لقد مكرَ حارثكم لله عزّ وجلّ وحَلَّ مقامَ الأنبياء. وكان ابن أبي دُؤاد إذا ذكره أعظمه جدّا. قال القراطيسيّ: فأقام الحارث ببغداد ستّة عشرة سنة، وأطلقه الواثق فِي أخر أيّامه، فنزل إلى مصر. قال ابن قُدْيد: أتاه فِي سنة سبْعٍ وثلاثين كتاب ولاية القضاء وهو بالإسكندريّة فامتنع، فلم يزل به إخوانه حَتَّى قبِل وقدِم مصر. فجلس للحكم، وأخرج أصحاب أبي حنيفة، والشّافعيّ مِن المسجد وأمَرَ بنزع حُصْرهم من العُمد، وقطعَ عامّة المؤذّنين من الأذان، وأصلح سقف المسجد، وبنى السقاية، ولا عن بين رجل وامرأته، ومنع   1 سير أعلام النبلاء "10/ 66". 2 سير أعلام النبلاء "10/ 66". 3 انظر المصدر السابق. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 157 النّداء على الجنائز، وضربَ الحدّ فِي سبّ عَائِشَةَ رضي الله عَنْهَا، وقتل ساحرين1. رُوِيَ عن الْحَسَن بْن عبد العزيز الْجَرَويّ أن رجلا كان مُسْرفًا على نفسه، فمات، فرُئي فِي النّوم، فقال: إن اللَّه تعالى غفر لي بحضور الحارث بْن مسكين جنازتي، وإنه استشفع لي عند ربّي2. وُلِد الحارث سنة أربعٍ وخمسين ومائة، وتُوُفّي لثلاثٍ بقين مِن ربيع الأول سنة خمسين. 123- حامد بن المساور الأصبهانيّ شاذة3. مؤذن الجامع. سمع: أزهر السّمّان، وسليمان بن حرب. وعنه: أحمد بن محمود بن صبيح، وغيره. تُوُفّي سنة خمسين. 124- حامد بن يحيى بن هاني4 -د- أبو عبد الله البلخي، نزيل طَرَسُوس. عن: أيّوب بن النّجّار، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ومروان الفَزَاريّ، وأبي النَّضْر، ومحمد بن مَعْن الغِفاريّ، وغيرهم. وعنه: د، وأحمد بن العبّاس بن الوليد بن مَزْيد البيروتيّ، وأحمد بن يحيى بن الوزير المصري، وجعفر الفريابي، ومحمد بن يزيد الدمشقي، وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال مطين: توفي سنة اثنتين وأربعين.   1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 ذكر أخبار إصبهان لأبي نعيم "1/ 293". 4 التهذيب "2/ 169، 170"، والجرح والتعديل "3/ 301". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 158 125- حجاج بن يوسف بن مروان الموصلي المقرئ. وليس بابن الشاعر. ذاك يأتي في الطبقة الأخرى. سمع: جَعْفَر بْن عون، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد. وعنه: حسين بن عبد الحميد الموصلي. ومات سنة خمس وأربعين. 126- حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران1 -م. ق. ن. أبو حفص التجيبي، مولى بني رُمَيلة المصريّ الحافظ، صاحب الشافعيّ. كان مِن أروى الناس عن ابن وهْب. وروى عن: الشّافعيّ، وأيّوب بْن سُوَيْد الرَّمْليّ، وبشر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ، وسعيد بن أبي مريم، وجماعة. وعنه: م. ق. ون، عن أحمد بن الهيثم، عنه، وحفيده أحمد بن طاهر، وأبو عبد الرحمن أحمد بن عثمان النَّسائيّ. وأبو يعقوب إسحاق بن موسى النَّيْسابوريّ، وبَقِيّ بن مَخْلَد، والحَسَن بن سُفْيان، ومحمد بن أحمد بن عثمان المَدِينيّ، ومحمد بن الحسن بن قُتَيْبَة العسقلانيّ، وخلْق. قال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ به. وقال عَبَّاس، عن يحيى بْن مَعِين: قال: شيخٌ بمصر يقال له حَرْمَلَة، كان أعلَمَ النّاس بابن وهْب. وقال ابن عديّ: سَأَلت عبد الله بْن محمد بْن إبراهيم الفَرْهَاذاني فقال: حَرْمَلَة ضعيف2. وقال أبو عُمَر الكِنْديّ: كان فقيهًا؛ لم يكن بمصر أحد أكتب عن ابن وهب منه.   1 التاريخ الكبير "3/ 69"، والجرح "3/ 274"، ومعجم البلدان "3/ 888"، والميزان "6/ 226". 2 الكامل في الضعفاء "2/ 263" لابن عدي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 159 وذلك لأنّ ابن وهْب أقام فِي منزلهم سنة وأشهر مُستخفيًا من عبّاد، إذْ طلبه ليولّيه القضاء بمصر. أخبرني بذلك يحيى بْن أبي معاوية. وأخبرني أبو سَلَمة، وأبو دُجَانَة قالا: سمعنا حرملة يقول: عادني ابن وهْب من الرَّمَد وقال: يا أَبَا حفص، إنّه لا يُعاد من الرَّمَد، ولكنّك من أهلي. وعن أحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ قال: صنَّف ابن وهب مائة ألف وعشرين ألف حديث، عند بعض الناس منها النصف -يعني نفس- وعند بعض الناس الكل، يعني حرملة1. وقال محمد بْن مُوسَى: وحديث ابن وهْب كلّه عند حرملة، إلا حديثين. قال ابن عديّ: وقد تبحّرت حديث حرملة وفتّشته الكثير، فلم أجد في حديثه ما يجب أن يُضَعَّف من أجله. ورجلٌ تَوَارَى ابنُ وهْب عندهم ويكون حديثه كلّه عنده، فليس ببعيدٍ أن يُغرب على غيره2. وقال هارون بن سعيد أشهب ونظر إلى حرملة فقال: هذا خيرُ أهلِ المسجد. وقال ابن يونس: وُلِد سنة ست وستين ومائة، ومات لتسعٍ بقين من شوال سنة ثلاث وأربعين. قال: وكان أملى النّاس بما حدَّث به ابن وهْب. قلت: لم يرحل حرملة، ولا عنده عن أحدٍ من الحجازيّين. 127- الحسن بن أحمد بن أبي شُعيب عبد الله بن مسلم3 -م. ت- أبو مسلم الحراني مولى بني أُميّة. كان جدُّه مسلم مولى عُمَر بْن عَبْد العزيز. رَوى عَنْ جدَّه، ومحمد بن سلمة، ومسكين بن بكير.   1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 الجرح "3/ 2، 4"، والمراسيل "358" لأبي داود، وتاريخ بغداد "7/ 266"، والتهذيب "2/ 254". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 160 وعنه: م. ت، وأبو داود في المراسيل، وابنه أبو شُعَيب عبد الله بن الحسن، والدَّارميّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ويحيى بْن صاعد، وأبو العباس السراج، ومحمد بن الحسين بن مُكْرَم، وآخرون. وثّقة ابن حِبّان، وغيره. وقال موسى بن هارون: مات بِسُرّ من رأى سنة خمسين ومائتين. 128- الحسن بن إسحاق1 -خ. ن- أبو علي الليثي مولاهم المَرْوَزِيّ الشّاعر حَسْنَوَيْه. عن: النَّضْر بن شُمَيْل، ورَوْح بن عُبادة، وأبي عاصم، وجماعة. وعنه: خ. ن، وأبو الدَّرْداء عبد العزيز بن منيب، وعَبْدان الأهوازيّ. قال النسائي: شاعر ثقة. وقال البخاري: مات يوم النحر سنة إحدى وأربعين. 129- الحسن بن إسماعيل بن سليمان بن مجالد2 -ن- أبو سعيد الكلبي المجالدي المصيصي. عن: إبراهيم بن سَعْد، وهُشَيْم، وفُضّيْل بن عِياض، وعبد الله بن إدريس، والمطَّلِب بن زياد، وجماعة. وعنه: ن، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن هارون الحضْرميّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ. قال النَّسائيّ: ثقة. 130- الحسن بن أيّوب المدائنيّ3. عن: عبد الوهاب الثّقفيّ، وأبي عبد الصّمد العمّيّ. وعنه: أبو عبد الله المحاملي.   1 التاريخ الكبير "3/ 285"، والتهذيب "2/ 255". 2 تهذيب الكمال "6/ 56-58"، والتهذيب "2/ 255". 3 تاريخ بغداد "7/ 286، 287، 3787". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 161 131- الحسن بن بِشْر بن القاسم1. أبو عليّ السُّلَميّ النَّيْسابوريّ الفقيه، قاضي نَيْسابور ومفتي أهل الرأي ببلده. رحل وسمع: سُفْيان بن عُيَيْنَة، ووَكِيعا، وأبا معاوية. ودخل الديار المصرية بعد ذلك فسمع من: عبد الله بن صالح، وسعيد بن عُفَير. روى عنه: أَبُو يحيى البزاز، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن سُفْيان، وجماعة. قال إبراهيم بْن محمد بن مزيد: سمعت الْحَسَن بْن بِشْر يذكر أحمد بْن حنبل فقال: لقد أعجبني مذهبه وحيّرني قوله للحديث. تُوُفّي سنة أربعٍ وأربعين. 132- الحَسَن بن بكر المروزي2 -ت- أبو علي، نزيل مكّة. عن: إسحاق بن منصور السَّلُوليّ، وَمُعَلَّى بن منصور، والنَّضْر بن شُمَيْل، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد. وعنه: ت، وأحمد بن محمد بن عبّاد الجوهريّ البغدادي، وزكريا بن يحيى المقدسي، وجماعة. 133- الحسن بن الجنيد البلخي ثم البغدادي3. عن: عيسى بن يونس، ووكيع، وجماعة. وعنه: ابن أبي الدنيا، وقاسم المطرز، وسعيد أخو زبير الحافظ. توفي سنة سبع وأربعين. 134- الحسن بن حماد بن كسيب4 -د. ن. ق- أبو علي الحضرمي البغدادي، سجادة.   1 تهذيب التهذيب "2/ 256، 257"، والتقريب "1/ 165". 2 الجرح والتعديل "3/ 3"، والتهذيب "2/ 257"، والكاشف "1/ 159". 3 تاريخ الطبري "7/ 466"، والجرح والتعديل "3/ 4". 4 التهذيب "2/ 272"، والنجوم الزاهرة "2/ 306"، ومعجم البلدان "1/ 534"، وتاريخ بغداد "7/ 295". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 162 عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وعبد الرَّحْمَن المُحَاربيّ، ومحمد بن فُضَيْل، وحفص بن غِياث، وأبي خالد الأحمر، وعليّ بن هاشم بن البريد، وطائفة. وعنه: د. ق، ون. بواسطة، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسين الصُّوفيّ، وأبو القاسم البَغَويّ، وعليّ بن زاطِيا، وأبو لَبِيد السَّرْخسيّ، ويحيى بن صاعد، وخلْق سواهم. قال الْحَسَن بْن الصّبّاح البزّاز: قيل لأحمد بْن حنبل إنّ سجّادة سُئِل عن رَجُلٍ قال لامرأته: أنتِ طالق ثلاثًا إن كلَّمتُ زنديقًا، فكلم رجلا يقول القرآن مخلوق، فقال سجّادة: طلقت امرأته. فقال أحمد: ما أبعد1. وقال علي بْن فيروز: سَأَلت سجّادة عن رَجُلٍ حلف بالطّلاق لا يكلِّم كافرًا، فكلَّم مَن يقول القرآن مخلوق، قال: طلقت امرأته. وقال أبو عليّ عبد الرحمن بْن يحيى بْن خاقان: سَأَلتُ أحمد بْن حنبل عن سجّادة فقال: صاحبُ سنة وما بلغني عَنْهُ إلا خير. أخبرونا عن الفتح، عن ابن أبي شريك، وأن ابن النَّقُّور أخبرهم، نا أبو القاسم ابن الوزير، أَنَا ابن صاعد، ثنا الْحَسَن بْن حماد سجادة وعبد الله بن الوضاح اللؤلؤي قالا: ثنا أبو مالك الْجَنْبيّ، فذكر حديثًا فِي الحدود. رَوَاهُ النَّسائيّ، عن عثمان بْن خُرّزَاد، عن سجّادة. تُوُفّي في رجب سنة إحدى وأربعين، وكان مِن جِلّة العلماء ببغداد. 135- الحَسَن بن خَلَف بن شاذان بن زياد2 -خ- أبو علي الواسطي البزاز، وقد نُسِب إلى جدَّه. حدَّث ببغداد عن: إسحاق الأزرق، ويحيى القطّان، وابن مهديّ، وعبد الوهّاب الثّقفيّ، وأبي معاوية، وغيرهم. وعنه: خ. حديثا، وأحمد بن عَمْرو البزّار، وعلي بن العباس المقانعي، وعمر   1 تاريخ بغداد "7/ 296". 2 الكنى والأسماء "74" لمسلم، والميزان "1/ 486". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 163 ابن محمد بن بُجَيْر، وابن صاعد، والقاسم بن المَحَامِليّ، وآخرون. وثقة الخطيب، وغيره. تُوُفّي سنة ستٍّ وأربعين. 136- الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير1 -ن. ق- أبو محمد التيمي المنكدري. عن: عبد الرّزاق، وابن عُيَيْنَة، وأبي ضَمْرة، ومحمد بن أبي فُدَيك. وعنه: ن. ق. وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وزكريّا السّاجيّ، وابن صاعد، وأبو حامد محمد بن هارون، وجماعة. وقال محمد بن عبد الرحيم البزاز: جلس إلينا المنكدري، فسألته في أي سنة كتب عن المعتمر، فقال: فِي سنة كذا. فنظرنا فإذا هُوَ قد كتب عن المعتمر ابن خمسٍ سنين. قال البخاريّ: يتكلّمون فيه. وقال ابن عديّ: أرجو أنّه لا بأس به. وقال ابن حِبّان: إنّه من الثّقات. قال البخاريّ: مات سنة سبعٍ وأربعين. 137- الحَسَن بنُ رجاء بن أبي الضّحّاك2. الأديب أبو عليّ الجرجرائيّ الكاتب البليغ والشّاعر المُفْلِق. أخذ عن: أبي محلّمٍ، وبكر بن النّطّاح. روى عنه المبرّد كثيرا. قلّده المأمون كُوَر الجبل، وضمّ إليه الأمير أَبَا دُلَف. قال الْحَسَن بْن رجاء: قال المأمون: النّاس على أربعة أقْسَام: زراعة، وصناعة، وتجارة، وإمارة، فمن خرج عن هذه الأشياء فهو كل علينا.   1 الجرح والتعديل "3/ 12"، والتهذيب "2/ 274"، والميزان "1/ 486". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 175-179"، ومروج الذهب "2838"، ووفيات البحتري "30". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 164 قال المبرد: أنشدني ابن رجاء لنفسه: قد يصبر الحُرُّ على السَّيْف ... ولا يرى الصَّبرَ على الحَيْف ويُؤثرُ الموتَ على حالةٍ ... يَعْجَزُ فيها عن قِرى الضَّيْف قيل: كان ابن رجاء جوادا شاعرًا، يذهب بنفسه، ويُفْرط فِي الصَّلَف. مات على حرب فارس وغيرها سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. 138- الحَسَن بن زُرَيْق1. أبو عليّ الطُّهَويّ. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة. وعنه: موسى بن إسحاق الأنصاريّ، ومُطَيِّن، ويعقوب الفَسَويّ، وعبد الله بن ريعان البَجَليّ. محلُّه الصدق. 139- الحَسَن بن شبيب بن راشد2. أبو عليّ البغداديّ المؤدب. عن: شَرِيك بن عبد الله، وهُشَيْم، وخَلَف بن خليفة، وأبي يوسف القاضي. وعنه: أبو يَعْلَى المَوْصِليّ، والهَيْثَم بن خَلَف، ويحيى بن صاعد، والقاضي المَحَامِليّ، وآخرون. قال ابن عديّ: حدَّث بالبواطيل، وأوصل أحاديث مُرْسَلَة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ، وهو إخباريّ يُعْتَبَر به. 140- الحَسَن بن شجاع بن رجاء3 -ت- أبو علي البلخي الحافظ، أحد الأئمة.   1 المجروحين "1/ 240"، والميزان "1/ 491"، والجرح والتعديل "3/ 15". 2 الثقات "8/ 172"، والميزان "1/ 495-496"، وتاريخ بغداد "7/ 328". 3 التهذيب "2/ 282"، وشذرات الذهب "2/ 104"، والثقات "8/ 178". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 165 سمع: مكّيّ بن إبراهيم، وعُبَيْد الله بن موسى، وأبا نُعَيْم، ومحمد بن الصَّلْت، وأبا مُسْهِر، وسعيد بن أبي مريم، ويحيى بن يحيى النَّيْسابوريّ، وأبا الوليد، وخلْقا بالشّام، والعراق، وخُراسان، ومصر، والنّواحي. ومات كهلا. رَوَى عَنْهُ: أبو زُرْعة الرّازيّ، والبخاريّ وهو رفيقه. وقد روى فِي الصّحيح1 فقال: ثنا الْحَسَن بْن إسماعيل بْن الخليل، فقيل إنّه هُوَ. وروى التِّرْمِذيّ2، عن رَجُلٍ، عَنْهُ، وأحمد بْن عليّ الأبّار، ومحمد بْن إسحاق الثّقفيّ، ومحمد بْن زكريّا البَلْخيّ. قال الْحَسَن بْن حَمَّاد الصَّغانيّ: سمعت قُتَيْبَةَ يقول: فُرسان خُراسان أربعة، فَذَكر هذا، والبخاريّ، والدّارميّ، وزكريّا بْن يحيى اللُّؤلُؤيّ. رواها أيضًا نصر بْن زكريّا، عن قُتَيْبَةَ. وكان الْحَسَن بْن شجاع إمامًا عارفًا بالأبواب لا يُجارى. قال محمد بْن عُمَر بْن الأشعث البَيْكَنْديّ: سمعتُ عبد الله بْن أحمد بْن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: انتهى الحفظ إلى أربعة من خُراسان: أبو زُرْعة، والبخاريّ، وعبد اللَّه بْن عبد الرحمن السَّمَرْقَنْديّ، والحَسَن بْن شجاع البلْخيّ. قال البَيْكَنْديّ: فقلتُ لمحمد بْن عَقِيل: لِمَ لَمْ يشتهر الْحَسَن كما اشتهر هؤلاء؟ قال: لأنّه لم يُمَتّع بالعُمْر. وقال محمد بن جعفر البلْخيّ: مات لنصف شوّال سنة أربعٍ وأربعين وله إخْوة: محمد، وهو أكبرهم، وأبو رجاء أحمد، وأبو شيخ، رحمهم اللَّه. وعاش الحَسَن تسْعًا وأربعين سنة. قلت: وهو من قال تُوَفّي سنة ستٍّ وستّين ومائتين. 141- الحسن بن الصباح بن محمد3 -خ. د. ت.   1 في تفسير سورة الزمر، الجمع بين رجال الصحيحين "1/ 84". 2 في تفسير سورة الزمر "3240" كما في السنن. 3 التاريخ الكبير "2/ 295"، والمعرفة والتاريخ "2/ 789، 3/ 393"، والتهذيب "2/ 289". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 166 أبو علي الواسطي، ثم البغدادي البزار، أحد الأئّمة. عن: إسحاق الأزرق، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ومبشّر بن إسماعيل، وأبي معاوية، وشَبابة بن سَوّار، ومَعْن بن عيسى، وشُعَيب بن حرب، وحَجّاج الأعور، وخلْق. وعنه: خ. د. ت، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يعلى، والفريابي، الحسن بن سُفْيان، وعمر بن بحر، وابن صاعد، وخلْق آخرهم المَحَامِليّ. قال أبو حاتم: صدوق. وكانت له جلالة عجيبة ببغداد. كان أحمد بن حنبل يرفع من قدره ويُجِلّه. وقال ابن الإمام أحمد، عن أبيه: ما يأتي على ابن البزّار يومٌ إلا وهو يعمل خيرًا. ولقد كُنَّا نختلف إلى فُلان، فكنّا نقعد نتذاكر إلى خروج الشَّيْخ، وابن البزّار قائم يصلّي1. وقال أبو الْعَبَّاس السرّاجّ: سمعتُ الْحَسَن بْن الصّبّاح يقول: أدخِلتُ على المأمون ثلاث مرّات. رُفع إليه أول مرّةٍ أنّه يأمر بالمعروف، وكان المأمون يَنْهَى أن يأمر أحدٌ بمعروفٍ، فأخذتُ فأُدْخِلْتُ عليه، فقال لي: أنت الْحَسَن البزّار؟ قلت: نعم. قال: وتأمر بالمعروف؟ قلت: لا، ولكني أنْهَى عن المُنْكر. قال: فرفعني على ظهر رَجُل، وضربني خمس دِرَر، وخلّى سبيلي. وأُدْخِلتُ عليه المرّة الثانية، رُفِع إليه أنّي أشتم عليّا -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فأُدْخِلْتُ، فقال: تشتم عليّا؟ فقلت: صلّى اللَّه على مولاي وسيّدي عليّ، يا أمير المؤمنين أَنَا لا أشتم يزيد لأنّه ابن عمّك، فكيف أشتم مولاي وسيّدي؟! قال: خلّوا سبيله. وذهبتُ مرّةً إلى أرض الروم إلى بذندون، فدفعت إل أَشْناس، فلمّا مات خلّى سبيلي. مات في ربيع الآخر سنة تسعٍ وأربعين. وعند ابن اللّتّي حديثٌ عالٍ من روايته موافقة للبخاريّ. 142- الحسن بن عثمان بن حماد2.   1 تاريخ بغداد "7/ 331". 2 الجرح والتعديل "3/ 25"، والبداية "1/ 344"، والعبر "1/ 437". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 167 أبو حسان الزّياديّ البغداديّ القاضي. ولى قضاء الشّرقيّة في إمرة المتوكّل. وكان رئيسا محتشما جوادا. سمع: إبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن جعفر، وهُشَيْما، وجرير بن عبد الحميد، وشُعَيب بن صَفْوان، ويحيى بن أبي زائدة، والوليد بن مسلم، والواقديّ، وطائفة. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، وإسحاق الحربيّ، ومحمد بن محمد الباغَنْديّ، وأحمد بن الحسين الصُّوفيّ، وسليمان بن داود الطُّوسيّ، وغيرهم. قال سُلَيْمَان الطوسي: سمعتُ أَبَا حسّان يقول: أَنَا أعمل فِي التّاريخ من ستّين سنة1. وسُئل أحمد بْن حنبل، عن أبي حسّان فقال: كان مع ابن أبي دُؤاد، وكان من خاصّته، ولا أعرف رأيه اليوم. وعن إسحاق الحربيّ قال: حدَّثني أبو حسّان الزّياديّ أنّه رَأَى ربّ العِزّة فِي النّوم فقال: رأيتُ نورا عظيما لا أُحْسِن أصِفَه. ورأيتُ شخصًا خُيِّل إليِّ أنّه النّبي -صلى اللَّه عليه وسلَّم- وكأنّه يشفع إلى ربّه فِي رجلٍ من أمَّتِهِ، وسمعتُ قائلا يقول: ألم يكفك أني أنزلت عليك في سورة الرَّعْد {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: 6] . ثُمَّ انتبهت2. قلت: والزّيادي نَسَبه إلى أحد أجداده؛ لكونه تزوّج من أمّ ولد لزياد بْن أَبِيهِ. قال الخطيب: كان أبو حسّان أحد العلماء الأفاضل الثّقات. ولي قضاء الشرقّية، وكان كريما مفضالا. قال يوسف بْن البُهْلُول الأزرق: حَدَّثَنِي يعقوب بْن شَيْبة قال: أَظَلَّ العيدُ رجلا وعنده مائة دينار، لا يملك سواها، فكتب إليه أخ من إخوانه يستدعي منه نفقةً، فأنفذ إليه المائة دينار. فلم تلبث الصُّرَّة عنده إلا يسيرًا حَتَّى وردت عليه رُقْعة مِن بعض إخوانه يذكر فيها إضاقة فِي هذا العيد، فوجّه إليه بالصرة بعينها.   1 تاريخ بغداد "7/ 357". 2 تاريخ بغداد "7/ 357، 358". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 168 فبقى الأوّل لا شيء عنده، فاَتفَقَ أنّه كتب إلى الثّالث، وهو صديقه، يذكر حاله، فأرسل إليه الصُّرّة بخَتْمها، فَعَرَفها وركب إليه وقال: ما شأن هذه؟ فأخبره الخبر. فركِب إلى الَّذِي أرسلها، وشرحوا القصّة، ثُمَّ فتحوها واقتسموها. قال ابن البُهْلُول: الثلاثة: يعقوب بْن شَيْبة، وأبو حسّان الزّياديّ، وآخر نَسَبه الراوي. إسنادها صحيح1. تُوُفّي أبو حسّان في رجب سنة اثنتين وأربعين، وكان مِن كبار أصحاب الواقديّ، وعاش تسعا وثمانين سنة2. 143- الحَسَن بن عليّ بن الْجَعْد بن عُبَيْد الجوهريّ3. قاضي مدينة المنصور. كان سَرِيّا محتشما، ذا مُروءة. ولي القضاء فِي حياة أبيه سنة ثمانٍ وعشرين. سئل الإمام أحمد عنه فقال: بلغني أنه رجع عن التهجم. قال طلحة بن محمد الشّاهد: تُوُفّي هو وأبو حسّان الزياديّ في وقتٍ واحد، وكلُّ واحد منهما، قاضٍ، أحدهما على المدينة، والآخر على الشّرقيّة في سنة اثنتين وأربعين ومائتين. وفي ذلك يقول ابن أبي حكيم: سُرَّ بالكرْخ والمدينة قومٌ ... مات فِي جُمعةٍ لهم قاضيان لَهْفَ نفْسي على الزّيادي منهم ... ثُمَّ لهفي على فَتَى الفِتْيانِ 144- الحَسَن بن عليّ بن محمد الهذلي الحلواني الخلال الريحاني4 -ع. سوى ن- أبو محمد الحافظ نزيل مكّة. عن: وَكِيع، وأبي معاوية، ومُعّاذ بن هشام، وأزهر السّمّان، وأبي أسامة، وزيد   1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 196". 2 وراجع: تاريخ بغداد "7/ 361". 3 الكامل في التاريخ "7/ 82"، والبداية "10/ 343". 4 المعارف لابن قتيبة "456"، والتهذيب "2/ 302-304"، والجرح والتعديل "3/ 21". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 169 ابن الحُباب، وعبد الرّزّاق، وعبد الصّمد بن عبد الوارث، ويزيد بن هارون، وخلق. ولم يلحق ابن عُيَيْنَة. وعنه: ع. إلا النَّسائيّ، وأبو بكر بن أبي عاصم، وعبد الله بن صالح البخاريّ، ومُطَيَّن، ومحمد بن إسحاق السّرّاج، ومحمد بن المجدَّر، ويحيى بن الحَسَن النّسّابة العَلَويّ، وآخرون. قال يعقوب بن شَيْبة: كان ثبتا ثقة متقنا. وقال أبو داود: كان عالما بالرجال، ولا يَستعمل علمَه. تُوُفّي الحُلْوانيّ في ذي الحجّة سنة اثنتين وأربعين. قال إبراهيم بْن أورمة الحافظ: بقي اليوم فِي الدّنيا ثلاثة: محمد بْن يحيى بخُراسان، وابن الفُرات بإصبهان، والحَسَن بْن عليّ الحُلوانيّ بمكّة. 145- الْحَسَنُ بن قَزَعَة بن عُبَيْد1 -د. ن. ق- مولى بني هاشم، وأبو عليّ، ويقال أبو محمد البصْريّ الحلقانيّ. عن: معتمر بن سليمان، وفُضَيْل بن عِياض، وعبّاد بن عبّاد، وفُضَيْل بن سليمان، ومَسَلَمَة بن علْقمة، وخالد بن الحارث، وحُصَيْن بن نُمَيْر. وعنه: د. ن. ق، وأحمد بن عمرو البزّار، وأبو يعلى، وبقي بن مخلد، وزكريا الساجي، وعمر بن محمد بن بُجَيْر، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بن جرير، وخلق سواهم. قال أبو حاتم: صدوق. ووثقه ابن حبان. توفي قريبا من سنة خمسين. 146- الحسن بن مدرك2 -خ. ن. ق- أبو علي البصري الطحان الحافظ. عن: عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ويحيى بن حماد.   1 الجرح والتعديل "3/ 34"، والتهذيب "2/ 316". 2 التهذيب "2/ 321، 322"، وهدي الساري "397"، والميزان "1/ 522"، والجرح والتعديل "3/ 38، 39". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 170 وعنه: خ. ن. ق. وبَقِيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن هارون الرّويانيّ، ويحيى بن صاعد، وابن أبي داود، وآخرون. ومات كَهْلا. 147- الحَسَن بن يحيى بن كثير العنَبريّ1. عن: عبد الرزاق، ومحمد بن كثير المصيصي، ووالده. وعنه: ن. في النُّبْل. وأمّا المِزّيّ فقال: لم أقف على روايته عَنْهُ. وابن أبي الدّنيا، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد. 148- الحَسَن بن يحيى بن هشام الرزي البصري2 -د- أبو علي. عن: النَّضْر بن شُمَيْل، والخُرَيْبيّ، ويحيى بن حمّاد، وَيَعْلَى بن عُمَيْر، وبِشْر بن عُمَر الزّهْرانيّ، وطائفة. وعنه: د، وأحمد بن عَمْرو البزّار، وأبو عروبة الحراني، ومحمد بن هارون الرماني، وطائفة. وكان ثقة حافظا. 149- الحسين بن بشر بن القاسم بن حماد3. أبو محمد السلمي النيسابوري الفقيه، مفتي البلد، وأخو القاضي أبي علي. سمع: ... ، وأبا أسامة، ويزيد بن هارون، وحفص بن عبد الرحمن، وطائفة. وعنه: ابنا ياسين، وإبراهيم بن محمد بن سفيان، وجعفر بن سهل. توفي سنة أربع وأربعين. 150- الحسين بن حريث بن الحسن بن ثابت بن قطبة4 -ع. إلا ق-   1 تهذيب التهذيب "2/ 325"، والميزان "1/ 525". 2 التهذيب "2/ 325"، وخلاصة تذهيب "81". 3 الجرح والتعديل "3/ 48". 4 التاريخ الكبير "2/ 393"، والتهذيب "2/ 333"، والنجوم الزاهرة "2/ 31"، والكاشف "1/ 169". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 171 أبو عمّار المَرْوَزِيّ، مولى عِمران بن حُصَين الخُزاعيّ. كذا نَسَبَه جماعة. وقال ابن حِبّان: الْحُسَيْن بْن حرَيْث مَوْلَى الحَسَنِ بْن ثابت بْن قُطْبة، مَوْلَى عِمْرَانَ بْن حُصَيْن. سمع: ابن المبارك، والفضل بن موسى السِّينانيّ، وفُضَيْل بن عِياض، وجرير بن عبد الحميد، وابن عُيَيْنَة، وعبد العزيز بن أبي خازم، والدَّرَاوَرْدِيّ، وطائفة. وعنه: ع. إلا ابن ماجة، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو القاسم البَغَويّ، والحَسَن بن سُفْيان، ومحمد بن هارون الحضرميّ، وابن صاعد، وإبراهيم بن محمد بن مَتُّوَيه، وابن خُزَيْمَة، وخلْق. وثقة النَّسائيّ. قال أبو بَكْر بْن خزيمة: رَأَيْته فِي المنام بعد وفاته عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليه ثياب بيض وعمامة خضراء، وهو يقرأ: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: 80] فأجابه مجيبٌ من موضع القبر: حقّا قلت يا زينَ أركان الْجِنان. تُوُفّي بقَرمِيسين منصرِفا من الحجّ سنة أربعٍ وأربعين. 151- الحسين بن الحَسَن بن حرب1 -ت. ق- أبو عبد الله السلمي المروزي، صاحب ابن المبارك. جاور بمكّة. وروى عن: ابن المبارك، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، والفضل بن موسى السِّينانيّ، ومعتمر بن سليمان، ويزيد بن زريع، وهشيم، والوليد بن مسلم، وطائفة. وعنه: ت. ق، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وداود الظّاهريّ، وعمر بن بجير، ويحيى بن صاعد، وجعفر بن أحمد بن فارس، وخلق آخرهم إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابْن حِبّان: مات سنة ست وأربعين.   1 تهذيب التهذيب "2/ 334"، ومعجم البلدان "2/ 638". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 172 152- الحسين بن سلمة الأزدي اليحمدي البصري الطحان1 -ت. ق- عن: عبد الرحمن بن مهديّ، وسَلْم بن قُتَيْبَة، ويوسف بن يعقوب السَّدُوسيّ، وجماعة. وعنه: ت. ق، ومحمد بن يحيى بن منده، وعبدان الأهوازي، وابن أبي دؤاد، وابن خزيمة، وابن صاعد، وجماعة. قال الدارقطني: ثقة. 153- الحسين بن الضحاك2. أبو علي البصري الشاعر المعروف بالخليع. أقام ببغداد مدة ينادم الخلفاء. وله مع أبي نواس أخبار معروفة. وكان ظريفا ماجنا خفيف الروح. له يد طولى في فنون الشعر، وبلغ سنا عالية وعمر. ورأى العز والحشمة، وسمي الخليع لكثرة مجونه في شعره. توفي سنة خمسين ومائتين، عن بضعٍ وتسعين سنة. ومن شعره قوله: إنَّ عطف الأديب فِي بلد الغُربة ... جودٌ على ذوي الآداب أَنَا فِي ذِمّة السّحاب وأظمأ ... إنّ هذا لوَصْمَةٌ فِي السَّحاب 154- الحسين بن عبد الرحمن3. أبو عبد الله الاحتياطيّ المقرئ. قرأ القرآن على أبي بكر بن عيّاش. وطال عُمره، وتصدَّر للإقراء. قرأ عليه: عليّ بن أحمد المكّيّ، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الكِلابيّ. وطريقه فِي المصباح والكامل.   1 الجرح والتعديل "3/ 54"، والتهذيب "2/ 340"، والكاشف "1/ 170". 2 الأغاني "7/ 146-226"، ومعجم الأدباء "10/ 2305"، والنجوم الزاهرة "2/ 233". 3 الكامل في الضعفاء "2/ 746، 747" لابن عدي، وميزان الاعتدال "1/ 502". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 173 كنّاه أبو أحمد الحاكم: أَبَا عليّ، وقال: سمع: سفيان بن عيينة، وابن وهب. روى عنه: القاسم بن يحيى بن نصر المخرمي، وأبو عروبة الحراني، وجعفر بن محمد الخصيبن وغيرهم. لم أر فيه جرحا. وَقَدْ تَفَرَّدَ الْخَصِيبُ الْمَذْكُورُ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "زَيِّنُوا مَجَالِسَكُمْ بِالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وَبِذِكْرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ". هذا غريب موقوف1. 155- الحسين بن عليّ بن يزيد. أبو عليّ الكرابيسيّ البغداديّ الفقيه2. سمع: إسحاق الأزرق، ومَعْن بن عيسى، ويعقوب بن إبراهيم، والشّافعيّ وتفقَّهَ به، ويزيد بن هارون. وعنه: عُبَيْد بن محمد بن خلف البزاز، ومحمد بن عليّ فُسْتُقَة. وكان فقيها فصيحا ذكيّا صاحب تصَّانيف في الفِقْه والأصول تدلَّ على تبحُّره. قال الخطيب أبو بَكْر: حديث الكرابيسيّ يعزّ جدا. وذلك أن أحمد بْن حنبل كان يتكلم فِيهِ بسبب مسألة اللفظ. وكان هُوَ أيضًا يتكلم فِي أحمد، فتجنب الناس الأخذ عَنْهُ لهذا السبب. ولما بلغ يحيى بْن مَعِين أنه يتكلم فِي أحمد قال: ما أحوجه إلى أن يضرب. ثُمَّ لعنه. قال أبو الطيب الماوردي، فيما رَوَاهُ أبو بَكْر بْن شاذان، عن عبد الله بْن إسماعيل بْن برهان عَنْهُ، قال: جاء رَجُل إلى الْحُسَيْن الكرابيسيّ فقال: ما تقول فِي القرآن؟ قال: كلام اللَّه غير مخلوق. قال الرجل: فما تقول فِي لفظي بالقرآن؟ قال حسين: لفظك به مخلوق.   1 وأورده ابن القيم في جلاء الأفهام "ص/ 248"، والهندي في الكنز وعزاه لابن عساكر. 2 وفيات الأعيان "6/ 393"، والعبر "1/ 450"، وخلاصة تذهيب التهذيب "84". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 174 فمضى الرجل إلى أحمد بْن حنبل فعرّفه ذلك، فأنكره وقال: هذه بدعة. فرجع إلى حُسَيْنِ فعرَّفه إنكار أبي عبد الله، فقال له حُسَيْنِ: تَلَفُّظُك بالقرآن غير مخلوق. فرجع إلى أحمد فعرُّفه رجوع حُسَيْنِ وأنّه قال: تَلَفُّظُك بالقرآن غير مخلوق. فأنكر أحمد ذلك أيضًا وقال: هذا أيضًا بدعة. فرجع إلى حُسَيْنِ فعرَّفه إنكار أبي عبد الله أيضًا فقال: إيش نعمل بهذا الصبي؟ إن قُلْنَا مخلوق، قال: بدعة، وإنْ قُلْنَا: غير مخلوق، قال: بدعة؟ فبلغ ذلك أَبَا عبد الله، فغضب له أصحابُه، فتكلّموا فِي حُسَيْنِ الكرابيسيّ1. وقال الفضل بْن زياد: سَأَلت أَبَا عبد الله، عن الكرابيسيّ، وما أظهر، فَكَلَح وجهه ثُمَّ أطرق، ثُمَّ قال: هذا قد أظهر رأي جَهْم. قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فممّن يسمع؟ إنّما جاء بلاؤهم من هذه الكُتُب التي وضعوها. تركوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، وأقبلوا على هذه الكتب2. وقال ابن عديّ: سمعت محمد بْن عبد الله الصَّيرفيّ الشّافعيّ يقول لهم، يعني التّلامذة: اعتبِروا بهذين: حُسَيْنِ الكرابيسيّ، وأبو ثور. فالحسين فِي علمه وحِفْظه، وأبو ثور لا يعشُرُه فِي علمه، فتكلَّم فِيهِ أحمد بْن حنبل فِي باب اللّفظ فسقط، وأثنى على أَبِي ثور، فارتفع للزومه السنة. تُوُفّي سنة ثمانٍ، وقيل: سنة خمسٍ وأربعين ومائتين. وقال أبو جَعْفَر محمد بْن الْحُسَيْن بْن هارون المَوْصِليّ: سَأَلت أَبَا عبد الله أحمد بْن حنبل. قلت: أَنَا رَجُل من أهلِ المَوْصلِ، والغالب على بلدنا الْجَهْميّة، وقد وقعت مسألة الكرابيسيّ نُطْقي بالقرآن مخلوق. فقال: إيّاك وهذا الكرابيسيّ، لا تكلِّمْهُ، ولا تكلم من يكلمه.   1 تاريخ بغداد "8/ 65". 2 تاريخ بغداد "8/ 66". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 175 قلتُ: وهذا القول وما يتشعّب منه يرجع إلى قول جَهْم؟ قال: هذا كلّه من قول جَهْم1. 156- الحسين بن عليّ بن جعفر بن زياد الأحمر الكوفيّ2 -د- عن: جدَّه جعفر الأحمر، ويحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، وداود بن الربيع. وعنه: د، وأحمد بن محمد بن الهيثم الدَّوريّ الدقاق، وأحمد بن عمرو البزاز، وعبد الله بن أحمد بن سوادة. وسمع منه النسائي، وما أظنه روى عنه شيئا. 157- الحسين بن علي بن يزيد الصدائي الأكفاني3 -ت- البغدادي. عن: أبيه، ووَكِيع، وعبد الله بن نُمَيْر، والوليد بن القاسم بن الوليد الهمْدانيّ، وعليّ بن عاصم، وجماعة. وعنه: ت، وأبو بكر بن أبي عاصم، والنَّسائيّ في اليوم واللّيلة، وعبد الله بن ناجية، وعَبْدان، ومحمد بن جرير، وابن صاعد، والمَحَامِليّ، وآخرون. وكان عبدا صالحا نبيلا. قال عبد الرحمن بن خِراش: عدل، ثقة4. كان حجّاج بن الشاعر يمدحه يقول: هو من الأبدال. وقال البَغَويّ: مات في رمضان سنة ستّ. 158- الحسين بن عيسى بن حمران5 -خ. م. د. ن- أبو علي الطائي البسطامي الدامغاني نزيل نَيْسابور. سمع: ابن عُيَيْنَة، ووَكِيعا، وأبا أسامة، وابن أبي فُدَيْك، ومَعْن بن عيسى، ويزيد بن هارون، وجماعة.   1 الكامل في الضعفاء "2/ 775" لابن عدي. 2 المصدر السابق "2/ 776". 3 الجرح والتعديل "3/ 56"، والتهذيب "2/ 359". 4 تاريخ بغداد "8/ 67، 68". 5 التاريخ الكبير "2/ 393"، والجرح والتعديل "3/ 60"، والتهذيب "2/ 363". الجزء: 18 ¦ الصفحة: 176 الفهرس العام للكتاب : الموضوع رقم الصفحة الطبقة الخامسة والعشرون: "أحداث سنة إحدى وأربعين ومائتين": 3 الوفيات في هذه السنة. 3 وثوب أهل حمص على واليهم. 3 تناثر الكواكب. 3 غارة الروم على عين زربة. 3 غارة البجاة في مصر. "أحداث سنة اثنتين وأربعين ومائتين": 4 المتوفون هذه السنة. 4 خبر زلازل عدة. 5 مسير جبل باليمن. 5 صياح الطائر بحلب. 5 خروج الروم إلى آمد والجزيرة. 5 الحج هذا الموسم. "أحداث سنة ثلاث وأربعين ومائتين": 5 المتوفون هذه السنة. 5 عزم المتوكل كل السكنى بدمشق. 6 الحج هذا الموسم. "أحداث سنة أربع وأربعين ومائتين": 6 المتوفون هذه السنة. 6 فتح حصن للروم. 6 نفي طبيب المتوكل. 7 اتفاق الأعياد. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 381 "أحداث سنة خمس وأربعين ومائتين": 7 المتوفون هذه السنة. 7 عموم الزلازل في البلاد. 7 بناء الماحوزة. 8 غارة الروم على سميساط. "أحداث سنة ست وأربعين ومائتين": 8 المتوفون هذه السنة. 8 غزو المسلمين الروم. 8 تحول المتوكل إلى الماحوزة. 8 المطر ببلخ. 8 الحج هذا الموسم. "أحداث سنة سبع وأربعين ومائتين": 9 المتوفون هذه السنة. 9 بيعة المنتصر بالله. "أحداث سنة ثمان وأربعين ومائتين": 9 المتوفون هذه السنة. 9 وقوع الوحشة بين وصيف التركي والوزير. 10 خلع المعتز والمؤيد من العهد. 10 مقتل محمد الخارجي. 11 استيلاء الصفار على خُراسان. 11 مقتل المنتصر بالله. 11 بيعة المستعين بالله. 12 فتنة الغوغاء. 12 نفي ابن الخصيب إلى أقريطش. 12 تولية ابن طاهر العراق. 12 وفاة طاهر بن عبد الله. 12 موت بُغا الكبير. 13 حبس المعتز والمؤيد. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 382 13 الفتنة بين أهل حمص وعاملهم. 13 العقد لأوتامش على مصر والمغرب. 13 غزوة الصائفة. 13 نفي ابن خاقان. "أحداث سنة تسع وأربعين ومائتين": 13 المتوفون هذه السنة. 14 شغب الجند ببغداد. 14 مقتل أوتامش. 14 عزْل جعفر بن عبد الواحد عن القضاء. 14 خبر الزلزلة في الري. "أحداث سنة خمسين ومائتين": 14 المتوفون هذه السنة. 15 مقتل يحيى بن عمر في المصافّ بالكوفة. 15 استيلاء الحسن بن زيد على آمل. 15 العقد للعباس على العراق. 15 نفي جعفر بن عبد الواحد. 15 وثوب أهل حمص بعاملهم. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 383 تراجم رجال هَذِهِ الطبقة: "حرف الألف": 16 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن كثير الدورقي. 16 2- أحمد بن أبان القرشي. 16 3- أحمد بن إبراهيم بن مهران البوشجني. 17 4- أحمد بن إدريس الجلاب. 17 5- أحمد بن إسحاق بن الحصين. 20 6- أحمد بن إسحاق الأهوازي البزاز. 20 7- أحمد بن أسد بن سامان. 20 8- أحمد بن بجير البزاز. 20 9- أحمد بن بكار بن أبي ميمونة. 21 10- أحمد بن ثابت الجحدري. 21 11- أحمد بن ثابت الرازي. 21 12- أحمد بن الحسن بن جنيدب. 21 13- أحمد بن الحسن بن خراش. 22 14- أحمد بن الحسن الكندي البغدادي. 22 15- أحمد بن حميد الجرجاني. 22 16- أحمد بن حميد الفقيه. 22 17- أحمد بن خالد البغدادي الخلال. 23 18- أحمد بن الخصيب الجرجرائي الكاتب. 23 19- أحمد بن الخليل البغدادي البزاز. 24 20- أحمد بن سعيد بن إبراهيم الحافظ. 24 21- أحمد بن سعيد بن يعقوب الكندي. 24 22- أحمد بن صاعد الصوري الزاهد. 25 23- أحمد بن صالح الطبري. 30 24- أحمد بن صالح المكي. 30 25- أحمد بن عبد الله بن الحكم. 30 - أحمد بن عاصم الأنطاكي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 384 30 26- أحمد بن أبي الحواري عبد الله بن ميمون. 33 - حكاية عجيبة لا أعلم صحتها. 33 27- أحمد بن عبد الله بن خالد بن موسى. 34 28- أحمد بن عبد الرحمن بن بكّار بن عبد الملك. 34 29- أحمد بن عبدة بن موسى الضبي. 35 30- أحمد بن عثمان بن عبد النور. 35 31- أحمد بن عَمْرو بن عبد الله بن عُمَرو بن السرح. 35 32- أحمد بن عيسى بن حسان. 36 33- أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ بن الشهيد. 36 34- أحمد بن عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَر. 37 35- الإمام أحمد بن محمد بن حنبل. 40 - فصل في إقباله على العلم واشتغاله به. 52 - فصل في آدابه. 54 - فصل في قوله في أصول الدين. 62 - فصل في سيرته. 65 - فصل في زوجاته وأولاده. 67 - ذكر المحنة. 83 - فصل في محنته من الواثق. 84 - فصل في حال أبي عبد الله أيّام المتوكل. 103 - ذكر مرضه رحمه الله. 110 36- أحمد بن الزبير الأطرابلسي. 110 37- أَحْمَد بن عَبْد اللَّه بن عَبْد الصَّمَد الهاشمي. 110 38- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم. 111 39- أحمد بن محمد بن علقمة النبال. 112 40- أحمد بن محمد بن عيسى السكوني. 112 41- أحمد بن محمد بن نيزك. 113 42- أحمد بن محمد بن يحيى بن المبارك. 113 43- أحمد بن مصرف بن عمرو اليامي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 385 113 44- أحمد بن منيع بن عبد الرحمن البغوي. 114 45- أحمد بن ناصر. 114 46- أحمد بن نصر بن زياد. 115 47- أحمد بن نصر العتكي. 115 48- أحمد بن هشام بن بهرام. 115 49- أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي. 115 50- أحمد بن يحيى بن وزير التجيبي. 116 51- أحمد بن يعقوب بن صالح البلخي. 116 52- أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث. 117 53- أحمد بن أبي سريج الصباح. 118 54- أحمد بن أبي عبيد الله السليمي. 118 55- إبراهيم بن الحارث الأنصاري. 119 56- إبراهيم بن الحسين بن خالد. 119 57- إبراهيم بن حمزة الرملي. 119 58- إبراهيم بن خالد المروزي. 119 59- إبراهيم بن زياد البغدادي الصائغ. 120 60- إبراهيم بن زياد البغدادي الخياط. 120 61- إبراهيم بن سعيد الجوهري. 121 62- إبراهيم بن سفيان الزيادي. 121 63- إبراهيم بن سلام المكي. 121 64- إبراهيم بن العبّاس بن محمد بن صُول. 122 65- إبراهيم بن عبد الله المروزي الخلال. 122 66- إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي. 123 67- إبراهيم بن عبد الله بن خالد المِصِّيصيّ. 123 68- إبراهيم بن عبد الله بن صَفْوان النَّصْريّ. 123 69- إبراهيم بن عبد الله بن المُنذر الباهليّ. 124 70- إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي الفياض. 124 71- إبراهيم بن عون بن راشد. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 386 124 72- إبراهيم بن عيسى الأصبهاني. 125 73- إبراهيم بن محمد بن الأغلب. 125 74- إبراهيم بن محمد بن عبد الله المعمري. 125 75- إبراهيم بن محمد بن يوسف بن سرج. 126 76- إبراهيم بن المستمر العروقي. 126 77- إبراهيم بن مكتوم المصاحفي. 126 78- إبراهيم بن هارون البلخي العابد. 126 79- إبراهيم بن هاشم بن عبيد الله. 127 80- إبراهيم بن الإمام يحيى بن المبارك. 127 81- إبراهيم بن يوسف الحضرمي الكندي. 127 82- أزهر بن مروان الرقاشي النواء. 127 83- إسحاق بن إبراهيم بن داود البصْريّ السَّوّاق. 129 84- إسحاق بن الأخيل الحلبي. 129 85- إسحاق بن موسى بن عبد الله الخطمي. 130 86- إسحاق بن يوسف الجرجاني الديلماني. 130 87- إسماعيل بن بهرام الوشاء الخزار. 131 88- إسماعيل بن توبة الثقفي. 131 89- إسماعيل بن حفص الأبلي. 131 90- إسماعيل بن خزيمة بن المغيرة. 131 91- إسماعيل بن زياد البلخي الأزدي. 132 92- إسماعيل بن عبد الله بن خالد العبدري. 132 93- إسماعيل بن عمرو المصري. 133 94- إسماعيل بن الفضل الشالنجي. 133 95- إسماعيل بن مسعود الجحدري. 133 96- إسماعيل بن موسى الفزاري. 134 97- إسماعيل بن يوسف الديلمي. 135 98- أصبغ بن دحية الصدفي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 387 136 100- أيوب بن محمد بن أيوب الهاشمي. 136 101- أيوب بن عافية بن أيوب البصري. 136 102- أيوب بن علي بن الهيصم. 136 103- أيّوب بن محمد بن زياد بن فرُّوخ. "حرف الباء": 137 104- بركة بن محمد الحلبي. 137 105- بسطام بن جعفر الأزدري الموصلي. 137 106- بشر بن بشار البغدادي. 137 107- بشر بن معاذ العقدي. 138 108- بشر بن هلال النميري. 138 109- بغا الكبير. 139 110- بكْر بن محمد بن عديّ بن حبيب. 140 111- بكر بن النطاح. "حرف الثاء": 141 112- تميم بن المنتصر بن تميم. "حرف الجيم": 141 113- جابر بن كردي الواسطي. 141 114- الجارود بن معاذ السلمي. 142 115- جبارة بن المغلس. 142 116- الجراح بن عبد الله بن الفرج. 143 117- الجراح بن مخلد العجلي. 143 118- جعفر المتوكل على الله. 149 119- الجماز. "حرف الحاء": 150 120- الحارث بن أسد المحاسبي. 154 - الحارث بن أسد الهمداني. 154 121- الحارث بن أسد بن عبد الله. 154 - الحارث بن أسد العتكي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 388 155 - الحارث بن أسد الإفريقي. 155 122- الحارث بن مسكين بن محمد. 158 123- حامد بن المساور الإصبهاني "شاذة". 158 124- حامد بن يحيى بن هاني. 159 125- حجاج بن يوسف بن مروان الموصلي. 159 126- حرملة بن يحيى بن عبد الله. 160 127- الحسن بن أحمد بن أبي شعيب. 161 128- الحسن بن إسحاق الليثي. 161 129- الحسن بن إسماعيل بن سليمان المجالدي. 161 130- الحسن بن أيوب المدائني. 162 131- الحسن بن بشر بن القاسم. 162 132- الحسن بن بكر المروزي. 162 133- الحسن بن الجنيد البلخي. 162 134- الحسن بن حماد بن كسيب. 163 135- الحسن بن خلف بن شاذان. 164 136- الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر. 164 137- الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك. 165 138- الحسن بن الحسن بن زريق الطهوي. 165 139- الحسن بن الحسن بن شبيب بن راشد. 165 140- الحسن بن شجاع بن رجاء البلخي. 166 141- الحسن بن الصباح بن محمد. 167 142- الحسن بن عثمان بن حماد الزيادي. 169 143- الحسن بن علي بن الجعد. 169 144- الحسن بن علي بن محمد الهُذلي. 170 145- الحسن بن قزعة بن عُبيد. 170 146- الحسن بن مدرك الطحان. 171 147- الحسن بن يحيى بن كثير. 171 148- الحسن بن يحيى بن هشام الرازي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 389 171 149- الحسين بن بشر بن القاسم بن حماد. 171 150- الحسين بن حريث بن الحسن بن ثابت. 172 151- الحسين بن الحسن بن حرب. 173 152- الحسين بن سلمة الأزدي. 173 153- الحسين بن الضحاك الشاعر "الخليع". 173 154- الحسين بن عبد الرحمن الاحتياطي. 174 155- الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي. 176 156- الحسين بن عليّ بن جعفر بن زياد الأحمر. 176 157- الحسين بن علي بن يزيد الصدائي. 176 158- الحسين بن عيسى بن حمران. 17 159- الحسين بن الفضل بن أبي حديرة. 177 160- الحسين بن المبارك الطبراني. 177 161- الحسين بن محمد بن أيوب السعدي. 178 162- الحسين بن محمد بن جعفر البلخي. 178 163- الحسين بن معاذ البصري. 178 164- الحسين بن عدي الأيلي. 178 165- الحسين بن يزيد الكوفي الطحان. 179 166- حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهيب. 180 167- حفص بن عمر المهرقاني. 180 168- حماد بن إسماعيل بن علية. 181 169- حميد بن مسعدة الباهلي. 181 170- حُمَيْد بن هشام بن حُمَيْد بن خليفة. "حرف الخاء": 181 171- خالد بن عبد السلام بن خالد. 182 172- خالد بن عقبة بن خالد السكوني. 182 173- خالد بن يوسف بن خالد بن عمر. 183 174- خازم بن خزيمة البخاري. 183 175- الخضر بن زياد بن المغيرة الموصلي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 390 183 176- خلاد بن أسلم البغدادي. 183 177- الخليل بن عمرو البغوي. "حرف الدال": 184 178- دعيل بن علي بن رزين الشاعر. 188 179- دهثم بن خلف الرملي. "حرف الذال": 188 180- ذو النون المصري الزاهد. "حرف الراء": 192 181- راشد بن سعيد المقدسي. 193 182- رباح بن جراح العبدي. 193 183- الربيع بن نافع الحلبي. 194 184- رجاء بن محمد العذري. 194 185- رجاء بن مرجى. 195 186- روح بن حاتم البغدادي. 195 187- روح بن عصام بن يزيد. "حرف الزاي": 195 188- زكريّا بن يحيى بن صالح. 196 189- زياد بن عبد الرحمن النيسابوري. 196 190- زياد الله بن إبراهيم بن محمد. 196 191- زيد بن بشر بن زيد. 197 192- زيد بن الحريش الأهوازي. 197 193- زيد بن سنان الأسدي. 197 194- زيد بن أبي موسى المروزي. "حرف السين": 198 195- سختويه بن الجنيد. 198 196- سعيد بن العباس الرازي. 198 197- سعيد بن عبد الرحمن المخزومي. 198 198- سعيد بن عثمان الكريزي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 391 199 199- سعيد بن الفرج البلخي. 199 200- سعيد بن وهب الأصبهاني. 199 201- سعيد بن يحيى بن الأزهر. 199 202- سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان. 200 203- سعيد بن يعقوب الطالقاني. 200 204- سفيان بن زياد الرصافي. 200 205- سفيان بن محمد المصيصي. 201 206- سفيان وكيع بن الجراح. 201 207- سلمة بن لكلاعي. 202 208- سلمة بن شبيب المسمعي. 202 209- سليمان بن أبي شيخ. 203 210- سليمان بن عُبيد الله بن عَمْرو الغَيْلانيّ. 203 211- سليمان بن عمر بن خالد بن الأقطع. 203 212- سليمان بن يوسف بن صالح العقيلي. 204 213- سهل بن صالح الأنطاكي. 204 214- سوار بن عبد الله بن سوار. "حرف الشين": 205 215- شجاع فتاة المعتصم. 205 216- شعيب بن سهل الرازي. 206 217- شيبة بن الوليد بن سعيد. "حرف الصاد": 206 218- صالح بن حرب. 206 219- صالح بن مسمار السلمي. 206 220- صالح بن عدي النميري. 207 221- صالح بن محمد بن يحيى القطان. 207 222- صُهيب بن عاصم القيسي. "حرف الضاد": 207 223- الضحاك بن حجوة المنبجي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 392 "حرف الطّاء": 208 224- طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر المصعبي. 208 225- الطيب بن إسماعيل الذهلي. "حرف العين": 209 226- عامر بن أسيد بن واضح. 209 227- عامر بن سيار. 209 228- عامر بن عمر الموصلي. 210 229- عباد بن زياد الأسدي. 210 230- عباد بن يعقوب الرواجني. 212 231- عبادة المخنث. 212 232- العباس بن عبد العظيم بن إسماعيل. 213 233- العباس بن الوليد بن صبح. 213 234- عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان. 215 235- عبد الله بن أحمد بن حَرب البغداديّ. 216 236- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن يونس. 216 237- عبد الله بن جابر الأموي. 216 238- عبد الله بن خالد اللؤلؤي. 216 239- عبد الله بن خالد الأزدي البخاري. 217 240- عبد الله بن ذؤاب الموصلي. 217 241- عبد الله بن سليمان بن يوسف البعلبكي. 217 242- عبد الله بن الصباح الهاشمي. 218 243- عبد الله بن عامر بن براد. 218 244- عبد الله بن عبد الجبّار بن نُضَيْر. 218 245- عبد الله بن عمران العابدي المخزومي. 218 246- عبد الله بن عمران الأسدي. 219 247- عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي. 219 248- عبد الله بن محمد بن رُمح بن المهاجر. 220 249- عبد الله بن محمد بن يحيى الخشاب الرملي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 393 220 250- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى الطرطوسي. 220 251- عبد الله بن محمد بن داود الأصبهاني. 220 252- عبد الله بن مسلم بن رُشيد. 221 253- عبد الله بن معاوية بن موسى الجُمحي. 222 254- عبد الله بن منير المروزي. 222 255- عبد الله بن نصر الأصم. 223 256- عبد الله بن الوضاح بن سعيد الأودي. 223 257- عبد الله بن يحيى بن سعد المُراديّ. 223 258- عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى بن هلال. 224 259- عبد الأول بن موسى بن إسماعيل. 224 260- عبد الجبّار بن العلاء بن عبد الجبّار. 224 261- عبد الحميد بن بيان الواسطي العطار. 225 262- عبد الحميد بن صُبيح العنبري. 225 263- عبد الخالق بن منصور القشيري. 225 264- عبد الرحمن بن إبراهيم بن عَمْرو بن ميمون. 226 265- عبد الرحمن بن أيوب بن سعيد السكوني. 227 266- عبد الرحمن بن الأسود الهاشمي. 227 267- عبد الرحمن بن زبان. 228 268- عبد الرحمن بن برد التجيبي. 228 269- عبد الرحمن بن عبد الوهاب العمي. 228 270- عبد الرحمن بن عُبَيْد الله بن حكيم الأسدي. 228 271- عبد الرحمن بن عمر بن يزيد الزهري. 229 272- عبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي. 230 273- عبد الرحمن بن مسروق. 230 274- عبد الرحمن بن واقد بن مسلم. 231 275- عبد الرحمن بن يونس بن محمد السّرّاج. 231 276- عبد السّلام بن عبد الحميد بن سُوَيْد. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 394 231 278- عبد السّلام بن عبد الرحمن بن صَخْر. 232 279- عبد الصّمد بن سليمان بن أبي مطر. 232 280- عبد الصمد بن الفضل بن خالد. 232 281- عبد الصمد بن موسى بن محمد الهاشميّ. 233 282- عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير. 233 283- عبد الكريم بن الحارث بن مسكين. 233 284- عبد الملك بن شُعيب بن الليث. 234 285- عبد الملك بن عبد ربه الطائي. 234 286- عبد الملك بن مروان بن قارظ. 234 287- عبد الواحد بن يحيى بن خالد الغافقي المعروف بسوادة. 235 288- عبد الوهاب بن زكريا الأصبهاني. 235 289- عبد الوهاب بن الضحاك العرضي. 235 290- عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي. 236 291- عبد الوهاب بن فليح المكي. 237 292- عبد بن حميد بن مضر. 238 293- عبد ربه بن خالد النميري. 238 294- عبدة بن عبد الرحيم المروزي. 239 295- عبيد الله بن إدريس النرسي. 239 296- عبيد الله بن الجهم البصري الأنماطي. 239 297- عبيد الله بن حفص بن عمر. 240 298- عبيد الله بن سعيد بن يحيى. 240 299- عُبَيْد الله بن عبد الله بن المُنْكَدِر. 240 300- عبيد بن أسباط بن محمد القرشي. 241 301- عبيد بن إسماعيل القرشي. 241 302- عبيد بن هشام الحلبي. 242 303- عبدوس بن مالك العطار. 242 304- عُتْبة بن عبد الله بن عُتْبة اليَحْمَديّ. 242 305- عتاب بن ورقاء الشاعر. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 395 243 306- عثمان بن إسماعيل بن عمران. 243 307- عثمان بن أيوب بن أبي الصلت القُرطبي. 243 308- عذرة بن مصعب القدري. 244 309- عسكرين الحصين النخشبي. 245 310- عصابة الجرجرئي. 246 311- عصمة بن الفضل النميري. 246 312- عقبة بن قبيصة بن عقبة. 246 313- عقبة بن مكرم العمي. 247 314- علكدة بن نوح بن اليسع الرعيني. 247 315- علي بن الأزهر بن عبد ربه. 247 316- علي بن بكار بن هارون المصيصي. 247 317- علي بن جميل الرقي. 248 318- علي بن الجهم بن بدر. 249 319- علي بن حجر السعدي. 251 320- علي بن الحسن الكوفي اللائي. 251 321- علي بن الحسن الكوفي. 251 322- علي بن الحسن بن السماك. 251 323- علي بن سعيد بن مسروق. 252 324- علي بن عيسى بن يزيد الكراجكي. 252 325- علي بن الفضل القيسي الكرابيسي. 252 326- علي بن ميمون الرقي. 253 327- عليّ بن نصر بن عليّ بن نصر الجهضمي. 253 328- علي بن الهيثم البغدادي. 253 329- علي بن يونس بن أبان الأصبهاني. 254 330- علي بن أبي علي الأنصاري. 254 331- عمار بن الحسن بن بشير. 254 332- عمار بن طالوت بن عباد. 254 333- عمارة بن عقيل. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 396 255 334- عمران بن خالد بن يزيد. 255 335- عمران بن محمد المولي الخيزراني. 255 336- عمران بن موسى الليثي القزاز. 256 337- عمران بن موسى الطرسوسي. 256 338- عمر بن إسماعيل بن مجالد الهمذاني. 256 339- عمر بن حفص بن صبيح الشيباني. 257 340- عمر بن حفص بن عمر بن سعد الحمصي. 257 341- عمر بن حفص الدمشقي الخياط. 257 342- عمر بن محمد بن الحسن بن التل. 258 343- عمر بن يزيد السياري. 258 344- عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ. 261 345- عمرو بن سواد بن الأسود العامري. 262 346- عمرو بن سهل الرازي. 262 347- عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد. 262 348- عمرو بن علي بن بحر بن كنيز. 264 349- عمرو بن عيسى الضُبعي. 264 350- عمرو بن قتيبة. 264 351- عمرو بن مالك الراسبي. 265 - النكري. 265 352- عمرو بن محمد بن عمرو بن ربيعة. 265 353- عمرو بن منصور النسائي. 265 354- عمرو بن هشام بن بزين. 266 355- عمرو بن يزيد الجرمي. 266 356- عنبسة بن إسحاق بن شمر الضبي. 266 357- العلاء بن مسلمة البغدادي. 266 358- عيسى بن حماد بن رغبة. 267 359- عيسى بن شاذان البصري القطان. 267 360- عيسى بن صبيح. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 397 268 361- عيسى بن أبي عيسى السليحي. 268 362- عيسى بن المساور البغدادي. 268 363- عيسى بن مهران الرازي. 268 364- عيسى بن يوسف بن عيسى بن الطّبّاع. "حرف الغين": 269 365- غياث بن جعفر الرحبي. "حرف الفاء": 269 366- الفتح بن خاقان الأمير. 271 367- فتح بن عمرو التميمي. 271 368- فرج بن مرزوق. 271 369- فضالة بن الفضل الكوفي الطهوي. 272 370- الفضل بن إسحاق الدوري. 272 371- الفضل بن أبي حسان البكائي. 272 372- الفضل بن السكين القطيعي. 272 373- الفضل بن الصباح. 273 374- الفضل البكائي. 273 375- الفضل بن مروان الوزير. "حرف القاف": 274 376- القاسم بن بِشْر بن معروف البغدادي. 274 377- القاسم بن زكريا بن دينار. 274 378- القاسم بن عثمان الجوعي. 276 379- القاسم بن عيسى الطائي. "حرف الكاف": 276 380- كثير بن عُبيد المذحجي. "حرف اللام": 277 381- اللَّيث بن سعد بن نَجِيح المصري. "حرف الميم": 277 382- محمد بن آدم بن سليمان المصيصي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 398 278 383- محمد بن أبان بن وزير البلخي. 278 384- محمد بن إبراهيم بن حدران. 278 385- محمد بن إبراهيم بن سليمان الأسباطي. 279 386- محمد بن إبراهيم بن العلاء الدمشي. 279 387- محمد بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي. 279 388- محمد بن إبراهيم بن يحيى بن أبي سكينة. 280 389- محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني. 280 390- محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي. 280 391- محمد بن أحمد بن نافع العبدي. 281 392- محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن منصور. 281 393- محمد بن أسد بن أبي الحارث. 285 394- محمد بن أسلم بن سالم الطوسي. 286 395- محمد بن إسماعيل الرماني. 286 396- محمد بن إسماعيل بن أبي ضرار. 286 397- محمد بن الأغلب بن إبراهيم. 286 398- محمد بن " ... " بن مساور. 286 399- محمد بن بشر بن النجم. 286 400- محمد بن بكر بن خالد. 287 401- محمد بن المنتصر بالله. 287 402- محمد بن المنتصر بالله. 289 403- محمد بن جعفر السمناني. 290 404- محمد بن حاتم بن سليمان الزمي. 290 - محمد بن حاتم السمين. 290 405- محمد بن حاتم بن بزيع البصري. 290 406- محمد بن الحارث بن راشد "صدرة". 291 407- محمد بن الحارث الرافقي البزاز. 291 408- محمد بن الحارث الليثي. 291 409- محمد بن أبي الليث الحارث بن عبد الله. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 399 291 410- محمد بن حبيب. 292 411- محمد بن الحجاج بن رشدين. 292 412- محمد بن " ... " ميسرة. 292 413- محمد بن حماد الأبيوردي. 293 414- محمد بن حميد بن حيان. 294 415- محمد بن خالد بن خداش. 294 416- محمد بن خلف بن طارق. 295 417- محمد بن خليفة البصري. 295 418- محمد بن الخليل البلاطي. 295 419- محمد بن أبي خُنيس الخولاني. 295 420- محمد بن داود بن صبيح. 295 421- محمد بن داود بن سفيان المصيصي. 296 422- محمد بن رافع بن أبي زيد سابور. 298 423- محمد بن الربيع. 298 424- محمد بن رجاء بن السندي. 298 425- محمد بن رزق الله الكلوذاني. 298 426- محمد بن رمح بن المهاجر. 299 427- محمد بن روح بن عمران. 299 428- محمد بن زاهر بن حرب النسائي. 299 429- محمد بن زنبور المكي. 300 430- محمد بن أبي السري. 300 431- محمد بن سعيد بن حماد. 300 432- محمد بن سعيد بن كثير بن عُفير. 301 433- محمد بن سعيد بن يزيد التستري. 301 434- محمد بن سعيد بن عبد الملك بن أبي قفيز. 301 435- محمد بن سُفْيان بن أبي الزّرد الأُبُلّيّ. 301 436- محمد بن سلمة المرادي. 302 437- محمد بن سليمان بن حبيب. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 400 303 438- محمد بن سوار الأزدي. 303 439- محمد بن شجاع. 303 440- محمد بن صدقة الحمصي. 303 441- محمد بن طريف البجلي. 304 442- محمد بن عباد بن موسى البغدادي. 304 443- محمد بن عباد بن آدم الهذلي. 304 444- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ. 305 445- محمد بن عبد الله بن بَزِيع البصْريّ. 305 446- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن سعيه. 306 447- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عقيل. 306 448- محمد بن عبد الله بن بكر الخُزَاعيّ. 307 449- محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام. 307 450- محمد بن عبد الله بن أبي حُماد الطرسوسي. 307 451- محمد بن عبد الله بن حسن الجرجاني. 307 452- محمد بن عبد الأعلى الصنعاني. 308 453- محمد بن عبد الرحمن بن حكيم بن سهم. 308 454- محمد بن عبد الصمد بن داود الحراني. 308 455- محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة. 309 456- محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب. 309 457- محمد بن عُبَيْد بن محمد بن واقد المحاربي. 310 458- محمد بن عُبَيْد بن محمد بن ثَعْلَبَة. 310 - محمد بن عبيد المدني. 310 459- محمد بن عبيد بن عبد الملك الأسدي. 311 460- محمد بن عثمان بن خالد العثماني. 311 461- محمد بن عثمان بن بحر. 311 462- محمد بن عصام بن يزيد بن عجلان. 312 463- محمد بن عُقبة بن هرم السدوسي. 312 464- محمد بن عُكاشة الكرماني. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 401 313 465- محمد بن العلاء بن كريب. 314 466- محمد بن عليّ بن الحَسَن بن شقيق. 315 467- محمد بن علي بن حمزة المروزي. 315 468- محمد بن علي بن حمزة العلوي. 315 469- محمد بن علي بن حمزة الأنصاري. 315 470- محمد بن علي بن حمزة الأنطاكي. 315 471- محمد بن عمران بن أيوب الأصبهاني. 316 472- محمد بن عمران بن زياد الضبي. 316 473- محمد بن عمر بن علي بن عطاء المقدمي. 316 474- محمد بن عمر بن حرب بن سنان القرشي. 317 475- محمد بن عمرو بن العباس الباهلي. 317 476- محمد بن عمرو بن الحكم الهروي. 317 477- محمد بن " ... ". 317 478- محمد بن أبي عون البغدادي. 318 479- محمد بن عيسى بن زياد. 318 480- محمد بن أبي غالب القومسي. 318 481- محمد بن أبي غالب صاحب هشيم. 319 482- محمد بن فراس البصري. 319 483- محمد بن قُدامة بن أعين. 319 484- محمد بن الإمام بن أبي عبد الله محمد بن إدريس. 320 485- محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي. 320 486- محمد بن محمد بن النُّعْمان بن شِبْل. 320 487- محمد بن مرداس الأنصاري. 320 488- محمد بن مرداس الأنصاري "آخر". 321 489- محمد بن مرزوق الباهلي. 321 490- محمد بن مسعدة البزاز. 321 491- محمد بن مسعود بن يوسف العجمي. 322 492- محمد بن مسكين اليمامي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 402 322 493- محمد بن مصفى بن بهلول. 323 494- محمد بن معروف القرشي. 323 495- محمد بن مقاتل الرازي. 323 - محمد بن مقاتل المروزي. 324 496- محمد بن موسى بن نُقيع. 324 497- محمد بن موسى بن عمران. 324 498- محمد بن أبي معشر نجيح السندي. 325 499- محمد بن النضر الزبيري. 325 500- محمد بن النعمان بن عبد السلام. 326 501- محمد بن هارون الرشيد. 326 502- محمد بن هارون الوراق. 327 503- محمد بن هشام بن عوف السعدي. 327 504- محمد بن الهيثم بن خالد البجلي. 328 505- محمد بن الهيثم الكوفي المقرئ. 328 506- محمد بن الوزير المصري. 329 507- محمد بن الوزير بن الحكم. 329 - محمد بن وزير الواسطي. 329 508- محمد بن الوليد الأموي. 329 509- محمد بن وهب بن أبي كريمة. 330 510- محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني. 330 511- محمد بن يحيى بن عبدويه. 331 512- محمد بن يحيى بن فياض. 331 513- محمد بن يزيد البغدادي الأدمي. 311 514- محمد بن يزيد بن سابق الهروي. 332 515- محمد بن يزيد بن محمد العجلي. 333 516- محمد بن يزيد الواسطي. 333 517- محمد بن يعقوب الأسدي. 333 518- محمد بن يونس المخزومي. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 403 334 519- مالك بن سعد بن عُبادة. 334 520- مجاهد بن موسى بن فروخ. 335 521- محمود بن خالد بن يزيد السلمي. 335 522- محمود بن خداش الطالقاني. 336 523- مخارق بن ميسرة. 336 524- مخلد بن عمرو بن لبيد. 336 525- مخلد بن مالك بن جابر الرازي. 337 526- مخلد بن مالك بن شيبان. 337 527- مخلد بن محمد الزهراني. 337 528- مروان بن أبي الجنوب. 338 529- مسعود بن جويرية بن داود. 338 530- المسيب بن واضح بن سرحان. 339 531- مشرف بن أبان البغدادي. 339 532- مصعب بن عبد الله بن مصعب. 339 533- معاوية بن عبد الرحمن الرحبي. 340 534- معلى بن سلام الدمشقي الرفاء. 340 535- المغيرة بن عبد الرحمن الأسدي. 340 536- المفضل بن غسان الغلابي. 341 537- مقدم بن يحيى بن عطاء المقدمي. 341 538- مكي بن عبد الله بن مهاجر الرعيني. 341 539- منخل بن منصور الجهني. 342 540- المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن. 342 541- موسى بن حزام الترمذي. 342 542- موسى بن عبد الملك الأصبهاني. 342 543- موسى بن قريش التميمي. 343 544- محمد بن سعيد بن حيان. 343 545- موسى بن عبد الرحمن بن القاسم الضَّبّيّ. 343 546- موسى بن علي الهمداني البخاري. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 404 343 547- موسى بن مروان البغدادي. 344 548- موسى بن ناصح البغدادي. "حرف النّون": 344 549- نجاح بن سَلَمَةَ بن نجاح الوزير. 344 550- نصر بن الحسين بن صالح بن غَزْوان. 344 551- نصر بن خزيمة بن علقمة. 345 552- نصر بن عبد الرحمن بن بكّار الكوفيّ. 345 553- نصر بن عليّ بن نصر بن عليّ بن صُهبان. 347 554- نصر بن محمد بن سليمان الحمصي. 347 555- نُصير بن الفرج الأسلمي. 347 556- نُصير بن يزيد الحنفي. 348 557- النضر بن طاهر. 348 558- نهار بن عثمان. 348 559- نوح بن حبيب القُومسي. "حرف الهاء": 349 560- هارون بن حاتم الكوفي. 350 561- هارون بن زيد بن أبي الزرقاء. 350 562- هارون بن سفيان المستملي. 350 563- هارون بن عبد الله بن مروان "الحمال". 351 564- هارون بن عيسى الكوفي. 351 565- هارون بن فراس السجستاني. 351 566- هارون بن محمد بن بكار بن بلال. 351 567- هارون بن موسى بن حيان التميمي. 352 568- هاشم بن محمد بن يزيد بن يَعْلَى. 352 569- هاشم بن ناجية السلماني. 352 570- هاني بن المتوكل بن إسحاق. 353 571- هاني بن النضر الأزدي. 353 572- هدية بن عبد الوهاب. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 405 353 573- هشام بن خالد الدمشقي. 354 574- هشام بن عبيد الله الكلبي. 354 575- هشام بن عمار بن نصير. 359 576- هلال بن بشر المزني. 360 577- هلال بن يحيى البصري. 360 578- هناد بن السرى بن مُصعب. 361 579- الهيثم بن مروان بن الهيثم. "حرف الواو": 362 580- واصل بن عبد الأعلى الكوفي. 362 581- الوليد بن شجاع بن الوليد. 363 582- الوليد بن عمرو بن السُكين. 363 583- وهب بن بيان الواسطي. 363 584- وهب الله بن رزق المصري. 363 585- وهب بن حفص البجلي. "حرف الياء": 364 586- يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن. 370 587- يحيى بن جعفر بن أعين البيكندي. 370 588- يحيى بن الحارث الإخميمي. 370 589- يحيى بن حبيب بن عربي. 371 590- يحيى بن حكم الأندلسي. 371 591- يحيى بن خلف الباهلي. 371 592- يحيى بن داود الواسطي. 372 593- يحيى بن درست بن زياد. 372 594- يحيى بن سليمان بن نضلة. 372 595- يحيى بن طلحة اليربوعي. 372 596- يحيى بن عبد الرحيم بن محمد الخشرمي. 373 597- يحيى بن عبد الغفار الكتبي. 373 598- يحيى بن محمد بن قيس الأنصاري. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 406 373 599- يحيى بن مخلد المقسمي. 373 600- يحيى بن واقد الطائي. 374 601- يحيى بن يزيد بن ضماد. 374 602- يزيد بن سعيد الإسكندراني. 374 603- يزيد بن عبد الله بن رزيق. 375 604- يعقوب بن إسحاق بن السكيت. 376 605- يعقوب بن إسماعيل بن حماد. 377 606- يعقوب بن حميد بن كاسب المدني. 377 607- يعقوب بن ماهان البناء. 377 608- يمان بن عيسى. 378 609- يوسف بن إبراهيم بن شبيب الفرساني. 378 610- يوسف بن حماد المعنى. 378 611- يوسف بن حماد الإستراباذي. 379 612- يوسف بن سلمان الباهلي. 379 613- عيسى بن دينار المروزي. 379 - يوسف بن عيسى بن ماهان. "الكنى": 379 614- أبو أيوب الخياط. 379 615- أبو بكر بن نافع البصري. 380 616- أبو بكر بن النضر بن أبي النضر هاشم. 380 - أبو تراب النخشبي. 380 617- أبو حُصَيْن بْن يحيى بْن سُلَيْمَان الرّازيّ. 380 - أبو هفان الشاعر. 380 - أبو زيد البسطامي. 381 فهرس الموضوعات. الجزء: 18 ¦ الصفحة: 407 المجلد التاسع عشر الطبقة السادسة والعشرون أحداث سنة إحدى وخمسين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة السادسة والعشرون: أحداث سنة إحدى وخمسين ومائتين: فيها تُوُفّي: إِسْحَاق بْن منصور الكوَسج، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيْه، وعمرو بْن عثمان الحمصيّ، ومحمد بْن سهل بْن عسكر، وأبو البقاء هشام بْن عَبْد الملك الحمصيّ. "خروج الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بقزوين": وفيها خرج الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن الأرقط عَبْد اللَّه بْن زين العابدين على بْن الْحُسَيْن بقزوين، فغلب عليها فِي أيّام فتنة المستعين. "خروج أَحْمَد بْن عيسى العلويّ بالريّ": وقد كَانَ هُوَ وأحمد بْن عيسى العلويّ اجتمعا عَلَى أهل الرِّيّ، وقتلَا بها خلْقًا كبيرًا، وأفسدوا وعاثوا. وسار لقتالهما جيش، فأسِر أحدُهما وقُتِل الآخر. "إفساد إِسْمَاعِيل بْن يوسف موسم الحجّ": وفيها خرج إِسْمَاعِيل بْن يوسف بْن إبْرَاهِيم بن موسى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ الحسنيّ بالحجاز، وهو شابٌ لَهُ عشرون سنة. وتَبِعه خلْقُ مِنَ العرب، فعاث فِي الحَرَمَيْن، وأفسد موسم الحجّ. وقتل مِنَ الحجيج أكثر من ألف رَجُل، واستحل الحُرُمات بأفاعيله الخبيثة. وبقي يقطع المِيرة عَنِ الحرمين حتى هَلكَ أهل الحجاز، وجاعوا. ونزل الوباء فهلك فِي الطاعون هُوَ وعامّة أصحابه فِي السنة الآتية. وفيها فتنة المستعين أَحْمَد كما هو مذكور في ترجمته1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 278-347"، والبداية "11/ 9، 10"، والنجوم الزاهرة "2/ 397-399"، صحيح التوثيق "6/ 244-246". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 3 أحداث سنة اثنتين وخمسين ومائتين : تُوُفّي فيها: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سُوَيْد بْن مَنْجُوف، والمستعين بالله أَحْمَد بْن المعتصم، قتلوه، وإسحاق بْن بُهْلُولٍ الحافظ، وأَشْناس الأمير، وزياد بْن أيّوب، وعبد الوارث بْن عَبْد الصمد بْن عَبْد الوارث، ومحمد بْن بشار بُنْدار، وأبو موسى محمد بْن المُثَنَّى العَنَزيّ، ومحمد بْن منصور الجوّاز، ويعقوب الدَّوْرَقيّ. "خلْع المستعين وبيعة المعتزّ": وفيها خُلِع المستعين، ثمّ حُبِس وقُتِل. وبويع المعتز بالله فأمر التُّرك ببيعته، وخلع عَلَى محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر خلْعة المُلْك، وقلّده سَيْفَيْن. فأقام بُغَا ووَصيف الأميران ببغداد عَلَى وجَلٍ مِنَ ابن طاهر، ثمّ رضي المعتزّ عَنْهُمَا، وردهما إلى مرتبتهما. ونُقِل المستعين إلى قصر المخرَّم هُوَ وعياله، ووكَّلوا بِهِ أميرًا. وكان عنده خاتم مِنَ الجوهر، فأخذه ابن طاهر فبعثَ بِهِ إلى المعتزّ. "تتويج المعتزّ لأخيه أَبِي أَحْمَد": وفيها خلع المعتزّ عَلَى أخيه أَبِي أَحْمَد خلعة المُلْك وتوّجه بتاجٍ من ذَهَبٍ، وقَلَنْسُوَةٍ مُجَوْهَرَة، ووِشاحَيْن مُجَوْهَرَيْن. وقلَّده سَيْفَيْن. "خلْع المؤيَّد مِنَ العهد": وفي رجب خلع المعتز بالله أخاه المؤيّد مِن العهد وقيّده وضَرَبه. "ولَاية ابن أَبِي الشوارب قضاء القضاة": وفيها ولي قضاء القُضاة الْحَسَن بْن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب. "حساب الخراج": وفيها حُسِبَتْ أرزاقُ الأتراك والمغاربة والشّاكريّه ببغداد، وغيرها، فجاءت فِي العام الواحد مائتي ألف ألف دينار. وذلك خراج المملكة سنتين. "نفي أَبِي أَحْمَد إلى واسط": وفيها قبض المعتزّ عَلَى أخيه أَبِي أَحْمَد، ثمّ نفاه إلى واسط. ثمّ قاموا معه فَرُدّ إلى بغداد. "إبعاد ابن المعتصم": وأُبعْدَ عَلِيّ بْن المعتصم عَنِ الحضرة. "ولَاية ابن خاقان مصر": وولي مزاحم بْن خاقان إمرة مصر1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 348-349"، الكامل "7/ 167"، والبداية "11/ 10"، وصحيح التوثيق "6/ 246". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 4 أحداث سنة ثلَاثٍ وخمسينٍ ومائتين: وفيها تُوُفّي: أحمد بْن سعَيِد الهَمَدانيّ المصريّ، وسَرِيٌّ السَّقَطيّ الزّاهد، وعلي بْن شُعَيب السَّمسار، وعلي بْن مُسلْمِ الطُّوسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر الأمير، ومحمد بن عيسى بن رزين التيمي مقرئ الرِّيّ، ومحمد بْن يحيى بْن أَبِي حَزْم القطعيَ، وهارون بْن سعَيِد الأيْليّ، والأمير وصيف التُّرْكيّ، ويوسف بْن مُوسَى القطّان، وأبو الْعَبَّاس القَلوَّريّ. "أَخْذُ هَرَاة": وفيها قصد يعقوب بْن اللَّيث الصّفّار هَرَاة فِي جمعٍ، فأخذ هراة من نواب ابن طاهر، وقيّدهم وحبسهم. "هزيمة ابن أبي دلف": وفيها سار الأمير موسى بن بغا، فالتقى هو وعسكر عَبْد العزيز ابن الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ، فهزمهم وساق وراءهم إلى الكَرْج، وتحصن منه عَبْد العزيز، وأُسرَتْ والدة عَبْد العزيز. وبُعِث إلى سامرّاء بتسعين حِمْلا من رؤوس القتلى. "خِلْعة المعتزّ عَلَى بُغا": وفي رمضان خلع المعتزّ بالله عَلَى بُغَا الشَّرابيّ، وألبسه تاج المُلْك. "مقتل وصيف": وفي شوّال قُتِل وصِيف التُّرْكيّ. "كسوف القمر": وفي ذي القعدة كُسِف القمر. "غَزْو ابن مُعَاذ بلَاد الروم": وغزا محمد بْن مُعَاذ بلَاد الروم، ودخل بالعسكر من جهة مَلَطْية، فأُسِرَ وقُتِل خَلْقٌ من أصحابه. "هزيمة الكوكبيّ": وفي ذي القعدة التقى موسى بن بغا الكوكبي بأرض قزوين، فانهزم الكوكبي ولحق بالديلم. "وفاة ابن خاقان": وفيها مات مُزاحِم بْن خاقان أخو الفتح بمصر. والله أعلم1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 373-378"، والكامل "7/ 183-190"، والبداية "10/ 12"، النجوم الزاهرة "2/ 405-407"، صحيح التوثيق "6/ 248". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 5 أحداث سنة أربعٍ وخمسين ومائتين: فيها تُوُفّي: أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن عبُّود الدّمشقيّ، وإبراهيم بْن مجشّر الكاتب، وبُغَا الصَّغير الشَّرابيّ، وزياد بْن يحيى الحسّانيّ، وسَلْم بْن جُنَادَةَ، والدّارِميّ، وعلي بْن محمد بْن عَلِيّ بْن مُوسَى الرِّضا أَبو الْحَسَن العسكريّ مِن الاثني عشرية، ومحمد بن عبد الله المخرَميّ الحافظ، ومحمد بْن منصور الطُّوسيّ العابد، ومحمد بْن هاشم البَعْلَبَكّيّ، والمَرّار بْن حَمُّوَيْه الهمداني الفقيه. ولم يجر فيها من الحوادث ما له صورة1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 373-378"، البداية "11/ 14". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 6 أحداث سنة خمسٍ وخمسين ومائتين: فيها تُوُفّي: عَبْد اللَّه بْن أَبِي زياد القَطَوانيّ، وعبد اللَّه الدّارِميّ، بخُلْف، وعبد اللَّه بْن هاشم الطوسي، وعبد الغنيّ بْن رفاعة المصريّ، وعِتيق بْن محمد النَّيسابوري، والجاحظ، وأبو حاتم بخُلْفٍ فيهما وقد مرّا سنة خمسين، والمعتز بالله محمد بْن المتوكلّ، قتلوه، ومحمد بْن حرب النَّسائيّ، ومحمد بْن عَبْد الرحيم أَبُو يحيى صاعقة، ومحمد بن كرام الوصفي شيخ الكرامية، وموسى بْن عامر المُرِّيّ. "فتنة الزَّنج بالبصرة": وفيها فتنه الزَّنْج، وخروج قائد الزنج العلوي بالبصرة، خرج وعكسر، وانتسب إلى زيد بْن عَلِيّ، وزعم أنّه عَلَى بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عيسى بْن زيد بْن عَلِيّ، وهذا نَسَب لم يصحّ. وكان مبدأ ظهوره فِي هذه السنة، والتف عَلَيْهِ عبيد أهل البصرة مِنَ الزنج، وغيرهم. وعظُم أمره وفعل بالمسلمين الأفاعيل، وهزم الجيوش، وامتدّت أيّامه، وتمادى فِي غيّه إلى أن قُتِل إلى غير رحمة الله في سنة سبعين، على يد أَحْمَد بْن الموفَّق. "دخول مفلح طبرستان وآمُل": وفيها دخل مُفْلح طَبرستان، فهدم دُورَ الْحَسَن بْن زيد العلويّ، فلحق بالديلم، ودخل مفلح آمُل، فهدم دُورَ الْحَسَن بْن زيد، وساق فِي طلبه. "الوقعة بين ابن الليث وابن المغلس": وفيها كَانَ بين يعقوب بْن الليث وطوق بْن المغلَّس وقْعهٌ كبيرة بظاهر كِرْمان، فانتصر يعقوب وأسر طَوْقًا. وكان يعقوب قد خرج عَنِ الطّاعة وجبى الخَرَاج لنفسه. "خروج ابن قُرَيش عَنِ الطاعة": وفيها خرج عَنِ الطّاعة علي بْن الْحَسين بْن قُرَيش، وكتب إلى المعتزّ بالله يسأله أنْ يولّيه خراسان، ويقول إن آل طاهرقد ضعُفُوا عَنْ مقاومه يعقوب بْن الليث. وأراد أنْ يغري بينهما؛ ليشتغل كلُّ منهما بصاحبه، وتسقط عنه مؤونة الهالك منهما. فسار يعقوب يريد كِرْمان، وبعث ابن قُرَيش المذكور طوق بن المغلس، فسبق يعقوب إلى الجزء: 19 ¦ الصفحة: 7 كرمان فدخلها، ونزل يعقوب على مرحلة منها، فأقام نحْوًا من شهرين. فلّما طال عَلَيْهِ أظهر الرحيل نحو سجستان، وسار مرحلةً. فوضع طوق عنه السلاح، وأحضر الملَاهي والشّراب، وجاءت الأخبار إلى يعقوب، فأسرع الرجعة وأحاط بطَوْق، فأسره واستولى عَلَى كرمان وعلي سجِستْان، ثمّ سار إلى فارس فتملك شيراز، وحارب ابن قُرَيش وظفر بِهِ وأسرهُ. وبعث إلى المعتزّ بالله بتقادُمَ وتحفٍ سَنِيّة، واستفحل أمرُه. "أخْذُ ابن وصيف لكُتّاب المعتزّ": وفيها أخذ صالح بْن وصيف: أَحْمَد بْن إسرائيل، والحسن بْن مَخْلَد، وأبا نوح عيسى بْن إبْرَاهِيم، فقيدّهم، وهم خاصّة المعتز وكُتّابه. وقد كَانَ ابن وصيف قَالَ: يا أمير المؤمنين لَيْسَ للجُنْد عطاء، وليس فِي بيت المال مال. وقد استولى هؤلَاء عَلَى أموال الدنيا. فقال له أحمدبن إسرائيل: يا عاصي يا ابن العاصي. وتراجعَا الكلَام والخصام، حتى احتدّ ابن وصيف، وغشي عَلَيْهِ وأصحابه بالباب، فبلغهم. فصاحوا وسلّوا سيوفهم وهجموا. فقام المعتزّ ودخل إلى عند نسائه فأخذ ابن وصيف أَحْمَد والجماعة. قَالَ: فقال لَهُ المعتزّ: هبْ لي أَحْمَد، فقد ربّاني. فلم يفعل، وضربهم بداره حتى تكسّرت أسنان أَحْمَد، وأخذ خُطوطهم بمالٍ جليلٍ وقيدهم. "ظهور عيسى وعلي العلوييّن": وفيها ظهر عيسى بْن جعْفَر، وعلي بْن زيد العلويان الحَسَنيّان، فقتلَا عَبْد اللَّه بْن محمد بْن دَاوُد الهاشمي الأمير. "خلْع المعتزّ وقتْله": وفي رجبُ خلِع المعتزّ بالله مِنَ الخلَافة ثمّ قُتِل. فاختفت أمّه قبيحة، ثمّ ظهرت فِي رمضان، وأعطت صالح بْن وصيف مالَا عظيمًا، ثمّ نفاها بعدما استصفاها إلى مكة، فحبست بها. وظهر لها من الذهب ألف ألف وثلاثمائة ألئف دينار، وسفط فِيهِ مكوك زُمُرُّد، وسفط فِيهِ مكُّوك لؤلؤ، فِيهِ حَبُّ كِبار عديمُ المِثْل، وكيلجة ياقوت أحمر، وغيره. فقومت الأسفاط بألفي ألف دينار، وحمل الجميع إلى ابن وصيف. فلمّا رآه قَالَ: قبحها اللَّه، عرضت ابنها للقتْل لأجل خمسين ألف دينار وعندها هذا. فأخذ الكُلَّ ونفاها. "مقتل أَبِي نوح وابن إسرائيل": وفي رمضان قَتَل ابنُ وصيف: أَبَا نوح، وأحمد بْن إسرائيل: "بيعة المهتدي": وبويع المهتدي بالله محمد بالأمر1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 382-390"، والكامل "7/ 193-205" البداية "11/ 15-17". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 8 أحداث سنة ستٍّ وخمسين ومائتين: تُوُفّي فيها: الربيع بْن سُليمان الجيزيّ، والزُّبَير بْن بكّار، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبَّويْه المَرْوزِيّ الحافظ، وعبد اللَّه بْن محمد الزُّهْريّ المخرّميّ، وعلي بن المنذر الطريقي، وأبو عبد الله البخاريئ ليلة عَيد الفِطْر، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بْن عثمان بْن كرامة، والمهتدي بالله محمد بْن الواثق. "مقتل صالح بْن وصيف": "وفيها" قدِم الأمير مُوسَى بْن بُغَا وعبى جيشه ميمنةً وميسرة وشَهَرُوا السّلَاح، ودخلوا سامرّاء مجتمعين عَلَى قتل صالح بْن وصيف بدم المعتزّ، يقولون: قتل أمير المؤمنين المعتزّ، وأخذ أموال أمّه قبيحة وأموال الكُتّاب. وصاحت العامّة والغوغاء عَلَى ابن وصيف: "يا فرعون قد جاءك موسى". فطلب موسى من بُغَا الإذن عَلَى المهتدي بالله، فلم يؤذن لَهُ، فهجم بمن معه عَلَيْهِ وهو جالس فِي دار العدْل، فأقاموه وحملوه عَلَى فَرَس ضعيف، وانتهبوا القصر. فلمّا وصلوا إلى دار ناحور أدخلوا المهتدي إليها وهو يَقُولُ: يا مُوسَى اتقِ اللَّه، ويْحَك ما تريد؟ قَالَ لَهُ: والله ما نريد إلَا خيرًا. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 9 وحَلَفَ لَهُ: لَا نالك سوء. ثمّ حَلَّفوه أن لَا يمالئ صالح بْن وصيف، فحلَف لهم. فبايعوه حينئذ. ثمّ طلبوا صالحًا لكي يناظروه عَلَى أفعاله، فاختفى. ورُد المهتدي بالله إلى داره. ثمّ قُتِل صالح بْن وصيف بعد شهرٍ شرَّ قتْلة. "كتاب وصيف بْن صالح": وفي أواخر المحرم من سنة ستٍّ وخمسين أظهر كتابٌ ذكر أن سِيما الشَّرابيّ زعم أنّ امرأةً جاءت بِهِ، وفيه نصيحة لأمير المؤمنين، وإنْ طلبتموني فأنا فِي مكان كذا. فلمّا وقف عَلَيْهِ المهتدي طلبها فِي المكان فلم يوجد لها أثر. فدعا مُوسَى بن بغا، وسليمان بن وهب، وفلحًا، وبايكباك، وناحور، ودفَع الكتاب إلى سُلَيْمَان فقال: أتعرف هذا الخط؟ قَالَ: نعم خطّ صالح بْن وصيف. ثمّ قرأه عَلَيْهِم، وفيه يذكر أنّه مُسْتَخْفٍ بسامراء، وإنّما استتر خوفًا مِنَ الفِتَن. وأنّ الأموال كلها عَنْد الْحَسَن بْن مَخْلَد. وكان كتابه يدلّ عَلَى قوة نفسه. فندب المهتدي إلى الصّلح، فاتهمه مُوسَى وذويه بأنّه يدري أين صالح. فكان بينهم فِي هذا كلَام. ثمّ مِنَ الغد تكلموا فِي خلْعه، فقال: بايكباك: ويْحَكُم، قتلتم ابن المتوكلّ وتريدون قتل هذا وهو مسلم ويصوم ويصلي ولا يشرب؟ والله لئِنْ فعلتم لأصيرنّ إلى خُراسان ولأشيعنّ أمركم هناك. "كلَام المهتدي": ثمّ خرج الَمهتدي إلى مجلسه وعليه ثياب بيض، مقلَّدًا سيفًا، ثمّ أمر بإدخالهم إِلَيْهِ، فقال: قد بلغني شأنكُم، ولست كمن تقدَّمني مثل المستعين والمعتز. والله ما خرجت إليكم إلَا وأنا متحنّط وقد أوصيت، وهذا سيفي، والله لأضربن بِهِ ما استمسكْتُ قائمته بيدي. أما دِين! أما حَيَاء! إمَا رِعة! كم يكون الخلَاف عَلَى الخلفاء والْجُرأة عَلَى اللَّه؟! ثمّ قَالَ: ما أعلم عِلم صالح. قَالُوا: فاحِلفْ لنا. قَالَ: إذا كَانَ يوم الجمعة، وصلَّيت الجمعة، حلفتٌ لكم. فرضوا وانفصلوا عَلَى هذا. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 10 "ثورة العامّة والقوّاد عَلَى الأتراك": ثمّ ورد إذْ ذاك مالٌ مِن فارس نحوٌ من عشرة آلاف ألف درهم، فانتشر فِي العامة أنّ الأتراك عَلَى خلْع المهتدي، فثار العامّة والقُوّاد، وكتبوا رقاعًا ألقوها فِي المساجد: يا معشر المسلمين، ادعوا لخيلفتكم العدْل الرّضا المضاهي1 لعمر بْن عَبْد العزيز أنْ ينصره اللَّه عَلَى عدوّه. وراسل أهل الكَرْخ والدُّور المهتدي بالله فِي الوثوب عَلَى مُوسَى بْن بُغَا والأتراك، فجزاهم خيرًا ووعدهم بالخير. "اقتراب الزنج من البصرة": وفيها تحول الزَّنج وقربوا مِنَ البصرة، وأخذوا مراكب كثيرة بأموالها؛ فتهبا سعَيِد الحاجب لحربهم. "قتل بايكباك": وفي أول جُمَادَى الآخرة رحل مُوسَى بْن بُغَا وبايكباك فِي طلب مساور. وكان المهتدي قد استمال بايكباك وجماعته مِن الأتراك، فكتب إلى بايكباك أنْ يقتل مُوسَى ومُفْلحًا أو يمسكهما، ويكون هُوَ الأمير عَلَى الأتراك كلهم. فأوقف بايكباك مُوسَى عَلَى كتابه وقال: إنيّ لست أفرح بهذا، وإنما هذا يعمل علينا كلنا. فأجمعوا عَلَى أنْ يسير بايكباك إلى سامرّاء، فإنّ المهتدي يطمئن إِلَيْهِ، ثمّ يقتله. فسار إلى سامرّاء ودخل عَلَى المهتدي فغضب وقال: أمرتك أن تقتل مُوسَى ومفلح فَدَاهنْت. قَالَ: كيف كنت أقدر عليها وجيشهما أعظم من جيشي، ولكن قَدْ قدِمت بجيشي ومن أطاعني لأنصُرك عليهما. فأمر المهتدي بأخذْ سلَاحه، فقال: أذهب إلى منزلي وأعود، فليس مثلي من يفعُل بِهِ هذا. فأخذ سلاحه وحبسه. ولمّا أبطأ خبره عَلَى أصحابه قال لهما أَحْمَد بْن خاقان الحاجب: اطلبوا صاحبكم قبل أنْ يفْرُط بِهِ أمرٌ. فأحاطوا بالْجَوْسق، فقال المهتدي لصالح بْن عَلِيّ بْن يعقوب بْن المنصور: ما ترى؟ فقال: قد كَانَ أَبُو مُسلْمِ أعظم شأنًا من هذا العبد، وأنت أشجع من المنصور، فاقتله.   1 المضاهي: المساوي أو المماثل. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 11 فأمر بضرب عنقه، وألقى رأسه إليهم، فجاشوا، وأرسل المهتدي إلى الفَرَاغِنة، والمغاربة، والأشَّروسَنيّة، فجاءوا واقتتلوا، فقُتِل مِنَ الأتراك أربعة آلاف، وقيل: ألفان، وقيل: ألف فِي ثالث عشر رجب يوم السبت. وحجز بينهُمُ الليل، ثمّ أصبحوا على القتال ومعهم أخو بايكباك وحاجبه بْن خاقان فِي زُهاء عشرة آلاف. "مقتل المهتدي": وخرج المهتدي بالله ومعه صالح بْن عَلِيّ والمصحف فِي عُنقه، وهو يَقُولُ: أيُّها النّاس انصروا خليفتكم. وحمل عَلَيْهِ طغوبا أخو بايكباك في خمسمائة. فمال الأتراك الذين مَعَ الخليفة إلى طغوبا، والتحم الحرب، فانهزم جمْع الخليفة وكثُر فِيهِمُ القتْل، فولّى منهزمًا والسيف فِي يده، وهو ينادي: أيها الناس انصروا خليفتكم. ثمّ دخل دار صالح بْن محمد بْن يزداد ورمى بسلَاحه ولبس البياض ليهرب مِنَ الأسطحة. وجاء أَحْمَد حاجب بايكباك فأخبر بِهِ، فتبعه، فهرب، فرماه بعضهم بسهمٍ ونفجَه بالسيف، ثمّ حُمِل إلى أَحْمَد، فأركبوه بغلًا، وركبوا خلفه سائسًا، وأتوا به إلى دار أحمد بْن خاقان، وجعلوا يضربونه ويقولون: أَيْنَ الذَّهَب. فأقرَّ لهم بستّمائة ألف دينار مودعة ببغداد، أودعها الكُرْجيّ. فأخذوا خطّه إلى خشف الواضحية المُغَنّية بستمائة ألف دينار، ودفعوه إلى رجلٍ، فعصر عَليْ خصيتيه فمات. وقيل: كانت بِهِ طعنه فحملوه عَلَى بِرْذَون. وقيل: أرادوه بدار أَحْمَد عَلِيّ الخلْع، فأبي واستسلم للقتل، فقتلوه. "بيعة أَحْمَد بْن المتوكل": وبايعوا أَحْمَد بْن المتوكل ولقّبوه المعتمد عَلَى اللَّه، وكنيته أَبُو الْعَبَّاس، وقيل: أَبُو جعْفَر, فِي سادس عشر رجب. وقدِم مُوسَى بْن بُغَا إلى سامرّاء بعد أربعة أيام، وخمدت الفتنة، وكان المعتمد محبوسًا في الجوسق فأخرجوه. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 12 "مقتل ابن بُغَا": وقَتَلَ المهتدي مَعَ بايكباك أَبَا نصر محمد بْن بُغَا أخا مُوسَى. "لهْوُ المعتمد وكراهية الناس لَهُ": وضيّق المعتمد عَلَى عيِال المهتدي بالله، ثمّ استعمل المعتمد أخاه الموفق طلحة عَلَى المشرق، وصيّر أبنه جعفرًا ولي عهده، وولَاه مصر والمغرب، ولقّبه المفوض إلى اللَّه. وانهمك المعتمد فِي اللَّهْو واللذات، واشتغل عَنِ الرّعيّة، فكرهه النّاس وأحبوا أخاه طلحة. "دخول الزّنج البصرة": وفي العشرين من رجب دخلت الزَّنج البصرة، فقتلوا وفتكوا، وفعلوا بالأهواز والأُبلةَ أكثر مما فعلوا بالبصرة. "ظهور الطالبيّ بالكوفة": وفيها ظهر بالكوفة عَلِيّ بْن زيد الطالبيّ، فبعث إِلَيْهِ المعتمد جيشًا هزمهُمُ الطالبي. "غلبة الطالبي على الري": وفيها غلب الْحَسَن بْن زيد الطالبيّ عَلَى الرِّيّ، فجهز إليه المعتمد مُوسَى بْن بُغَا، وخرج معه مُشيِّعا لَهُ. "الحجّ هذا الموسم": وفيها حجّ بالنّاس محمد بْن أَحْمَد بْن عيسى بْن المنصور أَبِي جعْفَر الْعَبَّاسي. "قتْلُ صالح بْن وصيف": وأما صالح بْن وصيف، فكان قد استطال عَلَى الخلفاء وقتل المعتزّ، وأقام المهتدي، وحكم عَلَيْهِ، وذكرنا استتاره فِي أيّام المهتدي. قَالَ: فنادى عَلَيْهِ مُوسَى بْن بُغَا: من جاء بِهِ فله عشرة آلاف دينار. فلم يظفر به أحد. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 13 واتفق أنّ بعض الغلْمان دخل زقاقًا1 وقت الحر، فرأ بابًا مفتوحًا فدخل، فمشى فِي دِهْليز مظلمٍ، فرأى صالحًا نائمًا، فعرفه وليس عنده أَحْد. فجاء إلى مُوسَى فأخبره، فبعث جماعةً فأخذوه، ثمّ ذهبوا بِهِ مكشوف الرأس إلى الْجَوْسَق فبادره بعض أصحاب مُفْلح، فضربه من ورائه، واحتزُّوا رأسه وطافوا بِهِ. وتألًم المهتدي فِي الباطن لقتْله، وقال: رحِم اللَّه صالحًا، فلقد كَانَ ناصحًا. وأمّا الصُّوليّ فقال: عذَّبوه فِي الحمّام كما كَانَ يفعل بالمعتزّ، حتى أقرّ بالأموال ثم خنقوه. والله أعلم2.   1 الزقاق: هو الطريق الضيق نافذًا أو غير نافذ، والجمع: أزقة. المعجم الوجيز "ص/ 289". 2 انظر: تاريخ الطبري "9/ 447-454"، الكامل "7/ 236-239"، البداية "11/ 24". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 14 أحداث سنة سبعٍ وخمسين ومائتين: تُوُفّي فيها: أحمد بْن منصور زاج، وإسحاق بْن إبْرَاهِيم بْن حبيب بْن الشّهيد، والحسن بْن عَبْد العزيز الْجَرَوِيّ، والحسن بْن عَرَفَة، وزُهَير بْن محمد المروزي، وزيد ابن أخرم، وسليمان بْن مَعْبَد السنجيّ، وأبو الفضل الرياشي عَبَّاس, وأبو سعَيِد الأشَجّ، وعلي بْن خَشْرَم، ومحمد بْن حسان الأزرق، ومحمد بْن عَمْرو بْن حنان الحمصيّ، ومحمد بْن زيد الواسطيّ. "خراب البصرة": وفيها دخلت الزَّنج البصرة، وبذلوا السيف واستباحوا. وقتلوا بالأُبلّة نَحْوًا من ثلَاثين ألفًا وأحرقوها فحاربهم سعَيِد الحاجب. واستخلص منهم كثيرًا ممّا أخذوه، ثمّ استظهروا عَلَيْهِ، وقتلوا من جنده مقتلةً عظيمة، ودخلوا البصرة، فيقال: إنهم قتلوا بها أنثي عشرة ألفًا، وخرّبوا الجامع، وهرب من سلم فِي البلدان، وخربت البصرة، وجرت بين الزنج وبين عساكر الخليفة عدة وقعات. "مقتل ملك الروم": وقيل: قُتِل ميخائيل بْن توفيل ملك الروم. قتله بسيل الصَّقْلبيّ. وكان بسيل من أبناء الملوك. وتملّك ميخائيل عَلَى دين النصرانية أربعًا وعشرين سنة1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 476-489"، البداية "11/ 28-30"، صحيح التوثيق "6/ 263". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 14 أحداث سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين: تُوُفّي فيها: أَحْمَد بْن بُدَيْل قاضي همدان، وأحمد بْن حفص النَّيسابوري، وأحمد بْن سنان القطّان، وأبو عُبَيْدة بْن أَبِي السّفْرَ واسمه أَحْمَد، وأحمد بْن الفُرات الرّازيّ الحافظ، وأحمد بْن يحيى القطّان، وأحمد بْن عُمَر، يعرف بحمدان البزاز الحميري البغداديّ، وإسماعيل بْن أَبِي الحارث، وجعفر بْن عَبْد الواحد الهاشميّ القاضي، وحفص بْن عَمْرو الرباليّ، والعباس بْن زيد البْحرانيّ، وعَبده بْن عَبْد اللَّه الصَّفّار، وعلي بْن حرب الْجُنْدَيْسابوريّ، وعلي بْن محمد بْن أَبِي الخصيب، والفضل بْن يعقوب الرخاميّ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الحسّانيّ، ومحمد بْن سِنْجر الحافظ، ومحمد بْن عَبْد الملك بن زَنْجَوَيْه الحافظ، ومحمد بْن عُمَر بْن أَبِي مذعور، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وهارون بْن إِسْحَاق الهَمَدانيّ، ويحيى بْن مُعَاذ الرازي الصوفي. "حرب الموفق للزنج": وفيها عقد المعتمد على الله لأخيه الموفئق أبي أَحْمَد عَلَى الشّام ومصر، ثمّ جهّزه ومُفْلحًا إلى حرب الخبيث رأس الزنج. فكانت فِي هذه السنة وقعة بين الزنج وبين منصور بْن جعْفَر بْن دينار، فانهزم عَنْ منصور عسكره، وساق وراءه زنجيُّ فضرب عُنقه. واستباحت الزنج عسكره. وعرض أَبُو أَحْمَد ومُفْلح فِي جيش لم يخرج مثله فِي دَهْر فِي العدد والفُرسان والأموال والخزائن. فلمّا وصل الموفق أَبُو أَحْمَد إلى دير معقل انهزم جيش الخبيث مرعوبين، فلحقوا بِهِ، لعنه اللَّه، وقالوا: هذا جيش هائل لم يأتنا مثله. فجهّز عسكرًا كبيرًا، فالتقوا هُمْ ومُفْلح، فاقتتلوا أشدّ قتال، وظهر مُفلح، ثمّ جاءه سهم غرب فِي صدره، فمات مِنَ الغد، وأنهزم النّاس وركبتهُمُ الزَّنج واستباحوهم. وتحيز الموفق إلى الأُبّلة وتراجع إِلَيْهِ "العسكر" ونزل نهر أَبِي الأسد، ثمّ بعث جيشًا، فالتقوا هُمْ وقائد الزنج يحيى. فنصره اللَّه تعالي، وأسر طاغيتهم يحيى، وقُتِل عامّة أصحابه. وبعث بِهِ إلى المعتمد فضربه، ثمّ طوّف بِهِ، ثمّ ذبحه وأحرق جُثَّته. وسار الموفق إلى واسط. "الوباء بالعراق": ووقع الوباء الَّذِي لَا يكاد يتخلف عَنِ الملَاحم بالعراق، ومات خلق، لا يحصون الجزء: 19 ¦ الصفحة: 15 كثيرة. ومات خلقٌ من عسكر الموفَّق. ثمّ تجمعت الزنج، فالتقاهُمُ الموفّق، فقُتِل خلْقٌ من جنده وانهزموا، وتفرَّق عَنْهُ عامة جنده، ثمّ تحيز وسلِم. وعظُم البلَاء بالخبيث وأصحابه. "ذِكر الزلَازل": وفيها كانت هدّات عظيمة بالصَّيْمَرة وزلَازل سقطت منها المنازل، ومات تحت الرَّدْم ألوف مِنَ النّاس. "ادّعاء زعيم الزنج عِلْم الغَيْب": وكان هذا الخبيث المذكور كذّابًا وممخرقًا1 يدّعي أنّه أُرسل إلى الخَلْق. فردّ كل مسألة. وكان يُوهم أصحابه أنّه يطلع عَلَى المُغَيبَّات، ويفعل ما ليس في قدرة البشرة. "مقتل البحرانيّ": وكان يحيى بْن محمد البحرانيّ الأزرق قائد جيوش الخبيث، فقُتل بسامرّاء بعد أن قُطِعت أربعتُه، كما ذكرنا. ثمّ كَانت وقعات بين الخبيث والموفّق كانوا فيها متكافِئيْن2.   1 الممخرق: هو مدعي الغيب. 2 انظر: تاريخ الطبري "9/ 490-501"، والكامل "7/ 253-255"، البداية "11/ 30، 31"، والنجوم الزاهرة "3/ 29"، صحيح التوثيق "6/ 264". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 16 أحداث سنة تسع وخمسين ومائتين : تُوُفّي فيها: أَبُو إِسْحَاق الجوزجانيّ الحافظ، وإسحاق بْن وهْب العلَاف، وإسحاق البَغَوِيّ لؤلؤ، وأحمد بْن إِسْمَاعِيل السَّهْميّ، وبشر بْن مطر السامريّ، وحجاج بْن الشّاعر، وعلي بْن مَعْبَد نزيل مصر، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ النَّيسابوري، ومحمود بْن سميع الدّمشقيّ، ومحمد بْن آدم المَرْوزِيّ. "مواصلة الحرب مَعَ الزنج": وفيها عرض الموفق عسكره بواسط. وجاءته النجدة، وهيّأ السُّفن ليدخل إلى الخبيث رأس الزنج، وكان قد نزل البطيحة وبثق حوله الأنهار وتحصن. فهجم عَلَيْهِ الموفّق، فأحرق أكواخه، وقتل من أصحابه مقتلةً كبيرة. واستنقذ مِنَ النُّسوان جمْعًا كبيرًا. وردّ إلى بغداد. واستخلف عَلَى حرب الخبيث محمد بْن المولّد. فسار الخبيث إلى الأهواز، وقتل خمسين ألفًا، وسبى أربعين ألفًا، وأهلك الأمّة. فسار لحربه مُوسَى بْن بُغَا، فأقام يحاربه بضعة عشر شهرًا، وقُتِل خلْق مِن الطائفتين. "مقتل أمير الكوفة": وفيها قُتِل كنجور، وكان عَلَى إمرة الكوفة، فانصرف منها يريد سامرّاء بغير إذْن المعتمد، فأرسل إِلَيْهِ يأمره بالرجوع، فامتنع. فبعث إِلَيْهِ مالَا ليفرّقه فِي أصحابه، فلم يقنع بِهِ، وقويت نفسه. فجهّز المعتمد لحربه ساتكين، وعبد الرَّحْمَن بْن مُفْلح، وموسى بْن أتامش، وجماعة مِنَ الأمراء، وأحاطوا بِهِ، وأنزلوه عَنْ فرسه وذبحوه. "هزيمة الروم ومقتل مقدَّمهم": وفيها نزلت الروم -لعنهُمُ اللَّه- عَلِيّ ملطية وسُمَيْساط، فخرج أَحْمَد بْن محمد القابوس بأهل ملَطية، فهزموا الرّوم وقُتِل مقدّمهُمُ الأقرِيطشيّ، وفتح اللَّه ونَصَر. "ملك ابن الليث نَيْسابور وخُراسان": وفي شوال ملك يعقوب بْن الليث الصّفّار نَيْسابور، فركب إلى خدمته محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر، فأخذ يعقوب يوبّخه ويعنّفه عَلَى تفريطه فِي البلَاد، حتى غلب عليها العدوّ. ثمّ اعتقله ورسم عَلَيْهِ وعلى أهل بيته. فبعث المعتمد ينُكْر عَلَى يعقوب ويأمره بالانصراف إلى ولَايته، فلم يقبل، واستولى عَلَى خُراسان، واستفحل أمرُه وشره1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 502-506"، والكامل "7/ 240-262". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 17 أحداث سنة ستين ومائتين : فيها تُوُفّي: أَحْمَد بْن عثمان بْن حكيم الأودي، وأيوب بْن إِسْحَاق بْن سافري، وحَجّاج بْن يوسف بْن قُتَيْبة الأصبهاني، والحسن بْن محمد بْن الصّبّاح الزَّعْفَرانيّ، والحسين بْن عَلِيّ بْن محمد بْن الرّضا عَلِيّ بْن مُوسَى العَلَويّ الحسينيّ أحد الاثْنَيْ عشر، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن الحَكَم، وعُبَيْد اللَّه بْن سعد الزُّهْريّ، ومالك بْن طَوْق التَّغْلبيّ صاحب الرّحْبة. "الوقعة بين ابن الليث والحسن العلويّ": وفيها سار يعقوب بْن الليث فواقَعَ الْحَسَن بْن زيد العَلَويّ فهزمه، ودخل طبرستان والدَّيْلم. ورآه، فصعد الْحَسَن فِي جبال الديلم، ونزل الَثلج والأمطار عَلَى أصحاب يعقوب، فتِلف منهم خلْق واندَعكوا. ورجع يعقوب بأسوأ حال، وقد عُدِم من أصحابه أربعون ألفًا، وذهب عامّة خيله. "الغلَاء بالحجاز والعراق": وفيها كَانَ الغلَاء المُفْرِط فِي الحجاز والعراق، وبلغ كَرُّ الحِنطَة ببغداد مائةً وخمسين دينارًا. "إغارة العرب عَلَى حمص": وفيها أغارت الأعراب عَلَى حمص، فخرج لحربهم منجور التُّرْكيّ أميرُها، فقتلوه، فجاء عَلَى إمرتها بُكْتُمر التُّرْكيّ المعتمديّ. "استيلَاء الروم عَلى لؤلؤة": وفيها أخذت الرّوم بلدة لؤلؤة. "شعر لرئيس الزَّنج": وفيها وقعت وقعات عديدة للمسلمين مَعَ الخبيث. وفي بعضها يَقُولُ الخبيث: مَن لم ير الأتراك فِي جَمْعهم ... قد واقفوا جيشًا مِنَ الزَّنْجِ1 وكلُّهم تصرف أنيابه ... حيوان يرجو ظفرَ العلجِ كأنَّهم إذا وقفت تركهم ... وزنجنا رقعة شطرنج   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 508-511"، الكامل "7/ 240-267". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 18 رجال هذة الطبقة عَلَى ترتيب المعجم: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن مِهْران البُوشَنْجيّ1: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي ضمرة. وعنه: المخاملي، ومحمد بْن مَخْلَد. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لَا بأس بِهِ. 2- أَحْمَد بْن آدم: أَبُو جعْفَر الخَلَنْجيّ غُنْدَر الحافظ2. رُوِيَ عَنْ: عَبْد الرّزّاق، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبي نُعَيْم، وعثمان بْن عَبْد الحميد، وجماعة كثيرة. وعنه: عِمران بْن مُوسَى بْن مُجاشِع، والحسن بْن سُفْيَان، وأبو جعْفَر الْجُرْجانيّ المقرئ، وآخرون. وثقَّه حمزة السَّهْميّ. 3- أَحْمَد بْن إسرائيل بْن حسين: أَبُو جعْفَر الكاتب3. وزير المعتزّ بالله، الأنباريّ، ولي ديوان الخراج للمتوكلّ وللمنتصر، ثمّ ولي كتابه المعتزّ قبل خلَافته. فلمّا ولي الخلَافة استوزره، وكان يحبّه ويَركن إِلَيْهِ فِي الأمور، فخلع عَلَيْهِ للوزارة فِي شعبان سنة اثنتين وخمسين. وكان أَحْمَد بْن إسرائيل من أذكياء العالم لَا يسمع شيئًا إلَا حفِظَه. وكان "إِلَيْهِ المنتهى" فِي حساب الديوان. وأوّل من قدمه وأظهره محمد بن عبد الملك الزيات.   1 سبقت الترجمة له. 2 تاريخ جرجان "ص/ 69، 70". 3 انظر: العقد الفريد "4/ 166"، والسير "12/ 332". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 19 قَالَ الصُّوليّ: حدثني الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الباقطائيّ قال: لنا أَحْمَد بْن إسرائيل: كنت فِي الدّيوان "أيام محمد الأمين" فما كَانَ أحدٌ من أهل الدّيوان أصغر منيّ. ولقد كنت أنسخ الكتاب، فئلا أَفْرَغُهُ حتى أحفَظ ما فِيهِ حرفًا حرفًا. فعْلتُ هذا مرّاتٍ كثيرة. وسمعت أَحْمَد بْن إسرائيل ينشد: لَا يكون السّرِيّ مثل الدَّنيّ ... لَا ولا ذُو الذَّكاء مثل الغبيّ قيمةُ المرءِ مثل ما يحُسن المرء ... قضاء مِنَ الْإمَام عَلِيّ قَالَ الصُّوليّ: لم يزل أَحْمَد بْن إسرائيل وزيرًا للمعتز إلى سنة خمسٍ وخمسين. وكانت وزارته دون ثلَاث سنين. قتله صالح بْن وصيف بالضَّرْب في المصادرة، فهلك تحت الضَّرْب فِي سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. 4- أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن نُبيْه1 -ق- أبو حذاقة السهمي القرشي المدني، نزيل بغداد. حدَّث عَنْ: مالك، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزَّناد، ومسلم بْن خَالِد الزَّنْجيّ، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وحاتم بْن إِسْمَاعِيل وهو آخر من حدث عَنْهُمْ. ولعلّه عاش مائة سنة. روى عَنْهُ: ق، وابن صاعد، وعبد الوهاب بن أبي عصمة، وإسماعيل بن العباس الوراق، والمحاملي، وابن مخلد. وآخرون. قال المحاملي: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: سَأَلت أَبَا مُصْعَب، عَنْ أَبِي حُذَافة السَّهْميّ فقال: كَانَ يحضر معنا العَرْض عَلَى مالك، وقال الدّارَقُطْنيّ: هُوَ قوي السمَّاع عَنْ مالك. وقال البرقاني: كان الدارقطني حسن الرأس في أبي حذاقة، وأمرني أن أخرّج حديثه فِي الصحيح. قَالَ الخطيب: وقرأت بخطّ الدّارَقُطْنيّ: أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل أَبُو حُذَافة ضعيف الحديث، كَانَ مغفَّلَا. روى "الموطّأ" عَنْ مالك مستقيمًا، فأدخلت عَلَيْهِ أحاديث عَنْ مالك فِي غير "الموطّأ" فقبِلَها. لَا يُحْتَجّ بِهِ. وقال ابن عديّ: حدَّث عَنْ مالك بالموطّأ. وحدَّث عَنْهُ وعن غيره بالبواطيل.   1 تاريخ بغداد "4/ 22-24"، السير "12/ 24-27". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 20 وَقَالَ الْخَطِيبُ: لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَتَعَمَّدُ الْبَاطِلَ. قُلْتُ: مِمَّا نُقِمَ عَلَى أَبِي حُذَافَةَ رِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثُ: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ" 1. وَرَوَى بِالإِسْنَادِ حَدِيثَ: "قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ" 2. وَهَذَانِ مَوْضُوعَا الإِسْنَادِ. مات يوم عيد الفطر سنة تسع وخمسين. 5- أَحْمَد بْن الأسود: أَبُو عَلِيّ الحنفيّ البصْريّ3، قاضي قرقيسيا. روى عَنْ: سعَيِد بن سلام العطار، وفهر بن حبان. وعنه: أَبُو عروبة الحرّانيّ، وأبو الْعَبَّاس إبْرَاهِيم بْن محمد بْن الحارث، وأبو زُرْعَة محمد بْن نفيس المصَّيصيّ. 6- أَحْمَد بْن أيّوب: أَبُو ذَرّ النَّيسابوري العطّار4. عَنْ: حفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وعلي بْن الْحَسَن بْن شقيق. وعنه: إبْرَاهِيم بْن محمد بْن سُفْيَان الفقيه، وغيره. توفي سنة ثمانٍ وخمسين. 7- أَحْمَد بْن أَبِي أيّوب البخاري5. واسم أبيه هناد.   1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "2367"، "2369"، والترمذي "774"، وابن ماجه "1679"، وأحمد "2/ 364"، "3/ 474"، والدارمي "2/ 14، 15"، والشافعي "680"، والطيالسي "890". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "1344"، وابن ماجه "2368"، وأبو داود "3619" بنحوه. 3 الثقات لابن حبان "8/ 46". 4 لم نقف له على ترجمة. 5 الإكمال "7/ 404"، لابن ماكولا. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 21 رحل وسمع: أبا أسامة، وزيد ين الحُباب، وأبا أَحْمَد الزُّبَيْريّ. وعنه: خَالِد بْن إبْرَاهِيم الذُّهْليّ، وسهل بْن شاذُوَيْه. قَالَ ابن ماكولَا: تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. 8- أَحْمَد بن بديل بن قريش1 - ت. ق. - أبو جعفر اليامي الكوفي. قاضي الكوفة ثمّ قاضي همذان ومُسْنِدُها ومحدثها. عن: أبي بكر بن عياش، وأبي معاوية، ومحمد بْن فُضَيْل، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، ووكيع، وعبد الرَّحْمَن المُحَاربيّ، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، وطائفة. وعنه: ت. ق. وإبراهيم بْن عَمْرُوس، وابن صاعد، وأحمد بن الحسن بن عزون، ومحمد بن عبد الله بلبل، ومحمد بن عبيد الله بن العلاء الكاتب، وطائفة. قال النسائي: لَا بأس به. وقال الدارقطيني: فِيهِ لين. وكان يُسَمّى راهب الكوفة، فلمّا تولّي القضاء قَالَ: خُذِلْتُ عَلَى كِبَر السِّنّ. مَعَ عِفَّتِه وصيانته. قَالَ سِيَامُرْد النَّهَاوَنْديّ: كتبتُ عَنْ ألف شيخ الحُجّةَ فيما بيني وبين اللَّه شيخان: أَحْمَد بْن بُدَيْل؛ وسمي رجلَا أخر. ونقل شِيرُوَيُه فِي تاريخه أن أَبَا بَكْر بْن لال قَالَ: حكي لنا أنّ أَحْمَد بْن بُدَيْل الأياميّ كَانَت له بِنْت عابدة بالكوفة فكتبت إِلَيْهِ: يا أبه لَا حشرك اللَّه مَحْشَرَ القُضاة. فَعَزل نفسه وخرج فِي أمانةٍ لَابن هارون، فقيل لَهُ: اخترت الأمانة عَلَى القضاء؟ فقال: نعم، اخترتُ الأمانة عَلَى الخيانة. قَالَ الحافظ صالح بْن أَحْمَد الهمداني: ثنا إبْرَاهِيم بْن عَمْروس إمْلَاء: سمعتُ أَحْمَد بْن بُدَيْل قَالَ: بعث إليَّ المعتزّ بالله رسولَا بعد رسول، فلبست كَمّتي، ولبست نَعْلَ طاق، فأتيت بابَه، فقال الحاجب: يا شيخ، نعليك. فلم ألتفت إليه، ودخلت   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 43"، والسير "12/ 331، 332". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 22 الباب الثاني، فقال الحاجب: نَعْلَيْك. فلم ألتفِت، ودخلت إلى الباب الثالث، فقال: يا شيخ نَعلَيك. فقلت: أبِالوادِ المقدَّس أَنَا فأخلع نَعْلَيَّ!؟. فدخلت بنعلي، فرفع مجلسي فجلست عَلَى مُصَلَاه، فقال: أتعبناك أَبَا جعْفَر. فقلت: أتْعَبْتني وذعَّرْتَني، فكيف بك إذا سُئلتَ عنيّ؟ فقال: ما أردنا إلَا الخير، أردنا أن نسمع العِلْم. فقلت: وتسمع العِلْم أيضًا؟ ألَا جئتني؟ فإنّ العلم يؤتي ولا يأتي. قَالَ: تعبت أبا جعفر؟ فقلت له: خلبتني بحُسْن أدبك، أكتُب. قَالَ: فأخذ القِرْطاسَ والدَّواة، فقلت: أتكتب حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِرطاس بمدادٍ؟ قال: فيما يكتب؟ قلت: في رق بحبر. فجاؤا بَرقٍّ وحِبْر، فأخذ الكاتب يريد أنْ يكتب فقلت: أكتُب بخطّك. فأوما إليَّ أَنَّهُ لَا يكتب. فأمليت عَلَيْهِ حديثين أسخن اللَّه بهما عينيه. فسأله أبن البَنّا أو ابن النُّعْمان: أي حديثين؟ فَقَالَ حَدِيثَ: "مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَلَمْ يُحِطْهَا بِالنَّصِيحَةِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ"1. وَالثَّانِي: "مَا مِنْ أَمِيرِ عَشْرَةٍ إِلا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولا" 2. تُوُفِّيَ سنة ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. 9- أَحْمَد بْن جُبير الأنطاكيّ3. أَبُو جعْفَر المقرئ.   1 "حديث ضعيف": أخرجه أحمد "5/ 27"، وابن سعد "1/ 2/ 19"، في الطبقات الكبرى، وانظر المغني "2/ 341" للعراقي. 2 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "2/ 431"، "5/ 285"، والدارمي "2/ 240"، وابن أبي شيبة "12/ 219"، في مصنفه، والطبراني "6/ 27"، في الكبير، و "11/ 411"، والبيهقي "3/ 129"، "10/ 95، 96"، في سننه الكبرى عن أبي هريرة، وسعد بن عبادة، وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين. 3 معرفة القراء "1/ 207، 208". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 23 إمامٌ كبير، عراقيّ نزل أنطاكيَة. قرأ القرآن عَلَى سُليَم، وعلى الكِسّائيّ، وعلى أَبِي يوسف الأعشى؛ وعلى: والده جُبَيْر بْن محمد بْن جُبَيْر الكوفيّ، وأبي محمد اليَزِيديّ. وسمع مِنَ حجاج بْن محمد الأعور قراءة حمزة. وسأل أَبَا بَكْر بْن عَيَّاش عَنْ حروف. ذكره أَبُو عمرو الداني وقال: هو إمام جليل ثقة ضابط. أقرأ النّاس إلى أن مات. روى القراءة عَنْهُ عَرْضًا وسماعًا: عُبّيْد اللَّه بْن صَدَقَة، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن شُعْبَة، ومحمد بْن علَان، وشهاب بْن طَالِب، والفضل بْن زكريّا، وخلْق سمّاهم. قَالَ الهُذَليّ: تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 10- أَحْمَد بن جعفر. أبو الحسن المعقري اليمني1. حدث فِي سنة خمسٍ وخمسين عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الكريم، والنضر بْن محمد الحَرَثيّ. وعنه: م، والمفضَّل الجنديّ، ومحمد بن أحمد بن زهير الطوسي. وكان بزازا بمكة. 11- أحمد بن الجهم. أبو علي الكوفي، ثم الرازي2. عن: أبي غسان النهدي، وأحمد بن المفضل. وعنه: علي بن الجنيد، ومحمد بن علي بن حمزة العلوي. وقال أبو حاتم: صدوق. قال ابنه عبد الرحمن: أدركته فلم أكتب عنه.   1 الأنساب "11/ 402" لابن السمعاني. 2 الجرح والتعديل "2/ 45". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 24 12- أحمد بن جواد التميمي النيسابوري1. روى عن: القعنبي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وغيرهما. روى عَنْهُ: مكّي بْن عَبْدان، وابن الشَّرْقيّ، وغيرهما. تُوُفّي سنة ستين ومائتين. 13- أَحْمَد بْن الحارث البغداديّ. أَبُو جعْفَر الخرّاز2. شيخ صدوق حمل عَنْ: أبي الْحَسَن المدائنيّ تصانيفه. روى عَنْهُ: أبو بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن محمد بن أبي شيبة، وجماعة. وكان من أهل الفهم والمعرفة. توفي سنة ثمان وخمسين. 14- أحمد بن الحسين بن عباد النسائي البغدادي. السمسار بيان3. سمع: أبا نعيم، وعفان. وعنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. قال الدارقطني: ثقة. 15- أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد السلمي4 -خ. د. ن. أبو علي النيسابوري قاضي نَيْسابور. ثقة مشهور كبير القدْر. سَمِعَ: أباه، والحسين بن الوليد.   1 ينظر في "تاريخ نيسابور" للحافظ الحاكم. 2 تاريخ بغداد "14/ 122، 123". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 48". 4 الجرح والتعديل "2/ 48"، والسير "12/ 383، 384". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 25 ولم يرحل من بلده. روى عَنْهُ: خ. د. ن.، وأبو حامد مدين الشرقي الحافظ، وأبو حامد بن بلال، والنَّيسابوريون. مات سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 16- أَحْمَد بْن خلَاد البصْريّ العطّار1: عَنْ: أَبِي دَاوُد الطَّيالِسِيّ، وغيره. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. 17- أَحْمَد بْن دَاوُد الفحّام2: عَنْ: أَبِي أَحْمَد الزُّبَيْري، وغيره. تُوُفّي سنة ستّين. 18- أَحْمَد بْن سعد بْن أَبِي مريم -د. ن-: أبو جعفر الجمحي المصري3 سَمِعَ من: عمّه سعَيِد بْن أَبِي مريم، وأبي اليَمَان، وأسد بْن مُوسَى السنة، ونُعَيْم بْن حمّاد. وعنه: د. ن.، وعمر بْن بجُيْر، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، وعلي بن أحمد بن علان. توفي يوم عرفة سنة ثلاث وخمسين. صدوق. 19- أحمد بن سعيد بن بشر -د. ن. أبو جعفر الهمداني المصري4.   1 من تلاميذ الطيالسي، ينظر في "مسند الطيالسي". 2 لم نقف له على ترجمة. 3 السير "12/ 311"، التهذيب "10/ 29، 30". 4 السير "12/ 232"، التهذيب "1/ 31". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 26 عَنْ: ابن وهْب، وبشر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ، والشافعي. وعنه: د. ن. وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعليّ بْن أَحْمَد علَان. قَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بالقويّ. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثلَاث وخمسين. 20- أَحْمَد بْن سعَيِد بْن صَخْر بن سليمان -ع. سوى ن- أبو جعفر الدارمي السرخسي الحافظ1: سَمِعَ: النّضْر بْن شُمَيْل، وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث، وجعفر بْن عَوْن، وأبا عاصم، وحِبّان بْن هلَال، وأَحْمَد بْن إِسْحَاق الحضْرميّ، وخلْقًا. وعنه: ع. سوى ن. وروى ت. أيضًا، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأحمد بْن سَلَمَةَ، ومحمد بْن خُزَيْمَة. وروى عَنْهُ مِنَ القُدماء: أَبُو مُوسَى محمد بْن المُثَنَّى. وكان من العلماء الكبار أولي الرحلة والإتقان. أقدمه الأمير ابنُ طاهر إلى نَيْسابور ليحدّث بها. وأقام بها مَليّا. ثمّ ولي قضاء سَرْخَس. ثمّ رجع إلى نَيْسابور، وبها تُوُفّي. وقال أَبُو عَمْرو المستملي: دخلنا عَلَيْهِ فِي مرضه فأوصي بعشرة آلاف دِرهم وبغْلة يتصدّق بها، وقال: إنْ مِتُّ فرقيقي: عنبر، وفتْح، وحَمْدان، وعلَان أحرار لوجه اللَّه. تُوُفّي الحافظ أَبُو جعْفَر سنة ثلَاثٍ وخمسين. وقد قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: ما قدِم علينا خُراسان أفقه بدنًا منه. 21- أَحْمَد بْن سعَيِد: أبو عبد الله الرباطي الأشقر الحافظ2. وقد مر.   1 السير "12/ 233"، والتهذيب "10/ 31". 2 سبقت الترجمة له. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 27 22- أحمد بن سعيد بن يعقوب -ن. أبو العباس الكندي الحمصي1. عَنْ: بقيّة، وعثمان بْن سعد بْن كثير. وعنه: ن.، وسعيد البرذعي. وأجاز للحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم. وقال النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. ومّمن روى عَنْهُ: ابن جَوْصا. 23- أَحْمَد بْن سٍنان بْن أسد بْن حبان -خ. م. د. ق- أبو جعفر الواسطي القطان2 الحافظ. سمع: أبا معاوية، ووكيعًا، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وهذه الطبقة. وعنه: ع. سوى ت. ن، ويحيى بْن صاعد، وابن خُزَيْمَة، وابنه جعفر بن أحمد بن سنان، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. وقال فيه بن أبي حاتم: هو إمام أهل زمانه. وقال أبوه أبو حاتم: ثقة صدوق. قال جعفر بن أحمد بن سنان: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: لَيْسَ فِي الدُّنيا مبتدع إلَا يبغض أصحاب الحديث، وإذا ابتدع رَجُل نُزِعَ حلَاوة الحديث من قلبه. قَالَ أَبُو القاسم بْن عساكر: تُوُفِيّ سنة ستٍ ويقال: سنة ثمانٍ، ويقال: سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 24- أَحْمَد بْن سِنان. أبو عبد الله القُشَيْريّ النَّيسابوري المعروف بالحَرْقَنيّ3، وحرقن من قرى نيسابور.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 53"، والتهذيب "10/ 32". 2 السير "12/ 244"، التهذيب "1/ 34، 35". 3 ينظر في "تاريخ نيسابور" للحاكم. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 28 سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، ووَكِيعًا، وأبا معاوية. وعنه: إبْرَاهِيم بْن عَلِيّ، وأبو يحيى الخفّاف، وإسحاق بْن حمدان البلْخيّ، وآخرون. وقد مرّ أنّه مات سنة تسعٍ وثلَاثين. 25- أَحْمَد بْن الضّحاك البغداديّ1. الخشّاب، أَبُو بَكْر. عَنْ: رَوْح بْن عُبادة. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وغيره. 26- أَحْمَد بْن الْعَبَّاس بْن الهَيْثَم. أَبُو الطَّيْب البُوسَنْجيّ2. قُتِل شهيدًا فِي المعركة يوم أوقع يعقوب بْن اللّيْث الصّفّار بأهل بوسْنج، وذلك فِي شوّال سنة ثلَاثٍ وخمسين. 27- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن سُوَيد بْن مَنْجُوف -خ. د. ن- أبو بكر السدوسي البصري3. سمع: يحيى القطان، ورَوْح بْن عُبَادة، وأبا دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وجماعة. وعنه: خ. د. ن.، وابن خُزَيْمَة، ومحمد البصلاني. وللبصلاني عنه جزء مشهور عند الفخر بن البخاري بعلو. توفي سنة اثنتين وخمسين. وكان ثقة. 28- أحمد بن عبد الله بن حكيم الفرياناني المروزي4. أبو عبد الرحمن.   1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 210، 211". 2 لم نقف عليه. 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 58"، والتهذيب "1/ 48". 4 الأنساب "9/ 293"، لابن السمعاني، والميزان "1/ 108". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 29 عن: أبي ضمرة أنس بن عياض، وأبي عاصم. وعن: الحسن بن محمد البلخي، عَنْ حُمَيْد الطّويل. وعنه: الْحَسَن بْن سُفْيان، وعبد اللَّه بْن محمد المَرْوَزيّ، وغيرهما. لَهُ مناكير عَنِ الثّقات، وضعّفه الدّارَقُطْنيّ. وقال النسائي: ليس بثقة. قلت: مات سنة ثمان وخمسين. وفي "الضعفاء" للبخاري: حدثني أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حكيم: أَنَا عُمَر بْن عُبّيْد الطّنَافسيّ، فذكر حديثًا. 29- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن أَبِي السَّفَر سعيد بن يحمد - ت. ن. ق - أَبُو عُبّيْدة بْن أَبِي السَّفْر الهَمَدانيّ الكوفيّ1. عن: عبد الله بن نمير، وأبي أسامة، وطبقتهما. وعنه: ت. ن. ق.، وأبو حاتم الرازي، وأبو عبد الله المحاملي، وطائفة. وقال أبو حاتم: شيخ. قال ابن عساكر: توفي سنة ثمان وخمسين. قال: ووقع لي مِن موافقاته. 30- أَحْمَد بْن عَبْد المؤمن. أَبُو جعْفَر المصريّ الصُّوفيّ2. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. ومات بالفَيَّوم فِي ربيع الأوّل سنة تسعٍ وخمسين. وفي لُقَيِّه لَابن وهْب نَظَر. قَالَ ابن أَبِي حاتم: روى عَنْ: إدريس بْن يحيى، ورَوّاد بْن الجرّاح. روى عنه: علي بْن الحسين بْن الجنيد.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 57، 58"، والتهذيب "10/ 48، 49". 2 الجرح والتعديل "2/ 61". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 30 قلت: وعلي بن سعيد الرازي. ترجمه ابن يونس، وقال: كَانَ رجلَا صالحًا، رفع أحاديث موقوفة، وقد خرج إلى العراق، وكتب بها. 31- أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بن عبود -د. ن- أبو الحسن التميمي الدمشقي1. سَمِعَ: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وعمرو بْن أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسيّ، وأبا مُسْهِر، وجماعة. وعنه: د. ن. , وإبراهيم بْن دُحَيْم، وأحمد بْن الْمُعَلَّى، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعَبْدان، وأبي بِشْر الدُّولَابيّ، وجماعة. تُوُفّي فِي شوّال سنة أربعٍ وخمسين. 32- أَحْمَد بْن عَبْد الواحد: أَبُو جعْفَر الرّماديّ2. عَنِ: الهَيْثَم بْن جميل، ومحمد بْن الصنعاني، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبنا عَنْهُ بالرملة، ومحلُّه الصِّدْق. 33- أَحْمَد بْن عثمان بن حكيم -خ. م. ن. ق- أبو عبد الله الأودي الكوفي3. عَنْ: عَمْرو بْن محمد العنقزي، وجعفر بْن عَوْن، وجماعة. وعنه: خ. م. ن. ق. وقال ن: ثقة؛ والمَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وآخرون. تُوُفّي سنة ستّين فِي المحرَّم، وقِيل: سنة إحدى. 34- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عمران الْجُرْجانيّ4: سَمِعَ: عَبْد الرّزّاق، وأبا نُعَيْم، وأبا عبد الرحمن المقرئ.   1 الجرح والتعديل "2/ 61"، والتهذيب "1/ 57، 58". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 61". 3 الجرح والتعديل "2/ 63"، والتهذيب "10/ 61". 4 تاريخ جرجان "ص/ 62، 63". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 31 وعنه: أَحْمَد بْن محمد الوزان، وأحمد بْن سعَيِد الطَّبَريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن، ومحمد بْن عَقِيل البلْخيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين ومائتين. 35- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد: أَبُو عَبْد الله العَمّيّ البصْريّ1، نزيل سامرّاء. روى عَنْ: هُشَيْم، وعمر بْن حبيب، وشُعيب بْن بيان. وعنه: محمد بن زكريا، وعلي بن الفتح العسكري، ويوسف بن يعقوب الأزرق. وثقة الدارقطني. 36- أحمد بن عمرو بن ربيعة الحرشي النيسابوري2: ابن عم فتح بْن حَجّاج. سَمِعَ: عَبْد الصّمد بْن حسّان، وعَبْدان، وجماعة. وعنه: أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ، وأبو عثمان البصْريّ. 37- أَحْمَد بْن عِمران بْن سلَامة: أبو عبد الله البصْريّ الأخفش، مصنفّ"غريب الموطّأ" وهو جزءان سمعناه. حدَّث عَنْ: وَكِيع، وزيد بْن الحُبَاب، وجماعة. وجاور بمكّة مدّةً. روى عَنْهُ: يحيى بْن عُمَر الأندلسيّ، وأبو بكر بن أبي عاصم، وعبد الله بن محمود المَرْوزِيّ. وكان يُعرف بالَألْهانيّ. 38- أَحْمَد بْن الفرات بن خالد -د- أبو مسعود الرازي الحافظ3:   1 تاريخ بغداد "4/ 302". 2 ينظر في "تاريخ نيسابور" للحاكم. 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 67"، والسير "12/ 480". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 32 مُحَدَّث أصبهان وعالمها. طَوَّف البلَاد. وسمع: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأبا أسامة، وحسين بْن علي الجعفي، وجعفر بن عون، ويحيى ين آدم، ويزيد بْن هارون، وشبابة، وعبد الرّزّاق، وابن أَبِي فُدَيْك، والفِرْيابيّ، وعبد الرحمن بْن يحيى بْن مَنْدَه، ومحمد بْن الْحَسَن بْن المهلَّب، وخلْق أخرهم عَبْد اللَّه بْن جعْفَر بْن فارس. قَالَ إبْرَاهِيم بْن محمد الطّحان: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُود يَقُولُ: كتبت عَنْ ألف وسبعمائة شيخ، أدخلت في تصنيفي ثلاثمائة وعشرة، وعطّلت سائر ذَلِكَ. وكتبتُ ألف ألف حديث وخمسمائة ألف، فأخذت من ذلك خمسمائة ألف حديث فِي التّفاسير والأحكام والفوائد وغيره. وقال حُمَيْد بْن الربيع: قدِم أَبُو مَسْعُود الإصبهاني مصر، فاستلقى على قفاه وقال لنا: خذوا حديث مصر. قَالَ: فجعل يقرأ شيخًا شيخًا من قبل أنْ يلقاهم. وعن أَبِي مَسْعُود قَالَ: كنّا نتذاكر الأبواب، فخاضوا فِي باب، فجاؤوا بخمسة أحاديث، فجئت بسادس، فنخس أَحْمَد بْن حنبل فِي صدري لإعجابه. وقال يزيد بْن عَبْد اللَّه الأصبهاني، عَنْ أَحْمَد بْن دَلَّويْه قَالَ: دخلتُ عَلَى أَحْمَد بْن حنبل فقال: مَن فيكم قَالَ؟ قلت: محمد بْن النُّعْمان بْن عَبْد السلَام. فلم يعرفه، فذكرت لَهُ أقوامًا فلم يعرفهم. فقال: أَفيكم أَبُو مَسْعُود؟ قلت: نعم. قَالَ: ما أعرف اليوم، أظنّه قَالَ: أسود الرأس، أَعْرف بمُسْندات رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ. وقال أَبُو عَرُوبة الحرّانيّ: أَبُو مَسْعُود الأصبهاني فِي عداد أَبِي بكر بْن أَبِي شَيْبة فِي الحِفْظ، وأحمد بْن سُلَيْمَان الرّهَاويّ فِي الثَّبْت. وورَدَ أنّ أَبَا مَسْعُود قدِم أصبْهان ولم يكن معه كتاب، فأملى كذا كذا ألف حديث من حِفْظه. فلمّا وصلت كُتُبه قُوِبلت بما أملى، فلم تختلف إلَا فِي مواضع يسيرة. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 33 وعن أَحْمَد بْن محمود بْن صَبيح قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُود الرّازيّ يَقُولُ: وَدِدْتُ أنّي أُقْتَلَ فِي حُبّ أَبِي بَكْر وعمر. قَالَ الخطيب: كَانَ أَبُو مَسْعُود أحد الحُفّاظ. سافر الكثير وجمع فِي الرحلة بين البصْرة، والكوفة، والحجاز، واليمن، والشّام، ومصر، والجزيرة. وقدِم بغداد، وذاكر حُفّاظها بحضرة أَحْمَد بْن حنبل، وكان أَحْمَد يقدّمه. قال ابن عديّ: لَا أعلم لأبي مَسْعُود رواية مُنْكَرة، وهو من أهل الصِّدْق والحِفْظ. قَالَ أَبُو عمِران الطَّرَسُوسيّ: سَمِعْتُ الأثرم يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: ما تحت السّماء أحفظ لأخبار رسول اللَّه من أَبِي مَسْعُود الرّازيّ. وقال أَبُو الشَّيْخ: سَمِعْتُ ابن الأصفر يقول: جالست أَحْمَد وأثني عَلَى ابن أَبِي شَيْبة وذكر عدّة، فما رَأَيْت رجلَا أحفظ لما ليس عنده من أَبِي مَسْعُود. ونقل القاضي أَبُو الْحُسَيْن بْن الفرّاء فِي طبقات أصحاب أَحْمَد فِي ترجمة أَبِي مَسْعُود أنّه نَقَلَ عَنْ أَحْمَد بْن حنبل أنّه قَالَ: مَن دَلَّ عَلَى صاحب رأيٍ لنفسه فقد أعان عَلَى هدْم الْإِسلَام. وعن أَبِي مَسْعُود قَالَ: كتبتُ الحديث وأنا ابن اثنتي عشرة سنة. قلت: بكرَّ بالعلم لأنّ أَبَاهُ كَانَ محدّثًا. وعنه قَالَ: ذُكِرتُ بالحفظ وأنا ابن ثمان عشرة سنة، وسُمّيتُ الرُّوَيْزيّ الحافظ. وقال أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الجارود: سَمِعْتُ إبراهيم بْن أُورْمَة الحافظ يَقُولُ: ما بقي أحدٌ مثل أَبِي مَسْعُود الرّازيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرّميّ. وليس فيهم أحفظ من أَبِي مَسْعُود. وسُئل أَبُو بَكْر الْأعْيَن: أيَّما أحفظ: أَبُو مَسْعُود، أو سُلَيْمَان الشّاذَكُونيّ؟ فقال: أمّا المُسْنَد فأبو مَسْعُود، وأمّا المُنْقطِع فالشّاذَكُونيّ. قلت: مات أَبُو مَسْعُود فِي شَعْبان سنة ثمانٍ وخمسين، وغسّله محمد بْن عاصم الثَّقفيّ، وعاش بعده مدة. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 34 39- أحمد بن فضالة بن إبراهيم -ن- أبو المنذر النسائي1. أخو عُبّيْد اللَّه: رحل وسمع: عَبْد الرّزّاق، وأبا عاصم. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 40- أَحْمَد بْن الفضل العسْقلَانيّ2. أَبُو جعْفَر الصّائغ. روى عَنْ: بِشْر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ، ورَوّاد بْن الجرّاح. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبتُ عَنْهُ. 41- أَحْمَد بْن فُضَيْل بْن سالم الرمليّ3. سَمِعَ: ضَمْرَةَ بْن ربيعة. ومات سنة ستّين ومائتين. 42- أَحْمَد المستعين بالله. أبو الْعَبَّاس بْن المعتصم بالله أَبِي إِسْحَاق محمد بْن الرّشيد هارون بْن المهديّ. أخو المتوكلّ عَلَى اللَّه4. وُلِد سنة إحدى وعشرين ومائتين، وبُويع فِي ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين، فتنكّر لَهُ الأتراك، فخاف وانحدر من سامرّاء إلى بغداد، فنزل عَلَى الأمير محمد بْن عَبْد الله بْن طاهر بالجانب الغربيّ. فاجتمع الأتراك بسامرّاء، ثمّ وجّهوا يعتذرون ويخضعون لَهُ ويسألونه الرجوع، فامتنع. فقصدوا الحبْس، وأخرجوا المعتزّ بالله، فبايعوه وخلعوا المستعين. وبنوا على شبهة، وهي أن المتوكل بايع لَابنه المعتزّ بعد المنتصر. وأخرجوا من   1 انظر: التهذيب "1/ 69". 2 الجرح والتعديل "2/ 67". 3 لم نقف عليه. 4 انظر: السير "12/ 46-50"، وتاريخ الخلفاء "ص/ 358، 359". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 35 الحبْس المؤيَّد بالله إبْرَاهِيم بْن المتوكّل وليّ العهد أيضًا بعد المعتزّ. ثمّ جهّز المعتزّ أخاه أَبَا أَحْمَد لمحاربة المستعين فِي جيشٍ كثيف فاستعدّ المستعين وابن طاهر للحصار ولبناءِ سور بغداد وتحصينها. ونَازَلها أَبُو أَحْمَد، وتجرَّد أهل بغداد للقتال، ونُصِبَتِ المجانيق، ووقع الجدّ واستفحل الشَّرّ، ودام القتال أشْهُرًا. وكثُر القتْل، وغَلَت الأسعار ببغداد، وعظُم البلَاء، وجَهِدَهُمُ الغلَاء، وصاحوا: الجوع. وجرت بين الطائفتين عدّة وقعات حتّى قُتِل فِي بعض الأيام ألفان من جند المعتز، وفي بعض الأيام ثلاثمائة, إلى أنْ ضَعُف أهل بغداد وذلُّوا مِنَ الجوع والْجَهْد، وقوي أمر أولئك. فكاتب ابن طاهر المعتزّ سرًّا، فانحلّ أمر المستعين. وإنّما كَانَ قوام أمْره بابن طاهر. وعلم أهل بغداد بالمكاتبة، فصاحوا بابن طاهر وكاشفوه، فانتقل المستعين من عنده إلى الرّصافة. ثمّ سَعَوْا فِي الصُّلْح عَلَى خلع المستعين. وقام فِي ذَلِكَ إِسْمَاعِيل القاضي وغيره بشروط مؤكّدة. فخلع المستعين نفسَه فِي أوّل سنة اثنتين وخمسين، وأشهدَ عَلَيْهِ القُضَاة وغيرهم. وأُحْدِر بعد خلْعه إلى واسط تحت الحَوْطة، فأقام بها تسعة أشهر محبوسًا. ثمّ رُدَّ إلى سامرّاء، فقُتِل -رحمه اللَّه- بقادسية سامرّاء فِي ثالث شوّال مِنَ السنة. وقيل: قُتِل ليومين بقيا من رمضان، وله إحدى وثلَاثون سنة وأيّام. بعث إِلَيْهِ المعتز سعيد بْن صالح الحاجب، فلمّا رآه المستعين تيقَّن التَّلَف وقال: ذهَبَت والله نفسي. فلمّا قَرُب منه سعَيِد أخذ يقنعه بسَوْطه، ثمّ اتَّكأه فقعد عَلَى صدره وقطع رأسه. ومن حلْيته كَانَ مربوع القامة، أحمر الوجه، خفيف العارضين، بمقدم رأسه طُول، وكان حَسَن الوجه والجسم، بوجهه أثر جُدَرِيّ. وكان يلْثَغ بالّسين نحو الثّاء. وأمّه أمّ وُلِد. وكان مسرفًا مبّذرًا للخزائن، يفرّق الجواهر والثّياب والنَّفائس. قَالَ الصُّوليّ: بعث المعتزّ بالله أَحْمَد بْن طولون إلى واسط وأمره أنْ يقتل الجزء: 19 ¦ الصفحة: 36 المستعين فقال: والله لَا أقتل أولَاد الخلفاء. فندبّ لَهُ سعَيِد الحاجب فقتله. وما مُتِّع المعتزّ بالله خُلِعَ وقُتِلَ كما سيأتي. وكان المستعين استوزر أَبَا مُوسَى أوتامُش بإشارة شجاع بْن القاسم الكاتب ثمّ قتلهما واستوزر أَحْمَد بْن صالح بْن شيرزاد. فلمّا قَتَلَ وَصِيف وبُغَا باغرًا التُّرْكيّ الَّذِي فتك بالمتوكّل تعصَّبت الموالي، ولا أمرَ كَانَ للمستعين مَعَ وصَيف وبُغَا. وكان إخبارّيًا فاضلَا أديبًا. 43- أَحْمَد بْن محمد بْن سعَيِد الوزّان1: عَنْ: زيد بْن الحُبَاب، ومحمد بْن كثير الْقُرَشِيّ. وعنه: ابن مسروق، وأحمد بْن محمد بْن الأزهر النَّيسابوري. 44- أَحْمَد بْن محمد بْن أنس: أَبُو الْعَبَّاس بْن القِرْبيطيّ البغداديّ الحافظ2. عَنْ: إبْرَاهِيم بْن زياد سَبَلَان، وأبي حفص الفلَاس. وعنه: أَبُو حاتم الرّازيّ، ومحمد بْن سعْد وهما أكبر منه، ومحمد بْن مَخْلَد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. لَهُ ذِكْر فِي "السّابق والّلَاحق"3. بقي إلى حدود السّتّين ومائتين. 45- أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي بَكْر المُقَدَّميّ4: سَمِعَ: أَبَاهُ، ومسلم بْن إبْرَاهِيم، وأبا هَمّام محمد بْن محبَّب. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وقال: صدوق، لقيته بمكة.   1 كان يعمل بوزن الأشياء، وينظر في "تاريخ نيسابور". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 74". 3 مؤلفه الخطيب البغدادي. 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 73". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 37 46- أَحْمَد بْن محمد بْن الزُّبَيْر الأطْرَابُلُسيّ الشّاميّ1: عَنْ: زيد بْن يحيى بْن عُبّيْد، ومؤمّل بْن إِسْمَاعِيل. وعنه: أَبُو بَكْر بْن زياد النَّيسابوري، وابن أَبِي حاتم، ومحمد أخو خَيْثَمَة بْن سُلَيْمَان. قَالَ ابن أَبِي حاتم، صدوق. 47- أَحْمَد بْن محمد بْن سعَيِد بْن جَبَلَة. أبو عبد الله الصَّيْرفيّ. بغداديّ2. سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، ومَعْن بْن عيسى، والشّافعيّ. وعنه: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الوكيل، وأبو عُبّيْد المَحَامِليّ، وجماعة. مستور. 48- أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر بْن يونس اليَمَاميّ3: نزيل بغداد، أَبُو سهل. حدث عن: جدِّه؛ وعن: عَبْد الرّزّاق. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وقاسم المطرّز، والباغَنْديّ، وعبد اللَّه بْن محمد بْن سَلْم المقدسيّ، وطائفة. قَالَ ابن عديّ: حدَّث بمناكير وعجائب. وقال عُبّيْد الكَشْوِريّ: هُوَ فينا كالواقديّ فيكم. تُوُفّي سنة ستين ببغداد. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك. وقال أبو حاتم: كذاب.   1 سبقت الترجمة له. 2 تاريخ بغداد "5/ 11". 3 الجرح والتعديل "2/ 71"، تاريخ بغداد "5/ 65، 66". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 38 49- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى السَّكُونيّ1. عَنْ: أَبِي يوسف القاضي، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش. وعنه: محمد بْن مَخْلَد. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: بغداديّ متروك. 50- أَحْمَد بْن مرحوم الرّازيّ2. عَنْ: ضَمْرَةَ بن ربيعة، ومؤمل بن إسماعيل. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وقال: كَانَ أَبِي يوثَّقه. 51- أَحْمَد بْن المُعَافَى بْن يزيد العِجْليّ المَوْصِليّ الرّفّاء3. روى عَنْ: القَعْنَبيّ، ومسلم بْن إبْرَاهِيم، وأهل المَوْصِل. وعنه: أبو يعلى الموصلي، والوليد بن مضاء. وأثنى عليه أبو يعلي، وسمع منه "مُوَطّأ القَعْنَبيّ". مات بعد الخمسين. 52- أَحْمَد بْن المِقْدام بْن سُلَيْمَان بن الأشعث4 -خ. ت. ن. ق- أبو الأشعث العجلي البصري، مُسْند العراق فِي وقته. سَمِعَ: حماد بْن زيد، وحزم بْن أَبِي حَزْم، وعبد اللَّه بن جعفر المديني، ومُعْتمر بْن سُلَيْمَان، وعثّام بْن عَلِيّ، وفضيْل بْن عِياض، ويزيد بْن زُرَيْع، وخالد بْن الحارث، وطائفة. وعنه: خ. ت. ن. ق. وقال ن.: ثقة؛ والبَغَوِيّ، وابن صاعد، وابن أبي داود، والمحاملي، وأحمد بن علي الحماني، والحسين بْن يحيى بْن عَيَّاش القطّان، وخلْق كثير. قال ابن خُزَيْمَة: كَانَ صاحب حديث.   1 تاريخ بغداد "5/ 59، 60". 2 الجرح والتعديل "2/ 78، 79". 3 الرفاء: من ترفئة الثياب، وهو إعادة إصلاحها. 4 الجرح والتعديل "2/ 78"، والسير "12/ 219- 221". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 39 وقال أَبُو الأشعث: وُلِدت قبل موت المنصور بسنتين. وقال أَبُو حاتم: محلُّه الصِّدْق. مات أَبُو الأشعث فِي صَفَر سنة ثلَاثٍ وخمسين. وحديثه بعلو في "الثقفيات"، و"جزء الحفّار". قَالَ أَبُو دَاوُد: لَا أحدِّثُ عَنْهُ؛ لأنّه كَانَ يُعلّم المجون. وذكَرَ حكاية صُرَر الزُّجاج. 53- أَحْمَد بْن منصور بْن سَلَمَةَ الخُزاعيّ1. عن: أبيه. وعنه: محمد بْن مَخْلَد؛ وقال: قُتِلَ بصَرْصَر سنة سبْعٍ وخمسين. 54- أَحْمَد بْن منصور بْن راشد2. أَبُو صالح المَرْوزِيّ، زاج صاحب النّضْر بْن شُمَيْل. كَانَ أحد العلماء المشهورين. روى عَنْ: النّضْر، وحسين الْجُعْفيّ، وعمر بن يونس اليمامي، وروح بن عبادة. وعنه: ابن خزيمة، وابن صاعد، والبغوي، ومحمد بْن مَخْلَد، والمَحَامِليّ، وطائفة. مِنَ القدماء: مُسلْمِ في غير "الصّحيح". قَالَ أَبُو حاتِم: صدوق. قلت: مات فِي آخر سنة سبْعٍ وخمسين. 55- أَحْمَد بْن وزير بْن بسّام: أبو علي قاضي إصبهان3.   1لم نقف عليه. 2 الجرح والتعديل "2/ 78"، والتهذيب "1/ 82، 83". 3 ذكر أخبار إصبهان "1/ 82" لأبي نعيم. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 40 قَالَ أَبُو نُعَيْم الحافظ: كَانَ حسَن السّيرة، وكان أول قاض بأصبهان. ولي زمِنَ المتوكّل، وذلك لأن أحمد بن أبي دؤاد عزل القضاة عَنِ البُلْدان بضع عشرة سنة، وولى عَلَى القضاء أصحاب المَظَالم. حدَّث هذا عَنْ: جعفر بْن عَوْن، وأبي دَاوُد، وبِشْر بْن عُمَر الزّهْرانيّ. روى عنه: محمد بن عيسى، ويعقوب بن إسماعيل، وغيرها. وهو من هذه الطبقة، لكن قَالَ أَبُو نُعَيْم إنّه تُوُفّي سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين. 56- أَحْمَد بْن الوليد بْن أبان الكرابيسيّ1: عَنْ: عُبّيْد اللَّه بْن مُوسَى، وغيره. وعنه: ابن صاعد، وابن مَخْلَد العطّار، والمَحَامِليّ. وكان صدوقًا. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 57- أَحْمَد بْن يحيى بْن عطاء البغداديّ الجلَاب2: عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وشَبَابة بْن سوّار. وعنه: يعقوب الْجِرَاب، ومحمد بْن نَيْروز الأنماطيّ، وغيرهما. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين ومائتين. لا بأس به. 58- أَحْمَد بْن يحيى الْجُرْجانيّ3: بَيّاع السِّابَرِيّ. عَنْ: أحمد بن أبي طيبة، وأبي عاصم النبّيل. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن، وعبد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الزُّهَيْريُّ، وعمران بْن هارون، وغيرهم.   1 أخبار القضاة "3/ 272". 2 تاريخ بغداد "5/ 201". 3 تاريخ جرجان "ص/ 68، 69". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 41 توفي سنة أربع وخمسين. 59- أَحْمَد بْن يحيى بْن الْإمَام مالك بْن أنس الْأصْبَحيَ1. تُوُفّي بمصر سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 60- أحمد بن يحيى بن قاضي البصرة أَبِي يوسف الفقيه الحنفيّ2. قَالَ نفْطَوَيْه: ولي قضاء مدينة المنصور فِي سنة أربعٍ وخمسين ومائتين. وكان متوسّطًا فِي أمره محبًا للدنيا، صالح الفقه. ثم عزل، ثم استقصي، ثمّ عُزِلَ وولي الأهواز. ثمّ وُجّهَ بِهِ إلى خُراسان فمات بالرِّيّ. 61- أَحْمَد بْن يزيد. أَبُو الْحَسَن الحُلْوانيّ المقرئ3. أحد الأئمّة. قرأ عَلَى قالون، وعلى: هشام بْن عمّار، وخَلَف بن هشام. وسمع من: أبي نعيم، وأبي حذيفة الهندي، وأبي صالح كاتب اللَّيْث. وكان كثير الأسفار. قرأ عَلَيْهِ: الْحَسَن بْن الْعَبَّاس بْن أبي مِهْران، والفضل بْن شاذان الرّازيّان، وجعفر بْن محمد بْن الهَيْثَم، وأبو عَوْن محمد بْن عَمْرو بْن عَوْن الواسطي، ومحمد بْن بسّام، وحّيون المزوِّق، ومحمد بْن أَحْمَد بْن عَبْدان. وكان عارفًا بالقراءات، مجوّدًا لرواية قالون. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْهُ فلم يرضه فِي الحديث. قلت: تُوُفّي سنة نيفٍ وخمسين ومائتين. وقد رحل إلى هشام ثلَاث رحلَات، وإلى قالون مرتين. وبرع فِي القراءات، واشتهر ذكره.   1 حفيد مالك، وانظر: ترتيب المدارك للقاضي عياض. 2 تاريخ بغداد "5/ 201، 202". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 82"، الميزان "1/ 164". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 42 62- أَحْمَد بْن يزداد بْن حمزة الخيّاط1: عَنْ: عثمان بْن عُمَر بْن فارس، وعَمْرو بْن عَبْد الغفّار. وعنه: ابن صاعد، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد. تُوُفّي بالكوفة سنة خمسٍ وخمسين، أرّخه مُطَيَّن. 63- أبان بْن أَبِي الخصيب: أَبُو أَحْمَد الأصبهاني2. عَنْ: الْحُسَيْن بْن حفص، وأبي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، ويحيى بْن بكُيْر، وأحمد بْن يزيد الحرّانيّ. وعنه: أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يزيد الزُّهْريّ، وأحمد بْن محمود بْن صَبِيح. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 64- إبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن يعيش3: أَبُو إِسْحَاق البغداديّ. نزيل هَمَذان ومحدّثها. ثقة حافظ. سَمِعَ: يزيد بْن هارون، وعبد الوهاب الخفاف، وأبا داود الحيري، ومحد بْن عُبّيْد، وأبا النّضْر هاشم بْن القاسم، وطائفة. وصنَّف المُسْنَد. وعنه: أَبُو قُرَيش محمد بْن جمعة الحافظ، ومحمد بْن نصر القطّان، ومحمد بن عبد اللَّه بُلْبُل، وأحمد بْن أوْس، وعَبْدُوس بْن إِسْحَاق المدانيون. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كَانَ صدوقًا، مَرَرْنا بِهِ ولم نكتب عَنْهُ. وانصرفنا فِي سنة سبْعٍ وخمسين وقد تُوُفّي. رُوِيَ أنّ ابن يعيش أنفق عَلَى باب يزيد بْن هارون عشرة آلاف درهم.   1 تاريخ بغداد "5/ 228، 229". 2 ذكر اخبار إصبهان "1/ 229، 230". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 88". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 43 65- إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن سَلَمَة بن كهيل1 -ث- أبو إسحاق الحضرمي الكوفي: يروى عَنْ: أَبِيهِ، عَنْ جدِّه. وعنه: ت. وعبد اللَّه بْن زيدان العِجْليّ، وابن صاعد، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، وغيرهم. ضعّفه أَبُو زُرْعَة، وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين. 66- إبْرَاهِيم بْن جَابرِ المَرْوزِيّ2. ويُعرف بالبُحّ. عَنْ: عَبْد الرحيم بْن هارون" الغسّاني"، وموسى بْن دَاوُد الضَّبّيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد، والباغَنْديّ، وأحمد بْن الْحُسَيْن الصُّوفيّ. وثقَّه الصُّوفيّ. 67- إبْرَاهِيم بْن المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بْن المُعْتَصمِ3. المؤيَّد بالله. عَقَدَ لَهُ أخوه المعتزّ بالله بالأمر مِن بعده، وجعله وليّ عهده، ودعوا لَهُ عَلَى المنابر. ثمّ بلغ المعتزّ عَنْهُ أمرٌ فضربَه وخلعه مِنَ العهد، وحبسه يومًا ثمّ أُخرْجِ ميتًا. وذلك فِي رجب سنة اثنتين وخمسين. وقيل: إنّه أُقْعِدَ فِي الثّلج حتى مات برْدًا4. وقيل: لُفّ فِي لحاف وغُمَّ. ولمّا رأته أمّه بعثت إلى قبيحة أمّ المعتزّ: عَنْ قريب تَرَيْنَ أبنك هكذا. قُلْتُ: فلم يُمْهلْه اللَّه. 68- إبراهيم بْن الْحَسَن بْن الهَيْثَم المصيصي -د. ن. - المعروف بالمقسمي5:   1 الجرح والتعديل "2/ 84"، والتهذيب "1/ 106". 2 تاريخ بغداد "7/ 52". 3 تاريخ بغداد "7/ 50"، السير "12/ 333". 4 انظر: تاريخ الطبري "9/ 362". 5 الجرح والتعديل "2/ 93"، التهذيب "1/ 114، 115". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 44 عَنْ: حَجّاج الأعور، والحارث بْن عطيّة. وعنه: د. ن. وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بْن محمد بْن وهْب، وجماعة. قَالَ ن: ثقة. 69- إبْرَاهِيم بْن سعْد العَلَويّ الْحَسَني البغداديّ1: أحد الزُّهْاد والأولياء. ذكره السُّلَميّ فِي تاريخه، وقال: كَانَ يقال لَهُ الشّريف الزاهد، وكان أستاذ أَبِي الحارث الْأوْلَاسيّ. حكى عَنْهُ أَبُو الحارث أنّه قَالَ: كنت معه فِي البحر، فبسط كساءَه عَلَى الماء وصلّى عَلَيْهِ. وسمعت منصور بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الأصبهاني: سَمِعْتُ محمد بْن أَحْمَد بْن اللَّيْث: سَمِعْتُ أَبَا الحارث الْأوْلَاسيّ يَقُولُ: كَانَ سبب رؤيتي إبراهيم بْن سعْد أنّي خرجت من أَوْلَاس إلى مكّه فِي غير أيّام الموسم، فرافقت عَلَيْهِ ثلَاثة نفر، ثمّ تفرَّقنا، فبقيت أَنَا وآخر. فقصدنا الشّام ثمّ تفرقنا، وكان إبْرَاهِيم العَلَويّ. ولمّا فارق العَلَويّ أَبَا الحارث قَالَ لَهُ: اللَّه خليفتي عليك. فقلت: ادْعُ لي. قَالَ: قد فعلتُ، فاحفظ حدود اللَّه وارحم خَلْقَه إلَا مَن عاندَ. قلت: وهذا الرجل لَا يكاد يُعرف. 70- إبْرَاهِيم بْن سعَيِد الجوهريّ الحافظ2. قِيلَ: تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. وقد تقدَّم. 71- إبْرَاهِيم بْن سَنْدُولة الهَمَدانيّ3.   1 تاريخ بغداد "7/ 86". 2 سبقت الترجمة له. 3 الجرح والتعديل "2/ 104". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 45 عن: عبد الله بن نمير، ويونس بن بكير. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وهو صدوق. 72- إبْرَاهِيم بْن عامر بْن إبْرَاهِيم بْن واقد: أَبُو إِسْحَاق الأشعريّ المدنيّ الأصبهاني المؤذّن. سَمِعَ: أَبَاهُ، ومسدَّدًا. وعنه: ابناه عامر ومحمد، وعبد الله بن جعفر بن فارس. توفي سنة ستّين. قَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم: قدِمتُ أصبهان، فسألت أَحْمَد بْن الفُرات عمنَّ أكتب؟ فسمّى لي أربعةً أحدهم إبْرَاهِيم بْن عامر. وعنه: محمد بْن عُمَر بْن حفص الجورجيريّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يزيد الزُّهْريّ. قَالَ أَبُو الشَّيْخ: كَانَ صدوقًا، نزل إصبهان. 73- إبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن حفص بْن مَعْدان الْجُرْواءانيّ الأصبهاني الحافظ1: عَنْ: بَكْر بْن بكّار، والحسين بْن حفص، وسليمان بْن حرب، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أُسَيْد، ومحمد بن أحمد بن يزيد الزهري، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين ومائتين. 74- إبراهيم بن محمد الزهري -ق- الحلبي2، نزيل البصْرة: عَنْ: أَبِي داود الطَّيَالِسيّ، وعبد الله الخريبي، ويحيى بْن الحارث الشّيرازيّ. وعنه: ق.، وعبد اللَّه بْن ناجية، وأبو عَروُبة، وغيرهم. 75- إبْرَاهِيم بْن مجشر بن معدان3:   1 ذكر أخبار إصبهان "1/ 81". 2 التهذيب "1/ 161، 162". 3 انظر: تاريخ بغداد "7/ 184، 185"، والميزان "1/ 55". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 46 أَبُو إسحاق البغداديّ الكاتب. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن المبارك، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وعَبّاد بْن العَوّام. وعنه: ابن ناجية، وابن عَيَّاش القطان، والمحاملي. قال أبو العباس السراج: سمعت الفضل بن سهم يتكلّم فِي إبْرَاهِيم بْن مُجَشِّر ويُكَذِّبه. وقال ابن عقدة: في نظر. وقال ابن عديّ: ضعيف يسرق الحديث. وأمّا ابن حِبّان فذكره فِي "الثقات". قَالَ الخطيب: مات فِي جُمَادَى الآخرة سنة أربعٍ وخمسين. 76- إبْرَاهِيم بْن مروان بْن محمد الطّاطَريّ الدّمشقيّ1 -د- عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: د.، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وابن جوصا، وأبو بكر بن أبي داود. وهو صدوق. 77- إبراهيم بن ناصح المدني الأصبهاني2: قال أبو نعيم: متروك الحديث. أَنْبَأَنَيِ يَحْيَى بْنُ الصَّيْرَفِيِّ، أَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ، أَنَا مَسْعُودٌ، أَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْدَهْ، أَنَا أَبِي، أَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَدِينِيُّ، ثَنَا أَبُو بِشْرٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَاصِحٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ: "الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَحْيَانًا بَعْدَمَا أماتنا، وإليه النشور" 3.   1الجرح والتعديل "2/ 140"، والتهذيب "1/ 164". 2 الميزان "1/ 69". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري"8/ 85، 88"، "9/ 146"، ومسلم "2711"، وأبو داود "الأدب/ 106"، وابن أبي شيبة "9/ 71، 72"، وابن ماجه "3880"، والدارمي "2/ 291"، والترمذي "137"، في الشمائل، وأبو الشيخ "166"، "167"، في أخلاق النبي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 47 وَبِهِ إِلَى ابْنِ مَنْدَهْ، ثنا محمد بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَاصِحٍ، ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْفَيْضِ، أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ نَاصِحٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا. 78- إبراهيم بن يعقوب -د. ت. ن- أبو إسحاق السعدي الجوزجاني الحافظ1. صاحب الجرح والتَّعديل. سَمِعَ: الْحُسَيْن الْجُعْفيّ، وعبد الصّمد بْن عبد الوارث، وشَبَابَة، ويزيد بْن هارون، وأبا مُسْهِر، وجعفر بْن عَوْن، وسعيد بْن أَبِي مريم، وخلْقًا كثيرًا. وتفقّه عَلَى أَحْمَد بْن حنبل وسأله مسائل مشهورة. وعنه: د. ت. ن.، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، وعَمْرو وإبراهيم ابنا دُحَيْم، ومحمد" القُنَّبيطيّ"، وأبو بِشْر الدُّولَابيّ، وابن جَوْصا، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نصر السُّلَميّ، وآخرون. وثقة النَّسائيّ. وقال ابن عديّ: سكن دمشق فكان يُحدَّثَ عَلَى المنبر، ويكاتبه أَحْمَد بْن حنبل فيتقوى بذلك، ويقرأ كتابه عَلَى المنبر. وكان شديد المَيْل إلى أهل دمشق فِي التحامل عَلَى عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2. وقال فيه الدّارَقُطْنيّ: كَانَ مِنَ الحفّاظ المصنفين الثقات. أقام بمكّة مدّةً وبالرملة مدّةً وبالبصرة مدّةً، لكنّه كَانَ فِيه انحراف عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. اجتمع عَلَى بابه أصحاب الحديث، فخرج إِلَيْهم، فأخرجت جارية لَهُ فَرُّوجًا لُيذّبح، فلم تجد أحدًا يذبحها، فقال: سبحان اللَّه لَا يوجد من يذبحها وقد ذَبح عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فِي ضحْوةٍ نيفًا وعشرين ألفًا. قلت: ورواها إبْرَاهِيم بْن محمد الرُّعَيْنيّ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عدس قَالَ: كنا عند الجوزاني، فذكر نحوها، لكنّه قَالَ: قتل سبعين ألفًا.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 148، 149"، والتهذيب "1/ 181-183". 2 الكامل (1/ 305) للضعفاء لابن عدي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 48 قَالَ ابن زَبْر: سَمِعْتُ أَبَا الدَّحْداح يَقُولُ: إنّه مات فِي أوّل ذي القِعْدة سنة تسعٍ وخمسين. وقال غيره: سنة ستٍّ. 79- إبْرَاهِيم بن أيّوب عيسى المصريّ1. أَبُو إِسْحَاق الطَّحَاويّ. عَنْ: ابن وهْب، والشّافعيّ. وعنه: ابنه أَحْمَد. قَالَ ابن يونس: مات فِي المحرَّم. وكان كاتب الحارث بْن مسكين، وكتب أيضًا لعيسى بْن المُنْكَدِر، وهارون الزُّهَيْريُّ قُضاة مصر. وكان ابنه من أهل الأدب. 80- إبْرَاهِيم بْن أَبِي خَالِد الْأرغِيانيّ الهَرَويّ2: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن نافع الصّائغ، والحُمَيْديّ. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. 81- إدريس بْن جعْفَر بْن إدريس العُتْبيّ المَوْصِليّ الزّاهد3: كُتُب الحديث والرقائق، وتعبّد. وجاور بمكّة هُوَ وأخوه الفضل، وكانا عَلَى قدم مِنَ العبادة والخشوع. تُوُفّي إدريس سنة ثلَاثٍ أو أربعٍ وخمسين. وتوفي بعده أخوه. 82- إدريس بْن حاتم بن أحمد الواسطي4: سَمِعَ: إِسْمَاعِيل بْن عَلَيْهِ، ومحمد بْن يزيد الواسطيّ، وأزهر السّمّان، وجماعة. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق.   1 لم نقف عليه. 2 من حراة ضمن بلاد خراسان. 3 أحد عباد وزهاد الموصل. 4 الجرح والتعديل "2/ 266". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 49 83- إدريس بْن الحَكَم العَنَزِيّ1: عَنْ: خَلَف بْن خليفة، ويوسف بْن عطيّة الصّفّار، وعليّ بْن عراب. وعنه: المَحَامِليّ، وأخوه أَبُو عُبّيْد القاسم، وغيرهما. ذكره الخطيب فِي تاريخه. 84- إدريس بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي الرّباب2. أَبُو محمد الرَّمْليّ، شيخ مُعَمِّر. سَمِعَ: شهاب بْن خداش، ومُصْعَب بن ماهان. وعنه: محمد بْن المُسَيَّب الأرْغِيانيّ، وأحمد بْن جَوْصا، وعَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل الكوفيّ. نزيل دمشق، لم يذكره ابن أَبِي حاتم. 85- إدريس بْن عيسى المُخَرّميّ القطّان3: عَنْ: أَبِي دَاوُد الجفْريّ، وزيد بْن الحُبَاب. وعنه: ابن صاعد، وأبي ذَرّ بْن الباغَنْديّ. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 86- أزهر بن جميل -خ. ن. - أبو محمد البصري الشطي4: مولى بني هاشم. سَمِعَ: معتمر بْن سُلَيْمَان، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وخالد بْن الحارث، وطائفة. وعنه: خ. ن.، وأبو عَروْبة، وابن صاعد، وعبدان، وابن أبي داود، وآخرون. توفي سنة إحدى وخمسين.   1 تاريخ بغداد "3477". 2 الثقات لابن حبان "8/ 133". 3 أخبار القضاة "3/ 38". 4 الجرح والتعديل "2/ 315"، والتهذيب "1/ 200، 201". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 50 87- إسحاق بن إبراهيم بن محمد الباهلي -خ. د- أبو يعقوب البصري الصّوّاف1: عَنْ: مُعَاذ بْن هشام، ويوسف بْن يعقوب السَّدُوسيّ، وجماعة. وعنه: خ. د.، وأبو عَرُوبة، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وجماعة. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. 88- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بن يعقوب المصري الخفاف2. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب، وإدريس بْن يحيى الزّاهد. وعنه: ". . . "3. قال ابن يونس: توفي سنة ست وخمسين. 89- اسحاق بن ابراهيم بن عبد الرحمن -خ- أبو يعقوب البغوي ثم البغدادي لؤلؤ4، ابن عمّ أَبِي جعْفَر أَحْمَد بْن مَنِيع. سَمِعَ: وكيعًا، وابن عَلَيْهِ، وإسحاق الأزرق، وطائفة. وعنه: خ.، وإسماعيل الورّاق، ويعقوب الجصاص، ومحمد بن مخلد، وابن أبي حاتم، وقال: ثقة. مات في شعبان سنة تسع وخمسين. وقيل: لقبه" بلؤلؤ" باسم طائر. 90- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن مُوسَى5. أَبُو يعقوب الْجُرْجانيّ الوزدُوليّ القصّار الحافظ، صاحب" المسند".   1 التهذيب "1/ 216". 2 لم نقف عليه. 3 بياض في الأصل. 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 211"، والتهذيب "1/ 214". 5 السير "12/ 507"، التذكرة "2/ 562" للذهبي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 51 رحل وسمع: عُبّيْد اللَّه بْن مُوسَى، ومسلم بْن إبْرَاهِيم، وآدم، وجماعة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن، وإبراهيم بْن مُوسَى الْجُرجَانّيان، ومحمد بْن جعْفَر البصْريّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 91- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن حبيب بن الشهيد -ت. ن. ق- أبو يعقوب الشهيدي1 البصري: سَمِعَ: حفص بْن غَياث، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ومحمد بْن سَلَمَةَ الحرّانيّ، وخلْقًا كثيرًا. وعنه: ت. ن. ق. وابن صاعد، والفريابي، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحراني، وعبد الله بن عروة الهروي. وكان أحد الثقات المتقنين. توفي سنة سبع، في جمادى الأولى. 92- إسحاق بن إبراهيم بن الغمرِ: الغساني المصري2. عن: ابن صاعد سماعا. توفي سنة سبع وخمسين. 93- إسحاق بن إسماعيل بن العلاء - ن. ق: أبو يعقوب الأيلي3. توفي بأيلة في ذي الحجة سن ثمانٍ وخمسين. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وسلَامة بن روح الأيلي.   1 الجرح والتعديل "2/ 211"، وتاريخ بغداد "6/ 370". 2 لم نقف عليه. 3 الجرح والتعديل "2/ 212"، والتهذيب "1/ 226-229". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 52 وعنه: ن. ق. ومكحول البيروتيّ، ومحمد بْن الأشعث، وعبد الجبار بن أحمد السمرقندي، وعبيد الله بْن الصّنام، وأبو الحُرَيْش أَحْمَد بْن عيسى وآخرون. 94- إِسْحَاق بْن بُهْلُولِ بْن حسّان: أَبُو يعقوب التَّنُوخيّ الأنباريّ الحافظ1. سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا معاوية، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق، ووَكيعًا، وشُعَيب بْن حَرْب، ويحيى القطّان، وابن المهدي، وأبا ضَمْرَةَ، وإسماعيل بْن عَلَيْهِ، ويحيى بْن آدم، وخلْقًا. وعنه: إبْرَاهِيم الحربيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، والفِرْيابيّ، وابن صاعد، وحفيده يوسف بْن يعقوب الأزرق، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، وآخرون. وكان من كبار الأئّمة. قَالَ الخطيب: صنَّف كتابًا فِي الفقه، وله مذاهب اختارها. وصنَّف كتابًا فِي القراءات، وصنَّف "المُسْنَد". وكان ثقة2. قال ابنه البُهْلُول: استدعى المتوكّلُ أبي إلى "سُرّ من رَأَى" حتّى سَمِعَ منه. ثمّ أَمَرَ فَنُصِبَ لَهُ منبر، وحدَّث فِي الجامع، وأقطعه إقطاعًا مُغَلُّه فِي السنة اثنا عشر ألفًا، ووصله بخمسة آلاف دِرْهم فِي السنة فكان يأخذها. وأقام إلى أن قدِم المستعين بغداد، فخاف أبي من الأتراك أن يكسبوا الأنبار، فانحدر إلى بغداد ولم يحمل معه كُتُبَه، فطالبه محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر أنْ يحدَّثَ ببغداد من حِفْظه بخمسين ألف حديث، لم يخطئ فِي شيءٍ منها3: رواها أَحْمَد بْن يوسف الأزرق، عَنْ عمّه إِسْمَاعِيل بْن يعقوب، عَنْ عمّه البُهْلُول. وقال أَبُو طَالِب أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن البُهْلُول: تذاكرت أَنَا وابن صاعد ما حدَّث بِهِ جدّي ببغداد، فقلت لَهُ: قَالَ لي أنيس المستملي: إنّه حدَّث مِن حفظه بأربعين ألف حديث.   1 الجرح والتعديل "2/ 214"، والسير "10/ 335" طبعة التوفيقية. 2، 3 السير "10/ 335". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 53 فقال ابن صاعد: لَا يدري أنيس ما قَالَ. حدَّث إسحاق بن بهلول مِن حفظه ببغداد بأكثر من خمسين ألفَ حديث. وُلِد إسحاق بالأنبار سنة أربع ومائة، وبها مات فِي ذي الحجّة سنة اثنتين وخمسين ومائتين1. قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ الحاكم بْنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ سنة خَمْسِ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنَا عَلِيُّ بْنُ محمد بْنِ محمد الأَنْبَارِيُّ، ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْفَرَضِيُّ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ، ثَنَا جَدِّي، أَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ أبي سِيرِينَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: نَهَانِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدِي"2. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ سِيرِينَ مِنْ حَكِيمٍ. 95- إِسْحَاق بْن حاتم بْن بيان المدائنيّ العلَاف3. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ. وعنه: ابن صاعد، والمَحَامِليّ، وغيرهما. وكان ثقة. تُوُفّي ببغداد فِي رجب, أو شعبان سنة اثنتين وخمسين. 96- إِسْحَاق بْن حنبل بْن هلَال بْن أسد4. أَبُو يعقوب الذُّهْليّ الشَّيْبانيّ المَرْوزِيّ ثمّ البغداديّ. عمّ الْإمَام أَحْمَد. روى عَنْ: يزيد بْن هارون، والحسين بْن محمد المَرُّوذيّ.   1 السير "10/ 336". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "3503"، والترمذي "1236"، "1237"، "1239"، والنسائي "7/ 289"، وابن ماجه "2187"، وأحمد "3/ 402، 434"، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 218"، وتاريخ بغداد "6/ 365". 4 تاريخ بغداد "6/ 369". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 54 وعنه: ابنه حنبل بن إسحاق، ومحمد بن يوسف الجوهري، وغيرهما. قال الخطيب: كان ثقة. وقال حنبل: توفي أبي سنة ثلاث وخمسين، ومولده قبل الإمام أحمد بثلاث سنين. قلت: إنما سَمِعَ وهو كَهْل، وعاش اثنتين وتسعين سنة. 97- إِسْحَاق بْن دَاوُد بْن ميمون السَّمرْقَنْديّ1: أحد علماء سَمَرْقند. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين، وصلّى عَلَيْهِ أَبُو محمد الدّارِميّ. 98- إِسْحَاق بْن سُوَيد الرمْليّ2 -د. ن. - عَنْ: عَلِيّ بْن عَيَّاش، وسعيد بْن أَبِي مريم وجماعة: كَانَ يفهم ويحفظ. وثّقه النَّسائيّ، وغيره. وعنه: د. ن.، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بْن المسّيب الأرغِيانيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. 99- إسحاق بن شاهين -خ. ن. - أبو بشر الواسطي3: شيخ مسند معمر، من أبناء المائة. وقيل: بل جاوزها. روى عَنْ: خالد بن عبد الله الطحان، وهشيم، وعبد الحكيم بْن منصور، وجماعة. وعنه: خ. ن.، أيضًا، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن حامد بْن السّرِيّ، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، ومحمد بْن المُسَيَّب الأرغِيانيّ، وطائفة. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأس به.   1 لم نقف عليه. 2 التهذيب "1/ 214". 3 انظر: التهذيب "1/ 236، 237". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 55 وقال بَحْشَل: جاوز المائة. وقال غيره: كَانَ مِن الدَّهاقين. 100- إِسْحَاق بْن صالح بْن عطاء الواسطيّ1: أَبُو يعقوب المقرئ الوزّان. نزيل سامرّاء. روى عَنْهُ: يزيد بْن هارون، ويعقوب الحضْرميّ، ورَيْحان بْن سعَيِد. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق. قلت: وهو والد أَحْمَد بْن إِسْحَاق الوزّان. 101- إِسْحَاق بْن الضَّيْف الباهليّ العسكريّ البصْريّ2. نزيل مصر، وقيل: هُوَ إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن الضَّيف. لَهُ رحلة واسعة. روى عَنْ: عَبْد الرّزّاق، والنَّضْر بْن شُمَيْل، وحجاج الأعور. وعنه: أبو حاتم وقال: صدوق؛ وعمر البُجَيْريّ، وأحمد بن وكيل أبي صخرة، ومحد بن نيروز الأنماطي، وآخرون. وكان يجالس بشرا الحافي. قال أبو زرعة: صدوق. 102- إسحاق بن عباد بن موسى الختلي3. أبو يعقوب البغدادي. حدث عَنْ: أَبِيهِ، وعبد اللَّه بْن بَكْر السَّهْميّ، وهوذة بن خليفة. وعنه: إبراهيم بن دحيم، وأحمد بن جوصا، وأبو الدحداح أحمد بن محمد.   1 الجرح والتعديل "2/ 225". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 210"، والتهذيب "1/ 238". 3 تاريخ بغداد "6/ 374". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 56 توفي سنة إحدى وخمسين. 103- إسحاق بن الفيض بن سليمان: أبو يعقوب الثقفي الأصبهاني1. وقال أبو نعيم: هو مولى عتاب بن أسيد بن أبي العيص. قلتُ: وقع لنا جزء مِن حديثه عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد الرَّحْمَن بْن مَغْراء، وغيرهم. وقيل: إنّه سَمِعَ مِنَ ابن مَغْراء ثلَاثين ألف حديث. روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، ومحمد بْن عُمَر الجورجيريّ، وإسحاق بن إبراهيم بن جميل، ومحمد بن جعفر الأشعري، وأخرون. وثقه بعضهم. 104- إِسْحَاق بْن منصور بن بهرام -ع. سوى د- الحافظ بن يعقوب المروزي، الكوسج2، الفقيه، نزيل نَيْسابور: سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى بْن سعَيِد القطّان، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، ووَكيعًا، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وأبا أسامة، وعبد الرزاق، والفِرْيابيّ، وخلْقًا. وعنه: الجماعة سوى د.، وأبو زرعة، وأبو العباس السراج، وابن خُزَيْمَة، ومؤمل بن الحسن الماسرجسي، وأحمد بن حمدون الأعمشي، ومحمد بن أحمد بن زهير، وخلق كثير. وقال أبو الحسين مسلم: ثقة مأمون. وقال النسائي: ثقة ثبت. وقال الخطيب: هو الذي دون عَنْ أَحْمَد، وإسحاق بْن راهَوَيْه المسائل في الفقه. قال أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه: سَمِعْتُ مشايخنا يذكرون أنّ إِسْحَاق بْن منصور بلغه أنّ أَحْمَد بْن حنبل رجع عَنْ بعض تلك المسائل، فحملها في جراب على   1 طبقات المحدثين "2/ 262"، لأبي الشيخ، صاحب كتاب "العظمة" بتحقيقي. 2 الجرح والتعديل "2/ 234"، والتهذيب "1/ 249، 250". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 57 ظهره، وخرج راجلَا إلى بغداد، وعرض خطوط أَحْمَد عَلَيْهِ فِي كلّ مسألة استفتاه عَنْها، فأقَرَّ لَهُ بها ثانيًا وَأُعْجِبَ بِهِ1. قلت: وروى ت. عَنْ رَجُل، عَنْهُ. وتوفي فِي تاسع عشر جُمَادَى الأولى سنة إحدى وخمسين. 105- إِسْحَاق بْن وهْب بْن زياد الواسطيّ العلَاف -خ. ق. - أبو يعقوب2: سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، وعمر بْن يونس، وأبا دَاوُد الطَّيَالِسيّ. وعنه: خ. ق. وابن أَبِي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ووالده أبو حاتم وقال: هُوَ صدوق. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 106- إِسْحَاق بْن وَهْبُ بْن عَبْد اللَّه. أَبُو يعقوب الطُّهُرْمُسيّ المصريّ الْجِيزيّ3. روى عَنْ عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ أحاديث كَانَ ابن وَهْبُ أتقى لله من أنْ يحدَّثَ بها. ولم يكن من أهلِ الحديث. تُوُفّي فِي ربيع الآخر سنة تسعٍ وخمسين أيضًا. وَلَهُ: عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: "لَرَدُّ دَانِقٍ مِنْ حَرَامٍ يَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ سَبْعِينَ أَلْفِ حَجَّةٍ". وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بِيَقِينٍ. رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ قَالَ: ثنا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْجَوْهَرِيُّ، وَعِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ فَضَالَةَ، وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، فَذَكَرَهُ. 107 - أسد بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر4: أَبُو الحارث المصريّ.   1 تاريخ بغداد "6/ 364". 2 الجرح والتعديل "2/ 236"، التهذيب "1/ 253، 254". 3 الميزان "1/ 203". 4 من علماء مصر، انظر ترجمته في "حسن المحاضرة" للسيوطي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 58 سَمِعَ: أَبَاهُ، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ، والشّافعيّ. وعنه: جَبَلَة بْن محمد، وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن قُدَيْد، والمصريُّون. تُوُفّي فِي صفر سنة ستين. قاله ابن يونس. 108- أسد بْن عمار بْن أسد أَبُو الخير التّميميّ الأعرج1: عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، ويزيد، ورَوْح، وطائفة. وعنه: ابن أَبِي الدُّنيا، ومُطَيَّن، وأبو حامد الحضْرميّ. محلُّه الصِّدْق. 109- إِسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم الحمدونيّ2. شاعر محسن كَانَ فِي هذا الزمان، قبله بيسير أو بعده. وله فِي طَيْلسان أهداه لَهُ أحمد بْن حَرْب أربعين مقطوعًا، ولا يخلو واحد منها من معنى نادرٍ ومَثلٍ سائر. فمنها قوله: يا ابن حَرْب كَسَوْتني طيلسانًا ... مَلَّ من صُحْبَة الزمان وصدًا طال تَرْدَادُهُ إلى الرَّفْوِ حتي ... لو بعثناه وَحْدَهُ لَتَهَدَّا وله في شاه سعيد بن أحمد بن حوسيندار: أَبَا سعَيِد لنا فِي شاتِك الْعِبَرُ ... جاءت وما إنْ لها بَوْلٌ ولا بَعَرُ وكيف تبعر شاةٌ عندكم مَكَثَتْ ... طعامها الْأبْيَضان الشَّمسُ والقمرُ لو أنّها أبصرت فِي نومها عَلَفًا ... غَنَّت لَهُ ودموع العين تنحدرُ يا مانعي لذّة الدُّنيا وزَهْرتها ... إنيّ لَيُقْنعني مِن وجهك النَّظَرُ 110- إِسْمَاعِيل بْن بِشْر بْن منصور السُّلَيميّ البصْريّ3 -د. ق. - عن: أبيه،   1 تاريخ بغداد "7/ 19". 2 الأغاني "13/ 237". 3 انظر: التهذيب "1/ 284، 285". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 59 وعُمَر بْن عَلِيّ بْن مقدَّم، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ. وعنه: د. ق.، وأحمد بْن حمدون الأعمشيّ، وابن وهب الدينوري، وأبو بكر بن خزيمة، وآخرون. توفي سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان ثقة. 111- إسماعيل بن حبان بن واقد - ق- أبو إسحاق الثقفي الواسطي القطان1: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عاصم الحِمّانيّ، وعُمَر بْن يونس اليَمَاميّ، وغيرهما. وعنه: ق.، وأحمد بْن يحيى التُّسْتَرِيّ، وعمر بن محمد بن بجير في مسنده، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي. حبان بحاء مكسورة ثم باء موحدة. 112- إسماعيل بن أبي الحارث أسد بن شاهين2 -د. ت-: أبو إسحاق البغدادي. عَنْ: أَبِي بدر شجاع بْن الوليد، وحَجّاج الأعور، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، وشَبَابة. وعنه: د. ت.، وأحمد بْن محمد بْن الْحَسَن الذَّهبيّ، والحسين بن يحيى بن عياش، والمحاملي، وابن مخلد، وابن أبي حاتم، وآخرون. وكان ثقة ورعا صالحا خيارا، رحمه الله. قال أبو حاتم: صدوق. وقال الدارقطني: ثقة صدوق، ورع، فاضل. توفي في رابع عشر جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين. 113- إسماعيل بن عمرو بن سعيد السكوني3:   1 التهذيب "1/ 288". 2 الجرح والتعديل "2/ 161"، والتهذيب "1/ 282، 283". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 190". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 60 أبو عامر الحمصي المقرئ. عن: علي بن عياش، والربيع بن روح، والوحاظي. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه، وهو صدوق. 114- إسماعيل بن المتوكل: أبو هشام الحمصيّ1. عَنْ: أَبِي المغيرة، والْحَسَن بْن الربيع البُورانيّ. وعنه: النَّسائيّ فِي "الكُنَى"، وابن صاعد، ومحمد بْن مَتُّوَيْه، وابن جَوْصا. 115- إِسْمَاعِيل بْن يوسف2. أَبُو عَلِيّ الدَّيْلَميّ العابد الحافظ. جالس أَحْمَد بْن حنبل. وحدث عَنْ: مجاهد بْن مُوسَى. 116- إِسْمَاعِيل بْن يزيد الأصبهاني القطّان3: وَيُكْنَى أَبَا أَحْمَد. مُحَدَّث رحَّال، عَالِيّ الإسناد. صنَّف كتاب "اللّباس"، وغير ذَلِكَ. وسمع من: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكِيع، وأبي ضَمْرَةَ، والوليد بْن مُسلْمِ، ومَعْن، وطبقتهم. وبقي إلى نيَّفٍ وخمسين. روى عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن أَبِي هُرَيْرَةَ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد مَنْدَوَيْه، وعبد الله بْن محمد البنّاء، ومحمد بْن القاسم بْن كوفيّ، وأَحْمَد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ. وحدَّث عَنْه مِنَ الكبار محمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وهو أقدم منه.   1 التهذيب "1/ 327". 2 من الحنابلة، وعباد الديلم. 3 طبقات المحدثين "2/ 259، 260". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 61 قَالَ أَبُو نُعَيْم: صنَّف "المُسْنَد"، "والتَّفْسير"، وكان يُذْكَر بالزُّهْد والعبادة؛ حسن الحديث. اختلط عَلَيْهِ بعض حديثه فِي آخر أيّامه. مات سنة ستين أو قبلها بقليل. 117- أشناس التُّرْكيّ1: كَانَ أحد الشّجعان المذكورين. وجَّههُ المأمون غازيًا إلى حصن سندس فأتاه بصاحبه. وكان مقدَّم جيش المعتصم حين فتح عَمُّورية. ثمّ ولي إمرة الجزيرة والشّام ومصر للواثق. ونظروا فِي أُعْطيات المعتصم لأشناس فبلغت أربعين ألف ألف درهم. وكان يتعانى المُسْكِر. ولمّا مات فِي سنة اثنتين وخمسين ومائتين خلَّف مائة ألف دينار، فأخذها المعتز بالله. 118- أيوب بن حسان -ق- "أبو سليمان" الدّقّاق2: عَنْ: أبن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، والوليد بْن مُسلْمِ، ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ. وعنه: ق.، وأسلم بْن سُهَيل، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وأحمد بن عبد الله وكيل "صاحب أَبِي صخرة". وثقَّه ابن حِبّان. 119- أيّوب بْن الْحَسَن النَّيسابوري3: تفقّه عَلَى ". . . "4 الْحَسَن. وسمع من: النَّضْر بْن شُمَيْل، وَيَعْلَى بْن عُبّيْد، وعَبْد العزيز بْن أَبِي رزْمة، ونصر بْن باب، وحفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي مطيع البلْخيّ، وطائفة. وعنه: محمد بْن زياد الفقيه، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيَان. تُوُفّي فِي ذي القِعْدة سنة إحدى وخمسين ومائتين. وكان كبير الشأن ببلده.   1 انظر: وفيات الأعيان "2/ 415"، "3/ 89". 2 الجرح والتعديل "2/ 244"، والتهذيب "1/ 400". 3 ينظر: "تاريخ نيسابور" للحاكم. 4 بياض في الأصل. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 62 120- أيّوب بْن الوليد البغداديّ الضّرير1: عَنْ: أَبِي معاوية، وإسحاق الأزرق. وعنه: ابن صاعد، والمَحَامِليّ، وجماعة. تُوُفّي فِي المحرَّم سنة ستّين ومائتين. 121- أيّوب الحمّال2: أَبُو سُلَيْمَان. من كبار الزُهّاد فِي عصره ببغداد. كَانَ صاحب أحوال وكرامات. قَالَ الخطيب: حكى عَنْهُ: أَبُو الْعَبَّاس بْن مسروق، وسهل بْن عَبْد اللَّه، وغيرهما. سَمِعْتُ أبا نعيم يَقُولُ: هُوَ مِن العبّاد المجتهدين، لَهُ كرامات عجيبة. قَالَ السُّلَميّ: هُوَ من أقران سَريّ السَّقَطيّ. عَنْ محمد بْن خَالِد الآجُرِّيّ: قلت لأيّوب الحمّال: تخطر فِي نفسي مسألة فأوّد أن أراك. قَالَ: إذا أردتني فحرِّك شفتيك. قَالَ: فكنتُ إذا أردته حرّكت شفتي، فأراه يدخل عَلَى كتفه كارته فأسأله. "حرف الباء": 122- بُخْتيشوع بْن جبريل3: النَّصْرانيّ الطّبيب صاحب التّصانيف. خَدَم المأمون ومن بعده الخلفاء، ونكبه المتوكّلُ مرة، ونفاه، ثم رده إلى المُطْبَق وقُيِّد وغُلَّ بمائة رطل بالبغداديّ. وله كتاب "التذكرة" في الطب.   1 تاريخ بغداد "7/ 10". 2 الحلية "10/ 313، 314". 3 الفهرست "1/ 296" لابن النديم. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 63 وقيل: إنه طَبَّ الرَّشيدّ وليس بشيء، إنّما طبَّه جدِّه بختيشوع بْن جورجس الَّذِي أقدمه الهادي من جُنْدَيْسابور. هَلَكَ بختيشوع هذا سنة ستٍّ وخمسين. 123- بِشْر بْن آدم بْن يزيد -4- أَبُو عَبْد الرَّحْمَن البصْريّ1: عَنْ: جدِّه لأُمّه ازهر السَّمّان، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وزيد بْن الحُبَاب، وخلْق. وعنه: 4، ويحيى بْن صاعد، وآخرون. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين ومائتين. وهو بِشْر بْن آدم الصَّغير؛ وأما الكبير فقديم تفرَّد بِلُقيّه الْبُخَارِيّ. 124- بِشْر بْن خَالِد العسكري الفَرَائضيّ2 -خ. م. د. ن- نزيل البصْرة: عَنْ: غُنْدَر، وأبي أسامة، وشَبَابة. وعنه: خ. م. د. ن.، وابن خُزَيْمَة، وأبو بكر بن أبي داود. وكان ثقة مأمونا. توفي سنة ثلاث وخمسين. قال ابن أبي حاتم: حافظ لحديث الثوري. 125- بشر بن عبد الوهاب3: أبو الحسن الدمشقي مولى بني أمية. ويقال له بشير. شيخ زاهد جليل. روى عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، ووَكِيع، ومروان بْن معاوية، وضَمْرَة، ومحمد بن شعيب، ومحمد بن بشر العبدي.   1 الجرح والتعديل "2/ 351"، والتهذيب "1/ 442". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 356"، والتهذيب "1/ 448". 3 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "2/ 247"، لابن بدران. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 64 وعنه: أبنه أحمد، ومحمد بن الفيض الغساني، وأبو بشر الدولابي، وابن جوصا، وطائفة. توفي في رجب سنة أربع وخمسين. لم يضعفه أحد، فهو حسن الحديث. وهو الذي تفرد عَنْ وَكِيع بمسلسل العيدَيْن. رَوَاهُ عَنْهُ أَحْمَد بْن محمد ابْن أخت سُلَيْمَان بْن حَرْب، وأحمد بْن عُبّيْد اللَّه الفراسيّ، وقيل: بل هذا الفراسي هُوَ ابن أخت سُلَيْمَان، وكنيته أَبُو عُبّيْد اللَّه. وهذا الصحيح من اسمه أنّه أَحْمَد بْن محمد بْن فرِاس بْن الهَيْثَم، وتفرَّد بالحديث. 126- بِشْر بْن مطر بْن ثابت1: أَبُو أَحْمَد الواسطيّ نزيل سامرّاء. سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق. وعنه: ابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، وأبو الْعَبَّاس الأثرم، ومحمد بن جعفر المَطِيريّ، وغيرهم. قَالَ ابن قانع: تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. وقال أَبُو حاتم: صدوق. وقيل: مات سنة اثنتين وستين. 127- بُغَا التُّرْكيّ الصّغير2: المعروف بالشَّرابيّ الأمير. من كبار قُوّاد المتوكّلُ، وهو أحد من دخل عَلَى المتوكّلُ وفتك بِهِ. ذكر المسعوديّ أنّ بُغَا هذا دعا باغَر التُّرْكيّ، وكان أَهْوَجَ مِقْدامًا، فقال: تعلم محبَّتي لك وإحساني إليك، وأريد منك أن تقتل ابني فارس فقد آذاني. قال: نعم، فلا تجد علي.   1 الجرح والتعديل "2/ 368"، وتاريخ بغداد "7/ 84، 85". 2 انظر: التذكرة الحمدونية "1/ 439، 440" لابن حمدون. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 65 وجعل بينهما إشارة فلم يفعلها بُغَا. ثمّ تركه أيّامًا وطلب منه أنْ يقتل أخاه وَصِيفًا، فرآه مبادرا. ثم انتدبه لقتل المنتصر ولي العهد فقال: كيف أقتله وأبوه باق؟ لكني أبدأ بالمتوكل. فتمت الحيلة وكملت المكيدة. وقد غلب على المستعين هو ووصيف الأمير حتى قيل: خليفة في قفص ... بين وصيف وبغا يقول ما قالَا لَهُ ... كما تَقُولُ الببغا خرج بُغَا عَلي المعتزّ ونهبَ مِنَ الخزائن مائتي ألف دينار، وسار إلى السّن عازمًا عَلَى الشّرّ، فاختلف عَلَيْهِ أصحابه، فكتب يطلب أمانًا، وفارقه عسكره فانْحَدر فِي زَوْرق فأخذته المغاربة، فأخذه الوليد المغربيّ وأتي برأسه، فَنُصِبَ ببغداد، وَأُعْطِيَ قاتلُهُ عشرة آلاف دينار وكان مقتله1 سنة أربعٍ وخمسين، وكفي اللَّه شرّه. 128- بكّار بْن عَبْد اللَّه بْن بُسْر2. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ البُسْريّ الدّمشقيّ. عَنْ: عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن الماجِشُون، وأسد بن موسى، وجماعة. وعنه: أبوا زُرْعَة، وبَقيّ بْن مَخْلَد، وابن جَوْصا، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. 129- بَكْر بْن عَبْد الوهاب المدني3 - ق-: عن: خاله الواقدي، ومحمد بْن فُلَيْح، وعبد اللَّه بْن نافع الصّائغ، وغيرهم. وعنه: ق.، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وابن صاعد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق.   1 زيادة من تاريخ الطبري "9/ 380". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 410". 3 الجرح والتعديل "2/ 389"، والتهذيب "1/ 485". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 66 "حرف الجيم": 130- جابر بْن كُرْديّ بْن جَابرِ: أَبُو الْعَبَّاس الواسطيّ البزّاز1. عَنْ: يزيد بْن هارون، وَوَهْبُ بْن جرير، وشَبَابة، وجماعة. وعنه: النَّسائيّ فيما قِيلَ، وأبو زُرْعَة الرّازيّ، وعلي بْن الْعَبَّاس المَقَانِعيّ، ومحمد بْن جرير، وابن صاعد، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر. وثقه ابن حِبّان. 131- جعْفَر بْن أَحْمَد بْن عوَسْجَة السّامرّيّ2: عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وكثير بْن هشام. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبت عَنْهُ بسامرّاء مَعَ أَبي، وقال أَبِي: صدوق. 132- جعْفَر بْن عَبْد الواحد بْن جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس3: العباسي الهاشمي قاضي القضاة. عن: روح بن عبادة، ومحمد بن البرساني، وأبي عاصم، وغيرهم. وعنه: يعقوب الفسوي، والباغندي، وأبو عوانة الإسفراييني، وأحمد بن هارون البردنجي، وعلي بن سراج المصري. قال ابن عدي: متهم بوضع الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وقال الخطيب: عزله المستعين عن القضاء، ونَفَاهُ إلى البصرة لأمرٍ بلغه عَنْهُ. وتوفي سنة ثمان وخمسين.   1 تاريخ بغداد "7/ 238". 2 الجرح والتعديل "2/ 474". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 483"، والميزان "1/ 412، 413". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 67 قَالَ أَبُو حاتم: وَصَلَ جعْفَر بْن عَبْد الواحد حديثًا للقَعْنَبيّ فزاد فِيهِ: عَنْ أنس. فَدَعا عَلَيْهِ القَعْنبي فافْتُضِح. وقال أَبُو زُرْعَة: أخاف أن تكون دعوة الشَّيْخ الصّالح أدركته. قَالَ سعَيِد البَرْذَعيّ: قلتُ: أيّ شيخ؟ قَالَ: القَعْنَبيّ. وقال نفْطَوَيْه: كَانَ من حُفاظ الحديث، وله بلَاغة ولسان. وقال غيره: كَانَ بخيلَا. 133- جعْفَر بْن محمد بْن جعْفَر المدائنيّ1: عَنْ: هُشَيْم، وعَبّاد بْن العوام. وعنه: تَمْتَام، والعلَاء بْن أيّوب المَوْصِليّ. وسكن المَوْصِل، فروى عَنْهُ أهلها. وقد روى" المغازي" عَنْ زياد البّكائيّ. وتأخَّر إلى بعد الخمسين. قَالَ الخطيب: بلغني أنّه مات سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 134- جعْفَر بْن محمد بْن رَبال البغداديّ2: عَنْ: سعَيِد بْن عامر الضُّبَعيّ، وأبي عاصم. وعنه: أَبُو عُبّيْد القاسم، وأبو عبد الله الْحُسَيْن ابنا المَحَامِليّ. 135- جعفر بن محمد بن عامر السامري البزاز3: عن: أبي نعيم، وعفان، وأبي غسان الهندي. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أَبِي، وهو صدوق. 136- جعْفَر بْن محمد بْن فضيل الرسعني4 -ت- أبو الفضل الحافظ:   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 474". 2 تاريخ بغداد "7/ 238، 239"، التهذيب "2/ 44". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 487". 4 الميزان "1/ 415"، التهذيب "2/ 105". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 68 روى عَنْ: محمد بْن حُمَيْد، وأبي المغيرة، وعلي بن عياش الحمصيين، وعبد الملك بْن الماجُشون، وسعيد بْن أَبِي مريم، وعبد الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، ومؤمل بن إسماعيل، وجماعة. وعنه: ت، وأبو يَعْلَى، والباغَنْديّ، ومحمد بْن الرّمّاح الباهليّ، ويعقوب البزاز، ويوسف بن يعقوب التنوخي الأزرق، وخلق. قال النسائي: ليس بالقوي. ووثقه غيره. 137- جعفر بن مسافر -د. ق. ن- أبو صالح الهذلي التنيسي1. سَمِعَ: ابن أَبِي فُدَيْك، وعلي بْن عاصم، وبِشْر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ. وعنه: د. ق. ن. ووثقّه، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعلي بْن أَحْمَد بْن علَان، وآخرون. تُوُفّي سنة أربع وخمسين ومائتين. 138- جعفر بن منبر المدائنيّ القطّان2. نزيل الرِّيّ. عَنْ يزيد بْن هارون، وأبي بدر، وعبد الوهّاب بْن عطاء، وطبقتهم. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سمعتُ منه بالرّيّ، وهو صدوق. 139- جعْفَر بْن النَّضْر الواسطيّ الضّرير3: عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وعلي بْن عاصم، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ منه مَعَ أَبِي، وهو صدوق. 140- جميل بْن الْحَسَن -ق- أبو الحسن الأزدي الجهضمي البصري4، نزيل الأهواز:   1 الجرح والتعديل "2/ 491"، والتهذيب "2/ 106-108". 2 الجرح والتعديل "2/ 491". 3 الجرح والتعديل "2/ 492". 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 520"، التهذيب "2/ 113، 114". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 69 عَنْ: ابن عُيَيْنَة، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وأبي هَمّام محمد بْن الزَّبْرِقان. وعنه: ق.، وأبو عَرُوبة، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وابن خُزَيْمَة، وآخرون. قَالَ ابن أبي حاتم: أدركناه ولم نكتب عَنْهُ. وقال عَبْدان: كَانَ فاسقًا كذابًا. قلت: أما حديثه فقال ابن عدي: لَا أعلم لَهُ حديثًا مُنْكَرًا، وهو صالح فِي باب الرواية، وعنده كُتُب سعَيِد بْن أَبِي عَرُوبة. "حرف الحاء": 141- حاتم بْن بَكْر الضّبّيّ الصَّيْرفيّ البصْريّ1 -ق- عَنْ: أَبِي عامر العَقَدِيّ، وعبد الصّمد بْن عَبْد الوارث، ومحمد بْن بَكْر البُرْسانيّ، وجماعة. وعنه: ق.، وابن خُزَيْمَة، وأبو عروبة، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، وآخرون. 142- الحارث بن أسد بن معقل الهمداني المصري2: أبو الأسد. عن: بشر بن بكر التنيسي، وغيره. آخر ما حدَّث عَنْهُ بمصر إبْرَاهِيم بْن ميمون الصّوّاف. مات فِي ربيع الأوّل سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 143- حامد بْن دَاوُد الشّاشيّ3. عَنْ: محمد بن عبد الله الْأَنْصَارِيّ، وأبي نُعَيْم. ووثقه ابن حِبَان. - حَبْتر. هو عبد الملك. يأتي.   1 التهذيب "2/ 129". 2 التهذيب "2/ 134". 3 الثقات لابن حبان "8/ 218". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 70 144- حبيش بن مبشر -ق- أبو عبد الله الطوسي الثقفي الفقيه1. نزيل بغداد. أخو جعفر بْن مبشر المتكلَّم. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن بَكْر السَّهْميّ، وَوَهْبُ بْن جرير، ويونس بْن محمد. وعنه: ق. وإسحاق بْن إبْرَاهِيم البُسْتيّ، والباغندي، وابن صاعد، ومحمد بن مخلد، وآخرون. قال الخطيب: كان فاضلا، يعد من فضلاء البغداديين. ووثقه الدارقطني. أنا الْمُسْلِمُ2 بْنُ محمد وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْباني، أنا أبو بكر الحافظ، أنا ابن المهدي، أنا محمد بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ، أَنَا مُبَشِّرُ بْنُ محمد، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَتَزَوَّجَهَا"3. تُوُفّي حُبَيْش فِي تاسع رمضان سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 145- حَجّاج بْن حمزة العِجْليّ الرّازيّ4: أَبُو يوسف. سمع: ابن نمير، وأبا أسامة، وابن أبي فُدَيْك. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم، وابنه. وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو زُرْعَة فقال: شيخٌ مُسلْمِ صدوق. 146- حجاج بن يوسف بن حجاج5 -م. د- أبو محمد بن الشاعر أبي   1 انظر: تاريخ بغداد "8/ 272". 2 سقط تم إثباته من تهذيب الكمال "5/ 416". 3 حديث صحيح: أخرجه عبد الرزاق "13107"، "13140"، في مصنفه، والبخاري "5586"، "5169"، ومسلم "1365"، وأحمد "6/ 99، 165، 170، 239"، والترمذي "1123"، كلهم من حديث أنس، وأخرجه الطبراني "24/ 73"، في الكبير من حديث صفية رضي الله عنها. 4 الجرح والتعديل "3/ 158". 5 الجرح والتعديل "3/ 168"، والسير "12/ 301". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 71 يعقوب الثقفي البغدادي. وكان أَبُوه يُلَقَّب لِقْوَة، نشأ بالكوفة وقال الشِّعْر وصحِب أَبَا نُوَاس، فنشأ ابنه حَجّاج ببغداد وطلب العلم. وحمل عَنْ: أَبِي النَّضْر، ويعقوب بْن إبْرَاهِيم بْن سعد، وأبي أَحْمَد الزبيري، وأبي داود الطيالسي، وأبي عامر العقدي، وحجاج الأعور، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وخلق. وعنه: م. د. فأكثر عَنْهُ مُسلْمِ، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وأبو يَعْلَى، وموسى بْن هارون، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، وآخرون. وقال ابن أبي حاتم: ثقة حافظ. وقال أَبُو دَاوُد: هُوَ خير من مائة مثل الرمادي. وقال صلح جَزَرَة: سمعته يَقُولُ: جَمَعت لي أميّ مائة رغيف، فجعلتها فِي جراب وانحدرتُ إلى شَبَابة بالمدائن، فأقمت ببابه مائة يوم. كلّ يوم أجيّء برغيف أُغمَّسُه في دجلة وآكله، فلما نفذ خرجت. وقال ابن قانع: مات فِي رجب سنة تسع وخمسين. 147- حَجّاج بْن يوسف بْن قتيبة1: أَبُو محمد الهَمَدانيّ الأزرق المؤدَّب. حدَّث بأصبهان عَنْ: النُّعْمان بْن عَبْد السّلَام، وأبي الحسن علي بن حمزة الكسائي، وبشر بن الحسين. وتفرد في الدنيا عنهم، وقيل: أَنَّهُ عاش مائة وعشرين سَنَة. رَوَى عَنْهُ: محمد بن يحيى بن منده، وأحمد بن محمد بن صبيح، ومحمد بن أحمد بن يزيد الزهري، ومحمد بن عمر الجورجيري، وغيرهم. يقع حديثه عاليا في" الثقفيات". توفي سنة ستين. أرخ موته وعمره أبو نعيم وقال: كَانَ فِي مكتبه أكثر من مائة صبي.   1 ذكر أخبار إصبهان "1/ 301". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 72 148- الْحَسَن بْن إبْرَاهِيم البياضي1: المجاور بمكة. عَنْ: هاشم بْن القاسم، والأسود بْن عامر، وجماعة. سَمِعْتُ منه وهو صدوق، قاله ابن أَبِي حاتم. 149- الْحَسَن بْن دَاوُد بْن مِهْران2. أَبُو بَكْر الْأَزْدِيّ البغداديّ المؤدّب. سَمِعَ: أَبَا بدر شجاع بن الوليد، وشبابة، وغيرهما. وعنه: محمد بن مخلدن وأبو الْعَبَّاس الأثرم. وكان صدوقًا. تُوُفّي قبل السّتّين ومائتين. قَالَ ابن أَبِي حاتم: صدوق، كتبتُ عَنْهُ. 150- الْحَسَن بْن سُميط3، بمهمَلَة مضمومة: أَبُو عَلِيّ الْبُخَارِيّ الحافظ. أحد الرّحّالة. عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْل، وعلي بْن شقيق، وسَلْم بْن إبْرَاهِيم، وقُبَيْصة، وآدم، وخلْق. وعنه: سهل بْن شاذُوَيْه، وسيف بْن حفص البخاريّان. 151- الْحَسَن بْن طازاد المَوْصِليّ4: كان نصرانيًّا فرأى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النّوم فأسلم، وحفظ القرآن والعلم. وأفتى بالموصل.   1 الجرح والتعديل "3/ 2"، تاريخ بغداد "7/ 281". 2 الجرح والتعديل "3/ 12، 13". 3 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 401" للذهبي. 4 أحد عباد وزهاد الموصل. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 73 أسَلمَ سنة ثمان عشرة ومائتين. وروى عَنْ: غسان ابن الربيع، وأَحْمَد بْن يونس، ومسدّد، وأبي جعْفَر النُّفَيْليّ. ورحل وحصَّل وتزهّد، وخرج من كلّ شيء بقي لَهُ، وبقي يأكُل مِنَ النَسْخ. وكان يقوم نصف اللّيل وينام نصفه. ثمّ فِي الآخر صار يحيى اللّيل كلّه وينام بالنّهار. وكان زاهدًا عابدًا كبير القدْر. تُوُفّي بعد الخمسين ومائتين. روى عَنْهُ ابنه محمد. 152- الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن منصور1: أَبُو علي الأنطاكي البالسي. عن: الهيثم بن جميل، ومحمد بن كثير الصَّنْعانيّ. وعنه: ابن خُزَيْمَة، ومكحول البيروتيّ، وأبو الْجَهْمُ المَشْغرانيّ، وآخرون. 153- الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو علي المستملي2. عَنْ: مكّيّ بْن إبْرَاهِيم، ويحيى بْن يحيى. واستملى عَلَى إِسْحَاق بْن راهَوَيْه. روى عَنْهُ: زَنْجَويْه، وغيره. وتوفي سنة خمسٍ وخمسين3، فِي خامس شعبان نَيْسابور. 154- الْحَسَن بْن عَبْد العزيز بن ضابيء بن مالك -خ- أبو علي الجذامي الجروي المصري4. نزيل بغداد.   1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 192" لابن بدران. 2 لم نقف عليه. 3 كذا بالأصل، ولعل المراد بالرقم المائتين. 4 الجرح والتعديل "3/ 24"، والسير "10/ 235". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 74 ولجدّهم عديّ بْن حمْرس صُحْبة. فمالك هُوَ ابن عامر بْن عديّ بْن حِمْرَس بْن ثغر بن نصر بن عدي بن القطع بْن جُرَيّ بْن عوف بْن أسود بْن تزّود بْن جشم بْن جذام. قَالَ الخطيب أبو بَكْر: هكذا ساقَ نسبَه محمد ولده. وقال الخطيب: قَالَ غيره: جذام اسمه عَمْرو بْن عديّ بْن الحارث بْن مُرَّة بْن أُدَد بْن زيد بْن يشجب بْن عَريب بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلانَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يشجب بْن يَعْرب بْن قَحْطان. قلت: سَمِعَ: أيّوب بْن سُوَيْد الرَّمْليّ، وبشر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ، وعبد اللَّه بْن يحيى البُرُلُّسيّ، ويحيى بْن حسّان التِّنِّيسيّ، وعَمْرو بْن أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسيّ، وأبا مُسْهِر، وغيرهم. وأجازَ لَهُ ضَمْرَةُ بْن ربيعة. وعنه: خ. وإبراهيم الحربيّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو العباس السراج، وابن صاعد، والقاضي المحاملي، وابن أبي حاتم، وحفيده جعفر بن محمد بن الحسن الجروي، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال الدّارَقُطْنيّ: فوق الثّقة، لم يُرَ مثله فضلَا وزُهدًا. وقال الخطيب: كَانَ من أهل الدَّين والفضل، مذكورا بالورع والثّقة، موصوفًا بالعبادة. وقال جعْفَر بْن محمد: سَمِعْتُ جدّي الْحَسَن بْن عَبْد العزيز يَقُولُ: من لم يردعْه القرآن والموتُ، ثمّ تَنَاطَحَت الجبال بين يديه لم يرتدع1. وقال أَبُو سعَيِد بْن يونس: حُمِل الْحَسَن من مصر إلى العراق بعد قَتْلِ أخيه عَلِيّ، فلم ينزل فِي العراق إلى أن تُوُفّي بها سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. وكانت لَهُ عُبَادة وفضل، وكان من أهل الثقة والورع قَالَ صالح بْن أَحْمَد، وغيره: حُمِل إلى الْحَسَن الْجَرَوِيّ ميراثه من مصر مائة ألف دينار، فحمل إلى أَحْمَد بْن حنبل ثلَاثة آلاف دينار منها، فقال: يا أَبَا عَبْد اللَّه هذه مِن ميراث حلَال. فلم يقبلها2   1، 2 السير "10/ 236". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 75 وقال بعض العلماء: الْجَرَوِيّة قرية بتنيس. قلت: يجوز أن تكون القرية نسبت إلى آبائه، ويجوز أنْ يكون هُوَ نُسِبَ إليها أيضًا. وقد ذكرنا فِي نسبة جُرَيّ بْن عوف. 155- الحسن بن عرفة بن يزيد -ت. ق- أبو علي العبدي، مولَاهُمُ البغداديّ1 المؤدب، مسنَد وقته. وُلِد سنة خمسين ومائة. وسمع: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وخَلَف بْن خليفة، وعبد اللَّه بن المبارك، والمبارك بن سعيد الثوري، وعمار بن محمد الثَّوْريّ، ومرحوم بْن عَبْد العزيز العطّار، وولده عيسى، ومروان بْن شجاع الْجَزَرِيّ، وهُشَيْم بْن بشير، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وجرير بْن عَبْد الحميد، وإِبْرَاهِيم بْن يحيى المدنيّ الفقيه، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ، وعباد بْن العوّام، وعباد بْن عباد، وعلي بْن ثابت الْجَزَرِيّ، وقران بْن تمّام الأَسَدِيّ، وأبا حفص الأبّار، وخلْقًا سواهم. وتفرد فِي الدُّنيا عَنْ جماعة منهم. وعنه: ت. ق. والنَّسائيّ فِي غير "السُّنَن" بواسطه، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصّمد الهاشميّ، وإسماعيل بْن الْعَبَّاس الوزان، والْحَسَن بْن أَحْمَد بْن الربيع الأنْماطيّ، وزكريّا خياط السنة، والْحُسَيْن بْن يحيى بْن عَيَّاش، والقاضي المَحَامِليّ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ومحمد بْن أَحْمَد الأثْرم، وعَلِيّ بْن الفضل السُّتُوريّ، ومحمد بْن مَخْلَد العطّار، وأُمَمٌ آخرهم وفاةً مِن الثقات الصّفّار. وبقي بعده من تُكلمِ فِيهِ مثل محمد بْن هميان الوكيل، تُوُفّي بعد الصّفّار بشهرين. والسُّتُوريّ المذكور تُوُفّي بعده بسنتين. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ لي يحيى بْن مَعِين: كتَبتَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخ المعلّم فِي "تِلْكَ" المربَّعة؟ قلت: نعم، أَهُوَ الْحَسَن بْن عرفة؟ قال: نعم، عن مبارك بْن سعيد، "وهو ثقة قَالَ عَبْد اللَّه: وكان يختلف إلى أَبِي"2. وقال عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الدَّوْرَقيّ: جاءنا يحيى بْن مَعِين إلى منزلنا فقال لي:   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 31"، والسير "10/ 26-28". 2 السير "10/ 27، 28". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 76 ذهب إلى هذا الشَّيْخ المعلّم الْحَسَن بْن عَرَفَة، ينزل حوض هَيْلَانة، عنده عَنْ مبارك بْن سعَيِد، لَيْسَ بِهِ بأس. وقال محمد بْن المُسَيَّب: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن عَرَفَة يَقُولُ: قد كُتُب عنّي خمسة قرون. قلت: كتبّ عَنْهُ ابن مَعِين، وغيره؛ ثمّ كتَب عَنْهُ "محمد" إِسْحَاق الصَّغانيّ وطبقته، ثمّ كَتب عَنْهُ صالح جَزَرَة وطبقته؛ ثمّ كَتب عَنْهُ ابن صاعد وطبقته؛ ثم كتب عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، وطبقته فهذه الخمسة قرون التي عَنى. أنبأني المسلَّمُ بْن علَان، وغيره، أَنَا الكنديّ، أَنَا القزّاز، أَنَا الخطيب أَبُو بكر: أجاز لي محمد بم مكّيّ المصريّ، وحدثني عَنْهُ نصر بْن إِبْرَاهِيم الفقيه: أنا أحمد بن عبد الله بن رُزَيْق، ثنا الْحَسَن بْن رشيق، ثنا أَحْمَد بْن محمد بْن حكيم الصَّدَفيّ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن عَرَفَة وَسُئِلَ كم تعدّ مِنَ السّنين؟ فقال: مائة سنة وعشر سِنين، لم يبلغ أحدٌ من أهل العلم هذا السّنّ غيري1. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم: عاش السن بْن عَرَفَة مائة وعشر سنين، وكان له عشرة أولاد سماهم بأسامي الصحابة العشر. وقال أبو الفتح الأزدي: حدثني مُوسَى بْن محمد الْأَزْدِيّ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن عَرَفَة يَقُولُ: حدثني وكيع بأحاديث، فلمّا أصبحت سَأَلْتُهُ عَنْها فقال: ألم أحدّثك بها أمس؟ قلتُ: بلى، ولكنّي شَككْت. قَالَ: لَا تشك فإن الشك من الشيطان. قال النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. تُوُفّي الْحَسَن بْن عَرَفَة سنة سبْعٍ وخمسين بسامرّاء، قاله أَبُو القاسم البَغَوِيّ. وقيل: مات فِي ذي الحجّة لأربعٍ بقين منه. وقيل: فِي سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 156- الْحَسَن بْن عطاء بْن يزيد الإصبهاني شاذويه2:   1 تقدم تخريجه. 2 ذكر أخبار إصبهان "1/ 256، 257". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 77 وقيِل: شاذان. شيعيّ معروف. عَنْ: أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وبكر بْن بكّار، وعامر بْن إِبْرَاهِيم. وعنه: محمد بن أحمد بن يزيد الزُّهْريّ، وأحمد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ. 157- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن حَرْب بْن محمد: أَبُو محمد الطّائيّ المَوْصِليّ1. عَنْ: يَعْلَى بْن عُبَيْد، وعُبَيْد اللَّه بن مُوسَى، وجماعة. روى عَنْهُ والده حديثًا واحدًا. وُلِد سنة خمس وتسعين ومائة. وكان بارًّا بأبيه فَفْجِعّ بِهِ، وعاش ستين سنة. وولي مَرَاغَة، فكان يحدثهم أوَّل النّهار وينظر فِي أمورهم فِي وسطه، ويقضي بينهم فِي آخره. تُوُفّي قبل الستين ومائتين. 158- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عيسى: أَبُو عَبْد الغنيّ البَلْقاويّ المُعَافَى2. روى عَنْ: عَبْد الرّزّاق. روى عَنْهُ: محمد بْن خريم، وسعيد بْن عَبْد العزيز الحلبيّ، وعمر بْن سعَيِد المَنْبِجيّ. لَيْسَ ثقة. رَوَى حَدِيثًا مَوْضُوعًا بِإِسْنَادِ الصَّحِيحَيْنِ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ غُفِرَ لِلْحَاجِّ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ منى غفر للحمالين"3.   1 الكامل "7/ 267" لابن الأثير. 2 أحد الكذابين الوضاعين. 3 حديث موضوع: أخرجه ابن عبد البر "1/ 127" في التمهيد، وابن الجوزي "2/ 215"، في الموضوعات، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "4/ 233"، لابن بدران. وانظر: الميزان "1896"، واللسان "2/ 981"، واللآلي المصنوعة "2/ 69". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 78 159- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الرِّضا بْن مُوسَى بْن جعْفَر الصّادق1: أَبُو محمد الهاشميّ الْحُسَيْنيّ أحد أئمّة الشَيعة الذين تدَّعى الشِّيعة عِصْمَتهم. ويقال لَهُ: الْحَسَن العسكريّ لكونه سكن سامرّاء، فإنها يقال لها: العسكر. وهو والد منتظَر الرّافضة. تُوُفّي إلى رضوان اللَّه بسامرّاء فِي ثامن ربيع الأول سنة ستّين، وله تسعٌ وعشرون سنة. ودُفِن إلى جانب والده. وأُمُّهُ أَمَةٌ. وأمّا ابنه محمد بْن الْحَسَن الَّذِي يدعوه الرّافضة القائم الخَلَف الحُجّة، فولد سنة ثمانٍ وخمسين، وقيل: سنة ستٍّ وخمسين. عاشَ بعد أَبِيهِ سنتين ثمّ عُدِم، ولم يُعلَم كيف مات. وأمُّهُ أمّ وُلِد. وهم يدَّعون بقاءه فِي السِّرْداب من أربعمائة وخمسين سنة، وأنّه صاحب الزّمان، وأنّه حيّ يعلم علم الأولين والآخرين، ويعترفون أن أحد لم يَرَه أبدًا، فنسأل اللَّه أنْ يثَبِّت علينا عقولنا وإيماننا. 160- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مِهْران المتوثيّ2: نزيل الرِّيّ. عَنِ: الْحَسَن بْن مُوسَى الأشْيَب، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وطائفة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سمعنا منه، وكان صدوقًا. 161- الحسن بن المبارك: أبو القاسم الأنماطي بن اليتيم3. بغداديّ مقرئ. قرأ عَلَى: عَمْرو بْن الصباح.   1 انظر: تاريخ بغداد "7/ 366"، ووفيات الأعيان "2/ 94، 95". 2 الجرح والتعديل "3/ 21". 3 تاريخ بغداد "7/ 430". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 79 قرأ عَلَيْهِ: أَحْمَد بْن سهل الأشْنانيّ، والْحَسَن بْن أَبِي الْجَهْم، ووُهيبْ المَرُّوذِيّ، وقاسم بْن داود البغداي، وغيرهم. 162- الْحَسَن بْن محمد بْن بكّار بْن بلَال العامليّ الدّمشقيّ1: سَمِعَ: أَبَاهُ، ومحمد بْن شُعَيب، وأبا مُسْهِر. وعنه: ابن جَوْصا، وابن ملَاس. وله تاريخ فِي معرفه الرجال. 163- الْحَسَن بن محمد بن الصباح2 -ع. سوى م- أبو علي الزعفراني. كَانَ يسكن درب الزَّعْفَرانيّ ببغداد فَنُسِبَ إِلَيْهِ: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، وابن عَلَيْهِ، وعُبّيْدة بْن حُمَيْد، وحجاج الأعور، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، ومحمد بْن أَبِي عَديّ، ويزيد بْن هارون، وخَلْق. وروى عَنِ الشّافعيّ كتابه القديم. وعنه: ع. سوى م.، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وزكريا الساجي، ومحمد بن إسحاق، وابن خزيمة، وأبو عوانة، ومحمد بن مخلد، و" القاضي المحاملي و" ابن الأعرابي، وطائفة. وقال ابن حبان: كان أحمد بن "حنبل" وأبو ثور يحضران عند الشافعي، وكان الحسن الزعفراني هو الذي يتولى القراءة. وقال زكريا الساجي: سَمِعْتُ الزَّعْفَرانيّ يَقُولُ: قدِم علينا الشّافعيّ واجتمعنا إِلَيْهِ فقال: التمسوا مَن يقرأ لكم. فلم يجترأ أحد يقرأ عَلَيْهِ غيرى. وكنتُ أَحْدَثُ القوم سِنًّا، ما كَانَ فِي وجهي شَعْرة؛ وإنيّ لَأتعجبُ اليوم من انطلَاق لساني بين يدي الشّافعيّ، وأتعجَّبُ من جَسَارتي يومئذ. فقرأت عَلَيْهِ الكُتُب كلَّها إلَا كتابين، فإنه قرأهما علينا: كتاب المناسك، وكتاب الصلاة3.   1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 155، 156". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 36"، والسير "10/ 191". 3 السير "10/ 192". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 80 وقال أحمد بن محمد بن الجراح: سَمِعْتُ الْحَسَن الزَّعْفَرانيّ يَقُولُ: لمّا قرأتُ كتاب" الرّسالة" عَلَى الشّافعيّ قَالَ لي: مِن أيّ العرب أنتَ؟ قلت: ما أَنَا بعربيّ، وما أَنَا إلَا من قريَة يقال لها الزعفرانية. قَالَ: فأنت سيّد هذه القرية. وكان الزَّعْفَرانيّ فصيحًا بليغًا. قَالَ عَلَى بْن محمد بْن عُمَر الفقيه بالرِّيّ: ثنا أَبُو عُمَر الزّاهد: سمعتُ أَبَا القاسم بْن بشّار الأنْماطيّ: سَمِعْتُ المُزَنيّ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: رَأَيْتُ ببغداد نَبَطيًّا يتنحّى علي كأنه عربي وأنا نبطي. فقبل لَهُ: مَن هُوَ؟ قَالَ: الزَّعْفَرانيّ. مات الزَّعْفَرانيّ فِي سلْخ شَعبان سنة ستين، وكان من كبار الفقهاء والمحدثين ببغداد. 164- الْحَسَن بْن مُدْرك -خ. ن. ق- أبو علي السدوسي1، مولَاهُمُ البصري الطّحّان. أحد الحفاظ المذكورين. سَمِعَ: يحيى بْن حَمّاد، وعبد العزيز الْأوَيْسيّ. وعنه: خ. ن. ق. وعمر بْن بُجَيْر، وابن صاعد. رماه أبو داود بالكذب. 165- الحسن بن منصور -خ- ويقال الحسين بن منصور. أبو علي البغدادي الشطوي الصوفي2. ويعرف بأبي علوية. عَنْ: أَيوب بْن النّجّار، وابن عُيَيْنَة، ووَكِيع، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، وحَجّاج الأعور، وجماعة. وعنه: خ.، وأحمد بن حمدون بن عمارة الحافظ، وابن صاعد، ويعقوب الجصاص، وأبو عبيد محمد بن أحمد بن المؤمل، ومحمد بن مخلد، وآخرون. وكان ثقة.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 38، 39"، والتهذيب "2/ 321، 322". 2 التهذيب "2/ 322". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 81 ولم يسمه الحسين إلا ابن مخلد العطار. 166- الحسن بن أبي يحيى الأصم1: أبو علي البصري, ثم الرملي الشامي. ويقال: الحسن بن يحيى بن السكن. سمع: أبا داود الطيالسي، ويزيد بن هارون، وعدة. وعنه: محمد بن أحمد بن شيبان الرملي شيخ ابن جميع، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: محلُّه الصِّدق. قلت: مات سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. 167- الْحُسَيْن بْن بيان الشُّلَاثائيّ البصْريّ2: عَنْ: سيف بْن محمد الثَّوْريّ. وعنه: أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر البصْريّ الحرابيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حمّاد الطّهْرانيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن فهد بْن حكيم السّاجيّ. مات سنة سبْعٍ وخمسين. 168- الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد الدّامغانيّ السّمنانيّ3 -د. ق- عَنْ: جعْفَر بْن عَوْن، وأبي أسامة، وعَتّاب بْن زياد المَرْوزِيّ: وعنه: د. ق. وأبو عَلِيّ أَحْمَد بْن محمد رزين الباشاني، وغيرهم. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأسّ بِهِ. 169- الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مِهْران الأصبهاني4: الحنّاط المكتِّب. عن: أبي داود الطيالسي، وبكر بن بكار. وحج وجاور.   1 الجرح والتعديل "3/ 44". 2 انظر: التهذيب "2/ 331، 332". 3 التهذيب "3/ 332". 4 الثقات "8/ 193"، لابن حبان. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 82 وقرأ القرآن على أبي عبد الحمن المقرئ. قَالَ أَبُو نُعَيْم الحافظ: تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. وكان صاحب غرائب. 170- الْحُسَيْن بْن سعَيِد المُخَرّميّ1: عَنْ: ابن عَلَيْهِ، وأبي بدر السَّكُونيّ. وعنه: السّرّاج، ومحمد بْن مَخْلَد. وهو أخو الْحَسَن. 171- الْحُسَيْن بْن السِّكَن البصْريّ2: حدَّث ببغداد عَنْ: عَبّاد بْن صُهَيْب، وعبد اللَّه بْن رحاء الغُدانيّ. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، ومُطَيَّن، ومحمد بْن مَخْلَد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. قَالَ أَبُو حاتم: شيخ. 172- الْحُسَيْن بْن سَيّار: أَبُو عَلِيّ البغداديّ3، نزيل حَرّان. عَنْ: إبراهيم بن سعْد، وعبد العزيز بن أبي حازم. وعنه: محمد بْن "المُسَيَّب" الْأرْغِيانيّ، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وجماعة. وكان ضعيفًا. ومات سنة إحدى وخمسين ومائتين. 173- الحسين بن عبد الرحمن -د. ن. ق- أبو علي الجرجرائي4:   1 الجرح والتعديل "3/ 16". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 54"، وتاريخ بغداد "8/ 50". 3 تاريخ بغداد "8/ 49". 4 التهذيب "2/ 342". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 83 عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، ووَكِيع، وطَلْق بْن غنّام. وعنه: د. ن. ق.، وجعفر الفِرْيابيّ، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، وأبو العباس السراج، وآخرون. وكان ثقة. توفي سنة ثلاث وخمسين. 174- الحسين بن عبد الله بن محمد الواسطي1: إمام مسجد العوام بن حوشب. روى عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْلٍ، وعبد الرّزّاق. قال ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ منه مَعَ أَبِي، وكان صدوقًا. 175- الْحُسَيْن بْن عَبْد السّلَام المصريّ2: الشّاعر الملقّب: بالجمل. لَهُ شعرٌ بديع. وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين وله تسعون سنة. وكان وَسِخًا زَرِيًّا. 176- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن الأسود العِجْليّ الكوفيّ3 -د. ت- نزيل بغداد، أبو عبد الله: عَنْ: وَكِيع، وحسين الْجُعْفيّ، ويحيى بْن آدم، وابن فُضَيْل، وأبي أسامة. وعنه: د. ت. وحاجب بن أركين، وعمر بْن بُجَيْر، والقاضي المَحَامِليّ، وطائفة كبيرة. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وذكره ابن حِبّان في" الثقات" وقال: ربما أخطأ.   1 الجرح والتعديل "3/ 58". 2 من شعراء مصر، انظر: "حسن المحاضرة" للسيوطي. 3 الجرح والتعديل "3/ 56"، والتهذيب "2/ 343". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 84 وأما ابن عديّ فقال: يسرق الحديث، وأحاديثه لَا يُتابَع عليها. وقال أَبُو الفتح الْأَزْدِيّ: ضعيف جدًّا. قلت: تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. 177- الْحُسَيْن بْن محمد بْن شَنَبة الواسطي البزاز1 -ق. - عَنْ: يزيد بْن هارون، والعلَاء بْن عَبْد الجبّار المكّيّ، وجعفر بْن عَوْن، وأبي أَحْمَد الزُّبَيْريّ: وعنه: ق.، وأسلم بْن سَهل الواسطيّ، ومطين، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبوه وقال: صدوق. 178- الحسين بن أبي زيد: أبو علي الدباغ2. حدَّث ببغداد عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: الباغندي، وأبو العباس السراج، والقاضي المحاملي، وأخوه أبو عبيد القاسم، وآخرون. توفي سنة: أربع وخمسين. أصله من الصغد، واسم أبيه منصور. لا أعلم به بأسًا. 179- حفص بن عمر بن ربال بن إبراهيم بن عجلان -ق- أبو عمر الرقاشي الربالي البصري3. عَنْ: عَبْد الوهّاب الثَّقفيّ، ويحيى القطّان، ومحمد بْن أَبِي عديّ، وجماعة. وعنه: ق.، ويحيى بْن صاعد، وابن مَخْلَد، والمحاملي، وابن عياش القطان، وطائفة. قال الدارقطني: ثقة مأمون. قلت: توفي سنة ثمان وخمسين ببغداد.   1 الجرح والتعديل "3/ 65، 66"، والتهذيب "2/ 369". 2 تاريخ بغداد "8/ 110، 111". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 185"، والتهذيب "2/ 414". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 85 180- حمدان بن سهل: الحافظ أبي بكر البلخي1. سمع: مكي بن إبراهيم، وأبا عبيد القاسم، وعدة. وعنه: أبو بكر محمد بن عمر بن الفضل الترمذي، وأبو علي البلخي الحافظ. أورده أبو الفضل السليماني. 181- حمدان بن عمر -خ- أبو جعفر البغدادي السمسار2: سَمِعَ: رَوْح بْن عُبَادة، وأبا النَّضْر، وجماعة. وعنه: خ.، وابن صاعد، والمحاملي، ومحمد بن مخلد، وآخرون. وقيل: اسمه أحمد، ولقبه حمدان. توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين. 182- حمزة بن العباس: أبو علي المروزي3. حج، وحدَّث ببغداد عَنْ: عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، وعَبْدان عَبْد اللَّه بْن عثمان. وعنه: ابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ستين. 183- حمزة بْن عَوْن: أَبُو يَعْلَى المسعوديّ الكوفي4.   1 الثقات لابن حبان "8/ 220". 2 التهذيب "1/ 63". 3 تاريخ بغداد "8/ 179، 180". 4 الثقات لابن حبان "8/ 210". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 86 سَمِعَ: يحيى بْن آدم، ومحمد بْن القاسم الأَسَدِيّ، وطبقتهما. وعنه: عَبْد اللَّه بْن زيدان البَجَليّ، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بن المسيب الأرغياني. لم يذكره بن أَبِي حاتم. كنّاه الحاكم. 184- حمزة بن نصير -د- أبو عبد الله المصري العسال1: عَنْ: يحيى بْن حسّان التِّنِّيسيّ، وسعيد بْن أَبِي مريم. وعنه: د.، وعلي بْن أَحْمَد بْن الصَّيْقَل، ومحمد بْن أَحْمَد بْن راشد بْن مَعْدان الأصبهاني. وكان صدوقا. توفي سنة خمس وخمسين. 185- حميد بن الربيع بن مالك: أبو الحسن اللخمي الكوفي الخزاز2. قدم بغداد، وحدَّث عَنْ: هُشَيْم، وأبي خَالِد الأحمر، وحفص بْن عَيَّاش، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن إدريس، ونحوهم. وعنه: الباغَنْديّ، والقاضي المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، ويوسف بْن يعقوب الأزرق، وأبو الْعَبَّاس محمد الأثْرم، وطائفة سواهم. قَالَ محمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبة: قَالَ أَبِي: أَنَا أعلم بحميد بْن الربيع، هُوَ ثقة ولكنّه شرِه يُدلّس. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: كَانَ أَبِي يُحسن القول فِي حُمَيْد الخزّاز. وقال الدّارَقُطْنيّ: تكلّموا فِيهِ. وقال البَرْقانيّ: رأيتُ عامّة شيوخنا يقولون: ذاهب الحديث.   1 التهذيب "3/ 34، 35". 2 تاريخ بغداد "8/ 162-165". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 87 قلت: كَانَ واسع الرّواية إخبارّيًا. تُوُفّي سنة ثمان وخمسين. 186- حميد بن زنجويه -د. ن-: الحافظ أبو أحمد الأزدي النسائي1. واسم زَنْجَوَيْه: مَخْلَد بْن قُتَيْبة. سَمِعَ: النَّضْر بْن شُمَيْل، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ، ويزيد بْن هارون، وجعْفَر بْن عَوْن، ووَهْبُ بْن جرير، وطبقتهم. وعنه: د. ن.، وإِبْرَاهِيم الحربيّ، وابن صاعد، ومحمد بن خريم المري، وعبد الله بن عتاب الزفتي، وأبو العباس السراج، ومحمد بن جرير، والقاضي المحاملي، ومحمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني، وآخرون. وكان ثقة ثبتا إماما كبير القدر. قال النسائي: ثقة. وقال أبو حاتم بن حبان: هو الذي أظهر السنة بنسا. ثم قَالَ: مات سنة سبْع وأربعين ومائتين. قَالَ أَبُو عُبَيْد: ما قدِم علَينا خُراسانَ مثل ابن زَنْجَوَيْه وأحمد بْن شَبَوَيْه. قلت: سافر فِي آخر عمره إلى مصر، ثمّ خرج منها فِي سنة إحدى وخمسين فأدركه أجَلُه، رحمه اللَّه. 187- حم بْن نوح بْن محمد: أَبُو محمد الْأَنْصَارِيّ البلْخيّ2. عَنْ: أَبِي مُعَاذ خَالِد بْن سُلَيْمَان، وعمر بْن هارون البِلْخيَّينْ، وجماعة. وعنه: عَبْدان الأهْوازيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وجماعة. توفي سنة ستين ومائتين.   1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 223"، التهذيب "3/ 48، 49". 2 الجرح والتعديل "3/ 319". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 88 188- حُنين بْن إِسْحَاق: أَبُو زيد العِباديّ النَّصْرانيّ الشَّقِيّ1. شيخ الطب بالعراق فِي زمانه. كَانَ بصيرًا باللغة اليونانية فعرّب كُتُبًا عديدة فِي الطبيعيّ والرياضيّ. وكان المأمون ذا غرام بتعريبها ومعرفتها. ولُحنْين مصنَّفات مشهورة فِي الطبّ والمسائل وغيرها. وكان ذا ثروة ورَفاهية وتنعُّم. وله أموال وغلمان. طبَّ غيرَ واحدٍ مِنَ الخلفاء، وانقلع فِي سنة ستّين ومائتين. 189- حَوْثرة بْن محمد المنقري -ق- أبو الأزهر البصري الورّاق2: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وأبي أُسامة، وطائفة. وعنه: ق.، وابن خُزَيْمَة، وأبو عروبة الحراني، وأبو محمد بن صاعد، وآخرون. وكان صدوقًا. توفي سنة ستين وخمسين. 190- حيدرة بن إبراهيم: أبو عمرو البغدادي3. عن: أسباط بن محمد، وابن نمير، وأبي أسامة. وعنه: موسى بن هارون، وعثمان بن جعفر اللبان، والقاضي المحاملي، وابن صاعد. قال الدارقطني: ثقة.   1 انظر: وفيات الأعيان "2/ 217، 218"، السير "10/ 337". 2 الجرح والتعديل "3/ 283"، والتهذيب "3/ 65". 3 تاريخ بغداد "8/ 272، 273". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 89 "حرف الخاء": 191- خشيش بن أصرم -د ن- أبو عاصم النسائي الحافظ1، مصنَّف كتاب "الَاستقامة" فِي الرّدّ عَلَى أهل البِدَع: سَمِعَ: عَبْد الرّزّاق، وعبد اللَّه بْن بَكْر السَّهْميّ، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: د. ن. وأبو بكر بن أبي داود، وأحمد بن عبد الوارث العسّال، وعَلِيّ بْن أحمد علَان، ومحمد بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الهَرَويّ، وجماعة. وثقَّه النَّسائيّ. وله رحلة إلى مصر، والشّام، والعراق، واليمن. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثلَاثٍ وخمسين بمصر. "حرف الدال": 192- داود بن سليمان -ن. ق- أبو سهل العسكري، بنان2: سَمِعَ: أَبَا معاوية، والْحُسَيْن الْجُعْفيّ، ومحمد بن أبي خداش الموصلي، وجماعة. وعنه: ن. ق. وأبو حاتم، وابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق؛ ومحمد بْن جعْفَر الخرائطيّ، وآخرون. توفي بسامراء. 193- داود بن عبد الغفار بن داود بن مهران الحراني3: ولد بمصر، وروى عَنْ: الفِرْيابيّ، وبِشْر بْن بكر التنيسي، وأيّوب بْن سويد، وطبقتهم. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عمر التّميميّ شيخ لَابن يونس. مات فِي ربيع الأول سنة أربع وخمسين.   1 انظر: السير "12/ 250"، والتهذيب "3/ 142". 2 الجرح والتعديل "3/ 414"، والتهذيب "3/ 186". 3 ينظر: "تاريخ علماء مصر" لابن يونس. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 90 194- دَاوُد بْن قاسم بْن إِسْحَاق بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَبُو هاشم الْجَعْفَريّ الهاشميّ1. قَالَ المسعوديّ: كَانَ بينه وبين جعفر ثلاثة آباء؛ ولم يكن يعرف في ذَلِكَ الوقت، يعني: سنة خمسين ومائتين، أقعد نسبًا في الهاشميين منه. وكان ذا زهد ونسك وعلم، صحيح العقل، سليم الحواسّ، منتصب القامة. وخبَرُهُ ببغداد مشهور. دخلَ عَلَى محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر فعنَّفه عَلَى قتْل يحيى بْن عُمَر العَلَويّ. 195- دَاوُد بْن يحيى الصُّوفيّ الإفريقيّ2: عَنْ: عَبْد الملك بْن أَبِي كريمة، وعبد اللَّه بْن عُمَر بْن غانم. قَالَ ابن يونس: لَيْسَ بشيء. أحاديثه موضوعة. مات سنة إحدى وخمسين. "حرف الراء": 196- الربيع بْن سُلَيْمَان الجيزي -د. ن- أبو محمد الأزدي، مولَاهُمُ الأعرج3: سَمِعَ: ابن وَهْبُ، والشّافعيّ، وإِسْحَاق بْن بَكْر، وعَبْد اللَّه بْن يوسف. وعنه: د. ن.، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو جعْفَر الطَّحاويّ، وجماعة. وكان حَسَن الحديث صدوقًا. تُوُفّي فِي ذي الحجّة سنة ستٍّ وخمسين ومائتين، قبل الربيع المُراديّ بأربع عشرة سنة. 197- رجاء بْن الجارود: أَبُو المنذر البغدادي الزيات4.   1 تاريخ الطبري "9/ 370، 371". 2 أحد الكذابين الوضاعين. 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 464"، السير "12/ 591". 4 الجرح والتعديل "3/ 54". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 91 سَمِعَ: جعْفَر بْن عَوْن، والواقديّ، وغيرهما. وعنه: المَحَامِليّ، ومحمد بن مَخْلَد، وابن أَبِي حاتم. تُوُفّي سنة ستّين ومائتين. 198- رجاء بْن سهل: أَبُو نصر الصاغاني1. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَلَيْهِ، وأبي قَطَن عَمْرو بْن الهَيْثَم، وحمّاد بْن خَالِد الخيّاط. وعنه: أَبُو عُبَيْد بْن المؤمل، والمَحَامِليّ، وابن مَخْلَد. وثقَّه الخطيب. 199- رجاء بْن صُهَيْب: أَبُو غسّان الأصبهاني الْجَرْوانيّ2. ذكره أَبُو الشَّيْخ فقال: يقال إنّه لم يكن بأصبهان أفضل منه. وإنّه كَانَ مُجاب الدَّعوة. يروي عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وسعيد بْن عامر، وبكر بْن بكّار. وعنه: محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وعَبْد اللَّه بْن مَنْدَه، ومحمد بْن جعْفَر الأشعريّ. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين ومائتين. 200- رجاء بْن عَبْد الرحيم: أَبُو المضاء الْقُرَشِيّ الهَرَويّ3. عَنْ: أَبِي نُعَيْم، وأبي مُسْهِر، وسعيد بْن أَبِي مريم، وطبقتهم. حدَّث بَنْيسابور، وكان من علماء الحديث.   1 تاريخ بغداد "8/ 411، 412". 2 انظر: طبقات المحدثين "2/ 273، 274". 3 أحد العلماء المستورين، ولا بأس به. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 92 روى عَنْه: إِبْرَاهِيم بْن محمد بن سُفْيَان، وزكريّا بْن دَاوُد الخفّاف، ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن فارس، ومحمد بْن عَلَى المذكِّر، وآخرون. 201- رجاء بن عيسى الْجَوْهريّ الكوفيّ1: أبو المستنير. أحد القرّاء الكبار. قرأ عَلِيّ: تُرْك الحذّاء، ويحيى الجزّار، وعَبْد الرَّحْمَن بْن قَلُوقا. وقرأ عَلَيْهِ: سُلَيْمَان بْن يحيى الضَّبِّيّ وهو أجلّ أصحابة. 202- رزق اللَّه بن موسى -ن. ق- أبو بكر الناجي، ويقال: أبو الفضل الإسكافيّ الكلْوَذانيّ2: عَنْ: يحيى بْن سعَيِد القطّان، وابن مَهْديّ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وشَبَابة، وجماعة. وعنه: ن. ق. وعبد اللَّه بْن ناجية، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، والمحاملي، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفّي فِي ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائتين. 203- رشدين بن عبد العزيز المخزومي3: مولاهم. شيخ معمر مصري. توفي سنة تسع وخمسين في ذي القعدة. قال الطحاوي: سمعته يَقُولُ: حضرت مَعَ أَبِي جنازة اللَّيْث بْن سعد فقام منصور بْن عمّار فقصَّ فِي جنازته. 204- رَوْح بن عبد الرحمن البوشنجي4: نزيل بغداد.   1 غاية النهاية "1/ 273". 2 الميزان "2/ 48"، والتهذيب "3/ 272". 3 ينظر في "حسن المحاضرة" للسيوطي. 4 تاريخ بغداد "8/ 407، 408". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 93 سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، ومعاذ بْن هشام، وعبد الصّمد بْن عَبْد الوارث. وعنه: مُوسَى بْن هارون وقال: ثقة؛ ومحمد بْن خَلَف وَكِيع، ومحمد بْن مَخْلَد. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 205- روح بن الفرج -ق- أبو الحسن البزاز1: عَنْ: مولَاه محمد بْن سابق، وقُبَيْصة بْن عُقْبة، وشَبَابة، وكثير بْن هشام، وجماعة. وعنه: ق.، ويحيى بْن صاعد، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، وأبو عبيد بن المؤمل، ومحمد بن مخلد، والمحاملي، وجماعة. توفي في رجب سنة ثمان أيضا. "حرف الزاي": 206- زاهر بن خالد السمرقندي2: أبو الأزهر الوراق. شيخ موثق. يروي عن: محمد بن عبد الله الأنصاري، وغيره. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. 207- الزُّبَيْر بْن بكّار بْن عَبْد الله بْن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بن العوام -ق- قاضي مَكَّةَ أبو عبد الله الأَسَدِيّ الزُّبَيْريّ المدنيّ3: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي ضَمْرَةَ، والنَّضْر بْن شُمَيْل، وذؤيْب بْن عِمامة، وعبد اللَّه بْن نافع الصّائغ، وعبد المجيد بْن أَبِي رَوّاد، وعَلِيّ بْن محمد المدائنيّ، ومحمد بْن الْحُسَن بْن رَبَالة، ومحمد بْن الضحاك الحزامي، وعمه مصعب الزبيري، وخلق.   1 التهذيب "3/ 296". 2 الثقات لابن حبان "8/ 259". 3 انظر: تاريخ بغداد "8/ 467-471"، السير "10/ 221". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 94 وعنه: ق. وأبو حاتم، وابن أَبِي الدُّنيا، وعبد اللَّه بْن شبيب، وحَرَميّ بْن أَبِي العلَاء وهو أبو عبد الله أَحْمَد بْن محمد المكي، وإسماعيل بْن الْعَبَّاس الورّاق، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بْن أَبِي الأزهر، ويوسف بْن يعقوب الأزرق، وخلْق. قَالَ ابن أَبِي حاتم: رَأَيْته ولم أكتب عنه. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. وعن السّرِيّ بْن يحيى التّميميّ قَالَ: لقي الزُّبَيْر بْن بكّار إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم المَوْصِليّ، فقال لَهُ إِسْحَاق: يا أبا عَبْد اللَّه، عملت كتابًا سميته" كتاب النَّسب"، وهو كتاب الأخبار!. قَالَ: وأنت يا أبا محمد عملت كتاب سميّته كتاب" الأغاني" وهو كتاب المغاني. قَالَ الْحُسَيْن بْن القاسم الكوكبي: لمّا قدِم الزُّبَيْر بغداد قَالَ أَبُو حامد المستملي عَلَيْهِ: " من" ذكرت يا ابْنِ حَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. قَالَ: فأعجبه1. وقال محمد بن عبد الملك التاريخي: أنشدني ابن طاهر لنفسه فِي الزُّبَيْر بْن بكّار: ما قَالَ لَا إلَا فِي تَشَهُّده ... ولا جري لفْظُه إلَا عَلَى نعم بين الحواريّ والصِّديق نسْبَتُهُ ... وقد جري ورسول اللَّه فِي رَحِم وقال الكوكبيّ: ثنا محمد بْن مُوسَى المارِسْتانيّ: ثنا الزُّبَيْر بْن بكّار قَالَ: قَالَتِ ابْنة أختي لأهلنا: خالي خيْر رجل لأهله، لَا يتخذ ضرة ولا سَرِيَّةً قَالَ: تَقُولُ المرأة: والله هذه الكُتُب أشدّ عَلَى مِن ثلَاث ضرائر. وقال محمد بن إسحاق الصيرفي: سَأَلت الزبير: منذ كم زوجتُك معك؟ قَالَ: لَا تسألني، لَيْسَ يَرِدُ القيامة أكثر كباشًا منها، ضحيّت عنها بسبعين كَبْشًا. وقال الخطيب: كَانَ الزُّبَيْر ثقة ثَبْتًا، عالمًا بالنّسب وأخبار المتقدمين. له مصنف في"نسب قريش".   1 السير "10/ 222". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 95 قلت: وقع هذا الكتاب عاليًا لَابْن طَبَرْزَد. وقال أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الطُّوسيّ صاحب الزُّبَيْر: تُوُفّي لتسع بقين من ذي القِعْدة سنة ست وخمسين، وقد بلغ أربع وثمانين سنة، بمكة. وصلّى عَلَيْهِ ابنه مُصْعَب. وكان سبب وفاته أنّه وقع من فوق سطْحه، فمكث يومين لَا يتكلّم، ومات. وتُوُفّي بعد فراغنا من قراءة كتاب" النَّسب" عَلَيْهِ بثلَاثة أيّام1. قَالَ السُّلَيْماني: مُنْكَر الحديث. - الزُّبَيْر بن جعْفَر. هُوَ المعتزّ بالله. سيأتي. 208- زكريّا بْن يحيى بْن الحارث بْن ميمون البصْريّ2: عُرف بشرِيك السّرِيّ. عَنْ: مُعَاذ بْن هشام، ووَهْبُ بْن جرير. وعنه: ابن صاعد، وابن مَخْلَد. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ستّين. وعند التّاج الكنديّ جزء عالٍ من حديثه معروف. 209- زكريّا بْن يحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة3: يروي عَنْ: أَبِيهِ، وغيره. وثقَّه مُطَيَّن وقال: تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. 210- زكريّا بْن يحيى بن عمر -خ- أبو السكين الطائي الكوفي4:   1 السير "10/ 223". 2 تاريخ جرجان "ص/ 310". 3 الجرح والتعديل "3/ 601". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 595"، والتهذيب "3/ 337، 338". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 96 حدَّث ببغداد عن: أبي بكر بن عياش، وعبد الرَّحْمَن المحاربيّ، وابن نمير، وأبي أسامة، والهيثم بن عدي، وغيرهم. وعنه: خ.، وابن أبي الدنيا، وعبدان الأهوازي، وأحمد بن عمر البزاز، وأبو عبيد على بن حربويه، وابن صاعد، وآخرون. وهو من أولاد أوس بن حارثة بن لام الطائي. وثقة الخطيب وغيره. ومات سنة إحدى وخمسين. 211- زكريا بن يحيى المصري العبدري: أبو يحيى المعروف بالوقار1. يروي عَنْ: ابن القاسم، وابن عُيَيْنَة، وابن وهب، وسعيد الآدم. وعنه: أبو حاتم الرازي، ومحمد بن معافى البيروتي، ومحمد بن إسماعيل المهدي، والحسن بن سفيان، والحسن بن علي بن قديد، وطائفة. وكان من كبار الفقهاء المالكية وصلحائهم. نزح عَنْ مصر أيّام محنه القرآن واستوطن بطرابلس الغرب. وليس هُوَ بالقويّ فِي الحديث. ضعّفه أَبُو سعَيِد بْن يونس وقال: تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة سنة أربعٍ وخمسين. وقال أَبُو عُمَر الكنديّ: كَانَ فقيهًا وكان صاحب عجائب، لم يُحمد. وقال ابن عَديّ: كَانَ يضع الحديث. وقال صالح جَزَرَة: ثنا أبو يحيى الوقار وكان مِنَ الكذابين الكبار. وقال ابن يونس: كان فقيهًا صاحب حلقة. عاش ثمانين سنة. 212- زكريّا بْن يحيى: الزّاهد الكبير أَبُو يحيى الكرديّ الهَرَويّ2.   1 الجرح والتعديل "3/ 606"، والميزان "2/ 77، 78". 2 أحد الزهاد العباد من أهل هراة. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 97 من كبار مشايخهم ووَرعِيهم. ذكره السُّلَميّ فِي "تاريخ الصُّوفيّة" فقال: إنّه مُجاب الدَّعْوة وأنّ الملَائكة تسلّم عَلَيْهِ. وقال: أَحْمَد بْن محمد بْن ياسين: سَمِعْتُ أَبَا سعَيِد العابد يَقُولُ: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل يرفع من محلّ أَبِي يحيى الكُرْديّ ويقول هُوَ مِن الأبدال. قَالَ ابن ياسين: مات فِي رَجَب، وكان فقيهًا مُفْتيًا حافظًا للحديث. 213- زكريّا بْن يحيى بْن أيّوب1. أبو علي المدائنيّ المكفوف: عَنْ: زياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ، وشَبَابة بْن سوار. وعنه: محمد بْن غالب تَمْتَام، وابن صاعد، والقاضي المَحَامِليّ، وآخرون. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. محلّه الصِّدق. 214- زكريّا بْن يحيى بْن زكريّا2: عن: يحيى بْن سعَيِد القطّان، وأبي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وغيرهما. وعنه: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بُجَيْر القاضي، والقاضي المَحَامِليّ. وثقَّه الخطيب. 215- زكريّا بْن يحيى بْن خلَاد: أَبُو يَعْلَى المِنْقَريّ السّاجيّ البصْريّ3 حدَّث ببغداد عَنْ: الأصمعيّ، والحكم بْن مروان الضرير. وهو مكثر عَنِ الأصمعي. وعنه: عُبَيْد اللَّه السُّكّريّ، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بن مخلد، وغيرهم.   1 انظر: تاريخ بغداد "8/ 457، 458". 2 تاريخ بغداد "8/ 458، 459". 3 تاريخ بغداد "8/ 459، 460". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 98 216- زكريّا بْن يحيى بْن أسد المَرْوزِيّ1: صاحب ابن عُيَيْنَة. يأتي سنة سبعين. وقد مرَّ. - زكريّا بْن يحيى كاتب العمريّ. شيخ مُسلْمِ. - وزكريّا بْن يحيى البلْخيّ اللُّؤْلُؤيّ الحافظ. وسيأتي أيضًا. - زكريّا بْن يحيى السّجْزيّ، شيخ النَّسائيّ. 217- زياد بن أيوب - خ. د. ت. ن. - أبو هاشم الطوسي، ثم البغدادي، الحافظ، دَلُّوَيْه2: ويقال لَهُ أيضًا: شُعْبَة الصغير لإتقانه ومعرفته. سَمِعَ: هُشَيْمًا، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وعبد اللَّه بْن إدريس، وابن عَلَيْهِ، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ، وعباد بْن العوام، وعلي بْن غراب، ومروان بْن شجاع الْجَزَرِيّ، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وخلْقًا. وعنه: خ. د. ت. ن. وأَحْمَد بْن أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البغوي، وأبوه، وأحمد بن علي الجوزجاني، وأبو بكر بن أبي داود، وعمر بن بجير، وابن خزيمة، وابن صاعد، ومحمد بن المسيب، والمحاملي. ومن القدماء أحمد بن حنبل. قال أبو إسحاق الأصبهاني، وهو إن شاء الله بن أورمة: ليسعلى بسيط الأرض أحد أوثق من زياد بن أيوب. وقال أبو حاتم: صدوق. قال الإمام أحمد: اكتبوا عنه، فإنه شعبة الصغير.   1 تأت الترجمة له. 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 525"، والتهذيب "3/ 355". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 99 وقال السراج: سمعته يَقُولُ: مولدي سنة ستٍّ وستّين ومائة. وطلبتُ الحديث سنة إحدى وثمانين. قلت: مات فِي ربيع الأوّل سنة اثنتين وخمسين ومائتين. وبين سِبْط السِّلَفيّ وبينه أربعة أنفس. وقد عاش بعده أربعمائة سنة، وهذا نهاية العُلُوِّ. 218- زُهَير بْن محمد بن قمير بن شعبة -ق- أَبُو محمد المَرْوزِيّ1، ويقال: أَبُو عَبْد الرَّحْمَن نزيل بغداد، وأحد الثقات العُبَّاد: سَمِعَ: أَبَا النَّضْر، ورَوْح بْن عُبَادة، وعبد الرّزّاق، وسُنَيْد بْن دَاوُد، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وخلْقًا. وعنه: ق.، وأحمد بن عمرو البزاز، وعمر بن بجير، وابن صاعد، والمحاملي، والحسين بن يحيى بن عياش القطان، وآخرون. قال محمد بن إسحاق السراج: ثقة مأمون. وقال الخطيب: كان ثقة، صادقا ورعا زاهدا. انتقل في آخر عمرة من بغداد إلى طرسوس فرابط بها إلى أن مات2. وقال أَبُو القاسم البَغَوِيّ: ما رَأَيْت بعد أَحْمَد بْن حنبل أفضل من زُهَير بْن قُمَيْر. سمعته يَقُولُ: أشتهي لحمًا من أربعين سنة ولا أكله حتى أدخل الرّوم. فأكله من مغانم الرُّوم. قَالَ: وحدثني ولده محمد بْن زُهَير قَالَ: كَانَ أَبِي يجمعنا فِي وقت ختْمه القرآن فِي شهر رمضان فِي كلّ يومٍ وليلة ثلاث مرات، تسعين ختْمة فِي شهر رمضان فِي كل يوم وليلة3. مات في سنة ثمان وخمسين. وقيل: مات في آخر سنة سبع وخمسين ومائتين.   1 الجرح والتعديل "3/ 591، 592". 2 السير "10/ 252". 3 السابق. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 100 219- زياد بْن يحيى بْن زياد بْن حسّان -ع-: أَبُو الخطّاب الحسّانيّ النُّكْريّ العَدنيُّ، ثمّ البصْريّ1. عَنْ: مُعْتمر بْن سُلَيْمَان، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، ومحمد بْن سَواء، ونوح بْن قيس، وحاتم بْن وردان، وجماعة. وعنه: السِّتّة، وابن أَبِي عاصم، وزكريّا السّاجيّ، وأبو عَرُوبة، وابن جرير، وابن خُزَيْمَة، وخلْق آخرهم أَبُو رَوْق الهِزّانيّ. وثقَّه جماعة. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. 220- زيد بن أخزم -ع سوى م- أبو طالب الطائي البصري الحافظ2: سَمِعَ: يحيى بْن سعَيِد القطان، ومُعَاذ بْن هشام، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وطبقتهم. وعنه: ع سوى مُسلْمِ، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، والمَحَامِليّ وخلْق. وثقَّه النَّسائيّ. وذبحته الزَّنْج لمّا هجموا البصرة، وقتلوا أهلها سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين، رحمه اللَّه3. 221- زيد بْن خَرَشَة بْن زيد: أَبُو الْحَسَن الذُّهْليّ الأصبهاني4، الفقيه الَّذِي تولّى مناظرة أَبِي الوليد الكِنانيّ فِي مجلس عَبْد العزيز بْن دُلَف. سَمِعَ: مُسلْمِ بْن إِبْرَاهِيم، والقَعْنَبيّ، والحميدي، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "3/ 549"، والتهذيب "3/ 388". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 556، 557"، التهذيب "3/ 393". 3 تاريخ بغداد "8/ 447". 4 ذكر أخبار إصبهان "1/ 320". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 101 وعنه: أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ، وأبو بَكْر الجاروديّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن سالم الأصبهانيون. "حرف السين": 222- سختويه بْن مازيار1: أَبُو عَلِيّ النَّيسابوري. كَانَ مَجُوسيًا فأسلم عَلِيّ يد المأمون وهو شاب. وسمع الكثير، وعني بالعلم، وحجّ، وسمع بالحجاز، والعراق، وخُراسان. حدَّث عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْل، ووَكِيع، ومالك بْن سُعَيْر، وجعْفَر بْن عَوْن، ومسلم بْن قُتَيْبة، وعبد المجيد بْن أَبِي رَوّاد، وطائفة. وعنه: إمام الأئمة ابن خزيمة، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، وأبو حامد بْن بلَال، وآخرون. ذكره أبو عبد الله الحاكم فقال: مُحَدَّث، كبيرٌ سنُّه، مفيد، صدوق. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. وله غرائب. 223- السّرِيّ بْن عاصم: أَبُو شهاب الهَمَدانيّ الكوفيّ2. أحد الضعفاء. سَمِعَ: عيسى بْن يونس، وحفص بْن غِياث. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن خِراش وقال: كذّاب؛ والقاضي المَحَامِليّ. توفي سنة ثمان وخمسين. 224- السري بن المغلس. أبو الحسن السقطي البغدادي الزاهد3.   1 الثقات لابن حبان "8/ 307". 2 انظر: تاريخ بغداد "9/ 192"، الميزان "2/ 117". 3 الحلية "10/ 116-128"، السير "10/ 142". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 102 علم الأولياء في زمانه. صحب معروفا الكرخي. وحدث عَنْ: الفُضَيْل بْن عَياض، وهُشَيْم، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش، وعلي بْن غراب، ويزيد بْن هارون. وعنه: أَبُو الْعَبَّاس بْن مسروق، والْجُنَيْد بْن محمد، وأبو الْحَسَن النُّوريّ، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه المُخَرّميّ. قَالَ عَبْد اللَّه بن شاكر عَنْ سَرِيّ السَّقَطيّ قَالَ: صلَّيت وِرْدي ليلةً ومددتُ رِجْلي فِي المحراب، فنوديتُ: يا سَرِيّ كذا تُجالس الملوك. فضَممتُ رِجْلي ثم قلتُ: وعزَّتك لَا مددتها. وقال أَبُو بَكْر الحربيّ: سَمِعْتُ السّرِيّ يَقُولُ: حمدتُ اللَّه مرّةً، فأنا أستغفر اللَّه من ذلك الحمد منذ ثلَاثين سنة. قِيلَ: وكيف ذاك؟ قَالَ: كَانَ لي دُكّان فِيهِ مَتَاع، فاحترق السُّوق، فلقيَني رَجُل فقال: أبشر، دُكّانُك سَلِمَتْ. فقلت: الحمد لله. ثمّ إني فكّرت فرأيتها خطيئة1. وقيل: إنّ السري رَأَى جاريةً سقط مِن يدها إناءٌ فانكسر، فأخذ من دُكّانه إناءً، فأعطاها عِوَض المكسور. فرآه معروف فقال: بغض اللَّه إليك الدُّنيا2. قَالَ سَرِيّ: هذا الَّذِي أَنَا فيه من بركات معروف. قال الْجُنَيْد: سَمِعْتُ سَرِيًّا يَقُولُ: أشتهي منذ ثلَاثين سنة جَزَرَة أَغْمِسُها فِي دِبْس وآكلها، فما تصحّ لي. وسمعت السّرِيّ يَقُولُ: أحبّ أن آكل أكلةً لَيْسَ لله عَليَّ فيها تَبِعَة، ولا لمخلوقٍ فيها مِنَّةٌ، فما أجد إلى ذَلِكَ سبيلَا. ودخلتُ عَلَيْهِ وهو يجود بنفسه، فقلت: أَوْصِني. قَالَ: لَا تصحب الأشرار، ولا تُشْغلَنّ عَنِ اللَّه بمجالسة الأخيار. وقال الفرجاني: سمعتُ الْجُنَيْد يَقُولُ: ما رَأَيْت أعبد لله من السري، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رُئيَ مُضْطَجِعًا إلَا فِي علّة الموت.   1، 2 السير "10/ 142، 143". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 103 وقال الْجُنَيْد: سَمِعْتُ السّرِيّ يَقُولُ: إنيّ لأنظر إلى أنفى كل يومٍ مرارًا مخافة أنْ يكون وجهي قد أسودّ. وسمعته يَقُولُ: ما أحبّ أن أموت حيث أُعْرَف. أخاف أن لَا تقبلني الأرض فأفتَضِح. وسمعته يَقُولُ: فاتني جزء مِن وِرْدي لَا يمكنني أن أقضيه أبدًا. يعني: ما لهُ وقتٌ قطّ لقضائه لَاستغراق أوقاته. قَالَ السُّلَميّ: السّرِيّ أوّل من أظهر ببغداد لسان التّوحيد، " وتكلّم" فِي علوم الحقائق. وهو إمام البغدادّيين فِي الإشارات1. قلت: ومن أصحابه: "الْعَبَّاس" بْن يوسف الشَّكَليّ، ومحمد بْن الفضل بْن جَابرِ السَّقَطيّ، والْجُنَيْد، وآخرون. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثلَاثٍ وخمسين؛ وقيل: سنة إحدى؛ وقيل: سنة سبْعٍ وخمسين. 225- السّرِيّ بْن مِهْران: أَبُو سهل الرّازيّ2. نزيل زَنْجان. عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، ومحمد بْن عُبَيْد، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: وأبوه كَانَ صدوقًا. 226- سعْد بْن مُعَاذ: أَبُو عصْمَة المَرْوزِيّ3. تُوُفّي بَمْرو سنة ثلَاثٍ وخمسين فِي ذي الحجّة. سَمِعَ: عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، وعبد العزيز بْن أَبِي رزْمة. روى عَنْهُ: أَبُو رجاء محمد بن حمدويه، وأهل مرو.   1 السير "10/ 143". 2 الحلية "10/ 124". 3 أخبار القضاة "2/ 42" لوكيع الملقب بخلف. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 104 227- سعَيِد بْن أيّوب بْن مُوسَى الهَمَدانيّ الْبُخَارِيّ1: عَنْ: أَبِي معاوية، ووَكِيع، وأسباط بْن محمد، وطائفة. وعنه: إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن خَلَف، وحفيده محمد بْن حمدان بْن سعَيِد. تُوُفّي فِي رجب سنة إحدى وخمسين ومائتين ببُخَارَى. 228- سعَيِد بْن بحر القَرَاطِيسيّ البغداديّ2: ثقة، مُسنْد. سَمِعَ: عَبِيدَة بْن حُمَيْد، والْحُسَيْن الْجُعْفيّ، وجماعة. وعنه: ابن صاعد، والمَحَامِليّ. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. 229- سعَيِد بْن رحمة بْن نُعَيْم المصِّيصيّ3: أَبُو عثمان. راوي كتاب الجهاد عَنِ ابن المبارك. روى عَنْ: ابن المبارك، وأبي إِسْحَاق الفَزَاريّ، ومحمد بْن حِمْيَر الحمصيّ، وغيرهم. وعنه: محمد بن سفيان المصيصي الصفار، ومحمد بن المسيب الإسفنجي الأرغياني، وأحمد بن جوصا. قال ابن حبان: يروي ما لم يتابع عليه. لَا يجوز الاحتجاج بِهِ. 230- سعَيِد بْن عَبْد اللَّه: أبو صالح الهَمَدانيّ السَّوّاق4. الرّجل الصالح، أحد حفاظ الحديث.   1 من علماء بخارى، في عداد المستورين. 2 تاريخ بغداد "9/ 93". 3 الميزان "2/ 135، 136". 4 أحد العلماء الأثبات، صدوق. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 105 رحل وطوّف، وسمع: يزيد بْن هارون، وعبد الرزاق، والفريابي، وعبد الله بن جعفر الرقي، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وخلقا. وعنه: محمد بن هارون الروياني، وعبد العزيز بن محمد الحارثي، وجماعة. 231- سعيد بن عبد الرحمن -ن- أبو عثمان البغدادي1، نزيل أنطاكية: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس، ومحبوب بْن مُوسَى الفرّاء. وعنه: ن.، وميمون بْن أَحْمَد المؤدّب، وحاجب بن أركين الفرغاني. 232- سعيد بن عيسى الكريزي البصري2: عن: معتمر بن سليمان، ويحيى القطان، وجماعة. وعنه: الحسن بن محمد بن شعبة، وأبو عبيد القاسم المحاملي. قال الدارقطني: ضعيف. 233- سعيد بن مروان -خ. ق- أبو عثمان البغدادي3: سَمِعَ: أَبَا نُعَيْم، والقَعْنَبيّ، وجماعة. وسكن نَيْسابور. روى عَنْهُ: خ. ق.، ومحمد بْن إِسْحَاق بن خزيمة، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وزكريّا بْن دَاوُد الخفّاف، ومحمد بْن سُلَيْمَان بن فارس، وأبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر. توفي في نصف شعبان سنة اثنتين وخمسين. روى البخاري عنه حديثا مقرونا بغيرة، عَنْ محمد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي رزْمة. وروى عَنْهُ ق. حديثًا عَنْ أَحْمَد بْن يونس. 234- سعَيِد بْن محمد بن ثواب البصري4:   1 تاريخ بغداد "9/ 93"، والتهذيب "4/ 57". 2 تاريخ بغداد "9/ 94"، والميزان "2/ 154". 3 تاريخ بغداد "9/ 91"، والتهذيب "4/ 80". 4 تاريخ بغداد "9/ 94، 95". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 106 عَنْ: أزهر السَّمَّان، ومؤمّل بْن إِسْمَاعِيل، وجماعة. وعنه: يحيى بْن محمد بْن صاعد، والمَحَامِليّ، وعَبْد اللَّه بْن ناجية، ومحمد بْن المُسَيَّب الأرغياني. 235- سعيد بن نصير -د- أبو عثمان البغدادي الوراق1، نزيل الثَّغر والرَّقَّة: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكِيع، وجماعة. وعنه: د.، وأبو شُعَيب الحرّانيّ، والحسن بْن أَحْمَد بْن فيل، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم البوسنجيّ، وأبو عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ فِي غير سُنَنِه، وأبو عَبْد الملك أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، ومحمد بْن يحيى بْن كثير الحرّانيّ، وقد روى هُوَ عَنْهُ. ومن شيوخه: مبشّر بْن إِسْمَاعِيل الحلبيّ، وأبو أسامة، ورَوْح بْن عُبَادة. وله: كتاب "البكاء" وكتاب "العوابد". وغير ذَلِكَ فِي الرقائق. وبقي إلى الخمسين ومائتين. 236- سعيد بن هاشم الكاغدي السمرقندي2: عن: عمرو بن عاصم الكلابي، وقُبَيْصَة، وأبي الوليد الطَّيَالِسيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 237- سعَيِد بْن يزيد بْن معيوف الحجُوريّ3: عَنْ: عَمْرو بْن هاشم البَيْروتيّ، وعَلِيّ بْن عياش. وعنه: ابن جوصا، ومحمد بن عباس الدَّرَفْس، وجعفر بْن دَرَسْتَوَيه وقال: كَانَ ثقة، مِن الأبدال. 238- سعيد بْن يزيد: أَبُو عثمان التيمي4.   1 تاريخ بغداد "9/ 92"، والتهذيب "4/ 92". 2 الثقات لابن حبان "8/ 272". 3 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 181". 4 لم نقف عليه. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 107 عَنْ: عيسى بْن يونس، وابن عَلَيْهِ، والوليد بْن مُسلْمِ. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل الرّازيّ. شيخٌ مُعَمِّر لِقيَه الحاكم. لم أرَه فِي كتاب ابن أَبِي حاتم. 239- سَلَمَةُ بْن أَحْمَد بْن أَبِي نافع: أَبُو طَالِب المُرِّيّ المَوْصِليّ الفقيه المفتي1. يروي عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس، وأَحْمَد بْن يونس، وسعيد بْن منصور، وعلي بْن الجعد. روى عَنْهُ: محمد بْن جامع الصّائغ، وغيره مِنَ المَوَاصِلَة. ومات بعد الخمسين ومائتين. 240- سَلَمَةُ بْن مكمّل المُدْلِجِيّ المصريّ2: من: شيوخ مصر. تُوُفّي فِي رجب سنة خمسٍ وخمسين. آخر مِن حدَّث عَنْهُ أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى بْن جرير. 241- سَلْم بْن جُنَادَةُ بْنُ سَلْمِ بْنِ خَالِدِ بْنِ جَابِرِ بْن سَمُرَة. أَبُو السّائب العامريّ السُّوائيّ الكوفيّ3. سَمِعَ: أَبَاهُ، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وجماعة. وعنه: ن. ق.، ومحمد بْن جرير، والقاضي المَحَامِليّ، وأبي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومُحَمَّد بْن مخلد، وجماعة. قال النسائي: كوفي صالح.   1 لم نقف عليه. 2 ينظر "حسن المحاضرة" للسيوطي. 3 الجرح والتعديل "4/ 269"، والتهذيب "4/ 128". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 108 وقال البرقاني: ثقة. وقال السراج: قَالَ لي: وُلدتُ سنة أربعٍ وسبعين ومائة. وعاش ثمانين سنة. 242- السَّلْم بْن يحيى: أَبُو سعَيِد الطّائيّ الحجراوي1. عن: مروان بن معاوية الفزازي، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز. وكان عَالِيّ الإسناد. روى عَنْهُ: محمد بْن خُرَيْم المُرِّيّ، وابن جوصا، وأبو الدحداح أحمد بن محمد، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وروي أنّ النّاس كانوا يتلَقَّونه يوم الجمعة إذا دخل البلد إلى باب جيرون يحترمونه ويُبَجِّلونه ويدخلون بِهِ الجامع. 243- سُلَيْمَان بْن بَشار الخُرَاسانيّ2: أَبُو أيّوب. حدَّث بمصر عَنْ: هُشَيْم، وابن المبارك، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: جماعة آخرهم عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الرشديني. توفي في شعبان سنة تسع وخمسين ومائتين، وهو آخر من حدَّث عَنْ هُشَيْم بالدّيار المصرية. ولم يذكره بن أبي حاتم، ولا الحاكم أَبُو أَحْمَد، ولا الحاكم أبو عبد الله. وعِدادهُ فِي الضُّعَفاء. 244- سليمان بن داود بن حماد أخو رشدين ابني سعد -د. ن- أبو الربيع المهري المصري3.   1 الجرح والتعديل "4/ 269". 2 الميزان "2/ 197، 198". 3 الجرح والتعديل "4/ 114"، والتهذيب "/ 186، 187". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 109 عن: عبد الله بن وهب، وإدريس بن يحيى الزّاهد، وأشْهب الفقيه، وعبد الملك بْن الماجِشُون، وعبد اللَّه بْن نافع. وعنه: د. ن. ووثقه، وعمر البُجَيْريّ، وإبراهيم بن متويه، ومحمد بن زبان، وآخرون. وقرأ القرآن على ورش. قرأ عليه: أبو بكر محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وغيره. وكان من جلة المقرئين وعبادهم ومسندهم، لكن لم نشهد طريقه. توفي سنة ثلاث وخمسين في أول ذي القعدة، قاله ابن يونس. وقال: كان زاهدا، وكان فقيها على مذهب مالك. ولد سنة ثمان وسبعين ومائة. وقال أبو داود السختياني: قَلَّ من رَأَيْت فِي فضله. 245- سُلَيْمَان بْن دَاوُد. أَبُو أَحْمَد الثَّقفيّ الرّازيّ القزاز1. سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، وابن نُمَيْر، ومعن بْن عيسى. وعنه: أبو حاتم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم وقال: ثقة؛ وأبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عدِيّ، وأحمد بْن محمد بْن مُصْعَب الكاغِديّ، وهو آخر من حدَّث عَنْهُ. 246- سُلَيْمَان بْن عَبْد الجبار بْن زُرَيْق السّامرّي2 -ت- عن: سعيد بْن عامر الضبعي، وعثمان بْن عُمَر بْن فارس. وعنه: ت.، وعبد اللَّه بْن ناجية، وابن صاعد، وجماعة. وقال أبو حاتم: سَمِعْتُ حَجّاج بْن الشاعر يبالغ فِي الثنَّاء عَلَيْهِ. 247- سُلَيْمَان بْن عَبْد الرحمن بْن حماد -د- أبو داود التيمي الطلحي الكوفي التمار3.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 115"، والثقات لابن حبان "8/ 280". 2 الجرح والتعديل "4/ 130"، والتهذيب "4/ 205". 3 الجرح والتعديل "4/ 129"، والتهذيب "4/ 206". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 110 عَنْ: أَبِيهِ، وعَمْرو بْن حمّاد القتّاد. وعنه: د.، وأبو زُرْعَة، وابن أَبِي حاتم، وغيرهم. مات فِي ذي القِعْدة سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 248- سُلَيْمَان بْن محمد بْن سُلَيْمَان. أَبُو أيّوب الرُّعَيْنيّ الحمصيّ1. سَمِعَ: بقيّة بْن الوليد. وعنه: سعَيِد بْن عَمْرو البَرْذَعيّ. قَالَ ابن أَبِي حاتم: تُوُفّي قبل قدومي حمص بدون سنة. 249- سليمان بن معبد -م. ن- أبو داود السنجي المروزي2. وسَنْج من قُرَى مَرْو: سَمِعَ النَّضْر بْن شُمَيْل، وعبد الرّزّاق، وعبد اللَّه بْن يوسف التِّنِّيسيّ، وطائفة. وعنه: م. ن. وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوزِيّ، وخلْق. وكان محدثًا حافظًا نَحْويًّا فصيحًا. تُوُفّي بَمْرو فِي سنة سبْعٍ وخمسين فِي ذي الحجة. 250- سُلَيْمَان بْن نصر: أَبُو أيّوب المُرِّيّ الغَطَفَانيّ الأندلسيّ3. روى عَنْ: يحيى بْن يحيى، وسعيد بْن حسّان، وعبد الملك بْن حبيب، وأَبِي مُصْعَب الزُّهْريّ، وطائفة. مات بالأندلس. 251- سُلَيْم بن مجاهد بن يعيش ". . . "4:   1 الجرح والتعديل "4/ 140". 2 تاريخ بغداد "9/ 51"، والتهذيب "4/ 219". 3 انظر: جذوة المقتبس "226"، للحميدي. 4 بياض في الأصل. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 111 يشتبه بيعيش أَبُو عُمَر الْبُخَارِيّ. رحل وسمع من: أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ وعبد اللَّه بْن رجاء الغُدّانيّ، والقَعْنَبيّ. وعنه: ابنه المحدث مهيب بْن سُلَيْم. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. 252- سهل بن محمد -د. ن: أبو حاتم السجستاني المقرئ اللُّغَويّ الإمام1. إمام جامع البصرة. صاحب المصنفات. أخذ عَنْ: عُبَيْدة، وأبي زيد الْأَنْصَارِيّ، والأصمعيّ، ووَهْبُ بْن جرير، ويزيد بْن هارون، وأبي عامر العقدي. وقرأ القرآن على يعقوب الحضرمي. وحمل الناس عنه القرآن والحديث والعربية. روى عنه: د. ن.، والبزّاز فِي "مُسْنَدة"، ويحيى بْن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني، وابن خزيمة. وتخرّج بِهِ محمد بْن يزيد المبرد، وأبو بكر بن دريد. وحدث عن حفّاظ، وخلْق أخرهم أَبُو رَوْق الهزانيّ. وكان جمّاعةً للكُتُب يتبحر فيها. وله يد طُولَى في اللغة والشعر العروض، واستخراج المُعَمَّى. ولم يكن حاذقًا فِي النَّحْو. قَالَ أَبُو حاتم السِّجِسْتانيّ: كنت عند الأخفش وعنده التُّوَّزيّ فقال: ما صنعت فِي كتاب "المذكّر والمؤنثّ"؟ قلت: قد عملتُ فِي ذَلِكَ. قَالَ: فما تقول في الفردوس؟   1 الجرح والتعديل "4/ 204"، والتهذيب "4/ 257". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 112 قلت: ذَكَر. قَالَ: فإنّ اللَّه يَقُولُ: {الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} [المؤمنون: 11] . قلت: ذهبَ إلى الجنة. فقال التوزي: يا غافل، أما تسمعهم يقولون: إنّ لك الفِرْدوس الأعلى؟ فقلت: يا نائم، الأعلى هاهنا افعلْ. وليس بفَعْلي. ولأبي حاتم كتاب "إعراب القرآن"، وكتاب" ما تَلْحن فِيهِ العامّة"، وكتاب "المقصور والممدود"، وكتاب "المقاطع والمبادئ"، وكتاب "القراءات"، وكتاب" الفصاحة"، وكتاب "الوحوش"، وكتاب "اختلَاف المصاحف"، وغير ذَلِكَ1. وكان كثير التصانيف. تُوُفّي سنة خمسين. وقيل: فِي آخر سنة خمسٍ وخمسين، وله ثلَاثٌ وثمانون سنة. قَالَ: قرأت كتاب سِيبَوَيْه عَلَى الأخفش مرَتين. وقد كَانَ فِي أَبِي حاتم دُعابة الأدباء. "حرف الشين": 253- شجاع بن الوليد -خ- أبو الليث البخاري2. مؤدِّب الأمير حسن بْن العلَاء السَّعْديّ. رحل وسمع: عَبْد الرّزّاق، والنَّضْر بْن محمد، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وجماعة. وعنه: خ.، وأحمد بْن عَبْده الآمُليّ، وسهل بن شاذويه البخاري. 254- شعيب بن عبد الحميد بن بسطام الواسطي الطحان. عن: سعيد بن عامر، ويزيد بن هارون، ومؤمل بن إسماعيل. وعنه: أسلم بن سهل، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق.   1 السير: "10/ 195". 2 انظر: التهذيب "4س/ 314". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 113 255- شُفَيع بْن إِسْحَاق، بالضّمّ: أَبُو صالح الْبُخَارِيّ المحتسب1. روى عَنْ: خاقان، وأبي حفص أَحْمَد بن حفص، ومحمد بْن سلَام، وحَيّان بْن مُوسَى. وعنه: أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن رُفَيد، وعَبْدان بْن يوسف، وخَلَف بْن مُهَيْل. مات سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. مِنَ "الإكمال". 256- شمر بن حمدويه2: أبو عمر اللُّغَويّ أديب خُراسان. كَانَ رأسًا فِي العربية والآداب. قِيلَ: أَنَّهُ صنَّف كتاب "غريب الحديث" فِي قدْر "غريب الحديث" الّذي لأبي عُبَيْد مرّات. وكان كاتب الحُكم لأحمد بْن حُرَيْش القاضي بَهَراة. وكان مِن أئمّة السنة والجماعة. روى عَنْ: عَبْد الصّمد بْن حسّان، والنَّضْر بن شميل، وابن الأعرابي، وغيره. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن محمود بْن مقاتل. وتُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين، أو سنة خمسٍ. "حرف الصاد": 257- صالح بْن أَبِي صالح عَبْد اللَّه بْن صالح المصريّ3: عَنْ: أَبِيهِ، وابن وَهْبُ، وعبد الرحمن بن القاسم، وعمر بن راشد.   1 المشتبه "1/ 398" للذهبي. 2 معجم الأدباء "11/ 274، 275". 3 انظر: "حسن المحاضرة". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 114 وعنه: إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيه، وعلي بن أحمد علان المصري، وآخرون. 258- صُرَد بْن حمّاد: أَبُو سهل الصَّيْرفيّ1. عَنْ: أَبِي قَطَن، وبكر بْن بكّار، وغيرهما. حدَّث ببغداد. روى عَنْهُ: إِسْمَاعِيل الوراق، ومحمد بْن مَخْلَد. قَالَ الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرًا. 259- صالح بن الهيثم الواسطي -ق- أبو شعيب الصَّيْرفيّ الطّحّان2: عَنْ: فُضَيْل بْن عياض، وعَبْد القُدُّوس بْن بَكْر بْن خُنَيْس، وشاذّ بْن فَيّاض، وإِبْرَاهِيم بْن رُسْتُم المَرْوزِيّ. وعنه: ق. حديثًا، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد وقال: صدوق؛ ومحمد بْن حمزة بْن عُمارة الأصبهاني، وعبد الله بن أحمد شوذب. 260- صفوان بن عمرو الحمصي3 -ن- عَنْ: أَحْمَد بْن خَالِد الوهْبيّ، وأبي المغيرة، وعلي بْن عَيَّاش، وجماعة: وعنه: ن.، ومحمد بْن أَحْمَد بْن راشد بْن مَعْدان الأصبهاني، ومحمد بن عبد الله مكحول البيروتي. قال النسائي: لَا بأس بِهِ. "حرف الطاء": 261- طاهر بْن خَالِد بْن نزار الْأيْليّ4: أَبُو الطَّيْب، نزيل سامرّاء.   1 تاريخ بغداد "9/ 343". 2 الجرح والتعديل "4/ 419"، والتهذيب "4/ 407". 3 التهذيب "4/ 429". 4 تاريخ بغداد "9/ 355". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 115 سَمِعَ: أَبَاهُ وآدم بْن أَبِي إياس. وعنه: ابن صاعد، وإسماعيل الوراق، ومحمد بْن مَخْلَد، ومحمد بْن جعْفَر المَطِيريّ. قَالَ ابن أَبِي حاتم: صدوق. قلت: تُوُفّي سنة ستين. وقيل سنة ثلَاثٍ وستين. وحديثه يقع عاليًا فِي "جزء ابن مَخْلَد" الَّذِي عند ابن اللُّتيّ. 262- طليق بن محمد بن السكن -ن- أبو سهل الواسطي البزاز1: عَنْ: أَبِي معاوية، وعَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، ويزيد بْن هارون. وعنه: ن.، وابن خُزَيْمَة، وعمر البجيري، وأحمد بن عمرو البزار، وعلي بن عبد الله بن مبشر، ومحمد بن المسيب الأرغياني. ذكره ابن حبان فِي "الثقات". "حرف العين": 263- عامر بن شعيب الأرغياني الإسفنجي2: عن: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس أحاديث ساقطة. وعنه: أبو عوانة الإسفراييني، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، ومحمد بْن حفص الجوينيّ. 264- الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب جعْفَر بْن عبد الله بن الزبرقان -ق- أبو محمد البغدادي، مولي آل الْعَبَّاس3: وله أخَوان: الفضل ويحيى. سَمِعَ: يحيى بْن بُكْير، وهوذة، والحسن بْن موسى الأشيب، وشبابة والقعنبي، وطائفة.   1 التهذيب "5/ 35". 2 الميزان "2/ 359". 3 الجرح والتعديل "6/ 215"، والسير "12/ 621". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 116 وعنه: ق.، وأبو بكر بن أبي داود، وعمر البُجَيْريّ، وابن صاعد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ومحمد بْن مَخْلَد، وخلْق. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. قلت: مات فِي عاشر جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 265- الْعَبَّاس بْن الْحَسَن البلْخيّ, ثمّ البغداديّ1: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وعبد اللَّه الخُرَيْبيّ. وعنه: ابن مَخْلَد العطّار، والقاضي المَحَامِليّ. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 266- الْعَبَّاس بْن سعَيِد: أَبُو الفضل المصري الخواص2. قال ابن يونس: روى عَنِ ابن وَهْب. ومات سنة تسع وخمسين. 267- العباس بن الفرج -د- أبو الفضل الرياشي البصري النَّحْويّ3، صاحب العربيّة: أخذ عَنْ: الأصمعيّ، وأبي عبيد بن المثنى، وأبي دَاوُد الطَّيالِسيّ، وعبد الله بْن بَكْر السَّهْميّ، وأبي عاصم النبيل، وطائفة. وعنه: د.، تفسير لغةٍ، وإِبْرَاهِيم الحربيّ، وابن أَبِي الدُّنيا، ومحمد بْن يزيد المبرّد، وابن دُرَيْد، ومحمد بْن أَبِي الأزهر، وأبو خليفة الجّمَحيّ، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وإمام الأئمة ابن خُزَيْمَة، وخلْق آخرهم أَبُو رَوْق الهزّانيّ. وكان مِن الأدب واللُّغة بِمحلٍّ عالٍ. كَانَ يحفظ كُتُب أَبِي زيد الأنصاري وكتب الأصمعي كلها.   1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 140، 141"، والتهذيب "5/ 117". 2 لم نقف عليه. 3 تاريخ بغداد "12/ 138"، والتهذيب "5/ 124، 125". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 117 وقد قرأ كتاب سِيبَوَيْه عَلَى أَبِي عثمان المازنيّ، فكان المازنيّ يَقُولُ: قرأ عَلِيّ الريّاشيّ الكتاب وهو أعلم بِهِ منيّ. ذكر الخطيب فِي ترجمته بعد أن وثقَّه أنّ الزَّنْج قتلته بالبصْرة سنة سبْعٍ فيمن قَتَلُوا، وكان قائمًا يصلي الضحى في مسجده، -رحمه اللَّه-، فلم يدُفن إلا بعد زمن. 268- الْعَبَّاس بن يزيد بن أبي حبيب -ق- البصري البحراني1: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويزيد بْن زُرَيْع، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وزياد البكّائي، وغُنْدَر، وطائفة. وعنه: ق.، وابن أَبِي حاتم، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وإِسْمَاعِيل الوراق، وخلْق. وكان ثقة حافظًا. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. وكان يُلَقَّب عبّاسُوَيْه. ولي قضاء همدان مدّةً. 269- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبوَيْه: الحافظ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن المَرْوزِيّ2. سَمِعَ: أَبَاهُ، وعَبْدان عَبْد اللَّه بْن عثمان، وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، وآدم بْن أَبِي إياس، وأبا اليمان، وخلْقًا سواهم. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وابن صاعد، وأبو حامد، والحضْرميّ، وزكريّا الغافقيّ، وطائفة. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين، وهو أشبه. وقيل: سنة خمسٍ وسبعين، وهو بعيد. 270- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن زُكَيْر بْن غَزْوان الحنفيّ: عَنْ: أَسْباط بْن محمد، وجعْفَر بْن عَوْن، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبنا من حديثه سنة ستٍّ وخمسين ولم يقدر لنا السماع منه.   1 الجرح والتعديل "6/ 217"، والتهذيب "5/ 134، 135". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 6"، وتاريخ بغداد "/ 371". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 118 271- عبد الله بن إسحاق -ن- أبو جعفر الواسطي الناقد1: عَنْ: يزيد بْن هارون، ويحيى السَّيْلَحينيّ، ورَوْح بْن عُبَادة، وأبي عاصم. وعنه: ن.، ومحمد بْن جرير، وبكر بْن أَحْمَد بْن مُقْبل الحافظ، وأبو بكر بن أبي داود، وجماعة. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ". 272- عَبْدُ اللَّهِ بن إسحاق أبو محمد البصري الجوهري2 الملقب ببدعة؛ مستملي أبي عاصم النبيل. روى عَنْ: أَبِي عاصم، والْحُسَيْن بْن حفص الأصبهاني. وعنه: د. ت. ن. ق.، وعُمَر بْن بُجَيْر، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وآخرون. تُوُفِّيَ سَنَة سبْعٍ وخمسين2. 273- عَبْد اللَّهِ بْن إِسْمَاعِيل بْن يزيد بن حجر: أبو عمر البَيْروتيّ3، ابن بنت الأوزاعيّ. روى عَنْ: أَبِيهِ، والوليد بْن مَزْيَد البَيْروتيّ. وعنه: أبو حاتم الرازي، وأحمد بن إبراهيم البسري، وابن جوصا، وغيرهم. 274- عبد الله بن الحسن بن حفص بن الفضل بن يحيى بن ذكوان: أبو محمد الهمداني الأصبهاني4. رئيس أصبهان ووجهها. وكان خيرا فاضلا جليلا، كاتب الخلفاء، يكاتبونه ويخاطبونه بمختار البلد. روى عن: عمه الحسين بْن حفص، وبَكْر بْن بكّار. روى عَنْهُ: ابناه، عُمَر ومحمد. ومات سنة أربعٍ وخمسين.   1 الجرح والتعديل "5/ 6". 2 التهذيب "5/ 147". 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 4". 4 طبقات المحدثين"2/ 297، 298". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 119 275- عَبْد اللَّه بْن الحَكَم بْن أَبِي زياد القطواني الكوفي الدهقان1 -د. ت. ق- أبو عبد الرحمن. سمع: ابن عيينة، وزيد بن الحباب، وأبا داود الطيالسي، وطائفة. وعنه: د. ت. ق.، وعُمَر بْن بُجَيْر، وابن خُزَيْمَة، وآخرون. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. 276- عَبْد اللَّه بْن حمزة الزُّبَيْريّ2: أخو إِبْرَاهِيم بْن حمزة. مدنيّ وليس بمشهور. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن نافع الصّائغ، وموسى بْن إِبْرَاهِيم الحزاميّ، وغيرهما. وعنه: محمد بْن إِسْحَاق بْن راهَوَيْه. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ ابن أَبِي حاتم: تُوُفّي قبل قدومنا المدينة بأشهر. 277- عَبْد اللَّه بْن خُبيق الأنطاكيّ الزّاهد3: صاحب يوسف بْن أسباط. لَهُ كلَام حسن فِي التَّصَوُّف والمعاملة. عُمَر زمانًا. وروى عَنْ: شُعَيب بْن حَرْب، وحُذَيْفَة المَرْعَشيّ، ويوسف بن أسباط، والهيثم بن جميل، وحجاج الأعور. وروى عنه: أبو طالب بن سوادة، وجعفر بن سوار، وأحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي، ومحمد بن عبد الله، ومطين، وغيرهم.   1 الجرح والتعديل "5/ 38"، والتهذيب "5/ 190". 2 الجرح والتعديل "5/ 39". 3 الجرح والتعديل "5/ 46". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 120 وَقَدْ رَوَى عَنْ يُوسُفَ، عَنِ الثَّوريّ، عَنِ ابْنِ المّنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ، رَفَعَهُ قَالَ: "مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ"1. قَالَ الطَّبَرانيّ: لم يروه عَنِ الثَّوْريّ إلَا يوسف. تفرد بِهِ ابنُ خُبَيْق. وروى ابن خُبَيْق، عَنْ يوسف بْن أسباط قَالَ: من أراد العز ومنازل الشهداء يوم القيامة فلْيُبْغِضْ حَمْدَ النّاس. قَالَ ابن قانع: تُوُفّي سنة ستّين ومائتين. وقلت: آخر أصحابة أَحْمَد بْن جَوْصا. 278- عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بْن محمد بْن الزُّبَيْر: أَبُو القاسم الأُمَويّ الرّهاويّ2. عَنْ: أَبِيهِ، وإِبْرَاهِيم بْن يزيد المكتب. وعنه: الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه القطّان، وعَلِيّ بْن سراج المصريّ، وغيرهما. 279- عَبْد اللَّه بْن سعيد بن حصين - ع. - أبو سعيد الكندي الكوفي الأشج3. مُحَدَّث الكوفة ومُفتيها فِي عصره، ومُسْنَد وقته: لَهُ التفسير والتصانيف. روى عَنْ: هُشَيْم، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وإبراهيم بْن أَعْين الشَّيْبانيّ، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش، وعُقْبة بْن خَالِد السَّكُونيّ، ووَكِيع، وخلْق كثير. وعنه: السّتّة فِي كُتُبهم، وابن خُزَيْمَة، وأَبُو يَعْلَى، وابن أَبِي دَاوُد، وعمر بْن محمد بْن بُجَيْر، وهنّاد بْن السّرِيّ الصغير، وزكريّا السّاجيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. قَالَ أَبُو حاتم الرّازيّ: هو إمامُ أهلِ زمانه.   1 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني كما في المجمع "8/ 17"، وابن حبان "2075"، وأبو نعيم "8/ 246" في الحلية، وابن السني "320"، في عمل اليوم والليلة، والخطابي "99" في العزلة. وانظر: العلل "2359" لابن أبي حاتم، وكشف الخفاء "2/ 280". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 الجرح والتعديل "5/ 73"، والسير "12/ 182-185". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 121 وقال محمد بْن أَحْمَد بْن بلَال الشَّطَويّ: ما رَأَيْت أحفظ منه. قلت: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل سنة سَبْعٍ وخمسين، وقد نيَّفٍ عَلَى التسعين. وقعَ لي مِن عواليه. 280- عَبْد اللَّه بْن شبيب الرَّبعيّ: مولَاهُمُ المدنيّ الإخباريّ1، أَبُو سعَيِد. روى عَنْ: عَبْد العزيز الْأوَيْسيّ، وإِسْحَاق الفَرَويّ، وأبي جَابرِ محمد بْن عَبْد الملك، وإسماعيل بْن أَبِي أُوَيْس، وأيّوب بْن سُلَيْمَان بْن بلَال، وغيرهم. وعنه: الزُّبَيْر بْن بكّار وهو أكبر منه، وأَبُو زُرْعَة، وإِبْرَاهِيم الحربيّ وهما من أقرانه، وابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، والمَحَامِليّ، وجماعة آخرهم موتًا أَبُو رَوْق الهزاني. وكان غير ثقة. قَالَ فَضْلك الرّازيّ: يحلّ ضربُ عُنُقه. وقال أَبُو أَحْمَد الحاكم: ذاهب الحديث. قُلْتُ: كَانَ إخباريًا علَامة. حدَّث ببغداد وتُوُفّي بمكّة. ولم أظفر بتاريخ موته. 281- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الفضل بن بهرام بن عبد الصمد2 -م. د. ت- أبو محمد التميمي الدارمي السمرقندي الْإمَام صاحب "المُسْنَد". وُلِد عام موت عَبْد اللَّه بْن المبارك. وكان مِن أوعيه العلم، يجتهد ولا يُقَلَّد. سَمِعَ: النَّضْر بْن شُمَيْل، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، وأبا النضر هاشم بن القاسم، ومحمد بن يوسف الفريابي، وجعفر بن عون، ووهب بن جرير، وزيد ين يحيى بن عبيد "الدمشقي" الغساني، وعثمان بن عمر بن فارس، وخلقًا كثيرًا بخراسان، والشام، والعراق، ومصر. وعنه: م. د. ت.، ومحمد بْن بشّار، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ وهما أكبر منه، والبخاري، وأبو زُرْعَة، والنَّسائيّ، وصالح جَزَرَة، وعَبْد الله بن أحمد، وجعفر   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 83، 84"، وتاريخ بغداد "9/ 474". 2 تاريخ بغداد "10/ 29"، والسير "10/ 168-170". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 122 الفِرْيابيّ، ومُطَيَّن، وعيسى بْن عُمَر السَّمرْقَنْديّ، وجعْفَر بْن أَحْمَد بْن فارس الأصبهاني، وعُمَر البُجَيْريّ، ومكّيّ بْن محمد البلْخيّ الحافظ، والنَّسائيّ خارج كتابه، وخلْق من أهل بلده. ورحل إِلَيْهِ الحُفَّاظ مِنَ النواحي. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: هُوَ من بني دارم بْن مالك، كَانَ أحد الرحالين والحفاظ، موصوفًا بالثّقة والزُّهْد والورع. قَالَ: واستُقْضيّ عَلَى سَمَرْقند فقضي قضيّة واحدة، ثمّ استعفي فأُعْفي. قَالَ: وكان عَلَى غاية العقل، وفي نهاية الفضل. يُضْرب بِهِ المَثَلُ فِي الدّيانة والحِلْم والاجتهاد والعبادة والتقلل. صنف "المسند"، و "التفسير"، وكتاب "الجامع". وقال أَبُو حاتم: ثقة، صدوق1. وعن محمد بْن إِبْرَاهِيم الفقيه السَّمرْقَنْديّ: كنتُ عند أَحْمَد بْن حنبل فذكر الدّارِميّ فقال: ذاك السيد، عرض علي الكفر فلم أقبل، وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنيا فلم يقبل2. وقال أَحْمَد بْن حامد السَّمرْقَنْديّ: سَمِعْتُ رجاء بْن مُرَّجا يَقُولُ: رَأَيْتُ أَحْمَد، وإِسْحَاق، والشّاذَكُونيّ، وعَلِيّ بْن المَدينيّ، فما رَأَيْت أحفظ من عَبْد اللَّه الدّارِميّ. وعن رجاء بْن مُرَجّا قَالَ: ما رأيت أحد أعلم بحديث رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ. وقال عبد الصمد بْن سُلَيْمَان البلْخيّ: سَأَلت أَحْمَد بْن حنبل عن يحيى اليماني فقال: تركناه لِقَوْلِ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن السَّمرْقَنْديّ، لأنّه إمام. وعن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر قَالَ: غَلبنا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بالحفظ والورع.   1 السير "10/ 180". 2 السابق. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 123 وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن إمام "أهل" زمانه1. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ محمد بْنِ خَلَفٍ الْبُخَارِيُّ: كُنَّا عِنْدَ محمد بْنِ إِسْمَاعِيلَ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ نَعِيُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَنَكَّسَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسَتَرْجَعَ وَسَالَتْ دُمُوعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ، ثُمَّ قَالَ مُتَمَثِّلا: إِنْ تَبْقَ تُفْجَعْ بِالأَحِبَّةِ كُلِّهِمْ ... وَفَنَاءُ نَفْسِكَ لا أَبَا لَكَ أَفْجَعُ2 وَرَوَى عَنِ الدَّارَمِيِّ قَالَ: كَانَ يُقْرَعُ بَابِي بِبَغْدَادَ، فَأَقُولُ: مَنْ ذَا؟ فَيَقُولُونَ: يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، " نِعْمَ الإِدَامُ الْخَلُّ "3. قُلْتُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ تَفَرَّدَ بِهِ الدَّارَمِيِّ عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. رَوَاهُ محمد بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّاسُ عَنْهُ. وَقَعَ لَنَا عَالِيًا فِي مُسْنَدِهِ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الَوَرَّاقُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيٍد الأَشَجَّ يَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمَامُنَا. قلت: مناقبه كثيرة. تُوُفّي فيما قَالَ أحمد بن سبار المَرْوزِيّ يوم التَّرْوِيَة سنة خمسٍ وخمسين. وقيل: يوم عَرَفَة سنة خمسٍ، ورخه جماعة. وقال أبو قاسم بْن عساكر: ويُقال تُوُفِّيَ سَنَة أربعٍ وخمسين. 282- عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الصَّمد بْن أَبِي خداش الموصلي4 -ن-:   1 تاريخ بغداد "10/ 32". 2 السير "10/ 181". 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2052"، والترمذي "1889"، "1890"، وأحمد "3/ 301، 304، 353، 364"، والدارمي "2049"، من حديث عائشة، وفي الباب عن جابر وغيره. 4 انظر: التهذيب "5/ 300، 301". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 124 عن: المعافى بنت عِمْران، وهو آخر أصحابه؛ وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ومَخْلَد بْن يزيد، وجماعة. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ؛ وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، وأحمد بْن عَبْد اللَّه وكيل أَبِي صَخْرة، وعبد اللَّه بْن أَبِي سُفْيَان شيخ لابن جُمَيْع، وآخرون. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين أيضًا. 283- عَبْد اللَّه بْن أَبِي رومان عَبْد الملك بْن يحيى الإسكَنْدرانيّ1: روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. وهو ضعيف. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. قَالَ ابن يونس: روى مناكير. 284- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن يزيد: أَبُو محمد الزُّهْريّ الأصبهاني2؛ أخو رُسْتَة. سَمِعَ: يحيى بْن سعَيِد القطّان، ومحمد بْن جعْفَر، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وحمّاد بْن مسعدة. قَالَ أَبُو الشَّيْخ: لَهُ مصنفات كثيرة. خرج قاضيًا عَلَى الكرْخ، فمات بها سنة اثنتين وخمسين. قلت: روى عنه: محمد بن يحيى بن منده، وأحمد بْن عَبْد الكريم الزَّعْفَرانيّ، وسلْم بْن عصام، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعبد اللَّه بْن محمد بْن عِمران. وله أفراد وغرائب. 285- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي يزيد الخلنجي3:   1 الميزان "2/ 422". 2 طبقات المحدثين "2/ 293". 3 تاريخ بغداد "10/ 73، 74". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 125 قاضي الكرْخ. وقيل ولي قضاء دمشق. وكان جهْميًا، من رؤوس أصحاب ابن أَبِي دُؤاد. قَالَ الخطيب: كَانَ مِنَ المجرّدين للقول بخلْق القرآن. وقال طلحة بْن محمد بْن جعفر: كَانَ حاذقًا بفقه أَبِي حنيفة، واسع العلم. ولي قضاء الشّرقيّة فظهرت منه عِفّة وديانة. وكان فِيهِ كِبْر شديد. قَالَ نفْطَوَيْه: حدثني عَلِيُّ بْن محمد بْن الفُرات قَالَ: لمّا ولي الخَلَنْجيّ قضاء الشرقية كثر من يطالبه بفك الحجر، فدعا بالأمناء وقال: مَن كَانَ لَهُ عندكم مالٌ فليشترَ لَهُ منه مرًّا وزبيلَا1 وليُدَّخرَ لَهُ. فإن أتلفَ ماله عمل بالمر والزّبيل. وقال محمد بْن خَلَف وكِيع: كَانَ الخَلَنْجيّ ابن أخت عَلُّويَه المُغَنيّ. وكان تَيّاهًا2 صَلْفًا3. ولي القضاء فكان يجلس إلى أصطوانة4 بالمسجد يستند إليها فلَا يتحرك، فإذا تقدم الخصمان أقبل عليهما بجميع جسده وترك الاستناد. فعمد ماجن إلى الأصطوانة فطلَاها بدَبَق، فجاء فجلس واستند، فالتصقت دَنِيَّتُه وتمكّنت، فلمّا تقدّم إِلَيْهِ الخصوم وأقبل عليهم ببدنه انكشف رأسه، وبقيت الدّنيّة مصلوبةً، فقام مُغْضبًا وغطّى رأسه بطَيْلسانه، وعلِم أنّها حيلة. وترك الدنية ملصقة، فعملوا فيها أبياتًا. قَالَ ابن كامل: تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. قلت: الدنية مشتقة من الدن، شبهوها بِهِ وهي طول نصف ذراع أو أكثر، وفيها شَبَه بالشَّرَبُوش. وكان يلبسها القُضاة والوُلَاة وغيرهم. وتُعْمَل مِن ورقٍ عَلَى قُضبان دِقاق، وتُسميّ الطّويلة أيضًا. وكان أَبُو جعْفَر المنصور أخرجها، وأخرج لها المناطق، وهي الحياصة، فيها السّيف. وقد لبس أَبُو دُلَامة هذا الزِّيّ فقيل لَهُ: كيف حالك؟ فقال: ما حال من وجهه   1 المر: الحبل، والزبيل: الفقه، وانظر الخبر في تاريخ بغداد "10/ 74". 2 تيأهًا: معجبًا بنفسه. 3 صلفًا: متكبرًا. 4 وتكتب: اسطوانة، وفي الجدار، أو العمود، أو السارية. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 126 إلى نصفه وسيفه عند أستِه، وقد نَبَذَ كلَام اللَّه وراء ظهره!. قلت: كانوا يعملون الطراز فِيهِ: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137] ويصنعونه مِنَ الكتف إلى الكتِف كعادة كرز الرُّومِيين. وقيل: بل كَانَ طول الدّنيّة ذراع وباطِنُها خلْو. 286- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن الحجاج بْن أبي عثمان الصواف - ت. - أبو يحيى البصري1: سَمِعَ: عَبْد الوهّاب الثَّقفيّ، ومُعَاذ بْن هشام، وأبا عامر العقدي. وعنه: ت.، وأبو بكر بن خُزَيْمَة، وأبو عروبه الحرّانيّ، وابن صاعد، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، وآخرون. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. وكان صدوقًا. 287- عبد الله محمد بْن عَبْد اللَّه بْن هلَال المصريّ المقرئ2: أَبُو سعَيِد. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن يوسف بْن كامل المقرئ، وغيره. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 288- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ المخرمي البصري3 -م. ع- سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وغُنْدَرًا، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وطائفة: وعنه: م. ع.، وأبو عَرُبة، وإمام الأئمة ابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي داود، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق.   1 انظر: التهذيب "6/ 7، 8". 2 غاية النهاية "1/ 452" لابن الجزري. 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 163"، والتهذيب "6/ 11-13". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 127 وقال النَّسائيّ: ثقة. قلت: مات سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 289- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن المهاجر: أَبُو محمد البغداديّ الفقية فوزان1. صاحب الْإمَام أَحْمَد. وكان أَحْمَد يأنس بِهِ ويقدِّمه، ويستقرض منه. روى عَنْ: شُعَيب بْن حَرْب، وأبي معاوية، ووكيع. وعنه: عبد الله بن أحمد بن حنبل، وموسى بن هارون، وابن صاعد، وآخرون. قال أبو بكر الخلال: مات أبو عبد الله ولفوزان عنده خمسون دينارا، فأوصى أنْ يعُطى من غلَّته، فلم يأخذها وأَحَلَّه منها. وأخبرني محمد بْن عَلِيٍّ أنهّ سمعه يَقُولُ: كَانَ أبو عبد الله يُكرمني حتى إنه بعث إلى يومًا فقال: وُلِد لنا ولدٌ إيش تري أن نسميّه؟ قَالَ الخطيب: مات فِي رجب سنة ستٍّ وخمسين2. 290- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَوْرة البلْخيّ3 مَتّ: سكن بغداد، وروى عَنْ: عَبْد الصَّمد بْن حسّان، ومكّيّ بْن إبْرَاهِيم وغيرهما. وعنه: مُوسَى بْن هارون، ومحمد بْن مَخْلَد، وجماعة. وثقَّه الخطيب. وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين. 291- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى بْن أَبِي بكُيْر4: عَنْ: جدِّه قاضي كِرْمان. وعنه: ابن صاعد، وابن مَخْلَد محمد. وثقه الخطيب.   1 الجرح والتعديل "5/ 164"، وتاريخ "10/ 79، 80". 2 يعني مائتين. 3 تاريخ بغداد "10/ 80". 4 انظر: تاريخ بغداد "10/ 80". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 128 292- عبد الله بن محمد بن عمرو -د- أبو العباس الغزي1. عَنْ: أَبِيهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إياس، وسعيد بْن أَبِي مريم، وطائفة. وعنه: د.، وابن جوصا، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون. وكان ثقة. 293- عبد الله بن محمد: أبو محمد التوزي البصري، مولي قريش2. من كبار أئمة العربية: أخذ عَنْ: الأصمعيّ، وأبي عُبَيْدة. وقرأ كتاب سِيبَوَيْه عَلى أَبيْ عمر الْجَرْميّ. ورأس فِي الأدب، وصنَّف كتبًا كثيرة منها: كتاب "الأمثال"، وكتاب "الأضداد"، وكتاب "الخيل"، وكتاب "النوادر"، وكتاب "فعلت وأفعلت". قَالَ المبرّد: ما رَأَيْت أَعْلَم بالشِّعْر منه؛ كَانَ أعلم من المازني والرياشي. قلت تَوَّز من بلَاد فارس. 294- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن خلَاد3: أَبُو أُمّية العراقيّ. أراه مِن أهل واسط؛ قاله أَبُو أَحْمَد فِي الكني. سَمِعَ: وَهْبُ بْن جرير، ويعقوب بْن محمد. وعنه: جعفر الفريابي، ومحمد بن المسيب الأرغياني. 295- عبد الله بن مخلد التميمي النيسابوري النحوي4 -د- أبو محمد، تلميذ أبي عبيد.   1 الجرح والتعديل "5/ 162، 163"، والتهذيب "6/ 18". 2 الفهرست "57، 58". 3 الثقات لابن حبان "8/ 368". 4 انظر: التهذيب "6/ 24". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 129 سمع: مكي بن إبرهيم، وأبا نُعَيْم. وعبدان المَرْوزِيّ، وجماعة. وعنه: د.، وابن خُزَيْمَة، ومكي بن عبدان، وأبو بكر بن أبي داود، وطائفة. وكان مكثرا عَنْ أَبِي عُبَيْد. تُوُفّي سنة ستين ومائتين. 296- عَبْد اللَّه بْن أَبي المورة الأنباري1: عَنْ: يَعْلَى بْن عَبْيد، وغيره. وعنه: محمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن عبدوس. توفي سنة ثمان وخمسين. - عبد الله بن هارون: أبو علقمة الفروي. في الطبقة الآتية. 297- عبد الله بن هاشم بن حيان -م- أبو عبد الرحمن الطوسي2. رحل وعُني بالحديث. وسمع: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وخالد بْن الحارث، ويحيى بْن سعَيِد القطّان، وأبا معاوية، وابن مَهْديّ، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، ووَكِيع بْن الجراح، وطائفة. وعنه: م.، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومكي بْن عَبْدان، وابنا الشَّرْقيّ، وآخرون. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب الحافظ: عَبْد اللَّه بْن هاشم مجوّد فِي حديث يحيى، وعبد الرَّحْمَن. وقال الحاكم: توفي في ذي الحجة سنة خمس وخمسين. وقال صالح جزرة: ثقة.   1 لم نقف عليه. 2 الجرح والتعديل "5/ 196"، والسير "12/ 378". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 130 وقيل: تُوُفّي سنة ثمانٍ؛ وقيل: سنة تسعٍ وخمسين. والأول الصحيح. وقد وقع لي من عواليه جزء جَمَعَه زاهر بْن طاهر. 298- عَبْد الجبّار بْن خَالِد بْن عِمران الفقيه: أَبُو حفص المقرئ المالكيّ1، صاحب سَحْنُون. من كبار العُلماء بالقيروان. تفقّه عَلَيْهِ طائفة. وتوفي سنة إحدى وخمسين2. 299- عَبْد الحميد بْن حمّاد: أَبُو الوليد البَعْلَبَكّيّ2. يروى عَنْ: سُوَيْد بْن عَبْد العزيز قاضي بَعْلَبَكّ. وعنه: صاعد البرّاد شيخ عَبْد الوهّاب الكِلَابيّ، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، وابن جَوْصا، وغيرهم. 300- عَبْد الحميد بْن عصام الْجُرْجانيّ3: أبو عبد الله نزيل همدان. سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويزيد بْن هارون، وعبد المجيد بْن أَبِي رَوّاد، وجماعة. وعنه: يحيى بْن عَبْد اللَّه الكرابيسيّ، وأحمد بْن محمد بْن أَوْس، وجماعة. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وعَنِ المرّار بْن حَمُّوَيْه قَالَ: ما رَأَيْت مثل عَبْد الحميد بْن عصام. وله ذريّة محتشمون وأكابر بَهَمدان. تُوُفّي سنة ست وخمسين.   1 انظر: "ترتيب المدارك" للقاضي عياض. 2 تاريخ دمشق "22/ 190" لابن عساكر. 3 الجرح والتعديل "6/ 16، 17". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 131 قَالَ ابن أَبِي حاتِم: سَمِعَ منه أَبِي، وقدِمْت همدان وهو حي ولم أسمع منه. ومحلُّه الصدق. 301- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم بْن عيسى بْن يحيى بْن نُفَيْر1: الإمام أَبُو زيد القُرْطُبيّ المالكيّ، مولي بْنى أُميّة. حجَّ وسمع من: عَبْد الملك بْن الماجِشُون، وأبي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، ومطرف بْن عَبْد اللَّه. وتفقه عَلَى أصحاب مالك. روى عَنْهُ: محمد بْن عُمَر بْن نُبَاته، وسعيد بْن عثمان الأعناقيّ، ومحمد بْن فُطَيْس، وجماعة. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين فِي جُمَادَى الأولي، وقيل: سنة ثمان. وكان رأسًا فِي المذهب والفتوى بقُرْطُبة. 302- عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن الحَكَم بْن حبيب بْن مِهْران -خ. م. د. ق- أبو محمد العبدي النيسابوري2: سَمِعَ: أَبَاهُ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، ووَكِيعًا، ومَعْن بْن عيسى، وحفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وحفص بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ، وخلْقًا. وارْتحل إلى اليمن فأكثر عَنْ عَبْد الرّزّاق. وعنه: خ. م. د. ق.، ومكّيّ بْن عَبْدان، وابن أَبِي دَاوُد، وأبو عوانة، وابن صاعد، وابن الشرقي، وابن خزيمة. وكان موصوفا بطيب الصوت. قال مكي بن عبدان: كان عبد الله بن طاهر يحضر بالليل متنكرا إلى مسجد عبد الرحمن ليسمع قراءته. وقال عبد الرحمن: أقامني يحيى بن سعيد في مجلسه فقال: ما حدَّثكم عنيّ هذا الصّبيّ فصدقوه، فإنه كيس.   1 السير "12/ 336". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 215"، والتهذيب "6/ 144، 145". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 132 قلت: رحل بِهِ أَبُوهُ سنة ستٍّ وتسعين ومائة وهو شبه المحتلم، لَهُ نيَّفٍ عشرة سنة. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب: سمعته يَقُولُ: حملني أَبِي عَلَى عاتقه فِي مجلس سُفْيَان بْن عُيَيْنَة فقال: يا معشر أصحاب الحديث أَنَا بِشْر بْن الحَكَم، سَمِعَ أَبِي من سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وسمعت أَنَا منه، وهذا ابني قد سَمِعَ منه. وقال عَبْد الرَّحْمَن: احتلمت باليمن مَعَ أَبِي. وقال: كنّا نسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ وأبوه يلعب بالحمام. قلت: آخر من روى عَنْهُ عَلَى الإطلَاق محمد بْن عَلِيّ المذكّر شيخ ضعيف للحاكم. وقد وقع لنا ما جمع زاهر الشّحّاميّ من عواليه وعوالي عَبْد اللَّه بْن هاشم المذكور. وآخر ثقة روى عَنْهُ أبو حامد أحمد بْن يحيى بْن بلَال البزاز. وقال أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر يَقُولُ: احتلمتُ فدعا أَبِي عَبْد الرّزّاق وأصحاب الحديث الغُرباء، فلمّا فرغوا مِنَ الطّعام قَالَ: اشهدوا أنّ ابني قد احتلم، وهو ذا يسمع من عَبْد الرّزّاق وقد سَمِعَ مِنَ ابن عُيَيْنَة. ورُوِيَ أنّ الأمير عَبْد اللَّه بْن طاهر قَالَ: ما بخُراسان رَجُل أحسنُ عَقْلا من عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر. وقال مسدَّد بْن قَطَن: لمّا تُوُفّي محمد بْن يحيى عقد مُسلْمِ مجلسًا لخالي عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر، فكان يحضر أَحْمَد بْن سَلَمَةَ، وينتقي لَهُ مُسلْمِ بشرطه فِي" الصَّحيح"، ويُمْليه عَبْد الرَّحْمَن. ولم يكن لَهُ مجلس إملَاء قَبْلها. وقال أَبُو بَكْر الجاروديّ: كَانَ يحيى القطّان يحلّ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر محلَّ الولد لمكان أَبِيهِ. وقال أَبُو عَمْرو بن أبي جعفر الزاهد: أن أَبِي قَالَ: أمَر عَبْد اللَّه بْن طاهر الأمير أن تُكَتب أسامي الأعيان بَنْيسابور. فكتبوا مائة نفس. ثمّ قَالَ: يُختار مِنَ المائة عشرة. فكتبوا أسماء عشرة. ثمّ قَالَ: يخُتار منهم أربعة: فكان من الأربعة عبد الحمن بْن بِشْر. ومات رحمه اللَّه فِي ثامن عشر ربيع الآخر سنة ستين ومائتين. 303- عَبْد الرحمن بن الحسن السلمي الحوراني1:   1 انظر: تاريخ دمشق "22/ 478". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 133 روى عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، ومروان بْن معاوية. وعنه: ابن جوصا، وأبو بشر الدولابي، والقاسم بن عيسى العصار، وغيرهم. 304- عبد الرحمن بن الحسين الحنفي الهروي1 -د- رحل وسمع: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وكِنانة بْن جبلة السُّلَميّ الهروي صاحب الأعمش، وجماعة. وعنه: د.، وابنه أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وداود بْن وسيم البوسنجيّ، ومحمد بْن المنذر سُكّر، وأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بْن محمد بْن رَزٍين الباشانيّ، وأَبُو جعْفَر محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن السّاميّ، وغيرهم. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. 305- عَبْد الرَّحْمَن بن خالد بن يزيد - د. ت. - أبو بكر الرقي القطان2: رحل وسمع: وكيعًا، ويزيد بْن هارون، وزيد بْن الحُباب، وطائفة. وعنه: د. ن.، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وأبو عَرُوبة، وعبد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد، وآخرون. قَالَ النَّسائيّ: لَا بَأْسَ بِهِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وخمسين. 306- عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن عَبْد الرحمن بن الضحاك -ن- أبو معاوية البصري الحمصي3. عَنْ: أبيه، ومحمد بْن شُعَيب بْن شابور، وشعيب بْن اللَّيْث بْن سعَد، وغيرهم. وعنه: ن.، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيْه الأصبهاني، وأحمد بن محمد بن عيسى الحمصي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. 307- عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بْن عبد الحكم بن أعين4 -ن- أبو القاسم المصري الإخباري، صاحب "تاريخ مصر"، وأخو فقيه مصر، وسعد، وعبد الحكم.   1 التهذيب "6/ 163، 164". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 229، 230"، والتهذيب "6/ 166". 3 الجرح والتعديل "5/ 231". 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 257"، والتهذيب "6/ 308". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 134 سَمِعَ: أَبَاهُ، وشعيب بْن اللَّيْث، وإِسْحَاق بْن بَكْر بْن مُضَر، وأشهب الفقيه، وإدريس بْن يحيى. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ، وأبو بكر بن أبي داود، وعلي بن أَحْمَد عِلَان، ومكحول البَيْروتيّ، وعَلِيّ بْن قُدَيْد. توفي في المحرم سنة سبعين ومائتين. 308- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الغفّار بْن دَاوُد الحرّانيّ1: أَبُو القاسم. نزل بغداد، وكان يمتنع مِن التحدّيث. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، وابن وَهْبُ. 309- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن هشام بْن زَبْر الدّمشقيّ2: عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، وأبي النَّضْر الفراديسيّ، وغيرهما. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن مروان، وابن جَوْصا، وجماعة. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثلَاثٍ وخمسين، ونيف عَلَى التسعين. 310- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن: أَبُو سَبْرَة المدنيّ3. حدَّث بالكوفة عَنْ: مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وإسماعيل بْن أَبِي أُوَيْس، وإسحاق الفروي. وعنه: محمد بن الحسين الخثعمي، وإبراهيم بن محمد العمري، وأحمد بن جعفر بن أصرم البجلي، وآخرون. له أحاديث مناكير كأنه وهم فيها.   1 تاريخ بغداد "10/ 270، 271". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 265". 3 الميزان "2/ 587". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 135 311- عبد الرحمن بن الوليد الجرجاني1: يروي عَنْ: أَحْمَد بْن أَبِي طيبة الْجُرْجانيّ، وعَوْن بْن عُمارة، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وطائفة. وعنه: محمد بْن جرير الطَّبَريّ، ومحمد بْن الفضل الآملي النجار، وغيرهما. 312- عبد الرحيم بْن مُنيب الأسعرديّ: روى عَنْ: سُفْيَان بْن عيينة، وطبقته. روى عنه: ابن أبي حاتم وقال: كَانَ صدوقًا؛ وحاجب الطُّوسيّ. 313- عَبْد السّلَام بْن إسماعيل العثماني الدمشقي الحداد2: عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز. وعنه: ابن جَوْصا، ومحمد بْن جعْفَر بْن ملَاس، وجماعة. 314- عبد السلام بن عتيق -د- أبو هشام الدمشقي3: عَنْ: بقيّة بْن الوليد، وأبي مُسْهِر، وجماعة. وعنه: د.، وابن جَوْصا، وأبو الدحداح أحمد بن محمد، وأخرون. قال النسائي: لَا بأس بِهِ. قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. وقد روى عَنْهُ: النَّسائيّ فِي غير السُّنَن. 315- عَبْد الغني بن رفاعة -د-: وهو عَبْد الغنيّ بْن أَبِي عُقَيْل بْن عَبْد الملك. أَبُو جعْفَر اللَّخْميّ المصريّ الفقيه الفَرَضيّ4. "رَأَى اللَّيْث" بْن سعد، وحدَّث عَنْ بَكْر بْن مُضَر، وهو آخر أصحابه. وعن: مفضل بن فضالة، و "عبد الله" بن وهب، وجماعة.   1 تاريخ جرجان "ص253". 2 تاريخ دمشق "24/ 110". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 49"، والتهذيب "6/ 324". 4 التهذيب "6/ 366". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 136 وعنه: د.، وأبو جعْفَر الطَّحَاويّ، وهو أقدم شيخ لَهُ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعلَان بْن الصَّيْقَل، وآخرون. تُوُفّي فِي ربيع الآخر سنة خمسٍ وخمسين، وقد جاوز التّسعين بسنتين. 316- عَبْد الغني بْن عَبْد العزيز بْن سلام -ن-: أبو محمد المصري العسال1. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وابن وَهْبُ، وجماعة. وعنه: ن. قال: لَا بأس بِهِ، وإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم المَنْجَنيِقّي، وعبد اللَّه بْن محمد بن يونس السمناني، وغيرهم. تُوُفّي فِي ثالث المحرَّم سنة أربعٍ وخمسين. 317- عَبْد القُدُّوس بْن محمد بْن عَبْد الكبير بن شعيب بن الحبحاب1 -خ. ت. ن. ق- أبو بكر الأزدي المعولي البصري العطّار. عَنْ: عَبْد الصَّمد بْن عَبْد الوارث، وبشر بن عمر الزهراني، وعبد الله بن أَبِي دَاوُد الخُرَيْبيّ، وجماعة. وعنه: خ. ت. ن. ق.، وعمر البُجَيْريّ، وأبو عروبة، ومحمد بن هارون الروياني، وعبد الله بن أبي داود، وآخرون. 318- عبد الملك بن أصبغ: أبو الوليد القرشي3، مولى عثمان رضي الله عنه. حراني نزل بعلبك، وحدَّث عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، ومنبّه بْن عثمان، وجماعة. وعنه: أَبُو زُرْعَة الدّمشقيّ ووثقه، وعمر بْن سعد المَنْبِجيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وآخرون. تُوُفّي بعد الخمسين.   1 التهذيب "6/ 317". 2 الجرح والتعديل "6/ 57"، والتهذيب "6/ 370". 3 انظر: الميزان "2/ 651"، اللسان "4/ 57". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 137 319- عَبْد الملك بْن قَطَن: أَبُو الوليد المَهْريّ القَيْروانيّ النَّحْويّ اللُّغَويّ1. شيخ أهل الأدب بالمغرب. كَانَ أحفظ أهل زمانه لأنساب العرب وأشعارهم ووقائعهم. أخذ عَنْ: ابن الطَرِمّاح الأعرابيّ، وأبي المنيع، وغيرهما. أخذ عَنْهُ: أهل القيروان. وله كتاب" تفسير مغازي الواقديّ"، وكتاب" اشتقاق الأسماء" ذَيَّل بِهِ عَلِيٌّ قُطرُب. وكان شاعرًا خطيبًا بليغًا مُفَوَّهًا، قام بخُطبةٍ طويلَةٍ بين يدَيْ صاحب إفريقيّة زيادة اللَّه. وعمر دهرًا. ومات فِي رمضان سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. والمَهْريّة بُلَيْدة من إفريقية. 320- عَبْد الوارث بْن عَبْد الصَّمد بْن عَبْد الوارث بْن سَعِيد التَّنُّوريّ2 -م. ت. ن. ق. - أبو عبيدة المصري: عَنْ: أَبِيهِ، وأبي خَالِد الأحمر، وأبي عاصم النَّبيل، وأبي مُعَمِّر المُقْعَد، وغيرهم. وعنه: م. ت. ن. ق.، وأَبُو عَرُوبة، وابن خُزَيْمَة، وعمر بن بجير، ومحمد بن يحيى بن منده، وجماعة. توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين في رمضان. 321- عبد الوارث بن الحسن بن عمرو بن الترجمان القرشي البيساني3: عن: الفريابي، وأبي اليمان، وآدم بن أبي إياس، وعدة. وله رحلة واسعة. روى عنه: عامر بن خريم، وابن ملاس، وأبو الدحداح أحمد بن محمد.   1 بغية الرعاة "2/ 114". 2 التهذيب "6/ 443، 444". 3 تاريخ دمشق "25/ 122". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 138 322- عبد الوهاب بن عبد الحكم بن نافع -د. ت. ن- أبو الحسن الوراق، النَّسائيّ الأصل، البغداديّ العابد1: سَمِعَ: يحيى بْن سُلَيم، ويحيى بْن سعَيِد الأُمَويّ، ومُعَاذ بْن مُعَاذ، وأنس بْن عِياض، وغيرهم. وعنه: د. ت. ن. وقال: ثقة؛ وابن صاعد، والبغوي، والقاضي المحاملي، وآخرون. وكان إماما ثقة زاهدا ورعا. قال المروذي: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: عَبْد الوهّاب الوراق رجلٌ صالح، مثله يوفَّق لإصابة الحق. وقال أَبُو مُزَاحم الخاقانيّ: حدثني الْحَسَن بْن عَبْد الوهّاب الورّاق قَالَ: ما رَأَيْت أَبِي ضاحكًا قطّ إلَا تبسُّمًا، وما رَأَيْته مازحًا قطّ. دعاني مرّةً وأنا أضحك مَعَ أميّ، فجعل يَقُولُ: صاحب قرآن يضحك هذا الضَّحِك! وقال أَحْمَد بْن حنبل: عافاه اللَّه، قلُ أنْ يُرى مثله2. قلت: كَانَ من خواصّ أَحْمَد. تُوُفّي عَبْد الوهّاب: فِي ذي القِعْدة سنة إحدى وخمسين. 323- عَبْد الوهّاب بْن سعَيِد القُضَاعيّ3: مصريّ. عَنْ: ابن وَهْبُ، وغيره. مات سنة أربعٍ وخمسين. - عَبْد الوهّاب الأشجعيّ: مرّ فِي الطبقة الماضية.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 74"، والتهذيب "6/ 448". 2 السير "10/ 229". 3 ينظر في "حسن المحاضرة". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 139 324- عَبْد رَبّ بْن خَالِد بْن عَوْذة التُّجَيْبيّ المصريّ1: يروي عَنْ: ابن وَهْبُ، وغيره. تُوُفّي سنة تسع ومائتين فِي جُمَادَى الأولى. 325- عَبْدُوس بْن بِشْر الرّازيّ2: حدَّث ببغداد. عَنْ: حمّاد بْن زيد، ويزيد بْن زُرَيْع، وأبي يوسف القاضي. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، ويعقوب الجصّاص، وغيرهما. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لَا بأس بِهِ، يُعْتبر بِهِ. 326- عَبْدة بن عبد الله بن عبدة الصفار -خ-: أبو سهل البصري3. عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، ويحيى بْن آدم، وزيد بْن الحُباب، وجماعة. وعنه: خ.، وزكريّا السّاجيّ، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد, وجماعة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين بالأهواز. 327- عُبَيْد اللَّه بْن سُرَيْج بْن حُجْر: الحافظ أَبُو اللَّيْث الشَّيْبانيّ الْبُخَارِيّ الضّرير4. روى عَنْ: عَبْدان المَرْوزِيّ، وأحمد بْن حفص الفقيه، ومحمد بْن سلَام البِيكَنْديّ، وجماعة. وعنه: ابنه عَبْد اللَّه، وإِبْرَاهِيم بْن نصر. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. وكان يحفظ عشرة آلاف حديث.   1 السابق. 2 انظر: تاريخ بغداد "11/ 116". 3 الجرح والتعديل "6/ 90"، والتهذيب "6/ 460، 461". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 140 328- - عُبَيْد اللَّه بْن سَعْد بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد -خ. د. ن. ت-: أبو الفضل الزهري العوفي البغدادي1. سَمِعَ من: أَبِيهِ، وعمّه يعقوب بْن إِبْرَاهِيم، ورَوْح بْن عُبَادة، ويونس بْن محمد المؤدِّب، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه: خ. د. ن. ت.، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وابن مخلد، وإسماعيل الوراق، والقاضي المحاملي، وآخرون. وكان ثقة نبيلا شريفا، ولي قضاء أصبهان فوقع بينه وبين" عبد" الله بن الحسن الهمداني ريس البلد، فعمل في عزله فعزل، ورجع إلى بغداد. ثم ولي" ثانيا، فعاد إليها" فعزل أيضا عَنْ قريب. وقد حدَّث بأصبهان. وذكر عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْد اللَّه الهَمَدانيّ الذّكْوانيّ، عَنْ جده، عَنْ أَبِيهِ عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن حفص قَالَ: ذهب منيّ فِي عزل عُبَيْد اللَّه بْن سعْد ألف ألف درهم. وذلك أَنّه كَانَ بأصبهان مائة مِنَ الشُّهّود، فامتنعوا مِنَ الشّهادة عنده تقرُّبًا إليّ. وكانوا يجتمعون كلّ يوم فِي دار عَبْد اللَّه ستّة أشهر. وكان يُنفق عليهم وعلي غلمانهم ودوابّهم. نقلها أَبُو نُعَيْم فِي تاريخه. وكان عُبَيْد اللَّه من شيوخ القراءة. روى قراءة نافع، عَنْ عمّه يعقوب بْن إِبْرَاهِيم، سماعًا من نافع. روى عَنْهُ الحروف: محمد بْن أَحْمَد المقدَّميّ، وعثمان بْن جعْفَر اللّبّان، والْحَسَن بن محمد بن دكة. توفي أبو الفضْل فِي مُسْتَهَلّ ذي الحجّة سنة ستيّن ومائتين. 329- عُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن يزيد بْن خُنَيْس المخزوميّ المكّيّ -م-: عَنْ: أَبِيهِ، وإسماعيل بن أبي أويس2.   1 التهذيب "7/ 15، 16". 2 انظر: التهذيب "7/ 47". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 141 وعنه: م.، وإسماعيل بْن محمود النَّيسابوري، وعبد الكريم الديرعاقولي، وعبد الله بن محمود خال أبي الشيخ، وأبو العباس السراج وقال: مات سنة اثنتين وخمسين. 330- عبيد اللَّه بْن يوسف -ق- أبو حفص الجبيري البصري1. سَمِعَ: يحيى القطّان، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ووَكِيعًا، وطبقتهم. وعنه: ق.، وابن صاعد، وأبو عروبة، وعبد الله بن عروة الهروي، وجماعة. وتوفي بعد الخمسين. وكان ثقة، صاحب حديث. 331- عُبَيْد بْن آدم بْن أَبِي إياس العسْقلَانيّ2. عَنْ: أَبِيهِ، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ. وعنه: النَّسائيّ فِي كتاب" اليوم واللَّيْلة"، وأبو حاتم الرّازيّ، والْعَبَّاس بْن محمد بْن الْحَسَن بْن قُتَيْبة. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. قلت مات: فِي شَعْبان سنة ثمانٍ وخمسين. 332- عُبَيْد بْن محمد بْن القاسم النَّيسابوري الوراق3. عَنْ: هاشم بْن القاسم، والحسن الأشْيَب. وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد. ووثقه الخطيب. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين ببغداد. ويروي أيضًا عَنْ: يعقوب بْن محمد، ومُوسَى بن هلال. كان صاحب حديث.   1 التهذيب "7/ 57". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 402". 3 تاريخ بغداد "11/ 97". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 142 333- عْنبَس بْن إِسْمَاعِيل القزّاز1: حدث ببغداد. عَنْ: شُعَيب بْن حَرْب، وأصرم بْن حَوْشَب. وعنه: ابن مخلد، وغيره. وهو جدّ ابن سمعون. 334- عُتيق بْن محمد بْن سعَيِد2: أَبُو بَكْر الحَرَشيّ النَّيسابوري. شيخ قديم عالي الرّوايه. وهو بضمّ العين. سَمِعَ: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وعبد العزيز بْن عَبْد الصَّمد العَمّي، ومروان بْن معاوية، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وزكريّا بْن منظور، وأبا معاوية. وعنه: محمد بْن النَّضْر الجاروديّ، وابن خُزَيْمَة، وأبو يحيى البزّاز، وغيرهم. وآخر من حدَّث عَنْهُ محمد بْن علي المذكّر. تُوُفّي فِي شَعْبان سنة خمسٍ وخمسين. 335- عتيق بْن مَسْلَمَة بْن عتيق بْنُ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْن العوام. المصريّ الزُّبَيْريّ، مولى محمد بْن بِشْر العُكْبَريّ3. مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 336- عثمان بْن صالح بْن سعَيِد الخلْقانيّ الخيّاط4 -د- بغدادي ثقة. سَمِعَ: يزيد بْن هارون، وعَلِيّ بْن عاصم، وعَبْد اللَّه بْن بَكْر السَّهْميّ، وجماعة. وعنه: د.، وابن صاعد، وابن مخلد العطار، والحسين بن يحيى بن عياش، وآخرون.   1 تاريخ بغداد "12/ 318". 2 الثقات لابن حبان "8/ 525". 3 ينظر في "حسن المحاضرة". 4 انظر: تاريخ بغداد "11/ 289"، التهذيب "7/ 121، 122". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 143 توفي سنة ست وخمسين. وثقه ابن صاعد. وكناه السراج: أبا القاسم. 337- عثمان بن عفان السجستاني1: توفي في شوال سنة خمس وخمسين. وكان ذا حرمه ببلدة لفضله وزهده. 338- عريب المغنية2: قد مرت في حدود الثلاثين ومائتين. وأحسبها عاشت إلى بعد ذلك، وأنها عمرت ورمت. وقد روى أبو علي التنوخي في" النشوار": نا أَبُو محمد، نا الفضل بْن عَبْد الرَّحْمَن الكاتب: أخبرني مَن أثق بِهِ أنّ إِبْرَاهِيم بْن المدبرّ الكاتب أخا أَحْمَد بْن المدبّر قَالَ: كنتُ أتعشَّق عَرِيب دهرًا طويلَا، وأُنْفِقُ الأموال عليها. فلمّا قصدني الزّمان وبطلت ولزِمتُ البيت، كانت هِيَ أيضًا قد أسنَّت، وتابت مِن الغناء وزَمِنَتْ، فكنتُ جالسًا يومًا، إذ جاءني بوّابي فقال لي: عَرِيب بالباب. فعجبتُ وارتحتُ إليها، وقمت حتى نزلت، فإذا بها، فقلت: يا ستّي، كيف كَانَ هذا؟ قَالَتْ: اشتقتُ إليك، وطال العهد. فأُصْعِدت فِي محفّة مَعَ خَدَمها، ثمّ أكلنا وتحدَّثنا وشرِبنا النَّبيذ، وأمرت جواريها بالغناء فَغَنيْن، فقلت: يا ستّي، قد عملت أبياتًا أشتهي أن تعملي لها لحنًا. فقالت: يا أَبَا إِسْحَاق مَعَ التَّوبة؟ قلت: فاحتالي. فقالت: حفّظ هاتين الصَّبِيَّتين الشِّعْر، وأشارت إلى بدْعة، وتُحْفَة. ثمّ فكَرت ووقَعت بالمروحة عَلَى الأرض وزمرت مَعَ نفسها، ثم قالت: أصلحا الوتر الفلاني,   1 من أهل سجستان، ولم نقف عليه. 2 انظر: الأغاني "17/ 177-180". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 144 على الطريق الفلاني، وافعلا كذا. فامتثلا لذلك وغنَّتا فأجادتا؛ فطربتُ وقمت إلى جَوَاريّ، وجمعت منهنّ ما بين خِلْخال وسِوَار ولؤلؤ ما قيمته ألف دينار وقدَّمته لها برسم الجاريَتيْن: فتمنَّعت، فقلت: لَا بُدّ. فلمّا أرادت الذَّهاب قَالَتْ: قد ابتاعت فلَانة أمّ ولدك ضيعةً لي شفعتها فأريد أن تنزل عَنْها لي. فأخذتُ من أمّ ولدي العُهْدة بالضَّيْعة وجئت وقلت: قد وهبتها لك. فشكرتني ومضت. وكان شراء الضَّيْعة ألفَ دينار، فقام عَلِيّ يومها بألفيْ دينار1. 339- "عصام"2 بْن خُون. أَبُو السّرِيّ الْبُخَارِيّ3. حدَّث عَنْ: القَعْنَبيّ، وسعيد بْن منصور، وغيرهما. تُوُفّي فِي ذي الحجّة سنة سبْعٍ وخمسين. ولهم أَحْمَد بْن خُون الفَرَغانيّ روى الْكُتُبَ عَنِ الرّبيع المراديّ. 340- عقيل بْن يحيى الأسود: أَبُو صالح الأصبهاني الطّهْرانيّ4. ثقة، سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وابن مهدي،، وأبا داود صاحب الطَّيالِسَة، وجماعة. وعنه: يوسف ين محمد المؤذّن، وأحمد بْن محمود بْن صَبِيح، وعبد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن مَنْدَه أخو محمد بْن يحيى، وآخرون. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثمانٍ وخمسين. وقع لنا مِن عواليه بإجازة.   1 نشوار المحاضرة "1/ 273". 2 استدارك من المشتبه "1/ 192" للذهبي. 3 انظر السابق. 4 الثقات لابن حبان "8/ 525". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 145 341- علقمة بن عمرو بن حصين -ق-: أبو الفضل التميمي الدارمي العطاري الكوفي1. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش. وعنه: ق.، وابن صاعد، وعبد الله بن عروة الهروي، وغيرهم. توفي سنة ست وخمسين2. 342- العلاء بن سالم -ق- أبو الحسن2: عَنْ: شُعَيب بْن حَرْب، وأبي معاوية، وجماعة. وعنه: ق.، وابن صاعد، وإسماعيل الوراق، وابن مخلد. قال أبو داود: ما به بأس. قلت: توفي سنة ثمان وخمسين، وله حديث واحد في "سنن ابن ماجة". 343- علي بن أحمد: أبو الحسن الجواربي الواسطي3. عن: يزيد بن هارون، وأبي أحمد الزبيري. وعنه: الباغندي، والقاضي المحاملي. وثقه الخطيب أبو بكر. لم يقع لي وفاته. بقي إلى نيَّفٍ وخمسين. ووقع لي من عواليه. 344- عَلِيّ بْن حرب: الجنديسابوري4، لا الموصلي.   1 انظر: التهذيب "7/ 276". 2 التهذيب "8/ 183". 3 تاريخ بغداد "11/ 314". 4 الجرح والتعديل "6/ 183"، والتهذيب "7/ 296". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 146 سَمِعَ: إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرّازيّ، وأشعث بْن عطاف، وغيرهما. وعنه: أَحْمَد بْن يحيى التُّسْتَرِيّ، وعَبْدان الأهوازي، ومحمد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُوريّ، وأهل فارس. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وخمسين. 345- عَلِيّ بْن الْحَسَن الذُّهْليّ الأفطس1. أَبُو الْحَسَن النَّيسابوري الحافظ، صاحب "المُسْنَد" رحل وسمع: أَبَا خَالِد الأحمر، وابن عُيَيْنَة، والمُحَارِبيّ، وعَبْد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وجرير بْن عَبْد الحميد، وابن عَلَيْهِ، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وأبا مطيع البلْخيّ، وخلْقًا سواهم. وعنه: أَبُو يحيى البزاز، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن سُفْيَان، ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن فارس، وجماعة. وقال أَبُو حامد الشَّرْقيّ: هُوَ متروك، يروي عن شيوخ لم يسمع منهم. كذا أورد فِي ترجمة ". . . " بجرديّ. ذكره الحاكم فقال: شيخ عصره بَنْيسابور فِي سنة إحدى وخمسين. وتوفي بعدها. 346- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن بكُيْر بْن واصل الحضْرميّ2. يروي عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وحَجّاج الأعور، وطبقتهما. وعنه: عبد الله بن ناجية، وعبد الله الحامض، ومحمد بن مخلد. وثقه الخطيب. 347- علي بن الحسن بن عبيد الشيباني3: أبو الحسن بن الأعرابي. روى عَنْ: عَلِيّ بْن عمروس، وأبي العتاهية، وغيرهما. وكان أديبًا إخباريًا.   1 انظر: الميزان "3/ 121"، واللسان "4/ 218". 2 تاريخ بغداد "11/ 373". 3 تاريخ بغداد "1/ 373، 374". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 147 روى عنه: عبد الله بن أبي سعد الوراق، والمَحَامِليّ. 348- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مطر الدّرْهَميّ البصري1 -د. ن-: عَنْ: معتمر بْن سُلَيْمَان، وخالد بْن الحارث، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، ووَكِيع. وعنه: د. ن. وقال: ثقة؛ وزكريّا بْن يحيى السّاجي، وأحمد بن يحيى التستري، وابن أبي داود، وابن خزيمة، وعبدان. توفي سنة ثلاث وخمسين في جمادى الآخرة. 349- علي بن خرشم بن عبد الله بن عطاء -م. ت. ن-: أبو الحسن المروزي2 ابن أخت بِشْر الحافي. سَمِعَ: الفضل بْن مُوسَى السِّينانيّ، وعَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس، وأبا بكر بن عَيَّاش، وهُشَيْم بْن بشير. وعنه: م. ت. ن. وأبو حامد أَحْمَد بن حمدون الأعمش، وابن خزيمة، وابن أبي داود، ومحمد بن عقيل البلخي، ومحمد بن معاذ الماليني، وأبو علي بن رزين الباشاني، ومحمد بن منذر شكر الهروي، ومحمد بن يوسف الفربري. قال أبو رجاء محمد بن حمدويه: سمعته يَقُولُ: وُلِدتُ سنة ستّين ومائة، وَصُمْتُ ثمانية وثمانين رمضانًا. قَالَ: ومات فِي رمضان سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. 350- عَلِيّ بْن زَنْجَلَة الرّازيّ3: عَنْ: يحيى بْن آدم، وحُسْين الْجُعْفيّ، وأزهر السّمّان، وطبقتهم. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كَانَ رفيق أَبِي بالبصْرة روى عَنْهُ: أَبِي، وعَلِيّ بْن الحسين بن جنيد. وكان ثقة، لم يُقْضَ لي السَّماعُ منه.   1 الجرح والتعديل "6/ 179"، التهذيب "7/ 307". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 184"، والتهذيب "7/ 316". 3 الجرح والتعديل "6/ 187". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 148 351- علي بن سعيد بن جرير -ن- أبو الحسن النسائي الحافظ1: عَنْ: أَبِي النَّضْر هاشم بْن القاسم، وجعْفَر بْن عَوْن، ومُحَاضر بْن المورَع، وعبد اللَّه بْن بَكْر، وعبد الصَّمد بْن عَبْد الوارث، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهْريّ، وأبي مُسْهِر، وخلْق بالشّام، والعراق، ومصر، وخُراسان. وعنه: ن. وقال: صدوق؛ وعَبْد اللَّه بْن شِيرُوَيُه، وأَبُو حامد بن الشرقي، وأبو بَكْر بْن خُزَيْمة، وأبو بَكْر بْن زياد، وآخرون. وثقَّه محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وقال: اكتبوا عَنْهُ. وقال أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ: سَمِعْتُ عَلِيّ بْن سعَيِد يَقُولُ: سَأَلت أَحْمَد بن حنبل عن اللفظية، قال: هُمُ الْجَهْميّة. قلت: بقي إلى سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 352- عَلِيّ بْن سعَيِد بْن شَهْرَيار الرَّقّيّ الجصّاص2: عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وشَبَابة، وجماعة. سَمِعَ منة: أَبُو حاتم بالرَّقَّة، وقال: شيخ. 353- عَلِيّ بْن سَلَمَةَ بْن شقيق بْن عُقْبَةَ -ق- أبو الحسن اللبقي النيسابوري3. سَمِعَ: حفص بْن غِياث، وعَبْد الرَّحْمَن المُحَارِبيّ، وابن فُضَيْل، ومروان بْن معاوية، وابن عَلَيْهِ، وجماعة. وعنه: ق. ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ، ومسلم، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وطائفة. "وروى عنه أبو" علي المذكر. وثقه مسلم. وتوفي لثلاث بقين من جمادى الأولي سنة اثنتين وخمسين.   1 الجرح والتعديل "6/ 189"، والتهذيب "7/ 326". 2 الجرح والتعديل "6/ 189". 3 التهذيب "7/ 327". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 149 قال البخاري في "صحيحه": ثنا عَلِيّ، ثنا مالك بْن سُعير. فقيل: إنّه عَلِيّ بْن سَلَمَةَ، وإلَا فهو ابن المدينيّ. قَالَ دَاوُد بْن الْحُسَيْن البَيْهقيّ: سَمِعْتُ عَلِيّ بْن سَلَمَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم، فقلت: يا رسول اللَّه ما تقول في القرآن؟ قال: أشهد أن كلَام اللَّه غير مخلوق1. 354- عَلِيّ بْن شُعَيب بن عدي -ن- أبو الحسن البغدادي السِّمْسار2: عَنْ: هشام، وابن عُيَيْنَة، وعبد الله بن نمير، وجماعة. وعنه: ن. وقاسم المطرِّز، وابن صاعد، ومحمد بن جرير، والمحاملي، وآخرون. وثقه النسائي. وتوفي سنة ثلاث وخمسين في ثامن عشر شوال. ووهم البغوي فقال: مات سنة إحدى وستين. أصله من طوس. 355- علي بن عاصم الثقفي: مولاهم الأصبهاني3. أخو محمد وأسيد. روى عَنْ: سُلَيْمَان الشّاذَكُونيّ، وغيره. وكان مِن أولياء اللَّه تعالي. قَالَ أَبُو الشيخ: كَانَ مِن العابدين الزاهدين. لم يخرج له كثير الحديث. ومات بعد الخمسين ومائتين. 356- عَلِيّ بْن عَبْد المؤمن الزعفراني الكوفي4. نزيل الري:   1 الثقات لابن حبان "7/ 328". 2 الثقات لابن حبان "8/ 475"، والتهذيب "7/ 331، 332". 3 انظر: طبقات المحدثين "2/ 310، 311". 4 الجرح والتعديل "6/ 196". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 150 روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد المُحَارِبيّ، وجماعة. وعنه: القاضي المحاملي، وابن أبي حاتم وقال: صدوق. 357- عَلِيّ بْن عبدة التّميميّ المكتِّب1: عَنْ: ابن عَلَيْهِ، وغيره. وعنه: أَبُو حامد الحضْرميّ، والمَحَامِليّ. ومات سنة سبْعٍ وخمسين. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: كَانَ يضع الحديث. قلت: وقع لنا حديثه عاليًا فِي" جزء ابْن الطّلَاية" يتجلَّى لأبي بَكْر. 358- عَلِيّ بن عمرو بن الحارث بن سهل -ق- أبو هبيرة الأنصاري البغدادي2. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، ومحمد بْن أَبِي عديّ، ويحيى بن سعَيِد الأُمَويّ. وعنه: ق.، وأبو حامد الحضْرميّ، وابن مَخْلَد، ويعقوب الدعاء، وابن أبي حاتم وقال: محلُّه الصِّدق. قلت: مات سنة ستّين فِي المحرَّم. وقيل: فِي ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين. 359- عَلِيّ بْن المُثَنَّى الطُّهَويّ الكوفيّ3 -ن- عَنْ: زيد بْن الحُباب، وسُوَيْد بْن عَمْرو الكلبيّ. وعنه: ن. حديثًا واحدًا، وعبد اللَّه بْن زيدان، وحاجب" بْن أركين"، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وجماعة. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين.   1 تاريخ بغداد "12/ 19"، الميزان "3/ 120". 2 الجرح والتعديل "6/ 199، 200"، والتهذيب "7/ 397". 3 انظر: التهذيب "7/ 377". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 151 ورواية النَّسائيّ عَنْهُ فِي طريق ابن السُّنّيّ وحده. وأمّا فِي رواية ابن حَبَوَيْه النَّيسابوري، عَنِ النَّسائيّ فقال: حدَّثنا محمد بْن المُثَنَّى. وفي نسخة سهل الإسفراييني بخطه: نا ابن المثنى. وكذلك فِي نسُخٍ أُخَر بخطّ غيره. ولم يذكره ابن عساكر فِي "الشيوخ النُّبْل". 360- عَلِيّ بْن محمد بْن معاوية النَّيسابوري1: عَنْ: أَبِي ضَمْرَةَ أنس بْن عِياض، وأبي أسامة. وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، ويعقوب الجصّاص، وآخرون. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 361- عَلِيّ بْن محمد بْن أَبِي الخصيب الكوفيّ الوشاء2 -ق- سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، ووَكِيعًا، وعُمَرو بْن محمد العْنقزيّ. وعنه: ق. وإِبْرَاهِيم بْن مَتُّوَيْه الأصبهاني، وأبو بكر بن أبي داود، والبردنجي، وابن أبي حاتم, وقال: محله الصدق. قلت: تُوُفّي سنة ثمانٍ أيضًا. 362- عَلِيّ بْن محمد بن زكريا -ن- أبو المضاء3. نزيل الرَّقَّةِ. ثقة، حافظ، روى عَنْ: خَلَف البزار، والمعافى بن سُلَيْمَان الرَّسْعَنيّ. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ؛ وأبو بَكْر محمد بْن حمدون بْن خَالِد، وغيرهما. 363- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي المضاء4 -ن- قاضي المصِّيصة. وهو ابن عمّ أَحْمَد بْن عَلِيّ. روى عَنْ: إِسْحَاق بْن الطّبّاع، وأبي اليَمَان، ومحمد بْن كثير المصيصي، وسعيد بن المغيرة، وطائفة.   1 من العلماء المستورين، ولا بأس به. 2 الجرح والتعديل "6/ 202"، والتهذيب "7/ 379". 3 انظر: التهذيب "7/ 380". 4 انظر: التهذيب "7/ 380". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 152 وعنه: ن.، وسعيد بْن عَمْرو البردعيّ، ومطين، ومحمد بن المنذر شكر، وجماعة. قال النسائي: ثقة. 364- علي بْن محمد بْن علي بْن مُوسَى بن جعفر بن محمد بن زيد العابدين1. السيد الشريف، أبو الحسن العلوي الحسيني الفقيه. أحد الاثني عشر، وتلقبه الإمامية الهادي. قال الصولي: نا الْحَسَين بْن يحيى, أن المتوكّلُ اعتلَّ فقال: لئِن برأتُ لأتصدَّقنّ بدنانير كثيرة. فلمّا عُوفي جمع الفقهاء فسألهم عَنْ ذَلِكَ، فاختلفوا. فبعث، يعني إلى أَبِي الْحَسَن العسكري فسأله، فقال: يتصدق بثلاثَةٍ وثمانين دينارًا. فعجب القوم وقالوا: مِن أَيْنَ لَهُ هذا؟ فأرسل إِلَيْهِ، فقال: لأنّ اللَّه يَقُولُ: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة: 25] فروى أهلنا جميعًا أنّ المَوَاطن والسَّرايا كانت ثلَاثة وثمانين موطنًا. تُوُفّي عَلِيّ، رحمه اللَّه، سنة أربعٍ وخمسين، وله أربعون سنة. 365- عَلِيّ بْن مسلم بن سعيد -خ. د. ن- أبو الحسن الطوسي، ثم البغدادي2. سَمِعَ: هُشَيْمًا، وجرير بْن عَبْد الحميد، ويحيى بْن أَبِي زائدة، ويوسف بْن يعقوب الماجِشُون، وأبا يوسف القاضي، وابن المبارك، وعبد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أسلم، وخلْقًا سواهم. وعنه: خ. د. ن. وأبو بكر الأثرم، وعبد الله بن أحمد، وابن صاعد، والمحاملي، وابن عياش القطان، وآخرون. قال النسائي: لَا بأس به. وقد روى عن رجل، عنه.   1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 56"، والبداية والنهاية "11/ 14". 2 الجرح والتعديل "6/ 203"، والسير "11/ 525". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 153 تُوُفّي لسبْعٍ بقين من جُمَادَى الآخرة سنة ثلَاثٍ وخمسين. وكان مولده سنة ستّين ومائة. وروى عَنْهُ: ابن معين مَعَ تقدَّمه، وأبو حاتم الرّازيّ. 366- عَلِيّ بْن مَعْبَد بْن نوح -ن- أبو الحسن البغدادي1: سكن مصر. وروى عَنْ: عَبْد الوهّاب بْن عطاء، وشَبَابة، وأبي النَّضْر، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم، وأبي أحمد الزبيري. وعنه: ن. وعن رجلٍ عَنْهُ، وأبو بَكْر بْن خُزَيْمَة، وأبو جعْفَر الطَّحَاويّ، وآخرون. قَالَ أَحْمَد العجلي: ثقة صاحب سنة. ولي أَبُوهُ طرابلس الغرب. وقال ابن أَبِي حاتم: صدوق. قلت: مات فِي رجب سنة تسعٍ وخمسين بمصر. وكان قدِمها تاجرًا، فسكنها. وآخر أصحابه موتًا إِبْرَاهِيم بْن ميمون العسكريّ. 367- عَلِيّ بن المنذر -ت. ن. ق- أبو الحسن الطريقي الأودي الكوفي العلَاف2 الأعور: عَنْ: ابن عُيَيْنَة، والوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن فُضَيْل، وطبقتهم. وعنه: ت. ن. ق.، وبدْر بْن الهَيْثَم، وأبو بَكْر بن أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، ويحيى بْن صاعد، وخلق. وحجَّ خمسين حجّة. قَالَ النَّسائيّ: شيعيّ مَحْض. قلت: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل سنة ستٍّ وخمسين. 368- عمّار بْن خَالِد بْن يزيد الواسطيّ التمار3 -ن. ق- عَنْ: جرير بن عبد   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 205"، والتهذيب "7/ 385". 2 الجرح والتعديل "6/ 206"، والتهذيب "7/ 386". 3 الجرح والتعديل "6/ 395"، والتهذيب "7/ 399، 400". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 154 الحميد، ومرحوم بْن عَبْد العزيز، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعَبْد الحَكَم بْن منصور، وإِسْحَاق الأزرق. وعنه: ن. ق. وأبو حاتم الرّازيّ، وأحمد بْن عَلِيّ المَرْوزِيّ، وابن أَبِي دَاوُد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وابن مبشر الواسطيّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ستّين ومائتين. 369- عِمران بْن قَطَن: أَبُو مُوسَى الْبُخَارِيّ الفرْخَشيّ1، من قرية فَرْخَشِيّة. رحّال، لقي عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، والمقريّ، وأبا جَابرِ محمد بْن عبد الملك. وعنه: عَبْد اللَّه بْن منيح بْن سيف. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. قاله الأمير. 370- عُمَر بْن نصر: أَبُو حفص النِّهْرَوَانيّ2. عَنْ: يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء، وشَبَابة، وغيرهم. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبتُ عَنْه بنِهْروان، وهو صدوق. 371- عَمْرو بْن بحر الجاحظ3: قِيلَ: تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. وقد ذكر. 372- عمرو بن عبد الله الأودي -ق- أبو عثمان الكوفي4:   1 الإكمال "7/ 125"، لابن ماكولا. 2 الجرح والتعديل "6/ 137". 3 سبقت الترجمة له. 4 الجرح والتعديل "6/ 244"، والتهذيب "8/ 62". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 155 عن: أبي بكر بن عياش، وأبي معاوية، وابن نُمَيْر، وجماعة. وعنه: ق.، وحاجب بْن أَركين، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وبدر بن الهيثم، وابن خزيمة. قال أبو حاتم: صدوق. 373- عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار -د. ن. ق- أبو حفص الحمصي1، مولى قُرَيش: سَمِعَ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقّية بن الولد، وابن عيينة، والوليد بْن مُسلْمِ، وجماعة. وعنه: د. ن. ق.، وجعفر الفِرْيابيّ، وأبو عروبة الحراني، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو بكر بن أبي داود، وخلق. قال أبو زرعة: كان أحفظ من محمد بن مصفى، وأحب إلي منه. قلت: توفي في رمضان سنة إحدى وخمسين. وقيل: توفي سنة خمسين ومائتين. 374- عمرو بن معمر: أبو عثمان العمركي2. حدث ببغداد عَنْ: أَبِي النَّضْر يَعْلَى بْن عبيد، وعُبَيْد اللَّه بن مُوسَى. وعنه: الحسن بن محمد بن شعبة، والمحاملي، وأحمد بْن عبد الله وكيل أبي صَخْرة. وثقه الخطيب. 375- عيسى بن إسحاق النرسي3: حدث ببغداد عَنْ: يحيى بن آدم، وشبابة.   1 الجرح والتعديل "4/ 249"، والتهذيب "8/ 76، 77". 2 انظر: تاريخ بغداد "12/ 220". 3 تاريخ بغداد "11/ 165". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 156 وعنه: موسى بن هارون، ومحمد بن مخلد، وغيرهما. توفي. 376- عيسى بن عبد الله بن سليمان العسقلاني1: نزيل بغداد. عن: الوليد بن مسلم، وضَمْرة بن ربيعة. وعنه: أبو عمر محمد بن يوسف القاضي، ومحمد بن مخلد، وزيد بن عبد العزيز الموصلي، وتمتام، وجماعة كثيرة. قال ابن عدي: ضعيف، يسرق الحديث. 377- عيسى بن عثمان النهشلي الكوفي2 -ت-: عَنْ: عمّه يحيى بْن عيسى الرمليّ. وعنه: ت.، ومُطَيَّن، ومحمد بْن جرير الطَّبَريّ، ومحمد بن يحيى بن منده، وابن أبي داود. قال النسائي: صالح. قلت: توفي سنة إحدى وخمسين. 378- عيسى بن محمد بن إسحاق3 -د. ن-: أبو عمير بن النحاس الرملي. مُحَدَّث، ثقة، لم يرحل. سَمِعَ من: الوليد بْن مُسلْمِ لمّا قدِم الرملة، وضَمْرَة بْن ربيعة، وأيوب بن سويد، وزيد بْن أَبِي الزّرقاء، وجماعة. وعنه: د. ن. ويحيى بْن معين وهو أكبر منه، وقال: ثقة، من أحفظ الناس   1 تاريخ بغداد "11/ 165"، والميزان "3/ 317". 2 التهذيب "8/ 220". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 286"، التهذيب "8/ 228، 229". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 157 لحديث ضَمْرَةَ، وأَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم، وجعْفَر الفِرْيابيّ، وعُمَر البُجَيْريّ، وابن جَوْصا، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد وخلْق. قَالَ ابن جَوْصا: سَمِعْتُ أَبَا عُمَيْر يَقُولُ: قدِم علينا الوليد فِي سنة أربعٍ وتسعين ومائة، فاستقرض لَهُ أَبِي دنانير، فحجَّ مِنَ الرملة، فمات منُصْرَفَه مِنَ الحجَّ بِذِي المَرْوة. فمضي أَبِي إلى دمشق حتى أُبيع منزله وقضي دَيْنه. وقال أبو زرعة: ثنا أبو عمير الرَّمْليّ، وكان ثقة رِضا1. وقال أَبُو حاتم: كَانَ مِنَ العُبّاد، يطلب العلم وعَلى ظهره خُرَيْقة قدْر ذراع، ويختلف إلى الوليد وضَمْرَة. وقال عمر بن سهل الدينوري: سَمِعْتُ ابن وَهْبُ الدِّينَوَرِيّ يَقُولُ: لَقَّنْتُ أَبَا عُمَيْر النّحّاس أربعين حديثًا من حديثه، فلمّا بلغتُ واحدًا وأربعين قَالَ لي: أما تستحي، أَتُجَشِّمني أن أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مجلسٍ واحدٍ أكثر من أربعين شهادة؟ قَالَ ابن زَبْر: تُوُفّي فِي ثامن محرَّم سنة ستٍّ وخمسين. "حرف الفاء": 379- الفتح بْن الحَجّاج: أَبُو نوح الحَرَشيّ النَّيسابوري الفقيه2. سَمِعَ: المقرئ، وحفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وخلَاد بْن يحيى. وفيه: الْعَبَّاس بْن ضَمْرَةَ، وعبد اللَّه النَّصْراباذيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. 380- الفضل بْن جعْفَر بْن عَبْد اللَّه بْن الزِّبْرِقان البغداديّ3 -ت-: أخو يحيى بن بي طالب.   1 الجرح والتعديل "6/ 286". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به. 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 60"، والسير "12/ 621". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 158 سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن مُوسَى، وحَجّاج بْن محمد الأعور، ويزيد بْن هارون، وأبا عَلِيّ الحنفي، وطائفة. وعنه: ت.، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، والقاضي المحاملي. وكان ثقة. توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 381- الفضل بن سهل -ع سوى ق- أبو العباس البغدادي الأعرج1 الحافظ. أحد الأثبات. سمع: الحسين الْجُعْفيّ، وأَبَا النَّضْر بْن القاسم، وشَبَابة بْن سَوّار، وطبقاتهم. وعنه: ع. سوى ابن ماجة، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وخلْق. وكان موصوفًا بالذّكاء والمعرفة والإتقان. توفي فِي صَفَر سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ عَبْدان: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُد يقول: أَنَا لَا أحدِّث عَنْ فضل بْن سهل. قلت: وَلِمَ؟ قَالَ: لأنّه لَا يفوته حديث جيّد. قلت: ومع هذا فقد روى عَنْهُ أَبُو دَاوُد كما قدَّمنا. ووثَّقه النَّسائيّ، والنّاس. وعاش نيفًا وسبعين سنة. وقال أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الصُّوفيّ: كَانَ أحد الدّواهي. يعني: في الحفظ. 382- الفضل بن يعقوب -د. ق- أبو العباس البصري، المعروف بالجزري2: سَمِعَ: عَبْد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، ونوح بن قيس الحداني، وسفيان بن عيينة، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "7/ 63"، والسير "12/ 209-211". 2 الجرح والتعديل "7/ 70"، والتهذيب "8/ 289". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 159 وعنه: د. ق.، وأبو عَرُوبة، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني. توفي في عاشر شعبان سنة ست وخمسين. 383- الفضل بن يعقوب -خ. ق-: أبو العباس البغدادي الرخامي1. سمع: حجاج بن محمد الأعور، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وإدريس بْن يحيى الخَوْلَانيّ العابد، وأسد بْن مُوسَى السنة، وزيد بْن يحيى الدّمشقيّ، ويحيى بْن السَّكَن. وعنه: خ. ق. وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، والحسين والقاسم ابنا المحاملي، ومحمد بن مخلد، وابن خزيمة. قال الدارقطني: ثقة حافظ. وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وكان ثقة صدوقا. توفي في أول جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين ومائتين. 384- فضل2: جارية المتوكل. من مولدات اليمامة. لم يكن في زمانها امرأة أفصح ولا أشعر منها. أدبها رجل من عبد القيس واشتراها محمد بن الفرج الرخجي، فأهداها للمتوكل. حكي علي بن الجهم قَالَ: قلتُ: لاذَ بها يشتكي إليها ... فلم يَجِدْ عندها مَلَاذا فقال لها المتوكّلُ: أجيزي. فقالت بَدِيهًا: ولم يزَلْ ضارعًا إليها ... تَهْطل أجفانُهُ رَذَاذا   1 الجرح والتعديل "7/ 70"، والتهذيب "8/ 288، 289". 2 الأغاني "18/ 90-101". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 160 فعاتبُوه فزادَ عِشْقًا ... فمات وَجْدًا فكان ماذا. ولها شِعرٌ هكذا أرق مِنَ النسيم وأرْوَق مِنَ النسّيم، ولا أعلم متَى ماتت. "حرف القاف": 385- القاسم بْن بِشْر البغداديّ1: أَبُو محمد. عَنْ: يحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: إمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة، والهَيْثَم بْن خلف، وابن صاعد. وثقَّه الخطيب. 386- القاسم بن سعيد بن المسيب بن شريك التميمي البغدادي2: عن: يحيى بْن سعيد القطان، ويزيد بْن هارون، والهيثم بن عدي، وجماعة. وعنه: قاسم المطرّز، والقاضي المَحَامِليّ، وجماعة. وثقه الخطيب. ومات سنة أربعٍ وخمسين ومائتين. 387- القاسم بْن الفضل بْن بَزِيع البغداديّ3: عَنْ: عَمْرو بْن عاصم، وغيره. وعنه: أَبُو عُبَيْد بْن المؤمّل، ومحمد بْن مَخْلَد، ووثقه. مات سنة تسعٍ وخمسين. 388- القاسم بْن محمد بْن عبّاد بْن عباد - ق. - أَبُو محمد الْأَزْدِيّ المهلّبيّ4 البصْريّ، ثمّ البغداديّ.   1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 427". 2 تاريخ بغداد "12/ 427". 3 تاريخ بغداد "12/ 429". 4 تاريخ بغداد "12/ 431". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 161 عَنْ: أَبِيهِ، وأبي عاصم، وبشر بْن عُمَر الزّهْرانيّ، وعبد اللَّه بْن دَاوُد الخريبي. وعنه: ق.، وابن صاعد، والمحاملي، وابن مخلد. وثقة الخطيب. 389- القاسم بن هاشم بن سعيد: أبو محمد البغدادي السمسار1. عن: أبيه، وأبي مسهر الدمشقي، وعلي بن عياش، وعتبة بن السكن. وعنه: ابن أبي الدنيا، والمحاملي، وابن مخلد. وثقه بعضهم. وقال الخطيب: كان صدوقا. مات في رمضان سنة تسع وخمسين ومائتين. 390- القاسم بن يزيد بن كليب المقرئ الوزان2: حدث ببغداد عَنْ: محمد بْن فُضَيْل، ووَكِيع. وعنه: عبد الله بن أبي سعد الوراق، وغيره. توفي سنة اثنتين وخمسين. "حرف اللام": 391- ليث بن الفرج بن راشد البغدادي3: سمع: ابن عيينة، ووكيعا، وعبد الرحمن بن مهدي. وعنه: أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم، ومحمد بن مخلد, وثقه الخطيب. ووقع لي حديثه عاليًا فِي "جزء الأكابر" عَنْ مالك.   1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 429، 430". 2 تاريخ بغداد "12/ 426". 3 تاريخ بغداد "13/ 16، 17". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 162 "حرف الميم": 392- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الجبّار1: أبو عبد الله الباهليّ المصريّ. سَمِعَ: أَبَا أَحْمَد الزُّبَيْريّ. وعنه: عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن قُدَيْد. تُوُفّي بمصر فِي شَعْبان. 393- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عُتْبَة بْن حُمَيْد بْن عُتْبَة بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ: الفقيه العُتْبيّ الأندلسيّ القُرْطُبيّ المالكيّ2، صاحب المسائل العُتْبيّة، ومنهم مَن جَعله من موالي عُتْبة بْن أَبِي سُفْيَان. سمع: يحيى بن يحيى، وسعيد بن حسان، وسَحْنُون بْن سعَيِد، وأَصْبَغ بْن الفَرَج، وغيرهم. وعنه: محمد بْن عُمَر بْن لُبَابَة، وجماعة مِنَ الأندلسييّن. وكان مِن كبار الفُقَهاء فِي زمانه. قَالَ محمد بْن وضّاح: فِي "المُسْتَخْرَجَة" خطأ كثير. وقال أسلم بْن عَبْد العزيز: قَالَ لي ابن عَبْد الحَكَم: أُتِيتُ بكُتبٍ حَسنة الخطّ تُدْعى "المُسْتَخْرَجَة" من وضع صاحبكم محمد بْن أَحْمَد العُتْبيّ، "فرأيت جُلَّها" كذوبًا مسائل المُجالِس لَهُ لم يوقف عليها أصحابها، فخشيت أن أموت فُتوجد فِي تَرِكَتي، فوهبت لرجلٍ يقرأ فيها. فقلت لَهُ: كيف استحللت أن تُعطيها لغيرك، ولم تستحسن أن تكون عندك؟ فسكت.   1 ينظر "حسن المحاضرة". 2 انظر: تاريخ الخلفاء "ص/ 360"، والسير "12/ 335". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 163 وقال محمد بْن عُمَر بْن لُبَابَة: لَيْسَ العُتْبيّ نَسَبه، إنّما كَانَ لَهُ جَدُّ يُسمَّى عُتْبة، فَنُسِبَ إِلَيْهِ. قَالَ ابن الفَرَضيّ: رحل فسمع من سَحْنون، وأَصْبَغ بْن الفَرَج ونُظَرائهما. وكان حافظًا للمسائل جامعًا لها عالمًا بالنّوازل. جمع" المستخرجة" وكثر فيها الرّوايات المطروحة والمسائل الغريبة الشّاذة. وكان يؤتى بالمسألة الغريبة فيقول: أَدخِلوها فِي "المُسْتَخْرَجَة". تُوُفّي فِي ثامن عشر ربيع الأول سنة خمسٍ وخمسين ومائتين، وقيل: سنة أربع. والأوّل أصحّ، والله أعلم. وقد مرّ العُتْبيّ الإخباريّ محمد بْن عَبْد اللَّه سنة228. 394- محمد بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بن مدويه -ت- أبو عبد الرحمن القرشي1 الترمذي: عَنْ: القاسم بْن الحَكَم العُرَنيّ، وأسود بْن عامر، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وطبقتهم. وعنه: ت. وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومضاء بْن حاتم النَّسَفيّ، ومحمد بْن المنذر شَكَر. وثقَّه ابن حِبّان. 395- محمد بْن أَحْمَد بْن يزيد: الفقيه أَبُو يونس الجّمَحيّ المدنيّ2، مفتي أهل المدينة بعد أَبِي مُصْعَب الزُّهْريّ. أخذ عَنْ: أصحاب مالك، وروى عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس، وإِسْحَاق الفَرَويّ. وعنه: زكريّا بْن يحيى الساجي، وأبو العباس السراج، وأبو عوانة الإسْفرايينيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم الدبيلي، ويحيى بْن الْحَسَن العَلَويّ النَّسَّابة، وجماعة. تُوُفّي قبل السّتّين أو بعدها.   1 التهذيب "9/ 21، 22". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 183"، التهذيب "9/ 24". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 164 396- محمد بْن إِبْرَاهِيم: أَبُو جعْفَر الأنماطيّ الحافظ1، مُرَبَّع. سَمِعَ: أَبَا الوليد الطَّيَالِسيّ، وأبا حُذَيْفَة النَّهْديّ، وابن مَعِين، وطبقتهم. وعنه: القاضي المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وجماعة. تُوُفّي كهْلَا سنة ستٍّ وخمسين. وله "تاريخ في معرفة الرجال". وهو مِن أعيان تلَامذة يحيى بْن مَعِين، وهو الّذي لقَّبه. 397- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن قحْطَبَة البغدادي المؤدب2: سمع: معاوية بن عمرو الْأَزْدِيّ، وجماعة. وعنه: قاسم بْن زكريّا المطرِّز، وابن أَبِي حاتم وقال: صدوق. 398- محمد بْن الأزهر بْن حُرَيْث: أَبُو جعْفَر السّجْزيّ3. ثقة، رحال، عالي الرواية. سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا معاوية الضَّرير، وطبقتهما. وعنه: أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن عَلِيّ المذكّر شيخ الحاكم. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين، أظنّ بَنْيسابور. 399- محمد بْن الأزهر: أبو عبد الله الفقيه4. من عُلماء الحنفيّة. قِيلَ: إنّه مات فِي صَفَر سنة إحدى وخمسين بخراسان.   1 تاريخ بغداد "1/ 388". 2 الجرح والتعديل "7/ 187"، وتاريخ بغداد "1/ 389". 3 لم نقف عليه. 4 الفوائد البهية "160". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 165 400- محمد بْن إِسْحَاق الضّبيّ البغداديّ1: أحد المتروكين. يروي عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وأبي النَّضْر. رَمَوْه بالكذِب. روى عَنْهُ: ابن أَبِي دَاوُد، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، وابن أبي حاتم ثم تركه. 401- الإمام البخاري2: محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن المغيرة بن بردزبه -ت. ن- الإمام العلم أبو عبد الله الجعفي، مولَاهُمُ الْبُخَارِيّ، صاحب "الصّحيح" والتّصانيف. وُلِد فِي شوّال سنة أربعٍ وتسعين ومائة. وأوَّل سماعة سنة خمسٍ ومائتين. وحفظ تصانيف ابن المبارك، وحُبّبَ إِلَيْهِ العلم مِنَ الصِّغَر. وأَعَانُه عَلَيْهِ ذكاؤه المُفْرط. ونشأ يتيمًا، وكان أَبُوهُ مِنَ العلماء الورِعين. قَالَ أبو عبد الله الْبُخَارِيّ: سَمِعَ أَبِي من مالك بْن أنس ورأى حمّاد بْن زيد، وصافح ابن المبارك. قلت: وحدَّث عَنْ أَبِي معاوية، وجماعة. روى عَنْه: أحمد بن حفص، و"الحسن" بْن الْحُسَيْن. قَالَ أَحْمَد بْن حفص: دخلت عَلى أَبِي الْحَسَن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم عند موته فقال: لَا أعلم فِي جميع مالي دِرْهمًا من شُبْهة. قَالَ أَحْمَد: فتصاغَرَت إليَّ نفسي عند ذلك3.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 196"، والميزان "3/ 477". 2 تاريخ بغداد "2/ 4-36"، السير "10/ 273". 3 تهذيب الكمال "3/ 170". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 166 قلت: وَرَبَّتْ أَبَا عَبْد اللَّه أمُّه. ورحل سنة عشرة ومائتين بعد أن سَمِعَ الكثير ببلده مِن سادةِ وقتهِ: محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ، ومحمد بْن يوسف البِيكَنْديّ، وعَبْد اللَّه بْن محمد المُسْنِديّ، ومحمد بْن غُرِير، وهارون بْن الأشعث، وطائفة. وسمع ببلْخ من: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، ويحيى بْن بِشْر الزّاهد، وقُتَيْبة، وجماعة. وكان مكّيّ أحد مَن حدثه عَنْ ثقات التّابعين. وسمع بِمَرْوَ من: عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، وعَبْدان، ومُعَاذ بْن أسد، وصَدَقَة بْن الفضل، وجماعة. وسمع بَنْيسابور من: يحيى بن يحيى، وبشر بن الحكم، وإسحاق، وعدّة. وبالرِّيّ من: إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى الحافظ، وغيره. وببغداد من: محمد بْن عيسى الطّبّاع، وسُرَيْج بْن النُّعْمان، وعفّان، ومعاوية بْن عَمْرو الْأَزْدِيّ، وطائفة. وقال: دخلتُ عَلى مُعَلَّى بْن منصور ببغداد سنة عشر. وسمع بالبصْرة من: أَبِي عاصم النَّبيل، وبدل بْن المحبّر، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن حمّاد الشُّعَيْثيّ، وعُمَرو بْن عاصم الكِلَابيّ، وعَبْد اللَّه بْن رجاء الغُدّانيّ، وطبقتهم. وبالكوفة من: عبيد اللَّه بْن موسي، وأبي نُعَيْم، وطَلْق بْن غنّام، والحسن بْن عطّية وهما أقدم شيوخه موتًا؛ وخلَاد بْن يحيى، وخالد بْن مَخْلَد، وفروة بْن أَبِي المغراء، وقُبَيْصَة، وطبقتهم. وبمكّة من: أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، والحُمَيْديّ، وأحمد بْن محمد الأزْرقيّ، وجماعة. وبالمدينة من: عَبْد العزيز الْأوَيْسيّ، ومُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وأبي ثابت محمد بْن عُبَيْد اللَّه، وطائفة. وبواسط من: عَمْرو بْن عَوْن، وغيره. وبمصر من: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صالح الكاتب، وسعيد بْن تليد، الجزء: 19 ¦ الصفحة: 167 وعَمْرو بْن الرّبيع بْن طارق، وطبقتهم، وبدمشق من أَبِي مُسْهِر شيئًا يسيرًا؛ ومن أَبِي النَّضْر الفراديسيّ، وجماعة. وبَقْيسارية من: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ. وبعسقلَان: من آدم بْن أَبِي إياس. وبحمص من: أَبِي المغيرة، وأبي اليَمَان، وعلي بْن عَيَّاش، وأحمد بْن خَالِد الوهَبيّ، ويحيى الوُحاظيّ. وذُكِر أنّه سَمِعَ من ألف نفس. وقد خرّج عنهم مشيخة وحدث بها، لم نرها. وحدَّث بالحجاز، والعراق، وخراسان، وما وراء النهر. وكتبوا عَنْهُ وما فِي وجهه شَعْرة. روى عَنْهُ: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم قديمًا. وروى عَنْهُ من أصحاب الكُتُب: ت. ن. عَلِيّ نزاعٍ فِي ن. والأصح: أنّه لم يروِ عَنْهُ شيئًا. وروى عَنْهُ مُسلْمِ فِي غير "الصحيح"، ومحمد بْن نصر المَرْوزِيّ الفقيه، وصالح بن محمد جَزَرَة الحافظ، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، ومُطَيَّن، وأَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وأبو بَكْر بْن خُزَيْمَة، وأَبُو قُرَيش محمد بْن جُمْعة، ويحيى بْن محمد بْن صاعد، وإِبْرَاهِيم بْن معقل النَّسَفيّ، ومَهيب بْن سُلَيْم، وسهل بْن شاذُوَيْه، ومحمد بْن يوسف الفِرَبْرِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن دَلُّويه، وعبد اللَّه بْن محمد الأشقر، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، والْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل المحاملي، وأبو علي الحسن بن محمد الدّاركيّ، وأحمد بْن حمدون الأعمش، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمود بْن عَنْبر النَّسَفيّ، ومُطَيَّن، وجعْفَر بْن محمد بْن الْحَسَن الْجَرَوِيّ، وأبو حامد بن الشرقي، وأخوه أَبُو محمد عَبْد اللَّه، ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن فارس، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وخلْق1. وآخر من روى عنه "الجامع الصحيح": منصور بن محمد البزدوي المتوفى سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.   1 السير "10/ 275، 276". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 168 وآخر من زعم أنّه سَمِعَ مِنَ الْبُخَارِيّ موتًا: أَبُو ظهير عَبْد اللَّه بْن فارس البلخي المتوفى سنة ست وأربعين وثلاثمائة. وآخر من رُوِيَ حديثه عاليًا: خطيب المَوْصِل فِي الدّعاء للمَحَامِليّ؛ بينه وبينه ثلَاثة رجال. وأمّا جامعه الصحيح فأجل كُتب الْإِسلَام وأفضلها بعد كتاب اللَّه تعالي. وهو أعلى شيء فِي وقتنا إسنادًا للنّاس. ومن ثلَاثين سنة يفرحون بعُلُوّ سماعه، فكيف اليوم؟ فلو رحل الشخص لسماعه من مسيرة ألف فَرْسخ لَمَا ضاعت رحلتهُ. وأنا أدري أنّ طائفة مِنَ الكبار يستقلّون عقلي فِي هذا القول، ولكن: ما يعرف الشَّوقّ إلَا مَن يُكابده وَلَا الصَّبَابَة إلَا مَن يُعَانيها ومَن جهِلَ شيئًا عاداه، ولا قوَّة إلَا بالله. فصل: نقل ابنُ عديّ وغيره أنّ مُغيرة بْن بَرْدِزْبَه المجوسيّ جدَّ الْبُخَارِيّ أسلم عَلِيّ يد والي بُخاري يَمَان الْجُعْفيّ جدَّ المحدَّث عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن يَمَان الْجُعْفيّ المُسْنِديّ. فولَاؤه للجُعْفَيين بهذا الاعتبار. وقال محمد بْن أَبِي حاتم ورّاق الْبُخَارِيّ: أخرج أبو عبد الله ولدَه بخطّ أبيه بعد صلاة الجمعة لثلاث عشر مَضَتْ من شوّال سنة أربعٍ وتسعين ومائة. وقال ابن عديّ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن الْحُسَيْن البزّاز يَقُولُ: رأيتُ الْبُخَارِيّ شيخًا نحيفًا، لَيْسَ بالطويل ولا بالقصير1. عاش اثنتين وستين إلَا ثلَاثة عشر يومًا. وقال أَحْمَد بْن الفضل البلْخيّ: ذَهَبَت عينا محمد فِي صِغْرِه، فرأت أمُّه إِبْرَاهِيم عَليْه السَّلَامُ، فقال: يا هذه قد ردّ اللَّه عَلِيّ ابنك بصرة بكثرة بُكائك أو دعائك. فأصبح وقد ردّ اللَّه عَلَيْهِ بصره2. وعن جبريل بْن ميكائيل: سَمِعْتُ الْبُخَارِيّ يَقُولُ: لمّا بلغت خراسان أُصِبتُ   1 وفيات الأعيان "4/ 190". 2 السير "10/ 274". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 169 ببصري، فعلّمني رَجُل أن أحلق رأسي وأغلّفه بالخطميّ، ففعلت، فردّ اللَّه عَلِيّ بصَرِيّ. رواها غُنْجَار فِي تاريخه. وقال أَبُو جعْفَر محمد بْن أَبِي حاتم الورّاق: قلت للبخاريّ: كيف كَانَ بدوّ أمرِك؟ قَالَ: ألْهِمْتُ حِفْظَ الحديث فِي المكتب ولي عشر سنين أو أقلّ. وخرجت مِنَ الكُتّاب بعد العَشْر، فجعلت أختلف إلى الداخليّ وغيره، فقال يومًا فيما يقرأ عَلى الناس: سُفْيَان، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ إِبْرَاهِيم. فقلت لَهُ: إنّ أبا الزُّبَيْر لم يَرْوِ عَنْ إِبْرَاهِيم. فانتهرني، فقلت لَهُ: ارجع إلى الأصل. فدخل ثمّ خرج فقال لي: كيف هُوَ يا غلَام؟ قلت: هو الزُّبَيْر بْن عديّ، عَنْ إِبْرَاهِيم. فأخذ القلم منّي وأصلحّه، وقال: صدقت. فقال للبخاريّ بعض أصحابه: ابن كم كنت؟ قال: ابن إحدى عشر سنة. فلمّا طعنتُ فِي ستٍّ عشرة سنة حفظت كُتُب ابن المبارك، ووَكِيع، وعرفت كلَام هؤلاء. ثم خرجت مع أبي وأخي أَحْمَد إلى مكّة. فلمّا حَجَجْتُ رجع أخي بها وتخلّفتُ فِي طلب الحديث. فلمّا طعنت في ثمان عشرة جعلتُ أُصنِّف قضايا الصَّحابة والتّابعين وأقاويلهم، وذلك أيّام عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى. وصّنّفتُ كتاب "التّاريخ" إذ ذاك عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الليلي المُقْمرة. وقلِّ اسم فِي "التّاريخ" إلَا وله عندي قصّة. إلَا أنيّ كرهتُ تطويل الكتاب1. وقال عَمْرو بْن حفص الأشقر: كنّا مَعَ الْبُخَارِيّ بالبصرة نكتب الحديث، ففقدناه أيّامًا، ثمّ وجدناه في بيت وهو عريان وقد نفذ ما عنده. فجمعنا لَهُ الدّراهم وكَسَوْناه2. وقال عَبْد الرَّحْمَن "بْن محمد الْبُخَارِيّ": سَمِعْتُ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: لقيت أكثر من ألف رجلٍ، أهل الحجاز، والعراق، والشّام، ومصر، وخُراسان، إلى   1 تاريخ بغداد "2/ 7". 2 تاريخ بغداد "2/ 13". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 170 أن قَالَ: فما رأيْتُ واحدًا منهم يختلف فِي هذه الأشياء: إنّ الدّين قولٌ وعمل، وأنّ القرآن كلَام اللَّه1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سمعته يَقُولُ: دخلتٌ أصبهان مرّات، كل ذَلِكَ أجالس أَحْمَد بْن حنبل، فقال لي آخر ما ودّعته: يا أَبَا عَبْد اللَّه تترك العِلم والنّاس وتصير إلى خُراسان؟! فأنا الآن أذكر قول أَحْمَد. وقال أَبُو بَكْر الْأعْيَن: كتبت عَنِ الْبُخَارِيّ عَلَى باب محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ وما فِي وجهه شَعْرة. وقال محمد بْن أَبِي حاتم ورّاق الْبُخَارِيّ: سَمِعْتُ حاشد بْن إِسْمَاعِيل وآخر يقولَان: كَانَ الْبُخَارِيّ يختلف معنا إلى السَّماع وهو غلَام، فلَا يكتب، حتّى أتى عَلَى ذَلِكَ أيّام. فكنّا نقول لَهُ، فقال: إنّكما قد أكثرتما عليّ، فاعرضا عَلِيّ ما كتبتما. فأخرجنا إِلَيْهِ ما كَانَ عندنا، فزاد عَلَى خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلّها عَنْ ظهر قلب حتى جعلنا نُحكِم كُتُبَنا من حِفْظِه. ثمّ قَالَ: أترون أنيّ أختلف هدْرًا وأضيّع أيّامي؟! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد. قالا: فكان أهل المعرفة يَعْدُونَ خلفه فِي طلب الحديث وهو شابّ حتى يغلبوه عَلِيّ نفسِه ويجلسوه فِي بعض الطّريق، فيجتمع عَلَيْهِ أُلُوف أكثرهم ممن يكتب عنه، وكان شاب لم يخرج وجهه. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: وسَمِعْتُ سُلَيْم بْن مجاهد يَقُولُ: كنتُ عند محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ فقال لي: لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث. قَالَ: فخرجت فِي طلبه وتلقَّيته، فقلتُ: أنتَ الَّذِي تَقُولُ: أَنَا أحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم وأكثر، ولا أجيئك بحديث عن الصحابة والتابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم. ولست أروي حديثًا من حديث الصّحابة أو التّابعين إلَا ولي فِي ذَلِكَ أصلٌ أحفظه حِفْظًا عَنْ كتاب اللَّه وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ2. قَالَ غُنْجار: ثنا أَبُو عَمْرو أَحْمَد بْن محمد المقرئ، ثنا محمد بْن يعقوب بْن يوسف البِيكَنْديّ: سَمِعْتُ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عاصم البيكندي يقول: قدم علينا   1 السير "12/ 407، 408". 2 تاريخ بغداد "2/ 24، 25". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 171 محمد بْن إِسْمَاعِيل، فاجتمعنا عنده ليلةً، فقال بعضنا: سَمِعْتُ إِسْحَاق بْن راهَوَيْه يَقُولُ: كأني أنظر إلى سبعين ألف حديث من كتابي. فقال محمد: أوتعجب من هذا؟ لعلّ فِي هذا الزمان مَن ينظر إلى مائتي ألف حديث من كتابه. قَالَ: وإنّما عَنى بِهِ نفسه1. وقال ابن عدي: حدثني أحمد بن محمد القُومِسيّ: سَمِعْتُ محمد بْن خَمْرَوَيْه يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح. وقال إمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة: ما رَأَيْت تحت أديم السّماء أعلم بالحديث من محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ. وقال ابن عديّ: سمعت عدة مشايخ يحكمون أنّ الْبُخَارِيّ قدِم بغداد فاجتمع أصحاب الحديث، وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا مُتُونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد هذا، وإسناد هذا لمتن هذا، ودفعوا إلى كلّ واحدٍ عشرة أحاديث ليُلْقوها عَلِيّ الْبُخَارِيّ فِي المجلس. فاجتمع النّاس، وانتدبَ أحدهم فقال، وسأله عَنْ حديث من تِلْكَ العشرة، فقال: لَا أعرفه. فسأله عَنْ آخر، فقال: لَا أعرفه. حتى فرغ العشرة. فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فَهْم. ومَن كَانَ لَا يدري قضى عَلَيْهِ بالعجز. ثمّ انتدبَ آخر ففعل كفِعْل الأوّل، والْبُخَارِيّ يَقُولُ لَا أعرفه. إلى أن فرغ العشرة أنفُس، وهو لَا يزيدهم عَلَى: لَا أعرفه. فلمّا علم أنّهم قد فرغوا، التفتَ إلى الأوّل فقال: أمّا حديثك الأوّل فإسناده كذا وكذا، والثّاني كذا وكذا، والثّالث ... إلى آخر العشرة. فردّ كلَّ مَتْن إلى إسناده، وفعل بالثّاني مثل ذلك إلى أن فرغ، فأقرَّ لَهُ الناس بالحفظ. وقال يوسف بن موسى المروروزي: كُنْتُ بِجَامِعِ الْبَصْرَةِ إِذْ سَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي: يَا أَهْلَ الْعِلْمِ، لَقَدْ قَدِمَ محمد بْنُ إسماعيل البخاري.   1 تاريخ بغداد "2/ 25". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 172 فَقَامُوا فِي طَلَبِهِ، وَكُنْتُ فِيهِمْ، فَرَأَيْتُ رَجُلا شابًا يصلي خلف الأصطوانة، فَلَمَّا فَرَغَ أَحْدَقُوا بِهِ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَعْقِدَ لَهُمْ مَجْلِسَ الْإِمْلَاءِ، فَأَجَابَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعَ كَذَا كَذَا أَلْفٍ، فَجَلَسَ لِلإِمْلاءِ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ أَنَا شَابُّ، وَقَدْ سألتموني أن أحدثكم وسأحدثكم بِأَحَادِيثَ عَنْ أَهْلِ بَلَدِكُمْ تَسْتَفِيدُونَ الْكُلَّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَة بْنِ أبي رواد بلديكم، ثنا أبي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أنَسٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ"1. الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا "لَيْسَ" عِنْدَكُمْ، إِنَّمَا عِنْدَكُمْ عَنْ غَيْرِ مَنْصُورٍ. وَأَمْلَى مَجْلِسًا عَلَى هَذَا النَّسَقِ2. قَالَ يوسف: وكان دخولي البصرة أيّام محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب. وقال محمد بْن حمدون بْن رُسْتُم: سَمِعْتُ مسلم بن الحجاج يقول للبخاري: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث فِي عِلَله. وقال التِّرْمِذيّ: لم أرَ أحدًا بالعراق ولا بخُراسان فِي معنى العِلَل والتّاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال إِسْحَاق بْن أَحْمَد الفارسيّ: سَمِعْتُ أَبَا حاتم يَقُولُ سنة سبْعٍ وأربعين ومائتين: محمد بْن إِسْمَاعِيل أعلم مَن دخل العراق، ومحمد بْن يحيى أعلم مَن بخُراسان اليوم، ومحمد بْن أسلم أورعهم، وعبد اللَّه الدّارِميّ أثبتهم. وعن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: انتهى الحِفْظ إلى أربعه من أهل خُراسان: أَبُو زُرْعَة، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل، والدّارِميّ، والْحَسَن بْن شُجاع البلْخيّ. وقال أَبُو أَحْمَد الحاكم: كانَ الْبُخَارِيّ أحد الأئمّة فِي معرفة الحديث وجَمْعه. ولو قلت إنيّ لم أر تصنيفَ أحد يشبه تصنيفه في المبالغة والحسن لرجون أن أكون صادقًا. قرأتُ عَلَى عُمَر بْن القَوّاس: أخبركم أَبُو القاسم بْن الحّرَسْتانيّ حُضُورًا، أَنَا جَمَالُ الْإِسلَام، أَنَا ابن طلَاب، أَنَا ابن جُمَيْع: حدثني أَحْمَد بْن محمد بْن آدم:   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6171"، ومسلم "2639"، وأبو داود "5127"، والترمذي "2392"، ويروى عن عدة من الصحابة. 2 تاريخ بغداد "2/ 16"، السير "10/ 284". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 173 حدثني محمد بْن يوسف الْبُخَارِيّ قَالَ: كنتُ عند محمد بْن إِسْمَاعِيل بمنزله ذات ليلة، فأحصيت عَلَيْهِ أنّه قام وأسرجَ يستذكر أشياء يُعلّقها فِي لَيْلَةٍ ثمان عشرة مرّة1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم الورّاق: كَانَ أبو عبد الله إذا كنتُ معه فِي سفر يجمعنا بيتٌ واحدٌ إلَا فِي القَيْظ أحيانًا. فكنت أراه يقوم فِي لَيْلَةٍ واحدةٍ خمس عشرة مرّة إلى عشرين مرّة، فِي كلّ ذَلِكَ يأخذ القُدّاحة فيُوري نارًا ويُسرج، ثمّ يُخرج أحاديث فيُعلِّم عليها، ثمّ يضع رأسه. وكان يُصلّي وقت السَّحَر ثلَاث عشرة ركعة. وكان لَا يوقظني فِي كلّ ما يقوم، فقلتُ لَهُ: إنّك تحمل عَلى نفسك فِي كلّ هذا ولا تُوقظني! قَالَ: أنتَ شابّ ولا أحب أن أفسد عليك نومك. وقال الفربري: قال لي محمد بن إسماعيل، ما وضعتُ فِي" الصّحيح: حديثًا إلَا اغتسلت قبل ذَلِكَ وصلّيْت رَكْعَتين. يعني ما جلست لأضع فِي تصنيفه شيئًا إلَا وفعلت ذَلِكَ، لَا إنّه يفعل ذلك لكّل حديث2. وقال إِبْرَاهِيم بْن مَعْقِلٍ: سمعته يَقُولُ: كنتُ عند إِسْحَاق بن" راهويه"، فقال الرجل: لو جمعتم كتابًا مختصرًا للسُّنن. فوقَعَ ذَلِكَ فِي قلبي، فأخذت فِي جمع هذا الكتاب. وعَنِ الْبُخَارِيّ قَالَ: أخرجتُ هذا الكتاب من نحو ستّمائة ألف حديث، وصنَّفته ستٍّ عشرة سنة. وجعلته حُجّةً فيما بيني وبين اللَّه. رُوِيَتْ من وجهين ثابتين، عَنْهُ. وقال إِبْرَاهِيم بْن مَعْقِلٍ: سمعته يَقُولُ: ما أدخلت فِي "الجامع" إلَا ما صحّ، وتركت مِنَ الصّحاح لأجل الطُّولِ, وقال محمد بْن أَبِي حاتم: قلت لأبي عَبْد اللَّه: تحفظ جميع ما فِي المصنَّف؟ قَالَ: لَا يُخفي علي جميع ما فيه، ولو نشر بعض أساتذي هؤلَاء لم يفهموا كتاب التّاريخ ولا عرفوه. ثم قال: صنفته ثلاث مرات. وقد أخذه ابن راهَوَيْه فادخله عَلَى عَبْد اللَّه بْن طاهر فقال: أيُّها الأمير ألَا أريك سِحْرًا. فنظرّ فِيهِ عَبْد اللَّه، فتعجَّب منه وقال: لست أفهم تصنيفه3.   1 تاريخ بغداد "2/ 14". 2 تاريخ بغداد "2/ 9". 3 السابق "2/ 7"، السير "12/ 403". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 174 وقال الفِرَبْريّ: حدَّثني نَجْم بْن الفضل، وكان من أهل الفَهم، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم خرج من قريَة ومحمد بْن إِسْمَاعِيل خلفَه، فإذا خطا خطوة يخطو محمد ويضع قدَمه عَلَى قدمِه ويتبع أثره. وقال خَلَف الخيّام: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرو بْن نصر الخفاف يَقُولُ: محمد بْن إِسْمَاعِيل أعلم فِي الحديث من أَحْمَد وإِسْحَاق بعشرين درجة، ومَن قَالَ فِيهِ شيء فمِنّي عَلَيْهِ ألف لعنة. ولو دخل من هذا الباب لملئت منه رعبًا. وقال أبو عيسى التِّرْمِذيّ: كَانَ محمد بْن إِسْمَاعِيل عند عَبْد اللَّه بْن منير، فلمّا قام من عنده قَالَ لَهُ: يا أَبَا عَبْد اللَّه جعلك اللَّه زَيْن هذه الأمّة. قَالَ أَبُو عيسى: استُجِيبَ لَهُ فِيهِ. وقال جعْفَر بْن محمد المُسْتغفريّ فِي" تاريخ نَسْف"، وذكر الْبُخَارِيّ: لو جاز لي لفضلته عَلِيّ مَن لقي مِن مشايخه، ولقلتُ: ما رَأَى بعينه مثل نفسه. دخل نَسْف سنة ستٍّ وخمسين وحدَّث بها بجامعة الصّحيح، وخرج إلى سَمَرْقند لعَشرٍ بقين من رمضان، ومات بقرية خَرْتَنْك ليلة الفِطْر. وقال الحاكم: أوّل ما ورد الْبُخَارِيّ نَيْسابور سنة تسعٍ ومائتين، ووردها فِي الأخير سنة خمسين ومائتين، فأقام بها خمس سِنين يُحدَّثَ عَلَى الدّوام. قَالَ محمد بْن أَبِي حاتم: بلغني أنّ أَبَا عَبْد اللَّه شربَ البلَاذُرَ للحِفْظ، فقلت لَهُ: هَلْ من دواء يشربه الرجل للحِفْظ؟ فقال: لَا أعلم. ثمّ أقبل علي وقال: لا أعلم شيئًا أنفع لحفظ من نَهْمة الرجل ومداومة النَّظر. وذلك أني كنت بَنْيسابور مقيمًا، فكان يرد إلي من بخارى كُتُب، وكَنّ قرابات لي يُقْرئْن سلَامهنّ في الكتب، فكنت أكتب إلى بخارى، وأردتُ أنْ أقْرِئهن سلَامي، فذهبَ عَلِيّ أساميهنّ حين كتبتُ كتابي، ولم أُقْرِئهنّ سلَامي. وما أقل ما يذهب عني في العِلْم، يعني ما أقلّ ما يذهب عَنْهُ مِنَ العلم لمداومة النَّظر والَاشتغال، وهذه قراباته قد نسي أسماءهنّ. وغالب النّاس بخلَاف ذَلِكَ؛ فتراهم يحفظون أسماء أقاربهم ومعارفهم ولا يحفظون إلَا اليسير مِن العلم. قَالَ محمد بْن أبي حاتم: وسمعته يقول: لم يكن كتابي للحديث كما يكتب الجزء: 19 ¦ الصفحة: 175 هؤلَاء. كنتُ إذا كتبتُ عَنْ رَجُل سألته عَنِ اسْمه وكنيته ونَسَبة وعلّة الحديث إن كَانَ فَهِمًا، فإن لم يكن فهْمًا سَأَلْتُهُ أنْ يخرج إلي أصله ونُسخته. فأمّا الآخرون فإنهم لَا يبالون ما يكتبون وكيف يكتبون. وسَمِعْتُ الْعَبَّاس الدُّوريّ يَقُولُ: ما رَأَيْت أحدًا يُحسن طلب الحديث مثل محمد بْن إِسْمَاعِيل. كَانَ لَا يَدَع أصلَا أو فرعًا إلَا قَلَعَه. ثمّ قَالَ لنا عَبَّاس: لَا تَدَعوا شيئًا من كلَامه إلَا كتبتموه. سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم الخّواص مستملي صَدَقَة يَقُولُ: رأيت أَبَا زُرْعَة كالصّبيّ جالسًا بين يدي محمد بْن إِسْمَاعِيل يسأله عَنْ عِلَل الحديث. فصل فِي ذكائه وسعة علمه: قَالَ جعْفَر بْن محمد القطان إمام كرمينية فيما رَوَاهُ عَنْهُ مهيب بْن سُلَيْم أنّه سَمِعَ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: كتبتُ عَنْ ألف شيخ أو أكثر، عَنْ كلّ واحدٍ منهم عشرة آلاف وأكثر، ما عندي حديث إلَا أذكر إسناده1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: قرأ علينا أبو عبد الله كتاب الهِبَة فقال: لَيْسَ فِي هِبَة وكيع إلَا حديثان مُسْنَدان أو ثلَاثة، وفي كتاب عَبْد اللَّه بْن المبارك خمسة أو نحوها، وفي كتابي هذا خمسمائة حديث أو أكثر. وسَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما قدِمتُ عَلَى أحدٍ إلَا كَانَ انتفاعه بي أكثر مِنَ انتفاعي بِهِ. قَالَ محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ سُلَيْم بْن مجاهد يقولَ: سَمِعْتُ أَبَا الأزهر يَقُولُ: كَانَ بسمرقند أربعمائة مما يطلبون الحديث، فاجتمعوا سبعة أيّام وأحبّوا مغالطة محمد بْن إِسْمَاعِيل، فأدخلوا إسناد الشّام فِي إسناد العراق، وإسناد اليمن فِي إسناد الحَرَمَيْن، فما تعلقوا منه بسقْطة لَا فِي الإسناد ولا فِي المَتْن2. وقد ذكرت حكاية البغداديين في مثل هذا.   1 السير "12/ 406". 2 السير "12/ 406". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 176 وقال الفِرَبْريّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما استصغرتُ نفسي عِنْدَ أحدٍ إلَا عند عَلِيّ بْن المديني، ورُبما كنت أغْرب عَلَيْهِ. وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عَبْد اللَّه يَقُولُ: " ما نمت البارحة حتّى عددت" كم أدخلتُ فِي مصنفاتي مِنَ الحديث، فإذا نحو مائتي ألف حديث مُسْنَدة. وسمعته يَقُولُ: ما كتبتُ حكايةً قط كنت أتحفّظها. وسمعته يَقُولُ: لَا أعلم شيئًا يُحتاج إِلَيْهِ إلَا وهو فِي الكتاب والسنة. فقلت لَهُ: يمكن معرفة ذَلِكَ كلّه؟ قَالَ: نعم. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ الْفِرْيَابِيِّ فَقَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أَنَسٍ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ واحد"1. فلم يعرف أحد في المجالس أَبَا عُرْوَة، ولا أَبَا الْخَطَّاب. قَالَ: أمّا أَبُو عُرْوَة فمَعْمَر، وأبو الخطّاب قَتَادة. قَالَ: وكان الثَّوْريّ فَعُولا، لهذا يُكنيّ المشهورين. قَالَ محمد بْن أَبِي حاتم: قدِم رجاء الحافظ فقال لأبي عَبْد الله: ما أعددتَ لقُدوميّ حيث بلغك، وفي أيّ شيء نظرت؟ قَالَ: ما أحدثتُ نظرًا ولم أستعدّ لذلك، فإنّ أحببت أن تسألني عَنْ شيء فافعل. فجعل يناظره فِي أشياء فبقي رجاء لَا يدري، ثمّ قَالَ لَهُ أبو عبد الله: هَلْ لك فِي الزّيادة؟ فقال استحياءً وخَجَلَا منه: نعم. قَالَ: سَلْ إنْ شئت. فأخذ فِي أسامي أيّوب، فعدّ نحوًا من ثلاثة عشر، وأبو عبد الله ساكت، فظنّ رجاء أنْ قد صنع شيئًا فقال: يا أَبَا عَبْد اللَّه فاتك خير كثير. فزيف عبد الله في أولئك سبع، وأغرب عَلَيْهِ نحو أكثر من ستين رجلَا.   1حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 98"، ومسلم "309"، وأحمد "6/ 8، 9"، وأبو داود "218"، والترمذي "140"، والنسائي "1/ 143"، وابن ماجه "588". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 177 ثمّ قَالَ لَهُ رجاء: كم رويت فِي العمامة السوداء؟ قال: هات كم رويت أنت؟ قَالَ الْبُخَارِيّ: نروي نحوًا من أربعين حديثًا. فخجل رجاء ويَبس رِيُقه. وسَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: دخلتُ بَلْخَ، فسألوني أن أُمْلِيَ عَلَيْهم لكلّ من كتبتُ عَنْهُ، فأمليت ألف حديث عَنْ ألف شيخ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَرَّاقُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أبو عبد الله: سُئِلَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَمَّنْ طَلَّقَ نَاسِيًا، فَسَكَتَ. فَقُلْتُ: قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ" 1. وَإِنَّمَا يُرَادُ مُبَاشَرَةُ هَذِهِ الثَّلاثِ: الْعَمَلِ، وَالْقَلْبِ، أَوِ الْكَلامِ وَالْقَلْبِ، وَهَذَا لَمْ يَعْتَقِدْ بِقَلْبِهِ. فقال إِسْحَاق: قوّيتني. وأفتى بِهِ. قَالَ: وسَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ يَقُولُ: ما جلستُ للحديث حتّى عرفتُ الصَّحيح مِنَ السَقيم، وحتى نظرتُ فِي عامّة كُتُب الرأي، وحتّى دخلت البصرة خمس مرّات أو نحوها، فما تركت بها حديثًا صحيحًا إلَا كتبته، إلَا ما لم يظهر لي. وسَمِعْتُ بعض أصحابي يَقُولُ: كنت عند محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ، فدخل محمد بْن إِسْمَاعِيل، فلمّا خرج قَالَ محمد بْن سلَام: كلّما دخل عَلَى هذا الصَّبيّ تحيرت والتبس علي أمر الحديث، ول أزال خائفًا منه ما لم يخرج2. فصل فِي ثناء الأئمّة عَلى الْبُخَارِيّ: قلت: فارقّ الْبُخَارِيّ بخاري وله خمس عشرة سنة، ولم يره محمد بْن سلَام بعد ذَلِكَ، فقال سُلَيْم بْن مجاهد: كنتُ عند محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ فقال: لو جئت قبلُ لرأيت صبيًّا يحفظ سبعين ألف حديث. فخرجت حتى لحِقْتُه فقلتُ: أنت تحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم وأكثر، ولا أجيئك بحديث عن الصحابة والتابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم   1 "حديث صحيح": أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "9/ 345"، وَمُسْلِمٌ "127"، وَأَبُو داود "2209"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1183" وَالنَّسَائِيُّ "6/ 156، 157"، وابن ماجه "2540". 2 السير "10/ 289". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 178 ومساكنهم، ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة والتّابعين إلَا ولي من ذَلِكَ أصلٌ أحفظه حِفْظًا عَنْ كتاب أو سنة1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ يحيى بْن جعْفَر البِيكَنْديّ يَقُولُ: لو قدرتُ أن أزيد فِي عُمَر محمد بْن إِسْمَاعِيل من عمُري لَفَعَلْت؛ فإنّ موتي يكون موت رجلٍ واحد، وموته ذَهَاب العِلْم. وسمعته يَقُولُ لمحمد بْن إِسْمَاعِيل: لولا أنت ما أستطبت العَيْش ببخارى2. وسَمِعْتُ محمد بْن يوسف يَقُولُ: كنتُ عند أَبِي رجاء، يعني: قُتَيْبة، فسُئِل عَنْ طلَاق السَّكْران فقال: هذا أَحْمَد بْن حنبل، وابن المَدِينيّ، وابن راهَوَيْه قد ساقهُمُ اللَّه إليك. وأشار إلى محمد بْن إِسْمَاعِيل. وكان مذهب محمد: أنّه إذا كَانَ مغلوبَ العقل لَا يذكر ما يُحدَّثَ فِي سُكْره أنّه لَا يجوز عَلَيْهِ مِن أمره شيء. وسَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن سعَيِد يَقُولُ: لمّا مات أَحْمَد بْن حَرْب النَّيسابوري ركب محمد وإِسْحَاق يُشيّعان جنازته، فكنتُ أسمع أهلَ المعرفة بَنْيسابور ينظرون ويقولون: محمد أفْقهَ مِن إِسْحَاق. سَمِعْتُ عُمَر بْن حفص الأشقر يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدان يَقُولُ: ما رأيت بعيني شابًا أبصر من هذا. وأشار بيده إلى محمد بْن إِسْمَاعِيل. سَمِعْتُ صالح بْن مِسْمار يَقُولُ: سَمِعْتُ نُعَيْم بْن حمّاد يَقُولُ: محمد بْن إِسْمَاعِيل فقيه هذه الأمّة. وقال إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن خَلَف: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن عَبْد السّلَام يَقُولُ: ذكرنا قول الْبُخَارِيّ لعليّ بْن المدينيّ، يعني ما استصغرتُ نفسي إلَا بين يدي عَلِيّ بْن المَدِينيّ، فقال عَلِيّ: دَعُوا هذا فإنّ محمد بْن إِسْمَاعِيل لم يَر مثل نفسه3. وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عبد الله يقول: ذاكرني أصحاب عمرو بن   1 تاريخ بغداد "2/ 24، 25". 2 السير "10/ 289". 3 تاريخ بغداد "2/ 18". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 179 عَلِيّ الفّلَاس بحديث، " فقلت: لَا أعرفه، فسُرّوا بذلك" وأخبروا عَمْروًا. فقال: حديث لَا يعرفه محمد بْن إِسْمَاعِيل لَيْسَ بحديث. قال: وسَمِعْتُ حاشد بْن عَبْد اللَّه يَقُولُ: قَالَ لي أَبُو مُصْعَب الزُّهْريّ: محمد بْن إِسْمَاعِيل أَفُقه عندنا وأبصر من أَحْمَد بْن حنبل. فقيل لَهُ: جاوزتَ الحَدّ. فقال للرجل: لو أدركتَ مالكًا ونظرتَ إلى وجهه ووجه محمد بْن إِسْمَاعِيل لقلت كلَاهما واحدٌ فِي الفِقْه والحديثِ1. وسمعت عَلِيّ بْن حُجْر يَقُولُ: أخرجت خُراسان ثلَاثَةً: أَبُو زُرْعَةَ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيلَ، وعبدَ اللَّهِ بْن عَبْد الرَّحْمَن الدّارِميّ. ومحمد عندي أبصرهم وأعلمهم وأفقهُهُم. وقال أَحْمَد بْن الضَّوِّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر يقولَان: ما رأينا مثل محمد بْن إِسْمَاعِيل. وروي عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ما أخرجَتْ خُراسان مثل محمد بْن إسماعيل. وقال حاشد بن إسماعيل: كنت في البصرة فقِدم محمد بْن إِسْمَاعِيل فقال بُنْدار: اليوم دخل سيّد الفقهاء. وقال حاشد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد: سَمِعْتُ يعقوب الدَّوْرَقيّ يَقُولُ: محمد بْن إِسْمَاعِيل فقيه هذه الأمّة. وجاء من غير وجٍه عَنْ عَبْد اللَّه الدّارِميّ قَالَ: محمد بْن إِسْمَاعِيل أبصرُ مني. وقال حاشد بْن إِسْمَاعِيل الحافظ: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل يَقُولُ: لم يجئنا من خُراسان مثل محمد بن إسماعيل.   1 تاريخ بغداد "2/ 28"، السير "10/ 291". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 180 وقال محمد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمَة: ما رأيتُ تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وأحفظ لَهُ من محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال مُسَبِّحُ بْن سعَيِد الْبُخَارِيّ: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: قد رأيتُ العلماء بالحجاز والعِرَاقَين، فما رأيتُ فيهم أجمع من محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال محمد بْن حمدون الأعمشُ: سَمِعْتُ مسلم بن الحجاج يقول للبخاري: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث فِي عِلَله. وقال أَبُو عيسى التِّرْمِذيّ: لم أرَ بالعراق ولا بخُراسان فِي معنى العِلَل والتّاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال صالح بْن محمد جَزَرَة: كَانَ محمد بْن إِسْمَاعِيل يجلس ببغداد، وكنت أستملي لَهُ، ويجتمع فِي مجلسه أكثر من عشرين ألفًا. وقال إِسْحَاق بْن زَبْرك: سَمِعْتُ أَبَا حاتم فِي سنة سبْعٍ وأربعين ومائتين يقول: يقدم عليكم رجلٌ من خُراسان لم يخرج منها أحفظ منه. ولا قدِم العراق أعلم منه. فقِدم علينا الْبُخَارِيّ. وقال أَبُو بَكْر الخطيب: سُئل الْعَبَّاس بْن الفضل الرّازيّ الصائغ: أيُّهما أحفظ، أَبُو زُرْعَة أو الْبُخَارِيّ؟ فقال: لقيت الْبُخَارِيّ بين حُلْوان وبغداد، فرحلت معه مرحلةً وجَهدْت أن أجيء بحديث لَا يعرفه فما أمكنَ، وأنا أَغْرَب عَلَى أَبِي زُرْعَة عَدَدَ شَعْري. وقال خَلَف الخَيَّام: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرو أَحْمَد بن نصر الخفاف يقول: محمد بن إسماعيل أعلم بالحديث من إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأَحْمَد بْن حنبل وغيرهما بعشرين درجة. ومَن قَالَ فِيهِ شيئًا فمِنِي عَلَيْهِ ألف لعنة. ثمّ قَالَ: ثنا محمد بْن إِسْمَاعِيل التّقّي النَّقيّ العالم الَّذِي لم أرَ مثله. وقال عَبْد اللَّه بْن حمّاد الآمليّ: ودِدْت أنيّ شعَرَةٌ فِي صدر محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال محمد بن يعقوب بْن الأخرم: سمعت أصحابنا يقولون: لمّا قدِم الْبُخَارِيّ نَيْسابور استقبله أربعة آلاف رَجُل عَلَى الخَيْل، سوى من ركب بَغْلا أو حمارًا، وسوى الرّجالة. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 181 وقال أَبُو أَحْمَد الحاكم فِي "الكُنَى": عَبْد اللَّه بْن الدَّيْلَميّ أَبُو بسر، وقال الْبُخَارِيّ ومسلم فِيهِ أَبُو بِشْر، بشين مُعْجَمَةٍ. قَالَ الحاكم: وكلاهما أخطأ، في علمي إنما هو أبو بسر، وخليق أنْ يكون محمد بْن إِسْمَاعِيل مَعَ جلَالته ومعرفته بالحديث اشتبه عليه، فلما نقاه مسلم من كتابه تابَعَه عَلِيّ زَلّته. ومن تأمّل كتاب مسلم فِي الأسماء والكنى علم أَنّه منقول من كتاب محمد بْن إِسْمَاعِيل حَذْو القذّة بالقذّة، حتى لَا يزيد عَلَيْهِ فِيهِ إلَا ما يَسْهُل عنده. وتجلّد فِي نقْله حق الجلَادة، إذ لم ينسبه إلى قائله. وكتاب محمد بْن إِسْمَاعِيل فِي التاريخ كتابٌ لم يُسْبَق إِلَيْهِ. منهم من نَسَبَه إلى نفسه مثل أَبِي زُرْعَة، وأبي حاتم، ومُسلْمِ. ومنهُمُ من حكاه عَنْهُ. فالله يرحمه، فإنّه الّذي أصّل الأصُول. وذكر الحَكَم أَبُو أَحْمَد كلَامًا سوى هذا. فصل فِي ديانته وصلَاحه: قَالَ مسّبح بْن سعَيِد: كَانَ الْبُخَارِيّ يختم فِي رمضان كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة. وقال أبو بَكْر بْن منير: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ يَقُولُ: أرجو أن ألقى اللَّه ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا1. قلت: يشهد لهذه المقالة كلَامَه، رحِمَه اللَّه، فِي التّجريح والتَّضعيف، فإنه أبلغ منّا. يَقُولُ فِي الرجل المتروك أو السّاقط: "فِيهِ نَظَر" أو. "سكتوا عَنْهُ"، ولا يكاد يَقُولُ: "فُلَان كذاب"، ولا "فُلَان يضع الحديث". وهذا مِن شدّة ورَعِه. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: ما أغتبتُ أحدًا قطّ منذ علِمت أنّ الغيبة تضّر أهلَها. قال: وكان أبو عبد الله يصلّي فِي وقت السَّحَر ثلَاث عشرة ركعة، وكان لَا يوقظني فِي كل ما يقوم، فقلت: أراك تحمل عَلَى نفسك فلو توقظني.   1 تاريخ بغداد "2/ 12"، السير "10/ 302". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 182 قال: أنت شاب، ولا أحب أن أفسد عليك نومك1. وقال غُنْجار: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرو أَحْمَد بْن محمد المقرئ: سَمِعْتُ بَكْر بن منير يَقُولُ: كَانَ محمد بْن إِسْمَاعِيل يصّلي ذات لَيْلَةٍ، فَلَسَعَه الزُّنْبُور سبْعٍ عشرة مرّة، فلمّا قضي الصّلَاة قَالَ: انظروا إيش آذاني. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: دُعي محمد بْن إِسْمَاعِيل إلى بستان، فلمّا صلّى بهمُ الظُّهْر قام يتطوّع. فلمّا فرغ من صلَاته رفع ذيل قميصه وقال لبعض من معه: أنظر هَلْ ترى تحت القميص شيئًا؟ فإذا زنبور قد أَبَرَهُ فِي ستة عشر أو سبعة عشر موضعًا، وقد تورَّم من ذَلِكَ عشرة، فقال لَهُ بعض القوم: كيف لم تخرج مِنَ الصّلَاة أوّل ما أَبَرك؟ قَالَ: كنت فِي سورة فأحببت أن أُتِمَّها2. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: رَأَيْت أَبَا عَبْد اللَّه استلقى عَلَى قفاه يومًا ونحن بِفرَبْر فِي تصنيف كتاب" التّفسير" وأتعب نفسه يومئذ، فقلت لَهُ: إنّي أراك تَقُولُ إني ما أتيت شيئًا بغير علم قطّ منذ عَقَلْت، فما الفائدة فِي الاستلقاء؟ قَالَ: أتعْبنا أنفُسنا اليوم، وهذا ثغر مِنَ الثغور، وخشيت أنْ يحدَّثَ حَدَثٌ من أمر العَدُوّ، وأحببت أن أستريح وآخُذ أهْبة، فإنْ غافَصَنا العدوّ كَانَ منّا حَرَاك. وكان يركب إلى الرَّمي كثيرًا، فما أعْلُمني رَأَيْته فِي طُول ما صحِبْتُه أخطأ سُهمُه الهدفَ إلَا مرَّتين، فكان يصيب الهدف فِي كلّ ذَلِكَ. وكان لَا يُسبق. وسمعته يَقُولُ: ما أكلت كُرّاتًا قطّ ولا القَنَابَرَى3. قلت: ولِمَ ذاك؟ قَالَ: كرِهت أن أُؤذِي مَن معي مِن نَتَنِها. قلت: فكذلك البصل النيء؟ قَالَ: نعم. وسمعته يَقُولُ: ما أردت أن أتكلّم بكلَامٍ فِيهِ ذِكْر الدُّنيا إلَا بدأت بحمد اللَّه والثناء عَلَيْهِ4. وقال لَهُ بعض أصحابه: يقولون إنّك تناولت فُلَانًا.   1 السير "10/ 303". 2 السابق. 3 القنابري: بقلة تؤكل مطبوخة. 4 السير "10/ 305، 306". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 183 قَالَ: سبحان اللَّه، ما ذكرت أحدًا بسوء، إلَا أن أقول ساهيًا قَالَ: وكان لأبي عَبْد اللَّه غريم قطع عَلَيْهِ مالاُ كثيرًا. فبلغه أنه قدم آمل ونحن بِفَربْر، فقلنا لَهُ: ينبغي أن تعبر وتأخذه بمالِك. فقال: لَيْسَ لنا أن نردعه. ثمّ بلغ غريمه فخرج إلى خوارِزْم، فقلنا: ينبغي أن تَقُولُ لأبي سَلَمَةَ الكِسائيّ عامل آمُل ليكتب إلى خوارِزُم فِي أخْذه. فقال: إنْ أخذت منهم كتابًا طمعوا فِي كتاب، ولست أبيع دِيني بدُنياي. فجهدْنا، فلم يأخُذْ حتّى كلّمنا السُّلطان عَنْ غير أمْرِه، فكتب إلى والي خوارِزْم. فلما بلغ أَبَا عَبْد اللَّه ذَلِكَ وَجَدَ وجْدًا شديدًا، وقال: لَا تكونوا أشفق عليَّ مِن نفسي. وكتبَ كتابًا وأردف تِلْكَ الكُتُب بكُتُب. وكتب إلى بعض أصحابه بخوارزم أن لا يتعرض لغريمه، وقصدنا غريمه وقصدنا ناحية مَرْو، فاجتمع التّجّار، وأُخبِر السّلطان، فأراد التّشديد عَلَى الغريم، فكره ذَلِكَ أبو عبد الله فصالح غريمه عَلَى أنْ يعطيه كلّ سنة عشرة دراهم شيئًا يسيرًا. وكان المال خمسة وعشرين ألفًا. ولم يصل من ذَلِكَ إلى درهم، ولا إلى أكثر منه1. وسمعت أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما توليت شراء شيء قطّ ولا بَيْعه. قلت: فمن يتولى أمركفي أسفارك؟ قَالَ: كنتُ أُكْفَى ذَلِكَ. وقال لي يومًا بِفَربْر: بلغني أنّ نَخّاسًا قدِم بجواري، فتصير معي؟ قلت: نعم. فصرنا إِلَيْهِ، فأخرج جواري حِسَانًا صِباحًا، ثمّ أخرج من خلَالهنّ جارية خَزَريّة دميمة، فمس ذقنها وقال: اشتر لنا هذه. فقلت: هذه دميمة قبيحة لَا تصلُح. واللَاتي نظرنا إليهنّ يمكن شراءهنّ بثمن هذه. فقال: اشترها، فإنيّ مسست ذَقْنها، ولا أحبّ أن أمسّ جاريةً ثمّ لَا أشتريها. فاشتراها بغلاء خمسمائة دِرهَم عَلَى ما قَالَ أهل المعرفة، ثم لم تزل عنده حتّى أخرجها مَعَه إلى نيسابور.   1 السير "10/ 306". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 184 وروي بَكْر بْن منير، وابن أَبِي حاتم، واللفظ لبكر، قَالَ: حُمِل إلى الْبُخَارِيّ بضاعة أنفذها إِلَيْهِ ابنه أَحْمَد. فاجتمع بِهِ بعض التّجّار وطلبوها بربح خمسة آلاف دِرْهم. فقال: انصرفوا اللّيلة. فجاءه مِنَ الغد تجّار آخرون فطلبوها منه بربح عشرة آلاف درهم، فقال: أنّي نَوَيْت البارحةَ بَيْعَها للّذين أتوا البارحة. وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما ينبغي للمسلم أنْ يكون بحالةٍ إذا دعا لم يُستَجَبْ لَهُ. فقالت لَهُ امْرَأَة أخيه بحضرتي: فهل تبيَّنت ذَلِكَ أيّها الشّيخ من نفسك أو جرّبت؟ قَالَ: نعم دعوت ربّي عزّ وجلّ مرَّتين، فاستجاب لي، فلن أدعو بعد ذَلِكَ، فلعلّه يُنْقِص من حسناتي أو يعجّل لي فِي الدُّنيا. ثمّ قَالَ: ما حاجة المسلم إلى البُخْل والكذِب؟ وسمعته يَقُولُ: خرجت إلى آدم بْن أَبِي إياس، فتخلَّفت عنّي نفقتي حتّى جعلتُ أتناول الحشيش ولا أُخبر بذلك أحدًا. فلمّا كَانَ اليوم الثالث أتاني آتٍ لم أعرفه، فناولني صُرّة دنانير، وقال: أنفق عَلَى نفسك1. وسمعت سُلَيْم بْن مجاهد يَقُولُ: ما رأيتُ بعيني منذ ستين سنة أَفْقَه ولا أروع ولا أزهَد فِي الدُّنيا من محمد بْن إِسْمَاعِيل، رحمه اللَّه. فصل فِي صفته وكرمه: قَالَ ابن عديّ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن الْحُسَيْن يَقُولُ: رَأَيْت محمد بْن إِسْمَاعِيل شيخًا نحيف الجسم لَيْسَ بالطّويل ولا بالقصير. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: دخل أبو عبد الله الحمّام بِفَربْر، وكنتُ أَنَا فِي مَسْلَخ الحمام أعاهد ثيابه. فلمّا خرج ناولْتُهُ ثيابه فلبسها، ثمّ ناولته الْخُفَّ، فقال: مسستَ شيئًا فِيهِ شَعْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. فقلت: فِي أيّ موضع هُوَ مِنَ الْخُفَّ؟ فلم يخبرني، فتوهّمت أنّه فِي ساقه بين الظِّهارة والبِطانة2.   1 السير "10/ 308". 2 السير "10/ 308، 309". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 185 وكانت لأبي عَبْد اللَّه قطعة أرض يُكْريها كل سنة بسبعمائة درهم. وكان ذَلِكَ المكتري ربّما حَمَلَ منها إلى أبي عبد الله قثاة أو قثاتين، لأنّه كَانَ مُعْجَبًا بالِقثّاء النَّضِيج، وكان يؤثِرهُ عَلَى البّطيخ أحيانًا؛ فكان يَهَب للرجل مائة دِرْهمٍ كل سنة لحمْله القِثّاء إِلَيْهِ أحيانًا1. وسمعته يقول: كنت أستغل كل شهر خمسمائة دِرهم، فأنفقت كلّ ذَلِكَ فِي طلب العلم. فقلت: كم بين مثل مَن ينفق عَلَى هذا الوجه، وبين مَن كَانَ خِلْوًا مِنَ المال، فجمع وكسب العلم؟ وكنّا بِفَربْر، وكان أبو عبد الله يبني رَباطًا ممّا يلي بُخَاري. فاجتمع بَشَرٌ كثير يُعينُونه عَلَى ذَلِكَ. وكان ينقل اللَّبنَ، فكنت أقول: إنّك تُكْفى. فيقول: هذا الَّذِي ينفعنا. ثمّ أخذنا ننقل الزَّنْبرات معه، وكان ذبح لهم بقرة، فلما أدرك القُدُور دعا النّاس إلى الطّعام، وكان بها مائة نفْس أو أكثر، ولم يكن علِم أنّه اجتمع ما اجتمع. وكنّا أخرجنا معه من فِرَبْر خُبزًا بثلَاثة دراهم أو أقلّ، فألقينا بين أيديهم، فأكل جميعُ مَن حضَر، وفضلت أرغِفة صالحة. وكان الخُبز إذ ذاك خمسة أَمْنَاء2 بدِرهم3. وقال لي مرةً: أحتاج فِي السنة إلى أربعة آلاف أو خمسة آلاف درهم. وكان يتصدَّق بالكثير. يناول الفقير من أصحاب الحديث ما بين العشرين إلى الثّلَاثين، وأقلّ وأكثر من غير أنْ يشعر بذلك أحد. وكان لَا يفارقه كيسه. ورأيته ناول رجلًا صرة فيها ثلاثمائة درهم. وكنت اشتريت منزلًا بتسعمائة وعشرين درهمًا.   1 السير "10/ 308". 2 أمناء: جمع من، وهو أحد أنواع المكاييل أو الموازين السابقة. 3 السير "10/ 309". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 186 فقال لي: ينبغي أن تصير إلى نوح الصَّيْرفيّ وتأخذ منه ألف درهم وتُحْضَرها. ففعلت، فقال: خذها واصرفها فِي ثمِنَ البيت. فقلت: قد قبلتُ منك. وشكرته. وأقبلنا عَلَى الكتابة. وكنّا فِي تصنيف "الجامع". فلمّا كَانَ بعد ساعةٍ، قلت: عرضت لي حاجة لَا أجترئ رفْعَها إليك. فظنَّ أنّي طمعت فِي الزّيادة، فقال: لَا تحتشمني وأخبرني بما تحتاج فإنيّ أخاف أن أكون مأخوذًا بسببك. قلت لَهُ: كيف؟ قَالَ: لأنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ أصحابه، فذكر حديث سعد وعبد الرَّحْمَن. فقلت: قد جعلتك فِي حِلٍّ من كلّ ما تَقُولُ، ووهبتُك المال الَّذِي عرضته عَلِيّ، عنيتُ المناصفة، وذلك أنّه قَالَ: لي جوارٍ وامرأة وأنت أعَزَبٌ، فالذي يجب عَلِيّ أنْ أُناصفك لنستوي فِي المال وغيره، وأربح عليك فِي ذَلِكَ. فقلت لَهُ: قد فعلت، رحمك اللَّه، أكثر من ذَلِكَ، إذْ أنزلتني من نفسك ما لم تُنزِلْ أحدًا، وصلتُ منك محلّ الولد. ثمّ حفظ عَلِيّ حديثي الأوّل، وقال: ما حاجتك؟ قلت: تقضيها؟ قَالَ: نعم وَأُسَرُّ بذلك. قلت: هذه الألف تأمر بقبوله وتصرفه فِي بعض ما تحتاج إِلَيْهِ فقبله، وذلك إنّه ضمن إجابة قضاء حاجتي. ثمّ جلسنا بعد ذَلِكَ بيومين لتصنيف" الجامع" وكتبنا منه ذَلِكَ اليوم شيئًا كثيرًا إلى الظُّهْر. ثمّ صلّينا الظُّهْر، وأقبلنا عَلَى الكتابة من غير أن نكون أكلنا شيئًا. فرآني لمّا كَانَ العصر شِبْه القلِق المستوحش، فتوهَّم فيَّ مَلَالَا؛ وإنّما كَانَ بي الحَصْر، غير أنّي لم أقدر عَلَى القيام، فكنتُ أَتَلَوَّى اهتمامًا بالحَصْر. فدخل أبو عبد الله المنزلَ، وأخرج إليّ، كاغدة فيها ثلاثمائة درهم، وقال: أما إذا لم تقبل ثمِنَ المنزل فينبغي أن تصرف هذا فِي بعض حوائجك. فجهد بي، فلم أقبل، ثمّ كَانَ بعد أيّام كتبنا إلى الظُّهْر أيضًا، فناولني عشرين الجزء: 19 ¦ الصفحة: 187 درهمًا وقال: أصرِفها فِي شري الحُصر. فاشتريتُ بها ما كنت أعلم أنّه يلَائمه، وبعثتُ بِهِ إِلَيْهِ، وأتيتُ فقال: بيّض اللَّه وجهك لَيْسَ فيك حيلة. فلَا ينبغي أن نُعَنيّ أنفُسنا. فقلت: إنك قد جمعتَ خير الدُّنيا والآخرة فأيّ رَجُل يَبَر خادمه بما تبرُّني1؟ قصته مَعَ الذُّهْليّ: قَالَ الْحَسَن بْن محمد بْن جَابرِ: قَالَ لنا محمد بْن يحيى الذُّهْليّ لمّا وردَ الْبُخَارِيّ نَيْسابور: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه. فذهبَ النّاس إِلَيْهِ، وأقبلوا عَلَى السماع منه حتى ظهر الْخَلَلُ فِي مجلس الذُّهْليّ، فحسده بعد ذَلِكَ وتكلَّم فِيهِ. وقال أَبُو أَحْمَد بْن عديّ: ذكر لي جماعة مِنَ المشايخ أنّ محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور واجتمعوا إليه، حسده بعض المشايخ فقال لأصحاب الحديث: إنّ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: اللفظ بالقرآن مخلوق، فامتحِنوه. فلمّا حضر النّاس قام إِلَيْهِ رَجُل وقال: يا أَبَا عَبْد الله، ما تَقُولُ فِي اللفظ بالقرآن، مخلوقٌ هُوَ أم غير مخلوق؟ فأعرض عَنْهُ ولم يجِبه. فأعاد السُّؤال، فأعرضّ عَنْهُ: ثمّ أعاد، فالتفت إِلَيْهِ الْبُخَارِيّ وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والَامتحان بِدْعة. فَشَغَبَ الرَّجُلُ وَشَغَبَ النَّاسُ، وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ. وَقَعَدَ الْبُخَارِيُّ فِي مَنْزِلِهِ2. قَالَ محمد بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ: سَمِعْتُ محمد بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: أَمَّا أَفْعَالُ الْعِبَادِ فَمَخْلُوقَةٌ، فقد ثنا علي بن عبد الله، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ" 3. وسَمِعْتُ عُبَيْد اللَّه بْن سعَيِد: سَمِعْتُ يحيى بْن سعَيِد يَقُولُ: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: إنّ أفعال العباد مخلوقة. قَالَ الْبُخَارِيّ: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة. فأما القرآن   1 السير "10/ 310، 311". 2 السير "10/ 312". 3 حديث صحيح: أخرجه الحاكم "1/ 31، 32"، والبيهقي "ص/ 388"، في الأسماء والصفات. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 188 المتلوا المُثْبَت فِي "المصاحف، المسطور"1 المكتوب المُوعَى فِي القلوب، فهو كلَام اللَّه لَيْسَ بمخلوق. قَالَ اللَّه تعالي: {هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم} [العنكبوت: 49] . وقال: يقال فُلَان حَسَن القراءة ورديء القراءة. ولا يقال: حَسَن القرآن، ولا رديء القرآن. وإنّما يُنسب إلى العباد القراءة؛ لأنّ القرآن كلَام الرّبّ، والقراءة فعل العَبْد. وليس لأحدٍ أنْ يشرع فِي أمر اللَّه بغير علم، كما زعم بعضهم أنّ القرآن بألفاظنا وألفاظنا به شيء واحد. والتّلَاوة هِيَ المَتْلُوّ، والقراءة هِيَ المقرئ. فقيل لَهُ: إنّ القراءة فعل القارئ وعمل التالي. فرجع وقال: ظننتهما مصدَرْين. فقيل لَهُ: هلَا أمسكت كما أمسك كثيرًا مِن أصحابك؟ ولو بعثتَ إلى من كَتَب عنك واسترددت ما أثْبَتَّ وضربتَ عَلَيْهِ. فزعم أنْ كيف يمكن هذا؟ وقال: قلتُ ومضى قولي. فقيل لَهُ: كيف جاز لك أن تَقُولُ فِي اللَّه شيئًا لَا تقوم بِهِ شرحًا وبيانًا؟ إذ لم تميّز بين التّلَاوة والمَتْلُوّ. فسكت إذ لم يكن عنده جواب. وقال أَبُو حامد الأعمش: رأيتُ الْبُخَارِيّ فِي جنازة سعَيِد بْن مروان، والذُّهْليّ يسأله عَنِ الأسماء والكُنَى والعلل، ويمرّ فِيهِ الْبُخَارِيّ مثل السَّهم، فما أتى عَلَى هذا شهر حتّى قَالَ الذُّهْليّ: إلَا من يختلف إلى مجلسه فلَا يأتِنا. فإنّهم كتبوا إلينا مِن بغداد أنه تكلم في اللفظ، ونهيناه فلم ينتهي فلَا تقربوه. فأقام الْبُخَارِيّ مدّةً وخرج إلى بُخَارى2. قَالَ أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ: سمعت محمد بْن يحيى الذُّهْليّ يَقُولُ: القرآن كلَام اللَّه غير مخلوق من جميع جهاته وحيث تصرَّف. فمن لزم هذا استغنى عَنِ اللفظ.   1 بياض في الأصل، وتم الإكمال من السير "10/ 312". 2 السير "10/ 313". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 189 مَن زعم أنّ القرآن مخلوق فقد كفر وبانَتْ منه امرأته. يسُتتاب، فإنْ تاب وإلَا قُتِل، وجُعِل مالُه فَيْئًا. ومَن وَقَفَ فقد ضاهى الكُفْر. ومَن زعم أنّ لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدِع لَا يُجالس ولا يُكَلَّم. ومَن ذهبَ بعد هذا إلى محمد بْن إِسْمَاعِيل فاتَّهِمُوه، فإنّه لَا يحضر مجلسَه إلَا مَن كَانَ عَلِيّ مذهبه1. وقال الفِرَبْري: سَمِعْتُ الْبُخَارِيّ يَقُولُ: إنّي لأستجهل مَن لَا يُكفّر الْجَهْميّة. قَالَ الحاكم: ثنا طاهر بْن محمد الوراق: سَمِعْتُ محمد بْن شاذِل يَقُولُ: دخلُت عَلَى الْبُخَارِيّ فقلت: إيش الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بْن يحيى كلّ من يختلف إليك يُطرد. فقال: وكم يعتري2 محمد بْن يحيى الحَسَدُ فِي الْعِلْمِ، وَالْعِلْمُ رزْقُ اللَّه يعطيه من يشاء. فقلت: هذه المسألة التي تحكى عنك؟ قال: يا بني، هذه المسألة مشؤومة. رَأَيْت أَحْمَد بْن حنبل وما ناله فِي هذه المسألة، وجعلت عَلَى نفسي أن لَا أتكلّم فيها. عَنَى مسألة اللفظ. وقال أَبُو عَمْرو أَحْمَد بْن نصر الخفّاف: كنّا يومًا عند أَبِي إِسْحَاق القَيْسيّ ومعنا محمد بْن نصر المَرْوزِيّ، فجرى ذِكر محمد بْن إِسْمَاعِيل، فقال محمد بْن نصر: سمعته يَقُولُ: مَن زعم أنيّ قلت لفْظي بالقرآن مخلوق فهو كذّاب فإنيّ لم أقُلْه. فقلت لَهُ: يا أَبَا عَبْد اللَّه قد خاض النّاس فِي هذا وأكثروا فِيهِ. فقال: لَيْسَ إلَا ما أقول. قَالَ أَبُو عَمْرو الخفّاف: فأتيتُ الْبُخَارِيّ فناظرتُهُ فِي شيء مِنَ الأحاديث حتّى طابت نفسُه، فقلت: يا أَبَا عبد الله ههنا أحدٌ يحكي عنك أنّك قلتَ هذه المقالة. فقال: يا أَبَا عَمْرو أحفظ ما أقول لك: مَن زعم مِن أهل نَيْسابور، وقومس، والرّيّ، وهمدان، وبغداد، والكوفة، والبصرة، ومكّة، والمدينة، أني قلت لفظي   1 السير: "10/ 313". 2 يعتري: يصيب. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 190 بالقرآن مخلوق فهو كذّاب، فإنيّ لم أقُلْه. إلَا إني قلت: أفعال العباد مخلوقة1. وقال حاتم بْن أَحْمَد الكنديّ: سَمِعْتُ مسلم بْن الحَجّاج يَقُولُ: لمّا قدِم محمد بْن إِسْمَاعِيل نَيْسابور ما رَأَيْت والياُ ولا عالمًا فَعَل بِهِ أهل نَيْسابور ما فعلوا بِهِ. أستقبلوه مرحلتين وثلَاثة. فقال محمد بْن يحيى: مَن أراد أنْ يستقبل محمد بْن إِسْمَاعِيل غدًا فلْيستقبلْه. فاستقبله محمد بْن يحيى وعامّة العُلَماء، فقال لنا الذُّهْليّ: لَا تسألوه عَنْ شيء مِن الكلَام، فإنّه إنّ أجاب بخلَاف ما نَحْنُ عَلَيْهِ وقع بيننا وبينه، ثمّ شمتَ بنا كلُّ حَرُورِيٍّ2، وكلُّ رافضيٍّ3 وكلُّ جَهْميٍّ4، وكلُّ مُرْجئٍ5 بخُراسان. قَالَ: فازدحم النّاس عَلَى محمد بن إسماعيل حتى امتلأ السَّطْح والدّار فلمّا كَانَ اليوم الثاني أو الثالث قام إليه رَجُل، فسأله عَنِ اللفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا. فوقع بينهُمُ اختلَاف، فقال بعض النّاس: قَالَ لفْظي بالقرآن مخلوق. وقال بعضهم: لمَ يقل. حتّى تواثبوا، فاجتمع أهلُ الدّار وأخرجوهم. وكان قد نزل فِي دار البخاريّين6. وقال أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: دخلتُ عَلى الْبُخَارِيّ فقلت: يا أَبَا عَبْد اللَّه، هذا رجلٌ مقبول، خصوصًا في هذه المدينة، وقد لَجَّ فِي هذا الحديث حتّى لَا يقدر أحد منا أنْ يكلمّه، فما ترى؟ فقبضَ عَلِيّ لحيته ثمّ قَالَ: فأُفَوِّض أمري إلى اللَّه، إنّ اللَّه بصير بالعباد. اللهمّ إنّك تعلم أنيّ لم أَرِدِ المقام بَنْيسابور أَشَرًا ولا بَطَرًا ولا طلبًا للرّئاسة. وإنما أَبَتْ عَلَيّ نفسي فِي الرُّجُوع إلى وطني لِغَلَبَةِ المخالفين. وقد قصدني هذا الرّجل حسَدًا لِما آتاني اللَّه لَا غير. يا أَحْمَد إنيّ خارج غدًا ليتخلصوا من "حديثه لأجلي"7. قال: فأخبرتُ أصحابنا، فوالله ما شيّعه غيري. كنت معه حين خرج من البلد   1 السير "10/ 314". 2 حروري: هم الخوارج، إحدى الفرق الضالة. 3 رافضي: الرافضة هم الشيعة. 4 جهمي: الجهمية، إحدى الفرق الضالة. 5 مرجئ: المرجئة، إحدى الفرق الضالة. 6 السير "10/ 314". 7 زيادة من السير. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 191 وأقام بباب البلد ثلَاثة أيّام لإصلَاح أمره1. وقال محمد بْن يعقوب بْن الأخرم: لمّا استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه، فلما وقَع بين الذُّهْليّ وبين الْبُخَارِيّ ما وقع ونادى عَلَيْهِ ومَنعَ الناس عَنْهُ انقطع أكثرُهُم غير مُسلْمِ. فَقَالَ الذُّهْلِيُّ يَوْمًا: ألَا من قال بالفظ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَنَا. فَأَخَذَ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رؤوس النَّاسِ. وَبَعَثَ إِلَى الذُّهْلِيِّ بِمَا كَتَبَ عَنْهُ عَلَى ظَهْرِ حَمَّالٍ. وَتَبِعَهُ فِي الْقِيَامِ أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ. قَالَ محمد بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَتَى رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يُكَفِّرُكَ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا" 2. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتِم فِي كتاب "الجرح والتعديل": قدم محمد بْن إِسْمَاعِيل الرِّيّ سنة خمسين ومائتين، وسمع منه: أَبِي، وأبو زُرْعَة؛ وتركا حديثه عندما كُتُب إليهما محمد بْن يحيى أنه أظهر عندهم أنّ لفظه بالقرآن مخلوق. وقال أَحْمَد بْن منصور الشّيرازيّ الحافظ: سمعتُ بعض أصحابنا يَقُولُ: لمّا قدم الْبُخَارِيّ بُخَاري نُصب لَهُ القباب عَلَى فرَسْخ مِنَ البلد، واستقبله عامّة أهل البلد ونُثِر عَلَيْهِ الدّنانير والدَّراهم والسُّكَّر الكثير، فبقي أيامًا، فكتب محمد بْن يحيى الذُّهْليّ إلى أمير بُخَاري خَالِد بْن أَحْمَد الذُّهْليّ: إن هذا الرجل قد أظهر خلَاف السنة. فقرأ كتابه عَلَى أهل بُخاري، فقالوا: لَا نفارقه. فأمره الأمير بالخروج مِنَ البلد، فخرج3. قَالَ أَحْمَد بْن منصور: فحدثني بعض أصحابنا عَنْ إِبْرَاهِيم بْن معقل النَّسَفيّ قَالَ: رَأَيْت محمد بْن إِسْمَاعِيل فِي اليوم الَّذِي أُخرج فِيهِ مِن بُخَارى، فقلت: يا أَبَا عَبْد اللَّه كيف ترى هذا اليوم من يوم دخولك؟ فقال: لَا أبالي إذا سلم ديني.   1 السير "10/ 315". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6104"، ومسلم "60"، وأبو داود "4687"، والترمذي "2646"، وأحمد "2/ 18، 44، 47، 112". 3 السير "10/ 317، 318". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 192 فخرج إلى بِيكْند، فسار الناس معه حزْبين: حزبٌ لَهُ وحزبٌ عَلَيْهِ، إلى أن كتب إِلَيْهِ أهل سَمَرْقند، فسألوه أنْ يقدم عليهم، فقدِم إلى أن وصل بعض قري سَمَرْقند، فوقع بين أهل سَمَرْقند فتنةٌ بسببه. قومٌ يريدون إدخالَه البلد، وقومٌ يأبون، إلى أن اتفقوا عَلَى دخوله. فاتصل بِهِ ما وقع بينهم، فخرج يريد أنْ يركب، فلمّا استوى على دابته قال: اللهم خر لي، ثلَاثًا، فسقط ميتًا. وحضره أهل سَمَرْقند بأجمعهم1. هذه حكاية منقطعة شاذة. وقال بَكْر بْن منير بْن خُلَيْد الْبُخَارِيّ: بعث الأمير خَالِد بْن أَحْمَد الذُّهْليّ متولّي بُخَارى إلى محمد بْن إِسْمَاعِيل أن أحمل إلى كتاب "الجامع"، "والتاريخ"، وغيرهما لأسمع منك. فقال لرسوله: أَنَا لَا أُذلُّ العِلْم، ولا أحمله إلى أبواب النّاس، فإنْ كانت لَهُ إلى شيءٍ منه حاجة فليحضر إلى مسجدي أو فِي داري. فإنْ لم يُعْجِبْه هذا فإنّه سلطان، فلْيمنعني مِن الجلوس ليكون لي عند اللَّه يوم القيامة، لأنيّ لَا أكتم العِلم. فكان هذا سبب الوحشة بينهما2. وقال أَبُو بَكْر بْن أَبِي عَمْرو الْبُخَارِيّ: كَانَ سبب منافرة الْبُخَارِيّ أنّ خَالِد بْن أحمد خليقة الظاهرية ببخارى سأله أن يحضر مجلسه فيقرأ "الجامع"، "والتاريخ" عَلَى أولَاده، فامتنع، فراسله بأن يعقد مجلسًا خاصًا لهم، فامتنع، وقال: لَا أخصّ أحدًا. فاستعان عَلَيْهِ بحريث بْن أَبِي الورقاء وغيره، حتى تكلموا فِي مذهبه ونفاه مِنَ البلد، فدعا عليهم. فلم يأت إلَا شهر حتى ورد أمر الظاهرية بأن ينادى على خالد من البلد. فنوديَ عَلَيْهِ عَلَى أتان. وأمّا حريث فابتُلي بأهله، ورأى فيها ما يجلّ عَنِ الوصفْ، وأمّا فلَان فابتلي بأولَاده3. رَوَاها الحاكم عَنْ محمد بْن الْعَبَّاس الضّبيّ عَنْ أَبِي بَكْر هذا. قُلْتُ: كَانَ حريث من كبار فقهاء الرأي ببخارى.   1 السير "10/ 318". 2 السير "10/ 318". 3 السير "10/ 319". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 193 قَالَ محمد بْن واصل البِيكَنْديّ: مَنّ اللَّه علينا بخروج أَبِي عَبْد اللَّه ومُقامه عندنا حتّى سمعنا منه هذه الكتب، وإلَا مَن كَانَ يصل إِلَيْهِ؟ وبمُقّامِه فِي فِرَبْر وبِيكَنْد بقيت هذه الأمالي وتخّرج النّاس بِهِ. قَالَ ابن عديّ: سَمِعْتُ عَبْد القدوس بْن عَبْد الجّبار يَقُولُ: جاء الْبُخَارِيّ إلى قرية خَرْتَنْك عَلَى فرسخَيْن من سَمَرْقند، وكان لَهُ بها أقرباء فنزل عندهم، فسمعته ليلةً يدعو وقد فرغ من صلَاة اللّيل: اللهُمّ قد ضاقت عَلِيّ الأرض بما رَحُبَت، فاقْبضْني إليك. فما تمّ الشَّهْر حتى مات، وقبره بَخْرتَنْك1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ غالب بْن جبريل، وهو الَّذِي نزل عَلَيْهِ أبو عبد الله، يَقُولُ: أقام أبو عبد الله عندنا أيّامًا فمرض، واشتدَّ بِهِ المرض حتّى وجه رسولَا إلى سَمَرْقند فِي إخراج محمد. فلمّا وافى تهيأ للركوب، فلبس خُفَّيْه وتعمَّم، فلمّا مشى قدر عشرين خُطْوَة أو نحوها وأنا آخذ بعضده، ورجل آخر معي يقود الدّابّة ليركبها، فقال رحمه اللَّه، أرسلُوني فقد ضَعُفْت. ودعا بدَعَوَات، ثمّ اضطّجع، فقضى رحمه اللَّه، فَسَال منه مِن العرق شيء لَا يوصف. فما سكن منه العَرَق إلى أن أدرْجناه فِي ثيابه. وكان فيما قَالَ لنا وأوصى إلينا أن: كفنوني في ثلاثة أثواب بِيض لَيْسَ فيها قميص ولا عِمامة. ففعلنا ذَلِكَ. فلمّا دفّناه فاحَ مِن تراب قبره رائحة غالية أطيب مِنَ المِسْك، فدام ذلك أيامًا. قم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره، فجعل الناس يختلفون ويتعجّبون. وأمّا التُّراب فإنهم كانوا يرفعون عَنِ القبر، ولم نكن نقدر عَلَى حفْظ القبر بالحرّاس، وغُلِبْنا عَلَى أنفُسنا، فَنصبنا عَلَى القبر خَشَبًا مُشَبَّكًا لم يكن أحد يقِدر عَلَى الوُصُول إلى القبر. وأمّا ريح الطَّيب فإنّه تداوم أيّامًا كثيرة، حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا مِن ذَلِكَ. وظهر عند مخالفيه أمرُهُ بعد وفاته. وخرج بعض مُخالفيه إلى قبره، وأظهروا التَّوبة والنَّدامة2. قَالَ محمد: ولم يَعِشْ غالبُ بعده إلَا القليل ودفن جانبه وقال خَلَف الخيام: سَمِعْتُ مَهيب بْن سُلَيْم يَقُولُ: مات عندنا أبو عبد الله ليلة الفطر سنة ست وخمسين. كان فِي بيتٍ وحده. فوجدناه لمّا أصبح وهو ميت3.   1 السير "10/ 320". 2 السير "10/ 320، 321". 3 السابق. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 194 وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا ذَرّ يَقُولُ: رَأَيْت فِي المنام محمد بْن حاتم الخَلْقَانيّ، فسألته، وأنا أعرف أنّه ميت، عَنْ شيخي: هَلْ رأيته؟ قَالَ: نعم. ثمّ سَأَلْتُهُ عَنْ محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ فقال: رَأَيْته. وأشار إلى السّماء إشارةً كاد أنْ يسقط منها لعُلُوّ ما يُشير. وقال أَبُو عَلِيّ الغسانيّ الحافظ: ثنا أَبُو الفتح نصر بْن الْحَسَن التُنْكُتيّ السَّمرْقَنْديّ: قدِم علينا بَلَنْسَية عام أربعة وستين وأربعمائة قَالَ: قُحِطَ المطر عندنا بسَمَرْقَنْد فِي بعض الأعوام، فاستسقى النّاس مرارًا، فلم يُسْقوا، فأتي رجلٌ صالح معروف بالصّلَاح إلى قاضي سَمَرْقند فقال لَهُ: إنيّ قد رَأَيْت رأيًا أعرضه عليك. قال: وما هُوَ؟ قَالَ: أرى أن تخرج وتخرج النّاس معك إلى قبر الْإمَام محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ ونستسقي عنده، فعسى اللَّه أنْ يسقينا. فقال القاضي: نِعَم ما رَأَيْت. فخرج القاضي والنّاس معَه واستسقى القاضي بالنّاس وبكى النّاسُ عند القبر وتشفَّعوا بصاحبه، فأرسل اللَّه تعالي السَّماء بماء عظيم غزير، أقام النّاس من أجله سبعة أيّام أو نحوها، لَا يستطيع أحدٌ الوصول إلى سَمَرْقند من كَثْرة المطر وغزارته. وبين سَمَرْقند وخَرتنك نحو ثلَاثة أميال1. ومناقب أَبِي عَبْد اللَّه رضي اللَّه عَنْهُ كثيرة، وقد أفردتها فِي مصنَّف وفيها زيادات كثيرة هناك، واللَّه أعلم. 402- محمد بْن إِسْمَاعِيل بن البختري2 -ت. ق- أبو عبد الله الحساني الواسطي الضرير. عن: ابن معاوية، ووَكِيع، ومحمد بْن الْحَسَن الواسطيّ، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر وجماعة. وعنه: ت. ق. وبقيّ بْن مَخْلَد، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، ومحمد بن مخلد، والمحاملي، وآخرون.   1 السير "10/ 321". 2 انظر: تاريخ بغداد "2/ 36، 37"، التهذيب "9/ 56، 57". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 195 قَالَ محمد بْن محمد الباغَنْديّ: كَانَ خيرًا، مرضيا، ً صدوقًا. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 403- محمد بن إسماعيل بن سمرة -ت. ن. ق- أبو جعفر الأحمسي الكوفي1 السراج: عَنْ: أسباط بْن محمد، ومحمد بْن فضيل، وأبي معاوية، ووَكِيع، وابن عُيَيْنَة، وطبقتهم. وعنه: ت. ن. ق.، وحاجب بْن أَرْكِين، وعمر البُجَيْريّ، وابن خزيمة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون. قال النسائي: ثقة. وقال ابن عساكر: مات في جمادى الأولى سنة ستين. ويقال: سنة ثمان وخمسين. 404- محمد بن أشعث السجستاني2: أخو الإمام أبي داود. كان أسن من أبي داود، وأقدم سماعا. روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وطبقتهما. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد. 405- محمد بْن بزيع النَّيسابوري3: عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وشَبَابة. وعنه: محمد بْن شادل، ومكيّ بْن عَبْدان، وجماعة. تُوُفّي فِي ربيع الآخر سنة أربعٍ وخمسين ومائتين.   1 التهذيب "9/ 58، 59". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به. 3 انظر التعليق السابق. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 196 406- محمد بْن بشّار بْن دَاوُد بْن كَيْسان الحائك الحافظ - ع. - أبو بكر العبدي1 البصري، بندار: والبُنْدار فِي الاصطلَاح هُوَ الحافظ. وكان بُنْدار عارفًا مُتْقِنًا بصيرًا بحديث البصْرة، لم يرحل برًا بأمه، واقتنع بحديث بلده. سَمِعَ: معتمر بْن سُلَيْمَان، وعبد العزيز بْن عَبْد الصَّمد العمي، ومرحوم بْن عَبْد العزيز العطّار، وعَبْد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعمر بْن عَلِي بْن مقدم، ومحمد بن جعفر غُنْدر, ومحمد بن أبي عديّ، ويحيى القطّان، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وأبا عاصم، ووَكِيعًا، ويزيد بْن هارون. وكأنه رحل بأخرة. وعنه: ع.، وابن أَبِي الدُّنيا، وأبو زرعة، والبغوي، وابن خزيمة، وأبو العباس السراج، وزكريا الساجي، وابن صاعد، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبو بكر بن أبي داود، وخلق. قال الأرغياني: سمعته يقول: كتب عني خمسة قرون، وسألوني الحديث وأنا ابن ثمان عشرة، فأخرجتهم إلى البستان وأطعمتهم الرطب وحدثتهم. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال العِجْليّ: ثقة، كثير الحديث، حائك. وقال عَبْد اللَّه بْن محمد بْن يونس السّمْنانيّ: كَانَ أهل البصرة يقُدِّمون أَبَا مُوسَى عَلَى بُنْدار، وكان الغُرباء يُقدِّمون بندارًا. وقال عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن خاقان المَرْوزِيّ: سَمِعْتُ بُنْدارًا يَقُولُ: أردت الخروج، فمنعتني أميّ فأطعتها. فبورك لي فِيهِ، يعني الحديث2. وقال ابن خُزَيْمَة: سَمِعْتُ بندارًا يَقُولُ: اختلفت إلى يحيى بْن سعَيِد ذكر كثر من عشرين سنة3.   1 السير "10/ 115-118"، التهذيب "9/ 70-73". 2، 3 السير "10/ 116". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 197 وقال أَبُو دَاوُد: كتبتُ عَنْ بندار نحوًا من خمسين ألف حديث، وكتبتُ عَنْ أَبِي مُوسَى شيئًا، وهو أثبت من بُنْدار، ولولَا سلَامة فِي بُنْدار ترُك حديثه. وقال إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم القزاز: كنّا عند بُنْدار، فقال في حديث عن عائشة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فقال رَجُل يمزح بأُعِيُذك باللَّه ما أفصحك. فقال: كنّا إذا خرجنا من عند رَوْح ودخلنا عَلَى أَبِي عُبَيْدة فقال: بان عليك ذلك1. وقال ابن خزيمة: سمعت بندارًا يَقُولُ: ما جلست مجلسي هذا حتّى حفظت جميع ما خرّجته. وقال ابن خُزَيْمَة مرّة: ثنا الْإمَام محمد بْن بشّار بُنْدار. وَقَالَ فِي كِتَابِ "التَّوْحِيدِ": ثَنَا إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي الْعِلْمِ وَالأَخْبَارِ محمد بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي ذَرٍّ: لَوْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَأَلْتُهُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُهُ فَقَالَ: "رَأَيْتُ نُورًا" 2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْن أَحْمَدَ الدَّوْرَقيّ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَعِينٍ وَجَرَى ذِكْرُ بُنْدَارٍ، فَرَأَيْتُ يَحْيَى لا يَعْبَأُ بِهِ وَيَسْتَضْعِفُهُ. وَقَالَ محمد بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَمَّا مَاتَ بُنْدَارٌ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي مُوسَى الزَّمِنِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى البُشْرَى مَاتَ بُنْدَارٌ. قَالَ: جِئْتَ تبشرني بموته؟ علي ثلاثين حُجَّةً إِنْ حَدَّثْتُ أَبَدًا بِحَدِيثٍ. فَبَقِيَ بَعْدَهُ تِسْعِينَ يَوْمًا، وَمَاتَ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِحَدِيثٍ3. وَقَالَ بُنْدَارٌ: وُلِدْتُ فِي السنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وُلِدَ هُوَ وَأَبُو مُوسَى فِي سنة وَاحِدَةٍ، وَمَاتَ في رجب سنة اثنتين وخمسين ومائتين.   1 تاريخ بغداد "2/ 103". 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "292"، وابن أبي عاصم "1/ 192" في السنة. 3 تاريخ بغداد "2/ 104". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 198 وَقَالَ ابْنُ سَيَّارٍ الْفِرْهِيَانِيُّ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ علي الفلاس يحلف أن بندار يكذب فيما روى عن يحيى القطان. قال الْفِرْهِيَانِيُّ: بُنْدَارٌ ثِقَةٌ. وَكَانَ أَبُو مُوسَى أَرْجَحَ مِنْهُ لأَنَّهُ كَانَ لا يَقْرَأُ إِلا مِنْ كِتَابِهِ، وَكَانَ بُنْدَارٌ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ يَقْرَأُ. 407- محمد بْن بَكْر بْن مدّكر: أَبُو جعْفَر الضَّرير1، أحْد الحُفّاظ. نزل بخاري، وحدَّث عَنْ: حسين الجعفي، وأبي أسامة، وجماعة. وكان موصوفًا بالمعرفة والصَّلَاح والديانة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. روى عَنْهُ البخاريون، منهم: إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن خَلَف. 408- محمد بْن بور بْن هانئ الْقُرَشِيّ المَرْوزِيّ2: نزيل بُخاري. عَنْ: عبدان بن عثمان، وخلاد بن يحيى، وعبد اللَّه بْن مُوسَى، ويحيى بْن نصر بْن حاجب، وطائفة. وعنه: سهل بْن شاذُوَيْه، وإِبْرَاهِيم بْن محمد الأَسَدِيّ، وإِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد المَرْوزِيّ، وآخرون. وبعضهم قَالَ: "فور"، والأصح أنّها بين الباء والفاء. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. قَالَ ابن ماكولَا: يضعَّف فِي الحديث، ويروي المناكير. 409- محمد بْن تميم العنبريّ3: حدث بالقيروان عَنْ: ابن وَهْبُ، وأنس بْن عيِاض، وطال عمره. توفي سنة ستين.   1 لم نقف عليه. 2 المشتبه "1/ 124". 3 المنتظم "5/ 21"، لابن الجوزي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 199 وأما ابن يونس فقال: توفي سنة تسع وخمسين بِقَفْصَة. 410- محمد بْن ثواب بْن سعَيِد الهياري1 -ق- أبو عبد الله الكوفي: عن: عبد الله بن نمير، ويونس بن بُكَيْر، وأبي أسامة، وطائفة. وعنه: ق.، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو نعيم عبد الملك بْن عديّ، وأبو عَوَانَة، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ومحمد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُوريّ، وآخرون. وكان ثقة. قَالَ مُطَيَّن: تُوُفّي سنة ستين أيضًا. 411- محمد بْن جَابرِ بْن بُجَيْر بن عقبة - ق. - أبو بجير المحاربي الكوفي2: عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن المُحَارِبيّ، ووَكِيع، وابن نُمَيْر، وأبي أسامة. وعنه: ق.، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وأبو بكر بن" أبي"3 داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق. قَالَ مُطَيَّن: مات فِي ربيع الآخر سنة ستًّ وخمسين ومائتين. 412- محمد بْن أَبِي الثّلج عَبْد الله بن إسماعبل الرازي4 -خ. ت- ثم البغدادي: عن: عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي الخضر هاشم، ورَوْح بْن عُبَادة، ويزيد بن هارون، وطبقتهم. وعنه: خ. ت. وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وأبو قُرَيش محمد بْن جُمْعة، وابن خزيمة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبت عَنْهُ فِي سنة أربعٍ وخمسين مَعَ أَبِي، وهو صدوق. وقال ابن قانع: تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين.   1 الجرح والتعديل "7/ 218"، والتهذيب "9/ 86، 87". 2 الجرح والتعديل "7/ 220"، والتهذيب "9/ 88". 3 زيادة من كتب الرجال. 4 انظر: الجرح والتعديل "7/ 294"، والتهذيب "9/ 247". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 200 413- محمد المعتزّ بالله1: أمير المؤمنين أبو عبد الله. وقيل: اسمه الزبير بن المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بن المُعْتَصمِ بالله محمد بْن الرّشيد بالله هارون الهاشميّ العباسي. ولد سنة اثنتين ومائتين، ولم يَلِ الخلَافة قبله أحد أصغر منه. وكان أبيض جميلَا مُشْربًا بالحُمْرة، حَسَن الجسم، بديع الحُسْن قَالَ عَلِيّ بْن حَرْب الطّائيّ، وهو أحد شيوخ المعتزّ باللَّه فِي الحديث: دخلت على المعتز فما رأيت خليقة أحسن منه. وأُمُّه أم وُلِد رومية. بويع عند عزل المستعين سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وهو ابن تسع عشرة سنة، فِي أول السنة. فلمّا كَانَ فِي رجب خلع أخاه المؤيدّ بالله من ولَاية العهد، وكتب بذلك إلى الآفاق. فلم يلبث إلَا أيّامًا حتى مات. وخشي المعتزّ باللَّه أنْ يتحدث عَنْهُ أنّه قتله أو احتال عَلَيْهِ، فأحضر القُضاة حتى شاهدوه وليس بِهِ أثر. والله أعلم. وأمّا نفْطَوَيْه فقال: كَانَت خلَافته أربعٍ سنين وستة أشهر وأربعة عشر يومًا، منها بعد خلْع المستعين ثلَاث سنين وستة أشهر وثلَاثة وعشرين يومًا. ومات عَنْ أربعٍ وعشرين سنة. وقال غيره: مات عَنْ ثلَاثٍ وعشرين سنة. وكان المعتزّ باللَّه مستَضْعَفًا مَعَ الأتراك، فاتفق أنّ جماعة مِن كبارهم أتوْه وقالوا: يا أمير المؤمنين أَعْطِنا أرزاقنا لنقتل صالح بْن وصيف. وكان المعتزّ يخافه، فطلب من أمّه مالَا لينفقه فيهم، فأبتْ عَلَيْهِ وشحَّت. ولم يكن بقي فِي بيت الأموال شيء، فاجتمع الأتراك حينئذ واتفقوا عَلَى خلعه، ووافقهم صالح بْن وصِيف وبابك ومحمد بْن بُغَا، فلبسوا السّلَاح وجاءوا إلى دار الخلَافة، فبعثوا إلى الخليفة أنْ أخرج إلينا، فبعث يَقُولُ: قد شربت دواء وأنا ضعيف. فهجم عَلَيْهِ جماعة فجرّوا برِجْله وضربوه بالدبابيس، وأقاموه فِي الشمس فِي يوم صائف، فبقي المسكين يرفع قدمًا ويضع أخرى، وهم يلطمون وجهه ويقولون: اخلع نفسك. ثمّ أحضروا القاضي ابن أَبِي الشّوارب والشُّهود، وخلعوه.   1 السير "12/ 532-535"، وشذرات الذهب "2/ 130". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 201 ثمّ أحضروا من بغداد إلى دار الخلَافة، وهي يومئذ سامرّاء، محمد بْن الواثق، وكان المعتز بالله قد أبعده إلى بغداد. فسلم المعتزّ إِلَيْهِ بالخلَافة وبايعه، ولقبوه المهتدي باللَّه، رحمه اللَّه، فلقد كَانَ من خيار الخلَايف، ولكنّه لم يتمكّن أيضًا مِن الأمر. ثمّ إنّ الملأ أخذوا المعتزّ باللَّه بعد خمس ليالٍ من خلْعه، فأدخلوه الحمّام، فلمّا تغسل عطش وطلب الماء، فمنعوه حتى هلك وهو يطلب ماء. ثمّ أُخرج وهو ميت عطشًا، فسقوه ماءً بثلج، فشربه وسقط ميتًا. وذلك فِي شَعْبان سنة خمس وخمسين ومائتين. 414- محمد بْن الْجُنَيْد الإسفرايينيّ الزّاهد1: رحل: وسمع: عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وأبا مُسْهِر الدّمشقيّ، وطبقتهما. ورابط بالثُّغور مدّة. وعنه: أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ، وأبو عوانة، وجماعة. 415- محمد بن حرب بن حربان2 -خ. م. د- أبو عبد الله الواسطيّ النشائيّ، ويقال أيضًا النشاستجي. عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وإِسْمَاعِيل بْن عَلَيْهِ، وأبي معاوية، وعلي بْن عاصم، ويزيد بْن هارون، وخلْق. وعنه: خ. م. د.، وبقيّ بْن مَخْلَد، وجعفر الفِرَيابيّ، وأحمد بن يحيى التستري، وعبدان، وأبو عروبة، ومحمد بن هارون الروياني، وخلق. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن عساكر: تُوُفّي سنة خمس وخمسين. 416- محمد بن حزابة المروزي ثم البغدادي -د-: الخياط العابد أبو عبد الله3.   1 أحد العلماء المستورين، وهو لا بأس به. 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 237"، والتهذيب "9/ 108، 109". 3 انظر: تاريخ بغداد "2/ 295"، والتهذيب "9/ 110، 111". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 202 عَنْ: أَبِي النَّضْر، وعبد الصَّمد بْن عَبْد الوارث، وإِسْحَاق بْن منصور السَّلُوليّ، والوليد بْن القاسم الهَمَدانيّ. وعنه: د.، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأحمد بن علي الجوزجاني، ومحمد بن سليمان بن فارس صاحب الْبُخَارِيّ، وآخرون. وثقَّه الخطيب. 417- محمد بْن حسان بن فيروز الأزرق - ق- أبو جعفر الشيباني الواسطي1 البغدادي، مولى معن بْن زائدة: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطان، ووَكِيع، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وحسين الْجُعْفيّ، وطائفة. وعنه: ق. حديثًا واحدًا، وإسماعيل القاضي، وابن أَبِي الدُّنيا، وإسماعيل الوراق، والحسين المَحَامِليّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ومحمد بْن مَخْلَد، وخلْق. وثقَّه الدّارَقُطْنيّ، وغيره، تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. 418- محمد بْن الحسن بن تسنيم -د- أبو عبد الله الأزدكي العتكي البصري2، نزيل الكوفة: عَنْ: محمد بْن بَكْر البُرْسانيّ، وحجاج الأعور، ورَوْح بْن عُبَادة. وعنه: د. وعَبْدان الأهوازيّ، وعبد اللَّه بْن زيدان، ومحمد بْن الْحُسَيْن بْن مَكْرَم، وابن خُزَيْمَة، وجماعة. مات فِي رجب سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 419- محمد بْن الْحَسَن بْن جعْفَر الْبُخَارِيّ3: عَنْ: يزيد بْن هارون، وعن: سعَيِد بْن عامر الضُّبَعيّ، وهذه الطبقة. وعنه: محمد القواس، وغيره. توفي سنة سبع وخمسين.   1 الجرح والتعديل "7/ 238، 239"، التهذيب "9/ 112". 2 التهذيب "9/ 114، 115". 3 من العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 203 420- أبو عبد الله النَّيسابوري1: سَمِعَ: أَبَا نُعَيْم، وعفان، ومحمد بْن سابق، وعبد اللَّه بْن نافع الصّائغ. وعنه: ابن خُزَيْمَة، وأبو حامد بْن سابق، ومكّيّ بْن عَبْدان، وآخرون. تُوُفّي سنة ستّين. 421- محمد بْن حفص بْن عُمَر الدُّوريّ2: أَبُو بَكْر. عَنْ: حَجّاج الأعور، ومحمد بن مصعب الفرقساني، وغيرهما. وعنه: والده المقرئ أَبُو عَمْر، وعبد الله بن إسحاق المدائني، محمد بْن مَخْلَد العطّار. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 422- محمد بْن خَالِد: أَبُو بَكْر الصَّوْمعيّ الطَّبَريّ. الزّاهد الفقيه3. رحل وسمع: عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، ووَكِيعًا، وأبا أسامة، ووُهَيْب بْن جرير، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: ابن خُزَيْمَة، وأبو حامد وعبد اللَّه ابنا الشَّرْقيّ. تُوُفّي بَنْيسابور سنة أربعٍ وخمسين. 423- محمد بْن خَالِد4: أَبُو هارون الرّازيّ الخراز. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن الْجَهْم، وإِسْحَاق بْن سُلَيْمَان، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وجماعة. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم، وابن الْجُنَيْد، وابنه عَبْد الرَّحْمَن، وآخرون.   1 انظر التعليق السابق. 2 الجرح والتعديل "7/ 236، 237". 3 التهذيب "9/ 147". 4 الجرح والتعديل "7/ 245". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 204 وكان صدوقًا صالحًا يختم القرآن كلّ لَيْلَةٍ ويوم. 424- محمد بْن خَالِد1 -خ-: عَنْ: محمد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن مُوسَى بْن أَعْيَن، ومحمد بْن وَهْبُ بْن عطيّة. وعنه: خ. قَالَ الكَلَاباذيّ، والحاكم أبو عبد الله، وأبو مَسْعُود الدّمشقيّ، وأبو الحَجّاج الكلبيّ: إنّه محمد بْن يحيى بْن عَبْد اللَّه بن خالد الذهلي. 425- محمد بن حشيش الْجُعْفيّ2: عَنْ: ابن فُضَيْل، وأبي أسامة، وجماعة. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم: صدوق، قد أدركته وكتبت من حديثه، ولم يتهيَّا لي أن أسمع منه. 426- محمد بْن خطّاب: أَبُو جعْفَر المَوْصِليّ الزّاهد3. كَانَ كبير القدر، يتآلف النّاس عَلَى طاعة اللَّه تعالي، ولا يكاد يدّخر شيئا. روى عَنْ: مالك بْن سُعَيْر بْن الخِمْس، ومؤمّل بْن إِسْمَاعِيل، وأبي عبد الرحمن المقرئ. وصنف سننا. وعنه: العلاء بن أيوب، ومحمد بن حامد الصائغ، والمواصلة. وكان أحد الأجواد، له أخبار في الكرم مع الفقر، رحمة الله عليه. توفي سنة سبع وخمسين ومائتين.   1 الثقات لابن حبان "9/ 144". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 248". 3 الثقات لابن حبان "9/ 139". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 205 427- محمد بن خلف بن عمار العسقلاني1 -ن. ق- عَنْ: ضَمْرَةَ بْن ربيعة، وعُبَيْد اللَّه بن موسى، وأبو علي الحنفي، طائفة: وعنه: ن. ق.، وأبو بكر بن أبي دَاوُد، وأبو الْحَسَن بْن جَوْصَا، وآخرون. وكان مِن أئمة العلم. تُوُفّي سنة ستّين. 428- محمد بن داود بن أبي ناجية -د- أبو عبد الله الإسكندراني2: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ، وضَمْرَة بْن ربيعة، وطبقتهم. وعنه: د.، وأبو بكر بن أبي داود، وعمر بن محمد بْن بُجَيْر، وإِبْرَاهِيم بْن يوسف الهِسنْجانيّ، وجماعة. وكَان صدوقًا. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين فِي شوّال بالإسكندرية. 429- محمد بْن دَاوُد التّميميّ القَنْطريّ البغداديّ3: أخو عَلِيّ بْن دَاوُد. عَنْ: آدم بْن أَبِي إياس، وسعيد بْن أَبِي مريم، وجماعة. وعنه: يحيى بْن صاعد، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 430- محمد بْن دَيْسَم: أَبُو عَلِيّ التِّرْمِذيّ الدّقّاق4: نزيل سامرّاء. عَنْ: أَبِي نُعَيْم، وعفان، وموسى بن إسماعيل.   1 الجرح والتعديل "7/ 145"، والتهذيب "9/ 149". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 250"، التهذيب "9/ 153، 154". 3 تاريخ بغداد "5/ 252". 4 السابق "5/ 269". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 206 وعنه: أَبُو بَكْر الخرائطيّ، ومحمد بْن أَحْمَد الأثرم، وابن أَبِي حاتم وقال: كتبت عَنْهُ مَعَ أَبِي، وهو صدوق. 431- محمد بْن زكريّا1: أَبُو جعْفَر، والد ميمون الحافظ. سَمِعَ: حَجّاج بْن محمد الأعور، ومَخْلَد بْن الْحُسَيْن الزّاهد. وعنه: عَبْد اللَّه بْن ناجية، والمَحَامِليّ. وثقَّه الخطيب. 432- محمد بْن زكريّا القُضَاعيّ المصريّ2: عَنْ: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. قَالَ ابن يونس: كَانَ يفهم ويحفظ الحديث. وكان رجلَا صالحًا. 433- محمد بْن زَنْجَوَيْه: أَبُو جعْفَر البصْريّ المؤذّن3. حدَّث ببغداد عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ومالك بْن سعَيِد، ومسلم بْن قُتَيْبة. روى عَنْهُ: الْحُسَيْن والقاسم ابنا المحاملي، وجماعة. توفي سنة سبْعٍ وخمسين فِي رمضان. 434- محمد بْن زياد بْن معروف الرّازيّ4. سكن جرجان، وحدَّث عَنْ: إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرّازيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الدشْتكيّ، والسِّنْديّ بْن عَبْدوَيْه. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن زُهَير النَّرْسيّ، وعاصم بن سعيد.   1 تاريخ بغداد "5/ 286". 2 ينظر في "حسن المحاضرة". 3 انظر: تاريخ بغداد "5/ 289". 4 الثقات لابن حبان "9/ 120". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 207 وكان من رؤساء جُرْجان. تُوُفّي سنة سبعٍ وخمسين. 435- محمد بْن زياد بْن عُبَيْد اللَّه بن ربيع بن زياد -خ. ق- ويقال ابن أَبِي سُفْيَان عُبَيْد اللَّه الزّياديّ البصري1: ويقال له اليؤيؤ. سَمِعَ: حماد بْن زيد، وفُضَيْل بْن عيِاض، وعبد الوارث، ويزيد بْن زُرَيْع، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن أَبِي يحيى المدني، وفضيل بْن سُلَيْمَان، ومُسلْمِ بْن خَالِد الزَّنْجيّ، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وطائفة. وعنه: خ. ق. وعبد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائنيّ، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني، وابن خزيمة، ومحمد بن حصن الألوسي، ومحمد بن أحمد بن سليمان الهروي، وأبو عروبة، ومحمد بن هارون الحضرمي، وعبد الله بن عروة الهروي، وخلق. ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ربّما أخطأ. وروى عَنْهُ الْبُخَارِيّ حديثًا واحدًا كالمقرون بغيره، عَنْ غُنْدَر. وكان مُعَمَّرًا من أبناء التّسعين. وقع لنا حديثه بعُلُوّ من طريق المخلّص. وبقي إلى بعد الخمسين ومائتين فيما أظنّ. 436- محمد بْن سعد: أبو عبد الله النَّيسابوري الجلَاب2. أخو خُشْنام. سَمِعَ: حفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، ورَوْح عُبَادة. وعنه: دَاوُد بْن الْحُسَيْن البَيْهقيّ بْن محمد التُّرْك. ومات فِي ذي الحجّة سنة ست وخمسين.   1 الثقات لابن حبان "9/ 114"، والتهذيب "9/ 168، 169". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 208 437- محمد بْن سعَيِد الْأيْليّ1: أخو هارون بْن سعَيِد. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ، وغيره. وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين. 438- محمد بْن سعَيِد بن حسان بن الأندلسيّ الصّائغ2: مولي بني أُميّة. روى عَنْ: أشهب بْن عَبْد العزيز، وعبد اللَّه بْن نافع. توفي سنة ستين بالأندلس. 439- محمد بن سلمة: أبو عامر التجيبي، مولاهم المصري3. حدث عَنْ: ابن وَهْبُ. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. قاله ابن يونس. 440- محمد بْن سهل بن عسكر -م. ت. ن- أبو بكر التميمي، مولَاهُمُ الْبُخَارِيّ4 نزيل بغداد. طوّف البلَاد، وسمع: عَبْد الرّزّاق، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، ووهب بن جرير، وعبيد الله بن موسى، ويحيى بن حسان التنيسي، وسعيد بن أبي مريم، وأبا اليمان، وجماعة كبيرة. وعنه: م. ت. ن. وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، ومحمد بْن جريج، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، وخلْق. قَالَ النَّسائيّ: ثقة.   1 في عداد المجهولين. 2 جذوة المقتبس "29-32" للحميدي. 3 ينظر في كتاب "حسن المحاضرة". 4 انظر: الجرح والتعديل "7/ 277"، والتهذيب "9/ 207". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 209 وقال أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج: تُوُفّي فِي شَعْبان سنة إحدى وخمسين. 441- محمد بْن سهل بْن نوح. أبو عبد الله التّميميّ النَّيسابوري1: سَمِعَ: وَكِيعًا، والنَّضْر بْن شُمَيْل. وَعَنْهُ: ابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن أَحْمَد بْن زُهَير، وغيرهما. مات قبل السّتّين. 442- محمد بْن سهل بْن زَنْجَلَة الرّازيّ2. أَبُو جعْفَر، مُحَدَّث جوّال. عَنْ: محمد بْن سابق، وأبي صالح كاتب اللَّيْث، وأبي الوليد الطَّيَالِسيّ، وطبقتهم. وعنه: ابن أَبِي حاتم، وصَدَقه. 443- محمد بْن سلَام بْن السَّكَن البِيكَنْديّ الصغير3: يروي عن: الحسن بْن سوار البَغَوِيّ، وعَلِيّ بْن الْجَعْد. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن واصل الْبُخَارِيّ، وغيره. يقال إنّه تُوُفّي بمصر. 444- محمد بْن شُعَيب الأَسَدِيّ النَّيسابوري4: سَمِعَ: حفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وعلي بن الحسن بن شقيق. وعند: محمد بْن نُعَيْم، وإِبْرَاهِيم السُّكّريّ، وغيرهما مِنَ النيسابوريين. توفي سنة ستين.   1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 الجرح والتعديل "7/ 277". 3 التهذيب "9/ 213، 214". 4 من العلماء المستورين، وينظر في "تاريخ نيسابور" للحاكم. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 210 445- محمد بْن صالح بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ1: أَبُو عَبْدِ الله العَلَويّ الحسني الحجازي الشاعر. مدح المتوكّلُ والمنتصر بمدائح كثيرة. وكان من فُحُول الشعراء، يلبس زيّ الأعْراب. وكان ظريفًا حُلْو المعاشرة. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 446- محمد بْن صالح بْن مِهْران بْن النّطّاح البصْريّ الإخباريّ2: المعروف بالنّطّاح. لَهُ تصانيف فِي أخبار الدُّول، وغير ذَلِكَ. حدث عن: معتمر بْن سُلَيْمَان، ويحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، والواقديّ، وأبي عُبَيْدة مُعَمِّر بْن المُثَنَّى، ويوسف بْن عطيّة، وجماعة. وعنه: بِشْر بْن مُوسَى الأَسَدِيّ، والهيثم بْن خَلَف الدُّوريّ. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. وآخر من روى عَنْهُ أَبُو حامد الحضرمي ببغداد، وأبو روق الهزاني بالبصرة. وقد روى ابن ماجة فِي تفسيره، عَنِ الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب، عَنْهُ. 447- محمد بْن عامر الأندلسي3: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ المصريّ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. قاله ابن يونس. 448- محمد بْن عامر الرازي القزاز4:   1 الفرج بعد الشدة "4/ 354" للتنوخي. 2 الميزان "3/ 74"، التهذيب "9/ 227". 3 جذوة المقتبس "117". 4 الجرح والتعديل "8/ 44". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 211 رحل وسمع: سعَيِد بْن أَبِي مريم، ومحمد بن عيسى الطباع، ومحمد بن سنان العوقي، وحيوة بْن شُرَيْح. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: سَمِعَ منه أَبِي، ولم يتفق لي السماع منة، وكان صدوقًا. 449- محمد بن عبادة الواسطي1 -خ. د. ق- أبو عبد الله: عن: إسحاق الأزرق، بْن هارون، وأبي أُسامة، وطبقتهم. وعنه: خ. د. ق.، وعمر بْن محمد بْن بُجَيْر، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وابن خزيمة، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. صاحب نَحْوٍ وأدب. كنيته أَبُو جعْفَر. 450- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر بْن الْحُسَيْن بْن مُصْعَب الخُزاعيّ الخُرَاسانيّ2: الأمير أَبُو الْعَبَّاس. كَانَ رئيسًا محتشمًا، جوادًا، ممدوحًا، أديبًا شاعرًا، مَأْلَفًا لأهل الفضل والأدب، من بيت الإمرة والتَّقَدم. ولَاه المتوكّلُ عَلَى اللَّه إمرة بغداد، وعظُم سلطانه فِي دولة المعتزّ بالله إلى أن مرض بالخوانيق، فمات في سنة ثلاث وخمسين. ولم احتضر استخلف عَلَى بغداد أخاه عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه، فأقرّه عليها المعتزّ. وصلى عَلَى محمد ولدُه طاهر بْن محمد. 451- محمد بن عبد الله "بن المبارك"3 -خ. د. ن-: الحافظ أبو جعفر القرشي، مولَاهُمُ المخرميّ4، قاضي حُلْوان. سَمِعَ: وَكِيعًا، ومُعَاذ بْن هشام، ويحيى بْن سعَيِد القطان، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وإِسْحَاق الأزرق، وأبا أسامة، ويحيى "بْن يوسف الزّمّيّ"، ويزيد بْن هارون، وأبا معاوية، وخلقًا.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 17"، والتهذيب "6/ 246، 247". 2 تاريخ بغداد "5/ 412-422". 3 بياض في الأصل، وأثبت من السير "12/ 265". 4 الجرح والتعديل "7/ 305"، والتهذيب "9/ 272". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 212 وعنه: خ. د. ن.، ون. أيضا عَنْ أَحْمَد بْن عَلِيّ المَرْوزِيّ عَنْهُ، وابن خُزَيْمَة، وابن بُجَيْر، ويحيى بْن صاعد، والمَحَامِليّ، وخلْق. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ لِي أَبِي: كَتَبْتَ حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نَغْسِلُ، مِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ، وَمِنَّا مَنْ لا يَغْتَسِلُ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: فِي جانب المخرّم شابّ يقال لَهُ محمد بْن عَبْد اللَّه فاكتبه عَنْهُ. قَالَ الباغَنْديّ: كَانَ حافظًا متقنًا. وقال النَّسائيّ، وغيره: ثقة. ووصفه بالحفظ غير واحد مِنَ الأئمة. قَالَ عُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن سَيَّار الفرهيانيّ: سمعتهم يقولون: قدِم عَلِيّ بْن المَدينيّ بغداد، واجتمع إِلَيْهِ النّاس، فلمّا تفرَّقوا قِيلَ لَهُ: مَن وجدتُ أكْيس القوم؟ قَالَ: هذا الغلَام المُخَرّميّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين2. قَالَ الخطيب: كَانَ من أحفظ النّاس للأثر. وقال السُّلَميّ: نا الدّارَقُطْنيّ نا الْجِعَابيّ: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ الدِّينَوَرِيّ يَقُولُ: قدِم علينا المُخَرّميّ الدِّينَوَرَ قاضيًا عليها، فمرّ بي يومًا عَلَى حُمَيِّر، ومعي مُحَدَّث أُذَاكِره، فلمّا رَأَى المحبرة والكتاب سلّم وقال: ما الَّذِي أنتم فِيهِ؟ قُلْنَا: نتذاكر حديث إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد. فقال للغلَام: امسِك عَلِيّ. فنزل وجلس إلينا، وذكر نحو ثمانمائة حديثٍ مِن مقطوع ومُسْنَد لإسماعيل. 452- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سنجر1. أبو عبد الله الجرجاني الحافظ، صاحب "المسند". طوف البلاد.   1 ترتيب المدارك "1/ 223". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 213 وسمع: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبا المغيرة، ويزيد بْن هارون، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد، وأبا نُعَيْم، وخالد بْن مَخْلَد، وأبا بَكْر الحُمَيْديّ، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن المُسَيَّب الأرْغِيانيّ، وأحمد بْن عَمْرو الألْبيريّ الحافظ، وعبد الجبّار بْن أَحْمَد السَّمرْقَنْديّ بمصر، وعبد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن محمد بْن رشْدين، ومحمد بْن دليل، وعيسى بْن مِسْكين، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن الضّحاك، وجماعة مِنَ الرحالين. قال ابن سنجر: خرجت إلى الرّحله ومعي إِسْحَاق الكَوْسَج، وكان معي تسعة آلاف دينار. وكان إِسْحَاق يورّق لي ويتزوّج فِي كلّ بلد، وأؤدّي عَنْهُ المهر. وثقَّه ابن أَبِي حاتم، وغيره. وكان قد سكن بلَاد مصر، فتوفي فِي ربيع الأوّل سنة ثمان وخمسين بقرية قطابة. وكان قد سكنها فِي آخر عُمره. 453- محمد بْن عبد الله بن يزيد -ن. ق- أبو يحيى بن المقرئ أبي عبد الرحمن المكي1: سَمِعَ: أَبَاهُ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأيوب بْن النّجّار اليَمَاميّ، وسعيد بْن سالم القدّاح. وعنه: ن. ق. وأبو الْحَسَن بْن جَوْصا، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وَحَفِيدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد، وآخرون. وثقه النسائي. وتوفي سنة ست وخمسين في شعبان. وقع لنا حديثه عاليا في "جزء البانياسي"، وغيره. 454- محمد بن عبد الرحمن الهروي. أبو عبد الرحمن. عراقي حافظ.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 307"، والتهذيب "9/ 284". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 214 نزل الري، وحدَّث عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، ويزيد بْن هارون، وابن أَبِي فُدَيْك، وطبقتهم1. وعنه: عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، وابن أَبِي حاتم، وقال: حافظ لحديث الزُّهْريّ، ومالك. صدوق. 455- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن علي -ق- أبو بكر الجعفي2: عَنْ: عمّ أَبِيهِ حسين بْن عَلِيّ الْجُعْفيّ، وأبي أُسامة، وزيد بْن الحُباب، وأسباط بْن محمد، وأبي يحيى الحِمّانيّ، ومحمد بْن بِشْر العَبْديّ، وعمر بْن شبيب المُسْليّ، وطائفة. وعنه: ق. وأبو دَاوُد فِي كتاب "القدَر" لَهُ، وابنه أَبُو بَكْر، وأَبُو عَرُوبة، ومحمد بْن جعْفَر بْن ملَاس، وأحمد بْن عُمَر بْن جَوْصا، وأَبُو الْجَهْم بْن طلَاب المَشْغَرانيّ، وأَبُو الفضل أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هلَال السُّلَميّ، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: سَأَلت أَبَا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة عَنْهُ فقال: كَانَ يحفظ الحديث، كَانَ جيّد الحفظ للمُسْنَد والمُنْقَطِع. وقال أَبُو زُرْعَة: التقيتُ معه وحفظت منه أشياء. وقال ابن يونس: قدِم مصر وكتبتُ عَنْهُ، وخرج إلى دمشق. وتُوُفّي يوم الإثنين لأربع عشرة ليلة خَلَت من جُمَادَى الآخرة سنة ستين ومائتين. 456- محمد بْن أَبِي نوح عَبْد الرَّحْمَن بْن غَزْوان البغداديّ3: ويدعى أَبُوه: قراد. حدث عن: مالك بْن أَنَس، وشَرِيك القاضي، والمنكدر بن محمد، وإبراهيم بن سعد، وحماد بن زيد. وعنه: أحمد بن عبد الله بن سابور، وعبد الله بن محمد بن ياسين، والمحاملي. قال الدارقطني: متروك.   1 الجرح والتعديل "7/ 326، 327". 2 الجرح والتعديل 7/ 313"، والتهذيب"9/ 296". 3 تاريخ بغداد "2/ 311"، والميزان "3/ 625". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 215 وقال ابن عدي: هو ممن يتهم بوضع الحديث، يروي عَنِ الثّقات بواطيل. وقال ابْن حِبّان، وذكر لَهُ مناكير: سَأَلت ابن خُزَيْمَة مرارًا مرارا عَنْ هذه الأحاديث، ثمّ قرأت عَلَيْهِ، فلمّا قلت: حدَّثكم محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن غَزْوان، أدخل إصبعيه فِي أُذُنَيْه فِي أوّل شيءٍ ثمّ قَالَ: نعم، وأنا خائف أنّه كذّاب. 457- محمد بْن عَبْد الرحيم بن أبي زهير الحافظ -خ. د. ت. ن- أبو يحيى العدوي، مولى عمرو رضي اللَّه عَنْهُ الفارسيّ ثمّ البغداديّ، صاعقة1. طوّف، وسمع: يزيد بْن هارون، وشَبَابة بْن سَوّار، وأبا أحمد الزُّبَيْريّ، وَمُعَلَّى بْن منصور، ورَوْح بْن عُبَادة، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد، وطبقتهم. وعنه: خ. د. ت. ن.، وزكريّا خيّاط السنة، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ويحيى بْن صاعد، والحسين المحاملي، وطائفة. وثقة النسائي، وغيره. وقال أبو بكر الخطيب: كان متقنا ضابطا عالما حافظا. وقال محمد بن محمد بن داود الكرجي: سمي صاعقة لأنه كان جيد الحفظ، وكان بزازا. قال السراج قَالَ لي: وُلِدتُ سنة خمسٍ وثمانين ومائة؛ ومات فِي شَعْبان سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. 458- محمد بْن عَبْد الملك بْن زَنْجَوَيْه2 أَبُو بَكْر البغداديّ الغزّال. صاحب الْإمَام أَحْمَد وجاره. طوّف الكثير، وسمع: عَبْد الرّزّاق، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، ويزيد بْن هارون، وزيد بْن الحُبَاب، وأبا المغيرة الحمصيّ، وجعفر بْن عَوْن، وطبقتهم. وعنه:، وإِبْرَاهِيم الحربيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وأَبُو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وعبد اللَّه بْن عُرْوَة الهَرَويّ، وخلْق. وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، والحسين والقاسم ابنا المَحَامِليّ.   1 الجرح والتعديل "8/ 9"، والتهذيب "9/ 311، 312". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 5"، التهذيب "9/ 315، 316". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 216 وثقَّه النَّسائيّ، وغيره. وكان من أجلَاس الحديث. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 459- محمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقّيّ1: كَانَ يَخْضِب، وله عقِب بالرَّقَّة. بقي إلى سنة سبْعٍ وخمسين، ولا أعلم لَهُ رواية. 460- محمد بن عبيد الله بن العظيم - ن. - أبو عبد القرشي الكريزي الكندي البصري الفقيه2: قاضي الدّيار الْمِصْريّة. روى عَنْ: الْحَسَن بْن بِشْر البَجَليّ، وأَبِي عاصم النّبيل، وإِبْرَاهِيم بْن زياد سَبَلَان، وعَلِيّ بْن المَدينيّ، وجماعة. وعنه: ن.، وأبو عروبة الحراني، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن محمد الدّمشقيّ سلجويه. قال النسائي: لَا بأس بِهِ. قَالَ أَبُو عَلِيّ الحرّانيّ: مات بالرَّقَّة سنة ستين. 461- محمد بْن عثمان بْن أَبِي صفوان بْن مروان: أبو عبد الله البغداديّ الثَّقفيّ3. عَنْ: يحيى القطّان، ومعاذ بن هشام، ووهب بن جرير، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأُميَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وطائفة. وعنه: د. ن.، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو بكر أحمد بن محمد بن عمر   1 الجرح والتعديل "8/ 3". 2 التهذيب "9/ 324". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 25". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 217 البصْريّ الحرّانيّ، وأَبُو عَرُوبة الحرّانيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وأبو حامد الحضرمي، وخلق. قَالَ أَبُو حامد: ثقة. وقال ابن أَبِي عاصم: مات سنة اثنتين وخمسين. 462- محمد بْن عثمان بن كرامة1 -خ. د. ت. ق-: أَبُو جعْفَر، وقيل: أبو عبد الله العجِليّ. مولَاهُمُ الْكوفيّ، نزيل بغداد. كَانَ وراق عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، فسمع منه، ومن: عبد اللَّه بْن نُمَيْر، وأبي أُسامة، ومحمد بْن بِشْر، وحُسَين الْجُعْفيّ، ومحمد، وَيَعْلَى ابني عُبَيْد، وجماعة. وعنه: خ. د. ت. ق.، وابن أَبِي الدُّنيا، وابن أبي داود، وابن صاعد، ومحمد بن مخلد، وآخرون. قال أبو حاتم، وغيره: كان صدوقا. وقال مطين: مات في رجب سنة ست وخمسين. قال: وقع لنا حديثة عاليا، أخبرناه أَبُو المعالي الهَمَدانيّ، عَنْ أَبِي بَكْر بْن شابور، عَنْ عَبْد العزيز الشّيرازيّ" ح. " وأنبأناه أَبُو المُرْهَف القَيْسيّ: أَنَا ابن الحُصَريّ، أَنَا ابن الْبَطِّيِّ قالَا: أَنَا رِزْقُ اللَّه، أَنَا ابن مَهْديّ، أَنَا ابن مَخْلَد، عَنْهُ. وعند ابن اللِّتّيّ عدّة أحاديث عالية لَهُ. 463- محمد بْن عُقْبة بْن عَلْقَمَةَ البَيْروتيّ2: عَنْ: أَبِيهِ، وخالد بْن يزيد. وعنه: محمد بْن محمد الباغَنْديّ، وأحمد بْن جَوْصا. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال ابن أبي حاتم: كُتُب إليَّ من بيروت ببعض حديثه.   1 الجرح والتعديل "8/ 25"، والتهذيب "9/ 338". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 36"، واللسان "5/ 285". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 218 464- محمد بن عقيل بن خويلد -ن. ق-: أبو عبد الله الخزاعي النيسابوري1، الرّجلُ الصّالح. روى عَنْ: حفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وحفص بْن عَبْد اللَّه، وجعفر بْن عَوْن، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن واقد، وأبي عاصم، وجماعة. وعنه: ن. ق. وأَبُو دَاوُد فِي كتاب "النّاسخ والمنسوخ"، وأبو بَكْر بْن زياد، وأَبُو عَوَانَة، وابن خُزَيْمَة، وأَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وجماعة آخرهم محمد بْن عَلِيّ المذكِّر شيخ الحاكم. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. قَالَ النَّسائيّ: ثِقةً. قُلْتُ: لَهُ عدّة أولَاد رَوَوْا. 465- محمد بْن عَلِيّ بْن ". . . "2: عَنْ: عَبْد الوهّاب بْن عطاء، وغيره. وحدَّث بالمَوْصِل. تُوُفّي سنة ست. 466- محمد بن ". . . "3: أبو جعفر. روى عَنْ: أَبِيهِ. وسمع من أَبِي عُبَيْد "غريب الحديث". روى عَنْهُ: ". . . "4 بْن أَبِي سعد الورّاق. وثقه الدارقطني.   1 التهذيب "9/ 347، 348". 2 بياض في الأصل، وهو في عداد المجهولين. 3 بياض في الأصل. 4 بياض في الأصل. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 219 467- محمد بْن خَلَف الكوفيّ1: عَنْ: "يحيى بْن"2 هاشم السِّمْسار، وعَمْرو بْن عَبْد الغفّار. وعنه: أَبُو ذَرّ أَحْمَد بْن الباغَنْديّ. 468- محمد بْن عُمَر بْن هيّاج الصّائديّ الكوفيّ3: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْنُ صُبَيْحٍ الْيَشْكُرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. وعنه: ت. س. ق.، وأبو طاهر الْحَسَن بْن فِيل، وابن خُزَيْمَة، وابن أبي داود، وجماعة. توفي سنة خمس وخمسين. 469- محمد بن عمر بن الوليد -ت. ق-: أبو جعفر الكندي الكوفي4. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، ومحمد بْن فُضَيْل. وعنه: ت. ق. أيضًا، وعمر بْن محمد بْن بُجَيْر، ويحيى بْن صاعد، وبدر بْن الهَيْثَم، وآخرون. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين: 470- محمد بْن عُمَر بْن أَبِي مذعور5: أَبُو جعْفَر البغداديّ. عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وحَرَميّ بْن عمارة، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن محمد الْأدَميّ، ومحمد بْن مَخْلَد العطّار. تُوُفّي فِي ذي الحجة سنة ثمان وخمسين.   1 تاريخ بغداد "5/ 235". 2 بياض في الأصل، وأثبته من "تاريخ بغداد". 3 الجرح والتعديل "8/ 32". 4 الجرح والتعديل "8/ 32"، والتهذيب "9/ 368". 5 الجرح والتعديل "3/ 24". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 220 471- محمد بْن عَمْرو بْن أَبِي مذعور1: أبو عبد الله البغداديّ ابن عمّ محمد بْن عُمَر المذكور قبله، وهُوَ الأسنّ. سَمِعَ: عَبْد العزيز بن أبي حازم، والوليد بن مسلم، وجماعة. تُوُفّي بعد الخمسين ومائتين. 472- محمد بْن عَمْرو بْن يونس2: أَبُو جعْفَر التَّغْلِبيّ الكوفيّ. ويُعرف بالسُّوسيّ. حدَّث بدمشق ومصر عَنْ: أَبِي معاوية الضّرير، وابن نُمَيْر. وعنه: أبو الجهم بن طلاب، وابن جوصا، وجماعة. توفي سنة تسع وخمسين. 473- محمد بن عمرو بن عون: أبو عون الواسطي3. سمع أباه ومحمد بن أبان الواسطي. وعنه: الباغندي، وابن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: ثقة. 474- محمد بْن عَمْرو بْن حَنَان الكَلبيّ الحمصيّ4 -ن-: حدَّث ببغداد عَنْ: بقية بْن الوليد، وضَمْرَة بْن ربيعة، ويحيى بْن سعَيِد العطّار، وجماعة. وعنه: ن. وابن جَوْصا، والقاضي المحاملي، وآخرون. وثقة الخطيب ومات سنة سبع وخمسين ومائتين. وكان مولده سنة أربع وسبعين ومائة.   1 أخبار القضاة "2/ 395". 2 من العلماء المستورين، ولا بأس به. 3 الجرح والتعديل "8/ 34". 4 انظر: تاريخ بغداد "3/ 128"، والتهذيب "9/ 372". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 221 475- محمد بن عيسى بن رزين التيمي الرازي1: ثم الأصبهاني المقرئ. أحد أعلام القرآن العظيم. قرأ علي: نصير، وعلى: خلاد بن خالد، وجماعة. قرأ عليه: الحسن بن العباس الرازي، وأبو سهل حمدان، وجماعة. وروى الحديث أيضا عَنْ: إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وعبد الرحمن الدشتكي، وجماعة. وصنف كتاب "الجامع في القراءات". وكان رأسا في العربية، وصنف في العدد والرسم وغير ذلك. قال أبو نعيم: ما أعلم أحدا أعلم منه في فنه، يعني القراءات. نقله أبو نعيم عَنْ أَبِي زُرْعَة الرّازيّ. وله اختيار حَسَن فِي القراءات. وكان شيخ تِلْكَ الدّيار، رحمه الله تعالى. وقال الداني: أجل أصحابه الفضل بن شاذان. وممن قرأ عليه: محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وموسى بْن عَبْد الرَّحْمَن. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. وقيل: تُوُفّي سنة إحدى وأربعين، والأوّل أشبه. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق 476- محمد بْن عيسى. أبو عبد الله الأصبهاني الزّجّاج، إمام جامع إصبهان: رحل وكتب الكثير، روى عَنْ: أَبِي عاصم النبّيل، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، والحسين بْن حفص. وعنه: محمد بن علي بن الجارود، ومحمد بن أحمد بن يزيد الزُّهْريّ، وغيرهما. 477- محمد بن غالب: أبو جعفر الأنماطي البغدادي المقرئ2.   1 الجرح والتعديل "8/ 39". 2 تاريخ بغداد "3/ 143". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 222 أخذ القراءة عرضا عَنْ شجاع بْن أَبِي نصر، وهو أضبط أصحابة، عَنْ أَبِي عَمْرو. وقرأ عليه: أحمد بن إبراهيم القصباني، والحسن بن الحباب، ونصر بن القاسم الفرائضي، ومحمد بن معلى الشونيزي، وغيرهم. وكان مع حذقه بالقرآن أميًا لَا يكتب. قَالَ النّقّاش: وكان ينادي فيكسب فِي اليوم القيراط وأكثر. وكان رجلَا صالحًا ورِعًا. وقال عَبْيد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم: مات أستاذي محمد بْن غالب سنة أربعٍ وخمسين ببغداد. وممّن قرأ عَلَيْهِ: الْحَسَن بْن الْحَسَن الصّوّاف، وأحمد بْن مَرْدُوَيْه القصَبَانيّ، والعباس بْن الفضل الرّازيّ. 478- محمد بْن الفضل: أَبُو جعْفَر الجرجائي الكاتب1. ولي وزارة المتوكّلُ عندما نُكِبَ ابن الزّيّات، ثمّ عزله عَنْ قريب، ثمّ وزر قليلَا للمستعين. وكان بين موته وموت الفضل بْن مروان الوزير أيّامٌ يسيرة. 479- محمد بْن الفضل بْن خدِاش الْبُخَارِيّ ثمّ البلْخيّ2: سَمِعَ: المقرئ وَيَعْلَى بْن عُبَيْد, وأبا جَابرِ, ومحمد بْن عَبْد الملك, ومحمد بْن سلَام البِيكَنْديّ, ترجمه السُّليمانيّ وقال: روى عَنْهُ شيوخنا. 480- محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ الزّاهد3، حجّ، وسمع: عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وأبا ضَمْرَةَ، وأبا أُسامة.   1 الفرج بعد الشدة "4/ 419، 420". 2 من العلماء المستروين، لا بأس به. 3 لم نقف عليه. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 223 وعنه: أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن محمد الذَّهَبيّ، وعَلِيّ بْن أَحْمَد البلْخِيان. وكان صدوقًا. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 481- محمد بْن قُدامة الطُّوسيّ1: عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد. وعنه: محمد بْن مَخْلَد العطّار. مجهول الحال. 482- محمد بْن كرّام بْن عِرَاق بْن حُزَابَة بْن البَرَاء2: الشَّيْخ الضّالّ المجسّم أبو عبد الله السِّجِسْتانيّ، شيخ الكراميين. حدث عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن يوسف البلْخيّ، وعبد اللَّه بْن مالك بْن سُلَيْمَان الهَرَويّ، وأحمد بْن" عَبْد اللَّه" الْجُوَيْباريّ، وجماعة. وعنه محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن سُفْيَان وعبد اللَّه القيراطيّ وإِبْرَاهِيم بْن حَجّاج النَّيسابوريون. قَالَ الحاكم: وُلِد بقريَةٍ من قرى "زرنج" بسِجسْتان، ثمّ دخل خراسان وأكثر الَاختلَاف إلى أَحْمَد بْن حَرْب الزّاهد. سَمِعَ اليسير من: عَلِيّ بْن إِسْحَاق السَّمرْقَنْديّ، عَنْ محمد بْن مروان، عَنِ الكْلبيّ. وسمع ". . . "3. قَالَ: وأكثر عَنْ أَحْمَد الْجُويْبَاريّ، ومحمد بْن تميم الفاريابيّ. ولو عرفهما لأمسكَ عَنِ الرّواية عَنْهُمَا. ولمّا ورد نَيْسابور بعد المجاورة بمكّة خمسَ سنين وانصرف إلى سجسْتان، وباع بها ما كَانَ يملكه، وجاء إلى نيسابور، حبسه محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر، وطالت   1 تاريخ بغداد "3/ 190". 2 الميزان "5/ 21، 22"، السير "11/ 523". 3 بياض في الأصل. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 224 مِحْنَتُه، فكان يغتسل كلّ يوم جمعة، ويتأهَّب للخروج إلى الجامع، ثمّ يَقُولُ للسّجان: أتأْذَنُ ليَ فِي الخروج؟ فيقول: لَا. فيقول: اللهمّ إنيّ بذلت مجهودي، والمَنْعُ مِن غيري. قَالَ: وبلغني أَنَّهُ كَانَ معه جماعة مِنَ الفقراء، وكان لباسُه مَسْكُ ضَأن مدبوغ غير مخيط، وعلى رأسه قَلَنْسُوَة بيضاء. وقد نُصِب لَهُ دُكّان لَبِن. وكان يُطَرح لَهُ قطعة فَرْو فيجلس عليها ويعِظ ويُذَكِّر ويحدِّث. قَالَ: وقد أثْنى عَلَيْهِ، فيما بلغني، ابن خُزَيْمَة، واجتمع بِهِ غير مرّة. وكذلك أَبُو سعَيِد عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن الحاكم، وهما إماما الفريقين. وحدثني محمد بْن حمدون المذكِّر: ثنا أَبُو الفضل محمد بْن الْحُسَيْن الصّفّار: سَمِعْتُ ابن كَرّام الزّاهد يَقُولُ: خمسة أشياء من حياة القلب: الجوع، وقراءة القرآن، وقيام الليل، والتِّضَرُّع عند الصُّبْح، ومجالسة الصّالحين. وقال عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَلْم المقدسي: سَمِعْتُ محمد بْن كَرّام يَقُولُ: قَدَرُ فَرْعَوْن أنْ يؤمِن ولكن لم يؤمن. قلت: هذا كلَامٌ يقوله المعتزليّ والسُّنّيّ، وكلّ واحدٍ منهما يقصد بِهِ شيئًا. وعن يحيى بْن مُعَاذ الرّازيّ قَالَ: الفقر بساط الزُّهّاد، وابن كَرّام عَلَى بساط الزاهدين. وقال محمد بْن الْحُسَيْن الصّفّار: سَمِعْتُ ابن كَرّام يَقُولُ: الخوف يمنع عَنِ الذنوب، والحُزْن يمنع عَنِ الطّعام، والرّجاء يقوّي عَلَى الطّاعة، وذِكْر الموت يُزْهِد فِي الفُضُول. وقال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس الهَرَويّ: سَمِعْتُ عثمان الدّارِميّ يَقُولُ: حضرت مجلس أمير سجِسْتان إِبْرَاهِيم بْن الحُصَيْن يوم أُخرج محمد بْن كَرّام من سجِسْتان، وحضر عثمان بْن عفّان السِّجِسْتانيّ وأهل العلم، فدُعي محمد بْن كَرّام، فقال لَهُ الأمير: ما هذا العلم الَّذِي جئتَ بِهِ؟ ممّن تعلّمت ومَن جالست؟ قَالَ: إلْحَامٌ أَلْحَمْنيه اللَّه تعالى، بالحاء. فقال لَهُ: هَلْ تُحْسِن التشهد؟ الجزء: 19 ¦ الصفحة: 225 قَالَ: نعم، الطَّلَوَات للَّه؛ بالطّاء، حتى بلغ إلى قوله: السّلَام عليك أيُّها النَّبِيّ. فأشار إلى إِبْرَاهِيم بْن الحُصَين، فقال لَهُ: قطع اللَّه يدك. وأمرَ بِهِ فصُفِع وأُخْرج. وقال ابن حِبّان: محمد بْن كَرّام كَانَ قد خُذِل حتّى التقط مِن المذاهب أردأها، ومِن الأحاديث أوهاها. ثمّ جالس الْجُويْبَاريّ، ومحمد بْن تميم السَّعْديّ، ولعلّهما قد وضعا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ والصّحابة والتابعين مائة ألف حديث. ثمّ جالس أَحْمَد بْن حَرْب، وأخذ عنه التقشف. ولم يكن يُحْسِن العِلم. وأكثر كُتُبه المصنَّفة صنّفها لَهُ مأمون بْن أَحْمَد السُّلَميّ. وحدثني محمد بْن المنذر، سمعَ عثمان بْن سعَيِد الدّارِميّ يَقُولُ: كنتُ عند إِبْرَاهِيم بْن الحُصَين، إذ دخل علينا رجلٌ طُوالٌ عَلَيْهِ رقاع، فقيل: هذا ابن كَرّام. فقال لَهُ إِبْرَاهِيم: هَلِ اختلفت إلى أحد العلماء؟ قَالَ: لَا. قَالَ: "لقيتَ" عثمان بْن عفّان السِّجِسْتانيّ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فهذا العلم الَّذِي تقوله، من أَيْنَ لك؟ قَالَ: هذا نورٌ جعله اللَّه فِي بطني. قَالَ: تُحْسِن التشهد؟ قال: نعم، التهيات له والصلوات والتيبات. السام أَلَيْنا وأَلَى إبادِ اللَّه الصّالحين، أَشْحدُ أنّ لا إله إلا الله وأشحد أن مُهَمَّدًا أَبْدُكَ ورسُولُك. قَالَ: قُمْ، لَعَنَك اللَّه. ونفاه من سجستان. قال ابن حِبْان: هذا حاله فِي ابتداء أمره، ثمّ لمّا أخذ فِي العِلم أحبّ أنْ ينشئ مذاهب لتُعْرف بِهِ. جعلَ الْإِيمَان قولَا بلَا معرفة قلب، فلزِمه أنّ المنافقين لَعَنَهُمُ اللَّه مؤمنون. قَالَ: وكان يزعم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يكن حُجّة اللَّه عَلَى خلقه؛ إنّ الحُجَّة لَا تَنْدرس ولا تموت. وكان يزعم أنّ الاستطاعة قبل الفِعْلِ. وكان يُجسّم الرّبّ جلّ وعلَا، وكان داعيةً إلى البِدَع؛ يجب ترك حديثه فكيف إذا اجتمع إلى بِدْعته القَدْح فِي السُّنن وَالطَّعْنُ فِي مُنْتحليها. قلت: ونظيره فِي زُهده وضلَاله عَمْرو بْن عَبْيد. نسأل اللَّه السّلَامة. وأخبث مقالَاته: أنّ الْإِيمَان قَوْل بلَا معرفة قلْب، كما حكاه عنه ابن حبان1.   1 الفرق بين الفرق "ص/ 223"، للبغدادي بتحقيقي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 226 وقال أَبُو محمد بْن حزم: غُلَاة المُرْجئة طائفتان، قَالَتْ إحداهما: الْإِيمَان قول باللّسان وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن ولي الله، من أهل الجنّة. وهو قول محمد بْن كَرّام السِّجِسْتانيّ وأصحابه. وقالت الأخرى: الْإِيمَان "للمُقِرّ بالشهادتين"1 وإنْ أعلنَ الكُفر بلسانه. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ: شَهِدْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ" الْبُخَارِيَّ، وَدُفِعَ" إِلَيْهِ كِتَابٌ مِنْ محمد بْنِ كَرَّامٍ يَسْأَلُهُ عَنْ أَحَادِيثَ مِنْهَا: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، رَفَعَهُ: "الْإِيمَانُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ". فَكَتَبَ عَلَى ظَهْرِ كِتَابِهِ: مَنْ حَدَّثَ بها استوجب الضرب الشديد و "الحبس" الطَّوِيلَ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ محمد قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ محمد الدَّهَّانُ: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَرَّامٍ الزَّاهِدُ مِنْ نَيْسَابُورَ فِي سنة إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَمَاتَ بِالشَّامِ فِي صَفَرٍ سنة خَمْسٍ وَخَمْسِينَ. وَمَكَثَ فِي سِجْنِ نَيْسَابُورَ ثَمَانِ سِنِينَ. قَالُوا: وَتُوُفِّيَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنَ اللَّيْلِ. فَحُمِلَ بِالْغَدِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ إِلا خَاصَّتُهُ، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الأَنْبِيَاءِ بِقُرْبِ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ وَأَصْحَابُهُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ نَحْوَ عِشْرِينَ أَلْفًا. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ كُرْدُوسٌ: سَمِعْتُ محمد بْنَ أَسْلَمَ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: لَمْ يَعْرُجْ إِلَى السَّمَاءِ كَلِمَةٌ أَعْظَمُ وَأَخْبَثُ مِنْ ثلاثٍ: قَوْلُ فِرْعَوْنَ: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى. وَقَوْلُ بِشْرٍ المُرِّيسِيِّ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ. وَقَوْلُ محمد بْنِ كَرَّامٍ: الْمَعْرِفَةُ لَيْسَتْ مِنَ الإِيمَانِ. قال الحسن بن إبراهيم الجوزقاني الهمذاني فِي كِتَابِ "الْمَوْضُوعَاتِ" لَهُ: كَانَ ابْنُ كَرَّامٍ يَتَعَبَّدُ وَيَتَقَشَّفُ، وَأَكْثَرُ ظُهُورِ أَصْحَابِهِ بِنَيْسَابُورَ وَأَعْمَالِهَا، وبيت المقدس. ومنهم طَائِفَةٌ قَدْ عَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ، مَالَ إِلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ لاجْتِهَادِهِمْ وَظَلَفِ عَيْشِهِمْ. وَكَانَ يَقُولُ: الإِيمَانُ لا يَزِيدُ وَلا يَنْقُصُ، وَهُوَ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ مُجَرَّدٌ عَنْ عَقْدِ الْقَلْبِ، وَعَمَلِ الأَرْكَانِ. فَمَنْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقًّا، وَإِنِ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ بِقَلْبِهِ، وَالتَثْلِيثَ، وَأَتَى كُلَّ فَاحِشَةٍ وَكَبِيرَةٍ، إِلا أَنَّهُ مُقِرٌّ بلسانه، فهو موحد ولي الله   1 سقط، انظر المرجع السابق. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 227 من أهل الجنة لا تضره سيئة. فلزمهم مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مُؤْمِنُونَ حَقًّا1. قُلْتُ: كَأَنَّهُ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: "مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" 2. قَالَ الْجَوْزَقَانِيُّ: وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تُسَمَّى الْمُهَاجِرِيَّةَ، تَقُولُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جِسْمٌ لا كَالأَجْسَامِ، وَأَنَّ الأَنْبِيَاءَ تَجُوزُ مِنْهُمُ الْكَبَائِرُ إِلا الْكَذِبَ فِي الْبَلاغِ. وَقَدْ نَفَاهُ صَاحِبُ سِجِسْتَانَ وَهَابَ قَتْلَهُ لَمَّا رَآهُ زَاهِدًا بِزِيِّ الْعُبَّادِ، فَقَدِمَ نَيْسَابُورَ، وَافْتُتِنَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا، فنفاه متولي نيسابور، فخرج معه خلق كير مِنْ أَعْيَانِ النَّاسِ. وَامْتَدَّ عَلَى حَالِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَسَكَنَ هُنَاكَ. وَقَالَ الْمُشْرِفُ بْنُ مُرَجَّا الْمَقْدِسِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ كَرَّامٍ دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَتَكَلَّمَ، فَجَاءَهُ غَرِيبٌ بَعْدَ مَا سَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الأَنْدَلُسِ حَدِيثًا كَثِيرًا، فَسَأَلَهُ عَنِ الإِيمَانِ، فَقَالَ: قَوْلٌ؛ بَعْدَ أَنْ أَمْسَكَ عَنْ جَوَابِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ. فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ حَرَّقُوا مَا كَتَبُوا عَنْهُ، وَنُفِيَ إِلَى زُغَرَ وَمَاتَ بِهَا، فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. 483- محمد بْن كَيْسان بْن يزيد. أبو عبد الله التّميميّ النَّيسابوري3. ويعرف بأبي عَبْد اللَّه المَحَامِليّ. سَمِعَ: "عَلِيّ"4 بْن عَيَّاش، ووَكِيعًا، والنضر بْن شُمَيْل، وعبد الرَّحْمَن بْن مغْراء، وهارون بْن المغيرة، وجماعة. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، وآخرون. قَالَ الْحُسَيْن القبّانيّ: تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين2. 484- محمد بْن محمد بْن خلَاد الباهلي5. أَبُو عَمْر. عَنْ: مَعْن بْن عيسى، ومسدد.   1 الفرق بين الفرق "ص/ 223". 2 سبق تخريجه. 3 من العلماء المستورين، لا بأس به. 4 بياض في الأصل، والاستدراك من كتب الرجال. 5 التهذيب "9/ 431". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 228 روى "أبو داود عنه"1 رواية. وروى عنه: أبو روق الهزاني، وأحمد بن الخيل الحريري. وكان من قتله "الزنج صبرا"2 قال أبو داود: رأيته فِي النَّوم فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ "فقال: أدخلني الجنة"3 قَالَ: ما ضرك "الوقف"4: توفي سنة سبع وخمسين ومائتين. 485- محمد بن محمد بن عقبة بْن السَّكن5: أَبُو الفضل الأَسَدِيّ الْبُخَارِيّ الزاهد. عَنْ: معلي بْن عُبَيْد، وعُبَيْد اللَّه بْن عبد المجيد، وأبي نُعَيْم. وعنه: إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن خَلَف، ويوسف بْن رَيْحان، وسهل بْن شاذُوَيْه. ذكره ابن ماكولَا. واسم جدّه الثامن "أَحْبش"6، بمْوَحَّدة. 486- محمد بْن المُثَنَّى بْن عُبَيْد بْن قيس الحافظ -ع- أبو موسى العنزي البصري الزَّمن7: وُلِد سنة مات حمّاد بْن سَلَمَةَ. وسمع: يزيد بْن زُرَيْع، ومُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، ومحمد بْن جعْفَر غُنْدَر، ويحيى القطّان، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وطبقتهم. وعنه: ع.، ون أيضًا، عَنْ رَجُل، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأبو حاتم الرّازيّ، وابن صاعد، وابن خُزَيْمَة، وأبو عَرُوبة، وخلْق سواهم كثير، آخرهم أبو عبد الله المَحَامِليّ. وكان أرجح من بُنْدار وأحفظ، لأنّه رحل، وبندار لم يرحل. قَالَ أَبُو عَرُوبة: ما رَأَيْتُ بالبصرة أثبت من أبي موسى، ويحيى بن حكيم. مات   1، 2، 3، 4 بياض في الأصل، وأثبتناه من تهذيب الكمال "3/ 1265". 5 الإكمال "1/ 41". 6سقط في الأصل. 7 انظر: الجرح والتعديل "8/ 95"، السير "12/ 123". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 229 سنة اثنتين وخمسين بعد بُنْدار بثلَاثة أشهر، فاتّفقا فِي المولد والوفاة، وطلبا العلم ولهما خمس عشرة سنة أو نحوها. وكان نظيرين فِي الحِفْظ والإتقان. واتفّق الأئمّة السّتّة عَلَى الرّواية عَنْهُمَا. قَالَ صالح جَزَرَة: كَانَ محمد بْن المُثَنَّى فِي عقله شيء، وكنت أقدّمه عَلَى بُنْدار. ويُروى عَنْ أَبِي مُوسَى أنّه قَالَ: نَحْنُ قومٌ لنا شَرفَ، صلّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إلينا. يريد أنّه صلّى إلى عَنَزَة، فما أدري هَلْ فِهم معكوسًا أو أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مزاحًا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أَنَا محمد بْنُ وهبة اللَّهِ الْمَرَاتِبِيُّ: أَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ محمد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّيْنَوَرِيُّ سنة تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ: أَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ محمد: ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي إِمْلاءً: ثَنَا محمد بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاهَا وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا"1. وَأَنْبَأَنَاهُ أَبُو الغنائم بن عِلَّانُ، وَالْمُؤَمَّلُ بْنُ محمد، وَآَخَرُونَ، قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، فَذَكَرَهُ. وَأَنَا أَحْمَدَ بْنَ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الْهَرَوِيِّ: أَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَنَا أَبُو سعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا محمد بْنُ الْفَضْلِ، أَنَا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ محمد بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ: ثَنَا مُوسَى، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ قَالا: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاهَا وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا". لَفْظُ أَبِي مُوسَى أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ، سِوَى ابْنِ مَاجَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الزَّمِنِ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً عَالِيَةً. وَآَخِرُ مَنْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي مُوسَى عَالِيًا أَبُو الْفَضْلِ الطُّوسِيُّ بِالمَوْصِلِ. 487- محمد بْن المثنى بْن زياد. أَبُو جعْفَر السِّمْسار2 شيخ بغداديّ زاهد معروف، صحِب بِشْر بْن الحارث مدة، وروى عنه، وعن عفان.   1 حديث صحيح: أخرجه الخباري "1579"، ومسلم "1258"، وأبو داود "1868"، والترمذي "854"، وأحمد "6/ 40". 2 تاريخ بغداد "3/ 286". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 230 وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بْن مَخْلَد، وغيرهما. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: هُوَ صدوق. تُوُفّي سنة ستّين2. 488- محمد بْن مُسلْمِ: أَبُو بَكْر البغداديّ القَنْطَريّ الزّاهد1، أحد الأولياء. قَالَ أَبُو الْحُسَيْن بْن المنادي: كَانَ ينزل قنطرة بردان، وكان يُشَبَّه ببِشْر الحافي فِي الورع وتَرْك الدُّنيا، يتقوَّت باليسير. أُخبِرتُ أنه كان ينسخ "جامع سفيان" ببضعة عشر درهمًا منها قُوتُه. وقيل: كَانَ مُجاب الدَّعوة. وكان الجنيد يزروه. وقال ابن مَخْلَد: مات فِي ذي الحجّة سنة ستين ومائتين. 489- محمد بن معاوية ين يزيد بن مالج -ن-: أبو جعفر البغدادي2. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن جعْفَر المَدَنيّ، وإِبْرَاهِيم بْن سعْد، وخَلَف بْن خليفة، وغيرهم. وعنه: ن.، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن حامد السني، وابن صاعد، والمحاملي، وجماعة. وكان يتجر في الأنماط. قال النسائي: لا بأس به. 490- محمد بن مَعْدان بْن عيسى الحرّانيّ3 -ن-: عَنْ: الْحَسَن بن محمد بن أعين، وعبد الله بن يزيد المقرئ.   1 انظر: تاريخ بغداد "3/ 256". 2 تاريخ بغداد "3/ 274"، والتهذيب "9/ 463". 3 الجرح والتعديل "8/ 102"، والتهذيب "9/ 465". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 231 وعنه: ن.، وأبو عروبة الحراني، ومحمد بن المُسَيَّب الأرْغِيانيّ، وجماعة. وثقة النسائي. توفي سنة ستين2. 491- محمد بن معمر بن ربعي1 -ع-: أبو عبد الله القيسي البصري البحراني الحافظ. عَنْ: أَبِي أسامة، وحَرَميّ بْن عُمارة، ورَوْح بْن عُبَادة، وجماعة كثيرة. وكان مِن كبار المحدثين وأثباتهم. روى عَنْهُ: ع.، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو بكر بن أَبِي الدُّنيا دَاوُد، وأَبُو بَكْر بْن خُزَيْمَة، وخلْق. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 492- محمد بْن المغيرة الشَّهَرزُوريّ2: عَنْ: أيّوب بْن سُوَيْد الرَّمْليّ، ويحيى بْن الْحَسَن المدائنيّ، وغيرهما. وعنه: محمد بْن هارون بْن المجدّر، وعمر بْن سعَيِد بْن سِنان. قَالَ ابن عَدِيّ: هُوَ عندي ممّن يضع الحديث. 493- محمد بْن منخّل بْن عَبْد اللَّه بْن حمّاد: أبو عبد الله النَّيسابوري. سَمِعَ فِي الرّحلة: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا ضَمْرَةَ أَنَس بْن عِياض، وجماعة. وعنه: ابن خُزَيْمَة، وأبو حامد بْن الشَّرْقيّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، وجماعة. وكان صدوقًا. تُوُفّي سنة ثمان وخمسين.   1 الجرح والتعديل "8/ 105"، والتهذيب "9/ 466". 2 انظر: الميزان "4/ 46" واللسان "5/ 386". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 232 قَالَ الْحَسَن بْن محمد بْن جَابرِ: ثنا محمد بن منخل بن عبد الله بن حمّاد بْن سهْم بْن عَبْد اللَّه و ". . . "1 بْن سمُرَة. قَالَ الْحَسَن: وكان قد جلس بعد موت محمد بن يحيى، واجتمع عَلَيْهِ خلق عظيم. مات فِي آخر سنة ثمانٍ وخمسين. وقال الحاكم: أدرك الجماعة، ولم يُدْركهم محمد بْن يحيى. سَمِعَ من عَمْرو السَّدُوسيّ، والنضر بْن شُمَيْل، وسُفْيَان، وابن أَبِي فُدَيْك. 494- محمد بْن منصور بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو عبد الله السُّلَميّ النَّيسابوري2. لم يرحل. وسمع: الحفصيْن، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعَبْد الرَّحْمَن بْن قيس الزَّعْفَرانيّ، والجارود بن يزيد. وعنه: جعفر بن أحمد الشاماتي، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وجماعة. توفي سنة ثمان أيضا. 495- محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم -د. ن- أبو جعفر الطوسي العابد3. نزيل بغداد: سَمِعَ: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، ومُعاذ بْن مُعاذ، وإِسْمَاعِيل بْن عَلَيْهِ، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهْريّ، وجماعة. وعنه: د. ن. ومُطَيَّن، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، وأبو عبد الله المحاملي، وآخرون. قال المروذي: سألت أبا عبد الله، عَنْ محمد بْن منصور، فقال: لَا أعلم إلَا خيرًا، صاحب صلَاة. وقال النسائي: ثقة.   1 بياض في الأصل. 2 انظر: تاريخ بغداد "3/ 24"، والتهذيب "9/ 472، 473". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 94"، والتهذيب "9/ 472". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 233 وقال ابن شاهين: ثنا أَحْمَد بْن محمد المؤذن: سمعت محمد بن منصور الطوسي وحَوَاليه قوم فقالوا: يا أَبَا جعفر إيش اليوم عندك، قد شكّ النّاسُ فِيهِ يوم عرفة هو أوغيره؟ فقال: اصبِرُوا. ودخل البيت، ثمّ خرج فقال: هو يوم عرفة. فاستحوا أنْ يقولوا لَهُ من أَيْنَ ذاك. فعدّوا الأيّام فكان كما قَالَ. فَسَمِعْتُ أَبَا بَكْر بْن سلَام الوراق يَقُولُ لَهُ: من أَيْنَ علمت؟ قَالَ: دخلتُ فسألت ربيّ، فأراني الناس فِي الموقف1. وقال: أَبُو سعَيِد النّقّاش: محمد بْن منصور الطُّوسيّ أستاذ أَبِي الْعَبَّاس بْن مسروق، وأَبِي سعَيِد الخرّاز، كتبّ الحديث ورواه. ثمّ قَالَ: أنبا أَبُو نصر عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ السّراج: حدَّثني أَحْمَد بْن محمد البَرْذَعيّ: سَمِعْتُ أَبَا الفضل الوَرْثانيّ: سَمِعْتُ أَبَا سعَيِد الخرّاز يَقُولُ: سَأَلتُ محمد بْن منصور الطُّوسيّ عَنْ حقيقة الفَقْر، فقال: السُّكُون عند كلّ عدَم والْبَذْل عند كل وُجود. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر الرّازيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْد العزيز الطَّيْفُوريّ يَقُولُ: سُئِل محمد بْن منصور: إذا أكلت وشبعتَ ما شُكْرُ تِلْكَ النعمة؟ قَالَ: أن تُصلّي حتى لَا يبقى فِي جوفك منه شيء. وقال الْحَسَين بْن مُصْعَب: ثنا محمد بْن منصور الطُّوسيّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم، فقلت: مُرْني بشيء حتّى ألتزمه. قَالَ: عَلِيّك باليقين. وعنه قَالَ: يُعرف الجاهل بالغضب فِي كل شيء، وإفشاء السر، والثقة بكل واحد، والعِظة فِي غير موضعها. تُوُفّي فِي شوّال سنة أربعٍ وخمسين ومائتين. وعاش ثمانيًا وثمانين سنة، رحمه اللَّه. 496- محمد بْن مُوسَى بْن شاكر2:   1 تاريخ بغداد "3/ 249". 2 انظر: وفيات الأعيان "5/ 161-163"، السير "12/ 338". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 234 أحد الإخوة الثلاثة، هو وأحمد وحسن، الّذين تُنْسَب إليهم حِيَل بني مُوسَى. عنوا بكتب الأوائل، وبذلوا فِي طلبها الأموال، وبَرعوا فِي علم الهندسة والموسيقى، ولهم عجائب في الحيل. كانوا من شياطين العالم، استعان بهمُ المأمون فِي عمل الرَّصْد. وطال عمُر محمد بْن مُوسَى واشتهر ذِكره. تُوُفّي فِي ربيع الأوّل سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. ذكره ابن خلكّان وغيره. 497- محمد بْن المؤمّل القيّسيّ البغداديّ1 -ق- البصْريّ الأصل. روى عَنْ: أَبِي هَمّام محمد بْن محبّب الدّلَال، وبَدَلِ بْن المحبّر وغيرهما. وعنه: ق.، وأَبُو عَرُوبة، وعَبْد الله بْن محمد بن وهب الدينوري. 498- محمد بن ميمون -ت. ن. ق- أبو عبد الله المكي الخياط2. عن: سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، وشعيب بن حرب، وجماعة. وعنه: ت. ن. ق.، وابن خُزَيْمَة، وحرمي بن أبي العلاء، ويحيى بن صاعد، وآخرون. قال أبو حاتم: كان أميا مغفلا. وقال غيره: توفي سنة اثنتين وخمسين. وقال النَّسائيّ فِي سُنَنه الكبير: لَيْسَ بالقويّ. 499- محمد بْن أَبِي ميمون القَيْروانيّ3: شيخ مُسِنّ. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. ومات فِي ربيع الآخر سنة أربع وخمسين.   1 التهذيب "9/ 483". 2 الجرح والتعديل "8/ 81"، والتهذيب "9/ 485". 3 في عداد المجهولين. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 235 500- محمد بْن نَجِيح بْن بُرد: أَبُو عامر المصريّ1. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ أيضًا. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 501- محمد بن نصر بن عبد الخَرْجانيّ2: عَنْ: يحيى بْن أَبِي بكُيْر الكرْمانيّ، وداود بْن إِبْرَاهِيم الواسطيّ. وعنه: ابنه، وأحمد بْن عَبْدان، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وأهل أصبهان. وثقَّه أَبُو نُعَيْم الحافظ. وتُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. 502- محمد بْن نصر النَّيسابوري الفرّاء3 -ن-: عَنْ: أَبِي عُبَيْد القاسم بْن سلَام، وأيّوب بْن سُلَيْمَان بْن بلَال، وسُلَيْمَان بْن حَرْب، وعَلِيّ بْن المَدِينيّ، وخلْق. وعنه: ن. ووثقه، وأحمد بْن محمد بْن الأزهر، وحرب الكرمانيّ، وأَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن السّاميّ، وغيرهم. 503- محمد المهتدي بالله4: الخليفة الصّالح أمير المؤمنين أَبُو إِسْحَاق، وقيل: أبو عبد الله بْن الواثق بالله محمد بْن هارون بْن المعتصم بالله أَبِي إِسْحَاق محمد بْن الرشيد الهاشميّ العبّاسيّ. وُلِد فِي خلَافة جدِّه سنة بضع عشرة ومائتين، وبُويع بالخلَافة لِلَيْلَةٍ بقيت مِن رجب سنة خمسٍ وخمسين، وله بضعٌ وثلَاثون سنة. وما قبِلَ بيعة أحدٍ حتّى أُتِيَ بالمعتز بالله، فلمّا رآه قام له وسلم على المعتز   1 انظر السابق. 2 ذكر أخبار إصبهان "2/ 199". 3 التهذيب "9/ 489". 4 السير "12/ 535"، شذرات الذهب "2/ 132". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 236 بالخلَافة، وجلس بين يديه. فجيء بالشُّهُود، فشهدوا عَلِيّ المعتزّ أنّه عاجز عَنِ الخلَافة، فاعترفَ بذلك ومدَّ يدَه فبايع المهتدي بالله، وهو ابن عمه، فارتفع حينئذ المهتدي إلى صدر المجلس وقال: لَا يجتمع سيفان فِي غَمْد. وتمثَّل بقول أَبِي ذُؤيب: تريدين كَيْمَا تجمعيني وخالدا ... وهل يُجمع السَّيفان وَيْحكِ فِي غَمْد؟ وكان المهتدي بالله أسمر رقيقًا، مليح الوجْه، ورِعًا، متعبّدًا، عادلَا، قويًّا فِي أمر اللَّه، رجلَا شجاعًا، لكنّه لم يجد ناصرًا ولا مُعينًا عَلَى الخير. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: قَالَ أَبُو مُوسَى العبّاسيّ: لم يزل صائمًا منذ ولي إلى إن قُتِل. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس هاشم بْن القاسم: كنتُ بحضرة المهتدي عشيّةً فِي رمضان، فوثبت لأنصرف، فقال لي: اجلس فجلست. فتقدَّم فصلّى بنا، ودعا بالطّعام. فأُحضر طبق خلَاف1 وعليه مِنَ الخُبْز النّقيّ، وفيه آنية فيها ملح وخلّ وزيت. فدعاني إلى الأكل، فابتدأتُ آكل ظانًا أنّه سيوفي بطعام. فنظر إليّ وقال: ألم تكن صائمًا؟ قلت: بلي. قَالَ: أَفَلَسْت عازمًا عَلَى الصَّوم؟ قلت: بلى، كيف لَا وهو رمضان. قَالَ: فكُلْ واستْوفِ، فليس هاهنا مِنَ الطعام غير ما ترى. فعجِبْتُ ثمّ قلت: ولِمَ يا أمير المؤمنين؟ قد أسبغ اللَّه نعمته عليك. فقال: إنّ الأمر لَعَلَى ما وصفت، ولكني فكّرتُ فِي أنّه كَانَ فِي بني أُمّية عُمَر بْن عَبْد العزيز، وكان مِنَ التَّقلُّل والتَّقَشُّف عَلَى ما بلغك. فغرتُ عَلَى بني هاشم، فأخذت نفسي بما رَأَيْت2. وقال ابن أَبِي الدُّنيا: ثنا أَبُو النَّضْر المَرْوزِيّ: قَالَ لي جعْفَر بْن عَبْد الواحد: ذاكرتُ "المهتدي"3 بشيء، فقلت لَهُ: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ بِهِ، ولكنّه كَانَ يُخَالَف. كأني أشرتُ إلى "من مضى"4 من آبائه. فقال: رحم اللَّه أَحْمَد بْن حنبل، والله لو جازَ لي أن أتبرأ من أَبِي لتبرّأت منه. ثمّ قَالَ لي: تكلَّم بالحقّ وقُلْ بِهِ، فإنّ الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني.   1 خلاف: هو نوع من الأطباق يصنع من عيدان الصفصاف. 2 تاريخ بغداد "3/ 350". 3، 4 بياض في الأصل، وأثبت من تاريخ الخلفاء "ص/ 361" للسيوطي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 237 وقال ابن عَمْرو النَّحْويّ: حدَّثني بعض الهاشميين أَنَّهُ وجد للمهتدي سفَطٌ فِيهِ جُبّة صُوف وكِساء كَانَ يلبسه باللّيل ويصلّي فِيهِ. وكان قد اطَّرَح الملَاهي، وحرَّم الغناء. وحَسَمَ أصحاب السُّلْطان عَنِ الظُّلْم. وكان شديد الإشراف عَلَى أمر الدّواوين. يجلس بنفسه، ويجلس الكُتّاب بين يديه فيعملون الحساب. وكان لَا يخل بالجلوس الخميس والاثنين. وقد ضرب جماعة مِنَ الرؤساء. ونفى جعْفَر بْن محمود إلى بغداد، وكرِه مكانه لأنّه؛ نُسِبَ عنده إلى الرّفْض. وأقبل مُوسَى بْن بُغَا مِنَ الرِّيّ يريد سامرّاء، فكرِه المهتدي مكانَه، وبعثَ إِلَيْهِ بعبد الصَّمد بْن مُوسَى الهاشميّ يأمره بالرجوع، فلم يفعل. وحبس المهتدي الْحَسَن بْن محمد بْن أَبِي الشوارب، وولّى عَبْد الرَّحْمَن بْن نائل البصْريّ قضاء القُضاة، وانتهب منزل الكَرْخيّ. وحجّ بالنّاس فِي خلَافته عَلَى بْن الْحَسَين بْن إِسْمَاعِيل الهاشميّ. قلت: ذكرنا فِي الحوادث خروج الأتراك عَلَى المهتدي بالله، وكيف حاربهم بنفسه وجُرح. ثمّ أسروه وخلعوه، ثمّ قتلوه إلى رحمة اللَّه فِي رجب سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. وكانت خلَافته سنة إلَا خمسة عشر يومًا. وقام بعده المعتمد عَلَى اللَّه. 504- محمد بْن هارون: أَبُو نَشِيط المَرْوزِيّ المقرئ1. صاحب عيسى بْن مينا قالون المدنيّ. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو حسّان أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي الأشعث العَنَزِيّ. ودارت قراءة أَبِي نشيط عَلَى أَبِي حسّان. واشتهرت عَنْهُ، وقرأت بها القرآن من طريق "التيسير"، وغيره. وعليها اعتمد أبو عمر الدّانيّ. 505- محمد بْن هارون: أَبُو نَشِيط الرَّبَعيّ البغداديّ الحافظ. يُلَقَّب أَبَا نشيط، وأمّا كُنْيته فأبو جعفر2.   1 انظر: السير "12/ 324"، والتهذيب "9/ 494". 2 الجرح والتعديل "8/ 117"، والتهذيب "9/ 493". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 238 سَمِعَ: رَوْح بْن عُبَادة، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبا المغيرة الحمصيّ، ويحيى بْن أَبِي بكُيْر، وطبقتهم. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وابن ماجة فِي" تفسيره"، وابن صاعد، والمَحَامِليّ، وابن أَبِي حاتم وقال: صدوق. وقال محمد بْن مَخْلَد العطّار: كَانَ حافظًا. قلت تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين فِي شوّال. وأمّا أَبُو عَمْرو الدّانيّ فَوِهَم ونقل أنّه تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وستين. وإنّما ذاك محمد بْن أَحْمَد بْن هارون شِيطا. وجعل أَبُو عَمْرو أنه صاحب القراءة، وأنه البغدادي. وأحسبه وَهِمَ أيضًا، فإن ذاك مَرْوَزِيّ وهذا بغدادي، أو لعلّه مَرْوَزِيّ ثمّ بغداديّ. ثمّ قَالَ الدّانيّ: كتبتُ من خطّ أَبِي أَحْمَد بْن أبي مسلم المقرئ. وحدثني عن صاحبنا قَالَ: قرأت عَلَى ابن بُويان، أَنَّهُ قرأ عَلَى ابن الأشعث، وأنّه قرأ عَلَى أَبِي نَشِيط، عَنْ قالون، عَنْ نافع. وذلك بجزْم الميم من عليهْم، وإليهمْ، وَلَديْهمْ، وأشباهه فِي جميع القرآن. قَالَ الدّانيّ: خالفه إِبْرَاهِيم بْن عُمَر، عَنِ ابن بُويان، فروى ضم الميم فِي جميع القرآن. وفي السَّبْعة لَابن مجاهد: نا ابن أَبِي مِهْران، نا أَحْمَد بْن قالون، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نافع، أنّه كَانَ لَا يَعِيب رفْع الميم فِي نحو {أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُم} [البقرة: 6] وشِبْهِه. 506- محمد بْن هاشم القرشي -ن-: أبو عبد الله البَعْلَبَكّيّ1. عَنْ: بقّية بْن الوليد، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز، والوليد بْن مُسلْمِ، وغيرهم. وعنه: ن.، ومكحول البَيْروتيّ، وابن جوصا، وأبو الدحداح أحمد بن محمد، وطائفة. توفي سنة أربع وخمسين، وما علمت فيه قدحًا؛ بل هو صدوق محتج به.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 116"، التهذيب "9/ 494". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 239 507- محمد بن هشام بن أبي خيرة السدوسي البصري1 -د. ن- أبو عبد الله: حدَّث بمصر عَنْ: بِشْر بْن المفضَّل، وعثّام بْن عَلِيّ، والقطّان، وجماعة. وعنه: د. ن.، وعلي بْن أَحْمَد عِلَان، وابن أَبِي دَاوُد، ومحمد بن رزيق بْن جامع المصريّ، وآخرون. قال أبو حاتم: صَدُوق. قلت: تُوُفّي سنة إحدى وخمسين ومائتين، وله مُسْنَد مَرْوِيّ. 508- محمد بْن هشام بن عيسى -خ. د. ن- أبو عبد الله المروذي القصير2: جار الْإمَام أَحْمَد. سَمِعَ: هُشَيْم بْن بشير، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وحفص بْن غِياث، وأبا معاوية، وطبقتهم. سَمِعَ منه: يحيى بْن مَعِين مَعَ تقدُّمه. وروى عَنْهُ: خ. د. ن.، وعبد اللَّه بْن ناجية، ويحيى بْن صاعد، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، وآخرون. وكان ثقة، ولد سنة إحدى وستين ومائة، وتوفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 509- محمد بن وزير بن قيس -ت- أبو عبد الله الواسطي3: عَنْ: نوح بْن قيس الحُدّانيّ، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ويحيى القطّان، وإِسْحَاق الأزرق، وطائفة. وعنه: ت.، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيْه، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وجماعة. وثقه أبو حاتم الرازي.   1 الجرح والتعديل "8/ 117"، والتهذيب "9/ 496". 2 انظر: تاريخ بغداد "3/ 360"، والتهذيب "9/ 496". 3 الجرح والتعديل "8/ 115"، والتهذيب "9/ 501". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 240 وتوفي سنة سبع وخمسين. 510- محمد بن الوليد -خ. م. ن. ق- أبو عبد الله البُسْريّ الْقُرَشِيّ البصْريّ1. ولقبه حمدان: حدَّث عَنْ: عَبْد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وغندر، ومروان بن معاوية، وطائفة. وعنه: خ. م. ن. ق.، وابن صاعد، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، والمحاملي، وأبو روق الهزاني، ومحمد "بن مخلد"، وآخرون. وثقه النسائي، وغيره. 511- محمد بن الوليد بن أبان. أبو جعفر المخرمي2 الـ "قلانسي"3. عن روح بن عبادة، ومكي بن إبراهيم، وأبي عاصم. وعنه: محمد بن مخلد. قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق. وقال ابن عدي: يضع للحديث ويسرقه. وثنا عَنْهُ رَوْح بْن عَبْد المجيد، وزيد بْن عَبْد العزيز بْن حيّان، وعبد الرَّحْمَن بْن سُلَيْمَان الْجُرْجانيّ، ويحيى بْن أخي حَرْمَلَة، ومحمد بْن سَلْمان الصَرَفَنْديّ، وإِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل الغافِقيّ. قُلْتُ: رَوَى لَهُ عِدَّةَ أَحَادِيثَ مِنْهَا بِإِسْنَادٍ نَظِيفٍ: "مَا مِنْ رُمَّانَةٍ إِلا وَتُلَقَّحُ بِحَبَّةٍ مِنْ رُمَّانِ الْجَنَّةِ"4. رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.   1 الجرح والتعديل "8/ 113"، والتهذيب "9/ 503". 2 الجرح والتعديل "8/ 113"، والميزان "4/ 59، 60"، تاريخ بغداد "3/ 331". 3 بياض في الأصل، وأثبت من تاريخ بغداد. 4 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي "2/ 285"، في الموضوعات، وابن عدي "6/ 2287"، وانظر: كشف الخفاء "2/ 270"، "2/ 576"، والأسرار المرفوعة "429". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 241 512- محمد بن الوليد الفحّام -ن- أخو أَحْمَد. بغداديّ1، صدوق: سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد الوهاب بْن عطاء، وجماعة. وعنه: ن.، والباغَنْديّ، والمَحَامِليّ، وآخرون. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. 513- محمد بْن يحيى بْن حيّوك الهَرَويّ2: روى عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وغيره. ومات سنة إحدى وخمسين. 514- محمد بْن يحيى بْن عبد الكريم3 -ت. ق- أبو عبد الله الأزدي البصري، نزيل بغداد. عَنْ: يزيد بْن هارون، وأبي عاصم النّبيل، وعبد الله بْن دَاوُد الخُرَيْبيّ، وطبقتهم. وعنه: ت. ق.، وابن أَبِي الدُّنيا، وإبراهيم الحربي، وابن صاعد، والمحاملي، وآخرون. وثقه الدارقطني. وكان نسابة علامة. توفي سنة اثنتين وخمسين. 515- محمد بن يحيى بن عبد العزيز -خ. م. ن- أبو علي اليشكري المروزي الصائغ4. سَمِعَ: عَبْدان بْن عثمان، وأخاه عَبْد العزيز شاذان.   1 انظر: تاريخ بغداد "3/ 329"، والتهذيب "9/ 504". 2 في عداد المجهولين. 3 تاريخ بغداد "3/ 414"، والتهذيب "9/ 517". 4 انظر: التهذيب "9/ 516". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 242 وعنه: خ. م. ن.، ومحمد بْن عَلِيّ التِّرْمِذيّ الحكيم، وغيرهم. توفي سنة اثنتين أيضا. 516- محمد بن يحيى بن أبي حزم مهران القطعي البصري - م4. - أبو عبد الله المقرئ1: قرأ عَلَى: أيّوب بْن المتوكل وهو أجَلّ أصحابه. وروى الحروف عَنْ أَبِي زيد الْأَنْصَارِيّ. وروى عَنْ: عَبْد الأعلى بْن عبد الأعلى، وغسّان بْن مُضَر، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الطّفاويّ، وطبقتهم. وعنه: م.4، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وابن صاعد، وأَبُو عَرُوبة، وخلْق. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. مات سنة ثلَاثٍ وخمسين. 517- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس -خ.4- الإمام أبو عبد الله الذهلي، مولَاهُمُ النَّيسابوري الحافظ2. وُلِد سنة نيَّفٍ وسبعين ومائة. وسمع من: الحَفْصَيْن، ثمّ ترك الرواية عَنْهُمَا. وسمع من: الْحَسَين بْن الوليد، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وجماعة. ثمّ رحل أوّلَا إلى أصبهان، فلقي بها عبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ وأكثر عَنْهُ. وسمع بالرّيّ من: يحيى بْن الضُّرَيْس، وطبقته. وبالبصرة من: محمد بْن بَكْر البُرْسانيّ، وأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وسعيد بْن عامر، وأَبِي عَلِيّ الحنفيّ، ووهْب بْن جرير، وخلْق.   1 التهذيب "9/ 508". 2 تاريخ بغداد "3/ 415"، والسير "12/ 273". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 243 وبالكوفة من: يَعْلَى ومحمد ابني عُبَيْد، وأسباط بْن محمد، وعَمْرو بْن محمد العَنْقَزِيّ، وجعفر بْن عَوْن، وخلْق. وباليمن من: عَبْد الرّزّاق، ويزيد بن حليم، وإِبْرَاهِيم بْن الحَكَم بْن أبان، وجماعة. وبالحجاز من: أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وجماعة. وبمصر من: يحيى بن الحسان، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صالح، وجماعة. وبالشّام مِن: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبي مُسْهِر، وأَبِي اليَمَان، وجماعة. وببغداد من: أَبِي النَّضْر هاشم بْن القاسم، وطبقته. وبواسط: من عَلِيّ بْن عاصم, ويزيد بْن هارون. وجماعة. وبالجزيرة من: أَبِي جعْفَر النُّفَيْليّ، وجماعة. وبالمدينة من: عَبْد الملك الماجِشُون، وجماعة. وعنه: خ4. ومن شيوخه: سعيد بْن أَبِي مريم، وسعيد بْن منصور، وأبو جعْفَر النُّفَيْليّ، وعبد اللَّه بْن صالح. ومن أقرانه: محمود بْن غَيْلَان، وأبو زُرْعَة، وعباس الدُّوريّ؛ ومِنَ الأئمة والحُفّاظ عدد كثير منهم: أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوري، وأَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ، وأَبُو جعْفَر أَحْمَد بْن حَمْدان الزّاهد، وأبو حامد أَحْمَد بْن محمد بْن بلَال، وأبو بكر محمد بن الحسين القطان، وأبو العباس الدغولي، وأبو عَلِيّ بْن مَعْقِلٍ المَيْدانيّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، وحاجب بْن أَحْمَد الطُّوسيّ. وانتهت إِلَيْهِ مشيخة العِلْم بخُراسان. قَالَ محمد بْن سهل بن عسكر: كنا عند الإمام محمد، فدخل محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، فقام إِلَيْهِ أَحْمَد، وتعجَّب النّاس منه. ثمّ قال لبنيه وأصحابه: اذهبوا إلى أَبِي عَبْد الله واكتُبُوا عنه. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 244 وقال محمد بْن دَاوُد المصِّيصيّ: كنّا عند أَحْمَد بْن حنبل، فذكرَ محمد بْن يحيى حديثًا فيه ضعف، فقال له أحمد: لَا تذكر مثل هذا. فكأنه خَجِلَ، فقال لَهُ أَحْمَد: إنّما قلتُ هذا إجلَالَا لك يا أَبَا عَبْد اللَّه. وقال محمد بْن أحمد الْجَوْزَجانيّ: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: الزَمْ محمد بْن يحيى، فإنيّ ما رأيت خُراسانيًا، أو قَالَ: أحدًا، أعلم بحديث الزُّهْريّ منه، ولا أصحّ كتابًا منه. قلت: وكان قد جمع حديث الزُّهْريّ فِي كتاب حافل. قَالَ أَبُو بَكْر بْن زياد: سمعته يَقُولُ: قَالَ لي عَلِيّ بْن المديني: أنتَ وارث الزُّهْريّ. وعَنِ ابن المديني أيضًا قَالَ: كفانا محمد بْن يحيى جمْعَ حديث الزُّهْريّ. وقال أَبُو حاتم الرّازيّ: محمد بْن يحيى إمام أهل زمانه. وقال أبو بكر بن دَاوُد: ثنا محمد بْن يحيى النَّيسابوري، وكان أميرَ المؤمنين فِي الحديث. قَالَ أبو عبد الله الحاكم: سَمِعْتُ أبا إِسْحَاق المُزكّيّ: سَمِعْتُ أبا الْعَبَّاس الدُّغُوليّ يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بْن يحيى يَقُولُ: لمّا رحلتُ إلى العراق بأبي زكريّا، يعني ابنه، صحِبني جماعة فسألوني: أيّ حديث عَنْ أَحْمَد بْن حنبل أغرب؟ فكنت أقول: إذا دخلنا عَلَيْهِ سَأَلْتُهُ عَنْ حديث تستفيدونه. فلمّا دخلنا عَلَيْهِ سَأَلْتُهُ عَنْ حديث يحيى بْن سعَيِد، عَنْ عثمان بْن غِياث، عَنِ ابن بريدة، عَنْ يحيى بْن يَعْمَر، حديث الْإِيمَان. قَالَ: وقد كُنت سمعته منه قديمًا وذكرته عَنْهُ، فقال أَحْمَد: يا أَبَا عَبْد اللَّه لَيْسَ هذا الحديث عندي، عَنْ يحيى بن سعيد. فخجِلْتُ وسكتُّ. فلمّا قمنا أخذ أصحابنا يقولون: إنّه ذكر هذا الحديث غير مرّة، ثمّ لم يعرفه أحمد. وأنا ساكت لم أُجيبهم بشيء. ثمّ قدِمنْا بغداد، يعني بعد رجوعهم مِنَ البصرة، فدخلنا عَلَى أَحْمَد، فرحَّب بنا وسأل عنّا، ثمّ قَالَ: أخبرْني يا أَبَا عَبْد اللَّه أيَّ حديثٍ استفدْت عَنْ مُسَدّد، من حديث يحيى بْن سعَيِد؟ فقلت: حديث عثمان بْن غِياث فِي الْإِيمَان. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 245 فقال أَحْمَد: ثناه يحيى بْن سعَيِد، عَنْ عثمان بْن غِياث. ثمّ أخرج كتابَه فأملى علينا. فسكتَ محمد بْن يحيى ولم يقل: إنّا سألناك عَنْهُ. وتَعجَّب أصحاب محمد بْن يحيى مِن صبره عَلَيْهِ. قَالَ: فَأخْبرَ أَحْمَد أَنَّهُ كَانَ سأله عَنِ الحديث قبل خروجه إلى البصرة، فكان أَحْمَد إذا ذكره يَقُولُ: محمد بْن يحيى العاقل. قَالَ الحاكم: وحدثني أَبُو سعَيِد المؤذّن: سَمِعْتُ زَنْجَوَيْه بْن محمد: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرو المُسْتمليّ يَقُولُ: أتيتُ أَحْمَد بْن حنبل فقال لي: مِن أَيْنَ أنت؟ قلتُ: من نَيْسابور. فقال أبو عبد الله: محمد بْن يحيى لَهُ مجلس؟ قلتُ: نعم. قَالَ: لو إنّه عندنا لَجَعَلْناه إمامًا فِي الحديث. وحدثني أَبُو سعَيِد: سَمِعْتُ زَنْجَوَيْه يَقُولُ: كنتُ أسمع مشايخنا يقولون: الحديث الَّذِي لَا يعرفه محمد بْن يحيى لَا يُعْبأُ بِهِ. وقال أَبُو قُرَيش الحافظ: كنتُ عند أَبِي زُرْعَة، فجاء مُسلْمِ فسلّم عَلَيْهِ وتذاكرا: فلمّا أن قام قلتُ لأبي زُرْعَة: هذا جمع أربعة آلاف حديث فِي "الصّحيح". قَالَ: فَلِمَن ترك الباقي؟ لَيْسَ لهذا عقل، لو داري محمد بْن يحيى لصار رجلَا. وقال زَنْجَوَيْه: سَمِعْتُ محمد بْن يحيى يَقُولُ: "قد جعلتُ" أَحْمَد بْن حنبل إمامًا فيما بيني وبين ربّي. وقال محمد بْن يحيى: سَمِعْتُ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه ". . . "1 عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ يَقُولُ: مَن برَّأ نفسَه مِنَ الكذِب فهو مجنون. قَالَ محمد بْن "صالح"2 بن هاني: نا أبو بكر الجاردي قَالَ: بلغني أنّ محمد بْن يحيى كَانَ يكتب فِي مجلس يحيى بْن يحيى، فنظر عَلِيّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ إلى حُسْن خطّه وتقييده، فقال: يا بُنَيّ ألَا أنصحك؛ إنّ أبا زكريا يجذبك عن سفيان وهو   1 بياض في الأصل. 2 بياض في الأصل، وأثبت من "السير". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 246 حيّ بمكّة، وعن وكيع وهو حيّ بالكوفة، وعن يحيى القطّان وهو حي بالبصرة، فاخرج فِي طلب العلم. فعمل فِيهِ قوله وتأهّب للخروج عَلَى أصبهان، فلمّا قدِمَها أقام بها أيّامًا يسيرة، وسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، والْحُسَيْن بْن حفص. ثمّ خرج إلى البصْرة، وقد مات يحيى بْن سعَيِد، فكتبَ عَنْ أَبِي دَاوُد، وأكثر المُقام بها حتى مات ابن عُيَيْنَة، فدخل اليمن ولقي عَبْد الرّزّاق. وقال الْحُسَيْن بْن الْحَسَن: سَمِعْتُ محمد بْن يحيى يَقُولُ: ارتحلتُ ثلَاث رحلَات. وأنفقت عَلَى العِلْم مائة وخمسين ألفًا. ولمّا دخلت البصرة استقبلتْني جنازة يحيى القطّان عَلَى باب البلد. وقال ابن خُزَيْمَة: ثنا محمد بْن يحيى الذُّهْليّ إمام عصره، أسكنه اللَّه جنّته معَ محبّيه. وقال صالح جَزَرَة: ما فِي الدُّنيا أحمق ممّن يسأل عَنْ محمد بْن يحيى. وقال النَّسائيّ: ثقة مأمون. وقال السُّلَميّ: سألتُ الدّارَقُطْنيّ: مَن تُقَدَّم محمد بْن يحيى, أو عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن السَّمرْقَنْديّ؟ قَالَ: محمد بْن يحيى. ومَن أحبَّ أنْ يعرف قُصُور عِلْمه عَنْ عِلم السَّلف، فلْينظُرْ فِي عِلَل حديث الزُّهْريّ لمحمد بْن يحيى. وقال أَبُو نصر الكَلَاباذيّ: روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ فقال مرّة: ثنا محمد. وقال مرّة: ثنا محمد بن عبد الله، نسبه إلى جده. وقال مرّة: ثنا محمد بْن خَالِد. ولم يصرّح بِهِ قطّ. وقال الحاكم: روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ نيفًا وأربعين حديثًا. وقال يحيى بْن منصور القاضي: سَأَلت محمد بْن محمد بْن رجاء بْن السِّنْديّ قلت: محمد بْن يحيى صليبيّةً كَانَ أو مَوْلًى؟ قَالَ: لَا صليبيّه ولا مولى. كان جده جدِّه فارس لآل مُعَاذ بْن مُسلْمِ بْن رجاء. وكان رجاء رهينةً عند معاوية بْن أَبِي سُفْيَان، رهنه عنده أَبُوه ذو الآذان ملك تِلْكَ النّاحية. فارتدّ، فأراد معاوية قتل ابنه رجاء، وكان عنده القعقاع بن شور الذهلي، فاستوهبه معاوية، فوهبه لَهُ فأطلقه: فكان هذا النَّسَب. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 247 وقال ابن خُزَيْمَة: سَمِعْتُ محمد بْن يحيى يَقُولُ: لم يَرْوِ أحد عَنِ الزُّهْريّ إلَا أخطأ فِي حديثه، إلَا أَنَس بْن مالك. قَالَ الْحَاكِمُ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ محمد بْنُ يَعْقُوبَ: نَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي بِأَنْطَاكِيَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، ثنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنِي محمد بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَهُ مِنْ فَدَكٍ مِنْ سَهْمِهِ مِنْ خَيْبَرَ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لا نورث ما تركناه صَدَقَةٌ" 1. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن الفضل الشّعْرانيّ: نا جدّي، نا أَبُو صالح كاتب الليث: حدَّثني محمد بْن يحيى النَّيسابوري: ثنا عَبْد الرّزّاق، فذكر حديثًا فِي الوضوء مرة. قَالَ أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ، وغيره: تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. وقال محمد بْن مُوسَى الباشاني: مات يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ربيع الآخر. وقال يعقوب الصَّيْدلَانيّ: مات يوم الإثنين لأربعٍ بقين من ربيع الأوّل. قَالَ أَبُو عَمْرو أَحْمَد بْن نصر الخفّاف، رحمه اللَّه: رَأَيْت محمد بْن يحيى فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي. قلت: فما فعل بحديثك؟ قَالَ: كُتب بماء الذهب، ورفع في عليين. قلت: وقع لبسط السِّلفيّ حديث الذُّهْليّ فِي السّماء عُلُوًّا. 518- محمد بْن يحيى بْن موسى: أبو عبد الله الإسْفَرايينيّ الحافظ حَيّوَيْه2. رحل وأكثر عَنْ: أَبِي النَّضْر هاشم بْن القاسم، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ، وأَبِي عاصم، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وأَبِي صالح الكاتب، وعَبْدان بْن عثمان، وأبي مسهر الغساني، وخلق كثير.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3092"، "4240"، "4241"، ومسلم "1759"، وابن سعد "8/ 28"، في طبقاته، وأبو داود "2968"، "2969"، وأحمد "6/ 145". 2 انظر: السير "12/ 360". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 248 وعنه: أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بن محمد بن رجاء، وأبو عَوَانَة، وجماعة. وكان أَبُو عَوَانَة يَقُولُ: محمد بْن يحيانا ومحمد بْن يحياكم، يقابله بالذُّهْليّ. قلت: وحَيّوَيْه فِي الحقيقة لقب أَبِيهِ يحيى. وكان ابن خزيمة كثير ما يَقُولُ: ثنا محمد بْن أَبِي زكريّا وهو حَيّوَيْه. قَالَ أَبُو عَمْرو المستملي: كَانَ لَهُ دار بَنْيسابور يسكنها إذا وَرَد. فورَد مرّةً، فمرِض واشتدّ مرضه، فحُمِل وهو عليل إلى وطنه بإسفرايين، فمات فِي الطّريق. ودُفِن بإسفرايين لثمانٍ خَلَوْن من ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 519- محمد بْن يحيى بْن أبان العْنبريّ الأصبهاني1: أحد الرؤساء الأجواد. روى عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: الفضل بْن الخصيب. قَالَ أَبُو نُعَيْم الحافظ: كَانَ سخيًا يخرج إلى الصلَاة, وقد تعمَّم بعمائم وقد لبس جِبابًا وأَقْمِصة، فما يرجع إلَا فِي قميص واحد، رحمه اللَّه. 520- محمد بْن يحيى بْن عُمَر الواسطيّ2: حدَّث ببغداد عَنْ: يزيد بْن هارون، وغيره. وعنه: ابن أَبِي حاتم الرّازيّ، ووالده، ووثَّقاه. 521- محمد بْن يحيى: أبو عبد الله بن ولد بن النُّعْمان بْن سعد3. سَمِعَ: أَبَا معاوية، والوليد بن القاسم الهمداني.   1 ذكر أخبار إصبهان "2/ 178". 2 تاريخ بغداد "3/ 420". 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 249 وعنه: ابن أَبِي دَاوُد، وأَبُو سعَيِد عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن بْن خَالِد القاضي، وأَحْمَد بْن محمد الواسطيّ. كنّاه أَبُو أَحْمَد الحاكم. 522- محمد بْن يزيد بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ النَّيسابوري1: الفقيه محمش. كَانَ شيخ الحنفيّة فِي عصره بَنْيسابور بإزاء محمد بْن يحيى الذُّهْليّ لأهل الحديث. سَمِعَ: حفص بْن عَبْد اللَّه، وشَبَابة بْن سَوّار، وعلي بْن عاصم، وجعفر بْن عَوْن، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وطائفة كبيرة. وعنه: ". . . "2 النَّضْر، وابناه أَبُو بَكْر وأَبُو أَحْمَد، وزكريا بن يحيى البزاز، وإبراهيم بن محمد بن سُفْيان، ومحمد بْن ياسين، ومحمد بْن عَلِيّ المذكر، وآخرون. تُوُفّي فِي صفر سنة تسعٍ وخمسين. 523- محمد بْن يزيد بْن عَبْد الملك البصْريّ الْأسْفاطيّ الأعور3 -ق- عَنْ: أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، ورَوْح بْن عُبَادة، ومُحَاضِر بْن المورّع: وعنه: ابن أخيه الْعَبَّاس بْن الفضل الْأسفاطيّ، وق.، وأبو عروبة، وعبد الله بن عروة الهروي، وابن وَهْبُ الدِّينَوَرِيّ، وأبو دَاوُد فِي كتاب "القدر"، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدُوق. 524- محمد بْن يزيد: أَبُو بَكْر الطَّرَسُوسيّ المستملي4. عَنْ: يزيد بْن هارون، وأَنَس بْن عِياض، وزيد بن الحباب، ومبشر بن إسماعيل، وغيرهم.   1 انظر: الثقات "9/ 145"، لابن حبان. 2 بياض في الأصل. 3 الجرح والتعديل "8/ 129"، والتهذيب "9/ 525". 4 الجرح والتعديل "8/ 129"، الميزان "4/ 66". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 250 وعنه: أَحْمَد بْن محمد بْن عَنْبَسَةَ، وابن قُتَيْبة العسقلَانيّ، وعَلِيّ بْن محمد بْن سُلَيْمَان الحلبيّ ثمّ المصريّ، ومحمد بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز. قَالَ ابن عديّ: كَانَ يسرق الحديث ويزيد في ويضع. ثمّ سردَ لَهُ ستّة أحاديث مُنْكَرة. 525- محمد أَبُو بكر البغداديّ1: وقيل اسمه أَحْمَد. روى عَنْ: حَجّاج الأعور، والأسود بْن عامر، وجماعة. وعنه: حاجب بْن أركين، ومحمد بْن مَخْلَد، وعَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائنيّ. تُوُفّي سنة تسع وخمسين 526- مالك بن الخليل-ن-. أبو غسان الأزدي اليحمدي البصري2: عَنْ: محمد بْن أَبِي عديّ، وعمرو بْن سُفْيَان القَطَعيّ، وغيرهما. وعنه: ن.، وأبو عَرُوبَة، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وجماعة. ذكر ابن حِبّان فِي" الثّقات" موته بعد الخمسين. 527- مالك بْن طَوْق التَّغْلبيّ3: الأمير. أحد الأشراف والفُرسان والأجواد والأعيان. مدَحه أَبُو تمام الطّائيّ، وغيره. وهو الَّذِي بنى مدينة الرَّحْبة عَلَى الفُرات. ولي إمرة دمشق للواثق ثمّ للمتوكّل. تُوُفّي سنة ستين. روى الْحَسَين بْن السَّفر بْن إِسْمَاعِيل التَّغْلبيّ، عن أبيه، أنه كان يحضر مجلس   1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 انظر: التهذيب "10/ 14". 3 الكامل "7/ 274"، لابن الأثير، والبداية "11/ 32". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 251 مالك بْن طَوْق. وكان فِي رمضان ينادي مُناديه عَلَى باب الخضراء دار الإمارة بعد المغرب: الإفطار رحمكم الله، الإفطار رحمكم الله. والأبواب مفتَّحة. وكان مشهورًا بالسَّخاء. وفي مالك هذا يَقُولُ بكر بن النّطّاح: أقول لمُرْتاد النَّدَى عند مالكٍ ... كفي كلّ هذا الخلْق بعضُ عِداتِه ولو خَذَلَتْ أموالُهُ جودَ كفِّهِ ... لقاسَمَ مَن يرجوه شَطْرَ حياتهِ ولو لم تجدْ فِي العُمر شيئًا لسائلٍ ... وجاز لَهُ الإعطاءُ من حَسَناتهِ لَجَادَ بها مِن غَيْرِ كفر بربه ... وأشركناه فِي صَوْمهِ وصلَاتهِ 528- محمود بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع1: الحافظ أَبُو الْحَسَن الدّمشقيّ، مصنّف كتاب "الطّبقات". سَمِعَ: أَبَا جعْفَر النُّفَيْليّ، وإسماعيل بْن أَبِي أُوَيْس، ويحيى بْن بكُيْر، وصفوان بْن صالح، وطبقتهم. وعنه: أَبُو حاتم الرّازيّ، وأَبُو زُرْعَة الدّمشقيّ، وأَبُو الْحَسَن بْن جَوْصا. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق، ما رَأَيْت بدمشق أكْيَس منه. وقال عَمْرو بْن دُحَيْم: تُوُفّي بدمشق فِي انسلاخ جمادى الآخرة سنة تسعٍ وخمسين. 529- محمود بْن آدم المَرْوزِيّ2 - "خ": عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والفضل السينانيّ، وأَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وأَبِي معاوية، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي داود، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الدُّغُوليّ، وآخر من روى عَنْهُ محمد بْن حَمْدَوَيْه بْن سهل المَرْوزِيّ. ذكره ابن حِبّان فِي "الثقات"، وقال: مات في غرة رمضان سنة ثمان وخمسين.   1 الجرح والتعديل "8/ 292". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 290"، والتهذيب "10/ 61". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 252 530- محمود بْن محمد: أَبُو زيد الْأَنْصَارِيّ الظَّفَريّ البغداديّ1. عَنْ: أيّوب بْن عُتْبة، وأيوب بْن النّجّار اليمامّيين. وعنه: أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، والْحَسَن بْن محمد بْن شُعْبَة، ويحيى بْن صاعد. وقع حديثه عاليًا، وتُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لم يكن بالقويّ. قلت: هُوَ محمود بْن محمد بْن محمود بْن عديّ بْن ثابت بْن قيس بْن الحطيم، قدِم بغداد فسكنها. وقع لي حديثه عاليًا. 531- المَرَّار بن حمويه بن منصور -ق- أبو أحمد الثقفي الفقيه الهمداني2: سمع: أبا نعيم، وسعيد بن أبي مريم، والقَعْنَبيّ، وأبا الوليد، وعبد اللَّه بْن صالح الكاتب، وطبقتهم. وعنه: ق. وموسى بْن هارون، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حمّاد الطّهْرانيّ، وأبو عروبة، وعبد الله بن محمد بن وَهْبُ الدِّينَوَرِيّ، وجماعة. وروى ابنُ ماجة عَنْهُ، عَنْ محمد بْن مُصَفَّى الحمصيّ؛ وكان من كبار الأئمّة. وقد روى الْبُخَارِيّ، عَنْ أَبِي أَحْمَد، عَنْ أَبِي غسّان محمد بْن يحيى الكِنانيّ، فَفَسَّر العلماء أَبَا أَحْمَد بأنّه المَرّار هذا. وقيل: هُوَ محمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء، وقيل: هُوَ محمد بْن يوسف البِيكَنْديّ. قَالَ محمد بْن عيسى الهَمَدانيّ: نا أَبِي، فَضَلَان بْن صالح قَالَ: قلت لأبي زُرْعَة: أنتَ أحفظ أم المَرّار؟ فقال: أَنَا أحفظ والمَرّار أفْقه3. وعن أَبِي جعْفَر قَالَ: ما أخرجت همدان أفقه من المرار.   1 تاريخ بغداد "13/ 92". 2 السير "12/ 308"، والتهذيب "10/ 80، 81". 3 السير "12/ 310". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 253 وقال الحافظ أَبُو شُجاع شِيرُوَيُه الدَّيْلَميّ: نزل عَلَيْهِ أَبُو حاتم الرّازيّ وكتب عَنْهُ، وهو قديم الموت جليل الخطر. سأله جمهور النَّهَاوَنْديّ عَنْ مسائل، وهي مدوّنةٌ عنه، مَن نظر فيها عرف محلّ المَرّار مِنَ العِلْم الواسع والحِفظْ والإتقان والدّيانة. وقال عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن دَاوُد الدُّحَيْميّ: سَمِعْتُ المَرّار يَقُولُ: اللهُمّ أرزقني الشّهادة؛ وأمرَّ يده عَلَى حلْقه1. وقيل: لمّا كانت فتنة المعتزّ والمستعين كَانَ على همدان جباخ وجَفْلَان من قِبَلِ المعتزّ، فاستشار أهلُ البلد المرار والجرجاني في محاربتمها، فأمرهما بالقعود بالقعود فِي منازلهم. فلمّا أغار أصحابهما عَلَى دار سَلَمَةَ بْن سهْل وغيرها، ورمَوْا رجلَا بسهم أفتاهم بالحرب، وتقلَّد المَرّار سيفًا، فخرج معهم، فقُتِل بْين الفريقين عدد كثير، ثمّ طلب مُفْلح المَرّار فاعتصم بأهل قُمّ، وهربَ معه إِبْرَاهِيم بْن مَسْعُود. فأمّا إِبْرَاهِيم فهازَلهم وقاربهم فسلم. وأمّا المَرّار فإنه أظهر مخالفتهم فِي التَّشَيُّع، وكاشفهم. فأوقعوا بِهِ وقتلوه2، رحمة الله. وروى الْحُسَيْن بْن صالح أنّ عمّه المَرّار قُتِل سنة أربعٍ وخمسين، وله أربعٌ وخمسون سنة. 532- مُزْداد بْن جميل3: أَبُو ثَوْبان البَهْرانيّ الحمصيّ. سَمِعَ: أَبَا المغيرة عبد القُدُّوس، وعبد الملك الْجُدّيّ، ومحمد بْن مناذر البصْريّ. وعنه: محمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه مكحول البَيْروتيّ، وعبد الغافر بن سلامة الحمصي، وجماعة. حديثه بعلو في "معجم ابن جميع"، وكان يعد من الأبدال رحمه الله. قال عبد الغافر: سَمِعْتُ منه مجالس كثيرة، وكان عندهم من الأبدال.   1 المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 تاريخ دمشق "39/ 342". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 254 533- مسرور بْن نوح: أَبُو بشر الذُّهْليّ الإسْفرايينيّ1. روى عَنْ: عفّان، وغيره. ومات سنة إحدى وخمسين. 534- مَسْعُود بْن يزيد القطّان: أَبُو محمد الأصبهاني2. عَنْ: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعبد الرَّحْمَن بْن مَغراء، وأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وغيرهم. وعنه: أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يزيد الزُّهْريّ، وعَلِيّ بْن الصّبّاح الأصبهاني، ومحمد بْن عُمَر بْن حفص الجورجيريّ. وأمّا أَبُو نُعَيْم الحافظ فكنّاه: أَبَا أَحْمَد الزَّمِن. 535- مُسلْمِ بْن حاتم -د. ت- أبو حاتم الأنصاري البصري3 إمام جامع البصرة. عَنْ: عبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وإِسْحَاق بْن عيسى ابن بِنْت حبيب بْن الشّهيد، وجماعة. وعنه: د. ت.، وعُمَر البُجَيْريّ، ومحمد بْن جرير، وابن صاعد، وأَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن شَهْرَيار، وآخرون. وثقَّه الطَّبَرانيّ، وغيره. 536- مُسلْمِ بْن عَمْرو بْن سابق بن وهب -ت. ن- أبو عمرو المديني4:   1 انظر: تاريخ جرجان "ص/ 455". 2 طبقات المحدثين "2/ 303، 304". 3 التهذيب "10/ 124، 125". 4 التهذيب "10/ 133، 134". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 255 عن: عَبْد اللَّه بْن نافع الصّائغ وحده. وعنه: ت. ن.، وأَبُو حامد محمد بْن أَحْمَد بْن نصر التِّرْمِذيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن زُهَير بْن حَرْب، ويحيى بْن الْحَسَن بْن جعْفَر أَبُو الْحُسَيْن النَّسَّابة، ويحيى بْن صاعد. وهو ثقة. 537- مُعَلَّى بْن أيّوب1: أَبُو العلَاء كاتب المتوكّلُ عَلَى اللَّه. وهو ابن خالة الوزير الْحَسَن بْن سَهْل. حكى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُسلْمِ بْن قُتَيْبة، وعلي ". . . "2، وغيرهما. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. حكى عَنْ: أَبِي العتاهية وعبد اللَّه بْن طاهر. وكان جليل القدر كثير الأدب، جيد الرّأي، من نُبَلَاء الرجال. سَمِعَ مِنَ النَّضر بْن شُمَيْل كثيرًا، ولم يُحدَّثَ لدخوله فِي الخدم. ورخ الصُّوليّ موته كما قُلْنَا، وقال: لما احتضر قال لولده: أَجْروا عَلَى من كنت أُجري عَلَيْهِ. فعدّوهم فإذا هُمْ سبعة آلاف إنسان مِنَ الضُّعفاء وذوي البيوتات. ذكره ابن النّجّار. وأنشد المبّرد لأبي عَلِيّ السّفْر فِي المُعَليّ هذا: لَعمْرو أبيك ما نُسِبَ المُعَليّ ... إلى كَرَم وفي الدُّنيا كريم ولكنَّ البلَادَ إذا اقْشعَرَّتْ ... وُضُوحُ نَبْتِها رَعَى الهَشِيم 538- مَعْن بْن عُمَر بْن مَعْن بْن عُمَر بْن كثير بْن مَعْن بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ3. أَبُو عمر المصري.   1 الكامل "7/ 215". 2 بياض في الأصل. 3 ينظر في "حسن المحاضرة". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 256 عَنْ: عَبْد اللَّه بْن صالح، وأسد بْن مُوسَى، وخالد بْن نزار. قَالَ ابن يونس: ثنا عَنْهُ جماعة. مات في شوّال سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 539- المنذر بْن شاذان: أَبُو عُمَر الرّازيّ1. عَنْ: يَعْلَى بْن عُبَيْد، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى. وعنه: ابن أَبِي حاتم، وإِسْحَاق بْن محمد الكَيْسانيّ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. 540- منصور بْن طَلْحة بن طاهر بن الحسين بن مُصْعَب2: الأمير أَبُو الْعَبَّاس الخُزاعيّ. ولي إمرة مَرْو نيابةً عَنْ عمّهِ عَبْد اللَّه بْن طاهر. وروى عَنْ: شَبَابة بْن سَوّار، وحفص بْن عَبْد الرَّحْمَن النَّيسابوري. وكان عالمًا شاعرًا أديبًا بارعًا، مدح الواثق بالله وغيره. روى عَنْهُ: الْعَبَّاس بْن مُصْعَب المَرْوزِيّ. وتُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 541- مُهَنّأ بْن يحيى: أبو عبد الله الشّاميّ الفقيه3، صاحب الإمام أحمد. دمشقي نزل بغداد، وحدَّث عَنْ: بقية بْن الوليد، وضمرة بن ربيعة، ويزيد بن هارون، ورواد بن الجرّاح، وزيد بْن أَبِي الزّرقاء، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعَبْد الرّزّاق، وبشر الحافي. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن هاني النَّيسابوري، وحَمْدان بْن عَلِيّ الورّاق، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ويحيى بن صاعد، والحسين المحاملي، وجماعة.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 244". 2 لم نقف عليه. 3 تاريخ بغداد "13/ 266". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 257 قَالَ أَبُو بَكْر الخلَال: مُهنّى من كبار أصحاب أحمد. كان يستجريء عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه ويسأله عَنْ كِبار المسائل. ومسائله أكثر من أن تُحدّ. كتبَ عَنْهُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل بضعة عشر جزءًا مسائل لم تكن عند عَبْد اللَّه، عَنْ أَبِيهِ. وقال الدّارَقُطْنيّ: مُهَنَّا ثقة نبيل. قَالَ مُهَنّا: لزِمتُ أَبَا عَبْد اللَّه رحِمَة اللَّه ثلاثاُ وأربعين سنة، ورأيته بمكّة عند ابن عُيَيْنَة. وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ: نَا مُهَنَّى، نَا بَقِّيَّةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يُحْشَرُ الْمَكَّارُونَ وَقَتَلةُ الأنْفُسِ إِلَى جَهَنَّمَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ". هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ عَجِيبٌ، رُوَاتُهُ ثقات، لكن مكحول لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ عَبْد الله بن أحمد: كنت أرى مهنى يسأل أَبِي حتّى يُضْجِره، ويكرِّر عَلَيْهِ جدًّا. وقال غيره: كَانَ الأمام أَحْمَد يحترم مُهَنّا ويُجِلّه لأنّه كَانَ رفيقه إلى عَبْد الرّزّاق. 542- مُوسَى بْن حافظ النَّحْويّ1: حدَّث ببغداد عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، ويزيد بْن هارون. وعنه: محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن نَيْروز، وأبو عبد الله المَحَامِليّ. وهو ثقة. 543- مُوسَى بْن عيسى الجصّاص الفقيه2: مِن قُدماء أصحاب الْإمَام أَحْمَد. كَانَ ذا زُهد وورع وتألُّه. سَمِعَ: يحيى القطّان، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وأبا سُلَيْمَان الدّارانيّ. وكان لَا يُحدَّثَ إلَا بمسائل أَبِي عَبْد الله.   1 أحد محدثين بغداد ووثقه الذهبي. 2 تاريخ بغداد "13/ 42". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 258 حدَّث عَنْهُ: أَبُو بَكْر المُطّوّعيّ، وأبو بَكْر بْن جناد، والْحَسَن بْن أَحْمَد الوراق. ذكره أَبُو بَكْر الخطيب. 544- مُوسَى بْن سابق1: ويقال لَهُ: مُوسَى بْن أَبِي خديجة المصريّ. عَنْ: ابن وَهْبُ، وبشر بْن عُمَر. وعنه: عَلِيّ بن أحمد بن علان، وغيره. ومات سنة أربع وخمسين ومائتين. 545- موسى بن سعيد -ن- أبو بكر الطرسوسي2: سَمِعَ: أَبَا الوليد الطَّيَالِسيّ، والقَعْنَبيّ، وأبا اليَمَان، وطبقتهم. وعنه: ن.، وابن صاعد، وأَبُو بِشْر الدُّولَابيّ، ومحمد بْن أيّوب بْن الصَّمُوت. وقال النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. 546- مُوسَى بْن عامر بن عمارة بن خريم -د- أبو عامر المر "ي" الخريمي الدمشقي3. وُلِد أمير العرب ابن الهَيْذام. روى عَنِ الوليد بْن مُسلْمِ تصانيفَه. وروى عَنْ: ابن عُيَيْنَة، وعِراك بْن خَالِد المُرّيّ، وعَلِيّ بْن عاصم، وجماعة. وعنه: د.، وإِسْمَاعِيل بْن قيراط، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وأَبُو الْجَهْم بن طلاب، وأبو الدحداح أحمد بن محمد، وابن جَوْصا، وآخرون. ليّنه أَبُو دَاوُد، وروى عَنْهُ حديثًا أو حديثين. ذكرِه ابن حِبّان في" الثقات"، وقال: ربما يغرب.   1 من العلماء المستورين، وينظر "حسن المحاضرة". 2 انظر: التهذيب "10/ 345، 346". 3 تهذيب الكمال "3/ 1388"، التهذيب "10/ 351". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 259 وقال ابن الفَيْض: كَانَ يُرَبّع بعليّ. تُوُفّي فِي ذي الحجّة سنة خمسٍ وخمسين2. 547- مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى الخُزاعيّ البصْريّ1 -ن- عَنْ: النَّضْر بْن كثير، وأَحْمَد بْن إِسْحَاق الحضْرميّ، وجماعة. وعنه: ن.، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وجعْفَر بْن أَحْمَد بْن سِنان، وأحمد بن يحيى التستري، وغيرهم. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. 548- مُوسَى بْن عيسى بن حماد بن زُغْبَة التُّجَيْبيّ2. أَبُو هارون المصريّ. عَنْ: ابن وَهْبُ، وغيره. مات فِي صفر. "حرف الهاء": 549- هارون بن إسحاق الهمداني3 -ت. ن. ق- أبو القاسم الكوفي الرجل الصّالح. عَنْ: المُطَّلب بْن زياد، ومُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وحفص بْن غِياث، وطبقتهم. وعُمِّر دهرًا. وعنه: ت. ن. ق.، وابن خُزَيْمَة، وبدر بْن الهَيْثَم، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وخلْق كثير, وثقة النَّسائيّ، وغيره. وكان محمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر يبجلّه. قاله عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد. تُوُفّي فِي رجب سنة ثمانٍ وخمسين.   1 تهذيب الكمال "3/ 1388"، التهذيب "10/ 353". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 87، 88"، والسير "12/ 126". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 260 550- هارون1 بْن "حُمَيْد الواسطيّ" -ن2- عَنْ: يحيى القطّان، وغُنْدَر، والهيثم بن عديّ، وجماعة. وعنه: الْبُخَارِيّ فِي تاريخه، وأَبُو حاتم، وأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه وكيل أَبِي صَخْرة، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وآخرون. وروى ن. عَنْ زكريّا بْن يحيى، عَنْهُ حديثًا وقع بدلَا عاليًا فِي "فرائد المزّيّ". 551- هارون بْن سعَيِد بن الهيثم -م. د. ن. ق- أبو جعفر الأيلي3، مولي بني سعد بْن بَكْر. من ثِقات المصريين وفُقَهائهُمُ المشهورين. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وخالد بْن نزار، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ، وجماعة. وعنه: م. د. ن. ق.، وأَبُو جعفر الطحاوي، وعلي بن أحمد بن علَان، وجماعة. وثقَّه النَّسائيّ. ومات فِي ربيع الأوّل سنة ثلَاثٍ وخمسين2. 552- هارون بْن سُفْيَان المُسْتَملي4. أَبُو سُفْيَان، ويُقال لَهُ الدّيك. وأمّا سَمِيُّه مكحلة فقد تقدَّم فِي الطبقة الماضية. روى عَنْ: يزيد بْن هارون، وابن زيد النَّحْويّ، والواقديّ. وعنه: عُبَيْد العِجْل، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وجعفر بْن محمد كزال. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين ومائتين. - هارون بْن محمد بن بكار بن هلال. تقدم.   1 الجرح والتعديل "9/ 88، 89"، والتهذيب "11/ 4". 2 بياض في الأصل، ثم إثباته من المراجع السابقة. 3 الجرح والتعديل "9/ 91"، والتهذيب "11/ 6، 7". 4 انظر: تاريخ بغداد "14/ 24". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 261 553- هارون بْن مُوسَى بْن أَبِي عَلْقَمَةَ الفَرَويّ المدنيّ1 -ت. ن- عَنْ: أَبِيهِ، ومحمد بْن فُلَيْح، وأَبِي ضَمْرَةَ أَنَس بْن عِياض، وغيرهم. وعنه: ت. ن. وقال: لا بأس به، وابن صاعد، وآخرون. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة ثلَاثٍ. كنيته: أَبُو مُوسَى. وسيأتي ابنه عَلْقَمَةَ عَبْد اللَّه فِي الطبقة الآتية. قَالَ المَرُّوذِيّ: قلت لأبي مُعَمِّر إِسْمَاعِيل بْن شُجاع: سلْ لي أهل الحرمين عَنْ مسألة اللَّفْظ وجِئني بالجواب. فقال: سألتُ أَبَا مُوسَى بْن أَبِي علقمة الفَرَويّ بالمدينة فقلتُ: قد ظهر قوم زعموا أنّ ألفاظهم وأصواتهُمُ التي يقرأون بْها القرآن غير مخلوقة، فاكتب لي جواب هذه المسألة. فقال لي أكتب: المِراء فِي القرآن كُفْرٌ، وكلّ من تكلَّف فِي هذا كلَامًا أو أَلْحَدَ فِيهِ بشيءٍ غير الوجه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النّاس، فهو كافرٌ مبتدِع. وَالصَّمْتُ عَنْ هذا كلّه والتّسليم لِما كَانَ عَلَيْهِ النّاس هي السنة والجماعة. ولولَا أنّ العلماء إذا علت البدعة لابد لهم مِن دفْعها لمّا رَأَيْت أن أتكلَّم فيها. وذكر لي أشياء، إلى أن قَالَ: والله لقد شاب عارضيّ، وما سَمِعْتُ من ذكر القرآن، حتّى كَانَ سنة تسعٍ ومائتين، فسمعتُ الكلَام فِيهِ. فكان الماجِشُون يَقُولُ: لو أخذت المَريسيّ لضربتُ عُنُقه. وكان أصحابنا جميعًا يكفِّرون من قَالَ القرآن مخلوق. 554- هارون بْن هزاريّ. أَبُو مُوسَى القَزْوِينيّ الزّاهد2. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وإِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرّازيّ، وجماعة.   1 التهذيب "11/ 13، 14". 2 من زهاد وعباد قزوين، ووثقه الذهبي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 262 وعنه: محمد بْن مَسْعُود الأَسَدِيّ، وإِسْحَاق بْن محمد الكَيْسانيّ، وعلي بْن محمد بْن مَهْدَوَيْه، وأهل قزوين. قِيلَ: إنّه تُوُفّي سنة إحدى وخمسين. وكان ثقة. 555- هاشم بْن خَالِد. أَبُو مَسْعُود الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ1. عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، وسُوَيْد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيْه، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، وابن جَوْصا. قَالَ ابن أبي حاتم: كتب إلي ببعض حديثه، ومحلُّهُ الصِّدْق. 556- هاشم بْن القاسم بْن شَيْبة -ق- أبو محمد القرشي2، مولَاهُمُ الحرّانيّ: عَنْ: يَعْلَى بْن الأشدق، وعيسى بْن يونس، وعتّاب بْن بشير، ومسكين بْن بكُيْر، وعَبْد اللَّه بْن وَهْبُ، وطائفة. وعنه: ق.، وأَبُو عَرُوبة، والْحَسَن بْن هارون الأصبهاني، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيْه. قَالَ أَبُو عَرُوبة: كبر وتغّير، وتُوُفّي سنة ستّين فِي ذي الحجّة، وقد جاوز التسعين. 557- الهُذَيْل بْن معاوية بْن الهُذَيْل. أَبُو معاوية الأصبهاني3: عَنْ: الْحُسَيْن بْن حفص، وإِبْرَاهِيم بْن أيّوب. وعنه: أَحْمَد بن الحسين الأنصاري. توفي سنة ستين.   1 الجرح والتعديل "9/ 106". 2 الجرح والتعديل "9/ 106"، والتهذيب "11/ 18". 3 ذكر أخبار إصبهان "2/ 329". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 263 558- هشام بن عبد الملك بن عمران - د. ن. ق. - أبو النقي اليزني الحمصي1: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقيّة بْن الوليد، ومحمد بن حرب الأبرش، وجماعة. وعنه: د. ن. ق.، وحفيده حسين بْن بَقِيّ بْن هشام، وأَبُو عَرُوبة الحرّانيّ، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، وابن جَوْصا، وخلْق. قَالَ أَبُو حاتم: كَانَ متقنًا فِي الحديث. وقال النَّسائيّ: ثقة. قلت: تُوُفّي سنة إحدى وخمسين. 559- هشام بن يونس ين وابل -ت-: أبو القاسم النهشلي الكوفي اللؤلؤي2. عَنْ: عَبْد السّلام بْن حرب، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد الرحمن المُحَارِبيّ، وجماعة. وعنه: ت.، وعُمَر بْن محمد بْن بُجَيْر، وعَلِيّ بْن الْعَبَّاس المَقَانعيّ، وأَبُو بكر بن أبي داود، وآخرون. وثقة النسائي. وتُوُفّي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 560- الهَيْثَم بْن خَالِد البصْريّ: ثمّ البغداديّ3. عَنْ: أَبِي نُعَيْم، والهيثم بْن جميل. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، والقاسم أخو المَحَامِليّ، وعَلِيّ بْن محمد بن عبيد الحافظ، وآخرون.   1 الجرح والتعديل "9/ 66"، والسير "12/ 303". 2 التهذيب "11/ 58، 59". 3 الثقات "9/ 237"، لابن حبان. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 264 561- الهَيْثَم بْن خَالِد المصَّيصيّ: مولي بْني أُميّة1. عن: حَجّاج الأعور، وأَبِي اليَمَان، ومحمد بْن عيسى بن الطباع. وعنه: يحيى بن صاعد، وابن المَحَامِليّ. 562- الهَيْثَم بْن خَالِد الهَرَويّ2: حدَّث ببغداد عَنْ: حَجّاج الأعور. وعنه: ابن صاعد، والْحُسَيْن المَحَامِليّ. 563- الهَيْثَم بْن مروان بْن الهَيْثَم بن عمران -ن- أبو الحكم الدمشقي3: عَنْ: محمد بْن القاسم بْن سميع، وزيد بْن يحيى بْن عُبَيْد، وأَبِي مُسْهِر، وعَلِيّ بْن عَيَّاش، وطائفة. وعنه: ن.، وأَبُو دَاوُد فِي غير السُّنَن، وابنه أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بْن بِشْر الهَرَويّ، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، وابن جَوْصا، وطائفة. وكان ثقة. "حرف الواو": 564- وثّاق بْن عَبْد اللَّه بْن وثّاق الْأَزْدِيّ المَوْصِليّ4. عَنْ: قاسم الْجَرْميّ، وحفص بْن غِياث، وجماعة. وحَمَل النّاس عَنْهُ بعد الخمسين. 565- وَصِيف التُّرْكيّ5: القائد من كبار الأمراء. استولى عَلَى المعتزّ وأحجر عَلَيْهِ، واصْطَفَى لنفسه   1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 تاريخ بغداد "14/ 61". 3 التهذيب "11/ 99". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 5 وفيات الأعيان "1/ 354". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 265 الأموال والذّخائر، فشغبت الفَراغنَةُ والأشَّرُوسَنِيّة وطالبوه والأرزاق. فخرج إليهم وَصِيف وبُغَا وسِيما الشَّرابيّ وجماعة مِنَ الخواصّ، وقال لهم وَصِيف: ما لكم عندنا إلَا التراب، وما عندنا مال. وقال بُغَا: نسأل أمير المؤمنين لكم. ثمّ خرج هو وسيما إلى سامراء يستأذن المعتزّ، فبقي وَصِيف فِي طائفةٍ يسيرة، فوثبوا عَلَيْهِ فقتلوه بالدّبابيس، وقطعوا رأسه، ونصبوا الرّأس عَلَى رُمْح. ولوَصِيف حكاية "معروفة" لمّا دخل إلى قُمّ، فإنّه سَأَلَ عَنْ رجلٍ خامل. فلما أحضر ذكره أنه كان اشتراه ورباه وأحسَن إِلَيْهِ فقال: ما أعرف الأمير أيّده اللَّه إلَا أميرًا. فأعجبه ذَلِكَ، وبالغ فِي صِلَته، وصيَّره من رؤساء البلد. قُتِل وَصِيف، سامحه اللَّه، فِي سنة ثلَاثٍ وخمسين، قبل بغا بيسير. وكانا الفاتقة والرّاتقة زمِنَ المتوكّلُ، والمستعين، والمعتزّ. "حرف الياء": 566 - ياسين بْن النَّضْر: القاضي أَبُو سعَيِد النَّيسابوري1. عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْل، وعبد الوهاب بْن عطاء. وعنه: ابناه أَبُو بَكْر وأَحْمَد، ومحمد بْن زَحْمَوَيْه. 567- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن أَبِي عُبَيْدة بْنُ مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أبو زكريا الهذلي السعودي الكوفيّ2. عَنْ: جدِّه محمد، وأبيه، وأَبِي نُعَيْم. وعنه: مُطَيَّن، ومُوسَى بْن إِسْحَاق الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بن جرير، وغيرهم.   1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 التهذيب "11/ 174، 175". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 266 وذكر ابن عساكر فِي" النُّبْل" أنّ النَّسائيّ روى عَنْهُ. قَالَ شيخنا المِزّيّ: لم أقف عَلَى ذَلِكَ. 568- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مُزَيْن القُرْطُبيّ1: الفقيه. أحد الأعلَام بالأندلس. روى عَنْ: الغاز بْن القيس، وعيسى بْن دينار، والقَعْنَبيّ، ومُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وأَصْبَغ بْن الفَرَج، وطائفة لِقَيهم فِي الرحلة. وكان حافظًا "للموطّأ" قائمًا عَلَيْهِ، فقيهًا مُفْتِيًا مصنِّفًا، لَهُ تواليف منها: "تفسير غريب الموطأ"، و "تفسير علل الموطأ"، و "أسماء رجال الموطّأ"، وكتاب "فضائل القرآن"، وغير ذَلِكَ. ولم يكن فِي الحديث بذاك الحافظ. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وخمسين. 569- يحيى بْن حبيب بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الأَسَدِيّ. أَبُو عُقَيْل الكوفيّ الجمّال2، نزيل سامرّاء. عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، وعَبْد الحميد الحِمّانيّ، ويحيى بْن آدم، وأَبِي أسامة، وجماعة. وعنه: ابن أَبِي الدُّنيا، والْبُخَارِيّ فِي كتاب" الأدب"، ولكن لم يصرّح باسمه فقال: ثنا ابن حبيب بْن أَبِي ثابت، ثنا أَبُو أُسامة؛ وروى عَنْهُ أيضًا أَبُو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وأَحْمَد بْن يحيى التُّسْتَرِيّ، والْحُسَيْن المَحَامِليّ، وأَبُو عبيد بْن المؤمّل، ويعقوب الجصّاص، وآخرون. قَالَ ابن أَبِي حاتم: صدوق.   1 جذوة المقتبس "880" للحميدي. 2 تاريخ بغداد "14/ 213". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 267 570- يحيى بن حكيم -د. ن. ق- أبو سعيد البصري المقوم1، ويقال المقومي. عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وغُنْدَر، ويحيى القطّان، ومحمد بْن أَبِي عديّ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وخلْق. وعنه: د. ن. ق.، ون. أيضًا فِي مُسْنَد مالك بْن أنس، عَنْ زكريّا خيّاط السنة، عَنْه، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وأَبُو عَرُوبة، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وعمر بْن محمد بْن بُجَيْر، وجماعة. قَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ حافظًا متقنًا. وقال النَّسائيّ: ثقة حافظ. وقال أَبُو عَرُوبة: ما رَأَيْت أثبت منه ومن أَبِي مُوسَى. ووصفه أَبُو مُوسَى بالعبادة والورع. وقال ابن حبّان: كَانَ ممّن جمع وصنِّف. قَالَ: وتوفي سنة ست وخمسين، رحمه الله. 571- يحيى بن خذام -ق-: أبو زكريا الغبري البصري السقطي2. عَنْ: صَفْوان بْن عيسى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، ونائل بْن نَجِيح، وغيرهم. وعنه: ق.، وابن خُزَيْمَة، وعُمَر بْن بُجَيْر، وأَبُو عَرُوبة، وابن صاعد، وآخرون. ذكره ابن حِبّان فِي "الثقات". وقال غيره: تُوُفّي بِمنى فِي ذي الحجّة سنة اثنتين وخمسين. ووقع وهْمٌ فِي نسخةٍ متأخرة نقل منها ابن عساكر فقال فِي "النُّبْل": يحيى بْن حزام التِّرْمِذيّ السَّقَطيّ، روى عَنْهُ ق. فكأنّه ظنّ أنّه أخو موسى بن حزام الترمذي فنسبه.   1 السير "12/ 298"، والتهذيب "11/ 198". 2 انظر: تهذيب الكمال "3/ 1495"، والتهذيب "11/ 203". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 268 572- يحيى بْن الربيع المكّيّ1: سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة. وعنه: أَبُو بَكْر محمد بْن جعْفَر القَصْريّ، وأَبُو حامد بْن بلَال، والبَغَوِيّ. 573- يحيى بْن زُهَير الفِهْريّ البغداديّ2: سَمِعَ: جرير بْن عبد الحميد، ومحمد بْن ربيعة الكِلَابيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن محمد الزَّعْفَرانيّ، وإسماعيل الورّاق، ومحمد بْن مَخْلَد. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. 574- يحيى بْن السّرِيّ بْن يحيى: أَبُو محمد البغداديّ الضّرير3. عَنْ: هُشَيْم، وجرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وأصْرَم بْن حَوْشَب. وعنه: عُمَر بْن محمد بن شعيب، والقاضي المحاملي، وابن عَيَّاش القطّان، وجماعة. 575- يحيى بْن عثمان بْن سعيد بن كثير الحمصي -د. ن. ق- أبو سليمان، الرجل الصّالح4. أخو عَمْرو بْن عثمان. سَمِعَ: بقية بْن الوليد، ووَكِيعًا، ومحمد بْن حِمْيَر، والوليد بْن مُسلْمِ، وجماعة. وعنه: د. ن. ق.، وإِبْرَاهِيم بْن مَتُّوَيْه، وأَبُو عَرُوبة، وأَبُو بِشْر الدُّولَابيّ، وعبد الغافر بْن سلَامة، وآخرون. ويقال: إنّه كَانَ مِنَ الأبدال. قال محمد بْن عَوْف: رَأَيْتُ أَحْمَد بْن حنبل يجلّه ويقدمه في الصلاة. وقال النسائي: ثقة.   1 لم نقف عليه. 2 تاريخ بغداد "14/ 208". 3 السابق "14/ 213". 4 انظر: السير "12/ 306"، والتهذيب "11/ 255". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 269 وقال ابن عديّ: هُوَ معروف بالصِّدْق. وسَمِعْتُ أَبُو عَرُوبة يَقُولُ: لَا يَسْوى فِي الحديث نواةً. كَانَ يتلقّن كلِّ شيء. سَمِعْتُ المُسَيَّب بْن واضح يَقُولُ: رَأَيْتُ فِي النّوم كأنّ آتٍ أتاني، فقال: إنْ كَانَ بقي مِن الأبدال أحدٌ فيحيى بْن عثمان الحمصيّ. قَالَ ابن عديّ: لم أرَ أحدًا يطعن فِيهِ غير أَبِي عَرُوبة. قلت: تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. 576- يحيى بْن الفضل البصْريّ الخِرَقيّ1 -د. ق- عن: عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي عامر العَقَديّ، وجماعة: وعنه: د. ق.، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وأَبُو بَكْر بْن خُزَيْمَة، وآخرون. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. 577- يحيى بْن محمد بْن معاوية المَرْوزِيّ اللُّؤْلُؤيّ2 -م- نزيل بُخَارى: عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْل. وعنه: م.، وصُهَيْب بْن سُلَيْم، وعُمَر بْن محمد بْن بُجَيْر. توفي سنة سبْعٍ وخمسين فِي نصف رجب. قَالَ السُّلَيْمانيّ: روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ فِي "المبسوط"، وعُبَيْد اللَّه بْن واصل. 578- يحيى بْن محمد بْن السَّكَن البصْريّ3 -خ. د. ن- البزّار. سكن بغداد: وحدث عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، ومحمد بْن جَهْضَم، وأَبِي عامر العَقَدِيّ. وعنه: خ. د. ن.، وعُمَر البُجَيْريّ، والمَحَامِليّ، وأَحْمَد بْن عَلِيّ الْجَوْزَجانيّ، وآخرون. وكان مِن الثقات. 579- يحيى بن معاذ الرازي4:   1 التهذيب "11/ 264". 2 التهذيب "11/ 275، 276". 3 انظر: تاريخ بغداد "14/ 205"، والتهذيب "11/ 272". 4 السير "13/ 15، 16"، ووفيات الأعيان "6/ 165-168". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 270 أَبُو زكريّا الصُّوفيّ، العارف المشهور، صاحب المواعظ. كَانَ حكيم أهل زمانه، رحمه اللَّه. سَمِعَ: إسحاق بن سليمان الرازي، ومكي بن إبراهيم، وغيرهما. وعنه: الفقيه أَبُو نصر بْن سلَام، وأَبُو عثمان الحبريّ الزّاهد، وأَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن محمد الماسَرْجِسيّ، وعَلِيّ بْن محمد القبّانيّ، ويحيى بْن زكريّا المَقَابريّ، ومشايخ الرِّيّ، وهمدان، وبَلْخ، ومَرْو. ثمّ استوطن نَيْسابور، وبها مات. قَالَ أَبُو عثمان الحربيّ: سمعته يَقُولُ: يا مَن ذِكره أعزُّ عَلِيّ مِن كلّ شيءٍ، لَا تجعلْني بْين أعدائك غدًا أذلّ من كلّ شيء. وقال أَبُو بكر الشِّمْشاطيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن مُعَاذ يَقُولُ: ما جَفَّتِ الدُّموع إلَا لقساوة القلوب، وما قَسَتِ القلوب إلَا لكثرة الذُّنوب، وما كَثُرَتِ الذُّنُوب إلَا من كثرة العُيُوب. قلت: وما كَثُرَت العُيُوب إلَا مِنَ الاغترار بعلَام الغُيُوب. وعن: يحيى بْن مُعَاذ قَالَ: إلهي ما أكرمك إن كانت الطّاعات فأنت اليوم تبذلها وغدًا تقبلها، وإنْ كانت الذّنُوب فأنت اليوم تسترها، وغدًا تغفرها. وعنه قَالَ: لَا تطلب العِلْم رياءً ولا تتركه حَيَاءً. وعنه قَالَ: لو لم يكن العفْوُ مِن مُرادِهِ لم يَبْتَلِ بالذِّنْب أكرم عُبَاده. وعنه قَالَ: الناس يعبدون اللَّه عَلَى أربعٍ: عامل عَلَى العبادة، وراهب عَلَى الرَّهْبة، ومشتاق عَلَى الشِّوْق، ومُحِبّ عَلَى المحبة. وقال الحسن بن علويه: سمعت يحيى بن معاذ، وقيل لَهُ: فُلَان لو وعظْتَه؛ فقال: قفْل قلبه قد ضاع مفتاحه، ولا حيلة لنا فِيهِ. وعن يحيى قَالَ: عجِبْتُ لمن يصحب الخلْقَ والخالقُ يستصحبه، وعجبت لمن يمنع والله يستقرضه. وقال الْحَسَن بْن عَلُّوَيه: سَمِعْتُ يحيى بْن مُعَاذ يَقُولُ: من لم يكن ظاهره من الجزء: 19 ¦ الصفحة: 271 العوّام فضّة، ومع المُرِيدين ذَهَبًا، ومع العارفين" المقرّبين درًّا وياقوتًا"1 فليس من حكماء اللَّه. وسمعته يَقُولُ: أحسنُ شيء كلَامٌ صحيحٌ مِن لسانٍ فصيحٍ فِي وجهٍ صحيح. وعنه قَالَ: الْحَسَن حُسْنٌ، وأحسن منه معناه، وأحسن من معناه استعماله، وأحسن مِنَ استعماله ثوابه، وأحسن من ثوابه رِضَى من عُمِل لَهُ. وعن عَبْد الواحد بْن محمد قَالَ: جاء يحيى بْن مُعَاذ إلى شِيراز وله شَيْبةٌ حَسنة، وقد لبس ثياب سُود، فكان أحسن شيءٍ، فصعَد الْمِنْبَرَ، واجتمع الخلْق. فأوّل ما بدأ بِهِ أن قَالَ: مواعظُ الواعظ لن تُقْبَلَا ... حتّى يَعِيَها قلبه أولا يا قوم من أظلم من واعظٍ ... خالَفَ ما قد قاله فِي الملَا؟ أظهر بين النّاس إحسانَهُ ... وبارز الرّحمن لمّا خلَا ثمّ وقع مِنَ الكُرْسيّ، فلم يتكلَّم يومئذ؛ ثم إنه ملك قلوب أهل شيراز بعدُ، فكان إذا أراد أنْ يضْحكهم أضحكهم، وإذا أراد أنْ يبْكيهم أبكاهم. وأخذ مِنَ البلد سبعة آلاف دينار. وعن يحيى بْن مُعَاذ قَالَ: لَا تكُن ممّن يفضحه يوم مماته ميراثه، ويوم حسابه ميزانه. قَالَ الحاكم: قرأت" عَلَى اللّوح فِي قبر يحيى بْن مُعَاذ الرّازيّ": مات حكيم الزّمان يحيى بْن مُعَاذ الرّازيّ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثمانٍ وخمسين. 580- يحيى بن معلى بن منصور الرازي2 -ق- ثم البغدادي، الحافظ: عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي سَلَمَةَ التَّبُوذَكيّ، وأَبِي اليَمَان، وأَبِي حُذَيْفَة مُوسَى بْن مَسْعُود، وإِسْحَاق الفروي، وعمر بْن مرزوق، وإسماعيل بْن أَبِي أُوَيْس، وطائفة. وعنه: ق.، وسَلَمَةُ بْن شبيب وهو أكبر منه، وقاسم المطرّز، وأَحْمَد بْن حمدون الأعمشيّ، ويحيى بن صاعد، والمحاملي، وآخرون.   1 بياض في الأصل، وتم إثباته من الحلية "10/ 69". 2 انظر: التهذيب "11/ 280". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 272 قَالَ مُسلْمِ: كنيته أَبُو عَوَانَة. وقال أَبُو عَلَى النَّيسابوري: كَانَ صاحب حديث. ووثِّقه الخطيب. 581- يحيى بن المغيرة -ت- أبو سلمة المخزومي المدني1: عَنْ: أَبِي ضمرة أَنَس بْن عِياض، وابن أَبِي فُدَيْك، وجماعة. وعنه: ت.، ويحيى بْن صاعد، وحَرَميّ بْن أَبِي العلَاء، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق، ثقة. قلت: وقع لنا من عواليه، وتُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين ومائتين. - يحيى بْن واقد: أَبُو صالح. قد ذُكِر فِي الطبقة الماضية. 582- يزيد بْن محمد بْن مهلب البصْريّ2: الشّاعر المشهور، نديم المتوكّل. حدَّث عَنْ: أَبِي عَلَى الحنفيّ، وغيره. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بْن عَبْد الملك التّاريخيّ. وما أحسن قوله فِي أبيات: إنّي لرحال إذا الهم برك ... ". . . "3 وعند ضِيق المُعْتَرَكْ عُسْري عَلَى نفسي، ويُسْري مُشْتَرَكْ ... لَا تُهْلِكِ النّفسَ عَلَى شيءٍ هَلَكْ. 583- يسار بْن سُمَيْر4. أَبُو عثمان العِجْليّ الأصبهاني، أحد العباد.   1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 191"، والتهذيب "11/ 288". 2 تاريخ الطبري "9/ 209"، تاريخ بغداد "14/ 348". 3 بياض في الأصل. 4 بياض في الأصل. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 273 حدَّث عَنْ: أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ، ويحيى بْن أَبِي بكُيْر. وعنه: محمد بْن محمد القبَّاب، و ". . . "1 بَكْر، وأَحْمَد بْن الْحُسَيْن، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يزيد الأصبهانيوّن. 584- اليَسَع بْن إِسْمَاعِيل البغداديّ الضّرير2: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وزيد بْن الحُبَاب. وعنه: يعقوب بْن محمد الدُّوريّ، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد. ضعّفه الدّارَقُطْنيّ. 585- يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بن كثير بن زيد بن أفلح - ع. - الحافظ أبو يوسف العبدي الدورقي البغدادي3: رَأَى اللَّيْث بْن سعْد ببغداد. وسمع: إِبْرَاهِيم بْن سعْد، وَهُشَيْمًا، وعَبْد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس، ويحيى القطّان، وابن علية، وخلقًا كثيرًا. وعنه: ع.، ون. أيضًا، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأَبُو زُرْعَة، والقاسم المطرّز، وابن صاعد، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد العطّار، وخلْق. وثقَّه النَّسائيّ. وذكره الخطيب فِي تاريخه. وكان من أئمّة الحديث. آخر من روى حديثه عاليًا أَبُو القاسم سِبْط السِّلَفيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين، وقد قارب التّسعين. وَرُبَّمَا أَخَذَ عَلَى الرِّوَايَةِ، فَأَنْبَأَنَا "أَحْمَدُ بن الحسن البطي"4 أنا أبا مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: أَنْبَأَ محمد بْنُ عُمَرَ بْنِ بُكَيْرٍ، نَا عُثْمَانُ بن حنيف، نا الباغندي,   1 الميزان "4/ 445". 2 الجرح والتعديل "9/ 202"، السير "12/ 141-144". 3، 4 بياض في الأصل، وتم إثباته من تاريخ بغداد. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 274 وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَابْنُ الْمُجَدِّرِ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَصَالِحُ بْنُ أَبِي "مُقَاتِلٍ"1 قَالُوا: ثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ محمد بْنِ "سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ"2 "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ وَيُتَوَضَّأَ مِنْهُ"3. قَالَ عُثْمَانُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاءِ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ يَعْقُوبَ بِثَلاثَةِ دَنَانِيرَ. عثمان بْن حنيف ثقة. 586- يعقوب بْن إِبْرَاهِيم: أَبُو الأسباط الكوفيّ4. روى عَنْ: يحيى بْن آدم، وغيره. قَالَ ابن أَبِي حاتم: صدوق، كتبنا فوائده، ولم يُقْضَ لنا السَّماعُ منه. 587- يعقوب بْن إِسْحَاق بْن البُهْلُول بْن حسّان الأنباريّ5: أحد القرّاء الأئمّة. كَانَ صالحًا زاهدًا قانتًا عالمًا بالعدد والحروف، وغير ذَلِكَ. روى عَنْ: محمد بْن بكّار الرّيّان، وغيره. وهو والد يوسف بْن يعقوب الأزرق. مات يعقوب قبل والده، فحزن عَلَيْهِ وتوجَّع لفراقه، مَعَ أنّه عاش أربعًا وستّين سنة. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين. 588- يعيش بْن الجهم6: أبو الحسن الحديثي. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وابن نُمَيْر، وأَبِي ضمرة، وأبي أسامة، وطائفة.   1، 2 بياض في الأصل، وتم إثباته من تاريخ بغداد. 3 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "1/ 65"، وَمُسْلِمٌ "95"، وَأَبُو داود "69"، وَالتِّرْمِذِيُّ "68"، وَالنَّسَائِيُّ "1/ 34"، وابن ماجه "343"، وأحمد "2/ 259-265". 4 الجرح والتعديل "9/ 203". 5 تاريخ بغداد "14/ 276". 6 الميزان "4/ 458". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 275 قَالَ ابن أَبِي حاتم: هُوَ ثقة صدوق، كتبتُ عَنْهُ بالحُدَيثة. قلت: وروى عَنْهُ: الْحَسَن بْن محمد بْن شُعْبَة الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، وغيرهما. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى أَحَادِيثَ غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ. 589- يوسف بْن مُوسَى بْن راشد القطان1 -خ. د. ت. ق- أبو يعقوب الكوفي، نزيل بغداد. روى عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأَبِي خَالِد الأحمر، وحكام بن سلم، وعبد الله بن إدريس، ووَكِيع، وابن نمير، وطائفة. وعنه: خ. د. ت. ق.، وإِبْرَاهِيم الحربيّ، وقاسم بْن زكريّا المطرّز، والبَغَوِيّ، وابن صاعد، والنَّسائيّ فِي غير سُنَنِه، والحسين بْن إِسْمَاعِيل المَحَامِليّ، وآخرون. وكتب عَنْهُ يحيى بْن مَعِين، والكبار. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. وقال أَبُو سعَيِد السُّكّريّ، عَنْ يحيى بْن مِعِين: ثقة، صدوق. وقال غيره: كَانَ يَتَّجر إلى الرِّيّ. قَالَ ابن زُولَاق: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر محمد بْن أَحْمَد بْن الحَدّاد شيخنا يَقُولُ: قرأت عَلَى أَبِي عُبَيْد بْن حَرْبَوَيْه جزءًا عَنْ يوسف بْن مُوسَى القطّان، فلمّا فرغتُ قلتُ: كما قرأتَ عَلَى القاضي؟ فقال: نعم، إلَا الإعراب، فإنك تُعْرِب وما كَانَ يوسف يُعْرِب. مات فِي صفر سنة ثلَاثٍ وخمسين عَنْ سنٍ عالية، رحمه اللَّه. 590- يوسف بْن مُوسَى: أَبُو غسّان التُّسْتَرِيّ السُّكّريّ2. نزيل الرِّيّ. وحدَّث عَنْ: يحيى القطان، ووكيع، وإبراهيم بن عيينة، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "14/ 304"، والتهذيب "11/ 425". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 331". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 276 وعنه: أَبُو حاتم، وعلى بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، وإِبْرَاهِيم بْن يوسف الهسنْجانيّ، وأهل الرِّيّ. 591- يوسف بن واضح البصري المؤدب1 -ن- روى عَنْ: قُدَامة بْن شِهاب، ومُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، وغيرهما. وعنه: ن.، ثمّ روى عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وعَبْد اللَّه بْن ناجية، وإمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة، وآخرون. مات سنة إحدى وخمسين. 592- يوسف بْن يعقوب النَّجاحيّ2: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: الهَيْثَم بْن كُلَيْب، وأَبِي عَبْد اللَّه المَحَامِليّ، وإسماعيل الورّاق. وثقَّه الخطيب. وكنيته: أَبُو بَكْر. 593- يونس بْن يعقوب: أَبُو إدريس البغدادي3. عن: هيثم بْن بشير، وأبي معاوية. وقال محمد بْن مَخْلَد: ثقة، سمعنا منه. قلت: حديثه عالٍ عند الكنديّ. "الكنى": 594- أَبُو أَحْمَد بْن هارون الرشيد4. كان آخر أولاد أبيه موتًا.   1 التهذيب "11/ 427". 2 تاريخ بغداد "14/ 306". 3 انظر: تاريخ بغداد "14/ 352". 4 تاريخ الطبري "9/ 286". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 277 تُوُفّي فِي خلَافة ابن أخيه المعتزّ بالله سنة أربعٍ وخمسين. 595- أَبُو حمزة الخُرَاسانيّ الزّاهد1: من كبار مشايخ الصوفية. ذكره أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ. تُوُفّي سنة ستين ومائتين، وقيل: سنة تسعين. فَسيُعاد. 596- أَبُو الْعَبَّاس القَلَوَّرِيّ البصْريّ2 -د- فِي اسمه أقوال، أحدها: محمد بْن عَمْرو، وأصحّها: أَحْمَد بْن عَمْرو. سَمِعَ: سعَيِد بْن عامر الضُّبَعيّ، ويعقوب الحضْرميّ، وجماعة. وعنه: د.، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، ومحمد بْن جرير الطَّبَريّ، وجماعة. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. 597- أبو عبيد البسري، بسر حوران3: الصوفي الزّاهد. واسمه: محمد بْن حسّان الغسّانيّ. حدَّث عَنْ: سعَيِد بْن منصور، وآدم بْن أَبِي إياس، وأَبِي الْجَمَاهِر محمد بْن عثمان، وأَحْمَد بْن أَبِي الحواري، وجماعة. وعنه: ولداه نجيب وعُبَيْد، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان، والقاسم بْن عيسى القصّار، وآخرون. قَالَ ابن الجلَاء: لقيت ستّمائة شيخ ما رَأَيْت مثل أربعة: ذا النُّون المصريّ، وأبا تُراب النَّخْشَبيّ، وأبا عُبَيْد البُسْريّ، ووالدي. وعن أَبِي عبيد قَالَ: سَأَلت الله تعالى ثلَاثَ حوائج، فقضى لي اثنتين. ومنعني واحدة. سَأَلْتُهُ أنْ يذْهب عنّي شهوة الطّعام، فما أبالي أكلت أم لا، وسألته أن يذهب   1 طبقات السلمي "326". 2 التهذيب "12/ 146". 3 طبقات السلمي "147-192"، وطبقات ابن الملقن "362". الجزء: 19 ¦ الصفحة: 278 عني شهوة النَّوم، فما أبالي نمتُ أم لَا، وسألته أنْ يذهِب عنّيِ شهوة النساء، فما فعل. وقال السُّلَميّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر البَجَليّ: سَمِعْتُ أَبَا عثمان الأدميّ يَقُولُ: كَانَ أَبُو عُبَيْد البُسْريّ إذا كَانَ أوّل شهر رمضان يدخل البيت ويقول لامرأته: طيني باب بيتي، وألْقِ إليَّ كلّ لَيْلَةٍ مِنَ الطّاقة رغيفًا. قَالَ: فلمّا كَانَ يوم العيد رَفَست الباب، فوجدتُ ثلَاثين رغيفًا موضوعة فِي الزّاوية، لَا أكل ولا شرِب، ولا تهيّأ للصّلَاة، بقي عَلَى صومٍ واحد إلى آخر الشّهر. هذه حكاية بعيدة الصّحة، وفيها مخالفة السنة بالوصال، وفيها ترك الْجُمعة للجماعة، وغير ذَلِكَ ذكرتها للفُرْجَة لَا للحُجّة. وهذه الحكاية أمثل منها: قَالَ أَبُو بَكْر محمد بْن دَاوُد الرَّقّيّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر بْن مُعَمِّر: سَمِعْتُ أَبَا حسّان قَالَ: أتى أَبُو عُبَيْد عكّا هُوَ ووُلده، فأقاموا بها شهر رمضان، يُصلح لَهُ أولَاده كُلّ يوم إفطاره، ثمّ يوجّهون بِهِ إِلَيْهِ مَعَ غلَام أسود. فإذا أتى بِهِ إِلَيْهِ قَالَ لَهُ الشَّيْخ: اجلس فكُلْهُ، ولا تقُلْ لهم شيئًا. ويُفْطر هو عَلَى تمرةٍ واحدة. قَالَ الرَّقّيّ: وثنا أَبُو بَكْر بْن معمر: سمعت ابن أبي عبيد البسري يحُدّث عَنْ أَبِيهِ أنّه غزا سنة مِنَ السِّنين، فخرج فِي السَّرِيّة، فمات المهْر الَّذِي كَانَ تحته وهو فِي السّريّة. قَالَ أَبِي: فقلت: يا ربّ "أحْيه"1 حتّى نرجَع إلى بُسْر. فإذا المهر قائم. فلمّا غَزا ورجع قَالَ: يا بُنَيَّ "ارفع السَّرْج"2 عَنِ المهر. قلت: إنّه عَرِق. فقال: يا بُنَيّ إنّه عارية. فلمّا أخذت السَّرْج خرّ المهر ميّتًا. وثنا ابن مالَوَيْه، عَنْ عَبْد الواحد بْن بَكْر الوَرثانيّ، عَنِ الرَّقّيّ ". . . "3 يجهل ما لها. وقد روى لَهُ ابن جَهْضَم حكايات من هذا النمط ". . . "4.   1 بياض في الأصل. 2، 3، بياض في الأصل. 4 انظر السابق. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 279 مات سنة ستين ومائتين، رحمه اللَّه ورضي عنه. - المهري "القيرواني"1. هو عبد الملك.   1 سبقت الترجمة له. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 280 الفهرس العام للكتاب : الموضوع رقم الصفحة: الطبقة السادسة والعشرون: "سنة إحدى وخمسين ومائتين: 3 المتوفون في هذه السنة. 3 خروج الحسين بن أحمد بقزوين. 3 خروج أحمد بن عيسى العلوي بالري. 3 إفساد إسماعيل بن يوسف موسم الحج. "ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين ومائتين". 3 المتوفون هذه السنة. 4 خلع المستعين وبيعة المعتز. 4 تتويج المعتز لأخيه أبي أحمد. 4 ولاية ابن أبي الشوارب قضاء القضاة. 4 نفي أبي أحمد إلى واسط. 5 إبعاد ابن المعتصم. 5 ولاية ابن خاقان مصر. "سنة ثلاث وخمسين ومائتين". 5 المتوفون هذه السنة. 5 أخذ هراة. 5 هزيمة ابن أبي دلف. 5 خلعة المعتز على بغا. 6 مقتل وصيف. 6 كسوف القمر. 6 غزو ابن معاذ بلاد الروم. 6 هزيمة الكوكبي. 6 وفاة ابن خاقان. "سنة أربع وخمسين ومائتين". 6 المتوفون هذه السنة. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 281 "سنة خمس وخمسين ومائتين". 7 المتوفون هذه السنة. 7 فتنة الزنج بالبصرة. 7 دخول مفلح طبرستان وآمل. 7 الوقعة بين ابن الليث وابن المغلس. 7 خروج ابن قريش عن الطاعة. 7 أخذ ابن وصيف لكتاب المعتز. 8 ظهور عيسى وعلي العلويين. 8 خلع المعتز وقتله. 9 مقتل أبي نوح وابن إسرائيل. 9 بيعة المهتدي. "سنة ست وخمسين ومائين". 9 المتوفون هذه السنة. 9 مقتل صالح بن وصيف. 10 كتاب وصيف بن صالح. 10 كلام المهتدي. 11 ثورة العامة والقواد على الأتراك. 11 اقتراب الزنج من البصرة. 11 قتل بايكباك. 12 مقتل المهتدي. 12 بيعة أحمد بن المتوكل. 13 مقتل ابن بغا. 13 لهو المعتمد وكراهية الناس له. 13 دخول الزنج البصرة. 13 ظهور الطالبي بالكوفة. 13 غلبة الطالبي على الري. 13 الحج هذا الموسم. 13 قتل صالح بن وصيف. "سنة سبع وخمسين ومائتين". 14 المتوفون هذه السنة. 14 خراب البصرة. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 282 14 مقتل ملك الروم. "سنة ثمان وخمسين ومائتين". 15 المتوفون هذه السنة. 15 حرب الموفق للزنج. 15 الوباء بالعراق. 16 ذكر الزلازل. 16 إدعاء زعيم الزنج علم الغيب. 16 مقتل البحراني. "سنة تسع وخمسين ومائتين". 16 المتوفون هذه السنة. 16 مواصلة الحرب مع الزنج. 17 مقتل أمير الكوفة. 17 هزيمة الروم ومقتل مقدمهم. 17 ملك ابن الليث نيسابور وخراسان. "سنة ستين ومائتين". 17 المتوفون هذه السنة. 18 الوقعة بين ابن الليث والحسن العلوي. 18 الغلاء بالحجاز والعراق. 18 إغارة العرب على حمص. 18 استيلاء الروم على لؤلؤة. 18 شعر لرئيس الزنج. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 283 رجال هذه الطبقة على الترتيب الأبجدي "حرف الألف" 19 1- أَحْمَد بْن إبْرَاهِيم بْن مِهْران. البوشنجي 19 2- أحمد بن آدم. 19 3- أحمد بن إسرائيل بن حسين. 20 4- أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن نُبيْه. 21 5- أحمد بن الأسود قاضي قرقيسيا. 21 6- أحمد بن أيوب النيسابوري العطار. 21 7- أحمد بن أبي أيوب البخاري. 22 8- أحمد بن بديل بن قريش قاضي الكوفة. 23 9- أحمد بن جبير الأنطاكي. 24 10- أحمد بن جعفر المعقري اليمني. 24 11- أحمد بن الجهم الكوفي الرازي. 25 12- أحمد بن جواد التميمي النيسابوري. 25 13- أحمد بن الحارث البغدادي. 25 14- أحمد بن الحسين بن عباد النسائي. 25 15- أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد السلمي. 26 16- أحمد بن خلاد البصري العطار. 26 17- أحمد بن داود الفحام. 26 18- أحمد بن سعد بن أبي مريم. 26 19- أحمد بن سعيد بن بشر الهمداني. 27 20- أَحْمَد بْن سعَيِد بْن صَخْر بْن سُلَيْمَان. 27 21- أحمد بن سعيد الرباطي الأشقر. 28 22- أحمد بن سعيد بن يعقوب الكندي. 28 23- أَحْمَد بْن سٍنان بْن أسد بْن حِبّان. 28 24- أحمد بن سنان القشيري الحرقني. 29 25- أحمد بن الضحاك البغدادي الخشاب. 29 26- أحمد بن العباس بن الهيثم البوسنجي. 29 27- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن سويد بن منجوف. 29 28- أحمد بن عبد الله بن حكيم الفرياناني المروزي. 30 29- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن أبي السفر. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 284 30 30- أحمد بن عبد المؤمن المصري الصوفي. 31 31- أحمد بن عبد الواحد بن عبود التميمي. 31 32- أحمد بن عبد الواحد الرمادي. 31 33- أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي. 31 34- أحمد بن علي بن عمران الجرجاني. 32 35- أحمد بن علي بن محمد العمي البصري. 32 36- أحمد بن عمرو بن ربيعة الحرشي. 32 37- أحمد بن عمران بن سلامة الأخفش. 32 38- أحمد بن الفرات بن خالد. 35 39- أحمد بن فضالة بن إبراهيم. 35 40- أحمد بن الفضل العسقلاني. 35 41- أحمد بن فضيل بن سالم الرملي. 35 42- أحمد المستعين بالله العباسي. 37 43- أحمد بن محمد بن سعيد الوزان. 37 44- أحمد بن محمد بن أنس القربيضي. 37 45- أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي. 38 46- أحمد بن محمد بن الزبير الأطرابلسي. 38 47- أَحْمَد بْن محمد بْن سعَيِد بْن جَبَلَة الصيرفي. 38 48- أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر بْن يونس اليمامي. 39 49- أحمد بن محمد بن عيسى السكوني. 39 50- أحمد بن مرحوم الرازي. 39 51- أَحْمَد بْن المُعَافَى بْن يزيد العِجْليّ المَوْصِليّ. 39 52- أَحْمَد بْن المِقْدام بْن سُلَيْمَان بْن الأشعث. 40 53- أحمد بن منصور بن سلمة الخزاعي. 40 54- أحمد بن منصور بن راشد المروزي. 40 55- أحمد بن وزير بن بسام قاضي إصبهان. 41 56- أحمد بن الوليد بن أبان الكرابيسي. 41 57- أَحْمَد بْن يحيى بْن عطاء البغداديّ الجلَاب. 41 58- أحمد بن يحيى الجرجاني بياع السابري. 42 59- أحمد بن الإمام مالك بن أنس. 42 60- أحمد بن يحيى بن قاضي البصرة أبي يوسف. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 285 42 61- أحمد بن يزيد الحلواني المقرئ. 43 62- أحمد بن يزداد بن حمزة الخياط. 43 63- أبان بن أبي الخصيب. 43 64- إبراهيم بن أحمد بن يعيش. 44 65- إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن سَلَمَة. 44 66- إبراهيم بن جابر المروزي المعروف بالبح. 44 67- إبْرَاهِيم بْن المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بْن المُعْتَصمِ. 44 68- إبراهيم بن الحسن بن الهيثم المصيصي. 45 69- إبراهيم بن سعد العلوي الحسني البغدادي. 45 70- إبراهيم بن سعيد الجوهري الحافظ. 45 71- إبراهيم بن سندولة الهمداني. 46 72- إبراهيم بن عامر بن إبراهيم بن واقد. 46 73- إبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن حفص بْن مَعْدان. 46 74- إبراهيم بن محمد الزهري. 46 75- إبراهيم بن مجشر بن معدان. 47 76- إبراهيم بن مروان بن محمد الطاطري. 47 77- إبراهيم بن ناصح المدني الإصبهاني. 48 78- إبراهيم بن يعقوب السعدي الجوزجاني. 49 79- إبراهيم بن أيوب عيسى المصري الطحاوي. 49 80- إبراهيم بن أبي خالد الأرغياني الهروي. 49 81- إدريس بن جعفر بن إدريس العتبي الزاهد. 49 82- إدريس بن حاتم بن الأحنف الواسطي. 50 83- إدريس بن الحكم العنزي. 50 84- إدريس بن سليمان بن أبي الرباب. 50 85- إدريس بن عيسى المخرمي القطان. 50 86- أزهر بن جميل البصري الشطي. 51 87- إسحاق بن إبراهيم بن محمد الباهلي. 51 88- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بن يعقوب المصري الخفاف. 51 89- اسحاق بن ابراهيم بن عبد الرحمن البغوي. 51 90- إسحاق بن إبراهيم بن موسى الجرجاني. 52 91- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن حبيب بْن الشهيد. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 286 52 92- إسحاق بن إبراهيم بن الغمرِ الغساني. 52 93- إسحاق بن إسماعيل بن العلاء الأيلي. 53 94- إسحاق بن بهلول بن حسان. 54 95- إِسْحَاق بْن حاتم بْن بيان المدائنيّ العلَاف. 54 96- إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد. 55 97- إسحاق بن داود السمرقندي. 55 98- إسحاق بن سويد الرملي. 55 99- إسحاق بن شاهين الواسطي. 56 100- إسحاق بن صالح بن عطاء الواسطي. 56 101- إسحاق بن الضيف الباهلي العسكري. 56 102- إسحاق بن عباد بن موسى الختلي. 57 103- إسحاق بن الفيض بن سليمان. 57 104- إسحاق بن منصور بن بهرام المروزي. 58 105- إِسْحَاق بْن وهْب بْن زياد الواسطيّ العلَاف. 58 106- إسحاق بن وهب بن عبد الله الطهرمسي. 58 107- أسد بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر. 59 108- أسد بن عمار بن أسد التميمي. 59 109- إسماعيل بن إبراهيم الحمدوني الشاعر. 59 110- إسماعيل بن بشر بن منصور السليمي. 60 111- إسماعيل بن حبان بن واقد الثقفي. 60 112- إسماعيل بن أبي الحارث أسد بن شاهين. 60 113- إسماعيل بن عمرو بن سعيد السكوني. 61 114- إسماعيل بن المتوكل الحمصي. 61 115- إسماعيل بن يوسف الديلمي العابد. 61 116- إسماعيل بن يزيد الإصبهاني القطان. 62 117- أشناس التركي. 62 118- أيوب بن حسان الدقاق. 62 119- أيوب بن الحسن النيسابوري. 63 120- أيوب بن الوليد البغدادي الضرير. 63 121- أيوب الحمال. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 287 "حرف الباء". 63 122- بُخْتيشوع بْن جبريل النَّصْرانيّ الطّبيب. 64 123- بشر بن آدم بن يزيد البصري. 64 124- بشر بن خالد العسكري الفرائضي. 64 125- بشر بن عبد الوهاب الدمشقي. 65 126- بشر بن مطر بن ثابت الواسطي. 65 127- بغا التركي الصغير المعروف بالشرابي. 66 128- بكار بن عبد الله بن بسر القرشي. 66 129- بكر بن عبد الوهاب المدني. "حرف الجيم". 67 130- جابر بْن كُرْديّ بْن جَابرِ الواسطي البزاز. 67 131- جعفر بن أحمد بن عوسجة السامري. 67 132- جعفر بن عبد الواحد بن جعفر الهاشمي قاضي القضاة. 68 133- جعفر بن محمد بن جعفر المدائني. 68 134- جعفر بن محمد بن ربال البغدادي. 68 135- جعفر بن محمد بن عامر السامري البزاز. 68 136- جعفر بن محمد بن الفضيل الرسعني. 69 137- جعفر بن مسافر الهذلي التنيسي. 69 138- جعفر بن منبر المدائني القطان. 69 139- جعفر بن النضر الواسطي الضرير. 69 140- جميل بن الحسن الأزدي الجهضمي. "حرف الحاء". 70 141- حاتم بْن بَكْر الضّبّيّ الصَّيْرفيّ. 70 142- الحارث بن أسد بن معقل الهمداني. 70 143- حامد بن داود الشاشي. 70 - حبتر، عبد الملك. 71 144- حبيش بن الطوسي الثقفي. 71 145- حجاج بن حمزة العجلي الرازي. 71 146- حجاج بن يوسف بن حجاج. 72 147- حجاج بن يوسف بن قتيبة. 73 148- الحسن بن إبراهيم البياضي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 288 73 149- الحسن بن داود بن مهران الأزدي. 73 150- الحسن بن سميط البخاري. 73 151- الحسن بن طازاد الموصلي. 74 152- الحسن بن عبد الله بن منصور الأنطاكي. 74 153- الحسن بن عبد الرحمن المستملي. 74 154- الحسن بن عبد العزيز بن ضابيء. 76 155- الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي. 77 156- الحسن بن عطاء بن يزيد الإصبهاني. 78 157- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن حَرْب بْن محمد الطائي. 78 158- الحسن بن علي بن عيسى البلقاوي. 79 159- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الرضا بن موسى. 79 160- الحسن بن علي بن مهران المتوثي. 79 161- الحسن بن المبارك الأنماطي. 80 162- الْحَسَن بْن محمد بْن بكّار بْن بلَال العاملي. 80 163- الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني. 81 164- الحسن بن مدرك السدوسي. 81 165- الحسن بن منصور البغدادي الشطوي. 82 166- الحسن بن أبي يحيى الأصم البصري. 82 167- الحسين بن بيان الشلاثائي. 82 168- الحسين بن الجنيد الدامغاني. 82 169- الحسين بن الحسن بن مهران الإصبهاني. 83 170- الحسين بن سعيد المخرمي. 83 171- الحسين بن السكن البصري. 83 172- الحسين بن سيار البغدادي. 83 173- الحسين بن عبد الرحمن الجرجرائي. 84 174- الحسين بن عبد الله بن محمد الواسطي. 84 175- الحسين بن عبد السلام المصري. 84 176- الحسين بن علي بن الأسود العجلي. 85 177- الحسين بن محمد بن شنبة الواسطي. 85 178- الحسين بن أبي زيد الدباغ. 85 179- حفص بن عمر بن ربال بن إبراهيم بن عجلان. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 289 86 180- حمدان بن سهل البلخي. 86 181- حمدان بن عمر البغدادي السمسار. 86 182- حمزة بن العباس المروزي. 86 183- حمزة بن عون المسعودي الكوفي. 87 184- حمزة بن نصير المصري العسال. 87 185- حميد بن الربيع بن مالك اللخمي الكوفي. 88 186- حميد بن زنجويه. 88 187- حم بن نوح بن محمد الأنصاري. 89 188- حنين بن إسحاق العبادي النصراني. 89 189- حوثرة بن محمد المنقري الوراق. 89 190- حيدرة بن إبراهيم البغدادي. "حرف الخاء". 90 191- خشيش بن أصرم النسائي. "حرف الدال". 90 192- داود بن سليمان العسكري. 90 193- داود بن عبد الغفار بن داود الحراني. 91 194- داود بن قاسم بن إسحاق الجعفري. 91 195- داود بن يحيى الصوفي الإفريقي. "حرف الراء". 91 196- الربيع بن سليمان الجيزي الأعرج. 91 197- رجاء بن الجارود البغدادي الزيات. 92 198- رجاء بن سهل الصاغاني. 92 199- رجاء بن صهيب الإصبهاني الجرواني. 92 200- رجاء بن عبد الرحيم القرشي الهروي. 93 201- رجاء بن عيسى الجوهري الكوفي. 93 202- رزق الله بن موسى الناجي الكلوذاني. 93 203- رشدين بن عبد العزيز المخزومي. 93 204- روح بن عبد الرحمن البوشنجي. 94 205- روح بن الفرج البزاز. "حرف الزاي". 94 206- زاهر بن خالد السمرقندي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 290 94 207- الزبير بن بكار بن عبد الله. 96 - الزبير بن جعفر "المعتز بالله". 96 208- زكريّا بْن يحيى بْن الحارث بْن ميمون البصري. 96 209- زكريّا بْن يحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة. 96 210- زكريا بن يحيى بن عمر الطائي. 97 211- زكريا بن يحيى المصري العبدري. 97 212- زكريا بن يحيى الزاهد الكردي الهروي. 98 213- زكريا بن يحيى بن أيوب المدائني. 98 214- زكريا بن يحيى بن زكريا. 98 215- زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري. 99 216- زكريا بن يحيى بن أسد المروزي. 99 - زكريا بن يحيى كاتب العمري. 99 - زكريا بن يحيى البلخي اللؤلؤي. 99 - زكريا بن يحيى السجزي. 99 217- زياد بن أيوب الطوسي. 100 218- زُهَير بْن محمد بْن قُمَيْر بْن شُعْبَة. 101 219- زياد بْن يحيى بْن زياد بْن حسّان. 101 220- زيد بن أخزم الطائي البصري. 101 221- زيد بن خرشة بن زيد الذهلي. "حرف السين". 102 222- سختويه بن مازيار النيسابوري. 102 223- السري بن عاصم الهمداني. 102 224- السري بن المغلس السقطي. 104 225- السري بن مهران الرازي. 104 226- سعد بن معاذ المروزي. 105 227- سعيد بن أيوب بن موسى الهمداني. 105 228- سعيد بن بحر القراطيسي البغدادي. 105 229- سعيد بن رحمة بن نعيم المصيصي. 105 230- سعيد بن عبد الله الهمداني السواق. 106 231- سعيد بن عبد الرحمن البغدادي. 106 232- سعيد بن عيسى الكريزي البصري. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 291 106 233- سعيد بن مروان البغدادي. 106 234- سعيد بن محمد بن ثواب البصري. 107 235- سعيد بن نصير البغدادي الوراق. 107 236- سعيد بن هاشم الكاغدي السمرقندي. 107 237- سعيد بن يزيد بن معيوف الحجوري. 107 238- سعيد بن يزيد التيمي. 108 239- سلمة بن أحمد بن أبي نافع. 108 240- سلمة بن مكمل المدلجي المصري. 108 241- سلم بن جنادة بن سلم العامري. 109 242- السلم بن يحيى الطائي الحجراوي. 109 243- سليمان بن بشار الخراساني. 109 344- سليمان بن داود بن حماد المهري. 110 245- سليمان بن داود الثقفي القزاز. 110 246- سُلَيْمَان بْن عَبْد الجبار بْن زُرَيْق السّامرّي. 110 247- سليمان بن عبد الرحمن بن حماد الطلحي. 111 248- سليمان بن محمد بن سليمان الرعيني. 111 249- سليمان بن معبد السنجي المروزي. 111 250- سليمان بن نصر المري الأندلسي. 111 251- سليم بن مجاهد بن يعيش البخاري. 112 252- سهل بن محمد السجستاني. "حرف الشين". 113 253- شجاع بن الوليد البخاري. 113 254- شعيب بن عبد الحميد بن بسطام الواسطي. 114 255- شفيع بن إسحاق البخاري المحتسب. 114 256- شمر بن حمدويه اللغوي. "حرف الصاد". 114 257- صالح بْن أَبِي صالح عَبْد الله بن صالح. 115 258- صرد بن حماد الصيرفي. 115 259- صالح بن الهيثم الواسطي. 115 260- صفوان بن عمرو الحمصي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 292 "حرف الطاء". 115 261- طاهر بْن خَالِد بْن نزار الأيلي. 116 262- طليق بن محمد بن السكن الواسطي. "حرف العين". 116 263- عامر بْن شُعَيب الْأرْغِيانيّ الإسْفَنْجيّ. 116 264- الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب جعْفَر بْن عَبْد الله. 117 265- العباس بن الحسن البلخي البغدادي. 117 266- العباس بن سعيد المصري الخواص. 117 267- العباس بن الفرج الرياشي النحوي. 118 268- العباس بن يزيد بن أبي حبيب البحراني. 118 269- عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي. 118 270- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن زُكَيْر بْن غزوان الحنفي. 119 271- عبد الله بن إسحاق الواسطي الناقد. 119 272- عبد الله بن إسحاق الجوهري "بدعة". 119 273- عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن يزيد بْن حجر. 119 274- عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص الهَمْدانيّ. 120 275- عَبْد اللَّه بْن الحَكَم بْن أَبِي زياد القطواني. 120 276- عبد الله بن حمزة الزبيري. 120 277- عبد الله بن خبيق الأنطاكي الزاهد. 121 278- عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بْن محمد بْن الزبير الأموي. 121 279- عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي. 122 280- عبد الله بن شبيب الربعي. 122 281- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الفضل الدارمي. 124 282- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أَبِي خداش الموصلي. 125 283- عَبْد اللَّه بْن أَبِي رومان عَبْد الملك بن يحيى. 125 284- عبد الله بن عمر بن يزيد الزهري الإصبهاني. 125 285- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي يزيد الخلنجي. 127 286- عبد الله بن محمد بن الحجاج الصواف. 127 287- عبد الله محمد بْن عَبْد اللَّه بْن هلَال المصريّ. 127 288- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن المسور. 128 289- عبد الله بن محمد بن المهاجر الفقيه فوزان. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 293 128 290- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَوْرة. البلْخيّ "مت" 128 291- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى بن أبي بكير. 129 292- عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي. 129 293- عبد الله بن محمد بن التوزي البصري. 129 294- عبد الله بن محمد بن خلاد العراقي. 129 295- عبد الله بن مخلد التميمي النيسابوري. 130 296- عبد الله بن أبي المورة الأنباري. 130 - عبد الله بن هارون. 130 297- عبد الله بن هاشم بن حيان الطوسي. 131 298- عَبْد الجبّار بْن خَالِد بْن عِمران الفقيه. 131 299- عبد الحميد بن حماد البعلبكي. 131 300- عبد الحميد بن عصام الجرجاني. 132 301- عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى القرطبي. 132 302- عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي. 133 303- عبد الرحمن بن الحسن السلمي. 134 304- عبد الرحمن بن الحسين الحنفي الهروي. 134 305- عبد الرحمن بن خالد بن يزيد الرقي القطان. 134 306- عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن عَبْد الرَّحْمَن البصري. 134 307- عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بْن عبد الحكم بن أعين. 135 308- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الغفّار بْن دَاوُد الحراني. 135 309- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن هشام بْن زبر. 135 310- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المدني. 136 311- عبد الرحمن بن الوليد الجرجاني. 136 312- عبد الرحيم بن منيب الأسعردي. 136 313- عبد السلام بن إسماعيل العثماني الحداد. 136 314- عبد السلام بن عتيق الدمشقي. 136 315- عبد الغني بن رفاعة اللخمي المصري. 137 316- عَبْد الغني بْن عَبْد العزيز بْن سلَام العسال. 137 317- عَبْد القُدُّوس بْن محمد بْن عَبْد الكبير المعولي. 137 318- عبد الملك بن أصبغ القرشي. 138 319- عبد الملك بن قطن المهري. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 294 138 320- عبد الوارث بن عبد الصمد التنوري. 138 321- عبد الوارث بن الحسن بن عمرو البيساني. 139 322- عبد الوهاب بن عبد الحكم بن نافع الوراق. 139 323- عبد الوهاب بن سعيد القضاعي. 139 - عبد الوهاب الأشجعي. 140 324- عَبْد رَبّ بْن خَالِد بْن عَوْذة التُّجَيْبيّ. 140 325- عبدوس بن بشر الرازي. 140 326- عَبْدة بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْدة الصّفّار. 140 327- عبيد الله بن سريج بن حجر. 141 328- عُبَيْد اللَّه بْن سَعْد بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد. 141 329- عُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن يزيد بْن خنيس. 142 330- عبيد الله بن يوسف الجبيري. 142 331- عُبَيْد بْن آدم بْن أَبِي إياس العسْقلَانيّ. 142 332- عبيد بن محمد بن القاسم النيسابوري. 143 333- عنبس بن إسماعيل القزاز. 143 334- عتيق بن محمد بن سعيد الحرشي. 143 335- عتيق بن مسلمة بن عتيق المصري. 143 336- عثمان بن صالح بن سعيد الخلقاني. 144 337- عثمان بن عفان السجستاني. 144 338- عريب المغنية. 145 339- عصام بن خون. 145 340- عقيل بن يحيى الأسود الطهراني. 146 341- علقمة بن عمرو بن حصين الدارمي. 146 342- العلاء بن سالم. 146 343- علي بن أحمد الجواربي الواسطي. 146 344- علي بن حرب الجنديسابوري. 147 345- علي بن الحسن الذهلي الأفطس. 147 346- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن بكُيْر بْن واصل الحضرمي. 147 347- علي بن الحسن بن عبيد الشيباني. 148 348- علي بن الحسين بن مطر الدرهمي. 148 349- علي بن خرشم بن عبد الله المروزي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 295 148 350- علي بن زنجلة الرازي. 149 351- علي بن سعيد بن جرير النسائي. 149 352- علي بن سعيد بن شهريار الرقي. 149 353- عَلِيّ بْن سَلَمَةَ بْن شقيق بْن عُقْبَةَ. 150 354- علي بن شعيب بن عدي السمسار. 150 355- علي بن عاصم الثقفي الإصبهاني. 150 356- علي بن عبد المؤمن الزعفراني. 151 357- علي بن عبدة التميمي المكتب. 151 358- علي بن عمرو بن الحارث الأنصاري. 151 359- علي بن المثنى الطهوي. 152 360- علي بن محمد بن معاوية النيسابوري. 152 361- علي بن محمد بن أبي الخصيب الوشاء. 152 362- علي بن محمد بن زكريا نزيل الرقة. 152 363- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي المضاء. 153 364- علي بْن محمد بْن علي بْن مُوسَى بن جعفر. 153 365- علي بن مسلم بن سعيد الطوسي. 154 366- علي بن معبد بن نوح البغدادي. 154 367- علي بن المنذر الطريقي الأودي. 154 368- عمّار بْن خَالِد بْن يزيد الواسطيّ التمار. 154 369- عمران بن قطن البخاري الفرخشي. 155 370- عمر بن نصر النهرواني. 155 371- عمرو بن بحر الجاحظ. 155 372- عمرو بن عبد الله الأودي. 155 373- عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي. 156 374- عمرو بن معمر العمركي. 156 375- عيسى بن إسحاق النرسي. 156 376- عيسى بن عبد الله بن سليمان العسقلاني. 157 377- عيسى بن عثمان النهشلي الكوفي. 157 378- عيسى بن مح مد بن إسحاق الرملي. "حرف الفاء". 158 379- الفتح بن الحجاج الحرشي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 296 158 380- الفضل بْن جعْفَر بْن عَبْد اللَّه بْن الزبرقان. 159 381- الفضل بن سهل البغدادي الأعرج. 159 382- الفضل بن يعقوب الجزري. 160 383- الفضل بن يعقوب الرخامي. 160 384- فضل جارية المتوكل. "حرف القاف". 161 385- القاسم بن بشر البغدادي. 161 386- القاسم بن سعيد بن المسيب التميمي. 161 387- القاسم بن الفضل بن بزيع البغدادي. 161 388- القاسم بْن محمد بْن عبّاد بْن عبّاد المهلبي. 162 389- القاسم بن هاشم بن سعيد السمسار. 162 390- القاسم بن يزيد بن كليب المقرئ الوزان. "حرف اللام". 162 391- ليث بن الفرج بن راشد البغدادي. "حرف الميم. 163 392- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الجبار الباهلي. 163 393- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عتبة الأندلسي. 164 394- محمد بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مدَّويْه الترمذي. 164 395- محمد بن أحمد بن يزيد الجمحي المدني. 165 396- محمد بن إبراهيم الأنماطي "مربع". 165 397- محمد بن إبراهيم بن قحطبة البغدادي. 165 398- محمد بن الأزهر بن حريث السجزي. 165 399- محمد بن الأزهر الفقيه الحنفي. 166 400- محمد بن إسحاق الضبي البغدادي. 166 401- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري الإمام. 169 - فصل. 176 - فصل في ذكائه وسعة علمه. 178 - فضل في ثناء الأئمة على البخاري. 182 - فصل في ديانته وصلاحه. 185 - فصل في صفته وكرمه. 188 - قصته في الذهلي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 297 195 402- محمد بن إسماعيل البختري الحساني. 196 403- محمد بن إسماعيل بن سمرة. 196 404- محمد بن الأشعث السجستاني. 196 405- محمد بن بزيع النيسابوري. 197 406- محمد بْن بشّار بْن دَاوُد بْن كَيْسان. 199 407- محمد بن بكر بن مدكر الضرير. 199 408- محمد بن بور بن هانئ القرشي. 199 409- محمد بن تميم العنبري. 200 410- محمد بن ثواب بن سعيد الهباري. 200 411- محمد بن جابر بن عقبة. 200 412- محمد بْن أَبِي الثّلج عَبْد اللَّه بْن إسماعبل الرازي. 201 413- محمد المعتز بالله العباسي الخليفة. 202 414- محمد بن الجنيد الإسفراييني الزاهد. 202 415- محمد بن حرب بن حربان النشائي. 202 416- محمد بن حزابة المروزي الخياط. 203 417- محمد بن حسان بن فيروز الأزرق. 203 418- محمد بن الحسن بن تسنيم العتكي. 203 419- محمد بن الحسن بن جعفر البخاري. 204 420- محمد بن الحسن بن شهريار. 204 421- محمد بن حفص بن عمر الدوري. 204 422- محمد بن خالد الصومعي الطبري. 204 423- محمد بن خالد الرازي الخراز. 205 424- محمد بْن خَالِد الذُّهْليّ. 205 425- محمد بْن خُشَيْش الْجُعْفيّ. 205 426- محمد بن خطاب الموصلي الزاهد. 206 427- محمد بن خلف بن عمار العسقلاني. 206 428- محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني. 206 429- محمد بن داود التميمي القنطري. 206 430- محمد بن ديسم الترمذي الدقاق. 207 431- محمد بن زكريا والد ميمون الحافظ. 207 432- محمد بن زكريا القضاعي المصري. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 298 207 433- محمد بن زنجويه البصري المؤذن. 207 434- محمد بن زياد بن معروف الرازي. 208 435- محمد بْن زياد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الربيع. 208 436- محمد بن سعد النيسابوري الجلاب. 209 437- محمد بن سعيد الأيلي. 209 438- محمد بن سعيد بن حسان الأندلسي. 209 439- محمد بن سلمة التجيبي. 209 440- محمد بن سهل بن عسكر البخاري. 210 441- محمد بن سهل بن نوح النيسابوري. 210 442- محمد بن سهل بن زنجلة الرازي. 210 443- محمد بن سلام بن السكن البيكندي. 210 444- محمد بن شعيب الأسدي النيسابوري. 211 445- محمد بن صالح بن عبد الله العلوي الحسني الشاعر. 211 446- محمد بْن صالح بْن مِهْران بْن النّطّاح. 211 447- محمد بن عامر الأندلسي. 211 448- محمد بن عامر الرازي القزاز. 212 449- محمد بن عبادة الواسطي. 212 450- محمد بن عبد الله بن طاهر الخزاعي الخراساني. 212 451- محمد بْن عبد الله بْن المبارك المخرّميّ. 213 452- محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني. 214 453- محمد بن عبد الله بن يزيد المكي. 214 454- محمد بن عبد الرحمن الهروي. 215 455- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن علي الجعفي. 215 456- محمد بْن أَبِي نوح عَبْد الرَّحْمَن بْن غزوان. 216 457- محمد بْن عَبْد الرحيم بْن أَبِي زُهَير العدوي. 216 458- محمد بن عبد الملك بن زنجويه. 216 459- محمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقّيّ. 217 460- محمد بن عبيد الله بن العظيم الكريزي. 217 461- محمد بْن عثمان بْن أَبِي صفوان بْن مروان الثقفي. 218 462- محمد بن عثمان بن كرامة العجلي. 218 463- محمد بن عقبة بن علقمة البيروتي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 299 219 464- محمد بن عقيل بن خويلد الخزاعي. 219 465- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن. 219 466- مُحَمَّد بْن. 220 467- مُحَمَّد بن خلف الكوفي. 220 468- محمد بن عمر بن هياج الصائدي. 220 469- محمد بن عمر بن الوليد الكندي. 220 470- محمد بن عمر بن أبي مذعور. 221 471- محمد بن عمرو بن أبي مذعور. 221 472- محمد بن عمرو بن يونس التغلبي السوسي. 221 473- محمد بن عمرو بن عون الواسطي. 221 474- محمد بْن عَمْرو بْن حَنَان الكَلبيّ الحمصيّ. 222 475- محمد بن عيسى بن رزين التيمي الرازي. 222 476- أبو عبد الله الإصبهاني الزجاج. 222 477- محمد بن غالب الأنماطي البغدادي. 223 478- محمد بن الفضل الجرجرائي الكاتب. 223 479- محمد بن الفضل بن خداش البخاري. 223 480- محمد بن الفضيل البلخي الزاهد. 224 481- محمد بن قدامة الطوسي. 224 482- محمد بْن كرّام بْن عِرَاق بْن حُزَابَة. 228 483- محمد بن كيسان بن يزيد. 228 484- محمد بن محمد بن خلاد الباهلي. 229 485- محمد بْن محمد بن عقبة بْن السَّكن. 229 486- محمد بْن المُثَنَّى بْن عُبَيْد بْن قيس العنزي. 230 487- محمد بن المثنى بن زياد السمسار. 231 488- محمد بن مسلم القنطري الزاهد. 231 489- محمد بن معاوية ين يزيد بن مالج. 231 490- محمد بن معدان بن عيسى الحراني. 232 491- محمد بن معمر بن ربعي البحراني. 232 492- محمد بن المغيرة الشهرزوري. 232 493- محمد بن منخل بن عبد الله بن حماد النيسابوري. 233 494- محمد بن منصور بن عبد الرحمن السلمي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 300 233 495- محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم الطوسي. 234 496- محمد بن موسى بن شاكر المهندس. 235 497- محمد بن المؤمل القيسي. 235 498- محمد بن ميمون المكي الخياط. 235 499- محمد بن أبي ميمون القيرواني. 236 500- محمد بن نجيح بن برد. 236 501- محمد بن نصر بن عبد الخرجاني. 236 502- محمد بن نصر النيسابوري الفراء. 236 503- محمد المهتدي بالله العباسي الخليفة. 238 504- محمد بن هارون المروزي المقرئ. 238 505- محمد بن هارون الربعي البغدادي. 239 506- محمد بن هاشم القرشي البعلبكي. 240 507- محمد بن هشام بن أبي خيرة السدوسي. 240 508- محمد بن هشام بن عيسى المروذي القصير. 240 509- محمد بن وزير بن قيس الواسطي. 241 510- محمد بن الوليد البسري القرشي. 241 511- محمد بن الوليد بن أبان المخرمي القلانسي. 242 512- محمد بن الوليد الفحام البغدادي. 242 513- محمد بن يحيى بن حيوك الهروي. 242 514- محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي. 242 515- محمد بن يحيى بن عبد العزيز اليشكري. 243 516- محمد بن يحيى بن أبي حزم مهران القطعي البصري. 242 517- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي. 248 518- محمد بن يحيى بن موسى الإسفراييني. 249 519- محمد بن يحيى بن أبان العنبري. 249 520- محمد بن يحيى بن عمر الواسطي. 249 521- محمد بن يحيى من ولد النعمان بن سعد. 250 522- محمد بْن يزيد بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ "محمش". 250 523- محمد بن يزيد بن عبد الملك الأسفاطي. 250 524- محمد بن يزيد الطرطوسي المستملي. 251 525- محمد أبو بكر البغدادي. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 301 251 526- مالك بن الخليل الأزدي الحمدي. 251 527- مالك بن طوق التغلبي الأمير. 252 528- محمود بن إبراهيم بن محمد بن عيسى الدمشقي. 252 529- محمود بن آدم المروزي. 253 530- محمود بن محمد الأنصاري الظفري. 253 531- المرار بن حمويه بن منصور الثقفي. 254 532- مزداد بن جميل البهراني الحمصي. 255 533- مسرور بن نوح الذهلي. 255 534- مسعود بن يزيد القطان الإصبهاني. 255 535- مسلم بن حاتم الأنصاري البصري. 255 536- مُسلْمِ بْن عَمْرو بْن سابق بْن وَهْبُ. 256 537- معلى بن أيوب المتوكل على الله. 256 538- مَعْن بْن عُمَر بْن مَعْن بْن عُمَر بن كثير بن الزهري. 257 539- المنذر بن شاذان الرازي. 257 540- منصور بن طلحة بن طاهر الأمير الخزاعي. 257 541- مهنأ بن يحيى الشامي الفقيه. 258 542- موسى بن حافظ النحوي. 258 543- موسى بن عيسى الجصاص الفقيه. 259 544- موسى بن سابق بن أبي خديجة المصري. 259 545- موسى بن سعيد الطرسوسي. 259 546- مُوسَى بْن عامر بْن عمارة بْن خُرَيْم المري. 260 547- مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى الخُزاعيّ. 260 548- موسى بن عيسى بن حماد بن زغبة. "حرف الهاء". 260 549- هارون بن إسحاق الهمداني. 261 550- هارون بن حميد الواسطي. 261 551- هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي. 261 552- هارون بن سفيان المستملي. 261 - هارون بْن محمد بْن بكّار بْن هلَال. 262 553- هارون بْن مُوسَى بْن أَبِي عَلْقَمَةَ الفَرَويّ. 262 554- هارون بن هزاري القزويني. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 302 263 555- هاشم بن خالد القرشي الدمشقي. 263 556- هاشم بن القاسم بن شيبة القرشي. 263 557- الهذيل بن معاوية بن الهذيل الإصبهاني. 264 558- هشام بن عبد الملك بن عمران اليزني. 264 559- هشام بن يونس ين وابل النهشلي. 264 560- الهيثم بن خالد البصري البغدادي. 265 561- الهيثم بن خالد المصيصي. 265 562- الهيثم بن خالد الهروي. 265 563- الهيثم بن مروان بن الهيثم الدمشقي. "حرف الواو". 265 564- وثّاق بْن عَبْد اللَّه بْن وثاق الأزدي. 265 565- وصيف التركي القائد الأمير. "حرف الياء". 266 566- ياسين بن النضر القاضي النيسابوري. 266 567- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن أَبِي عبيدة الهذلي. 267 568- يحيى بن إبراهيم بن مزين القرطبي. 267 569- يحيى بن حبيب بن إسماعيل الأسدي. 268 570- يحيى بن حكيم البصري المقومي. 268 571- يحيى بن خذام الغبري السقطي. 572 269 - يحيى بن الربيع المكي. 269 573- يحيى بن زهير الفهري البغدادي. 269 574- يحيى بن السري بن يحيى الضرير. 269 575- يحيى بْن عثمان بْن سعَيِد بْن كثير الحمصي. 270 576- يحيى بن الفضل البصري الخرقي. 270 577- يحيى بْن محمد بْن معاوية المَرْوزِيّ اللُّؤْلُؤيّ. 270 578- يحيى بن محمد بن السكن البصري. 270 579- يحيى بن معاذ الرازي. 272 580- يحيى بن معلى بن منصور الرازي. 273 581- يحيى بن المغيرة المخزومي. 273 - يحيى بن واقد. 273 582- يزيد بن محمد بن المهلب البصري. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 303 273 583- يسار بن سمير العجلي. 274 584- اليسع بن إسماعيل البغدادي الضرير. 274 585- يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن كثير بْن زيد بن أفلح. 275 586- يعقوب بن إبراهيم الكوفي. 275 587- يعقوب بن إسحاق بن البهلول. 275 588- يعيش بن الجهم الحديثي. 276 589- يوسف بن موسى بن راشد القطان. 276 590- يوسف بن موسى التستري العسكري. 277 591- يوسف بن واضح البصري المؤدب. 277 592- يوسف بن يعقوب النجاحي. 277 593- يونس بن يعقوب البغددي. "الكنى". 277 594- أبو أحمد بن هارون الرشيد. 278 595- أبو حمزة الخراساني الزاهد. 278 596- أبو العباس القلوري البصري. 278 597- أبو عبيد البسري الزاهد. 280 - المهري القيرواني. 281 فهرس الموضوعات. الجزء: 19 ¦ الصفحة: 304 المجلد العشرون الطبقة السابعة والعشرون أحداث سنة إحدي وستين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة السابعة والعشرون: أحداث سنة إحدى وستين ومائتين: تُوُفيّ فيها: أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الرَّهاويّ الحافظ، وأحمد بْن عَبْد الله بْن صالح العجْليّ الحافظ نزيل طرابلس المغرب، وقاضي القُضاة الحَسَن بْن محمد بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وشُعيب بْن أيّوب الصَّريفينيّ، وأبو شُعيب السُّوسيّ، وعليّ بْن أشكاب، ومحمد بْن سَعِيد بْن غالب العطّار، ومسلم صاحب الصّحيح، وتمامُ خمسةٍ وخمسين رجلًا ضبطتُ وَفَيَاتهم فِي غير هَذِهِ البُقْعة. مَيْل الدَّيلم إِلَى الصّفّار: وفيها مالت الدَّيلم إِلَى يعقوب بْن اللَّيث الصّفّار، وتخلَّت عن الحَسَن بْن زَيْدٍ فأحرق الحَسَن منازلهم وصارَ إِلَى كرْمان. كتاب المعتمِد لحجّاب خراسان: وفيها كتب المعتمد كتابًا قُرِئ على من ببغداد من حُجّاج خُراسان والرِّيّ، مضمونه: انّي لم أولِّ يعقوبَ بْن اللَّيْث خُراسان، ويأمرهم بالبراءة منه. وقعة الزَّنج بالأهواز: وفيها ولّى المعتمد أبا السّاج الأهواز وحرْب صاحب الزَّنج، فسار إليها، فأقام بها. فبعث إليه قائد الزَّنج عليّ بْن أبان، وبعث إليه أبو السّاج صهره عَبْد الرحمن، فاقتتلوا وكانت وقعة عظيمة، قُتِلَ فيها القائد عَبْد الرَّحْمَن، وانحاز أبو السّاج إِلَى عسكر مكْرم، ودخل الزَّنج الأهواز، فقتلوا وسَبَوا. ولاية أَحْمَد بْن أسد: وفيها كتب المعتمد لأحمد بْن أسد بولاية بُخَارى وسَمَرْقَنْد وما وراء النهر. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 3 هزيمة ابنُ واصل أمام ابنُ اللَّيْث: وفيها سار يعقوب بْن اللَّيْث إِلَى فارس، فالتقى هُوَ وابن واصل، فهزمه يعقوب وفَلّ عسكره، وأخذ من قلعة له أربعين ألف ألف درهم فيما بَلَغَنا. بيعة المعتمد للمفوّض: وفيها: بايع المعتمد بولاية العهد بعده لابنه المفوّض إِلَى الله، وولّاه المغرب، والشّام، والجزيرة، وأرمينية وضمّ إليه مُوسَى بْن بُغا. توليه الموفّق العهد: وولّى أخاه الموفق العهد، بعد ابنه المفوّض جَعْفَر، وولّاه المشرق، والعراق، وبغداد، والحجاز، واليمن، وفارس، وإصبهان، والرِّيّ، وخُراسان، وطَبَرسْتان، وسجِسْتان، والسِّند. وعقد لكلّ واحدٍ منهما لواءين أبيض وأسود، وشرطَ إن حَدَث به حَدَثٌ أنّ الأمر لأخيه إن لم يكن ابنه جَعْفَر قد بلغ. وكتب العهد ونفذه مع قاضي القضاة الحَسَن بن أبي الشّوارب ليعلقه فِي الكعبة، فمات الحَسَن بمكّة بعد الصَّدر. وَقِيلَ: توفّي ببغداد1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 512، 515"، الكامل "7/ 288-290"، البداية والنهاية "11/ 32-35"، النجوم الزاهرة "3/ 42، 44"، صحيح التوثيق "6/ 268". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 4 أحداث سنة اثنتين وستّين ومائتين: فيها تُوُفيّ: حاتم بْن اللَّيث الجوهريّ، وسعَدان بْن يزيد البِزّاز، وعَبّاد بْن الْوَلِيد العَنَزِيّ، وعُمَر بْن شَيْبة النُّميريّ، ومحمد بْن عاصم الثَّقفيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن بَهْزاد، ومحمد بْن عَبْد الله بْن المستورد البغداديّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن ميمون البغداديّ نزيل الإسكندرية، ويعقوب بْن شَيْبة السَّدوسيّ. محاربة ابنُ اللَّيْث للمعتمد وهزيمته: وفيها أعيى الخليفة أمرُ يعقوب بن اللَّيْث، فكتب إليه بولاية خراسان وجُرْجان، فلم يرضَ حَتَّى تَوَافى باب الخليفة، وأضمر فِي نفسه الحكم على الخليفة، والاستيلاء على العراق والبلاد. وعلم المعتمد قصده فارتحل من سرَّ من رَأَى فِي شهر جمادى الجزء: 20 ¦ الصفحة: 4 الآخرة، واستخلف عليها ابنه جعفرًا، وضمّ إليه محمدا المولّد. ثُمَّ نزل المعتمد بالزَّعفرانية. وسار يعقوب بْن اللَّيْث بجيشٍ لم يُرَ مثله، فَقِيلَ: كانوا سبعين ألفًا، وَقِيلَ: كَانَتْ خُرَّامِيَّة، وثِقَلُه على عشرة آلاف جمل، فدخل واسطًا فِي أواخر شهر جُمَادى الآخرة، فارتحل المعتمد من الزَّعفرانّية إلى سييب بني كوما وإيّاه مسرور البلْخيّ والعسكر. ثُمَّ زحف يعقوب من واسط إِلَى دير العاقول نحو المعتمد. فجهّز المعتمد أخاه الموفّق إِلَى حرب يعقوب، ومعه مُوسَى بْن بُغا ومسرور، فالتقى الجمعان فِي ثالث رجب بقرب دير العاقول، واقتتلوا قتالًا شديدًا، فكانت الهزيمة على الموفّق، ثُمَّ صارت على يعقوب، وولّى أصحابه مُدْبِرين. فَقِيلَ إنّهُ نهِبَ من عسكره عشرة آلاف فرس، ومن الذَّهب ألفا ألف دينار، ومن الدّراهم والأمتعة ما لا يُحصى. وخلّصوا محمد بْن طاهر، وكان مع يعقوب فِي القيود. ثُمَّ عاد المعتمد إِلَى سامُرّاء، وصار يعقوب إِلَى فارس. ورد المعتمد على محمد بن طاهر عمله، وأعطاه خمسمائه ألف درهم. نَهْب الزَّنج للبطيحة: وفيها بعث الخبيث رأس الزَّنج جيوشه عند اشتغال المعتمد إِلَى البطيحة، فنهبوها وقتلوا وأسروا. القضاء بسُرّ من رأي: وفيها ولي قضاء سرَّ مَن رَأَى عليّ بْن محمد بْن أبي الشّوارب. قضاء بغداد: وقضاء بغداد إسماعيل بْن إِسْحَاق القاضي. غَلَبَةُ ابن اللَّيْث على فارس: وفيها غلب يعقوب بْن اللَّيْث على فارس، وهرب عاملها ابنُ واصل إِلَى الأهواز، وتقوّى يعقوب. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 5 وقوع قائد الزَّنج فِي الأسر: وفيها كَانَتْ وقعة بين الزَّنج وبين الأمير أَحْمَد بْن ليثَويْه صاحب مسرور البلْخيّ، فقتل خلقًا كثيرًا من الزَّنج، وأسر قائدهم الَّذِي يُقَالُ له: الصُّعلوك1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 516-529"، الكامل "7/ 292-304"، البداية والنهاية "11/ 35"، النجوم الزاهرة "3/ 44، 45"، صحيح التوثيق "6/ 269". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 6 أحداث سنة ثلاثٍ وستين: تُوُفيّ فيها: أبو الأزهر أَحْمَد بْن الأزهر، وأحمد بْن حرب الطائي، والحسن بْن أبي الرَّبِيع، ومحمد بْن عليّ بن ميمون الرَّقّيّ، ومعاوية بْن صالح الأشعريّ الحافظ. استيلاء ابنُ اللَّيْث على الأهواز: وفيها سار يعقوب بْن اللَّيْث إِلَى الأهواز، وأسر الأمير ابنُ واصل، واستولى على الأهواز. وزارة ابنِ مَخْلد: وفيها استوزر الْحَسَن بْن مخلد بعد موت عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان الوزير. وزارة ابنِ وهب: ثُمَّ هرب الْحَسَن إِلَى بغداد خوفًا من مُوسَى بْن بُغا. فاستوزر سُلَيْمَان بْن وهْب. إخراج ابنُ طاهر من نيسابور: وفيها غلب أخو شركُب على نيسابور وأخرج عَنْهَا الْحُسَيْن بْن طاهر. انتصار المسلمين بالأندلس: وفيها كَانَتْ ملحمة كبيرة بالأندلس، نصر الله فيها الْإِسْلَام، واستشهد طائفة1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 530-532"، الكامل "7/ 310"، البداية والنهاية "11/ 35، 36"، النجوم الزاهرة "3/ 46، 47"، صحيح التوثيق "6/ 269". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 6 أحداث سنة أربعٍ وستّين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وهْب، وأحمد بْن يوسف السُّلميّ، وأبو إبراهيم المُرّيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى. وفاة مُوسَى بْن بُغا: وَفِي المحرَّم خرج أبو أَحْمَد الموفق، ومعه مُوسَى بْن بُغا إِلَى قُتِلَ الزَّنج. فَلَمَّا نزلا بغداد مات مُوسَى وحُمِل إِلَى سامُرّاء، فَدُفِن بها. وفاة قبيحة أمِّ المعتزّ: وَفِي ربيع الأوّل تُوُفيّت قبيحة أمُّ المعتز بالله بسامُرّاء، وكان المعتمد قد أعادها إليها من مكّة وأكرمها. أسر الروم لعبد الله بْن رشيد بْن كاوس: وفيها أسرت الروم عَبْد الله بْن رشيد بْن كاوس، وكان قد دخل الروم فِي أربعة آلاف، فأوغلَ فيها وأسرَ وغنِم ورجع، فلمّا نزل البَذَنْدون أقام به ثُمَّ رحل. وتَبِعَتْه البطارقة من كلّ صَوْب وأحْدَقوا به، فنزل جماعة من المسلمين فعرقبوا دوابّهم وقاتلوا إلا خمسمائةٍ من المسلمين انهزموا، وأسر عبد الله بعدما جُرِح جراحات. الوقعة بين محمد المولدّ والزنّج: وفيها ولي واسطًا محمد المولّد، فحاربته الزَّنج، فهزمهم محمد، ثُمَّ غلبت الزَّنج ودخلت واسطًا، فهرب أهلُها حُفاةً عراةً، ونهبها الزَّنج وأحرقوها. غضب المعتمد على الوزير ابنِ وهْب: وفيها غضب المعتمد على الوزير سُلَيْمَان بْن وهْب وقيّده وانتهب أمواله، واستوزر الْحَسَن بْن مَخْلَد. عصيان الموفّق: وفيها أظهر أبو أَحْمَد الموفَّق العصيان، فشخَصَ من بغداد ومعه عَبْد الله بن الجزء: 20 ¦ الصفحة: 7 سُلَيْمَان بْن وهْب، فَلَمَّا قَرُب من سامُرّاء، تحوّل المعتمد إِلَى الجانب الغربيّ، فعسكر به. فنزل أَحْمَد بظاهر سامُراء، ثُمَّ تراسلا واصطلحا فِي آخر السنة، وأطلق سُلَيْمَان بْن وهبْ، وهرب الْحَسَن بْن مَخْلد، وأحمد بْن صالح بن شيرزاد. محنة الصوفية: وفيها كانت المحنة على الصُّوفيّة بغلام خليل1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 533-541"، الكامل "7/ 316-321"، البداية والنهاية "11/ 36، 37"، النجوم الزاهرة "3/ 47، 48"، صحيح التوثيق "6/ 270". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 8 أحداث سنة خمسٍ وستّين: تُوُفيّ فيها: أَحْمَد بْن مَنْصُورٌ الرّماديّ، وإبراهيم بْن الْحَارِث البغداديّ، وإبراهيم بْن هانئ النَّيسابوريّ، وسَعْدان بْن نصر، وصالح بن أحمد بن حنبل، وعبد الله بن محمد بْن أيّوب المُخرّميّ، وعليّ بْن حرب الطائيّ، وأبو حَفْص النَّيسابوريّ الزّاهد عَمْرو بْن سَلْم، ومحمد بْن الحَسَن العسْكريّ من الأثني عشر، ومحمد بن هارون الفلّاس، وهارون بْن سُلَيْمَان الإصبهانيّ. إيقاع ابنِ طولون بسيما الطويل فِي أنطاكية: وفيها خرج أَحْمَد بْن طولون أمير مصر إِلَى الشّام، فحصَر سيما الطّويل بأنطاكيَة إِلَى أن افتتحها وقتل سِيما. التحاق المولدّ بابن الصّفّار: وفيها خامر محمد المولّد ولِحق بيعقوب بْن اللَّيْث وصار من خواصّه. القبض على سُلَيْمَان بْن وهب وابنه: وفيها قبض المعتمد على سُلَيْمَان بْن وهْب وابنه عُبَيْد الله واصطفى أموالهما، ثُمَّ صُولحا على تسعمائة ألف دينار. وزارة ابنِ بُلْبُل: واستوزر إِسْمَاعِيل بن بلبل. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 8 وفاة يعقوب بْن اللَّيْث: وفيها مات يعقوب بْن اللَّيث الصّفّار المتغلّب على خُراسان، وغيرها. تُوُفيّ بالأهواز، فخلفه أخوه عَمْرو بْن اللَّيْث، ودخل فِي الطاعة. إطلاق ملك الروم لعبد الله بْن كاوس: وفيها بعث ملك الروم بعبد الله بْن كاوس الَّذِي كان عامل الثغور فأسروه، مع عدّة مصاحف كانوا أخذوها من أَهْل أَذَنَة، إِلَى أحمد بْن طولون. عصيان الْعَبَّاس على أَبِيهِ أَحْمَد بْن طولون: ولما خرج أَحْمَد بْن طولون إِلَى الشّام قام ابنه الْعَبَّاس وجماعة من أمرائه فأخذ أموال أَبِيهِ وحَشَمه، وتوجّه نحو بَرْقَةَ إِلَى إفريقية، فنهب وفتك، فانتدب لحربه إلياس بْن مَنْصُورٌ النقرشيّ رأس الإباضيّة فِي اثني عشر ألفًا، وبعث صاحب أفريقية إيراهيم بْن أَحْمَد بن الأغلب جيشًا كثيفًا مع مولاه، فأطبق الجيشان على الْعَبَّاس فباشر الحرب بنفسه، وقُتِلت صناديده، ونُهِبَت خزائنه، وعاد إِلَى بَرْقَةَ. فبعث أَبُوهُ جيشًا فأسروه، وحملوه إِلَى أَبِيهِ، فقيدَّه وحبسه، وقتل جماعة ممّن كان حسَّن له العصْيان. دخول الزَّنج النُّعمانيّة: وفيها دخلت الزَّنج النُّعمانيّة، فأحرقوا وسبوا وقتلوا. استنابة الموفّق لعمرو بْن اللَّيْث على الولايات: وفيها استناب الموفّق عَمْرو بْن اللَّيْث على خُراسان، وكَرْمان، وفارس، وبغداد، وإصبهان، والسِّند، وسِجِسْتان، وبعث إليه بالتّقليد والخِلَع العظيمة. وَقِيلَ، إنّ تَرِكَةَ أَخِيهِ يعقوب بْن اللَّيْث بلغت ألف ألف دينار وخمسين ألف ألف درهم ونُقل فَدُفِن بجُنْدَيْسابور وكُتِب على قبره: هَذَا قبر المسكين. وتحته: أحسَنْتَ ظنَّك بالأيّام إذ حَسُنَتْ ... ولم تَخَفْ سُوء ما يأتي به القَدَر فسالمَتْك اللّيالي فاغْتَرَرْت بها ... وعند صَفْوِ اللَّيَالِي يحدُث الكدر1   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 542، 543"، والكامل "7/ 316-328"، والبداية والنهاية "11/ 37، 38"، والنجوم "3/ 48، 51"، وصحيح التوثيق "6/ 271". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 9 أحداث سنة ستٍّ وستّين: فيها تُوُفيّ: إِبْرَاهِيم بْن أُورَمَة الحافظ، وصالح بْن أَحْمَد بْن حنبل بخُلْف، وهذا أصّح، ومحمد بْن شجاع الثلْجيّ الفقيه، ومحمد بْن عَبْد الملك الدّقيقيّ، وأبو السّاج الأمير. نيابة عُبَيْد الله بْن طاهر على شرطة بغداد: وفيها كتب عَمْرو بْن اللَّيْث الصّفّار إِلَى عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بن طاهر بأن يكون نائبه على شرطة بغداد. وصول الروم إِلَى ديار ربيعة: وفيها وصلت عساكر الروم إِلَى ديار ربيعة، فقتلت جماعة من المسلمين، وهرب أهل الجزيرة والمَوْصِل. استعمال ابنِ أبي الساج على الحَرَمَيْن: وفيها استعمل الموفّق على الحَرَمَيْن محمد بْن أبي السّاج. وقعة الزَّنْج بعسكر الخليفة: وفيها كَانَتْ وقعة بين الزَّنج وعسكر الخليفة، وظهرت الزَّنج، لعنهم الله. مقتل الكرخي أمير حمص: وفيها قتل أَهْل حمص أميرهم الكرْخيّ. دعوة الحسن الأصغر لنفسه: وفيها دعا الْحَسَن بْن محمد بْن جَعْفَر الأصغر أَهْل طَبَرِسْتان إِلَى نفسه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 10 هزيمة الْحَسَن بْن زَيْدٍ: وفيها سار أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ إِلَى الْحَسَن بْن زَيْدُ، فهزمه أَحْمَد. مقتل ابنِ الأصغر: ثُمَّ سار الْحَسَن بْن زَيْدُ إِلَى الْحَسَن بن الأصغر، واحتال عليه حَتَّى قتله. الحرب بين الخُجُسْتانيّ وابن اللَّيث: وفيها حارب أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ عَمْرو بن اللَّيث، وظهر على عَمْرو، ودخل نَيْسابور، وقتل جماعة ممّن كان يميل إِلَى عَمْرو. انتهاب الأعراب كسوة الكعبة: وفيها وثبت الأعراب على كُسْوَة الكعبة فانتهبوها، وأصاب الوفد شدّة منهم. دخول الزَّنج رامهُرْمُز: وفيها دخلت الزَّنج رامهُرْمُز، فاستباحوها قتْلًا وسبيًا، فلا قوّة إلا بالله1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 549-556"، والكامل "7/ 332-335"، والبداية والنهاية "11/ 38-40"، والنجوم "3/ 50"، وصحيح التوثيق "6/ 273". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 11 أحداث سنة سبعٍ وستّين: فيها تُوُفيّ: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله السَّعديّ، وإسماعيل بن عَبْد الله سَمّوَيْه، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الفارسيّ شاذان، وبحر بن نصر الخولانيّ، وعباس الرَّبعيّ، ومحمد بْن عزيز الَأيْليّ، ويحيى بْن الذُّهْليّ، ويونس بْن حبيب الإصبهانيّ. وقْعة الزَّنج: وفيها دخلت الزَّنج واسطًا، فاستباحوها وأحرقوا فيها، فجهّز الموفّق ابنه أبا الْعَبَّاس فِي جيشٍ عظيم، فكان بينه وبين الزَّنج وقْعة فِي المراكب فِي الماء، فهزمهم أبو الْعَبَّاس، وقتَل فيهم وأسر وغرَّق سُفُنَهم، وكان ذلك أوَّل النّصر. فنزل أبو الْعَبَّاس واسطًا الجزء: 20 ¦ الصفحة: 11 واجتمع قوّاد الخبيث صاحب الزَّنج سُلَيْمَان بْن مُوسَى الشّعْرانيّ، وعليّ بْن أبان، وسليمان بْن جامع، وحشدوا وأقبلوا، فالتقاهم أبو الْعَبَّاس، فهزمهم وفرَّقهم، ثُمَّ واقَعَهم بعد ذلك، فهزمهم أيضًا ومزَّقهم. ثُمَّ دامت مُصابَرَة القتال بينهم شهرين، ثُمَّ قذف الله الرُّعب فِي قلوب الزَّنج من أبي الْعَبَّاس وهابوه. وتحصّن سُلَيْمَان بْن جامع بمكان، وتحصّن الشّعْرانيّ بمكانٍ آخر. فسار أبو الْعَبَّاس وحاصر الشّعْرانيّ، وجَرَت بينهم حروب صعْبة، إِلَى أن انهزمت الزَّنج، ورجع أبو الْعَبَّاس بجيوشه سالمًا غانمًا. وكان أكثر قتالهم فِي المراكب والسّماريّات، وغرق من الزَّنج خلْق سوى من قُتِلَ وأُسِر. ثُمَّ سار الموفَّق من بغداد في جيوشه فِي السُّفن والسّماريّات فِي هيئةٍ لم يُرَ مثلها إِلَى واسط. فتلّقاه ولده أبو الْعَبَّاس، ثُمَّ سارا إِلَى قتال الزَّنج ليستأصلوهم، فواقعهم، فانهزم الزَّنج واستُنْقِذ منهم من المسلمات نحو خمسة آلاف امْرَأَة، وهُدِمت مدينة الشَّعْرانيّ فهرب فِي نفرٍ يسير مسلوبًا من الأهل والمال، وَوَصَلَ إِلَى المذار، فكتب إِلَى الخبيث سلطان الزَّنج بما جرى، فتردَّد الخبيث إِلَى الخلاء مرارًا فِي ساعة، ورجف قوّاده وتقطّعت كبدُه، وأيقن بالهلاك. ثُمَّ إنّ الموفَّق سَأَلَ عن أصحاب الخبيث، فَقِيلَ له: مُعْظَمهُم مع سُلَيْمَان بْن جامع فِي بلد طَهِيثا، فسار الموفَّق إليها، وزحف عليها بجنوده، فالتقاه سُلَيْمَان بْن جامع وأحمد بْن مهديّ الْجُبائيّ فِي جموع الزَّنج، ورتّب الكُمَنَاء واستحرَّ القتال، فرمى أبو الْعَبَّاس بْن الموفق لأحمد بْن مهديّ بسهمٍ فِي وجهه هلك منه بعد أيامٍ. وكان أبو الْعَبَّاس راميًا مذكورًا. ثُمَّ أصبح الموفَّق على القتال، وصلّى وابتهل إِلَى الله بالدّعاء، وزحف على البَلْدَة، وكان عليه خمسة أسوار، فَمَا كَانَتْ إلّا ساعة وانهزمت الزَّنج، وعمل فيهم السّيف وغرق أكثرهم. وهرب سُلَيْمَان بْن جامع. واستنقذ الموفَّق من طَهِيثا نحو عشرة آلاف أسير فسيرهم إِلَى واسط، وأخذ من المدينة تُحَفًا وأموالًا، بحيث استغنى عسكره، وأقام بها الموفَّق أيّامًا ثُمَّ هدَمها. مسير الموفَّق إِلَى الأهواز: وكان المهلَّبيّ مقيمًا بالأهواز فِي ثلاثين ألف من الزَّنج، فسار إليها الموفَّق، فانهزم الجزء: 20 ¦ الصفحة: 12 المهلَّبيّ وتفرَّق جَمْعُه، وانهزم بَهْبُوذ الزَّنجيّ، وبعثوا يطلبون الأمان؛ لأنه كان قد ظفر بطائفةٍ كبيرة من أصحاب الخبيث وهو بنهر أبي الخصيب. تمهيد الموفَّق للبلاد: ثُمَّ سار الموفَّق إِلَى جُنْدَيْسابور ثُمَّ إِلَى تُسْتَر فنزلَها، وأنفق في الجند والموالي، ثم رحل عسكر مُكْرَم ومهّد البلاد، ثُمَّ رجع وبعث ابنه أَبَا الْعَبَّاس إِلَى نهر أبي الخصيب لقتال الخبيث. فبعث إليه الخبيث سُفُنًا، فاقتتلوا، فهزمهم أبو الْعَبَّاس، واستأمن إليه القائد مُنْتاب الزَّنجيّ، فأحسنَ إليه. موقعة المختارة: وكتب الموفَّق كتابًا إِلَى الخبيث يدعوه إِلَى التَّوبة إِلَى الله والإنابة إليه ممّا فعل من سَفْك الدّماء وسبي الحريم وانْتِحال النبوَّة والوحي، فَمَا زاده الكتاب إلّا تجبرًا وعتوًَّا. وَقِيلَ: إنه قَتَلَ الرَّسُول، فسار الموفَّق فِي جيوشه إِلَى مدينة الخبيث بنهر أبي الخّصِيب، فأشرف عليها، وكان قد سمّاها المختارة، فتأمّلها الموفَّق ورأى حصانتها وأسوارها وخنادقها، فرأى شيئًا لم ير مثله، ورأى من كثرة المقاتلة ما استعظمه، ورفعوا أصواتهم، فارتجّت الأرض، فرشقهم ابنه أبو الْعَبَّاس بالنّشّاب، فرموه رميةٌ واحدة بالمجانيق والمقاليع والنّشّاب، فأذهلوا الموفَّق، فرجع عَنْهُمْ، وثبت أبو الْعَبَّاس. واستأمنَ جماعة من أصحاب الخبيث إِلَى أبي الْعَبَّاس فأحسن إليهم، ثُمَّ استأمن منهم بشرٌ كثير، فخلع على مقدَّمهم. فَلَمَّا كان فِي اليوم الثّاني جهّز الخبيث بَهْبُوذ فِي السماريّات، فالتقاه أبو الْعَبَّاس، فاقتتلوا، فأصاب بهبوذ طعنتان ونشّاب، فهرب إِلَى الخبيث، ورجع أبو أَحْمَد إِلَى معسكره بنهر الْمُبَارَك ومعه خلق قد استأمنوا. فَلَمَّا كان في شعبان برز الخبيث في ثلاثمائة ألف فارس وراجل، فركب الموفَّق فِي خمسين ألفًا، وكان بينهم النهَّر، فنادى الموفَّق بالأمان لأصحاب الخبيث، فاستأمن إليه خلق كثير، ثُمَّ انفصل الجمعان عن غير قتال. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 13 بناء الموفقيّة: ثُمَّ بنى الموفَّق مدينة بإزاء مدينة الخبيث على دجلة وسمّاها الموفَّقيّة، وجمع عليها خلائق من الصُّنّاع، وبنى بها الجامع والأسواق والدُّور، واستوطنها النّاس للمعاش. وكان عدد من استأمن فِي شهرين خمسين ألفًا من جيش الخبيث، ما بين أبيض وأسود. الوقعة بين أبي الْعَبَّاس والخبيث: وَفِي شوّال كَانَت الوقعة بين أبي الْعَبَّاس والخبيث، قُتِلَ منهم خلقًا كثيرًا. وذلك لأن الخبيث انتخب من قوّاده خمسة آلاف، وأمرهم أن يعدّوا فيتبيّنوا عسكر الموفَّق، فَلَمَّا عبروا بلغ الموفَّق الخبر من ملّاح، فأمر ابنه بالنّهوض إليهم، فَنُصِر عليهم وصلبهم على السُّفن، ورمى برءوس القتلى فِي المناجيق إِلَى مدينة الخبيث، فذُلّوا. اقتحام الموفق مدينة الخبيث: وَفِي ذي الحجة عبر الموفَّق بجيوشه إِلَى مدينة الخبيث، وكان الزَّنج قبل ذلك قد ظهروا على أبي الْعَبَّاس، وقتلوا من أصحابه جماعة، فدخل الموفَّق بجميع جيوشه ودار حول المدينة، والزَّنج يَرمونهم بالمجانيق وغيرها. فنصَبَ المسلمون السّلالم على السّور وطلعوا ونصبوا أعلام الموفَّق، فانهزم الزَّنج، وملك أصحاب الموفَّق السُّور، فأحرقوا المجانيق والسّتائر. وجاء أبو الْعَبَّاس من مكانٍ آخر، فاقتحم الخنادق، وثَلَم السُّور ثُلْمةً اتّسع منها الدّخول. وانهزم الخبيث وأصحابه، وجُنْدُ الموفَّق يتبعونهم إِلَى اللّيل. ثُمَّ عاد الخبيث إِلَى المدينة، وعدّى الموفَّق إِلَى عسكره، وتراجع أصحاب الخبيث ثم رمم ما هوى من الأسوار والخنادق. استيلاء الخُجُسْتانيّ على الولايات وضربه السكّة: وفيها: استولى أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ على خُراسان، وكرْمان، الجزء: 20 ¦ الصفحة: 14 وسِجِسْتان، وعزم على قصْد العراق، وضربَ السِّكّة باسمه، وعادَ على الوجه الآخر اسم المعتمد. حبْس ابنُ المدبّر ومصادرته: وفيها حبس أَحْمَد بْن طولون أَحْمَد بْن المدبّر الكاتب وصادره، وأخذ منه ستّمائة ألف دينار. وكان يتولى خراج دمشق1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 557-600"، الكامل "7/ 344-356"، البداية "11/ 38، 39". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 15 أحداث سنة ثمانٍ وستّين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أبو الْحَسَن أَحْمَد بْن سيّار المَرْوَزِيّ، وأحمد بْن شَيْبَان الرمليّ، وأحمد بْن يُونُس الضَّبّيّ الإصبهانيّ، وعيسى بْن أَحْمَد العسقلانيّ البلخيّ، والفضل بْن عَبْد الجبّار المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بن عبد الحَكَم الفقيه. استئمان جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيم للموفقّ: وَفِي المُحرّم استأمن إِلَى الموفَّق جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيم السّجَان، وكان صاحب أسرار الخبيث وأحد خواصه، فخلع عليه الموفَّق وأعطاه مالًا كثيرًا، وأمر بحمله إِلَى قريب مدينة الخبيث. فَلَمَّا حاذى قصر الخبيث صاح: ويْحكم إِلَى مَتَى تصبرون على هَذَا الخبيث الكذّاب. وحدَّثهم بما اطَّلع عليه من كِذبه وفجوره، فاستأمن فِي ذلك اليوم خلْق كثير منهم. وتتابع النّاس فِي الخروج من عند الخبيث. دخول جُند الموفَّق مدينة الزَّنج: وَفِي ربيع الآخر زحف الموفَّق على مدينة الخبيث، وَهدم مِن السّور أماكن، ودخل الْجُنْد من كلّ ناحية واغترّوا، فخرج عليهم أصحاب الخبيث، فتحيَّروا فِي الخروج، وبعض النّاس طلب الشّطّ فغرقوا. ورد الموفَّق إِلَى مدينة الموفّقيّة، وقد أُصيب أصحابه. ثُمَّ ضيّق على الخبيث، وقطع عَنْهُ الميرة، فضاق بأصحابه الأمر حَتَّى أكلوا لحوم الكلاب والموتى، وهرب خلْق، فسألهم الموفَّق، فقالوا له: لنا سنة ما أكلنا الخبز. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 15 مقتل بَهْبُوذ: فَلَمَّا كان رجب قُتِلَ بَهْبُوذ، وكان أكبر قوّاد الخبيث. دخول ابنِ حَوْشب طولون: فِي هَذَا العام دخل أبو القاسم الْحَسَن بْن فرح بْن حَوْشب اليمن داعيًا من قبل عُبَيْد الله الَّذِي ملك المغرب، وتسمّى، بالمهديّ. عصيان لؤلؤ لابن طولون: وفيها عصى لؤلؤ مَوْلَى أَحْمَد بْن طولون وخامر على أستاذه، فنهب بالسن فِي الرَّقَّة وقَرْقِيسيا، وسار إِلَى العراق. قَتْلُ ابْنِ صاحب الزَّنْج: وبلغ الخبيث أنّ ابنه يريد الهروب إِلَى الموفَّق فقتله. قَتْلُ الخُجُسْتانيّ: وفيها قُتِلَ أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ الخارج بخراسان، قتله غلمانٌ له فِي آخر السنة. غزوة خَلَف التركيّ ثغور الروم: وفيها غزا خلف التُّركي نائب أَحْمَد بْن طولون على ثغور الشّام، فقتل من الروم بضعة عشر ألفًا وغنِم، فبلغ السهم أربعين دينارًا1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 601، 612"، الكامل "7/ 364-372"، "11/ 42"، النجوم "3/ 54-56"، صحيح التوثيق "6/ 277". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 16 أحداث سنة تسعٍ وستّين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن عَبْد الحميد الحارثيّ، وحُذَيْفة بْن غِياث، وإبراهيم بْن منقذ الخَوْلانيّ، وعبد الله بْن حمّاد الآمُليّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم، أبو حَمْزَةَ الصُّوفيّ، وأبو فَروة يزيد بْن محمد بْن يزيد بْن سِنان. كسوف الشمس والقمر: وَفِي المحرّم انكسفت الشمس والقمر غارة الأعراب على الحجّاج: وفيها قطعت الأعراب الطريق على الحُجّاج، فأخذت خمسمائة جمل بأحمالها. وثوب خَلَف الفرغاني على يازمان الخادم: وفيها وثب خلف الفرغانيّ على يازمان خادم الفتح بْن خاقان، فحبسه بالثّغْر فوثب أَهْل الثّغر فخلَّصوه، وَهَمُّوا بقتل خَلَف، فهرب إِلَى دمشق، ولعنوا ابْنَ طولون على منابر الثَّغر، فسار أَحْمَد بْن طولون من مصر حَتَّى نزل أَذَنَةَ، وقد تحصّن بها يازمان الخادم، وفعل ذلك أَهْل طَرَسُوس، فأقام ابنُ طولون مدّة على أَذَنَة، فلم يظفْر بها بطائل، فعاد إِلَى دمشق. أَخْذُ لؤلؤ قرقيسيا من العُقَيليّ: وفيها افتتح لؤلؤ قرقيسيا عنوة، وأخذها من ابن صفوان العقيلي، وسلمها إلى أحمد بن مالك بن طوق. دخول الموفق مدينة صاحب الزنج: وفيها دخل الموفَّق مدينة الخبيث عَنْوَة. وكان الخبيث عند قُتِلَ بَهْبُوذ أَخَذَ تَرِكَتَه وأمواله، وضربَ أقاربه بالسِّياط، ففسدت نيّات خواصّه لذلك، فعبر الموفَّق المدينة ونادى بالأمان فتسارع إليه أصحاب بَهْبُوذ، فأحسنَ إليهم، ثُمَّ دخل المدينة بعد حربٍ شديد، وقصدَ الدّار الّتي سماها الخبيث جامعًا، فقاتل أصحابه دونه أشد القتال، فهدموها وأتوا بالمِنْبَر الَّذِي للخبيث، ففرح وخرج إِلَى مدينته بعد أن نهب خزائن الخبيث، وأحرق الأسواق والدُّور. وذلك فِي جمادى الأولى. وَرُمِيَ يومئذٍ الموفَّق بسهمٍ فجرحه، ثُمَّ أصبح على القتال، فزاد عليه الألم بالحركة، وخيف عليه، وخافوا قوّة الخبيث عليهم، وأشاروا عليه بالرحيل إِلَى بغداد، فأبى وتصبَّر حَتَّى عُوفي وعاد لحرب الخبيث، وقد رمّم الخبيث ما وَهَى من مدينته. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 17 عزم المعتمد على اللّحاق بمصر: وَفِي نصف جُمادى الأولى شخص المعتمد من سرَّ من رَأَى يريد اللّحاق بابن طولون لأمرٍ تقرَّر بينهما. قَالَ أَحْمَد بْن يوسف الكاتب: خرج أَحْمَد بْن طولون من مصر، وحمل معه ابنه الْعَبَّاس معتَقَلًا، فقدِم دمشق، وخرج المعتمد من سامُراء على وجه التّنزُّه، وقصْدُه دمشق لاتّفاق جرى بينه وبين ابنُ طولون على المعتمد لم يبق منكم مَعْشَر الموالي اثنان. فاجتهد فِي ردّه. وكان ابنُ كُنْداج فِي نصِّيبين فِي أربعة آلاف، فصار إِلَى المَوْصِل، فوجد حرّاقات المعتمد وقُوّاده بموضعٍ يُقَالُ له الدَّواليب، فوكَّل بهم هناك، وسار فلقي المعتمد بين المَوْصِل والحديثة، فخرج إليه نحرير الخادم، وسلَّم عليه واستأذن فأُذِنَ له، فدخل ابنُ كنْداج ومعه ابنه محمد وجماعة يسيرة، فسلَّم ووقف، وقَالَ: يا إِسْحَاق لِمَ منعت الحَشَم من الدّخول إِلَى المَوْصِل؟ وكان ينزلها أَحْمَد بْن خاقان وخطارمِش، فقال: يا أمير المؤمنين أخوك فِي وجه العدوّ، وأنت تخرج عن مستقرّك ودار مُلْكك، ومتى صحّ كتاب أخيك يأمرنا بردّك. فقال: أنت غلامي أو غلامه؟ فقال: كلُّنا غلمانك ما أطعت الله، فإذا عصيته فلا طاعة لك وقد عصيت الله فيما فعلت من خروجك، وتسليط عدوّك على المسلمين. ثُمَّ خرج من المضرب ووكّل به جماعة. ثُمَّ بعث إِلَى المعتمد يطلب ابنَ خاقان وخطارمِش لِيُنَاظِرهما. فبعث بهما إليه فقال: ما جنى أحد على الْإِسْلَام والخليفة ما جنيتم، فلِمَ أخرجتموه من دار مُلْكه فِي عدّةٍ يسيرة، وهارون الشّاري بإزائكم فِي جمعٍ كبير؟ فلو حضركم وأخذ الخليفة لكان عارًا وسبَّةً على الْإِسْلَام. ثُمَّ رسّم عليهم، وبعث إِلَى الخليفة يقول: ما هَذَا المقام، فارجع. فقال المعتمد: فأخلف لي أنّك تنحدر معي ولا تسلّمني. فحلف له، وانحدر إِلَى سامراء، فتلقّاه صاعد بْن مَخْلد كاتب الموفَّق، فسلّمه إِسْحَاق إليه، فأنزله في دار أحمد ابن الخصيب، ومنعه من نزول دار الخلافة، ووكّل به خمسمائة رَجُل يمنعون من الدّخول إليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 18 وأمّا الموفَّق فبعث إِلَى إِسْحَاق بخلعٍ وأموالٍ، وأقطعه ضياع القُوّاد الذين كانوا مع المعتمد. وقَالَ الصُّوليّ: كان المعتمد قد ضجر من أَخِيهِ الموفَّق، فكاتب ابنُ طولون واتّفقا فذكر الحكاية. وقَالَ المعتمد: أليس من العجائب أنّ مثلي ... يَرَى ما قلَّ ممتنعًا عليه؟ وتُوكَلُ باسمه الدُّنيا جميعًا ... وما من ذاك شيءٌ في يديه؟ تلقيت ذي الوزارتين وذي السَيفين: ولقّب الموفَّق صاعدًا: ذا الوزارتين، ولقب ابنُ كُنْداج: ذا السَّيفين. وأقام صاعد فِي خدمة المعتمد، ولكن ليس للمعتمد حلّ ولا ربْط. مصادرة ابنُ طولون للقاضي بكار بْن قُتَيْبَةَ: ولمّا بلغ ابنُ طولون ذلك جمع القُضاة والأعيان وقَالَ: قد نكث الموفَّق أبو أَحْمَد بأمير المؤمنين فاخلعوه من العهد. فخلعوه إلّا القاضي بكّار بْن قُتَيْبة؛ فقال: أنت أوردت عليَّ كتابًا من المعتمد بولاية العهد، فأورِدْ عليَّ كتابًا آخر منه بخلْعه. فقال: إنّه محجورٌ عليه ومقهور. فقال: لا أدري. فقال ابنُ طولون: أغرّك النّاس بقولهم: ما فِي الدُّنيا مثل بكّار؛ أنت شيخ قد خرَّفت. وحبسهُ وقيّدهُ، وأخذ منه جميع عطاياه من سنين، فكان عشرة آلاف دينار، فَقِيلَ: إنّها وُجدت فِي بيت بكّار بختمْها وحالها. وبلغ الموفَّق فأمر بلعنة ابنُ طولون على المنابر. سير ابنُ طولون إِلَى المصّيصة وتراجعه: وفيها سار ابنُ طولون إِلَى المصِّيصة. وبها يازمان الخادم، فتحصّن ونزل ابنُ طولون بالمَرْج والبردُ شديد. فشقّ عليه يازمان نهر طَرَسُوس، فغرق المرج وهلك عسكر ابن طولون، فرحل وهو خائف، فخرج أَهْل طَرَسُوس فنهبوا بقايا عسكره، الجزء: 20 ¦ الصفحة: 19 ومرِض فِي طريقه مرضته الّتي مات فيها مغبونًا. ولاية ابنُ كُنْداج: وولّي الموفَّق إِسْحَاق بْن كُنْداج المغرب كلّه والعراق كلّه، وما كان بيد أَحْمَد بْن طولون. إحراق قطعة من بلد الزَّنج: وفيها عبر الموفَّق إِلَى الخبيث وأحرق قطعة من البلد، وجرح ابنُ الخبيث وكاد يتلف. الوقعة بين الموفق وبين الزَّنج: وَفِي شوّال كَانَتْ بين الموفَّق والخبيث وقعةٌ عظيمة. ولمّا رَأَى الخبيث أنّ الميرة قد انقطعت عَنْهُ وصعُب أمره، وقلّ عنده الشيء، حَتَّى كان أحدهم إذا وقع بامرأة أو صبيّ ذبحه وأكله. وكان الخبيث يعاقب من يفعل ذلك لكنْ بحبسه. ثُمَّ إنّ الموفَّق أحرق عامّة البلد وقصر الإمارة، وخافت الزَّنج، فقاتلوا قتالًا شديدًا، ثُمَّ انهزموا، وعبر الخبيث إِلَى الجانب الشرقيّ من نهر أبي الخصيب، واستأمن إِلَى الموفَّق جماعة من القُوّاد أصحاب الخبيث وخاصّته، وفتحوا سجنًا كبيرًا كان للخبيث فِيهِ خلْق من عساكر المسلمين وأصحاب الموفَّق، فأطلقوهم. دخول المعتمد واسط: وَفِي ذي القعدة دخل المعتمد إلى واسط. دخول الموفٌّق مدينة صاحب الزَّنْج وتخريب داره: وفيه سارت السُّفن والسّماريات وجيوش الموفَّق على ترتيب لم يُرَ مثله كثْرةً وأُهْبةً، فَلَمَّا رَأَى الخبيث ذلك بَهره وزال عقله. وزحف الجيش نحو الخبيث، فالتقاهم فِي جيشه، والْتحم القتال، وحمل الموفَّق وابنه والخواصّ، فهزموا الزَّنج، وقتلوا منهم مقتلةً هائلة، وأسروا خلقًا، فَضُرِبَتْ أعناقهم. وقصد الموفَّق دار الخبيث، وقد التجأ الجزء: 20 ¦ الصفحة: 20 إليها، وانتحب أنجاد أصحابه ليدافعوا عَنْهَا، فَلَمَّا لم يُغْنوا عَنْهُ شيئًا أسلمها، وتفرّق عَنْهُ أصحابه، ونُهِبَتْ داره وحُرَمُه وأولاده، فهرب الخبيث نحو دار المهلّبيّ قائده. وأُتِيَ بحريمه وذرِّيتّه فكان عددهم أكثر من مائة، فأمر الموفَّقٌ بحملهم إِلَى الموفَّقيّة وأحسن إليهم، وأمر بإحراق دار الخبيث. وكان عنده نساء علويّات وحرائر قد استباحهنّ، وجاءه منهنّ أولاد1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 613-653"، والكامل "7/ 377-396"، والبداية "11/ 42، 43"، والنجوم "3/ 57، 58"، وصحيح التوثيق "6/ 280". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 21 أحداث سنة سبعين ومائتين : فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن طولون صاحب مصر، وأحمد بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، وأحمد بْن المقدام الهَرَويّ، وإبراهيم بْن مرزوق البصريّ، وأسد بْن عاصم، وبكّار بْن قُتَيْبَةَ القاضي، والحسن بْن عليّ بْن عفان العامريّ، وداود الظّاهريّ الفقيه، والربيع بْن سُلَيْمَان المراديّ، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، وعبّاس بْن الْوَلِيد البَيروتيّ، وأبو البَخْتَرِيّ عَبْد الله بْن محمد بْن شاكر، ومحمد بن إِسْحَاق الصّغانيّ، ومحمد بْن ماهان، ومحمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ، ومحمد بْن هشام بْن ملّاس. مقتل صاحب الزَّنج: وفيها وصل لؤلؤ الطُّولوني فِي جيشٍ عظيم نجدةً للموفق فِي المحرّم، فكانت بين الموفَّق وبين الخبيث وقعةٌ أوهنت الخبيث، ثُمَّ وَقْعَةٌ أخرى قُتِلَ فيها الخبيث وعجل الله بروحه إِلَى النّار. وهو عليّ بْن محمد المدَّعي أنّه علويّ، وَقِيلَ: اسمه بَهْبُوذ. قد ذكرنا وقائعه مع الموفَّق وحصاره الزّمن الطّويل له، إِلَى أن اجتمع مع الموفَّق زهاء ثلاثمائة ألف مقاتل مطَّوّعة وَفِي الديوان. فَلَمَّا كان فِي ثاني صفر، وقد التجأ الخبيث إِلَى جبلٍ ثُمَّ تراجع هُوَ وأصحابه إِلَى مدينتهم خُفْية، وجاءت مقدّمات الموفَّق، فَلَمَّا وصلوا إِلَى المدينة لم يَدْرُوا أنّهم قد رجعوا إليها، فأوقعوا بهم، فانهزم الخبيث وأصحابه، وتبعهم أصحاب الموفَّق يأسرون ويقتلون، وانقطع الخبيث فِي جماعةٍ من قوّاده وفرسانه، وفارقه ابنه انكلائي، وسليمان ابن جامع، فظفر أبو الْعَبَّاس بن الموفَّق بابن جامع، فكبّر النّاس لمّا أتى به إِلَى أبيه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 21 ثُمَّ شدّ الخبيث وأصحابه، فأزال النّاس عن مواقفهم، فحمل عليه الموفَّق فانهزموا وتَبِعهم إِلَى آخر نهر أبي الخصيب، فبينا القتال يعمل إذ أتى فارس من أصحاب لؤلؤ إِلَى الموفَّق برأس الخبيث فِي يده، فلم يصدّقه فعرضه على جماعةٍ فعرفوه. فترجل الموفَّق وابنه والأمراء وخرّوا سجَّدًا لله، وكبّروا وحمدوا الله تعالى. وَقِيلَ: إنّ أصحاب الموفَّق لمّا أحاطوا به لم يبق معه إلّا المهلَّبيّ، ثُمَّ ولّى وتركه، فقذف نفسه فِي النّهر فقتلوه. وسار أبو الْعَبَّاس ومعه رأس الخبيث على رمحٍ فدخل به بغداد، وعُمِلت قِباب الزّينة، وضجّ النّاس بالدّعاء للموفَّق وولده. وكان يومًا مشهودًا. وأمِن النّاس وتراجعوا إِلَى المدن الّتي أخذها الخبيث. وكان ظهوره من سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ الصُّولي إنّه قتَل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف آدميّ، وقتل فِي يومٍ واحدٍ بالبصرة ثلاثمائة ألف. وكان له منبرٌ فِي مدينته يصعد ويسبّ عُثْمَان وعليّ ومعاوية وطلحة والزُّبير وعائشة، وهو رَأَى الأزارقة1. وكان ينادى على المرأة العلوية بِدرْهَمين وثلاثةٍ فِي عسكره، وكان عند الواحد من الزَّنج العشرة من العلويّات يطأهنّ وتخدمن نساءهنّ. ومدح الشعراء الموفَّق. عودة المعتمد إِلَى سامُرّاء: وَفِي نصف شعبان أعيد المعتمد إِلَى سامراء، ودخل بغداد ومحمد بْن طاهر بْن يديه بالحربة والحسن فِي خدمته كأنْ لم يُحْجَر عليه. انبثاق بثق بنهر عِيسَى: وفيها انبثق ببغداد فِي الجانب الغربي فِي نهر عِيسَى بثقٌ، فجاء الماء إِلَى الكَرْخ، فهدم سبعة آلاف دار.   1 الأزارقة: إحدى فرق الخوارج الضالة. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 22 ظهور الحسني بالصعيد ومقتله: وفيها ظهر أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم بْن عبد الله بْن الحسني بالصعيد، وتبعه خلْق. فجهّز أَحْمَد بن طولون لحربه جيوشًا، وكانت بينهم وقعات وظفروا به وأتوا ابنُ طولون فقتله. ومات بعده ابنُ طولون بيسير. ظهور دعوة المهديّ باليمن: وفيها ظهرت دعوة المهديّ باليمن، وكان قبلها بنحو سنين قد سيّر والدهُ عُبَيْد، جدّ بني عُبَيْد الخلفاء المصرييّن الرَّوافض المَلاحِدة الَّذِي زعم أنّه ابنُ محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الصادق، داعين لولده عَبْد الله المهديّ، أحدهما أبو القاسم بْن حَوْشَب الكوفي، والآخر أبو الْحَسَن، فَدَعَوْا إِلَى المهدي سرًّا. ثُمَّ سيّر والد المهديّ داعيًا آخر يُسمّى أَبَا عَبْد الله، فأقام باليمن إِلَى سنة ثمانٍ وسبعين، فحجّ تلك السنة، واجتمع بقبيلة من كُتامة، فأعجبهم حاله، فصحبهم إلى مصر، ورأى منهم طاعةً وقوّة، فصحبهم إِلَى المغرب، فكان ذلك أوّل شأن المهديّ. هزيمة الروم عند طَرَسُوس: وفيها نازلت الرّوم طَرَسُوس فِي مائة ألف وبها يازمان الخادم، فبيَّتهم ليلًا وقتل مقدّمهم وسبعين ألفًا. وأخذ منهم صليبهم الأكبر وعليه جواهر لا قيمة لها، وأخذ من الخيل والأموال والأمتعة ما لا ينحصر، ولم يُفِلت منهم إلّا القليل؛ وذلك فِي ربيع الأوّل. وكان فتحًا عظيمًا عديم المثيل منَّ الله به على الْإِسْلَام يوازي قتل الخبيث. والحمد لله وحده1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 654-667"، والكامل "7/ 399-406"، والبداية "11/ 44، 45"، والنجوم الزاهرة "3/ 59-61"، وصحيح التوثيق "6/ 282". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 23 تراجم أهل هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: حَرْفُ الأَلِفِ: 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم. أبو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ1 ورّاق خلف بن هشام البزّار. سمع: خَلَفًا، ومسدّدًا، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم القعنبيّ، وطائفة. وعنه: أبو عِيسَى بْن قَطَن، وإسحاق بْن أبي حسّان الأنماطيّ، وحمزة الِّسمسار. قَالَ: الخطيب: كان ثقة. صنَّف فِي عدد الآي. قلت: وكان أحد الحُذّاق فِي القراءة. تلا على خَلَف، وعلى أبي عُبَيْد، ومحمد بْن إِسْحَاق، وهشام بْن عمّار وغيرهم. 2- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم. أبو علي القُهسْتانيّ2. حافظ، نزل بغداد. عن: يحيى بْن يحيى، وابن نُمَيْر، وإبراهيم بْن المنذر. وعنه: ابنُ مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر المَطِيريّ، وجماعة. وثِّق. تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين ومائتين. 3- أَحْمَد بْن الأزهر بْن مَنِيع بن سليط -ن ق. أبو الأزهر العبديّ النيَّسابوري الحافظ3. حجّ ورأى سُفْيَان بْن عُيَيْنَة؛ وسمع: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأسباط بْن محمد، ومالك بْن سُعَيْر بن الخِمْس، ومحمدا، وَيَعْلَى بن عبيد، ويعقوب بن إبراهيم   1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 8". 2 تاريخ بغداد "4/ 9، 10". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 41"، والسير "10/ 254"، طبعة التوفيقية. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 24 الزُّهريّ، وعبد الرّزّاق، ووهْب بْن جرير، وأبا ضَمرة، وطائفة. وعنه: ن. ق. ومحمد بْن يحيى، ومحمد بْن الْحُسَيْن القطان، وخلْق كثير. قَالَ ابن الشرقيّ: سمعته يقول: كتب عنيّ يحيى بْن يحيى. وكان أبو الأزهر ثقةً بصيرًا بهذا الشّأن، روى عن عَبْد الرّزّاق حديثًا مُنْكَرًا هُوَ منه إنّ شاء الله بريء العهدة. وهو: أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهري، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: "أَنْتَ سّيدٌ فِي الدُّنْيَا سّيدٌ فِي الآخِرَةِ. مَنْ أحبَّك فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَحَبِيبِي حَبِيبُ اللَّهِ. وعدوَّك عَدُوِّي وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللَّهِ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ مِنْ بَعْدِي"1. قَالَ أَحْمَد بْن يحيى بْن زُهير السَّريّ: لمّا حدَّث أبو الأزهر بهذا الحديث أُخبر يحيى بْن معين بِذَلِك، فقال: مَن هَذَا الكذاب النَّيسابوريّ الَّذِي حدَّث بهذا؟ فقام أبو الأزهر فقال: هوذا أَنَا. فتبسَّم ابنُ معين وقَالَ: أما إنّك لست بكذّاب. وتعجّب من سلامته، وقَالَ: الذَّنب لغيرك فِي هَذَا الحديث. قَالَ أبو حامد بْن الشَّرقيّ، هَذَا حديث باطل، وكان لمعمر ابنُ أخٍ رافضيّ، وكان ابنُ مُعَمَّر يمكِّنه من كُتُبه، فأدخل عليه هَذَا. وكان مُعَمَّر رجلًا مهيبًا، ولا يقدر عليه أحد فِي السّؤال والمراجعة، فسمعه عَبْد الرّزّاق فِي كتابه. وقَالَ غير واحد، عن مكّيّ بْن عَبْدان: سمعت أَبَا الأزهر يقول: خرج عَبْد الرّزّاق إِلَى قريته، فبكَّرت إليه قبل الصُّبح، فَلَمَّا رآني قَالَ: كنت البارحة هنا؟ قلت: لا، ولكن خرجت فِي اللّيل. فأعجبه ذلك. فَلَمَّا فرغ من صلاة الصُّبح دعاني وقرأ عليّ هَذَا الحديث، وخصّني به دون أصحابي2.   1 "حديث باطل": أخرجه ابن عدي "1/ 195" في الكامل، والخطيب "4/ 48" في تاريخ بغداد، وابن الجوزي "2/ 218"، في العلل المتناهية، وانظر: الميزان "5044"، وتنزيه الشريعة "1/ 398". 2 تاريخ بغداد "4/ 42". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 25 وروى أبو محمد بْن الشَّرقي، عن أبي الأزهر قَالَ: كان عَبْد الرّزّاق يخرج إِلَى قريته، فذهبت خلفه، فرآني أشتدّ، فقال: تعال. فأركبني خلفه على البغْل، ثُمَّ قَالَ لي، ألا أخبرك حديثًا غريبًا؟ قلت: بلى. فحدَّثني الحديث. فَلَمَّا رجعت إِلَى بغداد أنكر عليّ ابنُ مَعِين وهؤلاء، فحلفت أن لا أحدّث به حتى أتصدّق بدرهم. وقد رواه محمد بْن عليّ بْن سُفْيَان النّجّار، عن عَبْد الرّزّاق. قَالَ أبو حامد بْن الشّرْقيّ: قَيِل لي لِمَ لا ترحل إِلَى العراق؟ قلت: وما أصنع وعندنا من بنادرة الحديث ثلاثة: محمد بْن يحيى، وأبو الأزهر، وأحمد بن يوسف السُّلميّ. قَالَ النَّسائيّ: أبو الأزهر لا بأس به. وعن أبي الأزهر قَالَ: لمّا أنكر عليَّ ابن معين هذا الحديث حلفت أن لا أحدث به حتى أتصدَّق بدرهم. وقال الدّارقطنيّ: لا بأس به، أخرج فِي الصَّحيحين عمّن هُوَ دونه. قَالَ الْحُسَيْن بْن محمد القبّانيّ: تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستين. وقَالَ أبو حاتم: صدوق. 4- أَحْمَد بْن حرب بن محمد بن علي بن حيان بْن شاذان بْن الغَضُوبة1. أبو بَكْر الْمَوْصِلِيّ. أخو عليّ بْن حرب. سمع: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، وأبا مُعَاوِيَة، وطائفة. وعنه: س، وقَالَ: هُوَ أحبُّ إليَّ من أَخِيهِ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، ومكحول البيروتيّ، وآخرون. وقَالَ الأزْديّ فِي تاريخه: كان ورِعًا فاضلًا، رابط بأَذَنَه، وبها مات. 5 - أَحْمَد بْن الحَسَن السُّكّريّ الحافظ2.   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 49"، السير "12/ 253، 254". 2 في عداد المجهولين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 26 تُوُفيّ بمصر سنة ثمانٍ وستّين. لا أعرفه، وذكره مختصر. 6 - أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مُجَالد الضرير1. مَوْلَى المعتصم. أَخَذَ عن: جَعْفَر بْن مبشّر عِلْم الكلام. وكان من دُعاة المعتزلة. هلك سنة تسعٍ وتسعين، وَقِيلَ: قبلها بعام. 7 - أَحْمَد بْن حمدون2. أبو عبد الله الْبَغْدَادِيّ الكاتب الإخباريّ، والشاّعر، أَحَدُ الموصوفين بالظُّرف والأدب. نادَمَ الخلفاء، وقد مدحه البُحْتُريّ. تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين. روى عنه: ابن أخيه عليّ بن بسّام، جعفر بْن قُدامة، وأحمد بن الطَّيّب السّرْخَسيّ. 8- أَحْمَد بْن الخصيب بْن عَبْد الحميد3. الوزير أبو الْعَبَّاس الْجَرْجَرائيّ. وَزَر للمنتصر وللمستعين، ثُمَّ نفاه المستعين إِلَى الغرب فِي سنة ثمانٍ وأربعين. وأبوه ولي إمرة الدّيار المصرية. وَقِيلَ: إنّ أَحْمَد كان فِيهِ حِدة وتسُّرع. قَالَ أَحْمَد بْن أبي طاهر الكاتب: كان يحتدّ علي من يُراجعه، ويُخْرِج رِجْله من الرِّكاب، فيرفس من يراجعه، ففيه أقول من أبيات: قل للخليفة يابن عم محمدٍ ... أَشْكِلْ وزيركَ إنّه محلول فلِسانُهُ قد جال فِي أعراضِنا ... والرِّجل منه فِي الصُّور تجول وذكر الصُّولي، عن الْحُسَيْن بْن يحيى، أنّ أَحْمَد بْن الخصيب كان يتصدّق كل   1 هالك، من المعتزلة. 2 لم نقف عليه. 3 وفيات الأعيان "2/ 418"، السير "12/ 553". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 27 يومٍ بخمسين دينارًا، إِلَى أن نُكِب، فكان يمنع نفسه القوت، ويتصدَّق بخمسين درهمًا. توفيَّ أَحْمَد سنة خمسٍ وستين. 9 - أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بن عبد الملك. أبو الحسن الرّهاويّ الحافظ1، أحد الأئمّة. رحل وطوَّف، وسمع: زَيْدَ بْن الحُباب، ويحيى بْن آدم، وجعفر بْن عَوْن، وهذه الطبقة. وعنه: س. فأكثر، وأبو عَرُوبة، ومكحول، وآخرون. تُوُفيّ سنة إحدى وستّين. قَالَ س: ثقة مأمون، صاحب حديث. 10 - أحمد بن يسّار بن أيّوب2 -ن. أبو الحسن المروزيّ الحافظ الفقيه، أحد الأعلام. سمع: عفّان، وسليمان بْن حرب، وعَبْدان، ومحمد بْن كثير، وصَفْوان بْن صالح الدّمشقيّ، وإسحاق بْن راهويْه، ويحيى بْن بُكَيْر، وطبقتهم. وعنه: ن. ووثّقه، وَقِيلَ: إنّ خ. روى عَنْهُ، عن محمد بْن أبي بَكْر المقدّميّ، وروى عَنْهُ: محمد بْن نصر المروزيّ، وابن الْعَبَّاس محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب، وحاجب بْن أَحْمَد الطُّوسي، وطائفة. وهو مصنّف تاريخ مَرْو. وقَالَ عَبْد الرحمن بْن أبي حاتم: ثنا عَنْهُ عليّ بْن الْجُنَيْد، ورأيت أبي يُطْنب فِي مدحه، ويذكره بالعِلم والفِقه. قلت: وهو أحد أصحاب الوجوه من الشّافعية، أوجَب الأذان للجمعة دون   1 انظر الجرح والتعديل "2/ 52، 53"، السير "12/ 475". 2 الجرح والتعديل "2/ 53"، السير "12/ 609-611". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 28 غيرها، وأوجب رَفْع اليدين فِي تكبيرة الإحرام كداود الظَّاهريّ، وكان بعض العلماء يُشَبِّهه فِي زمانه بابن الْمُبَارَك عِلْمًا وفضلًا. تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة ثمانٍ وستّين، وقد استكمل سبعين سنة. 11 - أَحْمَد بْن طولون. الأمير أبو العبّاس التُّركيّ1، صاحب مصر، وُلِد بسامرّاء. ويقال: إنّ طولون تبنّاه، وكان ظاهر النّجابة من صِغره. وكان طولون قد أهداه نوح عامل بخارى إِلَى المأمون فِي جملة غلمان، وذلك فِي سنة مائتين. فمات طولون فِي سنة أربعين ومائتين، ونشأ ابنه على مذهبٍ جميلٍ فحفظ القرآن وأتْقنه. وكان مِن أطيب النّاس صوتًا به، مع كثرة الدّرس وطلب العلم. وحصل وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي إمرة الثغور، وولي إمرة دمشق وديار مصر. وأوّل دخوله مصر سنة أربعٍ وخمسين ومائتين وعمره أربعون سنة، فملكها بضع عشرة سنة. وبَلَغَنا أنّه خلّف من الذَّهب الأحمر عشرة آلاف ألف دينار، وأربعة وعشرين ألف مملوك. ويقال إنه خلف ثلاثة وثلاثين ولدًا ذكورًا وإناثًا، وستمّائة بغل ثقل وقيل: إنّ خراج مصر بلغ فِي العام فِي أيّامه أربعة آلاف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار. وكان شجاعًا حازمًا مهيبًا خليقًا للمُلْك، جوادًا ممدَّحًا. وَقِيلَ: بلغت نفقته كلّ يوم ألف دينار. إلّا أنه كان سفّاكًا للدّماء، ذا سطوةٍ وجَبَرُوت. قَالَ القُضاعيّ: أُحْصِيَ مَن قتله صبْرًا، فكان جملتهم مع من مات فِي سجنه ثمانية عشر ألفًا. وأنشأ الجامع المشهور، وغرِم على بنائه أكثر من مائة ألف دينار. وكان الخليفة مشغولًا عَنْهُ بحرب الزَّنج. وكان فيما قَيِل حسَّن له بعض التّجّار التّجارة، فدفع إليه خمسين ألف دينار،   1 البداية "11/ 42-47"، السير "13/ 94". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 29 فرأى فِي النوم كأنّه يمشمش عظْمًا. فدعى المعَبّر وقصّ عليه فقال: لقد سَمَت همَّة مولانا إِلَى مكسبٍ لا يُشبَّه خَطَرُه. فأمر صاحب صدقته أن يأخذ الخمسين ألف دينار من التّاجر ويتصدَّق بها. وكان سامحه الله تعالى، قد ضبط الثغور وعمّرها. وكان صحيح الْإِسْلَام معظِّمًا للحُرُمات، محبّا للجهاد والرّباط. قَالَ أَحْمَد بْن خاقان، وكان تِرْبًا لأحمد بْن طولون. وُلِد أَحْمَد سنة أربع عشرة ومائتين، ونشأ في الفقه والتصرُّف، فانتشر له حُسْن الذّكر، وكان شديد الإزراء على الأتراك فيما يرتكبونه، إِلَى أن قَالَ لي يومًا: يا أخي، إِلَى كم نقيم على الإثم، لا نطأ موطئًا إلى كُتِب علينا فِيهِ خطيئة. والصّواب أن نسأل الوزير عبيد الله بن يحيى أن يكتب بنا بأرزاقنا إِلَى الثّغر ونقيم به فِي ثوابه. ففعلنا ذلك، فَلَمَّا صرنا بطَرَسُوس سرَّ بما رَأَى من الأمر بالمعروف والنَّهْي عن المُنْكَر، ثُمَّ عاد إِلَى العراق وارتفع محلُّه. قَالَ محمد بْن يوسف الهَرَوِيّ، نزيل دمشق: كنّا عند الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان سنة ثمانٍ وستّين، إذ جاء رسول أَحْمَد بْن طولون بكيسٍ فِيهِ ألف دينار، وقَالَ لي عَبْد الله القيروانيّ: بل كان سبعمائة دينار، وصرّة فيها ثلاثمائة دينار، لابنه أبي الطّاهر. فدعى الرَّبِيع ابنه حتّى جاءه فأمره بقبض المال. ذكر محمد بْن عَبْد الملك الهَمْدانيّ أنّ أَحْمَد بْن طولون جلس يأكل، فرأى سائلًا، فأمر له بدجاجةٍ ورغيفٍ وحلوى. فجاء الغلام وقَالَ: ناولته فَمَا هشَّ له. فقال: عليَّ به. فَلَمَّا مَثُلَ بين يديه لم يضطّرب من الهيبة، فقال: أحضِر الكُتُب الّتي معك وأصْدِقْني، فقد ثبت عندي أنّك صاحب خبر. وأحضر السِّياط فاعترف فقال بعض من حضر: هَذَا والله السِّحْر. قَالَ: ما هو بسحر، ولكنه قياس صحيح. ورأيت سوء حاله، فسيَّرت له طعامًا يسُّر له الشَّبعان، فَمَا هشَّ، فأحضرته فتلقّاني بقوَّة جأش، فعلمت أنّه صاحب خبر1.   1 السير "10/ 48". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 30 قال أبو الحسن الرّازيّ: سمعت أَحْمَد بْن حميد بْن أبي العجائز وغيره من شيوخ دمشق قَالُوا: لمّا دخل أحمد ابن طولون دمشق وقع فيها حريق عند كنيسة مريم، فركب إليه أَحْمَد ومعه أبو زُرْعة البصْريّ، وأبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد الواسطيّ كاتبه، فقال ابنُ طولون لأبي زُرْعة: ما يُسمّى هَذَا الموضع؟ فقال: كنيسة مريم. فقال أبو عبد الله: وكان لمريم كنيسة؟ قَالَ: ما هِيَ من بناء مريم، إنّما بنوها على اسمها. فقال ابن طولون: ما لك والاعتراض على الشَّيْخ. ثمّ أمر بسبعين ألف دينار من ماله، وأن يُعطى كلّ من احترق له شيء، ويُقبَل قوله ولا يُسْتَحْلف. فأعطوا وفضل من المال أربعة عشر ألف دينار. ثُمَّ أمر ابن طولون بمالٍ عظيمٍ ففُرق فِي فقراء أَهْل دمشق والغوطة. وأقلّ من أصابه من المستورين دينار. وعن محمد بْن عليّ المادَرَائي قَالَ: كنت أجتاز بتُربة أَحْمَد بْن طولون فأرى شيخًا ملازمًا للقبر، ثُمَّ إني لم أره مدّة ثُمَّ رَأَيْته فسألته، فقال: كان له علينا بعض العدل إنْ لم يكن الكلّ فأحببت أن أصِله بالقراءة. قلت: فلِمَ انقطعت؟ قَالَ: رَأَيْته في النَّوم وهو يقول: أحبّ أن لا يُقْرأ عندي، فَمَا آية إلّا قُرِعْتُ بها وَقِيلَ لي: ما سمعت هَذِهِ؟ تُوُفيّ بمصر فِي ذي القعدة سنة سبعين، وتملّك بعده ابنه خُمَارَوَيْه. 12 - أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن صالح بْن مُسْلِم. أبو الْحَسَن الكوفي العجلي الحافظ الطَّرابلسيّ المغربي1. سمع: الحسين بْن عليّ الْجُعْفيّ، ومحمدا، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد الطّنافسيّ، ومحمد بن يوسف الفريابيّ، وشبابة ابن سَوّار، وخلْقًا سواهم. روى عَنْهُ ابنه صالح كتابه المصنَّف بالجرح والتعديل، وهو كتاب مفيد يدلّ على إمامه الرجل وسعة حفظه. قَالَ عبّاس الدُّوريّ: إنّما كنّا نعدُّه مثل أَحْمَد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 255"، تاريخ بغداد "4/ 214، 215". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 31 قلت: ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة. ونزح إِلَى الغرب أيّام المحنة بخلْق القرآن، وتُوُفيّ سنة إحدى وستّين ومائتين بطرابلس. وآخر من روى عَنْهُ مُسْنِد الأندلسي محمد بْن فُطَيْس الغافِقيّ. وروى عَنْهُ: سَعِيد بن عثمان، وسعيد بْن إِسْحَاق، وعثمان بن حديد الأكسريّ، وجماعة. وكان يقول: مَن آمن بالرجعة فهو كافر، ومَن قَالَ: القرآن مخلوق فهو كافر. وَقَالَ بعض الأئمة: لم يكن له عندنا شبيه بالمغرب، ولا نظير فِي زمانه فِي معرفة الحديث وإتقانه، وَفِي زُهْده وورعه. وقَالَ المؤرخ أبو العرب محمد بْن تميم الحافظ بالقيروان: سُئل مالك بْن عِيسَى القفصيّ الحافظ: مَن أعلم من رَأَيْت بالحديث؟ قَالَ: أمّا بالشيوخ فأحمد بْن عَبْد الله العِجْليّ. وقَالَ محمد بْن أَحْمَد بْن تميم الحافظ: سمعت أَحْمَد بْن مغيث، مقرئ ثقة، يقول: سُئل يحيى بْن مَعِين عن أَحْمَد بْن عَبْد الله العِجِليّ فقال: هُوَ ثقة ابنُ ثقة ابنُ ثقة. وقَالَ بعضهم: إنّما سكن أَحْمَد بطرابلس طلبًا للتفرُّد والعبادة. وقبره هناك على الساحل، وقبر ابنه صالح بجنبه. وتُوُفيّ صالح سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. وقَالَ أَحْمَد: رحلت إِلَى أبي دَاوُد الطَّيالسيّ، فمات قبل قدومي بيوم. وكان أَبُوهُ من أصحاب حَمْزَةَ الزّيّات. 13 - أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن القاسم. أبو بَكْر التميمي الوراق الحافظ1. سمع: عُبَيْد الله بْن مُعاذ العنبريّ، وصالح بن حاتم بن وردان.   1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 218". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 32 وعنه: ابنُ مَخْلَد العطّار، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ. وكان بصْريًا يُعرف بالرّغيف. تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين. 14 - أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ1. الأمير المتغلّب على نيسابور. كان جبّارًا ظالمًا غاشمًا من أتباع يعقوب ابن اللَّيْث الَّذِي ستأتي أخباره. ثُمَّ خرج عن طاعته، فاستولى على نيسابور. من أبناء سنة إحدى وستّين ومائتين. وأخذ يُظْهر المَيْل إِلَى بني طاهر ليستميل بِذَلِك قلوب الرعية. وبقي يكتب أَحْمَد بْن عَبْد الله الطّاهريّ. ثُمَّ كاتَب رافع بْن هَرْثمَة، فقدم عليه وتلقّاه وجعله أتابكه. وله حُروب وأمور، وهو الَّذِي قَتَلَ يحيى بْن الذُّهليّ، فرآه بعضهم فِي النوم فقال: أَنَا لم أُقْتَلْ ولم أجد حرّ القتْل، ولكن الله أشقى الخُجُسْتانيّ بي. قلت: اتفق على الخُجُسْتانيّ اثنان من غلمانه فذبحاه وهو سَكْران لستٍّ بقين من شوال سنة ثمانٍ وستّين. وقَالَ محمد بْن صالح بْن هانئ: لمّا قُتِلَ محمد بْن يحيى حيكان ترك أبو عَمْرو أَحْمَد بْن الْمُبَارَك المستملي اللّباس الغضّة، فكان يَلْبَسُ فِي الشِّتَاءِ فَرْوًا بِلا قَمِيصٍ، وَفِي الصَّيف مَسْحًا، فقدِم يومًا إلى أحمد بن عبد الله فأخذ بعنانه وقَالَ: يا ظالم -قلت: الْإِمَام ابنُ الْإِمَام العالم ابن العالم- فارتعد أَحْمَد بْن عَبْد الله ونَفَرت دابّتُه فأتت الرّجّالة لتضربه فقال: دعوه دعوه. قَالَ عن أبي حاتم نوح، قَالَ: قَالَ لي الخُجُسْتانيّ: والله ما فزعت من أحدٍ فَزَعي من صاحب الفَرْوَة؛ ولقد ندِمت حينئذٍ على قتِل حيكان. خُجُسْتان: من جبل هَرَاة. ومن عسفه فِي مصادرته للرعيّة أنّه نصب رُمْحًا لزمهم أن يُغَطّوا أسنانه بالدّراهم. 15 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن سعيد.   1 انظر: الكامل "7/ 296"، وتاريخ الطبري "9/ 599، 600". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 33 أبو بَكْر بْن البَرْقيّ المصريّ الحافظ، مَوْلَى بني زُهْرة. سمع: عَمْرو بْن أبي سلمة التِّنِّيسي، وأسد بْن مُوسَى، وعبد الملك بْن هشام، وطبقتهم. وله كتاب فِي معرفة الصّحابة وأنسابهم، رواه عَنْهُ أَحْمَد بْن عليّ المدينيّ. وكان إمامًا حافظًا متقنًا، عاش بعد أَخِيهِ محمد مدّة، وعاش بعده أخوه عَبْد الرحيم أيضًا. رَفَسته دابَّته فِي شهر رمضان سنة سبعين ومائتين فمات منها رحمه الله. وقد وَهِمَ الطَّبَرَانِيّ وَهْمًا مُنْكرًا، فسمع الكثير من عَبْد الرحيم بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، عن ابنِ هشام، وعبد الله بْن يوسف التِّنِّيسيّ، وغيرهما. وسماه أحمد بن عبد الله، فنراه في معاجمه يقول: نبا أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، وهو عَبْد الرحيم بلا شكّ أنّه اشتُبه عليه هَذَا بهذا. والطَّبراني لم يُدرك أَحْمَد. ويؤيّد هَذَا أنّ عَبْد الرحيم تُوُفيّ سنة ستٍّ وثمانين، ولم يقل أبدًا: نبا عَبْد الرحيم بْن عَبْد الله فوهِمَ كما ترى وسمّاه أَحْمَد. 16 - أَحْمَد بْن القاسم بن عطيّة. أبو بكر الرازي1 البزّار والحافظ. سمع: أَبَا بَكْر المُقَدّميّ، وهشام بْن عمّار، وجماعة كثيرة. وأكثر الطواف. وعنه: الْوَلِيد بْن أبان، وعبد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلّاب، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم وقَالَ: ثقة. 17- أَحْمَد بْن محمد بْن عُثْمَان. أبو عَمْرو الثَّقفيّ الدمشقي2. عَنِ: الوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن شُعَيب. وعنه: ابن جوصا، وأبو عوانة في صحيحه، وجماعة.   1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 67، 68". 2 الجرح والتعديل "2/ 72". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 34 وكان صدوقًا. تُوُفيّ فِي شوّال سنة إحدى وستّين. 18 - أَحْمَد بْن محمد بْن هانئ الفقيه1. أبو بَكْر الأثرم الطّائيّ ويقال الكلبيّ الإسكافيّ الحافظ. صاحب الْإِمَام أَحْمَد. سمع: عَبْد الله بْن بُكَيْر، وأبا نُعَيْم، وعفّان، وعبد الله بْن رجاء، وأبا الْوَلِيد الطَّيَالِسِيُّ، وحَرَمي بْن حَفْص، ومعاوية بْن عَمْرو، والقعنبيّ، ومُسَدّدًا، وطبقتهم. وعنه: مُوسَى بْن هارون الحافظ، والنَّسائيّ فِي سُنَنه، وأحمد بْن محمد بْن ساكن الزّنْجانيّ، وابن صاعد، وعليّ بْن أبي طاهر القَزْوينيّ، وعُمَر بْن محمد بْن عِيسَى الجوهريّ. وجمع وصنَّف السُّنن، خرَّج كتاب العلل. وله مسائل سألها الْإِمَام أَحْمَد. قَالَ أبو بَكْر الخلّال: كان الأثرم جليل القدر حافظًا. لمّا قدِم عاصم بْن عليّ بغداد طلبَ من يُخرج له فوائد. فلم يجد غير أبي بَكْر، فلم يقع منه بموقع لحداثة سِنَه، فقال لعاصم: أخرِجْ كُتُبَك. فجعل يقول له: هَذَا الحديث خطأ، وهذا غلط، وهذا كذا، فسُّر عاصم به، وأملى قريبًا من خمسين حديثًا. وكان مع الأثرم تيقُّظ عجيب حَتَّى نسبه يحيى بْن معين أو يحيى بْن أيوب المقابريّ، فقال: كان أحد أبويّ الأثرم جِنِّيًّا. وقد أخبرني أبو بَكْر بْن صدقة قَالَ: سمعت أَبَا القاسم الخُتّليّ قَالَ: قدِم رجلٌ فقال: أريد أن يُكتب لي فِي الصلاة ما ليس فِي كُتُب أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة. فقلنا له: ليس لك إلّا الأثرم. قَالَ: فوجّهوا إليه ورقًا، فكتب ستّمائة ورقة من كتاب الصلاة. قَالَ: فنظرنا فإذا ليس فِي كتاب أبي بكر بن أبي شَيْبَة منه شيء2. وأخبرني أبو بَكْر بْن صَدَقَة: سمعت إِبْرَاهِيم الأصبهانيّ يقول: أبو بَكْر الأثرم أَحْفَظُ من أبي زُرْعة الرّازي وأتقن3.   1 الجرح والتعديل "2/ 72"، وتاريخ بغداد "5/ 110، 112". 2، 3 تاريخ بغداد "5/ 110، 111". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 35 وسمعت الْحَسَن بْن عليّ بْن عُمَر الفقيه يقول: قدِم شيخان من خُراسان للحج فحدَّثا، فقعد هَذَا ناحية معه خلقٍ ومستملي، وقعد الآخر ناحية كذلك، فجلس الأثرم بينهما، فكتب ما أمليا معًا. تُوُفيّ الأثرم بإسكاف. 19- أَحْمَد بْن محمد بْن أبي بَكْر المقدّميّ الْبَصْرِيّ1. أبو عثمان، نزل الحرم. سمع: أباه، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وحَجّاج بْن مِنْهال، وأباهما محمد بْن مجيب. وعنه: ابنُ أَبِي الدُّنيا، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وعبد الرَّحْمَن بن أبي حاتم وقَالَ: صدوق. قلت: تُوُفيّ سنة ثلاثٍ، أو أربعٍ وسنيّن. وأمّا ولده: 20- محمد بْن أَحْمَد فولي قضاء مكّة. روى عَنْهُ الطَّبرانيّ. 21 - أَحْمَد بْن محمد بْن أبي مُوسَى2. أبو بَكْر الوراق، أحد تلامذة أحمد بن حنبل. روى عن: يسار بْن أبي مُوسَى، وغيره. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين. 22 - أَحْمَد بْن محمد بْن مجالد. أبو حامد الهَرَويّ الفقيه3. كان ثقة صاحب سنّة.   1 الجرح والتعديل "2/ 73". 2 لم نقف عليه. 3 انظر السابق. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 36 رحل وحمل عنه: أبي نُعَيْم، وقَبِيصة. توفي سنة تسعٍ وستين. 23- أحمد بْن محمد بْن عُبَيْد الله بْن المدبر. أبو الحسن الضَّبي الكاتب السُّرمرائيّ1. ولي مساحة الشام زمن المتكّل. وكان مفوَّهًا شاعرا مترسلا عالما يصلح للقضاء. وله أَخٌ اسمه إِبْرَاهِيم، شاعر محسِن رئيس. وللبُحْتُريّ فيهما مدائح. ثُمَّ ولي أَحْمَد كما ذكرنا خَرَاج دمشق ومصر أيضًا. ثُمَّ قبض عليه أَحْمَد بن طولون وعذّبه فِي سنة خمسٍ وستّين؛ لأنّه سجنه ثُمَّ طلبه فقال: ما حالك؟ فقال: تسألني عن حالي وأنت عملت بي هَذَا يا عدوّ الله! أخذل الله من يأمنك. فأمرَ بقتله، بل بقي فِي أضيق سجنٍ إِلَى أن مات سنة سبعين. 24- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الكريم. أبو الْعَبَّاس الكاتب2، مصنّف كتاب الخراج. تُوُفيّ فِي هَذَا العام. 25- أَحْمَد بْن مَنْصُورٌ بْن سيار بن معارك3. الحافظ أبو بَكْر الرّماديّ، أحد الثقات المشاهير. سمع: أَبَا النّضر، ويزيد بْن هارون، وأبا دَاوُد الطَّيالسيّ، وزيد بْن الحُبَاب، وأسود بْن عامر، وعبد الرّزّاق، رحل إليه، وعفّان، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وخلْقًا بالشام، والعراق، واليمن، ومصر. ورحل مع يحيى بن معين، وكتب وصنف المسند.   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 59". 2 وفيات الأعيان "1/ 101، 102". 3 السير "12/ 389"، والتهذيب "1/ 83، 84". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 37 وكان له حِفْظ ومعرفة. وعنه: ق، وإسماعيل القاضي، وأبو القاسم البغوي، وابن صاعد والمحاملي، وابن أبي حاتم، وإسماعيل الصفار، وطائفة. قال ابن أبي حاتم: كان أبي يوثقه. وعن إبراهيم بن أورمة قَالَ: لو أنّ رجلين قَالَ أحدهما: ثنا الرماديّ، وقَالَ الآخر: ثنا أبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، كانا سواء. قال ابن المنادي: مات الرّماديّ سنة خمسٍ وستّين، لأربع بقين من ربيع الآخر. وقد استكمل ثلاثًا وثمانين سنة. 26- أَحْمَد بْن وهب الزَّيَّات1. من كبار العارفين ببغداد. صحب بِشْرًا، والسَّري. وكان من أقران الجنيد، بل أكبر منه وأقدم موتًا. وكانا يتجالسان ويتكالمان فِي رقائق التصوُّف. وكان الْجُنَيْد يتأسَّف على فَقْده، ويفضلّه على نفسه. 27- أَحْمَد بْن يوسف بْن خَالِد بن سالم. أبو الْحَسَن السُّلميّ النَّيْسابوريّ الحافظ، ويلقّب بحمدان2. قَالَ إِسْمَاعِيل بْن مجيد الزّاهد، وهو حفيده: كان جدّي أدرى من الأب سُلَميّ الأُمِّ، فغلب عليه السُّلميّ. قلت: سمع من: حَفْص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وحفص بْن عَبْد الله، والجارود بْن يزيد، وطائفة بخُراسان. وَفِي الرحلة رَأَى: النَّضر بْن هاشم، وموسى بْن دَاوُد، وجماعة ببغداد. ومن: محمد بن عبيد، وطبقته بالكوفة.   1 تاريخ بغداد "5/ 190". 2 السير "12/ 384-388"، وتذكرة الحفاظ "2/ 565". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 38 ومن عَبْد الرّزّاق، وغيره باليمن. قَالَ الحاكم: سمع بالبصرة، والكوفة، والحجاز، واليمن، والشام، والجزيرة. وعنه: م. س. ق. وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، وأبو صاعد الشَّرقيّ، وأبو حامد بْن بلال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وخلق. قال مكّيّ بن عبدان: سمعته يقول: كتبتُ عن عُبَيْد الله بْن مُوسَى ثلاثين ألف حديث. قَالَ ابنُ السَّريّ: تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين. وقلت: عن اثنتين وثمانين سنة، وكان من خواصّ يحيى بْن يحيى، وبينهما مصاهرة. 28- أَحْمَد بْن يُونُس بْن المسيّب بْن زهير بْن العُمَيْر الضَّبّيّ1 أبو الْعَبَّاس الكوفيّ، نزيل إصبهان. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهمي، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهريّ، وحَجّاج بْن محمد، وجعفر بْن عَوْن، وأبا مُسْهِر الدّمشقيّ، وطائفة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم وقَالَ: محلّه الصِّدق؛ ومحمد بْن عَبْد الله الصّفّار، وأبو العبّاس الأصمّ، وعبد الله ابن جَعْفَر بْن فارس. وقَالَ محمد بْن الفرخان: سمعت أَحْمَد بْن يُونُس يقول: قدَّمني أَبِي إِلَى الفُضَيل بْن عياض فمسح رأسي وسمعته يقول: الَّلهم أحسن خَلْقه وخُلُقه. وثّقه الدّارقطنيّ. وهو ابنُ عم دَاوُد بْن عُمَر الضّبّيّ شيخ البَغَوي. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين. قلت: وكان من أبناء التّسعين، صاحب رحلة ومعرفة.   1 الجرح والتعديل "2/ 81"، السير "12/ 595، 596". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 39 29- أبان بْن عِيسَى بْن دينار. أبو القاسم الغافقيّ القُرْطُبيّ1. رحل، وأخذ عن: سَحْنُون، وعن: عليّ بْن مَعْبَد. وكان أحد العُبّاد. روى عَنْهُ: محمد بْن وضاحّ، وقاسم بْن محمد، وغيرهما. وتُوُفيّ فِي أحد الربيعَيْن سنة اثنتين وستين، وقد حكى عن أَبِيهِ. 30- إِبْرَاهِيم بْن أُورَمهْ بْن سياوش2. أبو إِسْحَاق الإصبهانيّ، الحافظ، أحد الأعلام. روى عن: محمد بْن بكّار، وعبّاس بْن عَبْد العظيم العنبري، وعاصم بْن النّضْر، وصالح بْن حاتم بن وردان، والفلّاس، وطبقتهم. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وأبو الْعَبَّاس بْن مسروق، ومحمد بْن يحيى، وأبو بَكْر السّاعديّ، وغيرهم. قال الدَّارقطنيّ، ثقة حافظ نبيل. وقَالَ ابنُ المنادي: ما رأينا في معناه مثله. وقال أبو النعيم الحافظ: فاق إِبْرَاهِيم أَهْل عصره فِي المعرفة والحِفَظ. وأقام بالعراق. قلت: لم ينتشر حديثه لأنّه مات كهلًا وله خمسة وخمسون سنة. قَالَ ابنُ نافع: تُوُفيّ فِي ذي الحجّة سنة ستٍّ وستّين. تابَعَه ابنُ المنادي، وما عداه خطأ. 31- إِبْرَاهِيم بْن أبي دَاوُد البرلُّسيّ3.   1 جذوة المقتبس "161" للحميدي. 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 88"، والسير "13/ 145، 146". 3 انظر: السير "12/ 612، 613"، وشذرات الذهب "2/ 162". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 40 هو إبراهيم بن سليمان بن داود الَأسديّ الكوفيّ الأصل، الحافظ وُلِد بِصور. وعني بهذا الشأن. ورحل إِلَى العراق ومصر. والبَرَلُسيّ قيّده ابنُ نُقْطة بفتحتين ثُمَّ ضمّ الّلام. سمع: آدم بْن إياس، وسعد بْن مريم، وأبا مُسْهر الدّمشقيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو جَعْفَر الطّحاويّ، ومحمد بْن يوسف الهَرَويّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وأبو القاسم الصّابوني، وآخرون. قَالَ ابنُ يُونُس: هُوَ أحد الحفّاظ المجوّدين. تُوُفيّ بمصر فِي شعبان سنة سبعين. وقَالَ ابنُ جَوْصا: ذاكرْتُه، وكان من أوعية الحديث. 32- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بْن الْجُنَيْد1. أبو إِسْحَاق الخُتّليّ، نزيل سامرّاء. له تصانيف وتاريخ ورحلة. سمع: أَبَا نُعَيْم، وسعيد بْن أبي مريم، وأبا جَعْفَر النُّفيليّ، وأبا الْوَلِيد، وسليمان بْن حرب، وعُمَر بْن مرزوق، ويحيى بْن بُكَيْر. وعنده سؤالات عن يحيى بْن مَعِين فِي الجرح والتعديل. روى عَنْهُ: أبو العبّاس بْن مسروق، ومحمد بْن القاسم الكوكبيّ، وأبو بَكْر الخريطيّ، وأحمد بْن محمد الأدميّ، وآخرون. وثّقه أبو بكر الخطيب، قال: له كُتُب فِي الزُّهد والرّقائق. لم أجد له وفاةً. 33- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الدارميّ2. تُوُفيّ بسَمَرْقَنْد سنة ستٍّ وستّين، ودُفِن إِلَى جانب أخيه الحافظ أبي محمد الدّارميّ.   1 الجرح والتعديل "2/ 110"، السير "12/ 631". 2 في عداد المجهولين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 41 34- إِبْرَاهِيم بْن مَسْعُود بْن عَبْد الحميد القُرَشيّ الهمْدانيّ. أبو إِسْحَاق ابنُ أخي سندول. يروي عن: عبد الله بن نمير، وأبي أسامة، وأسباط بْن محمد، وجماعة. وعنه: أبو عَوانَة الإسفرائينيّ، وأبو حاتم وقَالَ: صدوق، ومحمد بْن عَبْد الله بْن بُلْبُل وغيرهم. 35 - إِبْرَاهِيم بْن هانئ النَّيسابوري الزّاهد1. أبو إِسْحَاق، نزيل بغداد. سمع: محمد بْن عُبَيْد، وأخاه يَعْلَى، وعليّ بْن عيّاش، وبُسْر بْن صَفْوان، وأبا المُغيرة عَبْد القدُّوس بْن حجّاج، وعبد الله بْن داود الخُرَيْبيّ، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وطائفة بمصر، والشام، والعراق. وعنه: ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ منه، وَهُوَ ثقةٌ صدوق. وكان الْإِمَام أَحْمَد يُجِلّ إِبْرَاهِيم بْن هانئ ويحترمه ويَغْشاه. وقَالَ أبو بَكْر بْن زياد النيَّسابوريّ: حَدَّثَنِي أبو مُوسَى الطَّرسوسيّ فِي جنازة إِبْرَاهِيم بْن هانئ: سمعت ابنُ زَنْجَوَيْه يقول: قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: إنْ كان ببغداد أحدٌ من الأبدال فَأَبُو إِسْحَاق النيَّسابوريّ. وقَالَ الخلّال: أَنَا عليّ بْن الْحَسَن، ثنا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن هانئ قَالَ: كان أَحْمَد بْن حنبل مختفيًا عندنا ههنا، فقال لي يومًا: ليس أُطيق ما يطيق أبوك من العبادة2. وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة خمسٍ وستّين. وقَالَ أبو زكريا بْن زياد: حضرت إِبْرَاهِيم بْن هانئ عند وفاته فقال: أَنَا عطشان. فجاءه ابنه بماء، فقال: أغابت الشمس؟ قَالَ: لا. فردّه وقَالَ: لمثل هَذَا فليعمل العاملون. ثُمَّ مات رحمه الله.   1 تاريخ بغداد "6/ 204"، والثقات لابن حبان "8/ 83". 2 تاريخ بغداد "6/ 205". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 42 36 - إِبْرَاهِيم بْن يزيد. أبو إِسْحَاق القُرْطُبيّ، مَوْلَى بني أُميّة1. سمع: يحيى بْن يحيى اللَّيثيّ. ورحل وأخذ عن: أَصبغ بْن الفَرَج، وسَحْنُون. وكان شريفًا، فطينًا، مساويًا. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن خَالِد بْن الحُباب، وغيره. وتُوُفيّ فِي ربيع الأول سنة ثمانٍ وستّين. 37 - إدريس بْن نصر بْن سابق الخَوْلانيّ المصريّ المعدّل2. أخو بحر بْن نصر. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين. 38 - إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الطَّلقيّ الأستراباذيّ3. أبو بَكْر الفقيه المؤذّن. ثقة، سمع: يزيد بْن هارون، وأحمد بن أبي طيبة. وعنه: عَبْد الملك بن عديّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن مطرّف، وأهل أستراباذ. قَالَ عَبْد الملك: ما رَأَيْت فِي بلدنا أصلح منه. تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين. 39 - إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم. أبو الأحوص الإسفرائينيّ4. عن: مكّيّ بْن إبراهيم، وأبي الوليد الطَّيالسيّ.   1 جذوة المقتبس "293". 2 في عداد المجهولين. 3 الجرح والتعديل "2/ 211". 4 في عداد العلماء المستورين، وهو لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 43 وعنه: أَبُوهُ أبو الْحَسَن الزّاهد، وإبراهيم بْن محمد المَرْوزيّ. وكثيرًا ما يروى عَنْهُ أبو عوانة فيقول: نبا أبو الأحواص صاحبنا. 40 - إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله بْن مَسْعُود الحافظ. أبو بِشْر العبْديّ الإصبهانيّ سمّويْه1. سمع: الحُصَيْن بْن حَفْص، وبكر بْن بكّار، وأبا مُسْهِر، وأبا اليَمَان، وأبا نُعَيْم، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسيّ، وسعيد بْن أبي مريم، وخلْقًا كثيرًا بالشام ومصر، والعراق، وإصبهان. وخرّج الفوائد، وعني بالفِقْه والحديث. قَالَ أبو نُعَيْم الإصبهانيّ: كان من الحفاظ والفُقهاء. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعنا منه، وهو صدوق، ثقة. قلت: روى عَنْهُ محمد بْن أَحْمَد بْن ضرية، وأبو بكر بْن أبي دَاوُد، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، وآخرون. قَالَ أبو الشَّيخ: كان حافظًا متقنًا، يُذاكر بالحديث. قلت: تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين. 41 - إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو بْن مُسْلِم الفقيه2. أبو إِبْرَاهِيم المُزَنيّ المصريّ، صاحب الشّافعيّ. روى عن: الشّافعيّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، وعليّ بْن مَعْبَد بْن شدّاد، وغيرهم. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن خُزَيْمة، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، وابن جَوْصَا، والطَّحَاويّ، وابن أبي حاتم، وأبو الفوارس بْن الصّابونيّ، وآخرون. وتفقه به خلْق، وصنَّف التّصانيف. أخبرنا أبو حَفْص الفوارس، أَنَا أبو اليُمْن الكِنْدي كتابة، أَنَا أبو الْحَسَن بْن عَبْد السّلام، ثنا أبو إسحاق الشرازيّ الفقيه قَالَ: فأمّا الشّافعيّ رحمة الله فقد انتقل فقهه   1 السير "13/ 10-12"، تذكرة الحفاظ "2/ 566". 2 وفيات الأعيان "1/ 217"، السير "12/ 492". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 44 إِلَى أصحابه، فمنهم أبو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو بْن إِسْحَاق المُزَنيّ. مات بمصر سنة أربعٍ وستّين ومائتين. وكان زاهدًا عالمًا مجتهدًا مُنَاظِرًا مِحْجاجًا غوّاصًا على المعاني الدّقيقة، صنَّف كُتُبًا كثيرة: الجامع الكبير، والجامع الصغير، ومختصر المختصر، والمنثور، والمسائل المعتبرة، والترغيب فِي العِلم، وكتاب الوثائق. قَالَ الشّافعي: المُزَنيّ ناظر مذهبي. قلت: وردَ أنّ المُزَنيّ كان إذا فرغ من مسألة وأودعها مختصره صلّى رَكْعَتَين. وقِيلَ: إنّ بكّار بْن قُتَيْبَة قدِم مصر على قضائها، وهو حنفيّ، فاجتمع بالمُزَنيّ مرّة، فسأله رَجُل من أصحاب بكّار فقال: قد جاء فِي الأحاديث تحريم النبيذ وتحليله، فلِم قدَّمتم التّحريم على التحليل؟ فقال المُزَنيّ: لم يذهب أحد إِلَى تحريم النبيذ فِي الجاهلّية، ثمّ حلّلَ لنا. ووقع الاتّفاق على أنّه كان حلالًا فحُرّم، فهذا يعضد أحاديث التّحريم على التّحليل. فاستحسن بكّار ذلك منه. وقَالَ عَمْرو بْن تميم المكيّ: سمعتُ محمد بن إِسْمَاعِيل التّرمِذيّ: سمعت المُزَنيّ يقول: لا يصحُّ لأحدٍ توحيدٌ حَتَّى يعلم أنّ الله على العرش بصفاته. قلت: مثل أيّ شيء؟ قَالَ: سميع بصير عليم1. قَالَ السُّلميّ: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله بْن شاذان: سمعت محمد بْن عليّ الكِنانيّ: سمعت عَمْرو بْن عُثْمَان المكّيّ يقول: ما رأيت أحدًا من المتعبّدين فِي كثرة من لقيت منهم أشدّ تعظيمًا للعِلْمِ منه. وكان من أشدّ النّاس تضييقًا على نفسه فِي الورع، وأوسعه فِي ذلك على النّاس. وكان يقول: أَنَا خُلُق من أخلاق الشافعيّ. وبَلَغَنا أنّ المُزَنيّ كان مُجاب الدّعوة، ذا زهدٍ وتقشُّف. أَخَذَ عنه خلق من علماء   1 السير "12/ 494". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 45 خراسان، والشّام، العجم. وقِيلَ: كان إذا فاتته صلاة الجماعة صلّى الصّلاة خمسًا وعشرين مَرَّةً1. وكان يُغَسِّل تعبُّدًا ودِيانة، فإنّه قَالَ: تعَانَيْت غسْلَ الموتى ليرقّ قلبي، فصار بي عادة. وهو الَّذِي غسّل الشافعيّ رحمه الله. وكان رأسًا فِي الفقه، ولم يكن له معرفة بالحديث كما ينبغي. تُوُفيّ لستٍّ بقين من رمضان سنة أربعٍ وستّين، عن تسعٍ وثمانين سنة. وصلّى عليه الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان المراديّ. ومن أصحاب المُزَنيّ الْإِمَام أبو القاسم عُثْمَان بْن سَعِيد بْن بشّار الأنماطيّ، شيخ ابنِ سُرَيْج، وزكريّا بْن يحيى الناجيّ، وإمام الأئمة ابنُ خُزَيْمة. وثقه أبو سَعِيد بْن يُونُس وقَالَ: كان يَلْزم الرِّباط. وقَالَ ابن أبي حاتم: سمعت منه، وهو صدوق. 42- إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن الْمُبَارَك اليَزيديّ2. أخو إِبْرَاهِيم ومحمد. أَخَذَ عن: أبي العتاهية، ومحمد بْن سلّام الْجُمَحيّ. وصنَّف كتابًا فِي طبقات الشّعراء. 43- أَسِيد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثَّقفي. مولاهم الإصبهانيّ3. أبو الحسن، أخو محمد بْن عاصم. ولهما أَخَوان: عليّ، والنُّعمان لم يشتهرا. سمع أَسِيد الكثير، وصنَّف المُسَنْد، ورحل. وسمع: سَعِيد بْن عامر الضُّبَعيّ، وبشر بن عمر الزهراني، وعبد الله بن بكر السَّهميّ، وبكر بن بكّار، وطبقتهم.   1 وفيات الأعيان "1/ 218"، وهذا إن كان من باب التطوع، فما أورعه وأتقاه. 2 معجم الأدباء "2/ 359". 3 الحلية "10/ 264"، والسير "12/ 378، 379". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 46 وعنه: أبو عليّ أَحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن فارس، ومُحَمَّد بْن حَيَوَة الكَرْخيّ. تُوُفيّ سنة سبعين. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعنا منه، وهو رِضى ثقة. 44- أماجور التُّركيّ1. وليّ نيابة دمشق للمعتمد فبقي عليها ثمان سنين. وكان شجاعًا مَهِيبًا ظالمًا. ولي دمشق من سنة ستٍّ وخمسين إِلَى سنة أربعٍ وستّين. واستولى بعده على دمشق والشامات أَحْمَد بْن طولون. قَالَ أبو يعقوب الَأذْرعيّ المحدّث: لمّا بنى أماجور القبر الذي في الخوّاصين كتب على مائة سنة وسنة، فَمَا عاش بعد ذلك إلّا مائة يوم ويوم. "حرف الباء": 45- بكّار بْن قُتَيْبَةَ بْن عُبَيْد الله2. وقِيلَ: بكّار بْن قُتَيْبَةَ بن أسد بْن عُبَيْد الله بْن بِشْر بْن أبي بكرة بْن نُفَيْع بْن الْحَارِث. القاضي أبو بكرة الثَّقفيّ البكْراويّ الْبَصْرِيّ الفقيه الحنفيّ، قاضي ديار مصر. سمع: روح بن عبادة، وأبى دَاوُد الطَّيالسيّ، وعبد الله بْن بَكْر السَّهميّ، ووهب بن جرير، وسعيد بن عامر الضُّبيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو عَوَانَة فِي مسنده الصّحيح، وعبد الله بْن عتّاب الرَّقّيّ، وأبو الميمون بن راشد، وأحمد بن سليمان ابن حَذْلَم، والحَسَن بْن عَبْد الملك الحصائري، ومحمد بْن محمد بْن أبي حُذَيْفة، وأحمد بْن محمد المّدِينيّ الحاميّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمْ، وخلْق من الدَّمشقيين، فإنّه قدِم إليها فِي الآخر، ومن المصريّين والرّحّالة. وكان من القُضاة العادلين.   1 الكامل "7/ 238، 316". 2 وفيات الأعيان "1/ 279"، والسير "10/ 406" طبعة التوفيقية. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 47 قَالَ أبو بَكْر بْن المقرئ: نا محمد بْن بَكْر الشّعرانيّ بالقدس، نا أَحْمَد بْن سهل الهَرَويّ قَالَ: كنتُ ساكنًا فِي جوار بكّار بْن قُتَيْبَةَ، فانصرفت بعد العشاء، فإذا هو يقرأ: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26] الآية. ثُمَّ نزلت فِي السحر، فإذا هو يقرؤها ويبكي، فعلمت أنّه كان يقرؤها من أول اللّيل1. وقَالَ محمد بْن يوسف الكِنْديّ: قدِم بكّار قاضيًا من قِبل المتوكّل فِي جمادى الآخرة سنة ستٍّ وأربعين، فلم يزل قاضيًا، يعنى على مصر إِلَى أن تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة سبعين، وأقامت مصر بلا قاضٍ بعده سبْع سنين، ثُمَّ ولّى خُمَارَوَيْه محمد بْن عَبْدة. وكان أَحْمَد بْن طولون أراد بكارا على لعن الموفَّق فامتنع، فسجنه إِلَى أن مات أَحْمَد، فأُطِلقَ بكّار، وبقي يسيرًا ومات. فغسِّل ليلًا، وكَثُرَ النّاس فلم يُدْفَن إِلَى العصر. قلت: وكان القاضي بكّار، عظيم الحرمة كبير الشّأن. وكان ينزل السّكان ويحضر مجالسه، فذكر الطّحاويّ قَالَ: استعظم بكّار بْن قُتَيْبَةَ قبيح حكم الْحَارِث بْن مسكين في قضيّة ابن السّائح، ويعني لمّا حكم عليه الْحَارِث وأخرج من يده دار الفيل، وتوجّه ابنُ السائح إِلَى العراق يغوث على الْحَارِث. قَالَ الطّحاويّ: وكان الْحَارِث إنما حكم فيها على مذهب أَهْل المدينة، فلم يزل يُونُس بن عبد الأعلى يكلّم بكارا ويجسّره حتّى جسر وردّ إلى ابن السائح ما كان أَخَذَ منهما. قَالَ الطّحاويّ: ولا أحصي كم كان أَحْمَد بْن طولون يجيء إِلَى مجلس بكّار وهو على الحديث، ومجلسه مملوء بالناس، ويتقدم الحاجب ويقول: لا يتغّير أحد من مكانه، فَمَا يشعر بكّار إلّا وابن طولون إِلَى جانبه، فيقول له: أيهّا الأمير ألا تتركني كنت أقضي حقّك وأقوم. ثُمَّ فسد الحال بينهما حَتَّى حبسه، وفعل به ما فعل2.   1 السير "10/ 407". 2 السير "10/ 408". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 48 وقِيلَ إنّه صنَّف كتابًا نقض فِيهِ على الشّافعيّ ردّه على أبي حنيفة. وكان يأنس بيونس بْن عَبْد الأعلى، ويسأله عن أَهْل مصر وعُدولهم. ولما حبسه ابنُ طولون لم يمكنه أن يعزله، لأنّ القضاء لم يكن أمره إليه. وقيل إنّ بكّارًا كان يشاور فِي حكمه وأمره يُونُس بْن عَبْد الأعلى، والرجل الصّالح مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم، فبَلَغَنا أنّ مُوسَى سأله بكّار: من أَيْنَ المعيشة؟ قَالَ: من وقْفٍ لأبي أتكفّى به. وقَالَ: أريد أن أسألك يا أبا بكرة هل ركبك دين البصرة؟ قال: لا. قال: فهل ما نكحت لك ولد أو زَوْجَة؟ قَالَ: ما نكحت قطّ، وما عندي سوى غلامي. قَالَ: فأكرهك السُّلطان على القضاء؟ قَالَ: لا. قَالَ: فضربت آباط الإبِل لغير حاجة إلّا لتلي الذّمّة والفُرُوج؟ لله عليّ لا عُدْتُ إليك. فقال بكّار: أقِلني يا أَبَا هارون. قَالَ: أنت ابتدأت بمسألتي. ثُمَّ انصرف عَنْهُ ولم يعُد إليه. وقَالَ الْحَسَن بْن زُولاق فِي ترجمة بكّار: لمّا اعتلَّ ابنُ طولون راسل بكّارًا وقَالَ: أَنَا أردُّك إِلَى منزلك، فأجِبْني. فقال للرسول: قل له شيخٌ فانٍ وعليلٌ مُدْنَفٌ والملتقى قريب، والقاضي الله. فأبلغ الرَّسُول ابنِ طولون، فأطرق ثُمَّ أقبل يقول: شيخٌ فانٍ وعليلٌ مُدْنَفٌ والملتقى قريب، والله القاضي. ثُمَّ أمر بنقله من السّجن إِلَى دارٍ اكتُرِيَتْ له، وفيها كان يُحدّث. فَلَمَّا مات ابنُ طولون قَيِل لبكّار: انصرف إِلَى منزلك. فقال: الدّار بأُجرة وقد صلُحت لي. فأقام بها1. قَالَ الطّحاويّ: أقام بها بعد ابنُ طولون أربعين يومًا ومات2.   1 الولاة والقضاة "514". 2 الولاة والقضاة "514". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 49 ونقل ابنُ خلّكان رحمه الله أنّ ابنُ طولون كان يدفع إِلَى بكّار فِي العام ألف دينار سوى المقرَّر له فيتركها بختمها. فَلَمَّا دعاه إِلَى خلْع الموفَّق من ولاية العهد امتنعَ، فاعتقله وطالبه بجملة الذَّهب، فَحُمِل إليه بختومه، فكان ثمانية عشر كيسًا، فاستحى أَحْمَد بْن طولون عند ذلك، ثُمَّ أمره أن يسلِّم إِلَى محمد بْن شاذان الجوهريّ القضاء، ففعل، وجعله كالخلفية له. ثُمَّ سجنه أَحْمَد، فكان يحدِّث فِي السّجن من طاقة؛ لأنّ طَلَبَة الحديث سألوا ابنُ طولون فأذِن لهم على هَذِهِ الصُّورة. قَالَ ابنُ خلّكان: وكان بكّار بكّاءً تاليًا للقرآن، صالحًا ديّنًا، وقبره مشهور وقد عُرِف باستجابة الدّعاء عنده1. وقَالَ الطّحاويّ: كان على نهايةٍ فِي الحمد على ولايته. وكان ابنُ طولون على نهايةٍ فِي تعظيمه وإجلاله إِلَى أن أراد منه خلع الموفَّق ولعنه، فأبى فَلَمَّا رأى أنّه لا يسلم له منه ما يحاوله ألَّب عليه سُفهاء النّاس، وجعله لهم خصْمًا. فكان يقعد له من يقيمه مقام الخصوم، فلا يأبى، ويقوم بالحُجّة بنفسه. ثُمَّ حبسه فِي دارٍ، فكان كلّ جمعة يلبس ثيابه وقت الصلاة ويمشي إِلَى الباب، فيقول له الموكّلون به: ارجع. فيقول: اللَّهُمَّ أشهد. قَالَ: ووُلِد سنة اثنتين وثمانين ومائة. قلت: تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة سبعين، وشهده خلق أكثر ممّن شهِدَ العيد، وصلّى عليه ابنُ أَخِيهِ محمد بن الْحَسَن بْن قُتَيْبَةَ الثَّقفيّ. "حرف الجيم": 46- جَعْفَر بْن أَحْمَد بن بهرام. أبو الباهليّ الأسْتراباذيّ الفقيه الشهيد2، مفتي بلده. كان حنفيّ المذهب. وسمع من: جَعْفَر بْن عَوْن، وأبي نعيم، وجماعة.   1 وفيات الأعيان "1/ 280". 2 انظر: تاريخ جرجان "ص / 175، 179، 180". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 50 وعنه: عَبْد الملك بْن عديّ، والحسن بْن الْحُسَيْن بْن عاصم، وغيرهما. سَعَوْا به إِلَى الْحَسَن بْن يزيد العلويّ المتغلّب على جُرْجان بأنّه ناصبيّ، فسجنه، فَلَمَّا مات صلبه فِي جُرْجان. 47- جَعْفَر بْن محمود الإسكافيّ الكاتب1. الوزير، أحد كُتّاب المتوكّل. ولي الوزارة للمعتزّ بالله، فلم تُحمد سيرته، وظلم وعَسَف. ولمّا عُزِل قَيِل فِيهِ أبيات منها: فِي غير حِفظ الله يا جَعْفَر ... ذلت قراك الْجَور والمُنْكَر وعاش خاملًا إِلَى سنة ثمانٍ وستّين فتُوُفيّ فيها. وطوّل ابنُ النّجّار ترجمته. وكان فِيهِ رَفْض. 48- جِلْوان بْن سَمْرة بْن خاقان بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْن الحكم2. أبو الطَّيَّب البانَبيّ الأمويّ الْبُخَارِيّ المحدِّث. سمع: المقرئ، والقعنبيّ، وعصامًا، وأبا مقاتل النّحْويّ، وأبا حفص الفقيه، وعيد بْن مَنْصُورٌ، وطبقتهم. وعنه: سهل بْن شَاذَوَيْه، والحسين بْن محمد بْن قريش، وغيرهما. قيَّده الخطيب: جِلْوان، بكسر الجيم. وقَالَ ابنُ ماكولا: بل هُوَ بفتحها. وكذا ذكره المسعوديّ، وغُنْجار. ومن ذريِّتَّه: أَحْمَد بْن حُسَيْنِ بن أَحْمَد بْن محمد بْن يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن جُنَيْد بْن جلْوان. "حرف الحاء": 49- حاتم بْن اللّيث بن الحارث3.   1 تاريخ الطبري "9/ 287، 388". 2 السير "12/ 519". 3 انظر: تاريخ بغداد "8/ 245، 246"، السير "12/ 519، 520". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 51 أبو الفضل الْبَغْدَادِيّ الجوهريّ الحافظ. سمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وحسين بْن محمد المَرْوَزيّ. وعنه: أو الْعَبَّاس السّرّاج، وأبو بَكْر الباغَنْديّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وآخرون. تُوُفيّ سنة اثنتين وستّين. وكان ثقة مكثرًا. 50- حاشد بْن إِسْمَاعِيل بْن عِيسَى الْبُخَارِيّ1. الغزّال الحافظ، نزيل الشّاش. كان أحد من طوّف، وعني بهذا الشأن. سمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، ومن بعدهما. وعنه: محمد بْن يوسف بْن مطر العزيزيّ، وبكر بْن منير، ومحمد بْن إِسْحَاق السَّمرقنديّ، وأحمد بْن آدم الشّاشيّ، وآخرون. وتُوُفيّ بالشّاش سنة إحدى أو اثنتين وستّين. 51- حامد بْن أبي حامد النَّيْسابوريّ2. أبو عليّ المقرئ. كان مقدَّم القرّاء ببلده. حدَّث عن: إسحاق بن سليمان الرازي، ومكي بن إبراهيم البلْخيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله الدَّشتكيّ، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: أبو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، وأبو عبد الله بْن الأخرم، وآخر من روى عَنْهُ أَحْمَد بْن عليّ بْن حسُّونة أحد الضَّعفاء. واسم أَبِيهِ محمود بْن حرب. مات سنة ستٍّ ومائتين.   1 أحد الحفاظ، في رتبة صدوق. 2 غاية النهاية "1/ 202". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 52 52- الْحَسَن بْن ثواب الفقيه. أبو عليّ الثعلبي1، صاحب أَحْمَد بْن حنبل. سمع: يزيد بْن هارون، وعمّار بْن عُثْمَان الحلبيّ وعنه: أبو جَعْفَر بْن البَخْتَريّ، وإسماعيل الصّفّار. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. وقَالَ: أبو بَكْر الخلّال: شيخ جليل القدر. قلت: مات سنة ثمانٍ وستّين. 53- الْحَسَن بن زيد بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. العلويّ الحسنيّ الزَّبديّ الأمير2. ظهر بطَبَرِستْان سنة خمسين، فغلب على جُرْجان وتلك الدّيار. واستفحل أمره، وهزم جيوش الخليفة، ودخل الرِّيَّ. ثُمَّ رجع إِلَى طَبَرِسْتان وصاهر الدَّيلم، وقويّ أمره، وامتدّت أيامه. تُوُفيّ سنة سبعين فِي شعبان، وقام بالأمر بعده أخوه محمد بْن يزيد، فاتّصلت أيّامه إِلَى أن قُتِلَ سنة سبعٍ وثمانين، وقِيلَ بعد ذلك. 54- الحسن بن سليمان ين سلام. أبو عليّ الغَزَاريّ البصْريّ الحافظ، المعروف بقُبَّيْطَة3. أحد الأثبات. سمع: عَبْد الله بْن يوسف التِّينسيّ، وأبا نُعَيْم، وطائفة. وعنه: أبو خُزَيْمَة، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، وجماعة. واستوطن مصر، وبها توفَّي سنة إحدى وستّين.   1 انظر: تاريخ بغداد "7/ 291، 292". 2 وفيات الأعيان "6/ 424". 3 السير "12/ 508"، تذكرة الحفاظ "2/ 572". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 53 وثّقة ابن يونس ووصفه الحفظ. 55- الْحَسَن بْن عليّ المُسُوحيّ الزّاهد1. من كبار الصُّوفيّة ببغداد. صحِب السَّريّ السَّقطيّ، وحكى عن بِشْر الحافي، وهو أوّل من عقد له حلقة ببغداد يتكلَّمَ فيها فِي الحقيقة. حكى عنه: الجنيد، وأبو العبّاس بن مسروق، القاضي المَحَامليّ، وغيرهم. وصحِبه أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ وأبو محمد الحريريّ. وكان عذْبَ العبارة زاهدًا قانعًا، لم يكن له منزلٌ يأوي إليه، بل كان له بيت فِي المسجد. قَالَ السُّلميّ: سمعت أَبَا الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ: سمعتُ جَعْفَر الخُلْديّ: سمعت الْجُنَيْد يقول: كلَّمتُ حَسَنًا المُسُوحيّ فِي شيء من الأنس، فقال لي: ويحك ويْحك ما الأنْس؟ لو مات من تحت السّماء ما استوحشت2. وقَالَ ابنُ الأعرابيّ: سمعت غير واحد أنّه سمع أَبَا حَمْزَةَ يقول كثيرًا: حَسَن أستاذنا، رحِم الله حَسَنًا. قَالَ ابنُ الأعرابي: فقال إنّ أول حلقةٍ كَانَتْ فِي جامع بغداد للصُّوفية حلقة المُسُوحيّ، ثُمَّ بعده حلقة أبي حمزة. وكان المسرحيّ لا يجاوز عِلْم الأصول والعبادات والإدارات والأحوال دون العارف لا يجاوز ذلك. توفّي المسرحي رحمة الله عليه بعد الستين. 56- الْحَسَن بْن محمد بْن سماعة الكوفيّ3. نَسْفيٌّ كبير له تصانيف فِقهيّة عند الإماميّة. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستين ومائتين.   1 السير "12/ 580، 581". 2 انظر: تاريخ بغداد "7/ 367". 3 أحد علماء الشيعة الإمامية. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 54 57- الْحَسَن بْن أبي الرَّبِيع يحيى بْن الْجَعْد الْجُرجانيّ1. أبو عليّ العبْديّ. نزيل بغداد. سمع: أَبَا يحيى الحِمّاني، وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث، ووهْب بْن جرير، وعبد الرّزّاق، وشَبَابة، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه ق. وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وعبد الله بن أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، والقاضي المَحَاملِيّ، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق. وقَالَ ابنُ المنادي: مات فِي سَلْخ جُمَادى الأولى سنة ثلاثٍ وستّين، وبلغ فيما قَيِل ثلاثًا وثمانين سنة. قلت: كان صاحب حديث وحِفْظ ورحلة. 58- الْحَسَن بْن مَخْلَد بْن الجرَاح. الوزير أبو محمد الْبَغْدَادِيّ الكاتب2. ومن أعجب الاتفاق أنّ أربعة وُلّوا الوزارة وُلِدوا فِي سنة تسعٍ ومائتين: هَذَا: وعُبَيْد الله بن يحيى بْن خاقان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن طاهر وأحمد بْن إِسْرَائِيل. ولي الْحَسَن الوزارة للمعتمد مرتيَّن، وصادره فِي الأولى، ثُمَّ استوزره مرّة ثالثة سنة خمسٍ وستّين، ثُمَّ سخط عليه فِي شعبان من السَّنة، فانسحب إِلَى مصر. فَأَقْبَلَ عليه أَحْمَد بْن طولون وولّاه قطر البلاد، وضمن له زيادة ألف ألف دينار فِي السَّنة مع العدل. فَخَافَهُ الكاتب، فقال لابن طولون: هَذَا عين للموفَّق عليك، وصبغوه بِذَلِك فحبسه، فقالوا لا ينبغي أن يكون محبوسًا فِي جوارك، فربّما حَدَثَ به حدثٌ فَيُنْسَب إليك. فبعثَ له إِلَى متولّي أنطاكية، وأمره أن يعذِّبه فعَذَّبه حتى هلك في سنة تسع وستين.   1 الجرح والتعديل "3/ 44"، والسير "12/ 356". 2 السير "13/ 7، 8". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 55 وكان مع ظُلْمه شاعرًا فصيحًا جوادًا ممدَّحا نبيل الرأي. مدَحهُ البُحْتُريّ، وغيره. ولم يذكره الخطيب. وذكره ابنُ النّجّار، وأنّه جمع بين الوزارة وكتابة الموفَّق. وكان آية فِي حساب الدّيوان، حتّى قيل: ما لا يعلمه الْحَسَن فَلَيْس من الدُّنيا. وكان تامّ الشكل، مهيب البأس، عظيم التَّجمُّيل، سريًّا. وكان خدمه يركبون يوم الجمعة بالجنائب الكثيرة وغلمانه بالدّيباج المنسوج بالذَّهب. فإذا جلي فِي داره وقفت العين على فرش وسُتُور ونحو ذلك بمائة ألف دينار. وقِيلَ: بل هلك سنة إحدى وسبعين ومائتين. 59- حمّاد بْن إِسْحَاق بْن حمّاد بْن زَيْدِ بْن درهم. أبو إِسْمَاعِيل الأزْديّ الْبَغْدَادِيّ القاضي. أخو إِسْمَاعِيل القاضي1. كان فقيهًا كأخيه فِي مذهب مالك. تفقّه على: أَحْمَد بْن المعدّل. وحدَّث عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، والقَعْنبيّ، وإسماعيل بْن أبي أُوَيْس، وجماعة. وصنَّف تصانيف في المذهب. وعنه: ابنه إبراهيم، والمحاملي، وأبو بكر الخرائطي، وغيرهم. وثقه الخطيب. وكان يصحب الخلفاء فغضب عليه المهتدي بالله سنة خمسٍ وخمسين وضربه وطوَّف به لشيءٍ بلغ عنه. وعزل أخاه إسماعيل عن القضاء. توفَّي فِي جُمَادى سنة سبعٍ وستّين ببلد السُّوس، وله ثمان وستّون سنة. وقد ولي قضاء بغداد نوبةً.   1 انظر: تاريخ بغداد "8/ 159"، والسير "13/ 16". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 56 "حرف الخاء": 60- خَالِد بن أَحْمَد بْن الهَيْثَم بْن الذُّهليّ1. أمير خُراسان فيما وراء النهر. له ببُخارى آثار ممدوحة. أقدَم إليها المحدِّثين وأكرمهم، وطلب أن يأتي أبو عبد الله البخاري إلى داره ليسمع أولاد الصّحيح، فامتنع من المجيْء إليه، فأخرجه من بُخَارى. ثُمَّ إنّه فِي آخر أمره خرج على آل طاهر ومال إِلَى يعقوب بْن الَّليث بْن الصّفّار الَّذِي خرج بسِجِسْتان. ثُمَّ إنّه حجّ سنة تسعٍ وستّين فقُبِضَ عليه وسُجِنَ ببغداد فهلك فِي الحبس فِي هَذَا العام. وقد سمع من: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وعُبَيْد الله بْن عُمَر القواريريّ، والحسن بن عليّ الخلال، ومحمد بن عليّ ابن شقيق، وطائفة. ومن أَبِيهِ أَحْمَد بْن خَالِد بْن حمّاد بْن عَمْرو. وروى عَنْهُ: سهل بْن شاذَويْه، ونصرك بْن أَحْمَد، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن محمد المكتّب، وأبو الْعَبَّاس بْن عقدة، وأبو حامد الأعشى، وآخرون. قال الحاكم في ترجمته: بلغنا أنه أنفق على طلب الحديث ألف ألف درهم. وكان يمشي لطلب السّماع ولا يركب. وتوفّي سنة سبعين. 61- خَالِد بْن يزيد بْن الهيثم التميمي الكاتب2. أحد الشعراء البُلَغاء. تُوُفيّ ببغداد، وقد شاخ وهرِم. وأصله من خُراسان. حدَّث خَالِد الكاتب قَالَ: أُدْخِلْتُ على إِبْرَاهِيم بْن المهديّ وأنا غلام، فقال: أنت خَالِد؟ قلت: نعم.   1 تاريخ بغداد "8/ 314"، السير "13/ 137". 2 معجم الأدباء "11/ 47"، وفيات الأعيان "2/ 232". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 57 قَالَ: أنشدني شيئًا. قلت: أعزَ الله الأمير، أَنَا حَدَث أمْزَح، لا أهجو ولا أمدح، وإن رَأَى الأمير أن يعفيني. قَالَ: والله لتقولّن، فإنّ الَّذِي تقوله فِي بيجور يظلّ أشدّ لدواعي البلاء. فأنشدته: رأت منه عيني منظرين كما رأت ... من البدر والشمس المنيرة بالأرض عشيّة حيّاني بوردٍ كأنّه ... خدودٌ صفَّت بعضهنّ إِلَى بعض وناولني كأسًا كأن رُضابَها ... دموعي لمّا صُدّ عن مقلتي غَمضي وولّى وفِعْل السُّكْر فِي حرَكاته ... من الراح فِعْلَ الرّيح فِي الغُصن الغضّ1 قال: فزدني. وقال: يا بني الناس يشبِّهون الخدود بالورد، وأنت شبّهت الورد بالخدود. زدني. فأنشدته: عش فحبيّك سريعًا قاتلي ... والفَناء إنْ لم تصلني واصلي ظفر الحبّ بقلبٍ دنفٍ ... فيك والسّقم بجسمٍ ناحلِ منهما بين اكتئابٍ وبِلًى ... تركاني كالقضيب الذّابلِ وبُكى العاذل لي من رحمةٍ ... فبُكائي لبكاء العاذل قال: أحسنت. ووصلني بثلاثمائة وخمسين دينار. وعن أبي العَيْناء قَالَ: لقيت خالدًا الكاتب والصّبيان يعبثون به، فأخذته وأطعمته، وأنشدني: مؤنس كان لي وكنت له ... يرتع فِي دولةٍ من الدُّول حَتَّى إذا ما الزّمان غيّره ... عني بقول الوشاة والعذل قلت له عن مقالةٍ سبقت ... يا مُنْتَهى غايتي ويا أملي   1 وفيات الأعيان "2/ 234". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 58 كنت صديقًا فصرت معرفةً ... بدَّلني الله شرَّ مبدلِ. وأنشد أيضًا: بالوجنتين اللَّتين كالسّرج ... والحاجَبين اللَّتَين كالسَّبج والمُقْلتين الّتي ألحاظهما ... سفّاكة النُّفوس والمهج ألا ذلك الَّذِي يتّمه حبُّك ... يا واحدي على الفرج ولخالد: عذّبني بالدّلال والتِّيه ... وصدّ عني فكيف أرقيه؟ ظَبْيٌ من التِّيه لا يكلّمني ... سُبحان من صاغ حُسْنَهُ فِي فِيهِ الشّمس من وَجْنَتَيه طالعهٌ ... والّدرُّ فوق الجبين يحكيه يا أحسن الوجه جُد لمكتبٍ ... بقلبه منك كي أُهنيه وله: رقدتَ ولم تَرْثِ للساهر ... وليل المحبّ بلا آخر ولم تَدْرِ بعد ذَهاب الرُّقادِ ... ما فعل الدَّمع بالنّاظر أيا من يعيد لي حسنه ... أجِرْني من طَرْفك الجائر وجد للفؤآد فداك الفؤآ ... د من طَرْفك الفاتن الفاتر1 وعن خَالِد الكاتب قال: طرق بابي بعد العتمة، فخرجت فإذا رجل على حمار مغطى الرأس معه خادم، فقال: أنت الَّذِي تقول: ليت ما أصبح من رقـ ... ـة خدَّيك بقلبك قلت: نعم. قَالَ: فأنت الَّذِي تقول: أقول للقسم عُد إِلَى بدني ... حبًّا لشيء يكون من سببك   1 تاريخ بغداد "8/ 311". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 59 قلت: نعم. قَالَ: أنت الَّذِي تقول: ترشَّفت من شفتيه العُقارا ... وقبّلْت من خدّه الجلَّنارا قلت: نعم. قَالَ: يا غلام ادفع إليه ما معك. فدفع إلي صرّةً فيها ثلاثمائة دينار. قلت: والله لا أقبلها حَتَّى أعرفك. قَالَ: أَنَا إِبْرَاهِيم بْن المهديّ. وقد وسوس خالد وكبر، وكان يركب قصبة. وقَالَ بعضهم: فلو رَأَيْته والصّبيان يتبعونه ويقولون: يا بارد. ويقولون: ما الَّذِي صار بك إِلَى هَذَا؟ فيقول: الهموم والسَّهر ... والسُّهاد والفِكَر سلّطت على جسدٍ ... فِيهِ للبَلْوى أثر لا من كلفت به ... ما يطيق ذل بَشر وشِعْره مقطوعٌ سائر 62- الخصّاف. شيخ الحنفيّة الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو والخصّاف الشَّيبانيّ1. له تصانيف. يروي عَنْ: وهْب بْن جرير، والعبْديّ، والواقديّ، وأبي نُعَيْم، وخلْق. ذكره ابنُ النّجّار، وما ذكر عَنْهُ راويًا. وكان ذا زهدٍ ووَرَع. مات سنة إحدى وستّين ومائتين.   1 السير "13/ 123". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 60 63- الخَضِر بْن أبان. أبو القاسم الأياميّ الهاشميّ، مولاهم الكوفيّ1. سمع: أزهر السّمّان، ويحيى بْن آدم، وسيّار بْن حاتم، وإبراهيم بْن هندية الَّذِي زعم أنّه سمع من أَنَس. وعنه: عبد الله بن أحمد بن زيد القاضي، وعليّ بْن محمد بْن محمد بْن عُقْبَةَ الشَّيباني، وابن الأعرابيّ، والأصمّ، وغيرهم. ضعّفه الدّارَقُطْنِيّ. وآخر من رَوَى عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي العزائم. وضعّفه أيضًا الحاكم، وقَالَ: سمعته، يعني الدَّارقطنيّ، يقول عن شيوخه إنّهم رأوا الخضِر بْن أبان يروي عن أبي مُعَاوِيَة، وأبي بَكْر بْن عيّاش من كتاب، فاستلبوا الكتاب منه، فإذا هُوَ سماعه من أَحْمَد بْن يُونُس، عن هَؤُلَاءِ. قلت: أصله دلَّس عَنْهُمْ وحرّف أَحْمَد بْن يُونُس. 64- خطاب بن بشر بن مطر2. أبو عمر الْبَغْدَادِيّ الواعظ. كان رأسًا فِي التّذكير والوعظ. سمع من: عَبْد الصّمد بْن النُّعمان، وأحمد بْن حنبل. وسأل أَحْمَد مسائل فِي جزءٍ سمعناه. روى عَنْهُ: محمد بْن مَخْلَد القطّان، وأحمد بْن محمد الأدميّ. وتوفَّي ببغداد فِي المحرّم سنة أربعٍ وستّين. "حرف الدال": 65- دَاوُد بن علي بن خلف3.   1 الميزان "1/ 654". 2 انظر: تاريخ بغداد "8/ 337". 3 السير "13/ 97". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 61 أبو سُلَيْمَان الْبَغْدَادِيّ الإصبهاني، مَوْلَى المهديّ، الفقيه الظّاهريّ، رأس أَهْل الظّاهر. وُلِد سنة ثمانين، وسمع: سُلَيْمَان بْن حرب، والقَعْنَبيّ، وعَمْرو بْن مرزوق، ومحمد بْن بُكَيْر العبْديّ، ومُسَدّدًا، وأبا ثور الفقيه، وإسحاق بْن رَاهَوَيْه رحل إليه إلى نيسابور فسمع منه المسند؛ وجالس الأئمّة، وصنَّف الكُتُب. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كان إمامًا ورِعًا ناسكًا زاهدًا. وَفِي كتبه حديث كثير. لكنّ الراوية عَنْهُ عزيزة جدًا. روى عَنْهُ: ابنه محمد، وزكريّا السّاجيُ، ويوسف بْن يعقوب الداوديّ الفقيه وعبّاس بْن أَحْمَد المذكّر، وغيرهم. قَالَ ابنُ حزم: إنّما عُرِف بالإصبهانيّ لأنّ أمّه أصبهانيّة، وكان أَبُوهُ حنفيّ المذهب، يعني وكان عراقيًا. قَالَ: وكتب دَاوُد ثمانية عشر ألف ورقة. ومن أصحاب دَاوُد أبو الْحَسَن عَبْد الله بن أَحْمَد بْن رُوَيْم أحد الأئمة، وأبو بَكْر بْن النّجّار، وأبو الطّيّب محمد بْن جَعْفَر الدّيباجيّ، وأحمد بْن مَخْلَد الإياديّ، وأبو سَعِيد الْحَسَن بْن عُبَيْد الله له تواليف كثيرة، وأبو بكر محمد بن أحمد الجاجيّ، وأبو نصر رآه السّجِسْتانيّ. ثُمَّ سمّى ابنُ حزم جماعةً كثيرة من الفقهاء من مَلاحدة دَاوُد. وقَالَ أبو إِسْحَاق الشّيرازيّ: وُلِد سنة اثنتين ومائتين، وأخذ العلم عن إِسْحَاق، وأبي ثور. وكان دَاوُد عقله أكثر من علمه. قَالَ أبو إسحاق وقيل: كان في مجلسه أربعمائة صاحب طَيْلَسان أخضر وكان من المتعصّبين للشّافعي، صنَّف كتابين فِي فضائله والثّناء عليه. قَالَ أبو إِسْحَاق: وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد، وأوصله من أصفهان ومولده بالكوفة، ومنشأه ببغداد وقبره بها. وقال أبو عمر وأحمد بْن الْمُبَارَك المستملي: رأيتُ دَاوُد بْن عليّ يردّ على إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وما رَأَيْتُ أحدًا قبله ولا بعده يردّ عليه هَيْبةً له. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 62 وقال عمر بْن محمد بْن بُجَيْر: سمعت دَاوُد بْن عليّ يقول: دخلت على إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه وهو يحتجم، فجلست فرأيت كُتُب الشّافعيّ، فأخذت أنظر، فصاح، إيش تنظر؟ فقلت: مَعَاذ الله أن نأخذ إلّا من وجدنا متاعنا عنده فجعل يضحك ويبتسم. وقَالَ سَعِيد البَرْذَعيّ: كُنَّا عِنْدَ أبي زُرْعة فاختلف رجلان فِي أمر دَاوُد المُزَنيّ، والرجلان فَضْلَك الرّازيّ، وابن خِراش، فقال: ابنُ خِراش: دَاوُد كافر. وقَالَ فَضْلَك: المُزَنيّ جاهل. فَأَقْبَلَ عليهما أبو زُرْعة يوبِّخهما وقَالَ: ما واحد منكما له بصاحب. ثُمَّ قَالَ: ترى دَاوُد هَذَا لو اقتصر عليه أَهْل العلم لظننت أنّه يحمد أَهْل البِدَع بما عنده من البيان والآلة. ولكنّه تعدّى. لقد قدم علينا من نَيْسابور، فكتب إليَّ محمد بْن رافع، ومحمد بن يحيى، وعَمْرو بْن زُرَارة، وحسين بْن مَنْصُورٌ، ومشيخة نَيْسابور بما أحدث هناك، فكتمت ذلك لمّا خفت عواقبه، ولم أُبْدِ له شيئًا. فقدِم بغداد، وكان بينه وبين صالح بْن أَحْمَد بْن حنبل حُسْن، فكلّم صالحًا أن يتلطّف له فِي الاستئذان على أَبِيهِ، فأتى وقَالَ: سألني رَجُل أن يأتيك. قَالَ: ما اسمه؟ قَالَ: دَاوُد. قَالَ: ابنُ من؟ قَالَ: هُوَ من أَهْل إصبهان. وكان صالح يروغ عن تعريفه، فَمَا زال أَبُوهُ يفحص حَتَّى فطِن به فقال: هَذَا كتب إليّ محمد بْن يحيى فِي أمره أنّه زعم أنّ القرآن مُحْدَث، فلا يقرَبنيّ. قال: إنهّ ينفي ويُنْكره. قَالَ: محمد بْن يحيى أصدق منه، لا تأذَنْ له1. قَالَ الخلّال: أنا الْحُسَيْن بنى عَبْد الله قَالَ: سَأَلت المرُّوذي عن قصّة دَاوُد الإصبهانيّ وما أنكر عليه أبو عبد الله فقال: كان دَاوُد خرج إِلَى خُراسان إِلَى ابنُ رَاهَوَيْه، فتكلم بكلامٍ شهِدَ عليه أبو نصر بْن عَبْد الحميد وآخر، شهدا عليه أنهّ قال: القرآن محدث.   1 تاريخ بغداد "8/ 373، 374". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 63 فقال لب أبو عبد الله: مَن دَاوُد بْن عليّ لا فرّج عَنْهُ الله؟ قلت: هَذَا من غلمان أبي ثور. قَالَ: جاءني كتاب محمد بْن يحيى النَّيْسابوريّ أنّ دَاوُد الإصبهانيّ قَالَ ببلدنا أنّ القرآن مُحْدَث. قَالَ المرُّوذيّ: حدَّثني محمد بن إِبْرَاهِيم النَّيْسابوريّ أنّ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه لمّا سمع كلام دَاوُد فِي بيته وثب عليه إِسْحَاق فضربه وأنكر عليه. قَالَ الخلّال: سمعت أَحْمَد بْن محمد بْن صدقة: سمعت محمد بْن الْحُسَيْن بْن صَبِيح، سمعت دَاوُد الإصبهانيّ يقول: القرآن مُحْدَث ولفظي بالقرآن مخلوق. أَنَا سَعِيد بْن أبي مُسْلِم، سمعت محمد بْن عَبْدة يقول: دخلت إِلَى دَاوُد فغضب عليّ أَحْمَد بْن حنبل، فدخلت عليه فلم يكلّمني، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنهّ ردّ عليه مسألة. قال: ما هِيَ؟ قَالَ: قَالَ الخُشَنيّ: إذا مات من يغسّله؟ فقال دَاوُد: يغسّله الخَدَم. فقال محمد بْن عَبْدة: الخدم رجال. ولكن ييمَّم. فتبسَّم أحمد وقال: أصاب أصاب. وما أجود ما أجابه! وقَالَ القاضي المَحَامِليّ: رَأَيْت دَاوُد بْن عليّ يصلّي، فَمَا رَأَيْت مسلمًا يشبهه فِي حُسن تواضعه. وقد اخْتَلَفَ محمد بْن جرير مدّة إِلَى مجلس دَاوُد، وأخذ عَنْهُ. وقَالَ أَحْمَد بْن كامل القاضي: أخبرني أبو عبد الله الورّاق أنّه كان يورّق على دَاوُد، فسمعته يُسأل عن القرآن، فقال: أمّا الَّذِي فِي اللّوح المحفوظ فغير مخلوق، وأمّا الَّذِي هُوَ بين النّاس فمخلوق1. قلت: للعلماء قولان فِي داود هل يعتدُّ أَمْ لا؟ فقال أبو إِسْحَاق الإسفرائينيّ: قَالَ الجمهور إنّهم، يعني قُضاة القياس، لا يبلغون رتبة الاجتهاد، ولا تقليدهم القضاء.   1 تاريخ بغداد "8/ 374". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 64 ونقل الأستاذ أبو مَنْصُورٌ الْبَغْدَادِيّ، عن أبي عليّ، عن أبي هُرَيْرَةَ، وطائفة فِي الشّافعيّين أنه لا اعتبار بخلاف دَاوُد، وسائر نقْله القياس فِي الفروع دون الأصول. وقَالَ أبو المعاليّ الْجُوَينيّ: الَّذِي ذهب إليه أَهْل التحقيق أنّ مُنْكري القياس لا يُعَدُّون من علماء الأئمّة ولا مِن حملة الشريعة؛ لأنّهم مباهتون فيما ثبت استفاضةً وتواتُرًا، لأنّ مُعظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد، ولا تفي النّصوص بعُشْر معشارها، وهؤلاء يلتحقون بالعوامّ. قلت: قول أبي المعالي رحمه الله فِيهِ بعض ما فِيهِ، فإنّما قاله باجتهاد، ونَفْيهم للقياس أيضًا باجتهاد، فكيف يُرَدّ الاجتهاد بِمِثْلِهِ؟ نعم، وأيضًا فإذا لم يُعْتَدّ بخلافهم لَزِمنا أنْ نقول إنهّم خرقوا الإجماع بتأويلٍ سائغ، قُلْنَا: فهذا هُوَ المجتهد، فلا نقول يجوز تقليده، إنما يُحكى قوله، مع أَنّ مذهبه أن لا يحلّ لأحدٍ أن يقلّدهم ولا أن يقلّد غيرهم، فلأن نحكي خلافهم ونعدُّه قولًا أهْوَن وأسلم من تكفيرهم. ونحن نحكي قول ابنِ عَبَّاس فِي الصرف، والمُتْعَة، وقول الكوفيين فِي النّبيذ، وقول جماعة من الصّحابة فِي ترك الغُسْلِ من الْجِماع بلا إنزال، ومع هَذَا فلا يجوز تقليدهم فِي ذلك. فهؤلاء الظّاهرية كذلك، يُعتدّ بخلافهم، فإن لن يفعل صار ما تفرّدوا به خارقًا للإجماع، ومن خرق الإجماع المتيقَّن فقد مَرَقَ مِن الملَّة. لكنّ الإجماع المتيقَّن هُوَ ما عُلِم بالضرورة من الدّين: كوُجُوب رمضان، والحجّ، وتحريم الزِّنا والسرَّقة، والرَّبا واللَّواط. والظَّاهرية لهم مسائل شنيعة، لكنّها لا تبلغ ذلك، والله أعلم. وقَالَ الْإِمَام أبو عَمْرو بْن الصّلاح: الَّذِي اختاره أبو مَنْصُورٌ وذكر أنّه الصّحيح من المذهب إنّه يعتبر خلاف دَاوُد. قَالَ ابنُ الصّلاح: هَذَا هُوَ الَّذِي استقرّ عليه الأمر آخرًا هُوَ الأغلب الأعرف من صَفْو الأئمّة المتأخرين الذين أوردوا مذهب دَاوُد فِي مصنّفاتهم المشهورة، كالشيخ أبي حامد، والماوَرْديّ، وأبي الطّيّب، فلولا اعتدادهم به لَمَا ذكروا مذهبه فِي مصنَّفاتهم. قَالَ: ورأى أن يُعتبر قوله إلّا فيما خالف فِيهِ القياس الجليّ، وما أجمع عليه الجزء: 20 ¦ الصفحة: 65 القياسون من أنواعه، أو بناه على أصوله الّتي قام الدّليل القاطع على بُطلانها، واتّفاق من سواه إجماع منعقد، كقوله التَّغَوُّط فِي الماء الراكد، وتلك المسائل الشنيعة، قوله لا زنا فِي السُّنَّة المنصوص عليها، فخلافه فِي هَذَا ونحوه غير مُعْتَدّ به؛ لأنه مبنيّ على ما يقطع ببطلانه1، والله أعلم. تُوُفيّ فِي رمضان سنة سبعين ومائتين. "حرف الراء": 66- الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد الجبار بْن كامل2. الفقيه أبو محمد المراديّ، مولاهم المصْريّ المؤذّن. صاحب الشّافعيّ وراوي كُتُبه. وُلِد سنة أربعٍ أو ثلاثٍ وسبعين ومائة. وسمع: عَبْد الله بْن وهْب، وشُعَيب بْن اللَّيث بْن سعد، وبِشْر بْن بَكْر التِّنّيسيّ، وأيّوب بْن سُوَيْد الرمليّ، والشّافعيّ، ويحيى بْن حسّان، وأسد بن موسى، وجماعة. وعنه: د. ن. ق. و. ت. عن رجلٍ، عَنْهُ، وهو محمد بن إِسْمَاعِيل السُّلميّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو حاتم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وزكريّا بْن يحيى السّاجيّ، وأبو نُعَيْم بْن عديّ، وأبو جَعْفَر الطَّحاويّ، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، والحسن بْن حبيب الحصائريّ، وأحمد بْن مَسْعُود العُكْبَريّ، وأحمد بْن بَهْزاد السِّيرافيّ، وابن صاعد، وأبو العبّاس الأصمّ، وآخرون. وثَّقة أبو سَعِيد بْن يُونُس، وغيره. وعن الرَّبِيع قَالَ: كلُّ محدِّثٍ حدَّثَ بمصر بعد ابن وهْب كنتُ مستمليه. وقال النَّسائيّ: لا بأس به. قال عليّ بْن قُدَيد: كان الرَّبِيع يقرأ بالألحان. وقَالَ الطَّحاويّ: مات الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان مؤذّن جامع الفُسْطاط يوم الإثنين ودُفِن يوم الثُّلاثاء لإحدى وعشرين ليلة خَلَت من شوّال من سنة سبعين. وصلّى عليه الأمير خُمَارَوَيْه بْن أحمد بن طولون.   1 السير "13/ 106، 107". 2 السير "12/ 587-591". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 66 وآخر من حدَّث عَنْهُ أبو الفوارس السِّنْديّ. ويُروى عن الشّافعيّ أنّه قَالَ للربيع: لو أمكنني أنْ أطعمك العِلم أطعمتك1. قَالَ ابنُ عَبْد البَرّ: قد ذَكَر محمد بْن إِسْمَاعِيل التّرمِذيّ من أَخَذَ عن الرَّبِيع كُتُب الشّافعيّ ورحل إليه فيها من الآفاق، فَذَكر نحو مائتي رَجُل. قَالَ ابنُ عَبْد البَرّ: كان الرَّبِيع لا يؤذّن فِي منارة جامع مصر أحدٌ قبله، وكانت الرحلة فِي كُتُب الشّافعيّ إليه، وكانت فِيهِ سلامة وغَفْلة، ولم يكن قائمًا بالفقه2. وممّا ينسب إِلَى الرَّبِيع من الشِّعْر: صبرًا جميلًا ما أسرع الفَرجَا ... من صدق الله فِي الأمور نجا مَن خشي الله لم يَنَلْه أذى ... ومَن رجا الله كان حيثُ رجا قلت: كان الرَّبِيع أعرف من المُزَنيّ بالحديث، وكان المُزَنيّ أعرف بالفِقْه منه بكثير حَتَّى كان هَذَا لا يعرف إلّا الحديث، وهذا لا يعرف إلّا الفقه. "حرف الزاي": 67- زكريّا بْن دُوَيْد بْن محمد بْن الأشعث3. أبو أَحْمَد الكِنْديّ. زعم أنّه أَتَتْ عليه مائة وثلاثون سنة، وزعم أنّه سمع من سُفْيَان الثَّوْريّ، ومالك بْن أَنَس. قَالَ عليّ بْن محمد بْن حاتم القُومِسيّ: سمعت منه بعَسْقلان سنة نيِّفٍ وستّين ومائتين. قلت: وُجودُ روايته والعَدَم بالسّواء. وقد روى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عن أَحْمَد بْن إِسْحَاق الدّميريّ، عَنْهُ. قَالَ ابنُ حِبّان: كان يضع الحديث.   1 السير "10/ 399". 2 السير "10/ 400". 3 انظر: الميزان "2/ 72، 73"، واللسان "2/ 479". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 67 68- زكريّا بْن يحيى بْن أسد بن يحيى المَرْوَزِيّ1. المعروف بابن زَكْرَوَيْه. نزيل بغداد. حدّث عن: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وأبي مُعَاوِيَة، ومعروف الكَرْخيّ. وعنه: القاضي المحاملي، وابن مخلد، وأبو الحسين بن المنادي، وإسماعيل الصفار، وأبو العباس الأصم. قال الدارقطني: لا بأس به. قلت: تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة سبعين. وهو راوي جزء ابن عيينة الذي عند سِبْط السِّلَفيّ. وقد احتجَّ به أبو عَوَانة فِي صحيحه، مِن قدماء شيوخه. وذكره أبو الفتح الموصليّ في كتابه في الضُّعفاء فَمَا قدر يتعلّق عليه بشيء، أكثر ما قَالَ: زعم أنّه سمع من سُفْيَان بن عُيَيْنَة، فهذه قِلَّةُ وَرَع. بلى أبو الفتح مُتَكَلَّمٌ فِيهِ. وقد ذكر أبو الفتح أنّ زكريّا بْن يحيى هَذَا يُقال له جوذا به، وهذا ما رَأَيْته لغيره. حرف السين": 69- سَعْدان بْن نصر بْن مَنْصُور2. أبو عُثْمَان الثَّقفيّ الْبَغْدَادِيّ البزّاز، واسمه سَعِيد، وسَعْدان لَقَبٌ له. سمع: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا مُعَاوِيَة، ومُعاذ بْن مُعاذ، ووَكيعًا، ومسلم بْن سالم، ومَعْمَر بن سليمان، وطائفة. وعنه: ابن أبي الدّينا، وابن صاعد، والقاضي المَحَامليّ، وابن البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو عَوَانة، وطائفة كبيرة. قَالَ أبو حاتم: صدوق.   1 السير "12/ 347"، الميزان "2/ 80". 2 الجرح والتعديل "4/ 290"، والسير "12/ 357". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 68 وقال أبو عَبْد الرحمن السلمي: سَأَلت الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُ فقال: ثقة مأمون. قلت: تُوُفيّ فِي ذي القعدة سنة خمسِ وستّين، وحديثه بِعُلُوٍّ عند أصحاب ابنُ ساسل. 70- سَعِيد بْن نَمِر الغافقيّ الأندلسي1. سمع: يحيى بن يحيى اللّثييّ. وعنه: جماعة من بلده. وتفقَّه بسَحْنُون، وغيره. تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين. 71- سهل بْن عمّار العَتَكيّ النَّيْسابوريّ2. أبو يحيى قاضي هَرَاة. كان شيخ أَهْل الرَّيّ فِي عصره بخُراسان. رحل فِي طلب العلم. سمع: يزيد بْن هارون، وشَبَابة، وهذه الطبقة. وليس بحُجّة. قَالَ أبو عبد الله الحاكم: يُخْتَلف فِي عدالته، يعني في الاحتجاج بحديثه. بنا عَنْهُ أَحْمَد بْن شعيب الفقيه، وأبو الطّيّب محمد، ومحمد بن عليّ المذكَّر. وتُوُفيّ سنة سبعٍ وستيّن في جمادى الأولى. فلت لمحمد بْن صالح بْن هانئ: لِمَ لا تكتب عَنْهُ؟ قَالَ: كانوا يمنعون من السّماع عنه. وسمعت محمد بن يعثوب الحافظ يقول: كنّا نختلف إِلَى إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله السَّعْديّ، وسهل بْن عمّار مطروحٌ فِي سكنه فلا نتقدّم إليه. وسمعت أَبَا سَعِيد بْن أبي بَكْر بْن عُثْمَان يقول: سمعت فاطمة بِنْت إِبْرَاهِيم السَّعدية تقول: سمعت أبي يقول: إنّ سهل بْن عمّار يتقرَّب إليَّ بالكذب، يقول:   1 جذوة المقتبس "483". 2 الميزان "2/ 240"، واللسان "3/ 121". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 69 كنت معك عند يزيد بْن هارون، وواللِه ما سمع معي منه. قال الحاكم: سمع أيضًا الواقديّ، وجعفر بْن عَوْف، وعبد الرَّحْمَن بْن قَيْس، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى. حدَّث عَنْهُ: الْعَبَّاس بْن حَمْزَةَ، وأبو يحيى البزّاز، وإبراهيم بن محمد بن سُفْيان، ومحمد بن سُلَيْمَان بْن فارس. وقَالَ أبو إِسْحَاق الفقيه: كذِب واللِه سهل بْن عمّار على عَبْد الله بْن نافع فِي نقْله عن مالك فِي إباحة دُبُر المرأة. "حرف الشين": 72- شجرة بْن عِيسَى بْن عَمْرو بْن شجرة1 الفقيه أبو عَمْرو المعافِريّ المقرئ السُّوسيّ المالكيّ. أَخَذَ عن: أَبِيهِ، وابن زياد، وابن اثبرس، وجماعة. واستعمله سحنون على قضاء تونس. وكان سحنون يثني على فهمه وفضله، وكان أبوه أبو شجرة عمرو رجلا صالحا عالما، ولي قضاء تونس بعد أبيه تسع عشرة سنة. توفي شجرة سنة اثنتين وستين. 73- شعيب بن أيوب بن رزيق بن معبد بن شيطا2. أبو بكر الصَّريفيني، صرفين واسط لا صَرِيفين بغداد. كان فقيهًا، إمامًا مقدمًا، ومقرئًا، محدِّثًا، قاضيًا، عالمًا. سمع: يحيى بْن آدم، ويحيى القطّان، وحسين الْجُعْفيّ، وجماعة. وعنه: عَبْدان الَأهْوازيّ، وإبراهيم نِفْطَويْه النَّحويّ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وعبد الله بن عمر بن شوذب الواسطيّ، وطائفة.   1 انظر: ترتيب المدارك "3/ 12". 2 تاريخ بغداد "4/ 342"، والميزان "2/ 275". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 70 وتصدَّر للإقراء، فقرأ عليه: يُونُس بْن يعقوب الواسطيّ، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن يوسف القافلاني، وأبو العبّاس أحمد ابن سعيد الضّرير، غيرهم. وعليه دارت قراءة أبي بَكْر، عن عاصم، أخذها عن يجيى بْن آدم، عَنْهُ. وكان محقّقًا لها. قَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة. قلت: تُوُفيّ بواسط سنة إحدى وستين. قال: إنّي لأخاف الله في الراوية عن شعيب بْن أيّوب. قلت: له حديث مُنْكَر أورده أبو بَكْر الخطيب فِي ترجمته. 74- شُعيب بْن شُعيب بْن إِسْحَاق القُرَشي. مولاهم الدّمشقيّ أبو محمد1. ولد سنة تسعين ومائة بعد وفاة أَبِيهِ بيسير. وسمع: زَيْدُ بْن يحيى بْن عُبَيْد، وأبا المغيرة عَبْد القدُّوس، وأحمد بن خالد الذَّهنيّ، وأبا اليَمَان، وأبا بَكْر الحُمَيْديّ، وجماعة. وعنه: س. وأبو عَوَانة، وابن جَوْصا، وأبو الدّحْداح أَحْمَد بْن محمد، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. قلت: وله شِعْر جيّد. تُوُفيّ فِي جُمَادى الأولى سنة أربعٍ وستّين. "حرف الصاد": 75- صالح بْن أَحْمَد بْن محمد بْن حنبل2. القاضي أبو الفضل، ولد الْإِمَام أبي عَبْد الله الشَّيباني الْبَغْدَادِيّ. قاضي إصبهان.   1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 347"، والسير "12/ 304، 305". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 394"، والسير "12/ 529". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 71 ولد ثلاثٍ ومائتين. وسمع: عفّان، وأبا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وإبراهيم بْن الفضل، وإبراهيم بْن أبي سُوَيد الذّراع، وأباه، وعليّ بْن المَدِينيّ، وطبقتهم. وعنه: ابنه زُهَير، وأبو القاسم البَغَويّ، وابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، وأبو عليّ الحصائريّ، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم وهو من أقرانه، ومحمد بْن جَعْفَر الخرائطيّ، وعبد الرَّحْمَن بن أبي حاتم، وجماعة آخرهم موتًا أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى القصّار شيخ أبي نُعَيْم الحافظ. قال ابن أبي حاتم: كتبتُ عَنْهُ بإصبهان، وهو صدوق، ثقة. وقَالَ أبو بَكْر الخلال فِي كتاب أدب القّضاة: أخبرني محمد بْن الْعَبَّاس: حَدَّثَنِي محمد بن عليّ قال: لما صار الصالح إِلَى إصبهان قُرِئ عهده بالجامع، فبكى كثيرًا، وبكى بعض الشيوخ، فَلَمَّا فرغ جعلوا يدعون له ويقولون: ما ببلدنا إلا من يجبّ أَبَا عَبْد الله. فقال: أبكاني أنّي ذكرت أبي يراني فِي هَذِهِ الحالة. وكان عليه السَّواد. ثُمَّ قَالَ: كان أبي يبعث خلفي إن جاءه رَجُل زاهد ورجل متقشّف لا ينظر إليه يحبّ أم يكون مثله، ولكنّ الله يعلم ما دخلت فِي هَذَا الأمر إلّا لدينٍ غَلَبني وكثْرة عيال1. قال الحلال: وكان صالح سخيًا جدًا. وقَالَ ابنُ المنادي: توفّي يإصبهان فِي رمضان سنة ستٍّ وستّين. وقَالَ أبو نُعَيْم: سنة خمسٍ. 76- صالح بْن زياد بْن عَبْد الله بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بن الجارود بْن مسرح. أبو شُعيب الرُّستبيّ السُّوسيّ المقرئ2. شيخ الرَّقَّة وعالمها ومقرئها. قرأ القرآن على يحيى اليزيديّ صاحب أبي عمرو.   1 طبقات الحنابلة "1/ 174" لابن أبي يعلى. 2 السير "12/ 380"، والتهذيب "3/ 392". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 72 وسمع بالكوفة من: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأسباط بْن محمد، وجماعة. وبمكة من: ابنُ عُيَيْنَة، وغيره. حدَّث عَنْهُ: أبو بَكْر بْن أبي عاصم وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وأبو عليّ محمد بن سعيد الحفّاظ. وقرأ القرآن جماعة، منهم: أبو عِمران مُوسَى بْن جرير وهو أتقن أصحابه، وأبو الْحَسَن عليّ بْن الْحُسَيْن، وأبو عُثْمَان النَّحويّ، وأبو الْحَارِث محمد بن أَحْمَد الرَّقيُّون. وحمل عَنْهُ الحروف: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان الخُراسانيّ، وغيره. قَالَ أبو حاتم: صدوق. قلت: تُوُفِّيَ فِي أوّل سنة إحدى وستّين ومائتين وقد قارب التّسعين، وادعى الحافظ ابنُ عساكر أنّ النَّسائي روى عَنْهُ، وذكره فِي مشايخ النُّبل. وقَالَ أبو الحَجّاج الكلْبيّ: لم أقف على روايته عَنْهُ. قلت: لم يرو عنه النَّسائيّ إلا راوية عَمْرو، رواها الْحَسَن بْن رشيق، عن النَّسائيّ، عَنْهُ. "حرف الطاء": 77- طَيْفُور بْن عِيسَى. أبو يزيد البَسْطامي1 الزاهد العارف، مِن كبار مشايخ القوم. وهو بكُنْيته أشْهَر وأَعْرَف. وله أَخَوَان: آدم، وعلّي، كانا زاهدَيْن عابدين. وكان جدُّهم أبو عِيسَى آدم بْن عِيسَى مجوسيًا فأسلم. ومن كلام أبي يزيد رحمه الله قَالَ: ما وجدتُ شيئًا أشدُّ عليَّ مِن العلم ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لبقيت حائرًا.   1 انظر: الحلية "10/ 33-42"، والسير "10/ 481". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 73 وقال: هذا من فرحي بم بك وأنا أخافك، فكيف فرحي بك إذا أمِنْتُكَ؟ وعنه قَالَ: ليس العجب من حبيّ لك وأنا عَبْد فقير، وإنّما العجب من حبّك لي وأنت ملكٌ قدير1. وعنه، وقِيلَ له: إنّك تمرّ فِي الهواء، قَالَ: وأيّ أُعْجوبة هَذَا؟ طَيْرٌ يأكل الميتة يمرّ فِي الهواء، والمؤمن أشرف منه2. وعنه قال: ما دام العبد يظن أنّ فِي الخَلْق من هُوَ شرٌّ منه فهو متكبّر وعنه قَالَ: الجنّة لا خطر لها عند المحبّين، وهم محجوبون بمحبتهم. وقَالَ: ما ذكروه إلّا بالغَفْلة، ولا خدموه إلّا بالفَتْرة. وعنه قَالَ: اللَّهُمَّ لا تقطعْني بك عنك. وعنه قَالَ: العارف فوق ما يقول، والعلم دون ما يقول. وقِيلَ له: علِّمنا الاسم الأعظم. فقال: ليس له حَدّ، إنّما هُوَ فراغ قلبك لوحدانيته، فإذا كنت كذلك فارفع له أيَّ اسمٍ شئت. وعنه قَالَ: لله خلْقٌ كثير يمشون على الماء، وليس لهم عنه الله قيمة. وكان يقول: لو نظرتم إِلَى رجلٍ أُعْطي من الكرامات حَتَّى يرتفع فِي الهواء، فلا تغترّوا به، حَتَّى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنَّهي وحِفْظ الحدود وأداء الشريعة3. قلت: بل قد اغترّ أَهْل زماننا وخافوا أَبَا يزيد، وأكبر من أبي يزيد، وَتَهَافَتُوا على كلّ مجنون بوّال على عَقِبيْه، له شيطان ينطق عل لسانه بالمغيَّبَات، نسأل الله السّلامة. قَيِل: إنّ أَبَا يزيد تُوُفيّ سنة إحدى وستّين ومائتين. وقد نقلوا عَنْهُ أشياء من متشابه القول، الشّأن فِي صحّتها عَنْهُ، ولا تصحّ عن مُسْلِمٍ، فضلًا عن مثل أبي يزيد، منها: سبحاني.   1، 2 السير "10/ 481". 3 السير "10/ 481". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 74 ومنها: ما النّار، لأستندنَّ إليها غدًا، وأقول: اجعلني لأهلها فِدَاء، ولا يلعنها. وما الجنّة، لُعبة صبيان ومراد أَهْل الدُّنيا. ما المحدِّثون إنّ خاطبهم رجلٌ عن رجلٍ، فقد خاطبنا القلب عن الرّبّ1. وقَالَ فِي يهود: هَبْهم لي، ما هَؤُلَاءِ حَتَّى تعذِّبهم؟! وهذا الشَّطح إنْ صحّ عَنْهُ فقد يكون قاله فِي حالة سُكْره، وكذلك قوله عن نفسه: ما فِي الجبَّة إلّا الله. وحاشى مُسْلِم فاسق من قول هَذَا الكلام مقتضاه ضلاله، ولكن له تفسير وتأويل يخالف ظاهره، فالله أعلم. قَالَ السُّلمي في تاريخه: مات أبو زيد عن ثلاثٍ وسبعين سنة، وله كلام فِي حُسْنِ المعاملات. قَالَ: ويُحكَى عَنْهُ فِي الشَّطح أشياء، منها ما لا يصحّ، ويكون مقوَّلًا عليه. وكان يرجع إِلَى أحوال سيّئة2. ثُمَّ ساق بسنده عن أبي يزيد قَالَ: من لم ينظر إِلَى شاهدي بعين الاضطراب، وإلى أوقاتي بعين الاغتراب، وإلى أحوالي بعين الاستدراج، وإلى كلامي بعين الافتراء، وإلى عباراتي بعين الاجتراء، وإلى نفسي بعين الازدراء، فقد أخطأ النَّظَر فيَّ. وعن أبي يزيد قَالَ: لو صفا لي تهليلةٌ ما بَالَيْتُ بعدها. 78- طَيْفُور بْن عِيسَى. أبو زيد البَسْطاميّ الأصغر3. كذا فرّق بينه وبين الَّذِي قبله السُّلميّ، فيما أورده ابنُ ماكولا. وقَالَ: روى عن: أبي مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وصالح بْن يُونُس، وشُرَيْح بْن عُقَيْل. وروى عَنْهُ: يوسف بْن شدّاد، وجماعة من أهل بسطام.   1 السابق. 2 السابق. 3 انظر: معجم البلدان "1/ 623" لياقوت الحموي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 75 وقيل: إن جدّ الكبير شروسان، واسم جدّ هَذَا آدم. فالله أعلم. "حرف العين": 79- عاصم بْن عصام. أبو عِصْمة القُشَيْريّ البَيْهقيّ1. عن: يَعْلَى بن عُبَيْد، وزيد بْن الْحُبَاب، وجماعة. وعنه: مؤمّل الماسرْجِسيّ، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيَان الفقيه، وغيرهما. وقِيلَ كان مُجاب الدَّعوة. تُوُفيّ سنة إحدى وستّين. قَالَ الحاكم: سمعتُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن سُفْيَان يقول: سمعت عاصم بْن عصام يقول: بتُّ ليلةً عند أَحْمَد بْن حنبل، فجاء بالماء فوضعه، فَلَمَّا أصبح نظر إليّ فإذا هُوَ كما كان، فقال: سبحان الله، رَجُل يطلب العلم لا يكون له وِرْدٌ باللّيْل. 80- الْعَبَّاس بْن إِسْمَاعِيل2. أبو الفضل الإصبهانيّ الطّامَذيّ العابد. عن: سهل بْن عُثْمَان، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وجماعة. وعنه: ابن أبي كر بْن أبي عاصم مع تقدُّمه، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وعبّاس بْن سهل، وعليّ بْن رُسْتم. وكان لازمًا لبيته، خيِّرًا ناسكًا. كان يروي الحديث بعد الحديث. قَالَ أبو نُعَيْم: تُوُفيّ بَعْدَ السّتّين. 81- عبّاس بْن عَبْد الله بْن أبي عِيسَى بْن أبي محمد التَّرقفيّ الباكسابيّ3.   1 من العباد الزهاد المستورين، وهو لا بأس به. 2 انظر: الحلية "10/ 398". 3 انظر: السير "13/ 12-14"، والتهذيب "5/ 19". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 76 سمع: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وحفص بْن عُمَر العَدَنيّ، وزيد بْن يحيى بْن عُبَيْد الدّمشقيّ، وأبا عاصم النّبيل ومروان الطَّاطريّ، وأبا مسْهِر الغسّانيّ، وأبا عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وطائفة. وعنه: ق. وأبو الْعَبَّاس بْن شُرَيْح الفقيه، وأبو بكر بن مجاهد المقرئ، وأبو عوانة الحافظ، والمحاملي، وإسماعيل الصفار، وطائفة. قال الخطيب: كان ثقة صالحا عابدا. وقال محمد بن مخلد: ما رأيته ضحك ولا تبسَّم. قبل: توفّي آخر سنة سبعٍ وستين. وقد وثقه الدارقطني أيضا، وله خبر مشهور. 82- الْعَبَّاس بْن مُوسَى بْن مِسْكَوَيْه1. أبو الفضل الهمْدانيّ، أحد الأئمّة الحفّاظ. رحل إِلَى العراق، والشّام، والثَّغر. وحدَّث عن: مسلم بن إبراهيم، وعمرو بن عون، ومسدد، وأبي مسلم التَّبوذكّي، وهشام بن عمار، وأبي بكر ابن أبي شيبة، وطبقتهم. وروى عَنْهُ: محمد بْن التّمّار الهمْدانيّ، وهارون بْن مُوسَى، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جارود، وابن شِيَرَوَيْه فِي تاريخ همدان فقال: كان جليل القدْر سُنّيًا، له تصانيف غريبة سيَّما كتاب الإمامة، فإنّه ما سُبِقَ إليه. وكان امتُحِنَ أيّام الواثق، ودخل بغداد وتوارى بها، ونزل على أبي بَكْر الَأعْيَن، فأُخِذَ من داره، وجرى عليه أمر عظيم. ثم بعد رُفِع إِلَى أَذْرَبِيجَان وحدَّث بها. وكان صدوقًا. ثُمَّ ساق شِيرَوَيْه ترجمته فِي ورقتين، وكيف امْتُحِن، وهي عجيبة إنّ صحّت. 83- عَبَّاس بْن الْوَلِيد بن مَزْيَد. أبو الفضل العُذْريّ البَيْرُوتيّ2.   1 أحد العلماء الأثبات، لا بأس به. 2 السير "12/ 471"، والتهذيب "5/ 131". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 77 سمع: أَبَاهُ، ومحمد بْن شُعَيْب بْن شابور، وعُقْبَة بْن عَلْقَمة، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبا مسهر، وجماعة وعنه: د. س. وأبو زُرْعة الرّازيّ والدّمشقيّ، وابن جَوْصا، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخيثمة بن سليمان وأبو العباس الأصم، وخلق. ولد سنة تسعٍ وستين ومائة في رجب، عاش مائة سنة وسنة. وفيه همة وجلادة فإن خيثمة قَالَ: مازح الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد جاريةً له، فَدَفعته فانكسرت رِجْلُه، فلم يحدِّثنا عشرين يومًا، وكنا نلقى الجارية ونقول: حبسك الله كما كسرتِ رِجْلَ الشّيخ وحَبَسْتِنا عن الحديث. وقَالَ أبو دَاوُد: سمع من أَبِيهِ ثم عرض عن الحديث. وقَالَ أبو دَاوُد: سمع من أَبِيهِ ثُمَّ عرض عليه، وكان صاحب لَيْلٍ. وقَالَ إِسْحَاق بْن سيّار: ما رَأَيْت أحدًا أحسن سمتًا منه. وقَالَ النَّسائيّ: ليس به بأس. قلت: كان مقرئًا مجوّدًا. وقَالَ الْحُسَيْن بْن أبي كامل: سمعت خيثمة يقول: أتيتُ أَبَا دَاوُد السّجِسْتانيّ، فأملى عليَّ حديثًا عن العبّاس ابن الْوَلِيد بْن مَزْيَد. قلت: وأتاني حديث الْعَبَّاس. فقال لي: رأيته؟ قلت: نعم. قلت: مَتَى مات؟ قلت: سنة إحدى وسبعين. كذا قَالَ خيثمة. وأما عَمْرو بْن دُحَيْم فقال: مات فِي ربيع الآخر سنة سبعين، وضبط فِي أيّ يومٍ وُلِدَ وأيّ يومٍ مات، فتحدّد أنّ عُمره مائة سنة وثمانية أشهر واثنين وعشرين يومًا. وهو أحد الجماعة الّذين جاوزوا المائة بيقين. 84- عَبْد الله بْن عَبْد السّلام بْن الرّذّاذ المصريّ1. المؤدِّب المعلّم، أمين القياس.   1 ينظر في "حسن المحاضرة". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 78 روى عن: بِشْر بْن بَكْر التِّنّيسيّ، وأبي زرعة، وهبة الله المؤذّن. كان رجلًا صالحًا. قال ابنُ يُونُس. وقَالَ: هُوَ أوّل من قاس النّيل من المسلمين. تُوُفيّ سنة ستٍّ وستّين. 85- عَبْد الله بْن عليّ بْن المَدِينيّ1. روى عن: أبيه تصانيفه. وعنه: محمد بن عمان الصَّيرفيّ، ومحمد بْن عَبْد الله المستعين. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: إنّما روى كُتُب أَبِيهِ مناولةً وإجازة. 86- عَبْد الله بْن محمد بْن أيّوب بْن صَبيح2. أبو محمد المخرِّميّ. سمع: سُفْيَان بْن عيينة، ويحيى بن سليم، وعبد الله بْن نُمَيْر، وعليّ بْن عاصم، وجماعة. وعنه: ابنُ صاعد، وابن مَخْلَد، وابن عيّاش القطّان، وإسماعيل الصّفّار، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعت منه مع أبي، وهو صدوق. قُلّد القضاء فلم يقبله، واختفى مُدّة. قلت: مات سنة خمسٍ وستّين، وقد جاوز السّبعين. وآخر من روى حديثه عاليًا هُوَ جَسْر المَرْوَزِيُّ. والمخرّميّ مؤتَمَنٌ بمرّة. 87- عَبْد الله بْن محمد النَّيسابوريّ3. الفقيه الزّاهد أبو الطَّيّب المكفوف، صاحب يحيى بْن يحيى والملازم له ليلًا ونهارًا.   1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 تاريخ بغداد "10/ 81"، والسير "12/ 359". 3 من العلماء المستورين لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 79 سمع: حفص بن عبد الله السُّلميّ، وعبدان بن عثمان. وعنه: أبو عمر المستملي، وإبراهيم بْن عليّ الذُّهليّ. قَالَ المستملي: كان مُجاب الدَّعوة. مات فِي ذي القعدة سنة سبعٍ وستين ومائتين. وسمعته يقول: أتاني آتٍ فِي منامي، مولدك سنة اثنتين وثمانين ومائة. رُويّ أنّ أَبَا الطَّيّب رؤيّ فِي النَّوم أنّ الله غَفَرَ له. 88- عَبْد الله بْن مُوسَى بْن محمد بْن يحيى بْن أبي بَكْر الكرْمانيّ1. أبو محمد وأبو عبد الرحمن. عن: أَحْمَد بْن جَعْفَر الثّعْلبيّ، وابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد البغداديوَّن، ويوسف بْن محمد، وأَحْمَد بن يحيى ابن نصر، ومحمد بْن يزيد الزُّهريّ الإصبهانيون. وثّقه أبو بَكْر الخطيب. وقَالَ أبو نُعَيْم: كان صدوقًا. 89- عبد الله محمد بْن سِنان الرَّوحيّ السَّعديّ البصْريّ2. قاضي الدِّينور. عن: مسلم بن إبراهيم، وعبد الله بْن رجاء الغُدّانيّ. وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وعبد الله بْن محمد الجمّال، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس الإصبهانيّان. قَالَ أبو نُعَيْم: كان يضع كثيرًا. 90- عَبْد الله بْن محمد بْن يزداد بْن سُوَيْد3. الوزير أبو صالح المروزيّ الكاتب.   1 من علماء إصبهان، والراجح أنه صدوق كما قال أبو نعيم. 2 انظر الميزان "2/ 489". 3 السير "13/ 339". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 80 كان أبوه من وراء المأمون. ووزر أبو صالح المستعين والمهتدي، وقدِم دمشق مع المتوكل. مات سنة إحدى وستّين مختفيًا. 91- عبد الله بن هلال. أبز محمد الرَّبعيّ الروميّ الزّاهد1، ونزيل بيروت. أخذ عن: أحمد بن عاصم الأنطاكّي، وأحمد بن أبي الحواري، وجماعة. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ مع تقدُّمه، وأبو نُعَيْم الإستراباذيّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ. 92- عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد. أبو زَيْد التّميميّ الأندلُسيّ2. رحل، وأخذ عن: أَصبغ بْن الفرج، وأبي زَيْد بْن أبي الغَمْر المصريين. وعنه: محمد بن فطيس، وغيره. توفي سنة خمسٍ وستين. 93- عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب الكندي3. مولاهم المصري. عن: أبيه، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي. توفي في شعبان سنة سبعٍ وستيّن. توفي في شعبان سنة سبعٍ وستين. 94- عبد الرحمن بن عيسى بن دينار الأندلسي4. الفقيه ابن الفقيه. حج مرات، وأخذ عن: سَحْنُون بن سعيد، وغيره.   1 انظر: الحلية "8/ 114". 2 جذوة المقتبس "599". 3 يُنظر في "حسن المحاضرة". 4 جذوة المقتبس "608". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 81 وكان فصيحًا بالفقيه، مُفْتِيًا بمذهب مالك. روى عَنْهُ: ابنُ لُبَابة، وغيره. وكان أخوه محمد بْن عِيسَى عالمًا زاهدًا، وأخوهما أبو القاسم أبان كان فاضلًا لاحقًا، ولي قضاء طُلَيْطلة وتُوُفيّ بعد السّتّين ومائتين. وأخوهم عَبْد الواحد فقيه له ذِكر. وأمّا الوهْم فكان من كبار أصحاب أبي القاسم. تُوُفيّ عَبْد الرَّحْمَن سنة سبعين. 95- عَبْد الرحمن بن يوسف الحنفيّ المروزيّ1. رحل، وسمع من: يَعْلَى بْن سَعِيد، وأبي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وجماعة. وعنه: الْحَسَن بْن عِمران الخنظليّ المَرْوَزِيُّ. تُوُفيّ سنة ستٍّ وستّين. 96- عَبْد السَّلام بْن رغْبان دِيك الْجِنّ الحمصيّ2. أحد فُحُول الشّعراء مرَّ، وإنّما نبَّهت عليه هنا لأنّ ابنُ عساكر ذكر أنّه قدِم دمشق ومدح بها أَحْمَد بْن المدبّر عاملها. وقد مرّ أَحْمَد بْن المدبّر فِي حرف الألف. 97- عَبْد العزيز بن حاتم3. أبو عمر المروزيّ. محدّث رحّال. سمع: مكّي ين إِبْرَاهِيم، وأبا نُعَيْم، وعبد الرَّحْمَن بن عَبْد الله الدَّشتكّي، وعليّ بن الحسن ين شقيق، وطبقتهم. ذكره السُّليمانيّ، وروى عنه.   1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 سبقت الترجمة له. 3 انظر رقم 1. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 82 98- عَبْد الْعَزِيز بْن حَيّان. أبو زَيْد المِعْوليّ الأزْديّ المَوْصِليّ1. عن: أبان بْن سُفْيَان، وأحمد بْن يُونُس، وأبي جَعْفَر النُّفَيْليّ، وطبقتهم. وصنَّف حديثه. وكان خيّرًا صالحًا فاضلًا. روى له: ابناه زيد، رواه عَنْهُ أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: نَبا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "إِنَّ فِي جهنَّم رَحًى تَطْحَنُ عُلَمَاءَ السُّوء طَحْنًا شَدِيدًا". 99- عَبْد العزيز بن سلام. أبو الدّردراء المَرْوَزِيُّ الحافظ2. عن: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعليّ بْن الْحَسَن بْن واقد، وأصبغ بْن الفرج، وعثمان بْن الهيثم المؤذِّن، وعَبْدان، وخلْق. وعنه: س. ق. والحسن بْن سُفْيَان، ومحمد بْن عقيل البلخيّ، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ غيره: تُوُفيّ بعد سنة سبعٍ وستّين، أو فيها. ذكر ابنُ عساكر أنّ س. ق. رويا عَنْهُ. ولم يره، بل روى عَنْهُ س. فِي اليوم والليلة. 100- عُبَيْد الله بْن عَبْد الكريم بْن يزيد بْن فرُّوخ3. الحافظ أبو زُرْعة الْقُرَشِيّ المخزوميّ، مولاهم الرّازيّ. أحد الأعلام.   1 انظر السابق. 2 أحد الحفاظ، أخرج له النسائي في "عمل اليوم والليلة". 3 تاريخ بغداد "10/ 326"، والسير "13/ 65". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 83 قَيِل: وُلِدَ سنة تسعين ومائة. ويقال إنّه وُلِدَ سنة مائتين. وأظنّه وَهْمًا، فإنّ رحلته سنة إحدى عشرة؛ لأنّه سمع بالكوفة من: عَبْد الله بْن صالح العِجْليّ، والحسن بْن عطيّة بْن نجِيح، وتُوُفيّا عامئذٍ. وسمع: أَبَا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وعبد الله بْن مَسْلَمَة القَعْنَبيّ، وقُرّة بْن حبيب، وأبا نُعَيْم، وخلّاد بْن يحيى، وقَبِيصَة، وعبد الْعَزِيز الأُوَيْسيّ، وقَالَون المقرئ، عمرو بْن هاشم البيروتي، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وإسحاق الفرويّ، ومحمد بن سابق، وأبا عمر الحوصيّ، ويحيى بْن عَبْد الله بْن بُكَيْر، وخلْقًا كثيرًا بالرّيّ، والكوفة، والبصرة، والحرمَيْن، وبغداد، والشام، مصر، والجزيرة. وَفِي تهذيب الكمال أنّه روى عن أبي عاصم النّبيل، وَفِي هَذَا نظر. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سُئِل أبو زُرْعة: فِي أيّ سنة كتبتم عن أبي نُعَيْم؟ قَالَ: فِي سنة أربع عشرة ومائتين. ورحلت من الرّيّ المرّة الثانية سنة سبعٍ وعشرين. ولم يدخل خراسان. وكان من أفراد العالم ذكاءً وَحِفْظًا ودينًا وفضلًا. روى عَنْهُ من شيوخه: محمد بْن حُمَيْد، وأبو حَفْص الفلّاس، وحَرْمَلَة بْن يحيى، وإسحاق بن موسى الخطميّن ويونس ين عَبْد الأعلى، والربيع بْن سُلَيْمَان، ومِن أقرانه: أبو حاتم ابنُ خالته، ومسلم بْن الحجاج، وأبو زرعة الدّمشقيّ، وإبراهيم الحربيّ. ومن الحُفْاظ والمحدّثين خلْقٌ كثير. وروى عَنْهُ: م. ت. ن. ق. فِي كتُبُهم، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو عَوَانَة، وقاسم بْن زكريّا المطرّز، وسعيد بن عمرو البردعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم فأكثر، وأبو بَكْر بن زياد النَّيسابوري، وأحمد بن محمد الدّاركي، ومحمد ابن الْحُسَيْن القطّان. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان جدّه فروخ مولى عسّاش بن مطرِّف القرشيّ. وقال جعفر بن مجمد الكِنْديّ: ثنا أبو زُرْعَة قَالَ: قدِم علينا جماعة من أهل الرّيّ دمشق منهم: لأبو يحيى فرخويه. فلمّا انصرفوا إِلَى الرِّيّ، فيما أخبرني غير الجزء: 20 ¦ الصفحة: 84 واحدٍ، منهم أبو حاتم، رأوْا هَذَا الفتي قد كاس فقالوا: نُكَنِّيك بكُنْية أبي زُرْعة الدّمشقيّ. ثم اجتمع بأبي زُرْعة الرّازيّ فكان يذكرني بهذا ويقول: بكُنْيَتِك اكتَّنَيْت. وقَالَ سَعِيد بْن عَمْرو: قَالَ أبو زُرْعة: لا أعلم أنّه صحّ لي رباط قطّ. أمّا قزوين فأردنا محمد بْن سَعِيد بْن سابق، وأمّا عسقلان فأردنا محمد بن أبي الريّ، وأمّا بيروت فأردنا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد بْن مَزْيد. وقَالَ النّجّاد: سمعت عَبْد الله بْن أَحْمَد يقول: لمّا ورد علينا أبو زُرْعة نزل عندنا، فقال لي أبي: يا بُنيّ، قد اعْتَضْتُ بنوافلي مذاكرة هَذَا الشَّيْخ. وقَالَ صالح جَزَرَة: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعة يقول: كتبتُ عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى الرّازيّ مائة ألف حديث، وعن أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة مائة ألف، فقلت له: بَلَغَني أنّك تحفظ مائة ألف حديث، تقدر أن تُملي عليّ ألف حديث من حفظك؟ قَالَ: لا، ولكن إذا أُلقي عليَّ عرفتُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ فقلت: يجوز ما كتبت عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى مائة ألف؟ قَالَ: مائة ألف كثير. قلت: فخمسين ألف؟ قَالَ: نعم، وسبعين ألف. أخبرني من عدَّ كتاب الوضوء والصلاة فبلغ ثمانية عشر ألفًا. وقَالَ أبو عبد الله بْن مَنْدَه الحافظ: سمعت محمد بن جعفر بن حكمويه بالرِّيّ يقول: سئل أبو زُرْعة عن رجلٍ حَلَف بالطّلاق أنّ أَبَا زُرْعة يحفظ مائتي ألف حديث هَلْ حَنَث؟ فقال: لا. ثُمَّ قَالَ: أحفظ مائتي ألف مثل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [الإخلاص: 1] ، واحفظ في المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث. قلت: هَذِهِ حكاية منقطعة لا تثبت، هذه أصح منها: فقال الحافظ ابنُ عديّ: سمعت أبي يقول بالرَّيّ، وأنا غلام فِي البزّازين، فحلفَ رَجُل بالطلاق أنّ أَبَا زُرْعة يحفظ مائة ألف حديث، فذهب قوم إِلَى أبي زُرْعة وذهبت معهم، فذكروا له حلْف الرجل، فقال: ما حَمَله على ذلك؟ قَيِل: قد جرى ذلك منه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 85 فقال: يمسك امرأته فإنّها لم تَطْلُق، أو كما قَالَ1. وقَالَ الحاكم: سمعت أَبَا جَعْفَر محمد بْن أَحْمَد الرَّازيّ يقول: سمعت محمد بْن مُسْلِم بْن وارة يقول: كنت عند ابنُ راهويه فقال رجل: سمعت أحمد بن حنبل يقول: صحّ من الحديث سبعمائة ألف حديث وكّسْر، وهذا الفتى يعني أَبَا زرعة، يحفظ ستّمائة ألف. قلت: فِي إسنادها مجهول. وقَالَ غُنْجار فِي تاريخه: ثنا ناصر بْن محمد الأزْديّ بكرمينية: سمعت أَبَا يَعْلَى المَوْصِليّ يقول: رحلت إِلَى البصْرة، فبينا نَحْنُ فِي السّفينة إذا برجلٍ يسأل رجلًا: ما تقول فِي رجلٍ حَلَف بالطّلاق أنّك تحفظ مائتا ألف حديث؟ فأطرق رأسه ثُمَّ قَالَ: اذهب يا هَذَا وأنت بارُّ فِي يمينك. فقلت: من هَذَا؟ فَقِيلَ لي: أبو زُرْعة الرَّازيّ ينحدر إِلَى البصرة. وقال ابنُ عُقْدة عن مطيَّن، عن أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة قَالَ: ما رأيت أحفظ من أبي رزعة. وقَالَ عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جَعْفَر القَزْوينيّ، وهو ضعيف: سمعتُ محمد بْن إِسْحَاق الصَّغانيّ يقول: كان أبو زُرْعة، يشبَّه بأحمد بْن حنبل. وقَالَ عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد: ما رَأَيْت أعْلَمَ بحديثِ مالك من أبي زُرْعة، وكذلك سائر العلوم. وقَالَ عُمَر بْن محمد بْن إِسْحَاق القطّان: سمعت عَبْد الله بْن أَحْمَد: سمعت أبي يقول: ما جاوز الجسْرَ أفْقَه من إِسْحَاق، ولا أحفظ من أبي زُرْعة. وقال أبو يَعْلَى المَوْصِليّ: ما سمعنا بذِكْر أحدٍ فِي الحِفْظ إلّا كان اسمه أكبر من رؤيته إلّا أبو زُرْعة، فإنّ مشاهدته كَانَتْ أعظم من اسمه. كان قد جمع حِفْظ الأبواب والشّيوخ والتّفسير. وقَالَ صالح جَزَرة: سمعت أَبَا زُرْعة يقول: أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث.   1 تاريخ بغداد "10/ 324، 325". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 86 وقَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيْه: كلّ حديث لا يعرفه أبو زُرْعة الرّازيّ ليس له أصل وقَالَ أبو الْعَبَّاس السّرّاج: لمّا انصرف قُتَيْبَةُ إِلَى الرِّيّ من بغداد سألوه أن يحدّثهم، فقال: أحدّثكم بعد أن أحضر مجلسي أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وعليّ بْن المَدِينيّ. قَالُوا: فإنّ عندنا غلامًا يسرد كلُّ ما حدَّثت به مجلسًا مجلسًا، قم يا أبا زرعة. فقام فسرد كل ما حددث به قُتَيْبَةُ. وقَالَ فَضْلك الصّائغ: دخلت المدينة فصرت إِلَى باب أبي مُصْعَب فخرج إليَّ شيخ مخضوب، وكنتُ أَنَا ناعسًا، فحرّكني وقَالَ: يا مردريك من أَيْنَ أنت، إيش تنام؟ فقلت: أصلحك الله من الرِّيّ، من شاكرديّ أبي زُرْعة. فقال: تركتَ أَبَا زُرْعة وجئتني! لقيت مالكًا وغيرَه، فَمَا رأت عيناي مثلَه. قَالَ فَضْلَك: فدخلت على الرَّبِيع بمصر فقال: إنّ أَبَا زُرْعة آية. وإنّ الله تعالى إذا جعل إنسانًا آية من شكْله حَتَّى لا يكون له ثانٍ1. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: نا أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل ابنُ عمّ زُرْعة أنّه سمع أَبَا زُرْعة يقول فِي مرضه الَّذِي مات فِيهِ: اللَّهُمَّ إنّي أشتاق إِلَى رؤيتك، فإنْ قَيِل لي: بأيّ عمل اشتقت إلىّ؟ قلت: رحمتك يا ربّ. وقد كان أبو زُرْعة يحطّ على أَهْل الرّأي ويتكلَّم فيهم. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سَمِعْتُ أبا زُرْعة يقول: لي السَّريّ بْن مُعاذ، يعني الأمير: لو أنّي قبلت لأعطيت مائة ألف درهم قبل اللّيل فيك وَفِي ابنُ مُسْلِم من غير أن أحبسكم ولا أضربكم، بل أمنعكم من التّحديث. سمعتُ أَبَا زُرْعة يقول: لو كَانَتْ لي صحّةُ بدنٍ على ما أريد كنت أتصدَّق بمالي كلّه، وأخرج إلى الثُّغور، وآكل من المباحات وألْزَمُها. ثُمَّ قَالَ: إنّي لَألْبَس الثّياب لكي إذا نظر النّاس إليَّ يقولون قد ترك أبو زُرْعة الدُّنيا ولبس الثياب الدُّون. وإنّي لآكل ما يقدَّم إليَّ من الطّيّبات لكيلا يقولوا: إنّه لا يأكل الطّيّبات لزهده.   1 السير "10/ 472" طبعة التوفيقية. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 87 وقَالَ يُونُس بْن عَبْد الأعلى: ما رَأَيْت أكثر تواضعًا من أبي زُرْعة. وقَالَ عَبْد الله القَزْوينيّ، وهو ضعيف: ثنا يُونُس بْن عَبْد الأعلى: ثنا أبو زُرْعة. فَقِيلَ ليونس: من هَذَا؟ قَالَ: إنّ أَبَا زُرْعة أشهر فِي الدُّنيا من الدُّنيا1 وقَالَ عَبْد الواحد بْن غَياث: ما رَأَى أبو زُرْعة مثَل نفسه. وقَالَ سَعِيد بْن عَمْرو البَرْدَعيّ: سمعت محمد بْن يحيى الذُّهلي يقول: لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله لهم مثل أبي زُرْعة يعلِّم النّاس. وقَالَ أبو أَحْمَد بْن عدّي: نا أَحْمَد بن محمد القطّان: نا أبو حاتم المراديّ: حَدَّثَنِي أبو زُرْعة عُبَيْد الله بْن عَبْد الكريم وما خلّف بعده مثله عِلْمًا وَفَهْمًا، ولا أعلم من المشرق إِلَى المغرب من كان يفهم هَذَا الشأن مثله2. وقَالَ ابنُ عدّي: سمعت القاسم بن صفوان، سمع الزّاهد، وأبو زُرْعة، وسمّى آخر. وروى الخطيب بإسنادٍ، عن أبي زُرْعة قَالَ: ما سمعت أُذني شيئًا من العِلم إلّا وَعَاه قلبي، وإنّي كنت أمشي فِي السُّوق فأسمع صوت المُغَنّيات من الغُرَف، فَأَضَعُ إصبعي فِي أُذُنيَّ مخافة أن يَعِيَه قلبي. وَرُوِيَ أنّ أَبَا زُرْعة كان من الأبدال. قصة تلقين الميت: رواها ابنُ أبي حاتم بخلاف هَذَا، فقال: سمعت أبي يقول: مات أبو زُرْعة مطعونًا مَبْطونًا يعرق الجبين منه فِي النَّزع، فقلت لمحمد بْن مُسْلِم: ما تحفظ فِي تلقين الموتى: لا إله إلّا الله؟ قَالَ: يُروى عن مُعَاذ. فرفع أبو زُرْعة رأسه، وهو فِي النَّزع، فقال: رَوَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مرَّة، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" 3.   1 السير "10/ 473". 2 السابق. 3 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3116"، وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه= مسلم "916"، أبو داود "3117"، والترمذي "978"، وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه مسلم "917"، وابن ماجه "1444". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 88 فصار فِي البيت ضجّة ببكاء من حضر. وقَالَ الحاكم، وأبو عليّ بْن فَضَالَةَ الحافظان: ثنا أبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله بْن شاذان الرَّازيّ -قلت: وليس ثقة- قَالَ: سمعت أَبَا جَعْفَر محمد بْن عليّ ورّاق أبي زُرْعة، فذكر حكاية تلقين أبي زُرْعة لا إله إلّا الله، وإنّهم ذكروه بالحديث. فقال وهو فِي السَّياق: ثنا بُنْدَارٌ، نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" 1. وتُوُفيّ رحمه الله. وقَالَ أبو الْعَبَّاس السّراجّ: سمعت ابنُ وارة يقول: رَأَيْت أَبَا زُرْعة فِي النَّوم، فقلت: ما حالك؟ قَالَ: أَحْمَد الله على الأحوال كلها. إنّي وقفت بين يدي الله تعالى فقال لي: يا عبد الله لِمَ تذرّعت فِي القول فِي عبادي؟ قلت: يا ربّ إنّهم خاذِلوا دينك. قَالَ: صدقت. ثُمَّ أتى بطاهر الخلقانيّ فاستعديت عليه إِلَى ربّي، فَضُرب الحَدّ مائة ثُمَّ أمر به إِلَى الحبسٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلْحِقوا عُبَيْد الله بأصحابه، بأبي عَبْد الله، وأبي عَبْد الله سُفْيَان الثَّورّي، ومالك، وأحمد بْن حنبل. رواها عن ابنُ وَارة عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم أيضًا. تُوُفيّ فِي آخر يومٍ من سنة أربعٍ وستّين ومائتين. 101- عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان التُّركي، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ2. أبو الْحَسَن، الوزير للمتوكّل. وما زال فِي الوزارة إِلَى أن قُتِلَ المتوكّل. وقد جرت له أمور، وانخفاض وارتفاع، نفاه المستعين إلى الرَّقّة سنة ثمانٍ وأبعين. ثُمَّ قدِم بغداد بعد خمس سنين، ثُمَّ استوزره المعتمد سنة ستٍّ وخمسين.   1 انظر السابق. 2 انظر: السير "13/ 9، 10"، البداية "11/ 36". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 89 قَالَ حُسَيْن الكواكبيّ: أنبا محرز الكاتب قَالَ: اعتلّ عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان فأمّر المتوكّل بْن خاقان أن يعوده، فأتاه فقال: إنّ أمير المؤمنين يسأل عن علَّتك. قَالَ: عليل من مكانَيْن ... من الأسقام والدَّين وَفِي هذين لي شُغْلٌ ... وحسْبي شُغْلُ هَذين قَالَ: فأمر له المتوكّل بألف ألف درهم. قَالَ الصُّوليّ: ثنا الْحَسَن بْن عليّ الكاتب قَالَ: لمّا قَتَلَ المتوكّل محمد بْن الفضل الْجَرْجَرائيّ قَالَ: قد مَلَلْتُ عرضَ المشايخ عليّ، فطلبوا لي حديثًا من أولاد الكُتّاب. وبقي شهرين بلا وزير وأصحاب الدّواوين يعرضون عليه أعمالهم، ثُمَّ طلب عُبَيْد الله بْن يحيى، فَلَمَّا خاطبه أعجبته حركته، وأمره أن يكتب فأعجبه أيضًا خطه. فقال عمُّه الفتح: وَالَّذِي كتبت أحسن من خطّه. قَالَ: وما هُوَ؟ قَالَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] ، وقد تفاءلت ببركته كبركة ما كتب. فولَّاه العَرْض، فبقي سنة يؤرّخ الكُتُب عَنْهُ وعن وَصيف. وحظى عند المتوكل، فطرح اسم وصيف، ونفذت الكتب اسم عُبَيْد الله وحده. قَالَ الصُّوليّ: كان عُبَيْد الله سمحًا جوادًا ممدَّحًا، حَدَّثَنِي أبو العَيْنَاء قَالَ: دخلت على المتوكّل، فقال: ما تقول فِي عُبَيْد الله؟ قلت: نِعْمَ العبد لله، كلّ منقسم بين طاعته وخدمتك، يؤثر رِضاك على كلّ فائدة، وإصلاح رعيّتك على كلّ لذّة. وقَالَ عليّ بْن عِيسَى الوزير: لم يكن لعُبَيْد الله بْن يحيى حظٌّ من الصّناعة، إلّا أنّه أُيِّد بأعوانٍ وكتَّاب، وكان واسع الحيلة، حسن المداراة. وقَالَ الصُّوليّ: ولم يزل أعداء عُبَيْد الله يحرّضون المنتصر على قتله، وإنّه مائلٌ إِلَى المعتز، وأحمد بْن الخطيب يردعه عَنْهُ. ثُمَّ نفاه إِلَى أقريطش فَلَمَّا استخلف المعتمد ذكر لوزارته سليمان بن وهب، والحسن بن مخلد، وجميع الكُتّاب، فقال ابنُ مَخْلَد: هَذَا عُبَيْد الله بْن يحيى قد أصلح الجماعة ورأسهم، وهو ببغداد. فصدّقه الجماعة. وقَالَ المعتمد وأبو عِيسَى بْن المتوكّل: ما لنا حظٌّ فِي غيره. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 90 فطلبوه إِلَى سرَّ من رَأَى واستحثُّوه، ولم يذكروا له الوزارة لئلّا يمتنع زُهْدًا فيها. فشخص على كُرْه، وأُدْخِل على المعتمد، فخلع عليه الوزارة. فَلَمَّا خرج امتنع، فلاطَفُوه. وولي سنة ستٍّ وخمسين بعفاف ورأي ومروءة إِلَى أن مات، وعليه ستّمائة ألف دينار، مع كثرة ضياعه. وقد أدَّبته النَّكب وهذَّبته، فزاد عَفافه وتَوَقّية. قلت: ورد عن عُبَيْد الله أخبار فِي الحِلْم والجود. حكى الصُّولّي، عن غير واحدٍ، أنّ عُبَيْد الله نزل إِلَى الميدان ليضرب الصَّوالجة، فصدمه خادمه رشيق، فسقط عن دابّته، فَحُمِل ومات ليومه. تُوُفيّ الوزير عُبَيْد الله سنة ثلاثٍ وستيّن، وهو والد المعديّ أي مزاحم الخاقانيّ. 102- عطيّة بْن بقيّة بْن الْوَلِيد الحمصيّ1. روى عن أَبِيهِ كثيرًا. وعنه: عَبْد الْعَزِيز بْن عِمران الإصبهانيّ، وعُبَيْد بْن أَحْمَد الصّفّار الحمصيّ، وأحمد بْن هارون الْبُخَارِيّ، وأبو عوانه الإسفرائيني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وجماعة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كَانَتْ فِيهِ غفلة، ومحله الصدق. وقال ابن نافع: مات سنة خمسٍ وستّين. قَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد: سمعت عطيّة بْن بقيّة يقول: أَنَا عطيّة بْن بقيّة، وأحاديثي نقيّة، فإذا عطيّة، ذهب حديث بقيّة. قَالَ الْخِلَعِيُّ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّازُ: ثنا محمد بْن جَعْفَر: سمعت محمد بْن خَالِد بْن يزيد بمكّة: سمعت عطيّة يقول: يا عطيّة بْن بقيّة ... كأنْ قد أتتك المَنِيّه غدوةً أو عَشِيّهْ فتفكَّر ... وتذكّر وتجنَّب الخطيَّة واذكُرِ الله بتقوى ... واتبع التّقوى بنيَّه   1 السير "12/ 521"، واللسان "4/ 175". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 91 وسمعته يقول: أَنَا عطيَّة بْن بقيَّة ... ابنُ شيخ البَريّهْ فاكتبوا عَنْهُ بِنِيّهْ ... فِي قَرَاطِيسَ نقيّه 103- عليّ بن إشكاب. واسم حُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن الحرّ بْن علّان العامريّ الْبَغْدَادِيّ1. أبو الْحَسَن. كان أسنّ من أَخِيهِ محمد. وسمع من: إِسْمَاعِيل بْن عليَّة، وإسحاق الأزرق، وأبا معاوية، ومحمد بْن مَخْلَد، وابن أبي حاتم، وخلقًا آخرهم الْحُسَيْن بْن يحيى القطّان. وقد وثَّقه النَّسائي وغيره. ومات فِي شوّال سنة إحدى وستّين، بعد أَخِيهِ بعشرة أشهر 104- عليّ بْن الْحَسَن بْن أبي عِيسَى بْن مُوسَى بْن مسيرة2. أبو الْحَسَن الهلاليّ الدّارَابْجِرْدِيّ. حجّ ورأى ابنَ عُيَيْنَة، وصلّى عليه، كذا نقل الحاكم فِي تاريخه بلا إسناد. وسمع: عَبْد المجيد بْن أبي داود، حرميّ بن عمّار، معلَّى بْن عُبَيْد، وأبا عاصم النّبيل، وخلْقًا. وعنه: البخاريّ، مسلم، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، وخلْق. قَالَ أبو عبد الله بْن الأخرم: ما رَأَيْت أفضل منه. وعن مُسْلِم بْن الحجّاج، وذكره فقال: ذلك الطّيّب ابن الطّيّب.   1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 179"، السير "12/ 352". 2 الحلية "10/ 143"، السير "12/ 526". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 92 وقَالَ الحاكم: سمعتُ محمد بْن يعقوب بْن الأخرم غير مرّة يقول: استشهد عليّ بْن الْحَسَن برسْتاق أرْغِيان فِي ضيعته. قَالَ: وكان السبب أنّه زَبر العامل بها، فَلَمَّا جنّ عليه اللّيلُ أمر به، فأدْخِل مَتْبَنَةً، وأوقد النّار فِي تبنٍ، فمات فِي الدُّخان. ثُمَّ وُجِد مَيْتًا وقد أكل النّملُ عينيه. قَالَ الحاكم: هُوَ من أكابر علماء المسلمين، وابن عالمهم طلب الحديث بالحجاز، واليمن، والعراق، وخُراسان. وقِيلَ: إنّه مات سنة سبعٍ وستّين فِي رمضان. 105- عليّ بْن حرب بْن محمد بْن حيّان بْن المازن بْن الغضوبة1. أبو الْحَسَن الطّائيّ المَوْصِليّ. وُلِدَ بأذْرَبَيْجان سنة خمسٍ وسبعين ومائة، ونشأ بالمَوْصِل، ورأى المُعَافَى بْن عِمْرَانَ. وسمع من: حَفْص بْن غياث، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكِيع، وأبي مُعَاوِيَة الضَّرير، وعبد الله بْن إدريس، وطبقتهم بالموصل، والبصرة، والكوفة، ومكة، وبغداد. وعنه. س. وقَالَ: صالح؛ وابن صاعد، ومحمد بْن جَعْفَر الطّيريّ، وأحمد بْن سُلَيْمَان العَبَّادانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم. ونافِلُتُه محمد بْن يحيى بْن عَمْر بْن عَلِيّ بْن حرب. قَالَ أبو حاتم: صدوق. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. وقَالَ يزيد فِي تاريخ المَوْصِل: رحل عليّ بْن حرب مع أَبِيهِ، وسمع وصنَّف حديثه، وخرّج المُسْنَد. قَالَ: وكان عالمًا بأخبار العرب وأنسابها، أديبًا شاعرًا، وَفَدَ على المعتزّ بالله في سنة أربعٍ وخمسين.   1 انظر: السير "12/ 351"، التهذيب "7/ 294". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 93 وكتب عَنْهُ المعتزّ بخطّه، ودقّق الكتاب، فقال: يا أمير المؤمنين أخذتَ فِي شُؤْم أصحاب الحديث. فضحك المعتزّ وأطلق له ضياعًا. تُوُفيّ فِي شوّال سنة خمسٍ وستّين بالمَوْصِل، وصلّى عليه أخوه مُعَاوِيَة. 106- عليّ بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن. العبْديّ الخبيث لَعنَه الله1. رَجُل من عَبْد القَيْس افترى وزعم أنّه من وُلِدَ زَيْد بْن عليّ، فتبِعه أناس كثير، وكان خارجيًّا على رَأْيِ الحَرُوريّة، يقول: لا حُكم إلّا لله. والأظهر أنّه كما قَيِل دَهْرِيًّا زِنْدِيقًا يتستّر بمذهب الخوارج. وظهر بالبصرة وتوثّب عليها، وهو طاغية الزَّنْج الّذين أخربوا البصرة واستباحوها قتْلًا ونَهْبًا وَسَبْيًا، وامتدّت أيّامه واستفحل شرّه، وخافته الخلفاء إِلَى أن هلك. ونقل غير واحدٍ أنّ صَاحِبَ الزَّنْج المنعوت بالخبيث رَجُل من أَهْل وزربين. مات إِلَى لعنة الله سنة سبعين. وكان بلاء على الأمّة، وقد سقنا أخباره ومعاوناته فِي الحوادث. وكانت دولته خمس عشرة سنة. وافترى نَسَبًا إِلَى عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. قَالَ نِفْطَوَيْه: كان ربّما كتب العَوْذ. وكان قبل ذلك بواسط، فحبسه محمد بْن أبي عَوْن، ثُمَّ أطلقه. ولم يلبث أن خرج واستغوى الزَّنج الّذين يلبسون السمار، وقوي أمره. 107- عليّ بْن الموفَّق الزّاهد2. أحد مشايخ الطريق. له أحوال ومقامات. صحِب مَنْصُور بْن عمّار، وأحمد بْن أبي الحواري. حكى عَنْهُ أبو الْعَبَّاس السّرّاج: سمعت عليّ بْن الموفَّق يقول: خرجت على رَحْلي ستّين سنة، وقرأت نحو اثنتي عشر ألف ختمة، وضحيّت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-   1 الكامل "7/ 206". 2 تاريخ بغداد "12/ 110"، والبداية "1/ 28". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 94 مائة وسبعين أُضْحِيَّة، وجعلت من حجّاتي ثلاثين عن النَّبِيّ -صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. قلتُ: وفد ناس فِيهِ أبو الْعَبَّاس السّرّاج فضحّى عن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كذا وكذا أضحية. وقال إِسْحَاق المولى: اقتديت بأبي العبّاس فحججت عن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبْع حِجَج، وختمت عنه سبعمائة ختمة. وقال أبو عمر بن السّمّاك: نا أحمد بن المهديّ: سمعت عليّ بْن الموفَّق يقول: خرجت يومًا لئؤذِّن فأصبت قِرْطاسًا فأخذته ووضعته فِي كُمّي، فأذَّنت وأقمت وصليت، فَلَمَّا صلّيت قرأته، فإذا فِيهِ مكتوب: "بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم يا عليّ بْن الموفَّق تخاف الفقر وأنا ربّك"؟ وقَالَ محمد بْن أَحْمَد الطّالْقانيّ: سمعت الفتح بْن شَخْرف يقول وقد رَأَى الَأرُزّ تُطْرح على جنازة ابنُ الموفَّق، فضحِك وقَالَ: ما أحسن هَذِهِ المزاحمات لو كَانَتْ على الأعمال. تُوُفيّ علي بْن الموفَّق سنة خمسٍ وستّين ومائتين. 108- عمّار بْن رجاء الإسْتَرَاباذيّ. أبو ياسر التَّغلبي2، صاحب المُسْنَد. رحل، وسمع، وصنّّف. حدَّث عن: يحيى بْن آدم، ويزيد بْن هارون، وزيد بن الحباب، ومعاوية بْن هشام، وحسين الْجُعْفيّ، ومحمد بن بشر البغدادي، وطبقتهم. وعنه: أبو نعيم عبد الملك بن عدي بن محمد، وأحمد بن محمد بن مطرِّف الإستراباذي، ومحمد بن الحسين الأديب. وكان من علماء الحديث بجرجان. توفَّي سنة سبعٍ أو ثمانٍ وستين.   1 هذا الفعل لا أصل له، ولم يُعرف من هدي سلفنا الصالح. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 395"، السير "13/ 35". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 95 ترجمه أبو سعد الإدريسي، وقَالَ: كان شيخًا فاضلًا دَيِّنًا كثير العبادة والزُّهد. ثقة فِي الحديث. رحل وهو ابنُ ثمانٍ وعشرين سنة، ومات سنة سبعٍ وستّين على الصّحيح. وقبره يُزار رحمه الله1. 109- عُمَر بن الخطّاب السّجِسْتانيّ2. نزيل الأهواز. سمع: أَبَا عاصم النَّبيل، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وسعيد بْن أبي مريم، وخلْقًا من طبقتهم. وعنه: أبو دَاوُد، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، ومحمد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُوريّ، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وجماعة. توفَّي بكرْمان سنة أربعٍ وستّين. 110- عُمَر بْن الخطّاب بن حليلة3. أبو الخطاب الإسكندرانيّ، صاحب التّاريخ. كان فِي حدود العشرين ومائتين. وقد ذكر فِي هَذِهِ الطبقة ممّن اسمه عُمَر بْن الخطّاب أيضًا ثلاثة. 111- عُمَر بْن عليّ الطّائيّ المَوْصليّ4. وُلِدَ سنة تسعٍ وتسعين ومائة أوّلها. وسمع من أبي نعيم، وقبيضة بْن عُقْبَةَ. وكان رجلًا صالحًا خيِّرًا عابدًا منقبضًا عن النّاس.   1 وهذا ما نهى عنه الشرع، وهو تخصيص قبور الصالحين بالزيارة، فزيارة القبور بدون تخصيص هو هدي السلف الصالح. 2 التهذيب "7/ 441". 3 ينظر في "حسن المحاضرة". 4 من العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 96 روى عَنْهُ: حفيده محمد بن يحيى بْن عُمَر، وغيره. وتُوُفيّ فِي سنة تسعٍ وستّين، وله سبعون سنة. 112- عَمْرو بْن سَعِيد. أبو حَفْص الإصبهانيّ الحمّال1، بالحاء. عن: وهْب بْن جرير، وأبي عامر العَقَدي، وأبي دَاوُد الطَّيالِسيّ، والحسين بْن حَفْص، وطائفة. وعنه: يوسف بْن محمد بْن المؤذّن، وأحمد بْن عليّ بْن الجارود، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، وغيره. وقد وثّقوه. وتُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين. ذكره أبو نعيم الحافظ مرتين معتقدًا أنّهما اثنان. والنّسخة الّتي سُمِعت عليه بتاريخه فيها الحمّال فِي المرّة الواحدة بشكل الحاء، وَفِي الثانية بنقطة الجيم. 113- عَمْرو بْن سَلْم. وقِيلَ: عَمْرو بْن سَلَمَةَ، وقِيلَ: عُمَر بْن سَلْم2. الأستاذ أبو حَفْص النَّيْسابوريّ الزّاهد، شيخ الصّوفيّه بخُراسان. روى عن: حَفْص بْن عَبْد الرَّحْمَن الفقيه. وعنه: أبو عُثْمَان سَعِيد بْن إِسْمَاعِيل الحِيريّ الزّاهد تلميذه، وأبو جَعْفَر أَحْمَد بْن حمدان، وحمدون القصّار، وآخرون. قَالَ أبو نُعَيْم: نا أبو عَمْرو بْن حمدان: نا أبي قَالَ: قَالَ أبو حَفْص النَّيْسابوريّ: العاصي بريد الكُفْر كما أنّ الحمىَّ بريد الموت.   1 طبقات المحدثين "3/ 44" لأبي الشيخ. 2 الحلية "10/ 229"، السير "12/ 510". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 97 وثنا أبو عَمْرو بْن حمدان قَالَ: كان أبو حَفْص حدّادًا، فكان غلامه ينفخ عليه الكير مرَّةً، فأدخل يده وأخرج الحديد من النّار، فغُشِي على غلامه، وترك أبو حَفْص الحانوت، وأقبل على أمره. وقِيلَ إنّ أَبَا حَفْص دخل على مريضٍ، فقال المريض: آه. فقال أبو حَفْص: مِمَّنْ؟ فسكت، فقال: مع من؟ قَالَ المريض: فكيف أقول؟ قَالَ: لا يكن أَنِينُك شَكْوى، ولا سُكوتك تجلُّدًا، ولْيكُنْ بين ذلك. وعن أبي حَفْص قَالَ: حرست قلبي عشرين سنة، ثُمَّ حرسني عشرين سنة، ثُمَّ ورَدَ عليَّ وعليه حالةٌ صِرْنا محروسين جميعًا. قَيِل لأبي حَفْص: من الوَليّ؟ قَالَ: من أيِّد بالكرامات، وغيِّب عَنْهَا1. قَالَ الخُلْديّ: سمعت الْجُنَيْد ذكر أَبَا حَفْص قَالَ أبو نصر صاحب الحلّاج: نعم يا أَبَا القاسم، كانت له حال إذا لبسته مكث اليومين والثالثة لا يمكن أحدٌ أنْ ينظر إليه. وكان أصحابه يخلّونه حَتَّى يزول ذلك عَنْهُ. وبلغني أنّه أنْفَذَ فِي يومٍ واحدٍ بضعةَ عشر ألف دينار يشتري بها الأسرى من الدَّيلم، فلمّا أمس لم يكن له ما يأكله. ذكر المُرْتَعِشُ قَالَ: دخلنا مع أبي حَفْص على مريضٍ، فقال له: ما تشتهي؟ قَالَ: أن أبرأ. فقال لأصحابه: احملوا عَنْهُ. فقام المريض وخرج معنا، وأصحابنا كلّنا نُعادُ فِي الفِراش2. قَالَ الُّسلميّ فِي تاريخ الصُّوفيّة: أبو حَفْص من قرية كُوردَابَاذ على باب نيسابور، وكان حدّادًا. وهو أوّل من أظهر طريقة التّصوفّ بنيسابور.   1 صفة الصفوة "4/ 120" لابن الجوزي. 2 طبقات الأولياء "251" لابن الملقن. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 98 قَالَ أبو محمد البلاذُريّ: اسمه عَمْرو بْن سَلْم، وكذا سمّاه أبو عُثْمَان الحِيرِيّ. وذكر السُّلميّ أنّه كان ينفخ عليه غلامٌ له الكِيَر، فأدخل أبو حَفْص يده فِي النّار وأخرج الحديد، فغُشِي على الغلام، فترك أبو حَفْص الصَّنعة وأقبل على شأنه. سمعت عَبْد الله بْن عليّ يقول: سمعت أَبَا عَمْرو بْن علْوان وسألته: هَلْ رَأَيْت أَبَا حَفْص عند الْجُنَيْد؟ قَالَ: كنتُ غائبًا، ولكنْ سمعت الْجُنَيْد يقول: أقام عندي أبو حَفْص سنة مع ثمانية أنْفُس، فكنت كلّ يومٍ أقدمِّ لهم طعامًا طيبًا، وذكر أشياء من الثّياب فَلَمَّا أراد أن يذهب كَسْوتُهُم. فَلَمَّا أراد أن يفارقني قَالَ: لو جئت إِلَى نيْسابور علّمناك السّخاء والفتوَّة. ثُمَّ قَالَ: عملك هَذَا كان فِيهِ تكلُّف. إذا جاءك الفقراء فكنْ معهم بلا تكلُّف، إنْ جُعْت جاعوا، وإن شبعتْ شَبِعُوا1. قَالَ الخُلْديّ: لمّا قَالَ أبو حَفْص للجُنَيْد: لو دخلت خُراسان علّمناك كيف الفتوَّة، قَالَ له البغداديّون: ما الَّذِي رَأَيْت منه؟ قَالَ: صيّر أصحابي مخنَّثين، كان يكلُّف لهم كل يومٍ ألوان الطعام وغير ذلك، وأما الفتوَّة تَرْكُ التكلُّف. وقِيلَ: كان فِي خدمة أبي حَفْص شابٌّ يلزم السُّكوت، فسأله الْجُنَيْد عَنْهُ فقال: هَذَا أنفقَ علينا مائة ألف درهم، واستدان مائة ألف درهم، ما سألني مسألة إجلالًا لي. وقَالَ أبو عليّ الثَّقفيّ: كان أبو حَفْص يقول: مَن لم يزِنْ أحواله كلّ وقت بالكتاب والسُّنّة ولم يتّهم خواطره، فلا تعدُّه. وَفِي مُعْجَم بغداد للسِّلفيّ بإسنادٍ منقطع: قدِم ولدان لأبي حَفْص النيَّسابوريّ فحضرا عند الْجُنَيْد فسمعا قوَّالين فماتا، فجاء أبوهما وحضر عند القوّالَيْن، فسقطا ميّتَيْن2. وقَالَ ابنُ نُجَيْد: سمعت أَبَا عَمْرو الزّجّاجيّ يقول: كان أبو حفصٍ نور الْإِسْلَام فِي وقته.   1 طبقات الأولياء "250". 2 السير "12/ 512". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 99 وعن أبي حَفْص قَالَ: ما استحقّ اسم السّخاء من ذكر العطاء، ولا لمحه يقبله. وعنه قَالَ: الكَرَم طرْحُ الدُّنيا لمن يحتاج إليها، والإقبال على الله لاحتياجك إليه. وعنه قَالَ: أحسن ما يتوسّل به العبد إِلَى مولاه دوام الفقر إليه على جميع الأحوال، وملازمة سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جميع الأفعال، وطلب القُوت جَهْده من وجهٍ حلال. تُوُفيّ الزّاهد أبو حَفْص سنة أربعٍ وستّين، وقِيلَ: سنة خمسٍ وستّين. ووَهِمَ من قَالَ: سنة سبعين ومائتين. 114- عِيسَى بْن إبراهيم بْن مَثْرُود الغافقيّ1. مولاهم المصريّ الفقيه. أبو مُوسَى. سمع: ابنُ عُيَيْنَة، وابن وهْب، وعبد الرَّحْمَن بْن القاسم، وجماعة. وعنه: أبو دَاوُد، والنَّسائي وقَالَ: لا بأس به، وابن خُزَيْمَة، والطَّحاويّ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو الْحَسَن بْن جَوْصا، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، وخلْق سواهم. تُوُفيّ فِي صَفَر سنة إحدى وستّين. 115- عِيسَى بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن وَرْدان2. أبو يحيى الْبَغْدَادِيّ، ثُمَّ العسقلانيّ. عسقلان بلْخ، وهي محلّة معروفة. رحل، وسمع: بقيَّة بن الوليد، وعبد الله بْن وهْب، وحَمْزة بْن ربيعة، وعبد الله بْن نُمَيْر، وطائفة. وعنه: التّرمِذيّ، والنَّسائي، وحامد بْن بلال، وأبو عوانه الإسفرائينيّ، ومحمد بْن عَقِيل البلْخي، والهَيْثَم بْن كُلَيْب الشّاشيّ فأكثر، وأبو حاتم الرَّازيّ وقَالَ: صدوق وقَالَ النَّسائي: ثقة.   1 انظر: السير "12/ 362"، والتهذيب "8/ 205". 2 البداية "11/ 42"، التهذيب "8/ 205". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 100 وحدَّث عَنْهُ من أَهْل نَسْف خلقٌ، منهم: حمّاد بْن شاكر، وإبراهيم بْن مَعْقِلٍ. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين، فِي عُشر المائة، ويقال: وُلِدَ سنة ثمانين ومائة. 116- عِيسَى بْن الشَّيْخ1. أحد الأمراء المذكورين. أبو مُوسَى الشَّيبانيّ الذُّهليّ الدِّمشقيّ. ولي إمرة دمشق فأظهر الخلاف والخروج عن الطاعة سنة خمسٍ وخمسينٍ وأخذ الأموال، وتغلَّب على دمشق، فوجَّه المعتمد لحربه جيشًا عليهم أماجُور. فجهَّز الأمير عِيسَى لملتقاه وزيره ظفْر بْن اليمان وولده مَنْصُور بْن عِيسَى، فانكسروا وقُتِل ابنه فِي المعركة وأُسِر الوزير، وصُلِب فِي ظاهر البلد. وجرت له أمورٌ بعد ذلك. قَالَ الصُّوليّ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن فَهْم أنّ بعض الظُّرفاء قصد عِيسَى بْن الشَّيْخ بآمِد فأنشده: رأيتك بالمنام خلعتَ حقًّا ... عليَّ ببنفسجيّ وقضَيْت دَيْنِي فعجِّل لي فِداك أَبِي وأُميّ ... مقالا في المنام رأته عيني فقال: يا غلام، كُّل ما في الخزائن من الحرير. فعرضه فوجد سبعين شقة بنفسجي، فدفعها إليه وقَالَ: كم دَيْنك؟ قَالَ: عشرة آلاف درهم. فأعطاه ألف درهم وقَالَ: لا تعود ترى منامًا آخر. قَيِل: إنّ عِيسَى مات سنة تسعٍ وستّين. 117- عِيسَى بْن مِهْران بْن المستعطف2. من رءوس الرافضة. حكى عَنْهُ: محمد بْن جرير الطَّبريّ، وغيره. وله كتاب فِي تكفير الصّحابة وفسْقهم، ملأه بالكذب والبهتان.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 474، 475"، الكامل "7/ 238". 2 تاريخ بغداد "11/ 167". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 101 روى عَنْ: عُمَر بْن جرير البَجَليّ، وحسن بْن حُسَيْن المغربيّ، وسهل بْن عامر البَجليّ. روى عَنْهُ: الْحُسَيْن بْن عليّ العلويّ نزيل مصر، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الحنفيّ. قَالَ ابنُ عديّ: حدَّث بأحاديث موضعية، كنْيته أبو مُوسَى. تُوُفيّ ببغداد فِي حدود السبعين ومائتين. 118- عِيسَى بْن مُوسَى بْن أبي حرب الصّفّار1. أبو يحيى البصْريّ الثّقة النّبيل. رواه يحيى بْن أبي بَكْر الكرْمانيّ. قدِم إِلَى بغداد وحدَّث بها. فروى عَنْهُ: الْحَسَن بْن عليل، وابن الباغَنْديّ، وأبو عَوَانة الإسفرائينيّ وقَالَ: كان سيّد أَهْل البصرة، والمَحَامليّ، ومحمد بْن جَعْفَر المَطِيريّ، وحمزة الهاشميّ، وخلْق سواهم. وثقه أبو بَكْر الخطيب، وغيره. وقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الأجرِّيّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: سمعت ابنُ حسّان يقول: كثّر الله فِي النّاس مثل عِيسَى بْن أبي حرب. قَالَ الخطيب: تُوُفيّ ماضيًا إِلَى كرْمان فِي صَفَر سنة سبعٍ وستين ومائتين. "حرف الفاء": 119- الفضل بْن شاذان بْن عِيسَى2. أبو الْعَبَّاس الرّازيّ المقرئ شيخ القرّاء بالرِّيّ. أَخَذَ عن: أَحْمَد بن يزيد الحلْوانيّ، ومحمد بْن عِيسَى الإصبهانيّ، وغيرهما. وسمع من: إِسْمَاعِيل بْن أبي أُوَيْس، وسعيد بْن مَنْصُور وطائفة. وحدَّث عَنْهُ: أبو حاتم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن وقال: ثقة.   1 انظر: تاريخ بغداد "11/ 165". 2 انظر: معرفة القراء الكبار "1/ 334" للذهبي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 102 وقرأ عليه: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن سَعِيد، وأحمد بْن محمد بْن عَبْد الله، وأحمد بْن محمد بن عمّار ابن شبيب الرّازيّون، وابنه الْعَبَّاس بْن الفضل. قَالَ أبو عمرو والدّانيّ، لم يكن فِي دهْره مثله فِي عِلْمه وفَهْمه، وعدالته، وحُسْن اطِّلاعه. 120 - الفضل بْن الْعَبَّاس. الحافظ أبو بَكْر الرّازيّ، ولقَبُه: فَضْلَك الصّائغ1. رحل وطوّف، وحدَّث عن: عِيسَى بْن مينا قالون، وقُتَيْبَةَ بْنُ سَعِيدِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الُأوَيْسيّ، وخلْق كثير. وعنه: محمد بن مخلد العطّار، وأبو عوانة، ومجمد بن المطيريّ، أبو بَكْر الخرائطيّ، وجماعة. تُوُفيّ فِي صفر سنة سبعين. قَالَ المرُّوذيّ: ورَد عليَّ كتابٌ من ناحية شيراز أنّ فَضْلَك قَالَ ببلدهم: إنّ الْإِيمَان مخلوق، فبلغني أنّهم أخرجوه من البلد بأعوان الوالي. وقَالَ لي أَحْمَد بْن أصرم المُزَنيّ: كنتُ بشيراز وقد أظهر فَضْلَك أنّ الْإِيمَان مخلوق وأفسد قومًا من المشيخة فحذَّرت منه، وأخبرتهم أنّ أَحْمَد بْن حنبل جهَّم من قَالَ بالعراق: إنّ القرآن مخلوق. وبيَّنا أمره حَتَّى أخرج. ودخلت إصبهان فإذا قد جاء إليهم، وأظهر عندهم أنّ الْإِيمَان مخلوق فأُخْرج منها. وقَالَ المرُّوذيّ: ما زلنا بهجر فضلك حتى مات ولم يظهر توبةً فأخرج منها. وقَالَ الخطيب: كان ثقة ثبتًا حافظًا، سكن بغداد. وقَالَ محمد بْن حرث: سمعت الفضل بْن الْعَبَّاس وسألته: أيُّهما أحفظ: أبو زُرْعة أو البخاريّ؟ فقال: أنْ أُغْرِب على الْبُخَارِيّ فلن أستطيع، وأنا أُغْرِب على أبي زُرْعة على عدد شَعْره. 121- الفضل بْن الْعَبَّاس بْن مُوسَى الإستراباذيّ2. الفقيه.   1 تاريخ بغداد "12/ 367"، السير "12/ 630". 2 انظر: تاريخ جرجان "598". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 103 سمع: أبا نُعَيْم، وأبا حُذَيْفة، وموسى بْن مَسْعُود المهْريّ، وغيرهم. وعنه: أبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن عديّ، وجماعة. يُقَالُ: قتلهُ محمد بْن زَيْد العَلَويّ المتغلِّب على جُرْجان سنة أربعين ألقاه فِي بئر. وكان الفضل إمامًا ثقة، فقيهًا كبير القدر. وهو الَّذِي تقدَّم إِلَى أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ الطّاغية الَّذِي قصد إستراباذ فاشترى منه البلد وأهله بثلاثمائة ألف درهم، ووزَّعها على النّاس. فسار أَحْمَد إِلَى جُرْجان وأغار على أهلها. "حرف القاف": 122- القاسم بْن محمد بْن الْحَارِث المَرْوَزِيُّ1. الفقيه. قدِم بغداد، وصحب الْإِمَام أَحْمَد مدّة. وحدَّث عن: عَبْدان بن عُثْمَان، وعليّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، ومسدَّد بْن مُسَرْهَد، وطبقتهم. وعنه: أبو حاتم الرَّازيّ، وابن صاعد، والمَحَامليّ، وجماعة. وثقة أبو بكر الخطيب. وتوفي سنة ثلاثٍ وستّين. 123- القاسم بْن يزيد. أبو محمد الكوفيّ الوزّان المقرئ الحاذق2. قرأ على: خلّاد بْن خَالِد، وكان من أجلّةِ أصحابه. قرأ عليه: الحسن بن الحسين الصّاوف، وغيره.   1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 431". 2 غاية النهاية "2/ 25". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 104 "حرف الميم": 124- محمد بْن أَحْمَد بْن يزيد بْن عَبْد الله بْن يزيد1. أبو يُونُس القُرَشيّ الْجُمَحيّ المدنيّ الفقيه. مفتي أَهْل المدينة. أخذ عن أصحاب مالك، وحدَّث عن: إِسْمَاعِيل بْن أُوَيْس، وأبي مُصْعَب، وإسحاق بْن محمد الفَرَويّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وجماعة. وعنه: زكريّا السّاجيّ، ويحيى بْن الحَسَن بْن جَعْفَر النَّسابة العلويّ، وأبو بشر الدُّلابيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم الدّيبليّ، وأبو عَوانة الإسفرائينيّ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون. 125- محمد بْن أَحْمَد بْن حَفْص بْن الزِّبرقان2. أبو عبد الله الْبُخَارِيّ، عالِم أَهْل بُخَاري وشيخهم. قَالَ ابنُ مَنْدَه: كان شيخ خُراسان سمعتُ محمد بْن يعقوب الشَّيبانيّ يقول: سمعتُ كلام أَحْمَد بْن سَلَمَةَ يقول: سُئِل محمد بْن إِسْمَاعِيل عن القرآن فقال: كلام الله. فقال: كيفما يصرف؟ قال: القرآن ينصرف إلّا بالسُّنة! فأُخْبِرَ محمد بْن يحيى فقال: مَن ذهبّ إِلَى مجلسه فلا يدخل مجلسي. وأخرَج جماعة من مجلسه. فخرج محمد بْن إِسْمَاعِيل إِلَى بُخَارَى، وكتب محمد بْن يحيى إِلَى خَالِد بْن أَحْمَد الأمير وشيوخ بخارى بأمره، فهمَّ خَالِد حَتَّى أَخْرَجَهُ أبو عبد الله محمد بْن أحمد بْن حفص إِلَى بعض رِباطات بُخَارَى، فبقي إِلَى أن كتب إِلَى أَهْل سَمَرْقَنْد يستأذنهم بالقدوم عليهم، فامتنعوا عليه، ومات فِي قرية. قَالَ ابنُ مَنْدَه: نسخة كتاب أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَفْص فقيه أَهْل خُراسان وما وراء النَّهر فِي الرّدّ على اللّفظيّة: الحمد لله الَّذِي حمد نفسه وأمر بالحمد عِباده. ثُمَّ سرد الكتاب فِي ورقتين. قلت: تُوُفيّ فِي رمضان سنة أربعٍ وستّين. أرّخه أبو عبد الله بن عبد الرحمن بن منده.   1 التهذيب "9/ 24". 2 السير "12/ 617". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 105 وأبوه ورد أنه سمع ورحل أبي عَبْد الله الْبُخَارِيّ، وكتب معه. وروى عن: الحميدي، وأبي الْوَلِيد الطيالسيّ. وأبوه فقيه بُخَارى، تفقّه على محمد بْن الْحَسَن. قلت: وسمع محمد هَذَا أيضًا من عارٍم، وطبقته. روى عنه: أبو عصمة بن محمد اليشكريّ، وعبدان ين يوسف، وعليّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدة، وآخرون. وتفقَّه عليه جماعة. وقد تفقه على أَبِيهِ: أبو جَعْفَر، وانتهت إليه رئاسة الحنفيّة، ببُخَارَى. تفقّه عليه جماعة، منهم: عَبْد الله بْن محمد بْن يعقوب الْبُخَارِيّ الحارثيّ الملقّب بالأستاذ فيما قَيِل. فَإِن كان لقِيَه فهو من صغار تلامذته. قَالَ السُّليمانيّ: هُوَ أبو عبد الله العْجِليّ ومولاهم. له كتاب الأهواء والاختلاف. قال: وكان تقيًّا ورعًا زاهدًا، ويكفِّر من قَالَ بخلْق القرآن. ويُثْبت أحاديث الرؤية والنّزول، ويحرِّم المُسْكر. أدرك أَبَا نُعَيْم، ونحوه. 126- محمد بْن إِبْرَاهِيم. أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ الصُّوفي الزّاهد1. جالس بِشْر بْن الْحَارِث، وأحمد بْن حنبل. وصحِبَ سرِيّ السَّقطيّ، وغيره. وكان عارفًا بالقرآن، كثير العدْو بالثَّغر. حكى عَنْهُ: خير النّسّاج، ومحمد بن عليّ الكتّابيّ، وغيرهما. فَمَنْ كلامه: علامة الصُّوفي الصّادق أن يفتقر بعد الغنى، ويُذَلّ بعد العزّ، ويُخفى بعد الشُّهرة، وعلامة الصُّوفي الكاذب أن يستغني بعد الفقر، ويُعَزّ بعد الذّلّ، ويشتهر بعد الخفى.   1 انظر: تاريخ بغداد "1/ 390"، والسير "13/ 165". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 106 وقَالَ إِبْرَاهِيم بْن عليّ المؤيّديّ: سمعت أَبَا حمزة يقول: من المجال أن نحبّه ثُمَّ لا نذكره، ومن المُحال أن نذكره ثُمَّ لا يوجد له ذِكْر، ومن المُحال أن يوجد له ذِكْر ثُمَّ نشتغل بغيره. قَالَ أبو نُعَيْم فِي الحلية: حكى لي عَبْد الواحد بْن أبي بَكْر: حدَّثني محمد بْن عَبْد الْعَزِيز: سمعتُ أَبَا عَبْد الله الرمليّ يقول: تكلَّم أبو حَمْزَةَ فِي جامع طَرسُوس فقتلوه. فبينما هُوَ يتكلَّم ذات يوم إذ صاح غرابٌ على سطح الجامع، فزعق أبو حَمْزَةَ، لبَّيك لَبّيك. فنسبوه إِلَى الزَّندقة وقَالَوا: حُلُوليّ زِنْديق. فشهدوا عليه، أُخرج وبيع فَرَسُهُ ونُودي عليه: هَذَا فرس الزِّنْديق1. وقَالَ أبو نصر السّراجّ صاحب اللُّمع: بلغني عن أبي حَمْزَةَ أنّه دخل على الْحَارِث المحاسبيّ، فصاحت الشّاة: ماع. فشهق أبو حَمْزَةَ شهقة وقَالَ: لبْيك لبيَّك يا سيّديّ. فغضب الْحَارِث -رحمه الله- وعمدَ إِلَى السِّكّين، وقَالَ: إنْ لم تَتُبْ ذبحتك. وقَالَ إِبْرَاهِيم: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، حدَّثنا أَحْمَد بن محمد بن مقسم: حدَّثني أبو بدْر الخيّاط: سمعتُ أبا حمزة قلب: بينما أَنَا أسير فِي سفرة على التَّوكُّل والنّوم فِي عيني إذ وقعت فِي بئرٍ، فلم أقدر على الخروج لعُمْقها. فبينما أَنَا جالس إذ وقف على رأسها رجلان، فقال أحدهما لصاحبه: نجوز ونترك هَذِهِ فِي طريق السّابلة؟ قال: فما نصنع؟ فَبَدَرَتْ نفسي أن أقول: أَنَا فيها، فَنُودِيتُ: تتوكل علينا، وتشكو بلاءنا إِلَى سِوانا؟ فسكتُّ، وَمَضَيَا. ثُمَّ رجعا ومعهما شيء جعلاه على رأسها غطّوها به فقالت لي نفسي: أمِنْتَ طيَّها ولكن حصلت مسجونًا فيها. فمكثت يومي وليلتي، فَلَمَّا كان من الغد ناداني شيء يهتف بي ولا أراه: تمسّك بي شديدًا. فَمَددت يدي، فوقعت على شيءٍ خشِنٍ، فتمسّكت به، فَعَلاها وطرحني. فتأمَّلت فإذا هُوَ سبعٍ. فبمّا رَأَيْته لحِق من نفسي من ذلك ما يلحق من مثله. فهتف بي هاتف: يا أبا حَمْزَةُ استنقذناك من البلاء بالبلاء، وكَفَيْناك ما تخاف2.   1 الحلبة "10/ 321". 2 هذا الأثر يتناقض مع حرص المسلم على سؤال العفو والعافية، ودعوة الإسلام إلى عدم إلقاء النفس في الهلكة، فلينتبه إلى هذا، والخير كل الخير في اتباع من سلف، والشر كل الشر في ابتداع من خلف. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 107 قيل: إنّ حَمْزَةَ تكلَّم يوما على كُرْسِيِّه ببغداد، فتغيَّر عليه حاله وسقط عن كُرْسِيّه، ومات فِي الجمعة الثانية. نقل أبو بَكْر الخطيب وفاته سنة تسعٍ وستّين ومائتين. وقَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلميّ: تُوُفيّ سنة تسعٍ وثمانين. قلت: تصحّف ذي بذي. 127- محمد بْن إِسْحَاق. أبو بَكْر الصّاغانيّ الحافظ1. طوَّف وجال، وأكثر التّرْحال، وبرع فِي العِلَل والرجال. سمع: يزيد بْن معروف، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، ويَعْلَى بْن عُبَيْد، والأسود بْن العاص، وسعيد ابن أبي مريم، وطبقتهم. وعنه: مُسْلِم، والأربعة، وأبو عُمَر الدُّوري المقرئ العراقيَّ، وهو أكبر منه، وموسى بْن هارون، وابن خُزَيْمَة ذكره، وابن صاعد، وعَبْدان، وأبو عَوَانة، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو العبّاس الأصمّ، وخلْق آخرهم موتًا شجاع بن جعفر الأنصاريّ. قال ابن أبي جعفر الأنصاريّ. قال ابنُ خراش: ثقة، مأمون. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة، وفوق الثّقة. وعن أبي مُزَاحم الخاقانيّ قَالَ: كان الصّاغانيّ يشبه يحيى بْن مَعِين فِي وقته. وقَالَ الأصمّ: سأله أبي: إِلَى أيّ قبيلة تنتسب؟ فقال: إنّ جدّي كان فِي الصّحراء فاستقبله رَجُل فقال له: أسلم، فأسلم وقطع الزّنّار.   1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 195"، والسير "12/ 592". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 108 وقَالَ أبو بَكْر الخطيب: كان أحد الأثبات المتقنين، مع صلابةٍ فِي الدّين واشتهارٍ بالسُّنةّ، واتِّساعٍ فِي الرّواية. وقَالَ أَحْمَد بْن كامل، مات فِي سابع صَفَر سنة سبعين. 128- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن مِقْسَم الأسَدَيّ1. الْإِمَام أبو بَكْر، وأبو عبد الله، وكذا الْإِمَام أبو عُلَيّة البصْريّ قاضي دمشق. لم يدرك الأخذْ عن أَبِيهِ، فإنّ أَبَاهُ تُوُفيّ وهو صغير. فسمع من: محمد بْن بِشْر العبْديّ، ويحيى بْن آدم، وإسحاق الأزرق، وعبد الله بْن بَكْر، ووهْب بْن جرير، ويزيد ابن هارون، وطائفة. وعنه: النَّسائي وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو بِشْر الدُّولابيّ، وأبو عَرُوبة، وابن جَوْصا، ومحمد بن جعفر بن ملاس، ومحمد بن بكّار البَتَلْهِيّ قاضي داريّا، وأبو الدَّحداح أَحْمَد بْن محمد التميمي، وآخرون. قال س: قاضي حافظ، دمشقيّ ثقة. قَالَ محمد بْن الغَيْض: لم يزل قاضيًا بدمشق حَتَّى تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين. وَوَلِيَ بعده القضاء أبو حازم عَبْد الحميد بْن عَبْد الْعَزِيز. قلت: وهو أخو إِبْرَاهِيم بْن عُلَيّة الَّذِي ناظَرَه الشّافعيّ، وَالَّذِي كان من كبار الْجَهْمِيَّة. 129- محمد بْن إشكاب. الحافظ أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ2، أخو عليّ بْن إشكاب، واسم أبيهما الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن الحُرّ بْن زَعْلان. سمع: عَبْد الصّمد بْن عَبْد الوارث، وأبا النَّضر هاشم بْن القاسم، وإسماعيل بْن عُمَر. وعنه: الْبُخَارِيّ، والنَّسائيّ، وأبو دَاوُد، وابن صاعد، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بن مخلد، وآخرون.   1 انظر: السير "12/ 294"، التهذيب "9/ 55". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 229"، والسير "12/ 352". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 109 قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ غيره: وُلِدَ سنة إحدى وثمانين ومائة، ومات يوم عاشوراء سنة إحدى وستّين ومائتين. 130- محمد بْن بجير. أو عبد الله الإسْفرائينيّ1. رحّال محدِّث. سمع: المقري، والحُمَيْديّ، وسَلْمَان بْن حرب. وعنه: أبو عَوَانَة الحافظ، ومحمد بْن شريك، وعبد الله بْن محمد بْن مُسْلِم الإسفرائينيّون. 131- محمد بْن أيوب بْن الْحَسَن. الفقيه أبو عبد الله النَّيْسابوريّ2. رحل وسمع: سَلْمان بْن حرب، وأحمد بْن يُونُس، وسعيد بْن مَنْصُور. وعنه: إبراهيم بن محمد بن سفيان، وغيره. وكان صالحا زاهدا. مات في ذي الحجّة إحدى وستين. 132- محمد بن بجير البخاري3. والد عمر الحافظ. روى عن: أبي الوليد الطيالسي، وغارم، وجماعة. وعنه: محمد بْن حاتم. تُوُفيّ فِي شعبان سنة ثمانٍ وستّين. 133- محمد بْن بكّار بْن الْحَسَن بْن عُثْمَان العنْبريّ الفقيه الحنفيّ4.   1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 انظر السابق. 3 الثقات لابن حبان "9/ 143". 4 انظر: وفيات الأعيان "4/ 176"، والسير "13/ 119". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 110 من كبار الفقهاء بإصبهان. سمع من: سهل بْن عُثْمَان، وأبي جَعْفَر الفلّاس. وما كان روى شيئًا. تُوُفيّ سنة خمسٍ وستّين كَهْلًا. 134- محمد بْن الْحَسَن العسكريّ بن عليّ الهادي بن محمد الحواد بْن عليّ الرضِّا بْن مُوسَى الكاظم. أبو القاسم العلويّ الحسنيّ، خاتم الاثني عشر إمامًا للشّيعة. وهو منظر الرّافضة الذي يزعمون أنهّ المهديّ. وأنه صحب الزّمان، وأنّه الخَلَف الحُجّة. وهو صاحب السِّرداب بسامرّاء، ولهم أربعمائة وخمسون سنة ينتظرون ظهوره. ويدَّعون أنّه دخل سِرْدابًا فِي البيت الَّذِي لوالده وأمّه تنظر إليه، فلم يخرج منه وَإِلَى الآن. فدخل السِّرداب وعدم وهو ابن تسع سنين. وأمّا أبو محمد بْن حزْم فقال: إنّ أَبَاهُ الْحَسَن مات عن غير عَقِب. وثبَّت جُمْهور الرّافضة على أنّ للحسن ابنًا أخفاه. وقِيلَ: بل وُلِدَ بعد موته من جاريةٍ اسمها نرجس أو سَوْسَن. والأظهر عندهم أنّها صقيل؛ لأنّها ادَّعت الحمْل به بعد سيّدها فوقف ميراثه لذلك سبْع سنين، ونازعها فِي ذلك أخوه جَعْفَر بْن عليّ، وتعصَّب لها جماعة، وله آخرون. ثُمَّ انفشَّ ذلك الحَمْل وبَطُلَ وأخذ الميراث جعفرُ وأخٌ له. وكان موت الْحَسَن سنة ستّين ومائتين. قَالَ: وزادت فتنة الرّافضة بصَقِيل هَذِهِ، وبِدَعْواها، إِلَى أن حبسها المعتضد بعد نيِّفٍ وعشرين سنة من موت سيّدها وبقيت فِي قصره إِلَى أن ماتت في زمن مقتدر. وذكره القاضي شمس الدّين بْن خلّكان فقال: وقِيلَ: بل دخل السِّرداب وله سبْع الجزء: 20 ¦ الصفحة: 111 عشرة سنة فِي سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. والأصح الأول، وأنّ ذلك كان سنة خمسٍ وستّين. قُلْتُ: وَفِي الْجُمْلَةِ جَهْلُ الرَّافِضَةِ مَا عَلَيْهِ مَزِيدٌ. اللَّهُمَّ أَمِتْنَا عَلَى حبِّ محمد وَآلِ محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالَّذِي يَعْتَقِدُهُ الرَّافِضَةُ فِي هَذَا الْمُنْتَظَرِ لَوِ اعْتَقَدَ الْمُسْلِمُ فِي عَلِيٍّ بَلْ فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا أقرَّ عَلَيْهِ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصارى عِيسَى فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ" 1 صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ. فإنهم يعتقدون فِيهِ وَفِي آبائه أنّ كلّ واحدٍ منهم يعلم علم الأوَّلين والآخرين، وما يكون، ولا يقع منه خطأ قطّ، وأنّه معصوم من الخطأ والسَّهو. نسأل الله العفو والعافية، ونعوذ بالله من الاحتجاج بالكذِب وردّ الصِّدق، كما هُوَ دأب الشِّيعة. 135- محمد بْن حمّاد بْن بَكْر المقرئ2. صاحب خَلَف البزّاز. مقرئ مجوِّد، وصالح عابد. كان الْإِمَام أَحْمَد يجلُّه ويحترمه، ويُصلّي خلفه فِي رمضان. روى عن: يزيد بْن هارون، وعبد الله بْن أبي بَكْر السَّهميّ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وأبو سعد بْن الأعرابيّ، وجماعة. تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين. 136- محمد بْن خَلَف. أبو بَكْر البغداديّ الحدّاديّ المقرئ3.   1 "حديث صحيح" أخرجه البخاري "4/ 204"، "8/ 210"، وعبد الرزاق "19758"، في مصنفه، وأحمد "1/ 23، 24، 47"، والحميدي "27"، والترمذي "172" في الشمائل. 2 انظر: تاريخ بغداد "2/ 270". 3 تاريخ بغداد "5/ 234"، التهذيب "9/ 149". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 112 عن: حُسَيْن الْجُعْفيّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وأبي يحيى الحِمّانيّ، وطائفة. وعنه: الْبُخَارِيّ، وأبو دَاوُد، وأحمد بْن الباغَنْدِيّ، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وابن مَخْلَد، وطائفة. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة، فاضل، له حديث فِي الصّحيح. وقد روى القراءة عن أبي يوسف الأعشى. مات فِي ربيع الأول سنة إحدى وستّين. 137- محمد بْن الخليل. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الفلّاس المخرَّميّ1. عن: محمد بْن عُبَيْد، ورَوْح بْن عُبَادة، وحجّاج الأعور. وعنه: أبو بَكْر بْن دَاوُد، وأبو عَوَانَة، ومحمد بْن مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر الطَّبري، وجماعة. وكان من خيار المسلمين. تُوُفيّ فِي شعبان سنة تسعٍ وستّين. ووثّقه الخطيب. ولم يصّح أنّ النَّسائيّ روى عَنْهُ. 138- محمد بْن سَحْنُون الفقيه عَبْد السّلام بْن سلّام التَّنوخيّ القَيْروانيّ2. المالكيّ، الحافظ أبو عبد الله. سمع: أَبَاهُ، وأبا مُصْعَب الزُّهريّ، وجماعة. وكان خبيرًا بمذهب مالك، عالمًا بالآثار. وقَالَ يحيى بْن عُمَر: كان ابنُ سَحْنُون من أكبر النّاس حُجَة وأتقنهم لها. وكان يناظر أَبَاهُ، وما شبهّه إلّا بالسيف.   1 انظر: تاريخ بغداد "5/ 250". 2 ترتيب المدارك "3/ 104". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 113 قَيِل لعيسى بْن مِسكين: مَن خير من رَأَيْت فِي العلم؟ قَالَ: محمد بْن سَحْنُون. وقَالَ غيره: ألّف كتابه المشهور، جمع فِيهِ فنون العِلم والفِقْه، وكتاب السِّير وهو عشرون كتابًا، وكتاب التاريخ وهو ستّة أجزاء، وكتاب الرّدّ على الشّافعيّ وأهل العراق، وكتاب الزُّهد، وكتاب الإمامة، وتصانيفه كثيرة. ولما مات ضُرِبت الأخبية على قبره وأقام النّاس فيها شهورًا حَتَّى قامت الأسواق حول قبره. ورثاه غير واحدٍ من الشُّعراء. وكانت وفاته سنة خمسٍ وستّين بالقيروان. مات كهْلًا رحمه الله. 139- محمد بْن سَعِيد بْن غالب. أبو يحيى القطّان الضّرير1. بغداديّ، ثقة. روى عن: ابن عينية، وإسماعيل بن عليَّة، ومعاذ، ويحيى بْن آدم، وأبي أسامة، والشَّافعيّ، وطائفة كثيرة. وعنه: ابنُ ماجة فِي تفسيره، وابن شُرَيْح الفقيه، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد، والمَحَامليّ، وابن أبي حاتم وقَالَ: صدوق، وابن الأعرابيّ وهو آخر أصحابه موتًا. تُوُفيّ فِي شوّال سنة إحدى وستّين. 140- محمد بْن سَعِيد بْن هنّاد بْن هنّاد2. أبو حاتم الخُزاعيّ البُوسَنْجيّ. حدَّث ببغداد ونيسابور عن: أبي نُعَيْم، والقَعْنبيّ، وأبي الْوَلِيد الطَّيالِسيّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وأبو حامد بن الشَّرقّي، وأبو بكر بن المنذر صاحب الخلافيّات، ومحمد بْن عَقِيل البلْخيّ، ومكي بن عبدان، وعدد.   1 انظر: السير "12/ 345"، التهذيب "9/ 189". 2 تاريخ بغداد "5/ 308". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 114 واستوطن بنيسابور. وقيل: لقي ابن عيينة. توفي سنة سبعٍ وستين ومائتين. وقد ذكر الخطيب في تاريخه أنّه روى عن سُفْيَان بْن عيينة وهذا بعيد لا وجد لبُعْده. 141- محمد بْن شجاع أبو عبد الله بْن الثَّلْجيّ الْبَغْدَادِيّ1 الفقيه الحنفيّ. أحد الأعلام الكبار. قرأ القرآن على أبي محمد اليزَّيْديّ. وروى الحروف الحروف عن: يحيى بْن آدم. وتفقَّه على: الْحَسَن بْن زياد اللُّؤلؤيّ، وغيره. وروى عن: إِسْمَاعِيل بْن عليَّة، ووكيع، وأبي أسامة، ومحمد بْن عُمَر الواقديّ، ويحيى بن آدم، وجماعة. وعنه: عبد الله بن أحمد بن ثابت البزاز. وعبد الوهاب بن أبي حية، ومحمد بن إبراهيم بن حبيش البغوي، ومحمد بن يعقوب بن شيبة، وجده يعقوب. قال ابن عدي: كان يضع أحاديث في التشبيه وينسبها إلى أصحاب الحديث يثلبهم بذلك. رُوِي عَنْ حَسَّانِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْهَرِمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ: إنّ الله خلق الفرس فغرقت، ثُمَّ خَلَقَ نَفْسَهُ مِنْهَا2. قُلْتُ: هَذَا كَذِبٌ لَا يَدْخُلُ فِي عَقْلِ الْمَجَانِينَ لِاسْتِحَالَتُهُ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ خَلَقَ شَيْئًا سَمَّاهُ نَفَسًا، وَأَضَافَهُ إِلَيْهِ إِضَافَةَ مِلْكٍ. وَبِكُلِّ حَالٍ هَذَا وَاللَّهِ كَذِبٌ بِيَقِينٍ. وقد سَأَلَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن خاقان أَحْمَد بْن حنبل، عَنْهُ فقال: مبتدع صاحب هوى. قلت: ومع مذهبه فِي الوقْف فِي القرآن كان متعبدًا كثير التّلاوة.   1 انظر: السير "10/ 264"، والتهذيب "9/ 220". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "6/ 2249"، والبيهقي "ص/ 373"، في الأسماء والصفات، وابن الجوزي "1/ 105" في الموضوعات. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 115 قَالَ أَحْمَد بْن الحَسَن البَغَويّ: سمعته يقول: ادفنوني فِي هَذَا البيت فإنه لم يبق فِيهِ طابق إلّا وقد ختمت عليه القرآن. قلت: وُلِدَ سنة إحدى وثمانين ومائة، ومات وهو ساجد فِي صلاة العصر فِي رابع ذي الحجة سنة ستِّ وستّين. وخُتِم له إنّ شاء الله وأناب عند الموت. قَالَ ابنُ عديّ: سمعت مُوسَى بْن القاسم بْن الْحَسَن الأشيبْ يقول: كان ابنُ الثّلْجيّ يقول: من كان الشّافعيّ؟ إنّما كان يصحب بربر المعنى. فلم يزل يقول هَذَا إِلَى أنْ حضرته الوفاة فقال: رحم الله أَبَا عَبْد الله الشّافعيّ. وذكر علمه وقَالَ. قد رجعت عمّا كنت أقول فِيهِ. وقَالَ أبو عبد الله الحاكم: رَأَيْت عند محمد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى القُمّيّ الْحَارِث، عن أَبِيهِ، عن محمد بْن شجاع كتاب المناسك فِي نيِّف وستّين جزءًا كبارًا. روى هَذَا أبو عُمَر المدائني، عن عَبْد الملك الصِّقلّيّ، عن الحكم. وقَالَ هارون بْن يعقوب الهاشميّ: سمعت أَبَا عَبْد الله وقِيلَ له إنّ ابنَ الثّلْجيّ كان ينال من أَحْمَد بْن حنبل وأصحابه ويقول: أيّ شيء قام به أَحْمَد بْن حنبل؟! قال الموذيّ: أتيته ولمته، فقال: إنمّا أقول كلام لله كما أقول ماء الله وأرض الله. فقمت ما كلّمناه حَتَّى مات. وكان المتوكّل قد همّ بتوليته القضاء، فَقِيلَ له: هُوَ مِن أصحاب بِشْر المَرِيسيّ، فقال: نحنُ بَعْدُ فِي بِشْر؟ فقطّع الكتاب الذي كُتِب له فِي ذلك. 142- محمد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثَّقفيّ أبو جَعْفَر الإصبهانيّ1. سمع: ابن عيينة، وسين الْجُعْفيّ، ويحيى بْن آدم، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن عليّ بْن الجارود، وخلْق آخرهم موتًا عبد الله بن جعفر بن   1 انظر: السير "12/ 277"، والتهذيب "9/ 240". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 116 فارس. رُوِيَ عن إِبْرَاهِيم بْن أُورَمَة الحافظ قَالَ: ما رَأَيْت مثل محمد بْن الأهوازيّ وما رَأَى هُوَ مثل نفسه. وقَالَ عليّ بْن محمد الثَّقفيّ: كنت أختلف إِلَى أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة، فَمَا رَأَيْت أحدًا يُشْبِهه فِي حُسْن روايته وحِفْظ لسانه إلّا محمد بْن عاصم. وقَالَ غيره: كان محمد وأسعد وعليّ والنُّعمان بنو عاصم من سكّان المدينة مدينة جيّ. قلت: وهو صدوق. تُوُفيّ سنة اثنتين وستّين. 143- محمد بْن الْعَبَّاس بْن خالد1. وأبو عبد الله السُّلميّ الإصبهانيّ، الرّجل الصالح. رحل فِي العلم، وسمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبا عاصم النّبيل، وجماعة. وعنه: يُونُس بْن محمد المؤذّن، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وعبد الله بْن محمد ولده، وآخر من روى عَنْهُ عَبْد الله بْن فارس. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق من عباد الله الصّالحين، صاحب فضل وعبادة. ولما توفي محمد بن العباس حضره أحمد بن عصام فقال: كان من ثقات إخواننا، وكان عندي ممن كان يخشى الله تعالى. قلت: توفي إلى رحمة الله تعالى سنة ست وستين. 144- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بن أعين بن ليث2. الإمام أبو عبد الله المصري الفقيه، أخو عبد الرحمن وسعيد. ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة. وروى عن: عَبْد الله بْن وهب، وابن أبي فُدَيْك، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وبشر بن بكير، وأيوب بن سويد الرملي، وإسحاق بن الفراش، وأشهب بن عبد   1 الجرح والتعديل "8/ 48". 2 انظر: السير "10/ 341"، والبداية والنهاية "11/ 42". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 117 العزيز، وشعيب بن الليث بن سعد، وأبي عبد الرحمن المقري، وطائفة. ولزم الشافعي مدة، وتفقه به، وبابنه عبد الله، وغيرهما. وعنه: ن. وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وعمرو بن عثمان المكي الزاهد، وأبو بكر بن زياد النَّيسابوريّ، وإسماعيل بن داود بن وردان، وأبو العباس الأصم، وجماعة. وثقه النَّسائي، وقَالَ مرّة: لا بأس به. وقَالَ غيره: كان أَبُوهُ قد ضمّه إلى الشّافعيّ، فكان الشّافعيّ معجَبًا به لذكائه وحرصه على الفِقْه. قَالَ أبو عُمَر الصَّدفّي: رَأَيْت أَهْل مصر لا يعدلون به أحدًا، ويصفونه بالعلم والفضل والتواضع. وقَالَ إمام الأئمّة ابنُ خزيمة: ما رأيت من فقهاء الْإِسْلَام أعرف بأقاويل الصّحابة والتابعين من محمد بن عبد الله ابن عَبْد الحكم. وقَالَ مرَّة: كان محمد بْن عَبْد الله أعلم مَن رَأيت على أديم الأرض بمذهب مالك، وأحفظهم. سمعته يقول: كنت أتعجّب ممّن يقول فِي المسائل: لا أدري. قَالَ ابنُ خُزَيْمَة: وأمّا الإسناد فلم يكن يحفظه، وكان من أصحاب الشّافعيّ، وكان ممّن يتكلّم فيه. فوقعت بينه البُوَيْطي وحشة فِي مرض الشّافعيّ فحدَّثني أبو جعفر السُّكّريّ صديق الرَّبِيع قَالَ: لمّا مرض الشّافعيّ جاء ابنُ عَبْد الحَكَم ينازع البُوَيْطيّ فِي مجلس الشافعي، فقال البويطي: أَنَا أحقُّ بِهِ منك. فجاء الحميديّ، وكان بمصر، فقال الشّافعيّ، ليس أحدّ أحقّ بمجلسي من البُوَيْطيّ، وليس أحد من أصحابي أعلمُ منه. فقال الحُمَيْديّ: كذبت أنت وأبوك وأُمُّك. وغضب ابنُ عَبْد احكم فترك مجلس الشّافعيّ1، فحدَّثني ابنُ عَبْد الحَكَم قال:   1 السير "10/ 341". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 118 كان الحُمَيْديّ معي فِي الدّار نحوًا من سنة وأعطاني كتاب ابنُ عُيَيْنَة، ثُمَّ أَبَوْا إلّا أن يُوقِعُوا بيننا ما وقع. روى هَذَا كلَّه الحاكم عن حُسَيْنَك التَميميّ، عن ابنُ خُزَيْمَة. وعن المُزَنيّ قَالَ: نظر الشّافعيّ إلى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وقد ركَب دابّته فأتْبعه بصره وقَالَ: ودِدت أنّ لي ولدًا مثله وعليّ ألف دينار لا أجد قضاءها. وقَالَ أبو الشَّيخ: ثنا عَمْرو بْن عُثْمَان المكّيّ قَالَ: رَأَيْت مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُصلّي الضُّحى، فكان كلّما صلّى ركعتين سجد سجدتين، فسأله من يأنس به فقال: أسجد شكرا لله على ما أَنْعم به عليَّ من صلاة الركعتين1. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق، ثقه، أحد فقهاء مصر من أصحاب مالك. وقَالَ أبو إِسْحَاق الشّيرازيّ: قد حُمِل محمد فِي محنة القرآن إِلَى ابنِ أبي دُؤاد، ولم يُجِب إِلَى ما طلب منه، وردَّ إلى مصر، وانتهت إله الرئاسة بمصر، عني فِي العِلْم. وقَالَ غيره: إنّه ضُرِب فهرب واختفى، وقد نالْته محنةٌ أخرى صَعْبة مرَّت فِي ترجمة أَخِيهِ الشهيد سنة سبعٍ وثلاثين. نسب ابنُ الْجَوْزيّ، قَالَ أبو سَعِيد بْن يُونُس: كان محمد المفتي بمصر فِي أيّامه، تُوُفيّ يوم الأربعاء النِّصف من ذي القعدة سنة ثمانٍ وستّين وصلّى عليه بكّار بْن قُتَيْبَةَ القاضي. قلت: آخر من روى حديثه عاليًا عَبْد الغفّار الشِّيرويّ. وله تصانيف كثيرة منها: "كتاب أحكام القرآن، وكتاب الرّدّ على الشّافعيّ مما خالف فِيهِ الكتاب والسُّنَّة، وكتاب الرّدّ على أَهْل العراق، وكتاب أدب القضاة". وَفِي المحدثين. 145- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ2. رحل وروى عن أَحْمَد بْن مَسْعُود المقدسيّ. روى أبو نُعَيْم الحافظ حديثه فِي الحلْية فقال: ثنا أبو حامد أَحْمَد بن محمد بن الحسن: ثنا محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم.   1 السابق "2/ 342". 2 انظر: التهذيب "9/ 262". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 119 146- محمد بْن عَبْد الله بْن المستورد1. الحافظ أبو بكر البغداديّ. عن: أبي نعيم، يحيى بْن بُكَيْر، والحسن بْن بُسْر، وجماعة. حدَّث ببغداد، وإصبهان. روى عَنْهُ: أبو عبد الله المحَامِليّ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، وآخرون. توفّي سنة ستِّ وستين. 147- محمد ين عَبْد الرَّحْمَن بْن الأشعث2. أبو بَكْر الرَّبعيّ العجليّ، إمام جامع دمشق. روى عنه: أبي مُسْهِر، ومحمد بن عِيسَى بْن الطّبّاع، وحَجّاج بْن أبي منيع، وغيرهم. وعنه: النَّسائي، وابن صاعد، وأبو عَوَانةَ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو بَكْر بْن زياد، والحسن بْن عَبْد الملك الحصائريّ، وجماعة. وثّقه النَّسائي. مات سنة ستِّ وستّين. 148- محمد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن المَرْزُبان بْن جَعْفَر البَغَويّ3. والد أبي القاسم البَغَويّ. قَالَ محمد بْن أَحْمَد الإسكافيّ فِي تاريخه: وُلِدَ سنة ثمانٍ وثمانين ومائة، وهو أسنّ إخواته. سمع من: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وغيره. وكان يحبّه ويحبّ أخاه عليّ ابني أَحْمَد بْن مَنِيع. تُوُفيّ بسرَّ مَنْ رَأَى سنة سبعٍ وستين ومائتين.   1 تاريخ بغداد "5/ 427". 2 التهذيب "9/ 291". 3 من العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 120 149- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ1. أبو جَعْفَر الواسطيّ الدّمشقيّ. عن: يزيد بْن هارون، ووْهب بْن جرير، ومعلَّى بْن عُبَيْد، وأبي أَحْمَد الزُّبيريّ، وطائفة. وعنه: أبو دَاوُد، وابن ماجة، وإبراهيم الحربيّ، وإبراهيم بْن محمد نِفْطَوَيْه، وابن صاعد، وابن أبي حاتم وإسماعيل الصّفّار، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. ووثّقه الدَّارقطنيّ. تُوُفيّ فِي شوّال سنة ستٍّ وستّين. 150- محمد بْن عُبَيْد الله بْن يزيد2. أبو جَعْفَر الشَّيبانيّ مولاهم الحرّانيّ، ويُعرف بالقَرْدُوانيّ. قاضي حَرّان. روى عن: أَبِيهِ، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الظَّريفيّ، وأبي نعيم الفضل بن دكين. وعنه: النَّسائي، وأحمد بن عمرو والبزّاز، وأبو عروبة، وابن صاعد، وأبو عوانة، وعدة. قال ابن عروبة: كان من عدول الحكام. ولم يكن يعرف الحديث. كان عنده كتب ذكر أنّه سمعها من أَبِيهِ. ومات لليالٍ بقين من شهر ذي الحجّة سنة ثمانٍ وستّين. 151- محمد بْن عُثْمَان الهَرَويّ3. الحافظ متُّويه. سمع: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، والحرميّ. توفّي سنة أربعٍ وستين.   1 تاريخ بغداد "2/ 346"، التهذيب "9/ 318". 2 التهذيب "9/ 325". 3 من حفاظ هراة، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 121 152- محمد بْن عليّ بْن بسّام. أبو جَعْفَر الحافظ، ولَقَبُه مَعْدان1. روى عن: عَبْد الصمد بْن النُّعمان، وقَبيِصة. وعنه: مُطَيَّن، ومحمد بْن مَخْلَد. تُوُفيّ سنة اثنتين وستّين. 153- محمد بْن عليّ بْن ميمون الرَّقيّ القطّان2. عن: عَبْد الله بن جعفر القيّ، ومحمد بْن يوسف الفِرْيَابِيّ، والقعْنَبيّ، وطبقتهم. وعنه: النِّسائيّ، وأبو عرُوبة، ومحمد بْن جرير الطَّبريّ، وأبو الْعَبَّاس الأصغر، وجماعة. قَالَ الحاكم: ثقة مأمون. كان إمام أَهْل الجزيرة فِي عصره. قلت: تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستّين. وقِيلَ: سنة ثمانٍ وستّين، وهو أصحّ. 154- محمد بْن علي بْن دَاوُد الْبَغْدَادِيّ3. الحافظ أبو بَكْر ابنُ أخت غزال. سمع: عفّان، وسعيد بْن دَاوُد الزُّبيريّ، وطائفة. وعنه: أبو جَعْفَر الطّحاويّ، وعليّ بْن أَحْمَد علّان، وأبو عَوَانة. وثّقه أبو بَكْر الخطيب. ومات سنة أربعٍ وستّين. 155- محمد بن عُمَر بْن يزيد. أبو عبد الله الزُّهريّ الإصبهانيّ. أخو رستة4.   1 انظر: تاريخ بغداد "3/ 58، 59". 2 التهذيب "9/ 356". 3 تاريخ بغداد "3/ 59، 60". 4 ذكر أخبار إصبهان "2/ 187". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 122 عن: أبي داود الطيالسي، وبكر بن بكار، ومحمد بن أبان العنْبريّ. وعنه: ابنه عَبْد الله، وأحمد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستّين. 156- محمد بْن عُمَيْر. أبو بَكْر الطَّبريّ الفقيه1، جليس أبي زُرْعة الرَّازيّ، والمفتي فِي مجلسه. روى عن الحميد كتاب التفسير، وكتاب الرّد على النُّعمان. قَالَ ابن أبي حاتم: كان يفتي رأي أبي ثور. سمعت منه، وهو ثقة صدوق. 157- محمد بن محمد بن عيسى الزّاهد2. الزّاهد أبو الْحَسَن بْن أبي الورد الْبَغْدَادِيّ المعروف بحَبشيّ. صحب بِشْر بْن الْحَارِث وغيره. وروى عن: أبي النَّضْر هاشم بْن القاسم. وعنه: أبو القاسم البَغَويّ، وعليّ بْن الْجُنَيْد الغضائريّ، وغيرهما. وله أخ اسمه أحمد، كنته أيضًا أبو الْحَسَن. زاهد كبير، تُوُفيّ قبل حَبَشيّ. وتُوُفيّ حَبَشيّ سنة اثنتين وستّين. وقَالَ ابنُ قانع: سنة ثلاثٍ وستّين. وقِيلَ: سنة اثنتين. وكان من أعيان مشايخ لقوم من موالي سَعِيد بْن العاص الأمويّ. وسُمّي حَبَشيّ لسُمْرته. وأبو الورد جدّه من أصحاب المنصور وإليه تُنْسَب سُوَيْقة أبي الورد. 158- محمد بن مسلم بن عثمان بن وارة3.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 40". 2 تاريخ بغداد "3/ 201، 202". 3 السير "13/ 28"، والتهذيب "9/ 451". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 123 أبو عبد الله الرَّازيّ الحافظ. طوّف وسمع الكثير. وأخذ عن: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبي عاصم النّبيل، وهوزة بْن خليفة، وأبي مُسْهِر، وأبي المغيرة الحمصيّ، وأبي نُعَيْم، وآدم بْن أبي إياس، وقَبِيصة، وبشرٍ كثير. وعنه: ن. ومحمد بن يحيى الذَُهليّ مع تقدمُّه، والبخاري خارج الصحيح، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن صاعد، وأبو بكر بن مجاهد المقري، والمحامليّن وابن أبي حاتم، وخلق من آخرهم أبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم. وقال ن: ثقة، صاحب حديث. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: ثقه، صدوق. وكان أبو زُرْعة يجلّه ويُكْرمه. وقَالَ عَبْد المؤمن بْن أَحْمَد: كان أبو زُرْعة لا يقوم لأحدٍ ولا يُجلِس أحدًا فِي مكانه إلّا ابنُ وَارَةَ. وقَالَ فَضْلَك الرَّازيّ: سمعت أَبَا بَكْر بْن أبي شَيْبَة يقول: أَحْفَظُ من رَأَيْت أَحْمَد بن الفُرات، وأبو زُرْعة، وابن وَارَةَ. وقَالَ الطّحاويّ: ثلاثةٌ من علماء الزمان بالحديث اتّفقوا بالرِّيّ، لم يكن فِي الأرض فِي وقتهم أمثالهم. فذكر أَبَا زُرْعة، وابن وَارَةَ، وأبا حاتم. وعن عَبْد الرَّحْمَن بْن خِراش قَالَ: كان ابنُ وَارَةَ من أَهْل هَذَا الشأن المتقِنين الُأمناء. كنت ليلةً عنده، فذكر أَبَا إِسْحَاق السَّبيعيّ، فذكر شيوخه، فذكر فِي طَلْق واحدٍ سبعين ومائتي رَجُل. ثُمَّ قَالَ: كان آيةً شيئًا عجبًا. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذكونيّ يَقُولُ: جَاءَنِي محمد بْنُ مُسْلِمٍ، فَقَعَدَ يتقعَّر فِي كَلامِهِ، فَقُلْتُ: مِنْ أيِّ بلدٍ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الرِّيّ. ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْتِكَ خَبَرِي، أَلَمْ تَسْمَعْ بِنَبَئِي، أَنَا ذُو الرِّحْلَتَيْنِ. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 124 قُلْتُ: مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً" 1. فَقَالَ: حدَّثني بَعْضُ أَصْحَابِنَا. قُلْتُ: مَنْ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَبِيصَةُ. قُلْتُ: يَا غُلامُ، ائْتِنِي بِالدِّرَّةِ. فَأَتَانِي بِهَا، فَأَمَرْتُهُ، فَضَرَبَهُ بِهَا خَمْسِينَ، وَقُلْتُ: أَنْتَ تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِي مَا آمَنُ أَنْ تَقُولَ: حدَّثني بَعْضُ غِلْمَانِنَا2. وقَالَ زكريا السّاجيّ: جاء ابنُ وَارَةَ إِلَى أبي كُرَيْب، وكان فِي ابنِ وارة بَأْوٌ، فقال لأبي كُرَيْب: ألم يبلغْك خبري، ألم يأتِك نبئي؟ أَنَا ذو الرّحلتين، أَنَا محمد بن مُسْلِم بْن وَارَةَ. فقال: وَارَةُ، وما وَارَةُ؟ وما أدراك ما وارة؟ قم، والله لا حدَّثنك، ولا حدَّثت قومًا أنت فيهم. وقَالَ ابنُ عُقْدة: دقَّ ابنُ وَارَةَ على أبي كُرَيْب، فقال: مَنْ؟ قَالَ: ابنُ وَارة أبو الحديث وأُمُّه. ذكر أبو أَحْمَد الحاكم أنّ ابنُ وَارَةَ سمع من سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وهذا وَهْمٌ منه. قَالَ: ابنُ مَخْلَد، وغيره: تُوُفيّ فِي رمضان سنة سبعين. وقَالَ المنادي: مات سنة خمسٍ وستّين. وهذا وهْم أيضًا. 159- محمد بْن مُوسَى. أبو جَعْفَر الحَرَشيّ الْبَغْدَادِيّ الحافظ، الملقَّب: شاباص3. حدَّث عن: يزيد بن حيرة المدنّي، وخليفة بن خياط.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "10/ 448"، ومسلم "2256"، وأبو داود "5011"، والترمذي "1848". 2 تاريخ بغداد "3/ 258". 3 انظر: تاريخ بغداد "3/ 240"، والتهذيب "9/ 482". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 125 وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وإسماعيل الصّفّار. وهو ثقة. 160- محمد بْن هارون. أبو جَعْفَر المُخَرّميّ الْبَغْدَادِيّ الفلّاسي شيْطا الحافظ1. سمع: أَبَا نُعَيْم، وسليمان بْن حَرْب، وعَمْرو بْن حمّاد، وطبقتهم. وعنه: المحامليّ، وابن مخلد، وابن حاتم وقَالَ: هُوَ مِن الحُفّاظ الثّقات، وأبو عوانة. وكان من أحفظ النّاس. توفّي بالنهران سنة خمسٍ وستّين. 161- محمد بْن هشام بْن ملّاس. أبو جَعْفَر النُّمَيْريّ الدّمشقيّ2. عن: مروان بْن مُعَاوِيَة، وحَرْمَلَة بْن عَبْد الْعَزِيز. وعنه: حفيده محمد بْن جَعْفَر بْن محمد الحافظ، وأبو عليّ الحصائريّ، وابن أبي حاتم وقَالَ: صدوق، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وجماعة. وله جزء رواه أبو القاسم بْن رواحة عاليًا. تُوُفيّ سنة سبعين، وله مائة سنة إلّا ثلاث سنين. قَالَ: لقيت ابنُ عُيَيْنَة سنة اثنتين ومائتين، فكَثُرُوا عليه، فلم أكتب عَنْهُ. 162- محمد بْن وهْب. أبو بَكْر الثّقفيّ المقرئ3. عن: أبي الوليد الطّيالسي، وجماعة.   1 الجرح والتعديل "8/ 118". 2 السير "12/ 354". 3 تاريخ بغداد "3/ 332". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 126 وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وأبو سَعِيد بن الأعرابيّ، وغيرهم. وكان صدر القرَّاء فِي البصْرة فِي زمانه. سمع الحروف من يعقوب. قرأ القرآن على رَوْح صاحب يعقوب. تلا عليه: محمد بْن يعقوب المعدّل، ومحمد بْن المؤمّل الصَّيرفيّ، ومحمد بن جامع الحلوانيّ. بقي إلى قرب السبعين ومائتين. 163- محمد بْن يحيى بْن كثير. أبو عبد الله الكْلبيّ الحرّانيّ الحافظ لؤلؤ1. سمع: أَبَا قَتَادَة عَبْد الله بْن واقد، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الطَّرائفيّ، وأبو النُّعمان الحَكَم بْن نافع، وأحمد بْن يُونُس، وطبقتهم. وعنه: النَّسائيّ وقَالَ: هُوَ ثقة، وأبو عَروُبَة الحرّانيّ، وأبو عَوَانَة، وأبو عليّ محمد بْن سَعِيد الرَّقّيّ، وطائفة. تُوُفيّ فِي صَفَر سنة سبعٍ وستّين. 164- محمد بْن أبي يحيى بْن زكريّا بْن يحيى الوقّاد2. المصريّ الفقيه أحد العالمين بمذهب مالك. صنف كتاب السُّنَّة، ومختصر فِي الفقه، وغير ذلك. تُوُفيّ سنة تسعٍ وستين. 165- محمد بن يوسف. أبو عبيد الله البغداديّ الجوهريّ3. الرجل الصّالح الحافظ.   1 السير "12/ 605، 606"، التهذيب "9/ 521". 2 يُنظر في "ترتيب المدارك". 3 الجرح والتعديل "8/ 120". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 127 رحل وطوّف، وحدَّث عن عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبي غسّان مالك بْن إِسْمَاعِيل، وعبد الْعَزِيز الُأوَيْسيّ، وبِشْر الحافي وصَحِبه، ومعلَّى بْن أسَد، وطبقتهم. روى عَنْهُ: عُمَر بْن شبَّة وهو أكبر منه، وابن صاعد، وابن أبي حاتم وقال: ثقة، ابن مَخْلَد، وآخرون. قال الخطيب: كان موصوفا بالدِّين والسُّنن. وقال ابن قانع: مات في ربيع الآخر سنة خمسٍ وستين. 166- مالك بن علي بن مالك بن عبد العزيز. الإمام أبو خالد القرشي الفهري الأندلسي القرطبي الزاهد1. روى عن: يحيى بْن يحيى اللَّيثيّ، والقعْنَبيّ، وأَصبغ بْن الفَرَج، وجماعة. وعنه: محمد بْن عُمَر بْن لُبابة، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أَعْيَن، وآخرون. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين ومائتين. وصنَّف أيضًا فِي مذهب مالك مختصرًا. 167- المثنَّى بن جامع2. أبو الحين بن زياد الأنباريّ الزّاهر. روى عن: سَعْدَوَيْه الواسطيّ، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن الصّبّاح، وسُرَيْج بْن يُونُس. وعنه: أَحْمَد بن محمد بْن الهيثم، ويوسف الأزرق. قَالَ الخطيب: كان ثقة مشهورًا بالسُّنَّة، من أصحاب أَحْمَد. يُقال كان مستجاب الدعوة. وكان بِشْر الحافي يُكرمه ويُجِلّه. 168- مُسْلِم بْن الحجّاج بْن مُسْلِم3. الإمام أبو الحسن القشيريّ النيَّسابوري الحافظ صاحب الصّحيح.   1 جذوة المقتبس "805". 2 تاريخ بغداد "13/ 173، 174". 3 انظر: السير "10/ 381"، والتهذيب "10/ 126". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 128 قَالَ بعض النّاس: وُلِدَ سنة أربعٍ ومائتين. وما أظنّه إلّا وُلِدَ قبل ذلك. سمع سنة ثمان عشرة ومائتين ببلده مِن يحيى بْن يحيى، وبِشْر بْن الحَكَم، وإسحاق بْن راهَوَيْه. وحجّ سنة عشرين، فسمع من: القَعْنَبيّ، وهو أقدم شيخ له، ومن: إِسْمَاعِيل بْن أبي أُوَيْس، وأحمد بْن يُونُس، وعُمَر بْن حَفْص بْن غِياث، وسعيد بْن مَنْصُور، وخالد بْن خِدَاش، وجماعة يسيرة. وردَّ إِلَى وطنه. ثُمَّ رحل فِي حدود الخمس وعشرين ومائتين فسمع من: عليّ بْن الْجَعْد، ولم يروِ عَنْهُ فِي صحيحه لأجل بدعةٍ ما. وسمع من: أَحْمَد بْن حنبل، وشَيْبان بْن فروُّخ، وخلف البزّاز، وسعيد بْن عَمْرو الأشْعثيّ، وعَوْن بْن سلام الدُّولابيّ، وأبي نصر التّمّار، ويحيى بْن بِشْر الحريريّ، وقُتَيْبَة بْن سَعِيد، وأُميّة بْن بِسْطام، وجعفر بْن حُمَيْد، وحيّان بْن مُوسَى المَرْوَزِيّ، والحَكَم بْن مُوسَى القَنْطَريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن سلّام الْجُمَحيّ، وخلْق كثير من العراقيّين، والحجازيّين، والشّاميين، والمصريين، الخراسانيين. فسمي شيخُنا فِي تهذيب الكمال مائتين وأربعةً وعشرين شيخًا. ورأيت بخطّ حافظ أنّه قد روى فِي صحيحه عن مائتين وسبعة عشر. روى عَنْهُ: ت. حديثًا واحدًا فِي جامعه، ومحمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء، وعليّ بْن الْحَسَن بْن أبي عِيسَى الهلاليّ، وهما أكبر منه، وصالح بن محمد جَزَرَة، وأحمد بْن سَلَمَةَ، وأحمد بْن الْمُبَارَك المستملي، وهو من أقرانه، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد الرَّازيّ، وابن خُزَيْمَة، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن صاعد، وأبو حامد بْن الشَّرقيّ، وأبو عَوَانة الإسْفرائينيّ، وأبو حامد أَحْمَد بْن حمدون الْأَعْمَش، وسعيد بْن عَمْرو البَرْذَعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم ونَصْرَك بْن أَحْمَد بْن نصر الحُفّاظ، وأحمد بْن عليّ بْن الْحُسَيْن القلانسي، وإبراهيم بن محمد. سُفْيَان الفقيه، وأبو بَكْر محمد بْن النَّضْر الجاروديّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، ومحمد بْن مَخْلَد العطّار، وخلْق آخرهُم وفاةً أبو حامد أَحْمَد بْن عليّ بْن حَسْنَوية المقرئ أحد الضعفاء. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 129 ذكر الحافظ ابنُ عساكر فِي ترجمة مُسْلِم أنه سمع بدمشق من محمد بْن خَالِد السَّكسكيّ، ولم يذكر أنّه سمع من غيره. وهذا بعيد، ولعلّه محمد بن خالد في الموسم، ولكن قَالَ ابنُ عساكر: حدَّثني أبو النَّصر اليُونارْتيّ قَالَ: دفع إليَّ صالح بْن أبي ورقة من لحاء شجرةٍ بخطّ مُسْلِم، قد كتبها بدمشق من حديث الْوَلِيد بْن مُسْلِم. قلت: إنّ صح هَذَا فيكون قد دخل دمشق مجتازًا، ولم يُمْكنْه المُقام، أو مرض بها ولم يتمكّن من السّماع على شيوخها. قَالَ أبو عَمْرو أحمد بْن الْمُبَارَك: سمعت إِسْحَاق بن منصور يقول لمسلم بن الحجّاج: لم نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين. وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: رَأَيْت أَبَا زُرْعة، وأبا حاتم يقدّمان مُسْلِم بْن الحَجّاج فِي معرفة الصّحيح على مشايخ عصرهما. وسمعت الْحَسَن بْن مَنْصُور يقول: سمعت إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وذكر مُسْلِم بْن الحجّاج، فقال بالفارسيّة كلامًا معناه: أيّ رَجُل يكون هَذَا؟ قَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: وعُقِد لمسلم مجلس المذاكرة، فذُكِر له حديث لم يعرفه، فانصرف إِلَى منزله وأوقد السِّراج، وقَالَ لِمن فِي الدّار: لا يدخل أحدٌ منكم. فَقِيلَ له: أُهْدِيَتْ لنا سلّة تمر. فقال: قدِّموها. فقدَّموها إليه، فكان يطلب الحديث، ويأخذ تمرة تمرة، فأصبح وقد فَنِي التّمرْ ووجد الحديث. رواها الحاكم ثُمَّ قَالَ: زادني الثّقة من أصحابنا أنّه منها مات. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كان ثقة من الحفّاظ، كتبت عَنْهُ بالرِّيّ، وَسُئِلَ أبي عَنْهُ فقال: صدوق. وقَالَ أبو قُرَيْش الحافظ: سمعت محمد بْن بشّار يقول: حُفاظ الدُّنيا أربعة: أبو زُرْعة بالرِّيّ، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدّارميّ بَسَمرْقَنْد، ومحمد بن إسماعيل ببخارى. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 130 وقَالَ أبو عَمْرو بْن حمدان: سَأَلت ابنُ عُقْدة الحافظ، عن الْبُخَارِيّ، ومسلم، أيُّهما أعلم؟ فقال: كان محمد عالمًا مسلم عالمًا. فكرّرت عليه مِرارًا، ثُمَّ قَالَ: يا أبا عمرو وقد يقع لمحمد بْن إِسْمَاعِيل الغلط فِي أَهْل الشّام، وذلك أنّه أَخَذَ كُتُبَهم فنظر فيها، فربّما ذكر الواحد منهم بكُنْيته، ويذكره فِي مواضِع أُخَر باسمه ويتوهَّم أنَّهما اثنان، وأمّا مُسْلِم، فقلَّ ما يقع له من الغَلَط في العلل؛ لأّنه كتب المساني، ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل. وقَالَ أبو عبد الله محمد بن بيعقوب بن الأخرم: إنّما أخْرَجَتْ نيسابور ثلاثة رجال: محمد بن يحيى الذُّهليّ، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب. وقال الحسن بْن محمد الماسَرْجِسيّ: سمعت أبي يقول: سمعت مسلمًا يقول: صنّفت هذا المسند الصّحيح من ثلاثمائة ألف حديثٍ مسموعة. وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمة: كنت مع مُسْلِم فِي تأليف صحيحه خمسة عشر سنة. قَالَ: وهو اثنا عشر ألف حديث، يعني بالمكَّرر، وبحيث أنّه إذا قَالَ: ثنا قُتَيْبَةُ وابن رُمْح يعدُّهما حديثين، سواء اتّفق لفْظُهما أو اختلف. وقَالَ ابنُ مَنْدَه: سمعت الحافظ أَبَا عليّ النَّيْسابوريّ يقول: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم. وقال مكّي ين عَبْدان: سمعت مسلمًا يقول: عرضت كتابي هَذَا المُسْنَد على أبي زُرْعة فكلّ ما أشار عليّ في هذا الكتاب له علّة وسببًا تركته. وكلّ ما قَالَ إنّه صحيح ليس له علّة، فهو الَّذِي أخرجت. ولو أنّ أَهْل الحديث يكتبون الحديث مائتي سنة فَمَدَارُهُم على هَذَا المُسْنَد. وقَالَ مكي: سَأَلت مسلمًا عن عليّ بْن الْجَعْد فقال: ثقة، ولكنّه كان جهميًّا. فسألته عن محمد بْن يزيد فقال: لا تكتب عنه. وسألته عن محمد بْن عَبْد الوهّاب وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر فوثَّقهما. وسألته عن قَطَن بْن إِبْرَاهِيم فقال: لا يُكتَب حديثه. وممَّن صنَّف مستخرجًا على صحيح مُسْلِم أبو جَعْفَر بْن حمدان الحِيريّ، وأبو بَكْر محمد بْن محمد بْن رجاء النَّيسابوريّ، وأبو عَوَانة يعقوب بن إسحاق الجزء: 20 ¦ الصفحة: 131 الإسْفَرائينيّ، وأبو حامد الشّاركيّ الهَرَوِيّ، وأبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله الشّافعيّ، وأبو عبد اللَّه محمد بْن عَبْد اللَّه الحاكم، وأبو الْحَسَن الماسَرِجسيّ، وأبو نُعَيْم الإصبهانيّ، وأبو الْوَلِيد حسّان بْن محمد الفقيه. وقَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: نا أبو بَكْر محمد بْن عليّ الْبُخَارِيّ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن أبي طَالِب يقول: قلت لمسلم: قد أكثرت فِي الصّحيح عن أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن الوَهْبيّ، وحاله قد ظهر. فقال: إنّما نقموا عليه بعد خروجي من مصر. وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: لولا الْبُخَارِيّ لمّا راح ولا جاء. وقَالَ الحاكم: كان مَتْجَر مُسْلِم خان محْمَش، ومَعاشُه من ضِياعه بأُسْتُوا أَتَتْ من أعقابه من جهة البنات فِي داره. وسمعت أبي يقول: رَأَيْت مُسْلِم بْن الحجّاج يحدّث فِي خان مَحْمِش، وكان تامّ القامة، أبيض الرأس واللّحية، يرخي طرف عمامته بين كتفيه1. وقَالَ أبو قُرَيْش: كنّا عند أبي زُرْعة، فجاء مُسْلِم فسلّم عليه وجلس ساعة وتَذَاكَرا، فَلَمَّا ذهبَ قلتُ له: هَذَا جمع أربعة آلاف حديث فِي الصّحيح! فقال أبو زُرْعة: لِمَ ترك الباقي؟ ثُمَّ قَالَ: ليس لهذا عقل لو داري محمد بن يحيى لصار رجلًا2. وقال مكّي ين عَبْدان: وافى دَاوُد بْن عليّ نَيْسابور أيام إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، فعقدوا له مجلس النّظر، وحضر مجلسه يحيى بْن محمد بْن يحيى، ومسلم بْن الحَجّاج، فجرت مسألة تكلَّم فيها يحيى فَزَبَره دَاوُد وقَالَ: اسكت يا صبيّ. ولم ينصرْه مُسْلِم. فرجع إِلَى أَبِيهِ وشكى إليه دَاوُد، فقال أَبُوهُ: ومَن كان؟ ثُمَّ قَالَ: مُسْلِم ولم ينصرْني. قَالَ: قد رجعت عن كلّ ما حدّثته به. فبلغ ذلك مسلمًا، فجمع ما كتب عَنْهُ فِي زنبيلٍ وبعث به إليه، وقَالَ: لا أروي عنك أبدًا، ثُمَّ خرج إِلَى عَبْد بْن حُمَيْد.   1، 2 السير "10/ 388". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 132 قَالَ الحاكم: علَّقت هَذِهِ الحكاية عن طاهر بْن أَحْمَد، عن مكّيّ. وقد كان مُسْلِم يختلف بعد هَذِهِ الواقعة إِلَى محمد، وإنّما انقطع عَنْهُ من أجل قصّة الْبُخَارِيّ. وكان أبو عبد الله بْن الأخرم أعْرَف بِذَلِك، فأخبر عن الوحشة الأخيرة. وسمعته يقول: كان مُسْلِم بْن الحَجّاج يُظْهِر القول باللّفْظ ولا يكتمه. فَلَمَّا استوطن الْبُخَارِيّ نَيْسابور أكثَر مُسْلِم الاختلاف إليه، فَلَمَّا وقع بين الْبُخَارِيّ وبين محمد بْن يحيى ما وقع فِي مسألة اللّفظ، وتنادى عليه، ومنعَ النّاس من الاختلاف إليه حَتَّى هجر وسافر من نَيْسابور، قَالَ: فقطعه أكثر النّاس من غير مُسْلِم، فبلغ محمد بْن يحيى فقال يومًا: ألا مَن قَالَ باللَّفظ فلا يحلّ له أن يحضر مجلسنا. فأخذ مسلم الرّداء فوق عمامته، وقام على رءوس النّاس، وبعثَ إليه بما كتب عَنْهُ على ظهر جَمّال. وكان مُسْلِم يُظْهر القول باللَّفظ ولا يكتمه1. وقال أبو حامد بن الشَّرقسّ: حضرت مجلس بْن يحيى فقال: ألا مَن قَالَ: لفْظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسَنا فقام مُسْلِم من المجلس. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كان مُسْلِم يناضل عن الْبُخَارِيّ حَتَّى أوحش ما بينه وبين محمد بْن يحيى بسببه. قَالَ أبو عبد الله الحاكم: ذكْر مصنَّفات مُسْلِم: كتاب المُسْنَد الكبير على الرجال، ما أرى أنّه سمعه منه أحد، كتاب الجامع على الأبواب، رأيت بعضه، كتاب الأسامي والكنى، وكتاب المُسْنَد الصّحيح، كتاب التّمييز، كتاب العِلَل، كتاب الوحْدان، كتاب الأفراد، كتاب الأقران، كتاب سؤالات أَحْمَد بْن حنبل كتاب حديث عَمْرو بْن شُعَيْب، كتاب الانتفاع بأُهُب السِّباع، كتاب مشايخ مالك، كتاب مشايخ الثَّوريّ، كتاب مشايخ شُعْبَة، كتاب من ليس له إلّا راوٍ واحد، كتاب المُخَضْرمين، كتاب أفراد الشّاميّين. وقَالَ ابنُ عساكر فِي أول كتاب الأطراف له بعد ذكر صحيح الْبُخَارِيّ، ثُمَّ سلك سبيله مُسْلِم، فأخذ فِي تخريج كتابه وتأليفه، وترتيبه على قسمين، وتصنيفه. وقصد أن يذكر فِي القسم الأول أحاديث أَهْل الإتقان، وَفِي القسم الثّاني أحاديث أهل الستر   1 السباق "10/ 389". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 133 والصِّدق الّذين لم يبلغوا درجة المثَبَّتِين، فحال حُلُولُ المنيَّة بينه وبين هَذِهِ الُأمْنية، فمات قبل استتمام كتابه. غير أنَّ كتابه مع إعْوازِهِ اشتهرَ وانتشر. وذكر ابنُ عساكر كلامًا غير هَذَا. وقَالَ أبو حامد بْن الشَّرقّي: سمعت مسلمًا يقول: ما وَضَعْتُ شيئًا فِي هَذَا المُسْنَد إلّا بحُجّة، وما أسْقَطتُ منه شيئًا إلّا بحجَّة. وقَالَ ابنُ سُفْيَان الفقيه: قلت لمسلم: حديث ابنُ عجلان، عن زَيْد بْن أسلم: وَإِذَا قُرئ فأنصتوا. قَالَ صحيح. قلت: لِمَ لَمْ تضعْه فِي كتابك؟ قَالَ: إنّما وضعت ما أجمعوا عليه. قَالَ الحاكم: أراد مُسْلِم أن يخرج الصّحيح على ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الرُّواة. وقد ذكر مُسْلِم هَذَا فِي صدر خُطْبته1. قَالَ الحاكم: فلم يقدَّر إلًا الفراغ من الطبقّة الأولى، مات. ثُمَّ ذكر الحاكم ذاك القول الَّذِي هُوَ دعوى، وهو قَالَ أن لا يذكر من الحديث إلا ما رواه صحابيٌ مشهور، له راويان ثقتان وأكثر، ثُمَّ يرويه عَنْهُ تابعيّ مشهور، له أيضًا راويان ثقتان وأكثر، ثُمَّ كذلك مَن بعدهم. قَالَ أبو عليّ الْجَيّانيّ: المُراد بهذا أنّ الصحابيّ أو هَذَا التّابعيّ، وقد روى عَنْهُ رجلان خرج بهما عن حدّ الجهالة2. قَالَ عِياض: وَالَّذِي تأوّله الحاكم على مُسْلِم من اخترام المَنِيّة له قبل استيفاء غَرَضه إلّا من الطبقة الأولى. فأنا أقول إنّك إذا نظرت تقسيم مُسْلِم فِي كتابه الحديث كما قَالَ على ثلاث طبقات من النّاس على غير تكرار. فذكر أنّ القسم الأول حديث الحُفّاظ، ثُمَّ قَالَ: إذا انقضى هَذَا أتْبَعَه بأحاديث من لم يوصف بالحِذْق والإتقان، وذكر أنّهم لاحقون بالطبقة الأولى، فهؤلاء مذكورون فِي كتابه لمن تدبَّر الأبواب،   1، 2 السير "10/ 390، 391". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 134 والطبقة الثالثة قومٌ تكلَّم فيهم قومٌ وزكّاهم آخرون، فخرج حديثهم من ضعِّف أو اتُّهِمَ بِبِدْعة. وكذلك فعل الْبُخَارِيّ. قَالَ عياض: فعندي أنّه أتى بطبقاته الثلاث فِي كتابه، وطرح الطبقة الرابعة1. ثُمَّ سرد الحاكم تصانيف أخَرَ تركتُها. ثُمَّ قَالَ: سمعت أَبَا عَبْد الله محمد بْن يعقوب يقول: تُوُفيّ مُسْلِم يوم الأحد، ودُفِنَ يوم الإثنين لخمسٍ بقين من رجب سنة إحدى وستّين ومائتين، وهو ابنُ خمسٍ وخمسين سنة. قلت: وقبره مشهور بنَيْسابور ويُزار، تُوُفيّ وقد قارب السّتّين. وقد سمعت كتابه على زينب الكِنْدِيّة إِلَى النّكاح، وعلى ابنُ عساكر من النّكاح إِلَى آخر الصّحيح. كلاهما عن المؤيَّد الطُّوسيّ كتابة: أنا العزيزي، أنا الفارسي، أنا ابن عروبة، عن ابن سفيان، عن مسلم. وسمعه المزني، والبرزالي، وطبقتهما قبلنا على القاسم الإربلي منه إجازة، بسماعه نقوله عن الطُّوسيّ، وهو عذْلٌ مقبول. وسمعه النّاس قبل ذلك على الرِّضى التاجر، وابن عَبْد الدّايم، والمُزَنيّين. وبِقَيْد الحياة منهم عددٌ كثير من الشّيوخ والكُهُول فِي وقتنا بمصر، والشّام. وسمعه النّاس قبل ذلك بحين على ابنِ الصّلاح، والسَّخاويّ، وتلك الحَلَبة بدمشق على رأس الأربعين وستّمائة، من المؤيّد وأقرانه، وبمصر على ابنُ الحُبَاب، والمُدْلِجيّ، عن المأمون. فأحسن ما يُسمع فِي وقتنا على من يبقى من أصحاب هَؤُلَاء لتقدُّم سماعهم، فإنْ تعذر فعلى أجلّ أصحاب المذكورين قبلهم، وأجلهم بالإقليمين علمًا وفضلًا وثقة ونبلًا شيخ الإسلام أب إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الفَزَاريّ الشّافعيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وأرضاه. 169- مُصْعَب بْن أَحْمَد البغداديّ القلانسيّ الزّاهد2. أبو أحمد.   1 السير "10/ 390". 2 انظر: تاريخ بغداد "13/ 114، 115". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 135 صحبه أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وجعفر الخُلْديّ، وغيرهما. وكان من طبقة الْجُنَيْد، ولكن تقدَّم موته. كان على قدمٍ عظيمٍ من العبادة والأوراد والورع والتّجريد والقناعة، يأوي المسجد والصّحراء. تُوُفيّ سنة سبعين. 170- مُعَاوِيَة بْن صالح ابْن الوزير أبي عُبَيْد الله مُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الأَشْعَرِيُّ1. الحافظ أبو عُبَيْد الله. رحل وكتب الكثير، وقلّد يحيى بْن مَعِين. وحدَّث عن: أبي مُسْهَر الغسّانيّ، وعبد الله بن جعفر الرَّقيّ، وأبي غسان النَّهديّ، وخالد بن مخلد القطواني. وأبي الوليد الطَّيالسيّ، وأبي عبد الرحمن المقري، وخلق. وعنه: النَّسائي، قال: لا بأس به. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقي، وأبو حاتم، وابن جَوْصا، وأبو عَوَانة. وآخرون. تُوُفيّ بدمشق سنة ثلاث وستّين ومائتين. 171- مُوسَى بْن بُغا الكبير2. أحد قوّاد المتوّكل. نُدِبَ سنة خمسين ومائتين لحرب أَهْل حمص حين قاتلوا واليهم. فأوقع بهم وقتل منهم خلْقًا، ورمى النّيران بحمص، وبالغ فِي العَسْف. ثُمَّ ولي حرب الزَّنْج بالبصرة فنُصِر عليهم؛ وولي حرب الْحَسَن بْن أَحْمَد الكوكبيّ الحسينيّ الَّذِي استولى على قَزْوين وزنجان، فهزمه مُوسَى وقتل من عسكر الكوكبي نحو العشرة آلاف.   1 السير "13/ 23"، والتهذيب "10/ 212". 2 شذرات الذهب "2/ 147". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 136 تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين ومائتين. 172- مُوسَى بْن سهل بْن قادم. أبو عِمْرَانَ الرَّمليّ. أخو عليّ بْن سهل1. سمع: عليّ بْن عبّاس، وعمرو بن هاشم البروتيّ، وآدم بْن إياس، وطبقتهم. وعنه: أبو دَاوُد، ابن خزيمة، ومحمد بن المسيّب الأرْغِيانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. تُوُفّي في جمادى الأولى ين اثنتين وستّين ومائتين. 173- مُوسَى بْن نصر بْن دينار. أبو سهل الرَّازيّ2. سمع: جرير بْن عَبْد الحميد، وعبد الرَّحْمَن بْن مغراء، وجماعة. وعنه: أَهْل الرِّيّ. لكن قَالَ أبو حاتم: هُوَ أكفر من إبليس. يقول: الجنّة والنّار لم يُخْلقا، وإن خُلِقتا فسَيَفْنَيَان. نقله الخلّال فِي كتاب السُّنّة له. تُوُفيّ سنة إحدى وستّين ومائتين. "حرف النون": 174- النَّضر بْن الْحَسَن. الْمَوْصِلِيّ الفقيه الحنفيّ3. روى عَنْهُ: يزيد بْن هارون، ورَوْح بْن عُبادة، ويَعْلَى بْن عُبَيْد، وجماعة.   1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 146"، والسير "12/ 242". 2 لسان الميزان "6/ 134". 3 في عداد المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 137 وعنه: إِبْرَاهِيم بْن محمد الْمَوْصِلِيّ. تُوُفيّ سنة إحدى أو اثنتين وستّين ومائتين. 175- النَّضر بْن سلمة بْن الجارود بْن يزيد1. سمع: جدّه، ويحيى ين يحيى، وأبو الْوَلِيد الطَّيالسيّ. وعنه: ولده الحافظ أبو بَكْر الجاروديّ، والحسن بْن عليّ بْن مَخْلَد، وغيرهما. "حرف الهاء": 176- الهيثم بْن سهل التُّستريّ2. نزيل بغداد. حدَّث عن: حمّاد بْن يزيد، وأبي عوانة، وعلب بْن مُسْهِر، وجماعة. وعنه: عليّ بْن حَمَّاد، وجعفر والد أبي بَكْر القَطِيعيّ، ومحمد بْن يوسف الزّيّات، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وآخرون. ضعّفه الدّارَقُطْنِيّ. وقَالَ الحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ: ضرب القاضي إِسْمَاعِيل على تحديث الهيثم بْن سهل، عن حمّاد بن يزيد، وأنكر عليه. وقَالَ الهيثم: وُلِدْتُ سنة اثنتين وخمسين ومائة. وعاش نيِّفًا وستّين. "حرف الواو": 177- وهْب بْن حَفْص بْن الْوَلِيد بْن المحتسب3. الحرانيّ الزّاهد.   1 انظر السابق. 2 انظر: السير "12/ 158". 3 الميزان "4/ 351"، اللسان "6/ 229". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 138 عن: أَبِي قَتَادَة الحرّانيّ، وجعفر بْن عَوْن، وعبد الله بْن إِبْرَاهِيم الجدّيّ، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وجماعة. وعنه: محمد بْن أَحْمَد بْن سهل الصّفّار، وأحمد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الصمد، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم النَّخعيّ، وآخرون. قَالَ أبو عَرُوبه: كذّاب يضع الحديث. وقَالَ أَحْمَد بْن خَالِد الحرّانيّ: كان من الصّالحين. مكث عشرين سنة لا يكلّم أحدًا. "حرف الياء": 178- ياسين بْن عَبْد الأحد بْن أبي زرارة. أبو اليُمْن القِتْبانيّ المصريّ1. عن: جدّه، وأيوب بْن سُوَيْد المصريّ الرمليّ، ونعيم بْن حَمَّاد، وجماعة. وعنه: النَّسائيّ، وابن خُزَيْمَة، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر القَزْوينيْ، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، وجماعة. قَالَ النَّسائيّ: لا بأس به. واسم جدّه: اللَّيث بْن عاصم. قَالَ ابنُ خُزَيْمَة: كان ياسين ملكًا من الملوك. وقَالَ ابنُ يُونُس: صدوق. مات فِي عاشر رمضان سنة تسعٍ وستّين. 179- يحيى بْن حجّاج الأندلسيّ2. عَنْ: يحيى بْن يَحْيَى اللَّيْثِيّ، وعيسى بْن دينار، وسَحْنُون بْن سَعِيد، وغيرهم. قتل في الواقعة التي كَانَتْ بالأندلس بين المسلمين والمشركين فِي سنة ثلاثٍ وستين. واستشهد فيها جماعة.   1 انظر التهذيب "11/ 173". 2 جذوة المقتبس "886". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 139 180- يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خالد بن فارس1. الشَّهيد أبو زكريا الذُّهليّ النَّيسابوري. شيخ نَيْسابور بعد والده ومفتيها، ورأس المطَّوّعة. من القرّاء. سمع: يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه، وجماعة ببلده، وإبراهيم بْن مُوسَى بالرِّيّ، وأبا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وسلمان بْن حرب، وعليّ بْن عثمان اللّحقيّ، ومسدَّد بالبصرة، وأحمد بن حنبل، عليّ بْن الْجَعْد، وطائفة ببغداد، وإسماعيل بْن أبي أُوَيْس، وسعيد بْن مَنْصُور، وجماعة بالحجاز. روى عَنْهُ: أَبُوهُ، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وإبراهيم بن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن صالح بن هانئ، ومحمد بن يعقوب بن الأصرم، وآخرون. وكان لقبه: حَيْكان. قَالَ الحاكم: حيْكان الشّهيد إمام نيسابور فِي الفتوى والرئاسة، وابن أميرها، ورأس المطَّوَّعة بخُراسان. كان يسكن بدار أَبِيهِ ولكلٍّ منهما فيه صَوْمعة وآثار لعبادتهما. وكان أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ قد ورد نَيْسابور ويحيى رئيس بها والقرّاء يَصْدُرُون عن رأيه. وكانت الظّاهرية قد رفعت من شأنه وصيَّرته مُطَاعًا، ولم يُحسِن أَحْمَد الصُّحبة معه، وقصد الوضْع منه. ومع هَذَا فكان أَحْمَد مجتهدًا فِي التّمكُّن من الإمارة والاستبداد والأمور دون عِلْم يحيى، فكان لا يقدر، فَلَمَّا قدِم شِيرَوَيْه تمكَّن. فَلَمَّا خرج عن البلد تشوّش النّاس. عرض يحيى بضعة عشر ألفًا، وحاربوا قُوّاد الخُجُسْتانيّ وطردهم. وقتلوا أمّ أَحْمَد. فَلَمَّا رجع طلب يحيى وقتله. سمعت أَبَا عَبْد الله بْن خُزَيْمَة يقول: ما رَأَيْت مثل حيْكان لا رحم الله قاتله.   1 تاريخ بغداد "14/ 217"، والتهذيب "11/ 276". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 140 وسمعت محمد بْن يعقوب يقول: أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ هاربًا من نَيْسابور، فَلَمَّا خشي أهلُها رجوعَه اجتمعوا على باب حَيْكان يسألونه القيام لمنع الخُجُسْتانيّ، فامتنع. فَمَا زالوا به حَتَّى أجابهم. فعرضوا عليه زُهاء عشرة آلاف. ولمّا رجع الخُجُسْتانيّ تفرّقوا عن حَيْكان، فطُلِبَ، فخاف وهرب، فبينا هُوَ يسير فِي قافلة بين الحمّالين وهو بزيِّهم إذ عُرِف. فأخذ وأتوا به إلى الخُجُسْتانيّ، فحبسه أيّامًا، ثُمَّ غُيِّب شخصهُ، فَقِيلَ: إنّه بنى عليه جدارًا، وقِيلَ: قتله سرًّا. سمعت أَبَا عليّ أَحْمَد بْن محمد بْن يزيد خَتن حَيْكان على ابنته يقول: دخلنا على أبي زكريّا بعد أن رُدّ من الطريق فقال: اشتراك فِي دمي خمسة: العبّاسان، وابن ياسين، وشِيرَوَيْه، وأحمد بْن نصر اللّبّاد. سمعت أَبَا بَكْر الضُّبعيّ يقول: سمعت نوح بن أَحْمَد: سمعت الخجستانيّ يقول: دخلت على حيكان في مجلسه على أن أضربه خشبتين وأطبقه، فلما قربت منه قبضت على لحيته، فعض على خصيتي حتى لم أشك أنّه قاتلي، فَذَكَرْت سِكِّينًا فِي خُفّي، فجررتها وشَقَقْتُ بطْنه1. سَمِعْتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ: حضرنا الإملاء عند يحيى بن محمد بن رمضان، وقُتِل فِي شوّال سنة سبعٍ وستّين، فَرَبَضَتْ مجالسُ الحديث، وخبئِّت المحابر، حَتَّى لم يقدر أحد يمشي بمحبرة ولا كراريس إِلَى سنة سبعين، فاحتال أبو سَعِيد بْن إِسْمَاعِيل فِي ورود السَّريّ بْن خُزَيْمَة وعقد له مجلس الإملاء، وعلَّى المحبرة بيده، واجتمع عنده خلقٌ عظيم حَتَّى حضر ذلك المجلس. قَالَ محمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء: حَتَّى لا نستطيع أن نسايره نَحْنُ ولا أعقابنا أنّ رجلًا جعل نحره لنا ونحن مطمئنون نعبد الله. قَالَ صالح بْن محمد الحافظ فِي كتابه إِلَى أبي حاتم الرَّازيّ: كتبت تسألني عن أحوال أَهْل العلم بنَيْسابور وما بقي لهم من الإسناد فاعلم أنّ أخبار الدّين وعلم الحديث دون سائر العلوم اليوم مطروح مجفوّ حاله وأهل العناية به فِي شغل بالفِتَن الّتي دَهَمَتْهم وتواترت عليهم عند مقتل أَبِي زكريا يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، وقد   1 السير "12/ 287". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 141 مضى لسبيله، ولم يخلف أحد مثله. ولزِم كلّ خاصّة نفسه. ومرقت طائفة ممّن كانوا يُظْهرون السُّنَّة فصارت تَدِين بدين ملوكها. وقَالَ أبو عُمَر أَحْمَد بْن الْمُبَارَك المستملي: رَأَيْت يحيى فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غُفِر لي. فقلت: ما فعل الله بالخُجُسْتانيّ. بعده سنة واحدة، وقتله غلمانه كما تقدَّم. 181- يزيد بْن سِنَان بْن يزيد. أبو خَالِد البصْريّ القزّاز، مَوْلَى قُرَيْش1. نزل مصر، وحدَّث عن: يحيى بْن سَعِيد القطّان، ومُعاذ بْن هشام، وعبد الرَّحْمَن بن مهديّ، وجماعة. وعنه: النَّسائيّ، وأبو عوانة، والطّحاويّ، وابن أبي حاتم، وآخرون. وهو أخو محمد بْن سِنان القزّاز صاحب الجزء المشهور، وعمّ محمد بْن خُزَيْمَة الَّذِي سكن معه مصر. وكان ثقة نبيلًا عالمًا. خرّج لنفسه المُسْنَد. وهو آخر من حدّث عن يحيى القطّان بديار مصر. تُوُفيّ فِي جُمادى الأولى سنة أربعٍ وستّين. 182- يعقوب بْن بختان2. الفقيه، صاحب الْإِمَام أَحْمَد. روى عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأحمد بْن حنبل. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدنيا، وأحمد بن محمد بن أبي شَيْبَة. قَالَ الخطيب: كان أحد الصالحين الثّقات. 183- يعقوب بْن شَيْبَة بْن الصَّلت بْن عصفور3.   1 الميزان "4/ 428"، والتهذيب "11/ 335". 2 تاريخ بغداد "14/ 280". 3 السير "12/ 476، والبداية "11/ 35". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 142 الحافظ الكبير أبو يوسف السَّدوسيّ البصْريّ، نزيل بغداد. سمع: عليّ بْن عاصم، ويزيد بْن هارون، وأزهر السَّمان، وبِشْر بْن عُمَر الزّهْرانيّ، وجعفر بْن عَوْن، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهميّ، وأبا عامر العَقَديّ، وعبد الوهاب الخفّاف، ووهْب بْن جرير، ويَعْلَى بْن عُبَيْد، وخلقًا من طبقتهم. ثُمَّ كتب عن طبقةٍ أخرى بعدهم، كعليّ بْن المدينيّ، ويحيى بْن معين، وأحمد بْن حنبل. ثُمَّ كتب عن طبقةٍ أخرى بعدهم كالحسن بْن عليّ الحلْوانيّ، ومحمد بن يحيى الذَّهليّ، وهارون الجمّال. روي عَنْهُ: حفيده محمد بْن أَحْمَد بْن يعقوب، ويوسف بْن يعقوب الأزرق، وجماعة. وثّقه الخطيب، وغيره. وصنَّف مسندًا كبيرًا إِلَى الغاية القُصْوى لم يُتمّه. ولو تمّ لجاء فِي مائتي مجلد. قَالَ الدَّارقطنيّ: لو كان كتاب يعقوب بْن شَيْبَة مسطورًا على حرامٍ لَوَجَبَ أن يُكْتَب. وقَالَ أبو بَكْر الخطيب: حدَّثني الأزهريّ قَالَ: بلغني أنّه كان فِي منزل يعقوب بْن شَيْبَة أربعون لحافًا أعدَّها لمن كان يكتب عنده من الورّاقين الّذين يبيّضون المُسْنَد، ولَزِمَه على ما خرج منه عشرة آلاف دينار. قَالَ: وقِيلَ لي إنّ نسخةً بمُسْنَد أبي هُرَيْرَةَ شُوهِدت بمصر، فكانت مائتي جزء. قَالَ: وَالَّذِي ظهر له من المسند: العشرة، وابن مَسْعُود، وعمّار، وعُقْبة بْن عَدْوان، وبعض الموالي. قلت: وبلغني أنّ مُسْنَد عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- له فِي خمس مجلَّدات أَحْمَد بْن المعدّل، والحارث بْن مِسْكين. فقيهًا ثريًّا. وكان يقف فِي القرآن. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 143 وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن خاقان: أمر المتوكل بمُسْنَد أَحْمَد بْن حنبل عمّن يتقلّد القضاء. قَالَ: فسألته، حَتَّى قلت: يعقوب بن شية؟ فقال: مبتدع صاحب هوى. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: وُصِف بِذَلِك لأجل الوقف، يعني يقول فِي القرآن فلا يقول: مخلوق ولا غير مخلوق. قلت: أَخَذَ الوقف عن شيخه أَحْمَد بْن المعدل. قَالَ المرُّوذيّ: أظهر يعقوب بْن شَيْبَة الوقف فِي ذلك الجانب، فحذِر أبو عبد الله أَحْمَد بْن حنبل منه. تُوُفيّ فِي ربيع الأول سنة اثنتين وستّين. 184- يعقوب بْن اللَّيث الصّفّار. الأمير أبو يوسف السّجِسْتانيّ، المستولي على خُراسان1. ذكر عليّ بْن محمد أن يعقوب وعمرًا كانوا أخوين صفارين يظهران الزُّهد. وكان صالح بن النَّضر المطوعي مشهورا بقتال الخوارج، فصحباه إلى أن مات، فتولّى مكانه درهم بْن الْحُسَيْن المطَّوِّعيّ، فصار معه يعقوب. ثُمَّ إنّ أمير خراسان ظفر بدرهم، وبعث إِلَى بغداد، فحبسوه ثُمَّ أطلقوه، فخدم السّلطان، ثُمَّ إنّه تنسّك ولزِم الحجّ، وأقام ببيته. قَالَ ابنُ الأثير: تغلب صالح بْن النَّضر الكِنانيّ على سِجِسْتان ومعه يعقوب، فاستنقذها منه طاهر بن عبد الله ابن طاهر، ثُمَّ ظهر بها درهم المطَّوِّعيّ فغلب عليها، وصار يعقوب قائد عسكره. ورأى أصحاب درهم عجزه وضعف، فملكوا عليهم يعقوب لمّا رأوا من حُسْن سياسته. فلم ينازْعه دِرْهم، واستبدّ يعقوب بالإمرة، وقويت شوكته. قَالَ عليّ بْن محمد: لمّا دخل درهم بغداد وَلِيَ يعقوب أمر المطَّوِّعة، وحارب الخوارج الشُّراة حتى أفناهم، وأطاعه جند طاعة لم يطيعوها أحدًا.   1 انظر وفيات الأعيان "6/ 402"، السير "12/ 513". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 144 واشتهرت صَوْلتُه، وغلب على سجِسْتان، وهَرَاة، وبُوشَنْج، ثُمَّ حضّهُ أَهْل سجِسْتان على حرب التّرْك الّذين بأطراف خُراسان مع رُتْبِيل لشدّة ضررهم، فغزاهم وظفر برُتْبيل فقتله، وقتل ثلاثة من ملوك التُّرك، ثُمَّ ردّ إِلَى سِجِسْتان وقد حمل رءوسهم مع رءوس أُلوفٍ منهم، فرهبته الملوك الّذين حوله، ملك المُولتان، وملك الرُّخج، وملك الطّبْسين، وملوك السِّنْد. وكان على وجهه ضربة مُنْكَرَةَ من بعض قتال الشَّراة، سقط منها نصف وجهه، وَخَاطه ثُمَّ عُوفي. وقد أرسل إِلَى المعتز بالله هديّة عظيمة، من جملتها مسجد فضّة يسع خمسة عشر نَفْسًا يصلُّون فِيهِ. وكان يُحمل على عدّة جِمال، ويُفَكَّك ثُمَّ يُركَّب. ثُمَّ إنّه حارب عسكر فارس سنة خمسٍ وخمسين ومائتين، وقتل منهم أُلُوفًا. فكتب إليه وجُوه أَهْل فارس: إنّ كنت تريد الدّيانة والتّطَوُّع وقتل الخوارج فما ينبغي لك أن تتسرع فِي الدّماء. واعتدّوا للحصار، ونازلهم ووقع القتال، فظفر يعقوب بأميرهم عليّ بْن الْحُسَيْن بْن قُرَيْش وقد أُثْخِنَ بالجراح، وقتل من جُنْد فارس خمسة آلاف. ودخل يعقوب شِيراز، فأمَّن أهلها وأحسن إليهم. وأخذ من ابنُ قريش أربعمائة بدرة، فأنفق في جيشه لكل ثلاثمائة درهم. ثُمَّ بسط العذاب على ابنُ قُرَيْش حَتَّى أنّه عصره على أُنْثَيَيْه وصدْغَيْه، وقيّده بأربعين رطلًا، فاختلط عقله من شدّة العذاب. ورجع يعقوب إِلَى سِجِسْتان، وخلع المعتز وبويع المعتمد على الله. ثُمَّ رجع يعقوب إِلَى فارس، فجبى خراجها ثلاثين ألف ألف درهم. واستعمل عليها محمد بْن واصل. وكان يحمل إِلَى الخليفة فِي العام نحو خمسة آلاف ألف درهم. وعجز الخليفة عَنْهُ، ورضي بمُدَاراته ومُهادنته. ودخل يعقوب إِلَى بَلْخ فِي سنة ثمانٍ وخمسين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 145 ودخل إِلَى نَيْسابور بعد شهرين، وابن طاهر فِي أسْره ومعه ستُّون نفْسًا من أَهْل بيته، فقصد يعقوب جُرْجان وطَبَرِسْتان، فالتقاه المتغلِّب عليها حسن بْن زَيْد العلويّ فِي جيشٍ كبير فحمل عليهم يعقوب في خمسمائة من غلمانه، فهزمهم. وغنم يعقوب ثلاثمائة وقرْ مالًا كَانَتْ خزانة الْحَسَن بْن زَيْد، وأسر جماعة من العلويّين وأساء إليهم. وكانت هذه الوقعة في رجب في سنة ستّين. ثُمَّ دخل آمُل طَبَرِسْتان وقَصَد الرِّيّ، وأمر نائبها بالخروج عَنْهَا، وأظهر أنّ المعتمد على الله ولّاه الرِّيّ. فغضب المعتمد عندما بلغه ذلك، وعاقب غلمان يعقوب الذين ببغداد. فسار يعقوب في سنة إحدى وستين نحو جرجان، فقصده الْحَسَن بْن زَيْد العلويّ فِي الدَّيْلم من ناحية البحر، فنال من يعقوب وهزمه إِلَى جُرْجان. فجاءت بجُرْجان زلزلة قتلت من جُنْد يعقوب ألفي نفس. وأقام يعقوب به فظلم وعَسَف، واستعان مَن ببغداد مِن أَهْل خُراسان على يعقوب، فعزم المعتمد على حربه، ورجع يعقوب إِلَى جوار الرِّيّ وأخذ يستعدّ. ودخل نَيْسابور وصادر أهلها، ثُمَّ خرج إِلَى سِجِسْتان. وجاءت كُتُب المعتمد إِلَى أعيان خُراسان بالحطّ1 على يعقوب وبأنْ يهتمّوا له. فأخذَ يكاتب الخليفة ويُداريه، ويسأله ولاية خُراسان وفارس وشرطتي بغداد وسامرّاء، وأن يعقد أيضًا على الرِّيّ، وطَبَرِسْتان، وجُرْجان، وأَذْرَبِيجَان، وكرْمان، وسِجِسْتان، ففعل ذلك المعتمد بإشارة أَخِيهِ الموفَّق. وكان المعتمد مقهورًا مع أَخِيهِ الموفَّق، فاضطّربت الموالي بسامرّاء لذلك وتحرّكوا. ثُمَّ إنّ يعقوب لم يلتفت إِلَى ما أُجيبَ إليه من ذلك، ودخلَ خُوزستان وقارب عسكر مُكْرَم عازمًا على حرب المعتمد، وأخذ العراق منه. فوصلت طلائع المعتمد، وأقبلت جيوش يعقوب إلى دير العاقول، ووقع المصافّ، فبرز بين الصّفَّين خشتج أحد قوّاد المعتمد وقال: يأهل خراسان وسجستان ما   1 الحط: الانتقاص. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 146 عرفناكم إلّا بالطاعة والتّلاوة والحجّ، وإنّ دينكم لا يتّم إلّا بالإتّباع. وما نشك أنّ هَذَا الملعون قد موَّه عليكم، فَمَنْ تمسَّك منكم بالإسلام فلينفُرْ عَنْهُ. فلم يجيبوه. وقِيلَ: كان عسكر يعقوب ميلًا فِي ميل، ودوابُّهم على غاية الفراهة، فوقف المعتمد بنفسه، وكشف الموفَّق أخوه رأسه وقَالَ: أَنَا الغلام الهاشميّ. وحمل وحمي الحرب، وقُتِل خلقٌ من الفريقين، فهزم يعقوب وأخذت خزائنه، وما أفلت أحمد من أصحابه إلّا جريحًا، وأدركهم الليل فوقعوا من الزّحمة وأثقلتهم الجراح. وقَالَ أبو السّاج ليعقوب: ما رَأَيْت منك شيئًا من تدبير الحرب، فكيف كنت تغلب النّاس؟ فإنّك جعلت ثِقَلَك وأسْراك أمامك، وقصَدت بلدًا على قلة معرفة منك بمَخَائضه وأنهاره، وسرت من السُّوس إِلَى واسط فِي أربعين يومًا، وأحوال عسكرك منحلَّة. فقال: لم أعلم أنّي محارب، ولم أشكَّ فِي الظَّفر. وقَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي طاهر: بعث يعقوب رُسُلَه إِلَى المعتمد، ثُمَّ سار إِلَى واسط فاستناب عليها، ووصل إِلَى دَيْر العاقول، فسار المعتمد لحربه. وقَالَ أبو الفَرَج الكاتب: نهض الخليفة لمحاربة الصّفّار، ولم تزل كُتُبه تصل إِلَى الخليفة بالمراوغة ويقول: إنّي قد علمت أنّ نهوض أمير المؤمنين يشرّفني وينبّه على موقعي منه. والخليفة يرسل إليه ويأمره بالانصراف، ويحذَّره سوء العاقبة. ثُمَّ عبّى الخليفة وجيشه، وأرسلوا المياه على طريق الصّفّار، فكان ذلك سبب هزيمته، فإنّهم أخذوا عليه الطّريق وهو لا يعلم. والتحم القتال، ثُمَّ انهزم الصّفّار وغنموا خزائنه. وتوهَّم النّاس أنّ ذلك حيلة منه ومكرًا، ولولا ذلك لاتّبعوه. ورجع المعتمد منصورًا مسرورًا. وخلص من أسر الصّفّار يومئذٍ محمد بْن طاهر أمير خُراسان، وجاء فِي قيوده إِلَى الخليفة، فخلع عليه خلْعةً سلطانية. وقِيلَ إنّ بعض جيش يعقوب كانوا نصارى على أعلامهم الصُّلبان. وكانت الوقعة فِي ثاني عشر رجب سنة اثنتين وستّين. وانهزم الصّفّار إِلَى واسط، وعاث أصحابه فِي أعمال واسط، ثُمَّ سار إِلَى تُسْتَر، الجزء: 20 ¦ الصفحة: 147 لم يهجمه أحد، ولا اقتحموا عليه، فحاصر تُسْتَر وأخذها. وتراجع جيشه وكثُر جمعه. وكان موته بالقُولَنْجٍ، فَقِيلَ: إنّ طبيبةُ أخبره أنّ لا دواء له إلّا الحُقْنة فامتنع، وبقي ستّة عشر يومًا وهلك. وكان المعتمد قد أنفذ إليه رسولًا يترضاه فوجده مريضًا. وكان الْحَسَن بْن زَيْد العلويّ صاحب جُرْجان يسمّيه السّندان لثَباته. وكان قل أن يُرَى متبسّمًا. وولي بعده أخوه وأحسن السّيرة إِلَى الغاية، وامتدّت أيّامه. مات يعقوب فِي رابع عشر شوّال سنة خمسٍ وستّين بجُنْدَيْسابور. 185- يعقوب الزّيّات1. أحد مشايخ الطّريق بالعراق، صحب أَبَا تراب النَّخشبيّ، وأبا حاتم العطّار، وأبا عليّ بْن الذّارع. وذكر السُّلميّ فقال: هُوَ من أقران الْجُنَيْد. مات هُوَ وأخوه جَعْفَر مُحرِمَيْن فِي طريق الحجّ سنة اثنتين وستّين. 186- يوسف بْن بحر التّميميّ2. أبو القاسم، قاضي حمص. روى عن: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وطبقتهما. وعنه: ابنُ صاعد، ومحمد بن المسيّب الأرْغِيانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ومحمد بن سليمان بْن حيدرة. وأمّا أخوه خيثمة بْن سُلَيْمَان فأسرته الإفْرنج، فلم يخلص من الأسر حَتَّى مات يوسف. وكان بغداديًا نزل الشّام. قَالَ ابن عديّ: ليس بالقويّ، أتى عن الثّقات بمناكير.   1 لم نقف عليه. 2 انظر: السير "13/ 122"، واللسان "6/ 318". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 148 187- يوسف بن محمد بن صاعد1. مولى يني هاشم، أخو الحافظ يحيى. سمع: خلّاد بْن يحيى، وسليمان بْن حرب، وجماعة. روى عَنْهُ: أخوه يحيى، وعليّ بْن إِسْحَاق المادَرَائيّ، وعبد الله الحامض. وكان موثَّقًا. تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين. 188- يُونُس بْن حبيب. أبو بِشْر العِجْليّ، مولاهم الإصبهانيّ2. روى عن: أبي دَاوُد الطيالسيّ جملة كثيرة من المُسْنَد. وعن: عامر بْن إبراهيم، وبكر بن بكّار، ومحمد بن كثير الصّنعانيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي داود، وعليّ بن رستم، وأبو بكر بن عاصم، جماعة. آخرهم موتًا عَبْد الله بْن جَعْفَر بْن فارس. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بإصبهان وهو ثقة. وحدَّثني ابنُ أبي عاصم أنّ أَحْمَد بْن الفُرات أمره بالكتابة عن يُونُس بْن حبيب. وقَالَ غيره: كان عظيم القدر بإصبهان، معروفًا بالسّتْر والصّلاح. تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين أيضًا. روى القراءة عن قُتَيْبَةَ بْن مِهْران. "الكُنَى": 189- أبو حاتم العطّار3. الْبَصْرِيّ العارف، أحد مشايخ الطّريق بالبصرة.   1 انظر: تاريخ بغداد "14/ 307". 2 السير "12/ 596"، والبداية "11/ 41". 3 طبقات السلمي "146". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 149 قَالَ ابنُ الَأعرابي: لم يبلُغْنا أنّه كان في عصره أحد يُقَدَّم عليه فِي العلم بهذه المذاهب، وكان مع ذلك ملازمًا لسوقه وتجارته. يركب الحمار ويدلّل فِي العطّارين غير متمكن من الدُّنيا منحلّ، غير أنّه يرِد فِي هَذِهِ المذاهب حَتَّى ناب عن غيره، وتَلْمَذَ له من كان بالبصرة ممّن هُوَ أحسن منه. وكان البغداديون يدخلون البصرة يقصدون كلٌّ منهم محمد بن وهب، ويعقوب الزّيّات، وزريق النّفّاط، وغيرهم. وكان ظاهره مظاهر التّجار والعامّة منبسطًا معهم، فإذا تكلَّم كان غير ذلك. أخبرني محمد بْن عليّ: سمع أَبَا حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ: ربّما ذكر أبو حاتم، وكان يتكلم يوم الجمعة، فيقول فِي كلامه: لا تسألوني عن حالي، واعْفوا لي عن نفسي. حسابي على غيركم. اجعلوني كالفتيل أحرق نفسي وأُضيء لكم. وكان لا يظهر عليه خشوع ولا تنكيس رأس ولا لباس. وكان من أَهْل السُّنَّة والإتقان، يُزْري على الغسّانيّة وأهل الأوراد وأخْذِ المعلوم، كما يذمّ أَهْل الدُّنيا ومن يأوى إِلَى الأسباب. يقول: من لم يعبد الله الغالب على قلبه، فإنّما يعبد هواه ونفسه. وكان يقول: من ذكر الله نسي نفسه. ومن ذكر نعمة الله نسي عمله. وكان عامّة فِي المعاني. ويقول: الأبطال فِي النُّجوم، والسّرائر فِي القلوب. وتحتاج تتوب من توبتك وتعبد الله له لا لك. ويْحَك كم تبكي وتصيح، صحّح واسترح. السّاحة بالقلوب، وسَيْر الشّواتي سفر لا يقضي. دع الإحصاء والعَدَد، وصُمِ الدُّنيا وأفطِر الآخرة. وكان يقول، إذا رَأَى عليهم الفُوَط والّأبْراد والصوف، وهم يُصَلّون: قد نشرتم أعلامكم وضربتم طُبُولكم، فليت شعري فِي اللّقاء أيّ رجال أنتم؟ قال زريق النّفّاط، أو غيره: رَأَيْت أَبَا حاتم بيده عطْر يعرضه للبيع، فسألته عن مسألة، فقال: لكلّ مقامٍ مقال، ولكن اصْبِر حَتَّى أفرغ. وكان إذا فرغ جلس يوم الجمعة، اجتمع إليه الصُّوفيّة وأصحاب الحديث والغُرَباء، وعامّة، مسجد البصرة، وجميع الطبقات. وكان الّذين يلزمون حلقته: ابنُ الشُّويطيّ. وأبو سَعِيد الغَنَويّ، والمَرْزُوقيّ. وكان الغَنَويّ يميل إِلَى شيءٍ من الكلام ويعرفه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 150 وكان فِي المسجد طائفة من النّاس يُنْكِرون على أَهْل المحبّةِ لمّا يبلغهم من التّخليط، وكانوا أهل حديث، وكلّهم يستملي أَبَا حاتم ويُعْجبه كلامه لرقَّته، ولقَوْله بالسُّنّة ومخالفته الغسّانيّة. وكانوا يميلون إليه هُوَ وعبد الجبار السُّلميّ، والحسن بْن المُثَنَّى، وأحمد بن أبي عُمَر، وابن أبي عاصم، والْجُذُوعيّ. كلّ هَؤُلَاء صوفيّة المسجد من أَهْل السَّنة والحديث يتحلَّون النُّسك والأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر. وكان لهم بالبلد قدرٌ وهَيْبة. وقَالَ السُّلميّ: كان أبو حاتم العطّار أستاذ الْجُنَيْد وأبي سَعِيد الخرّاز. وكان من جِلّة مشايخهم، مِن أقران أبي تراب النَّخشبيّ. وهو أول من تكلّم بالعراق فِي علوم الإشارات. وعن محمد بْن وهْب قَالَ: دخلت البصرة أَنَا ويعقوب الزَّيَّات، فأتينا أَبَا حاتم العطّار، فدقَقْنا الباب، فقال: من هَذَا؟ قلت: رَجُل يقول الله. فخرج ووضع خدّه على الأرض، وقَالَ: بقي مَن يُحْسِن يقول الله! 190- أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ الصوفيّ1. أحد الكبار، اسمه محمد بْن إِبْرَاهِيم. تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين. قاله أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ. تحوَّل ترجمته إِلَى هنا من بعد الثمانين. ومن أخباره: قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي كِتَابِ طبقات النُّسَّاك: قدم أبو حَمْزَةَ من طَرَسُوس إِلَى بغداد، فجلس واجتمع إليه النّاس. وما زال مقبولًا حَسَن الظّاهر والمنزلة إِلَى أن تُوُفيّ. وحضر جنازته أَهْل العلم والنُّسك. وصلّى عليه بعض بنبه، وغسّله جماعة من بني هاشم.   1 انظر: السير "10/ 534، 535". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 151 وقدَّم عليه الْجُنَيْد، يعني فِي الصّلاة، فامتنع، فتقدَّم ولده. وقام المكبرِّون يسمعون النّاس. وصعد الخطيب المعروف بالكاهليّ على سطح ليبلّغ النّاس. قال ابن الأعرابيّ: وكنت أَنَا وأبو بَكْر غلام بُلْبل، ومحمد الدِّينَوريّ، بائتين فِي مسجد أبي حَمْزَةَ ليلة موته، فمات فِي السَّحر. وأُخبرتُ أنَه كان يقرأ حزبه من القرآن حَتَّى ختم فِي تلك اللَّيلة. وكان صاحب ليل، مقدَّمًا فِي علم القرآن وحِفْظه. خاصّة قراءة أبي عَمْرو. وقد حملها عَنْهُ جماعة. وأخذ عَنْهُ كتاب اليزيديّ. وأخبرني مَرْدَويْه أبو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ أنّه لم يَرَ أحدًا يقدّمه فِي قراءة أبي عَمْرو، والقيام بها على أبي حَمْزَةَ. وقد قرأ ابنُ مجاهد على مَرْدَويْه. وكان سبب عِلّته أنّ النّاس كثُروا، فأُتي أبو حَمْزَةَ بكُرسيّ، فجلس عليه، ثُمَّ مرّ فِي كلامه بشيءٍ أعجبه، فردّده وأُغمي عليه حَتَّى سقط عن الكُرسيّ. وقد كان هَذَا يصيبه كثيرًا، فانصرف من المجلس بين اثنين يوم الجمعة، فتعلّل ودُفِن فِي الجمعة الثانية بعد الصّلاة. وكان أستاذ البغداديّين، وهو أوّل من تكلّم ببغداد فِي هَذِهِ المذاهب من صفاء الذَّكر وجمع الهمّة والمحبّة والشَّوق والأنس، لم يسبقه بها على رءوس النّاس ببغداد أحد. وكان قد طاف البلاد، وصحِب النُّسّاك بالبصرة، وغيرهما. وسافر مع أبي تراب وأشكاله طالبًا الحقائق. وجالس أَبَا نصر التّمّار، وأحمد بن حنبل، وسَرِيّ السَّقطيّ، وهو مَوْلَى لعيسى بْن أبان القاضي. وقد سمعت أَبَا حَمْزَةَ غير مرّة يقول: قَالَ لي أَحْمَد بْن حنبل: يا صوفيّ ما نقول في هذه المسالة؟ 1   1 السير "10/ 536". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 152 191- أبو السّاج. كان من كبار قُوّاد المعتمد على الله، وإليه تُنْسب الأجناد السّاجيّة ببغداد. مات بجُنْدَيْسابُور فِي ربيع الأول سنة ستٍّ وستّين ومائتين، وخلف أموالًا عظيمة. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 153 بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثامنة والعشرون : أحداث سنة إحدى وسبعين ومائتين : فيها تُوُفيّ: عَبَّاس الدُّوريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن مَنْصُور الحارثيّ، ومحمد بْن حَمَّاد الظهراني، ومحمد بْن سِنَان القزاز، ويوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم. تعطيل الجمعة فِي مسجد الرَّسُول: وفيها دخل محمد، وعليّ ابنا الْحُسَيْن بْن جَعْفَر بْن مُوسَى بْن جَعْفَر الصّادق بْن محمد المدينة، فقتلا فيها، وجَبَيا الأموال، وعطَّلت الجمعة والجماعة فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شهرًا. عزْل عَمْرو بْن اللَّيْث: وفيها عزل المعتمد عَمْرو بْن اللَّيث، وأمر بلعنه على المنابر. وولى خُراسان محمد بْن طاهر. وكان محمد ببغداد، فاستناب عَنْهُ على نَيْسابور رافع بْن هرثمة. إقرار نصر بْن أَحْمَد على بخارى وسمرقند: وأمَّر على بخارى وسمرقند نصر بْن أَحْمَد بْن أسد. مسير رافع بْن هرثمة إِلَى جرجان: ثُمَّ جاءت كتب الموفَّق إِلَى رافع بقصد جرجان وآمل، وكانت للحسن بْن زَيْد، فسار إليه رافع سنة أربع وسبعين. الوقعة بين أبي الْعَبَّاس بْن الموفَّق وخمارويه: وفيها كَانَتْ وقعة عظيمة بين أبي الْعَبَّاس بْن الموفَّق، وبين خمارويه بْن أَحْمَد بْن طولون بأرض فلسطين. كان الموفَّق قد جهَّز ولده فِي جنود العراق، وأعطاه الجزء: 20 ¦ الصفحة: 155 الأموال، وولّاه أعمال مصر والشام. فسار إِلَى الشّام، فنزل بفلسطين. وجاء خمارويه، وكان قد قام فِي ولاية أَبِيهِ بعده، فالتقيا بحيث جرت الأرض من الدماء. ثُمَّ انهزم خمارويه إِلَى مصر، ونُهِبَتْ أثقاله. ونزل أبو الْعَبَّاس فِي مضربه. وكان سعد أعدّ كمينًا لخمارويه، فخرج على أبي الْعَبَّاس وهم عابرون، فانهزم جيشه، وذهب إِلَى طَرَسُوس منهزمًا فِي نفرٍ يسير، وذهبت خزائنه. فانتهب الجميع سعد ومن معه. وهذا من أعجب الأمور، وهو انهزام كل واحدٍ من المقدَّمين، ثمَّ اقتتال عسكرهما بعد رواحهما. ثُمَّ كان النصر للمصريين. تقييد ابنُ أبي الساج وإطلاقه: وفيها قدم يوسف بْن أبي الساج مقيَّدًا على جمل. وكان قد وثب على الحاجّ، فقاتلوه وأسروه، ثُمَّ إنّه حَسنت حاله، وبكى على فعله، وشفع فِيهِ مؤنس، فأطلق. خروج إِسْحَاق الطالبي وإفساده بالمدينة: وفيها خرج بالمدينة إِسْحَاق بْن محمد الطالبي الجعفري، فقتل أمير المدينة الفضل بْن الْعَبَّاس بْن حسن العباسي، وعاث وأفسد وخرّب المدينة1.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 654-667"، والكامل "7/ 399-406". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 156 أحداث سنة اثنتين وسبعين ومائتين : تُوُفيّ فيها: أَحْمَد بْن عَبْد الجبار العطاردي وهو ابنُ عاصم الإصبهانيّ، وأبو عُتْبة أَحْمَد بْن الفرج الحمصيّ، وأحمد بْن مهديّ بْن رستم، وسليمان بْن سيف الحّرانيّ، وأبو أحمد محمد بن بد الوهاب الفراء، وأبو جَعْفَر محمد بْن عَبْد الله بْن المنادي، ومحمد بْن عوف الحمصي. الخلاف بين ابنُ الموفَّق ويازمان الخادم: وفيها وقع خلاف بين أبي الْعَبَّاس بْن الموفَّق وبين يازمان الخادم فِي طَرَسُوس، فأخرج أهلها أَبَا الْعَبَّاس عَنْهُمْ. فقدِم بغداد فِي جمادى الآخرة. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 156 دخول الخوارج المَوْصِل: وفيها: دخل حمدان بْن حمدون وهارون الشّاريّ الخوارج مدينة المَوْصِل. وصلّى الشاري بالناس فِي الجامع. القبض على صاعد بْن مخلد وبنيه: وفيها قبض الموفَّق على صاعد بْن مخلد وعلى بنيه ومواليه، واستكتب عوضه إِسْمَاعِيل بْن بلبل. حركة الزَّنْج بواسط: وفيها تحركت الزَّنْج بواسط وصاحوا: أنكلائيّ يا مَنْصُور. وكان أنكلائيّ ابنُ الخبيث، وسليمان بْن جامع، والمهلَّبيّ، والشَّعرانيّ، وغيرهم من قواد الزَّنج محبوسين ببغداد فِي يد فتح السَّعيديّ. فكتب إليه الموفّق أن يذبح الجماعة ويبعث رءوسهم، ففعل. وقِيلَ صلبت أبدانهم على الجسر. والله سبحانه وتعالى أعلم1.   1 تاريخ الطبري "10/ 9-11"، الكامل "7/ 418-420". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 157 أحداث سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن الْوَلِيد الفحّام، وإسحاق بْن سيّار النَّصيبيّ، وحنبل بْن إِسْحَاق، والفضل بْن شخرف، وأبو أُميّة محمد بْن إِبْرَاهِيم الطَّرسوسيّ، ومحمد بْن يزيد بْن ماجة. وقعة الرافقة: وفيها كَانَتْ بالرافقة واقعة بين إِسْحَاق بْن كنداج، ومحمد بْن أبي الساج، فانهزم إِسْحَاق. ثُمَّ تواقعا أيضًا، فانهزم إِسْحَاق فِي ذي الحجة. قَتْلُ ملك الروم: وفيها وثب ثلاثة بنين لملك الروم على أبيهم فقتلوه، وملّكوا أحدهم. القبض على لؤلؤ الطولوني: وفيها قبض الموفَّق على لؤلؤ الطَّولونيّ، وأخذ له أربعمائة ألف دينار شَرَهَا. ولم يكن له ذنب، بل أدُّعي عليه أنّه كاتب خمارويه بْن أحمد بن طولون. والله أعلم1.   1 تاريخ الطبري "10/ 12"، الكامل "7/ 422-425". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 157 أحداث سنة أربعٍ وسبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن الْوَلِيد الفحام النَّصيبيّ، وإسحاق بْن سيار النَّصيبيّ، وحنبل بْن إِسْحَاق، والفتح بْن شخرف، وأبو أُميّة محمد بْن إِبْرَاهِيم الطَّرسوسيّ، ومحمد بْن يزيد بْن ماجة، والحسن بْن مكرم، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم الواسطيّ، ومحمد بْن عِيسَى بْن حِبّان المدائنيّ، وأبو غسان مالك بْن يحيى، بمصر. وفيها خرج الموفَّق إِلَى كرمان لحرب عَمْرو بْن اللَّيث الصّفّار. وفيها غزا يازمان الخادم الروم، فقتل وسبى وعاد سالمًا1.   1 السابق. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 158 أحداث سنة خمسٍ وسبعين ومائتين: تُوُفيّ فيها: أبو بَكْر المروزيّ الفقيه، وأحمد بْن يحيى بْن ملاعب، والحسين بْن محمد بْن أبي معشر نجيح، وأبو دَاوُد صاحب السُّنن، وأبو عوف البزوريّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق، ويحيى بْن جَعْفَر بْن الزِّبْرِقان. غزوة يازمان البحر: وفيها غزا يازمان البحر، فأخذ عدّة مراكب للروم. حبس الموفّق لابنه أبي الْعَبَّاس: وفيها حبس الموفَّق ابنه أَبَا الْعَبَّاس، فشغب أصحابه وحملوا السلاح، واضطربت بغداد. فركب الموفَّق وقَالَ: يا أصحاب ولدي أتراكم أشفق على ابني منّي؟ وقد احتجت إِلَى تأديبه. فوضعوا السلاح وتفرَّقوا، واطمأنوَّا عليه. والله أعلم1.   1 تاريخ الطبري "10/ 14-17"، الكامل "7/ 436". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 158 أحداث سنة ستٍّ وسبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن حازم بْن أبي غَرَزَة، وبَقِيّ بْن مخلد الأندلسيّ، وعبد الله بْن مُسْلِم بْن قُتَيْبَةَ، وأبو قلابة الرَّقاشيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْعَوَّام، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الصائغ، ومحمد بْن سعد العوفي، ويزيد بْن محمد بْن عَبْد الصَّمد. رضا المعتمد على عَمْرو بن الليث: وفيه رضي للمعتمد على عَمْرو بْن الَّليث، وكتب اسمه على الأعلام والأترِسة ببغداد. هرب ابنُ أبي الساج من خمارويه: وفيها قدِم محمد بْن أبي السّاج هاربًا من خمارويه بعد وقعاتٍ جرت بينهما، وضعف عنه محمد. ميسر الموفَّق إِلَى إصبهان: وفيها: سار الموفَّق إِلَى إصبهان، فنزح محمد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أبي دُلَف بجيشه وعِياله. ولاية ابنُ اللَّيْث شرطة بغداد وعزله: وفيه ولي عَمْرو بن اللَّيث شرطة بغداد. ثُمَّ بعد قليلٍ غضب عليه المعتمد وعزله، وأسقط اسمه من الأعلام1.   1 تاريخ الطبري "10/ 14-17"، الكامل "7/ 436". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 159 أحداث سنة سبعٍ وسبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: إِبْرَاهِيم بْن أبي العيش القاضي، والحسن بْن سلام السواق، وأبو حاتم الرَّازيّ، ومحمد بْن الجهم السِّمريّ. اتفاق يازمان وخمارويه: وفيها اتفق يازمان الخادم أمير الثَّغر مع خمارويه، ودعا له على المنابر بطرسوس. فبعث إليه ثلاثين ألف دينار، وخمسمائة دابّة، وخمسمائة ثوبٍ من مصر. ثمّ بعث إليه بخمسين ألف دينار. استيلاء ابنُ هرثمة على طبرستان: وفيها: استولى ابن هرثمة على طبرستان1.   1 تاريخ الطبري "10/ 18"، والكامل "7/ 439". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 160 أحداث سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين: تُوُفيّ فيها: أَحْمَد بن عبيد بن ناضج، وإِبْرَاهِيم بْن الهيثم البلديّ، وعبد الكريم بْن الهيثم الدَّيرعاقوليّ، والأمير أبو أَحْمَد الموفَّق، ومحمد بْن شداد المسمعي، وموسى بْن سهل الوشّاء، وموسى بْن عِيسَى بْن المنذر الحمصي، وهاشم بْن مرثد الطَّبرانيّ. غور النيل بمصر وغلاء الأسعار: وفيها وردت الأخبار أن نيل مصر غار ونقص نقصًا عظيمًا، وغلت الأسعار. قَالَ أبو المظفر بْن الجوزي: غار النيل فلم يبق منه شيء. قلت: ولم يتعرَّض المسبحي فِي تاريخه إِلَى شيء من ذلك. مرض الخليفة الموفَّق ووفاته: وَفِي المحرم انصرف الموفَّق من الجبل إِلَى بغداد مريضًا، وكان به نُقْرُس. وزاد مرضه فصار داء الفيل. وكان يبردون رجليه بالثَّلج، ويحمل على سرير، ويحمله عشرون نفسًا. فقال مَرَّة للذين يحملون: لعلكم قد ضجرتم منّي. وددت الله أني كأحدكم أحمل على رأسي وآكل، وأني فِي عافية. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 160 وقَالَ فِي مرضه: قد أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق، وما أصبح فيهم أسوأ حالًا منيّ. وزاد به انتفاخ رجله ومات. ظهور القرامطة بسواد الكوفة: وفيها ظهرت القرامطة بسواد الكوفة؛ وقد اختلفوا فيهم على أقوال: أحدها: إنّه قَدِمَ رجلٌ من ناحية خوزستان إِلَى الكوفة، فنزل النَّهرين وأظهر الزُّهد والتَّقشف، يعمل الخوص ويصوم. وَإِذَا جلس إليه إنسان وعظه وزهَّده في الدُّنيا، واعلمه أنّ الصُّلوات المفترضة في اليوم واللَّيلة خمسون صلاة حتّى خشي ذلك منه. ثمّ أعلمهم أنه يدعو إِلَى إمام من أَهْل البيت، فكانوا يجلسون إليه، ثُمَّ نظر نخلًا، فكان يأخذ من بقّالٍ كلَّ ليلةٍ رطل تمرٍ ثمَّ يفطر عليه، ويبيعه النَّوى. فأتاه أصحاب النَّخل فأهانوه، وقَالَوا: ما كفاك أكل تمر النَّخل حَتَّى تبيع النَّوى؟ فقال البقال: ويحكم ظلمتموه فإنه لم يذق تمركم، وإنما يشتري مني التَّمر فيفطر عليه، ويبيعنيّ النَّوى. فندموا على ضربه وتحللوه، وازداد نبلًا عند أَهْل القرية، وتبعه جماعة، فكان يأخذ من كل رجلٍ دينارًا، واتخذ منهم اثني عشر نقيبًا. وفرض عليهم كل يومٍ خمسين صلاة، سوى نوافل اشتعلن بها عن زراعاتهم، فخربت الضِّياع. وكانت للهيصم ضياع هناك فقصروا، فبلغه شأنه، فطلبه وسأله عن أمره، فَأَخْبَرَه ودعاه إِلَى مذهبه. فحبسه في بيت وحلف ليقتلنّه. فسمعه جارية من جواريه، فرقَّت له، وأخذت المفتاح وفتحت عليه. ثمَّ قفلت الباب، وأعادت المفتاح إِلَى مكانه، فانتبه الهيصم ففتح الباب فلم يجده. وقَالَ النّاس: رفع إِلَى السماء. ثُمَّ ظهر فِي مكانٍ آخر، فسألوه عن قصته فقال: من تعرَّض لي بسوء هلك. ثُمَّ انسحب إلى الشّام، فلم يعرف له خبز. وصحبه رجل يقال له كرميتة، ثمّ خفِّف، فقيل قرمط. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 161 وَفِي قولٍ: كان هَذَا الرجل قد لقي الخبيث ملك الخوارج الزَّنج، فقال له: ورائي مائة ألف سيف، فوافقني على مذهبي حَتَّى أصير إليك بمن معي. وتناظرا فاختلفا، ولم يتَّفقا، فافترقا. القول الثاني: إنّ أول من أظهر مذهبهم رجلٌ يُقَالُ له محمد الوراق يعرف بالمقرمط الكوفّي. شرَّع لهم دعاتهم اكترى دوابَّ من رجلٍ يُقَالُ له قرمط بن الأشع، فدعاه فأجابه. والقول الأول أشهر. من فِرَقِ الباطنيّة: ثمّ فرق القرامطة، الباطنيّة، والخرَّميّة، والبابكية، والمحمِّرة، والسَّبعيّة، والتَّعليميّة. القرامطة: فَمِنْ قول القرامطة: إنّ محمد بْن الحنفية هُوَ المهديّ، وَإِنَّهُ جبريل، وَإِنَّهُ هُوَ المسيح، وَإِنَّهُ الدّابّة. ويزيدون أذنهم. وإن نوحًا رسول الله، وإن عِيسَى رسول الله، وإن محمد بْن الحنفية رسول الله، وإن الحج والقبلة إِلَى بيت المقدس، ويوم الجمعة والإثنين ويوم الخميس يوم استراحة، وإن الصوم فِي السنة يومان: يوم النيروز ويوم المهرجان. وإن الخمر حلال، ولا غسل من الجنابة. وتحيَّلوا على المسلمين بطرقٍ شتى، ونفق قولهم على الجهال وأهل البر. ويُدخلون على الشيعة بما يوافقهم، وعلى السُّنة بما يوافقهم. ويخدعون الطوائف، ويظهرون لكل فرقةٍ أنهم منهم. الباطنية: وأما الباطنية، فقالت: لظواهر الآيات والأحاديث بواطن تجري مجرى اللُّب من القشر. واحتجوا لكل آيةٍ ظهر وبطن. وأن من وقف على علم الباطن سقطت عَنْهُ التكاليف الجزء: 20 ¦ الصفحة: 162 الخرَّميّة: وأما الخرَّميّة فخرَّم اسم أعجمي معناه الشيء المستلذ، وهم أصل الإباحة فِي المجوس الّذين نبغوا فِي أيام قباذ، فأباحوا المحظورات. البابكيّة: وأمّا البابكيّة، فأصحاب بابك الخرمي. لهم ليلة فِي السنة يختلط فيها النساء والرجال، فَمَنْ وقعت فِي يده امرأة استحلَّها، إلى غير ذلك الخروج عن الملة. المحمرِّة: وأما المحمرِّة، فيلبسون الثياب الحمر، ولهم مقالة. السبعية: وأما السبعية فزعموا أنَّ الكوكب السبعة تدبر العالم السفلي. التعليمية: وأما التعليمية، فأطلوا القياس؛ ولا عِلْمَ عندهم إلّا ما تلقيِّ من إمامهم. الإسماعيلية: والإسماعيلية والإسماعيلية من القرامطة. وقِيلَ: إنّ قرمط غلام إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الصادق، ولم يصح. الملاحدة: وكل هَؤُلَاء يذهبون إِلَى مذهب الملاحدة كزرادشت، ومزدك، وماني، الّذين جحدوا النُّبوَّة وأباحوا المحظورات. وقَالَوا بقول الفلاسفة والدَّهريّة، لعنهم الله تعالى. وفاة يازمان الخادم: وفيها غزا يازمان الخادم حصن كند، فنصب عليه المجانيق وكاد يفتحه، فجاءه حجرٌ من الحصن فقتله، فارتحلوا وبه رمقٌ، فمات فِي الطريق. وحمل فدفن بطرسوس. وكان شجاعًا، جوادًا، كريمًا1.   1 تاريخ الطبري "10/ 20-22"، والكامل "7/ 441". \ الجزء: 20 ¦ الصفحة: 163 أحداث سنة تسع وسبعين ومائتين ... أحداث سنة تسعٍ وسعين ومائتين: تُوُفيّ فيها: المعتمد على الله، وأحمد بْن الخليل البرجلاني، وأحمد بْن أبي خيثمة، وإبراهيم بْن عَبْد الله القصار، وأبو يحيى بْن أبي ميسرة، وأبو عِيسَى التِّرمذيّ. ولاية العهد للمعتضد: ولثمانٍ بقين من المحرَّم خلع جَعْفَر المفوض من العهد، وقدَّم عليه المعتضد، وكتب إِلَى الآفاق بِذَلِك. وذلك لتمكُّن المعتضد من الأمور، ولطاعة الجيش له. منع المنجمين والقصاص: وفيها أمر المعتضد أن لا يقعد فِي الطريق منجِّم ولا قصَّاص، واستحلف الوراقين لا يبيعوا كتب الفلاسفة والجدل ونحو ذلك. وفاة المعتمد وولاية ابنُ الموفَّق: وضعف أمر المعتمد معه، وتُوُفيّ بعد أشهر من السنة، فولي المعتضد أبو الْعَبَّاس بن الموفَّق الخلافة. قدوم رسول خمارويه إلى المعتضد: وفها قدم رسول خمارويه صاحب مصر إِلَى المعتضد، وذلك عشرون حمل بغلٍ من الذهب من سوى الخيول والسُّروج والجواهر والتحف، وزرافة. ولاية ابنُ اللَّيْث خُراسان: وقدمت عليه هدايا عَمْرو بْن اللَّيْث، فولاه خُراسان. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 164 وفاة نصر بْن أَحْمَد بن أسد: وفيها تُوُفيّ نصر بْن أَحْمَد بْن أسد أمير ما وراء النهَّر، فولى بعده أخوه إِسْمَاعِيل. زواج المعتضد: وتوجَّهت الرُّسل فِي تزويج عليّ بْن المعتضد ببنت خمارويه؛ ثُمَّ تزوَّجها المعتضد. فتح ابنِ الشَّيْخ قلعة ماردين: وفيها فتح أَحْمَد بْن عِيسَى بْن الشَّيْخ قلعة ماردين. أخذها من محمد بْن إِسْحَاق بْن كنداج. صلاة المعتضد الأضحى: وصلّى المعتضد بالناس صلاة الأضحى، فكبر فِي الأولى ستًا، وَفِي الثانية واحد. ولم تسمع منه الخطبة. الحج هَذَا الموسم: وحج بالناس هارون بْن محمد العباسي، وهي آخر حجّةٍ حجها بالناس وكان قد حج بهم ستّ عشرة حجَّة متوالية1.   1 تاريخ الطبري "10/ 19-28"، والكامل "7/ 441-449". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 165 أحداث سنة ثمانين ومائتين : فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن محمد البريّ، وعثمان بْن سَعِيد الدارمي، وأبو إِسْمَاعِيل التّرمِذيّ، وهلال بْن العلاء. القبض على محمد بْن الْحَسَن بْن سهل: وَفِي أولها قبض المعتضد على محمد بْن الْحَسَن بْن سهل. وكان أحد قواد صاحب الزَّنج استأمن إِلَى الموفَّق، فبلغ المعتضد أنه يدعو إِلَى وَلَدِ المهتدي بالله الجزء: 20 ¦ الصفحة: 165 فقرَّره، وقَالَ: أخبرني عن الرجل الَّذِي تدعو إليه؟ فقال: لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عَنْهُ. فقتله. مسير المعتضد إِلَى بني شَيْبَان: وَفِي صفر، سار المعتضد بجيوشه يريد بني شَيْبَان، وكانوا قد عاثوا وأفسدوا، فلحقهم بالجيش، فقتل منهم خلقًا، وغرَّق خلقًا، وغنم الجيش من أموالهم ما لا يحصى، بحيث أبيعت الشاة بدرهم، والجمل بخمسة دراهم. وأمر المعتضد بحفظ النساء والذّراري، ولم يتعرَّض لهم. ثُمَّ وصل إِلَى المَوْصِل. ثُمَّ لقيه بنو شَيْبَان وتذللوا له، فأخذ منهم خمسمائة رجلٍ رهائن، وردَّ عليهم نساءهم وذراريهم. فتح ابن أبي الساج مراغة: وفيها افتتح محمد بْن أبي الساج مراغة بعد حصارٍ طويل، وأخذ منها مالًا كثيرًا. وفاة جَعْفَر بْن المعتضد: وفيها مات المفوض إِلَى الله جَعْفَر بْن المعتضد الَّذِي ولي عهد أَبِيهِ، فِي ربيع الآخر. وكان محبوسًا فِي دار المعتضد لا يراه أحد. وقِيلَ: إنّ المعتضد كان ينادمه. مولد القائم بسلمية: وفيها وُلِدَ بسلمية القائم أبو القاسم محمد بْن المهديّ عُبَيْد الله ببلد سلمية. وكان بها أمرهم وأموالهم. وأسلفنا سنة سبعين شيئًا من خبرهم. دخول الداعية أبي عَبْد الله أرض القيروان: وفيها دخل داعيهم أبو عبد الله مع بني كتامة إِلَى أرض القيروان فِي ربيع الأول، فاشتهر أمره وتسامعوا به، وأتوه وبالغوا فِي احترامه. فاتصل خبره بإبراهيم بْن أَحْمَد صاحب إفريقية، فبعث يخوفه ويحذره الخروج. فلم يباله. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 166 الحرب بين الداعي وصاحب إفريقية: واشتهر زهد الداعي أبي عَبْد الله وعلمه، فَلَمَّا همَّ صاحب إفريقية بقبضه استنهض الّذين تبعوه، فالتقى الفريقان، فانتظر أبو عبد الله، وقتل وغنم؛ فحاربه صاحب إفريقية مرات، وأبو عبد الله فِي زيادة، وصاحب إفريقية فِي نقص. ثُمَّ إنّه فِي الآخر قُتِلَ. غزوة إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد بلاد الترك: وفيها غزا إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد بْن أسد أمير ما وراء النَّهر بلاد التُّرك، وأسر ملكها وزوجته، وأسر عشرة آلاف، وقتل عشرة آلاف. وأصاب أموالًا عظيمة، بحيث أصاب الفارس فِي الغنيمة ألف درهم. موت الأمير مسرور البلخي: ومات الأمير مسرور البلخي الَّذِي كان مع الموفَّق وقت الحصار. خبر الزَّلزلة في بلاد الدُّبيل: روي أنّ ذي الحجة ورد كتاب من الدُّبيل أنَّ القمر انكسف فِي شوال من السنة، وأن الدُّنيا أصبحت مظلمة إِلَى العصر. فهبت ريحٌ سوداء، فدامت إِلَى ثلث اللَّيل، وأعقبها زلزلة عظيمة أذهبت عامة المدينة. وأنهم أخرجوا من تحت الهدم ثلاثين ألف إِلَى تاريخ الكتاب. ثُمَّ زلزلت خمس مرات، فكان عدة مَنْ أُخْرِجَ مَنْ تحت الرَّدم مائة ألف وخمسين ألفًا. زيادة دار المنصور: وفيها زِيدَ فِي جامع المنصور دار المنصور الّتي كان يسكنها. وغرم على إصلاح ذلك عشرين ألف دينار. والله أعلم1.   1 انظر: تاريخ الطبري "10/ 28، 29"، الكامل "7/ 652-660". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 167 ذكر رجال هذه الطبقة مرتبين على حروف المعجم : حرف الآلف: 192- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ أبو بسطام الأطروش1. سمع: هوذة بن خليفة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ البزّاز. تُوُفيّ سنة تسعٍ وسبعين. 193- أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى ين يحيى. أبو حارثة الغساني الدمشقي2. سمع: أَبَاهُ، وهشام بْن عمّار، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن جوصا، وأبو يعقوب إِسْحَاق الأذرعي، وأبو عوانة في صحيحه وقال: ثنا حارثة سيد أَهْل الشّام. 194- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن الْمُخْتَار أبو بَكْر الدقاق3. سمع: أَبَا كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المقدَّميّ. وعنه: أَحْمَد بْن كامل القاضي، وغيره. تُوُفيّ سنة سبعٍ وسبعين. 195- أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن مهدي السَّكونيّ الحمصي4. روى عن: أَحْمَد بْن كثير الصَّنعانيّ. وعنه: الطّبرانيّ.   1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 10". 2 في عداد علماء المستورين، صدوق. 3 انظر: تاريخ بغداد "4/ 25". 4 لم نقف عليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 168 196- أحمد بن الأسود. أبو علي الحنفي البصري1. سمع: يزيد بْن هارون، وغيره. وولي قضاء قرقيسيا. ذكره ابنُ حِبّان فِي الثقات، وقَالَ: ثنا عَنْهُ: أَحْمَد بْن عَبْد الله الجسيري. وتُوُفيّ سنة خمسٍ وسبعين. 197- أَحْمَد بْن أيوب بن زريع الهاشميّ2. يروي عن: عَبْد الله بْن صالح العجليّ، وغيره. تُوُفيّ سنة سبعٍ وسبعين. 198- أَحْمَد بْن بَكْر بْن سيف المرُّوذيّ3. سمع من: أبي نُعَيْم، وغيره. وكان موثَّقًا. تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين. 199- أَحْمَد بْن بَكْر البالسي. أبو بَكْر. تُوُفيّ بعد السَّبعين أو قبلها. وحدَّث عن: يزيد بْن هارون، وزيد بن الحباب، محمد بْن مصعب، وطائفة. وكان ثقة يخطئ. وقد تقدَّم فِي تلك الطبقة. وأما الْأَزْدِيّ فقال: كان يضع الحديث.   1 الثقات لابن حبان "8/ 46". 2 في عداد المجهولين. 3 السير "13/ 64"، والميزان "1/ 86". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 169 200- أَحْمَد المعتمد على الله1. أبو الْعَبَّاس أمير المؤمنين ابنُ المتوكل على الله جَعْفَر بْن المعتصم بالله محمد بْن الرشيد الهاشمي العباسي. وُلِدَ سنة تسعٍ وعشرين ومائتين بسرَّ من رأى، وأمّه روميّة اسمها فتيان. قال ابن أبي الدُّنيا: كان أسمر رقيق اللَّون، أعين، خفيفًا، لطيف اللحية، جميلًا. وُلِدَ فِي أول سنة تسعٍ، ومات ليلة الإثنين لإحدى عشرة بقيت من رجب سنة تسعٍ وسبعين فجأة ببغداد. فحمل ودفن بسامرَّاء. وكانت خلافته ثلاثة وعشرين سنة وستّة أيام، والصّواب: وثلاثة أيّام. قلت: استخلف بعد المهتدي بالله، وقد سار بنفسه لحرب يعقوب بْن اللَّيْث الصّفّار. فالتقاه بقرب دير العاقول، فنصر عليه، وهزم جيش الصّفّار أقبح هزيمة سنة اثنتين وستّين. وقِيلَ: كان المعتمد مربوعًا نحيفًا. فَلَمَّا استخلف سمن وأسرع إليه الشَّيب. مات بالقصر الحسيني مع الندُّماء والمطربين. أكل فِي ذلك اليوم رءوس الجداء، ومات في اليوم الثاني فجأة. فَقِيلَ: إنّه سمَّ فِي الرءوس. ومات معه من أكل منها. قَيِل: بل نام فغُمّ فِي بساط. وقِيلَ: سموه فِي كأس. فدخل عليه إِسْمَاعِيل القاضي وجماعة شهود، فلم يروا به أثرًا. وكان منهمكا على اللذات. فاستولى أخوه الموفَّق على الأمور وقوي عليه، وانقهر معه المعتمد. ثُمَّ مات المعتمد وهو كالمحجور عليه من بعض الوجوه، من جهة المعتضد أيضًا ابنِ الموفَّق. وكانت عريب جارية المعتمد قد وصلها موال جزيلة من المعتمد، ولها فِيهِ مدائح. وكان يتعانى المسكر ويعربد على النُّدماء. واستخلف بعده المعتضد بن الموفَّق.   1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 60"، البداية "11/ 65". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 170 201- أَحْمَد بْن حازم بْن أبي غرزة. أبو عَمْرو الغفاري الكوفي1. أحد الأثبات المجودين. سمع: جعفر بن عون، ويعلى بن عبيد، وعبد الله بْن مُوسَى، وإسماعيل بْن أبان، وطائفة. وعنه: مطيَّن، وابن رحيم الشَّيْبانيّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله بْن أبي العزائم، والكوفيون كابن عقدة، وغيره. وله مسند مشهور، وقع لنا منه شيء. ذكره ابنُ حِبّان فِي الثقات، وقَالَ: كان متقنًا. قلت: تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة ست وسبعين. 202- أَحْمَد بْن الْحُبَاب بْن حَمْزَةَ2. أبو بَكْر الحميري النَّسّابة البلخي. سمع: مكّيَّ بْن إِبْرَاهِيم، وإسماعيل بْن أبي أويس. وعنه: حرب بْن إِسْمَاعِيل الكرماني، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد عَبْد الله بْن دَرَسْتُوَيْه. تُوُفيّ سنة سبعٍ. 203- أَحْمَد بْن حرب بْن مسمع الْبَغْدَادِيّ المعدّل3. أبو جَعْفَر البرجلاني. والبرجلانية محلَّة ببغداد. سمع: أَبَا النَّضر هاشم بْن القاسم، والواقدي، والأسود بْن عامر بن شاذان، والحسن الأشيب.   1 السير "13/ 239"، والبداية "11/ 56". 2 الثقات لابن حبان "8/ 53". 3 تاريخ بغداد "4/ 119، 120". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 171 وعنه: النّجّاد، أبو عَمْرو بْن السَّماك، ومحمد بْن جَعْفَر بْن الهيثم الأنباري، وآخرون. وثقة الخطيب، وقَالَ: مات فِي ربيع الأول سنة تسعٍ. 204- أَحْمَد بْن الخليل بْن حرب النَّوفليّ1. مَوْلَى بْن نوفل، ابنُ الْحَارِث القومسي. حدَّث عن: أبي النَّضر هاشم، وعبد الله بن مُوسَى، وأبي عَبْد الرحمن المقري، ومعلَّى بن أسد. وهو من أهل قومس. محدث فاضل، يكنى أبا عبد الله. روى عنه: عمر بن عبد الله بن حسن، ومحمد بن أحمد بن يزيد الزُّهريّ، وأهل إصبهان، وأبو حاتم الرازي، ويحيى بن عبدوس، والفضيل بن الخصيب. وقال أبو زرعة: يكذب على من لقي وعلى من لم يلق. ويحدث عن قومٍ ماتوا قبل أن يولد بعشرين سنة. وقَالَ ابنُ مردويه: فِيهِ لين. قلت: وكان قديم الوفاة. 205- أَحْمَد بْن أبي خيثمة زهير بْن حرب بْن شداد2. أبو بَكْر النَّسائيّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ الحافظ، صاحب التاريخ المشهور. سمع: أَبَاهُ، وأبا نُعَيْم، وهوذة بْن خليفة، وقطبة بْن العلاء بْن المنهال الغنويّ، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وعفان، ومحمد بْن سابق، وموسى بْن إِسْمَاعِيل، وأحمد بْن يُونُس اليربوعي، وأبا غسان النَّهديّ، وخلقًا كثيرًا. وعنه: البغوي، وابن صاعد، ومحمد بْن عليّ بن عُبَيْد، ومحمد بْن مخلد، ومحمد بْن أبي الحكيميّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو سهل بْن زياد، وأحمد بن كامل، وخلق.   1 السير "13/ 155"، التهذيب "1/ 28". 2 تاريخ بغداد "4/ 162". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 172 قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كان ثقة عالمًا متفننًا حافظًا، بصيرًا بأيام النّاس، راوية للأدب. أَخَذَ علم الحديث عن: أَحْمَد، وابن معين. وعلم النَّسب عن: مصعب الزُّبيريّ. وأيام النّاس عن: أبي الْحَسَن عليّ بْن محمد المدائني. والأدب عن: محمد بْن سلام الجمحي. وله كتاب التاريخ الَّذِي أحسن تصنيفه وأكثر فائدته فلا أعرف أغزر فوائد منه. وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة مأمون. وقَالَ ابنُ قانع: مات فِي جمادى الأولى سنة سبعٍ وسبعين. وكذا قَالَ ابنُ المنادى، وزاد: وقد بلغ أربعًا وتسعين سنة. وقِيلَ: دون ذلك. 206- أَحْمَد بْن سَعِيد بْن زياد. أبو الْعَبَّاس الجمال1. بغداديٌّ ثقة. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وأبا النَّضر، وحجاج بْن محمد. وعنه: محمد بن عَبَّاس بْن نجيح، وأبو بَكْر الشّافعيّ. وأحمد بْن كامل، وجماعة. تُوُفيّ فِي شوال سنة ثمانٍ وسبعين. وثقه الخطيب. 207- أَحْمَد بْن سَعِيد بن إبراهيم بن سعد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف. أبو إِبْرَاهِيم الزُّهريّ2.   1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 170". 2 السير "13/ 117، 118". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 173 سمع: عفان، وعليَّ بْن الجعد، ويحيى بْن بكير، ويحيى بْن سُلَيْمَان الجعفي، وعليّ بْن بحر القطّان، ومحمد ابن سلام الجمحي، وغيرهم. وعنه: ابنُ صاعد، والمحاملي، وإسماعيل الصّفّار، وأبو عوانة فِي صحيحه فِي أماكن، وقَالَ مُرَّة: وكان من الأبدال؛ وجماعة. قَالَ الخطيب: وكان مذكورًا بالعلم والفضل، موصوفًا بالصَّلاح والزُّهد، ومن أَهْل بيت كلهم علماء ومحدثون. وله أخوان أكبر منه: عُبَيْد الله، وعبد الله. وقَالَ عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهريّ: حدَّثني أبي قَالَ: مضى عمي أبو إبراهيم الزُّخريّ إِلَى أَحْمَد بْن حنبل فسلَّم عليه، فَلَمَّا رآه وثب وقام إليه وأكرمه، فلمَّا أن مضى قَالَ له ابنه: يا أبه، شاب تعمل به هَذَا وتقوم إليه؟ قَالَ: يا بني لا تعارضني فِي مثل هَذَا، ألا أقوم إِلَى ابنِ عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف؟ وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفيّ فِي خامس المحرَّم سنة ثلاثٍ وسبعين، وقد بلغ خمسًا وسبعين سنة. وقَالَ ابنُ صاعد: كان ثقة. وقَالَ غيره: كان من الأبدال. 208- أَحْمَد بْن سُلَيْمَان. أبو بَكْر الصُّوريّ1. نزل عرقة2، وحدَّث عن: سَعِيد بْن مَنْصُور، ومهدي بْن جَعْفَر الرملي، وغير واحد. روى عَنْهُ: محمد بْن يوسف الهرويّ وخيثمة الأطرابلسي. 209- أَحْمَد بْن السَّميدع الشاشي الحافظ. سمع: مسدَّدًا، ويحيى بن بكير، وجماعة.   1 تاريخ دمشق "16/ 596". 2 عرقة: اسم بلدة من أعمال طرابلس بلبنان اليوم. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 174 وطوَّف وصنَّف. تُوُفيّ فِي صفر سنة أربعٍ وسبعين. 210- أَحْمَد بْن أبي طَالِب1. أبو الْعَبَّاس التَّميميّ القيرواني. قاضي القيروان. تفقَّه على سَحْنُون حَتَّى برع. وحج وأخذ عن: يُونُس بْن عَبْد الأعلى، وابن عَبْد الحكَم. وكان سمحا جوادا سريا عادلا، قوالا بالحق. تلاعن في أيامه زوجان. وقد أنكر علي أمير القيروان ابن الأغلب، فامتحنه وسجنه، فيقال إنه سقاه سما، فمات في سنة خمسٍ وسبعين. 211- أحمد بن أبي طاهر الكاتب2. أبو الفضل. أحد البلغاء والشُّراء. أصله مرُّويّ، استوطن بغداد، وصنَّف كتاب أخبار الخلفاء. ويروي عن: عمر بْن شبَّة، وطبقته. روى عَنْهُ: محمد بْن المرزبان، وغيره. وتوفّي سنة ثمانين، عن ست وسبعين سنة. ومن شعره: حسب الفتى أن يكون ذا حسبٍ ... من نفسه ليس حَسْبُهُ حَسَبُه ليس الَّذِي يبتدئ به نسبٌ ... مثل الَّذِي ينتهي به نسبه 212- أَحْمَد بْن الْعَبَّاس بْن أشرس3. أبو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ الحافظ. سمع: أَبَا إِبْرَاهِيم التُّرجمانيّ، وخلف بْن سالم.   1 لم نقف عليه. 2 تاريخ بغداد "4/ 211". 3 السابق "4/ 327". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 175 وعنه: محمد بْن جَعْفَر الطَّبَريّ، وعثمان بْن السماك. وكان ثقة. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين. 213- أَحْمَد بْن عَبْد الله الكندي اللَّجلاج1. عن: أسد بْن مُوسَى. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين أيضًا. 214- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن يزيد بْن جَعْفَر2. عن: أبي مُعَاوِيَة الضرير، وعبد الرّزّاق. وعنه: أبو ذَرّ بْن الباغندي. وكان كذابًا. قَالَ ابنُ عدي: كان يضع الحديث. تُوُفيّ سنة إحدى وسبعين. 215- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن ثابت. أبو شيخ السائميّ3. عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأبي الْوَلِيد. وعنه: مذكور بن فراس شيخ لابن حيّان. وذكره فِي كتاب الثقات. 216- أَحْمَد بْن زكريا بن كثير الجوهري4. عن: إِبْرَاهِيم بْن حُميد الطويل، وسعد بْن شُعْبَة بْن الحجاج، وأبي مُعَاوِيَة. ثقة. عَنْهُ: ابنُ مخلد، وأبو بَكْر الشّافعيّ.   1 تاريخ بغداد "4/ 216". 2 تاريخ بغداد "4/ 218"، الميزان "1/ 109". 3 الثقات لابن حبان "8/ 55". 4 تاريخ بغداد "4/ 161". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 176 217- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن قاسم الْبَغْدَادِيّ الحافظ1. أعفٌّ حافظٌ موصوفٌ بالفهم. تحمل عن: عُبَيْد الله بْن مُعَاذ العنبري، وطبقته. وعنه: ابنُ الأعرابي، وابن مخلد. مات سنة تسعٍ وستّين. 218- أَحْمَد بْن عَبْد الله اللحياني العكاوي2. سمع: آدم، وابن أبي إياس. لقيه الطَبرانيّ بعكا سنة خمسٍ وسبعين. وهذا لم يذكره ابنُ عساكر فِي تاريخه. 219- أَحْمَد بْن عَبْد الجبّار بْن محمد بْن عمير بْن عطارد. أبو عمر التّميميّ العطاردي الْكُوفِيُّ3. حدَّث بِبَغْدَادَ عَنْ: أَبِي بَكْرِ بْنِ عياش، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وأبي مُعَاوِيَة، ويونس بن بكير، روى عنه مغازي ابن إسحاق. وعنه: ابن صاعد، وابن أبي الدُّنيا، وابن أبي داود، والمحاملي، ورضوان الصَّيدلانيّ، وعثمان بن السَّمّاك، وأبو سهل بن زياد، وأبو العباس الأصم، وطائفة. ولد سنة سبعٍ وسبعين ومائة. وسمع بعناية أَبِيهِ. وكان أسند من بقي، إلّا أنَّه ضعيف. وقَالَ ابنُ عدي: رأيتهم مجتمعين على ضعفه. ولم أر له حديثا منكرًا. إنَّما ضعفوه بأنه لم يلق أولئك. وقَالَ الأصم: سمعت أَبَا عبيدة السَّريّ بْن يحيى، وسأله أبي عن العطاردي فوثَّقه.   1 تاريخ بغداد "4/ 218". 2 لم نقف عليه. 3 وفيات الأعيان "4/ 352"، السير "13/ 55". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 177 وقَالَ أبو كُرَيْب: إنّه سمع من أبي بَكْر بْن أبي عيّاش. وقَالَ الدَّارقطنيّ: لا بأس به. وقد أثنى عليه أبو كُرَيْب. وقَالَ محمد بْن الْحُسَيْن بْن حميد بْن الرَّبِيع، عن أَبِيهِ قَالَ: ابتدأ أبو كُرَيْب يقرأ علينا المغازي، فقرأ علينا مجلسًا أو مجلسين، فلغط بعض أصحاب الحديث، فقطع قراءته وحلف لا يقرأ علينا. فعدنا إليه نسأله، فأبى وقَالَ: امضوا إِلَى عبد الجبار العطاردي فإنه كان يحضر سماعه معنا من يُونُس بْن بكير. فقلنا: وإن كان قد مات؟ قَالَ: اسمعوه من ابنه أَحْمَد، فإنّه كان يحضره معنا. قَالَ: فدللنا إِلَى منزل أَحْمَد، وكان يلعب بالحمام، فقال لنا: مذ سمعناه ما نظرت فِيهِ، ولكن هُوَ فِي قماطر1 فِيها كتب فاطلبوه. فقمت فطلبته، فوجدته وعليه ذرق الحمام، وَإِذَا سماعه مع أَبِيهِ بالخط العتيق. فسألته أن يدفعه إِلَيّ ويجعل وراقته لي، ففعل. قول مطين: روى الخطاب بإسناده إِلَى جَعْفَر الخلدي قَالَ: قَالَ محمد بْن عَبْد الله الْحَضْرَمِيّ: أَحْمَد بْن عَبْد الجبار العطاردي كان يكذب. قلت: هَذَا إنّ كان كما قَالَ، فمحمولٌ على نطقه ولهجته، لا أنه كان يكذب فِي الحديث، إذ ذلك معدوم. لأن أَبَا كُرَيْب شهِدَ له أنه سمع من يُونُس، وأبي بَكْر بْن عيّاش. وأيضًا فإنّ أباه كان محدَثًا، منكّر بسماعه. ومما يقوى صدقه أنه روى أوراقًا فِي المغازي، عن أَبِيهِ، عن يُونُس. فهذا يدل على تحريه الصدق. وقد أثنى عليه الخطيب، وقواه غالبًا. قَالَ ابنُ السماك: مات بالكوفة سنة اثنتين وسبعين فِي شعبان. وقع حديثه عاليًا للمؤتمن بن قميرة وطبقته.   1 قماطر: صناديق. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 178 220- أحمد بْن عَبْد الرحيم بْن يزيد. أبو زَيْد الحوطي الحمصي1. نزيل جبلة. سمع: أَبَا المغيرة، وأبا اليمان، وعليّ بْن عيّاش، ومحمد بْن مصعب القرقساني. وعنه: أَبَو القاسم الطَّبراني، وجعفر بْن محمد بْن هشام الكندي، وجماعة. وكان حيًا فِي سنة تسعٍ وسبعين. وقِيلَ: هُوَ أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن بَكْر بْن فضيل الحوطي. 221- أَحْمَد بْن عَبْد الوهاب بْن نجدة2. أبو عبد الله الحوطي الحمصي: نزيل جبلة. سمع: أَحْمَد بْن خَالِد العوصي، وجنادة بْن مروة الْأَزْدِيّ، وأبا المغيرة عَبْد القدُّوس، وعليّ بْن عيّاش، وجماعة. وعنه: ن. فِي اليوم والليلة، وعليّ بْن سراج المصريّ، وعبد الصمد بْن يزيد بْن سَعِيد القاضي، وسليمان الطَّبرانيّ. حدَّث أيضًا فِي سنة سبعٍ بجبلة. وهذا من كبار شيوخ الطَّبَرَانِيّ. 222- أَحْمَد بْن عبد الوهاب العبدي النَّيسابوريّ الفراء3. أخو محرز. سمع: مكي بْن إِبْرَاهِيم، وعبدان عَبْد الله بْن عُثْمَان. وعنه: أَهْل بلده. تُوُفيّ سنة اثنتين وسبعين. 223- أَحْمَد بْن عُبَيْد الله بن إدريس. أبو بكر البغداديّ النَّرسيّ4.   1 تاريخ جرجان "418". 2 تاريخ بغداد "3/ 353"، والسير "13/ 152". 3 من العلماء المستورين، لا بأس به. 4 تاريخ بغداد "4/ 250، 251". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 179 مَوْلَى بني ضبة. سمع: يزيد بْن هارون، وأبا بدْر السَّكونيّ، ورَوْح بْن عُبَادة، وشيبان، ويحيى بْن أبي بَكْر، وطائفة. وعنه: ابنُ صاعد، وابن السماك، ومكرم بْن أَحْمَد القاضي، وأحمد بْن كامل القاضي، وأبو بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الخطيب: كان ثقة أمينًا. وقَالَ ابنُ كامل: تُوُفيّ فِي خامس ذي الحجة سنة ثمانين. وقَالَ مرَّةً أخرى: فِي خامس ذي الحجة سنة تسعٍ وسبعين. والقولان صحيحان عنده. والأوّل له فيه متابع، وهو أبو الحسن بْن المنادي. تابعه على السَّنة فقط. وكان مولده سنة ست وثمانين ومائة. وثقة أيضًا الدّارَقُطْنِيّ؛ وكان مسنِدًا منفردًا. 224- أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن ناصح بْن بلنجر الدَّيلميّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ النَّحويّ1. مَوْلَى بني هاشم أبو جَعْفَر الملقَّب بأبي عصيدة. روى عن: يزيد بْن هارون، وأبي دَاوُد، وعبد الله بْن بَكْر، وعلي بْن عاصم، والأصمعيّ، ومحمد بْن مصعب، وجماعة. وعنه: عليّ بْن محمد الْمَصْرِيّ، ومحمد بْن جَعْفَر الأدميّ، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخراساني، وجماعة. وله مناكير. أَنْبَأَنِي الْمُسْلِمُ بْنُ عِلانَ، وجماعة قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيبانيّ، أَنَا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُعَدَّلُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ، أَنَا الأَصْمَعِيُّ، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: زرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَمِيصُهُ الذي كفّن فيه2.   1 السير "13/ 193"، التهذيب "1/ 60". 2 "حديث منكر": أخرجه الخطيب "4/ 259" في تاريخ بغداد. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 180 قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: وَأَنَا زَرَرْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَمِيصَهُ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَمَّادِ بن زيد، فقال: أنا زررت على ابن عون قميصه. تَابَعَهُ عَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، فِي وجهٍ غَرِيبٍ، وَلا يَصِحُّ رَفْعُهُ. والمحفوظ حديث بشر بْن مُوسَى، وكان ثقة، سمع الأصمعيّ يقول: سمعت ابنِ عون: سمعت محمدا يقول: يستحب أن يكون قميص الميت مثل قميص الحي مكفَّفًا مزرَّرًا. قَالَ: فحدَّثت به حَمَّاد بن زيد فقال: أنا زررت على ابن عون قميصه، وألبسته. قَالَ ابنُ عدي: أبو عصيدة كان بسرَّ من رَأَى يحدث عن الأصمعي، ومحمد بْن مصعب بمناكير. ثم ذكر الحديث المذكور، وقَالَ: لا أعلم رَوَاه غير أبي عصيدة، وعمار بْن زربي الْبَصْرِيّ. وأبو عصيدة أصلح حالا من عمّار. سمعت عبدان يصرح بكذب عمّار. قَالَ: وله حديث طويل عن محمد بْن مصعب، عن الأوزاعي فِي دخوله على المنصور، لم يحدث به غيره. وقَالَ: وأبو عصيدة مع هَذَا كله كان من أَهْل الصدق. قلت: تُوُفيّ سنة ثمانٍ وسبعين. وكان من أئمة العربية. 225- أَحْمَد بْن عتيق. أبو النَّضر الخزاعي المَرْوَزِيُّ1. عن: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وغيره. وعنه: أَهْل مرو. وهو مستقيم الحديث. مات سنة أربعٍ وسبعين. 226- أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن سَعِيد. أبو بَكْر الأحوال كرنيب2. حافظ صدوق.   1 الثقات لابن حبان "8/ 52". 2 تاريخ بغداد "4/ 297". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 181 عن: كثير بْن يحيى صاحب الْبَصْرِيّ، وعليّ بن بحر القطّان، وأحمد بنحنبل، ومنصور بن أبي مزاحم. وعنه: محمد بن مخلد، ومحمد بن جعفر المطيري. توفي سنة ثلاثٍ وسبعين، ولم يشتهر لأنه لم يشخ. 227- أحمد بن عصام. أبو يحيى الأنصاري1، مولاهم. ابن أخت الزاهد محمد بن يوسف الإصبهاني. ذكره ابن أبي حاتم، ويروى عنه، ووثقه، وقَالَ: هُوَ أَحْمَد بْن عصام بْن عَبْد المجيد بْن كثير بْن أبي عمرة الْأَنْصَارِيّ الإصبهاني. سمع: أَبَا دَاوُد الطَّيالسيّ، ومعاذ بْن هشام، وأبا أَحْمَد الزُّهريّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي داود، وعبد اللَّه بْن جَعْفَر بْن فارس، وأَحْمَد بْن جَعْفَر السمسار، وطائفة. ولا أعلم أحدًا تكلَّم فِيهِ بسوء. تُوُفيّ فِي رمضان سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 228- أَحْمَد بْن عليّ بْن بشر الأمويّ الإصبهاني2. عن: محمد بْن بكير. وعنه: ابنه محمد. تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين. 229- أَحْمَد بْن عليّ. أبو جَعْفَر العكبري، المعروف بخسروا3. روى عن: أبي نُعَيْم، والحسن بْن الرَّبِيع البوراني، وسليمان ابن بنت شرحبيل. وعنه: محمد بن مخلد، وعليّ بن يعقوب بن أبي العقب.   1 الجرح والتعديل "2/ 66"، والسير "13/ 41". 2 ذكر أخبار إصبهان "1/ 94". 3 انظر: تاريخ بغداد "4/ 306". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 182 230- أحمد بن العلاء بن هلال. أخو هلال أبو العلاء الرَّقيّ. فقيه فاضل يكنى أبا عبد الرحمن. ولي قضاء ديار مصر، وتوفي سنة أربعٍ أيضا. وقيل: سنة خمسٍ. روى عنه: خيثمة الأطرابلسي، وأبو الميمون بن راشد، وابن حزم. سمع: عبد الله بت بن جعفر الرَّقيّ، وطبقته. 231- أحمد بن عمرو بن أبان. أبو جعفر الفارسي، ثم الصُّوريّ1. روى عن: عَبْد الوهاب بْن نجدة، وأبي إِبْرَاهِيم التَّرجمانيّ، وموسى بْن أيُّوب النَّصيبيّ. وعنه: ابن جَوْصَا، ومحمد بن يوسف الهَرَوِي، ومحمد بن جعفر بن ملاس. 232- أحمد بن عياض. أبو غسان الفرضي2. شيخ مصر. روى عن: يحيى بْن حسان، ويحيى بْن عَبْد الله بْن بكير. وعنه: ابنه أبو علاثة، ومحمد حفيده، وعبد الله بْن عَبْد الملك، والمعافي بْن عِمْرَانَ، وغيرهم. تُوُفيّ سنة فِي رجب. وسيأتي ابنه أبو علاثة بعد التسعين. تفرد بحديث الطَّير. 233- أَحْمَد بْن عِيسَى بْن زَيْد اللخمي الخشاب التِّنّيسيّ3. عن: عَمْرو بْن أبي سلمة، وعبد الله بن يوسف.   1 ستأتي الترجمة له. 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 414" لابن بدران. 3 الميزان "1/ 126"، التهذيب "1/ 65". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 183 وعنه: عَبْد الله بْن محمد بن المنهال، وعيسى بْن أَحْمَد الصَّوفيّ، وموسى بْن الْعَبَّاس، وجماعة. ضعفه ابنُ عديّ، وغيره. وقَالَ ابنُ يُونُس: مضطرب الحديث جدًا. وتُوُفيّ سنة ثلاثٍ أيضًا بتنيس. وَلَهُ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: الأُمَنَاءُ عِنْدَ اللَّهِ ثَلاثَةٌ: جِبْرِيلُ، وَأَنَا، وَمُعَاوِيَةُ1. قَالَ ابْنُ جَوْصَا: وَمِثْلُ هَذَا لَا يَحْمِلُهُ عَبْدُ اللَّهِ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ. قلت: الحديث موضوع. فأمّا: 234- أحمد بن سحاق الخشاب الرَّقّيّ البلدي2. يروي عن عفان. لقيه الطَّبرانيّ ببلد. 235- وأحمد بْن إِسْحَاق الخشاب الرقي. روى عن: عُبَيْد الله بْن جناد الحلبي. وعنه: الطَّبرانيّ. 236- أَحْمَد بْن الفرج بْن سُلَيْمَان. أبو عتبة الكنديّ، الحمصيّ المعروف بالحجازيّ، المؤذّن3. عن: بقية بن الوليد، وضمرة بن ربيعة، وابن أبي فديك، وعُمَر بْن عَبْد الواحد الدمشقي، وأيوب بْن سُوَيْد الرَّمليّ، وعقبة بْن علقمة البيروتيّ، ومحمد بن حمير،   1 "حديث موضوع": أخرجه ابن حبان "1/ 146" في "المجروحين". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر السابق. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 184 ومحمد بن حرب الأبرشي، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الطَّوابقيّ، ومحمد بْن يوسف الفريابي. وعنه: النَّسائي فِي غير السُّنن، وأبو العبّاس السّرّاج، وموسى بن هارون، ومحمد بن جرير الطبريّ، ويحيى ابن صاعد، وابن أبي حاتم، وابن جوصا، وأبو التُّريك محمد بْن الْحُسَيْن الأطرابلسي، وأبو الْعَبَّاس الأصم، ويوسف بْن يعقوب الأزرق، وخلق. قَالَ ابنُ أبي حاتم: محلُّه عندنا الصدق. قَالَ ابنُ عدي: كان محمد بْن عوف يضعفه ويتكلَّم فِيهِ. وكان ابنُ جوصا يضعفه. وقَالَ ابنُ عديّ: مع ضعفه قد احتمله النّاس، وليس ممّن يحتج به. وأما عَبْد الغافر بْن سلامة الحمصي فقال: كان محمد بْن عوف، وعُمَر، وأصحابنا يقولون: إنّه كذاب. فلم نسمع منه شيئًا. قَالَ: وقَالَ محمد بْن عوف: هَذَا كذاب رَأَيْته عند بئر أبي عبيدة فِي سوق الرَّستن، وهو يشرب مع مردان. وهو يتقيَّأ، وأنا مشرفٌ عليه من كوَّةٍ فِي بيتٍ كَانَتْ لي فِيهِ تجارة سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. وكان أيام أبي الهرماس يسمونه الغداف. كان له ترس فِيهِ أربع مسامير كبار، إذا أخذوا رجلًا يريدون قتله صاحوا: أين الغداف؟ فيجيء. فَإِنَّمَا يضربه بها أربع ضربات حتَّى يقتله. قد قُتِلَ غير واحدٍ بترسه ذاك. ثُمَّ ساق له فصلًا فِي كذبه. قَالَ عَبْد الغافر: كان أبو عُتْبة جارنا، وكان مؤذن الجامع. وكان يخضب بالحمرة. وقَالَ الخطيب: بلغني أنه تُوُفيّ سنة إحدى وسبعين. 237- أَحْمَد بن الفرج بْن شاكر. أبو بَكْر الغافقي الْمَصْرِيّ1 عن: سَعِيد بْن أبي مريم، وغيره تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين.   1 ينظر في "حسن المحاضرة". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 185 238- أَحْمَد بن الفرج بْن عَبْد الله. أبو عليّ الجشمي الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ1 عن: عباد بْن عباد، وعبد الرَّحْمَن بْن مهدي، وسويد بْن الْعَزِيز، وعبد الله بْن نمير، وغيرهم. وعنه: إِسْحَاق بْن سنين الختلي، ومحمد بْن جَعْفَر القماطري، وأبو جَعْفَر البَخْتَرِيّ. وكان ضعيفًا. وقَالَ الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن بَكْر الحافظ: هُوَ ضعيف. 239- أَحْمَد بْن كعب بْن خريم2. أبو جعفر المرّيّ الدّمشقيّ عن: أبيه، أبي مسهر. وعنه: ابنُ جوصا، والحسن بْن حبيب الحصائري، وغيرهما تُوُفيّ سنة اثنتين وسبعين. 240- أَحْمَد بْن محمد بن يزيد بن مُسْلِم بْن أبي الحناجر الْإِمَام أبو عليّ الْأَنْصَارِيّ3 الأطرابلسي. عن يحيى بْن أبي بكير، ومؤمل بن إِسْمَاعِيل، ويزيد بْن هارون، ومحمد بْن مصعب، ومعاوية بْن عَمْرو، وجماعة. وعنه: ابنُ جوصا، وأبو نُعَيْم، وابن عدي وابن أبي حاتم، وخيثمة، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق. وقال غره: كان شيخًا جليلًا نبيلًا. وقال تمّام: ثنا خثيمة: نا ابنُ أبي الحناجر قَالَ: كنت فِي مجلس يزيد بْن هارون فجاء المأمون فوقف علينا، وَفِي المجلس ألوف، فالتفت إِلَى أصحابه وقَالَ: هَذَا الملك. وقَالَ ابنُ دحيم: تُوُفيّ في جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين.   1 تاريخ بغداد "4/ 341". 2 تاريخ دمشق "7/ 153، 154". 3 السير "13/ 240"، وشذرات الذهب "2/ 165". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 186 241- أَحْمَد بْن محمد بْن أَنَس. الحافظ أبو الْعَبَّاس بْن القربيطي1. أحد الأعلام المجودين. روى عن: محمد بْن جميل، وأبي حَفْص الفلاس، وإبراهيم بْن زياد، وسلامة. وأدرك أصحاب شعبة. فإن محمد بن سعد مع جلالته وتقدُّمه قَالَ فِي الطبقات: ثنا محمد بْن أَنَس، أَنَا أبو حَفْص الصَّيرفيّ، فذكر حديثًا. ويجوز أن يكون هَذَا فِي زيادات ابنِ فهم فِي الطبقات. وقد كتب عَنْهُ: أبو حاتم الرَّازيّ وهو معاصره، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ومحمد بن مخلد العطار، وآخرون. وسكن الرَّيّ. 242- أَحْمَد بْن محمد بْن الحجاج. أبو بَكْر المرُّوذيّ الفقيه2. أحد الأعلام، وأجل أصحاب أَحْمَد بْن حنبل. كان من كبار علماء بغداد، وكان أبوه خوارزميًّا، وكان أمه مرُّوذيّة. حمل عن أَحْمَد علمًا كثيرًا، ولزمه إِلَى أن مات. وصنَّف فِي الحديث والسُّنَّة والفقه. سمع: أَحْمَد بْن حنبل، وهارون بْن معروف، ومحمد بْن منهال الضرير، وسريج بْن يُونُس، وعُبَيْد اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير، وعثمان بْن أبي شَيْبَة، وعباس بْن عَبْد العظيم العنبري، ومحمد بن عَبْد الْعَزِيز بْن أبي رزمة، وطوائف. أَخَذَ عَنْهُ: أبو بَكْر الخلال، ومحمد بْن عِيسَى بْن الْوَلِيد، ومحمد بْن مخلد، ووالد أبي القاسم الخرقيّ، وآخرون. قال الخلال أبو بكر: أخبرني محمد بْن جَعْفَر الراشدي: سمعت إِسْحَاق بْن دَاوُد يقول: لا أعلم أحدًا يقوم بأمر الإسلام من أبي بكر المرُّوذيّ.   1 تاريخ بغداد "4/ 397"، السير "13/ 53". 2 البداية "11/ 54". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 187 وقَالَ الخلال: سمعت أَبَا بَكْر المرُّوذيّ يقول: كان أبو عبد الله يبعث بي فِي الحاجة فيقول: قل ما قلت فهو على لساني، فأنا قلته. قلت: ما كان يقول أبو عبد الله ذلك إلّا لمّا يعلم من صدقه وأمانته وورعه. وقَالَ الخلال: خرج أبو بَكْر المرُّوذيّ إِلَى الغزو، فشيعه النّاس إِلَى سامراء، فجعل يردهم فلا يرجعون. قَالَ: فحزروا فإذا هُمْ بسامراء، سوى من رجع، نحو خمسين ألف إنسان. فَقِيلَ له: يا أَبَا بَكْر أَحْمَد الله فهذا علم قد نشر لك. فبكى وقَالَ: ليس هَذَا العلم لي، وإنما هُوَ لأحمد بْن حنبل. وقَالَ الخطيب أبو بَكْر فِي ترجمة المرُّوذيّ: هُوَ المقدم من أصحاب أَحْمَد لورعه وفضله. وكان أَحْمَد يأنس به، وينبسط إليه؛ وهو الَّذِي تولى إغماضه لمّا مات وغسله. وروى عَنْهُ مسائل كثيرة. وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفيّ فِي سادس جمادى الأولى سنة خمسٍ وسبعين ودفن قريبًا من قبر أَحْمَد بْن حنبل، رحمهما الله. 234- أَحْمَد بْن محمد بْن نصر اللباد1. الفقيه أبو نصر النَّيسابوريّ، شيخ أهل الرّأي ببلده ورئيسهم. سمع: أَبَا نُعَيْم، ويحيى بْن هاشم السمسار، وبشر بْن الْوَلِيد، وطبقتهم. روى عنه: أبو يحيى زكريّا بن يحيى البزاز، وإبراهيم بن محمد بن سُفْيان، ومحمد بن ياسين بن النَّضر، وأحمد ابن هارون الفقيه. تُوُفيّ سنة ثمانين. 244- أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى بْن نيزك. أبو الْعَبَّاس الهمذانيّ القومسيّ2.   1 انظر: أخبار القضاة "1/ 115". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 188 عن: سُلَيْمَان بْن حرب، وقرَّة بْن حبيب، وعبد السلام بْن مطهر، وغيرهم. وعنه: أسد بْن حمدويه النَّسفيّ، وإبراهيم بْن حمدويه السَّمرقنديّ، وجماعة. تُوُفيّ سنة خمس أيضًا. 245- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المدبَّر1. الكاتب. تُوُفيّ فِي صفر سنة إحدى وسبعين تقدَّم. 246- أَحْمَد بْن محمد بْن غالب بْن خَالِد بن مرداس2. أبو عبد الله الباهليّ البصريّ المعروف بغلام خليل. نزيل بغداد، وشيخ العامة بها وصالحهم، ورأسهم فِي الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر على ضعفه. حدَّث عن: دينار الَّذِي ادعى أنه سمع من أَنَس بْن مالك. وحدَّث عن: قرَّة بْن حبيب، وسليمان الشّاذكونيّ، وشيبان بن فرُّوج، وسهل بْن عُثْمَان العسكري. وعنه: محمد بْن مخلد، وابن السَّمّاك، وأحمد بْن كامل. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سئل أبي عَنْهُ فقال: كان رجلًا صالحًا، لم يكن عندي ممّن يفتعل الحديث. وقَالَ عبدان الأهوازي: قلت لعبد الرَّحْمَن بْن خراش: هَذِهِ الأحاديث الّتي يحدث بها غلام خليل لسليمان بْن بلال من أَيْنَ له؟ قَالَ: سرقه من عَبْد الله بْن شبيب. وسرقه ابنُ شبيب من النَّضر بْن سلمة الَّذِي وضعها. وقَالَ أبو بَكْر بْن إِسْحَاق الصَّيفيّ: غلام خليل محمد لا أشك فِي كذبه. وكذا كذبه إِسْمَاعِيل القاضي.   1 سبقت الترجمة له. 2 الميزان "1/ 141"، السير "13/ 282". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 189 وعن أبي دَاوُد السّجِسْتانيّ، وذكر غلام خليل، قَالَ: ذاك دجال بغداد. عرض عليَّ من حديثه، فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذبٌ كلها. قلت: وقد كان لغلام خليل جلالة عظيمة ببغداد. وفيه حدة وتسُّرع. فقدم من واسط فِي أول سنة أربعٍ وستّين. قَالَ أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ: فذكرت له هذه الشناعات، يعني خوض الصُّوفيّة فِي دقائق الأحوال الّتي يذمها أَهْل الأثر. وقَالَ ابنُ الأعرابي: وذكر له بعض مذاهب البغداديين وقولهم فِي المحبة، ولم يزل يبلغهم عن الشاذ من أَهْل البصرة أنهم يقولون نَحْنُ نحب ربنا وربنا يحبُّنا، وقد أسقط عنا خوفه بغلبة محبته. فكان ينكر هَذَا الخطأ بخطإ مثله، وأغلظ منه، حَتَّى جعل محبة الله بدعة. وقَالَ: إنما المحبة للمخلوقين، والخوف أفضل وأولى بنا. وليس هَذَا كما توهّم، بل المحبة والخوف أصلان من أصول الْإِيمَان لا يخلو المؤمن منهما، وإن كان أحدهما أغلب على بعض النّاس من بعض. قَالَ: فلم يزل غلام خليل يقص بهم ويذكرهم فِي مجالسه ويحذَّر منهم، ويغري بهم السلطان والعامة، ويقول: كان عندنا بالبصرة قومٌ يقولون بالحلول، وأقوام يقولون بالإباحة، وأقوام يقولون كذا، تعريضًا بهم، وتحريضًا عليهم. إِلَى أن قَالَ ابنُ الأعرابي: فانتشر فِي أفواه العامة أنّ جماعة من أَهْل بغداد ذكر عَنْهُمُ الزَّندقة1. وكانت السيدة والدة الموفَّق مائلة إِلَى غلام خليل، وكذلك الدولة والعوام لِما هُوَ عليه من الزُّهد والتَّقشُّف. فأمرت السيدة المحتسب أن يطيع غلام خليل، فطلب القوم، وفرق الأعوان فِي طلبهم وكتب أسماءهم، وكانوا نيفًا وسبعين نفسًا، فاختفى عامتهم، وبعضهم خلصتهم العامة. والقصة فيها طول. وجدر جماعة منهم مدة وقَالَ أَحْمَد بْن كامل: سنة خمسٍ وسبعين تُوُفيّ أبو عبد الله غلام خليل فِي رجب، وحمل فِي تابوت إِلَى البصرة. وغلقت أسواق مدينة السلام، وخرج الرجال والنساء والصبيان لحضور جنازته والصلاة عليه، ودفن بالبصرة، وبنيت عليه قبّة.   1 السير "10/ 614، 615". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 190 قَالَ: وكان فصيحًا يعرب الكلام، ويحفظ علمًا عظيمًا، ويخضب بالحناء، ويقتات بالباقلاء صرفًا رحمه الله. وقَالَ ابنُ عدي: سمعت أَبَا عَبْد الله النَّهاونديّ يقول: قلت لغلام خليل: هَذِهِ الأحاديث الّتي ترويها؟ قَالَ: وضعناها لترقَّق القلوب. وَفِي تاريخ بغداد أن أَبَا جَعْفَر الشُّعيريّ قَالَ: قلت لغلام خليل لمّا روى عن بَكْر بْن عِيسَى، عن أبي عوانة: يا أَبَا عَبْد الله هَذَا قديم الوفاة لم تلحقه. ففكَّر؛ فخفت أَنَا، فقلت: كأنّك سمعت من رَجُل بهذا الاسم عَنْهُ؟ فسكت وافترقنا؛ فَلَمَّا كان من الغد لقيته، فقال لي: إني نظرت البارحة فيمن سمعت منه بالبصرة، يُقَالُ له بَكْر بْن عِيسَى، فوجدتهم ستّين رجلًا1. 247- أَحْمَد بْن محمد بْن عمّار بْن نصير السُّلميّ الدمشقي2. عن: عمه هشام بْن عمّار، وإبراهيم بْن هشام الغساني، وأبي النَّضر إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الفراديسي. وعنه: ابنُ الميمون بْن راشد، وغيره. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وسبعين. 248- أَحْمَد بْن محمد بْن عِيسَى بْن الأزهر. القاضي أبو الْعَبَّاس البرتي الحنفي3 الحافظ الحجة. وُلِدَ قبل المائتين، وسمع: أَبَا نُعَيْم، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وأبا حُذَيْفة النَّهدي، وأبا الْوَلِيد، والقعنبي، وعاصم بْن عليّ، وأبا عُمَر الحوضي، وطبقتهم. وأخذ الفقه عن: أبي سُلَيْمَان الجوزجاني الفقيه صاحب محمد بْن الْحَسَن. وعنه: ابنُ صاعد، وابن مخلد، وإسماعيل الصّفّار، وأبو بَكْر النجاد، وأبو سهل بْن زياد، وطائفة. قَالَ الخطيب: ولي قضاء بغداد بعد وفاة أبي هاشم الرفاعيّ.   1 السير "10/ 614، 615". 2 الميزان "1/ 123". 3 تاريخ بغداد "5/ 61، 63"، السير "13/ 407". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 191 قَالَ طَلْحَةُ بْن محمد بْن جَعْفَر: مات أبو هاشم سنة تسعٍ وأربعين، فاستقضى أَحْمَد بن محمد البرتي. وكان رجلًا من خيار المسلمين دينًا، عفيفًا، على مذهب أَهْل العراق. وكان من أصحاب يحيى بْن أكثم. وكان قبل ذلك يتقلَّد واسطًا. روى كتب محمد بن الْحَسَن، عن أبي سُلَيْمَان الجوزجاني. وحدَّث بحديث كثير. وقَالَ الخطيب: كان ثقة ثبتًا حجة يذكر بالصلاح والعبادة. ثُمَّ قَالَ: أخبرنا القاضي أبو عبد الله الصَّميريّ: ثنا القاضي أبو عبد الله الضُّبعيّ، ثنا محمد بن صالح الْقُرَشِيّ الهاشمي القاضي، ثنا أبو عُمَر محمد بْن يوسف القاضي قَالَ: ركبت يومًا مع إِسْمَاعِيل القاضي إِلَى أَحْمَد بْن محمد بْن عِيسَى البرتي، وهو ملازم لبيته، فرأيت شيخًا مصفارًا، أثر العبادة عليه. ورأيت إِسْمَاعِيل عظمه إعظامًا شديدًا، وسأله عن نفسه وأهله وعجائزه. وجلسنا عنده ساعة وانصرفنا. فقال لي إِسْمَاعِيل: يا بني، تدري من هَذَا الشَّيْخ؟ قلت: لا. قَالَ: هَذَا البرتي القاضي، لزم بيته واشتغل بالعبادة. هكذا يكون بالقضاء، لا كَمَا نَحْنُ. وعن العلاء بْن صاعد قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد دخل عليه القاضي البرتي، فقام إليه وصافحه وقَالَ: مرحبًا بالذي يعمل بسنتَّي وأثري. قَالَ: فذهبت وبشَّرته بالرؤيا1. ووثقه الدَّارقطنيّ. وقَالَ أَحْمَد بْن كامل: كان إِسْمَاعِيل القاضي يقدم البرتي على كافة أقرانه فِي القضاء والرّواية والعدالة.   1 تاريخ بغداد "5/ 62". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 192 قلت: وقع لنا مسند أبي هُرَيْرَةَ للبرتي بإسنادٍ عالٍ. تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة ثمانين. 249- أَحْمَد بن محمد بْن عاصم الرَّازيّ1. عن: قُتَيْبَةَ، وهدبة بْن خَالِد، وإسحاق بْن رَاهَوَيْه، وطبقتهم. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وعلي بْن إِبْرَاهِيم القطان، وعُمَر بْن إِسْحَاق، وأبو أَحْمَد محمد بْن أَحْمَد العسال، وآخرون. وكان أحد الحفاظ المصنفين. وأبوه ثقة يروى عن عَبْد الرّزّاق. وتُوُفيّ أَبُوهُ فِي حدود الخمسين ومائتين. وتُوُفيّ هو فِي حدود الثمانين. 250- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الحميد بْن شاكر2. أبو عبد الله الجعفي الكوفي. نزيل بغداد. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن كياسة، والواقدي، وجماعة. وعنه: عَبْد الصمد الطَّستيّ، وأحمد بْن خُزَيْمَة، وأحمد بْن كامل، وأبو بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الدَّارقطنيّ: صالح الحديث. 251- أَحْمَد بْن محمد بْن يزيد الأنباري3. عن: شبانة بْن سوار، وغيره. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، وأبو بَكْر بْن الهيثم الأنباري. قَالَ الدَّارقطنيّ: ليس بقويّ.   1 السير "13/ 375". 2 تاريخ بغداد "5/ 54". 3 لم نقف عليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 193 وقَالَ الأمير ابنُ ماكولا: وروى أيضًا عن: هانئ بْن يحيى، وبشر الحافي. وعنه أيضًا: عبد الله بن أحمد بن زيد القاضي، وقاسم بْن محمد الأنباري. وكان وراقًا ينسخ. 252- أَحْمَد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَليّ البرقيّ1. أبو جعفر الشّيعيّ. من رءوس الإمامية. له تصانيف كثيرة تدل على تبحُّره وسعة روايته. وقد أتى فيها بالطامات والمناكير. وألَّف فِي كل فن. سمي له ابنُ أبي طيئ من المصنفَّات أزيد من مائة كتاب من أنواع الكتب لابن أبي الدُّنيا. ولم أعرف من أشياخه ولا من الرُّواة عَنْهُ أحدًا. تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. وقِيلَ: سنة إحدى وثمانين. 253- أَحْمَد بْن محمود الشَّرويّ الرام2. أحد الموصوفين بالرَّمي. سمع: عاصم بْن عليّ، وأبا الْوَلِيد. وعنه: ابن مخلد، وأبو الْحُسَيْن بْن المنادي. تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين. 254- أَحْمَد بْن مَسْعُود المقدسي الخياط3. عن: عَمْرو بْن أبي سلمة التِّنّيسيّ، والهيثم بْن جميل الأنطاكي، ومحمد بْن كثير المصيصي، ومحمد بْن عِيسَى بْن الطباع، وغيرهم. آخر من حدَّث عَنْهُ: الطَّبرانيّ. سمع من: المقدسيّ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين.   1 لم نقف عليه. 2 تاريخ بغداد "5/ 155، 156". 3 السير "13/ 244". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 194 وممن روى عَنْهُ: أبو نُعَيْم عَبْد الملك، وعديّ، وأبو عوانة. 255- أَحْمَد بْن مُعَاذ. أبو عبد الله السالمي النَّيسابوريّ1. سمع: الجارود بْن يزيد، وحفص بْن عَبْد الله، وقبيصة بْن عُقْبَة، وجماعة. وعنه: أبو حامد بْن الشَّرقيّ، ومحمد بْن أَحْمَد الحميري، وأبو الطَّيّب محمد بْن عَبْد الله شيخا الحاكم. وكان رجلًا صالحًا. تُوُفيّ سنة إحدى وسبعين فِي نصف شعبان. 256- أَحْمَد بْن مهدي بْن رستم2. أبو جَعْفَر الإصبهاني العابد. أحد حفاظ الحديث. رحل وسمع: أَبَا نُعَيْم، وسعيد بْن أبي مريم، وطبقتهما. وعنه: محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم، وأحمد السمسار، وجماعة. قَالَ أبو نُعَيْم: كان صاحب ضياع وثروة. أنفق على أهل العلم ثلاثمائة ألف درهم. وقال محمد بن يحيى بن منده: لم يحدث ببلدنا منذ أربعين سنة أوثق منه. صنَّف المُسْنَد ولم يعرف له فراش منذ أربعين سنة. صاحب عِبادةٍ، رحمه الله. تُوُفيّ سنة اثنتين وسبعين. قال ابن النّجّار: كان من الأئمّة الثقات وذوي المروءات. رحل إِلَى العراق والشام ومصر. وسمع: أَبَا نُعَيْم، وقبيصة، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وِأبا اليمان، وعلى بْن الجعد، وعبد الله بن صالح. وسمّى طائفة.   1 في عداد العلماء المستورين، وهو لا بأس به. 2 الجرح والتعديل "2/ 79". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 195 انا اللبان كتابة، أَنَا الحداد، أَنَا أبو نُعَيْم: سمعت محمد بْن أبان: سمعت أَبَا عليّ أَحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم يقول: قَالَ أَحْمَد بْن مهديّ: جاءتني امْرَأَة ببغداد ليلةً، فَذَكَرَتْ أنها من بنات النّاس، وأنها امتحنت بمحنة: وأسألك بالله أن تسترني، فقد أُكْرِهْتُ على نفسي، وأنا حبلي، وقلت: إنك زوجي، فلا تفضحني. فنكست عَنْهَا ومضت. فلم أشعر حَتَّى جاء إمام المحلة والجيران يهنوني بالولد الميمون. فأظهرت التَّهلُّل. ووزنت فِي اليوم الثاني للإمام دينارين وقلت: أعطها للمرأة نفقةً، فَإِنِّي فارقتها. وكنت أعطيه كل شهر دينارين يوصلها لها. إِلَى أن أتى على ذلك سنتان. فمات الولد، وجاءني النّاس يعزُّونني. فكنت أظهر لهم التسليم والرضا. فجاءتني المرأة بعد شهر ومعها تلك الدنانير لردها وقَالَت: سترك الله كما سترتني. فقلت: هَذِهِ كَانَتْ صلة منّي للمولود. وهي لك لأنّك ترثينه، فاعلمي بها ما تريدين. 257- أَحْمَد بْن مُوسَى بن يزيد. أبو جعفر الشَّطويّ المقرئ البزّاز1. عن: زكريا بْن عدي، ومحمد بْن سماعة. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن أحمد بن محرم، وغيرهما. زهو صدوق. تُوُفيّ سنة سبعٍ وسبعين بسامرَّاء. 258- أَحْمَد بْن أبي عِمْرَانَ مُوسَى بْن عِيسَى2. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الحنفي الفقيه. أحد المشاهير. نزل مصر، وحدث بها عن: عاصم بْن عليّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن صاعد، وسعيد بن سليمان سعدويه، وطائفة.   1 انظر تاريخ بغداد "5/ 141". 2 السير "13/ 334، 335". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 196 وعليه تفقه: أبو جعفر الطحاوي؛ وكان قد قدم مصر على قضائها. وذهب بصره بآخرة. وكان أحد الموصوفين بالحفظ. روى حديثا كثيرا من حفظه. وتوفي بمصر سنة ثمانين في المحرّم. قال أبو عبد الله الصَّميريّ: كان شيخ أصحاب مصر في وقته. أخذ عن: محمد بْن سماعة، ومحمد بن بشر بْن الْوَلِيد، وغيرهما من أصحاب أبي يوسف. 259- أَحْمَد بْن ملاعب بْن حسان. أبو الفضل المخرمي الحافظ1. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وعبد الصَّمد بْن النُّعمان، وأبا نُعَيْم، وعفان، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وطبقتهم. وعنه: ابنُ صاعد، وإسماعيل بْن الصّفّار، وأبو بَكْر النجاد، وأبو عَمْرو السماك، وطائفة. وُلِدَ سنة إحدى وسبعين ومائة، وتُوُفيّ فِي جمادى الأولى سنة خمسٍ وسبعين. وكان صدوقًا بصيرًا بالحديث، عالى الرواية. سمع صغيرًا. وثقَّه ابنُ خراش، وغيره. وقَالَ ابنُ عقدة: سمعت أَحْمَد بْن ملاعب قَالَ: لا أحدث إلّا ما أحفظه حفظي للقرآن. ورأيته يفصل بين الفاء والواو. وَفِي مستدرك الحاكم فِي غير مكان: ثنا أَحْمَد بْن ملاعب: ثنا عليّ بْن عاصم. وصوابه عاصم بْن عليّ. 260- أَحْمَد بْن نصر بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو حامد الهروي2. عن: مكي بْن إبراهيم، وغيره. توفّي سنة خمسٍ أيضًا.   1 انظر: تاريخ بغداد "5/ 168"، والسير "13/ 42، 43". 2 في عداد المجهولين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 197 261- أَحْمَد بْن الوزير بن بسام. أبو عليّ قاضي إصبهان1. عن: جَعْفَر بْن عونٍ، وأبي عامر الْعَقَدِيّ. وعاش إِلَى سنة ست وخمسين. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: تُوُفيّ سنة ست وسبعين ومائتين. وأنا أستعبد بقاءه إِلَى هَذَا الوقت. 262- أَحْمَد بْن الْوَلِيد الفحام. أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ2. سمع: عَبْد الوهاب بْن عطاء، وأسود بْن عامر شاذان، وحجاج بْن محمد الأعور. وعنه: ابنُ صاعد، وإسماعيل الصّفّار، وحمزة الدهقان، وعثمان بْن السماك. وثَّقه الخطيب. وتُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين. 263- أَحْمَد بْن الهيثم بْن خَالِد. أبو جَعْفَر السامري3. عن: عفان، وعثمان بْن الهيثم. وعنه: خيثمة، وأبو بَكْر الشّافعيّ وكان ثقة. تُوُفيّ سنة ثمانين. 264- أحمد بن يحيى بن عميرة التّنّيسيّ4.   1 ذكر أخبار إصبهان "1/ 82، 83". 2 انظر: تاريخ بغداد "5/ 188، 189". 3 تاريخ بغداد "5/ 192، 193". 4 لم نقف عليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 198 عن: عَمْرو بْن أبي سلمة التِّنّيسيّ. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين. 265- أَحْمَد بْن يحيى. أبو عبد الله الكوفي1. سمع: أسيد بْن زَيْد الحمال، وعليّ بْن عَبْد الحميد المفتي. وعنه: أبو الْعَبَّاس الأصم، والكوفيون. 266- أَحْمَد بْن يحيى بْن المنذر السَّعديّ الإصبهاني المكتب2. ويلقَّب: شلمابق. عن: أبي دَاوُد الطَّيالسيّ، وعبد الله بْن رجاء، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، والحسين بْن حَفْص، وأبي بَكْر الحميدي. وعنه: يوسف بْن محمد الْإِمَام. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين أيضًا. 267- أَحْمَد بْن يحيى بْن جَابِر البلاذري الْبَغْدَادِيّ الكاتب3. أبو بَكْر الأديب، صاحب التصانيف. سمع: عَبْد الله بْن صالح العجلي، وعفَّان، وهوذة، وابن الْحَسَن المدائني، وهشام بْن عمّار، وخلف بْن هشام، وشيبان بن فرُّوج، وأبا عُبَيْد، وعلي بْن المَدِينيّ، وجماعة. وجالس المتوكل ونادمه. وروى عَنْهُ: يحيى بْن النَّديم، وأحمد بْن عمّار، وجعفر بْن قدامة، ويعقوب بْن نُعَيْم قرقار، وعبد الله بْن أبي سَعِيد الوراق. قَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي طاهر: والبلاذري بغدادي كاتب، شاعر راوية.   1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 87". 3 السير "13/ 218"، والبداية "11/ 65". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 199 أحد البلغاء. كان جَدّه جَابِر يكتب للخطيب بمصر. وله كتب جياد. وهو صاحب كتاب البلدان، صنَّفه وأحسن تصنيفه. وحكى ابنُ المرزباني أنّ أَبَا الْحَسَن البلاذري وَسْوَسَ فِي آخر عمره؛ لأنه شرب البلاذر، فأفسد عقله. وله فِي المأمون مدائح، وجالس المتوكل. وتُوُفيّ فِي أيام المعتمد. وذكر محمد بْن إِسْحَاق النَّديم أنّه شرب البلاذر على غير معرفة، فلحقه ما لحقه، وشدَّ فِي المارستان ومات فِيهِ. وقَالَ عَبْد الله بْن عدي الحافظ: أَنَا محمد بْن خلف: أخبرني أَحْمَد بْن يحيى البلاذري قَالَ: قَالَ لي محمود الوراق: قل من الشعر ما يبقى لك ذكره، ويزول عنك إثمه، فقلت: استعدي يا نفس للموت وابتغي ... لنجاةٍ فالحازم المستعدُّ قد تبينت أنه ليس للحي ... خلودٌ، ولا من الموت بدُّ إنما أنت مستعيرةٌ ما ... سوف تردين والعواري تردُّ أنت تستهين والحوادث لا ... تسهوا وتلهين والمنايا تجد أي ملكٍ فِي الأرض، أو أي حظٍّ ... لامرئٍ حظه من الأرض لحد كيف يهوى امرؤٌ لذاذة أيّا ... مٍ عليه الأنفاس فيها تعدُّ ذكرنا أن أَبَا جَعْفَر، ويقال أَبَا الْحَسَن، وأبا بَكْر البلاذري قويت عليه السَّوداء فِي آخر أيامه ووسوس، ومات فِي أيام المعتمد. وقِيلَ: عاش بعد ذلك، ولا يصح. 268- أَحْمَد بْن يوسف بْن خَالِد. أبو عبد الله التغلبي الدمشقي الْبَغْدَادِيّ1. عن: عفان، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وجماعة كثيرة.   1 انظر: تاريخ بغداد "5/ 218". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 200 وعنه: مكرم بْن أَحْمَد بْن السماك، وأبو بَكْر بْن مجاهد الْمُقْرِئ، وأبو مزاحم الخاقاني، وآخرون. وكان قد قرأ على ابنِ ذكوان، وصحب أَبَا عبيد وتفقه به. وقرأ عليه أبو مزاحم القرآن. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين. وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن خراش: ثقة مأمون. 269- أَحْمَد بْن يوسف. أبو جَعْفَر البحيري الخراساني الفقيه. وقِيلَ: هُوَ جرجاني1. ثقة جليل، صاحب تصانيف. روى عن: خَالِد بْن مخلد، وقبيصة بْن عُقْبَة. تُوُفيّ سنة إحدى وسبعين. روى عَنْهُ: أبو جَعْفَر كميل بْن جَعْفَر، ويوسف بْن يعقوب بْن عَبْد الوهاب، والحسن بْن أَحْمَد الثَّقفيّ الجرجانيون. 270- إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن أبي العنبس الزُّهريّ الكوفي. أبو إِسْحَاق القاضي2. قاضي الكوفة. سمع: جَعْفَر بْن عون، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد، وطائفة. وعنه: أبو العبّاس بن عقدة، وخيثمة الأطرابلسي، وعلي بْن محمد بْن الزُّبير الْقُرَشِيّ. ومن القدماء: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا. قال الخطيب: وكان ثقة خيرًا فضلًا دينًا صالحًا، ولي القضاء بعد أَحْمَد بْن محمد بن سماعة.   1 تاريخ جرجان "9". 2 تاريخ بغداد "2516"، والسير "13/ 198". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 201 وقَالَ محمد بْن خلف وكيع: كتبت عَنْهُ سنة ثلاثٍ وخمسين ومائتين، وهو على قضاء مدينة المنصور. فبقي سنة وصرف؛ لأن الموفَّق أراد منه أن يقرضه أموال الأيتام فقال: لا، والله ولا حبَّة. فصرفه ورده إِلَى قضاء الكوفة. مات سنة سبعٍ وسبعين فِي ربيع الآخر، وله نيف وسبعون سنة رحمه الله. وله أخ ظريف ماجن مشهور. 271- إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل السَّوطيّ1. عن: عفان، وعبد الرَّحْمَن بْن الْمُبَارَك العيشي، وخلق. وعنه: أَحْمَد بْن عُثْمَان الأدمي، وعبد الله الخراساني. ثقة. تُوُفيّ سنة اثنتين وثمانين ومائتين 272- إِبْرَاهِيم بْن أبي دَاوُد البرلُّسيّ الحافظ2 قَيِل: تُوُفيّ سنة اثنتين وسبعين. وقَالَ الطَّحاويّ: سنة سبعين. تقدَّم. 273- إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي الجبيري. أبو إِسْحَاق العبسي القصار3. شيخ كوفي عالي الإسناد. تفرد بالرواية عن وكيع. وسمع أيضًا من: جَعْفَر بْن عون، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، والعباس بْن الْوَلِيد الضَّبيّ. وعنه: أبو الْحَسَن الإسواريّ، وعلي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ماني، وقاسم بْن أصبغ الأندلسي، وخيثمة الأطرابلسيّ، والأصم، وطائفة.   1 تاريخ بغداد "6/ 23". 2 سبقت الترجمة له. 3 الثقات لابن حبان "8/ 88". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 202 تُوُفيّ سنة تسعٍ وسبعين. وهو راوي نسخة وكيع. صدوق معمِّر. 274- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرحيم بن دنوقا1. عنه: أبو الحسن بْن المنادي، ومحمد بْن حَمْزَةََ الدهقان، وابن نجيح، وجماعة. وثّقه الخطيب. وتُوُفيّ سنة تسعٍ أيضًا. 275- إِبْرَاهِيم بْن لبيب. أبو إِسْحَاق القرطبي الحافظ الفقيه2. عن: عبيد الله بن مسلمة القعنبيّ، ويحيى اللَّيثيّ، وسعيد بْن حسان. وعنه: عَبْد الله بْن يُونُس القبري، ومحمد بْن قاسم، وأهل الأندلس. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وسبعين. 276- إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن باز، أبو إِسْحَاق بْن القزاز القرطبي الزاهد، أحد الفقهاء العابدين3. سمع: يحيى بْن يحيى، ويحيى بْن بكير، وسحنون، وغيرهم. وكان يلزم الثغر ولا يدخل الحمام، وربما قرئت عليه المدونة وغيرها فيرد الواو والألف وتُوُفيّ سنة أربع وسبعين. 277- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المدبر4. الوزير أبو إِسْحَاق الضَّبِّيّ الكاتب الأديب الشاعر. ولي الوزارة مرّة للمعتمد.   1 تاريخ بغداد "6/ 135، 136". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 11". 3 جذوة المقتبس "258". 4 السير "13/ 124". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 203 وتُوُفيّ سنة تسعٍ وسبعين. وكان أحد من جمع بين الرياسة والأدب والبلاغة. وهو أخو أَحْمَد، ومحمد. حكى عَنْهُ: عليّ بْن سُلَيْمَان الأخفش، وجعفر بْن قدامة، ومحمد بْن يحيى الصُّوليّ وقَالَ: كان جليلًا عالمًا، ليس فِي الكتاب من يدانيه فِي علمه وكتابته. ولم يزل فِي رتبة الوزير. حضر فِي سنة ثلاثٍ وستّين للوزارة، فاستعفى لعظم المطالبة بالمال. وفيه يقول أبو هفان: أيا ابنِ المدبر أنت علَّمت الورى ... بَذْلَ النوَّال وهم به بخلاء لو كان مثلك فِي البريَّة واحد ... فِي الجود لم يك فيهم فقراء عاش الوزير المدبر تسعًا وتسعين سنة. ساق ترجمته ابنُ النجار فِي تسع ورقات. 278- إِبْرَاهِيم بْن أبي سُفْيَان مُعَاوِيَة القيسراني1. سمع: محمد بْن يوسف الفريابي، وفديك بْن سُلَيْمَان القيسراني، وغيرهما. وعنه: خيثمة، والطَّبرانيّ. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وسبعين. 279- إِبْرَاهِيم بْن مُسْلِم بْن عُثْمَان. أبو مَسْعُود العبسيّ الحذيفي، البغداديّ، ثمّ الهمذانيّ2. عن: عفان، وسليمان بْن حرب، وعَمْرو بْن مرزوق، وجماعة. وعنه: محمد بْن نصر القطان، والحسن بْن أبي الحسناء. وكان مكثرًا. يُقَالُ: كان عنده عن أبي سلمة التَّبوذكيّ سبعون ألف حديث. وهو من وُلِدَ حُذَيْفة بْن اليمان -رضي الله عنه.   1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 تاريخ بغداد "6/ 186". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 204 280- إِبْرَاهِيم بْن الهيثم بْن المهلب البلدي1. أبو إسحاق، نزيل بغداد. سمع: أبا اليمان، وَعَلِيَّ بن عَيَّاش، وآدم بن أبي إياس، وأبا صالح كاتب اللّيث، وجماعة. وعنه: إسماعيل الصَّفَّار، وأبو بكر النَّجَّاد، وأبو بكر الشافعي، وابن مخرم، وطائفة. قال ابن عديّ: أحاديثه مستقيمة سوى حديث الغار. حدَّث به عن الهيثم بْن جميل، عن مبارك، عن الْحَسَن، عن أَنَس، فكذبه فِيهِ النّاس. قَالَ الخطيب: كذا روى حديث الغار عن الهيثم جماعة. وإبراهيم عندنا ثقة ثبت. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة. وقَالَ غيره: مات فِي جُمادَى الآخرة سنة ثمانٍ. 281- إِبْرَاهِيم بْن مهديّ الأبُليّ2. عن: شَيْبَان بْن فروخ، وهلال الرأي. وعنه: الصّفّار، وأبو سهل بْن زياد. وكان معروفًا بوضع الحديث. تُوُفيّ سنة ثمانين. 282- إِبْرَاهِيم بْن نصر بْن عَبْد الْعَزِيز3. أبو إِسْحَاق الرَّازيّ نزيل نهاوند. حدَّث بهمدان عن: أبي نُعَيْم، والقعنبي، وعبد الله بْن رجاء. وعنه: علي بن إبراهيم القطان، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وآخرون.   1 تاريخ بغداد "6/ 206"، والسير "13/ 411". 2 انظر: الميزان "1/ 68"، والتهذيب "1/ 169". 3 الثقات لابن حبان "8/ 89". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 205 قال الخطيب: كان ثقة. صنف المسند. 283- إبراهيم الآجري البغدادي1. أبو إسحاق الزاهد. صاحب كرامات. أنبئت عن الكاغديّ، أنّ الخلّال أخبره: أَنَا أبو نعيم في الحلية أنا الخلدي فِي كتابه، وحدَّثني عَنْهُ أبو عُمَر العثمانيّ: ثنا ابنُ مسروق، وأبو أَحْمَد المَغَازِليّ، وغيرهما عن إِبْرَاهِيم الآجُرّيّ قَالُوا: جاء يهوديّ يقتضيه شيئًا من ثمن قَصَب. فكلَّمه فقال: أرِني شيئًا أعرف به شرف الْإِسْلَام وفضْله على دِيني. قَالَ: هات رداءك، فأخذه فجعله فِي ردائه، ولفّ به ورمى به فِي أتُّون الآجُرّ، ثُمَّ دخل فِي أَثَره، فأخذ الرّداء وخرج من الباب، وفتح رداءه صحيحًا، وأخرج رداء اليهوديّ محروقًا، فأسلم اليهوديّ2. 284- إِبْرَاهِيم بْن الْوَلِيد الجشّاش3. أبو إِسْحَاق. سمع: عفّان، وأبا بلال الْأَشْعَرِيّ، وعثمان بْن الهيثم، وأحمد بْن يُونُس، والقعنبيّ. روى عَنْهُ: ابنُ الأعرابي فِي معجمه أحاديث، وابن السماك، وإسماعيل الصّفّار، وابنُ البَخْتَرِيّ، وطائفة. وثَّقَهُ الدَّارقطنيّ، والخطيب. مات فِي المحرَّم سنة اثنتين وسبعين. 285- إدريس بْن سليم بْن وهب الْمَوْصِلِيّ4. عن: أبي جَعْفَر النُّفيليّ، وغسان بن الربيع، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "6/ 211". 2 الحلية "10/ 223". 3 تاريخ بغداد "6/ 199". 4 البداية "11/ 64". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 206 وعنه: أبو زكريا يزيد بْن محمد الأزديّ فِي تاريخه وقَالَ: مات سنة ثمانٍ وسبعين. 286- أزهر بن سهيل الخولانيّ1. المصريّ. عنك يحيى بْن بُكَيْر. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 287- إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن الحُصَيْن بْن حاتم2. أبو صَفْوان السُّلميّ السُّرماريّ الْبُخَارِيّ. ثقة صدوق. رحل به والده الزّاهد المجاهد أبو إسحاق. وسمع من: أبي عاصم لنَّبيل، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وأبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وجماعة. وعنه: صالح جَزَرَة، وعَمْرو بْن محمد بْن بجير، وغيرهما. تُوُفِّيَ سنة ست وسبعين ومائتين. ذكره أبو الفضل السليمانيّ فقال: روى أيضًا عن: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأشهل بْن حاتم سماعه. 288- إسحاق بن أحمد بن مهران الرازي3. أبو يعقوب. قال الخليلي: مات سنة خمسٍ وسبعين ومائتين، وقد قارب المائة. روى عن: أبي الحسن القطّان. أدرك إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرَّازيّ، لكنه غير حافظ. مات قبل أبي حاتم بسنةٍ واحدة. وهو ثقة.   1 في عداد المجهولين. 2 السير "13/ 35". 3 لم نقف عليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 207 289- إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن هانئ. أبو يعقوب النَّيسابوريّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ1. له سؤالات فِي مجلَّدة مَرْوِيّة، سألها الْإِمَام أَحْمَد. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، ومحمد بْن أبي هارون الورّاق، وعبد الله بْن سُلَيْمَان الفاميّ. وكان صالحًا خيّرًا فقيهًا. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وكان أَبُوهُ من العابدين. 290- إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم المنادي2. عن: أبي حُذَيْفة النَّهديّ، وهدبة بْن خَالِد. وعنه: أبي مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر المَطِيريّ. مات فِي ربيع الأوْل سنة أربعٍ وسبعين. 291- إِسْحَاق بْن إِسْمَاعِيل الجلكي الإصبهاني3. عن: أبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ، ومعاذ بْن أسد، وجماعة. وتُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين بإصبهان. 292- إِسْحَاق بْن حنيفة. أبو يعقوب الْجُرْجاني الزّاهد العابد4. قَالَ الفقيه أبو عِمْرَانَ إِبْرَاهِيم بْن هاني الفقيه: لم أرَ مثل إِسْحَاق بْن حنيفة، ولا رَأَى مثل نفسه. كان يأكل من كسْبه بالوِراقة، ويوم مات رأينا طيورًا خضراء مُصْطَفّين فوق الجنازة، وفوق القبر إِلَى أن دُفِن. لم أرها قبل ولا بعد.   1 البداية "11/ 54". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 ذكر أخبار إصبهان "1/ 187". 4 تاريخ جرجان "178". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 208 مات بجُرْجان رحمة الله عليه. 293- إِسْحَاق بْن سيار بْن محمد. أبو يعقوب النَّصيبيّ1. سمع: أَبَا النَّضر هاشم بْن القاسم، وعبد الله بْن دَاوُد الخُرَيْبيّ، وأبا عاصم، وطبقتهم. وعنه: حثيمة بن سُلَيْمَان، وابن صاعد، ومحمد بْن يوسف الهَرَويّ، وآخرون. وكان من كبار العلماء. قَالَ أبو بَكْر محمد بْن حَمْدَوَيْه بْن خَالِد: ثنا إِسْحَاق بْن سَيْار النَّصيبيّ إمام الأئمّة. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: كتب إليَّ ببعض حديثه، وكان صدوقًا ثقة. وقَالَ أبو عدويَّة: مات بنصّيبين فِي ذي الحجة سنة ثلاثٍ وسبعين. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْد الله، أنا أبو الفضل الأرمويّ، وغيره، قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَر بْن المُسْلِمة، أَنَا أَبُو الفضل الزُّهريّ، ثنا جَعْفَر الفِرْيابيّ، ثنا إِسْحَاق بْن سيار، ثنا أبو صالح: أنا معاوية بن صالح ويصوم، عن المهاجرين حبيب، أنّ عِيسَى بْن مريم كان يقول: إنّ الَّذِي يصلي ويصوم، ولا يترك الخطايا، ومكتوب فِي المَلَكُوت كذّابًا. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان إِسْمَاعِيل القاضي يقول: ما بقي فِي زماننا أحدٌ تجب الرحلة إليه غير إِسْحَاق بْن سيّار النَّصيبيّ، وأبي حاتم، ويعقوب الفَسَويّ. 294- إِسْحَاق بْن الصبّاح الكِنْديّ الأشعثيّ2. من أولاد الأشعث ين قَيْس. سمع: سَعِيد بْن أبي مريم، وسريج بْن يُونُس وغيرهما. وعنه: وحمّاد بْن الْحَسَن بن عنبسة، وغيرهما.   1 الجرح والتعديل "2/ 223"، السير "113/ 194". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 225". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 209 تُوُفِّيَ بمصر فِي سنة سبعٍ وسبعين. 295- إِسْحَاق بْن محمد بْن أَحْمَد بْن أبان النَّخعيّ1. أبو يعقوب الكوفيّ. عن: عَبْد الله بْن عَائِشَةَ، وإبراهيم بْن بشار الرماديّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن خلف وكيع، وأبو خلف سهل بْن زياد، وآخرون. وكان من غُلاةِ الرّافضة الَّذِي تُنْسب إليه الإسحاقيَّة الّذين يقولون: عليّ هُوَ الله تعالي، فتعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا. وقد روى عنه الكبار، فأنبأنا، عن الكِنْديّ، عن القزّاز، عن الخطيب، عن ابنُ رزقوه، عن أبي بَكْر الشّافعيّ قَالَ: ثنا بشر بن موسى، ثنا عبيد بن الهاشميّ، نا هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بن يحيى، عن فضيل ابن خُدَيْج، عن كُمَيْلِ بْن زياد قَالَ: أَخَذَ بيدي عليّ حَتَّى انتهينا إِلَى الْجَبّانة فقال: إنّ القلوب أوعية. ذكر الحديث. ثمّ نقل الخطيب، عن غير وحدٍ، خبث مذهب هذا الشقي. وقال الحسن بن يحيى النوبختي في الرد على الغلاة، مع أنّ النوبختيّ من فضلاء الشّيعة، قال: كان مِمَّنْ جوّد الْجُنُون فِي الغُلُوّ فِي عصرنا إِسْحَاق بْن محمد المعروف بالأحمر. يزْعُم أنْ علّيًا هُوَ الله، وأنّه يظهر فِي كلّ وقت. فهو الْحَسَن فِي وقت، وكذلك هُوَ الْحُسَيْن، وهو واحد. وهو الَّذِي بعث بمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وقَالَ فِي كتاب له: لو كانوا ألفًا لكانوا واحدًا. كان راوية للحديث. قَالَ: وعمل كتابًا ذكر أنّه كتاب التّوحيد، فجاء به بجنونٍ وتخليطٍ لا يُتَوهّمان، فضلًا عن أنّه يدلّ عليهما. وكان مِمَّنْ يقول: باطن صلاة الظُّهر محمد لإظهار الدّعوة. 296- إِسْحَاق بْن يعقوب الْبَغْدَادِيّ الأحْوَل العطّار2. عن: خلف بْن هشام، والقواريريّ.   1 الميزان "1/ 196". 2 انظر: تاريخ بغداد "6/ 376". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 210 وعنه: عُثْمَان بْن السّمّاك، وغيره. وكان ثقة. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. وثَّقَهُ الدَّارقطنيّ. 297- إِسْمَاعِيل بْن بحر. أبو عليّ العسكري سِمْعان1. حدَّث بإصبهان عن: سهل بْن عُثْمَان العسكري، وعبد الله بْن عَائِشَةَ، وإسحاق بْن محمد الْعَمِّيّ. وعنه: أَحْمَد بْن محمد الصّفّار، والقاسم بْن هارون المؤدِّب، وغيرهما. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 298- إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل2. الوزير أبو الصَّقْر الشَّيبانيّ. كاتب بليغ، شاعر محسن جواد ممدوح. وزر للمعتمد سنة خمسٍ وستين ومائة، بعد الْحَسَن بْن مخلد، ثُمَّ عُزِل بعد شهر؛ ثُمَّ وزر ثانيًا، ثُمَّ عُزِل. ثُمَّ وزر ثالثًا بعد القبض على صاعد بْن مَخْلَد الوزير سنة اثنتين وسبعين. وكان واسع النَّفس. وظيفته فِي كلّ يوم سبعون جَدْيًا، مائة حمل، مائة رطل حلواء. ولم يزل على وزارته إِلَى أن ولي العهد أَحْمَد بْن الموفَّق، فقبض عليه وقيده، وعذبه حَتَّى هلك فِي صفر سنة ثمانٍ وسبعين. وقَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي طاهر: وقع اختيار الموفَّق لوزارته على أبي الصَّقر، فاستوزره منه رجلًا قلّ ما جلس مجلسه كفاية للمهمّ، استقلالا بالأمور، وإمضاءً للتدبير، فيما قلْ وجلْ فِي أصح سبله وأعوادها بالنَّفع فِي عواقبه، وأَحْوَطها لأعمال السلطان ورعيّته، وأوقعها بطاعة.   1 ذكر أخبار إصبهان "1/ 211". 2 وفيات الأعيان "4/ 206". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 211 مع رِفْعة قدرٍ للأدب وأهله، وتجديده. ما دَرَسَ فِي أحوالهم قبله، وبذله لهم كريم ماله، مع شجاعة نفسه، وعلو همته، وصِغَر مقدار الدُّنيا عنده، إلّا ما قدّمه لِمَعَاده، مع سَعَةِ عِلْمه وكظْمه، وإفضاله على من أراد تَلَفَ نفسه. قَالَ أبو عليّ التَّنُوخيّ: نا أبو الْحُسَيْن عَبْد الله بْن أَحْمَد: نا سُلَيْمَان بْن الْحَسَن أبو القاسم قَالَ: قَالَ أبو الْعَبَّاس بْن الفُرات: حضرت مجلس إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل، وقد جلس جلوسًا عامًا. فدخل إليه المتظلّمون والنّاس عليّ طبقاتهم. فنظر فِي أمورهم، فَمَا انصرف أحدٌ منهم إلّا بولايةٍ، أو صلةٍ، أو قضاء حاجة، أو إنصاف. وبقي رَجُل، فقام إليه من آخر المجلس يسأله سبب إجارة ضيعته، فقال: لأنّ الأمير -يعني الموفَّق- قد أمرني أن أُسبّب شيئًا إلّا عن أمره، وأنا أكتب إليه فِي ذلك. فراجعه الرجل وقَالَ: مَتَى تركني الوزير، وأخّرني فَسد حالي. فقال لعبد الملك بْن محمد: اكتُب حاجته فِي التّذْكرة. فولّى الرجل غير بعيد، ثُمَّ رجع فقال: أيأذن الوزير؟ قَالَ: قُلْ. فأنشأ يقول: ليس فِي كلّ دولةٍ وأوانِ ... تتهيَّأ صنائع الإحسانِ وَإِذَا أمْكَنَتْكَ يومًا من الدّهرِ ... فبادِرْ بها صُروفَ الزْمانِ فقال لي: يا أَبَا الْعَبَّاس اكتُب له يتسبَّب إجارة ضيعته السّاعة. وأمر الصَّيرفيّ أن يدفع له خمسمائة دينار. ويُروى أنْ إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل كان جالسًا وعليه دُرّاعة منسوجة بماء الذَّهب لها قيمة، وبين يديه غلام، ومعه دَوَاة. فطلب منه مدّة، فنقط الغلام على الدُّرّاعة من الهدية. فجزع، فقال: يا غلام لا تجزع، فَإِن هَذِهِ إلّا عن ابنِ الهدى. وأنشد يقول: إذا ما المِسْكُ طَّيب رِيحَ قومٍ ... كفاني ذاك رائحةُ المِدادِ فَمَا شيءٌ بأحَسَنَ من ثيابٍ ... على حافاتِها حُمَمُ السَّوَادِ وقَالَ أبو عليّ التَّنُوخيّ: حدَّثني أبو الْحُسَيْن بْن عيّاش: أخبرني من أثق به أنّ إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل لمّا قصده صاعد بْن حزم، وكان له حملٌ قد قارب الوضْع، فقال: الجزء: 20 ¦ الصفحة: 212 اطلبوا منجِّمًا. فأخذ بمولده، فأُتي به، فقال له بعض من حضر: ما يُصنع بالنّجوم؟ ههنا أعرابي عائق ليس فِي الدُّنيا أحذق منه. فقال: يحضر ما سمّاه الرجل. فَطُلِبَ، فَلَمَّا دخل قَالَ له إِسْمَاعِيل: أتدري لِمَ طلبتك؟ قَالَ: نعم. وأدار عينه فِي الدّار، فقال: يسألني عن حَمْل. فعجب منه، وقَالَ: فَمَا هُوَ؟ فأدار عينه وقَالَ: ذَكَر. فقال للمنجم: ما يقول؟ قَالَ: هَذَا جهل. قَالَ: فبينا نَحْنُ كذلك إذ طار زنبورٌ على رأس إِسْمَاعِيل وغلام يذبّ عَنْهُ، فقتله. فقال الأعرابيّ: قُتِلَ والله المزنَّر ووُلِّيت مكانه. ولي حقّ البشارة. وجعل يرقص. فنحن كذلك، إذ وقعت الضّجّة بخبر الولادة، وَإِذَا هُوَ ذَكَر. فسرَّ إِسْمَاعِيل بِذَلِك، وَوَهَبَ للأعرابيّ شيئًا. فَمَا مضى عليه إلّا دون شهر، حَتَّى استدعاه الموفَّق، وقلَّده الوزارة، وسلَّم إليه صاعدًا. فكان يُعَذِّبه إِلَى أن قتله. ثُمَّ طلب الأعرابيّ فسأله: من أَيْنَ قَالَ ما قَالَ؟ فقال: نَحْنُ إنّما نتفاءل بزَجْر الطَّير وبعينٍ كما نراه. فسألتني أولًا لأيّ شيء طُلِبتُ، فتلمحّت الدّار، فوقَعَتْ عيني على برّادة عليها كيزان معلَّقة، فقلت لي: أصبت. ثُمَّ تلمّحْتُ فرأيت فوقها عُصْفورًا ذَكَرًا. ثُمَّ طار الزُّنبور عليك، وهو مخصّر النّصارى يتحضَّرون بالزّنابير. والزُّنبور عدوٌّ أراد أن يلسعك، وصاعد نصراني الأصل، وهو عدوك. فزجرت أن الزُّنبور عدوّك، وأنّ الغلام لمّا قتله أنّك ستقتله. قَالَ: فوهب له شيئًا صالحًا وصرفه. وقَالَ جِحْظَة: لأبي الصقر علينا ... نِعَمُ الله جليلةٌ ملكٌ في عينه الدُّنيـ ... ـا لراجية قليلةٌ فوصلني بمائتي دينار. وقَالَ عَبْد الله بْن أبي طاهر: أنشدني جَحْظَة: أنشدني أبو الصَّقر إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل لنفسه: ما آن للمعتوق أن يُرْحَما ... قد انْحَلّ الجسمُ وأبكى الدّما الجزء: 20 ¦ الصفحة: 213 ووكَّل العينَ بتسْهيدها ... تفديه نفسي لَمَا طَالَمَا ما حكّما وسنة المعشوقِ أنْ لا يرى ... فِي قتْل من يعشقه مَأْثَمَا لو رآه الله شَفَى غايتي ... فالعدْلُ أن يُبْدي فَمَا سَقَما وُلِدَ إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل سنة ثلاثين ومائتين. قاله الصُّوليّ. وقَالَ: رأيته مرّات، وكان فِي نهاية الجمال، وتمام القدّ والجِسْم. فُقِبض عليه فِي صفَرَ سنة ثمانٍ وسبعين، وكُبِّلَ بالحديد، وأُلْبِسَ جبَّة صوف مغموسة فِي الدِّبْس، وماء الأكارع، وأُجْلِسَ فِي مكانٍ حارّ. وعُذِّب بأنواع العذاب، فمات لِلَيْلَةٍ بقيت من جُمادَى الأولى. قَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد بن أبي طاهر فِي حديث، عن إِبْرَاهِيم الحربيّ، أو غيره، أنّه رَأَى ابنُ بُلْبُل فِي المنام، فَقِيلَ: ما فعل الله بك؟ قَالَ: غفر الله لي بما لقيت. ولم يكن الله ليجمع عليَّ عذاب الدُّنيا والآخرة. قَالَ أبو عليّ التَّنُوخيّ: حدَّثني أبي: أخبرني جماعة من أَهْل الحضرة أنَّ المعتضد أمر بإسماعيل بن بلبل، فاتّخذ له تغارًا كبيرًا، ومليء إسفيذاجًا حيًّا وبلّه، ثُمَّ جعل رأس إِسْمَاعِيل فِيهِ إِلَى آخر عُنُقه وبعض صدْره. ومسك عليه حتّى جمد الإسفيذاج علي، فلم تزل روحه تخرج حَتَّى مات. 299- إِسْمَاعِيل بن حَمْدَوَيْه. أبو سعيد البَيْكَنْدي الْبُخَارِيّ1. عن: أبي نُعَيْم، وعبدان، وعبد الله بْن عُثْمَان، وجماعة. وعنه: ابنُ جوصا، وأبو الميمون بْن راشد، وأحمد بْن زكريا المقدسي، وخلق. وسكن الرملة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 300- إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو هشام الخَوْلانيّ الكتّانيّ الدّمشقيّ2.   1 الثقات لابن حبان "8/ 105". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 36". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 214 عن: علاء بن عيّاش، والوليد القَلانِسيّ. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو بْن دُحَيْم، وأبو عليّ بْن فَضَالَةَ، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. 301- إِسْمَاعِيل بْن يعقوب. أبو محمد الحرّانيّ الصُّبيحيّ1. عن: يحيى بْن عَبْد الله البابْلُتّيّ، ومعاوية بْن عَمْرو الْأَزْدِيّ، ومحمد بْن مُوسَى بْن أَعْيَن. وعنه: ن. وقَالَ: لا بأس به، وأحمد بن عمرو البزّاز، وأبو عَوْن الإسفرائينيّ، وغيرهم. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين، أو بعدها بأَشْهُر. 302- أصبغ بْن خليل2. أبو القاسم القُرْطُبيّ الفقيه. سمع من: الغاز بْن قَيْس، ويحيى بْن يحيى اللَّيثيّ، وأصْبَغ بْن الفَرَج، وسَحْنُون. وبرع فِي المذهب، وأقرأ وأفتى دهرًا. وكان بارعًا فِي عقد الوثائق، إلّا أنّه جاهلًا بالأثر، ضعيفًا. يُقَالُ له وضْع أحاديث نصر الرّاية فِي عَدَم رفْع اليدين، وغيره. قَالَ قاسم بْن أصْبغ: سمعته يقول: أحب إليّ أن يكون فِي تابوت خنزير ولا يكون فِيهِ مصنَّف أبي بَكْر بن أبي شَيْبَة. ثُمَّ دعا عليه قاسم، وقَالَ: هُوَ الَّذِي حرمني السَّماع من بَقيّ بْن مَخْلَد، وكان يحضّ أبي على مَنْعي منه. وكان جارَنا. وقَالَ بعضهم: إنّ أصْبَغ بْن خليل المالكيّ قرأ عليه أحمد بن خالد اسم أسيد بْن الحُضَيْر، فرده أَصْبَغ وقَالَ: بخاءٍ المعجمة.   1 الثقات لابن حبان "8/ 106"، والتهذيب "1/ 337". 2 السير "13/ 202". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 215 وهذا يدّل على نقْص معرفةٍ بالحديث. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن خَالِد الْحُبَاب، وقاسم بْن أَصْبَغ، ومحمد بن عبد الملك بن أعين. وعاش ثِمانيةً وثمانين سنة. وتُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. وكان صاحب عِبَادة ووَرَع، رحمه الله. 303- أيوب بْن سُلَيْمَان الصُّغديّ1. عن: أبي اليَمَان، وآدم بْن أبي أياس، وغيرهما. وعنه: عُثْمَان بْن السّمّاك، وأبو سهل القطّان، وجماعة. وثقَّه أبو بَكْر الخطيب. وتُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. "حرف الباء": 304- بدْر بْن الهيثم الدّمشقيّ2. عن: بسر بْن صَفْوان، وسليمان ابنِ بِنْت شُرَحْبيل. وعنه: أبو عليّ الحصائريّ، وأحمد بْن محمد بْن صدقة، وجماعة. 305- بركة بْن نشيط. أبو القاسم الفَرَغانيّ3. نزيل دمشق. سمع: أَبَا بَكْر، وعثمان ابني أبي شَيْبَة؛ وداود بْن راشد. وعنه: ابنُ جوصا، وأحمد بْن سُلَيْمَان بْن حَذْلَم، وآخرون. 306- بشير بْن مُسْلِم بْن مجاهد4. أبو مسلم التّنوخيّ الحمصيّ.   1 تاريخ بغداد "7/ 11". 2 من علماء المستورين، وهو لا بأس به. 3 انظر السابق. 4 انظر السابق. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 216 عن: أبي المغيرة، ويحيى الوُحَاظيّ، ويزيد بْن عَبْد ربّه الْجُرْجُسيّ، وغيرهم. وعنه: ابنُ جَوْصَا، وابن أبي حاتم، وأحمد بْن مُسْلِم، ومحمد بْن عِيسَى الْبَغْدَادِيّ، وآخرون. وأبو حامد الحَسْنَويّ، ومحمد بْن أَحْمَد الرَّسعنيّ الورّاق، ومحمد بْن يوسف الباروديّ، وسمّاه بِشْرًا. 307- بَقِيّ بْن مخلد بْن يزيد1. أبو عَبْد الرَّحْمَن الأندلُسيّ القُرْطُبيّ الحافظ. أحد الأعلام؛ وصاحب التّفسير والمُسْنَد. أَخَذَ عن: يحيى بْن يحيى اللَّيثي، ومحمد بْن عِيسَى الأعشي. وارتحل إِلَى المشرق ولقي الكبار، فسمع بالحجاز: أَبَا مُصْعَب الزُّهريّ، وإبراهيم بْن المنذر الحِزاميّ، وطبقتهما. وبمصر: يحيى بْن بُكَيْر، وزهير بْن عبّاد، وأبا الطّاهر بْن السَّرح، وطائفة. وبدمشق: إِبْرَاهِيم بْن هشام الغسّانيّ، وصفوان بْن صالح، وهشام بْن عمّار، وجماعة. وببغداد: أَحْمَد بْن حنبل، وطبقته. وبالكوفة: يحيى بْن عَبْد الحميد الحِّمانيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأبا بَكْر بْن أبي شَيْبَة وطائفة. وبالبصرة من أصحاب حمّاد بْن زَيْد. وقد فتَّشت فِي مُسْنَد بَقِيّ لأظفر له بحديثٍ عن أحمد بن حنبل فلم أجد ذلك. وما دخل بغداد إلّا سنة نيّفٍ وثلاثين، بعد موت عليّ بْن الْجَعْد، وكان أَحْمَد قطع الحديث فِي سنة ثمانٍ وعشرين إِلَى أن مات. وقد روى بَقِيّ عن: حكيم بْن سيف الرَّقّيّ، ومحمد بْن أبان الواسطيّ، وداود بْن رُشَيْد، ووَهْب بْن بقيّة، وإبراهيم بن محمد الشّافعيّ، وسويد بْن سَعِيد، وهُدْبة   1 السير "13/ 285". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 217 القَيْسيّ، ومحمد بْن أبي السَّريّ، ومحمد بْن رمح، وحرملة، وشيبان بن فرُّوج، وعبد الأعلى بْن حَمَّاد النَّرسيّ، وجبارة بْن المغلّس، وعبد الله بْن مُعَاذ، وأبي كامل الجحدري، وأبي خيثمة، وحجاج بْن الشاعر، وهارون الحمال، وهذه الطبقة. وعُني بالأثر عناية لا مزيد عليها. وعدد شيوخه مائتان وأربعة وثمانون رجلًا. وعنه: ابنه أَحْمَد، وأيوب بْن سُلَيْمَان المري، وأحمد بْن عَبْد الله الأموي، وأسلم بْن عَبْد الْعَزِيز، ومحمد بْن وزير، ومحمد بن عمر بن لبابة، والحسن بن سعيد الكناني، وعبد الله بْن يُونُس المرادي، وعبد الواحد بْن حمدون، وهشام بْن الْوَلِيد الغافقي، وآخرون. وكان إمامًا زاهدًا، صوامًا، صادقًا، كثير التهجُّد، مجاب الدَّعوة، قليل المثل. وكان مجتهدًا لا يقلّد أحدًا بل يفتي بالأثر. وقد أَخَذَ بإفريقية عن: سَحْنُون بْن سَعِيد. قَالَ أَحْمَد بْن أبي خيثمة: ما كُنَّا نسميه إلّا المكنسة. وهل احتاج بلدٌ فِيهِ بقيُّ إلى أن يأتي إلى ههنا منه أحد؟ وقَالَ طاهر بْن عَبْد الْعَزِيز: حملت معي جزءًا من مسند بقيّ إِلَى المشرق، فأريته محمد بْن إِسْمَاعِيل الصائغ، فقال: ما اغترف هَذَا إلّا من بحر. وعجب من كثرة علمه. وقَالَ إِبْرَاهِيم بن حيُّون، عن بقيّ قَالَ: لمّا رجعنا من العراق، أجلسني يحيى بْن بُكَيْر إِلَى جنبه، وسمع مني سبعة أحاديث. وقَالَ أبو الْوَلِيد بْن الفرضي: ملأ بقيّ بْن مخلد الأندلس حديثًا، فأنكر عليه أصحابه الأندلسيُّون، ابنُ خَالِد، ومحمد بْن الْحَارِث وأبو زَيْد ما أدخله فِي كتب الاختلاف وغرائب الحديث، فأغروا به السُّلطان، وأخافوا به. ثُمَّ إنّ الله أظهره عليهم وعصمه؛ فنشر حديثه وقرأ للناس روايته. ثُمَّ تلاه ابنُ وضاح، فصارت الأندلس دار حديث. وممّا انفرد به، ولم يدخله سواء مصنَّف أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وكتاب الفقه للشافعي بكماله، وتاريخ خليفة، وكتابه الكبير فِي الطبقات، وكتاب سيرة عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز للدَّورقيّ؛ وليس لأحدٍ مثل مُسْنَده. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 218 وكان ورعًا فاضلًا زاهدًا، قد ظهرت له إجابات الدعوة فِي غير ما شيء. قَالَ: وكان المشاهير من أصحاب ابن وضّاح لا يسمعون منه، للذي بينهما من الوحشة. وُلِدَ فِي رمضان سنة إحدى ومائتين، ومات لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين. ورخه عَبْد الله بْن يُونُس. قَالَ محيي الدين بْن العربي: الكرامات منها وطْفة بلا كون قبل أن يكون، والإخبار بالمعينات. وهي على ثلاثة ضُرُب: إلقاء، وكتابه، ولقاء. وكان بقيّ بْن مخلد، رحمه الله، قد جمعها وكان صاحبًا للخضر. شهر هَذَا عَنْهُ. ذكره فِي مواقع النّجوم، ثمّ شطح المحبيّن وقال علينا جماعة كذلك. وشاهدنا من ذاتنا غير مَرَّة. ومن هَذَا المقام ينتقلون إِلَى مقامٍ يقولون فِيهِ للشيء كن فيكون بإذن الله. وقَالَ الحافظ ابنُ عساكر: لم يقع إليَّ مُسْنَد من حديثه. وقَالَ محمد بْن حزم: أقطع أنّه لم يؤلَّف فِي الْإِسْلَام مثل تفسيره، ولا تفسير محمد بْن جرير، ولا غيره. قَالَ: وكان محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأموي صاحب الأندلس محبًا للعلوم، عارفًا، فلمّا دخل بقيّ الأندلس بمصنَّف ابنِ أبي شَيْبَة، وأنكر عليه جماعة من أَهْل الرأي ما فِيهِ من الخلاف واستبشعوه، ونشَّطوا العامة عليه، ومنعوه من قراءته، حَتَّى أتى على آخره، ثُمَّ قَالَ لخازن الكتب: هذا كتابٌ لا تستغني خزانتنا عَنْهُ، فانظر فِي نسخه لنا. وقَالَ لبقي: أنشر علمك، وارو ما عندك. ونهاهم أن يتعرَّضوا له. وَقَالَ أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ثنا بَقِيٌّ قَالَ: لَمَّا وَضَعْتُ مُسْنَدِي جَاءَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، وَأَخُوهُ إِسْحَاقُ فَقَالا: بَلَغَنَا أَنَّكَ وَضَعْتَ مُسْنَدًا قدَّمت فِيهِ أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهريّ، وَيَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ، وَأَخَّرْتَ أَبَانَا. فَقَالَ بَقِيٌّ: أَمَّا تَقْدِيمِي لِمُصْعَبٍ، فَلِقَوْلِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قدِموا قُرَيْشًا ولا الجزء: 20 ¦ الصفحة: 219 تقدَّموها" 1. وَأَمَّا تَقْدِيمِي ابْنَ بُكَيْرٍ، فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَبِّرْ كَبِّرْ" 2، يُرِيدُ السّنَّ، وَمَعَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَأَبُوكُمَا لَمْ يَسْمَعْهُ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً. فَخَرَجَا وَلَمْ يَعُودَا. وَخَرَجَا إلى حدّ العداوة. ولأبي عبد الملك أَحْمَد بْن نوح بْن عَبْد البر القرطبيّ، المتوفَّى سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة، كتابٌ فِي أخبار علماء قرطبة، ذكر فِيهِ بقي بْن مخلد، فقال: كان فاضلًا تقيًّا صوَّامًا متبتلا، منقطع القرين فِي عصره، منفردًا عن النَّظير. فِي مصر كان أوّل طَلَبِهِ عند محمد بْن عِيسَى الأعشي، ثُمَّ رحل وروى عن أَهْل الحَرَمَيْن، ومصر والشام، والجزيرة، وحلوان، والبصرة، والكوفة، وواسط، وبغداد، وخراسان، كذا قَالَ فغلظ، لم يصل إِلَى خُراسان. قَالَ: وعدن، والقيروان. قلت: وما أحسبه دخل اليمن. قَالَ: وذكر عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد، عن أَبِيهِ، أنّ امرأة جاءت إلى بقيّ فقالت: ابني فِي الأسر، ولا حيلة لي، فلو أشرت إِلَى من يفديه، فإنّي والهة. قَالَ: نعم، انصرفي حَتَّى أنظر فِي أمره. ثُمَّ أطرق وحرّك شفته. ثُمَّ بعد مدة جاءت المرأة بابنها، فقال: كنت فِي يد ملك، فبينا أَنَا فِي العمل سقط قيدي. فذكر اليوم والساعة، فوافق وقت دعاء الشَّيْخ. قَالَ: فصاح عليَّ المرسم بنا، ثُمَّ نظر وتحيَّر، ثمّ أحضر الحدّاد وقيَّدني، فلمّا فزع ومشيت سقط. فبهتوا ودعوا رهبانهم. فقالوا: لك والدة؟ قلت: نعم. قَالُوا: وافق دعاؤها الإجابة، وقد أطاعك الله، فلا يمكننا تقييدك. فزوّدوني وبعثوني. قال: وكان بقيّ أوّل من كثر الحديث بالأندلس ونشره، وهاجم به شيوخ الأندلس. فثاروا عليه لأنهم كان علمهم المسائل ومذهب مالك. وكان بقيّ يفتي   1 حديث صحيح: أخرجه الشافعي "1841"، "1849"، وابن أبي عاصم "2/ 637"، في السنة، والطبراني كما في المجمع "10/ 25"، وانظر: إرواء الغليل "2/ 295" للألباني فقد أفاد وأجاد. 2 حديث صحيح: أخرجه مالك "877"، "878" في الموطأ، والبخاري "2/ 203"، ومسلم "1669"، وأبو داود "4520"، والترمذي "1422"، والنسائي "8، 5، 7"، وأحمد "4/ 143". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 220 بالأثر، ويشذ عَنْهُمْ شذوذًا عظيمًا. فعقدوا عليه الشهادات وبدَّعوه، ونسبوا إليه الزَّندقة وأشياء نزَّهه الله منها. وكان بقيّ يقول: لقد غرست لهم بالأندلس غرسًا لا يقع إلا بخروج الدّجّال. قال: وقال بقيّ: أتيت العراق، وقد منع أَحْمَد بْن حنبل من الحديث، فسألته أن يحدثني، وكان بيني وبينه خلّة، فكان يحدثني بالحديث بعد الحديث فِي زي السؤال، ونحن خلوة. حَتَّى اجتمع لي منه نحوٌ من ثلاثمائة حديث. وقال ابن حزم: مسند بقيّ روى فيه عن ألفٍ وثلاثمائة صاحب ونيف، ورتَّب حديث كل صاحبٍ على أبواب الفقه. فهو مُسْنَد ومصنَّف. وما أعلم هَذِهِ الرُّتبة لأحدٍ قبله مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله فِي الحديث. وله مصنَّف فِي فتاوى الصحابة والتابعين، فَمَنْ دونهم الَّذِي أوفى فيه على مصنَّف عَبْد الرّزّاق، ومصنَّف سَعِيد بْن مَنْصُور. ثُمَّ ذكر تفسيره وقَالَ: فصارت تصانيف هَذَا الْإِمَام الفاضل قواعد الْإِسْلَام لا نظير لها. وكان متخيرًا لا يقلد أحدًا. وكان ذا خاصة من أَحْمَد بْن حنبل، وجاريًا فِي مضمار الْبُخَارِيّ، ومسلم، وأبي عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ. وقَالَ أبو عَبْد الملك القرطبي فِي تاريخه: كان بقيّ طويلًا أقْنى، ذا لحية، مضبرًا، قويًّا، جلدًا على المشي. لم ير راكبًا دابة قط. وكان ملازمًا لحضور الجنائز، متواضعًا. وكان يقول: إنّي لأعرف رجلًا كان يمضي عليه الأيام فِي وقت طلبه العلم، ليس له عيش إلّا ورق الكرنب الَّذِي يرمى. وسمعت من كل من سمعت منه فِي البلدان ماشيًا إليهم على قدمي1. قلت: وَهِمَ من قَالَ إنّه تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ. بل تُوُفِّيَ سنة ست وسبعين كما تقدَّم. قَالَ ابنُ لبانة: كان بقيّ من عقلاء النّاس وأفاضلهم. وكان أسلم بْن عَبْد الْعَزِيز يقدمه على جميع من لقي بالمشرق، ويصف زُهْده، ويقول: إنما كنت أمشي معه فِي أزقة قرطبة، فإذا نظر فِي موضعٍ خالٍ إِلَى ضعيفٍ محتاجٍ أَعْطَاه أحد ثوبيه.   1 السير "13/ 291". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 221 وذكر أبو عبيدة صاحب القبلة قَالَ: كان بقيّ يختم القرآن كلّ ليلةٍ في ثلاث عشر ركعة. وكان يصلي بالنهار مائة ركعة، ويصوم الدَّهر، وكان كثير الجهاد، فاضلًا. يذكر عَنْهُ أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة. ونقل بعض العلماء من كتاب حفيده عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن بقيّ: سمعت أبي يقول: رحل أبي من مكّة إِلَى بغداد، وكان جلَّ بغيته ملاقاة أَحْمَد بْن حنبل. قَالَ: فَلَمَّا قربت بلغتني المحنة، وأنه ممنوع. فاغتممت غما شديدًا، فأحللت بغداد واكتريت بيتًا فِي فندق ثُمَّ أتيت الجامع، وأنا أريد أن أجلس إِلَى النّاس، فدفعت إلى حلقةٍ نبيلة، فإذا برجلٍ يتكلَّم فِي الرجال، فَقِيلَ لي: هَذَا يحيى بْن معين، ففرجت لي فرجة، وقمت إليه، فقلت: يا أَبَا زكريا -رحمك الله- رَجُل غريب ناءٍ عن وطنه، يحبُّ السُّؤال فلا تستجفني. فقال: قل. فسألته عن بعض من لقيته، فبعضًا من لقيته، فبعضًا زكّى، وبعضًا جرَّح. فسألت عن هشام بْن عمّار، فقال لي: أبو الْوَلِيد صاحب صلاة دمشق، ثقة وفوق الثقة. ولو كان تحت ردائه كبرًا ومتقلدًا كبرًا ما ضره شيئًا لخيره وفضله. فصاح أصحاب الحلقة: يكفيك -رحمك الله- غيرك له سؤال. فقلت وأنا واقف على قدمي: أكشفك عن رجلٍ واحد: أَحْمَد بْن حنبل. فنظر إليَّ كالمتعجب، وقَالَ لي: ومثلنا نَحْنُ نكشف عن أَحْمَد بْن حنبل؟ ذاك إمام المسلمين وأخبرهم وفاضلهم. فخرجت أستدلّ على منزل أحمد، فدللت عليه. فقرعت بابه، فخرج إليَّ، فقلت: يا أَبَا عَبْد الله رَجُل غريب نائي الدار، وهذا أوّل دخولي هَذَا البلد، وأنا صاحب حديث، ومقيَّد بسنة. ولم تكن رحلتي إلّا إليك. فقال: أدخل الأسطوانة، ولا يقع عليك عين. فدخلت. فقال لي: وأين موضعك؟ قلت: المغرب الأقصى. قَالَ: إفريقية؟ فقلت له: أبعد من إفريقية. أجوز من بلد البحر إِلَى إفريقية. الأندلس. قَالَ: إنّ موضعك لبعيد، وما كان شيء أحبُّ إليَّ من أن أحسن عون مثلك، غير أني ممتحن بما لعله قد بلغك. فقلت له: بلى، لقد بلغني، وهذا أوّل دخولي، الجزء: 20 ¦ الصفحة: 222 وأنا مجهول العين عندكم، فإذا أذنت لي أن آتي كلَّ يوم في زيّ السّوّآل، فأقول عند الباب ما يقوله السائل، فتخرج إِلَى هَذَا الموضع، فلو لم تحدثني كل يوم إلّا بحديث واحدٍ لكان لي فِيهِ كفاية. فقال لي: نعم على شرط أن لا تظهر فِي الخلق، ولا عند المحدِّثين. فقلت: لك شرطك. فكنت آخذ عودًا بيدي، وألف رأسي بخرقةٍ مدنسَّة وآتي بابه، فأصيح: الأجر، رحمكم الله، والسُّؤال هناك كذلك، فيخرج إليَّ ويغلق الباب، ويحدثني بالحديثين، والثلاثة، والأكثر. فالتزمت ذلك حَتَّى مات الممتحن له وولي بعد إليه آباط الإبل، فكان يعرف لي حق صبري، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي، ويقصّ على أصحاب الحديث قصتي معه. فكان يناولني الحديث مناولةً، ويقرؤه عليه. واعتللت، فعادني فِي خلقٍ معه. وذكر الحكاية أطول من هَذَا، نقلها ابنُ بشكوال فِي غير الصلة. وأنا نقلتها من خط أبي الْوَلِيد بْن الحاج شيخنا. وقَالَ أيضًا: نقلت من خط حفيده عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن بقيّ: حدَّثني أبي قَالَ: أخبرتني أمي أنها رأت أبي مع رجلٍ طويلٍ جدًا. فسألته عَنْهُ، فقال هو: أرجو أن تكوني امْرَأَة صالحة، ذاك الخضر عليه السلام. وذكر عَبْد الرَّحْمَن عن جَدّه أشياء، فالله أعلم. قَالَ: كان جدي قد قسّم أيامه على أعمال البر، فكان إذا صلى الصُّبح قرأ حزبه من القرآن فِي المصحف بسدس القرآن. وكان أيضًا يختم القرآن فِي الصلاة فِي كل يوم وليلة، ويخرج كل ليلة فِي الثلث الأخير إِلَى مسجده، فيختم قرب انصداع الفجر. وكان يصلي بعد حزبه فِي المصحف صلاة طويلة جدًا، ثُمَّ ينقلب إِلَى داره، وقد اجتمع فِي مسجده الطَّلبة، فيجدد الوضوء ويخرج إليهم. فإذا انقضت الدُّول صار صومعة المسجد، فيصلي إِلَى الظهر. ثُمَّ يكون هُوَ المبتدئ بالأذان. ثُمَّ يهبط، ثُمَّ يستمع إِلَى العصر ويصلي ويسمع. وربما خرج فِي بقية النهار، فيقعد بين القبور يبكي ويعتبر، فإذا غربت الشمس أتى مسجده، ثُمَّ يصلى ويرجع إِلَى بيته فيُفْطِر. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 223 وكان يسرد الصَّوم إِلَى يوم الجمعة. ثُمَّ خرج إِلَى المسجد، فيخرج إليه جيرانه، فيتكلم معهم فِي دينهم ودنياهم. ثُمَّ يصلى العشاء، ويدخل بيته، فيحدِّث أهله، ثُمَّ ينام نومة قد أخذتها نفسه، ثُمَّ يقوم. هَذَا دأبه إِلَى أن تُوُفِّيَ. وكان جلدًا، قويًا على المشي، مواظبًا لحضور الجنائز، ولم يُرَ راكبًا قط. ومشى مع ضعيفٍ فِي مظلمة إِلَى إشبيلية، ومع آخر إِلَى إلْبيرة، ومع امْرَأَة ضعيفة إِلَى جَيّان1. 308- بوران2: ابْنَةُ الوزير الْحَسَن بْن سهل الّتي تزوج المأمون بها، ودخل بها فِي سنة عشرٍ ومائتين. فاحتفل أبوها لعرسها وجهازها احتفالًا يضرب به المثل. نثر على الأمراء الجواهر، والذهب وبنادق من المسك الّتي فِي باطنها رقاعًا بأسماء ضياع، وأسماء جواهر، وخيل. وقام بمؤونة العسر كلّه أيّام العرس. فأنفق عليهم وعلى العروس ونحو ذلك فِي مدة عشرين يومًا خمسين ألف ألف درهم. ولا أعلم جرى فِي الْإِسْلَام مثله. تُوُفِّيَت فِي ربيع الأول سنة إحدى وسبعين، عن ثمانين سنة. ودفنت فِي قبَّتها. وما زالت وافرة الحرمة، كاملة الحشمة إِلَى أن ماتت. "حرف الجيم": 309- جَعْفَر بْن المعتمد أَحْمَد بْن المتوكل جَعْفَر بْن المعتصم العبّاسيّ3. المفوَّض إِلَى الله وليّ العهد. عقد له أَبُوهُ، وخطب له على المنابر زمانًا. ثُمَّ خلعه أَبُوهُ وولّى أخاه المعتضد العهد خوفًا من المعتضد. ويقال: إنّ المعتضد لمّا استُخِلف قَتَلَ المفوَّض هَذَا فِي سنة ثمانين. وقيل: بل مات فيها موتًا.   1 السير "13/ 295". 2 انظر: وفيات الأعيان "1/ 50"، البداية "11/ 49". 3 انظر: تاريخ الخلفاء "ص/ 364". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 224 310- جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن سَلْم1. أبو الفضل، قاضي البصرة. يروي عن: إسحاق الفَرَويّ، وغيره. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وأحمد بْن كامل القاضي. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. 311- جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن الْمُبَارَك كردان2. عن: أبي كامل الْجَحْدَريّ، وشَيْبان بْن فَرُّوخ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وعليّ بْن إِسْحَاق المادرائيّ. وكان صدوقًا. تُوُفِّيَ سنة سبْعٍ وسبعين ومائتين. 312- جعفر بن أحمد بن معبد الوراق3. بغدادي. سمع: عاصم بن عليّ، ومسدَّدًا. وعنه: عبد الصمد الطَّستيّ، وأبو بكر الشافعي. توفي سنة ثمانين. 313- جعفر بن طرخان. أبو محمد الإسراباذيّ الفقيه4. رحل وطوّف وصنّف، وحدَّث عن: أبي نُعَيْم، وأبي حُذَيْفة النهَّديّ، وجماعة. وعنه: مالك بْن عديّ، وجعفر بْن سهديل، والإستراباذيّون. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين ومائتين.   1 المنتظم "5/ 101". 2 تاريخ بغداد "7/ 184". 3 تاريخ بغداد "7/ 187". 4 في عداد العلماء المستورين، وهو لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 225 314- جَعْفَر بْن عَنْبَسة اليَشْكُريّ الكوفيّ1. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. روى عن: حَفْص بْن عُمَر الْمَكِّيّ، وعبد الحميد بْن صالح البُرْجُميّ وقرأ عليه. وعنه: ابنُ عُقْدة، والحسن بْن محمد بْن سعدان، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وجماعة. وقرأ عليه: عَبْد الله بْن جَعْفَر السّوّاق. وكان مُقْرِئًا نَحْويًا. وكان شيخه عَبْد الحميد يروي القرآن عن أبي بَكْر بْن عيّاش. 315- جَعْفَر بن محمد بْن عامر2. أبو الفضل السّامُرّيّ البزّاز. عن: أبي نُعَيْم، وقبيص. وعنه: ابن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، والصفار. توفي سنة اثنتين وسبعين. 316- جعفر بن محمد بن عيسى بن نوح البغدادي3. حدَّث بأذنة عن: محمد بْن عِيسَى بْن الطّباع. وعنه: يجيى بْن صاعد، والأصمّ، والبَرْدعيّ. وكان ثقة. 317- جَعْفَر بْن محمد بْن عُرْوة النَّيسابوري4. شيخ مُسْنَد قديم. سمع: حَفْص بْن عَبْد الرَّحْمَن، والجارود بْن أبي يزيد.   1 انظر السابق. 2 تاريخ بغداد "7/ 181". 3 تاريخ بغداد "7/ 180". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 226 وعنه: أبو عَمْرو، وأحمد بْن الْمُبَارَك المستملي، وجعفر بْن سهل، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة اثنتين أيضًا. 318- جَعْفَر بْن محمد بْن عُمَر البلْخيّ1. أبو مَعْشَر المنّجم المشهور. وهو بكنيته أَعْرَف. كان إليه المنتهى فِي فنّ التّنجيم. وكان له خطوة في هذا الهذيان لملعون بالعراق. وله إصابات كثيرة كإصابات الكُهّان. صنَّف كتاب الزّنج وكتاب المدخل، والألوف وغير ذلك. قَيِل: إنّه مات سنة اثنتين وسبعين أيضًا، رحم الله تعالى المسلمين. يُقَالُ: إنّه تعلَّم فنّ التّنْجيم بعدما تكهَّل. وقِيلَ: إنّ المستعين ضربه مرّة لإصاته فِي تنجيم، وكان يقول: أَصَبْتُ فعُوقِبت. وذكر النّديم محمد بْن إِسْحَاق أنّ أَبَا مَعْشَر جَاوَز المائة، وله كُتُب كثيرة. قَالَ: وتُوُفِّيَ لليلتين بقيتا من رمضان سنة اثنتين وسبعين. 319- جَعْفَر بْن محمد بْن القعقاع البّغَويّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ2. عن: سَعِيد بْن مَنْصُور، وأبي معمَّر المُقْعَد. وعنه: أبو القاسم البَغَويّ، وعبد الله بن محمد الخراسانيّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 320- جَعْفَر بْن محمد بْن شاكر الصّائغ الْبَغْدَادِيّ الزّاهد. أبو محمد. سمع: عفان، وأبا نعيم، والحسن بْن محمد المَرْوَزِيُّ، وسُرَيْج بْن النُّعمان، وقُبَيْصة، وأبا غسّان مالك بْن إِسْمَاعِيل، ومعاوية بْن عَمْرو، وطائفة. وعنه: مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل، وابن صاعد، وابن البختري، وإسماعيل الصفار،   1 السير "13/ 161"، البداية "11/ 5". 2 تاريخ بغداد "7/ 182". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 227 والنّجّاد، وابن السّمّاك، وابن نَجِيح، وأبو بَكْر الشّافعيّ، ومحمد بْن جَعْفَر بْن الهيثم، وخلْق. وقَالَ الخطيب: وكان عابدًا زاهدًا ثقة، صادقًا متقنًا ضابطًا. وقَالَ أبو الْحُسَيْن بْن المنادي: كان ذا فضلٍ وعِبادة وزُهْد، انتفع به خلْق كثير فِي الحديث وأكثروا عنه لثقته وصَلاحه. تُوُفِّيَ لإحدى عشرة خَلَت من ذي الحجّة سنة تسعٍ وسبعين، وبلغ تسعين سنة غير أشْهُرٍ يسيره، رحمه الله تعالى. وحديثه فِي الغَيْلانيّات. 321- جعفر بْن محمد الورّاق. عن أبي عُبَيْد. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وقَالَ: مات فِي شعبان سنة إحدى وسبعين. 322- جَعْفَر بْن محمد بْن الْحَسَن بْن زياد. أبو يحيى الرَّازيّ الزَّعفرانيّ1. حدَّث ببغداد عن: سهل بن عثمان العسكرسّ، وإبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن مهران، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وعبد الصَّمد الطَّستيّ، وأبو مسهل القطّان، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعت عَنْهُ وهو صدوق ثقة. وقال غيره: كان إمامًا في التفسر. تُوُفِّيَ فِي ربيع الآخر سنة تسعٍ وسبعين. 323- جَعْفَر بْن محمد بْن الحَجّاج القطّان2. عن: عَبْد الله بْن جَعْفَر، ومحمد بْن أبي أسامة الرّقيبيّ، وغيرهما.   1 السير "13/ 117"، التهذيب "2/ 102". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 228 وعنه: أبو حاتم الرَّازيّ، وأبو عليّ محمد بْن سَعِيد الحرّانيّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانين. 324- جَعْفَر بن محمد حمّاد. أبو الفضل الرَّمليّ القلانِسيّ الزّاهد1. نزيل عسقلاّن. عنك آدم بْن أبي إياس، وعفان، وأحمد بْن يُونُس، وطبقتهم. وعنه: ابنُ جَوْصا، وأبو عَوَانة، وخَيْثَمَة، وطائفة آخرهم الطَّبرانيّ. وهو من كبار شيوخه. قَالَ محمد بْن حُمَيْد الأهوازيّ: أزهد من رَأَيْت جَعْفَر بْن محمد القلانسيّ. قلت: مات فِي ذي الحجّة سنة ثمانين. وجعفر بْن محمد بْن الفضل الرَّسعنيّ. أقدم منه. 325- جَعْفَر بْن هاشم. أبو يحيى العسْكريّ2. نزيل بغداد. سمع: القعنبيّ، وأبا الوليد، مسلم بْن إِبْرَاهِيم. وعنه: حَمْزَةُ الدّهْقان، وعثمان بْن السّمّاك، والطَّبشيّ. وثقه الخطيب. ومات في ربيع الأول سنة سبعٍ وسبعين. 326- جموك بْن حنجة3. أبو إِبْرَاهِيم الْبُخَارِيّ. وقِيلَ: اسمه عَبْد الله. يروي عن: أبي حذيفة إسحاق بن بشر صاحب المبتدأ، وأحمد بْن حَفْص، ورجاء بْن مقابل، والمُسْنِديّ. ولم يرحل.   1 الثقات لابن حبان "8/ 163". 2 تاريخ بغداد "7/ 183". 3 لم نقف عليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 229 وعنه: محمد بْن جَابِر بْن كاتب، ومحمد بْن صالح البُخاريّان. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. "حرف الحاء": 327- الْحَارِث بْن أبيض بْن أسود. أبو القاسم الفهويّ المصريّ1. رَأَى ابنِ وهْب، وسمع: زَيْد بْن بِشْر، وغيره. تُوُفِّيَ بالإسكندرية فِي جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وسبعين. 328- حامد بْن سهل. أبو جَعْفَر الثَّغريّ2. حدَّث ببغداد عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وعبد الصَّمد، ومُعَاذ بْن فَضَالَةَ. وعنه: ابن السماك، وأحمد بن كامل، وأبو بكر الشافعي، وابن الهيثم القيدار. وثقه الدارقطني. توفي سنة ثمانين. 329- حرب بن إسماعيل الكمانيّ الفقيه3. صاحب الإمام أحمد. قد ذكرته في الطبقة الماضية على التقريب، ثم وجدتّ ابنَ قانع قد قيَّد وفاته فِي سنة ثمانين ومائتين. 330- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن بكّار بْن بلال. أبو عليّ العامليّ الدّمشقيّ4.   1 ينظر في "حسن المحاضرة". 2 تاريخ بغداد "8/ 167". 3 سبقت الترجمة له. 4 انظر: التهذيب "4/ 152". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 230 سمع: جدّه ومروان بْن محمد الطّاطَريّ، ومحمد بْن الْمُبَارَك الصُّوريّ. وعنه: أبو عَوَانة، وقَالَ: هُوَ قدريٌّ، ثقة فِي الحديث؛ وأبو الميمون بْن راشد، وجماعة. تُوُفِّيَ فِي صفر سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. 331- الْحَسَن بْن إِسْحَاق بْن يزيد. أبو عليّ الْبَغْدَادِيّ العطّار1. عن: عُمَر بْن شبيب المعلَّى، وزيد بْن الحُباب، والحسن الأشْيب، ومحمد بْن بَكْر الْحَضْرَمِيّ، وأبي نُعَيْم، وجماعة. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، والأصمّ، ومحمد بن مخلد. وثَّقه الخطيبن ثم قال: أنا أبو سعيد الصَّيرفّ: أَنَا الأصمّ، ثنا الْحَسَن بْن إِسْحَاق العطّار سمعت عَبْد الرَّحْمَن بن هارون يقول: كنّا فِي البحر سائرين إِلَى إفريقية، فركدت علينا الرّيح، فأرسينا إِلَى موضع يُقَالُ له البَرْطُون، ومعنا صبيّ صقلبيّ يقال له أيمن، ومعه شِصٌّ. يصطاد به السَّمك. فاصطاد سمكةً، نحوًا من شِبْر أو أقلّ. وكان على صنيفة أذنها الْيُمْنَى مكتوب: لا إله إلّا اللَّه، وعلى قَذالها وصنيفة أُذُنها اليُسْرى مكتوب: محمد رسول الله. وكان أَبْيَنُ من نقشٍ على حَجَر. وكانت السَّمكة بيضاء، والكتابة سوداء كأنّه كُتب بحبر. قَالَ: فقذفناها فِي البحر، ومُنِع النّاس أن يصيدوا من ذلك الموضع حَتَّى أوْغَلْنا. قَالَ ابنُ قانع: مات فِي صفر سنة اثنتين وسبعين. 332- الْحَسَن بْن أيوب القَزْوينّي2. وثّقه الخليليّ، وقَالَ: سمع من: عَبْد الْعَزِيز الُأوَيْسيّ، وعليّ بْن محمد الطَّنافسيّ، وأبي مُصْعَب. روى عَنْهُ: أبو الْحَسَن القطّان. مات سنة تسعٍ وسبعين ومائتين.   1 السير "13/ 144". 2 ينظر في "الإرشاد" للخليلي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 231 333- الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ العلاء بْن أبي صُفْرة بْن المهلَّب. أبو سَعِيد المُهَلّبيّ السكَّريّ النَّحويّ1. سمع يحيى بْن معين، وأبا حاتم السّجِسْتانيّ، وأبا الفضل الرّيّانيّ، وعُمَر بْن شبَّة. وعنه: أبو سهل بْن زياد، ومحمد بْن أَحْمَد الحكيميّ، ومحمد بْن عَبْد الملك التّاريخيّ. وروى الكثير من كُتُب الأدب وصنَّف أشياء. قَالَ الخطيب: كان ثقة ديِّنًا صادقًا، يُقْرئ القرآن، وانتشر عنه من كُتُب الأدب شيء كثير. قَالَ ابنُ المنادي: تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وكان ميلاده سنة اثنتي عشر ومائتين. ومن قَالَ: مات سنة تسعين وَهِمَ. وله كتاب الوحوش ما قصَّر فِيهِ؛ وكعاب البنات. وكان آيةً فِي جمْع أشعار العرب. فإنّه جمع شعر امرئ القيس ودوَّنه؛ وكذا جمع ديوان النابغتين، وديوان قيس ابن الحَطيم، وديوان تميم، وديوان شعر هُذَيْل، وديوان هُدْبَةَ بْن خَشْرم، وديوان الأعشى، وديوان الأخطل، وديوان زُهَيْر، وديوان مزاحم العُقَيْليّ، وديوان أبي نُوَاس، ثُمَّ شرحه فِي نحو ألف ورقة. 334- الْحَسَن بْن سلّام بْن حَمَّاد2. أبو عليّ السّوّاق. حدَّث ببغداد عن عَبْد الله بْن موسى، وأبي نعيم، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وعمرو بن حكام، وعفان، وطائفة. وعنه: ابن صاعد، والصفار، وعثمان بن السماك، وأبو بكر النّجّاد، والشّافعيّ، وآخرون.   1 السير "13/ 126"، البداية "41/ 56". 2 تاريخ بغداد "7/ 326". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 232 قال الدارقطني: ثقة صدوق. وقال الشافعي: مات لثلاثٍ خلون من صفر سنة سبع وسبعين. 335- الحسن بن علي بن مالك. أبو محمد الشَّيبانيّ المعروف بالأشناني1. حدَّث ببغداد عن: عَمْرو بن عون، وسويد بن سعيد، ابن معين. وعنه: ابنه عَمْرو، ومحمد بْن مَخْلَد، وأحمد بْن الفضل بْن خُزَيْمَة. تُوُفِّيَ فِي شعبان سنة ثمانٍ وسعين. وصلّى عليه أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا. قَالَ ابنُ المنادي: فِيهِ أدنى لين. 336- الْحَسَن بْن عليّ بْن بحر بْن برّي القطّان2. تُوُفِّيَ ببابَسِير سنة ثمانين، فِي ربيع الأول. وقد روى عن: أَبِيهِ، وغيره. 337- الْحَسَن بْن الفضل بْن السَّمح. أبو عليّ الزَّعْفرانيّ البُوصرائيّ3. عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأبي مُعَمَّر النّقْريّ. وعنه: ابنُ صاعد، وإسماعيل الصّفّار، وأحمد بْن عُثْمَان الأدميّ، وجماعة. قال ابنُ صاعد، وإسماعيل الصّفّار، وأحمد بْن عُثْمَان الأدميّ، وجماعة. قَالَ ابنُ المنادى: مات فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثمانين. قَالَ: ثُمَّ انكشف ستره فتركوه، وخرّق أخي كلَّ شيءٍ كتبه عَنْهُ لأنّه تبيَّن له أمره. 338- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنُ عَلِيِّ بْن أَبِي طالب4.   1 انظر: تاريخ بغداد "7/ 367". 2 معجم البلدان "1/ 308". 3 تاريخ بغداد "7/ 401، 402". 4 انظر: الكامل "7/ 57، 58". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 233 العلويّ المعروف بالحَرُون. ظهر بالكوفة فِي خلافة المستعين، وقوي أمره، وحارب جيش المستعين، فهرب وتفرَّق جَمْعه. ثُمَّ قُبِض عليه وحُبِس دهرًا، إِلَى أن أطلقه المعتمد فِي سنة ثمانٍ وستّين. ثُمَّ إنّه عاد إِلَى غيِّة، وخرج بناحية الكوفة، وعاثَ بأرض السّواد وطريق مكّة. ثُمَّ أُخِذَ وأُتِيَ به إِلَى الموفَّق، فحبسه. ومات فِي الحبس سنة إحدى وسبعين ومائتين. 339- الْحَسَن بْن محمد بن الْحَارِث السّجِسْتانيّ1. ذكره ابنُ حِبّان فِي الثّقات، وقَالَ: صاحب سنَّة وفضل، يروي عن: أبي نُعَيْم. روى عَنْهُ أَهْل بلده. ومات سنة ستٍّ وسبعين. 340- الْحَسَن بْن محمد بْن مَزْيَد. أبو سَعِيد الإصبهانيّ2. سمع: إبراهيم بن محمد بن عرعرة، وهشام بن عمّار، وحامد بن يحيى البلخيّ. وعنه: أهل إصبهان. ومات قبل الثمانين. قال أبو نعيم: هو أوّل من حمل علم الشّافعيّ إلى إصبهان. 341- الحسن بن موسى بن ناصح. أبو سعيد الرَّسعنيّ الخفّاف3. قدم بغداد، فروى عن: المُعَافَى بْن سُلَيْمَان، وعُقْبة بْن مُكْرم. وعنه: ابنُ صاعد، ومحمد بن مَخْلَد، ومحمد بن خلف وكيع.   1 الثقات لابن حبان "8/ 180" 2 ذكر أخبار إصبهان "1/ 260". 3 تاريخ بغداد "7/ 429". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 234 342- الْحَسَن بْن ناصح. أبو عليّ الخلّال1. عن: أبي النَّضر، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وطبقتهما. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وأبو بَكْر الخرائطيّ. قَالَ ابن حاتم: صدوق. 343- الْحَسَن بْن مُكْرَم. أبو عليّ البغداديّ البزّاز2. سمع: عليّ بْن عاصم، وابن هارون، وأبا النّضْر، ورَوْح بْن عُبَادة. وعنه: المَحَامِليّ، والصّفّار، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو سهل القطّان، وجماعة. وثّقه الخطيب. مولده سنة اثنتين وثمانين ومائة. ومات فِي رمضان سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. 344- الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مهاجر. أبو محمد السُّلميّ النَّيْسابوريّ3. عن: هشام بْن عمّار، ودحيم، وأبي مصعب، ومحمد بْن عَبْدان، وعليّ بْن جمشاد، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. وكان محلُّه الصِّدق. 345- الْحُسَيْن بْن عليّ بْن محمد بْن عُبَيْد الطّنافسيّ الكوفيّ ثمّ القزوينيّ4.   1 تاريخ بغداد "7/ 435". 2 انظر: تاريخ بغداد "7/ 432"، السير "13/ 162". 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 4 ينظر في "الإرشاد" للخليلي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 235 قاضي قَزْوِين. سمع: أَبَاهُ وأبا بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وإبراهيم بْن مُوسَى الفرّاء، وطائفة. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وعلي القطّان، وآخرون. وكان ثقة جليلًا. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. قَالَ الخليليّ: هُوَ ثقة متَّفقّ عليه. 346- الْحُسَيْن بْن محمد بْن أبي مَعْشَر السِّنديّ1. المدنيّ الأصل الْبَغْدَادِيّ. روى عن: وكيع، ومحمد بْن ربيعة. وعنه: محمد بن أحمد الحكيمي، وإسماعيل الصفار، وابن السماك. قال أبو الحسين بن المنادي: حدَّث عن وَكِيع، ولم يكن بالثّقة. فتركته النّاس. تُوُفِّيَ فِي اليوم الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أبو عَوْف البُزُوريّ، يعني تاسع رجب، سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 347- الْحُسَيْن بْن مُعَاذ بْن حرب2. أبو عبد الله الحَجَبيّ الْبَصْرِيّ الأخفش، ابنُ عم عَبْد الله بْن عَبْد الوهّاب. حدَّث ببغداد عن: الرَّبِيع بْن يحيى الأشْنانيّ، وشاذ بْن فَيّاض، وجماعة. وعنه: الْحُسَيْن الكوكبيّ، وأبو بَكْر النجاد، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراسانيْ. تُوُفِّيَ سنة سبْعٍ وسبعين. وهو ضعيف؛ فإنّه أتى بحديث باطلٍ، عَنْ ثِقَةٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: يَا مَعْشَرَ الْخَلائِقِ طَأْطِئُوا حتّى تجوز فاطمة3.   1 تاريخ بغداد "8/ 91، 92". 2 انظر: تاريخ بغداد "8/ 141، 142". 3 "حديث باطل": أخرجه ابن الجوزي "1/ 263" في العلل المتناهية، وحكم عليه بالبطلان. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 236 348- الْحُسَيْن بْن مَنْصُور. أبو عَبْد الرَّحْمَن الواسطيّ التّمّار الطّويل1. عن: الهيثم بْن عديّ، ويزيد بْن هارون، وعبد الرّحيم بْن هارون العسكريّ. وعنه: جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن سِنَان القطّان، وعلي بن عبد الله بن مبشر. وثقه ابنُ حِبّان. 349- الْحُسَيْن بْن مَنْصُور. أبو عليّ البغداديّ2. عن: أبي نعيم، أبي الجوّاب، وموسى بْن سلمة، وأبي حُذَيْفة النَّهديّ. وعنه: الحافظ وصيف الأنطاكيّ، وحيثمة بْن سُلَيْمَان لقِيه بالرَّقّة. ذكره ابنُ حِبّان الثّقات. 350- حُصَيْن بْن عَبْد القادر. أبو عليّ الإسكندرانيّ البزّاز3. عن: نُعَيْم بْن حَمَّاد، وغيره. توفّي سنة سبعٍ وسبعين. 351- حَفْص بن عُمَر بْن الصّبّاح الرَّقّيّ سَنْجة ألف4. أبو عَمْرو. كان مُسْنِدَ الرَّقَّة فِي وقته، فإنّه رحل وسمع: أَبَا نُعَيْم، وقُبَيْصة بْن عُقْبَة، وعبد الله بْن رجاء، وفَيْض بْن الفضل البَجَليّ، وطبقتهم. وعنه: الْعَبَّاس بْن محمد الرّافقي، وأبو القاسم الطَّبرانيّ؛ وقبلهما ابنُ صاعد، وأبو عَرُوبة، وجماعة.   1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 تاريخ بغداد "8/ 111". 3 ينظر في "حسن المحاضرة". 4 السير "13/ 405". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 237 وتُوُفِّيَ سنة ثمانين. قَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: حدَّث بغير حديث لم يُتَابع عليه. 352- حمدان بْن غارم1 -بغين مُعْجَمَةٍ- بْن ينّار بفتح الياء، ثُمَّ نون مشدَّدة. أبو حاتم؛ وقِيلَ: اسمه الأصلي أَحْمَد. سمع: صَفْوان بْن صالح، ودُحَيْمًا، وخلف بْن هشام، وأبا كُرَيْب، وطائفة. وعنه: أَحْمَد بْن حَمْدَوَيْه النَّسفيّ، وعبد الله بْن الحامض المَرْوَزِيُّ، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ثمانين ومائتين. 353- حمدون بْن أَحْمَد بْن سلام السّمْسار2 عن: سَعِيد بْن سُلَيْمَان سَعْدُونه، وغيره. وعنه: أَحْمَد بْن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر الشّافعيّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانين. 354- حمدون بْن أَحْمَد بْن عمارة3. أبو صالح النَّيسابوري الصُّوفيّ العارف، المعروف بحمدون القصّار. قُدْوَة المَلاميّة بخراسان، ومنه انتشر مذهبهم، وهو تخريب الظاهر وتعمير الباطن، مع التزام الشرع وواجباته ظاهرًا وباطنًا. وكان فقيهًا على مذهب سُفْيَان الثَّوريّ. سمع من: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن بكّار بْن الرّيّان، وأبي عمر القطيعيّ، وجماعة. وصحب أبا ترب النخَّشبيّ، وأبا حفص النَّيسابوريّ. وكان كبير الشّأن، يقال إنّه كان من الأبدال.   1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 435". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 السير "13/ 50". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 238 روى عنه: ابنه الحافظ أو حامد الْأَعْمَش، ومكّيّ بْن عَبْدان، وأبو جَعْفَر أَحْمَد بْن حمدان، وآخرون. ومن كلامه قَالَ: لا يجزع من المصيبة إلّا من اتَّهَمَ ربَّة. وسئل عن طريق الملامة قال: خوفُ القَدَرِيّة ورجاءُ المُرْجئة. وقد جمع السُّلمي جزءًا من حكايات هَذَا الشَّيْخ. وذكر موته فِي سنة إحدى وسبعين ومائتين. صحِبه الشّيخ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُنازِل. 355- حمدون بْن أَحْمَد بْن بَكْر. أبو نصر النَّيْسابوريّ الدّهانّ1. عن: محمد بْن رافع، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وجماعة. وبقي إِلَى بعد السَّبعين. روى عَنْهُ: يحيى بْن مَنْصُور القاضي، ومحمد بْن صالح بْن هانئ، وآخرون. 356- حمدان بْن رجاء بْن شجاع. أبو رجاء القارئ النَّيساوريّ2. سمع: سَعِيد بْن مَنْصُور بمكّة، وسهل بْن عُثْمَان العسْكريّ، ومحمد بْن قُدامة الجمّال. وعنه: أبو حامد، وعبد الله ابنا الشَّرقيّ، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين. 357- حمدون بْن خَالِد بن يزيد. أبو محمد النَّسابوريّ اللَّقاباذيّ3. سمع: يحيى بْن يحيى، ويزيد بْن صالح الفرّاء.   1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 انظر السابق. 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 239 وعنه: ابنه أبو بَكْر أَحْمَد بْن حمدون، وعبد الله بْن إِبْرَاهِيم. حدَّث سنة خمسٍ وسبعين. 358- حمدون بْن الفضل. أبو سَعِيد النَّيسابوريّ الخفّاف1. عن: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعُمَر بْن زرارة. وعنه: أبو نصر محمد بْن أَحْمَد بْن عُمَر الخفّاف، وعليّ بْن عِيسَى. 359- حَمْش بْن عَبْد الرحيم. أبو عبد الله النَّيسابوريّ التركي الزّاهد، واسمه محمد2. سمع: أَحْمَد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: مكّيّ بْن عَبْدان، ومحمد بْن القاسم العَتَكيّ، ومحمد بْن صالح بْن هانئ. وكان مجاهدًا غازيًا عابدًا، مُحِبًّا أَحْمَد بْن حرب الزّاهد. وحمش: مسكَّن. مات فِي شوّال سنة خمسٍ وسبعين. 360- حُمَيْد بْن النَّضر البَيْكَنْديّ3. عن: سَعِيد بْن أبي مريم، ومحمد بْن سلّام البَيْكَنْديّ، وعبد الله بْن صالح الكاتب، وطائفة. وعنه سَعِيد بْن أبي مريم، ومحمد بْن سلّام الكنديّ، وعبد الله بْن صالح الكاتب، وطائفة. وعنه: عليّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدة، ومُسَبّح بْن سَعِيد، وحسين بْن حاتم، وغيرهم. 361- حُمَيْد بْن هشام العنسيّ الدّارانيّ4.   1 انظر السابق. 2، 3 انظر السابق. 4 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 9، 10". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 240 قَالَ: قلت لأبي سُلَيْمَان الدّارانيّ: يا عم، لِمَ تشدِّد علينا وقد قَالَ الله: {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] . فقال: اقرأ. فقرأتُ، إِلَى قوله: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا} [الزمر: 59] . فقلت: يا عم، فأنا بحمد الله لم أكذب. فمسح رأسي وقَالَ: يا بُنيّ، أتَّق الله وخَفْهُ وارجوه. قلت: روى عَنْهُ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي الحواريّ، ومحمد بْن جَعْفَر بْن ملاس، والحسن بْن حبب الحصائريّ. 362- حنبل بْن إِسْحَاق بْن حنبل بْن هلال بْن أسد1. أبو عليّ الشَّيبانيّ، ابنُ عم الْإِمَام أَحْمَد، وأحد تلامذته. سمع: أَبَا نُعَيْم، ومحمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وعفان، وسليمان بْن حرب، وأبا غسان مالك بْن إِسْمَاعِيل، وعاصم بْن عليّ، وموسى بْن إِسْمَاعِيل، والحُمَيْديّ، وأبا حُذَيْفة، ومسددًا، وخلقا كثيرا. وصنَّف تاريخا حسنا. وكان يفهم ويحفظ. روى عنه: البغوي، وابن صاعد، وأبو بكر الخلال، ومحمد بن مخلد، وابن السماك، وأبو جعفر بْن البَخْتَرِيّ، وجماعة. قَالَ الخطيب: كان ثقة ثَبْتًا. وقَالَ ابنُ المنادي: كان حنبل قد خرج إِلَى واسط، فجاءنا نَعْيُهُ منها فِي جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ وسبعين. قلت: روى المؤتمن بْن قُمَيْرة جزءًا عاليًا من حديث حنبل، وسمعنا الجزء الرابع من كتاب الفتن لحنبل. وسمعنا محنة ابنُ عمّه تأليفه. وعاش نيِّفًا وسبعين سنة، أو جاوز الثمانين؛ فإنّه أدرك الأنصاريّ.   1 السير "13/ 51-53". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 241 "حرف الخاء": 363- خازم بْن يحيى الحلوانيّ1. حدَّث ببغداد عن: شَيْبَان بْن فَرُّوخ، وهانئ بْن المتوكلّ، وجماعة. وعنه: محمد بن أَحْمَد الحليميّ، وإسماعيل الصّفّار. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وهو أخو أَحْمَد. 364- خَالِد بْن روح. أبو عَبْد الرحمن الثَّقفي الدمشقيّ2. عن: أبي الجماهر الكفرسوسيّ، وإسحاق بن إبراهيم الفراديسيّ. وعنه: ن. وقال: ثقة؛ وأبو الميمون بن راشد، وأبو القاسم الطَّبرانيّ، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة ثمانين. 365- خَالِد بْن يزيد بن الصّبّاح3. أبو الهيثم الخثمعيّ. مولاهم الرَّازيّ الفقيه. حدَّث عن: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وإبراهيم بْن شماس. روى عَنْهُ: أبو إِسْحَاق البزّاز الحافظ، وغيره. وعاش تسعين سنة. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. 366- خلف بْن عامر بن سعيد الهمدانيّ4. البخاريّ الحافظ، مصنِّف لمسند.   1 انظر: تاريخ بغداد "8/ 338". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 37". 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 4 انظر السابق. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 242 كان من تلامذة عَبْد الله بْن محمد المسنديّ. أورده السُّلمانيّ مختصرًا. 367- خلف بْن محمد بْن عِيسَى. أبو حُسَيْن الواسطيّ. كُرْدُوس1. سمع: يزيد بْن هارون، وعليّ بْن عاصم، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: ق. والمَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وإسماعيل الصفار، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقَالَ: صدوق؛ وأبو سعيد بن الأعرابيّ، وحثيمة بْن سُلَيْمَان. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. 368- الخليل بْن عَبْد القهّار. أبو جَعْفَر الصَّيْدُونيّ2. عن: يحيى بْن الْمُبَارَك، وهشام بن خَالِد، وجماعة. وعنه: ابنُ قُتَيْبَةَ العسقلّاني، وخَيْثَمَة الأطْرابُلُسيّ، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ، وقِيلَ: سنة سبعٍ وسبعين. "حرف الذّال": 369- ذاكر ابن شيبة العسقلاّنيّ3. كان بقرية عجين. روى عن: رَوّاد بْن الجرّاح العسقلّانيّ. وعنه: الطَّبَرَانِيّ لا أعرفه.   1 انظر: السير "13/ 199"، التهذيب "3/ 154". 2 لسان الميزان "3/ 293". 3 في عداد المجهولين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 243 "حرف الراء": 370- رباح بن أحمد1. أبو النّصر الواعظ، نزيل المَوْصل. روى عن: مُعَاذ بْن محمد الهرويّ، وغيره. وتُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. وهو كالمجهول. 371- الرَّبِيع بْن محمد بْن مُوسَى بْن عِيسَى. أبو الفضل الكِنْديّ اللّاذقيّ2. عن: آدم بْن أبي إياس، وإسماعيل بْن أبي أُوَيْس، ومحمد بْن يزيد السَّكونيّ. وعنه: ن. ومحمد بْن المسيّب الأرغيانيّ، وأحمد بن محمد بن عيسى مؤرخ حمص، وخيثمة بن سلمان. 372- ربيع بن الحارث القاضي. أبو زياد الحمصي3. حدَّث عن: عُتْبة بْن السَّكن، وأحمد بْن حنبل، وجماعة. وعنه: أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ، وأبو عوانة، وعبد الصمد بْن سَعِيد الحمصيّ، وأبو الميمون بن راشد، ومحمد ابن محمد بْن أبي حُذَيْفة. 373- رجاء بْن عَبْد الله الهَرَويّ الورّاق4. كان عنده مصنفَّات مالك بْن سُلَيْمَان الهرويّ، ومصنفات سَعِيد بْن مَنْصُور. وروى أيضًا عن: أَحْمَد بْن يُونُس، ومهديّ بْن جَعْفَر الملّي، وجماعة. وكان من أعيان المحدِّثين بهراة.   1 انظر السابق. 2 انظر: التهذيب "3/ 250، 251". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 306". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 244 روى عَنْهُ: الحافظان أبو إِسْحَاق البزّاز، وأبو الفضل بْن إِسْحَاق. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. وقِيلَ: سنة تسعٍ وسبعين ومائتين. 374- رزق الله بن يوسف المصريّ1. عنك يحيى بن بكير. توفي في شوال سنة ستٍّ وسبعين. وكان يكون بالإسكندرية. "حرف الزاي": 375- زكريا بْن يحيى بْن شَيْبَان2. أبو عبد الله القُرَشيّ الكوفيّ. عن: عليّ بْن سيف، وغيره. وعنه: أبو الْعَبَّاس بْن عُقْدة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 376- زياد بْن محمد بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن اللَّخميّ الأندلسيّ. المعروف جدُّه بشَبْطُون3. يروى عن: يحيى بْن يحيى اللَّيثيّ، وغيره. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ أيضًا. 377- زيدان بْن يزيد البَجَليّ الكوفيّ4. والد عَبْد الله بْن زيدان. تُوُفِّيَ فِي شوّال سنة أربعٍ وسبعين.   1 يُنظر في "حسن المحاضرة". 2 في عداد المجهولين. 3 جذوة المقتبس "440". 4 في عداد المجهولين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 245 378- زَيْد بْن إِسْمَاعِيل بْن سيّار1. أبو الْحَسَن الْبَغْدَادِيّ الصّائغ. عن: زَيْد بْن الْحُبَاب، وهاشم بْن القاسم، وجعفر بْن عون، وطائفة. وعنه: أبو بَكْر بْن مجاهد، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وإسماعيل الصّفّار، وآخرون. محلُّه الصِّدق. 379- زَيْد بْن بُنْدار. أبو جَعْفَر الإصبهانيّ الُّنخانيّ2، ونُخَان: قرية بإصبهان. كان فقيهًا صالحًا يسرد الصَّوم. روى عن: القَعْنَبيّ، وإسماعيل بْن عَمْرو البجليّ. وعنه: محمد بْن أَحْمَد الزَّهريّ، وغيره. 380- زَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الفحل السَّهميّ3. مولاهم المصريّ. عن: أَبِيهِ، ويحيى بْن بُكَيْر. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. "حرف السين": 381- السَّريّ بْن خُزَيْمَة بْن مُعَاوِيَة. الحافظ أبو محمد الّأبِيوَرْدِيّ الثّقة4. سمع: عَبْدان بْن عُثْمَان، وأبا نُعَيْم، وأبا عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، ومحمد بْن الصَّلت، وطبقتهم بخراسان، والحجاز، والعراق.   1 تاريخ بغداد "8/ 447". 2 ذكر أخبار إصبهان "1/ 320". 3 ينظر في "حسن المحاضرة". 4 السير "13/ 254، 246". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 246 وعنه: ابنُ خُزَيْمَة، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وأبو حامد بن الشَّرقيّ، ومحمد بن صالح بن هانئ، والحسن بْن يعقوب، وخلْق كثير. قَالَ الحاكم: هُوَ شيخ فوق الثّقة. وَرَد نَيْسابور سنة سبعين، وبقي بها يحدِّث إِلَى سنة أربعٍ وسبعين، ثُمَّ انصرف إِلَى أبِيوَرْد. سمعتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ: لما قُتِلَ حَيْكان رفضوا مجالس الحديث، حَتَّى لم يقدر أحد أن يأخذ لنَيْسابور مَحْبَرة، إِلَى أنْ منَّ الله علينا بورود السَّريّ بْن خُزَيْمَة. فاجتمعنا لنذهب إليه فلم نقدر، فقصدنا أَبَا عُثْمَان الخيريّ الزَّاهد، واجتمع النّاس عنده، وأخذ أبو عُثْمَان مِحْبَرةً بيده، وأخذنا المحابر بأيدينا، فلم يقدر أحد من المبتدعة أن يقرب منّا. فخرج السَّرِيّ، فأملى علينا وأبو بَكْر بْن خُزَيْمَة ينتخب. وسمعتُ أَبَا الفضل يعقوب بْن الْحَسَن بْن يعقوب يقول: ما رَأَيْت مجلسًا أبهى من مجلس السَّريّ بْن خُزَيْمَة، ولا شيخًا أبهى منه. كانوا يجلسون بين يديه وكأنّما على رءوسهم الطَّير. وكان لا يحدِّث إلّا من أصل كتابه، رحمه الله تعالى. 382- السَّريّ بْن يحيى بْن السَّريّ مُصْعَب أبو عبيدة1. ابنُ أخي هنّاد بْن السَّريّ الكوفيّ الدّارميّ. روى عن: أبي نُعَيْم، وقُبَيْصة، وأبي غسّان النَّهْديّ، وأحمد بْن يُونُس، وطبقتهم. وعنه: أبو ذَرّ محمد بْن محمد بْن يوسف، وعبد الله بْن جامع الحلْوانيّ بْن عُقْدة، وأبو نُعَيْم بْن عديّ، وخيثمة الأطْرابُلُسيّ، وطائفة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان صدوقًا. وقَالَ ابنُ عُقْدة: تُوُفِّيَ فِي المحرَّم لسبعٍ بقين من سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. 383- سعد بْن محمد بْن سعد. القاضي أبو الْعَبَّاس، أبو محمد البَجَليّ البيروتيّ2.   1 الجرح والتعديل "4/ 285"، وتاريخ بغداد "5/ 470". 2 انظر: الحلية "7/ 17"، تاريخ بغداد "3/ 405". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 247 سمع: صفوان بن صالح، وهشام بن عمار، ودُحَيْمًا، وجماعة. وعنه: ابن صاعد، وأبو بِشْر الدُّولابيّ، وعبد الله بن أَحْمَد بْن زَبْر، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم ووثَّقه، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين. وأقدم شيخ له عَبْد الحميد بْن بكّار. 384- سعد الأعسر1. أمير دمشق. كان من كبار أمراء أَحْمَد بْن طولون، وهو الَّذِي هزم أَبَا الْعَبَّاس بْن الموفَّق بفلسطين سنة إحدى وسبعين. وكان جليلًا عادلًا مُحَبَّبًا إِلَى أَهْل دمشق. وكان يُعيب على خَمَارَوَيْه بن أحمد اشتغاله بلهوه، ويقول: هَذَا الصَّبيّ لعَّاب، وأنا أكابِدُ الأمر. فبلغ ذلك خُمَارَوَيْه، فخرج من مصر ونزل الرملة واستدعاه، فذهب إِلَى الخدمة، فقام وذبحه بيده. وبلغ ذلك أَهْل دمشق، فحزنوا عليه، ولعنوا خُمَارَوَيْه وخرجوا عليه، وسبّوه على منبر دمشق. وبعث إليهم أميرًا، فطردوه وكاتبوا الموفَّق، وأقاموا المآتم على الأعسر. قُتِلَ إلى رحمة الله سنة ثلاثٍ، وقِيلَ: سنة خمسٍ وسبعين. 385- سعدون بْن سُهَيل بْن أبي ذؤيب العكّاويّ2. عن: أَبِيهِ عن شَيْبَان النَّحويّ. وعنه: الطَّبرانيّ. 386- سَعِيد بْن سعد بْن أيوب. أبو عُثْمَان البخاريّ3، نزيل الرّيّ.   1 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 117". 2 في عداد المجهولين. 3 الجرح والتعديل "4/ 32". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 248 عن: أبي نُعَيْم، والقَعْنَبيّ، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وعَمْرو بْن مرزوق، وطائفة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وأبو الْحَسَن بْن سَلَمَةَ القطّان، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق. وقَالَ أبو يَعْلَى الخليليّ: كان له معرفة بالحديث، ومات قبل أبي حاتم بأشهر. قَالَ أبو الحجاج الحافظ: وَهِم الحافظ أيضًا وذكر أنّ ق. روى عن هَذَا، وإنّما الَّذِي يروي عنه أبو الحسن القطان. وللقطان زيادات كثيرة عن الأسانيد فِي كتاب ابنِ ماجه. ويدلّ على هذا أنّ الرجل لا وجود له فِي سُنَن ابنِ ماجة من طريق إِبْرَاهِيم بْن دينار عن المصنّف. 387- سَعِيد بْن مَسْعُود المَرْوَزِيُّ1. عن: النضَّر بْن شُمَيْل، ويزيد بْن هارون، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وشبانة، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد، وأزهر بْن سعد، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب، وعُمَر بْن أَحْمَد بن مالك، ومحمد بْن نصر المَرْوَزِيُّ، وأهل مَرْو. وكان صاحب حديث. وحديثه يقع عاليًا لأبي الوفا محمود بْن مندم. ذكره الحاكم فِي الكنى فقال: أبو عُثْمَان سَعِيد بْن مَسْعُود بْن عَبْد الرَّحْمَن السُّلميّ المَرْوَزِيُّ. 388- سَعِيد بْن نَمِر2. الفقيه أبو عُثْمَان الغافقيّ الأندلسيّ الأكثيريّ، صاحب سَحْنُون. كان من أعيان المالكيّة بالأندلس. روى عن: يحيى بْن يحيى، وعبد الملك بن حبيب، وسعيد بن حِبّان. ورحل إليه الطَّلبة وحملوا عَنْهُ. وتُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين.   1 الثقات لابن حبان "8/ 271، 272". 2 جذوة المقتبس "483". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 249 389- سَعِيد بْن يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مُزَيْن1. مَوْلَى رملة بِنْت عُثْمَان بْن عفّان. من فقهاء الأندلس. وأبوه ممّن يروي عن مُطَرِّف، والقَعْنَبيّ. وأخوه الْحَسَن بْن يحيى مات بعده، مات سَعِيد سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. وأخوهما جَعْفَر بْن يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مزين، يروي عن محمد بْن وضّاح، وغيره. وكان فقيهًا مقدَّمًا. مات سنة إحدى وسبعين ومائتين. 390- سُفْيَان بْن شعيب الدّمشقيّ2. مَوْلَى بني أُميّة. عن: محمد بْن عُثْمَان الكَفَرْسُوسيّ، وصّفْوان بْن صالح، وغيرهما. وعنه: محمد بْن جَعْفَر بن ملاس، ومحمد بْن أبي حُذَيْفة. وتُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 391- سَلَمَةُ بْن أَحْمَد بْن محمد بن مجاشع السَّمرقنديّ3. حدَّث ببغداد عن: خَالِد بْن يزيد العُمريّ. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وجماعة. وَفِي حديثه مناكير. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. 392- سُلَيْمَان بْن الأشعث بْن إِسْحَاق بْن بشير بْن شدّاد بْن عَمْرو بْن عِمْرَانَ. الْإِمَام أبو دَاوُد الأزْديّ السّجستانيّ4، صاحب السُّنن.   1 جذوة المقتبس "487". 2 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 183". 3 الميزان "2/ 188". 4 وفيات الأعيان "2/ 404"، والسير "13/ 203". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 250 قَالَ أبو عُبَيْد الآجُريّ: سمعته يقول: وُلدتُ سنة اثنتين ومائتين. وصلَّيت على عفّان ببغداد سنة عشرين. قلت: مات فِي ربيع الآخر. قَالَ: ودخلت البصرة وهم يقولون: أمس مات عُثْمَان بْن الهيثم المؤذِّن. قلت: مات فِي رجب سنة عشرين. قَالَ: سمعتُ من أبي عُمَر الضّرير مجلسًا واحدًا. قلت: مات فِي شعبان من السنة بالبصرة. قال: وتبعت عمر بن حفص بن غِياث إِلَى منزله، ولم أسمع منه. وسمعت من سعدون مجلسًا واحدًا، ومن عاصم بْن عليّ مجلسًا واحدًا. قَالَ أبو عِيسَى الأزرق: سمعتُ أَبَا دَاوُد يقول: دخلت الكوفة سنة إحدى وعشرين، ومضيت إِلَى منزل عُمَر بْن حَفْص، فلم يُقْضَ لي السّماع منه. قلت: وسمع من: القعْنَبيّ، وسليمان بْن حرب، وجماعة بمكّة سنة عشرين أيّام الحج. وسمع من: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وعُبَيْد الله بْن رجاء، وأبي الْوَلِيد، وأبي سَلَمَةَ التبوذكيّ، وخلْق بالبصرة. ومن: الْحَسَن بْن الرَّبِيع البُورانيّ، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ، وطائفة بالكوفة. ومن: صفوان بْن صالح، وهشام بْن عمّار، وطائفة بدمشق. ومن: قُتَيْبَةَ، وابن رَاهَوَيْه، وطائفة بخراسان. ومن: أبي جَعْفَر النُّفَيْليّ، وطائفة بالجزيرة. ومن خلقٍ بالحجاز، ومصر، والشام، والثَّغر، وخُراسان. وسمع من: أبي تَوْبَة الرَّبِيع بْن نافع، بحلب. ومن: أَحْمَد بْن أبي شعيب بحَرّان، وحيَّوة، ويزيد بْن عَبْد ربّه، بحمص. وعنه: ن. وابنه أبو بكر. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 251 وروى عَنْهُ سُنَنَه: أبو عليّ اللّؤْلُؤيّ، وأبو بَكْر بْن داسة، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ بقولٍ له، وعليّ بْن الْحَسَن بْن العبد، وأبو أسامة محمد بْن عَبْد الملك الرّوّاس، وأبو سالم محمد بْن سَعِيد الْجُلُوديّ، وأبو عُمَر، وأحمد بْن عليّ، وغيرهم. وروى عَنْهُ من الحفَاظ: أبو عَوَانَة الأسْفَرائينيّ، وأبو بِشْر الدُّولابيّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وأبو بَكْر الخلّال، وعبدان الأهوزيّ، وزكريّا السّاجيّ، وطائفة. ومن الشيوخ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، ومحمد بْن يحيى الصُّوليّ، وأبو بَكْر النّجّاد، وأحمد بن جعفر الأشعريّ، وعبد الله ابن أخي أبي زُرْعة الرَّازيّ، وعبد الله بْن محمد بْن يعقوب الْبُخَارِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يعقوب المتولّيّ، وخلْق. وكتب عَنْهُ الْإِمَام أحمد شيخه حديث المغيرة. ويقال: إنّه صنَّف السُّنن فعرضه على الْإِمَام أَحْمَد، فاستجاده واستحسنه. وروى إِسْمَاعِيل الصّفّار عن أبي بَكْر الصَّنعانيّ قَالَ: لُيِّنَ لأبي دَاوُد السّجِسْتانيّ الحديثُ، كما لُيِّنَ لداود الحديدُ. وقَالَ أبو عُمَر الزّاهد: قَالَ إِبْرَاهِيم الحربيّ: أُلِين لأبي دَاوُد الحديثُ كما أُلينَ لداود عليه السلام الحديد. وقَالَ مُوسَى بْن هارون الحافظ: خُلِق أبو دَاوُد فِي الدُّنيا للحديث، وَفِي الآخرة للجنَّة. ما رأيت أفضل منه. وقَالَ ابنُ داسة: سمعت أَبَا داود يقول: كتبت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمسمائة ألف حديث، وانتخبت منها ما ضمّنته كتاب السُّنن. جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصّحيح وما يشبهه ويُقاربه. فإنْ كان فِيهِ وَهَن شديد بيَّنته. قلت: وقَالَ رحمه الله بذلك فإنّ يبيّن الضّعيف الظّاهر، ويسكت عن الضّعيف المحتمل. فَمَا سكت لا يكون حَسَنًا عنده ولا بدّ، بل قد يكون فِيهِ ضعفٌ ما. وقَالَ زكريا السّاجيّ: كتاب الله أصل الْإِسْلَام، كتاب أبي دَاوُد عهد الْإِسْلَام. وقَالَ أَحْمَد بْن محمد بْن ياسين الهَرَوي فِي تاريخ هَرَاة: أبو دَاوُد السِّجْزيّ كان أحد حُفاظ الْإِسْلَام لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعلمه وعلله، وسنده، في أعلى درجة النّسْك والعَفاف والصَّلاح والورع. من فُرْسان الحديث. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 252 قلت: وتفقَّه بأحمد بْن حنبل، ولازمه مدّة. وكان من نُجَباء أصحابه، ومن جلَّة فُقَهاء زمانه، مع التقدُّم فِي الحديث والزُّهد. روى أبو مُعَاوِيَة، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ، عن عَبْد الله أنّه كَانَ يشبَّه بالنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هدْيِهِ ودَلِّهِ. وكان علقمة يشبَّه بابن مَسْعُود. قَالَ جرير بْن عَبْد الحميد: وكان إِبْرَاهِيم يشبَّه بعَلْقَمة، وكان مَنْصُور يشبّه بإبراهيم. وقَالَ غيره: كان سُفْيَان الثَّوريّ يشبّه بمنصور، وكان وكيع يشبّه بسفيان، وكان أحمد بن حبل يشبّه بوكيع، وكان أبو دَاوُد يشبّه بأحمد. وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو دَاوُد هُوَ إمام أَهْل الحديث فِي عصره بلا مُدَافعة. كتب بخُراسان قبل خروجه إلى العراق فِي بلده، وَفِي هَرَاة؛ وكتب ببغداد عن قُتَيْبَةَ، وبالرِّيِّ عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى. وقد كتب قديمًا بنيْسابور، ثُمَّ رحل بابنه إِلَى خُراسان. كذا قَالَ الحاكم. وأمّا القاضي شمس الدين بْن خلكان فقال: سَجِسْتان قرية من قرى البصرة. قلت: سِجِسْتان إقليم منفرد متاخم لبلاد السِّنْد، يُذْهَبُ إليه من ناحية هراة. وقد قَيِل: إنّ أَبَا دَاوُد من سَجِسْتان، قرية من قرى البصرة؛ وهذا ليس بشيء. بل دخل بغداد قبل أن يجيء إِلَى البصرة. وقَالَ الخطّابيّ: حدَّثني عَبْد الله بْن محمد الْمَكِّيّ: حَدَّثَنِي أبو بَكْر بْن جَابِر خادم أبي دَاوُد رحمه الله قَالَ: كنتُ مع أبي دَاوُد ببغداد، فصلَّينا المغرب، فجاءه الأمير أبو أَحْمَد الموفَّق فدخل، ثُمَّ أقبل عليه أبو دَاوُد فقال: ما جاء بالأمير فِي مثلِ هَذَا الوقت؟ قَالَ: خلالٌ ثلاث. قَالَ: وما هِيَ؟ قَالَ: تنتقل إِلَى البصرة فتتّخذها وطنًا ليرحل إليك طلبة العلم، فتعمر بك، فإنّها قد خربت وانقطع عَنْهَا النّاس، لِما جرى عليها من منة الزَّنج. فقال: هَذِهِ واحدة. قَالَ: وتروي لأولادي السُّنن. فقال: نعم، هاتِ الثالثة. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 253 قَالَ: وتُفرد لهم مجلسًا، فإنّ أولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامّة. قَالَ: أمّا هَذِهِ فلا سبيل إليها؛ لأنّ النّاس فِي العلم سواء. قَالَ ابنُ جَابِر: فكانوا يحضرون ويقعدون فِي كمٍّ ضُرِب عليه ستْر، ويسمعون مع العامّة. وقَالَ ابنُ دَاسَة: كان لأبي دَاوُد كمٌّ واسع وكمٌّ ضيّق، فَقِيلَ له فِي ذلك، فقال: الواسع للكُتُب، والآخر لا يُحتاج إليه. وقَالَ أبو بَكْر الخلّال: أبو دَاوُد الْإِمَام المقدَّم فِي زمانه لم يسبق إِلَى معرفته بتخريج العلوم وصره بمواضعه. رَجُل ورع مقدَّم. كان أبو بَكْر بْن صدقة وإبراهيم الإصبهانيّ يرفعون من قَدْره، ويذكرونه بما لا يذكرون أحدًا فِي زمانه مثله. وقَالَ أبو بَكْر بْن أبي دَاوُد: سمعت أبي يقول: خير الكلام ما دخل فِي الأذُن بغير إذن. وقَالَ أبو دَاوُد فِي سُنَنه: شَبَرْت قِثّاءةً بمصر ثلاثة عشر شِبْرًا، ورأيت اترجَّةً على بعيرٍ قُطِعَتْ قطعتين، وعُمِلت مثل عِدْلين. قَالَ أبو دَاوُد: دخلت دمشق سنة اثنتين وعشرين. وقَالَ أبو عُبَيْد الآجُرِيّ: تُوُفِّيَ في سادس عشر شوّال سنة خمسٍ وسبعين. قلت: آخر من روى حديثه عاليًا سِبْط السِّلَفيّ. وقع كتاب الناسخ والمنسوخ له بعُلُوٍّ من طريق السِّلَفيّ. 393- سُلَيْمَان بْن الرَّبِيع النَّهديّ1. أبو محمد الكوفيّ. عن: أبي نُعَيْم. وعنه: ابنُ صاعد، ومحمد بْن مَخْلد. ضعّفه الدَّارقطنيّ. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين.   1 انظر: تاريخ بغداد "9/ 54، 55". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 254 394- سُلَيْمَان بْن سيف بْن يحيى بْن درهم الطّائيّ1. مولاهم الحافظ أبو دَاوُد الحرّانيّ. سمع: يزيد بْن هارون، وسعيد بْن عامر الضُّبعي، وجعفر بْن عون، والحسن بْن محمد بْن أَعْيَن، وعبد الله بْن بَكْر السَّهميّ، ومحاضر بن الورع، ووهب بن جرير، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، وخلقا كثيرا. وعنه: ن. وقال: ثقة؛ وأبو عروبة الحراني، ومكحول البيروتي، وأبو عوانة، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبو نعيم الجرجاني، وأبو علي محمد بن سعيد الحراني، وأحمد بن عمرو بن جابر الرملي، وهاشم بن أحمد بن مسرور النَّصيبيّ، وحفيده أبو عليّ أحمد بن محمد بن سليمان، وطائفة. قال ابن عقدة: مات في شعبان سنة اثنتين وسبعين. قلت: وقع لي حديث من موافقاته العالية، وأظنّ أنه جاوز التّسعين. وكان من أئمّة هَذَا الشأن. 395- سُلَيْمَان بْن شعيب بْن سُلَيْمَان بْن كَيْسان. أبو محمد الكَيْسانيّ المصريّ2. عن: بشر بن التنيسي، وأسد بن موسى، وطائفة. وعنه: محمد بن أَحْمَد العامريّ المصريّ، وعليّ بْن محمد الواعظ، وآخرون. وكان موثَّقًا. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 396- سُلَيْمَان بْن محمد بْن حسّان الْمَوْصِلِيّ الحنّاط3. عن: عَبْد الوهاب بْن عطاء، وعبد الوهاب بْن بُكَيْر السَّهميّ، ورَوْح بْن عُبَادة، وغيرهم.   1 السير "13/ 147"، التهذيب "4/ 199". 2 تاريخ جرجان "527". 3 لم نقف عليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 255 قَالَ أبو زكريّا الأزْديّ: ثنا عَنْهُ العلاء بْن أيوب. وتُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. قلت: ذكر له حديثًا واهيًا. 397- سُلَيْمَان بْن وهب بْن سَعِيد1. أَبُو أيوب الكاتب. أخو الْحَسَن بْن وهب. كانا من أجلّاء بغداد وفُضلائها. وكان سُلَيْمَان جوادًا ممدَّحًا سرِيًّا، كامل الرّياسة وافر الأدب. له ديوان ترسُّل. وكذا لأخيه ديوان رسائل وشعر. وقد وزر سُلَيْمَان للمعتمد على الله. وفيه يقول البُحْتُريّ الشاعر: كلُّ شعبٍ كنتم به آل وهبٍ ... فهو شِعْبي وشِعْب كلّ أديب إنّ قلبي لكم كالكَبِد الحرَّى ... وقلبي لغيركم كالقُلُوبِ تُوُفِّيَ الوزير أبو أيوب سنة اثنتين وسبعين فِي صفر؛ ومات فِي حَبْس الموفَّق. 398- سهل بْن عَبْد الله بْن الفرُّخان الإصبهانيّ الزّاهد2. أبو طاهر. رحل فِي العلم إِلَى الشّام. وسمع: سُلَيْمَان ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّريّ العسقلاني، ومحمد بْن مصفَّى، وحَرْمَلَةَ، وصفوان بْن صالح، وهشام بْن عمّار وعنه: محمد بْن أَحْمَد بن زيد الزُّهْرِيّ، ومحمد بْن عَبْد الله الصّفّار، وأبو علي الصحاف، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف، وجماعة من أَهْل أصفهان. وكان كبير القدْر. ويقال إنّه من الأبدال.   1 السير "13/ 127". 2 الحلية "10/ 212"، والسير "13/ 333". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 256 وقد سمع أبو نُعَيْم الحافظ من أصحابه، وقَالَ: مات سنة ستٍّ وسبعين، رحمه الله تعالى. وكان مُجاب الدَّعوة. كان أَهْل بلدنا مفْزَعهم إِلَى دعائه. له آثار مشهورة فِي إجابة دعوة الدّعاء. وأمّا رفيع حاله من إدمان الذكر والمشاهدة والحضور والمسامرة والتحريّ من حضور النَّفس، فشائع ذائع. حُكِيَ ذلك عن مشايخنا. وهو أول من حمل من علم الشّافعيّ مختصر حَرْمَلَة. لقي أَحْمَد بْن عاصم، وأحمد بْن أبي الحواري، وعبد الله بْن خُبَيْق. وكتب الكُتُب. 399- سهل بْن عَبْد الله السّرِيّ الزّاهد1. شيخ الصُّوفيّة. يُقَالُ: مات سنة ثلاثٍ وسبعين، ويُذكر فِي الطبقة الآتية. 400- سهل بْن مهران. أبو بِشْر الْبَغْدَادِيّ الدّقّاق2. نزيل نَيْسابور. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وهوذة بْن خليفة، وأبا عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن عَبْدُوس، ومحمد بْن صالح بْن هانئ. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين ومائتين. 401- سوّادة بن عليّ. أبو الحسين الأحمسيّ الكوفيّ3. قدِم بغداد وحدَّث عن أبي نُعَيْم. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، وغيره، ون. ضعّفه الدَّارقطنيّ. وكان سِبْط عَبْد الله بْن نُمَيْر. توفّي سنة ثمانين ومائتين.   1 تأتي ترجمته. 2 تاريخ بغداد "9/ 118". 3 تاريخ بغداد "9/ 233". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 257 "حرف الشين": 402- شعيب بْن بكّار الْمَوْصِلِيّ المؤِّدب1. عن: أبي عاصم، وأبي نُعَيْم. وعنه: الْحُسَيْن بْن عَبْد الحميد الخرقيّ، وغيره. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 403- شعيب بْن اللَّيث. أبو صالح السَّمرقنديّ2. سمع: إِبْرَاهِيم بن المنذر، والحِزَاميّ، وأبا مُصْعَب الزُّهريّ، ومحمد بْن سلّام، وجماعة. ويقال له الشَّرعبيّ. وشرعب قرية من عمل بُخَاري. وروى عَنْهُ: محمد بْن أَحْمَد بْن مردك، وأحمد بْن حاتم، وغيرهما. تُوُفِّيَ فِي رجب سنة اثنتين أيضًا. "حرف الطاء": 404- طُفَيْلُ بْن زَيْد بْن طُفَيْلِ بْن شريك3. القاضي أبو زَيْد التّميميّ النَّسفيّ، قاضي نَسَف وعالمها. رحل فِي طلب العلم. وروى عن: يحيى بن بُكَيْر. ورأى سُلَيْمَان بْن حرب. وعنه: حفيده عَبْد المؤمن بْن خلف، وأهل نَسَف. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين.   1 الكامل "7/ 421". 2 انظر: تاريخ الطبري "3/ 168، 197". 3 هو في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 258 "حرف العين": 405- عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد بْن اللَّيث. أبو اللَّيث القَتْبانيّ الْمَصْرِيّ1. من أكابر المصريّين وفُضَلائهم. روى عن: جدّه، وعن: يحيى بْن بُكَيْر. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 406- عَبَّاس بْن عَبْد الله بْن الْعَبَّاس بْن السَّنْديّ2. أبو الْحَارِث الّأسديّ الأنطاكيّ. عن: الهيثم بْن جميل الأنطاكيّ، والقَعْنَبيّ، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وأبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وأبي صالح كاتب اللَّيث، وخلق. وعنه: ن، وأبو عوانة، وأحمد بْن مهران الفارسيّ، وأبو جعفر العقيلي، وأبو الطَّيّب محمد بن حميد الحوراني، وجماعة. قال النَّسائي: لا بأس به. 407- الْعَبَّاس بْن الفضل بْن رُشَيْد الطَّبريّ3. أبو الفضل. نزل بغداد، وحدَّث عن: محمد بْن مُصْعَب القَرْقِسانيّ، وسَعْدَوَيْه الواسطي، وجماعة. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وابن نَجِيح، وجماعة. قَالَ الدَّارقطنيّ: صدوق. قلت: تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 408- عَبَّاس بْن محمد بْن حاتم الحافظ. أبو الفضل الدُّوريّ. مولى بني هاشم.   1 انظر السابق، و"حسن المحاضرة". 2 التهذيب "5/ 119". 3 انظر: تاريخ دمشق "12/ 147". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 259 محدِّث بغداد فِي وقته. وُلِدَ سنة خمسٍ وثمانين ومائة. وسمع: الْحُسَيْن بْن عليّ الجعفيّ، وأبا النَّضر هاشم بْن القاسم، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهري، وأبا دَاوُد الطَّيالسيّ، وعبد الوهاب بْن عطاء، ويحيى بْن أبي بُكَيْر الكرماني، وعبيد الكرمانيّ، وعبيد الله بن موسى، وشبانة بْن سوّار، وطبقتهم. ولزم يحيى بْن معين دهرًا وأكثر عَنْهُ، وسأله عن الرجال. وعنه: د. ت. ق. ن. وقَالَ: ثقة؛ وأبو جَعْفَر البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصّفّار، وحمزة بن محمد بن الدهقان، وأبو العباس الأصم وقَالَ: لم أر فِي مشايخي أحسن حديثًا منه. قلت: وروى عَنْهُ خلْق من الغرباء والرحالة. وتُوُفِّيَ فِي صفر سنة إحدى وسبعين ومائتين. 409- الْعَبَّاس بْن نُعَيْم البوسَنْجيّ. سكن بغداد، وصحب الْإِمَام أَحْمَد. وتزوّج امرأةً، فبقي معها أربعين سنة، فاتّفق أنهما مرضا وماتا فِي ساعةٍ واحدةٍ، فِي شهر رجب سنة ثلاثٍ وسبعين. 410- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن شبَّويه. أبو عَبْد الرَّحْمَن المَرْوَزِيُّ1. قد تقدَّمت ترجمته فيما مضى. وذكر بعضهم أنه تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 411- عامر بْن محمد المتقمّر الْبَغْدَادِيّ. أبو نصر الكوّاز2. عن: كامل بْن طَلْحَةَ، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن خُزَيْمَة، وعبد الله الخُراسانيّ. وكان شاهدًا.   1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 16". 2 تاريخ بغداد "12/ 239". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 260 412- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن كثير. أبو الْعَبَّاس العبْديّ1. عن: عفّان، ومُسند بْن إِبْرَاهِيم، وأبي الْوَلِيد، وأحمد بْن نصر الخُزَاعيّ، وطائفة. وعنه: محمد بْن الْعَبَّاس بْن نجيح، وأحمد بْن الفضل بْن خُزَيْمَة، وعبد الله الخراسانيّ، وابن قانع، وأحمد بْن جَعْفَر بْن حمدان السَّقطيّ لا القَطيعيّ، فَإِنّ القَطيعيّ لم يلحقه. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كتب إليَّ بجزءٍ من حديثه، وكان صدوقًا. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة. وقَالَ ابنُ قانع، وابن عُقْدة، وابن المنادي: تُوُفِّيَ فِي ربيع الأول سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 413- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن زكريا بْن أبي مسرة. أبو يحيى المكّيّ2. سمع: أَبَا عَبْد الرَّحْمَن عَبْد الله بْن يزيد الْمُقْرِئ، وعثمان بْن أبان اللُّؤلؤيّ، ويحيى بن محمد الحارثيّ، ويحيى ابن قَزَعَة. وعنه: خيثمة بْن سُلَيْمَان، وأبو محمد الفاطميّ، وأبو القاسم البغويّ، ويعقوب بْن يوسف العاصميّ. تُوُفِّيَ بمكّة فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وسبعين. 414- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن يزيد. أبو محمد الشَّيبانيّ الإصبهانيّ المؤذّن3. عن: حاتم بْن عُبَيْد الله، وبكر بْن بكّار، وأبي بكر بن بكّار الحميديّ، وطائفة.   1 تاريخ بغداد "9/ 371". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 6". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 55". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 261 وعنه: محمد بْن الْحَسَن بْن المهلَّب، وأبو عليّ بْن عاصم، وأحمد بْن محمد بْن نصير الأصبهانيّ. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ أيضًا. 415- عَبْد الله بْن بِشْر بْن عُمَيْرة البكْريّ الوائليّ الطّالْقانيّ1. عن: أَحْمَد بْن حنبل، وسعيد بْن رحمة المِصِّيصيّ، وعليّ بْن حُجْر، وخلْق. وعنه: أبو الْعَبَّاس الدُّغوليّ، ومحمد بْن صالح بْن هانئ، ومحمد بْن الأصرم، ومحمد بْن أَحْمَد المحبوبيّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. قَالَ الحاكم: هُوَ مجوّد عن الشّاميّين. 416- عَبْد الله بْن محاضر عبدوس الْبَغْدَادِيّ2. عن: محمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وقُبَيْصة بْن عُقْبَة. وعنه: محمد بْن يوسف الهرويّ، وأبو بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ليس بالقويّ. 417- عَبْد الله بْن حسن بْن محمد بْن إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس. الهاشميّ السّامُرّيّ3. عن: رَوْح بْن عُبَادة، وعبد الله بْن بَكْر، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر الخرائطيّ، وصَدقَة الخُراسانيّ، وآخرون. وثَّقه الخطيب. وتُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين بسامراء. ورّخه ابنُ قانع.   1 الجرح والتعديل "5/ 14". 2 تاريخ بغداد "9/ 448". 3 انظر: تاريخ بغداد "9/ 434، 435". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 262 418- عَبْد الله بْن حَمَّاد بْن أيّوب1 الحافظ أبو عَبْد الرَّحْمَن الآمُليّ، آمُل جَيْحُون الّتي من أعمال مَرْو. ويقال الَأمُويّ؛ لأنّها تُسمّى أيضًا أَمُو. سمع: سَعِيد بْن أبي مريم، وسليمان بْن حرب، ويحيى بْن صالح الوُحَاظيّ، وأبا الجماهر محمد بْن عُثْمَان، والقَعْنَبيّ، وأبا اليمان، ويحيى بْن معين فِي غالب الظّنّ؛ فإنّه قَالَ فِي الصّحيح: ثنا عَبْد الله، ثنا يحيى بْن معين، فذكر حديثًا. وقَالَ: ثنا عَبْد الله، أَنَا سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن. وقد سمع الآمُليّ من المذكورين. وروى عَنْهُ طائفة، منهم: عُمَر بْن محمد بْن بُجَيْر فِي مُسْنَده، والهيثم بْن كُلَيْب فِي مُسْنَده، وإبراهيم بْن خُزَيْمَة الشّاشيّ، والقاضي المَحَامِليّ، وعبد الله بْن محمد بن يعقوب الْبُخَارِيّ الفقيه. تُوُفِّيَ فِي رجب سنة ثلاثٍ وسبعين. وقِيلَ: فِي ربيع الآخر سنة تسع وستّين ومائتين. 419- عَبْد الله بْن رَوْح المدائني2. أبو محمد وقِيلَ: إنّه كان يُعرف بعَبْدوس. قَالَ: وُلِدت يوم قُتِلَ جَعْفَر البرمكيّ سنة سبعٍ وثمانين ومائة. سمع: زَيْد بْن هارون وأبا بدْر شجاع بن الوليد، وشبانة بْن سوار، وجماعة. وعنه: أبو سهل القطّان، ومُكْرَم بْن أَحْمَد، وأحمد بْن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ليس بِهِ بأس. 420- عَبْد الله بْن عَمْرو بْن أبي سعد الْبَغْدَادِيّ الورّاق3.   1 تاريخ بغداد "9/ 444، 445". 2 السير "13/ 5"، واللسان "3/ 286". 3 انظر: تاريخ بغداد "10/ 25، 26". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 263 عن: حُسَيْن المَرْوَزِيُّ، وهَوْذَة بْن خليفة، وعفّان، وخلق. وعنه: حسين الكوكبيّ، المحامليّ، وعثمان بْن السّمّاك، وجماعة. قَالَ الخطيب: ثقة إخباريّ، صاحب مُلَح. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. قلت: عَبْد الله بْن أبي سعد الورّاق وُلِدَ سنة سبعٍ وتسعين ومائة، واسمه عَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن هلال الْأَنْصَارِيّ البلْخيّ الأصل، الْبَغْدَادِيّ. 421- عَبْد الله بْن غافق. أبو عَبْد الرَّحْمَن التُّونسيّ الفقيه المالكيّ1. إمام مشهور معدود من أصحاب سَحْنُون. عُرِض عليه قضاء القيروان فامتنع. وكان عالمًا ناسكًا مهيبًا. ذكر الشَّيْخ أبو إِسْحَاق أنّه من أَهْل إفريقية، وأنّ اعتماد أَهْل بلده فِي الفتوى عليه. وأنه تفقَّه بعليّ بْن زياد التُّونسيّ، فَوَهِمَ فِي هَذِهِ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين، وقِيلَ: سنة سبعٍ. 422- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حبيب. أبو رفاعة العدويّ البصريّ2. عن: سعد بن شعبة بن الحجّاج، وإبراهيم بْن بشّار الرّماديّ، وجماعة. وعنه: ابنُ مَخْلَد العطار، ومحمد بْن عَبْد الملك التّاريخيّ، وغيرهما. وثَّقه الخطيب. وتُوُفِّيَ بشِمْشاط سنة إحدى وسبعين. 432- عَبْد الله بْن محمد بْن لاحق. أبو محمد البغداديّ البزّاز المقرئ3.   1 يُنظر في "ترتيب المدارك" للقاضي عياض. 2 تاريخ بغداد "10/ 83، 84". 3 انظر: تاريخ بغداد "10/ 84". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 264 سمع: يزيد بْن هارون، ورَوْح بْن عُبَادة. وعنه: ابن صاعد، عليّ بْن إِسْحَاق المادرائيّ، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 424- عَبْد الله بْن محمد بْن الفضل الصداويّ1. روى عن: يحيى بْن أيّوب المقابريّ، ومحمد بْن بشّار، ومحمد بْن صالح الهاشميّ. وعنه: أبو حاتم الرَّازيّ وهو أكبر منه، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم. وكان صاحب سنَّة. 425- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن محمد البكراويّ2. عن: محمد بْن كثير، وعبد الله بْن رجاء. وعنه: ابنُ مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر المطيري، وغيرهم. 426- عَبْد الله بْن محمد بْن يزيد الحنفي المَرْوَزِيُّ3. حدَّث ببغداد. عن عَبْدان المَرْوَزِيُّ، وجماعة. وعنه: ابن مخلد، والمكيري، ابن نجيح. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وقِيلَ: سنة سبعٍ. وثقه الخطيب.   1 الجرح والتعديل "5/ 163". 2 تاريخ بغداد "10/ 85". 3 تاريخ بغداد "10/ 85، 86". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 265 427- عَبْد الله بْن محمد بْن عُبَيْدة الْبَغْدَادِيّ1. عن: عليّ بْن المَدِينيّ، وسليمان الشّاذكونيّ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وعثمان بْن سهل، وأبو بَكْر النّجّاد. 428- عَبْد الله بْن محمد بْن صالح الأسديّ بْن عُمَيْرة بْن بِشْر بْن مُوسَى2. روى عن: خالد بن خداش، وأحمد ابن حنل. روى عَنْهُ: أبو زُرْعة، وأبو حاتم مع تقدُّمهما؛ وأحمد بْن محمد الأسديّ. وكان ثقة. 429- عَبْد الله بْن سِنَان. أبو محمد السَّعديّ الرَّوحيّ البصريّ. قاضي الدِّينور3. روى عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وعبد الله بْن رجاء، وأبي الْوَلِيد. وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وجماعة. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: متروك. وقَالَ أبو نُعَيْم الإصبهانيّ: كان يضع الحديث. وقَالَ كثيرٌ غيره: وضع كثيرًا على رَوْح بْن القاسم. 430- عَبْد الله بْن محمد بْن محاضر4. ولقبه: عبدوس. روى عن: محمد بن عبد الله الأنصاري، وغيره.   1 انظر: تاريخ بغداد "10/ 86". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 163"، وتاريخ بغداد "10/ 87". 3 تاريخ بغداد "10/ 87، 88"، الميزان" 2/ 489". 4 سبقت الترجمة له. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 266 وعنه: الطَّستيّ، وأبو بَكْر الشّافعيّ، لكن نَسَبه إِلَى جدّه. 431- عَبْد الله بْن محمد بْن قاسم بن هلال القُرْطُبيّ الفقيه1. رحل وأخذ الأندلس كُتُب دَاوُد. وكان عارفًا بمذهب مالك، فقيه النَّفس. روى عَنْهُ: محمد بْن عَبْد الملك بْن أَعْيَن، وقاسم بْن أَصْبَغ، ومحمد بْن قاسم، وغيرهم. وتُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين كَهْلًا. 432- عَبْد الله بْن مُسْلِم بْن قُتَيْبَةَ2. أبو محمد الدِّينوريّ، وقِيلَ: المَرْوَزِيُّ الكاتب. نزيل بغداد. أحب التّصانيف. حدَّث عن: إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، ومحمد بن زاد الزِّياديّ، وزياد بن يحيى السجسّتانيّ، وأبي حاتم السِّجستانيّ، وغيرهم. وعنه: ابنه القاضي أَحْمَد، وعُبَيْد الله السُّكَّريّ، وعُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن بَكْر، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن دُرُسْتُوَيْه، وغيرهم. وكان مولده سنة ثلاث عشرة ومائتين. قَالَ الخطيب: كان ثقة ديِّنًا فاضلًا. ذكر تصانيفه: صنَّف غريب القرآن، وغريب الحديث، وكتاب المعارف، وكتاب مُشْكل القرآن، وكتاب مشكل الحديث، وكتاب أدب وكتاب، وكتاب عيون الأخبار، وكتاب طبقات الشُّعراء، وكتاب أدب الغَلَط، وكتاب الفرس، وكتاب الهجو، وكتاب المسائل،   1 انظر: تاريخ علماء الأندلس "1/ 219". 2 انظر: وفيات الأعيان "3/ 42، 44"، السير "13/ 296". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 267 وكتاب أعلام النبوَّة، وكتاب المسيرة، وكتاب الإبل، وكتاب الوحش، وكتاب الرّؤْيا، وكتاب الفقه، وكتاب معاني الشِّعر، وكتاب جامع النَّحو، وكتاب الصيام، وكتاب الرّدّ على من يقول بخلْق القرآن، وكتاب أدب القاضي، وكتاب إعراب القرآن، وكتاب القرآن، وكتاب الأنوار، وكتاب التّسوية بين العرب والعجم، وكتاب الأشربة. وقد ولي قضاء الدّيمور. وكان عالمًا فِي اللغة العربية والأخبار، وأيّام النّاس. وقَالَ البيهقيّ: كان يرى الكرّامية. ونقل صاحب مرآة الزّمان عن الدّارَقُطْنِيّ أنه قَالَ: كان ابنُ قُتَيْبَةَ يميل إِلَى التشبيه. وقَالَ أحمد بن جعفر المنادي: مات ابنُ قُتَيْبَةَ فجأة؛ صاح صيحة سُمعَتْ من بعدٍ، ثم أُغْمِيَ عليه. وكان أكل هريسةً، فأصاب حرارةً، فبقي إِلَى الظُّهر، ثُمَّ اضطّرب ساعةً، ثُمَّ هدأ. فَمَا يزال يتشهّد إِلَى السَّحر، ومات، سامحه الله. وذلك فِي رجب سنة ستٍّ وسبعين. وَالَّذِي قَيِل عنه في التّشبه لم يصحّ، وإن صحَّ فالنّارُ أَوْلَى به. فَمَا فِي الدِّين مُحاباة. وقَالَ مَسْعُود السّجزيّ: سمعتُ الحاكم يقول: أجمعت الُأمة على أنّ القُتَيْبِيّ كذّاب. وهذه مجازفة بَشِعة من الحاكم. وما علمتُ أحدًا اتَّهم ابنُ قُتَيْبَةَ فِي نقلٍ. مع أنّ أَبَا بَكْر الخطيب قد وثَّقه. وما أعلمُ أحدًا اجتمعت الأمّة على كَذِبه إلّا مُسَيْلمة والدّجّال. غير أن ابنُ قُتَيْبَةَ كثير النقَّل من الصُّحف كَدَأب الإخباريّين. وقلَّ ما روى من الحدَّيث. وكان حَسَن البزَّة، أبيض اللّحية طويلها، ولاه الرّياستين مَظَالم البصرة. وبعد ثورة الزَّنج رجع إلى بغداد وأخذ يضنفّ. حمل عَنْهُ: قاسم بْن أَصْبغ، وغيره. قَالَ حَمَّاد بْن هبة الله الحرّانيّ: سمعت أَبَا طاهر السِّلفيّ يذكر على الحاكم فِي قوله: لا يجوز الرواية عن ابنُ قُتَيْبَةَ، ويقول: ابنُ قُتَيْبَةَ من الثقِّات وأهل السُّنَّة، لكنّ الحاكم قَصَدهُ لأجل المذهب. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 268 433- عَبْد الله بْن مهران. أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ النَّحويّ1. سمع: هَوْذَة بْن خليفة، وعفّان بْن مُسْلِم. وعنه: محمد بْن الْعَبَّاس بْن نَجِيح، وأبو بَكْر الشّافعيّ. وكان ثقة ضريرًا فاضلًا. تُوُفِّيَ سنة سبْعٍ وسبعين ومائتين. 434- عَبْد الله بن هشام. أبو محمد الهمدانيّ التّرذاس عبدويه2. عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلاب، وعليّ بْن محمد بْن عصرويه القَزْوينيّ، وأبو عَمْرو أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المّدِينيّ، والقاسم بْن أبي صالح. وكان صدوقًا مستقيم الأمر. 435- عَبْد الجليل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أيّوب. أبو حاتم الهَرَويّ3. عن: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وقُبَيْصة بْن عُقْبَةَ، وجماعة. وتُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 436- عَبْد الحميد بْن عَبْد الله بْن هانئ. أبو هانئ النَّيسابوريّ4. سمع: أَبَا نُعَيْم وعبد المنعم بن إدريس.   1 انظر: تاريخ بغداد "10/ 178، 179". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 الثقات لابن حبان "8/ 421". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 269 وعنه: الْحَسَن بْن يعقوب، ومحمد بْن عَبْد الله بْن دينار، وغيرهما. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين ومائتين. 437- عَبْد الرَّحْمَن بْن أزهر. أبو الْحَسَن الْبَغْدَادِيّ الأعور1. عن: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وغيره. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ. 438- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خلف الضَّبّيّ الْبَصْرِيّ2. عن: أبي عليّ الحنفيّ، وعبد الله بْن رجاء. وعنه: القاضي المحامليّ، وإسماعيل الصّفّار. توفّي سنة سبعٍ وسبعين أيضًا. 439- عَبْد الرَّحْمَن بْن دَاوُد بْن أبي طيبة. أبو القاسم المصريّ الْمُقْرِئ، مَوْلَى آل عُمَر بْن الخطّاب3. أَخَذَ القراءة عرْضًا على أَبِيهِ. قرأ عليه: محمد بْن عَبْد الرحيم الإصبهانيّ، والحسن بْن عُمَيْر الرُّعَيْنيّ، وعبد الله بن الماء، ومطرِّف بْن عَبْد الرَّحْمَن الأندلسيّ، وآخرون. وكان من أَهْل الإتقان. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 440- عَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن كُوشِيذ. أبو مسلم الإصبهاني التّانيء4   1 تاريخ بغداد "10/ 276". 2 تاريخ بغداد "10/ 275، 276". 3 انظر: غاية النهاية "1/ 386". 4 ذكر أخبار إصبهان "2/ 111، 112". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 270 عن: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكِيع بْن الجرّاح. روى عَنْهُ: محمد بْن القاسم بْن كوفيّ. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين، عن مائة وسبْع سنين. وقِيلَ: بل عاش سبْعًا وتسعين سنة. 441- عَبْد الرَّحْمَن بْن سهل بْن محمود. أبو محمد بْن أبي السَّريّ1. عن: يحيى بْن معين، وغيره. وعنه: الْعَبَّاس الشَّكليّ، ومحمد بْن أَحْمَد الحكيميّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَسَبْعِينَ. 442- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الفضل الهاشميّ الحلبيّ2. عن: آدم بْن أبي إياس. وعنه: مُوسَى بْن عبّاس الْجُويْنيّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ وكنّاه أَبَا القاسم. 443- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور. أبو سَعِيد الحارثيّ الْبَغْدَادِيّ، الْبَصْرِيّ الأصل. ويلقَّب كُرَيْزان3. سمع: يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام، ووهْب بْن جرير، وسالم بْن نوح. وعنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وإسماعيل الصفار، وحمزة الهاشميّ، وأبو جَعْفَر البَخْتَرِيّ، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراسانيّ. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كتبت عنه مع الدي، تكلّموا فِيهِ. سَأَلت أبي عَنْهُ، فقال: شيخ. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ليس بالقوي. مات يوم عيد النَّحر سنة إحدى وسبعين ومائتين.   1 تاريخ بغداد "10/ 276". 2 انظر: تاريخ بغداد "10/ 276". 3 تاريخ بغداد "10/ 273". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 271 444- عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق بْن عطيّة1. أبو عوف الْبَغْدَادِيّ البُزُوريّ. سمع: عَبْد الوهاب بْن عطاء، ورَوْح بْن عُبَادة، وشَبَابة بْن سَوَّار، ويحيى بْن أبي بُكَيْر. وعنه: ابنُ البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو سهل القطّان، وجماعة. قَالَ الدَّارقطنيّ: لا بأس به. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. فأمّا سمّية. 445- أبو عوف عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق بْن عوف2. شيخ طَرَسُوس، كذّاب. قال ابن جبّان: كان يضع الحديث، جدّ محمد بْن المسيّب. ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ بِطَرَسُوسَ: أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ: "لَنْ تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ ثَلاثِينَ مِثْلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، بِهِمْ يُرْزَقُونَ وَبِهِمْ بمطرون". 446- عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن خاقان3. أبو عليّ. من بيت حشمة وتقدُّم. روى عن أحمد بن حنبل مسائل، رواها ابنُ أَخِيهِ أبو مزاحم مُوسَى بْن عُبَيْد الله. 447- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله. أَبُو القَاسِم الهاشميّ4.   1 انظر: تاريخ بغداد "10/ 274، 275". 2 الميزان "2/ 588، 589". 3 تاريخ بغداد "10/ 278". 4 لم نقف عليه، ووثقه الذهبي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 272 عن: عَبْد الله بْن إِبْرَاهِيم الغِفَاريّ، وأبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ. وعنه: محمد بْن الْعَبَّاس، وابن نجيح، وإسماعيل الصّفّار. وكان ثقة. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 448- عَبْد الكريم بْن يعقوب بْن حُمَيْد. أبو القاسم القُرَشيّ القيسرانيّ1. عن: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ. وعنه: الطَّبرانيّ. 549- عَبْد الكريم بن الهيثم بن زياد بن عمان بن يحيى الدَّير عاقوليّ الْبَغْدَادِيّ2. القطّان. طوّف، وكتب الكثير. وسمع: أَبَا نُعَيْم، وسليمان بْن حرب، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وأبا اليمان الحكيم بْن نافع، وأبا بَكْر الحُمَيْديّ، وطبقتهم. وعنه: مُوسَى بْن هارون، وابن صاعد، وابن السّمّاك، وأبو سهل القطّان، وجماعة. قَالَ أَحْمَد بْن كامل: كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة مأمونًا. وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة ثَبْتًا. مات في شعبان سنة ثمانٍ وسبعين. 450- عبيد المجيد بْن إِبْرَاهِيم البُوسَنْجيّ3. قاضي هَرَاة سمع: عَبْد الصَّمد بْن حسّان، وعبد الله بْن حسّان، وعبد الله بْن عُثْمَان، وعَبْدان المَرْوَزِيّين.   1 في عداد المجهولين. 2 انظر: تاريخ بغداد "11/ 78"، وشذرات الذهب "2/ 172". 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 273 وعنه: محمد بْن عَبْد الله بْن مَخْلَد، وغيره. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 451- عَبْد الملك بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الحميد بْن ميمون بن مهران. أبو الْحَسَن الميموني الرَّقّيّ1، صاحب الْإِمَام أَحْمَد. كان من جِلّة الفقهاء وكبار المحدِّثين. سمع: إِسْحَاق الأزرق، ومحمد بن عُبَيْد الطّنافسيّ، ورَوْح بْن عُبَادة، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وحَجّاج بْن محمد الأعور، والقَعْنبيّ. وعنه: ن. ووثّقه، وأبو عوانة، وأبو بَكْر بْن زياد النيَّسابوريّ، وأبو عليّ محمد بْن سَعِيد الحرّانيّ، ومحمد بْن المنذر شكر، وإبراهيم بْن محمد بْن متُّويه. تُوُفِّيَ فِي ربيع الأوّل سنة أربعٍ وسبعين. وكان شيخ بلده ومُفْتيه. 452- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه. أبو قِلابة الرّقاشيّ2. الحافظ العابد، رحمة الله عليه. عُني به أَبُوهُ، وأسمعه فِي صِغَره، وأشغله فِي العلم لِما رَأَى من ذكائه، فإنّه وُلد سنة تسعين ومائة. وسمع: يزيد بن هارون، وعبد الله بن بكر السَّهميّ، وأبا دَاوُد الطَّيالسيّ، ورَوْح بن عُبَادة، وبِشْر بْن عُمَر الزّهْرانيّ، وأبا عامر العَقَديّ، ووهْب بْن جرير، وأبا عاصم النبيل، وخلْقًا سواهم. وعنه: ق. ومحمد بْن إِسْحَاق الصّاغانيّ، وابن صاعد، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر النجاد، وأبو سهل بن زياد، وإبراهيم بن علي الهجيمي، وأحمد بن كامل، وخلقا آخرهم أبو بكر الشافعي. وقع حديثه في السماء علوا لأصحاب ابن طبرزد، وهو مصري سكن بغداد. قال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ لكونه يحدِّث من حفظه.   1 انظر: السير "13/ 89، 90"، والتهذيب "6/ 400". 2 انظر: تاريخ بغداد "10/ 425"، والسير "13/ 117، 179". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 274 وقَالَ ابنُ كامل القاضي: حُكي أنّه كان يصلّي في اليوم واللّيلة أربعمائة رَكْعَةٍ. قَالَ: ويقال إنّه حدَّث من حِفْظه بستّين ألف حديث. قلت: الَّذِي كان يُصلّي أربعمائة ركعة هو والده فيما حكى أَحْمَد العِجْليّ فلعلّه فعل كأبيه. وقَالَ أَبُو عُبَيْد الآجُرّيّ: سألتُ أَبَا دَاوُد عَنْهُ، فقال: رَجُل صدوق أمين مأمون، كتبتُ عَنْهُ. وقَالَ محمد بْن جرير الطَّبريّ: ما زلت أحفظ من أبي قالبة. قلت: مات فِي شوّال سنة ستٍّ وسبعين. 453- عَبْد الواحد بْن شُعَيْب1. قاضي جبلة. عن: أبي اليمان، وسليمان ابنِ بِنْت شُرَحْبيل. وعنه: ابنُ جَوْصا، وخيثمة، وأبو عَمْرو بْن حليم، وجماعة. 454- عَبْد الواحد بْن فُلَيْح بْن رباح2. مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، المكّيّ، وأبو إِسْحَاق مقرئ أَهْل مكّة مع قُنْبُل. وُلِدَ سنة مائتين. وقرأ القرآن على: محمد بْن بزيع، وداود بْن أسد بْن عَبّاد، ومحمد بْن سعدون. قرأ عليه: إِسْحَاق بْن أَحْمَد الخزاعيّ المّكّي، وغيره. 455- عبدة بْن سُلَيْمَان. أبو سهل الْبَصْرِيّ3، نزيل مصر. عن: القعنبيّ، يوسف بْن عدي، وأحمد بْن عَبْد الله بْن يونس، وجماعة.   1 الثقات لابن حبان "8/ 426". 2 ينظر "معرفة القراء الكبار" للذهبي. 3 أخبار القضاة "3/ 13، 18". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 275 وعنه: أسامة بْن عليّ الرَّازيّ، وأبو عوانة الإسفرائينيّ، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 456- عُبَيْد الله بْن رماحس بْن محمد بْن خَالِد بن حبيب بن جبير. أبو محمد القعنبيّ الجشمي1. حدّث برمادة الرَّمْلَةِ عن: زياد بْن طارق الْجَشَميّ. وعنه: أبو النَّجم بدْر الجمّاس الأمير، وأبو القاسم الطَّبَرَانِيّ، وأبو جَعْفَر أَحْمَد بن إِسْمَاعِيل بْن عاصم بْن القاسم، وآخرون. وكان شيخًا معمّرًا جاوز المائة. قَالَ ابنُ عَبْد البرّ فِي شِعْر زُهَير بْن صُرَد: رواه عُبَيْد الله، عن زياد بْن طارق، عن زياد بْن صُرَد، عن أَبِيهِ، عن حدّه زُهَيْر بْن صُرَد. قلت: فهذه علّة قويّة قادحة فِي قول من رواه عَنْهُ، عن زياد بْن طارق، عن زُهَيْر بْن صُرَد. وقد صرّح الطَّبراني فِي روايته، بسماع ابنُ رماحس، من زياد، وبسماع زياد من زُهير بْن صُرَد الصَّحابيّ. وممّن روى عن ابنُ رماح: أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وأبو محمد الْحَسَن بْن زَيْد الْجَعْفريّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن عِيسَى المقْدِسيّ. وبقي إِلَى سنة ثمانين ومائتين. 457- عُبّيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر. أبو القاسم المصريّ2. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ أيضًا فِي آخرها. روى عن: أَبِيهِ، وجماعة. روى عَنْهُ: الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق الإصبهانيّ، وعليّ بن الحسن بن قديد، وآخرون.   1 انظر: تاريخ جرجان "542". 2 الميزان "3/ 9". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 276 قال ابن حبّان: يروي عن الثّقات الأشياء المقلوبات. لا يشبه حديثه حديث الثّقات، ولا يجوز الاحتجاج به. قلت: روى عن ابنُ قُدَيْد، عن أَبِيهِ سَعِيد حكاية إِبْرَاهِيم بْن سعد، أنّه حلف لا يحدِّث بغداد حَتَّى يغّني. وروى عَنْهُ الْحُسَيْن، عن أَبِيهِ، عن مالك، بإسناد الصّحيحين، حديثًا منكرًا جدًا. 458- عُبَيْد الله بْن واصل بْن عَبْد الشَّكور بن زين1. الإمام أبو الفضل الزَّينّ، البطل الشجاع الْبُخَارِيّ الحافظ. رحل وسمع: أَبَا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وعَبْدان بن عُثْمَان المَرْوَزِيُّ، ويحيى بن يحيى التميّميّ، ومسددًا، عبد السلام بْن مطهّر، وَخَلْقًا من طبقتهم. وعنه: محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ وهو أكبر منه، وصالح بن محمد وسبعين، وأهل بُخَارى. وُجِد مقتولًا إِلَى رحمة الله في سنة سبعين، وقِيلَ: فِي سنة اثنتين وسبعين فِي شوّال، فِي وقعة خُوكيجة شهيدًا. ومولده سنة إحدى مائتين، وكان أَبُوهُ ممّن رحل أيضًا، وأدرك ابنُ عُيَيْنَة، وابن وهْب؛ وأكثر عَنْهُ ولده. وآخر من روى عن عُبَيْد الله الأستاذ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الحارثيّ. وكان موصوفًا بالشّجاعة، له شأن بين المجاهدين، رحمه الله تعالى. قَالَ السُّليمانيّ: روى عَنْهُ شيوخنا. قَالَ: وكان الْبُخَارِيّ يفتتح به. لقي: سَعِيد بْن مَنْصُور، وسهل بْن بكّار، وهلال بْن فَيّاض، وسمّى جماعة. 459- عُبَيْد الله بْن محمد بْن يحيى بْن حَمْزَةَ البَتَلْهيّ الدِّمشقيّ2. أخو أحمد بن محمد.   1 السير "13/ 238، 239". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 277 روى عن: أبيه، وأبي الجماهر محمد بْن عُثْمَان، وغيرهما. وعنه: ابنه أَحْمَد بْن عُبَيْد، وابن جَوْصا، وأبو الميمون بْن راشد. تُوُفِّيَ سنة ثمانين ومائتين. 460- عُثْمَان بْن سَعِيد بْن خَالِد بْن سَعِيد الحافظ1. أبو سَعِيد الدّارميّ السِّجستانيّ. محدِّث هَرَاة. وأحد الأعلام. طوَّف الأقاليم، ولقي الكبار، وسمع: أَبَا اليمان الحمصيّ، ويحيى الوُحَاظيّ، وحَيَوة بْن شُرَيْح بحمص. وسعيد بْن أبي مريم، وعبد الغفار بْن دَاوُد الحرّانيّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، وطبقتهم بمصر. وسليمان بْن حرب، وموسى بْن إِسْمَاعِيل التُّبوذكيّ، وخلْقًا بالعراق. وهشام بْن عمّار، وحمّاد بْن مالك الحرستانيّ، وطائفة بدمشق. وأخذ علم الحديث عن: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وإسحاق بْن رَاهَوَيْه، ويحيى بْن معين. وعنه: أبو عُمَر أَحْمَد بْن محمد الحِيريّ، ومؤملّ بْن الْحَسَن الماسَرْجسيّ، وأحمد بْن محمد الأزْهريّ، ومحمد ابن عبدوس الطريفيّ، وأبو النَّصر محمد بْن محمد الطُّوسي الفقيه، وحامد الرّفّاء، وأحمد بن محمد العنبري، وطائفة. قال ابن الفضل يعقوب الهرويّ ابنُ الفُرات: ما رأينا مثل عُثْمَان بْن سَعِيد، ولا رَأَى هُوَ مثل نفسه: أَخَذَ الأدب عن ابنِ الأعرابيّ، والفِقْه عن أبي يعقوب البُويْطيّ، والحديث عن عليّ بْن المَدِينيّ، ويحيى بْن معين، وتقدَّم فِي هَذِهِ العلوم، رحمه الله. وقَالَ الحافظ أبو حامد الْأَعْمَش: ما رَأَيْت فِي المحدِّثين مثل: محمد بْن يحيى، وعثمان بْن سَعِيد، ويعقوب الفَسَويّ. وقَالَ أبو عبد الله بْن أبي ذهل: قلت لأبي الفضل بْن إِسْحَاق الهَرَويّ: رَأَيْت أفضل من عثمان الدّارميّ؟.   1 انظر: السير "13/ 319-326". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 278 فأطرق ساعةً، ثُمّ قَالَ: نعم، إِبْرَاهِيم الحربيّ! قال أبو الفضل: لقد كنّا فِي مجلس عُثْمَان غير مرّة، ومرَّ به الأمير عَمْرو بْن اللَّيث فسلَّم عليه، فقال: عليكم. ثنا مسدَّد: ولم يزد على هَذَا. وقَالَ ابنُ عَبْدُوس الطّريفيّ: لمّا أردت الخروج إِلَى عُثْمَان بْن سَعِيد، كتب لي ابنُ خُزَيْمَة إليه، فدخلت هَرَاة فِي ربيع الأوّل سنة ثمانين. فقرأ الكتاب ورحَّب بي، وسألني عن ابنُ خُزَيْمَة، ثُمّ قَالَ: يا فتى مَتَى قدِمْت؟ قلت: غدًا. قَالَ: يا بني، فارجع اليوم فإنّك لن تقدم بعد. قلت: كأنه ما كان عرف اللّسان العربيّ جيدًّا، فقال غدًا، وظنّها أمس. وللدّارميّ كتابًا فِي الرّدّ على الْجَهْميّة، سمعناه، وكتاب في الرّدّ على بشر المريسيّ، وسمعناه. وكان جِذْعًا فِي أَعْيُن المجتهدين المبتدِعين. وصنَّف مُسْنَدًا كبيرًا. وهو الَّذِي قام على محمد بْن كرّام، وطرده من هَرَاة، فيما قَيِل. قَالَ أبو إِسْحَاق أَحْمَد بْن محمد بْن يُونُس الهَرَويّ، وأبو يعقوب بْن الفُرات إنّه توفّي في ذ الحجّة سنة ثمانين. وَوَهِمَ من قَالَ: سنة اثنتين وثمانين. قَالَ الحاكم: سمعت أَبَا الطَّيَّب محمد بْن أَحْمَد الورّاق: سمعت أَبَا بَكْر الفسويّ: سمعت عثمان بن سعيد الدّارميّ: قَالَ لي رَجُل ممّن يحسدني: ماذا كنت لولا العلم؟ فقلت: أردتُ شيئًا فصار قريبًا. سمعت نُعَيْم بْن حَمَّاد يقول: سمعت أَبَا مُعَاوِيَة يقول: قَالَ الْأَعْمَش: لولا العلم لكنتُ بقّالًا. وأنا لولا العِلْم لكنتُ بزّازًا من بزّازي سَجِسْتان. قَالَ عُثْمَان الدّارميّ: من لم يجمع حديث شعبة، وسفيان، مالك، وحمّاد بْن زَيْد، وابن عُيَيْنَة، فهو مُفْلِس فِي الحديث. يعنيّ أنّه ما بلغ رُتْبة الحُفّاظ فِي العلم. ولا ريب أنّ من حصل على علم هَؤُلَاء الأكابر الأئمّة الخمسة، وأحاط بمُرْوِيّاتهم عاليًا ونازلًا، فقد حصل على ثُلثَي السُّنّة، أو نحو ذلك. 461- عُثْمَان بْن سعيد. أبو بكر الإستراباذيّ الإسكافيّ1.   1 وثقه الذهبي، والإسكافي من يقوم بصناعة الأحذية. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 279 فقيه أسْتراباذ، وشيخها. كان ثقة ورِعًا محدِّثًا. روى عن: إِسْمَاعِيل بْن أبي أُوَيْس، وطبقته. وعنه: أبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عدِيّ. وتُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 462- عُثْمَان بْن عَبْد الله بْن أبي جميل. أبو سَعِيد الْقُرَشِيّ الدمشقي1. عن: مروان بْن محمد الطَّاهريّ، وحجّاج بن محمد، وهشام بن عمّار. وعنه: عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الأشقر، وأبي الميمون بْن راشد. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين ومائتين. 463- عصمة بْن إِبْرَاهِيم. أبو صالح النَّيسابوريّ البِيليّ2، بالباء، الزّاهد العدْل. قَالَ الحاكم: كان من الأبدال. وهو عصمة بْن أبي عصمة. سمع: عَبْدان بْن عُثْمَان، والقَعْنَبيّ، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن أبي طال، وأحمد بْن محمد الشَّرقيّ، وأحمد بْن عليّ الرَّازيّ، ومحمد بْن القاسم العَتَكيّ. قَالَ ابنه إِبْرَاهِيم: تُوُفِّيَ سنة ثمانين رحمه الله. 464- عليّ بن إبراهيم بن عبد المجيد. أبو الحسن الواسطيّ نزيل بغداد3. سمع: يزيد بْن هارون، ووهب بن جرير، وجماعة.   1 في عداد العلماء المستورين، وهو لا بأس به. 2 تاريخ جرجان "338". 3 انظر: تاريخ بغداد "11/ 335"، والتهذيب "7/ 281". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 280 وعنه: ابن صاعد، وأبو عمرو بن السّمّاك، وأبو سهل القطّان، وأبو بَكْر النّجّاد، وآخرون. وثّقه الدّارَقُطْنِيّ، وغيره. مات فِي رمضان سنة أربع وسبعين. وَفِي صحيح "خ": ثنا رَوْح بْن عُبَادة. فقال الحكم: هُوَ الواسطيّ هَذَا. وقَالَ ابنُ عديّ الْجُرْجانيّ: يشبه أن يكون عليّ بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن أشكاب. والله أعلم. 465- عليّ بْن إِسْمَاعِيل. أبو الحسن البغداديّ علويه1. عن: عفان: عمرو بن مرزوق. وعنه: ابن صاعد، وأبو عونة، وأبو الْحُسَيْن بْن المنادي. تُوُفِّيَ فِي صفر سنة إحدى وسبعين ومائتين. 466- عليّ بْن الْحَسَن بْن عرفة العبْديّ2. روى عن: أَبِيهِ، ويحيى بْن أيّوب العابد. وعنه: عبد الله بن محمد العطش. وثقه الدارقطني. توفي سنة سبعٍ وسبعين. 467- عليّ بن الحسم الهسنجاني الرازي3. ثقة صاحب حديث ومِطْواف. سمع: سعيد بن أبي مريم، وأبا الولد، وأبا الجماهر محمد بن عُثْمَان، وأبا تَوْبة الحلبيّ، وخلْقًا.   1 انظر: تاريخ بغداد "11/ 343". 2 تاريخ بغداد "11/ 374". 3 الجرح والتعديل "6/ 181". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 281 وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم ووثَّقه، ومحمد بْن قارن الرَّازيّ، وعبد الرَّحْمَن الجلاب، وغيرهم. قال أبو الشّيخ: توفّي في سنة خمسٍ وسبعين. 468- عليّ بْن الْحَسَن الهَرْثميّ1. عن: سعيد بن سلمان الواسطيّ، وإبراهيم بن عبد الله النَّضراباذيّ، وأبي زُرْعة الرَّازيّ. وعنه: ابنُ ماجة فِي تفسيره، وابن أبي حاتم. ويجوز أن يكون هُوَ الهسنْجانيّ المذكور. 469- عليّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدَويْه2. أبو الْحَسَن الْبَغْدَادِيّ الخزّاز. كان صدوقًا. روى عن: عَبْد الله بْن بَكْر، وأبي النَّضر هاشم بن القاسم، وحَجّاج الأعور. وعنه: أبو بَكْر النّجّاد، والشّافعيّ، ومُكْرم، وغيرهم. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. 470- عليّ بْن حمّاد بْن السَّكن الْبَغْدَادِيّ البزّاز3. عن: يزيد بْن هارون، وأبي النَّضر، ومحمد بْن عُمَر الواقديّ. وعنه: الطَّستيّ، وأبو بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: متروك. 471- عليّ بْن دَاوُد بْن يزيد. أبو الحسن التَّميميّ القنطريّ البغداديّ الأدميّ4.   1 انظر السابق. 2 أخبار القضاة "2/ 199". 3 انظر: تاريخ بغداد "11/ 420". 4 تاريخ بغداد "11/ 424"، التهذيب "7/ 317". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 282 محدِّث رحّال. سمع: محمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مريم، وآدم بْن أبي إياس، وطبقتهم. وعنه: ق. وإبراهيم الحربي من أقرانه، وإسماعيل الصّفّار، والهيثم بْن كليب الشاشي، ومحمد بن أَحْمَد الحكيمي، وجماعة. وثّقه الخطيب. وتُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 472- عليّ بْن سهل بْن المغيرة. أبو الْحَسَن النَّسائيّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ البزّاز1. سمع: أَبَا بدْر شجاع بْن الْوَلِيد، وعبد الوهاب بْن عطاء، ويحيى بْن أبي بُكَيْر، ومحمد بْن عُبَيْد، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وطائفة. وعنه: ابنُ صاعد، وعليّ بْن عُبَيْد الحافظ، ومحمد بْن أَحْمَد الحكيميّ، وإسماعيل الصّفّار، وجماعة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق. قلت: تُوُفِّيَ هُوَ وعَلُّويه بْن إِسْمَاعِيل المذكور في يومٍ واحد، فِي صفر سنة إحدى وسبعين. 473- عليّ بْن شَيْبَة بْن الصَّلت السُّدوسي2. مولاهم الْبَصْرِيّ، نزيل مصر. أخو الحافظ يعقوب بْن شَيْبَة. روى عن: يزيد بْن هارون، والحسن بْن مُوسَى الأشيب. وعنه: عبد العزيز الغافقي، وغيره. توفي سنة اثنتين وسبعين. 474- علي بن العباس بن واضح النَّسائي3.   1 تاريخ بغداد "11/ 429"، السير "13/ 159". 2 انظر: تاريخ بغداد "11/ 436". 3 تاريخ بغداد "12/ 22، 23". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 283 ثقة فاضل، نزيل بغداد. وروى عن: عفّان، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وإسماعيل الصّفّار. تُوُفِّيَ سنة أربع. 475- عليّ بْن عَبْد الله الثَّقفيّ الإصبهانيّ المؤدِّب1. عن: بَكْر بْن بكّار. وعنه: عَبْد الله بْن الْحَسَن بْن بُنْدار. 476- علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن المغيرة المخزوميّ المصريّ عَلّان2. أبو الْحَسَن. محدِّث نبيل، أغفله أبو سَعِيد بْن يُونُس. سمع، آدم بْن أبي إياس، وخلّاد بْن يحيى، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وسعيد بن أبي مريم، وطبقتهم. وعنه: أبو جعفر الطَّحاويّ، وأبو عليّ ين حبيب الحصائريّ، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوري، وأحمد بْن مَسْعُود الزَّنبريّ، وأبو عليّ بْن فَضَالَةَ، ومحمد بْن يوسف الهرويّ، وجماعة. وقد روى أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّسائي فِي كتاب اليوم واللّيلة حديثًا عن زكريّا خيّاط السُّنة، عَنْهُ. قَالَ الطَّحاويّ: تُوُفِّيَ فِي شعبان سنة اثنتين وسبعين. 477- عليّ بْن عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عُثْمَان بْن نُفَيْل3. أبو الحسن. عن: يحيى بن بكر، وطبقته. مات بمصر فِي رمضان سنة ثمانين ومائتين.   1 ذكر أخبار إصبهان "2/ 5". 2 السير "13/ 141"، والتهذيب "7/ 360". 3 انظر: التهذيب "7/ 364". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 284 478- عليّ بْن المنجّم1. أحد الأدباء والظُّرفاء. كان رئيسًا إخباريًّا، شاعرًا مُجِيدًا. نادم المتوكّل والخلفاء بعده. ولمّا مات رثاه ابنُ المعتزّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وقد أَخَذَ عن إِسْحَاق الْمَوْصِلِيّ، وغيره. وعاش أربعًا وأربعين سنة. ومن شِعره: بأبي والله مَنْ طَرَقا ... كابْتِسام الْبَرْقِ إذ خفقا زادني شَوْقًا برؤْيتِهِ ... وَحَشَا قلبي به حُرَقا 479- عِمران بْن بكّار بْن راشد2. أبو مُوسَى الكّلاعيّ الحمصيّ البرّاد المؤذّن سمع: محمد بْن حُمَيْد البلْخيّ، وأبا المغيرة الخَوْلانيّ، وأحمد بن خَالِد الوهْبيّ، وعُتْبة بْن السَّكن، وجماعة. ولم يرحل. وعنه: ن. ثقة، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، وأبو عوانة، خيثمة بْن سُلَيْمَان، وعبد الله بْن زَبْر، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 480- عِمران بْن مُوسَى الطَّرسوسيّ3. أبو مُوسَى. عن: عفّان، وأبي جَابِر محمد بْن عَبْد الملك، وسُنَيْد بْن دَاوُد. وعنه: أبو حاتم، سعيد بْن عَمْرو البَرْدَعيّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق.   1 السير "13/ 282". 2 السير "13/ 142، 143"، والتهذيب "8/ 124". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 306". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 285 481- عُمَر بْن حَفْصون1. رأس الخوارج بجزيرة الأندلس. ظهر من أعمال ريَّة، وكاد أن يغلب على الأندلس، وأتعبَ السّلاطين. وطال أمره، وعظم البلاء به. وكان جلدًا فاتكًا. وكان يتحصَّن بقلعةٍ منيعة. وجرت له أمور يطول شرحها، إِلَى أن قُتِلَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. ذكره الحُمَيْديّ وقَالَ: ثنا أبو محمد عَبْد الله بْن سبعون القَيروانيّ أنّه من ذُرّيّته. 482- عِمران بْن مُوسَى الْمَوْصِلِيّ القصير2. عن: يزيد بْن هارون، وكثير بْن هشام. وعنه: يزيد بْن محمد بْن إياس الأزْديّ وقَالَ: لم يكن من أَهْل الحديث. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. 483- عِمْرَانَ بْن عَبْد الله. أبو مُوسَى الْبُخَارِيّ النَّوري الحافظ3. قَالَ ابنُ ماكولا: ونور من أعمال بُخَارِيّ. روى عن: أَحْمَد بْن حَفْص، ومحمد بْن سلّام البكنديّ، وحيّان بْن مُوسَى، ومحمد بْن حَفْص البْلخيّ، وغيرهم. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن رُفَيْد، وعبد الله بْن مَنِيح. 484- عُمَر بْن محمد الشَّطويّ4. عن: أسد الجمّال. وعنه: ابن مخلد، والشّافعيّ.   1 جذوة المقتبس "1162". 2 لم نقف عليه. 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 4 تاريخ بغداد "11/ 213". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 286 485- عُمَر بْن محمد بْن الحكم النَّسائيّ1. عن: خليفة بْن خيّاط، وعبد الأعلى بْن حمّاد، وطائفة. وكان إخباريًا علَّامة. رحل إِلَى الشّام، وغيرها. روى عَنْهُ: محمد بْن مَخْلَد، ومحمد بْن أَحْمَد الحكيميّ، والخرائطيّ. 486- عَمْرو بْن يحيى بْن الْحَارِث الحمصيّ الزّنْجاويّ2. عن: المُعَافيّ بْن سُلَيْمَان الرَّسعنيّ، ومحبوب بْن مُوسَى، وأحمد بْن أبي شُعَيْب الحرّانيّ، وجماعة. وله رحلة. روى عَنْهُ: ن. وأحمد بْن محمد الرشيديّ، وعيسى بن العباس بن ورد. وثقه النَّسائي. وقد حدَّث سنة تسعٍ وسبعين. 487- عِيسَى بْن إِسْحَاق الخطْميّ الْأَنْصَارِيّ3. أبو الْعَبَّاس، أخو مُوسَى. عن: خلف البزّار، وأبي الرَّبِيع الزَّهرانيّ، وعبد المنعم بن إدريس. وعنه: ابنُ قانع، وأحمد بن كامل، وأبو سهل بن زياد، وأبو عمر الزّاهد وقَالَ: كان يُقَالُ إنّه من الأبدال. قَالَ الخطيب: كان ثقة عابدًا. مات قبل الثمانين ومائتين، رحمه الله. 488- عَمْرو بْن ثور بْن عَمْرو الحِزَاميّ القَيْسرانيّ4. عن: محمد بْن يوسف الفريابيّ.   1 انظر: تاريخ بغداد "11/ 213". 2 التهذيب "8/ 117، 118". 3 تاريخ بغداد "11/ 171، 172". 4 من شيوخ الطبراني، ولم نقف عليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 287 وعنه: خَيْثَمَة بْن سُلَيْمَان، والطَّبَرَانِيّ. تُوُفِّيَ سنة تسع وسبعين. 489- عَمْرو بْن سَلَمَةَ الجعفي القزويني1. عن: محمد بْن سَعِيد بْن سابق، وداود بْن إِبْرَاهِيم العُقَيْليّ، وخلف بْن الْوَلِيد. وعنه: إِسْحَاق الكشّاف، وعليّ بْن محمد مهْرويّه، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وجماعة من أَهْل قَزْوين. وثّقه الخليليّ، وقَالَ: مات سنة اثنتين وسبعين. وقيل: في أوّل سنة ثلاثٍ. 490- عمير بن مرداس. أبو سَعِيد الدّويقيّ2. قَالَ الخليلي: ثقة مشهور. سمع: عَبْد الله بْن نافع الزُّبَيْريّ، ومطرِّف بْن عَبْد الله، ويحيى بْن بُكَيْر، وطبقتهم. يروي عَنْهُ: القطّان. بقي إِلَى قرب الثمانين ومائتين. 491- عِيسَى بْن جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الورّاق3. ثقة ورع، بطلٌ شجاع مجاهد. سمع: أَبَا بدْر شجاع بْن الْوَلِيد، وشَبَابة بْن سَوّار. وعنه: المَحَامِليّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو الْحُسَيْن بْن المنادي، وجماعة. توفيّ سنة اثنتين.   1 التدوين "3/ 466" للقزويني. 2 ينظر في "الإرشاد" للخليلي. 3 السير "13/ 144". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 288 492- عِيسَى بْن عَبْد الله بْن سَيّار بْن دولويه الْبَغْدَادِيّ. أبو مُوسَى الطَّيالسي رغاث1. سمع: عُبَيْد الله بن موسى، وأبا عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بن خُزَيْمَة، وابن نجِيح، وأبو بَكْر الشّافعيّ. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين فِي شوّال. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. ووصفه بعضهم بالحِفْظ والمعرفة. 493- عِيسَى بْن محمد بْن مَنْصُور2. أبو مُوسَى الإسكافيّ. عن: عليّ بْن إِسْحَاق المادرائي، وابن السّمّاك، وجماعة. وهو مستقيم الحديث. 494- عِيسَى بْن عَبْد الله. أبو عمر، وأبو حسّان العثمانيّ الْبَغْدَادِيّ3. روى عن: ابنُ أبي الشَّوارب، وعليّ بن حجر، وأبي حَفْص الفلّاس. وأتى بالطَّامّات، وادّعى السماع من ابنة بِنْت أَنَس بْن مالك، عن ابنها. قَالَ جَعْفَر المستغفريّ: وهذا يكفيه فِي الفضيحة. قلت: روى عَنْهُ: عَبْد المؤمن بْن خلف النَّسفيّ، ومحمد بْن زكريّا النسَّفيّ، وغيرهما. "حرف الفاء": 495- الفتْحُ بْن شُخْرُف4. أبو نصر الكشّي الزّاهد، نزيل بغداد، ومن كبار مشايخ الصُّوفية.   1 تاريخ بغداد "11/ 170". 2 انظر: تاريخ بغداد "11/ 169، 170". 3 في عداد المتروكين. 4 تاريخ بغداد "12/ 384-388". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 289 روى عن: جَابِر بْن رجاء الحافظ، والجارود بْن مُعَاذ التِّرمذيّ. وجماعة. وعنه: محمد بْن أَحْمَد الحكيميّ، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو عَمْرو بْن السّمّاك، ومحمد بْن مَخْلَد العطار، وآخرون. وكان عابدًا سائحًا كبير الشأن. رَأَى: أَحْمَد، والقاسم، وابن أبي الحواري الْجَوْعيّ. وجُلّ روايته حكايات. قَالَ أبو محمد الجريريّ: قَالَ لي فتح بْن شخرف: من إعجابي بكلّ شيء جيّد أنّ عندي قَلَمٌ كتبتُ به أربعين سنة. وكنت أكتب به باللّيل والنّهار فِي ضوء القمر، فإذا انشعب رأسه قطَطْتُه، وهو عندي، فأخرجه من أُنْبوبة نحاس. وقَالَ جَعْفَر الخلديّ: رَأَيْت الفتح بْن شخرف، وكان صالحًا زاهدًا. لم يكن يأكل الخُبز ثلاثين سنة. وكان له أخلاق حَسنة. وكان يُطعم الفقراء الطّعام الطّيّب. وقَالَ ابنُ البَربَهاريّ: سمعت الفتح يقول: رأيتُ ربّ العِزّة فِي المنام، فقال لي: يا فتح، احذر لا آخذك على غِرّة. قَالَ: فتُهْت فِي الجبال سبْعَ سنين. وقِيلَ: إنّ الفتح بْن شخرف قرأ أربعين ألْف صَفْحة. والله أعلم. ولمّا مات كَانَتْ له جنازة عظيمة، وشيّعه خلائق. تُوُفِّيَ فِي شوّال سنة ثلاثٍ وسبعين. 496- الفضل بْن حمّاد الأنطاكيّ1. عن: عيس بْن سُلَيْمَان الحجازي، وغيره. لا أعرفه. وكذا:   1 في عداد المجهولين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 290 497- الفضل بْن حَمَّاد الواسطيّ1. يروي عن: محمد بن وزير. ذكره ابنُ أبي حاتم، ولم يزد. 498- الفضل بْن الحكم العدْل2. أبو الْعَبَّاس الخُراسانيّ التاجر. عن: عبْدان بْن عُثْمَان، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: أبو حامد بْن الشَّرقيّ، ومحمد بن القاسم العَتَكيّ. وكان من كبار أصحاب يحيى بْن يحيى. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ أيضًا. 499- الفضل بْن حَمَّاد الفارسيّ الخبريّ الحافظ3. صاحب المُسْنَد الكبير. رحل وسمع: ابنَ أبي مريم، وسعيد بْن عُفَيْر، وطبقتهما. وعنه: أبو بَكْر بْن سعدان الشّيرازيّ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد. 500- الفضل بْن الْعَبَّاس بْن مهران4. عن: خلف بْن هشام. وعنه: عليّ بْن الْحَسَن بْن العبد، وأحمد بْن عَبْد الحكيم البصْريّان، وغيرهما. 501- الفضل بْن الْعَبَّاس. أبو مَعْشَر الهَرَويّ5. رحل وأخذ عن: قُتَيْبَةَ بْن سعيد، وسويد بن سعيد، وطائفة.   1 الجرح والتعديل "7/ 60". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 4 لم نقف عليه. 5 انظر السابق. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 291 وَتُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 502- الفضل بْن الْعَبَّاس. أبو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ، ثُمَّ الحلبيّ1. عن: القَعْنَبيّ، وعفّان، وسَعْدَوَيْه، وعاصم بْن عليّ، ومعاوية بن عمرو، الأزديّ، وخلق. وعنه: ن. ومحمد بن بركة بْن داعس، ومحمد بْن المنذر شكر، وعليّ بْن الْحَسَن بْن العبد، والطَّبرانيّ، ومحمد ابن جَعْفَر السّقّاء الحلبيّ. قَالَ النَّسائي: ليس به بأس. 503- الفضل بْن عُمَيْر بْن عَثْم. أبو الحسن التميمي المروزي2. نزل بخاري، وحدَّث عن: عَبْدان المَرْوَزِيُّ، وسليمان بْن حرب، وأبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن سُلَيْمَان فرينام، ومحمد بْن أَحْمَد بْن مَرْدَك. تُوُفِّيَ بالشاش فِي صفر سنة خمسٍ وسبعين، ورّخه غنجار، وابن ماكولا. عَثْم: مثلَّثة. 504- الفضل بْن محمد بْن يحيى بْن الْمُبَارَك3. أبو الْعَبَّاس اليزيديّ الأديب. من بيت العربيّة والأدب. روى عن: محمد بْن سلّام الْجُمَحيّ، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الْمَوْصِلِيّ، ومحمد بْن صالح بْن النّطّاح، والمازنيّ. وبرع فِي فنون عِلم اللّسان. روى عَنْهُ: محمد بن أَحْمَد الحكيميّ، ومحمد بْن عبد الملك التّاريخيّ، وأبو عليّ الطُّوبياريّ. توفّي سنة ثمانٍ وسبعين.   1 التهذيب "8/ 279". 2 المشتبه "2/ 487". 3 انظر: تاريخ بغداد "12/ 370". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 292 505- الفضل بْن يوسف. أبو الْعَبَّاس القصبانيّ الكوفيّ1. يروي عن: أبي غسّان النَّهديّ، وغيره. وعنه: ابنُ عُقدة، وخَيْثَمَة. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 506- فهد بْن سُلَيْمَان. أبو محمد الكوفيّ الدّلّال النّحّاس2. نزيل مصر. سمع: أَبَا مسهر الغسّانيّ، ويحيى بْن عَبْد الله البابْلُتّيّ، وأبا نُعَيْم، وجماعة كثيرة. وعنه: أبو جَعْفَر الطَّحاويّ، وعليّ بن سراج المصري، والحسن بْن حبيب الحصائريّ، وابن جَوْصا، وأبو الفوارس الصّابونيّ. قَالَ ابنُ يُونُس: كان دلّالًا فِي البَزّ. وكان ثقة ثبْتًا. تُوُفِّيَ فِي صفر سنة خمسٍ أيضًا. 507- فهد بْن مُوسَى بْن أبي رباح القاضي3. أبو الخير الأزْديّ الفقيه الإسكنْدرانيّ. قاضي الإسكندرية. روى بدمشق عن: عَبْد الله بْن صالح كاتب اللَّيث، وعبد الله بْن عَبْد الحكم، ويحيى بْن بُكَيْر. وعنه: محمد بْن جَعْفَر بْن ملّاس، وأبو الميمون بن راشد، وأبو الدَّحداح لأحمد بْن محمد. تُوُفِّيَ فِي شعبان سنة سبعين، وقيل: سنة خمسٍ وسبعين. والأوّل أصحّ.   1 الثقات لابن حبان "9/ 8". 2 تاريخ جرجان "265". 3 لا بأس به، وينظر في "حسن المحاضرة". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 293 "حرف القاف": 508- القاسم بْن الْحَسَن. أبو محمد الهمْدانيّ الْبَغْدَادِيّ الصّائغ المتكلِّم1. ثقة صدوق عالم. سمع: يزيد بن هارون، وعبد الله المادَرَائيّ، والهيثم بْن كُلَيْب فِي مُسْنَده، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين بمصر. وثّقه الخطيب. 509- القاسم بْن زهير بْن حرب النَّسائيّ2. عن: عمه أبي خيثمة زُهير بْن حرب، وعفان بْن مُسْلِم، ومحمد بْن سابق، وجماعة. وعنه: عليّ بْن إِسْحَاق المادَرَائيّ، وحمزة الدِّهقان. وثّقه الخطيب. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين. 510- القاسم بْن عَبَّاس. أبو محمد المعشريّ الْبَغْدَادِيّ الفقيه سِبْط أبي معشر السِّنديّ المدنيّ3. شيخ صدوق، يروي عن. أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، ومُسَدّد. وعنه: ابن السماك، وأبو بكر الشافعي. توفي سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين. 511- القاسم بن عبد الله بن المغيرة البغداديّ الجوهريّ4.   1 انظر: "حسن المحاضرة". 2 تاريخ بغداد "12/ 432". 3 انظر: تاريخ بغداد "2/ 436". 4 تاريخ بغداد "12/ 433". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 294 ثقة صاحب حديث. سمع: عَبْد الصمد بْن النُّعمان، وحسين بْن محمد المَرْوَزِيُّ، وأبا نُعَيْم، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن الْعَبَّاس بْن نجيح، وعبد الله الخُراسانيّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 512- القاسم بْن محمد بن قاسم بْن محمد بْن سيّار1. مَوْلَى الْوَلِيد بْن عَبْد الملك. أَبُو محمد الأندلسيّ القرطبيّ الفقه. أحد الأعلام. رحل وأخذ عن الأئمّةِ: الْحَارِث بْن مِسْكين، وإبراهيم بْن المنذر الحِزاميّ، وأبي طاهر السّرْح، وإبراهيم بن محمد الشّافعيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأبي إِبْرَاهِيم المُزَنيّ، وطائفة. ولزِم مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَتَّى برع فِي الفِقْه، وفاق أَهْل عصره، وصار إمامًا مجتهدًا لا يقلَّد أحدًا. وقد ألفّ كتاب الإيضاح فِي الرَّدّ على المقلِّدين، وكان يميل إِلَى مذهب الشّافعيّ وأهل الأثر. تفقَّه به خلق بالأندلس، وروى عَنْهُ: الأعناقيّ، وأحمد بْن خَالِد بْن الحُبَاب، ومحمد بْن عُمَر بْن لُبانة، وابنه محمد ن قاسم، ومحمد بْن عَبْد الملك بْن أَعْيَن، وآخرون. واسم صاحبه الأعناقيّ: سَعِيد بْن عُثْمَان. قَالَ ابنُ الفَرَضي: لزم ابنُ عَبْد الحكم التّفقَّه والمناظرة، وتحقّق به وبالمزنيّ. وكان يذهب مذهب الحجَّة والنَّظر، وترْك التقليد. ويميل إِلَى مذهب الشّافعيّ. ولم يكن بالأندلس مثل قاسم فِي حُسْن النَّظر والبَصَر بالحُجَّة. وقَالَ أَحْمَد بْن خَالِد: ما رَأَيْت مثل قاسم فِي الفقه مِمَّنْ دخل الأندلس من أهل الرجال.   1 جذوة المقتبس "764". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 295 وقَالَ محمد بْن عَبْد الله بْن قاسم الزّاهد: سمعت بقيَّ بْن مَخْلَد يقول: قاسم بْن محمد أعلم من مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وقَالَ أسلم بْن عَبْد الْعَزِيز: سمعت ابنُ عَبْد الحكم يقول: لم يَقْدَم علينا من الأندلس أحد أعلم من قاسم بْن محمد. ولقد عاتبته حين رجوعه إِلَى الأندلس، قلت: أقِمْ عندنا فإنّك تعتقد هنا رئاسة، ويحتاج النّاس إليك. فقال: لا بُدّ من الوطن. قَالَ ابنُ الفَرضيّ: ألَّف قاسم فِي الرّدّ على يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مزْين. وعبد الله بْن خَالِد، والعتبيّ كتابًا نبيلًا دل على علم. وله كتابٌ شريف فِي خبر الواحد يلي وثائق الأمير محمد، يعني صاحب الأندلس، طول أيّامه. وقَالَ أبو عليّ الغسّانيّ: سمعت ابنُ عَبْد البر يقول: لم يكن أحدٌ ببلدنا أفقه من قاسم بْن محمد، وأحمد بْن خَالِد بْن الْحُبَاب. توفّي سنة ستٍّ وسبعين، قيل فِي أول سنة سبْع. 513- القاسم بْن منّبه الحربيّ1. عن: بِشْر الحافي. وعنه: محمد بن شجاع، وأبو جَعْفَر بْن البَخْتَرِيّ. 514- القاسم بْن نصر الْبَغْدَادِيّ العابد2. يُقَالُ له دوست. روى عن: سُرَيْج بْن النُّعمان، وعَمْرو بْن عوف، وغيره. وعنه: عَبْد الصمد الطَّستيّ، وجعفر الخلّديّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانين. وقَالَ الخطيب: تُوُفِّيَ سنة إحدى وثمانين ومائتين. 515- القاسم بْن نصر المخرمي3.   1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 434". 2 تاريخ بغداد "12/ 436". 3 تاريخ بغداد "12/ 436، 437". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 296 روى عن: يحيى بْن هاشم، وإسماعيل بْن عَمْرو البجليّ. وعنه: أبو علي اللؤلؤي، ومحمد بن هارون، وغيرهما. قال الخطيب: ثقة. "حرف الكاف": 516- كثير بن عبد الله1. روى عن: يحيى بْن هاشم، وإسماعيل بْن عَمْرو البجليّ. وعنه: أبو علي اللؤلؤي. وكان مفتيا، وأصله من القبط. كتب كثيرا من كتب الشافعي، وصحبه. روى عنه عشرة أجزاء. "حرف الميم": 517- مالك بن الفروي2. عن: محمد بن سابق، وعبد الله بن الجراح. وعنه: محمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار، وابن البختري، وأبو الحسن القطان، وجماعة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق. كتبت عَنْهُ بقَزْوين. قلت: مات سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 518- مالك بن يحيى3. أبو غسّان الكوفيّ الحمْدانيّ السُّوسيّ. عن: عليّ بْن عاصم، ويزيد بن هارون، وجماعة. وعنه: عليّ بْن محمد الواعظ، ومحمد بْن محمد بْن عِيسَى الخيّاش المصريّ، وآخرون. تُوُفِّيَ بمصر فِي ربيع الأوّل سنة أربع وسبعين.   1 لم أقف عليه. 2 من علماء قزوين، وهو صدوق كما قال ابن أبي حاتم. 3 الثقات لابن حبان "9/ 166". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 297 519- محمد بْن أَحْمَد بْن رزين الْبَغْدَادِيّ1. عن: يزيد بْن هارون، وعليّ بْن عاصم، وشبابة بْن سوّار، وأبي النَّضر. وعنه: عَبْد الله بْن سُلَيْمَان الفاميّ، وأبو الْعَبَّاس بْن عُقْدة. مات سنة ثلاثٍ وسبعين. 520- محمد بْن أَحْمَد بْن رزْقان2. أبو بَكْر المصِّيصيّ. روى عن: عليّ بْن عاصم، وحجّاج الأعور، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحصائريّ، ومحمد بْن أبي حُذَيْفة، وأبو بَكْر بْن أبي دُجَانة، وأبو الميمون بْن راشد. رِزقان قيّده ابنُ مَنْدَه، وابن ماكولا بالكسْر. 521- محمد بن أَحْمَد بْن واصل3. أبو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ. عن: خَلَف بْن هشام، وأحمد بن حنبل، ومحمد بْن سَعْدان الهرويّ. وعنه: أبو مزاحم الخاقانيّ، وأبو الْحُسَيْن بْن شَنَبُوذ المقرئان. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ أيضًا. 522- محمد بْن أَحْمَد بْن يزيد بْن أبي الْعَوَّام الرِّياحيّ4. أبو بَكْر، وقِيلَ: أبو جَعْفَر. سمع: يزيد بْن هارون، وعبد الوهاب بْن عطاء، وقُريش بن أَنَس، وأبي عامر العقديّ. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وأبو الْعَبَّاس بْن عُقْدة، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وأبو بَكْر بْن الهيثم الأنباريّ، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "1/ 301". 2 الإكمال "4/ 184". 3 معرفة القراء الكبار "1/ 262". 4 السير "13/ 7". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 298 وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وغيره. ثقه صدوق. مات فِي رمضان سنة ستٍّ وسبعين. وحديثه يقع لنا عاليًا. 523- محمد بْن أحْمَد بْن أبي المُثَنَّى يحيى بْن عِيسَى بْن هلال1. أبو جَعْفَر التَّميميّ الْمَوْصِلِيّ، شيخ المَوْصل ومحدِّثها فِي وقته. رحل وسمع: أَبَا بدْر شجاع بْن الْوَلِيد، وعبد الوهاب بْن عطاء، وجعفر بْن عطاء، ويعلى بن عبيد، وأخاه محمد ابن عُبَيْد، وأبا النَّضر، ومحمد بْن القاسم الأسديّ، وطبقتهم. وعنه: ابنُ أخته أبو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن الفضل بيّاع الطّعام، ويزيد بْن محمد بْن إياس الحافظ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن إِسْحَاق الجابريّ، وآخرون. وسائر جزء الجابريّ، عَنْهُ. قَالَ ابنُ إياس: كان من أَهْل الفضل والثقة، ومن الآداب من رأينا من المحدِّثين. قَالَ: وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَعِينٍ يُكَرِّمُونَهُ. وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِ بِالْمَوْصِلِ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: خَرَجَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَوْمًا فَقُمْتُ، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: $"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فليتبوَّء مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"2 فَقُلْتُ: إِنَّمَا قُمْتُ إِلَيْكِ وَلَمْ أَقُمْ لَكَ. فَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين فِي شوّال. 524- محمد بْن أَحْمَد بْن الْوَلِيد بْن بُرْد الأنطاكيّ3. أبو الْوَلِيد.   1 انظر: السير "13/ 139، 140". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري في الأدب المفرد "977"، وأبو داود "5229"، والترمذي "3775"، وأحمد "4/ 93، 100"، والطبراني "19/ 352، 362" في الكبير. 3 الجرح والتعديل "7/ 183، 184". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 299 عن: رَوّاد بْن الجرّاح، ومحمد بْن كثير الصَّنعانيّ، ومحمد بْن عِيسَى بْن الطّبّاع، والهيثم بْن جميل. وحدَّث ببغداد. ويروي عَنْهُ: أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن المنادي، وإسماعيل الصّفّار، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وجماعة. وثّقه الدّارَقُطْنِيّ، وغيره. ومات بأنطاكية عند قدومه من مكّة سنة ثمانٍ وسبعين. 525- محمد بْن أَحْمَد بْن حبيب الْبَغْدَادِيّ الذّارع1. شيخ صدوق. سمع: أَبَا عاصم النّبيل، وغيره. وعنه: عَبْد الصمد الطَّستيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن تميم القَنْطريّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانين ومائتين. 526- محمد بْن أَحْمَد بْن أَنَس القُرَشيّ النَّيسابوريّ2. عن: حَفْص بْن عَبْد الله، وأبي عاصم النبيل، والمقرئ. وعنه: محمد بن الأخرم، ومحمد بْن صالح بْن هانئ وقَالَ: ثقة. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. 527- محمد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبان. أبو جَعْفَر النَّيسابوري السّرّاج3. بغدادي صدوق. سمع: عليّ بْن الْجَعْد، ويحيى بْن معين. وعنه: أبو سهل القطّان، والطَّستيّ، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "1/ 291، 292". 2 وُثق، ولم نقف له على ترجمة. 3 تاريخ بغداد "1/ 266، 267". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 300 528- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُسْلِم. أبو أمية الْبَغْدَادِيّ، ثُمَّ الطَّرسوسيّ الحافظ1. رحل وطوّف وصنَّف، وسمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وشبابة بن سوّار، وعمر بْن يُونُس اليمانيّ، وعبد الوهاب بْن عطاء، ورَوْح بْن عُبَادة، وجعفر بْن عون، وأبا مُسْهَر وخلْقًا كثيرًا. وعنه: أبو عَوَانَة، وابن جَوْصا، وعثمان بْن محمد السَّمرقنديّ، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوري، وأبو عليّ الحصائريّ، وحفيده محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبي أُميّة، وخلْق. وثّقه أبو دَاوُد، وغيره. وقَالَ أبو بَكْر الخلّال: إمامٌ فِي الحديث رفيع القدر جدًا. وقَالَ ابنُ يُونُس: تُوُفِّيَ بطرسوس فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وسبعين. 529- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن جنّاد2. أبو بَكْر المِنْقَري الْبَصْرِيّ، ويقال: البغداديّ، البزار، ويقال: أصله من مَرْو الرُّوذ. سمع: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأبا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، والحوْضيّ، وجماعة. وعنه: عليّ بن محمد المصريّ، والحكيميّ، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن نجيح. وكان ثقة. تُوُفِّيَ سنة سبْعٍ وسبعين بطريق مكّة أو بمصر. 530- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبان. أبو عبد الله الجيرانيّ الأصبهانيّ المؤدِّب3. سمع: بكر بْن بكّار، والحسين بْن حَفْص، وغيرهما. وعنه: أَحْمَد بْن جَعْفَر السِّمسار، وعبد الله بْن محمد العتّاب.   1 السير "13/ 91، 93"، والتهذيب "9/ 15، 16". 2 انظر: تاريخ بغداد "1/ 397، 398". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 210". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 301 وقَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: ثقة. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. وقَالَ أبو عبد الله بْن مَنْدَه: مشهور، ثقة. 531- محمد بْن إِبْرَاهِيم1. أبو حمزة المروزي نزيل بغداد. روى عنه: عَبْدان بن عُثْمَان، وعليّ بْن الْحَسَن ابنِ شقيق عثمان بن السماك وغيرهما. وثقه الخطيب. 532- محمد بن إبراهيم. أبو بكر الحلواني قاضي بلخ2. حدَّث ببغداد في أواخر عمره عن: أبي جَعْفَر النُّفَيْليّ، وأحمد بْن عَبْد الملك بْن واقد الحرّانيّ. وعنه: إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، وحمزة العقبي. وثقه الخطيب. 533- محمد بن إبراهيم بن عبدوس القرشي. مولاهم المغربي الفقيه المالكي، صاحب سَحْنُون. كان إمامًا كبيرًا، زاهدًا، عابدًا، خاشعًا، مُجاب الدعوة. سمع من: سَحْنُون شيخه، ومن: مُوسَى بْن مُعَاوِيَة. وكان مولده سنة اثنتين ومائتين. واجتمع فِي عصرٍ واحد أربعةُ محمدين لا مثل لهم فِي معرفة مذهب مالك: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، ومحمد بْن الموّاز، مصريّان؛ ومحمد بْن سَحْنُون، ومحمد بن عبدوس، قَيْرَوانيّان.   1 تاريخ بغداد "1/ 398". 2 تاريخ بغداد "1/ 398، 399". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 302 534- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن ميمون الرّمّاح. أبو بَكْر الخراساني البلْخيّ1. رحل وسمع: أَبَا نُعَيْم، وعبد الله بْن نافع الصّائغ، وعصام بْن يوسف البلْخيّ، وجماعة. وعنه: عُمَر بْن سهل الدِّينوريّ، وأحمد بْن شهاب العُكْبُريّ. وناب فِي القضاء لجعفر بْن عَبْد الواحد الهاشميّ بعكبرى. ثُمَّ ولي قضاء إصبهان من قبل المعتزّ بالله. ذكر ابنُ النّجاد فِي تاريخه أنّه توفّي سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة، وهو غلط ظاهر. 535- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن كثير الصُّوريّ2. أبو الْحَسَن. محدِّث مشهور أغفله ابنُ عساكر، وهو من شرطه. روى عن: مؤمّل بْن إِسْمَاعِيل، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وجماعة. روى عنه: عمرو بن عصيم الصوري، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن فيل الأنطاكي، وإبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وآخرون. فروى الجلاب عنه قَالَ: ثنا داود بْن الجرّاح، ثُمَّ ذكر حديثًا مُنْكَرًا فِي ذكر المهديّ. لكن من أقصر الجلّاب فقال: هَذَا حديث باطل، ومحمد لم يسمع من دَاوُد ولا رآه. وكان مع هَذَا غاليًا فِي التشيَّع قلت: آخر من روى عَنْهُ بالإجازة الطَّبرانيّ. 536- محمد بْن إدريس بْن المُنْذِر بْن دَاوُد بن مهران. أبو حاتم الغطفانيّ الحنطليّ الرَّازيّ الحافظ3. أحد الأئمّةِ الأعلام. وُلِدَ سنة خمسٍ وتسعين ومائة.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 204". 2 الميزان "3/ 449". 3 السير "13/ 247-263"، التهذيب "9/ 31-34". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 303 قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كتبتُ الحديث سنة تسعٍ وثمانين وأنا ابنُ عشر سنوات. سمع: عَبْد الله بْن مُوسَى، وأبا نُعَيْم، وطبقتهما بالكوفة؛ ومحمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، والأصمعيّ وطبقتهما بالبصرة؛ وعفّان، وهوذة بْن خليفة، وطبقتِهِما ببغداد؛ وأبا مسهر، وأبا الجماهر محمد بْن عُثْمَان، وطبقتهما بدمشق؛ وأبا اليمان، ويحيى الوُحَاظيّ، وطبقتهما بحمص؛ وسعيد بْن أبي مريم، وطبقته بمصر؛ وخلْقًا بالنواحي الثّغور. وتردَّد فِي الرحلة زمانًا. قَالَ ابنه: سمعتُ أبي يقول: أول سنة خرجت فِي طلب الحديث أقمت سبْع سنين. أحصيت ما مشيت على قدميّ زيادةً على ألف فرسخ، ثُمَّ تركت العدد بعد ذلك. وخرجت من البحرين إِلَى مصر ماشيًا، ثُمَّ إِلَى الرْملة ماشيًا، ثُمَّ إِلَى دمشق، ثُمَّ إِلَى أنطاكية، ثُمَّ إِلَى طَرَسُوس. ثُمَّ رجعت إِلَى حمص، ثُمَّ منها إلى الرَّقَّة، ثم ركبت إلى العراق. وكلّ هَذَا وأنا ابنُ عشرين سنة. دخلت الكوفة فِي رمضان سنة ثلاث عشرة. قلت: أدرك عُبَيْد الله قبل موته بشهرين. قَالَ: وجاءنا نعي أبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ وأنا بالكوفة. ورحلتُ مرّةً ثانية سنة اثنتين وأربعين ومائتين، ورجعت إِلَى الرِّيّ سنة خمسٍ وأربعين. وحججتُ رابع حجَّةٍ سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ: وفيها حجّ ابني عَبْد الرَّحْمَن، وحزرت ما كتبت عن ابنِ نُفَيْل يكون نحوًا من أربعة عشر ألفًا، وكتب محمد ابن مُصّفَّى عنّي جزءًا انتخبه. قلت: وحدَّث عَنْهُ من شيوخه: الصّفّار، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وعَبْدة بْن سُلَيْمَان المَرْوَزِيُّ، ومحمد بْن عوف الحمصيّ، والربيع بْن سُلَيْمَان المراديّ. ومن أقرانه: أبو زُرْعة الرَّازيّ، وأبو زُرْعة الدمشقيّ. ومن أصحاب السُّنن: د. ن. وقِيلَ خ. وق. رويا عَنْهُ ولم يصحّ؛ وأبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وابن صاعد، وأبو عوانة، والقاضي المحامليّ، وأبو الْحَسَن عليّ بْن الجزء: 20 ¦ الصفحة: 304 إِبْرَاهِيم القطّان صاحب ابنِ ماجه، وأبو عمرو محمد بن أحمد بن حكيم المدينيّ، ومحمد بن مخلد العطار، والحسين بن عياش القطان، وحفص بن عمر الأردبيلي، وسليمان بن يزيد القاضي، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وبكر بن محمد المروزي الصَّيرفيّ، وعبد المؤمن بن خلف النَّسفيّ، وأبو حامد أحمد بْن عليّ بْن حَسْنَوية المقرئ، وخلق كثير. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قَالَ لي مُوسَى بْن إِسْحَاق القاضي: ما رَأَيْت أحفظ من والدك. وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ الحافظ: ما رَأَيْت بعد إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن يحيى، أحفظ للحديث من أبي حاتم، ولا أعلم بمعانيه. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعت يُونُس بْن عَبْد الأعلى يقول: أبو زُرْعة وأبو حاتم إماما خُراسان. بقاؤهما صلاحٌ للمسلمين. وقَالَ هبة الله اللّالكائيّ: أبو حاتم إمام حافظ ثَبْت. وقَالَ النَّسائيّ: ثقة. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كنتُ أذاكر أَبَا زُرْعة، فقال لي: يا أَبَا حاتم قلَّ من يفهم هَذَا من واحدٍ واثنتين، فَمَا أقلّ من يُحسن هَذَا. وربُما أتيتك فِي شيء وأبقى إِلَى أن ألتقي معك، لا أجد من يشفيني. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْهَمْدَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُولُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: تَرْفَعُ يَدَيْكَ فِي الْقُنُوتِ؟ قُلُتْ: لا، أَفَتَرْفَعُ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: مَا حجَّتك؟ قَالَ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قُلْتُ: رَوَاهُ لَيْثُ بن أبي سليم. قال: رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 305 قُلْتُ: رَوَاهُ عَوْفٌ. قَالَ: فَمَا حجَّتك فِي تَرْكِهِ. قُلْتُ: حَدِيثُ أَنَسٍ "أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلا فِي الاسْتِسْقَاءِ" 1. فَسَكَتَ أَبُو زُرْعَةَ. قُلْتُ: قَدْ ثَبُتَتْ عِدَّةُ أَحَادِيثَ فِي رَفْعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، وَأَنَسٌ حَكَى بِحَسَبِ مَا رَآهُ مِنْهُ. وقَالَ ابنُ أبي حاتم سمعتُ أبي يقول: قلت على باب أبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ: من أغرب عليَّ حديثًا صحيحًا فَلَه عليَّ درهم يتصدَّق به. وكان ثمَّ خلقٌ، أَبُو زُرْعة فَمَنْ دونه؛ وإنّما كان مرادي أن يُلْقى عليَّ ما لم أسمع به. فيقولون هُوَ عند فلان، فأذهب فأسمعه، فلم يتهيَّأ لأحدٍ أن يُغْرب عليَّ حديثًا. وسمعت أبي يقول: كان محمد بْن يزيد الأسفاطيّ قد ولع بالتفسير وبحفظه، فقال يومًا: ما تحفظون فِي قوله تعالى: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَاد} فسكتوا فقلت: ثنا أبو صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عن ابنِ عَبَّاس قَالَ: ضربوا فِي البلاد. وسمعت أبي يقول: قدِم محمد بْن يحيى النَّيسابوريّ الرَّيّ. فألقيت عليه ثلاثة عشر حديثًا من حديث الزُّهْرِيّ، فلم يعرف منها إلّا ثلاثة أحاديث. قلت: إنما ألقى عليه من حديث الزُّهري؛ لأنّ محمد كان إليه المنتهى فِي معرفة حديث الزُّهريّ، وقد جمعه وصنَّفه وتتبّعه حَتَّى كان يُقَالُ له الزّهر. قَالَ: وسمعت أبي يقول: وبقيت بالبصرة سنة أربع عشرة ثمانية أشهرُ، فجعلت أبيع ثياب حتّى نفذت. فمضيت مع صديقٍ لي أدور على الشّيوخ، فانصرف رفيقي العشَّي، ورجعت فجعلت أشرب الماء من الجوع. ثُمَّ أصبحت، فغدا عليَّ رفيقي، فطفت معه على جوعٍ شديد، وانصرفت جائعًا. فَلَمَّا كان من الغد، غدا عليّ فقلت: أَنَا ضعيف لا يُمكنني. قَالَ: ما بك؟ قلت: لا أكتمك، مضى يومان ما طُعِمت فيهما شيئًا.   1 "حديث صحيح" أخرجه البخاري "2/ 429"، ومسلم "895"، وأحمد "3/ 282"، والنسائي "3/ 158، 249"، وابن ماجه "1180"، وابن أبي شيبة "2/ 486"، "10/ 378". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 306 فقال: قد بقي معي دينار، فنصفه لك، ونجعل النصف الآخر فِي الكراء. فخرجنا من البصرة، وأخذت منه النّصف دينار. سمعت أبي يقول خرجنا من المدينة من عند دَاوُد الجعفريّ، وصرنا إِلَى الجار، فركبنا البحر، فكانت الريح فِي وجوهنا، فبقينا فِي البحر ثلاثة أشهر وضاقت صدورنا، وفني ما كان معنا. وخرجنا إِلَى البرّ نمشي أيّامًا حَتَّى فني ما تبقَّى معنا من الزّاد والماء. فمشينا يومًا لم نأكل ولم نشرب، واليوم الثاني كمثل، ويوم الثالث. فَلَمَّا كان المساء صلّينا وألقينا بأنفسنا، فَلَمَّا أصبحنا فِي اليوم الثالث، جعلنا نمشي على قدَر طاقتنا، وكنّا ثلاثة، أنا، وشيخ نَيْسابوريّ، وزهير المَرْوَزِيُّ. فسقط الشَّيْخ مغشيًّا عليه، فجئنا نحركّه وهو لا يعقل. فتركناه ومشينا قدر فرسخ، فضعفت وسقطت مغشيًا عليَّ، ومضى صاحبي يمشي، فرأى من بعيدٍ قومًا قرَّبوا سفينتهم على بئر مُوسَى فَلَمَّا عاينهم لوَّح بثوبه إليهم فجاءوا معهم ماء، فسقوه وأخذوا بيده، فقال لهم: الحقوا رفيقين لي، فَمَا شعرت إلّا برجلٍ يَصُبُّ الماء على وجهي، ففتحت عينيّ، فقلت: اسقني فصبَّ من الماء فِي مشربة قليلًا، فشربت ورجعت إليَّ نفسي. ثُمَّ سقاني قليلًا وأخذ بيدي، فقلت: ورائي شيخ مُلقى. فذهب جماعةٌ إليه. وأخذ بيدي وأنا أمشي وأجرَّ رجلي، حَتَّى إذا بلغت عند سفينتهم وأتوا بالشيخ، وأحسنوا إليه، فبقينا أيّامًا حَتَّى رَجَعت إلينا أنفُسُنا. ثُمَّ كتبوا لنا كتابًا إِلَى مدينة يقال لها راية، إلى واليهم. وزوّدنا من الكعك والسَّويق والماء. فلم نزل نمشي حَتَّى نفد ما كان معنا من الماء والقُوت، فجعلنا نمشي جياعًا على شاطئَ البحر، حَتَّى دُفِعنا إِلَى سلحفاةٍ مثل الفرس. فعمدنا إلي حجر كبير، فضربنا على ظهرها فانفلق، فإذا فِيهِ مثل صُفْرة البيض، فحسيناه حَتَّى سكت عنّا الجوع، حَتَّى توصلنا إِلَى مدينة الرّاية وأوصلنا الكتاب إِلَى عاملها. فأنزلنا فِي داره. وكان يُقَدّمُ إلينا كل يوم القَرْع، ويقول لخادمه: هات لهم اليَقْطِين الْمُبَارَك. فيقدِّمه مع الخُبز أيّامًا. فقال واحد منّا: ألا تدعو باللّحم المشئوم. فسمع صاحب الدّار، فقال: أَنَا أحسن الفارسية فَإِنّ جدّتي كَانَتْ هَرَويّة. وأتانا بعد ذلك باللّحم. ثم زودَّنا إلى مصر1.   1 السير "13/ 260". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 307 سمعتُ أبي يقول: لا أُحصي كم مرّةٍ سرت من الكوفة إِلَى بغداد. تُوُفِّيَ أبو حاتم فِي شعبان سنة سبعٍ وسبعين، وله اثنان وثمانون سنة. قَالَ: وأنشدني أبو محمد الإيادي فِي أبي مرثيَّةً بقصيدة طويله أوّلها: أَنَفْسي ما لك لا تجزعينا ... وعيني ما لك لا تدمعينا ألم تسمعي بكسوف العلو ... م فِي شهر شعبانَ محقًا مبينا ألم تسمعي خبر المرتضى ... أبي حاتم أعلم العالَمِينا 537- محمد بْن إدريس بْن عُمَر1. أبو بَكْر الْمَكِّيّ، ورّاق أبي بَكْر الحُمَيْديّ. يروي عن: أبي عاصم النبيل، وأبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وخلّاد بْن يحيى، وجماعة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم. وهو أقدم وفاةً من أبي حاتم بقليل. قال أبي حاتم: صدوق. 538- محمد بن أزهر. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الكاتب2. سمع: أَبَا نُعَيْم، وأبا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر الشّافعيّ. تُوُفِّيَ فِي بغداد فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وسبعين. 539- محمد بن إسرائيل. أبو بكر الجوهري3.   1 الجرح والتعديل "7/ 204". 2 تاريخ بغداد "2/ 83، 84". 3 تاريخ بغداد "2/ 87". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 308 عن: عمرو بن حكّام، ومحمد بن سبق. وعنه: ابنُ صاعد، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. وَتُوُفِّيَ سنة تسعٍ أيضًا. 540- محمد بْن إِسْحَاق. أبو جَعْفَر الإصبهانيّ المُسُوحيّ، نزيل همدان1. عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وجماعة. وكان من الحُفّاظ. وعنه: عليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وابن أبي حاتم. 541- محمد بْن إِسْحَاق البغويّ2. روى عن: أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، وخالد بن خِداش. وعنه: محمد بْن أحمد بن يعقوب، وقتيبة، والطَّيالسيّ. ثقة. 542- محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ القرشي3. أبو جعفر مولى المهدي. بغدادي نزل مكة. سمع: روح بن عبادة، وأبا أسامة، وأبا داود الحفري، وحجَّاج بن محمد، وطائفة. وعنه: د. وابن صاعد، وابن أبي حاتم، وعبد الله بْن الْحَسَن بْن بُنْدار، وجماعة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق.   1 الجرح والتعديل "7/ 196". 2 البغوي: من مدينة "بغ" وهي بليدة بين هراة ومرو الروذ من بلاد خراسان. 3 تاريخ بغداد "2/ 38، 39"، التهذيب "9/ 58". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 309 وقَالَ غيره: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ستٍّ وسبعين، وقد قارب السّبعين، وكان من كبار المحدِّثين. 543- محمد بْن إِسْمَاعِيل. أبو عبد الله الْبَغْدَادِيّ الدُّولابيّ1. عن: أبي النَّضر هاشم بن القاسم، منصور بْن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وأبو عَمْرو بْن السّمّاك. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. وثّقه الخطيب. وله رحلة. لقي لأبي اليمان، ونحوه. 544- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن بشير. أبو عبد الله الْبُخَارِيّ المَيْدانيّ2. عن: أبي نُعَيْم، والقعنبي، وسعيد بْن مَنْصُور، وصدقة بْن الفضل المَرْوَزِيُّ، وجماعة. وعنه: أبو عصمة أَحْمَد بْن محمد، وغيره. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 545- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن يوسف. أبو إِسْمَاعِيل السّالميّ التَّرمذيّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ الحافظ3. رحل وطوَّف وجمع وصنَّف. سمع: محمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وأبا نُعَيْم، وقبيصة، وسعيد بن أبي مريم، ومسلم بن إبراهيم، وأبا بَكْر الحُمَيْديّ، وسليمان ابنَ بِنْت شُرَحْبيل، والحسن بْن سوّار البَغَويّ، وإسحاق الفرويّ، وخلقًا كثيرًا.   1 تاريخ بغداد "2/ 38". 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 السير "13/ 242"، والتهذيب "9/ 62، 63". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 310 وعنه: ق. ن، وموسى بْن هارون، والفريابي، وإسماعيل الصّفّار، وخيثمة الأطْرابُلُسيّ، وأبو سهل القطّان، وأبو بكر الشافعي، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو عبد الله بْن محرَّم، وخلْق. قَالَ النَّسائيّ: ثقة. وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة صدوق. تكلَّم فِيهِ أبو حاتم. وقَالَ الخطيب: فَهِمًا مُتْقِنَا، مشهورًا بمذهب السنة. وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفِّيَ فِي رمضان سنة ثمانين. 546- محمد بْن أصْبَغ بْن الفَرَج1. أبو عبد الله المصريّ المالكيّ. أحد الأئمّة. تفقّه على والديه. ومات بمصر فِي شعبان سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 547- محمد بْن بسّام بْن بَكْر. أبو بَكْر الْجُرْجانيّ2. كان يسكن قرية هَيّانة بالقرب من جُرْجان. رحل وروى عن: القَعْنَبيّ، ومحمد بْن كثير، وجماعة. وكان عنده المُوَطّأ عن القَعْنَبيّ. وروى عَنْهُ: كُمَيْلُ بْن جَعْفَر، وأبو نُعَيْم بْن عديّ، وغيرهما. وذكر أبو نُعَيْم قَالَ: خرجنا إليه أربعين نفسًا، فأقمنا عنده شهرين، وكانت مؤونتنا ومؤونة دوابّنا عليه. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين. 548- محمد بْن بِشْر بْن شريك النَّخعيّ الكوّفي3.   1 ينظر في "ترتيب المدارك". 2 تاريخ جرجان "629". 3 الميزان "3/ 491". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 311 ضعيف. لقبُه حَمْدان. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. 549- محمد بْن بَكْر. أبو حَفْص الفارسي، ثُمَّ الْمَوْصِلِيّ، الزّاهد1. عن: أبان بن سُفْيَان، وغسان بْن الرَّبِيع، وأحمد بْن يُونُس، ومسدّد بْن مُسَرْهَد، وطبقتهم. وعنه: أبو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن صَدَقَة، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة نيَّفٍ وسبعين. 550- محمد بْن جَابِر. أبو عبد الله المَرْوَزِيُّ الحافظ2. عن: حِبّان بن مُوسَى، وأحمد بْن حنبل، وهُدْبَة بْن خَالِد، وطبقتهم. وعنه: أبو عبد الله الْبُخَارِيّ فِي تاريخه، وهو أكبر منه، وأبو الْعَبَّاس محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. 551- محمد بْن الْجَهْم. أبو عبد الله السِّمَّري الكاتب الأديب3، تلميذ يحيى الفرّاء وروايته. سمع: عبد الوهاب بن عطاء، ويزيد بن هارون، وجعفر بْن عون، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد، وطائفة. وعنه: مُوسَى بْن هارون، وأبو بَكْر بْن مجاهد، وإسماعيل الصّفّار، وأبو سهل القطّان، وأبو العبّاس الأصمّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وآخرون.   1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 انظر السابق. 3 تاريخ بغداد "2/ 161"، والسير "13/ 163". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 312 وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. قلت: مات فِي جُمَادَى الآخرة سنة سبعٍ وسبعين، وله تسع وثمانون سنة، وسمع الحروف من: خلف بْن هشام، وسليمان بْن دَاوُد الهاشميّ. روى عَنْهُ القراءة: ابنُ مجاهد، وجماعة. وكان من أئمّة العربية، العارفين بها. 552- محمد بْن الْحَسَن بْن سَعِيد. أبو جَعْفَر الإصبهانيّ1. قدم بغداد، وحدَّث عن: بَكْر بْن بكّار، وغيره. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وجماعة. وكان موثَّقًا. 553- محمد بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن أبي الحُنَيْن2. أبو جَعْفَر الحنفيّ الكوفيّ المحدِّث صاحب المُسْنَد. وقع لنا بعض مسنده عاليًا. سمع: عَبْد الله بْن مُوسَى، وأبا غسّان مالك بْن إِسْمَاعِيل، وأبا نُعَيْم، وعبد الله بْن مُسْلِم القَعْنَبيّ، وكان عنده عَنْهُ الموطّأ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، والقاضي المَحَامِليّ، وعثمان بن السماك، وأبو سهل بن زياد، ومُكْرَم القاضي، ومحمد بْن عليّ بْن دُحَيْم الكوفي، وجماعة. وثّقه الدَّارقطنيّ، وغيره. ومات سنة سبعٍ وسبعين ومائتين. 554- محمد بْن حَمَّاد. أبو عبد الله الطَّهرانيّ الرَّازيّ3 المحدِّث، نزيل عسقلان. رحّال جوَّال.   1 تاريخ بغداد "2/ 183". 2 تاريخ بغداد "2/ 225"، السير "13/ 243". 3 تاريخ بغداد "2/ 271"، والتهذيب "9/ 124". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 313 سمع: عَبْد الرّزّاق، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبا عاصم، وعُبَيْد الله بْن عَبْد المجيد الحنفيّ، وخلْقًا من طبقتهم. وعنه: ق. وإبراهيم بْن أبي ثابت، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم ووثّقه. وقَالَ: كتبت عَنْهُ بالرّيّ، وبغداد، والإسكندريّة. وقال الدّارقطنيّ: ثقة. وقال ابن عديّ: سمعت مَنْصُور الفقيه يقول: لم أرَ من الشيوخ أحدًا، فأحببت أن أكون مثلهم، يعني فِي الفضل، غير ثلاثة أنفُس، أوَّلهم محمد بْن حمّاد الطِّهْرانيّ. تُوُفِّيَ الطِّهْرانيّ بعسقلان، سنة إحدى وسبعين فِي ربيع الآخر. وقد نيَّف على الثَّمانين. 555- محمد بْن خَالِد بْن يزيد. أبو بَكْر الشَّيبانيّ القُلُوصُيّ الرَّازيّ1. سمع: أَحْمَد بْن حنبل، وهشام بن عمّار، وابن أبي الحواري، وجماعة كثيرة. وأكثر التَّرحال ونزل نَيْسابور. روى عَنْهُ: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وإسحاق بْن أَحْمَد الفارسيّ، والحسن بْن يعقوب الْبُخَارِيّ، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان صدوقًا. 556- محمد بْن خُزَيْمَة بْن راشد. أبو عَمْرو الْبَصْرِيّ2. حدَّث بالدّيار المصرية عن: محمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وحجّاج بن مِنْهال، وجماعة. روى كتب حمّاد بن سلمة.   1 الجرح والتعديل "7/ 244، 245". 2 الثقات لابن حبان "9/ 123". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 314 روى عَنْهُ: ابنُ جوصا، والطَّحاويّ. وأدركه الموت بالإسكندرية فِي جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. أخبرني عيسى بن يحيى الأنصارّ: أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يُوسُفَ: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد الْحَافِظُ، أنا محمد بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زُفَرَ الْمِصْرِيُّ الشَّاعِرُ مِنْ حِفْظِهِ: ثنا محمد بْنُ خُزَيْمَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حدَّثني أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ مِنَ الأَمِيرِ1، يَعْنِي يَنْظُرُ فِي أُمُورِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ محمد بْنِ غَسَّانَ الأَنْصَارِيِّ. 557- محمد بْن خليفة. أبو جَعْفَر الدَّيرعاقوليّ2. عن: أبي نعيم، وعفّان بن مسلم. عن: أبو سهل القطّان، وغيره. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ أيضًا. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة صدوق3. 558- محمد بْن راشد الصُّوريّ. عن: يحيى البابْلُتّيّ. وعنه: الطَّبرانيّ. 559- محمد بْن الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان المُراديّ الْمَصْرِيّ4. حدَّث عن: يحيى بن بكير، وغيره.   1 "حديث صحيح": أخرج البخاري "8/ 108"، والترمذي "3939". 2 تاريخ بغداد "5/ 251، 252". 3 في عداد المجهولين. 4 ينظر في "حسن المحاضرة" الجزء: 20 ¦ الصفحة: 315 ولم تَطُلْ حياتُه بعد أَبِيهِ. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. 560- محمد بْن سَعْد بْن محمد بْن الحَسَن بْن عطية العَوْفيّ1. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ. من بيت الحديث والعلم. سمع: أَبَاه، ويزيد بْن هارون، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد، ورَوْح بْن عُبَادة، وعُبَيْد الله بْن بُكَيْر. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وأحمد بْن كامل، وعُبَيْد الله الخراسانيّ، وجماعة. قَالَ الحاكم: سَأَلت الدّارَقُطْنِيّ عنه، فقال: لا بأس به. تُوُفِّيَ أبو جَعْفَر فِي ربيع الآخر سنة ستٍّ وسبعين. 561- محمد بْن سُلَيْمَان المِنْقَريّ الْمَصْرِيّ2. حدَّث بالشّام عن: سُلَيْمَان بن حرب، وأبي عمر الحوضّ، ومسدَّد. وعنه: محمد بن زبر القاضي، ومحمد بن محمد بن أبي حذيفة، وآخرون. 562- محمد بن سلمة. من شيوخ الحنيفة. عاش نيفا وثمانين سنة، ومات سنة ثمان وسبعين. 563- محمد بن سنان بن يزيد. أبو الحسن البصري القزاز، صاحب جزء القرآن3. سمع: عُمَر بْن يُونُس، ورَوْح بْن عُبَادة، ومحمد بْن بَكْر البُرْسانيّ، وأبا عامر العقديّ، وجماعة. وعنه: المَحَامِليّ، وابن صاعد، وإسماعيل الصّفّار، وجماعة. رماه أبو دَاوُد بالكذِب. وأمّا الدّارَقُطْنِيّ فقال: لا بأس به.   1 تاريخ بغداد "5/ 322، 323". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به، وينظر في "حسن المحاضرة". 3 تاريخ بغداد "5/ 343"، والتهذيب "9/ 206". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 316 تُوُفِّيَ ببغداد فِي رجب سنة إحدى وسبعين. وكان أخوه يزيد بْن سِنَان من شيوخ مصر. قال ابن خداش بْن سِنَان ليس بثقة. وقَالَ أبو عُبَيْد الآجُرّيّ: سمعت أَبَا دَاوُد يُطْلق فِي محمد بْن سِنَان الكذِب. 564- محمد بْن سهل. أبو الفضل العَتَكيّ الهَرَويّ1. عن: خلّاد بْن يحيى، وجماعة. وعنه: محمد بْن الْحَسَن المحمد أباذي النَّيسابوريّ، ومحمد بْن وصيف الفاميّ. 565- محمد بْن شاذان القاضي2. أبو بَكْر الْبَصْرِيّ، نائب القاضي بكّار وخليفته على قضاء الدّيار المصريّة حين سار إِلَى الشّام. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. 566- محمد بْن شدّاد بْن عِيسَى. أبو يَعْلَى المسمعيّ المتكلّم المعتزليّ المعروف بزُرْقان3. كان آخر من حدَّث عن يحيى بْن سَعِيد القطّان. وروى عن: أبو زُكَيْر يحيى بْن محمد الْمَدَنِيّ، وعَبّاد بْن صُهَيْب، ورَوْح بْن عُبَادة، وجماعة. وعنه: الْحُسَيْن بْن صَفْوان، ومُكْرَم القاضي، وأبو بَكْر الشّافعيّ. وحديثه من أعلى ما فِي الغَيْلانيّات. قَالَ البَرْقانيّ: ضعيف جدًا؛ كان الدّارَقُطْنِيّ يقول: لا يُكتب حديثه. وقَالَ الشّافعيّ: تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين.   1 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. 2 أخبار القضاة "1/ 321"، و"حسن المحاضرة". 3 السير "13/ 148"، والميزان "3/ 579". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 317 وقال ابن عقدة: سنة سبعٍ. 567- محمد بْن صالح. أبو بَكْر الأنماطيّ الْبَغْدَادِيّ كَيْلَجَة1. حافظ حُجّة مشهور. طوَّف وسمع: عفّان بْن مُسْلِم، وسعيد بْن أبي مريم، ومسلم بن إبراهيم، وطبقتهم. روى عنه: المحاملي، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار. قال أبو داود: صدوق. توفي بمكة سنة إحدى وسبعين. وقد سماه ابن مخلد في بعض المواضع: أحمد. وقال النَّسائيّ: أحمد بن صالح بغدادي ثقة. وقال الدارقطني كذلك، وزاد فقال: اسمه محمد بن صالح. وقال الخطيب: هو محمد بلا شك. وقال المزني: روى النَّسائي حديثا، عن أَحْمَد بْن صالح، عن يحيى بْن محمد، عن ابنِ عجلان. فإنّه كان كَيْلَجَة، وقد سقط بينه وبين يحيى بْن محمد بْن زُكَيْر رَجُل. وإن كان يحيى هُوَ الحارثيّ، فقد سقط بينه وبين ابنُ عَجْلان رَجُل. قلت: بل أقول هو شيخ للنَّسائيّ يروي عن أبي زُكَيْر، ولعلّه ابنُ المطيري الحافظ الَّذِي نال منه النَّسائيّ. 568- محمد بْن صالح بْن شُعْبَة2. أبو عبد الله الواسطيّ، ويعرف بكعب الذّارع. حدَّث ببغداد عن: عاصم بْن عليّ، وأبي سَلَمَةَ الَّتبوذكيّ، وجماعة. وعنه: أبو جَعْفَر بْن البَخْتَرِيّ، وأبو بَكْر بْن مالك الإسكافيّ. وثقة الخطيب. ومات سنة ستٍّ وسبعين.   1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 203"، والتهذيب "9/ 226". 2 تاريخ بغداد "5/ 360". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 318 569- محمد بْن صالح التِّرمذيّ1. عن: عُثْمَان بْن أبي شَيْبَة، وهشام بْن عمّار، وطبقتهما. وعنه: الهيثم بْن كُلَيْب فِي مُسْنَده، وأبو الْعَبَّاس الحبوب. 570- محمد بْن عَبْد الله بْن مخلد الإصبهانيّ2. رحل وسمع: محمد بن أبي بَكْر المقدّميّ، وقتيبة بْن سَعِيد، وداود بْن رشيد، وجماعة. وعنه: أبو الْحَسَن بْن جَوْصا، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان الدمشقيان، وجماعة. ذكر أبو نُعَيْم وكنّاه أَبَا الْحَسَن، وقَالَ: يُعْرف بورّاق الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان تُوُفِّيَ بمصر قبل التّسعين. قلت: تُوُفِّيَ فِي رجب سنة أربع وسبعين. 571- محمد بْن عَبْد الله بْن الْإِمَام أبي مُسْهِر عَبْد الأعلى بْن مُسْهِر الغسّانيّ الدّمشقيّ3. عن: جده، وأبي الجماهر محمد بن عثمان، وأبي النَّضّر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي، وجماعة. وعنه: أبو ذَرّ عَبْد الرّبّ بْن محمد بن جوصا، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين عن خمسٍ وتسعين سنة. 572- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى. أبو عبد الله السَّعْديّ الْبُخَارِيّ4. يروى عن: أبي حفص أحمد الْبُخَارِيّ، وحيّان بْن مُوسَى، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين.   1 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 229". 3 لا بأس به. 4 لم نقف عليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 319 573- محمد بْن عَبْد الحكم بْن يزيد القِطْريّ1. قيّده الأمير. مع: سعيد بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وجماعة. وعنه: عُثْمَان بْن محمد السَّمرقنديّ، وخَيْثَمة الأطْرابُلُسيّ، وابن الأعرابيّ، ومحمد بْن يوسف الهروي. وقد روى قالون قراءته، وتفرَّد عَنْهُ بلفظة لا تُعرف فِي قراءته. وكان من أَهْل الرملة. 574- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يُونُس الرَّقّيّ السّرّاج2. حدَّث ببغداد عن: أَبِيهِ، وعَمْرو بْن خَالِد الحرّانيّ، ومحمد بن إسماعيل بن عياش. روى عنه: محمد بن مخلد، وغيره. وحدَّث بدمشق. وروى عنه: ابن جوصا، وخيثمة. مولده سنة مائتين. 575- محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن صقر بن أمية عَبْد الرَّحْمَن بْن معاوية بْن هشام بْن عبد الملك3. الأمير أبو عبد الأموي المرواني الأندلسي، صاحب الأندلس. كان من خيار ملوك بني أمية، ذا فضل ودين وعلمٍ وفصاحة وإقدام وحزْم وعدْل. بويع بالإمرة عند موت والده سنة ثمانٍ وثلاثين، فامتدّت أيّامه، وبقي فِي الإمرة خمسًا وثلاثين سنة. وأمُّه أمُّ ولد. وقيل: إنّه كان توغّل فِي بلاد الفِرَنْج، ويبقي فِي الغزوة العام والعامين، فيقتل ويأسر ويسبي.   1 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. 2 تاريخ بغداد "2/ 314". 3 السير "13/ 171". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 320 قال بقي بن المخلد المحدِّث: ما رَأَيْت ولا علمت أحدًا من الملوك، ولا سمعت أبلغ لفظًا من الأمير محمد، ولا أفصح ولا أعقل منه. وقَالَ المظفَّر بْن الْجَوْزي: هُوَ صاحب وقعة سَلِيط فِي ملحمةٍ مشهورة، لم يُعهد قبلها مثلها بالأندلس. يقال إنّه قتل فيها ثلاثمائة ألف كافر. وهذا لم يُسمع بِمِثْلِهِ. قَالَ: وللشُّعراء فيها أقوال كثيرة. قلت: وهو الَّذِي نصر بقي بْن مَخْلَد على الّذين تعصَّبوا عليه. تُوُفِّيَ إِلَى رحمة الله فِي صفر سنة ثلاثٍ وسبعين، وبُويع من بعده ابنه المنذر بْن محمد، فلم يُطَوِّل. 576- محمد بْن عَبْد النّور. أبو عبد الله الكوفي الخزاز الْمُقْرِئ1. قرأ القرآن على خَالِد بْن يزيد. وسمع من: جَعْفَر بْن عون، ويحيى بْن آدم. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وأحمد بْن جَعْفَر بْن المنادي. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة سنة إحدى وسبعين. 577- محمد بْن عَبْد الوهاب بْن حبيب. الفقيه أبو أَحْمَد العَبْديّ النَّيسابوريّ الفرّاء الأديب2. سمع: حَفْص بْن عَبْد الله السُّلَميّ، وشبَّابة بْن سَوّار، ومُحَاضر بْن المورّع، وجعفر بْن عون، والواقديّ، ويحيى ابن أبي بُكَيْر، والأصمعيّ. وأقدم شيخ له موتًا حَفْص بْن عَبْد الرَّحْمَن الفقيه. وكان مُكثرًا عن الحجازيّين والعراقيّين. أَخَذَ الأدب عن: الأصمعيّ، وابن الأعرابيّ، وأبي عُبَيْد. والحديث عن: أَحْمَد بن المدينيّ.   1 تاريخ بغداد "2/ 392". 2 التهذيب "9/ 319، 320". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 321 والفقه عن: أَبِيهِ، وعليّ بْن عثَّام. وكان قيما. قَالَ عَنْهُ الحاكم: يفتى فِي هَذِهِ العلوم ويُرجع إليه فيها. كتب عَنْهُ: أَبُو النَّضر هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَلِيُّ بْنُ عَثّام، وبِشْر بْن الحكم. وروى عَنْهُ من أقرانه: محمد بْن يحيى، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، وغيرهم. ومن الأئمّة: ن. ومسلم وقَالَ: ثقة؛ وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، والسّرّاج، وأبو عبد الله بْن الأخرم، والحسن بِن يعقوب، وآخرون. وحديثه فِي الثّقفيّات بعُلُوّ. ذكر أبو أَحْمَد مرّة السلاطين فقال: اللَّهُمَّ أَنْسِهم ذِكري، ومن أراد ذِكري عندهم فاشْدُدْ على قلبه فلا يذكرني. وقال أبو أحمد: أوّل ما كتبت عن يحيى بْن يحيى سنة تسعٍ وتسعين ومائة. قلت: في صحيح البخاريّ: ثنا أبو أَحْمَد، أَنَا أبو غسان، فذكر حديثًا. ويقال: إنّ أَبَا أَحْمَد هُوَ الفرّاء؛ وقِيلَ: هُوَ مراد بْن حمَّويه؛ وقِيلَ: محمد بْن يوسف البَيْكَنْدي. تُوُفِّيَ الفرّاء في أواخر سنة اثنتين وسبعين، وله خمسٌ وتسعون سنة. قَالَ ابنُ ماكولا وغيره: لقبه حمك. 578- محمد بْن عبدك القزّاز1. بغدادي ثقة. عن: عَبْد الله بْن بَكْر، ورَوْح بْن عُبَادة، وحجّاج الأعور، وجماعة. وعنه: ابنُ البَخْتَرِيّ، وعثمان بْن السّمّاك، وعبد الله بْن سُلَيْمَان الفاميّ. مات فِي شوّال سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 579- محمد بْن أبي دَاوُد عُبَيْد الله بْن يزيد. أبو جَعْفَر بن المناديّ البغداديّ2.   1 تاريخ بغداد "2/ 384". 2 الجرح والتعديل "8/ 3". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 322 سمع: حَفْص بْن غِياث، وإسحاق الأزرق، وأبا بدْر السَّكونيّ، وأبا أُسامة، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: خ. لكن قَالَ: ثنا أَحْمَد بْن أبي دَاوُد. والأكثر على أنّه هُوَ. وَهِمَ الْبُخَارِيّ فِي اسمه. وقد وقع لنا الحديث المذكور موافقةً عليه فِي المجالس السّلْمانيّة. وروى عَنْهُ: أبو القاسم البَغَويّ، وأبو جَعْفَر بْن البَخْتَرِيّ، وحفيده أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن المنادي، وإسماعيل الصّفّار، وابن أبي حاتم، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وأبو عَمْرو الدّقّاق، وأبو سهل القطّان، وخلق. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ ابنُ المنادي: كتب عنّي يحيى بْن معين حديثًا، عن أبي النّضّر. وقال أبو الحسين بْن المنادي: قَالَ لنا جدّي: وُلِدَت فِي نصف جُمَادَى الأولى سنة إحدى وسبعين ومائة. ومات فِي رمضان سنة اثنتين وسبعين وله مائة سنة، وسنة وأربعة أشهر، واثني عشر يومًا. 580- محمد بْن عُثْمَان النَّشيطيّ1. كان بحلب فِي حدود الثمانين ومائتين. سمع: أَبَا عَلِيٍّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ. روى عَنْهُ: الطَّبرانيّ. وهو من كبار شيوخه. 581- محمد بْن عليّ بْن سُفْيَان الصَّنعانيّ النّجّار2. أبو عبد الله. سمع: عبد الرّزّاق. روى عَنْهُ: محمد بْن حمدون الْأَعْمَش، وأبو عوانة.   1 لم نقف عليه. 2 لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 323 تُوُفِّيَ فِي رمضان سنة أربع وسبعين. ورّخه ابنُ عُقْدة، وقَالَ: بلغني أنّه مات وله مائة سنة وشهران أو ثلاثة. 582- محمد بْن عليّ. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الحافظ، حمدان الورّاق1. من فُضَلاء أصحاب الْإِمَام أَحْمَد. سمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبا نُعَيْم، وطبقتهما. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وإسماعيل الصّفّار، وأحمد بْن عُثْمَان بْن ثوبان، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. قَالَ الخطيب: وكان ثقة حافظًا من النُّبلاء. 583- محمد بْن عليّ بْن عفّان الكوفي العامري2. أخو الْحَسَن بْن عليّ. سمع من: الْحَسَن بْن عطية، وغيره. وقرأ القرآن على: عُبَيْد الله بْن مُوسَى. وقرأ عَنْهُ: ابنُ عُقْدة، وعليّ النَّخَعيّ، وعليّ بْن محمد بْن الزُّبير. وآخرون. تُوُفِّيَ فِي صفر سنة سبْعٍ وسبعين. 584- محمد بْن عليّ بْن زُهَيْر. أبو عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ الجرجاني3، المُلقَّب: حمار عفّان، للُزُومه إيّاه. أكثر عن: أبي نُعَيْم، وعفّان، وطبقتهما. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد الرَّحْمَن، وغيره.   1 تاريخ بغداد "3/ 61". 2 السير "13/ 27". 3 الثقات لابن حبان "9/ 148". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 324 585- حمد بن عمران بن حبب الهمدانيّ1. عن: القاسم بْن الحكم العربيّ، وعبد الصَّمد بن حسان، وعبيد الله بن موسى، وطائفة. وعنه: عبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وحفص بن عمر الأردبيلي. توفي في سنة تسعٍ وسبعين. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق أجاز لي أبو الْحَسَن القطّان 586- محمد بْن عُمَيْرَة العنقيّ التُّدميريّ الأندلسيّ2. روى عنه: يحيى بن يحيى، وأصبغ بْن الفرج، ويحيى بْن بُكَيْر، وسحنون بْن سَعِيد، وأبي مُصْعَب الزُّهريّ، وطبقتهم. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 587- محمد بْن عوف بْن سُفْيَان الحافظ. أبو جَعْفَر الطّائيّ الحمصيّ3. رحل وسمع الكثير من: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبي المغيرة عَبْد القدُّوس، وعبد السلام بْن الحميد السَّكونيّ، وهاشم عَمْرو شقران، وأبي مُسْهر الغسّانيّ، وآدم بن أبي إياس. وعنه: د. ن. فِي مُسْنَد عليّ، وأبو حاتم، وابن جَوْصا، وعبد الرَّحْمَن بن أبي حاتم، وعبد الغافر بْن سَلَامة، وخيثمة بْن سُلَيْمَان، وطائفة. وقد سمع منه: الْإِمَام أَحْمَد، مع جلالته، حديثًا رَوَاه له، عن أَبِيهِ. قَالَ ابنُ عدي: محمد بْن عوف عالمٌ بحديث الشّام، صحيحًا وضعيفًا. وكان عليه اعتماد ابنُ جَوْصا، ومنه يسأل، وخاصّة حديث أَهْل حمص. قلت: وقد أثنى عليه غير واحد من الكبار، ووصفوه بالحفظ والتَّبحر.   1 الجرح والتعديل "8/ 41، 42". 2 جذوة المقتبس "116". 3 الجرح والتعديل "8/ 52"، والتهذيب "9/ 383". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 325 وقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الصَّمَدِ فِي تَارِيخِهِ: سَمِعْتُ محمد بْنَ عَوْفٍ يَقُولُ: كُنْتُ أَلْعَبُ فِي الْكَنِيسَةِ بِالْكُرَةِ وَأَنَا حَدَثٌ، فَدَخَلَتِ الْكُرَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَقَعَتْ بِالْقُرْب مِنِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، يَعْنِي الْحِمْصِيَّ فَدَخَلْتُ لآَخُذَهَا، فَقَالَ: ابْنُ مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: ابْنُ عَوْفٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّ أَبَاكَ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا، وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ مَعَنَا الْعِلْمَ وَالَّذِي يُشْبِهُكَ أَنْ تَتَّبِعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَالِدُكَ. فَصِرْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا، فَقَالَتْ: صَدَقَ يَا بُنَيَّ، فَأَلْبَسَتْنِي ثَوْبًا وَإِزَارًا، ثُمَّ جِئْتُ إِلَيْهِ وَمَعِي مِحْبَرَةٌ وَوَرَقٌ، فَقَالَ لِي: اكْتُبْ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: كَتَبَتْ لِي أمُّ الدَّرْدَاءِ فِي لَوْحِي: اطْلُبُوا مِمَّا يُعَلِّمُنِي الْعِلْمُ صِغَارًا تَعْمَلُوا بِهِ كِبَارًا، فَإِنَّ لِكُلِّ حاصدٍ مَا زَرَعَ. فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ مَا سمعته. توفّي في واسط سنة اثنتين وسبعين. 588- محمد بْن عِيسَى بْن حَيّان. أبو عبد الله المدائنيّ الْمُقْرِئ1. عن: سُفْيان بْن عُيَيْنة. وشُعَيْب بْن حرب، ومحمد بْن الفضل بْن عطيّة، وعليّ بْن عاصم، ويزيد بْن هارون. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو بَكْر بْن مجاهد، وخيثمة، وإسماعيل الصّفّار، وعثمان بْن السّمّاك، والأدميّ، وآخرون. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ضعيف. وقَالَ البَرْقانيّ: لا بأس به. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين، عن سنٍّ عالية. 589- محمد بن عيسى التِّرمذيّ بن سورة بْن مُوسَى السُّلميّ2. الحافظ أبو عِيسَى التّرمِذيّ الضّرير، مصنَّف كتاب الجامع. وُلِدَ سنة بضْعٍ ومائتين.   1 السير "13/ 21، 23"، والميزان "3/ 678". 2 السير "13/ 270"، والتهذيب "9/ 387". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 326 وسمع: قُتَيْبَةَ بْن سَعِيد، وأبا مُصْعَب الزُّهريّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله الهرويّ، وإسماعيل بن مُوسَى السُّدّيّ، وصالح بْن عَبْد الله التّرمِذيّ، وعبد لله بْن مُعَاوِيَة، وحُمَيْد بْن مسعدة، وسُوَيْد بْن نصر المروزيّ، وعليّ بْن حُجر السَّعديّ، ومحمد بْن حميد الرَّازيّ، ومحمد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أبي رزمة، ومحمد بْن عَبْد الملك بْن أبي الشَّوارب، وأبا كُرَيْب محمد بْن العلاء، ومحمد بْن أبي معشر السِّنْديّ، ومحمود بْن غَيْلان، وهنّاد بْن السَّريّ، وخلْقًا كثيرًا. وأخذ علم الحديث عن أبي عَبْد الله الْبُخَارِيّ. وعنه: حَمَّاد بْن شاكر، ومكحول بْن الفضل، وعبد بْن محمد، ومحمد بْن محمود بْن عنبر النَّسفيون، والهيثم بْن كُلَيْب الشّاشيّ، وأحمد بْن عليّ بْن حَسْنَوَيْه النَّيسابوريّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن محبوب المَرْوَزِيُّ، ومحمد بْن المنذر شكر، والربيع بْن حِبّان الباهليّ، والفضل بْن عمّار الصّرّام، وآخرون. ذكره ابنُ حِبّان فِي الثّقات وقَالَ: كان مِمَّنْ جمع وصنَّف وحفظ وذاكر. قلت: ويقال له البُوغيّ، بضم الموحّدة وبغينٍ مُعْجَمَةٍ. وبُوغ: قرية على ستّة فراسخ من تِرْمِذ، بفتح التّاء، وقِيلَ بضمها، ويقال بكسرها. وهي على نهر بلْخ. وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْخُهُ أبو عبد الله الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لعليّ: "لايحلُّ لأحدٍ يُجْنِبُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي وَغَيْرُكَ"1 سَمِعَ مِنِّي محمد بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا الْحَدِيثَ. وقَالَ عَبْد المؤمن بْن خلف النَّسفيّ: قرأ عليه الجامع فِي دارنا بنَسَف وأنا صغير ألْعب. قلت: وآخر من روى حديثه عاليًا أبو المِنْجاب اللَّيثيّ: وكتابه الجامع يدلّ على تبحُّره فِي هَذَا الشأن، وَفِي الفقه، واختلاف العلماء. ولكنّه يترخَّص فِي الصّحيح والتَّحسين. ونَفَسُه في التَّخريج ضعيف.   1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "3727"، والبيهقي "7/ 66" في سننه الكبرى، وفي سنده عطية العوفي من الضعفاء. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 327 قَالَ أبو سَعِيد الإدريسيّ: كان أبو عِيسَى يُضْرَبُ به المثل فِي الحِفْظ. سمعت أَبَا بَكْر محمد بْن الْحَارِث المَرْوَزِيُّ الفقيه يقول: سمعت أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن دَاوُد المَرْوَزِيُّ يقول: سمعت أَبَا عِيسَى يقول: كنت في طريق مكّة وكنت قد كتبت جزأين من أحاديث شيخ، فمرّ بنا، فذهبت إليه وأنا أظنّ أنّ الجزأين معي، ومعي في محملي جزءان حسبتهما الجزأين. فلمّا أذن لي أخذت الجزأين، فإذا هما بياض. فتحيّرت، فجعل الشَّيْخ يقرأ عليَّ من حِفْظه. ثُمَّ نظر إليَّ فرأى البياض فِي يدي، فقال: أما تستحي منّي؟ فقصصت عليه أمره، وقلت: أحفظه كلّه. فقال: اقرأ. فقرأت جميع ما قرأ عليَّ أولًا، فلم يصدقني. وقَالَ: استظهرت قبل أن تجيئني. فقلت: حَدَّثَنِي بغيره. فقرأ عليَّ أربعين حديثًا من غرائب حديثه، ثُمَّ قَالَ: هاتِ اقرأ. فقرأت عليه من أوّله إِلَى آخره، فَمَا أخطأت فِي حرف. فقال: ما رَأَيْت مثلك. وقَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: سمعت عُمَر بْن مالك يقول: مات محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ ولم يُخلف بخُراسان مثل ابنِ عِيسَى فِي العلم والحفظ والزُّهد والورع. بكى حَتَّى عَمي وبقي على ضرره سنين. وقَالَ محمد بْن طاهر الحافظ فِي المنثور له: سمعت الْإِمَام أَبَا إِسْمَاعِيل عَبْد الله بْن محمد الْأَنْصَارِيّ بهراة، وجرى ذكر التَّرمذيّ، فقال: كتابه أنفع من كتاب الْبُخَارِيّ، ومسلم؛ فإنّه لا يقف على الفائدة منهما إلّا المتبحر العالم. وكتاب أبي إِسْمَاعِيل يصل إِلَى فائدته كلّ واحد من النّاس. قَالَ غُنْجار فِي تاريخه: تُوُفِّيَ فِي ثالث عشر رجب سنة تسعٍ وسبعين بترمِذ. والعجب من أبي محمد بْن حزم حيث يقول فِي أبي عِيسَى: مجهول. قاله فِي الفرائض من كتاب الأجيال. قَالَ أبو الفتح اليَعْمُريّ: قَالَ أبو الْحَسَن القطّان فِي بيان الوهم والإبهام عقيب قول ابنِ حزْم: هَذَا كلام من لم يبحث عَنْهُ، وقد شهِدَ له بالإمامة والشُّهرة الدَّارقطنيّ، والحاكم. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 328 وقَالَ أبو يَعْلَى الخليليّ: هُوَ حافظ متقن ثقة. وذكره أيضًا الأمير أبو نصر بْن الفَرَضيّ، والخطابيّ. قَالَ أبو الفتح: وذُكر عن ابن عيسى قال: صنَّف هَذَا الكتاب، وعرضته على علماء الحجاز، والعراق، وخُراسان، فرضوا به. ومن قَالَ فِي بيته هَذَا الكتاب، فكأنما فِي بيته نبيٌّ يتكلَّم. قلت: ما فِي جامعه من الثُّلاثيات سوى حديثٍ واحد، وإسناده ضعيف. وكأنّه من الُأصُول السّتّة الّتي عليها العقد والحلّ وَفِي كتابه ما صحّ إسناده، وما صلح، وما ضُعِّف ولم يُترَك، وما وهى وسقط، وهو قليل يوجد فِي المناقب وغيرها. وقد قَالَ: ما أخرجت فِي كتابي هَذَا إلّا حديثًا قد عمل به بعض الفقهاء. قلت: يعني فِي الحلال والحرام. أمّا فِي سوى ذلك ففيه نظر وتفصيل. وقد أطلق عليه الحاكم بْن وكيع الجامع، وهذا تجوُّز من الحاكم. وكذا أطلق عليه أبو بَكْر الخطيب اسم الصّحيح. وقَالَ السِّلَفيّ: الكُتُب الخمسة اتَّفق على صحّتها علماء المشرق والمغرب. وهذا محمولٌ منه على ما سكتوا عن توهينه. وقَالَ أبو بَكْر بْن العربيّ: وليس فِي مدد أبي عِيسَى مثله حلاوة مقطع، ونفاسة مَنْزَع، وعذوبة مَشْرع. وفيه أربعة عشر عِلْمًا فرائد. صنَّف وأسند وصحّح وأشهر، وعدّد الطُّرق، وجرّح وعدّل وأسمى وكنّى، ووصل وقطع، ووضح المعمول به والمتروك، وبيّن اختلاف العلماء فِي الإسناد فِي الأوائل. وكلّ علم منها أصلٌ فِي بابه. 590- محمد بْن عِيسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن. الوزير أبو عليّ النَّيسابوريّ1. كان المأمون يحبّه ويكرمه. وطالت أيّامه، وحدَّث عن: أبي النَّضر هاشم بْن القاسم، وغيره. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين أيضًا.   1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 400، 401". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 329 591- محمد بْن عِيسَى بْن يزيد الطَّرسوسيّ1. أبو بَكْر التّميميّ الحافظ، نزيل بلْخ. رحل وطوَّف وحدَّث عن: أبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وأبي نُعَيْم، وعفّان بْن اليَمَان، وجماعة. وعنه: أبو عَوَانة الإسفرائينيّ، وأبو بَكْر بْن خُزَيْمَة، ومحمد بْن الدّغُوليّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، وعبد الله بن إبراهيم ابن الصّبّاح الإصبهانيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن محبوب، وآخرون. وحدَّث بإصبهان وخُراسان. قَالَ ابنُ عديّ عَنْهُ: هُوَ فِي عداد من يسرق الحديث. قلت: تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. وقَالَ الحاكم: هُوَ من المشهورين بالرحلة والفهم والتَّثبت. أكْثَرَ أهلُ مَرْو عَنْهُ. فأمّا. 592- محمد بْن عِيسَى بن عبد الكريم الطَّرسوسيّ2، شيخ لابن رِزْقَوَيْه. 593- محمد بْن محمد بْن عروس3. أبو عليّ الشيرازي الكاتب الشاعر، نزيل سامرّاء. له أشعار رائقة، ومعاني لائقة. مدح المستعين بالله وغيره. وروى عنه من شعره: أبو محمد القاسم بْن محمد الأنباريّ. ورآه ابنه أبو بَكْر بْن الأنباريّ. وروى عَنْهُ أيضًا: الصُّوليّ، والحسين بْن القاسم الكوكبيّ، وعيسى بْن عَبْد الْعَزِيز، وغيرهم. وله يمدح المستعين يوم العيد: فلو أنّ بُرْد المصطفى إذ لبستَهُ ... بموطنٍ يظنّ البُردّ أنّك صاحبه   1 السير "13/ 164، 165"، والميزان "3/ 679". 2 تاريخ بغداد "2/ 405". 3 من الشعراء المجيدين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 330 وقَالَ لقد حَلَلْته ولبسْته ... نعم، هَذِهِ أعطافُه ومناكبُه ومن شعره: لا والمنازلِ فِي نجدٍ وليلتنا ... ببغداد حسدنا بيننا حسد كم دام فينا الْكَرَى مع لُطْف مَسْلِكه ... نومًا، فَمَا انفكّ لا خدّ ولا عضدُ 594- محمد بن مروان البَيْروتيّ1. روى عن: أبي مُسْهر الدْمشقيْ، وغيره. وعنه: محمد بْن يوسف الهرويّ، وخيثمة بْن سُلَيْمَان. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين، وقِيلَ: سنة أربعٍ. 595- محمد بْن ميمون الإسكندرانيّ الفخّاريّ2. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ أيضًا، وقد قارب المائة. وكان هُوَ وضمام بْن إِسْمَاعِيل فِي منزلٍ واحد. 596- محمد بْن مَنْدَه بْن أبي الهيثم منصور الإصبهانيّ3. حدَّث بالرّيّ وبغداد، عن: بكر بن بكار، والحسين بن حفص، وإبراهيم بْن مُوسَى الفرّاء. وعنه: أبو بكر محمد بن الحسن العجلي، وإسماعيل الصفار، وحمزة الدهقان، وغيرهم. وقال ابن أبي حاتم: لم يكن عندي بصدوق، ولم يكن سنه في سن من لحق بكر بن بكار. وقال أبو نعيم الحافظ: ضعف لروايته عن الْحُسَيْن بْن حَفْص، عن شُعْبَة. قلت: وهذا ليس هُوَ من بيت بني مَنْدَه. وقع حديثه عاليًا لابن قميرة.   1 تاريخ دمشق "19/ 391". 2 لم نقف عليه. 3 تاريخ بغداد "3/ 304". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 331 597- محمد بْن المغيرة السُّكرَّيّ1. لقبه حمدان. سمع: القاسم بْن الحكم العربيّ، وهشام بْن عَبْد الله الرَّازيّ. أَخَذَ عَنْهُ: أبو الْحَسَن القطّان، وطائفة. مات سنة ستٍّ وسبعين. كذا قَالَ الخليليّ، وقِيلَ غير ذلك. وسيُعاد. 598- محمد بْن نصر. أبو الأحوص الأثرم2. سمع: عليّ بْن الجعد، وأبا بلال الأشعريّ، وعدّة آخرون. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وعليّ بْن محمد بْن عُبَيْد الصّفّار. ثقة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 599- محمد بْن مُوسَى بْن الفضل. أبو بَكْر القسطاني الرازيَ3. عن: شَيْبَان بْن فرُّوخ، وطالوت بْن عبّاد، وغيرهما. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وأبو سهل القطّان، وأبو بَكْر الشّافعيّ. وهو مستقيم الحديث. 600- محمد بْن النَّضر بْن حبيب الهلاليّ الإصبهانيّ4. روى عن: بَكْر بْن بكّار، والحسين بْن حَفْص. وعنه: يوسف بن محمد المؤذن، وسعيد بن يعقوب السراج.   1 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. 2 تاريخ بغداد "3/ 313، 314". 3 لا بأس به. 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 209" الجزء: 20 ¦ الصفحة: 332 توفي سنة خمسٍ أو سبعٍ وسبعين، على قولين. 601- محمد بن هارون بن عيسى. أبو بكر الأزدي البصري الرزاز1. عن: مسلم بن إبراهيم، وأبي الوليد، وجماعة. وعنه: أبو العباس بن عقدة، وأبو بكر الشافعي. قال الدارقطني: ليس بالقوي. قلت: حدّث فِي سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 602- محمد بْن الهيثم بْن حمّاد. أبو الأحوص قاضي عُكْبرا2. عن: عَبْد الله بْن رجاء، وسعيد بْن عُفَيْر، وأبي نُعَيْم، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وطبقتهم. وله رحلة واسعة إِلَى البصرة، والكوفة، والشّام، ومصر، والجزيرة، والحجاز. لقي بالشام: محمد بْن عائذ، وطبقته. وبالجزيرة: أَبَا جَعْفَر النُّفيليّ. روى عَنْهُ: ق. حديثًا واحدًا، وقع لنا موافقة. وعنه أيضًا: مُوسَى بْن هارون، وابن صاعد، وعثمان بْن السّمّاك، وأبو بَكْر بْن مالك الإسكافيّ، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله الشّافعيّ، وأبو عوانة فِي صحيحه، وطائفة. قَالَ الدّارقطنيّ: كان من الحُفّاظ الثّقات. قلت: مات فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وسبعين بعُكْبَرا. 603- محمد بْن الورد بن زنجويه. أبو جعفر البغداديّ3، نزيل مصر.   1 تاريخ بغداد "3/ 354". 2 السير "13/ 156، 157"، التهذيب "9/ 498". 3 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 333 حدَّث عن: عفّان بْن مُسْلِم، وغيره. وعنه: أبو جَعْفَر الطَّحاويّ. تُوُفِّيَ فِي المحرّم سنة اثنتين وسبعين، ولم يدركه حفيده عَبْد الله بْن جَعْفَر راوي السيرة. 604- محمد بْن يزيد. مَوْلَى ربيعة، الحافظ أبو عبد الله بْن ماجة القزْوينيّ1، مُصَنِّف السُّنن والتّفسير والتّاريخ. كان محدث قزوين غير مدافع. وُلِدَ سنة تسعٍ ومائتين. وسمع: عليَّ بْن محمد الطَّنافسيّ، وعبد الله بْن مُعَاوِيَة، وهشام بْن عمّار، ومحمد بْن رُمْح، وسُويد بْن سَعِيد، وعبد الله بْن الجرّاح القهسْتانيّ، ومُصْعَب بْن عَبْد الله الزُّبيريّ، وإبراهيم بْن محمد الشّافعيّ، ويزيد بْن عَبْد الله اليماميّ، وجُبَارَة بْن المُغَلّس، وداود بْن رُشَيْد، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَير، وخلقًا كثيرًا. وعنه: محمد بْن عِيسَى الَأبْهريّ، وأبو عَمْرو أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المَدِينيّ، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وسليمان بْن يزيد الفامي، وأبو الطَّيّب أَحْمَد بْن روح الْبَغْدَادِيّ. قَالَ الخليليّ: كان أَبُوهُ يزيد يُعرف بماجة، ولاؤه لربيعة. وعن أبي عَبْد الله بْن ماجة قَالَ: عرضتُ هَذِهِ السُّنن على أبي زُرْعة فنظر فِيهِ وقَالَ: أظنّ إنْ وقع هَذَا فِي أيدي النّاس تعطّلت هَذِهِ الجوامع أو أكثرها. ثُمَّ قَالَ: لعلّ لا يكون فِيهِ تمام ثلاثين حديثًا مما فِي إسناده ضعفٌ، أو نحو ذا. قلت: كان ابنُ ماجة حافظًا صدوقًا ثقة فِي نفْسه، وإنّما نقص كتابه بروايته أحاديث مُنْكَرَةً فِيهِ. وكانت وفاته لثمانٍ بقين من رمضان سنة ثلاثٍ وسبعين، وله أربعٌ وستّون سنة.   1 السير "13/ 277، 281"، والتهذيب "9/ 530". Results ذكر رجال هذه الطبقة مرتبين على حروف المعجم حدَّث عن: عفّان بْن مُسْلِم، وغيره. وعنه: أبو جَعْفَر الطَّحاويّ. تُوُفِّيَ فِي المحرّم سنة اثنتين وسبعين، ولم يدركه حفيده عَبْد الله بْن جَعْفَر راوي السيرة. 604- محمد بْن يزيد. مَوْلَى ربيعة، الحافظ أبو عبد الله بْن ماجة القزْوينيّ1، مُصَنِّف السُّنن والتّفسير والتّاريخ. كان محدث قزوين غير مدافع. وُلِدَ سنة تسعٍ ومائتين. وسمع: عليَّ بْن محمد الطَّنافسيّ، وعبد الله بْن مُعَاوِيَة، وهشام بْن عمّار، ومحمد بْن رُمْح، وسُويد بْن سَعِيد، وعبد الله بْن الجرّاح القهسْتانيّ، ومُصْعَب بْن عَبْد الله الزُّبيريّ، وإبراهيم بْن محمد الشّافعيّ، ويزيد بْن عَبْد الله اليماميّ، وجُبَارَة بْن المُغَلّس، وداود بْن رُشَيْد، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَير، وخلقًا كثيرًا. وعنه: محمد بْن عِيسَى الَأبْهريّ، وأبو عَمْرو أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المَدِينيّ، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وسليمان بْن يزيد الفامي، وأبو الطَّيّب أَحْمَد بْن روح الْبَغْدَادِيّ. قَالَ الخليليّ: كان أَبُوهُ يزيد يُعرف بماجة، ولاؤه لربيعة. وعن أبي عَبْد الله بْن ماجة قَالَ: عرضتُ هَذِهِ السُّنن على أبي زُرْعة فنظر فِيهِ وقَالَ: أظنّ إنْ وقع هَذَا فِي أيدي النّاس تعطّلت هَذِهِ الجوامع أو أكثرها. ثُمَّ قَالَ: لعلّ لا يكون فِيهِ تمام ثلاثين حديثًا مما فِي إسناده ضعفٌ، أو نحو ذا. قلت: كان ابنُ ماجة حافظًا صدوقًا ثقة في نفسه، وإنّما نقص كتابه بروايته أحاديث منكرةً فيه. وكانت وفاته لثمانٍ بقين من رمضان سنة ثلاثٍ وسبعين، وله أربعٌ وستّون سنة.   1 السير "13/ 277، 281"، والتهذيب "9/ 530". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 334 وقَالَ أبو يعليّ الخليليّ فِيهِ: ثقة كبير متَّفق عليه، محتجٌّ به. له معرفة بالحديث وحِفْظ. ارتحل إِلَى العراقَيْن، ومكّة، والشام، ومصر، والرِّيّ لكتْب الحديث. وقَالَ ابنُ طاهر المقدسيّ: رَأَيْت له بقْزوين تاريخًا على الرجال والأمصار إِلَى عصره. وَفِي آخره بخط صاحبه جَعْفَر بن إدريس: مات أبو عبد الله يوم الاثنين، ودُفِن يوم الثلاثاء لثمانٍ بقين من رمضان. وصلّى عليه أخوه أبو بَكْر وتولّى دفنه أخوه أبو بَكْر وأبو عبد الله، وابنه عَبْد الله. وقَالَ غيره: مات سنة خمسٍ وسبعين، والأوّل أصحّ. وقد حدَّث أبو محمد بن الْحَسَن بْن يزيد بْن ماجة القَزْوينيّ ببغداد فِي حدود الثّمانين لمّا حجّ عن إِسْمَاعِيل بْن توبة محدِّث قَزْوين. سمع منه: أبو طَالِب محمد بْن نصر الحافظ. فالظاهر أنّ هَذَا من إخوة أبي عَبْد الله صاحب السُّنن، والله أعلم. 605- محمد بْن يزيد بْن عَبْد الوارث الدّمشقيّ1. عن: يحيى بْن صالح الوُحاظيّ. وعنه: أبو القاسم الطَّبرانيّ. مجهول الحال، لم يذكره ابنُ عساكر. 606- محمد بْن يزيد. أبو جَعْفَر الحربيّ2. هُوَ أقدم شيخ للواعظ عليّ بن محمد الحمصيّ. روى له عن أبي بلال الأشعريّ مرداس بْن محمد. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 607- محمد بْن يعقوب بْن الفرج. الشَّيْخ أبو جَعْفَر الفَرَجيّ الصوفيّ الزّاهد الواعظ3.   1 في عداد المجهولين. 2 انظر السابق. 3 الحلية "10/ 287، 291". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 335 كان إمامًا فقيهًا يفتي بالأثر. وله فضل وعبادة. صحب ذا النّون المصريّ، أبا تراب النَّخشبيّ. وسمع من: عليّ بن المدينيّ، وأبي داود، وجماعة. وكان على غاية التّجريد. يأوي المساجد والصّحراء. توفّي بالرملة بعد سنة سبعين. قال أبو نعيم: له مصنّفات في معاني الصُّوفيّة. وروى عنه أنّه قَالَ: مكثت عشرين سنة لا أسأل عن مسأله إلّا ومنازلتي فيها قبل قولي. وقَالَ: لو صحّ الودّ لسقطت شروط الأدب. وقد رَأَيْت له حكاية، وهي أنّه سافر على التّجريد، فوقع في تيه بني إسرائيل، وصحب لهما حالٌ من أحوال الرُّهبان المتولّدة من الجوع والوَحْدة. قَالَ: فكان يبيع لهما الماء ويُحضر لهما الطعام إذا جاعا. فقالا له بعد ليلتين: يا مُسْلِم هَذِهِ نَوْبتُك. قَالَ: فدخل بعضي فِي بعض، فقلت: اللَّهمّ إنّي أعلم أنّ ذنوبي لم تَدَع لي عندك جاهًا. ولكنْ أسألك أن لا تفضحني عندهما، ولا تُشمّتهما بنبيّنا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبأمَّته. قَالَ: فإذا بعينٍ خرّارة وطعام كثير. وذكر قصة إسلامهما على يده. وقَالَ أبو نُعَيْم: روى عَنْهُ أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وأبو عَمْرو بْن حكيم، وأبو مَسْعُود محمد بن إِبْرَاهِيم بْن المنذر، فإنْ كان هُوَ هُوَ فقد تأخر إِلَى حدود الثمانين ومائتين. 608- محمد بْن يوسف بْن مطروح الفقيه أبو عبد الله البكرّي بْن وائل، الأندلسيّ القُرْطُبيّ1. عن: الغاز بْن قَيْس، وعيسى بْن دينار، وأصْبغ بْن الفَرَج، ومطرِّف بن عبد الله، وسحنون القيروانيّ.   1 جذوة المقتبس "158". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 336 وقد حجّ فِي العام الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أبو عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ. وقد تكلَّم بعض الأئمّة فِي سماعه منه. وكانت الفتوى دائرة بالأندلس على ابنِ مطروح، وأبي وهْب عَبْد الأعلى، وأَصْبَغ بْن خليل. وولي هُوَ إمامه الجامع بقُرْطُبَة. وكان أعرج. ذكره ابنُ الفَرَضيّ فقال: دخل مكّة بعد موت الْمُقْرِئ، ثُمَّ قدم الأندلس، فادّعى السّماع منه. وصوّبه جماعة. تُوُفِّيَ يوم عاشوراء سنة إحدى وسبعين. 609- محمد بْن يوسف بْن عِيسَى بْن برغل1. أبو بَكْر حدَّث عن: يزيد بْن هارون، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، ومحمد بْن سَعِيد القرقساني، وجماعة. وعنه: المحامليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وأحمد بْن عُثْمَان الَأدَميّ، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن نَجِيح، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ، وقِيلَ: سنة خمسٍ وسبعين. وثّقه الخطيب. وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: صدوق. 610- مجشّر بْن عصام. أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ المعدّل2. عن: حفص بن عبد الرحمن، وحفص بن عَبْد الله، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم. وعنه: عَمْرو بْن عَبْد الله الزّاهد، وأبو الطَّيّب محمد بْن عَبْد الله، وجماعة من أَهْل بلده.   1 تاريخ بغداد "3/ 394، 395". 2 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 337 وحدَّث فِي سنة ثلاثٍ. 611- مسرور. أبو هاشم مَوْلَى المعتصم، أمير جليل كبير1. روى عن: نصر بْن مَنْصُور. روى عَنْهُ: عَبْد الصمد الطَّستيّ. وكان نظير مُوسَى بْن بُغَا فِي المرتبة والحال. بلغ ثمانين سنة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين ومائتين. 612- مُسْلِم بْن عِيسَى الصّفّار2. عن: عَبْد الله بْن دَاوُد الخُريبيّ، وعفّان. وعنه: أَحْمَد بْن عُثْمَان الَأدّميّ، وعبد الصَّمد الطَّستيّ. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. تركه الدّارَقُطْنِيّ وغيره. وروى عَنْهُ: محمد بْن حسن بْن الفرج، شيخ لابن مَرْدَوَيْه. 613- مُضَر بْن محمد بْن خَالِد بْن الْوَلِيد. القاضي أبو محمد الَأسَديّ الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ3. عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن سلّام الْجُمَحيّ، وطالوت بْن عبّاد، وهُدْبَة بْن خال، وأحمد بن حنبل، وإبراهيم بْن المنذر الحِزَاميّ، وخلْق. وكان راوية لكُتُب القراءات. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن محمد بْن الباغَنْديّ، وأبو بَكْر بْن مجاهد، وأبو عَوَانة، وعثمان بْن السّمّاك، وأبو بَكْر الِشّافعيّ، وأبو الميمون بْن راشد.   1 انظر: تاريخ الطبري "8/ 344"، "9/ 220". 2 انظر: تاريخ بغداد "13/ 104". 3 تاريخ بغداد "13/ 268، 269". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 338 وحدَّث بدمشق وبغداد، وولي قضاء واسط. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. وقَالَ أَحْمَد بْن المنادي، وأبو بَكْر الشّافعيّ: تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. زاد أحمد: في رجب. قلت: وَهِمَ من قَالَ إنّه تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وتسعين. 614- مطروح بْن محمد بْن شاكر1. أبو نصر القُضاعيّ الْمَصْرِيّ. وُلِدَ سنة تسعين ومائة. وسمع الحديث وكان موثَّقًا. روى عَنْهُ: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله الرشيديّ، وعليّ بْن عَبْد الله بْن أبي مضر. تُوُفِّيَ بالإسكندرية فِي جُمَادَى الأولى سنة إحدى وسبعين ومائتين. 615- معاذ ين عفّان. أبو عُثْمَان الخراشيّ الحافظ2، نزيل هراة. سمع: أَبَا كُرَيْب، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وهشام بْن خَالِد الدّمشقيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو إِسْحَاق البزّاز المَرْوَزِيُّ. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ أيضًا. 616- المُنْسَجر بْن الصَّلت. أبو الضّحّاك القَزْوينيّ3. سمع: أَبَاهُ، والقاسم بْن الحكم العربيّ، ومحمد بْن بُكَيْر الحضرميّ، وجماعة. وعنه: أبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن محمد الْجُرْجانيّ، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان،   1 ينظر "حسن المحاضرة" للسيوطي. 2 لا بأس به. 3 التدوين في أخبار قزوين "4/ 84، 85". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 339 وسليمان بْن يزيد الفاميّ، وأحمد بْن محمد بْن ميمون، وهو آخر من مات من أصحابه، فإنّه بقي إلى حدود الخمسين وثلاثمائة. تُوُفِّيَ المُنْسَجر فِي سنة ستٍّ وسبعين. وكان صدوقًا. ورّخه الخليليّ سنة سبعٍ وسبعين. 617- مقاتل بْن عمّار بْن محمد بْن صالح الْبَغْدَادِيّ المطرّز1. عن: أَحْمَد بْن يُونُس، وسعيد بْن مَنْصُور، وجماعة، وعبد الله الزُّبيريّ. وعنه: ابنُ صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، والحكيميّ، وآخرون. قَالَ ابنُ المنادي: كان من المبرّزين فِي الصّلاح. وكان يحضر معنا مجلس عَبَّاس الدُّوريّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 618- مُعَمَّر بْن محمد بْن مُعَمَّر العَوْفيّ البلْخيّ. أبو شهاب2. روى عن: عمّه شهاب، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعصام بْن يوسف. وقَالَ السُّليمانيّ: أنكروا عليه حديثًا عن مكّيّ. 619- المغيرة بْن محمد بْن المهلَّب أبو حاتم المهلَّبيّ الأزْديّ الْبَصْرِيّ الأديب3. حدَّث عن: محمد بْن عبد الله الأنصاريّ، وعبد اله بْن رجاء، وجماعة. وعنه: محمد بن المَرْزُبان، ومحمد بْن يحيى الصُّوليّ. وكان صدوقًا بارع الأدب، وحسن المنَّظم. مدح المتوكّل وغيره. وَتُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. رأيت له نسخة كبيرة عن الأنصاريّ.   1 تاريخ بغداد "13/ 169، 170". 2 الميزان "4/ 157". 3 تاريخ بغداد "13/ 195، 196". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 340 620- المنذر بْن محمد بْن الصّبّاح. أبو عبد اله الإصبهانيّ الزّاهد1. عن: محمد بْن المغيرة، وإبراهيم بْن مُوسَى الفرّاء، ومحمد بْن حُمَيْد الرَّازيّ، وجماعة. وعنه: عبد الله بن محمد بن عِيسَى، وأحمد بْن شاهي الإصبهانيّان. تُوُفِّيَ سنة أربع وسبعين. 621- المُنْذر بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحكم بن هشام2. الأمير أبو الحكم الُأمويّ المروانيّ صاحب الأندلس. ولي الأمر بعد أَبِيهِ سنتين. وكان شجاعًا مقدامًا ماضي العزيمة. عاش ستًّا وأربعين سنة. ومات وهو محاصر عُمَر بْن حفصون البدويّ الخارج عليهم فِي سابع عشر صفر سنة خمسٍ وسبعين، فولي الأمر بعده أخوه الأمير عَبْد الله بْن محمد، فبقي في الملك إلى سنة ثلاثمائة. 622- مَوّاس بْن سهل. أبو القاسم المَعَافِريّ الْمَصْرِيّ الْمُقْرِئ3. قرأ على: أبي يعقوب الأزرق، وعبد الصمد بْن عَبْد الرَّحْمَن، وداود بْن عطيّة. وأصحاب ورش. قرأ عليه: محمد بْن عَبْد الرحيم الأصبهانيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم الأهناسيّ، ومطرِّف بْن عَبْد الرحمن الأندلسيّ، وجماعة. وكان ثقة ضابطًا. لم يكن فِي طبقته مثله. 623- مُوسَى بْن الحسن الصِّقلّيّ. أبو عمران4.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 322". 2 وفيات الأعيان "1/ 111". 3 غاية النهاية "2/ 316". 4 تاريخ بغداد "13/ 46، 47". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 341 عن: أبي نُعَيْم، وأبي عُمَر الحَوْضيّ، وسعيد بْن مَنْصُور، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ. وعنه: أبو الميمون بْن راشد، وأبو عليّ الحصائري، وأبو جَعْفَر البَخْتَرِيّ، والصّفّار. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. حدَّث ببغداد، ودمشق. 624- مُوسَى بْن سهل بْن كثير. أبو عِمْرَانَ الوشّاء الحُرْفيّ1. بغداديّ ضعيف. عن: أبي عُليَّة، وإسحاق الأزرق، وعليّ بْن عاصم، وشُجاع بْن أبي الْوَلِيد، ويزيد بْن هارون. وعنه: عُثْمَان بْن السّمّاك، وأحمد بْن عُثْمَان الَأدميّ، وأبو عُمَر الزّاهد. وأبو بَكْر الشّافعيّ، وعُمَر بْن الْحَسَن الأشنانيّ، وجماعة. قال الدّارَقُطْنِيّ: ضعيف. وقَالَ البَرْقانيّ: ضعيف جدًا. قلت: فِي الغَيْلانيّات من عَوَاليه. ومات فِي ذي القعدة سنة ثمانٍ وسبعين. 625- مُوسَى بْن عُمَر الْجُرْجانيّ2. سمع: مسدّد، وإسماعيل بْن أبي يُونُس، ويحيى بْن معِين. وعنه: كُمَيْلُ بْن جَعْفَر، وإبراهيم بْن محمد البريديّ، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين.   1 السير "13/ 149، 150". 2 تاريخ جرجان "465". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 342 626- مُوسَى بْن عِيسَى بْن المنذر. أبو عَمْرو السُّلميّ الحمصيّ1. عن: أَبِيهِ، وأحمد بْن مجالد، وحيوة بْن شُرَيْح الحمصيّين. وعنه: الطَّبَرَانِيّ. لقِيَه سنة ثمانين. وقد قَالَ فِيهِ النَّسائيّ: ليس بثقة. مات سنة 81. 627- مُوسَى بْن محمد بْن أبي عوْف. أبو عِمْرَانَ المُرّيّ الصّفّار2. ارتحل وسمع من: يوسف بْن عديّ، وأبي جَعْفَر النُّفيليّ. وعنه: أبو عوانة، وأبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن أبي ثابت، وأحمد بن حَذْلَم وآخرون. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 628- مُوسَى بْن مُوسَى. أبو عِيسَى الْبَغْدَادِيّ الحافظ يُعرف بالشّصّ3. سمع: عليَّ بن الجعد، ومحمد بْن مِنْهال، وأبا بَكْر بْن شَيْبَة، وطبقتهم. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وأبو طَالِب الحافظ، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن نَجِيح، وجماعة. وثقة الدّارَقُطْنِيّ. وَتُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 629- مُوسَى بْن نصر القنطريّ4. بغداديّ مستور.   1 من شيوخ الطيراني، وفيه ضعف. 2 لا بأس به. 3 تاريخ بغداد "13/ 47". 4 انظر: تاريخ بغداد "13/ 46". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 343 سمع: عبد الله بن عون الخزّاز، وطبقته. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وخيثمة، ومحمد بْن جَعْفَر المطيري. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 630- الموفَّق أبو أَحْمَد بْن المتوكّل على الله بْن المعتصم1. اسمه محمد، وقِيلَ: طَلْحَةُ. ولي عهد أمير المؤمنين. والد المعتضد بالله. وأمّه أم ولد. مولده سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. وعقد له أخوه المعتمد ولاية العهد بعد ابنه جَعْفَر، وذلك فِي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. وكان الموفَّق من أجَلّ الملوك رأيًا، وأشجعهم قلبًا، وأسمحهم نفْسًا، وأغزرهم عقلًا، وأجْوَدهم رأيًا. وكان محبَّبًا إِلَى النّاس، قد استولى على الأمور وانقادت له الجيوش، وحارب صاحب الزَّنج وظفر به وقتله. وكان النّاس يلقّبونه: النّاصر لدين الله. قَالَ الخُطَبيّ: لم يزل أمر أبي أحمد يقوى ويزيد حتّى صار صاحب الجيش، وكلّه تحت يده. ولمّا غلب على الأمر حظر على المعتمد أَخِيهِ، واحتاط عليه وعلى ولده، وجمعهم فِي موضعٍ واحدٍ، ووكّل بهم. وأجرى الأمور مجاريها إِلَى أن تُوُفِّيَ لثمانٍ بقين من صفر سنة ثمانٍ وسبعين، وله تسعٌ وأربعون سنة. وكانوا ينظرونه بأبي جَعْفَر المنصور فِي حزْمه ودهائه ورأيه، وكان قد غضب على ولده أبي الْعَبَّاس المعتضد وحبسه، ووكّل به إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل، فضيَّق عليه، فَلَمَّا احتضر أبو أحمد رضي الله عن ولده، وكان ولده من أُنْمُوذَجته، فألقى إليه مقاليد الأمور، فولّاه المعتمد ولاية العهد فِي الحال بعد ابنه المفوّض بن المعتمد، وخطب الخُطَب له ثُمَّ لولده المفوّض، ثمّ لأبي العبّاس المعتضد. وانتقم أبو الْعَبَّاس من ابنِ بُلْبُل وعذّبه حَتَّى مات. ثُمَّ بعد أيام خلع المفوَّض، وتفرَّد أبو العبّاس بالعهد.   1 السير "13/ 169، 170". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 344 "حرف النوَّن": 631- نجاح بْن إِبْرَاهِيم الكوفي الفقيه1. حدَّث بمصر عن: سَعِيد بْن عُمَر، والأشعثيّ، وغيرهما. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ أيضًا فِي ذي الحجّة. 632- نصر بْن أَحْمَد بْن أسد بْن سامان2. أمير ما وراء النّهر والتُّرْك. كان أديبًا فاضلًا مَهِيبًا من أجلّ الأمراء. مات سنة تسعٍ وسبعين، وولي الأمر بعده أخوه إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد الَّذِي ظفر بالصّفّار. 633- نصر بْن دَاوُد. أبو مَنْصُور الصَّغانيّ الخلنجيّ3. روى عن: خَالِد بْن خِداش، وأبي عُبَيْد القاسم بْن سلّام، وحرميّ بْن حَفْص. وعنه: محمد بن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين. "حرف الهاء": 634- هارون بْن الْعَبَّاس الهاشميّ4. عن: إِبْرَاهِيم بْن المنذر، وأبي مُصْعَب، وغيرهما. وعنه: ابنُ مَخْلَد، والتّاريخيّ. قَالَ الخطيب: كان ثقة. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين.   1 ينظر في كتاب "حسن المحاضرة". 2 وفيات الأعيان "6/ 424". 3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 4 تاريخ بغداد "14/ 37". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 345 635- هارون بْن عِمْرَانَ الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ1. عن: أبي مُسْهِر الغسّانيّ، وأبي الجماهر. وعنه: أبو الميمون بْن راشد. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين. 636- هارون بن محمد بن بكار بن بلال العاملي2. عن: أَبِيهِ، ومحمد بْن عِيسَى بْن سميع، ومنبّه بْن عُثْمَان، ومروان بْن محمد الطّاطَريّ. وعنه: د. ن. ومحمد بْن يوسف الهرويّ، وابن جوصا، وأبو بكر بن أبي داود، وجماعة. قال النَّسائيّ: لا بأس به. قلت: تُوُفِّيَ بعد السبعين، أو قبل ذلك. 637- هارون بْن مُوسَى الَأشنانيّ3. عن: مكّيّ بن إِبْرَاهِيم، وأبي نُعَيْم. وعنه: ابنُ أبي حاتم، ومحمد بن بلبل الهمدانيّ. 638- هاشم بن مرئد. أبو سَعِيد الطَّبرانيّ4. عن: آدم بْن أبي إياس، وصفوان بْن صالح، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، ويحيى بْن معين، والمُعَافي بْن سلمان الرَّسعنيّ. وعنه: سُلَيْمَان الطَّبرانيّ، ويحيى بْن يزيد النَّيسابوري، وابنه سعيد بن هاشم، وآخرون.   1 لم نقف عليه. 2 الجرح والتعديل "9/ 97". 3 الجرح والتعديل "9/ 97". 4 لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 346 وهو من قُدماء شيوخ الطَّبرانيّ، فإنّه سمع منه ثلاثٍ وسبعين. ومات فِي شوّال سنة ثمانٍ وسبعين. 639- هاشم بْن يُونُس الْمَصْرِيّ القصّار1 عن: عَبْد الله بْن صالح. وعنه: الطَّبرانيّ، وأبو عوانة الإسفرائينيّ، وغيرهما. وقد سمع أيضًا من سَعِيد بْن أبي مريم، والطبقة سنة " ... "2. 640- هبةُ الله بْن الأمير إِبْرَاهِيم بْن المهديّ بْن المنصور3. أبو القاسم العبّاسي. وكان كاتبًا، حاذقًا بالغناء، ورقيق النَّظم. جالس المعتضد وغيره. حكى عن: أَبِيهِ. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن يزيد المهلَّبيّ، وعون بْن محمد، وعبد الله بْن مالك النَّحويّ. وقَالَ عون الكِنْديّ: مات عن توبةٍ حَسنة، وفرّق مالًا عظيمًا. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 641- هلال بْن العلاء بْن هلال4. أبو عُمَر بْن أبي محمد الباهليّ. مولاهم الرَّقّيّ الأديب، شيخ الرَّقّة وعالمها. سمع: أَبَاهُ العلاء بْن هلال بْن عُمَر بْن هلال مَوْلَى قُتَيْبَةَ بْن مُسْلِم أمير خُراسان، وحَجّاج بْن محمد الأعور، ومحمد بْن مُصْعَب القَرْقِسائيّ، وحسين بْن عيّاش، وعبد الله بْن جَعْفَر الرَّقّيّ، وأبا جَعْفَر النُّفَيْليّ. وعنه: ن. وأبو بَكْر النّجّاد، وخيثمة بْن سُلَيْمَان، والعبّاس بْن محمد الرّافعيّ، ومحمد بن أيوب بن الصَّمت، وخلق سواهم.   1 انظر السابق. 2 بياض في الأصل. 3 لم نقف عليه. 4 السير "13/ 309"، والتهذيب "11/ 83". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 347 قال النَّسائيّ: ليس به بأس. روى أحاديث منكرة عن أَبِيهِ، ولا أدري الرَّيب منه أو من أَبِيهِ. وقَالَ غيره: تُوُفِّيَ فِي ذي الحجّة يوم النّحر سنة ثمانين. وقِيلَ: تُوُفِّيَ فِي ثامن ربيع الأوّل سنة إحدى وثمانين. وله شِعر رائق، لائق بكلّ رائق، فمنه. سَيَبْلَى لسانٌ كان يُعْرِبُ لَفْظَهُ ... فيا لَيْتَهُ من وَقْفَةِ الْعَرْضِ يَسْلَمُ وما ينفع الإعراب إنّ لم يكن تُقًى ... وما ضَرّ ذا تقوى لسان معجم وله، وقد رواه عَنْهُ خيثمة: اقْبَلْ معاذِيرَ من يأتيك معتذرا ... إن برَّ عندك فيما قَالَ أو فَجَرا فقد أطاعك مَن أرضاك ظاهِرُهُ ... وقد أجلَّك مَن يَعْصِيكَ مُسْتَتِرا وله أبيات حَسنة فِي فقْد الشباب 642- همّام بْن مُحَمَّد بْن النُّعمان بْن عَبْد السّلام التَّيميّ1. أبو عمر الإصبهانيّ. أخو عَبْد الله الإصبهانيّ بْن محمد. روى عن: جَنْدَل بْن والِق، وإسحاق بْن بِشْر الكاهليّ، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ، وعبد الحميد بْن صالح. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: قَيِل إنّه كان من الأبدال. روى عَنْهُ: سَعِيد بْن يعقوب، ومحمد بْن الْحَسَن بْن المهلَّب، وأحمد بْن الزُّبَيْر الإصبهانيّون. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 643- الهيثم بْن خَالِد الكوفيّ الوشّاء2. ورّاق أبي نعيم الفضل بن ذكوان.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 340، 341". 2 لم نقف عليه. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 348 روى عَنْهُ: أبو الْعَبَّاس بْن عُقْدة، وأبو بَكْر الخلّال الحنْبليّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 644- الهيثم بْن مروان1. أبو الحكم الدمشقي. عن: محمد بْن عِيسَى بْن سميع، وأبي مُسْهِر، وخاله محمد بْن عائذ الكاتب. وعنه: ن. وأبو الْحَسَن بْن جَوْصا. 645- هَيْذام بْن قُتَيْبَةَ الْبَغْدَادِيّ2. عن: عَبْد الله بْن صالح العِجْليّ، وسليمان بْن حرب، وعاصم بْن عليّ. وعنه: أبو بَكْر النّجّاد، وعثمان بْن السّمّاك، وجماعة. قَالَ الخطيب: كان ثقة عابدًا. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. "حرف الواو": 646- وزير بْن القاسم الْجُبَيْليّ3. عن: عَمْرو بْن هشام البَيْروتيّ، وأبي اليمان الحمصيّ، وجماعة. وعنه: ابنُ جَوْصا، والحسن بْن حبيب الحصائريّ، وخيثمة الأطْرابُلُسيّ. 647- وهْب بْن نافع الَأسَديّ القُرْطُبيّ4. أحد علماء الأندلس. رحل وسمع من: إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبي الطّاهر بْن السَّرح، وسَحْنُون بْن سَعِيد، ونصر بن عليّ الجهضميّ، وطبقتهم.   1 أخبار القضاة "3/ 204". 2 تاريخ بغداد "14/ 96، 97". 3 الإكمال "2/ 259" لابن ماكولا. 4 جذوة المقتبس "851". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 349 وهو أوّل من أدخل تصانيف أبي عُبَيْد القاسم بْن سلّام الأندلسيّ. تُوُفِّيَ فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. "حرف الياء": 648- يحيى بْن أبي طَالِب جَعْفَر بْن عَبْد الله بْن الزّبرقان1. قَالَ أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ: أخو الْعَبَّاس، والفضل. أصلهم من واسط. سمع: عليّ بْن عاصم، ويزيد بْن هارون، وعبد الوهاب الخفّاف، وأبا بدْر السَّكونيّ، وزيد بْن الحُبَاب، وأبا دَاوُد الطَّيالسيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وابن صاعد، وإسماعيل الصَّفّار، ومحمد بْن البَخْتَرِيّ، وعثمان بْن السّمّاك، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو سهل القطّان، وعبد الله بْن إِسْحَاق، وخلْق. قَالَ أبو حاتم: محلُّه الصِّدق. وقَالَ البَرْقانيّ: أمرني الدّارَقُطْنِيّ أن أخرِّج له فِي الصّحيح. وقَالَ البَغَويّ: سمعت مُوسَى بْن هارون يقول: أشهد على يحيى بْن أبي طَالِب أنّه كذّاب. وقَالَ أبو أَحْمَد الكاتب: ليس بالمتين. قلت: وُلِدَ سنة اثنتين وثمانين ومائة، ومات سنة خمسٍ وسبعين فِي شوّال. وقد وقع لي جملةٌ من عواليه. وولاؤه لبني هاشم. 649- يحيى بْن الرَّبِيع بْن ثابت البُرْجُميّ الكوفيّ2. عن: يزيد بْن هارون. وعليّ بْن شقيق. وعنه: ابنُ عُقْدة، ومحمد بن مخلد.   1 تاريخ بغداد "14/ 220". 2 تاريخ بغداد "14/ 221". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 350 650- يحيى بْن الفُضَيْل الْبَغْدَادِيّ الكاتب1. نزل مصر، وحدَّث عن: الأصمعيّ، وعَوْن بْن عُمارة. وعنه: عَبْد الْعَزِيز الغافِقيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن وَرْدان، ومحمد بْن أَحْمَد الخلّال المصريّون. قَالَ الخطيب: مات سنة ثمانين. 651- يحيى بْن عَبْد العظيم. وهو يحيى بْن عَبْدك القَزْوينيّ2. محدّث كبير القدر. طاف وسمع: أبا الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وعفّان بْن مُسْلِم، وعبد الله بْن رجاء الْبَغْدَادِيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو نُعَيْم عَبْد الملك بن محمد الْجُرْجانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وأبو الْحَسَن عليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين، وكان صدوقًا. قَالَ الخليليّ: كان شيخًا ثقة، متَّفق عليه. 652- يحيى بْن القاسم بْن هلال. أبو زكريا الأندلسيّ القُرْطُبيّ الفقيه المالكيّ3. أحد الأئمّة والزُّهّاد. سمع: يحيى بْن يحيى، وسعيد بن حسّان، عبد الله بْن قانع الصائغ، وسَحْنُون بْن سَعِيد، وطائفة. وعنه: أَحْمَد بْن خَالِد بْن الحُباب، ومحمد بْن أَعْيَن، وجماعة. قَيِل إنّه كان من العبادة على أمر عظيم. كان يصوم حَتَّى يَخْضَرّ. قَالَ ابنُ الفَرَضيّ فِي تاريخه: قال   1 السابق "14/ 222". 2 الثقات لابن حبان "9/ 271". 3 جذوة المقتبس "1488". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 351 لي عبّاس بْن أَصبَغ إنّ يحيى بْن القاسم كان فِي داره شجرةٌ تسجد لسجوده، رحمة الله عليه. قَيِل: تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين، وقِيلَ: سنة ثمانٍ وسبعين. 653- يحيى بْن مُطَرِّف بْن الهيثم1. الفقيه أبو الهيثم الثَّقفيّ، مفتي إصبهان وعالمها. سمع: الحسين بْن حَفْص، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، والقَعْنَبيّ، وطائفة. وعنه: أَحْمَد بْن جَعْفَر بن مَعْبَد، وأبو علي الصحاف، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف، وآخرون. تُوُفِّيَ فِي يوم عاشوراء سنه ثمانٍ وسبعين ومائتين. 654- يزيد بْن محمد بْن عَبْد الصمد2. وقد يُنْسب إِلَى جدّه، فيقال يزيد بْن عَبْد الصمد. أبو القاسم الدّمشقيّ. مَوْلَى بني هاشم. سمع: أَبَا مُسْهَر، وآدم بْن أبي إياس، وأبي بَكْر الحُمَيْديّ، وطبقتهم. وعنه: د. ن. وقَالَ: ثقة؛ وابن جَوْصا، وأبو عليّ الحصائري، والحسين بْن جرلان، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وأبو عوانة فِي مُسْنَده، وإبراهيم بْن أبي ثابت، وجماعة. وثّقه أيضًا الدَّارقطنيّ. وُلِدَ سنة ثمانٍ وتسعين ومائة، ومات فِي شوّال سنة ستٍّ وسبعين ومائتين وكان موصوفًا بالحِفْظ والفَهْم. 655- يعقوب بْن إِسْحَاق بْن زياد. أبو يوسف الْبَصْرِيّ القلوسيّ3.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 360". 2 السير "13/ 151"، والتهذيب "11/ 357". 3 تاريخ بغداد "14/ 285، 286". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 352 عن: عمّار بْن عُمَر بْن فارس، وأبي عاصم النّبيل، وجماعة كثيرة. وعنه: المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وأبو الْحُسَيْن بْن المنادي. وكان ثقة حافظًا. ولي قضاء نصيبّين. وَتُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين ومائتين. 656- يعقوب بْن إِسْحَاق الْبَغْدَادِيّ. أبو يوسف الدّعاء1. يروي عن: أبي اليمان، وعاصم بْن عليّ، وجماعة. وعنه: أبو سهل القطّان، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. ولا أعلم فِيهِ جَرْحًا. 657- يعقوب بْن إِسْحَاق بْن مِهْران الإصبهانيّ. المعروف بابن أبي يعقوب المعدّل2. سمع: محمد بن عبد الله الأنصاريّ، وعمرو بْن مرزوق، وأحمد بْن يوسف، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن جَعْفَر السِّمْسار، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف الإصبهانيّان. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. 658- يعقوب بْن سُفْيَان بْن جَوّان3. الحافظ الكبير أبو يوسف بْن أبي مُعَاوِيَة الفَسَويّ الفارسيّ صاحب التّاريخ والمشيخة. طوَّف الأقاليم وسمع ما لا يوصف كثرة. سمع: أَبَا عاصم النبيل، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، ومحمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وعبد الله بْن مُوسَى، وعبد الله بْن رجاء، وأبا مُسْهَر، وحبّان بْن هلال، وأبا نعيم،   1 تاريخ بغداد "14/ 287". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 354". 3 السير "13/ 180"، والتهذيب "11/ 385-389". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 353 وسعيد بْن أبي مريم، وعَوْن بْن عُمارة، وخلقًا كثيرًا بالشّام، والحجاز، ومصر، والعراق، والجزيرة. وعنه: ت. ن. وقال: لا بأس به؛ وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو عوانة، ومحمد بْن حَمْزَةَ بْن عُمارة، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن درستَوَيْه، والحسن بْن محمد الفَسَويّ، وآخرون. وبقي فِي الرحلة ثلاثين سنة. قَالَ أبو زُرْعة الدّمشقيّ: قدِم علينا رجلان من نُبلاء النّاس، أحدهما: يعقوب بْن سُفْيَان، يعجز أَهْل العراق أن يروا مثله. والثّاني: حرب بْن إِسْمَاعِيل، وهو مِمَّنْ كتب عنّي. وقَالَ محمد بْن دَاوُد الفارسيّ: ثنا يعقوب بْن سُفْيَان العبد الصّالح، فذكر حديثًا. قال أبو بكر أحمد بْن عبْدان الشّيرازيّ: كان يتشيَّع ويتكلَّم فِي عُثْمَان. وعن محمد بْن يزيد العطّار: سمعت يعقوب الفَسَويّ قَالَ: كنت أُكثر النَّسخ باللّيل، وقلَّت نَفَقَتي،، فجعلت أستعجل. فنسخت ليلةً حَتَّى تصرّم اللّيل، فنزل الماء من عيني، فلم أُبصر السّراج، فبكيت على انقطاعي، وعلى ما يفوتني من العِلْم. فاشتدّ بكائي، فنمت، فرأيت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، فناداني: يا يعقوب بْن سُفْيَان لِمَ بَكيت؟ فقلت: يا رسول الله ذهب بصري، فتحسَّرت على ما فاتني من كَتْب سنتَّك، وعلى الانقطاع من بلدي. فقال: أدنُ منّي. فدنوت منه، فأمرَّ يده على عينيّ كأنّه يقرأ عليهما، ثُمَّ استيقظت، فأبصرت، وأخذت نُسختي، وقعدت فِي السّراج أكتب. تُوُفِّيَ يعقوب فِي وسط سنة سبعٍ وسبعين، قبل أبي حاتم الأزْديّ بشهر. 659- يعقوب بْن سَوّاك الختُّليّ الزّاهد1. صاحب بشر الحافي.   1 تاريخ بغداد "14/ 284، 285". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 354 روى عَنْهُ: ابنُ مسروق، ومحمد بْن ثوبة الهاشميّ، وغيرهما. تُوُفِّيَ بعد السبّعين ومائتين. قاله الخطيب. 660- يعقوب بْن يزيد. أبو يوسف الْبَغْدَادِيّ التّمّار1. أحد الشّعُراء المحسنين، سيما فِي الغزل. اتّصل بالخليفة المنتصر. روى عَنْهُ: قاسم الإنباريّ، وابن المَرْزُبان، وغيرهما. 661- يعقوب بْن يوسف القَزْوينيّ2. ابنُ أخي حُسَيْن. سمع: القاسم بْن الحكم العُرَنّي، وغيره. وعنه: أَحْمَد بْن محمد بْن رزمة، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن إِسْحَاق الصِّبْغيّ الفقيه، وجماعة. كان صدوقًا. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 662- يعقوب بْن يوسف بْن مَعْقِل بْن سِنَان النَّيسابوريّ3. والد أبي الْعَبَّاس الأصمّ. روى عن: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد، وعليّ بْن حُجْر، وطبقتهم ثُمَّ رحل بابنه فلقي أصحاب ابنِ عُيَيْنَة، وابن وهْب. روى عَنْهُ: ابنه، وأبو عَمْرو المُسْتَملي، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ومحمد بْن مَخْلَد الدُّوريّ.   1 تاريخ بغداد "13/ 287، 288". 2 لا بأس به. 3 تاريخ بغداد "14/ 286". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 355 وكان من أبرع النّاس خطًّا. نسخ الكثير بالُأجْرة. ومات فِي المحرَّم سنة سبعٍ وسبعين. 663- يوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم. الحافظ أبو يعقوب المِصِّيصيّ1. سمع: حجّاج الأعور، ومحمد بْن مُصْعَب، وعبيد الله بْن مُوسَى، وأبا مُسْهَر الغساني، وخالد بْن يزيد القسريّ، وهَوذة بْن خليفة، وقبيصة بْن عُقْبَة، وطائفة. وعنه: ن. وقَالَ: ثقة حافظ؛ وأبو عوانة ويحيى بْن صاعد، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن صفوة، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان صدوقًا ثقة. قلت: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة سنة إحدى وسبعين. 664- يوسف بن الضّحّاك البغداديّ2. مولى بني أميَّة. عن: سُلَيْمَان بْن حرب، ومحمد بن سنان العوفيّ. وكان فقيهًا ثقة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين. 665- يوسف بْن عَبْد الله. أبو يعقوب الخوارزميّ3، نزيل فلسطين. محدِّث رحَّال. روى عن: عَبْدان بْن عُثْمَان المَرْوَزِيُّ، وحَرْمَلة بْن يحيى الْمِصْرِيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو الْعَبَّاس الأصمّ، وأبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن أبي ثابت. قَالَ زكريا بْن يحيى التِّنِّيسيّ: شيخ ابنِ عديّ، وغيره، وما علمت به بأسًا.   1 الحلية "9/ 305"، والتهذيب "11/ 414". 2 تاريخ بغداد "14/ 307، 308". 3 لا بأس به. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 356 666- يوسف بْن مُوسَى الحربيّ العطّار الفقيه1. روى عن: أَحْمَد بْن حنبل مسائل معروفة. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الخلّال وأثنى عليه، وقَالَ: كان يهوديًّا فأسلم على يد الْإِمَام أَحْمَد، وهو حَدَث. فحَسُن إسلامُهُ ورحل فِي طلب العلم. وسمع من قوم جلَّة. "الكنى": 667- أبو سَعِيد الخرّاز2. شيخ العارفين فِي وقته. واسمه أَحْمَد بْن عِيسَى. قَيِل: تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. والأشْهَرُ أنّه تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وثمانين كما سيأتي. أبو سَعِيد السُّكَّري النَّحويّ3. حسن بْن حُسَيْن. 668- أبو الهيثم الرَّازيّ اللُّغويّ4. أحد أئمّةِ العربيّةِ. له كتاب الشّامل فِي اللُّغة، وكتاب زيادات معاني القرآن، وغير ذلك. وكان بارعًا فِي الأدب، علّامة. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين ومائتين، والله أعلم. 669- أبو أَحْمَد القلانسيّ5. أحد مشايخ القوم ببغداد.   1 تاريخ بغداد "14/ 308". 2 تأتي ترجمته. 3 سبقت ترجمته. 4 لم نقف عليه. 5 تاريخ بغداد "13/ 114". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 357 تُوُفِّيَ فِي حدود سنة إحدى وسبعين ومائتين. واسمه مُصْعَب بْن أَحْمَد بْن مُصْعَب. أبو أَحْمَد الموفَّق بْن المتوكّل. قد ذكرناه بَلَقَبه لاختلاف اسمه. 670- أبو عُبَيْد البُسْريّ الزّاهد1. مرّ في سنة السّتّين ومائتين، واسمه محمد بْن حسّان، رحمه الله. 671- أبو مُعين الرَّازيّ الحافظ. اسمه: الْحَسَن بْن الْحَسَن على الصّحيح؛ كذا سمّاه ابنُ أبي حاتم، وهو أخبر النّاس به؛ لأنّه شيخه ومن بلده. وقَالَ أَحْمَد الحاكم: اسمه محمد بْن الْحَسَن، سمّاه لنا أَحْمَد بْن محمد بْن مَسْعُود البذشيّ. قلت: روى عن: سَعِيد بْن أبي مريم، وأبي سلمة التَّبوذكيّ؛ ويحيى بْن بُكَيْر، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ، وهشام بْن عمّار، ونُعَيْم بْن حَمَّاد، وأبي ثَوْبة الرّبيع بْن نافع، وخلق. طوّف الشّام، ومصر، والعراق. وبرع فِي الحديث وفنونه. روى عَنْهُ: أبو نُعَيْم بْن عديّ، وأبو محمد بْن الشَّرقيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ومحمد بْن الفضل المحمَّدباذيّ، ويوسف بْن إِبْرَاهِيم الهمذانيّ، وأحمد بْن قشْمر. وقَالَ أبو عبد الله الحاكم: هُوَ من كبار حفّاظ الحديث. قلت: تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين. أبو مَعْشَر2. المنجّم صاحب الزيْج. هُوَ جَعْفَر بْن محمد البلخيّ غلام خليل.   1 سبقت الترجمة له. 2 سبقت الترجمة له. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 358 أبو عبد الله. هُوَ أَحْمَد بْن محمد. تقدَّم. 672- أبو مَعْشَر الْبُخَارِيّ. حَمْدَويْه بْن الخطّاب1. بقي إِلَى حدود الثّمانين. وروى عن: الْبُخَارِيّ، وغيره. وعنه: الْحَسَن بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العزيزيّ، وغيره. من الإكمال. 673- أبو الْحَارِث الأوْلاسيّ الزّاهد2. من مشايخ الطّريق. سمّاه السُّلميّ فِي تاريخ الصُّوفيّة: الفَيْض بْن الخضر بْن أَحْمَد. ويقال: الفَيْض بْن محمد. من قدماء المشايخ وأجلّهم؛ صحب إِبْرَاهِيم بْن سعد العلويّ، وغيره. قَالَ أبو بَكْر الفَرَغانيّ: اسمه الفَيْض بن الخضر. وقال سعيد بن أبي حاتم: قال أبو حاتم: قَالَ أبو الْحَارِث الَأوْلاسيّ: مَن اشتغل بما لم يكن فكأنْ فاته من لم يزل ولا يزال. قَالَ السُّلميّ: سمعت عليّ بْن سَعِيد: سمعت أَحْمَد بْن عطاء: سمعت أَبَا صالح: سمعت أَبَا الْحَارِث يقول: سمع سرّي من لساني ثلاثين سنة، وسمع لساني من سريّ ثلاثين سنة. وقَالَ محمد بْن المنذر الهَرَويّ: حدَّثني أبو الْحَارِث الفَيْض بْن الخضر بن أحمد التَّميميّ الأولاسيّ.   1 الإكمال "2/ 55". 2 الحلية "10/ 156". الجزء: 20 ¦ الصفحة: 359 وقال أبو زرعة الطَّبريّ: مات أبو الْحَارِث الَأوْلاسيّ سنة سبعٍ وسبعين ومائتين. قلت: وقد روى عن: عبد الله بن خبيق الأنطاكي. حدَّث عنه: أبو عوانة الإسفرايني، ومحمد بن إسماعيل الفرغاني. وقيل: مات سنة سبعٍ وتسعين، فسيعاد. وهذا أشبه وأصح. مات بطرسوس، والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 360 الفهرس العام للكتاب : رقم الصفحة الموضوع. -الطبقة السابعة والعشرين- أحداث سنة إحدى وستين ومائتين. 3 المتوفون في هذه السنة. 3 ميل الديلم إلى الصفار. 3 كتاب المعتمد لحجاج خراسان. 3 وقعة الزنج بالأهواز. 3 ولاية أحمد بن أسد. 4 هزيمة ابن واصل أمام ابن الليث. 4 بيعة المعتمد للمفوض. 4 تولية الموفق للعهد. أحداث سنة اثنتين وستين ومائتين. 4 المتوفون في هذه السنة. 4 محاربة ابن الليث للمعتمد وهزيمته. 5 نهب الزنج للبطيحة. 5 القضاء بسر من رأى. 5 قضاء بغداد. 5 غلبة ابن الليث على فارس. 6 وقوع قائد الزنج في الأسر. أحداث سنة ثلاث وستين ومائتين. 6 المتوفون في هذه السنة. 6 استيلاء ابن الليث على الأهواز. 6 وزارة ابن مخلد. 6 وزارة ابن وهب. 6 إخراج ابن طاهر من نيسابور. 6 انتصار المسلمين بالأندلس. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 361 7 أحداث سنة أربع وستين ومائتين. 7 المتوفون هذه السنة. 7 وفاة موسى بن بغا. 7 وفاة قبيحة أم المعتز. 7 أسر الروم لعبد الله بْن رشيد بْن كاوس. 7 الوقعة بين محمد المولد والزنج. 7 غضب المعتمد على الوزير ابن وهب. 7 عصيان الموفق. 8 محنة الصوفية. أحداث سنة خمس وستين ومائتين. 8 المتوفون في هذه السنة. 8 إيقاع ابنِ طولون بسيما الطويل فِي أنطاكية. 8 التحاق المولد بابن الصفار. 8 القبض على سليمان بن وهب وابنه. 8 وزارة ابن بلبل. 9 وفاة يعقوب بن الليث. 9 إطلاق ملك الروم لعبد الله بْن كاوس. 9 عصيان الْعَبَّاس على أَبِيهِ أَحْمَد بْن طولون. 9 دخول الزنج للنعمانية. 9 استنابة الموفّق لعمرو بْن اللَّيْث على الولايات. أحداث سنة ست وستين ومائتين. 10 المتوفون هذه السنة. 10 نيابة عُبَيْد الله بْن طاهر على شرطة بغداد. 10 وصول الروم إلى ديار ربيعة. 10 استعمال ابن أبي الساج على الحرمين. 10 وقعة الزنج بعسكر الخليفة. 10 مقتل الكرخي أمير حمص. 10 دعوة الحسن الأصغر لنفسه. 11 هزيمة الحسن بن زيد. 11 مقتل ابن الأصغر. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 362 11 الحرب بين الخجستاني وابن الليث. 11 انتهاب الأعراب كسوة الكعبة. 11 دخول الزنج رامهرمز. أحداث سنة سبع وستين ومائتين. 11 المتوفون في هذه السنة. 11 وقعة الزنج. 12 مسير الموفق إلى الأهواز. 13 تمهيد الموفق للبلاد. 13 موقعة المختارة. 14 بناء الموفقية. 14 الوقعة بين أبي العباس والخبيث. 14 اقتحام الموفق مدينة الخبيث. 14 استيلاء الخجستاني على الولايات وضربة السكة. 15 حبس ابن المدبر ومصادرته. أحداث سنة ثمان وستين ومائتين. 15 المتوفون هذه السنة. 15 استئمان جعفر بن إبراهيم للموفق. 15 دخول جند الموفق مدينة الزنج. 16 مقتل بهبوذ. 16 دخول ابن حوشب اليمن. 16 عصيان لؤلؤ لابن طولون. 16 قتل ابن صاحب الزنج. 16 قتل الخجستاني. 16 غزوة خلف التركي ثغور الروم. أحداث سنة تسع وستين ومائتين. 16 المتوفون هذه السنة. 17 كسوف الشمس والقمر. 17 غارة الأعراب على الحجاج. 17 وثوب خلف الفرغاني على يازمان الخادم. 17 أخذ لؤلؤ قرقيسيا من العقيلي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 363 17 دخول الموفق مدينة صاحب الزنج. 18 عزم المعتمد على اللحاق بمصر. 19 تلقيب ذي الوزارتين وذي السيفين. 19 مصادرة ابنُ طولون للقاضي بكار بْن قُتَيْبَةَ. 19 سير ابن طولون إلى المصيصية وتراجعه. 20 ولاية ابن كنداج. 20 إحراق قطعة من بلد الزنج. 20 الوقعة بين الموفق وبين الزنج. 20 دخول المعتمد واسط. 20 دخول الموفَّق مدينة صاحب الزَّنْج وتخريب داره. أحداث سنة سبعين ومائتين. 21 المتوفون هذه السنة. 21 مقتل صاحب الزنج. 22 عودة المعتمد إلى سامراء. 22 انبثاق يثق بنهر عيسى. 23 ظهور الحسني بالصعيد ومقتله. 23 ظهور دعوة المهدي باليمن. 23 هزيمة الروم عند طرسوس. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 364 تراجم أَهْل هَذِهِ الطّبقة "حرف الألف" 24 1- أَحْمَد بن إبراهيم البغدادي وراق خلف. 24 2- أحمد بن إبراهيم القهستانيّ. 24 3- أَحْمَد بْن الأزهر بْن مَنِيع بْن سَليِط. 26 4- أَحْمَد بْن حرب بْن محمد بْن عليّ بن حيان. 26 5- أحمد بن الحسن السُّكّريّ الحافظ. 27 6- أحمد بن الحسين بن مجالد الضّرير. 27 7- أحمد بن حمدون. 27 8- أحمد بن الخصيب بن عبد الحميد. 28 9- أحمد بن سليمان بن عبد الملك. 28 10- أحمد بن يسّار بن أيّوب. 29 11- أحمد بن طولون. 31 12- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن صالح بْن مسلم. 32 13- أحمد بن عبد الله بن القاسم التّميميّ. 33 14- أحمد بن عبد الله الخجستانيّ. 33 15- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن سعيد. 34 16- أحمد بن القاسم بن عطيّة الرازي. 34 17- أحمد بن محمد بن عثمان الثَّقفيّ. 35 18- أحمد بن محمد بن هانيء الفقيه. 36 19- أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي. 36 20- محمد بن أحمد. 36 21- أحمد بن محمد بن أبي موسى. 36 22- أحمد بن محمد بن مجالد الهروي. 37 23- أحمد بْن محمد بْن عُبَيْد الله بْن المدبرّ. 37 24- أحمد بن محمد بن عبد الكريم. 37 25- أَحْمَد بْن مَنْصُورٌ بْن سيار بن معارك. 38 26- أحمد بن وهب الزّيات. 38 27- أَحْمَد بْن يوسف بْن خَالِد بن سالم. 39 28- أحمد بن يونس ين المسيّب بن زهير. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 365 40 29- أبان بن عيسى بن دينار. 40 30- إبراهيم بن أورمه بن سياوش. 40 31- إبراهيم بن أبي داود البرلُّسيّ. 41 32- إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد. 41 33- إبراهيم بن عبد الرحمن الدارميّ. 42 34- إِبْرَاهِيم بْن مَسْعُود بْن عَبْد الحميد القرشيّ. 42 35- إبراهيم بن هانيء النَّيسابوري. 43 36- إبراهيم بن يزيد القرطبيّ. 43 37- إدريس بن نصر بن سابق الخولاني. 43 38- إسحاق بن إبراهيم الطَّلقيّ. 43 39- إسماعيل بن إبراهيم الإسفرائينّي. 44 40- إسماعيل بن عبد الله بن مسعود. 44 41- إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو. 46 42- إسماعيل بن يحيى بن المبارك اليزيديّ. 46 43- أَسِيد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثَّقفي. 47 44- أماجور التركيّ. "حرف الباء". 47 45- بكّار بْن قُتَيْبَةَ بْن عُبَيْد الله. "حرف الجيم". 50 46- جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن بهرام. 51 47- جعفر بن محمود الإسكافّي الكاتب. 51 48- جلوان بن سمرة بن خاقان. "حرف الحاء". 51 49- حاتم بْن اللَّيْث بْن الْحَارِث. 52 50- حاشد بن إسماعيل بن عيسى البخاريّ. 52 51- حامد بن أبي حامد النيَّسابوريّ. 53 52- الحسن بن ثواب الفقيه. 53 53- الحسن بن زيد بن إسماعيل بن الحسن. 53 54- الحسن بن سليمان ين سلام. 54 55- الحسن بن عليّ المسوحيّ الزاّهد. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 366 54 56- الحسن بن محمد بن سماعة الكوفيّ. 55 57- الْحَسَن بْن أبي الرَّبِيع يحيى بْن الْجَعْد. 55 58- الحسن بن مخلد بن الجرّاح. 56 59- حمّاد بْن إِسْحَاق بْن حمّاد بْن زَيْدِ. "حرف الخاء". 57 60- خَالِد بن أَحْمَد بْن الهَيْثَم بن الذُّهليّ. 57 61- خالد بن يزيد بن الهيثم التميميّ. 60 62- الخصّاف "أحمد بن عمرو". 61 63- الخضر بن أبان. 61 64- خطاّب بن بشر بن مطر. "حرف الدال". 61 65- دَاوُد بْن عليّ بْن خَلَف. "حرف الراء". 66 66- الربيع بن سلميان بن عبد الجّبار. "حرف الزاي". 67 67- زكريّا بْن دُوَيْد بْن محمد بن الأشعث. 68 68- زكريّا بْن يحيى بْن أسد بن يحيى المروزي. "حرف السين". 68 69- سَعْدان بْن نصر بْن مَنْصُور. 69 70- سعيد بن نمر الغافقيّ الأندلسي. 69 71- سهل بن عمّار العتكيّ. "حرف الشين". 70 72- شجرة بْن عِيسَى بْن عَمْرو بن شجرة. 70 73- شعيب بن أيوب بن رزيق بن معبد. 71 74- شعيب بن شعيب بن إسحاق القرشيّ. "حرف الصاد". 71 75- صالح بْن أَحْمَد بْن محمد بن حنبل. 72 76- صالح بْن زياد بْن عَبْد الله بْن إسماعيل. "حرف الطاء". 73 77- طيفور بن عيسى البسطامي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 367 75 78- طيفور بن عيسى البسطامي الأصغر. "حرف العين. 76 79- عاصم بن عصام القشيريّ. 76 80- العبّاس بن إسماعيل الطامذيّ. 77 81- عبّاس بْن عَبْد الله بْن أبي عِيسَى الباكسابيّ. 77 82- العّاس بن موسى بن مسكويه. 78 83- عبّاس بن الوليد بن مزيد. 79 84- عَبْد الله بْن عَبْد السّلام بْن الرّذّاذ المصريّ. 79 85- عبد الله بن عليّ بن المدينيّ. 79 86- عَبْد الله بْن محمد بْن أيّوب بْن صبيح. 80 87- عبد الله بن محمد النَّيسابوريّ. 80 88- عبد الله بن موسى بن محمد الكرمانيّ. 80 89- عبد الله محمد بن سنان الرَّوحيّ. 81 90- عَبْد الله بْن محمد بْن يزداد بْن سويد. 81 91- عبد الله بن هلال الروميّ. 81 92- عبد الرحمن بن سعيد الأندلسيّ. 81 93- عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب الكندي. 82 94- عبد الرحمن بن عيسى بن دينار الأندلسي. 82 95- عبد الرحمن بن يوسف الحنفيّ المروزيّ. 82 96- عَبْد السَّلام بْن رغْبان دِيك الْجِنّ الحمصيّ. 82 97- عبد العزيز بن حاتم المروزي. 83 98- عبد العزيز بن حيّان المعولي. 83 99- عبد العزيز بن سلاّم المروزي. 84 100- عُبَيْد الله بْن عَبْد الكريم بْن يزيد بْن فرُّوخ. 88 - قصة تليقن الميت. 90 101- عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان التُّركي. 91 102- عطيّة بن بقيّة بن الوليد الحمصيّ. 92 103- عليّ بن إشكاب البغداديّ. 92 104- عليّ بْن الْحَسَن بْن أبي عِيسَى بْن موسى الهلالي. 93 105- عليّ بن حرب بن محمد علي الطائي الموصلي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 368 94 106- عليّ بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العبْديّ. 95 107- عليّ بن الموفقّ الزّاهد. 95 108- عمّار بن رجاء الإستراباذيّ. 96 109- عمر بن الخّطاب السّجستانيّ. 97 110- عمر بن الخطّاب بن حليلة. 97 111- عمر بن عليّ الطّائيّ الموصليّ. 97 112- عمرو بن سعيد الإصبهاني الحمال. 98 113- عمرو بن سلم النيسابوري. 100 114- عيسى بن إبراهيم بن مثرود الغافقّي. 101 115- عِيسَى بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن وَرْدان. 101 116- عيسى بن الشيخ. 101 117- عيسى بن مهران بن المستعطف. 102 118- عِيسَى بْن مُوسَى بْن أبي حرب الصّفّار. "حرف الفاء". 102 119- الفضل بْن شاذان بْن عِيسَى. 103 120- الفضل بن العبّاس الرازي. 103 121- الفضل بن العبّاس بن موسى الإستراباذيّ. "حرف القاف". 104 122- القاسم بْن محمد بْن الْحَارِث المروزيّ. 104 123- القاسم بن يزيد الكوفي الوزان. "حرف الميم". 105 124- محمد بْن أَحْمَد بْن يزيد بن عبد الله بن يزيد. 105 125- محمد بْن أَحْمَد بْن حَفْص بْن الزِّبرقان. 106 126- محمد بن إبراهيم البغدادي الصوفي. 108 127- محمد بن إسحاق الصاغاني. 109 128- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن مِقْسَم. 109 129- محمد بن إشكاب البغدادي. 110 130- محمد بن بجير الإسفرائينيّ. 110 131- محمد بن أيّوب بن الحسن النيّسابوريّ. 110 132- محمد بن بجير البخاريّ. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 369 110 133- محمد بْن بكّار بْن الْحَسَن بْن عُثْمَان العنبريّ. 111 134- محمد بن الحسن بن عليّ بن محمد العلوي الحسيني. 112 135- محمد بن حمّاد بن بكر المقريء. 112 136- محمد بن خلف البغداديّ الحدّاديّ. 113 137- محمد بن الخليل البغدادي الفلاس. 113 138- محمد بن سحنون الفقيه. 114 139- محمد بن سعيد بن غالب القطان. 114 140- محمد بن سعيد بن هنّاد. 115 141- محمد بن شجاع الثلجي. 116 142- محمد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثَّقفيّ. 117 143- محمد بن العّباس بن خالد السلمي. 117 144- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بن أعين. 119 145- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. 120 146- محمد بن عبد الله بن المستورد. 120 147- محمد ين عبد الرحمن بن الأشعث. 120 148- محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن جعفر. 121 149- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. 121 150- محمد بن عبيد الله بن يزيد. 121 151- محمد بن عثمان الهرويّ. 122 152- محمد بن عليّ بن بسّام. 122 153- محمد بن عليّ بن ميمون الرٌَقّيّ. 122 154- محمد بن عليّ بن داود البغداديّ. 122 155- محمد بن عمر بن يزيد. 123 156- محمد بن عمير الطبري. 123 157- محمد بن محمد بن عيسى الزّاهد. 123 158- محمد بْن مُسْلِم بْن عُثْمَان بْن وارة. 125 159- محمد بن موسى الحرشي. 126 160- محمد بن هارون المخرمي. 126 161- محمد بن هشام بن ملاّس. 126 162- محمد بن وهب الثقفي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 370 127 163- محمد بن يحيى بن كثير. 127 164- محمد بْن أبي يحيى بْن زكريّا بْن يحيى الوقاد. 127 165- محمد بن يوسف البغداديّ الجوهريّ. 128 166- مالك بن علي بن مالك بن عبد العزيز. 128 167- المثنَّى بن جامع الأنباريّ. 128 168- مسلم بن الحجّاج بن مسلم القشيري. 135 169- مصعب بن أحمد البغداديّ القلانسيّ. 136 170- مُعَاوِيَة بْن صالح ابْن الوزير أبي عُبَيْد الله. 136 171- موسى بن بغا الكبير. 137 172- موسى بن سهل بن قادم. 137 173- موسى بن نصر بن دينار. "حرف النون". 137 174- النَّضر بن الحسن الموصلي. 138 175- النَّضر بن سلمة بن الجارود. "حرف الهاء". 138 176- الهيثم بن سهل التُّستريّ. "حرف الواو". 138 177- وهْب بْن حَفْص بْن الْوَلِيد بن المحتسب. "حرف الياء". 139 178- ياسين بْن عَبْد الأحد بْن أبي زرارة. 139 179- يحيى بن حجّاج الأندلسيّ. 140 180- يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَبْد الله الذهلي. 142 181- يزيد بن سنان بن يزيد القزّاز. 142 182- يعقوب بن بختان. 142 183- يعقوب بن شيبة بن الصَّلت. 144 184- يعقوب بن اللَّيث الصّفّار. 148 185- يعقوب الزّيّات. 148 186- يوسف بن بحر التّميميّ. 149 187- يوسف بن محمد بن صاعد. 149 188- يونس بن حبيب العجلي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 371 "الكنى". 149 189- أبو حاتم العطّار. 151 190- أبو حمزة البغداديّ الصوفيّ. 153 191- أبو السّاج. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 372 -الطبقة الثامنة والعشرين- أحداث سنة إحدى وسبعين ومائتين. 155 المتوفون هذه السنة. 155 تعطيل الجمعة في مسجد الرسول. 155 عزل عمرو بن الليث. 155 إقرار نصر بن أحمد بن بخارى وسمرقند. 155 مسير رافع بن هرثمة إلى جرجان. 155 الوقعة بين أبي الْعَبَّاس بْن الموفَّق وخمارويه. 156 تقييد ابن أبي الساج وإطلاقه. 156 خروج إسحاق الطالبي وإفساده بالمدينة. أحداث سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 156 المتوفون هذه السنة. 156 الخلاف بين ابن الموفق ويازمان الخادم. 157 دخول الخوارج الموصل. 157 القبض على صاعد بن مخلد وبينه. 157 حركة الزنج بواسط. أحداث سنة ثلاث وسبعين ومائتين. 157 المتوفون هذه السنة. 157 وقعة الرافقة. 157 قتل ملك الروم. 158 القبض على لؤلؤ الطولوني. أحداث سنة أربع وسبعين ومائتين. 158 المتوفون هذه السنة. 158 خروج الموفق إلى كرمان. 158 غزوة يازمان إلى الروم. أحداث سنة خمس وسبعين ومائتين. 158 المتوفون هذه السنة. 158 غزوة يازمان البحر. 158 حبس الموفق لابنه أبي العباس. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 373 أحداث سنة ست وسبعين ومائتين. 159 المتوفون هذه السنة. 159 رضا المعتمد على عمرو بن الليث. 159 هرب ابن أبي الساج من خمارويه. 159 مسير الموفق إلى إصبهان. 159 ولاية ابن الليث شرطة بغداد وعزله. أحداث سنة سبع وسبعين ومائتين. 159 المتوفون هذه السنة. 160 اتفاق يازمان وخمارويه. 160 استيلاء ابن هرثمة على طبرستان. أحداث سنة ثمان وسبعين ومائتين. 160 المتوفون هذه السنة. 160 غور النيل بمصر وغلاء الأسعار. 160 مرض الخليفة الموفق ووفاته. 161 ظهور القرامطة بسواد الكوفة. 162 من فرق الباطنية. 162 القرامطة. 162 الباطنية. 163 الخرمية. 163 البابكية. 163 المحمرة. 163 السبعية. 163 التعليمية. 163 الإسماعيلية. 163 الملاحدة. 163 وفاة يازمان الخادم. أحداث سنة تسع وسبعين ومائتين. 164 المتوفون هذه السنة. 164 ولاية العهد للمعتضد. 164 منع المنجمين والقصاص. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 374 164 وفاة المعتمد وولاية ابن الموفق. 164 قدوم رسول خمارويه إلى المعتضد. 164 ولاية ابن الليث خُراسان. 165 وفاة نصر بْن أَحْمَد بن أسد. 165 زواج المعتضد. 165 فتح ابن الشيخ قلعة ماردين. 165 صلاة المعتضد الأضحى. 165 الحج هذا الموسم. أحداث سنة ثمانين ومائتين. 165 المتوفون هذه السنة. 165 القبض على محمد بْن الْحَسَن بْن سهل. 166 مسير المعتضد إلى بني شيبان. 166 فتح ابن أبي الساج مراغة. 166 وفاة جعفر بن المعتضد. 166 مولد القائم بسلمية. 166 دخول الداعية أبي عَبْد الله أرض القيروان. 167 الحرب بن الداعي وصاحب إفريقية. 167 غزوة إسماعيل بن أحمد بلاد الترك. 167 موت الأمير مسرور البلخي. 167 خبر الزلزلة في بلاد الدييل. 167 زيادة دار المنصور. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 375 ذكر رجال هَذِهِ الطبقة على المعجم "حرف الآلف". 168 192- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ أبو بسطام الأطروش. 168 193- أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الغسّانيّ. 168 194- أحمد بن إسحاق بن المختار الدّقّاق. 168 195- أحمد بن إسماعيل بن مهديّ السَّكونيّ. 169 196- أحمد بن الأسود الحنفيّ. 169 197- أحمد بن أيوب بن زريع الهاشميّ. 169 198- أحمد بن بكر بن سيف المرُّوذيّ. 169 199- أحمد بن بكر البالسيّ. 170 200- أحمد المعتمد على الله. 171 201- أحمد بن حازم بن أبي غرزة. 171 202- أحمد بن الحباب بن حمزة الحميريّ. 171 203- أحمد بن حرب بن مسمع البغداديّ. 172 204- أحمد بن الخليل بن حرب النَّوفليّ. 172 205- أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب. 173 206- أحمد بن سعيد بن زياد الجمّال. 173 207- أَحْمَد بْن سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم بن سعد الزُّهريّ. 174 208- أحمد بن سليمان الصُّوريّ. 174 209- أحمد بن السَّميدع الشّاشيّ. 175 210- أحمد بن أبي طالب التميمي. 175 211- أحمد بن أبي طاهر الكاتب. 175 212- أحمد بن العبّاس بن أشرس. 176 213- أحمد بن عبد الله الكنديّ اللَّجلاج. 176 214- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن يزيد بْن جعفر. 176 215- أحمد بن عبد الله بن ثابت. 176 216- أحمد بن زكريّا بن كثير الجوهريّ. 177 217- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن قاسم الْبَغْدَادِيّ. 177 218- أحمد بن عبد الله اللّحيانيّ العكّاويّ. 177 219- أحمد بن عبد الجبّار بن محمد العطارديّ. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 376 179 220- أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد الحوطي. 179 221- أَحْمَد بْن عَبْد الوهاب بْن نجدة الحوطيّ. 179 222- أحمد بن عبد الوهّاب العبدي النَّيسابوريّ. 179 223- أحمد بن عبيد الله بن إدريس. 180 224- أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن ناصح بْن بلنجر. 181 225- أحمد بن عتيق الخزاعيّ. 181 226- أحمد بن عثمان بن سعيد الأحول. 182 227- أحمد بن عصام الأنصاري. 182 228- أحمد بن عليّ بن بشر الأمويّ. 182 229- أحمد بن عليّ العكبريّ. 183 230- أحمد بن العلاء بن هلال الرقي. 183 231- أحمد بن عمرو بن أبان الفارسي الصوري. 183 232- أحمد بن عياض الفرضي. 183 233- أَحْمَد بْن عِيسَى بْن زَيْد اللَخميّ الخشاب. 184 234- أحمد بن سحاق الّخشّاب الرَّقّيّ البلدي. 184 235- أحمد بن إسحاق الخشّاب الرّقّيّ. 184 236- أحمد بن الفرج بن سليمان الحمصي. 185 237- أحمد بن الفرج بن شاكر الغفاقي. 186 238- أحمد بن الفرج بن عبد الله الجشمي. 186 239- أحمد بن كعب بن خريم. 186 240- أَحْمَد بْن محمد بن يزيد بن مُسْلِم بن أبي الحناجر. 187 241- أحمد بن محمد بن أنس. 187 242- أحمد بن محمد بن الحجّاج. 188 234- أحمد بن محمد بن نصر اللّبّاد. 188 244- أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى بْن نيزك. 189 245- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المدبَّر. 189 246- أَحْمَد بْن محمد بْن غالب بْن خَالِد بن مرداس. 191 247- أَحْمَد بْن محمد بْن عمّار بْن نصير السُّلميّ. 191 248- أَحْمَد بْن محمد بْن عِيسَى بْن الأزهر البرتي. 193 249- أحمد بن محمد بن عاصم الرّازي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 377 193 250- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الحميد بْن شاكر. 193 251- أحمد بن محمد بن يزيد الأنباريّ. 194 252- أَحْمَد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن خالد البرقيّ. 194 253- أحمد بن محمود الشَّرويّ الرّام. 195 254- أحمد بن مسعود المقدسيّ الخيّاط. 195 255- أحمد بن معاذ السالمي. 196 256- أحمد بن مهديّ بن رستم. 196 257- أحمد بن موسى بن يزيد. 197 258- أَحْمَد بْن أبي عِمْرَانَ مُوسَى بْن عِيسَى. 197 259- أحمد بن ملاعب بن حسّان. 198 260- أحمد بن نصر بن عبد الرحمن الهروي. 198 261- أحمد بن الوزير بن بسّام. 198 262- أحمد بن الوليد الفحّام. 198 263- أحمد بن الهيثم بن خالد. 198 264- أحمد بن يحيى بن عميرة التّنّيسيّ. 199 265- أحمد بن يحيى الكوفيّ. 199 266- أحمد بن يحيى بن المنذر السَّعديّ. 199 267- أحمد بن يحيى بن جابر البلاذريّ. 200 268- أحمد بن يوسف بن خالد التغلبي. 201 269- أحمد بن يوسف البحيري. 201 270- إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس. 202 271- إبراهيم بن إسماعيل السَّوطيّ. 202 272- إبراهيم بن أبي داود البرلُّسيّ. 202 273- إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي الجبيريّ. 203 274- إبراهيم بن عبد الرحيم بن دنوقا. 203 275- إبراهيم بن لبيب القرطبيّ. 203 276- إبراهيم بن محمد بن باز. 203 277- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المدبرّ. 204 278- إبراهيم بن أبي سفيان معاوية القيسراني. 204 279- إبراهيم بن مسلم بن عثمان العبسي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 378 205 280- إبراهيم بن الهيثم بن المهلّب البلديّ. 205 281- إبراهيم بن مهديّ الأبلّيّ. 205 282- إبراهيم بن نصر بن عبد العزيز الرازي. 206 283- إبراهيم الآجريّ البغداديّ. 206 284- إبراهيم بن الوليد الجشّاش. 206 285- إدريس بن سليم بن وهب الموصليّ. 207 286- أزهر بن سهيل الخولانيّ. 207 287- إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن الحُصَيْن. 207 288- إسحاق بن أحمد بن مهران الرّازيّ. 208 289- إسحاق بن إبراهيم بن هانيء. 208 290- إسحاق بن إبراهيم المنادي. 208 291- إسحاق بن إسماعيل الجلكيّ. 208 292- إسحاق بن حنيفة الجرجاني. 209 293- إسحاق بن سيار ين محمد النصيبي. 209 294- إسحاق بن الصبّاح الكنديّ الأشعثّي. 210 295- إِسْحَاق بْن محمد بْن أَحْمَد بْن أبان النَّخعيّ. 210 296- إسحاق بن يعقوب البغداديّ الأحول. 211 297- إسماعيل بن بحر العسكريّ. 211 298- إسماعيل بن بلبل. 214 299- إسماعيل بن حمدويه البيكندي. 214 300- إسماعيل بن عبد الرحمن الخولانيّ. 215 301- إسماعيل بن يعقوب الحراني. 215 302- أصبغ بن خليل القرطبي. 216 303- أيّوب بن سليمان الصُّغديّ. "حرف الباء". 216 304- بدر بن الهيثم الدمشقيّ. 216 305- بركة بن نشيط الفرغاني. 216 306- بشير بن مسلم بن مجاهد. 217 307- بقيّ بن مخلد بن يزيد الأندلسيّ. 224 308- بوران. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 379 "حرف الجيم". 224 309- جَعْفَر بْن المعتمد أَحْمَد بْن المتوكّل. 225 310- جعفر بن أحمد بن سلم. 225 311- جعفر بن أحمد بن المبارك كردان. 225 312- جعفر بن أحمد بن معبد الورّاق. 225 313- جعفر بن طرخان الإستراباذي. 226 314- جعفر بن عنبسة اليشكريّ. 226 315- جعفر بن محمد بن عامر السّامرّيّ. 226 316- جعفر بن محمد بن عيسى بن نوح البغداديّ. 226 317- جعفر بن محمد بن عروة النَّيسابوري. 227 318- جعفر بن محمد بن عمر البلخي. ّ 227 319- جعفر بن محمد بن القعقاع البغوي. 227 320- جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ. 228 321- جعفر بن محمد الوراق. 228 322- جَعْفَر بْن محمد بْن الْحَسَن بْن زياد. 228 323- جعفر ن محمد بن الحجّاج القطّان. 229 324- جعفر بن محمد حمّاد الرَّمليّ. 229 325- جعفر بن هاشم العسكري. "حرف الحاء". 326- جموك بن حنجة. 230 327- الحارث بن أبيض بن أسود. 230 328- حامد بن سهل الثغري. 230 329- حرب بن إسماعيل الكرماني. 230 330- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن بكّار بْن بلال العامليّ. 231 331- الحسن بن إسحاق بن يزيد البغدادي. 231 332- الحسن بن ايّوب القزوينّي. 232 333- الحسن بن الحسين بن عبد الله المهلَّبي. 232 334- الحسن بن سلاّم بن حمّاد السواق. 233 335- الحسن بن عليّ بن مالك الشيباني. 233 336- الْحَسَن بْن عليّ بْن بحر بْن برّي القطّان. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 380 233 337- الحسن بن الفضل بن السَّمح. 233 338- الحسن بن محمد بن عبد الله العلوي. 234 339- الحسن بن محمد بن الحارث السّجستانيّ. 234 340- الحسن بن محمد بن مزيد. 234 341- الحسن بن موسى بن ناصح الرَّسعنيّ. 235 342- الحسن بن ناصح الخلاّل. 235 343- الحسن بن مكرم البغداديّ. 235 344- الحسين بن الحسن بن مهاجر السُّلميّ. 235 345- الْحُسَيْن بْن عليّ بْن محمد بْن عُبَيْد الطنافسيّ. 236 346- الْحُسَيْن بْن محمد بْن أبي مَعْشَر السِّنديّ. 236 347- الحسين بن معاذ بن حرب الحجبي. 237 348- الحسين بن منصور البغدادي. 237 349- الحسين بن منصور البغدادي. 237 350- حصين بن عبد القادر الإسكندرانيّ. 237 351- حفص بن عمر بن الصّبّاح الرَّقّيّ. 238 352- حمدان بن غارم بن ينار. 238 353- حمدون بن أحمد بن سلام السمسار. 238 354- حمدون بن أحمد بن عمارة النَّيسابوري. 239 355- حمدون بن أحمد بن بكر النيسابوري. 239 356- حمدان بن رجاء بن شجاع القارئ. 239 357- حمدون بن خالد بن يزد النَّسابوريّ. 240 358- حمدون بن الفضل النيسابوري. 240 359- حمش بن عبد الرّحيم النيسابوري. 240 360- حميد بن النَّضر البيكنديّ. 240 361- حميد بن هشام العنسيّ. 241 362- حنبل بْن إِسْحَاق بْن حنبل بْن هلال. "حرف الخاء". 242 363- خازم بن يحيى الحلوانيّ. 242 364- خالد بن روح الثَّقفي. 242 365- خالد بن يزيد بن الصّبّاح الخثمعيّ. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 381 242 366- خلف بن عامر بن سعيد الهمدانيّ. 243 367- خلف بن محمد بن عيسى الواسطي. 243 368- الخليل بن عبد القهّار الصيدوني. "حرف الذال". 243 369- ذاكر بن شيبة العسقلاّنيّ. "حرف الراء". 244 370- رباح بن أحمد الصوفي. 244 371- الربيع بن محمد بن موسى الكنديّ. 244 372- ربيع بن الحارث القاضي. 244 373- رجاء بن عبد الله الهرويّ الورّاق. 245 374- رزق الله بن يوسف المصريّ. "حرف الزاي". 245 375- زكريا بْن يحيى بْن شَيْبَان القرشي. 245 376- زياد ن محمد بن زياد اللَّخميّ. 245 377- زيدان بن يزيد البجليّ. 246 378- زيد بن إسماعيل بن سيّار. 246 379- زيد بن بندار الإصبهانيّ. 246 380- زَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الفحل. "حرف السين". 246 381- الَّسريّ بْن خُزَيْمَة بْن مُعَاوِيَة. 247 382- السَّريّ بن يحيى بن السَّريّ. 247 383- سعد بن محمد بن سعد البيروتي. 248 384- سعد الأعسر أمير دمشق. 248 385- سعدون بن سهيل بن أبي ذؤيب. 248 86- سعيد بن سعد بن أيّوب البخاري. 249 387- سعيد بن مسعود المروزيّ. 249 388- سعيد بن نمر الغافقيّ. 250 389- سَعِيد بْن يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مُزَيْن. 250 390- سفيان بن شعيب الدّمشقيّ. 250 391- سَلَمَةُ بْن أَحْمَد بْن محمد بْن مُجاشع. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 382 250 392- سليمان بن الأشعث بن إسحاق. 254 393- سليمان بن الربيع النَّهديّ. 255 394- سليمان بن سيف بن يحيى الطّائيّ. 255 395- سليمان بن شعيب بن سليمان الكيسانيّ. 255 396- سليمان بن محمد بن حسّان الموصليّ. 256 397- سليمان بن وهب بن سعيد الكاتب. 256 398- سهل بن عبد الله بن الفرُّخان. 257 399- سهل بن عبد الله السّريّ. 257 400- سهل بن مهران الدقاق. 257 401- سوّادة بن عليّ الأحمسي. "حرف الشين". 258 402- شعيب بن بكّار الموصليّ. 258 403- شعيب بن اللَّيث السَّمرقنديّ. "حرف الطاء". 258 404- طُفَيْلُ بْن زَيْد بْن طُفَيْلِ بن شريك. "حرف العين". 259 405- عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد. 259 406- عبّاس بن عبد الله بن العّباس الأسدي. 259 407- العبّاس بن الفضل بن رشيد الطَّبريّ. 259 408- عبّاس بن محمد بن حاتم الحافظ الدوري. 260 409- العبّاس بن نعيم البوسنجيّ. 260 10- عبد الله بن أحمد بن شبَّويه. 260 411- عامر بن محمد المتقمّر البغداديّ. 261 412- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن كثير. 261 413- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن زكريا بْن أبي مسرّة. 261 414- عبد الله بن أحمد بن يزيد الشيباني. 262 415- عَبْد الله بْن بِشْر بْن عُمَيْرة البكْريّ. 262 416- عبد الله بن محاضر عبدوس البغدادي. 262 417- عبد الله بن حسن بن محمد الهاشمي. 263 418- عبد الله بن حمّاد بن أيّوب الآملي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 383 263 419- عبد الله بن روح المدائنيّ. 263 420- عبد اله بن عمرو بن أبي سعد. 264 421- عبد الله بن غافق التُّونسيّ. 264 422- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حبيب. 264 432- عبد الله بن محمد بن لاحق. 265 424- عبد الله بن محمد بن الفضل. 265 425- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البكراويّ. 265 426- عَبْد الله بْن محمد بْن يزيد الحنفي. 266 427- عَبْد الله بْن محمد بْن عُبَيْدة الْبَغْدَادِيّ. 266 428- عَبْد الله بْن محمد بْن صالح الأسديّ. 266 429- عبد الله بن سنان السَّعديّ. 267 430- عبد الله بن محمد بن محاضر عبدوس. 267 431- عَبْد الله بْن محمد بْن قاسم بن هلال. 267 432- عبد الله بن مسلم بن قتيبة. 267 - ذكر تصانيفه. 269 433- عبد الله بن مهران البغداديّ. 269 434- عبد الله بن هشام الهمدانيّ. 269 435- عَبْد الجليل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أيّوب. 269 436- عبد الحميد بن عبد الله بن هانيء. 270 437- عبد الرحمن بن أزهر الأعور. 270 438- عبد الرحمن بن خلف الضَّبّيّ. 270 439- عَبْد الرَّحْمَن بْن دَاوُد بْن أبي طيبة. 270 440- عبد الرحمن بن زياد بن كوشيذ. 271 441- عبد الرحمن بن سهل بن محمود. 271 442- عبد الرحمن بن الفضل الهاشمي. 271 443- عبد الرمن بن محمد بن منصور. 272 444- عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق بْن عطيّة. 272 445- أبو عوف عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق بْن عوف. 272 446- عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان. 272 447- عبد الرحمن بن عبد الله الهاشميّ. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 384 273 448- عبد الكريم بن يعقوب بن حميد. 273 549- عبد الكريم بن الهيثم بن زياد. 273 450- عبيد المجيد بن إبراهيم البوسنجيّ. 274 451- عَبْد الملك بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الحميد. 274 452- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه. 275 453- عبد الواحد بن شعيب قاضي جبلة. 275 454- عبد الواحد بن فليح بن رباح. 275 455- عبيدة بن سليمان البصري. 276 456- عبيد الله بن رماحس بن محمد. 276 457- عُبّيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن كثير بْن عفير. 277 458- عُبَيْد الله بْن واصل بْن عَبْد الشَّكور. 277 459- عبيد الله بن محمد بن يحيى البتلهيّ. 278 460- عثمان بن سعيد بن خالد الدارمي. 279 461- عثمان بن سعيد الأستراباذيّ. 280 462- عُثْمَان بْن عَبْد الله بْن أبي جميل. 280 463- عصمة بن إبراهيم النيسابوري. 280 464- عليّ بن إبراهيم بن عبد المجيد. 281 465- عليّ بن إسماعيل البغداديّ. 281 466- عليّ بن الحسن بن عرفة العبديّ. 281 467- عليّ بن الحسن الهسنجانيّ. 282 468- عليّ بن الحسن الهرثميّ. 282 469- عليّ ن الحسن بن عبدويه. 282 470- عليّ بن حماد بن السَّكن. 282 471- عليّ بن داود بن يزد القنطريّ. 283 472- عليّ بن سهل بن المغيرة النَّسائيّ. 283 473- عليّ بن شيبة بن الصَّلت السُّدوسي. 283 474- عليّ بن العبّاس بن واضح النَّسائي. 284 475- عليّ بن عبد الله الثقفيّ الإصبهانيّ. 284 476- عليّ ن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن المغيرة المخزوميّ. 284 477- عليّ بْن عُثْمَان بْن محمد بْن سَعِيد. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 385 285 478- عليّ بن المنجّم. 285 479- عمران بن بكّار بن راشد الكلاعيّ. 285 480- عمران بن موسى الطَّرسوسيّ. 286 481- عمر بن حفصون. 286 482- عمران بن موسى الموصلي. 286 483- عمران بن عبد الله البخارّي. 286 484- عمر بن محمد الشَّطويّ. 287 485- عمر بن محمد بن الحكم النّسائيّ. 287 486- عمرو بن يحيى بن الحارث الحمصيّ. 287 487- عيسى بن إسحاق الخطميّ. 287 488- عمرو بن ثور بن عمرو الحزاميّ. 288 489- عمرو بن سلمة الجعفيّ. 288 490- عمير بن مرداس الدويقي. 288 491- عيسى بن جعفر البغداديّ الورّاق. 289 492- عيسى بن عبد الله بن سيار. 289 493- عيسى بن محمد بن منصور الإسكافي. "حرف الفاء". 494- عيسى بن عبد الله العثماني. 289 495- الفتح بن شخرف الكشي. 290 496- الفضل بن حمّاد الأنطاكيّ. 291 497- الفضل بن حمّاد الواسطيّ. 291 498- الفضل بن الحكم العدل. 291 499- الفضل بن حمّاد الفارسيّ. 291 500- الفضل بن العبّاس بن مهران. 291 501- الفضل بن العبّاس الهرويّ. 292 502- الفضل بن العبّاس البغدادي. 292 503- الفضل بن عمير بن عثم. 292 504- الفضل بْن محمد بْن يحيى بْن الْمُبَارَك. 293 505- الفضل بن يوسف القصباني. 293 506- فهد بن سليمان الكوفي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 386 293 507- فهد بن موسى بن أبي رباح. "حرف القاف". 294 508- القاسم بن الحسن الهمداني. 294 509- القاسم بن زهير بن حرب النَّسائيّ. 294 510- القاسم بن عبّاس المعشري. 294 511- القاسم بن عبد اله بن المغيرة. 295 512- القاسم بن محمد بن قاسم الأندلسي. 296 513- القاسم بن منبّه الحربيّ. 296 514- القاسم بن نصر البغداديّ دوست. 296 515- القاسم بن نصر المخرميّ. "حرف الكاف". 297 516- كثير بن عبد الله. "حرف الميم". 297 517- مالك بن الفرويّ. 297 518- مالك بن يحيى الكوفيّ. 298 519- محمد بن أحمد بن رزين. 298 520- محمد بن أحمد بن رزقان. 298 521- محمد بن أحمد بن واصل. 298 522- محمد بن أحمد بن يزيد الرِّياحيّ. 299 523- محمد بن أحمد بن أبي المثنَّى. 299 524- محمد بْن أَحْمَد بْن الْوَلِيد بْن بُرْد. 300 525- محمد بن احمد بن حبيب البغداديّ. 300 526- محمد بن أحمد بن أنس القرشيّ. 300 527- محمد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبان. 301 528- محمد بن إبراهيم بن مسلم. 301 529- محمد بن إبراهيم بن جنّاد. 301 530- محمد بن إبراهيم بن أبان الجيراني. 302 531- محمد بن إبراهيم المروزي. 302 532- محمد بن إبراهيم الحلوانيّ. 302 533- محمد بن إبراهيم بن عبدوس. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 387 303 534- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن ميمون الرّمّاح. 303 535- محمد بن إبراهيم بن كثير الصُّوريّ. 303 536- محمد بْن إدريس بْن المُنْذِر بْن دَاوُد. 308 537- محمد بن إدريس بن عمر المكي. 308 538- محمد بن أزهر البغدادي. 308 539- محمد بن إسرائيل الجوهري. 309 540- محمد بن إسحاق الإصبهانيّ. 309 541- محمد بن إسحاق البغويّ. 309 542- محمد بن إسماعيل بن سالم الصّائغ. 310 543- محمد بن إسماعيل البغدادي. 310 544- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري. 310 545- محمد بن إسماعيل بن يوسف. 311 546- محمد بن أصبغ بن الفرج. 311 547- محمد بن بسّام بن بكر الجرجاني. 311 548- محمد بن بشر بن شريك النَّخعيّ. 312 549- محمد بن بكر الفارسي. 312 550- محمد بن جابر المروزي. 312 551- محمد بن الجهم السمري. 313 552- محمد بن الحسن بن سعيد. 313 553- محمد بن الحسين بن موسى الحنفي. 313 554- محمد بن حماد الطهراني. 314 555- محمد بن خالد بن يزيد الشيباني. 314 556- محمد بن خزيمة بن راشد. 315 557- محمد بن خليفة الديرعاقولي. 315 558- محمد بن راشد الصُّوريّ. 315 559- محمد بن الربيع بن سليمان المراديّ. 316 560- محمد بن سعد بن محمد العوفيّ. 316 561- محمد بن سليمان المنقريّ. 316 562- محمد بن سلمة. 316 563- محمد بن سنان بن يزيد القزاز. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 388 317 564- محمد بن سهل العتكي. 317 565- محمد بن شاذان القاضي. 317 566- محمد بن شدّاد بن عيسى المسمعي. 318 567- محمد بن صالح الأنماطي. 318 568- محمد بن صالح بن شعبة الواسطي. 319 569- محمد بن صالح التِّرمذيّ. 319 570- محمد بن عبد الله بن مخلد. 319 571- محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى بن مسهر. 319 572- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ موسى السّعديّ. 320 573- محمد بْن عَبْد الحكم بْن يزيد القِطْريّ. 320 574- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يُونُس الرَّقّيّ. 320 575- محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأموي. 321 576- محمد بن عبد النّور الكوفي. 321 577- محمد بن عبد الوهّاب بن حبيب العبديّ. 322 578- محمد بن عبدك القزّاز. 322 579- محمد بْن أبي دَاوُد عُبَيْد الله بْن يزيد. 323 580- محمد بن عثمان النَّشيطيّ. 323 581- محمد بن عليّ بن سفيان الصَّنعانيّ. 324 582- محمد بن عليّ البغدادي. 324 583- محمد بن عليّ بن عفّان الكوفيّ. 324 584- محمد ن عليّ بن زهير القرشي. 325 585- حمد بن عمران بن حبب الهمدانيّ. 325 586- محمد بن عميرة العنقيّ التُّدميريّ. 325 587- محمد بن عوف بن سفيان الطّائي. 326 588- محمد بن عيسى بن حيّان. 326 589- محمد بن عيسى التِّرمذيّ بن سوراء. 329 590- محمد بن عيسى بن عبد الرحمن النيسابوري. 330 591- محمد بن عيسى بن يزيد الطَّرسوسيّ. 330 592- محمد بْن عِيسَى بْن عَبْد الكريم الطَّرسوسيّ. 330 593- محمد بن محمد بن عروس الشيرازي. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 389 331 594- محمد بن مروان البيروتيّ. 331 595- محمد بن ميمون الإسكندرانيّ. 331 596- محمد بن مندة بن منصور الإصبهانيّ. 332 597- محمد بن المغيرة السُّكرَّيّ. 332 598- محمد بن نصر الأثرم. 332 599- محمد بن موسى بن الفضل القسطاني. 332 600- محمد بن النَّضر بن حبيب الهلاليّ. 333 601- محمد بن هارون بن عيسى الأزدي. 333 602- محمد بن الهيثم بن حمّاد. 333 603- محمد بن الورد بن زنجويه. 334 604- محمد بن يزيد القزويني "ابن ماجه". 35 605- محمد بْن يزيد بْن عَبْد الوارث الدّمشقيّ. 335 606- محمد بن يزيد الحربيّ. 335 607- محمد بن يعقوب بن الفرج. 336 608- محمد بن يوسف بن مطروح. 337 609- محمد بْن يوسف بْن عِيسَى بْن برغل. 337 610- مجشّر بن عصام النيسابوري. 338 611- مسرور مولى المعتصم. 338 612- مسلم بن عيسى الصّفّار. 338 613- مُضَر بْن محمد بْن خَالِد بْن الْوَلِيد. 339 614- مطروح بن محمد بن شاكر. 339 615- معاذ ين عفّان الخراشي. 339 616- المنسجر بن الصَّلت. 340 617- مقاتل بْن عمّار بْن محمد بْن صالح المطرّز. 340 618- معمر بن محمد بن معمر العوفيّ. 340 619- المغيرة بن محمد بن المهلَّب المهلَّبيّ. 341 620- المنذر بن محمد بن الصّبّاح. 341 621- المنذر بن محمد بن عبد الرحمن الأموي. 341 622- موّاس بن سهل المعافري. 341 623- موسى بن الحسن الصِّقلّيّ. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 390 342 624- موسى بن سهل بن كثير الوشاء. 342 625- موسى بن عمر الجرجانيّ. 343 626- موسى بن عيسى بن المنذر السلمي. 343 627- موسى بن محمد بن أبي عوف المري. 343 628- موسى بن موسى البغدادي "الشص". 343 629- موسى بن نصر القنطريّ. 344 630- الموفَّق أبو أَحْمَد بْن المتوكّل على الله. "حرف النون". 345 631- نجاح بن إبراهيم الكوفّي. 345 632- نصر بْن أَحْمَد بْن أسد بْن سامان. 345 633- نصر بن داود الصغاني. "حرف الهاء". 345 634- هارون بن العبّاس الهاشميّ. 346 635- هارون بن عمران القرشيّ. 346 636- هارون بن محمد بن بكار بن بلال العامليّ. 346 637- هارون بن موسى الأشنانيّ. 346 638- هاشم بن مرثد الطبراني. 347 639- هاشم بن يونس المصريّ. 347 640- هبةُ الله بْن الأمير إِبْرَاهِيم بْن المهديّ. 347 641- هلال بن العلاء بن هلال الباهلي. 348 642- همّام بن محمد بن النعمان. 348 643- الهيثم بن خالد الكوفيّ الوشّاء. 349 644- الهيثم بن مروان الدمشقي. 349 645- هيذام بن قتيبة البغداديّ. "حرف الواو". 349 646- وزير بن القاسم الجبيليّ. 349 647- وهب بن نافع الأسدّي القرطبيّ. "حرف الياء". 350 648- يحيى بْن أبي طَالِب جَعْفَر بْن عَبْد الله. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 391 350 649- يحيى بن الربيع بن ثابت البرجمي. 351 650- يحيى بن الفضيل البغداديّ. 351 651- يحيى بن عبد العظيم القزوينيّ. 351 652- يحيى بن القاسم بن هلال. 352 653- يحيى بن مطرّف بن الهيثم. 352 654- يزيد بن محمد بن عبد الصّمد. 352 655- يعقوب بن إسحاق بن زياد القلوسي. 353 656- يعقوب بن إسحاق البغداديّ. 353 657- يعقوب بن إسحاق بن مهران. 353 658- يعقوب بن سفيان بن جوّان الفسوي. 354 659- يعقوب بن سوّاك الختُّليّ. 355 660- يعقوب بن يزيد البغداديّ. 355 661- يعقوب بن يوسف القزوينيّ. 355 662- يعقوب بن يوسف بن معقل. 355 663- يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي. 355 664- يوسف بن الضّحّاك البغداديّ. 355 665- يوسف بْن عَبْد الله أبو يعقوب الخوارزميّ. 357 666- يوسف بن موسى الحربيّ. "الكنى". 357 667- أبو سعيد الخرّاز. 357 - أبو سعيد السكري النحوي. 357 668- أبو الهيثم الرازيّ اللُّغويّ. 357 669- أبو أحمد القلانسيّ. 358 - أبو أحمد الموفق بن المتوكل. 358 670- أبو عبيد البسريّ الزاهد. 358 671- أبو معين الرّازيّ الحافظ. 358 - أبو معشر المنجم. 359 - أبو عبد الله "أحمد بن محمد". 359 672- أبو معشر البخاريّ "حمدويه بن الخطاب". 359 673- أبو الحارث الأولاسيّ الزّاهد. 361 فهرس الموضوعات. الجزء: 20 ¦ الصفحة: 392 المجلد الحادي والعشرون الطبقة التاسعة والعشرون أحداث سنة إحدى وثمانين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة التاسعة والعشرون: أحداث سنة إحدى وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: أحمد بن إسحاق الوزّان، وإبراهيم بن دِيزِيل، وعبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن محمد بن النُّعْمَان، وأبو زُرْعَة البصري الدِّمِشْقِيّ، وعثمان بن خُرَّزَاذ الأنطاكي، ومحمد بن إبراهيم بن المَوّاز المالكي، ووَرِيزَة الغسّانيّ. فتح طُغْج لملورية: وفيها دخل طُغْجُ بنُ جُفّ صاحب خُمَارَوَيْه من ناحية طَرَسُوس لغزو الرُّوم، ففتح مَلُورِيةَ1. غور المياه بالري وطبرستان: وفيها غارت مياه الرَّيِّ وطَبَرسْتَان، حَتَّى أُبيع الماءُ ثلاثةَ أرطالٍ بدِرهم، وقحط الناس، وأكلوا الجيفَ2. تقليد المُعْتَضِد للمكتفي بعض البلاد: وفي رجب شخصَ المُعْتَضِد إلى الجبل ناحية الدَّيْنَوَر، وقلَّد ابنه عليًّا الرِّيَّ، وقزوين، وهَمَذان، والدينور، وجعل كاتبه أحمد بن أبي الأصْبَغ. وقلَّد عمر بن عبد العزيز بن أبي دُلَف إصبهان، وأسرع الانصراف من غلاء السِّعر، فقدم بغدادَ في رمضان3. خروج المُعْتَضِد لقتال حمدان بن حمدون: ثُمَّ خرج في ذي القِعْدَة إلى المَوْصِل عامدًا لحمدان بن حمدون بن الحارث ين   1 تاريخ الطبري "10/ 436"، مروج الذهب "4/ 246". 2 تاريخ الطبري "10/ 36"، البداية والنهاية "11/ 70"، تاريخ الخلفاء "370". 3 تاريخ الطبري "10/ 36، 37"، المنتظم "5/ 147"، مروج الذهب "4/ 245". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 3 منصور بن لقمان، وهو جد ناصر الدولة. وكان قد بلغ المُعْتَضِد أَنَّهُ يميل إلى هارون الشاري الخارجي1. إيقاع المُعْتَضِد بالأعراب والأكراد: وكانت الأعراب والأكراد قد تجمعوا وتحالفوا أَنَّهُم يُقتلون على دمٍ واحد؛ فالتقوا على الزّاب، فحمل عليهم المُعْتَضِد فمزَّق شملهم، فكان من غرق أكثر ممن قُتل2. ظفر المُعْتَضِد بحمدان: ثُمَّ سار إلى مارِدِين وبها حَمْدَان، وخلف فيها ابنه، فنازلها المُعْتَضِد، فحاربه من كان بها، فلما كان مِن الغد ركب المُعْتَضِد ودنا من باب القلعة، فصاح بنفسه: يا ابن حَمْدَان. فأجابه، فَقَالَ: افتح الباب. فَقَالَ: نعم. ففتحه، وقعد المُعْتَضِد على الباب، ونقل ما فيها من الحَوَاصِلِ، وأمَرَ بهدمها، فهُدمت، ووجّه وراء حَمْدَان، ثُمَّ ظفر به وحبسه3. الظفر بشدّاد الكُرْديّ: ثُمَّ سار المُعْتَضِد إلى قلعة الحَسَنيّة، وبها شداد الكُردي، في عشرة آلاف مقاتل، فحاصره حَتَّى ظفر به، وهَدَمَها. هدم المُعْتَضِد دار النَّدْوَة: وفيها هدم المُعْتَضِد دار النَّدْوة بمكة، وصيَّرها مسجدًا إلى جانب المسجد الحرام.   1 تاريخ الطبري "10/ 37"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 147". 2 تاريخ الطبري "10/ 37، 38"، المنتظم "5/ 147"، مروج الذهب "4/ 244". 3 تاريخ الطبري "10/ 38"، المنتظم "5/ 147"، مروج الذهب "4/ 264". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 4 أحداث سنة اثنتين وثمانين ومائتين : تُوُفِّي فيها: إسماعيل بن إسحاق القاضي الفقيه، وجعفر بن أبي عثمان الطَّيَالِسِيّ، والحارث بن محمد بن أبي أسامة، وصاحب مصر خمارويه بن أحمد بن طُولون، والفضل بن محمد الشّعْراني، ومحمد بن الفرج الأزرق، وأبو العيناء محمد ابن القاسم الأديب، ومحمد بن سَلَمَةَ الواسطي، ويحيى بن عثمان بن صالح الضَّبِّيّ. إبطال المُعْتَضِد لما يعمل في النّيروز: وفيها أبطل المُعْتَضِد ما يُفعل في النَّيْرُوز من وقيد النيران، وَصَبِّ الماء على الناس، وأزال سنة المَجُوس1. قدوم قطر الندى على المُعْتَضِد: وفي أولها قَدِمَتْ قَطْرُ الندى بنت خُمَارَوَيْه من مصر، ومعها عمّها لِتُزَف إلى المُعْتَضِد، فدخل عليها في ربيع الأول، وكان في جِهَازها أربعة آلاف تِكّة مُجوْهرة، وعشرة صناديق جواهر. وَقُوِّمَ ما دَخَلَ معها فكان ألف ألف دينار ونيِّف. أعطاه ذلك أبوها2. خروج المُعْتَضِد إلى الكَرْج: وفيها خرج المُعْتَضِد إلى الجبل، فبلغ الكَرْج، وأخذ أموال ابن أبي دُلَف3. تفريق المال على العلويين: وفيها بعث محمد بن العَلَوِيّ من طَبَرسْتَان إلى محمد بن الورد العطار ببغداد ثلاثين ألف دينار، ليُفرّقها على العلويين. فبلغ المُعْتَضِد، فسألوه، فَقَالَ محمد: إِنَّهُ يبعث إليَّ كل سنة بمثلها، فأُفرقها. قَالَ المُعْتَضِد: أنا رأيت أمير المؤمنين عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- في النَّوم، فأوصاني بذُرِّيّته خيرًا. ففرِّق ما تُفرقه من هذا المال ظاهرًا4.   1 تاريخ الطبري "10/ 39"، البداية والنهاية "11/ 76"، تاريخ الخلفاء "370". 2 تاريخ الطبري "10/ 40"، المنتظم "5/ 150"، البداية والنهاية "11/ 70، 71". 3 تاريخ الطبري "10/ 41"، المنتظم "5/ 150". 4 تاريخ الطبري "10/ 41، 42"، المنتظم "5/ 150، 151". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 5 ذبح خُمَارَوَيْه: وفيها ذُبح خُمَارَوَيْه بن أحمد على فراشه بدمشق، وكان يتعانى الفاحشة بغلْمانه، راود مملوكًا في الحَمّام، فامتنع عليه حَيَاءً من الخَدَم، فأمر أن يُدخل في دُبُره مثلُ الذَّكر خَشَب، فلم يزل يصيح حَتَّى مات في الحمام، فأبغضه الخدم، فذبحه جماعة وهربوا، فَمُسِكت عليهم الطُّرُق، وجيء بهم وقُتلوا1. وكان ذبحه في ذي الحِجَّة، وحُمل في تابوتٍ إلى مصر، وصلّى عليه ابنه جيش بن خُمَارَوَيْه. وكان الذي نَهَضَ في مسك أولئك الخَدَمِ طُغْجُ بنُ جُفّ، فَصَلَبَهم بعد القتل. ولاية جيش وقتله: وولي بعده ابنُه جيش، فقتلوه بعد يسيرٍ2. ولاية هارون بن خُمَارَوَيْه وعزله: وأقاموا مكانه أخاه هارون بن خُمَارَوَيْه، وقرَّر على نفسه أن يحمل إلى المعتضد كل سنة ألف ألف وخمسمائة ألف دينار. فلما استُخلف المكتفي عزله، وولي محمد بن سليمان الواثقي، فاستصفى أموال آل طولون3. قتل المُعْتَضِد لابن عمّه أحمد: وفيها، أَوْ قبلها، أهلك المُعْتَضِد عمّه أحمد بن المتوكل لِأَنَّهُ بلغه أَنَّهُ كاتب خُمَارَوَيْه بن أحمد، فيما قيل. وكان عالمًا شاعرًا.   1 تاريخ الطبري "10/ 42"، المنتظم "5/ 151"، الولاءة والقضاة للكندي "241". 2 تاريخ الطبري "10/ 45، 46"، المنتظم "5/ 151"، الولاة والقضاة للكندي "241، 242". 3 المنتظم "5/ 151" لابن الجوزي. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 6 أحداث سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: إسحاق بن إبراهيم بن سُفْيَان الخُتُّليّ، وسهل بن عبد الله التُّسْتَرِيُّ الزاهد، والعباس بن الفضل الأسفاطي، وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش، وعلي ابن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب القاضي، ومحمد بن سُلَيْمَان الْبَاغَنْدِيُّ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، ومِقْدَام بن داود الرُّعَيْنيّ. الظفر بهارون الخارجي: وفي أولها خرج المُعْتَضِد إلى المَوْصِل بسبب هارون الشاري، وكان الحسين بن حَمْدَان قد قَالَ له: إنْ أَنَا جئتُ بهارون إليك فليَ ثلاثُ حوائج. قَالَ: اذكرها. قَالَ: تُطلق أبي، والحاجتان أذكرهما بعد أن آتي به. قَالَ: لك ذلك. قَالَ: أريد أنتخب ثلاثمائة فارس. قَالَ: نعم. وخرج الحسين يطلب هارون حَتَّى انتهى إلى مخاضةٍ في دجلة، وكان معه وَصيف الأمير. فَقَالَ لوصيف: ليس لهارون طريق يهرب منه غير هذا، فقف ها هنا، فإنْ مرَّ بك فامنعه من العبور. قَالَ: نعم. ومضى الحسن فالتقى مع هارون، فقتل جماعة وهرب هارون، وأقام وصيف على المخاضة ثلاثًا، فَقَالَ لأصحابه: قد طال مقامنا، ولسنا نأمن أن يأخذ الحسين هارون فيكون له الفتح دوننا، فالصواب أن نمضي في آثارهم، فأطاعوه ومضوا، وجاء الشاري إلى المخاضة فَعَبَرَ. وجاء الحسين في إثره فلم يجد وَصِيفًا، ولم يُعرف لهارون خبر، فبلغه أَنَّهُ عبر دِجْلة، فعبر خلفه، وجاء هارون إلى حيٍّ من العرب، فأخذ دابة ومضى، وجاء الحسين فسألهم فكتموه، فَقَالَ: المُعْتَضِد في إثري؛ فأخبروه بمكانه، فاتَّبعه في مائة فارس، فأدركه، فناشده هارون الشاري وتوعَّده، فألقى الحسين نفسه عليه، وأسره، وجاء به إلى المُعْتَضِد، فأمر بفك قيود حَمْدَان والتوسعة عليه، ورجع بهارون إلى بغداد، وخلع على الحسين بن حَمْدَان وطوّقه، وعُمِلَت قِباب الزّينة، وركَّبوا هارون فيلًا بين يدي المُعْتَضِد، وازدحم الخَلْق حَتَّى سقط كرسي الجسر الأعلى ببغداد، فغرق خلق كثير. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 7 وكان على المعتضد قباء سود، وعِمَامة سوداء، وجميع الأمراء يمشون بين يديه1. ولاية طغج إمرة الجيش: وفيها ولي طُغْج بن جُف إمرةَ الجيش الطُّولوني2. وصول تقادُم ابن الليث: وفيها: وصلت تَقَادُم عمرو بن اللَّيث أمير خراسان، فكانت مائتي حِمل مال، ومائتي حمارة، وغير ذلك من التُّحَف. إطلاق المُعْتَضِد لحمدان: وفيها خلع المُعْتَضِد على حَمْدَان وأطلقه3. الأمر بتوريث ذوي الأرحام: وفيها كُتِبَت الكتب إلى الآفاق، بأن يورَّث ذَوُو الأرحام، وأن يبطل ديوان المواريث، وكثُر الدُّعاء للمعتضد، وكان قد سأل أبا حازم القاضي عن ذَلِكَ، فَقَالَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] . فَقَالَ المُعْتَضِد: قد رُوِيَ عدم الرد عن الخُلفاء الأربعة. فَقَالَ أبو حازم: كَذِب الناقلُ عنهم؛ بل كلِّهم ردّ، هم وجميع الصحابة، سوى زيد بن ثابت. وكان زيد يُخفيه حَتَّى مات عمر، وَهُوَ مذهب فقهاء التابعين ومن بعدهم، ولم يذهب إلى قول زيد غير الشافعي في إحدى القولين، والقول الآخر كالجماعة. فَقَالَ المُعْتَضِد: اكتبوا بذلك إلى الآفاق.   1 تاريخ الطبري "10/ 43، 44"، المنتظم "5/ 161"، البداية والنهاية "11/ 73". 2 الولاة والقضاة للكندي "248". 3 تاريخ الطبري "10/ 44"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 161"، البداية والنهاية "11/ 73". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 8 خروج عمرو بن الليث من نيسابور: وفيها خرج عمرو بن اللَّيْث من نَيْسَابُور، فهاجمها رافع بن هَرْثَمَة وخطب بها لمحمد بن يزيد العلوي، فعاد عمرو ونزل بظاهر نَيْسَابُور محاصرًا لها1. ذبح جيش بن خُمَارَوَيْه: وفيها وثب الْجُنْدُ من البربر على جيش بن خُمَارَوَيْه وقالوا: لو تتنحى عن الأمر لنُولي عمَّك؟ فكلمهم كاتبه عَليَّ بن أحمد الماذرائي، وسألهم أن ينصرفوا عنه يومهم، فانصرفوا، فغدا جيش على عمه أبي العشائر، فضرب عُنقه وعُنُق عمٍ له آخر، ورمى برؤوسهما إليهم، فهجم الجند على جيش فذبحوه، وذبحوا أمه، وانتهبوا الدار، وأجلسوا أخاه هارون مكانه2. قتل رافع بن هرثمة: وفيها هزم عمرو بنُ اللَّيْث رافعَ بن هرْثَمَة، وساقَ وراءه إلى أن أدركه بخوارزم فقتله، وكان المُعْتَضِد قد عزله سنة سبعٍ وسبعين عن خُراسان، وولى عليها عمرو بن اللَّيْث، فبقي رافع بالرِّي3. ثُمَّ إِنَّهُ هادن الملوك المجاورين له يستعين بهم على عَمْرو، ودعا إلى العلوي، ثُمَّ سار إلى نَيْسَابُور، فوافقه عمرو في ربيع الآخر من هذه السنة، وهزمه إلى أبِيورد، وقصد رافع أن يخرج إلى مَرْو أَوْ هراة، ثُمَّ دخل نَيْسَابُور، فأتى عَمْرو فحاصره بها، فهرب رافع وأصحابه على الجمازات إلى خُوَارِزْم في رمضان، فأحاط به أمير خُوَارِزْم وقتله في سابع شوال، وبعث برأسه إلى عَمْرو بن اللَّيْث، فنفذه إلى المُعْتَضِد4. ولم يكن رافع ولد هرثمة، وإنما هو زوج أمه، فنُسب إليه، وَهُوَ رافع بن تُومَرْد، وصفت خراسان لعمرو بن الليث.   1 تاريخ الطبري "10/ 44"، البداية والنهاية "11/ 73". 2 تاريخ الطبري "10/ 45، 46"، مروج الذهب "4/ 259"، الولاة والقضاة "241، 242". 3 تاريخ الطبري "10/ 50"، المنتظم "5/ 161"، النجوم الزاهرة "3/ 114". 4 تاريخ الطبري "10/ 49، 50، 51"، البداية والنهاية "11/ 67". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 9 رواية ابن طولون عن قتل جيش بن خُمَارَوَيْه: قَالَ ربيعة بن أحمد بن طولون: لما دخل ابن أخي جيش مصر قبض عَليَّ وعلى عمَّيه مُضر وشيبان، وحبسنا، ثُمَّ إِنَّهُ أخذ أخانا مُضر فأدخله بيتًا، وجوعه خمسة أيام، ثُمَّ دخل علينا ثلاثة من غلمان جيش، فقالوا: أين أخوكم؟ قلنا: لا ندري. فدخلوا عليه البيت، فرماه كل واحدٍ بسهم، فقتلوه وأغلقوا علينا الباب، وتركونا يومين بلا طعام، فظننا أَنَّهُم يُهلكوننا بالجوع، فسمعنا صُراخًا في الدار، ففتحوا علينا، وادخلوا إلينا جيش بن خُمَارَوَيْه، فقلنا: ما جاء بك؟ قَالَ: غَلبني أخي هارون على مصر. فقلنا: الحمد لله الذي قبض يدك وأضرع خدك. فَقَالَ: ما كان في عزمي إِلا أن أُلْحِقَكُما بأخيكما. وبعث إلينا هارون أن نقتله بأخينا، فلم نفعل، وانصرفا إلى دورنا، فبعث إليه من قتله. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 10 أحداث سنة أربعٍ وثمانين ومائتين: تُوُفِّي فيها: أبو عَمْرو أحمد بن المبارك المُسْتَمْلِي، وإسحاق بن الحسن الحربي، وأبو خالد عبد العزيز بن معاوية القُرَشي، ومحمود بن الفرج الأصبهاني الزاهد، وهشام بن عَليَّ السيرافي، ويزيد بن الهيثم أبو خالد البادا. القدوم برأس ابن هَرْثَمَة على المُعْتَضِد: وفي رابع المحرم قُدم على المُعْتَضِد برأس ابن هَرْثَمَة، فنُصب يومًا ببغداد1. الوقعة بين النوشري وابن أبي دُلف: وفيها كانت وقعة بين عيسى النُّوشَري المعتضدي وبين بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف، وكان قد أظهر العصيان، فهزمه النَّوْشَرِيّ بقرب إصبهان، واستباح عسكره2.   1 تاريخ الطبري "10/ 51"، مروج الذهب "4/ 260". 2 تاريخ الطبري "10/ 51"، النجوم الزاهرة "3/ 113". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 10 ولاية القضاء بمدينة المنصور: وفي ربيع الأول وَلِيَ القضاء أبو عمر محمد بن يوسف على مدينة المنصور1. وفيها ظهر بمصر حُمرة عظيمة، حَتَّى كان الرجل ينظر إلى وجه الرجل فيراه أحمر، وكذا الحيطان، فتضرًّع الناس بالدعاء إلى الله، وكانت من العصر إلى الليل2. إرسال ابن اللَّيْث للأموال: وفيها بعث عَمْرو بن اللَّيْث بألف ألف درهم لتنفق على إصلاح درب مكة من العراق3. عزْم المُعْتَضِد على لعن معاوية: قَالَ ابن جرير الطبري4: وفيها عزم المُعْتَضِد على لعن معاوية على المنابر، فخوَّفه عُبَيْد الله الوزير اضطراب العامة، فلم يلتفت، وتقدَّم إلى العامة بلزوم أشغالهم وترك الاجتماع، ومنع القُصَّاص من القعود في الأماكن، ومنع من اجتماع الخلق في الجوامع، وكتب المُعْتَضِد كتابًا في ذلك، واجتمع الناس يوم الجمعة بناء على أن الخطيب يقرؤه، فما قرأه، وكان من إنشاء الوزير عُبَيْد الله، وفيه: "وقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شُبهة قد دخلتهم في أديانهم، على غير معرفة ولا روية، خالفوا السنن، وقلدوا فيها أئمة الضلالة، ومالوا إلى الأهواء، وقد قَالَ الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50] خروجًا عن الجماعة، ومسارعةً إلى الفتنة، وإظهارًا لموالاة من قطع الله عنه الموالاة، وبتر منه العصمة، وأخرجه من الملة. قَالَ الله تعالى: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] وإنما أراد بني أمية الملعونين على لسان نبيه، وهم كانوا أشد عداوة من جميع الكفار، ولم يرفع الكفار رايةً يوم بدرٍ وأُحد والخندق إِلا وأبو سُفْيَان وأشياعه أصحابها وقادتها".   1 تاريخ الطبري "10/ 51"، المنتظم "5/ 170". 2 تاريخ الطبري "10/ 53"، المنتظم "5/ 170، 171"، النجم الزاهرة "3/ 113". 3 النجوم الزاهرة "3/ 113". 4 في تاريخه "10/ 54-63". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 11 ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ وَاهِيَةٍ وَمَوْضُوعَةٍ فِي ذَمِّ أَبِي سُفْيَانَ وَبَنِي أُمَيَّةَ، وَحَدِيثَ: "لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ" 1، عَنْ مُعَاوُيَةَ وَأَنَّهُ نَازَعَ عَلِيًّا حَقَّهُ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَمَّارٍ: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" 2. وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ سَفَكَ الدِّمَاءَ، وَسَبَى الْحَرِيمَ، وَانْتَهَبَ الْأَمْوَالَ الْمُحَرَّمَةَ، وَقَتَلَ حُجْرًا، وَعَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ، وَادَّعَى زِيَادَ بْنَ أَبِيهِ جُرْأَةً عَلَى اللَّهِ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] ، وَالنَّبِيُّ -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ- يَقُولُ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" 3. ثُمَّ دعى إلى بيعة ابنه يزيد، وقد عَلِمَ فسْقة، ففعل بالحسين وآله ما فعل؛ ويوم الْحَرَّةِ، وحرق البيت الحرام. وَهُوَ كتاب طويل فيه مصائب، فلما كتبه الوزير قَالَ للقاضي يوسف بن يعقوب: كلِّم المُعْتَضِد فيه هذا. قال له: يا أمير المؤمنين، أخاف الفتنة عند سماعه. فَقَالَ: إنْ تحرَّكت العامةُ وضعتُ السيف فيها. قَالَ: فما نصنع بالعلويين الذين هم في كل ناحية قد خرجوا عليك؟ وَإِذَا سمع النَّاس هَذَا من فضائل أهل البيت كانوا إليهم أمْيل وصاروا أبسطَ ألْسنة4. فأمسك المُعْتَضِد. ذكر الخادم وظهوره على المُعْتَضِد: وفيها ظهر في دار المُعْتَضِد شخص، في يده سيف مسلول، فقصده بعض الخدم فضربه بالسيف فجرحه، واختفى بالبُستان، وطُلب فلم يوجد له أثر، فعظُم ذلك على المُعْتَضِد، وقيل: هُوَ من الجن. وساءت الظُّنون. وأقام الشخص يظهر مرارًا ثم   1 "حدث صحيح": أخرجه مسلم "2604"، وأحمد في المسند "1/ 240، 291، 335، 338" مختصرا. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "447، 2812"، ومسلم "2915"، وأحمد في المسند "3/ 90، 91"، وابن حبان في صحيحه "7078، 7079". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2053، 2745، 4303"، ومسلم "1457"، وأبو داود "2273"، والنسائي "3484"، وابن ماجه "2004"، وأحمد في المسند "2/ 246، 247"، والحميدي "238". 4 تاريخ الطبري "10/ 63"، البداية والنهاية "11/ 76"، النجوم الزاهرة "3/ 113، 114". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 12 يختفي، ولم يزهر خبره حَتَّى مات المُعْتَضِد والمكتفي، فَإِذَا هُوَ خادم أبيض كان يميل إلى بعض الجواري التي في الدُّور1. وكان منْ بلغَ من الخُدّام يُمنعون من الحرم، وكان خارج دور الحرم بستان كبير، فاتّخذ هَذَا الخادم لحية بيضاء، فبقي تارةً يظهر في صورة راهب، وتارة يظهر بزيّ جنْديّ بيده سيف واتخذ عدّة لِحًى مختلفة الهيئات، فَإِذَا ظهر خرجت الجارية مع الجواري لتراه يعني ليخلو بها بين الشجر فيحدِّثها خلسة، فَإِذَا طُلب دخل بين الشجر ونزع اللحية والبُرْنُس ونحو ذلك، وخبّأها، وترك السيف في يده مسلولًا كَأَنَّه من جملة الطالبين لذلك الشخص، وبقي كذلك إلى أن ولي المقتدر، وخرج الخادم إلى طوس، فتحدثت الجارية بحديثه بعد ذلك.   1 تاريخ الطبري "10/ 63، 64"، المنتظم "5/ 172"، النجوم الزاهرة "3/ 114". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 13 أحداث سنة خمسٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: إبراهيم الحربي، وإسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، وعبيد بن عبد الواحد بن شَريك، وأبو العَبَّاس محمد بن يزيد المبرّد. إيقاع الطائي بالحجّاج: وفي المحرّم قطع صالح بن مدرك الطائي الطريق على الحُجاج بالأجْفُر، وأخذ للرَّكب ما قيمته ألف ألف دينار، وأسر الحرائر1. ولاية ابن اللَّيْث ما وراء النهر: وفي المحرّم عُزل إسْمَاعِيل بن أَحْمَد عن ما وراء النهر، وولِيَه عَمْرو بن اللَّيْث2. الريح الصفراء بالبصرة: وفي ربيع الأول هبّت ريح صفراء بالبصرة، ثُمَّ صارت خضراء، ثُمَّ سوداء، وامتدت في الأمصار؛ ووقع عقِبها بَرَدٌ، وزن البردة مائةٌ وخمسون درهمًا، وقلعت   1 تاريخ الطبري "10/ 67"، المنتظم "6/ 3"، البداية والنهاية "11/ 78". 2 تاريخ الطبري "10/ 67"، المنتظم "6/ 2". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 13 الريح نحو ستمائة نخْلة، ومُطرت قرية حجارةً سوداء وبيضاء1. استعمال ابن أبي الساج: وفيها استعمل المُعْتَضِد على أرمينية وأَذْرَبِيجَان ابن أبي السّاج2. غزوة راغب في البحر: وفيها غزا راغب الموفَّقي الخادم الرومي في البحر، فظفر بمراكب كثيرة، ضرب منها ثلاثة آلاف رَقَبة، وفتح حُصونًا كثيرة. تكريم عَليّ بن المُعْتَضِد: وفي ذي الحجّة قدم عَليّ بن المُعْتَضِد بغداد، وكان قد جهّزه لقتال محمد بن زيد العلوي، فدافع محمدا عن الجبال وتحيز إلى خُرَاسَان، ففرح به أبوه فَقَالَ: بعثناك ولدًا فرجعت أخًا. كرامةً له منه بهذا القول، ثُمَّ أعطاه ألف ألف دينار3. وفاة أَحْمَد بن عيسى بن الشيخ: وفي ذي الحجّة خرج المُعْتَضِد وابنه يريد آمد، لما بلغه موت أَحْمَد بن عيسى بن الشيخ. صلاة ابن المُعْتَضِد بِالنَّاس: وصلى بالناس يوم الأضحى ببغداد عَليّ بن المُعْتَضِد، وركب كما تركبُ وُلاةُ العهود4.   1 تاريخ الطبري "10/ 68"، المنتظم "6/ 2، 3"، البداية والنهاية "11/ 78". 2 تاريخ الطبري "10/ 68"، النجوم الزاهرة "3/ 116". 3 المنتظم لابن الجوزي "6/ 3"، النجوم الزاهرة "3/ 116". 4 المنتظم لابن الجوزي "6/ 3"، النجوم الزهرة "3/ 116". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 14 أحداث سنة ستٍّ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: أَحْمَد بن سَلَمَةَ النَّيْسَابُوري الحَافِظ، وَأَحْمَد بن عَليّ الخزاز، وأبو سعيد الخراز شيخ الصوفية، وَأَحْمَد بن الْمُعَلَّى الدِّمِشْقِيّ، وأبو نُعَيْم بن سُوَيْد الشامي، وإبراهيم بن محمد الصَّنْعَانيّ، وَالحَسَن بن عبد الأعلى البوسي أصحاب عبد الرزاق، وعبد الرحيم بن عبد الله البَرْقي، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن وضاح القُرْطُبيّ، وَمحمد بن يوسف البنّا الزاهد، وَمحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وأبو عُبادة البُحْتُريّ الشاعر. منازلة المُعْتَضِد لآمد: وفي ربيع الآخر نازل المُعْتَضِد آمد، وبها محمد بن أَحْمَد بن الشيخ؛ فنصب عليها المجانيق، ودام الحصار أربعين يومًا، ثُمَّ ضَعُف محمد، وتخاذَل أصحابه، فطلب الأمان، ثُمَّ خرج فخلع عليه1. قبض المُعْتَضِد على راغب الخادم: وفيها قبض المُعْتَضِد على راغب الخادم أمير طَرَسُوس واستأصله، فمات بعد أيَّام2. قدوم هدية ابن اللَّيْث على المُعْتَضِد: وفيها، في جُمَادَى الآخرة، قدمت هدايا عَمْرو بن اللَّيْث، وهي أربعة آلاف ألف درهم، وعشرة من الدواب بسروجها ولُجُمها المذهبّة، وخمسون أخرى بجلالها3. الحرب بين ابن الصَّفَّار وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد: وفيها التقى جيش عمرو بن الليث الصَّفَّار، وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد بن أسد بما وراء النَّهْر. فانكسر أصحاب عَمْرو؛ ثُمَّ في آخر السنة عبَرَ إسْمَاعِيل بن أَحْمَد جَيْحُون بعسكره، ثُمَّ التقى هُوَ وَعَمْرو بن اللَّيْث على بلْخ، وكان أهل بلْخ قد ملّوا عَمْروًا وأصحابه، وضجوا من نزولهم في دُورهم وأخذهم لأموالهم، وتعرضهم لنسائهم.   1 تاريخ الطبري "10/ 70"، المنتظم "6/ 15"، البداية والنهاية "11/ 80". 2 تاريخ الطبري "10/ 72". 3 تاريخ الطبري "10/ 71"، المنتظم "6/ 17". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 15 فَلَمَّا التقوا حمل عليهم إسْمَاعِيل، فانهزم عَمْرو إلى بلخ، فوجد أبوابها مغلقة، ففتحوا له ولجماعة معه، فوثب عليه أهل بلخ وأوثقوه، وحملوه إلى إسْمَاعِيل، فَلَمَّا دخل عليه قام إسْمَاعِيل واعتنقه، وقبّل ما بين عينيه، وخلع عليه، وحلف أَنَّهُ لا يؤذيه. وَقِيلَ: إن إسْمَاعِيل لَمَّا كان على ما وراء النَّهْر، سأل عَمْرو بن اللَّيْث المُعْتَضِد أنْ يوليه ما وراء النَّهْر، فولاه فعزم عَمْرو على محاربته، فكتب إليه إسْمَاعِيل: إنك قد وُليت الدُّنيا، وإنما في يدي ثغر، فاقنع بما في يدك ودعني. فأبى، فَقِيلَ له: بين يديك جيحون كيف تعبره؟ فَقَالَ: لو شئت أن أسكّره ببذْل الأموال لفعلت حَتَّى أعبره. فَقَالَ إسْمَاعِيل: أنا أعبر إليه. فجمع الدَّهاقين وغيرهم، وجاوز النَّهْر، فجاء عَمْرو فنزل بلخ. فأخذ إسْمَاعِيل عليه الطُّرق، فصار كالمحاصر، وندِم عَمْرو، وطلب المحاجزة، فلم يُجبه، واقتتلوا يسيرًا، فانهزم عَمْرو، فتبعوه، فتوحَّلت دابته، فأُخذ أسيرًا1. وبلغ المُعْتَضِد، فخلع على إسْمَاعِيل خِلَع السلطنة وَقَالَ: يُقلَّد أبو إِبْرَاهِيم كل ما كان في يد عَمْرو بن اللَّيْث. ابن اللَّيْث في أسر المُعْتَضِد: ثُمَّ بعث يطلب من إسْمَاعِيل عَمْرو، ويعزم عليه، فما رأى بُدًّا من تسليمه، فبعث به إلى المُعْتَضِد فدخل بغداد على جمل ليشهره، فقال الحُسَيْن بن محمد بن الفَهْم: ألم ترَ هَذَا الدَّهْر كيف صُروفهُ ... يكون يسيرًا مُرّةً وعسيرًا وحسبك بالصفار نُبلًا وَعِزّةً ... يرُوح ويغدُو في الجيوش أميرا حباهم بأجمال ولم يدر أنه ... على جمل منها يقاد أسيرا   1 تاريخ الطبري "10/ 76"، البداية والنهاية "11/ 80، 81". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 16 نهاية عَمْرو بن اللَّيْث: ثُمَّ حبسه المُعْتَضِد في مطمورة، فكان يَقُولُ: لو أردت أن أعمل على جيحون جسرًا من ذهب لفعلت، وكان مطبخي يحمل على ستمائة جمل، وأركبُ في مائة ألف، أصارني الدَّهْر إلى القيد والذُّلّ1! فَقِيلَ: إِنَّهُ خُنق عند موت المُعْتَضِد، وَقِيلَ: قبل موته بيسير. وَقِيلَ: إنَّ إسْمَاعِيل خيّره بين أن يقعد عنده معتقلًا، وبين توجيهه إلى المُعْتَضِد، فاختار توجيهه إلى المُعْتَضِد، فأُدخل بغداد سنة ثمانٍ وثمانين على جملٍ له سنامان، وعلى الجمل الدّيباج والحلي، وطيف به شوارع بغداد، وأُدخل على المُعْتَضِد، فَقَالَ له: يا عَمْرو هَذَا ببغيك ثُمَّ سجنه. إنعام المُعْتَضِد على إسْمَاعِيل: وبعث المُعْتَضِد إلى إسْمَاعِيل ببدرةٍ من لؤلؤ، وتاج مرصًّع، وسيف، وعشرة آلاف درهم. ظهور القرمطي بالبحرين: وفيها ظهر بالبحرين أبو سَعِيد الْجَنّابي القَرْمَطيّ في أول السنة. وفي وسطها قويت شوكته، وانضم إليه طائفة من الأعراب، فقتل أهل تِلْكَ القرى، وقصد البصرة، فبنى المُعْتَضِد عليها سورًا وحصّنها. وكان أبو سَعِيد كَيّالًا بالبصرة، وَهُوَ من قرى الأهواز، وقيل من البحرين2. يُسخر منه ويُستخف به، فخرج إلى البحرين، وانضاف إليه جماعة من بقايا الزنْج والخرّمّية، فعاث وأفسد وتفاقم أمره، حَتَّى بعث إليه الخليفة جيوشًا وهو يهزمها. وَهُوَ جدّ أبي عَليّ المستولي على الشام الذي مات بالرملة سنة خمس وستين وثلاثمائة.   1 البداية والنهاية "11/ 81"، النجوم الزاهرة "3/ 119". 2 تاريخ الطبري "10/ 71"، مروج الذهب "4/ 264"، المنتظم "6/ 18". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 17 وَقَالَ غيره: أقام أبو سَعِيد مدة، ثُمَّ ذُبح في حمامٍ بقصره. ثُمَّ خلفه ابنه أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحَسَن بن بهرام الجنابيّ القَرْمَطيّ، وَهُوَ الذي تأتّى أَنَّهُ قَتل الحجيج واقتلع الحجر الأسود. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 18 أحداث سنة سبعٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: أَحْمَد بن إسحاق بن نُبَيْط، وأبو بكر أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم، وَمحمد بن عمرو الجرشي وأبو عَليّ قشْمرد، وموسى بن الحَسَن الْجَلاجليّ، وأبو سَعِيد يحيى بن منصور الهَرَويّ. واقعة ركب الحاج: وفي المحرم واقعت طيئ رَكْبَ الحاجّ العراقيّ بأرض المعدن. وكانت الأعراب في ثلاثة آلاف ما بين فارس وراجل. وكان أمير الحاجّ أبو الأغرّ، فأقاموا يقاتلونهم يومًا وليلة. واشتد القتال، ثُمَّ إنَّ الله أيّد الركب وهزموهم، وقُتل صالح بن مدرك الذي نهب الحاجّ فيما مضى؛ وقُتل معه أعيان طيئ، ودخل الركبُ بغداد بالرؤوس على الرماح وبالأسرى1. الوقعة بين ابن اللَّيْث وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد: وفي نصف ربيع الأول كانت الوقعة على بلْخ بين عَمْرو بن اللَّيْث وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد، فأسره إسْمَاعِيل. ذكر القرامطة وغِلَظ أمرهم: وفيها غَلُظ أمر القرامطة، وأغاروا على البصرة ونواحيها، فسار لحربهم العَبَّاس بن عَمْرو الغنوي، فالتقوا، فأُسر الغنوي، وقُتل خلقٌ من جنده2. إطلاق القَرْمَطيّ للغنوي: ثُمَّ إنَّ أبا سَعِيد بعد أنْ ضيق عليه أطلقه وَقَالَ: بلِّغ المعتضد عني رسالة؛   1 تاريخ الطبري "10/ 74"، مروج الذهب "4/ 264، 265"، النجوم الزاهرة "3/ 121، 122". 2 تاريخ الطبري "10/ 75، 77، 78"، المنتظم "6/ 24"، النجوم الزاهرة "3/ 122". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 18 ومضمونها أَنَّهُ يكفّ عنه ويحفظ حُرمته: فأنا قد قنعت بالبرية، فلا يتعرّض لي1. رواية ابن خلّكان عن القرامطة: قَالَ ابن خلّكان: كان من حديث العَبَّاس أَنَّ القرامطة لَمَّا اشتد أمرهم وبالغوا في القتل، أرسل إليهم المُعْتَضِد جيشًا عليه العَبَّاس بن عَمْرو، فالتقوا، فأسره أبو سَعِيد القَرْمَطيّ في الوقعة، وأسر جميع مَن معه مِن الجيش. ثُمَّ مِن الغد أحضر الأسرى فقتلهم بأسرهم وحرّقهم، رحمهم الله، وأطلق العَبَّاس فجاء إلى المُعْتَضِد وحده2. وكانت الوقعة بين البصرة والبحرين. خروج المُعْتَضِد إلى الثغور: وفي شوال خرج المُعْتَضِد من بغداد، وسار إلى عين زَرْبة، فأسرَ وصيفًا الخادم، ثُمَّ قدِم المِصيصة ونزل طَرَسُوس، ثُمَّ رحل إلى أنطاكية، ثم جاء جاء إلى حلب، ثُمَّ إلى بالس، وأقام بالرَّقَّة إلى سلْخ السنة3. وفاة صاحب طَبَرسْتَان: وفيها مات صاحب طَبَرسْتَان محمد بن زيد العلوي. الإيقاع بالقرامطة: وفيها أوقع بدر بالقرامطة على غرة، فقتل منهم مقتلةً عظيمة، والحمد لله.   1 تاريخ الطبري "10/ 78، 79"، مروج الذهب "4/ 265، 266"، النجوم الزاهرة "3/ 122". 2 وفيات الأعيان "6/ 431"، البداية والنهاية "11/ 83". 3 تاريخ الطبري "10/ 79، 80"، مروج الذهب "4/ 267". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 19 أحداث سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: إسحاق بن إسْمَاعِيل الرملي بإصبهان، وَبِشْر بن موسى الأسديّ، وجعفر بن محمد بن سوار الحَافِظ، وعثمان بن سَعِيد بن بشار الأَنْمَاطِيُّ، ومُعاذ بن المُثَنَّى العَنْبَريّ، وخلْق سواهم. دخول ابن اللَّيْث بغداد أسيرًا: وفي جُمَادَى الأولى أُدخل عَمْرو بن الليث الصَّفَّار بغداد أسيرًا على جَمل1، فسجن إلى سنة تسعٍ وثمانين، وأُهلك عند موت المُعْتَضِد. الزلزلة في دبيل: وزُلزِلت دبيل ليلا. قال أبو الفرج ابن الْجَوْزيّ: فأُخرج من تحت الهدْم خمسون ومائة ألف ميت. وَقِيلَ: كان ذَلِكَ في العام الماضي، كما تقدم. الوباء بأذربيجان: وفيها وقع وباءٌ عظيم بِأَذْرَبِيجَان حَتَّى فُقدت الأكفان، حَتَّى كفنوا بالأكسية واللُّبُود، ثُمَّ طُرحوا في الطُّرق2. موت ابن أبي الساج وأصحابه: ومات من أصحاب محمد بن أبي الساج وأقاربه سبعمائة إنسان، وكان ببرذعة؛ ثُمَّ تُوُفِّي هُوَ، فقام بعده ابنه ديوداد، وخالفه أخوه يوسف3. موت وصيف الخادم في السجن: وفيها قدم المُعْتَضِد ومعه وصيف خادم محمد بن أبي الساج، وكان قد عصى عليه بالثُّغور، فأسره وأُدخل على جملٍ، ثُمَّ تُوُفِّي في السجن بعد أيام، فصلبت جثته عند الجسر4.   1 تاريخ الطبري "10/ 83"، مروج الذهب "4/ 268"، النجوم الزاهرة "3/ 124". 2 تاريخ الطبري "10/ 83"، المنتظم "6/ 27"، النجوم الزاهرة "3/ 123". 3 تاريخ الطبري "10/ 83"، مروج الذهب "4/ 268"، النجوم الزاهرة "3/ 123، 124". 4 تاريخ الطبري "10/ 85"، مروج الذهب "4/ 269". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 20 ظهور الشيعي بالمغرب: وفيها ظهر أبو عبد الله الشيعي بالمغرب، ونزل بكُتامة، ودعاهم إلى المهدي عبيد الله1.   1 النجوم الزاهرة "2/ 124". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 21 أحداث سنة تسعٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: أبو عبد الملك أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، والمعتضد بالله الخليفة، وَأَحْمَد بن يَحْيَى بن حمزة، وَإِبْرَاهِيم بن محمد الأغلبي أمير القيروان، وأنس بن السّلم، وجماعة كبار. فيضان ماء البحر على السواحل: وفيها فاض ماء البحر على السواحل، فأخرب البلاد والحصون التي عليه، وَهَذَا لم يُعهد. اعتلال المُعْتَضِد: وفي ربيع الآخر اعتل المُعْتَضِد علّة صعبة، وتماثل، فَقَالَ ابن المعتز: طار قلبي بجناح الوجيب ... جزعًا من حادثات الخُطوب وحذارًا من أن يُشاك بسوء ... أسدُ المُلك وسيفُ الحروب ثُمَّ انتكس ومات في الشهر. خلافة المُكْتَفِي: وقام بعده ابنه المُكْتَفِي بالله أبو محمد عَليّ، وليس في الخلفاء من اسمه عَليّ إِلا هو، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وُلد سنة أربعٍ وستين ومائتين، وأُمه تركية، وكان من أحسن الناس2.   1 النجوم الزاهرة "2/ 124". 2 المنتظم لابن الجوزي "6/ 31"، مروج الذهب "4/ 276". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 21 أخذ البيعة للمكتفي: وَلَمَّا نُقل المُعْتَضِد اجتمعوا في دار العامة، وفيهم مؤنس الخادم، ومؤنس الخازن، ووصيف، موشكير، والفضل بن راشد، ورشيق، وكان بدر المعتضدي بفارس، فقالوا للقاسم بن عُبَيْد الله الوزير: خُذ البيعة. فَقَالَ: المُعْتَضِد حي، ولا آمن إفاقته، وقد أطلقتُ المال، فيُنكر عَليّ. فقالوا: إنْ عُوفي فنحن المناظرون دونك. وكان في عزْمه أن يزوي الأمر عن المُكْتَفِي، لكن رأى ميلهم إلى المُكْتَفِي، فأخذ له البيعة بعد العصر من يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلةً بقيت من ربيع الآخر. وأحضر أحمدُ بن محمد بن بسطام أولاد الخلفاء: عبد الله بن المعتز، وقُصي بن المؤيد، وعبد العزيز بن المعتمد، وعبد الله بن الموفّق، وأبي أَحْمَد، وأخذ عليهم البيعة للمكتفي. وفاة المُعْتَضِد: وَتُوُفِّي المُعْتَضِد ليلة الإثنين لثمانٍ بقين من الشهر. الأموال التي خلفها المُعْتَضِد: وكان المُكْتَفِي بالرقة. فكتب إليه الْقَاسِم بالخلافة، وَأَنَّ في بيوت الأموال عشرة آلاف ألف دينار، ومن الدراهم أضعافها، ومن الجواهر ما قيمته كذلك، ومن الثياب والخيل، وذكر أشياء كثيرة1. تحرُّك الْجُنْد ببغداد: وَقِيلَ: إنَّ الجند تحركوا ببغداد عند موت المُعْتَضِد، ففرّق الْقَاسِم فيهم العطاء، فسكنوا. دخول المُكْتَفِي بغداد: ووافى المُكْتَفِي بغداد في سابع جُمَادَى الأولى، ومر بدجلة في سمارية، وكان يومًا عظيمًا.   1 تاريخ الطبري "10/ 88"، المنتظم "6/ 31، 32"، مروج الذهب "4/ 275". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 22 وسقط أبو عُمَر القاضي من الزّحمة من الجسر، وأُخرج سالمًا، ونزل المُكْتَفِي بقصر الخلافة، وتكلمت الشعراء، وخلع على الْقَاسِم بن عُبَيْد الله سبْع خِلع، وقلّده سيفًا، وهدم المطامير التي اتخذها أبوه، وصيّرها مسجدًا1. وأمر بردّ البساتين والحوانيت التي اتخذها أبوه من النَّاس ليعملها قصرًا، وفرّق أموالا جزيلة. وسار سيرةً جميلة، فأحبه النَّاس ودعوا له. موت عَمْرو بن اللَّيْث: ومات في السجن عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار في اليوم الذي دخل فيه المُكْتَفِي بغداد. فَقِيلَ إنَّ الْقَاسِم الوزير قتله سرًا، خوفًا من إخراجه، فإنه كان محسنًا إلى المُكْتَفِي أيام مقامه بالري2. خلع محمد بن هارون الطاعة: وفي رجب ورد الخبر إلى بغداد أَنَّ أهل الرَّيِّ كتبوا إلى الأمير محمد بن هارون الذي كان إسْمَاعِيل بن أَحْمَد متولي خُرَاسَان بعثه لقتال العلوي وولاه طَبَرسْتَان، فخلع محمد بن هارون الطاعة، ولبس البياض، وسار إلى الرَّيِّ، وكان واليها أوكرتُمُش قد غشم وظلم، فالتقيا، فهزمه محمد وقتله، وقتل ولديه وقوّاده، واستولى على الرَّيِّ3. زلزلة بغداد: وفي رجب زُلزلت بغداد زلزلةً عظيمة دامت أيامًا4. إمارة ابن بسطام آمد وديار ربيعة: وفيها خُلع على أَحْمَد بن محمد بن بسطام، وأمر على آمد، وديار ربيعة.   1 تاريخ الطبري "10/ 88"، مروج الذهب "4/ 276"، البداية والنهاية "11/ 95". 2 تاريخ الطبري "10/ 88". 3 تاريخ الطبري "10/ 88، 89". 4 تاريخ الطبري "10/ 89"، المنتظم "6/ 33"، البداية والنهاية "11/ 95". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 23 ريح بالبصرة: وفيها هبت ريحٌ عظيمة بالبصرة، قلعت عامة نخلها، ولم يُسمع بمثل ذَلِكَ. خروج القَرْمَطيّ ومقتله: وفيها خرج بالشام يَحْيَى بن زكرويه القَرْمَطيّ، وجمع الأعراب، فقصد دمشق وبها طُغْج بن جُفّ نائب هارون بن خُمَارَوَيْه، فكانت بينهما حروبٌ، إلى أن قُتل في أول سنة تسعين1. وسبب خروجه أَنَّ زَكْرَوَيْه بن مهرويه القَرْمَطيّ لَمَّا رأى متابعة الجيوش إلى من بسواد الكوفة وضعُف، سعى في استغواء الأعراب الذين بالسواد، فاستجابوا له. وكان طائفة من كلب يخفرون الطريق على السماوة، فيما بين دمشق والكوفة على طريق تدمر، ويحملون الرسل وأمتعة التجار على إبلهم، فأرسل زَكْرَوَيْه أولاده إليهم فبايعوهم، وخالطوهم، وانتسبوا إلى أمير المؤمنين عَليّ، وإلى إسْمَاعِيل بن جعفر بن محمد الصادق، فقبلوهم، فدعوهم إلى رأي القرامطة، فلم يقبل منهم إِلا طائفة، فبايعوهم، وكان المُشار إليه في القرامطة يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه أبو الْقَاسِم، وذكر لهم أَنَّهُ له بالعراق والشرق مائة ألف تابع، وَأَنَّ ناقته مأمورة، وَأَنَّهُم متى اتبعوها في مسيرها ظفروا، فقصدوا الرصافة، التي هي غربي الفرات، فقتلوا أميرها، وأكثروا الفساد2. الوقعة بين إسْمَاعِيل بن أَحْمَد وَمحمد بن هارون: وفيها كانت وقعة بين جيش إسْمَاعِيل بن أَحْمَد، وبين محمد بن هارون على باب الرَّيِّ. وكان محمد في مائة ألف، فكانت الدائرة عليه، فانهزم إلى الدَّيلم في ألف رجل، فاستجار بهم3. صاحب إفريقية ينسلخ من الإمارة ويتصوف: وفيها قَوِيَت أمور أبي عبد الله الشيعي بالمغرب، فصنع صاحب إفريقية صنع   1 مروج الذهب "4/ 280"، المنتظم "6/ 33"، تاريخ الخلفاء "376". 2 تاريخ الطبري "10/ 94، 95"، البداية والنهاية "11/ 85، 86". 3 تاريخ الطبري "10/ 96"، البداية والنهاية "11/ 95". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 24 محمد بن يَعْفُر ملك اليمن، فانسلخ من الإمارة، وأظهر توبةً، ولبس الصُّوف، وردّ المظالم، وخرج إلى الروم غازيًا، فقام بعده ابنه أبو العَبَّاس. وكان خروج إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد صاحب إفريقية منها وركوبه البحر سنة تسعٍ وثمانين، فوصل إلى صقلية، ومنها إلى طَبَرْمين، فافتتحها، ثُمَّ حاصر كنيسة، فمرض بإسهال، ومات في ذي القِعْدَة. وكانت ولايته ثمانية وعشرين عامًا ونصف، ودفن بصقلية. اشتهار أمر أبي عبد الله الشيعي: واشتهر أمر أبي عبد الله بأرض كُتامة، وسُمي المشرقي لقُدُومه من الشرق. وكان إِذَا بايعه الواحد قِيلَ: تشرَّق، وتسارع المغاربة إليه، وَلَمَّا استفاضت دعوة المهدي كثُر الطلب عليه من العراق والشام، فسار متنكرًا من سلمية، ثُمَّ إلى الرملة، ثُمَّ مصر، ومعه ولده محمد صبي، وأبو العَبَّاس أخو الداعي أبي عبد الله بزي التُّجار. فتوصلوا إلى طرابلُس الغرب، فَلَمَّا وصل المهدي إلى طرابلُس الغرب قدم أبو العَبَّاس أخو الداعي إلى القَيْرُوَان فوصلها، وقد جاءت المكاتبات من مصر بالإنذار وصفته والتوكيد في طلبه، فعُني زيادةُ الله بطلبه، وتقصّى أخباره، فوقع بأبي العَبَّاس، فقرّره فلم يعترف، فحبسه برقّادة. وكتب إلى طرابلُس في طلب المهدي، وكان قد خرج منها قاصدًا أبا عبد الله داعيته، وفات أمره. ثُمَّ علِم في طريقه بحبْس رفيقه، فعدل إلى سِجِلْماسة، وأقام بها يتَّجر، فبلغ زيادة الله أَنَّهُ بسِجِلْماسة، فقبض متوليها على المهدي وابنه، ثُمَّ وقعت الحرب بين زيادة الله وبين أبي عبد الله الداعي، فهزمه أبو عبد الله مرات، وهرب من الجيش أبو العَبَّاس، ثُمَّ مُسك، ثُمَّ سار زيادة الله منهزمًا إلى مصر، ولحق أبو العَبَّاس بأخيه. ثُمَّ سارا في جيشٍ كثيفٍ وطلبا سِجِلْماسة، فخرج اليَسَع متوليها للقتال، فهزمه أبو عبد الله سنة ستٍّ وتسعين، كما سيجيء. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 25 صلاة المُكْتَفِي يوم النحر: وفيها صلى المُكْتَفِي بِالنَّاس يوم النحر بالمُصلّى1. خبر مقتل بدر المعتضدي: وفيها قتل بدر المعتضدي، وكان المعتضد يحبه. وكان بدر جوادًا كريمًا شجاعًا، وكان يؤثر الْقَاسِم بن عُبَيْد الله الوزير ويتعصب له، فَقَالَ المُعْتَضِد: والله لا قتله غيره. فكان كما قَالَ، وذلك أَنَّ الْقَاسِم همّ بنقل الخلافة عند موت المُعْتَضِد إلى غير ولده، وناظر بدرًا في ذَلِكَ، فامتنع بدر، فَلَمَّا رأى الْقَاسِم ذَلِكَ علم أن لا سبيل إلى مخالفة بدر، إِذْ كان المستولي على الأمور، اضطغنها على بدر، وحدث على المُعْتَضِد الموت، وبدر بفارس، فعمل الْقَاسِم على هلاكه. وكان بين بدر وبين المُكْتَفِي تباعد في أيام أبيه، فأشار القاسم على المُكْتَفِي أن يكتب إلى بدر بأن يقيم بفارس، وأن يبعث إليه بالمال، وأن يختار من الولايات ما شاء، ولا يقدم الحضرة. وخوف المكتفي منه، فكتب إليه يانس المُوفّقي بذلك، وبعث إليه بعشرة آلاف درهم. فَلَمَّا وصل إلى بدر فكّر وخاف لبعده من مكر الْقَاسِم، فكتب إلى المكتفي يقول: لا بد من المصير إلى الحضرة، وأن أشاهد مولاي. فَقَالَ الْقَاسِم له: قد جاهرك بالعصيان، ولا آمنه عليك، وكاتب الْقَاسِم الأمراء الذين مع بدر بالمصير إلى باب الخليفة، فأوقفوا بدرًا على الكُتب وقالوا: قُمْ معنا حَتَّى نجمع بينك وبين الخليفة. فَقَالَ: قد كتبت إليه، وأنا منتظر جوابه. ففارقوه ووصلوا إلى بغداد، فجاء بدر فنزل واسطًا، فندب الْقَاسِم أبا حازم القاضي وَقَالَ: اذهب إلى بدرٍ برسالة أمير المؤمنين بالأمان والعُهود، فامتنع، وكان وَرعًا، وَقَالَ: لمَ أؤدي عن الخليفة رسالة لم اسمعها منه؟ قَالَ: أما تقنع بقولي؟ قَالَ: في مثل هذا ما يكفيني.   1 النجوم الزاهرة "3/ 128". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 26 فندب أبا عُمَر محمد بن يوسف القاضي، فأجاب مسرعًا، وانحدر إلى واسط، فاجتمع ببدر، وأعطاه الأيمان المُغلّظة عن المُكْتَفِي، فنزل بدر بطيّار، وترك أصحابه بواسط ليلحقوه في البَرّ، فبينا هُوَ يسير، إِذْ تلقاه لؤلؤ غلام الْقَاسِم في جماعةٍ، فنقلوا القاضي إلى طيار آخر، وأصعدوا بدرًا إلى جزيرة، فَلَمَّا عرف أَنَّهُم قاتلوه قَالَ: دعُوني أصلّي ركعتين وأُوصي، فتركوه؛ فأوصى بعتق أرقابه، وصدقة ما يملك، وذبحوه في الرّكعة الثانية، في ليلة الجمعة السابعة والعشرين من شهر رمضان، وقدموا برأسه على المُكْتَفِي، فسجد. ما قِيلَ في ذم القاضي أبي عُمَر: وذمّ النَّاس أبا عُمَر القاضي وقالوا: هُوَ غرير؛ وندم القاضي غاية الندم. فَقَالَ شاعر: قل لقاضي مدينة المنصور ... بمَ أحللت أخذ رأس الأمير بعد إعطائه المواثيق والعهد ... وعقد الأمان في منشور أين أيمانك التي شهد الله ... على أنها يمينُ فُجور أَنَّ كفّيكَ لا تُفارقُ كفيـ ... ـه إلى أنْ تُرى مَلِيكَ السرير يا قليل الحياء يا أكذب الأ ... مة يا شاهدًا شهادة زور أيّ أمر ركبت في الجمعة الغـ ... ـراء من ذي شهر هذي الشُّهُور قد مضى من قتلت في رمضان ... صائمًا بعد سجدة التعفير يا بني يوسف بن يعقوب أضحى ... أهل بغداد منكم في غرور1   1 تاريخ الطبري "10/ 89، 93"، مروج الذهب "3/ 276-278"، البداية والنهاية "11/ 95". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 27 أحداث سنة تسعين ومائتين : فيها تُوُفِّي: أَحْمَد بن عَليّ الأبار، وَالحَسَن بن سهل المجوز، وَالحُسَيْن بن إِسْحَاق التُّسْتَريّ، وعبد الله بن أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَمحمد بن زكريا الغلابي الإخباري، وَمحمد بن العَبَّاس المُؤَدِّب، وَمحمد بن يَحْيَى بن المنذر القزاز، شيوخ الطَّبَرَانيّ. ظفر القَرْمَطيّ بغلام طُغْج: وفي أولها قصد يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه الرّقّةِ، فجاء جمعٌ، فخرج إليه عسكرها فهزمهم وقتل منعم، فبعث طغج لحربه بشيرًا غلامه، فالتقوا، فقتل بشيرًا، وانهزم جُنده، فندب المُكْتَفِي أبا الأغر في عشرة آلافٍ، وجهزه لحربهم1. حصار القَرْمَطيّ دمشق: ثُمَّ سار القَرْمَطيّ فحاصر دمشق، وبها طُغْج بن جف، فضعف عن مقاومة القرامطة2. صرف المُكْتَفِي عن السكن بسامراء: وفيها خرج المُكْتَفِي من بغداد يريد سامراء ليسكن بها، فصرفه الوزير عن ذَلِكَ وَقَالَ: نحتاج إلى غرامات كثيرة، فعاد إلى بغداد3. إقامة الحُسَيْن مقام أخيه يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه: وَلَمَّا قتل الكلبُ يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه على حصار دمشق أقاموا مقامه أخاه الحُسَيْن. مسير المُكْتَفِي إلى المَوْصِل لحرب القرامطة: وفيها عسكر المُكْتَفِي وسار إلى المَوْصِل في رمضان لحرب القرامطة، وتقدّم أمامه إلى حرب الحُسَيْن أبو الأغرّ، فنزل بوادي بطنان، فكسبهم على غِرة صاحبُ الشامة القَرْمَطيّ، فقتل منهم خلقًا، وهرب أبو الأغرّ في ألف رجلٍ إلى حلب، وقُتل تسعة آلاف، وتبعهم صاحب الشامة، فحاربه أبو الأغر على باب حلب، ثُمَّ تحاجزوا؛ ووصل المُكْتَفِي إلى الرّقّة، وسرح الجيوش إلى القرمطي4.   1 تاريخ الطبري "10/ 97"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 38"، البداية والنهاية "11/ 96"، النجوم الزاهرة "3/ 130". 2 تاريخ الطبري "10/ 97". 3 تاريخ الطبري "10/ 98"، المنتظم "6/ 38". 4 تاريخ الطبري "10/ 103، 104"، المنتظم "6/ 39"، الولاة والقضاة للكندي "243". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 28 هزيمة القَرْمَطيّ أمام بدر الحمامي: وفي رمضان وصل القَرْمَطيّ أَيْضًا إلى دمشق، فخرج لقتاله بدر الحمامي صاحب ابن طولون فهزم القَرْمَطيّ، ووضع في أصحابه السيف وهرب الباقون في البادية، وبعث المُكْتَفِي في أثر صاحب الشامة الحُسَيْن بن حَمْدَان والقوّاد1. وَقِيلَ: إنما كانت الوقعة بين بدر والقرمطي بأرض مصر، وأن القَرْمَطيّ انهزم إلى الشام في نفرٍ يسير، فسار على الرَّحْبة وهيت، فنهب وسبى، ومضى إلى الأهواز. مقتل يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه القَرْمَطيّ: وفيها قُتل أبو الْقَاسِم يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه بن مهرويه القَرْمَطيّ المعروف بالشيخ، وبالمُبَرْقَع. وكان يسمي نفسه كذِبًا وبُهْتانًا: عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين، وكان من دعاة القرامطة2. قيل: إن بدر الحمامي لقيه بحوران فِي هذه السنة، فاقتتلوا قتالًا عظيما، فقتل، فقام أخوه موضعه. وكان سبب قتله أن بربريًا رماه بمِزْراقٍ، واتبعه نفّاط فأحرقه بالنار في وسط القتال، فنصب أصحابه أخاه الحُسَيْن بن زَكْرَوَيْه، ويسمى بصاحب الشامة، وزعم بكذبه أَنَّهُ: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بن الصادق جعفر، وأظهر شامةً في وجهه يزعم أنها آيته، وجاءه ابن عمّه عيسى بن مهرويه وزعم أَنَّهُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بن جعفر، ولقبّه المدثر، وعهد إليه، وزعم أَنَّهُ المُعين في السُّورة. ولقب غلامًا له المطوّق بالنُّور، وظهر على دمشق وحمص والشام، وعاث وأفسد، حَتَّى قتل الأطفال وسبى الحريم، وتسمى أمير المؤمنين المهدي، ودُعي له على المنابر3. وكان ليحيى بن زَكْرَوَيْه شعرٌ جيد في الحماسة والحرب. والله أعلم.   1 تاريخ الطبري "10/ 104". 2 تاريخ الطبري "10/ 99"، البداية والنهاية "11/ 96". 3 تاريخ الطبري "10/ 95، 96"، البداية والنهاية "11/ 96"، النجوم الزاهرة "3/ 104-106". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 29 تراجم رجال هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن فيل1. أبو الحَسَن البالسي، نزيل أنطاكية. سَمِعَ: أبا جعفر النُّفَيْلِيَّ، وأبا توْبة الحلبي، والمُعافى بن سُلَيْمَان، وعبد الوهاب بن نجدة، وسليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وطائفة. وعنه: أبو عوانة، وحاجب بن أركين، وأبو سَعِيد بن الأعرابي، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسيّ، وسليمان الطَّبَرَانيّ، وطائفة. وقد روى عنه النسائي في حديث مالك تأليفه. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين، وَهُوَ والد صاحب الجزء المشهور أبي طاهر الحَسَن بن أَحْمَد. 2- أَحْمَد بن إبراهيم2. أبو جعفر الأصبهاني الغسال، والد القاضي أبي أَحْمَد الحَافِظ. سَمِعَ: إسْمَاعِيل بن عَمْرو البجلي، وسهل بن عُثْمَان العسكري. وعنه: ابنه. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 3- أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن فروة3. أبو عبد الله اللَّخْمي القُرْطُبيّ. له رحلة إلى العراق. سَمِعَ بمصر من: عبد الغني بن أبي عقيل، وغيره. وبالعراق من: عُبَيْد الله القواريري، وبندار.   1 الثقات لابن حبان "8/ 44"، تهذيب الكمال "1/ 247-249"، تهذيب التهذيب "1/ 9، 10". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 100"، لأبي نعيم. 3 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 23". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 30 وعنه: أحمد بن خالد بن الحباب، ومحمد بن عبد الله بن أعيْن. وكان شيخًا مُغَفَّلًا. عاش تسعين سنة، ومات سنة تسعين ومائتين. 4- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بكار1. أبو عبد الملك القُرشي العامري البُسْريّ الدِّمَشْقِيّ، من ولد بَسر بن أبي أرطأة. سَمِعَ: أبا الجماهر محمد بن عُثْمَان، وَمحمد بن عائذ، وجدّه محمد بن عبد الله، وجماعة. وعنه: ن. وَقَالَ: لا بأس به، وابن جَوصا، وأبو عوانة، وعليّ بن أبي العَقِب، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. مات في شوال سنة تسعٍ وثمانين. سمعنا من طبقة مغازي ابن عائذ. 5- أَحْمَد بن مِلحان2. أبو عبد الله البلْخي الأصل البغداديّ. سَمِعَ من: يَحْيَى بن عبد الله بن بُكَيْر، وغيره. وعنه: أبو بكر الشافعي، وابن قَانع، والطَّبَرَانيّ، وأبو بكر جلاد، وجماعة. ووثَّقه الدارقطني. مات سنة تسعين ومائتين. 6- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن صالح3. أبو بكر البغدادي. عن: مسلم بن إِبْرَاهِيم، وجنْدل بن والق، وَقُرَّةَ بن حبيب، وطبقتهم.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 9"، تهذيب الكمال "1/ 252-254"، تهذيب التهذيب "1/ 11". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 44"، تاريخ بغداد "4/ 11". 3 الجرح والتعديل "1/ 41"، تاريخ بغداد "4/ 28، 29". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 31 وعنه: ابن مَخْلَد، وأبو جعفر بن البَخْتَرِيّ، وعبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ، وأبو عَمْرو بن السَّمَّاك. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه أنا وأبي، وَهُوَ صدوق. أثنى عليه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفِّي في أول سنة إحدى وثمانين. 7- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن واضح1. أبو جعفر المصري العسال. عن: سَعِيد بن أبي مريم، وجماعة. وعنه: أبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في صفر سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. 8- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نُبَيْط الأشجعي2. صاحب النسخة المشهورة الموضوعة. روى عن: أبيه؛ وزعم أَنَّهُ وُلد سنة سبعين ومائة. وعنه: أَحْمَد بن محمد البيروتي، وأحمد بن الْقَاسِم بن الزيات، والطَّبَرَانيّ، وغيرهم. قَالَ أبو سَعِيد بن يونس: تُوُفِّي بمصر سنة سبع وثمانين. وَهُوَ كوفي قدم مصر، وكان بالجيزة. 9- أَحْمَد بن إِسْحَاق البلدي الخشّاب3. عن: عفان بن مُسْلِم، وعبد الله بن جعفر الرقي، وغيرهما. وعنه: أبو القاسم الطبراني.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 25". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 30"، ميزان الاعتدال "1/ 39"، لسان الميزان "1/ 136". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 14". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 32 10- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن يزيد الرقي الخشّاب1. عن: عُبَيْد بن جِناد الحلبي. وعنه: الطَّبَرَانيّ أَيْضًا وَهُوَ أصغر من البلدي الذي قبله. 11- أَحْمَد بن إِسْحَاق الصدفي المصري2. روى عَن: عَمْرو بن الربيع بن طارق. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وغيره. 12- أَحْمَد بن إسْمَاعِيل العَدَويّ البصْري3. روى عن: عَمْرو بن مرزوق، وطبقته. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 13- أَحْمَد بن إسْمَاعِيل الوساوسي البصري4. عن شَيْبَان بن فَرُّوخ. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 14- أَحْمَد بن أصرم بن خُزَيْمَة5. أبو العَبَّاس الْمُغَفَّلِيُّ المُزَنِيّ البصري. حدَّث بدمشق عن: أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بن معين، وعبد الأعلى بن حمدان، والقواريري. وعنه: أبو عَوَانة، وأبو جعفر النُّفَيْلِيُّ، وأبو بكر النجاد، وأبو عبد الله بن مروان، وجماعة. قَالَ أبو بكر الخلال: هُوَ ثقة، كتبنا عن المروزي، عنه.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 14"، ومسند الشاميين "1/ 41". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 21". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 52". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 56". 5 الجرح والتعديل "1/ 42"، تاريخ بغداد "4/ 44"، طبقات الحنابلة "1/ 22". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 33 وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وَسَمِعْتُ موسى بن إِسْحَاق القاضي يُعظّم شأنه ويرفع منزلته. قُلْتُ: كان صاحب سنة، شديدًا على المُبتدِعة. تُوُفِّي في جُمَادَى الأولى سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 15- أَحْمَد بن بحر الدِّمَشْقِيّ. سَمِعَ من: ابن عُثْمَان. وعنه: الطَّبَرَانيّ فقط. 16- أَحْمَد بن بِشْر المَرْثَدِيّ1. أبو عَليّ البغدادي. عن: عَليّ بن الْجَعْد، والهيثم بن خارجة، وجماعة. وعنه: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وأبو بكر الشافعي، وجماعة. وثّقه ابن المنادى وَقَالَ: مات سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 17- أَحْمَد بن الحَسَن بن مُكرَم البغدادي2. سَمِعَ: عَليّ بن الْجَعْد. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وابن قانع. وكان بزّازًا. 18- أَحْمَد بن جعفر3. أبو عَليّ الدَّيْنَوَري النَّحْوِيّ تلميذ أبي عُثْمَان المازني. أخذ عن: المازني كتاب سيبويه. وسكن مصر وأفاد أهلها.   1 تاريخ بغداد "4/ 54". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 36"، تاريخ بغداد "4/ 80". 3 معجم الأدباء "2/ 239، 240"، بغية الوعاة للسيوطي "1/ 301". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 34 وكان روح بيت تغْلب؛ وله مصنّف في النحو. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. 19- أَحْمَد بن الحُسَيْن بن مدرك القصْري1. عن: أبي شُعَيْب السوسي، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَد الواسطي المقرئ. وعنه: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة تسعين. وعنه أيضا: الطَّستي، وعمر بن الحَسَن الشيباني. وكان بقصر ابن هُبَيْرَة. 20- أَحْمَد بن الحُسَيْن. أبو الفضل النَّيْسَابُوري المُسْتَمْلِي. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه؛ واستملى على إسحاق. وعنه: محمد بن صالح هانئ، وَمحمد بن يعقوب، والأخرم، وآخرون. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 21- أَحْمَد بن حَمَّاد بن سفيان2. وأبو عبد الرحمن الكوفي الفقيه. ولي قضاء المِصَّيْصَة. وروى عن: أبي بلال الأشعري، ويزيد بن عَمْرو الغنوي، وأبي بكر بْن أَبِي شَيْبة، وَمحمد بْن عَبْد اللَّه بن عمار. وارتحل إلى مصر فلقي أصحاب ابن وهْب. قَالَ الخليلي: صالحٌ في الحديث، له معرفة. وَقَالَ: مات سنة ثمان وثمانين.   1 المعجم الصغير "29"، مسند الشاميين "1/ 8"، تاريخ بغداد "4/ 96، 97". 2 تاريخ بغداد "4/ 124". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 35 قُلْتُ: روى عنه: أبو الحَسَن القطّان، وابن قانع، وَمحمد بن عَليّ بن حُبيش، وآخرون. مات بالمِصَّيْصَة. 22- أَحْمَد بن حمدون. أبو نصر المَوْصِليّ الخفّاف. عن: مُعَلَّى بن مهدي، وَمحمد بن عبد الله بن عمار، وأحمد بن السّكن، وغيرهم. وعنه: يزيد بن محمد في تاريخه. وَقَالَ: كان صاحب حديث حسن الحفظ. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 23- أَحْمَد بن خالد بن يزيد الآجري. أبو بكر، وسمّاه أبو بكر الشافعي: محمدا. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وعفان، وجماعة. وعنه: الشافعي، وعثمان بن السَّمَّاك، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 24- أَحْمَد بن خالد الدامغاني. نزير نَيْسَابُور. عن: أبي مصعب الزهري، وداود بن رشيد، وجماعة. وعنه: أبو حماد بن الشرقي، وَمحمد بن الأخرم، ودعْلج، وجماعة. وله رحلة إلى الشام، ومصر، والعراق. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 25- أَحْمَد بن خُشنام الأصبهاني1.   1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 98". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 36 عن: بكر بن بكار، والحسين بن حفص، وجماعة. تُوُفِّي في عام أربعٍ وثمانين. وثّقه ابن مردويه. حدّث عنه: أَحْمَد بن محمد بن عاصم. وَقَالَ ابن الشيخ: كانت فيه غفْلة. 26- أَحْمَد بن خطاب الأصبهاني1. عن: طالوت بن عباد. وعنه: عبد الله بن محمد القباب، وغيره. 27- أَحْمَد بن خُليد2. أبو عبد الله الكِنْدي الحلبي. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وأبا اليمان، والوُحَاظي، والحميدي، وَمحمد بن عيسى الطباع، وزُهير بن عبّاد، وطبقتهم. وله رحلة واسعة، ومعرفة جيدة. روى عنه: عَليّ بن أَحْمَد المِصِّيصِيّ، وأحمد بن مروان الدَّيْنَوَري، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وآخرون. 28- أحمد بن داود3. وأبو حنيفة الدَّيْنَوَري النحوي صاحب ابن "السِّكِّيت" ثقة، بارع الأدب، كثير الفنون، كبير الدائرة، طويل النفس. له مصنفات في العربية واللُّغة والهندسة والهيئة، والوقت، وغير ذلك. ذكر الوزير القفطي وَقَالَ: تُوُفِّي لأربعٍ بقين من جماعة الأولى سنة اثنتين وثمانين ومائتين.   1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 103". 2 الثقات لابن حبان "8/ 53". 3 مروج الذهب للمسعودي "285، 1327"، معجم الأدباء "3/ 26"، البداية والنهاية "11/ 72". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 37 29- أَحْمَد بن داود بن موسى1. أبو عبد الله السَّدُوسي البَصْرِيّ، ثُمَّ المالكي، نزيل مصر. حدَّث عن: عبد الله بن أبي بكر العتكي، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وجماعة. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وغيره. قَالَ ابن يونس: ثقة. تُوُفِّي في صفر سنة اثنتين أَيْضًا. 30- أَحْمَد بن داود السمناني2. عن: أبي بكر بن أبي شَيْبَة، وَمحمد بن حميد الرازي. تُوُفِّي سنة تسعين. 31- أَحْمَد بن دبيس المَوْصِليّ. عن: غسان بن الربيع، وَمُعَلَّى بن مهدي. يروي عنه: يزيد في تاريخه. وَقَالَ: مات سنة تسعٍ وثمانين. 32- أَحْمَد بن ربيعة بن سُلَيْمَان بن زُفَر. والد القاضي عبد الله بن زُفَر. سَمِعَ: إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن زُفَر، وَمحمد بن المُثَنَّى، وجماعة. وعنه: ابنه. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 33- أَحْمَد بن رضوان بن أَحْمَد الْبُخَارِيُّ. سَمِعَ: أبا حفص أحمد بن حفص، ومحمد بن سلام البيكندي، وغيرهما. مات سنة ست أيضًا.   1 المنتظم لابن الجوزي "5/ 151". 2 تاريخ جرجان للسهمي "199". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 38 34- أَحْمَد بن رواع. أبو الحَسَن الأيدغاني المصري. روى عن: يحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، وجماعة. وكان كريمًا جوادًا ثقة. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين، قَالَه ابن يونس. 35- أَحْمَد بن روح بن زياد1. أبو الطيب الشَّعْرَانِيّ البغدادي. له مصنّفات في الزهد وغير ذَلِكَ. روى عن: عبد الله بن خُبَيْق الأنطاكي، وَمحمد بن حرب النَّسَائِيُّ، وَالحَسَن الزَّعْفَرَانِيّ. وأقام بإصبهان. روى عنه: أبو أَحْمَد العسال، وَأَحْمَد بن بُنْدَار الشعار، والطَّبَرَانيّ. وإنما سَمِعَ منه الطَّبَرَانيّ ببغداد. 36- أَحْمَد بن زياد بن مهران2. أبو جَعْفَر البغدادي البزاز السمسار. عن: سُلَيْمَان بن حرب، وزكريا بن عَدِيّ، وأبي نُعَيْم، ومعاوية، وطائفة. وعنه: أَحْمَد بن عُثْمَان الآدمي، وَمحمد بن نجيح، وأبو عَمْرو الزاهد، وغيرهم. وكان شاهدًا مُعدّلًا صدوقًا. تُوُفِّي في صفر سنة إحدى وثمانين ومائتين. 37- أَحْمَد بن زياد الرَّقِّيّ الحداد3. روى عن: حجاج الأعور.   1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 110"، تاريخ بغداد "4/ 159". 2 تاريخ بغداد "4/ 164". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 24". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 39 وَهُوَ من كبار شيوخ الطَّبَرَانيّ. 38- أَحْمَد بن سَلَمَةَ بن عبد الله1. أبو الفضل النَّيْسَابُوري البزاز الْمُعَدَّلُ الحَافِظ. رفيق مُسْلِم في الرحلة إلى قُتَيْبَة وإلى البصرة، جمع له مُسْلِم الصحيح على كتابه. سَمِعَ: قُتَيْبَة، وابن راهَوَيْه، وَمحمد بن مهران، وأبا كُريب، وَمحمد بن حميد، وعبد الله بن معاوية، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وَأَحْمَد بن منيع، وطبقتهم فأكثر. روى عنه: ابن وراة، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم وَهُوَ أكبر منه؛ وأبو حامد بن الشرقي الحَافِظ، وَيَحْيَى بن منصور القاضي، وَسُلَيْمَان بن محمد بن ناجية، وعَليُّ بن عيسى، وأبو الفضل الهاشمي. تُوُفِّي في غزة جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وثمانين. قَالَ أبو الْقَاسِم النصراباذي: رأيت أبا عَليّ الثقفي في النوم فَقَالَ: عليك بصحيح أَحْمَد بن سلمة. 39- أَحْمَد بن سُلَيْمَان بن أبي الربيع الأندلسي الفقيه2. روى عن: سحنون، وَسَعِيد بن حسان، والحارث بن مسكين، وغيرهم. ورحل إلى مصر. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين بحاضرة إلبيرة من الأندلس. 40- أَحْمَد بن سهل بن الربيع بن سُلَيْمَان الجهني3. مولاهم الأصمعي. عن: يَحْيَى بن بكير، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَان الجعفري، وَإِبْرَاهِيم بن الغمد. توفي سنة إحدى وثمانين.   1 الجرح والتعديل "1/ 54"، ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 199"، تاريخ بغداد "4/ 186، 187". 2 تاريخ بغداد "4/ 187". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 25، 26". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 40 41- أَحْمَد بن سهل1. أبو حامد الإسفرائيني. عن: أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاق، وعَليِّ بن حجر، وعبدان، وابن أبي حاتم، وَقَالَ: صدوق. 42- أَحْمَد بن سهل البلخي2. الفقيه حَمْدَان. عن: الْقَعْنَبِيِّ، ومسلم بن إِبْرَاهِيم. وَهُوَ صدوق. تفقّه عليه: محمد بن عقيل البلخي. ولعله مات قبل هَذَا الوقت. 43- أَحْمَد بن سهل بن بحر النَّيْسَابُوري. عن: داود بن رشيد، ودحيم، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وطبقتهم. وله رحلة إلى الشام والعراق. وروى عنه: محمد بن صالح بن هانئ، وعبد الله بن الأخرم. وكان ابن الأخرم يعتمده أيّ اعتماد. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 44- أَحْمَد بن صالح بن عبد الصمد بن أبي خداش. أبو جَعْفَر المَوْصِليّ. عن: جده لأمه محمد بن عَليّ، وغسان بن الربيع. وعنه: يزيد بن محمد الأزدي. توفي سنة خمس وثمانين.   1 الجرح والتعديل "1/ 54"، طبقات الحنابلة "1/ 47". 2 الجرح والتعديل "1/ 54". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 41 وكان رجلًا صالحًا صدوقًا. 45- أَحْمَد بن الضوء بن المنذر الشيباني النجدي. تُوُفِّي بكرمينية في صفر سنة اثنتين أَيْضًا. 46- أَحْمَد المُعْتَضِد بالله1. أمير المؤمنين أبو العَبَّاس ابن ولي العهد أبي أَحْمَد طلحة الموفق بالله ابن المتوكل على الله جَعْفَر بن المُعْتَضِد بن الرشيد الهاشمي العباسي. ولد في ذي القِعْدَة سنة اثنتين وأربعين ومائتين في دولة جده، وقدم دمشق سنة إحدى وسبعين لحرب خُمَارَوَيْه الطولوني؛ فالتقوا على حمص، فهزمهم أبو العَبَّاس، ثُمَّ دخل دمشق ومر بباب البريد، فالتفت ينظر إلى الجامع، فَقَالَ: أي شيء هَذَا؟ قَالُوا: الجامع. ثُمَّ نزل بظاهر دمشق بمحلة الراهب أيامًا، وسار فالتقى خُمَارَوَيْه عند الرملة. واستخلف بعد عمه المعتمد في رجب سنة تسع وسبعين. وكن ملكًا شجاعًا مهيبًا، أسمر نحيفًا، معتدل الخلق، ظاهر الجبروت، وافر العقل، شديد الوطأة، من أفراد خلفاء بني العَبَّاس. كان يقوم على الأسد وحده لشجاعته. قَالَ المسعودي: كان المُعْتَضِد قليل الرحمة؛ قِيلَ إِنَّهُ كان إِذَا غضب على قائد أمر بأن يحفر له حفيرة ويُلقى فيها، ويُطم عليه. قَالَ: وكان ذا سياسة عظيمة. وعن عبد الله بن حمدون أن المُعْتَضِد تصيد فنزل إلى جانب مقثأة وأنا معه، فصاح الناطور، فَقَالَ: عَليّ به. فأُحضر فسأله، فَقَالَ: ثلاثة غلمان نزلوا المقثأة فأخربوها، فجيء بهم فضربت أعناقهم في المقثأة من الغد. فكلمني بعد مدة وَقَالَ: أصدقني فيما ينكر علي الناس. قلت: الدماء.   1 تاريخ الطبري "9/ 530، 540، 544"، سير أعلام النبلاء "13/ 463-479"، تاريخ الخلفاء "49، 50"، البداية والنهاية "11/ 66، 86-94"، شذرات الذهب "2/ 199-201". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 42 قَالَ: والله ما سفكت دمًا حرامًا منذ وليت. قُلْتُ: فلم قتلت أَحْمَد بن الطيب؟ قَالَ: دعاني إلى الإلحاد. قُلْتُ: فالثلاثة الذين نزلوا المقثأة؟ قَالَ: والله ما قتلتهم، وإنما قتلت لصوصًا قد قتلوا، وأوهمت أَنَّهُم هم. وَقَالَ البَيْهَقِيّ، عن الحاكم، عَنْ أَبِي الوليد حسّان بْن محمد الفقيه، عن أبن شريح، عن إسْمَاعِيل القاضي قَالَ: دخلت على المُعْتَضِد، وعلى رأسه أحداث صباح الوجوه روم، فنظرت إليهم، فرآني المُعْتَضِد أتأملهم، فَلَمَّا أردت القيام أشار إليَّ ثُمَّ قَالَ: أيها القاضي، والله ما حللت سروالي على حرامٍ قط. ودخلتُ مرة، فدفع إليَّ كتابا، فنظرت فيه، فَإِذَا قد جمع له فيه الرخص من ذَلِكَ العلماء، فقلت: مصنف هذا زنذيق. فَقَالَ: ألم تصح هذه الأحاديث؟ قُلْتُ: بلى، ولكن من أباح المُسكر لم يبح المُتعة، ومن أباح المتعة لم يُبح الغناء، وما من عالم إِلا له زلة، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه، فأمر بالكتاب فأُحرق. وَقَالَ أبو علي المحسن التنوخي: بلغني عن المُعْتَضِد أَنَّهُ كان جالسًا في بيتٍ يُبنى له، فرأى في جملتهم أسود منكر الخلقة يصعد على السلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعفا ما يحملونه، فأنكر أمره، فأحضره وسأله عن سبب ذَلِكَ، فتلجلج. وكلمه ابن حمدون فيه وقال: من هَذَا حَتَّى صرفت فكرك إليه؟ قَالَ: قد وقع في خلدي أمر ما أحسبه باطلًا. ثُمَّ أمر به فضرب مائة، وتهدد بالقتل ودعا بالنطع والسيف، فَقَالَ: لي الأمان؟ قَالَ: نعم. فَقَالَ: أنا أعمل في أتون الآجر، فأتى عَليّ منذ شهور رجل في وسطه هميان، فتبعته، فجلس بين الآجر ولا يعلم بي، فحل هميانه1 وأخرج دنانير، فوثبت عليه وسددت فاه، وكتفته وألقيته في الأتون، والدنانير معي يقوى بها قلبي.   1 الهيمان: كيس النقود من جلد. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 43 فاستحضرها فإذا على الهيمان اسم صاحبه، فأمر فنودي في البلد، فجاءت امرأة فَقَالَتْ: هُوَ زوجي، ولي منه طفل، فسلم الذهب إليها، وَهُوَ ألف دينار، وضرب عنق الأسود. قَالَ: وبلغني عن المُعْتَضِد أَنَّهُ قام في الليل فرأى بعض الغلمان المردان قد وثب على غلام أمرد، ثُمَّ دب على أربعة حَتَّى اندسّ بين الغلمان. فجاء المعتضد فوضع يده على فؤاد واحد واحد حَتَّى وضع يده على ذَلِكَ الفاعل، فَإِذَا به يخفق، فوكزه برجله فجلس، فقتله. قَالَ: وبلغنا عنه أَنَّ خادمًا له أتاه فأخبره أَنَّ صيادًا أخرج شبكته، وَهُوَ يراه، فثقلت، فجذبها، وَإِذَا فيها جراب، فظنه مالًا، ففتحه فإذا فِيهِ آجر، وبين الآجر يدٌ مخضوبة بحناء. وأحضر الْجُراب. فهال ذَلِكَ المُعْتَضِد، فأمر الصياد، فعاود طرح الشبكة، فخرج جرابٌ آخر فيه رجل. فَقَالَ: معي في بلدي من يقتل إنسانًا ويقطع أعضاءه ولا أعلم به؟ ما هَذَا مُلك. فلم يُفطر يومه، ثُمَّ أحضر ثقةً له وأعطاه الجراب وَقَالَ: طُف به على من يعمل الْجُرب ببغداد فسل لمن باعه. فغاب الرجل وجاء، فذكر أَنَّهُ عرف بائعه بسوق يَحْيَى، وأنه اشترى منه عطار جرابًا، فذهب إليه فَقَالَ: نعم، اشترى مني فلان الهاشمي عشرة جرب، وَهُوَ ظالم من أولاد المهدي. وذكر من أخباره إلى أن قَالَ: يكفيك أَنَّهُ كان يعشق جارية مغنية لإنسان، فاكتراها منه، وادعى أنها هربت. فَلَمَّا سَمِعَ المُعْتَضِد سجد لله شكرًا، وأحضر الهاشمي، فأخرج إليه اليد والرجل، فامتقع لونه واعترف. فأمر المُعْتَضِد بدفع ثمن الجارية إلى صاحبها، ثُمَّ سجن الهاشمي. ويقال: إنه قتله. قَالَ التنوخي: وثنا أبو محمد بن سُلَيْمَان: حَدَّثَنِي أبو جَعْفَر بن حمدون؛ حَدَّثَنِي عبد الله بن أَحْمَد بن حمدون قَالَ: كنت قد حلفت لا أعقد مالًا من القمار، ومهما حصل صرفته في ثمن شمع أو نبيذ أَوْ خدر مغنية. فقمرت المُعْتَضِد يومًا سبعين ألفًا، فنهض يصلي سنة العصر، فجلست أفكر أندم الجزء: 21 ¦ الصفحة: 44 على اليمين، فَلَمَّا سلّم قَالَ: في أي شيء فكرت؟ فما زال بي حَتَّى أخبرته. فَقَالَ: وعندك أني أعطيك سبعين ألفًا في القمار؟ قلت له: فتضعوا؟ قَالَ: نعم، قم ولا تفكر في هَذَا. ثُمَّ قام يصلي، فندمت ولُمت نفسي لكوني أعلمته، فَلَمَّا فرغ من صلاته قَالَ: أصدقني على الفكر الثاني؛ فصدقته. فَقَالَ: أما القمار فقد قُلْتُ إني ضغوت، ولكن أهب لك من مالي سبعين ألفًا. فقبلت يده وقبضت المال. وَقَالَ ابن المحسن التنوخي، عن أبيه: رأيت المُعْتَضِد وعليه قباء اصفر، وكنت صبيًا، وكان خرج إلى قتال وصيف بطرسوس. وعن خفيف السَّمَرْقَنْدِيّ قَالَ: خرجت مع المُعْتَضِد للصيد، وقد انقطع عنا العسكر، فخرج علينا أسد فَقَالَ: يا خفيف أفيك خير؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: ولا تُمسك فرسي؟ قُلْتُ: بلى. فنزل وتحزم وسل سيفه وقصد الأسد، فقصده الأسد، فتلقاه المُعْتَضِد بسيفه قطع يده، فتشاغل الأسد بها، فضربه ففلق هامته، ومسح بسيفه في صوفته وركب. قَالَ: وصحبته إلى أن مات، فما سمعته يذكر ذَلِكَ لقلة احتفاله بما صنع. قُلْتُ: وكان المُعْتَضِد يبخل ويجمع المال، وقد ولي حرب الزنج وظفر بهم، وفي أيامه سكنت الفتن لفرط هيبته. وكان غلامه بدر على شرطته، وعبيد الله بن سُلَيْمَان على وزارته، وَمحمد بن سياه على حرسه، وكانت أيامه أيامًا طيبة كثيرة الأمن والرخاء. وكان قد أسقط المكوس، ونشر العدل، ورفع الظلم عن الرعية. وكان يُسمى السفاح الثاني، لأنه جدد ملك بني العَبَّاس، وكان قد خلق وضعف وكاد يزول. وكان في اضطراب من وقت موت المتوكل. وبلغنا أَنَّهُ أنشأ قصرًا أنفق عليه أربعمائة ألف دينار. وكان مزاجه قد تغير من كثرة إفراطه في الجماع وعدم الحمية بحيث أَنَّهُ أكل في علته زيتونًا وسمكًا. ومن عجيب ما ذكر المسعودي إن صح قَالَ: شكوا في موت المُعْتَضِد، فقدم الجزء: 21 ¦ الصفحة: 45 الطبيب فجس نبضه، ففتح عينه ورفس الطبيب برجله فدحاه أذرعًا، فمات الطبيب، ثُمَّ مات المُعْتَضِد من ساعته. وعن وصيف الخادم قَالَ: سَمِعْتُ المُعْتَضِد يَقُولُ عند موته: تَمَتَّع من الدُّنْيَا فَإِنَّك لا تبقى ... وَخُذْ صفوها ما إن صفت ودع الرَّنْقا ولا تأمننَّ الدَّهْر إني أمنتُهُ ... فلم يُبق لي حالًا ولم يَرْع لي حقّا قتلت صناديدَ الرِّجال فلم أدَعْ ... عدوًا ولم أُمهل على ظِنة خلقا وأخليت دور الملك من كل بازل ... وشتتتهم غربًا ومزَّقْتُهم شرقا فَلَمَّا بلغتُ النَّجم عِزًّا ورِفعةً ... ودانت رقابُ الخلقِ أجمعٍ لي رقّا رماني الرَّدَى سهمًا فأخمد جمرتي ... فها أنذا في حُفْرتي عاجلًا مُلْقى فأفسدت ديني ودُنْيَاي سفاهةً ... فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى فيا ليت شعري بعد موتي ما أرى ... إلى نعمة الله أم ناره ألقى وَقَالَ الصولي: ومن شعر المُعْتَضِد: يا لاحظي بالفتور والدعج ... وقاتلي بالدلال والغنج أشكو إليك الذي لقيت من الـ ... ـوجد فهل لي إليك من فرج حللت بالظرف والجمال من النْـ ... ـنَاس محل العيون والمهج ذكر المُعْتَضِد من تاريخ الخطبي: قَالَ: كان أبو العَبَّاس محبوسًا، فَلَمَّا اشتدت علة أبيه الموفق عمد غلمان أبي العَبَّاس فأخرجوه بلا إذن، فأدخلوه عليه، فَلَمَّا رآه أيقن بالموت. قَالَ: فبلغني أَنَّهُ قَالَ: لهذا اليوم خبأتك، وفوض الأمور إليه. وضم إليه، وخلع عليه قبل موته بثلاثة أيام. قَالَ: وكان أبو العَبَّاس شهما جلدًا رجلًا بازلًا، موصوفًا بالرجولة والجزالة، قد لقي الحروب وعُرف فضله، فقام بالأمر أحسن قيام، وهابه النَّاس ورهبوه أعظم رهبة. وعقد له المعتمد العقد أَنَّهُ مكان أبيه، وأجرى أمره عَلَى ما كَانَ أَبُوهُ الموفق الجزء: 21 ¦ الصفحة: 46 بالله، ورسم في ذَلِكَ، ودعي له بولاية العهد على المنابر، وجعل المعتمد ولده جميعًا تحت يد أبي العَبَّاس، ثُمَّ جلس المعتمد مجلسًا عامًا، أشهد فيه على نفسه بخلع ولده المفوض إلى الله من ولاية العهد، وإفراد المُعْتَضِد أبي العَبَّاس بالعهود في المحرّم سنة تسعٍ وسبعين، وَتُوُفِّي في رجب من السنة يعني المعتمد فَقِيلَ إِنَّهُ غُمّ في بساط حَتَّى مات. قَالَ: وكانت خلافة المعتضد تسع سنين وتسعة أشهر وأيامًا، وكان أسمر نحيفًا، معتدل الخلق، أقنى الأنف، إلى الطول ما هُوَ، في مقدم لحيته امتداد، وفي مقدم رأسه شامة بيضاء، تعلوه هيبة شديدة، رأيته في خلافته. وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن عرفة: تُوُفِّي المُعْتَضِد يوم الإثنين لثمانٍ بقين من ربيع الآخر سنة تسعٍ وثمانين، ودفن في حجرة الرُّخام، وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضي. قُلْتُ: بويع بعده ابنه المُكْتَفِي بالله بن أَحْمَد، وأبطل كثيرًا من مظالم أبيه؛ ورثاه الأمير بن المعتز الهاشمي بهذه الأبيات. يا ساكنَ القبرِ في غبراءَ مُظلمةٍ ... بالظَّاهرية مُقْصى الدار مُنْفردا أين الجيوش التي كنت تسحبُها ... أين الكنوزُ التي أحصيتُها عددا أين السريرُ الذي قد كنت تملؤُه ... مَهَابةً مَنْ رأتْهُ عينُهُ ارْتَعَدا أين الأعادي الأُولي ذلّلْتَ مَصْعَبهم ... أين اللُّيُوثُ التي صَيَّرتَها نقدًا أين الجياد التي حجَّلتها بدمٍ ... وكنَّ يحملن منك الضَّيغم الأسدا أين الرِّماح التي غذَّيْتها مُهَجًا ... مُذْ مِتَّ ما وردت قلبا ولا كبدا أين الجنان التي تجري جَدَاولُها ... ويستجيب إليها الطائر الغردا أين الوصائفُ كالغزلان رائحةً ... نُسِجَتْ من حُلَلِ مَوْشِيّةٍ جُدُدا أين الملاهي وأين الراح تحسبها ... ياقوتةً كُسيت من فِضَّةٍ زردا أين الْوُثُوبُ إلى الأعداء مُبْتَغيًا ... صلاح مُلك بني العَبَّاس إذ فسدا ما زالت تقسر منهم كل قَسْوَرَةٍ ... وتَخْبطُ العالي الجبار معتمدا ثم انقضيت فلا عين ولا أثر ... حَتَّى كأنك يومًا لم تكن أحدا الجزء: 21 ¦ الصفحة: 47 47- أَحْمَد بن عبد العزيز المَوْصِليّ شُقلاق. عن: عاصم بن عَليّ، وخلف البزاز. أخذ عن خلف كتاب القراءات، وبقي إلى بعد الثمانين. ذكره يزيد بن محمد في تاريخه. 48- أَحْمَد بن عبد الوهاب الحوْطي. يُقَالُ: تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. وقد ذكر في الطبقة الماضية. 49- أحمد بن عبد القاهر بن العنبري اللَّخْمي الدِّمَشْقِيّ1. شيخ لا يُعرف. روى عن: منبه بن عُثْمَان. وعنه: الطَّبَرَانيّ. لم يُعرّفه ابن عساكر إِلا بهذا. 50- أَحْمَد بن عطية. عن: محمد بن مقابل، وسجّادة، وطبقتهما. وعنه: مُكرم بن أَحْمَد القاضي. 51- أَحْمَد بن عُثْمَان2. أبو عبد الرحمن النَّسَائِيُّ. من أقران مصنّف السنن. سَمِعَ بمصر والشام والعراق وخراسان من: قُتَيْبَة، وأبي مُصعب، وهشام بن عمار، وعيسى بن عباس، وطبقتهم.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 12". 2 الجرح والتعديل "1/ 63"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 390". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 48 وعنه: أبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله الأخرم، وَيَحْيَى بن منصور القاضي، وجماعة. وروى عنه القدماء: أبو بكر بن عاصم. قَالَ ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ منه وَهُوَ ثقة صدوق. وَقَالَ الحاكم: حدَّث بنيسابور سنة أربع وثمانين ومائتين. وقد روى الطَّبَرَانيّ، عن أَحْمَد بن عبد الرحمن بن بشار النَّسَائِيِّ: ثَنَا قُتَيْبَة فذكر حديثًا، وَهُوَ هُوَ إن شاء الله تعالى. 52- أَحْمَد بن عقبة بن مضرّس الأصبهاني1. نزيل الري. سمع: شيبان بن فروخ، وهُدبة بن خالد، وجماعة. وعنه: عبد الله بن فارس الأصبهاني. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وله ولد صالح عابد اسمه عُبَيْد الله، يروي عن الحَسَن بن عرفة. 53- أَحْمَد بن عَليّ الخزاز2. أبو جَعْفَر البغدادي المقرئ. سَمِعَ: هوذة بن خليفة، وشريح بن النُّعْمَان، وأُسيد بن زيد الجمال، وسعدويه، وَأَحْمَد بن يونس، وعاصم بن عَليّ، وطبقتهم. وعنه: ابن صاعد، وَجَعْفَر الخلدي، وابن السَّمَّاك، وأبو بكر الشافعي، وأحمد بن يوسف بن خلاد، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. تُوُفِّي في المحرّم سنة ستٍّ وثمانين.   1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 99". 2 تاريخ بغداد "4/ 303"، غاية النهاية "1/ 86، 87". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 49 وقد روى تلاوة عن هُبَيْرَة بن محمد التمار صاحب حفص الغاضري. حمل عنه الحروف: ابن مجاهد، وابن شَنَّبُوذ، وأحمد بن عجلان. وقد مرّ لنا: أَحْمَد بن عَليّ الخزاز الدِّمَشْقِيّ. كان ببغداد بعد الستين ومائتين. 54- أَحْمَد بن عللة الجوهري المَرْوَزِيّ. أبو العَبَّاس، والد عُمَر. سَمِعَ يَحْيَى بن يَحْيَى، وابن راهَوَيْه، والعُرني. سَمِعَ بالشام والحجاز. وعنه: ابنه عُمَر، وَإِبْرَاهِيم بن محمد السُّكَّري، وَمحمد بن سُلَيْمَان بن فارس، وغيرهم. واسم أبيه: عَليّ. 55- أَحْمَد بن عَليّ بن سهل بن عيسى بن نوح المَرْوَزِيّ ثُمَّ الدوري1. حدّث بمصر عن: عُبَيْد الله القواريري، وعَليِّ بن الْجَعْد، وَيَحْيَى بن معين، وخلف بن هشام البزار، وطائفة. وعنه: أبو يعقوب إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الأذْرعي، وعبد الله بْن جعفر بْن الورد، وأحمد بن إبراهيم بن الحداد، وغيرهم. 56- أَحْمَد بن عَليّ بن الحَسَن بن جابر البربهاري2. أبو العَبَّاس. سَمِعَ: عفان، وعاصم بن عَليّ، وَمحمد بن سابق، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "4/ 303، 304". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 118"، تاريخ بغداد "4/ 304". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 50 وعنه: عبد الصمد الطستي، وابن قانع، وعثمان بن محمد، وأبو أَحْمَد العسال، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. وثّقه الخطيب. 57- أَحْمَد بن عَليّ بن مُسْلِم1. أبو العَبَّاس الأبار الحَافِظ. نزل بغداد وحدّث عن: مسدد، وأُمية بن بسطام، وعَليِّ بن الْجَعْد، وشيبان بن فرُّوخ، ودحيم، وهشام بن عمار، وَمحمد بن المنهال، وخلق، بالشام والعراق وخراسان. وعنه: ابن صاعد، ودعلج، والنجاد، وأبو سهل بن زياد، وأبو بكر بن أَحْمَد بن جَعْفَر القطيعي، وخلق. قَالَ الخطيب: كان ثقة حافظًا متقنًا، حسن المذهب. تُوُفِّي يوم نصف شعبان سنة تسعين. وَقَالَ أبو سهل: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بايعت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ على إقامة الصَّلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكر. وَقَالَ جَعْفَر الخلدي: كان أَحْمَد الأبار من أزهد النَّاس. استأذن أمّه في الرحلة إلى قُتَيْبَة فلم تأذن، ثُمَّ ماتت، فخرج إلى خُرَاسَان، ثُمَّ وصل إلى بلْخ وقد مات قُتَيْبَة. وكانوا يعزّونه على هَذَا فَقَالَ: هَذَا ثمرة العلم، لأني اخترتُ رضى الوالدة. قَالَ أَحْمَد بن جَعْفَر بن سلم: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كنت بالأهواز، فرأيت رجلًا قد حفّ شاربه، وأظنه قد اشترى كُتُبًا، وتعيّن للفتوى، فذُكر له أصحاب الحديث فَقَالَ: ليسوا بشيء، وليس يسوُون شيئًا. فَقُلْتُ: أَنْتَ لا تُحسن تُصلي. قَالَ: أنا؟ قُلْتُ: نعم؛ أيش تحفظ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا افتتحت ورفعت يديك؟ فسكت.   1 تاريخ بغداد "4/ 306، 307"، طبقات الحنابلة "1/ 52"، سير أعلام النبلاء "13/ 443، 444". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 51 فَقُلْتُ: أيش تحفظ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سجدتَ؟ فسكت. فَقُلْتُ: ألم أقل لك إِنَّك لا تحسن الصَّلاة؟ أَنْتَ إنما قِيلَ لك تُصلي الغداة ركعتين، والظهر أربعًا، فالزم ذَلِكَ خيرٌ لك من أن تذكر أصحاب الحديث. قُلْتُ: وله تاريخ وتصانيف. 58- أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخْلد بن مُسْلِم1. القاضي أبو بكر الشيباني الحَافِظ الزاهد الفقيه، قاضي إصبهان بعد صالح ابن الإمام أَحْمَد. ولد في حياة جده، ولم يدرك السماع منه. وَسَمِعَ: أبا الوليد الطيالسي، وعمر بن مرزوق، وَمحمد بن كثير، وأبا سلمة التبوذكي، وَهُوَ جده لأمه، وأبا عَمْرو الحوضي، وهدبة بن خالد، والأزرق بن عَليّ، وأبا كامل الجحدري، وهشام بن عمار، ودحيمًا، وخلقًا كثيرًا بالبصرة، والكوفة، وبغداد، ودمشق، وحمص، والحجاز، والنواحي. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو العَبَّاس أَحْمَد بن بُنْدَار الشعار، وَأَحْمَد بن جَعْفَر معبد، وأبو الشيخ الحَافِظ، وَمحمد بن إِسْحَاق بن أيوب، وعبد الرحمن بن محمد سياه، وَمحمد بن أَحْمَد الكسائي، والقاضي أبو أَحْمَد العسال، وطائفة. وَقَالَ ابن أبي حاتم: صدوق. قُلْتُ: صنف كتابًا حافلًا في السنن، وقع لنا عنده كُتُب صغار منه. وكان فقيهًا إمامًا يُفتي بظاهر الأثر. وله قدمٌ في العبادة والورع والعلم. وقد ولي قضاء إصبهان ستة عشرة سنة، ثُمَّ صرف لشر وقع بينه وبين عَليّ بن متُّويه، وكانت كُتُبُه قد ذهبت بالبصرة في فتنة الزّنْج، وَقَالَ: لم يبق لي شيءٌ من كُتُبي، فأعدتُ من ظهر قلبي خمسين ألف حديث، كنتُ أمرُّ إلى دُكان بقال، فأكتب بضوء سراجه، ثُمَّ ذكرت أني لم أستأذن، فذهبت إلى البحر، فغسلت ما كتبت، ثُمَّ أعدته ثانيًا.   1 الجرح والتعديل "3/ 67"، ذكر أخبار أصبهان "1/ 100، 101"، البداية والنهاية "11/ 84"، شذرات الذهب "2/ 195". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 52 هَذَا الكلام رواه أبو الشيخ في تاريخه، عن ولده عبد الرزاق، عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه محمد بْن أَحْمَد الكسائي، عن أبي عاصم. وروى أبو الشيخ، عن ابنه، عن أَحْمَد بن محمد بن عاصم، عنه قَالَ: وصلَ إليَّ من دراهم القضاء زيادة على أربعمائة ألف درهم، لا يحاسبني الله يوم القيامة أني شربت منها شربة ماء. وعن محمد بن جَعْفَر الصوفي قَالَ: سَمِعْتُ الحكيمي يَقُولُ: ذُكر عند أبي ليلى الديلمي أَنَّ أبا بكر بن أبي عاصم ناصبي، فبعث غلامًا بسيف ومِخلاة وَقَالَ: ائتني برأسه، فجاء الغلام وأبو بكر يروي الحديث فَقَالَ: أمرني أن أحمل إليه رأسك. قَالَ: فنام على قفاه، ووضع الكتاب على وجهه وَقَالَ: افعل ما شئت، فلحقه آخر فَقَالَ: أمرك الأمير أن لا تقتله. فقعد أبو بكر ورجع إلى الحديث، فعجب النَّاس منه، رواها ابن عساكر في تاريخه. وَقَالَ محمد بن أَحْمَد الكسائي: كنت جالسًا عند أبي بكر، فَقَالَ رجل: أيها القاضي، بلغنا أَنَّ ثلاثة كانوا بالبادية يقلبون الرمل، فَقَالَ أحدهم: اللهم إِنَّك قادر على أن تطعمنا خبيصًا على لون هذه الرمال، فَإِذَا هم بأعرابي بيده طبق، فوضعه بين أيديهم، خبيص حارٌ. فَقَالَ ابن أبي عاصم: قد كان ذَلِكَ. قَالَ الكسائي: كان الثلاثة: هُوَ، وعثمان بن صخر الزاهد أستاذ أبي تُراب النخشبي، وأبو تُراب. وكان أبو بكر هُوَ الذي دعا. قَالَ الكسائي: رأيت أبا بكر فيما يرى النائم، كَأَنَّهُ يصلي من قعود، فسلمت، فرد عَليّ، فَقُلْتُ: أَنْتَ أَحْمَد بن عَمْرو؟ قَالَ: نعم. قُلْتُ: ما فعل الله بك؟ قَالَ: يُؤنسني ربي. قُلْتُ: يؤنسك ربُّك؟ قَالَ: نعم. فشهقت شهقةً فانتبهت. وَقَالَ ابن الأعرابي في طبقات النُّسّاك: وأمّا ابن أبي عاصم فسمعت من يذكر أَنَّهُ الجزء: 21 ¦ الصفحة: 53 كان يحفظ لشقيق البلخي ألف مسالة، وكان من حفاظ الحديث والفقه، وكان مذهبه بالظاهر ونفي القياس. وقد ولي قضاء إصبهان. وَقَالَ أبو نُعَيْم الحَافِظ: ابن أبي عاصم من ذُهل بن شَيْبَان، كان فقيهًا ظاهري المذهب، ولي القضاء بإصبهان ست عشرة سنة، أَوْ قيل ثلاث عشرة سنة، بعد وفاة صالح. تُوُفِّي في ربيع الآخر سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 59- أَحْمَد بن عَمْرو1. أبو جَعْفَر الفارسي الوراق المُقعد. طوَّف وَسَمِعَ: هُدبة بن خالد، وشيبان بن فرُّوخ، وجماعة. وسكن دمشق. روى عنه: خَيْثَمَة، وعَليُّ بن أبي العقب، وأبو عَليّ بن محمد بن هارون. وبقي إلى بعد الثمانين. وثّقه خَيْثَمَة. 60- أَحْمَد بن عيسى2. أبو سعيد الخراز البغدادي العارف. شيخ الصوفية. حدث عن: إِبْرَاهِيم بن بشار صاحب إِبْرَاهِيم بن أدهم، وعن: محمد بن منصور الطُّوسي. وعنه: عَليّ بن محمد الواعظ المصري، وأبو محمد الحريري، وعَليُّ بن حفص الرازي، وَمحمد بن عَليّ الكتاني، وجماعة. وصَحِب السري السّقطي؛ وأخذ عن ذي النون.   1 تاريخ دمشق "84"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 419". 2 حلية الأولياء "10/ 246-249"، تهذيب الكمال "1/ 330"، سير أعلام النبلاء "13/ 419-422". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 54 وَيُقَال: إِنَّهُ أول من تكلم في علم الفناء والبقاء. وَقَالَ أبو الْقَاسِم عُثْمَان بن مردان النهاوندي: أول ما لقيت أبا سَعِيد الخراز سنة اثنتين وسبعين ومائتين، فصحبته أربع عشرة سنة. وَقَالَ: وَتُوُفِّي سنة ست وثمانين. وعن غيره: إن أبا سَعِيد إمام تُوُفِّي سنة سبعْ وسبعين. قَالَ السلمي: أبو سَعِيد إمام القوم في كل فنٍ من علومهم، له في بادئ أمره عجائب، فَلَمَّا مات ظهرت بركاته عليه وعلى من صحبه، وَهُوَ أحسن القوم كلامًا خلا الْجُنيْد، فإنه الإمام. وَقَالَ أبو الْقَاسِم القشيري: صحب ذا النون، والنّباجي، والسَّريّ، وَبِشْرًا. قَالَ: ومن كلامه: باطنٌ يخالف ظاهرًا فَهُوَ باطل. وَقَالَ أبو بكر الطرسوسي: أبو سَعِيد الخراز قمر الصوفية. وعن أبي سَعِيد قَالَ: أوائل الأمر التوبة، ثُمَّ ينتقل إلى مقام الخوف، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام الرجاء، ثُمَّ منه إلى مقام الصالحين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المريدين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المُطيعين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المحبين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المشتاقين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام الأولياء، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المقربين. وَقَالَ السلمي: أنكر على أبي سَعِيد أهل مصر وكفّروه بألفاظه، فإنه قَالَ في كتاب السر فَإِذَا قِيلَ لأحدهم: ما تقول؟ قال: الله؛ وإذا تكلم قال: الله؛ وإذا نظر قال: الله؛ فلو تكلمت جوارحه قال: الله. وعن الْجُنيْد قَالَ: لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سَعِيد الخراز هلكنا. فَقِيلَ لإبراهيم بن شَيْبَان: وأيش كان حاله؟ قَالَ: كذا وكذا سنة يخرزُ، ما فاته الحق بين الخرزتين. وعن المرتعش قَالَ: الخلق عيالٌ على أبي سَعِيد إِذَا تكلم في الحقائق. وَقَالَ محمد بن عَليّ الكتاني: سَمِعْتُ أبا سَعِيد الخراز يَقُولُ: من ظن أَنَّهُ ببذل المجهود يضل فمُتَعَنِّي، ومن ظن أَنَّهُ بغير بذل المجهود وصل فمُتَمَني. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 55 رواها السلمي، وأبو حاتم العبدري، والماليني، عن محمد بن عبد الله الرازي، عن الكسائي. وله ترجمة مطولة في تاريخ دمشق، رحمه الله تعالى. 61- أحمد بن عيسى بن هامان1. أبو جَعْفَر الرازي الجوّال. حدَّث سنة تسع وثمانين بإصبهان. عن: هشام بن عمار، ودُحيم، وعبد العزيز بن يَحْيَى المدني، وأبو غسان زُنيْج. وعنه: مُكرَم بن أَحْمَد القاضي، وأبو الشيخ الحافظ، وعبد الرحمن محمد بن أَحْمَد سياه، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق الشعار. وله غرائب. 62- أَحْمَد بن عيسى بن الشيخ2. صاحب ديار بكر وآمد، كان المعتز بالله استعمله عليها، فَلَمَّا مات المعتز استولى ابن الشيخ على ناحيته، وامتدت أيامه، وقام بعده ابنه محمد. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 63- أَحْمَد بن الغمر بن أبي حَمَّاد الحمصي3. روى عن: إِبْرَاهِيم بن المنذر، وَمحمد بن السري، وسليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وَسَعِيد بن نُصير. وعنه: ابن جوصا، وَخَيْثَمَة، وأبو يعقوب الأذرعي، وَمحمد بن أَحْمَد بن حَمْدَان الرَّسعَني، وآخرون. 64- أَحْمَد بن فارس البُوشَنْجي. عن: عُتبة بن عبد الله الهروي، وعلي بن حجر، وغيرهما. توفي سنة أربع وثمانين.   1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 11، 12". 2 تاريخ الطبري "10/ 31، 33، 68"، البداية والنهاية "11/ 78". 3 حلية الأولياء "10/ 132"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 434". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 56 65- أَحْمَد بن اللَّيْث بن منصور الأَنْمَاطِيُّ1. نزل الكوفة. وَسَمِعَ: أَحْمَد بن إبراهيم الدورقي، وعباس بن يزيد البَحْراني. وعنه: عبد الله بن يَحْيَى الطلحي، وأبو بكر بن أبي دارم. حدَّث سنة289. 66- أَحْمَد بن محمد البغدادي. رجلان، أحدهما أبو بكر. عن: جُنادة بن المُغلس. وعنه: أبو بكر الشافعي. والآخر: 67- أبو الحَسَن سبط محمد بن حاتم. عن هُدبة. وعنه: ابن مخلد. ماتا في سنة اثنتين وثمانين. وأمّا ابن قانع فَقَالَ: مات سبط محمد بن حاتم بن ميمون في سنة خمسٍ وثمانين. يروي عنه: أبو جَعْفَر العُقيلي. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: هُوَ ثقة نبيل، يروي عن يمان بن حرب، والعُرني. 68- أَحْمَد بن محمد بن حميد البغدادي المقرئ المخضوب2. أبو جَعْفَر الملقب بالفيل لعظم خلقه. قرأ على: عُمَر بن الصباح؛ وعلى: يحيى بن هاشم السمسار، عن حمزة. أخذ عنه: ابن مجاهد، وَأَحْمَد بن خلف، ووكيع، وحماد.   1 تاريخ بغداد "4/ 359". 2 تاريخ بغداد "4/ 436، 437". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 57 وقد روى عن: عاصم بن عَليّ، وأبي بلال الأشعري، وغيرهما. وعنه: عبد الصمد الطستي، وابن قانع. تُوُفِّي سنة ست وثمانين ومائتين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. 69- أَحْمَد بن محمد بن سالم1 أبو حامد السالمي النَّيْسَابُوري. عن: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بن إِسْحَاق الصبغي الفقيه. تُوُفِّي سنة ست أيضا. 70- أحمد بن محمد بن الشاه البزاز2. عن: منصور بن أبي مزاحم، وَيَحْيَى بن معين. وعنه: ابن صاعد، والطستي. تُوُفِّي سنة سبع وثمانين ومائتين. ثقة، يروي عن طائفة. 71- أَحْمَد بن محمد بن عبد القادر الإسكندراني. صاحب نُعَيْم بن حَمَّاد. تُوُفِّي سنة خمس أيضا. 72- أحمد بن محمد بن الصلت الضرير3. حدث بمصر عن: عَليّ بن الْجَعْد، وغيره. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وأهل مصر. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين ومائتين.   1 تاريخ بغداد "5/ 23". 2 تاريخ بغداد "5/ 31". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 20"، تاريخ بغداد "5/ 33". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 58 73- أَحْمَد بن محمد بن عاصم بن يزيد الرازي1. أبو بكر. عن: إبراهيم بن الحجاج السامي، وأبي الربيع الزهراني، وعَليِّ بن الْمَدِينِيِّ، وحرملة، وقتيبة بن سَعِيد، وابنه محمد. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. وعنه: أبو جَعْفَر العُقيلي، وأبو أحمد العسال. 74- أَحْمَد بن يَحْيَى بن حمزة2. أبو عبد الله الحضرمي البَتَلْهي. عن: أبي مُسهر، وعَليِّ بن عَيَّاش، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بن محمد بن عُمارة، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة تسعٍ أَيْضًا. وكان ضعيفًا. قَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: ثَنَا عنه أبو الجهْم بن طلاب بأحاديث بواطيل. 75- أَحْمَد بن محمد بن بكير النَّيْسَابُوري الوراق القصير3. عن: داود بن رُشيد، ودُحيم، والطبقة. ورحل إلى الشام والعراق. وعنه: أبو بكر بن مجاهد، وعثمان بن السَّمَّاك، وجماعة. وثّقه الخطيب. وَتُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين.   1 تاريخ الطبري "9/ 201"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 60". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 8"، المغني في الضعفاء "1/ 58"، لسان الميزان "1/ 295". 3 تاريخ بغداد "4/ 399، 400"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 454". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 59 76- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن جُنَيد1. أبو بكر البغدادي الفقيه، صاحب أبي ثَوْر. كان أحد الفقهاء المستورين في وقته. تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة خمسٍ وثمانين. 77- أَحْمَد بْن محمد بْن سُلَيْمَان2. أبو الحَسَن البغدادي العلاف. سَمِعَ: طالوت بن عبّاد، وهشام بن عمّار. وعنه: القاضي الأشْناني، وَإسْمَاعِيل بن عُلية الخطْبي، وآخرون. تُوُفِّي سنة خمسٍ أَيْضًا. 78- أَحْمَد بن محمد بن صاعد3. مولى بني هاشم. أخو الحافظ يَحْيَى، ويوسف. سَمِعَ: عبد الله بن عون الخزاز، وأبا بكر بن أبي شَيْبَة. وعنه: الحُسَيْن بن صفوان البردعي، وأبو بكر بن خلاد النصيبي. وليس بالقوي، قاله الدَّارَقُطْنيّ. وقوّاه الخطيب. 79- أَحْمَد بن محمد بن صَعْصَعَة البغدادي4. عن: منصور بن أبي مزاحم. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرَانيّ، وابن قانع، وَمحمد بن عَمْرو العُقيلي، والطستي. وأكبر شيخ له عبد الله بن صالح العجلي.   1 تاريخ بغداد "4/ 245". 2 تاريخ بغداد "5/ 23، 24". 3 تاريخ بغداد "5/ 35، 36". 4 أخبار القضاة لوكيع "3/ 93، 104، 118"، تاريخ بغداد "5/ 36". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 60 80- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمار. أبو حامد النيسابوري المسلمي. سَمِعَ: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وجماعة. وعنه: يَحْيَى بن محمد العُنْبري، وَمحمد بن صالح بن هانئ. 81- أَحْمَد بن محمد بن الصلت1. أبو عبد الله البغدادي الضرير. سكن مصر وحدّث عن: عَليّ بن الْجَعْد، وَمحمد بن زياد الكلبي. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة تسعْ وثمانين ظنًّا. 82- أحمد بن محمد بن مُظَفَّر2. عن أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وسُريج بن يونس. وعنه: أبو بكر نجاد، والشافعي، وآخرون. وكان ثقة. 83- أَحْمَد بن محمد بن أبي موسى3. الفقيه أبو بكر الأنطاكي. عن: هشام بن عمار، وابن أبي الحواري، وَمحمد بن زَنْبور، وعبيد بن هشام الحلبي، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بن عُتبة الرازي، وأبو بكر النّقّاش، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وابن مجاهد المقرئ، وآخرون. حدَّث بمصر والشام.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 20". 2 تاريخ بغداد "5/ 98". 3 المعجم الصغير "1/ 13"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 80، 81". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 61 84- أحمد بن المبارك1. أبو عمرو المُسْتَمْلِي النَّيْسَابُوري الزاهد المُجاب الدعوة. ويُعرف بحمكويه. قَالَ الحاكم: كان مُجاب الدَّعوة وراهب عصره. سَمِعَ: قُتَيْبَة، ويزيد بن صالح، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، والقواريري، وسُريج بن يونس، وأبا مُصعب الزُّهري، وسهل بن عُثْمَان العسكري، وخلْقًا كثيرًا. وكتب الكثير. روى عنه: أبو عُمَرو أَحْمَد بن نصر، وَجَعْفَر بن محمد بن سوَّار، وأبو عُثْمَان سَعِيد بن إسْمَاعِيل الزاهد، وأبو عَمْرو أَحْمَد بن محمد الجيزي، وأبو حامد بن الشرقي، وزنجويه بن محمد، ومشائخنا. ثَنَا محمد بن صالح: أنا أبو عَمْرو فذكر حديثًا. وثنا محمد بن صالح قَالَ: كنا عند أبي عَمْرو المُسْتَمْلِي، فسمع جلبةً فَقَالَ: ما هَذَا؟ قَالُوا: أَحْمَد بن عبد الله، يعني الخُجُسْتاني في عسكره. فَقَالَ: اللهم مزِّق بطنه. قَالَ: فما تم الأسبوع حَتَّى قُتل. سَمِعْتُ عَليّ بن محمد الفامي يَقُولُ: حضرت مجلس أبي عُثْمَان الزاهد، ودخل أبو عَمْرو المُسْتَمْلِي وعليه أثواب رثّة، فبكي أبو عُثْمَان، فَلَمَّا كان يوم مجلس الذّكر قَالَ: دخل عَليّ رجل من مشائخ العلم، فاشتغل قلبي برثاثة حاله، ولولا أنّي أُجلّه عن تسميته في هَذَا الموضع لسمَّيته. قال: فرمى الناس بالخواتم والدراهم والثياب. فقام أبو عَمْرو على رؤوس النَّاس وَقَالَ: أنا الذي ذكرني أبو عُثْمَان، ولولا أني كرهت أن يتهم غيري لسكت، ثم أخذ جميع ذَلِكَ وحمله معه. فما بلغ باب الجامع إلا وقد وهب للفقراء جميع ذلك.   1 المنتظم "5/ 173"، سير أعلام النبلاء "13/ 373-375"، البداية والنهاية "11/ 77، 78". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 62 أول ما استملى أبو عَمْرو سنة ثمانٍ وعشرين، وقد استملى على جماعة عاشوا بعده، وَسَمِعْتُ أبا بكر بن إِسْحَاق الضُّبَعيّ يَقُولُ: كان أبو عمرو يصوم النهار ويحيي الليل. وَأَخْبَرَنِي غير واحد: يَقُولُ أبو بكر إن الليلة التي قُتل فيها أَحْمَد بن عبد الله صلّى أبو عَمْرو صلاة العتمة. ثُمَّ صلى طول الليل وَهُوَ يدعو بصوتٍ عالٍ: اللهم شُقّ بطنه، اللهم شُقّ بطنه. قُلْتُ: وروى عنه أَيْضًا محمد بن يعقوب الأخرم، وأبو الطيب بن المبارك، وَمحمد بن داود الزاهد. ومات في جُمَادَى الآخرة سنة أربعٍ وثمانين. 85- أَحْمَد بن مجاهد1. أبو جَعْفَر الْمَدِينِيُّ. عن: أبي بكر، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وعبد الله بن عُمَر بن أبان. وعنه: أَحْمَد بن إِسْحَاق الشعار، والطَّبَرَانيّ، والأصبهانيون. تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 86- أَحْمَد بن محمود بن مقاتل بن صُبيح2. أبو الحَسَن الهَرَويّ الفقيه. حَدَّثَ ببغداد عن: شَيْبَان بن فرّوخ، وعبد الأعلى بن حَمَّاد، وخلْق. 87- أَحْمَد بن مروان3. أبو الرضا الأندلسي القُرْطُبيّ. سَمِعَ: يَحْيَى بن يحيى، وعبد الملك بن حبيب، وسعيد بن حسان، وجماعة.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 65"، ذكر أخبار أصبهان "1/ 108". 2 ذكر أصبهان "1/ 129"، تاريخ بغداد "5/ 156"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 91". 3 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 25". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 63 وكان حافظًا للفقه والحديث. روى عنه: محمد بن قاسم، وغيره. وَقِيلَ: إِنَّهُ هُوَ الذي ألف المستخرجة للعُتْبي. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 88- أَحْمَد بن الْمُعَلَّى بن يزيد1. أبو بكر الأسدي الدِّمَشْقِيّ خَتَن دُحَيْم. عن: صفوان بن صالح، وهشام بن عمار، وَدُحَيْم، وَأَحْمَد بن أبي الحواري، وجماعة. وناب في قضاء دمشق عن أبي زُرْعَة محمد بن عُثْمَان. روى عنه: ن. وَخَيْثَمَة، وعَليُّ بن أبي العقب، وأبو الميمون راشد والطَّبَرَانيّ، وآخرون. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 89- أَحْمَد بن منصور بن حبيب المروذي2. أبو بكر الخُصيب. عن: عفان. وعنه: الحسن بن محمد شُعبة الأنصاري، وَإسْمَاعِيل الخَطْبي. 90- أَحْمَد بن مهران اليزدي الأصبهاني الزاهد3. عن: عبد الله بن موسى، وخالد بن مخلد، وخُنيس بن بكر بن خنيس، وإسماعيل بن عمرو البجلي.   1 المعجم الصغير للطبراني "26"، حلية الأولياء "9/ 366"، تهذيب الكمال "1/ 485-487"، تهذيب التهذيب "1/ 80، 81". 2 تاريخ بغداد "5/ 153". 3 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 95". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 64 وعنه: سَعِيد بن يعقوب، وأبو بكر المنكدري، وَمحمد بن جمعة الكِرماني، وآخرون. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. وَقِيلَ: سنة اثنتين وثمانين. وَهُوَ أَحْمَد بن مهران بن خالد، أبو جَعْفَر. 91- أَحْمَد بن أبي عمران موسى القنطري الخياط1. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وعفان. وعنه: محمد بن العَبَّاس بن نجيح، وأبو بكر الشافعي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 92- أَحْمَد بن موسى بن يزيد السامي البَصْرِيّ2. سَمِعَ: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم. وعنه: الطَّبَرَانيّ. لا أعرفه بعد. 93- أَحْمَد بن موسى بن إِسْحَاق3. أبو جَعْفَر التميمي الكوفي الحمّار البزار. تُوُفِّي في رمضان سنة ست وثمانين. روى عن: أبي نُعَيْم، وقُطبة بن العلاء، وعَليِّ بن ثابت، والدهقان، وَالحَسَن بن الربيع. ومات سنة خمس وثمانين. قلت: سنة ست على الصحيح.   1 تاريخ بغداد "5/ 142، 143". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 52". 3 الثقات لابن حبان "8/ 53". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 65 94- أَحْمَد بن مِيثَم بن أبي نُعَيْم الفضل بن دكين الكوفي1. سَمِعَ من: جده، وعبيد الله بن موسى، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معروف، وأهل الكوفة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. وكان من أجلاء الشيعة وكبارهم. له مصنفات عندهم. 95- أَحْمَد بن نصر بن حميد2. أبو بكر الوازع البزاز. حدث ببغداد عن: محمد بن أبان الواسطي، وغيره. وعنه: أبو سهل القطان، وابن نجيح. وكان صدوقًا سمّاه بعضهم محمد. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 96- أَحْمَد بن النّضر بن بحر3. أبو جَعْفَر العسكري المقرئ، نزيل الرّقّة. قرأ على: هشام بن عمار؛ وذكر أبو بكر النّقّاش أَنَّهُ قرأ عليه. وحدّث ببغداد عن: سَعِيد بن حفص النُّفَيْلِيِّ، وهشام بن مُصفّى، وجماعة. وعنه: أبو جَعْفَر العُقيلي، وَإسْمَاعِيل الخَطبي، وعبد الباقي بن قانع والطَّبَرَانيّ. قَالَ ابن المنادى: وكان من ثقات النَّاس. تُوُفِّي بالرّقّة في ذي الحجة سنة تسعين ومائتين. 97- أحمد بن وازن. الفقيه أبو جعفر الصواف صاحب سحنون.   1 المجروحين لابن حبان "1/ 148، 149"، ميزان الاعتدال "1/ 639"، لسان الميزان "1/ 316". 2 تاريخ بغداد "5/ 181". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 32"، تاريخ بغداد "5/ 185، 186"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 107". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 66 كان إمامًا عالمًا عاملا كبير القدر. يُقَالُ: كان مُستجاب الدّعوة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين، وله تسعٌ وثمانون سنة رحمه الله. 98- أَحْمَد بن حمزة الثقفي الأصبهاني1. عن: الحُسَيْن بن حفص، وَمحمد بن أبان العَنْبَريّ. وعنه: عبد الله بن محمود خال أبي الشيخ، وَمحمد بن أَحْمَد الكسائي المقرئ، وغيرهما. تُوُفِّي سنة اثنتين أَيْضًا. 99- أَحْمَد بن يَحْيَى بن نصر2. الأصبهاني العسال. عن: هُدْبة بن خالد، وَعَمْرو بن رافع القَزْويني، وإبراهيم بن يعقوب الْجَوْزَجَانيّ، ونصر الجهْضمي، وطائفة. وكان واسع الرحلة. روى عنه: أبو الشيخ، وعبد الرحمن بن محمد المذكّر، وَأَحْمَد بن بُنْدَار الشعار. وَقَالَ أبو الشيخ: ثقة. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 100- أَحْمَد بن يزيد السِّجِسْتَاني3. حَدَّثَ ببغداد عن: الحَسَن بن سوار. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 101- أَحْمَد بن أبي العلاء البغدادي المغني. ورّخه النِّفْطوي في سنة أربعٍ وثمانين فَقَالَ: يُقَالُ إِنَّهُ مات على بطن جارية له،   1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 97". 2 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 102". 3 المعجم الصغير "33". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 67 ورُفع خبره إلى المُعْتَضِد وَأَنَّهُ خلّف أربعة وعشرين ألف دينار، وسبعمائة ثوب، وغير ذَلِكَ، وكان واحد دهره في الغناء. كان فردًا في صناعته لا يُقاس به أحد، ومنْ رأى إليه نظيرًا فقد ظلمه. 102- أَحْمَد بن يَحْيَى1. أبو جَعْفَر السَّوطي. عن: أبي عون، وعفان، وَأَحْمَد بن يونس. وعنه: هبة الله بن محمد الفراء، وأبو علي محمد بن يوسف بن المعتمر البَصْرِيّ. وَقِيلَ: هُوَ أَحْمَد بن محمد بن يَحْيَى السوطي شيخ الطَّبَرَانيّ. 103- أَحْمَد بن يَحْيَى2. أبو سَعِيد الخُوَارَزْمِي. روى عن: أَحْمَد بن نصر الفرّاء، وَمحمد بن عبد الله بن قُهزاد. وعنه: أَحْمَد بن بنجاب، والطَّبَرَانيّ، وغيرهما. فيه ضعف. 104- إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد3. أبو إِسْحَاق الأصبهاني النقاش المقرئ. قرأ على: محمد بن عيسى مقرئ إصبهان. وروى عن: أبي الوليد الطيالسي، وأبي عمرو الحوضي، وجماعة. توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 105- أحمد بن يحيى بن مهنا4.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 58". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 29"، تاريخ بغداد "5/ 204". 3 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 187". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 42"، تاريخ بغداد "5/ 212". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 68 أبو بكر الأزدي. عن: بشر بن الوليد، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وعنه: الطستي، والطبراني، وجماعة. 106- إبراهيم بن أحمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب1. أبو إسحاق التميمي الأغلبي أمير القيروان وابن أُمرائها، ولي الإمرة سنة إحدى وستين ومائتين، وكان عادلا سائسا حازما صارما، كانت التجارة تسير من مصر إلى سبتة لا تُعَارض ولا تُرّوع، ابتنى الحصون والمحارس على سواحل البحر، بحيث كانت توقد النيران في لَيْلَةٍ واحدة من سبتة إلى الإسكندرية؛ حَتَّى يُقَالُ: كان بأرض المغرب من بنائه وبناء آبائه ثلاثون ألف حصانًا، وهذا شيء لم يسمع بمثله لملك. وقد قصد سوسة وعمل لهم سوارًا؛ وأقام في المُلك بضعًا وعشرين سنة. وقد دُونت سيرته وأيامه وعدله وبذله وجوده، وكان مصدقًا للعدل وإنصاف الرعية، معتنيًا بذلك. فَقِيلَ إن امرأة تاجر اتصل خبرُ جمالها بوزيره، فأرسل الوزير إليها فأبت، فكلف بها، وبثّ أمره إلى عجوزٍ تغشاه، وكانت حظّية عند الأمير إِبْرَاهِيم وعند أمه يتبرّكون بها، ويطلبون منها الدُّعاء؛ فَقَالَتْ: أنا أقضي الشُّغل. وقصدت المرأة فدقَّت بابها، ففتحت لها الجارية، وكانت العجوز مشهورة في البلد، فتلقتها المرأة وقبّلت يدها، وقدّمت لها شيئًا. فَقَالَتْ: أنا على نيّة، ويكون وقتًا آخر. وإنما أصابت إزاري نجاسة فأريد غسلها. فأحضرت الطست والصابون، وغسّلت طرفه بنفسها. وقامت العجوز تصلّى حَتَّى نشف ولبسته وذهبت. ثُمَّ تردّدت إليها وتأكدت المعرفة، فَقَالَتْ لها: عندي يتيمة أريد عرسها الليلة، فإن خف عليك تعيريها حليك؟ قَالَتْ: يا حبّذا. وأعطتها حُقّ الحلي. فانصرفت. وجاءت بعد أيام فَقَالَتْ: يا أمي وأين الحلي؟ قَالَتْ: عبرت إلى فلان وَهُوَ معي، فَلَمَّا علم أَنَّهُ لك أخذه مني وحلف أن لا يسلمّه إِلا إليك. قَالَتْ: لا تفعلي.   1 الولاة والقضاة للكندي "222"، سير أعلام النبلاء "13/ 487-489". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 69 قَالَتْ: هَذَا الذي تم. ومضت، فاشتد على المرأة البلاء، وبقيت تتقلى. فَلَمَّا دخل زوجها رأى الضُّرّ في وجهها، فسألها فأعلمته القصة، فاشتد بلاؤه، ثُمَّ أنهى أمره إلى الأمير إِبْرَاهِيم، وقصّ عليه القصة، فتغيّر لِذَلِكَ، وَقَالَ: أكتُم هَذَا، وائتني بعد يومين. ثُمَّ دخل إلى أمه، وطلب منها العجوز، فحضرت، فاحترمها ووانسها، ووضع رأسه في حجرها، وأخذ يتمسّح بها، وأخذ خاتمها وجعل يقلّبه ويشاغلها، ودعا خادمًا وكلّمه بالصَّقْلبية: امضي إلى دار العجوز، وقل لبنتها: أمك تَقُولُ لك: هاتي حُقّ الحلي، فقد طلبت أم الأمير أن تعمل لها مثله، وَهَذَا خاتمها. فمضى الخادم، وجاء لوقته بالحُقّ. فنظر الأمير فيه فوجده كما وصف الرجل، وتغيّرت العجوز واعترفت، فطلب الفئوس والمجارف وحفر في الحال حفرة، فألقيت العجوز فيها، وصاحت أمه، فقال: لئن لم تسكني لأُلحقنك بها، تُدخلين إلى قصري قوّادة! وجاء الرجل للموعد، فأعطاه الحق وزاده من حلي أهله، وَقَالَ: ما منعني من معاجلة الوزير إِلا خوف شُهرة أهلك، وأنا أفكر في هلاكه بوجه. ثُمَّ قتله بعد قليل. وعن بعضهم قَالَ: قدمت سجلماسة لألحق الرفقة إلى مصر، وكان معي ثلاثة ألاف دينار، فخرجت من القَيْرُوَان مسرعًا حَتَّى دخلت قابس، فَلَمَّا سرت عنها فرسخًا لقيني سبعة فوراس، فأنزلوني، فأخذوا الخرج، وقتلوا الغلام، وأضجعوني للذبح، فتضرعت إليهم وَقُلْتُ: غريب ولا أعرفكم فأطلبكم، وقد أخذتم الذهب، وخلفي أطفال، فأطلقوني لله. وبكيت، فأطلقوني، فرجعت إلى قابس، فما عرفت بها أحدًا، فذهبت إلى القَيْرُوَان راجلًا عُريانًا، فأتيت صديقًا لي، فأصلح شأني وَقَالَ: أعْلِم الأمير. فقصدناه وَهُوَ جالس للناس، فقصصت عليه شأني، فتنمر، وأمرني بالجلوس، ثُمَّ رأيته يأمر وينهى، فَلَمَّا قام أمر بعض الخدم فأدخلني القصر، وبعث إليَّ طعامًا، ثُمَّ نمت، ثُمَّ طلبني قبل العصر إلى رَوْشَنة، ودعا أمير الجيش فَقَالَ: هل وجّهت إلى طرابلس بخيل؟ قَالَ: نعم، سبعة فوارس وقد عادوا. قَالَ: فطلبهم وَقَالَ: من تعرف من هَؤُلاءِ فعرّفني به؟ فَقُلْتُ: هَذَا منه، إلى أن جمع السبعة. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 70 فأخذهم بالرّغبة والرّهبة فأنكروا، ففُرِّقوا في بيوت، وجيء بالسياط وضُربوا مفرَّقين، ثُمَّ دار بنفسه عليهم، وبقي يَقُولُ للواحد: قد اعترف صاحبك بعد ما هلك، فلا تحوج نفسك إلى ما حل به، فأقروا وأحضروا الخرج والبغلة والثياب، لم تنقص سوى سبعة دنانير. فأتمها إِبْرَاهِيم من ماله، وأعطاني غلامًا، وخفرني بناسٍ إلى طرابلس، فَلَمَّا عبرنا على الموضع الذي أخذت فيه وجدت السبعة فوارس على الخشب، والكلاب تأكل من أقدامهم. وَقِيلَ إنه جاءه برجلٍ، في يده سكين، وثيابه ملطخة بالدماء، فقال: ما لهذا؟ قالوا: أبونا لصلاة الصُّبح، فوُجد في الطريق مذبوحًا، وَهَذَا قائمٌ عنده هكذا. فَقَالَ: أقتلت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: اذهبوا به فاقتلوه. وَقَالَ: إن اخترتم أن أودي عنه الديةَ، وأوليكم شيئًا فعلت. قَالُوا: ما نريد إِلا القصاص. وراحوا به، فَلَمَّا هموا بقتله برز رجل من الحلقة وَقَالَ: والله ما هَذَا قتله، وأنا قتلته. فرجعوا به، فأقرّ عند الأمير، فَقَالَ لِذَلِكَ: وما الذي ألجأك إلى الإقرار؟ قَالَ: أصلح الله الأمير، عبرت فوجدت أبوهم يضطرب والسكين في نحره، فخطر لي أنني إن أزلت السكين من نحره ربما سلم. فأزلتها فمات والسكين في يدي، والدم على ثوبي، فرأيت الإقرار أولى من العذاب بالضّرب والمُثلة. فَقَالَ الأمير: وَهَذَا أيضًا إن أخذتم أخذ الدية وأن أوّليكم فعلت. قَالُوا: ما نريد إِلا القود. ثم راحوا ليقتلوه، فبدرهم من الحلقة وَقَالَ: والله ما قتله الأول ولا الثاني، وما قتله إِلا أنا. فردوا إلى الأمير، وزاد التعجُّب، فَقَالَ: لِذَلِكَ: أقتلته؟ قَالَ: لا والله. قَالَ: فما أحوجك إلى الإقرار؟ قَالَ: إني كنت في شبابي مسرفًا على نفسي، الجزء: 21 ¦ الصفحة: 71 وقد قتلت جماعة ثُمَّ تُبْتُ ورجعت إلى الله، وكنت في غرفةٍ لي، فأخرجت رأسي فرأيت الشيخ قد أضجعه رجل وذبحه وهرب، فجاء ذَلِكَ وأنا أنظر، فأزال السكين، فأمسكوه، وأنا أعلم براءته، فَلَمَّا قبل بالقتل سمحت نفسي بالقتل، عسى أن يُغفر لي ما مضى. فسأل الثالث فأقرّ، وأبدى أسبابًا عُرف بها أَنَّهُ قاتله. وَقَالَ: لَمَّا رأيت هَذَا وهو برئ قد فدى بنفسه ذاك الأول. قُلْتُ: أنا أولى من أداء حقٍّ وجبَ عَليّ. فَقَالَ الأمير: إن اخترتم أخذتم الدية والولاية أَيْضًا. قَالُوا: لا نفعل. فَلَمَّا ذهبوا ليقتلوه ودارت الحلقة قَالُوا: اللهم إنّا عفونا عنه لا لما بذله الأمير من الدية والولاية، ولكن لوجهك خالصًا. وَقِيلَ إنَّ الأمير إِبْرَاهِيم خرج يومًا إلى نُزهة، فقدّم إليه رجل قصة وَقَالَ: إجلالك أيها الأمير منعني أن أذكر حاجتي، وإذا في القصة: إنني عشقت جارية وتيّمني حبُّها، فَقَالَ مولاها: لا أبيعها بأقل من خمسين دينارًا. فنظرت في كل ما أملكه فَإِذَا هُوَ ثلاثون دينارًا، فإن رأى الأمير النظر في أمري. فأطلق له مائة دينار. فسمع به آخر، فتعرّض له الآخر وَقَالَ: أعزّ الله الأمير، إني عاشق. قَالَ: فما الذي تجد؟ قَالَ: حرارة ولهيبًا. قَالَ: اغمره في الماء مرات حَتَّى يمّر ما بقلبه. ففعلوا به ذَلِكَ فصاح، فَقَالَ: ما فعلت الحرارة؟ قَالَ: ذهبت والله وصار مكانها برد. فضحك وأمر له بثلاثين دينارًا. وكان طبيبه إِسْحَاق بن عمران الإسرائيلي بارعًا في الطِّب، مشهورًا، وهو صاحب طرايف. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 72 وكان المعتمد أنفذ إسحاق من بغداد، وكان إبراهيم يجزل عطاياه، وكان إِسْحَاق يُعجب بنفسه ويُسيء أدبه على إِبْرَاهِيم وَيَقُولُ: بعد مجالسة الخلفاء صرت إلى ما أنا فيه. فلما أكثر عليه أمر بفصده في الأكحلين من ذراعيه إلى أن كاد يهلك، ثُمَّ رقّ له وَقَالَ: يمكنك إن تسدّ رمقك؟ قَالَ: نعم، تشد المواضع، وتعجل لي بشرائح مشوية أمتصها. ففعل وسَلِم. وتمادى على طباعه، فأمر بقتله، فَقَالَ: والله إنَّ مزاحك ليقضي بأن يصيبك من الخلط السودائي ما يعجز عنه حذّاق الأطباء، ويُحتاج إليَّ. فقتله وصلبه، فبقي حَتَّى عشش الخذا في جوفه. وهاج بإِبْرَاهِيم كما قَالَ خلط سودائي، فقتل فيه جماعة من إخوته وأهله وبناته. ثُمَّ أفاق وأظهر التوبة، ورد المظالم، وفرق الأموال والصدقات في سنة ثمانٍ وثمانين. فظهر فيها أبو عبد الله الشيعي، فنفذ لحربه ابنه الأحوال في اثنى عشر ألفًا، فالتقى هُوَ وأبو عبد الله، فهزمه أبو عبد الله، ثُمَّ جرت بينهما حروب، ثم هزم أبو عبد الله ووصل الأحوال إلى تاهرت فحرّقها، وهدم قصر أبي عبد الله، وحرّق مسيلة وساق ذراريه، ثُمَّ ردّ إلى إفريقية لَمَّا بلغه توجُّه أبيه إلى الجهاد. ونفذ إبراهيم إلى ابنه أمير صقلية يأمره بولاية ولده زيادة الله على صقلية، وأن يسير إليه، ففعل. فَلَمَّا قدم عليه ولاه إفريقية، وكتب له العهد، وأحضر قاضي عيسى بن مسكين، وكان من الصالحين، فاستشاره، فأمره برد المظالم، فكشفت الدواوين من يوم ولايته، وكل من كانت له مظلمة رُدّت عليه. وعزم على الحجّ على طريق الإسكندرية، ونودي بذلك ليجمع بين الحجّ والجهاد، وليفتح ما بقي بها من حصون. وخرج إلى سوسة بجيشه في أول سنة تسعٍ وثمانين، فدخلها وعليه فَرْو مرقَّع في زي الزُّهاد، وأخرج المال، وأعطى الفارس عشرين دينارًا، والراجل عشرة دنانير. ووصلت سفن الأسطول طرابلس، واجتمعت العساكر وفيهم ولده أبو اللَّيْث، وولد ولده أبي مُضر بن أبي العَبَّاس، وأخوه معد. وافتتح حصونها. ثُمَّ نزل على طبرمين وافتتحها عنوةً. ثُمَّ لحقه زلق الأمعاء، وأخذه فواق، فمات رحمه الله في تاسع ذي القِعْدَة سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. فرجع الجيش به إلى صقلية، فدُفن بها في قُبّة. وقام بالأمر بعده أبو العَبَّاس عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد المُتوفَّى سنة تسعين. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 73 107- إِبْرَاهِيم بن أحمد بن عُمَر الوكيعي الفَرَضي الضرير1. سَمِعَ: شَيْبَان بن فَرُّوخ، وأباه أَحْمَد بن عُمَر الوكيعي، وعبيد الله بن معاذ، وطائفة. ولم يكن ببغداد في زمانه أعلم بالفرائض منه. روى عنه: أبو سهل بن زياد، وابن قانع، والطَّبَرَانيّ، وجماعة. ومات سنة تسع وثمانين. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 108- إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد بن مروان الواسطي2. حَدَّثَ ببغداد عن: هُدبة بن خالد، وجُبارة بن المُغلّس، وجماعة. وعنه: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، وعثمان بن بِشْر السَّقطي. وحدث في سنة خمس وثمانين ومائتين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. 109- إِبْرَاهِيم بن إسحاق بن إِبْرَاهِيم الثقفي3. مولاهم أبو إِسْحَاق، أخو الحَافِظ أبي العَبَّاس، وَإسْمَاعِيل، وَهُوَ نيسابوري. نزل بغداد وحدّث عن: يَحْيَى بن يَحْيَى، ويزيد بن صالح الفرا، وأحمد بن حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى الحماني، وطائفة. وعنه: أخوه أبو العَبَّاس، وَأَحْمَد بن المنادي، وأبو سهل القطان، وأبو بكر الشافعي، وآخرون. وكان أَحْمَد بن حَنْبَلٍ يأنس به ويُفطر عنده وينبسط في منزله. وثّقه الدارقطني. وَتُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين، وَهُوَ معدود في أصحاب الإمام أحمد.   1 أخبار القضاة لوكيع "6/ 26، 27"، تاريخ بغداد "6/ 5، 6". 2 تاريخ بغداد "6/ 5". 3 تاريخ بغداد "6/ 26، 27"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 162، 163"، البداية والنهاية "11/ 74". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 74 110- إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن بشير1. أبو إِسْحَاق الحربي الفقيه الحَافِظ أحد الأعلام. وُلد سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وطلب العلم بضع عشر، فسمع: هَوْذة بن خليفة، وأبا نُعَيْم، وَعَمْرو بْن مرزوق، وعبد الله بْن صالح العِجلي، وعاصم بن عَليّ، وعفان، وأبا عَمْرو الحَوْضي، وأبا سَلَمَةَ التبوذكي، ومسدد بن مُسرْهد، وأبا عُبَيْد الْقَاسِم بن سلام، وَشُعَيْب بن محرز. وتفقه على الإمام أَحْمَد وحمل عنه الكثير، وكان من نُجباء أصحابه. وروى عنه: ابن صاعد، وعثمان بن السَّمَّاك، وأبو بكر النَّجَّاد، وأبو بكر الشافعي، وعمر بن جَعْفَر الخُتُّليّ، وعبد الرحمن بن العَبَّاس المخلِّص، وخلق آخرهم موتًا أبو بكر القطيعي. قَالَ الخطيب: كان إمامًا في العلم، رأسًا في الزُّهد، عارفًا بالفقه، بصيرًا بالأحكام، حافظًا للحديث، مميزًا لعلله، قيمًا بالأدب، جمَّاعة للُّغة. صنّف غريب الحديث وكُتبًا كثيرة. أصله من مرو. وَقَالَ القفطي في "تاريخ النُّحاة": كان رأسًا في الزهد، عارفًا بالمذاهب، بصيرًا بالحديث حافظًا له، له في اللغة كتاب "غريب الحديث"، وَهُوَ من أنفس الكُتُب وأكبرها في هَذَا النَّوع. قَالَ ابن جهضم، وَهُوَ ضعيف: ثَنَا الخلدي، ثنا أحمد بن عبد الله بن ماهان: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق يَقُولُ: أجمع عقلاء كل أمه أَنَّهُ من لم يجر مع القدر لم يتهنَّ بعيشه. وكان يَقُولُ: قميصي أنظف قميص، وإزاري أوسخ إزار. ما حدثت نفسي أن أصلحها، ولا شكوت إلى أهلي وأقاربي حُمى أجدها. لا يغم الرجل نفسه وعياله. ولي عشر سنين أنظر بفرد عين ما أخبرت به أحدًا. وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتني بهما أمي أَوْ أختي، وإلا بقيت جائعًا إلى الليلة الثانية.   1 الثقات لابن حبان "8/ 89"، ميزان الاعتدال "3/ 138"، سير أعلام النبلاء "13/ 356، 372". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 75 وأفنيت ثلاثين سنة برغيف في اليوم والليلة، إن جاءتني امرأتي أَوِ ابنتي به، وإلا بقيت جائعًا. والآن آكل نصف رغيف أَوْ أربعة عشرة تمرة، وقام إفطاري في رمضان هَذَا بدرهمٍ ودانقين ونصف. وَقَالَ أبو الْقَاسِم بن بُكير: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم الحربي يَقُولُ: ما كنا نعرف من هذه الأطبخة شيئًا. كنتُ أجيء من عشي إلى عشي، وقدّمت لي أمي باذنجانة مشويةً، أَوْ لعقة بُنٍّ، أَوْ باقة فجل. وَقَالَ أبو عُمَر الزاهد: سَمِعْتُ ثعلب يَقُولُ غير مرة: ما فقدت إِبْرَاهِيم الحربي من مجلس لغة أَوْ نحو من خمسين سنة. قَالَ الخطيب: أنا محمد بن جَعْفَر بن غيلان: أنا عيسى بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بْن عُمَر بْن عَبْد الملك بْن عبد العزيز بن جُرَيْح الطُّوماري قَالَ: جئت إلى إِبْرَاهِيم الحربي وقد فاتني حديث، فأخذته وجئت به إليه فَقُلْتُ: فاتني هَذَا. قَالَ: ضعه على رأسك. ففعلت، وكان إلى جنبه محمد بن خلف وكيع، فَقَالَ له: يا سيدي، هذا من ولد ابن جريج. فأدناني ثُمَّ قَالَ: أنا محمد بن منصور، أنا عفان، ثُمَّ قَالَ لوكيع: لو قُلْتُ لك: نا عفان من أين كنت تعلم؟ فَقَالَ رجل: يا أبا إِسْحَاق، لو قُلْتُ فيما لم تسمع: سَمِعْتُ، ما حوَّل الله هذه الوجوه إليك. قَالَ محمد بن أيوب العُكْبَري: سَمِعْتُ الحربي يَقُولُ: ما تروّحت ولا رُوّحت قط، ولا أكلت من شيءٍ في يومٍ مرتين. قَالَ أبو الحَسَن بن شمعون: قَالَ أَحْمَد بن سُلَيْمَان القطيعي: أضقت إضاقةً، فأتيت إبراهيم لأبثه، فَقَالَ لي: لا يضيق صدرك، فإن الله من وراء المعونة، فإني أضقت مرة حَتَّى انتهى أمري إلى الإضافة إلى عدم عيالي قوتهم. فَقَالَتِ الزوّجة: هب أني وإياك نصبر، فكيف بالصبيين؟ هات شيئًا من كُتُبك نبيعه أَوْ نرهنه، فضننت بذلك، وَقُلْتُ: أقترض غدًا. فَلَمَّا كان الليل دُقّ الباب فَقُلْتُ: من ذا؟ قَالَ: رجل من الجيران، أطفئ السَّرَّاج حَتَّى أدخل. فكببت شيئًا على السَّرَّاج، فدخل وترك شيئًا، فَإِذَا هُوَ منديل فيه أنواع من المآكل، وكاغد فيه خمسمائة درهم. فأنبهنا الصغار وأكلوا. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 76 ثُمَّ من الغد، إِذَا جمّال يقود جملين، عليهما حملين وُرقًا، وَهُوَ يسأل عن منزلي، فَقَالَ: هذان الجملان أنفذهما لك رجل من خُرَاسَان، واستحلفني أن لا أقول من هُوَ. قلت: إسنادها فيه انقطاع. قَالَ الحَسَن بن فَهْم: لا ترى عيناك مثل الحربي، إمام الدُّنْيَا، لقد رأيت وجالست العلماء، فما رأيت رجلًا أكمل منه. وَقَالَ الحاكم: سَمِعْتُ محمد بن صالح القاضي يَقُولُ: لا نعلم أَنَّ بغداد أخرجت مثل إِبْرَاهِيم الحربي في الأدب، والفقه، والحديث، والزُّهد. قَالَتْ: يريد اجتماع الأربعة علوم. وَقَالَ أبو أيوب سُلَيْمَان بن الخليل: سَمِعْتُ الحربي يَقُولُ: في غريب الحديث ثلاثة وخمسون حديثًا ليس لها أصل. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: أبو إِسْحَاق الحربي إمام مصنف، عالم بكل شيء، بارع في كل علم، صدوق. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: كان يَقُولُ لي أبي: امض إلى إِبْرَاهِيم الحربي حَتَّى يُلقي عليك الفرائض. وَقَالَ أبو بكر الشافعي: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم الحربي يَقُولُ: عندي عن عَليّ بن الْمَدِينِيِّ قِمْطرٌ، ولا أُحدّث عنه بشيء لأني رأيته بالمغرب وبيده نعل مُبادرًا، فَقُلْتُ: إلى أين؟ قَالَ: ألحق الصَّلاة مع أبي عبد الله. قُلْتُ: من أبو عبد الله؟ قال: ابن أبي دؤاد. وقال أبو الحسن العتكي: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم الحربي يَقُولُ لجماعة عنده: من تُعدّون الغريب في زماننا؟ فَقَالَ واحد: الغريب من نأى عن وطنه. وَقَالَ آخر: الغريب من فارق أحبابه. وَقَالَ كل واحدٍ شيئًا، فَقَالَ: الغريب في زماننا رجل عاش بين قومٍ صالحين، إن أمر بالمعروف آزروه، وإن نهى عن منكر أعانوه، وإن احتاج إلى سبب من الدُّنْيَا مانوه، ثُمَّ ماتوا وتركوه. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 77 وَقَالَ أبو الفضل الزُّهري، عن أبيه، عن الحربي قَالَ: ما أنشدتُ بيتًا قط، إِلا قرأت بعده: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ثلاث مرات. قَالَ السُّلمي: سألت الدَّارَقُطْنيّ عن إِبْرَاهِيم الحربي فَقَالَ: كان يُقاس بأحمد بن حَنْبَلٍ في زهده وعلمه وورعه. وَقَالَ غيره: سيَّر المُعْتَضِد إلى إِبْرَاهِيم الحربي عشرة آلاف، فردّها، فَقِيلَ له: فرِّقها. فأبى. ثُمَّ لَمَّا مرض سيَّر إليه المُعْتَضِد ألف دينار، فلم يقبلها. فخاصمته ابنته فَقَالَ: أتخشين إِذَا متُّ الفقر؟ قالت: نعم. وقال في تِلْكَ الزاوية اثنا عشر ألف جزء حديثية ولُغوية وغير ذَلِكَ، كتبتها بخطي، فبيعي منها كل يومٍ جزءًا بدرهم وأنفقيه. تُوُفِّي لسبعٍ بقين من ذي الحجة سنة خمسٍ وثمانين، وصلّى عليه يوسف القاضي. وكانت جنازته مشهودة. 111- إِبْرَاهِيم بن إسْمَاعِيل البغدادي السوطي1. عن: عفان. وعنه: عبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ، وأحمد بن عُثْمَان الآدمي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وَهُوَ موثّق. 112- إِبْرَاهِيم بن إسْمَاعِيل2. أبو إِسْحَاق الطوسي العَنْبَريّ الحَافِظ الزاهد. ذكره الحاكم فَقَالَ: محدّث عصره بطُوس، وأزهدهم بعد محمد بن أسلم، وأخصهم بصُحبة محمد، وأكثرهم رحلة في الحديث. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَعَلِيَّ بن حُجر، وَمحمد بن   1 تاريخ بغداد "6/ 23، 24". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 200، 201". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 78 عَمْرو زُنيْج، وعبد الله القواريري، وهشام بن عمار، وقتيبة بن سَعِيد، وَإِبْرَاهِيم بن يوسف، وأبا مُصْعَب، وحرملة بن يَحْيَى، وخلقًا كثيرًا. قُلْتُ: سَمِعَ بخراسان، والعراق، والشام، والحجاز، ومصر، والجزيرة. روى عنه: أبو النضر الفقيه، وأبو الحَسَن بن زُهير، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وجماعة. قَالَ أبو نضر: كتبت عنه مسنده بخطي في مائتي وبضعة عشر جزءًا. قُلْتُ: هَذَا المُسْند يقرب من "مُسْند الإمام أَحْمَد" في الحجم. وقد ذكر هَذَا الرجل كمالُ الدين في "تاريخ حلب" أَيْضًا. ولا أعلم متى تُوُفِّي. 113- إِبْرَاهِيم بن الحُسَيْن1. أبو إِسْحَاق بن دَيْزيل الكسائي الهمداني الحَافِظ. يُلقب بدابة عفان، للزُومه له. ويُعرف بسيفنَّة، وَهُوَ اسم طائر بمصر، لا يقع على شجرة إِلا أكل ورقها حَتَّى يُعريها، وكذلك كان إبراهيم إِذَا قدم على شيخ لم يفارقه حَتَّى يكتب جميع حديثه، فشبّهوه به. سَمِعَ بالحجاز، والشام، ومصر، والعراق، والجبال. فسمع: أبا مُسهر، وأبا اليمان، وَعَلِيَّ بن عَيَّاش، وآدم بن أبي إياس بالشام وَسَمِعَ: أبا نُعَيْم وعفان ومسلم بن إِبْرَاهِيم وسليمان بن حرب بالعراق. و: نعيم بن حماد، وأصبغ، وطبقتهما بمصر. و: إسماعيل بن أبي أُويس، وعيسى بن مينا قالون بالحجاز. وعنه: أبو عوانة، وَأَحْمَد بن صالح البرجردي، وعمر بن حفص المُسْتَمْلِي، وَأَحْمَد بن هارون الزنجي، وعبد السلام بن عبديل، وعَليُّ بن حَمَّاد النَّيْسَابُوري، وَأَحْمَد بن مروان الدِّينَوَري، وعَليُّ بن إِبْرَاهِيم بن سَلَمَةَ القطان، وعبد الرحمن بن   1 سير أعلام النبلاء "13/ 184-192"، لسان الميزان "1/ 48، 49"، البداية والنهاية "11/ 71". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 79 أَحْمَد الجلاب، وَمحمد بن عبد الله بن برزة الروذراوي، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق بن مُجاب الطبسي، وخلق. وكان يصوم يومًا ويُفطر يومًا، رحمه الله. سُئل الحاكم أبو عبد الله عنه، فَقَالَ: ثقة مأمون. وَقَالَ ابن خراش: صدوق اللهجة. وعن إِبْرَاهِيم بن ديْزيل قَالَ: إِذَا كان كتابي بيدي، وأحمد بن حَنْبَلٍ عن يميني، وَيَحْيَى بن معين عن يساري، ما أبالي؛ يعني لضبطه وجودة كُتُبه. وَقَالَ صالح بن أَحْمَد الحَافِظ: سَمِعْتُ أبي: سَمِعْتُ عَليّ بن عيسى يَقُولُ: إن الإسناد الذي يأتي به إبراهيم لو كان فيه أن لا يؤكل الخبز لوجب أن لا يؤكل، لصحة إسناده. وَقَالَ الحاكم: بلغني أَنَّهُ قَالَ: كتبت حديث أبي حمزة، عن ابن عَبَّاس، عن عفان، وسمعته منه أربعمائة مرة. وقال الْقَاسِم بن أبي صالح: سَمِعْتُ إبراهيم بن ديزيل يَقُولُ: قَالَ لي يَحْيَى بن معين: حدثْني بنسخة اللَّيْث، عن ابن عجلان، فإنها فاتتني على أبي صالح. فَقُلْتُ: ليس هَذَا وقته. قَالَ: متى يكون. قُلْتُ: إِذَا متُّ. وَقَالَ الْقَاسِم بن أبي صالح: جاء أيام الحج أبو بكر محمد بن أبي الفضل القُسطاني، وحُريش بن أحمد إلى إِبْرَاهِيم بن الحُسَيْن، فسألاه عن حديث الإفك، رواية الفروي، عن مالك، فحانت منه التفاتة، فَقَالَ له الزَّعْفَرَانِيّ: يا أبا إِسْحَاق تُحدّث الزنادقة؟ وقال: ومن الزنديق؟ قَالَ: هَذَا، قَالَ إن أبا حاتم لا يُحدّث حَتَّى يمتحن. فَقَالَ: أبو حاتم عندنا أمير المؤمنين في الحديث، والامتحان دين الخوارج، من حضر مجلسي فكان من أهل السنة، سَمِعَ ما تقرُّ به عينه؛ ومن كان من أهل البدعة يسمع ما سخن الله عينه. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 80 فقاما، ولم يسمعا. وعن عَليّ بن عيسى قَالَ: وقد طول شيرويه الحَافِظ ترجمة ابن ديزيل وروى فيها بلا إسناد أَنَّهُ قَالَ: كتبت في بعض الليالي، فجلست كثيرًا، وكتبت ما لا أحصيه حَتَّى عييت، ثُمَّ خرجت أتأمل السماء، وكان أول الليل، فعدت إلى بيتي، وكتبت أَيْضًا حَتَّى عييت، ثُمَّ خرجت، فَإِذَا الوقت آخر الليل. فأتممت جُزئي وصليت الصُّبح، ثُمَّ حضرت عند تاجر يكتب حسابًا له، فورّخه يوم السبت. فَقُلْتُ: سبحان الله أليس اليوم الجمعة؟ فضحك وَقَالَ: لعلك لم تحضر أمس الجامع. قَالَ: فراجعت نفسي، فَإِذَا أنا قد كتبت لليلتين ويومًا. وَقَالَ الخليلي في شيوخ ابن سلمة القطان: كان يُسمى سيفنّة، لكثرة ما يكون في كمه من الحديث. قَالَ: كان يكون في كمّي خمسون جزءًا، في كل جزء ألف حديث، إلى أن قَالَ: وَهُوَ مشهور بالمعرفة بهذا الشأن. مات سنة سبعٍ وسبعين ومائتين. هكذا قَالَ قوم. وجاء عن عبد الله بن وهب الدِّينَوَري قَالَ: كنا نذاكر إِبْرَاهِيم بن الحُسَيْن فيذاكرنا بالقمطر، فنذكر حديثًا واحدًا، فيقول: عندي منه، قمطر، يعني طُرُقه وعلله واختلاف ألفاظه. قَالَ عَليّ بن الحُسَيْن الفلكي: تُوُفِّي في آخر شعبان سنة إحدى وثمانين ومائتين. 114- إِبْرَاهِيم بن سعدان الْمَدِينِيُّ الأصبهاني الكاتب1. أبو سَعِيد، آخر أصحاب بكر بْن بكار. وكان صدوقًا مشهورًا. روى عنه: أَحْمَد بن بُنْدَار، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، وأبو الشيخ، وآخرون. توفي سنة أربع وثمانين ومائتين.   1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 186، 187". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 81 إبراهيم بن سويد السامر. في الورقة الأخرى، وَهُوَ أبو محمد. 115- إِبْرَاهِيم بن صالح الشِّيرَازِيّ1. حَدَّثَ بمكة عن: حجاج بن نُصير الفساطيطي. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 116- إِبْرَاهِيم بن عبد السلام2. أبو إِسْحَاق البغدادي الوشاء. نزيل مصر. سَمِعَ: أَحْمَد بن عبدة، وأبا كُريب محمد بن العلاء. وعنه: أبو بكر الشافعي، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة اثنتين. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. 117- إِبْرَاهِيم بن عبد العزيز بن صالح الصالحي3. عن: أبي سَعِيد الأشج، وغيره. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. وَهُوَ ثقة. 118- إِبْرَاهِيم بن فهد بن حكيم البَصْرِيّ الساجي4. عن: عُثْمَان بن الهيثم، وقرة بن حبيب، وأبي الوليد الطَّيَالِسِيّ، وأبو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيّ، وطائفة.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 82". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 88"، تاريخ بغداد "6/ 136". 3 تاريخ بغداد "6/ 136، 137"، المنتظم "5/ 173، 174". 4 الثقات لابن حبان "8/ 86"، ميزان الاعتدال "1/ 53"، لسان الميزان "1/ 91، 92". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 82 وعنه: أَحْمَد بن إبراهيم بن يوسف الأصبهاني، وعِصْمة الْبُخَارِيُّ، وطائفة. خرّجه ابن عَدِيّ. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 119- إِبْرَاهِيم بن قاسم بن هلال1. أبو إِسْحَاق القيسي الأندلسي القُرْطُبيّ. سَمِعَ: أباه، وسحنون بن سَعِيد، وغير واحد. وكان فقيهًا عابدًا. روى عنه: أَحْمَد بن خالد بن الحُباب، وغيره. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين أَيْضًا. قَالَ ابن يونس: روى عن يَحْيَى بن يَحْيَى. 120- إِبْرَاهِيم بن محمد بن سَلَمَةَ بن أبي فاطمة المرادي. أبو إِسْحَاق بن المحدّث أبي عبد الله المصري. سَمِعَ: عبد الله بن يوسف التِّنِّيسِي، والنضر بن عبد الجبار المرادي. تُوُفِّي في رمضان سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. 121- إِبْرَاهِيم بن محمد بن الصَّنْعَانيّ2. عن: عبد الرزاق. وَهُوَ أحد الأربعة الذين أدركهم الطَّبَرَانيّ من أصحاب عبد الرزاق. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 122- إِبْرَاهِيم بن محمد بن الهيثم3. أبو القاسم القطيعي.   1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 11"، جذوة المقتبس للحميدي "156". 2 المعجم الصغير "1/ 77". 3 تاريخ بغداد "6/ 154، 155". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 83 عن: منصور بن أبي مزاحم، وَعَمْرو الناقد، وغيره. وعنه: المحاملي، والطَّسْتِيّ، وإسماعيل الخطبي. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 123- إِبْرَاهِيم بن محمد بن بكار بن الريان البغدادي1. عن: أبيه. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 124- إِبْرَاهِيم بن محمد بن إسْمَاعِيل2. أبو إِسْحَاق المسمعي البَصْرِيّ. عن: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم، وَعَمْرو بن مرزوق. وعنه: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بكر الشافعي. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. 125- إِبْرَاهِيم بن محمد بن سَعِيد بن هلال بن عاصم بن سَعِيد بن مسعود الثقفي الكوفي2. من رؤوس الشيعة. صاحب تصانيف. وجدّه عاصم هُوَ ابن عمّ المختار بن أبي عبيد، ذاك الكذاب، وولده سَعِيد قِيلَ له صحبة، وولي للإمام عَليّ. سكن صاحب الترجمة إصبهان، ويُكنّى أبا إِسْحَاق. بثَّ الرَّفض، وطلبه أهلُ قُمْ ليأخذوا عنه، فامتنع. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. ألَّف في المغازي، وخبر السَّقيفة، وكتاب الرِّدّة، ومقتل عُثْمَان، وكتاب الشورى،   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 479". 2 تاريخ بغداد "6/ 153". 3 معجم الأدباء "1/ 294-296"، لسان الميزان "2/ 102"، الأعلام "1/ 56". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 84 وكتاب الجمل، والحكمين، وسيرة عَليّ، وكتاب المصرع، وكتاب الجامع الكبير في الفقه، وكتاب الإمامة، وكتاب أخبار عُمَر، وكتاب التفسير، وأشياء كثيرة. روى عنه أَحْمَد بن الأسود، وجماعة. 126- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوَيْد1. أبو إِسْحَاق الشِبامي. وشِبام على مرحلتين من صنعاء اليمن. وُلد سنة تسعين ومائة. وَسَمِعَ من: عبد الرزاق. وعنه: محمد بن محمد بن حمزة البغدادي، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. وله ست وتسعون سنة. 127- إِبْرَاهِيم بن نصر2. أبو إِسْحَاق بن أبرول الجهني القُرْطُبيّ، ثُمَّ السرقسطي الحَافِظ. رحل في الحديث وَسَمِعَ: أبا الطاهر بن السَّرَّاج، والحارث بن مِسكين، وَمحمد بن بشار، ويونس بن عبد الأعلى، وخلْقًا من هذه الطبقة، وكان عالمًا بالحديث وعلله. روى عنه: ثابت بن حزم، وغيره، وَتُوُفِّي سنة سبعْ وثمانين. 128- إدريس بن جَعْفَر بن يزيد3. أبو محمد العطار. حَدَّثَ عن: يزيد بن هارون، وأبي بدر شجاع بن الوليد، وروح بن عُبادة، وغيرهم. وعنه: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وَجَعْفَر بن محمد بن الحكم، وَإسْمَاعِيل الخطبي، والطَّبَرَانيّ، وغيرهم.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 79". 2 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 12"، جذوة المقتبس للحميدي "157، 158". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 103"، تاريخ بغداد "7/ 13، 214". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 85 قَالَ الخطيب: حَدَّثَ عن أبي بدر خمسة أحاديث، ولا يعرف أصحابنا البغداديون لإدريس شيئًا مُسْندًا سوى هذه الأحاديث. وقد روى عنه الطَّبَرَانيّ أحاديث عدة. قَالَ: وروى شعبة بن الفضل الثعلبي عن إدريس حديثًا بمصر. قَالَ الخطيب: سألته عَن سنه فَقَالَ: مائة وست سنين. وقَالَ الدارقطني: متروك. قلت: سَمِعَ منه الطبراني فِي سنة ثمان وثمانين ومائتين. 129- إدريس بن يزيد1. أبو سُلَيْمَان البلخي النابلسي الضرير الشاعر. روى عن: أَحْمَد بن عبد العزيز الواسطي، عن عبد الرزاق خبرًا موضوعًا رواه أبو عُمَر بن مهدي، عن إسْمَاعِيل الصَّفَّار، عنه. وقد روى عنه: ابن المَرْزُبان، والصولي، وعمر بن الحَسَن، والأشناني القاضي، وَالحُسَيْن الكواكبي، وغيرهم. وَقَالَ الأشناني: أنشدنا أبو سُلَيْمَان الضرير: إِذَا كملت للمرء ستُّون حجَّة ... فلم يَحْظ بالستين إِلا بسدْسها ألم ترَ أَنَّ النّصف لِلَيْلٍ حاصلٍ ... وتذهب أيّام المقيل بخُمسها وتأخذ ساعات الهموم بحصةٍ ... وساعات أوجاع تُميتُ بحِسها فحاصلُ ما تبقى له سُدس عُمره ... إِذَا ما صدقت النّفسُ عن حُكم حَدْسِها قَالَ المَرْزُباني: تُوُفِّي بعد الثمانين ومائتين. 130- أزهر بن رستة2. أبو عبد الله الأصبهاني.   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 340، 341". 2 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 237، 238". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 86 سَمِعَ: محمد بن بكير، وسهل بن عُثْمَان، وسعدويه الأصبهاني. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 131- أسباط بن محمد بن عُبَيْد بن أسباط بن محمد القرشي الكوفي1. من أولاد الشيوخ. روى عن: أبي هشام الرفاعي، وغيره. ومات سنة إحدى وثمانين ومائتين. 132- إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن حازم بن سنين الخُتُّليّ2. أبو الْقَاسِم نزيل بغداد. عن: عَليّ بن الْجَعْد، وأبي نصر التمار، وكامل بن طلحة، وهشام بن عمار، وداود بْن عمرو الضَّبِّيّ، وخلق كثير بالشام، والعراق، والجزيرة. وعنه: أبو جَعْفَر بن البَخْتَرِيّ، وأبو سهل القطان، وأبو عمرو الدقاق، وأبو بكر الشافعي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. قُلْتُ: تُوُفِّي في شوال سنة ثلاث وثمانين. وقد بلغ ثمانين سنة. وقع لنا من تأليفه "كتاب الدَّيباج" في جُزءين. 133- إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم البغدادي3. أبو الْقَاسِم بن الجبُّلي. وجبُّل من سواد العراق. سَمِعَ: منصور بن أبي مزاحم، وطبقته. قَالَ الخطيب: ولم يُحدّث إلا بشيء يسير، وكان يوصف بالحفظ.   1 سنن الدارقطني "1/ 66". 2 تاريخ بغداد "6/ 381"، ميزان الاعتدال "1/ 85"، البداية والنهاية "11/ 74". 3 أخبار القضاة لوكيع "1/ 326"، تاريخ بغداد "6/ 378"، البداية والنهاية "11/ 71". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 87 روى عنه: أبو سهل بن زياد. وَقَالَ ابن المنادي: أبو الْقَاسِم بن الْجَبُّلي كان في أكثر عمره بالجانب الشرقي. وكان بوجهه ويديه وضحٌ. وكان يُفتي النَّاس بالحديث، ويُذاكر ولا يُحدّث إلى أن مات. قَالَ: وكان موته لثمانٍ بقين من ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين، وصلّى عليه إِبْرَاهِيم الحربي. قُلْتُ: عاش سبعين سنة، وروى له الخطيب حديثًا. 134- إِسْحَاق بن إبراهيم الفرغاني1. ولقبه: جيش. حَدَّثَ سنة تسعٍ وثمانين ومائتين بدمشق. عن: محمد بن آدم المِصِّيصِيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن سلام. وعنه: أَحْمَد بن محمد بن عمارة، وغيره. 135- إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبّاد2. أبو يعقوب الدَّبَرِيُّ اليماني الصَّنْعَانيّ. سَمِعَ مصنّفات عبد الرزاق سنة عشرة باعتناء والده إِبْرَاهِيم، وكان صحيح السّماع. ومولده على ما ذكر الخليلي سنة خمسٍ وتسعين ومائة. روى عنه: أبو عوانة في صحيحه، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسيّ، وَمحمد بن عبد الله التقوي، وَمحمد بن محمد بن حمزة، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وجماعة. وَتُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين بصنعاء. قَالَ ابن عَدِيّ: استصغر في عبد الرزاق، أحضره أبوه عنده وَهُوَ صغير جدًا، فكان يَقُولُ: قرأنا على عبد الرزاق قراءة غيره؛ وحدّث عنه بأحاديث منكرة.   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 433". 2 الكامل في الضعفاء لابن عدي "1/ 338"، لسان الميزان "1/ 349"، شذرات الذهب "2/ 190". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 88 قُلْتُ: ساق له حديثًا واحدًا من طريق ابن أنعم الإفريقي يحتمل مثله، فأين الأحاديث الذي ادّعى أنّها له مناكير. والدَّبري صدوق محتجٌّ به في الصحيح. سَمِعَ كُتبًا، فَإِذَا جاء كما سمعها. وَقَالَ الحاكم: سألت الدَّارَقُطْنيّ عن الدَّبري أيدخل في الصحيح؟ قَالَ: أي والله، هُوَ صدوق، ما رأيت فيه خلافًا. 136- إِسْحَاق بن إبراهيم بن يزيد بن أبي عمران الإسفراييني الحَافِظ. الفقيه أبو يعقوب، والد الحَافِظ أبي عوانة. سيأتي عن قريب. 137- إِسْحَاق بن إسْمَاعِيل1. أبو يعقوب الرملي النحاس. دخل إصبهان وحدّث بها بأحاديث من حفظه، عن آدم بن أبي إياس، فأخطأ في بعضها، وعن محمد بن روْح. وكان يَخْضب شَيْبَه. روى عنه: أبو الشيخ، وأخوه عبد الرحمن بن محمد بن جَعْفَر بن حَيَّان، وَأَحْمَد بن بُنْدَار، وأبو أَحْمَد العسال، وجماعة. قال النَّسَائِيُّ: صالح. وَقَالَ مرة: كتبت عنه، ولا أدري ما هُوَ. قُلْتُ: ورَّخوا موته سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 138- إِسْحَاق بن الحَسَن بن ميمون الحربي2. سَمِعَ: هوْذة بن خليفة، وعفان، وأبا نُعَيْم، وأبا حذيفة النَّهدي، وَالحُسَيْن بن محمد المروذي، والقعنبي، وموسى بن داود الضبي، وجماعة.   1 تهذيب الكمال "2/ 407، 408"، ميزان الاعتدال "1/ 184"، تهذيب التهذيب "1/ 225". 2 أخبار القضاة لوكيع "1/ 8، 40"، ميزان الاعتدال "1/ 190"، لسان الميزان "1/ 360". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 89 وعنه: محمد بن مَخْلَد، وأبو بكر النَّجَّاد، وأبو سهل القطان، وأبو عَليّ بن الصواف، وأبو بكر القطيعي، وخلق سواهم. وقد سُئل عنه إِبْرَاهِيم الحربي هل سَمِعَ من حسين المروذي، فَقَالَ: هُوَ أكبر مني بثلاث سنين، وأنا قد لقيت حُسينًا لا يلقاه هُوَ. لو أن الكذب حلال ما كذب إِسْحَاق. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمَد: ثقة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: قَالَ لنا أبو بكر الشافعي: سُئل إِبْرَاهِيم الحربي، عن إِسْحَاق بن الحَسَن، فَقَالَ: هُوَ ينبغي أن يُسأل عني. تُوُفِّي في شوال سنة أربعٍ وثمانين. 139- إِسْحَاق بن حُميد المَرْوَزِيّ، ثُمَّ البغدادي1. قَالَ الخطيب: حَدَّثَ عن: عفان أحاديث مستقيمة. روى عنه: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بكر الشافعي. 140- إِسْحَاق بن مأمون بن إِسْحَاق الطالقاني2. أبو سهل. سكن بغداد، وحدّث عن: سَعِيد بن يعقوب الطالقاني، وَإِسْحَاق الكوْسَج. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وغيرهما. كتبوا عنه كتاب الشافعي، عن الربيع، عنه. وكان كثير الكُتُب. مات سنة خمسٍ وثمانين. 141- إِسْحَاق بن مَعْمر. أبو يعقوب السَّدُوسي البَصْرِيّ. تُوُفِّي بمصر في ذي الحجّة سنة أربع وثمانين.   1 تاريخ بغداد "6/ 377". 2 تاريخ بغداد "6/ 383". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 90 142- إِسْحَاق بن محمد بن أبان النخعي الأحمر. الزِّنْديق الإلحادي، قد تقدًّم. 143- إِسْحَاق بن أبي عمران الإسفراييني الفقيه1. هُوَ إِسْحَاق بن موسى بن عمران، أبو يعقوب الشافعي صاحب المُزَنِيّ. تفقه على: أبي إبراهيم المُزَنِيّ. وَسَمِعَ "المبسوط" من الربيع. وَسَمِعَ من: قُتَيْبَة، وَإِسْحَاق، وعَليَّ بن حُجر، وَإِبْرَاهِيم بن يوسف البلخي، وَمحمد بن بكار بن الريان، وجُبارة بن المُغلّس، ومنصور بن أبي مُزاحم، وأبي مُصْعَب، وهشام بن عمار، وخلق كثير بالشام، والعراق، ومصر. وعنه: مُؤَمَّل بن الحَسَن، وأبو عوانة، وَمحمد بن عبْدَك، وَمحمد بن الأخرم، وجماعة. وكان من كبار الأئمة في الفقه والحديث. توفي بإسفرايين في رمضان سنة أربعٍ وثمانين. قُلْتُ: هُوَ والد الحَافِظ أبو عوانة يعقوب بن إِسْحَاق بن إبراهيم بن يزيد فيما أرى. أظن أن الحاكم وَهِمَ في تسميته أبيه موسى بن عمران. وقد ذُكر أَنَّ أبا عوانة روى عنه، وما بيّن أَنَّهُ ولده، وما ذكر في تاريخه ترجمة أخرى لوالد أبي عوانة، وقد رأيت في "صحيح أبي عوانة" روايته عن أبيه في أماكن، عن عَليّ بن حُجر، وابن راهَوَيْه، وأبي مروان العثماني، وما ظفرت له بروايةٍ عن إِسْحَاق بن أبي عمران، فَهُوَ آخر، والله أعلم. 144- إِسْحَاق بن أبي عمران2. أبو يعقوب اليُحمدي الإستراباذي. هُوَ إِسْحَاق بن موسى بن عبد الرحمن بن عبيد الشافعي، الفقيه أيضًا.   1 الكامل في التاريخ "7/ 489"، سير أعلام النبلاء "13/ 456-458"، البداية والنهاية "11/ 78". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 453". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 91 سمع: قتيبة، وابن راهويه، وهشام بن عمار، وحرملة، وطبقتهم بخراسان، ومصر، والشام، والعراق. روى عنه: أبو نُعَيْم، وابن عَدِيّ، ووالد عبد الله بن عَدِيّ القطان. ذكره حمزة في تاريخ جُرجان. 145- إسْمَاعِيل بن أَحْمَد بن أسيد الثقفي الأصبهاني الحَافِظ1. له مُسند وتفسير. روى عن: إسْمَاعِيل بن موسى الفزاري، وأبي كريب، وَمحمد بن عاصم، وطبقتهم. وله رحلة أكثر فيها عن العراقيين. روى عنه: عبد الله بن الحُسَيْن بُنْدَار، وغيره. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 146- إسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن إسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن يزيد بن درهم2. القاضي أبو إِسْحَاق الأزدي مولاهم البَصْرِيّ المالكي قاضي بغداد، وشيخ مالكية العراق وعالمهم. وُلد سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وَسَمِعَ من: محمد بن عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن رجاء، ومسلم بن إبراهيم، والقعنبي، وحجاج بن منهال، ومسدّد بن مُسرهد، وَإسْمَاعِيل بن أبي أُويس، وقالون المقرئ، وخلق. وتفقّه على: أَحْمَد بن المُعَدَّل الفقيه، وأخذ العلل وصناعة الحديث عن عَليّ بن الْمَدِينِيِّ، وبرع في هذين العِلْمين. روى عنه: أبو الْقَاسِم البَغَوِيّ، وَإسْمَاعِيل الصَّفَّار، وأبو بكر النَّجَّاد، وأبو بكر الشافعي، وَالحُسَيْن بن محمد بن كيسان، وأبو بحر محمد بن الحَسَن بن كوثر البَرْبَهَاري، وطائفة سواهم.   1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 12"، الوافي بالوفيات "9/ 85". 2 الجرح والتعديل "2/ 158"، حلية الأولياء "10/ 25، 251"، سير أعلام النبلاء "13/ 339-342"، البداية والنهاية "11/ 72"، شذرات الذهب "2/ 178". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 92 ومن جلالته أَنَّ النَّسَائِيَّ روى في كتاب "الكنى" عن رجلٍ، عنه، فَقَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيم بن موسى: ثَنَا إسْمَاعِيل بن إِسْحَاق، ثَنَا عَليّ بن الْمَدِينِيِّ، فذكر كنيته. قَالَ أبو سهل القطان: ثَنَا يوسف بن يعقوب القاضي قَالَ: خرج توقيع أمير المؤمنين المُعْتَضِد إلى وزيره: استوص بالشَّيخين الخيّرين الفاضلين خيرًا: إسْمَاعِيل بن إسحاق، وموسى بن إِسْحَاق. فإنهما ممّن إذا أراد الله بأهل الأرض عذابًا صرف عنهم بدُعائهما. وتفقّه عليه خلْق. قَالَ الخطيب: كان عالمًا متقنًا فقيهًا على المذهب مالك. شرح المذهب واحتجَّ له، وصنّف المُسند، وصنّف في علوم القرآن، وجمع حديث أيوب، وحديث مالك. قُلْتُ: وصنّف موطأ، وصنّف كتابًا في الرد على محمد بن الحَسَن نحو مائتي لم يتم. قَالَ الخطيب: واستوطن بغداد، وولي قضاءها إلى أن تُوُفِّي. وتقدّم حَتَّى صار علَمًا، ونشر مذهب مالك بالعراق ما لم يكن في وقت من الأوقات. وله كتاب "أحكام القرآن" لم يُسبق إلى مثله، وكتاب "معاني القرآن" وكتاب "القراءات". قَالَ أبو بكر بن مجاهد: سَمِعْتُ المبّرد يَقُولُ: إسْمَاعِيل القاضي أعلم مني بالتصريف. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي قَالَ: أَتَيْتُ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ، فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلًا قَالَ: قَدْ جَاءَتِ الْمَدِينَةُ. وَقَالَ نِفْطَوَيْهِ فِي تَارِيخِهِ: كَانَ إسْمَاعِيلُ كَاتِبَ محمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ فَحَدَّثَنِي قَالَ: قَالَ لِي محمد: أَخْبِرْنِي عَنْ نَقْدِي الْحَدِيثَيْنِ: "أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارون من موسى"؛ و "من كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ"، كَيْفَ إِسْنَادُهُمَا؟ فَقُلْتُ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالْآخَرُ دُونَهُ. قَالَ نِفْطَوَيْهِ: فَقُلْتُ لإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي: فِيهِ طُرُقٌ، رَوَاهُ الْبَصْرِيُّونَ وَالْكُوفِيُّونَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ مَوْلَاهُ. هَذَا لَفْظُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ محمد بْنُ إِسْحَاقَ النَّدِيمُ: دَعَا النَّاسَ إِلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَاحْتَجَّ لَهُ. وَهُوَ أوّل من عيّن الشهادة ببغداد لقومٍ بأعيانهم، وحظّر على غيرهم. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 93 وَقَالَ: إنَّ النَّاس قد فسدوا، ولا سبيل إلى ضبط الشهادة إِلا بهذا، فاقتصر على بعض، وزكي بعضُهم بعضًا. قُلْتُ: وحديثه "في الغَيْلانيات" يقع عاليًا. وقد ولي قضاء بغداد اثنتين وعشرين سنة، وولي قبل ذَلِكَ بمدة قضاء الجانب الشرقي سنة ستٍّ وأربعين بعد موت سوار العَنْبَريّ، وكان وافر الحُرْمة، ظاهر الجشمة، كبير القدر. تُوُفِّي فجأة في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين ومائتين، رحمه الله تعالى. 147- إسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن إبراهيم بن مِهران1. أبو محمد الثقفي النيسابوري، أخو إبراهيم، ومحمد. سكن ببغداد، وحدّث عن: يَحْيَى بن يَحْيَى، وابن راهَوَيْه، وأحمد بن حَنْبَل، وجُبَارة بن المُغلّس، وجماعة. وكان مختصًا بالإمام أَحْمَد. روى عنه: دعلج، وأبو بكر بن إِسْحَاق الضُّبَعيّ، وابن قانع، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. وَقِيلَ: تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. 148- إسْمَاعِيل بن بكر البغدادي السُّكَّري2. عن: عَمْرو بن مرزوق، وخلف البزاز. وعنه: أبو عَليّ الصواف، وعبد الله بن ماسي، وآخرون. وكان صدوقًا. 149- إسْمَاعِيل بن عبد الله بن عمرو بن سعيد3.   1 تاريخ بغداد "6/ 392، 393"، المنتظم "6/ 19". 2 تاريخ بغداد "6/ 293، 293". 3 الوافي بالوفيات "9/ 146"، غاية النهاية "1/ 165". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 94 أبو الحَسَن المصري النّحّاس المقرئ، صاحب الأزرق. قرأ على: أبي يعقوب الأزرق، عن وَرْش. وتصدر بمصر للإقراء. وقرأ عليه خلقٌ منهم: أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن عبد اللَّه بن هلال الأزدي، وحمدان بن عون الخولاني، وَمحمد بن عُمَر بن خيرون المعافري الأندلسي، وأبو الحَسَن بن شنبوذ، وأبو جَعْفَر أَحْمَد بن أُسامة التُّجيبي، وأبو بكر أَحْمَد بن أبي الرخاء، وأحمد بن إِبْرَاهِيم الخياط. وآخر من مات من أصحابه التجيبي، وابن أبي الرخاء شيخا خلف بن خاقان. وكان محققًا مجودا، بصيرًا بقراءة ورش، وعبد القوي بن كمُونة، وهما من أصحاب ورش. ورحل القُراء إليه من البلاد، وكان يُقرئ بمكتبه وبجامع مصر وكُفّ بصره بأخره. وَقَالَ ابن شنبوذ: أخبرني أَنَّهُ قرأ على أبي يعقوب ختمتين. وَقَالَ النقاش: قرأ على عبد الصمد، إلى سورة طه، وعلى ابن كمّونة ختمتين. وَقَالَ بعضهم: إِنَّهُ قرأ على أبي يعقوب سبع عشرة ختمة. 150- إسْمَاعِيل بن الفضل البْلخي1. عن: قُتَيْبَة، وَإسْمَاعِيل بن عيسى العطار، وغيرهما. وعنه: ابن قانع، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بكر الشافعي. ومات سنة ستٍّ وثمانين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به. قُلْتُ: هُوَ أخو عبد الصمد البلخي. وقد رحل إلى الشام. وَسَمِعَ من: سُلَيْمَان بن عبد الرحمن، وَإِسْحَاق بن الأركون، والمعافى بن سُلَيْمَان. قَالَ ابن قانع: تُوُفِّي في رجب.   1 تاريخ بغداد "6/ 290، 291"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 19". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 95 151- إسْمَاعِيل بن قُتَيْبَة بن عبد الرحمن1. أبو يعقوب السُّلمي النَّيْسَابُوري الزاهد. سَمِعَ: يَحْيَى بن يحيى، ويزيد بن صالح الفرا، وسعيد بن يزيد الفرا، وعبد الله بن محمد المُسْنِدي. وفي الرحلة: أَحْمَد بن حَنْبَل، وأبا بكر بن أبي شَيْبَة، وزهير بن حرب، وَيَحْيَى الحماني، وخلْقًا. وقرأ المصنّفات كُلّهَا عَلَى ابن أبي شَيْبَة. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم بن أبي طالب، وأبو بَكْر بن خُزَيْمَة، وأبو حامد بن الشرقي، وَأَبُو بَكْر بن إِسْحَاق الضُّبَعيّ، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وطائفة. وقال الضُّبَعيّ: كَانَ الإنسان إِذَا رآه يذكر السّلف لسَمْته وزُهده وورعه، وَهُوَ أوّل من سَمِعْتُ منه، كنا نختلف إليه إلى قرية بشتنفان، فيخرج إلينا، فيقعد عَلَى حصى النَّهْر، والكتاب بيده، فيحدثنا وَهُوَ يبكي. وَإِذَا قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى قَالَ: رحم الله أبا زكريا. تُوُفِّي في رجب سنة أربعٍ وثمانين، وكانت لَهُ جنازة مشهودة، رحمه الله. 152- إسْمَاعِيل بن محمد بن أبي كثير2. أَبُو يعقوب الفسوي، قاضي المدائن. شيخ ثقة. وروى عن: مكي بن إِبْرَاهِيم. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القطان، وَأَبُو بَكْر الشافعي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 153- إسْمَاعِيل بن محمود النَّيْسَابُوري3. سَمِعَ: يحيى بن يحيى.   1 طبقات الحنابلة "1/ 106، 107"، سير أعلام النبلاء "13/ 344، 345". 2 تاريخ بغداد "6/ 283"، المنتظم "5/ 153". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 94". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 96 وَعَنْهُ: أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. لم يذكره الحاكم. 154- إسْمَاعِيل بن نُميل1. أَبُو عَليّ الخلال شيخ صدوق. سَمِعَ: أبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وأحمد بن يونس اليربوعي. وعنه: عبد الصمد الطستي، والطبراني. توفي سنة ثماني وثمانين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. ثَنَا عَنْهُ جماعة. 155- إسْمَاعِيل بن يَحْيَى بن حازم. أَبُو يعقوب السُّلمي النَّيْسَابُوري الأعور. عن: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وعبد الأعلى النَّرْسي، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو الفضل محمد بن إِبْرَاهِيم، وَأبو عبد الله بن الأخرم، وجماعة. توفي سنة تسعين ومائتين. 156- والأفشين بن أبي الساج2. أمير كبير مشهور؛ كَأَنَّهُ مات في ربيع الأول سنة ثمانٍ وثمانين بِأَذْرَبِيجَان. 157- أنس بن السَّلم3. أَبُو عُقيل الخوْلاني الطرطوسي، ثم الدمشقي. عن: إبراهيم بن هاشم بن يَحْيَى الغساني، وَمَخْلَد بن مالك الحَرَّاني، ومعلّل بن بُقيل، وَدُحَيْم، وجماعة كبيرة من الشاميين والحرانيين. وَعَنْهُ: عَليّ بن أبي يعقوب، وابن عدي، والطبراني، وخلق.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 96"، تاريخ بغداد "6/ 291، 292"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 25". 2 تاريخ الطبري "9/ 549، 553"، الكامل في التاريخ "6/ 98"، دول الإسلام "1/ 174". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 105"، مسند الشاميين "1/ 74، 98"، ذكر أخبار أصبهان "2/ 156". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 97 158- أُنيس بن عبد الله1. أَبُو عُمَر البغدادي المقرئ النّخاس، بمعجمة. عن: أبي نصر التَّمَّار، وأبي مَعْمَر الهذلي. وَعَنْهُ: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وجماعة. وَكَانَ موثّقًا. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين، وَقِيلَ: سنة ثمانٍ. "حرف الباء": 159- بدر بن المنذر2. أَبُو بَكْر المَغَازلي العابد، صاحب أَحْمَد بن حَنْبَل. وَهُوَ بكنيته أشهر. قيل: اسمه أحمد وروى عن: معاوية بن عَمْرو الأزدي. وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وأبو بكر الشافعي، وأحمد بن يوسف بن خلاد. وَكَانَ صدوقًا قانعًا باليسير، ثقة. يُعدّ من الأولياء، رحمة الله عَلَيْهِ. تُوُفِّي في جُمَادَى الأولى سنة اثنتين وثمانين. قَالَ أَبُو نُعَيْم: أطبقت الألسنة من الحنبلية، والمحدثين أَنَّهُ كَانَ من الأبدال، لَهُ أحوال عجيبة. وَقَالَ أَبُو بَكْر الخلال: الحنبلي بدر كَانَ أبو عبد الله يقدّمه ويُكرمه. وكنتَ إِذَا رأيته ورأيت منزله وقُعوده، شهدت لَهُ بالصبر والصلاح. وعن أَحْمَد بن حَنْبَل أَنَّهُ كَانَ يتعجب من بدر وَيَقُولُ: منْ مِثل بدرٍ؟ بدرٌ مَلَك لسانه. وَقَالَ أَبُو عبد الرحمن السلمي: قَالَ أَبُو محمد الجريري: كنت عند بدر المغازلي،   1 تاريخ بغداد "7/ 49، 50"، المنتظم "6/ 28". 2 حلية الأولياء "10/ 305، 306"، تاريخ بغداد "7/ 103". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 98 وكانت امرأته باعت دارًا لها بثلاثين دينارًا، فَقَالَ لها بدر: نفرّق هذه الدنانير في إخواننا، ونأكل رزق يومٍ بيوم. ففعلت -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. 160- بدر1. أَبُو الحَسَن الرُّومي الجصّاص. عن: عاصم، وعَليَّ، وشباب العصفُري. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر النقاش، وإسماعيل الخُطَبي. وَكَانَ يكون ببغداد. 161- بدر2. مولى المُعْتَضِد بالله ومقدَّم جيوشه. وَكَانَ في حرب فارس لَمَّا تُوُفِّي المُعْتَضِد، فعمل الْقَاسِم بن عُبَيْد الله الوزير عَلَيْهِ وغيّر قلب المُكْتَفِي عَلَيْهِ؛ فطلبه المُكْتَفِي فتخوّف واختفى. ثُمَّ أرسل إليه أمانًا وغدَرَ بِهِ بإشارة الْقَاسِم، وَلَمَّا وصل عدَلَ بِهِ في السفينة إلى جزيرة بِشْر. وقُتل صبرًا في رمضان سنة تسع وثمانين. 162- بِشْر بن موسى بن صالح3. شيخ ابن عُميرة. أبو عَليّ الأسدي البغدادي. وُلد سنة تسعين ومائة. وَسَمِعَ من: روح بن عُبادة حديثًا واحدًا. ومن: حفص بن عُمَر العدني، وهوذة بن خليفة، والأصمعي، وَالحَسَن بن موسى الأشيب، وعبد الصمد بن حسان، وَعَمْرو بن حَكّام، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وأبي نعيم، وخلق.   1 تاريخ بغداد "7/ 104، 105". 2 تاريخ بغداد "7/ 105"، وفيات الأعيان "6/ 199"، البداية والنهاية "11/ 95". 3 الجرح والتعديل "2/ 367"، تاريخ بغداد "7/ 86-88"، سير أعلام النبلاء "13/ 352، 354". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 99 وعنه: إسماعيل الصفار، وابن نجيح، وأبو عُمَر الزاهد، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وَأَبُو عَليّ بن الصواف، وأبو بَكْر بن مالك القطيعي، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وخلْق. وَهُوَ بيت حشمة وجلالة. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، أمينًا، حافظًا، عاقلًا، ركينًا. وَقَالَ ابن المقرئ الأصبهاني: ثَنَا محمد بن الحَسَن بن أبي خُبزة: سَمِعْتُ بِشْر بن موسى يَقُولُ: ذهب بي خالي حسّان بن بِشْر الأسدي إلى يَحْيَى بن آدم، وصلّيت خلف عَمْرو الشَّيباني النَّحْوِيّ، فقرأ بسورة السجدة، فسجد. وَقَالَ أَبُو بَكْر الخلال: كَانَ أبو عبد الله يُكْرم بشر بن موسى، وكتب له الحميدي إلى مكة. وقال الدارقطني: ثقة. وقال الخطيب: توفي لأربع بقي ن من ربيع الأول سنة ثمانٍ وثمانين. 163- بَكْر بن الحَبَطي. حَدَّثَ بإصبهان عن: محمد بن سَعِيد بن سابق، وَإِبْرَاهِيم بن موسى الفرّا، وجماعة. تُوُفِّي سنة ثمانٍ أَيْضًا. 164- بَكْر بن سهل بن إسْمَاعِيل1. أَبُو محمد الدمياطي، مولى بني هاشم. عن: عبد الله بن هاشم بن يوسف التِّنِّيسِي، وعبد الله بن صالح كاتب اللَّيْث، وَسُلَيْمَان بن أبي كريمة البيروتي، وَشُعَيْب بن يَحْيَى، ونعيم بن حَمَّاد، وَمحمد بن مَخْلَد الرُّعيني، وصفْوان بن صالح الدِّمَشْقِيّ، وطائفة. وقرأ القرآن عَلَى أصحاب وَرْش. قرأ عَلَيْهِ: ابن شَنَبُوذ، وزكريا بن يَحْيَى الأندلسي. وحمل الحروف عَنْهُ: أَحْمَد بن يعقوب النائب، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الرّزّاق في كتابه إليهما.   1 ميزان الاعتدال "1/ 345، 346"، لسان الميزان "2/ 51، 52"، شذرات الذهب "2/ 201". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 100 وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر الطَّحاوي، وأبو العَبَّاس الأصم، وَأَحْمَد بن عُتْبة الرّازيّ، وعَليَّ بن محمد الواعظ، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو أَحْمَد العسال، وطائفة. وَكَانَ شيخًا أسمر، مربوعًا، كبير الأُذنين. وُلد سنة ستٍّ وتسعين ومائة. وَقَالَ أَبُو الشيخ: وكان قد جمعوا له بالرملة خمسمائة دينار ليقرأ عليهم التفسير، فامتنع، وقدِم بيتَ المَقْدِس، فجمع لَهُ من الرملة وبيت المَقْدِس ألف دينار، فقرأ عليهم الكتاب. ومات في هذه السنة، أي سنة سبْعٍ وثمانين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضعيف. وَقَالَ ابن يونس: تُوُفِّي بدِمياط في ربيع الأوّل، سنة تسعٍ وثمانين، وَهَذَا أصحّ. 165- بَكْر بن عبد العزيز بن أبي دُلف العِجلي الأمير1. من بيت إمرة وتقدُّم، خرج عَلَى المُعْتَضِد، فلم يتم أمره. ومات بطَبَرسْتَان. وجاء الخبر، فأعطى المُعْتَضِد البشيرَ ألفَ دينار. مات سنة خمسٍ وثمانين. "حرف التاء": 166- تميم بن محمد بن طمخاج2. الحَافِظ أَبُو عبد الرحمن الطوسي. طوَّف وَسَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَل، وشيبان بن فَرُّوخ، وهدبة بن خالد، وَمحمد بن رُمح، وحرملة، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَسُلَيْمَان بن سَلَمَةَ الخبائري، وطائفة. وعنه: أبو النصر الفقيه، وعلي بن جمشاد، وأبو عبد الله بن الأخرم.   1 تاريخ الطبري "10/ 33، 47، 49". 2 طبقات الحنابلة "1/ 122"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 361". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 101 وروى الحسن بن سفيان مع تقدمه في مسنده عن ولده أبي بَكْر، عن تميم بن محمد. قَالَ الحاكم: وتميم محدّث ثقة، مصنَّف، جمع المُسْند الكبير عَلَى الرجال. قُلْتُ: تُوُفِّي في حدود التسعين ومائتين. "حرف الثاء": 167- ثابت بن قُرة بن مروان بن ثابت بن زكريا الحَرَّاني1. الصابئ الفيلسوف الحاسب، نزيل بغداد، وَكَانَ إِلَيْهِ المُنتهى في علوم الأوائل، حقّها وباطِلِها. صنّف تصانيف كثيرة، وَكَانَ بارعًا في فنّ الهيئة والهندسة، وَلَهُ عقبٌ ببغداد عَلَى دِين الصابئة. وَكَانَ ابنه إِبْرَاهِيم بن ثابت رأسًا في الطب، ترْكنُ النَّفس إلى ما يؤرخه. مات عَلَى كُفره. وأمّا ثابت بن قُرة فأول أمره كَانَ صيرفيًا بحرَّان، ثُمَّ استصحبه محمد بن موسى بن شاكر لَمَّا انصرف من بلد الروم، لِأَنَّهُ رآه فصيحًا ذكيًا. وَيُقَال: إِنَّهُ قدم عَلَى محمد بن موسى، فتعلم عنده، فوصله إلى المُعْتَضِد، وأدخله في جملة المنجمين. فَكَانَ أول ما تجدّد للصابئين من الرئاسة والوجاهة ببغداد. قَالَ ابن أبي أُصيبعة: لم يكن في زمان ثابت بن قُرة الحكيم من يُماثله في الطب، ولا في جميع أنواع الفلسفة. وتصانيفه موصوفة بالجودة. ونال رتبة عالية إلى الغابة عند المُعْتَضِد، وأقطعه ضياعًا جليلة. وَكَانَ يجلس عنده والوزير قائم. وله التّلامذة في الطب عيسى بن أَسيد النَّصراني المشهور. قلت: توفي لا إلى رحمة الله سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 168- ثابت بن نعيم2. أبو معن الهوجي.   1 وفيات الأعيان "1/ 313-315"، سير أعلام النبلاء "13/ 485، 486". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 114". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 102 عن: آدم بن أبي إياس، وَمحمد بن أبي اليُسر العسقلاني. وَعَنْهُ: أَبُو القاسم الطَّبَرَانيّ. وهَوْجة قرية من أعمال عسقلان. "حرف الجيم": 169- جَعْفَر بن أَحْمَد بن فارس1. أبو الفضل الأصبهاني. سَمِعَ: سهل بن عُثْمَان العسكري، وأبا مُصْعَب الزُّهري، وَمحمد بن حُميد الرازي، وطائفة. وَعَنْهُ: ابنه عبد الله بن جَعْفَر مُسْند إصبهان، وأبو الشَّيْخ، وآخرون. وَكَانَ محدِّثًا فاضلًا، لَهُ تصانيف. واتُّفق عَلَى موته بالكرج، وَذَلِكَ في سنة تسع وثمانين. 170- جَعْفَر بن أَحْمَد بن أبي موسى المَوْصِليّ الحذّاء. عن: الحُمَيْدِيّ، وغسان بن الربيع، وغيرهما. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد الأزدي. وذكر يزيد أَنَّهُ مات سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 171- جَعْفَر بن أَحْمَد بن الحَافِظ عَليّ بن الْمَدِينِيِّ. مات بالبصرة في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين مائتين. 172- جَعْفَر بن حميد بن عبد الكريم الأنصاري الدِّمَشْقِيّ2. روى عن: جَدّه لأمه عِمران بن أبان المُزَنِيّ، عن أنس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وعنه: الطبراني.   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 245"، معجم البلدان "1/ 47". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 6". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 103 173- جَعْفَر بن سُلَيْمَان النَّوفلي المدني1. عن: عبد العزيز الأُويسي. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 174- جَعْفَر بن محمد بن أبي عُثْمَان2. أَبُو الفضل الطَّيَالِسِيّ البغدادي الحافظ. سمعك عفان، وَسُلَيْمَان بن حرب، ومسلمة بن إبراهيم، وَمحمد بن الفضل عارم، وَإِسْحَاق بن محمد الفَرْوي، وابن مَعين، وخلْقًا سواهم. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وَإسْمَاعِيل الصَّفَّار، وأبو بَكْر النَّجَّاد، وَمحمد بن العَبَّاس بن نجيح، وأبو سهل القطان، وأبو بكر الشافعي، وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة ثَبْتًا، صعب الأخذ، حسن الحِفظ. قَالَ ابن المنادي: كَانَ مشهورًا بالإتقان والحِفظ والصدق. تُوُفِّي في رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 175- جَعْفَر بن محمد الخَنْدقي الخباز3. كَانَ يوصف بالحفظ. روى عن: خالد بن خِداش، وسريج بن يونس. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وعبد الله بن محمد بن ياسين. 176- جَعْفَر بن محمد بن حرب العبَّاداني، ثُمَّ البغدادي4. عن: سُلَيْمَان بن حرب، وعبد السلام بن مطهر، وَمحمد بن كثير العبْدي، وسهل بن بكار. وعنه: جعفر الخلدي، والطبراني، وآخرون.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 115". 2 تاريخ بغداد "7/ 188"، سير أعلام النبلاء "13/ 346". 3 تاريخ بغداد "7/ 190". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 122". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 104 177- جَعْفَر بن محمد بن كزال1. أَبُو الفضل السمسار. عن: عفان، وسعد بن سُلَيْمَان سَعْدويه، وَالحَسَن بن بِشْر بن سلم، وَيَحْيَى بن عبدويه، وخالد بن خداش، وَيَحْيَى الحماني، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القطان، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بَكْر الشافعي، وجماعة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. قلت: توفي في شوال سنة اثتين وثمانين ومائتين. 178- جَعْفَر بن محمد القلانسي الرملي. عن: آدم بن أبي إياس. قد مرّ في الطبقة الماضية. 179- جَعْفَر بن محمد بن بَكْر البالِسي. أَبُو العَبَّاس. عن: النَّجَّاد، وأحمد بن إِسْحَاق الرازي. 180- جَعْفَر بن محمد بن عَليّ2. أَبُو الْقَاسِم البلخي. المُؤَدِّب الوراق. سكن بغداد وحدّث عن: سهل بن عُثْمَان العسكري، وَمحمد بن حُميد. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 181- جَعْفَر بن محمد بن هاشم المُؤَدِّب3.   1 تاريخ بغداد "7/ 189، 190". 2 تاريخ بغداد "7/ 190"، طبقات الحنابلة "1/ 126". 3 تاريخ بغداد "7/ 189". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 105 عن: عفان. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ. 182- جَعْفَر بن محمد بن إِسْحَاق المصري. المعروف بابن الحمارة. عن يَحْيَى بن بُكير، وغيره. تُوُفِّي في عام أربعٍ وثمانين. 183- جَعْفَر بن محمد بن عَرَفة1. أَبُو الفضل البغدادي الْمُعَدَّلُ. عن: محمد بن شعبة بن جوان. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ. ومات في آخر سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 184- جَعْفَر بن محمد بن شريك. أَبُو الفضل الأصبهاني. عن: يونس، وعبد الله بن عمران، وَالحُسَيْن بن الفرج. وَعَنْهُ: أَبُو الشَّيْخ، وَأَحْمَد بن بُنْدَار، وأبو أَحْمَد العسال، وَأَحْمَد بن جَعْفَر السمسار. تُوُفِّي سنة ثماني وثمانين. 185- جَعْفَر بن محمد بن عمران بن بريق2، بالراء. أَبُو الفضل المخرمي. عن: سَعِيد بن محمد الجرمي، وخلف بن هشام. وَعَنْهُ: أحمد بن كامل، والطبراني، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "7/ 190، 191"، المنتظم "6/ 25". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 117"، تاريخ بغداد "7/ 192، 193". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 106 تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 186- جَعْفَر بن محمد بن اليمان المُؤَدِّب1. ثقة. يروي عن: شريح بن النُّعْمَان، وأبي الوليد الطَّيَالِسِيّ. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القطان، وأبو بَكْر الشافعي. 187- جَعْفَر بن محمد بن سوار2. أَبُو محمد النَّيْسَابُوري. عن: قُتَيْبَة وأبي مروان العماني، وعبد الله بن عمر بن الرماح، وعلي بن حجر، وأبي مُصْعَب، وخلق. وَعَنْهُ: محمد بْن صالح بْن هانئ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وَيَحْيَى بن منصور، وأبو العَبَّاس بن حَمْدَان، وَإسْمَاعِيل بن مجيد، وَمحمد بن العَبَّاس بن نجيح البغدادي. حدث بنيسابور، وبغداد، وَكَانَ من علماء هَذَا الشأن. تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة ثمانٍ وثمانين. وقع حديثه عاليًا. 188- جَعْفَر بن محمد الخياط3. صاحب أبي ثَوْر الفقيه. روى عن: عبد الصمد بن زيد مردويه. وَعَنْهُ: أبو عَمْرو بن السماك، وغيره. 189- جَعْفَر بن إلياس بن صدقة المصري الكبّاش الحلاب4.   1 تاريخ بغداد "7/ 194، 195". 2 تاريخ بغداد "7/ 191". 3 تاريخ بغداد "7/ 192". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 115". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 107 عن: نُعَيْم بن حَمَّاد، وأصبْغ بن الفرج الفقيه. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في شوال سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 190- جُنَيْد بن حُكيم1. أَبُو بَكْر الأزدي الدّقّاق. بغداديٌّ فيه لِينٌ ما. سَمِعَ: عَليّ بن الْمَدِينِيِّ، وعبادة بن زياد. وتعنه: أبو سهل القطان، ومحمد بن مخلد القطار، وَأَحْمَد بن كامل، وعَليَّ بن حَمَّاد، وأبو بَكْر الشافعي. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. 191- جيش بن خُمَارَوَيْه بن أَحْمَد بن طولون2. أَبُو العساكر الطولوني: تملَّك بعد قتل أَبِيهِ بدمشق: أقام بها ستة أشهر ثُمَّ سار إلى الديار المصرية، فوثب عليه أخوه هارون فقتله، لكونه قتل عمَّيْه. وَذَلِكَ في سنة ثلاثٍ وثمانين، خرج عَلَيْهِ الأمراء فخلعوه في جُمَادَى الآخرة، وسُجن فمات، أَوْ قُتل، في السجن. "حرف الحاء": 192- الحارث بن عبد العزيز. أَبُو ليلى أمير إصبهان. قُتل في سنة أربعٍ وثمانين، وطيف برأسه. 193- الحارث بن محمد بن أبي أسامة داهر3.   1 تاريخ بغداد "7/ 241"، تهذيب دمشق "3/ 435". 2 تاريخ الطبري "10/ 45، 46"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 420، 421"، النجوم الزاهرة "3/ 88". 3 الثقات لابن حبان "8/ 183"، سير أعلام النبلاء "13/ 388، 390"، شذرات الذهب "1/ 252". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 108 المحدّث أَبُو محمد التيمي البغدادي الخطيب مُسْند بغداد في وقته، وُلد سنة ستٍّ وثمانين ومائة. وَسَمِعَ: عبد الوهاب بن عطاء، ويزيد بن هارون، وعَليَّ بن عاصم، وَسَعِيد بن عامر الضُّبَعيّ، وعبد الله بن بَكْر السَّهمي، وهاشم بن الْقَاسِم، وكثير بن هشام، والواقدي، وروح بْن عُبادة، وعثمان بْن عُمَر بْن فارس، وَمحمد بْن عَبْد الله بْن كناسة، وَبِشْر بن عُمَر الزهراني، وأبا عاصم، وأبا بدر شجاع بن الوليد، وَيَحْيَى بن أبي بُكير، وخلقًا كثيرًا. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ، وَمحمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، وَأَبُو بَكْر بن خلاد النَّصيبي، وأبو بَكْر الشافعي، وعبد الله بن الحُسَيْن النَّضري المَرْوَزِيّ، وخلْق. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات. وَقَالَ أَبُو الفتح الأزدي الضعيف: الحارث بن أبي أسامة ضعيف، لم أر في شيوخنا من يُحدّث عَنْهُ. قُلْتُ: هذه مجازفة، وليت الأزدي عرف ضَعْف نفسه. وقد أمر الدارقطني البرقاني بإخراج الحارث في الصحيح. وكذا ضعفه محمد بن حزم. قُلْتُ: والحارث ثقة، وربّما أُخذ عَلَى التحديث، ولهذا عمل فيه محمد بن خلف بن المَرْزُبان: أبلغِ الحارثَ المحدِّث قوْلًا ... من أخٍ صادقٍ شديد المحبَّه ويْك قد كنت تعتزي سالف الدهـ ... ـر قديمًا إلى قبائل ضَبَّه كتبتَ الحديثَ عن سائر النْـ ... ـنَاس وحاذيت في اللقاء ابن شَبَّه عن يزيد والواقدي وروحٍ ... وابن سعدٍ وَالْقَعْنَبِيِّ وهُدْبه ثُمَّ صنفت من أحاديث سفيا ... ن وعن مالكٍ ومُسند شعبه الجزء: 21 ¦ الصفحة: 109 وعن ابن الْمَدِينِيِّ فما زلتَ ... قديمًا تبثُّ في النَّاس كتبه أفعنهم أخذت بيعك ... للعلم وإيثار من يزيدك حَبَّه في أبيات. فَلَمَّا سمعها قَالَ: أدخلوه، فضحني، قاتله الله. وَلَهُ مُسْند كبير، سمعنا منه عدة أجزاء بالاتصال. وَقَالَ محمد بن محمد بن مالك الإسكافي: سألت إِبْرَاهِيم الحربي، عن الحارث بن محمد، وقلت يأخذ الدراهم، فَقَالَ: اسمع منه فإنه ثقة. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ: أنا يُوسُفُ الْحَافِظُ، أَنا خَلِيلُ بْنُ أَبِي الرجاء، أنا أبو علي المقرئ، وأنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ النُّصَيْبِيُّ: ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ محمد بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ الْخَلْدَ بْنَ سَعْدَانَ حَدَّثَهُ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نَصْرٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: "إِنَّ هَذِهِ ثِيَابُ الْكُفَّارِ، فَلا تَلْبَسْهُ" 1. صَحِيحٌ غَرِيبٌ. قَالَ غنجار الْبُخَارِيُّ: سَمِعْتُ محمد بن موسى الرازي: سَمِعْتُ الحارث بن أُسَامَةَ يَقُولُ: لي ستّ بنات، أكبرُهنّ بنت سبعين سنة، وأصغرهن بنت ستين سنة. وما زوجت واحدة منهن لأني فقير، وما جاءني إلا الفقير، فكرهت أن أزيد في عيالي. وإني وضعت كفني عَلَى هَذَا الوتد منذ نيِّفٍ وثلاثين سنة، مخافة أن لا يجدوا ما يكفنوني فيه، رواها عَليّ بن محمد الرازي الطبيب، عن محمد بن موسى أيضًا. توفي يوم عرفة سنة اثنتين وثمانين، عن سبعٍ وتسعين سنة. 194- حامد بن شادي الكشي2. حَدَّثَ ببغداد عن: قُتَيْبَة، وعَليَّ بن حجر. وعنه: عبد الباقي بن قانع، وأبو بكر الشافعي، وآخرون.   1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2077"، النسائي "5322"، أحمد في المسند "2/ 162، 164". 2 تاريخ بغداد "8/ 168". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 110 195- حبشي بن أَحْمَد بن سُلَيْمَان المَوْصِليّ السِّمْسار. عن: الْقَعْنَبِيِّ، وغيره من أهل المَوْصِل. تُوُفِّي سنة ست وثمانين. 196- جيوش بن رزق الله بن سنان1. أَبُو محمد الكلْوَذائي الأصل المصري. عن: عبد الله بن صالح، والنصر بن عبد الجبار، وعبد الله بن يوسف التِّنِّيسِي، وجماعة. وَكَانَ من عُدُولي مصر. روى عَنْهُ: عَليّ بن أَحْمَد بن إِسْحَاق البغدادي، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 197- حجّاج بن عمران السَّدُوسي2. كاتب الحُكم للقاضي بكار. حَدَّثَ عن: بكار؛ وقبله عن: سُلَيْمَان بن داود الشاذكوني. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في صفر سنة خمسٍ وثمانين. 198- الحَزَنْبَل الأديب. هُوَ: محمد بن عبد الله بن عاصم. أبو عبد الله التَّمِيمِيّ البغدادي الإخباري. روى عن: أبي عبيدة بن الأعرابي، وابن السكيت. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الصولي، وَمحمد حمَّويه الفَرَضي، وغيرهما.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 154". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 152". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 111 مدح الخلفاء والأمراء، وطال عمره، واشتهر ذكره. 199- الحَسَن بن أَحْمَد بن أبان الرافقي. عن: أبي جَعْفَر النُّفَيْلِيِّ. تُوُفِّي سنة تسعين. 200- الحَسَن بن أَحْمَد بن اللَّيْث1. أَبُو الحَسَن الرازي. سَمِعَ: إِبْرَاهِيم بن موسى الحَافِظ، وعبد الله القواريري، وأقرانهما. وَعَنْهُ: أَبُو الحَسَن القطان، وطائفة. مات سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 201- الحَسَن بن أَحْمَد بن الطبيب الصَّنْعَانيّ. سَمِعَ "الموطأ" من محمد بن عبد الرحيم بن شروس، عن مالك. أخذ عَنْهُ: أَبُو الحَسَن القطان. مات سنة سبعٍ وثمانين، ورّخه الخليلي. 202- الحَسَن بن أيوب بن مُسْلِم القزويني2. عن: عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيْسيّ، وأحمد بن يونس. وَعَنْهُ: إِسْحَاق الكيْساني، وأهل قزوين. وَكَانَ أسند من بقي بتلك الديار. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 203- الحَسَن بن جرير3. أَبُو عَليّ الصُّوري الزنبقي.   1 طبقات الحنابلة "1/ 129، 130". 2 الجرح والتعديل "3/ 2". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 124"، مسند الشامين "1/ 153، 159"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 156، 258"، تاريخ "2/ 142"، حلية الأولياء "6/ 145". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 112 عن: عيسى بن مينا قالون، وَسَعِيد بن منصور، وإسماعيل بن أبي أُويس، وَيَحْيَى بن بُكير، وجماعة كثيرة. وَعَنْهُ: عَليّ بن أبي العقب، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسيّ، وسلامة بن أَحْمَد الصُّوري، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. والزَّنبقي: بالنون. 204- الحَسَن بن إِبْرَاهِيم بن مطروح الخولاني المصري1. عن: يزيد بن سَعِيد الإسكندراني، عن مالك. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. توفي سنة تسع وثمانين بمصر. 205- الحسن بن الجهم. أبو علي التميمي الأصبهاني. عن: الحسين بن الفرج، وحبان بن بشر. وعنه: أحمد بن بندار الشعار. توفي سنة تسعين ومائتين. 206- الحسن بن ليلى الموصلي. عن: غسان بن الربيع، وجبارة بن المغلس، وجماعة. وعنه: يزيد بن محمد في تاريخه وَقَالَ: مات سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 207- الحَسَن بن سهل بن عبد العزيز البَصْرِيّ بن المجوز2. سَمِعَ: أبا عاصم النبيل، وعثمان بن الهيثم. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وعَليَّ بن محمد بن سختويه، وجماعة. ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 129". 2 الثقات لابن حبان "8/ 181"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 132"، الوافي بالسوقيات "12/ 40، 41". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 113 تُوُفِّي الحَسَن بن سهل بالبصرة في ذي الحجة سنة تسعين ومائتين. 208- الحَسَن بن العَبَّاس بن أبي مهران الرازي الجمال1. أَبُو عَليّ المقرئ المجوِّد، نزيل بغداد. سَمِعَ: ابن عُثْمَان، وعبد المؤمن بن عَليّ الزَّعْفَرَانِيّ، ويعقوب بن حميد بن كاسب. وقرأ القرآن عَلَى: أحمد بن قالون، وَأَحْمَد بن يزيد الْحُلْوَانِيِّ، وَمحمد بن عيسى الأصبهاني، وأحمد بن صالح المصري. وتصدّر للإقراء. وَكَانَ من كبار المحققين للقراءات. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر بن مجاهد، وأبو الحَسَن بن شَنَبُوذ، وأبو بَكْر النقاش، وَأَحْمَد بن حَمَّاد صاحب المشطاح. وروى عَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وابن السَّمَّاك، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وابن قانع، وأبو سهل القطان، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. وثّقه الخطيب. وَتُوُفِّي في رمضان سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 209- الحَسَن بن عبد الأعلى بن إبراهيم بن عُبَيْد الله الأبناوي اليماني البَوْسي2 الصنعاني. وروى عن: عبد الرزاق، وغيره. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. قَالَ أَبُو الْقَاسِم بن منده: تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. والبوسي: بالفتح والإهمال: ضبطه السلفي، وغيره.   1 أخبار القضاة لوكيع "3/ 14"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 126"، تاريخ بغداد "7/ 296"، المنتظم "6/ 36". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 124"، تاريخ جرجان "475، 432"، الوافي بالوفيات "12/ 62، 63". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 114 وروى عَنْهُ: حفيده عبد الأعلى محمد بن الحسن، وأبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي الجمال، وأحمد بن شُعَيْب الأنطاكي، وأبو عوانة الحَافِظ في صحيحه، وأبو الحسن بن سلمة القطان وَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وُلدت سنة اربع وتسعين ومائة، وسمعت من عبد الرزاق نحوًا من خمسين حديثًا. وَتُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. 210- الحَسَن بن عَليّ بن الفرات1. أَبُو عَليّ الكرماني. حَدَّثَ بإصبهان عن: يزيد بن هارون، وأبي نُعَيْم. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن الحَسَن النقاش. وبقي إلى بعد الثمانين. قَالَ أَبُو نُعَيْم الحَافِظ: فيه ضعف. 211- الحَسَن بن عَليّ بن خالد بن زولاق2. أَبُو علي المصري الشيعي. عن: عبد الله بن صالح الكاتب، وَيَحْيَى بن سليمان الجعفري. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في شوال سنة ثلاث وثمانين ومائتين. 212- الحَسَن بن عَليّ بن ياسر3. الفقيه أَبُو عَليّ البغدادي خال الحَافِظ أبي الآذان. حدث عن: محمد بن بكار بن الريان، وطبقته. وَعَنْهُ: علي بن محمد الواعظ، والطبراني.   1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 264". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 125". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 126"، تاريخ بغداد "7/ 368، 369"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 36". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 115 قَالَ الخطيب: ثقة. تُوُفِّي بمصر سنة تسع وثمانين ومائتين. 213- الحَسَن بن عَليّ بن حجاج الأنصاري البغدادي1. عن: عبد الله بن معاوية الْجُمحي. وَعَنْهُ: الطبراني. 214- الحَسَن بن عَليّ بن خلف الصيلاني الدِّمَشْقِيّ الصرار2. سَمِعَ: سُلَيْمَان بن عبد الرحمن، وإسماعيل بن إبراهيم الترجمان، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو محمد بن زبر القاضي، والطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين أَيْضًا. 215- الحَسَن بن عُلَيْلِ بن الحُسَيْن بن عَليّ بن جيش3. أَبُو عَليّ اللغوي العَنْبَريّ البغدادي. عن: أبي نصر التمار، وَيَحْيَى بن معين، وهُدبة، وخالد. وَعَنْهُ: الحُسَيْن بن الْقَاسِم الكوكبي، وعبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ، وابن قانع، والطَّبَرَانيّ. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا صاحب أدب وأخبار. واسم أَبِيهِ علي. وَقَالَ غيره: لَهُ كتاب "التَّوارد". وَتُوُفِّي في سلخ المحرم سنة تسعين ومائتين. 216- الحَسَن بن عَمْرو بن الجهم4. أبو الحَسَن الشيعي. وقيل: السبيعي.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 131". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 135"، تاريخ جرجان للسهمي "417"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 200". 3 المعجم الصغير "1/ 128"، تاريخ بغداد "7/ 398، 399"، معجم المؤلفين لكحالة "3/ 265". 4 تاريخ بغداد "7/ 396"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 29"، البداية والنهاية "11/ 85". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 116 قَالَ الخطيب: روى عن: عَليّ بن الْمَدِينِيِّ، وَبِشْر الحافي. وعنه: ابن السماك، وأبو بكر الشافعي. وثقه الدارقطني. وصوابه: الشيعي. وكان يَقُولُ ابن السَّمَّاك وحده: السبيعي. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين ومائتين. 217- الحَسَن بن غليب بن سَعِيد الأزدي1. مولاهم المصري. عن: سَعِيد بن أبي مريم، وَسَعِيد بن عفير، ومهدي بن جَعْفَر الرّملي، وجماعة. وعنه: ن. وَقَالَ: ثقة. حكاه أَبُو الْقَاسِم الحَافِظ. وَقَالَ أَبُو الحجاج الحَافِظ: لم أقف عَلَى روايته عَنْهُ. وروى عَنْهُ: محمد بن هارون بن شُعَيْب بن الأنصاري، وعلي بن محمد المصري الواعظ، وأحمد بن مروان الدِّينَوَري، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في ذي الحجة سنة تسعين ومائتين. 218- الحسن بن أَحْمَد بن أبي بِشْر2. أَبُو عَليّ السامُري المقرئ السَّرَّاج. عن: بِشْر بن الوليد الكندي، وأبي صلت الهَرَويّ، وأبي سهم الأنطاكي، وغيرهم. وعنه: عبد الله الخراساني، وابن قانع. تُوُفِّي سنة تسعين أَيْضًا. أرّخه ابن المنادى وَقَالَ: كَانَ من أفضل النَّاس.   1 تهذيب الكمال "6/ 300، 301"، تهذيب التهذيب "2/ 315". 2 تاريخ بغداد "8/ 3"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 39". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 117 219- الحَسَن بْن المتوكل البغدادي1. عن: هَوْذة بن خليفة، وسريج بن النُّعْمَان. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 220- الحُسَيْن بن إِسْحَاق التُّسْتَرِيُّ الدِّمَشْقِيّ2. محدّث رحّال ثقة. سَمِعَ سَعِيد بن منصور، وعَليَّ بن بحر القطان، وحامد بن يَحْيَى البلخي، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَان، وشيبان بن فَرُّوخ، وَيَحْيَى الحماني، وخلْقًا. وَعَنْهُ: أبو جَعْفَر العُقيلي، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وجماعة. قَالَ ابن قانع: تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 221- الحُسَيْن بن إسْمَاعِيل. أبو عبد الله المهدي البغدادي، ذكره الخليلي في مشيخة أبي الحُسَيْن القطان، وَأَنَّهُ سَمِعَ منه: إبراهيم الرّمادي، وهُدبة بن خالد. مات سنة سبعٍ وثمانين. 222- الحُسَيْن بن بشار3. أبو عَليّ البغدادي الخياط. عن: أبي بلال الأشعري، ونصر بن خراش. وَعَنْهُ: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بَكْر الشافعي. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 223- الحُسَيْن بن الحكم بن مسلم4.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 125". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 139"، طبقات الحنابلة "1/ 142". 3 تاريخ بغداد "8/ 24، 25"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 21". 4 الإكمال لابن ماكولا "3/ 40، 41"، الأنساب لابن السمعاني "4/ 45". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 118 أبو عبد الله القرشي الكوفي الحِبري الوشاء. عن: إسْمَاعِيل بن أبان الوراق، وحسن بن حسين الأشقر، وأبي غسان مالك بن إسْمَاعِيل. وَعَنْهُ: أبو العَبَّاس بن عقبة، وأحمد بن إسحاق بن هلال، وخثيمة الأَطْرَابُلُسيّ، وآخرون. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 224- الحسين بن حميد بن الربيع الكوفي الخزار1. عن: أبي نُعَيْم، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وجماعة. وَعَنْهُ: عُمَر بن محمد الكاغدي، وعثمان بن السَّمَّاك، وآخرون. وَهُوَ ضعيف، وقد جمع تاريخًا. تُوُفِّي في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين. ورماه بالكذب مطين. 225- الحُسَيْن بن داود بن مُعاذ2. أَبُو عَليّ البلخي الأديب العلامة، نزيل نيسابور، أحمد المتروكين. حَدَّثَ عن: الفضيل بن عياض، وابن المبارك، وأبي بَكْر بن عَيَّاش، وشقيق البلخي، والنضر بن شميل، وعبد الرزاق، وإبراهيم بن هدبة، وغيرهم. وحدث ببغداد فروى عنه من أهلها: علي بن محمد بن عبيد الحافظ، وعبد الله بن إبراهيم بن هرثمة، وأبو بكر الشافعي. قال الخطيب: ولم يكن ثقة، فإنه روى عن يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس، نسخةً أكثرها موضوعة. وَقَالَ الخلال: أنا يوسف القواس، ثَنَا محمد بن العَبَّاس بن شجاع، ثَنَا الحُسَيْن بن داود، ثنا الفضيل بن عياض.   1 الكامل لابن عدي "2/ 777". 2 تاريخ بغداد "8/ 44، 45"، ميزان الاعتدال "1/ 534"، لسان الميزان "2/ 282، 283". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 119 قُلْتُ: فذكر حديثًا قَالَ فيه الخطيب: موضوع. وَقَالَ الحاكم: لم يُنكر تقدّم حسين بن داود بن معاذ في الأدب والزهد، إلا أنه روى عن جماعة لا يتحمل سنه السماع منهم، مثل الفضيل، وابن المبارك. وقد كثرت المناكير أَيْضًا في رواياته، منها حديث عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "أُوحِيَ إِلَى الدُّنيا أَنِ اخْدُمِي مَنْ خَدَمَنِي، وَأَتْعِبِي مَنْ خَدَمَكِ"1. قَالَ الحاكم: وأخبرونا أَنَّهُ تُوُفِّي بنيسابور سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 226- الحُسَيْن بن السميدع2. أبو بَكْر البجلي الأنطاكي. قدم بغداد، وحدث عن: محمد بن المبارك الصوري، وموسى بن أيوب النصيبي، ومحبوب بن موسى الفراء، وَمحمد بن رُمح المصري، وطائفة. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وَمحمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار، والطبراني، وآخرون. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ ومائتين. 227- الحُسَيْن بن عبد الله بن شاكر3. أَبُو عَليّ السَّمَرْقَنْدِيّ، سكن بغداد. وحدّث عن: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وَمحمد بن رمح، وجماعة. وعنه: محمد بن مخلد، وأبو بكر الشافعي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. وَقَالَ ابن المنادى: مات في شوال سنة ثلاث وثمانين.   1 "حديث موضوع": أخرجه الخطيب في تاريخه "8/ 44"، وابن الجوزي في الموضوعات "3/ 136"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "808"، وقال: موضوع. 2 مسند الشاميين "1/ 174"، تاريخ بغداد "8/ 51"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 299"، المنتظم "6/ 25، 26". 3 تاريخ بغداد "8/ 58، 59"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 307، 308". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 120 وَقَالَ غيره: كَانَ وراق داود الظاهري. وقد وثقه أبو سَعِيد الإدريسي. 228- الحُسَيْن بن عَليّ1. أبو العلاء الشاشي. عن: علي بن حجر، ونحوه. روى عَنْهُ: أهل الشاش. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ: مَاتَ سنة ثلاث أَيْضًا. 229- الحُسَيْن بن عَليّ بن الفضل الأنصاري الموصلي. عن: محمد بن عبد الله بن عمار، وعثمان بن أبي شيبة، وجماعة. وعنه: يزيد الأزدي، وَقَالَ: ثقة. تُوُفِّي سنة خمس وثمانين ومائتين. 230- الحُسَيْن بن عَليّ بن بِشْر الصوفي2. عن: قطن بن نُسير، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن خُزَيْمَة. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 231- الحُسَيْن بن عَليّ بن مهران الدّقّاق3. شيخ نَيْسَابُور. سَمِعَ: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَعَمْرو بن زرارة. وَعَنْهُ: أَبُو الفضل بن محمد بن إِبْرَاهِيم، وعَليَّ بن عيسى، وجماعة. تُوُفِّي سنة خمسٍ أَيْضًا.   1 الثقات لابن حبان "8/ 192". 2 تاريخ بغداد "8/ 96". 3 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 277". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 121 232- الحُسَيْن بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي1. أبو عَليّ المفسر الأديب إمام عصره في معاني القرآن. قَالَ الحاكم: أقدمه عبد الله بن طاهر معه نيسابور سنة سبع عشرة ومائتين. واتباع لَهُ الدار المشهورة بِهِ بدار عمه، فسكنها، وبقي يُعلم النَّاس العلم، ويُفتي عنده في تِلْكَ الدار إلى أن تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين، عن مائة وأربع سنين. وقبره مشهور يُزار. سَمِعَ: يزيد بن هارون، وعبد الله بن بَكْر السهمي، وَالحَسَن بن قُتَيْبَة المدائني، وأبا النَّضر، وشبابة، وهوذة بن خليفة. سَمِعْتُ محمد بن أبي الْقَاسِم المذكر يَقُولُ: سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: لو كَانَ الحُسَيْن بن الفضل في بني إسرائيل لكان ممن يذكر في عجائبهم. وَسَمِعْتُ محمد بن يعقوب الحَافِظ يَقُولُ: ما رأيت أفصح لسانًا من الحُسَيْن بن الفضل. وَسَمِعْتُ أبا سَعِيد بن أبي حامد: سَمِعْتُ محمد بن يعقوب الكرابيسي، صاحب دار الحسين بن الفضل يَقُولُ: كَانَ الحُسَيْن في آخر عمره يأمرنا أن نبسط لَهُ بحذاء سكة عمار، فكنا نحمله في المحفة. فمر بِهِ جماعة من الفرسان على زي أهل العلم، فرفع حاجبه ثُمَّ قَالَ لي: من هَؤُلاءِ؟ فَقُلْتُ: هَذَا أَبُو بَكْر بن خُزَيْمَة، وجماعة معه. فَقَالَ: يا سُبحان الله! بعد أن كَانَ يزورنا في هذه الدار إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الحنظلي، وَمحمد بن رافع، وَمحمد بن يَحْيَى، يمر بنا ابن خُزَيْمَة، فلا يسلّم أرأيتم أعجب من هَذَا؟ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم بن مضارب بن إِبْرَاهِيم: سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: كَانَ علم الحُسَيْن بن الفضل بالمعاني إلهامًا من الله تعالى، فإنه كَانَ تجاوز حد التعليم. وَكَانَ يركع في اليوم والليلة ستمائة ركعة، وَيَقُولُ: لولا الضّعف والسن لم أُطعم بالنهار.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 414-416"، لسان الميزان "2/ 307، 308"، شذرات الذهب "178". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 122 سَمِعْتُ أبا زكريا العَنْبَريّ يَقُولُ لَمَّا قلد المأمون عبد الله بن طاهر خُرَاسَان قَالَ: يا أمير المؤمنين لي حاجة. قَالَ: مقضية. قَالَ: تسعفني بثلاثة: الحُسَيْن بن الفضل البجلي، وأبو سَعِيد الضرير، وأبو إِسْحَاق القرشي. قَالَ: قد أسعفناك. وقد أخليتُ العراق من الأفراد. ثُمَّ ساق لَهُ الحاكم من الأحاديث في الغرائب والأفراد نحو بضعة عشر حديثًا. فيها حديثٌ باطل. قَالُوا: حَدَّثَنَا محمد بْنُ مُصْعَبٍ: ثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا: "مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً جَعَلَ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُعْبَتَيْنِ مِنْ نُورٍ عَلَى الصِّرَاطِ يَسْتَضِيءُ بِهِمَا مَنْ لا يُحْصِيهِمْ إِلا رَبُّ الْعِزَّةِ". روى عَنْهُ: محمد بن الأخرم، وَمحمد بن صالح، وَمحمد بن الْقَاسِم العتكي، وعمرو بن محمد منصور، وأحمد بن شُعَيْب الفقيه، وَمحمد بن عَليّ الْمُعَدَّلُ، وأبو الطيب محمد بن عبد الله المبارك، وآخرون. سَمِعْتُ محمد بن صالح يَقُولُ: شهدت جنازة الحُسَيْن، وَتُوُفِّي يوم السبت لخمسٍ بقين من شعبان سنة ثلاث وثمانين، وَهُوَ ابن مائة وأربع سنين، وصلى عَلَيْهِ أبو بَكْر محمد بن النَّضر الجارودي، ودُفن في مقبرة الحُسَيْن بن معاذ، واجتمع لِذَلِكَ اليوم خلقٌ عظيمٌ للصلاة عَلَيْهِ. 233- الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن فهم بن مُحرز1. أَبُو عَليّ البغدادي الحَافِظ، صاحب محمد بن سعد مؤلف "الطبقات". سَمِعَ منه، ومن: مُصْعَب، وخلف بن هشام، وَمحمد بن سلام الجمحي، وَيَحْيَى بن معين، ومحرز بن عون، وأبي خثيمة، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن معروف الخشاب، وَأَحْمَد بن كامل، وَإسْمَاعِيل الخطبي، وَأَبُو عَليّ الطُّوماري.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 427، 428"، تاريخ بغداد "8/ 92، 93"، لسان الميزان "2/ 309". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 123 وَكَانَ لَهُ جلساء من أهل العلم يذاكرهم، وَكَانَ عسرًا في الرواية. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. وَقَالَ الخطبي: ولد سنة إحدى عشر ومائتين، ومات في رجب سنة تسعٍ وثمانين. قَالَ ابن كامل: كَانَ حسن المجلس، مُفنّنًا في العلوم، كثير الحفظ للحديث مسنده وقطوعه، ولأصناف الأخبار، والنسب، والشعر، والمعرفة بالرجال، فصيحًا، متوسطًا في الفقه، ويميل إلى مذهب العراقيين. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: صحبت ابن معين، فأخذت عَنْهُ معرفة الرجال، وصحبتُ مُصْعَب بن عبد الله، فأخذت عَنْهُ معرفة النسب، وصحبت أبا خَيْثَمَة، فأخذت عَنْهُ المُسند، وصحبت الحَسَن بن حَمَّاد سجّادة، فأخذت عَنْهُ الفقه. 234- الحُسَيْن بن محمد بن زياد1. أَبُو عَليّ النَّيْسَابُوري القباني الحَافِظ، أحد أركان الحديث بنيسابور. سَمِعَ إِسْحَاق بن راهويه، وعمرو بن زرارة، وطائفة ببلده. و: سهل بن عُثْمَان العسكري، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحزامي، ومنصور بن أبي مزاحم، وأبا مُصْعَب، وأبا بَكْر بن أبي شَيْبَة، وسريج بن يونس، وطبقتهم في رحلته. روى عَنْهُ: محمد بن إسماعيل البخاري وهو من شيوخه؛ وقد قال خ. في صحيحه: ثَنَا حسين، ثَنَا أَحْمَد بن منيع، فذكر حديثًا، فَقِيلَ: إِنَّهُ القباني. كذا قاله أَبُو النصر الكلاباذي، وغيره. وَقَالَ بعضهم: هُوَ الحُسَيْن بن يَحْيَى بن جَعْفَر البِيكَنْدِيّ، والأول أشبه، لأن القباني كَانَ عنده مُسند ابن منيع بكماله، ولأنه كَانَ يلزم الْبُخَارِيَّ، ويهوى هواه، لَمَّا وقع للبخاري بنيسابور ما وقع مَعَ الذهلي. وَعَنْهُ أَيْضًا: دعلج، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم   1 تهذيب الكمال "6/ 476-478"، سير أعلام النبلاء "13/ 499-502"، تهذيب التهذيب "2/ 368، 369". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 124 الهاشمي، وَيَحْيَى بن محمد العَنْبَريّ، وجماعة كثيرة من شيوخ الحاكم. وَقَالَ فيه الحاكم: أحد أركان الحديث وحُفاظ الدُّنْيَا. رحل وأكثر وصنف المسند، والأبواب، والتاريخ، والكني، ودُونت في الدُّنْيَا. ثُمَّ روى الحاكم بإسناده، عن القباني قَالَ: كَانَ لزياد جدي قبّان، ولم يكن وزانًا، ولم يكن بنيسابور إِذْ ذاك كثير قبان، وَكَانَ النَّاس إِذَا أرادوا أن يزنوا شيئًا، جاءونا، فاستعاروا قبان جدي، فشهر بالقباني، وَكَانَ جدي حمله من بلاد فارس إلى نَيْسَابُور، وَقَالَ أبو عبد الله بن الأخرم: كَانَ أبو علي القباني يجمع أهل الحديث عنده بعد مُسْلِم بن الحجاج. وَقَالَ محمد بن صالح بن هانئ: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن محمد بن زياد، وثنا بحديثٍ عن سريج بن يونس فَقَالَ: هَذَا الحديث كتبه عني محمد بن إسْمَاعِيل الْبُخَارِيُّ، وحدّث بِهِ، ورأيته في كتاب بعض الطلبة، قد سمعه من الْبُخَارِيِّ عني. تُوُفِّي القباني سنة تسع وثمانين ومائتين، رحمه الله تعالى. 235- الحسن بن مُعاذ بن محمد بن منصور. أبو عَليّ النميري النَّيْسَابُوري الضبع. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وابن راهَوَيْه. وبالعراق: سهل بن عُثْمَان، وأبا الربيع الزهراني. وبالحجاز: يعقوب بن حميد، وَمحمد بن زنبور. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن عَليّ الرازي الحَافِظ، وَمحمد بْن يعقوب بْن الأخرم، وَمحمد بْن صالح بن هانئ. تُوُفِّي في الخامس والعشرون من رمضان سنة ثلاث وثمانين بنيسابور. 236- الحُسَيْن بن الهيثم بن ماهان1. أَبُو الربيع الرازي الكسائي.   1 تاريخ بغداد "8/ 145"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 369، 370". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 125 سَمِعَ: هشام بن عمار، وَمحمد بن الصباح الْجُرجاني، وحرملة التجيبي، وطبقتهم. وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وابن القطان، وأبو عوانة، وَأَحْمَد بن يوسف بن خلاد، وآخرون. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 237- حُسنُونُ بن الهيثم1. أَبُو عَليّ الدُّويري المقرئ. قرأ عَلَى: هُبَيْرَة التَّمَّار صاحب حفص. وحدث عن: محمد بن كثير القهري، وداود بن رشيد. وأقرأ النَّاس. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر الدَّيْبلي شيخٌ لأبي العلاء القاضي الواسطي. وذكر أبو النقاش أَنَّهُ قرأ عَلَيْهِ. وحدث عَنْهُ: عبد الرحمن بن العَبَّاس والد المخلِّص، وأبو بحر البربهاري، وغيرهما، تُوُفِّي سنة تسعين. وقد سَمِعَ منه الحروف: ابن مجاهد. وقرأ عَلَيْهِ: محمد بن أَحْمَد بن هارون الحربي. 238- حفص بن عُمَر سنجة الرَّقِّيّ2. قِيلَ: تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. وقيل: تُوُفِّي سنة ثمانين، وقد ذكر. 239- حمدان بن ذي النون3. وأبو أحمد السلمي.   1 تاريخ بغداد "8/ 288"، غاية النهاية "1/ 234، 235". 2 الإكمال لابن ماكولا "4/ 385"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 373". 3 الثقات لابن حبان "8/ 220". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 126 عن: مكي بن إبراهيم. وَعَنْهُ: عَبْد الله بْن محمد بْن يعقوب الْبُخَارِيُّ الفقيه، وغيره. تُوُفِّي في آخر سنة ... وثمانين. 240- حَمْدَان بن ياسين المَوْصِليّ الفراء. أَبُو أَحْمَد. عن: أبيه، وَمُعَلَّى بن مهدي. وَعَنْهُ: أهل المَوْصِل. وروى يزيد بن محمد في تاريخه، عن رجل، عَنْهُ وَقَالَ: تُوُفِّي بعد الثمانين ومائتين. 241- حمدون بن أَحْمَد بن عمارة بن زياد بن رستم1. أَبُو صالح القصار، شيخ أهل الملامة، ورئيسهم. وأول من أظهر الملامة بنيسابور. كَانَ قليل الكلام كثير الفوائد. قَالَ السلمي: مات بعد الثمانين ومائتين. قُلْتُ: قد مرّ في الطبقة الماضية. 242- حشنام بن إسْمَاعِيل. أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوري. عن: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وأبي سَعِيد الأشج، وَإِبْرَاهِيم بن بشار الخُرَاسَانِيّ الصوفي، وغيرهم. وَعَنْهُ: جَعْفَر بن محمد بن سوار، وزنجويه اللباد، وعبد الله بن المبارك الشعيري.   1 حلية الأولياء "10/ 231" سير أعلام النبلاء "13/ 50"، تقريب التهذيب "1/ 198". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 127 "حرف الخاء": 243- خالد بن يزيد بن وَهْب بن جرير بن حازم الأَزْدِيّ البَصْرِيّ1. رَوَى عَنْهُ عبد الصمد الطَّسْتِيّ حديثًا مُنكرًا. وَتُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا: أَحْمَد بن أبي طاهر، وَمحمد بن خلف بن المَرْزُبان. وَهُوَ ابن يزيد، كذا ضبطه في "تاريخ الخطيب" مرّتين. 244- خَطّاب بن سعد الخير الأَزْدِيّ الحِمْصِيّ2. عن: هشام بن عَمَّار، وأبي نُعَيْم عُبَيْد بن هشام الحلبي. وَعَنْهُ: أَبُو الحسن شَنَبُوذ، والطَّبَرَانيّ، وأبو عَليّ بن هَارُون الأَنْصَارِيّ، وجماعة. ولعله بقي إلى بعد التسعين ومائتين. 245- خَلَفُ بنُ الحَسَن بن جُوان الواسطي3. عن: محمد بن خالد بن عبد الله الطحان، وغيره. وَعَنْهُ: ابن قانع، والطَّسْتِيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 246- خلفُ بنُ المختار المغربي الأَطْرَابُلُسيّ النَّحْوِيّ اللُّغَويّ4. من كبار علماء العربية ببلده. تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 247- خُمَارَوَيْه بن أحمد بن طولون5.   1 تاريخ بغداد "8/ 316، 317"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 155". 2 تهذي تاريخ دمشق "5/ 170، 171". 3 تاريخ بغداد "8/ 331". 4 الوافي بالوفيات "13/ 360"، بغية الوعاة للسيوطي "1/ 556". 5 تاريخ الطبري "10/ 87، 18، 30، 42"، الولاة والقضاة للكندي "215، 224"، سير أعلام النبلاء "13/ 446-448". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 128 الملك أَبُو الجيش صاحب مصر وَالشَّام بعد والده سنة خمسين ومائتين. وولي الأمر سنة سبعين. كان جوادًا ممدَّحًا، شجاعًا مبذّرًا بيوت الأموال، ذكر أَبُو الفتح بن مسرور البَلْخِيّ، عن عَليّ بن محمد المَاذَرَائيّ، عن عمّ أَبِيهِ أبي عَليّ الحُسَيْن بن أَحْمَد الكاتب قَالَ: كَانَ أَبُو الجيش خُمَارَوَيْه يتنزه بمرج دمشق بعذْرا، فغنّى له المغني صوتًا أبدل منه كلمة وَهُوَ: قد قُلْتُ لَمَّا هاج قلبي الذكرى ... وأعرضت وسط السماء الشِّعْرى ما أطيب الليل بسُر مرَّأى فَقَالَ: ما أطيب الليل بمرج عذرا. فأمر لَهُ أَبُو الجيش بمائة ألف دينار. فَقُلْتُ: أيها الأمير، تعطي مغنيًا في بَدَلِ كلمة مائة ألف دينار، وتضايق المُعْتَضِد؟ فَقَالَ لي: كيف أعمل وقد أمرت، ولست أرجع؟ فقلت: نجعلها مائة ألف دينار درهم. فقال لي: أطلقها له معجلة، وما بقي "لَهُ" نبسطها في سنين حَتَّى تصل إِلَيْهِ. قَالَ ابن مسرور: وَحَدَّثَنِي أَبُو محمد، عن أَبِيهِ قَالَ: كنت مَعَ أبي الجيش عَلَى نهر ثور، فانحدر من الجبل أعرابي فأخذ بلجامه، فصاح بِهِ الغلمان فَقَالَ: دعوه. قَالَ: أيها الملك اسمع لي. قَالَ: قُل. فَقَالَ: إنَّ السِّنان وحدَّ السيف لو نطقا ... لحَدّثا عنك بين النَّاس بالعَجَبِ أفنيت مالَك تُعطيه وتُنْهبُهُ ... يا آفة الفضّة البيضاءِ والذهب فأعطاه خمسمائة دينار. فَقَالَ: أيها الملك زدني. فَقَالَ للغلمان: اطرحوا سيوفكم ومنَاطقكم. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 129 فَقَالَ: أيها الملك، أثْقَلتني. قَالَ: أعطوه بَغْلا. ونقل غيره واحد أَنَّ محمد بن أبي الساج قصد خُمَارَوَيْه في جيشٍ عظيمٍ من بلاد أرمينية في الجبال، وسار إلى جهة مصر، فالتقاه خُمَارَوَيْه فَهَزَمه خمارويه، وكانت ملحمة مشهورة. ثُمَّ ساق خُمَارَوَيْه حَتَّى بلغ الفُرات ودخل أصحابه الرُّوم، وعاد وقد ملك من الفرات إلى النُّوبة، وَلَمَّا استُخلف المُعْتَضِد بادر خُمَارَوَيْه وبعث إِلَيْهِ بالهدايا والتحف، وسأله أن يُزَوِّج ابنته قطْر النَّدي بولده المُكْتَفِي بالله. فَقَالَ المُعْتَضِد: بل أنا أتزوجها. فتزوج بها في سنة إحدى وثمانين، ودخل بها في آخر العام. وأصْدَقها ألف ألف درهم. فَقِيلَ: إنَّ المُعْتَضِد أراد بزواجها أن يُفقر أباها. وكذا وقع، فَإِنَّهُ جهزها بجهاز عظيم يتجاوز الوصف، حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ أدخل معها ألف هاونٍ من الذَّهَب، والله أعلم بصحة ذَلِكَ. والتزم للمعتضد أن يحمل إِلَيْهِ في السنة مائتي ألف دينار، بعد القيام بمصالح بلاده. قَالَ ابن عساكر: قرأت بخطّ أَبِي الحُسَيْن الرَّازِيّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بن محمد بن صالح الدِّمَشْقِيّ قَالَ: كان أبو الجيش كثير اللواط مجترئًا عَلَى الله، بلغ من أمره أَنَّهُ دخل الحمام، فأراد من واحدٍ الفاحشة، فأمر أن يدخل في دُبُره يد كرنيب، ففعل بِهِ، فصاح واضطرب في الحمام إلى أن مات، فأبغضه الخَدَم، واستفتوا العُلَمَاء في حدّ اللواطي، فقالوا: حدّه الْقَتْلُ. فتواطئوا عَلَى قتله، فقتلوه في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين في قصر دير مُرّان ظاهر دمشق. وهربوا، فظفر بهم طُفّ بن جُفّ الأمير، فأدخلهم دمشق، ثُمَّ ضرب أعناقهم. وَقِيلَ: إِنَّهُ نُقل إلى مصر، فدُفن عند أَبِيهِ. وَرَوَى عبد الوهاب بن الحَسَن بن الحَسَن الكلابي، عن أَبِيهِ أَنَّهُ ذهب إلى الجزء: 21 ¦ الصفحة: 130 حمص، قَالَ: عرفني مؤذن الجامع، فأضافني في المأذنة في لَيْلَةٍ مُقمرة، فَلَمَّا كَانَ وقت السَّحر قام يؤذن، فأشْرَفت في المأذنة، فَإِذَا بكلبٍ قد جاء بكلبٍ، فقام إليه فقَالَ: من أين جئت؟ قَالَ: من دمشق، الساعة قتل أبو الحسن بن طُولُون، قتله بعض غلمانه. فَقُلْتُ: للمؤذن: ألا تسمع؟ قَالَ: نعم. وأصبحنا، فورّخت ذَلِكَ، وسرت إلى دمشق، فوجدته صحيحًا. 248- خير بن سَعِيد بن خير. الفقيه أَبُو عبد الرحمن المالكي قاضي الإسكندرية وبرقة. حَدَّثَ عن: محمد بن خلاد، وغيره. وَتُوُفِّي في ربيع الأول سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 249- خير بن عرفة بن عبد الله بن كامل1. أَبُو طاهر المصري. عن: يَحْيَى بن بُكَيْر، وَعُرْوَة بن مروان الرَّقِّيّ، وعبد الله بن صالح، وزيد بن عبد ربه الحمصي، وجماعة. وَعَنْهُ: عَليّ بن محمد الواعظ، وأبو القاسم الطبراني، وأبو طالب الحَافِظ، وآخرون. تُوُفِّي في المحرم سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 250- خير بن مُوَفَّق، أَبُو مُسْلِم المصري. عن: يَحْيَى بن بُكَيْر، ومنصور بن أبي مُزَاحِم، وجماعة. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ ومائتين.   1 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 188، 189"، سير أعلام النبلاء "13/ 413، 414"، لسان الميزان "4/ 164". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 131 "حرف الدال": 251- داود بن إسْمَاعِيل الْجَوْزيّ1. في "تاريخ بغداد" أَنَّهُ حَدَّثَ عن: بِشْر الحافي، ويزيد بن أبي عُمَر بن جَنْزة. وَعَنْهُ: عُبَيْد بن عبد الرحمن، وعثمان بن إسْمَاعِيل السُّكَّريان، ويعقوب الدَّوْرَقِيّ، وجماعة. وَعَنْهُ: عَليّ بن إبراهيم بن سَلَمَةَ القطان، وابن قانع، وغيرهما. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 252- داود بن سُلَيْمَان الساجي2. عن: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم، وَسُلَيْمَان بن حرب. وَعَنْهُ: محمد بن نجيح، والطَّسْتِيّ. وأحاديثه مستقيمة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 253- دُبيس بن سلام3. أَبُو عَليّ القَصَباني. عن: عَليّ بن عاصم. وَعَنْهُ: عبد الصمد الطَّسْتِيّ. قَالَ الدارقطني: ضعيف. وقال الطستي: ثقة.   1 تاريخ بغداد "8/ 376". 2 تاريخ بغداد "8/ 375، 376". 3 تاريخ بغداد "8/ 387". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 132 "حرف الراء": 254- رَوْح بن الفَرَج القَطَّان1. أَبُو الزنْباع المصري. محدّث مكثر مقبول. سَمِعَ: أبا عاصم صالح كاتب اللَّيْث، وعبد الغفار بن داود، وَسَعِيد بن عُفَيْر، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَان الْجُعْفِيّ، ويوسف بن عَدِيّ، وَيَحْيَى بن بُكَيْر. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وعبد الله بن أَحْمَد بن إِسْحَاق، وعَليَّ بن محمد الواعظ، وَأَحْمَد بن الحَسَن بن عُقْبَة الرَّازِيّ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وآخرون. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البزار في مسنده وَقَالَ: يُقَالُ: ليس بمصر أوثق ولا أصدق منه. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: كَانَ من أوثق النَّاس. وَقَالَ ابن قُديد: رفعه الله بالعلم والصدق. تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 255- روح من الفرج2. أَبُو حاتم البَّغْدَادِيّ المُؤَدِّب. عن: محمد بن زَنْبور. "حرف الزاي": 256- زُرقان الرياق. عن: عبد الله بن صالح العجلي، ومسدّد. وَعَنْهُ: أبو سهل القطان.   1 الولاة والقضاة للكندي "423، 450"، تهذيب الكمال "9/ 250، 251"، تهذيب التهذيب "3/ 297، 298". 2 تاريخ بغداد "8/ 409"، تهذيب الكمال "9/ 251"، تهذيب التهذيب "3/ 298". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 133 توفي في شوال سنة ثلاث وثمانين ومائتين. واسمه محمد بْن عَبْد الله. 257- زكريا بن حمدويه الغدادي الصَّفَّار1. عن: عفان. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين ومائتين. 258- زكريا بن داود بن بَكْر النَّيْسَابُوري2. قَالَ الحاكم أبو عبد الله: هُوَ أَبُو يَحْيَى الخفاف المقدَّم في عصره، صاحب "التفسير" الكبير. سمع: يحيى بن يحيى، ويزيد بن صالح، وعَليَّ بن جعد، وأبا مُصْعَب الزُّهري، وأبا بَكْر بن أبي شَيْبَة، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أبو حامد بن الشَّرقي. وثنا عَنْهُ: الحَسَن بن يعقوب، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وَمحمد بن داود بن سُلَيْمَان، وعَليَّ بن عيسى. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ ومائتين. 259- زكريا بن يَحْيَى بن إياس بن سَلَمَةَ3. أَبُو عبد الرحمن السِّجْزِيُّ الحَافِظ، نزيل دمشق، ويُعرف بخياط السنة. سَمِعَ: قُتَيْبَة، وشيبان بن فَرُّوخ، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَبِشْر بن الوليد، وحكيم بن سيف الرَّقِّيّ، وصفوان بن صالح المؤذن، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ن. فأكثر وابن جوصا، وَمحمد بن إِبْرَاهِيم بن دودان، وَأَبُو علي بن هارون، وأبو القاسم الطبراني، وجماعة.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 165". 2 تاريخ بغداد "8/ 462، 463"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 21". 3 تهذيب الكمال "9/ 374-378"، سير أعلام النبلاء "3/ 507، 508"، تهذيب التهذيب "3/ 334". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 134 وثّقه النَّسَائِيُّ، وغيره. ومولده سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وَتُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين عن أربعٍ وتسعين سنة. قَالَ الحَافِظ عبد الغني بن سعيد: كان ثقة حافظًا، ثنا عنه إِسْحَاق وأحمد أبناء إبراهيم بن الحداد. 260- زكريا بن يحيى بن عبد الملك البغدادي1. أبو يحيى الناقد، أحد العباد. سمع: خالد بن خداش، وأحمد بن حنبل، وفضيل بن عبد الوهاب. وعنه: أبو بكر الخلال، وأبو سهل القطان، وعبد الصمد الطستي، وأبو بكر الشافعي. قال الدارقطني: ثقة فاضل. قال محمد بن جعفر بن سام: لو قِيلَ لأبي يَحْيَى الناقد: غدًا تموت، ما ازداد في عمله. قُلْتُ: تُوُفِّي في ربيع الآخر سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 261- زياد بن الخليل2. أَبُو سهل التُّسْتَرِيُّ. حَدَّثَ ببغداد عن: مسدد، وَإِبْرَاهِيم بن بشار، والرمادي، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ، وأبو بَكْر الشافعي. قَالَ الدارقطني: لا بأس بِهِ. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين، وَقِيلَ: سنة تسعين.   1 تاريخ بغداد "8/ 461، 462"، طبقات الحنابلة "1/ 158، 159". 2 تاريخ بغداد "8/ 481، 482"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 22". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 135 "حرف السين": 262- السري بن سهل الْجُنْدَيْسابوري1. عن: عبد الله بن رُشيد. وَعَنْهُ: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، والطَّبَرَانيّ، وغيرهما. تُوُفِّي بفارس سنة تسعٍ وثمانين. 263- سَعِيد بن إسرائيل القطيعي البَّغْدَادِيّ2. عن: حبان بن موسى، وَإسْمَاعِيل بن عيسى العطار. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين. 264- سَعِيد بن الأشعث السِّجِسْتَاني. أخو الإمام أبي داود السِّجِسْتَاني. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 265- سَعِيد بن أوس3. أَبُو عُثْمَان السُّلمي الدِّمَشْقِيّ الإسكافي. عن: أَحْمَد بن أبي الحواري، وهشام الأزرق. وعنه: عبد الله بن جعفر بن الورد، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وجماعة، وَهُوَ سَعِيد بن الحَكم بن أوْس، نسبوه إلى جَدّه. 266- سَعِيد بن سيار الواسطي4. سمع: عمرو بن عون.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 177". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 169"، تاريخ بغداد "9/ 98". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 169"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 121". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 169". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 136 رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 267- سَعِيد بن عَبْدَوَيْه البَّغْدَادِيّ بن الصَّفَّار1. عن: الربيع بن ثعلب. وَعَنْهُ: ابن قانع، والطَّبَرَانيّ. 268- سَعِيد بن عُثْمَان2. أَبُو سهل الأهوازي. عن: أبي الوليد الطَّيَالِسِيّ، وبكار السٍّيريني، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القَطَّان، وَأَحْمَد بن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر الشافعي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: صدوق. 269- سَعِيد بن محمد بن المغيرة المصري3. عن: سَعِيد بن سُلَيْمَان سَعْدَوَيْه. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 270- سَعِيد بن محمد4. أَبُو عُثْمَان الأنْجُذاني. عن: أبي عَمْرو الحَوْضي، وغيره. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن كامل، والطَّسْتِيّ، وأبو تلا الشافعي. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 271- سَعِيد بن ياسين البَلْخِيّ الوراق5. حدث ببغداد عن: قتيبة، وجماعة.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 171". 2 تاريخ بغداد "9/ 97". 3 المعدم الصغير للطبراني "1/ 168". 4 تاريخ بغداد "9/ 96، 97"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 8". 5 تاريخ بغداد "9/ 98، 99". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 137 وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ، وابن قانع، وابن نجيح. قَالَ الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرا. 272- سلامة بن محمد بن ناهض1. وَيُقَال: سلام مخفَّفًا أَيْضًا. أَبُو بَكْر الترياقي الْمَقْدِسِيُّ. سَمِعَ: هشام بن عَمَّار، وصفوان بن صالح، والوليد بن حجر الرَّملي. وَعَنْهُ: جَعْفَر الفِرْيَابِيّ وَهُوَ من أقرانه، وأبو طالب أحمد بن نصر، وأبو القاسم الطَّبَرَانيّ. 273- سُلَيْمَان بن أيوب بن سُلَيْمَان بْن دَاوُد بْن عَبْد اللَّه بْن حَذْلم2. أَبُو أيوب الأسَدي الدِّمَشْقِيّ. عن: أَبِيهِ، عن الوليد بن المسلم. وعن: صفوان بن صالح، وَسُلَيْمَان ابن بنت شُرَحْبِيل، وَدُحَيْم، وجماعة. وَعَنْهُ: ن. 274- سُلَيْمَان بن محمد بن الفضل النَّهْرواني3. أَبُو منصور. عن: محمد بن السَّري العسقلاني، وعبد الوهاب بن الضحاك، وَمحمد بن وَهْب الحَرَّاني. وَعَنْهُ: ابن قانع، وأبو بكر الشافعي. وهو ضعيف، قاله الدَّارَقُطْنيّ. 275- سماعة بن أَحْمَد4. أَبُو بَكْر البَصْرِيّ القاضي.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 174". 2 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 248"، تهذيب الكمال "11/ 367-369"، تهذيب التهذيب "4/ 173". 3 تاريخ جرجان للسهمي "224"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 286". 4 تاريخ بغداد "9/ 222". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 138 عن: بكار بن محمد السيريني. وَعَنْهُ: عبد الباقي بن قانع، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وابن نجيح. وَهُوَ ثقة. 276- سِماك بن عبد الصمد1. أَبُو الْقَاسِم الأَنْصَارِيّ الدِّمَشْقِيّ. عن: خَالِد بن عَمْرو السِّلفي، وأبي مسهر الغسّاني. وَعَنْهُ: أَبُو عوانة، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر الشافعي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين بطرسوس. 277- سٍنان بن محمد بن طالب. أَبُو بَكْر التَّمِيمِيّ المَوْصِليّ. عن: أبي نُعَيْم، وعفان، وأبي الجوّاب، وغيرهم. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد الأَزْدِيّ في تاريخه، وقال: توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 278- السِّندي بن أبان2. أَبُو نصر، غلام خَلَف بن هشام البَزَّار. عن: يَحْيَى الحماني، وغيره. وَعَنْهُ: عبد الصمد الطَّسْتِيّ. تُوُفِّي سنة إحدى أَيْضًا. 279- سهل بن سعد بن نضلة الطائي3. أَبُو الْقَاسِم القزويني. سَمِعَ: عَليّ بن محمد الطنافسي، وأبا مصعب الزهري، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "9/ 216، 217". 2 تاريخ بغداد "9/ 234". 3 أخبار قزوين للرافعي "3/ 61، 62". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 139 قَالَ الخليلي في شيوخ القَطَّان: كَانَ ثقة أَيْضًا. وذكر أَنَّهُ كَانَ حيًّا في هَذَا الحين. 280- سهل بن عبد الله التُّسْتَرِيُّ1. الإمام العارف أَبُو محمد شيخ الصوفية. رَوَى عن: خاله محمد بن سوار. وصحبه ذي النون المصري قليلًا، لقيه في الحج. وَعَنْهُ: عُمَر بن واصل، وَأَبُو محمد الحريري، وعباس بن عصام، وَمحمد بن المنذر الهُجَيْمي، وجماعة. وَكَانَ من أعيان الشيوخ في زمانه، يُعدّ مَعَ الْجُنَيْد، وَلَهُ كلام نافع في التصوف والسنة وغير ذَلِكَ، فنقل أَبُو الْقَاسِم التَّمِيمِيّ في الترغيب والترهيب من طريق أبي زُرْعَة الطَّبَرِيّ: سَمِعْتُ ابن درستويه صاحب سهل بن عبد الله يَقُولُ: قَالَ سهل، ورأى أصحاب الحديث فَقَالَ: اجتهدوا أن لا تلاقوا الله إِلا ومعكم المحابر. وفي "ذمّ الكلام"، بإسنادٍ، عن سهل وَقِيلَ لَهُ: إلى متى يكتب الرجل الحديث؟ قَالَ: حَتَّى يموت، ويُصبُّ باقي حبره عَلَى قبره. قرأت على ابن الخلال، أَنَا ابنُ اللَّتي، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا شيخ الإِسْلام عبد الرحمن بنيسابور: سَمِعْتُ الحُسَيْن الدَّقيقي، يَقُولُ: سَمِعْتُ سهل بن عبد الله يَقُولُ: من أراد الدُّنْيَا والآخرة فلْيكتُب الحديث. فإنّ فيه منفعة الدُّنْيَا والآخرة. قُلْتُ: هكذا كَانَ مشايخ الصوفية في حرصهم عَلَى الحديث والسنة، لا كمشايخ عصرنا الْجَهَلة البَطَلة الأكَلَة الكسلة. وبلغنا أَنَّهُ أتى إلى أبي داود السِّجِسْتَاني مصنّف السُّنن، فَقَالَ: أريد أن تُخرج لي لسانك هَذَا الذي حدثت بِهِ أحاديث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أقبله. فأخرجه له فقبله.   1 حلية الأولياء "10/ 189-212"، صفة الصفوة "4/ 64-66"، وفيات الأعيان "2/ 429، 430"، سير أعلام النبلاء "13/ 330-333". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 140 ومن كلامه: لا مُعين إِلا الله، ولا دليل إِلا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا زاد إِلا التَّقوى، ولا عمل إِلا الصبر عَلَيْهِ. وَقَالَ: الجاهل ميت، والناسي نائم، والعاصي سكران، والمُصرّ هالك. وَقَالَ: الجوع سرُّ الله في أرضه، لا يُودعه عند من يديعه. وَقَالَ إسْمَاعِيل بن عَليّ الأُبُليّ: سَمِعْتُ سهل بن عبد الله بالبصْرة سنة ثمانين ومائتين يَقُولُ: العقل وحده لا يدلّ عَلَى قديم أَزَلِي فوق عرش مُحدث، نصبه الحقّ دِلالةً وعلما لنا، لتهتدي القلوب به إليه، ولا تُجاوزه، أي بما أثبت الحق فيها من نور الهداية، ولم يكلّفها علم ماهيّة هُويته، فلا كيف للاستواء عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لا يجوز للمؤمن أن يَقُولُ: كيف الاستواء؟ لِمَ خلقَ الاستواء؟ وإنما عَلَيْهِ الرضى والتسليم، لقول النبي -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ: "إِنَّهُ عَلَى عرشه" 1. وإنما سُمي الزنديق زنديقًا، لِأَنَّهُ وزن دق الكلام بمخبول عقله، وقياس هوى طبعه، وترك الأثر والاقتداء بالسنة، وتأول القرآن بالهوى. فعند ذَلِكَ لم يؤمن بأن الله عَلَى عرشه. فسبحان من لا تكفيه الأوهام موجودًا، ولا تمثله الأفكار محدودًا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْم: نا أبي، نا أَبُو بَكْر الجوربي: سَمِعْتُ سهل بن عبد الله يَقُولُ: أصولنا ستة أشياء: التّمسّكُ بالقرآن، والاقتداء بالسنة، وأكلُ الحلال، وكف الأذى، والتوبة، وأداء الحقوق. وعن سهل: من تكلم فيما لا يعنيه حُرم الصدق، ومن اشتغل بالفضول حُرم الورع، ومن ظنّ السوء حُرم اليقين، فَإِذَا حُرِم من هذه الثلاثة هلك. وَعَنْهُ قَالَ: من أخلاق الصَّديقين أن لا يُحلفوك بالله، ولا يغتابون، ولا يُغتاب عندهم، ولا يُشبعون بطونهم، وَإِذَا وعدوا لم يُخلفوا، ولا يمزحون أصلًا. وَقَالَ ابن سالم: قَالَ عبد الرحمن بعض تلامذة سهل التُّسْتَرِيِّ لسهل: يا أبا محمد، إني أتوضأ، فيسيل الماء من يدي، فيصير قضبان ذهب.   1 أما المعنى فقد صح ذلك، كما في حديث: "يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس"؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش عند ربها". حديث صحيح متفق عليه. وأما باللفظ كما في حديث: "ثم استوى على العرش". حديث ضعيف. أخرجه الواحدي في أسباب النزول "820" بتحقيقي. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 141 فقال سهل: الصبيان يباركون خشخشاشة. تُوُفِّي سهل -رحمة الله عَلَيْهِ- في المحرّم سنة ثلاث وثمانين، وعاش ثمانين سنة، أَوْ جاوزها. وَيُقَال: مات سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين، والأول أصح. 281- سهل بن عَليّ الدوري1. عن: عَليّ بن الْجَعْد، وغيره. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ. وَكَانَ متَّهمًا بالكذب. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. ورّخه ابن قانع، ولاؤه لآل عَليّ بن أبي طالب. رَوَى عن: سريج بن يونس، والقواريري، وَإِبْرَاهِيم التَّرْجُمَانيّ. قَالَ أَبُو مُزَاحِم الحَافِظ: يُرمى بالكذب. 282- سهل بن المتوكل الْبُخَارِيُّ2. عن: الْقَعْنَبِيِّ، وَمحمد بن سلام البِيكَنْدِيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. قَالَ السليماني: كَانَ من أئمة اللغة، يُكنَّى أبا عُصْفور. "حرف الشين": 283- الشاذ بن نصر بن سيار. أَبُو الحَكَم الدِّمَشْقِيّ. عن: قُتَيْبَة، وهشام بن عَمَّار، وحرْمَلة، وطبقتهم.   1 تاريخ بغداد "9/ 118، 119". 2 الثقات لابن حبان "8/ 294". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 142 وَعَنْهُ: عبد الله بن زَبْر القاضي، وَمحمد بن أَحْمَد الرَّافقي، وعبد الله بن المهتدي بالله. ذكره ابن ماكولا. "حرف الصاد": 284- صالح بن شُعَيْب البَصْرِيّ الزاهد1. عن: بَكْر بن محمد القرشي. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في صفر سنة ستٍّ وثمانين. 285- صالح بن العلاء بن وضاح. أَبُو شُعَيْب المَوْصِليّ. عن: غسان بن الربيع، وأبي هاشم محمد بن عَليّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 286- صالح بن عَليّ بن الفضل النوفلي2. حَدَّثَ ببغداد وغيرها. عن: خَالِد بن يزيد العُمري، وعبد الله بن محمد بن القدامي؟ وَعَنْهُ: ابن جوصا، ومحمود الرافقي، وآخرون. 287- صالح بن عمران3. أَبُو شُعَيْب الدعاء. عن: عبد الْقَاسِم بن سلام، وعفان، وَسُلَيْمَان بن حرب، وطبقتهم. تُوُفِّي سنة خمس وثمانين.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 179". 2 طبقات الحنابلة "1/ 177". 3 طبقات الحنابلة "1/ 177"، تاريخ بغداد "9/ 321". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 143 رَوَى عَنْهُ: إسْمَاعِيل الخُطبي، وَأَحْمَد بن كامل، وأبو بكر الشافعي. قال الدارقطني: لا بأس بِهِ. 288- صالح بن محمد بن عبد اللَّه1. أَبُو الفضل الرَّازِيّ. نزل بغداد. عن: عفان، وَسُلَيْمَان بن حرب، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ، وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ تلا أربعة آلاف ختمة. تُوُفِّي في شوال سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 289- صالح بن مقاتل الأعور2. عن: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القَطَّان، وابن قانع. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بقوي. 290- صالح بن يونس. أَبُو شُعَيْب الواسطي الزاهد. كَانَ من سادات الصوفية. وردَ عَنْهُ أَنَّهُ رأى الحقَّ في النوم، وحجَ عَلَى قدميه سبعين حجّة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين بالرملة، كان يعرف بالمقنَّع، والدّعاء عند قبره مُستجاب. وَكَانَ يكون بمصر وَكَانَ يُحرِم من القُدس إلى الرملة. وَيُقَال: رأى مرة كلبًا يلهث عطشًا في البادية، فَقَالَ: من يشتري مني سبعين حجّة بشربةٍ لهذا؟ فأعطاه رجل دمشقي ماءً، فسقي الكلب.   1 تاريخ بغداد "9/ 320". 2 تاريخ بغداد "9/ 321، 322". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 144 291- صدَقَةُ بن موسى1. عن: أبي نُعَيْم، والأصمعي. شيخ مجهول، لم يرو عنه إلا الدارع. الشَّيْخ المتروك صاحب الجن. "حرف الضاد": 292- الضَّحَّاك بن الحُسَيْن الأَزْدِيّ الإستراباذي الفقيه2. عن: إسْمَاعِيل الشالنجي، وهشام بن عَمَّار، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وجماعة. وَعَنْهُ: نُعَيْم بن عبد الملك بن عَدِيّ، وَمحمد بن إِبْرَاهِيم بن أبْرَوَيْه، وَأَحْمَد بن محمد بن مُطرّف، وغيرهم. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين ومائتين. "حرف الطاء": 293- طاهر بن حزم الأندلسي الطَّرْطُوشِيّ3. مولى بني أمية؛ يروي عن: يَحْيَى بن يَحْيَى اللَّيْثي. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 294- طاهر بن محمود النَّسَفِيّ. رحل وَسَمِعَ: هشام بن عَمَّار، وغيره. رَوَى عَنْهُ: عبد المؤمن بن خلف النَّسَفِيّ، وَتُوُفِّي سنة تسع وثمانين. أغفله ابن عساكر. 295- الطيب بن محمد بن غالب. أَبُو عبد الرحمن السَّعدي الْبُخَارِيُّ. عن: محمد بن سلام البِيكَنْدِيّ، وقتيبة بن سَعِيد، وعثمان بن أبي شَيْبَة.   1 تاريخ بغداد "9/ 333، 334". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 5". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 206، 207". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 145 وَعَنْهُ: محمد بن عبد الرحمن بن الطيب حفيده. تُوُفِّي في صفر سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. "حرف العين": 296- عامر بن المُثَنَّى. أَبُو عَمْرو الكَرْمِيني، من حُفّاظ ما وراء النَّهْر. ذكره السُّليماني فَقَالَ: لزم الْبُخَارِيَّ وتفقه بِهِ. ورحل وَسَمِعَ: عَمْرو بن عَليّ، وَمحمد بن بشار. 297- عُبادة بن محمد بن عبد الله العَدَني1. سَمِعَ: حَفْص بْن عَمْرو العدني الفرج. روى عنه: الطبراني. 298- العباس بن حزم بْن عَبْد الله بْن أشرس2. أَبُو الفضل النَّيْسَابُوري الواعظ، أحد العُلَمَاء والزّهاد في وقته. صحب أَحْمَد بن حرب الزاهد. وَسَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَل، وَسَعِيد بن محمد الجرمي، وقتيبة بن سعيد، وهشام بن عَمَّار، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وخلقًا. وَعَنْهُ: أَبُو العَبَّاس السَّرَّاج، وَإِبْرَاهِيم بن محمد بن سُفْيَان، وسِبطه محمد بن عبد الله، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون. قَالَ أَبُو الوليد الفقيه: سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: كَانَ العَبَّاس بن حمزة مُجاب الدَّعوة. وَقَالَ ابن مُجيد: كَانَ العَبَّاس يصوم النهار ويقوم الليل، وَكَانَ يَقُولُ: لقد لحقتني بركة ذي النون.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 255". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 224، 225"، طبقات الحنابلة "16/ 659". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 146 وَقَالَ السَّرَّاج: سَمِعْتُ العَبَّاس بن حمزة، وسأله رجلٌ عن الزهد فَقَالَ: تركُ ما يشغلك عن الله أخْذُه، وأخذ ما يُبعدك عن الله تركه. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين، وَكَانَ من علماء الحديث، رحمه الله تعالى. 299- عَبَّاس بن محمد بن عبد اللَّه1. أَبُو الفضل دُبيس البَّغْدَادِيّ البزاز. سَمِعَ: عفان بن مُسْلِم، وسُريج بن النُّعْمَان، وَسُلَيْمَان بن حرب. وَعَنْهُ: ابن السماك، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وَمحمد بن عَليّ بن الهيثم، وآخرون. قَالَ الخطيب: ثقة. رماه الحمار، فعلقت رِجلُه بالرِّكاب، فجره الحمار، فمات في رجب سنة ثلاثٍ أَيْضًا. 300- عبد الله بن أَحْمَد بن حَنْبَل بن هلال2. الحَافِظ أَبُو عبد الرحمن الإمام وأبي عبد الله الذُّهلي الشيباني المَرْوَزِيّ الأصل البَّغْدَادِيّ. وُلد سنة ثلاث عشرة ومائتين، في السنة التي مات فيها عُبَيْد الله بن موسى العبْسي. وَسَمِعَ من أَبِيهِ شيئًا كثيرًا من العلم. وَسَمِعَ من: يَحْيَى بن عَبْدَوَيْه صاحب شعبة. ولم يأذن لَهُ أبوه في السّماع من عَليّ بن الْجَعْد. وَسَمِعَ من: يَحْيَى بن معين، وشيبان بن فَرُّوخ، والهيثم بن خارجة، وَسُوَيْد بن سَعِيد، وعبد الأعلى بن حَمَّاد، وَمحمد بن جَعْفَر الوركاني، وأبي خَيْثَمَة، وأبي بَكْر بن أبي شَيْبَة، وأبي الربيع الزهراني، وَإِبْرَاهِيم بن الحجّاج السامي، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بن عمر القواريري، وخلق كثير.   1 تاريخ بغداد "12/ 148". 2 الجرح والتعديل "5/ 7"، تهذيب الكمال "14/ 285، 292"، سير أعلام النبلاء "13/ 516-526"، تهذيب التهذيب "5/ 141-143". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 147 وَعَنْهُ: ن؛ وعبد الله بن إِسْحَاق المدائني، وأبو القاسم البغوي، وأبو محمد بن صاعد، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وأبو بكر الخلال، ودعلج، وأحمد بن سلمان الفقيه النجاد، وإسحاق الكاذي، وأبو علي الصواف، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر الشافعي، وأبو الحسن أحمد بن محمد اللنباني، وخلق سواهم. قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبتا فهما. وقال ابن المنادي في تاريخه: لم يكن أحد روى في الدنيا عن أَبِيهِ منه، عن أبيه؛ لأنه سمع منه "المسند" وهو ثلاثون ألفًا، و"التفسير" وَهُوَ مائة وعشرون ألفًا. سَمِعَ منه ثمانين ألفًا، والباقي وجادةً. وَسَمِعَ منه: "الناسخ والمنسوخ" و"التاريخ"، و"حديث شعبة"، و"المقدم والمؤخر من كتاب الله"، و"جوابات القرآن"، و"المناسك" الكبير والصغير، وغير ذَلِكَ من التصانيف وحديث الشيوخ. قَالَ ابن المنادي: وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون لَهُ بمعرفة الرجال وعلل الحديث والأسماء، والمواظبة على الطلب، حتى أَنَّ بعضهم أفرط في تعظيمه إياه بالمعرفة، وزيادة السّماع عَلَى أَبِيهِ. وعن إسْمَاعِيل الخُطبي قَالَ: بلغني عن أبي زُرْعَة قَالَ: قَالَ لي أَحْمَد بن حَنْبَل: ابني عبد الله محفوظ من علم الحديث، لا يذاكرني إِلا بما أحفظ. وَقَالَ عَبَّاس الدوري: قَالَ لي أَحْمَد بن حَنْبَل: يا عَبَّاس، قد، وعى عبدُ الله علمًا كثيرًا. وَقَالَ ابن الصواف: قَالَ عبد الله بن أَحْمَد: كلّ شيء أقول: قَالَ أبي، فقد سَمِعْتُهُ مرّتين وثلاثة، وأقلّهُ مرة. تُوُفِّي عبد الله في جُمَادَى الآخرة سنة تسعين ومائتين، وشيعه خلْق. 301- عبد الله بن أَحْمَد بن إشكاب الأصبهاني الحَافِظ1. طوّف وصنّف "المُسند". وَسَمِعَ: أَحْمَد بن عبدة، وهلال بن بِشْر، وَإسْمَاعِيل بن بهرام، وطبقتهم.   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 58". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 148 تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 302- عبد اللَّه بن أَحْمَد بن سوادة1. أَبُو طالب البَّغْدَادِيّ نزيل طَرَسُوس. سَمِعَ: طالوت بن عبّاد، وَمحمد بن بكار، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو العَبَّاس بن عُقدة، وَأَبُو بَكْر القبّاب، وأهل إصبهان. وَكَانَ صدوقًا. تُوُفِّي في سنة خمسٍ وثمانين. وقد حَدَّثَ بدمشق، فروى عَنْهُ: الحُسَيْن بن حبيب، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون. 303- عبد الله بن المحدّث أَحْمَد بن سَعِيد الرِّباطي الصُّوفي الزاهد2. صحِب أبا تُراب النخشبي، وسافر معه. وَكَانَ الْجُنَيْد إِذَا ذكره يُثني عَلَيْهِ وَيَقُولُ: هُوَ رأس فتيان خُرَاسَان. قَالَ ابن الْجَوْزيّ في المنتظم: تُوُفِّي سنة تسعين. قُلْتُ: لم يقع لي شيء من كلامه. 304- عبد الله بن أَحْمَد بن زياد3. أَبُو جَعْفَر الهمداني، ويقال لَهُ: الدُّحيمي لكثرة ما سَمِعَ من دُحَيْم. وَسَمِعَ من: بِشْر بن الوليد، والحكم بن موسى، وسُريج بن يونس، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن عُبَيْد، والقاسم بن صالح، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق بن منجاب، وحامد الرّفّاء، وجماعة. قَالَ صالح بن أَحْمَد: ثقة صدوق. 305- عبد الله بن إبراهيم السوسي4.   1 تاريخ بغداد "9/ 373"، تهذيب تاريخ دمشق "7/ 286". 2 المنتظم "6/ 40، 41"، البداية والنهاية "11/ 97". 3 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 286". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 232". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 149 روى عن: محمد بن بكار بن بلال العاملي. وَعَنْهُ الطَّبَرَانيّ. لا أعرفه، ولا ذكره ابن عساكر. 306- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن الأغلب التَّمِيمِيّ الأغلبي1. الأمير أَبُو العَبَّاس أمير المغرب، وابن أمرائها الأغلبيين. عهد إِلَيْهِ أَبُوهُ بالأمر قبل موته في أول سنة تسعٍ وثمانين، ومات أَبُوه في ذي القِعْدَة من العام. وَقِيلَ: كاتب ببيعته المُعْتَضِد أمير المؤمنين، فقدم عَلَى الأمير إِبْرَاهِيم في آخر سنة ثمانٍ رَسُول المُعْتَضِد، فأمره أن يعتزل الإمرة، ثُمَّ يفوضها إلى ولده أبي العَبَّاس، ويصير هُوَ إلى حضرة المُعْتَضِد. وَذَلِكَ لَمَّا بلغ المُعْتَضِد عَنْهُ من أفعاله في مرضه بالسوداء من الْقَتْلِ والجهل، ففعل ما أُمر بِهِ، وأظهر التوبة. وَكَانَ أَبُو العَبَّاس، دينًا صالحًا لينًا، عاقلًا عالمًا فاضلًا، أديبًا شاعرًا، موصوفًا بالشجاعة، محبًا للعدل. وقوي أمرُ أبي عبد الله الشيعي، فندب لحربه أخاه الأحول. ولم يكن أحولًا، وإنما لقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا نظر كَسَر جفنه. فالتقوا عند ملوشة، وقُتل خلْق، وانهزم الأحول، ثُمَّ ثبت في مقاتلته. وكان أَبُو الْعَبَّاس يداري سوء أخلاق أَبِيهِ، وكان يظهر طاعته والتذلل لَهُ، فكان يوجهه لمحاربة الأعادي، فبلغ من ذَلِكَ إلى أكثر من أمله، فبذلك كَانَ يفضله عَلَى إخوته. وولاه صقلية، فأفتتح بِهَا حصونا، وظهرت شجاعته، وَلَمَّا تملك لم يسكن فِي قصر أبيه، بل اشترى دارا سكنها، ورد مظالم كثيرة. فكانت أيامه أيام عدلٍ وخير. ومن شعره، وقد شرب دواء بصقلية. شربت الدواء على غربة ... بعيدا عَن الأهل والمنزل وكنت إذا شربت الدواء ... تطيبت بالمسك والمندل فقد صار شربي بحار الدماء ... ونقع العجاجة والقسطل   1 الوافي بالوفيات "17/ 8". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 150 واتصل بأبي الْعَبَّاس عَن ولده أبي مضر زيادة الله متولي صقلية اعتكافه عَلَى اللهو والخمر، فعزله، وقدم عَلَيْهِ فسجنه، فلما كانت ليلة الأربعاء ليوم بقى من شعبان سنة تسعين قتل الأمير أَبُو الْعَبَّاس، قتله ثلاثة من غلمانه الصقالبة عَلَى فراشه، وأتوا برأسه ابنه زيادة الله؛ وأخرج مِنَ الْحبس، وتملك، وقتل الثلاثة وصلبهم، وهو الَّذِي كَانَ واطأهم. والمثل السائر: سمير الغضب يزول، ووالي الغدر معزول. وكان قتله بمدينة تونس، رحمه الله. 307- عَبْد اللَّه بْن جَابِر بْن عَبْد اللَّه1. أبو محمد الطرسوسي البزار. قال ابن عساكر، وأبو أحمد الحاكم: سمع أبا مسهر، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ومحمد بن المبارك الصوري. وعنه: أبو بكر محمد بن أحمد المستنير، وإبراهيم بن جعفر بن سنيد بن داود المصيصيان. قلت: وهما شيخا الحاكم. زاد ابن عساكر فقال: وجعفر الخالدي، وأحمد بن جعفر بن حمدان الطرسوسي، وأبو بكر ابن المقرئ. كذا قال ابن عساكر فوهم؛ وإنما روى ابن المقرئ، عن عبد الله بن جابر بطرسوس، عن عبد الله بن خبيق الأنطاكي، وهو متأخر عن ذا. وَكَذَا قَالَ حَدِيثًا مَوْضُوعًا مَتْنُهُ: "الأُمَنَاءُ ثَلَاثَةٌ: جِبْرِيلُ، وَأَنَا، وَمُعَاوِيَةُ"2. وَهَذَا قَالَ فِيهِ أَبُو أَحْمَدَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 308- عبد الله بن الحسين بن جابر3. أبو محمد البغدادي ثم المصيصي البزار.   1 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 325"، لسان الميزان "3/ 265". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 17". 3 المجروحين لابن حبان "2/ 46، 47"، حلية الأولياء "9/ 303"، لسان الميزان "372، 373". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 151 عن: علي بن عياش الحمصي، وآدم بن أبي إياس، والحسن بن موسى الأشهب، وعفان بن مسلم، وهودة بن خليفة، وطائفة. وعنه: أبو عوانة، وخيثمة الأطرابلسي، وأبو الحسن بن حذلم، وأبو القاسم الطبراني، وجماعة. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ، كان يسرق الحديث. قلت: أظنه الذي قبله. 309- عبد الله بن أبي عطاء الأندلسي1. نزيل القيروان، صالح صدوق صحيح النقل. سمع من: زهير بن عباد، وسحنون بن سعيد الفقيه. روى عنه: محمد بن أحمد التميمي القيرواني. وتوفي سنة " .... " وثمانين. 310- عبد الله بن عَبْدَوَيْه بن النضر. أَبُو محمد الْبُخَارِيُّ، نزيل نَسْف. رَوَى عن: هشام بن عَمَّار، وَدُحَيْم، وَأَحْمَد بن صالح المصري، وجماعة. وعنه: عبد المؤمن بن خلف، ومحمد بن محمود بن عنبر، ومحمد بن زكريا النسفيون. وكان إماما فاضلا محدثا. توفي في سنة ست وثمانين ومائتين؛ ولعل أباه عبد ربه. 311- عبدُ الله بْن عيسى بْن عَبْد الله بن شعيب2. أبو موسى القرشي المدني القصير الكاتب نزيل مصر. قرأ على: قالون، وَسَمِعَ منه الحروف.   1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 218". 2 غاية النهاية "1/ 440". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 152 وَسَمِعَ من: مُطرّف بن عبد الله الفقيه وَكَانَ كاتبه، ويُعرف بالطيارة. رَوَى عَنْهُ القراءة: محمد بن أَحْمَد بن منير الإمام، وَسَمِعَ منه في سنة أربعٍ وثمانين ومائتين، وَلَهُ تسعون سنة إِذْ ذاك. وَسَمِعَ منه عامة المصريين. وَرَوَى عَنْهُ الحروف أَيْضًا: محمد بن أَحْمَد بن شاهين البَّغْدَادِيّ بمصر، شيخ لأبي بَكْر بن مجاهد. 312- عبد الله بن قريش1. أَبُو أَحْمَد الأَسَدي. عن: الحُسَيْن بن حُريث، والوليد بن شُجاع، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن مَخْلَد، والطَّسْتِيّ، وَإسْمَاعِيل الخُطبي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 313- عبد الله الأشعث2. أَبُو الورد الأنطرطوسي. عن: إِبْرَاهِيم بن المنذر الحزِاميّ، وَإِبْرَاهِيم بن محمد الحمصي. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَمحمد بن عبد الرحمن الطَّيئي الأصبهاني. 314- عبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم3. أَبُو بَكْر الْجُمحي، مولاهم المصري. سَمِعَ: جَدّه، وَمحمد بن يوسف الفريابي، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي، وغيرهم. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن الْقَاسِم المالكي، وعَليَّ بن محمد المصري الواعظ، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في رمضان سنة إحدى وثمانين، وقد أضر بأخرة.   1 تاريخ بغداد "10/ 43، 44". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 217". 3 أخبار القضاة لوكيع "3/ 264"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 212". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 153 315- عبد الله بن محمد بن سلام1. أَبُو بَكْر الأصبهاني. عن: أبي توبة بن نافع الحلبي، وَمحمد بن سَعِيد بن سابق. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ الصحاف، والأصبهانيون. تُوُفِّي سنة إحدى أَيْضًا. ومن الرواة عَنْهُ: أَبُو بَكْر القباب، وَأَحْمَد بن جَعْفَر بن مفيد. فيه ضعف. 316- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن النُّعْمَان بْن عبد السلام2. أبو بكر التميمي الأصبهاني الزاهد. سَمِعَ: أباه، وأبا نُعَيْم، وَعَمْرو بن طلحة القتاد، وأبا غسان النَّهدي، وَعَمْرو بن حفص بن غياث، وَمحمد بن سَعِيد بن سابق، وطائفة. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ الصحاف، وَمحمد بن أَحْمَد الكسائي، وعبد الله بن الحَسَن بن بُنْدَار، وَأَحْمَد بن جَعْفَر السمسار، وأبو بكر عبد الله بن محمد القباب، وخلْق من الأصبهانيين. وَكَانَ ثقة صالحًا من أولياء الله تعالى. تُوُفِّي سنة إحدى أَيْضًا. 317- عبد الله بن محمد بن عبيد بن سُفْيَان بن قيس3. الحَافِظ أَبُو بَكْر بن أبي الدُّنْيَا القرشي مولى بني أُمية البَّغْدَادِيّ، صاحب التصانيف المشهورة. وُلد سنة ثمان ومائتين.   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 57". 2 الثقات لابن حبان "8/ 369"، أخبار أصبهان "2/ 56، 57". 3 الجرح والتعديل "5/ 163"، سير أعلام النبلاء "13/ 397-404"، تهذيب التهذيب "6/ 12، 13". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 154 وَسَمِعَ: أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم المَوْصِليّ، وأحمد بن جميل المَرْوَزِيّ. ولم يسمع من الإمام أَحْمَد شيئًا. وَسَمِعَ من: سعد بن سُلَيْمَان سَعْدَوَيْه، وهو أقدم شيخ له. ومن: خالد بن خراش، وعَليَّ بن الْجَعْد، وخَلَف بن هشام، وسعد بن محمد العَوْفي، وَسَعِيد بن محمد الحربي، وشُجاع بن أشرس، وعبد الله بن خَيْران صاحب عبد الرحمن المسعودي، وعبد الله بن عَوْن الخزاز، وأبي نصر التَّمَّار، وعبيد الله بن محمد بن عائشة، وخلق كثير. وَعَنْهُ: الحارث بن أبي أُسَامَةَ، وَهُوَ من شيوخه، وابن ماجه في تفسيره، وَأَبُو عَليّ أحمد بن إِبْرَاهِيم الصحاف، وَأَبُو العَبَّاس بن عُقدة، وَأَبُو سهل القَطَّان، وَأَحْمَد بن مروان الدِّينَوَري، وعثمان بن محمد الذهبي، وعيسى بن محمد الطُّوماري، وَأَبُو عَليّ الحُسَيْن بن صفوان، وَهُوَ راويته، وأبو بكر النَّجَّاد، وَأَبُو الحَسَن أَحْمَد بن محمد اللنباني، وعبد الله بن بُريْه الهاشمي، وَأَحْمَد بن خُزَيْمَة، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وجماعة. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عَنْهُ مَعَ أبي، وَقَالَ أبي: هُوَ صدوق. وَقَالَ الخطيب: كَانَ يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء. وَقَالَ غيره: كَانَ ابن أبي الدُّنْيَا إِذَا جالس أحدًا، إن شاء أضحكه، وإن شاء أبكاه في آنٍ واحد، لتوسُّعه في العلم والأخبار. قُلْتُ: وقع لنا جملة صالحة من مصنّفاته، وآخر من رَوَى حديثه بعُلُوّ: الشَّيْخ الفخر بن الْبُخَارِيِّ، بينه وبينه أربعة أنفس. تُوُفِّي في جُمَادَى الأولى سنة إحدى وثمانين. وَقَالَ أَحْمَد بن كامل: كَانَ ابن أبي الدُّنْيَا مؤدب المُعْتَضِد. 318- عبد الله بن محمد بن أبي قُريش1. أَبُو عبد الرحمن البصري.   1 تاريخ بغداد "10/ 88، 89". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 155 عن: محمد بن عبد الله الأَنْصَارِيّ. وَعَنْهُ: حبيب القزاز، وخلاد بن عبد الكبير الخطابي، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وغيرهم. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. وَسَمِعَ أَيْضًا من: عُثْمَان بن عُمَر بن فارس، وأبي عاصم، وجماعة. 319- عبد الله بن محمد بن هانئ. أَبُو محمد النَّيْسَابُوري عبدوس الحَافِظ. يروي عن: قُتَيْبَة بن سَعِيد، وَيَحْيَى بن يَحْيَى، وابن أبي الشوارب، وبندار، وجماعة. وَعَنْهُ: محمد بن إِسْحَاق العُصْفري، وَمحمد بن محمد بن نصر المَرْوَزِيّ، وعمر بن محمد بن يَحْيَى، وسهل بن شاذويه، وغيرهم. ومات بسمرقند سنة ثلاثٍ أَيْضًا في شعبان. وَكَانَ من أئمة الحديث. 320- عبد الله بن محمد بن زكريّا1. أَبُو محمد الأصبهاني. ثقة فاضل، مصنف جليل. سَمِعَ: إسْمَاعِيل بن عَمْرو البَجَليَّ، وأبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وَمحمد بن بَكْر، وسهل بن بكار، وطائفة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن بُنْدَار الشعار، وأحمد بن إِبْرَاهِيم بن يوسف، وَأَبُو الشَّيْخ، وجماعة. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 321- عبد الله بن محمد بن عزيز التميمي الموصلي2.   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 61، 62". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 216"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 29". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 156 عن: غسان بن الربيع. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَإسْمَاعِيل الخطبي، وغيرهما. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ. 322- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن منصور الهَرَوي البَزَّار. رحل وطوف وَسَمِعَ: هشام بن عَمَّار، وَسُوَيْد بن سَعِيد، وحرملة بن يَحْيَى. وَعَنْهُ: الحَافِظ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس الحداد. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 323- عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي1. أَبُو أُسَامَةَ. سَمِعَ: أَبَاه، وحجّاج بن أبي منيع، وَإِسْحَاق بن الأخْيَل. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَمحمد بن محمد بن خليفة، وَأَبُو المنقور بن راشد، وجماعة. 324- عبد الله بن مَسَرَّة بن نجيح بن مرزوق2. أَبُو محمد البربري المغربي، مولى أبي قُرّة. كَانَ من علماء أهل قُرْطُبة، رحل بِهِ أخوه إِبْرَاهِيم التّاجر إلى المشرق. فسمع: بِشْر بن آدم، ونصر بن عَليّ الْجَهْضمي، وَعَمْرو بن عَليّ الفلاس، وبندار، وطبقتهم. ورجع إلى الأندلس، وَكَانَ جليلًا فاضلًا خيّرًا، ولكنه اتُّهم بالقدَر. حمل عَنْهُ: عُثْمَان بن عبد الرحمن، وثابت بن حزم، وَمحمد بن الْقَاسِم، وقاسم بن أصبغ، والأندلسيون. وحجّ في آخر عمره فتُوُفِّي بمكة في ذي الحجّة سنة ستٍّ وثمانين. 325- عبد الله بن موسى الأَنْمَاطِيُّ الدهقان.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 213". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 217، 218". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 157 ويُعرف بابن بلهاء. عن: يَحْيَى بن معين، وَإِبْرَاهِيم بن محمد بن عُرْوَة. وَعَنْهُ: دَعْلَج، وأحمد بن يوسف بن خلاد. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 326- عبد الأعلى بن وَهْب الأندلسي1. أَبُو وَهْب. رَوَى عن: يَحْيَى بن يَحْيَى اللَّيْثي. ثُمَّ رحل وأدرك أصبغ بن الفرج، فأخذ عَنْهُ. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 327- عبد الرحمن بن عَبْدُوس2. أَبُو الزعراء البَّغْدَادِيّ المقرئ، أحد الحُذاق، وأكبر أصحاب أبي عُمَر الدوري وأضبطهم. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو بَكْر بن مجاهد، وعَليَّ بن الحَسَن الرَّقِّيّ، وَمحمد بن مُعَلَّى الشُّونيزي، وَمحمد بن يعقوب الْمُعَدَّلُ، وعمر بن عجلان. قَالَ ابن مجاهد: قرأت عَلَيْهِ لنافع نحوًا من عشرين مرة؛ وقرأ عَلَيْهِ لأبي عُمَر، وحمزة، والكِسائي. ذكره الداني، وغيره. 328- عبد الرحمن بن أَحْمَد3. الأصبهاني المُتَعبَد. رحل وَسَمِعَ: دُحَيْمًا، وعثمان بن أبي شَيْبَة. وعنه: علي بن الصباح، وعبد الله بن محمد الخشاب.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 280". 2 غاية النهاية "1/ 373، 374". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 10". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 158 329- عبد الرحمن بن جابر الطائي الحمصي1. عن: بشر بن شعيب بن أبي حمزة. وعنه: الطبراني. توفي سنة إحدى وثمانين. وروى أيضا عن: عبد العزيز بن موسى اللاحوني. 330- عبد الرحمن بن رَوْح2، أَبُو صفوان السمسار. بَغْدَادِيّ. سَمِعَ: خَالِد بن خِراش. وَعَنْهُ: عيسى الطُّوماري، والطستي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 331- عبد الرحمن بن عبد الحميد بن فَضَالَةَ. أَبُو محمد الكتاني الدِّمَشْقِيّ. عن: سُلَيْمَان بن عبد الرحمن، وَمحمد بن أبي السَّرِيّ. وَعَنْهُ: خَيْثَمَة، وَأبو عبد الله بن مروان، وغيرهما. 332- عبد الرحمن بن عَمْرو بن عبد الله بن صَفْوَان بن عَمْرو3. الحَافِظ أَبُو زُرْعَة النَّصْري الدِّمَشْقِيّ، محدَّث الشَّام. رَوَى عن: أَحْمَد بن خَالِد الوَهْبي، وأبي نُعَيْم، وهَوْذَة بن خليفة، وعَليَّ بن عَيَّاش، وأبي مُسْهِر الغساني، وَسُلَيْمَان بن حرب، وأبي بَكْر الحُمَيْدِيّ، وَسَعِيد بن منصور، وعفان، وَسَعِيد بن سُلَيْمَان سَعْدَوَيْه، وأبي اليَمَان الحَكَم بن نافع، وَأَحْمَد بن حَنْبَل، وخلْق كثير.   1 المعجم الصغير "10/ 244". 2 تاريخ بغداد "10/ 279". 3 الجرح والتعديل "5/ 267"، الثقات لابن حبان "8/ 384"، سير أعلام النبلاء "13/ 311-316"، تهذيب التهذيب "6/ 336، 337". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 159 وَعَنْهُ: د. تفسير حديث، ويعقوب الفَسَوي، وابن صاعد، وَأَبُو العَبَّاس الأصمّ، وَأَبُو يعقوب الأذْرَعي، وَأَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وعَليَّ بن العَقِب، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وخلْق كثير. قَالَ أَبُو الميمون بن راشد: سَمِعْتُ أبا زُرْعَة يَقُولُ: أُعجب أَبُو مُسْهِر بمجالستي إياه صغيرًا. وَقَالَ أَبُو حاتم الرَّازِيّ: ذكر أَحْمَد بن أبي الحواري أبا زُرْعَة الدِّمَشْقِيّ. فَقَالَ: هُوَ شيخ الشباب. وَقَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وَقَالَ جماعة: تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين في جُمَادَى الآخرة، ومَن قَالَ: سنة ثمانية فقد وَهِم. 333- عبد الرحمن بن معدان بن جُمعة الطائي1. سَمِعَ: مُطَرِّف بن عبد الله الشاري الفقيه، وعبد العزيز بن عبد الله الإدريسي. رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. ولم يذكره ابن عساكر في تاريخه. 334- عبد الرحمن بن يوسف بن سَعِيد بن خراش2. الحَافِظ أَبُو محمد المَرْوَزِيّ الأصل البَّغْدَادِيّ. سَمِعَ: خَالِد بن يوسف السمتي، وعبد الجبار بن العلاء المكي، وعَليَّ بن حشرم، وأبا مَعْمَر بن النحاس، ويعقوب الدَّوْرَقِيّ، ويونس بن عبد الأعلى، وأبا النقي هشام بن عبد الملك، وَأَحْمَد بن خَالِد الخلال، وأبا حفص الفلاس، ونصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن يحيى الذُّهَلِيّ، وخلقًا من طبقتهم. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القَطَّان، وَأَبُو العَبَّاس بن عُقدة، وبكر بن محمد الصيرفي، وآخرون.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 241". 2 أخبار أصبهان "2/ 112"، تاريخ بغداد "10/ 281"، ميزان الاعتدال "2/ 600، 601". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 160 قَالَ بَكْر بن محمد: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: شربت بَوْلِي في هَذَا الشأن، يعني الحديث، خمس مرات. وَقَالَ أَبُو نُعَيْم بن عَدِيّ الجرجاني الحَافِظ: ما رأيت أحفظ من ابن خِراش. قُلْتُ: وَلَهُ كلام في الجرح والتَّعديل، وقد اتُّهم بالرَّفض. تُوُفِّي في خامس رمضان سنة ثلاثٍ وثمانين، ورّخه ابن المنادي. وَقَالَ ابن عَدِيّ: ذُكر بشيء من التَّشيع، وأرجو أَنَّهُ لا يتعمد الكذب. سَمِعْتُ ابن عقدة يَقُولُ: كَانَ ابن خراش عندنا إِذَا كتب شيئًا من التَّشيع يَقُولُ: هَذَا لا ينفق إِلا عندي وعندك. سَمِعْتُ عبدان يَقُولُ: حمَل ابن خراش إلى بُنْدَار عندنا جزءين صنَّفهما في مثالب الشَّيخين، فأجازه بألفي درهم بنى بها حجرة ببغداد ليُحدّث فيها، فمات حين فرغ منها. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ محمد بْنُ يُوسُفَ الْحَافِظُ: أَخْرَجَ ابْنُ خِرَاشٍ مَثَالِبَ الشَّيْخَيْنِ، وَكَانَ رَافِضِيًّا. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ يَقُولُ: قُلْتُ لِابْنِ خِرَاشٍ: حَدِيثَ إِنَّ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ، قَالَ: بَاطِلٌ. أَتَّهِمُ مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ. قَالَ عَبْدَانُ: وَقَدْ حَدَّثَ بِمَرَاسِيلَ وَصَلَهَا وَمَوَاقِيفَ رَفَعَهَا. 335- عبد الرحمن بن محمد بن عقيل. أَبُو الْقَاسِم النَّيْسَابُوري، أكبر الإخوة. سَمِعَ: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وطبقته. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم بن عِصْمة، وَمحمد بن عبد الله بن المبارك، وغيرهما. 336- عبد الرحيم بْن عبد الله بْن عبد الرحيم الزهري1. مولاهم البرقي أَبُو سَعِيد أخو محمد، وأحمد.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 48، 49". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 161 رَوَى "السيرة" عن عبد الملك بن هشام، عن البكائي، وَكَانَ ثقة. رَوَى عَنْهُ: عبد الله بن جَعْفَر بن الورد، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. لكن الطَّبَرَانيّ سماه أَحْمَد بن عبد الله، فَوَهِم واشتبه عَلَيْهِ اسمه بأخيه. تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة ستٍّ وثمانين. 337- عبد الرحيم بن الفضل بن موسى بن مسمار بن هانئ. أَبُو يَحْيَى البلخي. سَمِعَ: مكي بن إِبْرَاهِيم المقرئ، وعَليَّ بن محمد المنجوري، وقبيصة، وخالد بن مَخْلَد، وشهاب بن مَعْمَر، وطائفة. وَعَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الفقيه، وجماعة. قَالَ السليماني: رَوَى عَنْهُ شيوخنا. وَتُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. 338- عبد الصمد بن هَارُون. أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوري الملقب بقاتل قُتَيْبَة. سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيد، وَأَحْمَد بن حَنْبَل، وعَليَّ بن الْمَدِينِيِّ. رَوَى عَنْهُ جماعة من شيوخ الحاكم. وَتُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 339- عبد الملك بن الحَسَن بن بَكْر الشرود الصَّنْعَانيّ. رَوَى جملة عن أَبِيهِ، عن جَدّه بَكْر صاحب الثوري، ومالك. روى عنه جماعة. مات سنة سبع وثمانين ومائتين. 340- عبد الملك بن أيمن بن فرجون1. أبو محمد الأندلسي.   1 جذوة المقتبس للحميدي "281"، بغية الملتمس "375، 376". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 162 روى عن: سحنون بن سَعِيد. ومات سنة سبع وثمانين ومائتين. 341- عبد العزيز بن عمران بن كوشيد1. أَبُو بَكْر الأصبهاني، أحد الرحالة والمصنفين. كتب عن: أَحْمَد بن عبد الرحمن بن وَهْب، وطبقته. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ الصحاف، وعبد الله بن محمد القباب، وغيرهما. 342- عبد العزيز بن معاوية2. أَبُو خَالِد القرشي البَصْرِيّ. عن: أزهر بن سعد السمان، وَجَعْفَر بن عون، وأبي عاصم، وبدل بن المحبر، وأشهل بن حاتم، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر البَخْتَرِيّ، وأبو عمرو بن السماك، وخيثمة. قال الدارقطني: لا بأس بِهِ. تُوُفِّي في أربع وثمانين. وقال أبو أحمد الحاكم: وعن عاصم مالا يتابع عَلَيْهِ. 343- عبد الوارث بن إِبْرَاهِيم3. أَبُو عبيدة العسكري. عن: وَهْب بن محمد البناني، وكثير بن يَحْيَى، ومسدد، وَمحمد بن جامع العطار. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وابن قانع. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين ومائتين.   1 الثقات لابن حبان "8/ 396"، أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 125". 2 الثقات لابن حبان "8/ 397"، ميزان الاعتدال "2/ 636"، تهذيب التهذيب "6/ 358، 359". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 251"، تاريخ جرجان للسهمي "200". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 163 344- عَبْدُوس بن دِيزويه الرَّازِيّ1. عن: إِبْرَاهِيم بن المنذر الحزامي، وهشام بن عَمَّار، وعبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم دُحَيْم، وجماعة. وَعَنْهُ أَبُو بَكْر بن خرُوف، والطَّبَرَانيّ، وابن الورد. تُوُفِّي سنة تسعين بمصر. 345- عُبَيْد الله بن أَحْمَد بن منصور الهمذاني الكسائي2. عن: عَليّ بن الطنافسي وابن خَيْثَمَة، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر النجاد، وابن قانع، وجماعة. قَالَ صالح بن أَحْمَد الهمذاني الحَافِظ: محلُّه الصدق. 346- عُبَيْد الله بن سُلَيْمَان3. أَبُو وَهْب الوزير؛ والد الْقَاسِم بن عُبَيْد الله الوزير. ولي الوزارة للمعتضد، وَكَانَ شجاعًا ناهضًا، خبيرًا بالأمور، متمكنًا من مخدومه. تُوُفِّي في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين، عن اثنتين وستين سنة. 347- عُبَيْد الله بن محمد بن يحيى بن المبارك اليزيدي اللُّغَويّ4. أخذ عن: ابن أخي الأصمعي، وغيره. وَعَنْهُ: أحمد بن عُثْمَان الأدمي، والطَّبَرَانيّ. وَكَانَ رأسًا في اللغة والأخبار. تُوُفِّي سنة بضع وثمانين.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 254". 2 تاريخ بغداد "10/ 339، 340". 3 المنتظم لابن الجوزي "6/ 55، 56"، سير أعلام النبلاء "13/ 497، 498"، البداية والنهاية "11/ 85". 4 تاريخ بغداد "10/ 338، 339". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 164 وَرَوَى القراءة عن: عمّه إِبْرَاهِيم بن اليزيدي وأخيه أحمد بن محمد. وروى عَنْهُ القراءة: ابن مجاهد، وابن المنادي، وَمحمد بن يعقوب الْمُعَدَّلُ. 348- عُبَيْد بن الحَسَن1. أبو عبد الله الأَنْصَارِيّ الأصبهاني الغزّال الحَافِظ. سَمِعَ: عَمْرو بن مرزوق، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وأبا سَلَمَةَ، وأبا عَمْرو البجلي. وَكَانَ مُفتيًا مُصنفًا عالمًا. رَوَى عَنْهُ: عَليّ بن الصباح، وأحمد بن جَعْفَر السمسار، وأحمد بن بُنْدَار، وَمحمد بن عبد الله بن حَمَّاد، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن يوسف، وغيرهم. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين، ذكره بعضهم في سنة أربع وستين، وَهُوَ غلط. 349- عبيد بن عبد الله الواحد بن شريك2. أَبُو محمد البَّغْدَادِيّ البَزَّار. محدّث رحّال صدوق. سَمِعَ: سَعِيد بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وأبا الجماهر محمد بن عُثْمَان، ونعيم بن حَمَّاد، وطائفة. وَعَنْهُ: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وابن نجيح، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، والشافعي، وآخرون. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: صدوق. قُلْتُ: تُوُفِّي في رجب سنة خمسٍ وثمانين. وَمِنْ عَوَالِيهِ: أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ سمعوا الرطب بن بحير، عَنِ ابْنِ عَبْدَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: ثَنَا الْمَعْمَرِيُّ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْخَنْدَقِ دُقَّ الْبَابُ، فَارْتَاعَ لِذَلِكَ وَوَثَبَ وَثْبَةً مُنْكَرَةً وَخَرَجَ، وَخَرَجْتُ فِي أثره، فإذا رجل   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 137، 138". 2 المنتظم لابن الجوزي "6/ 8، 9"، سير أعلام النبلاء "13/ 385"، لسان الميزان "4/ 120". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 165 عَلَى دَابَّةٍ، وَالنَّبِيُّ مُتَّكِئٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ، فَكَلَّمَهُ، فَرَجَعْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: "ذَاكَ جِبْرِيلُ أَمَرَنِي أَنْ أَمْضِيَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ" 1. 350- عُبَيْد بن محمد بن موسى المؤذن2. أَبُو الْقَاسِم المصري المقرئ. عُرف برجّا. قرأ القرآن عَلَى: داود بن أبي طيبة صاحب ورش. وحدّث عن: يَحْيَى بن بُكَيْر، وغيره. رَوَى عَنْهُ القراءة: أَحْمَد بن محمد بن يَحْيَى الصدفي. رَوَى عَنْهُ الطَّبَرَانيّ فَقَالَ: ثَنَا عُبَيْد بن رجّال، ثَنَا أَحْمَد بن صالح المصري. وَقَالَ ابن ماكولا: هُوَ محمد بن محمد موسى البَزَّار المؤذن يُعرف بعبيد بن رجّال. رَوَى عَنْهُ أَبُو طالب الحَافِظ المصري. 351- عُبَيْد بن محمد بن يَحْيَى بن قضاء الجوهري البَصْرِيّ3. عن: عُمَر بن محمد بن أَحْمَد. رَوَى عن: سُلَيْمَان الشاذكوني، وحكّامة بنت عُثْمَان. وَعَنْهُ: عُمَر بن محمد بن هَارُون العسكري، وعبد الله الخُرَاسَانِيّ. 352- عُبَيْد بن محمد الكَشْوري4. أَبُو محمد الصَّنْعَانيّ. عن: عبد الله بن أبي غسان الصَّنْعَانيّ، وَمحمد بن عُمَر السمسار، وعبد الحميد بن صبيح.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه البخاري "463، 2813"، ومسلم "1769"، وأحمد في المسند "6/ 56، 31، 141، 280". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 246"، غاية النهاية "1/ 497". 3 تاريخ بغداد "11/ 99". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 246". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 166 ولم يدرك الأخذ عن عبد الرزاق. وَعَنْهُ: خَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسيّ، وَمحمد بن أَحْمَد بن مسعود البرتي، وَمحمد بن محمد بن عبد الله البَّغْدَادِيّ نزيل بُخارى، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين ومائتين، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: "تاريخ اليمن". قَالَ الخليلي: هُوَ عبد الله بن محمد، عالم حافظ لَهُ مصنفات. مات سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 353- عُثْمَان بن سَعِيد الدارمي1. ورّخه الحاكم سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 354- عُثْمَان بن سعد بن بشار2. الفقيه أَبُو القائم البَّغْدَادِيّ الأَنْمَاطِيُّ الشَّافِعِيّ الأحول، شيخ الشَّافِعِيّة ببغداد. تفقه: عَلَى المُزَنِيّ، والربيع بن سُلَيْمَان. وَعَلَيْهِ تفقه: الإمام أَبُو العَبَّاس بن سُرَيْج. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين في شوال ببغداد. قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق: كَانَ هُوَ السبب في نشاط النَّاس ببغداد لكُتُب فقه الشَّافِعِيّ وحفظه. 355- عُثْمَانَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خُرَّزَاذ3. أَبُو عمرو الضرير الأنطاكي الحَافِظ، محدَّث أنطاكية. سَمِعَ: عَفَّان، وَسُلَيْمَان بن حرب، وَعَمْرو بن مرزوق، وأبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وَسَعِيد بن عُفَيْر، وَصَفْوَان بن صالح المؤذن، وَمحمد بن عائذ، وَسَعِيد بن منصور، وطبقتهم.   1 الجرح والتعديل "6/ 153"، سير أعلام النبلاء "13/ 319-326"، البداية والنهاية "11/ 72، 73". 2 تاريخ بغداد "11/ 292، 293"، سير أعلام النبلاء "13/ 420"، البداية والنهاية "11/ 85". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 191"، سير أعلام النبلاء "13/ 378-381"، تهذيب التهذيب "7/ 131، 132". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 167 وَعَنْهُ: ن. وَقَالَ: ثقة، وَأَبُو حاتم الرَّازِيّ وَهُوَ أكبر منه، وابن جَوْصا، وَأَبُو عَوَانَة، وَخَيْثَمَة، وهشام بن محمد الكِنْدِيّ، وطائفة. ودخل عَلَيْهِ الطَّبَرَانيّ وَهُوَ مريض فأجاز لَهُ. قَالَ محمد بن مَحْمَويه الأهوازي: هُوَ أحفظ من رأيت. وَقَالَ أبو عبد الله الحاكم: ثقة مأمون. وَقَالَ محمد بن بركة: سَمِعْتُ عُثْمَان بن خُرَّزَاذ يَقُولُ: يحتاج صاحب الحديث إلى خمسٍ: عقل جيد، ودينٍ، وضبط، وحِذْق بالصناعة، مَعَ أمانة تُعرف منه. تُوُفِّي في ذي الحجّة سنة إحدى وثمانين ومائتين، وَهُوَ في عشر التسعين. وقد سمي لَهُ صاحب التهذيب مائة واثنتين وثلاثين شيخًا. 356- عُثْمَان بن عُمَر الضَّبِّيّ البَصْرِيّ1. أَبُو عَمْرو. عن: عبد الله بن رجاء الغُداني، وأبي الوليد، وغيرهما. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن إِسْحَاق الضُّبَعيّ الفقيه، وعَليَّ بن جُمشاد، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. قَالَ الحاكم فيه: ثقة مشهور. 357- عزيز بن الأحنف بن الفضل2. أبو عصمة البخاري البيكندي، نزيل جرجان. طوف وَسَمِعَ الكبار: محمد بن الصباح الْجَرْجرائي، وَقُتَيْبَة، وهشام بن عَمَّار، وَأَحْمَد بن صالح المِصْرِيّ، وطبقتهم. وَعَنْهُ: كُميْل بن جَعْفَر، وَأَبُو بَكْر الإسماعيلي، وَأَبُو بَكْر محمد بن أَحْمَد الصرّاميّ، وجماعة. توفي في سنة ثمان وثمانين.   1 الثقات لابن حبان "8/ 455"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 189". 2 تاريخ جرجان للسهمي "282، 283". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 168 وبعضهم قَالَ: عزيز بن الفضل الأحنف. 358- العلاء بن أيوب بن رَزين المَوْصِليّ الحَافِظ1. سَمِعَ: محمد بْن عَبْد الله بْن عمار، وعبد الله بن عبد الصمد، وأبي خراش، ويعقوب الدُّورِيّ، وأبا سَعِيد الأشج، وطبقتهم. وصنّف "المُسْنَد"، و"السنن" وغير ذَلِكَ. رَوَى عَنْهُ: يزيد بن محمد الأَزْدِيّ وَقَالَ: كَانَ عابدًا خاشعًا متجنبًا، من أحسن النَّاس صوْتًا بالقرآن. 359- عَليّ بن الحَسَن بن بيان2. أَبُو الحَسَن بن بيان، أَبُو الحَسَن البَّغْدَادِيّ الباقلاني المقرئ. عن: عبد الله بن رجاء، وأبي حُذَيْفة النّهدي. وَعَنْهُ: أَبُو سهل بن زياد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وغيرهما. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. صدوق. 360- عَليّ بن الحَسَن بن عبدة. أَبُو الحَسَن الْبُخَارِيُّ. عن: نصر بن المغيرة، وحفص بن داود، وَمحمد بن المهلب، وَمحمد بن حميد الرَّازِيّ، وعبد الجبار بن العلاء العطار، وطبقتهم. وَعَنْهُ: محمد بن محمد بن محمود، وأحمد بن سهل بن حمدويه، وأهل بُخارى. تُوُفِّي سنة تسعين في ذي الحجة. 361- عَليّ بن الحُسَيْن بن عاصم. أَبُو الحارث البيكندي، الملقب: كندة.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 350". 2 تاريخ بغداد "11/ 375". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 169 سَمِعَ: محمد بن سلام البِيكَنْدِيّ، وعَليَّ بن حجر، وجيش بن حرب. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن سُلَيْمَان بن حمدويه، والحسن بن سلمان. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 362- عَليّ بن العَبَّاس بن جُرَيْج1. أَبُو الحَسَن بن الرومي الشاعر المشهور صحب التشبيهات البديعة والأهاجي، وَكَانَ شاعرًا ببغداد في وقته مَعَ البُحْتُريّ. فمن شعره: عدوك من صديقك مُستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أَوِ الشراب وشِعر ابن الرومي كثير سائر مدوّن، وَلَهُ معانٍ مُبتكرة في التشبيهات وغيرها. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 363- عَليّ بن عبد الصَّمَد2. أَبُو الحَسَن الطَّيَالِسِيّ، ويلقب بعلان ما غمَّه. سَمِعَ: مسروق بن المَرْزُبان، وأبا مَعْمَر إسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، والجراح بن مَخْلَد، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن كامل، وابن قانع، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وآخرون، وثّقه الخطيب. ومات سنة تسعٍ وثمانين في شعبان. قاله أَحْمَد بن كامل، وَقَالَ: يُلقّب ما غمَّه. 364- عَليّ بن عبد العزيز بن المَرْزُبان بن سابور3.   1 تاريخ بغداد "12/ 23-26"، سير أعلام النبلاء "13/ 495، 496"، البداية والنهاية "11/ 74، 75". 2 تاريخ بغداد "12/ 28"، طبقات الحنابلة "1/ 228، 229"، سير أعلام النبلاء "13/ 429". 3 الجرح والتعديل "6/ 196"، الثقات لابن حبان "8/ 477"، ميزان الاعتدال "3/ 143"، لسان الميزان "4/ 241". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 170 أَبُو الحَسَن البَغَوِيّ، عم أبي الْقَاسِم البَغَوِيّ. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وعاصم بن على، وعفان، وأبا عبيد، وأحمد بن يونس اليربوعي ومسلم بن إبراهيم والقعنبي وعلى بن الجعد وموسي بن إسماعيل، وخلقا كثيرا. وعنى بهذا الشأن، وصنف "المسند". وكتب القراءات عن أبي عُبَيْد فحملها عَنْهُ سماعًا: إِسْحَاق الْخُزَاعِيُّ، وَأَبُو سَعِيد بن الأعرابي، وَأَبُو إِسْحَاق بن فراس، وَأَحْمَد بن يعقوب السائب، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الرزاق، وَمحمد بن عيسى بن رفاعة، وأحمد بن خالد بن الحباب الأندلسيان. وحدّث عَنْهُ: عَليّ بن محمد بن مهرويه القزويني، وَأَبُو عَليّ حامد الرفاء، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو الحَسَن عَليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن سَلَمَةَ القَطَّان، وعبد المؤمن بن خلف النَّسَفِيّ، وخلق كثير من المشارقة والمغاربة، فَإِنَّهُ جاور بمكة. وَسَمِعَ منه أُمم، وَكَانَ حسن الحديث وليس بحُجة. تُوُفِّي سنة ست وثمانين، وله نيف وتسعون سنة. وَقِيلَ: تُوُفِّي سنة سبعٍ. وأما الدَّارَقُطْنيّ فَقَالَ: ثقة مأمون. وَقَالَ ابن أبي حاتم: كتب إلينا بحديثٍ أبي عبيدة وَكَانَ صدوقا. وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن السني: سَمِعْتُ النَّسَائِيَّ وسُئل عَنْهُ فَقَالَ: قبّحه الله. فَقِيلَ: أتروي عَنْهُ؟ قَالَ: لا. فَقِيلَ: كَانَ كذّابًا؟ قَالَ: لا، ولكنّ قومًا اجتمعوا ليقرءوا عَلَيْهِ شيئًا وبرُّوه بأسهل، وَكَانَ فيهم غريب لم يبرُّه، فأبى أن يحدّث بحضرته، فذكر الغريب أَنَّهُ ليس معه إِلا قصعة، فأمره بإحضارها، فَلَمَّا أحضرها حَدَّثَ. ثُمَّ قَالَ ابن السني: بلغني أَنَّهُ كَانَ إِذَا عاتبوه عَلَى الأخذ قَالَ: يا قوم أنا بين الأخشبين إِذَا خرج الحاجّ نادي أَبُو قُبيس قُعيقعان يَقُولُ: من بقي؟ فيقول: بقي المجاورون، فيقول: أطبق. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 171 365- عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسنون الأَنْصَارِيّ. مصري. سَمِعَ: محمد بن رَوْح، وحَرْمَلَة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن بهزاد السيرافي، وغيره. تُوُفِّي في رمضان سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 366- عَليّ بن الفضل الواسطي. عن: يزيد بن هَارُون. وَعَنْهُ: أَبُو يَحْيَى محمد بن كوثر البربهاري. لا أعرفه. 367- عَليّ بن محمد بن الحَسَن بن متّويه. أخو إِبْرَاهِيم بن متّوَيْه الأصبهاني، كَانَ زاهد إصبهان في زمانه. حكى عَنْهُ أَبُو الشَّيْخ الحَافِظ وَقَالَ: لم يُدرك في زماننا مثله في زهده وعبادته. ودخلت إِلَيْهِ مَعَ أبي. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 368- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب1. أَبُو الحَسَن الأموي البَصْرِيّ، قاضي القُضاة. سَمِعَ: أبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وأبا سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيّ، وسهل بن بكار، وأبا عَمْرو الحَوْضي، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، وَإِسْحَاق الكاذي، وابن قانع، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة.   1 المنتظم لابن الجوزي "5/ 164، 165"، سير أعلام النبلاء "13/ 412، 413"، البداية والنهاية "11/ 74". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 172 قَالَ طلحة الشاهد: لَمَّا مات إسْمَاعِيل مَكثَتْ بغداد ثلاثة أشهر ونصف بغير قاضٍ، حَتَّى ولي عَليّ بن محمد بن أبي الشوارب، مُضافًا إلى قضاء مَرْو بعد أخيه الحَسَن. قَالَ: وَكَانَ عَليّ بن محمد رجلًا صالحًا، عظيم الخطر، كثير الطَّلب للحديث، ثقة أمينًا، فبقي عَلَى بغداد أشهرًا. تُوُفِّي في شوال سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 369- عَليّ بن محمد بن سَعِيد الثقفي الكوفي. رحل وسَمِعَ: أَحْمَد بن يونس، ومنجاب بن الحارث، وجماعة. وَعَنْهُ: يوسف بن محمد المؤذن، وَمحمد بن محمد والد القبّاب، وابنه أَبُو بَكْر القبّاب، وأحمد بن جَعْفَر بن مُفيد. وَكَانَ قد هجر أخاهُ إِبْرَاهِيم لِميْله للرّفض، وَكَانَ إِبْرَاهِيم هُوَ الأكبر. توفي سنة ثلاثٍ وثمانين. 370- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حَكَم المِصْرِيّ الفقيه. تفقّه عَلَى أَبِيهِ، وَسَمِعَ: محمد بن رمح، ونحوه. وَتُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 371- عَليّ بن المبارك الصَّنْعَانيّ1. عن: إسْمَاعِيل بن أبي أُويس، وَمحمد بن عبد الرحيم بن شروس. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. وسمّاه الخليلي: عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المبارك، وكنّاه أبا الحَسَن، وزاد أَنَّهُ سَمِعَ من: زيد بن المبارك، وَمحمد بن يوسف، وَأَنَّهُ مات سنة ثمانٍ وثمانين. رَوَى عنه: القطان.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 192". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 173 372- عُمارة بن وثيمة بن موسى1. أَبُو زُرْعَة الفارسي الأصل، المِصْرِيّ، صاحب "التاريخ عَلَى السنين". رَوَى عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وولده رفاعة، وآخرون. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين في جمادى الأول. 373- عِمران بن عبد الرحيم. أَبُو سَعِيد الباهلي الأصبهاني. عن: بَكْر بن بكار، وعبد الله بن رجاء، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وقُرّة بن حبيب، وقطيعة بن العلاء، وَالحُسَيْن بن حفص، وجماعة من الكبار. وَعَنْهُ: يوسف بن محمد المؤذن، وأحمد بن عَليّ بن الجارود، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيم شيخ لأبي نُعَيْم، وآخرون. قَالَ أَبُو الشَّيْخ: حَدَّثَ بعجائب، ورُمي بالرَّفض. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. وَقَالَ السُّليماني: يُقَالُ إِنَّهُ وضع حديثًا. 374- عُمَر بن إِبْرَاهِيم2. الحَافِظ أَبُو الآذان البَّغْدَادِيّ. عن: محمد بن المُثَنَّى الزَّمِن، وعبد الله بن محمد بن المُسوَّر، وَمحمد بن عَليّ بن خلف العطار، وَإسْمَاعِيل بن مسعود الجحدري، ويحيى بن حكيم المقوم، وخلق. وعنه: ن. وَهُوَ أكبر منه، وابن قانع، وعبد الله بن إسحاق الخُرَاسَانِيّ، ومظفر بن يَحْيَى، والطبراني، وآخرون.   1 المنتظم لابن الجوزي "6/ 37"، وفيات الأعيان "5/ 65"، الأعلام "5/ 194". 2 تاريخ بغداد "11/ 215، 216"، المنتظم "6/ 41"، تهذيب التهذيب "7/ 424، 425". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 174 وثّقه الخطيب. وأثنى عَلَيْهِ أَبُو بَكْر الإسماعيلي. قال البرقاني: الإسماعيلي قَالَ: يُحكى أَنَّ أبا الآذان طالت خصومةٌ بينه وبين يهودي، فَقَالَ لَهُ: أدخِل يدَك ويدي في النار، فمن كَانَ مُحقًا لم تحترق يده، فذكر أَنَّ يده لم تحترق وَأَنَّ يد اليهودي احترقت. رواها الخطيب، عن البَرْقاني. تُوُفِّي سنة تسعين، عن ثلاثٍ وستين سنة. 375- عُمَر بن بحر الأسَدي الأصبهاني1. عن: دُحَيْم، وغيره. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن بُنْدَار، وَأَبُو الشَّيْخ. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين. وصحب ذا النُّون، وابن أبي الحواري. 376- عُمَر بن عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مِقْلاص2. أَبُو حفص الْخُزَاعِيُّ. عن: أَبِيهِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن الورد، وَأَحْمَد بن الحَسَن بن عُتْبة الرَّازِيّ، والطَّبَرَانيّ. وَكَانَ فقيهًا خيّرًا. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 377- عُمَر بن موسى بن فيروز3. أَبُو حفص التوزي ثم البغدادي.   1 تاريخ بغداد "11/ 215، 216". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 354". 3 تاريخ بغداد "11/ 214". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 175 عن: عَفَّان بن مسلم، وغيره. وَعَنْهُ: عُمَر بن سلم الخُتُّليّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. تُوُفِّي سنة أربعٍ. 378- عَمْرو بن الشَّيْخ أبي الطاهر أَحْمَد بن عَمْرو بن السَّرح المِصْرِيّ1. أبو عبد الله. ثقة زاهد صالح. رَوَى عن: سَعِيد بن أبي مريم، وغيره. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو طالب أَحْمَد بن نصر الحَافِظ، وآخرون. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. وثّقه ابن يونس. 379- عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار2. أخو يعقوب بن الليث السجستاني الملكين. كان هو أخوه صفّارَيْن بسجستان يصنعان النحاسٍ. وَقِيلَ: كَانَ عَمْرو مكاري حُمَيْر. قَالَ عُبَيْد الله بن طاهر: عجائب الدُّنْيَا ثلاث: جيش العَبَّاس بن عَمْرو الغنوي، يؤسَر العَبَّاس، ويسلَم وحده، ويُقتل جميع جيشه، وكانوا عشرة آلاف يعني قتلهم القرامطة. وجيش عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار، يؤسَر عَمْرو وحده، ويموت في السجن الخليفة ويسل جميع جيشه، وكانوا خمسين ألفًا. وأنا لا أترك بيتي قطّ، وتولى ابني أَبُو العَبَّاس. قُلْتُ: ولي عَمْرو بن اللَّيْث مملكة فارس متغلبًا عليها بعد موت أخيه بالقُولنج سنة خمسٍ وستين. وقد جرت فيها أمور يطول شرحها، وتقلبت بهما أحوال إلى أن بلغَا درجة السلطنة بعد الصنعة في الصفر.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 257". 2 المنتظم لابن الجوزي "5/ 56، 80"، وفيات الأعيان "5/ 62"، الإنباء في تاريخ الخلفاء "11/ 138". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 176 وَكَانَ عَمْرو جميل السيرة في جيوشه، ذكر السلامي أَنَّهُ كَانَ ينفق في الجند في كل ثلاثة أشهر مرة، فيحضر بنفسه، ويقعد عارض الجيش والأموال بين يديه، والْجُنْد بأسرهم حاضرون، فأول ما ينادي إنسان باسم عَمْرو بن اللَّيْث، فيقدم فرسه إلى العارض بجميع آلتها، فيتفقدها، ثم يأمر بوزن ثلاثمائة درهم، فتُحمل إلى الملك عَمْرو في صُرّة، فيقبضها وَيَقُولُ: الحمد لله الذي وفقني لطاعة أمير المؤمنين، حَتَّى استوجبت منه العطاء، ثُمَّ يضعها في خفّه، فيكون لمن ينزع خفّه. ثُمَّ يدعو بعده بالأمراء عَلَى مراتبهم بخيولهم وعددهم وآلتهم، فتُعرض. فمن أخل بشيء من لوازم الْجُنْد حُرم رزْقه. وَقِيلَ: كَانَ في خدمة زوجة عمرو ألف وسبعمائة جارية. وقد دخل في طاعة الخلفاء فولي للمعتضد أمرَ خُرَاسَان، وامتدت أيامه، واتسع سلطانه. وقد سُقنا من أخباره في الحوادث. وحاصل الأمر أَنَّهُ بغى عَلَى إسْمَاعِيل بن أَحْمَد بن أسد مُتولي ما وراء النَّهْر، وأراد أخذ بلاده، فبعث إليه إسْمَاعِيل يَقُولُ: أنا في ثغر وقد قنعت بِهِ، وأنت معك الدُّنْيَا فاتركني. فلم يدعه، وعزم عَلَى حربه، فعبر إسْمَاعِيل نهر جيحون إِلَيْهِ بغتة في الشتاء، فخارت قوى عَمْرو، وأخذ في الهرب في الوحل والبرد. فأحاط بِهِ أصحاب إسْمَاعِيل وأسروه. قَالَ ابن عَرَفَة نِفْطَوَيْه النَّحْوِيّ في تاريخه: حَدَّثَنِي محمد بن أَحْمَد بن حَيَّان الكاتب، وَكَانَ شَخَصَ مَعَ عَبْد الله بن الفتح حين وجّه بِهِ إسْمَاعِيل بن أَحْمَد قَالَ: كَانَ السبب في انهزام عمرو بن الليث وهربه وهرب أصحاب عند عبور إسْمَاعِيل إلى بَلْخ، مقام عَمْرو بها، إِذْ أهلها سئموا مقامه ونزول أصحابه في منازلهم، وإفسادهم أولادهم، ومد أيديهم إلى أموالهم، فوافى إسْمَاعِيل، فأقام عَلَى باب بَلْخ مدّة، ثُمَّ خرج أمير من أمراء إسْمَاعِيل في أربعين رجلًا إلى موضع فيه ثلج عَلَى فرسخِ من بَلْخ؛ ليحمل لإسماعيل الثلج، فصادف رجالًا من أصحاب عَمْرو في الموضع، فأوقع فيهم وقتل، فانهزموا مجروحين إلى البلد، وأنذروا أصحاب عَمْرو، وعرّفوهم أن إسْمَاعِيل قد قدم، فأخذوا في الهزيمة، فركب عسكر إسْمَاعِيل أقفيتهم، وخرج عَمْرو الجزء: 21 ¦ الصفحة: 177 من البلد هاربًا عندما رأى من هرب من جيشه من غير حرب جَرَت، وتقنطر بعَمْرو الشهري تحته في بُحُورٍ ووحلٍ عَلَى نحو فرسخين، وصادفه غِلمان إسْمَاعِيل الأتراك وَهُوَ قاعد في الموضع والشهري واقفة، فأتوا بِهِ، وضرب إسْمَاعِيل صاحبهم، فقام إليه إسْمَاعِيل وضمّه إلى نفسه وقبّل عينيه وأجلسه إلى جانبه، وَقَالَ: عزَّ والله عَليّ يا أخي ما نالك، وما كنت أحبّ أن يجري هَذَا. وأمر بنزع خلَقِه وثيابه التي استوحل فيها، ودعا بطَسْتٍ وماء وردٍ فغسّل وجهه ورِجليه، وألبسه خلقه، ودعا لَهُ بسكنجبين. وفي خلال ذَلِكَ تمسح إسماعيل وجه عمر بمنديل معه، فامتنع من السكنْجَبيْن، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْر وزير إسْمَاعِيل: اشرب واطمئن. وأخذ إسْمَاعِيل القدح وشرب منه وناوله، ثُمَّ دعا بالطعام وأكلا. وَقَالَ: أيما أحبّ إليك؛ المُقام، أَوِ البعث بك إلى أخي أبي يعقوب متولي سمرقند؟ قال: اخلف أنك لا تغدر بي، ولا تغتالني، ولا تسلّمني. فحلف لَهُ وتوثّق، ثُمَّ بعث بِهِ إلى أخيه. ووافى عبد الله بن الفتح من المُعْتَضِد بالخلع والمال إلى إسْمَاعِيل، وبكتاب المُعْتَضِد يأمره فيه بتسليم عَمْرو إِلَيْهِ، فامتنع وَقَالَ: هَذَا رجل أهل خُرَاسَان، وَالرَّيِّ، وجميع البلدان التي يجتازها، يميلون إِلَيْهِ، وهم كالعبيد له، ومتى سلمته إليك وشخصت به آمن أن تخرج إليكم العساكر من عند طاهر بن محمد بن عَمْرو، فيسلبونه منكم، ويقعون بكم، ولولا أَنَّ الله أظفرني بِهِ بلا حرب لطال أن أظفر به، ومن كنت عنده مَعَ قوة سلطانه؟ والله يا أبا محمد لقد كتب إليَّ من غير تكنُّن يَقُولُ: يا ابن أَحْمَد، والله لو أردت أن أعمل جسرًا عَلَى نهر بَلْخ من دنانير لا من خشبٍ لفعلت وصرت إليك حَتَّى أقبض عليك. فكتبت إِلَيْهِ: الله بيني وبينك، وأنا رجل ثغري مُصافٌّ للتُرْك، لباسي الكُرْدُواني والغليظ، ولا مال لي، ورجالي إنما هُوَ جيش بغير رزق، وقد بغيت عَليّ، والله بيني وبينك. فلم يزل عبد الله يناظره، ويسأله تسليم عَمْرو إِلَيْهِ، فَقَالَ: إني أحببت أن يُحمل رأسه إلى سيدي أمير المؤمنين. فطال الخطاب إلى أن أذعن بحمله معه، فوافى رجال إِسْحَاق بعمرو بن اللَّيْث، وسُلّم إلى عبد الله مُقيدًا وَعَلَيْهِ دُرّاعة خزّ مبطَّنَة بثعلب، ووكّل بِهِ تكين التركي، وأمر أن يُعادله عَلَى الحمارة في قُبة، ومعه سكين طويلة وَقَالَ: متى خرج إليكم أحد يحاربكم فاذبحه في الحال، وبعث معه نحو خمسمائة الجزء: 21 ¦ الصفحة: 178 نفس، وَكَانَ عَمْرو يدعو الله عَلَى إسْمَاعِيل وَيَقُولُ: غدر بي، خذَلَه الله. ولم يزل صائمًا إلى أن وافي كتاب الوزير عُبَيْد بن سُلَيْمَان إلى عبد الله بن الفتح يأمره بترفيهه وبسط أمله وإكرامه، فأكل ثلاثة أيام، وعاود الصوم، وجرت لَهُ أمور حَتَّى أَنَّهُ اشترى لَهُ فانيذ بثلاثة دراهم، فعرف أَبُو حامد أَحْمَد بن سهل وكبّله بذلك ليشتري لَهُ، فبكى وجعل يتعجب من الدُّنْيَا وَقَالَ: يا أبا الحَسَن، عهدي بِهِ إِذَا سار إلى بلده يحمل فرشه ومطبخه عَلَى ستمائة جمل، وهو اليوم يطلب بدراهم فانيذًا. ورأيت سراويل عَمْرو وقد نزلنا سِجسْتان عَلَى حائط الخان، وقد غسّله غلامه، والريح تلعب بِهِ، وَالنَّاس يتعجبون من ذَلِكَ. وَكَانَ إذا سار معنا يُخرج رأسه من العمارية، وَيَقُولُ لمن يمرّ بِهِ بالفارسية: يا سادتي، أدعو الله لي بالفرج. فَكَانَ النَّاس وأصحاب عبد الله بن الفتح يدعون لَهُ، وَكَانَ يتصدّق بسائر ما يترتب لَهُ من التُّرك. وأما تكين عدِيلُهُ، فَإِنَّهُ أكل جملًا تامًا، فمات فجأة، واستراح عَمْرو منه، وأُركب معه شخص ظريف كَانَ معنا، فَكَانَ عَمْرو يدعو عَلَى إسْمَاعِيل ويَقُولُ: خذله الله، انتقم الله منه كما أسلمني. فَقَالَ لَهُ جَعْفَر عديله: سألتك بالله، لو كنت ظفرت بإسماعيل، أكنت تُقعده في مثل هذه القبة وهذه الفرش، لا والله، ما كنت تحمله إِلا عَلَى قتَبٍ وتُؤذيه، فلمَ تلعنه؟ فلطم وجه نفسه، ونتف لحيته وصاح: يا ويله ويا عوله، بالفارسية. ووجّه إلى عبد الله: اكفني مؤونة هَذَا العيَّار الطَّنبوري وإلا خنقت نفسي. فجاء عبد الله وأصلح بينهما، فَقَالَ عديله: فكم يُبرمني ويلعن صاحبي؟ ومن يصبر عَلَى هَذَا من أحمق قيمته مكاري. والله ما يحسن أن يقرأ الفاتحة ولا كيف يصلي. وَلَهُ أخبار طويلة في مسيرنا بِهِ. وَأَخْبَرَنَا عبد الله بن الفتح أَنَّهُ أمر بتقييده فجزع، وجعل يعد حُسن آثاره وطاعته، ولعمْري، لقد هلك أخوه يعقوب بثلاث سنين، فغلب عَلَى الأهواز، وحمل الأموال إلى السّلطان. وَأَخْبَرَنِي عبد الله أَنَّهُ قَالَ لَهُ حين قيّده: كَانَ في أمس وراء هَذَا ستون ألف مقاتل، ومن الخيل والبغال والأموال كذا وكذا، فما نفعني الله بشيء من ذلك. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 179 وتوجّه إسْمَاعِيل، فافتتح خُرَاسَان وطبرستان، وقتل محمد بن زيد العلوي، وأسَر ابنه، فأنفذ إِلَيْهِ لواء خُرَاسَان، وأُدخل عَمْرو مدينة السلام، وشُهر عَلَى فالج، يُقَالُ: إِنَّهُ أهداه، فرأيته باسطًا يديه يدعو، فرق لَهُ النَّاس، ثُمَّ حبس في موضعٍ لا يراه فيه أحد حَتَّى مات. وَقَالَ غيره: دخل بغداد عَلَى جمل له سنامين، وعليه جبة ديباج وبُرْنس السَّخط، وَعَلَى الجمل الديباج والزينة، فَقِيلَ في ذَلِكَ: وحسبُكَ بالصَّفَّار نُبْلا وعزَّةً ... يروح ويغدو في الجيوش أميرا حباهم بأجمال ولم يدر أنه ... على جمل منها يقاد أسيرا فَلَمَّا أُدخل عَلَى المُعْتَضِد قَالَ: هَذَا ببغيك يا عَمْرو. ولم يزل في حبْسه نحوًا من سنتين، وهلك يوم وفاة المُعْتَضِد. فيقال: إن الْقَاسِم بن عُبَيْد الله الوزير خاف وبادر بقتله خوفًا من المُكْتَفِي بالله أن يُطلقه، فَإِنَّهُ كَانَ محسنًا إلى المكتفي. 380- عَبَّاس بن تميم البَّغْدَادِيّ السكري1. رَوَى عن: مَخْلَد بن مالك. وعنه: محمد بن مخلد، والطبراني. توفي سنة تسعين. وثّقه الخطيب. 381- عون بن محمد الكِنْدِيّ الإخباري2. حَدَّثَ عن: مُصْعَب الزُّبَيْريّ، وجماعة. وَعَنْهُ: الصولي الحكيمي. توفي ببغداد.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 256". 2 تاريخ بغداد "12/ 294". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 180 "حرف الفاء": 382- الفضل بْن عَبْد الله بْن عَبْد الجبّار بْن عون الشكري الماليني الْهَرَويّ. أَبُو العَبَّاس. عن: مالك بن سُلَيْمَان السعدي. وَعَنْهُ: أَبُو النضر محمد بن الطُّوسي، وَأَبُو طاهر محمد بن الحَسَن المحمد أباذي، وحامد الرّفّاء، وجماعة. 383- الفضل بن محمد بن المسيب1. الحَافِظ أَبُو محمد البَيْهَقِيّ الشَّعْرَانِيّ. من ذُرية باذان ملك اليمن الذي أسلم بكتاب النبي -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ. سَمِعَ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صالح، وعيسى بن قالون، وَسُلَيْمَان بن حرب، وأحمد بن يونس اليربوعي، وَإسْمَاعِيل بن أبي أُويس، وَإِسْحَاق الفروي، وأبا ثوبة الحلبي، وأبا جَعْفَر النُّفَيْلِيَّ، وخلقًا بالشام، والحجاز، ومصر، والعراق، وخراسان، والجزيرة. وَعَنْهُ: إمام الأئمة ابن خزيمة، وأبو حامد بن الشرقي، ومحمد بن الْقَاسِم العتكي، وعَليَّ بن حَمَّاد، وَأبو عبد الله محمد بن يعقوب، وحفيده إسْمَاعِيل بن محمد بن الفضل، وخلْق. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أبا بَكْر بن المؤمل يَقُولُ: كُنَّا نقول: ما بقي في الدُّنْيَا مدينة لم يدخلها الفضل في طلب الحديث، إِلا الأندلس. قَالَ الحاكم: وَكَانَ الفضل أديبًا عابدًا عارفًا بالرّجال. وَكَانَ يرسل شعره، فلقب بالشَّعراني. وَقَالَ ابن ماكولا: كَانَ قد قرأ القرآن عَلَى خلف بن هشام. وَكَانَ عنده "تاريخ أَحْمَد بن حنبل"، عنه، و"تفسير سنيد بن داود"، عنه.   1 الجرح والتعديل "7/ 69"، ميزان الاعتدال "3/ 358"، البداية والنهاية "11/ 73". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 181 قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أبا عبد الله بن الأخرم وسُئل عَنْهُ فَقَالَ: صدوق. إِلا أَنَّهُ كان غالبًا في التَّشيع. قِيلَ لَهُ: فقد حُدّث عَنْهُ في "الصحيح". قَالَ: كَانَ كتاب مُسْلِم ملآن من حديث الشيعة. وَقَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم: سئل عَنْهُ الحُسَيْن القباني، فرماه بالكذب. وَقَالَ ابن أبي حاتم: صدوق. وَقَالَ مسعود السِّجْزِيُّ: سألت أبا عبد الله الحاكم عن الفضل الشَّعْرَانِيّ. فَقَالَ: ثقة مأمون، لم يُطعن في حديثه بحُجّة. قَالَ إسْمَاعِيل حفيده: تُوُفِّي جدي في المحرم سنة اثنتين وثمانين. 384- فضل بن محمد بن رومي البغدادي1. عن: خلف البزاز، وجُبارة بن المغلّس. وَعَنْهُ: عبد الله الخُرَاسَانِيّ، وغيره. قَالَ الخطيب: لم يكن بِهِ بأس. 385- فضل بن الحَسَن2. أَبُو العَبَّاس الأهوازي. عن: سُلَيْمَان الشاذكوني. وَعَنْهُ: ابن السَّمَّاك، وابن نجيح، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. وثَّقه الخطيب. 376- فُضيل بن محمد بن فضيل3. أبو يحيى الملطي.   1 تاريخ بغداد "12/ 370". 2 تاريخ بغداد "12/ 371". 3 الجرح والتعديل "7/ 76"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 265". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 182 عن: أبي نُعَيْم، وموسى بن داود، وَمحمد بن عيسى بن الطباع، وأبي الوليد الطَّيَالِسِيّ. وَعَنْهُ: أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم بالإجازة، وَكَانَ إمام جامع ملَطْيَة. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. وقد رَوَى عَنْهُ من الكبار أَبُو عروبة الحَافِظ، وأصله خَزَري. "حرف القاف": 387- الْقَاسِم بْن أَحْمَد بْن محمد الخطابي البغدادي1. شيخ حسن الحديث. سَمِعَ: هوذة بن خليفة، وأبا نُعَيْم. وَعَنْهُ: إسْمَاعِيل الخطبي، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وآخرون. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 388- الْقَاسِم بن أَحْمَد بن زياد البَّغْدَادِيّ الشيباني2. عن: عَفَّان بن مُسْلِم. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي قبل التسعين ومائتين. 389- الْقَاسِم بن عبد الرحمن الأنباري3. عن: يَحْيَى بن هاشم السمسار، وأبي جَعْفَر النُّفَيْلِيِّ. وَعَنْهُ: القاضي مكرم، وعثمان بن السماك. توفي سنة أربع.   1 تاريخ بغداد "12/ 438". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 268"، تاريخ بغداد "12/ 438، 439". 3 تاريخ بغداد "12/ 437". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 183 390- الْقَاسِم بن أسد الأصبهاني الحَافِظ1. أحد أئمة السنة بإصبهان. رحل وطوّف وجمع وصنّف. سَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَل، وهشام بن عَمَّار، وأبا مصعب، وعبد الله بن عمر القواريري، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وطبقتهم. رَوَى عَنْهُ: غزوان بن إِسْحَاق الهمداني أحد شيوخ أبي بَكْر الخلال، وَأَحْمَد بن عبد الله بن النُّعْمَان الأصبهاني أحد شيوخ ابن منده، وغيرهما. 391- الْقَاسِم بن محمد بن الصباح الأصبهاني النَّحْوِيّ2. كَانَ رأسًا في العربية. يروى عن: سهل بن عُثْمَان، وعبد الله بن عمران. وعنه: أبو الشيخ وَقَالَ: تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 392- الْقَاسِم بن محمد الدلال3. أَبُو محمد الكوفي. قَالَ الخليلي: ثقة. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وقُطبة بن العلاء، وأسيد بن زيد، وأبا بلال الأشعري، وَأَحْمَد بن يونس. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابن عُقدة، والطَّبَرَانيّ، والفضلان، وجماعة. قَالَ الخليلي: مات في آخر سنة ستٍّ وثمانين. قُلْتُ: فيه خلاف. 393- قَطْرُ النَّدَى4. بنت السلطان خُمَارَوَيْه بن أَحْمَد بن طُولُون التي تزوج بها المعتضد بالله.   1 أخبار أصبهان "2/ 160"، لأبي نعيم. 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 160". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 266". 4 الكامل في التاريخ "7/ 498، 508"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 26"، البداية والنهاية "11/ 71، 72". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 184 أصدقها المُعْتَضِد ألف ألف درهم. وَيُقَال إنما قصد بتزوجها أن يُفقر أباها، فَإِنَّهُ أدخل معها جهازًا هائلًا، من جملته فيما قِيلَ ألف هاون ذهب. وكانت أَيْضًا بديعة الجمال، عاقلة جليلة. ماتت في تاسع رجب سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. "حرف الكاف": 394- ... بن إِبْرَاهِيم الطَّوابيقي المُؤَدِّب. حسنُ الحديث عن عبد الأعلى بن حَمَّاد. وَعَنْهُ: ابن قانع، وغيره. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 395- كُنيز الفقيه1. أَبُو عَليّ الخادم، مولى المنتصر بالله ابن المتوكل. يروي عن: حَرْمَلَة بن يَحْيَى، والربيع المرادي، والحسن بن محمد الزعفراني. وعنه: أبو علي الحصائري، وأبو القاسم الطبراني. وكان يقرئ الفقه بجامع دمشق على مذهب الشافعي، وكان من أئمة المذهب. قال الحسن بن حبيب الحصائري: سَمِعْتُ أبا عَليّ كُنيز الخادم يَقُولُ: كنت للمنتصر بالله: فَلَمَّا مات خرجت إلى مصر، فكنت أجلس في حلقة ابن عبد الحكيم، وأناظرهم عَلَى مذهب الشَّافِعِيّ، وكانوا مالكيين. فكنت أقيم قيامتهم، فَلَمَّا لم يقْوَوْا عَليّ أتوا أَحْمَد بن طُولُون، وقالوا: هَذَا جاسوس للدولة ها هنا. فحبسني سبع سنين، ثُمَّ لَمَّا مات أُطلقت، فأعدت صلاة سبع سنين، لأن الحبس كَانَ قذرًا. قَالَ الحصائري: كَانَ فقيهًا عليمًا بقول الشَّافِعِيّ. "حرف الميم": 396- محمد بن أَحْمَد بن حميد بن نعيم البغدادي2.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 270"، المشتبه في أسماء الرجال "2/ 545". 2 تاريخ بغداد "1/ 292"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 156". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 185 عن: عفان بن مُسْلِم، وَسُلَيْمَان بن حرب، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو سهل أَحْمَد بن محمد. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 397- محمد بن أَحْمَد بن رَوْح الكسائي الصفواني1. عن: محمد بن عباد المكي. وعنه: محمد بن مخلد، والطبراني. توفي سنة ثمانٍ وثمانين ببغداد. 398- محمد بن أَحْمَد بن حُنين العطار2. عن: داود بن رُشيد. وَعَنْهُ: ابن مَخْلَد، والطَّبَرَانيّ أَيْضًا. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 399- محمد بن أَحْمَد بن عنْبَسة البَزَّار3. شيخ. حَدَّثَ عن: محمد بن كثير الصَّنْعَانيّ. رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 400- محمد بن أَحْمَد بن يَحْيَى بن بشير4. المحدّث أَبُو أَحْمَد الشيريني الْجُرْجَانِيّ، الملقب بالمأمون. رَوَى عَنْ: عَليّ بن الْجَعْد، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، وطبقتهما. وَعَنْهُ: محمد بن يزداد البكراوي، وَمحمد بن أَحْمَد بن إسْمَاعِيل الصوام، وَأَبُو إِسْحَاق اليزيدي الْجُرْجَانِيّون، وَمحمد بن القاسم العتكي.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 24"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 29، 30". 2 تاريخ بغداد "1/ 292، 293". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 77". 4 تاريخ جرجان للسهمي "386"، الإكمال لابن ماكولا "4/ 487". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 186 401- محمد بن أَحْمَد بن لبيد1. إمام جامع بيروت. سَمِعَ: عَمْرو بن هشام البيروتي، وعبد الحميد بن بكار. وَعَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن مروان، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون، والطَّبَرَانيّ. 402- محمد بن أَحْمَد بن سُفْيَان التِّرْمِذِيُّ2. حَدَّثَ ببغداد عن: القواريري. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن كامل، والطَّبَرَانيّ. 403- محمد بن أَحْمَد بن محمد بن مطر3. أَبُو بَكْر الفزاري الخرَّاط الفذائي، وفذايا قرية صغيرة عَلَى باب شرقي من دمشق. سَمِعَ سُلَيْمَان ابن بنت شُرَحْبِيل، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحِزَامي، وجماعة. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم بن محمد بن سُفْيَان، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون الأَنْصَارِيّ، وغيرها. 404- محمد بن أَحْمَد بن مهدي4. أَبُو عُمارة البَّغْدَادِيّ، أحد المتروكين. رَوَى عن: أبي بَكْر بن أبي شَيْبَة، ولوين محمد بن سليمان. وعنه: أبو سهل القطان، ودعلج، وأبو بكر الشافعي. وهاه الدارقطني. 405- محمد بن أحمد. قاضي القضاه بنيسابور، أبو رجاء الجوزجاني الحنفي. ولي القضاء لعمرو بن الليث الصفار.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 42"، مسند الشاميين "198، 210، 224". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 10"، تاريخ بغداد "1/ 305، 306". 3 معجم البلدان "4/ 241". 4 تاريخ بغداد "1/ 360، 361"، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي، "3/ 38". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 187 وحدث عن: حَوْثَرة المنقري، وَإِسْحَاق الشهيد، وأبي سَعِيد الأشج. وتفقَه عَلَى أبي سُلَيْمَان الْجَوْزَجَانيّ، كذا قَالَ الحاكم. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر الحيري، ومؤمل بن الحَسَن، وجماعة. مات سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 406- محمد بن إِبْرَاهِيم بن زياد1. الإمام أبو عبد الله ابن المواز الإسكندراني المالكي صاحب التصانيف المشهورة. أخذ المذهب عن: عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الملك بن الماجشون، وأصبغ بن الفرج. وكان اعتماده في الفقه على أصبغ. وانتهت إليه رئاسة المذهب والمعرفة بدقائقه وتعريفه، وله مصنف حافل في الفقه، رواه ابن أبي مطر، وابن أبي مُبشّر، عنه. وآخر من روى عنه: ولده بكر بن محمد. وقد قدم دمشق في صحبة الملك أحمد بن طولون. وقيل: إنه انملس إلى بعض الحصون الشامية في آخر عمره، فلزمه إلى أن أدركه أجلهُ. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين والمعوّل بالديار المِصْرِيّة عَلَى قوله. وأما ابن يونس فَقَالَ: تُوُفِّي سنة تسعٍ وستين بدمشق، وحدث عن يَحْيَى بن بُكَيْر. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَوَى أَيْضًا عن أشهب. 407- محمد بن إِبْرَاهِيم2. أَبُو عامر الصوري النحوي.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 6"، الوافي بالوفيات "1/ 335، 336"، شذرات الذهب "2/ 177". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 79"، حلية الأولياء "4/ 357"، تهذيب التهذيب "5/ 140". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 188 عن: سُلَيْمَان بن عبد، وهشام بن عَمَّار، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، وعبد الله بن ذكوان المقرئ. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ بن هَارُون، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وغيرهما. وآخر من رَوَى عَنْهُ: موسى بن عبد الرحمن الصباغ. 408- محمد بن إِبْرَاهِيم بن كثير1. أَبُو الحَسَن الصوري. يروي عن: محمد بن يوسف الفِرْيَابِيّ، ومؤمل بن إسْمَاعِيل، وطبقتهما. وأظنّه مات قبل الثمانين ومائتين. 409- محمد بن إِبْرَاهِيم2. أَبُو بَكْر الصوري. عن: أَحْمَد بن صالح المِصْرِيّ، وأبي نُعَيْم الحلبي. وَعَنْهُ: أَبُو الحَسَن بن حذلم. 410- محمد بْن إدريس. أَبُو بَكْر الأنطاكي. عن: يعقوب بن .... ، وَمحمد بن عبد الرحمن بن سهم، وَصَفْوَان بن صالح المؤذن. وَعَنْهُ: ابن العقب، وَأَبُو الميمون بن راشد. 411- محمد بن أُسَامَةَ بن صخر3. أَبُو يَحْيَى الحجري السَّرَقُسْطي. حَدَّثَ بالقيروان "بمستخرجة" العتبي، عنه.   1 الثقات لابن حبان "9/ 144"، المغني في الضعفاء "2/ 545"، لسان الميزان "5/ 23، 24". 2 موسوعة علماء المسلمين "4/ 51، 52". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 17، 18". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 189 رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بن نصر، وَأَبُو تميم بن محمد التَّمِيمِيّ. وقتله عامل سَرَقُسْطَة سنة سبع وثمانين. وقد روى عنه: أبي صالح، وَيَحْيَى بن بُكَيْر. 412- محمد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. أَبُو بَكْر العُقيلي الأصبهاني الفابراني. عن: هشام بن عَمَّار، وعبد الرحمن دُحَيْم. وَعَنْهُ: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وغيره. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 413- محمد بن إِسْحَاق بن أسد الهَرَويّ1. ثُمَّ البَّغْدَادِيّ الخراز. عن: داود بن رُشيد، وَمحمد بن معاوية النَّيْسَابُوري. وَعَنْهُ: ابن مَخْلَد العطار. تُوُفِّي سنة أربعٍ. 414- محمد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن جَوثي. أبو عبد الله الصَّنْعَانيّ. من شيوخ أبي الحَسَن العطار باليمن. ثقة. سَمِعَ: جوير بن المسلم، وابن أبي غسان. مات سنة ثمانٍ وثمانين. 415- محمد بن إِسْحَاق بن الحرير2. أَبُو الحُسَيْن القُرَشِيّ الدِّمَشْقِيّ خَتَنُ هشام بن عَمَّار.   1 تاريخ بغداد "1/ 242". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 58". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 190 سمع: إبراهيم بن هشام الغساني، وعبد الرحمن دُحَيْم، وَسُلَيْمَان بن عبد الرحمن، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ الحصائري، وَأبو عبد الله بن مروان، وعَليَّ بن أبي العَقِب، والطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي في المحرم سنة ثمانٍ وثمانين. 416- محمد بن إسْمَاعِيل. أَبُو حُصين التَّمِيمِيّ الدِّمَشْقِيّ، والد أبي الدحداح. سمع: صفوان بن صالح المؤذن، وغيره. وَعَنْهُ: ابنه، وَمحمد بن إِبْرَاهِيم بن مروان، وَالطَّبَرِيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة تسعين. 417- محمد بن بِشْر بن مروان الصّيرفي البَّغْدَادِيّ1. جيّد الحديث. سَمِعَ: عبد الله بن خَيْران، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وعبد الباقي بن قانع. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. وأمّا: 418- محمد بن بِشْر بن مروان2 أَبُو بَكْر القراطيسي الدِّمَشْقِيّ، فحدث ببغداد سنة عشرين وثلاثمائة عن: يَحْيَى بن نصر، والربيع المُرادي. رَوَى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. 419- محمد بْن جَعْفَر بْن محمد بْن ميسرة3. بغدادي عُرف بابن الرَّازِيّ.   1 تاريخ بغداد "1/ 90، 91"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 30". 2 تاريخ بغداد "1/ 91". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 19"، مسند الشاميين "1/ 32". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 191 عن: أبي همّام السّكُوني، وطبقته. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 420- محمد بن بشر بن مطر1. أبو بكر البغدادي الوارق، أخو خطّاب. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، وشيبان بن فَرُّوخ. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر بن بُرَيْه، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. قُلْتُ: مات في رمضان سنة خمسٍ وثمانين. 421- محمد بن حجة2. أَبُو بَكْر البَزَّار. عن: يَحْيَى الحِمّاني. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن عُبَيْد الصَّفَّار، وغيره. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 422- محمد بن حامد المَوْصِليّ الصائغ. عن: معلى بن مهدي، ومحمد بن عبد الله بن عَمَّار، وجماعة. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد في تاريخه وَقَالَ: مات سنة ستٍّ وثمانين أَوْ سنة سبْع. 423- محمد بن حسن بن دينار3. أَبُو العَبَّاس الأحول: إخباري أديب، له تصانيف منها كتاب "الدواهمي" وكتاب "الأشباه". وكان موثقًا.   1 أخبار القضاة لوكيع "1/ 16"، تاريخ بغداد "2/ 90"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 9". 2 تاريخ بغداد "2/ 296". 3 تاريخ بغداد "2/ 185"، الوافي بالوفيات "2/ 344، 345". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 192 رَوَى عن: محمد بن الأعرابي. وَرَوَى عَنْهُ: نِفْطَوَيْه. 424- محمد بن الحَسَن بن حيدة البَّغْدَادِيّ البَزَّار. الفقيه. عن: مِنْجاب بن الحارث، وغيره. وَعَنْهُ: ابن قانع. 425- محمد بن الحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن زياد الأبهري1. أَبُو الشَّيْخ. عن: محمد بن موسى الحَرَشِيّ، وأبي سَعِيد الأشج. وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَد العسال، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي قبل التسعين. وَكَانَ ثقة عالمًا. وَقِيلَ: تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 426- محمد بن الحُسَيْن بن الدَّسْتبان2. أَبُو جَعْفَر السامُرِّي. عن: الحَسَن بن بِشْر الكوفي. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَأبو عبد الله بن مخرم. وَكَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 48"، أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 227، 228"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 22". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 67". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 193 427- محمد بن حَمَّاد بن ماهان الدّباغ1. عن: مسدّد، وعَليَّ بن الْمَدِينِيِّ، وأبي الربيع الزّهْراني. وَعَنْهُ: أَبُو سهل بن زياد، وحمزة الدهقان. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 428- محمد بن حُمَيْد بن زياد2. أَبُو المسلم السَّعيدي. عن: محمد بن حُمَيْد، وعبد الجبار بن العلاء، وعباد بن أَحْمَد العزرمي، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن بُنْدَار، وأحمد بن جعفر بن معيد، ومحمد بن عمر الْجَوْرَجيري الأصبهانيون. 429- محمد بن حَيَّان3. أَبُو العَبَّاس المازني البَصْرِيّ. سَمِعَ: عَمْرو بْن مرزوق، وأبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، ومسدد بن مُسَرْهَد، وَسُلَيْمَان بن يزيد الملحمي، وجماعة. وَعَنْهُ: دَعْلَج، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وفاروق الخطابي، وآخرون. 430- محمد بن خلف بن عبد السلام4. أبو عبد الله البَّغْدَادِيّ الأعور. عن: عاصم بن عَليّ، وَيَحْيَى بن هاشم السمسار. وَعَنْهُ: محمد بن العَبَّاس بن نجيح، وأبو بكر الشافعي.   1 تاريخ بغداد "2/ 273"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 9". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 216". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 30". 4 تاريخ بغداد "5/ 235". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 194 وَكَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 431- محمد بن الخطاب العدوي1. مولاهم. رَوَى عن: أبي نُعَيْم. رَوَى عَنْهُ: ابن قانع. تُوُفِّي سنة اربعٍ وثمانين. 432- محمد بن ربح بن سُلَيْمَان2. أَبُو بَكْر البَّغْدَادِيّ البَزَّار. عن: يزيد بن هارون، ويعقوب الحضرمي، وأبي نعيم. وعنه: أبو سهل القطان، ودعلج، وأبو بكر الشافعي. وثقه الخطيب. وتوفي سنة ثلاث وثمانين. 433- محمد بن الربيع بن شاهين3. شيخ بصري صاحب حديث. حَدَّثَ ببغداد عن: أبي الوليد الطَّيَالِسِيّ، وعيسى بن إِبْرَاهِيم البركي، وغيره. رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ في المعاجم، وَأَبُو الحَسَن القزويني القَطَّان. 434- محمد بن زكريا بن دينار4. أبو جعفر الغلابي البصري الإخباري.   1 تاريخ بغداد "5/ 252". 2 تاريخ بغداد "5/ 278"، الإكمال لابن ماكولا "4/ 92". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 11"، تاريخ بغداد "5/ 278، 279". 4 الثقات لابن حبان "9/ 154"، ميزان الاعتدال "3/ 58"، لسان الميزان "5/ 167". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 195 عن: عبد الله بن رجاء الغُداني، وبكار بن محمد السّيريني، وَالعَبَّاس بن بكار، ويعقوب بن جَعْفَر بن سُلَيْمَان العَبَّاسي الأمير، وأبي الوليد الطَّيَالِسِيّ، وَشُعَيْب بن واقد، وأبي زيد الأَنْصَارِيّ النَّحْوِيّ، وطائفة كثيرة. وَعَنْهُ: هلال بن محمد، وفهد بن إِبْرَاهِيم بن فهد، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. وآخرون. وَهُوَ في عداد الضُّعفاء. وأما ابن حيان فذكره في "الثقات" وَقَالَ: يُعتبر بحديثه إِذَا رَوَى عن ثقة. قُلْتُ: كَانَ راوية للأخبار علامة، تُوُفِّي في شوال سنة تسعين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: بصري يضع. وَقَالَ ابن منده: تُكُلّم فيه. 435- محمد بن زكريا بن عبد الله1. أَبُو جَعْفَر القُرَشِيّ الأصبهاني. عن: عبد الله بن رجاء الغُداني أَيْضًا، وعبد الله بن مسلمة الْقَعْنَبِيُّ، وَأَبُو حُذَيْفة النّهدي، وبكار بن محمد السيريني. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن أبي داود، وأحمد بن إِبْرَاهِيم بن يوسف، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه، وَأَبُو أَحْمَد بن العسال، وَأَبُو الشَّيْخ، وَأَبُو بَكْر القباب، وآخرون. تُوُفِّي بإصبهان في جُمَادَى الأولى سنة تسعين أَيْضًا. وَقَالَ ابن منده: تُكُلّم في سماعه. 436- محمد بن زيدان بن يزيد البجلي الكوفي2. أخو عبد الله بن زيدان. سَمِعَ: سلام بن سليمان المديني، وغيره.   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 216، 217". 2 المعجم الصغير للطبراني "6/ 89". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 196 وحدّث بمصر. رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 437- محمد بن زبيد العلوي1. المتغلب عَلَى طَبَرسْتَان. سار لحربه محمد بن هَارُون أحد أمراء أمير خُرَاسَان إسْمَاعِيل بن أَحْمَد، فالتقاه عَلَى باب جُرجان، فكانت الدائرة أولًا عَلَى محمد بن هَارُون، ثُمَّ كرَّ عَلَى العلوي فهزم جيشه، وثبت العلوي وقاتل، وأصيب في وجهه عدّة ضربات مات منها بعد أيام. وأسروا ابنه زيد بن محمد بن زيد، وحاز محمد بن هَارُون عَلَى عسكره وأمواله، واستولى عَلَى طَبَرسْتَان، ودُفن العلوي عَلَى باب جُرجان. وَكَانَ لَهُ مدة قد غلب عَلَى تِلْكَ الممالك، وقد أُسر أخوه الحسن بن زيد سنة سبعين. وقد جرت لهما حروب وخُطُوب. 438- محمد بن سَعِيد بن عبد الرحمن بن زياد. أبو عبد الله الهمداني الشيعي، مولاهم الكوفي النَّحْوِيّ الملقب بعُقدة. والد الحَافِظ أبي العَبَّاس بن عُقدة. كَانَ ديّنًا ورعًا ناسكًا، ولقبّوه بعُقْدة لعلمه بالتصريف والعربية. تُوُفِّي في شوال سنة ثلاثٍ وثمانين. 439- محمد بن سَعِيد الأزرق2. أبو عبد الله. قَالَ ابن عَدِيّ: مات سنة تسعين، يضع الحديث. رَوَى عن: هدبة بن خَالِد، وَسُرَيْج بن يونس.   1 تاريخ الطبري "10/ 41، 44، 63"، المنتظم "5/ 78"، النجوم الزاهرة "3/ 122"، البداية والنهاية "11/ 83". 2 الكامل لابن عدي "6/ 2296". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 197 وعنه: أحمد بن موسى بن سعدويه. ووضعه بارد، فإنه قَالَ: ثَنَا هُدْبَةُ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: "لا شِغَارَ فِي الإِسْلامِ" 1. وَأَبُو عَوَانَة مملوك صبي من جُرجان، أَبُوه كافر، فمن أين له رواية عن أنس؟ 440- محمد بن سُفْيَان بن المنذر الرملي2. عن: محمد بن السَّرِيّ العسقلاني، وَدُحَيْم، وغيرهما. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 441- محمد بن سُلَيْمَان بن الحارث3. أَبُو بَكْر الْبَاغَنْدِيُّ الواسطي: أَبُو الحَافِظ الكبير محمد بْن محمد. سكن بغداد وحدّث عن: عُبَيْد الله بن موسى، وقُبيصة بن عُقْبَة وَمحمد بن عبد الله الأَنْصَارِيّ، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ابنه، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَمحمد بن الحَسَن بْن مقسم، وعبد الخالق بن أبي رويا، وجماعة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به. وقال الخطيب: رواياته كُلّهَا مستقيمة. وَقَالَ ابن أبي الفوارس: ضعيف. قُلْتُ: تُوُفِّي آخر سنة ثلاثٍ وثمانين. ولعلّ ابن أبي الفوارس إنما عَنَى بالضَّعف عن ولَده. 442- محمد بن سهل بن زنجلة الرازي4.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه مسلم "1415"، والترمذي "1124"، وابن ماجه "1883". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 77". 3 الثقات لابن حبان "9/ 149"، سير أعلام النبلاء "13/ 386، 387"، لسان الميزان "5/ 186، 187". 4 الجرح والتعديل "7/ 277، 278"، تاريخ جرجان "443". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 198 رحل بِهِ أَبُوه الحَافِظ أَبُو عَمْرو فسمع: أبا جَعْفَر النُّفَيْلِيَّ، وأبا صالح كاتب اللَّيْث، وَيَحْيَى بن عبد الله بن بُكَيْر، وطائفة. وَعَنْهُ: محمد بن إِسْحَاق السَّرَّاج، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وعَليَّ بن مهدَوَيْه، وَإِسْحَاق بن محمد الكِسائي، وغيرهم. 443- محمد بن سهل بن المهاجر الرَّقِّيّ1. عن: مُؤَمَّل بن إسْمَاعِيل، ومحمد بن مصعب القرقيسائي. ولعله آخر من حَدَّثَ عنهما. رَوَى عَنْهُ الطَّبَرَانيّ. 444- محمد بن أبي سهل شيرزاذ الأصبهاني2. عن: سُلَيْمَان بن حرب، وَالْقَعْنَبِيِّ، وَأَحْمَد بن يونس، وَيَحْيَى الحماني، وطائفة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن يوسف، وعبد الله بن محمد القباب، وآخرون. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 445- محمد بن سُوَيْد3. أَبُو جَعْفَر البَّغْدَادِيّ الطَّحَّان. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، وَإسْمَاعِيل بن أُوَيْس. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن خُزَيْمَة، وابن نَجِيح، وجماعة. وَكَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 446- محمد بن شاذان4. أبو بكر البغدادي الجوهري.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 76، 77". 2 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 213". 3 أخبار القصة لوكيع "3/ 18"، تاريخ بغداد "5/ 330". 4 الثقات لابن حبان "9/ 150"، تهذيب التهذيب "9/ 217". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 199 عن: هَوْذَة بن خليفة، وزكريا بن عَدِيّ. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر النجاد، وابن قانع، وجماعة. وثقه الدراقطني. وَتُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين وَهُوَ في عَشر المائة. وكان قد قرأ القرآن عَلَى خَلاد بن خَالِد. قرأ عَلَيْهِ ابن شَنَبُوذ، وغيره. 447- محمد بن شاذان. أَبُو سَعِيد النَّيْسَابُوري الأصمّ. شيخ عالم مُتقن. سَمِعَ: قُتَيْبَة، وإسحاق بْن راهويه، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وَمحمد بن يَعْقُوب بن الأخرم. تُوُفِّي سنة ستٍّ أَيْضًا. 448- محمد بن صالح الأشج1. شيخ صدوق. سَمِعَ: عبد الصَّمَد بن حسان، وَقُتَيْبَة بن سَعِيد. ويُعرف بحمدان الهَمَدَانيّ. رَوَى عَنْهُ: حامد الرّفّاء، وعَليَّ بن إِبْرَاهِيم القَطَّان، وَمحمد بن عَليّ الصَّنْعَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين بهمدان. 449- محمد بن الضَّوء بن المُنذر2. أبو عبد الله الكَرْمِينيّ، الملقّب خنب. رحل وعُني بالحديث، وَسَمِعَ: عَمْرو بن مرزوق، وأبا الوليد، ومسدّد بن مُسَرْهَد، وأبا عُبَيْد الْقَاسِم بن سلام، وطبقتهم.   1 الثقات لابن حبان "9/ 148". 2 الأنساب لابن السمعاني "10/ 406". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 200 وَعَنْهُ: أَحْمَد بن اللَّيْث، وَعَمْرو بن حفص، والبُخَارِيُّون. وفي أهل بُخَارَى جماعة يُقَالُ لهم خنب. تُوُفِّي في صَفر سنة اثنتين وثمانين. من أعلى أهل بُخَارَى إسنادًا. وَهُوَ صدوق. مولده سنة تسع وتسعين ومائة. 450- محمد بن العَبَّاس بن ماهان المَرْوَزِيّ الكابُلي1. نزيل بغداد. عن: عاصم بن علي، وعبد العزيز بن عبد الله الأُوَيْسيّ. وَعَنْهُ: أَبُو عَمْرو بن السَّمَّاك، وَأَحْمَد بن كامل، وجماعة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 451- محمد بن العَبَّاس المُؤَدِّب2. أبو عبد الله البَّغْدَادِيّ، مولى بني هاشم. سَمِعَ: هَوْذَة بن خليفة، وعبد الله بن صالح العِجْليّ، وعَفَّان بن مُسْلِم، وشُرَيْح بن النُّعْمَان، وجماعة. وَعَنْهُ: عبد الباقي بن قانع، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، والطَّبَرَانيّ. وثّقه الخطيب. ومات في ربيع الأول سنة تسعين. 452- محمد بن العَبَّاس بن بسام3. أَبُو عبد الرحمن مولى بني هاشم المقريء الرَّازِيّ. قرأ عَلَى: أَحْمَد بن يزيد الْحُلْوَانِيِّ وَهُوَ من أعيان أصحابه. وحدّث عن: سهل بن عثمان العسكري.   1 أخبار القضاة لوكيع "2/ 11، 119"، تاريخ بغداد "3/ 111، 112". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 3"، تاريخ بغداد "3/ 112". 3 الجرح والتعديل "8/ 48". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 201 رَوَى عَنْهُ الحروف والحديث: الحُسَيْن بن المهلّب المُؤَدِّب، وَمحمد بن عبد الله المقرئ، وَأَبُو الطّيّب أَحْمَد بن عبد الله الدّارميّ. وَسَمِعَ منه: ابن حاتم وَقَالَ: صدوق. 453- محمد بن العَبَّاس بن الوليد1. النَّسَائِيُّ الفقيه أَبُو العَبَّاس صاحب أبي ثَوْر. سَمِعَ: هَوْذَة، وعَفَّان، وطائفة. وَعَنْهُ: عَليّ بن محمد المصري، وعبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. 454- محمد بن عبد الله الزّاهد2. أبو عبد الله بن الدّفّاع القُرْطُبيّ المالكي. سَمِعَ: عبد الملك بن حبيب وغيره. وبمصر: أبا الطّاهر بن السرح، والحارث بن مِسْكين. وَعَنْهُ: محمد بن عُثْمَان، وغيره. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 455- محمد بن عبد الله بن منصور3. أَبُو إسْمَاعِيل الشَّيْبَانِيّ العسْكري الفقيه الحنفي المعروف بالبطّيخيّ. أحد أئمة الحنفية. عن: سُلَيْمَان بن عبد الرحمن ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ العسقلاني. وَعَنْهُ: المحاملي، وعبد الباقي بن قانع، وعبد الله الخراساني.   1 تاريخ بغداد "3/ 110، 111". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 12، 13"، جذوة المقتبس للحميدي "62". 3 تاريخ بغداد "5/ 431". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 202 وَكَانَ فقيهًا ثقة. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 456- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص. أبو عبد الله الهَمَدَانيّ الذّكوانيّ الأصبهاني. أحد الأشراف والأكابر بإصبهان. وَهُوَ آخر من حَدَّثَ عن أبي سُفْيَان بن صالح بن مِهْرَان، وَمحمد بن بُكَيْر. وقد أتاه كتاب من المستعين بقضاء إصبهان، فهرب منها مدّة، وَهُوَ الذي قام في خلاص أبي بَكْر بن أبي داود السِّجِسْتَاني من المحنة وَالْقَتْلِ لَمَّا تعصبوا عَلَيْهِ بإصبهان، ورموه بسبّ عَليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَد العسّال، وَمحمد بن أَحْمَد بن الحَسَن، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، وأبو الشيخ، وجماعة. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 457- محمد بن عبد الله بن عتّاب1. أَبُو بَكْر الأَنْمَاطِيُّ البَّغْدَادِيّ، مربع. سَمِعَ: عاصم بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يونس، وَيَحْيَى بن مَعِين. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن كامل، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وآخرون. وثّقه الخطيب. ومات سنة ستٍّ وثمانين. محمد بن عبد الله بن سُفْيَان الخُصَيب زُرْقان. ذكرناه بلَقَبه. 458- محمد بن عبد الله بن مِهْرَان الدِّينَوَري2. عن: عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيْسيّ، وأحمد بن يونس.   1 تاريخ بغداد "5/ 432"، طبقات الحنابلة "1/ 301". 2 تاريخ بغداد "5/ 432، 433". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 203 وَعَنْهُ: ابن قانع، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. وَقَالَ الدارقطني: صدوق. مات سنة ثمان وثمانين ومائتين. 459- محمد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الكَتَانيّ اليافونيّ1. عن: صَفْوَان بن صالح، وإسماعيل بن إِبْرَاهِيم التَّرْجُمَانيّ. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ محمد الْقَاسِم بن معروف، والطَّبَرَانيّ. 460- محمد بن عبد الله بن مَخْلَد2. أَبُو الحُسَيْن الأصبهاني، خال محمد بن عبد الله بن رُسْتَة، ويُعرف بصاحب الشَّافِعِيّ، وبورّاق الربيع بن سُلَيْمَان. نزل مصر وحدَّث عن: قُتَيْبَة، وَمحمد بن أبي بَكْر المُقَدَّميّ، وهاني بن المتوكّل، وكثيِّر بن عُبَيْد، وطائفة. قُلْتُ: ذكرناه في الطبقة الماضية، وإنّما أعدناه لقول أبي نُعَيْم: تُوُفِّي قبل التّسعين. 461- محمد بن عبد البَرّ الكِلابي الأندلسي الفرضي3. روى عن: يحيى بْن يحيى، وعبد الملك بن حبيب. وطال عُمره. وَكَانَ ورعًا فاضلًا وفَرَضيًّا حاسبًا. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 462- محمد بن عبد الرحمن بن عُمارة4. أَبُو قُبَيْصَة البَّغْدَادِيّ الضَّبِّيّ المقرئ. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، وسعدويه، وجماعة.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 91". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 229، 230"، الوافي بالوفيات "3/ 339". 3 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 13". 4 أخبار القضاة لوكيع "3/ 111، 112"، تاريخ بغداد "2/ 314، 315"، المنتظم "5/ 156". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 204 وعنه: عثمان بن السماك، وأبو بكر الشافعي. وَكَانَ سريع التلاوة جدًّا. قَالَ إسْمَاعِيل الخُطَبيّ: سألته عن أكثر ما قرأ قَالَ: قرأت في النهار الطّويل أربع خِتَم، وفي الخامسة إلى سورة براءة، وأذّن المؤذِّن العصر. وَكَانَ من أهل الصّدق. رواها الخطيب، عن الحَسَن بن أبي طالب، ثَنَا يوسف القوّاس، ثَنَا الخُطَبيّ، فذكرها. قَالَ الخُطَبيّ: وَتُوُفِّي في ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بَأْسَ بِهِ. 463- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بن كامل1. أَبُو الإِصبعَ الأَسَدي الفرقانيّ. حدَّث ببغداد عن: أبي جَعْفَر النُّفَيْلِيِّ، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحِزَاميّ، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وابن السَّمَّاك، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وآخرون. وَكَانَ يَخْضِب بالحِنّاء. وثّقه الخطيب. ومات سنة سبعٍ وثمانين. 464- محمد بن أبي زُرْعَة عبد الرحمن بن عَمْرو البَصْرِيّ الدِّمَشْقِيّ2. عن: هشام بن عَمَّار، وَدُحَيْم، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. وَلَهُ شعرٌ جيّد. تُوُفِّي بعد أَبِيهِ بقليل. وَلَهُ: إنَّ حظّي ممّن أُحب كفاف ... لا حدود مقصر ولا إنصاف   1 تاريخ بغداد "2/ 315، 316". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 82". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 205 كُلّما قُلْتُ قد أثابت إليَّ ... الوصل ثناها عمّا أَرُومُ العَفَاف فكأنّي بين الصُّدودِ وبين ... الْوَصْلِ ممّن مكانُه الأَعْراف ومن شِعْره السّائر: لا يلزم مستقصر أَنْتَ ... في البرّ ولكنْ مُسْتَعْطَفٌ مُسْتَزَاد قديمُ الحُسامِ وَهُوَ حُسامٌ ... ويحبُّ الْجَوَاد وَهُوَ جَوَاد 465- محمد بن عبد السلام بن بشّار1. الشَّيْخ أبو عبد الله النَّيْسَابُوري الورّاق الزّاهد. كَانَ يورِّق "التّفسير" لإسحاق بن راهَوَيْه. وَسَمِعَ الكُتُب من: يَحْيَى بن يَحْيَى. وَالمُسْنَد والتّفسير من إِسْحَاق. وَسَمِعَ من: الحَسَن بن عيسى، وَعَمْرو بن زُرَارة، وَمحمد بن رافع. ولم يرحل. رَوَى عَنْهُ: مُؤَمَّل بن الحَسَن، وَأَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وطائفة. قَالَ ابنه عَبْدان: كَانَ أبي يَقُولُ: نحن في مرحلة، وَكَانَ يصوم النّهار ويقوم اللّيل، وَيَقُولُ: هَذَا ما أوصانا بِهِ يَحْيَى بن يَحْيَى. فائدة: قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أبا زكريا العَنْبَريّ: سَمِعْتُ ابن يوسف المقرئ. سَمِعْتُ الحُسَيْن بن محمد بن زياد القَبَّانيّ يقول: ثَنَا محمد بن بشار، ثنا يحيى، فلما فرغ قَالَ: أتدرون عمّن حدّثتكم؟ قَالُوا: حدَّثْتنا عن بُنْدَار، عن يَحْيَى بن سَعِيد. قَالَ: لا والله. ثَنَا محمد بن عبد السّلام بن بشّار، ثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى. وَتُوُفِّي في رمضان سنة ست وثمانين.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 460، 461". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 206 466- محمد بن عبد السلام بن ثُعْلبة1. أَبُو الحسن الخشبي الأندلسيّ القُرْطُبيّ الحافظ اللُّغَويّ صاحب التّصانيف. أخذ عن: يَحْيَى بن يَحْيَى الليثي. وفي الرحلة عن: محمد بن بشار بندار، ومحمد بن يَحْيَى بْن أبي عُمَر العدني، وسلمة بْن شبيب، والمزني، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أسلم بن عبد العزيز القاضي، وَمحمد بن قاسم بن محمد، وقاسم بن أَصْبَغ، وابنه محمد بن محمد، وآخرون. وَقَالَ: كَانَ ثقةٍ كبير القدْر، أُرِيدَ عَلَى قضاء قُرْطُبة فامتنع. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين وقد شاخ. تُوُفِّي ابنه محمد سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. وجدُّه ثَعْلبة هُوَ ابن زيد بن الحَسَن بن كلب بن أبي ثعلبة الخشبي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ابن الفَرَضيّ، وغيره: وقد رَوَى الحَافِظ أَبُو الحَسَن بالأندلس عِلْمًا كثيرًا، رحمه الله. 467- محمد بن عبد العزيز بن المبارك الدِّينَوَري2. رحل، وَسَمِعَ: الْقَعْنَبِيَّ، وَعُثْمَان بن الهَيْثَم، وأبا حُذَيْفة النَّهْديّ، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن مروان صاحب المجالد وصاحب ابن رُكَيْن، وَالحُسَيْن بن إسْمَاعِيل الصُّوفيّ، وَمحمد بن إِبْرَاهِيم بن جمك القَزْوِينِيّ، وجماعة. وَكَانَ ضعيفًا بمرّة. تُوُفِّي بالدِّينَوَر سنة إحدى وثمانين. وَقَدْ سَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ مَنَاكِيرَ وَيُقَالُ: لَهُ غير هذا، إنما أنكر عليه.   1 طبقات النحويين واللغويين "268"، سير أعلام النبلاء "13/ 459، 460". 2 الكامل لابن عدي "6/ 2291، 2292"، ميزان الاعتدال "3/ 629"، لسان الميزان "5/ 260". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 207 قُلْتُ: مِنْهَا: "بُدَلَاءُ أُمَّتِي لَمْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِكَثْرَةِ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ، وَلَكِنْ بِنَقَاوَةِ الأَنْفُسِ وَسَلَامَةِ الصِّدْقِ"1. 468- محمد بن عبد العزيز بن أبي رجاء2. أَبُو بَكْر التَّيْمِيّ البَّغْدَادِيّ. عن: هوذة بن خليفة، وَقُبَيْصَة، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وعبد الباقي بن قانع. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. 469- محمد بن عبد الغنيّ بن عبد العزيز. أَبُو الطاهر القُرَشِيّ مولاهم المِصْرِيّ الفقيه. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: كَانَ فقيهًا لا يُدَافَع، رحمه الله. 470- محمد بن عبد بن حُمَيْد بن نصر. أَبُو جَعْفَر الكشّيّ. روى عنه: عبد المؤمن بن خلف النسفي، وغيره. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 471- محمد بن عَبْدة3. أَبُو بَكْر المِصِّيصِيّ. حَدَّثَ عن: محمد بن كثير بن مروان الفِهريّ، وأحمد بن يونس اليَرْبوعيّ، وأبي توبة الرّبيع بن نافع، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو أَحْمَد بن عَدِيّ، وجماعة. قَالَ ابن عَدِيّ: أملي في سنة ثمان وثمانين ومائتين.   1 "حديث منكر": أخرجه ابن أبي الدنيا في الأولياء "58" وفيه صاحب الترجمة. 2 تاريخ بغداد "2/ 352". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 43". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 208 472- محمد بن عُبَيْد بن الفرْطاس الأَنْصَارِيّ المَوْصِليّ. عن: محمد بن عبد الله بن عمار، وأبي مُصْعَب الزُّهري، وأبي كُرَيْب محمد بن العلاء. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 473- محمد بن عُبَيْد بن أبي الأسد البَّغْدَادِيّ1. أَبُو بَكْر. عن: عَمْرو بن مرزوق، وَإسْمَاعِيل بن أبي أُوَيْس، وَالحُمَيْدِيّ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم البَخْتَرِيّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. وثّقه الخطيب. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 474- محمد بن عُثْمَان بن سَعِيد2. أَبُو عامر الضرير الكوفيّ. يروي عن: أَحْمَد بن يونس، ومِنْجاب بن الحارث. توفي سنة تسع أيضا. روى عنه: الطبراني، وابن سلمة القطان، وغيرهما. 475- محمد بن عاصم بن بلال الضبي. عن: محمد بن نافع، وغيره. توفي سنة أربع وثمانين. وولد سنة مائتين. 476- محمد بن عصمة بن حمزة السعدي الجوزجاني الخراساني. كنيته: أبو المطالع. روى عن: يَحْيَى الحِمّانيّ، وَعَمْرو بن محمد الخريبي، والربيع بن سليمان.   1 تاريخ بغداد "2/ 370". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 21". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 209 وَعَنْهُ: عبد الله بن محمد البَلْخِيّ، وَمحمد بن أَحْمَد بن عُبَيْد بن فيّاض، وزكريا بن حامد البَلْخِيّ. 477- محمد بن عقيل. أَبُو سَعِيد الفِرْيَابِيّ. حَدَّثَ بمصر عن: قُتَيْبَة بن سَعِيد، وداود بن مِخرْاق، وجماعة. وَعَنْهُ: عَليّ بن محمد المِصْرِيّ الواعظ، وَأَبُو محمد بن الورد، وَأَبُو طالب أَحْمَد بن نصر، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. وَكَانَ أحد الفقهاء. تُوُفِّي بمصر في صَفَر سنة خمسٍ وثمانين. 478- محمد بن عَليّ بن الحسين بن بِشْر الزّاهد1. المحدِّث أبو عبد الله الحكيم التِّرْمِذِيُّ المؤذّن، صاحب التّصانيف في التصوُّف والطريق. سَمِعَ الحديث الكثير بخراسان والعراق. وحدَّث عن: أبيه، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيِّ، وصالح بن محمد الترمذي، وعلي بن حجر السعدي، وعتبة بن عبد الله المروزي، ويحيى بن موسى خت، ويعقوب الدورقي، وعباد بن يعقوب الرواجني، وعيسى بن أحمد العسقلاني البلخي، وسفيان بن وكيع، وطبقتهم. روى عنه: يحيى بن منصور القاضي، والحسن بن علي، وغيرهما من علماء نيسابور؛ فإنه حدَّث بها في سنة خمسٍ وثمانين. وقد صَحِبَ من مشايخ الطّريق: يَحْيَى بن الْجَلاء، وَأَحْمَد بن خَضْرَوَيْه، ولقي أبا تُراب النَّخْشَبيّ. ومن كلامه وحِكَمه: ليس في الدُّنْيَا حمْل أثقل من البِرّ، لأن من البِرّ، لأنّ مَنْ بَرَّكَ فقد أوثقك، ومن جفاك فقد أطلقك.   1 حلية الأولياء "10/ 233-235"، صفة الصفوة "4/ 141"، سير أعلام النبلاء "3/ 439-442". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 210 وَقَالَ: كفى بالمرء عَيْبًا أنْ يَسُرُّه ما يَضُرُّه. وَقَالَ: من جهِل أوصاف العُبُوديّة فَهُوَ بِنُعُوت الرّبّانيّة أجْهَل. وَقَالَ: صلاح خمسة أصناف في خمسة مواطن: صلاح الصِّبْيان في الكُتّاب، وصلاح الفِتْيان في العِلم، وصلاح الْكُهُولِ في المساجد، وصلاح النّساء في البيوت وصلاح القُطّاع في السّجن. وَقَالَ: المؤمن بِشْرُهُ في وجهه، وحُزْنه في قلبه؛ والمنافق حزنه في وجهه، وبِشره في قلبه. وَقَالَ: حقيقةُ مَحَبّةِ الله تعالى دَوَامُ الأُنْس بذِكره. وسُئل عن الخلق فَقَالَ: ضَعْفٌ ظاهر، وَدَعْوَى عريضة. وذكره أَبُو عبد الرحمن السُّلمي فَقَالَ: نفوه من تِرْمذ وأخرجوه منها، وشهدوا عَلَيْهِ بالكفر، وذاك بسبب تصنيفه كتاب ختم الولاية؛ وكتاب "مِلَلِ الشّريعة". وقالوا: إنّه يَقُولُ: إنَّ للأولياء خاتمًا كما أَنَّ للأنبياء خاتمًا. وَأَنَّهُ يفضل الولاية عَلَى النُّبُوة، واحتجّ بقوله عَلَيْهِ السلام: "يَغْبِطُهُم النّبيّون والشُّهَداء". وَقَالَ: لو لم يكونوا أفضل منهم لَمَّا غَبَطُوهم. فجاء إلى بَلْخ، فقبلوه بسبب موافقته إيّاهم عَلَى المذهب. وقد ذكره ابن النَّجَّار، ولم يذكر لَهُ وفاة؛ ولا راويًا، إِلا عَليّ بن محمد بن ينال العُكْبَري. فوهِم لأن العُكْبَري سَمِعَ محمد بن فلان التِّرْمِذِيَّ سنة ثمان عشرة وثلاثمائة. وقال أبو عبد الرحمن السُّلَمي، فيما يروي الْبُخَارِيُّ بإسناده إِلَيْهِ: سَمِعْتُ عَليّ بن بُنْدَار الصَّيْرَفيّ: سَمِعْتُ أَحْمَد بن عيسى الْجَوْزَجَانيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بن عَليّ التِّرْمِذِيَّ يَقُولُ: ما صنَّفت ممّا صنَّفت حرفًا عن تدبير، ولا لأن يُنْسب إليَّ شيءٌ منه، ولكنْ كَانَ إِذَا اشتدّ عَليّ وقتي كنت أتسلّى بمصنَّفاتي. قَالَ السُّلمي: بَلَغَني أَنَّ أبا عُثْمَان سُئل عن محمد بن عَليّ فَقَالَ: بيِّنوا سِرّي عَنْهُ من غير سبب. وَقَالَ أَيْضًا السُّلَمي: وَقِيلَ: إِنَّهُ هُجِر بتِرْمِذ في آخر عُمره، وَهُوَ من سبب تصنيفه الجزء: 21 ¦ الصفحة: 211 كتاب "ختم الولاية" و"علل الشّريعة". وليس فيه ما يوجب ذَلِكَ. ولكن لبُعد فَهْمهم عَنْهُ. كذا قَالَ السُّلَميّ. وَقَالَ: لَهُ كتاب "حقائق التَّفسير"، من هَذَا النَّمَط أشياء تُنافي الحقَّ. قول المؤلّف في شطحات الصوفية: فما أدري ما أقول. أسأل الله السّلامة من شَطَحات الصُّوفية، وأعوذ بالله من كُفْريات صوفيّة الفلاسفة الَّذِين تستَّروا في الظّاهر بالإسلام، ويعملوا عَلَى هدْمه في الباطن. وربطوا العَوَالم برُبَط ورُموز الصّوفيّة وإشاراتهم المتشابهة، وعباراتهم العَذْبَة، وسَيْرهم الغريب، وأسلوبهم العجيب، وأذواقهم الجلفة التي تجرُّ إلى الانسلاخ والفَنَاء، والمَحْو والوحدة، وغير ذَلِكَ. قَالَ الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 153] يعني طريق الكتاب والسنة المحمدية. ثُمَّ قَالَ: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} . والحكيم التِّرْمِذِيُّ، فحاشى الله؛ ما هو مِن هَذَا النَّمَط، فَإِنَّهُ إمامٌ في الحديث، صحيح المتابعة للإشارة، حُلْو العبارة، عَلَيْهِ مؤاخذات قليلة كغيره من الكبار. وكل أحد يأخذ قوله ويُتْرك، إِلا ذاك الصّادق المعصوم رَسُول الله -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ- فيا مسلمين بالله، تعالوا نبْكي عَلَى الكتاب والسنة وأهلها. وقالوا: اللَّهُمَّ أَجِرْنا في مصيبتنا، فقد عاد الإِسْلام والسنة غريبين، فلا قوة إِلا بالله العلي العظيم. 479- محمد بن عَليّ بن بَطْحا1. أَبُو بَكْر البَّغْدَادِيّ التَّمِيمِيّ. ثقة مقبول. رَوَى عن: هَوْذَة، وعَفَّان. وعنه: إسماعيل الخطبي. توفي سنة ست وثمانين ومائتين. 480- محمد بن علي بن حمزة2. أبو عبد الله العلوي الإخباري الشاعر.   1 تاريخ بغداد "3/ 62، 63". 2 الجرح والتعديل "8/ 28"، تاريخ بغداد "3/ 63"، تهذيب التهذيب "9/ 352". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 212 يروي عن: أبي عُثْمَان المازني، وعمر بن شبَّة، وجماعة. وَعَنْهُ: عبد الرحمن بن أبي حاتم ووثَّقه، وَمحمد بن مَخْلَد. تُوُفِّي سنة سبْعٍ وثمانين. 481- محمد بن عَليّ بن عتّاب1. أَبُو بَكْر الإياديّ القمّاط. سَمِعَ: عُبَيْد الله بن غاشم، وداود بن عَمْرو الضَّبِّيّ، وأبا الرّبيع الزّهْرانيّ. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن جَعْفَر بن المنادي، وَإسْمَاعِيل الخُطَبيّ. وثّقه ابن المنادى وَقَالَ: تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 482- محمد بن عَليّ بن الفضل2. أَبُو العَبَّاس البَّغْدَادِيّ، الحَافِظ فُسْتُقَة. سَمِعَ: خَلَف بن هشام، وَقُتَيْبَة، وعَليَّ بن المَدِيَنِيّ، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ابن قانع، والطَّبَرَانيّ. ومات سنة تسع أَيْضًا. وثقه الخطيب. 483- محمد بن علي البغدادي3. الحافظ قرطمة. سمع بن حُمَيْد الرَّازِيّ، وأبا سَعِيد الأشجّ، وَمحمد بْن يَحْيَى الذُّهليّ، وَالحَسَن بْن محمد الزَّعْفَرَانِيّ، وطبقتهم بالحجاز، وَالشَّام، وخراسان، والعراق، ومصر. وَكَانَ الوالي في الحفظ، رَوَى شيئًا قليلًا. وذكر أَبُو أَحْمَد الحاكم أَنَّهُ سَمِعَ ابن عقدة قَالَ: سمعت داود بن يحيى بن يمان،   1 تاريخ بغداد "3/ 65". 2 تاريخ بغداد "3/ 64، 65"، الوافي بالوفيات "4/ 107". 3 تاريخ بغداد "3/ 65، 66". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 213 يَقُولُ النَّاس فيقولون: أَبُو زُرْعَة وَأَبُو حاتم في الحِفْظ، والله ما رأيت أحفظ من قرطمة. قَالَ الخطيب: تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 484- محمد بن عَليّ بن شُعَيْب1. أَبُو بَكْر البَّغْدَادِيّ السمسار. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، وخالد بن خِداش، وعَليَّ بن الْجَعْد، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ابن قانع، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو محمد بن ماسي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: وَكَانَ ثقة. 485- محمد بن عَليّ بن خلف الأطروش الدِّمَشْقِيّ2. عن: هشام بن عَمَّار، وأحمد بن أبي الحواري، وَدُحَيْم. وَعَنْهُ: عبد الله بن الورد المِصْرِيّ، وعبد المؤمن النَّسَفِيّ، والطَّبَرَانيّ. 486- محمد بن عَليّ بن محمد المَرْوَزِيّ3. الحَافِظ أبو عبد الله. عن: عَليّ بن حزم، وإسحاق الكوسج، وَمحمد بن يَحْيَى القَطِيعيّ، وخَلَف بن شاذان، وخلق. وعنه: ابن مَخْلَد، والطَّبَرَانيّ. وَكَانَ ثقة. رَوَى عَنْهُ جماعة من أهل مَرْو. 487- محمد بن عُمَر بن إسْمَاعِيل. أَبُو بَكْر الدُّولابي العسكري.   1 أخبار القضاة لوكيع "3/ 16"، تاريخ بغداد "3/ 66"، طبقات الحنابلة "1/ 308". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 81". 3 أخبار القضاة لوكيع "1/ 24، 82"، العجم الصغير للطبراني "2/ 59"، تاريخ بغداد "3/ 68". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 214 عن: هَوْذَة بن خليفة، وأبي مُسْهِر الغَسَّانِيّ، وابن اليَمَان، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الخرائطي، وعلي بن محمد المصري الواعظ، وأحمد بن مروان الدِّينَوَري، وآخرون. 488- محمد بن عَمْرو بن الموجّه1. الفَزَاري المَرْوَزِيّ اللُّغَويّ الحَافِظ. سَمِعَ: صدَقَة بن الفضل المَرْوَزِيّ، وَسَعِيد بن منصور، وعَبْدان بن عُثْمَان، وحبان بن موسى، وطبقتهم. ذكره ابن أبي حاتم مختصرًا. وَرَوَى عَنْهُ: الحَسَن بن محمد بن حليم المَرْوَزِيّ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. وَسَمِعَ أَيْضًا: سَعِيد بن هُبَيْرَة، وَسَعِيد بن سُلَيْمَان، وعَليَّ بن الْجَعْد. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 489- محمد بن عَمْرو بن النَّضْر. أَبُو عَليّ الْجُرَشيّ النَّيْسَابُوري، قَشْمرد. سَمِعَ: حفص بن عبد الله السُّلَميّ، وعَبْدان بن عُثْمَان الْقَعْنَبِيَّ، وجماعة. فطال عُمره وتفرّد عن حفص بن عبد الله. وَكَانَ صدوقًا مقبولًا. رَوَى عَنْهُ: محمد بن صالح بن هانئ، وَيَحْيَى بن محمد العَنْبَريّ، وَدَعْلَج البَخْتَرِيّ، وآخرون. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. 490- محمد بن عيسى بن السَّكن بن أبي قماش2. أَبُو بَكْر الواسطيّ. سَمِعَ: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم، والحارث بن منصور الواسطي.   1 الجرح والتعديل "8/ 35"، سير أعلام النبلاء "13/ 347، 348"، الوافي بالوفيات "4/ 290". 2 أخبار القضاة لوكيع "2/ 89"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 26"، تاريخ بغداد "2/ 400، 401". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 215 وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر النَّجَّاد، وَإسْمَاعِيل الخُطَبيّ، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. تُوُفِّي راجعًا من الحجّ سنة سبعٍ أَيْضًا. 491- محمد بن غالب بن حرب1. أَبُو جَعْفَر الضَّبِّيّ المِصْرِيّ تمتام. نزيل بغداد. وُلد سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وعَفَّان، وَالْقَعْنَبِيَّ، وعبد الصَّمَد بن النُّعْمَان، وأبا حُذَيْفة، وطبقتهم. من أصحاب شُعْبَة، والثَّوْري، وَكَانَ مكثرًا ثقة حافظًا. رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَر بْن البَخْتَرِيّ، وإِسْمَاعِيل الصَّفَّار، وعثمان بْن السماك، وأبو سهل بن زياد، وابن كوثر البَرْبَهَاريّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وخلْق. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة مأمون، إِلا أَنَّهُ كَانَ يُخطئ. وَقَالَ أَيْضًا في موضع آخر: ثقة مجوّد. سَمِعْتُ أبا سهل بن زياد يَقُولُ: سَمِعْتُ موسى بن هَارُون يَقُولُ في حَدِيثِ محمد بْنِ غَالِبٍ، عَنِ الْوَرْكَانِيِّ، عَنْ حَمَّادِ الأَبَحِّ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "هُودُ وَأَخَوَاتُهَا" 2، إِنَّهُ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ. قَالَ ابن زياد: فحضرنا مجلس إسْمَاعِيل القاضي، وموسى بن هَارُون عنده، والمجلس غاص بأهله. فدخل محمد بن غالب، فَلَمَّا بصُر بِهِ إسْمَاعِيل قَالَ: إليَّ يا أبا جَعْفَر، إليَّ. ووسّع لَهُ معه عَلَى السّرير. فَلَمَّا جلس أخرج كتابًا وَقَالَ: أيها القاضي تأمَّلْه. وعرض عَلَيْهِ الحديث، وَقَالَ: أليس الجزء كله بخط واحد؟ قال: نعم.   1 الجرح والتعديل "8/ 55"، الثقات لابن حبان "9/ 151"، سير أعلام النبلاء "3/ 390-393"، الميزان "3/ 681". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه الترمذي "3297"، وابن سعد في طبقاته "1/ 435"، وأبو نعيم في الحلية "4/ 350"، والحاكم في المستدرك "2/ 344"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "955". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 216 قَالَ: هل ترى شيئا عَلَى الحاشية؟ قَالَ: لا. قَالَ: أفَتَرْضى هَذَا الأصل؟ قَالَ: إي والله. قَالَ: فلم أُوذَى ويُنْكَر عَليّ؟ فصاح موسى بن هَارُون وَقَالَ: الحديث موضوع. قَالَ: فرواه محمد بن غالب بحضرة القاضي وَهُوَ ساكت، وما زال القاضي يذكر مِن فضل محمد بن غالب وتقدُّمه. قُلْتُ: مات في رمضان سنة ثلاثٍ وثمانين. 492- محمد بن الفَرَج بن محمود الأزرق1. أَبُو بَكْر. عن: أبي النَّضر هاشم بن الْقَاسِم، وحَجّاج بن محمد، والواقدي، وَمحمد بن كُناسة، وعبيد الله بن موسى، وجماعة. وَعَنْهُ: عبد الصَّمَد الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وابن نحيح، وَأَبُو بَكْر بن خَلاد النَّصِيبيّ، وآخرون. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنيّ يَقُولُ: لا بأس بِهِ، وَهُوَ من أصحاب الكرابيسيّ يُطْعن عَلَيْهِ في اعتقاده. وَقَالَ الخطيب: أمّا أحاديثه فصِحاح. مات في آخر سنة إحدى وثمانين. 493- محمد بن الفرج بن ميسرة الهمداني الحَافِظ2. صاحب المُسْنَد. سَمِعَ من: كامل بن طلحة، وطبقته. وَعَنْهُ: محمد بن محمد الْبَاغَنْدِيُّ، وعبد الباقي بن قانع.   1 الثقات لابن حبان "9/ 144"، ميزان الاعتدال "4/ 4"، تهذيب التهذيب "9/ 399". 2 المنتظم لابن الجوزي "6/ 42". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 217 494- محمد بن الفضل بن جابر الثقفي البَّغْدَادِيّ1. سَمِعَ: سَعِيد بن سُلَيْمَان سَعْدَوَيْه، وأبا بلال الأشعريّ، والليث بن حَمَّاد، وعبد الأعلى بن حَمَّاد، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن محمد بن الحَسَن النّقّاش، وَأَبُو بَكْر بن خَلاد العطار، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: صدوق. مات أَبُو جَعْفَر السَّقَطيّ في رمضان سنة ثمانٍ وثمانين. 495- محمد بن الفضل بن موسى2. أَبُو بَكْر القسْطانيّ، الرَّازِيّ. سَمِعَ: طالوت بن عَبّاد، وهُدْبة بن خَالِد، وشيبان بن فَرُّوخ. رَوَى عَنْهُ: ابن أبي حاتم وَقَالَ: صدوق، وَأَبُو سهل بن زياد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. 496- محمد بن فيروز البَّغْدَادِيّ3. نزيل دمشق. عن: عاصم بن عَليّ بن قُتَيْبَة، وعَليَّ بن محمد المصري الواعظ. 497- محمد بن الْقَاسِم بن خَلاد بن ياسر4. أَبُو العَيْنَاء الهاشمي، مولى أبي جَعْفَر المنصور البَصْرِيّ الإخباريّ اللُّغَويّ الضّرير. وُلِد بالأهواز ونشأ بالبصرة. وأخذ عن: أبي عبيدة، والأصمعي، وأبي زيد الأنصاري، وأبي عاصم النبيل. وَكَانَ أحد الموصوفين بالذَّكاء والحِفْظ وسُرْعة الجواب.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 10"، تاريخ بغداد "3/ 153". 2 الجرح والتعديل "8/ 60"، تاريخ بغداد "3/ 152، 153". 3 تاريخ بغداد "3/ 166". 4 أخبار القضاة لوكيع "2/ 31، 32"، سير أعلام النبلاء "13/ 308، 309"، ميزان الاعتدال "4/ 13". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 218 وَعَنْهُ: أبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد الحكيمي، وَمحمد بن يَحْيَى الصُّوليّ، وَأَبُو بَكْر الأذْرَعيّ، وَأَحْمَد بن كامل، وَمحمد بن العَبَّاس بن نحيح، وآخرون. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بقويّ في الحديث. وَقِيلَ إنَّ بعضهم سأله: كيف كُنِّيت أبا العيناء؟ فقال: قلت لأبي زيد سعيد بن أَوْس: كيف تُصَغِّر عَيْنًا؟ فَقَالَ: عُيَيْنَا يا أبا العَيْناء. وَقِيلَ إن المتوكل قَالَ: أشتهي أن أنادم أبا العَيْناء، لولا أَنَّهُ ضرير. فَقَالَ: إنَّ أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الهلال ونقْش الخواتيم، فإنّي أصلُح. وَكَانَ قد ذهب بصره وَهُوَ ابن أربعين سنة تقريبًا. ومات سنة اثنتين وثمانين. وَكَانَ قد استوطن بغداد، فخرج نحو البصرة في أواخر عُمره في سفينةٍ فيها ثمانون نفسًا، فغرقت بهم، فما سلم غيرُه فيما قِيلَ. فَلَمَّا صار إلى البصرة مات. وَكَانَ يَخْضِب بالحُمرة، والغالب عَلَى روايته الحكايات. قَالَ أَبُو نُعَيْم الحَافِظ: نا أَحْمَد بن عبد الرحمن الخاركي بالبصرة: سَمِعْتُ أبا العَيْنَاء يُعَزّي جدّي أبا بَكْر عَلَى زوجته، فَقَالَ: إِذَا كَانَ مُسْنَدنا البقيّة ورُفِعت عَنْهُ الرَّزيَّة كانت التَّعْزية تهنئة، والمصيبة نعمة. نحن ومَن في الأرض يَفْديكا لا زلتَ تبقى ونُعَزِّيكا وعن ابن وَثّاب أَنَّهُ قَالَ لأبي العَيْنَاء: واللهِ إنّي أحبّك بِكُلِّيَّتي. فَقَالَ: إِلا عضوًا واحدًا. فبلغ ذَلِكَ ابن أبي دُؤاد، فَقَالَ: لقد وُفِّقَ في التحديد. وسأله المنتصر فَقَالَ: ما أحسن الجواب ما أسكتَ الْمُبْطِلَ، وصبَّر المُحِقّ. قَالَ أَحْمَد بن كامل: تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وثمانين، ووُلِد سنة إحدى وتسعين ومائة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 219 498- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بن غَزْوان1. أَبُو سَعِيد الهَرَويّ الْجَوْهريّ. عن: خَالِد بن هيّاج. ورَدَ بغداد، وحدَّث. رَوَى عَنْهُ: مُكرم القاضي، وَأَبُو بَكْر الشافعي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 499- محمد بن محمد بن رجاء بن السِّنْدي2. أَبُو بَكْر الإسفرائيني الحَافِظ. مصنّف "الصّحيح" عَلَى شرط مُسْلِم. سَمِعَ: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وعَليَّ بن المَدِينِيّ، وأحمد بن حَنْبَل، وابن نُمَيْر، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحِزَاميّ، وأبا بَكْر بن أبي شَيْبَة، وأبا الرّبيع الزّهْرَانيّ، وطبقتهم بالحجاز، والعراق، ومصر، وغير ذَلِكَ. وَعَنْهُ: أَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، ومؤمل بن الحَسَن، ومحمد بن صالح بن هانئ، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم، وَأَبُو النَّضْر محمد بن محمد الفقيه، وآخرون. قَالَ الحاكم: كَانَ ثَبْتًا دينًا مقدَّمًا في عصره. سَمِعَ جَدّه، وابن راهَوَيْه، إلى أن قَالَ: وَسَمِعْتُ محمد بن صالح: سَمِعْتُ أبا بَكْر بن رجاء يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بن حَنْبَل من كتابه في ربيع الآخر سنة أربعٍ وثلاثين. بِشْر بن أَحْمَد قَالَ: تُوُفِّي أَبُو بَكْر سنة ستٍّ وثمانين. 500- محمد بن محمد بن حبان3. أَبُو جَعْفَر البَصْرِيّ التَّمَّار. سَمِعَ: الْقَعْنَبِيَّ، وَمحمد بن الصَّلْت التوزي، وأبا الوليد الطيالسي، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "3/ 204، 205". 2 الجرح والتعديل "8/ 87"، سير أعلام النبلاء "13/ 492، 493"، شذرات الذهب "2/ 193، 194". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 27". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 220 وَعَنْهُ: أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وغيره. قَالَ دَعْلَج: سَمِعْتُ محمد بن محمد بن حبّان التَّمَّار يَقُولُ: كنت لا أُحدِّث، فرأيت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ رجل: يا رَسُول الله، قل لهذا. فَقَالَ لي: حدِّث. فَقُلْتُ: عمّن أُحدِّث؟ قَالَ: عن الْقَعْنَبِيِّ، وأبي الوليد، وعمر بن مرزوق، وابن كثير. ونحوه أَوْ كما قَالَ. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 501- محمد بن محمد بن أَحْمَد بن يزيد بن مِهْرَان1. أَبُو أَحْمَد البَّغْدَادِيّ المطرِّز الحافظ. عن داود بن رشيد وغيره. عن: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وعبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ. 502- محمد بن مسلمة بن الوليد الواسطي2. أَبُو جَعْفَر الطَّيَالِسِيّ. حدَّث ببغداد عن: يزيد بن هَارُون، وأبي جابر محمد بن عبد الملك، وأبي عبد الرحمن المقرئ. وعنه: أبو جعفر بن البختري، ومحمد بن مخلد، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات". قال الخطيب: له مناكير. إلا أن الحاكم سَمِعَ الدَّارَقُطْنيّ يَقُولُ: لا بأس بِهِ. قَالَ الخطيب: ورأيت أبا الْقَاسِم اللالكائي، وَالحَسَن بن محمد بن الخلال يضعّفانه. وَتُوُفِّي في جُمَادَى الأولى سنة اثنتين وثمانين، وقد نيّف عَلَى المائة. فَإِنَّهُ ذكر أَنَّهُ سَمِعَ من موسى الطّويل مولى أنس بواسط سنة إحدى وتسعين ومائة.   1 تاريخ بغداد "3/ 208". 2 الثقات لابن حبان "9/ 50"، الكامل لابن عدي "6/ 2294"، ميزان الاعتدال "4/ 41، 42"، سير أعلام النبلاء "13/ 395، 396"، لسان الميزان "6/ 381". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 221 قَالَ: وَكَانَ لي ثلاث عشْرة سنة. قُلْتُ: وقد ذكره ابن عَدِيّ في "الكامل"، وَقَالَ: ثَنَا عبد الحميد الورّاق قَالَ: قاطعنا محمد بن مَسْلَمَة عَلَى أجزاء، فقرأنا عَلَيْهِ، وفيها حديث طويل فَقَالَ: ما أحسن هَذَا، والله إنْ سَمِعْتُ بهذا الحديث قطّ إِلا السّاعة. قَالَ: وَقَالَ لَهُ رجل: قل عن هشام بن عُرْوَة، فَقَالَ: بدرهمين صحاح. ثُمَّ ساق لَهُ ابن عَدِيّ مناكير يسيرة. 503- محمد بن المغيرة بن سنان الضَّبِّيّ الهمذانيّ السُّكَّري الحنفيّ1. محدّث همذان ومُسندها وشيخ فقهائها الحنفيّة. رَوَى عن: القاسم بْن الحكم العربيّ، وهشام بْن عَبْد الله بن عُبَيْد الله الرَّازِيّ، ومكي بن إبراهيم، وعبيد الله بن موسى، وطبقتهم. وَعَنْهُ: عَليّ بن إِبْرَاهِيم القَزْوِينِيّ القَطَّان، وحامد الرّفّاء، وجماعة. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. قَالَ السُّليماني: فيه نظر. 504- محمد بن موسى بن الهُذيْل. أَبُو بَكْر النَّسَفِيّ الملقّب: مت. رَوَى عن: أبي محمد الدارمي، وعبد بن حميد. توفي سنة خمس وثمانين. 505- محمد بن موسى النهروي2. أبو عبد الله. صدوق نبيل معظم ثقة. توفي سنة تسع وثمانين ببغداد. 506- محمد بن أبي هارون موسى3. أبو الفضل الوراق البغدادي زريق.   1 الوافي بالوفيات "5/ 50". 2 تاريخ بغداد "3/ 241، 242". 3 تاريخ بغداد "3/ 241". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 222 صالح فاضل واسع العلم. روى عن: خَلف بن هشام، وغيره. وَعَنْهُ: أَبُو الحُسَيْن بن المنادي، وَأَبُو سهل القَطَّان. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 507- محمد بن أبي هَارُون موسى الهمداني. شيخ جليل زاهد عابد، وَكَانَ لسُؤدده يُقَالُ له: صاحب البلد. يروي عن: أبي نُعَيْم، وموسى بن إسْمَاعِيل، وجماعة. وَعَنْهُ: الحُسَيْن بن إِسْحَاق الكرمي، وعَليَّ بن مَهْرَوَيْه القَزْوِينِيّ، وعبد الله بن حمَّويه، وجماعة. 508- محمد بن نصر1. أَبُو بَكْر الأدميّ ويُعرف بابن أبي شجاع. عن: حبيب، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن كامل، وَأَبُو سهل بن زياد. مات سنة 86 ببغداد. 509- محمد بن النَّضْر بن رباح الهَرَويّ. نزيل المَوْصِل. عن: عاصم بن عَليّ، وأبي الصّلْت الهَرَويّ. وغيرهما. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 510- محمد بن أبي النُّعْمَان الأنطاكي2. سَمِعَ: الهَيْثَم بن جميل. وَعَنْهُ: الطبراني.   1 تاريخ بغداد "3/ 315". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 7". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 223 511- محمد بن نُعَيْم بن عبد الله. أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوري المَدِينِيّ. سَمِعَ: قُتَيْبَة، وابن راهَوَيْه، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا المصعب، وَمحمد بن أبي الشوارب، وطبقتهم. وَعَنْهُ: محمد بن إِسْحَاق السَّرَّاج، وَأَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، ومكي بن عبدان، وعبد الله بن سعد، وجماعة. توفي سنة تسعين في ذي العقدة. 512- محمد بن نهار1. أَبُو الحَسَن. يروي عَنْهُ: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وغيره. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وَهُوَ: محمد بن نهار بن عَمَّار بن أبي المُحيّاه يَحْيَى بن يَعْلَى التَّيْمِيّ. يروي عن: العَبَّاس بن الفَرَج الرياشيّ، وَمحمد بن يزيد الحنفيّ. وَعَنْهُ: محمد بن نجيح أيضًا، وجعفر بن أبي محمد العَلَويّ. 513- محمد بن هَارُون بن محمد بن بكار بن بلال العامليّ الدِّمَشْقِيّ2. عن: أَبِيهِ، وعبد الله بن يزيد بن راشد المقرئ، وصَفْوان بْن صالح، وسُليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل، وجماعة. وَعَنْهُ: أبو عبد الله بن مروان، وَأَحْمَد بن حُمَيْد بن أبي العجائز، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين.   1 تاريخ بغداد "3/ 327، 328". 2 الثقات لابن حبان "9/ 151"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 90". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 224 514- محمد بن هشام بن أبي الدُّمَيْك1. أَبُو جعفر المَرْوَزِيّ، ثُمَّ البَّغْدَادِيّ. سَمِعَ: سُلَيْمَان بن حرب، وعَفَّان، وابن المَدِينِيّ، وعاصم بن عَليّ، وَيَحْيَى الحِمّاني، وطائفة. وَعَنْهُ: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وَأَبُو عُمَر غلام ثعلب، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. وثّقه الخطيب. وَكَانَ مستملي الحَسَن بن عَرَفة. تُوُفِّي سنة تسعٍ أَيْضًا. 515- محمد بن هشام2. وَقِيلَ: ابن هاشم بن خَلَف بن هشام البَزَّار. عن: جَدّه، وعَليَّ بن الْجَعْد. وَعَنْهُ: أَبُو سهل بن زياد، وعبد الصَّمَد الطَّسْتِيّ، وغيرهما. 516- محمد بن هاشم. أَبُو صالح العُذْري الْجَسْريّ الغُوطيّ. سَمِعَ: زُهير بن عبّاد، وَمحمد بن أبي السَّرِيّ العسقلاني. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن حذلم، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون، وجماعة. 517- محمد بن وضّاح بن بَزيع3. مولى عبد الرحمن بن معاوية الداخل، أبو عبد الله الأموي المروانيّ القُرْطُبيّ الحَافِظ. قَالَ: وُلدت سنة تسعٍ وتسعين ومائة، أَوْ سنة مائتين بقرطبة.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 4"، تاريخ بغداد "3/ 361، 362". 2 تاريخ بغداد "3/ 362". 3 ميزان الاعتدال "4/ 59"، سير أعلام النبلاء "13/ 445، 446"، لسان الميزان "5/ 416، 417"، البداية والنهاية "11/ 82"، شذرات الذهب "2/ 194". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 225 وَسَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَمحمد بن خَالِد صاحب ابن الْقَاسِم، وَسَعِيد بن حسان صاحب أشهب، وعبد الملك بن حبيب، وجماعة بالأندلس. قَالَ ابن الفرضيّ: رحل إلى المشرق رحلتين، إحداهما سنة ثمان عشرة ومائتين، لقي فيها: سعيد بن منصور، وآدم بن أبي إياس، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين. ولم يكن مذهبه في رحلته هذه طلب الحديث، وإنما كان شأنه الزهد وطلب العبادة. ولو سَمِعَ في رحلته هذه لكان أرفع أهل وقته درجةً. وَكَانَ قبل رحلة بقيّ بن مَخْلَد. ورحل ثانيةً فسمع: إسْمَاعِيل بن أبي أُوَيْس، وَيَعْقُوب بن حُمَيْد بن كاسب، وَمحمد بن المبارك الصُّوري، وحامد بن يَحْيَى البَلْخِيّ، وَمحمد بن عَمْرو القرني، وزهير بن عباد، وأصبغ بن الفرج، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وَدُحَيْم، وحَرْمَلَة بن يَحْيَى، وسحنون بن سَعِيد الإفريقي، وجماعة كثيرة من البَّغْدَادِيّين، وَالبَصْرِيّين، والمكيين، وَالشَّاميين، وَالمِصْرِيّين، والقَزْوِينِيّين. وعدة شيوخه مائة وستون رجلًا، ولقي ابن مَخْلَد -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وصارت الأندلس دار حديث. قَالَ: وَكَانَ محمد عالمًا بالحديث بصيرًا بطُرقه، متكلمًا عَلَى علله، كثير الحكاية عن العُبّاد، ورعًا زاهدًا، فقيرًا متعففًا، صبورًا عَلَى الإسماع، محتسبًا في نشر علمه. سَمِعَ منه النَّاس كثيرًا، ونفع الله بِهِ أهل الأندلس. وَكَانَ أَحْمَد بن خَالِد بن الحُباب لا يقدِّم عَلَيْهِ أحدًا ممّن أدرك. وَكَانَ يُعظمه جدًّا، ويصف عقله وفضله وورعه. غير أَنَّهُ يُنكر عَلَيْهِ كثرة ردّه في كثير من الأحاديث. قَالَ ابن الفَرَضيّ: وَكَانَ ابن وضّاح كثيرًا ما يَقُولُ: ليس هَذَا من كلام النبي -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ- في شيء. وَهُوَ ثابت من كلامه -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ. وَلَهُ خطأ كثير محفوظ عنه، وأشياء كان يغلظ فيها ويصحّفها. وَكَانَ لا علم لَهُ بالفِقْه ولا بالعربية. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بن الحباب، وقاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد الملك بن أعْين، وَأَبُو عُمَر أَحْمَد بن عبادة الرُّعيْنيّ، وَجَعْفَر بن مَزْيَد، وعيسى بن ليث، ومحمد بن المسرور الفقيه، وخلق. تُوُفِّي ليلة السبت لأربعٍ بقين من المحرم سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 226 وحكى الفقيه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم التجيبي أن ابن وضاح لما انصرف عقد لسانه سبعة أيام عن الكلام. فدعا الله: إنْ كنتَ تَعْلَم في إطلاق لساني خيرًا فأطْلقه، فأطلَقه الله تَعَالَى، ونشر بالأندلس عِلْمًا كثيرًا. وَكَانَ يرون ذَلِكَ من كراماته. وَقَالَ ابن حزْم في "المُحلي": كَانَ ابن وضّاح يواصل أربعة أيام. قَالَ أَبُو عَمْرو الداني: رَوَى القراءة عَنِ: عبد الصَّمَد بن عبد الرحمن صاحب وَرْش. وصارت عندهم مدوّنة، وقرأ في عشرين يومًا ستين ختْمَة. هكذا نقله عَنْهُ وَهْب بن مسرّة، وَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كلّ من أدركت من فُقهاء الأمصار يقولون: القرآن كلام الله ليس بخالقٍ ولا مخلوق. 518- محمد بن الوليد بن هُبَيْرَة1. أَبُو هُبَيْرَة الهاشميّ الدِّمَشْقِيّ القلانسي. سَمِعَ: أبا مُسْهِر الغَسَّانِيّ، وسلام بن سُلَيْمَان المدائني، وَيَحْيَى بن صالح الوُحاظيّ، وسلامة العُذري، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: د. تفسير حديث، وأبو زرعة الدمشقي وهما من أقرانه، وابن صاعد، وَأَبُو عَوَانَة، وابن جوْصا، وَالحَسَن بن حبيب الحصائري. قَالَ ابن أبي حاتم: صدوق. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 519- محمد بن الوليد الرَّملي. أَبُو بَكْر المعروف بالأمي. سَمِعَ: سُلَيْمَان ابن بنت شُرَحْبِيل، وَمحمد بن السَّرِيّ العسقلاني، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن جَوْصا، وابن الأعرابي. ومات قديمًا.   1 الجرح والتعديل "8/ 113". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 227 - محمد بن الوليد بن أبان القلانسيّ. قد مرّ. 520- محمد بن دينار. أبو عبد الله بن أبي الْبُخَارِيُّ. عن: بجير بن النَّضْر، وأبي قُدامة السَّرْخسيّ، والمسيّب بن إِسْحَاق. تُوُفِّي سنة ثمانية وثمانين. 521- محمد بن ياسر الدِّمَشْقِيّ الحذّاء1. إمام جامع جُبيل. عن: دُحَيْم، وهشام بن عَمَّار. وَعَنْهُ جَعْفَر بن محمد بن عُديْس، والطَّبَرَانيّ، وغيرهما. 522- محمد بن يَحْيَى بن المنذر2. أَبُو سُلَيْمَان البَصْرِيّ القزّاز. عن: سَعِيد بن عاصم الضُّبَعيّ، ويزيد بن بنان العُقَيْلِيّ، وأبي عاصم النبيل، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وجماعة. وتفرّد في زمانه بالرواية عن الضُّبَعيّ، وغيره. رَوَى عَنْهُ: محمد بن عَليّ بن مُسْلِم العُقَيْلِيّ، وفاروق الخطّابيّ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وآخرون. تُوُفِّي في رجب سنة تسعين ومائتين. 523- محمد بن يَحْيَى الكِسائي الصغير3. أبو عبد الله. بغدادي مقرئ.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 75"، الوافي بالوفيات "5/ 181، 182". 2 الثقات لابن حبان "9/ 153"، سير أعلام النبلاء "13/ 418"، شذرات الذهب "2/ 206". 3 تاريخ بغداد "3/ 421"، غاية النهاية "2/ 279". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 228 قرأ عَليّ: اللَّيْث بن خَالِد، وَهُوَ أجلّ أصحابه. قرأ عَلَيْهِ: أَحْمَد بن الحَسَن البطّيّ، وابن مجاهد، وَمحمد بن خلف، ووكيع، وَإِبْرَاهِيم بن زياد، وَأَحْمَد بن عَليّ السِّمْسار. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. 524- محمد بن يزداد. أبو عبد الله الأستراباذي. عن: إسْمَاعِيل الشّالنْجيّ الفقيه، وَيَحْيَى بن معين. وَعَنْهُ: محمد بن إِبْرَاهِيم بن أَبْرَوَيْه، وَالحَسَن بن حمويه، وغيرهما. مات في ربيع الأول سنة تسع وثمانين. قاله الإدريسي. 525- محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأَزْدِيّ البَصْرِيّ1. أَبُو العَبَّاس المبرَّد، إمام العربية ببغداد. أخذ عن: أبي عُثْمَان المازني، وأبي حاتم السِّجِسْتَاني، وغيرهما. وَعَنْهُ: إسْمَاعِيل الصَّفَّار ولزمه مدّة، وَأَبُو سهل بن زياد، وعيسى الطُّوماريّ، وَأَحْمَد بن مقرويه الدِّينَوَري، وَأَبُو بَكْر الخرائطيّ، وَإِبْرَاهِيم بن محمد نِفْطَوَيْه، وَمحمد بن يَحْيَى الصُّوليّ، وجماعة. وَكَانَ فصيحًا بليغًا مُفَوَّهًا، ثقةً إخباريًا علامة، صاحب نوادر وظرافة. وَكَانَ جميلًا وسيمًا، لا سيّما في صباه، وَلَهُ تصانيف مشهورة. قَالَ أَبُو الفتح بن جِنيّ: إنَّ أبا عُثْمَان المازني لَمَّا صنّف كتاب "الألِف واللام" سأل أبا العَبَّاس عن دقيقه وغامضه، فأحسن الجواب فقال له: قم، فأنت المبرد، أي المثبت للحق. قال أبو العباس: فغير الكوفيون اسمي، فجعلوه بفتح الراء.   1 تاريخ بغداد "3/ 373"، المنتظم "6/ 9-11"، سير أعلام النبلاء "13/ 576، 577" شذرات الذهب "2/ 190". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 229 وقال السيرافي: انتهى علم النحو بعد طبقة الحرمي، والمازني إلى المبرد. هو من ثمالة، قبيلة من الأزد. أخذ عن: الحرميّ، والمازنيّ، وغيرهما. وَكَانَ إسْمَاعِيل القاضي ما رأى المبرّد في معاني القرآن وَقَالَ: لقد فاتني منه علم كثير. وَقِيلَ: إِنَّهُ من ثعلب، والمبرّد منافره. وأكثر الفُضلاء يرجّحونه عَلَى ثعلب. وحكى الخطّابيّ عن الرّفّاء النَّحْوِيّ قَالَ: اجتمع ابن شُرَيْح الفقيه والمبرّد، وَأَبُو بَكْر بن داود الظّاهريّ في طريق، فتقدَّم ابن شُرَيْح وتلاه المبرّد، فَلَمَّا خرجوا إلى الفضاء قَالَ ابن شُرَيْح: الفقه قدَّمني. وقال ابن داود: الأدب أخرني. وقال المبرّد: أخطأتما معًا، إذا صحَّت المودَّة سقط التكلُّف. وَقَالَ الصَّفَّار: سَمِعْتُ المبرّد يَقُولُ: كَانَ فتى يهواني وأنا حَدَث، فاعتلّ علّة كنت سبَبَها فمات، فكبر أسفي عَلَيْهِ، فرأيته في النّوم، فَقُلْتُ: فلان؟ قَالَ: نعم. فبكيت، فأشار يَقُولُ: أتبكي بعد قلْيك لي عليًّا ... ومن قَبل المماتِ تُسيءُ إلَيّا سكبت عليَّ دَمْعَكَ بعد موتي ... فهلا كَانَ ذاك وكنتُ حيّا تجافَ عن البُكاء ولا تَزِدْه ... فإنّي ما أراك صنعت شيّا تُوُفِّي في آخر سنة خمسٍ وثمانين، وَقِيلَ: تُوُفِّي سنة ستٍّ. وللحسن بن بشّار بن العلاف يرثيه: ذهب المبرّدُ وانْقضَتْ أيامُهُ ... ولْيَذْهبنَّ إثْرَ المبرّدِ ثعلبُ فابكوا لِما سَلَب الزَّمانُ ووطِّنوا ... للدَّهر أنفسكم عَلَى ما يسلب وأولى لكم أن تكتبوا أنفاسَهُ ... إن كانتِ الأنفاسُ مما يُكْتَبُ عاش المبرّد خمسًا وسبعين سنة، ولم يُخَلِّف بعدّه في النحو مثله أبدًا. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 230 526- محمد بن يوسف بن معدان الثقفي الأصبهاني1. البناء الزاهد المُجاب الدعوة. جدّ والد أبي نُعَيْم الحَافِظ لأمه. لَهُ مصنّفات حسان في الزُّهد والتصوف. حَدَّثَ عن: عبد الجبار بن العلاء، والنضر بن سلمة، وعبد الله بن محمد الأسدي، وحميد بن مسعدة، وجماعة. وعنه: سبطه عبد الله بن أحمد، وأحمد بن بندار الشعار، وعبد الله بن يحيى المديني الزاهد، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه المذكر، وأبو بكر عبد الله بن محمد القباب، وآخرون. وهو أستاذ علي بن سهل الزاهد. ومن تصانيفه كتاب "معاملات القلوب"، وكتاب "الصبر". وممن روى عنه: أبو الشيخ وَقَالَ: كَانَ مستجاب الدعوة. وقال أبو نعيم: كان في علم التصوف. حجّ فسمع: عبد الجبّار بن العلاء، وَمحمد بن منصور، وعبد الله بن عمران العابديّ، وجماعة. وَتُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. قُلْتُ: وَهُوَ سميُّ: 527- محمد بن يوسف بن معدان الأصبهاني2 عروس الزهاد المذكور في طبقة ابن المبارك. وبينهما نحوٌ من مائة سنة. قَالَ النقاش الأصبهاني: ثَنَا أَبُو عبد الرحمن عبد الله بن يَحْيَى: سَمِعْتُ محمد بن يوسف يَقُولُ: علامة موت القلب طلب الدُّنْيَا بعمل الآخرة. وَقِيلَ: وما بُدُوّاه؟ قَالَ: مرض القلوب، وبُدُوّ مرض القلوب الطّمع في   1 حلية الأولياء "10/ 402، 403"، صفة الصفوة "4/ 15"، المنتظم "6/ 24". 2 حلية الأولياء "8/ 225-237"، صفة الصفوة "4/ 63"، البداية والنهاية "10/ 379". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 231 المخلوقين، وعلامة الطمع في المخلوقين الاشتغال بهم، والتزين باللباس، والادعاء لإقامة الجاه والعَيْش، ومن لا يستغني بالله افتقر إلى النَّاس. ولمحمد بن يوسف البنا -رحمه الله- أشياء نافعة من هَذَا النَّمط، هُوَ أشهر من عروس الزُّهاد. 528- محمد بن يونس بن موسى بن سُلَيْمَان بن عبيدة بن ربيعة بن كُديم1. أَبُو العَبَّاس الشامي الكُدَيْميّ البَصْرِيّ الحَافِظ. أحد الضعفاء. وُلد سنة ثلاث، وَقِيلَ: سنة خمسٍ وثمانين ومائة. وَهُوَ ابن امرأة رَوْح بن عبادة، فسمع نسيبه من خلق كثير. وحدَّث عَنْهُ، وعن: أبي داود الطَّيَالِسِيّ، وعبد الله بن داود الخُرَيْبِيّ، وأزهر بن سعد السمان، والأصمعي، وأبي عاصم النبيل، وعبد الرحمن بن حَمَّاد الشُّعيثي، وأبي زيد الأَنْصَارِيّ، وخلق. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن الأنباري، وَإسْمَاعِيل الصَّفَّار، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد بن خَلاد النَّصيبيّ، وَأَبُو بَكْر القَطِيعيّ، وأحمد بن الرَّيان المكيّ، وعمر بن مُسْلِم الخُتُّليّ، وخثيمة الأَطْرَابُلُسيّ، وَعُثْمَان بن سَنَقة، وَأبو عبد الله بن مُحرم، وخلق. قَالَ ابن خَلاد: قَالَ: الكُدَيْميّ: قَالَ لي عَليّ بن المَدِينِيّ: عندك ما ليس عندي. وَقَالَ الكُدَيْميّ: كتبت عن ألفٍ ومائة وستٍّ وثمانين رجلًا من البَصْرِيّين، وحججت سنة ستٍّ وثمانين، فرأيت فيها عبد الرزاق، ولم أسمع منه. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمَد: سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: كَانَ محمد بن يونس الكُدَيْميّ حَسَن الحديث، حسن المعرفة، ما وجد عليه صُحْبتُه لسليمان الشاذكوني. وَرَوَى حَسَنٌ الصَّائِغُ: ثَنَا الكديمي قال: خرجت أنا وابن المديني والشاذكوني نتنزه، ولم يبق لنا موضع غير بستان الأمير، وكان الأمير قد منع من الخروج إلى الصحراء. فلما قصدناه وافى الأمير فقال: خذوهم. فأخذونا وكنت أصغرهم.   1 الجرح والتعديل "8/ 122"، المجروحين لابن حبان "2/ 312-314"، سير أعلام النبلاء "13/ 302-305"، ميزان الاعتدال "3/ 74-76"، تهذيب التهذيب "9/ 539-544". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 232 فبطحوني، وقعدوا على أكتافي، فقلت: أيها الأمير اسمع مني: ثم قُلْتُ: ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي قَابُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" 1. قَالَ: أعده. فأعدْته، فَقَالَ لأولئك: قوموا. قَالَ: أَنْتَ تحفظ مثل هَذَا وتخرج تتنزه، كذا قَالَ ابن عَبَّاس. قَالَ أَبُو أَحْمَد بن عَدِيّ: قد اتُّهم الكُدَيْميّ بوضع الحديث. قال أَبُو حاتم بْن حبان: لعله قد وضع أكثر من ألف حديث. وقال ابن عدي: ادعى الكديمي رؤية قومٍ لم يرهم. ترك عامّة مشايخنا الرّواية عَنْهُ. قَالَ أَبُو عبيد الآجري: رأيت أبا داود يتكلّم في محمد بن سنان، وَمحمد بن يونس، يطلق فيهما الكذب. وَكَانَ موسى بن هَارُون الحَافِظ يَنْهَى النَّاس عن السَّماع من الكُدَيْميّ، وَقَالَ، وَهُوَ متعلق بأستار الكعبة: اللَّهُمَّ إني أشهدك أن الكُدَيْميّ كذاب يضع الحديث. وَقَالَ الْقَاسِم بن زكريا المطرز: أنا أُجاثي الكُدَيْميّ بين يدي الله، وأقول: كَانَ يكذب عَلَى رَسُولك -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ، وَعَلَى العُلَمَاء. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ يتّهم بالوضع. وأما إسْمَاعِيل الخطبيّ فَقَالَ: ما رأيت أُناسًا أكثر من مجلسه، وَكَانَ ثقة. تُوُفِّي الكُدَيْميّ في جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وثمانين، وإذا صدق في مولده فقد جاوز المائة. 529- " .... " بن محمد بن عَمْرو بن أبي سلمة التِّنِّيسِي. يروي عن جَدّه. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين.   1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أبو داود "4941"، والترمذي "1924"، وأحمد في المسند "2/ 160"، والحميدي في مسنده "269"، وصححه الشيخ الألباني في سنن أبي داود "4941". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 233 530- مُحَمَّود بن الفرج1. أَبُو بَكْر الأصبهاني الزاهد. عن: إسماعيل بن عمرو البخلي، وَبِشْر بن هلال، وأحمد بن عبدة الضبي، وجماعة، وَكَانَ كبير القدر من أولياء الله. رَوَى عَنْهُ: يوسف بن محمد المؤذن، وَأَبُو سهل بن زياد، وأحمد بن جَعْفَر السمسار، وَمحمد بن عبد الله بن جمشاد، وعبد الرحمن بن محمد سياه المذكّر، وسِبطه أَبُو الشَّيْخ ابن حبّان. وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ: كَانَ مستجاب الدعاء. قال: وحكي أَنَّهُ رُؤي في النّوم فَقَالَ: كنت من الأبدال ولم أعلم. وخرج إلى طَرَسُوس ثلاث مرات. وقال ابن أبي حاتم: كَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 531- محمود بن محمد بن أبي المضاء2. أَبُو حفص الحلبي. حدَّث ببغداد عن: محبوب بن موسى الأنطاكي، والمسيب بن واضح، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن مَخْلَد، وَأَبُو العَبَّاس بن عُقدة. قَالَ الخطيب: ثقة. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. 532- مسعدة بن سعد العطّار3. أبو الْقَاسِم المكي.   1 الجرح والتعديل "8/ 292"، تاريخ بغداد "13/ 93، 94". 2 أخبار القضاة لوكيع "1/ 13، 35"، تاريخ بغداد "13/ 93". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 117". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 234 عن: سعد بن منصور، إبراهيم بن المنذر الحِزاميّ. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 533- مسلمة بن جابر اللَّخْمي الدِّمَشْقِيّ1. عن: منبّه بن عُثْمَان. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. مجهول الحال. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 534- المسيب بن زهير2. أبو مسلم البغدادي التجر نزيل نَيْسَابُور. سَمِعَ: الْقَعْنَبِيَّ، وَيَحْيَى بن هاشم السمسار. وَعَنْهُ: أَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 535- مُطَرِّف بن عبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن قيس3. مولى عبد الرحمن بن معاوية الداخل، أبو سَعِيد الأموي المروانيّ القُرْطُبيّ. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وعبد الملك بن حبيب، وجماعة. وحجّ فسمع من: عبد العزيز بن يَحْيَى المكيّ، وَيَعْقُوب بن كاسب، وأبي مُصْعَب الزُّهري، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، وعمر بن خَالِد، ويوسف بن عَدِيّ، وإبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ، وسحنون، وطائفة. ذكره ابن الفَرَضيّ وَقَالَ: كَانَ شيخًا نبيلًا بصيرًا باللُّغة والنَّحو والشِّعر، وَكَانَ شاعرًا، سَمِعَ منه الناس كثيرًا، وكان ثقة صالحًا.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 116". 2 تاريخ بغداد "13/ 141". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 135"، جذوة المقتبس "347". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 235 تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 536- مُطَّلب بن شُعَيْب بن حَيَّان1. أبو محمد الأَزْدِيّ، مولاهم البَصْرِيّ، ثُمَّ المِصْرِيّ. سَمِعَ: عبد الله بن صالح الكاتب، ونعيم بن حَمَّاد، وغيرهم. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وأما ابن عَدِيّ فَقَالَ: هُوَ شيخ مروزي سكن بمصر، مستقيم الحديث. ثنا عِصْمَةُ الْبُخَارِيُّ، ثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأكْرِمُوهُ" 2. قَالَ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ. 537- معاذ بن المُثَنَّى بن معاذ3. أَبُو المُثَنَّى العَنْبَريّ البَصْرِيّ ثُمَّ البَّغْدَادِيّ. ثقة جليل. سَمِعَ: أباه، وَالْقَعْنَبِيَّ، وَمحمد بن عبد الله الْخُزَاعِيَّ، وَمحمد بن كثير العبدي، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَجَعْفَر بن الحَكَم المُؤَدِّب، وعمر بن مُسْلِم، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين، ودفن بجنب الكُدَيْميّ، وله ثمانون سنة.   1 الكامل لابن عدي "6/ 2455"، ميزان الاعتدال "4/ 128"، لسان الميزان "6/ 50". 2 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2455"، من الطريق الذي أتى به المصنف وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن ماجه "3712"، البيهقي في السنن الكبرى "8/ 168"، وفي الباب أيضا عن جرير بن عبد الله، جابر بن عبيد الله، ابن عباس، معاذ بن جبل وغيرهم، وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة "1205". 3 أخبار القضاة لوكيع "2/ 57، 58، 155"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 114"، تاريخ بغداد "13/ 136، 137"، طبقات الحنابلة "2/ 339". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 236 538- مُعَاذٍ بن نجدة بن العُريان. أَبُو سَلَمَةَ الهَرَويّ. عن: خَلَّاد بن يَحْيَى، وَقُبَيْصَة بن عُقْبَة، وطبقتهما. وَعَنْهُ: الحَافِظ أَبُو إِسْحَاق البزاز، والهرويون. تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة سنة اثنتين وثمانين عن خمسٍ وثمانين سنة. 539- معاوية بن حرب بن محمد. أَبُو سُفْيَان الطائي المَوْصِليّ، أخو علي، وأحمد. سمع: عبيدا، وأبا نُعَيْم، وَقُبَيْصَة، وجماعة. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد الأَزْدِيّ. وَقَالَ: تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين وَلَهُ ثمانون سنة. 540- المفضّل بن سَلَمَةَ بن عاصم1. أَبُو طالب البَّغْدَادِيّ الأديب، لَهُ مصنّفات في الغريب وغير ذَلِكَ. حدث عن: عُمَر بن شَبَّة، وغيره. وَكَانَ ابنه أَبُو الطّيّب من كبار الفُقهاء التّابعة؛ وَكَانَ من أئمة الأدب. رَوَى عن المفضّل الصُّولِيِّ، وغيره، وَلَهُ كتاب "المفاخرة فيما يلحن فيه العامّة"، وكتاب "المقصور والممدود"، وكتاب "ضياء القلوب في الأدب"، وكتاب "البارع في اللغة" كبير جدًّا. 541- مِقْدام بن داود بن عيسى بن تليد2. أَبُو عَمْرو بن الرُّعينيّ المِصْرِيّ. عن: أسد بن موسى السنة، وعبد الله بن محمد بن المغيرة، وخالد بن نزار الأَيْلِيِّ، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، وعمه سعيد بن تليد، وطائفة.   1 تاريخ بغداد "13/ 124، 125"، وفيات الأعيان "4/ 205، 206". 2 الجرح والتعديل "8/ 303"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 116"، سير أعلام النبلاء "13/ 345، 346"، ميزان الاعتدال "4/ 175، 176"، لسان الميزان "6/ 84، 85". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 237 وَعَنْهُ: عَليّ بن أَحْمَد البَّغْدَادِيّ، وَأَحْمَد بن الحَسَن بن عُتْبة الرَّازِيّ، وَمحمد بن أَحْمَد بن أبي الأَصْبغ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وجماعة. قَالَ النَّسَائِيُّ في الكُنَى: ليس بثقة. وَقَالَ ابن يونس: تكلَّموا فيه. وَتُوُفِّي في رمضان سنة ثلاثٍ وثمانين. وَقَالَ غيره: كَانَ رحْلة الفقهاء المالكية. قَالَ الكِنْدِيّ: كَانَ فقيهًا مُفْتيًا لم يكن بالمحمود في الرّواية. ضعّفه أَبُو العَبَّاس بن دلْهاث. نا محمد بْنُ نُوحٍ الأَصْبَهَانِيُّ بِمَكَّةَ، نا الطَّبَرَانِيُّ، نا الْمِقْدَامُ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "طَعَامُ الْبَخِيلِ دَاءٌ، وَطَعَامُ السَّخِيِّ شِفَاءٌ". فَهَذَا بِهَذَا الإِسْنَادِ بَاطِلٌ. 542- مُكْرم بن مُحْرز بن مَهْديّ بن عبد الرحمن بن عَمْرو الْخُزَاعِيُّ الحجّار القريريّ1. رَوَى عن أبيه قصة أم معبد. رواها عنه: الحسين بن محمد القبّانيّ، وَيَعْقُوب الفَسَويّ وَهُوَ أكبر منه، وَمحمد بن جرير الطَّبَرِيّ، وابن خُزَيْمَة؛ وآخر من رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بن مالك القَطِيعيّ، قَالَ: حجّ بي أبي وأنا ابن سبْع سِنين، فأدخلني عَلَيْهِ. 543- موسى بن جُمْهُور البَّغْدَادِيّ السِّمْسَار2. عن: هشام بن عَمَّار، والحسن بن عيسى بن ماسرجس. وعنه: أبو طالب أَحْمَد بن نصر الحَافِظ الطَّبَرَانيّ. 544- موسى بن الحسن بن عباد3.   1 الثقات لابن حبان "9/ 207"، الأنساب "11/ 122". 2 تاريخ بغداد "13/ 51، 52". 3 أخبار القضاة لوكيع "2/ 28"، تاريخ بغداد "13/ 49"، سير أعلام النبلاء "13/ 378". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 238 أَبُو السَّرِيّ النَّسَائِيُّ، ثُمَّ البَّغْدَادِيّ الْجَلاجِليّ، لقّبوه بِهِ لحُسْن صوته. سَمِعَ: عبد الله بن بَكْر السَّهْمي، وَرَوْح بن عُبادة، وَمحمد بن مُصْعَب القَرْقِسائيّ، وأبا نُعَيْم، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر بن البَخْتَرِيّ، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، وعبد الباقي بن قانع، وعمر بن مُسْلِم الخُتُّليّ، وآخرون. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. وَقَالَ أَبُو الحُسَيْن بن المنادي: قِيلَ إنَّ الْقَعْنَبِيَّ قدَّمه في التَّراويح، فأعجبه صوته. قَالَ: فَقَالَ لي: كَأَنَّ صوتك صوت الجلاجل. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين، وقد قارب المائة. وَكَانَ آخر من حَدَّثَ عن السَّهْميّ، وأقدم شيخٍ لابن قانع. 545- موسى بن عيسى بن المنذر الحمصيّ1. أَبُو عَمْرو السُّلَميّ. عن: أَبِيهِ، وَأَحْمَد بن خَالِد الوهْبيّ، وَمحمد بن المبارك الصُّوريّ، وحَيَّوَة بن شُرَيْح. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. قَالَ ابن قانع: وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بثقة. وَرَوَى عَنْهُ: موسى بن العَبَّاس الْجُوَينيّ. 546- موسى بن فَضَالَةَ بن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِيّ. عن: صَفْوَان بن صالح، وأبي مُصْعَب المَدِينِيّ، وَسُلَيْمَان بن عَبْد الرحمن وجماعة. وَعَنْهُ: ابنه أَبُو عُمَر محمد صاحب "جزء" ابن فَضَالَةَ. سمع منه في سنة تسع وثمانين.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 109". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 239 547- موسى بن محمد بن كثير1. أَبُو هَارُون السّرّينيّ. سَمِعَ: عبد الملك بن إِبْرَاهِيم الْجُدّيّ. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 548- موسى بن هَارُون بن حَيَّان القَزْوِينِيّ. سَمِعَ بالعراق من: أبي بَكْر وَعُثْمَان ابني أبي شَيْبَة، وأقرانهما. ورجع. قَالَ الخليل: ثقة كبير، من شيوخ أبي الحَسَن القَطَّان. ومات سنة إحدى وثمانين ومائتين. ويُكنَّى: أبا عِمران. 549- موسى بن محمد السَّامرّيّ الخيّاط2. عن: عبد الأعلى بن حَمَّاد النَّرْسيّ، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الله الهَرَويّ. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن الأنباري، وابن خَلَّاد النَّصِيبيّ. قَالَ الخطيب: ثقة. 550- موسى بن هَارُون3. أَبُو عيسى الطُّوسيّ، ثُمَّ البَّغْدَادِيّ. عن: حسين بن محمد المَرُّوذي، وَعَمْرو بن حكّام. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وابن نَجِيح، وآخرون. وَكَانَ موثَّقًا. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 551- موسى بن يوسف بن موسى القطان4. أبو عوانة الكوفي.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 109". 2 تاريخ بغداد "13/ 52". 3 تاريخ بغداد "13/ 48، 49". 4 الجرح والتعديل "8/ 167". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 240 عن: أَبِيهِ، وأحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وأبي مَعْمَر القَطِيعيّ. وَعَنْهُ: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وَقَالَ: صدوق، وَمحمد بن أَحْمَد بن عَليّ الإسْواريّ، وحامد الرّفّاء. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. "حرف النون": 552- نصر بن محمد بن رباح. أَبُو منصور العبْديّ المَوْصِليّ. عن: غسّان بن الرّبيع، وكامل بن طلحة، وعَليَّ بن الْجَعْد. حَدَّثَ بالموصل. ومات سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 553- نصر بن الحَكَم بن سهل المروزي الأحوال1. عن: علي بن حجر، وَمحمد بن بسّام. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، والطَّبَرَانيّ. حَدَّثَ قبل التسعين ومائتين. 554- نصر بن عبد السّلام بن نصر بن قاسم. أَبُو قاسم القَيْسيّ المَوْصِليّ. عن: مُعَلَّى بن مهديّ، وهشام بن عَمَّار، وعبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم، وطائفة. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد وَقَالَ: تُوُفِّي سنة نيِّفٍ وثمانين. 555- نصر بن منصور بن يوسف. أَبُو اللَّيْث الْبُخَارِيُّ النَّحْوِيّ. يروي عن: أبي حذيفة إسحاق بن بشر صاحب "المبتدأ"، وَقُتَيْبَة بن سَعِيد، وَمحمد بن سلام البِيكَنْدِيّ.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 120". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 241 وعنه: خلف بن محمد التمتام. 556- نصر بن هاشم. أبو الفتح المصري، إمام جامع مصر. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْر. وَتُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. "حرف الهاء": 557- هَارُون بن سُلَيْمَان بن سهل1. أَبُو ذَرّ المِصْرِيّ الجبّان. سَمِعَ: يوسف بن عَدِيّ الكوفيّ. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. وَسَمِعَ أَيْضًا من: يَحْيَى بن سُلَيْمَان الْجُعْفِيّ. رَوَى عَنْهُ: عبد الله بْن جَعْفَر بْن الورد، وَأَحْمَد بْن غالب، وغيرهما. 558- هَارُون بن عبد الصَّمَد بن عَبْدوس النَّيْسَابُوري. أحد العُلَمَاء. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وعَليَّ بن المَدِينِيّ، وهشام بن عَمَّار، وطائفة. وَعَنْهُ: محمد بن عبد الله الشُّعيريّ، وَمحمد بن يَعْقُوب الأخرم، وجماعة. تُوُفِّي سنة خمسٍ أَيْضًا، ولقبه رخى. 559- هَارُون بن عَليّ بن يَحْيَى بن أبي منصور2. أبو عبد الله البَّغْدَادِيّ الإخباريّ النّديم المنجم، مصنف كتاب "البارع في أخبار   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 128". 2 تاريخ بغداد "14/ 230"، وفيات الأعيان "6/ 78، 79"، سير أعلام النبلاء "13/ 404، 405"، شذرات الذهب "2/ 21". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 242 الشُّعراء المُولَدين"، افتتحهم ببشّار بن بُرْد، وهذه الكُتُب: "خريدة العماد الكاتب"، وكتاب "الحظيريّ"، وكتاب الثَّعالبيّ "اليتيمة"؛ وكتاب "الباخَرْزيّ في الشُّعراء" فروع عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ أصْلٌ نسجوا عَلَى مِنْواله. وَكَانَ جَدّه أَبُو منصور مَجُوسيًا، وَكَانَ منجّمًا للمنصور، وَكَانَ يَحْيَى بن أبي منصور منجّم المأمون ونديمه، وأسلم عَلَى يده، وَكَانَ عَليّ بن يَحْيَى مِن أعيان الشُّعراء. تُوُفِّي هَارُون شابًّا في سنة سبْعٍ وثمانين ومائتين. 560- هَارُون بن كامل المِصْرِيّ1. سَمِعَ أبا صالح كاتب اللَّيْث. وَعَنْهُ الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 561- هَارُون بن محمد بن إِسْحَاق بْن موسى بْن عيسى بْن موسى بن محمد2. الأمير أَبُو موسى الهاشميّ العَبَّاسيّ. وَكَانَ ثقة شريفًا نبيلًا، ولي إمرة الحجّ غير مرّة، وسكن مصر، وَلَهُ بها عَقِب. وَتُوُفِّي في مصر سنة ثمانٍ وثمانين. 562- هَارُون بن عيسى3. أَبُو جَعْفَر الهاشميّ المنصوريّ. عن: داود بن عَمْرو الضَّبِّيّ، وغيره. وَعَنْهُ: دَعْلَج، وعبد الخالق بن أبي روبة. قال الدارقطني: ليس بالقوي.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 128". 2 تاريخ الطبري "9/ 541، 548"، جمهرة أنساب العرب "32، 33"، البداية والنهاية "11/ 85". 3 تاريخ بغداد "14/ 28". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 243 وسيأتي أخوه يحيى سنة ثلاثمائة. وَكَانَ ابن أخيه أَحْمَد بن عيسى من فقهاء بغداد، أَخذ عن ابن جرير. 563- هَارُون بن ملّول1. واسم ملول، عيسى بن يَحْيَى التُّجَيْبيّ المِصْرِيّ. عن: عبد الله بن عبد الحَكَم، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وغيرهما. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في ربيع الآخر سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 563- هَارُون بن أبي الهيذام محمد بن هَارُون. أَبُو يزيد العسقلاني، قيِّم جامع الرَّمْلَةِ. محدَّث حافظ رحّال. سَمِعَ: إسْمَاعِيل بن أبي أُوَيْس، وَقُتَيْبَة، وهُدْبة، وطبقتهم. وَعَنْهُ: محمد بن العباس بن الدورفي، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق بن عُتْبة الرَّازِيّ، وَمحمد بن أَحْمَد بن مَحْمَوَيْه العسكريّ، وآخرون. 565- هاشم بن بكّار المَوْصِليّ. عن: غسان بن الربيع، وَمحمد بن عَليّ بن أبي خِداش، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 566- هشام بن عَليّ السِّيرافي2. عن: عبد الله بن رجاء، والربيع بن يَحْيَى الأشْنانيّ، ونسف بن مسكين، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن عُبَيْد الصَّفَّار، وفاروق الخطّابيّ، وأحمد بن زكريا الساجي، وأهل البصرة.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 127"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 15". 2 الثقات لابن حبان "9/ 234". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 244 وَتُوُفِّي في ذي الحجّة سنة أربعٍ وثمانين. قَالَ يَحْيَى بن صاعد: ثَنَا هشام بن عَليّ السَّدُوسِيُّ بالبصرة. 567- هشام بن يونس المِصْرِيّ القصّار1. عن: عبد الله بن صالح الكاتب، ونعيم بن حَمَّاد، وعَليَّ بن مَعْبَد. وَعَنْهُ: أَبُو طالب أَحْمَد بن نصر الحَافِظ، وعَليَّ بن محمد الواعظ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة نيِّفٍ وثمانين. وَرَوَى عن الطَّبَرَانيّ في "معجمه" حديثًا موضوعًا. 568- الهَيْثَم بن خَالِد المِصِّيصِيّ2. عن: محمد بن عيسى بن الطّبّاع، وعبد الكبير بن المُعَافى بن عِمران المَوْصِليّ. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. "حرف الواو": 569- وَرِيزَةُ بنُ محمد3. أَبُو هاشم الغَسَّانِيّ الحمصيّ الشَّاميّ الإخباريّ. عن: هشام بن عَمَّار، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، وَيَعْقُوب الدَّوْرَقِيّ، وَعَمْرو بن عُثْمَان الحمصيّ، وأبي عَمْرو الدَّوْرَقِيّ، وخلْق. وَعَنْهُ: أَبُو الميمون بن راشد، وَمحمد بن جَعْفَر بن ملّاس، وَمحمد بن حُمَيْد الحَوْرانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 570- وليد بن العَبَّاس المِصْرِيّ4. أَبُو العَبَّاس.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 126". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 129". 3 طبقات الحنابلة "1/ 393"، لسان الميزان "6/ 220". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 124". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 245 سَمِعَ: عبد الغفار بن داود الحَرَّاني. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 571- الوليد بن عُبَيْد بن يَحْيَى بن عُبَيْد بن شملان1. أَبُو عُبادة الطّائيّ البُحْتُريّ الشاعر المشهور صاحب الدّيوان المعروف، من أهل مَنْبج. كَانَ حامل لواء الشعر في زمانه. مع الخلفاء والوزراء والأعيان، وقدِم دمشق في صحبة المتوكّل، ثُمَّ وفدَ عَلَى الملك خُمَارَوَيْه الطُّولونيّ. حكى عَنْهُ. القاضي المَحَامليّ، والصُّوليّ، وَأَبُو الميمون بن راشد، وعبد الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، وجماعة. وُلِد بمنبج سنة ستٍّ ومائتين، ونشأ بها، وقاربَ وَقَالَ الشِّعر البديع. ثُمَّ سار إلى العراق، وجالسَ الأدباء. وأخذ عن: أبي تمّام الطّائيّ. قَالَ الصُّوليّ: حَدَّثَنِي أَبُو الغَوْث بن أبي عُبَادة البُحْتُريّ قَالَ: قَالَ أبي: أنشدتُ أبا تمّام شِعرًا في بعض بني حُمَيْد وصلت بِهِ إلى مالٍ عظيم، فَقَالَ لي أَبُو تمّام: أحسنْتَ، أَنْتَ أمير الشِّعر بعدي. فَكَانَ قوله أحبُّ إليَّ من جميع ما حويته. وَقَالَ أَبُو العَبَّاس المبرّد: أنشَدَنا شاعرُ دَهْره ونسيجُ وحده أَبُو عُبَادة البُحْتُريّ. وَقَالَ الصُّوليّ: سَمِعْتُ عبد الله بن المُعْتَزّ يَقُولُ: لو لم يكن للبُحْتُريّ إِلا قصيدته السّينيّة في وصف إيوان كِسْرى فليس للعرب سِينية مثلها، وقصيدته في وصف البركة، لكان أشْعَرَ النَّاس في زمانه. ونقل الخطيب أن البُحْتُريّ كَانَ في صِباه يمدح بمَنْبِج أصحاب الْبَصَلِ والباذنجان. وَقَالَ البُحْتُريّ: أنشدت أبا تمّام قصيدة فَقَالَ: نَعَيْت إليَّ نفسي. فَقُلْتُ: أعيذك بالله.   1 تاريخ الطبري "6/ 411"، الأغاني "21/ 39-57"، سير أعلام النبلاء "13/ 486، 487"، البداية والنهاية "11/ 76"، النجوم الزاهرة "3/ 99"، شذرات الذهب "2/ 186-190". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 246 فَقَالَ: إنَّ عُمري ليس يطول، وقد ثار مثلك. وَقَالَ أَبُو العَبَّاس بن طُومار: كنت أُنادم المتوكّل ومعنا البُحْتُريّ وَكَانَ بين يديه غلام حَسَن الوجه اسمه: راح. فَقَالَ المتوكّل للفتح: إنَّ البُحْتُريّ يعشق راحًا، فنظر إِلَيْهِ الفتح وأدمن النظر، فلم يره ينظر إليه، فَقَالَ: الفتح: يا أمير المؤمنين أرى البُحْتُريّ في شُغُلٍ عَنْهُ. فَقَالَ: ذاك دليلي عَلَيْهِ، يا راح، قَدَحًا بِلَّوْرًا، فاملأه شرابًا وناوِله. ففعل، فَلَمَّا ناوله بُهِتَ البُحْتُريّ ينظر إِلَيْهِ، فَقَالَ المتوكّل للفتح: كيف ترى؟ ثُمَّ قَالَ: يا بُحْتُريّ، قل في راح بيتَ شِعْرٍ، لا تصرح باسمه. فقال: حار بالورد فتى أمسـ ... ـي رهينًا بك مُدْنَفُ اسم من أهواه في شعـ ... ـري مقلوبٌ مُصَحَّفُ ذِكْر سِينيّة البُحْتُريّ التي أوّلها: صُنْتُ نفسي عمّا يُدنِّسُ نفسي ... وتَرَفَّعت عن جدا كُلِّ جبسِ وَكَأَنَّ الإيوان من عَجَبِ الصنـ ... ـعة جَوْنٌ1 في جَنْبٍ أَرْعَنَ2 جَلْسِ3 يُتَظَنَّى من الكآبة أن يبـ ... ـدو لعَيْني مُصَبِّحٍ أَوْ مُمَسِّي مُزْعجًا بالفِرَاقِ عَن أُنْسِ إلفٍـ ... ـعَزّ أَوْ مُرْهَقًا بِتَطْلِيق عِرْسِ عكست حظه الليالي وبات المـ ... ـشتري فيه وهو كَوْكبُ نَحْسِ فَهُوَ يُبْدي تَجَلُّدًا وَعَلَيْهِ ... كَلْكَلٌ مِن كلاكل الدَّهْر مُرْسي لم يعبه أن بز4 من بسط الديـ ... ـباج واستل من ستور الدمقس5   1 الجون: الجبل الصغير. 2 أرعن: جبل. 3 جلس: طويل. 4 بز: انتزع أو استل. 5 الدمقس: الحرير. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 247 مُشْمَخِرٌّ تَعْلُو لَهُ شُرُفَاتٌ ... رُفِعَتْ في رُؤوس رَضْوَى وقُدْس ليس يُدْرَى أَصُنْعُ إنْسٍ لِجنِّ ... سكنوه أم صنع جن لإنس عير أَنّي أَرَاهُ يشهد أَنْ لَمْ ... يكن بَانِيهِ في الملوك بِنِكْسِ1 وهي طويلة. ومن شعره: دنوت تواضعًا وعلوت مجدًا ... فشأناك انحدارٌ وارتفاعُ كذاك الشمسُ يبعد أنْ تُسَامَى ... ويدنو الضَّوء منها والشُّعَاعُ وَلَهُ: وَإِذَا دَجَتْ أقلامُه ثُمَّ انْتَحَتْ ... برقَت مصابيحُ الدُّجَى في كُتُبه باللَّفْظ يَقْرُب فَهْمُهُ في بُعْدهِ ... منَّا وَيَبْعُدُ نَيْلُه في قُرْبه حكم سَحَابتها خلالَ بَنَانه ... هطَالة قُلَيْبُها في قلبه الرَّوْضُ مختلفٌ بحُمْرة نُورِه ... وبياض زَهْرته وخُضْرة عُشْبه وكأنّها والسّمْعُ معقودٌ بها ... شخصُ الحبيبِ بدا لعينِ مُحِبّه وَقَالَ أَيْضًا: أتاك الرّبيع الطَّلْقُ يختال ضاحكًا ... من الحُسْن حَتَّى كاد أن يتكلّما وقد نبّه النُّورُوز في مجلس الدُّجى ... أوائل وردٍ كَانَ بالأمس نُوَّما وَقَالَ في قصيدةٍ مدح بها المتوكّل: لو أَنَّ مشتاقًا تكلَّف غير ما ... في وُسْعِه لَسَعى إِلَيْهِ المنبر فقال المستعين: لست أقبل من أحدٍ إِلا من قَالَ مثل هَذَا. قَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بن يَحْيَى البلاذُرِيّ: فأنشدته لي: ولو أَنَّ بُرْدَ المُصْطَفى إِذْ لبسْتُه ... يظنّ لظنّ الْبُرْدُ أنّك صاحبه   1 النكس: المقهور الذليل. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 248 وَقَالَ وقد أُعْطيته ولبِسْته ... نعم هذه أعطافه ومناكبه قَالَ: فأجازني سبعة آلاف دينار. ونقل القاضي شمس الدين بن خلّكان: كَانَ بحلب طاهر بن محمد الهاشميّ، محتشمٌ، خلّف لَهُ أَبُوه نحو مائة ألف دينار، فأنفقها عَلَى الشعراء والزُّوار في سبيل الله، فَقَصَدهُ البُحْتُريّ من العراق، فَلَمَّا وصل إلى حلب، قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ قعد في بيته لديون ركبته، فاغتم البحتري، وبعث بالمدّحة إِلَيْهِ مَعَ غلام. فَلَمَّا وقف عليها طاهرٌ بكى، ودعا بغلامٍ لَهُ فَقَالَ: بعْ داري. فَقَالَ: أتَبِيعُها وتبقى عَلَى رؤوس النَّاس؟ قال: لا بد من بيعها. فباعها بثلاثمائة دينار، فبعث إلى البُحْتُريّ بمائة دينار، وهذه الأبيات: لو يكو الحباء حسب الذي أنـ ... ـت لدينا بِهِ محلّ وأهْلُ لَحُبِيتَ اللُّجَيْنَ والدُّر واليا ... قوت حبيًا وكان ذلك يقل والأديب الأريب يسمع بالعذ ... ر إذا قصر الصديق المقل فلما وصل إلى البُحْتُريّ ردّ الذَّهَب، وكتب إليه: بأبي أَنْتَ للبرِّ أهلُ ... والمساعي بعدٌ وسَعْيُك قبلُ والنوال القليل يكثر إن شا ... ء مُرَجيّك والكثير يقلُّ غير أنّي رددت برَّك إذا كا ... ن ربًا منك والربا لا يحلُّ وَإِذَا ما جزيتّ شعرًا بشعرٍ ... قُضي الحقٌّ والدّنانيرُ فضلُ قَالَ: فحل طاهر الصُّرة وزادها خمسين دينارًا، وحلف أَنَّهُ لا يردّها عليه. فلما وصت إلى البُحْتُريّ أنشأ يَقُولُ: شكرتك إنَّ الشُّكر للبعد نعمةٌ ... ومَن يَشْكُر المعروفَ فالله زائدُهْ لكلّ زمانٍ واحدٌ يُقْتَدى بِهِ ... وَهَذَا زمانٌ أَنْتَ لا شكّ واحدُهْ وَقِيلَ: إن أبا العلاء المَعَرّيّ سُئل: أيُّ الثلاثة أشعر: أَبُو تمّام، أم البُحْتُريّ، أم المتنبيّ؟ فَقَالَ: حكيمان، والشاعر البحتري. الجزء: 21 ¦ الصفحة: 249 جمع الصُّوليّ شِعْرَ البُحْتُريّ ودوّنه عَلَى ترتيب الحروف، ودوّنه عَليّ بن حمزة عَلَى الأنواع. وقد جمع البُحْتُريّ كتاب "الحماسة" كما فعل أَبُو تمام، وَلَهُ كتاب "معاني الشعر". وعاش ثمانين سنة، وانتقل في أواخر عُمره إلى الشَّام. وَتُوُفِّي بمنبج، وَقِيلَ: بحلب، سنة ثلاثٍ وثمانين، وَقِيلَ: سنة أربعٍ، وَقِيلَ: سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 572- الوليد بن مروان الحمصيّ1. عن: جنادة بن مروان. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 573- الوليد بن مضاء. أَبُو العَبَّاس المَوْصِليّ الخشّاب الأثطّ. عن: معلى بن مهدي، ومحمد بن عبد الله بن عَمَّار، وأبي كُرَيْب بن محمد الأَزْدِيّ، عن رجلٍ، عَنْهُ. 574- وُهَيْب بن عبد الله بن نصر2. أَبُو بَكْر البَّغْدَادِيّ المُؤَدِّب. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، والهَيْثَم بن خَالِد. وَعَنْهُ: ابن قانع، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة سبْعٍ وثمانين. وَرَوَى عَنْهُ ابن المنادي أَيْضًا، وَقَالَ: ثقة.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 124". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 125"، تاريخ بغداد "13/ 490، 491". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 250 "حرف الياء": 575- يَحْيَى بن أيوب بن بادي "س"1. أبو زكريا العلاف المصري. عن: سَعِيد بن أبي مريم، وَأَحْمَد بن يزيد المكيّ، وعبد الغفّار بن داود الحَرَّاني، ويوسف بن عَدِيّ. وَعَنْهُ: ن، وَمحمد بن جَعْفَر الحضْرميّ، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون. توفي المحرم سنة تسع وثمانين. وكان أعور، شديد الأدمة، ثقة. وفي "المحلى" لابن حزم بإسناد قَالَ: ثَنَا أَحْمَد بن خَالِد، ثَنَا يَحْيَى بن أيوّب العلّاف فقيه أهل مصر. 576- يَحْيَى بن زكريا بن حرب النَّيْسَابُوري. عن: عمّه أَحْمَد بن حرب الزّاهد، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وعمر بن زُرَارة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو العَبَّاس السَّرَّاج، وَهُوَ في درجته. تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 577- يَحْيَى بن زكريا بن يزيد الدّقّاق2. رَوَى عن: أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم المَوْصِليّ، وغيره. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. 578- يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه بن مَهْرَوَيْه القَرْمَطيّ3. الزِّنْديق الخارجيّ. سمّى نفسه عَليّ بن عبد الله، وَقِيلَ: عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه.   1 أخبار القضاة لوكيع "1/ 48، 3/ 86، 113"، ميزان الاعتدال "4/ 362"، سير أعلام النبلاء "13/ 453"، التهذيب "11/ 185"، شذرات الذهب "2/ 202". 2 تاريخ بغداد "14/ 224". 3 تاريخ الطبري "10/ 95، 97، 99، 115"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 43". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 251 وَكَانَ يُعرف بالشيخ، وبالمُبَرْقَع. هلك سنة تسعين. مرت أخباره في الحوادث. 579- يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الصَّمَد بن شُعَيْب بن إِسْحَاق1. أَبُو سَعِيد الدِّمَشْقِيّ. حَدَّثَ بمصر عن: أَبِيهِ، ومحمود بن خَالِد السُّلَميّ. وعنه: مكحول البيروتي، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وأبو بشر الدولابي، وأبو القاسم الطبراني لكنه قَالَ فيه: يَحْيَى بن عبد الله. قَالَ ابن عَدِيّ: قَالَ ابن حَمَّاد: كَانَ يكذب. وَقَالَ ابن يونس: تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 580- يحيى بن عبدويه بن شبيب2. أبو زكريا البَّغْدَادِيّ. عن: أبي نُعَيْم. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 581- يَحْيَى بن عُثْمَان بن صالح بن صَفْوَان. أَبُو زكريا السَّهْميّ المِصْرِيّ. عن: أبيه، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، ونعيم بن حَمَّاد، وعبد الله بن صالح، وأَصْبَغ بن الفرج، وَإِسْحَاق بن بَكْر بن مُضر، وَسَعِيد بن أبي مريم، وأبي النَّضْر بن عبد الجبّار. وَعَنْهُ: ق، وعبد المؤمن بن خَلَف النَّسَفِيّ، وأبو جعفر محمد بن محمد بن حمزة البغدادي، وعلي بن محمد المصري، ومحمد بن جعفر بن كامل، وعلي بن الحسن بن قديد، وسليمان الطبراني، وآخرون.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 140". 2 الجرح والتعديل "9/ 175"، ميزان الاعتدال "4/ 396"، سير أعلام النبلاء "13/ 354، 355"، التهذيب "11/ 257". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 252 قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وتكلموا فيه. وقال ابن يونس: كان عالما بأخبار مصر وبموت العلماء، وحافظا للحديث. وحدَّث بما لم يوجد عند غيره. وَتُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 582- يَحْيَى بن عُمَر بن يوسف1. أَبُو زكريا الكِنَانيّ الأندلسيّ الفقيه المالكيّ. قَالَ ابن الفَرَضيّ، رحل وَسَمِعَ بإفريقية من: سُحْنُون بن سَعِيد، وأبي زكريا الحُفْريّ، وعَوْن. وبمصر من: يَحْيَى بن بُكَيْر، وابن رُمْح، وحَرْمَلَة. وَسَمِعَ من: أبي مُصْعَب، يعني بالمدينة، وانصرف إلى القَيْرُوَان فاستوطنها. وَكَانَ فقيهًا حافظًا الرأي، ثقة، ضابطًا لكُتُبه. سَمِعَ منه من الأندلُسييّن: أحمد بن خالد، وجماعة. ومن القيراونيين ومَن اتّصل بهم جماعة. وكانت الرّحلة إِلَيْهِ في وقته. وسكن سُوسَة في آخر عُمره، فمات بها في ذي الحجّة سنة تسعٍ وثمانين. وَقَالَ الحُمَيْدِيّ: سنة خمسٍ وثمانين. وَإِنَّهُ كَانَ من موالي بني أميّة. وَإِنَّهُ رَوَى عَنْهُ: سَعِيد بن عُثْمَان العناقيّ، وإبراهيم بن نصر، وَمحمد بن مسرور، وقَمّود بن مُسْلِم القابِسيّ، وعبد الله بن محمد القِرْباط. 583- يَحْيَى بن محمد بن غالب، أَبُو زكريا النَّسَائِيُّ العابد. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَقُتَيْبَة، ويزيد بن صالح الفرّاء، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ. وَعَنْهُ: أَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وَأَبُو بَكْر بن عَليّ الرَّازِيّ، وَأبو عبد الله بن يَعْقُوب الأخرم، وَأَبُو الفضل محمد بن إِبْرَاهِيم. حَدَّثَ في سنة ثمان وثمانين.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 462، 463"، لسان الميزان "6/ 270، 272"، الأعلام "9/ 200". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 253 584- يحيى بن محمد بن هامان. أبو زكريا الكرابيسي الهمداني. عن: أَحْمَد بن يونس، وسهل بن عُثْمَان. وَعَنْهُ: عبد الرحمن بن عُبَيْد، وعمر بن سهل الحَافِظ، وعمر بن أَحْمَد بن علّك، والقاسم بن صالح، وأحمد بن عُبَيْد. قَالَ حسين بن صالح: ما رأيت يحدّث لله إِلا أبا زُرْعَة، وَيَحْيَى بن عبد الله الكرابيسيّ. 585- يَحْيَى بن المختار بن المنصور1. أَبُو زكريا النَّيْسَابُوري نزيل بغداد. رَوَى عن أَحْمَد بن حَنْبَل مسائل نافعة. وعن: عيسى الرّمليّ. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وجماعة. وَكَانَ صَدُوقًا. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 586- يَحْيَى بن منصور2. أَبُو سعد الهَرَويّ الحافظ، شيخ هَرَاة الطَّسْتِيّ. رَوَى عن: حَيَّان بن موسى، وعَليَّ بن المَدِينِيّ، وأحمد بن حَنْبَل، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَإسْمَاعِيل الخُطَبيّ. قَالَ الخطيب: كان ثقة حافظ صالحًا زاهدًا. تُوُفِّي بهَرَاة سنة سبْعٍ وثمانين. قُلْتُ: الأصحّ موته سنة اثنتين وتسعين، وسيُعاد.   1 تاريخ بغداد "14/ 224، 225"، طبقات الحنابلة "1/ 407، 408"، المنتظم "5/ 169، 170". 2 تاريخ بغداد "14/ 225"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 26". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 254 587- يَحْيَى بن نافع1. أَبُو حبيب المِصْرِيّ. عن: سَعِيد بن أبي مريم. وَعَنْهُ: أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. 588- يَحْيَى بن عَبْدَوَيْه بن شبيب2. أَبُو زكريّا البَّغْدَادِيّ. رَوَى عن: أبي نُعَيْم، وغيره. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 589- يَحْيَى بن محمد بن أبي بِشْر الدّقّاق3. بغدادي صدوق. عن: سُرَيْج بن يونس، وَعَمْرو النّاقد. وَعَنْهُ: أَبُو عَمْرو بن السماك. 590- يحيى بن يعقوب بن مرادس المباركيّ4. عن: سُوَيْد بن سَعِيد، وغيره. وَعَنْهُ: إسْمَاعِيل الخُطَبيّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، والطَّبَرَانيّ. 591- يزيد بن أحمد5. أبو عمر السلمي الفقيه الدمشقي. روى عن: أبي مسهر، وأبي الجماهر الكفرسوسي.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 138". 2 تقدمت ترجمته برقم "580". 3 تاريخ بغداد "14/ 226". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 139". 5 تاريخ جرجان للسهمي "493". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 255 وَعَنْهُ: أَبُو الميمون بن راشد، وعَليَّ بن أبي العَقِب، وجماعة. وَكَانَ فقيهًا بصيرًا بمذهب الكوفييّن. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 592- يزيد بن خَالِد1. أَبُو مسعود الأَنْصَارِيّ الأصبهاني التّاجر الزّاهد. سَمِعَ: أبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحِزَاميّ، وزيد بن الحَسَن، وجماعة. وَعَنْهُ: عبد الله بن محمود، وَأَبُو عَليّ الصّحّاف. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 593- يزيد بن خلدون بن جابر الخَوْلانيّ المَوْصِليّ. عن: غسّان بن الربيع، وأبي هاشم محمود بن عَليّ، وجماعة. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد في تاريخه وَقَالَ: مات سنة ثمانٍ وثمانين. 594- يزيد بن الهَيْثَم بن طَهْمان البغداديّ الدّقّاق2. أَبُو خَالِد البادا. سَمِعَ: عاصم بن علي، ويحيى بن معين، وعبيد الله بن عائشة. وَعَنْهُ: مُكْرَم القاضي، وعثمان بن السماك، وأبو بكر الشافعي، وأبو سهل بن زياد. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. قُلْتُ: والبادا بالفتح، ومن أولاده داود راوي كتاب "الأموال". أَحْمَد بن عَليّ بن الباداء فَكَانَ يَقُولُ: إنّما جدّي البادي بالباء. وَقَالَ سبب هذه التّسمية أنه ولد وآخر تَوْمًا، وَكَانَ هُوَ الأول، فَقِيلَ لَهُ البادي.   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 344، 350". 2 أخبار القضاة لوكيع "1/ 350"، تاريخ بغداد "14/ 349"، البداية والنهاية "11/ 78". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 256 تُوُفِّي يزيد في جُمَادَى الأولى سنة أربعٍ وثمانين. 595- الْيَسَعُ بنُ زيد بن سهل الزَّيْنَبي المكّيّ1. حَدَّث بمكة سنة اثنتين وثمانين. عن: سفيان بن عيينة وَهُوَ آخر من حَدَّثَ في الدُّنْيَا عَنْهُ. وَعَنْهُ: عبد الله بن محمد بن موسى الكعبيّ النيسابوريّ، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن محمد يوسف الْجُرْجَانِيّ، وغيرهما. وأتى بحديث مُنْكر عن سُفْيَان، عن حُمَيْد، عن أنس، أظنّه موضوعًا، رواه جماعة عن الكعبيّ، عَنْهُ، والكعبيّ فقد صحح الحاكم سماعاته وقَالَ: وَهَذَا الزَّيْنَبي لا يُعْتَمَد عَلَيْهِ. وقد ذكره ابن ماكولا وَأَنَّهُ يروي أَيْضًا عن هَوْذَة بن خليفة. سُئل عَنْهُ أبو عبد الله الحاكم فَقَالَ: لا أعرفه بعدالة ولا بجَرْح. 596- يَعْقُوب بن أَحْمَد بن أسد السّامانيّ. الأمير، متولي سَمَرْقَنْد. مات سنة اثنتين وثمانين. 597- يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن تحيّة الواسطيّ2. حَدَّثَ سنة ستٍّ وثمانين ببغداد. عن: يزيد بن هَارُون. رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر بن محمد بن الحَكَم. وَهُوَ ضعيف. 598- يَعْقُوب بن إِسْحَاق المصري. أبو يوسف المواز.   1 ميزان الاعتدال "4/ 445"، لسان الميزان "6/ 298". 2 تاريخ بغداد "14/ 288، 289"، ميزان الاعتدال "4/ 448"، لسان الميزان "6/ 303". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 257 عن: يَحْيَى بن بُكَيْر. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 599- يَعْقُوب بن إِسْحَاق الضَّبِّيّ المعروف بالبَيْهَسيّ1. عن: عَفَّان بن مُسْلِم، وأبي الوليد. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القَطَّان، وَجَعْفَر بن الحكم. تُوُفِّي سنة تسعين. وَهُوَ ضعيف. 600- يَعْقُوب بن إِسْحَاق البَّغْدَادِيّ المُخَرّميّ2. عن: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم، وَيَحْيَى بن زُهير. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 601- يَعْقُوب بن إِسْحَاق البَصْرِيّ العطّار. عن: عَمْرو بن مرزوق، وهشام بن عَمَّار، وجماعة. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم بن محمد بن صالح القنْطريّ، وعمر بن عَليّ العَتَكيّ، وغيرهما. 602- يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن أبي إسرائيل المَرْوَزِيّ ثُمَّ البَّغْدَادِيّ3. عن: أَبِيهِ، وداود بن رُشَيْد. وَعَنْهُ: عبد الصَّمَد الطَّسْتِيّ، والطَّبَرَانيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 603- يَعْقُوب بن محمد اللَّخْمي البَّغْدَادِيّ4. عن: وَهْب بن بقيّة. وَعَنْهُ: الطبراني.   1 تاريخ بغداد "14/ 290، 291"، ميزان الاعتدال "4/ 449"، لسان الميزان "6/ 303". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 130". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 130"، تاريخ بغداد "14/ 291". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 132". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 258 604- يَعْقُوب بن يوسف بن يعقوب بن عبد الله. أَبُو يوسف الأخرم الشَّيْبَانِيّ النَّيْسَابُوري. والد الحَافِظ أبي عبد الله. سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيد، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَسُوَيْد بن سَعِيد، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وهشام بن عَمَّار، وَمحمد بن وَهْب بن أبي كريمة الحَرَّاني، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ابنه، وَأَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وعَليَّ بن جُمشْاد، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وَأَبُو النَّضْر محمد بن الفقيه، وآخرون. وَكَانَ لبيبًا نبيلًا فقيهًا، كثير العلم. تُوُفِّي في شَعْبان سنة سبْعٍ وثمانين. 605- يَعْقُوب بن يوسف1. أَبُو بَكْر المطَّوّعيّ. عن: أَحْمَد بْن حنبل، وعليّ بْن المَدِينيّ، وأبو بَكْر الشَّافِعِيّ، وعمر بن مُسْلِم، وجماعة. وَكَانَ ثقة منصفًا. تُوُفِّي سنة سبعٍ أَيْضًا. 606- يَعْقُوب بن يوسف القَزْوِينِيّ. ويُعرف بأخي حسنكا، ذكره الخليلي في شيوخ أبي الحسن القطان، وقال: ثقة. سَمِعَ: الْقَاسِم بن الحَكَم العُرَنيّ، وَمحمد بن سَعِيد بن سابق. مات سنة إحدى وثمانين. 607- يوسف بن يَحْيَى2. الإمام أَبُو عَمْرو الأذري القرطبي المعروف بالمغامي، الفقيه المالكي.   1 أخبار القضاة لوكيع "3/ 57"، تاريخ بغداد "14/ 289، 290"، طبقات الحنابلة "1/ 417". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 336-338"، شذرات الذهب "2/ 198". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 259 وقد ساق بعضهم نسبه فقال: يوسف بن يحيى بن منصور ابن الشيخ الأذري الدَّوسيّ، ثُمَّ الدَّوْسيّ من ولد أبي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه. قال ابن الفَرَضيّ: سَمِعَ من: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَسَعِيد بن حسّان. وَرَوَى عن: عبد الملك بن حبيب مصنَّفاته. ورحل فسمع بمصر من: يوسف بن يزيد القَرَاطيسيّ. وبمكّة من: عَليّ بن عبد العزيز، وبضعًا من أبي يَعْقُوب الدَّبَرِيّ، وانصرف إلى الأندلس. وَكَانَ حافظًا للفقه، نبيلًا فيه، فصيحًا بصيرًا بالعربية. ثُمَّ رحل إلى مصر فسكنها، وَرَوَى بها الواضحة لابن حبيب، وعظُم قَدْرُه هناك. وَرَوَى تميم بن محمد القَيْرَوَانِيّ، عن أبيه قَالَ: كَانَ أَبُو عَمْرو المَغَامي ثقة إمامًا، جامعًا لفنون العِلم، عالمًا بالأدب عن مالك ومذاهب الحجازيّين، فقيه البدن، عاقلا وقورا، قَلَّ ما رأيت مثله في عقله وأدبه وخُلُقه. رحل في الحديث، وَهُوَ شيخ رأيته، وقد جاءته كُتُب كثيرة، نحو المائة كتاب، من أهل مصر، بعضهم يسأله الإجازة، وبعضهم يسأله في كتابه الرُّجوع إليهم. سألته عن مولده فأبى أن يُخْبرني، وَتُوُفِّي عندنا بالقَيْروان في سنة ثمانٍ وثمانين، وصليّنا عَلَيْهِ بباب سَلْم. قُلْتُ: صنَّف أَبُو عَمْرو في الرّدّ عَلَى الشَّافِعِيّ عشرة أجزاء، وصنَّف كتاب "فضائل مالك"، وقد رجع من مصر في آخر عُمره، فأدركه أجَلُه بالقَيْروان. وقد تفقّه بِهِ خلق كثير منهم: سَعِيْد بن فحلون، وَمحمد بن فُطَيْس. وَقِيلَ: مات سنة ثلاثٍ وثمانين، وَقِيلَ: سنة خمس وثمانين ذكرهما الحميدي، وَقَالَ: كنيته أَبُو عُمر، ومُقامُه قرية من أعمال طليطلة. 608- يوسف بن يزيد كامل بن حكيم1.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 133"، سير أعلام النبلاء "13/ 455، 456"، تهذيب التهذيب "11/ 429". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 260 مولى عبد العزيز بن مروان بن الحَكَم، أَبُو يزيد القَراطيسيّ المِصْرِيّ. سَمِعَ: أسد بن موسى السنة، وعبد الله بن صالح كاتب اللَّيْث، وسعد بن أبي مريم، وحَجَّاج بن إِبْرَاهِيم الأزرق، وطبقتهم. وَعَنْهُ: عبد الله بن جَعْفَر بن الورد، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وعَليَّ بن محمد المِصْرِيّ، وآخرون. وَقِيلَ: إنَّ النَّسَائِيَّ رَوَى عَنْهُ. تُوُفِّي في ربيع الأول سنة سبعٍ وثمانين عن مائة سنة. وثّقه ابن يونس وَقَالَ: قد رأى الشَّافِعِيّ. وَقَالَ أَحْمَد بن خَالِد الجبَّاب: الحَافِظ أَبُو يزيد القَرَاطيسيّ من أوثق النَّاس، لم أر مثله، ولا لقيت أحدًا إِلا وقد مُسَّ أَوْ تُكلِّمَ فيه، إِلا هُوَ، وَيَحْيَى بن أيّوب العلّاف، ورفع من شأن القَرَاطيسيّ. "الكنى": أَبُو سَعِيد الْخراز. وَهُوَ أَحْمَد بن عيسى. تقدَّم ذكره. أَبُو حمزة الزّاهد العارف. محمد بن إِبْرَاهِيم. قد ذُكِر. 609- أَبُو العَبَّاس السَّرْخَسِيّ1. واسمه أَحْمَد بن الطّيّب عَلَى الصّحيح. وَقَالَ محمد بن إِسْحَاق النّديم: وجدّه اسمه: أَحْمَد بن محمد بن مروان السرخسي النديم. وقال: كان متفننًا في علومٍ كثيرة من علوم القُدماء والعرب، حَسَن المعرفة، جيّد القريحة، بليغ اللسان، مليح التَّصنيف. كَانَ معلّمًا للمعتضد، ثُمَّ نادَمَه وخُصّ به،   1 سير أعلام النبلاء "13/ 448، 449"، لسان الميزان "1/ 189-192". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 261 وَكَانَ يفضي إِلَيْهِ بسرّه ويستشيره، وَلَهُ مصنّفات في الفلسفة. وَقَالَ ابن النَّجَّار: وَكَانَ يعرف أيضًا بابن الفرائقي. وَكَانَ تلميذًا ليعقوب بن إِسْحَاق الكِنْدِيّ. رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بن إِسْحَاق قَالَ: كانت الفلاسفة تنكر النَّظر في المرآة تطيُّرًا من طلعة المَشِيب، ويزعمون أَنَّهُ يُورِث البَصَر خوارًا، والجسْمَ ضُمُورًا. ثُمَّ إنَّ المُعْتَضِد قتل السَّرْخَسِيّ لفلسفته وسُوء اعتقاده. قَالَ المَرْزُباني: نا عَليّ بن هَارُون بن عَليّ بن يَحْيَى المنجِّم: أَخْبَرَنِي عُبَيْد الله بن أَحْمَد بن أبي طاهر: حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَد يَحْيَى بن عَليّ النّديم قال: حضرت أحمد بن الطيب وهو للمعتضد: قد بعتُ دفاتري التي في النُّجُوم والفلسفة والكلام والشِّعر، وتركت ما فيها من الحديث، وما همّي في هَذَا الوقت إِلا الفِقْه والحديث، فَلَمَّا خرج قَالَ المُعْتَضِد: أنا أعلم أَنَّهُ زِنْديق، وَأَنَّ هَذَا الذي فعله كله رِياء. فَلَمَّا خرجت قُلْتُ فيه: يا من يُصَلّي رياءً ... ويُظْهرُ الصَّوم سُمْعَه قد كنت عطّلت دَهْرًا ... فكيف أسلمتَ دُفْعه قل لي أبعد اتباع الـ ... ـكندي تَعْمُرُ رَبْعَه وليس يعبد ربًا ... ولا يدين بشرعه إنْ قُلْتَ قد تبتُ ... فالشَّيْخ لا يفارق طَبْعَه أظْهَرْتَ تَقْوًى وَنُسُكًا ... هيهات في الأمر صَنْعَه رَوَى عَليّ التنوخيّ، عن أَبِيهِ، أَنَّ المعتضد أسرَّ إلى أَحْمَد بن الطّيّب أَنَّهُ قابضٌ عَلَى وزيره عُبَيْد الله بن سليمان، فأفشى ذَلِكَ إليه، فقبض المُعْتَضِد عَلَى أَحْمَد. قَالَ: وَقِيلَ: بل دعا المُعْتَضِد إلى مذهب الفلاسفة، فاستحلّ دَمَه، فأرسل إِلَيْهِ يَقُولُ: أَنْتَ عرَّفْتنا أن الحكماء قَالُوا: لا يجب للملك أن يغضب، فَإِذَا غضب فلا يجب لَهُ أن يرضى، ولولا ذَلِكَ أطلقتك لسالف خدمتك، فاخْتَرْ أيَّ قِتْلَةٍ أقتُلُك، فاختار أن يُطعم اللَّحْم الملَبَّب، وأن يُسقى الخمر حَتَّى يسكر، ويُفْصد في يديه حَتَّى يموت، ففعل بِهِ ذَلِكَ. وظنّ أَحْمَد أَنَّ دمه إِذَا فرغ يموت في الحال بغير ألم، فانعكس الجزء: 21 ¦ الصفحة: 262 ظنُّه، فَفُصِدَ وبذل جميع دمه، وبقيت فيه حياة، فلم يَمُت، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ الصَّفْراء، فصار كالمجنون، ينطح برأسه الحيطان، ويصيح لفرط الآلام، ويَعْدو ساعاتٍ كثيرة إلى أن مات. ذكر أَبُو الحَسَن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن القوّاس فِي تاريخه أَنَّ المُعْتَضِد غضب عَلَى أَحْمَد بن الطّيّب في سنة ثلاثٍ وثمانين، وضربه مائة سوْط، وسجنه، وَأُهْلِكَ في المحرّم أَوْ صَفَر سنة ستٍّ وثمانين. 610- أَبُو جَعْفَر بن الكرنبيّ الزّاهد1. من كبار صوفيّة بغداد. قَالَ الخطيب: تأدَّب بِهِ خلق. حكى عَنْهُ: الْجُنَيْد، وغيره. وَقَالَ صاحبه أَبُو الحَسَن بن الحُبَاب: أوصى الشَّيْخ لي بمُرَقَّعَتِه، فوزَنْتُ فَرْدَ كُمٍّ منها، فَكَانَ أحد عشر رِطْلًا. 611- أَبُو حمزة الخُرَاسَانِيّ الزّاهد2. شيخ الصوفيّة، مِن أقران الْجُنَيْد. ذكره السلمي وَقَالَ: أظنّ أن أصله من زَوْزَجان. وَقِيلَ: كَانَ نَيْسَابُوريًا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ محمد بن الحَسَن المخرميّ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابن المالكيّ يَقُولُ: قَالَ أَبُو حمزة الخُرَاسَانِيّ: حججتُ فبينا أنا وقعت بئر، فقلتُ: لي الله، لا أستغيث إِلا بالله، فمرّ رجلان فقالا: نسدّ هَذَا البئر في هذه الطريق، فأتوا بقَصَب وبارِيةَ، فهممت أن أَصيح فَقُلْتُ: إلى من هُوَ أقرب إليك منهما. وسكنت. قَالَ: فَإِذَا بشيء قد جاء فكشف البئر، ودلَّى برِجْله في البئر، وكأنه يَقُولُ في هَمْهَمَته: تعلّق بي. فتعلّقت بِهِ، فأخرجني، فَإِذَا بِهِ سَبْعٌ، فهتف بي هاتف: يا أبا حمزة أليس ذا أحسن؟ نجيناك من التلف بالتلف.   1 تاريخ بغداد "14/ 413-415". 2 طبقات الصوفية للسلمي "326-328"، الطبقات الكبرى للشعراني "1/ 120". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 263 تُوُفِّي أَبُو حمزة سنة تسعين ومائتين. قُلْتُ: مرّ مثل هذه الحكاية في ترجمة أبي حمزة البَّغْدَادِيّ، والله أعلم أيّ الرَّجُلَين صاحبها. 612- أبو عبد الله الخلنْجيّ البَّغْدَادِيّ1. أحد مشايخ الصُّوفية، وأولي المعاملات. رَوَى عن: لوين، وغيره. أخذ عنه: أبو سعيد بن الأعرابي. وله كلام في الرياضيات وعيوب النفس. 613- أبو يعقوب الزيات2. أحد زهاد بغداد وفقهائها. ذكره الخطيب مختصرًا فقال: حكى عنه الجنيد.   1 تاريخ بغداد "14/ 404، 405". 2 تاريخ بغداد "14/ 408". الجزء: 21 ¦ الصفحة: 264 الفهرس العام للكتاب : رقم الصفحة الموضوع الطبقة التاسعة والعشرون سنة إحدى وثمانين ومائتين 3 المتوفون هذه السنة 3 فتح طغج لملورية 3 غور المياه بالري وطبرستان 3 تقليد المعتضد للمكتفي بعض البلاد 3 خروج المعتضد لقتال حمدان بن حمدون 4 إيقاع المعتضد بالأعراب والأكراد 4 ظفر المعتضد بحمدان 4 الظفر بشداد الكردي 4 هدم المعتضد دار الندوة سنة اثنتين وثمانين ومائتين 4 المتوفون هذه السنة 5 إبطال المعتضد لما يعمل في النيروز 5 قدوم قطر الندى على المعتضد 5 خروج المعتضد إلى الكرج 5 تفريق المال على العلويين 6 ذبح خمارويه 6 ولاية جيش وقتله 6 ولاية هارون بن خمارويه وعزله 6 قتل المعتضد لابن عمه أحمد الجزء: 21 ¦ الصفحة: 265 سنة ثلاث وثمانين ومائتين 6 المتوفون هذه السنة 7 الظفر بهارون الخارجي 8 ولاية طغج إمرة الجيش 8 وصول تقادم ابن الليث 8 إطلاق المعتضد لحمدان 8 الأمر بتوريث ذوي الأرحام 9 خروج عمرو بن الليث من نيسابور 9 ذبح جيش بن خمارويه 9 قتل رافع بن هرثمة 10 رواية ابن طولون عن قتل جيش بن خمارويه سنة أربع وثمانين ومائتين 10 المتوفون هذه السنة 10 القدوم برأس ابن هرثمة على المعتضد 10 الوقعة بن النوشري وابن أبي دلف 11 ولاية القضاء لمدينة المنصور 11 إرسال ابن الليث للأموال 11 عزم المعتضد على لعن معاوية 12 ذكر الخادم وظهوره على المعتضد سنة خمس وثمانين ومائتين 13 المتوفون هذه السنة 13 إيقاع الطائي بالحجاج 13 ولاية ابن الليث ما وراء النهر 13 الريح الصفراء بالبصرة 14 استعمال ابن أبي السّاج الجزء: 21 ¦ الصفحة: 266 14 غزوة راغب في البحر 14 تكريم علي بن المعتضد 14 وفاة أَحْمَد بن عيسى بن الشيخ 14 صلاة ابن المعتمد بالناس سنة ست وثمانين ومائتين 14 المتوفون هذه السنة 15 منازلة المعتضد لآمد 15 قبض المعتضد على راغب الخادم 15 قدوم هدية ابن الليث على المعتضد 15 الحرب بين ابن الصَّفَّار وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد 16 ابن الليث في أسر المعتضد 17 نهاية عمرو بن الليث 17 إنعام المعتضد على إسماعيل 17 ظهور القرمطي بالبحرين سنة سبع وثمانين ومائتين 18 المتوفون هذه السنة 18 واقعة ركب الحاج 18 الوقعة بين ابن اللَّيْث وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد 18 ذكر القرامطة وغلظ أمرهم 18 إطلاق القرمطي للغنوي 19 رواية ابن خلكان عن القرامطة 19 خروج المعتضد إلى الثغور 19 وفاة صاحب طبرستان 19 الإيقاع بالقرامطة الجزء: 21 ¦ الصفحة: 267 سنة ثمان وثمانين ومائتين 19 المتوفون هذه السنة 20 دخول ابن الليث بغداد أسيرا 20 الزلزلة في دبيل 20 الوباء بأذربيجان 20 موت ابن أبي الساج وأصحابه 20 موت وصيف الخادم في السجن 21 ظهور الشيعي بالمغرب سنة تسع وثمانين ومائتين 21 المتوفون هذه السنة 21 فيضاء ماء البحر على السواحل 21 اعتلال المعتضد 21 خلافة المكتفي 22 أخذ البيعة للمكتفي 22 وفاة المعتضد 22 الأموال التي خلقها المعتضد 22 تحرك الجند ببغداد 22 دخول المكتفي بغداد 23 موت عمرو بن الليث 23 خلع محمد بن هارون الطاعة 23 زلزلة بغداد 23 إمارة ابن بسطام آمد وديار ربيعة 24 ريح بالبصرة 24 خروج القرمطي ومقتله 24 الوقعة بين إسْمَاعِيل بن أَحْمَد وَمحمد بن هارون الجزء: 21 ¦ الصفحة: 268 24 صاحب إفريقية ينسلخ من الإمارة ويتصوف 25 اشتهار أمر أبي عبد الله الشيعي 26 صلاة المكتفي يوم النحر 26 خبر مقتل بدر المعتضدي 27 ما قِيلَ في ذم القاضي أبي عُمَر سنة تسعين ومائتين 27 المتوفون هذه السنة 28 ظفر القرمطي بغلام طغج 28 حصار القرمطي دمشق 28 صرف المكتفي عن السكن بسامراء 28 إقامة الحُسَيْن مقام أخيه يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه 28 مسير المكتفي إلى الموصل لحرب القرامطة 29 هزيمة القرمطي أمام بدر الحمامي 29 مقتل يحيى بن زكرويه القرمطي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 269 تراجم رجال هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ "حَرْفُ الأَلِفِ" 30 1- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن فيل 30 2- أحمد بن إبراهيم الغسال 30 3- أحمد بن إبراهيم بن فروة 31 4- أحمد بن إبراهيم بن محمد العامري البسري 31 5- أحمد بن ملحان البلخي 31 6- أحمد بن إسحاق بن صالح البغدادي 32 7- أحمد بن إسحاق بن واضح 32 8- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نُبَيْط 32 9- أحمد بن إسحاق البلدي الخشاب 33 10- أحمد بن إسحاق بن يزيد الرقي 33 11- أحمد بن إسحاق الصدفي المصري 33 12- أحمد بن إسماعيل العدوي البصري 33 13- أحمد بن إسماعيل الوساوسي 33 14- أحمد بن أصرم بن خزيمة 34 15- أحمد بن بحر الدمشقي 34 16- أحمد بن بشر المرثدي 34 17- أحمد بن الحسن بن مكرم البغدادي 34 18- أحمد بن جعفر الدينوري النحوي 35 19- أحمد بن الحسين بن مدرك القصري 35 20- أحمد بن الحسين النيسابوري المستملي 35 21- أحمد بن حماد بن سفيان الفقيه 36 22- أحمد بن حمدون الموصلي الخفاف 36 23- أحمد بن يزيد الآجري الجزء: 21 ¦ الصفحة: 270 36 24- أحمد بن خالد الدامغاني 36 25- أحمد بن خشنام الأصبهاني 37 26- أحمد بن خطاب الأصبهاني 37 27- أحمد بن خليد الكندي 37 28- أحمد بن داود الدينوري النحوي 38 29- أحمد بن داود بن موسى السدوسي 38 30- أحمد بن داود السمناني 38 31- أحمد بن دبيس الموصلي 38 32- أَحْمَد بن ربيعة بن سُلَيْمَان بن زُفَر 38 33- أحمد بن رضوان بن أحمد البخاري 39 34- أحمد بن رواع الأيدغاني 39 35- أحمد بن روح بن زياد الشعراني 39 36- أحمد بن زياد بن مهران السمسار 39 37- أحمد بن زياد الرقي الحداد 40 38- أحمد بن سلمة بن عبد الله البزاز 40 39- أَحْمَد بن سُلَيْمَان بن أبي الربيع الأندلسي 40 40- أَحْمَد بن سهل بن الربيع بن سُلَيْمَان الجهني 41 41- أحمد بن سهل الإسفرائيني 41 42- أحمد بن سهل البلخي 41 43- أحمد بن سهل بن بحر النيسابوري 41 44- أحمد بن صالح بن عبد الصمد 42 45- أحمد بن الضوء بن المنذر النجدي 42 46- أحمد المعتضد بالله 48 47- أحمد بن عبد العزيز الموصلي شقلاق 48 48- أحمد بن عبد الوهاب الحوطي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 271 48 49- أحمد بن عبد القاهر بن العنبري 48 50- أحمد بن عطية 48 51- أحمد بن عثمان النسائي 49 52- أحمد بن عقبة بن مضرس الأصبهاني 49 53- أحمد بن علي الخزاز 50 - أحمد بن علي الخزاز الدمشقي 50 54- أحمد بن عللة الجوهري 50 55- أحمد بن علي بن سهل المروزي 50 56- أحمد بن علي بن الحسن البربهاري 51 57- أحمد بن علي بن مسلم الأبار 52 58- أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم الضحاك 54 59- أحمد بن عمرو الفارسي الوراق المقعد 54 60- أحمد بن عيسى الخراز البغدادي 56 61- أحمد بن عيسى بن هامان 56 62- أحمد بن عيسى بن الشيخ 56 63- أَحْمَد بن الغمر بن أبي حَمَّاد الحمصي 56 64- أحمد بن فارس البوشنجي 57 65- أحمد بن الليث بن منصور الأنماطي 57 66- أحمد بن محمد البغدادي 57 67- أبو الحسن سبط محمد بن حاتم 57 68- أحمد بن محمد بن حميد المخضوب 58 69- أحمد بن محمد بن سالم السالمي 58 70- أحمد بن محمد بن الشاه البزاز 58 71- أَحْمَد بن محمد بن عبد القادر الإسكندراني 58 72- أحمد بن محمد بن الصلت الضرير الجزء: 21 ¦ الصفحة: 272 59 73- أَحْمَد بن محمد بن عاصم بن يزيد الرازي 59 74- أحمد بن يحيى بن حمزة البتلهي 59 75- أحمد بن محمد بن بكير النيسابوري 60 76- أَحْمَد بن محمد بن الحَسَن بن جُنَيد 60 77- أحمد بن محمد بن سليمان 60 78- أحمد بن محمد بن صاعد 60 79- أحمد بن محمد بن صعصعة 61 80- أحمد بن محمد بن عمار 61 81- أحمد بن محمد بن الصلت 61 82- أحمد بن محمد بن مظفر 61 83- أحمد بن محمد بن أبي موسى 62 84- أحمد بن المبارك المستملي الزاهد 63 85- أحمد بن مجاهد المديني 63 86- أحمد بن محمود بن مقاتل الهروي 63 87- أحمد بن مروان الأندلسي 64 88- أحمد بن المعلى بن يزيد 64 89- أحمد بن منصور بن حبيب المروذي 64 90- أحمد بن مهران اليزدي 65 91- أحمد بن أبي عمران موسى القنطري 65 92- أحمد بن موسى بن يزيد السامي 65 93- أحمد بن موسى بن إسحاق الحمّار 66 94- أحمد بن ميثم بن أبي نعيم 66 95- أحمد بن نصر بن حميد 66 96- أحمد بن النضر بن بحر 66 97- أحمد بن وازن الصواف الجزء: 21 ¦ الصفحة: 273 67 98- أَحْمَد بْن حمزة الثقفي الأصبهاني 67 99- أحمد بن يحيى بن نصر العسال 67 100- أحمد بن يزيد السجستاني 67 101- أحمد بن أبي العلاء البغدادي المغني 68 102- أحمد بن يحيى السوطي 68 103- أحمد بن يحيى الخوارزمي 68 104- إبراهيم بن أحمد النقاش 68 105- أحمد بن يحيى بن مهنا الأزدي 69 106- إبراهيم بن أحمد بن الأغلب 74 107- إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي 74 108- إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي 74 109- إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي 75 110- إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن بشير 78 111- إبراهيم بن إسماعيل البغدادي السوطي 78 112- إبراهيم بن إسماعيل الطوسي العنبري 79 113- إبراهيم بن الحسين الكسائي 81 114- إبراهيم بن سعدان المديني الكاتب 82 - إبراهيم بن سويد السامر 82 115- إبراهيم بن صالح الشيرازي 82 116- إبراهيم بن عبد السلام الوشاء 82 117- إِبْرَاهِيم بن عبد العزيز بن صالح الصالحي 82 118- إبراهيم بن فهد بن حكيم الساجي 83 119- إبراهيم بن قاسم بن هلال الأندلسي 83 120- إبراهيم بن محمد بن سلمة المرادي 83 121- إبراهيم بن محمد بن الصنعاني الجزء: 21 ¦ الصفحة: 274 83 122- إبراهيم بن محمد بن الهيثم القطيعي 84 123- إبراهيم بن محمد بن بكار البغدادي 84 124- إبراهيم بن محمد بن إسماعيل المسمعي 84 125- إِبْرَاهِيم بن محمد بن سَعِيد بن هلال 85 126- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سويد 85 127- إبراهيم بن نصر الجهني القرطبي 85 128- إدريس بن جعفر بن يزيد العطار 86 129- إدريس بن يزيد البلخي النابلسي 86 130- أزهر بن رستة الأصبهاني 87 131- أسباط بن محمد بن عُبَيْد بن أسباط 87 132- إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن حازم 87 133- إسحاق بن إبراهيم البغدادي الجبلي 88 134- إسحاق بن إبراهيم الفرغاني 88 135- إسحاق بن إبراهيم بن عباد 89 136- إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفراييني 89 137- إسحاق بن إسماعيل 89 138- إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي 90 139- إسحاق بن حميد المروزي 90 140- إسحاق بن مأمون بن إسحاق الطالقاني 90 141- إسحاق بن معمر السدوسي 91 142- إسحاق بن محمد بن أبان النخعي 91 143- إسحاق بن أبي عمران الإسفراييني 91 144- إسحاق بن أبي عمران اليحمدي 92 145- إسماعيل بن أحمد بن أسيد الثقفي 92 146- إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الأزدي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 275 94 147- إسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن إبراهيم بن مِهران 94 148- إسماعيل بن بكر البغدادي السكري 94 149- إسْمَاعِيل بن عبد الله بن عَمْرو بن سعيد 95 150- إسماعيل بن الفضل البلخي 96 151- إسماعيل بن قتيبة بن عبد الرحمن 96 152- إسماعيل بن محمد بن أبي كثير 96 153- إسماعيل بن محمود النيسابوري 97 154- إسماعيل بن نميل 97 155- إسماعيل بن يحيى بن حازم 97 156- الأفشين بن أبي الساج 97 157- أنس بن السلم 98 158- أنيس بن عبد الله النخاس "حرف الباء" 98 159- بدر بن المنذر المغازلي 99 160- بدر الرومي الجصاص 99 161- بدر مولى المعتضد بالله 99 162- بشر بن موسى بن صالح 100 163- بكر بن الحبطي 100 164- بكر بن سهل بن إسماعيل الدمياطي 101 165- بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي "حرف التاء" 101 166- تميم بن محمد بن طمخاج "حرف الثاء" 102 167- ثابت بن قُرة بن مروان الحراني 102 168- ثابت بن نعيم الهوجي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 276 "حرف الجيم" 103 169- جَعْفَر بن أَحْمَد بن فارس 103 170- جَعْفَر بن أَحْمَد بن أبي موسى المَوْصِليّ 103 171- جعفر بن أحمد بن علي بن المديني 103 172- جعفر بن حميد بن عبد الكريم الدمشقي 104 173- جعفر بن سليمان النوفلي 104 174- جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي 104 175- جعفر بن الخندقي الخباز 104 176- جعفر بن محمد بن حرب العباداني 105 177- جعفر بن محمد بن كزال السمسار 105 178- جعفر بن محمد القلانسي 105 179- جعفر بن محمد بن بكر البالسي 105 180- جعفر بن محمد بن علي المؤدب 105 181- جعفر بن محمد بن هاشم المؤدب 106 182- جعفر بن محمد بن إسحاق المصري 106 183- جفعر بن محمد بن عرفة 106 184- جفعر بن محمد بن شريك 106 185- جعفر بن محمد بن عمران المخرمي 107 186- جعفر بن محمد بن اليمان المؤدب 107 187- جعفر بن محمد بن سوار 107 188- جعفر بن محمد الخياط 107 189- جعفر بن إلياس بن صدقة المصري 108 190- جنيد بن حكيم 108 191- جيش بن خمارويه الجزء: 21 ¦ الصفحة: 277 "حرف الحاء" 108 192- الحارث بن عبد العزيز أمير أصبهان 108 193- الحارث بن محمد بن أبي أُسَامَةَ داهر 110 194- حامد بن شادي الكشي 111 195- حبشي بن أحمد بن سليمان الموصلي 111 196- جيوش بن رزق الله بن سنان 111 197- حجاج بن عمران السدوسي 111 198- الحزنبل الأديب 112 199- الحسن بن أحمد بن أبان الرافقي 112 200- الحسن بن أحمد بن الليث 112 201- الحسن بن أحمد بن الطبيب 112 202- الحسن بن أيوب بن مسلم القزويني 112 203- الحسن بن جرير الصوري 113 204- الحسن بن إبراهيم بن مطروح 113 205- الحسن بن الجهم 113 206- الحسن بن ليلى الموصلي 113 207- الحسن بن سهل بن عبد العزيز 114 208- الحسن بن العباس بن أبي مهران 114 209- الحسن بن عبد الأعلى بن إبراهيم الأبناوي 115 210- الحسن بن علي بن الفرات الكرماني 115 211- الحَسَن بن عَليّ بن خالد بن زولاق 115 212- الحسن بن علي بن ياسر 116 213- الحسن بن علي بن حجاج 116 214- الحسن بن علي بن خلف الصيلاني 116 215- الحسن بن عليل بن الحسين اللغوي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 278 116 216- الحسن بن عمرو بن الجهم 117 217- الحسن بن غليب بن سعيد الأزدي 117 218- الحسن بن أحمد بن أبي بشر 118 219- الحسن بن المتوكل البغدادي 118 220- الحسين بن إسحاق التستري 118 221- الحسين بن إسماعيل المهدي 118 222- الحسين بن بشار الخياط 118 223- الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري 119 224- الحسين بن حميد بن الربيع الخزار 119 225- الحسين بن داود بن معاذ 120 226- الحسين بن السميدع 120 227- الحسين بن عبد الله بن شاكر 121 228- الحسين بن علي الشاشي 121 229- الحسين بن علي بن الفضل الموصلي 121 230- الحسين بن علي بن بشر الصوفي 121 231- الحسين بن علي بن مهران الدقاق 122 232- الحسين بن الفضل بن عمير البخلي 123 233- الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن فهم 124 234- الحسين بن محمد بن زياد القباني 125 235- الحُسَيْن بن مُعاذ بن محمد بن منصور 125 236- الحسين بن الهيثم بن ماهان 126 237- حسنون بن الهيثم الدويري 126 238- حفص بن عمر سنجة الرقي 126 239- حمدان بن ذي النون 127 240- حمدان بن ياسين الموصلي الفراء الجزء: 21 ¦ الصفحة: 279 127 241- حمدون بن أحمد بن عمارة 127 242- حشنام بن إسماعيل النيسابوري "حرف الخاء" 128 243- خالد بن يزيد بن وَهْب الأزدي 128 244- خطاب بن سعد الخير الأزدي 128 245- خلف بن الحسن بن جوان 128 246- خلف بن المختار المغربي الأطرابلسي 128 247- خمارويه بن أحمد بن طولون 131 248- خير بن سعيد بن خير المالكي 131 249- خير بن عرفة بن عبد الله بن كامل 131 250- خير بن موفق المصري "حرف الدال" 132 251- داود بن إسماعيل الجوزي 132 252- داود بن سليمان الساجي 132 253- دبيس بن سلام "حرف الراء" 133 254- روح بن الفرج القطان 133 255- روح بن الفرج المؤدب "حرف الزاي" 133 256- زرقان الرياق 134 257- زكريا بن حمدويه البغدادي 134 258- زكريا بن داود بن بكر النيسابوري 134 259- زكريا بن يَحْيَى بن إياس بن سَلَمَةَ 135 260- زكريا بن يحيى بن عبد الملك البغدادي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 280 135 261- زياد بن الخليل التستري "حرف السين" 136 262- السري بن سهل الجنديسابوري 136 263- سعيد بن إسرائيل القطيعي 136 264- سعيد بن الأشعث السجستاني 136 265- سعيد بن أوس السلمي 136 266- سعيد بن سيار الواسطي 137 267- سعيد بن عبدويه البغدادي 137 268- سعيد بن عثمان الأهوازي 137 269- سعيد بن محمد بن المغيرة 137 270- سعيد بن محمد الأنجذاني 137 271- سعيد بن ياسين البلخي الوراق 138 272- سلامة بن محمد بن ناهض 138 273- سليمان بن أيوب بن سليمان 138 274- سليمان بن محمد بن الفضل النهرواني 138 275- سماعة بن أحمد القاضي 139 276- سمالك بن عبد الصمد 139 277- سنان بن محمد بن طالب 139 278- السندي بن أبان 139 279- سهل بن سعد بن نضلة 140 280- سهل بن عبد الله التستري 142 281- سهل بن علي الدوري 142 282- سهل بن المتوكل البخاري "حرف الشين" 142 283- الشاذ بن نصر بن سيار الجزء: 21 ¦ الصفحة: 281 "حرف الصاد" 143 284- صالح بن شعيب البصري 143 285- صالح بن العلاء بن وضاح 143 286- صالح بن علي بن الفضل النوفلي 143 287- صالح بن عمران 144 288- صالح بن محمد بن عبد الله 144 289- صالح بن مقاتل الأعور 144 290- صالح بن يونس الواسطي 145 291- صدقة بن موسى "حرف الضاد" 145 292- الضحاك بن الحسين الأزدي "حرف الطاء" 145 293- طاهر بن حزم الأندلسي 145 294- طاهر بن محمود النسفي 145 295- الطيب بن محمد بن غالب "حرف العين" 146 296- عامر بن المثنى الكرميني 146 297- عُبادة بن محمد بن عبد الله العَدَني 146 298- العباس بن حزم بن عبد الله بن أشرس 147 299- عباس بن محمد بْن عَبْد اللَّه البزّاز 147 300- عَبْد اللَّه بن أحمد بن حنبل بن هلال 148 301- عبد الله بن أحمد بن أشكاب 149 302- عبد الله بن أحمد بن سوادة 149 303- عبد الله بن المحدّث أَحْمَد بن سَعِيد الرباطي 149 304- عبد الله بن أحمد بن زياد الجزء: 21 ¦ الصفحة: 282 149 305- عبد الله بن إبراهيم السوسي 150 306- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن الأغلب 151 307- عَبْد اللَّه بْن جَابِر بْن عَبْد اللَّه الطرسوسي 151 308- عبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي 152 309- عبد الله بن أبي عطاء الأندلسي 152 310- عبد الله بن عبدويه بن النضر 152 311- عبدُ الله بْن عيسى بْن عَبْد الله بن شعيب 153 312- عبد الله بن قريش الأسدي 153 313- عبد الله الأشعث الأنطرطوسي 153 314- عبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم 154 315- عبد الله بن محمد بن سلام 154 316- عبد الله بن محمد بن النعمان 154 317- عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان 155 318- عبد الله بن محمد بن أبي قُريش 156 319- عبد الله بن محمد بن هانئ 156 320- عبدُ اللَّه بْن محمد بْن زكريا الإصبهانيّ 156 321- عبد الله بن محمد بن عزيز التَّمِيمِيُّ الموصلي 157 322- عبد الله بن محمد بن منصور الهَرَوي 157 323- عبد الله بن محمد بن أبي أسامة 157 324- عبد الله بن مسرة بن نجيح 157 325- عبد الله بن موسى الأنماطي 158 326- عبد الأعلى بن وهب الأندلسي 158 327- عبد الرحمن بن عبدوس 158 328- عبد الرحمن بن أحمد الأصبهاني 159 329- عبد الرحمن بن جابر الطائي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 283 159 330- عبد الرحمن بن روح السمسار 159 331- عبد الرحمن بن عبد الحميد بن فَضَالَةَ 159 332- عبد الرحمن بن عَمْرو بن عبد الله بن صفوان 160 333- عبد الرحمن بن معدان بن جُمعة الطائي 160 334- عبد الرحمن بن يوسف بن سَعِيد بن خراش 161 335- عبد الرحمن بن محمد بن عقيل 161 336- عبد الرحيم بْن عبد الله بْن عبد الرحيم الزهري 162 337- عبد الرحيم بن الفضل بن موسى بن مسمار 162 338- عبد الصمد بن هارون 162 339- عبد الملك بن الحَسَن بن بَكْر الشرود 162 340- عبد الملك بن أيمن بن فرجون 163 341- عبد العزيز بن عمران بن كوشيد 163 342- عبد العزيز بن معاوية القرشي 163 343- عبد الوارث بن إبراهيم العسكري 164 344- عبدوس بن ديزويه الرازي 164 345- عبيد الله بن أحمد بن منصور 164 346- عبيد الله بن سليمان الوزير 164 347- عبيد الله بن محمد بن يحيى اليزيدي 165 348- عبيد بن الحسن الغزال 165 349- عبيد بن عبد الواحد بن شريك 166 350- عبيد بن محمد بن موسى المؤذن 166 351- عُبَيْد بن محمد بن يَحْيَى بن قضاء 166 352- عبيد بن محمد الكشوري 167 353- عثمان بن سعيد الدارمي 167 354- عثمان بن سعد بن بشار الجزء: 21 ¦ الصفحة: 284 167 355- عُثْمَانَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خرزاذ 168 356- عثمان بن عمر الضبي البصري 168 357- عزيز بن الأحنف بن الفضل 169 358- العلاء بن أيوب بن رزين 169 359- علي بن الحسن بن بيان 169 360- علي بن الحسن بن عبدة 169 361- علي بن الحسين بن عاصم 170 362- علي بن العباس بن جريج 170 363- علي بن عبد الصمد الطيالسي 170 364- علي بن عبد العزيز بن المرزبان 172 365- عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسنون 172 366- علي بن الفضل الواسطي 172 367- عَليّ بن محمد بن الحَسَن بن متّويه 172 368- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب 173 369- عَليّ بن محمد بن سَعِيد الثقفي الكوفي 173 370- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حكم المصري 173 371- علي بن المبارك الصنعاني 174 372- عمارة بن وثيمة بن موسى 174 373- عمران بن عبد الرحيم الباهلي 174 374- عمر بن إبراهيم أبو الآذان البغدادي 175 375- عمر بن بحر الأسدي الأصبهاني 175 376- عمر بن عبد العزيز بن عمران الخزاعي 175 377- عمر بن موسى بن فيروز 176 378- عَمْرو بن الشَّيْخ أبي الطاهر أَحْمَد بن عمرو 176 379- عمرو بن الليث الصفار الجزء: 21 ¦ الصفحة: 285 180 380- عباس بن تميم البغدادي السكري 180 381- عون بن محمد الكندي الإخباري "حرف الفاء" 181 382- الفضل بن عبد الله بن عبد الجبار الشكري 181 383- الفضل بن محمد بن المسيب 182 384- فضل بن محمد بن رومي البغدادي 182 385- فضل بن الحسن الأهوازي 182 386- فضيل بن محمد بن فضيل الملطي "حرف القاف" 183 387- الْقَاسِم بْن أَحْمَد بْن محمد الخطابي 183 388- القاسم بن أحمد بن زياد البغدادي 183 389- القاسم بن عبد الرحمن الأنباري 184 390- القاسم بن أسد الأصبهاني 184 391- القاسم بن محمد بن الصباح النحوي 184 392- القاسم بن محمد الدلال 184 393- قطر الندى "حرف الكاف" 185 394- " ... " بن إبراهيم الطوابيقي 185 395- كنيز الفقيه "حرف الميم" 185 396- محمد بن أَحْمَد بن حُمَيْد بن نعيم 186 397- محمد بن أحمد بن روح الكسائي 186 398- محمد بن أحمد بن حنين العطار 186 399- محمد بن أحمد بن عنبسة 186 400- محمد بن أَحْمَد بن يَحْيَى بن بشير الجزء: 21 ¦ الصفحة: 286 187 401- محمد بن أحمد بن لبيد 187 402- محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي 187 403- محمد بن أَحْمَد بن محمد بن مطر 187 404- محمد بن أحمد بن مهدي 187 405- محمد بن أحمد الجوزجاني 188 406- محمد بن إبراهيم بن زياد بن المواز 188 407- محمد بن إبراهيم الصوري النحوي 189 408- محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري 189 409- محمد بن إبراهيم الصوري 189 410- محمد بن إدريس الأنطاكي 189 411- محمد بن أسامة بن صخر 190 412- محمد بن إسحاق بن إبراهيم العقيلي 190 413- محمد بن إسحاق بن أسد الهروي 190 414- محمد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن جَوثي 190 415- محمد بن إسحاق بن الحرير 191 416- محمد بن إسماعيل التميمي 191 417- محمد بن بشر بن مروان الصيرفي 191 418- محمد بن بشر بن مروان القراطيسي 191 419- محمد بن جَعْفَر بن محمد بن ميسرة 192 420- محمد بن بشر بن مطر 192 421- محمد بن حجة 192 422- محمد بن حامد الموصلي 192 423- محمد بن حسن بن دينار الأحول 193 424- محمد بن الحسن بن حيدة 193 425- محمد بن الحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن زياد الأبهري الجزء: 21 ¦ الصفحة: 287 193 426- مُحَمَّد بْن الحُسين بن الدستبان 194 427- محمد بن حماد بن هامان الدباغ 194 428- محمد بن حميد بن زياد 194 429- محمد بن حيان المازني 194 430- محمد بن خلف بن عبد السلام 195 431- محمد بن الخطاب العدوي 195 432- محمد بن ربح بن سليمان 195 433- محمد بن الربيع بن شاهين 195 434- محمد بن زكريا بن دينار 196 435- محمد بن زكريا بن عبد الله القرشي 196 436- محمد بن زيدان بن يزيد البجلي 197 437- محمد بن زيد العلوي 197 438- محمد بن سعيد بن عبد الرحمن 197 439- محمد بن سعيد الأزرق 198 440- محمد بن سفيان بن المنذر الرملي 198 441- محمد بن سليمان بن الحارث 198 442- محمد بن سهل بن زنجلة 199 443- محمد بن سهل بن المهاجر الرقي 199 444- محمد بن أبي سهل شيرزاذ 199 445- محمد بن سويد الطحان 199 446- محمد بن شاذان الجوهري 200 447- محمد بن شاذان النيسابوري 200 448- محمد بن صالح الأشج 200 449- محمد بن الضوء بن المنذر 201 450- محمد بن العباس بن ماهان الجزء: 21 ¦ الصفحة: 288 201 451- محمد بن العباس المؤدب 201 452- محمد بن العباس بن بسام 202 453- محمد بن العباس بن الوليد 202 454- محمد بن عبد الله الزاهد القرطبي 202 455- محمد بن عبد الله بن منصور 203 456- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص 203 457- محمد بن عبد الله بن عتاب الأنماطي 203 - محمد بن عبد الله بن سُفْيَان الخُصَيب 203 458- محمد بن عبد الله بن مِهْرَان الدِّينَوَري 204 459- محمد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الكَتَانيّ 204 460- محمد بن عبد الله بن مخلد 204 461- محمد بن عبد البر الكلابي 204 462- محمد بن عبد الرحمن بن عمارة 205 463- محمد بن عبد الرحمن بن كامل 205 464- محمد بن أبي زُرْعَة عبد الرحمن بن عمرو 206 465- محمد بن عبد السلام بن بشار 206 - فائدة 207 466- محمد بن عبد السلام بن ثعلبة 207 467- محمد بن عبد العزيز بن المبارك الدِّينَوَري 208 468- محمد بن عبد العزيز بن أبي رجاء 208 469- محمد بن عبد الغنيّ بن عبد العزيز 208 470- محمد بن عبد بن حُمَيْد بن نصر 208 471- محمد بن عبده المصيصي 209 472- محمد بن عبيد بن الفرطاس 209 473- محمد بن عبيد بن أبي الأسد الجزء: 21 ¦ الصفحة: 289 209 474- محمد بن عثمان بن سعيد الضرير 209 475- محمد بن عاصم بن بلال الضبي 209 476- محمد بن عصمة بن حمزة السعدي 210 477- محمد بن عقيل الفريابي 210 478- محمد بن عَليّ بن الحسين بن بِشْر 212 - قول المؤلف في شطحات الصوفية 212 479- محمد بن علي بن بطحا 212 480- محمد بن علي بن حمزة العلوي 213 481- محمد بن علي بن عتاب 213 482- محمد بن علي بن الفضل 213 483- محمد بن علي البغدادي قرطمة 214 484- محمد بن علي بن شعيب السمسار 214 485- محمد بن علي بن خلف الأطروش 214 486- محمد بن علي بن محمد المروزي 214 487- محمد بن عمر بن إسماعيل الدولابي 215 488- محمد بن عمرو بن الموجه 215 489- محمد بن عمرو بن النضر 215 490- محمد بن عيسى بن السكن 216 491- محمد بن غالب بن حرب 217 492- محمد بن الفرج بن محمود الأزرق 217 493- محمد بن الفرج بن ميسرة 218 494- محمد بن الفضل بن جابر الثقفي 218 495- محمد بن الفضل بن موسى 218 496- محمد بن فيروز البغدادي 218 497- محمد بن القاسم بن خلاد الجزء: 21 ¦ الصفحة: 290 220 498- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن غَزْوان 220 499- محمد بن محمد بن رجاء بن السندي 220 500- محمد بن محمد بن حبان 221 501- محمد بن محمد بن أحمد بن يزيد 221 502- محمد بن مسلمة بن الوليد 222 503- محمد بن المغيرة بن سنان الضبي 222 504- محمد بن موسى بن الهذيل 222 505- محمد بن موسى النهروي 222 506- محمد بن أبي هارون موسى الوراق 223 507- محمد بن أبي هارون موسى الهمداني 223 508- محمد بن نصر الأدمي 223 509- محمد بن النضر بن رباح الهروي 223 510- محمد بن أبي النعمان الأنطاكي 224 511- محمد بن نعيم بن عبد الله النيسابوري 224 512- محمد بن نهار 224 513- محمد بن هَارُون بن محمد بن بكار 225 514- محمد بن هشام بن أبي الدميك 225 515- محمد بن هشام بن خلف 225 516- محمد بن هاشم العذري الجسري 225 517- محمد بن وضاح بن بزيع 227 518- محمد بن الوليد بن هبيرة 227 519- محمد بن الوليد الرملي 228 - محمد بن الوليد بن أبان القلانسي 228 520- محمد بن دينار البخاري 228 521- محمد بن ياسر الدمشقي الحذاء الجزء: 21 ¦ الصفحة: 291 228 522- محمد بن يحيى بن المنذر 228 523- محمد بن يحيى الكسائي الصغير 229 524- محمد بن يزداد الأستراباذي 229 525- محمد بن يزيد بن عبد الأكبر 231 526- محمد بن يوسف بن معدان 231 527- محمد بن يوسف بن معدان عروس الزُّهاد 232 528- محمد بن يونس بن موسى الكديمي 233 529- " .... " بن محمد بن عَمْرو بن أبي سلمة 234 530- محمود بن الفرج الأصبهاني 234 531- محمود بن محمد بن أبي المضاء 234 532- مسعدة بن سعد العطار 235 533- مسلمة بن جابر اللخمي 235 534- المسيب بن زهير 235 535- مطرف بن عبد الرحمن بن إبراهيم 236 536- مطلب بن شعيب بن حيان 236 537- معاذ بن المثنى بن معاذ 237 538- معاذ بن نجدة بن العريان 237 539- معاوية بن حرب بن محمد الطائي 237 540- المفضل بن سلمة بن عاصم 237 541- مِقْدام بن داود بن عيسى بن تليد 238 542- مكرم بن محرز بن مهدي 238 543- موسى بن جمهوري البغدادي 238 544- موسى بن الحسن بن عباد 239 545- موسى بن عيسى بن المنذر 239 546- موسى بن فضالة الدمشقي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 292 240 547- موسى بن محمد بن كثير 240 548- موسى بن هارون بن حيان 240 549- موسى بن محمد السامري الخياط 240 550- موسى بن هارون الطوسي 240 551- موسى بن يوسف بن موسى القطان "حرف النون" 241 552- نصر بن محمد بن رباح العبدي 241 553- نصر بن الحكم بن سهل المروزي 241 554- نصر بن عبد السلام بن نصر 241 555- نصر بن منصور بن يوسف البخاري 242 556- نصر بن هاشم المصري "حرف الهاء" 242 557- هَارُون بن سُلَيْمَان بن سهل 242 558- هارون بن عبد الصمد بن عبدوس 242 559- هارون بن علي بن يحيى النديم 243 560- هارون بن كامل المصري 243 561- هارون بن محمد بن إسحاق 243 562- هارون بن عيسى الهاشمي 244 563- هارون بن ملول التجيبي 244 563- هارون بن أبي الهيذام 244 565- هاشم بن بكار الموصلي 244 566- هشام بن علي السيرافي 245 567- هشام بن يونس المصري 245 568- الهيثم بن خالد المصيصي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 293 "حرف الواو" 245 569- وريزة بن محمد الغساني 245 570- وليد بن العباس المصري 246 571- الوليد بن عبيد بن يحيى البحتري 250 572- الوليد بن مروان الحمصي 250 573- الوليد بن مضاء 250 574- وهيب بن عبد الله بن نصر "حرف الياء" 251 575- يَحْيَى بن أيوب بن بادي 251 576- يحيى بن زكريا بن حرب 251 577- يحيى بن زكريا بن يزيد الدقاق 251 578- يحيى بن زكرويه بن مهرويه 252 579- يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الصمد 252 580- يحيى بن عبدويه بن شبيب 252 581- يحيى بن عثمان بن صالح السهمي 253 582- يحيى بن عمر بن يوسف 253 583- يحيى بن محمد بن غالب 254 584- يحيى بن محمد بن ماهان 254 585- يحيى بن المختار بن المنصور 254 586- يحيى بن منصور الهروي 255 587- يحيى بن نافع المصري 255 588- يحيى بن عبدويه بن شبيب 255 589- يَحْيَى بن محمد بن أبي بِشْر الدّقّاق 255 590- يحيى بن يعقوب بن مرادس 255 591- يزيد بن أحمد السلمي الجزء: 21 ¦ الصفحة: 294 256 592- يزيد بن خالد الأنصاري التاجر 256 593- يزيد بن خلدون بن جابر 256 594- يزيد بن الهيثم بن طهمان 257 595- اليسع بن زيد بن سهل 257 596- يعقوب بن أحمد بن أسد الساماني 257 597- يعقوب بن إسحاق بن تحية 257 598- يعقوب بن إسحاق المصري 258 599- يعقوب بن إسحاق الضبي 258 600- يعقوب بن إسحاق المخرمي 258 601- يعقوب بن إسحاق البصري 258 602- يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل 258 603- يعقوب بن محمد اللخمي 259 604- يعقوب بن يوسف بن يعقوب 259 605- يعقوب بن يوسف المطوعي 259 606- يعقوب بن يوسف القزويني 259 607- يوسف بن يحيى الأزدي القرطبي 260 608- يوسف بن يزيد بن كامل بن حكيم "الكنى" 261 - أبو سعيد الخراز 261 - أبو حمزة الزاهد 261 609- أبو العباس السرخسي 263 610- أبو جعفر بن الكرنبي الزاهد 263 611- أبو حمزة الخراساني الزاهد 264 612- أبو عبد الله الخلنجي 264 613- أبو يعقوب الزيات 265 فهرس الموضوعات الجزء: 21 ¦ الصفحة: 295 المجلد الثاني والعشرون الطبقة الثلاثون أحداث سنة إحدى وتسعين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الثلاثون: أحداث سنة إحدى وتسعين ومائتين: تُوفّي فيها: أبو العباس ثَعلب، وعبد الرحمن بن محمد بن سَلْم الرّازي، وقُنْبُل المقرئ، ومحمد بن أحمد بن عبد الله العُبَيْديّ، ومحمد بن أحمد بن النضر ابن بنت معاوية، ومحمد بن إبراهيم البُوشنجيّ الفقيه، ومحمد بن علي الصّائغ المكّيّ، وهارون بن موسى الأخفش المقرئ. مقتل الحسين بن زكرويه: وفيها قُتِل الحسين بن زَكرَوَيْه المدَّعي أنّه أحمد بن عبد الله صاحب الشّامة1. زواج ابن المكتفي: وفيها زوّج المكتفي ولَدَه أبا أحمد بابنة الوزير عُبَيْد الله، وخطب أبو عمر القاضي، وخلع القاسم أربعمائة خَلْعة. وكان الصَّدَاق مائة ألف دينار. خروج الترك إلى بلاد المسلمين: وفيها خرجت الترْك إلى بلاد المسلمين في جيوشٍ عظيمة يقال: كان معهم سبعمائة فرس ولا يركب الفرس إلا الأمير فنادى إسماعيل بن أحمد في خُراسان وسِجِسْتان وطَبَرِستان بالنفير وجهز جيشه فوافو الترك على عدة فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وانهزم من بقي وغنِم المسلمون وعادوا منصورين. وصول الروم إلى الحَدَث: وفيها بعث صاحب الرُّوم جيشًا مبلغه مائة ألف، فوصلوا إلى الحَدَث، فنهبوا وسَبَوْا وأحرقوا2.   1 انظر تاريخ الطبري "10/ 114"، والكامل لابن الأثير "7/ 530، 531"، والبداية والنهاية "11/ 97"، والنجوم الزاهرة "3/ 131". 2 انظر تاريخ الطبري "10/ 116"، البداية والنهاية "11/ 98"، تاريخ ابن خلدون "3/ 357"، والنجوم الزاهرة "3/ 132". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 3 غزوة غُلام زُرَافة: وفيها غزا غُلام زُرافة من طَرَسُوس إلى الرّوم، فوصل إلى أَنْطَالية، قريبًا من قسطنطينية، فنازلها إلى أن فتحها عَنْوَةً، وقتل نحوًا من خمسة آلاف، وأسر أضعافهم، واستنقذ مِن الأسر أربعة آلاف مسلم، وغنم مِن الأموال ما لا يُحْصَى، بحيث أنّه أصاب سهمُ الفارس ألفَ دينار. مسير محمد بن سليمان إلى الرملة: وفيها جهّز المكتفي محمد بن سليمان في جيشٍ، فسار إلى دمشق، وكان بها بدْر الحَمّاميّ، فتلقّاه فقلّده دمشق، وسار محمد إلى الرَّمْلَةِ1. ذكر ما فعله صاحب الشامة ببلاد الشام: وكان الحسين بن زَكْرَوَيْه صاحب الشّامة قد قويت شوكته، وعَظُمَت أذِيّتُه، فصالحه أهل دمشق على أموال، فانصرف عنها إلى حمص، فمَلَكَها وآمن أهلَها، وتسمّى بالمهديّ. وسار إلى المعرَّة، وحماة، فقتل وسبى النساء، وجاء إلى بَعْلَبَكّ، فقتل عامَّةَ أهلها، وسار إلى سَلَمْيَة، فدخلها بعد مُمَانَعَة، وقَتَلَ مَن بها مِن بني هاشم، وقتل الصّبْيان والدّوابّ، حتّى ما خرج منها وبها عين تَطْرُف2. هزيمة صاحب الشّامة وقتله: ثم إنّ محمد بن سليمان الكاتب -لما سيّره المكتفي- التقى هو وهذا الكلب بقرب حمص، فهزمهم محمد، وأسر منهم خلقًا. وركب صاحب الشامة وابن عمّه المدّثّر وغلامه، واخترق البِّريَّة نحو الكوفة، فمرُّوا على الفُرات بدالِيَّة ابن طوق، فأنكروا زِيَّهم، فتهدّدهم والي ذلك الموضع، فاعترف أنّ صاحب الشّامة خلْف تِلْكَ الرابية، فجاء الوالي فأخذهم، وحملهم إلى المكتفي بالرَّقَّة. ثمّ أُدْخُلُوا إلى بغداد بين يديه، فعذبَّهم، وقطع أيديهم، ثمّ أحرقهم3، ولله الحمد.   1 في الأصل "أنطاكية". 2 انظر تاريخ الطبري "10/ 100"، وتاريخ أخبار القرامطة "20/ 21"، والكامل في التاريخ "7/ 523". 3 تاريخ الطبري "10/ 108-114"، تاريخ أخبار القرامطة "22/ 25"، دول الإسلام "1/ 176". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 4 أحداث سنة اثنتين وتسعين ومائتين : تُوُفّي فيها: أحمد بن الحَسَن المصريّ الأيْليّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن سعيد قاضي حمص، وأحمد بن عَمْرو أبو بكر البزّار، وأبو مسلم الكَجّيّ، وإدريس بن عبد الكريم المقرئ، وأسلم بن سهل الواسطيّ بَحْشَل، وأبو حامد القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز، وعليّ بن محمد بن عيسى الجكانيّ، وعليّ بن جبلة الأصبهاني. عودة مصر إلى العباسيّين: وفي صَفَر سار محمد بن سليمان إلى مصر، لحرب صاحبها هارون بن خُمَارَوَيْه فجرت بينهما وقعات، ثمّ وقع بين أصحاب هارون اختلاف، فاقتتلوا، فخرج هارون ليُسَكِّنَهم، فرماه بعضُ المغاربة بسهمٍ قتله، وهربوا، فدخل محمد بن سليمان مصر، واحتوى على خزائن آل طولون، وقيَّد منهم بضعة عشر نفْسًا، وحبسهم. وكتب بالفتح إلى المكتفي1. وَرُوِيَ أنّ محمد بن سليمان لما قرُب من مصر، أرسل إلى هارون يقول: إن الخليفة قد ولّاني مصر، ورسم أن تسير إلى بابه إنْ كنت مطيعًا. فشاور قوّاده، فأبوا عليه، فخرج هارون. فصاح: المكتفي يا منصور. فقال القّواد: هذا يريد هَلَاكَنا. فدُّسوا خادمًا، فقتله على فراشه، وأقاموا مكانه شيبان بن أحمد بن طولون. ثمّ خرج شَيبان إلى محمد مستأمنًا. ثمّ سُيِّر آل طولون إلى بغداد، فحُبِسوا بها. قال نِفْطَوَيْه: ظهر من شجاعة محمد بن سليمان، وإقدامه على النَّهْب، وضرب الأعناق، وإباحة الأموال الطُّولونية، ما لم يُرَ مثله. ثمّ اجتبى الخراج. وكان يركب بالسُّيوف المُسلَّلة والسّلاح. القبض على محمد بن سليمان: وفيها وافى طُغْجُ بنُ جُفٍّ وأخوه بدْرُ بغدادَ، ودخل بدْر الحمّاميّ، فوجه يومئذ   1 تاريخ الطبري "10/ 118، 119"، البداية والنهاية "11/ 99"، النجوم الزاهرة "3/ 136-138"، الكامل في التاريخ "7/ 535، 536". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 5 مائتي جَمّازة إلى عسكر محمد بن سليمان؛ لأن العباس بن الحَسَن الوزير ساء ظنه بمحمد بن سليمان، وخاف أن يغلب على مصر، وبلغه عنه كلام، فكتب إلى القُوّاد الّذين مع محمد بالقبض عليه، ففعل ذلك جماعة منهم وقيَّدوه. زيادة دجلة: وفي جُمادَى الأولى زادت دِجْلة زيادةً لم يُرَ مثلها، حتّى خربت بغداد، وبلغت الزّيادة إحدى وعشرين ذراعًا1. استيلاء الخليجي على مصر: وفيها خرج الخليجيّ القائد بنواحي مصر، فسار من بغداد فاتك المعتضدي لمحاربته، واستولى الخليجيّ على مصر2. تكريم المكتفي لبدر الحمّامي: وفيها قدِم بدر الحمّاميّ على المكتفي، فبالغ في إكرامه وحَبَائه، وتلقّته الدّولة، وطُوِّق وسُوِّر، وجهز مع فاتك في جيشٍ كثيفٍ لحرب الخليجيّ3. وصول تَقَادُم إسماعيل بن أحمد: وفيها وصلت تَقَادُم إسماعيل بن أحمد من خراسان على ثلاثمائة جمل، ومائة مملوك4.   1 المنتظم "6/ 50"، الكامل في التاريخ "7/ 537". 2 تاريخ الطبري "10/ 119"، النجوم الزاهرة "3/ 147"، نهاية الأرب "13/ 17". 3 تاريخ الطبري "10/ 119، 120". 4 النجوم الزاهرة "3/ 156". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 6 أحداث سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين: فيها تُوُفي: إبراهيم بن عليّ الذُّهَليّ، وداود بن الحسين البَيْهَقيّ، وعبدان المروزي، وعيسى بن محمد الطهماني المَرْوَزِيّ، والفضل بن العبّاس بن مِهران الأصبهاني، ومحمد بن أسد المَدِينيّ، ومحمد بن عَبْدُوس بن كامل السّرّاج، وهميم بن همّام الطَّبَريّ الأَيْليّ. تغلُّب الخليجيّ على جيش المكتفي: وفي أولها: واقع الخليجيّ المتغلّب على مصر المكتفي على العريش، فهزمهم أقبح هزيمة1. ظهور أخي الحسين بن زكرويه: وفيها ظهر أخو الحسين بن زَكْرَوَيْه، فندب المكتفي لحربه الحسين بن حمدان، وصار ابن زَكْرَوَيْه إلى دمشق، فحارب أهلها، ثم مضى إلى طَبَرّية وحارب مَن بها، ودخلها، فقتل عامّة أهلها الرّجال والنساء، وانصرف إلى البادية. استغواء القرامطة لبعض بطون كلب: وقيل: لمّا قُتِل صاحب الشّامة وكان أبوه حيًّا، نفَّذ رجلًا يقال له أبو غانم عبد الله بن سعيد، كان يؤدِّب الصِّبْيان، فتسمَّى نصرًا ليُعْمي أمرَه فدار على أحياء كلْب يدعوهم إلى رأيه فلم يقبله سوى رجل يُسمَّى المقدام بن الكيّال، فاستغوى له طوائف من بُطُونِ كلْب، وقدم الشّامَ، وعامل دمشق أحمد بن كَيَغْلَغ، وهو بأرض مصر يحارب الخليجيّ. مسير القرمطي ببلاد الشام: فسار عبد الله بن سعيد إلى بُصْرَى وأذْرِعات، فحارب أهلها، ثمّ أمَّنهم وغدر بهم، فقتل وسبى ونهب، وجاء إلى دمشق، فخرج إليه صالح بن الفضل، فقتله القَرْمَطي وهزم جُنْده، ودافَعَه أهلُ دمشق، فلم يقدر عليهم، فمضى إلى طَبَريّة، فقتل عاملها يوسف بن إبراهيم، ونهب وسبى، فَوَرد الحسين بن حَمْدان دمشق والقَرْمَطيُّ بطَبَريّة، فعطفوا نحو السَّمَاوَة، فتبعهم ابن حمدان، فلجَّجُوا في البَرِّيَّة، ووصلوا إلى هِيت في شَعْبان، فقتلوا عامّة أهلها ونهبوها، فجهَّز المكتفي إلى هِيت محمد بن إسحاق بن كُنْداجيق، فهربوا منه2.   1 تاريخ الطبري "10/ 121، 122"، المنتظم "6/ 56"، النجوم الزاهرة "3/ 158". 2 العيوب والحدائق ج4 ق "1/ 191-193". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 7 مقتل أبي غانم القرمطي: ووصل الحسين بن حمدان إلى الرَّحْبَةِ، فلّما أحسّ الكلبيون بالجيش ائتمروا بأبي غانم المذكور، فوثب عليه رجل فقتله، ونهبوا ما معه، وظفرت طلائع ابن كُنْداجيق بالقَرْمَطيّ مقتولًا، فاحتزُّوا رأسه1. مهاجمة القرامطة الكوفة: ثمّ إنّ زَكْرَوَيْه بن مهْرَوَيْه جمع جُموعًا، وتَواعَد هو ومن أطاعه، فصبَّحوا الكوفة يوم النَّحْر، فقاتلهم أهلها عامّة النّهار، وانصرفوا إلى القادسيّة، وقد استعدّ لهم أهل الكوفة، وكتب عاملها إسحاق بن عمران إلى الخليفة يستمدّه، فبعث إليه جيشًا كثيفًا، فنزلوا بقرب القادسيّة، وجاءهم زَكروَيْه، فالتقوا في العشرين من ذي الحجّة. وكمَّن زَكروَيْه كمينًا، فلما انتصف النّهار خرج الكمين، فانهزم أصحاب الخليفة أقبح هزيمة، واستباحتهم القرامطة. وكان معهم القاسم بن أحمد داعي زَكروَيْه، فضربوا عليه قُبَّة وَقَالُوا: هَذَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم هجموا الكوفةَ وهم يصيحون: يا ثارات الحسين. وهي كلمة تفرح بها الرّافضة، والقرامطة إنّما يعنون ابن زَكْرَوَيْه. وأظهروا الأعلام البيض ليَسْتَغْوُوا رُعاع الكوفيّين، فخرج إليهم إسحاق بن عِمران في طائفة، فأخرجوهم عن البلد2. القبض على الخليجيّ: وفيها زحف فاتك المعتضديّ على الخليجيّ، فانهزم إلى مصر، ودخل الفُسْطاط، وقُتِل أكثر أصحابه، وانهزم الباقون، واحتوى فاتك على عسكره، فاستتر الخليجيّ عند رجل من أهل الفسطاط، فدلّ عليه، فأُخِذَ في جماعةٍ من أصحابه، وبعث به فاتك إلى بغداد، فوصلها في نصف شَعْبان، فأُدْخِل هو وأصحابُه على الْجِمال فَحُبِسوا3.   1 تاريخ الطبري "10/ 124"، البداية والنهاية "11/ 100"، تاريخ أخبار القرامطة "26-28". 2 تاريخ الطبري "10/ 122-124"، البداية والنهاية "11/ 100"، تاريخ أخبار القرامطة "28"، المنتظم "6/ 57". 3 تاريخ الطبري "10/ 128، 129"، البداية والنهاية "11/ 100"، النجوم الزاهرة "3/ 154-155". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 8 أحداث سنة أربعٍ وتسعين ومائتين: تُوُفي فيها: الحسن بن المُثَنَّى العنبريّ، وأبو عليّ صالح بن محمد جَزَرَة، وعُبَيْد العِجْل، ومحمد بن إسحاق بن راهويه الفقيه، ومحمد بن أيوب بن الضريس الرازي، ومحمد بن مُعَاذ دران، ومحمد بن نصر الفقيه المَرْوَزِيّ، وموسى بن هارون الحافظ. اعتراض القرامطة قافلة الحاجّ: وفي المحرّم خرج زَكْرَوَيْه القَرْمَطيّ من بلاد القَطيف يريد قافلة الحاجّ، فجاء إلى واقصة، ثمّ اعترض قافلة خُراسان، عند عَقَبَة الشّيطان، فحاربوه وترجلُّوا، فقال لهم: أَمَعَكُم من عساكر السلطان أحد؟ قالوا: لا. قال: فامضُوا لشأنكم فلست أريدكم. فساروا، فأوقع بهم، وقتل الرجال، وسبى الحريم، وحاز على القافلة. وكانت نساء القرامطة يُجْهِزْن على الْجَرْحَى، فيقال: قتلوا عشرين ألفًا، وأخذوا ما قيمته ألف ألف دينار1. وجاء الخبر إلى بغداد، فعظُم ذلك على المكتفي والمسلمين، ووقع النَّوْح والبُكاء، وانتُدِب جيشٌ لقتالهم، فساروا، وسار زَكْرَوَيْه -لعنه الله- إلى زُبَالة فنزلها، وكانت قد تأخرّت القافلة الثّالثة، وهي معظم الحجّاج، فسار زَكْرَوَيْه ينتظرها، وكان في القافلة أعيان أصحاب السّلطان، ومعهم الخزائن والأموال، وشَمْسَة الخليفة، فوصلوا إلى فَيْد، وبلغهم الخبر، فأقاموا ينتظرون عسكر السّلطان، فلم يَرِدْ إليهم أحد، فساروا، فوافاهم الملعون بالهَبِير، وقاتلهم يومًا إلى الليل، ثم عاودهم الحرب في اليوم الثّاني، فعِطشُوا واستسلموا، فوضع فيهم السّيف، فلم يُفْلِت منهم إلا اليسير، وأخذ الحريم والأموال. الحرب بين وصيف والقرمطي: فندب المكتفي لقتاله وَصيف بن صُوارتكين ومعه الجيوش، فكتب إلى بني شيبان أن يُوَافوه، فجاءوا في ألفَيْن ومائتي فارس، فلقيه وصيف يوم السبت رابع ربيع   1 البداية والنهاية "11/ 101"، وفيه "ألفي ألف دينار"، الكامل في التاريخ "7/ 548، 549"، دول الإسلام "1/ 178". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 9 الأوّل، فاقتتلوا حتّى حجز بينهم اللّيل، وأصبحوا على القتال، فنصر الله تعالى وصيفًا، وقتل عامة أصحاب زكرويه فضربه الرّجال والنّساء وخلّصوا النّساء والأموال وخلُص بعضُ الجند إلى زكرويه، وهو مولٍ، على قفاه. ثمّ أسروه، وأسروا خليفته وخواصُه وأقرباءه، وابنه، وكاتبه، وامرأته. وعاش زَكْرَوَيْه خمسة أيّام، ومات في الضّرْبة. فشقُّوا بطنه، وحمل إلى بغداد، فَقُتِل الأسارى وأُحْرِقوا1. وقيل: إنّ الّذي جرح زَكْرَوَيْه وصيفٌ نفسه. وتمزّق أصحابه في البرية، وهلكوا عطشًا2، ولله الحمد.   1 تاريخ الطبري "10/ 130-134"، تاريخ أخبار القرامطة "26-28". 2 النجوم الزاهرة "3/ 161". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 10 أحداث سنة خمسٍ وتسعين ومائتين: تُوُفي فيها: أبو الحسين النوري شيخ الصّوفية أحمد بن محمد، وإبراهيم بن أبي طالب الحافظ، وإبراهيم بن معقل قاضي نسف، والحسن بن علي المعمري، والحكم بن مَعْبَد الخُزاعيّ، وأبو شُعَيْب الحرّانيّ، والمكتفي بالله ابن المتعضد، وأبو جعفر محمد بن أحمد التِّرْمِذِيّ الفقيه. الفِداء بين المسلمين والروم: وفيها كان الفداء بين المسلمين والرُّوم. فكان عدّة من فُودِيَ ثلاثة آلاف نفْس1. خروج خاقان المفلحي لحرب ابن أبي الساج: وبعث المكتفي لحرب يوسف بن أبي السّاج خاقانَ المُفْلِحيّ في أربعة آلاف مقاتل2. وفاة الخليفة المكتفي: ومات المكتفي بالله في ذي القِعْدَة، فبُويع أخوه جعفر المقتدر وهو صبي، وأمه   1 تاريخ الطبري "10/ 138"، البداية والنهاية "11/ 103"، النجوم الزاهرة "3/ 162". 2 تاريخ الطبري "10/ 138"، النجوم الزاهرة "3/ 162". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 10 روميّة، وقيل: تُرْكية، أخوها غريب المعروف بغريب الخال. أدركت خلافته، وَسُمِّيَتِ السّيّدة1. وُلِد جعفر في رمضان سنة اثنتين وثمانين، وكان معتدل القامة جميلًا، أبيض بحُمْرة، مدوَّر الوجّه، مليحًا2. ولمّا اشتدّت علّة المكتفي سأل عنه، فصحّ عنده أنّه بالِغٌ، فأُحضِر في يوم الجمعة لإحدى عشرةٍ من ذي القَعدة القضاةُ، وأشهدهم أنّه جعل العهدَ إليه3. وتُوُفّي المكتفي ليلة الأحد، لاثنتي عشرة من ذي القعدة4. خلافة المقتدر: ولم يل الخلافةَ قبل المقتدر أصغر منه، فإنّه وَلِيَها وله ثلاث عشرة سنة وأربعون يومًا5. واستوزر وزير أخيه العباس بن الحسن6، ولم يكن مؤنس الخادم حاضرًا؛ لأن المتعضد كان قد أخرجه إلى مكّة مُكْرَهًا، وكان يبغضه. فاستدعاه المقتدر ورفع منزلته. ومات صافي بعد بيعة المقتدر، فاختصّ مؤنس بالأمور كلّها. بيت المال: وكان في بيت المال يوم بويع المقتدر خمسة آلاف عشر ألف ألف دينار7 أموال المعتضد، وزاد المكتفي أمثالها8.   1 المنتظم "6/ 67". 2 المنتظم "6/ 67". 3 المنتظم "6/ 67"، مروج الذهب "4/ 291". 4 تاريخ الطبري "10/ 138"، المنتظم "6/ 67". 5 تاريخ الطبري "10/ 139". 6 البينة والإشراف "1329"، مروج الذهب "4/ 293". 7 تاريخ الطبري "10/ 139"، المنتظم "6/ 67"، البداية والنهاية "11/ 105". 8 النجوم الزاهرة "3/ 162، 163". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 11 أحداث سنة ستٍّ وتسعين ومائتين: تُوُفي فيها: أحمد بن حمّاد التُّجَيْبيّ أخو زُغْبَة، وأحمد بن نَجْده الهَرويّ، وأحمد بن يحيى الحُلْوانيّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبُريّ، وعبد الله بن المُعْتَزّ، وأبو حصين الوداعي محمد بن الحسين، ومَعْمَر بن محمد أبو شِهاب البلْخيّ، ويوسف بن موسى القطّان الصّغير. موت محمد بن المعتضد: قال محمد بن يوسف القاضي: لمّا تمّ أمر المقتدر استصباه الوزير، وكثر خَوْضُ النّاس في صِغَره، فعمِل العبّاس على خلْعه بمحمد بن المعتضد. ثمّ اجتمع محمد بن المعتضد وصاحب الّشرطة في مجلس العبّاس يومًا، فتنازعا، فأربى عليه صاحب الشّرطة في الكلام ولم يدرِ ما قد رُشّح له، ولم يتمكن محمد من الانتصاف منه، فاغتاظ غيظًا عظيمًا كظمه، فَفُلِج في المجلس، فاستدعى العباس عمارية فحمله فيها، فلم يلبث أن مات1. خلع المقتدر وتولية ابن المعتز: ثمّ اتفق جماعة على خلع المقتدر وتولية عبد الله بن المعتزّ، فأجابهم بشرط أن لا يكون فيها دم، فأجابوه، وكان رأسهم محمد بنُ داود بن الجرّاح، وأبو المُثَنَّى أحمد بن يعقوب القاضي، والحسين بن حَمْدان، واتّفقوا على قتْل المقتدر، ووزيره العبّاس، وفاتك2. فلمّا كان يوم العشرين من ربيع الأوّل ركب الحسين بن حمدان والقُوّاد والوزير، فشدّ ابن حمدان على الوزير فقتله، فأنكر عليه فاتك، فعطف على فاتك فقتله3، ثمّ شدّ على المقتدر -وكان يلعب بالصَّوالجة- فسمع الهَيْعَة، فدخل وأُغلقت الأبواب، فعاد ابن حمدان إلى المُخَرَّم، فنزل بدار سليمان بن وهْب، وأرسل إلى ابن المعتزّ فأتاه، وحضر القُوّاد والقُضاة والأعيان، سوى خواصّ المقتدر، وأبي الحسين بن الفُرات، فبايعوه بالخلافة، ولقّبوه بالغالب لله4. وقيل غير ذلك.   1 الكامل في التاريخ "8/ 11". 2 وفيات في الأعيان "3/ 426". 3 مروج الذهب "4/ 293"، المنتظم "6/ 80، 81". 4 تاريخ الطبري "10/ 140"، المنتظم "6/ 81"، البداية والنهاية "11/ 107". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 12 وزارة ابن الجراح: واستوزر محمد بن داود بن الجرّاح، وجعل يُمْنَ الخادم حاجِبَه، فغضب سَوْسَن الخادم، وعاد إلى دار المقتدر، ونفذت الكُتُب بخلافة ابن المعتزّ وتمّ أمره ليلة الأحد1. مقتل العبّاس الوزير: قال الصُّوليّ: كان العبّاس الوزير قد دبّر خلْع المقتدر مع الحسين بن حمدان، ومبايعة ابن المعتزّ، ووافَقَهُما وصيف، فبلغ المقتدر، فأصلح حال العبّاس، ودفع إليه أموالًا أرضَتْه، فرجع عن رأيه، فعلم ابن حمدان، فقتله لذلك. قول الطبري في خلافة ابن المعتز: وقال المُعَافي بن زكريّا الجريريّ: حُدِّثت أنّ المقتدر لما خُلِع وبويع ابن المعتزّ، دخلوا على شيخنا محمد بن جرير، فقال: ما الخبر؟ قيل: بويع ابن المعتزّ. فقال: فمن رُشِّح للوزارة؟ قيل: محمد بن داود. قال: فمن ذُكر للقضاء؟ قيل: الحسن بن المُثَنَّى. فأطرق ثمّ قال: هذا أمرٌ لا يتمّ. قيل له: وكيف؟ قال: كلّ واحدٍ ممّن سمّيتم متقدّم في معناه على الرُّتْبة، والزّمان مُدْبِرٌ، والدُّنيا مُوَلِّيَة، وما أرى هذا إلّا اضْمحلال، وما أرى لمدّته طُول2. مهاجمة ابن حمدان دار الخلافة: وبعث ابن المعتزّ إلى المقتدر يأمره بالانصراف إلى دار محمد بن طاهر، لكي ينتقل ابن المعتزّ إلى دار الخلافة، فأجاب، ولم يكن بقي معه غير مؤنس الخادم، وغريب خاله، وجماعة من الخَدَم فباكر الحسين بن حمدان دارَ الخلافة فقاتلها3   1 تاريخ الطبري "10/ 140"، النجوم الزاهرة "3/ 165"، تاريخ الخلفاء "378". 2 تاريخ الخلفاء "379". 3 تاريخ الطبري "10/ 140"، البداية والنهاية "11/ 107". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 13 فاجتمع الخَدَم، فدفعوه عنها بعد أن حمل ما قدر عليه من المال، وسار إلى المَوْصل، ثمّ قال الّذين عند المقتدر: يا قوم نسلِّم هذا الأمر ولا نجرّب نفوسنا في دفع ما نزل بنا؟ فنزلوا في الشذاءات، وألبسوا جماعة منهم السّلاح، وقصدوا المُخَرَّم، وبه ابن المعتزّ، فلمّا رآهم من حول ابن المعتزّ أوقع الله في قلوبهم الرُّعب، فانصرفوا منهزمين بلا حرب1. وخرج ابن المعتز فركب فرسًا، ومعه وزيره ابن داود، وحاجبه يُمْن، وقد شَهَر سَيفَه وهو ينادي: معاشر العامة، ادْعُوا لخليفتكم. وأشاروا إلى الجيش أن يتبعوهم ألى سامرّاء، ليثبّت أمرهم، فلم يتبعهم أحد من الجيش، فنزل ابن المعتزّ عن دابّته ودخل دارَ ابنِ الْجَصّاص2، واختفى الوزير ابن داود، وأبو المُثَنَّى القاضي، ونُهِبَت دُورُهما، ووقع النَّهْب والقتْل في بغداد، واختفى علّي بن عيسى بن داود، ومحمد بن عَبْدُون في دار بقالٍ، فَبَدَرَتْهُما العامّة، فأخرجوهما إلى حضرة المقتدر3. عودة المقتدر إلى الخلافة: وقبض المقتدر على وصيف، وعلى يُمْن الخادم، وأبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبي المُثَنَّى القاضي، وأبي المُثَنَّى أحمد بن يعقوب، ومحمد بن خَلَف القاضي، والفقهاء والأمراء الذين خلعوه، وسُلِّموا إلى مؤنس الخادم فقتلهم، إلا عليّ بن عيسى، وابن عَبْدُون، والقاضيَيْن أبا عمر، ومحمد بن خَلَف، فإنهم سَلِمُوا من القتْل، وكان قَتْلُ الباقين في وسط ربيع الآخر4. وزارة ابن الفرات: واستقام الأمر للمقتدر، فاستوزر أبا الحسن عليّ بن محمد بن الفُرات5.   1 الكامل في التاريخ "8/ 15، 16"، ووفيات الأعيان "3/ 426". 2 المنتظم "6/ 81"، البداية والنهاية "11/ 107"، تاريخ الخلفاء "379". 3 تاريخ الطبري "10/ 140"، تاريخ ابن خلدون "3/ 359"، الكامل في التاريخ "8/ 168". 4 تاريخ الطبري "10/ 141"، المنتظم "6/ 81، 82". 5 تاريخ الخلفاء "379"، النجوم الزاهرة "3/ 165"، التنبيه والإشراف "329". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 14 حبْس ابن المعتزّ: ثمّ بعث جماعة فكبسوا دار ابن الجصّاص، وأخذوا ابن المعتزّ، وابنَ الجصّاص، فصُودر ابنُ الجصّاص، وحُبس ابن المعتزّ، ثمّ أُخْرِج فيما بعد ميتًا1. الأمر بعدم استخدام اليهود والنصارى: وفيها أمر المقتدر بأن لا تُسْتَخْدَم اليهود وَالنَّصَارَى، وأن يركبوا بالأُكُف2. تفويض المقتدر الأمر لابن الفرات: وسار ابن الفُرَات أحسن سيرة، وكشف المظالم؛ وحضَّ المقتدر على العدل، ففوَّض إليه الأمور لصغره، واشتغل بالأمر، واطرح الندماء والمغنين، وعاشر النّساء، وغلب أمر الحُرَم والخَدَم على الدولة، وأتلف الخزائن3. تقليد المقتدر لابن حمدان قمّ وقاشان: ثمّ إنّ الحسين بن حمدان قدِم بغداد؛ لأنَّ المقتدر كتب إلى أخيه أبي الهَيْجاء عبد الله بن حمدان في قصْد أخيه، وبعث إليه جيشًا. فالتقى الأَخَوان، فانهزم أبو الهيجاء، فسار أخوهما إبراهيم ألى بغداد، فأصلح أمر الحسين. فكتب له المقتدر أمانًا، فقدِم في جُمَادَى الآخرة، فَقُلِّدَ قُمّ، وقاشان، فسار إليهما مسرعًا4. وقوع الثلج ببغداد: وفي كانون وقع ببغداد ثلج كثير، وأقام أيامًا حتى ذاب5. هرب زيادة الله بن الأغلب من إفريقية إلى مصر: وفيها قدم زيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب أسير إفريقية إلى الجيزة،   1 المنتظم "6/ 82"، البداية والنهاية "11/ 107"، الكامل في التاريخ "8/ 18". 2 البداية والنهاية "11/ 108"، النجوم الزاهرة "3/ 165". 3 تجارب الأمم "1/ 131". 4 تاريخ الطبري "10/ 141"، تجارب الأمم "1/ 141"، دول الإسلام "1/ 180". 5 تاريخ الطبري "10/ 141"، البداية والنهاية "11/ 107". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 15 هاربًا من المغرب من أبي عبد الله الّداعي. وكانت بين زيادة الله وبين جُنْد مصر هَوْشة، ومنعوه من الدّخول إلى الفسطاط. ثمّ أذنوا له، فدخل مصر وتوجّه إلى العراق1. خروج المهدي عبيد الله من السجن وإظهار أمره: وفيها انصرف أبو عبد الله الدّاعي إلى سِجِلْماسَة، وافتتحها2، وأخرج من الحبس المهديّ عُبَيْد الله ووَلَده من حبس اليَسَع. وأظهر أمره، وأعلم أصحابه أنّه صاحب دعوته، وسلم عليه بالإمامة. وذلك في سابع ذي الحجّة سنة ستِّ. فأقام بسِجِلْماسَةَ أربعين يومًا، ثم قصد إفريقيّة، وأظهر التّواضع والخشوع، والإنعام والعدل، والإحسان إلى النّاس، فانحرف النّاس إليه، ولم يجعل لأبي عبد الله كلامًا. فلامه أبو العبّاس، وعرّفه سابقةَ أبي عبد الله. تخلُّص المهديّ من أبي عبد الله الشيعيّ وأخيه: ثمّ أراد أبو عبد الله استدراك ما فات، فقال على سبيل التنصُّح للمهديّ: أنا أخبر منك بهؤلاء، فاترك مباشرتهم إلي، فإنه أمكن لجبروتك، وأعظم لك. فتوحَّش من كلامه، وساء به ظنه، فحبّب أبو العبّاس نفوس جماعة من الأعيان، وشكَّكهم في المهديّ، حتى جاهره مقدّمهم بذلك فقتله، وتأكدت الوحشة بين المهدي وبين الأَخَوَيْن، وجماعة من كُتَامة، وقصدوا إهلاك المهديّ، فتلطّف حتى فرّقهم في الأعمال، ورتب من يقتل الأَخَوَيْن، فعسكرا بمن معهما وخرجا، فَقُتِلا سنة ثمان وتسعين، وقتل معهما خلق3.   1 تاريخ الخلفاء "379"، دول الإسلام "1/ 180"، العبر "2/ 105". 2 النجوم الزاهرة "3/ 166"، تاريخ ابن خلدون "3/ 364". 3 الكامل في التاريخ "8/ 47-50"، العبر "2/ 37". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 16 أحداث سنة سبع وتسعين ومائتين، أحداث سنة ثمان وتسعين ومائتين : أحداث سنة سبْعٍ وتسعين ومائتين: تُوُفي فيها: إبراهيم بن هاشم البَغَويّ، وإسماعيل بن محمد بن قيراط، وعبد الرحمن بن القاسم الرّاوي الهاشمي، وعُبَيْد بن غنام، ومحمد بن عبد الله مُطَيَّن، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، ومحمد بن داود الظّاهريّ، ويوسف بن يعقوب القاضي. دخول ابني ابن الليث بغدادَ أسيرين: وفيها دخل طاهر ويعقوب ابنا محمد بن عَمْرو بن الليث الصّفّار بغدادَ أسيرَيْن1. بناء المهديّة بالمغرب: وفيها وصل الخبر إلى العراق بظهور عُبيد الله المسمَّى بالمهديّ؛ وأخرج ابنَ الأغلب وبَنى المَهْدِيّة. وخرجت المغرب عن أمر بني العباس من هذا التاريخ2. إقامة ابن الأغلب بالرّقّة: وهرب ابن الأغلب وقصد العراق، فكتب إليه أن يصير إلى الرَّقَّةِ ويقيم بها3. وفاة النوشَريّ وابن بسطام: وتُوُفي نائبه عيسى النوشَريّ، وعاملُ خَرَاجها أحمد بن محمد بن بِسْطام، فقلّد تكين أبو منصور الخاصّة مصر، فوصلها في ذي الحجّة4، واستعمل على الخراج علي بن أحمد بن بسطام. أحداث سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين: فيها تُوُفي: أبو العبّاس أحمد بن محمد بن مسروق، وبُهْلُول بن إسحاق الأنباريّ، والْجُنَيْد شيّخ الطائفة، والحَسَن بن عَلُّويَة القطّان، وأبو عثمان الحِبَرِيّ الزّاهد سعد بن إسماعيل، وسمنون المُحِب، ومحمد بن عليّ بن طرْخان البلْخيّ الحافظ، ومحمد بن يحيى بن سليمان المَرْوَزِيّ، ومحمد بن طاهر الأمير، ويوسف بن عاصم.   1 تاريخ الطبري "10/ 43"، النجوم الزاهرة "3/ 168". 2 النجوم الزاهرة "3/ 168"، تاريخ ابن خلدون "3/ 364، 365". 3 نهاية الأرب "24/ 152". 4 الكامل في التاريخ "8/ 58، 59"، النجوم الزاهرة "3/ 171، 3/ 195"، نهاية الأرب "23/ 32". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 17 إصابة القاضي ابن أبي الشوارب بالفالج: وفيها فُلِجَ القاضي عبد الله بن عليّ بن أبي الشوارب، وكان على قضاء الجانب الشرقيّ، فأُسْكِت من الفالج، فاستخلف ابنه محمدا1، وبقي إلى سنة إحدى وثلاثمائة. ولاية ابن حمدان ديار بكر وربيعة: وفيها قدِم الحسين بن حمدان من قُمّ، فولّاه المقتدر ديارَ بكْر، وربيعة2. وفاة ابن عمرويه: وفيها تُوُفي محمد بن عَمْرَوَيْه صاحب الشرطة، تُوُفّي بآمد، وحُمِل إلى بغداد. وفاة صافي الحرمي: وفيها توفي صافي الحرمي3، فقلّد مكانه مؤنس الخادم. استتار الخاقاني: وفيها استتر أبو عليّ محمد بن عُبَيْد الله الخاقانيّ، لوصول رُقْعة له إلى المقتدر يطلب فيها الوزارة، فبعث بها إلى ابن الفرات. فاتّهم ابن الفُرات عبد الله بن الحسن بن زوزان بأنّه يسعى لأبي عليّ في الوزارة، فنفاه إلى الرَّقَّةِ. هبوب الريح بالموصل: وفيها أُخِذَ من بغداد أربعةٌ، ذُكِرَ أنهم من أصحاب محمد بن بِشْر، وأنّه يدَّعي الرُّبُوبيّة4. وهبّت بحديثة الموصل ريحٌ حارّة، فمات من حَرِّها جماعة5. قتل المهديّ للداعيين الشيعيين: وفيها كانت وقعة بين أبي محمد عُبَيْد الله المهديّ وبين داعِيَه أبي عبد الله، وأبي العبّاس بإفريقّية في جُمَادى الآخرة، فَقُتِل الدّاعيّان وجُنْدهما، فخالف على المهديّ أهلُ طرابُلُس، فجهز إليهم ابنه أبا القاسم القائم، فأخذها عنوةً في سنة ثلاثمائة، وتمهدت له المغرب6.   ــ 1 المنتظم "6/ 97، 98"، البداية والنهاية "11/ 112"، النجوم الزاهرة "3/ 174". 2 دول الإسلام "1/ 181"، العبر "2/ 109". 3 سيأتي في التراجم برقم "221". 4 المنتظم "6/ 98"، البداية والنهاية "11/ 112". 5 المنتظم "6/ 98"، البداية والنهاية "11/ 112"، الكامل في التاريخ " 6 نهاية الأرب "24/ 154"، النجوم الزاهرة "3/ 174"، العبر "2/ 109". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 18 أحداث سنة تسعٍ وتسعين ومائتين: فيها تُوُفي: أحمد بن أنس بن مالك الدِّمشقيّ، وأبو عَمْرو الخفاف الزّاهد أحمد بن نصر الحافظ، والحسين بن عبد الله الخرقي الفقيه والد مصنف الخِرَقيّ، وعليّ بن سعيد بن بشير الرّازيّ، ومحمد بن يزيد بن عبد الصّمد، وجُمشاد الدَّينَورِيّ الزاهد. القبض على الوزير ابن الفرات: وفيها قبض المقتدر على وزيره أبي الحسن بن الفُرات، ونُهِبَتْ دُورُه، وهُتِك حُرَمُه1. وقيل: إنه ادُّعي عليه أنّه كاتَبَ الأعراب أن يكبسوا بغداد. ونهبت بعض بغداد عند قبْضه. وزارة ابن خاقان: واستوزر أبا عليّ محمد بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان2. ورود هدايا مصر على المقتدر: وفيها وردت هدايا مصر، فيها خمسمائة ألف دينار، وضلع إنسان عرض شبْر، في طول أربعة عشر شِبْرًا، وتَيْس له ضرْع يحلب لبنًا3. ورود هدايا أمير خُراسان: ووردت هدايا أحمد بن إسماعيل بن أحمد أمير خُراسان، فيها جواهر ويواقيت لا تُقَوَّم4. ورود هدايا ابن أبي السّاج: ووردت هدايا يوسف بن أبي الساج، فكانت خمسمائة رأس من الخيل والبغال، وثمانون ألف دينار، وبساط روميّ طولُه سبعون ذراعًا، في عرض ستّين ذراعًا، نُسِجَ في عشر سنين، وغير ذلك5. الدعوة للمهديّ بالخلافة: وفيها سار المسمّى بالمهديّ إلى المهديّة بالمغرب، وَدُعِيَ له بالخلافة برَقّادة والقيروان وتلك النواحي، وعظم مُلْكُه6، والله أعلم.   1 تاريخ الطبري "10/ 145"، نهاية الأرب "23/ 34"، النجوم الزاهرة "3/ 177". 2 تاريخ الطبري "10/ 145"، البداية والنهاية "11/ 116"، النجوم الزاهرة "3/ 177". 3 المنتظم "6/ 109"، البداية والنهاية "11/ 116"، النجوم الزاهرة "3/ 177". 4 البداية والنهاية "11/ 112-116"، المنتظم "6/ 98". 5 المنتظم "6/ 110"، نهاية الأرب "23/ 36". 6 النجوم الزاهرة "3/ 177". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 19 أحداث سنة ثلاثمائة : وفيها تُوُفي: أبو العبّاس أحمد بن محمد البراثيّ، وأبو أُمية أحْوَص بن المفضَّل الغَلابي، والحسين بن عمر بن أبي الأَحْوَص، وعليّ بن سعيد العسْكريّ الحافظ، وعبد الله بن عبد الله بن طاهر الأمير، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأمويّ صاحب الأندلس، وعليّ بن طَيْفُور النَّسَويّ، ومحمد بن أحمد بن جعفر أبو العلاء الوَكِيعيّ، ومسدَّد بن قَطَن، ومحمد بن الحَسَن بن سَمَاعَة. مقتل الحسيني بأعمال دمشق: وفيها ظهر محمد بن جعفر بن عليّ الحسينيّ بأعمال دمشق، فخرج إليه أميرها أحمد بن كَيْغَلَغ، فقُتل محمد في المعركة1. الوباء بالعراق: وفيها كان وباء شديد بالعراق، وأهلك الخلق2. سَيْح جبل بالديّنور: وساح جبل بالدينَوَر في الأرض، وخرج من تحته ماء كثير غَرّق القرى3. مصادرة ابن الفرات وأصحابه: وفيها تُتُبِّع أصحاب أبي الحَسَن بن الفُرات وصُودروا، وأُخْرِبت ديارُهم، وضُربوا، وعُذِّب ابن الفُرات حتى كاد يتلف، ثمّ رَفَقُوا به بعد أن أُخِذت أمواله4. وزارة عليّ بن عيسى: ثمّ عزل الخاقاني عن الوزارة، ورُشّح لها عليّ بن عيسى5. ولادة بغلة: ويقال وُلِدت فيها بغلة، فسبحان القادر على كل شيء6.   1 النجوم الزاهرة "3/ 180". 2 البداية والنهاية "11/ 118"، النجوم الزاهرة "3/ 180". 3 المنتظم "6/ 115"، البداية والنهاية "11/ 181"، النجوم الزاهرة "3/ 180"، تاريخ الخلفاء "380". 4 النجوم الزاهرة "3/ 179". 5 النجوم الزاهرة "3/ 180"، الكامل في التاريخ "8/ 68". 6 المنتظم "6/ 115". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 21 تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الألف": 1- أحمد بن إبراهيم بن عُبَيْد الله بن كيسان الثقفي المديني1. شادويه. وعن: إسماعيل بن عمرو البجلي. وعنه: الطبراني. قال أبو الشّيخ: ليس بالقويّ. تُوُفي سنة إحدى وتسعين ومائتين. 2- أحمد بن إبراهيم بن الحَكَم أبو دُجَانة القرافيّ، مولاهم. والقرافة بطن من المَعَافر، نزلوا بظاهر مصر. يروي عن: عيسى بن حمّاد، وحَرْمَلَة، وغيرهما. تُوُفي سنة تسعٍ تسعين ومائتين. 3- أحمد بن إبراهيم بن أيّوب أبو بكر الحَوْرانيّ. عن: عثمان بن أبي شَيْبة، وعُقْبة بن مُكْرَم. وعنه: أبو بكر بن أبي دُجَانة، وأخوه أبو زُرْعة بن أبي دُجَانة. وتُوُفي سنة تسعٍ وتسعين. 4- أحمد بن إسحاق الأصبهانيّ ويُعرف بحَمُّوَيْه الثَّقَفيّ الْجَوْهريّ. عن: لُوَيْن، وإسماعيل بن زُرَارة، وأبي مروان العثمانيّ. وعنه: أبو الشيَّخ، والقاضي أبو أحمد العسَّال. توفي سنة ثلاثمائة. 5- أحمد بن أنَس بن مالك أبو الحَسَن الدّمشقيّ المقرئ2. عن: صَفْوان بن صالح، وهشام بن عمّار، ودُحَيْم، ومحمد بن الخليل البلاطيّ، وطائفة. وقرأ القرآن على ابن ذَكْوان. وذكر أبو بكر النّقّاش أنه أخذ عنه حرف ابن ذَكْوان. وروى عنه: ابن جَوْصا، وولده الحَسَن بن أحمد بن جوصا، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، والطَّبَرانيّ، وأبو أحمد بن النّاصح، وجماعة. وكان من ثقات الدمشقيين. توفي سنة تسعٍ وتسعين. 6- أحمد بن بِشْر أبو أيوب الطيالسي3.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 64-65". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 10". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 35"، طبقات الحنابلة "1/ 22" رقم 5. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 22 عن: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين. وعنه: أبو بكر الخلال الخُتُّليّ، وعمر بن مسلم. تُوُفي سنة خمسٍ وتسعين. 7- أحمد بن بِشْر الهَرَويّ. عن: عليّ بن حُجْر، وغيره. تُوُفي سنة ستٍّ. 8- أحمد بن بِشْر بن حبيب الصُّوريّ البيروتيّ المؤدِّب1. عن صَفْوان بن صالح، وعبد الحميد بن بكّار، ومحمد بن مُصَفَّى، وغيرهم. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، وجُمَح بن القاسم، وآخرون. وقد مر: أحمد بن بِشْر بن عبد الوهاب وأحمد بن بِشْر المَرْثَديّ. 9- أحمد بن تميم بن ... 2 المُرُوذِيّ. ومُرْذ: بالضّمّ من قرى مَرْو. وسمع: عليَّ بن حُجْر، وأحمد بن منيع، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة، في صَفَر. 10- أحمد بن حاتم ماهان السّامُرِّيّ الْمُعَدَّلُ3. عن: عبد الأعلى بن حمّاد، ويحيى بن أيّوب العابد، وعدّة. وعنه: عبد الله الخُراساني، والطَّبَرانيّ. 11- أحمد بن الحسن بن أبان بن مُضَر. المصري4 الأَيْليّ5. عن: أبي عاصم النّبيل، وعبد الصمد بن حسّان، وحَجّاج بن منهال، وغيرهم.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 16". 2 بياض في الأصل. 3 تاريخ بغداد "4/ 114"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 66". 4 في الأصل "المغري". 5 المعجم الصغير للطبراني "1/ 53"، المجروحين لابن حبان "1/ 49، 150"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 23 وعنه: عبد الباقي بن قانع، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازيّ، والطّبرانيّ، وجماعة. قال ابن حِبّان، وابن الرّبيع: كذّاب. وقال أبو يَعْلَى الخليليّ: كذاب يضع الحديث. قلت: تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. أورد له ابن عديّ حديثين باطلين. 12- أحمد بن الحسين بن نصر1. أبو جعفر البغداديّ الحذّاء. عن: عليّ بن المَدِينيّ، وغيره. وعنه: ابن قانع، وعيسى الرُّخَّجيّ، وآخرون. وثّقه الدّارَقُطْنيّ2. وتوفي سنة تسعٍ وتسعين. 13- أحمد بن الحسين. أبو بكر الباغَنْديّ. عن: محمد بن منصور الجزّار، وعيسى بن يونس الفاخوريّ، والحسين بن حسن المَرْوَزِيّ، ويونس بن عبد الأعلى، وجماعة. روى عنه: يزيد بن محمد الأزْديّ. 14- أحمد بن حفص السَّعْديّ الْجُرْجانيّ3. حَمْدان. محدِّث، عالم، ضعيف. يروي عَنْ: عليّ بْن الْجَعْد، وأحمد بْن حنبل، وطبقتهما. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأهل جُرْجان. تُوُفي سنة ثلاث أو أربعٍ وتسعين. قال ابن عديّ: أحمد بن حفص بن عمر بن حاتم بن النجم بن ماهان أبو محمد السَّعْديّ، تردَّد إلى العراق وأكثر، وحدَّث بأحاديث مناكير لا يُتابَع عليها. وهو عندي ممّن لا يتعمَّد الكذب. وهو ممّن يُشَبَّه عليه فيغلط ويحِّدث من حفظه. قلت: روى له ابن عديّ خمسة أحاديث، كلّها لهشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة مناكير مرة. يسقط حديث الرجل بدونها.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 41"، وتاريخ بغداد "4/ 97، 98". 2 تاريخ بغداد "4/ 98". 3 ميزان الاعتدال "1/ 94"، ولسان الميزان "1/ 162، 163"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 70"، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "1/ 41". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 24 ثمّ إنّه حدَّث عن سعيد بن عُقْبة الكوفيّ قال: ثنا الأعمش، وثنا جعفر الصّادق. وسأل ابن عديّ الحافظ ابن عُقْدة، عن ابن عُقْبة هذا فقال: لم أسمع به قط. ثمّ إنّ الّذي عن جعفر بن محمد، هو من أبيه، عن جدّه، عن بَحِيرا الراهب في الزَّجْر عن الخمر. فانظر إلى هذا الإفْك المبين، وبَحِيرا لم يُدْرِك المَبْعَث. وما أشكّ أنّ سعيد بن عُقْبة هذا شيء اختلقه أحمد بن حفص. فإنّ مثل هذا يُروى عن جعفر، ويتأخّر إلى حدود سنة ثلاثين ومائتين، ولا يعرفه ابن عُقْدة، هذا معدوم قَطْعًا. 15- أحمد بن حمَاد بن مسلم1. أبو جعفر التُّجَيْبيّ المصريّ بن زُغْبَة. عن: سعيد بن أبي مريم، وسعيد بن عُفَيْر، وأخيه عيسى بن حمَاد، وطائفة. وعنه: ن. وأبو سعيد بن يونس، وعبد المؤمن بن خَلَف النَّسَفيّ، والحسن بن رشيق، والطبراني، وجماعة. وبلغ أربعا وتسعين سنة. توفي بمصر في جمادى الأولى سنة ست وتسعين. 16- أحمد بن حماد بن سفيان2. أبو عبد الرحمن الكوفي. ولي قضاء المصيصة، فتوفي بها. سمع: أبا بلال الأشعري، وأبا كريب. وعنه: عبد الباقي بن قانع، ومحمد بن علي بن حبيش، وجماعة، وأبو عمرو السماك. قال الدّارَقُطْنيّ: لا بأس به. 17- أحمد بن داود بن أبي نصر3. أبو بكر السّمْنانيّ القُومِسيّ. عن: سُفْيان، وهُدْبَة بن خالد، وصَفْوان بن صالح المؤذّن، وخلْق. وعنه: ابن عُقْدَةَ، وإسماعيل بن نُجَيْد، وأبو عَمْرو بن مَطَر. تُوُفي سنة خمسٍ وتسعين. 18- أحمد بن رُسْتَة الأصبهانيّ4.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 21، 22"، وتهذيب التهذيب "1/ 25، 26"، وتقريب التهذيب "1/ 13"، وسير أعلام النبلاء "13/ 533" رقم 265. 2 تاريخ بغداد "4/ 124". 3 تاريخ بغداد "4/ 141". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 63". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 25 عن: جده لأمّه محمد بن المغيرة، وسليمان الشاذكوني، وإبراهيم بن عبد الله الهروي. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيخ، وأبو أحمد الْعَسَّالُ. تُوُفي سنة ثلاثٍ وتسعين. 19- أحمد بن أبي يحيى زُكَيْر الحضْرميّ1. مولاهم المصريّ أبو الحَسَن الملقَّب بيزيد بن أبي حبيب. يروي عن: حَرْمَلَة، وعافية بن أيّوب، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفي سنة ثمانٍ وتسعين. قال ابن يونس: لم يكن بذاك، فيه نُكْرة. 20- أحمد بن زيد بن الحُرَيْش الأهوازيّ2. أبو الفضل. عن: أبيه، وأبي حاتم السجِسْتانيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفي في صفر سنة أربعٍ وتسعين. 21- أحمد بن سعيد بن شاهين البغداديّ3. عن: شَيْبان، ومُصْعَب بن عبد الله. وعنه: دَعْلَج، والطَّبَرانيّ. وكان ثقة. تُوفي سنة ثلاثٍ أيضًا. 22- أحمد بن سعيد. أبو جعفر4 النَّيْسابوريّ الحبريّ5. عن: عليّ بن حُجْر، وأحمد بن صالح المصريّ، وخلْق. وسكن الشاش. وكان حافظًا نبيلًا. تُوُفي بالشّاش في ذي القعدة سنة ثلاثٍ أيضًا. 23- أحمد بن سعيد بن عروة الصفار6.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 49". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 28". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 36"، وتاريخ بغداد "4/ 171". 4 الثقات لابن حبان "8/ 755". 5 في الثقات "الحيري". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 62". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 26 عن: عبد الواحد بن غِياث، وإسحاق بن موسى الخَطْميّ، وأحمد بن عَبْدة. وعنه: أبو الشيخ، والطَّبَرانيُّ. توُفّي سنة خمسٍ. 24- أحمد بن الحافظ سعيد بن مسعود المَرْوَزِيّ1. من كُبراء مَرْو، وأَجِلّائها، وعُقَلائها. عن: أبيه، وعليّ بن حُجْر. وعنه: أبو العبّاس الساريّ، ويحيى العَنْبَريّ. توُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 25- أحمد بن سليمان بن أيوب2. أبو محمد المَدِينيّ الأصبهانيّ الوَشّاء. أحد الأثبات. سمع: الوليد بن شجاع، وسوّار بن عبد الله العَنْبَريّ، والطبقة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيخ، وأبو إسحاق بن حمزة. توفي سنة تسعٍ وتسعين. 26- أحمد بن سهل بن أيّوب3. أبو الفضل الأهوازيّ. عن: عليّ بن بحر القطّان. وعنه: الطَّبَرانيّ، وغيره. تُوُفّي في يوم التَّرْوِية سنة إحدى وتسعين بالأهواز. 27- أحمد بن سهل بن مالك4. أبو بكر النَّيْسابوريّ. عن: أحمد بن حنبل، وابن راهَوَيْه. وعنه: الحافظان ابن عُقْدة، وابن الأخرم. تُوُفّي سنة تسعين. 28- أحمد بن صنا. ويقال: أحمد بن صنا أبو الحَسَن الدّمشقيّ المَرَوِيّ. روى عن: أبي الجماهر الكَفَرْسوسيّ، وغيره. وعنه: أبو الطَّيَّب بن الخَوْلانيّ، وأبو عليّ بن آدم، وأبو عَمْرو بن فضالة.   1 الكامل في التاريخ "8/ 62". 2 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 109، 110". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 31". 4 طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "1/ 47". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 27 29- أحمد بن طاهر بن حَرْمَلةَ بن يحيى التُّجَيْبيّ المصريّ1. عن: جدّه. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأحمد بن عليّ المَدِينيّ. قال ابن عديّ: ضعيف يكذب في الحديث وغيره. سمعت أحمد بن علي يقول: سمعت أحمد بن طاهر يقول: رأيت بالرملة قردا يصوغ، فإذا أراد أن ينفخ أشار إلي رجل حتى ينفخ له. توفي سنة اثنتين وتسعين. 30- أحمد بن العباس بن أشرس2. عن: أحمد بن حنبل، وأبي إبراهيم الترجماني. توفي ببغداد سنة ثلاث وتسعين. 31- أحمد بن العبّاس بن الوليد بْن مُزْيَد. أبو العبّاس العُذْريّ البَيْروتيّ. روى عن: هشام بن عمّار، ولُوَيْن، وحامد بن يحيى البْلخيّ. وعنه: محمد بن يوسف الهَرَويّ، وموسى الصّبّاغ إمام مسجد بيروت، وأبو عبد الله بن مروان، وآخرون. ذكره ابن منده بالفضل والصَّلاح. 32- أحمد بن عَبْدان بن سِنان الزَّعْفرانيّ. عن: عبد الله بن عمر أخو رُسْتَة، وطبقته من الأصبهانيّين. وعنه: أبو الشَّيخ. تُوُفّي سنة ستٍ وتسعين. 33- أحمد بن عبد الله الخُتُّليّ3. عن: أبي بكر بن أبي شَيْبة، وأبي همّام السَّكونيّ، وطبقتهما. وعنه: أبو بكر الجعابي، والإسماعيلي. توفي سنة ثلاثمائة. وثقه الخطيب.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 22"، ولسان الميزان "1/ 189"، وميزان الاعتدال "1/ 105". 2 طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "1/ 52، 53". 3 في الأصل "أبي بن أبي شيبة". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 28 34- أحمد بن عبد الله القَرْمَطيّ1. صاحب الخال. رأس القرامطة وطاغيتهم. هو سمّى نفسه هكذا. وهو حسين بن زَكْرَوَيْه. بعث المكتفي بالله عسكرًا لحربه في سنة إحدى وتسعين، فالتقوا، فقُتِل خلْق من أصحابه، ثمّ انهزم، فَمُسِكَ وأُتِيَ به، وطِيف به في بغداد في جماعة، ثمّ قُتِل هو وهم تحت العذاب. وكان قد بايعه القرامطة بعد قتل أخيه، ولقَّبوه بالمهدي. وكان شجاعًا فاتكًا شاعرًا. ومن شعره يقول: متى أرى الدنيا بلا كاذبِ ... ولا حَرُوري ولا ناصبي متى أرى السَّيْفَ على كلِّ مَن ... عادى عليَّ بنَ أبي طالبِ ولما قُتِلَ خرج بعده أبوه زَكْرَوَيْه القَرْمَطيّ يأخذ بالثّأر، فاعترض الرّكَب العراقيّ في سنة أربعٍ وتسعين في المحرَّم، فقتلهم قتلًا ذريعًا، وبدَّعَ فيهم. قال أبو الشَّيخ الأصبهانيّ: حزروا أنّ زَكْرَوَيْه القَرْمَطيّ قتل من الحاجّ وغيرهم خمسين ألف رجل، ثمّ لقِيه العسكر بظاهر الكوفة، فهزم العسكر وأخذ سلاحهم وثقلهم، فتقوى بذلك، واستفحل أمره، وأجلبت معه كلْب وأَسَد، ولقَّبوه السيّد، وكان يُدْعى زَكْرَوَيْه. ثمّ سار إليه جيش عظيم، فالتقوه بين البصْرة والكوفة، فكُسِر جيشه وأسر جريحًا، ثمّ مات في ربيع الأول من سنة أربعٍ، وطِيف به ببغداد ميتًا2، لا رحمه الله تعالى. وقد مرّت أخبارهم في الحوادث. قال إسماعيل الخُطَبيّ: خرج بالشّام في خلافة المكتفي رجل يُعرف بابن المهزول، انتمى إلى جعفر بن محمد، فعاث وأفسد. قال المَرْزبانيّ: عليّ بن عبد الله بن المهزول الخارج بالشّام مع أخيه أحمد بن عبد الله صاحب الخال، وهو صاحب الشامة، وكانا ينتميان إلى الطالبيين، ويشك في   1 تاريخ الطبري "10/ 100-114"، والمنتظم "6/ 43"، وتاريخ أخبار القرامطة "20-25". 2 تاريخ الطبري "10/ 130-134"، والتنبيه والإشراف "325، 326"، تاريخ أخبار القرامطة "28-36"، والمنتظم "6/ 60"، البداية والنهاية "11/ 101". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 29 نَسَبِهما فكانت الرئاسة لعليّ بن عبد الله، فقُتِل، ثمّ قام أخوه إلى أن قُتِل. ولعليّ شِعْر جيّد. قلت: ويُسمى أيضًا يحيى بن زَكْرَوَيْه. قال الخُطَبيّ: ثمّ حاصر ابن المهزول دمشقَ فلم يدخلْها، وتمّت له وقائع مع عسكر مصر، وقُتِل في المعركة. وكان يعرف بصاحب الجمل، فقام بعده أخوه صاحب الخال، وفي اسمه خلف. 35- أحمد بن عبد الرحمن السقطي1. عن: يزيد بن هارون. مجهول. تفرد عنه: محمد بن أحمد المفيد الضعيف وقال: سمعت منه سنة خمسٍ وتسعين. 36- أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق2. أبو عبد الله بن أبي عَوْف البغداديّ البُزُوريّ. رئيس نبيل صدوق. سمع: سويد بن سعيد، ولُوَيّنًا، وعثمان بن أبي شَيْبة، وجماعة. وعنه: أبو علي بن الصواف، وعبد الله بن إبراهيم الزَّيْنبيّ، ومحمد بن عليّ بن حُبَيْش، وآخرون. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. وثّقه الدارَقُطْنيّ. ومولده سنة أربع عشرة ومائتين3. قال الخطيب: كان ثقة نبيلًا رفيعًا جليلًا، ذا منزلة من السلطان وأموال. قال ابن الحربيّ: هو أحد عجائب الدُّنيا4. 37- أحمد بن عبد الرحمن بن يزيد بن عقال5. أبو الفوارس التميمي الحراني.   1 تاريخ بغداد "4/ 244"، والمنتظم "6/ 90-92"، لسان الميزان "1/ 211، 212". 2 تاريخ بغداد "4/ 245، 246"، وميزان الاعتدال "1/ 116". 3 تاريخ بغداد "4/ 246". 4 تاريخ بغداد "4/ 246"، طبقات الحنابلة "1/ 51". 5 المعجم الصغير للطبراني "1/ 14، 15"، وميزان الاعتدال "1/ 116"، لسان الميزان "1/ 213"، والمغني في الضعفاء "1/ 46". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 30 عن: أبي جعفر النُّفَيليّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن عديّ. قال أبو عَرُوبَة: لم يكن يؤتَمَن على نفسه ولا دينه. وقال ابن عديّ: يُكتَب حديثه. قلت: تُوُفّي سنة ثلاثمائة. 38- أحمد بن عُبَيْد الله بن جرير بن جَبَلَة بن أبي رَوّاد العَتَكيّ البصْريّ القاضي1. عن: أبيه، وغيره. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 39- أحمد بن عُبَيْد. أبو بكر الشّيرازيّ. روى عنه: محمد بن بكّار بن الريان، وداود بن الرشيد. وعنه: أبو بكر عبد العزيز شيخ الحنابلة، وأبو بكر الإسماعيليّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 40- أحمد بن على بن إسماعيل القطّان. بغداديّ2. روى عن: أبي مروان العثمانيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. 41- أحمد بن على بن إسماعيل الرّازيّ3. عن: سهل بن عثمان، ومحمد بن مَهران الجمّال، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي في صفر سنة إحدى وتسعين ببغداد. 42- أحمد بن عليّ بن سعيد. القاضي أبو بكر المَرْوَزِيّ مولى بن أُميّة4. ولي نيابة الحُكْم بدمشق، وولي قضاء حمص. وكان محدّثًا ثقة، مُكْثِرًا عالمًا. سمع: عليّ بن الجعد، وسويد بن سعيد، ويحيى بن مَعِين، وكامل بن طلحة، وأبا نصر التّمّار، وخلْقًا من طبقتهم. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ، وأبو عَوَانة، وابن جَوْصا، وأبو عليّ بن معروف، والطبراني، وأبو أحمد بن الناصح.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 37". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 35"، وتاريخ بغداد "4/ 305". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 27، 28"، تاريخ بغداد "4/ 307". 4 تاريخ بغداد "4/ 304"، وتهذيب التهذيب "1/ 62"، وتقريب التهذيب "1/ 22". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 31 تُوُفّي في نصف ذي الحجّة سنة اثنتين وتسعين. 43- أحمد بن عليّ بن حسن1. أبو الصَّقر التَّميميّ البغداديّ الضّرير. روى عن: عليّ بن عثمان اللّاحقيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. 44- أحمد بن عليّ بن محمد بن الجارود الحافظ2. أبو جعفر الجاروديّ الأصبهانيّ. رحل وطوَّف وصنَّف التّصانيف. وحدَّث عن: أبي سعيد الأشَجّ، وعمر بن رُسْتَة، وهارون بن إسحاق، وخلْق من الأصبهانيين. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو إسحاق بن حمزة، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه، وأبو الشيخ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين، وقيل: سنة ثمانٍ. 45- أحمد بن عمرو بن عبد الخالق3. أبو بكر البزار الحافظ، صاحب "المسند" المشهور. سمع: هُدْبَةَ بن خالد، وعبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسيّ، والحسن بن عليّ بن راشد، وإبراهيم بن سعيد الْجَوْهريّ، وعبد الله بن معاوية الْجُمحيّ، ومحمد بن يحيى الرُّمّانيّ، وخلْقًا. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيخ، وعُبَيْد الله بن الحَسَن، وأهل أصبهان، فإنّه رحل إليها في آخر عُمره، وروى بها الكثير. قال الدّارَقُطْنيّ: ثقة يخطئ كثيرًا4 ويتّكل على حِفْظه5. قلت: تُوُفّي بالرَّملة في ربيع الأوّل سنة اثنتين وتسعين6. وقد حدَّث ببغداد أيضًا فروى عنه من أهلها: محمد بن العبّاس بن نجيح، وعبد الباقي بن قانع، وأبو بكر الخُتَّليّ، وغيرهم. وحدَّث بمصر وبالحَرَم. وكان يرحل في أواخر عمره، وثبت علمه.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 47"، وتاريخ بغداد "4/ 305، 306". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 63". 3 المنتظم "6/ 50"، والنجوم الزاهرة "3/ 157، 158"، لسان الميزان "1/ 237". 4 إضافة من تاريخ بغداد. 5 تاريخ بغداد "4/ 335". 6 تاريخ بغداد "4/ 335"، ذكر أخبار أصبهان "1/ 104". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 32 46- أحمد بن عَمْرو بن مسلم1. أبو بكر المكّيّ الخلّال. عن: يعقوب بن حُمَيْد بن كاسب، وعبد الله بن عِمران العابديّ، ومحمد بْن يحيى العُرَنيّ، وطائفة. وعنه: الطَّبَراني، وغيره. تُوُفي سنة إحدى وتسعين ومائتين. 47- أحمد بن عَمْرو بن حفص بن عُمَر بن يَمَان بن عبد الرحمن القرمعيّ2. أبو بكر البصْريّ القَطَرانيّ. عن: عمرو بن مرزوق، وسليمان بن حرب، وهُدْبة بن خالد، والقَعْنَبِيّ، وأبي الوليد، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الطاهر الذُّهَليّ قاضي مصر، وآخرون. تُوُفّي في شوّال سنة خمس وتسعين. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات". 48- أحمد بن فَيّاض3. أبو جعفر الدّمشقيّ. عن: هشام بن عمّار، ومحمد بن مُصَفَّى. وعنه: أبو عليّ بن شُعَيب، وجماعة. تُوُفّي سنة ستٍ وتسعين. 49- أحمد بن القاسم بن مُسَاوِر البغداديّ4. أبو جعفر الْجَوْهريّ. عن: عفّان، وخالد بن خِداش، وعلى بن الْجَعْد. وعنه: ابن قانع، وأحمد بن كامل، ومحمد بن عليّ بن حُبيَش، والطَّبَرانيّ. وكان ثقة5 صاحب حديث. قال أحمد المُنادي: قال لي إنّه كتب عن عليّ بن الْجَعْد خمسة عشر ألف حديث6. قال: ومات في المحرّم سنة ثلاث وتسعين ومائتين.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 26". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 51"، والثقات لابن حبان "8/ 55". 3 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 439". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 34"، وتاريخ بغداد "4/ 349". 5 تاريخ بغداد "4/ 349". 6 تاريخ بغداد "4/ 350". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 33 50- أحمد بن القاسم السُّلَيمانّيّ الأغرّ1. عن: سَجّادة، وعبد الرحمن بن صالح. وعنه: ابن مَخْلَد، وابن قانع. 51- أحمد بن القاسم بن نصر بن دَوَسْت2. أبو عبد الله البغداديّ. عن: سُوَيْد بن سعيد، وغيره. وعنه: جعفر الخالديّ، وبكّار بن أحمد. قال الخطيب3: كان ثقة صالحًا. مات سنة ستٍ وتسعين. 52- أحمد بن القاسم4. أبو الحَسَن الطّائيّ البِرْتيّ. عن: بِشْر بن الوليد، وأبي بكر بن أبي شَيْبة، وجماعة. وعنه: أحمد بن خُزَيْمة، وابن قانع، والطبراني، وجماعة. وثقه الخطيب5. وتوفي سنة ست أيضا. 53- أحمد بْن محمد بْن الحَسَن بْن بِسْطام. أبو العبّاس البغداديّ الكاتب. أحد الفُضَلاء الأعيان، ولي المناصب الكِبار. وقد أخذ عن: يعقوب بن السِّكّيت. روى عنه: الأخفش الصغير، ومحمد بن هارون المجدَّر. تُوُفّي بمصر في رجب. 54- أحمد بن محمد بن منصور6. أبو بكر البغداديّ الحاسب الضّرير. سمع: عليَّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ. روى عنه: أبو بكر القطِيعيّ، وأبو بكر بن الْجِعَابي، ومَخْلَد الباقَرْحيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. وثّقه الدّارَقُطْنيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 55- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن أُسَيْد7. أبو العبّاس الخزاعي الأصبهاني.   1 تاريخ بغداد "4/ 351". 2 تاريخ بغداد "4/ 350". 3 تاريخ بغداد "4/ 350". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 37"، وتاريخ بغداد "4/ 350". 5 تاريخ بغداد "4/ 350". 6 تاريخ بغداد "5/ 97". 7 المعجم الصغير للطبراني "1/ 61"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 106". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 34 عن: مسلم بن إبراهيم، والقَعْنَبِيّ، وَقُرَّةَ بن حبيب، وأبي عمر الحَوْضيّ، وأبي الوليد الطَّيالِسيّ، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد العسّال، وأبو الشيَّخ بن حبّان، وعبد الرحمن بن سِياه، وجماعة من الأصبهانيّين. وقال أبو الشيَّخ: ثقة مأمون. تُوُفّي في صفر سنة إحدى وتسعين. 56- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن الحَسَن بْن الفُرات1. أبو العبّاس الكاتب. أخو الوزير عليّ، وعمّ ابن خَيْزُران. من بيت الحشمة والوزارة. وكان أَكْتَبَ أهل زمانه وأقومهم للآداب والفضائل والفِقْه، بل مدحه البُحْتُريّ الشاعر. وتُوُفّي سنة إحدى وتسعين ببغداد، ولم يخلِّف بعده مثله في التصرف. 57- أحمد بْن محمد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين بن سعد2. أبو جعفر المِهْريّ المقرئ الحافظ. قرأ القرآن على: أحمد بن صالح الطَّبَريّ. وسمع: سعيد بن عُفَيْر، ويحيى بن سليمان الْجُعْفيّ، وجماعة. وعنه: عبد الله بن جعفر بن الورد، وعمر بن دينار، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وآخرون. قال ابن عدي3: له مناكير ويُكْتَب حديثه. وهو كثير الحديث من الحفّاظ لحديث مصر. قرأ عليه: ابن شَنَبُوذ، وأحمد بن بَهْزاد السِّيرافيّ. وقال ابن يونس: مات في يوم عاشوراء سنة اثنتين وتسعين. قال ابن عديّ: هو، وأبوه، وجدّه، وجدّ أبيه، أربعتهم ضُعفاء. 58- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن صدقة4. أبو بكر البغداديّ الحافظ.   1 تاريخ الطبراني "10/ 23-73"، ومروج الذهب "2987، 2988". 2 الجرح والتعديل "2/ 75"، وتاريخ بغداد "4/ 297". 3 الكامل في الضعفاء "1/ 201". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 34"، وتاريخ بغداد "5/ 40"، سير أعلام النبلاء "14/ 83"، وشذرات الذهب "2/ 215". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 35 سال الإمام أحمد مسائل مدوّنة. وسمع من: إسماعيل بن مسعود الْجُحْدُريّ، ومحمد بن مسكين اليَمَاميّ، ومحمد بن حرب النَّسائيّ، وغيرهم. وعنه: ابن قانع، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ. وكان موصوفًا بالضَّبْط والإتقان. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. وأخذ عنه: أبو بكر الخلّال، وغيره. وروى القراءات عن جماعة. روي عنه: ابن مجاهد. 59- أحمد بن محمد1. أبو العباس المديني الأصبهانيّ البزّار. ثقة فاضل، يروي عن: داود بن رُشَيْد، وعبد الله مُشْكِدَانَة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيخ، وجماعة. تُوُفّي سنة ثلاثٍ أيضًا. 60- أحمد بن محمد بن سعيد2. أبو سعيد الأصبهانيّ المَعينيّ. سمع: سهل بن عثمان، وعقبة بن مُكْرَم، وزيد بن الحَرَميّ، وطبقتهم. وعنه: الطبراني، وأبو أحمد العسال، وأبو الشيخ. وثّقه أبو نُعَيْم الأصبهانيّ. وتوفي سنة خمسٍ وتسعين. 61- أحمد بن محمد بن حرب الْجُرْجانيّ المُلْحَميّ3. عن: عليّ بن الْجَعْد، وأبي مُصْعَب. وعنه: ابن عديّ. وليس بثقة. 62- أحمد بن محمد4. أبو الحسين النوريّ الزَّاهد شيخ الصُّوفية. كان من أعلم العراقيين بلَطَائف القوم5. صحب السَّريّ السَّقطيّ، وغيره. وكان أبو القاسم الْجُنَيْد يعظمه ويحترمه. وأصله خُراسانيّ بَغَويّ. تُوُفّي أبو الحسين النّوريّ سنة خمس أيضًا. وقد قدِم الشّامَ وأخذ عَنْ: أحمد بن أبي الحواري.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 61". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 62". 3 المجروحين لابن حبان "1/ 154"، وميزان الاعتدال "1/ 134". 4 طبقات الصوفية للسلمي "164-169"، وحلية الأولياء "10/ 249-255"، وسير أعلام انبلاء "14/ 70-77"، والبداية والنهاية "11/ 106"، والنجوم الزاهرة "3/ 163". 5 تاريخ بغداد "5/ 130". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 36 حكى ابنُ الأعرابي محنته وغَيبته في أيام محنة غلام خليل، وأنّه أقام بالكوفة مدّة سِنين متخلّيًا عن النّاس، ثمّ عاد إلى بغداد وقد فقد أُناسه وجُلّاسه وأشكاله، فانقبض عن الكلام لضعف قوّته، وضَعْف بَصَره1. قال أبو نُعَيْم: سمعت عمر البنّا بمكة لمّا كانت محنة غلام خليل ونسبوا الصُّوفيّة إلى الزَّنْدَقة، أمر الخليفة بالقبض عليهم، فأُخِذَ في جملتهم النُّوريّ إلى السَّيّاف ليضرب عُنُقَه، فقيل له في ذلك، فقال: آثرتُ حياتهم على نفسي وهذه اللّحظة. فتوقَّف السَّياف، فردَّ الخليفة أمرهم إلى قاضي القُضاة إسماعيل بن إسحاق. فسأل إسماعيل القاضي أبا الحسين النُّوريّ عن مسائل في العبادات، فأجابه، ثمّ قال له: وبعد هذا فلله عِباد يسمعون بالله، وينطقون بالله، ويأكلون بالله. فبكى القاضي، ودخل على الخليفة وقال: إن كان هؤلاء زنادقة فليس في الأرض موحِّد، فأطلقهم2. حكاية نافعة: قال أبو العبّاس بن عطاء: سمعت أبا الحسين النُّوريّ يقول: كان في نفسي من هذه الآيات، فأخذت من الصّبْيان قصبة، ثمّ قمت بين زَوْرقين وقلت: وَعِزَّتِكَ، لئن لم تخرج لي سمكةٌ، فيها ثلاثة أرطال لأُغْرِقَنّ نفسي. قال: فخرجت لي سمكة فيها ثلاثة أرطال. فبلغ: ذلك الْجُنَيْد، فقال: كان حكمه أن تخرج له أَفْعَى فتَلْدَغْه. وعن أبي الحسين قال: سبيل الفانين الفناء في محبوبهم، وسبيل الباقينَ البقاءُ ببقائه. ومن ارتفع عن الفَناء والبَقاء، فحينئذٍ لا فناء ولا بقاء. وعن القنّاد قال: كتبت إلى النُّوريّ وأنا حَدَث: وإذا كان كلّ المرء في الكُلّ فانيًا ... أبنْ لي عن أيِّ الوجودَيْن يُخْبِرُ فأجاب لوقته: إذا كنتَ فيما ليس بالوصف فانيًا ... فوقْتُكَ في الأوصاف عندي تحير   1 حلية الأولياء "10/ 250". 2 طبقات الأولياء لابن الملقن "64، 65". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 37 وقد ذكر ابن الأعرابي أبا الحسين النُّوريّ فقال: مضيت يومًا أنا ورُوَيْم بن أحمد، وأبو بكر العطّار نمشي على شاطئ نهر. فإذا نحن برجلٍ في مسجد بلا سَقْف. فقال رُوَيْم: ما أشبه هذا بأبي الحسين النُّوريّ. فِمِلْنا إليه فإذا هو هو، فسلَّمْنا، وَعَرَفَنَا، وذكر أنّه ضجر من الرَّقَّةِ فانحدر، وأنّه الآن قدِم، ولا يدري أين يتوجَّه. وكان قد غاب عن بغداد أربع عشرة سنة. فعرضنا عليه مسجَدنا، فقال: لا أريد موضعًا فيه الصُّوفيّة، قد ضجرت منهم. فلم يزل يطلب إليه حتّى طابت نفسه، وكان قد غلبت عليه السَّوْداء وحديث النَّفس، ثمّ ضعُف بصرُهُ وانكسر قلبه، وفقد إخْوانه، فاستوحش من كلّ أحد، ثمّ إنّه تأنَّس1. قال أبو نُعَيْم2: سمعت أبا الفَرَج الورثَانيّ: سمعت علي بن عبد الرحيم يقول: دخلت على النُّوريّ، فرأيت رِجْليه منتفخَتْين، فسألته، فقال: طالبتني نفسي بأكْل التَّمْر، فجعلتُ أُدافَعُها، فتأبى عليَّ، فخرجت واشتريت، فلمّا أن أكلت قلت لها: قومي فَصَلِّي. فأبت. فقلت: لله عليَّ إنْ قعدت على الأرض أربعين يومًا؛ فما قعدت3. وقال بعضهم عن النَّوريّ قال: من رأيته يدّعي مع الله حالةً تُخْرِجُ عن الشَّرع، فلا تقتربْ منه4. قال ابن الأعرابي في ترجمة النُّوريّ: فسألنا أبو الحسين عن نصر بن رجاء، وعثمان، وكانا صديقين له، إلّا أنّ نصرًا تنكّر له، فقال: ما أخاف ببغداد إلّا من نصر فعرَّفوه أنّه بخلاف ما فارقه، فجاء معنا إلى نصر. فلمّا دخل مسجده قام نصر، وما أبقى في إكرامه غاية، وبِتْنا عنده، ولمّا كان يوم الجمعة ركبنا مع نصر زورقًا من زوارقه إلى باب خراسان، ثمّ صرْنا إلى الجنيد، فقام القوم وخرجوا، وأقبل عليه الْجُنَيْد يذاكره ويمازحه، فسأله ابن مسروق مسألة، فقال: عليكم بأبي القاسم. فقال الجنيد: أجب يا أبا الحسين أرجو أن يسمعوا جوابك. فقال: أنا قادم، وأنا أحبّ أن أسمع.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 74". 2 الحلية "10/ 251". 3 تاريخ بغداد "5/ 132"، وسير أعلام النبلاء "14/ 71". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 72". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 38 فتكلم الْجُنَيْد والجماعة والنُّوريّ ساكت، فعرضوا عليه ليتكلَّم فقال: لقد لقيتم ألقابًا لا أعرفها، وكلامًا غير ما أعهد، فدعوني حتّى أسمع وأقف على مقصودكم. فسألوه عن الفرق الّذي يعد الجمع ما علامته؟ وما الفرق بينه وبين الفرق الأوّل؟ ما أدري سألوه بهذا اللَّفْظ أو بمعناه، وكنت قد لقيته بالرَّقَّة سنة سبعين، فسألني عن الْجُنَيْد، فقلت: إنّهم يشيرون إلى شيء يسمّونه الفرق الثّاني والصَّحْوَ. قال: اذكر لي شيئا منه. فذكرته فضحك وقال: ما يقول ابن الخلنجي؟ قال: ما يجالسهم. قال: فأبوا أحمد القَلانِسيّ؟ قلت: مرّة يخالفهم، ومرّة يوافقهم. قال: فما تقول أنت؟ قلت: ما عسى أن أقول أنا. ثمّ قلت: أحسب أن هذا الذي يسمُّونه فرقًا ثانيًا هو عينٌ من عيون الجمع، يتوهَّمون به أنّهم قد خرجوا عن الجمع. فقال: هو كذلك. أنت إنّما سمعت هذا من أبي أحمد القلانِسيّ. فقلت: لا. فلمّا قدِمت بغدادَ، حدَّثت أبا أحمد بذلك، فأعجبه قول النُّوريّ. وأمّا أبو أحمد فكان ربّما يقول: هو صَحْو وخُرُوج عن الجمع. وربّما قال: بل هو شيءٌ من الجمع. ثمّ أنّ النُّوريّ لمّا شاهدهم قال: ليس هو عينٌ من عيون الجمع، ولا صَحْوٌ من الجمع. ولكنّهم رجعوا إلى ما يعرفونه. ثمّ بعد ذلك ذكر رُوَيْم، وابن عطاء أنّ النُّوريّ يقول الشّيءَ وضده، ولا يعرف هذا إلّا قول سُوفسطاء، ومن قال بقوله. قال ابن الأعرابي: فكان بينهم وبين النُّوريّ وَحشة، وكان يُكثِر منهم التَّعجُّب. وقالوا للجُنَيْد، فأنكر عليهم وقال: لا يقولوا مثل هذا لأبي الحسين، ولكنّه رجل لعلّه قد تغيَّر دماغه. ثمّ إنّه انقبض عن جميعهم، وأظهر لمن لقيه منهم الْجَفَاء، وغلبت عليه العِلّة وَعَمِيَ، ولزم الصَّحارَى والمقابر. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 39 وكانت له في ذلك أحوال يطول شرحُها1. وسمعت جماعة يقولون: من رأي النُّوريّ بعد قدومه من الرَّقَّةِ ولم يكن رآه قبلها، فكأنّه لم يره لتغيُّره، رحمه الله2. قال ابن جهضم: حدَّثني أبو بكر الخلّال قال: كان أبو الحسين النُّوريّ إذا رأي منكرا غيّره، ولو كان فيه تَلَفُه. فنزل يومًا يتوضّأ، فرأى زورقًا فيه ثلاثون دَنًّا. فقال للملاح: ما هذه؟ فقال: ما يلزمك. فألحّ عليه فقال: أنت والله صُوفيّ كثير الفُضُول، هذا خمرٌ للمعتضد. فقال: أَعطِني ذلك الْمِدْرَى، فاغتاط وقال لأَجِيره: ناولْه حتّى أُبْصِر ما يصنع. فأخذه، ولم يزل يكسرها دنًا دَنًّا. فلم يترك إلّا واحدًا، فأخذ النُّوريّ، وأُدْخِل إلى المعتضد، فقال: من أنت ويْلك؟ قال: قلت: محتسب. قال: ومن ولّاك الحِسْبة؟ قلت: الذي ولاك الإمامة يا أمير المؤمنين. فأطرق ثم قال: ما حَمَلَكَ على ما صنعت؟ قلت: شفقة منّي عليك. قال: كيف خلص هذا الدَّنّ؟ فذكر النُّوريّ ما معناه أنّه كان يكسر الدِّنان ونفسه مخلصة، فلمّا وصل إلى هذا الدن أعجبته نفسه، فارتاب في إخلاصه، فترك الدَّنّ3. وعن أبي أحمد المَغَازِليّ قال: ما رأيت أحدًا قطّ أعبد من النُّوريّ. قيل: ولا الْجُنَيْد؟ قال: ولا الْجُنَيْد4. وقيل: أن الْجُنَيْد مرض، فعاده النُّوريّ، فوضع يده عليه، فعُوفي لوقته5. 63- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن رباح. أبو جعفر المصري المؤدب، مولى آل مروان.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 74". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 75". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 76". 4 تاريخ بغداد "5/ 131". 5 صفة الصفوة "2/ 440"، وطبقات الأولياء "66، 67". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 40 سمع: يوسف بن عدي، ويحيى بن بُكَيْر. تُوُفّي في شوال سنة ست وتسعين. روى عنه: الحَسَن بن رشيق، وغيره. ويُعرف بابن الرَّقْراق. 64- أحمد بن محمد بن نافع1. أبو بكر المصريّ الطَّحاويّ الأصمّ. عن: يحيى بن بُكَيْر، وإبراهيم بن المُنذر الحزَاميّ، وأبي مُصْعَب، وأحمد بن صالح، وجماعة. وعنه: حمزة الكِنانيّ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ستٍّ أيضًا. 65- أحمد بن محمد بن زكريّا2. أبو بكر البغداديّ الحافظ المعروف بأخي ميمون. عن: نصر بن عليّ الْجَهْضميّ، وطبقته. وعنه: الطَّبَرانيّ، وجماعة. تُوُفّي بمصر. 66- أحمد بن محمد بن يزيد بن الأشعث3. أبو حسّان العَنَزِيّ البغداديّ القاضي المقرئ. قرأ على: ابن نَشِيط؛ وعلى: أحمد بن زُرارة صاحب سليم4. قرأ عليه: أبو الحسين بن بُويان5، وابن شَنَبُوذ، وعلى بن سعيد بن الحسين. وكان من أعيان القرّاء. 67- أحمد بن محمد بن الوليد6. أبو بكر المُرِّيّ الدّمشقيّ المقرئ. عن: أبي مُسهِر، وآدم بن أبي إياس، وأبي اليَمَان، وهشام بن عمّار، ومحمود بن خالد، وجماعة. وقيل: في لُقِيّه لأبي مُسْهِر نظر. وكان مُقْرِئًا فاضلًا.   1 المعجم الكبير للطبراني "1/ 22". 2 المعجم الكبير للطبراني "1/ 71"، وتاريخ بغداد "5/ 8"، والبداية والنهاية "11/ 108". 3 غاية النهاية لابن الجوزي "1/ 133". 4 في الأصل "مسلم". 5 في الأصل "ثوبان". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 13"، سير أعلام النبلاء "14/ 81". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 41 روى عنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد بن النّاصح، وأبو عمر بن فَضَالَةَ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 68- أحمد بن محمد بن مسروق1. أبو العبّاس البغداديّ الزّاهد مصنِّف جزء "القناعة". كان من أعيان الصُّوفيّة وعُلمائهم. روى عن: عليّ بن الْجَعْد، وعليّ بن المديني، وخَلَف بن هشام، وأحمد بن حنبل، وغيرهم. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وجعفر الخالديّ تلميذه، وحبيب القزّاز، ومَخْلَد بن جعفر الباقَرْحَيّ، وأبي عُبَيْد العسكريّ. وكان الْجُنيد يحترمه ويعتقد فِيهِ. وقال أبو نُعَيْم الحافظ2: صحِبَ الحارث المُحَاسبيّ، ومحمد بن مَنصور الطُّوسيّ، والسَّريَّ السَّقَطيّ. ومن كلامه: التَّصوُّف خلْو الأسرار ممّا منه بُدّ، وتعلُّقها بما ليس منه بُدّ3. قال الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ4. قلت: تُوُفّي ابن مسروق في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين، وله أربعٌ وثمانون سنة، وهو من كبار شيوخ الإسماعيليّ الّذين أدركهم. وقال له رجل: الضيافة ثلاث، فما زاد فهو صدقة منك عليّ5. 69- أحمد بن محمد بن خالد6. أبو العبّاس البَرَاثي البغداديّ. عن: عليّ بن الْجَعْد، وكامل بن طلحة، وسُرَيْج بن يونس، وغيرهم. وعنه: مَخْلَد الباقَرْحِيّ، وأبو حفص بن الزّيّات، والجعابي، وأحمد بن جعفر بن سلم، وعدة.   1 تاريخ بغداد "5/ 100-103"، وميزان الاعتدال "1/ 150"، وشذرات الذهب "2/ 227". 2 حلية الأولياء "10/ 213". 3 حلية الأولياء "10/ 214". 4 تاريخ بغداد "5/ 103"، وزاد "يأتي بالمعضلات". 5 تاريخ بغداد "5/ 100". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 47"، وتاريخ بغداد "5/ 43"، وسير أعلام النبلاء "14/ 92"، والنجوم الزاهرة "3/ 181". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 42 قال الدارقطني: ثقة مأمون1. قلت: توفي سنة ثلاثمائة، وهو من شيوخ الطَّبَرانيّ. وقد قرأ على خَلَف بن هشام، وحدَّث عنه بالقراءة عبد الواحد بن أبي هاشم. 70- أحمد بن محمد بن دِلان2. أبو بكر الخيشي. عن: محمد بن بكّار بن الرّيّان، وعُبَيْد الله القواريريّ، وأبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وإسحاق النّعاليّ. وكان لا بأس به، ودلان: بالكسر. مات سنة ثلاثمائة. 71- أحمد بن محمد بن ساكن3. أبو عبد الله الزَّنْجانيّ الفقيه. من كبار الأئمّة. رحل إلى العراق ومصر، وتفقّه على: إبراهيم المُزَنيّ، وغيره. وسمع: إسماعيل ابن بنت السُّدِّيّ، وأبا مُصْعَب الزُّهريّ، وأبا كُرَيْب، والحسن بن عليّ الحُلْوانيّ، وطبقتهم. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم4، وعلي بن إبراهيم بن سلمة القطان، ويوسف بن القاسم المَيَانِجيّ، وجماعة آخرهم إبراهيم بن أبي حمّاد الأبهريّ. قال أبو يعلي الخليلي: تُوُفّي قبل الثلاثمائة. بقي إلى سنة تسع وتسعين ومائتين. 72- أحمد بن موسى الجنبيّ5. خطيب جُرْجان. سمع: إبراهيم بن موسى الوَزْدُوليّ. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. 73- أحمد بن موسى بن مخلد6. الفقيه أبو العباس الغافقي المالكي.   1 تاريخ بغداد "5/ 3". 2 تاريخ بغداد "5/ 605". 3 الجرح والتعديل "2/ 74"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 244". 4 الجرح والتعديل "2/ 75". 5 تاريخ جرجان للسهمي "78" رقم "27". 6 الديباج المذهب "31/ 32". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 43 أخذ عن: سَحْنُون، والبَرْقيّ، وجماعة. وكان ذا دِينٍ ووَرَع. طُلِبَ للقضاء فامتنع، وعاش ثمانيًا وثمانين سنة. وتُوُفي سنة خمسِ وتسعين ومائتين. 74- أحمد بن نَجْدة بن العُرْيان1: أبو الفضل الهروي رحل وسمع سعيد بن المنصور وسعيد بن سليمان الواسطي زجماعة وعنه أبو اسحاق البزار وأبو أحمد المزني المغفلي وكان ثقة معمرًا توفي في بَهَراة سنة ست وتسعين. 75- أحمد بن أبي رجاء نصر بن شاكر2. أبو العبّاس الدّمشقيّ المقرئ المؤدِّب. قرأ القرآن على: الحسين بن عليّ العِجْليّ صاحب يحيى بن آدم. وقرأ بدمشق على الوليد بن عتبة. وقرأ عليه: عليّ بن أبي العَقِب، وأبو الحَسَن بن شَنَبُوذ، وعبد الله بن عَبْدان الدّراوَرْديّ. وقد روى الحديث عن: هشام، وصَفْوان بن صالح المؤذّن، وإبراهيم بن هشام بن يحيى الغسّانيّ، وعبد الرحمن بن إبراهيم دُحَيْم، وخلْق كثير. وعنه: أبو عبد الرحمن النَّسائيّ في الكني، وأبو عليّ الحَصَائريّ، وخيثمة الأَطْرَابُلسيّ، وأبو أحمد عبد الله بن ناصح، وآخرون. تُوُفّي في المحرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 76- أحمد بن نصر بن إبراهيم3. أبو عمرو النَّيْسابوريّ الخفّاف الحافظ. قال أبو عبد الله الحاكم: هو شيخ وحده جلالةً ورئاسة وَزُهْدًا وعبادةً وسخاء. سمع بنَيْسابور: إسحاق بن راهَوَيْه، وعَمْرو بن زُرَارة، والحسين بن حُرَيْث، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزْمة، وأقرانهم. وببغداد: إبراهيم بن المستمرّ، وأحمد بن منيع، وأبا همّام السَّكُونيّ، وأقرانهم.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 571"، وشذرات الذهب "2/ 224". 2 تهذيب التهذيب "1/ 86"، وتقريب التهذيب "1/ 27"، وتهذيب تاريخ دمشق "1/ 86". 3 الجرح والتعديل "2/ 79"، والتهذيب والنهاية "11/ 117"، المنتظم "6/ 110". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 44 وبالكوفة: أبا كُرَيْب، وعَبّاد بن يعقوب، وجماعة. وبالحجاز: أبا مُصْعَب، ويعقوب بن حُمَيْد بن كاسب، وعبد الله بن عمران العابديّ، وغيرهم. وعنه: محمد بن سليمان بن فارس، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، والشيوخ. وثنا عنه: أبو سعيد أحمد بن أبي بكر الحِيريّ، ومحمد بن أحمد بن حمدون الذُّهَليّ، وأبو بكر الضُّبَعيّ، وأهل نيسابور. وسمعت أبا زكريّا العَنْبريّ يقول: كان ابتداء حال أبي عَمْرو أحمد بن نصر الرئيس الزُّهد والورع وصُحْبة الأبدال، إلى أن بلغ مِن العِلْم والرئاسة والجلالة ما بلغ. ولم يكن يُعْقِب، فلمّا أيس من الولد تصدَّق بأموالٍ، كان يُقال: إنّ قيمتها خمسة آلاف درهم، على الأشراف والموالي والفقراء1. سمعت أبا بكر -يعني الضُّبَعيّ- يقول: كنّا نقول إنّ أبا عَمْرو الخفّاف يفي بمذاكرة مائة ألف حديث2. وصام الدهر نيفًا وثلاثين سنة3. سمعت أبا الطَّيِّب الكرابيسيّ: سمعت ابن خزيمة يقول على رءوس الملأ يوم مات أبو عَمْرو الخفّاف: لم يكن بخراسان أحفظ منه للحديث4. سمعت أبا إسحاق المُزَكّي: سمعت السّرّاج يقول: ما رأيت أحفظ من أبي عَمْرو الخفّاف. كان يسرد الحديث سَرْدًا، حتّى المقاطيع والمراسيل5. سمعت محمد بن المؤمِّل بن الحَسَن: سمعت أبا عَمْرو الخَفّاف، يقول: كان عَمْرو بن اللَّيْث الصّفّار يقول لي: يا عم، متى ما عَمِلت شيئًا لا يوافقك فاضْرِبْ رقبتي، إلى أن أرجع إلى هواك6. سمعت محمد بن حمدون الواعظ يقول: مات أبو عَمْرو الرئيس الذي كنا نقول   1 سير أعلام النبلاء "13/ 561". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 561". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 561". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 562". 5 سير أعلام النبلاء "2 / 88". 6 سير أعلام النبلاء "13/ 562". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 45 عنه زَيْن الأشراف أبو عمرو الخفَاف في شَعْبان سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. 77- أحمد بن النَّضر بن عبد الوهاب1. أبو الفضل النَّيسابوريّ، أحد أركان الحديث. قال الحاكم: كان البخاريّ إذا ورد نيسابور كان ينزل عند الأخَوَيْن: أحمد، ومحمد ابنَيِ النَّضْر. قال: وقد روى عنهما في "الجامع الصّحيح"، وإسنادهما وسماعهما معًا، وهما سِيَّان2. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، وعَمْرو بن زُرارة، وهُدْبَة بن خالد، وعُبَيد الله بن مُعَاذ، وشَيْبان بن فَرُّوخ، وسهل بن عثمان العسكريُّ، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ، وخلْقًا سمّاهم الحاكم. وقال: هو مجَّودٌ في البصْريّين. روى عنه: خ، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، ومحمد بن الأخرم، وأحمد بن إسحاق الصَّيْدلانيّ، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وغيرهم. وروى خ.. حديث الإفك عن الزهرانيّ وثبَّتني أحمد في بعضه، وأحمد هذا هو ابن النَّضْر، وما هو بابن حنبل، والله أعلم. 78- أحمد بن هشام بن عبد الله بن كثير الأسدي الدّمشقيّ3. أبو الحَسَن القارئ. عن: محمد بن مصفّى، ومحمود بن خالد. وعنه: جمح بن القاسم، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، وجماعة. 79- أحمد بن وهب بن عمرو4. أبو العباس المِصِّيصيّ، من ولد عُقْبَة بن أبي معيط.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 564"، وتهذيب التهذيب "1/ 87"، وشذرات الذهب "2/ 205"، وتذكرة الحفاظ "2/ 645". 2 تهذيب الكمال "1/ 516". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 111". 4 تاريخ بغداد "5/ 190". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 46 له عن: حكيم بن سيف الرّقّيّ. وعنه مخلد الباقرمي حدث بغداد. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. 80- أحمد بن يحيى بن يزيد1. أبو العبّاس الشَّيْبانيّ، مولاهم النَّحْويّ ثعلب شيخ العربيّة ببغداد وإمام الكوفيّين في النَّحْو. سمع: إبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ، ومحمد بن زياد بن الأعرابي، وعُبَيْد الله القواريريّ، ومحمد بن سلّام الْجُمَحيّ، وعليّ بن المغيرة، وَسَلَمَةَ بن عاصم، والزُّبَير بن بكّار. وعنه: إبراهيم نفطويه، ومحمد بن العبّاس اليزيديّ، وعليّ الأخفش الصَّغير، وأبو بكر بن الأنباريّ، وأحمد بن كامل القاضي، وأبو عمْرو الزّاهد غلام ثعلب، ومحمد بن مُقْسِم، وآخرون. وُلِد سنة مائتين، وكان يقول: طلبت العربيّة سنة ستّ عشرة ومائتين، وابتدأت بالنَّظر وعُمري ثمان2 عشرة سنة، ولمّا بلغت خمسًا وعشرين سنة ما بقي عليّ مسألة للفرّاء إلّا وأنا حفِظْتُها. وسمعت من القواريريّ مائة ألف حديث3. قال الخطيب4، وغيره: كان ثقة حُجّة دَيِّنًا صالحًا مشهورًا بالحِفْظ. وقيل: كان ثعلب لا يتكلَّف إقامة الإعراب في حديثه. وقال إبراهيم الحربيّ: قد تكلم النّاس في الاسم والمسمى، وقد بلغني أن أبا العبّاس أحمد بن يحيى قد كره الكلام في ذلك، وكرهت لكم ما كره العبّاس5. وقال محمد بن عبد الملك التاريخيّ: سمعت المبرِّد يقول: أعلم الكوفيّين ثعلب. فذُكِر له الفراء، فقال: لا يعشره6.   1 تاريخ بغداد "5/ 204"، وسير أعلام النبلاء "14/ 5"، والبداية والنهاية "11/ 98"، وشذرات الذهب "2/ 207"، طبقات الحنابلة "1/ 83"، والمنتظم "6/ 44". 2 تاريخ بغداد "5/ 205". 3 تاريخ بغداد "5/ 205". 4 تاريخ بغداد "5/ 205". 5 تاريخ بغداد "5/ 209". 6 تاريخ بغداد "5/ 210". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 47 وقال ابن مجاهد المقرئ: قال لي ثعلب: أشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، وأشتغل أهل الفِقْه بالفقه ففازوا، واشتغلتُ أنا بزيدٍ وعَمْرو، فليت شعري، ماذا يكون حالي في الآخرة؟ فانصرفت من عنده، فرأيت تلك الليلة النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي: أَقْرِئ أبا العباس عني السّلام، وقل له: إنّه صاحب العلم المستطيل. قال القفطي: كان ثعلب يدرس كُتُب الكِسائيّ والفراء درسًا، فلم يكن يدري مذهب البصريّين، ولا كان مستخرجًا للقياس، ولا طالبًا له، بل ينقل. فإذا سُئل عن الحُجَّة لم يأتِ بشيء. وعن الرِّياشيّ -وَسُئِلَ لما رجع من بغداد- فقال: ما رأيت أعلم من الغلام المنيز، يعني ثعلبًا. وحكى أبو عليّ الدِّينَوَرِيّ خَتَن ثعلب أنّ المبرِّد كان أعلم بكتاب سِيبَوَيْه من ثعلب؛ لأنّه قرأه على العُلماء، وثعلب قرأه على نفسه. وقيل: إنّ ثعلبًا كان بخيلًا1. وخلف ثلاثة آلاف دينار، ومُلْكًا بثلاثة آلاف دينار. وكان قد صحِب محمد بن عبد الله بن طاهر، وعلَّم ابنه طاهرًا، فرتَّب له ألف درهم في كلّ شهر. وله من الكُتُب: كتاب "الفصيح"؛ كتاب "المصون"؛ كتاب "أخلاق النَّحْويّين"؛ كتاب "معاني القرآن"؛ كتاب "ما يَلْحَن فيه العامّة"؛ كتاب "القراءات" كتاب "معاني الشعر" كتاب التصغير كتاب "ما لا ينصرف"؛ كتاب "الأمثال"؛ كتاب "الوقف والابتداء"؛ كتاب "إعراب القرآن"؛ وأشياء أخرى. وطال عُمره وأصمّ، فرجع يومًا من الجامع مع أصحابه، فصدمته دابّةٌ، فوقع في حُفْرة، فلم يقدر على القيام، وحُمل إلى بيته يتأوّه من رأسه ومات منها في جُمَادَى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين. 81- أحمد بن يحيى بن إسحاق الرَّاوَنْديّ الملحِد2. صاحب الزَّندَقة. كان حيًّا إلى حدود الثلاثمائة. وكان يلازم الرافضة والملحدة،   1 في الأصل "بخيل". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 59"، والبداية والنهاية "11/ 112"، المنتظم "6/ 99-105". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 48 فإذا عُوتب قال: أنا أريد أن أعرف مذاهبهم؛ ثمّ كاشَف وناظر، وصنَّف في الزَّنْدقة1، لعنه الله. قال الإمام أبو الفرج بن الْجَوْزيّ: كنت أسمع عنه بالعظائم، حتّى رأيت له ما لم يخطر مثله على قلب، وَوَقَعَتْ إليَّ كُتُبُه، فمنها كتاب "نَعْت الحكمة"، وكتاب "قضيب الذَّهَب"، وكتاب "الزُّمُرُّدة"، وكتاب "الدّامغ"، الذي نقضه عليه أبو عليّ محمد بن إبراهيم الْجُبَّائيّ؛ ونقض عليه أبو الحسين عبد الرّحيم بن محمد الخيّاط كتاب "الزُّمُرُّدَة". قال ابن عقيل: عجِبْتُ كيف لم يُقتل وقد صنّف "الدّامغ" فدمغ به القرآن "والزُّمُرُّدَة" يُزْري فيه على النُّبُوّات. قال ابن الجوزي: نظرت في "الزُّمُرُّدَة" فرأيت له فيه من الهَذَيان البارد الذي لا يتعلّق بشُبْهة. يقول فيه: إنّ كلام أَكْثَم بن صيفيّ فيه شيء أحسن ممّا في سورة "الكَوْثر". وإنّ الأنبياء وقعوا بطَلْسَمَات. وقد وضع كتابًا2 لليهود والنَّصارى يحتجّ لهم في إبطال نُبُوَّة نبينا -صلى الله عليه وسلم3. وقال أبو عليّ الْجُبّائيّ: كان السّلطان قد طلب أبو عيسى الورّاق، وابن الراوندي، فأمّا الورّاق فحُبس حتى مات، وهرب ابن الراوَنْديّ إلى ابن لاوي اليهوديّ، ووضع له كتاب "الدّامغ" يطعن به على القرآن، وعلى النبي -صلى الله عليه وسلم. ثمّ لم يلبث إلا أيّامًا حتّى مرض ومات إلى اللّعنة4. وعاش أكثر من ثمانين سنة. وكان ابن عقيل عاش ستًّا وثلاثين سنة. قلت: وقد سرد ابن الجوزيّ من زِنْدقيّته أكثر من ثلاث ورقاتٍ، صَدَفَ هذا الكتاب عنها. ثمّ رأيت ترجمته في تاريخه فقال: أبو الحسين بن الرَّاوَنْديّ المتكلم من أهل مَرْوِ الرُّوذ، سكن وكان من متكلّمي المعتزِلة، ثمّ فارقهم وتزندق. وقيل: كان أبوه يهوديا، فأسلم هو، فكان بعض اليهود يقول، لبعض المسلمين:   1 المنتظم "6/ 99". 2 في الأصل "كتاب". 3 المنتظم "6/ 101". 4 المنتظم "6/ 102". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 49 ليفسد هذا عليكم كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة1. وذكر أحمد بن أحمد القاضي الطَّبَرانيّ أنّ ابن الرّاوَنْديّ كان لا يستقرّ على مذهب، ولا يَثْبُت على انتحال، حتّى صنَّف لليهود كتاب "النُّصْرة على المسلمين" بأربعمائة دِرْهَم كما بَلَغَني، أخذها من يهود سامرّاء، فلمّا أخذ المال رام نَقْضَها، حتى أعطوه مائتي دِرْهَم، فسكت2. قال البلْخيّ في مجالس خُراسان: أحمد بن يحيى الرَّاوَنْديّ المتكلّم، لم يكن في زمانه من نُظرائه أحذق منه في الكلام، ولا أعرفَ بدقيقه وجليله منه، وكان أوّل أمره حسن السيرة، جميل المذهب، كثير الحياء، ثمّ انسلخ من ذلك بأثباتٍ عُرِفت له، ولأن علمه أكثر من عقله. وقد حُكى عن جماعة أنّه تاب عند موته3. وأكثر كُتُبه ألفها أبو عيسى اليهوديّ، وفي منزل أبي عيسى مات. قال ابن النّجّار: ولأبي عليّ الْجُبّائيّ عليه رُدُودٌ كثيرة. ومن قوله في حديث عمّار: "تقتلك الفئة الباغية" قال: المنجمون يقولون مثل هذا4. وقال: في القرآن لحن5. وله كتاب في قدم العالم وبقاء الصانع. وقال في القرآن: لا يأتي أحد بمثله؟ هذا كتاب إقليدس لا يأتي أحدٍ بمثله، وكذلك بطليموس، في أشياء جمعها لم يأت أحدٌ بمثلها6. قلت: هذا ادعاء كاذب. وعن الحسن بن علي الخيشي قال: قلت لأبي الحسين الراوندي: أنت أصدق الناس، فلو اختلفت معنا إلى المبرد. فقال: نبهتني.   1 المنتظم "6/ 99". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 61". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 61". 4 المنتظم "6/ 101". 5 المنتظم "6/ 101". 6 المنتظم "6/ 101". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 50 فكان بعدُ يختلف إلى المبرد، فسمعت أبا العبّاس المبرد يقول: هذا أبو الحسين يختلف إليّ منذ شهر، فلو اختلف سنة احتجت أن أقوم من مجلسي هذا وأجلسه فيه1. قال ابن جميل: أنشدنا أبو الحسين بن يحيى الراوندي: ليس عجبنا بأن امرءًا لطيـ ... ـف الخصام دقيق الكلم يموت وما حصلت نفسه ... سوى علمه ما علم قال ابن النجار: بلغني أن ابن الراوندي هلك في سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين، أبعده الله وأسحقه. 82- أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان2: أبو العباس الرقي ثم المصري الأصفر عن يحبى بن سليمان الجعفي. وعنه الطَّبَرانيّ وغيره تُوُفّي فب ربيع الأول سنة أربعٍ وتسعين ومائتين. 83- أحْمَد بْن يَحْيَى بْن إسحاق3. أبو جعفر البجلي الحلواني ثم البغدادي. عنه: أحمد بن يونس، وسعدويه، وقيض بن وثيق الثقفي، وأحمد بن حنبل، وجماعة. وعنه: أبو عمرو السماك، وأبو بكر النجاد، وأبو سهل القطان، والطَّبَرانيّ، وأبو بكر الآجريّ. قال الخطيب: ثقة. يذكر عنه زهد ونسك وكثرة حديث. تُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين، وهو أخو حازم بن يحيى. 84- أحمد بن يحيى بن الإمام يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي4. المعروف بالثائر.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 61". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 23"، وطبقات الحنابلة "1/ 84" وفيه "حيان". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 34"، وتاريخ بغداد "5/ 212"، وطبقات الحنابلة "1/ 83". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 24". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 51 فقيه بارع، وشاعر محسن. تُوُفّي كهلًا، وقد روى عن: أبيه، ومحمد بن وضّاح. ومات سنة سبْعٍ وتسعين. 85- أحمد بن يحيى البلاذُريّ الكاتب1. قد ذكرناه في عشر الثمانين على ما نقله بعضهم من أنه توفي في خلافة المعتمد. ثم وجدت أن أبا أحمد بن عدي قد روى عنه، على ما ذكره الحافظ ابن عساكر، فيجوز هنا. 86- أحمد بن يعقوب2. أبو المثنى البغدادي القاضي. أحد من قام في خلع المقتدر قديمًا. قال أبو عمر محمد بن يوسف القاضي: حبسونا ويئسنا من الحياة، ثم أتوا -يعني أعوان المقتدر- فأضجعوا محمد بن داود بن الجراح، فذبحوه وذهبوا. ثمّ عادوا بعد ساعة، فقالوا لأبي المثنى القاضي: يقول لك أمير المؤمنين بم استحللت، يا عدو الله، نكث بيعتي؟ فقال: لعلمي أنه لا يصلح للأمة. فقالوا: قد أمرنا أن نستتيبك من هذا الكفر، فإن تبت، وإلا قتلناك. فقال: أعوذ بالله من الكفر. فذبحوه وأخذوا رأسه. وأما أنا فاعترفت بالذنب، فصودرت. قال: فأخذت المرآة فنظرت فيها، فإذا قد شابت لحيتي في ليلة. يعني من هول ما ورد عليه. قتل أبو المثنى سنة ست وتسعين في ربيع الآخر. 87- أحمد بن مخلد. أبو الحسين الإصبهاني البزاز.   1 مروج الذهب "9"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 112". 2 تاريخ الطبري "10/ 140"، والمنتظم "6/ 81"، وتجارب الاسم "1/ 7". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 52 عن: محمد بن أبان البلخي، ومحمد بن مهران الجمال، ومحمد بن عمرو زُنَيْج. وعنه: أبو أحمد العسّال، وعبد الله بن محمد بن عمر القاضي، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. وقيل: سنة ثلاثمائة. قال أبو نُعَيْم الأصبهاني: لا بأس به. 88- أحمد بن أحمد. أبو اليسر الشيباني البغدادي اللغوي الإخباري الشاعر المعروف بالرياض، نزيل القيروان. أخذ عنه: ابن قتيبة، والمبرد، وثعلب. ولقي: دعبل بن علي، وابن الجهم، وسعيد بن حميد الكاتب. وأدخل إفريقية مراسيل المحدثين وطرقهم وأشعارهم. وكان كاتبًا مترسلًا، بليغًا، علّامة. له كتاب "لفظ المرجان في الأدب"؛ وكتاب "سراج الهدى في معاني القرآن"؛ وكتب الإنشاء لصاحب إفريقية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب، ولأبنه. توفي سنة ثمانٍ وتسعين. 89- إبراهيم بن أحمد1. أبو إسحاق الخوّاص الزّاهد شيخ الصُّوفيّة بالرِّيّ. كان من كبار مشايخ الطريق. أخذ عنه: جعفر الخالدي، وغيره. وله تصانيف في التَّصُّوف. وروى عنه قال: رأيت أسودًا يصلي في يومٍ شديد البرد، وأن العرق يسيل منه. فقلت: يا حبيبي ما هذه الشهرة؟ قال: أتراه يعريني ولا يدفيني. وعنه قال: من أراد الله لله بذل له نفسه وأدناه من قربه. ومن أراد الله لنفسه أشبعه من جنانه، ورواه من رضوانه2.   1 تاريخ بغداد "6/ 7-10"، والمنتظم "6/ 45"، والبداية والنهاية "11/ 120". 2 حلية الأولياء "10/ 327". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 53 وقال جعفر الخالدي: سمعت إبراهيم الخواص يقول: من لم تبك الدنيا عليه لم تضحك الآخرة إليه1. وبت ليلة مع إبراهيم فانتبهت، فإذا هو يناجي إلى الصباح: برح الخفاء2 وفي التلاقي راحة ... هل يشتفي خل بغير خليله؟ وقال أبو نُعَيْم: أنا الخالدي في كتابه: سمعت إبراهيم الخوّاص يقول: سلكت في البادية تسعة عشر طريقا، فيها طريق من ذهب، وطريق من فضة3. وفي "تاريخ الصُّوفيّة": عن عمر بن سنان المنبجي قال: مر بنا إبراهيم الخواص وقال: لقيني الخضر، فسألني الصحبة، فخشيت أن يفسد عليَّ سرَّ توكلي بسكوني إليه، ففارقته. ويروى عن جمشاد الدينوري قال: خرجت فإذا بثلج عظيم يقع، فذهبت إلى تل النوبة، فإذا إنسان قاعد على رأس التل وحوله قدر خيمة، خالٍ من الثلج، فإذا هو إبراهيم الخوّاص، فسلّمت عليه وجلست عنده، فقلت: بمَ نلت هذا؟ قال: بخدمة الفقراء. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين، وقيل: سنة أربعٍ وثمانين4. من نظراء الْجُنَيْد. 90- إبراهيم بن إسحاق الأنصاري البغدادي5. عن: لوين، وأحمد بن منيع، وجماعة. وعنه: أبو حامد بن الشرقي. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 91- إبراهيم بن بندار بن عبدة الأصبهاني القطان6.   1 حلية الأولياء "10/ 327". 2 في الأصل "الجفا". 3 تاريخ بغداد "6/ 7". 4 تاريخ بغداد "6/ 10". 5 تاريخ بغداد "6/ 40"، والمجروحين لابن حبان "1/ 119". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 83"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 188". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 54 عن: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدنيّ، وغيره. وعنه: أبو حامد العسّال، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة ستٍ وتسعين. 92- إبراهيم بن جعفر الأشعري الأصبهاني1. استشهد في وقعة الهبير2. روى عن: حميد بن مسعدة، وأبي عتبة الحمصي، وطائفة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو إسحاق بن حمزة، وأبو الشيخ. 93- إبراهيم بن داود العنبري المصري. عن: عيسى بن زغبة، وعبد الملك بن شعيب بن الليث. تُوُفّي في جمادى الأولى سنة ثمانٍ وتسعين. وثّقه ابن يونس. 94- إبراهيم بن درستويه3. أبو إسحاق الشيرازي. حدث ببغداد عن: لوين، ومحمد بن يحيى العدنيّ، ومحمد بن يحيى الكِنْديّ، والحَجْرِيّ. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ، والطَّبَرانيّ. 95- إبراهيم بن الحسن الهمدانيّ الأرميّ4. ويُعرف بالصيمري. عن: محمد بن حميد، وأبي كريب، وأبي عمار الحسين بن حارث. وعنه: أبو القاسم بن عبيد، وأبو بكر خرجة النهاوندي، وأبو بكر الإسماعيليّ. 96- إبراهيم بن الحسين. أخواه بني ميسرة الهمدانيّ. عن: سهل بن عثمان العسكري، وأبي مصعب، وعبد الحميد بن عصام الجرجاني. وعنه: خرجة النهاوندي، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وآخرون.   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 192". 2 هي وقعة القرامطة بقافلة الحج تقدمت "ص8". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 90"، وتاريخ بغداد "6/ 71". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 89". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 55 97- إبراهيم بن سعيد بن مَعْدان الهمدانيّ البزّار. عن: سُوَيْد بن سعيد، ويعقوب بن كاسب. وعنه: أبو بكر خرجة النّهاونديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. تُوُفّي سنة سبعٍ. 98- إبراهيم بن أبي طالب محمد بن نوح بن عَبْدان بن خالد1. أبو إسحاق النَّيْسابوري المُزَكّيّ الزّاهد، إمام عصره بنَيْسَابُور في معرفة الحديث والرجال، قاله الحاكم. ثم قال: جمع الشيوخ والعلل، وسمع بنيسابور: إسحاق بن إبراهيم، وأبا قُدَامة، وعَمْرو بن زُرارة، والحسين بن الضّحّاك، وعبد الله بن الجرّاح، وعبد الله بن عمر بن الرّمّاح، ومحمد بن أبان البلْخيّ، وأقرانهم. وبالرّي: محمد بن مِهْران، ومحمد بن عَمْرو زُنَيْج، ومحمد بن حُمَيْد، وأقرانهم. ودخل على أحمد بن حنبل، وذاكَرَه، واحتال في أخْذ حكايات من لفْظه، ولم يقدر على المسانيد2. وسمع من: داود بن رُشَيْد، وأحمد بن منيع، وأقرانهم. وبواسط من: بِشْر بن آدم، وإسحاق بن شاهين، وجماعة. وبالبصرة: نصر بن عليّ، والفلّاس، وبُنْدار، وغيرهم. وبالكوفة: أبا كُرَيْب، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وعبد الله بن عمر بن أبان، وأقرانهم. وبالمدينة: أبا مُصْعَب، ويحيى بن سليمان بن فضلة، وإسماعيل بن أبي خبزة، وهارون بن موسى الفَرَويّ، وأقرانهم. وبمكة: محمد بن يحيى بن أبي عَمْرو، ومحمد بن عبّاد، وعبد الله بن عِمران، وجماعة.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 547-552"، والمنتظم "6/ 76"، والبداية والنهاية "11/ 105". 2 المنتظم "6/ 76"، وتذكرة الحفاظ "2/ 638". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 56 وعنه: أبو يحيى الخفّاف، وابن خُزَيْمَة، وأكثر مشائخنا. سمعت عبد الله بن سعيد يقول: ما رأيت مثل إبراهيم بن أبي طالب، ولا رأى مثل نفسه1. سمعت أبا عليّ النَّيْسابُوريّ الحافظ يقول: كنت أختلف إلى الوليّ بباب مَعْمَر، فقال لي بعض مشائخنا: ألا تحضر مجلس إبراهيم بن أبي طالب، فترى شمائله ومَحَاسِنه، فأحضرني، فرأيت شيخًا لم ترَ عيناي مثله2. سمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: إنّما أخرجت مدينتنا هذه ثلاثة: محمد بن يحيى، ومسلم بن الحَجّاج، وإبراهيم بن أبي طالب. كنّا نجلس بين يديه، كأنّ على رءوسنا الَّطيْر، بينا نحن بين يديه إذ عَطَسَ أبو زكريّا العَنْبريّ، فأخفى عُطاسه، فقلت له سرًّا: لا تُخْفي، فلسْتَ بين يدي الله تعالى3. سمعت أبا عبد الله بن يعقوب: سمعت أبا حامد بن الشَّرْقيّ يقول: إنّما أخرجت خُراسان من أئمّة الحديث خمسة: محمد بن يحيى، والبخاريّ، والدّارِميّ، ومسلم، وإبراهيم بن أبي طالب4. سمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: قال لي محمد بن يحيى: مَن أحفظ مَن رأيت بالعراق؟ قلت: لم أر بعد أحمد بن حنبل مثل أبي كُرَيْب. ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ محمد: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ غَيْرَ مَرَّةٍ رَجَاءَ أَنْ آخُذَ عَنْهُ حَدِيثًا، فَقُلْتُ يَوْمًا حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "امْرُؤُ الْقَيْسِ قَائِدُ لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إِلَى النَّارِ". فقال: قيل عن الزُّهْريّ عن أبي سَلِمَة. فقلت: من ذكره عن الزُّهْريّ؟ قال: أبو الْجَهْم. فقلت: من رواه عن أبي الجهْم؟ فسكت. فلمّا عاودته قال: اللهم سلم. فسكت5.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 548". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 549". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 548". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 550". 5 سير أعلام النبلاء "13/ 549". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 57 قلت: ترك الإمام أحمد التحديث لله لما في النّفس فيه من الحفْظ، فملأ الله البلاد بحديثه، وعاش ولده، وروى عنه شيئًا كثيرًا إلى الغاية، ونفع الله به العلماء والفقهاء والمحدّثين. فلا مانع لِما أعطى، ولا مُعْطي لما منع. قال الحاكم: وكان إبراهيم بن أبي طالب يعيش من كراء حانوت له في الشّهر بسبعة عشر دَرهمًا يتبلَّغ بها1. وقد أملى كتاب "العلل" وغير شيء. وسمعت عبد الله بن سعيد يقول: تُوُفّي في ثاني رجب سنة خمسٍ وتسعين. أَخْبَرَتْنَا زَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ، عَنِ الْمُؤَيَّدِ الطُّوسِيِّ: أَنَا محمد بْنُ الْفَضْلِ، أَنَا عُمَرُ بْنُ مَسْرُورٍ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَلِيُّ سَلِ اللَّهَ الْهِدَايَةَ وَالسَّدَادَ، وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَبِالسَّدَادِ تَسْدِيدَكَ السَّهْمَ". 99- إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز بن المهاجر البصْريّ2. أبو مسلم الكَجّيّ صاحب السُّنَن ومُسْنِد زمانه. وُلِد سنة بضْعٍ وتسعين ومائة. وسمع: أبا عاصم النبيل، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، وعبد الرَّحْمَن بن حمّاد الشُّعَيْثيّ، وعبد الملك الأصمعيّ، ومسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن رجاء، ومُعاذ بن مُعاذ الله، وبدل بن المحبِّر، وحجّاج بن مَنْهال، وسعيد بن سلّام العطّار، وحجّاج بن نصير، وأبا زيد سعيد بن أوس الأنصاريّ، وخلْقًا سواهم. وعنه: إسماعيل الصّفّار، وأبو بكر النّجّاد، وفاروق الخطّابي، وحبيب القزّاز، وسليمان الطَّبَرانيّ، وأحمد بن جعفر الخُتُّليّ، وأحمد بن جعفر القطيعيّ، وأبو محمد بن ماسي، وآخرون. وثَّقَه الدَّارَقُطْنيّ3، وغيره. وكان رئيسًا نبيلًا من سَرَوات بلده وأوُلي العِلم والأمانة، قدِم بغداد وروى الكثير بِهَا.   1 المنتظم "6/ 76". 2 الثقات لابن حبان "8/ 89"، والمنتظم "6/ 50"، وسير أعلام النبلاء "13/ 423-425". 3 تاريخ بغداد "6/ 121". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 58 قال أحمد بن جعفر الخُتُّليّ: لمّا قدِم علينا أبو مسلم الكَجّيّ أملى الحديث في رَحْبة غسّان، وكان في مجلسه سبعة مُسْتَمْلين، يبلِّغ كلُّ واحدٍ صاحبه الّذي يليه. وكتب الناس عنه قيامًا، بأيديهم المحابر، ثم مَسَحْتُ الرَّحْبة، وحُسِب من حضّر محبرةً، فبلغ ذلك نيّفًا وأربعين ألف محبرة، سوى النَّظّارة. هذه حكاية صحيحة رواها الخطيب في تاريخه، عن بِشْر بن الرُّوميّ، قال: سمعت الخُتُّليّ، فذكرها. وقال غُنْجار في "تاريخ بُخَارى": ثنا أبو نصر أحمد بن محمد: سمعت جعفر بن الطَّبسيّ يقول: كنا ببغداد عند أبي مسلم الكَجّيّ، ومعنا عبد الله مُسْتَمْلِي صالح جَزَرَة، فقيل لأبي مسلم: هذا مُسْتَمْلِي صالح. قال: من صالح؟ قال: صالح الْجَزَريّ. فقال: ويحكم ما أهونه عندكم، ألا تقولوا سيّد المسلمين؟ وكنّا في أُخريات النّاس، فقدَّمَنا وقال: كيف أخي وكبيري، ما تريدون؟ قلنا: أحاديث ابن عَرْعَرَة، وحكايات الأصمعيّ. فأملى علينا من ظَهْر قلب. وكان ضريرًا، مخضوب اللّحْية. وعن فاروق الخطابي قال: لمّا فرغنا مِن السُّنَن على أبي مسلم، عمل لنا مأدبة، أنفق فيها ألف دينار. وقد مدحه أبو عُبادة البُحْتُريّ الشّاعر1. وبَلَغَنَا أنّه لمّا حدَّث تصدَّق بعشرة آلاف دِرهم شكرًا لله2. وتُوُفّي ببغداد في سابع محرَّم سنة اثنتين وتسعين، ونقلوه إلى البصْرة، فدُفِن بها. 100- إبراهيم بن عبد الله بن مَعْدان الأصبهانيّ3. عن: محمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وأحمد بن سعيد الهمدانيّ، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو إسحاق بن حمزة، وأبو الشّيخ، وآخرون. توفي سنة أربع وتسعين ومائتين.   1 تاريخ بغداد "6/ 123". 2 تاريخ بغداد "6/ 122". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 85". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 59 101- إبراهيم بن عليّ بن محمد بن آدم. أبو إسحاق الذُّهَليّ النَّيسابُوريّ. سمع: يحيى بن يحيى، ويزيد بن صالح، وابن راهَوَيْه، وجماعة. وفي الرّحلة: عليّ بن الجعْد، ويحيى الحِمّانيّ، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ. وعنه: أبو عليّ محمد بن عبد الوهاب الثَّقفيّ، ومحمد بن صالح بن هانئ، وعليّ بن جُمْشاد، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وبِشْر بن أحمد الإسفرائينيّ، وطائفة. قال الحاكم: سألت أبا زكريا العَنْبريّ وعلي بن جُمْشاد، عنه فوثّقاه. تُوُفّي في شعبان سنة ثلاثٍ وتسعين. 102- إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم الدّمشقيّ بن دُحيم1. سمع: أباه، وهشام بن عمار، وجماعة. وعنه: ابن أخيه عَبْد الرَّحْمَن بْن عمرو بن دُحَيْم، والطَّبَرانيّ، وأبو أحمد بن عديّ، وأبو عمرو بن مَطر، وخلْق كثير. وكان ثقة. بقي إلى حدود الثلاثمائة. 103- إبراهيم بن محمد بن الحارث بن ميمون2. أبو إسحاق الأصبهانيّ المعروف بابن نائلة، وهي أمّه. سمع: إسماعيل بن عَمْرو البَجليّ. وفي الرحلة: سعيد بن منصور، وعمّار بن هارون، وسعيد بن فلان، ورَوْح بن عبد المؤمن، ومحمد بن المغيرة الأصبهانيّ. وعنه: أبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ، وأحمد بن بنْدار، ومحمد بن إسحاق بن أيّوب، وآخرون. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين ومائتين.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 84"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 227". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 81". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 60 104- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الهيثم1. أبو القاسم البغدادي صاحب الطّعام. روى عن: محمد بن الصّبّاح الْجَرْجرائيّ. وعنه: الطَّبُرَانيّ. 105- إبراهيم بن محمد بن أبي الشّيوخ الأدميّ2. صدوق. عن: الوليد بن شجاع، وأحمد بن بُهْلُولٍ. وعنه: أحمد بن المُنَادي وقال: تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 106- إبراهيم بن محمود بن حمزة3. أبو إسحاق النَّيْسابُوريّ القطّان المالكيّ الفقيه. رحل فتفقّه على: ابن عبد الحكم. وسمع: أحمد بن منيع، وجماعة. وعنه: حسّان بن محمد الفقيه، وأبو بكر النّقّاش. وكان فقيهًا بارعًا صوامًا قوامًا مجاهدًا. وكان شيخ المالكيّة بنَيْسابور. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. وقيل: تُوُفّي في سنة تسعٍ وتسعين. قال الحاكم: سمعت محمود بن محمد يقول: قال لي عمّي إبراهيم: قال لي ابن عبد الحكم: ما قدِم علينا خُراسانيّ هو أعرف بطريقة مالك منك، فإذا رجعت فادع النّاس إلى رأي مالك. قال: وكان عمّي يصوم النّهار ويقوم اللّيل، ولا يدع الجهاد في كلّ ثلاثة أعوام. 107- إبراهيم بن معقل بن الحجاج4. أبو إسحاق النَّسَفيّ قاضي نَسْف وعالمها. رحل وكتب الكثير. وسمع: جُنَادة بن الغلس، وُقَتْيبة بن سعيد، وهشام بن عمّار، وأقرانهم.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 82"، وتاريخ بغداد "6/ 154". 2 تاريخ بغداد "6/ 154". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 298". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 493"، وبالنجوم الزاهرة "3/ 164"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 300"، وشذرات الذهب "2/ 218". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 61 وروي "الصّحيح" عن أبي عبد الله البخاريّ. وكان فقيه النّفس، عارفًا باختلاف العلماء. روى عنه: ابنه سعيد، وعبد المؤمن بن خَلَف، ومحمد بن زكريّا النَّسَفُّيون، وعليّ بن إبراهيم الطّعّان، وخَلَف بن محمد الخيّام، وخلْق سواهم. صنَّف "المسند" و"التفسير" وغير ذلك. وتُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمسٍ وتسعين. 108- إبراهيم بن موسى بن جميل1. أبو إسحاق الأندلسيّ التُّدْمِيريّ مولى بني أمية. رحل وأخذ عن: عمر بن شَبَّة، ومحمد بن عبد الله بن الحكم الفقيه، وأبي بكر بن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن مسلم بن قُتَيْبة الدِّينَوَري، وأحمد بن أبي خيثمة، وطائفة. وعنه: قاسم بن أبي الأصبغ، ومحمد بن عبد الملك بن أَعْيَن، وسعيد بن جابر، ومحمد بن قاسم الأندلسيّون، وأبو جعفر الطَّحاويّ، والطَّبَرانيّ، وابن يونس. وقد روى عنه النَّسائيّ شيئًا في "الكنى" عن رجلٍ، عن ابن المَدِينيّ. قال ابن الرفضي: كان كثير الغلط. توفي سنة ثلاثمائة بمصر، وكان قد سكنها. وثّقه ابن يونس. 109- إبراهيم بن هاشم بن الحسين البَغَويّ2. سمع: عليّ بن الْجَعْد، وأحمد بن حنبل، وأُميّة بن بسِطْام، وجماعة. وعنه: أبو بكر الّنجّاد، وابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ، وعليّ بن لؤلؤ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة سبع وتسعين.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 88"، والمنتظم "6/ 116"، وميزان الاعتدال "1/ 69". 2 تاريخ بغداد "6/ 203"، والنجوم الزاهرة "3/ 157"، وشذرات الذهب "2/ 210". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 62 في "مجالس الخلّال"، روايته عن عليّ بن الحَسَن بن شقيق. وهذا وهْم، لم يدركه. وكان مولده سنة سبْعٍ ومائتين. 110- إبراهيم بن الفضل بن غسّان. أبو أُميّة الغلابي البغداديّ البزّار القاضي. حدَّث عن: أبيه بالتّاريخ؛ وعن: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وأحمد بن عَبْده الضَّبِّيِّ، وغيرهما. قال الخطيب: كان بزّازا، فاستتر ابن الفُرات الوزير عنده في نكبةٍ أصابته، فقال: إن وليت الوزارةَ ما تريد أن يفعل بك؟ قال: تُقلّدني شيئًا. فلمّا وَزَرَ أحسن إليه وولّاه قضاء البصْرة والأهواز. وكان قليل العلم. فلمّا عزل ابنُ الفُرات قبض عليه متولّي البصرة وسجنه، إلى أن مات سنة ثلاثمائة. قال الدَّارَقُطْنيّ: ليس به بأس. 111- إدريس بن عبد الكريم1. أبو الحَسَن البغداديّ الحدّاد المقرئ. قرأ على: خلف البزاز. وسمع: عاصم بن عليّ، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعين، ومُصْعَب بن عبد الله الُّزبَيْريّ، وجماعة. قرأ عليه: أبو بكر محمد بن الحَسَن بن مُقْسِم، وأبو الحسين أحمد بن ثوبان، وأبو الحَسَن بن شَنَبُوذ، وأبو عليّ أحمد بن عبد الله بن حمدان بن صالح، وآخر من زعم أنّه قرأ عليه الحسن بن سعيد المطَّوِّعيّ. وروى عنه: ابن مجاهد، وأبو بكر النّجّاد، وإسماعيل الخُطَبيّ، وأبو عَليّ بن الصواف، وأبو بكر القطيعي، وسليمان الطَّبِرانيّ، وخلْق. قال الدَّارقُطْنيّ: ثقة وفوق الثّقة بدرجة2. تُوُفّي في يوم عيد النَّحْر سنة اثنتين وتسعين. وله ثلاثٌ وتسعون سنة.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 103"، وتاريخ بغداد "7/ 14"، والنجوم الزاهرة "35/ 157". 2 تاريخ بغداد "7/ 14". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 63 وقد قرأ عليه المُطَّوِّعيّ الكِسائيّ وقَالَ: قرأت عَلَى قُتَيْبَة بْن مهران، وقرأ عليّ الكسائي تابعه ابن شَنَبُوذ. 112- إسحاق بن أحمد بن النضر العبقي الموصلي السماك. عن: إسحاق بن إسرائيل، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وجماعة. وعنه: يزيد بن محمد في تاريخه، وقال: تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 113- إسحاق بن إبراهيم بن جابر1. أبو يعقوب التُّجَيْبيّ المصريّ القطّان. عن: سعيد بن أبي مريم. وعنه: أبو سعيد بن يونس، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وتسعين. وقال ابن يونس: ما علمت إلا خيرًا. 114- إسحاق بن إبراهيم المصريّ الجلّاب. ويُعرف بِفُقَيْقِيعَة. يروي عن: حَرْمَلَة، وغيره. وعنه: أبو سعيد بن يونس وقال: مات سنة ثمانٍ وتسعين. 115- إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن نفيس البغداديّ الهمدانيّ. أبو العبّاس بن النّابتيّ. ولي أبوه قضاء همدان مدّة. وحدَّث عن: أبيه، وابن عمّار الحسين بن حارث، ومحمود بن غَيْلان، وجماعة. وعنه: أبو الشيخ، وأحمد بن بُنْدار، وأهل أصبهان. 116- إسحاق بن إبراهيم بن داود2. أبو يعقوب الأصبهانيّ المؤدِّب. عن: حُمَيْد بن مَسْعَدَة، وسعيد بن يحيى سَعْدُوَيْه. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأحمد بن بُنْدار. 117- إسحاق بن حاجب البغدادي المعدل3.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 98". 2 المعجم الصغير للطبراني "1 220". 3 تاريخ بغداد "6/ 384". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 64 عن: خليفة بن خيّاط، ومحمد بن بكّار بن الريان. وعنه: أبو بكر النجاد، وعبد الصمد الطّسْتيّ، وغيرهما. وتُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. وقيل: سنة سبعٍ. وثّقه أبو بكر الخطيب. 118- إسحاق بن حُنَين بن إسحاق1. أبو يعقوب العبادي، نسبة إلى عِباد الحِيرة وهم من قبائل شتّى من النَّصارى، نزلوا الحِيرة، ولمّا بُنِيت الكوفة خربت الحِيرة. وكان هذا الكلب أوحد عصره في عِلْم الطِّبّ كأبيه. وكان يعرف الكُتُب اليونانية. وكان قد انقطع إلى الوزير أبي القاسم بن عُبَيْد الله، وقد ابتُلي بالفالج في آخر عُمره، وما أغنى عنه بَصَرُه بالطِّبّ، فنسأل الله العافية. مات سنة ثمانٍ وتسعين. 119- إسحاق بن خَالوَيْه2. أبو يعقوب الياسريّ الواسطيّ. روى عن: عليّ بن بحر. وعنه: الطَّبَرانيّ. 120- إسحاق بن موسى3، أبو يعقوب اليحمديّ الفقيه. أوّل من كتب الشّافعيّ إلى بلد استراباذ. وكان صدوقًا عالمًا محدّثًا. سمع: قتيبة، وابن راهويه، وهشام بن عمار، وحَرْمَلَة التُّجَيْبيّ، وخلقًا. وعنه: محمد بن أحمد الغِطْرِيف، وجعفر بن شهرزيل. 121- أسلم بن سهل بن أسلم بن زياد بن حبيب الحَافِظ4. أبو الحَسَن الواسطيّ الرّزّاز بَحْشَل صاحب "تاريخ واسط". سمع: جدّه لأمه وهْب بن بقيّة، وسليمان بن أحمد الواسطيّ، ومحمد بن خالد بن عبد الله، وخلقًا بعد الثّلاثين ومائتين.   1 البداية والنهاية "11/ 116"، ومروح الذهب "1389". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 98". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 453". 4 سير أعلام النبلا "13/ 553"، وميزان الاعتدال "1/ 211"، وشذرات الذهب "2/ 210". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 65 وكان يفهم ويدري الفنّ. روى عنه: محمد بن عثمان بن سمعان، ومحمد بن عبد الله بن يوسف، وإبراهيم بن يعقوب الهمدانيّ، وعلي بن حميد البزاز، ومحمد بن جعفر بن اللّيث الواسطيّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وقال خميس الحَوْزِيّ: بَحْشَل الرّزّاز منسوب إلى محلّة الرّزّازين، ومسجده هناك، ثقة، ثبت، إمام، يصلح للصّحيح. 122- إِسْمَاعِيل بْن أحْمَد بْن أسد بْن سامان بن نوح1. أمير خُراسان أبو إبراهيم، وابن أميرها. كان عالمًا فاضلًا عادلًا حَسَن السّيرة في الرّعيّة، مُكْرِمًا للعلماء، مشهورًا بالشّجاعة والإقدام، ميمون الفَقْه. جرت له واقعة غريبة فقال الحاكم: سمعت ابن قانع ببغداد يقول: سمعت عيسى بن محمد الطَّهْمانيّ يقول: سمعت الأمير إسماعيل بن أحمد يقول: جاءنا أبونا بمؤدِّب يعلِّمُنا الرَّفْض، فنمت، فرأيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وعُمَر، فقال: لم تَسُبّ صاحبَيَّ؟ فوقفت، فقال لي بيده هكذا، ونفضها في وجهي، فانتبهت فزِعًا أرتعد من الحُمَّى. فمكثت على الفراش سبعة أشهر، وسقط شَعْري، فدخل أخي فقال: أيش قصَّتُك؟ فحدَّثته. فقال: اعتذر إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فاعتذرت وتبت. فما مرّ لي إلا جمعة حتّى نبت شَعْري2. وقال أحمد بن سعيد بن مسعود المَرْوزيّ: لو لم يكن لآل سامان إلّا ما فتحوا من بلاد الكُفْر لَكَفَى؛ فإنّهم فتحوا مسيرة شهر. ولم يفتح بنو العباس منذ وُلُّوا مقدار شَبْر. قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم: ويقال له الأمير الماضي أبو إبراهيم. سمع من الفقيه محمد بن نصر المَرْوزِيّ عامّة تصانيفه.   1 المنتظم "6/ 77"، وسير أعلام النبلاء "14/ 154"، والبداية والنهاية "11/ 106". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 154". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 66 وسمع من ابنه أحمد بن راشد ومن: محمد بن الفضل. أخذ عنه إمام الأئمة ابن خُزَيْمة، وغيره1. وكانت مدّة سلطنته سبْعَ سنين، وقد ظفر بعَمْرو بن اللَّيْث الصّفّار، وأسره وبعث به إلى المعتضد، وكتب له بعهده على إقليم المشرق. وكذلك استعمله المكتفي، وكان يعتمد عليه ويركن إليه لِما يرى من كفاءته ويقول: لن يُخلِّف الدّهْرُ مثلهم أبدًا ... هَيْهات، هَيْهات شأنهم عجبُ تُوُفّي في بُخارى في صفر سنة خمسٍ وتسعين، وولي بعده أبنه أحمد. قال الحاكم: سمعت الأمير إبراهيم بن إبراهيم بن أحمد يقول: كَانَ جَدِّي كثير أصوله كلها عندي. وقَالَ أبو عبد الله البوسنجي: سَمِعْتُ أَبَا إِبْرَاهِيم الأمير يَقُولُ: كنت أتناول أبا بكر وعُمَر، فرأيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول: ما لك ولأصحابي؟ قال: فمرضت سنة، ثم تُبْتُ من ذلك. 123- إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن عَبْدة2. أبو الحَسَن الضَّبّي الأصبهانيّ. أحد الثقات. سمع: محمد بن حُمَيْد، ومحمد بن عَمْرو زُنَيْج، وجماعة. وعنه: أبو الشّيخ، وأبو أحمد العسّال، وآخرون. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 124- إسماعيل بن محمد بن وهب المصريّ3. عن: دُحَيْم، وحَرْمَلَة، ويعقوب بن إسحاق الهاشميّ. وعنه: أبو جعفر العُقَيْليّ، والطَّبَرانيّ، وآخرون. 125- إسماعيل بن محمد بن قيراط4. أبو عليّ العُذْريّ الدّمشقي.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 154". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 213". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 95". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 95". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 67 عن: صَفْوان بن صالح المؤذّن، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن صالح، وسليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وهشام بن عمّار، وطائفة. وعنه: أبو عَوَانة، وخثيمة، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، والطَّبَرانيّ، وعبد الله بن النّاصح. توفي سنة سبع تسعين ومائتين. 126- إسماعيل بن محمد المُزَنيّ الكوفيّ. أبو محمد. عن: أبي نُعَيْم. وعنه: أبو بكر الإسماعلي، وهو من كبار شيوخه. تُوُفّي في نصف رمضان سنة ثمانٍ وتسعين. ورّخه ابن عُقْدة. "حرف الباء": 127- البَخْتَريّ بن محمد بن صالح البغداديّ1. عن: محمد بن سَمَاعة القاضي، وكامل بن طلحة الْجَحْدريّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. قال الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به2. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 128- بِشْر بن عبد الملك الخُزَاعيّ3. مولاهم المَوْصِليّ. عن: غسّان بن الربيع، ومحمد بن سليمان لُوَيْن، وجماعة. وكان أحد الصّالحين. تُوُفّي سنة أربع. روى عنه: الطَّبَرانيّ. 129- بُهْلُولُ بن إسحاق4. أبو محمد التَّنُوخيّ الأَنباريّ، قاضي الأنبار وخطيبها المصقع البليغ. وكان ثقة كثير الحديث.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 112"، وتاريخ بغداد "7/ 113". 2 تاريخ بغداد "7/ 113". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 110". 4 المعجم الصغير "1/ 111"، وتاريخ بغداد "7/ 109"، والبداية والنهاية "11/ 117". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 68 سمع: سعد بن منصور، وإسماعيل بن أبي أُوَيْس، وإبراهيم بن حمزة الزُّبَيْريّ، وأحمد بن حاتم الطَّويلَ، ومحمد بن معاوية النَّيْسابوريّ، وجماعة. وعنه: أخوه أحمد بن إسحاق، وابنا أخيه يوسف الأزرق وإسماعيل ابنا يعقوب، وابن أخيه داود بن الهيثم بن إسحاق، وابن أخيه أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق، وأبو بكر الشافعيّ، وأبو القاسم الطَّبِرانيّ، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، وخلْق من الرّحّالة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ1. مولده سنة أربع ومائتين، ومات في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين. وكان قاضي الأنبار وخطيبها، وأبوه حافظ كبير. "حرف الجيم": 130- جبرون بن عيسى بن يزيد البَغَويّ المصريّ2. عن: يحيى بن سليمان الحفريّ، وسَحْنُون بن سعيد الفقيه أخذ عنه بالمغرب. وعنه: الطَّبَرانيّ، والمصريّون. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 131- جَبَلَة بن حمّود. أبو يوسف الصّدفيّ الإفريقي. يروي عن: الفقيه سَحْنُون، وغيره. تُوُفّي بإفريقيّة سنة سبعٍ وتسعين. وكان زاهدًا قُدْوة. 132- جعفر بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن. أَبُو مُحَمَّد النَّيْسابوريّ السَّلماني. تفقّه بمصر على المُزَنيّ. وسمع: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن رافع، وعبد الله بن عِمران العابديّ، وأبا كُرَيْب، وإسماعيل بن موسى الفَزَاريّ، وأحمد بن عَبْدة الضَّبّيّ، ويونس بن عبد الأعلى، وخلقًا كثيرًا.   1 تاريخ بغداد "7/ 110". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 123"، وفيه "المغربي" بدل "البغوي". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 69 عَنْهُ: أبو عبد الله بْن الأخرم، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وأبو الوليد حسّان الفقيه، وآخرون. تُوُفّي في ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين. 133- جعفر بن أحمد بن مُضَر المُضَريّ المصري. قال ابن يونس: هو عريف المؤذِّنين بمصر. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 134- جعفر بن شُعَيب الشّاشيّ1. أبو محمد. رحل وسمع: عيسى بن زغُبَةَ، ومحمد بن أبي عمر العَدَنيّ، وطبقتهما. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وأبو محمد بن ماسي. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين ببُخَارى2. 135- جعفر بن عبد الله الصّبّاح بن نَهْشَلٍ الأنصاريّ الأصبهانيّ3. المقرئ إمام جامع أصبهان. رحل وقرأ القرآن على أبي عمر الدُّوريّ. وسمع من: إسماعيل بن موسى الفَزَاريّ، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَوِيّ، وجماعة. وقرأ بأصبهان أيضًا على محمد بن عيسى. وكان رأسًا في القرآن وعلومه. روى عنه: أبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ، وأبو الشيّخ، وجماعة. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. قرأ عليه جماعة منهم: محمد بن أحمد الكِسائيّ، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهّاب. 136- جعفر بن محمد بن الحسين بن عبيد الله بن محمد بن طغان.   1 تاريخ بغداد "7/ 195"، والمنتظم "6/ 61". 2 في الأصل "بخارا". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 119"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 246". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 70 أبو الفضل النَّيْسابوريّ، ويُعرف بالتّرك. قال الحاكم: شيخ عشيرته في عصره، من الثّقات الأثبات، ومن كبار أصحاب يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهَوَيْه. وسمع أيضًا من: عَمْرو بن زُرَارة، ومحمد بن أبان المستملي، وجماعة. وعنه: عبد الله بن سعد، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وأبو حامد بن الشّرقيّ الحافظ، وعدة. تُوُفّي في ثامن عشر شعبان سنة خمسٍ وتسعين. قال أبو الوليد الفقيه: سمعته يقول: كان إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ يرفعني على جماعة من الشيوخ في مجلسه ويقول: جدّهم أول من أظهر السنة بخُراسان. 137- جعفر بن محمد بن ماجد البغداديّ1. عن: خلّاد بن أسلم، ومحمد بن عليّ بن شقيق، وجماعة. ويُعرف بابن القتيل. وعنه: حامد الرّفّاء، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة سبعٍ وتسعين. 138- جعفر بن محمد بن الفُرات، أبو عبد الله الكاتب. تُوُفّي سنة سبعٍ أيضًا، وصلى عليه أخوه الوزير ابن الفُرات. وكان أسنّ من الوزير. 139- جعفر بن محمد بن الأزهر البغدادي2. عن: وهب بن بقية، وغيره. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، والإسماعيليّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 140- جعفر بن محمد بن يزيد. أبو الفضل السوسي.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 115"، وتاريخ بغداد "7/ 196". 2 تاريخ بغداد "7/ 197". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 71 عن: عليّ بن بحر القطّان، وسهل بن عثمان العسكريّ، وسليمان بن عبد الرحمن الدّمشقيّ، وأبي الطّاهر بن السَّرْح، وخلقٍ من الشّاميّين، والمصريّين، والرّازّيين. وعنه: أبو جعفر العُقَيْليّ، وأبو سعيد الأعرابي، والحَسَن بن رشيق، وآخرون. وجاور بمكة. قال الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به. 141- جعفر بن محمد بن اللَّيث1. أبو عبد الله الزّياديّ البصْريّ. عن: مسلم، وعبد الله بن رجاء الغداني، وغسان بن مالك السلمي، وأبو حذيفة النهدي، وجماعة. وعنه: الطبراني، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو أحمد بن عديّ، وآخرون. بقي إلى قريب الثلاثمائة. 142- الْجُنَيْد بن خَلَف2. الفقيه أبو يحيى السَّمَرقنْديّ. سمع: إسحاق بن شاهين، وحَوْثَرَة بن أشرس. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وعليّ بن أبي العَقِب، وأبو أحمد بن النّاصح، وآخرون. حدَّث بدمشق. 143- الْجُنَيْد بن محمد بن الْجُنَيْد3. أبو القاسم النَّهاونديّ الأصل البغداديّ القواريريّ الخزّاز. وقيل كان أبوه قواريريًّا، يعني زَجّاجًا. وكان هو خزازًا. كان شيخ العارفين وقُدْوة السّائرين وعَلَم الأولياء في زمانه، رحمه الله عليه. وُلِد ببغداد بعد العشرين ومائتين، فيما أحسب أو قبلها. وتفقّه على أبي ثور. وسمع من: الحَسَن بن عَرَفَة، وغيره.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 115". 2 تهذيب تاريخ دمشق. 3 حلية الأولياء "10/ 255-287"، المنتظم "6/ 105"، سير أعلام النبلاء "14/ 66-70"، البداية والنهاية "11/ 113-115"، النجوم الزاهرة "3/ 168-170"، تاريخ بغداد "7/ 241-249"، طبقات الحنابلة "1/ 127-129". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 72 واختصّ بصُحبة السريّ السَّقطيّ، والحَرَميّ، وأبي حمزة البغدادي. وأتقن العلم، ثم أقبل على شبابه، واشتغل بما خُلِق له، وحدَّث بشيء يسير. روى عنه: جعفر الخُلْديّ، وأبو محمد الجريريّ، وأبو بكر الشّبليّ، ومحمد بن علي بن حُبَيْش، وعبد الواحد بن علوان، وطائفة من الصُّوفيّة. وكان ممّن برز في العِلم والعمل. قال أحمد بن جعفر بن المنادي في تاريخه: سمع الكثير، وشاهد الصالحين وأهلَ المعرفة، ورزق من الذكاء وصواب الإجابات في فنون العلم ما لم ير في زمانه مثله، عند أحد من أقرانه، ولا ممن أرفع سنا منه، ممن كان منهم ينسب إلى العلم الباطن، والعلم الظاهر في عفاف وعزوف عن الدّنيا وأبنائها. لقد قيل لي إنّه قال ذات يوم: كنت أُفتي في حلقة أبي ثَوْر الكلبيّ ولي عشرون سنة1. قال أحمد بن عطاء الروذباري: كان الْجُنَيْد يتفقّه لأبي ثَوْر، ويفتي في حلقته2. وعن الْجُنَيْد قال: ما أخرج الله إلى الأرض عَلَمًا وجعل للخلْق إليه سبيلًا، وإلا وقد جعل لي فيه حظًّا3. وقيل: إنه كان في سوقه. وكان وِرده كلّ يوم ثلاثمائة ركعة، وكذا ألف تسبيحة4. وقال أبو نُعَيْم: نا عليّ بن هارون ومحمد بن أحمد بن يعقوب قالا: سمعنا الْجُنَيْد غير مرة يقول: علمنا مضبوطٌ بالكتاب والسنة، من لم يحفظ الكتاب، ويكتب الحديث، ولم يتفقّه، لا يُقْتَدى به5. وقال عبد الواحد بن علوان الرَّحْبيّ: سمعته يقول: عِلْمُنا هذا -يعني التصوّف- مشبَّك بحديث رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ6.   1 تاريخ بغداد "7/ 242". 2 تاريخ بغداد "7/ 242". 3 تاريخ بغداد "7/ 242"، وصفة الصفوة "2/ 416". 4 تاريخ بغداد "7/ 242"، والمنتظم "6/ 106"، وصفة الصفوة "2/ 416". 5 تاريخ بغداد "7/ 243"، وحلية الأولياء "10/ 255". 6 تاريخ بغدد "7/ 243". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 73 وعن ابن سُرَيْج أنّه تكلّم يومًا، فأعجب به بعض الحاضرين، فقال ابن سُرَيْج: هذا بَرَكَة مُجالستي لأبي القاسم الْجُنَيْد1. وعن أبي القاسم الكعبي أنه قال يومًا: رأيت لكم شيخًا ببغداد يقال له الْجُنَيْد، ما رأت عيناي مثله؛ كان الكَتَبَةُ يحضرون لألفاظه، والفلاسفة يحضرونه لدِقَّة معانيه، والمتكلّمون يحضرون لتمام عِلْمه، وكلامه باين عن فهمهم وكلامهم وعِلْمهم. وقال الخُلْديّ: لم يُرَ في شيوخنا مَن اجتمع له علمٌ وحالٌ غير الْجُنَيْد، كانت له حالٌ خطيرة وعلمٌ غزير. فإذا رأيت حاله وحجَّته على علمه، وإذا رأيت علمه وحجته على حاله2. وقال أبو سهل الصُّعْلُوكيّ: سمعت أبا محمد المرتعش يقول: قال الْجُنَيْد: كنت بين يدي السَّريّ السَّقطيّ ألعب وأنا ابن سبْع سنين، وبين يديه جماعة يتكلون في الشُّكْر. فقال: يا غلام ما الشُّكْر؟ فقال: أن لا يُعْصَ الله بِنِعَمِهِ. فقال: أخشى أن يكون حظك من الله لسانك. قال الْجُنَيْد: فلا أزال أبكي على هذه الكلمة الّتي قالها لي3. وقال السُّلَميّ: سمعت جدّي إسماعيل بن نُجَيْد يقول: -كان الْجُنَيْد- يجيء فيفتح حانوته، ويسبل الستر، ويصلي أربعمائة ركعة4. وعن الْجُنَيْد قال: أعلى درجة الكِبْر أن ترى نفسَك، وأدناها أن تخطر ببالك5، يعني نفسك. وقال الجريريّ6: سمعته يقول: ما أخذنا التصوّف عن القال والقيل، لكن عن الجوع، وترك الدنيا، وقطع المألوفات.   1 تاريخ بغداد "7/ 243"، وطبقات الأولياء "131". 2 تاريخ بغداد "7/ 244"، صفة الصفوة "2/ 417". 3 تاريخ بغداد "7/ 244"، صفة الصفوة "2/ 417"، وطبقات الأولياء "127". 4 تاريخ بغداد "7/ 245"، وصفة الصفوة "2/ 417". 5 تاريخ بغداد "7/ 245"، حلية الأولياء "10/ 273". 6 في الأصل "الجوهري" وفي تاريخ بغداد "الحريري". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 74 وذكر أبو جعفر الفَرَغانيّ أنه سمع الْجُنَيْد يقول: أقلّ ما في الكلام سقوط هيبة الرّبّ جل جلاله من القلب، والقلب إذا عري من الهيبة عري من الإيمان. ويقال: كان نقش خاتمه: إنْ كنت تَأْمَلْه فلا تَأْمَنْه. وقال: من خالفت إشارته معاملته فهو مدع كذاب. وقال أبو علي الروذباري: قال الْجُنَيْد: سألت الله أن لا يعِّذبني بكلامي، وربّما وقع في نفسي أنّ زعيم القوم أرذلهم1. وعن الخُلْديّ، عن الْجُنَيْد قال: أعطي أهل بغداد الشَّطْح والعبارة وأهل خراسان القلب والسّخاء، وأهل البصرة الزُّهْد والقناعة، وأهل الشّام الحِلْم والسّلامة، وأهل الحجاز الصَّبر والإنابة. وقال إسماعيل بن نُجَيْد: هؤلاء لا رابع لهم: الْجُنَيْد ببغداد، وأبو عثمان بنَيْسابور، وأبو عبد الله بن الجلّاء بالشّام2. وقال أبو بكر العَطَويّ: كنت عند الْجُنَيْد حين احتضر، فختم القرآن. قال: ثم ابتدأ فقرأ من البَقَرة سبعين آية، ثمّ مات3. وقال أبو نُعَيْم: أنا الخُلْدِيّ كتابة قال: رأيت الْجُنَيْد فِي النَّوم فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قال: طاحت تلك الإشارات، وغابت تلك العبارات، وفنيت تلك العلوم، ونفذت تلك الرُّسوم، وما نَفَعَنا إلا رَكَعات كنّا نركعها في الأسحار4. قال أبو الحسين بن المنادي: مات الْجُنَيْد ليلة النَّيْروز في شوّال سنة ثمان وتسعين ومائتين5.   1 حلية الأولياء "10/ 263"، وصفة الصفوة "2/ 420". 2 تاريخ بغداد "7/ 246"، وطبقات الصوفية "176". 3 تاريخ بغداد "7/ 248"، وحلية الأولياء "10/ 264". 4 تاريخ بغداد "7/ 248"، وصفة الصفوة "2/ 424". 5 تاريخ بغداد "7/ 248". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 75 قال: فذكر لي أنّهم حزروا الجمْع يومئذٍ الّذي صلّوا عليه نحو ستّين ألف إنسان. وما زالوا يأتون قبره في كلّ يوم نحو الشّهر. ودُفِنَ عند قبر السّريّ السَّقَطيّ1. قلت: ورّخه بعضهم سنة سبْعٍ، فَوَهِم. "حرف الحاء": 144- حامد بن سَعْدان بن يزيد البغداديّ2. عن: أحمد بن صالح المصريّ، وجماعة. وعنه: محمد بن مَخْلَد، ومَخْلَد الباقَرْحِيّ. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 145- حامد بن سهل البخاريّ الدّهّان الحافظ. صاحب المُسْنَد. عن: قُتَيْبَة بن سعيد، ودُحَيْم، وحَرْمَلَة، وأبي مُصْعَب، وجماعة. وعنه: سهل بن السَّريّ، وخَلَف الخيّام، وغيرها. تُوُفّي سنة سبْعٍ أيضًا. ثقة. 146- الحرش بن أحمد بن حُرَيْش الرازي. عن: محمد بن حميد، وغيره. توفي سنة ثلاثمائة. 147- حامد بن شاذي. أبو محمد الكشّيّ3. حدَّث ببغداد عن: إبراهيم بن يوسف البلْخيّ، وقُتَيْبَة، وعلي بن حُجْر، وجماعة. مرّ. 148- الحَسَن بن أحمد بن سليمان.   1 تاريخ بغداد "7/ 248"، والمنتظم "6/ 106"، صفة الصفوة "2/ 424". 2 تاريخ بغداد "8/ 168"، والمنتظم "6/ 92". 3 تاريخ بغداد "8/ 168". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 76 أبو علّي بن الصّيقل المصريّ سَحْنُون أخو علّان بن الصَّيقل. روى عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ، ومحمد بن رُمْح، وأحمد بن صالح. وعنه: أبو سعيد بن يونس، وحمزة الكِنانيّ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وجماعة. تُوُفّي في ربيع الأول سنة تسعٍ وتسعين. 149- الحسن بن أحمد بن حبيب. أبو علي الكرماني نزيل طرسوس. عن: مسدد، وأبي الربيع الزهراني، ومحمد بن عبد الله الرقاشي، وجماعة. وعنه: النسائي في سننه، وأبو بكر الخلال الحنبلي. 150- الحسن بن إبراهيم بن حلقوم. أبو علي الدمشقي المقرئ. روى عن: صفوان بن صالح، وإبراهيم بن هشام الغساني، وهشام بن عمار. وعنه: أحمد بن محمد بن عُمَارة، والحسن بن حبيب الحصائريّ، وأحمد بن حميد بن أبي العجائز، وآخرون. 151- الحسن بن إدريس العسكري1. حدث بأصبهان سنة إحدى وتسعين. عن: أبي نعيم الفضل بن دكين، وأحمد بن حنبل. وعنه: أبو الشيخ، وأحمد بن بندار الشعار، ومحمد بن القاسم المديني. قال ابن مردويه: كان يُحدِّث من حِفْظه ويخطئ. 152- الحَسَن بن تميم2. أبو عليّ الأصبهانيّ الصّفّار النَّحْويّ. عن: عبد الواحد بن غياث، وأبي مروان العثماني، وجماعة. وعنه: أحمد بن إبراهيم بن أَفْرَجَةَ، وعبد الله بن محمد القبّاب. 153- الحَسَن بن سعيد بن مهران3. أبو عليّ المَوْصِليّ الصَّفّار المقرئ. عن: غسّان بن الربيع، وَمُعَلَّى بن مهدي، وإبراهيم بن حبّان. وعنه: أحمد بن   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 263". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 264". 3 تاريخ بغداد "7/ 324"، المنتظم "6/ 52"، غاية النهاية "1/ 215". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 77 الفضل بن خُزَيْمة، وأبو بكر الشّافعيّ، ويزيد بن محمد الأزديّ. وكان قانعًا متعفّفًا. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 154- الحَسَن بن عليّ بن المتوكّل1. أبو محمد مولى بني هاشم. بغداديّ ثقة. سمع: عفان، وعاصم بن عليّ، وشُرَيْح بن النُّعْمان، وجماعة. وعنه: ابن قانع، وإسماعيل الخُطَبيّ، وجعفر بن محمد بن الحَكَم، والطَّبَرانيّ، ونَسَبه إلى جدّه. تُوُفيّ سنة إحدى وتسعين ومائتين. 155- الحَسَن بن عليّ بن شبيب2. الحافظ أبو عليّ المَعْمَريّ البغداديّ. سمع: خَلَف بن هشام، وشيبان بن فَرُّوخ، وهُدْبَة بن خالد، وسعيد بن عبد الجبّار، وسُويْد بن سعيد، وأبا نصر التّمّار وعلي بن المَديِنيّ وجُبَارة بن المغلس وعيسى بن حماد بن زعبة، وعبد الرحمن بن عبد الرحيم، ودُحَيْمًا، وخلْقًا كثيرًا بالعراق والشّام ومصر. وعنه: أبو بكر النّجّاد، وأبو سهل القطّان، وأحمد بن كامل، وأحمد بن عيسى التّمّار، والطَّبَراني، ومحمد بن أحمد المُفيد، وخلْق. قَالَ الخطيب3: كان من أوعية العلم، يذكر بالفهم، ويوسف بالحفظ. وفي حديثه غرائب وأشياء ينفرد بها. وقال الدَّارَقُطنيّ: صدوق حافظ، جَرحه موسى بن هارون، وكانت العداوة بينهما. وكان أنكر عليه أحاديث أخرج أصولَه العُتْق بها، ثمّ ترك روايتها.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 125"، تاريخ بغداد "7/ 369"، المنتظم "6/ 45". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 126"، المنتظم "6/ 78"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 201"، وسير أعلام النبلاء "13/ 510". 3 تاريخ بغداد "7/ 370". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 78 وقال عبدان الأهوازيّ: ما رأيت صاحب حديث في الدّنيا مثل المَعْمَرِيّ1. وقال موسى بن هارون: استَخَرْت الله سنتين حتى تكلَّمت في المَعْمَرِيّ، وذاك أني كتبت معه عن الشّيوخ، وما افترقنا، فلما رأيت تلك الأحاديث قلت: من أين أتى بها؟ رواها أبو عَمْرو بن حمدان، عن أبي طاهر الجنابذيّ، عن موسى. ثمّ قَالَ أبو طاهر: وكان المَعْمَرِيّ يقول: كنت أتولى لهم الانتخاب، فإذا مر حديث غريب قصدت الشَّيخ وحدي، فسألته عنه2. قلت: لا جرم ما انتفع بتلك الغرائب وُجِدت إليه شرًّا. وقال ابن عُرْوَة: سألت عبد الله بن أحمد عن المَعْمَرِيّ فَقَالَ: لا يتعمّد الكذِب، ولكنْ أحسب أنّه صحب قومًا يُوصِلُون3. قَالَ الحاكم: سمعت أبا بكر بن أبي دارم الحافظ يقول: كنت ببغداد لمّا أنكر موسى بن هارون على المَعْمَرِيّ تلك الأحاديث، وأنهى أمرهم إلى يوسف القاضي بعد أن كان إسماعيل القاضي توسَّط بينهما، فَقَالَ موسى بن هارون: هذه أحاديث شاذة عن شيوخ ثقات لا بد من إخراج الأصول بها. فَقَالَ المَعْمَرِيّ: قد عُرِفَ من عادتي أنّي كنت إذا رأيت حديثًا غريبًا عند شيخ ثقة لا أعلم عليه إنما كنت أقرأ من كتاب الشّيخ وأحفظه فلا سبيل إلى إخراج الأصول بها. وقال عليّ بن جُمْشاذ: كنت ببغداد حينئذٍ فأخرج موسى نيفًا وسبعين حديثًا ذكر أنّه لم يشركْه فيها أحد، ورفض المَعْمَرِيّ مجلسه، فصار النّاس حزبين: حزب للمعمري، وحزب لموسى. فكان من حجّة المَعْمَرِيّ أنّ هذه أحاديث حفظتها عن الشّيوخ لم أنسخها. ثمّ اتفقوا بأجمعهم على عدالة المَعْمَرِيِّ وتقدُّمه. وقال ابن عديّ: وكان المَعْمَرِيّ كثير الحديث صاحب حديث بحقه، كما قَالَ عَبْدان إنّه لم يرَ مثله. وما ذُكِرَ عنه أنّه رفع أحاديثَ، وزاد في مُتُون، فإنّ هذا موجود في البغداديّين خاصّة، وفي حديث ثقاتهم؛ وأنّهم يرفعون الموقوف، ويَصِلون المرسل، ويزيدون في الأسانيد.   1 الكامل لابن عدي "2/ 749"، وتاريخ بغداد "7/ 371". 2 تاريخ بغداد "7/ 371". 3 تاريخ بغداد "7/ 371"، الكامل لابن عدي "2/ 750". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 79 وقال أحمد بن كامل القاضي: مات المَعْمَرِيّ إحدى عشرة لَيْلَةٍ بقيت من المحرم سنة خمسٍ وتسعين1. قَالَ: وكان في الحديث وجمْعه وتصنيفه إمامًا ربانيًا. وقد شدّ أسنانه بالذَّهَب ولم يُغيّر شيبه2. وقيل: بلغ اثنتين وثمانين سنة. وقد كان ولي القضاء للبرتي على القصر وأعمالها3. قَالَ: وقيل له المَعْمَرِيّ، بأُمُّه أمّ الحَسَن بنت سُفْيان بن أبي سفيان المَعْمَرِيّ صاحب مَعْمَر بن راشد4. 156- الحَسَن بن عليّ بن الوليد. أبو جعفر الفارسيّ الفَسَويّ نزيل بغداد5. سمع: سَعْدَوَيْه، وعليّ بن الْجَعْد، وفيض بن وثيق البصْري، وإبراهيم بن مهدي المصيصي، وجماعة. وعنه: ابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ، وأبو عليّ بْن الصَّوّاف، ومحمد بْن عليّ بْن حبيش، والطبراني، وآخرون. وقال الدارقطني: لا بأس به. قلت: وُلِدَ سنة اثنتين ومائتين، وتُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين. 157- الحَسَن بن عليّ بن شَهْرَيَار6. أبو عليّ الرَّقِّيّ. حدَّث ببغداد عن: محمد بن مُصْعَب القُرْقُساني، وعن: عليّ بن ميمون الرَّقِّيّ، وعامر بن سَيّار الحلبيّ، وغيرهم. وعنه: محمد بن نَجيح، وابن زياد القطان، والطبراني.   1 تاريخ بغداد "7/ 372". 2 تاريخ بغداد "7/ 372". 3 تاريخ بغداد "7/ 372". 4 تاريخ بغداد "7/ 372". 5 تاريخ بغداد "7/ 372". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 130"، وتاريخ بغداد "7/ 273". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 80 قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف1. وقال ابن يونس: تُوُفّي بمصر سنة سبْعٍ وتسعين، يُعْرف ويُنْكَر، ولم يكن بذاك. 158- الحَسَن بن عليّ بن مَخْلَد النَّيْسابوريّ المُطّوّعيّ. عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وعَمْرو بن زُرَارة، وأحمد بن منيع، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وطائفة. وعنه: أبو عبد الله بْن الأخرم، وأبو زكريا العنْبَريّ، والمشايخ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 159- الحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان2. أبو مُحَمَّد بْن عَلُّويَه القطّان، بغداديّ مشهور. سمع: عاصم بن عليّ، وبشار بن موسى، وبشْر بن الوليد الكِنْديّ، وإسماعيل بن عيسى العطار، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وعبد الله بن محمد العبْسيّ، وجماعة. وعنه: البخاريّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وأحمد بن سِنْديّ الحدّاد، وأبو عليّ بن الصَّواف، وأبو بكر الآجُرّيّ، ومَخْلَد الباقَرْحِيّ، وأبو الحسين الزُّبَيْديّ، وطائفة. وثّقه الخطيب، والدَّارَقُطْنيّ قبله. وُلِدَ سنة خمسٍ ومائتين في شوال. وقال الخُطَبيّ: مات في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 160- الحَسَن بن محمد بن أُسَيْد الثَّقَفيّ الأصبهانيّ3. عن: لُوَيْن، وأبي حفص الفلّاس، وجماعة. وعنه: أبو الشّيخ وقال: مات سنة ثلاث وتسعين.   1 تاريخ بغداد "374". 2 تاريخ بغداد "7/ 375". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 266". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 81 161- الحَسَن بن محمد بن نصر1. أبو سعيد البغدادي النّخّاس، بخاء مُعْجَمَةٍ. عن: عبد الواحد بن غِياث، وَقُرَّةَ بن العلاء. وعنه: عبد الصمد الطَّسْتيّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وابن مَخْلَد العطّار. 162- الحَسَن بن محمد بن الْجُنَيْد. أبو عليّ الخُتُليّ2. عن: أبي مَعْمَر القَطِيعيّ، وغيره. وعنه: أحمد بن خزيمة، وأبو بكر الشافعي. 163- الحَسَن بْن محمد بْن الحسين. أبو عليّ المصريّ المعروف بالمَدِينيّ. حدَّث عن: يحيى بن بُكَيْرة، وغيره. تُوُفّي في شوّال سنة تسعٍ وتسعين. 164- الحَسَن بن محمد بن سليمان بن هشام3. أبو عليّ البغداديّ الخزّاز ابن بنت مطر. عن: أبيه، وعلي بن المَدِينيّ، وهشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: ابن قانع، وأبو عليّ بن الصّوّاف، والطَّبَرانيّ. وثّقه الدَّارَقُطْني. وتُوُفّي سنة سبعٍ وتسعين. 165- الحَسَن بن المُثَنَّى بن مُعَاذ بن مُعَاذ4. أبو محمد العنْبريّ البصْريّ. شيخ نبيل من بيت العِلم والحديث. سمع: أبا حُذَيْفة النَّهْدي، وعفّان بن مسلم. وكان ديِّنًا خيِّرًا ورِعًا، لم يزل ممتنعًا من الرواية حتَّى أُمِر في النوم بالتّحديث، فحدَّث في أواخر عمره. روى عنه: أبو القاسم الطبراني، ويوسف بن يعقوب البجيري، وجماعة. وتُوُفّي في رجب سنة أربعٍ وتسعين عن سنٍّ عالية، فإنّه وُلِد سنة مائتين.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 129"، تاريخ بغداد "7/ 411". 2 تاريخ بغداد "7/ 412". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 127". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 134". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 82 166- الحَسَن بن هارون بن سليمان الأصبهانيّ1. عن: أبيه داود بن رُشَيْد، وعُبَيْد الله القواريريّ، وأبي مَعْمَر إسماعيل بن إبراهيم، وطائفة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ، والطَّبَرانيّ، وآخرون. تُوُفّي في سنة اثنتين وتسعين. 167- الحَسَن بن يزداد. أبو عليّ الهمدانيّ الخشّاب الْجُذُوعيّ. ويقال له حُسَيْنًا. عن: سُوَيْد بن سعيد، وجُبَارة بن المُغَلِّس، وهنّاد بن السَّريّ، وطائفة. وعنه: ابن خرجة النَّهَاوَنْديّ، والفضل بن الفضل الكِنْديّ، وبشْر بن أحمد الإسفرائينيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. وكان صدوقًا عالمًا. 168- الحسين بن موسى بن عيسى الحافظ. أبو عجيبة الحضرميّ، مولاهم المصريّ. روى عن: عبد الملك، وَسَلَمَةَ بن شَبِيب، وطبقتهما. روى عنه: حمزة، وغيره. مات سنة ستٍّ وتسعين. 169- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهْب2. أبو عليّ الآمديّ من بني مالك بن حبيب. عن: محمد بن عبد الرحمن بن سهم، ومحمد بن وهْب الحرّانيّ، وأبي نُعَيْم الحلبيّ، وطائفة. وعنه: الطّسْتيّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وعلي بن محمد بن مُعَلَّى الشُّونِيزيّ. 170- الحسين بن أحمد بن منصور البغدادي سجادة3.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 132"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 262". 2 تاريخ بغداد "8/ 4". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 139"، تاريخ بغداد "8/ 3". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 83 عن: عبيد الله بن عمر القواريري، وعبد الله بن داهر الرّازيّ. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، والإسماعيليّ، والطَّبَرانيّ، وغيرهم. صدوق. 171- الحسين بن أحمد بن جيون الأنصاري الصعيدي. عن: حرملة بن يحيى، وعبد الملك، وابن شبيب، وغيرهما. وعنه: أبو سعيد بن يونس وقال: توفي سنة ثمانٍ وتسعين. 172- الحسين بن أحمد بْن محمد بْن زكريّا1. أبو عبد الله الشِّيعيّ صاحب دعوة عُبَيْد الله المهديّ، والد الخلفاء المصريّين الباطنية. سار من سليمة من عند عُبَيْد الله داعيًا له في البلاد، وتنقّلت به الأحوال إلى أن دخل المغرب، واستجاب له خلْق، فظهر وحارب أمير القيروان، واستفحل أمره. وكان من دُهاة العالم، وأفراد بني آدم دهاءً ومَكْرًا ورأيًا، دخل إفريقيّة وحيدًا غريبًا فقيرًا، فلم يزل يسعى ويتحيّل ويستَحْوِذ على النُّفوس بإظهار الزّهادة، والقيام لله، حتّى تبِعَه خلْقٌ وبايعوه، وحاربوا صاحب إفريقيّة مرّات. وآل أمره إلى أن تملَّكَ القيروان، وهرب صاحبها زيادة الله الأغلبيّ. ولمّا استولى على أكثر المغرب عَلِمَ عُبَيْد الله، فسار متنكّرًا والعيون عليه إلى أن دخل المغرب، وما كاد، ثمّ أحس به صاحب سِجِلْماسة، فقبض عليه وسجنه. فسار أبو عبد الله الشيعي بالجيوش، وحارب اليسع صاحب سجلماسة وهزمه، واستولى على سجلماسة، وجرت له أمور عجيبة، ثم أخرج عُبَيْد الله من السّجن، وقبَّل يده، وسلَّم عليه بإمرة المؤمنين، وقال للأمراء: هذا إمامكم الّذي بايعتم له. وألقى إليه مقاليد الأمور، ووقف في خدمته. ثمّ اجتمع بأبي عبد الله أخو أبو العبّاس ونَدَمه على ما فعل، لأنّ المهديّ أخذ يُزْويه عن الأمور ولا يلتفت إليه. فندم أبو عبد الله وقال للمهديّ: خَلِّ يا أمير المؤمنين الأمورَ إليّ، فأنا خبير بتدبير هذه الجيوش. فتخيّل منه المهديّ، وشرع يعمل الحيلة، ويسهر اللّيل في شأنه. وحاصل الأمر أنّه دسَّ على الأخوين الدّاعيَيْن له من قتلهما في ساعة واحدة، بعد محاربةٍ جرت بينهم، وتم ملْكه. وقُتِلا في نصف جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وتسعين بمدينة رَقّادة. وكانا من أهل اليمن، ولهما اعتقاد خبيث.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 58"، البداية والنهاية "11/ 116". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 84 ذكر القفطيّ في "تاريخ بني عُبَيْد" أنّ أبا عبد الله الشِّيعيّ كوفيّ، وأنه رافق كتامة إلى مصر يصلي بهم ويَتَزَهَد، فمالوا إليه، فأظهر أنه يريد أن يقيم بمصر، فاغتنموا لذلك، وسألوه عن سبب إقامته، فَقَالَ: أُعَلِّم الصّبيان. فرغبوه في صُحْبتهم لِيُعلِّم أولادهم، فسارَ معهم إلى جبال كُتَامة، فأخذ في اجتلاب عقولهم ورَبْطها، ثمّ خاطب عُقَلائهم واستكتمهم، فأجابوه. فمن جُملة ما ربطهم قَالَ: نزلت فيكم آية فُغُيِّرت حسدًا لكم. قالوا: وما هي؟ قَالَ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] . قالوا: وَمَنْ غَيَّرها؟ قَالَ: وُلَاةُ أمركم اليوم. قالوا: فكيف السّبيل إلى إظهارها؟ قَالَ: أن تَدِينوا بإمامٍ معصوم يعلم الغيب. قالوا: وَمَنْ لنا به؟ قَالَ: أنا رسولٌ إليكم، إذا طهّرتم له البلاد. فأجابوه. وربط عقولهم بأنّه يعلم أسرار الصلاة والزّكاة والحجّ والصَّوم، وشوّقهم بما أمكنه، فلمّا استجابوا له بأجمعهم، جَيَّش الجيوش، وجرت له خطوب طويلة، ولزِم الوقار والسَّكينة والتَّزَهُّد وعدم الضّحك، ونحو ذلك. قلت: يا ما لقي العلماء والصُّلَحاء بالمغرب من هذا الشِّيعيّ. قبّحه الله ولا رحمه. وقد كان أبو إسحاق بن البردون المالكيّ الّذي ردّ على الحنفية ممّن انتصب لِذَمّ هذا الشّيعيّ، فسَعَوْا به وبأبي بكر بن هُذَيْل، وطائفة. وكانت الشّيعة تميل إلى العراقيّين لأجل موافقتهم لهم في مسألة التّفضيل، فحبس هذين الرَّجُلين، ثمّ أمر الشّيعيّ أن يضرب عنق ابن البرذون وصاحبه. وقيل: إنّ ابن البرذون لما جُرِّدَ للقتل قِيلَ له: ارجع عن مذهبك، فَقَالَ: أرجع عن الإسلام؟ ثم صلب، وكان ذلك في حدود الثمانين ومائتين، أو بعد ذلك. ونادوا أيّام الشيعي أن لا يُفتى بمذهب مالك، وألّا يفتوا إلّا بمذهب جعفر بن محمد وأهل البيت، وبزعمهم بسقوط طَلَاق البَتّة، وتوريث البنت الكُلّ، ونحو ذلك، والله أعلم. 173- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهْب. أبو عليّ الآمديّ المالكيّ الفقيه. عن: هشام بن عمّار، ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكيّ، ويحيى بن أكثم، وطائفة. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 85 وعنه: أبو بكر الشافعي، والإسماعيلي، وجماعة. 174- الحسين بن إبراهيم بن عامر1. أبو عجرم الأنطاكي المقرئ. قرأ عَلَى: أحمد بْن جُبَيْر، عن الكِسائيّ. روى عنه القراءة: محمد بن داود النَّيْسابوريّ، والحسين بن أحمد، وعبد الله بن عليّ. 175- الحسين بن إسحاق التُّسْتَرِيّ الدَّقيقيّ2. شيخ الطَّبَرانيّ. الصَّحيح وفاته في المحرَّم سنة ثلاثٍ وتسعين. وقيل: سنة تسعٍ وثمانين، كما مرّ. 176- الحسين بن جعفر بن حبيب3. أبو عليّ القُرَشيّ الكوفيّ القتات. عن: أحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وغيره. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 177- الحسين بن أحمد بن موسى بن المبارك4. أبو عليّ العكّيّ ثم المصريّ. عن: يحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، ومحمد بْن هشام بْن أبي خيرة السُّدُوسيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وإسحاق بن إبراهيم، وغيرهم. قَالَ ابن يونس: ليس بالقوي. توفي في رجب سنة تسعٍ وتسعين عن اثنتين وتسعين سنة. الحسين بن زكرَوَيْه. ذُكِر في الْأَحْمَدَيْن. 178- الحسين بن شُرَحْبيل. أبو عليّ البَطَلْيُوسيّ الأندلسيّ المالكيّ الفقيه.   1 غاية النهاية "1/ 237". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 139". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 140". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 138" وفيه "الحسين بن حميد". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 86 كان على مدار الفتوى ببطليوس. وتوفي قريب الثلاثمائة. قَالَه القاضي عياض. 179- الحسين بن عبد الله بن أحمد1. الفقيه أبو عليّ البغداديّ الخِرَقيّ الحنبليّ، والد الإمام صاحب المختصر في مذهب أحمد، أبي القاسم عمر بن الحسين. حدَّث عن: أبي عمرو الدُّوريّ، وأبي حفص الفلّاس، ومحمد بن مرداس الأنصاري، وغيرهم. وتفقه على أبي بكر المروزي وبرع في الفقه. روى عنه: ابنه، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر الشافعي، وأبو بكر عبد العزيز بن جعفر، وغيرهم. توفي يوم عيد الفطر سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. وكان يدعى خليفة المروزي للزومه إياه. اتفق أنّه صلى صلاة العيد، ورجع فتغدّى ونام، فوجده أهله ميتًا، رحمه الله تعالى. 180- الحسين بن عبد الله بن أبي زيد. الفقيه أبو عبد الله النَّيْسابوريّ الحنفيّ، من كبار أئمّة أهل الرأي بخُراسان. وكان صاحب حديث أيضًا. سمع: إسحاق بن راهوَيْه، وأحمد بن حنبل، وجماعة. وارتحل ولقي الكبار فسمع: جُبَارة بن المُغَلس، ومحمد بن حُميد الرازيّ، وحدَّث عن: محمد بن شُجاع بن الثَّلْجيّ بالمصنّفات. روى عنه: أبو العبّاس أحمد بن هارون، وأبو عبد الله بن دينار، ومحمد بن أحمد بن سعيد الرازيّ، وغيرهم. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين، نقله الحاكم. 181- الحسين بن عبد الحميد. أبو علي الموصلي الخرقي2.   1 تاريخ بغداد "8/ 59"، المنتظم "6/ 111"، البداية والنهاية "11/ 117". 2 تاريخ بغداد "8/ 60". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 87 عن: مُعَلَّى بن مهديّ، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وهُدْبة بن عبد الوهاب المَرْوَزِيّ، ويعقوب بن حُمَيْد بن كاسب، وخلق كثير. وعنه: ابن قانع، ويزيد بن محمد الأزديّ. 182- الحسين بن عبيد الله بن الخصيب الأبزاري البغداديّ1. ضعيف، متروك. روى عَنْ: داود بن رشيد، وغيره. وعنه: جعفر بن محمد المؤدّب، وإسماعيل الخُطَبيّ. 183- الحسين بن عليّ بن مُصْعَب2. أبو عليّ النَّخعيّ البغداديّ. عن: داود بن رُشَيْد، وسُوَيْد بن سعيد، وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل، وخلْق. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشيَّخ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وآخرون. 184- الحسين بن عليّ بن حمّاد بن مهران الأزرق الجمّال المقرئ3. صاحب أحمد بن يزيد الحُلْوانيّ. كان رفيق الحَسَن بن العبّاس بن مهران الرّازيّ في القراءة على الحلواني. وتصدر للإقراء، وحمل على الناس عَنْه الكثير. سكن قزوين، وكنيته أبو عبد الله. وقرأ أيضًا على محمد بن إدريس الزَّيْدانيّ. قرأ عليه: أبو الحسن محمد بن أحمد بن شَنَبُوذ، وأحمد بن محمد الرازيّ، نزيل الأهواز، وأبو بكر محمد بن الحَسَن النّقّاش، والحَسَن بن سعيد المُطّوِّعيّ، وآخرون. وكان محققًا لقراءة ابن عامر. 185- الحسين بن عمر بن أبي الأحوص4. أبو عبد الله الثَّقفيّ، مولاهم الكوفيّ. عن: أحمد بن يونس، وسعيد بن عمرو الأشعثي. وعنه: أبو بكر القَطيعيّ، وعبد الله بن إبراهيم الزيني، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "8/ 56". 2 تاريخ بغداد "8/ 69". 3 غاية النهاية "1/ 244". 4 تاريخ بغداد "8/ 81". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 88 توفي في رمضان سنة ثلاثمائة ببغداد، وله عن: مِنْجاب بن الحارث، وحُبَارة بن المُغلِّس، وثابت بن موسى الضَّبّيّ، وأبو كُرَيْب. وعنه أيضًا: ابن ماسي، وأبو الفَرَج صاحب "الأغاني". وثّقه الخطيب. 186- الحسين بن الكُمَيْت بن بُهْلُولٍ بن عمر1. أبو عليّ المَوْصِليّ. نزل ببغداد، وحدَّث عن: غسّان بن الرّبيع، وَمُعَلَّى بن مهدي، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عمار المَوَاصِلَة، وعليّ بن المَدِينيّ، ومحمد بن زياد بن فَرْوَةَ البلديّ، وجماعة. وعنه: عبد الصَّمد الطَّستيّ، وحبيب القزّاز، وسليمان الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن ماسي، وآخرون. وثّقه الخطيب. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين ومائتين. 187- الحسين بن محمد بن جمعة. أبو جعفر الأَسَديّ الدّمشقيّ2. عن: سعيد بن منصور، لقِيه بمكّة. وعنه: عليّ بن أبي العَقِب، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، وأبو عليّ بن آدم، وأبو زُرْعة محمد بن أبي دُجَانة، وجماعة. 188- الحَكَم بن مَعْبَد بن أحمد3. أبو عبد الله الخُزَاعيّ الأديب، صاحب كتاب "السنة". يروي عن: نصر بن عليّ الْجَهْضَميّ، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَنيّ، ومحمد بن المُثَنَّى الزَّمِن، ومحمد بن حُمَيْد الرازيّ، وخلْق. وحدّث بأصبهان وبها تُوُفّي في سنة خمسٍ وتسعين. روى عنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، والطبراني. وكان من فقهاء الحنفيّة. 189- حُوَيْت بن أحمد بن أبي حكيم4. أبو سليمان القُرَشيّ الدّمشقيّ.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 143"، تاريخ بغداد "8/ 87". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 359". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 157"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 298". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 153"، تهذيب تاريخ دمشق "5/ 20". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 89 عن: أبي الجماهر محمد بن عثمان، وزُهَيْر بن عبّاد، ومحمد بن وهْب بن عطيّة، وجماعة. وعنه: ابنه محمد، وأبو عليّ بن هارون، والطَّبَرانيّ، وعبد الله بن النّاصح. "حرف الخاء": 190- خالد بن غسّان بن مالك1. أبو عيسى الدّارميّ البصْريّ. عن: أبيه، وأبوه صدوق، سمع حمّاد بن سَلَمَةَ. وعن: مُعَاذ بن عيسى الضَّبّيّ، عن ابن عَجْلان. وعن: مسلم بن إبراهيم، وأبي عمر الضَّرير. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ وقال: حدَّث عن أبيه بحديثين باطلين. وكان أهل البصرة يقولون إنّه يسرق الحديث. 191- خشناج بن أبي معروف بشر بن العنْبريّ النَّيسابوري. رحل وسمع: عبد الأعلى بن حماد، وهشام بن عمّار، ومحمد بن رُمْح، وخلْقًا. وعنه: أبو عمر بن مَطَر، وحسّان بن محمد الفقيه. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. قَالَ الحاكم: هو شيخ مفيد حَسَن الصَّوْت إلّا أنه قليل الحديث. 192- خَلَف بن سليمان النَّسَفيّ. عن: دُحَيْم، وهشام بن عمّار. وعنه: محمد بن محمد بن جابر البخاري، وغيره. توفي سنة ثلاثمائة. 193- خلف بن عمرو. أبو محمد العُكْبُريّ2. حجّ فسمع: الحُمَيْديّ، وسعيد بن منصور، وأظنه آخر من حدّث الحُمَيْديّ. وحدَّث أيضًا عن: محمد بن معاوية النَّيْسابوريّ، وحسن بن الربيع.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 160"، وميزان الاعتدال "1/ 637". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 577"، البداية والنهاية "11/ 108"، والمنتظم "6/ 84". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 90 وعنه: جعفر الخالديّ، والطَّسْتيّ، وأبو بكر الآجُرّيّ، وحبيب القزّاز، وسليمان الطَّبَرانيّ، وطائفة آخرهم وفاةً محمد بن عبد الله بن بخيت. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. ونقل الخطيب إنّه كان له ثلاثون خاتمًا، وثلاثون عكّازًا، يلبس كلّ يوم خاتمًا، ويأخذ عكّازًا. وكان مِن ظُرفاء بغداد ومحتشميهم. تُوُفّي سنة ستٍ وتسعين. "حرف الدال": 194- داود بن الحسين بن عُقَيل بن سعيد البَيْهَقيّ الخُسْرُوجِرْديّ1. أبو سليمان. سمع: يحيى بن يحيى، وسعد بن يزيد الفرّاء، وقُتَيْبة، وابن راهوَيْه، وعلي بن حُجْر، وطائفة. وحجّ فسمع في الطّريق من: عبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وجماعة بالعراق، وأبي مُصْعَب، ويعقوب بن كاسب بالمدينة، ومحمد بن رُمْح، وحَرْمَلَة، وطائفة بمصر، وأبي التُّقى هشام بن عبد الملك، وجماعة بالشّام. وعنه: الحافظ أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو بكر بن عليّ، وعبد الله بن محمد بن مسلم، وبِشْر بن أحمد الإسفرائينيّ، وطائفة. قال: ولدت سنة مائتين؛ ومات سنة ثلاثٍ وتسعين بخُسْرُوجِرْد. 195- داود بن وسيم2. أبو سليمان البوسَنْجيّ. طوّف وصنّف وحدَّث عن: محمد بن هاشم البعلبكيّ، وكثير بن عبد الحمصيّ، وأبي سعيد الأشجّ، وجماعة.   1 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 199". 2 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 218". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 91 وعنه: محمد بن الحَسَن البيذجانيّ، ومنصور بن العبّاس الفقيه شيخان لأبي المعالي، ومحمد بن محمد البوسنجيّ، وأبو بكر النّقّاش المقرئ. "حرف الراء": 196- رباح بن طَيْبان1. قيّده ابن ماكولا. أبو رافع الأزديّ مولاهم المصري الأصفر. عن: سلمة بن شبيب، وموسى بن الفقيه عبد الرحمن بن القاسم. وعنه: أبو سعيد بن يونس وقال: كان فاضلًا أسود اللون. تُوُفّي سنة ثلاثمائة. "حرف الزاي": 197- زكريّا بن دلوَيْه. أبو يحيى النَّيْسابوريّ الواعظ، أحد الزُّهّاد. سمع: ابن راهوَيْه، وأبا مُصْعَب، وطبقتهما. وعنه: أحمد بن هارون الفقيه، وابن هانئ، وجماعة. قَالَ السُّلَميّ: هو من تلامذة أحمد بن حرب، وكان يُفَضَّلُ على شيخه. 198- زكريّا بن عصام الكَرَجِيّ2. حدَّث بأصبهان عن: سهل بن عثمان العسكريّ، ومحمد بن عُبَيْد الهَمْدانيّ. وعنه: أبو الشّيخ، وأبو أحمد العسّال، وجماعة. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين. 199- زكريّا بن يحيى بن الحارث. الإمام أبو يحيى النَّيْسابوريّ المزكي البزاز الفقيه شيخ الحنفيّة بنيسابور. ذكره الحاكم فَقَالَ: شيخ أهل الرأي وعصره. وله مصنّفات كثيرة في الحديث، وكان من العباد.   1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 10". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 322". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 92 سمع: إسحاق بن راهويه، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، وأيّوب بن الحَسَن وأقرانهم. وبالعراق: أبا الربيع السَّمْتيّ، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وأبا كُرَيْب، وبِشْر بن آدم، وطائفة. وبالحجاز: أبا مُصْعَب، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ، وعبد الجبّار العطّار، وأقرانهم. وعنه: عبد الرحمن بن الحسين القاضي، والمشايخ. وثنا عنه أبو عليّ الحافظ. مات في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين، وصلى عليه الأمير أبو صالح. 200- زُهْرة بن زُفَر المصريّ. عن: يحيى بن بُكَيْر، ومحمد بن مَخْلَد الرُّعَيْنيّ. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ. "حرف السين": 201- السَّريّ بن مُكْرَم البغداديّ1. من جِلّة المقرئين. قرأ على: أبي أيّوب الخيّاط صاحب اليزيديّ. قرأ عليه: ابن شَنَبُوذ، وأحمد بن يوسف الأهوازيّ، وعليّ بن أحمد السّامريّ، وغيرهم. 202- سعيد بن إسحاق. أبو عثمان الكلْبيّ المغربيّ. مشهور بالصِّدق والصَّلاح. أخذ عن: سَحْنُون، وغيره. وحجّ فأخذ بمصر عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. حمل عنه بِشْر بالقيروان. وعاش بضعًا وثمانين سنة. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين، رحمه الله. 203- سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور2. الأستاذ أبو عثمان الحِيريّ النَّيْسابوريّ الواعظ. شيخ. الصُّوفيّة وعَلَم الأولياء بخُراسان. وُلَد سنة ثلاثٍ ومائتين بالري.   1 غاية النهاية "1/ 302". 2 صفة الصفوة "4/ 103-107"، تاريخ بغداد "9/ 99"، وسير أعلام النبلاء "14/ 62-66". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 93 وسمع بها من: محمد بن مقاتل، وموسى بن نصر، وغيرهما. وبالعراق: حُمَيْد بن الربيع، ومحمد بن إسماعيل الأحْمَسيّ. ولم يزل يسمع الحديث ويكتب إلى آخر شيء. روى عنه: الرئيس أبو عَمْرو أحمد بن نصر، وابناه أبو بكر، وأبو الحَسَن، وأبو عَمْرو بن مَطَر بن نُجَيْد، وطائفة. قَالَ الحاكم: كان وروده نَيْسابور لصُحبَةِ أبي حفص النَّيْسابوريّ الزّاهد، ولم يختلف مشائخنا أنّ أبا عثمان كان مُجاب الدَّعْوة، ومجمع العُبّاد والزُّهّاد، ولم يزل يسمع الحديث، ويُجِلَ العُلماء، ويعظّم قدرهم1. سمع من: أبي جعفر أحمد بن حمدان الزّاهد كتابه المخرج على مسلم، بلفظه من أوّله لآخره. وكان إذا بلغ موضعًا فيه سنة لم يستعلمها وقف عندها، حتّى يستعمل تلك السنة2. قلت: وعن أبي عثمان أخذ صوفيّة نَيْسابور، وهو لهم كالْجُنَيْد للعراقيّين. ومِن كلامه: سرورك بالدُّنيا أذهبَ سرورك بالله عن قلبك. وقال: الْعُجْبُ يتولّد من رؤية النَّفْس وذِكْرها، ورؤية النّاس. وقال ابن نُجَيْد: سمعته يقول: لا تَثِقَنَّ بمودّة مَن لا يحبّك إلّا معصومًا3. قَالَ أبو عَمْرو بن حمدان: سمعته يقول: من أمر السنة على نفسه قولًا وفعلًا نطق بالحكمة، ومن أمرّ الهوى على نفسه نطقَ بالبدعة لقوله تعالي: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54] . وعن أبي عثمان قَالَ: لا يكمل الرّجل حتى يستوي قلبه في المَنْع والعطاء وفي العِزّ والذُّلّ. وقال لأبي جعفر بن حمدان: ألستم تروون أنّ عند ذِكْر الصّالحين تنزل الرحمة؟ قَالَ: بلى.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 63". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 63". 3 تاريخ بغداد "9/ 100"، وصفة الصفوة "4/ 104". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 94 قَالَ: فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسيلة الصّالحين1. قَالَ الحاكم: أخبرني سعيد بن عثمان السَّمَرْقَنْديّ العابد: سمعت أبا عثمان غير مرّة يقول: مَن طلب جِوَاري، ولم يوطّن نفسه على ثلاثة أشياء، فليس له في جواري موضع. أولها: إلقاء العزّ، وَحَمْلُ الذُّلّ. الثاني: سكون قلبه على جوع ثلاثة أيّام. الثالث: أن لا يَغْتَمّ ولا يهتمّ إلا لِدينه أو طلب إصلاح دِينه2. وسمعتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ لما قتل يحيى الذُّهَليّ: مُنِعَ النّاس من حضور مجالس الحديث، أشار بهذا على أحمد بن عبد الله الخُجُسْتانيّ: شرويه، والعبّاسان، فلم يجسر أحد أن يحمل محبرةً، إلى أن وَرَدَ السَّرِيّ بن خُزَيْمة الأبيْوَرْديّ، فقام أبو عثمان الحِيريّ الزّاهد، وجمع المحدِّثين في مسجده، وأمرهم أن يُعلِّقوا المحابر في أصابعهم، وعلّق هو محبرةً بيده، وهو يتقدَّمهم إلى أن جاء إلى خان محمش، فأخرج السَّرِيّ، وأجلس المستملي بين يديه، فَحَزَرْنا في مجلسه زيادة على ألف محبرة. فلمّا فرغ قاموا. فقبّلوا رأس أبي عثمان رحمه الله، ونثر النّاس عليهم الدَّرَاهم والسُّكَّر، وذلك في سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين3. قلت: ذكر الحاكم ترجمته في كَرَّاسَيْن ونصف، فأتى بأشياء نفيسة من كلامه، في اليقين وَالتَّوَكُّلِ والرِّضا. قال الحاكم: سمعت أبي يقول: لمّا قتل أحمدُ بنُ عبد الله الخجستاني: حيكان، يعني الذُّهليّ، أخذ في الظُّلْم والحَيْف، فأمر بحربةٍ، فركزت على رأس المربعة، وجمع أعيان التجار وحلف: إن لم تصبوا الدراهم حتى تغيب رأس الحربة، فقد أحلَلْتُم دماءكم. فكانوا يقتسمون الدّراهم فيما بينهم، فخُصّ تاجرٌ بثلاثين ألف درهم، ولم يكن يقدر على ثلاثة آلاف درهم، فحملها إلى أبي عثمان، وقال: أيُّها الشيّخ قد حَلَفَ هذا كما علِمْت، ووالله لا أهتدي إلا إلى هذه.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 64". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 64". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 64". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 95 فقال له الشيخ: تأذن أن أفعل فيها ما ينفعك؟ قَالَ: نعم. ففرّقها أبو عثمان، وقال للرجل: امكث عندي. فما زال أبو عثمان يتردَّد بين السّكَّة والمسجد ليلةً حتّى أصبح وأذّن. ثمّ قَالَ للفرغاني خادمه: اذهب إلى السوق، فانظر ما تسمع. فذهب ثم رجع فَقَالَ: لم أرَ شيئًا. قَالَ: اذهب مرّةً أخرى. قَالَ: وأبو عثمان يقول في مناجاته: وحقّك لا أقمت ما لم تُفْرِج عن المكروبين. قَالَ: فأتى الفَرَغانيّ وهو يقول: وكفى الله المؤمنين القتال، شُقَّ بطْنُ أحمد بن عبد الله. فأخذ أبو عثمان في الإقامة1. قَالَ أبو الحَسَن أحمد بن أبي عثمان: توفي أبي ليلة الثلاثاء لعشرٍ بقين من ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين: وصلى عليه الأمير أبو صالح. 204- سعيد بن سعد. أبو عثمان النَّيْسابوري. سمع: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد الرازي، وجماعة. وعنه: محمد بن صالح بن هانئ، وأحمد بن إسحاق الصَّيْدلانيّ، وعبد الله بن سعد. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 205- سعيد بن سَلَمة. أبو عَمْرو التَّوَّزِيّ2. حدَّث ببغداد عن: سُوَيْد بن سعيد، وعُبَيْد الله القواريريّ، وعثمان بن أبي شَيْبة. وعنه: أبو عليّ الصّوّاف. ووثّقه الخطيب. 206- سعيد بن سليمان بن داود. أبو عثمان الشَّرْغبيّ. وشَرْغب قرية ببُخَارَى. سمع: يحيى بن جعفر البيكَنْدي، وهانئ بن النَّضر. وعنه: محمد بن نصر بن خَلَف، وخَلَف بن محمد الخيام. توفي سنة ثلاثمائة.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 65". 2 تاريخ بغداد "9/ 103". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 96 207- سعيد بن عبد الله بن أبي رجاء بن عُجْب1. أبو عثمان الأنباريّ. رحل إلى الشّام ومصر. وسمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وسُفْيان بن وكيع، وخلْقًا. وعنه: أحمد بن كامل، وأبو القاسم الطَّبرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ومَخْلَد الباقَرحِيّ، ومحمد بن أحمد المفيد، وطائفة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. وقال ابن عُقْدَةَ: تُوُفّي في جُمادَى الآخرة سنة ثمانٍ وتسعين. 208- سعيد بن عثمان الفندقيّ الصّوُفيّ الخياط. سمع: أحمد بن أبي الحواري، وذا النون المصريّ، وجماعة. وعنه: أبو عَمْرو غلام ثعلب، ومحمد بن حُمَيْد الحَوْرانيّ، وعبد الصمد الطَّسْتيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. يُقال: كان دمشقيًَّا. 209- سعيد بن عَمْرو بن عمّار2. الحافظ أبو عثمان الأزْديّ البَرْدَعيّ. رحل وطوّف وصنّف، وصحب أبا زرعة الرازي، أخذ عنه هذا الشّأن. وسمع: أبا كُرَيْب، وأبا سعيد الأشجّ، وعَبدة بن عبد الله، ومحمد بن بشّار، وأحمد ابن أخي ابن وهْب، ومحمد بن يحيى الذُّهليّ، وأبا حفص الفلّاس، وإبراهيم بن يعقوب الْجَوْزَجانيّ، وأبا موسى الزَّمِن، وأحمد بن الفُرات، ومسلم بن الحَجَّاج، وابن وَارَةَ، وخلْقًا. وعنه: حفص بن عمر الأَرْدَبِيليّ، وأحمد بن طاهر الميانجي، والحَسَن بن عليّ بن عبّاس، وإبراهيم بن أحمد المَيْمذيّ، وغيرهم. قَالَ ابن عُقْدَةَ: تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 210- سليمان بن أحمد بن الوليد الأصبهانيّ3. عن: لُوَيْن، وسهل بن عثمان. وعنه: أبو الشيخ. وقال: ثقة.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 170"، تاريخ بغداد "9/ 102"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 150". 2 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 168". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 335". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 97 211- سليمان بن عزّام المَوْصِليّ الخيّاط. عن: محمد بن عبد الله بن عمار، وعبد الله بن عبد الصّمد، وعبد الغفّار بن عُبَيْد الله. وعنه: يزيد بن محمد بن إياس الأزْديّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين ومائتين. 212- سليمان بن المُعَافَى. أبو أيّوب الرَّسْعَنيّ1. عن: أبيه. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. وكان قاضي رأس العين. قَالَ ابن عديّ: حمله ابن عيسى. 213- سليمان بن يحيى2. أبو أيّوب الضَّبّيّ البغداديّ المقرئ. قرأ على: رجاء بن عيسى، وأبي عمر الدُّوريْ، وتُرْك الحذَّاء، وغيرهم. وروى عَنْ: أَبِي حَمْدُونَ الطَّيِّبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ. روى عنه: أبو بكر الأنباري، وعبد الباقي بن قانع، والطَّبَرانيّ، وآخرون. وكان إمامًا صدوقًا موثقًا. توفي سنة إحدى وتسعين. قرأ علي: النّقّاش، وأحمد بن محمد الآدَميّ. 214- سُمْنُون المحبّ بن حمزة3. أبو القاسم البغداديّ الصُّوفيّ العارف. سمّى نفسه سُمْنُون الكذاب بسبب قوله: فليس لي في سواك حظّ ... فكيف ما شئت فامْتحِنّي فحصر بَوْلَه للوقت، فصار يدور في المكاتب، ويقول للصبيان: ادعوا لعمّكم المبتلَى بلسانه، وكاد يهلك. ثم سمى نفسه: الكذاب.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 175، 176". 2 تاريخ بغداد "9/ 60"، والمنتظم "6/ 46". 3 صفة الصفوة "2/ 426"، وتاريخ بغداد "9/ 234"، والبداية والنهاية "11/ 115". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 98 وله شِعْرٌ طيب. وقد وسوس في الآخرة. وقيل: كان ورده كل يوم خمسمائة رَكْعة. قَالَ أبو أحمد القلانسيّ: فرق رجلٌ على الفقراء أربعين ألف درهم، فَقَالَ لي سُمْنُون: ما ترى ما أنفق هذا وما عمل، ونحن ما نرجع إلى بيتي بنفقة، فامض بنا نصلي كل درهم بركعة. فذهب إلى المدائن، فصلَّينا أربعين ألف رَكْعة1. ومن كلامه: إذا بسط الجليل غدًا بساط المجد دخل ذنوب الأوّلين والآخرين في حاشية من حواشيه. فإذا بدت عينٌ من عيون الْجُود ألحقت المسيءَ بالمحسن. وقال: من تفرَّس في نفسه فعرفها صحّت له الفراسة في غيرها. وكان سُمْنُون من أصحاب سَرِيّ السَّقَطيّ. قَالَ ابن الجوزيّ في "المنتظم": تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 215- سهل بْن شاذويه الباهلي البخاري. عن: أحمد بن نصر السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن سالم، وسعيد بن هاشم العتَكيّ. وعنه: خَلَف الخيّام، وغيره. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. ذكره السلَيمانيّ فوصفه بالحفظ والتصنيف، وأنه سمع علي بن حشرم، وطائفة سواه. 216- سهل بن أبي سهل الواسطيّ2. عن: بشر بن مُعاذ، وعمرو بن الفلّاس. وحدَّث ببغداد. روى عنه: أبو بكر الشافعي، أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وابن لؤلؤ، وآخرون. وثّقه بعضهم. واسم أبيه: أحمد بن عثمان.   1 صفة الصفوة "2/ 426". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 172"، وتاريخ بغداد "9/ 119". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 99 "حرف الشين": 217- شاه بن شجاع1. أبو الفوارس الكِرْمانيّ الزّاهد. قَالَ السُّلَميّ2: كان من أولاد الملوك فتزهَّد، وصحب أبا تُراب النَّخَشبيّ وغيره. ومات قبل الثلاثمائة. وقال أبو نُعَيْم: كان من أبناء الملوك، فتشمّر للسُّلوك. فَعنه قَالَ: من عرف ربّه طمع في عَفْوه، ورجا فَضْله. وقال إسماعيل بن مَخْلَد: كان شاه بن شجاع حادّ الفِراسة، قلّ ما أخطأت فِراستُهُ3. وعنه قَالَ: من نظر إلى الخلق بعينه طالت خصومته معهم. ومن نظر إليهم بعين الله عَذَرهم، وقلَّ اشتغاله بهم4. قلت: كلامه هذا إن صح عنه فغير مسلم إليه، بل ينبغي أن يرحمهم في خصومته، ومخاصمتهم في رحمته. وليس للعباد عُذْرٌ ولا حُجَّة بعد الرُّسُل. قَالَ السُّلَميّ5: لِشاهٍ رسالاتٌ وَكُتُبٌ وكلامٌ كثير. وله كتاب "المثلَّثة" سمّاه "مرآة الحكماء". ويقال: مات بعد السّبعين ومائتين، وقيل: قبل ذلك، فالله أعلم. مات بكِرْمان، وكان يلبس القباء. وقيل: إنه ترك النَّوم مدَّةً، ثمّ نعِس، فرأى الحقّ تعالى، فكان بعد ذلك يقصد النَّوْم. 218- شُعَيب بن عَمران العسكريّ6. يروي عن: عَبْدان بن محمد العسكريّ الوكيل، وغيره.   1 صفة الصفوة "4/ 67"، والمنتظم "6/ 111"، والنجوم الزاهرة "3/ 170". 2 طبقات الصوفية "192". 3 حلية الأولياء "10/ 237"، وصفة الصفوة "4/ 67". 4 حلية الأولياء "10/ 237". 5 طبقات الصوفية "192". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 178". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 100 وروى عنه: الطَّبَرانيّ. وتُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 219- شُرَيْح بن أبي عبد الله بن إسماعيل. أبو النّضر النَّسَفيّ الزّاهد. روى عن: عَبْد بن حُمَيْد، والدَّارِميّ، والبخاريّ، ورجاء بن مُرَجّا. وعنه: محمد بن زكريّا بن حسين، وغيره. تُوُفّي سنة ثلاثمائة. 220- شريح بن عقيل الإسفراييني. عن: إسحاق بن راهوَيْه، وأبي مروان العثمانيّ. وعنه: ابن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. "حرف الصاد": 221- صافي الحُرَميّ1. الأمير صاحب الدولة المكتفوية والمُقْتَدرية. كان إليه دار الخلافة، ولما احتضر أشهد على نفسه أنّه ليس له عند مملوكه قاسم شيء. فلمّا مات، حمل قاسم إلى الوزير ابن الفرات مائة ألف دينار، وسبعمائة حِياصة، وقال: هذا كان له عندي. تُوُفّي صافي ببغداد في شعبان سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 222- صالح بن محمد بن عَمْرو بن حبيب بن حسّان بن المُنْذر بن أبي الأبرش عمّار2. مولى أسَد بن خُزَيْمة الحافظ أبو عليّ الأَسَديّ البغداديّ جَزَرَة. نزيل بُخَارَى. وُلِد سنة خمس ومائتين ببغداد. وسمع: سعيد بن سليمان سَعْدُوَيه، وخالد بن خِداش، وعلي بن الْجَعْد، وعُبَيْد الله بن عائشة، وعبد الله بن محمد بن أسماء، ويحيى الحِمّانيّ، وهشام بن عمار،   1 تاريخ الطبري "10/ 88"، والبداية والنهاية "11/ 115"، والمنتظم "6/ 34-54، 70-81"، ومروج الذهب "3233". 2 تاريخ بغداد "9/ 324". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 101 ويحيى بن مَعين، والأزرق بن عليّ، وأبا نصر التّمّار، وأحمد بن حنبل، وهُدْبَة بن خالد، ومَنْجاب بن الحارث، وخلْقًا كثيرًا بالشّام، والعراق، وخراسان، ومصر، وما وراء النّهر. وعنه: مسلم بن الحجّاج، وهو أكبر منه، وأحمد بن عليّ الجارود الأصبهانيّ، وأبو النضر محمد الفقيه، وخَلَف بن محمد الخيّام، وأبو أحمد علي بن محمد الحبيبي، وبكر بن محمد الصيرفي، وأحمد بن سهل، والهيثم بن كُلَيْب، ومحمد بن جابر، وآخرون. ودخل بُخَارَى سنة ستٍّ وستين ومائتين، فسكنها لمّا رأى من الإحسان من أمير بخَارى. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: هو من ولد حبيب بن أبي الأشرس. أقام ببخارى وحديثه عندهم. وكان ثقة حافظًا عارفًا. وقال أبو سعيد الإدريسيّ: الحافظ صالح بن محمد جَزَرَة ما أعلم في عصره بالعراق وخُراسان في الحِفْظ مثله. دخل ما وراء النّهر، فحدَّث مدَّة من حِفْظه، وما أعلم أُخِذَ عليه ممّا حدَّث خطأ. ورأيت أبا أحمد بن عديّ يضخّم أمره ويعظّمه. وقال أحمد بن عبد الله الكناني: سمعته يقول: أنا صالح بن محمد بن عَمْرو بن حبيب بن حيان بن المنذر بن أبي الأشرس عمّار الأسَديّ، أَسَد خُزَيْمَة مولاهم. وهكذا ساق نسبه الخطيب وقال: حدَّث من حفظه دهرًا طويلًا ولم يكن يستصحب معه كتابًا. وكان صدوقًا ثبتًا ذا مِزَاحٍ ودُعابة، مشهورًا بذلك1. وقال أبو حامد بن الشَّرْقيّ: كان صالح بن محمد يقرأ على محمد بن يحيى الذُّهَليّ في الزُّهْريّات، فلمّا بلغ حديث عائشة أنّها كانت تسترقي من الْجَزَرة، قَالَ: من الْجَزَرَةِ. فلُقّب به. رواها الحاكم، عن يحيى بن محمد العنْبريّ، عنه. وقال الخطيب: هذا غلط؛ لأنّه لقب بجزرة في حداثته. أخبرنا الماليني، ثنا ابن عديّ: سمعت محمد بن أحمد بن سعدان: سمعت صالح بن محمد يقول: قدِم علينا بعض الشّيوخ في الشّام، وكان عنده عن حُرَيْز بن عثمان، فقرأت عليه:   1 تاريخ بغداد "9/ 322". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 102 حدَّثكم حُرَيْز قَالَ: كان لأبي أُمامة خَرزَة يرقي بها المريض، فقلت: جَزَرَة. فلُقِّبَ: جَزَرَة1. وقال أحمد بن سهل البخاريّ الفقيه: سمعت أبا عليّ -وَسُئِلَ- لِمَ لُقِّبَ بجَزَرَة؟ فَقَالَ: قدِم عمر بن زُرَارَة الحَدثيّ بغداد، فاجتمع عليه خلْق، فلمّا كان عند فراغ المجلس سُئِلتُ: من أين سمعت؟ فَقَلت: من حديث الْجَزَرَةِ، فبَقِيَتْ عَلَيّ. وقال خَلَف الخيّام: ثنا سهل بن شاذُوَيْه أنّه سمع الأمير خالد بن أحمد يسأل أبا عليّ: لِمَ لُقبَ جَزَرَة، فَقَالَ: قدِم علينا عمر بن زُرَارَة فحدَّثهم حديثًا عن عبد الله بن بِشْر، أنّه كان له خرزَة للمريض، فجئت وقد تقدّم هذا الحديث، فرأيت في كتاب بعضهم، فصحْتُ بالشّيخ: يا أبا حفص، كيف حديث عبد الله أنّه كانت له جَزَرَة يداوي بها المرضى؟ فصاح المجّان، فبقي على حتّى السّاعة. وقال البَرْقانيّ: ثنا أبو حاتم بن أبي الفضل الهروي قال: كان صالح ربّما ينظر. كان ببُخَارى رجل حافظ يُلَقَّب بجَمَل، فكان يمشي مع صالح، فاستقبلهما جَمَلٌ عليه جَزَر فَقَالَ: ما هذا على البعير؟ قَالَ: أنا عليك. هذه حكاية منقطعة، وأصحّ منها ما روى الحاكم: ثنا بكر بن محمد الصَّيْرفيّ: سمعت صالح بن محمد قَالَ: كنت أساير الجمّال الشّاعر بمصر، فاستقبلنا: جمل عليه جَزَر فَقَالَ: يا أبا عليّ، ما هذا؟ قلت: أنا عليك. وقال جعفر المُسْتَغْفِريّ: ثنا أحمد بن عبد العزيز، عن بعض شيوخه قَالَ: كان محمد بن إبراهيم البوسنجي، وصالح جَزَرَة إذا اجتمعا في المذاكرة، كلّما روى البوسنجي، عن يحيى بن بكير، والحمد لله؛ يغيظ بذلك صالحًا لأنّه لم يدركه. فكان إذا روى عنه أحيانًا، ولم يقل الحمد لله، قَالَ صالح: يا شيخ نسيت التحميد. وقال خَلَف الخيّام: سمعته يقول: اختلف إليَّ عليّ بن الْجَعْد أربع سِنين، وكان لا يقرأ إلّا ثلاثة أحاديث كلّ يوم. أو كما قَالَ في رواية: كان يحدِّث لكلّ إنسان بثلاثة أحاديث، عن شعبة.   1 تاريخ بغداد "9/ 323". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 103 وعن جعفر الطَّسْتيّ أنّه سمع أبا مسلم الكَجّيّ يقول، وذُكِر عنده صالح جَزَرَة، فَقَالَ: ويَلَكْم ما أهْوَنَه عليكم، ألا تقولون سيّد المسلمين، سيد الدّنيا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لأَبِي زُرْعَةَ: حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَخَانَا صَالِحَ بْنَ محمد لا يَزَالُ يُضْحِكُنَا شَاهِدًا أَوْ غَائِبًا كَتَبَ إِلَيَّ يَذْكُرُ أنه لما مات بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ أُجْلِسَ لِلتَّحْدِيثِ شَيْخٌ لَهُمْ يُعْرَفُ بِمحمد بْنِ يَزِيدَ مَحْمِشٌ، فَحَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فِعْلُ الْبَعِيرِ"؟. وَأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تَصْحَبُ الملائكة رفقةً خُرْسٌ". وروى البَرْقانيّ، عن أبي حاتم بن أبي الفضل الهَرَويّ قَالَ: بلغني أن صالحًا سمع بعض الشيوخ يقول: إنّ السين والصّاد يتعاقبان، فسأل عن كنيته فَقَالَ: أبو صالح. قَالَ: فقلت للشيخ: يا أَبَا سالح، أسْلَحَك الله، هل يجوز أن تقرأ: "نَحُن نقسُّ عليك أحْصَن القَسَس؟ ". فقال لي بعض تلامذته: تواجه الشّيخ بهذا؟ فقلت: فلا يكذب، إنّما يتعاقبان السّين والصّاد في مواضع1. وعن صالح جزرة قال: الأحوال في البيت مبارك، يروي الشّيء شيئين. وقال بكر بن محمد الصَّيْرفيّ: سمعته يقول: كان عبد الله بن عمر بن أبان يمتحن أصحاب الحديث، وكان غاليًا في التَّشَيُّع، فَقَالَ لي: من حفر بئر زمزم؟ قلت: معاوية. قَالَ: فمن نقل تُرابها؟ قلت: عَمْرو بن العاص. فصاح فيَّ وقام2. وقال أبو النَّضْر الفقيه: كنّا نسمع على صالح بن محمد وهو عليل، فبدت عورته، فأشار إليه بعضنا بأن يتغطّى، فقال: رأيته، لا ترمد عينيك أبدًا. وقال أحمد عليّ بن محمد: سمعته يقول: كان هشام بن عمار يأخذ على   1 تاريخ بغداد "9/ 326". 2 تاريخ بغداد "9/ 326". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 104 الحديث، ولا يُحدّث ما لم يأخذ. فدخلت عليه يومًا فَقَالَ: يا أبا عليّ حدّثْني. فقلت: نا عليّ بن الْجَعْد، نا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أنس، عن أبي العالية قال: عَلِّم مجّانا كما تعلَّمت مَجّانًا. فَقَالَ: تُعرِّض فيَّ؟ فقلت: لا، بل قصدتُك1. وقال الحاكم: سمعت أبا النَّضْر الطُّوسيّ يقول: مرض صالح جَزَرَة، فكان الأطبّاء يختلفون إليه، فلما أعياه الأمر أخذ العسل والشونيز، فزادت حماه، فدخلوا عليه وهو يرتعد ويقول: بأبي يا رسول الله، ما كان أقلّ بصرك بالطِّبّ. قلت: هذا مزاح خبيث لا يجوز. وقال عليّ بن محمد المَرْوَزِيّ: سمعت صالح بن محمد يقول: سمعت عبّاد بن يعقوب يقول: اللَّه أعدل من أن يُدْخِل طلحةَ وَالزُّبَيْرَ الجنَّة. قُلْت: ويْلك، ولِمَ؟ قَالَ: لأنهما قاتلا عليًّا بعد أن بايعاه2. قَالَ ابن عديّ: بَلَغني أنّ صالح بن محمد جَزَرَة وقف خلف أبي الحسين عبد الله بن محمد السمناني وهو يحدث عن بركة الحلبيّ بتلك الأحاديث. فَقَالَ صالح: يا أبا الحسين ليس ذا بَرَكة، ذا نِقْمة. قلت: وبَرَكَة مُتَّهم بالكذِب3. وقال الحاكم: ثنا أحمد بن سهل الفقيه: سمعت أبا عليّ يقول: كان بالبصْرة أبو موسى الزَّمِن في عقله شيء، فكان يقول: ثنا عبد الوهاب، أعني ابن عبد الحميد، نا أيّوب؛ فدخل عليه أبو زُرْعة يومًا، فسأله عن حديثٍ فَقَالَ: ثنا حجّاج. فقلت: يعني ابن المنهال. فَقَالَ أبو زُرْعَة: أيش يعذّب المسكين4؟. وقال: كنا في مجلس أبي علي، فلما قَالَ له رجل من المجلس: يا شيخ ما اسمك؟ قال: واثلة بن الأسقع.   1 تاريخ بغداد "9/ 326". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 29". 3 ميزان الاعتدال "1/ 303". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 30". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 105 فكتب الرجل: ثنا واثلة بن الأسقع1. وقال أبو الفضل بن إسحاق: كنت عند صالح بن محمد، ودخل عليه رجل من الرُّسْتاق، فأخذ يساله عن أحوال الشّيوخ، ويكتب جوابه، فَقَالَ: ما تقول في سُفْيان الثَّوريّ؟ فَقَالَ: ليس بثقة. فكتب الرجل، فلُمْتُه، فَقَالَ: ما أعجبك. مَن يسأل مثلي عن سُفيان، لا تبالي، حكى عنّي أو لم يَحْكِ2. وقال أحمد بن سهل: كنت مع صالح، إذ أقبل ابنه، عن يمينه رجل أقصر منه، وعن يساره صبيّ، فَقَالَ لي صالح: يا أبا نصر، تَبَّت3. وقيل: كان ابن صالح مغفَّلًا، قَالَ: فقلت: سألت الله أن يرزقني ولدًا، فرزقني جملًا4. ولأبي علي جزرة نوادر ومُجُون، والله يرحمه. تُوُفّي في شهر ذي الحجة، لثمانٍ بقين منه سنة ثلاثٍ وتسعين، وله بضْعٌ وثمانون سنة. 223- صبّاح بن عبد الرحمن بن الفضل5. أبو الغُصْن العُتَقيّ الأندلسيّ المُرْسِي. شيخ مُعَمَّر عالي الإسناد. قال ابن الفَرَضيّ6: روى عن: يحيى بن يحيى الفقيه، ورحل فلقي بالقَيْروان: سَحْنُون بن سعيد، وبمصر: أصبغ بن الفَرَج، فسمع منه، وأقام عنده زمانًا، ثمّ انصرف. وكان يُرْحل إليه للسماع والتفقه، وعمر عمرًا طويلًا.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 30". 2 تاريخ بغداد "9/ 327". 3 تاريخ بغداد "9/ 327". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 31". 5 سير أعلام النبلاء "14/ 12"، وشذرات الذهب "2/ 216". 6 تاريخ علماء الأندلس "1/ 202". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 106 بَلَغَني أنّه تُوُفّي وهو ابن مائة وثمانية عشر عامًا، ومات في عاشر محرَّم سنة أربعٍ وتسعين. قلت: وروى أيضًا عن: يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر. روى عنه: حفص بن محمد بن حفص، وغيره. قِيلَ: بل عاش مائة وخمس سِنين، قَالَه ابن يونس، ومحمد بن الحارث الحشمي. وسمع أيضًا أبا مُصْعَب. "حرف الطاء": 224- طالب بن قُرَّةَ الأَذَنيّ1. رَوى الكثير عن: محمد بن عيسى الطّبّاع. وأكثر عنه الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين بأذنة من ثغرسيس. 225- طاهر بن عيسى بن قيرة2. أبو الحسن المؤدب. عن: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وأصْبَغ بن الفَرَج. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 226- طُغْجُ بنُ جُفّ الفَرَغاني التُّركيّ3. نائب دمشق لخُمَارَوَيْه ولابنه هارون. امتدت أيّامه، وحاصرته القرامطة بدمشق والتقاهم، ثمّ انصرف وولي بدر الحمامي نيابة دمشق سنة تسعين.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 181". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 183". 3 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 61"، وتاريخ أخبار القرامطة "17-19"، والنجوم الزاهرة "2/ 86"، والعبر "2/ 82". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 107 فمضي طُغج إلى مصر، ثمّ سار إلى المكتفي بالله، ومعه ولده الإخشيد محمد الَّذي ملك، فبقي طُغْج بالعراق مدّة يسيرة وهلك. ثم قدِم ولده الإخشيد متوليًا على مصر والشّام كما في ترجمته. "حرف العين": 227- عامر بن محمد بن يزيد البلاطيّ1. روى عن: محمد بن الخليلي البلاطي، ومحمد بن خزر بن الساعي. وعنه: علي بن محمد البلاطي، وأبو علي بن شعيب، ومحمد بن عُمَيْر الرّازيّ، وآخرون. 228- العبّاس بن أحمد بن الحَسَن الوشّاء2. البغداديّ المعروف بالمحبّ. سمع: إبراهيم التَّرْجُمانّ، وغيره. وعنه إسماعيل الخُطَبيّ، وأبو عليّ بن الصّوّاف. مات سنة ثمانٍ وتسعين. 229- العبّاس بن أحمد بن عقيل3. روى عن: منصور بن مُزَاحم، وعبد الأعلى بن حمّاد. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، والطَّبَرانيّ. 230- العبّاس بن حمدان4. أبو الفضل الأصبهانيّ الحنفيّ. سمع: محمد بن عيسى الدّامغانيّ، ويوسف بن محمد بن سابق، وحاتم بن بكر، وخلْقًا. وصنَّف "المُسْنَد"، وكان ثقة ثبتًا صالحًا عابدًا. روى عنه: أحمد بن الْعَسَّالِ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو الشيّخ، وآخرون. ومات سنة أربعٍ وتسعين ومائتين. 231- العبّاس بن الحسن الوزير5.   1 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 197". 2 تاريخ بغداد "12/ 151". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 209". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 211"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 141". 5 سير أعلام النبلاء "14/ 51"، تجارب الأمم "1/ 5"، وتاريخ الخميس "2/ 386". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 108 ولي وزارة المكتفي بالله، ثم وزارة المقتدر، فأقام أشْهُرًا. فلمّا عمل الأمير الحسين وابن حمدان وابن الجرّاح على خلع المقتدر لصغَره، وإقامة ابن المُعْتَزّ، افتتحا، فقُتِل هذا الوزير، فوثب عليه ابن حمدان فضرب عُنقه وهو نازل من الخدمة، وقتل معه الأمير فاتك المُعْتَضديّ، ثمّ ساق إلى الميدان ليفتك بالمقتدر وهو في لعب الكُرة، فأحسّ بالبلاء، فأسرع وأغلق باب القصر. فذهب ابن حمدان والأمراء، وبايعوا ابن المعتز. ثم لم يتم أمره، فقتلوا ابن المُعْتَز1. وذلك في سنة ستٍّ وتسعين ومائتين. 232- العبّاس بن الربيع بن ثعلب البغداديّ2. عن: أبيه. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 233- العبّاس بن أحمد بن عُقَيْل3. عن: عبد الأعلى النَّرْسي، ومنصور بن أبي مُزَاحم. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، والطَّبَرانيّ، وجماعة. وتوفي سنة بضعٍ وتسعين. 234- العبّاس بن محمد بن مُجَاشع. أبو الفضل الأصبهانيّ4. عن: محمد بن يعقوب الكَرْمانيّ. وعنه: ابن العسّال، والطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ. وثَّقه أبو نُعَيْم الحافظ5. 235- عَبَدان بن محمد بن عيسى. الفقيه أبو محمد المَرْوَزِيّ6. زاهد نبيل ثقة، صاحب حديث. سمع: قُتَيْبة بن سعيد، وعبد الله بن منير، وأبا كُرَيْب، وإسماعيل بن مسعود، والْجُحْدريّ، وعبد الجبار بن العلاء، وبُنْدار، وعلي بن حُجْر، والربيع المُراديّ، وطائفة بخُراسان، والعراق، والحجاز.   1 البداية والنهاية "11/ 107"، وتجارب الأمم "1/ 8"، والعبر "2/ 105". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 209". 3 تقدمت ترجمته رقم "381" ص91. 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 23"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 142". 5 ذكر أخبار أصبهان "2/ 142". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 234"، وتاريخ بغداد "11/ 135"، والمنتظم "6/ 58". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 109 وعنه: عمر بن علك، وأبو العبّاس الدّغُوليّ، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأبو نُعَيْم عبد الرحمن بن محمد الغِفَاريّ، ويحيى بن محمد العنبري، وعلي بن جَمْشاذ، وأحمد بن العسّال، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وآخرون. وكان إليه المرجوع في الفتوى بمَرْو بعد أحمد بن سيّار. وقد رحل أيضًا إلى مصر، وتفقّه على أصحاب الشّافعيّ، وبرع في المذهب. وكان يوصف بالحِفْظ والزُّهْد. وقد صنف "الموطأ"، وغيره. قَالَ أبو نُعَيْم الغِفَاريّ: سمعته يقول: وُلَدْت سنة ثلاثٍ وتسعين. قلت: وكان لقاء الطَّبَرانيّ له بمكّة. قَالَ ابن السَّمْعانيّ في "الأنساب": الْجُنُوجِرْدِيّ نسبة إلى قرية من قرى مَرْو، اسمه عبد الله، وهو أحد من أظهر مذهب الشّافعيّ بخُراسان. وكان المرجوع إليه في الفتاوى والمعضلات بعد أحمد بن سيّار. وكان ابن سيّار قد حمل كُتُب الشّافعيّ إلى مَرْو، وأعجب بها النّاس، فأراد عبدان أن ينسخها، فمنعه ابن سيّار من ذلك. فباع ضيعةً له بجُنُوجِرْد، وسار إلى مصر، ونسخ كُتُب الشّافعيّ على أكثر من وجهٍ، ورجع، فدخل أحمد بن سيّار عليه مسلِّمًا ومهنئًا، واعتذر من منع الكُتُب. فَقَالَ: لا تعتذر فإنّ بك عليَّ مِنَّةٌ في ذلك. فلو دفعتَ الكُتُب إليَّ لَمَّا رحلتُ إلى مصر. 236- عبد الله بن أحمد بن عبد السّلام1. أبو محمد النيسابوري الخفاف الحافظ نزيل مصر. روى عن: محمد بن رافع، وأبي عبد الله البُخَاريّ، وأحمد بن سعيد الرَّباطيّ، وخلْق من طبقتهم. وعنه: أبو عبد الرحمن النَّسائيّ في كتاب "الكنَى"، وأبو محمد عبد الله بن الورد، وأبو جعفر العُقَيْليّ، وطائفة. تُوُفّي بمصر في ربيع الآخر سنة أربعٍ وتسعين، وقد أسنّ. لم يذكره الحاكم في "تاريخ نيسابور".   1 سير أعلام النبلاء "14/ 788". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 110 قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: متروك. قلت: مات سنة اثنتين وتسعين1. 241- عبد الله بن بُنْدار بن إبراهيم الضّبّيّ الأصبهانيّ. الباطَرْقانيّ الزَّاهد. سمع: إسماعيل بن عمرو البجلي، وسهل بن عثمان، ومحمد بن المغيرة، وغيرهم. وعنه: أبو أحمد العسال، وأحمد بُنْدار الشّعّار، والطَّبَرانيّ، وأبو الشيّخ، وغيرهم. وكان من عُبّاد أصبهان. قَالَ محمد بن يحيى بن مَنْدَه: ما خلّف بعده مثْلَه. قلت: توفي سنة أربعٍ وتسعين. 242- عبد الله بن جعفر بن خاقان2. أبو محمد السُّلَميّ المَرْوَزِيّ. عن: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد الرازيّ، وعليّ بن حُجْر، وأبي كُرَيْب، وأحمد بن منيع، وخلْق. وعنه: أبو العبّاس الدّغُوليّ، وعمر بن علك الْجَوْهريّ، وأبو زكريّا العنْبريّ، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون. قَالَ فيه الحاكم: محدِّث عصره، قدِم نَيْسابور حاجًّا سنة ثمانٍ وثمانين، فأكثروا عنه. وتُوُفّي في صَفَر سنة ستٍّ. 243- عبد الله بْن الحَسَن بْن أحمد بْن أبي شُعيب الأُمَويّ3. مولاهم الحَرَّانيّ المؤدِّب أبو شُعَيب نزيل بغداد. سمع: جدّه، وأباه، وأحمد بن عبد الملك بن واقد، ويحيى بن عبد الله البابْلُتّيّ، وعفّان بن مسلم، وجماعة. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وعليّ بن الصّوّاف، وأبو بكر الشّافعيّ، والطَّبَرانيّ، وأبو بكر الآجُرِّيّ، والحَسَن بن جعفر الخِرَقيّ، وخلْق.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 227". 2 الكامل في التاريخ "8/ 55". 3 ميزان الاعتدال "3/ 271"، والبداية والنهاية "11/ 107"، وتاريخ بغداد "9/ 435". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 112 قَالَ الهيثم بن خَلَف الدُّوريّ: وكان البابْلُتّيُّ زوجَ أم أبي شُعَيب الحرّانيّ، وكان الأوزاعيّ زوج أمّ البابْلُتّيّ1. وقال أبو سعيد الإدريسيّ: كان مسلم وهو والد أبي شُعَيب عبد الله بن مسلم الحرّانيّ مِن سبْي سَمَرْقَنْد، وقع لعمر بن عبد العزيز فأعتقه. فلمّا وُلد له ولدٌ جاء به إلى عمر، فسمّاه عبد الله، وفرض له في الذُّرّيّة. فعاش مائة وعشرين سنة2. قَالَ أحمد بن كامل: مات أبو شعيب في ذي الحجّة سنة خمسٍ وتسعين ومائتين، وكان يأخذ على الحديث. أخبرني نصر الصّائغ: سألته أن يحدِّثني بحديثٍ عن عفّان. فَقَالَ: أعطِ السّقّاء ثمن الرواية، فأعطيته دانقًا، وحدّثني بالحديث3. قَالَ ابن كامل: ومولده سنة ستٍّ ومائتين. قَالَ الصّوّاف: سماعه سنة ثمان عشرة من البابْلُتّيّ. قلت: سمع في صغَره من زوج أمّه، فلا يُسْتَنْكر ذلك. قَالَ فيه الدّارَقُطْنيّ: ثقة مأمون. 244- عبد الله بن حمدوَيْه النَّهْرَوانيّ4. عن: أبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: عبد الصّمد الطَّسْتيّ، وقاضي مصر الطّاهر الذُّهَليّ. 245- عبد الله بن سعيد بن عبد الرحمن الزُّهْريّ المصريّ. سمع: عبد الله بن صالح، ويوسف بن عديّ، وأسد بن موسى السنة. وعنه: أبو أحمد بن عديّ. 246- عبد الله بن سَلَمَةَ بن يزيد القاضي. أبو محمد بن سَلْمُوَيْه النَّيْسابوري الحنفيّ الفقيه. كان أستاذًا في الفرائض وعقد الوثائق.   1 تاريخ بغداد "9/ 435". 2 تاريخ بغداد "9/ 435". 3 تاريخ بغداد "9/ 436". 4 تاريخ بغداد "9/ 435". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 113 قَالَ الحاكم: سمع إسحاق بن راهوَيْه، ومحمد بن رافع. وبالعراق: يحيى بن طلق اليَرْبُوعيّ، ومحمد بن شجاع. روى عنه: أبو سعيد عبد الرحمن بن الحسين، وأحمد بن هارون. وولي قضاء نَيْسابور بإشارة ابن خُزَيْمَة. تُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين. 247- عبد الله بن الصّبّاح الأصبهانيّ البزّار1. عن: داود بن رُشَيْد، ولُوَيْن، ومحمد بن زَنْبُور، وهاشم بن الوليد الهَرَوِيّ. وعنه: العسّال، وأبو الشيَّخ، وأحمد بن بُنْدار، والطَّبَرانيّ. وكان صدوقًا فيما بَلَغَنَا. تُوُفّي سنة اربعٍ وتسعين. 248- عبد الله بن عبد الحميد بن عصام الْجُرْجانيّ الفقيه. عن: أبيه، وعليّ بن المَدِينيّ، ومحمد بن بكّار، وأبي بكر بن أبي شَيْبة، وطبقتهم. وعنه: مأمون بن يحيى، ومحمد بن عبد الله بن برزة، وآخرون من الهَمْدَانيّين. 249- عبد الله بن عيسى بن حمّاد. أبو محمد بن زُغْبَة المصري. عن: أبيه، ويحيى بن عبد الله بن بُكَيْر2. تُوُفّي في صفر سنة ستٍّ وتسعين. عبد الله بن القاسم بن هلال العَبْسيّ. أبو محمد الأندلُسيّ الفقيه الظّاهريّ، عالم مشهور بالرّحلة، والطَّلَب. أثنى عليه أبو محمد بن حزم فَقَالَ: صحِب داود بن عليّ الأصبهانيّ وأخذ عنه. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 251- عبد الله بن قريش. أبو أحمد الأسدي البغدادي ثم الهمداني3.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 228". 2 تاريخ علماء الأندلس الفرضي "1/ 219". 3 تاريخ بغداد "10/ 43". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 114 عن: خاله أبي بكر الأثرم، وزيادة بن أيّوب، وأبي هشام الرفاعيّ. وعنه: محمد بن عبد الله بن برزة الروذباني، وأبو بكر الإسماعيليّ. 252- عبد الله بن محمد بن الوليد بن حازم البصْريّ الأصبهانيّ. عن: عليّ بن الْجَعْد، وكامل بن طلحة، وبسّام بن يزيد. وعنه: أحمد بن بُنْدار، والشّعّار، وغيرهم. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين ومائتين. 253- عبد الله بن محمد بن سَلْم الهمدانيّ1. ثقة. حدَّث بأصبهان عن: سهل بن بكّار، ومحمود بن غَيْلان. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشيّخ. تُوُفّي سنة اربعٍ. 254- عبد الله بن محمد. أبو العبّاس النّاشئ المتكلّم الشّاعر المشهور2. أصله من الأنبار، سكن مصر. معدود في طبقة البُحْتُرِيّ، وابن الرُّوميّ في الشُّعراء، وله قصيدة طويلة ألَّفها، فيها فنون من العلم. وكان بصيرًا بالعربيّة قيّمًا، بعلم العَرُوض، كثير التّصانيف. ومنهم من يلقّبه بابن شِرْشير. قَالَ الطَّبَرانيّ أنشده الناشئ بمصر: ليس شيء أحرق مهجة العا ... شق من هذه العيون المراض ورنوّ الْجُفُون والغمز بالحا ... جب وقت الصُّدود والإعراض والخدود المضرَّجات اللّواتي ... شيب جريالها يحسن البياض وطروق الحبيب واللّيل داجٍ ... حين همّ السُّمّار بالإغماض3 تُوُفّي النّاشئ سنة ثلاثٍ وتسعين، وكان من كبار المعتزلة الأَرْعواء. 255- عبد الله بن محمد بن سَلْم الفِرْيابي ثم المقدسي. يأتي بعد الثلاثمائة.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 59". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 40"، والبداية والنهاية "11/ 101"، والمنتظم "6/ 57". 3 تاريخ بغداد "10/ 93". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 115 256- عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن علي البلْخيّ الحافظ. أبو عليّ1. محدِّث مصنِّف نبيل، لم تتصل أخباره بنا كما ينبغي. سمع من: قتيبة، وطبقته. حج فاستشهد يوم الهبير فيمن استشهد على يد القرامطة، لعنهم الله سنة أربعٍ. وقال الحاكم: تُوُفّي ببلْخ سنة خمسٍ وتسعين، وقد حدّث ببغداد، ونَيْسابور عن: قُتَيْبَة، وإبراهيم بن يوسف، وعليّ بن حُجْر، وهُدْبة بن عبد الوهّاب. روى عنه: ابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ، والجِعَابي. صنَّف كتاب "التاريخ" وكتاب "العِلَل". 257- عبد الله بن محمد بن العبّاس. أبو محمد السَّهْميّ الأصبهانيّ2. عن: سهل بن عثمان العسكريّ، ومحمد بن المغيرة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن سِياه، وعبد الله بن محمد عمر القاضي، وجماعة. تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 258- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن صالح. أبو محمد البكريّ السَّمَرْقَنْديّ الحافظ3. حدّث ببغداد عن: أبي محمد الدّارِميّ، ورجاء بن مُرَجّا. وعنه: ابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ، وغيرهما. تُوُفّيّ سنة ثمانٍ وتسعين، وكان أحد من عُنِيَ بهذا الشّأن. 259- عبد الله بن محمد بن حُمَيْد البغداديّ. الخيّاط المعروف بالإمام4. روي عن: عاصم بن عليّ، وغيره. وعنه: مَخْلَد الباقَرْحَيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ومحمد بن حميد المخرمي. حدث قبل الثلاثمائة.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 529"، والمنتظم "6/ 79"، وتاريخ بغداد "10/ 93". 2 المعجم الصغير للطبراني، وذكر أخبار أصبهان "2/ 62". 3 تاريخ بغداد "10/ 101"، والمنتظم "6/ 108". 4 تاريخ بغداد "10/ 102". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 116 260- عبد الله بن محمد بن أبي كامل الفَزَاريّ البغداديّ1. عن: هَوْذَة، وداود بن رُشَيْد. وعنه: أبو بكر الْجِعابي، وأبو عليّ بن الصّوّاف، وعيسى الرُّخَجيّ. توفي سنة ثلاثمائة. لم يتكلّم فيه ولا في الخيّاط أبو بكر الخطيب بشيء. 261- عبد الله بن محمد بن الْجَعد الأصبهانيّ الفُرْسانيّ2. عن سهل بن عثمان وغيره وعنه أبو أحمد العسّال. 262- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحَكَم بن هشام بن الداخل عَبْد الرَّحْمَن بْن معاوية بْن هشام بْن عبد الملك3. الأمير أبو محمد الأُمويّ المروانيّ صاحب الأندلس. ولي الأمر بعد أخيه المنذر بن محمد في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين، وطالت أيامه، وبقي في الملك خمسا وعشرين سنة، وكان من الأمراء العادلين الذين يعز وجود مثلهم. كان صالحا تقيا، كثير العبادة والتلاوة، رافعا لعلم الجهاد، ملتزما للصلوات في الجامع، وله غزوات مشهودة، منها غزوة "بلي"4 التي يضرب بها المثل. وذلك أنّ ابن حَفْصون حاصر حصن بلي في ثلاثين ألفًا. فخرج الأمير عبد الله من قُرْطُبَة في أربعة عشر ألف مقاتل، فهَزَم ابن حَفْصُون، وتبعه قتْلًا وأسرًا، حتّى قِيلَ: لم ينج من الثّلاثين ألفًا إلّا النّادر. وكان ابن حَفْصُون من الخوارج. وكان عبد الله أديبًا عالمًا. ذكر ابن حزم قَالَ: ثنا محمد بن عبد الأعلى القاضي، وعليّ بن عبد الله الأديب قالا: كان الوزير سليمان بن وانسوس جليلًا أديبًا، من رؤساء البربر، فدخل على الأمير عبد الله بن محمد يومًا، وكان عظيم اللّحْية، فلمّا رآه الأمير مقبلًا أنشد: هِلَّوفة5 كأنّها جوالق ... نكراء لا بارك فيها الخالق   1 تاريخ بغداد "10/ 103". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 69". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 155"، والنجوم الزاهرة "3/ 181"، وشذرات الذهب "2/ 233". 4 تاريخ ابن خلدون "4/ 135". 5 الهلوفة: اللحية الكثيفة الضخمة. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 117 للعمل في حافاتها نفائق ... فيها لباغي المتّكا مرافقُ وفي احْتدام الصيّف ظلٌّ رائقُ ... إنّ الّذي يحملها لمائقُ ثم قَالَ: اجلس يا بربريّ: فجلس مسالمًا، فَقَالَ: أيّها الأمير، إنما كان النّاس يرغبون في هذه المنزلة ليدفعوا عن أنفسهم الضيم. فأمّا إذا صارت جالبة للذُّلّ فلنا دُورٌ تُغْنينا عنكم، فإن حُلْتُم بيننا وبينها فلنا قبور تَسَعنا. ثم اعتمد على يده وقام ولم يسلِّم. فغضب الأمير وأمر بعزله، وبقي لذلك مدّة. ثمّ وَجَدَ الأمير لفْقده ونصيحته، فقال: لقد وَجَدْتُ لفقْد سليمان تأثيرًا، وإن استعطفته كان ذلك غضاضةً علينا، وَلَوَدِدْتُ أنّه ابتَدَأَنَا بالرَّغْبة. فَقَالَ له الوزير محمد بن الوليد بن غانم: أنا أكلمه. فذهب إليه، فأبطأ إذْنه عليه، ثمّ دخل فوجده قاعدًا لم يتزحزح، فَقَالَ: ما هذا الكِبْر؟ عهدي بك وأنت وزير السّلطان وفي أُبَّهَة رضاه تلقاني وتتزحزح لي في مجلسك. فَقَالَ: نعم، كنت حينئذٍ عبدًا مثلك، وأنا اليوم حُرّ. قَالَ: فيئِس ابن غانم نفسه منه فخرج ولم يكلِّمْه، ورجع فأخبر الأمير بالإرسال إليه، ثم ولّاه1. وروى ابن حزم بسندٍ له أنّ الأمير عبد الله استفتى تقيّ الدّين مَخْلَد في الزِّنْديق، فأفتاه، وذكر خبرًا. تُوُفّيّ عبد الله في غُرّة ربيع الآخر سنة ثلاثمائة، وولي الأندلس بعده حفيده النّاصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد خمسين سنة. 263- عبد الله بن المُعْتَز بالله محمد بن المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بن المُعْتَصمِ بن الرشيد2. الأمير أبو العباس العباسي الأديب صاحب الشعر البديع والنثر الفائق. أخذ العربية والأدب عن: المبرد، وثعلب.   1 الحلية السيراء "1/ 124". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 42"، والمنتظم "6/ 84-88"، والعبر "2/ 104"، والنجوم الزاهرة "3/ 165"، والبداية والنهاية "11/ 108". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 118 وعن: مؤدِّبه أحمد بن سعيد الدّمشقيّ. وكان مولده في شعبان تسعٍ وأربعين ومائتين. روى عنه: مؤدِّبه أحمد، ومحمد بن يحيى الصُّوليّ، وغيرهما. وقد قامت الدّولة وتوثّبوا على المقتدر، وأقاموا ابن المعتزّ في الخلافة فقال: بشرط أن لا يُقتل بسببي رجلٌ مسلم. وكاد أمره يتم، ثم تفرق عنه جمعه وقبض عليه، وقُتِلَ سِرًّا في ربيع الآخر سنة ستٍّ وتسعين كما ذكرناه في الحوادث. وقد رثاه عليّ بن محمد بن بسّام، فَقَالَ: لله دَرُّك مِن مَلْك بمضْيعة ... ناهيك في العقل والآداب والحَسَب ما فيه لولا ولا ليت فينقصه ... وإنّما أدْرَكَتْه حِرْفَةُ الأدب1 ومن شِعره: مَنْ لي بقلبٍ صِيَغ من صخرةٍ ... في جسدٍ من لؤلؤٍ رطبِ جرحت خدِّيه بلَحْظي فما ... برحت حتّى اقتصّ من قلبي2 ومن شِعره: وإني لَمَعْذُورٌ عَلَى طولِ حُبّها ... لأنَّ لها وجهًا يَدُلّ عَلَى عُذْري إذا ما بَدَتْ والبدْرُ ليلةَ تَمِّهِ ... رأيتَ لها فَضْلا مُبينًا عَلَى البدرِ وتهتزُّ مِن تحت الثّيابِ كأنَّها ... قَضِيبٌ مِنَ الرَّيْحانِ في الورقِ الخضرِ أبى اللَّهُ إلَّا أَنْ أموتَ صَبَابَةً ... بِساحرةِ العينين طيِّبةِ النَّشْرِ وله أيضًا: أترى الجيرةَ الّذين تَدَاعَوْا ... عندَ سَيْرِ الحبيبِ قبل الزَّوَالِ علِموا أنّني مُقِيمٌ وقلبي ... راحلٌ معهم أمام الْجِمَالِ مثل صاعِ العَزِيز في أَرْحُلِ القو ... م ولا يعلمون ما في الرحال   1 تاريخ بغداد "10/ 101"، والمنتظم "6/ 88". 2 المنتظم "6/ 86". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 119 ما أغر المعشوق ما أهون العاشـ ـشق، ما أقْتلَ الهوى للرّجالِ1# ومن نثره: من تجاوز الكَفَاف لم يُغْنِهِ الإكثار2. وقال: كلّما عَظُمَ قدْر المنافَس، عظُمَت الفجيعةُ به. وقال: ربّما أوردَ الطَّمعُ ولم يصدر. ومن ارتحله الْحِرْصُ، أفضاه الطَّلَب. وقال: الحظّ يأتي من لا يأتيه. وقال: أشقى النّاس أقربهم من الّسّلطان، كما أنّ أقرب الأشياء من النّار أسرعه إلى الاحتراق. وقال: من شارك السُّلطان في عِزِّ الدّنيا، شاركه في ذُلّ الآخرة. وقال: يكفيك للحاسد غَمُّهُ وقتَ سرورك. وقيل: أنّه قَالَ هذه الأبيات عندما سُلِّم لمؤنس ليهلكه: يا نفسُ صَبْرًا لعلّ الخير عُقْبَاكَ ... خانَتْك مِنْ بعد طول الأمن دُنياكِ مرَّت بنا سَحَرًا طيرٌ فقلت لها: ... طُوباك يا ليتني إيّاكِ طوباكِ إن كان قصدُك شَرْقًا فالسَّلامُ على ... شاطئ الصَّراة ابلُغِي إنْ كان مَسْراكِ من موثقٍ بالمنايا لا فكاكَ له ... يبكي الدّماء على إلفٍ له باكي أظنّه آخرَ يومٍ مِنْ عمري ... وأوشك اليوم أن يبكي لي الباكي 264- عبد الحميد بن عبد العزيز. القاضي أبو حازم السَّكُونيّ البصْريّ ثمّ البغدادي الحنفيّ الفقيه3. يروي عن: محمد بن بشّار بُنْدار، ومحمد بن المُثَنّى، وشُعَيب بن أيوب الصيرفي.   1 المنتظم "6/ 87". 2 أشعار أولاد الخلفاء "287". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 539"، والبداية والنهاية "11/ 99"، والمنتظم "6/ 52". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 120 روى عنه: مُكْرَم بن أحمد، وأبو محمد بن زَبْر، وغيرهما. وكان ثقة. ولي قضاء الشَّرقيّة. قال طلحة الشّاهد: وكان دَيِّنًا، عالمًا بمذهب أهل العراق وبالفرائض والْجَبْر والمقابلة، وأحذق الناس بعمل المحاضر والسجلات. أخذ عن: هلال الرأي، وبكر العَمِّيّ، ومحمود الأنصاريّ أصحاب محمد بن شجاع البلْخيّ، وغيره. حتّى كان جماعة يفضّلونه على هؤلاء. فأمّا عقله فلا نعلم أنّ أحدًا رآه فَقَالَ إنّه رأى أعقل منه. وقال أبو إسحاق الشّيرازيّ في "طبقات الحنفيّة": ومنهم أبو حازم القاضي أخذ العلم عن شيوخ البصْرة بكر العَمّيّ، وغيره، وولي القضاء بالشّام، وبالكوفة، والكَرْخ من بغداد. قَالَ أبو عليّ التَّنُوخيّ: نا أبو عليّ التُّنُوخيّ، نا أبو بكر بن مروان القاضي: حدَّثني مُكْرَم بن بُكَيْر قَالَ: كنت في مجلس أبي حازم القاضي، فتقدم شيخ ومعه غلام حَدَث. فادَّعى الشّيخ عليه ألف دينار، فأقرَّ بها. فَقَالَ للشيخ: ما تشاء؟ فَقَالَ: حبْسه. فَقَالَ للغلام: قد سمعت، فهل لك أن تُوفيه البعض، وتسأله انتظارَك. فَقَالَ: لا. فَقَالَ الشيّخ: احبسه. فتفرَّس فيهما أبو حازم ساعة ثمّ قَالَ: تَلَازَما حتّى أنظر بينكما. فقلت: لِمَ أخرَ القاضي حبْسه؟ قَالَ: ويحك، إنّي أعرف في أكثر الأحوال وجه المُحِقّ من الْمُبْطِلَ. وقد وقع لي أنّ سماحة هذا بالإقرار عن أمرٍ بعيدٍ من الحقّ، لعله أن ينكشف لي أمرهما. أما رأيت قلّة تَغَاضِيهما في المحاورة وسكوتهما، مع عِظَم المال؟ فبينا نحن كذلك، إذ استأذن تاجر مُوسِر، فأذن له القاضي، فدخل وقال: قد بُلِيتُ بابنٍ لي حَدَث، يُتْلف مالي عند فُلان المُقَبِّن، فإذا منعته مالي احتال بحيلٍ تُلْجئني إلى التزام غُرْمه. وأقْرَبُهُ أنّه قد نَصَّب المُقَبِّن اليوم يطالبه بألف دينار. وبلغني أنّه قدّمه إليك ليحبس، وأقع مع أُمّه في نكدٍ إلى أن أزِنَها عنه. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 121 فتبسَّم القاضي وقال لي: كيف رأيت؟ قلت: لهذا ومثله فضَّل الله القاضي. فَقَالَ: عليَّ بالغلام والشيخ. فأُدْخِلا، فأرهب القاضي الشّيخ، ووعظ الغلام، فأقرَّ الشيخ وأخذ التّاجر بيد ابنه وانصرفوا1. وقال أبو بَرْزَة الحاسب: لا أعرف في الدُّنيا أحسب من أبي حازم القاضي. وقال القاضي أبو طاهر الذُّهَليّ: بَلَغَني أنّ أبا حازم القاضي جلس بالشَّرْقيّة، فأدَّب خصْمًا لأمرِ، فمات. فكتب رُقعةً إلى المعتضد يقول: إنّ دِيَة هذا واجبةٌ في بيت المال، فإنْ رأى أمير المؤمنين أن يأمر بحملها إلى وَرَثَته فعل. فحمل إليه عشرة آلاف درهم، فدفعها إلى ورثته2. قلت: وكان المعتضد يجلّ أبا حازم ويُطيعه في الخير. وبَلَغَنا أنّ أبا حازم لمّا احتضر جعل يبكي ويقول: يا ربّ مِنَ القضاء إلى القبر. وله شِعرٌ رائقٌ، فمنه: أدل فأكرم به من مدلو ... من شادنٍ لدمي مُسْتَحِيلّ إذا ما تعذَّر قابلتُه بذُلّ ... وذلك جَهْد المُقِلّ وأسلمت خَدّي له خاضعًا ... ولولا ملاحَتَه لم أذلّ3 قَالَ محمد بن الفَيْض: لم يزل محمد بن إسماعيل بن عُلَيَّة على قضاء دمشق إلى أن قدِم المعتضد قبل الخلافة لحرب ابن طولون، فخرج أبو حازم معه إلى العراق، وولي بعده أبو زُرْعة محمد بن عثمان. وقال الطَّحاويّ: مات ببغداد في جُمَادى الأولى سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وأما: 265- أبو حازم القاضي أحمد بن محمد بن نصر4.   1 تاريخ دمشق "9/ 402". 2 تاريخ دمشق "9/ 402، والمنتظم "6/ 54". 3 تاريخ دمشق "9/ 402". 4 تاريخ بغداد "5/ 108". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 122 فآخر مِن أقرانه، لكنه تأخّرت وفاته إلى سنة ست وعشرين وثلاثمائة. 266- وأبو حازم، بحاء، أحمد بن محمد بن نصر. بغداديّ أكبر منهما، سمع: مَنْجاب بن الحارث، وجُبَارَة بن المُغَلِّس. 267- عبد الرحمن بن أحمد بن يزيد1. أبو صالح الزُّهْريّ الأصبهاني الأعرج، أخو محمد بن أحمد الزُّهْريّ. سمع: أبا كُرَيْب، وحُمَيْد بن مَسْعَدة، ومسلم بن شبيب، وجماعة. وعنه: العسّال، وأبو الشّيخ، وأحمد بن بندار. توفي سنة ثلاثمائة. 268- عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الحميد بن فَضَالَةَ الكِنانيّ الدّمشقيّ. روى عن: سليمان بن عبد الرحمن، ومحمد بن أبي السري العسقلانيّ. وعنه: خَيْثَمة، وابن حَذْلَم، وأبو عبد الله بن مروان. 169- عبد الرحمن بن إسحاق الثّقفي الدّمشقيّ. ويُعرف بابن الغامِديّ. عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وجُمَح بن القاسم، وعبد الله بن عديّ، وعدّة. وحدَّث سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. 270- عبد الرحمن بن حاتم. أبو زيد المُرَاديّ المصريّ2. عن: عبد الله بن صالح، وأصبغ بن الفَرَج، وُنَعْيم بن حسّان. وعنه: الطَّبَرانيّ، وغيره. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 271- عبد الرحمن بن عبد الوارث. أبو القاسم التُّجَيْبيّ المصريّ. عن: يوسف بن عدي، وغيره.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 113". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 241". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 123 توفي سنة تسعٍ وتسعين تقريبًا. مات في عشر المائة. 272- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. أبو عبد الله المَرْوَزِيّ الشاسجرديّ. سمع: عبد الله بن عثمان بن عَبْدان، وغيره. وعنه: الفقيه محمد بن محمود المَرْوَزِيّ. عاش إلى سنة خمسٍ وتسعين، وهو آخر أصحاب عَبْدان. 273- عبد الرحمن بن عبد الصّمد. أبو هشام السُّلَميّ الدّمشقيّ. عن: هشام بن عمّار، وجُنَادة بن مروان، ومحمد بن عابد، وإبراهيم بن عبد الله بن العلّان. وروى عنه: أحمد بن محمد بن عُمَارة، وأبو عَمْرو بن فَضَالَةَ، وجُمَح، وآخرون. 274- عبد الرحمن بن القاسم بن الفَرَج بن عبد الواحد. أبو بكر الهاشميّ الدّمشقيّ المعروف بابن الرّؤاسيّ. عن: أبي مُسْهِر الغسّانيّ، ويحيى الوحاظي، وزهير بن عباد، وإبراهيم بن هشام الغساني، وطائفة. وعنه: أبو عبد الله محمد بن مروان، وأبو بكر بن أبي دجانة، وأبو عمرو بن فضالة، وأبو عمر محمد بن كوذك، وجمح بن القاسم، وأبو أحمد بن عدي، وعبد الله بن الناصح، والفضل بن جعفر المؤذن، وآخرون. وقال: سمعت من أبي مُسْهِر وأنا ابن إحدى عشرة سنة. قلت: لم يورّخه، وقد بقي إلى سنة بضعٍ وتسعين. وهو آخر من روى عن أبي مسهر، والوحاظي، وله عنهما نسخة آخر من رواها عنه الفضل بن جعفر، سمعناها من خلْق. 275- عبد الرحمن بن محمد بن سَلْم1. أبو يحيى الرازيّ الحافظ، إمام جامع أصبهان. صنف "المسند" و"التفسير"، وغير ذلك. وكان من علماء أصبهان.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 241"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 112". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 124 روى عن: سهل بن عثمان، وعبد العزيز بن يحيى، والحسين بن عيسى الزُّهْريّ، وطائفة. وعنه: القاضي أبو أحمد، وأبو الشَّيخ، وعبد الرحمن بن سِيَاه، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 276- عبد الرحمن بن معاوية1. أبو القاسم الطَّبَريّ الأُمويّ العُتْبيّ المصريّ. عن: سعيد بن عُفَيْر، ويحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، وروح بن صلاح، ويوسف بن عدي. وعنه: الطبراني، وابن هارون، وغيرهما. توفي في شعبان سنة اثنتين وتسعين. 277- عبد الرزاق بن الحسن بن عبد الرزاق2. الأنطاكي الوراق المقرئ. روى الحروف عن: أحمد بن حبيب. وعنه: ابنه إبراهيم بن عبد الرزّاق، وأحمد بن يعقوب النّائب، وأبو بكر النّقّاش، ومحمد بن أحمد الدّاجونيّ، وجماعة. وقيل: قرأ على ابن ذَكْوان. 278- عبد السلام بن أحمد بن سُهَيْل بن مالك. أبو بكر البصْريّ نزيل مصر. سمع: هشام بن عمّار، وعيسى بن زُغْبَة، وجماعة. وعنه: حمزة الكِنَانيّ، وجعفر حيزان، وأبو سعيد بن يونس، وجماعة آخرهم موتًا الحسين بن رشيق. قَالَ ابن يونس: كان صالحًا صدوقًا، تُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين. 279- عبد السّلام بن سهل البغداديّ السُّكَّريّ. نزيل مصر3. سمع: يحيى الحِمّانيّ، ومحمد بن عبد الله الأزديّ. وعنه: ابن شَنَبُوذ المقرئ، والطَّبَرانيّ. وتُوُفّي بمصر في ربيع الآخر أيضًا سنة ثمانٍ أيضًا. فقد اتفقا في أشياء.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 240". 2 غاية النهاية "1/ 384". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 248". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 125 280- عبد السّلام بن العبّاس الحمصيّ1. عن: هشام بن عمّار، وعَمْرو بن عثمان، وطائفة. وعنه: الطبراني، وعبد الصمد بن سعيد الحمصي، وغيرهما. 281- عبد الصمد بن محمد بن أبي عِمران. أبو محمد العَيْنُونيّ المقرئ2. قرأ على عَمْرو بن الصّبّاح صاحب حفص. قرأ عليه: أبو بكر النّقّاش، ونظيف بن عبد الله، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق، وصالح بن أحمد، وغيرهم. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين بعَيْنُون. 282- عبد العزيز بن أحمد. أبو القاسم البغداديّ3. عن: أبي كامل الجحدريّ. وعنه: محمد بن مَخْلد، والطَّبَرانيّ. 283- عبد العزيز بن محمد. أبو عَمْرو الحارثيّ الهمدانيّ. عن: محمد بن عُبَيْد الأَسَدي، وهنّاد بن السَّريّ، وَسَلَمَةَ بن شبيب، وطائفة. وعنه: ابن خرجة، ومحمد بن مُعَاذ الشّعْرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ويُعرف بَعْمرُون. 284- عبد الغفار بن أحمد. أبو الفوارس الحمصيّ4. حدَّث بأصبهان عن: محمد بن مُصَفَّى، والمسيّب بن واضح، وعَمْرو بن عثمان، وطائفة. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الله بن محمد بن عمر القاضي، وعبد الله بن محمود بن محمد الأصبهانيّون. 285- عبد الكبير بن محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن زيد بن أنس5. أبو عمر الأنصاريّ البخاريّ. الأندلسيّ البصْريّ.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 248". 2 معجم البلدان "3/ 765"، وغاية النهاية "1/ 391". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 254". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 132". 5 المعجم الصغير للطبراني "1/ 252". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 126 عن: أبيه. وعن: سليمان الشّاذكونيّ. وعنه: الطَّبَراني. توفي سنة إحدى وتسعين. 286- عبد الملك بن يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر المخزوميّ المصري1. عن: أبيه. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي في رمضان سنة سبعٍ وتسعين. 287- عُبَيْد الله بن أحمد بن سليمان. أبو محمد بن الصّنّام القُرَشيّ الرّمْليّ. عن: أبي عُمَيْر عيسى بن النّحّاس، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وجماعة. وعنه: أبو عمر بن فَضَالَةَ، والفضل بن جعفر المؤذّن، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة تسع وتسعين. 288- عُبَيْد الله بن طاهر بن الحسين2. الأمير أبو أحمد الخُزَاعيّ الطّاهريّ الخُراسانيّ. وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. وروى عن: أبي الصَّلْت الهَرَويّ، والزُّبَيْر بن بكّار. وعنه: الصُّوليّ، وعمر بن الحَسَن الأشْنانيّ، والطَّبَرانيّ، وغيرهم. ولم يذكره الحاكم في تاريخه. وكان أديبًا شاعرًا محسنًا فصيحًا. ولي إمرة بغداد مدة، ومات في شوال سنة ثلاثمائة. وهذه الأبيات السّائرة له: وَاحَزَنِي من فراقٍ قومٍ ... هُم المصابيحُ وَالحُصُونُ وَالأُسْدُ وَالْمُزْنُ الرّواسي ... والأَمنُ والحِرْص وَالرُّكُونُ لم تتغيّر بنا اللّيالي ... حتّى تَوَفَّتْهُمُ الْمَنُونُ فكلُّ نارٍ لنا قلوبٌ ... وكلُّ ماءٍ لنا عُيُونُ ومن شعره: سَقَتْني في ليل شبيهٍ بشعـ ... ـرها شبيه بعين رقيب   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 247". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 62"، والبداية والنهاية "11/ 119"، والنجوم الزاهرة "3/ 180". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 127 فما زلت في ليلتي شعر ومن ... دُجى وشمسَيْن ووجه حبيب وله: ألم ترَ أنّ الدَّهر يهدم ما بنى ... ويأخذ ما أعطى ويفسد ما أَسْدى فمن سَرَّه أنْ لا يرى من يَسُؤه ... فلا يتّخذ شيئًا يخاف له فَقْدا وقد ولي الأمير عُبَيْد الله إمرة بغداد مدة. ومات في شوّال سنة ثلاثمائة. 289- عبيد الله بن المستملي أبي مسلم عبد الرحمن بن واقد1. أبو شُبَيْلٍ البغداديّ. عن: أبيه، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وعنه: أبو بكر بن الأنباري، وعثمان بن السمّاك، وأحمد بن كامل. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 290- عُبَيْد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير2. أبو مروان اللَّيْثيّ مولاهم الأندلسيّ القُرْطُبيّ الفقيه. حمل عن أبيه العلم، وسمع منه "الموطأ"، ورحل للحجّ والتّجارة بعد موت والده. وسمع بمصر من: محمد بن عبد الرحيم بن البرقيّ شيئًا يسيرًا. وببغداد من: أبي هشام الرِّفاعيّ. وطال عُمره، تنافس أهل الأندلس في الأخذ عنه. وكان جليلًا نبيلًا كبير الشأن. ذكره ابن الفرض في "تاريخه" فَقَالَ: روى عن أبيه عِلْمه، ولم يسمع بالأندلس من غيره. وكان رجلًا كريمًا عاقلًا، عظيم الجاه والمال، مقدَّمًا في الشُّورَى، منفردًا برئاسة البلد، غير مُدَافَع. روى عنه: أحمد بن خالد، ومحمد بن أعْيَن، وأحمد بن مُطَرِّف، وأحمد بن سعيد بن حزم الصَّدفي لا الأُمويّ، وابن أخيه يحيى بن عبد الله بن يحيى، وكان   1 تاريخ بغداد "10/ 430". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 531"، والعبر "2/ 111"، وشذرات الذهب "2/ 231". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 128 آخر من حدَّث عنه شيخنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله، يعني ابن أخيه. تُوُفّي في عاشر رمضان سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين، وصلّى عليه ابنه يحيى. وكانت جنازته مشهودة. قَالَ ابن بَشْكُوال في غير "الصِّلَة": كان مولى سمحًا جوادًا، كثير الصداقة والإحسان، كامل المروءة، رأى مرّةً شيخًا ضعيفًا، فأعطاه مائة دينار. ولقد قِيلَ إنّه شوهد يوم موته البواكي عليه من كلّ ضَرْب، حتّي اليهود والنَّصَارى. وما شوهد قطّ مثل جنازته، ولا سُمِع أحدٌ حكى أنَّه شهد بالأندلس مثلَها، رحمه الله. 291- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحيم1. أبو القاسم بن البَرْقيّ المصريّ. عن: ابنه، وعبد الرحمن بن يعقوب، ويحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد الحدّانيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي في ربيع الأول سنة إحدى وتسعين. قَالَ النَّسائيّ: صالح؛ ويقال: إنّه روى عنه. 292- عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه2. القاضي أبو بكر العُمَريّ المدنيّ. عن: إسماعيل بن أبي أويس، وإبراهيم بن حمزة الزُّهريّ، وأبي الطاهر بن السَّرح المصريّ، وغيرهم. وعنه: خيثمة، وأبو علي بن هارون، والطَّبَرانيّ، وجماعة. قَالَ النَّسائي: كذاب3. وقال أبو القاسم بن عساكر: ولي قضاء حمص وأنطاكية، وولى قضاء دمشق أيام خُمَارَوَيْه بن طولون. قلت: حدَّث في سنة ثلاثٍ وتسعين. 293- عُبَيْد العِجْل. واسمه حسين بن محمد بن حاتم الحافظ أبو علي البغدادي4.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 236". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 235"، والبداية والنهاية "3/ 29"، وميزان الاعتدال "3/ 15". 3 تاريخ دمشق. 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 140"، وتاريخ بغداد "8/ 93". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 129 عن: داود بن رشيد، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، ومحمد بن عبد الله بن عمار، والوليد بن شجاع السكوني، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وطائفة. وعنه: عبد الصمد الطستي، وأبو بكر الشافعي، وعثمان بن السنة، والطبراني، وآخرون. قال الخطيب: كان متقنا حافظا1. وقال ابن المنادي: كان من المتقدمين في حفظ "المسند" خاصة. وقال ابن قانع: توفي في صفر سنة أربعٍ وتسعين. قلت: وكان من تلامذة ابن مَعين، وهو لقّبَه بعُبَيْد العِجْل. قَالَ ابن عقْدَة، فيما رواه عنه ابن عديّ: كنّا نحضر مع عُبَيْد عند الشيوخ وهو شاب فيتخّير لنا، فإذا أخذ الكتاب بيده طار ما في رأسه، فنكلِّمُه فلا يردّ، فإذا فرغ قلنا: كلّمناك فلم تُجِبْنا. قَالَ: إذا أخذت الكتاب بيدي يطير عنّي ما في رأسي، يمّر بي حديث الصَّحابي، فكيف أجيبكم وأنا أحتاج أن أفكر في مُسْنَد ذلك الصَّحابي من أوله إلى آخره، هل الحديث فيه أم لا؟ أخاف أن أزلّ في الانتخاب، وأنتم شياطين قد قعدتم حولي. 294- عثمان بن عَمْرو. أبو عَمْرو الضَّبّيّ البصْريّ2. عن: الوليد الطَّيالِسيّ، وعبد الله بن رجاء، وعمرو بن مرزوق، وغيرهم. وعنه: الطبراني. 295- علي بن المكتفي بالله3. أمير المؤمنين أبو محمد ابن الخليفة المعتضد بالله أبي العبّاس أحمد بن الموفق أبي أحمد طلحة ابن الخليفة المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بن المُعْتَصمِ بن الرشيد العبّاسيّ. وُلِد سنة أربعٍ وستّين ومائتين، وكان يُضْرَب المثل بحُسْنه في زمانه. كان معتدل   1 تاريخ بغداد "8/ 94". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 189". 3 تاريخ بغداد "11/ 316"، والمنتظم "6/ 31"، والبداية والنهاية "11/ 94"، والنجوم الزاهرة "3/ 183"، وشذرات الذهب "2/ 219". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 130 القامة، دُرّيّ اللون، أسود الشَّعر، حَسَن اللّحْية، جميل الصُّورة1. بُويع بالخلافة عند موت والده في جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وثمانين، فكانت أيّامة ستّة أعوام ونصفًا. أخذ له أبوه الْبَيْعَةَ في مرضه، ونهض بأعبائها الوزير أبو الحسن القاسم بن عُبَيْد الله. ومات شابًّا في ذي القعدة سنة خمسٍ وتسعين. بويع من بعده أخوه جعفر المقتدر، وقد دخل في أربع عشرة سنة، بتفويض المكتفي إليه في مرضه، بعد أن سأل وصحّ عنده أنه قد احتلم. وذكر أبو منصور الثَّعالبي قَالَ: حكى إبراهيم بن نوح أنّ الّذي خلّفه المكتفي، مما جمعه هو وأبوه: مائة ألف ألف دينار عَيْن، وأمتعة وعقار وأواني، فكان من تلك الأمتعة، ثلاثٌ وستُّون ألف ثَوْب. 296- عليّ بن أحمد بن الصَبّاح القَزْوينيّ2. الحافظ المعروف بابن أبي طاهر. روى عنه: ابن أبي حاتم بالإجازة في تصانيفه. ثقة، سمع بقزوين: إسماعيل بن توبة. وفي رحلته من: بُنْدار، وطبقته بالعراق. ومن: دُحَيْم، وهشام بن عمّار بالشّام. وثّقه الخليليّ قَالَ: سمعت الحَسَن بن أحمد بن صالح يحكي عن سليمان بن يزيد، أنّ عليّ بن أبي طاهر لمّا دخل الشام وكتب الحديث، جعل كُتُبَه في صندوق وعمله بالقبر، وركب البحر، فاضطّربت السّفينة وماجت بهم، فألقى الصَّنْدوق في البحر ثمّ سكنت السّفينة، فلمّا خرج منها أقام على السّاحل ثلاث ليالٍ يدعو الله، ثم سجد في الليلة الثّالثة، وقال: إنْ كان طلبي ذلك لوجهك وحبّ رسولك فأغِثْني بردّ ذلك. فرفع رأسه، فإذا بالصندوق مُلْقى عنده. قَالَ: فرجع، وأتى على ذلك بُرْهة من الدَّهْر، فقصدوه لسماع الحديث، فامتنع منه.   1 تاريخ بغداد "11/ 318". 2 التدوين في أخبار قزوين للرافعي "3/ 329". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 131 قَالَ: فرأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي منامي، ومعه عليّ -رضي الله عنه، فَقَالَ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- لي: يا عليّ من عامل الله بما عاملك على شطّ البحر، لا يمتنع من رواية أحاديثي. فقلت: قد تبت إلى الله؛ فدعا لي وحثني على الرّواية. ذكرها الخليليّ في مشايخ أبي الحَسَن القطّان. وقال: مات سنة نيِّفٍ وتسعين ومائتين. 397- عليّ بن أحمد بن النَّضر أبو غالب الأزْدي البغداديّ1. أخو محمد. عن: عاصم بن عليّ، وسَعْدُوَيه الواسطيّ، ويحيى بن يوسف الزمن، وعلي بن المديني، وعبيد الله العبْسيّ. وعنه: جعفر الخالديّ، وابن قانع، وأبو بكر الشافعيّ، والطَّبَرانيّ، وطائفة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. وقال أحمد بن كامل: تُوُفّي سنة خمس وتسعين وقال: لا أعلمه ذُمَّ في الحديث. 298- عليّ بن إسحاق بن إبراهيم2. أبو الحَسَن الأصبهانيّ الملقَّب بالوزير. سمع: إسماعيل بن موسى الفرّاء، وأبا كُرَيْب، والحَسَن بن قَزَعَة، وعبد الجبار بن العلاء المكّيّ، وطائفة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأحمد بن بُنْدار، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين، وقيل: سنة ثمانٍ. وقيل له: الوزير؛ لأنه كان يقوم بمصالح أحمد بن الفُرات الحافظ. قَالَ أبو الشّيخ: كان حَسَن الحديث. 299- عليّ بن جَبَلَة بن رُسْتَة بن زيد بن جَبَلَة. أبو الحَسَن التميميّ الأصبهانيّ3. سمع: الحسين بن حفص، وإسماعيل بن أبي أُوَيْس.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 193"، وتاريخ بغداد "11/ 316". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 198"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 11". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 197"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 8". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 132 وعنه: الطَّبَراني، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهّاب، وأبو الشَّيخ، وآخرون. تُوُفّي سنة إحدى أو اثنتين وتسعين على قولين. 300- عليّ بن الحسين بن شَهْرَيار الرّازيّ. نزل نَيْسابُور، وحدَّث عن: سهل بن عثمان، وعبد العزيز بن يحيى المدنّي. وعنه: محمد بن داود بن سليمان، وأبو عبد الله بن الأخرم، ومحمد بن مهران، وأحمد بن منيع، وخلْق. وهو والد الحافظ أبي بكر أحمد بن عليّ الرّازيّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين، قاله حفيده أبو الحَسَن. وفي بعض النُّسَخ اسم أبيه: الحَسَن. 301- على بن الحسين بن الْجُنَيْد1. أبو الحسن الرّازيّ الحافظ، ويُعرف ببلده بالمالكيّ، لجَمْعه حديثَ مالك. وكان واسع الرّحلة، بصيرًا بهذا الفنّ، خبيرًا بالرّجال والعِلَل. سمع: أبا جعفر النُّفَيْليّ، والمُعَافَى بن سليمان، وجماعة بالجزيرة. وصفوان بْن صالح، وهشام بْن عمّار، وجماعة بدمشق. وأبا مصعب الزُّهْريّ، وجماعة بالحجاز. وأحمد بن صالح، وطائفة بمصر. ومحمد بن عبد الله بن نُمَير، وغيره بالكوفة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وأَحْمَد بْن إسحاق الضُّبَعيّ الفقيه، ودَعْلَج السّجْزيّ، وأبو أحمد العسّال، وإسماعيل بن نُجَيْد، وأحمد بن الحَسَن بن ماجة، وطائفة. وقع لي حديثه بعُلُوّ، وكان يحفظ حديث مالك وحديث الزُّهْريّ. وتُوُفّي في آخر سنة إحدى وتسعين. قَالَ ابن أبي حاتم: صدوق ثقة. وأرّخه الخليليّ سنة ثمانٍ وثمانين. وقال: هو حافظ علم مالك بن أنس صاحبه. 302- عليّ بن الحسين بن عبد الرّحيم. أبو الحسن النيسابوري2.   1 الجرح والتعديل "6/ 179"، سير أعلام النبلاء "14/ 16"، وشذرات الذهب "2/ 208". 2 تاريخ جرجان للسهمي "423". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 133 حدَّث عن: بِشْر بن الحَكَم، وإسحاق بن راهَوَيْه. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ، وغيره بجُرْجان. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 303- عليّ بن الحسين بن مِهْران. أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ الصّفّار. آخر من مات من أصحاب يحيى بن يحيى التّميميّ. أثنى عليه إبراهيم بن أبي طالب. روى عنه: أبو الفضل محمد بن إبراهيم، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ الحافظ. تُوُفّي في رجب سنة خمس وتسعين. وروى أيضًا عن: إسحاق بن راهوَيْه، وعلي بن حُجْر. 304- عليّ بْن حسنوية البغدادي القطان1. عَنْ: محمد بن زياد الزّياديّ، وحَوْثَرة المقرئ، والحَسَن بن عرفة، وطبقتهم. وعنه: أبو الحسن الزَّيْنبيّ، وعليّ الرزاز. وأرخه الخطيب ووثَّقه. 305- عليّ بن حماد بن هشام العسكريّ الخشّاب2. عن: عليّ بن المدينيّ، وعبد الأعلى الذّمّيّ، وطبقتهما. وعنه: مخْلَد الباقَرْحَيّ، ومحمد بن أحمد العطشي، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة أيضًا. 306- عليّ بن رازح بن رجب الخَوْلانيّ. المصريّ. عن: حَرْمَلَة، ومحمد بن رُمْح. وعنه: أبو سعيد بن يونس وقال: مات سنة سبْعٍ وتسعين. 307- عليّ بن سعيد بن بشير بن مهران3. أبو الحَسَن الرّازيّ الحافظ نزيل مصر.   1 تاريخ بغداد "11/ 421". 2 تاريخ بغداد "11/ 420". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 195"، وسير أعلام النبلاء "14/ 145"، والنجوم الزاهرة "3/ 184"، وشذرات الذهب "2/ 234". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 134 عن: عبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسي، وجُبَارَة بن المُغَلِّس، وعبد الرحمن بن خالد بن نجِيح المصريّ، وبِشْر بن مُعَاذ العَقَديّ، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكيّ، ونوح بن عَمْرو السَّكْسكيّ، وخلْق كثير. وعنه: أبو سعيد بن الأَعرابي، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، ومُحَمَّد بن أحمد بن خَرُوف، وسليمان الطَّبَرانيّ، والحَسَن بن رشيق، وآخرون. قَالَ حمزة السَّهْميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ عنه، فَقَالَ: لم يكن في حديثه بذلك. سمعت بمصر أنّه كان والي قرية، وكان يطالبهم بالخراج فَيُمَاطَلُونَه، فجمع الخنازير في المسجد؛ فقلت: كيف هو بالحديث؟ قَالَ: حدَّث بأحاديث لم يُتَابَع عليها. وقال ابن يونس: كان يفهم ويحفظ، ومات في ذي القعدة سنة تسع وتسعين. قلت: وكان يُعرف بعُلَيْك. والعجم إذا أرادوا أن يصغّروا اسمًا زادوه كافًا، فهو علامة التّصغير في لسانهم. 308- عليّ بن سعيد العسكريّ1. الحافظ. صاحب كتاب "السّرائر". سيأتي سنة ثلاث عشر وثلاثمائة. 309- عليّ بن طَيْفور بن غالب النَّشَويّ2. أبو الحَسَن نزيل بغداد. سمع: قُتَيبة بن سعيد. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو بكر القَطِيعيّ، وعمر بن نوح البجلي، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة، في صَفَر. وثّقه أبو بكر الخطيب. 310- عليّ بن عمر بن توبة الخَولانيّ المَوْصليّ. عن: عليّ بن المَدينيّ، وأبي بكر بن أبي شَيْبة، وجماعة. وعنه: يزيد الأزديّ في تاريخه. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 311- عليّ بن غالب بن سلام. أبو الحَسَن السَّكْسكيّ البَتَلْهيّ. عن: عليّ بن المَدِينيّ، وعبد الأعلى النَّرْسيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن محمد بن فُطَيْس، وأبو عليّ بن آدم، وأبو عليّ بن هارون، وأحمد بن سعيد بن أبي العجائز، وعبد الله بن الناصح، وآخرون.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 463"، وتاريخ جرجان للسهمي "303"، والعبر "2/ 114". 2 تاريخ بغداد "11/ 442"، والمنتظم "6/ 119". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 135 وقع لنا نسخة عليّ بن المَدِينيّ من طريقه، وقد حدَّث ببيت لِهْيا في ذي القعدة سنة إحدى تسعين. 312- عليّ بن القاسم الضّبّيّ البغدادي1. عن: العلاء بن مَسَلْمَة، وحَجّاج بن الشّاعر. وعنه: أبو عمر بن السماك، وأبو علي بن الصّوّاف. مات سنة ستٍّ وتسعين ومائتين. 313- عليّ بن محمد بن عبد الوهّاب بن جَبَلة. أبو أحمد المروزي الكاتب2. حدث بأصبهان في سنة إحدى أيضًا. عن: يحيى بن هاشم السمسار، وعبد الله بن صالح العِجْليّ، وأبي بلال الأشعريّ، والحَسَن بن بشير البَجَليّ. وعنه: أحمد بن بُنْدار الشّعّار، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة. قَالَ الخطيب: تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 314- عليّ بن محمد بن عيسى3. أبو الحَسَن الخُزَاعيّ الهَرَويّ الْجَكّانيّ. وجَكّان: محّلة على باب هَرَاة. كان مُسْنَد وقته ببلده. رحل وسمع: أبا اليمان، وآدم بن أبي إياس، ويحيى بن صالح الوُحَاظيّ، ومحمد بن وهْب بن عطية، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الرّخّاء، وأبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَنيّ، وأبو الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خَمْرُوَيْه، وطائفة. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين وقد وُثِّق. 315- عليّ بن أحمد بن يزيد بن عُلَيْل. أبو الحسن المصريّ. عن: محمد بن رُمْح، وحَرْمَلَة، وجماعة. وعنه: ابن يونس، والمصريون. توفي سنة ثلاثمائة.   1 تاريخ بغداد "12/ 52". 2 تاريخ بغداد "12/ 61"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 197". 3 معجم البلدان "2/ 148". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 136 316- عِمران بن موسى بن حُمَيْد. أبو القاسم المصريّ، ابن الطّبيب. عن: يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، وجماعة. وعنه: أبو سعيد بن يونس، وأبو بكر النّقّاش صاحب "التّفسير"، وحمزة الكِنانيّ. توفي في شوال سنة خمس. 317- عمر بن أحمد بن بشر1. أبو الحسين، وقيل: أبو بكر بن السني البغدادي. حدث بأصبهان عَنْ: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وعبد الحميد بن بَيَان، وغيرهما. وعنه: أحمد بن جعفر السمسار، وأبو بكر القبّاب. بقي إلى سنة ستٍّ وتسعين. وقال الخطيب2 أبو بكر: عامة أحاديثه مستقيمة. 318- عمر بن حفص السَّدُوسيّ البصْريّ. أبو بكر3. سمع: عاصم بن عليّ، وكامل بن طلحة، وأبا بلال الأشعريّ. وعنه: جعفر الخُلْديّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وحبيب القزّاز، وسليمان الطّبَرانيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي في صفر سنة ثلاثٍ وتسعين. 319- عمر بن حفص الهَمداني البُخاريّ السَّبِيريّ4. نسبة إلى قرية ببُخَارى. سمع: عليّ بن حُجْر، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ. وعنه: محمد بن محمد بن صابر، وغيره. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين في صَفَر، وله مائة سنة. ويُعرف بالرّباطيّ. 320- عَمْرو بن بحر الأَسَديّ الصُّوفيّ. أكْثَرَ من التَّطْواف، وصحِب ذا النون المصري.   1 تاريخ بغداد "11/ 217". 2 تاريخ بغداد "11/ 217". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 185"، وتاريخ بغداد "11/ 216". 4 معجم البلدان "3/ 187"، واللباب "2/ 102". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 137 وسمع من: هشام بن عمّار، ودُحَيْم. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ، والأصبهانيّون. 321- عَمْرو بن حازم القُرَشيّ. عن: صفوان بن صالح الدّمشقيّ، ومحمد بن رُمْح، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر النّقّاش، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، وغيرهم. توفي قبل الثلاثمائة. 322- عَمْرو بن الحافظ أبي زُرْعة عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو النَّصْريّ الدّمشقيّ. عن: سليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وهشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن النّاصح. حدَّث سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. 323- عَمْرو بن عبد الله بن عبد الوهّاب. أبو الحَسَن الصَّدَفيّ، مولاهم المصريّ. روى عن: أحمد بن صالح المصريّ، وغيره. قَالَ ابن يونس: كان يَغْشَى والدي، وكان صالحًا. تُوُفّي في ذي القعدة سنة " ... "1 وتسعين، وكان مُوَثَّقًا. 324- عَمْرو بن عثمان المكّيّ الزّاهد. شيخ الصُّوفيّة2. قِيلَ: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين، وقيل: غير ذلك. وسيأتي بعد الثلاثمائة. وذكر السُّلميّ أنه مات ببغداد؛ وكان قد قدِم من مكّة. وقد ولي قضاء جَدّة، فما عادهُ الْجُنَيْد في مرضه. 325- عيسى بن خدابنده3. أبو موسى الأزدي. عن: موسى بن عامر، وصالح بن حكيم. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وأبو القاسم بن أبي العقب، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة.   1 بياض في الأصل. 2 صفة الصفوة "2/ 440"، والمنتظم "6/ 93"، وشذرات الذهب "2/ 225". 3 تاريخ بغداد "12/ 224". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 138 326- عيّاش بن محمد بن عيسى البغداديّ الجوهريّ1. عن: سُرَيْج بن النعمان، وأحمد بن حنبل. وعنه: أبو بكر الْجِعابي، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 327- عيسى بن محمد بن عيسى2. أبو العبّاس الطَّهْمانيّ المَرْوَزِيّ الكاتب اللُّغَويّ، إمام أهل اللُّغَة في زمانه. سمع: إسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وعلي بن خَشْرَم، وطائفة. وعنه: أحمد بن الخضر، ويحيى بن محمد العنْبريّ، وعمر بن علك الْجَوهريّ. وكان رئيسًا نبيلًا كثير الفضائل. سمع الحاكم والده يقول: سمعتُ أبا العباس عيسى الطَّهْمانيّ يقول: رأيت بخوارزم امرأة لا تأكل ولا تشرب ولا تَرُوث. وقال: أبو صالح محمد بن عيسى: تُوُفّي في صفر سنة ثلاث وتسعين. قال الحاكم: سمعتُ أبا زكريّا العنْبريّ يقول: سمعتُ أبا العباس، فذكر قصة المرأة التي تأكل ولا تشرب، وأنها عاشت كذلك نيّفًا وعشرين سنة. فَقَالَ: إنّ الله مُظْهِرًا ما شاء من آياته، فيزيد الإسلام بها عزًا وقوّة، وإنّ ممّا أدركنا عَيَانًا، وشاهدناه في زماننا أنْ وردتُ عان مدينةً من مدائن خوارزم، بينها وبين المدينة العظمى نصف يوم، فأُخبرت أنّ بها امرأة من نساء الشُّهداء رأت رؤيا كأنها أطْعمت في منامها شيئًا، فهي لا تأكل ولا تشرب منذ عهد عبد الله بن طاهر؛ ثمّ مررت بها سنة اثنتين وأربعين، فرأيتها وحدَّثتني بحديثها، ثمّ رأيتها بعد عشر سنين مشْيَتُها قوية، وإذا هي امرأة نَصَف، جيدة القامة، حَسنة البِنْية، متورِّدة الخَدين، فسايرتني وأنا راكب. فعرضت عليها مركبًا، فأبت وَبَقِيَتْ تمشي معي. وحضر مجلس محمد بن حَمْدَوَيْه الحارثيّ، وهو فقيه قد كتب عنه موسى بن هارون، وَكَهْلٌ له عبارة وبيان يُسَمّى عبد الله بن عبد الرحمن، وكان قد تخلف   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 256" وتاريخ بغداد "12/ 279". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 571"، وشذرات الذهب "2/ 210"، وتاريخ بغداد "11/ 170". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 139 أصحاب في ناحيته، فسألتهم عنها، فأحسنوا القول فيها، وأثنوا عليها، وقالوا: أمرُها ظاهر، ليس فينا من يختلف فيه. قَالَ عبد الله: أنا أسمع أمرها من أيّام الحداثة، وقد فرَّغْت بالي لها، فلم أر إلّا ستْرًا وعَفَافًا. ولم أعثر على كذب في دعواها. وذكر أنّ من كان يلي خوارزم كانوا يُحْضِرونها الشَّهر والشَّهْرين في بيتٍ، ويُغلقون عليها. قَالَ: فلما تواطأ أهل النّاحية على تصديقها سالتها، فقالت: اسمي رَحْمة بنت إبراهيم، كان لي زوج نجّار يأتيه رزقه يومًا فيومًا. وأنّها ولدت عدّة أولاد. وجاء الأقطع ملك التُّرْك الغَزّيّة، فعبر الوادي عند جموده إلينا في زهاء ثلاثة آلاف فارس. قَالَ الطَّهْمانيّ: والأقطع هذا كان كافرًا عاتيًا، شديد العداوة للمسلمين، قد أثّر على أهل الثُّغور، وألح عن أهل خُوارزم، وكان وُلاةُ خُوارزم يتألّفونه، ويبعثون إليه بمالٍ وأَلْطاف وأنه أقبل مرّةً في خيوله فعاثَ وأفسدَ وقتل فأنهض إليه ابن طاهر أربعةً من القُوّاد. وأنّ وادي جَيْحُون، وهو الّذي في أعلى نهر بلْخ، وهو وادي عظيم، شديد الطُّغْيان، كثير الآفات، وإذا امتدَّ كان عرضه نحوًا من فرسخ، وإذا جمد انطبق، فلم يوصل منه إلى شيء، حتّى يُحْفَر فيه، كما تُحْفر الآبار في الصُّخور. وقد رأيت كثف الْجَمَد عشرة أشبار. فَأخْبِرْتُ أنّه كان فيما خلا يزيد على عشرين شِبْرًا، وإذا هو انطبق صار الجمد جسرًا لأهل البلد، يسير على القوافل وَالْعِجْلِ، وربّما بقي الْجَمَدْ مائةً وعشرين يومًا، وأقلّه سبعون يومًا. قالت المرأة: فعبر الكافر، وصار إلى باب الحُصَيْن، فأراد النّاس الخروجَ لقتاله، فمنعهم العامل دون أن يَتَوَافَى العسكر. فشدّ طائفة من شُبّان الناس، فتقاربوا من السُّور، وحملوا على الكَفَرَة، فتهازموا، واسْتَجَرُّوهم بين البيوت، ثمّ كَرُّوا عليهم، وصار المسلمون في مثل الحَرجَة فحاربوا أشدّ حرب، وثبتوا حتّى تقطّعت الأوتار، وأدركهم اللُّغوب والجوع والعَطَش، وقُتِل عامَّتُهم، وأُثْخِن من بقي. فلمّا جنّ عليهم اللّيل، تحاجز الفريقان. قالت: ورفعت النّيران من المناظر ساعة عُبُور الكافر، فاتّصلت بجُرْجَانية خُوارزم، وكان بها ميكال مولى طاهر في عسكر، فخفّ وركض إلى حصننا في يومٍ وليلة أربعين فرسخًا، وغدا الترْك للفراغ من أمر أولئك، فبينا هم كذلك إذا ارتفعت بهم الأعلام السُّود، وسمعوا الطُّبول، فأفرجوا عن القوم، ووافى ميكال موضعَ الجزء: 22 ¦ الصفحة: 140 المعركة، فارتَثّ القتلى، وحمل الجرحى، ودخل الحصن عشيئذ زهاء أربعمائة جَنَازة، وارتجَّت الناحية بالبكاء والنَّوْح، ووضع زوجي بين يدي قتيلًا، فأدركني من الجزع والهلع عليه ما يُدرك المرأة الشّابّة المسكينة، على زوج أبي أولاد، وكاسب عيال. فاجتمع النّاس من قراباتي والجيران، وجاء الصِّبْيان، وهم أطفال يطلبون الخُبز، وليس عندي ما أعطيهم، فَضِقْتُ صَدْرًا، فنمت، فرأيت كأنّي في أرض حسناء ذات حجارة وشَوْك، أهيم فيها وَالِهَةً حُزْنًا أطلب زوجي، فناداني رجل: خذي ذات اليمين. فأخذت، فرفعت لي أرض سهلة الثرى، طيّبة العُشْب، وإذا قصور وأبنيةٌ لا أُحْسِنُ أن أصفها، وأنهار تجري من غير أخاديد، فانتهيت إلى قوم جُلُوس حِلَقًا، عليهم ثيابٌ خُضْر، قد علاهم النُّور، فإذا همُ الّذين قُتِلوا، يأكلون على موائد. فجعلت أبغي زوجي، فناداني: يا رَحْمة، يا رَحْمة. فيمَّمْت الصَّوت، فإذا به في مثل حال الشُّهداء، ووجهه مثل القمر ليلة البدْر، وهو يأكل مع رفْقة. فَقَالَ لهم: إنّ هذه البائسة جائعة منذ اليوم، أفتأذنون أن أناولها؟ فأذنوا له، فناولني كِسْرةً أبيضَ من الثّلج، وأحلى من العَسَل، وألْين من الزّبد، فأكلتها. فلمّا استقرّت في جوفي قَالَ: اذهبي. فقد كفاك الله مؤونة الطعام والشراب ما حييت. فانتبهت وأنا من شَبْعَى رَيًّا، لا أحتاج إلى طعام ولا إلى شرابٍ، فما ذقتهما إلى الآن. قَالَ الطَّهْمانيّ: وكانت تحضُرنا، وكنّا نأكل، فتتنحّى، وتأخذ على أنفها، تزعم أنّها تتأذى برائحة الطّعام، فسألتها: هل يخرج منك رِيح؟ قالت: لا. قلت: والحيض؟ أظنها قالت: انقطع. قلت: فهل تحتاجين حاجة النساء إلى الرجّال؟ قالت: أما تستحي منّي، تسألني عن مثل هذا؟ قلت: لعلِّي أحدِّث النّاس عنكِ. قالت: لا أحتاج. قلت: فتنامين؟ قالت: نعم. قلت: فما تَرين في منامك؟ قالت: مثل النّاس. قلت: فتَجِدين لفَقْد الطّعام وَهَنًا في نفسك؟ قالت: ما أحسست بالجوع منذ طَعِمْتُ ذلك الطّعام. وكانت تَقْبل الصَّدَقة، فقلت: ما تصنعين بها؟ قالت: أكتسي وأكسي ولدي. قلت: فهل تجدين البْرد؟ قالت: نعم. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 141 قلت: فهل يدركك اللُّغُوب والإعياء إذا مشيتِ؟ قالت: نعم، ألست من البشر؟ قلت: فتتوضين للصلوات؟ قالت: نعم. قلت: ولِمَ؟ قالت: تأمرني بذلك الفقهاء، معتق للنّوم. وذُكِر أنّ بطنها لاصِق بظهرها، فأمرت امرأةً من نسائنا، فنظَرَتْ، فإذا بطنها كما وصفت، وإذا قد اتخذت كيسًا وشدته على بطنها كي لا ينقصف ظهرها إذا مَشَت. قَالَ: ثمَ لم أزل اختلف إلى هُزَارسْف، يعني تلميذتها، فأعيد مسألتها، وهي تتكلم بلغة أهل خُوارزم، فلا تزيد في الحديث، ولا تنقص منه. فعرضت كلامها كله على عبد الله بن عبد الرحمن الفقيه، قَالَ: أنا أسمع هذا الحديث منذ نشأت، فلا أرى من يدفعه. وأجريت ذِكْرها لأبي العبّاس أحمد بن محمد بن طَلْحة بن طاهر والي خُوارزم في سنة ستِّ وستّين، فَقَالَ: هذا غير كائِن. قلت: فالأمر سهل، والمسافة قريبة. فَأمُر بها، فَتُحْمَلُ إليك، وتمتحنها بنفسك. فأمرني، فكتبت عنه إلى العامل، فَأَشْخَصها على رفق. فأخبرني أبو العبّاس أحمد أنّه وكّل أُمَّه دون النّاس بمُرَاعاتها، وسألها أن تستقصي عليها، وتتفقّدها في ساعات الغَفلات. وأنّها بقيت عند أمّه نحوًا من شهرين، في بيتٍ لا تخرج منه، فلم يروها تأكل ولا تشرب. وكثُر من ذلك تَعَجُّبُه، وقال: لا ينكر الله قدره. وَبَرَّها وصرفها، فلم يأتِ عليها إلّا القليل حتّى ماتت، رحمها الله. قلت: حدّثني غيرُ واحدٍ أثق به، أنّ امرأة كانت بالأندلس مثل هذه كانت في حدود السبعمائة، بقيت نحوًا من عشرين سنة لا تأكل شيئًا، وأمرها مشهور. وذكر علاء الدّين الكِنْديّ في تَذكِرته عن الفاروثيّ مثل ذلك، عند رجل كان بالعراق بعد السّتّمائة1. 328- عيسى بن محمد. ويقال عيسى بن موسى، الأمير أبو موسى النوشري2.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 572". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 46"، والنجوم الزاهرة "3/ 171". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 142 من كبار القُوّاد المشهورين. ولي إمرة أصبهان، وولي شرطة بغداد، وانتُدِبَ لقتال أمير أصبهان أبي ليلى، وغيره. فظهرت شهامته وشجاعته. وولى إمرة مصر للمكتفي بالله بعد السّبعين ومائتين، عند زوال الدّولة الطُّولونيّة، وطال عُمره، وعظُمت حُرْمته. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين في شَعْبان. 329- عيسى بن مسكين بن منصور بن جُرَيْج بن محمد. الفقيه أبو محمد الإفريقيّ1 المغربيّ، عالم إفريقيه وشيخها. أخذ عن: سَحْنُون بن سعيد الفقيه، وغيره. وعنه: تميم بن محمد القَرويّ، وحمدون بن مجاهد الكلبيّ الفقيه، ولُقْمان بن يوسف، وعبد الله بن مسرور بن الحجّام، وطائفة كثيرة. كان إمامًا ورعًا ثقة، متمكّنًا من الفقه والآثار، صاحب خُشُوع وعِبادة، وكان يشبه بسحنون في سمته وهيبته. وقيل: كان مستجاب الدعوة، رحمه الله. بلغنا أن بعض ملوك بني الأغلب قَالَ له: لئن لم تَلِ القضاء لأقتُلنَّك. وأغلَظ له. فتولّى القضاء. ولم يأخذ رِزقًا. وكان يستقي بالْجَرّة، ويركب الحمار، ويترك التّكلُّف. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين. 330- عيسى بن هارون الزّاهد. أبو أحمد الهَمْدانيّ. رحل وكتب العِلم عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ، وهَنّاد بن السَّرِيّ، وطائفة. وعنه: الفضل بن الفضل الكِنْديّ، وأبو بكر بن خارجة النَّهَاونْديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وغيرهم. 331- عيسى بن يزيد بن خالد بن " ... "2 المصريّ المَعَافِريّ. أبو عقِب. روى عن: أبيه. وعنه: هارون بن سعيد. كان بالإسكندرية.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 573"، وشذرات الذهب "2/ 220". 2 بياض في الأصل. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 143 "حرف الفاء": 332- فاتك بن عبد الله. مولى المعتضد1. كان من كبار الأمراء. وتَرَقَّت سعادته في أيّام المكتفي. ذكرنا أنّه قُتِلَ مع العباس الوزير. 333- الفضل بن أحمد الأصبهانيّ2. عن: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: خَلَطَ، فَتُرِكَ حديثُه. 334- الفضل بن صالح الهاشميّ المنصوريّ3. عن: هُدْبَةَ بن خالد، وعبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر القَطِيعيّ. وكان ثقة. توفي سنة ثلاثمائة. 335- الفضل بن عبد الله بن مَخْلَد4. أبو نُعَيْم التَّميميّ الْجُرْجانيّ القاضي. رحّال جوّال. سمع: قُتَيْبة بن سعيد، وهشام بن خالد الدّمشقيّ، ومحمد بن مُصَفَّى، وعيسى بن زُغْبَة، وأبا الطاهر بن السَّرْح، وخلْقًا. وعنه: أبو جعفر العُقَيْليّ، والزبير بن عبد الواحد الاستراباذيّ، وأبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وآخرون. قَالَ الإسماعيليّ: صدوق، جليل. وقال حمزة السَّهْميّ: تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثلاثٍ وتسعين. 336- الفضل بن العبّاس بن مِهْران. أبو العبّاس5.   1 المنتظم "6/ 80"، وتجارب الأمم "1/ 5"، والتنبيه والإشراف "327". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 263"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 155". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 263"، وتاريخ بغداد "12/ 374". 4 تاريخ جرجان للسهمي "186". 5 ذكر أخبار أصبهان "2/ 152". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 144 عن: ابنُ بُكَيْر، وبشّار بن موسى، وداود بن عمرو الضبي، جماعة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيخ، وآخرون. وتُوُفّي سنة ثلاثٍ أيضًا. قَالَ أبو نُعَيْم: ثقة مأمون. 337- الفضل بن العبّاس بن الوليد البغداديّ البُزُوريّ1. ويقال: السَّقَطيّ. ويقال: "حدّث عن يحيى بن عثمان الحربيّ"2، وسُوَيْد بن سعيد، وداود بن رُشَيْد. وعنه: عبد الباقي بن قانع، والطبراني. وتوفي سنة إحدى وتسعين. 338- الفضل بن محمد. أبو برزة الحاسب. كان حيسوب بغداد3. روى عن: ابن يونس اليَرْبُوعيّ، ويحيى الحِمّانيّ، ومحمد بن سَمَاعَة. وعنه: ابن قانع، وأحمد بن محمد السَّقَطيّ، وأبو محمد بن "ماسي"4. تُوُفّي في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين. وثّقه الخطيب. 339- الفضل بن هارون الفقيه. تلميذ أبي ثَوْر5. حدّث عن: داود بن رُشَيْد، ومحمد بن أبي مَعْشَر، وجماعة. وعنه: أبو نُعَيْم بن عديّ، والطَّبرانيّ. وتُوُفّي سنة نيِّفٍ وتسعين. ذكره الخطيب. 340- الفَيْض بن الخَضِر. أبو الحارث الأَوْلاسيّ الزّاهد. نزيل طَرَسُوس6. حكى عن: عبد الله بن خبيق الأنطاكيّ. وعنه: أبو عَوَانة الإسفرائينيّ، ومحمد بن سهل الفَرَغَانيّ، ومحمد بن المنذر شُكر، وغيرهم. وتُوُفّي بطَرَسوس سنة تسعٍ وتسعين ومائتين.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 262"، وتاريخ بغداد "12/ 372". 2 بياض في الأصل. مستدرك من المصدرين السابقين. 3 تاريخ بغداد "12/ 373"، والمنتظم للجوزي "6/ 56". 4 بياض في الأصل. مستدرك من تاريخ بغداد. 5 المعجم الصغير للطبراني "1/ 261"، وتاريخ بغداد "12/ 372". 6 المنتظم "6/ 93"، والكامل في التاريخ "8/ 59"، واللباب "1/ 94". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 145 "حرف القاف": 341- القاسم بن أحمد بن يوسف1. أبو محمد التَّميميّ الكوفيّ المعروف بالخيّاط. شيخ القراء في وقته. قرأ على: أبي جعفر محمد بن حبيب الشموني ختمًا. أخذ عنه: سعد بن أحمد الإسكافي، والحسين بن داود النّقّار، وابن شَنَبُوذ، ومحمد بن أحمد بن الضحاك، وأبو بكر محمد بن الحَسَن النّقّاش، وآخرون. قَالَ النّقّار: قرأت عليه أربعين ختْمه2. وقال النّقّاش: قرأت عليه بمسجده في الكوفة سنة تسعٍ وثمانين. قَالَ النّقّار: سمعت إجماع النّاس على تفضيل قاسم في قراءة عاصم3. قَالَ الدّانيّ: تُوُفّي بعد التّسعين. 342- القاسم بن أبي حرب البصْريّ. أبو سعيد. حدَّث في سنة ثلاثّ وتسعين عن: هُدْبَةَ بن خالد، وعبد الله بن مُعَاذ، وجماعة. 343- القاسم بن خالد بن قَطَن. أبو سهل المَرْوَزِيّ الحافظ محدّث مَرْو4. سمع: حَبّان بن موسى، إسحاق بن راهَوَيْه، وعليّ بن حُجْر، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن المَدِينيّ، ويحيى بن معين، وأبا بكر بن أبي شَيْبة، وابن نُمَيْر، وأبا كامل الْجَحْدَريّ، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ، وعبد الوهّاب بن نَجْدة الحَوْطيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمّار، وخلْقًا بالشّام، والعراق، والجزيرة، وخراسان. وعنه: أبو العباس الدغولي، وعمر بن على الْجَوْهريّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ الرّازيّ، وأبو عبد الله بن الأخرم، ومحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون. تُوُفّي في شوال سنة سبع وتسعين ومائتين.   1 تاريخ بغداد "12/ 438"، وغاية النهاية "2/ 16". 2 غاية النهاية "2/ 17". 3 غاية النهاية "2/ 17". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 544". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 146 344- القاسم بن عاصم المُراديّ الأندلسيّ. التّاجر1. سمع ببغداد من: أحمد بن مُلاعب، وغيره. وعنه: قاسم بن أصبغ. توفي سنة ثلاثمائة. 345- القاسم بن عبد الواحد بن حمزة2. أبو بكر البكري العجلي القُرْطُبيّ. عن: بقيّة بن مَخْلَد، وغيره. وسمع بمكّة من: محمد بن إسماعيل الصّائغ، وابن مَيْسَرة. وببغداد من: أحمد بن خَيْثَمَة، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي دُلَيْم، وغيره. تُوُفّي سنة بضعٍ وتسعين. 346- القاسم بن عبد الوارث الوراق3. عن: أبي الربيع الزّهْرانيّ، وغيره. وعنه: محمد بن مَخْلَد، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ. 347- القاسم بن عُبَيْد الله بن سليمان بن وهب بن سعيد الحارثي4. البغداديّ الوزير. ولي الوزارة للمعتضد بعد موت والده الوزير عُبَيْد الله سنة ثمانٍ وثمانين. وَنَهَضَ القاسم بأعباء الأمور عند موت المعتضد، فأخذ البيعة للمكتفي. ومات القاسم في تاسع ذي القعدة سنة إحدى وتسعين. فكانت وزارته ثلاث سنين ونصفًا وأيّامًا. وولى بعده العبّاس بن أيّوب الوزير الّذي قُتِل مع ابن المعتزّ. وكان القاسم من ظَلَمَة الوزراء ومُتَموِّليهم. بَلَغَنَا أنه كان يدخله في السنة من أملاكه سبعمائة ألف دينار.   1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 358". 2 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 358". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 267". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 18"، والبداية والنهاية "11/ 98"، والنجوم الزاهرة "3/ 123". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 147 ولعِزَّة أبيه على المعتضد استوزر وَلَدَه هذا بعده، وكان شابًا غِرًّا بالأمور، قليل التَّقْوَى، وإنما أنفق على المكتفي لأنّه خدمه، وثبّت له الأمور، وكان مع قلّة خبرته سفّاكًا للدّماء، حَمَلَ المكتفي على قتْل بَدْر، وعلى قتل عبد الواحد بن الموفّق ابن عم المكتفي. ولمّا مات أظهر النّاس الشَّماتَةَ بموته. وقال الصُّوليّ: قَالَ أبو الحارث النَّوْفَليّ: كنت أبغض القاسم بن عُبَيْد الله لكُفْره، ولمكْروهٍ نالني منه. قَالَ ابن النّجّار: وأخذ البيعة للمكتفي، وكان غائبًا بالرَّقَّة، وضبط له الخزائن، فعظُم عنده، ولقّبه والي الدولة، فسأل المكتفي أن يزوّج ولده محمد بابنة القاسم، فأجابه، وأمهرها مائة ألف دينار. قَالَ ابن النّجّار: كان جوادًا ممدَّحًا إلّا أنّه كان زِنْديقًا، فاسد الاعتقاد. وكان أبو إسحاق الزّجّاج مؤدّبه، فنال في وزارته منه مالًا جزيلًا. كان يقضي أشغالًا كبارًا عنه، فيأخذ عليها، حتّى حصّل نحوًا من أربعين ألف دينار. وقد أعطاه في دفعة واحدة ثلاثة آلاف دينار. لم يُكمل القاسم ثلاثًا وثلاثين سنة، لا رحمه الله، فقد كان لعينًا قَالَ الصُّوليّ: ثنا شاذي المُغَنّي قَالَ: كنت يومًا عند القاسم بن عُبَيْد الله وهو يشرب، فدخل ابن فِراس، فقرأ عليه شيئًا من عهد أزْدَشير، فأعجب القاسم، فَقَالَ له ابن فِراس: هذا واللهِ، وأومأ إليّ، أَحْسَنُ مِنْ بقرة هؤلاء وآل عِمْرانهم. وجعلا يتضاحكان. وقال الصُّوليّ: نا ابن عَبْدُون: حدَّثني الوزير عبّاس بن الحَسَن قَالَ: كنت عند القاسم بن عُبَيْد الله، فقرأ قارئ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] فَقَالَ ابن فِراس: بنقصان "يا" فوثبت فزِعًا، فرآني الوزير وغَمزه، فسكت. الصُّوليّ: نا عليّ بن العبّاس النُّوبَخْتيّ قَالَ: انصرف ابن الرُّوميّ الشّاعر من عند القاسم بن عُبَيْد الله، فَقَالَ لي: ما رأيت مثل حُجّة أوردها اليوم الوزير في قِدَم العالم. وذكر أبياتًا. قلت: فهذه الأمور دالّة على خِلالِ هذا المغتر. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 148 348- القاسم بن محمد بن حمّاد الكوفيّ الدّلّال1. عن: أبي بلال الأشعريّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، والخالديّ، وابن عُقْدَةَ. وهو ضعيف. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين، وقيل: سنة تسعٍ. ومن شيوخه قُطْبَةُ بن العلاء، ومُخَوّل. 349- قنبل. مُقْرِئ أهل مكّة2. هو أبو عُمَر محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن خالد بن سعيد بن جُرْجة المخزوميّ المكّيّ. وُلِد سنة خمس وتسعين ومائة. وقرأ على: أبي الحَسَن أحمد بن محمد النّبّال القوّاس صاحب أبي الإخريط، وَخَلَفَهُ في الإقراء بعد موته. وله رواية عن: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي بَرَّة أيضًا. وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالحجاز. قرأ عليه خلق منهم: أبو بكر بن مجاهد، وأبو ربيعة محمد بن إسحاق، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق الأنطاكيّ عرض الحروف فقط، وأبو الحَسَن بن شَنَبُوذ، وأبو بكر محمد بن عيسى الجصّاص، وأبو بكر بن موسى الهاشمي النَّرْسي، ونظيف بن عبد الله. وإنّما لُقِّب قُنْبُلًا لاستعمالهِ دواءً يُقال له قُنْبِيل يُسْقى للبقر. فلمّا أكثر من استعماله عُرِف به، ثم خُفِّفَ، وقيل قُنْبُل. وقيل: بل هو من قوم مكّة يقال لهم: القُنابلة. وكان قُنْبُل قد ولي الشرطة وإقامة الحدود بمكّة، وطال عُمره وضعُف، وقطع الإقراء قبل موته بسبعة أعوام.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 266". 2 البداية والنهاية "11/ 99"، غاية النهاية "2/ 165". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 149 تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 350- قيس بن مسلم البخاري الأزرق1. عَنْ: عليّ بْن حُجْر، وعليّ بْن خَشْرَم. وعنه: ابن مَخْلَد، والطَّبَرانيّ، وغيرهما. "حرف اللام": 351- اللَّيْث بن غَشُوم. أبو الحارث المصريّ. روى عن: يحيى بن بُكَيْر، وغيره. وتُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين ومائتين. "حرف الميم": 352- محمد بن أبان. أبو مسلم المَدِينيّ الأصبهانيّ. ثقةُ مكْثِر2. سمع: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، وسليمان الشّاذكونيّ. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، وجماعة. وكان أحد الفقهاء. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 353- محمد بن إبراهيم بن سعيد3. الإمام أبو عبد الله العَبْديّ، الفقيه المالكيّ البوشَنْجيّ. شيخ أهل الحديث في زمانه بنَيْسابور. رحل وطوّف وصنّف. وسمع: يحيى بن بُكَيْر، ويوسف بن عديّ، ورَوْح بن صلاح، وجماعة بمصر. ومحمد بن سِنان العَوفيّ، وأُمية بن بِسْطام، ومسدِّدًا، وعبد الله بن محمد بن أسماء، ومحمد بن المِنْهال الضّرير، وعُبَيْد الله بن عائشة، وهُدْبة بْن خالد بالبصرة. وإسماعيل بن أُوَيْس، وإبراهيم بن حمزة، وجماعة بالمدينة؛ وسعيد بن منصور   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 270". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 49"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 234". 3 الجرح والتعديل "7/ 187"، والمنتظم "6/ 48"، وتهذيب "9/ 1008"، وتقريب التهذيب "2/ 140". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 150 بمكّة؛ وأحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وجماعة بالكوفة؛ وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل، وجماعة بدمشق؛ وأبا نصر التّمّار، وطبقته ببغداد. ذكره السُّليمانيّ فَقَالَ: أحد أئمّة أصحاب مالك، ثمّ سمّى شيوخه. وعنه: محمد بن إسحاق الصَّغانيّ، ومحمد بن إسماعيل البخاريّ وهما أكبر منه، وابن خُزَيْمَة، وأبو العبّاس الدّغُوليّ، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأبو بكر أحمد بن إسحاق الصِّبْغيّ، ودَعْلَج، ويحيى بن محمد العَنْبريّ، وإسماعيل بن نُجَيْد، وخلْق كثير آخرهم موتًا أبو الفوارس أحمد بن محمد بن جمعة المُتَوَفَّى سنة ستٍّ وستين وثلاثمائة. قَالَ دَعْلَج: حدَّثني فقيه من أصحاب داود بن عليّ أنّ أبا عبد الله دخل عليهم يومًا، وجلس آخر النّاس. ثمّ إنّه تكلم مع داود، فأُعجب به وقال: لعلّك أبو عبد الله البُوشَنجيّ؟ قَالَ: نعم. فَقَامَ إليه وأجلسه إلى جنبه، وقال لأصحابه: قد حضركم من يُفيد ولا يستفيد. وقال يحيى العَنْبريّ: شهدت جنازة الحسين القَبَّانيّ، فصلى عليه أبو عبد الله البُوشَنْجيّ، فلمّا أراد الانصراف قُدِّمت دابَّته، وأخذ أبو عَمْرو الخَفّاف بِلِجَامه، وأخذ ابن خُزَيْمة برِكابه، وأبو بكر الجاروديّ، وإبراهيم بن أبي طالب يُسَوّيَان عليه ثيابه، فمضى ولم يكلِّم واحدًا منهم. وقال ابن حمدان: سمعت ابن خزَيْمة يقول: لو لم يكن في أبي عبد الله من البُخْل بالعِلم ما كان، ما خرجت إلى مصر. وقال منصور بن الهَرَويّ: صحّ عندي أنّ اليوم الّذي تُوُفّي فيه البوشنجيّ سُئِل ابن خُزَيْمة عن مسألةٍ، فَقَالَ: لا أُفتي حتَّى يُوَارَى أبو عبد الله لَحْدَه. وقال أبو النَّضْر محمد بن محمد الفقيه: سمعت أبا عبد الله البُوشَنجيّ يقول: مَنْ أراد الفِقْه والعِلم بغير أدب، فقد اقتحم أن يكذب على الله ورسوله. قلت: وكان أبو عبد الله إمامًا في اللُّغة وكلام العرب. قَالَ أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا بكر بن جعفر: سمعت أبا عبد الله البُوشَنْجيّ يقول لِلْمُسْتَمْلي: الزَم لفظي. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 151 وقال: سمعت أبا بكر محمد بن جعفر: سمعت أبا عبد الله البُوشنجيّ يقول: عبد العزيز بن محمد الأندراوَرْديّ. وقال عبد الله بن الأخرم: سمعت أبا عبد الله البُوشَنْجيّ غير مرة يقول: ثنا يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وذكر بملء الفم. وقال أبو عبد الله: ثنا أبو جعفر النُّفَيْليّ، ثنا عِكْرِمة بن إبراهيم قاضي الرَّيّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بن طلحة قَالَ: ما رأيت أحدًا أخطب ولا أعرب من عائشة. وقال الحاكم: ثنا محمد بن أحمد بن موسى الأديب: ثنا أبو عبد الله البُوشَنْجيّ: ثنا عبد الله بن يزيد الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: رأيت في المقسلاط صَنَمًا من نُحاس، إذا عطش نزل فشرب. فسمعت البُوشَنْجيّ يقول: ربّما تكلمت العلماء بالكلمة على المعارضة، وعلى سبيل تفقدهم علوم حاضريهم، ومقدار أفهامهم، تأديبًا لهم، وامتحانًا لأوهامهم. هذا عبد الرحمن وهو أحد علماء الشام، وله كُتُب في العلم قال: رأيت على المقسلاط، وهو موضع بدمشق، وهو سوق الرَّقيق، قَالَ: رأيت عليه صَنَمًا، وهو عامود طويل، إذا عطش نزل فشرب، يريد أنّه لا يعطش. ولو عطش نزل، يريد أنّه لا ينزل. فهو ينفي عنه النُّزُولَ والْعَطَشَ. وقال أبو زكريّا العَنْبريّ: سمعت أبا عبد الله البُوشَنْجيّ يقول: محمد بن إسحاق بن سيّار عندنا ثقة. قَالَ الحاكم: كان والد أبي زكريّا قد تكفّل بأسباب أبي عبد الله البُوشَنجيّ، فسمع منه أبو زكريّا الكثير وقال: قَالَ لي مرّة: أحسنت. ثمّ التفت إلى أبي فَقَالَ: قد قلت لابنك أحسنت، ولو قلت هذا لأبي عُبَيْد لَفَرِح. وقال الحَسَن بن يعقوب: كان مُقام أبي عبد الله بنَيْسابور على اللَّيْثيّة، فلمّا انقضت أيّامهم خرج إلى بُخارَى، إلى حضرة إسماعيل الأمير، فالتمس منه بعد أن أقام عنده بُرْهةً أنْ يكتب أرزاقه بنَيْسابور. وقال الحاكم: سمعت الحسين بن الحسن الطُّوسيّ: سمعت أبا عبد الله البوشنجي يقول: أخذت من الليثية سبعمائة ألف درهم. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 152 وقال دعلج: سمعت أبا عبد الله يقول، وأشار إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيْمة فَقَالَ: محمد بن إسحاق كيس، ولا أقول هذا لأبي ثور. وقال محمد بن يعقوب بن الأخرم الحافظ: روى البخاريّ، عن أبي عبد الله البوُشَنْجيّ حديثًا في "الصّحيح". قُلْتُ: فِي "الصَّحِيحِ" لِلْبُخَارِيِّ: ثنا محمد، نا النُّفَيْلِيُّ، فإنْ لَمْ يَكُنْ البُوشَنْجِيَّ وَإِلا فَهُوَ محمد بْنُ يحيى، والأغلب أنه البوشنجي في تفسير سورة البَقَرة. فإن الحديث بعَينه رواه الحاكم عن أبي بكر بن أبي نصر: نا البُوشَنجيّ، نا النُّفَيْليّ: ثنا مسكين بن بُكَيْر: ثنا شُعْبة، عن خالد الخُزَاعيّ الأصغر، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وهو ابن عمر: أنها نسخت {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} [البقرة: 284] الآية. وقال الحاكم: ثنا الأصم، ثنا الصَّغَانيّ: أخبرني محمد بن إبراهيم، ثنا النُّفَيليّ، فذكر حديثًا. ثم قال الحاكم: ثناه محمد بن جعفر، ثنا البُوشَنْجيّ وقال: ثنا عنه بسَرْخَس: عبد الله بن المغيرة المُهَلَّبيّ؛ وبمَرْو: محمد بن أحمد بن حاتم، وجماعة؛ وبِتِرْمِذ: أبو نصر محمد بن محمد؛ وبِبُخارَى: أحمد بن سهل الفقيه؛ وبسَمَرْقَنْد: عبد الله بن محمد الثّقفيّ؛ وبنَسْف: أحمد بن جمعة. قلت: وقد وقع لي حديثه عاليًا: أَخْبَرَنِي محمد بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، وَأَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ كِنْدِيٍّ، قِرَاءَةً عَنِ الْمُؤَيَّدِ الطُّوسِيِّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيَّ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ الْهَرَوِيِّ، أَنَّ تَمِيمًا الْمُؤَدِّبَ أَخْبَرَهُ عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ أَخْبَرَهَا قَالَ: أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ الزَّاهِدُ سنة أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَلاثِمِائَةٍ: ثَنَا محمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، ثَنَا رَوْحُ بْنُ صَلاحٍ الْمِصْرِيُّ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَقَامَ بِهِ، وَأَحَلَّ حَلالَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا، فَوَصَلَ رَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ. وَمَنْ يَكُنْ فِيهِ أَرْبَعٌ فَلا يَضُرُّهُ مَا زَوَى عَنْهُ مِنَ الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعَفَافٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحِفْظُ أَمَانَةٍ". تُوُفّي أبو عبد الله في غرّة المُحَرَّم سنة إحدى وتسعين، ودُفِن من الغد؛ ومولده سنة أربعٍ ومائتين. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 153 354- محمد بن إبراهيم بن سعد بن قُطْبَةَ. أبو عبد الله القَيْسيّ النَّيْسابوريّ. سمع: يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهَوَيْه، وجماعة. وعنه: أحمد بن أبي عثمان الحِيريّ، وغيره. تُوُفّي سنة إحدى أيضًا؛ وقد تردَّد أيضًا إلى أحمد بن حرب الزّاهد. 355- محمد بن إبراهيم بن شبيب. أبو عبد الله الأصبهاني العسّال1. سمع: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، وحبّان بن بشْر القاضي، ومحمد بن المغيرة. وعنه: أبو الشَّيْخ، وأبو أحمد العسّال، وأحمد بن بُنْدار، والطَّبَرانيّ، وغيرهم. وكان أحد الثّقات ببلده. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. وَقَالَ أبو عبد الله بْنُ مَنْدَهْ: حَدَّثَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ". 356- محمد بن إبراهيم بن بُكَيْر بن حبيب الطَّيَالِسيّ2. عن: أبي الوليد الطَّيَالِسيّ، وغيره. وعنه: الحسين بن أحمد السَّرِيّ، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 357- محمد بن إبراهيم بن خليل الفقيه. أبو عبد الله مفتي هَمَدان وعالمها. وروى عن: أحمد بن بُدَيْل، وإبراهيم بن أحمد بن يعيش. وعنه: موسى بن سعيد الفرّاء، وأحمد بن محمد بن صالح، وآخرون. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 358- محمد بن إبراهيم بن سعيد الأصبهانيّ الوشّاء3. عَنْ: طالوت بْن عَبَّاد، وعبد الواحد بْن غياث، وجماعة. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيخ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين، وهو صدوق.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 51". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 34". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 49". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 154 359- محمد بن أحمد بن البراء1. القاضي أبو الحَسَن العَبْديّ البغداديّ. سمع: عليّ بن المَدِينيّ، وَخَلَفَ بن هشام، والمعَافَى بن سليمان، وجماعة. وعنه: عثمان بن السّمّاك، وابن قانع، والطَّبَرانيّ، وعبد الرحمن والد المخلّص، ومحمد بن إسحاق بن أيّوب، ومحمد بن عليّ بن سهل الأصبهانيان، وآخرون. وقرأ على خَلَف وهشام ختمات؛ وأقرا فَعَرَض عليه: أحمد بن محمد الدّيباجيّ، وعلي بن سعيد، وعثمان بن السّمّاك، وأبو بكر النّقّاش. وثّقه الخطيب. ومات في شوّال سنة إحدى وتسعين ومائتين. 360- محمد بن أحمد بن عياض2. أبو عُلاثَة المصريّ. عن: محمد بن رُمْح، وحَرْمَلة. وعنه: على بن محمد المصريّ، والطَّبَرانيّ، ومحمد بن أحمد الصّفّار، وحُمَيْد بن يونس، وجماعة. وتفرد عن أبيه أبي غسّان أحمد بن عِياض بن أبي طيبة بما يُنْكَر. وروى أيضًا عن: عبد الله بن يحيى بن مَعْبَد المراديّ، ومكّيّ بن عبد الله الرُّعَيْنيّ، ومحمد بن سَلَمة المُراديّ. كنّاه الطَّبَرانيّ، وابن يونس. مات من ضرب الدّولة في رمضان سنة إحدى وتسعين؛ شهد عليه عَوَامُّ بأمورٍ، ثمّ تبيّن أنّه مظلوم. وكان بارعًا في الفرائض. 361- محمد بن أحمد بن النَّضْر3. أبو بكر البغداديّ النَّضْريّ الأزْدي. سمع: جدّه معاوية بن عمرو الأزْديّ، والقَعْنَبيّ، وأبا غسان النهدي، وسَعْدُوَيْه، وابن الأصبهاني. وعنه: ابن صاعد، وأبو بكر النّجّاد، والشّافعيّ، وأبو سهل القطّان، والطَّبَرانيّ، وخلْق. وعاش خمسًا وتسعين سنة. وثّقه عبد الله بن أحمد بن حنبل. ومات في صَفَر سنة إحدى أيضًا.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 13"، وتاريخ بغداد "1/ 281"، والمنتظم "6/ 47". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 554"، ولسان الميزان "5/ 57". 3 تاريخ بغداد "2/ 364"، والمنتظم "6/ 47". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 155 362- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سليمان1. أبو العبّاس الهَرَويّ الفقيه الحافظ. رحل إلى الشّام، وسمع: أبا عُمَيْر عيسى بن النّحّاس، وموسى بن عامر، والهيثم بن مروان، وأبا حفص الفلّاس، وطبقتهم. وعنه: شيوخ أصبهان عبد الرحمن بن سِياه، وأحمد بن بُنْدار، وأبو الشّيخ، ومحمد بن إسحاق بن أيّوب، وغيرهم. وله تصانيف. مات ببَرُوجِرْد سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 363- محمد بن أحمد داود2. أبو بكر المؤَدّب. عن: أبي كامل الجحدريّ، وهشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: محمد بن مَعْمَر الأصبهانيّ، وأبو القاسم الطبراني. توفي سنة أربع وتسعين. وقال الدّارَقُطْنيّ: لا بأس به. 364- محمد بن إبراهيم بن حمدون3. أبو الحَسَن الكوفيّ الخزّازّ. سمع: أبا كُرَيْب، وعيسى بن الْجَهْم، وجماعة. وعنه: أبو محمد بن ماسي، وعثمان بن أحمد الرّزّاز. تُوُفّي سنة سَبْعٍ وتسعين. 365- محمد بن أحمد بن نصر الفقيه4. أبو جعفر التِّرْمِذيّ، شيخ الشّافعية بالعراق. قَالَ ابن شُرَيْح: رحل وسمع: يحيى بن بُكَيْر، ويوسف بن عديّ، وإبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ و" ... "5 إبراهيم بن الطيبي القواريري، وطبقتهم، وتفقه على أصحاب الشافعي، وهو صاحب "ذلك"6 المذهب.   1 العبر "2/ 94"، ومرآة الجنان "2/ 221". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 19"، وتاريخ بغداد "1/ 301". 3 تاريخ بغداد "1/ 399". 4 البداية والنهاية "11/ 107"، وتاريخ بغداد "1/ 365"، والمنتظم "6/ 80". 5 بياض في الأصل. 6 بياض في الأصل. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 156 روى عنه: عبد الباقي بن قانع، وأحمد بن كامل، وأحمد بن يوسف بن خلّاد، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ. وكان إمامًا قُدْوة، زاهدًا ورعًا، قانعًا باليسير، كبير القدر. قال الدارقطني: ثقة مأمون. حكى أبو إسحاق إبراهيم بن السَّرِيّ الزَّجّاج أنّه كان يُجْري عليه في الشَّهْر أربع تمرات. قَالَ: وكان لا يسأل أحدًا شيئًا. وقال محمد بن موسى بن حمّاد: أخبرني أنّه تَقَوَّت بضعة عشر يومًا بخمس حبّاتٍ وقال: لم أكن أملك غيرها، فاشتريت بها لِفْتًا، وكنت "آكل كلَّ يومٍ واحدة"1. وقال الإمام أبو زكريّا النَّوَويّ: أبى أبو2 جعفر الْجَزْم بطهارة شِعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ خالف في هذه المسألة جمهور الأصحاب. قلت: يجب على كلّ مسلم الاعتقاد بطهارة رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ لمّا حلق رأسه "فرّق"3 شَعْرَه "الطاهر"4 المطهَّر على أصحابه، ولم يكن ليفرّق عليهم شيئًا نجِسًا. قَالَ أحمد بن عثمان "السِّمسار والد أبي"5 حفص: حضرت عند أبي جعفر التِّرْمِذيّ، فسُئِل عن حديث "إن الله تعالى ينزل إلى سماء 6 الدُّنيا" فالنُّزول كيف يكون يبقى فوقه عُلُوّ؟ فَقَالَ: النُّزول معقول، والْكَيْفُ مجهولُ، والإيمان به واجب، والسُّؤال عنه بِدْعة. قَالَ أحمد بن كامل: لم يكن للشّافعية بالعراق أرأس منه ولا أورع، ولا أكثر تقللًا.   1 بياض في الأصل. مستدرك من تاريخ بغداد "1/ 366". 2 في الأصل "أبا". 3 في الأصل بياض. 4 في الأصل بياض. 5 في الأصل بياض. مستدرك من تاريخ بغداد "1/ 365". 6 في الأصل بياض. مستدرك من تاريخ بغداد. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 157 توفي أبو جعفر -رحمه الله- في المحرَّم سنة خمسٍ وتسعين، وقد أكمل أربعًا وتسعين سنة. ونُقِل أنّه اختلط بآخره. 366- محمد بن أحمد بن بالويه. أبو العبّاس النَّيْسابوريّ، صدر محشم يُلَقَّب: عصيدة. حدَّث عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وغيره. وروى الحديث عنه جماعة. تُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين. 367- محمد بن أحمد بن خُزَيْمة. أبو مَعْمَر البصْريّ. تُوُفّي بمصر سنة ستٍّ أيضًا. وروى عنه: أبو سعيد بن يونس. 368- محمد بن أحمد بن الضّحّاك. أبو بكر الْجَدَليّ إمام جامع دمشق، وابنه إمام جامع دمشق. روى عن: هشام بن عمّار، ومحمد بن رُمْح المصريّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بنٍّ هارون، وأبو أحمد بن النّاصح المفسّر. بقي إلى سنة ستٍّ وتسعين. 369- محمد بن أحمد بن أبي خَيْثَمة زُهَيْر بن حرب1. الحافظ أبو عبد الله ابن الحافظ أبي بكر ابن الحافظ أبي خَيْثَمَة النَّسَائيّ ثمّ البغداديّ. سمع: أباه، ونصر بن عليّ الْجَهْضَميّ، وعَبّاد بن يعقوب الرَّوَاجِنيّ، وأبا حفص الفلّاس، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن كامل، وابن مُقْسم، والطَّبَرانيّ، وغيرهم. قَالَ ابن كامل: أربعة كنت أحب بقاءهم: أبو جعفر الطَّبَريّ، ومحمد بن البربريّ، وأبو عبد الله بن أبي خَيْثَمة، والمَعْمَريّ، فما رأيت أحفظ منهم. وقال الخطيب: كان أبوه أبو بكر يستعين به في عمل التّاريخ.   1 البداية والنهاية "11/ 117"، والمنتظم "6/ 113"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 16". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 158 ومات في ذي القعدة سنة سبعٍ وتسعين. 370- محمد بن أحمد بن يحيى بن قضاء، بالقاف. أبو جعفر البصّريّ الْجَوْهريّ. عن: هُدْبة بن خالد، وعبد الواحد بن غياث، وجماعة. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو الطَّاهر الذُّهَليّ قاضي مصر. وربّما نسبوه إلى جدّه، فقيل: محمد بن قضاء الْجَوْهريّ الرّاوي عن سليمان الشَّاذكونيّ، وغيره. أمّا: محمد بن فَضاء، بالفاء، فقد مرّ في عَشْر السّتّين ومائة. 371- محمد بن أحمد بن كَيْسان1. أبو الحَسَن البغداديّ النَّحْويّ. أخذ عن: البصْريّ، والكوفيين، وبرع في العربية وصنّف التّصانيف. وكان أبو بكر بن مجاهد المقرئ يقول: هو أنحى من الشيخين، يعني: ثعلبًا، والمبرَّد2. وصنّف كتاب "غريب الحديث"، وكتابًا في القراءات، وكتاب "الوقف والابتداء"، وكتاب "المهذَّب في النَّحْو"، وغير ذلك. وتُوُفّي في ذي القعدة سنة تسعٍ وتسعين. قَالَ ابن بُرْهان: قصدت ابن كَيْسان لأقرا عليه كتاب سِيبَويْه، فقال: اذهب به إلى أهله. يعني الزَّجّاج، وابن السّرّاج. 372- محمد بن أحمد بن جعفر بن أبي جميلة3. أبو العلاء الذُّهَليّ الوَكِيعيّ الكوفيّ. نزل مصر. سمع: عاصم بن عليّ، وعليَّ بنَ الْجَعْد، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن الصباح الدولابي، وعلي بن المديني، وأحمد بن صالح المصري، وطبقتهم.   1 البداية والنهاية "11/ 117"، والمنتظم "6/ 114"، وتاريخ بغداد "1/ 235". 2 المنتظم "6/ 114". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 138"، وتهذيب التهذيب "9/ 21"، وتقريب التهذيب "2/ 142"، والنجوم الزاهرة "3/ 181". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 159 روى عنه: أبو سعيد بن يونس وقال: كان ثقة ثبتًا، وحمزة الكِنانيّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، والحسن بن رشيق، وعبد الله بن عديّ الحافظ، والحسين بن الأخضر الأُسْيُوطيّ، ومحمد بن عبد الله بن حيّوَيْه صاحب النَّسائيّ، وأبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعْبان القُرْطُبيّ، وأبو بكر محمد بن عليّ التِّنِّيسيّ، وجماعة. تُوُفّي في جمادى الآخرة سنة ثلاثمائة، وعاش ستًّا وستّين سنة. 373- محمد بن أحمد بن عبد الله العبيدي المصريّ. عُرِف بابن العُرَيْنيّ. عن: زُهير بن عَبّاد. وعنه: حمزة في "مجلس البطاقة". وتُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثلاثمائة. 374- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد. أبو عبد الله بن كَيْسان الواسطيّ. سمع: عبد الرحمن بن إبراهيم دُحَيْمًا، وأحمد بن صالح، والعلاء بن مسلم. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، وأبو محمد بن السّقّا، وأبو بكر الإسماعيليّ، وغيرهم. 375- محمد بن أحمد بن خالد الزُّرَيْقيّ البصْريّ. عن: عبد الله بن مَسْلَمَة القَعْنَبيّ. وعنه: هلال بن محمد، وعبد الله بن عديّ الحافظ. 376- محمد بن أحمد بن مهديّ1. أبو عُمارة البغداديّ. عن: أبي بكر بن أبي شيبة، ولُوَيْن. وفي حديثه مناكير. روى عنه: ابن السّمّاك، وأبو بكر الشّافعيّ، ودَعْلَج. ضعّفه الدّارَقُطْنيّ جدًّا2. 377- محمد بن أحمد بن المُثَنَّى. أبو عبد الله النَّيْسابوريّ الحافظ. سمع: ابن راهَوَيْه، ومحمد بن إبراهيم بن الفُضَيْل، والفلّاس، وعبد الجبّار بن العلاء، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن إسحاق بن إبراهيم.   1 تاريخ بغداد "1/ 360". 2 تاريخ بغداد "1/ 361". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 160 378- محمد بن أحمد بن سُفْيان التِّرْمِذيّ. عن: عُبَيْد الله القواريريّ، وغيره. 379- محمد بن إسحاق بن أَعْيَن1. أبو ربيعة الرّبْعيّ المكّيّ المؤذّن بالمسجد الحرام، المقرئ. قرأ على: البزّيّ، وقُنْبُل. وصنَّف قراءة ابن كثير. وكان من جِلَّة المقرئين. أقرأ في حياة شيخيه. عرض عليه: محمد بن الصّبّاح، ومحمد بن عيسى بُنْدار، وعبد الله بن أحمد البلْخيّ، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق، ومحمد بن الحَسَن النّقّاش، وآخرون. وقال ابن بُنْدار: مات في رمضان سنة أربعٍ وتسعين. 380- محمد بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم الْبَيْهَقِيُّ. أبو العبّاس الزاهد. عن: محمد بن حُمَيْد، وأحمد بن منيع. وعنه: أبو حامد الخطيب، ومحمد بن محمد الْجُرْجانيّ، وجماعة. 381- محمد بن إسحاق المستملي النَّيْسابوريّ. عُرِفَ بالمسوّف. سمع: إسحاق بن أبي شيبة، وطبقته. وعنه محمد بْن صالح بْن هانئ، وأبو الفضل بن إبراهيم. 382- محمد بن إسحاق بن الصّبّاح النَّيْسابوريّ التّاجر. عن: ابن راهَوَيْه، وعَمْرو بن زُرَارة. وعنه: ابن الأخرم، ومحمد بن صالح بن هانئ، وقاسم بن غانم. 383- محمد بن أحمد بن عَبْدُوس2. أبو عبد الملك الربعي، الصوري. عن: إِبْرَاهِيم بْن هشام الغسّانيّ، وصَفْوان بْن صالح، وسُليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل. وعنه: أبو علي بن هارون الأنصاري، والطبراني، وابن عدي.   1 غاية النهاية "2/ 99". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 41". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 161 384- محمد بن أسد بن يزيد1. الزَّاهد المُعَمَّر أبو عبد الله المَدِينيّ الأصبهانيّ. سمع: مجلسًا من أبي داود الطَّيَالِسي، وتفرّد في الدُّنيا بالسَّماع منه. وروى حديثًا واحدًا عن هزيمة بن عبد الأعلى. وعاش نحو المائة أو جاوزها، وَأُقْعِدَ. وكان ممّن طال عمره وحسُن عمله. وقيل: كان مُجاب الدَّعوة. روى عنه: أبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ، وأحمد بن بُنْدار، وأبو الشَّيخ. وتُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. وهو ممّن عاش بعد تاريخ سماعه تسعين سنة، وَهُمْ قليل. قَالَ أبو عبد الله بن مَنْدَه: محمد بن أسد الأصبهانيّ، حدَّث عن الطَّيَالِسيّ بمناكير. 385- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد المَرْوَزِيّ2. القاضي أبو الحَسَن بن راهوَيْه. سمع: أباه، وعلي بن حُجْر وأحمد بن حنبل، وعلي بن المَدِينيّ، وأبا مُصْعَب، وطائفة. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وابن قانع، وأحمد بن خُزَيْمة، وأحمد بن جعفر بن مسلم، وسليمان الطَّبَرانيّ. وكان من الفقهاء والعلماء. ولي قضاء مَرْو. ثم قضاء نَيْسابور. وقد تُوُفّي والده وهو غائب في الرّحلة. قَالَ أبو عبد الله بن الأخرم الحافظ: سمعته يقول: دخلتُ على أحمد بْن حنبل فَقَالَ: أنت ابن أبي يعقوب؟ قلت: نعم. قَالَ: أما إنّك لو لزِمْتَه كان أكثر لفائدتك. فإنك لن ترى مثله. يقول الحاكم إن أبا الحسن تُوُفّي بمَرْو، وهذا وهْم. فإنّ ابن المنادي، وابن قانع قَالَ: قَتَلَتْه القرامطة بطريق مكة سنة أربع وتسعين.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 251"، وسير أعلام النبلاء "13/ 534". 2 الجرح والتعديل "7/ 169"، سير أعلام النبلاء "13/ 544"، والبداية والنهاية "11/ 102"، وميزان الاعتدال "3/ 476". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 162 386- محمد بن إسحاق بن مَلَّة1. أبو عبد الله الأصبهانيّ المسوحيّ. سمع الكثير من: لُوَيْن، وطبقته. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ. 387- ومحمد بن إسحاق المسوحي2. آخر أَقْدَمُ من هذا. سمع: مسلم بن إبراهيم، وأبا الوليد، وعَمْرو بن مرزوق، والقَعْنَبيّ، وأبا سَلَمَةَ التَّبُوذكيّ، وسهل بن عثمان، وعدّة؛ وكان من الحُفّاظ المشهورين. روى عنه: ابن أبي حاتم وقال: هو صَدُوق. 388- محمد بن إسماعيل المقرئ الزّاهد3. أحد مشايخ الصُّوفيّة. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين ومائتين ودُفِن مع شيخه عليّ بن رَزِين الزّاهد الصُّوفيّ على طُور سَيْناء. 389- محمد بن إسماعيل بن مِهْران4. الحافظ أبو بكر الإسماعيليّ النَّيْسابوريّ لا الْجُرْجانيّ. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، وعبد الله بن الجرّاح، وهشام بن عمّار، وطبقتهم. وعنه: عبد الله بن صالح، وأبو عبد الله بن الأخرم، وجماعة. وكان له أحد أركان الحديث بنَيْسابور. له مصنَّفات مُجَوَّدة. قَالَ الحاكم: جمع حديث الزُّهْريّ وجَوَّده، وكذلك حديث مالك، ويحيى بن سعيد، وموسى بن عُقْبة. وبقي مريضًا ستّ سنين. عهِدْتُ مشايخَنا لا يصحّحون سماعَ مَنْ سَمِع منه في المرض، فإنه كان لا يقدر أن يحرِّك لسانه إلّا بلا. فكان إنْ قِيلَ له: كما قرأنا عليك، قَالَ: لا لا لا، ويحرك رأسه بنعم.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 222". 2 الجرح والتعديل "7/ 169". 3 المنتظم "6/ 113"، والبداية والنهاية "11/ 117". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 117"، وميزان الاعتدال "3/ 485"، والعبر "2/ 103". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 163 وأمّا عبد الله بن سعد، فحدَّثني أنّه كان ما يقدر أن يحرّك رأسه، وقال: لم يصحّ عنه إلّا حديث واحد، فإنّي قرأته عليه غير مرّة، إلى أن أشار بعينه إشارةً، فهمتها عنه أَنْ نعم. قَالَ الحاكم: تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين فِي ذي الحجة. 390- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عامر1. أبو بكر الرُّقّيّ التّمّار. سكن بغداد، وروى عن: أحمد بن سِنان الواسطي، والسري السقطي. وعنه: أبو عمرو بن السماك. بقي إلى بعد التّسعين ومائتين. 391- محمد بن إسماعيل التَّميمي الأصبهانيّ2. عن: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، وغيره. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 392- محمد بن أسلم3. أبو عبد الله اللّارديّ4 الأندلسيّ. رحل وسمع: يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان الجيزي، ومحمد بن عزيز. تُوُفّي بالأندلس سنة خمسٍ وتسعين. 393- محمد بن أيّوب بن ضُرَيْس5. أبو عبد الله البَجَليّ الرازي. شيخ الري ومسندها. وله في حدود المائتين. وسمع: مسلم بن إبراهيم، والقعنبي، ومحمد بن كثير العَبْديّ، وموسى بن إسماعيل، وأبا الوليد، وطبقتهم. وعنه: ابن أبي حاتم ووثَّقه، وعلى بن شَهْريار، وأحمد بن إسحاق بن مِنْجاب الطّيّبيّ، وإسماعيل بن نُجَيْد، وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وخلْق كثير.   1 تاريخ بغداد "2/ 45". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 275". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 20". 4 في الأصل "الأزدي" هو تصحيف. 5 سير أعلام النبلاء "13/ 449"، والجرح والتعديل "7/ 198". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 164 تُوُفّي في يوم عاشوراء سنة أربعٍ وتسعين بالرّيّ. وله كتاب "فضائل القرآن" في أربعة أجزاء سمعناه. وآخر من روى حديثه عاليًا أبو الرَّوْح الهَرَويّ، وكان ذا معرفة وحِفْظ، وعُلُوّ رواية. وقد أورد ابن عُقْدة وفاته في يوم عاشوراء سنة خمسٍ، والأوّل أصحّ. وثّقه الخليليّ، وقال: هو محدِّث. وجَده يَحْيَى، من أصحاب سُفْيان الثَّوريّ. 394- محمد بن بُنْدار بن سهل الأستراباذيّ. عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 395- محمد بن جعفر بن أَعْيَن1. أبو بكر البغداديّ. عن: عفّان، وعاصم بن أبي عليّ، وأبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن عبد الله بن حَيَّوَة النَّيسابوريّ، وجماعة من المصريّين. وكان ثقة. قاله الخطيب. وتُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 396- محمد بن جعفر بن محمد2. أبو بكر الأمام الرَّبَعيّ الحنفيّ البغداديّ. نزيل دِمياط. سمع: إسماعيل بن أبي أويس، وأحمد بن يونس اليربوعي، وغيرهما، وعلي المَدِينيّ، وهذه الطبقة. وعنه: ن. وقال: ثقة، وأبو علي بن هارون، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر علي النقاش، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون. توفي سنة ثلاثمائة يوم عيد النحر. 397- محمد بن جعفر. أبو عمر الكوفي القتات3.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 85"، وسير أعلام النبلاء "13/ 566". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 90"، وسير أعلام النبلاء "13/ 568"، وتهذيب التهذيب "9/ 95"، وتقريب التهذيب "2/ 150". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 567"، ميزان الاعتدال "3/ 501"، وتاريخ بغداد "2/ 192"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 23". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 165 سمع: أبا نعيم، وأحمد بن يونس، وجماعة. وعنه: أبو بكر الشافعي، ومحمد بن عمر الجعابي، والحسن بن جعفر الخرقي السمسار، وسليمان الطبراني. قَالَ الخطيب: كان ضعيفًا، تكلّموا في سماعه من أبي نُعَيْم. تُوُفّي ببغداد في جمادى الأولى سنة ثلاثمائة. وهو أخو الحسين بن جعفر بن محمد بن حبيب. 398- محمد بن جُنَادة بن عبد الله الإلهانيّ الأندلسيّ الإشْبيليّ1. روى عن: يحيى بن يحيى، وعثمان بن أيّوب. ورحل فسمع من: أبي الطّاهر أحمد بن السَّرْح، وَسَلَمَةَ بن شبيب، ويونس بن عبد الأعلى. وولي قضاء إشبيلية، وطال عمره ورحلوا إليه. روى عنه: محمد بن قاسم، وغيره. تُوُفّي في سنة ستٍّ وتسعين. 399- محمد بن حاتم بن نُعَيْم المَرْوَزِيّ ثم المِصِّيصيّ2. عن: نُعَيْم بن حمّاد، وسُوَيْد بن نصر، وحيّان بن موسى، وإسحاق بن يونس المَرْوَزِيّين، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ. وعنه: ن. وَالعَقِيلِيُّ، وابن عَدِيّ، والطبراني، وآخرون. وثقه النسائي. 400- محمد بن حامد بن السري. أبو الحسين المروزي خال السني. قدم دمشق وحدَّث بها عن: نصر بن عليّ الْجَهْضَمي، وأبي حفص الفلّاس، والحسن بن عَرَفة، وطبقتهم. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وعبد الله بن النّاصح. وكان ثقة. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. له كتاب في السنة وَقَعَ لنا.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 21". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 5"، وتاريخ بغداد "2/ 269"، تهذيب التهذيب "9/ 102"، وتقريب التهذيب "2/ 152". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 166 401- محمد بن حبيب1. أبو عبد الله البزاز. عن: أحمد بن حنبل، وشجاع بن مَخْلَد. وعنه: الحَسَن بن أبي العنْبر، وغيره. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. وقد أثنى عليه أبو بكر الخلّال الحنبليّ، وروى عن رجل، عنه. وكان أحد الفقهاء. وآخر من روى عنه أبو جعفر بن ثرية الهاشميّ. 402- محمد بن الحسن. أبو الحسين الخُوارزميّ صاحب الفرس2. حدَّث بالموصل عن: يحيى بن هاشم السمسار، وعليّ بن الْجَعْد. وعنه: مُكْرَم القاضي، ويزيد بن محمد بن إياس وقال: فيه لِين. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 403- محمد بن الحَسَن بن سماعة الحضرميّ الكوفيّ3. عن: أبي نُعَيْم. وعنه: محمد بن عمر الْجِعابي، وأبو بكر الإسماعيليّ، والحَسَن بن جعفر الرَّقّيّ، وجماعة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ. قلت: تُوُفّي في جُمادَى الأولى سنة ثلاثمائة. وبينه وبين القبّاب في الوفاة أيّام. وهو أسن من القبّاب. 404- محمد بن الحَسَن بن الفَرَج الهَمْدانيّ4. عن: عبد الحميد بن عاصم، وكامل بن طلحة، وشيبان بن فَرُّوخ، وله مُسْنَد. وعنه: جعفر الخُلْديّ، والجِعَابي، وابن قانع، وعبد الرحمن بن عُبَيْد. وكان حافظًا نبيلًا.   1 طبقات الحنابلة "1/ 293". 2 تاريخ بغداد "2/ 186". 3 تاريخ بغداد "2/ 188". 4 تاريخ بغداد "2/ 188". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 167 405- محمد بن الحسين بن عُمارة النَّيْسابوريّ المقرئ. عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وغيره. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 406- محمد بن الحسين. أبو العبّاس البغدادي الأنماطيّ1. عن: سَعْدُوَيْه، ويحيى بن مَعِين. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وابن خلّاد النَّصِيبيّ، والطَّبَرانيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 407- محمد بن الحسين بن حبيب القاضي. أبو حُصَيْن الوادعيّ الكوفيّ2. سمع: أحمد بن يونس، وجَنْدل بن وَالق، ويحيى الحِمّانيّ، وعَوْن بن سلّام، وطبقتهم. طال عُمره، وصنّف "المُسْنَد". روى عنه: عثمان بن السّمّاك، وأبو بكر النّجّاد، وجعفر بن محمد بن عَمْرو، وأبو بكر عبد الله الطّلْحيّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وطائفة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. ومات بالكوفة في رمضان سنة ستٍّ وتسعين. 408- محمد بن الحسين3. أبو عبد الله الأصبهانيّ الخُشُوعيّ الزّاهد، شيخ الوَرِعين والقرّاء. كتب الكثير من العلم، وروى اليسير. وعنه: أبو مسلم محمد بن بكر الغزّال، وعبد الرحمن بن محمد بن سِياه الواعظ. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: كانت العبادة حِرْفَتُه، والتَّلَذُّذ بالعَبْرة شَهْوَتُه، وله الكلام البليغ في تأديب النساك4.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 9"، وتاريخ بغداد "2/ 227"، والمنتظم "6/ 41". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 21"، وسير أعلام النبلاء "13/ 569"، والبداية والنهاية "11/ 110". 3 ذكر أخبار أصبهان "2 236"، وحلية الأولياء "10/ 406". 4 حلية الأولياء "10/ 406". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 168 تخرَّج به أبو الحَسَن عليّ بن أحمد الأسواريّ، وأبو بكر محمد بن عُبَيْد الله بن المَرْزُبان الواعظ، ومن بعدهما. ثمّ ذكر شيئًا مِن مَوَاعِظه. 409- محمد بن حنيفة بن ماهان1. أبو حنيفة القَصَبيّ الواسطيّ. نزل بغداد وحدَّث. عن: خالد بن يوسف السَّمْتيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، ومحمد الباقَرْحيّ، وجماعة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ: حدَّث سنة سبْعٍ وتسعين. 410- محمد بن حيان. أبو العبّاس المازنيّ البصْريّ. عن: عَمْرو بن مرزوق، وأبي الوليد، ومسدَّد، وجماعة. وعنه: فاروق الخطابي، ودَعْلَج، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة. 411- محمد بن خُشْنام. أبو بكر البلْخيّ. عن: قُتَيْبة بن سعيد. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 412- محمد بن داود بن بُنْدار. أبو عبد الله الفارسيّ. سمع: قُتَيْبَة بن سعيد، وغيره. وروى بجُرْجان. سمع منه: ابن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ونُعَيْم بن عبد الملك، وآخرون. حدَّث سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وهو صدوق. 413- محمد بن داود بن الجرّاح2. أبو عبد الله. من سَرَوَات البغداديّين، وهو عمّ الوزير عليّ بن عيسى. كان كاتبًا عارفًا بالأخبار وأيّام النّاس ودُوَل الملوك، لَهُ في ذلك مصنَّفات. روى عن: عَمْر بن شَبَّة، وعُبَيْد الله بن سعْد الزُّهْريّ، وطبقتهما.   1 تاريخ بغداد "2/ 296". 2 تاريخ بغداد "5/ 255"، والبداية والنهاية "11/ 110"، والعبر "2/ 104". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 169 وعنه: عمر بن الحَسَن الأشْنانيّ القاضي، وسليمان الطَّبَرانيّ. وقُتل كما تقدّم مع ابن المعتزّ سنة ستٍّ. 414- محمد بن داود بن عليّ بن خَلَف1. الإمام البارع أبو بكر بن الإمام أبي سليمان الأصبهانيّ، ثمّ البغداديّ الظّاهريّ الفقيه الأديب، مصنِّف كتاب "الزّهْرة". يروى عن: أبيه، وعبّاس الدُّوريّ، وغيرهما. وعنه: نِفْطَوَيْه، والقاضي أبو عَمْرو محمد بن يوسف، وجماعة. وكان من أذكياء العالم. جلس للْفُتْيا بعد والده، وناظَرَ أبا العبّاس بن سُرَيْج. قَالَ القاضي أبو الحَسن الدّاوُديّ: لمّا جلس محمد بن داود للفتوى بعد وفاة والده استصغروه، فدسّوا عليه من سأله عن حَدِّ السُّكْر ما هو؟ ومتى يكون الإنسان سَكْران؟ فَقَالَ: إذا غَرُبَتْ عنه الهُموم، وباحَ بِسِرِّه المكتوم. فَاسْتُحْسِنَ ذلك منه. وقال محمد بن يوسف القاضي: كنت أساير محمد بن داود، فإذا بجارية تغني بشيء من شعره هو: أشكو غليل فؤاد أنت مُتْلِفُهُ ... شكوي عَليلٍ إلى إلفٍ يُعَلِّلُهُ سُقْمي تزيدُ مع الأيامِ كَثْرَتُهُ ... وأنت في عُظم ما أَلْقَى تُقَلِّلُه الله حرَّم قَتْلِي في الهوى سَفَهًا ... وأنت يا قاتِلِي ظُلْمًا تُحَلِّلُهُ2 وعن عبيد الله بن عبد الكريم قَالَ: كان محمد بن داود خصمًا لابن سُرَيْج، وكانا يتناظران ويترادَّان في الكُتُب، فلمّا بلغ ابنَ سُرَيْج موتُ محمد، نحَّى سجّاده وجلس للتعزية وقال: ما آسي إلّا على ترابٍ أكل لسان محمد بن داود3. وقال محمد بن إبراهيم بن سُكَّرَة القاضي: كان محمد بن جامع الصَّيْدلانيّ محبوب محمد بن داود ينفق على محمد بن داود، وما عُرِف معشوق يُنْفِقُ على معشوقه سواه4.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 109-116"، والبداية والنهاية "11/ 110"، والمنتظم "6/ 93". 2 تاريخ بغداد "5/ 258"، والمنتظم "6/ 94"، والبداية والنهاية "11/ 111". 3 تاريخ بغداد "5/ 259". 4 تاريخ بغداد "5/ 260". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 170 ومن شِعره: حملتُ جبال الحبّ فوقي وإنّني ... لأعجز عن حمل القميص وأضعف وما الحبّ من حُسْن ولا من سَمَاجة ... ولكنه شيء به الرّوح تكلف وقال نِفْطَوَيْه النَّحْويّ: دخلت على محمد بن داود في مرضه، فقلت: كيف تجدك؟ قَالَ: حُبَّ من تعلم أورثني ما ترى. فقلت: ما منعك من الاستمتاع به. مع القدرة عليه؟ فَقَالَ: الاستمتاع على وجهين: أحدهما النَّظَر، وهو أورثني ما ترى. والثاني اللّذّة المحظورة، ومنعني منها مَا حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي: ثَنَا سُوَيْدٌ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَهُ قَالَ: "مَنْ عَشِقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ وَصَبَرَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ". ثمّ أنشدَنا لنفسه: أنْظُر إلى السِّحْر يجري في لَوَاحِظِه ... وانْظُر إلى دَعَجٍ في طَرَفِه السّاجي وانْظُر إلى شَعَراتٍ فوق عارِضِهِ ... كأنّهنّ نِمالٌ دَبَّ في عاجِ1 قَالَ نِفْطَوَيْه: ومات في ليلته أو في اليوم الثّاني. رواها جماعة عن نِفْطَوَيْه. قَالَ أبو زيد عليّ بن محمد: كنت عند ابن مَعِين، فذكرتُ له حديثًا سمعته عن سُوَيْد بن سعيد، فذكر الحديث المذكور. فَقَالَ: والله لو كان عندي فَرَسٌ لَغَزَوْتُ سُوَيْدًا في هذا الحديث2. تُوُفّي في رمضان سنة سبْعٍ وتسعين كَهْلًا. وقال ابن حزم: تُوُفّي عاشر رمضان، وله ثلاثٌ وأربعون سنة. قَالَ: وكان من أجمل النّاس وأكرمهم خُلُقًا، وأبلغهم لسانًا، وأنظفهم هيئة، مع الدِّين والوَرَع، وكل خلّة محمودة. مُحَبَّبًا إلى النّاس، حفظ القرآن وله سبْع سِنين، وذكر الرّجال بالأدب والشِّعر، وله عشر سِنين. وكان يشاهد في مجلسه أربعمائة محبرة.   1 تاريخ بغداد "5/ 262". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 113". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 171 وله من التواليف: كتاب "الإنذار والأعذار"، و"النقض" في الفقه، وكتاب "الإيجاز"، مات ولم يكلمه، وكتاب "الانتصار من محمد بن جرير الطَّبَريّ"، وكتاب "الوصول إلى معرفة الأصول"، وكتاب "اختلاف مصاحب الصّحابة"، وكتاب "الفرائض والمناسك". رحمه الله. وقال أبو عليّ التّنُوخيّ: حدَّثني أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بن عَبْد الله بن البَخْتَريّ الدّاوديّ: حدَّثني أبو الحَسَن بن المُغَلِّس الداودي قال: كان محمد بن السَّرِيّ بن سهل: أبو بكر البزاز السامراني عن بشر بن الوليد وغيره ابن قانع والطبراني وكان ثقة توفي في سنة إحدى وتسعين بسامراء محمد بن داود، وابن سُرَيْج إذا حضرا مجلس أبي عمر القاضي لم يجرِ بين اثنين فيما يتفاوضانه أحسن ممّا يجري بينهما. فسأل أبا بكر حَدَثٌ من الشّافعية عن العَوْد المُوجِب للكَفّارة في الظِّهار، ما هو؟ فَقَالَ: إعادة القول ثانيًا، وهو مذهبه ومذهب أبيه. فطالبه بالدّليل، فشرع فيه. فَقَالَ ابن سُريج: هذا قولُ مَن مِن المسلمين؟ فاستشاط أبو بكر وقال: أتظنّ أنّ من اعتقدت قولهم إجماعًا في هذه المسألة، عندي إجماع؟ أحسنُ أحوالهم أن أعدهم خلافًا. فغضب وقال: أنت بكتاب "الزّهرة" أمهر منك بهذه الطّريقة. قَالَ: والله ما تُحسن تَسْتَتم قراءته، قراءة من يفهم، وإنه لمن أحد المناقب لي إذ أقول فيه: أكرّرُ في رَوْض المحاسن مُقْلَتي ... وأمنع نفْسي أن تنال مُحَرَّمًا وَيَنْطِقُ سِرّي عن مُتَرْجَم خاطري ... فَلَوْلا اخْتلاسي ردَّه لَتَكَلَّما رأيت الهوى دعْوى من النّاس كلِّهِم ... فما إنْ أرى حُبًّا صحيحًا مُسلَّما فَقَالَ ابن سُرَيْج: فأنا الّذي أقول: ومشاهدٍ بالغُنْج من لحَظَاته ... قد بِتُّ أمنعُهُ لَذيذَ سُباتِهِ ضَنًّا بحُسْن حديثه وعِتابِهِ ... وأكرّر اللَّحَظَاتِ في وجَناته حتّى إذا ما الصُّبح لاح عَمُودُهُ ... وَلَّى بخاتم رَبِّه وبراتِهِ فَقَالَ أبو بكر: أيّد الله القاضي، قد أقرّ بحالٍ، ثمّ ادعى البراءة ممّا تُوجبه، فعليه البَيِّنَة. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 172 قَالَ ابن سُرَيْج: مذهبي المُقِرُّ إذا أقرّ بصفة كان إقراره موكلًا إلى صفته1. وقد روى عن ابن البَخْتَريّ المذكور أيضًا: إسماعيل بن عبّاد، وكان قاضيًا عالمًا. 415- محمد بن داود بْن عُثْمَان بْن سعيد2. أَبُو عَبْد الله الصَّدَفيّ، مولاهم المصريّ. عن: أبي شَرِيك يحيى بن يزيد المِراديّ، ومحمد بن رُمْح، وجماعة. وعنه: حمزة الكِنانيّ، وسليمان الطَّبَراني. تُوُفّي في ربيع الأوّل سنة سبْعٍ أيضًا. 416- محمد بن داود بن مالك3. أبو بكر الشُّعَيْريّ الحافظ. عن: عبد الملك بن عبد ربّه، وهارون بن سُفيان المستملي. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وجماعة. مات بطريق مكّة سنة سبْعٍ أيضًا. 417- محمد بن رزين بن جامع4. أبو عبد الله الأمويّ، مولاهم العدْل المصريّ. عن: سعيد بن منصور، والهيثم بن حبيب، وسُفيان بن بِشْر، وإبراهيم بن المنذر الحِزاميّ، وأبي مُصْعَب الزُّهْريّ، وطائفة. وعنه: عليّ بن محمد الواعظ والطَّبَرانيّ، والحَسَن بن رشيق. 418- محمد بن رَوْح بن شِبْل. أبو الفضل المصريّ الْجَوْهريّ الأحوْل. روى عن: محمد بن رمْح، وجماعة. وعنه: ابن يونس وقال: مات في شوال سنة ثلاثمائة. 419- محمد بن السَّرِيّ بن سهل. أبو بكر البزاز السامري. عن: بشر بن الواليد وغيره.   1 تاريخ بغداد "5/ 261". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 82"، وفيه "محمد بن داود بن أسلم". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 18"، وتاريخ بغداد "3/ 307". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 71". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 173 وعنه ابن قانع والطَّبَرانيّ. وكان ثقة. تُوُفّي في سنة إحدى وتسعين بسامرّاء. 420- محمد بن السَّريّ بن سهل. أبو بكر القنطريّ1. عن: محمد بن بكّار بن الرَّيّان، وعثمان بن أبي شيبة. وعنه: أحمد بن جعفر بن سُلَيْم، ومَخْلَد بن جعفر، وجماعة. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 421- محمد بن السَّريّ بن مِهران النّاقد. بغداديّ، ثقة2. سمع: إبراهيم بن زياد، ويوسف بن موسى القطّان. وعنه: ابن قانع، والطَّبَرانيّ، وغيرهما. 422- محمد بن سعد بن مُقَرِّن3. أبو عبد الله الأصبهانيّ الْمُعَدَّلُ. سمع: سليمان الشّاذكُونيّ، وسهل بن عثمان العسكريّ، وأبا الرّبيع الزُّهْرانيّ. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، ومحمد بن عُبَيْد الله بن المرزبان. حدث سنة ثلاثمائة. 423- محمد بن سعيد الطَّبَريّ الأزرق4. عن: هُدْبَةَ، وسُرَيج بن يونس، وغيرهما. قَالَ ابن عديّ: كان يضع الحديث. مات سنة تسعين. 424- محمد بن سعيد بن غالب الإفريقيّ. يروى عن: سَحْنُون بن سعيد الفقيه، وغيره. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 425- محمد بن سليمان بن حمّاد. أبو نصر الأسْتَرَاباذيّ: شيعيّ صَدُوق. رحل وروى عن: يونس بن عبد الأعلى، وطبقته. وعنه: أبو نُعَيْم بن عديّ، ومحمد بن إبراهيم بن زكرويه. مات سنة تسع وتسعين.   1 تاريخ بغداد "5/ 318"، والمنتظم "6/ 114"، والكامل في التاريخ "8/ 67". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 16"، وتاريخ بغداد "5/ 318". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 250". 4 ميزان الاعتدال "3/ 565"، ولسان الميزان "5/ 177"، والمغني في الضعفاء "2/ 586"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 64". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 174 426- محمد بن سليمان بن خالد النّيْسابوريّ. عن: عليّ بن حُجْر، ومحمد بن زُنْبُور المكّيّ. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين. 427- محمد بن سليمان بن تَلِيد1. أبو عبد الله المَعَافِريّ الأندلسيّ الوَشْقيّ. عن: سَحْنُون بن سعيد، ومحمد بن أحمد العُتْبيّ، وابن مَطْرُوح، وجماعة. وكان مُفْتيًا فاضلًا مالكيًا، إلا أنّه كان يذهب في الأشربة مذهب الكوفيّين. وولى قضاء مدّة. تُوُفّي سنة ستٍّ. 428- محمد بن سِنان بن سَرْج، بالجيم2. القاضي أبو جعفر الشَّيْزريّ. عن: عبد الوهّاب بن نَجْدَة، وهشام بن عمّار، وأبي نُعَيْم الحلبيّ، وجماعة. وقرأ بحرف شَيْبة بن نصاح، على عيسى بن سليمان الشّيرازيّ صاحب الكِسائيّ. قرأ عليه: أبو الحسن بن شَنَبُوذ، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق الأنطاكيّ، ومحمد بن عبد الله الرّازيّ. وحدَّث عنه: ابنه إسماعيل، وأبو جعفر الطَّحَاويّ، وأبو علي بن هارون، وأبو القاسم الطبراني، وجماعة. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 429- محمد بن شُعَيب الأصبهانيّ التّاجر3. عن: عبد الرحمن بن سَلَمَةَ، وعبّاس بن إسماعيل، وأحمد بن إبراهيم الزَّمعيّ، والثلاثة لا أعرفهم. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو إسحاق بن حمزة، والطَّبَرانيّ، وأبو الشيخ. توفي سنة ثلاثمائة. 430- محمد بن شَيْبَة بن الوليد الدّمشقي. عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي دجانة، وجمح بن القاسم المؤذن.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 21". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 44"، وغاية النهاية "2/ 150". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 50"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 252". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 175 431- محمد بن صالح بن يونس النَّيْسابوريّ. عن: إسحاق بن راهويه، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة. 432- محمد بن الصّبّاح النَّيْسابوريّ الخيّاط1. عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وبِشْر بن الحَكَم. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 433- محمد بن طاهر بن الحسين بن مُصْعَب. الأمير أبو عبد الله الخُزَاعيّ الطّاهريّ النَّيْسابوريّ، وقيل: كنيته أبو العبّاس. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، ومحمد بن يحيى. وولى إمرة خراسان بعد والده سنة ثمان وأربعين إلى أن خرج عليه يعقوب بن اللَّيْث الصَّفَّار فحاربه، فظفر به يعقوب سنة تسعٍ وخمسين وأسره. وبقي معه في الأسر إلى سنة اثنتين وستّين. فلمّا كانت وقعة الهَرَوايات نجا محمد بن طاهر، ولم يزل مقيمًا ببغداد خاملًا إلى أن مات سنة ثمانٍ وتسعين. ودُفِنَ بجنب عمه محمد بن عبد الله الأمير2. ولا أعلم للبغداديّين عنه روايةً، ولا لغيرهم. ولعلّه جاوز الثّمانين. 434- محمد بن عاصم بن يحيى3. أبو عبد الله الأصبهانيّ الفقيه الشّافعيّ، وابن وهْب. وعن: عليّ بن حرب، وَسَلَمَةَ بن شبيب. وعنه: أحمد بن بُنْدار، وأبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ. قَالَ أبو الشّيخ: صنَّف كُتُبًا كثيرة، وتفقه على مذهب الشّافعيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 435- محمد بن العبّاس بن الوليد4. أبو سعيد الدّمشقيّ الخيّاط، نزيل جرجان.   1 البداية والنهاية "11/ 111"، والعبر "2/ 112"، والنجوم الزاهرة "2/ 328". 2 تاريخ بغداد "5/ 377". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 52-54"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 233". 4 تاريخ جرجان للسهمي "413". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 176 عن: هشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: أبو حاتم بن حبّان، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو أحمد بن عديّ. قَالَ حمزة السَّهْميّ: تُوُفّي بعد التّسعين ومائتين. 436- محمد بن العبّاس الْجُمحيّ البْصريّ. لما عُزِل أبو زُرْعة محمد بن عثمان عن قضاء دمشق، ولى هذا القضاء، وَشُكِرَتْ سيرته. ولما تُوُفّي أعيد إلى القضاء أبا زُرْعة. تُوُفّي الْجُمَحّي سنة سبْعٍ وتسعين. قَالَ ابن عساكر1: بَلَغَني أنّ أبا الحَسَن محمد بن عليّ الماوَرْديّ كتب إلى الْجُمَحّي يُعاتبه بهذه الأبيات: عزيزٌ على مُشفِقٍ أن يراك ... قريبًا لمن لستَ من شَكْلِهِ وأنت الّذي لو تأمَّلْتَهُ ... لأكْبَرْتَ قَدْرك عن مثلهِ فهَبْكَ رَضِيتَ قضاءَ الشّام ... وصرت رئيسًا على أهلهِ ألست تعلم بأنّ الْفَنَاءَ ... على آدم وعلى نَسْلِهِ فماذا تقول إذا ما دُعيتَ ... إلى مَجْمَعٍ ماجَ من حَفْلهِ وقيل: هَلُمُّوا بأشياعكم ... وبالْجُمَحِيّ على رِسْلِهِ 437- محمد بن عبد الله بن مصعب الخطيب الأصبهاني2. أبو عبد الله المقرئ. أحد الموصوفين بحُسْن الصَّوت وتجويد القرآن، وأَمَّ مدّةً بجامع أصبهان. وروى عن: مقرئ أصبهان محمد بن عيسى. وحدَّث عن: عبد الله بن عِمران العابديّ، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ، وعبد الجبّار بن العلاء. وعنه: عبد الرحمن بن محمد بن سِياه، وأبو الشيخ. وتوفي سنة إحدى وتسعين.   1 تاريخ دمشق "38/ 155". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 219". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 177 438- محمد بن عبد الله بن سليمان1. الحافظ أبو جعفر الحضرميّ الكوفيّ مُطَيَّن. دخل على أبي نُعَيْم وهو صبيّ، وكان جارهم بالكوفة. وسمع من: أحمد بن يونس الحريريّ، وعلي بن حكيم الأَوْديّ، وسعيد بن عَمْرو الأشعثيّ، وخلْق كثير. وكان أحد أوعية العلم. وعنه: أبو بكر النّجّاد، والطَّبرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وعلي بن عبد الرحمن البكّائي، وعلي بن حسّان الزّمّميّ، وطائفة. سئُل عنه الدّارَقُطْنيّ فَقَالَ: ثقة جَبَل. قلت: تُوُفّي في ربيع الأول سنة سبْعٍ وتسعين. ووُلِد سنة اثنتين ومائتين؛ وقد صنف "المسند" و"التاريخ"، وغير ذلك. قَالَ أبو بكر بن أبي آدم الحافظ: كتبت عن مُطَين مائة ألف حديث. قَالَ الخليليّ، وذكر مُطَيَّنًا في شيوخ القطّان: حافظ ثقة. سمعت جماعة يقولون: سمعنا جعفر بن محمد الخُلْديّ يقول: قلت لأبي جعفر الحضرميّ: لِمَ سُمِّيت "مُطَيِّنًا؟ "2 قَالَ: كنت صبيًا ألعب مع الصّبيان، وكنت أطْوَلَهم، فندخل الماء ونخوض، فيُطَيِّنون ظَهْري. فبصرني يومًا أبو نُعَيْم، فلمّا رآني قَالَ: يا مُطَيِّن، لِم لا تحضر مجلس العلم؟ قَالَ: فاشتهر ذلك. فلمّا اشتغلت بالحديث مات أبو نُعَيْم، ففاتني، ولكنني كتبت عن نحو خمسمائة شيخ. 439- محمد بن عبد الله بن بكّار بن أبي هُرَيرة. أبو بكر السُّلَميّ الدّمشقيّ. عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وأبو أحمد عبد الله بن النّاصح. 440- محمد بن عبد الله بن الجعد الهمداني البزي.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 21"، سير أعلام النبلاء "14/ 41"، والنجوم الزاهرة "3/ 171". 2 زيادة على الأصل في سير أعلام النبلاء "14/ 42" "لم لقبت بهذا؟ ". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 178 عنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حمّاد، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وسَهْل بن عثمان. وعنه: أحمد بن محمد بن صالح، والهمدانيّون. 441- محمد بن عبد الله القَرْمَطيّ1. عن: يحيى بن سليمان بن نَضْلة، وبكر بن عبد الوهّاب. وعنه: الطَّبَرانيّ، والْجَعابي. 442- محمد بن عبد الله بن الغاز بن قيس2. أَبُو عَبْد اللَّه القُرْطُبيّ. روى عَن: أبيه؛ ورحل فأخذ شيئًا كثيرًا من العربيّة والأخبار عن: أبي حاتم السَّجِسْتاني، وأبي الفضل العبّاس بن الفَرَج الرّياشيّ، وعبد الله بن شبيب الربعي، وجماعة. وجلب إلى الأندلس علما كثيرا من الغرائب والشعر، وقد حج في سنة خمس وتسعين، وتوفي فيها أو بعدها. 443- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن معاوية الكلاعي التميمي. روى عن: إسحاق بن محمد الفَرَويّ. تُوُفّي سنة " ... "3 وتسعين. 444- مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن إِبْرَاهِيم بْن شبيب4. أبو بكر الأصبهانيّ المقرئ. سمع: عثمان بن أبي شيبة، وداود بن رُشَيْد، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأبا هَمَّام السَّكُونيّ، وعبد الله بن عمر مُشْكدانة. وقرأ لِوَرْش على: عامر الحرشيّ، وسليمان ابن أخي الرشديين، وعبد الله بن داود بن أبي طيبة، وجماعة. وتصدَّر للإقراء مدّةً، فقرأ عليه جماعة. وسمع القراءة منه آخرون.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 73-75". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 22". 3 في الأصل بياض. 4 غاية النهاية "2/ 169". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 179 ولقد بالغ في تعظيمه أبو عَمْرو الدّانيّ فَقَالَ: هو إمام عصره في رواية وَرْش. لَم ينازعه في ذلك أحدٌ من نُظَرائه. وحدَّثني فارس بن أحمد: سمعت عبد الباقي بن الحسن يقول: قَالَ محمد بن عبد الرحيم: رحلت إلى مصر ومعي ثمانون ألف درهم، فأنفقتها على ثمانين ألف خَتْمَةٍ. وسمعت القراءة على يونس بن عبد الأعلى. قَالَ الدّانيّ: روى عنه القراءة: ابن مجاهد، وعبد الله بن أحمد البلخي، ومحمد بن يونس، وإبراهيم بن جعفر الباطَرْقانيّ، وإبراهيم بن عبد العزيز الفارسيّ، وعبد الله بن أحمد المطرِّز. قَالَ: ومات ببغداد. قلت: وممّن قرأ عليه هبة الله بن جعفر شيخ الحَمّاميّ. وكان من أئمّة القرّاء بأصبهان. روى عنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب المقرئ. تُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين. وقد تقدَّم ذِكر محمد بن إبراهيم بن شبيب الأصبهانيّ، وكان عَمّهُ. 445- محمد بن عبد العزيز بن ربيعة. أبو مُلَيْك الكِلابي الكوفيّ. عن: أبي كُرَيْب، وغيره. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وجماعة. وثّقه الدَّارقُطْنيّ وحده. وهو محمد بن ربيعة مشهور، من طبقة وكيع. روى عن أبي مُلَيْك شيوخ قزوين. 446- محمد بن عبد بن عامر1. أبو بكر التّميميّ السمرقندي. أحد المتروكين.   1 تاريخ بغداد "2/ 386-390"، ميزان الاعتدال "3/ 633"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 73". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 180 روى عن: يحيى بن يحيى، ومحمد بن سلام البيكَنْديّ، وقُتَيْبة، وعصام بن يوسف أحاديث باطلة. روى عنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وجماعة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: كان يكذب ويضع. 447- محمد بن عبد الملك1. أبو بكر التاريخي السراج. كان ذا عناية زائدة بالتّواريخ، وحدَّث عن: الحَسَن الزَّعْفَرانيّ، وأحمد بن منصور الرّماديّ. روى عنه: أبو طاهر الذُّهْليّ قاضي مصر. وسأكرره. 448- محمد بن عَبْدُوس بن كامل2. أبو أحمد السُّلَميّ السّرّاج البغداديّ الحافظ. سمع: عليّ بن الْجَعْد، وداود بن عَمْرو الضَّبّيّ، وأبا بكر بن أبي شيبة، وأبا معمر الهُذَليّ، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وخلْقًا كثيرًا. وعنه: رفيقه أبو القاسم البَغَويّ، وأبو بكر النّجّاد، وجعفر الخُلْديّ، ودَعْلَج، والطَّبَرانيّ، وابن ماسيّ، وطائفة. قَالَ ابن المنادى: كان كالأخ لعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومن المعدودين في الحفظ أَكْثَرَ عنه النّاس لدقّته وضبطه3. قَالَ: وتُوُفّي في آخر رجب سنة ثلاثٍ وتسعين. 449- محمد بن عُبَيْد الله بن مرزوق4. أبو بكر البغداديّ الخطيب الخلّال القاضي. روى عن: عفّان بن مسلم أحاديث مستقيمة سوى حديثٍ واحد تفرَّد به عن عفّان، وهو موضوع. وعنه: سبطه عمر بن محمد بن حاتم: وإسماعيل الخُطَبيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة خمس وتسعين ومائتين.   1 تاريخ دمشق "2/ 348". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 10"، وتاريخ بغداد "2/ 380"، والمنتظم "6/ 48"، وسير أعلام النبلاء "13/ 531". 3 تاريخ بغداد "2/ 382". 4 تاريخ بغداد "2/ 329". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 181 450- محمد بن عُبَيْد الله بن سُرَيْج بن حُجْر1. أبو عُبَيْدة الذُّهَليّ الشَّيْبانيّ البخاريّ. محدِّث رحَّال. سمع: عَبّاد بن يعقوب الرَّواجنيّ، ومحمد بن سهل بن عساكر، ومحمد بن عبد الله المخزومي الحافظ. وعنه: خَلَف الخيّام، وأحمد بن سهل بن حَمْدَوَيْه. وتُوُفّي في سَمَرْقَنْد سنة سبْعٍ وتسعين. وكان أبوه حافظًا يذاكر بأكثر من ثلاثين ألف حديث. قاله ابن ماكولا. 451- محمد بن عبيد الله الحافظ. المعروف بختن أبو الآذان. سمع: أبا زُرْعة الدّمشقيّ، وعثمان بن خُرَّزاذ، وهذه الطبقة. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الجعابي. 452- محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة2. الحافظ أبو جعفر العبْسيّ الكوفيّ، نزيل بغداد. سمع: أباه، وعَميه أبا بكر3، والقاسم، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وعلي بن المَدِينيّ، ويحيى بن عبد الحميد الحِمّانيّ، ويحيى بن مَعِين، وسعيد بن عَمْرو الأشعثيّ، ومِنْجاب بن الحارث، والعلاء بن عَمْرو الحنفيّ، وخلْقًا سواهم. وعنه: ابن صاعد، وعثمان بن السّمّاك، وإسماعيل الخُطَبيّ، وجعفر الخُلْديّ، وأبو بكر الشافعي، وأبو علي بن الصواف، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، والحسين بن عُبَيْد الدّقاق، وسعد النّاقد، وآخرون. وكان محدِّثًا فَهْمًا واسع الرواية، صاحب غرائب، وله تاريخ كبير لم أره. قال صالح بن محمد جزرة: ثقة4.   1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 275". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 2"، وتاريخ بغداد "3/ 42-47"، والمنتظم "6/ 124"، والبداية والنهاية "11/ 111"، وسير أعلام النبلاء "13/ 21-23". 3 في الأصل "أبا". 4 تاريخ بغداد "3/ 42". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 182 وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا منكرًا فأذكره، وهو على ما وصفه لي عَبْدان، لا بأس به. وأمّا عبد الله بن أحمد بن حنبل فَقَالَ: كذّاب. وقال عبد الرحمن بن خِرَاش: كان يضع الحديث. وقال مُطَيَّن: هو عصا موسى يَتَلَقَّف ما يأفكون1. وقال الدَارَقُطْنيّ: يقال إنّه أخذ كتاب غير محدِّث2. وقال البرقانيّ: لم أزل أسمع الشيوخ يذكرون أنّه مقدوحٌ فيه3. تُوُفّي في جُمَادى الأولى سنة سبْعٍ وتسعين. 453- محمد بن عثمان بن سعيد بن عبد السلام بن أبي السِّوار. أبو الحسن المصريّ. سمع: عبد الله بن صالح الكاتب. وعنه: حمزة الكِنانيّ، والحَسَن بن رشيق، وأبو سعيد بن يونس. وقال: لم يكن ثقة. تُوُفّي سنة سبْعٍ أيضًا. 454- محمد بن عثمان بن أبي سُوَيْد البصْري الذارع4. عن: عثمان بن الهيثم المؤذنّ، وسعيد بن سلّام العطّار، والقَعْنَبيّ، ومسلم بن إبراهيم السِّيرينيّ، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الطّاهر الذُّهَليّ، وجماعة. كنيته أبو عثمان، وهو من كبار شيوخ أبي أحمد بن عديّ، وقد ضعّفه. وقال: أُصيب بكتبه فكان مشتبه عليه، وأرجو أنّه لا يتعمَّد الكذِب. وكان لا ينكر له.   1 الكامل لابن عدي "6/ 2297". 2 تاريخ بغداد "3/ 46". 3 تاريخ بغداد "3/ 46". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 28"، وميزان الاعتدال "3/ 641"، ولسان الميزان "5/ 279". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 183 455- محمد بن عليّ بن زيد1. أبو عبد الله المكّيّ الصّائغ. سمع: القَعْنَبيّ، وحفص ابن عمّ الحَوْضيّ، وسعيد بن منصور، ومحمد بن معاوية النيسابوري، وطائفة. وعنه: دعلج السجزي، والطبراني، وجماعة كثيرة. توفي بمكة في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين. وكان محدث مكة في وقته، مع الصدق والمعرفة. روى أيضا عن: خالد بن يزيد العمري، وإبراهيم بن المنذر، وابن كاسب. أكثر عن الرحالون. وأرخه الخليليّ سنة سبْعٍ وثمانين، والأوّل أصحّ. 456- محمد بن عليّ بن سهل2. أبو بكر الأنصاريّ. ومن ولد رافع بن خُدَيْج. وُلِد ببغداد، ونشأ بمَرْو، ومات ببُخارَى عن ثلاثٍ وتسعين سنة. حدَّث عن: عمْرو بن مرزوق، وأبي عمر الحَوْضيّ، وعلي بن الحَسَن، ويحيى بن يحيى، ومُسدَّد، وعلي بن الْجَعْد، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن سعيد بن نصر، ومحمد بن يوسف البخاريان، وأبو بكر أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. ضعّفه ابن عديّ، ثمّ قَالَ: أرجو أنّه لا بأس به. قلت: كان إمامًا في التّفسير. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين فيما قِيلَ، وهو غلط؛ فإنّ ابن عديّ قَالَ: قَدِم علينا جُرْجان سنة خمسٍ وتسعين. ثمّ وجدت وفاته في "تاريخ أبي الحسن الزّنْجيّ" في سنة ستٍّ وتسعين ومائتين، وهذا أصحّ من الأول.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 39"، والبداية والنهاية "11/ 99". 2 ميزان الاعتدال "3/ 652"، ولسان الميزان "5/ 295". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 184 457- مُحَمَّد بْن علي بْن حسن1. أبو بكر2 البغداديّ. عن: محمود بن خِداش. وعنه: أحمد بن كامل القاضي، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة. 458- محمد بن عليّ بن عَلُّوَيْه3. الفقيه أبو عبد الله الْجُرْجانيّ الشّافعيّ. أحد الأئمّة. تفقَّه على: المُزَنيّ، وصار من كبار الأئمّة. وحدَّث عن: هشام بن عمّار، وأبي كُرَيْب، وجماعة. وعنه: أبو زكريّا يحيى العَنْبريّ، وأبو عبد الله بن الأخرم، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة. 459- محمد بن عليّ بن طَرْخان بن جبّاش4. كذا ضبطه ابن ماكولا. أبو عبد الله، وأبو بكر البلْخيّ الحافظ، ثمّ البيكَنْديّ. سمع: قُتَيْبة، ولُوَيْنًا، وهشام بن عمّار، وطبقتهم وأكثر التِّرحال. قَالَ ابن ماكولا: كان حافظًا للحديث حَسَن التّصنيف. تُوُفّي في رجب سنة ثمانٍ وتسعين. روى عنه: ابنه أبو بكر، والحَسَن بن عليّ الطُّوسيّ، وأبو حرب محمد بن أحمد الحافظ، وجماعة. 460- محمد بن عمر بن العلاء5. أبو عبد الله الجرجاني الصيرفي.   1 تاريخ بغداد "3/ 68". 2 في الأصل "أبو حرب". 3 تاريخ جرجان للسهمي "389". 4 معجم البلدان "1/ 480"، تذكرة الحفاظ "2/ 694". 5 تاريخ جرجان للسهمي "390". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 185 رحل وسمع: هُدْبَةَ بن خالد، وأبا الرّبيع الزُّهْرانيّ، وجماعة. وعنه: ابن عديّ، والإسماعيليّ. تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثلاثٍ وتسعين. 461- محمد بن عمر بن أبان المصريّ. أبو الطّاهر. يروي عن: يحيى بن بُكَيْر. تُوُفّي في شوّال سنة خمسٍ وتسعين. 462- محمد بن عِمران الْجُرْجانيّ1. أبو عبد الله الزّاهد، المعروف بالمَقَابِريّ. سمع: أحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وسعيد بن منصور، ويحيى بن عبد الحميد الحِمّانيّ. وعنه: ابن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. تُوُفّي في صَفَر سنة إحدى وتسعين. 463- محمد بن عَمْرو بن خالد الحَرانيّ2. ثمّ المصريّ، أبو علاثة. عن: أبيه. وعنه: الطَّبرانيّ، وغيره. وتُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 464- محمد بن عُمَيْر بن هشام. أبو بكر الرازي المعروف بالقماطيري الحافظ. سمع: محمد بن مِهران الجمّال، وأحمد بن منيع، وجماعة. وعنه: أبو زكريّا العنْبريّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، والحَسن بن مهديّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 465- محمد بن عيسى3. أبو عليّ الهاشميّ البغداديّ المعروف بالبياضيّ. قتلته القرامطة بطريق الحجّ سنة أربعٍ. روى عنه: محمد بن يحيى القَطِيعيّ. وعنه: أبو بكر بن مقسم في القراءات.   1 تاريخ جرجان للسهمي "97، 139، 205، 304، 326". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 39". 3 تاريخ بغداد "2/ 401"، والمنتظم "6/ 62"، والبداية والنهاية "11/ 102". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 186 466- محمد بن عيسى بن شَيْبة بن الصلت بن عُصْفور السَّدُوسيّ البصْريّ1. نزيل مصر. روى عن: عمِّه يعقوب بن شَيْبة، ومحمد بن وزير الواسطيّ، وسعيد بن يحيى بن سعيد الأُمويّ، ومحمد بن أبي مَعْشَر نَجِيح، وأبي المسكين زكريّا بن يحيى. وعنه: النَّسَائيّ في حديث مالك2، وأبو هُرَيْرَةَ أحمد بْن عَبْد الله بْن أَبِي عصام العَدَويّ، وعبد الله بن عديّ في مُعْجَمه، وسليمان الطَّبَرانيّ، وآخرون. توفي في خامس جمادى الآخرة سنة ثلاثمائة. 467- محمد بن عيسى بن تميم المِصِّيصيّ3. نزيل إخميم. يروي عن: لوين، وغيره. وهو كذاب. توفي سنة ثلاثمائة أيضًا. 468- محمد بن غالب4. أبو عبد الله القُرْطُبيّ الفقيه ابن الصّفّار المالكيّ. أحد الأئمّة. أخذ عن: سَحْنُون، وأحمد بن صالح المصريّ، وأحمد ابن أخي ابن وهب، ويونس بن عبد الأعلى، وجماعة. تُوُفّي في سنة خمسٍ وتسعين. 469- محمد بن الفَرَج بن هاشم. أبو علي السمرقندي. عن: عبد بن حميد، وموسى بن مخارق الحلْوانيّ. وعنه: محمد بن غالب بن جُمْهُور، ومحمد بن أحمد الذَّهَبيّ، وعَمْرو بن محمد الكرابيسيّ السَّمَرْقَنْديّ. 470- محمد بن الفضل بن سلمة. أبو عمر البغدادي الوصيفي5.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 87"، وتهذيب التهذيب "9/ 389"، وتقريب التهذيب "2/ 198"، المعجم المشتمل لابن عساكر "266". 2 المعجم المشتمل "266". 3 المغني في الضعفاء "2/ 622"، ولسان الميزان "5/ 335". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 20". 5 تاريخ بغداد بغداد "3/ 153". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 187 عن: سعيد بن منصور، وأحمد بن يونس، وحبّان بن موسى، وإسماعيل بن أُوَيْس. وعنه: أحمد بن جعفر بن سَلْم. تُوُفّي في رجب. قَالَ الخطيب: ثقة. وروى عنه أيضًا: أبو بكر النّقّاش، وإسماعيل الخُطَبيّ، وآخرون. 471- محمد بن الفضل. أبو عيسى المَوْصِليّ. عن: هشام بن عمّار، ودُحَيْم، ولُوَيْن؛ وسأل أحمد بن حنبل. وعنه: يزيد بن محمد الأزديّ، وغيره. تُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين. 472- محمد بن فَوْر بن عبد الله بن مهديّ. أبو بكر العامريّ النَّيْسابوريّ. عن: يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهَوَيْه، وعبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسيّ. وعنه: أبو الطَّيّب محمد بن عبد الله الشُّعَيْريّ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة تسعٍ وتسعين. 473- محمد بن القاسم بن هلال الأندلسيّ1. عن: أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، ويونس بن عبد الأعلى. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 474- محمد بن اللَّيث2. أبو بكر الجوهريّ. بغداديّ ثقة. عن: جُبَارة بن المُغَلّس، وغيره. وعنه: أبو عليّ الصّوّاف، وأبو بكر القَطِيعيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 475- محمد بن محمد بن إسماعيل بن شدّاد3. القاضي أبو عبد الله الْجُذُوعيّ الأنصاريّ. عن: مسدَّد، وهُدْبَة بن خالد، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وعلي بن المَدِينيّ، وعُبَيْد الله القواريريّ.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 18، 19". 2 تاريخ بغداد "3/ 196". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 20"، وتاريخ بغداد "3/ 205"، والبداية والنهاية "11/ 98". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 188 وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، ومحمد بن عليّ بن الهيثم المقرئ، والطَّبَرانيّ، وجماعة1. وثّقه الخطيب، وذَكَرَ له حكاية تَمَّت مع المعتمد، وهي في أمالي نصر المقدسيّ. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين في جُمَادَى الآخرة. وقد وُلّي قضاءَ واسط، وغيرها. وكان موصوفًا بالورع في أحكامه، رحمه اللَّه. 476- محمد بْن محمد بْن أحمد بن يزيد بن مِهْران. أبو أحمد البغداديّ. سمع: داود بن رُشَيْد، وطبقته. روى عنه: عبد الله بن إسحاق الخُراسانيّ، وأبو بكر الشّافعيّ. قال الدّارَقُطْنيّ: حافظ وليس بالقوي. 477- محمد بن محمد بن داود الشَّطَويّ2. عَنْ: يوسف بْن موسى القطّان، وطبقته. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ. وثّقه أبو بكر الخطيب. 478- محمد بن محمود بن عبد الوهّاب. أبو السَّرِيّ الأصبهانيّ. سمع: حبّان بن بِشْر القاضي، وسَعْدُوَيْه الأصبهانيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ. 479- محمد بن محمود بن عديّ الخُراسانيّ. أبو عَمْرو. سمع: على بن خَشْرَم، والكَوْسَج، والطبقة. وعنه: القَطِيعيّ، وعيسى الرُّخَّجيّ. مستقيم الحديث. 480- محمد بن مسكين بن منصور بن جُرَيْج. الإفريقيّ المغربيّ. أخو القاضي عيسى بن مسكين، المذكور في هذه الطبقة. سمع: سَحْنون بن سعيد، ومحمد بن شَجَرَة، والحارث بن مسكين المصريّ. وكان ثقة، فقيهًا، صالحًا، شاعِرًا مجوِّدًا. عاش ثمانين سنة، ومات سنة سبْعٍ وتسعين.   1 تاريخ بغداد "3/ 205". 2 تاريخ بغداد "3/ 208". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 189 481- محمد بن مسلم بن عبد العزيز الأشعريّ الأصبهانيّ1. عن: مُجَاشع بن عَمْرو. وعنه: الطَّبَرانيّ، وغيره. 482- محمد بن المطَّلب. أبو بكر الخُزَاعيّ2. عن: إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، وأحمد بن نصر الشّهيد، ويحيى بن أيّوب العابد. وعنه: محمد بن خَلَف بن المَرْزُبان، وابن نَجِيح، والخلدي، وأبو بكر بن غلويه المقرئ، وغيرهم. لا بأس به. 483- محمد بن مالك بن داود. أبو بكر الشُّعَيْريّ3. سمع: منصور بن أبي مُزَاحم، والحكم بن موسى، وطائفة. وعنه: ابن قانع، والإسماعيليّ، وغيرهما. 484- محمد بن مُعَاذ بن سُفيان بن المُسْتَهِلّ بن أبي جامع المصريّ4. ثمّ الحلبيّ. أبو بكر درّان. سمع: مسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن رجاء، والقَعْنَبيّ، وعَمْرو بن مرزوق، وأبا سَلَمَةَ التُّبُوذَكيّ، ومحمد بن كثير العبْديّ، وطائفة. وعنه: أبو بكر النّجّاد، ومحمد بن أحمد الرّافقيّ، وعلي بن أحمد المِصِّيصيّ، وأبو القاسم الطبراني، ومحمد بن جعفر بن السقاء الحلبيّ. وكان أسند من بقي بحلب. عُمِّرَ دهرًا. وتُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين، وهو في عشر المائة. 485- محمد بن موسى بن حمّاد5. أبو أحمد البربريّ ثمّ البغداديّ الحافظ الإخباريّ.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 88"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 229". 2 تاريخ بغداد "3/ 307". 3 تاريخ بغداد "3/ 307". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 60"، وسير أعلام النبلاء "13/ 536"، ودول الإسلام "1/ 178"، وشذرات الذهب "2/ 216". 5 المعجم الصغير للطبراني "2/ 14"، وتاريخ بغداد "3/ 243". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 190 وُلِد سنة ثلاث عشرة ومائتين. وسمع: عليّ بن الْجَعْد، وعُبَيْد الله بن عمر القواريريّ، وعبد الرحمن بن صالح. وعنه: أحمد بن كامل، وإسماعيل الخطَبيّ، وابن قانع، وآخرون. قَالَ الخطيب: كان إخباريًا، فَهْمًا، ذا معرفة بأيّام النّاس. وكان يَخْضِب بالحُمْرَة. تُوُفّي سنة أربعٍ أيضًا. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ. قلت: أكثر عنه الطَّبَرانيّ. 486- محمد بن موسى بن عاصم1. أبو عبد الله المصريّ. عن: يحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، ومهديّ بن جعفر الرَّمْليّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 487- محمد بن نصر المَرْوَزيّ2. الإمام أبو عبد الله أحد الأعلام في العلوم والأعمال. ولد سنة اثنتين ومائتين ببغداد، ونشأ بنَيْسابور، سكن سَمَرْقَنْد وغيرها. وكان أبوه مَرْوزِيًّا. قَالَ الحاكم فيه: إمام الحديث في عصره بلا مُدَافَعَة. سمع بخُراسان: يحيى بن يحيى، وإسحاق، وأبا خالد بن يزيد بن صالح، وعَمْرو بن زُرَارة، وصَدَقَة بن الفضل المَرْوَزِيّ، وعلي بن حُجْر. وبالريّ: محمد بن مِهْران، ومحمد بن مقاتل، ومحمد بن حُميد. وببغداد: محمد بن بكّار، وعبد الله القواريريّ، وجماعة. وبالبصرة: أبّا الرّبيع الزُّهْرانيّ، وهُدْبَة، وشَيَبْان، وعبد الواحد بن غياث، جماعة. وبالكوفة: سعيد بن عَمْرو الأشعثيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وجماعة.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 6". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 33-40"، وتهذيب التهذيب "2/ 213"، والنجوم الزاهرة "3/ 161"، وتقريب التهذيب "2/ 213". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 191 وبالحجاز: أبا مصعب، وإبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ، وجماعة. وبالشّام: هشام بن عمّار، وجماعة. قلت: وبمصر: يونس بن عبد الأعلى، والربيع المراديّ. وتفقَّه على أصحاب الشّافعيّ. وقال الخطيب: حدَّث عن عَبْدان، وسمّى جماعة وقال: كان من أعلم النّاس باختلاف الصّحابة ومَنْ بعدَهم. قلت: روى عنه أبو العبّاس السّرّاج، ومحمد بن المنذر شكر، وأبو حامد بن الشَّرقيّ، وأبو عبد الله محمد بن الأخرم، وأبو النَّضْر محمد بن محمد الفقيه، وابنه إسماعيل بن محمد بن نصر، ومحمد بن إسحاق السَّمَرْقَنْدِيّ، وخلْق كثير. قَالَ أبو بكر الصَّيْرفيّ: لو لم يصنّف المَرْوَزِيّ إلّا كتاب "القَسَامة" لَكَان من أفقه النّاس1. وقال أبو بكر بن إسحاق الصِّبْغيّ، وقيل له: ألا تنظر إلى تمكُّن أبي عليّ الثّقفيّ في عقله؟ قَالَ: ذاك عقل الصَّحابة والتّابعين من أهل المدينة. قِيلَ: وكيف ذاك؟ قَالَ: إنّ مالك بن أنس كان من أعقل أهل زمانه، وكان يقال إنّه صار إليه عقول مَن جالسَهَم من التابعين، فجالَسَه يحيى بن يحيى النَّيْسابوريّ، فأخذ من عقله وسَمْته، حتّى لم يكن بخُراسان مثله، فكان يُقال: هذا عقل مالك وسمته. ثم جالس يحيى محمد بن نصر سِنِين، حتّى أخذ من سَمْته وعقله، فلم يُرَ بعد يحيى من فُقَهاء خُراسان أعقل منه. ثمّ إنّ أبا عليّ الثَّقَفيّ جالَسَ محمد بن نصر أربع سِنِين، فلم يكن بعده أعقل منه2. وقال عبد الله محمد الإسفرائينيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يقول: كان محمد بن نصر عندنا إمامًا، فكيف بخراسان3؟.   1 تاريخ بغداد "3/ 316". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 34". 3 تاريخ بغداد "3/ 316". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 192 وقال القاضي محمد بن محمد: كان الصّدر الأوّل من مشايخنا يقولون: رجال خُراسان أربعة: ابن المبارك، وإسحاق، ويحيى، ومحمد بن نصر. وقال ابن الأخرم: انصرف محمد بن نصر من الرّحلة الثّانية سنة ستّين ومائتين، فاستوطن نَيْسابور، ولم تزل تجارته بنَيْسابور، أقام مع شريك له مُضَارِب، وهو يشتغل بالعِلم والعِبادة. ثمّ خرج سنة خمسٍ وسبعين إلى سَمَرْقَنْد، فأقام بها، وشريكه بنَيْسابور، وكان وقت مقامه هو المفتي والمقدم، بعد وفاة محمد بن يحيى، فإنّ حَيْكَان -يعني يحيى بن محمد بن يحيى- ومَن بعده أَقَرُّوا له بالفضل والتَّقَدُّم1. قَالَ ابن الأخرم: ثنا إسماعيل بن قُتَيْبة: سمعت محمد بن يحيى غير مرّة، إذا سُئِل عن مسألة يقول: سَلُوا أبا عبد الله المَرْوَزِيّ. وقال أبو بكر الصِّبْغيّ: أدركت إمامين لم أُرْزَق السَّماعَ منهما: أبو حاتم، الرّازيّ، ومحمد بن نصر المَرْوَزِيّ2. وأمّا عبد بن ربيعة، فما رأيت أحسن صلاةً منه. ولقد بَلَغَني أنّ زُنْبُورًا قعد على جبهته، فسال الدّمُ على وجهه ولم يتحرّك. وقال ابن الأخرم: ما رأيت أحسنَ صلاةً من محمد بن نصر. كان الذُّباب يقع على أُذُنِه، فَيَسِيلُ الدّم، ولا يَذُبُّه عن نفسه. ولقد كنّا نتعجّب من حُسْن صلاته وخشوعه، وهيبته للصلاة. كان يضع رقبته على صدره، فتتصلّب كأنّه خَشَبَة منصوبة. وكان من أحسن النّاس، خَلْقًا، كأنما فقئ في وجهه حَبُّ الرُّمّان، وعلى خدَّيه كالورد ولحيته بيضاء3. وقال أحمد بن إسحاق الصَّبْغيّ: سمعت محمد بن عبد الوهّاب الثَّقفيّ يقول: كان إسماعيل بن أحمد والي خُراسان يصل محمد بن نصر في السنة بأربعة آلاف درهم، ويصِلُه أخوه إسحاق بمثلها، ويصله أهل سمرقند بمثلها، فكان ينفقها من السنة إلى السنة من غير أن يكون له عيال. فقيل له: لو ادَّخرتَ لِنَائبةٍ. فَقَالَ: سبحان الله أنا بقيت بمصر كذا وكذا سنة، قوتي وثيابي وكاغدي وحبري،   1 سير أعلام النبلاء "14/ 36". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 36". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 36، 37". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 193 وجميع ما ينفق على نفسي في السنة عشرين دِرْهمًا، فترى إن ذَهَبَ ذا لا يبقى ذاك؟ 1. وقال السُّليمانيّ: محمد بن نصر إمام الأئمّة الموفَّق من السّماء، سكن سمرقند. سمع: يحيى بن يحيى، وعَبْدان، والمُسْنِديّ، وإسحاق. له كتاب "تعظيم قدْر الصّلاة"، وكتاب "رفع اليدين"، وغيرهما من الكتب المعجزة. ومات وصالح جَزَرة في سنة أربعٍ. أنبأني جماعة قالوا: ثنا أبو اليُمْن، نا أبو منصور، نا أبو بكر الخطيب، أنا الجوهري، أنا ابن حَيَوَيْه، ثنا عفّان بن جعفر الّلّبان: حدّثني محمد بن نصر قَالَ: خرجت من مصر ومعي جارية لي. فركبت البحر أريد مكّة، فغرقت، فذهب منّي ألف جزء، وصرت إلى جزيرة، أنا وجاريتي، فما رأينا فيها أحدًا، وأخذني الْعَطَشُ، فلم أقدر على الماء، فوضعت رأسي على فخَذَ جاريتي مستسلمًا للموت، فإذا رجل قد جاءني ومعه كُوز، فَقَالَ لي: هاه. فشربت وسقَيْتُها، ثم مضى، فما أدري من أين جاء، ولا من أين ذهب2. وقال أبو الفضل محمد بن عُبَيْد الله البَلْعَميّ: سمعت الأمير إسماعيل بن أحمد يقول: كنت بسمرقند، فجلست يوم للمظالم، وجلس أخي إسحاق إلى جنبي، إذ دخل أبو عبد الله محمد بن نصر، فقمت له إجلالًا لعلمه، فلمّا خرج عاتبني أخي وقال: أنت والي خُراسان، تقوم لرجلٍ من الرَّعيّة! هذا ذَهاب السّياسة. فَبِتُّ تلك اللّيلة وأنا مُنْقَسِمُ القلب، فرأيت النّبيّ -صلى الله عليه وسلم، فأخذ بعضُدي، فَقَالَ لي: ثَبتَ ملككَ وملك بنيك بإجلالك محمد بن نصر. وكان محمد بن نصر زوج خنة، بخاء مُعْجَمَةٍ ثمّ نُون، أخت يحيى بن أكثم القاضي. تُوُفّي بسَمَرْقَنْد، في المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين.   1 تاريخ بغداد "3/ 317". 2 تاريخ بغداد "3/ 317". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 194 وقال أبو عبد الله بن مَنْدَه في مسألة الإيمان: صرَّح محمد بن نصر في كتاب "الإيمان" بأن الإيمان مخلوق، فإنّ الإقرار والشّهادة، وقراءة القرآن بلفْظه مخلوق. وهَجَرَه على ذلك علماء وقته، وخالَفَه أئمّة أهل خُراسان، والعراق. قلت: لو أننا كلما أخطأ إمام مجتهد في مسألةٍ خطًأ مغفورًا له هَجَرْناه وبدَّعناه، لَما سَلِمَ أحدٌ مِنَ الأئمّة، واللَّهُ الهادي للحقّ، والرّاحم للخلْق. وقال ابن حزم في بعض تَوَاليفه: أعلم النّاس من كان أجمعهم للسُّنَن، وأضبطهم لها، وأذكرهم لمعانيها ولأحوال الصّحابة. ولا نعلم هذه الصّفة أتمّ منها في محمد بن نصر المَرْوَزِيّ، فلو قَالَ قائل: ليس لرسول -صلى الله عليه وسلم- حديث، ولا لأصحابه إلّا وهو عِنْد محمد بن نصر، لَما بَعُدَ عن الصّدْق. 488- محمد بن نصر. أبو جعفر البغداديّ المقرئ الصّائغ1. عن: إسماعيل بن أُوَيْس، وأبي مُصْعَب. وعنه: ابن قانع، وابن علم، وجماعة. وكان مُقْرِئًا. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. وعنه أيضًا: الطَّبَرانيّ، وأحمد بن عثمان الأبهريّ شيخ ابن مَنْدَه. 489- محمد بن نصر بن حُمَيْد البزّاز البغداديّ2. صاحب حديث. روى عن: إسماعيل بن إبراهيم، ويحيى بن أيّوب المَقَابِريّ، ومحمد بن قُدَامة الجوهريّ، ونحوهم. روى عنه: الطَّبَرانيّ، وابن قانع، وغيرهما. 490- محمد بن نصر. أبو جعفر الهمدانيّ حَمُّوَيْه. صدوق رحّال. سمع: عبد الرحمن بن إبراهيم دُحَيْم، ومحمد بن رُمْح، وحرملة، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن إسحاق بن مِنْجاب، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة، وابن أبي داود مع تقدمه.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 14"، وتاريخ بغداد "3/ 318". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 4"، وتاريخ بغداد "3/ 319". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 195 محمد بن النّضر. هو محمد بن أحمد. 491- محمد بن النَّضْر بن سَلَمَةَ بن الجارود بن يزيد1. الحافظ أبو بكر الجاروديّ النَّيْسابوريّ الفقيه الحنفيّ، قاله الحاكم. كان شيخ وقته حِفْظًا وكمالًا ورئاسة، وأبوه وجدّه كلّهم رأيّيون2. سمع: إسحاق بن راهويه، وعمر بن زُرَارَة، وسُوَيد بن سعيد، ومحمد بن عَبْد الملك بْن أبي الشَّوارب، وأبا كُرَيْب، وإسماعيل ابن سِبْط السَّنْديّ، وطائفة. وعنه: إمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة، وأبو عَمْرو الحَيريّ، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وطائفة. وكان رفيق مسلم في الرحلة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سمعتُ منه بالرّيّ، وهو صدوق3. وقال أبو أحمد الحاكم: كان محمد بن يحيى يستعين بعربيّة أبي بكر الجارودي في مصنفاته، ويبيته عندي. وقال محمد بن يعقوب الأخرم: لما قَتَلَ أحمدُ الخُجُسْتانيّ حَيْكان هَمَّ بقتل الجاروديّ، فلبس الجاروديّ عَباءَة وخرج مع الجمّالين إلى أصبهان4. قلت: ثم رجع بعد إلى بلده. وتُوُفّي في ربيع الأوّل سنة إحدى وتسعين. وكانت له جَنَازة مشهودة. يُقال: إنّ النّسائيّ روى عنه، فَيُحَقَّقْ. 492- محمد بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري5.   1 الجرح والتعديل "8/ 111"، وتهذيب التهذيب "2/ 213"، وتقريب التهذيب "2/ 213"، وسير أعلام النبلاء "13/ 541-544". 2 الأنساب "3/ 158". 3 الجرح والتعديل "8/ 111". 4 الأنساب "3/ 158". 5 تهذيب التهذيب "9/ 491"، تقريب التهذيب "2/ 213، وسير أعلام النبلاء "13/ 564". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 196 أخو أحمد بن النّضْر، سَمَاعه وسَمَاع أخيه واحد كما في ترجمة أحمد. رَوَيَا عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وعُبَيْد الله بن مُعَاذ، وهذه الطبقة. وقد قَالَ البخاريّ حديثًا عن محمد: ثنا عُبَيْد الله بن معاذ، فذكر حديثًا. قَالَ الحاكم: روى البخاريّ عنهما في "الجامع الصّحيح". ذكره، الحاكم في ترجمة محمد. 493- محمد بن هارون. أبو موسى الأنصاريّ الزُّرَقيّ1. عن: يونس بن عبد الأعلى، وأبي الربيع عُبَيْد الله بن الحارث. وعنه: محمد بن مَخْلَد، والطَّبَرانيّ. وثّقه الخطيب. ومات في سنة ثلاث وتسعين. 494- محمد بن الوليد2. المعروف بابن ولاد التّميميّ النَّحْويّ. صاحب التّصانيف في عِلم العربيّة. أخذ عن: المبّرد، وثعلب. مات كهلًا سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 495- محمد بن ياسين بن النَّضْر. أبو بكر الباهليّ. الفقيه النَّيْسابوريّ. يروي عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وعثمان بن أبي شَيْبة. وعنه: محمد بن صالح بن هانئ، وغيره. توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين. 496- محمد بن يحيى بن مالك الضبي الأصبهاني3. عن: أبي عمار الحسين بن حريث، ومحمود بن غيلان. وعنه: أبو أحمد العسال، والطبراني، وأبو الشيخ. توفي في صفر سنة إحدى وتسعين. 497- محمد بن يحيى بن سليمان. أبو بكر المروزي4.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 16". 2 معجم الأدباء "19/ 105". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 56". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 14"، وتاريخ بغداد "3/ 422". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 197 سمع: عاصم بن علي، وأبا عبيد القاسم بن سلام، وخلف بن هشام، وبشر بن الوليد، وعلي بن الجعد، وجماعة. وأكثر عن عاصم. وعنه: أبو بكر النّجّاد، وأبو بكر الشّافعيّ، ومَخْلَد الباقَرْحِيّ، وابن عُبَيْد العسكريّ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وطائفة. قَالَ الدَّارَقُطْني: صدوق. قلت: هو من كبار شيوخ الإسماعيليّ. تُوُفّي رحمه الله تعالى ببغداد في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 498- محمد بن يحيى بن محمد1. أبو سعيد البغداديّ، حامل أكْفانه. سمع أبا بكر، وعثمان ابني أبي شَيْبة، وأحمد بن مَنِيع، وسَوّار بن عبد الله القاضي، وجماعة. وعنه: أهل دمشق، وأبو علي بن هارون، والفضل بن جعفر، وأبو عُمَر بن فَضَالَةَ، وأبو بكر النّقّاش، وجماعة. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. قَالَ الخطيب: بلغني أنّه غُسِّلَ وَكُفِّنَ، فلمّا كان في اللّيل، جاءه نبَّاش فنبشه، فلمّا حَلَّ أكفانه قَعَدَ، فهرب النّبّاش، فقام وأتى منزله حاملًا كفنه، فعاد حُزْن أهله فَرَحًا. ومثله أيضًا سُعَيْر بن الخِمْس. فإنّه لمّا وُضِع في لَحْده اضطّرب، فَحُلَّتْ أكفانه، فقام. ووُلِد له بعد ذلك مالك بن سُعَيْر. 499- محمد بن يعقوب2. أبو بكر البغداديّ. عُرِفَ بابن القلّاس، بالقاف. عن: عليّ بن الْجَعْد، وحمّاد بن إسحاق المَوْصليّ. وعنه: ابن مَخْلَد، وأحمد بن جعفر بن سالم الجيليّ. صدوق. ومات "سنة خمس وتسعين ومائتين"3.   1 تاريخ بغداد "3/ 423"، والمنتظم "6/ 114"، والبداية والنهاية "11/ 118". 2 تاريخ بغداد "3/ 391". 3 في الأصل بياض، مستدرك من تاريخ بغداد. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 198 500- محمد بْن يزيد بْن محمد بْن عَبْد الصّمد1. أبو الحَسَن الدّمشقيّ، مولى بني هاشم. عن: صَفْوان بن صالح المؤذّن، وموسى بن أيّوب النَّصِيبيّ، وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل، وأبي نُعَيْم الحلبيّ، وجماعة. وعنه: سبط عديّ بن يعقوب، وجعفر بن محمد الكِنْديّ، وأبو عُمَر بن فَضَالَةَ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن النّاصح، ومُظَفَّر بن حاجب، وجماعة. تُوُفّي سنة تسع وتسعين. وقع لنا جزء صغير من حديثه يعلو. 501- محمد بن يعقوب بن أبي يعقوب الأصبهانيّ2. عن: عَبّاد بن يعقوب الرَّوَاجِنيّ، وغيره. وعنه: أبو الشّيخ. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 502- محمد بن يعقوب بن سَوْرة البغداديّ. عن: أبي الوليد الطّيالِسيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. 503- محمد بن يعقوب البصْري الأعلم3. عن هُدْبة بن خالد، وأبي الرّبيع الزُّهْرانيّ. وعنه: ابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ أحاديث. 504- محمد بن يوسف بن يعقوب4. أبو بكر الرازيّ المقرئ. حدَّث عن: محمد بن حميد الرازي، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكّيّ. روى عنه: محمد بن العبّاس بن نجيح، وحبيب القزاز، وأبو بكر النقاش.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 56"، والعبر "2/ 13أ"، وشذرات الذهب "2/ 232"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 82". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 239". 3 تاريخ بغداد "3/ 388". 4 ميزان الاعتدال "4/ 72"، تاريخ بغداد "3/ 397"، ولسان الميزان "5/ 435". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 199 قَالَ الدَارَقُطْنيّ: دجَّال يضع الحديث والقراءات. وضع من المستندات ما لا يضبط. قدم بغداد قبل الثلاثمائة. 505- محمد بن يوسف. أبو جعفر البارودي الإسكافيّ1. حدَّث ببغداد عن: أبي عُتْبَة الحمصيّ، وطبقته. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وعبد الله بن شهاب العُكْبُريّ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 506- محمد بن يوسف بن عاصم بن شَرِيك. أبو بكر البخاريّ الحافظ. رحّال، سمع: يعقوب الدَّوْرَقيّ، وبِشْر بن آدم، ويوسف بن موسى القطّان، وعدَّة. 507- محمد بن يوسف2. أبو جعفر التُّرْكيّ الفَرَغانيّ ثمّ البغداديّ. سمع: سُرَيْج بن يونس، وعيسى بن إبراهيم التُّرْكيّ، وعيسى بن سالم الشّاشيّ، ومحمد بن جعفر الوَركانيّ. وعنه: أحمد بن كامل، وعُمَر بن مسلم، والطَّبَرانيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين ومائتين. 508- مُحَسِّن بن جعفر بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن مُوسَى بن جعفر الصّادق العَلَويّ3. خرج بناحية الشام سنة ثلاثمائة، فحاربه ابن كَيَغْلَغ، فظفر به فقتله، وبعث برأسه إلى بغداد، فنُصِب مع أعلامٍ له مُنَكَّسَةٍ. 509- محمود بن أحمد بن الفَرَج4. أبو حامد الزُّبَيْريّ الأصبهانيّ. عن: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، ومحمد بن المنذر البغداديّ. وكان ثقة.   1 تاريخ بغداد "3/ 398". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 12"، وتاريخ بغداد "3/ 395". 3 مقاتل الطالبين لأبي الفرج الأصبهاني "703". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 108"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 315". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 200 روى عنه: أبو الشَّيخ، والطَّبَرانيّ، ومحمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الأصبهانيّ. وهو مَنْ وَلَدِ الزُّبَير بن بكّار. مات سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة تسعين. 510- محمود بن والان بن موسى. أبو حامد العَدَويّ الأديب. ثقة كثير الحديث. عاش نيِّفًا وتسعين سنة. سمع: قُتَيْبَة، وسُوَيْد بن نصر، وجماعة. ومات سنة ثلاثٍ وتسعين. 511- محمود بن محمد المَرْوَزِيّ1. مشهور. طوّف وسمع: داود بن رُشَيْد، وعلي بن حُجْر، وطبقتهما. وعنه: الطَّسْتيّ، وابن الصَّوّاف، والطَّبَرانيّ. مستقيم الحديث. مات سنة سبْعٍ وتسعين. 512- محمود بن عليّ بن مالك الشَّيْبانيّ2. أبو حامد المدِينيّ البزّاز. عن: محمد بن منصور الجوّاز، وهارون بن موسى الفَرَويّ، ومحمد بن "أحمد بن يعقوب الشيباني"3، والمخزوميّ. وعنه: محمد بن أحمد بن يعقوب الأصبهانيّ، والطَّبَرانيّ، وأبو الشيخ. وثقه أبو نعيم. ومات سنة ثلاثمائة. 513- مسبح بن حاتم بن ماور العكي. بالبصّرة. مات سنة ثمانٍ وتسعين. 514- مسور بن قَطَن بن إبراهيم. أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ. قَالَ الحاكم: كان من مزكي عصره، والمُقَدَّم في الزُّهْد والورع والعقل. سمع: يحيى بن يحيى؛ وتورَّع من الرّواية عنه لصِغَر سِنِّهِ. وسمع: جدّه لأمّه بِشْر بن الحَكَم، وأبا زاهر، وداود بن رشيد. وطوف.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 107"، وتاريخ بغداد "13/ 94". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 108"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 316". 3 في الأصل بياض. مستدرك من ذكر تاريخ أصبهان. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 201 وعنه: ابن الشَّرْقيّ، ومحمد بن صالح، وأبو الوليد الفقيه، وجماعة. مات سنة ثلاثمائة. 515- مسلم بن أحمد بن أبي عُبَيْدة1. أبو عُبَيْدة اللَّيْثيّ القُرْطُبيّ، صاحب القِبلة. رحل سنة ستٍّ وخمسين، فسمع: يونس بن عبد الأعلى، والرّبيع المُرَاديّ، والمُزَنيّ، وابن عبد الحَكَم، وجماعة. قَالَ أحمد بن عبد البَرّ: كان من أصوف أهل زمانه2، وكان مُولَعًا بالفَلك والنُّجوم. وكان إذا صلّى يشرّق قليلًا نحو مدينة قُرْطُبَة. روى عنه: قاسم بن أَصبغ، وعبد الله بن يونس. مات سنة خمسٍ وتسعين ومائتين. 516- مسلم بن سعيد الأشعريّ3. أبو سَلَمَةَ. سمع: مُجَاشِع بن عَمْرو سنة ثلاثين، وبكّار بن الحَسَن. وعنه: أبو الشّيخ، وشيخه مُجَاشع يروي عن: الّليث، وابن قطيعة. مات سنة تسعٍ وتسعين. 517- مسلم بن عبد الله بن مكرم البارودي4. المؤدِّب ببغداد. عن: عَمْرو بن مرزوق، ويحيى بن هاشم. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وابن العلاء الْجَوْزَجانيّ. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. 518- مُضارِب بن إبراهيم5. أبو الفضل النَّيْسابوري الأديب، أوحد عصره ببلده في العربيّة. سمع: ابن راهَوَيْه. وعنه: أبو عَمْرو بن مَطَر. مات سنة سبع وتسعين.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 126". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 126". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 323". 4 تاريخ بغداد "13/ 105". 5 بغية الوعاة "2/ 288". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 202 519- معمر بن محمد بْن زيد بْن الأشهب البلخي. سَمِعَ من: شهاب بن معمر العوفي، ومكّيّ بن إبراهيم، وعصام بن يوسف البلخيّين. وطال عُمره. وعنه: عبد الرحمن بن حامد بن مَتُّوَيْه البْلخيّ. مات في جُمَادَى الأولى سنة ستٍّ وتسعين ومائتين. 520- مَمْشَاذُ الدِّيَنَوريّ1. من كبار الصُّوفيّة. صحِب يحيى بن الجلّاء، وغيره. ومن قوله: جماعُ المعرفة صِدْقُ الافتقار إلى الله. وقال فارس الدَّيَنَوريّ: خرج مُمْشاذ من باب الدّار، فنبح كلب فَقَالَ: لا إله إلّا الله، فمات الكلب مكانه2. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. 521- موسى بن إسحاق بن موسى الخطْميّ الأنصاريّ3. أبو بكر الفقيه الشافعيّ، كان قاضيًا على الأهواز. وولى قضاء نَيْسابور. وحدَّث عن: عيسى قالون، وأحمد بن يونس، وعلي بن الْجَعْد. وكان يُضْرَبُ به الْمَثَلُ في ورعه وصيانته في القضاء. وعنه: حبيب القزّاز، وابن ماسي، وعبد الباقي بن قانع. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وهو ثقة صدوق. وقد أقرأ النّاسَ القرآن. ويقال: مولده سنة عشرٍ ومائتين. ومات سنة سبْعٍ وتسعين ومائتين. 522- موسى بن أفلح البخاريّ البيقاري4. عن: أبي حُذَيفة إسحاق بن بشر، وأحمد بن حفص، والمسندي.   1 حلية الأولياء "10/ 353"، وصفة الصفوة "4/ 87"، والنجوم الزاهرة "3/ 179". 2 طبقات الصوفية "317". 3 الجرح والتعديل "8/ 135"، والمنتظم "6/ 96"، وسير أعلام النبلاء "13/ 579"، والعبر "2/ 109"، وشذرات الذهب "2/ 226". 4 الأنساب لابن السمعاني "2/ 373"، واللباب "1/ 199". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 203 وعنه: أحمد بن عدل، وخَلَف الخيّام. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة إحدى وتسعين. وكان شيخًا مُعَمَّرًا. 523- موسى بن خازم بن سيّار1. أبو عِمران الأصبهانيّ. عن: حاتم بن عبد الله النُّمَيْريّ، ومحمد بن بُكَيْر الحضرميّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأحمد بن بُنْدار الشّعّار. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. ورّخه أبو نُعَيم. 524- موسى بن عبد الحميد بن عصام الْجُرْجانيّ. أبو يحيى. عن: أبيه، وإسماعيل المُزَنيّ الفقيه؛ وجالسَ داود الظَّاهريّ. وعنه: عبد الله بن محمد بن شَيْبة، وأحمد بن محمد بن صالح الهَمْدانيّ. مات على رأس سنة ثلاثمائة. 525- موسى بن محمد بن موسى الذُّهَليّ الأعْيَن. أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ. سمع: يحيى بن يحيى، وسعد بن يزيد الفرّاء. وعنه: أبو العبّاس بن حمدان، وأبو الوليد الفقيه، وأحمد بن الخضر شيخ الحاكم. مات سنة إحدى وتسعين ومائتين. 526- موسى بن هارون بن عبد الله2. أبو عِمران البزّار. كان إمام عصره في الحِفْظ والإتقان. سمع: قُتَيْبة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وعلي بن الْجَعْد، وخلْق. وعنه: دَعْلَج، وأبو الطّاهر الذُّهَليّ، وآخرون. قَالَ الصِّبْغيّ: ما رأينا في حفاظ الحديث أهيب ولا أروع من موسى بن هارون. مات في شَعْبان سنة ثلاثٍ وتسعين. قصّر الحاكم في ترجمته. 527- موسى بن هارون بن سعيد الأصبهانيّ3. أبو عِمران، يُعرف بالأصمّ. ربّما التبس بالذي قبله. وهذا يروي عن: سويد بن   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 112"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 312". 2 تاريخ بغداد "13/ 50"، والبداية والنهاية "11/ 103"، والمنتظم "6/ 66". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 312". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 204 سعيد، وأبي خَيْثَمة زُهَير بن حرب، ومُصْعَب بن عبد الله الزُّبَيريّ، وجماعة سواهم. روى عنه: أبو الشّيخ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب المقرئ، ومحمد بن جعفر بن يوسف، وأهل أصبهان. فإذا قَالَ الأصبهانيّ: حَدَّثَنَا موسى بن هارون، فإيّاه يريد. ومات هذا الأصبهانيّ في حدود سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. 528- موسى بن هشام الدَّيَنَوريّ. حدَّث بدمشق. عن: عبد الله بن هانئ، وعليّ بن المبارك الصَّنْعانيّ. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وأحمد بن الرُّوميّ، وأبو أحمد بن عدي، وغيرهم. مات على رأس الثلاثمائة. "حرف النون": 529- نصر بن أحمد1. أبو محمد الكَنْديّ البغداديّ الحافظ. أحد الأئمّة، ويُعرف بنَصْرك. سمع: محمد بن بكار، وعبد الأعلى بن حمّاد، والقواريريّ. وعنه: خَلَف الخيّام، وابن عُقْدَةَ. حمله أمير بُخَارى خالدُ بن أحمر الذُّهَليّ إليه، فأقام عنده، وصنَّف له "المُسْنَد". ومات في سنة ثلاثٍ وتسعين، وعاش سبعين سنة. 530- نصر بن سياد بن فتح. أبو الَّلْيث السَّمَرْقَنْديّ المحدِّث الرّحّال المصنِّف. عن: يونس بن عبد الأعلى، وعبد بن حُمَيْد، والدارِميّ. وعنه: محمد بن إسحاق العُصْفُريّ، وأحمد بن محمد الكرابيسي. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. 531- نصر بن عبد الحميد القراطيسيّ. أبو حبيب المصريّ، الرّجل الصّالح. عن: نُعَيْم بن حمّاد، ويحيى بن بكير. مات سنة سبع وتسعين.   1 سير أعلام النبلاء "13/ 538"، البداية والنهاية "11/ 101"، والمنتظم "6/ 59". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 205 532- نوح بن منصور1. أبو مسلم البغدادي. حدَّث بشيراز. وكانت عنده كُتُب الشّافعيّ. عن: الزَّعْفرانيّ، والرّبيع، ويونس بن عبد الأعلى، والحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرّميّ. روى عنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، ومُطَهَّر بن أحمد شيخ أبي نُعيْم. مات بفارس سنة خمسٍ وتسعين. "حرف الهاء": 533- هارون بن موسى بن شريك الدّمشقيّ المقرئ2. أبو عبد الله الأخفش صاحب ابن ذَكْوان. قرأ عليه، وسمع أبا مُسْهر. قرأ عليه: ابن الأخرم المقرئ، والنّقّاش؛ وروى عنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد بن النّاصح. مات سنة ثلاثٍ وتسعين على الصّحيح. وقيل: سنة إحدى. 534- هُبَيْرة بن محمد بن عبد الحميد. أبو أحمد المصريّ. عن: عيسى بن زُغْبَة، وغيره. مات سنة سبْع وتسعين. 535- هُمَيْم بن همّام. أبو العبّاس الطَّبَريّ3. طوّف وسمع: أبا مُصْعَب، ومحمد بن أبي مَعْشَر. وعنه: أبو أحمد الغطْرِيفيّ بن عبد الملك، وأهل جُرْجان. مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. "حرف الواو": 536- وحيد بن عمر بن هارون البخاريّ الفقيه.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 122". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 128". 3 تاريخ جرجان للسهمي "189، 134، 439، 449، 534، 537، 539". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 206 روى عَنْ: إسحاق بن راهَوَيْه، وأبي مُصْعَب الزُّهْريّ، وطبقتهما. وعنه: خَلَف الخيّام، وأبو الأسود أحمد بن إبراهيم، وغيرهما. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 537- وكيع بن إبراهيم بن عيسى المَوْصِليّ. عن: سُفْيان بن وَكِيع، ولُوَيْن، وأبي عمّار الحسين بن حرث. وكتب عنه النَّسائيّ. وروى عنه: يزيد بن محمد. مات سنة سبْعٍ وتسعين. 538- الوليد بن حمّاد بن جابر الرّمليّ الزّيّات1. سمع: سليمان بن عبد الرحمن، ويزيد بن مَوْهب الرمليّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وجماعة. كان على رأس الثلاثمائة. "حرف الياء": 539- يحيى بن أحمد زياد. أبو منصور السُّفْيانيّ الهَرَويّ. سمع: خالد بن الصّبّاح، ويحيى بن معين، وأحمد بن سعيد الدّارِميّ. وعنه: أبو إسحاق البزّار الحافظ، والفضل بن العبّاس، وأبو الفضل بن حَمْدُوَيْه. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 540- يحيى بن الحسين بن القاسم بن طباطبا العَلَويّ. كان قد غلب على اليمن، وَدُعِيَ له بصنعاء وما والاها عنه. وضُرِبَت السّكّة باسمه. ثمّ خرج من صنعاء بعد غَلَبة القَرَامطة، فصار إلى صُعْدة، وتسمّى بالهادي أبي الحَسَن. وملك نجْران وتلك النّواحي، وَخُطِبَ له بأمير المؤمنين. وكان حَسَن السِّيرة. مات سنة ثمانٍ وتسعين؛ قام بعده ولده محمد، ولُقِّب الْمُرْضَى. 541- يحيى بن زكريّا الثَّقَفيّ القُرْطُبيّ. المعروف بابن السّاق. سمع: يحيى بن إبراهيم بن " ..... "2، وأبان بن عيسى، ومحمد بن وضاح،   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 123، 124". 2 في الأصل بياض. الجزء: 22 ¦ الصفحة: 207 وعامر بن معاوية، وطائفة. وحجّ متأخرًا، فسمع من النَّسائيّ. وكان صوّامًا صالحًا عالمًا. أخذ النّاس عنه. ومات في رمضان سنة ثمانٍ وتسعين. 542- يحيى بن عبد الله بن الحُرَيش1. أبو عبد الله. عن: أبي الأشعث العِجْلي، وزياد بن أيّوب. وعنه: أبو الشّيخ. وثَّقه أبو نُعَيْم. وكان أصبهانيّ. مات سنة ستٍّ وتسعين. 543- يحيى بن عبد الله بن حُجْر بْن عَبْد الْجَبَّار بْن وائل الحَضْرَميّ2. عَنْ: عمه محمد بْن حجر، عن أقاربهم. وعنه: الطَّبَرانيّ. مات سنة إحدى وتسعين. 544- يحيى بن عبد الباقي الأَذَنيّ3. محدِّث ثقة. سمع: محمد بن سليمان لُوَيْن، وغيره. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن قانع. مات سنة اثنتين وتسعين في ذي القعدة. 545- يحيى بن عبد العزيز بن المختار القُرْطُبيّ4. ثقة، مفتي. سمع: العبْسي، ويونس بن عبد الأعلى، وجماعة. روى عنه: أحمد بن نصر، وحبيب بن الرَّبيع، ومحمد بن قاسم، وأحمد بن بِشْر. مات سنة تسعٍ وتسعين. 546- يحيى بن علي بن أبي منصور المنَّجم النّديم5. من كبار المُعْتَزِلة ومصنِّفيهم. نادم المعتضد وابنَه المكتفي، وله كتاب في أخبار الشعراء، وله تصانيف في الاعتزال. مات سنة ثلاثمائة، وعاش ستين سنة.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 362". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 143-146". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 45"، تاريخ بغداد "14/ 227"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 146". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 185". 5 سير أعلام النبلاء "13/ 405"، وتاريخ بغداد "14/ 230"، والفهرست لابن النديم "1/ 144". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 208 547- يحيى بن محمد بن البَخْتَرِيّ الحِنّائي1. أبو زكريّا البغداديّ. سمع: طالوت بن عبّاد، وشَيْبان بن فَرُّوخ. وعنه: أبو مسلم الكَجّيّ مع تقدُّمه، وأبي عُبَيْد العسكريّ، والإسماعيليّ. مات سنة تسعٍ وتسعين. 548- يحيى بن محمد بن عِمران الحلبي2. ثم البالسي. عن: هشام بن عمار، ودُحَيْم، وابن مُصفى. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر النّقّاش، وابن عديّ، وحمزة الكِنانيّ. 549- يحيى بن المُعَافَى بن يعقوب الكِنْديّ المَوْصِليّ. الفقيه الحنفيّ. أفتى وكتب الشروط. وروى عن: غسّان بن الرّبيع، وسعيد بن منصور، وأحمد بن يونس، وجماعة. وكتب الناس عنه. وولي قضاء ملطية. روى عنه: يزيد بن محمد الأزْديّ، وغيره. مات سنة ثلاث وتسعين. 550- يحيى بن منصور3. أبو سعيد الهَرَويّ الإمام. كان آيةً في العِلْم والزُّهْد، حتّى قِيلَ إنّه لم يَرَ مثل نفسه. روى عن: سُوَيْد بن نصر، وغيره. روى عنه: أحمد بن عيسى الغيزاني. ومات في ذي الحجّة سنة ثلاثٍ وتسعين. 551- يحيى بن نافع بن خالد المصريّ4. أبو حبيب. سمع: ابن أبي مريم. وعنه: الطَّبَرانيّ. مات في ربيع الأوّل سنة إحدى وتسعين. 552- يعقوب بن إسحاق بن يعقوب بن حُمَيْد الطائي الموصلي.   1 تاريخ بغداد "14/ 229". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 142". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 570"، المنتظم "6/ 26"، والعبر "2/ 94"، وتاريخ بغداد "14/ 225"، وشذرات الذهب "2/ 213". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 138". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 209 روى عن: جُبَارة بن المُغَلِّس، وابن عمّار. قَالَ الأَزْديّ: مات سنة سبْعٍ أو ثمان وتسعين. 553- يعقوب بن عليّ بن إسحاق النّاقد. أبو يوسف الكوفيّ. مات بمصر سنة ثلاثٍ وتسعين. 554- يعقوب بن غَيْلان العُمَانيّ1. حدَّث بالبصرة عن: سعيد بن عُرْوة. وعنه: الطَّبَرانيّ. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. 555- يعقوب بن الوليد بن محمد بن القاسم. أبو يوسف الأَيْليّ. عن: ابن صالح، ويحيى بن بُكَيْر. مات سنة ثلاثمائة. 556- يعقوب بن يوسف بن الحَكَم الجوباريّ الْجُرْجانيّ2. روى عن: الفلاس ببغداد. وعن: محمد بن خالد بن خداش. وعنه: ابن عديّ، والإسماعيليّ، وغيرهما. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. 557- يوسف بن الحَكَم3. أبو عليّ الضّبّيّ البغدادي الخيّاط. صدوق. سمع: بِشْر بن الوليد. وعنه: الطَّبَرانيّ، والجِعَابي. مات سنة تسعٍ وتسعين. 558- يوسف بن عاصم الرّازيّ. أبو يعقوب. ثقة. رحل وسمع: هُدْبة، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وسُوَيْد بن سعيد. وعنه: أبو سعيد الرّازيّ، وعليّ بن أحمد بن صالح، وجماعة. مات سنة ثمانٍ وتسعين. 559- يوسف بن موسى المروروذي القطان4.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 132". 2 تاريخ جرجان للسهمي "488". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 134"، وتاريخ بغداد "14/ 312". 4 تاريخ بغداد "14/ 308"، والمنتظم "9/ 89". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 210 حجّ وحدَّث بالعراق عن: ابن راهويه، وأبي معمر القطيعي، واحمد بن صالح المصري. وعنه: ابن عقدة، وأبو بكر الشافعي، وجماعة من آخرهم أحمد بن يوسف بن خلاد. وثقه الخطيب. ومات سنة ثلاث وتسعين. 560- يوسف بْن يعقوب بْن إسماعيل بْن حمّاد بن زيد بن درهم البصري1. ثم البغدادي. القاضي أبو محمد مولي الأزد. سمع: مسلم بن إبراهيم، وسليمان بن حرب، وجماعة. ولي قضاء البصرة وواسط، وضم إليه قضاء الجانب الشرقي ببغداد. وكان عفيفا مهيبا، ثقة عالما، مصنفا. وعنه: دعلج، وابن ماسي، وعلي بن محمد بن كيسان، وطائفة. مات سنة سبع وتسعين ومائتين. "الكني": 561- أبو جعفر بن ماهان الرازي. سمع: هشام بن عمار، ودحيما. وعنه: أبو الشيخ. كان على رأس الثلاثمائة.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 85-87"، وتاريخ بغداد "14/ 310"، والبداية والنهاية "11/ 112"، والنجوم الزاهرة "3/ 171"، والمنتظم "6/ 96". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 211 تراجم أهل هذه الطبقة على الحروف ... وقال العُقَيْليّ: ثنا عبد الله بن أحمد، ثنا البخاريّ قَالَ: قَالَ ابْن عُيَيْنة: سَمِعْت مقاتلًا يَقُولُ: إن لم يخرج الدّجّال الأكبر سنة خمسين ومائة فاعلموا أنّي كذّاب. 237- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هشام بن أبي وَارَةَ. أبو عبد الرحمن. مَرْوَزِيّ له أربعون حديثًا مَرْوِيّة. رواها عنه: عبد الله بن أحمد المَرْوَزِيّ. يروي عنه: سعيد بن سعيد، وعليّ بن حُجْر، وداود بن رُشَيْد، وجُبَارة بن المُغلّس، وطبقتهم. ولا أعلم متى كان، ثمّ ظفرت بموته سنة خمسٍ وتسعين ومائتين. 238- عبد الله بن إبراهيم الأزْديّ الضّرير. عن: الحَسَن بن عليّ الحلْوانيّ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وجماعة. وعنه: بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. 239- عبد الله بن أبي الخوارزميّ القاضي. عن: أحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وسعيد بن المنصور، وقُتَيْبَة، وابن راهوَيْه، وخلْق. وعنه: أبو عبد الله البخاريّ، ومحمد بن عليّ الحسّانيّ الخوارزميّ، وأبو العبّاس محمد بن أحمد بن حمدان الحِيريّ شيخ البَرْقانيّ. قِيلَ: إنّه الّذي قَالَ البخاريّ في "الصّحيح": ثنا عبد الله، ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدّمشقيّ. وذلك يتوّجه، فإنّه روي في كتاب "الضّعفاء" عدّة أحاديث، عنه، عن سليمان بن عبد الرحمن، وعن غيره. 240- عبد الله بن أيّوب1. أبو محمد البصْريّ القربيّ الضَّرير. عن: أبي الوليد الطَّيالِسيّ، وأُميَّة بن بِسْطام، وأبي نصر التمّار، ويحيى الحِمّانيّ، وسهل بن بكّار، وجماعة. وعنه: أبو سهل القطّان، وحبيب القزاز، والذارع، والطبراني، وآخرون.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 214"، وتاريخ بغداد "9/ 413". الجزء: 22 ¦ الصفحة: 11 الفهرس العام للكتاب : رقم الصفحة الموضوع: الطبقة الثلاثون: "أحداث سنة إحدى وتسعين ومائتين": 3 المتوفون هذه السنة 3 مقتل الحسين بن زكرويه 3 زواج ابن المكتفي 3 خروج الترك إلى بلاد المسلمين 3 وصول الروم إلى الحدث 4 غزوة غلام زرافة 4 مسير محمد بن سليمان إلى الرَّمْلَةِ 4 ذكر ما فعله صاحب الشامة ببلاد الشام 4 هزيمة صاحب الشامة وقتله "أحداث سنة اثنتين وتسعين ومائتين": 5 المتوفون هذه السنة 5 عودة مصر إلى العباسيين 5 القبض على محمد بن سليمان 6 زيادة دجلة 6 استيلاء الخليجيّ على مصر 6 تكريم المكتفي لبدر الحمّامي 6 وصول تقادم إسماعيل أحمد "أحداث سنة ثلاث وتسعين ومائتين": 6 المتوفون هذه السنة 7 تغلب الخليجي على جيش المكتفي 7 ظهور أخي الحسين بن زكرويه الجزء: 22 ¦ الصفحة: 213 7 استغواء القرامطة لبعض بطون كلب 7 مسير القرمطي ببلاد الشام 8 مقتل أبي غانم القرمطي 8 مهاجمة القرامطة للكوفة 8 القبض على الخليجي "أحداث سنة أربع وتسعين ومائتين": 9 المتوفون هذه السنة 9 اعتراض القرامطة قافلة الحاج 9 الحرب بين وصيف والقرمطي "أحداث سنة خمس وتسعين ومائتين": 10 المتوفون هذه السنة 10 الفداء بين المسلمين والروم 10 خروج خاقان المفلحي لحرب ابن أبي الساج 10 وفاة الخليفة المكتفي 11 خلافة المقتدر 11 بيت المال "أحداث سنة ست وتسعين ومائتين": 11 المتوفون هذه السنة 12 موت محمد بن المعتضد 12 خلع المقتدر وتوليه ابن المعتز 13 وزارة ابن الجراح 13 مقتل العباس الوزير 13 قول الطبري في خلافة ابن المعتز 13 مهاجمة ابن حمدان دار الخلافة 14 عودة المقتدر إلى الخلافة 14 وزارة ابن الفرات 15 حبس ابن المعتز الجزء: 22 ¦ الصفحة: 214 15 الأمر بعدم استخدام اليهود والنصارى 15 تفويض المقتدر الزمر لابن الفرات 15 تقليد المقتدر لابن حمدان قم وقاشان 15 وقوع الثلج ببغداد 16 خروج المهدي عبيد الله من السجن وإظهار أمره 16 تخلُّص المهديّ من أبي عبد الله الشيعيّ وأخيه "أحداث سنة سبع وتسعين ومائتين": 16 المتوفون هذه السنة 17 دخول ابني ابن الليث بغداد أسيرين 17 بناء المهدية بالمغرب 17 إقامة ابن الأغلب بالرقة 17 وفاة النوشري وابن بسطام "أحداث سنة ثمان وتسعين ومائتين": 17 المتوفون هذه السنة 18 إصابة القاضي ابن أبي الشوارب بالفالج 18 ولاية ابن حمدان ديار بكر وربيعة 18 وفاة ابن عمروية 18 وفاة صافي الحرمي 18 استتار الخاقاني 18 هبوب الريح بالموصل 19 قتل المهدي للداعيين الشيعيين "أحداث سنة تسع وتسعين ومائتين": 19 المتوفون هذه السنة 19 القبض على الوزير ابن الفرات 19 وزارة ابن خاقان 19 ورود هدايا مصر على المقتدر 20 ورود هدايا أمير خراسان الجزء: 22 ¦ الصفحة: 215 20 ورود هدايا ابن أبي الساج 20 الدعوة للمهدي بالخلافة "أحداث سنة ثلاثمائة": 20 المتوفون هذه السنة 20 مقتل الحسيني بأعمال دمشق 21 الوباء بالعراق 21 سيح جبل بالدينور 21 مصادرة ابن الفرات وأصحابه 21 وزارة علي بن عيسى 21 ولادة بغلة الجزء: 22 ¦ الصفحة: 216 تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الألف: 21 1- أحمد بن إبراهيم بن عُبَيْد الله 22 2- أحمد بن إبراهيم بن الحكم 22 3- أحمد بن إبراهيم بن أيوب 22 4- أحمد بن إسحاق الأصبهاني "حمويه" 22 5- أحمد بن أنس بن مالك 22 6- أحمد بن بشر أبو أيوب الطيالسي 23 7- أحمد بن بشر الهروي 23 8- أحمد بن بشر بن حبيب الصوري 23 أحمد بن بشر بن عبد الوهاب 23 أحمد بن بِشْر المَرْثَديّ 23 9- أحمد بن تميم بن " ... " المروذي 23 10- أحمد بن حاتم ماهان السامري 23 11- أحمد بن الحسن بن أبان بن مُضَر 24 12- أحمد بن الحسين بن نصر الحذاء 24 13- أحمد بن الحسين. أبو بكر الباغندي 24 14- أحمد بن حفص السعدي الجرجاني 25 15- أحمد بن حماد بن مسلم التجيبي 25 16- أحمد بن حماد بن سفيان الكوفي 25 17- أحمد بن داود بن أبي نصر 25 18- أحمد بن رستة الأصبهاني 26 19- أحمد بن أبي يحيى زكير الحضرمي 26 20- أحمد بن زيد بن الحريش الأهوازي 26 21- أحمد بن سعيد بن شاهين البغدادي 26 22- أحمد بن سعيد أبو جعفر النيسابوري 26 23- أحمد بن سعيد بن عروة الصفار الجزء: 22 ¦ الصفحة: 217 27 24- أحمد بن الحافظ سعيد بن مسعود 27 25- أحمد بن سليمان بن أيوب المديني 27 26- أحمد بن سهل بن أيوب الأهوازي 27 27- أحمد بن سهل بن مالك النيسابوري 27 28- أحمد بن صنا الدمشقي المروي 28 29- أحمد بن طاهر بن حرملة التجيبي 28 30- أحمد بن العباس بن أشرس 28 31- أحمد بن العبّاس بن الوليد بن مَزْيَد 28 32- أحمد بن عبدان بن سنان الزعفراني 28 33- أحمد بن عبد الله الختلي 29 34- أحمد بن عبد الله القرمطي 30 35- أحمد بن عبد الرحمن السقطي 30 36- أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق البزوري 30 37- أحمد بن عبد الرحمن بن يزيد بن عقال 31 38- أحمد بن عُبَيْد الله بن جرير بن جبلة العتكي 31 39- أحمد بن عبيد الشيرازي 31 40- أحمد بن علي بن إسماعيل القطان 31 41- أحمد بن علي بن إسماعيل الرازي 31 42- أحمد بن علي بن سعيد المروزي 32 43- أحمد بن علي بن حسن التميمي 32 44- أحمد بن عليّ بن محمد بن الجارود 32 45- أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار 33 46- أحمد بن عمرو بن مسلم المكي الخلال 33 47- أحمد بن عمرو بن حفص القرمعي 33 48- أحمد بن فياض الدمشقي 33 49- أحمد بن القاسم بن مساور البغدادي 34 50- أحمد بن القاسم السليماني الأغر الجزء: 22 ¦ الصفحة: 218 34 51- أحمد بن القاسم بن نصر بن دَوَسْت 34 52- أحمد بن القاسم الطائي البرتي 34 53- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن بِسْطام 34 54- أحمد بن محمد بن منصور البغدادي 34 55- أحمد بن محمد بن عليّ بن أُسَيْد 35 56- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن الحَسَن بْن الفرات 35 57- أحمد بْن محمد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين 35 58- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن صدقة 36 59- أحمد بن محمد المديني الأصبهاني 36 60- أحمد بن محمد بن سعيد الأصبهاني المعيني 36 61- أحمد بن محمد بن حرب الْجُرْجانيّ المُلْحَميّ 36 62- أحمد بن محمد الثوري 37 حكاية نافعة 40 63- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن رباح 41 64- أحمد بن محمد بن نافع المصري الطحاوي 41 65- أحمد بن محمد بن زكريا البغدادي 41 66- أحمد بن محمد بن يزيد بن الأشعث 41 67- أحمد بن محمد بن الوليد المري 42 68- أحمد بن محمد بن مسروق البغدادي 42 69- أحمد بن محمد بن خالد البراثي 43 70- أحمد بن محمد بن دلان الخيشي 43 71- أحمد بن محمد بن ساكن الزنجاني 43 72- أحمد بن موسى الجنبي 43 73- أحمد بن موسى بن مخلد الغافقي 44 74- أحمد بن نجدة بن العريان الهروي 44 75- أحمد بن أبي رجاء نصر بن شاكر 44 76- أحمد بن نصر بن إبراهيم النيسابوري الجزء: 22 ¦ الصفحة: 219 46 77- أحمد بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري 46 78- أحمد بن هشام بن عبد الله الأسدي 46 79- أحمد بن وهب بن عمرو المصيصي 47 80- أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني 48 81- أحمد بن يحيى بن إسحاق الرواندي 51 82- أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان الرقي 51 83- أحمد بن يحيى بن إسحاق البجلي الحلواني 51 84- أحمد بن يحيى بن الإمام يحيى بن يحيى الليثي 52 85- أحمد بن يحيى البلاذري الكاتب 52 86- أحمد بن يعقوب البغدادي القاضي 52 87- أحمد بن مخلد الأصبهاني البزاز 53 88- أحمد بن أحمد الشيباني اللغوي 53 89- إبراهيم بن أحمد الخواص الزاهد 54 90- إبراهيم بن إسحاق الأنصاري البغدادي 54 91- إبراهيم بن بندار بن عبدة الأصبهاني 55 92- إبراهيم بن جعفر الأشعري الأصبهاني 55 93- إبراهيم بن داود العنبري المصري 55 94- إبراهيم بن درستويه الشيرازي 55 95- إبراهيم بن الحسن الهمداني الآرمي 55 96- إبراهيم بن الحسين الهمداني. 56 97- إبراهيم بن سعيد بن معدان الهمداني 56 98- إبراهيم بن أبي طالب محمد بن نوح النيسابوري 58 99- إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز الكجي 59 100- إبراهيم بن عبد الله بن مَعْدان الأصبهانيّ 60 101- إبراهيم بن عليّ بن محمد بن آدم 60 102- إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم الدّمشقيّ 60 103- إبراهيم بن محمد بن الحارث بن ميمون الجزء: 22 ¦ الصفحة: 220 61 104- إبراهيم بن محمد بن الهيثم البغدادي 61 105- إبراهيم بن محمد بن أبي الشّيوخ الأدميّ 61 106- إبراهيم بن محمود بن حمزة النيسابوري 61 107- إبراهيم بن معقل بن الحجاج 62 108- إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي 62 109- إبراهيم بن هاشم بن الحسين البغوي 63 110- إبراهيم بن الفضل بن غسان 63 111- إدريس بن عبد الكريم البغدادي 64 112- إسحاق بن أحمد بن النضر العبقي 64 113- إسحاق بن إبراهيم بن جابر التجيبي 64 114- إسحاق بن إبراهيم المصريّ الجلّاب. ويُعرف بِفُقَيْقِيعَة. 64 115- إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن نفيس 64 116- إسحاق بن إبراهيم بن داود الأصبهاني 64 117- إسحاق بن حاجب البغدادي المعدل 65 118- إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي 65 119- إسحاق بن خالويه الياسري 65 120- إسحاق بن موسى اليحمدي 65 121- أسلم بن سهل بن أسلم "بحشل" 66 122- إِسْمَاعِيل بْن أحْمَد بْن أسد بْن سامان 67 123- إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن عبدة 67 124- إسماعيل بن محمد بن وهب المصري 67 125- إسماعيل بن محمد بن قيراط العذري 68 126- إسماعيل بن محمد المزني الكوفي "حرف الباء": 68 127- البَخْتَريّ بن محمد بن صالح البغدادي 68 128- بشر بن عبد الملك الخزاعي 68 129- بهلول بن إسحاق التنوخي الجزء: 22 ¦ الصفحة: 221 "حرف الجيم": 69 130- جبرون بن عيسى بن يزيد البغوي البغوي 69 131- جبلة بن حمود 69 132- جعفر بن أحمد بن عبد الرحمن السلماني 70 133- جعفر بن أحمد بن مضر المضري 70 134- جعفر بن شعيب الشاشي 70 135- جعفر بن عبد الله الصّبّاح بن نَهْشَلٍ 70 136- جعفر بن محمد الحسين النيسابوري 71 137- جعفر بن محمد بن ماجد البغدادي 71 138- جعفر بن محمد بن الفرات 71 139- جعفر بن محمد بن الأزهر البغدادي 71 140- جعفر بن محمد بن يزيد السوسي 72 141- جعفر بن محمد بن الليث الزيادي 72 142- الجنيد بن خلف السمرقندي 72 143- الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي "حرف الحاء": 76 144- حامد بن سَعْدان بن يزيد البغدادي 76 145- حامد بن سهل البخاري الدهان 76 146- الحرش بن أحمد بن حريش الرازي 76 147- حامد بن شاذي الكشي 76 148- الحسن بن أحمد بن سليمان "سحنون" 77 149- الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني 77 150- الحسن بن إبراهيم بن حلقوم 77 151- الحسن بن إدريس العسكري 77 152- الحسن بن تميم الأصبهاني 77 153- الحسن بن سعيد بن مهران 78 154- الحسن بن علي بن المتوكل الجزء: 22 ¦ الصفحة: 222 78 155- الحسن بن علي بن شبيب المعمري 80 156- الحسن بن علي بن الوليد الفارسي 80 157- الحسن بن علي بن شهريار الرقي 81 158- الحسن بن علي بن مخلد النيسابوري 81 159- الحَسَن بن عليّ بن محمد بن سليمان القطان 81 160- الحسن بن محمد بن أسيد الثقفي 82 161- الحسن بن محمد بن نصر البغدادي النخاس 82 162- الحسن بن محمد بن الجنيد الختلي 82 163- الحسن بن محمد بن الحسين المصري 82 164- الحسن بن محمد بن سليمان الخزاز 82 165- الحسن بن المثني بن معاذ العنبري 83 166- الحسن بن هارون بن سليمان الأصبهاني 83 167- الحسن بن يزداد الهمداني الخشاب 83 168- الحسين بن موسى بن عيسى الحضرمي 83 169- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب 83 170- الحسين بن أحمد بن منصور "سجادة" 84 171- الحسين بن أحمد بن جيون الأنصاري الصعيدي 84 172- الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريّا الشيعي 85 173- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب 86 174- الحسين بن إبراهيم بن عامر الأنطاكي 86 175- الحسين بن إسحاق التستري 86 176- الحسين بن جعفر بن حبيب القتات 86 177- الحسين بن أحمد بن موسى بن المبارك العكي 86 الحسين بن زكرويه 86 178- الحسين بن شرحبيل البطليوسي 87 179- الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقي 87 180- الحسين بن عبد الله بن أبي زيد الجزء: 22 ¦ الصفحة: 223 87 181- الحسين بن عبد الحميد الموصلي 88 182- الحسين بن عبيد الله بن الخصيب 88 183- الحسين بن علي بن مصعب 88 184- الحسين بن علي بن حماد بن مهران 88 185- الحسين بن عمر بن أبي الأحوص 89 186- الحسين بن الكميت بن بهلول 89 187- الحسين بن محمد بن جمعة الأسدي 89 188- الحكم بن معبد بن أحمد الخزاعي 89 189- حويت بن أحمد بن أبي حكيم القرشي "حرف الخاء": 90 190- خالد بن غسّان بن مالك الدارمي 90 191- خشناج بن أبي معروف بشر بن العنبري 90 192- خلف بن سليمان النسفي 90 193- خلف بن عمرو العكبري "حرف الدال": 91 194- داود بن الحسين بن عُقَيل البيهقي 91 195- داود بن وسيم البوشنجي "حرف الراء": 92 196- رباح بن طيبان "حرف الزاي": 92 197- زكريا بن دلويه النيسابوري 92 198- زكريا بن عصام الكرجي 92 199- زكريا بن يحيى بن الحارث 93 200- زهرة بن زفر المصري "حرف السين": 93 201- السري بن مكرم البغدادي 93 202- سعيد بن إسحاق الكلبي الجزء: 22 ¦ الصفحة: 224 "حرف العين": 108 227- عامر بن محمد بن يزيد البلاطي 108 228- العباس بن أحمد بن الحسن الوشاء 108 229- العباس بن أحمد بن عقيل 108 230- العباس بن حمدان الأصبهاني 109 231- العباس بن الحسن الوزير 109 232- العباس بن الربيع بن ثعلب البغدادي 109 233- العباس بن أحمد بن عقيل 109 234- العباس بن محمد بن مجاشع 109 235- العباس بن محمد بن عيسى المروزي 110 236- عبد الله بن أحمد بن عبد السّلام الخفاف 111 237- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هشام 111 238- عبد الله بن إبراهيم الأزدي 111 239- عبد الله بن أبي الخوارزمي القاضي 111 240- عبد الله بن أيوب البصري 112 241- عبد الله بن بُنْدار بن إبراهيم الضّبّيّ 112 242- عبد الله بن جعفر بن خاقان 112 243- عبد الله بن الحسن بن أحمد الأموي 113 244- عبد الله بن حمدويه النهرواني 114 245- عبد الله بن سعيد بن عبد الرحمن الزهري 114 246- عبد الله بن سَلَمَةَ بن يزيد القاضي 114 247- عبد الله بن الصباح الأصبهاني 114 248- عبد الله بن عبد الحميد بن عصام الجرجاني 114 249- عبد الله بن عيسى بن حماد 114 250- عبد الله بن القاسم بن هلال العَبْسيّ 115 251- عبد الله بن قريش الأسدي 115 252- عبد الله بن محمد بن الوليد بن حازم البصري الجزء: 22 ¦ الصفحة: 226 115 253- عبد الله بن محمد بن سَلْم الهمدانيّ 115 254- عبد الله بن محمد الناشئ الشاعر 116 255- عبد الله بن محمد بن سَلْم الفِرْيابي 116 256- عبد الله بن محمد بن عليّ البلْخيّ 116 257- عبد الله بن محمد بن العباس السهمي 116 258- عبد الله بن محمد بن صالح البكري 117 259- عبد الله بن محمد بن حميد الخياط 117 260- عبد الله بن محمد بن أبي كامل الفزاري 117 261- عبد الله بن محمد بن الجعد الفرساني 117 262- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحكم 119 263- عبد الله بن المُعْتَز بالله محمد بن المتوكل 121 264- عبد الحميد بن عبد العزيز السكوني 123 265- أبو حازم القاضي أحمد بن محمد بن نصر 123 266- أبو حازم أحمد بن محمد بن نصر 123 267- عبد الرحمن بن أحمد بن يزيد الزهري 123 268- عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الحميد الكناني 123 269- عبد الرحمن بن إسحاق الثقفي 124 270- عبد الرحمن بن بن حاتم المرادي 124 271- عبد الرحمن بن بن عبد الوارث التجيبي 124 272- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ 124 273- عبد الرحمن بن عبد الصمد السلمي 124 274- عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج 125 275- عبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي 125 276- عبد الرحمن بن معاوية الطبري 125 277- عبد الرازق بن الحسن بن عبد الرزاق 126 278- عبد السلام بن أحمد بن سُهَيْل بن مالك 126 279- عبد السلام بن سهل البغدادي الجزء: 22 ¦ الصفحة: 227 126 280- عبد السلام بن العباس الحمصي 126 281- عبد الصمد بن محمد بن أبي عِمران العينوني 126 282- عبد العزيز بن أحمد البغدادي 126 283- عبد العزيز بن محمد الحارثي 127 284- عبد الغفار بن أحمد الحمصي 127 285- عبد الكبير بن محمد بن عبد الله بن حفص 127 286- عبد الملك بن يحيى بن عبد الله بن بكير 127 287- عبيد الله بن أحمد بن سليمان القرشي 127 288- عُبَيْد الله بن طاهر بن الحسين الأمير 128 289- عبيد الله بن المستملي أبي مسلم 128 290- عبيد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير الليثي 129 291- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البرقي 130 292- عُبَيْد الله بن محمد بن عبد العزيز العمري 130 293- عبيد العجل "حسين بن محمد بن حاتم" 131 294- عثمان بن عمرو الضبي 131 295- علي المكتفي بالله الخليفة 131 296- علي بن أحمد بن الصباح القزويني 132 297- علي بن أحمد بن النضر الأزدي 133 298- علي بن إسحاق بن إبراهيم الأصبهاني 133 299- علي بن جبلة بن رستة التميمي 133 300- علي بن الحسين بن شهريار الرازي 133 301- علي بن الحسين بن الجنيد الرازي 134 302- علي بن الحسين بن عبد الرحيم 134 303- علي بن الحسين بن مهران 135 304- علي بن حسنويه البغدادي 135 305- علي بن حماد بن هشام العسكري 135 306- علي بن رازح بن رجب الخولاني الجزء: 22 ¦ الصفحة: 228 135 307- عليّ بن سعيد بن بشير بن مهران 136 308- علي بن سعيد العسكري 136 309- علي بن طيفور بن غالب النشوي 136 310- علي بن عمر بن توبة الخولاني 136 311- علي بن غالب بن سلام السكسكي 136 312- علي بن القاسم الضبي البغدادي 136 313- عليّ بن محمد بن عبد الوهّاب بن جبلة 137 314- علي بن محمد بن عيسى الخزاعي 137 315- عليّ بن أحمد بن يزيد بن عُلَيْل 137 316- عمران بن موسى بن حميد المصري 137 317- عمر بن أحمد بن بشر البغدادي 138 318- عمر بن حفص السدوسي 138 319- عمر بن حفص الهمداني البخاري 138 320- عمرو بن بحر الأسدي الصوفي 138 321- عمرو بن حازم القرشي 139 322- عمرو بن الحافظ أبي زرعة النصري 139 323- عَمْرو بن عبد الله بن عبد الوهّاب الصدفي 139 324- عمرو بن عثمان المكي الزاهد 139 325- عيسى بن خدابنده 139 326- عياش بن محمد بن عيسى البغدادي 139 327- عيسى بن محمد بن عيسى الطهماني 143 328- عيسى بن محمد النوشري الأمير 144 329- عيسى بن مسكين بن منصور الإفريقي 144 330- عيسى بن هارون الزاهد الهمداني 144 331- عيسى بن يزيد خالد المصري "حرف الفاء": 144 332- فاتك بن عبد الله الجزء: 22 ¦ الصفحة: 229 145 333- الفضل بن أحمد الأصبهاني 145 334- الفضل بن صالح الهاشمي المنصوري 145 335- الفضل بن عبد الله بن مخلد التميمي 145 336- الفضل بن العباس بن مهران 146 337- الفضل بن العباس بن الوليد البغدادي 146 338- الفضل بن محمد الحاسب 146 339- الفضل بن هارون الفقيه 146 340- الفضل بن الفيض بن الخضر الأولاسي "حرف القاف": 146 341- القاسم بن أحمد بن يوسف التميمي 147 342- القاسم بن أبي حرب البصري 147 343- القاسم بن خالد بن قطن 147 344- القاسم بن عاصم المرادي الأندلسي 148 345- القاسم بن عبد الواحد بن حمزة البكري 148 346- القاسم بن عبد الوارث الوراق 148 347- القاسم بن عبيد بن سليمان الوزير 149 348- القاسم بن محمد بن حمّاد الكوفيّ الدّلّال 149 349- قنبل "محمد بن عبد الرحمن بن محمد" 150 350- قيس بن مسلم البخاري الأزرق "حرف اللام": 150 351- الليث بن غشوم المصري "حرف الميم": 150 352- محمد بن أبان المديني 150 353- محمد بن إبراهيم بن سعيد المالكي البوشنجي 154 354- محمد بن إبراهيم بن سعد بن قُطْبَةَ القيسي 154 355- محمد بن إبراهيم بن شبيب الأصبهاني 154 356- محمد بن إبراهيم بن بُكَيْر بن حبيب الطيالسي الجزء: 22 ¦ الصفحة: 230 154 357- محمد بن إبراهيم بن خليل الفقيه 154 358- محمد بن إبراهيم بن سعيد الأصبهانيّ الوشّاء 155 359- محمد بن أحمد بن البراء العبدي 155 360- محمد بن أحمد بن عياض المصري 155 361- محمد بن أحمد بن النضر البغدادي 156 362- محمد بن أحمد بن سليمان الهروي 156 363- محمد بن أحمد بن داود المؤدب 156 364- محمد بن إبراهيم بن حمدون الكوفي 156 365- محمد بن أحمد بن نصر الترمذي 158 366- محمد بن أحمد بن بالويه النيسابوري 158 367- محمد بن أحمد بن خزيمة البصري 158 368- محمد بن أحمد بن الضحاك الجدلي 158 369- محمد بن أحمد بن أبي خَيْثَمة زُهَيْر بن حرب 159 370- محمد بن أحمد بن يحيى بن قضاء البصري 159 محمد بن فضاء 159 371- محمد بن أحمد بن كيسان البغدادي 159 372- محمد بن أحمد بن جعفر بن أبي جميلة 160 373- محمد بن أحمد بن عبد الله العبيدي 160 374- محمد بن أحمد بن سعيد الواسطي 160 375- محمد بن أحمد بن خالد الزريقي 160 376- محمد بن أحمد بن مهدي البغدادي 160 377- محمد بن أحمد بن المثنى النيسابوري 161 378- محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي 161 379- محمد بن إسحاق بن أعين 161 380- محمد بن إسحاق بن إبراهيم البيهقي 161 381- محمد بن إسحاق المستملي 161 382- محمد بن إسحاق بن الصباح النيسابوري الجزء: 22 ¦ الصفحة: 231 161 383- محمد بن أحمد بن عبدوس الربعي 162 384- محمد بن أسد بن يزيد الزاهد 162 385- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد 163 386- محمد بن إسحاق بن ملة 163 387- محمد بن إسحاق المسوحي 163 388- محمد بن إسماعيل المقرئ الزاهد 163 389- محمد بن إسماعيل بن مهران الإسماعيلي 164 390- محمد بن إسماعيل بن عامر الرقي 164 391- محمد بن إسماعيل التميمي 164 392- محمد بن أسلم اللاردي 164 393- محمد بن أيوب بن ضريس 165 394- محمد بن بندار بن سهل الإستراباذي 165 395- محمد بن جعفر بن أعين البغدادي 165 396- محمد بن جعفر بن محمد الربعي 165 397- محمد بن جعفر القتات 166 398- محمد بن جُنَادة بن عبد الله الإلهانيّ 166 399- محمد بن حاتم بن نعيم المروزي 166 400- محمد بن حامد بن السري 167 401- محمد بن حبيب البزار 167 402- محمد بن الحسن الخوارزمي 167 403- محمد بن الحسن بن سماعة 167 404- محمد بن الحسن بن الفرج الهمداني 168 405- محمد بن الحسين بن عمارة 168 406- محمد بن الحسين البغدادي الأنماطي 168 407- محمد بن الحسين بن حبيب الوادعي 168 408- محمد بن الحسين الأصبهاني الخشوعي 169 409- محمد بن حنيفة بن ماهان القصبي الجزء: 22 ¦ الصفحة: 232 169 410- محمد بن حيان المازني 169 411- محمد بن خشنام البلخي 169 412- محمد بن داود بن بندار الفارسي 169 413- محمد بن داود بن الجراح 170 414- محمد بن داود بن عليّ بن خَلَف 173 415- محمد بن داود بن عثمان الصدفي 173 416- محمد بن داود بن مالك الشعيري 173 417- محمد بن رزين بن جامع الأموي 173 418- محمد بن روح بن شبل المصري 173 419- محمد بن السري بن سهل البزاز 174 420- محمد بن السري بن سهل القنطري 174 421- محمد بن السري بن مهران الناقد 174 422- محمد بن سعد بن مقرن 174 423- محمد بن سعيد الطبري الأزرق 174 424- محمد بن سعيد بن غالب الإفريقي 174 425- محمد بن سليمان بن حماد الإستراباذي 175 426- محمد بن سليمان بن خالد النيسابوري 175 427- محمد بن سليمان بن تليد المعافري 175 428- محمد بن سنان بن سرج الشيزري 175 429- محمد بن شعيب الأصبهاني التاجر 175 430- محمد بن شيبة بن الوليد الدمشقي 176 431- محمد بن صالح بن يونس النيسابوري 176 432- محمد بن الصباح النيسابوري 176 433- محمد بن طاهر بن الحسين بن مُصْعَب 176 434- محمد بن عاصم بن يحيى الأصبهاني 176 435- محمد بن العباس بن الوليد الدمشقي 177 436- محمد بن العباس الجمحي الجزء: 22 ¦ الصفحة: 233 177 437- محمد بن عبد الله بن مصعب 178 438- محمد بن عبد الله بن سليمان "مطين" 178 439- محمد بن عبد الله بن بكار السلمي 178 440- محمد بن عبد الله بن الْجَعْد الهَمْدانيّ 179 441- محمد بن عبد الله القرمطي 179 442- محمد بن عبد الله بن الغاز القرطبي 179 443- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الكلاعي 179 444- محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم الأصبهاني 180 445- محمد بن عبد العزيز بن ربيعة الكلابي 180 446- محمد بن عبد بن عامر التميمي 181 447- محمد بن عبد الملك التاريخي 181 448- محمد بن عبدوس بن كامل السلمي 181 449- محمد بن عبيد الله بن مرزوق 182 450- محمد بن عبيد الله بن سريج الذهلي 182 451- محمد بن عبيد الله الحافظ "ختن" 182 452- محمد بن عثمان بن أبي شيبة العبسي 183 453- محمد بن عثمان بن سعيد المصري 183 454- محمد بن عثمان بن أبي سُوَيْد البصْري 184 455- محمد بن علي بن زيد المكي 184 456- محمد بن علي بن سهل الأنصاري 185 457- محمد بن علي بن حسن البغدادي 185 458- محمد بن علي بن علويه 185 459- محمد بن عليّ بن طَرْخان بن جبّاش 185 460- محمد بن عمر بن العلاء الجرجاني 186 461- محمد بن عمر بن أبان المصري 186 462- محمد بن عمران الجرجاني 186 463- محمد بن عمرو بن خالد الحراني الجزء: 22 ¦ الصفحة: 234 93 203- سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور 96 204- سعيد بن سعد النيسابوري 96 205- سعيد بن سلمة التوزي 96 206- سعيد بن سليمان بن داود الشرغبي 97 207- سعيد بن عبد الله بن أبي رجاء بن عجب 97 208- سعيد بن عثمان الفندقي 97 209- سعيد بن عمرو بن عمار 98 210- سليمان بن أحمد بن الوليد الأصبهاني 98 211- سليمان بن عزام الموصلي 98 212- سليمان بن المعافي الرسعني 98 213- سليمان بن يحيى الضبي 98 214- سمنون المحب بن حمزة الصوفي 99 215- سهل بن شاذويه الباهلي 100 216- سهل بن أبي سهل الواسطي "حرف الشين": 100 217- شاه بن شجاع الكرماني 101 218- شعيب بن عمران العسكري 101 219- شُرَيْح بن أبي عبد الله بن إسماعيل 101 220- شريح بن عقيل الإسفرايني "حرف الصاد": 101 221- صافي الحرمي الأمير 101 222- صالح بن محمد بن عَمْرو بن حبيب 106 223- صباح بن عبد الرحمن بن الفضل العتقي "حرف الطاء": 107 224- طالب بن قرة الأذني 107 225- طاهر بن عيسى بن قيرة 107 226- طغج بن جف الفرغاني التركي الجزء: 22 ¦ الصفحة: 235 196 محمد بن النضر 196 491- محمد بن النضر بن سلمة الجارودي 196 492- محمد بن النضر بن عبد الوهاب 197 493- محمد بن هارون الأنصاري 197 494- محمد بن الوليد التميمي 197 495- محمد بن ياسين بن النضر 197 496- محمد بن يحيى بن مالك الضبي 197 497- محمد بن يحيى بن سليمان المروزي 198 498- محمد بن يحيى بن محمد البغدادي 198 499- محمد بن يعقوب البغدادي 199 500- محمد بن يزيد بن محمد الدمشقي 199 501- محمد بن يعقوب بن أبي يعقوب 199 502- محمد بن يعقوب بن سورة 199 503- محمد بن يعقوب البصري الأعلم 199 504- محمد بن يوسف بن يعقوب الرازي 200 505- محمد بن يوسف البارودي 200 506- محمد بن يوسف بن عاصم البخاري 200 507- محمد بن يوسف التركي 200 508- محسن بن جعفر بن علي العلوي 200 509- محمود بن أحمد بن الفرج الزبيري 201 510- محمود بن والان بن موسى العدوي 201 511- محمود بن محمد المروزي 201 512- محمود بن علي بن مالك 201 513- مسبح بن حاتم بن ماور 201 514- مسور بن قطن بن إبراهيم 202 515- مسلم بن أحمد بن أبي عبيدة 202 516- مسلم بن سعيد الأشعري الجزء: 22 ¦ الصفحة: 236 202 517- مسلم بن عبد الله بن مكرم 202 518- مضارب بن إبراهيم النيسابوري 203 519- معمر بن محمد بن معمر البلخي 203 520- ممشاذ الدينوري 203 521- موسى بن إسحاق بن موسى الخطمي 203 522- موسى بن أفلح البخاري 204 523- موسى بن خازم بن سيار 204 524- موسى بن عبد الحميد بن عصام الْجُرْجانيّ 204 525- موسى بن محمد بن موسى الذهلي 204 526- موسى بن هارون بن عبد الله البزار 204 527- موسى بن هارون بن سعيد الأصبهاني 205 528- موسى بن هشام الدينوري "حرف النون": 205 529- نصر بن أحمد الكندي 205 530- نصر بن سياد بن فتح 205 531- نصر بن عبد الحميد القراطيسي 206 532- نوح بن منصور البغدادي "حرف الهاء": 206 533- هارون بن موسى بن شريك "الأخفش" 206 534- هبيرة بن محمد بن عبد الحميد 206 535- هميم بن همام الطبري "حرف الواو": 206 536- وحيد بن عمر بن هارون البخاري 207 537- وكيع بن إبراهيم بن عيسى الموصلي 207 538- الوليد بن حماد بن جابر الرملي "حرف الياء": 207 539- يحيى بن أحمد بن زياد السفياني الجزء: 22 ¦ الصفحة: 237 207 540- يحيى بن الحسين بن القاسم بن طباطبا 207 541- يحيى بن زكريا الثقفي القرطبي 208 542- يحيى بن عبد الله بن الحريش 208 543- يحيى بن عبد الله بن حجر 208 544- يحيى بن عبد الباقي الأذني 208 545- يحيى بن عبد العزيز بن المختار القُرْطُبيّ 208 546- يحيى بن علي بن يحيى المنجم النديم 209 547- يحيى بن محمد بن البختري 209 548- يحيى بن محمد بن عمران الحلبي 209 549- يحيى بن المعافي بن يعقوب الكندي 209 550- يحيى بن منصور الهروي 209 551- يحيى بن نافع بن خالد المصري 209 552- يعقوب بن إسحاق بن يعقوب الطائي 210 553- يعقوب بن علي بن إسحاق الناقد 210 554- يعقوب بن غيلان العماني 210 555- يعقوب بن الوليد بن محمد الأيلي 210 556- يعقوب بن يوسف بن الحكم الجوباري 210 557- يوسف بن الحكم الضبي 210 558- يوسف بن عاصم الرازي 210 559- يوسف بن موسى المروروذي 211 560- يوسف بن يعقوب بن إسماعيل "الكنى": 211 561- أبو جعفر بن ماهان الرازي 213 فهرس الموضوعات الجزء: 22 ¦ الصفحة: 238 المجلد الثالث والعشرون الطبقة الحادية والثلاثون أحداث سنة إحدى وثلاثمائة ... بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم ربنا أفرغ علينا صبرًا الطبقة الحادية والثلاثون: القرن الرابع: وما جرى فيه من الحوادث الكبار من كلام ابن الجوزي، وغيره. أحداث سنة إحدى وثلاثمائة: القبض على الوزير الخاقاني: في أولها قبض المقتدر على وزيره أبي علي الخاقاني، وعلى ابنيه، وأبي الهيثم بن ثوابة1. وكان قد مضى بليق المؤنسي في ثلاثمائة راكب إلى مكة لإحضار عليّ بن عيسى للوزارة، فقدم في عاشر المحرم، فَقُلِّدَ وَسُلِّمَ إليه الخاقاني ومن معه فصادره مصادرةً قريبة، ورفق بهم، وعدل في الرعية، وعفَّ عن المال، وأحسن السّياسة، وأتَّقى الله، وأبطل الخمور2. قاله ثابت بن سنان، فقال: وحدَّثني بعد عزله من الوزارة قال: قال لي ابن الفُرات بعد صرفي وتوليته: أبطلت الرسوم، وهدمتَ الارتفاع. فقلت: أيُّ رسم أبطَلْتَ؟ قال: المكْس بمكّة. فقلت: أهذا وحده أبطَلْتُ؟ وقد أبطلت ما ارتفاعه في العام خمسمائة ألف دينار، ولم أستكثر هذا القدر في جنب ما حَطَطْتَهُ عن أمير المؤمنين من الأوزار. ولكن أنظر مع ما حططت إلى ارتفاعي وارتفاعك. فقدم الخادم قبل أن يجيب. تولية محمد بن يوسف القضاء: وفي صَفَر سألَ عليُّ بنُ عيسى أن يقلّد القضاء أبا عمر محمد بن يوسف، وعرفه   1 راجع النجوم الزاهرة "3/ 182"، وصحيح التوثيق "7/ 358". 2 تاريخ القرامطة لابن سنان "40"، وصحيح التوثيق "7/ 358". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 3 فضله ومحلّه، فقلّده قضاء الجانبين. وبقي على قضاء مدينة المنصور أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البُهْلُول1. ركوب المقتدر إلى الشمّاسية: وفيها ركب المقتدر من داره إلى الشّمّاسّية، وهي أوّل رَكْبه ظهر فيها للعامّة2. محنة الحلاج: وفيها أُدْخلَ حسين بن منصور الحلاج مشهورًا على جَمَلٍ إلى بغداد، وكان قد قُبض عليه بالسوس وحُمِل إلى عليّ بن أحمد الراسبيّ، فأقدمه إلى الحضرة، فَصُلِبَ حيًّا، ونُودي عليه: هذا أحد دُعاة القرامطة فاعرفوه. ثم حُبِس في دار السّلطان. وظهر عنه بالأهواز وببغداد أنّه أدّعى الإلهيّة، وأنّه يقول بحلول اللّاهوت في الأَشراف، وأنّ مكاتباته تُنْبِئ بذلك. وقيل: إن الوزير عليّ بن عيسى أحضره وناظَرَه، فلم يجد عنده شيئًا من القرآن ولا الحديث ولا الفقه، فقال له: تَعَلُّمكَ الوضوء والفرائض أوْلى بك من رسائل لَا تدرى ما فيها -وكانوا قد وَجدوا في منزله رقاعًا فيها رموز- ثم تدَّعي، وَيْلَكَ، الإلهيّة، وتكتب إلى تلاميذك: "من النّور الشَّعشعانيّ"! ما أحْوَجك إلى الأدب. وحبُس. فاستمال بعضَ أهلِ الدّار بإظهار السنة، فصاروا يتبرَّكون به، ويسألونه الدّعاء. وستأتي أخباره فيما بعد3. تقليد ابن المقتدر أعمال مصر والمغرب: وفيها: قُلِّد أبو العبّاس بن المقتدر أعمالَ مصر والمغرب، وله أربعُ سِنين، وأستُخْلِفَ له مؤنس الخادم.   1 مختصر التاريخ "175"، لابن الكازروني، وصحيح التوثيق كما في الموضع السابق. 2 البداية والنهاية "11/ 121"، وتاريخ الخلفاء "380". 3 تاريخ الطبري "10/ 147"، والمنتظم "6/ 122، 123"، ووفيات الأعيان "2/ 140-146"، والنُّجوم الزاهرة "3/ 182". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 4 تقليد عليّ بن المقتدر الريّ: وَقُلِّدَ عليّ بن المقتدر الرِّيَّ ونواحيها، وأسْتُخْلٍفَ له عليها1. اعتقال ابن ثَوَابة الكاتب: ونفذ محمد بن ثَوَابة الكاتب إلى الكوفة، وَسُلِّمَ إلى إسحاق بن عِمَران، فاعتقله حتى مات. مقتل أحمد بن إسماعيل الساماني: وفيه ورد الخبرُ أنّ غلمان أحمد بن إسماعيل قتلوه على نهر بَلْخ، وقام ابنه نصر بن أحمد، فبعثَ إليه المقتدر عهده بولاية خُراسان2. مقتل أبي سعيد الْجَنَّابيّ: وفيها قُتِلَ أبو سعيد الْجَنَّابيّ القَرْمطيّ المتغلّب على هَجَر؛ قتله غلامه الخادم الصِّقْلَبيّ، لكونه أراده على الفاحشة، فلمّا دخل إليه قتله. قال: وما زال يفعل ذلك بواحدٍ واحدٍ حتّى قتل أربعة من الأعيان، ثم دعاء بالخامس، فلمّا رأى القتلى صاح، فصاح النّساء، واجتمعوا على الخادم فقتلوه3، وكان أبو سعيد الْجَنِّابيّ قد هزم جيوش المعتضد ثمّ وَادَعَ المعتضد القتالَ فكفِّ عنه وبقي بهَجَر من ناحية البرّيّة إلى هذا الوقت. قال ثابت: وكان عليّ بن عيسى أشار بمكاتبة أبي سعيد بن بهرام الْجَنَابيّ والإعذار إليه وحضّه على الطّاعة، ووبّخه على ما يُحكى عنه وعن أصحابه مِن ترك الصّلاة والزّكاة واستباحة المحرِّمات؛ ثمّ توعّده وتهدّده. فبلغ الرُّسُلَ وهم بالبصرة مقتلُهُ، فكتبوا إلى الوزير، فكتبَ إليهم: أَنْ سِيروا إلى مَن قامَ بعده. فساروا وأوصلوا الكتابَ إلى أولاده، فكتبوا جوابه، فكانَ: للوزير أبي الحسن مِن إخوته، سلامُ على الوزير، فإنا نَحْمد إليه الله الذّي لَا إله إلى هو، ونسأله أن يصلّي على سيّدنا محمد.   1 الكامل في التاريخ "8/ 76"، وتجارب الأمم "1/ 32". 2 العيون والحدائق "4ق1/ 255"، والعبر "2/ 118"، وشذرات الذهب "2/ 237"، والكامل في التاريخ "8/ 77-79". 3 تجارب الأمم "1/ 33"، ونهاية الأرب "25/ 243، 244"، وتاريخ ابن الوردي "1/ 253". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 5 وفيه: فأما ما ذكره عنّا من انفرادنا عن الجماعة، فنحن، أيّدك الله، لم نَنْفرد عن الطّاعة والجماعة، بل أفرِدْنا عنها، وأُخْرِجْنا من ديارنا، واستحلّوا دماءَنا، ونحنُ نشرح للوزير حالنا: كان قديمُ أمرنا أنّا كنّا مستورين مُقْبلين على تجارتنا ومعايشنا، نُنَزَّه أنفسنا عن المعاصي، ونحافظ على الفرائض، فَنَقَمَ علينا سُفهاء النّاس وفُجّارهم ممّن لَا يُعْرَف بِدِين، وأكثروا التَّشنيعَ علينا حتّى جمع النّاس علينا، وتظاهروا وشهدوا علينا بالزُّور، وأنّ نِساءَنا بيننا بالسَّويّة، وأنّا لَا نحرِّم حرامًا، ولا نحلِّل حلالًا، فخرجنا هاربين، ومَن بقيَ منّا جعلوا في رقابهم الحبال والسّلاسل.. إلى أن قال: فأجْلونا إلى جزيرة، فأرسلنا إليهم نطلب أموالنا وحُرمنا، فمنعوناها، وعزموا على حربنا، فحاكمناهم إلى الله، وقال تعالى: {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج: 60] فنصرنا الله عليهم. وأمّا ما أدُّعى علينا من الْكُفْرِ وترك الصّلاة فنحن تائبون مؤمنون باللَّه. فكتب الوزير يعدهم الإحسان. مسير المهدي صاحب إفريقية إلى لِبْدة: وفيها سار المهديّ صاحب إفريقيّة يريد مصر في أربعين ألفًا من البربر في البر والبحر، ونزل لِبْدَة، وهى من الإسكندريّة على أربعة مراحل. وكان بمصر تَكين الخاصّة، ففجّر النّيل، فحال الماء بينهم وبين مصر1. وقعة برقة: قال المُسَبّحيّ: فيها كانت وقعة بَرْقَةَ، وكان عليها المنصور، فسلّمها وانهزم إلى الإسكندرية2. حرب حَبَاسة الكُتامّي والعباسيّين بمصر: وفيها: سار أبو داود حَبَاسَة بن يوسف الكتاميّ البربريّ في جيشٍ عظيم قاصدًا إلى مصر مقدّمةً بين يدي القائم محمد، فوصل إلى الجيزة، وهَمّ بالدُّخول إلى مصر فغلط المخاضة ونُذِر به، فخرج إليه عسكر، فحالوا بينه وبين الدخول، وأعانهم زيادة   1 المواعظ والاعتبار "1/ 69"، ومرآة الجنان "2/ 238". 2 تاريخ الطبري "10/ 148"، والبيان المغرب "1/ 171". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 6 النيل، فردّ إلى الإسكندرية، فَقَتَلَ وأفسدَ. ثم سار جيش المقتدر إلى بَرْقَةَ، وجرت لحباسة ولهم حروب. وقلَّد المقتدرُ مصرَ أبا عليّ الحسين بن أحمد، وأبا بكر محمد بن عليّ، المادرائيّين، وأضاف إليهما جُنْدَ دمشق وفلسطين، فساروا إلى مصر، فكان بينهم وبين الفاطميّ وقْعات. ثم رجع إلى بَرْقة، وأقام المادرائيّ بمصر. وملك الفاطميّ الإسكندرية والفيّوم، ثم ترك ذلك وردّ1. تقليد ابن بسّام حمص وقنّسرين والعواصم: وقلد المقتدرُ حمصَ وقنّسرين والعواصم أبا القاسم عليّ بن أحمد بن بسّام2. وفاة الراسبيّ: وفيها: تُوُفّي عليّ بن أحمد الرّاسبيّ أمير جُنْدَيْسابور والسُّوس، وكان شجاعًا جوادًا. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وخلف من الذَّهَب ألف ألف دينار، وألف فرس، وألف جَمَلٍ، وغير ذلك3. وفاة القاضي ابن أبي الشوارب: وفيها: تُوُفّي القاضي عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أبي الشوارب. وتُوُفّي بعده بثلاثة وسبعين يومًا ابنه القاضي محمد المعروف بالأحنف.   1 الولاة والقضاة "269"، وشذرات الذهب "2/ 237". 2 وفي زبدة الحلب "1/ 95" قال: "علي بن أحمد بن بسطام". 3 المنتظم "6/ 125"، تكملة تاريخ الطبري "13". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 7 أحداث سنة اثتين وثلاثمائة ... أحداث سنة اثنتين وثلاثمائة: تغلُّب نصر بن أحمد الساماني على عمّه: في أوّلها وردَ كتاب نصر بن أحمد أمير إقليم خُراسان أنّه وَاقَعَ عمَّه إسحاق بن إسماعيل وأنّه أسره، فبعث إليه المقتدر بالخِلع واللّواء1. مقتل حَبَاسة الكتامّي: وفيها: عاد المسمّى بالمهديّ الفاطمي إلى الإسكندريّة ومعه صاحبه حَبَاسة، فَجَرَت بينه وبين جيش الخليفة حروب قُتِل فيها حَبَاسة، وعاد مولاه إلى القَيْروان2. طهور أولاد المقتدر: وفيها: طهَّر المقتدر خمسةً من أولاده، فغرمَ على الطُّهور ستّمائة ألف دينار، وطهَّر معهم طائفةً من الأيتام، وأحسنَ إليهم3. القبض على ابن الجصّاص ومصادرته: وفيها: قبضَ المقتدر على أبي عبد الله الحُسَيْن بن عبد الله بن الجصّاص الْجَوْهري وكُبِسَتْ داره، وأخَذَ له من المال والجواهر ما قيمته أربعة آلاف ألف دينار4. وقال أبو الفَرَج بن الْجَوْزيّ: أخذوا منه ما مقداره ستّة عشر ألف ألف دينار عينًا ووَرقًا، وقماشًا وخيْلًا5. وقال غيره: أكثر أموال ابن الجصّاص من قطر النَّدى بنت خمارُوَيْه صاحب مصر، فإنه لمّا حملها من مصر إلى المعتضد كان معها أموال وجواهر عظيمة، فقال لها ابن الجصّاص: الزّمان لَا يدوم ولا يؤمن في حال، دعى عندي بعضَ هذه الجواهر تكون ذخيرةً لك. فأودعته، ثمّ ماتت. فأخذ الجميع. وقال بعضهم: رأيت بين يدى ابن الجصّاص سبائك الذَّهب تُقَبَّن بالقبّان. وقال التَّنُوخيّ: حدَّثني أبو الحسين بن عيّاش أنه سمع جماعةً من ثقات الكتاب يقولوَن: إنهم حضروا ما ارتفعت به مصادرة ابن الجصّاص زمن المقتدر، فكانت ستّة آلاف ألف دينار، هذا سوى ما قُبض من داره، وبعد الذي بقي له من ظاهره.   1 تاريخ الطبري "10/ 148"، وتاريخ بخارى "127"، وصحيح التوثيق "7/ 360". 2 تاريخ الطبري "10/ 149"، والولاة والقضاة "270"، والعبر "2/ 121". 3 البداية والنهاية "11/ 122"، والمنتظم "6/ 127". 4 البداية والنهاية "11/ 122". 5 المنتظم "6/ 127". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 8 خروج الأطروش ودعوته الدَّيلم للإسلام: وفيها: خرج الحسن بن علي العلوي الأطروش، وتقلب بالدّاعي. ودعا الدَّيْلم إلى الله، وكانوا مجوسًا، فاسلموا. وبنى لهم المساجد. وكان فاضلًا عاقلًا له سيرة مدّوَّنة، وأصلحَ الله الدَّيْلَمَ به1. تقليد أبي الهيجاء الموصل والجزيرة: وفيها: قلّد المقتدر أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان المَوْصِل والجزيرة2. بناء المارستان بالحربيّة: وفيها: بنى الوزير عليّ بن عيسى المارسْتان بالحربيّة، وأنفق عليه أمواله. قطع طريق وفد الحجَّاج: وفيها: في الرجعة قطع الطريق على رَكب العراق الحسن بن عمر الحسني مع طيئ وغيرهم، فاستباحوا الوفد، وأسروا مائتين وثمانين امرأة، ومات الخلق بالعطش والْجُوع في البرّيّة3. حرب العبّاسيّين والفاطميّين في مصر: وفيها: وصل إلى مصر القاسم بن سِيما في جيشٍ مَدَدًا لتَكين، ونوديَ في مصر بالنَّفير إلى الغَزَاة، فلم يتخلّف كبيرُ أحدٍ، فقدِم حَبَاسة حتّى نزل الجيزة فكان المُصافُّ في جُمَادَى الآخرة، ثم أصبحوا على القتال، وتعبئوا للحرب، وكثر القتل في الفريقين، ثمّ تراجع حَبَاسة وولّى، فاتَّبعه العامّة حتّى عَدَوْا خليجَ نُزْهة، فكرَّ عليهم حَبَاسة، فيُقال: قتل منهم عشرة آلاف. وخرجوا من اليوم الثالث، فلم يكن قتال4.   1 تاريخ الطبري "10/ 149"، والنجوم الزاهرة "3/ 185". 2 النجوم الزاهرة "3/ 185"، ونهاية الأرب "23/ 41". 3 تاريخ الطبري "10/ 150، 151". 4 ولاة مصر "288"، للكندي، والمختصر في أخبار البشر "2/ 68". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 9 قدوم مؤنس الخادم إلى مصر: وفيها: قِدم مؤنس الخادم إلى مصر مددًا وأميرًا عليها، وخرج عنها تكين الخاصّة. صلاة العيد في جامع مصر: وفيها: صُلِّيَ العيد في جامع مصر، ولم يكن يُصَلَّى فيه العيد قبلَ ذلك فصلى بالنّاس فيه عليّ بن أبي شيحة، وخطب من دفتر نَظَرًا، وكان من غَلَطِه أنْ قال: "اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلّا وَأَنْتُمْ مشركون". نقلها يحيى بن الطحان، عن أبيه، وآخر1.   1 انظر: تاريخ الخلفاء "380، 381"، وصلة تاريخ الطبري "1/ 54-57" لعريب القرطبي، وتكملة تاريخ الطبري "11/ 20" للهمداني، والنجوم الزاهرة "3/ 205-211". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 10 أحداث سنة ثلاث وثلاثمائة : تألف الوزير ابن عيسى للقرامطة: فيها: راسل عليّ بن عيسى الوزير القرامطة وهاداهم، وأطلق لهم ليتألفهم، فنفع ذلك1. ولادة على بن عبد الله بن حمدان: وفي ذي الحجة ولد عليّ بن عبد الله بن حمدان سيف الدّولة2. القبض على أبي الهيجاء بن حمدان: وفيها: خلَع الطّاعة الحُسين بن حمدان، وكان مؤنس مشغولًا بمصر بحرب المغاربة، فندبَ الوزير رائقًا الكبير لمحاربته، فالتقى معه، فهزمه ابن حمدان، فصار إلى مؤنس، فسار مؤنس مُجِدًّا، وجرت له ولابن حمدان خُطوبُ، وراسَلَه واستمالَ جُنده، فتسرَّبوا إلى مؤنس. ثمّ سار وراء الحسين وقاتله، فأسره ونهب أمواله. ودخل   1 تاريخ أخبار القرامطة "37 وما بعدها"، والنجوم الزاهرة "3/ 188". 2 النجوم الزاهرة "3/ 188". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 10 به بغداد وهو على جمل، وأصحابه على الجمال، فحبسهم المقتدر، ثمّ قبض على أبي الهيجاء بن حمدان وإخوته1. ولاية ذكاء الرومي مصر: وفيها: قلد ذكاء الرومي، وعزل مؤنس الخادم2.   1 العبر "2/ 123"، وصحيح التوثيق "7/ 361". 2 حسن المحاضرة "2/ 13"، وبدائع الزهور "1ق1/ 175". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 11 أحداث سنة أربع وثلاثمائة : حبْس العلويّ: في المحرَّم عادَ نصر الحاجب من الحجّ ومعَه العلويّ الّذي قطع الطّريق على الرَّكْب عام أوّل، فَحُبس في المُطْبق. غزوة مؤنس الخادم بلاد الروم: وفي ربيع الآخر غزا مؤنس الخادم بلاد الروم من ناحية مَلَطْية، فوافاه جنود الأطراف، فافتتح حصونًا وأثَّر أَثَرَةً حسنة1. وفاة ابن كنداجق: وفيها: مات محمد بن إسحاق بن كنداجق بالدَّيَنَور، وكان متقلدها؛ وصادرَ عليّ الوزير وَرَثته، فصالحهم على ستّين ألف دينار مُعَجَّلَة. الخوف ببغداد من حيوان الزبزب: وفيها: وقعَ الخوف ببغداد من حيوان يقال له: الزَّبْزَب، ذكر النّاس أنّهم يَرَونْه بالّليل على الأسطحة، وانّه يأكل الأطفال، ويقطع ثَدْيَ المرأة، فكانوا يتحارسون، ويضربون بالصّواني والطّاسات ليهرب، واتّخذَ النّاس لأطفالهم مكابّ، ودام عدة ليالٍ، فأخذ الأعيان حيوانًا أبلق كأنّه من كلاب الماء. فَذُكِر أنّه الزَّبْزَب، وأنّه صِيد،   1 خبر صحيح: وهو في الكامل في التاريخ "8/ 106"، والنجوم الزاهرة "3/ 190"، والعبر "2/ 127". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 11 فَصُلِبَ على الجسر، فلم يُغْنِ ذلك إلى أن انبسط القمر، وتبيّن للنّاس أنَّ لَا حقيقة لما توهّموه1. القبض على عليّ بن عيسى الوزير: وفى آخرها قبض المقتدر على عليّ بن عيسى الوزير، وكان قد استعفى مِرارًا وضجر من سوء أدب "الحاشية"، فتنكّر المقتدر عليه لذلك. واتَّفق أنّ أم موسى القَهْرَمانة جاءت إليه لتُوَافقَه على ما يطلق في العيد للحُرَم من الضّحايا، فصرفها حاجبه، فغضبت وأغْرت به السَّيِّدة والمقتدر، فَصُرف ولم يتعرّض لشيءٍ من ماله، واعتُقل. إعادة ابن الفرات إلى الوزارة: وأُعيد أبو الحسن بن الفُرات، وخُلع عليه سَبْعُ خلَع يوم التَّرْوية2. وركب مُؤنس والقُوَّاد بين يديه، ورُدَّت عليه ضِياعُه. إطلاق علي بن عيسى ومصادرة أخويه: ثم أطلق ابن عيسى ولكن صودر أخواه إبراهيم وعُبَيْد الله، وأُخذ منهما مائة ألف دينار وعزلا3. عصيان بن أبي الساج وأسْره: وفيها: عصى يوسف بن أبي الساج بأذربيجان، فسار مؤنس، فظفر به وأسره بعد حرب طويل4. وفاة زيادة الله بن الأغلب: وتوفيّ فيها زيادة الله بن عبد الله بن الأغلب الّذي كان صاحب القيروان، وكان هو وأبوه من أمراء القيروان. وردّ زيادة الله منهزمًا من المهديّ الخارجيّ إلى مصر فأْكرم، وقيل: إنّه مات بالرقة، وقيل: بالرملة.   1 تجارب الأمم "1/ 39"، والبداية والنهاية "1/ 126". 2 الوزراء "36" للصابي، والمنتظم "6/ 138". 3 راجع مروج الذهب "4/ 305". 4 تكملة تاريخ الطبري "11/ 210، 211"، والنجوم "3/ 213"، وصحيح التوثيق "7/ 362". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 12 أحداث سنة خمس وثلاثمائة : قدوم رُسُل ملك الروم بالهدايا: فيها: قدمت رُسُل ملك الروم بهدايا تطلب عقْد هُدنة، فأُشحنت رِحاب دار الخلافة والدّهاليز بالْجُنْد والسّلاح، وفُرشت سائر القصور بأحسَن الفرش، ثمّ أحضر الرَّسولان والمقتدر على سريره، والوزير ومؤنس الخادم قائمان بالقرب منه1. إظهار المقتدر عظمة الخلافة أمام رُسُل الروم: وذكر الصُّوليّ وغيره احتفال المقتدر، فقالوا: أقام المقتدر العساكر، وصفّهم بالسّلاح، وكانوا مائة وستّين ألفًا، وأقامهم من باب الشّمّاسيّة إلى دار الخلافة، وبعدهم الغلمان، وكانوا سبعة آلاف خادم، وسبعمائة حاجب. ثمّ وصف أمرًا مَهُولًا فقال: كانت السُّتْور ثمانية وثلاثين ألف ستر من الدّيباج، ومن البُسُط اثنان وعشرون ألفًا. وكان في الدّار قِطْعان من الوحش تأنَّست، كان فيها مائة سبْعٍ في السّلاسل. ثمّ أُدْخلا دار الشَّجَرَة، وكان في وسطها بِرْكة والشجرة فيها، ولها ثمانية عشر غُصْنًا، عليها الطُّيور مذهّبة ومُفضُّضَة، وورقها مختلف الألوان، وكلّ طائر من هذه الطّيور المصنوعة يصفرّ. ثمّ أُدْخِلا إلى الفردوس، وبها من الفرس ما لَا يُقَوَّم وفي الدهاليز عشرة آلاف جَوْشن مذهَّبة مُعِلَّقة2. ورود هدايا صاحب عُمان: وفيها: وردت هدايا صاحب عُمان، فيها طير أسود يتكلّم بالفارسيّة وبالهنديّة أفصح من البَبّغاء، وظباء سود.   1 تاريخ حلب للعظيمي "281"، والنجوم الزاهرة "3/ 192". 2 تاريخ بغداد "1/ 100"، والبداية والنهاية "11/ 127 وما بعدها". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 13 رضاء المقتدر على أبي الهيجاء وإخوته: وفيها: رضي المقتدر على أبي الهيجاء بن حمدان وإخوته، وخلع عليهم. وفاة الأمير غريب: وفيها: تُوُفّي الأمير غريب خال المقتدر بعلّة الذَّرَب. الحج هذا الموسم: وفيها: حجّ بالنّاس الفضل بن عبد الملك الهاشميّ، وهي تمام ستّ عشرة حجة حجها بالناس1.   1 صحيح التوثيق "7/ 363"، وتاريخ الخلفاء "ص/ 608"، والبداية والنهاية "11/ 127، 128" وغيرهم. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 14 أحداث سنة ست وثلاثمائة : فتح مارستان والدة المقتدر: في أوّلها فُتِح مارستان السيدة والدة المقتدر ببغداد، وكان طبيبه سِنان بن ثابت. وكان مبلغ النَّفقة فيه في العام سبعة آلاف دينار1. وفاة القاضي وكيع: وفي ربيع الأول مات القاضي محمد بن خلف وكيع، فأضيف ما كان يتولاه من قضاء الأهواز إلى أبي جعفر بن الْبُهْلُولِ قاضي مدينة المنصور2. قتل الحسين بن حمدان: وفي جمادى الأولى أمر المقتدر بقتل الحسين بن حمدان، فقُتل في الحبس. القبض على الوزير ابن الفرات: وفيها: قُبِض على الوزير أبي الحسن بن الفرات لكونه أخر أرزاق الجند، واعتل   1 انظر المصدر السابق. 2 المنتظم "6/ 146"، وصحيح التوثيق "7/ 363". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 14 بضيق الأموال، فقال المقتدر: أين ما ضمنتَ من القيام بأمر الْجُنْد؟ وعزله1. ولاية حامد بن العباس الوزارة: وكتب إلى حامد بن العّباس كاتب واسط، فقدِم في أُبَّهةٍ عظيمةٍ، وخلفه أربعمائة مملوك بالسلاح، فخلع عليه، وجلس في الدّيوان أيّامًا، فظهرَ منه قلّة معرفة وسوء تدبير وحِدَّة؛ فضُمّ معه عليّ بن عيسى في الأمر، فمشى الحال، وبقي الرَّبْط والحَلّ والدَّسْتُ لعَليّ، فعزلَ عليُّ بنُ عيسى عليَّ بنَ أحمد بن بِسْطام مِن جُنْد قِنَّسْرين والعواصم، وقلّد الشام ومصر أبا عليّ الحسن بن أحمد المادرائي، وقرر عليه الخراج على الإقليمين، ثلاثة آلاف ألف دينار، سوى نَفقات الجيوش وغيرهم تُحمل إلى المقتدر2. ازدياد تدخّل النساء في أمور الحكم: وكثُر أمرُ حُرَم الخليفة ونهيهم لركاكته، وآل الأمرُ إلى أن أمرت السّيّدة أمُّ المقتدر على القهْرمانة أن تجلس بتُربتها للمظالم، وتنظر في رقاع النّاس كلّ جمعة. فكانت تجلس وتُحْضِر القُضاة والأعيان، وتبرز التّواقيع وعليها خطّها3. وفاة الفقيه ابن سُرَيج: وفيها: تُوُفّي أبو العبّاس بن سُرَيْج الفقيه. قال الدّارَقُطْنيّ: كان فاضلًا لولا ما أحدثَ في الإسلام من مسألة الدَّور في الطّلاق. استيلاء القائم المهديّ على الإسكندريّة: وفيها: عاد القائم محمد بن عبد الله إلى مصر، فأخذ الإسكندريّة وأكثر الصّعيد، ثمّ رجَع4.   1 صلة تاريخ الطبري "72"، لعريب، والمنتظم "6/ 147". 2 الكامل في التاريخ "8/ 111"، وتكملة تاريخ الطبري "19/ 20"، وصحيح التوثيق "7/ 364". 3 التنبيه والإشراف "328، 329"، والبداية والنهاية "11/ 129"، وتاريخ الخلفاء "381". 4 ولاة مصر "292"، وعيون الأخبار "128"، ومرآة الجنان "2/ 246". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 15 بناء المهدية: وبنى أبوه المهدية وسكنها1.   1 انظر صلة الطبري "11/ 67-71"، تكملة الطبري "11/ 213"، والنجوم "3/ 216-220". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 16 أحداث سنة سبع وثلاثمائة : وفاة الفضل بن عبد الملك: في صفر تُوُفّي أمير الموسم الفضل بن عبد الملك الهاشميّ ببغداد، فولى ابنه مكانه. ولاية نازوك دمشق: وفيها: خلع المقتدر على نازوك وولاه دمشق، فسارَ إليها1. دخول القرامطة البصرة: وفيها: دخلت القرامطة البصْرة، فقتلوا وسَبَوا ونهبوا2. دخول عسكر القائم المهديّ الإسكندريّة: وفي صفر دخلت مقدّمة القائم الإسكندريّة، فاضطّرب أهل الفُسْطاط ولحِق كثيرُ منهم بالقُلْزُم والحجاز، فتمسّك ذَكَاء أمير مصر بالجيزة، ثمّ إنّه مرِض وتُوُفّي في ربيع الأوّل3. ولاية تكين على مصر للمرّة الثانية: ثمّ قدِم مصرَ تكينُ الخاصّة واليًا عليها الولاية الثّانية، فنزل الجيزة وحَفَر خندقًا4.   1 النجوم الزاهرة "3/ 197". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر: زبدة الحلب "1/ 94"، ومآثر الإنافة "1/ 280"، والنجوم الزاهرة "3/ 187، 95، 196". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 16 مسير مؤنس الخادم ومحمد بن طغج إلى مصر: وسار مؤنس الخادم في جيوشه حتّى نزل المنْية. وسار محمد بن طُغْج في عسكرٍ إلى مَنُوف1. اعتلال القائم المهديّ: واعتلّ القائم محمد بن عبد الله بالإسكندريّة علّةً صَعْبَة، وثار المرض في جُنْده، فمات داود بن حباسة ووجوه من القواد2.   1 ولاة مصر "295". 2 الكامل في التاريخ "8/ 114"، والنجوم الزاهرة "3/ 186". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 17 أحداث سنة ثمان وثلاثمائة : فتنة الغلاء ببغداد: فيها: غلت الأسعار ببغداد، وشغبت العامّة ووقع النَّهْب، فركبت الْجُنْد فهاوَشَتْهم العامّة. وسببه ضمان حامد بن العبّاس السَّواد وتجديد المظالم، فقصدوا دار حامد، فخرج إليهم غلمانه فحاربوهم، ودام القتال أيامًا، ثم انكشف عن جماعة من القتلى. ثمّ تجمعّ من العامّة عشرة آلاف، فاحرقوا الجسر، وفتحوا السّجون، ونهبوا النّاس، فركب هارون بن غريب الخال في العساكر، وركب حامد في طيّارٍ فرجموه، واخْتلّت أحوال الدّولة العبّاسيّة، وعَلَت الفِتَن، ومُحِقَتِ الخزائن1. استيلاء المهديّ على بلاد المغرب: واستولى عُبَيْد الله الملقّب بالمهديّ على بلاد المغرب. وفاة إبراهيم بن كَيَغْلَغ 2: وتُوُفّي إبراهيم بن كَيَغْلَغ الأمير في ذي القعدة بالجيزة، فعظم ذلك على أهل   1 صلة تاريخ الطبري "84"، والمنتظم "6/ 156"، وغيرهما. 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 440"، والوافي بالوفيات "6/ 96". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 17 مصر، وحمل إلى بيت المقدس فدفن فيها1. قتل ابن المديني القاصّ: وفيها: أخذ ابن المَدِينيّ القاصّ في جماعة يدعو إلى المهديّ، فضرب تكين عنقه. فاة بنت المتوكّل: وفيها: ماتت ميمونة بنت المتوكّل عمّة المقتدر. امتلاك القائم المهديّ للفسطاط: وفيها: ملكت جيوش القائم بالجيزة من الفُسْطاط، فاشتدّ قلق أهل مصر وتأهّبوا للهروب وكثُر البكاء، وجرت أمورُ يطول شرحها2. وفاة إمام جامع المنصور: وفيها: تُوُفّي إمام جامع المنصور محمد بن هارون بن العبّاس بن عيسى بن أبي جعفر المنصور، وكان مُعْرِقًا في النَّسَب. أَمَّ بجامع المنصور خمسين سنة. ولى ابنه جعفر بعده، فعاش تسعة أشهر بعد أبيه. والله أعلم.   1 النجوم الزاهرة "3/ 196"، ولاة مصر "294". 2 انظر. تاريخ الخلفاء "382"، والنجوم الزاهرة "3/ 196". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 18 أحداث سنة تسع وثلاثمائة : خلاف الطبريّ المؤرّخ والحنابلة: جري بين أبي جعفر محمد بن جرير الطِّبَريّ وبين الحنابلة كلام، فحضَر أبو جعفر عند عليّ بن عيسى لمناظرتهم، فلم يحضروا1. تلقيب مؤنس الخادم بالمظفّر: وفيها: قدِم مؤنس من حرب صاحب القيروان، فخلع عليه المقتدر، ولقبه بالمظفر2.   1 البداية والنهاية "11/ 132". 2 الكامل في التاريخ "8/ 114"، وتجارب الأمم "1/ 76". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 18 استرجاع الإسكندرية من المغاربة: وسار ثمل الخادم من طرسُوس في البحر إلى الإسكندريّة، فأخذها من جيش المغاربة. عزل تكين عن مصر وإعادته: وفيها: عُزِل تكين عن مصر بأبي قابوس محمود بن حمك، فأقام ثلاثة أيام، ثمّ عُزِل وأُعيد تَكِين. خروج القادة لقتال عسكر القائم المهديّ: وفيها: عسكر مؤنس وتَكِين والقوّاد وساروا إلى الفيّوم لحرب عساكر القائم، فرجع القائم إلى إفريقيّة مِن غير قتال، وذلك في أوائل السنة. مقتل الحلاج: وفيها: قُتل الحلاج، وقد مرّ من أخباره في سنة إحدى وثلاثمائة؛ وهو أبو عبد الله الحسين بن منصور بن مَحْمِيّ، وقيل: أبو مغيث. وكان محميّ مجوسيًّا فارسيًّا. نشأ الحلاج بواسط، وقيل: بِتُسْتَر، وتتلمذ لسهل بن عبد الله التستري. ثم قدم بغداد وأخذ عن الجنيد والنوري، وابن عطاء، وأخذ في المجاهدة ولبْس المُسُوح. ثمّ كان في وقتٍ يلبس الأقبية، وفي وقت يلبس المصبوغ. وقيل: كان أبوه حلاجًا. وقيل: أنّه تكلَّم على النّاس، فقيل: هذا حلاج الأسرار1. وقيل: إنّه مرَّ على حلاجٍ، فبعثه في شغلٍ له، فلمّا عاد الرجل وجده قد حلجَ كلّ قطنٍ في الدُّكّان. وقد دخل الهند وأكره الأسفار وجاور. قال حَمَدٌ ابْنُه: مولد أبي بطور البيضاء، ومنشأه بِتُسْتَر. ودخل بغداد فكان يلبس المُسُوح، ومرّةً يلبس الدّرّاعة والعمامة، ومرّة القباء، ووقتًا يمشي بخرقتين.   1 راجع: صلة تاريخ الطبري "86"، وتاريخ بغداد "8/ 112"، والمنتظم "6/ 160"، وصحيح التوثيق "7/ 367". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 19 وخرجَ إلى عُمَرو بن عثمان المكّيّ وإلى الْجُنَيْد وصحِبَهما. ثمّ وقع بين الْجُنَيد وبين أبي لأجل مسألة، ونسبه الْجُنَيد إلى أنّه مدَّعي. فرجع بأمّي إلى تُسْتَر، فوقع له بها قَبُولٌ. ولم يزل عُمَرو بن عثمان المكّيّ يكتب الكُتُب فيه بالعظائم، حتّى غضب ورمى بزِيّ الصُّوفيّة ولبس قباءٍ، وصحِبَ أبناء الدّنيا. ثمّ سافر عنّا خمس سِنين، بلغ إلى ما وراء النّهر؛ ثمّ رجع إلى فارس، وأخذ يتكلَّم ويدعو إلى الله. وصنَّف لهم، وتكلَّمَ على الخواطر، ولُقِّبَ حلاج الأسرار1. ثمّ قدِم الأهواز فحُمِلت إليه، ثم خرج إلى البصرة ثمّ إلى مكّة، ولبس المرقَّعَة، وخرج معه خلْق، فتكلّم فيه أبو يعقوب النهْرَجُوريّ وحسده، فقدِم الأهوازَ، وحمل أمّي وجماعة من رؤسائها إلى بغداد، فبقي بها سنة، ثمّ قصدَ الهند وما وراء النهّر ثانيًا، ودعا إلى الله، وصنَّف لهم كُتُبًا، ثمّ رجع، فكانوا يكاتبونه من الهند بالمُغِيث، ومن بلاد تُرْكستان بـ"المُقِيت"، ومن خُراسان، بـ"المميّز"، ومن فارس بـ"أبي عبد الله الزّاهد"، ومن خُوزسْتان بـ"الشّيخ حلاج الأسرار". وكان ببغداد قوم يسمّونه: "المصْطَلِم"، وبالبصرة "المحيّر"2. ثمّ كثُرت الأقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السَّفْرة، فحج وجاوَرَ سنتين رجاءً. وتغيّر عمّا كان عليه في الأوّل، واقتنى العقار ببغداد، وبنى دارًا ودعا النّاس إلى معنًى لم أقف عليه، بل على شطر منه، حتّى خرج عليه محمد بن داود وجماعة من أهلِ العلم، وقبَّحوا صورته3. ووقع بين عليّ بن عيسى وبينه لأجل نصر القُشُوريّ، ثمّ وقع بينه وبين الشِّبْليّ وغيره من المشايخ، فقيل: هو ساحر، وقيل: هو مجنون، وقيل: بل له كرامات، حتّى حبسه السّلطان. روى هذا ابن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، قال: أخبرني حمد بن الحلاج، فذكره. وقال الحسين بن محمد المذاريّ: سمعت أبا يعقوب النَّهْرَجُوري يقول: دخل الحسين إلى مكّة فجلس في صحن المجلس سنة لَا يبرح من موضعه الّا لطهارةٍ أو   1 تاريخ بغداد "8/ 113". 2 تاريخ بغداد "8/ 113"، والعبر "2/ 139". 3 المنتظم "6/ 161". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 20 طواف، ولا يُبالي بالشّمس ولا بالمطر، ويُفْطر على أربع عضّات مِن قُرصٍ يؤتَى به، ثم إنه سافر إلى الهند، وتعلَّم السِّحر1. وقال أحمد بن يوسف التّنُوخيّ الأزرق: كان الحلاج يدعو كلّ وقتٍ إلى شيء على حسب ما يَسْتَبْله طائفة. أخبرني جماعة من أصحابه أنّه لمّا افتتن النّاس به بالأهواز، ونواحيها لِما يُخْرجه لهم من الأطعمة في غير حِينها والدّراهم، ويسمّيها "دراهم القُدرة". حُدِّث أبو عليّ الْجُبَّائيّ بذلك فقال: هذه الأشياء تمكن الحِيَل فيها، ولكنْ أدخِلُوه بيتًا من بيوتكم، وكلّفوه أن يُخرج منه خرْزتين شَوْك. فخرج عن الأهواز. وعن محمد بن يحيى الرّازيّ قال: سمعت عُمَرو بن عثمان المكّيّ يلعن الحلاج ويقول: لو قدره عليه لقتلته؛ قرأتُ آيةً فقال: يمكنني أن أؤلف مثله. وقال أبو يعقوب الأقطع: زوّجت بنتي من الحلاج، فبانَ لي بعد مُدَيدة أنّه ساحر محتال. وقال أبو عُمَر بن حَيَّوَيْه: لما أُخْرِج الحلاج لِيُقْتَلَ مَضَيْتُ وزاحَمْتُ حتّى رأيته، فقال لأصحابه: لَا يَهُولَنَّكُم، فإنّي عائد إليكم بعد شهر2. هذه حكاية صحيحة توضح أنّه مُمَخْرِق حتّى عند القتل. وقال أبو بكر الصولي: جالسْت الحلاج، فرأيت جاهلًا يتعاقل، وعييًا يتبالغ، وفاجرًا يتزهد. وكان ظاهره أنّه ناسك، فإذا علم أن أهل بلدته يرون الاعتزال صار معتزليًا، أو يرون التشيع تشيع، أو يرون التسنن تسنن. وكان يعرف الشعبذة والكيمياء والطب. وكان حينًا ينتقل في البلاد، ويدعي الربوبية، ويقول للواحد من أصحابه: أنت آدم؛ ولذا: أنت نوح؛ ولذا: أنت محمد. ويدعي التناسخ، وأن أرواح الأنبياء انتقلت إليه. وروى عليّ بن أحمد الحاسب، عن أبيه قال: وجهني المعتضد إلى الهند، وكان   1 تاريخ بغداد "8/ 118"، وتاريخ ابن الوردي "256". 2 في تاريخ بغداد "8/ 131"، "فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يومًا"، وانظر نهاية الأرب "23/ 600". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 21 معنا في السفينة رجل يقال له: الحسين بن منصور، قلت: فيم جئت؟ قال: أتعلم السِّحْر، وأدعو الخلق إلى الله1. وقال أبو بكر الصوليّ: قبضَ عليّ بن أحمد الراسبيّ الأمير الحلاج وأدخله بغداد وغلامًا له على جمل مشهورين سنة إحدى وثلاثمائة. وكتب يذكر أن البينة قامت عنده أنه يدعي الربوبية، ويقول بالحلول. فأحضره عليّ بن عيسى الوزير، وأحضر العلماء فناظروه، فأسقط في لفظه، ولم يجده يُحسن من القرآن شيئًا ولا من غيره. ثمَّ حُبِس مدّة. قال الصولي: كان يري الجاهل شيئًا من شعبذته، فإذا وثق به دعاه إلى أنه إله، فدعا فيمن دعا أبا سعيد بن نوبخت، فقال له، وكان أقرع: أَنْبِت في مقدم رأسي شعرًا2. ثم ترقت به الحال، ودافع عنه نصر الحاجب؛ لأنه قيل: إنّه سني، وإنما يريد قتله الرافضة. قال: وكان في كتبه: إني مغرق قوم نوح ومهلك عاد وثمود. وكان حامد بن العبّاس الوزير قد وجد لهُ كتبًا فيها أنّه إذا صام الإنسان وواصل ثلاثة أيّام وأخذ في اليوم الرابع ورقات هنْدباء، فافطر عليها أغناه عن صوم رمضان. وإذا صلّي في لَيْلَةٍ واحدةٍ رَكْعَتَين طول اللّيل أغنته عن الصّلات ما بقي. وإذا تصدَّق في يومٍ بجميع ما يملكه أغناه عن الزّكاة. وإذا بنى بيتًا وصامَ أيامًا وطاف به أغناه عن الحجّ3. فأحضر حامد القضاة وأحضره وقال: أتعرف هذا الكتاب؟ قال: هذا كتاب "السُّنَن" للحَسَن البصْريّ. فقال: ألست تدين بما فيه؟ قال: بلى. هذا كتاب أدين الله بما فيه.   1 تاريخ بغداد "8/ 120"، والمنتظم "6/ 161". 2 تاريخ بغداد "8/ 124"، والمنتظم "6/ 163". 3 راجع: تكملة تاريخ الطبري "24"، ونشوار المحاضرة "1/ 162، 163"، والمنتظم "6/ 163"، وصحيح التوثيق "7/ 368". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 22 فقال له أبو عُمَر القاضي: هذا فيه نقض شرائع الإسلام. ثمّ جاراه في الكلام إلى أن قال له أبو عُمَر: يا حلال الدّم، من أيَّ كتابٍ نقلت هذا؟ قال: من كتاب "الإخلاص" للحَسَن البصْريّ. قال: كذبت يا حلال الدّم، فقد سمعنا الكتاب، وليس فيه شيء من هذا1. فقال حامد لأبي عُمَر القاضي: قد أفتيت أنه حلال الدّم، فضع خطَّك بهذا. فدافعَ ساعةً، فمدّ حامد يده إلى الدَّواة وقدّمها للقاضي وألحّ عليه، فكتب بأنّه حلال الدّم، وكتب الفُقَهاء والعُلماء بذلك خطوطهم، والحلاج يقول: يا قوم، لَا يحلّ لكم إراقةُ دمي. فبعث حامد بخطوطهم إلى المقتدر، وأستأذنه في قتله، فتأخّر عنه الجواب، فخاف أن يبدو للمقتدر فيه رأي لِما قد استمال من الخواصّ بزُهْده، وتعبُّده في الحبْس، فنفَّذ إلي المقتدر أنّه قد ذاع كُفْره وادّعاؤه الرُّبوبيّة، وإنْ لم يقتل افتتن الناس، وتجرأ قومُ على الله تعالى وَالرُّسُلِ. فأذِن المقتدر في قتله. وطلبَ حامدُ صاحبَ الشرطة محمد بن عبد الصَّمد، وأمره أن يضربه ألف سَوط، فإنْ ماتّ وإلّا يقطع يديه ورِجْليه. فلمّا كان يوم الثلاثاء لستِّ بقين من ذي القعدة أُحضِر الحلاج مقيَّدًا إلى باب الطّاق، وهو يتبختر بقيده ويقول: حبيبي غير منسوب ... إلى شيء من الحيفِ سقاني مثل ما يشربُ ... فعلَ الضيف بالضيف فلما دارت الكاسُ ... دعا بالنطع والسيف كذا من يشرب الراح ... مع التِّنِّين في الصيف2 فضُرب ألف سوط، ثم قطعت يده ورجله، ثم حز رأسه وأحرقت جثته3.   1 راجع وفيات الأعيان "2/ 143". 2 ديوان الحلاج "ص/ 73"، والمنتظم "6/ 164". 3 خبر صحيح: أخرجه الخطيب "8/ 120، 127، 138، 139"، كما في التاريخ، ونشوار المحاضرة "6/ 87-91"، وأورد ابن الجوزي "6/ 163، 164"، كما في المنتظم، ووفيات الأعيان "2/ 143-145" لابن خلكان، وشذرات الذهب "2/ 255"، لابن العماد، والفخري "261"، وغيرهم. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 23 وذكر أن حوقل قال: ظهر من إقليم فارس الحسين بن منصور الحلاج، زعم أنه من هذب في الطاعة جسمه، وشغل بالأعمال الصالحة قلبه، وصبر على مفارقة اللذات، ومنع نفسه عن الشهوات يترقى في درج المصافاة حتّى يصفو عن البشرية طبعُه، فإذا صفى حلّ فيه روح الله الذي كان منه إلى عيسى ابن مريم عليه السّلام، فيصير مطاعًا، يقول للشيء: كن فيكون فكان الحلاج يتعاطى ذلك، ويدعو إلى نفسه، حتّى استمال جماعة من الوزراء والأمراء، وملوك الجزيرة والجبال والعامة. وقال أبو الفرج بن الجوزي: قد جمعت كتابًا سمّيته "القاطع لِمُحَال اللّجاج بحال الحلاج"1، وقال: قد كان هذا الرجل يتكلم بكلام الصُّوفيّة، فتندر له كلمات حِسان، ثمّ يخلطها بأشياء لَا تجوز. وكذلك أشعاره، فقال: فمنها: سبحان من أظهر ناسوتُهُ ... سِرَّ سَنا لاهُوتِه الثّاقبِ ثمّ بدا في خلقِه ظاهرًا ... في صورة الآكل والشارب حتّى لقد عايَنَهُ خَلْقُهُ ... كَلَحْظَةِ الحاجِبِ بالحاجِبِ2 قال: ولمّا حبس ببغداد استغوى جماعةً، فكانوا يستنشقون بوله، ويقولون: إنّه يُحيي الموتى. وقال ثابت بن سنان: انتهى إلى حامد بن العبّاس في وزارته أمرُ الحلاج، وأنّه قد موَّه على جماعةٍ من الخَدَم والحَشَم وأصحاب المقتدر، وعلى خَدَم نصر بن الحاجب بأنّه يُحْيِي الموتى، وأنّ الْجِنّ يخدمونه ويُحْضرون إليه ما يريد. وأنّ حَمْد بن محمد الكاتب قال: إنّه مرض فشربَ بَوْلَه، فعُوفي، وكان محبوسًا بدار الخلافة3. وَسُعِيَ إلى حامد برجل يُعرف بالسّمّريّ وبجماعة، فقبض عليهم وناظرهم، فاعترفوا أنّ الحلاج إله وأنّه يُحْيِي الموتى. ووافقوا الحلاج وكاشفوه فأنكر4.   1 المنتظم "6/ 162". 2 ديوان الحلَّاج "41"، والبداية والنهاية "11/ 134". 3 تاريخ بغداد "8/ 132". 4 تاريخ بغداد "8/ 133"، ونهاية الأرب "23/ 59". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 24 وكانت ابنة السمّريّ صاحب الحلاج قد أقامت عنده في دار السّلطان مدّة، وكانت عاقلة حسنة العبارة. فدعاها حامد فسألها عن أمره فقالت: قال لي يومًا: قد زوّجْتُك من سليمان ابني وهو بنَيْسابور، وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها "خلاف"، فإنْ جرى منه ما تكرهينه، فصُومي يومك، واصعدي آخر النّهار إلى السطح، وقومي على الرماد، وأَفْطري على المِلْح، وأذكُري ما أنكرتيه منه، فإنّي أسمع وأرى1. قالت: وكنتُ نائمةً لَيْلَةٍ وهو قريب منّي، وابنته عندي، فما حسست به إلّا وقد غشيَني، فانتبهتُ فَزعةً فقلت: ما لك؟ قال: إنّما جئت لأوقظك للصّلاة. وقالت لي بنته يومًا: اسجدي له. فقلت: أويسجد أحدُ لغير الله؟ وهو يسمع كلامنا، فقال: نعم إله في السّماء وإلهُ في الأرض2. وذكر القصّة إلى أن قال: فسلّمه حامد الوزير إلى صاحب الشرطة وقال: اضربه ألف سَوْط، فإنْ ماتَ فحُزّ رأسه وأحرِق جثَّته، وإنْ لم يتلف فاقطع يديه ورجليه، وأحرق جسده، وانصب رأسه على الْجِسْر. فَفُعِلَ به ذلك، وبعث برأسه إلى خُراسان، وطيف به، وأقبل أصحابه يعدّون أربعين يومًا ينتظرون رجوعه3. وزعم بعضهم أنّه لم يُقْتَلْ، وأنّ عدوًا له ألقي عليه شبهة4. وبعضهم ادَّعى أنّه راه في غد ذلك اليوم في طريق النّهْروان راكبًا على حمار وهو يقول: قولوا لهؤلاء البقر الّذين ظنُّوا أنّني أنا الّذي قُتلتُ ما أنا ذاك5. وأحضر حامد الورّاقين واستحلفهم أن لَا يبيعوا شيئًا من كُتُب الحلاج ولا يشترونها. وقيل: إنّ الحلاج لم يتأوه في ضربه.   1 تجارب الأمم "1/ 78". 2 تاريخ بغداد "8/ 135"، ونشوار المحاضرة "6/ 82". 3 انظر المصدر السابق. 4 تاريخ بغداد "8/ 141"، ووفيات الأعيان "2/ 145". 5 تاريخ بغداد "5/ 141"، والكامل في التاريخ "8/ 121". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 25 وقيل: إنّ يده لمّا قطعت كتبَ الدّم على الأرض: الله الله وليس ذلك بصحيح. وسائر مشايخ الصُّوفيّة ذمّوا الحلاج إلّا ابن عطاء، ومحمد بن خفيف الشِّيرازيّ، وإبراهيم بن محمد النَّصْراباذيّ، فصححّوا حاله ودوّنوا كلامه1. ثمّ وقفت على الجزء الّذي جمعه ابن باكُوَيْه في الحلاج فقال: حدَّثني حمد بن الحلاج، وذكر فصلًا قد تقدم قطعة منه، إلى أن قال: حتى أخذه السّلطان وحبَسه، فذهب نصر القُشُوريّ واستأذن الخليفة أن يبني له بيتًا في الحبْس، فبنى له دارًا صغيرة بجنْب الحبْس، وسدّوا باب الدّار، وعملوا حواليه سُورًا، وفتحوا بابه إلى الحبْس، وكان الناس يدخلون عليه سنة، ثمّ مُنِعوا، فبقي خمسة أشهر لَا يدخل عليه أحد، إلا مرة رأيت أبا العباس بن عطاء الأدميّ دخل عليه بالحيلة. ورأيت مرّةً أبا عبد الله عبد الله بن خفيف، وأنا برًّا عند والدي باللّيل والنّهار عنده. ثمّ حبسوني معه شهرين، وعُمَري يومئذٍ ثمانية عشر عامًا. فلمّا كانت اللّيلة الّتي أخرج من صبيحتها، قام فصلّى رَكعات، ثمّ لم يزل يقول: مَكْر مَكْر؛ إلى أن مضى أكثر اللّيل. ثمّ سكت طويلًا ثم قال: حقّ، حقّ. ثمّ قام قائمًا، وتغطّى بإزارٍ، واتّزر بمئزر، ومدّ يديه نحو القِبْلة، وأخذ في المُنَاجاة. وكان خادمه حاضرًا، فحفظْنا بعضها. فكان من مناجاته: نحن شواهدك، نَلُوُذ بَسَنا عِزَّتك، لَتُبْدِي ما شئتَ من شأنك ومشيئتك، أنتَ الّذي في السّماء إله وفي الأرض إله، يا مُدَهّر الدُّهور، ومصوَّر الصُّوَر، يا من ذَلّتْ له الجواهر، وسجدت له الأعراض، وانعقدت بأمره الأجسام، وتصوَّرت عنده الأحكام. يا مَن تجلّى لما شاء، كما شاء، كيف شاء، مثل التجلّي في المشيئة لأحسن الصُّورة. وفي نسخة: مثل تجلّيك في مشيئتك كأحسن صورة. والصّورة هي الرّوح النّاطقة الّتي أفردته بالعِلم والبيان والقُدرة. ثمّ أوعزتَ إلى شاهدك؛ "لأنّي" في ذاتك "الهُويّ" اليسير لمّا أردت بدايتي، وأظهرتني عند عقيب كراتي، ودعوت إلى ذاتي بذاتي، "وأبديت" حقائق علومي ومعجزاتي، صاعدًا في مَعَارجي إلى عُروش أوليائي، عند القول من برياتي، إنّي أحتضر وَأُقْتَلُ وأُصلب وأُحرق، وأُحمل على السّافيات الذاريات. وإن الذرة من   1 تاريخ بغداد "8/ 128". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 26 "ينجوج" مظَانّ هيكل "متجلّياتي" لأعظم من الرّاسيات1. ثم أنشأ يقول: أنْعى إليك نفوسًا ماج شاهدها ... فيما وراء الغيب وفي شاهد القِدَم أنْعى إليك قلوبًا طالما هَطَلَتْ ... سَحايُب الْوحْيِ لها أو بحر الْحِكَمِ أنْعى إليك لسان الحقّ من زمن ... أوْدَى وتَذْكَارُهُ في الوهْم كالعدم أنْعى إليك بيانًا تستبشر له ... أقوال كل فصح مقول فيهم أنْعى إليك إشارات العُقول معًا ... لم يَبْق مِنْهنّ الّا دارسُ الْعِلْمَ أنْعى وحقَّك أحلامًا لطائفةٍ ... كانت مطاياهم من مكمد الكِظَمِ مضى الجميعُ، فلا عَيْنُ ولا أثرُ ... مُضِيّ عادٍ وفِقْدَانَ الأُولَى إرَم وخلفوا معشرًا يَجْدُون لِبستَهم ... أعمى من البَهْم بل أعمى من النَّعَمِ2 ثم سكت، فقال خادمه أحمد بن فاتك: أوْصِني يا سيّدي. فقال: هي نفسُك إنّ لم تَشْغلْها شَغَلتْك3. فلمّا أصبحنا أُخرج من الحبْس، فرأيته يتبخْترَ في قَيده ويقول: نديمي غير منسوبِ. الأبيات. ثمّ حُمِل وقُطِّعت يداه ورجلاه، بعد أن ضرب خمسمائة سوط، ثم صُلب، فسمعته وهو على الْجِذْع يناجي ويقول: إلهي، أصبحتُ في دار الرّغائب أنظر إلى العجائب، إلهي إنك تتودد إلى مَن يؤذيك، فكيف لَا تتودّد إلى من لَا يؤذَى فيك. ثمّ رأيتُ أبا بكر الشِّبْليّ وقد تقدَّم تحت الْجِذْع، وصاح بأعلى صوته يقول: أَوَلم أَنْهَكَ عن العالَمين؟. ثمّ قال له: ما التَّصوّف؟ قال: أهون مرقاةٍ عندي ما ترى4.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 346 وما بعدها". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 347"، وديوان الحلاج "24، 25". 3 المصدر السابق. 4 المصدر السابق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 27 قال: فما أعلاه؟ ليس لك إليه سبيل، ولكنْ سترى غدًا ما يجري، فإنّ في الغَيْب ما شهدتَه وغابَ عنك. فلمّا كان بالعِشيّ جاء الإذْن من الخليفة بأن تُضرب رَقَبَتُه، فقالوا: قد أمسينا ويؤخّر إلى الغَداة. فلمّا أصبحنا أُنْزل وقُدِّم لتُضْرب رقبته، فسمعتُه يصيح ويقول بأعلى صوته: حَسْب الواحِد إفرادُ الواحد له. وقرأ هذه الآية: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَق} [الشورى: 18] وهذا آخر كلامه. ثم ضُربت رَقَبَتُه، وعُلِّق في بارية، وصب عليه النِّفْط وأُحْرِق، وحُمل رماده إلى رأس المنارة لتسْفيه الرّياح1. وسمعت أحمد بن فاتك تلميذ والدي يقول بعد ثلاثٍ من قتل والدي، قال: رأيت العزّة في المنام، وكأنّي واقفُ بين يديه قلت: يا رب ما فعلَ الحسين بن منصور؟ قال: كاشفته بمعنى، فدعا الخلْقَ إلى نفسه، أنزلتُ به ما رأيت2. قال ابن باكُوَيْه: سمعتُ أبا القاسم يوسف بن يعقوب النُّعْمَانيّ يقول: سمعت الإمام ابن الإمام أبا بكر محمد بن داود الفقيه الإصبهانيّ يقول: إن كان ما أنزل الله على نيّته حقّ فما يقول الحلاج باطل. وكان شديدًا عليه. قال: وسمعت أبا الفوارس الْجُوزَقانيّ بقَرْمِيسِين: سمعت إبراهيم بن شيبان يقول: من أحب أن ينظر إلى ثمرات الدّعاوى فلْيَنْظُر إلى الحلاج وما جرى عليه. سمعتُ عيسى القَزْوينيّ سأل أبا عبد الله بن خفيف: ما تعتقدون في الحلاج؟ فقال: اعتقد فيه أنّه رجل من المسلمين فقط. فقال له: قد كفّره المشايخ وأكثر المسلمين! فقال: إن كان الّذي رأيته منه في الحبْس لم يكن توحيدًا، فليس في الدّنيا توحيد. قلت: قول ابن خفيف لَا يدّل على شيء، فإنّه لَا يلزم أنّ المبطِل لَا يعمل بالحقّ؛ بل قد يكون سائر عمله حقّ وعلى الحقّ، ويكفر بفِعْلةٍ واحدة، أو بكلمة تحبط عمله.   1 تاريخ بغداد "8/ 140". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 347". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 28 قال ابن باكُوَيْه: سمعت عليّ بن الحسن الفارسيّ بالمَوْصل قال: سمعت أبا بكر بن "أبي" سَعْدان يقول: قال لي الحسين بن منصور: تؤمن بي، حتّى أبعث إليك بعُصْفورة تطرح من ذرَقها وزن حبّةٍ على كذا مَنًّا من نُحاس، فيصير ذَهَبًا؟ قلت: بل أنت تؤمن بيَ حتّى أبعث إليك بفيلٍ يستلقي، فتصير قوائمه في السّماء، فإذا أردت أن تخفيه أخفيته في عينك؟ قال: فبهُت وسكت1. ثم قال ابن "أبي" سعدان: هو مُمَوّه مُشَعْوِذ. سمعت عيسى بن بزول القَزوينيّ، وسأل أبا عبد الله هذه الأبيات: سبحان من أظهر ناسوتُهُ الأبيات الثلاثة، فقال ابن خفيف: على قائلها لعنة الله. فقال عيسى: هي للحلاج. فقال: إن كانت اعتقاده فهو كافر، الّا أنّه لم يصح أنّه له، ربما يكون مَقولًا عليه. سمعتُ محمد بن عليّ الحضرمي بالنّيل يقول: سمعتُ والدي يقول: كنت جالسًا عند الجنيد، إذ ورد شابُّ حَسَن الوجه، عليه خِرْقتان، فسلّم وجلس ساعةً، ثمّ أقبل عليه الْجُنَيْد فقال: سل ما تريد. فقال: ما الذي بائن الخليقة عن رسوم الطَّبْع؟ فقال الْجُنَيْد: أرى في كلامك فضولًا، لِم لَا تسأل عمّا في ضميرك من الخروج والتّقدّم على أبناء جنسك؟ فسكت، وسكت الْجُنَيْد ساعةً، ثمّ أشار إلى أبي محمد الجريريّ أنْ قمْ، فقمنا، وتأخّرنا قليلًا، فأقبل الجنيد يتكلم عليه، وأقبل هو يعارضه، إلى أن قال: أيّ خشبة تُفْسِد؟ فبكى وقام، فتبِعه الجريريّ إلى أن خرج إلى مقبرةٍ وجلس، فقال لي أبو محمد الجريريّ: قلت في نفسي: هو في حدّة شبابه واستوحش منّا، وربّما به فاقة. فقصدتُ صديقًا لي فقلت: اشترِ خُبزا وشِواءً وفالوذج بسُكَّر، واحمله إلى موضع كذا وكذا، مع ثليجة ماء وخلال، وقليل أشنان. وبادرت إليه، فسلّمت وجلست عنده، وكان قد جعل رأسه بين رُكبتيه، فرفع رأسه وانزعج، وجلس بين يديّ، وأخذتُ أُلاطفه وأداريه إلى أن جاء صديقي. ثمّ قلتُ له: تفضّل. فمدّ يده وأكل قليلًا. ثمّ قلت له: من أين القصد ومن أين القصر؟ قال: من البيضاء، إلّا أنيّ رُبيت بخوزسْتان والبصرة. فقلت: ما الاسم؟ قال: الحسين بن منصور.   1 تاريخ بغداد "8/ 126". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 29 وقمتُ وودَّعته، ومضى على هذا خمسُ وأربعون سنة، ثمّ سمعت أنّه صُلِب وفُعِل به ما فُعِل. وقد ذكره السُّلَميّ في تاريخه، ثمّ قال: فهذه أطراف ممّا قال المشايخ فيه من قبولٍ وردٍ، واللَّه أعلم بما كان عليه. وهو إلى الرّدّ أقرب. وقد هتك الخطيب حال الحلاج في "تاريخه الكبير"، وشفى وأوضح أنه كان ساحرًا مموهًا سيئ الاعتقاد. فصل من ألفاظه: عليك بنفسك، إن لم تشغلها بالحقّ، شَغَلَتْكَ عن الحقّ. وقيل: إنه لما صلب، يعني سنة إحدى وثلاثمائة، قال: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَق} [الشورى: 18] . وقال: حجبهم الاسم فعاشوا، ولو أبرز لهم علوم القُدرة لطاشوا، ولو كشف لهم عن الحقائق لماتوا. وقال: علامة العارف أن يكون فارغًا من الدّنيا والآخرة. قيل: هذا كلام نجس؛ لأنّ الله تعالى يقول: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: 9] الآية. وقال: لأَفْضَلُ الأمّة الصّحابة وهم الصّحابة. مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخرة، فهو واللَّه مدّعٍ فشّار وأحمق بطّال، بل مُريد للدّنيا والآخرة. وكتبَ الحلاج مرةً إلى أبي العباس بن عطاء كتابًا فيه من شِعْره: كتبتُ ولم أكتب إليك وإنّما ... كتبتُ إلى روحي بغير كتابِ وذاك لأنّ الروح لَا فَرْق بَيْنَها ... وبين مُحبّيها بفضْل خِطاب فكُّلُّ كتابٍ صادرٍ منكَ واردُ ... إليكَ بلا رَدِّ الجواب جوابي1 وله: مُزِجَتْ روحُك في روحي كما ... تمزج الخمرة بالماء الزلال   1 تاريخ بغداد "8/ 114، 115"، وديوان الحلاج "42". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 30 فإذا مسّكَ شيءُ مَسَّني ... فإذا أنت أنا في كلّ حال1 وقيل: إنه لما أُخرج ليُقتل، قال: طلبتُ المستقرّ بكلّ أرضٍ ... فلم أرَ لي بأرضٍ مستقرّا أطعتُ مطامعي فاستعبدتني ... ولو أنّي قنعتُ لكنت حُرّا2 وأخباره أكثر من هذا في "تاريخ الخطيب"، وفيما جمع ابن الْجَوزيّ من أخباره، ثمّ إنِّي أفردتها في جزء.   1 ديوان الحلاج "82"، وسير أعلام النبلاء "11/ 331"، وتاريخ بغداد "8/ 115"، بنحوه. 2 تاريخ بغداد "8/ 130"، ووفيات الأعيان "2/ 144"، والفخري "261". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 31 أحداث سنة عشر وثلاثمائة : القبض على أم موسى القهرمانة: فيها: قبض المقتدر على أمّ موسى القَهْرَمَانة وأهلها وأسبابها؛ لأنّها زوّجت بنت أخيها أبي بكر بمحمد بن إسحاق بن المتوكّل على الله، وكان من سادة بني العبّاس يترشّح للخلافة، فتمكّن أعداؤها من السعي عليها. وكانت قد أسرفت في نثار المال على صهرها. وبلغ المقتدر أنّها تعمل له على الخلافة، فكاشفتها السّيّدة أمّ المقتدر وقالت: قد دبرتِ على ولدي، وصاهرت ابن المتوكّل حتّى تُقعْديه في الخلافة، وجمعت له الأموال. فسلمتها وأخاها وأختها إلى ثمل القهرمانة1. وكانت ثمل موصوفة بالشّرّ وقساوة القلب، فبسطت عليهم العذاب، واستخرجت منهم أموالًا وجواهر، فيقال: إنّه حصل من جهتهم ما مقداره ألف ألف دينار2. عزل ابن البُهلول عن قضاء بغداد: وفيها: عزِل عن قضاء مدينة السّلام أحمد بن إسحاق بن البُهْلُول بعمر بن   1 تجارب الأمم "1/ 83، 84"، والبداية والنهاية "11/ 145"، وصحيح التوثيق "7/ 370". 2 البداية والنهاية "11/ 145". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 31 الحُسين بن الأشنانيّ1. ثمّ عُزِل عُمَر بعد أيام. بغلة يُرْضعها فلْو: وفيها: بعث الحسين بن أحمد المادرائيّ من مصر تَقَادُم، فيها بغلةُ خلفها فلُوُّ يُرْضِعُها فيما قيل. واللَّه أعلم2. بسم الله الرحمن الرحيم {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] .   1 انظر المصدر السابق. 2 تكملة تاريخ الطبري "30". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 32 وفيات هذه الطبقة : وفيات سنة إحدى وثلاثمائة: "حرف الألف": 1- أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن أحْمَد بْن أسد بن سامان1: مولى بني العبّاس، أبو نصر سلطان ما وراء النَّهر. قتله غلمانه في جُمَادَى الآخرة مِن السنة، وقام بالأمر بعده ابنه أبو الحسن نصر ثلاثين سنة. وهمُ بيت إمرة وحشّمة، لهم أخبار. وكان أبو نصر حسن السّيرة عظيم الحُرمة. 2- أحمد بن حرب المعدَّل المقرئ2: صاحب أبي عمرو الدوري. قرأ عليه: المطوعي.   1 تاريخ الطبري "10/ 147"، ووفيات الأعيان "6/ 432"، وتاريخ حلب للعظيمي "279"، والعبر "2/ 118". 2 غاية النهاية "1/ 45" "186". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 32 وطريقه في كتاب "المبهج" لأبي محمد. 3- أحمد بن سليمان بن يوسف بن صالح1: أبو جعفر العُقَيليّ الإصبهانيّ الفابِزانيّ، وفابزان من قرى إصبهان. روى عن أبيه، عن النُّعمان بن عبد السّلام، شيخ إصبهان. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأحمد العسّال، وأبو الشَّيْخ. 4- أحمد بن الصَّقْر بن ثوبان2: أبو سعيد الطَّرسُوسيّ، ثمّ البصْريّ. مسُتملي بُنْدار. حدَّث ببغداد عنه، وعن: أبي كامل الجحدريَّ، ومحمد بن موسى الحَرَشيّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو الفتح الأزْديّ، وابن لؤلؤ. وثَّقة الخطيب. 5- أحمد بن قُتَيْبة بن سعيد بن قُتَيْبة أبو الفضل الأَسَديّ الكرابيسيّ: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 6- أحمد بن قُدامة3: أبو حامد البلْخيّ. حدَّث ببغداد عن قُتَيْبة. وعنه: أبو بكر القَطِيعيّ، ومَخْلَد الباقَرْحيّ، وأبو الطّاهر الذُّهْليّ القاضي. قال الخطيب: ما علمتُ إلّا خيرًا. وقال: مات سنة ست وثلاثمائة، وضَبَّبَ كما ترى. 7- أحمد بن محمد بن سُرَيج4: أبو العبّاس الفأفاء. ثقة، من شيوخ أصبهان.   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 113"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 72". 2 ترجم له الذهبي في السير "11/ 226"، وانظر: تاريخ بغداد "4/ 206"، وغاية النهاية "1/ 63". 3 تاريخ بغداد "4/ 354، 355". 4 ذكر أخبار أصبهان "1/ 127". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 33 سمع بنيسابور من: الحسن بن عيسى بن ماسرجِس، ومحمد بن رافع، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ. وهو أقدَم من الفقيه أبي العبّاس بن سُرَيْج وفاةً وسماعًا. 8- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن الْجَعْد الوشّاء. أبو بكر البغداديّ1: سمع: سُوَيْد بن سعيد، ومحمد بن بكّار، وعبد الأعلى بن حمّاد، وأبا مَعُمَر الهُذْليّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو عليّ الصّوّاف، وأبو بكر محمد بن غريب البزّاز. ووقع لنا "مُوَطّأ سُوَيْد" عن مالك، من رواية ابن غريب، عنه. قال الدَّارَقُطْنيّ: لَا بأس به. 9- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب2: الفقيه أبو العبّاس الجمّال الإصبهانيّ. روى عن: عبد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم، وقَطَن بن إبراهيم، وأحمد بن الفُرات. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وأبو الشّيخ، وجماعة. 10- أحمد بن محمد بن يوسف بن شاهين: جدّ الحافظ ابن شاهين لأُمّه. كان ثبتًا عارفًا. كتب بمصر والشام والعراق. وروى عن: أبي هَمّام الوليد بن شجاع، وعبد الله بن عُمَر بن أبان، ويعقوب الدَّوْرَقيّ. وعنه: أبو بكر النّجّاد، والباقَرْحيّ في مشيخته، وغيرهما.   1 تاريخ بغداد "5/ 56"، والوافي بالوفيات "8/ 55". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 125". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 34 11- أحمد بن محمود بن صبيح بن مقاتل: أبو الحسن الْهَرَوِيُّ. عن: الحسن بن عليّ الحَلوانيّ، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بن هارون، وقدماء الدّمشقيّين. ومِن أهل هَرَاة: محمد بن عبد الله بن خَمِيرُوَيْه، ومحمد بن أحمد بن حمزة الخيّاط. وكان ثقة صالحًا. 12- أحمد بن هارون بن رَوْح1: أبو بكر البِرْديجيّ البَرْذَعيّ الحافظ، نزيل بغداد. روى عن: أبي سعيد الأشَجّ، وعليّ بن أشكاب، وهارون بن إسحاق، وبحر بن نصر المصريّ، وجماعة. ورحل وصنف. وعنه: أبو بكر الشافعي، وابن لؤلؤ، وابن الصواف، وغيرهم. قال الدارقطني: ثقه، جبل. وقال الحاكم: سمع منه شيخنا أبو عليّ بمكّة سنة ثلاثٍ وثلاثمائة. قلتُ: كأنّ الحاكم وَهِم، فإنّ أبا عليّ حج سنة ثلاثمائة. وكانت وفاة البرديجي ببغداد سنة إحدى وثلاثمائة. قال الحاكم: قدِم على محمد بن يحيى الذُّهْليّ فأفاد واستفاد. وسمع منه: أحمد بن المبارك المستملي، ولا أعرف إمامًا من أئمّة عصره إلّا وعليه انتخاب. قال الخطيب: كان ثقة فَهْمًا حافظًا. قال أحمد بن كامل: مات في رمضان سنة إحدى ببغداد. 13- أحمد بن يعقوب بن إبراهيم2:   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 107"، وتذكرة الحفاظ "2/ 746"، والأعلام "1/ 251"، والنجوم الزاهرة "3/ 184". 2 تاريخ بغداد "5/ 225". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 35 ابن أخي العِرْق، المقرئ. حدَّث عن: محمد بن بكّار، وجُبَارَة بن المغلَّس، وداود بن رُشيد. وعنه: مخلد الباقرحي، والشافعي، وعيسى الرخجي. وكان ثقة مقرئا، توفي في جمادى الأولى. 14- إبراهيم بن أسباط بن السكن البزاز1: كوفي، سمع: عاصم بن عليّ، وبِشْر بن الوليد، ومنصور بن أبي مُزَاحم. وعنه: عبد الباقي بن قانع، والجعابيّ. لَمْ يرو عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ سِوَى حَدِيثَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ" 2. وأبو حفص الزيات، وهو آخر من حدَّث عنه. وثّقة الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفّي سنة إحدى وثلاثمائة، وقيل: سنة اثنتين. 15- إبراهيم بن عاصم بن موسى: مصريّ، ذو مزاح ومُجُون مع ثقة ودِين. روى عن: يونس بن عبد الأعلى، وعيسى بن مثرود. كتب عنه: أبو سعيد بن يونس. وورّخ موته فيها. 16- إبراهيم بن محمد بن الهيثم3: أبو القاسم القَطيعيّ. صاحب الطعام. في جمادى الآخرة.   1 تاريخ بغداد "6/ 44، 45"، وسير أعلام النبلاء "11/ 190". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9291"، ومسلم في المقدمة "4"، وغيرهما. 3 تاريخ بغداد "6/ 154، 155". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 36 17- إبراهيم بن يوسف بن خالد1: أبو إسحاق الرّازيّ الهِسِنْجَانيّ الحافظ. رحّال جوّال. سمع: هشام بن عمّار، وطالوت بن عَبّاد، وعبد الواحد بن غِياث، وهذه الطبقة. وله مسند كبير يزيد على مائة جزء، رواه عنه ميسرة بن عليّ القزوينيّ. وممن روى عنه: أبو عُمَرو بن مطر، والحافظ أبو عليّ النَّيْسابوريّان؛ وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو أحمد بن عديّ الْجُرْجانيان؛ وأبو بكر أحمد بن عليّ الدَّيْلميّ، والعباس بن الحسين الصّفّار وهو آخر من حدَّث عنه بالرِّيّ. قال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: هو ثقة مأمون. ورَّخ أبو الشّيخ وفاته. 18- إبراهيم بن هانئ بن خالد المُهَلَّبيّ2: أبو عُمَران الْجُرْجانيّ الفقيه الشّافعيّ الزّاهد. تفقه عليه جماعة من أهل جرجان كأبي بكر الإسماعيليّ. وقد سمع بسَمَرْقَنْد من: أبي محمد الدّارميّ؛ وببغداد من: أحمد بن منصور الرَّماديّ، وغيره. روى عنه: أبو بكر الإسماعيليّ، وعبد الله بن عَدِيّ، وإبراهيم بن موسى السَّهْميّ، وغيرهم. وكان من جِلّة العلماء. 19- إسحاق بن أحمد بن السّامانيّ3: أبو يعقوب الأمير.   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 311"، والعبر "2/ 118"، والبداية والنهاية "11/ 121"، وطبقات الحافظ "300، 301". 2 الأنساب "546 ب"، وتاريخ جرجان "133، 134". 3 تاريخ الطبري "10/ 147، 148"، والكامل في التاريخ "7/ 280-282". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 37 كان على مظالم بُخَارَى في دولة أخيه إسماعيل. وقد روى عن: أبيه، والدّارِميّ. وعنه: صالح بن أبي رُمَيْح، وعبد الله بن يحيى القاضي. تُوُفّي في صفر مسجونًا ببُخَارَى. "حرف الباء": 20- بكر بن أحمد بن مقبل1: ورّخه عبد الرحمن بن مَنْدَه. وولاؤهُ لبنى هاشم. كان من حفاظ أهل البصرة. يروي عن: عبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وأبي حفص الفلّاس، وعبد الملك بن هَوْذَة بن خليفة، وطائفة. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة. "حرف الجيم": 21- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن المستفاض2: أبو بكر الفِرْيابيّ الواعظ، المصنّف. قاضي الدِّيَنَور، وأحد أوعية العِلم والفهم. طوَّف الدّائرة الإسلاميّة، ورحل من التُّرْك إلى مصر. وحدَّث ببغداد، وغيرها عن: قُتَيْبة، وعليّ بن المَدِينيّ، وإسحاق بن راهَوَيْه، وأبي جعفر عبد الله النفيلي، وهدبة بن خالد، وهشام بن عمار، ومحمد بن الحسن البلخي، وأمم سواهم. وعنه: أبو بكر النجاد، والشافعي، وأبو علي الصواف، وأبو بكر القطيعي، وابن   1 العبر "2/ 118"، وشذرات الذهب "2/ 234". 2 الفهرست لابن النديم "324" والبداية والنهاية "11/ 121، 122"، والأعلام "2/ 123"، والعبر "2/ 119". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 38 عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، والطبراني، وأبو بكر الجعابي، والقاضي أبو الطاهر الذهلي، وأبو الفضل الزهري، وآخرون. وكان ثقة حجة. قال أبو علي الصواف: سمعته يقول: كلّ من لقيته لم أسمع منه الّا مِن لفظه، الّا ما كان مِن شيخين: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ، فإنّه ثَقُل لسانه، وَالْمُعَلَّى بن مهديّ بالمَوْصِل. وكتبت من سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. وعن أبي حفص الزّيّات قال: لمّا ورد الفِرْيابيّ إلى بغداد استقبل بالطيارات والزبازب، ووعد له الناس إلى شارع المنار ليسمعوا منه، فحزر من حضر مجلسه لسماع الحديث، فقيل: كانوا نحو ثلاثين ألفًا. وكان المستملون ثلاثمائة وستة عشر. وقال أبو الفضل الزهري: لما سمعتُ من الفِرْيابيّ كان في مجلسه من أصحاب المحابر مَن يكتب حدود عشرة آلاف إنسان، ما بقي منهم غيري، هذا سوى من لَا يكتب. وقال ابن عديّ: كنّا نشهد مجلس الفِرْيابيّ وفيه عشرة آلاف أو أكثر. وقال أبو بكر الخطيب: والفريابي قاضي الدينور من أوعية العلم، ومن أهل المعرفة والفهم. طوف شرقا وغربا، ولقي الأعلام، وكان ثقة حجة. وقال الدارقطني: قطع الفريابي الحديث في شوال سنة ثلاثمائة. وقال أبو علي النيسابوري: دخلت بغداد والفريابي حي، وقد أمسك عن التّحديث. ودخلنا عليه غير مرةٍ وبكيت بين يديه، وكنّا نراه حسرةً. تُوُفّي رحمه الله في المحرّم سنة إحدى، وولد سنة سبْعٍ ومائتين. وكان الفِرْيابيّ حَفَر لنفسه قبرًا رضيَ الله عنه1. 22- جعفر بن محمد السُّوسيّ: أبو الفضل المجاور بمكّة. عنده عن: عليّ بن بحر بن برّيّ.   1 تاريخ بغداد "9/ 202". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 39 "حرف الحاء": 23- الحسن بن إبراهيم بن بشّار1: أبو عليّ الفابِزانيّ الإصبهانيّ. عن: سليمان الشّاذكُونيّ، وعُبَيْد الله بن عُمَر. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيخ، وأبو مسلم عبد الرحمن بن محمد، والإصبهانيّون. 24- الحَسَن بن الحُباب بن مَخْلَد2: أبو عليّ البغداديّ الدّقاق المقرئ. سمع: لُوَيْنًا، ومحمد بن أبي سمينة، وأحمد بن أبي بزّة المقرئ. وكان من شيوخ المقرئين وثقاتهم. عَرَضَ على: البزّيّ، ومحمد بن غالب الأنماطيّ. أخذ عنه القراءة: ابن مجاهد، وابن الأنباريّ، والنّقّاش، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وأحمد بْن عبد الرحمن الوليّ، وجماعة. روى عنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، ومحمد بن عُمَر الحنّائيّ، وجماعة. 25- الحسن بن سليمان بن نافع3: أبو مَعْشَر الدّارميّ البصْريّ. نزل بغداد وحدَّث. عن: أبي الربيع الزَّهْرانيّ، وهُدْبَة بن خالد، وجماعة. وعنه: ابن قانع، وعبد الصَّمَد الطّسْتيّ، ومَخْلَد الباقَرْحيّ، وعليّ بن لؤلؤ. ووثّقه الدَّارَقُطْنيّ. مات في جُمَادَى الآخرة.   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 261". 2 تاريخ بغداد "7/ 301، 302"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 229". 3 تاريخ بغداد "7/ 327"، والمنتظم "6/ 125". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 40 26- الحسين بن إدريس بن المبارك بن الهيثم1: أبو عليّ الأنصاريّ الهَرَويّ الحافظ. روى عن: سُوَيْد بن سعيد، وهشام بن عمّار، وسعيد بن منصور، وسُوَيْد بن نصر، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وعثمان بن أبي شيبة، وداود بن رشيد، وخالد بن هياج، وخلق سواهم. روى عنه: بشر بن محمد المزني، ومنصور بن العبّاس، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه، وأبو حاتم بن حبان، وأبو بكر النقاش المقرئ. وكان أحد مِن عنِي بهذا الشّأن وتعبَ عَليْهِ؛ وله تاريخ صنفه على وضع "تاريخ البخاري". وثقة الدارقطني. وقال أبو الوليد الباجيّ: لَا بأس بِهِ. وذكره ابن أبي حاتم في تاريخه، وقال: هو المعروف بابن خُرّم. كتبَ إليَّ بجزءٍ من حديثه، عن خالد بن هيّاج بن بِسْطام، فيه بواطيل، فلا أدري منه أو من خالد. قتل: خالد له مناكير عن أبيه، والحُسين فثقة حافظ. ورخه أبو النضر الفامي. 27- الحسين بن زكريا بن يحيى: أبو علي المصري التمار. توفي في ربيع الآخر. 28- حماد بن مدرك بن حماد2: أبو الفضل الفسنجاني. قيده ابن ماكولا.   1 الجرح والتعديل "3/ 47"، والثقات "8/ 193"، والميزان "1/ 530". 2 "الأنساب 428 أ"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 419". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 41 حدث بشيراز عن: عُمَرو بن مرزوق، وأبي عُمَر الحَوْضيّ، وطبقتهما. وعنه: محمد بن بدر الحمّاميّ، والزّاهد محمد بن خفيف. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وقد قارب المائة. 29- حمدان بن عمرو: أبو جعفر الموصلي الوزان. يروي عن: غسّان بن الربيع، وَمُعَلَّى. 30- حمدان بن الهيثم التيمي الإصبهاني1: ثقة، دين. يروي عن: عبد الله بن عُمَر الزُّهْريّ. وعنه: أبو الشيخ، وأبو أحمد العسّال، وأبو مسلم عبد الرحمن أخو أبي الشيخ، وعدّة. 31- حميد بن يونس2: أبو غانم الزّيّات. بغداديّ. سمع: يوسف بن موسى القطّان، وغيره. وعنه: مَخْلَد الباقَرْحيّ، ومحمد بن عبد الله الشّافعيّ. وقبلهما محمد بن مَخْلَد، وغيره. وله رحلة إلى مصر. "حرف الخاء": 32- خالد بن غسّان. أبو عَبس السلمي: ورخه ابن منده. لا أعرفه.   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 293". 2 تاريخ بغداد "8/ 166". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 42 "حرف السين": 33- سعيد بن خُمَيْر1: أبو عثمان الرَّبْعيّ القُرْطُبيّ. سمع من: أبي زيد، وعبد الله بن خالد، وابن مُزَين. وفي الرحلة من: يونس بن عبد الأعلى، وابن عبد الحَكَم. وكان ذا فضل وعبادة وورع وعَلْم. روى عنه: الأعناقيّ، وابن أيْمَن، وأحمد بن عُبادة. تُوُفّي في صفر. "حرف الصاد": 34- صالح بن الحسين بن الفَرَح. أبو الحُسَين. ذكره ابن مَنْدَه. لا أعرفه. "حرف العين": 35- عامر بن أحمد بن محمد2. أبو الحَسَن الشُّونيزيّ، الشّافعيّ. سكن إصبهان، وحدَّث عن: أحمد بن عبد الجبار، وعبد الله بن محمد بن النُّعمان، وإبراهيم بن فهْد. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ. 36- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بن أبي الشَّوارب3.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 163"، لابن الفرضي. 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 39". 3 تاريخ بغداد "10/ 10"، والبداية والنهاية "11/ 122". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 43 أبو العبّاس الأُمويّ. مولاهم البغداديّ الفقيه. ولي قضاء مدينة المنصور. وكان ذا قدْر وجلالة. 37- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بدرون الأندلسيّ1: من أهل الجزيرة. سمع من: محمد بن أحمد العُتْبيّ. ورحل فسمع من: أحمد بن أخي ابن وهْب، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، وأحمد بن عبد الرحيم البرقي، ومحمد بن سحنون القيرواني. وكان أديبًا لُغَويًّا، فيه زُهْد وورع. 38- عبد الله بن محمد بن ناجية بن نَخْبَة2: أبو محمد البربريّ، ثمّ البغداديّ، الحافظ. سمع: أبا مَعُمَر الهُذْليّ، وسُوَيْد بن سعيد، وعبد الواحد بن غِياث، وأبا بكر بن أبي شيبة، وعبد الأعلى بن حَمّاد، وطبقتهم. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، والجعَابيّ، وأبو القاسم بن النّحّاس، وإسحاق النّعاليّ، ومحمد بن المظفَّر، وعُمَر بن محمد الزيات، وآخرون. وكان ثقة ثبتًا، عارفا ممتعا بإحدى عينيه. تُوُفّي في رمضان عن سن عالية. أقدم ما عنده أصحاب حمّاد بن سَلَمَةَ. وطلبه للحديث بعد الثلاثين ومائتين. وله مسندُ كبير في عدّة مجلّدات.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 219، 220"، لابن الفرضي. 2 تاريخ بغداد "10/ 104، 105"، وتذكرة الحفاظ "2/ 696"، والنجوم الزاهرة "3/ 184"، والرسالة المستطرفة "71". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 44 قال الإمام أبو عُمَر بن عبد البرّ: ناولني خَلَف بن القاسم الحافظ "مُسْنَد ابن ناجيةً"، وهو في مائةٍ واثنتين وثلاثين جُزْءًا، بروايته عن أبي قُتَيْبة سَلّم بن الفضل البغداديّ، عن ابن ناجية، رحمه الله تعالى. 39- عبد الله بن محمد بن حيّان بن فَرُّوخ1: أبو محمد بن مُقَيْر البغداديّ. سمع: محمود بن غَيْلان، وعبد الله بن عُمَر بن أبان، وغيرهما. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وإسماعيل الخُطَبيّ، وأبو عليّ بن الصّوّاف، وأبو بكر الإسماعيليّ. وكان ثقة. تُوُفّي في رمضان أيضًا. 40- عبد الله بن الوليد العُكْبَريّ2: عن: محمد بن موسى الحَرَشيّ، وأحمد بن منصور زاج. وعنه: أبو أحمد بن عَدِيّ، والإسماعيليّ، وابن بخيت. وكان ثقة صالحًا. 41- عبد الله بن وُهَيْب الْجُذاميّ الغَزّيّ3: سمع: محمد بن أبي السَّري العسقلانيّ، والعبّاس بن الوليد البَيْروتيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن عَدِيّ، وجماعة. 42- عبد الله بن يحيى بن موسى بن داود بن شيرزاد: أبو محمد السَّرْخَسيّ، قاضي طَبَرِسْتان، ثمّ قاضي نَسْف. روى عن: علي بن حُجْر، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، والحسين بن حريث. وأملى مجالس.   1 تاريخ بغداد "10/ 105"، والوافي بالوفيات "17/ 475". 2 تاريخ بغداد "10/ 182". 3 المعجم الصغير "1/ 215"، للطبراني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 45 وعنه: حماد بن شاكر، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، وأبو عمرو محمد بن محمد بن صابر، وجماعة. 43- علي بن روحان الدقاق1: بغدادي. روى عن: زيد بن أخزم، وغيره. وعنه: الطَّستيّ، والطَّبَرانيّ، وعبد الله بن عَدِيّ. ورّخه الخطيب. 44- عُمَران بن موسى بن يحيى بن جِبارة، بالكسر: أبو القاسم المصريّ الحمراويّ المؤدب. يروي عن: عيسى بن حمّاد زُغبة، وغيره. وعنه: المصرّيون. 45- عُمَرو بن عثمان بن كُرَب بن غُصَص2: أبو عبد الله المكّيّ الصُّوفيّ الزَّاهد. من أئمة القوم. صحب أبا سعيد الخرّاز، ولقى أبا عبد الله النِّباجيّ، وله مصنَّفات كثيرة في عِلم المعاملات والإشارات. سمع من: يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان، وسليمان بن سيف الحرّانيّ. وعنه: أبو الشَّيخ، ومحمد بن أحمد الإصبهانيّان، وجعفر الخلْديّ، وغيرهم. وكان قد قدِم إصبهان زائرًا لعليّ بن سهل. قال أبو نعيم: توفي بعد الثلاثمائة. وقيل: قبل الثلاثمائة.   1 تاريخ بغداد "11/ 426". 2 حلية الأولياء "10/ 291-296"، وتاريخ بغداد "12/ 223-225"، وصفة الصفوة "2/ 440-442". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 46 ومِن كلامه: العلم قائد، والخوف سائق، والنَّفْس حَرُونٌ بين ذلك جموحٌ، خدّاعة، روّاغة، فاحذرها وراعِها بسياسة العِلم، وسُقْها بتهديد الخوف1. وله كلامٌ عالٍ من هذا النَّوع. وقيل: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين؛ وقيل: سنة إحدى وتسعين. دكره أبو عبد الرحمن السُّلَميّ وقال: كان ينتسبُ إلى الْجُنَيْد، وكان قريبًا منه في الّسِنّ والعِلْم. وسمعتُ أبا عبد الله الرّازيّ يقول: لما ولي عُمَرو قضاء جَدّة هجَرهٌ الْجُنَيْد، رحمهما الله. 46- عيسى بن إبراهيم بن موسى: أبو عبد الله القُمّيّ. تُوُفّي بمصر فِي ذِي الحجَّة. "حرف القاف": 47- القاسم بْن فُورَك2: أبو محمد الكَنْبَرْكيّ الإصبهانيّ. رحل وسمع: إبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، وعليّ بن سعيد بن مسروق، وعمّار بن خالد الواسطيّ، ونحوهم. وعنه: الطبراني، والعسال، وأبو الشيخ، وأهل بلده. "حرف الكاف": 48- كثير بن نَجِيح: أبو الخير المصريّ. رأى عيسى بن المُنْكَدِر، وعبد الله بن عبد الحكم.   1 صفة الصفوة "2/ 441"، وطبقات الصوفية "203". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 161"، والمعجم الصغير "1/ 269"، للطبراني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 47 وسأل أصبغ بن الفَرج مسائل. قال ابن يونس: قال لي: ولدتُ سنة أربعٍ ومائتين. مات في رمضان. وكان رجلًا صالحًا قاربَ المائة. "حرف الميم": 49- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أبي بكر المُقَدّميّ1: القاضي أبو عبد الله. سمع: عُمَرو بن عليّ الصَّيْرفيّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ. وعنه: الْجِعَابيّ، والطّحَاويّ، وأبو حفص الزّيّات. وكان ثقة. 50- محمد بن أحمد بن سعيد2: أبو مسلم الإصبهانيّ المكتِّب. عن: أبي سعيد الأشَجّ، وعُمَرو بن عبد الله الأَوْديّ. وعنه: أبو أحمد العسّال، وغيره. 51- محمد بن أحمد بن سيّد حَمْدُوَيْه3: أبو بكر التّميميّ الدّمشقيّ الزّاهد. ويقال: إنّه مولى بني هاشم. له الكرامات والأحوال. صحِب القاسم الجوعيّ، وحدَّث عنه، وعن: مؤمّل بن إهاب، وشُعَيب بن عُمَرو. روى عنه: أبو بَكْر، وأبو زُرْعة ابنا أَبِي دُجَانة، وابن أبي القاسم، وأبو أحمد بن   1 تاريخ بغداد "1/ 336"، والمنتظم "6/ 126". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 240". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 111، 112"، "55". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 48 الناصح، وأبو هاشم المؤدب، وأبو صالح صاحب مسجد أبيّ صالح الّذي هو بظاهر باب شرقيّ، وآخرون. وكانوا يلقّبونه المعلِّم. وقال أبو أحمد بن المفسّر: أقام أبو بكر بن سيّد حَمْدُوَيّه خمسين سنة ما أستند ولا مدّ رِجْله بين يدي الله هيبةً له. وقال أَبُو محمد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر التميمي: حدَّثني عُمَر بن البُرّيّ أنّ المعلّم ابن سيّد حَمْدَوَيْه أضافَ به قوم فقال لرجل من أصحابه: جئْني بِشواء ورِقاق، فجاءه به، فقدّمه إليهم، فقالوا: يا أبا بكر، ما هذا مِن طعامنا. قال: أيش طعامكم؟ قالوا: الْبَقْلُ. فأحضره لهم فأكلوا، وأكل هو الشّواء، وقاموا يصلّون باللّيل، ونام هو على ظهره، وصلّى بهم صلاة الغَداة وهو على وضوء العشاء، وقال لهم: تخرجون بنا نتفرَّج؟ فخرجوا إلى الحدعشرية عند البُرَيْكة، فأخذ رداءه فألقاه على الماء وصلّى عليه، ثم دفعَ إليَّ الرّداء ولم يُصبْه ماء، ثمّ قال: هذا عمل الشواءِ، فأين عمل البَقْلِ؟. وقال ابن أبي نصر: حدَّثني عُمَر بن سعيد أنّ أبا بكر قال: خرجتُ حاجًا فصرنا إلى مَعَان، وأصابنا شتاء، فجمعتُ نارًا أصطلي، فإذا برجل قائم فقال: يا غلام سِرْ. فقُمتُ وسرتُ وراءه، فاخَذَنا المطر حتّى انتهينا إلى رابية فقال: قد طلع الفجر فَصَلِّ بي. فصلّيتُ به، ثمّ لاحت برقةٌ على جدار فقال: هذه المدينة ادخلها وانتظر أصحابك. فدخلت فأقمت أربعة عشر يومًا حتّى قدِموا. وبه أنّ كلبًا نَبح باللّيل على ابن سيّد حَمْدُوَيْه فأَخْسَأهُ، فمات. تُوُفّي -رضى الله عنه- في صفر سنة إحدى وثلاثمائة. وله كرامات سوى ما ذكرنا. 52- محمد بن بِشر بن يوسف1: أبو الحَسَن القُرَشيّ، مولاهم الدمشقي القزاز. عرف بابن مامويه.   1 تاريخ جرجان "281"، والمعجم الصغير "2/ 80، 81"، للطبراني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 49 مُكثِر عن: هشام بن عمّار، ودُحَيْم. وقرأ القرآن على: هشام؛ ورحل إلى مصر والعراق. وروى عن: أبي الطاهر بن السرح، وحفص الرّباليّ، وطبقتهما. قال ابن عدي: كان أروى الناس عن هشام بن عمّار. كانت عنده كتبه كلّها. قرأ عليه: أبو بكر محمد الداجوني. وحدَّث عنه: الطَّبَرانيّ، وابن عَدِيّ الْجُرْجانيّ. 53- محمد بن حُبّان بن الأزهر العبْديّ1: أبو بكر القطّان البصْري. حدَّث ببغداد عن: أبي عاصم النّبيل، وعُمَرو بن مرزوق. وعنه: أبو الطاهر الذهلي، وابن عدي، وأبو بكر الجعابي، والإسماعيلي، وعمر بن سبنك. ضعفه الحافظ محمد بن علي الصوري. وكان قد نزل بغداد. قال ابن سبنك: أول ما كتبت سنة ثلاثمائة عن ابن حُبّان. ومات سنة إحدى. قلت: ومن طبقته. 54- محمد بن حُبّان2: بالضّمّ أيضًا، ابن بكر بن عُمَرو الباهليّ البصْريّ. نزل بغداد في المحرّم، وحدَّث عن: أُمَيَّة بن بِسْطام، وكامل بن طلحة، ومحمد بن مِنْهال. روى عنه: الطَّبَرانيّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ. وهو الأوّل، بناءً على أن الأزهر لقب بكر، أو هو جدٌّ أعلى، أو وَقَعَ وَهْمٌ في نسبه.   1 تاريخ بغداد "5/ 231، 232"، والمنتظم "6/ 126". 2 المعجم الصغير "2/ 18"، للطبراني، وسير أعلام النبلاء "11/ 172". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 50 وقد وَهَمَ عبد الغنيّ المصريّ الحافظ وقيّده بالفتح وقال: ثنا عنه الذُّهْليّ. قال: وبضمّ الحاء، محمد بن حُبَّان، حدَّث عنه أبو قتيبة، مسلم بن الفضل. قال الصُّوريّ: وهما واحدٌ، وهو بالضّمّ1. قلت: ليس عند الطَّبَرانيّ عنه سوى حديثٍ واحد، عن كامل بن طلحة، أورده عنه في معجمه الأصغر والأوسط، وهو ضعيف2. وقال ابن مَنْدَه الحافظ: ليس بذاك. وأمّا ابن ماكولا فقال: محمد بن حَبّان بن الأزهر الباهليّ، بالفتح، عن: أبي عاصم. وعنه: أحمد بن عُبَيْد الله النَّهرِديريّ. ومحمد بن حَبّان أبو بكر، عن: أبي عاصم. ذكره عبد الغني، وهو متقن لَا يخفى عليه أمرُ شيخ شيخه. وكان القاضي أبو طاهر الذُهليّ من المتثبِّتين لَا يخفى عليه أمر شيخه. وقال الصُّوريّ: إنّما هو واحد3. قال ابن ماكولا: ولم يأتِ بشيء، فإنّهما اثنان، والنّسبة تفرّق بينهما. واللَّه أعلم. وجدّ أحدهما الأزهر وجدّ الآخر بكر. قال: فإن كان شيخنا الصوري يقد أتقنه بالضّمّ، فقد غلط في تصوّره أنّهما واحد. وهما اثنان، كلٌّ منهما محمد بن حُبّان. وإن لم يكن أتقنه فالأوّل بالفتح، وهذا بالضّمّ. قلت: لم يَقُلِ الصُّوريّ: هما واحدٌ إلا باعتبار الإثنين المسمَّيْن أمّا باعتبار الرجل الآخر الّذي ذكره الدّارَقُطنيّ فيكونون ثلاثة، فإنّ الدّارَقُطْنيّ قال: محمد بن حُبّان بن بكر بن عمر البصْريّ نزل بغداد في المحرّم وحدَّث عن أُمَيَّة بن بِسْطام، ومحمد بن مِنْهال، وغيرهما4.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 172". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر السابق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 51 55- محمد بن جعفر الراشديّ1: سمع: عبد الأعلى بن حماد النِّرْسيّ. وعنه: أحمد بن نصر الذّارع، وأبو بكر القَطِيعيّ. وكان ثقة. 56- محمد بن حَجّاج بن يوسف المَوْصِليّ: عن: سَلْم بن جُنَادة الرّماديّ. وعنه: أبو الفتح الأزديّ. 57- محمد بن سعيد بن ميمون: أبو قَبِيل الجيزيّ المصريّ. تُوُفّي في شوّال. 58- محمد بن العبّاس بن أيّوب2: أبو جعفر الإصبهانيّ، ابن الأخرم الحافظ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وقد اختلط قبل موته بسنة. وكان أحد الفقهاء بإصبهان. سمع بعد الأربعين ومائتين: أبا كُرَيْب، وزياد بن يحيى الحسّانيّ، وعمّار بن خالد، وعليّ بن حرب، والمفضّل بن غسّان، والغُلابيّ. وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، والطبراني، وعبد الله بن محمد بن عُمَر، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف، وجماعة. وله وصيّة حسنة في كرّاس، منها: ونقول: الله على العرش، وعِلْمه مُحيطٌ بالدنيا والآخرة. ومنها: مَن زعم أنّ لفظ القرآن مخلوق فهو كافر.   1 تاريخ بغداد "2/ 131، 132"، "524". 2 العبر "2/ 120"، ذكر أخبار أصبهان "2/ 224، 225"، والوافي بالوفيات "3/ 190، 191". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 52 59- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب: المعروف بالأحنف. كان يخلُف أباه على القضاء ببغداد، فلم تُحْمَد سيرته. وفيها تُوُفّي أبوه أيضًا. 60- محمد بن عبد الله بن رُسْتَة بن الحسن بن عُمَر بن زيد الضّبّيّ1: أبو عبد الله المَدِينيّ. كتب الكثير. وكان الشاذكُونيّ نازلًا عليهم. سمع: شيبان بن فَرُّوخ، وأبا مَعُمَر، وهُدْبَة، وشَيْبان، ومحمد بن حميد، وغيرهم. وعنه: الطبراني، وإبراهيم بن محمد بن حمزة، وأبو الشيخ، ومحمد بن عُبَيْد الله بن المَرْزُبان، وغيرهم. وهو صدوق، رحّال. 61- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَبُو عبد الله البخاريّ القسّام، الملقّب: خَنْب. سمع: عليّ بن حُجْر، وإسحاق الكَوْسَج، وجماعة. وعنه: محمد بن عُمَر بن شاذَوَيْه، وخَلَف الخيّام، وغيرهما. 62- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن2: أبو عَبْد اللَّه السّاميّ الهَرَويّ. في شهر ذي القعدة. كان من كبار الأئمّة وثقات المحدَّثين. ومنهم من يقول: تُوُفّي في صَفَر سنة اثنتين وثلاثمائة.   1 طبقات المحدثين بأصبهان "ورقة 231"، وسير أعلام النبلاء "11/ 219". 2 تاريخ جرجان "409"، للسهمي، والعبر "2/ 120". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 53 رحل وسمع: أحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وإبراهيم بن محمد، الشّافعيّ، ومحمد بن مقاتل المَرْوزيّ، وإسماعيل بن أبي أوَيْس، ومحمد بن معاوية النَّيسابوريّ، وأحمد بن حنبل، وخلقًا كثيرًا. وعنه: أبو حاتم بن حبّان، والعبّاس بن الفضل النَّضْرويّ، وبِشْر بن محمد المُزَنيّ، وسائر الهَرَويّين. وهو نظير الحسن بن إدريس الهَرَويّ. 63- محمد بن عَبيدة بن يزيد بن عَبيدة1: أبو عبد الله الجرواآني الإصبهانيّ. ثقة. روى عن: سليمان بن عُمَر الأقطع، ومؤمّل بن إهاب، ويوسف القطّان، وغيرهم. وعنه: أبو الشَّيخ، وأبو إسحاق بن حمزة، وأبو أحمد العسّال. صدوق، رحّال. 64- محمد بن عليّ بن العبّاس2: أبو بكر النَّسائيّ الفقيه. نزيل بغداد. عن: شُرَيْح بن يونس، وعُبَيْد الله القواريريّ، وجماعة. وعنه: الجعابيّ، وعيسى الرُّخَّجِيّ، ومحمد اليَقْطينيّ. وثَّقة بعض الأئمة. 65- محمد بن يحيى بن مَنْده بن الوليد العَنبريّ3: أبو عبد الله الأصبهاني الحافظ.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 238". 2 تاريخ بغداد "3/ 69، 70" "1031". 3 طبقات الحنابلة "1/ 328"، وتذكرة الحفاظ "2/ 741، 742"، والنجوم الزاهرة "3/ 184". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 54 رحل، وسمع: أبا كُرَيْب، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحّي، وهَنّاد بن السَّرِيّ، وسُفْيان بن وَكِيع، ولُوَيْنًا، وموسى بن عبد الرحمن بن مهديّ، ومحمد بن عصام. وقال أبو الشيخ: كان أستاذ شيوخنا وإمامهم. روى عنه: أحمد بن عليّ بن الجارود. وكان ينازع أبا مسعود أحمد بن الفُرات في حداثته. وروى عنه أيضًا: أبو أحمد العسّال، وأبو إسحاق بن حمزة، والطَّبَرانيّ، وعبد الله بن أحمد والد أبي نُعَيْم، وأبو الشيخ. وحفظ حديث الثَّوْريّ. واسم مَنْدَه: إبراهيم. وكان محمد بن يحيى من أوعية العلم. 66- مُسَدَّد بن قَطَن بن إبراهيم1: أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ الْمُزَكِّي. كان ثقة مأمونًا زاهدًا عابدًا ورعًا عاقلًا. سمع من: يحيى بن يحيى، وتورَّعَ عن الرواية عنه لِصغَره إذ سمع. سمع من: جدّه لأُمّه بِشْر بن الحَكَم، وإسحاق بن راهَوَيْه، وداود بن رُشَيْد، والصَّلْت بن مسعود، وأبا مُصْعَب، وأقرانهم. وعنه: أبو حامد بن الشَّرْقيّ، ومحمد بن صالح بن هانئ، وعبد الله بن سعْد النَّيْسابوريُّون. 67- موسى بن حمدون العُكْبَريّ2: عن: أبي كُرَيْب، وحَجّاج بن الشّاعر. وعنه: أبو بكر الخلال الحنبليّ، والإسماعيليّ، وابن بَخِيت الدقاق. وثقه أبو بكر الخطيب.   1 تاريخ جرجان "523"، والنجوم الزاهرة "3/ 181". 2 تاريخ بغداد "13/ 55" "7027". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 55 "حرف الهاء": 68- هَنْبَلُ بن محمد1: أبو يحيى الحمصيّ. عاش إلى هذه السنة. وحدَّث عن: عبد الله بن عبد الجبّار الجنائزيّ، ويحيى بن صالح الوُحَاظيّ، ومحمد بن الحسن اليَقْطِينيّ فسمّاه هَنْبَلَ بن يحيى نسبة إلى جدّه السليْحيّ، بحاء مهملة؛ وأبي مُصْعَب الزُّهريّ، وعبد العزيز بن يحيى، وجماعة. روى عنه: أبو أحمد بن عَدِيّ، وغيره. مواليد هذه السنة: وفيها: وُلد أمير المؤمنين المطيع لله. وأبو الحسين بن سمعون الزّاهد. وأبو الفَرَج الشَّنَبُوذيّ المقرئ. وفيات سنة اثنتين وثلاثمائة: "حرف الألف": 69- أحمد بن قُدامة بن محمد بن فَرْقَد2: أبو حامد البلْخيّ. عن: قُتَيْبة، وإبراهيم بن يوسف. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، والقطيعي، ومخلد الباقرحي. قال الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرًا. 70- أحمد بن محمد بن سلام بن عبدويه3:   1 تاريخ جرجان "66". 2 تاريخ بغداد "4/ 354، 355". 3 المنتظم "6/ 28" "187". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 56 أبو بكر البغداديَّ، نزيل مصر. عن: لُوَيْن، ومحمد بن بكّار، وعبد الأعلى بن حمّاد. وعنه: أبو سعيد بن يونس، والحسن بن الخَضِر الأسْيوطيّ. وكان رجلًا فاضلًا صالحًا، قد عَمي. تُوُفّي في جُمَادَى الْآخرة. 71- أَحْمَد بن محمد بن موسى البغداديّ1: أبو عيسى بن العرّاد. سمع: الوليد بن شجاع، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ولُوَيْنًا. وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، وابن الزّيّات. وثقة الدّارَقُطْنيّ. 72- أحمد بن يحيى بن زكريا: أبو جعفر الحضرميّ الصّوّاف. بمصر في شهر ذي القعدة. سمع من: محمد بن رُمْح، وغيره. وعنه: ابن يونس وقال: ثقة. 73- إبراهيم بن أحمد بن مُعَاذ الشَّعْبانيّ2: الأندلسيّ. بها. 74- إبراهيم بن شَرِيك بن الفضل3: أبو إسحاق الأَسديّ الكوفيّ. نزيل بغداد.   1 تاريخ بغداد "5/ 90" "2486". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 15، 16"، لابن الفرضي. 3 تاريخ بغداد "6/ 102، 103"، والعبر "2/ 122". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 57 عن: أحمد بن يونس، ومنجاب بن الحارث، وغيرهما. وعنه: مخلد الباقَرْحيّ، وعُمَر بن الزّيّات، وأبو الفضل الزُّهْريّ، وأبو الحسن بن لؤلؤ. قال الزّيّات: سمعت ابن عُقْدة يقول: ما دخل عليكم أوثق من إبراهيم بن شَرِيك. ووثَّقه الدّارَقُطْنيّ. مات سنة إحدى. وقيل: سنة اثنتين. وحُمِل إلى الكوفة. 75- إبراهيم بن محمد بن الحَسَن الإصبهانيّ1: الإمام أبو إسحاق بن مَتُّويه إمام جامع إصبهان. كان من العُبّاد والسّادة. يصوم الدَّهْر. وكان حافظًا، ثقة. سمع: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وبِشْر بن مُعَاذ، وعبد الجبّار بن العلاء، وأحمد بن مَنِيع، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكّيّ، وهشام بن خالد الأزرق. وطوَّف البلاد. روى عنه: أبو عليّ بن شُعيب الدّمشقيّ، وأبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، وأبو بكر بن المقرئ وقال: هو أوّل من كتبتُ عنه الحديث. وقال أبو الشيخ: كان من معادن الصِّدْق. توفي في جُمَادَى الآخرة. قلت أما: 76- إبراهيم بن محمد بن الحسن الإصبهاني، فشيخ من طبقة ابن مَتُّوَيْه: سمع من: هَنّاد بن السَّرِيّ، وعبد الرحمن بن عُمَر رُسْتَة، وأحمد بن الفُرات. سكن هَمَدَان. وروى عنه من أهلها: أحمد بن إبراهيم بن تركان، ونصر بن حازم، وجبريل بن محمد، وغيرهم.   1 حلية الأولياء "7/ 370"، تهذيب التهذيب "9/ 432". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 58 ويُعرف أيضًا بأبّة، ويُعرف أيضًا بابن فِيّرة الطّيّان. 77- إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسّان الأنماطيّ1. البغداديّ. سمع بدمشق: دُحَيْمًا، وهشامًا، وأحمد بن أبي الحواري. وعنه: عثمان بن السّمّاك، وابن مقسم. وثَّقة الدَّارَقُطْنيّ. 78- إسماعيل بن محمد بن إسحاق2: أبو قُصَيّ العُذْريّ الدّمشقيّ، الأصمّ. عن: أبيه، وعمه عبد الله، وسليمان ابن بنت شرحبيل، وزهير بن عبّاد. وعنه: أبو سعيد أحمد بن محمد الأعرابيّ، وأبو عليّ النيسابوريّ، وأبو عُمَر بن فضالة، وعبد الله بن عديّ، والطبرانيّ. 79- أيوب بن سليمان بن صالح بن هاشم3: أبو صالح المعافريّ الجيانيّ، ثم القرطبيّ. روى عن: محمد بن أحمد العتبيّ، وعبد الله بن خالد، ويحيى بن مزين. وكان إمامًا فِي مذهب مالك، مقدَّمًا فِي الشورى. كانت الفتيا دائرة عليه وعلى محمد بن عُمَر بن لبابة. وكان لغويًا نحويًا بليغًا. توفي إلى رحمة الله في المحرم. روى عنه خلق. "حرف الياء": 80- بدعة المغنّية4: جارية عريب. كانت بديعة الحُسن، فائقة الغنى.   1 الكامل في التاريخ "8/ 91"، والمنتظم "9/ 128". 2 تاريخ جرجان "261"، وسير أعلام النبلاء "11/ 234". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 86"، لابن الفرضي، وبغية الملتمس "237" للضبي. 4 تاريخ الطبري "10/ 150"، والأغاني "21/ 55". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 59 توفيت في آخر سنة اثنتين؛ وقد كان إسحاق بن أيوب بذل فيها مائة ألف دينار فيما قيل، فلم تفعل عريب وأعتقتها. وكان لبدعة أموال وضياع وجوار. ولها نظم حسن. غنت للمعتضد وأخذت جوائزه. 81- بسّام بن أحمد بن بسام بن عُمَران: أبو الحسن المعافريّ مولاهم المصريّ قال ابن يونس: ثقة. حدثنا عن: يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن المقرئ. وتوفي في شوّال. 82- بِشْر بن نصر بن منصور1: الفقيه أبو القاسم الشّافعيّ، المعروف بغلام عرق. توفي بمصر في جُمَادَى الآخرة. وكان بغداديًا. قال ابن يونس: كان متضلعًا من الفقه، دينًا. "حرف الحاء": 83- الحسن بن عليّ بن موسى بن هارون2: أبو عليّ النيسابوريّ النّخّاس، بخاء معجمة. سمع: عبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسيّ، وهشام بن عمّار. وعنه: أبو سعيد بن يونس وصدقه، والحسن بن الأخضر الأسيوطيّ، وغيرهما من المصريين، وأبو أحمد بن عَدِيّ. 84- الحسن بن عليّ بن يوسف القتاد بن أبي مسعود: مصريّ، روي عن: حرملة، وأبي شريك المرادي، ومحمد بن سَلَمَةَ المراديّ، وغيرهم. توفي في شوال.   1 البداية والنهاية "11/ 122"، وتاريخ بغداد "7/ 88". 2 المنتظم "6/ 129" "193". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 60 85- الحسن بن محمد بن أحمد بن العسّال. أبو عليّ المصريّ العابر. لم يكن أحد يدانيه في تعبير الرؤيا. كتب الحديث بعد التّسعين ومائتين. قال ابن يونس: لم أر أحدًا يفسّر الرؤيا مثله، فسألته مِن أين لك هذا؟. قال: كنت أتاجر إلى المغرب، فمات بأقريطش نصرانيّ، فبيعت كتبه وكنت حاضرًا، فاشتريت منها كتابًا في تعبير الرؤيا وعدد الأيام وعلاماتٍ لذلك فحفظته، وجعلت أجرب ما فيه فأجده حقًّا. ثمّ ذكر له ابن يونس تعبير رؤيا الحسّاب. 86- الحسين بن أحمد بن منصور1. أبو عليّ البغداديّ سجادة: توفي بمكة. 87- حمزة بن محمد بن عيسى2. أبو عليّ الكاتب: سمع من نعيم بن حماد جزءًا واحدًا. روى عنه: محمد بن عُمَر الجعابيّ، وأبو حفص بن الزّيّات، وعليّ بن لؤلؤ، وغيرهم. وثقه الخطيب. وتوفي في رجب ببغداد؛ وهو جرجانيّ الأصل. لم يرو إلا عن نعيم. "حرف الخاء": 88- خلف بن أحمد بن خلف3. أبو الوليد السمريّ: عن: سويد بن سعيد، وسليمان بن أبي شيخ.   1 تاريخ بغداد "8/ 3، 4" "4033". 2 تاريخ بغداد "8/ 180"، والعبر "2/ 222"، وشذرات الذهب "2/ 238". 3 تاريخ بغداد "8/ 332، 333". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 61 وعنه: الجعابيّ، وأبو حفص الزّيّات. حدَّث في السنة، ولم يذكروا وفاته. 89- خلف بن أحمد بن عبد الصمد: أبو القاسم المصريّ. عن: سَلَمَةَ بن شبيب، وغيره. قال ابن يونس: كتبتُ عنه، وكان ثقة يؤمّ بمسجد الأقدام. مات في رجب. "حرف الدال": 90- دحمان بن المعافى الإفريقيّ. أبو عبد الرحمن. سمع من يونس بن عبد الأعلى. "حرف السين": 91- سعيد بن محمد بن صبيح: أبو عثمان الحدّاد، المالكيّ المغربيّ. إمام مجتهد كبير الشّأن. قال عِياض: توفي سنة اثنتين هذه، ووُلِد سنة تسع عشرة ومائتين. وكانت له مقامات محمودة في الذَّبّ عن السنة. ناظر أبا العبّاس الشّيعيّ داعي الروافض بني عبيد، وناظر بالقيروان الفراء شيخ المعتزلة. وكان إمامًا في اللغة والعربية والنّظر، إلا أن كان يحطّ على المالكيّة، ويسمّي "المدوّنة": المدوّدة. فسبّه المالكيّة وقاموا عليه، ثمّ اغتفروا له ذلك وأحبّوه لمّا ناظر الشّيعيّ ونَصَر الحقّ. وقد مرت ترجمته في الطبقة الماضية، رحمه الله تعالى. 92- سعيد بن محمد بن سعيد1. أبو همام البكْراويّ بالبصْرة: ورّخه ابن مَنْدَه.   1 العبر "2/ 122"، وشذرات الذهب "2/ 238". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 62 "حرف الصاد": 93- صالح بن محمد1: أبو محمد المُرَاديّ الأندلسيّ الوَشْقيّ. "حرف العين": 94- عبد الله بن الأزهر بن سُهيل المصريّ: روى عن صاحب مالك يزيد بن سعيد الصّبّاحيّ. 95- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخليل التّميميّ: أبو عُمَرو المصريّ. عن: عيسى بن حمّاد، والحارث بن مِسكين، وجماعة. وكان صدوقًا يَخْضب. قاله ابن يونس، وحدَّث عنه. تُوُفّي في المحرّم. 96- عبد الله بن الصقر بن نصر2. أبو العبّاس البغداديّ السُّكّريّ: سمع: إبراهيم بن محمد الشافعيّ، وإبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ، وعبد الأعلى بن حمّاد. وعنه: جعفر الخالديّ، وأحمد القطيعيّ، وعُمَر بن الزّيّات، وغيرهم. وثّقه الخطيب، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 97- عليّ بن إسماعيل الشّعيريّ البغداديّ3: سمع: عبد الأعلى بن حمّاد، وأبا همّام الوليد بن شجاع. وعنه: مَخْلَد الباقَرْحِيّ، والحسن بن أحمد السّبَيعيّ، وعليّ بن لؤلؤ. وثّقه الخطيب.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 201"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "240"، للحميدي. 2 تاريخ بغداد "1/ 482، 483"، والمنتظم "6/ 129". 3 تاريخ بغداد "11/ 344"، "6184". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 63 98- علي بن سليمان بن داود الإسكندراني. أبو الحسن. سمع يحيى بن بكير. 99- علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسّام1: أبو الحسن البغداديّ العَبَرْتائيّ، الكاتب الإخباريّ. أحد الشُعراء والبُلغاء، وهو ابن بنت حمدون بن إسماعيل النّديم. وله هجاء خبيث. روى في كُتُبه عن: عُمَر بن شَبة، والزُّبَيْر بن بكار، ويعقوب بن شبة، وحمّاد بن إسحاق، وأحمد بن الحارث الخزّاز، ومحمد بن حبيب، وسليمان بن أبي شيخ. روى عنه: محمد بن يحيى الصُّوليّ، وأبو سهل بن زياد، وزنجيّ الكاتب، وآخرون. وله من الكُتُب: "أخبار عُمَر بن أبي ربيعة"، وكتاب "المعاقرين"، وكتاب " مناقضات الشُّعراء"، وكتاب "أخبار الأحْوص"، وكتاب "ديوان رسائله". وكان يصنع الشعر في الرؤساء وينحله ابن الروميّ. قال المرزبانيّ: استفرغ شعِره في هجاء والده محمد بن نصر، والخلفاء والوزراء. تحسُن مقطعاته وتندرُ أبياته. وكان جدّه نصر على ديوان النفقات زمن المعتصم. قال ابن حمدون النّديم: غرم المعتضد على عمارة البُحيرة ستّين ألف دينار، وكان يخلو فيها مع جواريه، وفيهنّ محبوبته دُريْرة. فعمل البسّاميّ: تَرَكَ الناس بحيره ... وتخلّى في البحيرة قاعدًا يضرب بالطبل ... على حر دريره وبلغت الأبيات المعتضدَ فلم يظهر أنّه سمعها، ثمّ أمر بتخريب تلك العمارات. وقد هجا جماعةً من الوزراء كالقاسم بن عبيد الله، وجعفر بن الفرات.   1 معجم الشعراء للمرزباني "294، 295"، والأمالي للقالي "1/ 100"، والبداية "11/ 125، 126"، والأعلام "5/ 141"، وهدية العارفين "1/ 675". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 64 قال أبو عليّ بن مقلة: كنت أقصد ابن بسّام لهجائه إيّايَ، فخوطب ابن الفُرات في وزارته الأولى في تصريفه، فاعترضتُ في ذلك وقلت: إذا صُرِّف هذا تجسَّر النّاسُ على هجائنا. فامتنع من تصْريفه. فجاءني ابن بسّام وخضع لي، ثمّ لازمني نحو سنة حتّى صار يعاشرني على النّبيذ1. وقال فيَّ: يا زِينةَ الدين والدّنيا وما جَمَعَا ... والأمر والنَّهْيِ والقِرطاسِ والقلمِ إن يُنسِئ الله في عُمَري فسوف ترى ... مِن خِدْمَتي لك ما يُغْنِي عن الخدمِ أبا عليّ لقد طَوَّقْتني منَنًا ... طَوْقَ الحمامة لَا تَبْلى على القِدَم فاسْلَم فليس يُزيلُ الله نِعْمَتَهُ ... عمّن تُبث الأيادي من ذوي النِّعَم2 قال جحظة: كان ابن بسّام يفخر بقوله فيَّ: يا مَن هجوناه فغنانا ... أنت وحق الله أهجانا3 وهذا أخذه ابن الرومي في شنظف: وفي قُبْحها كافٍ لنا من كِيادها ... ولكنّها في فضلها بتبرّدِ ولو عَلِمَتْ ما كايَدَتْنا؛ لأنّها ... بأنفاسها والوجْهِ وَالطَّبْلِ واليَدِ4 الصّوليّ: سمعت ابن بسّام يقول: كنت أتعشّق خادمًا لخالي أحمد بن حمدون، فقمتُ ليلة لأَدُبّ إليه، فلمّا قرُبْتُ منه لَسَعَتْني عقربٌ فصحْتُ، فقال خالي: ما تصنع ههنا؟ فقلت: جئت لأبول. قال: نعم في أسْت غلامي. فقلت لوقتي: ولقد سَرَيْتُ مع الظّلام لموعدٍ ... حصلته من غادر كذاب   1 معجم الأدباء "14/ 148 وفيه: "علي البريد". 2 معجم الأدباء "14/ 148، 149". 3 انظر السابق. 4 انظر السابق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 65 فإذا على ظهر الطّريق مُغِذَّةٌ ... سوداءُ قد علمت أوَانَ ذَهَابي لا بارَك الرحمنُ فيها إنها ... دبابة دب إلى دَبّابِ1 فقال خالي: قبَّحك الله، لو تركت المُجُون يومًا لتَرَكْتَه في هذه الحال. ثم قال: وداري إذا هجع السّامرون ... تقيمُ الحدودَ بها العقربُ ولابن بسَّام يهجو الكُتّاب: وعَبْدُونُ يحكم في المسلمين ... ومِن مِثْله تُؤْخَذ الجاليه2 ودهقان طي تولى العراق ... وسقي الفرات ورزقانيه وحامدُ يا قومِ لو أمرُهُ ... إليَّ لألزمْتُهُ الزَّاوِيَهْ نَعَمْ، ولأَرْجَعْتُهُ صاغرًا ... إلى بيعِ رُمّانٍ خُسْراوِيَهْ أيا رَبُّ قد ركِبَ الأرذَلُون ... ورِجْلِي من بَينهم ماشِيَهْ فإنْ كنْتُ حامِلَها مِثْلَهُمْ ... وإلا فأرجل بني الزانيه3 وله: وأعرضت عن طلب البطالة والصبَا ... لمّا علانِي للمشيب قِناعُ4 100- عليّ بن سليمان بن داود الإسكندرانيّ: أبو الحسن. سمع يحيى بن بكير. 101- علي بن موسى بن عيسى بن حمّاد زُغْبَة التجيبي: يروي عن جده عيسى زغبة.   1 المصدر السابق. 2 الجالية: هم أهل الذمة الذين أجلاهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من جزيرة العرب. 3 معجم الأدباء "14/ 151، 152". 4 وفيات الأعيان "3/ 363". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 66 "حرف القاف": 102- قاسم بن ثابت بن حزم: سنذكره مع أبيه في سنة ثلاث عشرة. 103- القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب1: أبو محمد. حدّث بدمشق إصبهان. عن: إسحاق بن شاهين، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وطبقتهما. وعنه: عليّ بن أبي العَقِب، وهشام ابن بنت عَدَبَّس، وأبو بكر بن ماهان الإصبهانيّ، وآخرون. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. "حرف الميم": 104- مُحَمَّد بن حَرِيث بن عبد الرحمن بن حاشد2: أبو بكر الأنصاريّ البخاريّ الحافظ. لقّبه ابن ماكولا: حَمّ، بفتح الحاء، وقال: ثقة، صنف "المسند" و"التفسير" و"التاريخ" و"الوحدان". ولم يُسمِّ أحدًا من شيوخه. قال: وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 105- محمد بن داود بن يزيد: أبو بكر الرّازيّ الخطيب. سمع: محمد بن حُمَيْد، وأبا سعيد الأشجّ، وجماعة. وحدَّث بَنيْسابور في هذه السنة، وتُوُفّي بعد ذلك. 106- محمد بن دلويه النيسابوري. أخو زكريا:   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 159، 160". 2 الإكمال "2/ 540"، لابن ماكولا، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 228". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 67 سمع: محمد بن مقاتل المَرْوِزِيّ، وأحمد بن حرب. وعنه: أبو جعفر الرّازيّ، وأبو عبد الله بن دينار. 107- محمد بن زكريّا بن يحيى بن عبد الله بن ناصح بن عُمَرو بن دينار. قهرمان آل الزُبَيْر، أبو بكر الدّيناريّ البخاريّ الورّاق. عن: هاني بن النّضْر، ومحمد بن المهلّب، وطبقتهما. 108- محمد بن زَنْجَوَيْه بن الهيثم القُشَيْريّ النيْسابوري1: سمع: عبد العزيز بن يحيى، وإسحاق بن راهَوَيْه، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ، وطبقتهم. وعنه: عليّ بن حَمْشَاذ، وعبد الله بن سعد، وجماعة بعدهم. أَخْبَرَنَا محمد بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الْحَلَبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْنِ محمد الْهَرَوِيِّ: أَنْبَأَ تَمِيمُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ وَزَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ قَالا: أَنَا محمد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَ أَبُو عَمْرٍو محمد بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ: أَنْبَأَ محمد بْنُ زَنْجَوَيْهِ الْقُشَيْرِيُّ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْمَدَنِيُّ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ"2. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وكنْيته أبو بكر. 109- محمد بن سعيد بن عزيز البُوسَنْجيّ. ويُعْرف بالكوفيّ. ورّخه عبد الرحمن بن مَنْدَه. 110- محمد بن عبد الله بن سوّار القُرْطُبيّ3. رحل وسمع: أبا حاتم السجستانيّ، والرِّياشيّ.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 206"، وشذرات الذهب "2/ 239". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 121"، ومسلم "1506"، والنسائي "7/ 306"، وابن ماجه "2747، 2848"، وأحمد في المسند "2/ 9، 79، 107"، والطبراني في الكبير "12/ 448"، وأبو نعيم في الحلية "7/ 331". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 24" "1160". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 68 وشهد دخول الزَّنْج ونهْبهم البصرة. تُوُفّي في ربيع الأول. 111- محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زُرْعة الثَّقفيّ1: مولاهم الدّمشقيّ، القاضي أبو زُرْعة. كانت داره بنواحي باب البريد. ولي قضاء مصر سنة أربعٍ وثمانين ومائتين، وولي قضاء دمشق. وكان جدُّه يهوديًّا فأسلم. روى عنه الحسَن الحصائريّ، وغيره. وكان حَسَن المذهب عفيفًا متثبِّتًا. وكان قد نزع الطّاعة، وقام مع ابن طولون، وخلع أبا أحمد الموفّق ووقف عند المنبر يوم الجمعة وقال: أيُّها النّاس أُشْهِدُكم أنّي خلعت أبا أحمق كما يخلع الخاتم من الإصبع، فألَعنُوه. فَعل ذلك أبو زُرْعة بأمر أحمد بن طولون. وكانت قد جَرَت وقعةٌ بين ابن الموفّق وبين خِمارُوَيْه بن أحمد بن طولون في سنة إحدى وسبعين ومائتين، وتُسمّى وقْعة الطّواحين. وانتصر فيها أحمد بن الموفّق، ورجعَ إلى دمشق. وكانت هذه الوقعة بنواحي الرَّمْلَةِ. فقال ابن الموفّق لكاتبه أحمد بن محمد الواسطيّ: أنظُر من كان يبغضنا. قال: فَأُخِذ يزيد بن عبد الصّمد، وأبو زرْعة الدّمشقيّ، والقاضي أبو زُرْعة مقيَّدين، فاستحضرهم يومًا في طريقه إلى بغداد، فقال: أيُّكم القائل: قد نزعت أبا أحمق؟ فربت ألسنتا وآيسنا من الحياة. قال أبو زرعة الدمشقي المحدَّث: فأمّا أنا فأُبْلِسْتُ، وأمّا يزيد فخرِس وكان تمتامًا، وكان أبو زُرْعة محمد بن عثمان أحدَثنا سِنًّا فقال: أصلح الله الأمير. فقال الواسطيّ: قف حتّى يتكلّم أكبر منك.   1 الولاة والقضاة "248"، للكندي، والعبر "2/ 123"، والأعلام "6/ 260". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 69 فقلنا: أصلحك الله، هو يتكلم عنا. فقال: تكلم. قال: واللَّه ما فينا هاشميّ صريح، ولا قرَشيّ صريح، ولا عربيّ فصيح، ولكنّا قومٌ مُلِكْنا، يعني قُهِرْنا؛ ثمّ روى أحاديث في السّمع والطّاعة، وأحاديث في العفْو والإحسان، وكان هو المتكلمّ بالكلمة الّتي نُطَالَب بخِزْيها. وقال: إني أشهدك أيها الأمير أنّ نسائي طَوالق، وعبيدي أحرار، ومالي عليّ حرام، إنّ كان من هؤلاء القوم أحدٌ قال هذه الكلمة. ووراءنا حُرَم وَعِيالُ، وقد تسامَع النّاس بهَلاكِنا، وقد قدِرْتَ، وإنّما العفو بعد القُدرة. فقال للواسطيّ: أَطلِقْهم، لا كثّر الله أمثالهم. فاشتغلت أنا ويزيد بن عبد الصّمد في نزهة أنطاكية، وطِيبها عند عثمان بن خرزاد، وسبق هو إلى حمص. قال ابن زُولاق في "تاريخ قُضَاة مصر": ولي أبو زُرْعة قضاء مصر سنة أربعٍ وثمانين، وكان يذهب إلى قول الشافعيّ، ويوالي عليه ويصانع. وكان عفيفًا، شديد التَّوقُّف في إنفاذ الأحكام. وله مالٌ كثير وضِياع كِبار بالشّام. واختلف في أمره، فقيل: إنّ هارون بن خِمَارُوَيْه مُتَوَلّي مصر كان في عهده أنّ القضاء إليه فولاه القضاء. وقيل: إنّ المعتضد كتب له عهدًا. قال: وكان القاضي يَرْقي من وجع الضَّرْس، ويدفع إلى صاحب الوجع حشيشةً توضع عليه، فيسكن. قال: وكان يزن عن الغُرماء الضّعفاء. وربمّا أراد القوم النّزهة، فيأخذ الواحد بيد الآخر، فيطالبه فيقرّ له، ويبكي فيرحمه ويزن عنه. وسمعت محمد بن أحمد بن الحدّاد الفقيه شيخنا يقول: سمعت منصور بن إسماعيل الفقيه يقول: كنت عند أبي زُرْعة القاضي، فذكر الخلفاء، فقلت له: أيها القاضي، يجوز أن يكون السفيه وكيلًا؟ قال: لا. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 70 قلتُ: فوليًّا لامرأةٍ؟ قال: لَا. قلتُ: فأمينًا؟ قال: لا. قتل: فشاهدًا؟ قال: لَا. قلت: فيكون خليفة؟ قال لي: يا أبا الحسن هذه من مسائل الخوارج1. وكان أبو زُرْعة قد شرط لمن يحفظ "مختصر المُزنيّ" مائة دينار يَهَبها له. وهو ادخل مذهب الشّافعيّ دمشقّ، وحكم به القُضاة. وكان الغالب عليها قول الأوزاعيّ. قال: وكان أبو زُرْعة من الأكَلَة، يأكل سلّ مِشْمش، ويأكل سلّ تِين، وما أشبه ذلك2. وبقي على قضاء مصر ثماني سِنين وشهرين، فَصُرِف وأُعيد إلى القضاء محمد بن عَبْدَة بن حرب، فإنّه ظهر من الاختفاء كما ذكرنا في ترجمته، فولاه محمد بن سليمان الكاتب القضاء3. 112- موسى بن القاسم بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب الهاشميّ الحَسَنيّ. أبو الحسن المدنيّ: بمصر في رمضان. روى عنه ابن يونس. 113- مؤمِّل بن الحسن بن الْيَسع. أبو الحسن البَهْنَسيّ4: سمع: يونس بن عبد الأعلى. "حرف الهاء": 114- هارون بن نصر5. أبو الخيار الأندلسي: بها.   1 الولاة والقضاة "523". 2 الولاة والقضاة "522". 3 المصدر السابق. 4 البهنسي: نسبة إلى مدينة بصعيد مصر تسمى "البهنسا" "معجم البلدان "1/ 516". 5 تاريخ علماء الأندلس "2/ 169"، وجذوة المقتبس "364". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 71 صحِب بَقِيّ بن مَخْلَدَ بضع عشرة سنة فأكثر عنه، ومالَ إلى كُتُب الشافعيّ فحفظها. وكان من أهل النَّظَر والحُجَّة والإمامة. "حرف الياء": 115- يسير بن إبراهيم بن خلف الأندلسي الألُبِيريّ1: وقيل: هو يُسْر، أبو سهل. فقيه ثقة. أخذ عن أبيه، وعن غيره. ذكره ابن يونس. وفيات سنة ثلاث وثلاثمائة: "حرف الألف": 116- أحمد بن الحسين بن إسحاق2: أبو الحسن البغدادي، المعروف بالصوف الصّغير. سمع: أبا إبراهيم التَّرْجُمانيّ، وعبد الله بن عُمَر بن أبان. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو حفص بن الزّيّات. ضعّفه بعضهم، ولم يُترك. وقيل: مات في آخر سنة اثنتين. 117- أحمد بن شعيب بن عليّ بن سِنان بن بحر3: أبو عبد الرحمن النَّسائيّ، القاضي، مُصَنِّف "السُّنَن"، وغيرها من التّصانيف وبقيّة الأعلام.   1 جذوة المقتبس "386" للحميدي. 2 تاريخ بغداد "4/ 98، 99"، "1750"، والميزان للذهبي "1/ 92، 93"، "343". 3 طبقات فقهاء الشافعية "51" للعبادي، والبداية والنهاية "11/ 123، 124"، وتهذيب الكمال "1/ 328-340"، والعبر "2/ 123". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 72 وُلِدَ سنة خمس عشرة ومائتين. وسمع: قُتيبة، وإسحاق بن راهَوَيْه، وهشام بن عمّار، وعيسى بن حمّاد، والحسين بن منصور السُّلَميّ النَّيْسابوريّ، وعُمَرو بن زُرَارة، ومحمد بن النّضْر المَرْوَزِيّ، وسُوَيْد بن نصر، وأبا كُرَيْب، وخلْقًا سواهم بعد الأربعين ومائتين بخراسان، والعراق، والشام، ومصر، والحجاز، والجزيرة. وعنه: أبو بِشْر الدّولابيّ، وأبو عليّ الحسين النَّيْسابوريّ، وحمزة بن محمد الكِنَانيّ، وأبو بكر أحمد بن السُّنّيّ، ومحمد بن عبد الله بن حَيَّوَيْه، وأبو القاسم الطبراني، وخلق سواهم. رحل إلى قُتَيْبة وهو ابن خمس عشرة سنة، وقال: أقمت عنده سنة وشهرين. ورحل إلى مَرْو، ونيسابور، والعراق، والشّام، ومصر، والحجاز، وسكنَ مصر. وكان يسكن بزُقاق القناديل. وكان مليح الوجه، ظاهر الدّم مع كِبَر السِّنّ. وكان يؤثر لباسَ البرود النُّوبيّة الخُضر، ويُكثر الْجِماع، مع صوم يومٍ وإفطار يوم. وكان له أربع زوجات يقسم لهنّ، ولا يخلو مع ذلك من سُرِّيَّة. وكان يكُثر أكل الدّيُوك الكبار تشترى له وتُسَمَّن، فقال بعض الطلبة: ما أظنّ أبا عبد الرحمن إلّا أنّه يشرب النّبيذ للنضرة التي في وجهه1. وقال آخرون: لَيْت شِعْرنا، ما يقول في إتيان النّساء في أدبارهنّ؟ فَسُئِلَ فقال: النّبيذ حرام، ولا يصح في الدُّبُر شيء، ولكن حدَّث محمد بن كعب القُرَظيّ، عن ابن عبّاس قال: إسقِ حَرّثَك من حيث شئت. فلا ينبغي أن يتجاوز قوله هذا الفصل. سمعه الوزير ابن حنزابة، من محمد بن موسى المأمونيّ صاحب النِّسائيّ. وفيه: فسمعتُ قومًا ينكرون عليه كتاب "الخصائص" لعليّ -رضى الله عنه- وتَرْكَه تصْنيف فضائل الشيخين. فذكرت له ذلك فقال: دخلت إلى دمشق والمُنْحَرِف عن عليّ بها كثير، فصنَّفتُ كتاب "الخصائص" رجاء أن يهديهم الله. ثُمَّ صَنَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ "فَضَائِلَ الصَّحَابَةِ"، فَقِيلَ لَهُ وأنا أسمع: ألا تخرج "فضائل معاوية".   1 سير أعلام النبلاء "11/ 196". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 73 فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أُخَرِّجُ؟ "اللَّهُمَّ لَا تُشْبِعْ بَطْنَهُ" 1! فَسَكَتَ السَّائِلُ. قُلْتُ: لَعَلَّ هَذِهِ فَضِيلَةٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ مَنْ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ لَهُ ذَلِكَ زَكَاةً وَرَحْمَةً" 2. قال أبو عليّ النَّيْسابوريّ حافظ خُراسان في زمانه: ثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النَّسائيّ. وقال أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ: مَن يصبر على ما يصبر عليه النَّسائيّ؟ كان عنده حديث ابن لَهِيعَة ترجمةً ترجمةً، يعني عن قُتَيبة، عنه، فما حدَّث بها3. وقال الدّارَقُطْنيّ: أبو عبد الرحمن مُقَدَّم على كلّ مَن يُذكر بهذا العلم مِن أهلِ عصره4. قال قاضي مصر أبو القاسم عبد الله بْن محمد بْن أبي العَوّام السَعْديّ: ثنا أحمد بن شعيب النَّسائيّ: أنا إسحاق بن راهَوَيْه نا محمد بن أعين قال: قلت لابن المبارك: إنّ فلانًا يقول: مَن زعم أنّ قوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} مخلوق فهو كافر. فقال ابن المبارك: صَدَق. قال النَّسائيّ: بهذا أقول. وقال ابن طاهر المقدسي: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه، فقلت: قد ضعفه النسائي. فقال: يا بُنيّ إنّ لأبيّ عبد الرحمن شرطًا في الرّجال أشدّ من شرط البخاريّ ومسلم. وقال محمد بن المظفر الحافظ: سمعتُ مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النَّسائيّ في العبادة باللّيل والنّهار، وأنّه خرج إلى الغداء مع أمير مصر، فوُصف من شهامته وإقامته السُّنَن المأثورة في فِداء المسلمين، واحترازه عن مجالس السلطان الّذي خرج معه، والانبساط في المأكل. وأنّه لم يزل ذلك رأيه إلى أن استشهد بدمشق من جهة الخوارج.   1 صحيح: أخرجه مسلم بنحوه "2604". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2600". 3 سير أعلام النبلاء "11/ 198". 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 74 وقال الدّارَقُطْنيّ: كان ابن الحدّاد أبو بكر كثير الحديث، ولم يحدَّث عن غير النَّسائيّ، وقال: رضيتُ بِهِ حُجَّةً بيني وبين الله تعالى1. وقال أبو عبد الرحمن بن مَنْدَه، عن حمزة العَقَبيّ المصريّ وغيره: أنّ النّسائيّ خرج من مصر في آخر عُمَره إلى دمشق، فسُئِل بها عن معاوية وما رُوِيَ في فضائله فقال: لَا يرضى رأسًا برأس حتّى يُفَضَّلَ! قال: فما زالوا يدفعون في حضْنَيْه حتَّى أُخْرِج من المسجد. ثمّ حُمِل إلى الرملة، وتُوُفّي بها، رحمة الله ورضي عنه2. وقال الدَّارَقُطْنيّ: إنّه خرج حاجًا فامتُحِن بدمشق، وأدرك الشّهادة، فقال: احملوني إلى مكّة. فَحُمِل وتوفي بها. وهو مدفون بين الصّفا والمَرْوَة. وكانت وفاته في شعبان سنة ثلاثٍ وثلاثمائة. قال: وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال. وقال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: كان إمامًا حافظًا، ثبتًا. خرج مِن مصر في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثمائة، وتوفي بفلسطين يوم الإثنين لثلاث عشرة خَلَت من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة3. قلت: هذا هو الصحيح، واللَّه أعلم. 118- أحمد بْن علي بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن عيسى بن رستم4. أبو الطَّيِّب المادرائيّ، الكاتب الاعور؛ ويعرف أيضًا بالكوكبيّ. أصغر من أخيه محمد بأربع سِنين. سمع الحديث وقرا الأدب، وتفنّن. وله مدائح في الحسن بن مَخْلَد الوزير. ولي خراج مصر أيام المعتضد والمكتفي لخِمَارُوَيْه، ثم صُرِف، ثم ولي لما قدِم مؤنس. وسعى مؤنس في تَوْلِيته وزارة المقتدر، وعُمِلت له الخلَع، وكُتِب التَّقليد، وطُلِب من دمشق، فإذا به قد مات.   1 تهذيب الكمال "1/ 335". 2 وفيات الأعيان "1/ 77"، والمنتظم "6/ 131". 3 سير أعلام النبلاء "11/ 200". 4 الوافي بالوفيات "7/ 186"، والمنتظم "6/ 132". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 75 روى عنه الخرائطيّ، وغيره شعرًا. وقيل: كانت كتبه ثلاثمائة حِمْلِ جَمَلٍ. تُوُفّي بمصر كَهْلًا. 119- أحمد بن فرح بن جبريل1: أبو جعفر البغداديّ العسكريّ الضّرير المقرئ. قرأ على أبي عُمَر الدُّوريّ، وعلى أبي الحسن أحمد البزّيّ. وكان بصيرًا بالتَّفسير، وولاؤه لبنى هاشم. أقرأَ النّاس مدَّةً. وحدث عن: عليّ بن المَدِينيّ، وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وأبي الربيع الزَّهْرانيّ. وعنه: أحمد بن جعفر الخُتّليّ، وابن سمعان الرّزّاز. وكان ثقة، عالمًا بالقرآن واللُّغَة، نزل الكوفة وبها تُوُفّي في ذي الحجّة. وقرأ عَلَيْهِ: زيد بْن عَلِيّ بْن أَبِي بلال، وعُمَر بن محمد بن بَيَان الزّاهد، وإبراهيم بن أحمد، وعبد الله بن محرز، والحسن بن سعيد المطّوعيّ، وأبو بكر محمد بن الحسن النقاش، وعبد الواحد بن عُمَر، وعليّ بن سعيد القزّاز، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن المعروف بالوليّ، وغيرهم. 120- أحمد بن محمد بن أبي خالد الإصبهانيّ: أبو جعفر، نزيل نَيْسابور. سمع: حُمَيْد بن مَسْعَدَة، وأحمد بن مَنِيع، والنَّضْر بن سَلَمَةَ. وكان ثقة. روى عنه: أبو حامد بن الشَّرقيّ، وابن الأخرم. 121- أحمد بن عُصْم. أبو العبّاس الضَّبّيّ الهَرَويّ.   1 تاريخ بغداد "4/ 345، 346"، والعبر "2/ 125". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 76 عن: عليّ بن خَشْرَم، وإسحاق الكَوْسَج، وأبي داود السَنْجيّ. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 122- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن السّاميّ الهَرَويّ: ثقة من أولاد الشيوخ. روى عن: أبي عمّار الحسين بن حُرَيث. وعنه: الحاكم أبو نصر منصور بن مطرف، وغيره. 123- إبراهيم بن إسحاق1: أبو إسحاق النَّيْسابوريّ، الأنماطيّ، صاحب "التفسير الكبير". حافظ، رحّال، سمع: ابن راهَوَيْه، وعبد الله بن الرّمّاح، ومحمد بن حُمَيْد، ومحمد بن سليمان لُوَيْن، وعثمان بن أبي شيبة، وهارون الحمّال، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن محمد الشَّرْقيّ، ومحمد بن يعقوب الأخرم، ويحيى بن العنْبريّ. 124- إبراهيم بن عبد العزيز بن منير: أبو إسحاق المصريّ الفقيه المالكيّ. حدَّث عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ. وعنه: أبو سعيد بن يونس. 125- إبراهيم بن عثمان: أبو إسحاق المصريّ الأزرق الخشّاب. في رمضان. سمع من: يونس. 126- إبراهيم بن عُمَرو بن ثَوْر بن عُمَران المُراديّ: مولاهم المصريّ، أبو إسحاق.   1 تذكرة الحفاظ "2/ 701"، وطبقات المفسِّرين "1/ 5، 6"، "7" للداودي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 77 سمع: يحيى بن بكير، وأحمد بن صالح، وغيرهما. وعنه: ابن يونس، ووثقه وقال: كان يَخْضِب وعَمي. تُوُفّي في شَعْبان. 127- إبراهيم بن موسى الْجَوْزيّ1: أبو إسحاق التُّوزِيّ. سمع: بِشْر بن الوَليد الكِنْديّ، وعبد الأعلى بن حمّاد، وعبد الرحيم الدَّيْبُليّ، ومحمد بن عبد الله بن عمّار. وعنه: أبو عليّ بن الصواف، علي بن لؤلؤ، وعُمَر بن الزّيّات. وهو ثقة. 128- إسحاق بن إبراهيم بن دَلِيلٍ المَوْصِليّ: عن: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، وعليّ بن الحسين الخوّاص، وغيرهما. وحدَّث ببلده. 129- إسحاق بن إبراهيم بن نصر2: أبو يعقوب النَّيْسابوريّ البُسْتيّ. سمع: قُتَيْبة، وإسحاق، وهشام بن عمّار، وعبد الله بن عُمَران العابديّ، وطائفة. وعنه: محمد بن صالح بن هانئ، ومحمد بن إبراهيم الهاشميّ، وجماعة. وسمع منه: محمد بن أحمد بن يحيى سنة ثلاث وثلاثمائة. وكان ثقة حافظًا صنَّف "المُسْنَد"، وغير ذلك. وذكر ابن ماكولا. 130- إسحاق بن إبراهيم البُشْتيّ، بالمعجمة3: روى عن: إسحاق بن راهَوَيْه. وله مسند.   1 المنتظم "6/ 140" "211"، والأنساب "112 أ". 2 الإكمال لابن ماكولا "1/ 433"، والعبر "2/ 125". 3 توضيح المشتبه "1/ 498". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 78 "حرف الجيم": 131- جعفر بن أحمد بن نصر1: أبو محمد الحافظ النَّيْسابوريّ، المعروف بالحصيريّ. أحد أركان الحديث، ثقة، عابد. سمع: إسحاق بن راهويه، وأبا كريب، وأبا مروان العثمان، وأبا مُصْعب، وجماعة. وعنه: أبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأحمد بن الخَضِر الشّافعيّ، ومحمد بن إبراهيم الهاشميّ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وغيرهم. قال الحاكم: قال لي أحمد بن محمد السُّكّريّ سِبْط جعفر: كان جدّي قد جزّأ اللّيل ثلاثة أجزاء، يُصلّي ثُلُثه، وينام ثُلُثًا، ويُصنّف ثُلُثًا. وكان مرضه ثلاثة أيام، ولا يفترُ فيها عن قراءة القرآن. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْخَضِرِ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا قَدِمَ أبو عبد الله بْنُ محمد الْبَلْخِيُّ نَيْسَابُورَ عَجَزَ النَّاسُ عَنْ مُذَاكَرَتِهِ، فَذَاكَرَ جَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ بِأَحَادِيثِ الحج، فكان يسرد، فقال له جعفر: تَحْفَظُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ، عَنْ أَنَسٍ، "أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا"2؟ فَبُهِتَ وَجَعَلَ يَقُولُ: التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ. فَقَالَ جَعْفَرٌ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 132- جعفر بن أحمد بن سعيد بن صَبِيح. أبو الفضل: تُوُفّي في رمضان. قال ابن يونس: حكى لنا عن: يحيى بن بُكَيْر. 133- جعفر بن محمد بن عليّ: أبو الفضل الحِمْيَريّ قاضي نسف. زاهد ورع.   1 النجوم الزاهرة "3/ 188"، والعبر "2/ 126". 2 صحيح: أورده ابن قيم الجوزية في زاد المعاد "2/ 116"، ونسبه للبزار. قلت: وأخرجه مسلم "1251"، وغيره. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 79 روى عن: عَبْدان المَرْوَزي، وإسحاق بن راهَوَيْه، والحسن بن عيسى بن ماسَرْجِس. روى عنه: محمد بن زكريّا الحافظ، وأحمد بن حامد المقري. 134- جعفر بن محمد بن عيسى1: أبو الفضل القبوريّ البغداديّ. وثّقه الخطيب. سمع: سُوَيْد بن سعيد، وغيره. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، والصّوّاف. "حرف الحاء": 135- حاتم بن الحسن الشّاشيّ2: أبو سعيد. حجّ في هذا العام؛ وحدَّث ببغداد عن: عليّ بن خَشرم، وإسحاق الكَوْسَج، وسليمان بن معبد السّنْجيّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعبد العزيز بن الواثق، وعليّ بن عُمَر الحربيّ. 136- الحَسَن بن حُباش3: أبو محمد الدَّهْقان الكوفيّ. عن: جُبَارة بن المُغَلّس، وهنّاد بن السَّري، وإسماعيل ابن بنت السُّدّيّ. وعنه: ابن عُقْدة، وعبد الله بن يحيى الطّلْحيّ، وعبد الباقي بن قانع، وأبو بكر بن أبي دارم. تكلموا فيه.   1 تاريخ بغداد "7/ 202، 203"، "3666"، والمنتظم "6/ 132"، "201". 2 تاريخ بغداد "8/ 247"، "1350". 3 تاريخ بغداد "7/ 302، 303" "3814". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 80 137- الحَسَن بن سُفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النُّعْمان الشّيْبانيّ النَّسَويّ1. أبو العباس الحافظ. مصنّف "المُسْنَد": تفقّه على: أبي ثور إبراهيم بن خالد. وكان يُفتي بمذهبه. وسمع: أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وحبان بن موسى، وقتيبة، وعبد الرحمن بن سلام الْجُمَحي، وشَيْبان بن فَرُّوخ، وسهل بن عثمان العسْكريّ، وأُمَمًا سواهم. وسمع تصانيف أبي بكر بن أبي شيبة منه، وأكثر "المُسْنَد" من إسحاق، وكتاب "السُّنَن" من أبي ثَوْر، "والتفسير" من محمد بن أبي بكر المقدمي. وسمع من: سعد بن يزيد الفراء، ويزيد بن صالح. روى عنه: ابن خُزَيْمَة، والقُدماء، وأبو عليّ الحافظ، ويحيى بن منصور القاضي، ومحمد بن إبراهيم الهاشميّ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وأبو بكر الإسماعيليّ، وابن حبّان، وحفيده إسحاق بن سعد الفَسويّ، وخلْق كثير. وقال محمد بن جعفر البُسْتيّ: سمعته يقول: لولا اشتغالي بحِبّان بن موسى لَجِئتُكُم بأبي الوليد، وسليمان بن حرب. وقال الحاكم: كان محدِّث خُراسان في عصره، مقدَّمًا في الثبت والكثرة والفهم والأدب. وروى عنه ابن حِبّان فأكثر، وذكره في "الثّقات"، وقال: كان ممّن رَحَلَ وصَنّفَ، وحَدَّثَ على تَيَقُّظ، مع صحة الدّيانة والصّلابة في السنة. مات في قريته بالْوز في شهر رمضان، وحضرت دفَنه. وقال أبو بكر أحمد بن عليّ الرّازيّ في حياة الحَسَن بن سُفيان: ليس للحسن في الدنيا نظير. وقال أبو الوليد الفقيه: كان الحَسَن أديبًا فقيهًا، أخذ الأدب عن أصحاب النَّضْر بن شُمَيْل، والفقه عن أبي ثور.   1 الجرح والتعديل "3/ 16"، والثقات "8/ 871"، وهدية العارفين "1/ 68"، والأعلام "2/ 192". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 81 وقال الحاكم: سمعت محمد بن داود بن سليمان يقول لنا: كنّا عند الحسن بن سفيان، فدخل ابنُ خُزَيْمَة، وأبو عُمَرو، والحِيريّ، وأبو بكر بن عليّ الرّازيّ في جماعة وهم متوجّهون إلى فراوَة، فقال أبو بكر بن عليّ: قد كتبتُ هذا الطَّبَق من حديثك. قال: هات. فأخذ يقرأ، فلما قرأ أحاديث إسنادًا في إسنادٍ، فردّه الحسن، ثمّ بعد ساعة فعل ذلك، فردّه الحَسَن، فلمّا كان الثالثة قال له الحَسَن: ما هذا؟ لقد احتملتك مرَّتين وهذه الثالثة، وأنا ابنُ تسعين سنة. فاتّق الله في المشايخ، فربمّا استُجيبت فيك دعوة. فقال له ابن خُزَيْمة: مَه، لا تؤذي الشّيخ. قال: إنّما أردتُ أن تعلم أنّ أبا العبّاس يعرف حديثه. قلت: بالُوز قرية على ثلاثة فراسخ من نَسا. 138- الحُسَين بن عبد الله بن محمد بن بَشير. أبو عليّ المصريّ: روى عن: يحيى بن بُكَيْر، وغيره. تُوُفّي في شعبان. "حرف الخاء": 139- خليفة بن المبارك1. الأمير أبو الأغرّ: ولاه المعتضد قتال الأعراب بطريق الحجّ، فهزمهم وأسرَ رَأسهم صالح بن مدرك. ثمّ قدِم الشامَ في جيشٍ لحرب آل طولون. تُوُفّي في هذا العام. "حرف الراء": 140- رُوَيْم بن أحمد2، وقيل: ابن محمد، ين يزيد ين رويم بن يزيد.   1 تاريخ الطبري "10/ 36، 74، 80، 94"، وتجارب الأمم "5/ 35"، والولاة والقضاة "259". 2 حلية الأولياء "10/ 296-302"، والرسالة القشيرية "2/ 21"، والنجوم الزاهرة "3/ 189". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 82 أبو الحَسَن الصُّوفيّ البغداديّ. كان عالمًا بالقرآن ومعانيه، وكان ظاهريّ المذهب. تفقّه لداود بن عليّ. وجدّه الأعلى رُوَيم بن يزيد هو المذكور في طبقة المأمون. قال جعفر الخُلْديّ: سمعته يقول: الإخلاص ارتفاع رؤيتك عن فعلك، والفُتُوَّة أن تَعْذُر إخوانك في زَلَلهم، ولا تعاملهم بما يحوجوك إلى الاعتذار، والصبر ترْك الشَّكْوَى، والرِّضَى استلذاذ البلْوى، واليقين المشاهدة، والتوكُّل إسقاط الوسائل. وقيل: إنّ رُوَيْمًا دَخل في شيء من أمور السّلطان، فلم يتغيّر عن حاله ولا توسَّع، فَلِيم في ذلك فقال: كَذِبُ الصُّوفيّة أحْوَجَني إلى ذلك. وكان له عائلة. قال ابن خفيف: ما رأى حكيمًا في علوم المعارف مثل رُوَيْم. وقال محمد بن عليّ بن حبيش: كان رويم يقول: السُّكُون إلى الأحوال اغترار. وقال: رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين. وقد امْتُحِن رُوَيْم في فتنة الصُّوفيّة لمّا قام عليهم غلام خليل، فذكر السُّلميّ أنّ غلام خليل قال: إنّي سمعته يقول: ليس بيني وبين الله حجابٌ. فأحوجه ذلك إلى الخروج إلى الشام وتغيَّب. تُوُفّي رُوَيْم ببغداد، رحمه الله تعالى. "حرف الزاي": 141- زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل1: عن: أبيه. وعنه: ابن أخيه محمد بن أحمد، وأبو بكر الخلّال، وأبو بكر النّجّاد. وهو ثقة. "حرف العين": 142- عاصم بن رازح بن رحُبْ بن العلاء. أبو الليث الخولاني المصري:   1 المنتظم "6/ 137"، والبداية والنهاية "11/ 125". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 83 سمع: عيسى بن حمّاد، وغيره. وعنه: ابن يونس. تُوُفّي في رمضان. 143- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن يونس1: أبو الحسين السِّمْنانيّ. من أعيان المحدَّثين بخُراسان وثِقاتهم. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، وهشام بن عمّار، وعيسى بن زُغْبة، وأبا كُرَيْب. وعنه: عليّ بن حمْشاد، وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم، وأبو عُمَرو بن حمدان، وابن عديّ، والإسماعيليّ، وأبا عُمَرو بن مطر، ومحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون. وكان واسع الرحلة، بصيرًا بالآثار. قال أبو النصْر محمد بن محمد بن يوسف: أنشدنا أبو الحسين عبد الله بن محمد السِّمْنانيّ لنفسه: ترى المرءَ يَهْوَى أن تطول حياتُهُ ... وطولُ البقا ما لَيْسَ يشفي له صدُرا ولو كان في طُول البقاءِ صَلاحُنا ... إذا لم يكن إبليسُ أطوَلنا عُمَرا2 144- عبد الله بن محمد بن ياسين3. أبو الحسن الدُّوريّ: سمع: محمد بن بشّار، وعليّ بن الحسين الدِّرْهَميّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، واليَقْطينيّ. وثَّقه الدّارَقُطنيّ. 145- عبد الرحمن بن قُرَيش4. أبو نُعَيْم الهروي الجلاب.   1 العبر "2/ 126"، وطبقات الحفاظ "309". 2 معجم البلدان "3/ 252". 3 تاريخ بغداد "10/ 106، 107". 4 تاريخ بغداد "10/ 282" "5400". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 84 عن: أحمد بن الأزهر، ويحيى بن محمد الذُّهْليّ. وعنه: جعفر الخُلْديّ، ومَخْلَد الباقَرْحيّ. حدَّث ببغداد ودمشق. وله غرائب. 146- عليّ بن رستم بن المطيار: أبو الحسن الظِّهرانيّ. عمّ أبي عليّ بن رستم. يروي عن: لُوَيْن، وأحمد بن معاوية، وعبد الله أخي رستة، والحسن بن علي بن عفان العامري. روى عنه: عبد الله والد أبي نعيم، وأهل خراسان. 147- عمر بن أيوب بن إسماعيل1: أبو حفص السقطي. بغدادي صالح. وثقه الدارقطني. سمع: بشر بن الوليد، ومحمد بن بكار، وسريج بن يونس، وجماعة. وعنه: أبو علي بن الصواف، وعبد العزيز الخرقي، وابن لؤلؤ، ومحمد بن خلف بن حيان. "حرف الفاء": 148- فهد بن أبي هريرة أحمد بن محمد بن صالح المصري: روى عن: يونس بن عبد الأعلى. "حرف الميم": 149- محمد بن إسماعيل بن الفَرَج: أبو العباس المصري البناء.   1 العبر "2/ 126"، وشذرات الذهب "2/ 242". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 85 150- محمد بن حَرْمَلةَ بن سعيد. أبو عمّار الحرشي. مصري، سمع: بكار بن قُتَيْبة. 151- محمد بن الحسن بن العلاء1: أبو عبد الله البغداديّ الخواتيميّ. عن: داود بن رشيد، وأبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: عبد العزيز الخِرَقيّ. وثّقه الخطيب. 152- محمد بن الحسن بن نصر الزّيّات: سمع: زُهير بن عبّاد. مصريّ. 153- محمد بن خَوْتك: أبو ثمامة الحَرَسيّ. من أهل الحَرَس، بُلَيْدة بمصر. حدَّث عن: سَلَمَةَ بن شبيب، وغيره. 154- محمد بن سليمان بن سَنْدَلٍ الأندلسيّ2: سمع من: سَحْنُون. وفي الرحلة من: ابن عَبْد الحَكَم. وحدَّث. 155- محمد بن العبّاس بن الوليد بن محمد بن عُمَر بن الدرفس3:   1 تاريخ بغداد "2/ 189، 190" "610". 2 راجع تاريخ علماء الأندلس "2/ 21"، "1149"، فيمن سمع من سحنون. 3 شذرات الذهب "2/ 242"، والعبر "2/ 126". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 86 أبو عبد الرحمن الغسّانيّ الدّمشقيّ الشيخ الصّالح. روى عن: أبيه، وهشام بن عمّار، وهشام بن خالد، ودُحَيْم، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة. وعنه: أبو بكر، وأبو زُرْعة ابنا أبي دُجَانة، وجُمَح بن القاسم، والفضل بن جعفر، وأبو عُمَر بن فَضَلَة، وأبو أحمد بن عَدِيّ، والطبراني، وآخرون. 156- محمد بن عبد الوهّاب بن سلّام1: أبو عليّ الْجُبّائيّ البصْريّ. شيخ المعتزلة. كان رأسًا في الفلسفة والكلام. أخذ عن: يعقوب بن عبد الله الشّحّام البصُريّ. وله مقالات مشهورة، وتصانيف. أخذ عنه: ابنه أبو هاشم، والشيخ أبو الحسن الأشعريّ. ثمّ أعرض الأشعري عن طريق الاعتزال وتابَ منه، ووافق أئمّة السنة، إلّا في اليسير. وعاش أبو عليّ ثمانيًا وستّين سنة. وجدت على ظهر كتاب عتيق: سمعت أبا عُمَر يقول: سمعتُ عشرةٍ من أصحاب الْجُبّائيّ يحكون عنه قال: الحديث لأحمد بن حنبل، والفقه لأصحاب أبي حنيفة، والكلام للمعتزلة، والكذِب للرافضة. وقال الأهوازيّ: سمعتُ الحسن بن محمد العسكريّ بالأهواز، وكان من المخلصين في مذهب الأشعريّ، يقول: كان الأشعريّ تلميذًا للجُبّائيّ، يدرس عليه ويتعلَّم منه، ويأخذ عنه. وكان أبو عليّ الْجُبّائيّ صاحب تصنيف وقلم، إذا صنف يأتي بكل ما أراد مستقصي، وإذا حضر المجالس وناظر لم يكن بمرضي. وكان إذا دهمه الحضور في المجالس يبعث الأشعري ينوب عنه. ثم إن الأشعري أظهر توبة، وانتقل عن مذهبه.   1 مقالات الإسلاميين "1/ 236"، والفرق بين الفرق "167-169"، والنجوم الزاهرة "3/ 189". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 87 157- محمد بن عثمان بن سعيد: أبو بكر الدّارِميّ الهَرَويّ. خلَف أباه، وكان عالمًا زاهدًا. سمع: محمد بن بشّار، ومحمد بن المُثَنَّى، وأبا سعيد الأشجّ. روى عنه: أبو إسحاق البزّار الحافظ. 158- محمد بن عليّ بن عُمَرو الحفّار1: أبو بكر البغداديّ الضّرير. سمع: عبد الأعلى بن حمّاد، وداود بن رشيد. وعنه: عُمَر الزّيّات، وعليّ بن عُمَر الحربيّ. حدَّث في هذا العام. 159- محمد بن عيسى بن إبراهيم بن مثرود: أبو بكر الغافقيّ. مصريّ، له ذكر. روى عن: أبيه. وذَكَر أنّه سمع من يحيى بن بُكَيْر؛ قاله عنه ابن يونس. 160- محمد بن محمد بن فُورَك بن عطاء2: أبو عبد الله القبّاب الإصبهانيّ، والد أبي بكر. سمع من: محمد بن عاصم جبّر، وإسحاق بن إبراهيم شاذان. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو بكر الطّلْحيّ. 161 - محمد بن حمدَوَيْه بن سنجان3. أبو بكر المَرْوَزِيّ:   1 تاريخ بغداد "3، 70"، "1032". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 253". 3 الأنساب "593 ا"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 557". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 88 قال ابن ماكولا: روى عن: كثير بن المبارك، وسُوَيد بن نصر، وعليّ بن حُجْر، والحميدي. روى عنه: محمد بن الحسن النّقّاش، ومحمد بن محمود المَرْوَزيّ الفقيه. مات سنة ثلاث وثلاثمائة. 162- محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان السُّلميّ الهَرَويّ1: أبو عبد الرحمن الحافظ، المعروف بشَكّر. سمع: محمد بن رافع، وعليّ بن خَشرَم، وعُمَر بن شَبّة، والرمّاديّ، ويزيد بن عبد الصّمد، وأحمد بن عيسى المصريّ، وطبقتهم. وأكثَر التَّرْحال، وصنَّفَ. روى عنه: أبو الوليد حسّان بن محمد، وأبو عُمَرو بن مطر، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ الرّازيّ النَّيْسابوريّ. وحدَّث بنواحي خُراسان؛ وتوفي في أحد الربيعين بهَرَاة. وقيل: مات سنة اثنتين. 163- منصور بْن إسماعيل2: أبو الحَسَن التَّميميّ الْمَصْرِيّ الضَّرير، الفقيه الشّافعيّ الشاعر. قال ابن خلّكان: له مصنّفات مليحة في المذهب، وله شِعر سائر. وهو القائل: لي حيلةٌ فيمن يَنِمُّ ... وليس في الكذّاب حيلهْ مَن كان يخلقُ ما يقول ... فحِيلتي فيه قليلهْ3 وقال القُضاعيّ: أصله من رأس عين. وكان فقيهًا متصرِّفًا في كل علم، شاعرًا مجوّدًا، لم يكن في زمانه مثله. توفي سنة ثلاث4.   1 تذكرة الحفاظ "2/ 748، 749"، والعبر "2/ 126". 2 معجم الشعراء "373، 374"، للمرزباني، والأعلام "8/ 235"، وهدية العارفين "2/ 473". 3 وفيات الأعيان "5/ 289، 290". 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 89 وقال ابن يونس: كان فهمًا حاذِقًا، صنَّفَ مختصرات في اللُّغة في مذهب الشّافعيّ. وكان شاعرًا مجوّدًا، خبيث اللّسان بالهجْو. يظهر في شعرِهِ التَّشيُّع. وكان جُنْديًا قبل أن يعمى. وذكر ابنُ زولاق في ترجمة القاضي أبي عُبَيْد بن حَرْبَوَيْه أنّه كانت له قصّة مع منصور بن إسماعيل الفقيه طالت وعَظُمَت. وذلك أنّه كان خاليًا به، فجرى ذكر المُطَلَّقَة ثلاثًا الحامل، ووجوب نَفَقَتها، فقال أبو عُبَيْد: زعم زاعمٌ أنّ لَا نفقة لها. وأنكر منصور ذلك وقال: أقائل هذا مِن أهلِ القبْلَة؟. ثمّ انصرف منصور، وحدَّث الطّحاوي فأعاده على أبي عُبَيْد، فأنكره أبو عُبَيد فقال منصور: أنا أكذّبه. قال لنا أبو بكر بن الحدّاد: حضر منصور، فتبيَّنت في وجهه النَّدَم على ذلك، فلولا عَجَلَةُ القاضي بالكلام لما تكلَّم منصور، ولكنْ قال القاضي: ما أريد أحدًا يدلّ عليّ، لَا منصور ولا نصّار، يحكون عنّا ما لم نقلْ. فقال منصور: قد علِم اللُّه أنّك قلت. فقال: كذبتَ. فقال: قد علِمَ اللُّه مَن الكاذِب. ونهض1. "حرف الهاء": 164- هارون بن يوسف2: أبو أحمد الشَّطَويّ، ويُعرف بابن مقراض. سمع: محمد بن يحيى العَدَنيّ، والحسن بن عيسى بن ماسرْجِس، وأبا مروان العثمانيّ. وعنه: أبو بكر الْجِعَابيّ، وأبو عبد الله بن العسْكريّ، وابن لؤلؤ، والزّيّات. ووثّقه الإسماعيليّ. تُوُفّي في ذي الحجة.   1 انظر المصدر السابق. 2 تاريخ بغداد "14/ 29" "7366". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 90 "حرف الياء": 165- يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى اللَّيْثيّ1: أبو إسماعيل القُرْطُبيّ. سمع أباه، ورحل فسمع ببغداد من: إسماعيل القاضي. وبرع في العربية واللغة، وشووِر في الأحكام. مات في الرملة. 166- يحيى بن عُبَيْد الله بن يحيى بن يحيى2: أبو عبد الله القُرْطُبيّ؛ ابن عمّ الّذي قبله. كان رئيسًا مُبَجَّلًا يُسَتفْتى. سمع مع والده، ويُشاورَ في الأحكام. 167- يعقوب بن إبراهيم بن حسّان3: أبو الحُسين الأنماطيّ: أخو إسحاق. حدَّث عن: عبد الواحد بن غِياث، وهارون بن حاتم. وعنه: الْجِعَابيّ، ومحمد بن أحمد العَطَشيّ. وكان ثقة. وفيات سنة أربع وثلاثمائة: "حرف الألف": 168- أحمد بن إبراهيم بن يزيد بن عبد الله الباهلي الأصبهاني المكتب. روى عن: نصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن يحيى الرُّمّانيّ، وجماعة. وعنه: عبد الله والد أبي نعيم، ومحمد بن جعفر بن يوسف.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 186" "1573"، لابن الفرضي، وبغية الملتمس "498"، "1460"، للضبي. 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 186"، "1572". 3 تاريخ بغداد "14/ 292، 293". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 91 169- أحمد بن الحسن بن عبد الله الإصبهانيّ المعدّل1: سمع: مؤمّل بن إهاب، وأيوب الوزّان، وجماعة. وله رحلة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، وآخرون. 170- أحمد بن زنجويه بن موسى2: أبو العبّاس المخرّميّ القطّان. سمع: بِشْر بن الوليد، وداود بن رشيد، ومحمد بن بكّار. وعنه: ابن لؤلؤ، وابن المظفَّر. وكان ثقة. وذكر الخطيب أحمد بن عُمَر بن زَنْجَوَيْه المخرّميّ القطّان، وأنّه تُوُفّي سنة أربعٍ، وفرّق بينه وبين هذا؛ وهما واحدٌ إن شاء الله تعالى. 171- أحمد بن عبد الله بن عُمَران3: أبو حمزة المَرْوَزِيّ. حدَّث ببغداد في هذا العام عن: عليّ بن خَشْرَم، وغيره. وعنه: عليّ بن عُمَر الحربيّ، وغيره. 172- أحمد بن عُمَر بن موسي بن زَنْجَوَيْه القطان4: بغدادي: أحسبه أحمد بن زنجويه المذكور آنفًا، لكن قد فرّق بينهما الخطيب. سمع: إبراهيم بن المنذر الحزامي، ومحمد بن بكّار، ولُوَيْنًا، وهشام بن عمّار. وعنه: ابن المظفر، وعبد الله الزينبي. وكان ثقة.   1 المعجم الصغير "1/ 64" للطبراني. 2 تاريخ بغداد "4/ 164، 165". 3 تاريخ بغداد "4/ 223"، "1923". 4 المعجم الصغير"1/ 42"، وتاريخ بغداد "4/ 170". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 92 وقد ذكره الحافظ بن عساكر، وقال: روى عنه: ابن عدي، وأبو بكر الآجُرّي، والطّبَرَانيّ1. وسمَّى جماعةً. 173- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن السَّكَن2: أَبُو الحسن القُرَشيّ العامريّ الحافظ. حدَّث عن: إبراهيم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن الأنطاكيّ، وإسحاق بن موسى الأنصاريّ، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي دُجَانة، وعليّ بْن أَبِي العَقِب، وأبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيخ، وأحمد بن عَبْدان الشّيرازيّ، وقال: قدِم علينا في سنة أربع وثلاثمائة ولا أُحَدِّث عنه؛ كان ليّنًا. 174- أحمد بن محمد بن رستم3: أبو جعفر الطَّبَريّ النَّحْويّ المقرئ. صاحب نُصير بن يوسف، وهاشم بن عبد العزيز تلميذي الكِسائيّ. روى عنه: أحمد بن جعفر بن سَلْم، وعُمَر بن محمد بن سيف الكاتب. حدَّث في هذه السنة. ذكره الخطيب. 175- أحمد بن محمد الصَّيدلانيّ4: عن: إسحاق بن وهْب، وغيره. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعليّ بن عُمَر السُّكَّريّ. بقي إلى هذا العام. 176- أحمد بن الممتنع5: أبو الطّيّب القُرَشيّ الأَيْليّ.   1 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "1/ 418". 2 تاريخ بغداد "4/ 425"، "2319"، وميزان الاعتدال "1/ 138". 3 غاية النهاية "1/ 114، 115"، وبغية الوعاة "1/ 387"، "753". 4 المعجم الصغير "1/ 38" للطبراني. 5 تاريخ بغداد "5/ 170"، "2616". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 93 حدث عن: أبي الطّاهر بن السَّرْح، وهارون الأَيْليّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وابن الزّيّات. قال الدّارَقُطْنيّ: صالح. 177- أحمد بن موسى بن الجوهريّ1: عن: الحُسين بن حُريث، والربيع المُراديّ. وعنه: عيسى الرُّخَّجيّ، والطَّبَرانيّ. وهو ثقة. قاله الخطيب. يُعرف بأخي خَزَريّ. 178- إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أيّوب المُخَرّميّ البغداديّ2. أبو إسحاق: عن: عُبيد الله القواريريّ، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وجماعة. وعنه: عُمَر بن الزّيّات، وعُبَيد الله الزُّهْريّ، وجماعة. قال الإسماعيليّ: صدوق. وقال الدَّارَقُطْنيّ: حدَّث عن ثقاتٍ بأحاديث باطلة، وليس بثقة. قلت: تُوُفّي في رمضان. 179- إِبْرَاهيمُ بْن مُحَمَّد بْن مالك بن ماهويه الإصبهانيّ3: أبو إسحاق القطّان الفقيه. سمع: لُوَيْنًا، وعُمَر الفلّاس، وأبا الربيع السّمْتيّ، وإسماعيل بن يزيد. وعنه: العسّال، وأبو الشَّيخ، ومحمد بن جعفر بن جعفر بن يوسف. 180- إبراهيم بن موسى الجوزي4:   1 تاريخ بغداد "5/ 143"، "2576". 2 تاريخ بغداد "6/ 124، 125"، والميزان "1/ 41"، والضعفاء والمتروكين "1/ 41"، لابن الجوزي. 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 191". 4 المنتظم "6/ 140"، "211"، والأنساب "112"، وتاريخ بغداد "6/ 187، 188". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 94 سمع: بِشْر بن الوليد. وقد ذُكِر سنة ثلاث. 181- إسحاق بن إبراهيم بن يونس1: أبو يعقوب المنجنيقيّ الورّاق. بغداديّ حافظ. سكن مصر. عن: محمد بن بكّار، وأبي إبراهيم التَّرْجُمانيّ، وداود بن رشيد، وعبد الأعلى بن حمّاد، وسُوَيد بن سعيد، وحُمَيْد بن مَسْعَدَة. وعنه: النَّسائيّ في "سُنَنهِ" وهو من أقرانه، وانتقى عليه، وقال: هو صدوق؛ وأبو بكر أحمد بن السُّنّيّ، والحسن بن الخضر الأسْيوطيّ، وأبو سعيد بن يونس، وعبد الله بن عَدِيّ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وأحمد بن محمد بن سَلَمَةَ الخياش، ومحمد بن محمد بن يعقوب السَّرَّاج، ويحيى بن زكريّا المصريّون، وغيرهم. وكان رجلًا صالحًا، وهو آخر من مات من شيوخ النُّبْل. تُوُفّي لليلتين بقيتا من جُمَادَى الآخرة؛ ولُقِّب بالمنْجَنِيقيّ؛ لأنّه كان يجلس بقرب منْجَنِيقٍ بجامع مصر. وكان فيما ذكر ابن عَدِيّ عن بعض رجاله يمنع النّسائيَّ من المجيء إليه، ويذهب إلى منزل النَّسائيّ حِسْبةً، حتّي سمع منه النَّسائيّ ما انتقاه عليه. وقد قال له النَّسائيّ يومًا: يا أبا يعقوب، لَا تحدّث عن سُفْيان بن وكيع. فقال: اختَرْ لنفسك ما شئت، وأنا فكلّ من كتبت عنه فإنّي أحدِّث عنه2. وثّقه ابن عديّ، والدَّارَقُطْنيّ. 182- إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عرباض: أبو القاسم التنيسي.   1 تاريخ جرجان "442"، وتهذيب الكمال "2/ 392"، والتهذيب "1/ 220". 2 تاريخ بغداد "6/ 386". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 95 روى عن: محمد بن رُمْح، وعبد الجبّار بن العلاء. توفي في رجب بتنيس. 183- أصبغ بن مالك1: أبو القاسم المالكي الزاهد. نزيل قرطبة. أصله من قبره. وصحب ابن وضاح أربعين سنة، وكان ابن واضح يجله ويعظمه. وسمع من: ابن وضاح، وابن القزاز. وكان إماما في قراءة نافع. قرأ على: إبراهيم بن بازي، عن أصحاب وَرْش. "حرف الجيم": 184- جعفر بْن أحمد بْن عَلي بن بيان2. أبو الفضل الغافقيّ المصريّ. رافضيّ كذّاب، زعم أنّه سمع من: عبد الله بن يوسف التِّنّيسيّ، ويحيى بن بُكَيْر. روى عنه: أبو أحمد عبد الله بن عديّ، والحسن بن رشيق. حدَّث في هذه السنة، وعاش بعدها قليلًا، أو ماتَ فيها. قال عبد الله بن عديّ: كتبتُ عنه في الرحلة الأولى بمصر سنة تسعٍ وتسعين، وفي الرحلة الثانية سنة أربع وثلاثمائة، وأظنّ فيها مات. ثنا عن أبي صالح كاتب اللّيث، وعثمان بن صالح كاتب ابن وهب، وسعيد بن   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 79" لابن الفرضي، وبغية الملتمس "241" للضبي. 2 ميزان الاعتدال "1/ 400، 401"، "1485"، والكامل في ضعفاء الرجال "2/ 578-581"، لابن عدي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 96 عفَيْر، وعبد الله بن يوسف بأحاديث موضوعة، كنّا نتّهمه بوضعها، بل نتيقَّن ذلك. وكان رافضيًّا. 185- جعفر بن حُبَيْش بن عائذ. أبو الفضل المصريّ: سمع: يونس الصَّدَفيّ. "حرف الحاء": 186- حاتم بن روح: أبو الحسن السِّجِسْتانيّ المؤدَّب. في رجب. 187- الحسن بن عليّ الأعسم. أبو عليّ السّامّريّ، نزيل مصر: أرّخه ابن يونس. يروى عن: أشعث بن محمد الكِلابيّ، ونصر بن الفتح، وغيرهما. وعنه: محمد بن أحمد بن خروف، وإبراهيم بن أحمد بن مهران، والحسن بن أبي الحسن العدل. حديثه في "الخلعيّات" يقع. 188- الحسين بن عبد المجيب المَوْصِليّ: شيخ كبير، يروي عن: عليّ بن المَدِينيّ، ومعُلَّى بن مهديّ، وعبد الأعلى بن حمّاد. ورأى أبا الوليد الطيالسي. علق له يزيد بن محمد في تاريخه. "حرف الخاء": 189- خلف بن هاشم1. أبو القاسم الأشعري الأندلسي:   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 134" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "211" للحميدي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 97 يروي عن: العُتْبيّ الفقيه. وهو مِن أهلِ لُورَقَةَ. "حرف الزاي": 190- زيادة الله بن عبد الله الأغلبيّ1: صاحب القيروان. هو وأبوه. وَهُم الّذين بنوا حُصُونَ القَيْروان. قدِمَ هذا منهزمًا من بني عُبَيد الخارجين بالقيروان إلى مصر، فأُكْرِمَ موردهُ. تُوُفّي غريبًا بالرملة. وله ترجمة طويلة مرت، فتكتب هنا. "حرف الطاء": 191- طريف بن عُبَيْد الله2: أبو الوليد المَوْصليّ. مولى بني هاشم. روى ببغداد عن: عليّ بن الْجَعْد، ويحيى بن بِشْر الحريريّ، ويحيى الحِمّانيّ. وعنه: أبو بكر الْجِعَابيّ، وأبو الفتح الأزْديّ، وعبد الله بن عديّ. ضعّفه الدّارقُطْنيّ. "حرف العين": 192- العبّاس بن إبراهيم3: أبو الفضل القراطيسي. بغدادي، ثقة.   1 وفيات الأعيان "2/ 192-194"، والنجوم الزاهرة "3/ 191". 2 الضعفاء والمتروكين "111"، "307"، للدارقطني، وميزان الاعتدال "2/ 336". 3 المعجم الصغير "1/ 211" للطبراني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 98 عن: محمد بن المُثَنَّى الغَزَيّ، وإسحاق بن زياد الأُبُلّيّ. وعنه: النّجّاد، والطَّبَرانيّ، ومحمد بن المظفّر. 193- عبّاس بن الوليد بن حفص الأُمويّ: مولاهم المصري. عن: يونس بن عبد الأعلى. 194- عبد الله بن محمد بن عُمَران1: أبو محمد الإصبهانيّ. رئيس جليل، حجّ وسمع من: لُوَيْن، ومحمد بن أبي عُمَر العدنيّ، والحَسَن بن عليّ الحلوانيّ. وعنه: أبو الشَّيخ، والطَّبَرانيّ، وابن المقري. 195- عبد الله بن محمد: أبو القاسم الأكفانيّ الفقيه، صاحب المُزَنّي. وقيل: تُوُفّي في سنة سَبعٍ، كما سيأتي. 196- عبد الله بن مُظَاهِر2: أبو محمد الإصبهانيّ الحافظ. تُوُفّي شابًّا، وكان آيةً في الحفظ. حفظَ المسند كلّه، وشرع في حفظ فتاوى الصّحابة. وسمع: أبا خليفة، وجماعة. ولم يُمَتَّع بشبابه. وحدَّث عن: مُطَيَّن، ويوسف القاضي. وعنه: أبو الشيخ.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 64"، والمعجم الصغير "1/ 227". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 72، 73"، والعبر "2/ 127، 128"، وتذكرة الحفاظ "3/ 889". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 99 197- عبد العزيز بن محمد بن دينار1: الفارسيّ الزّاهد. سمع: داود بن رُشيد، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، ومحمد بن خَلَف الخلّال. وكان ثقة عابدًا كبير القدر. 198- عُبَيْدون بن محمد بن فهد2: أبو الغَمْر الْجُهَنيّ القُرْطُبيّ. رحل مع الأَعْناقيّ، وابن خُمَيْر. فسمع من: يونس بن عبد الأعلى، وابن عبد الحَكَم. وولي قضاء الجماعة بقُرْطُبة يومًا واحدًا. توُفُيّ في شوّال. 199- عُمَران بن أيّوب: أبو عبد الله الخَوْلانيّ، مولاهم المصريّ. روى عن: حَرْمَلَة. "حرف الْقَافِ": 200- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْديّ الإخميميّ3. أبو الطّاهر، قاضي الطِّفّ. روى عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ. وكان بالصّعيد. روى عنه: أبو أحمد بن عديّ، وابن يونس، والطبراني. فيه ضعف.   1 المنتظم "6/ 140"، "214". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 340"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "296"، للحميدي. 3 المعجم الصغير "1/ 267" للطبراني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 100 201- القاسم بن الليث بن مسرور1: أبو صالح العتابي الرسعني. نزيل تنيس. روي عن: المعافَى بن سليمان، وهشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: النِّسائيّ في "الكنَى" ووثقه، وأبو بكر محمد بن عليّ النّقّاش، والمصريّون، وعبد الله بن عدي الحافظ، وأبو الحسن محمد بن عبد اللَّه بن حَيَّوَيْه النَّيْسابوريّ، وأبو عليّ بن هارون. وهو ممّن عاشَ بعد النَّسائيّ مِن شيوخه. 202- القاسم بن محمد بن قاسم الزَّواويّ المغربيّ: من صغار أصحاب سَحْنون. "حرف الميم": 203- محمد بن أحمد بن شيرزاد. أبو بكر البوراني، قاضي تكريت. حدث عن: لُوَيْن، وجماعة. وعنه: محمد بن المظفّر، ومحمد بن زيد بن مروان. وهو صدوق. 204- محمد بن أحمد بن الهيثم الُّدوريّ2: سمع: هارون بن إسحاق، ومحمد بن عبد الملك الدَّقيقيّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وابن المظفّر. وثّقه الخطيب. 205- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن سلام بن الزراد القرطبي:   1 العبر "2/ 128"، وشذرات الذهب "2/ 243". 2 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 25، 26". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 101 مولى بني أمية، أبو عبد الله؛ صاحب محمد بن وضّاح. روى عنه، وعن: إبراهيم بن محمد بن باز، وجماعة. وكان زاهدًا صالحًا. وسمع النّاس منه كثيرًا. 206- محمد بن أحمد بن المَرْزَبان: القاضي المَرْزُبانيّ. قُلِّدَ قضاء دمشق بعد أبي زُرْعة من قِبَلِ المقتدر، فبقي أشهرًا، وتُوُفّي سنة أربع. 207- محمد بن جعفر بن حسين العطّار: أبو بكر العسكريّ. سمع: الحَسَن بن عَرَفَة. 208- محمد بن الحسين بن خالد1: أبو الحسن القُنّبيطيّ. عن: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وطبقتهما. وعنه: ابن بنته عيسى الرُّخَّجيّ، وأبو عليّ بن الّصَوّاف، وابن لؤلؤ. وثّقه الخطيب. تُوُفّي في صفر. 209- محمد بن صالح بن أبي عِصْمة: حدَّث في هذه السنة بمصر عن: هشام بن عمّار، وهشام الأزرق، ومحمد بن يحيى الزماني، ومحمد بن مصفى، وطبقتهم. روى عنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو بكر المقري، والخضر السيوطي، وأبو بكر الربعي، وطائفة. وهو دمشقي يكني أبا العباس.   1 تاريخ بغداد "2/ 231، 232"، "685". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 102 210- محمد بن عبد الوهاب بن هشام1: أبو زرعة الأنصاري الجرجاني، الفقيه الحافظ. أحد من جمع بين الفقه والحديث. روى عن: عبد الله بن محمد الزُّهْريّ، وأحمد بن سعيد الدّارميّ، وهارون بن إسحاق الهمْدانيّ، وجماعة. وعنه: ابن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، والغِطْريفيّ. وصاهَر الإسماعيليّ. وعليه تفقّه الإسماعيليّ. تُوُفّي في ذي الحجّة. 211- محمد بن عُمَرو بن سليمان اللّقاباذيّ: أبو بكر التّاجر. نَيْسابوريّ. سمع: محمد بن رافع، وإسحاق الكَوْسَج. وعنه: ابن عُقْدة، وأبو عليّ الحافظان. 212 - محمد بن هَرْثَمَة النَّيْسابوريّ المقرئ: سمع: محمد بن رافع، وابن ماسَرْجِس. وحدَّث. 213- مسلم بن أحمد بن أبي عُبَيْدة2. أبو عُبَيْدة اللَّيْثيّ الأندلسيّ. رحل في طلب العلم سنة تسعٍ وخمسين ومائتين، فكتب ورجع إلى الأندلس. وتُوُفّي في حدود هذه السنة. "حرف الياء": 214- يحيى بن عليّ الكِنْديّ: فيها حدَّث بدمشق عن: أبي نعيم عبيد الكلبي3.   1 تاريخ جرجان "388"، "646" للسهمي. 2 جذوة المقتبس "351"، "822" للحميدي. 3 أخبار البحتري "129"، وجمهرة أنساب العرب "298"، والعبر "2/ 128"، وبغية الوعاة "2/ 353". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 103 215- يَمُوت بن المُزَرِّع بن يموت بن عيسى: أبو بكر العبْديّ البصْريّ الأديب. وُيقال: اسمه محمد، ولقبه: يموت. وكان إخباريًّا علامة سكن طبرية. روى عن: خاله الجاحظ، ومحمد بن حُمَيْد اليَشْكُريّ، وأبي حفص الفلّاس، وأبو حاتم السِجْستانيّ، ونصر بن عليّ الْجَهْضميّ، والرّياشيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر الخرائطيّ، وسهل بن أحمد الدِّيباجيّ، والحَسَن بن رشيق البصْريّ، وجماعة. وما أحسن ما نقل. قال: إنّما مَصُرت أعمار الملوك لكثرة شكاية الخلق إيّاهم إلى الله. تُوُفّي بدمشق. وكان لَا يعود مريضًا لئلّا يتطيَّر باسمه. وكان يروي القراءة عن: محمد بن عُمَر القَصَبيّ صاحب عبد الوارث. وعن: أبي حاتم السجستاني. أخذ عنه: ابنُ مجاهد، وغيره. 216- يوسف بن الحسين الرّازيّ1: أبو يعقوب، شيخ الصوفيّة. صحِب ذا النُّون المصريّ، وغيره. وسمع: قاسمًا الجوعيّ، وأبا تُراب عسكر النَّخْشَبيّ، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن أبي الحواري، ودُحَيْمًا. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو بكر النّقّاش، ومحمد بن أحمد بن شاذان البَجَليّ، وآخرون. قال السُّلَميّ: كان إمام وقته، ولم يكن في المشايخ على طريقته في تذليل النّفس وإسقاط الجاه.   1 طبقات الصوفية "185-191"، للسلمي، والعبر "2/ 128"، وطبقات الأولياء "379-384". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 104 وقال القُشَيْريّ: كان نسيجَ وحْده في إسقاط التَّصَنُّع. يُقال: إنّه كتب إلى الْجُنَيد: لَا أذاقكَ الله طعمَ نفسك، فإنّك إن ذُقْتَها لَا تذوق بعدها خيرًا. ومن قوله: إذا رأيت المُريد يشتغل بالرُّخَص فاعلم أنّه لَا يجيء منه شيء1. وقال عليّ بن محمد بن نَصْرَوَيْه: سمعت يوسف بن الحسين يقول: ما صحِبَني متكبّر قطّ إلّا اعتراني داؤه؛ لأنّه يتكبَّر، فإذا تكبَّر غضِبتُ، فإذا غضِبت أدّاني الغضب إلى الكِبْر. وعنه أنه قال: اللهم إنك تعلم أني نصحب النّاسَ قولًا، وخنتُ نفسي فعلًا، فَهَبْ خيانتي لنصيحتي2. وَرُوِيَ أنّه سمع قولًا: رأيتك تبني دائمًا فِي قَطِيعَتِي ... وَلَوْ كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَمْتَ ما تبني كأنّي بكم واللّيتُ أفضل قولكم ... ألا ليتنا كنا إذا اللَّيتُ لَا تُغْني3 فبكى كثيرًا، فلمّا سكن ما بهِ قال: يا أخي لَا تَلُمْ أهل الري على أن يسموني زنديقًا، أنا من الغَداة أقرأ في هذا المُصْحف، ما خرجت من عيني دمعة. وقد وقع مني فيما غَنّيت ما رأيت. قال السُّلَميّ: كان مع عِلمه وتمام حاله هجَره أهلُ الرِّيِّ، وتكلّموا فيه بالقبائح، خصوصًا الزُّهّاد، إلى أن أفشوا حديثه وقبائحه، حتّى بَلغني أنّ بعض مشايخ الرّيّ رأى في النَّوم كأنّ براءةً نزلت من السّماء فيها مكتوب: هذه براءة ليوسف بن الحسين ممّا قيل فيه. فسكتوا عنه بعد ذلك. قال الخطيب: سمع منه: أبو بكر النّجّاد. قلت: وهو صاحب حكاية الفأرة لما سأل ذا النّون عن الاسم الأعظم4.   1 الرسالة القشيرية "22". 2 تاريخ بغداد "14/ 319"، والمنتظم "6/ 143"، وصفة الصفوة "4/ 103". 3 حلية الأولياء "10/ 240". 4 تاريخ بغداد "14/ 317"، وطبقات الحنابلة "1/ 420". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 105 وقد راسله الْجُنَيْد وأجابه هو، وطال عُمَره وشاعَ ذكره. وعن أبي الحَسَن الدّرّاج قال: لما وَرَدَ على الْجُنَيْد رسالة يوسف اشتقت إليه، فخرجت إلى الرّيّ، فلمّا دخلتها سألتُ عنه فقالوا: إيش تعمل بذاك الزِّنديق؟ فلم أحضره. فلمّا أردت السفر قلت: لَا بُدّ لي منه. فلمّا وقفت على بابه تغيَّر عليَّ حالي، فلمّا دخلت إذا هو يقرأ في مُصْحَف فقال: لأيشٍ جئت؟ قلت: زائرًا. فقال: أرأيت لو ظهر لك هنا مَن يشتري لك دارًا وجارية ويقوم بكفايتك، اكنت تنقطع بذلك عنّي؟ قلتُ: يا سيّدي، ما ابتلاني الله بذلك. فقال: اقعد، فانت عاقل؛ تُحْسِن تقول شيئًا؟ قلت: نعم. قال: هات. فأنشدَ البيتين المتقدّمين، إلى آخر الحكاية1. وقال أبو بكر الرّازيّ: قال يوسف بن الحسين: بالأدب يُفهم العِلم، وبالعلِم يصحّ لك العمل، وبالعمل تُنال الحكمة، وبالحكمة يُفهم الزُّهْد، وبالزُّهْد تُترك الدّنيا، وبِتَرك الدّنيا يُرْغب في الآخرة، وبالرغبة في الآخرة يُنال رضى الله تعالى. قال السُّلميّ: نا ابن عطاء أنّ يوسف بن الحسين الرازي مات سنة أربع وثلاثمائة. قلت: كان من أبناء التّسعين، رحمه الله تعالى. وفيات سنة خمس وثلاثمائة: "حرف الألف": 217- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه2: أَبُو مُحَمَّد النَّيْسابوريّ. سِبْط القاضي نصْر بن زياد؛ من وجوه خراسان وزعمائها.   1 تاريخ بغداد "14/ 317، 318". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 232". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 106 سمع: جدّه، وإسحاق بن راهَوَيْه وقرأ عليه "المُسْنَد"، ومحمد بن مقاتل، وعُمَرو بن زرارة. وعنه: مؤمل بن الحسن، وأبو عليّ الحافظ، وأحمد بن أبي عثمان. 218- أحمد بن العبّاس بن موسى: أبو عُمَرو العدويّ الأستراباذيّ. روى عن: إسماعيل بن سعد الشالنْجِيّ، وأحمد بن آدم غُنْدر. وعنه: ابن عديّ، وأبو أحمد الغِطْريف، وأبو بكر الإسماعيليّ وقال: صدوق. قال أبو عُمَرو: سمع منّي كتاب "البيان" من أهل طبرستان وحده أربعة آلاف نفْس. 219- أحمد بن عبد الواحد العقيليّ الجوبريّ الدّمشقيّ: عن: صَفْوان بن صالح، وعبد الله بن ذَكوان. وعنه: ابن عديّ، وأبو بكر محمد بن سليمان الرّبْعيّ، وجُمَح بن القاسم. 220- أحمد بن محمد بن إبراهيم1: أبو بكر الكِنْديّ الَّصيْرفيّ. بغدادي، سمع: زيد بن أخزم، وعليّ بن الحسين الدِّرْهميّ. وعنه: ابن السقاء الواسطي، وغيره. يعرف بابن الخنازيري. 221- أحمد بن محمد بن شبيب: أبو محمد الغزال المروزي. عن: علي بن خشرم، وأبي داود السنجي، ومحمد بن كامل المروزيين. وعنه: أبو نصر بن زنك، وغيره. 222- أحمد بن محمد. أبو جعفر الفهري الأندلسي:   1 تاريخ بغداد "4/ 384"، "2263". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 107 سمع من: سحنون، وغيره. وطلب لقضاء القيروان فامتنع؛ وطال عمره، وبقي إلى هذا العام. 223- أحمد بن هارون. أبو جعفر البخايّ الغزال. رحل، وسمع: عُمَرو بن عثمان الحمصيّ، وأبا عمير عيسى بن النّحّاس. وعنه، أهلُ بُخارى: محمد بن محمد بن محمود، وأحمد بن محمد بن حرب. 224- آدم بن موسى الخواريّ. في رجب. 225- إسماعيل بن إسحاق بن الحصين الرقي1: حدَّث ببغداد عن: أحمد بن حنبل، وحكيم بن سيف. وعنه: محمد بن المظفر، وأبو جعفر بن الميتم، وعمر بن أحمد الوكيل. قيل: إنه مات سنة ست، وذكر تقريبا. "حرف الجيم": 226- جبير بن هارون2. أبو سعيد الجرجاني المعدل: عن: علي بن محمد الطنافسي، ومحمد بن حميد الرازي. وكان ذا قدر ومحل. وروى عنه: والد أبي نعيم، ومحمد بن جعفر بن يوسف، وأبو الشيخ بن حبان. "حرف الحاء": 227- الحسين بن عبد الغفار3. حدث في هذا العام بدمشق:   1 تاريخ بغداد "6/ 295، 296"، "3328". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 253". 3 ميزان الاعتدال "1/ 540"، والكامل في الضعفاء "2/ 777"، لابن عدي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 108 وهو متروك، واهٍ. روى عن: هشام بن عمّار، ودحيم، وأبي مصعب الزهري. وعنه: ابن عدي، والحسن بن رشيق، وجماعة. قال ابن عدي: ثنا عن سعيد بن عفير، وجماعة لم يحتمل سنه لقاؤهم. وله مناكير. يُكنى أبا عليّ. "حرف السين": 228- سعيد بن عبد الله. أبو محمد الجوهريّ الحرّانيّ: عن: إبراهيم بن عبد الله الهرويّ، وغيره. 229- سعيد بن عثمان التجيبي الأعناقي1: سمع: ابن مزين، وابن وضاح. ورحل قبل ذلك. كأنه حجّ ورأى يونس بن عبد الأعلى والحارث بن مسكين. وسمع من: نصر بن مرزوق صاحب أسد بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الحكم، وجماعة. وكان ورِعًا زاهدًا حافظًا، بصيرًا بعلل الحديث ورجاله، لَا علم له بالفقه. روى عنه: محمد بن قاسم، وابن أيمن، وخلق. 230- سليمان بن محمد2: أبو موسى النحويّ، المعروف بالحامض. كان إمامًا في نحو الكوفيين. وأخذ عن: ثعلب، وغيره. وخلفه بعد موته وجلس في مجلسه.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 164" لابن الفرضي. 2 النجوم الزاهرة "3/ 193"، وبغية الوعاة "1/ 601" "1274". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 109 صنف "غريب الحديث"، و"خلق الإنسان"، و"الوحوش"، و"النبات". وكان صالحًا خيِّرًا. أخذ عنه: أبو عُمَرو الزاهد، والبغداديّون. "حرف الطاء": 231 - طاهر بن عبد العزيز الرعيني1: أبو الحسن القرطبي. مكثر عن: بقيّ بن مخلد. وحجّ فسمع: عليّ بن عبد العزيز، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ. ورحل إلى اليمن فسمع: إسحاق الدبريّ، وعبيد بن محمد الكشوريّ. وأكثر من السّماع، وحمل النّاسُ عنه في حياة شيوخه. روى عنه: أحمد بن بشر، ومحمد بن خالد، وابن أخي ربيع، وطائفة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. "حرف العين": 232- العبّاس بن محمد بن أحمد الموصلي: عن: محمد بن عبد الله بن عمّار، ومسعود بن جُوَيْرية، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ. حدّث في هذه السّنة. 233- عبد الله بن أحمد بن أبي الحواري: أبو محمد الدّمشقيّ. كان زاهدًا ورعًا، مِن بيتٍ طيّب. سمع: أباه، وأحمد بن صالح المصريّ، وكثير بن عبيد، وأبا عمير بن النحاس.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 206"، لابن الفرضي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 110 وعنه: محمد بن سليمان الربعيّ، والفضل بن جعفر، وابن عديّ، وجماعة ببلده. 234- عبد الله بن صالح بن عبد الله بن الضحاك1: أبو محمد البغداديّ المعروف بالبخاريّ. سمع: لُوَيْنًا، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وعثمان بن أبي شيبة، وجماعة. وعنه: عبد الله بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ، ومحمد بن المظفّر، وابن الزّيّات، وأبو عليّ الحسين النَّيْسابوريّ وقال: ثقة. تُوُفّي في رجب. 235- عبد الله بن صالح بن يونس. أبو محمد الفرائضي النَّيْسابوريّ: سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق بْن منصور الكَوْسَج. وعنه: محمد بن جعفر المزّكيّ، ومحمد بن حمدون المذكِّر، وغيرهما. 236- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن شِيرَوَيْه2 بن أسد بن أَعْيَن بن يزيد بن رُكانة بن عبد يزيد بن المطلَّب بن عبد مَنَاف القُرَشيّ النَّيْسابوريّ: الفقيه أبو محمد بن شِيرَوَيْه. أحد كُبَراء نَيْسابور. له مصنّفات كثيرة تدل على نُبله. سمع "المُسْنَد" من ابن راهَوَيْه. وسمع: خالد بن يوسف السّمْتيّ، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحّي. وعُمَرو بن زرارة، وأحمد بن مَنِيع، وأبا كريب. وعنه: ابن خزيمة، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم، والحسين بن عليّ الحافظ، والناس. قال أبو عبد الله العَبْدويّ: سمعت عبد الله بن شِيرَوَيْه يقول: قال لي بُنْدار: أرِني ما كتبته عني.   1 تاريخ بغداد "9/ 472، 781"، "5111"، والمنتظم "6/ 145"، "223". 2 التقييد لابن النقطة "319-321"، وتذكرة الحفاظ "2/ 705، 706"، والعبر "2/ 129". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 111 قال: فجمعت ما كتبته عنه في أسفاط، وحملتها إليه على ظهر جِمال، فنظر فيها وقال: يا ابن شِيرَوَيْه، أفْلسْتَني، وأفلسَك الورّاقون، يعني النُّسَّاخ. وقال الحاكم: سمع بالحجاز كتاب ابن عُيَيْنَة من العدنيّ. وقال إبراهيم بن أبي طالب: كان إسحاق بن راهَوَيْه لَا يُعيد لأحدٍ، وأنا أتعجَّب كيف لم يَفُتْه، يعني ابن شِيرَوَيْه، شيء من "المَسْنَد"1. ثمّ قال: لقد رأيتُ له منزلةً عن إسحاق لمكان أبيه. وقال أحمد بن الخضر الشافعيّ: سمعت ابن خُزَيْمة يقول: كنت أرى عبد الله بن شِيرَوَيْه يناظر وأنا صبيّ، فكنت أقول: تري أتعلَّم مثل ما تعلم ابن شِيرَوَيْه قطّ؟. قلت: ومِن آخر مَن حدَّث عنه: أبو عمرو بن حمدان. وقع لنا حديث عاليًا، ولله الحمد. 237- عبد الله بن هارون الصّوّاف2: عن: مجاهد بن موسى، وعليّ بن مسلم الطُّوسيّ. وعنه: عُمَر بن بِشْران، وعيسى بن حامد، وأبو بكر الإسماعيليّ. 238- عليّ بن أحمد المُريقيّ: بغداديّ، روى عن: عُمَر بن شبة، وعبد الله بن أيوب المخرمي. وعنه: عبد العزيز الخرقي، وأبو القاسم بن النخاس، وحمزة الكِنَانيّ الحافظ. قال حمزة: ثقة حافظ. 239- عليّ بن الحسين بن حبّان بن عمّار3: أبو الحسن المَرْوَزِيّ، ثم البغداديّ. سمع: محمد بن الصّبّاح الجرجرائيّ، ومحمود بن غَيْلان، ومحمد بن بكّار. وعنه: مكرَّم القاضي، ومحمد اليَقْطِينيّ، وعلي بن عمر الحربي. وكان ثقة.   1 انظر المصدر السابق. 2 تاريخ بغداد "10/ 193" "5332". 3 تاريخ بغداد "11/ 395"، "6274". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 112 240- عليّ بن سعيد بن عبد الله العسْكريّ الحافظ1: تُوُفّي بالرِّيّ. رحل في حدود الخمسين ومائتين. كنيته أبو الحَسَن. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، ومحمد بن المُثَنيّ، وأبا حفص الفلّاس، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وجماعة. وعنه: أبو الشّيخ، وأبو بكر القبّاب، وأبو عُمَرو بن حمدان، وأبو عُمَرو بن مطر، وعبد الله، وأبو بكر محمد بن جعفر، وأهل إصبهان ونَيْسابور. وآخر مَن حدَّث عنه مأمون الرّازيّ بالرَّيّ. وقع لنا من تصانيفه. 241- عليّ بن موسى بن يزداد2: أبو الحسن القُمّيّ، الفقيه الحنفيّ، إمام أهل الرأي في عصره بلا مُدافَعَة. له مصنّفات منها: كتاب "أحكام القرآن"، وهو كتاب جليل. وسمع: محمد بن حُمَيْد الرّازيّ، ومحمد بن معاوية بن مالج، ومحمد بن شجاع الثَّلْجيّ. وعنه: أبو بكر أحمد بن سعد بن نصر، وأحمد بن أحيد الكاغِديّ، وآخرون. وتخرَّج به جماعة من الكبار، وأملى بنَيْسابور. وحدَّثَ بمصنَّفاته. 242- عُمَر بن محمد بن نصر3: أبو حفص الكاغِديّ المقرئ. بغداديّ، كبير القدر. قرأ القرآن على: أبي عمر الدوري.   1 الأنساب "391ب"، وشذرات الذهب "2/ 246". 2 الفهرست "292"، لابن النديم، والأنساب "461 ب"، وطبقات المفسرين للداودي "1/ 436". 3 تاريخ بغداد "11/ 220"، وغاية النهاية "1/ 598". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 113 وسمع: عُمَرو بن عليّ الفلّاس، وأحمد بن بُدَيْل، ومحمود بن خراش، وجماعة. روى عنه: الحسن السَّبِيعيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ، وأبو حفص بن الزّيّات. وقرأ عليه القرآن جماعة، منهم: أبو بكر أحمد بن نصر الشّذائيّ. 243- عُمَران بن موسى بن مُجَاشِع1: أبو إسحاق السّخْتيانيّ. محدّث جُرْجان ومُسْندها. كان ثقة ثَبْتًا، كثير التّصنيف. سمع: هُدْبَةَ بن خالد، وإبراهيم بن المنذر الحِزاميّ، وسُوَيْد بن سعيد، وأبا الربيع الزهْرانيّ، وجماعةً. وعنه: إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجانيّ وهو مِن أقرانه، وأبو عبد الله بن يعقوب بن الأخرم، وأبو علي النَّيْسابوري. وقدِم نَيْسابور وحدَّث بها، فسمع منه: أبو حامد بن الشَّرْقيّ، والكبار. روى عنه: أبو عُمَرو بن نُجَيْد، وأبو عُمَرو بن حمدان. وتُوُفّي في رجب بجُرْجان، وهو في عَشْر المائة. "حرف الفاء": 244- الفضل بن الحُباب بن محمد بن شعيب2: أبو خليفة الْجُمَحِيّ البصْريّ. رحْلة الآفاق في زمانه. اسم أبيه عُمَرو، ولَقَبُه: الحُباب. سمع أبو خليفة، من كبار شيوخ أبي داود وأبي زُرْعة؛ فسمع: مسلم بن   1 تاريخ جرجان "322، 323"، للسهمي، والعبر "2/ 129، 130"، والبداية "11/ 128". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 151"، وتاريخ جرجان "55، 260، 415"، والميزان "3/ 350". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 114 إبراهيم، والوليد بن هشام القَحْذميّ، وسليمان بن حرب، وحفص بن عُمَر الحَوْضيّ، وشاذّ بن فَيّاض، وأبا الوليد الطَّيَالِسيّ، ومّسَدّدًا، وعُمَرو بن مرزوق، وعثمان بن الهيثم المؤذّن، وجماعة كبيرة. ومولده سنة ستٍ ومائتين. وكان محدّثًا ثقة، مُكثرًا راوية للأخبار والأدب، فصيحًا مفوّهًا. روى عنه: أبو بكر الْجِعَابيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو أحمد الغِطْريفيّ، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وإبراهيم بن أحمد الميمونيّ، وعليّ بن عبد الملك بن دَهْثَم الطَّرَسُوسيّ نزيل دمشق، ومحمد بن سعد الأصْطَخْريّ ببغداد، وأحمد بن الحسين العُكْبَريّ، وإبراهيم بن محمد الأبيوَرْديّ نزيل مكة شيخ أبي عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وسهل بن أحمد الدِّيباجيّ، وأحمد بن محمد بن العبّاس البصْريّ، وخلْق سواهم. قال عليّ بن أحمد بن أبي خليفة فيما رواه عنه أبو الحسين بن المَحَامِليّ قال: سمعت أبي يقول: حضرنا يومًا عند خليل أمير البصرة، فجرى بينه وبين أبي خليفة كلام، فقال له: مَن أنتَ أيّها المتكلّم؟. فقال: أيُّها الأمير ما مثلك من جهل مثلي، انا أبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، أفهل يُخفى القمر؟ فاعتذر إليه وقضى حاجته. ولمّا خرج سألوه فقال: ما كان إلّا خيرًا، احضرني مأدُبَتَه، فأبَط، وأدَجّ، وأخرج، وفولج، ولَوْذَجَ، ثمّ أتانيّ بالشّراب، فقلت: مُعَاذ الله. فعاهَدنيّ أن آتي مأدبته كلّ يوم. فكان إنسان يأتي كلّ يومٍ، فيحمله إلى دار الأمير. وقال أبو نُعَيْم عبد الملك بن الحسن ابن أخت أبي عَوَانَة: سمعتُ أبي يقول لأبي عليّ الحافظ النَّيْسابوريّ: دخلتُ أنا وأبو عَوَانَة البصْرة، فقيل: أبا خليفة قد هُجِر، وَيُدَّعَى عليه أنّه قال: القرآن مخلوق. فقال لي أبو عَوَانة: يا بُنيّ، لَا بُدَّ أن ندخل عليه. قال: فقال له أبو عَوَانة: ما تقول في القرآن؟ فاحمرَّ وجهه وسكتَ، ثم قال: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومَن قال: مخلوق فهو كافر. أستغفر الله، وأنا تائب إلى الله من كلّ ذنبٍ إلّا الكذِب، فإنّي لم أكذب قطّ. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 115 قال: فقام أبو علي إلى أبي فقبّل رأسه، فقال أبي: قام أبو عَوَانة إليه فقبّل كتفه. تُوُفّي في ربيع الآخر أو جُمَادَى الأولى عن مائة سنة إلا شهرًا. "حرف القاف": 245- القاسم بن زكريّا بن يحيى1: أبو بكر البغداديّ المقرئ، المعروف بالمطّرز. كان مُقْرِئًا نبيلًا مُصَنفًا، مأمونًا، حُجّة. أثنى عليه الدَّارَقُطْنيّ وغيره. قرأ على الدُّوريّ، وعلى أبي حمدون. وأقرأ النّاسَ، فقرأ عليه: عليّ بن الحسين الغضائريّ شيخ الأهوازيّ بالإدغام والإبدال وعدمهما. فادّعى أنّه لِقَيه سنة ثلاث عشرة، فبان بهذا أنّ الغضائريّ غيرُ ثقة. وقد سمع من: سُوَيد بن سعيد، وإسحاق بن موسى، وأبي كُرَيْب، وأبي همّام السَّكُونيّ، ومحمد بن الصّبّاح الْجَرْجَرائيّ، وجماعة. حدَّث عنه: الْجِعَابيّ، وعبد العزيز الخِرقيّ، وابن المظفّر، وأبو حفص الزّيّات، وآخرون. تُوُفّي في صفر. صنَّفَ "المُسْنَد"، والأبواب. 246- القاسم بن محمد بن بشار2. أبو محمد الأنباريّ، والد العلّامة أبي بكر. سكن بغداد. وحدَّث عن: عُمَرو الفلّاس، وعُمَر بن شبّة، والحسن بن عرفة. وقرأ القرآن على عمّه أحمد بن بشّار. وسمع الحروف من: سليمان بن خلّاد، عن اليزيديّ، ومحمد بن الجهم، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "12/ 441"، "6910"، والمنتظم "6/ 146"، والأعلام "6/ 10". 2 تاريخ بغداد "12/ 440، 441"، وغاية "2/ 24"، "2602". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 116 وعنه: ابنه محمد، وعليّ بن موسى الرّزاز، وأحمد بن عبد الرحمن المقرئ المعروف بالوليّ. "كان" صدوقًا موثقًا عارفًا بالأدب والغريب، متفننًا حافظًا، رحمه الله. "حرف الميم": 247- محمد بن أبان بن ميمون السّرّاج1: أبو عبد الله. بغداديّ ثقة. سمع: يحيى بن عبد الحميد الحمانيّ، والحكم بن موسى، وعبيد الله القواريريّ، وجماعة. وعنه: ابن لؤلؤ، وأبو حفص الزّيّات، ومحمد بن زيد الأنصاريّ، وغيرهم. وقيل: تُوُفّي سنة ستٍّ. 248- محمد بن إبراهيم بن حَيُّون2: من أهل وادي الحجارة بالأندلس. سمع: محمد بن وضّاح، والخشنيّ، وجماعة. ورحل فسمع: إسحاق الدَّبْريّ باليمن، وعليّ بن عبد العزيز بمكّة، وعبد الله بن الإمام أحمد ببغداد، وخلقًا سواهم. وكان من كبار الحُفّاظ بالأندلس، وفيه تشيُّع. روى عنه: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، وأحمد بن سعيد بن حزم، وخالد بن سعد؛ وقال خالد فيه: لو كان الصّدق إنسانًا لكان ابن حيّون. وقال ابن الفرضي: لم يكن بالأندلس قبله أبصَر بالحديث منه. 249 - محمد بن أحمد بن تميم بن خالد3: أبو بكر الأصبهاني.   1 تاريخ بغداد "1/ 401"، "377". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 26، 27"، وتذكرة الحفاظ "3/ 781". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 245". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 117 عن: لوين، وأحمد بن أبي شُرَيْح، ومحمد بن عليّ بن شقيق، ومحمد بن حميد. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو الشيخ، ومحمد بن جعفر بن يوسف، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. لا بأس به. 250- محمد بن إبراهيم بن نصْر بن شبيب1: أبو بكر الإصبهانيّ الصّفّار. ثقة. روى عن: أبي ثور إبراهيم بن خالد، وهارون بن عبد الله الحمّال كتبهما. وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، ومحمد بن عبد الرحمن بن الفضل، وآخرون. 251- محمد بن الحسين بن شهريار2: أبو بكر القطان البغدادي. عن: بشر بن معاذ، وأبي حفص الفلاس، روى عنه تاريخه. وعنه: محمد بن عمر الجعابي، وابن المظفر، وابن لؤلؤ. قال الدارقطني: ليس به بأس. وقد روى القراءة عن الحسين بن الأسود، عن يحيى بن آدم؛ وأخذها عنه ابن مجاهد، والنّقّاش، وعبد الواحد بن أبي هاشم. 252- محمد بن سليمان3: أبو موسى الحامض البغدادي النحوي.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 240". 2 تاريخ بغداد "2/ 232"، "686". 3 تقدم برقم "230"، من هذا الجزء. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 118 أحد أئمّة اللّسان، وتلميذ ثعلب. وقيل: سليمان بن محمد، كما مرّ آنفًا. 253- محمد بن طاهر بن خالد بن أبي الدميك1: أبو العبّاس البغداديّ. سمع: عبيد الله بن عائشة، وعليّ بن المدينيّ، وإبراهيم سبلان. وعنه: جعفر الخلدي، ومخلد الباقرحيّ، وابن المظفّر. وثّقه الخطيب. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 254- محمد بن العبّاس بن أسلم الأزرق الحمراويّ: سمع: عبد الجبّار بن العلاء. 255- محمد بن عبيد الله القرطبيّ المالكي2: رحل إلى المشرق. وسمع من: إسماعيل القاضي، وموسى بن هارون. وكان فقيهًا نبيلًا استشهد في هذا العام. 256- محمد بن عُمَرو بن مسعدة3: أبو الحارث البيروتيّ. عن: محمد بن وزير، ومحمد بن عقبة بن علقمة، وجماعة. وعنه: عبد الله بن عديّ، وأحمد بن جعفر بن سَلْم، وغيرهما. 257- محمد بن القاسم بن هاشم السِّمْسار4. أبو بكر:   1 تاريخ بغداد "5/ 377" "2903". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 27، 28"، "1167"، لابن الفرضي. 3 الأنساب لابن السمعاني "99 أ". 4 تاريخ بغداد "3/ 180" "1219". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 119 بغداديّ، سمع: بِشْر بن الوليد، وغيره. وعنه: عليّ بن عُمَر الحربيّ. 258- محمد بن المبارك بن عبد الملك الدباغ: مصري. روى عن: محمد بن رُمْح، ودحيم. 259- محمد بن نصر بن القاسم: أبو بكر الخّواص. في شوّال. سمع من: حرملة؛ وحدَّث. 260- محمد بن نصير بن أبان المديني1: أبو عبد الله القرشيّ. روى عن: إسماعيل بن عُمَرو البجليّ، وسليمان الشاذكونيّ، وجماعة دونهم. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشيخ، وابن المقري، وغيرهم. قال فيه أبو نعيم: ثقة. 261- مالك بن عيسى القفصيّ المالكيّ: ولي قضاء بلده. وسمع: محمد بن سحنون، وشجرة بن عيسى. وبمصر من: يونس بن عبد الأعلى، وابن عبد الحكَم. وكان إمامًا كبيرًا، رحل إليه العلماء من الأندلس. وصنَّف كتبًا. 262- موسى بن هارون التوزي2:   1 العبر "2/ 130"، والمعجم الصغير "2/ 49" للطبراني. 2 تاريخ بغداد "13/ 56" "7028". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 120 روى عن: إسحاق بن أبي إسرائيل، وعبد الوارث بن عبد الصَّمَد، والكنديّ، وعبد الأعلى بن حمّاد، ومحمد بن عبد الله بن عمّار، وطبقتهم. وعنه: عليّ بن لؤلؤ، وغيره. "حرف الهاء": 263- هارون بن عليّ بن الحكم1: أبو موسى المزوّق. بغداديّ. سمع: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، وأبا عُمَر الدُّوريّ، وزياد بن أيّوب. وعنه: محمد بن حميد المخرميّ، وعثمان المجاشعيّ، وعُمَر بن أحمد الوكيل، وآخرون. وكان ثقة مقرئًا. "حرف الياء": 264- يحيى بن أصبغ بن خليل2: أبو بكر القرطبيّ، سمع: أباه، وببغداد: عبد الله بن أحمد بن حنبل، وجماعة. حدَّث عنه: قاسم بن أصبغ، وثابت بن حزم. وكان فاضلًا. وفيات سنة ست وثلاثمائة: "حرف الألف": 265- أحمد بن حذيفة. أبو الحسن البشتيّ الأديب: سمع: إسحاق الكوسج، ومحمد بن يحيى، والحسن بن محمد الزعفراني. وعنه: يحيى بن محمد العنبريّ، وإسماعيل بن عبد الله بن مكيال.   1 تاريخ بغداد "14/ 30" "7369"، وغاية النهاية "2/ 346"، "3758". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 186، 187"، "1574"، لابن الفرضي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 121 266- أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار بن راشد. أبو عبد الله الصُّوفيّ. بغداديّ مشهور. وثّقه الخطيب، وغيره. سمع: عليّ بن الجعد، ويحيى بن معين، وأبا نصر التّمّار، وسُوَيْد بن سعيد، وأحمد بن جناب، وجماعة. وعنه: عبد الله بن إبراهيم الزينبي، وأبو حفص بن الزّيّات، وأبو الشيخ الأصفهانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ومحمد بن المظفّر، وعليّ بن عُمَر الحربيّ. تُوُفّي في رجب. وقع لي حديثه بعُلُوّ. ومات في عشر المائة. 267- أحمد بن داود بن أبي صالح عبد الغفّار بن داود الحرّانيّ، ثم المصريّ: عن: أبي مصعب، ومحمد بن رمُحْ، وحَرْمَلة. طارَت عليه شرارة فاحترق. قال ابن يونس: حدَّث بحديث منْكَر عن أبي مصعب. وقال الدارقطني: كذّاب. 268- أحمد بن سعيد بن عبد الله1: أبو الحسن المؤدب الدمشقي. سكن بغداد، وأدب عبد الله بن المعتز. وروى عن: هشام بن عمّار، ومحمد بن وزير، والزُّبير بن بكّار. وعنه: إسماعيل الصّفّار، وحمزة الكِنَانيّ، ومحمد بن المظفّر. وثَّقه حمزة. 269- أحمد بن عُمَر بن سريج: القاضي أبو العبّاس البغداديّ، إمام أصحاب الشّافعيّ. شرح المذهَب ولخّصه، وصنف التّصانيف، وردّ على المخالفين للنصوص. سَمِعَ: الْحَسَن بْن محمد بْن الصّبّاح الزَّعْفرانيّ، وعليّ بن أشكاب، وأبا داود السجستانيّ، وعبّاس بن محمد الدوري.   1 تاريخ بغداد "4/ 171، 172" "1850". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 122 وعنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد الغطريفيّ، وأبو الوليد حسّان بن محمد. وتفقّه عليه عدّة أئمة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى من السنة، وله سبع وخمسون سنة وستة أشهر. وقع حديثه بعلو في "جزء الغطريفيّ" لأصحاب ابن طبرزذ. وقال أبو إسحاق الشيرازيّ في "الطبقات": كان يقال له: "الباز الأشهب"؛ ولي القضاء بشيراز. قال: وكان يفضل على جميع أصحاب الشّافعيّ، حتّى على المُزَنيّ؛ وإنّ فهرسْتَ كُتُبِه كان يشتمل على أربعمائة مصنَّف. كان الشيخ أبو حامد الإسفْرائينيّ يقول: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهره الفقه دون دقائقه. تفقّه على أبي القاسم الأنماطيّ، وأخذ عنه خلْق. وعنه انتشر مذهب الشّافعيّ. وقال أبو عليّ بن خَيْران: سمعتُ أبا العبّاس بن سُرَيْج يقول: رأيت كأنّا مطرنًا كبريتًا أحمر، فملأت أكمامي وحِجري، فعبر لي أن أرزق علمًا عزيزًا كعزة الكبريت الأحمر. وقال أبو الوليد الفقيه: سمعت ابن سريج يقول: قل ما رأيت من المتفقهة مَن اشتغل بالكلام فأفلح. يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام. قال الحاكم: سمعت حسّان بن محمد الفقيه يقول: كنّا في مجلس ابن سريج سنة ثلاث وثلاثمائة، فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي، فإن الله يبعث عَلَى رَأْسِ كُلِّ مَائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ، يعني للأمة، أمر دينها. والله تعالى بعث على رأس المائة عُمَر بن عبد العزيز، وعلى رأس المائتين أبا عبد الله الشّافعيّ، وبعثك على رأس الثلاثمائة. ثمّ أنشأ يقول: اثنان قد مضيا فبورك فيهما ... عُمَر الخليفة، ثم حلف السؤدد الشّافعيّ الألمعيّ محمد ... إرث النبوة وابن عم محمد أبشر أبا العبّاس إنك ثالث ... من بعدهم سقيًا لتربة أحمد الجزء: 23 ¦ الصفحة: 123 فصاح أبو العبّاس بن سُريْج وبكي وقال: لقد نَعَى إليَّ نفسي. قال حسّان: فمات القاضي أبو العبّاس في تلك السنة. قلت: وكان على رأس الأربعمائة أبو حامد الإسفراييني، وعلى رأس الخمسمائة الغَزَاليّ، وعلى رأس السّتّمائة الحافظ عبد الغنيّ، وعلى رأس السبعمائة شيخنا ابن دقيق العِيد. على أن بعضَ هؤلاء يخالفني فيهم خلْقٌ من العلماء. والذي أعتقده من الحديث أنَّ لفظ مَن يجدد للجمع لَا للمفرد، واللَّه أعلم. وكان أبو العبّاس على مذهب السَّلَف، يؤمن بها ولا يؤولها، ويميّزها كما جاءت. وهو صاحب مسألة الدَّور في الحَلِف بالطّلاق. وقد روى التنوخيّ في "نشواره" قال: حدَّثني القاضي أبو بكر العنبريّ بالبصْرة، حدثني أبو عبد الله، شيخ من أصحاب ابن سريج كتبت عنه الحديث، قال: قال لنا ابن سريج يومًا: أحسب أن المنية قربت. قلنا: وكيف؟ قال: رأيت البارحة كأن القيامة قد قامت، والناسُ قد حُسروا، وكأنّ مناديًا يناديّ بصوتٍ عظيم: بِمَ أجبتم المرسَلين؟ فقلت: بالإيمان والتّصديق. فقيل: ما سئلتم عن الأقوال، بل سُئلتم عن الأعمال. فقلت: أمّا الكبائر، فقد اجتنبناها، وأما الصغائر، فعوّلنا فيها على عفْو الله ورحمته. قال: وانتبهتُ. فقلنا له: ما في هذا ما يوجب سرعة الموت. فقال: أما سمعتم قوله تعالي: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُم} [الأنبياء: 1] ؟ قال: فمات بعد ثمانية عشر يومًا، رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 270- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل بن المبارك1: أبو العبّاس الإصبهانيّ الجيراني المعدّل، ويعرف بممَّجة. سمع: لُوَيْنًا، وحميد بن مسعدة، وعُمَرا الفلاس.   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 127". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 124 وعنه: عبد الله بن محمد بن الحجاج الشروطيّ، وعُمَر بن عبد الله بن سهل. وثّقه أبو نعيم. وروى عنه أبو بكر المقري في معجمه. و"جيران": من إصبهان. 271- أحمد بن محمد بن مسقلة1: أبو عليّ التَّيْميّ الواذاريّ. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، وأحمد بن يحيى السُّوسيّ. وعنه: والد أبي نعيم، والطَّبَرانيّ. وهو إصبهانيّ. 272- أحمد بن موسى بن عليّ الصدفيّ2: مولاهم أبو بكر المصريّ. عُرِف بابن الزَّبّاب. قيّده غير ابن ماكولا. سمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وعنه: أبو إسحاق القرطبيّ. 273- أحمد بن يحيى3: أبو عبد الله بن الجلّاء. أحد مشايخ الصُّوفيّة الكبار. صحب أباه، وذا النُّون المصريّ، وأبا تراب النخشبيّ؛ وحكى عنهم. أخذ عنه: أبو بكر الرَّقِّيّ، ومحمد بن سليمان اللّبّاد، ومحمد بن الحسن اليقطينيّ، وغيرهم. وكان يكون بدمشق وبالرملة. وأصله بغدادي.   1 المعجم الصغير "1/ 66"، للطبراني. 2 المشتبه في أسماء الرِّجال "1/ 302". 3 حلية الأولياء "10/ 314، 315"، "585"، والرسالة القشيرية "20". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 125 ويُقال: كان ابن الجلّاء بالشام، والْجُنَيْد ببغداد، وأبو عثمان الجيزيّ بنَيْسابور؛ يعني لَا رابع لهم في عصرهم1. وقال الرقي: ما رأيت أهيب منه، وقد لقيت ثلاثمائة شيخ. وسمعته يقول: ما جلا أبي شيئًا قطّ، ولكنه كان يعظُ النّاس، فيقع كلامه في قلوبهم، فسمِّي جلاء القلوب2. وقال محمد بن عليّ بن الجلندي: سمعت ابن الجلاء -وسئل عن المحبة- فقال: ما لي وللمحبّة، إنّي أريد أن أتعلّم التَّوبة. كانت وفاته في رجب. وقد استوفى ابن عساكر ترجمته. وقيل: اسمه محمد بن يحيى؛ وقيل: أصله بغداديّ. وقال أبو عُمَر الدّمشقيّ: سمعتُ ابن الجلّاء يقول: قلتُ لأبويّ: أحب أن تهباني لله. قالا: قد فعلنا. فغبتُ عنهم مدّةً، ثمّ جئت فدققت الباب فقال أبي: مَن ذا؟ قلتُ: ولدك. قال: قد كان لي ولدٌ وهبناه لله تعالى. وما فتح الباب3. وعن أبي عبد الله بن الجلاء قال: آلةُ الفقير صيانة فقره، وحفظ سِرِّه، وأداء فرْضه. 274- أحمد بن يعقوب بن سراج الموصليّ: سمع: الصلت بن مسعود الجحْدريّ. 275- أحمد بن يوسف بن الضّحّاك4: أبو عبد الله البغداديّ، الفقيه. سمع: أبا كريب، ومحمد بن موسى الحرشيّ. وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، ومحمد بن المظفّر. وكان ثقة.   1 تاريخ بغداد "5/ 214". 2 تاريخ دمشق "2/ 137 أ". 3 حلية الأولياء "10/ 315"، والمنتظم "6/ 149". 4 تاريخ بغداد "5/ 219"، "2694". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 126 276- إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحارث1: أبو القاسم الكِلابيّ، الفقيه الشّافعيّ. أظنّه بصْريًّا. سمع من: الحارث بن مسكين، ومحمد بن هشام السَّدُوسيّ. وكان ثقة صالحًا. 277- إبراهيم بن علي بن إبراهيم العُمَريّ المَوْصليّ2: أبو إسحاق. سمع: معلى بن مهدي، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وعدة. وعنه: أبو طاهر بن أبي هاشم المقري، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو بكر النّجّاد الحنبليّ، وأبو بكر بن المقري. وثّقه الخطيب. حدّث ببغداد، ووثّقه الدّارقطنيّ. "حرف الجيم": 278- جبريل بن الفضل السَّمَرقنديّ3: أبو حاتم. حجّ سنة اثنتين وتسعين، فحدَّث عن: قُتَيْبة، وإبراهيم بن يوسف، وغيرهما. وعنه: ابن قانع. وثّقه الخطيب وقال: عاش إلى سنة ستٍّ. 279- جعفر بن سهل4. أبو الفضل النيسابوري الواعظ:   1 البداية والنهاية "11/ 129". 2 تاريخ بغداد "6/ 132، 133"، والمنتظم "6/ 150"، "230". 3 تاريخ بغداد "7/ 264"، "3747"، والمنتظم "6/ 150"، "231". 4 ميزان الاعتدال "1/ 411"، والمغني في الضعفاء "1/ 133" "1146". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 127 سمع: إسحاق بن راهويه، والحسن بن عيسى بن ماسرْجِس، ومحمد بن رافع. وعنه: محمد بن صالح بن هانئ، وأحمد بن يعقوب بن الثَّقَفيّ، وجماعة. وكان له قبول وافر في التّذاكر. وقد حدَّثَ بمناكير. "حرف الحاء": 280- حاجب بن مالك بن أركين1: أبو العبّاس الفرغانيّ التُّرْكيّ الضّرير. حدَّث بالشام وإصبهان عن: أحمد بن إبراهيم الدَّورْقيّ، وأبي عُمَر الدُّوريّ؛ وهذه الطبقة. وعنه: سليمان الطَّبَرانيّ، ويوسف المَيَانِجِيّ، ومحمد بن المظفّر. وله جزءٌ معروف، سمعناه. 281- الحَسَن بن بالَوَيْه بن زيد بن سيّار. أبو عليّ الحِيريّ، النَّيْسابوري: سمع: محمد بن حُمَيْد، ومحمد بن مُقاتل الرازيَّيْن. وعنه: أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان. ورّخه الحاكم. 282- الحسين بن حمدان بن حمدون2: الأمير أبو عبد الله التغلبيّ، عمّ السلطان سيف الدّولة عليّ. قدِم الشّام لقتال الطُّولونيّة في جيشٍ من قِبَلِ المكتفي. وقدِم دمشق لحرب القرامطة أيّام المقتدر. ثمَّ ولّاه ديار ربيعة، فغزا وافتتح حصونًا، وقتل خلقًا من الروم. ثمّ خالفَ فسارَ لحربِهِ رائق، فحاربه وأسَره رائق في سنة ثلاث وثلاثمائة، فسجن ببغداد. ثم قتل سنة ست وثلاثمائة.   1 العبر "2/ 132"، والمنتظم "6/ 150" "233"، وتهذيب تاريخ دمشق "3/ 429، 430". 2 التنبيه والإشراف "324، 327"، والمنتظم "6/ 80، 82"، والنجوم الزاهرة "3/ 194". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 128 "حرف العين": 283- عامر بن إبراهيم بن عامر بْن إبراهيم بْن واقد الأشعريّ1: مولى أبي موسى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَبُو محمد المؤذّن الإصبهانيّ. ثقة، من بيت مشهور. سمع: أباه، وإبراهيم بن محمد بن مروان. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهّاب، وغيرهم. 284- عبّاس بن محمد الفزاريّ2. مولاهم المِصريّ الحافظ: روى عن: محمد بن رُمْح، وزكريّا كاتب العمري، وأحمد بن صالح الطبري، وجماعة. كنيته أبو الفضل. روى عنه: ابن يونس فأكثر، والطبراني، وآخرون. وكان يعرف بالبصري. توفي في شعبان. قال ابن يونس: ما رأيت أحدا قط أثبت منه. 285- عبدان بن أحمد بن موسى بن زياد3: أبو محمد الأهوازي الجواليقي الحافظ، واسمه: عبد الله، فخفف. طوف البلاد وصنف التصانيف، وسمع: سهل بن عثمان العسكريّ، وأبا كامل الجحْدريّ، وخليفة بن خيّاط، ومحمد بن بكّار، ووهْب بن بقيّة، وهشام بن عمّار، وأبا بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وزيد بن الحُرَيْش، وخلقًا كثيرًا. روى عنه: ابن قانع، وحمزة الكِنَانيّ، والطَّبَرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وأبو بكر بن المقري، وآخرون.   1 المعجم الصغير "1/ 260" للطبراني. 2 سير أعلام النبلاء "11/ 263". 3 تاريخ بغداد "9/ 378، 379"، والمنتظم "6/ 150"، وشذرات الذهب "2/ 249". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 129 ورحل الحفّاظ إلى عسكر مكرم للقيه. وكان أحد الحفاظ الأثبات. قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: رأيتُ من أئمّة الحديث أربعة: إبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة بنيسابور، والنسائي بمصر، وعبدان بالأهواز. فأمّا عبدان فكان يحفظ مائة ألف حديث، ما رأيت في المشايخ أحفظ منه. وقال حمزة الكِنانيّ: سمعت عَبْدان يقول: دخلت البصرة ثمان عشرة مرّة من أجل حديث أيّوب السختيانيّ. وجمعت ما يجمعه أصحاب الحديث، إلا حديث مالك، فإنّه لم يكن عنديّ "الموطَّأ" بعلوّ، وإلّا حديث أبي حصين. وسمعته يقول: جمعت لبِشْر بن المفضّل ستّمائة حديث، مَن شاءَ يزيد عليّ. وقال الحاكم: كان أبو عليّ النَّيْسابوريّ لَا يُسامح في المذاكرة، بل يواجه الرد في الملأ، فوقع بينه وبين عبدان لذلك، فسمعت أبا عليّ يقول: أتيت أبا بكر بن عبدان فقلت: الله الله، تحتال لي في حديث سهل بن عثمان العسكريّ، عن جنادة، عن عبيد الله بن عُمَر! فقال: قد حلف الشيخ أن لا يحدث بهذا الحديث وأنتَ بالأهواز. فأصلحتُ أشيائي للخروج. وودّعتُ الشيخ، وشيعنيّ أصحابنا، ثمّ اختبأت إلى يوم المجلس، ثم حضرت متنكرًا لَا يعرفني أحد. فأملى الحديث وأملى غير ذلك ممّا كان قد امتنع عليّ منها. ثمّ بلغه بعدُ أنّي كنت في المجلس، فتعجّب. وقال أبو حاتم بن حبّان: أنبأ عَبْدان بعسكر مُكْرم وكان عسيرًا نِكدًا. وقال الرّامَهُرْمُزِيّ: كنّا عند عَبْدان فقال: مَن دُعي فلم يُجِبْ فقد عصى الله. بفتح الباء. فقال له ابن سريج: إنْ رأيت أن تقول: يُجبْ. فأبى، وعجب من صواب ابن سريج، كما عجب ابن سريج من خطئه. وقال ابن عديّ: عبدان كبير الاسم. قال لي: جاءني أبو بكر بن أبي غالب فذهب إلى شاذان الفارسيّ، فلم يلحقه، فعطف إلى ابن أبي عاصم بأصبهان، ثمّ جاءني فقال: فاتني شاذان، وذهبتُ إلى ابن أبي عاصم فلم أره مليًّا بحديث البصرة، وجئتك لأكتب حديثهم عنك؛ لأنك مليُّ بهم. فأخرجتُ إليه حديثهم، وقاطعته كلّ يومٍ على مائة حديث. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 130 قال ابن عدي: ثنا عبدان، ثنا محمد بن عُمَرو بن سَلَمَةَ، ثنا ابن وهب، فذكر حديثًا. كذا قال. وإنما هو عمرو بن سواد. وكان عبدان يخطئ فيه، فيقول مرة كما ذكرنا، ومرة يقول: محمد بن عمرو، وإنما هو عمرو بن سواد. قال: وكانت هيبة عبدان تمنعنا أن نقول له. وثنا بحديثٍ فيه أشرس، فقال: رشْرَس. فتوقّفت في الرّدّ عليه. مات عَبْدان -رحمه الله- في آخر سنة ستٍّ، وله تسعون سنة وأشهرُ. 286- عبد الصَّمد بن عبد الله بن أخي يزيد ابني عبد الصَّمد القُرَشيّ1: أبو محمد الدّمشقيّ القاضي. سمع: إسحاق بن موسى الأنصاريّ، وهشام بن عمّار، ونوح بن حبيب، ودُحَيْمًا، وجماعة. وعنه: الفضل بن جعفر المؤذّن، وجمح، وابن عديّ، وأبو عُمَر بن فضالة، والربعيّ. وناب في القضاء لمحمد بن أحمد المَرْزُبانيّ، ولعُمَر بن الْجُنَيد قاضي دمشق. وتُوُفّي في المحرّم من السنة. 287- عليّ بن إبراهيم بن مطر2: أبو الحَسَن البغداديّ السُّكْريّ. سمع: داود بن رشيد، وعبد الله بن معاوية، وهشام بن عمّار. وعنه: عبد الله بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ، ويوسف المَيَانجيّ، وابن المقري. وثقه الدارقطني. وتوفي في محرم.   1 غاية النهاية "1/ 390"، "1662". 2 تاريخ بغداد "11/ 337" "6170". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 131 288- عليّ بن إسحاق بن عيسى بن زَاطِيَا1: أبو الحَسَن المُخَرِّميّ. سمع: عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن بكّار بن الرّيّان، وداود بن رشيد. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وابن الزّيّات، وعليّ بن عُمَر الحربيّ. وكُف بصره بآخره. قال أبو بكر بن السُّنّي: لَا بأس به. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 289- عليّ بن الحَسَن بن سليمان بن سُرَيْج2: أبو الحَسَن القافلانيّ البغداديّ. سمع: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، ومجاهد بن موسى، وطبقتهما. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وحبيب القزّاز، والقَطيعيّ، ومحمد بن المظفّر، وجماعة. وكان أحد الثّقات. 290- عليّ بن هارون بن ملّول المصريّ: من أولاد الشيوخ. سمع: عيسى بن حمّاد، والحارث بن مسكين. وتُوُفّي في شوّال. 291- عُمَر بن الحَسَن3: أبو حفيْص الحلبيّ. سمع: أبا نعيم الحلبيّ، ولُوَيْنًا.   1 تاريخ بغداد "11/ 349"، والميزان "3/ 114". 2 تاريخ بغداد "11/ 377"، "6237". 3 زُبْدَة حَلَب "1/ 94"، وسير أعلام النبلاء "11/ 211". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 132 وعنه: ابن المظفّر، والورّاق، ومَخْلَد بن جعفر. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وسيعاد. 292- عيسى بن إدريس بن عيسى1. أبو موسى البغداديّ: حدَّث بدمشق عن: عثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن المقدام، وزياد بن أيّوب، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وجُمَح بن القاسم، وأبو عُمَر بن فَضَالَةَ، وعبد الله بن عديّ، وآخرون. قال الخطيب: صدوق. قيل: مات في ربيع الآخر. "حرف الميم": 293- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله الإصبهانيّ2: سمع: أباه سَمَّوَيْه، ويونس بن حبيب. وكان جليلًا صالحًا، مفتي البلد. تُوُفّي فجأةً. روى عنه: الطَّبَرانيّ، والعسّال. 294- محمد بْن أصبغ بْن محمد3 بْن يوسف بْن ناصح بن عطاء مولى الوليد بن عبد الملك. قُرْطُبيّ حافظ فقيه، إمام نَحْويّ واسع العِلم. روى عَنْ: بَقيّ بْن مَخْلَد، ومحمد بْن وضّاح، وجماعة. تُوُفّي كهلًا.   1 تاريخ بغداد "11/ 173"، "5879". 2 المعجم الصغير "2/ 53"، للطبراني. 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 28"، "1170"، لابن الفرضي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 133 295- محمد بن بابْشاذ البصْريّ1: حدّث ببغداد عن: عبيد الله بن معاذ بن مُعَاذ، وسَلَمَةَ بن شبيب، وغيرهما. وعنه: عمر بن بشران، وأبو بكر بن المقري، ومحمد بن خلف الخلّال. تُوُفّي في شوّال. قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عنه فقال: ثقة. قلت: روى حديثًا موضوعًا. 296- محمد بن حرملة بن بهلول المصريّ: سمع: بكار بن قتيبة القاضي. 297- محمد بن حمدويه بن موسى بن طريف2: أبو رجاء السنجيّ الهورقانيّ المروزيّ. سمع: عتبة بن عبد الله، وسويد بن نصر، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، ومحمد بن حميد. وعنه: عبد الله بن أحمد بن الصديق، وأبو عصمة محمد بن أحمد بن عبّاد، وأهل مَرْو. ذكره ابن ماكولا. 298- محمد بن خلف بن حيان بن صدقة3: أبو بكر الضبيّ القاضي، المعروف بوكيع. كان عارفًا بالسير وأيام النّاس. صنف عدة كتب. روى عن: أحمد بن إسماعيل السهمي، والزبير بن بكّار، وابن عرفة، والطبقة.   1 ميزان الاعتدال "3/ 488، 489"، والبداية والنهاية "11/ 129". 2 الإكمال لابن ماكولا "2/ 557"، واللباب "3/ 395". 3 الفهرست "166"، لابن النديم، والمنتظم "6/ 152"، والأعلام "6/ 347". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 134 وعنه: ابن الصّوّاف، ومحمد بن عُمَر الجعابيّ، وابن المظفر، وأبوه جعفر بن المتيّم. قال أبو الحسين بن المناديّ: أقل النّاسُ عنه للينٍ شُهِر بهِ. وقال الدَّارَقُطْنيّ. كان فاضلًا نبيلًا فصيحًا، من أهل القرآن والفقه والنحو. له تصانيف كثيرة. وولي قضاء كور الأهواز كلها. وتُوُفّي في ربيع الأول. 299- محمد بن خيرون1: أبو عبد الله المعافريّ. مقرئ القيروان. أخذ القراءة عرْضًا عن: أبي بكر بن سيف، وإسماعيل النّحّاس، وجماعة. وقدم القيروان فسكنها. وقرأ عليه خلق، منهم: ابناه محمد وعلي، وأبو بكر الهواري، وعبد الحكيم بن إبراهيم، وأبو جعفر أحمد بن بكر. وكان صالحا كبير القدر. وقد حدث عن: عيسى بن مسكين، وغيره. تُوُفّي في شعبان. 300- محمد بن سعيد بن عُمَرو2: أبو يحيى الخريمي المري الدّمشقيّ. عن: هشام بن عمّار، ودُحَيْم، والقاسم بن عثمان الجوعيّ، وأحمد بن أبي الحواري. وعنه: جُمح بن القاسم، ومحمد الربعيّ، وعبد الله بن عديّ، وجماعة. تُوُفّي في المحرم. والخريمي: بالراء.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 255". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "37/ 548". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 135 301- محمد بن عبد الوهّاب1: أبو عُمَر المروزي. سمع بقزوين: إسماعيل بن توبة؛ وبالرّيّ: محمد بن مقاتل. وعنه: عليّ بن أحمد بن صالح. 302- محمد بن عليّ بن إبراهيم2: الحافظ أبو عبد الله المروزي. رحل وكتب عنه: بُندار، وعليّ بن خشرم، وهذه الطبقة. روى عنه: الطَّبَرانيّ، وابن عقدة، وأبو بكر بن أبي دارم. 303- محمد بن عليّ. أبو بكر القنطريّ: سمع: أحمد بن منيع. وعنه: إبراهيم بن أحمد الخرقي. 304- محمد بن محمد بن سحنون بن سعيد المغربي: أبو سعيد المالكيّ. زاهد خير. سمع أباه؛ وأخذ الفقه عن أصحاب جدّه. 305- محمد بن مسعود بن الحارث3: أبو عبد الله الأسديّ القزوينيّ. ثقة كبير القدر. سمع: عُمَرو بن رافع، وإسماعيل بن توبة، وعبد السلام بن عاصم، ومحمد بن حميد الرّازيّ، وإسماعيل ابن بنت السُّدّيّ، وأبا مصعب، وهنّاد بن السري.   1 التدوين في أخبار قزوين "1/ 446"، للرافعي. 2 سير أعلام النبلاء "11/ 320". 3 التدوين في أخبار قزوين "2/ 20-22"، وسير أعلام النبلاء "11/ 260". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 136 وعنه: سليمان بن يزيد الفاميّ، وعليّ بن عُمَر الصيدلاني، وعبد العزيز بن مالك، وعليّ بن أحمد بن صالح القزوينيون. لخصت ترجمته من "الإرشاد" والخليليّ. 306- محمد بن هارون بن عبد الرحمن بن الفضل بن عميرة1: أبو هارون العتقيّ الأندلسيّ. رحل وسمع بمصر من أبي يزيد القراطيسيّ، وغيره. ورجع. 307- موسى بن عبد الرحمن بن حبيب2: العلّامة أبو الأسود الإفريقيّ القطّان. يروى عن: محمد بن سحنون، وشجرة بن عيسى، وغيرهما. وعنه: تميم بن أبي العرب، وأبو محمد بن مسرور، وجماعة. وولي قضاء طرابلس المغرب. تُوُفّي في ذي القعدة. وكان من كبار المالكية. مواليد هذه السنة: وفيها ولد: أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحسين بن جميع، وعبد الوهاب الكلابي. وفيات سنة سبع وثلاثمائة: "حرف الألف": 308- أحمد بن حَمْدَوَيْه3، ويقال: ابن حمديّ، بن أحمد بن بَيَان: أبو عليّ الدقاق.   1 جذوة المقتبس "95" "155"، وتاريخ علماء الأندلس "2/ 29"، "1171"، لابن الفرضي. 2 الديباج المذهب "2/ 335"، ومعالم الإيمان للدباغ "2/ 335-339". 3 تاريخ بغداد "4/ 124"، "1799". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 137 عن: الفلّاس، وزيد بن أخرم. وعنه: عبد العزيز بن جعفر، وغيره. 309- أحمد بن سهل بن الفَيرُزان1: أبو العبّاس الأشْنانيّ. أحد القُراء المجوّدين. قرأ على: عُبَيْد بن الصّبّاح صاحب حفص؛ واشتهر بهذه القراءة لمعرفته بها وعُلُوّ سَنَده فيها. وقد قرأ بعد موت شيخه على جماعةٍ من أصحاب أبي حفص عُمَرو بن الصّبّاح أخي عُبَيْد بن الصّبّاح، حتّى برعَ في التّلاوة. قال ابن غَلْبُون: نا عليّ بن محمد، ثنا أحمد بن سهل قال: قرأت على عُبَيْد بن الصّبّاح، وكان ما علمت من الورعين المتَّقين؛ وقال: قرأت القرآن كلّه وأتقنته على أبي عُمَرو حفص بن سليمان، وليس بيني وبينه أحد. قرأ عليه: أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو العبّاس الحَسَن بن سعيد المطّوّعيّ، وعليّ بن محمد بن صالح الهاشميّ الضّرير البصْريّ، وعليّ بن الحسين بن عثمان الغضائريّ شيخ الأهوازيّ، وإبراهيم بن أحمد الخِرَقيّ، وأبو بكر محمد بن الحَسَن النّقّاش. وأبو أحمد عبد الله بن الحُسين السّامرّيّ. وقد سمع من: بِشْر بن الوليد الكِنْديّ، وعبد الأعلى بن حمّاد. وحدَّث عنه: عبد العزيز الخِرَقيّ، ومحمد بن عليّ بن سُوَيد المؤدَّب. ووثَّقهُ الدَّارَقُطْنيّ. وتُوُفّي في المحرَّم عن سن عالية، رحمه الله تعالى. 310- أحمد بن عليّ بن المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى بن هلال التَّميميّ2: أبو يعلى الموصليّ الحافظ. صاحب "المسند".   1 العبر "2/ 133، 134"، وغاية النهاية "1/ 59". 2 الكامل في التاريخ "8/ 122"، والعبر "2/ 134"، والبداية والنهاية "11/ 130". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 138 سمع: عبد الله بن محمد بن أسماء، ومحمد بن المنهال الضّرير، وغسان بن الربيع، وعليّ بن الجعد، ويحيى بن معين، وداود بن عُمَرو الضبيّ، وشيبان بن فروخ، وحوثرة بن أشرس، ويحيى الحمانيّ، وخلقًا كثيرًا. وسماعه ببغداد من أحمد بن حاتم الطّويل في سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. وله تصانيف في الزهد، وغيره. روى عنه: أبو حاتم بن حبّان، وأبو عليّ الحافظ النَّيْسابوريّ، ويوسف الميانجيّ، وحمزة الكناني، وأبو بكر الإسماعيليّ، ومحمد بن النّضْر النّحّاس، ونصر بن أحمد المرجئ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وأبو بكر بن المقري. وكان فيما قال يزيد بن محمد الأزديّ من أهل الصَّدق والأمانة والدَّين والحِلْم. غلقت أكثر الأسواق يوم موته، وحضر جنازته من الخلق أمر عظيم. وكان عاقلًا حليمًا صبورًا، حسَن الأدب. وقال أبو عُمَرو بن حمدان وذكر أبا يعلى ففضّله على الحَسَن بن سفيان، فقيل له: كيف تفضله على الحَسَن بن سفيان ومسند الحَسَن أكبر، وشيوخه أعلى؟ قال: لأنّ أبا يعلى كان يحدّث احتسابًا، والحسن كان يحدّث اكتسابًا. ولد أبو يَعْلَى في شوّال سنة عشرٍ ومائتين. ووثّقه ابن حِبّان، ووصفه بالإتقان والدَّين، وقال: بينه وبين النّبيّ صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثة أنفس1. وقال الحاكم: كنتُ أرى أبا عليّ الحافظ معجبًا بأبي يعلى الموصليّ وإتقانه، وحفظه حديث نفسه، حتّى كان لَا يخفى عليه منه إلّا اليسير، رحمه الله. وقال الحاكم: هو ثقة مأمون. سمعت أبا عليّ الحافظ يقول: كان أبو يَعْلَى لَا يخفى عَلَيْهِ من حديثه إلا اليسير، ولو لم يشتغل بسماع كتب أبي يوسف من بِشْر بْن الوليد لأدركَ بالبصرة أَبَا الوليد، وسليمان بن حرب. وقال ابن السَّمعانيّ: سمعتُ إسماعيل بْن محمد بْن الْفَضْلُ الحافظ يقول: قرأت المسانيد مثل "مسند العدنيّ" وأحمد بن منيع، وهي كالأنهار، و"مسند أبي يعلى" كالبحر يكون مجتمع الأنهار.   1 الثقات لابن حبّان "8/ 55". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 139 311- أحمد بْن عيسى1: أبو الطيب الهاشميّ البغداديّ. عن: سعيد بن يحيى الأمويّ. وعنه: مَخْلَد، وعبد الله بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ. وثّقه الخطيب. 312- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن صالح بن شيخ بن عميرة الأسديّ2: بغداديّ صاحبُ أخبارٍ. حدَّث عن: لُوَيْن، وجماعة. وعنه: الصُّوليّ، وابن المظفّر، وعليّ بن عُمَر الحربيّ، وأبو بكر بن المقري. وثقه الدارقطني. وروى عن أحمد بن حنبل حديثًا واحدًا. 313- أحمد بن محمد بن صالح3. أبو الحَسَن بن كعب الذّارع: واسطيّ، حدَّث ببغداد عن: إسحاق بن شاهين، ومقدم بن يحيى. وعنه: ابن المظفّر، وعليّ الحربيّ، والطَّبَرانيّ. وكان أحد الحُفّاظ الكِبار. 314- أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن البراء4: أبو محمد الجرجاني الوزان. روى عن: أبي الأشعثِ العجليّ، ومحمود بن خداش، ومحمد بن حميد، وسلْم بن جنادة، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "4/ 279"، "2026". 2 طبقات الحنابلة "1/ 65"، "54". 3 تاريخ بغداد "5/ 37"، "2389". 4 تاريخ جرجان "74"، "21" للسَّهمي". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 140 وعنه: ابن عديّ، والإسماعيليّ، وغيرهما. وقال الإسماعيليّ: صدوق. 315- أحمد بن محمد بن عُمَر1: أبو الحسين الجرجانيّ التّاجر. سمع: محمد بن زَنْبُور، وأبا حفص الفلّاس، وَسَلَمَةَ بن شبيب. وكان ثقة. روى عنه: ابن عديّ، والإسماعيليّ، وجماعة. 316- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بن حفص الإصبهانيّ2: أبو الحَسَن. زاهد عابد، يقال: إنه من الأبدال. سمع: حميد بن مسعدة، وَسَلَمَةَ بن شبيب. وعنه: عبد الله بن محمود، ومحمد بن جعفر الإصبهانيّان، والطَّبَرانيّ. 317- أسامة بن أحمد بن أسامة بن عبد الرحمن3: أبو سَلَمَةَ التجيبيّ، مولاهم المصريّ. محدث مكثر، روى عن: أبي الطّاهر بْن السَّرْح، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأحمد بن يحيى بن وزير، والحارث بن مسكين، وعدد كثير من طبقتهم. وعني بالحديث والقراءات. روى عنه: أبو عُمَر محمد بن يوسف الكِنْديّ، وأبو سعيد بن يونس، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وطائفة. تُوُفّي في رمضان. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يونس: لم يكن في الحديث بذاك، تعرف وتنكر.   1 انظر المصدر السابق. 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 125"، والمعجم الصغير "1/ 41"، للطبراني. 3 المعجم الصغير "1/ 104"، للطبراني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 141 318- إسحاق بن إبراهيم القاضي1: أبو محمد البُسْتيّ. تُوُفّي فيها. وقد مر سنة ثلاثٍ شيخٌ يشبهه. وأمّا هذا فإسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الجبّار أبو محمد. كان متقنًا نبيلًا عاقلًا. روى عن: قُتَيْبة بن سعيد، وعليّ بن حجر. وعنه: أبو حاتم بن حبان البستي. 319- إسحاق بن عبد الله بن إبراهيم بن سلمة الكوفي البزاز2: حدث ببغداد عن: يوسف بن موسى، ومحمد بن زياد الزّياديّ. وعنه: ابن لؤلؤ، وابن المظفّر، ومحمد بن عليّ بن حبيش النّاقد. قال الخطيب: كان ثقة، صنف "المسند"، ورحل إلى مصر والشّام. ومات في شوّال. "حرف الجيم": 320- جعفر بن أحمد بن سِنان الواسطيّ القطّان3: سمع: أباه، وهنَّاد بن السَّريّ، وأبا كُرَيْب، وسليمان الغيلاني. وعنه: أبو بكر بن المقري، وأبو عُمَرو بن حمدان، ويوسف الميانجيّ. 321- جعفر بن أحمد بن عاصم الدّمشقيّ بن الرّوّاس4: أبو محمد البزّاز. عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن مصفى الحمصي.   1 الثقات لابن حبان "8/ 122"، وتذكرة الحفاظ "2/ 702". 2 البداية والنهاية "11/ 130، 131"، والمنتظم "6/ 154". 3 تذكرة الحفاظ "2/ 752"، وطبقات الحفاظ "316". 4 تاريخ بغداد "7/ 204"، والمنتظم "6/ 154". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 142 وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، وابن ماسي، وأبو بكر الرّبعيّ، وآخرون. حدَّث ببلده وببغداد. ووثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 322- جعفر بن محمد بن موسى النَّيْسابوريّ الأعرج1: أبو محمد الحافظ، ويعرف بجَعْفَرك المفيد. رحل وسمع وروى عن: محمد بن يحيى الذُّهْليّ، والحَسَن بن عَرَفَة، وَأَحْمَدَ بْنَ يُوسُفَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ هَاشِمٍ، وعليّ بن حرب، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ، وهذه الطبقة. وعنه: الحافظان أبو عليّ النَّيْسابوريّ وأبو إسحاق بن حمزة الإصبهانيّ، وأبو بكر بن المقري، والإسماعيليّ، وجماعة. تُوُفّي في حلب غريبًا. وثّقه غير واحد، ووصفوه بالحفظ والمعرفة. "حرف الحاء": 323- حبيب بن نصر2. أبو أحمد المهلبيّ: عن: محمد بن أبي مذعور، ومحمد بن مهاجر. وعنه: عبد الله بن موسى الهاشميّ، وأبو الفرج صاحب الأغانيّ، وغيرهما. حدَّث في "هذا" العام. 324- الحَسَن بن إسحاق بن سلّام المصريّ: سمع: الحارث بن مسكين، وغيره. وحدَّث. وهو مولي بني حمار. 325- الحَسَن بن الطّيّب بن حمزة3: أبو علي الشجاعي البلخي.   1 تاريخ جرجان "272"، والمنتظم "6/ 154"، وطبقات الحفاظ "317". 2 تاريخ بغداد "8/ 253". 3 الكامل في ضعفاء الرِّجال "2/ 755، 756"، لابن عدي والمنتظم "6/ 154". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 143 حدث ببغداد عن: قُتَيْبة، وأبو كامل الجحدريّ، وهُدْبَة بن خالد، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وخلْق. وعنه: إسماعيل الخُطبيّ، وأبو بكر القطيعيّ، وابن المظفّر، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، وجماعة. قال الدارقطني، لَا يساوي شيئًا؛ لأنّه حدَّث بما لَا يسمع. وقال ابن عديّ: ادّعى كتبَ عمّه الحَسَن بن شجاع. كذا أخبرني عَبْدان. وقال البرقانيّ: هو ذاهب الحديث. وقد تكلم فيه ابن عقدة. طوَّل الخطيب ترجمته. وقال البَرْقانيّ: كان الإسماعيليّ حَسَن الرأي فيه ويقول: لمّا سمعنا منه كان حاله صالحًا. وقال أحمد بن سفيان الحافظ: نا زيد بن عليّ الخلال قال: سمعت بن سعيد يعاتب البَغويّ في البلْخيّ ويقول: أنزلته عليك وأخذتُ عنه. فقال: ما له؟ ما سألته عن شيخ إلّا أعطاني صفته وعلامته ومنزلته. وقال مطين: كذّاب. 326- الحسين بن سعيد بن كامل: أبو عبد الله المصريّ. شيخ معُمَر. سمع: يحيى بن بكير. كتب عنه ابن يونس وقال: تُوُفّي في شعبان. 327- الحسين بن محمد بن الضّحّاك الفارسيّ ثمّ المصريّ: حدَّث عن: أبي مصعب الزُّهْريّ، وطبقته. وتُوُفّي في ذي القعدة. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 144 "حرف الزاي": 328- زكريّا بن يحيى بن عبد الرحمن بن بحر1 بن عديّ بن عبد الرحمن بن الأبيض بن الدَّيْلم بن باسل بن ضبّة الضّبّيّ. أبو يحيى السّاجيّ البصْريّ الحافظ. سمع: عبيد الله بن معاذ العنبري، وبندارًا، ومحمد بن موسى الحرشيّ، وسليمان بن داود المهديّ، وأبا الربيع الزهرانيّ، وطالوت بن عباد، وعبد الواحد بن غياث، وموسى بن عُمَر الحاري، وأبا كامل الفضل بن الحسين الجحدريّ، وابن أبي الشّوارب، وعبد الأعلى بن حمّاد، وأباه يحيى؛ روى له عن طريق جرير بن عبد الحميد. وقد رحل إلى مصر، وإلى الكوفة والحجاز. وسمع: أيضًا من هُدْبَةَ بن خالد. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو عمرو بن حمدان، ويوسف الميانجيّ، وعبد الله بن محمد بن السّقّاء الواسطيّ، ويوسف بن يعقوب البجيرميّ، وعليّ بن لؤلؤ الورّاق. وكان من الثّقات الأئمة. سمع منه: الأشعريّ وأخذ عنه مذهب أهل الحديث. ولزكريّا السّاجيّ كتابٌ جليلٌ في العِلل يدلّ على تبحره وإمامته. "حرف السين": 329- سليمان بن عيسى2: أبو أيّوب البغداديّ الدّار، البصريّ الأصل، الجوهريّ. عَنْ: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وعُبَيْد الله بن مُعَاذ. وعنه: ابن المظفر، وابن لؤلؤ.   1 الجرح والتعديل "3/ 601" "2717"، والميزان "2/ 79"، "2897". 2 تاريخ بغداد "9/ 61، 62" "4644". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 145 "حرف العين": 330- عامر بن عُمَران بن الفتح الزولهيّ: نسبة إلى قرية بقرب مَرْو. شيخ ثقة. سمع: محمد بن عليّ بن الحَسَن بن شقيق. 331- عبد الله بن إبراهيم1: أبو القاسم الأسديّ المعدّل. يُعرف بابن الأكفانيّ، الفقيه. عن: أحمد بن عبد الجبّار العطارديّ، وأبي إبراهيم المزنيّ الفقيه، ومحمد بن عُمَرو بن حنان الحمصيّ. وعنه: ابنه محمد، وعبد الله بن العبّاس الشطويّ، وابن المقرئ، وغيرهم. وكان ثقة. 332- عبد الله بن الحسين بن عليّ2: أبو القاسم البجليّ الصّفّار. عن: عبد الأعلى بن حمّاد، وسوّار بن عبد الله القاضي. وعنه: عُمَر بن بِشْران وقال: ثقة؛ وابن الحربيّ، والزّيّات. 333- عبد الله بن عَمْرو بن عبد الله بن عَمْرو بن السَّرْح المصريّ3: مولى بني أمية. سمع: يونس بن عبد الأعلى، ووفاء بن سهيل، وياسين بن عبد الأحد. 334- عبد الله بن مالك بن سيف3. أبو بكر التجيبي المقرئ:   1 تاريخ بغداد "9/ 4505"، "5010"، والمنتظم "6/ 154". 2 المنتظم "6/ 155"، "248". 3 العبر "2/ 134"، وغاية النهاية "1855". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 146 من كبار قراء مصر. أخذ عن: أبي يعقوب الأزرق صاحب ورش، تلاوةً. وسمع: محمد بن رمح، وجماعة. قرا عليه: أبو عدي عبد العزيز بن عليّ بن مُحَمَّد بن إسحاق بن الإمام، وإبراهيم بن محمد بن مروان، ومحمد بن عبد الرحمن الظّهراويّ، وأبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله بْن القاسم الخِرَقيّ شيخ الأهوازيّ. وهو آخر أصحاب الأزرق وَفاةً. تُوُفّي يوم الجمعة سلخ جُمَادَى الآخرة. قرأتُ القرآن بطريقه على أبي القاسم سحنون بالإسكندريّة، عن قراءته على أبي القاسم بن الصَّفْراويّ، عَنِ ابن عطية، عَنِ ابن الفحّام، عن أحمد بن نفيس، عن أبي عديّ. وهذا إسنادٌ عالٍ لنا بهذه القراءة. 335- عبد الله بن عليّ بن الجارود. أبو محمد النَّيْسابوريّ الحافظ: نزيل مكة. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، وعليّ بن حجر. وعنه: ابن أخته يحيى بن منصور القاضي، ومحمد بن نافع المكي الخزاعي، ومحمد بن جبريل العجيفي، وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن عبد المؤمن الزّيّات، والحسن بن عبد الله بن مذحج الزبيديّ، وأحمد بن بقيّ. رووا عنه السُّنَن له؛ رأيته، فلم أر فيه عن ابن حجر وإسحاق شيئا، بل أكبرهم أبو سعيد الأشج، والزعفراني. 336- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ العباس: أبو العباس الأسدي الدمشقي، ويعرف بابن الجليد. روى عن: هشام بن عمّار، وصفوان بن صلح المؤذن. وعنه: ابن عدي، وأبو عمر بن فضالة، وأحمد بن أبي دجانة. ورخه ابن زبر. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 147 337- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أبي الحديد. أبو محمد الربعي المالكي المغربي. شيخ صالح فاضل، يقال: أنه آخر مَن مات من أصحاب سحنون. 338- عبد الرحمن بن الحَسَن بن موسى1: أبو محمد الضّرّاب الإصبهانيّ الحافظ. ثقة كبير؛ صنف المُسْنَد والأبواب. سمع: عصام بن الحكم، ويحيى بن ورد، والحسين بن منصور الواسطيّ. وعنه: أبو الشيخ، والعسّال، وجماعة. 339- عُبَيْد الله بن إبراهيم بن مهديّ2: أبو القاسم البغداديّ، ثم الدّمشقيّ؛ المقرئ. روى عن: الفضل الرُّخاميّ، وحفص الرباليّ، وعليّ بن أشكاب. وحدَّث بمصر وبها تُوُفّي في شوال. قال أبو عُمَرو الدانيّ: كان يعرف بالعُمَريّ؛ لأنّه كان مخصوصًا بقراءة أبي عُمَرو، ومعرفتها، أخذها عرضًا عن محمد بن غالب صاحب شجاع البلْخيّ. وسمعها من محمد بن شجاع البلْخيّ، عن اليزيديّ. وله فيها تصنيف حسن. أخذ عنه: ابن شنبوذ، وأحمد بن جعفر بن المناديّ. 340- عليّ بن حبيس بن عابد: أبو الحسن الزوفي. يروي عن: عيسى بن زغبة، وغيره. 341- عليّ بن سهل بن محمد3:   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 114". 2 غاية النهاية "1/ 484" "2010". 3 البداية والنهاية "11/ 131"، والمعجم الصغير "1/ 208" للطبراني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 148 أبو الحَسَن الإصبهانيّ الزّاهد. أحد أعلام الصوفية. صحب محمد بن يوسف البناء. وسمع: يونس بن حبيب، وأحمد بن مهديّ. وكان يكاتب الجنيد. وله شأن. روى عنه الطَّبَرانيّ. 342- عُمَران بن موسى بن فضالة1: أبو القاسم الموصليّ الشعيريّ الزّاهد. أقام في مسجدٍ دهرًا طويلًا. وروى عن: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، ومحمد بْن مصفّى، ويونس بن عبد الأعلى، وإسحاق بن شاهين، وبندار، وطائفة. ثمّ فرق أصوله تزهدًا. روى عنه: يزيد بن محمد الأزديّ، وأبو بكر المقرئ. 343- عُمَر بن الحَسَن بن نصر بن محمد طرخان الحلبيّ2. أبو حفص: ولي قضاء دمشق، وحدث عن: محمد بن أبي سمينة، ولُوَيْن. وعنه: الآجريّ، وأبو حفص الزّيّات، وأبو بكر الورّاق، وآخرون. وثَّقه الدَّارَقُطْنيّ. حدث في هذه السنة، وتُوُفّي بعدها. "حرف الفاء": 344- الفضل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحارث الباهليّ3: أبو العباس الأنطاكي العطار الأحدب.   1 تاريخ بغداد "12/ 268"، "6713". 2 تاريخ بغداد "11/ 221"، وتاريخ حلب "4/ 15"، للشهباء. 3 الكامل في الضعفاء "6/ 2043، 2044"، لابن عدي، وميزان الاعتدال "3/ 358". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 149 سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وجماعة. وعنه: عُمَر بن عليّ العتكيّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وابن عديّ وقال: له أحاديث لَا يتابعه عليها الثّقات. وقال الدَّارَقُطْنيّ: هو كذّاب. وقال ابن عديّ أيضًا: أوصل أحاديث، وزاد في المتون. 345- الفضل بن أحمد بن يعقوب بن أشرس: أبو معقل الضبيّ النسفيّ الضّرير. من أصحاب محمد بن إسماعيل البخاريّ. روى عنه: عبد المؤمن بن خلف، وجماعة. تُوُفّي سنة سبع. "حرف القاف": 346- القاسم بن أحمد بن بشير أبو عامر المصريّ الدّبّاغ: ذكر أنّه سمع من يحيى بن بكير، وزيد بن بِشْر. قال ابن يونس: كتبت عنه، وقد تكلّموا فيه. تُوُفّي في شعبان سنة سبعٍ. 347- القاسم بْن عُبّيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن كثير بن عفير المصريّ: أبو محمد. روى عنه ابن يونس، وقال: كان يخضب. وتُوُفّي في شعبان أيضًا. وقال لي: سمعتُ من عيسى بن حمّاد. "حرف الميم": 348- محمد بن بكر1. أبو القاسم القرطبي:   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 29"، "1172". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 150 كان إمامًا مفتيًا مشاورًا، ورعًا نبيلًا. روى عن: محمد بن وضاح، وإبراهيم بن القزّاز، وطبقتهما. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 349- محمد بن جعفر بن محمد بن سعيد1: أبو بكر الأشعريّ الإصبهانيّ الملحميّ القزّاز. ثقة، كثير الحديث. سمع: حميد بن مسعدة، والفلاس، والعبّاس البحرانيّ. وعنه: العسّال، وأبو الشيخ، وابن المقرئ، ومحمد بن جعفر. تُوُفّي في صفر. 350- محمد بن روميّ النَّيْسابوريّ الإخباريّ: سمع: الذهلي، وأحمد بن منصور زاج، وأحمد بن حفص. وعنه: أبو الفضل محمد بن إبراهيم، وجماعة. 351- محمد بن سليمان بن بابويه2: أبو بكر المخرميّ العلّاف. سمع: الربيع بن ثعلب، والوليد بن شجاع. وعنه: أبو بكر القطيعيّ، وغيره. 352- محمد بن صالح بن ذريح3. أبو جعفر العكبريّ: سمع: جبارة بن المغلس، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا ثور الكلبيّ، وأبا مصعب الزهريّ، وجماعة. وعنه: إسحاق النعالي، وابن الزّيّات، ومحمد بن المظفّر، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو بكر ابن المقرئ، وطائفة. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ستٍّ. وقيل: سنة سبْعٍ، وقيل: سنة ثمان.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 292". 2 تاريخ بغداد "5/ 300"، "2805". 3 المنتظم "6/ 152"، "239"، والعبر "2/ 134". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 151 353- محمد بن عبد الله بن يوسف بن خرشيد الدَّوِيري1: ويقال: الدُّوَيري، النَّيْسابوريّ، أبو عبد الله. ودوير قرية على فرسخ من البلد. سمع: قُتَيْبة، وإسحاق بن راهَوَيْه، ويحيى بن موسى خَتّ. وعنه: أبو حامد الشرقيّ، وأبو الوليد حسّان الفقيه، وأبو عُمَرو بن حمدان، وجماعة. وقع لي من عواليه. وقد روى الشيرازيّ مصنف "الألقاب" عن يحيى بن زكريّا الدويريّ، عن محمد بن عبد الله الدويريّ. ووالد محمد له رحلة ورواية عن أبي جابر محمد بن عبد الملك الأزديّ، وطبقته. ذكره الحاكم في تاريخه. 354- محمد بن عليّ بن مَخْلَد بن فرقد الداركيّ2: أبو جعفر الإصبهانيّ. شيخ معُمَر، سمع: إسماعيل بن عُمَرو، وسليمان بن داود الشاذكونيّ. وهو آخر من مات من أصحاب إسماعيل. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشيخ، وأبو بكر بن المقرئ، وعدّة. 355- محمد بن عليّ بن سهيل: أبو بكر الصيدلانيّ البكاء. عن: عبد الأعلى بن حمّاد، وعُبَيْد الله القواريريّ. وهو موصليّ فيه جهالة. 356- محمد بن علي3. الخطيب المقرئ:   1 سير أعلام النبلاء "11/ 281". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 241، 242"، والعبر"2/ 135". 3 غاية النهاية "2/ 213"، "3294". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 152 قرأ على: البزّيّ. قرأ عليه: الحَسَن المطوعيّ. 357- محمد بن عيسى1: أبو عبد الله القزوينيّ الصّفّار. ثقة. سمع: ابن ماجة، وأبا حاتم الرازيّ، ويحيى بن عَبْدك. وعنه: عليّ بن أحمد بن صالح. 358- محمد بن موسى بن عبد الرحمن الصوريّ المقرئ2: أبو العبّاس. قرأ القرآن على: ابن ذكوان، وعبد الرّزّاق بن الحَسَن الإمام، عن قراءتهما على أيّوب بن تميم. قرأ عليه: أبو بكر بن أحمد الدّاجونيّ واسمه محمد، والحسن بن سعيد المطوعيّ. ورّخ وفاته الخزاعيّ. 359- محمد بن موسى بن هاشم3: أبو عبد الله القرطبيّ، المعروف بالأقشين. من كبار النحاة. رحل، وسمع بمصر "كتاب سيبويه" من أبي جعفر الدينوريّ. وسمع "مسند الفريابيّ" بقيسارية الشّام من عُمَرو بن ثور. توفي في رجب.   1 التدوين في أخبار قزوين "1/ 486". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 254"، وغاية النهاية "2/ 268"، "3490". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 29 وما بعدها" لابن الفرضي، وبغية الملتمس "127"، للضبي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 153 360 - محمد بن هارون1. أبو بكر الرويانيّ الحافظ. له مسند مشهور. روى عن: أبي الربيع الزّهرانيّ، وإسحاق بن شاهين، ومحمد بن حميد الرّازيّ، وأبي كريب، وبندار، ومحمد بن المثني، وأبي حفص الفلاس، ويحيى بن المقوم، وأبي زرعة الرازي، وهذه الطبقة. وعنه: جعفر بن عبد الله بن فتاكي، وغيره. وثقه أبو يعلى الخليلي، وذكر أن له تصانيف في الفقه. وعنه أيضًا: أبو بكر الإسماعيليّ، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد القرميسينيّ. قال أحمد بن منصور الشيرازيّ الحافظ: سمعت محمد بن أحمد الصّحّاف السجستانيّ: سمعت أبا العبّاس البكريّ يقول: جمعت الرحلة بين محمد بن جرير، وابن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزيّ، ومحمد بن هارون الرويانيّ بمصر، فأرملوا ولم يبقَ عندهم ما يقوتهم، وأضر بهم الجوع، فاجتمعوا في منزلٍ كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيهم على أن يسهموا، فمن خرجت عليه القرعة سأل. فخرجت القرعة على ابن خزيمة فقال: أمهلوني حتّى أصلي. فاندفع في الصلاة، وإذا هم بالشموع، وخصيّ، من قبل والي مصر يدّق الباب، ففتحوا فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل: هو ذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارًا، فدفعها إليه. ثمّ قال: أيكم ابن جرير؟ فاعطاه خمسين دينارًا، ثم فعل كذلك بابن خزيمة وبالرويانيّ. ثمّ حدثهم فقال: إنّ الأمير كان قائلًا بالأمس، فرأى في المنام أن المحامد جياع قد طووا، فانفذ إليكم هذه الصرر، وأقسم عليكم إذا نفذت فعرفوني. 361- محمد بن يحيى بن حسين2. أبو بكر العميّ البصريّ: حدث عن: عُبَيْد الله بن عائشة، وسليمان الشاذكوني. وطال عمره.   1 تاريخ جرجان "442"، والعبر "2/ 135"، والبداية والنهاية "11/ 131"، وكشف الظنون "1683". 2 تاريخ بغداد "3/ 426"، "1563". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 154 روى عنه: أبو حفص الزّيّات، ومحمد بن المظفّر. ووثّقه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفّي في المحرَّم. وآخر من روى عنه محمد بن إسماعيل الورّاق. 362- محمد بن يونس بن هارون1: أبو جعفر حمويه، إمام جامع قزوين. سمع: إسماعيل بن توبة، وهارون بن هزاريّ. وفي الرحلة: سلم بن جنادة، والأشجّ، وعبد الجبّار بن العلاء. روى عنه: عليّ بن إبراهيم القطّان، وعليّ بن أحمد بن صالح، والخضر بن أحمد الفقيه، والقزوينيون. 363- محمود بن محمد بن منويه الواسطيّ2: أبو عبد الله، محدَّث كبير. سمع: وهب بن بقيّة، ومحمد بن أبان، والعبّاس بن عبد العظيم، وعدّة. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن زنجويه القزوينيّ، وأبو الشّيخ، وأبو أحمد بن عديّ. تُوُفّي في رمضان، وأسكت قبل موته بعامين. وقد استوفي ابن نقطة ترجمته في منويه، بالنون. وروى عنه: أبو بكر الإسماعيليّ، والجعابيّ. وحدث ببغداد. وقد قلبه الحافظ عبد الغنيّ فقال: محمد بن محمود بن منويه، نسبه لنا الذهليّ أبو الطّاهر. وقال ابن ماكولا: هو محمد بن محمد بن منويه، أبو عبد الله. يروي عن محمد بن أبان، ومحمد بن الصّبّاح الجرجرائي.   1 التدوين في أخبار قزوين "2/ 64، 65". 2 المعجم الصغير "2/ 107"، والمشتبه في أسماء الرجال "2/ 570". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 155 فنبه ابن نقطة على خطأهما، لكن اعتذر عن عبد الغنيّ فقال: كان لمحمود ابنان أحمد ومحمد، وكلاهما قد حدَّث. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كتبتُ عن أبي الحسين محمد بن محمود. 364- مسعود بن عُمَر الأمويّ الأندلسيّ التدميريّ1: أبو القاسم. سمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. 365- مفضّل بن محمد. أبو العبّاس المصريّ المؤدّب: عن: يزيد بن سعيد الصّبّاحيّ، ومحمد بن البرقيّ. وكان صالحًا. مات في جُمَادَى الآخرة. 366- موسى بن سهل2. أبو عُمَران الْجَوْنيّ البْصريّ: سمع: عبد الواحد بن غِياث، وهشام بن عمّار، وطالوت بن عبّاد، ومحمد بن رمُح المصريّ، وجماعة. وسكن بغداد. روى عنه: دعْلَج، وعبد الله بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ، ومحمد بن المظفّر، وعلي الحربيّ، وابن المقرئ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ: وتُوُفّي في رجب. وكان حافظًا عالي الإسناد، سمع بمصر، والشام، والعراق، وعُمَر. "حرف النون": 367- نهد بن نصر بن خلف النهدي الموصلي: روى عن: مسعود بن جويرية، وعليّ بن الحسين الخوّاص الموصليين. قاله الأزديّ.   1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 131"، "1425". 2 تاريخ بغداد "13/ 56، 57"، والعبر "2/ 135". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 156 "حرف الهاء": 368- الهيثم بْن خَلَف بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن مجاهد1 أبو محمد الدُّوريّ البغدادي: سمع: إسحاق بن موسى الأنصاريّ، وعُبَيْد الله القواريريّ، وعبد الأعلى بن حمّاد النرسي، وعثمان بن أبي شيبة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ، وابن لؤلؤ، وأبو بكر الإسماعيلي ووثقه؛ وأبو بكر بن المقرئ وهو آخر مَن روى عنه. وكان كثير الحديث متقنًا ضابطًا. مات -رحمه الله تعالى في أوائل السنة. "حرف الياء": 369- يحيى بن زكريّا النَّيْسابوريّ الأعرج2: أبو زكريّا الحافظ. طوّف البلاد، وسمع: قُتَيْبة بن سعيد، وإسحاق بن راهَوَيْه، فمن بعدهما. وَعَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن زكرّيا بن حَيَّوَيْهِ النيسابوري ثم المصري، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون. ومن القدماء: مكي بن عبدان، وابن عقدة. ودخل مصر على كبر السن، فكان يكتب بها. 370- يحيى بن محمد بن عمروس الفقيه3: أبو زكريا القرشي، مولاهم المصري. آخر من روى عن إسحاق بن إبراهيم بن زبريق.   1 المنتظم "6/ 156". 2 التهذيب "11/ 210"، والعبر "2/ 135"، وتذكرة الحفاظ "2/ 744". 3 الولاة والقضاة للكندي "390، 391، 470، 471". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 157 وروى عن جماعة من كبار المصرييّن، فقيل: إنّه شهدَ عند الحارث بن مسكين وله عشرون سنة. وكان من كبار الشهود. ذكره ابن زُولاق فقال: كان من كبار شهود مصر وقُرّائهم وعُبّادهم. شهدَ عند بكّار بن قُتَيْبة، وكان قد غلب على أمر أبي عُبَيْد الله محمد بن حرب، فشنأه النّاس، ثمّ ولي أبو عُبَيْد بن حربويه، فكان أشدهم تقدّمًا عنده. وكان عاقلًا، كثير التّلاوة، له جلالة في النفوس. وفيات سنة ثمان وثلاثمائة: "حرف الألف": 371- أحمد بن الصَّلْت بن المغلس1. أبو العبّاس الحمانيّ: عن: أبي نُعَيْم الفضل بن دكين، ومسلم بن إبراهيم، وأبي عُبَيْد. أحاديثه باطلة وضعها. روى عنه: الجعابيّ، وعيسى الرخجيّ. وقال ابن قانع: ليس بثقة. وقال: تُوُفّي في شوّال. وقال ابن عديّ: أحمد بن محمد بن الصَّلْت، رأيته ببغداد سنة سبْع وتسعين يحدَّث عن ثابت الزّاهد، وعبد الصَّمد بن النُّعْمان، وغيرهما ممّن مات قبل أن يولد بدهرٍ. ما رأيت في الكذّابين أقلّ حياءً منه. وقد ذكره الخطيب مرَّتين. وقال ابن عديّ أيضًا: قدَّرت أنّ له ستّين سنة أو أكثر. قال ابن عساكر: أحمد بن محمد بن الصَّلْت، ويقال: أحمد بن الصَّلْت. ويقال: أحمد بن عطية الحمانيّ ابن أخي جبارة بن المغلس، حدَّث عن عفان، وأبي نُعَيْم، وهشام بن عمّار، وأحمد بن حنبل. وقال الخطيب: حدَّث ببواطيل، ووضع في مناقب أبي حنيفة.   1 المجروحين "1/ 153"، والمنتظم "6/ 156"، والميزان "1/ 105". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 158 372- أحمد بن محمد بن هلال1: أبو بكر الشطوي. عن: أبي كريب، وأحمد بن منيع. وعنه: ابن المظفَّر، وأبو بكر الورّاق. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وبعضهم سمّاه: محمد بن أحمد بن هلال. 373- إبراهيم بن محمد بن سفيان2: أبو إسحاق النَّيْسابوريّ، الفقيه الزّاهد. أحد أصحاب أيّوب بن الحَسَن الزّاهد. سمع من: مسلم بن الحَجّاج صحيحه؛ ومن: محمد بن رافع، ومحمد بن مقاتل، ومحمد بن أسلم الطوسيّ. وبالعراق من: سفيان بن وكيع، ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ، وعُمَرو بن عبد الله الأوديّ. وعنه: أحمد بن هارون، وعبد الحميد القاضي، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، ومحمد بن عيسى بن عُمَرويْه الجلوديّ، وآخرون. قال محمد بن أحمد بن شعيب: ما كان في مشايخنا أزهد ولا أكثر عبادة من إبراهيم بن محمد بن سفيان. وقال الحاكم: سمعت محمد بن يزيد العدل يقول: كان مُجاب الدعوة. وقال الحاكم: كان من العُبّاد المجتهدين الملازمين لمسْلم. مات في شهر رجب. 374- إدريس بن طهوي القطيعي3:   1 تاريخ بغداد "5/ 115"، "2525". 2 الكامل في التاريخ "8/ 123"، والوافي بالوفيات "6/ 128"، والبداية والنهاية "11/ 131". 3 تاريخ بغداد "7/ 15"، "3482". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 159 سمع: لوَيْنًا، وأبا بكر بن أبي شيبة. وعنه: محمد بن المظفّر. وقد وثق. 375- إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع1: أبو محمد الخزاعيّ المكّيّ المقرئ. قرأ على أحمد البزّيّ. وسمع: محمد بن يحيى بن أبي عُمَر العدنيّ، ومحمد بن زنبور، وأبا الوليد محمد بن عبد الله الأزرقيّ. وقرأ أيضًا على عبد الوهّاب بن فليح المكّيّ. وعنه: أبو بكر المقرئ وغيره. وقرأ عليه: الحَسَن بن سعيد المطوعيّ، وأبو الحَسَن بن شنبوذ، وإبراهيم بن أحمد بن إبراهيم. وتُوُفّي بمكّة يوم الجمعة ثامن رمضان. وهو راوي "مسند العدني". وكان إمامًا في قراءة المكّيّين. ثقة، حجة؛ له مصنّف في قراءة ابن كثير. وذكر أنّه قرأ على ابن فليح نحوًا من مائة وعشرين ختمة. وذكر أن الصّواب إدخال شبل ومعروف بين ابن كثير وإسماعيل القسْط. هكذا رواه الجماعة. 376- إسحاق بن ديمهر التوزيّ2: سمع: إبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وعنه: ابن قانع، ومحمد بن المظفّر، وعليّ الحربيّ. وكان ثقة.   1 العبر "2/ 136، 137"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 227"، وغاية النهاية "1/ 156". 2 تاريخ بغداد "6/ 389"، والمنتظم "6/ 157". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 160 خرّج عنه ابن المقرئ في معجمه. قال الخطيب: من الثقات المأمونين المعدَّلين. "حرف الجيم": 377- جابر بن فتحون الأندلسيّ1: تُوُفّي بالأندلس. وليس بالمشهور. 378- جعفر بن قدامة: الكاتب الأديب. له مصنفات في صنعة الكتابة. وروى عن: أبي العيناء. وعنه: أبو الفرج الإصبهانيّ في "الأغاني". 379- جعفر بن محمد بن جعفر بن الحَسَن بن جعفر بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب2: أبو عبد الله الحسنيّ، والد أبي قيراط يحيى بن جعفر. ولد سنة أربٍع وعشرين ومائتين. وروى عن: أبي حفص الفلّاس، وعيسى بن مهران. وكان شريفًا محتشمًا كوفيًا شيعيًا. روى عنه: أبو بكر الشّافعيّ، ومحمد بن عُمَر الجعابيّ، ومحمد بن أحمد بن أبي الثلج، ومحمد بن العبّاس بن مروان. تُوُفّي في ذي القعدة. "حرف الحاء": 380- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد الصمد. أبو سعيد البصري:   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 102"، لابن الفرضي. 2 تاريخ بغداد "7/ 204"، والمنتظم "6/ 157"، ومجمع الرجال للقهيائي "2/ 37". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 161 عن: صهيب بن محمد، وبحر بن الحكم الكسائيّ. وعنه: محمد بن عُمَر الجعابيّ، ومحمد بن المظفّر. وكان يلقب بالإزميّ. 381- الحَسَن بن عليّ بن يونس بن أبان1: أبو عليّ التيمّيّ الإصبهانيّ. عن: عبد الرحمن بن عُمَر رستة، وغيره. وعن والده عن أبي داود الطيالسيّ. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الله بن محمد القاضي، وابن المقرئ، وآخرون. 382- الحَسَن بن محمد بن عنبر بن شاكر2: أبو عليّ الوشّاء بغداديّ مشهور. سمع: عليّ بن الجعد، ومنصور بن أبي مزاحم، وعبد الله بن عون الخراز، وعليّ بن المدينيّ، وجماعة. وعنه: أبو القاسم بن النخاس، وابن الشخير، وعليّ بن عُمَر الحربيّ، وآخرون. ضعفه ابن قانع. وقال الدَّارَقُطْنيّ: تكلموا فيه من جهة سماعه. وأمّا البرقاني فوثقه. 383- حسين بن عياض بن عروة: أبو علي الحرانيّ. سمع: محمد بن وهب الحّرانيّ. "حرف الخاء": 384- خلف بن شاهد النسفي:   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 265". 2 الكامل في الضعفاء "2/ 755"، والمنتظم "6/ 157"، والميزان "1/ 520". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 162 سمع منه بسمرقند صحيح أبي عبد الله البخاريّ جماعة، منهم أبو بكر المكّيّ. وتُوُفّي في رجب منها. "حرف الراء": 385- رفاعة بن عمارة بن وثيمة بن موسى بن الفرات: أبو زرعة المصريّ. "حرف السين": 386- سعد بن مُعاذ بن عثمان بن حسّان1: أبو عُمَرو الثقفيّ القرطبيّ المالكيّ. كان حافظًا للفقه مشاورًا في الأحكام، وله رحلة. سمع: المزنيّ، وبحر بن نصر، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وابن عَبْد الحَكَم المصريّين. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 387- سَلْم بن عصام2: أبو أمية الثّقفيّ، محدّث إصبهان. له غرائب. سمع: أحمد بن ثابت الخجنديّ، وعُبَيْد الله بن الحجاج بن منهال. وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، ومحمد بن عبيد الله بن المرزيان. "حرف الشين": 388- شعيب بن محمد3: أبو الحَسَن الذارع، بغدادي.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 178" لابن الفرضي. 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 337". 3 تاريخ بغداد "9/ 245"، "4822". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 163 سمع: إسحاق بن أبي إسرائيل، وأبا كريب، ويعقوب الدورقيّ. وعنه: ابن المظفّر، وعليّ السُّكّريّ، وأبو حفص بن شاهين. وثّقه الخطيب. "حرف العين": 389- العباس بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى1: أَبُو خبيب ابن القاضي البرتيّ. سمع القراءة من: البزّيّ، وعبد الوهّاب بن مليح. روى عنه الحروف: أبو الفتح بن بدهن، وأحمد بن نصر الشّذائيّ، وعبد الواحد بن أبي هاشم. وقد سمع الحديث من عبد الأعلى النرسي، وسوار بن عبد الله العنبريّ، وأبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعبد العزيز بن أبي صابر، وعُمَر بن شاهين، وابن المقرئ، وآخرون. أثنى عليه بعض الحُفّاظ، ومات في شوّال. 390- عبد الله بن ثابت بن يعقوب العبقسيّ التوزيّ2: أبو محمد المقرئ. نزل بغداد، وروى عن: هنَّاد بن السَّريّ، ومحمد بن أبي ياسمينة، وهارون الحمال، وعمر بن شبة، وهذيل بن حبيب. وعنه: عبد الخالق بن أبي روبا، وأبو عمرو بن السماك، ومحمد بن سليمان الربعي، وآخرون. مات بالرملة.   1 تاريخ بغداد "12/ 152"، "6620"، والمنتظم "6/ 158، 159"، وغاية النهاية "1/ 352". 2 المنتظم "6/ 158"، والبداية والنهاية "11/ 131". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 164 391- عبد الله بن العباس الطيالسي1: أبو محمد. سمع: عبد الله بن معاوية الجمحي، وبشر بن معاذ، ونصر بن علي الجهضمي. وعنه: الآجري، وابن المظفر، وابن لؤلؤ، وآخرون. قال الدارقطني: لَا بأس بهِ. 392- عبد الله بن محمد بن وهْب بن بِشْر2: أبو محمد الدِّيَنَوريّ الحافظ الكبير. طوّف الأقاليم، وسمع: أبا سعيد الأشجّ، وأبا عُمَيْر بن النّحّاس، وأحمد ابن أخي ابن وهْب، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بن الوليد البُسْريّ، وطبقتهم. روى عنه: جعفر الفِرْيابيّ وهو أكبر منه، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، ويوسف المَيَانِجيّ، والقاضي أبو بكر الأبْهَريّ، وعُمَر بن سهل الدِّيَنَوريّ، وعُبَيْد الله بن سعيد البُرُوجِرْديّ، وهو آخر مَن روى عنه. قال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: بلغني أنّ أبا زُرْعة الرّازيّ كان يعجز عن مذاكرة هذا. وقال ابن عديّ: كان ابن وهْب يحفظ. وسمعتُ عُمَر بن سهيل يرميه بالكذِب. وسمعتُ ابن عُقْدة يقول: كتب إلي ابن وهب جزأين من غرائب الثَّوريّ، فلم أعرف منها إلّا حديثين، وكنتُ أتّهمه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: سمعتُ ابن وهْب الدِّيَنَوَريّ يقول: حضرت أبا زُرْعة وخُراسانيّ يلقي عليه الموضوعات وهو يقول: باطل. والرجلُ يضحك ويقول: كل ما لَا تحفظه تقول: باطل. فقلت أنا: يا هذا ما مذهبك؟ قال: حنفيّ. قال: فقلت: ما أسندَ أبو حنيفة عن حمّاد بن أبي سفيان؟ فتحير في الجواب.   1 المنتظم "6/ 158". 2 الضعفاء والمتروكين "116"، للدارقطني، والكامل في الضعفاء "4/ 1579، 1580"، والبداية والنهاية "11/ 131". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 165 فقلت: يا أبا زُرْعة تحفظ عن أبي حنيفة، عن حمّاد؟ فسردَ أحاديث أبي حنيفة، عن حمّادٍ، ومدَّ فيها. فقُلتُ للعِلْج: ألا تستحيي تقصد إمام المسلمين بالموضوعات عند الكذابين، وأنت لَا تحفظ لإمامك حديثًا قطّ؟! فأعجب أبا زُرْعة ذلك وقبّلني. قالَ ابن عديّ: قد قَبِل الدِّينَوَريَّ قومٌ وصدَّقوه. 393- عبد الله بن محمد النُّعَيْميّ: أبو محمد المغربيّ المالكيّ الزّاهد. شيخ إمام صوام قوّام. عُنِي بكُتب أشهب وبالمدوَّنة، وبكُتُب ابن الماجِشُون. وأخذ الفقه عن الْجِلّة من أصحاب سَحْنُون. حُمِل هو وأبو عبد الله الصَدْريّ إلى المَهديّة سنة ثمانٍ وثلاثمائة، فضربا حتّى قُتلا لذمّهما التَّشيُّع، فرضي الله عنهما. 394- عَبْد الكريم بن إبراهيم بن حِبّان1: مُختلَف في كسْر الحاء وفتْحها. أبو عبد الله المصريّ مولى مراد. روى عن: حَرْمَلَة، ومحمد بن رُمْح. قال ابن يونس: كان ثقة عاقلا حلو المجالسة، عالما بإقامة المنطق. كتب الحديث سنة 234. وتوفي في شعبان. 395- عبد الوهاب بن أبي عصمة الشيباني2: عن: أبيه. ومحمد بن عبيد الأسدي. وعنه: ابنه عبد الكريم، وحفيده عبد السميع بن محمد، وعلي الحربي وآخرون. بغدادي. 396- عبيد الله بن محمود: العلامة أبو محمد القيرواني الضرير.   1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 312". 2 تاريخ بغداد "11/ 28" "5694". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 166 كان من أعلم خلق الله بالنحو واللغة والأخبار والشعر. أخذ عن: المِهْريّ، وحمدون النَّعْجة. وكان أبرع من حمدون في علم اللسان. وكانت الرحلة إليه من جميع إفريقية وله عدة تصانيف، وكان يحفظ الكتاب من مرتين. ورخه القفطي، رحمه الله تعالى. 397- علي بن أحمد بن الحسين العجلي1: أبو الحسن الكوفي، الفقيه، المقري، المعروف بابن أبي مرية. روى عن: أبي كُرَيْب، وهَنَّاد بن السَّرِيّ، ومحمد بن طريف. وعنه: أبو بكر الإسماعيلي، ومحمد بن زيد بن مروان. 398- علي بن سراج المصري الحافظ2: هو أبو الحسن علي بن أبي الأزهر الحرشي، مولاهم. روى عن: أبي عمير بن النّحّاس، ويوسف بن بحر، وسعيد بن أبي زيدون القَيْسرانيّ، وسعيد بن عُمَرو السَّكُونيّ الحمصيّ، ومحمد بن عَبْد الرَّحْمَن بن الأشعث، وفهد بن سليمان، وأبي زُرْعة البصْريّ، وخلْق كثير بمصر والشّام. وسكن بغداد؛ وجمع وصنَّف. روى عنه: أبو بكر الشّافعيّ، والإسماعيليّ، والعسال، والجِعَابيّ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وعليّ بن عُمَر الحربيّ، وآخرون. قال الدَّارَقُطْنيّ: كان يحفظ الحديث. وقال الخطيب: كان عارفًا بأيام النّاس، وأحوالهم؛ حافظًا. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كان يشرب ويسكر. وقال غيره: مات في ربيع الأول.   1 تاريخ بغداد "11/ 333"، "6162". 2 ميزان الاعتدال "3/ 131"، وطبقات الحفاظ "8/ 3". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 167 399- عمر بن عبد الله بن الحسن بن حفص1: أبو حفص الإصبهانيّ الهمْدانيّ. عن: حُمَيْد بن مَسْعَدَة، وعُمَرو بن الفلّاس، وأبي سعيد الأشجّ. وكان رئيس البلد، وصاحب مسائل القاضي. روى عنه: والد أبي نُعَيْم، وأبو الشَّيْخ ابن حيّان، وجماعة. 400- عُمَر بن محمد بن بكّار2: أبو حفص القافلائيّ. بغداديّ. سمع: يعقوب الدَّوْرقيّ، والحسن بن أبي الربيع، وعليّ بن مسلم الطُّوسيّ. وعنه: محمد بن المظفّر، وابن المقرئ. وكان ثقة. "حرف الميم": 401- محمد بْن أحمد بْن أسباط الجرواآني3: ثقة. سمع: مسلم بن جُنَادة، وأحمد بن بُدَيْل. وعنه: أبو الشَّيْخ، وعبد الله بن محمد بن مَنْدَوَيْه، وابن المقرئ. تُوُفّي في رجب. 402- محمد بن إِسْحَاق بن الوليد الثَّقَفيّ الإصبهانيّ4. أبو عبد الله القزّاز. سمع: عبد الله بن عُمَر أخا رُسْتة، وأحمد بن الفرات.   1 راجع: ذكر أخبار أصبهان "1/ 255". 2 تاريخ بغداد "11/ 222"، "5944". 3 الجرواآني: وهي نسبة إلى جرواآن محلة بأصبهان، ويقال لها بالعجمية كرواآن. راجع "الأنساب "3/ 236". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 252". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 168 وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو الشيخ، وابن المقرئ. 403- محمد بن إسماعيل بن الفَرَج: أبو العبّاس البنّاء المهندس المصريّ، والد أبي بكر أحمد. سمع: إبراهيم بن مرزوق، والحسن بن سليمان بن قبيطة. 404- محمد بن الحَسَن بن هارون بن دنبا1: أبو جعفر الْمَوْصِليُّ. حدَّث ببغداد عن: أبي همّام السَّكُونيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وأحمد بن عبدة، ومحمد بن زنبور. وعنه: أبو بكر القطيعي، وعيسى الرخجي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 405- محمد بن الحَسَن بن موسى: أبو جعفر الكندي، مولاهم المصري. روى عن: حَرْمَلَة، وغيره. قال ابن يونس: يُعرف ويُنْكر. تُوُفّي في ذي الحجّة. 406- محمد بن سُفْيَان بن النَّضْر: أبو جعفر النسفي الأمين. روى عن البخاريّ صحيحه. وعن: عيسى بن أحمد العسقلانيّ، وأبي عيسى التِّرْمِذيّ. روى عنه: محمد بن زكريا النسفي، وجماعة. ورخه المستغفري.   1 تاريخ بغداد "2/ 191"، "605". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 169 407- محمد بن صالح بن ذَرِيح العُكْبَريّ1: أبو جعفر. سمع: جُبَارة بن المغلِّس، وعبد الأعلى بن حمّاد، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وأبا ثور الكلبيّ. وعنه: إِسْحَاق النّعاليّ، وابن بَخيت، وعُمَر بن الزّيّات، ومحمد بن المظفّر. وثّقه الخطيب. قال ابن مَخْلَد: تُوُفّي سنة ثمانٍ. ومرّ في سنة سبْعٍ. 408- محمد بن عبد الله بن محمد الخَولانيّ الباجيّ2: نزيل إشبيلية. سمع بقرطبة: محمد بن أحمد العُتْبيّ، وأبان بن عيسى، ويحيى بن إبراهيم بن مزين. ورحل فسمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وأبي أُميّة الطَّرسُوسيّ، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ. وكان عارفًا بمذهب مالك. ثقة، ورعًا، خيّرًا. وكان أعرج، ويُعرف بابن العون. روى عنه: خالد بن سعْد. 409- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن كُلَيْب القُرْطُبيّ: روى عن: محمد بن وضّاح، وإبراهيم بن باز، وجماعة. تُوُفّي في هذه السنة. وقيل: سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 285". 2 جذوة المقتبس للحميدي "62"، "81". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 170 410- محمد بن المفضَّل بن سَلَمَةَ بن عاصم1: أبو الطّيّب الضَّبّيّ البغداديّ الفقيه الشّافعيّ. صاحب ابن شُرَيْح. وكان موصوفًا بفرط الذّكاء. صنَّف كتبًا عدّة. وهو صاحب وجهٍ. وكان يرى تكفير تارك الصّلاة. ومن وجوهه أنّ الوليّ إذا أذِن للسّفيه أنّ يتزوّج لم يصحّ، كالصّبيّ. مات شابًا. وكان أبوه وجدّه من مشاهير أئمة اللغة العربية. 411- محمد بن ياسين بن النّضْر: أبو أحمد النَّيْسابوريّ الفقيه. ولي قضاء بلده. وكذلك ابنه. سمع: محمد بن رافع، وعليّ بن سعْد النَّسَويّ. وعنه: أبو عبد الله الدّيناريّ، وشيوخ نَيْسابور. تُوُفّي في رمضان. وأخوه محمد بن ياسين أبو بكر تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 412- المُفّضل بن محمد بن إبراهيم2، بن مفضّل بن سعيد بن عامر بن شَرَاحيل الْجَنَدي. أبو سعيد: حدَّث بمكّة عن: الصّامت بن مُعَاذ الْجَنَديّ، ومحمد بن أبي عُمَر العدنيّ، وإبراهيم بن محمد الشّافعيّ، وأبي حُجّة محمد بن يوسف الزَّبِيديّ، وسَلَمة بن شبيب. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو حاتم بن حبّان، وأبو بكر بن المقرئ. وقال أبو جعفر العُقَيليّ: قدمتُ مكّة ولأبي سعيد الْجَنَديّ حَلقه بالمسجد الحرام.   1 طبقات الشافعية للعبادي "72"، والفهرست "214"، وتاريخ بغداد "3/ 308". 2 تاريخ جرجان "134"، والعبر "2/ 137". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 171 قلت: ورّخه أبو القاسم بن مَنْدَه. وقال المقرئ: هو من ولد عامر الشَّعْبيّ. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: هو ثقة. وقد روى حروف القراءات عن جماعة. روى عنه: ابن مجاهد، وابن أبي هاشم. وفيات سنة تسع وثلاثمائة: "حرف الألف": 413- أحمد بن الفضل بن سهْل1: أبو عُمَرو البغداديّ القاضي. سمع: إسماعيل بن موسى الفَزَاريّ، وسفيان بن وكِيع. وعنه: ابن المظفّر، وأبو بكر الورّاق. حدَّث فيها. 414- أحمد بن محمد بن خالد بن مُيَسَّر2: أبو بكر الإسكندرانيّ الفقيه. يروى عن: يزيد بن سعيد الإسكندرانيّ، ومحمد بن الموّاز. وإليه انتهت رئاسة المالكيّة بمصر بعد ابن الموّاز. وهو راوي كتابه، وبه تفقّه. وله تصانيف. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 415- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل بن عطاء3:   1 تاريخ بغداد "4/ 446"، "2179". 2 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 568"، وحسن المحاضرة "1/ 449". 3 طبقات الصوفية للسلمي "265-272"، وحلية الأولياء "10/ 302-305"، والرسالة القشيرية "23، 24". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 172 أبو العبّاس الأدميّ الصُّوفيّ الزّاهد. كان موصوفًا بالعبادة والاجتهاد. روى اليسير عن: يوسف بن موسى، وغيره. روى عنه: محمد بن عليّ بن حُبيش، وقال: كان له في كلّ يوم ختمة، وفي رمضان في اليوم واللّيلة ثلاث ختمات. وبقي في ختمة يستنبط منها بضع عشرة سنة، إلّا أنّه لم يفهم بطْلان حال الحلّاج، وأخذ ينتصر لما جرى عليه. قال السُّلَميّ: امْتُحِن بسبب الحلّاج حتّى أحضره حامد بن العبّاس وقال له: ما الذي يقول الحلّاج؟ فقال: ما لك ولذاك. عليك بما نُدِبت له مِن أخذ الأموال، وسفْك الدّماء. فأمر بهِ أنّ تفك أسنانه. فَفُعِلَ بهِ ذلك، فقال: قطع الله يديك ورِجْليك. ثمّ مات بعد أربعة عشر يومًا، ثمّ بعد ذلك قُطعت أربعةُ حامد الوزير. قال السُّلَميّ: سمعتُ أبا عُمَرو بن حمدان يذكر هذا. وكان ابن عطاء ينتمي إلى المارستاني إبراهيم. ويزعم أنّه شيخه. وقيل: إنّه فقد عقله ثمانية عشر عامًا، ثمّ صحّ. وذكر عنه أبو الحُسَين بن خاقان أنّه كان ينام في اللّيل والنّهار ساعتين. تُوُفّي فِي ذي القعدة. 416- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الخالق1: أبو بكر البغداديّ الورّاق. سمع: الوليد بن شجاع، ومحمد بن زُنْبُور، والمَرُّوذيّ. وعنه: ابن لؤلؤ، وابن المظفر. وكان ثقة، صالحًا. 417- أحمد بن محمد بن عُمَر الْجُرْجانيّ التاجر:   1 تاريخ بغداد "5/ 56"، "2422". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 173 عن: بِشْر بن خالد، ومحمد بن زُنْبُور، وَسَلَمَةَ بن شبيب، والحسين بن الحَسَن المَرْوَزِيّ، وجماعة. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو بكر الصّرّام. قال الإسماعيليّ: هو صدوق نبيل. 418- إسحاق بن أحمد بن زيرك: أبو يعقوب الفارسيّ. تُوُفّي في رجب. وسمع: أبا كُرَيْب. 419- إسماعيل بن موسى بن المبارك1: أبو أحمد الحاسب. سمع: بِشْر بن الوليد، وجُبارة بن المغلّس، وعبد الله القواريريّ. وعنه: محمد بن المظفّر، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، وغيرهما. وكان ثقة مشهورًا. تُوُفّي -رحمه اللَّه- فِي ربيع الأوّل. "حرف الجيم": 420- جعْفَر بْن أحمد بن محمد بن الصباح الجرجرائي2: أبو الفضل. حدَّث ببغداد عن: جدّه، وبِشْر بن مُعَاذ، وأبي مُصْعَب. وعنه: محمد بن المظفّر، وأبو حفص الزّيّات، ومحمد بن عُبَيْد الله بن الشخير. وثقه الدارقطني.   1 تاريخ بغداد "6/ 296، 297"، والمنتظم "6/ 160"، "263". 2 المنتظم "6/ 160"، "264"، والأنساب لابن السمعاني "126 ب". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 174 "حرف الحاء": 421- حامد بن محمد بن شعيب بن زهير1: أبو العبّاس البلْخيّ المؤدب. سكن بغداد، وحدَّث عن: سُرَيْج بن يونس، ومحمد بن بكّار، وعُبَيْد الله بن عَمْر. وعنه: محمد بن عُمَر الْجِعابيّ، وعليّ بن لؤلؤ، وأبو بكر الورّاق، وعليّ بن عُمَر الحربيّ، وآخرون. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وكان مولده سنة ستّ عشرة ومائتين. 422- الحَسَن بن عليّ بن نصر2: أبو عليّ الطُّوسيّ الحافظ. سمع: عُمَر بن شبّة، والزُّبَير بن بكّار، وإسحاق الكَوْسَج. وكتب عنه أئمّة بقَزْوين. أرّخه الخليليّ. وقيل: سنة 312. 423- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن يزيد بْن نافع: أبو عليّ المصريّ الفرّاء. روى عن: الحارث بن مسكين، ومحمد بن سَلَمَةَ، ويونس بن عَبْد الأعلى. حدَّث عنه: ابن يونس. 424- الحُسين بن محمد بن الضّحّاك: أبو عبد الله الفارسي. حدث بمصر عن: أبي مصعب.   1 تاريخ بغداد 8/ 169، 170"، "4280"، والعبر "2/ 144". 2 تاريخ جرجان "427، "428". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 175 425- الحسين بن منصور الحلّاج1: أبو مغيث. وقيل: أبو عبد الله. قتلوه على الكفرِ والحلول والانسلاخ من الدين، نسأل الله العفو. وكان قد صحب الجنيد، وعمرو بن عثمان المكي، وغيرهما. وقد أفرد أبو الفرج بن الجوزي أخباره في تصنيف سماه "القاطع لمحال المحاج بحال الحلاج". قتل في هذه السنة ببغداد، لما أفتى الفقهاء والعلماء بكفره. ومن نظر في مجموع أمره علم أنّ الرجل كَانَ كذّابًا مموّهًا مُمَخْرِقًا حُلُوليًّا، لَهُ كلامٌ حلوٌ يستحوذ بهِ عَلَى نفوس جُهّال العَوام، حتى ادّعوا فيه الرُّبُوبيّة. كتبتُ مِن أخباره في الحوادث. وقد اعتذر أبو حامد الغزاليّ عَنْهُ في كتاب "مشكاة الأنوار"، وتأوّلَ أقواله عَلَى محامل حسنة. قَالَ ابن خلكان: أفتى أكثر علماء عصره بإباحة دمه. وذكره أبو سعيد النّقّاش في "تاريخ الصُّوفيّة"، فقال: منهم مَن نَسبُه إلى الزَّنْدقة، ومنهم من نَسَبه إلى السّحْر والشعوذة. وقال أبو زرعة الطبري: قُتِل الحلّاج لستٍّ بقين من ذي القعدة. وقال أبو بَكْر بْن أَبِي سعد أنّ الحسين الحلّاج مموّه مُمَخْرِق. وعن: عَمْرو بْن عثمان المكّيّ قَالَ: سمع الحلّاج قراءتي فقال: يمكنني أنّ أقول مثله. ففارقتهُ وقلت: إنّ قدرت عَلَيْهِ قتلتك. وقال السُّلميّ في "تاريخ الصُّوفيّة" بإسناده عَنِ الخلْديّ. حدَّثني أبو يعقوب الأقطع، وكان الحلّاج قد تزوج بابنته، وعمرو المكي كانا يقولان: الحلاج كافر خبيث.   1 صلة تاريخ الطبري "79-94"، لعريب، والمنتظم "6/ 160-164"، والعبر "2/ 138-144"، والبداية والنهاية "11/ 132-144". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 176 426- حمزة بن إبراهيم بن أيوب1: أبو يعلى الهاشمي العباسي البغدادي. روى عَنْ: أَبِي عُمَر الدُّوريّ، وخلّاد بْن أسْلَم. قال أبو سعيد بن يونس: كتبنا عنه. وتوفي في آخر السنة. "حرف العين": 427- عباد بن علي بن مرزوق2: أبو يحيى الثقاب السيريني البصري. شيخ معمر؛ سكن بغداد، وحدَّث عَنْ: بكّار بْن محمد الّسِيرينيّ، ومحمد بن جعفر المدائنيّ. وأظنه آخر من حدَّث عنهما. روى عَنْهُ: ابن البَخْتَريّ، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وأبو حفص بْن الزّيّات، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ، وأبو الفتح الْأَزْدِيّ وقال: ضعيف. وقال غيره: كَانَ يَقُولُ: إنّه ولد سنة أربعٍ ومائتين. وروى عَنْهُ أيضًا ابن المقرئ. 428- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَمْرو القيراطيّ النَّيْسابوريّ: أبو بَكْر الواعظ. سمع: الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس، وأحمد بْن حرب، وإسحاق الكَوْسَج. وعنه: محمد بن إبراهيم الهاشميّ، ومحمد بن أحمد الواعظ. 429- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن غزوان3: أبو بكر الخزاعي المؤدب المقرئ.   1 تاريخ بغداد "8/ 181"، "4302". 2 تاريخ بغداد "11/ 109"، والميزان "2/ 370". 3 الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "2/ 139"، والميزان "2/ 496". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 177 بغدادي، حدَّث عَنْ: عَبْد الله بْن هاشم الطُّوسيّ، ومحمود بْن خداش، ويوسف بْن موسى. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي سَمُرَة، وابن المظفّر، وعليّ الحربيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: متروك، يضع الحديث. 430- عَبْد اللَّه بْن يزيد الدّقيقيّ1: أبو محمد. سمع: محمد بن المُثَنَّى الزَّمِن، ومحمد بن سهل بْن عساكر، وأحمد بْن منصور زاج. وعنه: عَبْد العزيز الخِرَقيّ، وابن المظفّر، وجماعة. وثّقه الخطيب. 431- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسين بْن خالد2: أبو سعيد النَّيْسابوريّ، القاضي الحنفيّ. سمع: الحسن بن عيسى بن ماسرجس، ومحمد بن رافع، وعليّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد الحميد القاضي، وأحمد بْن هارون الفقيه. وسمع في الرحلة: سعدان بْن نصر، وأبا زرعة الرازي. قال الحاكم: كان إماما أهل الرأي في عصره بلا مُدافعة. قلت: كَانَ بينه وبين ابن خُزَيْمة منافرة بيّنة، فلما مات أظهر السرور وعمل دعوة. 432- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خالد3: أبو محمد المهلبي الأزدي.   1 تاريخ بغداد "10/ 197"، "5340". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 302". 3 تاريخ جرجان "255، 256"، "415". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 178 سمع: محمد بن زُنْبُور المكّيّ، وعيسى بْن محمد السُّلَميّ، وإبراهيم بْن موسى الوزدولي شيخ يروي عن فُضَيْل بْن عِياض وطبقته؛ وإسماعيل بْن إبراهيم الخرميّ الْجُرْجانيّ، ومحمد بن حميد الرّازيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عَديّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، وأحمد بْن أَبِي عمران الْجُرْجانيّ، وأبو الحَسَن القصْريّ، وآخرون. وكان من أعيان المحدّثين بجُرْجان. وجدُّه خالد من بيت حشمة وإمرة؛ وهو ابن يزيد بْن عَبْد اللَّه بْن المهلّب بْن عُيَيْنَة بْن المهلّب بْن أَبِي صُفْرة. أثنى عَلَى عَبْد الرَّحْمَن أبو بَكْر الإسماعيليّ، وغيره. وكان ممّن جمعَ بين العلم والعمل. وقال ابن ماكولا: كَانَ ثقة يعرف الحديث. وقال: مات في سلْخ المحرّم سنة تسعٍ. 433- عَبْد الملك بْن محمود بْن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن القاسم بْن سُميع1: أبو الوليد القّرَشيّ الدمشقي، الفقيه المحدِّث. رحل، وسمع: عليّ بْن حرب، والصَغانيّ، وهلال بْن العلاء، وإسحاق الدَّبَريّ، وعُبَيْد بْن محمد الكشوريّ، ويوسف بْن يزيد القراطيسيّ، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو بَكْر ابنا أَبِي دُجانة، ومحمد بن سليمان الربعيّ، وحمزة الكِنَانيّ، وأبو حاتم بْن حِبّان، وجماعة. تُوُفّي فِي جُمَادَى الْأولى. 434- عُبَيْد اللَّه بْن جعفر بْن أَعَيُن البزّاز2: في رمضان. سمع: بِشْر بْن الوليد، وإسحاق بن أبي إسرائيل.   1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "24/ 466". 2 تاريخ بغداد "10/ 345"، "5483". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 179 وعنه: عَبْد العزيز بْن جعفر، وابن المظفّر، وجماعة. ليّنه الدَّارَقُطْنيّ. 435- عليّ بْن الحَسَن بْن سلْم1: أبو الحَسَن الإصبهانيّ الحافظ. سمع: أحمد بْن الفُرات، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن الأزهر، ويحيى بْن حكيم المقوِّم. وعنه: أبو أحمد العسّال، وابن المقرئ. لَهُ تصانيف. 436- عُمَر بْن إسماعيل بْن أَبِي غَيْلان2. أبو حفص الثَّقَفيّ البغداديّ: سمع: عليّ بْن الْجَعْد، وداود بْن عَمْرو الضّبّيّ، وأبا إبراهيم التَّرْجُمانيّ. وعنه: إِسْحَاق النّعّال، وأبو حفص الزّيّات، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. وثّقه الخطيب. "حرف الفاء": 437- الفضل بْن محمد بن عقيل بْن خُوَيْلد الخُزاعيّ النَّيْسابوريّ: أبو العبّاس فضلان. سمع: أَبَاهُ، والذُّهْليّ، وعليّ بن حرب، وجماعة. وعنه: أبو علي الحافظ، وابن عُقْدة، ومحمد بن المظفّر. "حرف الميم": 438- محمد بن أحمد بْن راشد بْن مَعْدان3:   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 9". 2 تاريخ بغداد "11/ 224"، "5948"، "2/ 144". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 243، 244"، وتذكرة الحفاظ "339"، وطبقات الحفاظ "339". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 180 أبو بَكْر الثَّقْفيّ، مولاهم الإصبهانيّ. محدِّث ابن محدِّث، كثير التّصانيف. كتبَ بالعراق ومصر. وسمع: أبا السّائب سَلْم بنُ جُنادة، ومحمد بن خالد بْن خَداش، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي رومان الإسكندرانيّ، وإبراهيم بْن سعيد الجوهريّ. وعنه: العسال، وأبو الشيخ، ومحمد بن جعفر بن يوسف، ومحمد بن أحمد بْن عَبْد الوهّاب، وابن المقرئ، وغيرهم. تُوُفّي بكرْمان غريبًا. 439- محمد بن إدريس بْن الأسود التُّجَيْبيّ: مولاهم. جار يونس بْن عَبْد الأعلى، يُعرف بِبَقَرة يونس. وحدَّث عَنْهُ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 440- مُحَمَّد بن الحُسَيْن بْن مُكْرمَ1: أبو بَكْر البغداديّ، نزيل البصرة. سمع: بِشْر بْن الوليد، ومحمد بن بكّار، ومنصور بْن أَبِي مزاحم، وعُبَيْد اللَّه القواريريّ، وطبقتهم. وعنه: محمد بن مَخْلَد، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، والبصريُّون، وغيرهم من الرحّالة. قَالَ إبراهيم بْن فهد: ما قدِم علينا من بغداد أعلم بالحديث منه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. وروى عنه: الحسن عليّ القطّان. 441- محمد بن خَلَف بْن المَرْزُبان بن بسام2: أبو بكر المحولي الآجري.   1 المنتظم "6/ 165"، والعبر "2/ 144". 2 الأنساب لابن السمعاني "513 أ"، والميزان "3/ 538". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 181 كَانَ إمامًا إخباريًا مصنّفًا صدوقًا. روى عَنْ: الرماديّ، ومحمد بن أَبِي السَّريّ الأزدي لَا العسقلانيّ، والزُّبَير بْن بكّار، وأبي بَكْر بْن أَبِي الدّنيا، وغيرهم. وعنه: أبو بَكْر بْن الأنباريّ، وأبو الفضل بْن المتوكّل، وجماعة آخرهم أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه. وقع لنا قطعة من تواليف ابن المَرْزُبان. وله كتاب "الحاوي في علوم القرآن"، وكتاب "الحماسة"، وكتاب "المتيمين"، وكتاب "الشعراء"، وغير ذَلِكَ. 442- محمد بن عُبَيْد اللَّه بْن الفضل: أبو الحُسين الكَلاعيّ الحمصيّ. عَنْ: محمد بن مصفَّى، وعَمْرو بْن عثمان، وعُقْبة بْن مُكْرَم. وعنه: ابن عديّ، وأبو حاتم بْن حيّان، وأبو بَكْر المَيَانِجيّ. وكان يُعرف بالرّاهب. 443- محمد بن عليّ بْن حسين النَّيْسابوريّ: أبو عبد الله. سمع: محمد بن رافع، وأبا قُدامة عُبَيْد اللَّه السَّرْخَسيّ، وجماعة. أكثر عَنْهُ أبو عليّ الحافظ. 444- محمد بن محمد بن عُقْبة بْن الوليد1: أبو جعفر الشَّيْبانيّ. شيخ الكوفة. كَانَ السّلطان يختاره، والقضاة. وما قَالَ فهو القول. وكان ثقة كثير النّفع. سمع: الحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، وأبا كريب محمد بن العلاء، وهذه الطبقة.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 257". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 182 روى عَنْهُ: الطَّبَرانيّ، وأبو عَمْرو بْن حمدان، وأبو بَكْر بْن المقرئ، ويوسف المَيَانِجيّ، وجماعة. قَالَ محمد بن أحمد بْن حمّاد الكوفيّ الحافظ: كنتُ في حجره وحضرتُ جنازته. ومكثَ النّاس ينتابون قبره نحو السنة. وخُتِم عنده ختمات كثيرة. ووُلِد سنة 225. 445- محمد بن الوليد بْن محمد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد1: أَبُو عَبْد اللَّه القُرْطُبيّ. سمع، فيما زعم، من: العُتْبيّ المالكيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والمُزَنيّ. وكان فقيهًا فصيحًا، لكنّه كذّاب. اتهموه بالوضع. "حرف الياء": 446- يعقوب بْن سليمان: أبو يوسف الإسْفرائينيّ. سمع: محمد بن رافع، وعبد الجبّار بْن العلاء، ونحوهما. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو سعيد بْن أَبِي بَكْر، وأبو عليّ الحافظ، وأبو محمد الأزهريّ. 447- يوسف بْن مؤذِّن بن عَيْشون2: أبو عَمْرو المعافريّ الوَشْقيّ. سمع: ابن وضّاح. ورحل، فسمع بمصر: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وإبراهيم بْن مرزوق. وبمكّة: محمد بن إسماعيل الصّائغ. وكان من المنفقين في سبيل اللَّه. قِيلَ: إنّه فكّ نحْوًا من مائة أسير. وعاش خمسًا وثمانين سنة.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 32"، "1180"، لابن الفرضي، وبغية الملتمس "134، 135"، للضبي. 2 جذوة المقتبس "369"، "876"، للحميدي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 183 وفيات سنة عشر وثلاثمائة: "حرف الألف": 448- أحمد بْن أحمد بْن زياد: صحب ابن عَبْدُوس، وابن سلّام. وله كتاب "أحكام القرآن" في عشرة أجزاء، وكتاب "مواقيت الصّلاة". وكان لَا يرى التّقليد. وكان بصيرًا باللّغة، واسع العلم، صادَرَهُ السّلطان العُبَيْديّ وضُرِبَ وامتُحِن. وعاش سبعين سنة وأكثر. تُوُفّي بالقيروان. 449- أحمد بن خَلَف بْن المَرْزُبان المحوّليّ1: أبو عبد الله، أخو محمد. لَهُ تصانيف أيضًا، وحدَّث عَنْ: ابن أَبِي الدّنيا، ونحوه. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه. 450- أحمد بْن العبّاس بْن حمزة النَّيْسابوريّ الواعظ: سمع: عليّ بْن الحَسَن الأفطس، والحسن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وجماعة. وعنه: أبو عبد الله بْن دينار، ومحمد بن يزيد، وغيرهما. تُوُفّي في صَفَر. 451- أحمد بْن مُحَمَّد بْن زياد بن أيّوب2: بغداديّ. سمع: جده، ومحمد بن منصور الطوسي.   1 تاريخ بغداد "4/ 135" "1814". 2 تاريخ بغداد "5/ 9، 10"، "2358". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 184 وعنه: ابن المظفّر، وأبو بَكْر الورّاق. 452- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن ميمون الطّائيّ الحمصيّ: أبو جعفر. عَنْ: أَبِي التَّقيّ الحمصيّ، وطائفة. وعنه: أبو سعيد بْن يونس ووثّقه. وقال: تُوُفّي بمصر في رجب. 453- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هلال1: أبو جعفر الْأَزْدِيّ المصري المقرئ. أحد أئمّة القرّاء. قرأ عَلَى: أَبِيهِ؛ وعلى: إسماعيل بْن عَبْد الله النّحّاس. وسمع من: بَكْر بْن سهل. وتصدر للإقراء. تلا عليه: المظفّر بْن أَحْمَد، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الأصبغ، وحمدان بْن عَوْنٍ، وسعيد بْن جَابِر الأندلسيّ، وعتيق بْن ما شاء اللَّه. قَالَ ابن يونس: تُوُفيّ في ذي القعدة. 454- أحمد بْن محمود بْن صبيح بْن سهل2: أبو العبّاس الثّقفيّ المديني. ثقة، صاحب أصول. روى عَنْ: عَبْد الله بْن عُمَر الزُّهْرِيّ، والحجّاج بْن يوسف بْن قتيبة، وأحمد بْن الفرات، وسمع منه كتبه.   1 معرفة القراء الكبار "1/ 272"، وحسن المحاضرة "1/ 488". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 65". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 185 وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف. 455- أحمد بن محمد بن يحيى بن جرير: أبو عليّ الهمْداني المصْريّ. كَانَ ثقة، فَهمًا. روى بالإجازة عَنْ: هشام بْن عمّار. وسمع من: الحارث بْن مسكين. وحَدَّث بمصر. 456- أحمد بْن يحيى بْن زهير1: أبو جعفر التُّسْتَريّ الحافظ الزّاهد. سمع: أبا كُرَيْب، ومحمد بن حرب النَّسائيّ، والحسين بْن أَبِي زيد الدَبّاغ، ومحمد بن عمّار الرّازيّ، وعَمروْ بْن عيسى الضبعي، وخلقًا كثيرًا. وعنه: ابن حبّان، وأبو إِسْحَاق بْن حمزة، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، ويوسف المَيَانِجيّ، وطائفة سواهم من الرّحّالين. وكان حجة حافظًا كبير الشأن. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ جعفر بْن أحمد المُراغيّ يَقُولُ: أنكرَ عَبْدان الأهوازي حديثًا ممّا عرض عَلَيْهِ لابن زهير. فدخل عَلَيْهِ وقال: هذا أصلي، ولكن من أين لك ابن عون، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ سالم؟ فما زال عَبْدان يعتذر إِلَيْهِ ويقول: يا أبا جعفر، إنما استغربت حديثك. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ: ما رأيت في الدّنيا أحفظ من أبي إسحاق بن حمزة، وسمعته يقول: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أبي جعفر التُّسْتَريّ. وقال التُّسْتَريّ: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أَبي زُرْعة الرّازيّ. وقال أبو زُرْعة: ما رأيت في الدّنيا أحفظَ من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. وقال ابن المقرئ: ثنا أبو جعفر تاج المحدّثين، فذكَرَ حديثًا.   1 دول الإسلام "1/ 187"، والعبر "2/ 145"، والنجوم الزاهرة "3/ 205". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 186 457- إبراهيم بْن جَابِر1: أبو إِسْحَاق البغداديّ الفقيه. لَهُ تصنيف مفيد في اختلاف الفقهاء. وكان إمامًا ثقة. حدث عن: الحَسَن بْن أَبِي الربيع، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الفضل عُبَيْد اللَّه الزُّهْرِيّ. عاش خمسًا وسبعين سنة. ولم يذكر الخطيب ما كَانَ مذهبه، فهو مجتهد رحمه الله تعالى. 458- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن محمد بن جميل2: أبو يعقوب الإصبهانيّ. حدَّث عَنْ: أحمد بْن منيع بمسنده. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن المقرئ، وعُبَيْد اللَّه بْن يعقوب بْن إِسْحَاق حفيده، وقال: فيما رواه عَنْهُ ابن مردويه: عاش جدي مائة وسبْع عشرة سنة. وتُوُفّي رحمة اللَّه تعالى في سنة ثلاث عشرة. وقال أبو نعيم: توفي سنة عشر. "حرف الحاء": 459- الحَسَن بْن الحسين بْن عليّ3: أبو عليّ الصوّاف المقرئ. بغداديّ. قرأ القرآن عَلَى: ابن حمدون الطّيّب بْن إسماعيل صاحب يحيى بْن آدم، وعليّ بْن محمد بن غالب صاحب شجاع، وعليّ الدوري، وغيرهم.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 91"، وتاريخ بغداد "6/ 53"، "3079". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 218"، والعبر "2/ 145"، والنجوم الزاهرة "3/ 206". 3 تاريخ بغداد "7/ 297"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 241"، وغاية النهاية "1/ 210". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 187 وأقرأ الناس، فقرأ عليه: بكار بن أحمد، وأبو طاهر بن أبي هاشم. وسمع: أبا سعيد الأشج، وأحمد بن منصور زاج. وروى عنه: أحمد بن جعفر الشعيري، وأبو الفضل الزهوي، ومحمد بن المظفر. وكان ثقة فاضلا محققا عالما عالي السند في القرآن. وممن قرأ عَلَيْهِ: أبو العبّاس المطَّوِّعيّ، وعليّ بْن الحسين الغضائريّ شيخ الأهوازيّ. 460- الحسين بْن عليّ بْن عَبْد الواحد المصريّ: سمع من يونس بْن عَبْد الأعلى يسيرًا. "حرف الخاء": 461- خَالِد بْن محمد بْن خَالِد بْن كُولَخش1: أبو محمد الصّفّار الخُتّليّ. عَنْ: بِشْر بْن الوليد، ويحيى بْن مَعين. وأبي إبراهيم التَّرْجُمانيّ. وعنه: عليّ بْن لؤلؤ، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: صالح. وروى عَنْهُ المفيد محمد بن أحمد الْجَرْجَرائيّ الضّعيف الواهي أنّه سمع تفسير حديث من أَبِي عُبَيْد القاسم بْن سلّام. "حرف الدال": 462- دَاوُد بْن إبراهيم بْن دَاوُد بْن يزيد بْن رُوزبة2: أبو شيبة البغداديّ. سمع: محمد بن بكّار، وعبد الأعلى بْن حمّاد، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ.   1 تاريخ بغداد "8/ 317، 318"، "4413". 2 العبر "2/ 145"، والنجوم الزاهرة "3/ 206". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 188 وعنه: ابن عدي، وأبو بكر بن المقرئ، والفضل بْن جعفر المؤذّن، وأبو بَكْر أحمد بْن محمد المهندس. وقال الدَّارَقُطْنيّ: صالح. قلت: سكن مصر وكان من أسند الشيوخ بها. "حرف السين": 463- سالم بْن عَبْد الله بْن أبا الأندلسي1: يروي عن: العتبي، وابن مزيد المالكيّيْن، وكان مجتهدا عالما. "حرف العين": 464- عافية بن محمد بن عثمان: أبو القاسم الأندلسي. إمام جامع مصر. سمع: ابن رمح، وأبا الطاهر بن السرح، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وابن يونس، وجماعة. مات في رمضان. 465- العباس بن الفضل بن شاذان الرازي2: المقرئ المفسر. قرأ القرآن على أبيه عَنِ الحَلْوانيّ. وسمع: محمد بن حُمَيْد الرّازيّ، ومحمد بن عليّ بْن شقيق، وأحمد بْن أَبِي شُرَيْح الرّازيّ. ومَرَّ بقزوين غازيًا فحدَّث بها سنة عشر. وكان عنده رواية الكِسائيّ، عَنْ أحمد بن أبي شريح.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 193"، "581"، لابن الفرضي. 2 معرفة القراء الكبار "1/ 236"، "135". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 189 أخذ عنه: النقاش، ومحمد بن أحمد الداحولي، وابن مجاهد، وأبو عليّ بْن حبش. قَالَ الخليليّ: أدركت بقزوين من أصحابه ثمانية أَنْفُس. وممّن روى عَنْهُ: أبو عَمْرو بْن حمدان. وقد ذكره الخليليّ في شيوخ أَبِي الحَسَن القطّان، وقال: مات رحمه اللَّه تعالى بالرِّيّ سنة إحدى عشرة. 466- عَبْد الله بْن أحمد بْن أَسِيد1: أبو محمد الإصبهانيّ. سمع: نصر بْن عليّ، وسَلْم بْن جُنَادَةَ، وعبد الرَّحْمَن رُسْتة. وحدَّث بإصبهان، وبغداد. روى عَنْهُ: عثمان بْن السّمّاك، والطَّسْتيّ، وأبو الشّيخ، وأحمد بْن بُنْدار الشّعّار، ومحمد بن أحمد بْن الحَسَن الهَيْسانيّ، وأبو بَكْر الطّلْحيّ، وغيرهم. وصنّف "المُسْنَد"، وروى عَنِ العراقيّين والحجازيّين. 467- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أَسِيد بْن عاصم2: أبو محمد الثَّقْفيّ الإصبهانيّ. مقبول، كثير الحديث. سمع: النَّضْر بْن هشام، ومحمد بن ثَوَاب، وجعفر بْن عَنْبَسَةَ، وبحر بْن نصر الخَوْلانيّ، وإبراهيم بْن عامر، ومحمد بن عصام، وخلْق. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد العسّال، وزيد بْن عليّ بْن أَبِي بلال الكوفيّ، وابن المظفّر، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ، وغيرهم. سُمِعَ مِنهُ لمّا حجّ. 468- عَبْد الله بْن محمد بن أبي الوليد القرطبي3، أبو محمد الأعرج:   1 تاريخ بغداد "9/ 380"، "4598". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 227"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 70". 3 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 221"، "665"، وبغية الملتمس "330" للضبي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 190 سمع: العُتْبيّ؛ ورحل فسمع من: يونس بْن عَبْد الأعلى، وابن عَبْد الحَكَم. وبالقيروان من: محمد بن سَحْنُون؛ وبأطْرابُلُس من: أحمد بْن عَبْد الله العِجْليّ. وكان خاشعًا، بكّاءً ثقة، عالمًا. روى عَنْهُ: خَالِد بْن سعْد، وأحمد بْن سَعِيد بْن حزم، ومحمد بن عُمَر بْن عَبْد العزيز، وسليمان بْن أيّوب. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 469- عَبْد الله بْن أحمد بْن مَسْلمة الفَزَاريّ: عَنْ: عَبّاد الغُبْريّ. وعنه: موسى بْن عيسى السّرّاج، ومحمد بن المظفّر. وكان ثقة. 470- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن هلال1: أبو محمد الْقُرَشِيّ السّاميّ، أبو صخرة الكاتب البغداديّ. مُسْنِد، سمع: عليّ بْن المَدِينيّ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه الهَرَوِيّ، ولُوَيْنًا ويحيى بْن أكثم. وعنه: أبو بَكْر الورّاق، وابن المظفّر، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. وكتب عَنْهُ ابن صاعد مَعَ تقدُّمِهِ. وكان ثقة. تُوُفّي في شوّال. 471- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص الهَمْدانيّ: جدّ أَبِي بكر بن أبي علي المعدل الأصبهاني.   1 المنتظم "6/ 169"، وتاريخ بغداد "5408". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 191 سمع: عليّ بْن جَبلة. وحدَّثَ. تُوُفّي قبل الكهولة. 472- عليّ بْن أحمد بْن بِسْطام1: أبو الحَسَن الزَّعْفرانيّ. عَنْ: عمّه إبراهيم بْن بِسْطام، وعبد اللَّه بْن معاوية الْجُمَحِيّ، وخلْق. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن حِبّان. 473- عليّ بْن العبّاس بْن الوليد الكوفيّ البَجَليّ المَقَانِعيّ2. أبو الحَسَن: سمع: هشام بْن يونس، وأبا كُرَيْب، وعَبّاد بْن يعقوب. وعنه: ابن المقرئ، ومحمد بن أحمد بْن حمّاد الحافظ، والإسماعيليّ، وأبو الطَّيِّب محمد بن الحسين التّيْمُلّيّ، وأبو بَكْر النّقّاش. 474- عيسى بْن سليمان بْن عَبْد الملك الْقُرَشِيّ3: ورّاق دَاوُد بْن رُشَيْد. سمع: دَاوُد، وأحمد بْن إبراهيم المَوْصِليّ، وأحمد بْن مَنِيع. وعنه: أبو القاسم بْن النّحّاس، ومحمد بن المظفّر، ومحمد بن الشِّخِّير، وعليّ الحربيّ. وكان ثقة. تُوُفّي في شَعْبان. "حرف الفاء": 475- فضل بْن سَلَمَةَ بْن جرير الْجُهَنيّ4. أبو سَلَمَةَ البجّانيّ الأندلسيّ.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 206، 207". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 398". 3 المنتظم "6/ 169"، وتاريخ بغداد "11/ 174". 4 جذوة المقتبس "327"، "757"، للحميدي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 192 سمع بالقيروان في رحلته من يوسف المَغَامِيّ. وتفقّه عَلَيْهِ وعلى جماعة مِن أصحاب سَحْنُون. وكان من كبار الفُقَهاء المالكيّة. رُحل إِلَيْهِ للتفقّه عنده. أخذ عَنْهُ: أحمد بْن سَعِيد بْن حزم، وغير واحد آخرهم محمد بن أحمد الإِلْبيريّ. "حرف الميم": 476- محمد بن إبراهيم بْن البّطال اليَمَانيّ: نزيل المصّيصة. حدَّثَ في هذه السنة، عَنْ: محمد بن حُمَيْد الرّازيّ، ومحمد بن قُدَامة، ومحمد بن آدم المصِّيصيّ، وإِسْحَاق بْن وهْب العلّاف. وعنه: أبو بَكْر المفيد، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ، وحمزة الكِنَانيّ، وحبيب القزّاز. وهو من أهل صَعْدَة. 477- محمد بن إبراهيم بْن آدم1: أبو جعفر الصِّلْحيّ. سكن بغداد، وحدَّثَ عَنْ: بِشْر بْن هلال الصّوَّاف، ومحمد بن الصّبّاح الْجَرْجَرائيّ. وعنه: عُمَر بْن جعفر الْبَصْرِيّ، وعثمان بْن أحمد الرّازيّ، ومحمد بن المظفّر، وآخرون. وكان ثقة يُعرف بابن أَبِي الرجال. 478- محمد بن أحمد بْن حماد بن سعيد بن مسلم2:   1 تاريخ بغداد "1/ 403، 404"، "383". 2 تاريخ جرجان "379، 438"، والمنتظم "6/ 169". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 193 أبو بِشْر الْأَنْصَارِيّ الدُّولابيّ الحافظ الورَّاق. من أهل الرِّيّ. سمع: أحمد بْن أَبِي سُرَيْج الرّازيّ، ومحمد بن منصور الجوّاز، وموسى بْن عامر المُرِّيّ، وبُندارًا، وزياد بْن أيّوب، وهارون بْن سَعِيد الأَيْليّ، وخلْقًا كثيرًا ببلده، وبالكوفة، والبصرة، وبغداد، ودمشق، والحَرَمين. وصنَّف التّصانيف. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وعَبْد اللَّه بن عدي، والطبراني، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن حَيَّوَيْه النَّيْسابوريّ الْمَصْرِيّ، وأبو بَكْر بْن المهندس، وابن المقرئ. ومولده سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: تكلّموا فيه، وما يتبيّن من أمره إلّا خير. وقال ابن عديّ: ابن حمّاد مُتَّهم فيما يقوله في نُعَيْم بْن حمّاد لصلابته في أهل الرّيّ. قلتُ: رمَى نُعَيْم بْن حمّاد بالكِذب. وقال ابن يونس: كَانَ من أهل الصَّنْعة، وكان يُضَعَّف. تُوُفّي رحمه اللَّه تعالى بين مكّة والمدينة بالعَرج في ذي القعدة من السنة. قلت: وأما: 479- محمد بن أحمد بْن حمّاد الكوفي الحافظ، فمن طبقة أصحاب الدُّولابيّ: 480- محمد بن أحمد بْن عُبَيْد بن فيّاض1: أبو سعيد العثماني الزاهد. دمشق مُسْنِد. سمع: صَفْوان بْن صالح، وهشام بن عمّار، وعيسى بْن زُغْبة، وخلقًا سواهم. وعنه: ابن عديّ، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ، وجُمَح بْن القاسم، وابن السُّنّي، وحمزة الكِنَانيّ، وابن المقرئ.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 264". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 194 قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال غيره: تُوُفِيّ فِي ربيع الآخر. 481- محمد بن أَحْمَد بْن أَبِي عَون1: أبو جعفر النَسَويّ. سمع: عليّ بْن حُجْر، ويعقوب بْن حُمَيْد بْن كاسب. وعنه: الإسماعيليّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو أحمد الغِطْريفيّ. وقيل: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة. 482- محمد بن أحمد بْن هلال2: أبو بَكْر الشَّطَويّ. سمع: أبا كُرَيْب، وأحمد بْن مَنِيع، وأبا هشام الرّفاعيّ. وعنه: عَبْد العزيز الخِرَقيّ، وابن المظفّر، والحربيّ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 483- محمد بن أحمد بْن سهل3: أبو عبد الله البركاني، القاضي المالكيّ. حدث عن: بندار، وحوثرة المنقري، ومحمد بن المثنّى، ونصر بْن عليّ، وجماعة. وعنه: أحمد بْن كامل القاضي، والطَّبَرانيّ، ويوسف المَيَانِجيّ، والرَّبعيّ، وحمزة الكِنَانيّ، ومحمد بن عديّ المِنْقَريّ. وولي قضاء دمشق سنة ستٍّ وثلاثمائة بعد عُمَر بْن الْجُنَيْد، ثم عُزل في أوّل السنة سنة عشر، فرجع إلى البصرة، وتوفي بها في سلخ هذه السنة.   1 تاريخ جرجان "450"، للسهمي، والعبر "2/ 157". 2 تاريخ بغداد "1/ 371"، "322"، والمنتظم "9/ 169". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 106". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 195 484- محمد بن أحمد1: أبو عبد الله القرطبي. سمع: بقي من مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح. وكان إمامًا في مذهب مالك؛ قد صنَّفَ "مختصر المدوَّنة". 485- محمد بن بُنان بْن معن2: أبو إِسْحَاق الخلّال. بغدادي؛ تُوُفّي في شَعْبان. سمع: محمد بن معاوية بْن مالج، ومحمد بن المُثَنَّى، وهارون بْن إِسْحَاق، ومُهنَّا بْن يحيى الشّاميّ. وعنه: عُمَر بْن أحمد الوكيل، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وعليّ الحربيّ. ولم يكن بهِ بأس. 486- محمد بن جرير بْن يزيد بْن كثير بْن غالب3: أبو جعفر الطَّبَرِيّ. الْإِمَام صاحب التّصانيف. مِن اهلِ آمُل طَبَرِسْتان. طوَّفَ الأقاليم، وسمع: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، وإسماعيل بْن موسى الفَزَاريّ، وأبا كُرَيْب، وهنّاد بْن السَّرِيّ، والوليد بْن شجاع، وأحمد بْن مَنِيع، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وخلقًا سواهم. وقرأ القرآن عَلَى: سليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الطّلْحيّ صاحب خلّاد. وسمع الحروف من: يونس بْن عَبْد الأعلى، وأبي كُرَيْب، وجماعة. وصنَّف كتابًا حسنًا في القراءات، فأخذَ عَنْهُ: ابن مجاهد، ومحمد بن أحمد الداجوائي، وعبد الواحد بن أبي هاشم.   1 اللباب لابن الأثير "1/ 257"، وجذوة المقتبس "39"، للحميدي. 2 تاريخ بغداد "500"، والمنتظم "283". 3 طبقات الفقهاء "93" للشيرازي، والأذكياء لابن الجوزي "84"، والميزان "3/ 498 وما بعدها"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 264"، والعبر "2/ 146". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 196 وروى عَنْهُ: أبو شعيب الحرّانيّ وهو أكبر منه سنًّا وسندًا؛ ومخلد الباقرحي، والطَّبَرانيّ، وعبد الغفار الحُضَيْنيّ، وأبو عَمْرو بْن حمدان، وأحمد بْن كامل، وطائفة سواهم. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كَانَ ابن جرير أحد الأئمّة، يُحْكَمُ بقوله ويُرْجَعُ إلى رأيه لمعرفته وفضله. جمع مِن العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصرهِ، فكان حافظًا لكتاب اللَّه؛ بصيرًا بالمعاني، فقيهًا في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عارفًا بأقوال الصّحابة والتّابعين، بصيرًا بأيّام النّاس وأخبارهم، لَهُ الكتاب المشهور في "تاريخ الأمم"، وكتاب "التّفسير" الّذي لم يصنف مثله، وكتاب "تهذيب الآثار"، لم أرَ مثله في معناه، ولكن لم يتمه. وله في الأصول والفروع كتب كثيرة، واختيار من أقاويل الفُقَهاء. وتفرد بمسائل حُفِظَتْ عَنْهُ. وقال غيره: مولده بآمل سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. قَالَ أبو أحمد الفرغانيّ: كتب إليَّ المراغيّ يذكر أنّ المكتفي قَالَ للحسن بْن العبّاس: إنّي أريد أنّ أوقفُ وقفًا يجتمع أقاويل العلماء عَلَى صحّته، ويَسْلَم مِن الخِلاف. قَالَ: فأحْضِر ابن جرير، فَأَمْلى عليهم كتابًا بذلك. فَأُخْرِجَتْ لَهُ جائزة سنية، فأبى أن يقبلها، فقيل له: لا بد من جائزةٍ أو قضاء حاجة. فقال: نعم. الحاجةُ أسأل أمير المؤمنين أنّ يتقدَّم إلى الشُّرَط أنّ يمنعوا السؤال من دخول المقصورة يوم الجمعة. فتقدَّم بذلك وعظُمَ في نفوسهم. قَالَ أبو محمد الفرغاني صاحب ابن جرير: وأرسل إِلَيْهِ العبّاس بْن الحَسَن الوزير: قد أحببت أن أنظر في الفقه. وساله أنّ يعمل لَهُ مختصرًا. فعمل لَهُ كتاب "الخفيف" وأنفذه إليه. فوجّه إِلَيْهِ بألف دينار فلم يقبلها، فقيل لَهُ: تصَّدقْ بها. فلم يفعل. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 197 وقال الخطيب: سَمِعْتُ عليّ بْن عُبَيْد اللَّه اللُّغَويّ يَقُولُ: مَكَثَ ابن جرير أربعين سنة يكتب كلّ يومٍ أربعين ورقة. وأمّا أبو محمد الفرغاني فقال في "صلة التاريخ" لَهُ: إنّ قومًا من تلامذة أَبِي جعفر الطَّبَريّ حَسبوا لأبي جعفر منذ بلغ الحُلم، إلى أنّ مات، ثمّ قسَّموا عَلَى تِلْكَ المدّة أوراق مصنفاته، فصار لكلّ يوم أربع عشرة ورقة1. وقال الشَّيْخ أبو حامد الإسفرائينيّ شيخ الشافعية: لو سافر رجل إلى الصَّين حتّى يحصّل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيرًا2. وقال حُسَيْنك بْن عليّ النَّيْسابوريّ: أوّل ما سألني ابن خزيمة قَالَ: كتبت عَنْ محمد بن جرير؟ قلت: لَا. قَالَ: ولِمَ؟ قلت: لأنّه كَانَ لَا يظهر. وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه. فقال: بئس ما فعلت، ليتك لم تكتب عَنْ كلّ مَن كتبتَ عَنْهُمْ، وسمعتُ منه3. وقال أبو بَكْر بْن بالوَيْه: سَمِعْتُ إمام الأئمّة ابن خُزَيْمة يَقُولُ: ما أعلم عَلَى أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير. ولقد ظلمتْه الحنابلة. وقال أبو محمد الفرغانيّ: كَانَ محمد بن جرير ممّن لَا تأخذه في اللَّه لَوْمَةُ لائم، مَعَ عظيم ما يلْحقه من الأذى والشّناعات من جاهلٍ وحاسدٍ وملحِد. فأمّا أهلُ الدّين والعِلم فغير منكرين عِلمه وزُهده في الدّنيا ورفضه لها، وقناعته بما كَانَ يرِد عَلَيْهِ من حصّةٍ خلّفها لَهُ أَبُوهُ بطَبَرِسْتان يسيرة. وذكر عُبَيْد اللَّه بْن أحمد السمسار وغيره أنّ أبا جعفر بْن جرير قَالَ لأصحابه: هَلْ تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا؟ قَالُوا: كم قدرُه؟ فذكرَ نحو ثلاثين ألف ورقة. قَالُوا: هذا ممّا تَفْنَى الأعمار قبل تمامِهِ. فقال: إنا لله، ماتت الهِمَم. فأملاه في نحو ثلاثة آلاف ورقة4.   1 معجم الأدباء "18/ 44". 2 تاريخ بغداد "2/ 163". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر: المنتظم "6/ 171". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 198 ولما أراد أنّ يملي التفسير قَالَ لهم كذلك، ثم أملاه بنحوٍ من التاريخ. قَالَ الفَرَغانيّ: وحدَّثني هارون بْن عَبْد العزيز قَالَ: قَالَ لي أبو جعفر الطَّبَريّ: أظهرتُ مذهب الشّافعيّ واقتديت بهِ ببغداد عشر سنين، وتلقّاه مني ابن بشار الأحوال شيخ ابن سُرَيْج. قَالَ الفَرَغانيّ: فلما اتَّسَعَ عِلْمه أدّاه بحثه واجتهاده إلى ما اختاره في كُتُبه. وكتبَ إليَّ المراغيّ أنّ الخاقانيّ لما تقلّد الوزارة وجّه إلى المُرّيّ بمالٍ كثير، فأبى أنّ يقبله، فعرض عَلَيْهِ القضاء فامتنع، فعاتبه أصحابه وقالوا: لك في هذا ثواب، وتحيى سنة قد دَرَسَتْ. وطمعوا في أنّ يقبل ولاية المظالم، فانتهرهم وقال: قد كنتُ أظنّ أنّي لو رغبت في ذَلِكَ لنهيتموني عَنْهُ. وقال محمد بن عليّ بْن سهل الْإِمَام: سَمِعْتُ محمد بن جرير وهو يكلّم ابن صالح الأعلم، فقال: من قَالَ: إنّ أبا بَكْر وعمر ليسا بإماميْ هديً، إيش هُوَ؟ قَالَ ابن صالح: مبتدع! فقال ابن جرير: مبتدع مبتدع، هذا يقتل. قَالَ أبو محمد الفَرَغانيّ: تَمَّ من كتبه كتاب "التفسير"، وتم كتاب "القراءات"، و "العدد"، و"التنزيل"؛ وتَمَّ لَهُ كتاب "اختلاف العلماء"، وتَمَّ كتاب "التاريخ" إلى عصره، وتَمَّ كتاب "تاريخ الرجال من الصّحابة والتّابعين" إلى شيوخه؛ وتَمَّ كتاب "لطيف القول في أدكار شرائع الإسلام"، وهو مذهبه الّذي اختاره وجوّده واحتجّ لَهُ، وهو ثلاثة وثمانون كتابًا. وتَمَّ كتاب "الخفيف" وهو مختصر، وتَمَّ كتاب "التبصير في أصول الدّين"، وابتدأ بتصنيف كتاب "تهذيب الآثار"، وهو من عجائبه، كتبه ابتداءً بما رواه أبو بَكْر الصّدِّيق ممّا صحّ عنده بسنده، وتكلم عَلَى كلّ حديث منه بعلله وطرقه وما فيه من الفقه والسنن واختلاف العلماء وحججهم، وما فيه من المعاني والغريب، فتم منه "مُسْنِد العشرة وأهل البيت والموالي"، ومن "مُسْنِد ابن عَبَّاس" قطعة كبيرة، فمات قبل تمامه. وابتدأ بكتاب "البسيط" فخرج منه كتاب الطّهارة في نحو ألف وخمسمائة ورقة، وخرَّج منه أكثر كتاب الصّلاة، وخرّجَ منه آداب الحكام، وكتاب المحاضر والسِّجِلّات، وغير ذلك1.   1 معجم الأدباء "18/ 44، 45"، وسير أعلام النبلاء "11/ 295". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 199 ولمّا بلغه أن أبا بَكْر بْن أَبِي دَاوُد تكلّم في حديث غدير خُمّ. حمل كتاب الفضائل فبدأ بفضل الخلفاء الراشدين، وتكلّم عَلَى تصحيح حديث غدير خمّ، واحتجّ لتصحيحه1. حكى التّنُوخيّ، عَنْ عثمان بْن محمد السُّلَميّ: حدثني ابن منجو القائد قَالَ: حدَّثني غلامٌ لابن المزوّق قَالَ: اشترى مولاي لي جاريةً وزوجنيها، فأحببتها وأبغضتني، وكانت تنافرني دائما إلى أن أضجرتني، فقلت لها: انتِ طالقٌ ثلاثًا، لَا خاطبتني بشيء إلّا قلتُ لكِ مثله، فكم أحتملك. فقالت في الحال: انتَ طالقٌ ثلاثًا. قَالَ: فأُبْلِسْتُ وحِرْتُ. فَدُلِلْتُ عَلَى محمد بن جرير فقال: أقِمْ معها بعد أنّ تَقُولُ لها: أنت طالقٌ ثلاثًا إنّ طلقتك. قَالَ ابن عقيل: وله جوابٌ آخر أنّ يَقُول كقولها: أنتَ طالقٌ ثلاثًا، بفتح التّاء، فلا يحنث. وقال ابن الجوزيّ: وأيضًا فما كَانَ يلزمه أنّ يَقُولُ لها ذَلِكَ عَلَى الفور، فكان لَهُ أنّ يتمادى إلى قبل الموت2. قلتُ: ولو قَالَ لها: أنتِ طالقٌ ثلاثًا، وعني بالاستفهام، لم تطلق. ولو قَالَ: طالقٌ ثلاثًا، ونوى بهِ الطلق لَا الطّلاق لم تطلق أيضًا في الباطن. وجوابٌ آخر عَلَى قاعدة من يراعي سبب اليمين ونية الحالف أنّه لَيْسَ عَلَيْهِ أنّ يَقُولُ لها كقولها، فإنّ نيّته كانت إذا آذته بكلام أنّ يَقُولُ لها ما يؤذيها، وهذه ما كانت تتأذى بالطلاق؛ لأنها ناشزة مضاجرة؛ ولأنّ الحالف عنده هذه الكلمة مستثناه بقرينة الحال من عموم إطلاقه، كقوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] ، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 25] فخرج من العموم أشياء بالضرورة، وهذا فصيح في كلام العرب سائغ؛ لأنّ الحالف لم يرده، ولا قصد إدخاله في العموم أصلًا، كما لم يقصد إدخال كلمة الكفر لو كفرت فقالت لَهُ: أنت ولد اللَّه تعالى اللَّه، أو سبّت الأنبياء3.   1 وفي السير "11/ 295"، "واحتج لتصحيحه ولم يتم الكتاب". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 298". 3 وفي السير "11/ 299"، قال: ". . . أو سبت الأنبياء فلم يجاوبها بمثل ذلك لأحسن. . . ". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 200 فما كَانَ يحنث بسكوته عَنْ مثل قولها. وجوابٌ آخر عَلَى مذهب الظاهرية كداود، وابن حزم، ومذهب سائر الشيعة إن من حلف على شيء بالطلاق لَا يلزمه طلاق ولا كفارة عَلَيْهِ في حلفه، وهو قول لطاوس. وذهب شيخنا ابن تيمية، وهو من أهل الاجتهاد لاجتماع الشرائط فيه أنّ الحالف عَلَى شيء بالطلاق لم تطلق منه امرأته بهذه اليمين، سواء حنث أو بر. ولكن إذا حنث في يمينه بالطلاق قَالَ: يكفر كفارة يمين. وقال: إنّ كَانَ قصد الحالف حضًا أو منعًا ولم يرد الطلاق فهي يمين. وإنّ قصد بقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، شرطًا وجزاءًا فإنّها تطلق ولا بد. كما إذا قَالَ لها: إنّ أبريتني من الصداق فأنت طالق، وإن زنيت فأنت طالق. وإذا فرغ الشهر فأنت طالق؛ فإنها تطلق منه بالإبراء، والزنا، وفراغ الشهر، ونحو ذَلِكَ. لكن ما علمنا أحدًا سبقه إلى هذا التقسيم ولا إلى القول بالكفارة؛ مَعَ أنّ ابن حزم نقل في كتاب "الإجماع" لَهُ خلافًا في الحالف بالعتاق والطّلاق، هَلْ يكفر كفارة يمين أم لَا؟ ولكنه لم يسم من قَالَ بالكفارة. واللَّه أعلم. والذي عرفناه من مذهب غير واحد من السلف القول بالكفارة في الحلف بالعتق وبالحج، وبصدقة ما يملك. ولم يأتنا نص عَنْ أحدٍ من البشر بكفارة من الحلف بالطلاق. وقد أفتى بالكفارة شيخنا ابن تيمية مدّة أشهر، ثمّ حرَّم الفتوى بها عَلَى نفسه من أجل تكلم الفُقَهاء في عرضه. ثم منع من الفتوى بها مطلقًا. انتهى. وقال الفَرَغانيّ: رحل ابن جرير لمّا ترعرع من آمُل، وسمع لَهُ أَبُوهُ في السفر. وكان طول حياته ينفذ إِلَيْهِ بالشيء بعد الشيء إلى البلدان، فسمعته يقول: أبطأ عني نفقة والدي، واضطررت إلى أنّ فتقت كمي القميص فبعتهما. وقال ابن كامل: تُوُفّي عشية الأحد ليومين بقيا من شوّال سنة عشر، ودفن في داره برحبة يعقوب، ولم يغير شيبه. وكان السّواد في رأسه ولحيته كثيرًا. وكان أسمر إلى الأدَمَة، أعين، نحيف الجسم، مديد القامة، فصيحًا. واجتمع عَلَيْهِ مَن لَا يحصيهم إلّا اللَّه، وصُلّي عَلَى قبره عدّة شهور ليلًا ونهارًا. ورثاه خلق كثير من أهل الدّين والأدب؛ من ذَلِكَ قول ابن سَعِيد ابن الأعرابي: الجزء: 23 ¦ الصفحة: 201 حدَّثَ مُفظعٌ وخَطْبٌ جليل ... دقَّ عَنْ مِثْلِهِ اصْطِبَارُ الصَّبورِ قامَ ناعِي العلومِ أجمع لمّا ... قامَ ناعِي محمد بْن جريرِ1 وقد رثاه ابن دريد بقصيدة بديعة طويلة، يَقُولُ فيها: إنّ المِنيَّة لم تُتْلفْ بهِ رَجُلًا ... بَلْ أَتْلَفَتْ عَلَمًا للدَّين مَنْصُوبًا كَانَ الزَّمانُ بهِ تصفو مَشَاربُهُ ... والآنَ أصبحَ بالتَّكْدِيرِ مَقْطُوبًا كلَّا وأيَّامُهُ الغُرُّ الّتي جُعِلَتْ ... لِلْعِلْم نورًا ولِلتّقْوَى مَحَارِيبا2 487- محمد بن الحَسَن بْن قُتَيْبة بْن زيادة اللخميّ العسقلاني3: أبو العبّاس. محدث كبير. حدَّثَ في أواخر سنة تسعٍ. وأظنه تُوُفّي في سنة عشر. سمع: إبراهيم بْن هشام بْن يحيى الغسّانيّ، وصَفْوان بْن صالح، وهشام بن عمّار، ويزيد بْن عَبْد اللَّه الرمليّ، ومحمد بن رُمْح، وعيسى بْن حمّاد، ومحمد بن يحيى الرماني، وحَرْمَلَة، وطائفة سواهم. روى عَنْهُ: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وابن عديّ، وأبو هاشم المؤدب، ويوسف المَيَانِجيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. وكان ثقة مشهورًا. أكثر عَنْهُ ابن المقرئ والرحّالون لحفظه وثقته. 488- محمد بن حمدان بْن مهران: أبو بَكْر النَّيْسابوريّ. سمع: أبا عمر بْن حريث، ومحمد بن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج. وعنه: أحمد بْن هارون الفقيه، وجماعة. تُوُفّي في شعبان.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 301"، وتاريخ بغداد "2/ 166"، وفيه زيادة في الشواهد. 2 الأبيات من قصيدة طويلة في سير أعلام النبلاء "11/ 300"، وتاريخ بغداد "2/ 167-169". 3 حلية الأولياء "3/ 168"، وتذكرة الحفاظ "2/ 764، 765"، والعبر "2/ 147". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 202 489- محمد بن حنيف بْن جعفر1: أبو عبد الله الْبُخَارِيّ الخيّاط. سمع: بجير بْن النَّضْر، ويحيى بْن جعفر البيكنديّ، وأسباط بْن اليسع. وعنه: أبو نصر أحمد بْن أحمد الْبُخَارِيّ، وأبو نصر أحمد بْن أَبِي حامد الباهليّ. ذكره ابن ماكولا. ويقال لَهُ: اليسارغيّ، نسبة إلى يسارغ بْن يهوذا بْن يعقوب عَلَيْهِ السلام. 490- محمد بن العبّاس بْن محمد بن يحيى بْن المبارك اليزيديّ البغداديّ2: من بيت علم ولغة. حدث عن: أَبِي الفضل الرياشيّ، وثعلب. وكان صدوقًا، راوية للأخبار. روى عَنْهُ: الصولي، وأبو الطاهر بْن أَبِي هاشم، وعمر بن محمد بن سيف. له تصانيف. مات فِي شوّال. 491- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشير: أبو بَكْر الهاشميّ. مولاهم الحذاء المصري. حدث عَنْ: دحيم، والشّاميّين. قَالَ ابن يونس في تاريخه: لم يكن بالثقة. مات في سابع المحرَّم. 492- محمد بن عُمَر بْن يوسف بْن عامر3: أبو عبد الله الأندلسي.   1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 559". 2 الفهرست لابن النديم "51"، وغاية النهاية "2/ 158"، وبغية الوعاة "1/ 124". 3 جذوة المقتبس "75"، "709"، وبغية الملتمس "111، 112"، "220". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 203 توفي بمصر في شوال. وروى عَنْ: الحارث بْن مسكين. وقيل في أَبِيهِ: عَمْرو. روى عَنْهُ: حمزة بْن محمد الكِنَانيّ. 493- معافى بْن عُمَر بْن حفص: أبو عبد الله الْمَصْرِيّ. أخو سالم وسلامة. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. وتُوُفّي في رجب. كتب ابن يونس عَنِ الثلاثة إخوة. 494- موسى بْن جرير1: أبو عمران الرقي المقرئ النحويّ الضَّرير. تلميذ أَبِي شعيب السُّوسيّ، وأجلّ أصحابه. قرأ عَلَيْهِ: الحسين بْن محمد بن حبش الدِّيَنَوَريّ، والحسن بْن سَعِيد المطَّوِّعيّ، وعَبْد اللَّه بْن الحسين السّامّريّ في قول الداني، عَنْ فارس، عَنْهُ. وتُوُفّي قريبًا من سنة عشر. وقرا عَلَيْهِ أيضًا أبو الحَسَن نظيف بْن عَبْد اللَّه ختمةً بالرقة، وختمةً بحلب لما قدمها. وقرأ عَلَيْهِ: مُسْلِم بْن عَبْد العزيز، وكلاهما من شيوخ عَبْد الباقي بْن الحَسَن؛ وأبو القاسم عَبْد اللَّه بْن اليسع الأنطاكيّ، وآخرون كثيرون. وكان حاذقًا بالقراءة والإدغام الكبير، بصيرًا بالعربية وافر الحرمة. قَالَ أبو الحسين بْن المنادي: لمّا مات أبو شعيب خلفه ابنهُ أبو معصوم وأبو عمران   1 معرفة القراء الكبار "10/ 245، 246"، والنجوم الزاهرة "3/ 206". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 204 موسى بْن جرير الضّرير. وكانت الرئاسة بالرقة في أَبِي عمران، وله بها أصحاب إلى الآن. وقال عَبْد الباقي بْن الحَسَن عَنْ نظيف: قرأتُ عَلَى موسى بْن جرير النحوي الضرير بالرقة سنة خمس وثلاثمائة. ثمّ بعد ذَلِكَ قدم حلب. قَالَ عَبْد الباقي: وكان لأبي عمران اختيارات يخالف فيها قراءاته عَلَى السوسي، وكان يعتمد في ذَلِكَ عَلَى العربية. فممّا كَانَ يختاره ترك الإشارة إلى حركة الحروف مَعَ الإدغام وتفخيم فتحه الراء إذا كَانَ بعدها ياء قد سقطت لساكن. قَالَ الدانيّ: مات أبو عمران حول سنة عشر وثلاثمائة. "حرف النون": 495- نبهان بْن إسحاق البشكاسي1: حدَّثَ عَنْ: الربيع بْن سليمان، والعبّاس البيروتيّ. "حرف الهاء": 496- هاشم بن صالح الأندلسي2: يروي عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. "حرف الواو": 497- الوليد بْن أبان بْن بونة3: أبو العبّاس الحافظ. كثير الترحال، صنف التفاسير، والمسند، وغير ذَلِكَ. وروى عَنْ: أحمد العطارديّ، وعبّاس الدُّوريّ، ويحيى بْن عَبْدك، وأحمد بْن الفُرات، وأسيد بن عاصم، وهذه الطبقة.   1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "5/ 121"، "1739". 2 بغية الملتمس للضبي "484"، "1423". 3 العبر "2/ 147"، والنجوم "3/ 206"، والرسالة المستطرفة "72". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 205 وعنه: أبو الشَّيْخ، والطَّبَرانيّ، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن محمود، ومحمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن مَخْلَد، وآخرون بإصبهان. "حرف الياء": 498- يوسف بْن محمد بن يوسف1. أبو محمد الإصبهانيّ المؤذّن: عَنْ: محمد بن محمد بن صخْر، وأحمد بْن يحيى المكتِّب، وإبراهيم بْن عامر، وجماعة. وعنه: عبد الله بن محمد بن عُمَر، ومحمد بن أحمد بْن عَبْد الوهّاب، وأحمد بْن محمد بن رُسْتة، وأبو الشَّيْخ وهو مُكْثِر عَنْهُ. "الكنى": 499- أبو عليّ بْن خَيْران: قِيلَ: تُوُفّي في حدود سنة عشر. وسيأتي سنة عشرين. ذِكْرُ من لَمْ أَعْرفُ تاريخ موتِهِ: من أهْل هذه الطبقة كتبته عَلَى التقريب: "حرف الألف": 500- أحمد بْن بَطّة بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن الوليد2: أبو بَكْر المَدِينيّ البزّاز. إصبهانيّ، ثقة. صَحِبَ الزُّهَّاد. روى عَنْ: محمد بن عاصم، وإِسْحَاق بْن إبراهيم بْن الشهيد، ويحيى بْن حكيم، وأحمد بْن الفُرات. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو إِسْحَاق بْن حمزة، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 347". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 72"، وفيه: "نسبة الأصبهاني". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 206 501- أحمد بْن بُنْدار الحبّال الإصبهانيّ1: عَنْ: سَلَمَةَ بْن شبيب. وعنه: أحمد بْن إِسْحَاق، ومحمد بن أحمد بْن يعقوب الشَّيْبانيّ. 502- أحمد بْن حشمرد2: أبو عبد الله الْجُرْجانيّ، نزيل أستراباذ. سمع: حُمَيْد بْن الربيع، وعليّ بْن سَلَمَةَ اللبقيّ، وطبقتهما. وعنه: الإسماعيليّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ. وهو ثقة. 503- أحمد بْن الحَسَن بْن الْجَعْد3. أبو جعفر: بغداديّ، حدَّثَ سنة أربعً وثلاثمائة عَنْ: أبي بَكْر بْن أَبِي شيبة، ويعقوب بْن كاسب، وجماعة. وعنه: أبو حفص الزّيّات، وابن المظفّر، وعبد العزيز بْن جعفر الخِرَقيّ. وثَّقه الدَّارَقُطْنيّ. 504- أحمد بْن الحسين بْن أَبِي الحَسَن4: أبو جعفر الْأَنْصَارِيّ الإصبهانيّ الكلنكيّ. سمع: عَبْد الجبّار بْن العلاء، وحميد بْن مسعدة، وبُندارًا، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن محمد بن الحجاج، والطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف، والعسّال، وجماعة. 505- أحمد بْن الحسين بْن علي5. أبو العباس، مولى بني هاشم.   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 151"، وفيه: "أحمد بن بندار الشعار". 2 تاريخ جرجان "30". 3 تاريخ بغداد "4/ 81"، "1716". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 61". 5 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "1/ 294"، "109". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 207 الدّمشقيّ المعروف بزبيدة. سمع: سليمان بْن عَبْد الرحمن، علي بْن سهل الرمليّ، ومؤمّل بْن إهاب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وطائفة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وأبو عليّ بْن شعيب، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وآخرون. 506- أحمد بْن أَبِي الأخيل خَالِد بْن عَمْرو السلفي الحمصيّ. أبو عَمْرو: حدَّثَ ببغداد، عَنْ أَبِيهِ عَنْ إسماعيل بْن عياش. وهو ثقة، لكن أَبَاهُ ضعيف. قاله الدارقطني. روى عَنْهُ: أبو محمد بن ماسيّ، وابن المظفّر، وغيرهما. 507- أحمد بْن شهدل بْن المفضل1: أبو جعفر الحنظليّ الإصبهانيّ المؤدّب. ثقة، روى عَنْ: سليمان الشاذكوني، وحيان بْن بِشْر القاضي. وعنه: والد أَبِي نُعَيْم، وأبو الشَّيْخ. 508- أحمد بْن صالح بْن محمد2: أبو العلاء الفارسيّ الْجُرْجانيّ الأثط المؤدب. نزيل صور. سمع: أحمد بْن أَبِي سُرَيْج، ومحمد بْن حُمَيْد الرازيين، وعمار بْن رجاء. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وجُمَح بْن القاسم، وابن عديّ، وابن المقرئ، وجماعة. 509- أحمد بْن عامر بْن عَبْد الواحد البرقعيديّ3: عَنْ: مؤمّل بْن إهاب، وكثير بْن عُبَيْد. وعنه: محمد بن أحمد بْن الحفيد، وعبد الله بن عدي الحافظ.   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 118، 119". 2 تاريخ بغداد "6/ 15". 3 معجم البلدان "1/ 318" "بَرْقعَيد". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 208 510- أحمد بن عامر بن المعمر1: أبو العبّاس الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ. عَنْ: هشام بْن عمّار، ودُحَيْم، وعيسى زُغْبة. وعنه: عَبْد اللَّه الآبندونيّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، والحسن بْن منير، وأبو هاشم المؤدب، وأبو أحمد بْن عديّ، وجماعة. وهو أحمد بْن محمد بن عامر. 511- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن شجاع البغداديّ2: عَنْ: الزُّبَير بْن بكّار، وأحمد بْن بديل. وعنه: بكّار بْن أحمد المقرئ، وأبو حفص بْن الزّيّات. قَالَ الدارقطني: لَا بأس بهِ. 512- أحمد بْن قُدَامة بْن فرقد3. أبو حامد البلخيّ: نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: قتيبة بن سعيد. وعنه: القطيعي، والقاضي أبو الطاهر الذُّهْليّ، ومَخْلَد الباقرحي. قَالَ الخطيب: ما علمت إلّا خيرًا. 513- أحمد بْن محمد بن جعفر الإصبهانيّ الجمّال الزّاهد: أحد العبّاد المكثرين مِن الحجّ. وكان يصلّي عند كلّ ميل ركعتين. ويعرف بالشعرانيّ. روى عَنْ: أَبِي مسعود، وابن حاتم الرازيين. وعنه: عمر بن عبد الله التميمي.   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 60، 61"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 269، 270". 2 تاريخ بغداد "4/ 222"، "1921". 3 تاريخ بغداد "4/ 354"، "2203". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 209 514- أحمد بن داود الهمداني: أبو الحسن. أصبهاني موثق. سمع: سليمان الشاذكوني، وإبراهيم بن عبد الله الهروي. وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ. 515- أحمد بن محمد بن عبيدة بن زياد1: أبو بكر النيسابوري المستملي الشعراني الحافظ. سمع: علي بن خشرم. ثم رحل، وسمع: عُمَر بْن شبة، ومحمد بن رافع، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وهذه الطبقة. وعنه: محمد بن الأخرم، ويحيى العنبري، وأحمد بن إسحاق الضبعي، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأهل نيسابور. وثقه الخطيب، وقال: روى عَنْهُ: المحامليّ، وابن الجعابيّ، وعَبْد اللَّه بْن إبراهيم الزَّيني. 516- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى2: أَبُو بَكْر الحمصيّ، نزيل حمص ومؤرخها. وإنّما هُوَ بغداديّ. سمع: أحمد بْن مَنِيع، والحسن بْن عرفة، وإبراهيم بْن يعقوب الجوزجانيّ، ومحمد بن عوف، وإسماعيل بْن أبان، وجماعة. وعنه: بَكْر بْن أحمد الشعرانيّ، ومحمد بن أحمد بْن الأبحّ الحمصي، وجماعة. توفي سنة بضع وثلاثمائة. 517- أحمد بن محمد بن الفضل3:   1 تاريخ جرجان "67"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 64". 2 تاريخ بغداد "5/ 63"، "2432". 3 تاريخ جرجان "75"، "22". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 210 أبو العبّاس الخُزاعيّ المروزي الملقب ميزان. سمع: أبا عمّار الحسين بْن حريث، وعليّ بْن حُجْر، وغيرهما. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن علك، ومحمد بن مالك السعديّ، وأحمد بْن محمد بن سَعِيد الفقيه المروزيون. 518- أحمد بْن محمد بن المؤمّل1: أبو بَكْر الصُّوريّ. عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة. وعنه: عثمان بْن السّمّاك، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن محمد المُخَرِّميّ. أظنه مات بعد الثلاثمائة. 519- أحمد بْن محمد بن موسى: أبو عيسى العرّاد، بمهملة. عَنْ: محفوظ بْن إبراهيم، ويعقوب بْن شيبة. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، وابن الصّوَّاف، وابن عديّ. 520- أحمد بْن محمد بن يحيى الواسطيّ2: البزّاز. حدَّثَ ببغداد عَنْ: لوين، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل. وعنه: ابن عديّ، ومحمد بن المظفّر. 521- أحمد بْن المساور بْن سهيل3: أبو جعفر الضبي الأصبهاني. ثقة.   1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "1/ 418-420"، "245". 2 تاريخ بغداد "5/ 118"، "2532". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 114". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 211 عَنْ: سهل بْن عثمان، وسعدويه الإصبهانيّ، وعليّ بْن بِشْر. وعنه: أبو إِسْحَاق بْن حمزة، والعسّال. 522- أحمد بْن مُكْرَم البرتيّ البغداديّ1: سمع: عليّ بْن المَدِينيّ. روى عَنْهُ: محمد بن المظفّر، ومحمد بن الورّاق، أحاديث مستقيمة. قاله الخطيب. 523- أحمد بْن موسى، ويقال: أحمد بْن عيسى، الحنوطيّ: عَنْ: عُمَر بْن التلّ، والحسن بْن عرفة. وعنه: عليّ بْن عُمَر السُّكريّ، ومحمد بن الشِّخِّير. 524- أحمد بْن نصر الحذاء: أبو جعفر. بغداديّ. سمع: الصَّلْت بْن مسعود الجحدريّ. 525- أحمد بْن هاشم بْن عَمْرو2: أبو جعفر الحميريّ البعلبكيّ سبط محمد بن هاشم البعلبكيّ. يلقب بُندارًا. سمع من: جَدّه، وأبي أمية الطرسوسيّ. وعنه: ابن عديّ، وأبو بَكْر المقرئ، ومحمد بن إبراهيم الصُّوريّ. 526- إبراهيم بْن دحيم عَبْد الرَّحْمَن بْن إبراهيم بْن ميمون الدّمشقيّ3: حدث عن: أَبِيهِ، وهشام بن عمّار، وسليمان بْن عَبْد الحميد البحرانيّ، وأبي عُمير بن النحاس، وطائفة كبيرة.   1 تاريخ بغداد "5/ 170"، "2617". 2 الأنساب "86 أ"، والتهذيب "9/ 494". 3 المعجم الصغير "1/ 84، 85" للطبراني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 212 وعنه: ابن أخيه عبد الرحمن بن عمرو بْن دحيم، وعليّ بْن أَبِي العقب، وأبو عَمْرو بْن مطر النَّيْسابوريّ، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وخلْق من الدمشقيّين والرحّالة. وكان محدثًا مقبولًا. 527- إبراهيم بْن درستويه1: أبو إِسْحَاق الشيرازي. عَنْ: ابن أَبِي عُمَر العدنيّ، ولوين، وطبقتهما. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي دارم، والطَّبَرانيّ، وابن الصّوَّاف، وأبو بَكْر الإسماعيليّ. وغيرهم. ثقة. 528- إبراهيم بن محمد بن برزج: إصبهاني، ثقة. سمع: لوينا، والفلّاس. وعنه: أبو الشَّيْخ. 529- إسماعيل بْن أحمد الْبَصْرِيّ: وكيل أكثم. عَنْ: ابن أَبِي الشوارب، ونصر بْن عليّ، وعدة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن موسى الهاشميّ، ومحمد بن المظفر، وعلي السُّكريّ. شيخ. 530- إسماعيل بْن إبراهيم2: أبو عليّ الصيرفيّ؛ بغداديّ يلقب بسمعان. عَنْ: أَبِي سَعِيد الأشجّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ. وعنه: ابن عديّ، وأبو عبد الله بن الضرير.   1 المعجم الصغير "1/ 90"، للطبراني. 2 تاريخ بغداد "6/ 297"، "3330". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 213 531- إسماعيل بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن تميم. أبو أحمد الْمَصْرِيّ: سمع: حَرْمَلَة. 532- إسماعيل بْن إِسْحَاق بْن الحصين المعمريّ1، بالتثقيل: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن معاوية الجمحي، وأحمد بْن حنبل، وحكيم بْن سيف الرقي، ومحمد بن خلّاد الباهلي، وطبقتهم. وعنه: عبد الله بن محمد بن جعفر، ومحمد بن العبّاس، وعمر بْن أحمد بْن يوسف الوكيل، وابن المظفر، وآخرون. قال ابن ماكولا: نسب إلى معمر بن سليمان، وهو جده لأمه. وقد أكثر أبوه إسحاق بن حصين عَنْ صهره معمر. 533- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن حاتم بْن إسماعيل المَدِينيّ: نزيل عكبرا. ومؤلف كتاب "المنبر في أخبار الأوائل". روى عَنْ: جَدّه لأمه محمد بن المُثَنَّى الزمن، والحسن بْن عرفة، وأبي سَعِيد الأشج، وطبقتهم. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بخيت الدّقّاق. 534- أيّوب بْن محمد بن محمد بن أيّوب2. أبو الميمون الصوري: عَنْ: كثير بْن عُبَيْد، وعليّ بْن معبد، وعطيّة بْن بقيّة، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحصائري، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وغيرهم. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: رأيتُ مِن كذبه شيئًا لَا أخبر بهِ الساعة. "حرف الباء": 535- بُنان بْن أحمد بْن عَلُّويَه3. أبو محمد القطان:   1 المنتظم "6/ 145"، "221". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 210، 211"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 104". 3 تاريخ بغداد "7/ 100"، "3542". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 214 سمع: دَاوُد بْن رُشَيْد، وعثمان بْن أَبِي شيبة. وعنه: الطَّسْتيّ، وابن سَعِيد الرّزّاز، وابن المظفّر. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لم يكن بهِ بأس. "حرف التاء": 536- تميم بْن يوسف الحمصيّ الصَّيْدلانيّ: عَنْ: الربيع المُرَاديّ. وعنه: إِسْحَاق بْن سعْد، وأبو القاسم الأبندوري. مستقيم الحديث. "حرف الجيم": 537- جعفر بْن أحمد بْن الفَرَج الدُّوريّ1: عَنْ: هارون بْن إِسْحَاق. وعنه: ابن بَخِيت، وابن المظفّر. 538- جعفر بْن محمد بن أسد2: أبو الفضل النَّصِيبيّ الضّرير المقرئ. قرأ عَلَى: أَبِي عُمَر الدُّوريّ، وهو من كبار أصحابه. قرأ عَلَيْهِ: محمد بن عليّ بْن الْجُلُنْديّ، ومحمد بن عليّ بْن حسن العَطُوفيّ، وجماعة بنصِّيبين. حدث سنة سبع وثلاثمائة. 539- جعفر بْن محمد بن عُتَيْب3: أبو القاسم السُكري، بغداديّ. حدث عن: عَبْدة بْن عَبْد اللَّه الصَّفَّار، ومحمد بْن زياد الزّياديّ، ومحمد بن مَعْمَر البَحْرانيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عديّ، وابن لؤلؤ، ومحمد بْن المظفّر. 540- جعفر بْن محمد بن سَعِيد4: بغداديّ. سمع: محمود بْن خِداش، ويوسف بْن موسى. وعنه: عليّ بن عمر السكري الحربي، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.   1 تاريخ بغداد "7/ 212". 2 تاريخ بغداد "7/ 222". 3 تاريخ بغداد "7/ 206". 4 تاريخ بغداد "7/ 209". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 215 541- جعفر بْن محمد بن العبّاس1: أبو القاسم الكَرْخيّ. عَنْ: جُبَارة بْن المغلِّس، وهنّاد بْن السري، وجماعة. وعنه: ابن عدي، وأبو حفص بن شاهين، وعليّ الحربيّ. وهّاهُ الدَّارَقُطْنيّ. 542- جعفر بْن محمد بن أحمد بْن صالح بْن أَبِي هُرَيْرَةَ: أبو القاسم الْمَصْرِيّ. سمع: حَرْمَلَة. 543- جعفر بن محمد ين يعقوب الإصبهانيّ2: التّاجر الأعور. عَنْ: الحَسَن بْن محمد بن الصّبّاح الزَّعْفرانيّ، والحسن بْن عَرَفَة، وجماعة. وعنه: محمد بن جعفر المغازليّ، ووالد أبي نعيم. "حرف الحاء": - الحارث بن محمد بن الحارث، أبو الليث الهروي العابد نزيل دمشق. حدث عن: عمرو بن عثمان، وكثير بن عبيد، وأبي التقي وهشام الحمصيين، وعنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو زرعة وأبو بكر ابنا أبي دجانة. 544- الحَسَن بْن بطّة بْن سَعِيد: أبو عليّ الزَّعْفرانيّ. عَنْ: بِشْر بْن مُعَاذ العَقَديّ، وعَبْد اللَّه بْن معاوية الْجُمَحيّ، ولُوَيْن. وهو من مسندي شيوخ أصبهان. توفي بعد ثلاثمائة.   1 تاريخ بغداد "7/ 208". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 246". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 216 روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن أحمد والد أَبِي نُعَيْم، ومحمد بن عُبَيْد اللَّه بْن المَرْزُبانيّ، ومحمد بن جعفر. 545- الحَسَن بْن صالح: أبو عليّ البَهْنَسيّ الْمَصْرِيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. 546- الحَسَن بْن عثمان بْن زياد1: أبو سَعِيد التُّسْتَريّ. عَنْ: محمد بن سهل بْن عسكر، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، ومحمد بن يحيى القطيعيّ، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وآخرون. وكان كذّابًا. قَالَ ابن عديّ: كَانَ عندي أنّه يضع الحديث. سألتُ عَبْدان الأهوازي عَنْهُ، فقال: كذّاب. 547- الحَسَن بْن عليّ بْن يونس: أبو عليّ بْن الإفريقيّ. سمع: محمد بن رُمْح، وحَرْمَلَة. وحَدَّثَ. 548- الحَسَن بْن الفَرَج الغزّيّ2: روى عَنْ: يحيى بْن بُكَير "مُوَطّأ مالك". وعن: يوسف بْن عديّ، وعَمْرو بْن خَالِد الحرّانيّ، وهشام بن عمّار. روى عَنْهُ: الحَسَن بْن مروان القيْسرانيّ، ومحمد بن عليّ النّقّاش التِّنِّيسيّ، وأبو عُمَر بْن فَضَالَةَ، وعليّ بْن أحمد المقدسيّ، وأبو عليّ الحسين بْن محمد النَّيْسابوريّ، ومحمد بن العبّاس بْن وصيف.   1 الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي "2/ 756، 757"، والمغني في الضعفاء "1/ 162"، "1428". 2 تاريخ جرجان "340"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 238". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 217 قَالَ أبو عليّ: قرأ علينا "المُوَطّأ" من أصل كتابه، وما رأينا منه إلّا الخير. قلت: سماع أَبِي عليّ منه سنة ثلاث وثلاثمائة فيما أحسب، واللَّه أعلم. 549- الحَسَن بْن عليّ بْن رَوح بْن عَوَانة1: أبو بَكْر الكفْرَبطْنانيّ. روى عَنْ: قاسم الْجُوعيّ، وهشام الأزرق، ومحمد بن وزير، وجماعة. وعنه: محمد بن سليمان الرّبعيّ، وجُمَح بْن القاسم، وابن زبْر، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. وما علمت بهِ بأسًا. 550- الحَسَن بْن عليّ بْن مَحْميّ بْن بِهْرام2: أبو عليّ المُخَرِّميّ البزّاز. سمع: عليّ بْن المَدِينيّ، وسُوَيْد بْن سَعِيد، وعبد الأعلى بْن حمّاد. وعنه: عُمَر بْن سُنْبُك، ومحمد بن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، وابن عديّ وقال: رأيتهم مجمِعِين عَلَى ضعفه، وأنكرت عَلَيْهِ أحاديث. 551- الحَسَن بْن موسى: أبو محمد النّوَبْخِتيّ البغداديّ، صاحب المصنّفات الكثيرة في الكلام والفلسفة. وهو ابن أخت أَبِي سهل بْن نُوبَخْت. وكان شيعيّا. وله كتاب "الدّيانات" لم يُتِمُّه، وكتاب "الرّدّ عَلَى التّناسخيّة"، وكتاب "حَدَث العالم"، وكتاب "الرد على ابن الهُذَيْل العلّاف في قوله: نعيم الجنّة منقطع"، وكتاب "الرّدّ عَلَى أهل المنطق"، وكتاب "إنكار رؤية اللَّه تعالى"، وأشياء كثيرة. 552- الحَسَن بْن يوسف بْن أَبِي طيبة: القاضي أبو عليّ المصري المديني.   1 معجم البلدان "4/ 468"، وفيه: "الحسين". 2 ميزان الاعتدال "1/ 506"، "1903". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 218 سمع: هشام بْن عمّار، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ. وعنه: محمد بن المظفّر، والمفيد، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. سمعوا منه ببغداد. 553- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب. أبو عليّ البغداديّ المالكيّ: عَنْ: محمد بن وهْب بْن أَبِي كريمة، وهشام بن عمّار، وعبد الوهّاب بْن الضّحّاك العَرَضيّ، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، وعبد الصَّمد الطَّسْتيّ، وعليّ بْن محمد الشُّونِيزيّ، والمَيَانِجيّ. قَالَ الخطيب: ما علمت منه إلّا خيرًا. 554- الحسين بْن أحمد بْن عصمة. أبو عليّ البغداديّ، الوكيل. عَنْ: حَجّاج بْن الشّاعر، والرَّماديّ. وعنه: أبو محمد بن السّقّاء، وابن المظفّر: 555- الحسين بْن أحمد بْن منصور البغداديّ سجّادة: عَنْ: أَبِي مَعْمَر الهُذليّ، والقواريريّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ، والإسماعيليّ. لا باس بهِ. 556- الحسين بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد القطّان1: أبو عبد الله الرَّقّيّ المالكيّ الجصّاص الأزرق. سمع: إبراهيم بْن هشام الغسّانيّ، وهشام بن عمّار، والوليد بْن عُتْبة، وإِسْحَاق بْن موسى الْأَنْصَارِيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو بكر بْن السُّنّي، وابن عديّ، وأبو حاتم بْن حِبّان، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 557- الحسين بن علي بن حماد بن مهران2:   1 تاريخ جرجان "458"، وسير أعلام النبلاء "11/ 304". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 236"، وغاية النهاية "1/ 244". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 219 أبو عبد الله الرّازيّ المقرئ. قرأ عَلَى: أحمد بْن يزيد الحَلْوانيّ. وأقرأ مدة. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر النّقّاش، وعليّ بْن أحمد بْن صالح المقرئ. شيخ الخليليّ. 558- الحسين بْن محمد بن جَابِر التَّميميّ1: بصْريّ. حدث عن: هُدْبة بْن خَالِد. وعنه: ابن عديّ، وأبو بَكْر المقرئ. 559- حِماس بْن مروان بْن سماك2: أبو القاسم الهَمْدانيّ القيرواني القاضي العلّامة. سمع في صغره من سَحْنُون. وكان بارعًا في الفقه، محمود الأحكام. وقيل: كَانَ الاسم في زمانه ليحيى بْن عُمَر والفِقْه لِحماس. وكان يحيى يعظّمه ويُطْريه. وقد رَحَل. 560- حُمَيْد بْن محمد بن نُصَيْر3: أبو الحَسَن التَّميميّ البَعْلَبَكّيّ. إمام جامع بَعْلَبَكّ. روى عَنْ: هشام بْن خَالِد الأزرق، ومحمد بْن مُصَفَّى الحمصيّ، وجماعة. وعنه: أبو السَّرِيّ محمد بن دَاوُد، وأبو عليّ بْن هارون، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ.   1 تاريخ بغداد "8/ 95"، "4192". 2 معالم الإيمان "2/ 320-330"، والديباج المذهب "1/ 342-344". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 466"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "2/ 190". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 220 "حرف الخاء": 561- الخِضر بْن الهَيْثَم بْن جَابِر1: أبو القاسم الطوسي المقرئ. شيخ مجهول. قرأ عَلَيْهِ: أحمد بْن محمد العِجْليّ شيخ الأهوازيّ. ذكر أَنَّهُ قرأ عَلَى الطَّيِّب بْن إسماعيل، وعمر بْن شبّة، والسُّوسيّ، وهُبَيْرة التّمّار. قرأ عَلَيْهِ العِجْليّ في سنة عشر وثلاثمائة. وقرأ عَلَيْهِ: أحمد بْن عَبْد اللَّه الْجُبّيّ. "حرف الزاي": 562- زيد بْن عَبْد العزيز: أبو جَابِر المَوْصِليّ. سمع: محمد بن يحيى بْن فَيّاض، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عمّار. "حرف السين": 563- سَعِيد بْن عَبْد الرحيم2: أبو عثمان البغداديّ الضّرير المؤدّب المقرئ، صاحب الدُّوريّ. تصدَّرَ للإقراء. فقرأ عَلَيْهِ: أبو الفتح بْن بَدْهَن، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وأبو بَكْر الشّذَائيّ، وأبو العبّاس المطَّوِّعيّ. والغَضَائريّ شيخ الأهوازيّ. كَانَ حَيًّا في حدود سنة عشر وثلاثمائة. 564- سَعِيد بْن يعقوب الْقُرَشِيّ الإصبهانيّ3. أبو عثمان السراج:   1 غاية النهاية "1/ 270، 271"، "1226". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 242، 243"، وتاريخ بغداد "1/ 306، 307". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 330". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 221 عَنْ: محمد بن وزير الواسطيّ، ومحمد بن بشّار، ومحمد بن منصور المّواز. وعنه: أبو الشَّيْخ، ووالد أَبِي نُعَيْم. 565- سلمان بْن إسرائيل الخُجُنْديّ: سمع: عَبْد بْن حُمَيْد. وعنه: عليّ بْن عُمَر الحربيّ، وغيره. "حرف الشين": 566- شعيب بْن محمد بن أحمد بْن شُعيب1: أبو القاسم الدَّبِيليّ. قدِم إصبهان سنة خمس، وحدَّثَ عَنْ عَبْد الرحيم بْن يحيى الدَّبِيليّ، عَنِ الوليد بْن مُسْلِم، وعن سهل بْن سُقَيْر الخِلاطيّ، عَنْ يوسف بْن خَالِد السَّمتيّ. وعنه: أبو أحمد العسّال، ومحمد بن جعفر بْن يوسف. "حرف الصاد": 567- صالح بْن محمد بن صالح2: أبو عليّ البغداديّ الجلّاب. حدَّثَ بدمشق عَنْ: يعقوب الدَّوْرقيّ، وعَمْرو بْن عليّ الفلّاس، وأحمد بْن عَبْدة، وطبقتهم. وعنه: أبو هاشم المؤذِّن، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ، وآخرون. "حرف العين": 568- عامر بْن عُقْبة بْن خَالِد: أبو الحَسَن الأسْلَميّ، من ولد أَبِي بَرْزَة رضى الله عنه.   1 ذكر أخبار أصبهان "10/ 344، 345". 2 تاريخ بغداد "9/ 330"، "4868". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 222 ثقة، صدوق. سمع: أَبَاهُ، وَسَلَمَةَ بْن شبيب، وحُمَيْد بْن مَسْعَدَة. وعنه: أبو الشَّيْخ، والعسّال. 569- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن خُزَيْمة الباوَرْديّ1: حدَّثَ ببغداد عَنْ: عليّ بْن حُجْر، وعليّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ. وعنه: أبو بكر الشافعي، والجعابي، وأبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي. 570- عبد الله بن عمران بن موسى المقرئ النجار2: عن: أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعبد الأعلى بن حماد. وعنه: الجعابي، وابن المقرئ، وجماعة بغداديون. وكان حافظا رحالا. لقيه ابن المقرئ ببغداد في سنة 304. 571- عبد الله بن محمد بن الأشقر: الراوي عَنِ الْبُخَارِيّ. يأتي في الطبقة الأخرى. 572- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَلْم المقدسيّ: تُوُفّي سنة نيفٍ عشرة. 573- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْد الحميد الواسطيّ القطّان3: أبو بَكْر. نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: يعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وعليّ بْن الحَسَن الدِّرْهَميّ، وزهير بْن قُمَيْر، وأحمد البزّيّ المقرئ، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "9/ 379"، "4956". 2 تاريخ بغداد "10/ 39"، "5159". 3 تاريخ بغداد "10/ 105"، "5224". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 223 وعنه: ابن السّمّاك، وأبو بَكْر الآجُرِّيّ، وعُمَر بْن بِشْران، والحسن بْن أحمد بْن صالح السَّبِيعيّ. وثّقه الخطيب. 574- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سيّار1: أبو محمد الفَرْهَادَانيّ، ويقال فيه: الفَرْهَيَانيّ. ذكره ابن عساكر في "تاريخ دمشق" فقال: سمع: هشام بْن عبّاد، ودُحَيْمًا، وقُتَيْبة بْن سَعِيد، ومحمد بن وزير، وأبا كُرَيْب، وعبد الملك بْن شعيب بْن الَّليْث، وجماعة. روى عَنْهُ: محمد بْن الحَسَن النّقّاش المقرئ، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، وبشر بْن أحمد الإسفرائيني، وأبو عَمْرو بْن حمدان. قَالَ الحافظ ابن عديّ: كَانَ رفيق النَّسائيّ، وكان ذا بَصَرٍ بالرجال. وكان مِن الأثبات. سألته أنّ يُمْلي عليَّ عَنْ حَرْمَلَة، فقال: يا بُنيّ وما تصنع بحَرْمَلَة؟ إنّ حَرْمَلَة ضعيف. ثم أملى علي عَنْهُ ثلاثة أحاديث لم يَزِدْني. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ وَزَيْنَبَ الْكِنْدِيَّةِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَنَّ زَاهِرَ بْنَ طَاهِرٍ أَخْبَرَهُمْ: أَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْكَنْجَرُودِيُّ، أَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بْنِ سَيَّارٍ الْفَرْهَادَانِيُّ: ثنا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، ثنا أَبِي: نا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر وقال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رِضَى اللَّهِ فِي رِضَى الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ في سخط الوالد" 2. توفي سنة بضع وثلاثمائة. 575- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ. كثير الحديث، حسن المعرفة.   1 تذكرة الحفاظ "2/ 716، 717"، وطبقات الحفاظ "308"، وشذرات الذهب "2/ 235". 2 صحيح: أخرجه الترمذي "1899"، وابن ماجه "2089، 3663"، وابن حبان "2026"، في صحيحه، والحاكم في المستدرك "4/ 151". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 224 سمع: أحمد بْن الفراتُ، والحَجّاج بْن يوسف بْن قُتَيْبة. وعنه: أحمد بْن بُنْدار، وأبو الشَّيْخ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف. 576- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن طُوَيْط1: أبو الفضل الرَّمْليّ البزّاز الحافظ. سمع: هشام بْن عمار، وابن ذكوان، ودُحَيْمًا، وعبد الجبار بْن العلاء، وعبد الملك بْن شعيب بْن الَّليْث، وطبقتهم. وكان كثير الحديث، واسع الرحلة. روى عَنْهُ: خَيْثَمَة، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وأبو عُمَر بْن فَضَالَةَ، وجماعة. 577- عَبْد اللَّه بْن يحيى بْن موسى2: أبو محمد السَّرْخَسيّ، القاضي. عَنْ: عليّ بْن حُجْر، وعليّ بْن خَشْرَم، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد، وطبقتهم. وعنه: أبو بَكْر الإسماعيليّ، وأبو أحمد بْن عديّ، وأبو الطَّيِّب، ومحمد بن عَبْد اللَّه الشُّعَيْريّ. قَالَ ابن عديّ: متَّهم في روايته عَنْ عليّ بْن حُجْر، وغيره. 578- عَبْد اللَّه بْن هاشم3: أبو محمد الزَّعْفرانيّ المقرئ. ذكر أنّه قرأ القرآن عَلَى خَلَف بْن هشام. وهذا بعيد. وأنّه قرأ عَلَى دُحَيْم صاحب الوليد بْن مُسْلِم، وعلى عَبْد الوهّاب بْن فُلَيْح، وعلى أَبِي هشام الرّفاعيّ، وعلى الدُّوريّ. قَالَ أبو عليّ الأهوازي في غير ما موضع: قرأتُ القرآن عَلَى أبي الحسن علي بن   1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 226"، "915". 2 الميزان "2/ 524"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "2/ 146"، "2139". 3 معرفة القراء الكبار "1/ 253"، وغاية النهاية "1/ 454، 455". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 225 الحسين بْن عثمان الغَضَائريّ. وأخبرني أَنَّهُ قرأ عَلَى الزَّعْفرانيّ. قلت: هُوَ مجهول. ولو كَانَ في هذا الوقت ثمَّ شيخٌ موجود بهذا اللّقاء والإسناد الّذي في السّماء لازْدَحَمَتِ القُرّاء عَلَيْهِ. والعهدة في وجوده عَلَى الغَضَائريّ. ففي النّفس منه. 579- عَبْد المؤمن بْن أحمد بْن حوثرة1: أبو عَمْرو الْجُرْجانيّ العطّار. روى عَنْ: عمّار بْن رجاء، ومحمد بن الجنيد، ومحمد بن زياد بن معروف، وجماعة. وعنه: ابن عديّ، وأبو الحَسَن القصْريّ، وأحمد بْن أَبِي عِمران. 580- عَبْد الرَّحْمَن بْن قريش2: أبو نعيم الهروي. حدث عَنْ: محمد بْن سهل الجوزجاني، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ، وجماعة. وعنه: جعفر الخُلْديّ، ومَخْلَد البَاقّرْحيّ، وجماعة. لم يضعفه أحد. 581- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن المغيرة3: أبو الحَسَن التَّميميّ. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أبان، وأبي كريب. وعنه: أبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ، وعليّ بْن لؤلؤ، والجِعَابيّ. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا. 582- عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن سليم البغدادي البزاز4:   1 تاريخ جرجان للسهمي "245"، "397". 2 تاريخ جرجان "473". 3 تاريخ بغداد "10/ 283"، "5405". 4 تاريخ بغداد "10/ 349"، وفيه: "عبيد الله بن يحيى بن سليمان". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 226 سمع: الزُّبَير بْن بكّار، وعليّ بْن أشكاب، وعليّ بْن حرب. وعنه: إبراهيم بْن أحمد، وعبد العزيز بْن جعفر الخِرَقيّان. 583- عتيق بْن هاشم بْن جرير: أبو بَكْر المُرَاديّ الْمَصْرِيّ. سمع: أحمد بْن صالح. 584- عليّ بْن إبراهيم بْن الهَيْثَم1: أبو القاسم البلديّ. سمع: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، وحدَّثَ. 585- عليّ بْن الحسين بْن ثابت2: أبو الحَسَن الْجُهَنيّ الزُرَءائيّ، من أهل زُرَءا، تُدعى الآن زُرع. روى عَنْ: هشام بن عمار، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وهشام بن خَالِد. وعنه: جُمَح بْن القاسم، وأبو يَعْلَى الصيداوي، وأبو هاشم عَبْد الجبّار المؤدّب، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ. 586- عليّ بْن دَاوُد: أبو الحَسَن الحرّانيّ العطّار. عَنْ: عَمْرو بْن هاشم الحرّانيّ. 578- عليّ بْن الصّبّاح بْن عليّ3: أبو الحَسَن الإصبهانيّ الحافظ. عَنْ: محمد بْن عصام، وعامر بْن إبراهيم. وعنه: الطَّبَرانيّ، والعسّال، ومحمد بن جعفر بْن يوسف، وأبو أبي نعيم.   1 تاريخ بغداد "11/ 337"، "6171". 2 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 217" في ترجمة "عبد الله بن محمد بن حمزة الصيداوي". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 10"، وهو يعرف بابن ريذوس. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 227 588- عليّ بْن عَبْد الملك بْن عَبْد ربّه الطّائيّ البغداديّ1: حدث عن: عَبْد الأعلى بْن حمّاد، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ. روى عَنْهُ: أحمد بْن كامل، وعُمَر بْن سُنْبُك، وعليّ بن عمر الحربي. - علي بن المبارك المسروري البغداديّ. حدث عن عَبْد الأعلى بْن حمّاد، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ. روى عَنْهُ: أحمد بْن كامل وعُمَر بْن سُنْبُك وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. 589- عليّ بْن موسى بْن النَّضْر: أبو القاسم الأنباريّ. عَنْ: يعقوب الدَّوْرقيّ، وزياد بْن أيّوب، وطبقتهما. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وابن شاهين، وجماعة. وهو ثقة. 590- عليّ بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو الحَسَن، مولى قُرَيش. مصريّ يُعرف بابن أَبِي مروان. سمع: عيسى بْن زُغْبة، وعبد الملك بْن شعيب بْن الَّليْث. 591- عليّ بْن الحَسَن بْن الْجُنَيْد2: أبو عبد الله النَّيْسابوريّ، ثمّ البغداديّ البزّاز. حدث عن: لُوَيْن، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ. وعنه: أبو القاسم بْن النّحّاس، وعبد العزيز الخِرَقيّ، ومحمد بن المظفّر. وثّقه الخطيب. 592- عِمران بْن موسى النيسابوري: أبو الحسن.   1 تاريخ بغداد "12/ 27"، "6391". 2 تاريخ بغداد "11/ 378"، "6241". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 228 سمع: محمد بْن يحيى، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بن عَزيز الأَيْليّ. وعنه: محمد بْن سليمان الرّبعيّ، وابن المقرئ، وابن حَيَّوَيْه النَّيْسابوريّ، والحسن بْن رشيق، وجماعة. حدَّثَ بمصر، ودمشق. 593- عُمَر بْن إسماعيل: أبو حفص السّرّاج الْمَصْرِيّ. سمع: حَرْمَلَة. 594- عَمْرو بْن الْجُنَيْد القاضي: حكَمَ بدمشق. وحدث عن: يعقوب الدَّوْرقيّ، وأحمد بْن المِقْدام. وعنه: الحَسَن بْن منير التّنُوخيّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دُجانة. 595- عُمَر بْن حفص بْن هند الهَمْدانيّ1: أبو حفص، مستملي ابن دِيزِيل. سمع: يحيى بْن نَضْلَة الخُزاعيّ، وإسماعيل بْن موسى الفَزَاريّ، وأبا كُرَيْب، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر محمد بْن يحيى الْإِمَام، والفضل بْن الفضل الكنديّ والإسماعيليّ، وأبو عَمْرو بْن مطر، وجماعة. 596- عُمَر بْن سَعِيد بْن أحمد بْن سعد بْن سنان2: أبو بَكْر الطّائيّ المَنْبِجيّ. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وأبا مُصْعَب، ومحمد بن قدامة، وأحمد بن أبي شعيب الحراني.   1 تاريخ جرجان "88/ 222". 2 معجم البلدان "5/ 27"، واللباب "3/ 259". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 229 وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن حِبّان، وعَبْدان بْن حُمَيْد المَنْبِجيّ، وابن عديّ، وعَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك المَنْبِجيّ. وقال أبو حاتم بْن حبّان: كَانَ قد صام النّهار وقام اللّيل ثمانين سنة غازيًا مرابطًا، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. أَخْبَرَنا محمد بْنُ عَلِيٍّ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ، أَنَا جَدِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ سنة تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ محمد الْفَقِيهُ، أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ بِمَنْبِجَ، ثنا أَبُو إِلْيَاسَ الْبَالِسِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ المَنْبِجِيُّ سنة سِتٍّ وَثَلاثِمَائَةٍ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ محمد يُحَدِّثُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، "أَنَّهُ أَرَاهُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ الرَّأْسِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مَقْدِمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ"1. قلتُ: القاسم هُوَ ابن محمد بْن أَبِي سُفْيَان الثّقفيّ الدّمشقيّ، مُقِلّ، روى عَنْهُ أيضًا قيس بْن الأحنف. 597- عُمَر بْن سهل2: أبو بَكْر الدينوري الحافظ. حدث بأصبهان عن: أبي الأحواص محمد بْن الهَيْثَم العُكْبَريّ. ومحمد بن صالح الأشجّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيْخ، والحسن بْن إِسْحَاق. 598- عُمَر بْن خَالِد3: أبو حفص الشّعيريّ البغداديّ. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن مُطِيع، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرازي، وجماعة.   1 أخرجه أحمد في مسنده "4/ 94"، وأبو داود في سننه "122، 124". 2 المعجم الصغير "1/ 189"، للطبراني. 3 تاريخ بغداد "11/ 219، 220"، "5936". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 230 وعنه: محمد بْن خَلَف بْن حيان شيخ أَبِي القاسم التّنُوخيّ، وأبو القاسم بْن النّحّاس، وغيرهما. حدث سنة أربع وثلاثمائة. 599- عَمْرو بْن بِشْر1: أبو حفص النَّيْسابوريّ الشاماتيّ. نزيل بغداد وأحد حفّاظ الحديث. حدَّثَ عَنْ: محمد بْن أَبِي سَمِينة، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، والحسن بْن عيسى بْن ماسَرْجس، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، والصّوّاف. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة حافظًا. "حرف الفاء": 600- الفضل بْن أحمد البغداديّ السّرّاج2: عَنْ: عَبْد الأعلى بْن حمّاد النَّرْسيّ. وعنه: عليّ الحربيّ فقط. "حرف القاف": 601- القاسم بْن عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد بْن كثير بْن عُفَيْر: عَنْ: عيسى بْن حماد. 602- القاسم بن منده بن كوشند الإصبهانيّ الضّرير3: سمع: سليمان الشاذكُونيّ، وسعيد بْن يحيى الإصبهانيّ، وسهْل بْن عثمان. وعنه: محمد بن جعفر بن يوسف، وأبو أبي نعيم. اختلط في آخر عمره، وضعفوا أمره.   1 تاريخ بغداد "12/ 225"، "6674". 2 تاريخ بغداد "12/ 376"، "6827". 3 ميزان الاعتدال "3/ 380"، ولسان الميزان "4/ 466"، "1449". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 231 603- القاسم بْن يحيى بْن نصر الثَّقْفيّ1: أبو عَبْد الرَّحْمَن البغداديّ. عَنْ: عمّه سعدان بْن نصر، والربيع بْن ثعلب، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، والصَّلْت بْن مسعود الجحدريّ. وعنه: ابن المظفّر، ومحمد بن الشِّخِّير، وعَبْد اللَّه بْن موسى الهاشميّ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. مات في حدود سنة عشر. 604- قُدَامة بْن جعفر بْن قُدَامة2. أبو الفَرَج الكاتب الإخباريّ. أحد البلغاء الّذي ضربَ الجريريّ بهِ المثلَ في قوله: لو أوتي بلاغة قُدَامة. كَانَ قُدَامة فيلسوفًا نصرانيًا، فأسلم عَلَى يد المكتفي باللَّه. وكان موصوفًا بمعرفة عِلْم المنطق، وله كتاب "الخراج"، وكتاب "نقْد الشِّعْر"، وكتاب "صابون الغَمّ"، وكتاب "السّياسة"، وكتاب "ترياق الفِكْر"، وكتاب "جلاء الحُزْن"، وكتاب "الرّدّ عَلَى ابن المعتزّ"، وكتاب "صناعة الْجَدَل"، وكتاب "نزهة القلب"، وكتاب "الرسالة إلى ابن مُقْلَة"، وغير ذَلِكَ. وكان بغداديًا علّامة. أدرك أبا محمد بْن قُتَيْبة، وثعلبًا، والمبرّد، وأبا سَعِيد السُّكَّريّ. وبرع في فنون الأدب وفي الحساب، وغير فن. وكان أَبُوهُ أيضًا كاتبًا أديبًا، وقد مَرّ. 605- قسطنطين الرُّوميّ3. مولى المعتمد. عَنْ: هشام بن عمّار، وأبي بَكْر، وعثمان ابني أَبِي شَيْبة، وغيرهم. تفرَّدَ عَنْهُ ابن عدي.   1 تاريخ بغداد "12/ 442"، "6912". 2 البداية والنهاية "11/ 220"، والنجوم الزاهرة "3/ 297"، وهدية العارفين "1/ 835". 3 تاريخ بغداد "12/ 478"، "6949". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 232 "حرف الكاف": 606- كَهْمُس بْن مَعْمَر بْن محمد بْن مَعْمَر بْن كَهْمُس الْمَصْرِيّ: سمع: محمد بْن رُمْح، وغيره. "حرف الميم": 607- محمد بْن إبراهيم بْن يحبى بْن الحَكَم بْن الجزّور الثَّقْفيّ1: مولى السّائب بْن الأقرع، أبو جعفر الإصبهانيّ الجزّوريّ المؤدّب. روى عَنْ لُوَيْن نسخةً، وعن: محمد بْن حاتم المؤدِّب. وأبي عُمَر الدُّوريّ، وأحمد ويعقوب ابني الدَّوْرقيّ، وعليّ بْن مُسْلِم الطُّوسيّ. روى عنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ، وأبو أبي نعيم، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو جعفر بن المرزبان، وسماعه منه سنة خمس وثلاثمائة. 608- محمد بْن أحمد بْن الحُسين الأهوازيّ الْجُرَيْجيّ الحافظ2: جَمَع حديث ابن جُرَيْج، ورحل وطوّف. ولم يكن ثقة. روى عَنْ: يوسف بْن موسى القطّان، ومحمد بن المُثَنَّى، والأشجّ، وطبقتهم. روى عَنْهُ: ابن عديّ وقال: لقيته بتُسْتَر، وكان مقيمًا بها يُحَدِّثُ عمّن لم يَرَهُمْ. وسألتُ عَبْدان عَنْهُ فقال: كذَّاب. كتبَ عنّي حديث ابن جُرَيْج، وادّعاهُ عَنْ شيوخه. 609- محمد بْن أحمد بْن أبان: أبو العبّاس السُّلَميّ الرَّقّيّ الضّرّاب. سمع: لُوَيْنًا، وجماعة. وعنه: محمد بْن المظفّر، وأبو بَكْر بن المقرئ، وأبو الفتح محمد بْن الحُسين الْأَزْدِيّ، وآخرون. 610- محمد بن أحمد بن أزهر الدمشقي:   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 242". 2 الكامل في الضعفاء لابن عدي "6/ 2301، 2302"، وميزان الاعتدال "3/ 460". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 233 عَنْ: أَبِي إِسْحَاق الجوزجانيّ، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد. وعنه: أبو هاشم المؤدّب، وأبو سليمان بْن زبْر الدمشقيّان. 611- محمد بْن أحمد بْن الوليد بْن يزيد1: أبو بَكْر الثَّقْفيّ المَدِينيّ. ثقة أمين، مِن أولاد الملوك. سمع: سعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وعصام بْن روّاد العسقلانيّ، ومتوكّل بْن أَبِي سَورَة المصِّيصيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيْخ، وآخرون. 612- محمد بْن أحمد بْن عثمان2: أبو طاهر المَدِينيّ، نزيل مصر. روى عَنْ: يحيى بْن سليمان الْجُعْفيّ، ويحيي بْن دُرُسْت، وحَرْمَلَة بْن يحيى. قَالَ ابن عديّ: كتبت عَنْهُ، وكان يُحمل عَلَى حِفْظه. وقد أُصيب بكُتُبه وحدَّثَ بمناكير. قلت: وروى عَنْهُ ابن يونس. 613- محمد بْن أحمد بْن يزيد الزُّهْرِيّ3: أبو عبد الله الإصبهانيّ الحافظ. طلب في حدود الخمسين ومائتين، وسمع من: سَعِيد بْن عيسى الكُرَيْزيّ، ويحيى بْن واقد الطّائيّ صاحب هُشَيْم، وإسماعيل بْن يزيد القطّان، وأحمد بن الفرات، ومحمد بن عصام جبر، وخلق. وعنه: الطبراني، وأبو الشيخ، وابن المقرئ، وعبد الله والد أبي نعيم، وغيرهم. قال أبو الشيخ: لم يكن بالقوي في الحديث. وهو أخو أبي صالح الأعرج عبد الرحمن، والراوي عَنْ حُمَيْد بْن مَسْعَدَة الّذي مرّ سنة ثلاثمائة.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 24". 2 الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 39"، "2872"، وميزان الاعتدال "3/ 460". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 107". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 234 614- محمد بْن أحمد بْن يزيد ورْكشين1: أبو عبد الله البلْخيّ، ويُعرف بالأزرق. حدَّثَ عَنْ: عليّ بْن المَدِينيّ، وهشام بن عمّار. وعنه: أبو بكر الربعي، وعبد الله بن عدي وضعفه. قُلْتُ: ثُمَّ رَوَى عَنْهُ حَدِيثًا بِإِسْنَادِ الصَّحِيحِ مَرْفُوعًا: "إِنَّ اللَّهَ ائْتَمَنَ عَلَى وَحْيِهِ جبريل ومحمد وَمُعَاوِيَةَ". وَهَذَا مِنْ وَضْعِهِ. 615- محمد بْن إبراهيم بْن محمد بْن الوليد: الحافظ أبو عبد الله الأصبهاني الكتاني، ونزيل سمرقنْد. ذكره يحيي بْن مَنْدَه غير مطوَّل فقال: كَانَ من أئمّة الحديث، والمعتمد عَلَيْهِ في معرفة الصّحابة والعِلَل. جالس أبا حاتم الرّازيّ، وأبا زُرْعة، ومسلم بْن الحَجّاج، وصالح بْن محمد جَزَرَة، وأخذ عَنْهُمْ. وسكن سمرقنْد مدّةً طويلة. 616- محمد بْن جَبُّوَيْه بْن بُنْدار2: أبو جعفر الهَمْدانيّ. سمع: محمود بْن غَيْلان، ومحمد بن عبيد الهمذاني، وسَلَمَةَ بْن شبيب. وعنه: محمد بْن محمد الصّفّار، وأحمد بْن محمد بْن صالح، والفضل بْن الفضل، وجبريل بْن محمد الهمذانيُّون. وكان صدوقًا خيّرًا. وهو أخو إبراهيم، وتُوُفّي إبراهيم قبله، وسمع معه من جماعة، منهم محمد عن عُبَيْد. 617- محمد بْن جعفر بْن طُرْخان الإسْتراباذيّ: روى عَنْ: أَبِيهِ، وإسماعيل بْن موسى السُّديّ، وأحمد بن منيع، وابن أبي عمر العدني، وطبقتهم.   1 ميزان الاعتدال "3/ 455"، والمغني في الضعفاء "2/ 547"، "5232". 2 راجع الإكمال لابن ماكولا "2/ 364"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 139". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 235 وعنه: ابن عدي، ومحمد بن إبراهيم، وجماعة. من شيوخ أبي سعد الإدريسي وقال: كَانَ ثقة. 618- محمد بْن جعفر بْن يحيى بْن رَزِين1: أبو بَكْر العُقَيْليّ الحمصيّ العطّار. سمع: هشام بن عمّار، وإِسْحَاق بْن إبراهيم بْن العلاء؛ ووالد هذا إبراهيم بْن العلاء بْن زِبْريق. وعنه: يحيى بْن مِسْعَر المَعَرِّيّ، والقاضي المَيَانِجيّ، وابن المقرئ، والقاضي أَبِي بَكْر الأبْهَريّ، والحسن بْن عَبْد اللَّه الكِنْديّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لَيْسَ بهِ بأس. 619- محمد بْن الحُسن بْن الخليل النَسَويّ: أبو عبد الله. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وعَبْد اللَّه بْن معاوية الْجُمَحيّ، وأبا كُرَيْب. وعنه: ابن نُجَيْد، وأبو حاتم بْن حِبّان، وعليّ بْن عيسى المالينيّ. 620- محمد بْن حصْن بْن خَالِد2: أبو عبد الله الألُوسيّ. حدَّثَ بدمشق عَنْ: نصْر بْن عليّ، ومحمد بن مَعْمَر البَحْرانيّ، ومحمد بن زنبور، وجماعة. وعنه: محمد بن حميد بن معيوف، والطبراني، والمقرئ. 621- محمد بْن سليمان بْن محبوب3: أبو عبد الله البغدادي الحافظ، الملقب بالسخل. حدث عَنْ: محمد بْن عوف الحمصيّ، وطبقته.   1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "4/ 142، 143"، "1356". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 78"، وفيه: "محمد بن حصين الأويسي". 3 تاريخ بغداد "5/ 300"، "2804". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 236 روى عَنْهُ: الْجِعَابيّ، وإِسْحَاق النِّعَاليّ، ومحمد بن المظفّر. 622- محمد بْن صالح بْن عَبْد اللَّه الطَّبَريّ: أبو الحَسَن السَّرَوِيّ. روى عَنْ: عَبْد الجبّار بْن العلاء، وأبي كُرَيْب، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وبندار. وعنه: أحمد بن سعيد المعداني، وعلي بن الحسن بن الربيع الفقيه، وجبريل بن محمد، والهمدانيون. فيه لين. 623- محمد بن سلمة بن قرباء1: أبو عبد الله الربعي البغدادي. نزيل عسقلان. حدث عَنْ: بِشْر بْن الوليد، وأحمد بْن المِقْدام، ومحمود بْن خداش. وعنه: عبد الله بن عدي، وأبو حاتم بن حبان، وأبو بكر بن المقرئ. قال الدارقطني: ليس بالقوي. 624- محمد بن سهل البغدادي العطار2: مولى بني أسد. روى عَنْ: مُضارب بْن نُزَيْك الكلْبيّ، وعُمَر بْن عَبْد الجبّار، وعَبْد اللَّه البَلَويّ، وطائفة مجهولين. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الشّافعيّ، والجِعَابيّ، ومَخْلَد البَاقّرْحيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: متروك. وقال مرّة: كَانَ يضع الحديث. 625- محمد بن صالح بن عبد الرحمن بن حماد3:   1 تاريخ بغداد "5/ 346"، والميزان "3/ 568". 2 تاريخ بغداد "2829"، وميزان الاعتدال "3/ 576". 3 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "38/ 114". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 237 أبو العبّاس بْن أَبِي عِصْمة التَّميميّ الدّمشقيّ. روى عَنْ: جاره هشام بن عمّار، وهشام بْن خَالِد، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن إِسْحَاق الصّفّار، والخضر الأسْيُوطيّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وابن المقرئ، وجماعة. 626- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن إبراهيم1: أبو بَكْر الأشْنانيّ العَنْبريّ. حدَّثَ ببغداد عَنْ: عليّ بْن الْجَعْد، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وهذه الطبقة. وعنه: علي بن الحسن الجراحي، وأبو بكر أحمد بن شاذان. وعنه قَالَ الخطيب: إنّه كَانَ يضع الحديث. وقال الدَّارَقُطْنيّ: دجّال. 627- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن المنتجِع2: أبو عَمْرو المَرْوَزِيّ. ثقة؛ سمع: عليّ بْن خَشْرَم. وعنه: أبو الحُسين بْن المظفّر، وأبو الحَسَن الحربيّ. 628- محمد بْن عَبْد اللَّه3: أبو بَكْر الزقاق. من كبار مشايخ الصُّوفيّة. لَهُ كرامات. 629- محمد بن عبد الله بن يوسف4:   1 تاريخ بغداد "5/ 439-442"، والميزان "3/ 604". 2 تاريخ بغداد "5/ 436"، "2957". 3 البداية والنهاية "11/ 97"، وطبقات الأولياء "311، 312"، "68"، وفيه: "أبو بكر الزقاق الصغير". 4 تاريخ بغداد "5/ 444"، "2966". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 238 أبو بَكْر المهريّ. عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة. وعنه: أبو بَكْر بْن شاذان. 630- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن بلال الجوهريّ المقرئ1: عَنْ: محمد بْن وزير، وشعيب بْن عَمْرو الدّمشقيَّيْن. وعنه: الفضل بْن جعفر، وأبو هاشم المؤدّب. 631- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام2: أبو جعفر الرَّمْليّ. روى عَنْ: هشام بن عمّار. وعنه: ابن المقرئ. 632- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3: أَبُو الأصْيَد الدّمشقيّ الْأَزْدِيّ الْإِمَام. روى عَنْ: إبراهيم الجوزجانيّ، وأبي أميّة الطَّرَسُوسيّ. وعنه: أبو عليّ بْن منير، وأبو هاشم المؤدب، والفضل بن جعفر الدمشقيين. 633- محمد بْن عُبَيْد اللَّه4: أبو جعفر البغداديّ الحافظ، ختن أَبِي الآذان. حدَّثَ عَنْ: هلال بْن العلاء، وعثمان بْن خُرزَاد، وجعفر بْن أَبِي عثمان الطَّيالِسيّ. وعنه: محمد بْن عُمَر الْجِعَابيّ، وأبو الفتح الْأَزْدِيّ، وابن عديّ. قَالَ الدارقطني: كان مخلطًا.   1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "4/ 238"، "1491". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "37/ 482". 3 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية 37/ 465". 4 ميزان الاعتدال "3/ 627"، "7909". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 239 634- محمد بْن عُبَيْد بْن وردان: أبو عَمْرو الدّمشقيّ. سمع: هشام بن عمّار، وابن ذَكْوان، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه. وعنه: ابن الأعرابيّ، وجُمَح المؤذّن، وأبو أحمد بْن عديّ. 635- محمد بْن عَبْدُوس بْن مالك1: أبو الحَسَن الثَّقْفيّ الطّحّان. فقيه، مناظر كبير مِن أهل إصبهان. سمع: أبا مُصْعَب، وعيسى بْن حمّاد، وأبا شعيب السُّوسيّ؛ ورحل مَعَ إبراهيم بْن مَتُّوَيْه. روى عَنْهُ: محمد بْن جعفر بْن يوسف، ومحمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن الفضل. 636- محمد بْن عليّ بْن سالم بْن علّك2: أبو جعفر الهَمْدانيّ. سَمِعَ: محمدَ بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي رزمة، ومحمد بن عُبَيْد الأَسَديّ، ومحمود بْن غَيْلان. وعنه: عُمَر بْن خرجة، وعُمَر بْن يحيى الدِّيَنَوَريّ. 637- محمد بْن عُمَيْر بْن عَبْد السّلام الرَّمْليّ: عَنْ: هشام بن عمّار. وعنه: ابن المقرئ. 638- محمد بْن عَون الوحيديّ: عَنْ: هشام أيضًا. وعنه: أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 226". 2 تاريخ بغداد "3/ 66"، "1024". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 240 639- محمد بْن المُعَافَى بْن أحمد بْن أَبِي كريمة1: أبو عبد الله الصَّيْداويّ. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وهشام بْن خَالِد، والقاسم الْجُوعيّ، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وجماعة. وعنه: محمد بْن حُمَيْد بْن مَعْيُوف، وأحمد بْن محمد بْن جُمَيْع ووصفه بالصَّدْق؛ ويوسف بْن القاسم المَيَانِجيّ، وأبو يَعْلَى عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي كريمة، وابن عديّ، وابن المقرئ. وكان ثقة عالمًا، حدَّثَ سنة عشر. 640- محمد بْن هارون بْن مجمّع2: أبو الحَسَن المصِّيصيّ. نزيل بغداد. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، ومحمد بن قُدَامة الجوهريّ. وعنه: عُمَر بْن جعفر الْبَصْرِيّ، ومحمد بن عُمَر الْجِعَابيّ، وابن السّمّاك. قَالَ الخطيب: ثقة صالح، خيّر. 641- محمد بْن هاشم3، ويقال: ابن هشام: أبو صالح العُذْريّ الْجِسْرينيّ الغُوطيّ. سمع: زُهير بْن عَبّاد، ومحمد بن أَبِي السَّرِيّ، والمسيّب بْن واضح. وعنه: أحمد بْن سليمان بْن حَذْلَم، وأبو الطيب أحمد بن عبد الله الدارمي، وأبو عليّ بْن شعيب. 642- محمد بْن يحيى بن داود4: أبو بكر الدمشقي.   1 تاريخ جرجان "416"، وشذرات الذهب "3/ 48". 2 تاريخ بغداد "3/ 357"، "1462". 3 معجم البلدان "2/ 140". 4 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "40/ 210". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 241 مولى بني هاشم. سمع: محمد بْن وزير، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وقاسمًا الْجُوعيّ، ومؤمّل بْن إهاب. وعنه: أبو عليّ بْن أَبِي الرَّمْرام، وأبو هاشم المؤدِّب، ومحمد بن جعفر الصَّيْداويّ. 643- محسن بْن محمد بْن خَالِد بْن عَبْد السّلام الصَّدَفيّ الْمَصْرِيّ. سمع جَدّه خَالِد. 644- محمود بْن محمد بْن الفضل بْن الصّبّاح. أبو العبّاس التَّميميّ الرّافقيّ المقرئ الأديب. سمع: عليّ بْن عثمان النُّفَيْليّ، وأبا شُعيب صالح بْن زياد السُّوسيّ، ويزيد بْن محمد بْن سِنان، وجماعة. وعنه: أبو الحُسين محمد الرّازيّ، وأبو هاشم المؤدِّب، وأحمد بْن عليّ أبو الخير الحمصيّ، وحُمَيْد بْن الحَسَن الورّاق، وجماعة. روى عَنْهُ قراءة السُّوسيّ بسماعه منه أحمد بن إسحاق البارودي، وغيره. 645- مَسْلَمَة بْن الهيصم1: أبو محمد العبْديّ الإصبهانيّ. سمع: خَالِد بْن يوسف السَّمتيّ، ومحمد بن بشّار، وأبا موسى، والعبّاس الرّياشيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف. 646- موسى بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه: أبو عيسى الخُتّليّ. عَنْ: دَاوُد بْن رُشَيْد، وعَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أبان، وأبي يَعْلَى المِنْقَريّ، وجماعة.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 323"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 117". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 242 وعنه: ابن الأنباريّ، وابن مُقْسِم، وأبو عليّ بْن الصّوَّاف، والحسن بْن أحمد بْن صالح السَّبِيعيّ، وآخرون. ما بهِ بأس. 647- محمد بْن محمد بْن خَالِد بْن شيرزاد: أبو بَكْر الهورانيّ قاضي تِكْريت. وقيل: اسمه: أحمد. عَنْ: لُوَيْن، والحسين بْن عَبْد الرَّحْمَن الاحتياطيّ. وعنه: القَطِيعيّ، وابن المظفّر، ومحمد بن زيد بْن مروان. 648- ميمون بن عمر بن المغلوب المالكيّ1: أبو عُمَر القاضي، من أهل إفريقية. عمَّر دهرًا، وهو معدود في أصحاب سَحْنُون. وحجَّ وسمع "المُوَطّأ" من أَبِي المُصْعَب الزُّهْرِيّ، وهو آخر مَن حدَّثَ عَنْهُ بالمغرب. قَالَ ابن حارث المالكيّ: أدركته شيخًا كبيرًا زَمِنًا، ولي قضاء القيروان، وقضاء صِقِلّية. "حرف النون": 649- النُّعْمان بْن هارون بْن أَبِي الدِّلْهاث2: الشَّيْبانيّ البَلَديّ. حدَّثَ عَنْ: عيسى بْن أَبِي حرب، وسعيد بْن عَمْرو السَّكُونيّ. وعنه: محمد بْن المظفّر، وعلي الحربيّ. قَالَ الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرًا.   1 معالم الإيمان "2/ 356، 357"، والعبر "2/ 184". 2 تاريخ بغداد "13/ 423"، "7298". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 243 "حرف الهاء": 650- هارون بْن الحُسين، أو ابن الحَسَن1: أبو موسى النّجّاد. بغداديّ مستور. روى عَنْ: زيد بْن أخزم، وطبقته. وعنه: أحمد بْن جعفر الخلّال، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وغيرهما. 651- هارون بْن إبراهيم بْن حمّاد البغداديّ2: عَنْ: عَبَّاس الدُّوريّ. وعنه: سليمان الطَّبَرانيّ. فيه جهالة. 652- هارون بْن عَبْد الرَّحْمَن العُكْبَريّ3: سمع من أحمد بْن حنبل مسالةً، ومن: سعدان بْن نصر، ومحمد بن المُثَنَّى. وعنه: يحيى بْن محمد العُكْبَريّ، وابن بَخِيت. 653- هاشم بْن إِسْحَاق الأندلسيّ: سمع من: يونس بْن عَبْد الأعلى. "حرف الواو": 654- الوليد بْن المطّلب بْن نبيه. أبو العاص السَّهميّ الْمَصْرِيّ. عَنْ: هارون بْن سَعِيد الأَيْليّ. "حرف الياء": 655- يحيى بْن طَالِب. أبو زكريا الأنطاكي، ويقال: الطرسوسي الأكاف:   1 تاريخ بغداد "14/ 29"، "7367". 2 تاريخ بغداد "14/ 30"، "7368". 3 تاريخ بغداد "14/ 31"، "7370". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 244 سمع: هشام بن عمّار، وأبا نُعَيْم عُبَيْد بْن هشام الحلبيّ. وعنه: محمد بْن عيسى الطَّرَسُوسيّ، وعَبْد اللَّه بْن إبراهيم الآبَنْدُونيّ، وجماعة. 656- يحيى بْن عليّ بْن محمد بْن هاشم بْن مرداس: أبو عبد الله الكِنْديّ الحلبيّ. ويقال: أبو العبّاس. حدث عن عُبَيْد بْن هشام، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وعَبْدة بْن عَبْد الرحيم الدّمشقيّ، وطائفة. وعنه: أبو عليّ بْن شعيب، وابن عديّ، وابن المقرئ، وحمزة الكِنَانيّ، وطائفة سواهم. 657- يحيى بْن محمد بْن عمران الحلبي1، ثم البالسي: عن: هشام بن عمّار، ودُحَيْم، وطبقتهما. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر النّقّاش، وابن عديّ، وحمزة الكِنَانيّ. 658- يُسْر بْن أنس2: أبو الخير البغداديّ البزّاز. سمع: الحُسين بْن حُرَيْث، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وطبقتهما. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، والطَّبَرانيّ، وابن المظفّر، وأبو القاسم بْن النّحّاس، وعبد العزيز الخِرَقيّ. وثّقه الخطيب. 659- يعقوب بْن إِسْحَاق. أبو يوسف العطّار: عَنْ: هشام بن عمّار. وعنه: ابن المقرئ، وعليّ بْن الحُسين الأدميّ. نزل أنطاكية. 660- يعقوب بْن يوسف بن خازم الطحان3:   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 142". 2 تاريخ بغداد "14/ 361"، "7686". 3 تاريخ بغداد "14/ 293"، "7596". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 245 عَنْ: ابن أَبِي مذعور، والزُّبَير بْن بكّار، وأحمد بْن المِقْدام. وعنه: أبو حفص الزّيّات، وعُمَر بْن سُنْبُك، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. وثّقه الخطيب. 661- يوسف بْن يعقوب بْن مِهْران1. أبو عيسى الفقيه. بغداديّ مستور. روى عَنْ: محمد بْن عثمان بْن كرامة، وداود الظّاهريّ. وعنه: الزبير بن عبد الواحد، وابن المظفر، والجراحي. "الكنى": 662- أبو عبد الرحمن اللهبي2، وأبو جعفر اللهبي: مكيان مقرئان. قرءا على أبي الحسن البزي. فقرأ على الأول: هبة الله بن جعفر البغدادي شيخ الحمامي. قال الحمامي: سألت هبة الله عَنِ اسم اللَّهْبيّ فقال: لَا أعرفه. وهو أبو عَبْد الرَّحْمَن عَبْد اللَّه بْن عليّ؛ هاشميّ من ولد عُتْبة بْن أَبِي لَهْب. قلتُ: وأمّا الثاني، فقال أبو عَمْرو الدّانيّ: 663- أبو جعفر محمد بْن عَبْد اللَّه اللَّهْبيّ: أخذ القراءة عَنِ البزّيّ عَرْضًا. روى عَنْهُ القراءة عَرْضًا: علي بن سعيد بن دوابة، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الوليّ. ولهما ثالث وهو: 664- أبو العبّاس أحمد بْن محمد اللَّهْبيّ: قرأ أيضًا عَلَى البزّيّ. قرأ عَلَيْهِ: ابن دوابة.   1 تاريخ بغداد "14/ 319"، "7640". 2 غاية النهاية "1/ 436"، "819". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 246 الطبقة الثانية والثلاثون أحداث سنة إحدى عشر وثلاثمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثانية والثلاثين: أحداث سنة إحدى عشر وثلاثمائة: ذكر عزل حامد بن العباس عن الوزارة: وفيها: عُزِل عَنِ الوزارة حامد بْن العبّاس، علي بْن عيسى، وقُلَّدها أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن الفُرات. وهذه ثالث مرّة يُعاد1. ثمّ صُودرَ حامد وعُذب. وكان فيه زُعارة وطَيش فيما قَالَ المسعوديّ. قَالَ: كلّمهُ إنسانٌ، فقلبَ ثيابه عَلَى كتفه ولَكَمَ الرجل. ودخلت عليه أم موسى القهرمانة، وكانت كبيرة المحل، فخاطبته في طلب المال، فقال لها: اضْرِطي والتَقطي، واحسُبي لَا تَغْلطي. فأخجلها. وبلغ المقتدر فضحك، وأمرَ القِيان تغنّي بهِ. وجَرَت له فصول وتجلُّد عَلَى الضَّرْب، وأُحْدِرَ إلى واسط، فمات في الطّريق. وكان قديمًا قد ولي نظر بلاد فارس. ثمّ ولي نظر واسط، والبصرة وكان موسرًا متجملًا، له أربعمائة مملوك كلّهم يحمل السّلاح، وفيهم أُمراء. وَزَرَ للمقتدر سنة ست وثلاثمائة، وكان سمْحًا جوادًا مِعْطَاءً ظالمًا. لَهُ أخبار في الظلم وفي الكرم. ولّما أحدر إلى واسط سُمَّ في الطريق في بيض نيمرشت، فأخذه الإسهال حتّى تلف ومات في رمضان، سامحه الله تعالى. ذكر عزل عليّ بْن عيسى: وسُلِّمَ عليّ بْن عيسى إلى المحسّن بْن أَبِي الحَسَن بْن الفُرات، فقيَّدهُ وأهانه، فقال: واللَّه ما أملك سوى ثلاثة آلاف دينار، وما أَنَا من أهل الخيانة2. وحضر نازوك صاحب شرطة بغداد، والمحسّن قد أحضر عليًا وشرع يشتمه، فقام   1 راجع صلة تاريخ الطبري لعريب القرطبي "97"، وتكملة تاريخ الطبري للهمذاني "1/ 31، 32"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 173"، ونهاية الأرب للنويري "23/ 62"، والنجوم الزاهرة "3/ 207"، وصحيح التوثيق "7/ 372". 2 الكامل في التاريخ "8/ 142"، والمنتظم "6/ 173". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 247 نازوك. فقال لَهُ المحسّن: إلى أَيْنَ؟ فقال: قد قبّلنا يدَ هذا الشَّيْخ سنين كثيرة، فما يطيب لي أنّ أراه عَلَى هذه الحال. ودخلَ عَلَى المقتدر فأخبره فأنكر إنكارًا شديدًا. فبعث ابنُ الفُرات إلى ابنه يشتمه ويسبّه، وبعثَ إلى عليّ بْن عيسى بمالٍ وحمله مُكَرَّمًا إلى داره. فسأل الخروج إلى مكة. فأذنوا له فخرج إليها1. ذكر نكبة ابن مُقْلَة: ونكب ابن الفُرات أبا عليّ بْن مُقْلَة، وكان كاتبًا بين يدي حامد بن العباس. ذكر إخراج مؤنس الخادم إلى الرقّة 2: وقدَمَ مؤنس بغداد، فالتقاه الملأ، فانكر ما جرى عَلَى حامد وابن عيسى فعزَّ عَلَى ابن الفُرات فاجتمع بالمقتدر وأغراه بمؤنس، وقال: قد عزمَ عَلَى التحكم عَلَى الخلافة. فلمّا دخل مؤنس عَلَى المقتدر قَالَ لَهُ: ما شيء أحبّ إليّ من إقامتك ببغداد، ولكن قد قلت: الأموال بالعراق، وعسكرك يحتاجون إلى الأرزاق، ومال مصر والشّام كثير. وأرى أنّ تقيم بالرقة، والأموال تحمل إليك من الجهات، فاخرج3. ذكر تفرُّغ ابن الفُرات لنكبة ابن الحاجب وشفيع المقتدريّ: وعلم مؤنس أنّ هذا من تدبير ابن الفُرات، وكان بينهما عداوة، فخرج بعد أيام مستوحشًا. فتفرّغ ابن الفُرات في نكبة نَصْر بْن الحاجب، وشفيع المقتدري، وكثر عليهما عند المقتدر، فلم يمكنه منهما، فقال: إنّ نصرًا ضيَّع عليك في شأن ابن أَبِي السّاج خمسة آلاف ألف دينار، ولو كانت باقية لأرضيت بها الْجُنْد. فكان المقتدر يشره إلى المال مرّةً، ويراعي خاطر والدته لمدافعتها عَنْ نصر مرةً، وقالت لَهُ: قد أبعدَ ابن الفُرات مؤنسًا وهو سيفك، ويريد أنّ ينكب حاجبك ليتمكّن منك، فيجازيك عَلَى حسب ما عاملته من إزالة نعمته وهتْك حُرَمهِ، فَبِمَن تستعين عَلَى ابن الفُرات، والمحسّن مَعَ ما قد   1 تجارب الأمم "1/ 110-113". 2 الكامل في التاريخ "8/ 142". 3 البداية والنهاية "11/ 148"، والوزراء للصابي "53". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 248 ظهر من شرهما واستحلالهما الدّماء إنّ خَلَعاك؟ واتفق أنه وجد في دلو المقتدر أعجمي دخل مَعَ الصناع، فأخذ وقرر فلم يقر بشيء، ولم يزد عَلَى غَيّ دائم، فصُلب وأحرق. فقيل: إنّ ابن الفُرات قَالَ لنَصْر بحضرة المقتدر: ما أحسبك ترضى لنفسك أنّ يجري في دارك ما جرى في دار أمير المؤمنين وأنت حاجبه، وما تمّ هذا عَلَى أحدٍ من الخلفاء. وكثَّر على نصر، وجرت بينهما منافسة1. ذكر ردّ المواريث: وفي شَعْبان أمَرَ المقتدر بردّ المواريث إلى ما صيّرها المعتضد من توريث ذوي الأرحام2. ذكر دخول الجنابيّ البصرة: وفيها دخل أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي القرمطي البصرة في ربيع الآخر في السَّحَر في ألف وسبعمائة فارس، ونصبَ السِّلالم، وصعدوا عَلَى الأسوار، ونزلوا البلد، ففتحوا الأبواب، ووضع السيف في الناس، وأحرق الجامع ومسجد طلحة، فهرب النّاس ورموا نفوسهم في الماء، فغرق خلق، واستباح الحريم والأموال3. ذكر إشخاص الماذرائيّ إلى بغداد: وفيها: كتب ابن الفُرات بإشخاص الحُسين بْن أحمد الماذرائيّ وأبي بَكْر محمد بْن عليّ من مصر إلى بغداد، وصادرهما، وأخذ منهما مائتي ألف دينار. ذكر ولاية الراشديّ دمشق: وفيها: ولي إمرة دمشق عُمَر الراشديّ الّذي ولي الرملة بعد ذَلِكَ، ومات بها سنة أربع عشرة وثلاثمائة.   1 تكملة تاريخ الطبري "42، 43"، للهمذاني، وتجارب الأمم "1/ 117". 2 صلة تاريخ الطبري "102"، لعُريب، والبداية والنهاية "11/ 148". 3 تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء للأصفهاني "153"، والمنتظم "6/ 173، 174"، والعبر "2/ 147"، والبداية والنهاية "11/ 147". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 249 ذكر صرف ابن حربَوَيْه عَنْ قضاء مصر: وفيها: صرف أبو عُبَيْد بْن حربَوَيْه من قضاء مصر، وتأسف النَّاس عَلَيْهِ، وفرح هُوَ بالعزل وانشرح لَهُ. وولي قضاء مصر بعده أبو يحيي عَبْد اللَّه بْن إبراهيم بْن مُكْرَم فاستنابَ عَنْهُ أبا الذِّكْر محمد بْن يحيى الأسوانيّ المالكيّ. وقدِم بعد شهرين إبراهيم بْن محمد الكُرَيْزيّ، فحكم عَلَى ديار مصر من قبل ابن مكرم. ذكر ظهور شاكر الزّاهد: وفي هذه الحدود أو بعدها ظهر شاكر الزّاهد صاحب الحلّاج، وكان من أهل بغداد1. قَالَ السُّلَميّ في "تاريخ الصُّوفيّة": شاكر خادم الحلّاج كَانَ متهمًا مثله، حكى عَنْهُ حكايات كثيرة، وأخرج كلامه إلى الناس، فضربت عنقه بباب الطاق2.   1 النجوم الزاهرة "3/ 207". 2 انظر المصدر السابق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 250 أحداث سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة ... أحداث سنة اثنتي عشرة: ذكر وقوع ركْب العراق في أسر الْجَنَّابي: في ثاني عشر المحرم عارض أبو طاهر بْن أَبِي سَعِيد الْجَنَّابيّ رَكْبَ العراق قريبًا من الهبير، وعمره يومئذ سبْع عشرة سنة، وهو في ألف فارس وألف راجل. وكان في الركب أبو الهيجاء عَبْد اللَّه بْن حمدان، وأحمد بْن بدر عمّ السيّدة، وشقيق الخادم، فأسرهم الْجَنَّابيّ وأخذ الأموال والجِمال والحريم، وسارَ بهم إلى هَجَر، وترك بقيّة الركب، فماتوا جوعًا وعطشًا إلّا القليل. وبلغ الخبر بغداد، فكثر فيها النوح والبكاء1.   1 صلة تاريخ الطبري "103، 104"، لعريب، والوزراء للصابي "57"، والتنبيه والإشراف "330"، ونهاية الأرب "23/ 67"، والعبر "2/ 150، 151"، والبداية والنهاية "11/ 149، 150"، وصحيح التوثيق "7/ 374". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 250 ذكر ضعف أمر ابن الفُرات: وضعُف أمر ابن الفُرات، واستدعى نَصْر الحاجب يستشيره بعدما أساءَ إِلَيْهِ فقال: الآن تستشيرني بعد أنّ عرضت الدولة للزوال بإبعادك مؤنسًا. وأخذ يعنفه، ثم التفت إلى المقتدر وقال: الآن كاتب مؤنسًا ليُسرع إلى الحضرة فكتبَ1. ووثبت العامّة عَلَى ابن الفُرات، ورجمت طيّارته بالآجر وصاحوا عَلَيْهِ: أنت القرمطي الكبير. وامتنع الناس من الصَّلَوات في المساجد. وسار ياقوت الكبير إلى الكوفة ليضبطها، وأنفق في جنده خمسمائة ألف دينار. فقدم مؤنس ودخل عَلَى المقتدر، فلما عاد إلى داره ركب إِلَيْهِ ابن الفُرات للسّلام عَلَيْهِ، ولم تجر بذلك عادة الوزراء قبله. فخرج مؤنس إلى باب داره، وخضع لَهُ وقبّل يده. وكان في حبْس ابنه المحسّن جماعة صادرهم، فخاف العزل، وأن يظهر عَلَيْهِ ما أخذ منهم، فأمر بذبح عَبْد الوهّاب بْن ما شاء اللَّه، ومؤنس خادم حامد، وسم إبراهيم أخا عليّ بْن عيسى، فكثر ضجيج حرم المقتولين على بابه2. ذكر القبض عَلَى ابن الفُرات: ثم إنّ المقتدر قبض عَلَى ابن الفُرات وسلمه إلى مؤنس، فرفعه مؤنس وخاطبه بالجميل وعاتبه، فتذلل لَهُ وخاطبه بالأستاذ فقال: الساعة تخاطبني بالأستاذ، وأمس تخرجني إلى الرَّقَّةِ عَلَى سبيل النَّفْيِ؟! واختفى المحسّن وصاحت العامّة وقالوا: قبض عَلَى القرمطي الكبير، وبقي الصغير. واعتقل ابن الفُرات وآلهُ بدار الخلافة3. وزارة الخاقانيّ: واستوزر عَبْد اللَّه بْن محمد الخاقانيّ. وصاحت العامّة وقالوا: لَا نرضى حتّى يُسَلّم ابن الفُرات إلى شفيع اللؤلؤي. فتسلمه شفيع. وكان الخاقاخني قد استتر أيام ابن الفُرات خوفًا منه. وأمر المقتدر بتسليمه إلى   1 تاريخ أخبار القرامطة "39"، والمنتظم "6/ 188". 2 تجارب الأمم "1/ 123-126"، والعبر "2/ 151". 3 المنتظم "6/ 189"، وتاريخ أخبار القرامطة "40". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 251 الخاقاني، فعذب بني الفُرات، واصطفى أموالهم، فقيل: أخذ منهم ألفي ألف دينار. ثم ظفر بالمحسن وهو في زي امرأة، قد احتضب في يديه ورجليه، فعذب وأخذ خطه بثلاث آلاف ألف دينار. فاتفق مؤنس، وهارون بْن غريب الخال، ونصر الحاجب عَلَى قتل ابن الفُرات وابنه، وكاشفوا المقتدر فقال: دعوني أفكر، فقالوا: نخاف شغب القواد والناس. فاستشار الخاقانيّ، فقال: لَا أدخل في سفك الدّماء، والمصلحة حملهما إلى دار الخلافة، فإذا أمنا أظهرا المال1. ذكر قتل ابن الفُرات وابنه: ثم لم يزالوا بالمقتدر حتّى أمر بقتلهما. فبدأ نازوك بالمحسّن فقتله، وجاء برأسه إلى أَبِيهِ، فارتاع. ثمّ ضرب عنقه2. وعاش ابن الفرات في إحدى وسبعين سنة، وابنه ثلاثًا وثلاثين سنة، وعاشا بعد حامد الوزير ستة أشهر. ذكر إطلاق القرمطيّ لأبي الهيجاء من الأسر: ثم إنّ القَرْمَطيّ أطلق أبا الهيجاء بن حمدان، فقدم بغداد. وبعث القرمطي يطلب من المقتدر البصرة والأهواز. فذكر ابن حمدان أنّ القَرْمَطيّ قتل من الحَجّاج ألفي رَجُل ومائتين، ومن النساء ثلاثمائة، وبقي في أسره بهجر مثلهم3. ذكر فتح فرغانة: وفيها فتحت فرغانة عَلَى يد والي خراسان4: ذكر إطلاق ولدي ابن الفُرات: وأطلق أبو نَصْر وأبو عبد الله ولدا أَبِي الحَسَن بْن الفرات وخلع عليهما.   1 راجع تكملة تاريخ الطبري "45"، وتجارب الأمم "1/ 138". 2 الوزراء للصابي "71"، والمنتظم "6/ 189"، والبداية والنهاية "11/ 150". 3 العيوان والحدائق "4ق1/ 315"، ومرآة الجنان "2/ 265". 4 العبر "2/ 152"، والنجوم الزاهرة "3/ 212". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 252 وقد وزر ابن الفُرات ثلاث مرات، وملك من المال ما يزيد عَلَى عشرة آلاف ألف دينار، وأودعَ المال عند وجوه بغداد. وكان جبّارًا فاتكًا، وفيه كرم وسياسة1.   1 النجوم الزاهرة "3/ 212". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 253 أحداث سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة : ذكر دخول القَرْمَطيّ الكوفة ونهبها: فيها: سار الحُجّاج من بغداد ومعهم جعفر بْن ورقاء في ألف فارس، فلقيهم القَرْمَطيّ بزبالة، فناوشهم الحرب، ورجع الناس إلى بغداد. ونزل القَرْمَطيّ عَلَى الكوفة فقاتلوه فغلبهم، ودخل البلد ونهبَ ما لَا يُحصى. فندب المقتدر مؤنسًا الخادم لحرب القرمطي، وجهزهم بألف ألف دينار1. ذكر عزل الخاقاني من الوزارة: وفيها: عزل أبو القاسم الخاقاني الوزير، فكانت وزارته، سنة وستة أشهر، واستوزر أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن الخصيب، فسلم إِلَيْهِ الخاقانيّ، فصادره وكتابه، وأخذ أموالهم2. ذكر كثرة الرطب ببغداد: وفيها: كَانَ الرطب كثيرًا ببغداد حتّى أبيع كلّ ثمانية أرطال بحبة3. ذكر كشف مصر: وفيها قدِم مصر عليّ بْن عيسى الوزير من مكّة ليكشفها، وخرج بعد ثلاثة أشهر إلى الرملة4.   1 تاريخ حلب للعظيمي "284"، والمنتظم "6/ 196"، ومرآة الجنان "2/ 266"، والبداية والنهاية "11/ 152". 2 مروج الذهب "4/ 305"، والتنبيه والإشراف "329"، والبداية "11/ 153". 3 المنتظم "6/ 196"، والنجوم الزاهرة "3/ 213". 4 البداية والنهاية "11/ 153"، والنجوم الزاهرة "3/ 213". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 253 ذكر عزل ابن مُكْرَم عَنْ قضاء مصر: وعزل عَنْ قضاء مصر عَبْد اللَّه بْن إبراهيم بْن مُكْرَم بهارون بْن إبراهيم بْن حمّاد القاضي من قبل المقتدر. فورد كتابه عَلَى قاضي مصر نيابة لابن مُكْرَم بأن يسلم القضاء إلى من نص عَلَيْهِ، وهو أبو عليّ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق الجوهريّ، وأحمد بْن عليّ بْن أَبِي الحَسَن الصغير، فتسلما القضاء من إبراهيم بْن محمد الكُرَيْزيّ، ثمّ انفرد بالحكم أبو عليّ الجوهريّ، وكان فقيهًا عاقلًا حاسبًا1.   1 حسن المحاضرة "2/ 119". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 254 أحداث سنة أربع عشرة وثلاثمائة : ذكر نزوح أهل مكة: فيها: نزح أهل مكة منها خوفًا من قرب القرمطي. ذكر دخول الروم مَلَطْية: وفيها: دخلت الروم مَلَطْية بالسيف، فقتلوا وسبوا، وبقوا بها أيامًا1. ذكر تجمد دجلة بالموصل: وفيها: جمدت دِجلة بالموصل، وعبرت عليها الدواب، وهذا لم يعهد2. ذكر ثلج بغداد: وسقط ثلوج كثيرة ببغداد3. ذكر امتناع حجّاج خراسان والعراق: وردّ حُجّاج خُراسان خوفًا من القَرْمَطيّ، ولم يحجّ الركب العراقي في هذين العامين4.   1 تجارب الأمم "1/ 147"، والبداية "11/ 153". 2 النجوم الزاهرة "3/ 215"، وتاريخ الخلفاء "382"، والمنتظم "6/ 201". 3 البداية والنهاية "11/ 154". 4 انظر المصدر السابق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 254 ذكر القبض عَلَى الوزير ابن الخصيب: وفيها: قبض عَلَى الوزير ابن الخصيب لاشتغاله باللهو واختلال الدولة، وأحضر الوزير عليّ بْن عيسى فأعيد إلى الوزارة1. ذكر وفاة ابن خاقان: وفيها: أطلق الوزير أبو القاسم عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عُبَيْد بْن يحيى بْن خاقان من حبس ابن الخصيب الوزير، وحمل إلى منزله، فمات في رجب2. ذكر منازلة الروم مَلَطْية: وفيها: جاشت الروم وأتت إلى مَلَطْية فنازلوها، وخربوا القرى، واشتدّ القتال عليها أيّامًا، ثمّ ترجَّلوا عَنْهَا. فذهب أكابرهم إلى السلطان يطلبون الغوث، فعادوا بغير إغاثة3. ذكر صرف الجوهريّ عَنْ قضاء مصر: وفيها: صُرف عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق الجوهريّ عَنِ القضاء، وولي أبو عثمانٍ أحمد بْن إبراهيم بْن حمّاد بْن إِسْحَاق بْن إسماعيل بْن حماد بْن زيد. ولّاهُ أخوه هارون، وكان إِلَيْهِ قضاء مصر، فبعث أخاه من جهته4.   1 انظر المصدر السابق. 2 تجارب الأمم "1/ 147". 3 انظر المصدر السابق. 4 الولاة والقضاة "483، 484". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 255 أحداث سنة خمس عشرة وثلاثمائة ... أحداث سنة خمس عشرة: ذكر إكرام المقتدر لعيسى بْن عليّ: في صَفَر قدِم عليّ بْن عيسى الوزير، فزاد المقتدر في إكرامه، وبعثَ إِلَيْهِ بالخلع وبعشرين ألف دينار. وركب من الغد في الدست، ثم أنشد: ما الناس إلّا مَعَ الدنيا وصاحبها ... فكيف ما انقلبت يومًا به انقلبوا الجزء: 23 ¦ الصفحة: 255 يعظموا أخا الدنيا فإن وثبت ... يومًا عَلَيْهِ بما لا يشتهي وثبوا1 ذكر انتهاب الروم سُمَيْساط: وفيها: وصلت الروم إلى سُمَيْساط وأخذوا من فيها وما فيها، وضربوا الناقوس في جامعها، فتهيأ مؤنس للخروج2. ذكر امتناع مؤنس من وداع المقتدر: ولمّا أراد وداع المقتدر جاءه خادم من خواصّ المقتدر فقال: إن الخليفة قد حفر لك زُبْيَةً بدار الشَّجرة، وأمر أنّ تفرد إذا دخلت، ويمر بك عَلَى الزُبْيَة، فتكون قبرك. فامتنع من وداع المقتدر. وركب إلى مؤنس الأمراء والغلّْمان كلّهم، ولم يبق بدار الخليفة أحد ولبسوا السّلاح، فقال لَهُ أبو الهيجاء عَبْد اللَّه بْن حمدان: أيها الأستاذ، لا تخف، فلتقاتلن بين يديك حتى تنبت لك لحية3. ذكر قدوم مؤنس عَلَى المقتدر: فبعث لَهُ المقتدر ورقة بخطه يحلف بالأيمان المغلظة عَلَى بطلان ما بلغه، ويعرفه أَنَّهُ يأتي الليلة ليحلف لَهُ مشافهة. فصرف مؤنس القواد إلى دار الخلافة، ولزم أبو الهيجاء باب مؤنس. وبعث المقتدر نصرًا الحاجب، فأحضروا مؤنسًا إلى الحضرة، فقبّل يدي المقتدر، فحلف لَهُ المقتدر أَنَّهُ صافي النية لَهُ وودعه. وسار إلى الثغور فالتقى مع الروم، وقتل منهم خلقًا4. ذكر ظهور الديلم عَلَى الريّ والجبال: وفيها: ظهرت الديلم عَلَى الرّيّ والجِبال، وأوّل من غلب لنكي بْن النُّعْمان فقتل خلقًا وذبح الأطفال5.   1 البداية والنهاية "11/ 154"، والنجوم الزاهرة "3/ 218"، والمنتظم "6/ 205". 2 العبر "2/ 160"، والبداية والنهاية "11/ 154". 3 تاريخ مختصر الدول "157". 4 الكامل في التاريخ "8/ 170"، والبداية "11/ 155". 5 الخبر في البداية والنهاية "11/ 155"، وتاريخ الخلفاء "382". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 256 ذكر تغلب ابن شِيرُوَيْه عَلَى قزوين: وغلب عَلَى قزوين أسفار بْن شِيرُوَيْه فغشم وظلم وتفرعن، فقتله حاشيته في الحمام. ذكر حرب ابن أبي الساج والقرامطة: وجاء القَرْمَطيّ إلى الكوفة، فجهز المقتدر لحربه يوسف بن أبي الساج فالتقوا، فنظر يوسف إلى القرامطة فاستقبلهم، وقاتلوا قتالًا شديدًا، وجرح من القرامطة بالنشاب المسموم نحو خمسمائة، وأبو طاهر القَرْمَطيّ في عارية حوله مائتا فارس، فنزل وركب فرسًا، وحمل عَلَى يوسف، والتحم القتال، وأُسِرَ في آخر النَّهار يوسف بْن أَبِي السّاج مجروحًا، وقتل من أصحابه عدّة وانهزم جيشه. فداوت القرامطة جراحاته وجاءت الأخبار إلى بغداد، فخاف الناسُ، وعسكر مؤنس بباب الأنبار1. ذكر نزول القرامطة عند الأنبار: وساق القَرْمَطيّ إلى أنّ نزل غربيّ الأنبار، فقطعوا الجسر بينهم وبينه عَلَى الفُرات. وأقام غربيّ الفُرات يتحيل في العُبُور. ثم عَبَر وأوقع بيزك المسلمين، فخرج نَصْر الحاجب والرجالة واهل بغداد إلى مؤنس، فكانوا أربعين ألفًا وأكثر، وخرج أبو الهيجاء بْن حمدان وإخوته أبو اليد، وأبو السرايا، وأبو العلاء. وتقدم نَصْر فنزل عَلَى نهر زبارا عَلَى نحو فرسخين من بغداد، وقطعت القنطرة في ذي القعدة. فلما أصبحوا جاءهم القَرْمَطيّ فحاذاهم، وبعث بين يديه أسود ينظر إلى المخاض، فرموه بالنشاب حتّى سار كالقنفذ، فعاد وأخبر أصحابه بان القنطرة مقطوعة. فأقامت القرامطة يومين، ثمّ ساروا نحو الأنبار، فما جسر أحدٌ يتبعهم، وهذا خذلان من اللَّه تعالى. فإن القَرْمَطيّ كَانَ في ألف فارس وسبعمائة راجل، وجيش العراق في أربعين ألف فارس2. وقال ثابت: إن معظم عسكر المقتدر انهزموا إلى بغداد قبل أن يعاينوا القرمطي لشدة رعبهم.   1 تاريخ ابن خلدون "3/ 278"، وتاريخ القرامطة "46، 47"، والمنتظم "6/ 208، 209". 2 التنبيه والإشراف "331، 332"، والعبر "2/ 161"، والبداية "11/ 155"، والنجوم الزاهرة "3/ 217". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 257 فوصل القرمطي الأنبار، فاعتقد من بها من الجند أنه جاء منهزما فخرجوا وقاتلوه، فقتل منهم مائة فارس، وانهزم الباقون. ذكر قتل ابن أَبِي الساج: ثمّ إنّ القَرْمَطيّ ضرب عُنق ابن أَبِي السّاج، وقتل جماعة من أصحابه. وهرب معظم أهل الجانب الغربيّ إلى الجانب الشرقي1. ذكر فشل القَرْمَطيّ في دخول هيت: وسار القَرْمَطيّ إلى هيت فدخل مؤنس بالعسكر إلى الأنبار، وقدم هارون بْن غريب، وسعيد بْن حمدان في جيش إلى هيت، فسبقا القَرْمَطيّ وصعدا عَلَى سورها، فقويت قلوب أهلها وحصنوها. فعمل القرمطي سلالم وزحف، فلم يقدر على نقبها، وقتلوا من أصحابه جماعة، فرحل عَنْهَا إلى البرية. وتصدق المقتدر وأمه بمال2. ذكر إنفاق المقتدر المال لحرب القرامطة: ولمّا جاء الخبر بقتل ابن أَبِي السّاج دخل عليّ بْن عيسى عَلَى المقتدر وقال: إنّه لَيْسَ في الخزائن شيء، ولم يتمّ عَلَى الإسلام شيء أعظم من هذا الكافر، وقد تمكنت هيبته من القلوب، فاتق اللَّه وخاطب السيدة في مال تنفقه في الجيش، وإلّا فما لك ولأصحابك إلّا أقاصي خُراسان. فدخلَ عَلَى والدته وأخبرها، فأخرجت خمسمائة ألف دينار، وأخرج المقتدر ثلاثمائة ألف دينار. وتجرد ابن عيسى في استخدام العساكر. ذكر الخلْع عَلَى بعض القرامطة: وورد من هيت نَصْر الحاجب ومعه ثلاثة عشر من القرامطة، فأمر المقتدر لهم بخلع وقال: لكونهم خامروا على القرمطي.   1 تكملة تاريخ الطبري للهمذاني "54"، وتاريخ ابن الوردي "1/ 259"، والبداية والنهاية "11/ 156". 2 تجارب الأمم "1/ 180"، والتنبيه والإشراف "332، 333"، والكامل في التاريخ "8/ 173". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 258 ذكر ولاية أَبِي الهيجاء: وولّى المقتدر أبا الهيجاء الجزيرة والموصل. ذكر شغب الْجُنْد ببغداد: ثمّ إنّ الْجُنْد اجتمعوا فشغبوا عَلَى المقتدر، وطلبوا الزيادة وشتموه ونهبوا القصر الملقب بالثريّا، وصاحوا: أبطلتَ حجنا وأخذت أموالنا وجرأت العدو وتنام نوم الجارية. فبذل لهم المال فسكتوا. وجددت عَلَى بغداد الخنادق وأصلحت الأسوار1. ذكر وفاة الجوهريّ ابن الجصّاص: وفيها: مات الحسين بن عبد الله الجوهري ابن الجصاص. وكان ابن طولون قَالَ: لَا يباع لنا شيء إلّا عَلَى يده2. وعنه قَالَ: كنتُ يومًا جالسًا في الدهليز، فخرجت قَهْرمانة معها مائة حبة جوهر، تساوي الحبة ألف دينار، فقالت: يحتاج هذا إلى خرط ليصغر فأخذته مسرعًا، وجمعت يومي ما قدرت عَلَيْهِ حتّى حصّلت مائة حبّة من النّوع الصغار، وأتيت القهرمانة فقلت: قد خرطنا هذا، وتقومت عليّ بمائة ألف درهم. وقد أسلفنا من أخباره لمّا صودر سنة اثنتين وثلاثمائة. قَالَ التّنُوخيّ: ولما صودر وجد في داره سبعمائة مزمّلة خيزران. وبلغت مصادرته ستة آلاف ألف دينار. وأطلق بعد المصادرة، فلم يبقَ لَهُ إلا ما قيمته سبعمائة ألف دينار. وكان مَعَ هذا فيه نوع بله وغفلة. لَهُ حكايات في المغفلين. مرضَ مرة بالحمى فقيل: كيف أنت؟ قَالَ: الدنيا كلّها محمومة. ونظر في المرآة يومًا فقال لرجل: ترى لحيتي طالت؟ فقال: المرآة في يدك. فقال: الشاهد يرى ما لَا يرى الحاضر.   1 تاريخ سِنيَّ ملوك الأرض "153، 154". 2 البداية والنهاية "11/ 156"، والمنتظم "6/ 211، 212"، ونشوار المحاضرة "2/ 312". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 259 ودخل يومًا عَلَى ابن الفُرات فقال: أيها الوزير، عندنا كلاب ما تدعنا ننام. قَالَ: لعلهم جري. قَالَ: لَا واللَّه، ألا كلُّ كلب مثلي ومثلك. وقيل: كَانَ يدعو ويقول: حسبي اللَّه وأنبياؤه وملائكته. اللهم أعد من بركة دعائنا عَلَى أهل القصور في قصورهم، وعلى أهل الكنائس في كنائسهم. وفرغ مرة من الأكل فقال: الحمد لله الذي لَا يحلف بأعظم منه. ونزل مَعَ الوزير الخاقانيّ في المركب وبيده بطيخة كافور، فبصق في وجه الوزير وألقى البطيخة في دجلة. ثم أخذ يعتذر قَالَ: أردت أنّ أبصق في وجهك والقي البطيخة في الماء، فغلطت. فقال: كذا فعلت يا جاهل. ومع هذا كَانَ سعيدًا متمّولًا محظوظًا. قَالَ أبو عليّ التنوخي في "نشواره": سَمِعْتُ الأمير جعفر بْن ورقاء يَقُولُ: اجتزت بابن الجصّاص، وكان بيننا مصاهرة، فرأيته عَلَى روشن داره وهو حافٍ حاسر، يعدو كالمجنون، فلمّا رآني استحيا، فقلت: ويلك ما لك؟ فقال: يحق لي أنّ يذهب عقلي، وقد أخذوا منّي كذا وكذا أمرا عظيمًا. فقلت مسليًا لَهُ: ما سَلْم لك يكفي. وإنما يقلق هذا القلق من يخاف الحاجة، فأصبر حتّى أواقفك، أنك غنيّ. قَالَ: هات. فقال: أليس دارك هذه بفرشها وآلاتها لك؟ وعقارك بالكرخ وضياعك؟ فما زلت أحاسبه إلى أنّ بلغ قيمة ما بقي له سبعمائة ألف دينار. ثم قلت: وأصدقني عمّا سَلْم لك من الجوهر والعبيد والخيل وغير ذَلِكَ. فحسبنا ذَلِكَ، فإذا هُوَ بقيمة ثلاثمائة ألف دينار أخرى، فقلت: فمن ببغداد مثلك اليوم وجاهك قائم؟! فسجد لله وبكى، وقال: قد أنقذني اللَّه بك. ما عزانيّ أحد أنفع منك، وما أكلت شيئًا منذ ثلاث، وأحب أنّ تقيم عندي لنأكل ونتحدث. فقلت: أفعل. فأقمت يومي عنده1. قَالَ التّنُوخيّ: وكنت اجتمعت مع أبي علي والد أبي عبد الله بن الجصاص   1 راجع البداية والنهاية "11/ 156، 157"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 213، 214". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 260 فسألته عمّا يحكي عَنْ أَبِيهِ من أنّ الْإِمَام قرأ: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقال: إيْ لعمري؛ بدل آمين1. وإنه أراد أن يقبل رأس الوزير الخاقانيّ، فقال: إنّ فيه دهْنًا. فقال: لو كَانَ فيه خرا لقبلته. ومثل وصفه مصحفًا عتيقًا فقال: كسرويًا. فقال: غالبه كذب، وما كانت فيه سلامة تخرجه إلى هذا. ما كَانَ إلّا من أدهي النَّاس. ولكنه كَانَ يطلق بحضرة الوزير قريبا من ذلك لسلامة طبع كان فيه؛ ولأنه كان يحب أنّ يصور نفسه عندهم بصورة الأبله لتأمنه الوزراء لكثرة خلوته بالخلفاء. فأنا أحدثك عَنْهُ بحديث تعلم أنّه في غاية الحزْم. ثمّ قَالَ: حدَّثني أَبِي أنّ ابن الفُرات لما ولي الوزارة، قَالَ: فقصدني قصدًا قبيحًا لشيء كَانَ في نفسه عليَّ وبالغ، وتلطفت معه بكل طريق. وكان عندي سبعة آلاف ألف دينار عينًا وجوهرًا سوى غيرها. ففكرت في أمري، فوقع لي الرأي في الليل في الثلث الأخير. فركبت في الحال إلى داره، فدققت فقال البوابون: لَيْسَ هذا وقت وصول، والوزير نائم. فقلت: عرفوا الحجاب أني حضرت في مهم. فعرفوهم، فخرج إليَّ أحدهم فقال: إنّه إلى السّاعة لم ينتبه. فقلت: لَا، الأمر أهم من ذَلِكَ فنبهه. فدخل ثمّ خرج فأدخلني إِلَيْهِ وهو عَلَى سرير، وحوله نحو خمسين نفسًا، كأنهم حفظة، وقد قاموا وهو جالس مرتاعًا، ظن أنّ حادثة حدثت، فرفعني وقال: ما الأمر؟ فقلت: خير، ما حَدَث شيء، ولا جئت إلّا في أمر يخصني. فسكن وصرف من حوله، وقال: هات. فقلت: أيها الوزير، إنك قصدتني أقبح قصد، وشرعت في هلاكي بإزالة نعمتي، ولعمري، إني أسأت في خدمتك. وقد كَانَ في بعض هذا التقويم بلاغ عندي. وقد جهلت في استصلاحك، فلم يغن شيء. وليس شيء أضعف من الهر،   1 راجع: نشوار المحاضرة "1/ 29"، والهفوات النادرة للصابي "147"، وانظر فوات الوفيات "1/ 275". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 261 وإذا عاث في دكان الفاميّ فظفر بهِ ولزه وثب عَلَيْهِ وخمشه. ولستُ أضعف من السِّنَّور، وقد جعلت هذا الكلام عذرا. فإن صلحت لي وإلا فعلي وعلي. وعقدت الأيمان لأقصدن الخليفة الآن وأحمل إِلَيْهِ من خزانتي ألفي ألف دينار وأقول: سَلْم ابن الفُرات إلى فلان ووله الوزارة. فيخدمني ويرجع تدبير أموره إليّ، فأسلمك إِلَيْهِ، فيعذبك حتّى يأخذ منك الألفي ألف. وأنت تعلم أنّ حالك يفي بها، ويعظم قدري بعزلي وزيرًا وتقليدي آخر. فلمّا سمع هذا، قَالَ: يا عدوّ اللَّه، وتستحلّ هذا؟ فقلت: إنّ أحوجتني إلى هذا، وإلّا فاحلف لي السّاعة عَلَى معاملتي بكلّ جميل، ولا تبغ لي الغوائل. وقال: وتحلف ليّ أنتَ أيضًا على مثل ذلك، وعلى حسن الطاعة و"المؤازرة". فقلت: أفعل. فقال: لعنك اللَّه، فما أنت إلّا إبليس. واللَّه لقد سحرتني. واستدعى دَواةً، وعملنا نسخة اليمين، وأحلفته بها أولًا، ثمّ حلفت لَهُ. فقال: يا أبا عَبْد اللَّه، لقد عَظُمْتَ في نفسي، واللَّه ما كَانَ المقتدر يفرق بين كفايتي وموقعي، وبين أصغر كتّابي مَعَ الذهب، فاكتم ما جرى. فقلت: سبحان اللَّه. فقال: إذا كَانَ غدًا فتعال لترى ما أعاملك بهِ. فنهضت، فقال: يا غلمان بأسركم بين يدي أَبِي عَبْد اللَّه. فعدتُ إلى داري وما طلع الفجر. ثم قَالَ لي ابنه أبو عليّ: هذا فعل من يحكي عَنْهُ تِلْكَ الحكايات؟ فقلت: لَا. والله أعلم1.   1 راجع: نشوار المحاضرة "1/ 32-35"، وأخبار الحمقى والمغفلين "53-56". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 262 أحداث سنة ست عشرة وثلاثمائة : ذكر استباحة القَرْمَطيّ الرحبة: في أوّلها دخل أبو طاهر القرمطي الرحبة بالسيف واستباحها. ذكر أمان أهل قرقيسيا: وبعثَ أهلُ قرقيسيا يطلبون الأمان فأمنهم. ذكر ارتداد القَرْمَطيّ عَنِ الرَّقَّةِ: وقصد الرَّقَّةَ وهو في تسعمائة فارس وثلاثمائة راجل، فقتل فيها جماعةً بالربض، ودفعه أهلها عَنْهَا: فسار مؤنس من بغداد إلى الرَّقَّةِ فأتاها بعد انصراف أبي طاهر. ذكر انصراف القَرْمَطيّ عَنِ الكوفة: ثم أتى هيت، فرموه بالحجارة، فقتلوا أبا الرواد من خواص أصحابه، فسار إلى الكوفة، فنهض نَصْر الحاجب بالعساكر ورآه، فمرض نَصْر. فاستخلف أحمد بْن كَيَغْلَغ وبعث معه بالجيش، فانصرف القَرْمَطيّ قبل أنّ يلقاه. ومات نَصْر في رمضان وحمل إلى بغداد. ذكر وزارة ابن مُقْلَة: واستعفى عليّ بْن عيسى من الوزارة، فاستوزر أبو عليّ بْن مُقْلَة الكاتب. ذكر بناء القَرْمَطيّ دار الهجرة والدعوة إلى المهديّ: ورجع القَرْمَطيّ فبني دارًا سمّاها دار الهجرة، ودعا إلى المهديّ، وتفاقم الأمر، وكثر أتباعه، وبث السَّرايا، فهرب عمّال الكوفة عَنْهَا، فسار هارون بْن غريب إلى واسط، فظفر بسرِيّةٍ لهم فقتلهم، وبعث إلى بغداد بأساري وبمائة وسبعين رأسًا وأعلام بيض منكسة عليها مكتوب: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين} [القصص: 5] . ففرح الناس واطمأنوا. ذكر الوحشة بين المقتدر ومؤنس: وفيها: وقعت الوحشة بين المقتدر ومؤنس، ووقع الكلام بأنّ هارون بن غريب يتولّى إمرة الأمراء، فكتب أخصاء مؤنس إِلَيْهِ إلى الرَّقَّةِ بذلك، فقدم بغداد في آخر السنة ولم يات إلى المقتدر، فبعث إِلَيْهِ ولده والوزير ابن مُقْلَة، فوصفا شوق المقتدر الجزء: 23 ¦ الصفحة: 263 إِلَيْهِ، فاعتل بعلة، وظهرت الوحشة بينه وبين المقتدر، فأقام هارون منابذًا لمؤنس، وجعلت الرسل تتردد بين المقتدر ومؤنس. ذكر امتناع الحجّ: ولم يحجّ أحدٌ في هذه السنة خوفًا من القرامطة. ذكر دخول الروم خلاط: وأمّا الروم فإن الدمستق لعنه الله، سار في ثلاثمائة ألف على ما قرأت في تاريخ عتيق، فقصد ناحية خلاط وبدليس فقتل وسبى: ثم صالحه أهل خلاط عَلَى قطيعة، وهي عشرة آلاف دينار، وأخرج المنبر من جامعها وجعل مكانه الصليب. فإنّا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون1.   1 انظر: الكامل في التاريخ "8/ 198، 199"، وصلة الطبري "11/ 117"، وتكملة الطبري "11/ 256"، والمنتظم "6/ 215"، والبداية والنهاية "11/ 157"، والنجوم الزاهرة "3/ 248"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 386"، وصحيح التوثيق "7/ 381 وما بعدها". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 264 وذكر فصلًا طويلًا في الخضوع لَهُ، إلى أن قال: "وقبل هذا وبعده فلي في أعناقهم بيعة مؤكدة، ومن بايعني بايع اللَّه، ومن نكث فإنما ينكث عَلَى نفسه، وعهد اللَّه نكث؛ ولي عليكم نعم وصنائع، وآمل أنّ تعترفوا بها لَا تكفروها". فلما وقفوا على الورقة عدلوا إلى مطالبته بإخراج هارون عن بغداد، فأجابهم إلى ذَلِكَ وقلّده الثُّغور، وخرج من يومه. ودخل في عاشر محرَّم مؤنس والجيش، فأُرجف بالمقتدر أراجيف شديدة. ثمّ اتّفق مؤنس وأبو الهيجاء ونازوك عَلَى خلعه، فخرج مؤنس في ثاني عشر محرَّم إلى الشّمّاسيّة في الأمراء والجنود. وفي رابع عشر جاؤوا إلى دار الخلافة، فهرب الحاجب مظفَّر، والوزير ابن مقلة، والحشم، ودخل مؤنس وأبو الهيجاء ونازوك، وحصل الجيش كله في دار الخليفة، وأُخْرج المقتدر بعد العشاء ووالدته وخاله وحُرَمه إلى دار مؤنس. ودخل هارون من قُطْرَبُّل فاختفى ببغداد، فأحضروا محمد بْن المعتضد من الحريم، وكان محبوسًا، فوصل في الثُّلث الأخير، وبايعه مؤنس والأمراء، ولُقَّب بالقاهر باللَّه. وكان عليّ بْن عيسى محبوسًا فأطلق إلى بيته، وقلدوا أبا علي بن مقلة وزارة القاهرة بالله، وقلدوا نازوك الحجابة والشرطة، وقلد أبو الهيجاء إمرة الدينور، وهمدان، ونهاوند، ممّا بيده مِن الجزيرة والموصل. ووقع النَّهْبُ في دار السّلطان وبغداد، ونُهب لأمّ المقتدر ستّمائة ألف دينار، وأشهد المقتدر على نفسه بالخلع، وذلك يوم السبت. ذكر عودة المقتدر إلى الخلافة: وجلسَ القاهر يوم الأحد، وكتب الوزير عَنْهُ إلى البلاد، وعمل النّاسُ الموكب يوم الأثنين، فامتلأت دهاليز الدّار بالعسكر، فطلبوا رزق البَيْعة ورزق سنة. ولم يأت مونس يومئٍذ إلى الدَّار، فارتفعت أصوات الرَّجّالة، فخاف نازوك أن يتم ققتال، فهجم الرجّالة، فلم يكفّهم أحد، فقتلوا نازوك وخادمه عجيبًا وصاحوا: المقتدر يا منصور. فتهاربَ مَن في الدّار حتّى الوزراء والحُجّاب. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 265 وصاروا إلى دار مؤنس يطلبون المقتدر ليردّوه إلى الخلافة، وأغلق بعضهم باب دار الخلافة؛ لأنهّم كانوا كلّهم خَدَم المقتدر، فأراد أبو الهيجاء الخروج، فتعلّق بهِ القاهر وقال: تُسلّمني وتخرج؟ فداخَلتْه الحمية فقال: لَا واللَّه. ورجع معه فدخلا الفِرْدَوْس، وخرجا إلى الرَّحْبَةِ الّتي يُسلك منها إلى باب النُّوبيّ. ونزع أبو الهيجاء وأخذ جبّة صوف، وذهب عَلَى فرسه. فوقف القاهر مَعَ خَدمٍ لَهُ، فعاد إِلَيْهِ أبو الهيجاء، فأخبره بقتل نازوك. مقتل أَبِي الهيجاء بْن حمدان: وسدَّت المسالك عَلَى أَبِي الهيجاء والقاهر فرجعا إلى الدّار يتسلّلون، وبقي من خدم المقتدر جماعة بالسّيوف، فخافهم أبو الهيجاء، فثبتوا فرجع القَهْقَرَى ودخل بيتًا. فجاء خماجور، وشتم أبا الهيجاء الغلمانُ، فغضب وخرج كالجمل الهائج وصاح: يال تغلب، أَأُقْتَلُ بين الحيطان؟ أَيْنَ الكُمَيْت؟ أَيْنَ الدهْماء؟ فرماه خماجور بسهمٍ في ثَدْيه، ثمّ رماه آخر فأصاب تَرْقُوَتَه. وآخر في فخذه، فنزع عَنْهُ الأسهم، وقتل واحدًا منهم. وكان مَعَ خماجور، أسودان فبادرا إلى أَبِي الهيجاء، فحزَّ أحدهما رأسه. وأمّا أولئك فإنهم حملوا المقتدر عَلَى أعناقهم من دار مؤنس إلى قصر الخلافة، فقال: ما فعل أبو الهيجاء؟ فجاءوا براسه إلى المقتدر، فقال: مَن قتله؟ قَالُوا: لَا ندري. فاسترجع وتأسَّف عَلَيْهِ. ثمّ سمع ضجّةً، وجاءه خادم يعدو فقال: هذا محمد القاهر قد أخذ. فجيء بهِ فأجلس بين يديه، فاستدناه وقبّل جبينه، وقال لَهُ: أنتَ واللَّه لَا ذنب بك. هذا والقاهر يبكي ويقول: اللَّه اللَّه يا أمير المؤمنين في نفسي. فقال: واللَّه لَا جرى عليك منّي سوء أبدًا. فطِب نفسًا. وطيف برأس نازوك ورأس أَبِي الهيجاء ببغداد، ونودي: هذا جزاء من عصى مولاه وكفر نعمته. فسكن النّاس. وعاد الوزير فكتب إلى الأقاليم بعَود الخلافة إلى المقتدر. وقيل: إنّ الّذي قتل نازوكًا سَعِيد ومظفّر من شُطّار بغداد. ثمّ أتى مؤنس وبايع المقتدر هُوَ والقوّاد والقضاة. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 266 وقيل: إنّ المقتدر لمّا أُحيط بهِ ورأى الغَلبة نشرَ المُصْحَف وقال: أَنَا فاعلٌ ما فعل عثمان رضى الله عنه، ولا أنزع قميصًا ألبسنيه اللَّه. ولمّا رجع إِلَيْهِ مُلْكه بَذَلَ الأموال في الْجُنْد حتّى أنفذ الخزائن، وباع ضياعًا وأمتعه وتمَّمَ عطاءهم. وبيعت ضياع بُخْتَيْشُوع بالثّمن اليسير. قَالَ ثابت بْن سِنان: كَانَ قد وصل إلى الطّبيب بُخْتَيْشُوع في مدة خدمته للرشيد ستّة وخمسون ألف ألف درهم من الرشيد والبرامكة. ذكر ولاية ابن غريب الجبل: وظهر هارون بْن غريب ودخل عَلَى مؤنس وسلَّمَ عَلَيْهِ وقُلَّدَ الجبل، فخرج إلى عمله. ذكر تقليد ابني رائق شرطة بغداد: وقُلَّدَ المقتدر إبراهيم ومحمد ابني رائق شرطة بغداد. ذكر تقليد ابن ياقوت الحجابة: وقُلَّدَ مظفَّر بْن ياقوت الحجابة. ذكر موت ثَمَل: وفي رجب ماتت ثَمَل القهرمانة. ذكر دخول القَرْمَطيّ مكة واقتلاع الحجر الأسود: وفيها: سيَّر المقتدر الرَّكبَ مَعَ منصور الدَّيْلَمّي، فوصلوا إلى مكّة سالمين، فوافاهم يوم التروية عدو الله أبو طاهر القرمطي، فقتل الحجيج في المسجد الحرام قتلًا ذريعًا، وفي فجاج مكة وفي داخل البيت، وقتل ابن محارب أمير مكة، وعرى البيت، وقلع بابه، واقتلع الحجر الأسود فأخذه. وطرح القتلى في بئر زمزم ورجع إلى بلاد هجر ومعه الحجر الأسود. وامتلأت فجاج مكه بالقَتْلى. وقال أبو بَكْر محمد بْن عليّ بْن القاسم الذَّهبيّ في تاريخه: إنّ أبا طاهر سليمان حسن القَرْمَطيّ صاحب البحرين دخل مكّة في سبعمائة رَجُل، فقتلوا في المسجد الجزء: 23 ¦ الصفحة: 267 الحرام نحو ألف وسبعمائة من الرجال والنّساء وهم يتعلّقون بأستار الكعبة. وردم منهم ببئر زمزم، وصعد عَلَى باب الكعبة، واستقبل النّاس وهو يَقُولُ: أَنَا بالله وباللَّه أَنَا ... يخلق الخلق وأفنيهم أَنَا وقتل في سكّة مكّة وشعابها زهاء ثلاثين ألفًا، وسبى من النّساء والصّبيان مثل ذَلِكَ. وأقام بمكة ستّة أيام، وأوقع بهم في سابع ذي الحجّة. ولم يقف أحدٌ تِلْكَ السنة وقفة، فرماه اللَّه في جسده وطال عذابه حتّى تقطعت أوصاله. قَالَ محمود الإصبهانيّ: دخل رجلٌ من القرامطة وهو سكران فَصَفَر لفرسه، فبال عند البيت وقتل جماعة. ثمّ ضرب الحجر الأسود بدبّوس فكسره ثمّ قلعه. وأقام القَرْمَطيّ بمكّة أحد عشر يومًا، ثمّ رحلوا وبقي الحجر الأسود عندهم نحو عشرين سنة. وقيل: هلك تحته إلى هَجَر أربعون جملًا. فلمّا أُعيد إلى مكّة حُمِل عَلَى قَعُود هزيل فَسَمِن. وكان بجكم التُّرْكيّ قد دفع فيه خمسين ألف دينار فلم يردّوه وقالوا: أخذناه بأمر ما نردّه إلّا بأمر. وقيل: إنّ الّذي اقتلعه صاح: يا حِمْيَر أنتم قلتم: ومن دخله كَانَ آمنًا. فأين الأمن؟ قَالَ رَجُل: فَلَوَيْتُ رأس فرسه واستسلمت للقتل وقلتُ لَهُ: اسمع إنّ اللَّه أراد ومن دخله فأمنوه. فلوى رأس فرسه وخرج ما كلمني. ذكر رواية السمنانيّ عَنِ القرمطيّ: وقد غلط السّمْنانيّ فقال في تاريخه: الّذي قلع الحجر الأسود أبو سَعِيد الْجَنَّابي. وإنمّا هُوَ ابنه. وكان ابن أَبِي السّاج قبل ذَلِكَ بزمان قد نزل عَلَى أَبِي سَعِيد فأكرمه. فلمّا جاء لقتاله أرسل إليه يقول، أعني ابن أبي ساج: لك عليَّ حق قديم، وأنتَ في قلة وأنا في كثرة، فانصرف راشدًا. وكان مَعَ ابن أَبِي السّاج ثلاثون ألفًا، ومع أَبِي سعيد خمسمائة فارس، وبينهما النّهر. فقال أبو سَعِيد للرسول: كم مَعَ صاحبكم؟ قَالَ: ثلاثون ألفًا. قَالَ: ما معه ولا ثلاثة. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 268 ثمّ دعا بعبدٍ أسود فقال لَهُ: خرَّق بطنك بهذه السِّكَّين. فأتلف نفسه. وقال لآخر: غرِّق نفسك في هذا النّهر ففعل. وقال لآخر: اصعد عَلَى هذا الحائط والق نفسك عَلَى دماغك ففعل. ثمّ قَالَ للرسول: إنّ كَانَ معه مَن يفعل مثل هذا وإلّا فما معه أحد. ثمّ ذكر السِّمْنانيّ خرافات لا تصح. ذكر رواية القليوبي عَنِ الحجر الأسود: ونقل القليوبيّ، وهو ضعيف، أنّ القَرْمَطيّ باعَ الحجر الأسود من المقتدر بثلاثين ألف دينار، ولم يصح هذا ولا وقع. قَالَ: فقال للشهود: من أَيْنَ تعلمون أَنَّهُ الحجر؟ فقال عَبْد اللَّه بْن عليم المسيّب: إن يُشرف عَلَى الماء ولا تسخنه النار. فأحضر الجناني طسْتًا وملأه ماءً ووضع الحجرَ، فطفا عَلَى الماء. وأوقد عَلَيْهِ النّار فلم يَحْمَ بها. فأخذه ابن عليم وقبَّله وقال: أشهد أنه الحجر الأسود. فتعجَّب الْجَنَّابي وقال: هذا دين مضبوط. ثمّ ردّ الحجر إلى مكّة أيّام المقتدر. كذا قَالَ، وغلط. إنمّا رُدَّ إلى مكانه في خلافة المطيع لله. وقال محمد بْن الربيع بْن سليمان: كنت بمكّة سنة القَرْمَطيّ، فصعد رجلٌ ليقلع الميزاب وأنا أراه، فِعيل صبري وقلت: يا ربّ ما أحلمك وتزلزلتُ. قَالَ: فسقط الرجل عَلَى دماغه فمات. ذكر ولاية ابن طُغج دمشق: وفيها: خرج محمد بْن طُغج أمير الْجَوف سِرًا من تكين أمير مصر، فلحِق بالشّام وولي دمشق. وبعث تكين خلفه فلم يلحق. ذكر ولاية ابن يوسف قضاء القضاة: وفيها: خلع المقتدر عَلَى أَبِي عُمَر محمد بْن يوسف القاضي، وقلد قضاء القضاة. ذكر الفتنة في تفسير آية: وهاجت ببغداد فتنة كبرى بسبب قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} الجزء: 23 ¦ الصفحة: 269 [الإسراء: 79] ، فقالت الحنابلة: معناه يُقْعدهُ اللَّه عَلَى عرشه كما فسره مجاهد. وقال غيرهم من العلماء: بل هِيَ الشّفاعة العُظْمى كما صحَّ في الحديث. ودام الخصام والشَّتْم واقتتلوا، حتّى قُتِل جماعة كبيرة. نقله الملك المؤيدّ، رحمه الله1. ذكر تعظيم ابن محرَّم للحجر الأسود: وقال المراغي: حدَّثني أبو عبد الله بْن محرَّم، وكان رسول المقتدر إلى القَرْمَطيّ، قَالَ: سألت القَرْمَطيّ بعد مناظرات جرت بيني وبينه في استحلاله ما استحلّ من الدّماء وعن الحجر الأسود. فأمر بإحضاره، فأُحضر في سَفَط مبطَّن بالدّيباج. فلمّا برز لي كبَّرتُ وقلت إيمانا وتصديقًا: هذا هو الحجر بكلّ رَيْب. قَالَ: ورأيتهم من تعظيمه وتنزيهه وتشريفه، والتّبريك بهِ عَلَى حالة كبيرة. ذكر الخلاف بين أمير خراسان وإخوته: وفيها: خالف نَصْر بْن أحمد بْن إسماعيل أمير خُراسان إخوتُهُ أبو إِسْحَاق، وأبو زكريّا، وأبو صالح، فأعمل الحيلة حتّى عادوا إلى طاعته ووانسهم ثمّ سقى الأكبر سُمًّا في كوز فقاعٍ فمات، وحبس الآخرين فهرب أحدهما إلى الرِّيّ واستأمن إلى مرداوين فأكرمه، وخنق نَصْر الآخر. ذكر شعر القَرْمَطيّ: وأمّا ما كَانَ من خبر الحُجّاج، فإنه قتل من قتل منهم بمكّة، ولم يتم لهم حَجّ. وتجمع مَن بقي وتوصّلوا إلى مصر. ولم يفلح أبو طاهر القَرْمَطيّ بعدها، وتقطع جسده بالجدري. ومن شعره: أغَرَّكُمُ مِنّي رُجُوعي إلى هَجَرْ ... فعمّا قليلٍ سوف يأتيكُمُ الخَبرْ إذا طلعَ المِرّيخُ مِن أرض بابلٍ ... وقارَنَه كَيْوانُ فالحَذَرَ الحذَرْ فَمَن مُبْلِغُ أهلَ العراقِ رِسالةً ... بأنّي أَنَا المرهوبُ في البدو والحضر   1 المختصر في أخبار البشر "2/ 74، 75"، والبداية والنهاية "11/ 162"، وتاريخ الخلفاء "384". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 270 أَنَا صاحب الأنبار يوم ديارها ... ويوم عقر قوقا فمن منكم حَضَرْ فواللَّه لولا التَّغْلِبيّ ورأيه ... لَغَادَرَكم أمثالَ نخلٍ قد انعَقَرْ فذاك أبو الهيجاء أشجعُ من مشى ... عَلَى الأرضِ أو لاثَ العمائمَ واعتجَرْ وأصبح هذا النّاس كالشّاء ما لَهُم ... زَعيمٌ ولا فيهم لأَنفُسِهم نظَرْ فَيَا وَيْلَهم مِن وقعةٍ بعد وقعةٍ ... يُسَاقون سَوْق الشّاءِ للذِّبْح والبقَرْ سَأَضْربُ خيلي نحو مصرَ وبرقةٍ ... إلى قَيْروانِ التُّرْك والرُّومِ والخزَرْ أَكيلُهُمُ بالسّيف حتّى أُبِيدُهم ... فلا أُبْقِ منهمْ نَسْل أُنْثَى ولا ذكَرْ أَنَا الدّاعي المهديّ لَا شكَّ غيرُه ... أَنَا الضَّيْغَمُ الضِّرُغام والفارس الذكر أعمر حتى يأتي عيسى ابن مريمَ ... فيحمَدُ آثاري وأرضى بما أمَرْ ولكنّه حَتْمٌ علينا مُقَدَّرٌ ... فَنَفْنَى ويَبْقَى خالقُ الخلْق والبشر1 ذكر من قُتل بيد القرامطة: وممن قتلته القرامطة: عبد الرحمن بن عبد الله بن الزُّبَيْر، أبو بَكْر الرهاويّ. روى عَنْ أَبِيهِ، وغيره. وعنه أبو الحُسين الرّازيّ والد تمّام، وغيره. وكان عليّ بْن بابَوَيْه الصُّوفيّ يطوف بالبيت والسّيوف تنوشه وهو يُنْشِد: ترى المحبّين صَرْعَى في ديارهم ... كَفِتْية الكهْفِ لَا يدرون كم لَبِثُوا ذكر نازوك: كَانَ شجاعًا فاتكًا، غلبَ عَلَى الأمر وتصرَّف في الدّولة. وعلم مؤنس الخادم أَنَّهُ حتّى وافقه عَلَى خلع المقتدر زاد تحكُّمه، فأجابه ظاهرًا، وواطأ فيما قِيلَ البرددارية على قتله. وكان له أكثر من ثلاثمائة مملوك. ذكر خوف أهل الثغور من الروم: وأمّا نواحي مملكة الرّوم فكان بها الخوف والوجل ما لا مزيد عليه، وجنح أهل   1 النجوم الزاهرة "3/ 335، 226". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 271 الثغور إلى ملاطفة النّصاري وبذْل الأتاوة لهم، وركنوا إلى تسليم بلد سُمَيْساط وغيرها. فلله الأمر1.   1 انظر: صلة تاريخ الطبري "11/ 117- 126"، وتكملة تاريخ الطبري "11/ 256-264"، والمنتظم "6/ 215-231"، والكامل "8/ 181-213"، والعبر "1/ 163-167"، والبداية "11/ 157-164"، والنجوم "3/ 2438-2256"، وشذرات الذهب "2/ 271-276"، وتاريخ الخلفاء "ص/ 610-612"، وصحيح التوثيق "7/ 382-388". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 272 أحداث سنة سبع عشرة وثلاثمائة : ذكر فتنة خلع المقتدر وخلافة القاهر: قَالَ ثابت بْن سِنان: في ثامن المحرم، خرج مؤنس إلي باب الشّمّاسيّة ومعه سائر الجيش، وركب نازوك الوالي في جيشه من داره، وخرج أبو الهيجاء بْن حمدان أيضًا إلى مؤنس، فشحن المقتدر داره ومعه هارون بْن غريب، وأحمد بْن كَيَغْلَغ، وحاشية. فلمّا كَانَ آخر النّهار انفض أكثر من في دار الخلافة من الرجالة إلى مؤنس. وراسل مؤنس المقتدر بأن الجيش عاتب منكر لما يصرف من الذهب إلى الحرم والخدم، وأنهم يطلبون إخراج الحرم والخدم من دار الخلافة وإبعادهم. فكتب إِلَيْهِ رُقْعَةً بخطّه: "أمتعني اللَّه بك، ولا أخلاني منك، ولا أراني فيك سوءًا. إني تأملت الحال فوجدت الأولياء الّذين خرجوا لم يريدوا إلّا صيانة نفسي وإعزاز أمري، فبارك اللَّه عليهم. فأمّا أنت يا أبا الحَسَن المظفر، لا خلوت منك، فشيخي وكبيري". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 264 أحداث سنة ثمان عشرة وثلاثمائة ... أحداث سنة ثمان عشرة: ذكر تقليد ابن ياقوت شرطة بغداد: في المحرَّم صَرف المقتدر ابني رائق عَنِ الشرطة، وقلدها أبا بكر محمد بن ياقوت. ذكر ريح عظيمة ببغداد: وفي ربيع الآخر هبَّت ريح عظيمة حملت رملًا أحمَر قِيلَ: إنّه من جبل زَرُود، فامتلأت بهِ أَزِقَّة بغداد والأسطحة. ذكر القبض عَلَى ابن مُقْلَة: وفيها: قبض المقتدر عَلَى الوزير أَبِي عليّ بْن مُقْلَة، وأحرقت داره، وكانت عظيمة قد ظلم النّاس في عمارتها. وعز عَلَى مؤنس حيث لم يشاوره الخليفة. ذكر وزارة ابن مَخْلَد: ثمّ استوزر سليمان بْن الحَسَن بْن مَخْلَد، فكان لَا يصدر عَنْ أمر حتى يشاور علي بن عيسى. ذكر حجّ ركْب العراق: وفيها: حجّ ركب العراق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 272 ذكر الوباء المهول: وكان بها وباء مهول. ذكر هزيمة الروم: وفيها: جاءت الأخبار بأنّ الأمير مفلحًا السّاجيّ هزم جيشًا من الروم، وفرح الناس1.   1 انظر: الكامل في التاريخ "8/ 241"، والبداية والنهاية "11/ 163"، والمنتظم "6/ 215-231"، والعبر "1/ 163-167"، ومرآة الجنان "2/ 268-272"، وصحيح التوثيق "7/ 388 وما بعدها". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 273 أحداث سنة تسع عشرة وثلاثمائة ... أحداث سنة تسع عشرة: ذكر القبض عَلَى الوزير سليمان بْن الحَسَن: فيها: قبض المقتدر عَلَى الوزير سليمان بْن الحَسَن، وكان قد أضاق إضاقة شديدة. وكانت وزارته سنة وشهرين. ذكر وزارة الكلوذاني: وكان المقتدر يميل إلى وزارة الحسين بن قاسم، فلم يمكنه مؤنس، وأشار بأبي القاسم عُبَيْد اللَّه بْن محمد الكَلَوْذَانيّ. فاستوزره مَعَ مشاورة علي بن عيسى في الأمور. ذكر الوقعة بين ابن غريب ومرداويج: وفيها: كانت وقعة بين هارون بْن غريب وبين مرداويج الدَّيْلَمّي بنواحي همدان. فانهزم هارون، وملك الديلمي الجبل الأسود بأسره إلى حلوان. ذكر وزارة الحُسين بْن القاسم: وفيها: عزل الكَلَوْذَانيّ واستوزر الحُسين بْن القاسم بْن عُبَيْد اللَّه؛ لأنه كتب إلى المقتدر، وهو عَلَى حاجة: أَنَا أقول بالنفقات وزيادة ألف ألف دينار كل سنة. وكانت وزارة الكلوذاني شهرين. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 273 ذكر الوحشة بين مؤنس والمقتدر: وفي ذي الحجّة استوحش مؤنس من المقتدر؛ لأنه بلغه اجتماع الوزير والقُوّاد عَلَى العمل عَلَى مؤنس. فعزم خواصُّه عَلَى كبس الوزير، فعلم، فتغيب عَنْ داره. وطلب مؤنس من المقتدر عزْل الوزير فعزله. فقال: انفيه إلى عُمان. فامتنع المقتدر. وأوقع الوزير في ذهن المقتدر أنّ مؤنسًا يريد أنّ يأخذ الأمير أبا العبّاس من داره، ويذهب بهِ إلى الشّام ومصر، ويعقد لَهُ بالخلافة هناك. ثمّ كتب الحُسين الوزير يستحثّ هارون بْن غريب عَلَى المجيء، وكتب إلى محمد بْن ياقوت، وكان بالأهواز، أنّ يُسرع الحضور. فصحَّ عند مؤنس أنّ الوزير يدبِّر عَلَيْهِ، فخرج إلى الشماسية بأصحابه، وكتب إلى المقتدر: إن مفلحًا الأسود مطابقٌ للحسين، وإن نفسي لَا تسكن حتّى تبعث إليَّ بمفلح فأقلده أجل الأعمال ويخرج إليها. فأجابه المقتدر: إنّ مفلحًا خادمٌ يوثق بخدمته، ولم يدخل فيما توهمت. فلمّا سمع مؤنس هذا، وأن الوزير ينفق في الرجّال، وأن هارون قد قرب من بغداد، أظهر الغضب وخرج إلى الموصل، فلحق بهِ أصحابه، فقبض الوزير عَلَى حواصله وأملاكه. وهنّى النّاس الوزير بذهاب مؤنس، وزاد محلُّه عند المقتدر، ولقبه "عميد الدولة". وكتب ذَلِكَ على الدينار والدرهم. ذكر انتصار مؤنس ودخوله الموِصل: وكتب الوزير إلى داود وسعيد ابن حمدان، والحسن بْن عَبْد اللَّه بْن حمدان بمحاربة مؤنس، فتعبّوا في ثلاثين ألفًا، وكان مؤنس في ثمانمائة، فنصر عليهم وهزمهم، وملك الموصل في صفر سنة عشرين. ذكر هرب أهل الكوفة من القَرْمَطيّ: وفيها: نزل القرمطي الكوفة، فهرب أهلها إلى بغداد. ذكر دخول الديلم الدينور: وفيها: دخلت الديلم فقتلوا وسبوا، فجاء من هرب إلى بغداد ورفعوا الجزء: 23 ¦ الصفحة: 274 المصاحف عَلَى القُضُب، واستغاثوا يوم الأضحى وساعدهم الغوغاء، وسبّوا المقتدر وأغلقوا الأسواق خوفَا من هجوم القرمطي. ذكر ولاية المعز: وفيها: ولد أبو تميم المعزّ رابع خلفاء مصر الذي بنى القاهرة. ذكر امتناع ركْب العراق: ولم يحجّ في هذه السنة ركب العراق. ذكر غزوة والي طرسوس في الروم: ووردَ الخبر بأنّ ثمل والي طرسوس غزا الروم، فعبروا نهرًا ثمّ وقع عليهم ثلج عظيم. ثمّ التقوا جيش الروم عليهم ستّة بطارقة، فنصروا عليهم، وقتل خمسمائة علج من الروم، وأسر ثلاثة آلاف. ذكر نجدة ابن حمدان لأهل مَلَطْية وسميساط: ثمّ تناخت الملاعين ونالوا من المسلمين، وقتلوا خلقًا وأسروا آخرين. وسار إلى نجدة أهل مَلَطْية وسميساط سَعِيد بْن حمدان، فكشف عَنْهَا ودخل غاربًا في بلاد الروم. ذكر دخول والي طرسوس عمورية: ثمّ سار متولّي طرسوس ونسيم الخادم لغزو الصّائفة في اثني عشر ألف فارس، وعشرة آلاف راجل حتّى بلغوا عمّورية ودخلوها. ثمّ أوغلوا في بلاد الروم، فغنموا وسبوا نحوًا من عشرة آلاف من الرقيق، وقتلوا خلقًا. وأقاموا في الغزاة ثلاثة أشهر. ذكر الوباء ببغداد: وفيها: كَانَ الوباء المفرط ببغداد، حتّى كَانَ يُدْفَن في القبر الواحد جماعة1.   1 انظر: صلة الطبري "11/ 135-141"، والكامل "8/ 225-240"، والبداية والنهاية "11/ 166-168"، وشذرات الذهب "2/ 280-283"، وصحيح التوثيق "7/ 391". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 275 أحداث سنة عشرين وثلاثمائة : ذكر وزارة ابن الفُرات: وفيها: عُزِلَ الحُسين بْن القاسم من الوزارة واستوزر أبو الفتح بْن الفرات. ذكر ولاية مرداويج الدَّيْلَمّي: وفيها: بعث العهد واللواء لمرداويج الدَّيْلَمّي عَلَى إمرة أذْرَبَيْجان، وأرمينية، وأرّان، وقُمّ، ونهاوند، وسجستان. ذكر انتهاب الْجُنْد دُور ابن الفُرات: وفيها: نهب الْجُنْد دور الوزير الفضل بْن جعفر بْن الفُرات، فهرب إلى طيّار لَهُ في الشط، فأحرق الجند الطيارات. وصخم الهاشميون وجوههم وصاحوا: الجوع الجوع. وكان قد اشتدّ الغلاء؛ لأنّ القَرْمَطيّ ومؤنسًا منعُوا الغلّات من النّواحي أن تصل. ذكر امتناع ركْب العراق: ولم يحجّ ركْب العراق. ذكر مقتل الخليفة المقتدر: وفي صفر غلب مؤنس عَلَى الموصل فتسلل إِلَيْهِ الْجُنْد والفُرسان مِن بغداد، وأقام بالموصل أشهرًا. ثمّ تهيأ المقتدر وأخرج المخيَّم إلى الشّمّاسيّة، وجعل يزكًا عَلَى سامرّاء ألف فارس مَعَ أَبِي العلاء سَعِيد بْن حمدان. وأقبل مؤنس في جمْعٍ كثير، فلمّا قارب عَكْبُرا اجتهد المقتدر بهارون بْن غريب أنّ يحارب مؤنسًا، فامتنع واحتجّ بأن أصحابه مَعَ مؤنس في الباطن ولا يثق بهم. وقيل: إنّه عسكر هارون وابن ياقوت وابنا رائق وصافي الحُرَميّ ومُفْلح بباب الشّمّاسيّة، وانضموا إلى المقتدر، فقالوا لَهُ: إنّ الرجال لَا يقاتلون إلّا بالمال، وأن أخرجت الأموال أسرع إليك رجال مؤنس وتركوه. وسألوه مائتي ألف دينار، فأمر الجزء: 23 ¦ الصفحة: 276 بجمع الطّيّارات لينحدر بأولاده وحُرَمهِ وأمّهِ وخاصّته إلى واسط، ويستنجد منها ومن البصرة والأهواز عَلَى مؤنس. فقال لَهُ محمد بْن ياقوت: اتق اللَّه في المسلمين ولا تسلِّم بغداد بلا حرب، وإنك إذا وقفت في المصافّ أحجم رجال مؤنس عَنْ قتالك. فقال: أنتَ رسول إبليس. فلمّا أصبحوا ركبَ في الأمراء والخاصّة وعليه البُرْدة وبيده القضيب، والقّراء حواله، والمصاحف منشورة، وخلْفه الوزير الفضل بْن جعفر، فشقّ بغداد إلى الشّمّاسيّة، والخلق يدعون لَهُ. وأقبل مؤنس في جيشه ووقع القتال. فوقف المقتدرُ على تل، ثمّ جاء إِلَيْهِ ابن ياقوت وأبو العلاء فقالا: تقدّم، فإذا رآك أصحاب مؤنس استأمنوا. فلم يبرح، فألحَّ عَلَيْهِ القُوّاد بالتقدم، فتقدَّم وهم يستدرجونه حتّى أوقعوه في وسط الحرب في طائفة يسيرة، وقد قدِم الجمهور بين يديه يقاتلون، فانكشف أصحابه وأسر منهم جماعة، وأبلى محمد بْن ياقوت وهارون بلاءً حسنًا. وكان معظم جُنْد مؤنس البربر، فبينا المقتدر واقف قد انكشف أصحابه رآه عليّ بْن بليق فعرفه، فترجّل وقال: يا مولاي أمير المؤمنين. وقبّل الأرض، فوافى جماعة من البربر إلى المقتدر فضربه رَجُل منهم من خلفه ضربةٌ سقط إلى الأرض، فقال لَهُ: ويلك أَنَا الخليفة. فقال: أنت المطلوب. وذبحه بالسَّيف وشيل رأسه عَلَى رُمْح، ثمّ سُلب ما عَلَيْهِ، وبقي مكشوف العورة حتّى سُتِر بالحشيش. ثمّ حفر لَهُ في الموضع ودفن وعفي أثره. وبات مؤنس بالشّمّاسيّة. ذكر رواية الصوليّ عَنْ مقتل المقتدر: وقال الصُّوليّ: لمّا كَانَ يوم الأربعاء لثلاثٍ بقين من شوّال ركب المقتدر وعليه قباء فضّي وعمامة سوداء وعلى كتفه البُرْدة، وبيده القضيب والمصاحف منشورة. وكان وزيره قد أخذ لَهُ طالعًا، فقال لَهُ المقتدر: أيّ وقتٍ هُوَ؟ قَالَ: وقت الزوال. فتطير وهم بالرجوع، فأشرقت خيل مؤنس وبليق، ونشبت الحربُ، وتفرق عَنِ المقتدر أصحابه وقتله البربريّ. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 277 وقيل: كَانَ غلامًا لبليق، وكان رجلًا شجاعًا تعجب النّاس منه يومئذ ممّا فعل من صناعات الفروسيّة من اللّعب بالرُمْح والسّيف. ثمّ حمل عَلَى المقتدر وضربه بحربةٍ أخرجها من ظهره، فصاح النّاس عَلَيْهِ، فساق نحو دار الخلافة ليخرج القاهر، فصادفه حمل شوك فزحمه وهو يسوق حمل الشَّوْك إلى قنار لحّام، فعلقه كُلّاب، وخرج الفَرَس في مشواره من تحته فماتَ. فحطّه النّاس وأحرقوه بالحمْل الشَّوك. ذكر إسراف المقتدر: واستخلف المقتدر خمسًا وعشرين سنة إلّا بضعة عشر يومًا. وكان النّساء قد غلبن عَلَيْهِ. وكان سخيًا مبذّرًا يصرف في السنة للحجّ أكثر من ثلاثمائة ألف دينار. وكان في داره أحد عشر ألف غلام خصيان غير الصّقالبة والروم والسُّود. وأخرج جُمَيْع جواهر الخلافة ونفائسها عَلَى النّساء ومحقهُ. وأعطى بعض حظاياه الدُّرَّة اليتيمة وكان وزنها ثلاثة مثاقيل. وأخذت زيدان القهرمانة سبْحة جوهر لم يُرَ مثلها، هذا مَعَ ما ضيّع من الذَّهَب والمسْك والأشياء المفتخرة. قِيلَ: إنّه فرق ستين حبا من الصيني ملاء بالغالية الّتي غرِم عليها ما لَا يحصى. وقال الصُّوليّ: كَانَ المقتدر يفرّق يوم عَرَفَة من الإبل والبقر أربعين ألف رأس، ومن الغنم خمسين ألفًا. ويقال: إنّه أتلف من المال ثمانين ألف ألف دينار. وكان في داره عشرة آلاف خادم من الصَّقالبة؛ وأتلفَ نفسه بيده وبسوء تدبيره. وخلّف من الأولاد محمدًا الراضي، وإبراهيم المتّقي، وإِسْحَاق والد القادر، والمطيع، وعبد الواحد، وعبّاسًا، وهارون، وعليًا، وعيسى، وموسى، وأبا العبّاس. وكان طبيبه ثابت بْن سِنان، وابن بختيشوع. وقال ثابت بن سنان الطيب: إنّ المقتدر أتلف نيّفا وسبعين ألف ألف دينار. وقد وزر للمقتدر، كما قدَّمنا جماعة. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 278 ذكر خلافة القاهر: قَالَ ثابت: لما قُتِل المقتدر انحدر مؤنس ونزل الشّمّاسيّة، فقدم إِلَيْهِ رأس المقتدر، فبكى وقال: قتلتموه؟ واللَّه لنقتلن كلنا، فأقلّ ما يكون أنّ تُظهروا أنّ ذَلِكَ جرى عَنْ غير قصد منكم، وأن تنصبوا في الخلافة ابنه أبا العبّاس. فقال إِسْحَاق بْن إسماعيل النّوَبْخِتيّ: استرحنا ممن لَهُ أمُّ وخاله وحرم، فنعود إلى تِلْكَ الحال؟! وما زال بمؤنس حتّى ثنى رأيه عَنِ ابن المقتدر، وعدل إلى القاهر محمد. فأحضر محمد بْن المكتفي والقاهر محمد، فقال لمحمد بْن المكتفي: تتولّى هذا الأمر؟. فقال: لَا حاجة لي فيه، وعمّي هذا أحقّ بهِ. فكلم القاهر فأجاب. فبايعه واستحلفه لنفسه ولبُليق ولولده عليّ بْن بليق، ولقب بالقاهر باللَّه، كما لقب بهِ في سنة سبْع عشرة. وكان ربعة، أسمر، معتدل الجسم، أصهب الشعر، أقنى الأنف. ذكر تعذيب أمّ المقتدر وموتها: وأوّل ما فعل أنْ صادر آل المقتدر وعذبهم، وأحضر أمّ المقتدر وهي مريضة فضربها بيده ضربًا مبرحًا، فلم تظهر من مالها سوى خمسين ألف دينار. وأحضر القضاة وأشهد عليها ببيع أملاكها بعد أنّ كشفت وجهها ورأوها، فلمّا عاينوا ما بها من الضُرّ بكوا. وما زال يعذبها حتى ماتت معلقةً بحبل. ذكر تعذيب القهرمانة: وضرب أمّ موسى القهرمانة وعذبها، ووجد عندها أبا العبّاس بْن المقتدر فقبض عَلَيْهِ، وبالغ في الإساءة، فنفرت القلوب عَنْهُ. ذكر وزارة ابن مُقْلَة: وكان المقتدر قد نفى ابن مُقْلَة إلى الأهواز، فأحضره القاهر مكرمًا واستوزره. ذكر إهانة مؤنس لشفيع المقتدريّ: وفيها ادّعى مؤنس أنّ شفيعًا المقتدريّ عَلَى ملكه، ونادى عَلَيْهِ إهانةً لَهُ بسبعين الجزء: 23 ¦ الصفحة: 279 ألف دينار، فاشتري بذلك للقاهر وأعتقه. ذكر الصلاة عَلَى المقتدر: وذكر المسبّحي أنّ العامّة لم تزل تصلّي عَلَى مصرع المقتدر. وبني في ذَلِكَ المكان مسجد1. آخر الوقائع الكائنة في الطبقة الثانية والثلاثين من تاريخ الإسلام، ومن خط مؤلّفه علّقته ولله الحمد والمنّة.   1 انظر: صلة تاريخ الطبري "11/ 142-156"، وتكملة تاريخ الطبري للهمذاني "72"، وتجارب الأمم "1/ 245"، ومرآة الجنان "2/ 178-180"، والبداية والنهاية "11/ 168-170"، والنجوم الزاهرة "3/ 262-267". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 280 المتوفون في الطبقة الثانية والثلاثون : المتوفّون في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي صالح المَرْوَزِيّ: نزيل نَيْسابور. تُوُفّي هُوَ وابن خُزَيْمة في جمعة. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد الدّارميّ، والذُّهْليّ. وعنه: يحيى العَنْبريّ، ومحمد بن صالح بْن هانئ، وغيرهما. 2- أحمد بْن الحارث بْن مسكين: أبو بَكْر الْمَصْرِيّ. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 280 عَنْ: أَبِيهِ، وأبي الطّاهر بْن السَّرْح. ومولده سنة تسع وثلاثين. وكان الطَّحَاويّ ينكر حديثه عَنْ أَبِيهِ، أي لم يدركه. 3- أحمد بْن حفص بْن يزيد1: أبو بَكْر، نزيل المعافر. مصريّ، سمع: عيسى بْن حمّاد، ومحمد بن سلمة المرادي. وكان فاضلًا. روى عنه: ابن يونس، وقال: تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. 4- أَحْمَد بْن حمدان بْن عليّ بْن سِنان2: أبو جعفر النَّيْسابوريّ الحيريّ الزّاهد الحافظ، المُجاب الدعوة. سمع: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، وعَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر، وأحمد بْن الأزهر. وفي الرحلة: عَبْد اللَّه بْن أَبِي مسرة، وأحمد بْن أَبِي غَرَزَة الغِفَاريّ، وإسماعيل القاضي، وعثمان بْن سَعِيد الدّارميّ، وخلقًا سواهم. وصنَّف "الصحيح" عَلَى شرط مُسْلِم. روى عَنْهُ: ابناه أبو العبّاس محمد نزيل خوارِزْم شيخ البَرْقانيّ، وأبو عَمْرو محمد شيخ أَبِي سعد الكَنْجَروديّ، وأبو الوليد حسّان بْن محمد الفقيه، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وعبد اللَّه بْن سعد، وأبو عثمان سَعِيد بْن إسماعيل الزّاهد. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ ابنه أبا عَمْرو يَقُولُ: لمّا بلغ أَبِي من كتاب مُسْلِم إلى حديث محمد بْن عَبّاد، عَنْ سُفْيَان، عَنْ عَمْرو، عَنْ سَعِيد بْن أَبِي بردة، لم يجده عند أحد. فقيل لَهُ: الحديث عند أَبِي يَعْلَى المَوْصِليّ، عَنْ محمد. فخرج إِلَيْهِ قاصدًا من نَيْسابور إلى المَوْصِل. وخرج عَلَى كبر السِّنّ إلى جُرجْان ليسمع من عِمران بْن موسى حديث سُوَيد، عَنْ حفص بْن ميسرة في تحويل القبلة، فسمعته مع أبي. وسمعت أبي   1 المنتظم "6/ 174"، "287". 2 طبقات الصوفية "332-334"، للسلمي، وتاريخ بغداد "4/ 115"، وتذكرة الحفاظ "2/ 761، 762"، والأعلام "1/ 119". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 281 يَقُولُ: كلمّا قَالَ الْبُخَارِيّ: قَالَ لي فلان. فهو عرض ومناولة. وكان يُحْيى اللَّيْلَ، وتُوُفّي قبل ابن خُزَيْمة بأيّام. وقال السُّلَميّ: صحب أبو جعفر أبا حفص، والشّاه بْن شجاع، وكان الْجُنَيْد يكاتبه. وكان أبو عثمان يقول: مَن أحبّ أنّ ينظر إلى سبيل الخائفين، فلينظر إلى أَبِي جعفر بْن حمدان. وكان ولداه زاهدَيْن. وكان ابن بنته الشَّيْخ أبو بِشْر الحَلْوانيّ أوحد وقته وشيخ الحرم، بقي إلى سنة ست وثمانين وثلاثمائة. 5- أحمد بْن أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز البغويّ1: أبو الطَّيِّب. سمع: زياد بْن أيّوب، وعُبَيْد اللَّه بْن سعْد الزُّهْرِيّ. وعنه: أبو بَكْر بْن المقرئ، ومحمد بن إبراهيم العاقوليّ. وكان ثقة. 6- أحمد بْن عَبْد الواحد بْن رُفَيْدة بْن وهْب الْبُخَارِيّ2: أبو بَكْر. عَنْ: نَصْر بْن الحَسَن، وأبي عِصْمة سعد بْن مُعَاذ، والوليد بْن إسماعيل، وطبقتهم. وعنه: إبراهيم بْن محمد بْن هارون بْن حمدين، ومحمد بن بَكْر بْن خَلَف، وداود بْن موسى البخاريون. مات في سلخ رمضان. ومكات أبوه سنة سبع وستين ومائتين.   1 تاريخ بغداد "4/ 223، 224"، "1925". 2 تاريخ جرجان "445" للسهمي "445". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 282 7- أحمد بْن محمد بْن بشّار1: أبو بَكْر البغداديّ، ويُعرف بابن أَبِي العجوز. سمع، لُوَيْنًا، وأبا همّام السَّكُونيّ. وعنه: ابن المظفّر، وغيره. وكان ثقة. 8- أحمد بْن محمد بْن الحُسين2: أبو محمد الْجُريريّ الصُّوفيّ الزّاهد، مختلف في اسمه وفي وفاته. وقد قِيلَ اسمه: الحَسَن بْن محمد، وقيل: عَبْد اللَّه بْن يحيى، وإنّما يُعرف بكنيته. لقي السَّرِيّ السقطي، والكبار. وكان الْجُنَيْد يُجلُّه ويتأدَّب معه؛ وإذا تكلَّم في الحقائق قال: هذا من بابه أبي محمد الْجُريريّ. فلمّا تُوُفّي الْجُنَيْد أجلسوه مكانه، وأخذوا عَنْهُ أخلاق القوم وأنفاسهم. وقد حجّ في هذه السنة واستشهد في الرجوع يوم وقعة الهبير، وطأته الجمال فمات. وذلك في أوائل المحرَّم من سنة اثنتي عشرة. وقال أحمد بْن عطاء الرُّوذَبَاريّ: اجتزتُ بهِ بعد سنةٍ وهو في البرّية مستندٌ ورُكْبَتاه إلى صدره، وهو يُشير بإصبعه إلى اللَّه وقد يبس، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. 9- أحمد بْن محمد بْن الصَّلْت3: أبو بَكْر الكاتب. وبعضهم سمّاه محمد بْن أحمد بْن الصَّلْت. سمع: وهْب بن بقية، وطبقته.   1 تاريخ بغداد "4/ 400، 401"، "2299". 2 حلية الأولياء "10/ 347، 348"، والزهد الكبير "187"، للبيهقي، وصفة الصفوة "2/ 447"، وكشف المحجوب "148، 149". 3 تاريخ بغداد "5/ 34"، "2383". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 283 وعنه: الْجِعَابيّ، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ. وكان ثقة. 10- أحمد بْن محمد بْن شَبطون زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن1: أبو القاسم الَّلْخمي المعروف بالحبيب. سمع: محمد بْن وضّاح، وغيره. وكان من أكمل النّاس عقلًا وأدبًا. واسع الحال، كثير المكسب والصَّدقات. ولي القضاء بُقْرطُبة مدةً. 11- أحمد بْن محمد بْن نَصْر2: أبو جعفر الضُّبَعيّ الأحول. عَنْ: محمد بْن أَبِي مَعْشَر الْمَدَنِيّ، ومحمد بن موسى الحرشي. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعبد اللَّه بْن موسى الهاشميّ. صدوق. 12- أحمد بْن محمد بْن هارون3: أبو بَكْر الخلّال الفقيه. سمع: الحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بن عوف الحمصيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، والمَرْوَزِيّ، وخلقًا كثيرًا. وكان أحدُ مَن صَرَف عِنايته إلى جمْع علوم الْإِمَام أحمد بْن حنبل، وسافر إلى البلاد لأجلها، وسمعها عاليه ونازله. وصنَّف كتاب "الجامع"، وهو في عدة مجلَّدات، وكتاب "السنة"، وكتاب "العِلَل" لأحمد بْن حنبل، وغير ذلك.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 29"، لابن الفرضي، وقضاة قرطبة "98"، "37". 2 تاريخ بغداد "5/ 107"، "2513". 3 تاريخ بغداد "5/ 112"، وطبقات الفقهاء للشيرازي "171"، والعبر "2/ 148"، وكشف الظنون "576". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 284 قَالَ أبو بَكْر بْن شَهْرَيار: كلنا تبعٌ للخلّال؛ لأنّه لم يسبقنا إلى جمْعهِ عِلم أحمد أحدٌ قَبله. روى عَنْهُ: أبو بَكْر عَبْد العزيز بْن جعفر، ومحمد بن المظفَّر، وغيرهما. وتُوُفّي في ربيع الأوَّل وقد نَيَّفَ عَلَى الثّمانين. قَالَ الخطيب: جمع علوم أحمد وطلبها، وسافرَ لأجلها، وكتبها وصنَّفها كُتُبًا. ولم يكن فيمن ينتحل مذهب أحمد أحدٌ أجمع منه لذلك. قَالَ لي أبو يَعْلَى بْن الفّراء: دُفن الخلّال إلى جنْب أَبِي بَكْر المَرُّوذِيّ. 13- إبراهيم بْن السَّرِيّ بْن سهل1: أبو إِسْحَاق الزّجّاج النَّحْويّ. بغداديّ مشهور. لَهُ كتاب "معاني القرآن"، وله كتاب "الاستقامة"، وكتاب "خلْق الإنسان"، وكتاب "الأنواء"، وكتاب "العروض والقوافي" وكتاب "خلق الفرس" وكتاب "فعلت وأفعلت" و"مختصر في النَّحْو"، وغير ذَلِكَ. حكى عَنْهُ أبو محمد بْن دَرَسْتُوَيْه قَالَ: كنتُ أخرط الزُّجاج فاشتهيت النَّحْو، فلزمت المبردّ، وكان لَا يُعَلّم مَجَّانًا، فقال لي: أي شيء صنْعَتُك؟ قلت: زَجّاج، وكسْبي كلّ يوم دِرْهم ونصف، وأريد أنّ تُبالغ في تعليمي، وأعطيك كلّ يومٍ درهمًا، وأشرط أنّي أعطيكه إلى أنّ يفرق بيننا الموتَ. قَالَ: فنصحني. فجاءه كتابٌ من بني مارمة من الصراة يلتمسون نَحْوِيًّا لأولادهم، فخرجت فعلمتهم. وكنت أنفذ إِلَيْهِ في الشهر ثلاثين درهمًا. ثمّ طلب منه عُبَيْد اللَّه بن سليمان مؤدبًا لابنه القاسم. قَالَ: فأدبته، وكان ذَلِكَ سبب غنايّ. وصح لي من جهته أموال كثيرة. وعن الزّجّاج قَالَ: قلتُ للقاسم وأنا أعلمّه النَّحْو: إنّ وليت الوزارة ماذا تصنع بي؟ قال: ما تحب.   1 مروج الذهب "1509، 2932، 3380، 3409"، وتاريخ بغداد "6/ 89-93"، وكشف الظنون "575، 723، 1391، 1399"، والأعلام "1/ 40" ومعجم المؤلفين "1/ 33"، ومعجم الأدباء "1/ 130- 151". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 285 فقلت لَهُ: تعطيني عشرين ألف دينار. فما مضت إلّا سنون حتّى وزر وأنا نديمه، فجعلني أقدم له القصص، فربما قَالَ لي: كم ضمن لك صاحبها؟ فأقول: كذا وكذا. فيقول: غُبنْت. قَالَ: فحصل لي في مدّة شهور عشرون ألف دينار، ثمّ حصل لي ضعفها. ووقع لي مرة من ماله بورقة إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار. ثمّ إنّ الزّجّاج نادمَ المعتضد، وكان يسأله عَنِ الأدب. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وقد شاخ. 14- إبراهيم بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه1: أبو إِسْحَاق العَنْسيّ الدّمشقيّ. سمع: جَدّه الهَيْثَم بْن مروان، وشُعَيب بْن شُعَيب، وأبا أميَّة الطَّرَسُوسيّ. وعنه: ابنه أبو محرز، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وأبو هاشم المؤدِّب، وأبو بَكْر بْن المقرئ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 15- إبراهيم بْن مطروح: أبو إِسْحَاق الْمَصْرِيّ. مولى خَوْلان. سمع: عيسى بْن حمّاد، وَسَلَمَةَ بْن شبيب. قَالَ أبو يونس: كتبتُ عَنْهُ، وكان صالح الحديث، كتبَ لقاضي مصر. 16- إِسْحَاق بْن إبراهيم المَرْوَزِيّ: أبو يعقوب التّاجر. حدَّثَ بنَيْسابور عَنْ: عليّ بْن حُجْر، وأحمد بْن عَبْد اللَّه الفِرْيابيّ. وعنه: أبو العباس السياري، وأبو عَمْرو بْن حمدان، وجماعة. 17- إسحاق بن محمد بن علي بن سعيد المديني: أبو يعقوب.   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 231". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 286 سمع: عمرو بن علي الصيرفي، وحميد بن مسعدة، وعمر بن شبة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيْخ، وغيرهما. 18- إسماعيل بْن عليّ بْن نُوبَخْت1: أبو سهل النّوَبْخِتيّ، الكاتب المعتزليّ. أحد رؤوس الشيعة المتكلمين ببغداد. لَهُ مصنفات في الكلام، وردود على ابن الرَّاوَنْديّ. وكان كاتبًا بليغًا، شاعرا إخباريًا. روى عَنْهُ: الصُّوليّ، وأبو عليّ الكوكبيّ، وابنه عليّ بْن إسماعيل. تُوُفّي فِي شوّال عَنْ أربعٍ وسبعين سنة. "حرف الباء": 19- بدر الحمّاميّ2: الأمير أبو النَّجْم، مولى المعتضد باللَّه. ولى إمرة دمشق سنة تسعين ومائتين. وحدَّثَ عَنْهُ: هلال بْن العلاء، وعُبَيْد اللَّه بْن ماسَرْجس. وولي إمرة إصبهان من سنة خمسٍ وتسعين إلى سنة ثلاثمائة. وكان عادلًا حسن السيرة. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ، كَانَ عبدًا صالحًا مستجاب الدعوة تُوُفّي بشيراز. روى عَنْهُ: ابنه محمد بْن بدر. "حرف الجيم": 20- جعفر بْن محمد بْن بشّار3:   1 هدية العارفين "1/ 208"، والفهرست لابن النديم "251"، والفهرست للطوسي "39، 40". 2 البداية والنهاية "11/ 149"، والمنتظم "6/ 180". 3 تاريخ بغداد "7/ 207، 208". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 287 أبو العبّاس بْن أَبِي العجوز. سمع: محمود بْن خراش، وعَبْد اللَّه بْن هاشم الطُّوسيّ. وعنه: أبو الفضل الزُّهْرِيّ، وابن شاهين. "حرف الحاء": 21- حامد بْن العبّاس الوزير1: كَانَ قديمًا عَلَى نَظَر فارس، ثمّ ولي بعدها نظر واسط والبصرة. وآل أمره إلى وزارة أمير المؤمنين المقتدر. وكان كثير الأموال والحشم، بحيث إن له أربعمائة مملوك يحملون السلاح، وفيهم جماعة أمراء. واستوزره المقتدر في سنة ست وثلاثمائة وعزل ابن الفُرات. فقدم حامد بْن العبّاس من واسط في أبهةٍ عظيمة، فجلس في الدست أيامًا، فظهر منه سوء تدبير، وقلة خبرة بأعباء الوزارة، وشراسة خلق، فضم المقتدر معه. علي ابن عيسى الوزير، فمشت الأحوال. ولكنْ كَانَ الحلّ والعَقْد إلى ابن عيسى. ولهُ أثر صالح في إهلاك الحلّاج يدلّ عَلَى حُسْن إيمانه وعلمه في الجملة. وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. وسمع من: عثمان بْن أَبِي شَيْبة؛ وما حدث. وفي سنة ثمانٍ وثلاثمائة ضمّن حامد سواد الطرق، وجدّد مظالم، وغَلَت الأسعار، فقصدت العامةُ دار حامد وضجّوا وتكلموا، وهمّوا بهِ، فخرج إليهم غلمانه فاقتتلوا، ودام القتال، واشتد الأمر، وعظم الخطب، وقتل جماعة. ثمّ استضرت العامة وأحرقوا جسر بغداد، وركب حامد في طيار فرجموه. وكان مَعَ ظلمه وعسفه وجبروته جوادًا ممدحًا معطاءٍ. قَالَ أبو عليّ التّنُوخيّ: حدَّثني القاضي أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد الواحد الهاشمي قَالَ: كَانَ حامد بْن العبّاس من أوسع من رأيناه نفسًا، وأحسنهم مروءة، وأكثرهم نعمة، وأشدهم سخاءً وتفقدًا لمروءته. كَانَ ينصب في داره كلّ يوم عدة موائد، ويطعم كل من حضر حتّى العامة والغلمان. فيكون في بعض الأيّام أربعين مائدة.   1 صلة تاريخ الطبري "213-215"، والمنتظم "6/ 180-184"، والبداية والنهاية "11/ 149". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 288 ورأى يومًا في دهليزه قشر باقلّاء. فأحضر وكيله وقال: ويلك، يؤكل في داري باقلي؟ فقال: هذا فعل البوابين. فقال: أوليست لهم جراية لحم؟ قَالَ: بلى. فسألهم فقالوا: لَا نتهنّأ بأكل اللحم دون عيالنا، فنحن ننفذه إليهم، ونجوع بالغداة، فنأكل الباقلّي. فأمر أنّ يجرى عليهم لحمٌ لعيالاتهم أيضًا. فلمّا كَانَ بعد أيّام رأي قِشْر باقلّاء في الدهليز، فاستشاط، وكان سفيه الّلسان، فشتم وكيله وقال: ألم أضعف الجرايات؟ فقال: إنهم لم يغيروا عادتهم، بل صاروا يجمعون الثانية عند اللَّحَّام. فقال: ليكن ذَلِكَ بحاله، ولتجدد مائدة تنصب لهم غدوة قبل موائدنا. ولئن رأيت بعدها في دهليزي قشرًا لأضربنك وإياهم بالمقارع. قَالَ التّنُوخيّ: وحدثني أبو الحسين عبد الله الجوهري وأبو الحسن بن المأمون الهاشمي أَنَّهُ وجد لحامد في نكبته في بيت مستراح له أربعمائة ألف دينار عينا دلّ عليها لمّا اشتدت بهِ المطالبة. فقيل: إنّه كَانَ يدخل ومعه الكيس، فيه ألف دينار ليقضي حاجة، فيرميه في المرحاض، فتجمع هذا فيه1. وقال غيره: عُزل حامد وابنُ عيسى عَنِ الأمر، وقُلَّدَ أبو الحَسَن بْن الفُرات، وهذه ولايته الثالثة، فصادرَ حامدًا وعذبه. قَالَ المسعودي: كَانَ في حامد طيش وحدة. كلّمه إنسان بشيء، فقلب ثيابة عَلَى كتفه وصاح: ويلكم، عليَّ بهِ. وقال: دخلت عَلَيْهِ أم موسى القهرمانة، وكانت كبير المحلّ، فخاطبته في طلب مال، فقال لها: اضرطي والتقطي، واحسُبي لَا تَغْلطي. فخجلها. وبلغ المقتدر فضحك وكان شابًا لعّابًا، فأمر بقيناته فغنين بذلك. وجرت لحامد فصول، وتجلد عَلَى الضرب، ثمّ أحدر إلى واسط فسم في الطريق في بيض نيمرشت، فتلف بالإسهال في رمضان سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. وذكر الصُّوليّ أنّ أصل حامد من خراسان، ولم يزل يتقلد الأعمال الجليلة من طساسيج2 السَّواد، يتصرف مَعَ العمال حتّى ضمن الخراج، والضياع بالبصرة وكور   1 نشوار المحاضرة "1/ 24"، والمنتظم "6/ 183". 2 طساسيج: مفردها طَسوج: وهو اسم يطلق على الناحية في بلاد فارس. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 289 دجلة مَعَ الأشراف بكسكر وغيرها سنين، في دولة ابن الفُرات. فكان يعمّر ويربح ويحسن إلى الأكارين ويرفع المؤن حتّى صار لهم كالأب. وكثرت صدقاته. وقيل: إنّه وزر وقد علت سنة، ثمّ تحدثّ الأمراء بما في حامد من الحدة وقلة الخبرة بأمور الوزارة، فعاتب المقتدر أبا القاسم بْن الحواري، وكان أشار بهِ. ونقل ابن النّجّار أنّ حامدًا أضيف إِلَيْهِ في الأمور عليّ بْن عيسى. قَالَ الصُّوليّ: فجلس عليّ بْن عيسى في دار سليمان بْن وهْب وفعل كما يفعل الوزراء. واشتغل حامد بمصادرة ابن الفُرات. وقد وقعت بينه وبين ابن عيسى مشاجرات ومناظرات في الأموال، فقيل: أعجبُ مِن كلّ ما تراه ... إنّ وزيرين في بلادِ هذا سوادٌ بلا وزير ... وذا وزيرٌ بلا سوادِ واستخرج حامد من المحسّن ولد أَبِي الحَسَن بْن الفُرات ألف ألف دينار، وعذَّبه. فلمّا فرغ من المصادرة بقي بلا عمل سوى اسم الوزارة والركوب يومي الموكب. وسقطت حرمته عند المقتدر، وبان لَهُ أنّ لَا فائدة منه، فأفرد ابن عيسى بالأمور. واستأذن حامد المقتدر في أنّ يضمن إصبهان والسّواد وبعض المغرب، فأذن لَهُ حتّى قيل في ذَلِكَ: أنظر إلى الدَّهْر ففي عجائبِهْ ... معتبرٌ يُسليك عَنْ نوائبهْ وتُؤيِس العاقلَ عَنْ رغائبِهْ ... حتّى تراه حذرًا من جانبهْ صار الوزيرُ عاملًا لكاتبهْ ... يأملُ أنّ يرفقَ في مطالبهْ ليستدر النفع من مكاسبهْ قَالَ أبو عليّ التّنُوخيّ: حدَّثني أبو عبد الله الصَّيْرفيّ: حدَّثني أبو عليّ القَنَويّ التّاجر قَالَ: ركب حامد بْن العبّاس قبل الوزارة بواسط إلى بستان لَهُ، فرأى شيخًا يُوَلْول وحولهُ نساء وصبيان يبكون، فسأل عَنْ خبرهم، فقيل: احترق منزله وقماشه وافتقر، فرق لَهُ ووَجَمَ لَهُ، وطلب وكيله وقال: أريد منك أنّ تضمن لي أنّ لَا أرجع العشيّة من النُّزهة إلّا وداره كما كانت مجصَّصة، وبها القماش والمتاع والنّحاس أفضل ممّا كَانَ، وكسوة عياله مثل ما كَانَ لهم. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 290 فأسرع في طلب الصُّنّاع، وبادروا في العمل، وصبَّ الدّراهم، وأضعف الأجر، وفرغوا من الجميع بعد العصر. فلمّا ردّ حامد وقت العتْمة شاهدها مفروغةً بآلاتها وأمتعتها الْجُدد، وازدحم الخلْق يتفرجون، وضجوّا لحامد بالدّعاء. ونال التّاجر من المال فوق ما ذهبَ لَهُ، ثمّ زاده بعد ذَلِكَ كلّه خمسة آلاف درهم ليقوى بها في تجارته1. وقيل: إنّ رجلًا دخل واسطًا في شغل، واشترى خبزًا بدينار ليتصدق بهِ، وجلس يراعي فقيرًا يعطيه منه، فقال لَهُ الخباز: إنك لَا تجد أحدًا يأخذه منك؛ لأنّ جُمَيْع ضعفاء البلد في جراية حامد، لكلّ واحدٍ رطْل خبز ودانق فضّة. وقيل: إنّه يقدَّم، وهو وزير، عَلَى موائده بين يدي كل رجل جدي، لَا يشاركه أحد. قَالَ الصُّوليّ: كَانَ حامد قليل الرَّغْبة في استماع الشِّعْر، إلّا أَنَّهُ كَانَ سخيًا، جميل الأخلاق، كثير المزح. وكان إذا خولفَ في أمرٍ يصيح ويَحْرَد. فَمَن داريَ مزاجه انتفع بهِ. قَالَ إبراهيم نِفْطَوَيْه: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قِيلَ لبعض المجانين: في كم يتجنّن الإنسان؟ قَالَ: ذاك إلى صبيان المحلّة. وكان حامد ثالث يوم من وزارة المقتدر قد ناظر ابن الفُرات، وجَبَهَه وأفحش لَهُ، وجذب بلحيته، وعذب أصحابه. فلمّا انعكس الدَّسْت ووَزَر ابن الفُرات تنمَّر لحامد، فليم حامد فقال: إنّ كَانَ ما عملته معكم من الأحوال السيئة بكم أثر لي خيرًا فزيدوا منه، وإن كَانَ قبيحًا، وهو الّذي أصارني إلى التمكُّن منّي، فالسعيد من وعظ بغيره. وبعد أنّ استصفاه دَسَّ مَن سقاه سُمًّا في بيضٍ، فأتلفه إسهالٌ مُفْرِط. نِفْطَوَيْه: نا حامد بْن العبّاس الوزير: حدَّثني سند بْن عليّ، قَالَ: كنتُ بين يدي المأمون، فعطس فلم نُشَمِّتْه. فقال: لِمَ لَمْ تشمِّتَاني؟ قُلْنَا: أجللناك يا أمير المؤمنين. قَالَ: لستُ من الملوك التي تتحال عَنِ الدّعاء. قُلْنَا: يرحمك اللَّه. قَالَ: يغفر الله لكما.   1 انظر: المنتظم "6/ 182، 183". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 291 قال الصولي: سلم حامد إلى المحسن ابن الوزير ابن الفُرات، فعذَّبه بألوان العذاب. وكان إذا شرب أَخْرَجَهُ وألبسه جلْد قرد، فيرقّص ويُصْفع، وفُعِلَ به ما يستحيى من ذكره. ثمّ أحضر إلى واسط فأُهلك. وصلّي الناسُ عَلَى قبره أيّامًا. قَالَ أحمد بْن كامل بْن شَجَرة: تُوُفّي بواسط، ثمّ بعد أيّام ابن الفُرات نُقِل فدُفِنَ ببغداد. وسمعته يَقُولُ: وُلدت سنة ثلاث وعشرين ومائتين. وأبي من الشهاردة. 22- حمّاد بْن شاكر بْن سَوِيّة1: أبو محمد النَّسَفيّ. روى "الصّحيح" عَنِ الْبُخَارِيّ. وروى عَنْ: عيسى بْن أحمد العسقلانيّ، ومحمد بن عيسى التِّرْمِذيّ. وعنه: جماعة. قَالَ جعفر المُسْتَغِفريّ: هُوَ ثقة مأمون. رحل إلى الشام. حدَّثني عَنْهُ بَكْر بْن محمد بْن جامع بـ"صحيح الْبُخَارِيّ"، وأبو أحمد قاضي بخاري. ورخّ وفاته ابن ماكولا. وقيَّد جَدّه: سَوِيّة. "حرف السين": 23- سليمان بْن حامد: أبو أيّوب القُرْطُبيّ الزّاهد. كَانَ يقال: إنّه من الأبدال. وكان مُجاب الدَّعوة، كبير القدر. روى عَنْ: إبراهيم بْن باز، ومحمد بن وضّاح، وجماعة. وكان أعبد أهل زمانه، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. 24 - سهل بْن يحيى2: أبو السَّرِيّ الحدّاد.   1 التقييد لابن النقطة "257، 258"، والوافي بالوفيات "13/ 152"، "164"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 377". 2 تاريخ بغداد "9/ 119"، "4732". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 292 عَنْ: الحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ. وعنه: أبو بَكْر الأبْهَريّ، وعليّ الحربيّ، وعُمَر بْن شاهين. وبقي إلى بعد هذا العام بيسير. "حرف الشين": 25- شُعَيب بْن إبراهيم: أبو صالح العِجْليّ النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن رافع، وعليّ بْن حرب، وعُبَيْد اللَّه بْن سعْد الزُّهْرِيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو زكريّا يحيى العَنْبريّ، وجماعة. "حرف العين": 26- العبّاس بْن أحمد بْن أَبِي شحمة القَطِيعيّ1: عَنْ: أَبِي هَمّام السَّكُونيّ، ومحمود بْن غَيْلان. وعنه: مَخْلَد بْن جعفر، والجِعَابيّ، ومحمد بن الشِّخِّير. وثّقه الخطيب. 27- عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم2: أبو محمد المدائني الأنْماطيّ. نزيل بغداد. سمع: الصَّلْت بْن مسعود، وعثمان بْن أَبِي شَيْبة، وأبا كامل الجحدريّ، ومحمد بن بكّار. وعنه: الْجِعَابيّ، وابن المظفّر، وأبو بَكْر الورّاق، ومحمد بن الشِّخِّير، وابن حَيَّوَيْه. وثقه الدارقطني.   1 تاريخ بغداد "12/ 153"، "6622". 2 تاريخ جرجان "356"، والمنتظم "6/ 184"، والعبر "2/ 148". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 293 28- عَبْد اللَّه بْن عُرْوَة1: الحافظ أبو محمد الهَرَوِيّ. مصنف كتاب "الأقضية". سمع: أبا سَعِيد الأشج، والحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بن الوليد البُسْريّ، وخلْقًا سواهم. وعنه: محمد بْن أحمد بن الأزهر، ومحمد بن عَبْد اللَّه السَّيّاريّ، وأبو منصور محمد بْن عَبْد اللَّه البزّاز. 29- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن سليمان2: أبو العبّاس الكوكّبي النَّيْسابوريّ. واسع الرحلة، سمع: عليّ بْن خَشْرَم، وأحمد ابن أخي ابن وهب، ويونس بن عبد الأعلى، وعلي بن حرب، وجماعة. وعنه: أبو علي الحافظ، وإسحاق بن سعد النسوي، وجماعة. وثقه أبو عبد الله الحاكم. 30- عبد الله بن محمود السعدي3: أبو عبد الرحمن المروزي الحافظ. سمع: حبان بن موسى، ومحمود بن غيلان، وعلي بن حجر السعدي. ورحل إلى العراق فأكثر عن: عُمَر بْن شبة، وهذه الطبقة. وعنه: أبو منصور الأزهري، وأحمد بن سعيد المعداني الفقيه، وطائفة. قال الحاكم: ثقة مأمون، وقد سمع منه إمام الأئّمة ابن خُزَيْمة، وهو من أقرانه. 31- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عمرو النصراباذي النيسابوري4:   1 تذكرة الحفاظ "3/ 876، 787"، وهدية العارفين "1/ 443"، وشذرات الذهب "2/ 262". 2 الأنساب "10/ 501". 3 العبر"2/ 148"، وتذكرة الحفاظ "2/ 718"، وطبقات الحفاظ "309". 4 الأنساب "12/ 88". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 294 أبو محمد. من محلَّة نصراباذ. سمع: محمد بْن رافع، ومحمد بْن أسلم الطُّوسيّ. وعنه: أحمد بْن هارون، ومحمد بن سَعِيد المؤدِّب. 32- عَبْدان بْن أحمد بْن أَبِي صالح النهدانيّ: بأرَّجان. ورَّخ موته ابن مَنْدَه. 33- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن عِمران الْجُرْجانيّ1: حدَّثَ بحلب، عَنْ: بُنْدار، وأبي حفص الفلّاس، وابن مُثَنَّى. وعنه: أبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو أحمد بْن عديّ، وغيرهما. سكن حلب. 34- عُمَر بْن محمد بْن بُجير بْن حازم بْن راشد الهَمْدانيّ2: أبو حفص السَّمَرْقَنْديّ الحافظ، مصنِّف "الصحيح" و"التفسير". لَهُ الرحلة الواسعة والمعرفة التّامّة، وهو من أبناء المحدثين. فإن أباه رحال كبير روى عَنْ أَبِي الوليد، وعارم، وطبقتهما. وعُمَرُ هذا رحلَ إلى خُراسان، والبصْرة، والكوفة، والشّام، ومصر، والحجاز، وجمع ما لم يجمعه غيره، حتّى أَنَّهُ قَالَ: رحلت إلى بُنْدار ثلاث مرّات، سَمِعْتُ منه ستين ألف حديث أو أكثر. قلت: سمع: محمد بْن معاوية خال الدّارميّ، وعيسى بْن زُغْبة، وبِشْر بْن مُعَاذ العَقَديّ، وعَمْرو بْن عليّ، وبُندارًا، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن عَبْدة، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن صابر، ومحمد بن بَكْر الدهقان، ومحمد بن أحمد بْن عِمران الشّاشيّ، ومحمد بن عليّ المؤدِّب، ومعمر بْن جبريل الكرمينيّ، وأَعْيَن بْن جعفر السَّمَرْقَنْديّ، وعيسى بْن موسى الكِسائيّ، وآخرون.   1 تاريخ جرجان "299، 300" للسهمي. 2 المشبه في أسماء الرجال "1/ 48"، والعبر "2/ 149"، والبداية والنهاية "11/ 149"، والنجوم الزاهرة "3/ 209". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 295 ومولده سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. ورحل سنة بضعٍ وأربعين، وحضر جنازة أحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ؛ وهو صدوق. وَقَدْ رَوَى عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَلالِ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ محمد، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلاةً إِلَى صَلاتِكُمْ هِيَ خَيْرٌ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ، أَلا وَهِيَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاةِ الْفَجْرِ" 1 تَفَرَّدَ بِهِ مَرْوَانُ، وَهُوَ ثِقَةٌ. 35- عَمْرو بْن محمد بْن الخليل بْن نُعَيْم العَتَكيّ النّاقد2: عَنْ: نَصْر بْن الحُسين، وسعيد بْن أيّوب، وأحمد بْن زهير، وأبي عَبْد اللَّه بْن أَبِي حفص. وعنه: أحمد بْن القاسم بْن عُمَيْر، وأبو عِصْمة أحمد بْن محمد الجواليقيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن إبراهيم. مات في عاشر جمادى الآخرة. أظنَّه بُخاريّا. ذكره الأمير. "حرف الكاف": 36- كامل بْن مكّيّ بْن محمد بْن وردان: أبو العلاء التَّميميّ الْبُخَارِيّ. كَانَ يورّق عَلَى باب صالح جَزَرَة. وسمع: الربيع المُرَاديّ، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بن عزير السمرقندي. توفي في شعبان، وقد أسن.   1 ذكره الهندي في كنز العمال "19549"، وأخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 235"، بنحوه والبيهقي في السنن الكبرى "2/ 469". 2 تاريخ جرجان "165" للسهمي، والإكمال لابن ماكولا "7/ 328". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 296 "حرف الميم": 37- محمد بْن أحمد بن الصَّلْت1: أبو بَكْر البغداديّ الكاتب. روى عَنْ: وهْب بْن بقية، ومحمد بن خَالِد الطّحّان، وسوار بن عبد الله العنبري، وطبقتهم. وعنه: الجعابي، ومحمد بن المظفر، وأبو الفضل الزهري، وأبو الحسن الحربي. وقد سماه بعضهم أحمد بن محمد. توفي في المحرم. وقد وثقه عمر البصري. 38- محمد بن إسماعيل بن علي بن النعمان بن راشد2: أبو بكر البصلاني شيخ بغداد. ثقة جليل. روى عَنْ: بُنْدار، وعليّ بْن الحُسين الدِّرْهَميّ. وعنه: عبد العزيز الخرقي، وأبو القاسم بن النحاس، وعلي بن لؤلؤ. مات في شعبان. 39- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمَة بْن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري3: إمام الأئمة أبو بكر الحافظ. سمع: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد الرازي، وما حدَّثَ عَنْهُمَا لصغره، فإنه وُلِد في صَفَر سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين؛ ومحمود بْن غيلان، ومحمد بن أبان   1 انظر: تاريخ جرجان "314" للسهمي، المنتظم "6/ 186، 187". 2 تاريخ بغداد "2/ 46"، "440". 3 الثقات "9/ 156"، والجرح والتعديل "7/ 196"، والعبر "2/ 149، 150"، والبداية والنهاية "11/ 149". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 297 المستملي، وإِسْحَاق بْن موسى الخطْميّ، وعتبة بْن عَبْد اللَّه اليحمدي، وعليّ بْن حُجْر، وأبا قُدَامة السَّرْخَسيّ، وأحمد بْن مَنِيع، وبِشْر بْن مُعَاذ، وأبا كُرَيْب، وعبد الجبار بْن العلاء، ويونس بن عبد الأعلى، وخلقا كثيرا. وعنه: الْبُخَارِيّ، ومسلم في غير "الصحيح"، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم شيخه، وأبو عَمْرو بْن المبارك، وإبراهيم بْن أَبِي طَالِب وَهُم أكبر منه؛ وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وإِسْحَاق بْن سعْد النَسَويّ، وأبو عَمْرو بْن حَمْدان، وأبو حامد أحمد بن محمد بن بالويه، وأبو بَكْر أحمد بْن مِهْران المقرئ، ومحمد بن أحمد بْن عليّ بْن نُصَيْر المعدَّل، وحفيده بْن الفضل بْن محمد بْن إِسْحَاق، وخلْق كثير. قَالَ أبو عثمان سَعِيد بْن إسماعيل الحِيّريّ، قال: ثنا أبو بكر بن خزيمة قال: كنت إذا أردت أن أصنف الشيء دخلت الصلاة مستخيرا حتى يفتح لي فيها، ثم أبتدئ التصنيف. وقال الزاهد أبو عثمان الحيري: إنّ اللَّه لَيْدفع البلاء عَنْ أهل هذه المدينة بمكان أَبِي بَكْر محمد بْن إِسْحَاق. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ محمد بْنُ جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ، وَسُئِلَ: مِنْ أَيْنَ أوتيت العلم؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ" 1. وَإِنِّي لَمَّا شَرِبْتُ مَاءَ زَمْزَمَ سَأَلْتُ اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا. وقال أبو بَكْر بْن بالوَيْه: سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وقيل لَهُ: لو حلقت شَعْرك في الحمّام، فقال: لم يَثْبُت عندي أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل حمّامًا قطّ، ولا حلق شعرَه، إنمّا يأخذ شعري جاريةٌ لي بالمِقْراض. وقال محمد بْن الفضل كَانَ جدّي أبو بَكْر لَا يدَّخِر شيئًا جهده، بل يُنْفقه عَلَى أهل العلم. وكان لَا يعرف سنجة الوزن، لا يميز بين العشرة والعشرين. وقال أبو بكر محمد بْن سهل الطُّوسيّ: سَمِعْتُ الربيع بْن سليمان وقال لنا: هَلْ تعرفون ابن خُزَيْمة؟ قُلْنَا: نعم. قَالَ: استفدنا منه أكثر ممّا استفاد منّا.   1 صحيح: أخرجه أحمد في مسنده "3/ 357"، وابن ماجه "3062"، والبيهقي في السنن الكبرى "5/ 202"، والدارقطني في سننه "2/ 9289، وانظر السلسلة الصحيحة "2/ 572" وصحيح الجامع الصغير وزيادته "5502". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 298 وقال محمد بْن إسماعيل السُّكّريّ: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: حضرت مجلسَ المُزَنيّ يومًا فسُئل عَنْ شبه العَمْد، فقال السائل: إنّ اللَّه وصَف في كتابه القتل صنفين عمدًا وخطأ. فلِمَ قلتم: إنّه عَلَى ثلاثة أصناف؟ يحتجُّ بعليّ بْن زيد بْن جدْعان. فسكت المُزَنيّ. فقلتُ لمناظرة: قد روى هذا الحديث أيضًا أيّوب وخالد الحذاء. فقال لي: فَمَن عُقْبة بْن أَوْس؟ قلت: بَصْريّ روى عَنْهُ ابن سيرين مَعَ جلالته. فقال للمُزَنيّ: أنتَ تناظر أو هذا؟ فقال: إذا جاء الحديثُ فهو يناظر؛ لأنّه أعلم بالحديث منّي، ثمّ أتكلّم أَنَا. وقال محمد بْن الفضل: سَمِعْتُ جدّي يَقُولُ: استأذنت أَبِي في الخروج إلى قُتَيْبة، فقال: اقرأ القرآن أوّلًا حتّى آذن لك. فاستظهرت القرآن. فقال لي: اسكت حتّى تصلّي بالختْمة. فمكثت. فلمّا عيَّدنا آذن لي، فخرجت إلى مَرْو، وسمعتُ بمَرْو الرُّوذ من محمد بْن هشام، فنُعي إلينا قُتَيْبة. وقال أبو علي الحسين بن محمد الحافظ: لم أرَ مثل محمد بْن إِسْحَاق. وقال ابن سُرَيْج، وذكر لَهُ ابن خُزَيْمة، فقال: يستخرج النُّكَت مِنْ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنّقاش. وقال أبو زكريّا العَنْبريّ: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: لَيْسَ لأحدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قولٌ إذا صحّ الخبر عَنْهُ. وقال محمد بْن صالح بْن هانئ: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: مَن لم يقرّ بأنّ الله عَلَى عرشه قد استوى فوق سبْعٍ سَمواته فهو كافرٌ حلال الدّم، وكان مالُه فَيْئًا. وقال أبو الوليد الفقيه: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: القرآن كلامُ اللَّه، ومن قَالَ: مخلوق فهو كافر يُستتاب، فإن تابَ وإلّا قُتِل، ولا يُدفن في مقابر المسلمين. وقال الحاكم، في علوم الحديث: فضائل ابن خُزَيْمة مجموعة عندي في أوراق كثيرة ومصنفاته تزيد عَلَى مائة وأربعين كتابًا سوى المسائل. والمصنفة أكثر من مائة جزء. وله فقه حديث بُرَيْرة في ثلاثة أجزاء. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه المعدّل: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن خَالِد الإصبهانيّ يَقُولُ: سُئل عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، عَنِ ابن خُزَيْمة فقال: ويحكم، هُوَ يُسأل عنَّا ولا نسأل عَنْهُ. هُوَ إمام يُقتَدَى به. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 299 وقال أبو بَكْر محمد بْن عليّ الفقيه الشّاشيّ: حضرتُ ابن خُزَيْمة، فقال لَهُ أبو بَكْر النَّقاش المقرئ: بلغني أَنَّهُ لما وقع بين المُزَنيّ وابن عَبْد الحَكَم، قِيلَ للمُزَنيّ: إنّه يردّ عَلَى الشّافعيّ، فقال: لَا يُمكنه إلّا بمحمد بْن إِسْحَاق النَّيْسابوريّ. فقال أبو بَكْر: كذا كَانَ. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أبا سعد عَبْد الرَّحْمَن بْن المقرئ: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: القرآن كلام اللَّه ووحْيه وتنزيله غير مخلوق. ومن قَالَ: إنّ شيئًا من تنزيله ووحيه مخلوق، أو يَقُولُ: إنّ أفعاله تعالى مخلوقه، إنّ القرآن محدث فهو جَهْميّ. ومن نظر في كُتُبي بْان لَهُ أنّ الكلابية كذبة فيما يحكون عنّي، فقد عرف الخلْق أَنَّهُ لم يصنف أحدٌ في التوحيد والقدر وأصول العلم مثل تصنيفي. وقال أبو أحمد حُسَيْنَك: سَمِعْتُ إمام الأئمّة ابن خُزَيْمة يحكي عَنْ عليّ بْن خَشْرَم، عَنْ إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه أنه قَالَ: أحفظ سبعين ألف حديث. فقلت لابن خُزَيْمة: فكم يحفظ الشَّيْخ؟ فضربني عَلَى رأسي، وقال: ما أكثر فضولك. ثمّ قَالَ: يا بُنيّ، ما كتبت سوادًا في بياض إلا وأنا أعرفه. قال: وحكى أبو بِشْر القطّان قَالَ: رأى جارٌ لابن خُزَيْمة من أهل العلم كأنّ لوحًا عَلَيْهِ صورة نبّينا صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن خُزَيْمة يعتقله، فقال المعبّر: هذا رجلٌ يُحْيى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ نقل الحاكم أنّ ابن خُزَيْمة عمل دعوةً عظيمة ببستان، فمرّ في الأسواق يعزم عَلَى التُّجّار، فبادروا معه وخرجوا، ونقل كلّ ما في البلد من المأكل والشِّواء والحلْواء. وكان يومًا مشهودًا بكثرة الخلْق، لم يتهيأ مثله إلّا لسلطان كبير. قَالَ: الْإِمَام أبو عليّ الحافظ: كَانَ ابن خُزَيْمة يحفظ الفِقْهيّات من حديثه، كما يحفظ القارئ السُّورة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ ابن خُزَيْمة إمامًا ثَبْتًا معدوم النّظير. تُوُفّي ابن خُزَيْمة في ثاني ذي القعدة. وقد استوعب أخباره الحاكم أبو عبد الله في "تاريخ نَيْسابور"، وفيها أشياء كيّسة وأخبار مفيدة. ذكر ابن حِبّان أَنَّهُ لم يرَ مثل ابن خُزَيْمة في حِفْظ الإسناد والمَتْن، فأخبرنا ابن الجزء: 23 ¦ الصفحة: 300 الخلّال، أَنْبَأَ ابْنُ اللُّتِّيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الأَنْصَارِيُّ، أَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن صالح، نا أَبِي، نا محمد بْن حِبّان التَّميميّ قَالَ: ما رأيتُ عَلَى وجه الأرض مَن يُحسن صناعة السُّنَن ويحفظ ألفاظها الصِّحاح وزياداتها، حتّى كأنّ السُّنَن كلّها بين عينيه إلّا محمد بْن إِسْحَاق فقط. 40- محمد بْن زكريّا الرّازيّ1: الطبيب العلّامة في علم الأوائل، وصاحب المصنّفات المشهورة المنتشرة، أبو بَكْر. تُوُفّي ببغداد، وكان عَلَى مارستان بغداد في زمن المكتفي. وكان في صباه مغنيًا بالعود، ثمّ أقبل عَلَى قراءة كتب الفلسفة والطّبّ، فبلغ فيه الغاية. صنَّف "الحاوي" في نحو ثلاثين مجلدًا في الطب، و"كتاب الجامع" وهو كبير، و "كتاب الأعصاب"، و"المنصوري"، وغير ذَلِكَ. وطال عمره. وقيل: إنّه إنّما اشتغل بعد أنّ صار ابن أربعين سنة، وأضَرَّ في آخر عمره. وكان اشتغاله عَلَى أبي الحسن علي بن زبن الطَّبَريّ صاحب التّصانيف الطّبّيّة. 41- محمد بْن شادَل بْن عليّ2: أبو العبّاس النَّيْسابوريّ. مولى بُنيّ هاشم. كُفّ بصره بعد الثمانين. سمع: إِسْحَاق بن راهويه، وعمر بْن زُرارة، وأبا مُصْعَب، وهَنَّاد بْن السَّرِيّ، ولُوَيْنًا. وعنه: أحمد بْن الخضر، وعَبْد اللَّه بن سعد، ويوسف الميانجي، وأحمد بن سهل الأنصاري، والشيوخ بعدهم.   1 طبقات الحكماء لابن جلجل "77"، ووفيات الأعيان "5/ 157-161"، والأعلام "6/ 130"، وكشف الظنون "577". 2 العبر "2/ 150"، وشذرات الذهب "2/ 263". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 301 وقال طاهر بْن أحمد الورّاق: إنّه نَيَّف عَلَى المائة سنة وتُوُفّي في ربيع الأوّل سنة إحدى عشرة. وإنه كَانَ يختم القرآن في كلّ يوم. وقال غيره: تُوُفّي في صَفَر سنة تسعٍ، فالله أعلم. وقعَ لنا من طريقه جزء إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، رواه عَنْهُ أبو أحمد الحاكم، وقال: كَانَ صحيح الُّأصول، سمع ابن رَاهَوَيْه، ومحمد بن عثمان العثمانيّ. سألنا أبا العبّاس الماسرجسي عَنْهُ، فثبت سماعه من إِسْحَاق. 42- محمد بْن مكّيّ بْن محمد بْن سليمان الخَوْلانيّ: مولاهم الْمَصْرِيّ. عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى. 43- محمد بْن يَزْداد بْن أدين: يُكنّى أبا جعفر. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن عَبْدان الحافظ، ومحمد بن أحمد بْن السَّرِيّ، وهبة اللَّه بْن الحَسَن القاضي، وآخرون. وهو فارسيّ من أهل جُور. سمع: عَبْده الصّفّار، وبِشْر بْن آدم، وجماعة. وحدَّث. 44- مظفر بْن عاصم بْن أَبِي الأغرّ1. أبو القاسم البَجَليّ. كذّاب، حدّث في هذا العام ببغداد، وزعم أَنَّهُ ابن مائة وتسعةٍ وثمانين سنة وأشهر، وأنّه سمع من: حُمَيْد الطويل، ومن مكلبة بخوارزم. وزعم أنّ لمكلبة صحبة. روى عنه من لا يستحيي كعمر بْن محمد بْن إبراهيم، ومحمد بن محمد بْن مُعَاذ، وغيرهما. كذّبه ابن الْجَوْزيّ، وغيره.   1 تاريخ بغداد "13/ 127"، "7112"، والميزان "4/ 131"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 126". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 302 وفيات سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 45- أحمد بْن الحَسَن بْن هارون1: أبو بَكْر الخّراز الكوفيّ، ثمّ البغداديّ الصّبّاحيّ. عَنْ: عَمْرو بْن الفلّاس، ومحمد بن منصور الطُّوسيّ. وعنه: عليّ بْن عُمَر السُّكّريّ، والطَّبَرانيّ، والحَسَن بْن رشيق، وأبو عُمَر بْن فَضَالَةَ، وآخرون. وثفه الخطيب. 46- أحمد بْن الحُسين بْن أحمد2: أبو عبد الله الكَرْخيّ الْمُعَدَّلُ. سمع من حسين الكرابيسيّ تصانيفه؛ ومن: إِسْحَاق بْن موسى، وغير واحد. وعنه: عليّ بْن لؤلؤ، وابن المظفّر، لكنْ سمَّى أَبَاهُ حسينًا. مات في جُمَادَى. أرّخه ابن قانع. 47- أحمد بْن زكريّا3. أبو حامد النَّيْسابوريّ: نزل بغداد، وحدَّثَ عَنِ الذُّهْليّ، وابن وَارَةَ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ. وعنه: ابن لؤلؤ، ومحمد بن المظفّر. وهو موثَّقٌ نبيل. 48- أحمد بْن عَمْرو الألْبيريّ: الحافظ بالأندلس. فيها، وقد مر.   1 تاريخ بغداد "4/ 87"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 50". 2 تاريخ بغداد "4/ 100"، "1752". 3 تاريخ بغداد "4/ 161"، "1838". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 303 49- أحمد بْن محمد بْن الأزهر بْن حُريث1: أبو العبّاس السِّجْزيّ. سمع: عليّ بْن حُجْر، وسعيد بْن يعقوب الطّالقانيّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن رافع، وأبا حفص الفلاس، وطبقتهم. واتهمه بالكذِب أبو قُرَيْش الحافظ فإنه قَالَ: حججت معه سنة ستٍّ وأربعين ومائتين، فلمّا بلغنا أنّ محمد بْن مُصَفَّى قد حجّ صرْنا إلى رحْلة في منزلة الدّمشقيَّيْن بمِني، فلم نصل، ثمّ قصدناه بمكة فقال: تعالوا غدًا. فبكرت أنا وأبو العباس بْن الأزهر إِلَيْهِ، فإذا بهِ قد رحل من الليل. وقد بلغني الآن أنّ ابن الأزهر يحدّث عَنِ ابن مُصَفَّى. قلت: روى عَنْهُ أبو بَكْر بْن عليّ الحافظ، وعبد العزيز بْن محمد بْن مُسْلِم، وجماعة. 50- أحمد بْن محمد بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن2: أبو القاسم بْن شبطون الَّلخْمي القُرْطُبيّ المالكيّ. من كبار العلماء ذوي الأموال. ولي القضاة مدّة. أخذ عَنِ ابن وضّاح. 51- أحمد بْن محمد بْن عثمان بْن شبيب: أبو بَكْر الرّازيّ. نزيل مصر. قرأ القرآن عَلَى: الفضل بْن شاذان، وأحمد بْن أَبِي شُرَيْح. وسمع: أبا زُرْعة الرّازيّ. سمع منه: الحَسَن بْن رشيق، وأحمد بْن عُمَر الدّاجُونيّ، وأحمد بْن محمد المهندس. توفي في ربيع الأول.   1 المجروحين "1/ 163، 165"، والميزان "1/ 130-132". 2 تقدمت ترجمته في وفيات السنة المتقدمة برقم "10" من هذا الجزء. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 304 52- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الهَيْثَم الدُّوريّ1: أبو بَكْر الدّلّال. بغداديّ، سمع: أحمد بْن مَنِيع، وعبد الرحمن بْن يونس السّرّاج. وعنه: أبو بكر الأبهري، وابن المظفر، وغيرهما. وهو إن شاء الله أحمد بن محمد بن الهيثم الدوري الدقاق حدَّثَ في سنة ثمانٍ هذه عَنْ أحمد بْن مَنِيع، وأحمد بْن عَبْدة، وسلم بْن جُنَادَةَ. وعنه: أبو الفضل الزهري، وابن المظفر، وابن شاهين. صالح الحديث. 53- إبراهيم بن حمش النيسابوري2: أبو إسحاق الزاهد الواعظ. سمع: محمد بن مقاتل الرازي، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، ومحمد بن رافع. وعنه: ابنه أبو عبد الله، وجماعة. تُوُفّي فِي رمضان. 54- إِبْرَاهيمُ بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن جعفر الكندي الصيرفي3: روى عَنْ: الفلّاس، ومحمد بن المُثَنَّى، وعبده الصّفّار. وعنه: أبو عمر بن حَيَّوَيْهِ، ومحمد بن عبد الملك بن الشخير. وثقه الدارقطني. يعرف بابن الخنازيري. 55- إسحاق بن بنان بن معن الأنماطي4:   1 تاريخ بغداد "5/ 116"، "2527". 2 البداية والنهاية "11/ 151"، وفيه: "إبراهيم بن خميس" والمنتظم "6/ 190" وفيه "خَمش". 3 تاريخ بغداد "6/ 157"، "3201". 4 تاريخ بغداد "6/ 390"، والمنتظم "6/ 190". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 305 بغدادي، سمع: أبا همّام، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل. وعنه: عليّ بْن لؤلؤ، وابن البّواب المقرئ. ووثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 56- إِسْحَاق بْن أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه. أبو يعقوب النَّسَفيّ القاضي: عَنْ: عليّ بْن خَشْرَم، ومحمود بْن آدم، وغيرهما. وعنه: عَبْد المؤمن بْن خَلَف الحافظ. 57- إِسْحَاق بْن محمد بْن إبراهيم بْن حكيم الإصبهانيّ1: أخو أَبِي عَمْرو أحمد بْن محمد بْن مَمّك. سمع: محمد بْن عاصم الثَّقْفيّ، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ. وكان يحفظ ويصنّف. روى عَنْهُ: أبو أحمد العسّال. "حرف الحاء": 58- حَزْم بْن وهْب بْن عَبْد الكريم: أبو وهب الأندلسي. توفي في رمضان. 59- الحَسَن بْن عليّ بْن نَصْر2: أبو عليّ الطُّوسيّ. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن بشّار، والزُّبَير بْن بكّار، وأبا موسى الزَّمِن، وطائفة سواهم. وعَنْهُ: محمد بْن جعفر البُسْتيّ، وأحمد بْن محمد بْن عَبْدُوس، وأبو سهل محمد الصُّعْلُوكيّ، وجماعة.   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 219، 220". 2 تاريخ جرجان "184، 185" للسهمي، والميزان "1/ 509"، وشذرات الذهب "2/ 264". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 306 وكان يُعرف بكَرْدُوش. وحدَّثَ بَقْزوين. قَالَ الخليلي: سَمِعْتُ عَلَى عشرةٍ من أصحابه، وله تصانيف تدلّ عَلَى معرفته. وقد روى عَنْهُ الحافظ أبو حاتم الرّازيّ أحد شيوخه حكايات. وروى عَنْهُ أبو أحمد الحاكم. وقد تكلّموا في روايته كتاب "الأنساب" للزُّبَيْر بْن بكّار. 60- الحَسَن بْن محمد بْن حسين بْن هزاريّ1: أبو عليّ الأشعري الإصبهانيّ. سمع: إسماعيل بْن يزيد القطّان، وأحمد بْن بُدَيْل. وعنه: محمد بْن جعفر، وأبو أحمد العسّال، وابن المقرئ، وأبو بَكْر الطّلْحيّ، وجماعة. 61- الحُسين بْن أحمد بْن حفص بْن عَبْد اللَّه النَّيْسابوريّ. أبو عليّ: سمع: محمد بن رافع، وعلي بن خشرم. وعنه: أبو القاسم بْن المؤمِّل، وأبو عليّ الحافظ. 62- الحُسين بْن إدريس بْن عَبْد الكبير2: أبو عليّ الغَيْفيّ الْمَصْرِيّ. وغَيْفة: من قرى مصر. سمع: سَلَمَةَ بْن شبيب، وغيره. وتُوُفّي بمكّة في شهر رمضان. 63- الحُسين بْن علي بْن حَسَن بْن عليّ بْن عُمَر بْن زين العابدين عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب الحسيني:   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 268". 2 الأنساب "9/ 203"، واللباب "2/ 398". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 307 الكوفيّ المعروف بالزَّيْديّ. قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: كتبت عَنْهُ، وكان ثقة ديِّنًا. قدِم علينا وثنا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حاتم بْن إسماعيل، وأبي ضَمْرَةَ. "حرف السين": 64- سُفْيَان بْن هارون القاضي1: عَنْ: فضل بْن سهل الأعرج، والعبّاس البَحْرانيّ. وعنه: محمد بْن المظفَّر. 65- سليمان بْن عَبْد السّلام القُرْطُبيّ2: خيّر، فاضل. سمع من: محمد بْن أحمد العُتْبيّ، ويحيى بْن إبراهيم بْن مزيّن. وحدَّثَ. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن محمد الباجيّ. "حرف العين": 66- عَبَّاس بْن الفضل النَّيْسابوريّ المحمداباذيّ3: سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلاليّ، وأحمد بْن يوسف، وعبّاس الدُّوريّ. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إِسْحَاق المزكي. 67- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن الْحَسَن بْن الفرات4: أبو الحسن الوزير. وزر للمقتدر بالله ثلاث مرات.   1 تاريخ بغداد "9/ 186". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 186"، وجذوة المقتبس "225" للحميدي. 3 الأنساب "10/ 168، 169". 4 تاريخ الطبري "10/ 145"، والتنبيه والإشراف "329"، والنجوم الزاهرة "3/ 207، 208". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 308 الأولى سنة ستٍّ وتسعين ومائتين. ثمّ نُكب ونُهب. ثمّ استغلَّ من أملاكه إلى أنّ أُعيد إلى الوزارة سبعة آلاف ألف دينار؛ لأنه فيما بلغنا كان يستعمل من ضياعه في العام ألفي ألف دينار. وذكروا عَنْهُ أَنَّهُ كتب إلى الأعارب أنّ يكبسوا بغداد، فالله أعلم. ووزر في سنة أربع وثلاثمائة، وخلع عليه سبع خلع، وسُقي في ذَلِكَ اليوم والليلة في داره أربعون ألف رطل ثلج. ثمّ قُبِض عَلَيْهِ بعد سنةٍ ونصف، ثمّ ولي بعد خمس سنين، فقتلَ الوزيرَ الّذي كَانَ قبله حامد بْن العبّاس، وسفك الدّماء وبدّع. ثمّ أُمْسِك بعد سنةٍ في ربيع الأولى في هذه السنة. قَالَ الصُّوليّ: مَدَحته بقصيدةٍ فنالني منه ستّمائة دينار، وكان هُوَ وأخوه أبو العبّاس عُجَبًا في معرفة حساب الدّيوان. وكان أبو الحَسَن يُجري الرِّزقَ عَلَى خمسة آلاف من أهلِ العلم والدّين والفقراء والمستورين، أكثرهم مائة دينار في الشهر، وأقلهم خمسة دراهم. ثمّ تولّّى قتله نازوك صاحب الشُّرطة. قتلهُ هُوَ وابنه المحسّن بْن عليّ في ربيع الآخر. وعاش أبو الحَسَن إحدى وسبعين سنة. 68- عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّلام بْن بُنْدار الإصبهانيّ1: أبو محمد الزّاهد. تُوُفّي بالبادية حاجًّا. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبحر بْن نَصْر. وعنه: أبو الشَّيْخ، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن مَنْدُوَيْه، وابن المقرئ، وآخرون. 69- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عَبّاد2: أبو محمد الثقفي الهمذاني عبدوس.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 69، 70". 2 تذكرة الحفاظ "2/ 773، 774"، وشذرات الذهب "2/ 265". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 309 عَنْ: محمد بْن عُبَيْد الأَسَديّ، وزياد بْن أيّوب، وحُمَيْد بْن الربيع، وأبي سَعِيد الأشجّ، ويعقوب الدورقي، وطائفة. وعنه: أحمد بن عُبَيْد الأَسَديّ، وجبريل المعدّل، ومحمد بن حَيَّوَيْه بْن المؤمِّل، وأبو أحمد الغِطْريفيّ، ومحمد بن الفَرَج المعدّل. قَالَ صالح بْن أحمد: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ عَبْدُوس ميزان بلدنا في الحديث. تُوُفّي في صفر. 70- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البغداديّ1: أبو العبّاسّ الصَّيْرفي. سمع: عَبْد الأعلى بْن حمّاد، ومحمد بن سليمان لُوَيْن. وعنه: أبو الحَسَن البّواب، وابن أَبِي سَمُرَة، وأبو الحَسَن الحربيّ. وكان صدوقًا. 71- عُبَيْد اللَّه بْن عليّ بْن إبراهيم العلويّ البغداديّ2: نزيل مصر. ذكره ابن يونس فقال: روى عَنِ البغداديّ. وعلت سنة. ويقال: إنّه عنده عَنْ إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ. لم نكتب عنه، وكان عنده كُتُب فِقْه للشيعة يرويها. تُوُفّي في رجب. 72- عليّ بْن الحَسَن بْن خَلَف بْن قُديد3: أبو القاسم الْمَصْرِيّ. محدِّث موثَّق مشهور. سمع: محمد بن رمح، وحرملة، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "10/ 346"، والمنتظم "6/ 190". 2 تاريخ بغداد "10/ 346، 347"، "5486". 3 العبر "2/ 153"، وحسن المحاضرة "1/ 367". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 310 تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. ووُلِد سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. روى عَنْهُ: ابن يونس، وأبو بكر بن المقرئ، وخلْق كثير من الرّحّالة. 73- عُمَر بْن أَبِي حسّان عَبْد اللَّه بْن عَمْرو الزّياديّ البغداديّ1: ثقة: سمع: إِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، والمفضل بْن غسّان الغلابيّ، وزيد بْن أخزم. وعنه: زوج الحُرّة محمد بْن جعفر، وابن المظفّر، وعليّ بْن لؤلؤ، وابن شاهين. ويقال: تُوُفّي سنة 14. "حرف الميم": 74- محمد بْن دُبَيْس بْن بكّار المقرئ البُنْدار2: بغداديّ. سمع: الوليد بْن شجاع، وأبا هشام الرّفاعيّ. وعنه: عُمَر بْن بِشْران، وعَبْد اللَّه بْن الحَسَن النّحّاس. 75- محمد بْن سليمان بْن فارس3: أبو أحمد النَّيْسابوريّ الدّلّال. كَانَ ذا ثروة وتجارة واسعة، فذهبت، فاشتغل بالدّلالة. وقد كَانَ أنفق عَلَى طلب العلم أموالًا كثيرة. سمع: محمد بن رافع، والحسين بْن عيسى البِسْطاميّ، وأبا سَعِيد الأشجّ، وعُمَر بْن شَبَّة، وطبقتهم. وعنده نزل أبو عبد الله الْبُخَارِيّ لمّا قدِم نَيْسابور، فقرأ عَلَيْهِ من أول تاريخه إلى ترجمة فضيل.   1 المنتظم "6/ 190"، وتاريخ بغداد "11/ 224". 2 تاريخ بغداد "5/ 270". 3 الأنساب "5/ 386". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 311 روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن سعْد، ومحمد بن صالح بْن هانئ، وطائفة. وسُئل أبو عبد الله بْن الأخرم عَنْهُ فقال: ما أنكرنا إلّا لسانَه فإنه كَانَ فحّاشًا. 76- محمد بْن سُفْيَان بْن عَبْد اللَّه بْن بَيَان النَّيْسابوريّ: أبو عَبْد الرَّحْمَن. سمع: الذُّهْليّ، وعَبْد اللَّه بْن هاشم الطُّوسيّ، وعُمَر بْن شَبَّة، والرَّماديّ، وجماعة. وعنه: أبو الفضل محمد بْن إبراهيم، وعَبْد اللَّه بْن سعْد، وأبو بَكْر بْن جعفر النَّيْسابوريُّون. 77- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قاسم القُرْطُبيّ1: سمع من: بَقِيّ بْن مَخْلَد مسندَه وتفسيرَه. وسمع من: عمه القاسم بْن محمد. روى عَنْهُ: ابن أخي ربيع، وخالد بْن سعْد. وكان فاضلًا فيه زهْد. 78- محمد بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان2: الوزير أبو عليّ. كَانَ أكبر ولد أَبِيهِ. أحضره المعتمد عَلَى اللَّه بعد موت أَبِيهِ عُبَيْد اللَّه، فقلّده مكانه. فلم ينهض بالأمور، وعُزل بعد أسبوع، واستوزر الحَسَن بْن مَخْلَد. ثمّ بقي بطّالًا مدّةً طويلة إلى أنّ وزر بعد عزل ابن الفُرات في سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. فأقام في الأمر سنة، ثمّ عُزل لعجزه ولينه، وطُلِبَ من مكّة عليّ بْن عيسى، فولي الأمر في عاشر المحرم سنة إحدى وثلاثمائة.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 33" لابن الفرضي. 2 صلة تاريخ الطبري "106"، وتكملة تاريخ الطبري "48"، والكامل في التاريخ "8/ 151". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 312 روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى الصُّوليّ. وطال عُمره، وتغيّر ذهنه. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. 79- محمد بْن محمد بْن سليمان بْن الحارث1: أبو بَكْر الواسطيّ الحافظ ابن الباغَنْديّ. سمع: عليّ بْن المَدِينيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وشَيْبان بْن فَرُّوخ، وسُوَيْد بْن سَعِيد، وهشام بن عمّار، والحارث بْن مسكين، وخلقًا كثيرًا بمصر، والشّام، والعراق. وعُني بهذا الشّأن أتمّ عناية. وسكن بغداد. روى عَنْهُ: دَعْلَج، ومحمد بن المظفّر، وعُمَر بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعليّ بْن القاضي المَحَامليّ، وأبو بَكْر أحمد بْن عَبْدان الشِّيرازيّ، وأبو الحَسَن عُبَيْد اللَّه بْن البّواب، وخلْق كثير. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: بلغني أنّ عامّة ما حدَّثَ بهِ كَانَ يرويه من حِفْظِه. وقال أبو بَكْر الأَبْهَريّ، وغيره: سمعنا أبا بَكْر بْن الباغَنْديّ يَقُولُ: أجبتُ في ثلاثمائة ألف مسالة في حديث النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ شاهين: قام أبو بَكْر بْن الباغَنْديّ ليُصَلّي، فكبّر ثمّ قَالَ: ثنا محمد بْن سليمان، فسبّحنا بهِ، فقرأ. وقال أبو بَكْر الإسماعيليّ: لَا أتَّهِمُه بالكذِب، ولكنّه خبيث التّدليس ومصحِّف أيضًا. وقال أبو بَكْر الخطيب: رأيتُ كافّة شيوخنا يحتجّون بهِ ويُخرجونه في الصّحيح. وقال محمد بْن أحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة الحافظ: هُوَ ثقة. لو كَانَ بالمَوْصل لخَرَجْتم إِلَيْهِ؛ ولكنّه ينطرح عليكم.   1 تاريخ جرجان "203، 513"، للسهمي، والضعفاء والمتروكين "3/ 97" لابن الجوزي، والميزان "4/ 26، 27"، "8130"، والأعلام "7/ 19". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 313 وقال أبو القاسم حمزة السَّهْميّ: سألت أحمد بْن عَبْدان عَنِ الباغَنْديّ، فقال: كَانَ يخلِّط وكان يدلِّس. وهو أحفظ من أَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد. وسألت الدَّارَقُطْنيّ عَنْهُ. فقال: كَانَ كثير التّدليس يحدِّث بما لم يسمع. وسمعتُ أحمد بْن عَبْدان: سَمِعْتُ أبا عَمْرو الرّاسبيّ يَقُولُ: دخلت أَنَا وعَبْد اللَّه بْن مُظاهر عَلَى الباغَنْديّ، فأخرج إلينا من تخريجه، فقال لَهُ ابن مُظَاهر: يا أبا بَكْر، اقبل نصيحتي وادفع إليَّ تخريجك أغرّقه، وأُخرج لك ما تصير بهِ أبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة. ثمّ قَالَ لي ابن مُظَاهر: هذا لَا يكذب، ولكنّه شَرِه، يَقُولُ فيما لم يسمعه: أَنْبَأَ. وقال الدَّارَقُطْنيّ في "الضعفاء": هُوَ مدلّس يخلّط ويسمع من بعض أصحابه عَنْ شيخ، ثمّ يُسقط ذِكْر صاحبه. وهو كثير الخطأ. وقال أبو القاسم اللّالكائي: يُذكر أنّ الباغَنْديّ يسرد الحديث من حَفْظِه كَسْرد التّلاوة السريعة حتّى تسقط عمامته. وسمعنا في "مُعْجَم ابن جُمَيْع" قَالَ: ثنا أحمد بْن محمد بالأهواز، قَالَ: كنّا عند إبراهيم بْن موسى الْجَوْزيّ، وعنده أبو بَكْر الباغَنْديّ ينتقي عَلَيْهِ، فقال لَهُ إبراهيم: هُوَ ذا تُضْجِرُني. أنت أكثر حديثًا منّي وأَحْفظ. فقال لَهُ: قد حُبِّبَ إليّ هذا الحديث. حسْبُك إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّوم، فلم أقل لَهُ: ادْعُ اللَّه لي، وقلت: يا رسول اللَّه أيّما أَثْبَتُ فِي الْحَدِيثِ، مَنْصُورٌ أَوِ الأَعْمَشُ؟ فَقَالَ: منصور منصور1. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إنّه سمع أبا بَكْر الباغَنْديّ أملى عليهم في الجامع في حديث: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض" هُوِيًّا، بياء مشددة، صحفها. تُوُفّي في ذي الحجّة من السنة في العشرين منه. وأوّل سماعه من أَبِيهِ سنة سبعٍ وعشرين ومائتين. 80- محمد بْن هارون بْن حُمَيْد2. أبو بَكْر بن المجدر البغدادي:   1 معجم الشيوخ لابن جُمَيع "178"، والمنتظم "6/ 194". 2 ميزان الاعتدال "4/ 57"، "8278"، والنجوم الزاهرة "3/ 213". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 314 سمع: بشر بن الوليد، وداود بن رشيد، وعبد الأعلى النَّرْسيّ، وأبا الربيع الزَّهْرانّي، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ. وعنه: محمد بْن المظفّر، وابن حَيَّوَيْه، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. وكان يُعرف بالانحراف عَنْ عليّ رضى الله عنه. تُوُفّي في سلخ ربيع الآخر. وثّقه الخطيب. 81- موسى بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حمّاد: أبو العبّاس البزّاز الْمَصْرِيّ. مولى قُرَيش. يُنسَب إلى ولاء عثمان رضى الله عنه. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى. وكانت القُضاة تقبله ولم يكن بذاك في الحديث. مات في شوّال سنة اثنتي عشرة. "الكنى": 82- أبو محمد الْجُرِيريّ1. شيخ الصُّوفيّة: تُوُفّي فيها، وقيل: في السنة الماضية كما مر. وهو من كبار مشايخ الصُّوفيّة. واختُلِفَ في اسمه، فذكره الخطيب في تاريخه في الأحمدين، فقال: أحمد بْن محمد بْن الحَسَن أبو محمد الْجُرِيريّ، سمع شيئًا من السَّرِيّ السَّقَطيّ. وقيل: اسمه: الحَسَن بْن محمد؛ وقيل: عَبْد اللَّه بْن يحيى. ولا يكاد يُعرف إلّا بالكنْية. كَانَ الْجُنَيْد يُكْرمه ويُبَجّله. وإذا تكلّم الْجُنَيْد في الحقائق قال: هذا من بابه أبي محمد الجريري. وكان من كبار مشيخة القوم ببغداد. ولما توفي الجنيد أقعدوه في مجلس الجنيد.   1 حلية الأولياء "10/ 347، 348"، والرسالة القشيرية "23"، والبداية "11/ 148". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 315 وقيل: قعد بإشارة الْجُنَيْد بذلك1. وقال أبو الحسن بْن مُقْسِم: مات الْجَرِيريّ سنة وقْعة الهبير. مات عَطَشًا. بَلَغَنَا أَنَّهُ أُحْضِرَ إِلَيْهِ شَرْبة، فنظر إلى من حوله وقال: كيف أشرب وهؤلاء يلتفون حولي؟ أعطه مَن شئت، فإنْ كَانَ يصحّ في وقتٍ إيثارٌ، ففي مثل هذا الوقت. قال السلمي في تاريخه: سمعن عَبْد اللَّه بْن عليّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الوجيهيّ يَقُولُ: قَالَ أبو عليّ الرُّوذَبَاريّ: قدمت من مكة، فبدأت بالجنيد لكيلا يتغنى، ثمّ مضيت إلى البيت، فلمّا سلّمتُ من الفجر إذا هُوَ خلفي في الصّفْ، فقلت: يا أبا القاسم، إنما جئتك أمس لكيلا تتعنّي. فقال: هذا حقّك، وذاك فضلٌ منك. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: مات أبو محمد في سنة قَطَع ابن الْجَنَّابي عَلَى الوفد في الهَبِير في سنة اثنتي عشرة. زادَ غيره: في المحرَّم. وروى أبو الحَسَن السَّيْروانيّ أنّ أبا محمد الْجَرِيريّ دخل البادية مَعَ أَبِي العبّاس بْن عطاء عام الهَبِير، فلمّا وقعت الفتنة قَالَ لَهُ أبو العبّاس: يا أبا محمد، ادْعُ اللَّه. فقال الْجَرِيريّ: إذا أراد إظهار حُكْم في عبادة قيَّد ألسنة أوليائه حتّى لَا يدعوه، فإنّه يستحيي أنّ يردّهم. وقيل: إنه وطئته الجمال، فمات حين الواقعة. وقال أحمد بْن عطاء الرُّوذَبَاريّ: اجتزتُ بهِ بعد سنة وقد يبس، وهو مُسْنِد رُكْبته إلى صدره، وهو يشير بإصبعه إلى الله تعالى2. وفيات سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة "حرف الألف": 83- أحمد بْن إسماعيل بْن خَالِد3:   1 طبقات الصوفية "259". 2 تاريخ بغداد "4/ 434". 3 تاريخ جرجان "93" للسهمي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 316 أبو العبّاس الْجُرْجانيّ الفارض، الصّوَّاف. عَنْ: عَبَّاس الدُّوريّ، وأحمد بْن خَالِد الدّامغانيّ. وعنه: ابنه محمد، وأبو بَكْر الإسماعيليّ. 84- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن سابور1: أبو العبّاس الدّقاق. بغداديّ ثِقَة. سمع: أبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، وأبا نُعَيْم عُبَيْد بْن هشام، ونصر بْن عليّ. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وابن المقرئ. 85- أحمد بْن عَبْدان الهَمْدانيّ المقرئ: الزّاهد. رحل وسمع: إِسْحَاق الدَّبَريّ، وعلي بْن عَبْد العزيز. 86- أحمد بْن محمد بْن بَطّة بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم المَدِينيّ2: ورّخه أبو نُعَيْم في تاريخه، ولم يَزِد. 87- أحمد بْن محمد بْن الحُسين3: أبو العبّاس الماسَرْجسيّ ابن بِنْت الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس. سمع منه، ومن: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وشَيْبان بْن فَرُّوخ، والربيع بْن ثعلب، ووهْب بْن بقيّة. وعنه: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو إِسْحَاق المُزكّيّ، وأبو سهل الصُّعْلُوكيّ، وجماعة غيرهم. تُوُفّي في صفر؛ وقد أكثرَ عَنْهُ أبو أحمد الحاكم.   1 العبر "2/ 155"، وشذرات الذهب "2/ 266". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 133". 3 العبر "2/ 155"، والنجوم الزاهرة "3/ 215". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 317 88- إبراهيم بْن السِّنْديّ بْن عليّ بْن بَهْرام1: أبو إِسْحَاق الإصبهانيّ الخصيب. سمع: محمد بْن أَبِي عَبْد اللَّه المقرئ بمكة، ومحمد بن زياد الزِّياديّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن حمزة، وأبو الشَّيْخ، وجماعة. 89- إبراهيم بْن محمد بْن أيّوب البغداديّ2. أبو القاسم الصّائغ. سمع: عليّ بْن أشْكَاب، والحَسَن الزَّعْفرانيّ. وسمع من ابن قُتَيْبة تصانيفه. وعنه: عليّ بْن عُمَر الحربيّ. وثّقه الخطيب. 90- إبراهيم بْن نَجِيح3. أبو القاسم الفقيه. كوفيّ، نزل بغداد. روى عَنْهُ: محمد بْن إِسْحَاق البَكّائيّ. وعنه: محمد بْن المظفّر، وغيره. وقال محمد بْن أحمد بْن حمّاد الحافظ: كَانَ لَا يتقدَّم عَلَيْهِ أحدٌ، وكان من أحفظ النّاس للسُّنَن، وكان فقيه الكوفة. صنَّف كتابًا في السُّنَن، وكان صاحب قرآن وتعبُّد وصِدْق، وله حِفْظ ومعرفة. 91- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن محمد بْن جميل4. راوي "المُسْنَد" عَنِ ابن مَنِيع. يُقال فيها. وقد مَرَّ سنة عشر.   1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 193". 2 تاريخ بغداد "6/ 157"، والمنتظم "6/ 197"، "306". 3 تاريخ بغداد "6/ 198"، والمنتظم "6/ 197" "307". 4 تقدمت ترجمته في الجزء السابق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 318 "حرف الثاء": 92- ثابت بْن حَزْم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُطَرِّف العَوْفيّ السَّرَقُسْطيّ1: أبو القاسم. سمع: محمد بْن وضّاح، والخُشَنّي، وعَبْد اللَّه بْن مُرَّة، ورحل مَعَ ابنه قاسم فسمعا بمكّة من: محمد بْن عليّ الجوهريّ. وبمصر من: أحمد بن عمر، والبزاز، والنَّسَائيّ. وكان فيما قاله ابن الفَرَضيّ: مُفْتِيًا، بصيرًا بالحديث، والنّحْو، واللّغَةَ، والغريب، والشِّعْر. وتُوُفّي في رمضان وله خمسٌ وتسعون سنة. قلت: كَانَ يمكنه أن يسمع من عَبْد الملك بْن حبيب وطبقته، وله مصنّفات مفيدة. ولي قضاء بلده. ورّخ ابن يونس وفاته سنة أربع عشرة. وكان ابنه من الأذكياء، مات سنة اثنتين وثلاثمائة. "حرف الجيم": 93- جُماهر بْن محمد بْن أحمد الدّمشقيّ الْأَزْدِيّ2: أبو الأزهر الزّمَلَكانيّ. تُوُفّي في المحرَّم. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وأحمد بْن أَبِي الحواري، ومحمود بْن خَالِد، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وحمزة بْن الكِنَانيّ ووثّقه، وأبو بَكْر بْن السُّنّي، وجُمَح بن القاسم، والربعي.   1 المنتظم "6/ 203"، والديباج المذهب "1/ 319". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 100". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 319 "حرف الخاء": 94- الحَسَن بْن الأزهر بْن الحارث بْن سَكْسَك1: أبو سَعِيد النَّيْسابوريّ السّكسكيّ. سمع: إِسْحَاق، وأيّوب بْن الحَسَن، والذُّهليّ، وعَتِيق بْن محمد. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إِسْحَاق المزكي، وآخرون. 95- الحَسَن بْن عليّ بْن موسى الْمَصْرِيّ. ابن الإبريقيّ. سمع: محمد بْن رُمْح، وحَرْمَلَة. تُوُفّي في ذي الحجة. 96- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُعْبَة2: أبو علي الْأَنْصَارِيّ البغداديّ. سمع: إسحاق بْن شاهين، وحوثرة بْن محمد، والأشجّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، ومحمد بن المظفّر، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وأبو حفص بْن شاهين. وكان موثّقًا. تُوُفّي في ذي القعدة. 97- حفص بْن عُمَر بْن نَجِيح الخَوْلانيّ إلْبِيريّ المالكيّ3: كَانَ مدار الفُتيْا عَلَيْهِ ببلده. سمع: العُتْبيّ، وأبان بْن عيسى. وفي الرحلة من: يونس بْن عَبْد الأعلى، وابن عبد الحكَم، وأحمد بن أخي ابن وهْب. وحدَّثَ عَنْهُ ابنه عُمَر، وغيره.   1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 393"، والعبر "2/ 155". 2 تاريخ بغداد "7/ 415"، "3968". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 118"، "366"، لابن الفرضي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 320 "حرف الخاء": 98- الخليل بْن أَبِي رافع1: أبو بَكْر الواسطيّ الطّحّان. أحد المحدِّثين. سمع: تميم بْن المنتصر. وشارك بَحْشَلًا في أكثر شيوخه. وآخر من حدَّث عَنْهُ أبو عبد الله الحُسين العلويّ. ورّخه خميس فيها ظنا. "حرف الزاي": 99- زكريّا بْن محمد بْن بكّار المَيْدانيّ: أبو يحيى. نَيْسابوريّ، صاحب حديث. سمع: يحيى بْن محمد الذُّهْليّ، وإسماعيل بْن قُتَيْبة. وعنه: أبو الحُسين بْن يعقوب، وأبو أحمد حُسَيْنَك. 100- زكريّا بْن يحيى بْن حَوْثرة النَّيْسابوريّ: أبو يحيى الدُّهْقان. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، وعلي بْن الحَسَن الذُّهْليّ. وعنه: عليّ بْن عيسى، وأبو عليّ الحافظ. "حرف السين": 101- سَعِيد بْن سَعْدان2: أبو القاسم الكاتب. بغدادي، صدوق.   1 سؤالات الحافظ السلفي لخميس الجوزي عن جماعة من أهل واسط "ص/ 110"، "96". 2 تاريخ بغداد "9/ 103"، "4695"، والمنتظم "6/ 197". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 321 سمع: ابن أَبِي الشوارب. وعنه: إبراهيم الخِرَقيّ، وابن المظفّر. تُوُفّي في المحرَّم منها. 102- سليمان بْن محمد بن البَخْتَريّ بْن عَبْد الوهّاب: أبو أيّوب الْمَصْرِيّ. سمع: سَلَمَةَ بْن شبيب. "حرف الشين": 103- شيخ بن عمير بْن صالح1: روى عَنْ: الزُّبَيْر بْن بكّار. وعنه: ابن المقرئ، وأحمد بْن جعفر الخلّال. "حرف العين": 104- العبّاس بْن يوسف بْن عديّ الكوفيّ: ثمّ الْمَصْرِيّ، أبو الفضل. قَالَ: مات أبي ولي سنة. قتل: روى عَنْ: بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: ابن يونس، وأبو بكر بن المقرئ. قَالَ ابن يونس: كَانَ ثقة عطّارًا. مات في ذي الحجَّة. 105- عَبْد اللَّه بْن إسحاق بْن إبراهيم: أبو محمد بْن سَحْنُون المصري. في المحرم. سمع: حرملة.   1 تاريخ بغداد "9/ 267"، "4833". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 322 106- عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق بْن إلياس: أبو القاسم النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج. وعنه؛ عَبْد اللَّه بْن حَمُّوَيْه، وعَبْد الرَّحْمَن المؤذِّن، وغيرهما. 107- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن حُمَيْد بْن مَعْقِل: أبو محمد القَنْطَريّ. ورّخه ابن مَنْدَه. 108- عَبْد اللَّه بْن زَيْدان بْن بُرَيْد بْن رَزين بْن الربيع بْن قَطَن البَجَليّ1: أبو محمد الكوفيّ. أحد الثقات والعُبّاد. سمع: هنّاد بْن السَّرِيّ، وأبا كُرَيْب، ومحمد بن طريف، ومحمد بن عُبَيْد المُحَارِبيّ، وإبراهيم بْن يوسف الصَّيْرَفيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، ويوسف المَيَانِجيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة كثيرة. قَالَ: محمد بْن أحمد بْن حمّاد الحافظ: تُوُفّي يوم جمعة وقت الزّوالَ لثلاث عشرة خَلَت من ربيع الأوّل. وحضره من النّاس أمرٌ عظيم. ووُلِد سنة اثنتين وعشرين ومائتين. قَالَ: وكان ثقة، حُجّة، كثير الصَّمْت. كَانَ أكثر كلامه منذ يقعد إلى أنّ يقوم: يا مقلِّب القلوب ثبّت قلبي عَلَى طاعتك. لم تَرَ عيني مثله. أُخِبرْتُ أَنَّهُ مكثَ ستّين سنة أو نحوها، لم يضع جنبه عَلَى مُضَرَّبة. صاحب صلاة باللّيل؛ وكان حَسَن المذهب، صاحب جماعة. 109- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن مِهْران الإصبهانيّ الخزّاز2: سمع: عُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بن سَعِيد بْن غالب العطّار. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف، وابن المقرئ.   1 العبر "2/ 156"، وغاية النهاية "1/ 419"، والنجوم الزاهرة "3/ 215". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 85"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 228". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 323 110- عُبَيْد اللَّه بْن أحمد بْن عُقْبة1: أبو عَمْرو الإصبهانيّ. مُجاب الدَّعْوة. سمع: أحمد بْن بديل، والحسن الزعفراني. وعنه: أبو حمد القاضي، وأحمد بْن عُبَيْد الله بن محمود، وأبو أَبِي نُعَيْم. 111- عُبَيْد اللَّه بْن عثمان2: أبو عُمَر الأُمَويّ العُثْمانيّ. بغداديّ صدوق. سمع: عليّ بْن المَدِينيّ، وعبد الأعلى بْن حمّاد. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وابن المظفّر، وعُمَر بْن شاهين، وجماعة. 112- عَتِيق بْن عَبْد اللَّه بْن المتوكّل: مصريّ. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبَحْر الخَوْلانيّ. توفي في ربيع الأول. 113- عثمان بن سهل البغدادي الأدمي3: روى عَنِ: الحسن الزَّعْفرانيّ. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وعَبْد اللَّه بْن موسى. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. ثمّ ورّخ موته. 114- عليّ بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه4: أبو الحَسَن العسكريّ، بالرِّيّ. يقال: في هذه السنة، ويقال: في سنة خمسٍ كما مَرّ.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 101". 2 تاريخ بغداد "10/ 347، 348"، والمنتظم "6/ 197". 3 تاريخ بغداد "11/ 294"، والمنتظم "6/ 197". 4 الأنساب "391 ب"، وتذكرة الحفاظ "2/ 749". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 324 115- عليّ بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد اللَّه بْن سليمان1: أبو الحَسَن الغَضَائريّ، نزيل حلب. سمع: عَبْد اللَّه بْن معاوية، وبِشْر بْن الوليد، وعبد الأعلى النَّرْسيّ، وأبا إبراهيم التَّرْجُمانيّ، وعُبَيْد اللَّه القواريريّ، وطائفة. وعنه: عَبْد الأعلى بْن عديّ، وعليّ بْن محمد بْن إِسْحَاق الحلبيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة كثيرة. وثّقه الخطيب. وروى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: حججتُ عَلَى رِجلَيَّ ذاهبًا وراجعا من حلب أربعين حَجّة. ومات في شوّال عَنْ سن عالية. 116- عليّ بْن محمد بْن بشّار2. أبو الحَسَن البغداديّ الزّاهد: روى عَنْ: صالح ابن الْإِمَام أحمد مسائل. وعن: أَبِي بَكْر المَرُّوذِيّ. وعنه: أحمد بْن محمد بْن مُقْسِم، وعليّ بْن جعفر البَجَليّ، وعُمَر بْن بدر المغازلي. قَالَ ابن بَطّة: إذا رأيت الرجل البغداديّ يحبّ أبا الحسن بن بشار، وأبا محمد بن البَرْبَهاريّ فاعلم أَنَّهُ صاحب سنة. وروى عَنِ أبي بشّار قَالَ: أعرف رجلًا منذ ثلاثين سنة يشتهي أن يشتهي ليترك الله ما يشتهي، فلا يجد شيئًا يشتهي. كَانَ ابن بشّار من أعيان حنابلة بغداد، وقبره يُزار. 117- عمر بْن محمد بْن حفص: أبو حفص الورّاق. بلْخيّ. يروي عَنْ: إبراهيم بْن يوسف.   1 تاريخ بغداد "12/ 29"، والبداية والنهاية "11/ 153". 2 طبقات الحنابلة "2/ 57-63"، وصفة الصفوة "2/ 447، 449". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 325 "حرف الميم": 118- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عَوْن1: أبو جعفر النَسَويّ الرَّيّانيّ. وقيده ابن ماكولا: "الرَّيّانيّ" بالتثقيل، وقال: حدَّثَ عَنْ أَبِي مُصْعَب. شيخ ثقة حدَّثَ ببغداد ونَيْسابور. سمع: عليّ بْن حُجْر، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ. روى عَنْهُ: يحيى بْن منصور، وعَبْد اللَّه بْن سعْد، وأبو الفضل محمد بْن إبراهيم، وأبو عَمْرو بْن حَمْدان، وعبد الباقي بْن قانع، وأبو القاسم الطبراني -كذا ذكر الخطيب أنّ الطَّبَرانيّ روى عَنْ أَبِي جعفر، ولم أجد ذَلِكَ، وأبو أحمد بْن عديّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، والغِطْريفيّ، ومحمد بن محمد بن سَمْعان، وآخرون. وثّقه الخطيب. وقيل فيه: الرَّيّانيّ بالتّشديد، وقيل: الرَّذانيّ وهو أصحّ، والرَّذان من أعمال نسأ. قال الحاكم: سألت ابن ابنه ونحن بالرذان عَنْ وفاة جَدّه، فقال: سنة ثلاث عشرة. 119- محمد بْن أحمد بْن المؤمِّل بْن أبان2: أبو عُبَيْد الصَّيْرفيّ. بغداديّ، سمع: أَبَاهُ، والفضل الرّغاميّ، والقاسم بْن هاشم السِّمسار. وعنه: الْجِعَابيّ، وابن حَيَّوَيْه، وأبو الحَسَن الْجِراحيّ. 120- محمد بْن أحمد بن هشام3: أبو نصر الطالقاني.   1 تاريخ جرجان "450" للسهمي، والأنساب "264 ب"، والعبر "2/ 157". 2 تاريخ بغداد "1/ 361"، "297"، والمنتظم "6/ 200"، "316". 3 تاريخ بغداد "1/ 371"، والمنتظم "6/ 200"، "317". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 326 سمع: محمد بْن يحيى الْأَزْدِيّ، وفتح بْن شَخْرَف. وعنه: عليّ الحربيّ، وأبو حفص بْن شاهين. وثّقه الخطيب. 121- محمد بْن أحمد1: أبو عبد الله القرطبي. سمع: بقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح، وجماعة. وكان فقيهًا حافظًا للرأي. صنف كتابًا في الأحكام، وما يجب عَلَى الحُكّام عِلْمُه. 122- محمد بْن أحمد بْن خِراش البغداديّ2: عَنْ: بِشْر بْن الوليد. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وأبو الفتح الْأَزْدِيّ. 123- محمد بْن إبراهيم بْن زياد3: أبو عبد الله الرّازيّ الطَّيالِسيّ. كَانَ جوالًا في الآفاق. حدَّثَ ببغداد ومصر. وسكن قرميسين. وعُمَّر دهرًا. وحدث عن: إبراهيم بْن موسى، والمُعَافَى بْن سليمان الرسغني، ويحيى بن معين، وعبيد الله بن عمر القواريري، وغيرهم. وعنه: ابن صاعد، ومكرم القاضي، ومحمد بن عمر الجعابي، وجماعة. قال أبو أحمد الحاكم: لو اقتصر عَلَى سماعه، لكنّه حدَّثَ عَنْ ناسٍ لم يُدركهم. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك يضع الحديث. بقي إلى سنة ثلاث عشرة هذه.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 33"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "39" للحميدي. 2 المنتظم "6/ 20"، "315". 3 الضعفاء والمتروكين للدارقطني "155"، والعبر "2/ 157"، وميزان الاعتدال "3/ 448". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 327 124- محمد بْن إبراهيم1: أبو جعفر البِرْتيّ الأطْروش الكاتب. سمع: يحيى بْن أكثم، ومحمد بن حاتم الزّمّيّ، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن النّحّاس، وابن البوّاب، وعليّ الحربيّ، وجماعة. 125- محمد بْن إدريس بْن إياس2: أبو لَبِيد السّاميّ السَّرْخَسيّ. رحل، وسمع: سُوَيد بْن سَعِيد، وأبا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وأبا كُرَيْب، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، وهناد بْن السَّرِيّ، ومحمود بْن غَيْلان. وعنه: أبو سَعِيد محمد بْن بِشْر الكرابيسيّ الْبَصْرِيّ -وقع لنا جزء عالٍ من حديثه عَنْه، وزاهر بْن أحمد الفقيه، وإبراهيم بْن محمد الهروي الوراق، وآخرون. وسمع منه من القدماء: أحمد بْن سَلَمَةَ، وإمام الأئمّة ابن خُزَيْمة. ورحلَ النّاسُ إِلَيْهِ لسَنَدِهِ وثقته. 126- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن مِهْران الثَّقْفيّ3: مولاهم النَّيْسابوريّ، أبو العبّاس السّرّاج الحافظ، محدِّث خُراسان ومُسْنِدها. رأى يحيى بْن يحيى النَّيْسابوريّ. وسمع: قُتَيْبة، وإبراهيم بْن يوسف، ومحمد بن إبراهيم البلْخيَّينْ، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بن عَمْرو زُنَيْج، وأبا كُرَيْب، ومحمد بن بكّار، وداود بْن رُشَيْد، وخلقًا من طبقتهم، وخلقًا من طبقة أخرى بعدهم. روى عَنْهُ: الْبُخَارِيّ، ومسلم، وأبو حاتم الرّازيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدّنيا وهم من شيوخه، وأبو العبّاس بْن عقدة، وأبو حاتم بْن حِبّان، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وأحمد بْن محمد الصُّنْدُوقيّ، وأبو حامد أحمد بْن محمد بْن بالُوَيْه، وأحمد بن   1 تاريخ بغداد "1/ 404"، والمنتظم "6/ 200". 2 العبر "2/ 157"، والوافي بالوفيات "2/ 181"، والنجوم الزاهرة "3/ 215". 3 الجرح والتعديل "7/ 196"، والعبر "2/ 157، 158"، والبداية والنهاية "11/ 153"، وكشف الظنون "1679"، والأعلام "6/ 29". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 328 محمد البِحيريّ، وأبو الوفا أحمد بْن محمد المُزَكيّ، والحَسَن بْن أحمد المُخَلّديّ، والحسين بْن عليّ التَّميميّ حُسَيْنَك، وأبو عَمْرو بْن حَمْدان، وأبو سهل محمد بْن سليمان الصُّعْلُوكيّ، وأبو بَكْر بْن مِهْران المقرئ، وخلق كثير آخرهم أبو الحسين الخفاف. قال أبو إسحاق المزكي: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ختمت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثنتي عشر ألف ختمة، وضحيت عَنْهُ اثنتي عشرة ألف أُضِحية. وقال محمد بْن أحمد الدّقّاق: رأيتُ السّرّاج يضحّي في كلّ أسبوع أو أسبوعين أُضحية عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يصيح بأصحاب الحديث فيأكلون. وكان الأستاذ أبو سهل الصُّعْلُوكيّ يَقُولُ: ثنا أبو العبّاس محمد بْن إِسْحَاق الأوحد في فنّه، الأكمل في وزنه. قلت: وكان كثير الأموال والثّروة. قَالَ الحاكم: نا أبو أحمد بْن أَبِي الحَسَن قَالَ: أرسلني ابن خُزَيْمة إلى أَبِي العبّاس السّرّاج فقال: قُلْ لَهُ: أَمْسِك عَنْ ذكر أَبِي حنيفة وأصحابه، فإن أهل البلد قد شوشوا. فأديت الرسالة فَزَبَرني. قَالَ أبو سهل الصُّعْلُوكيّ: كنّا نقول: السّرّاج كالسِّراج. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أبا سَعِيد بْن أَبِي بَكْر بْن أَبِي عثمان يَقُولُ: لمّا وقع من أمر الكُلابيّة ما وقع بنَيْسابور، كَانَ السَّرّاج يمتحن أولاد النّاس، فلا يحدِّث أولاد الكلابية، فأقامني من المجلس مرة، فقال: قُلْ: أَنَا أبرأ إلى اللَّه مِن الكُلابيّة. فقلت: إنّ قلتُ هذا لَا يطعمني أَبِي الخبز. فضحك وقال: دعوا هذا. قَالَ أبو زكريّا العَنْبريّ: سَمِعْتُ أبا عَمْرو الخفّاف يَقُولُ للسراج: لو دخلت عَلَى الأمير ونصحته. قَالَ: فجاء وعنده أبو عَمْرو فقال: هذا شيخنا وأكبرنا، وقد حضر لينتفع الأمير بكلامه. فقال السّرّاج: أيّها الأمير، إنّ الإقامة كانت فُرادى، وهي كذا بالحَرَمَيْن، وفي الجزء: 23 ¦ الصفحة: 329 جامعنا مَثْنَى مَثْنَى. وإنّ الدِّين خرج مِن الحَرَمين، فإنْ رأيت أنّ تأمر بالإفراد. قَالَ: فخجل الأمير وأبو عمر والجماعة، إذ كانوا قصدوه في أمر البلد. فلمّا خرج عاتبوه فقال: استحييت من اللَّه أنّ أسأل أمر الدنيا وأدَعَ أمر الدِّين. وقال أبو عبد الله بْن الأخرم: استعان بي السّرّاج في التخريج عَلَى "صحيح مُسْلِم"، فكنت أتحيّر من كثرة حديثه وحُسْن أصوله وكان إذا وجد حديثًا عاليًا في الباب يقول: لا بد من أنّ تكتب هذا. فأقول: لَيْسَ من شرط صاحبنا. فيقول: فشفعني في هذا الحديث الواحد. وقال أبو عَمْرو بْن نُجَيْد: رأيت السّرّاج يركب حماره، وعبّاس المستملي بين يديه، يأمر بالمعروف ويَنْهَى عَنِ المُنْكَر، يَقُولُ: يا عَبَّاس غيّر كذا، اكسِرْ كذا. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لما ورد الزَّعْفرانيّ وأظهر خلق القرآن سَمِعْتُ السّرّاج غير مرّة إذا مرّ بالسُّوق يَقُولُ: الْعَنُوا الزَّعْفرانيّ، فيضجّ النّاس بلعنه، حتّى ضيّقَ عَلَيْهِ نَيْسابور، وخرج إلى بُخَارَى. تُوُفّي السّرّاج إلى رحمة اللَّه في ربيع الآخر، وله سبعٌ وتسعون سنة. 127- محمد بْن تمّام بْن صالح1: أبو بَكْر البَهْرانيّ الحمصيّ. سمع: محمد بْن مُصَفَّى، والمسيّب بْن واضح، ومحمد بن قُدَامة، وعبد اللَّه بْن خبيق، الإنطاكي، نحوهم. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عديّ، والحَسَن بْن منير، والفضل بْن جعفر المؤذِّن، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. تُوُفّي في رجب. قَالَ ابن مَنْدَه: حدَّثَ عَنْ محمد بْن آدم المصِّيصيّ بمناكير. 128- محمد بْن جمعة بْن خَلَف القُهُسْتانيّ الأصمّ2. أبو قُرَيْش الحافظ:   1 ميزان الاعتدال "3/ 494"، ولسان الميزان "329". 2 تاريخ بغداد "2/ 169، 170"، والمنتظم "6/ 201"، والعبر "2/ 158"، والنجوم الزاهرة "3/ 215". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 330 صنَّف المُسْنَدَين عَلَى الأبواب، وعلى الرجال. وصنَّف حديث مالك، وشُعْبَة، والثَّوْريّ. وكان متقنًا، يذاكر بحديث هَؤُلَاءِ. سمع: محمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وأحمد بْن مَنِيع، ويحيي بْن حكيم، وعبد الجبّار بْن العلاء، وأبا الأشعث، وأبا كُرَيْب، ومحمد بن زُنْبُور، وطائفة سواهم. وانتشر حديثه بخُراسان. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الشّافعيّ البغداديّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو سهل الصُّعْلُوكيّ، وأبو العبّاس أحمد بْن محمد بْن بالُوَيْه، وأبو أحمد الحاكم، وأبو حامد أحمد بْن سهل الْأَنْصَارِيّ، وأمثال هَؤُلَاءِ. تُوُفّي بقُهُسْتان في عَشْر التّسعين. 129- محمد بْن حفص بْن محمد بْن يزيد النَّيْسابوريّ الشَّعْرانيّ1: أبو عبد الله. شيخ ثقة، سمع: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن رافع، وأبا كُرَيْب، وعبد الجبّار بْن العلاء. وعنه: أبو علي الحافظ، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي عثمان الزّاهد. وزاهر بْن أحمد، وجماعة. وأصله من جُوَيْن. 130- محمد بْن حَمُّوَيْه بْن عَبّاد2: أبو بَكْر النَّيْسابوريّ السّرّاج. ويُعرف أيضًا بالطِّهْمانيّ، لجمْعه حديث إبراهيم بْن طِهْمان. سمع: أحمد بْن حفص، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن يزيد النَّيْسابوريّ. وسمع بعد ذَلِكَ بالعراق. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة.   1 الأنساب "14 ب"، وسير أعلام النبلاء "11/ 425". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 331 131- محمد بن حشنام: أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن رافع، وأبا سَعِيد الأشجّ. وأبا عليّ الزَّعْفرانيّ. وعنه: أبو الفضل محمد بن إبراهيم، وجماعة. 132- محمد بْن سلْم بْن يزيد الواسطيّ: أبو جعفر. حدَّثَ ببغداد عَنْ: شُعَيْب الصَّرِيفينيّ، وأحمد بْن سِنان. وعنه: ابن قانع، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ. وكان مؤدَّبًا صالحًا. 133- محمد بْن سهل بْن الصّبّاح1: أبو جعفر الإصبهانيّ الْمُعَدَّلُ. سمع: سَلَمَةَ بْن شبيب، وحُمَيْد بْن مَسْعَدَة، وأبا حفص الفلّاس. وكان أحمد بْن الفُرات يحترمه، ويصحّح سماعه منه بيده. روى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق بْن حمزة، وَأَبُو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو محمد بْن حيّان، وأبو بكر بن المقرئ. تُوُفّي في ذي القعدة. 134- محمد بْن الضحّاك بْن عَمْرو بْن أَبِي عاصم النبيل2: أبو عليّ الشَّيْبانيّ. نشأ بإصبهان، وسكن بغداد. وروى عَنْ: عمّه أَبِي بَكْر، وأسيد بْن عاصم، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن موسى الهاشميّ، وابن المظفّر، وجماعة. تُوُفّي في ربيع الأوَّل.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 255"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 69". 2 تاريخ بغداد "5/ 376"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 237". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 332 135- محمد بْن عَبْدة بْن حَرب1: أبو عُبَيْد الله البصري العباداني القاضي. روى عن: إبراهيم بْن الحَجّاج، وكامل بْن طلحة، وعليّ بْن المَدِينيّ، وهُدْبَة بْن خَالِد، وعبد الأعلى بْن حمّاد، وطائفة كبيرة. وعنه: عَبْد العزيز بْن جعفر، وعليّ بْن لؤلؤ، وأبو حفص بْن الزّيجات، وعليّ الحربيّ. قَالَ الحَسَن بْن إبراهيم بْن زولاق في "تاريخ قضاة مصر": أقامت مصر بعد بكّار بْن قُتَيْبة بغير قاضٍ ثلاث سنين، ثمّ ولى خمارويه أبا عُبَيْد اللَّه محمد بْن عَبْدة المظالم بمصر. فنظر بين النّاس إلى آخر سنة سبْعٍ وسبعين ومائتين، ثمّ ولّاه القضاء، فأخبرنا محمد بن الربيع قَالَ: ثمّ ولي محمد بْن عَبْدة، فاظهر كتابه من قبل المعتمد. وكان جبّارًا متملّكًا سخيًا جوادًا مفضّلًا. وذكر أَنَّهُ كَانَ لَهُ مائة مملوك ما بين خَصِيّ وفحْلٍ، وكان يذهب إلى قول أَبِي حنيفة. وكان عارفًا بالحديث. واستكتب أبا جعفر الطَّحَاويّ، واستخلفه وأغناه. وكان الشهود يرهبون أبا عُبَيْد اللَّه ويخافونه. وابتنى دارًا هائلة، فحكي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أنفقتُ في هذه الدُّوَيْرة مائة ألف دينار سوى الثّمن. ودرهمي دينار. والسّعيدُ من قضى لي حاجة. وكان مهيبًا. وكان خِمَارُوَيْه، يعني السُّلْطان، يعظّمهُ ويجلّهُ، ويُجري عَلَيْهِ في كل شهر ثلاثة آلاف دينار. وكان ينظر في القضاء والمظالم والمواريث والحِسْبة والأحباس. وكان لَهُ مجلس في الفقه، ومجلس في الحديث. وحدث إبراهيم بْن أحمد المعدّل، أنّ أبا عُبَيْد اللَّه وهْب لرجلٍ من أهل مصر اختلّت حاله لَا يعرفه في ساعةٍ واحدة ما بلغه ألف دينار. وكان يُطْعِم النّاس في داره في العيد، فقلّ من يتأخّر عَنْهُ من الكبار.   1 ولاة مصر "261، 271"، للكندي، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي "6/ 2302"، وميزان الاعتدال "3/ 643"، وحسن المحاضرة "2/ 145". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 333 قَالَ: وتأخّر بعضُ الشُّهود عَنْ مجلسه، فأمر بحبسه. وكان الطَّحَاويّ يكتب لَهُ ويُحَلّفه ويقول بحضرته للخصوم: من مذهب القاضي أيّده اللَّه كذا، ومن مذهبه كذا حاملّا عَنْهُ المؤونة وملقنًا لَهُ. قَالَ: وأحسّ أبو عبد الله تِيهًا من الطَّحَاويّ فقال: ما هذا الّذي أنتَ فيه؟ واللَّه لأن أرسلتُ بقصبةٍ في حارتك لَتَرَينَّ النّاس يقولون: هذه قصبة القاضي. وحدَّثَ بمصر وبغداد. وكانت لَهُ ببغداد لَوْثَةٌ مَعَ أصحاب الحديث. إلى أنّ قَالَ ابن زولاق: وكان هذا القاضي قويّ القلب واللّسان. رأى من أَبِي الجيش خِمَارُوَيْه انكسارًا فقال لَهُ: ما الخبر؟ فشكي إِلَيْهِ ضيق المال واستئثار القُوّاد بالضِّياع، فخرج إليهم القاضي وهم في موضع من الدّار، فائق، وصافي، وبدر، وجماعة، فقال: ما هذا الَّذي يلقاه الأمير؟ واللَّه أَشُدُّ السّيفَ والمِنْطقة وأحمل عَنْهُ، ثمّ وافقهم عَلَى أمور رضيها أبو الجيش، وشكره عليها. حدَّثني بذلك سليمان بْن دَاوُد المحدّث. ولم يزل أمر أَبِي عُبَيْد اللَّه يَقْوَى إلى أن زالت أيّامه، وانحرف أهل البلد عَنْ أصحابه وشنَّعوهم. ولم يزل عَلَى حاله حتّى قُتِل أبو الجيش بدمشق، ووصل تابوته إلى مصر، وصلّى عَلَيْهِ أبو عُبَيْد اللَّه القاضي. ثمّ جرت أمور، واختفى القاضي في داره مدّة سنتين، ورضوا منه بالجلوس في داره، فكانت مدّة ولايته سبْع سنين سوى شهر1: ثمّ إنّه ظهر وتغيّرت الدّولة، وتولّى قضاء مصر ثانيًا في سنة اثنتين وتسعين، فحكم شهرين، وتوجّه إلى بغداد. قَالَ البَرْقانيّ: هُوَ من المتروكين. ورماه ابن عديّ بالكذب، وسمع منه بالموصل وبغداد2. 136- محمد بْن يحيى بن خالد بن يزيد بن متى3:   1 الولاة والقضاة "480"، وفيه: "فكان مدة نظره في الحكم إلى أن سجن نفسه ست سنين وسبعة أشهر". 2 تاريخ بغداد "2/ 380". 3 سير أعلام النبلاء "11/ 468"، والأنساب "548 أ". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 334 أبو يزيد المَدِينيّ الخالدي المَرْوَزِيّ الميرماهاني. سمع: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، ومحمد بن عَبْد العزيز بْن أَبِي رزْمة، ومحمود بْن غَيْلان، وأحمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وعليّ بْن حُجْر. وعنه: أبو بكر أحمد بْن عليّ، ومحمد بن صالح بْن هانئ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، ومحمد بن الحُسين الحدّاديّ. تُوُفّي في المحرَّم. وحدَّثَ بنَيْسابور سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. وروى عَنْ إِسْحَاق تفسيره. وعاش ستًّا وثمانين سنة. وحديثه يقع عاليًا في تصانيف مُحيي السنة. أما: 137- محمد بْن يحيى بْن خَالِد بْن مِهْران النَّيْسابوريّ: ابن أخت سَلَمَةَ بْن شبيب، فقد سمع هذا الثاني من: إِسْحَاق، وابن رافع. وحدَّثَ في حدود التسعين ومائتين. "حرف الياء": 138- يحيى بْن محمد بْن محمد بْن زياد الكلّبي البغداديّ1: نزيل دَقَانِيَة، وبيت سَوَا. سمع: أبا حفص الفلّاس، ومحمد بن مثنى. وعنه: أبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر الرَّبَعيّ، وغيرهما. 139- يوسف بْن يعقوب الواسطيّ ابن الحُسين2: أبو بَكْر الأصم المقرئ. إمام جامع واسط ومقرئها.   1 تاريخ بغداد: "14/ 231"، "7535"، ومعجم البلدان "1/ 523". 2 غاية النهاية لابن الجزري "2/ 405"، "3944". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 335 قرأ عَلَى: يحيى بْن محمد العُليْميّ، عَنْ أَبِي بَكْر، وحمّاد بْن شُعَيْب، عَنْ عاصم. وقرأ عَلَى شُعَيْب بْن أيّوب الصَّرِيفينيّ. قرأ عَلَيْهِ: أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن خليع القلانِسيّ، وأبو القاسم يوسف بْن محمد الضّرير شيخ أَبِي العلاء الواسطيّ، وعبد العزيز بْن عصام، وعليّ بْن منصور الشُّعَيْريّ، والحَسَن بْن سَعِيد المطَّوِّعيّ، وعثمان بْن أحمد بْن سمعان المجاشعي، وهما ويوسف شيوخ الكازريني. وقرأ عَلَيْهِ أيضًا: إبراهيم بْن عَبْد الرَّحْمَن البغداديّ، وأبو بَكْر محمد بْن الحَسَن النّقّاش. ورحل القراء من الأمصار للأخْذ عَنْهُ، منهم أبو أحمد السّامُرّيّ. وسمع: محمد بْن خَالِد بْن عَبْد اللَّه الطّحّان. وعنه: ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم. قَالَ ابن خليع: كَانَ شيخنا حَسَن الأخذ. قرأتُ عَلَيْهِ وله نيّفٌ وتسعون سنة. وقال القصّاع: تُوُفّي في ذي القِعْدة سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وكان مولده في شَعْبان سنة ثمان عشرة ومائتين. كان يَقُولُ: قرأتُ عَلَى يحيى العُليْميّ في سنة أربعين وإحدى وأربعين، وتُوُفّي في سنة ثلاثٍ وأربعين ومائتين وله ثلاثٌ وتسعون سنة. وقد ضُعِّف، قَالَ لنا: قرأتُ عَلَى حمّاد بْن أَبِي زياد شُعَيْب، وكان فاضلًا جليلًا، سنة سبعين ومائة، وقرأ عَلَى عاصم. وقرأتُ بعده عَلَى أَبِي بَكْر بْن عيّاش. 140- يوسف بْن يعقوب. أبو عمرو النيسابوري. وفيات سنة أربع عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 141- أحمد بْن جعفر بْن نَصْر الرّازيّ: أبو العبّاس الحمّال. من بقايا الشيوخ. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 336 قَالَ الخليلي: ثقة. سمع: عَمْرو بْن رافع القَزْوينيّ. ومحمد بن حُمَيْد، وعليّ بْن هاشم بْن مرزوق. ثمّ أرَّخ وفاته. روى عَنْهُ جماعة. واشتهر. 142- أحمد بْن عَبيْد اللَّه بْن عمَّار1: أبو العبّاس الثَّقْفيّ البغداديّ الكاتب المعروف بحمار العزير. شيعيّ، لَهُ مصنّفات في مَقَاتِل الطّالبيّين. روى عن: عثمان بن أبي شيبة، وعمر بن شبة. وعنه: الجعابي، وأبو عمر بْن حَيَّوَيْه، وغيرهما. 143- أحمد بْن عَبْدُوس بْن حَمْدَوَيْه الصّفّار النَّيْسابوريّ: سمع من: إِسْحَاق الكَوْسَج، وأيّوب بْن الحَسَن. وعنه: عليّ بْن عيسى، وأبو إِسْحَاق المزكّيّ، وغيرهما. 144- أحمد بْن محمد بْن حَسَن بْن أَبِي حمزة البلْخيّ2: أبو بَكْر الذَّهبيّ. نزيل نَيْسابور. وبها عِقْبة. سمع: حَجّاج بْن يوسف الشّاعر، وعَمْرو بْن عليّ، ومحمد بن بشّار، وسلم بْن جُنَادَةَ، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحافظ مَعَ سوء رأيه فيه، ومحمد بن جعفر البُسْتيّ، ومحمد بن أحمد الغِطْريفيّ، وأبو أحمد بْن عديّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، ومحمد بن عَبْد اللَّه القزاز، وأبو محمد المخلدي، وجماعة.   1 تاريخ بغداد "4/ 252"، ومعجم الأدباء "3/ 232-242". 2 ميزان الاعتدال "1/ 134"، والمغني في الضعفاء "1/ 54"، وتاريخ جرجان للسهمي "75، 76"، "23". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 337 قَالَ الحاكم: وقع إليَّ من كُتُبه بخطّه وفيها عجائب. قلتُ: وقد سكن جُرجْان قليلًا، وسمع منه أهلها. قَالَ الإسماعيليّ: كَانَ مشتهرًا بالشّراب. 145- أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن محمد بْن المُنْكِدر الْقُرَشِيّ التَّيْميّ1: أبو بَكْر المُنْكَدِريّ. وُلِد بالمدينة ونشأ بالحَرَمَين، وسكن البصْرة، ثمّ إصبهان، ثمّ الرّيّ، ثمّ نَيْسابور. وسمع: عَبْد الجبّار بن العلاء، وهارون بن إسحاق، ويونس بن عبد الأعلى، وعلي بن حرب، وأبا زُرْعة، وخلْق سواهم. وعنه: محمد بْن صالح بْن هانئ، ومحمد بن خَالِد المطَّوِّعيّ ببخاري، ومحمد بن مأمون الحافظ المَرْوَزِيّ، وآخرون كثيرون. وتُوُفّي بمَرْو. قَالَ الحاكم: لَهُ أفراد وعجائب يضعفه بذلك. وممّن روى عَنْهُ: ابنه عَبْد الواحد، ومحمد بن عليّ بْن الشّاه. 146- أحمد بْن محمد بْن الفضل2: أبو الحَسَن السِّجِسْتاني، نزيل دمشق. حدث عن: محمد بْن عَبْد اللَّه المقرئ، وعليّ بْن خَشْرَم، ونصر بْنِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارميّ، وجماعة. وعنه: جُمَح بْن القاسم، ومحمد الرَّبَعِيّ، وأبو حاتم بْن حِبّان، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وآخرون. وتُوُفّي في جمادى الآخرة، ولا أعلم فيه جرحًا. فخلاف الجرجاني والأيلي سمييه وقرينيه، فإنهما ذاهبان.   1 تاريخ جرجان "433"، للسهمي، وذكر أخبار أصبهان "1/ 115"، وميزان الاعتدال "1/ 147". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 74"، والميزان "1/ 149"، والمغني في الضعفاء "1/ 57". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 338 147- إبراهيم بْن محمد بْن الضّحّاك: أبو إِسْحَاق الفارسيّ الأعور. نزيل مصر. لَا بأس بهِ. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن سِنْجر. تُوُفّي في رجب. روى عَنْهُ ابن يونس، وغيره. 148- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن الخليل1. أبو يعقوب البغداديّ الجلّاب: سمع: أبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، والحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس. وعنه: أبو الحُسين بْن البّواب، وابن شاهين، وجماعة. وثّقه الخطيب. "حرف الباء": 149- بَكْر بْن عَمْرو2. أبو القاسم الشِّيرَوانيّ الْبُخَارِيّ: عَنْ: زكريّا بْن يحيى بْن أسد، ومحمد بْن عيسى بْن حيّان المدائنيّ، وهو من قرية شِيرَوان. "حرف الثاء": 150- ثابت بْن حَزْم السَّرَقُسطيّ: مَرَّ في سنة ثلاث عشرة. "حرف الحاء": 151- حاتم بْن أحمد بْن محمود بْن عفان بن خازم3: أبو سعيد الكندي.   1 تاريخ بغداد "6/ 392"، والمنتظم "6/ 202". 2 معجم البلدان "3/ 382"، وفيه "بكر بن عمر". 3 الإكمال لابن ماكولا "2/ 290". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 339 ذكره ابن ماكولا في خازم، بمعجمتين، فقال فيه: الكِنْديّ الصَّيْرفيّ الْبُخَارِيّ. حدث عَنْ: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن حفص بْن عَبْد اللَّه، وأحمد بْن يوسف. وعنه: أبو عَمْرو أحمد بْن محمد المقرئ، ومكّي بْن إِسْحَاق. مات في سابع رمضان من السنة. 152- الحَسَن بْن صاحب بْن حُمَيْد1: أبو عليّ الشّاشيّ الحافظ. طوّاف جوّال. سمع: عليّ بْن خَشْرَم، وعَمْرو بْن عَبْد اللَّه الأَوْديّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأبا زُرْعة الرّازيّ، ومحمد بن عوف. وعنه: الْجِعَابيّ، وأبو بَكْر الورّاق، وابن المظفّر، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفّي بالشاش. أرخه الخطيب ونعته بالحافظ الخليليّ. 153- الحَسَن بْن محمد بْن دَكّه2: أبو عليّ الإصبهانيّ. سمع: لُوَيْنًا، وحُمَيْد بْن مَسْعَدَة، وأبا حفص الفلّاس. وعنه: أبو بَكْر محمد بْن أحمد بْن محمد بْن جِشْنِس المعدّل، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وأحمد بْن يوسف الخشاب، وجماعة. وكان ثقة.   1 تاريخ بغداد "6/ 333"، والمنتظم "6/ 203". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 269". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 340 "حرف السين": 154- سَعِيد النُّوبيّ1: تُوُفّي في صَفَر ببغداد. وكان بوّاب دار الخلافة، وإليه يُنسب باب النُّوبيّ. وولي الباب بعده أخوه يوسف. 155- سَعِيد بْن الحَسَن بْن شداد المِسْمَعيّ2: أبو عثمان النّاجم. من فُحُول الشُّعَراء، صحب ابن الروميّ، وغيره. 156- سعدون بْن طالوت الأندلسيّ3: لَهُ رحلة ورواية. وعُمَّر حتّى جاوز المائة. مات بالأندلس سنة أربع عشرة، قاله أبو سعْد بْن يونس. 157- سَلَمَةُ بْن النَّضْر بْن سوّاد: أبو النَّضْر البُسْتيّ الخلقانيّ. 158- سليمان بْن دَاوُد بْن كثير بْن وَقْدان4: أبو محمد الطُّوسيّ، نزيل بغداد. سمع: أبا همام السَّكُونيّ، وإسماعيل بْن أَبِي كريمة، وسوّار بْن عَبْد اللَّه العَنْبريّ، ولُوَيْنًا. وعنه: محمد بْن إسماعيل الورّاق، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وعُمَر بْن شاهين. وكان صدوقًا.   1 المنتظم "6/ 203"، "324". 2 فوات الوفيات "2/ 51"، "168". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 183" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "235"، للحميدي. 4 تاريخ بغداد "9/ 62، 73"، والمنتظم "6/ 214". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 341 "حرف الطاء": 159- طاهر بن يحيى بن الحسين: أبو القاسم العلويّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: أبو بَكْر بْن المقرئ. "حرف العين": 160- عامر بْن خُرَيْم بْن محمد المُرِّيّ1: أبو القاسم الدمشقي. سمع: أبا إسحاق الجوزجاني، وإبراهيم بن هشام بْن ملّاس، وأحمد بْن محمد بْن أَبِي الحناجر. وعنه: بَكْر بْن شعيب، ومحمد بن المظفّر، وجُمَح بْن القاسم، وابن المقرئ، وآخرون. قَالَ ابن المقرئ: كَانَ ثقة أمينًا محسِنًا إليَّ. 161- العبّاس بْن يوسف الشَّكَليّ2: أبو الفضل البغداديّ الصُّوفيّ. سمع: سريًّا السَّقَطيّ، وعليّ بْن الموفَّق، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ، وجماعة. وكان من مشاهير الشيوخ. روى عَنْهُ: ابن شاهين، وأبو الفضل محمد بْن عَبْد اللَّه الشَّيْبانيّ، وعبد الله بن عديّ، ومحمد بن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، وجماعة. وهو مقبول الرواية.   1 الإكمال لابن ماكولا "3/ 134"، والمشتبه في أسماء الرِّجال "1/ 231". 2 تاريخ بغداد "12/ 153، 154"، والمنتظم "6/ 203"، وتهذيب تاريخ دمشق "6/ 273". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 342 162- عَبْد اللَّه بْن محمد الخاقاني ابن الوزير أبي عليّ ابْن الوزير عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن خاقان1: الوزير الكبير أبو القاسم. وَزَرَ للمقتدر بعد ابن الفُرات نحوًا من سنة، ثمّ قبض عَلَيْهِ في رمضان سنة ثلاث عشرة، ووكل بهِ في منزله، فتعلل شهرًا. مات في رجب. 163- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن دَاوُد: أبو محمد النَّيْسابوريّ الدّهّان. سمع: محمد بْن أسلم الطُّوسيّ، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، والذُّهْليّ. وعنه: أبو سَعِيد بْن أَبِي بَكْر، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ. 164- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن هاشم بْن طِرِمّاح: أبو محمد الطُّوسيّ. كَانَ وجه طوس، ورئيسها ومحدِّثها. وكذلك ابنه أبو القاسم وابن ابنه أبو منصور بْن أَبِي القاسم. سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلالي، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء. وعنه: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وجماعة. 165- عليّ بْن إسماعيل بْن كعب الدّقاق2: روى عَنْ: أبي حفص الفلَّاس، وابن المنادي. وعنه: عُمَر بْن شاهين، ومحمد بن الشخير. وثقه الخطيب.   1 صلة تاريخ الطبري لعُرَيب "39، 41، 43"، والتنبيه والإشراف "329"، والكامل في التاريخ "8/ 167". 2 تاريخ بغداد "11/ 345"، "6187". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 343 - علي بن القاسم العسكري. عن عمر بن شبة، وأحمد بن بديل. وعنه عُمَر بْن شاهين، ومحمد بن الشخِّير. وثّقه الخطيب. 166- عليّ بْن محمد بْن العلاء: أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ القبابيّ. وقباب محلة بنَيْسابور. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، وأحمد بْن حفص، وعمّار بْن رجاء. وعنه: محمد بْن صالح بْن هانئ، وأبو عليّ الحافظ، وجماعة. 167- عليّ بْن أَبِي مروان بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حمّاد. أبو الحُسين المصري. روى عَنْ: عيسى بْن حمّاد، وعبد الملك بْن شُعَيْب بْن الَّليْث، وغيرهما. تُوُفّي في ذي القعدة. 168- عُلَيْم بْن أحمد بْن عَبْد الأحد بْن الَّليْث. أبو السَّمِيدَع الْمَصْرِيّ القتْبانيّ. "حرف الفاء": 169- الفتح بْن إدريس بْن نَصْر الكاتب: تُوُفّي في المحرَّم. 170- الفضل بْن إمام الأئمّة أَبِي بَكْر بْن خُزَيْمة محمد بْن إِسْحَاق: سمع: أحمد بْن الازهر، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ. وعنه: ابنه محمد، وحسين بْن عليّ التَّميميّ، وجماعة. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 344 "حرف الميم": 171- محمد بْن إبراهيم بْن عامر بْن إبراهيم المَدِينيّ1: المؤذّن أبو بَكْر. مُكِثر عَنْ أَبِيهِ وعمّه محمد بن عامر عَنْ أبيهما. وعنه: أبو الشَّيْخ، والطَّبَرانيّ، وابن المقرئ، ومحمد بن حَسَن بْن مُعَاذ. 172- محمد بْن جعفر بْن بَكْر2: أبو الحُسين بْن الخوارزمي. سمع: عثمان بْن أَبِي شَيْبة، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ. وعنه: محمد بْن جعفر زَوْج الحُرَّةِ، وابن شاهين، وغيرهما. وكان ثقة. 173- محمد بْن حَبَش3: أبو بَكْر البغداديّ الواعظ الضّرير. نزيل مصر. كَانَ يعظ ويقرأ بصوتٍ شَجِيّ يقع في القلوب، ويُصلّي بالنّاس التَّراويح في الجامع. 174- محمد بْن حَبَش بْن مسعود4: أبو بَكْر السّرّاج. عَنْ: لُوَيْن، وخلّاد بْن أسْلَم. وعنه: إبراهيم بْن بِشْران، وأبو محمد بْن معروف القاضي، وابن المقرئ.   1 المعجم الصغير "2/ 53"، وفيه: "محمد بن إبراهيم الأصبهاني". 2 تاريخ بغداد "2/ 134"، والمنتظم "6/ 204"، "327". 3 تاريخ بغداد "2/ 290"، والمنتظم "6/ 204"، "328". 4 تاريخ بغداد "2/ 291". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 345 صدوق، بغداديّ. بَقِيّ إلى هذا العام تقريبًا. 175- محمد بْن حَزْرَه بْن عَبْد الوارث: أبو عبد الله المَهْريّ الصَّعِيديّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. تُوُفّي في شَعْبان. 176- محمد بْن عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد القِتْبانيّ الْمَصْرِيّ: سمع: الربيع بْن سليمان. 177- محمد بْن عليّ بْن حَسَن بْن الخليل: أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ القطّان. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأبا عُبَيْد اللَّه الوهْبيّ، وعَمْرو بْن عَبْد اللَّه الأَوْديّ. وعنه: أبو بَكْر بْن جعفر، وإسماعيل بْن نُجَيْد، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ. 178- محمد بْن علي بْن حَسَن بْن عليّ بْن حرب1: قاضي طَبَرِيّة. سمع: عُقْبة بْن مُكْرَم، وأيّوب الوزّان، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وجماعة. وعنه: أبو هاشم المؤدِّب، وأبا بَكْر بْن أَبِي دُجَانَة، وابن المقرئ، والأَبْهَريّ، وأبو حفص الزّيّات. كنّاه بعضهم: أبا الفضل، وبعضهم: أبا الحَسَن. مولده سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وحدث بالشام، والعراق.   1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "38/ 518". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 346 179- مُحَمَّد بْن عُمر بْن عَبْد اللَّه بْن حَسَن بْن حفص الهَمْدانيّ الذكواني1: أبو عبد الله الإصبهانيّ الْمُعَدَّلُ الثّقة. سمع: أحمد بْن عصام، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب. وعنه: ابنه عَبْد اللَّه، وحفيده عليّ بْن عَبْد اللَّه، وإبراهيم بْن محمد بْن حمزة الحافظ، والحَسَن بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم، وابن المقرئ. 180- محمد بْن محمد بْن الأشعث2: أبو عليّ الكوفيّ الْمَصْرِيّ. تُوُفّي في جمادى الآخرة. قَالَ ابن عديّ: كتبت عَنْهُ، وحَمَله شدّة ميله إلى التشيُّع عَلَى أنّ أخرج لنا نسخةً عَنْ موسى بْن إسماعيل بْن موسى بْن جعفر الصّادق، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّه، عَنْ أَبِيهِ، نحو ألف حديثٍ، عامّتُها مناكير. وروى عَنْهُ: ابن المقرئ، وغيره. 181- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن النّفّاح بْن بدر3: أبو الحَسَن الباهلي البغداديّ. نزل مصر، وسمع: حفص بْن عُمَر الدُّوريّ، وإسحاق بْن أَبِي إسرائيل وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وجماعة. وعنه: أبو سَعِيد بْن يونس، وعُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن خَلَف البزّاز، وأحمد بْن محمد المهندس، وأبو الطَّيِّب العبّاس بْن أحمد الهاشميّ، وأبو بكر المقرئ، وآخرون. قَالَ ابن يونس: كَانَ ثقة ثبتًا، صاحب حديث، متقلّلًا من الدّنيا. تُوُفّي في ربيع الآخر. وقال حمزة الكِنَانيّ: سَمِعْتُ محمد بْن محمد الباهليّ يَقُولُ: بِضاعتي قليلة، واللَّه يجعل فيها البركة.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 263، 264". 2 الكامل في الضعفاء "6/ 2303، 2304"، لابن عدي، وميزان الاعتدال "3/ 130". 3 تاريخ بغداد "3/ 214"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 224، 245". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 347 قلت: وقد سمعت من محمود بْن خَالِد بدمشق. وقرأ عَلَى الدُّوريّ القرآن. 182- محمد بْن محمد بْن يوسف الْبُخَارِيّ: أبو ذَرّ القاضي. حدَّثَ بَهَراة وغيرها عَنْ: أحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، ومحمد بن إسماعيل الْبُخَارِيّ، وجماعة. ولي قضاء خراسان. وكان ينتحل الحديث ويذب عَنِ السنة. أملى، وحضرَ مجلسَه ابن خُزَيْمة، وأبو العبّاس السّرّاج. وهو والد الزّاهد القدوة أَبِي الحَسَن. 183- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة1: الإمام الكبير أبو عبد الله القُرْطُبيّ. مولى آل عُبَيْد اللَّه بْن عثمان. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن خَالِد، وعبد الأعلى بْن وهْب، وأبان بْن عيسى، والعُتْبيّ، وأصْبغ بْن خليل، ومحمد بن وضّاح الأندلسيّين. وكان إمامًا في الفقه، مقدَّمًا عَلَى أهل زمانه في الفتوى، كبير الشأن، حافظًا لأخبار الأندلس، أديبًا وشاعرًا. ولي الصّلاة بُقْرطُبة. وروى عَنْهُ خلْق كثير وتفّقهوا بهِ. ولم يكن لَهُ حذقٌ بالحديث. كَانَ يحدِّث بالمعنى. تُوُفّي في شَعْبان. ومولده سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 184- محمود بْن عنبر بْن نُعَيْم الْأَزْدِيّ: أبو العبّاس النَّسَفيّ. ثقة جليل.   1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 34، 35"، وجذوة المقتبس للحميدي "98"، "163". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 348 روى عَنْ: محمد بْن أبان، ومحمود بْن مهدي، وعبد بْن حميد، والبخاري. وعنه: عبد المؤمن بن خلف، ومحمد بن زكريا، وبكر بن محمد، وشاه بن محمد، ومحمد بن عثمان بن إسحاق. ترجمه أبو سعد الإدريسي وقال: حدَّثوني عَنْهُ. "حرف النون": 185- نَصْر بْن القاسم بْن نَصْر1: أبو الَّليْث الفرائضي الحنفيّ البغداديّ. سمع: سُرَيْج بْن يونس، وعبد الأعلى بْن حمّاد، وعُبَيْد اللَّه القواريري، وابن أَبِي شَيْبة. وعنه: أبو الحُسين بْن البّواب، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وابن شاهين، وجماعة. وكان ثقة فقيهًا علّامةً، بصيرًا بقراءة أبي عَمْرو. "حرف الياء": 186- يحيى بْن محمد بْن يحيى التَّميميّ النَّيْسابوريّ: من رؤساء البلد. سمع: محمد بْن إبراهيم البُوشَنْجيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل. قُتِل في محرابه ليلة الجمعة في رمضان. وهو عمّ حُسَيْنَك. 187- يعقوب بْن محمود النَّيْسابوريّ: أبو يوسف. من كبار قراء نَيْسابور. سمع: الذُّهْليّ، وأحمد بْن حفص، وأحمد بْن الأزهر. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة.   1 الأنساب "421 ب"، والعبر "2/ 160"، والبداية والنهاية "11/ 154". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 349 وفيات سنة خمس عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 188- أحمد بْن إبراهيم بْن صالح1: أبو الحُسين النَّيْسابوريّ المَيْدانيّ. سمع: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ. وعنه: أبو الوليد حسّان بْن محمد، وغيره. 189- أحمد بْن حَمْدَوَيْه بْن موسى: أبو حامد النَّيْسابوريّ، المؤذِّن الفاميّ الزّاهد. جاوَرَ بمكّة خمس سنين، ورابَطَ بطَرَسُوس ثلاث سِنين. وكان كثير الغَزْو، محسنًا إلى المحدثين. سمع: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه السَّعديّ، وأبا حاتم الرّازيّ، وأبا دَاوُد السِّجِسْتانيّ، وجماعة. وعنه: ابنه أبو سَعِيد، وأبو الطَّيِّب المذكِّر، وغيرهما. 190- أحمد بْن الخضر المَرْوَزِيّ2: عَنْ: محمد بْن عَبْدة المَرْوَزِيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر النّقّاش، وغيرهما. أرّخه الحاكم في هذه السنة. 191- أحمد بْن زكريّا3: أبو بَكْر البغداديّ النّحّاس. ويُعرف بابن الرواس. سمع: أبا هارون الفلّاس، وسعيد بْن يحيى الأموي.   1 الأنساب "11/ 564". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 28، 29"، وتاريخ بغداد "1820". 3 تاريخ بغداد "4/ 162"، "1839". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 350 وعنه: أبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان. 192- أحمد بْن سَعِيد بْن مرابة: أبو بَكْر الخرّاز. سمع: محمد بْن عَبْد الملك الدقيقي، والرّماديّ. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وابن شاهين. ثقة. 193- أحمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن شَهْرَيار1: أبو بَكْر الرّازيّ ثمّ النَّيْسابوريّ الحافظ. صاحب التّصانيف. سكن أبوه نَيْسابور فولد هُوَ بها. وسمع: السَّرِيّ بْن خُزَيْمة، وأبا حاتم الرّازيّ، وعثمان بْن سَعِيد الدّارِميّ، وأبا قلابة عَبْد الملك بْن محمد، والحَسَن بْن سلّام، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه القصّار، وعبد اللَّه بْن أَبِي مَسَرّة، وطبقتهم. وله رحلة واسعة. روى عَنْهُ: أبو عبد الله بْن الأخرم، وأبو علي الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وطائفة سواهم. وقال ابن عُقْدة: ثنا هذا وكان من الحفّاظ. قلت: وعاش أربعًا وخمسين سنة. وكان من كبار أئمّة الحديث بخُراسان. مات بالطّابَرَان من طُوس. 194- أحمد بْن محمد بْن الحَسَن الرَّبَعِيّ الخزّاز2: سمع: عيسى بْن حمّاد زُغْبة. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وابن شاذان، وابن شاهين. وكان ثقة.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 631". 2 تاريخ بغداد "4/ 425، 426". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 351 تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة ببغداد. - أحمد بْن نَصْر، أبو عبد الرحمن الواسطي. سمع محمد بن وزير الواسطي، وعنه أبو الفضل الزُّهري. 195- أحمد بْن الوليد1. أبو عبد الله الْأَزْدِيّ: بغدادي، روى عَنْ: محمد بْن حرب النّشاسْتجيّ، وأحمد بْن سِنان القطّان. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو حفص بْن شاهين، وعدّة. صدوق، محدِّث. 196- إبراهيم بْن السَّرِيّ بْن يحيى: أبو القاسم التَّميميّ النَّحْويّ الإخباري المؤدِّب. كوفي، تُوُفّي في صفر، وله ثمان وسبعون سنة. أثنى عَلَيْهِ ابن حمّاد الحافظ. 197- إبراهيم بْن نَصْر بْن عنبر بْن شاهويه: أبو إِسْحَاق الضّبّيّ المَرْوَزِيّ. سمع: عليّ بْن خَشْرَم، وعَبْد اللَّه الدّارميّ، وجماعة. 198- إِسْحَاق بْن أحمد الكاغديّ2: كُتِب تقريبًا. 199- إسماعيل بْن إبراهيم بْن الحارث النَّيْسابوريّ القطّان: أبو إبراهيم. سمع: إِسْحَاق بْن موسى الخطْميّ، ومحمد بن رافع، والحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس. وعنه: أبو الوليد حسّان الفقيه، وعليّ بْن جمْشاد، وأبو عليّ الحافظ. وعُمِّر إحدى وتسعين سنة.   1 تاريخ بغداد "5/ 189، 190". 2 تاريخ بغداد "6/ 393"، والمنتظم "6/ 210". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 352 "حرف الحاء": 200- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن إبراهيم1: أبو عليّ الْجُنَابَذِيّ الفقيه المتكلّم. ولي قضاء نَيْسابور، وسمع: عليّ بْن الحَسَن الهلاليّ، وأبا حاتم الرّازيّ، وأبا قِلابة الرّقاشي، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو الوليد الفقيه. وكان من دُهاة النّاس وعُقلائهم. وجنابذ من قرى نَيْسابور، منها جماعة فضلاء. 201- الحَسَن بْن محمد بْن الحَسَن بْن صالح بْن شيخ بْن عميرة الأَسَديّ2: أبو الحُسين. ثقة. سمع: عليّ بْن خَشْرَم، وعيسى بْن أحمد العسقلانيّ، وأبا زُرْعة الرّازيّ، وجماعة. وعنه: أبو حفص بْن شاهين، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. وثّقه الخطيب، وأرّخه ابن قانع. 202- الحُسين بْن سَعِيد بْن غُنْدَر الْقُرَشِيّ3: سمع: هارون بْن إِسْحَاق الهَمْدانيّ، ونحوه. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر أحمد بْن شاذان. 203 - الحُسين بْن محمد بْن مُصْعَب بْن زُرَيْق4: أبو عليّ السِّنْجيّ الحافظ.   1 الأنساب "3/ 306". 2 تاريخ بغداد "7/ 416"، والمنتظم "6/ 211". 3 تاريخ بغداد "8/ 48"، "4107". 4 تاريخ جرجان "198، 307"، وتذكرة الحفاظ "3/ 801، 802"، وطبقات الحفاظ "334". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 353 عَنْ: عليّ بْن خَشْرَم، ويحيى بْن حكيم المقوّم، وخلْق. كَانَ يقال: ما بخُراسان أكثر حديثًا منه. كف بصره، وكان لا يحدِّث أهلَ الرأي إلّا بعد الجهد. وروى عَنْ: ابن قُهْزَاد، وطبقته. وعنه: زاهر السَّرْخَسيّ، وأبو حامد النُّعَيْميّ. 204- الحُسين بْن محمد بْن محمد بْن عُفَيْر1: أبو عبد الله البغداديّ الْأَنْصَارِيّ. سمع: لُوَيْنًا، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. ومات في صفر. 205- الحُسين بْن عَبْد اللَّه الجوهريّ بْن الجصّاص2: ترجمته في الحوادث. "حرف السين": 206- سَلْم بْن مُعَاذ بْن السلم بْن الفضل3: أبو الَّليْث التَّميميّ الدّمشقيّ القصير. رحل، وسمع من: شُعَيْب الصَّرِيفينيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، ومحمد بن عوف الحمصي. وعنه: جمح والفضل والمؤذنان، وأبو أحمد الحاكم. 207- سهل بْن إدريس: شيخ خراسان.   1 تاريخ بغداد "8/ 95"، والمنتظم "6/ 211". 2 ترجم له الذهبي في السير "11/ 425"، والعبر "2/ 121". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "10/ 101". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 354 سمع من: سَلَمَةَ بْن شبيب. وحدَّثَ. "حرف الطاء": 208- طاهر بْن يحيى بْن قُبَيْصة الفِلَقيّ1: سمع بنَيْسابور: أحمد بْن حفص السُّلَميّ. وعنه: ابنه محمد، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ. وفِلق: قرية بقرب نَيْسابور. "حرف العين": 209- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن سَعِيد الجصّاص2: أبو القاسم. بغداديّ، ثقة. سمع: بندارًا، ومحمد بن المُثَنَّى، ومحمد بن زياد الزّياديّ، وعَبْدة بْن عَبْد اللَّه. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين. 210- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن يوسف بْن حيّان: أبو محمد الهَمْذانيّ، مولى بُنيّ هاشم. إمام الجامع. روى عَنْ: إبراهيم بْن ديزيل، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه النَّرْسيّ، وعليّ بْن عَبْد العزيز. وعنه: جبريل بْن محمد، وعبد الرَّحْمَن الأنماطي، وأهل همذان. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ ثقة، لم يكن بهمذان في وقته أحفظ منه.   1 الأنساب "9/ 328"، واللباب "2/ 439". 2 تاريخ بغداد "9/ 381"، والمنتظم "6/ 214". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 355 211- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين الماسَرْجسيّ: سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلالي، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء. وعنه: ابن أخيه الحُسين، وابنه أبو نَصْر. 212- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر1: أَبُو القاسم القَزْوينيّ، الفقيه الشّافعيّ. ولى نيابة الحَكَم بدمشق، ثمّ ولي قضاء الرملة، ثمّ سكن مصر. وحدث عن: يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عوف الْجُمَحيّ، والربيع بْن سليمان المُرَاديّ، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن السقا الحافظ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وابن عديّ، ويوسف المَيَانِجيّ، ومحمد بن المظفّر، وجماعة. وقال ابن المقرئ: رأيتهم يضعفونه ويُنْكِرون عَلَيْهِ أشياء. وقال ابن يونس: كان محمودًا فيما يتولّى. وكانت لَهُ حلقة للإشغال بمصر وللرواية. وكان يظهر عبادة وورعًا. وكان قد ثقل سمعه شديدًا. وكان يفهم الحديث ويحفظ، ويجتمع إلى داره الحفاظ، ويُمْلي عليهم. ويجتمع في مجلسه جَمْعٌ عظيم. وقال الحاكم: سألت الدَّارَقُطْنيّ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن محمد القزوينيّ بمصر فقال: كذاب. وضع لعَمْرو بْن الحارث أكثر من مائة حديث. وقال ابن عساكر: قرأتُ بخطّ إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن حصن الأندلسيّ محتسب دمشق: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنيّ يَقُولُ: عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني كذّاب، ألف "سُنَن الشّافعيّ"، وفيها نحو مائتي حديث لم يحدِّث بها الشّافعيّ. وقال: خلَّط في آخر عُمره، ووضع أحاديث عَلَى متون فافتضح. قلت: وضعفه جماعة، واتهمه آخرون. قَالَ ابن يونس: خُرّقت الكُتُب في وجهه، وتركوا مجلسه. وقال الدارقطني: كذاب.   1 تاريخ جرجان "455"، للسهمي، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "2/ 135"، والعبر "2/ 162". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 356 213- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن صبيح: أبو محمد العُمري النَّيْسابوريّ الجوهريّ. محدِّث، ناسك، مصنف، رحّال. سمع: محمد بْن يحيى، وأحمد بْن الأزهر. وعنه: أبو عَمْرو بْن حَمْدان، وجماعة. 214- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْدان1: أبو مسعود العسْكريّ. إصبهانيّ، سمع: لُوَيْنًا، ومحمد بن عيسى المقرئ، وسلمة بن شبيب. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الله بن محمد بن عمر. 215- عبد الرحمن بن الحسن بن أيوب2: أبو محمد الشعيري الضرير. بغدادي، يعرف برنجي. سمع: عبد الأعلى بن حماد، والحسين بن حريث، وأبا هشام الرفاعي. وعنه: علي بن لؤلؤ، وأبو الحسن بن البواب، وعمر بن شاهين. مات ليلة عيد الفطر. 216- عبد الواحد بن حمدون المري الأندلسي3: يروى عَنْ: بَقِيّ بْن مَخْلَد، وغيره. 217 - عليّ بْن سليمان بْن الفضل البغداديّ4: أبو الحَسَن النَّحْويّ الأخفش الصغير. سمع: أبا العيناء، وثعلبًا، والمبرد، والفضل اليزيدي.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 73". 2 تاريخ بغداد "10/ 286"، "5409". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 289" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "291" للحميدي. 4 الفهرست لابن النديم "123"، وتاريخ بغداد "11/ 433"، والمنتظم "6/ 214، 215". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 357 وتصدَّر للإفادة. قَالَ المَرْزُبانيّ: ما علمتُه صنَّف شيئًا، ولا قَالَ شعرًا. وقال "ابن" النّديم: لَهُ "كتاب الأنواء"، و"كتاب التَّثْنية". ولابن الروميّ فيه هجاء. روى عَنْهُ: عليّ بْن هارون القرميسينيّ، والمُعَافَى الجريريّ، وأبو عبد الله المَرْزُبانيّ. وكان ثقة. سافر قبل الثلاثمائة إلى مصر، وحلب. وحصل لَهُ إضاقة في آخر أيّامه، حتّى قِيلَ: إنّه لازم أكل الشّلْجَم1، فقبض عَلَيْهِ قلبه فمات. ولم يكن متسعًا في الأدب. "حرف الفاء": 218- الفتح بْن إدريس الإصبهانيّ الكاتب2: سمع: لُوَيْنًا، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ، وحُمَيْد بْن مَسْعَدَة. وعنه: محمد بْن جعفر بْن يوسف، والحَسَن بْن إِسْحَاق. "حرف الميم": 219- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الإصبهانيّ القطّان3: سمع: إسماعيل بْن يزيد القطّان، وأحمد بْن الفُرات. وعنه: أبو الشَّيْخ، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه، والحَسَن بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم. 220- محمد بْن أحمد بْن عَمْرو بْن هشام4: أبو عبد الله الأصبهاني الأبهري.   1 الشلجم: "وهو المعروف باللِّفْتَ". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 157". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 261"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 107". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 257"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 104". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 358 سمع: نَصْر بْن عليّ، ويوسف بْن خَالِد السَّمتيّ. وعنه: أبو أحمد القاضي، والطَّبَرانيّ، وابن المقرئ. 221- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين: أبو أحمد الماسَرْجسيّ والد أَبِي عليّ الحُسين. روى عَنْ مُسْلِم كتاب "جُلود السِّباع". وروى عَنْ: الذُّهْليّ، وأحمد بْن يوسف. وعنه: ابنه، وابن أخيه أبو نَصْر. 222- محمد بْن إبراهيم بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ السَّهميّ: أبو الحَسَن الْمَصْرِيّ. سمع: بحر بْن نَصْر. ومات فجأةً؛ وهو من أولاد عَمْرو بْن العاص. 223- محمد بْن إبراهيم بْن خَالِد: أبو بَكْر الأُسْوانيّ. سمع من: يونس بْن عَبْد الأعلى. 224- محمد بْن إسماعيل بْن القاسم بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب الحسَنيّ: أبو عبد الله الْمَدَنِيّ. تُوُفّي بمصر في شَعْبان. وأصله من قرية الرَّسّ بنواحي المدينة. وكان يُعرف بابن طباطبا العَلَويّ. ذكره ابن يونس فقال: روى عَنْ آبائه حديثًا. وكان كريمًا سخيًا، لَهُ منزلة عند الدّولة والعامة. قلتُ: وسُمّي جدّهم إبراهيم طباطبا؛ لأنّ أمّه كانت ترقّصه وهو طفل وتقول: طباطبا؛ تعني نام. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 359 وقيل: بل كَانَ إبراهيم يَقُولُ: القاف شبه الطّاء، فطلب مرّة قباءٍ يلبسه أو غير ذَلِكَ، فقيل: نُحْضِر فَرْجيّةً. فقال: لَا، طباطبا. يعني قباء. وقبره بالقرافة يُزار. 225- محمد بْن جعفر1: أبو الحَسَن ابن الكوفي الصَّيْرفيّ. حدَّثَ عن: لوين، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وعنه: محمد بن المظفر، وابن شاهين. وتوفي في صفر. 226- محمد بن الحسين بن حفص2: أبو جعفر الخثعمي الكوفي الأشناني. حدث ببغداد عَنْ: أَبِي كُرَيْب، وعَبّاد الرُّواجِنيّ، ومحمد بن عُبَيْد المحاربي. وعنه: الجعابي، وأبو الحسين بن البّواب، ومحمد بن المظفّر، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. مولده سنة إحدى وعشرين ومائتين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. وآخر أصحابه محمد بْن جعفر بْن النّجّار الكوفي، بقي إلى عام 403. 227- محمد بْن زكريّا بْن الحَسَن الشَّيْبانيّ النَّيْسابوريّ: سمع: محمد بْن يحيى، ومحمد بن يزيد السُّلَميّ. وعنه: أبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وغيره. 228- محمد بْن عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد القتباني المصري: أبو عبد الله.   1 تاريخ بغداد "2/ 134"، والمنتظم "6/ 215". 2 تاريخ بغداد "2/ 234، 235"، والعبر "2/ 162"، والنجوم الزاهرة "3/ 229". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 360 عَنْ: يونس، والربيع المُرَاديّ. وعنه: ابن يونس. مات فجأةً. 229- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن العَنْبريّ بْن عطاء: أبو عبد الله العَنْبريّ النَّيْسابوريّ الكاتب والد يحيى. كَانَ من رؤساء بلده. سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلاليّ، وقَطَنَ بْن إبراهيم، وأبا زُرْعة الرّازيّ، وجماعة. وعنه: ابنه، وغيره. 230- محمد بْن أَبِي عديّ بْن أحمد بْن زحْر بْن السائب: أبو الحَسَن التَّميميّ المِنْقَريّ الْبَصْرِيّ. في ذي القعدة. 231- محمد بْن عَمْرو بْن سلمة النَّيْسابوريّ: سمع: أَحْمَد بْن يوسف السُّلَميّ، وأحمد بْن الأزهر. وعنه: أبو أحمد الحاكم. 232- محمد بْن فَضَالَةَ بْن الصَّقْر بْن فَضَالَةَ الَّلخْمي الدّمشقيّ1: سمع: هشام بن عمّار، ومؤمل بْن إهاب، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر الرَّبَعِيّ، وأبو أحمد الحاكم، وجُمَح بْن القاسم، وآخرون. وقال أبو أحمد في الكنى: في حديثه نظر. 233- محمد بن الفيض بن محمد بن الفياض2: أبو الحَسَن الغسّانيّ الدمشقي.   1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "39/ 196"، والمغني في الضعفاء "2/ 624". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة الظاهرية" "15/ 433 ب"، وشذرات الذهب "2/ 271". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 361 روى عَنْ: جَدّه، وإبراهيم بْن هشام الغسّانيّ، وصفوان بن صالح، ومحمد بن يحيى بن حمزة، وهشام بن عمار، ودحيم، وطائفة. وعنه: موسى بن سهل الرملي وهو أكبر منه، وأبو عمر بن فضالة، وأبو بَكْر الرَّبَعِيّ، وأبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ. وتوفي في رمضان وله ست وتسعون سنة. 234- محمد بن القاسم بن سعيد: أبو بكر التجيبي المصري. سمع إسحاق الدَّبَري. 235- محمد بن محمد بن خَلَف بن قُدَيْد، أبو الفضل التجيبي: سمع: الربيع المؤذن. 236- محمد بن مسور الأندلسيّ1: يروي عَنْ: محمد بْن وضّاح، وغيره 237- محمد بْن المسيّب2 بْن إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه النَّيْسابوريّ الأرغِيَاني الإسفنجيّ: الحافظ الجوّال الزّاهد. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن رافع، وعبد الجبّار بْن العلاء، وأبا سَعِيد الأشجّ، ومحمد بن بشّار، وإِسْحَاق بْن شاهين، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكّيّ، وسعيد بْن رحمة المصِّيصيّ، والحسين بْن سيار الذي روى بحران عَنْ إبراهيم بْن سعْد، والهيثم بن مروان، وخلقا كثيرا. كنيته: أبو عبد الله. روى عنه: إمام الأئمة ابن خزيمة مع جلالته وتقدمهه، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، والحسين بن علي التميمي، وزاهر بن أحمد، وأبو عمرو بن حمدان، وأبو أحمد الحاكم، وآخرون.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 44" لابن الفرضي. 2 الرحلة في طلب الحديث "210"، والتهذيب "9/ 455-458". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 362 قال أبو عبد الله الحاكم: كان من العباد المجتهدين. سَمِعْتُ غير واحد من مشايخنا يذكرون عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ما أعلم منبرًا من منابر الإسلام بقي عليَّ لم أدخلْه لسماع الحديث. وسمعتُ أبا إِسْحَاق المُزَكيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بْن المسيّب يَقُولُ: كنت أمشي في مصر وفي كُمّي مائة جزءٍ، في كلّ جزء ألف حديث. وسمعتُ أبا عليّ الحافظ يَقُولُ: كان محمد بْن المسيّب يمشي بمصر وفي كُمّه مائة ألف حديث، وكان دقيق الخطّ؛ وصار هذا كالمشهور من شأنه. وقال أبو الحُسين الحَجّاجّي: كَانَ ابن المسيّب يقرأ، فإذا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بكى حتّى نرحمه. قَالَ الحاكم: وسمعتُ محمد بْن عليّ الكِلابيّ يَقُولُ: بكى محمد بْن المسيّب حتّى عمي. وقال محمد بْن المسيّب الأرْغِيانيّ: سَمِعْتُ الحَسَن بْن عَرَفَة يَقُولُ: رأيت يزيد بْن هارون بواسط، وهو من أحسن النّاس عينين، ثمّ رأيته بعين واحدة، ثمّ رأيته أعمى. فقلت: يا أبا خَالِد، ما فَعَلَت العَينان الجميلتان؟ قَالَ: ذهبَ بهما بكاءُ الأسحار. قَالَ أبو إِسْحَاق المُزَكيّ: وإنّما هذا مثلٌ لمحمد بْن المسيّب فإنه بكى حتّى عمي، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. وتوفي في جُمَادَى الأولى عَنِ اثنتين وتسعين سنة. 238- محمد بْن نَصْر بْن عَيْشون الأندلسيّ1: روى عَنْ: محمد بْن وضّاح الحافظ. 239- محمد بْن يوسف بْن الصّدّيق. أبو جعفر الكَرْمِينيّ. روى عَنْ: سَعِيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن عيسى التِّرْمِذيّ. وعنه: جعفر بْن محمد بْن مكي.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 36" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "93" للحميدي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 363 "حرف النون": 240- النُّعْمان بْن أحمد بْن نُعَيْم1: أبو الطَّيِّب الواسطيّ، القاضي. عَنْ: إِسْحَاق بْن شاهين، ومحمد بن حرب النَّسائيّ، وأحمد بْن سِنان. وعنه: أبو بَكْر الأَبْهَريّ، وابن شاذان، وعُمَر بْن شاهين. وثّقه الخطيب وورَّخه. "حرف الياء": 241- يحيى بْن زكريّا بْن سليمان بْن فِطْر2: أبو زكريّا القُرْطُبيّ. سمع من: ابن وضّاح، ويوسف بْن يحيى المَغَامِيّ ورحل، فسمع من: عليّ بْن عَبْد العزيز البَغَويّ، وأبو مُسْلِم الكشّيّ. وكان فقيهًا مُفْتِيًا مشاوَرًا، معظَّمًا بين الخاصّة والعامّة. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 242- يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمارة الغُوطيّ الدّقانيّ3: سمع: شُعْبَة بْن إِسْحَاق، وأبا إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الرَّبَعِيّ. 243- يحيى بْن يحيى القُرْطُبيّ4. الأديب المعتزليّ المتكلّم المعروف ابن السّمينة كَانَ بارعًا في الطّبّ، والحساب، واللّغة، والشِّعْر، والنَّحْو، قادرًا عَلَى الْجَدَل والمناظرة. ذكره صاعد بْن أحمد في "طبقات الأمم".   1 تاريخ بغداد "13/ 424"، "7299". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 188، 189"، لابن الفرضي. 3 معجم البلدان "2/ 458"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "197، 198". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 188" لابن الفرضي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 364 244- يوسف بْن عَبْد الأحد بْن سُفْيَان القِمّنيّ1: وقِمَّن: من قُرى مصر. تُوُفّي بها في رجب. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. وعنه: محمد بْن الحُسين الإِبَرِيّ، وابن المقرئ، وغيرهما. ولا أعلم به بأسًا. وفيات سنة ست عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 245- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سيف2: أبو بَكْر السِّجِسْتانيّ الفارض. خليفة أَبِي عُمَر القاضي. سمع: عُمَر بْن شَبَّة، ويونس بْن عَبْد الأعلى. وعنه: دَعْلَج، وابن شاهين، والمخلص. وثّقه الخطيب. مات فِي جُمَادَى الأولى. 246- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد: أبو بَكْر النَّيْسابوريّ. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن يحيى. وعنه: أبو عليّ الماسَرْجسيّ، وغيره. 247- أحمد بْن نصر البغدادي: أبو حازم القاضي.   1 الأنساب "10/ 226"، ومعجم البلدان "4/ 177". 2 تاريخ جرجان "44"، وتاريخ بغداد "4/ 225، 226". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 365 سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، وأبا حفص الفلّاس. وعنه: عمر بن شاهين، ومحمد ابن زوج الحرّة. وكان ثقة. 248- أحمد بْن هشام بن عمّار بْن نُصَيْر السُّلَميّ1: أبو عبد الله الدّمشقيّ. قرأ القرآن عَلَى أَبِيهِ، وحدَّث عَنْهُ. روى عَنْهُ: أبو هاشم عَبْد الجبار المؤدِّب، والطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. "حرف الباء": 249- بُنان بْن محمد بْن حَمْدان بْن سَعِيد الواسطيّ2: أبو الحَسَن الزّاهد الكبير. ويُعرف ببُنان الحمّال. نزيل مصر. كَانَ ذا منزلة عند الخاصّ والعامّ، وكانوا يضربون بعبادته المثل. وكان لَا يقبل مِن السّلاطين شيئًا. حدَّثَ عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وحميد بن الربيع. روى عنه: الحسن بن رشيق، والزُّبَير بْن عَبْد الواحد، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. ووثقه أبو سعيد بن يونس. صحب الجنيد، وغيره. وهو أستاذ أبي الحسين النوري ومن أقرانه. ومن كلامه: متى يفلح من يسره ما يضره. وقال: رؤية الأسباب على الدوام قاطعه عَنْ مشاهدة المسبب، والإعراض عَنِ الأسباب جملةً يؤدي بصاحبه إلى ركوب الباطل.   1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" 3/ 523، 42/ 556". 2 حلية الأولياء "10/ 324، 325"، وصفة الصفوة "1/ 448-450". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 366 قَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ في "مِحَن الصُّوفيّة" إنّ بُنانًا الحمّال قام إلى وزير خِمَارُوَيْه فأنزله عَنْ دابّته، وكان نصرانيًّا، وقال: لا تركب الخيل، وغير كما هُوَ مأخوذ عليكم في ذمتكم. فأمَر خِمَارُوَيْه بأن يؤخذ ويُطرح بين يدي سَبُعٍ، فطُرِح، فبقي ليلة، ثم جاؤوا والسَّبُع يلْحسه. فلمّا أصبحوا وجده قاعدًا مستقبل القِبْلة، والسَّبْع بين يديه. فأطلقه واعتذر إِلَيْهِ. وقال الحُسين بْن أحمد الرّازيّ: سَمِعْتُ أبا عليّ الرُّوذَبَاريّ يَقُولُ: كَانَ سبب دخولي مصر حكاية بنان الحمّال، وذاك أَنَّهُ أمر ابن طولون بالمعروف، فأمر أنّ يُلقى بين يدي السَّبُع، فجعل يشمّه ولا يضرّه. فلمّا خرج من بين يدي السَّبُع قِيلَ لَهُ: ما الّذي كَانَ في قلبك حيث شمّك؟ قَالَ: كنت أفكّر في سُؤر السِّباع ولُعابها. ثمّ ضُرِب سبْع دِرَر، فقال لَهُ: حسبك اللَّه بكلّ دِرَّة سنة. فحُبس ابن طولون سبْع سنين. وذكر إبراهيم بْن عَبْد الرَّحْمَن أنّ القاضي أبا عُبَيْد اللَّه احتال عَلَى بُنان حتّى ضربه سبْع دِرَر فقال: حسبك اللَّه بكل دِرَّةٍ سنة. فحبَسه ابن طولون سبْع سِنِين. وقال الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد: سَمِعْتُ بُنانًا يَقُولُ: الحرُّ عبدُ ما طَمِع، والعبدُ حُرٌّ ما قَنَع. ويُروى أَنَّهُ كَانَ لرجل عَلَى رجلٍ دَيْن مائة دينار بوثيقة، قَالَ: فطلبها الرجلُ فلم يجدها، فجاء إلى بُنان ليدعو لَهُ، فقال: أَنَا رجلٌ قد كبِرْت وأحبّ الحلْواء. اذهب إلى عند دار فرج فاشتر لي رِطْل حلْواء، وأتِ بهِ حتّى أدعو لك. ففعل الرجل وجاء. فقال بُنان: افتح ورقة الحلْواء. ففتحها فإذا هِيَ الوثيقة. فقال: هذه وثيقتي. قَالَ: خُذها، وأطْعِم الحلْواء صبيانك. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي في رمضان، وخرج في جنازته أكثر أهل مصر. وكان شيئًا عجبًا. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 367 "حرف الحاء": 250- الحُسين بْن محمد بْن مُصْعَب السِّنْجيّ الإسكاف1: سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، ومحمد بن الوليد البُسْريّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع المُرَاديّ. وعنه: أبو حاتم بْن حِبّان، وزاهر السَّرْخَسيّ. وتُوُفّي في رجب. "حرف الدال": 251- دَاوُد بْن الهَيْثَم بْن إِسْحَاق بْن بُهْلُولِ بْن حسّان الأنباريّ2. أبو سعْد: سمع: جَدّه إِسْحَاق، وعُمَر بْن شَبَّة، وزياد بْن يحيى الحساني. وعنه: طلحة بْن محمد، ومحمد بن المظفّر، وأحمد بْن إِسْحَاق الأزرق. وكان فصيحًا نَحْويًا لُغَوِيًّا بارعًا مصنِّفًا، حَسَن المعرفة باستخراج المُعَمَّى. أخذ عَنْ: ثعلب، وغيره. وسمع الخليفةُ المتوكّل بقراءة هذا على جده "فضائل العبّاس". وُلِد سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. "حرف الزاي": 252- الزُّبَيْر بْن محمد بْن أحمد البغداديّ3: أبو عبد الله الحافظ. سمع: أبا ميسرة النَّهَاوَنْديّ، وعبّاسًا الدُّوريّ، وجماعة. عَنْهُ: الطَّسْتيّ، والطَّبَرانيّ، وعليّ بْن الحَسَن الحراجيّ، وأبو حفص بن شاهين. وكان ثقة.   1 تقدمت ترجمته من هذا الجزء برقم "203". 2 تاريخ بغداد "8/ 379، 380"، والمنتظم "6/ 217"، والنجوم الزاهرة "3/ 221". 3 المعجم الصغير "1/ 167"، والمنتظم "6/ 218". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 368 253- - زيد بْن عَبْد العزيز بْن حِبّان: أبو جَابِر المَوْصِليّ. سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن عَبْد الله بن عمار، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ. وعنه: ابن المقرئ، وعليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن طَوْق. سمعنا من طريقه "مُسْنِد المعافي بْن عِمران". "حرف الصاد": 254- صالح بْن أَبِي مقاتل أحمد بْن يونس البغداديّ القِيراطيّ1: أبو الحسين البزّاز. سمع: محمد بْن معاوية بْن مالج، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بن يحيى بْن أَبِي حَزم القطعيّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بْن الصّوَّاف، وابن المظفّر، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان. وكان حافظًا كثير المناكير. وقال السُّلَميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ عَنْهُ، فقال: كذاب. "حرف العين": 255- عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد سليمان بْن الأشعث بْن إِسْحَاق بْن بشير2: أبو بَكْر الْأَزْدِيّ السِّجِسْتانيّ الحافظ. وُلِد بسِجِسْتان، ونشأ بنَيْسابور وبغداد. وسمع بهما، وبالحرمين، ومصر، والشام، والثُّغور، والعراق. سمع: أحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وعيسى بْن حماد، وأبا الطاهر بن السرح،   1 الضعفاء والمتروكين للدارقطني "107"، وتاريخ بغداد "9/ 329"، والميزان "2/ 287". 2 تاريخ جرجان "164، 258"، والعبر "2/ 164، 165"، والميزان "2/ 433-436". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 369 وإِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن أسلم، وعليّ بْن خَشْرَم. وَسَلَمَةَ بْن شبيب، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ، والمسيب بْن واضح، وأبا سَعِيد الأشجّ، وأُمَمًا سواهم. روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وأبو بَكْر بْن مجاهد، ودَعْلَج، ومحمد بن المظفّر، والدارقطني، وأبو عُمَر بْن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، وأبو بكر الورّاق، وأبو الحُسين بْن سَمْعُون، وأبو أحمد الحاكم، وأبو القاسم بْن حَبَابَة، وأبو طاهر المخلّص، وعيسى بْن الجرّاح، ومحمد بن زُنْبُور، وأبو مُسْلِم الكاتب، وخلْق كثير. وُلِد سنة ثلاثين ومائتين؛ وقال: رأيتُ جنازة إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه سنة ثمان وثلاثين. وأوّل ما سَمِعْتُ من محمد بْن أسلم الطُّوسيّ في سنة إحدى وأربعين، وكان بطُوس، وكان رجلًا صالحًا، فسُرَّ أَبِي لمّا كتبت عَنْهُ، وقال: أوّل ما كتبت عَنْ رَجُلٍ صالح. وقال: دخلت الكوفة ومعي درهم واحد، فاشتريت بهِ ثلاثين مُدّ باقِلّاء، فكنتُ آكل منه مدًّا، وأكتب عَنِ الأشجّ ألف حديث، فكتبتُ عَنْهُ في الشّهر ثلاثين ألف حديث، ما بين مقطوع ومُرسل. وقال أبو بَكْر بْن شاذان: قدِم ابن أَبِي دَاوُد سِجِسْتان، فسألوه أنّ يحدِّثهم فقال: ما معي أصْل. فقالوا: ابن أَبِي دَاوُد وأصول؟! قَالَ: فأثاروني، فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي. فلمّا قدِمْتُ بغداد قَالَ البغداديون: مضى ابن أَبِي دَاوُد إلي سِجِسْتان ولِعبَ بالنّاس. ثمّ فيَّجُوا فَيْجًا أكثروه بستة دينانير إلى سِجِسْتان ليكتب لهم النّسخة. فكتبت لهم وجيء بها، وعرضت على الحفاظ، فخطؤني في ستة أحاديث منها، حدَّثتُ بها كما حُدِّثت، وثلاثة أخطأت فيها. رواها الخطيب عَنْ أَبِي القاسم الأزهريّ، عَنِ ابن شاذان. ورواها غير الازهريّ، عَنِ ابن شاذان، فذكر أنّ ذَلِكَ الإملاء كَانَ بإصبهان. وكذا روى أبو عليّ النَّيْسابوريّ، عَنِ ابن أَبِي دَاوُد، وهو المعروف، فكأنّ الأزهري غلط وقال: سِجِسْتان، عِوَض إصبهان. وقال الخطيب: سمعتُ أبا محمد الخلّال يَقُولُ: كَانَ أبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد أحفظ من أَبِيهِ. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 370 وقال أبو القاسم بْن النّحّاس: سَمِعْتُ ابن أَبِي دَاوُد يَقُولُ: رأيت أبا هُرَيْرَةَ في النَّوم، وأنا بسِجِسْتان أصنِّف حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، كثّ اللّحْية، رَبْعَةٌ أسمر، عَلَيْهِ ثياب غِلاظ. فقلت: إنّي لاحبّك يا أبا هُرَيْرَةَ. فقال: أنا أول صاحب حديثٍ كَانَ في الدّنيا. فقلت: كم من رجلٍ أسندَ عَنْ أَبِي صالح، عنك؟ قَالَ: مائة رَجُل. قَالَ ابن أَبِي دَاوُد: فنظرتُ فإذا عندي نحوها. وقال صالح بْن أحمد الهَمْدانيّ: الحافظ أبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد إمام العراق ومَن نصب لَهُ السّلطان المنبر. وقد كَانَ في وقته بالعراق مشايخ أسند منه، ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هُوَ. وقال أبو ذرّ الهَرَوِيّ: ثنا أبو حفص بْن شاهين قَالَ: أملى علينا ابن أَبِي دَاوُد زمانًا ما رأيت بيده كتابًا، إنّما كَانَ يُملي حفظًا. وكان يقعد عَلَى المنبر بعد ما عمي، ويقعد تحته بدرجة ابنه أبو مَعْمَر، وبيده كتاب يَقُولُ لَهُ: حديث كذا. فيسرد من حفظه حتّى يأتي عَلَى المجلس. وقرأ علينا يومًا حديث القنوت من حفظه، فقام أبو تمام الزينبي وقال: لله درك، ما رأيت مثلك إلّا أنّ يكون إبراهيم الحربيّ. فقال: كلّ ما كَانَ يحفظ إبراهيم أَنَا أحفظه، وأنا أعرف النُّجوم وما كَانَ يعرفها. وقال ابن شاهين: لما أراد علي بن عيسى الوزير أنّ يُصلح بين ابن صاعد وابن أبي دَاوُد جمعهما عنده، وحضر أبو عُمَر القاضي، فقال الوزير: يا أبا بَكْر، أبو محمد أكبر منك، فلو قمتَ إِلَيْهِ. فقال: لَا أفعل. فقال يعني الوزير: أنت شيخ زيف. فقال ابن أبي دَاوُد: الشَّيْخ الزّيف الكذّاب عَلَى رسول اللَّه. فقال الوزير: مَن الكذابُ عَلَى رسول اللَّه؟ قَالَ: هذا. ثمّ قام وقال: تتوهّم أنّي أذلُّ لك لأجل أنّ رزقي يصلُ إليَّ عَلَى يديك. واللَّه لَا أخذتُ من يدك شيئًا أبدًا. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 371 فكان المقتدر يزن رزقه بيده، ويبعث بهِ في طبقٍ عَلَى يد الخادم. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: أَلْقِ عَلَيَّ حَدِيثًا غَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ. فَأَلْقَى عَلَيَّ هَذَا، يَعْنِي حَدِيثَ مَالِكٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَسْمَاءَ: "لا تُحْصِي فيُحْصِي اللَّهُ عَلَيْكَ" 1. ألقاهُ عليَّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن شَيْبة المَدِينيّ، وهو ضعيف. فقلت لَهُ: تحبّ أنّ تكتبه عنّي، عَنْ أحمد بْن صالح، عَنْ عَبْد اللَّه بْن نافع، عَنْ مالك؟. فغضب وشكاني إلى أَبِي وقال: أنظر ما يَقُولُ لي أبو بَكْر. قَالَ يوسف بْن الحَسَن الزّنْجانيّ التَّفَكُّريّ: سَمِعْتُ الحَسَن بْن عليّ بْن بُنْدار الزّنْجانيّ يَقُولُ: كَانَ أحمد بْن صالح يمتنع عَلَى المُرْد من التّحديث تورُّعًا. وكان أبو دَاوُد يسمع منه، وكان لَهُ ابنٌ أمرد، فاحتال بأن شدَّ عَلَى وجهه قطعةً من الشَّعْر، ثمّ أحضره وسمع. فأُخبر الشَّيْخ بذلك فقال: أَمِثْلي يُعمل معه هذا؟ فقال أبو دَاوُد: لَا تُنكر عليّ، واجمع ابني مَعَ شيوخ الرُّوَاة، فإن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمْه السَّماع. هذه حكاية منقطعة. وقال السُّلَميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ عَنِ ابن أَبِي دَاوُد، فقال: ثقة، كثير الخطأ في الكلام عَلَى الحديث2. وقال أبو نُعَيْم الحافظ: تُوُفّي محمد بْن عَبْد اللَّه بْن حفص الهَمْدانيّ سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. حدَّثَ عَنْ صالح بْن مِهْران، والنّاس. عُرِضَ عَلَيْهِ قضاء إصبهان فهربَ إلى قَاشان، وهو سِبْط أمير إصبهان خَالِد بْن الأزهر، وهو السّاعي في خلاص عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد لمّا أمر أبو ليلى الحارث بْن عَبْد العزيز الأمير بضرب عُنقه لما تَقَوَّلُوا عَلَيْهِ. وذلك أَنَّهُ حسده جماعةٌ لمّا قدِم إصبهان، لتبحُّره في الحفظ، وأجرى يومًا في مذاكرته ما قالته النّاحبة في عليّ، فنسبوا إِلَيْهِ الحكاية، وتقولوا عليه، وأقاموا بعض   1 صحيح: أخرجه البخاري "1434"، ومسلم "1029"، والنسائي "5/ 73". 2 تاريخ بغداد "9/ 468". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 372 العلويّة خصْمًا، فاحضروه مجلسَ أَبِي ليلى، وأقاموا عَلَيْهِ الشهادة فيما ذكر محمد بْن يحيى بن منده، وأحمد بن علي بن الجارود، ومحمد بن العبّاس الأخرم، فأمر بقتله، فاتصل الخبر بمحمد بْن عَبْد اللَّه، فأتى وجرّحَ الشّهود، ونسبَ ابنَ مَنْدَه إلى العقوق لوالديه، ونسب ابن الجارود إلى أنه يأكل الرِّبا ويوكله النّاس، ونَسب الآخر إلى أَنَّهُ مُفْتَر غير صدوق. وأخذ بيد ابن أَبِي دَاوُد فأخرجه وخلصه من القتل، فكان يدعو لَهُ طولَ حياته، ويدعو عَلَى الذين شهِدوا لَهُ. فاستجيب لَهُ فيهم، فمنهم من احترق، ومنهم من خلط وفقد عقله1. قلت: وقُتِل أبو ليلى الأمير في سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. قَالَ أبو الشَّيْخ: رأيتُ يُدار برأسه. وقال أحمد بْن يوسف الأزرق: سَمِعْتُ ابن أَبِي دَاوُد غير مرّة يَقُولُ: كُلّ من بيني وبينه شيء فهو في حِلّ، إلّا من رماني ببُغْض عليّ رضى الله عنه. قَالَ ابن عديّ: سَمِعْتُ عليّ بْن عَبْد اللَّه الدّاهريّ: سألت ابن أَبِي دَاوُد عَنْ حديث الطير، فقال: إن صح حديث الطير فُنبوة النَّبِيّ صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باطل؛ لأنه حكي عَنْ حاجب النَّبِيّ صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعني أنس، خيانة، وحاجب النَّبِيّ لَا يكون خائنًا. قَالَ: وَسَمِعْتُ محمد بْنَ الضَّحَّاكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ يَقُولُ: أَشْهَدُ عَلَى محمد بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي داود بين يدي الله أَنَّهُ قَالَ: رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَتْ حَفِيَتْ أَظَافِيرُ عَلِيٍّ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يَتَسَلَّقُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. قَالَ الذَّهبيّ: هذه حكايةٌ باطلة، لعلّها من كذب النّواصب، قبحّهم اللَّه. وقال ابن عديّ: لولا أنّا شَرَطْنا أنّ كلّ من تكلّم فيه ذكرناه لما ذكرتُ ابن أَبِي دَاوُد، وقد تكلَّم فيه أَبُوهُ وإبراهيم الإصبهانيّ، يعني ابن أُورمه. ونُسِب في الابتداء إلى شيء من النصب، ونفاه ابن الفُرات من بغداد إلى واسط، وردّه عليّ بْن عيسى. وحدَّثَ وأظهر فضائل عليّ، ثمّ تحَنْبل، فصار شيخًا فيهم وهو مقبول عند أصحاب   1 راجع: ذكر أخبار أصبهان "2/ 210، 211". 2 راجع قول ابن عدي في الكامل "4/ 1577"، وفي ذكر أخبار أصبهان "2/ 211" في ترجمة "مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 373 الحديث. وأمّا كلام أَبِيهِ فيه فلا أدري إيش تبيَّن لَهُ منه. وسمعتُ عَبْدان يَقُولُ: سَمِعْتُ أبا دَاوُد السِّجِسْتانيّ يَقُولُ: ومن البلاء أنّ عَبْد اللَّه يطلب القضاء. وسمعتُ عليّ بْن عَبْد اللَّه الداهري يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بْن أحمد بْن عَمْرو: يَقُولُ: ابني عَبْد اللَّه كذاب1. قَالَ ابن عديّ: وكان ابن صاعد يَقُولُ: كفانا ما قَالَ أَبُوهُ فيه. وقال محمد بْن عَبْد اللَّه القطّان: كنت عند محمد بن جرير الطبري فقال لَهُ رَجُل: إنّ ابن أَبِي دَاوُد يقرأ عَلَى النّاس فضائل عليّ، فقال: تكبيرة من حارس. قلتُ: لَا يسمع قول ابن صاعد، ولا قول ابن جرير في عَبْد اللَّه؛ لأنّه كَانَ معاديهما، وبينهم شَنَآن. ولعلّ قول أَبِي دَاوُد لَا يصحّ سَنَدُه، أو كذاب في غير الحديث. وقال محمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير: إنّه كَانَ زاهدًا ناسكًا، صلى عليه نحو ثلاثمائة ألف إنسان وأكثر. وتُوُفّي في ذي الحجة. وقال عَبْد الأعلى ابنه: خَلَف أَبِي أبا داود محمدًا، وأنا، وأبا مَعْمَر عُبَيْد اللَّه، وخمس بنات. وتُوُفّي أَبِي وله ستٍّ وثمانون سنة وأشهر. وصُلّيَ عَلَيْهِ ثمانين مرة2. 256- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُمَر: أَبُو محمد القَنْطريّ النَّيْسابوريّ. قد سمع: أحمد بْن حفص بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ. روى عَنْهُ: أبو عليّ الحافظ، والمشايخ. 257- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن الفَرَج3. أبو الحَسَن الزَّطَّنّي، نزيل مكة. سمع: بحر بن نصر الخولاني. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وغيره.   1 انظر المصدر السابق. 2 تاريخ بغداد "9/ 468". 3 الأنساب "5/ 277". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 374 258- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حُرَيْث: أبو أحمد الْبُخَارِيّ. سمع من: جَدّه حُرَيْث بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسعيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب. وعنه: ابنه حُرَيْث، وغيره. 259- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن زُهَيْر1: أبو سَعِيد الْقُرَشِيّ الْجُرْجانيّ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وسَعْدان بْن نَصْر، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، ومحمد بن زياد بن معروف، ومحمد بن الجنيد الجرجاني، وطائفة كبيرة. روى عنه: ابن عدي، والإسماعيلي، وغيرهما. 260- علي بن محمد البجلي الإفريقي: روى عَنْ: أَبِي إبراهيم المُزَنيّ. تُوُفّي بالقيروان. 261- عُمَر بْن حفص بْن غالب الثَّقْفيّ الصّابونيّ2: أبو حفص القُرْطُبيّ، عرف بابن أَبِي تمّام. سمع في رحلته سنة ستين: محمد بن عزيز الأَيْليّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وأخاه سعدًا، وأحمد بْن البَرْقيّ، وبحر بْن نَصْر، وإبراهيم بْن مرزوق، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ. وكان فقيهًا ثبتًا. سمع منه النّاس كثيرًا. وروى عَنْهُ: عَبْد اللَّه ابن أخي ربيع، ووهب بن مسرة، وآخرون.   1 تاريخ جرجان للسهمي "418". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 321، 322"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "300، 301" للحميدي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 375 "حرف القاف": 262- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن الأنباريّ1: عَنْ: يعقوب الدَّوْرقيّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ. وعنه: ابن المظفّر، وطلحة الشاهد. وثّقه الخطيب. 263- قُتَيْبة بْن أحمد بْن شُرَيْح2: أبو حفص الْبُخَارِيّ القاصّ، صاحب "التّفسير". سكن نَسَف وحدَّث عَنْ: سَعِيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، وأبي يحيى بْن أبي مسرة. سمَع منه: نَصوح بْن واصل. كَانَ شيعيًّا. "حرف الميم": 264- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن زياد3: أبو الفضل النَّيْسابوريّ الزّوْرَابَذِيّ. سمع: الذُّهْليّ، وأبا سَعِيد الأشج، وهارون بْن إِسْحَاق. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة. 265- محمد بْن أحمد بْن سُليمان بْن بُرْدة: أبو بَكْر الْمَصْرِيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. 266- محمد بْن جعفر بْن محمد بن ثوابة4:   1 تاريخ بغداد "12/ 437". 2 هدية العارفين "1/ 835"، ومعجم المؤلفين "8/ 127". 3 الأنساب "6/ 320"، ومعجم البلدان "3/ 157". 4 معجم الأدباء "8/ 96-98"، "19". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 376 أبو الحَسَن بْن أَبِي الحُسين الكاتب. من البُلَغاء. كَانَ صاحب ديوان الإنشاء. مات في شوّال سنة 316. 267- محمد بْن جعفر بْن محمد بْن المهلب1: أبو الطَّيِّب الدِّيباجيّ. سمع: يعقوب، الدَّوْرقيّ، وأحمد بْن المِقْدام. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، ومحمد بن المظفّر. وثّقه الخطيب. 268- محمد بْن حامد بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ2: مولاهم الدّمشقيّ. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وأبا حفص الفلّاس، ونصر بْن عليّ. وعنه: أبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، والرَّبَعيّ، وابن المقرئ، وأبو هاشم المؤدِّب. قَالَ أبو أحمد الحاكم: فيه نظر. 269- محمد بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن حفص الهَمْدانيّ الإصبهانيّ3: أبو بَكْر الْمُعَدَّلُ. سمع: أحمد بْن عصام، وأسيد بْن عاصم، وسهل بْن الفَرُّخان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن محمد بْن جِشْنِس، والطَّبَرانيّ، وعَبْد اللَّه بْن محمد بن الحجاج.   1 تاريخ بغداد "2/ 135"، والمنتظم "6/ 219". 2 مختصر تاريخ دمشق "22/ 78، 79". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 264". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 377 270- محمد بْن الحُسين بْن حفص1: أبو بَكْر الكاتب. بغداديّ مشهور. حدَّثَ في هذه السنة بمجلس ابن صاعد. روى عَنْ: محمد بْن سِنان القزّاز، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ. 271 - محمد بْن خُرَيْم بْن محمد بْن عَبْد الملك بْن مروان2: أبو بَكْر العُقَيْليّ الدّمشقيّ. سمع: هشام بْن دَاوُد، ودُحَيْمًا، وأحمد بْن أَبِي الحواري، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بْن عُتْبة بْن مكين، وحُمَيْد بْن الحَسَن الورّاق، ومحمد بن موسى السِّمسار، وعليّ بن الحسين الأنطاكي، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وخلْق آخرهم عَبْد الوهّاب الكلابيّ. تُوُفّي لست بقين من جُمَادَى الآخرة. وهو صدوق مشهور. 272- محمد بْن السَّرِيّ البغداديّ النَّحْويّ3: أبو بَكْر السّرّاج، صاحب المبرد. لَهُ كتاب "الأصول في العربية" وهو مصنف نفيس، وكتاب "شرح سِيبَوَيْه"، وكتاب "احتجاج الفَرّاء"، وكتاب "الهواء والنار"، وكتاب "الْجُمل"، وكتاب "الموجز"، وكتاب "الاشتقاق"، وكتاب "الشِّعْر والشعراء". وكان يلثغ بالرّاء غَيْنًا. أخذ عَنْهُ: أبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن الزجاجي، وأبو سَعِيد السِّيرافيّ، وعليّ بْن عيسى الرُّمّانيّ، وغيرهم.   1 تاريخ بغداد "2/ 235"، "691". 2 تاريخ جرجان "281، 426"، والنجوم الزاهرة "3/ 222"، وشذرات الذهب "2/ 273". 3 طبقات النحويين واللغويين "112-114"، والمنتظم "6/ 220"، والبداية "11/ 157". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 378 وثّقه الخطيب. وكان أديبًا شاعرًا، إمامًا في النَّحْو، مقبلًا عَلَى الطرب والموسيقى، وعشق ابن يانس المغني وغيره؛ لَهُ أخبار وهنات. تُوُفّي في ذي الحجة ببغداد، ولم يخلق في النَّحْو مثله. مات كهلًا، واللَّه يغفر لَهُ ويرحمه. 273- محمد بْن عقيل بْن الأزهر بْن عقيل1: أبو عبد الله البلْخيّ الحافظ. محدث بلخ وعالمها. صنف "المسند"، "والتاريخ"، و"الأبواب"، ورحل، وسمع: عليّ بْن خَشْرَم، وحُم بن نوح، وعُبّاد بْن الوليد الغَبْريّ، وعلي بن أشكاب، وجماعة. وعنه: محمد بن عبد الله الهندواني، وعبد الرحمن بن أبي شريح، وطائفة. تُوُفي فِي شوّال. 274- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الربيع بْن سليمان المرادي: عن: جده. مات فجأة. روى عنه: ابن يونس وكناه أبا إسماعيل. 275- محمد بن معاذ بن الفرة الماليني2: أبو جعفر الهروي. روى عَنْ: الحُسين بْن الحَسَن المَرْوَزِيّ، ومحمد بن مقاتل الرّازيّ الفقيه، وأبي دَاوُد السِّنْجيّ، وأحمد بْن حكيم، ومحمد بن حفص بْن ميسرة الهَرَوِيّ. وعنه: أحمد بْن بشر المُزَنيّ، ومحمد بن محمد بْن داود التاجر.   1 تاريخ جرجان "406"، والعبر "2/ 165"، والبداية والنهاية "11/ 159"، والنجوم الزاهرة "3/ 222". 2 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 527"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 112". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 379 روى عنه أنه قال سنة ثلاثمائة: إنّه في ثمانين سنة. تُوُفّي في رجب. وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد اللَّه بْن يحيى الطّلْحيّ، وأبو بَكْر المفيد، وزاهر بْن أحمد، والخليل بْن أحمد. "حرف النون": 276- نَصْر بْن الفتح بْن يزيد1: أبو منصور العَتَكيّ السَّمَرْقَنْديّ الفاميّ. سمع: رجاء بْن مرجا، وأبا محمد الدّارميّ، وجماعة. وله رحلة إلى العراق. "حرف الياء": 277- إلياس بْن رجاء النَّيْسابوريّ: أبو إِسْحَاق الدّهّان. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد زاج. وعنه: أبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وعبد اللَّه بْن سعْد، وغيرهما. 278- يعقوب بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن يزيد2: أبو عَوَانة النَّيْسابوريّ، ثمّ الإسفرائينّي الحافظ. صاحب "المُسْنَد الصحيح" المخرَّج عَلَى "كتاب مُسْلِم". سمع بخُراسان، والعراق، والحجاز، واليمن، والشّام، والثُّغُور، والجزيرة، وفارس، وإصبهان، ومصر. سمع: محمد بْن يحيى، ومسلم بْن الحَجّاج، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وعُمَر بْن شَبَّة، وأحمد ابن أخي ابن وهْب، وشُعَيب بْن عَمْرو الضُّبَعيّ، وعليّ بن حرب،   1 تاريخ جرجان "123" للسهمي. 2 التقييد لابن النقطة "493، 494"، ووفيات الأعيان "6/ 393، 394"، والبداية والنهاية "11/ 159". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 380 وعليّ بْن أشكاب، وسَعْدان بْن نَصْر، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، والربيع المُرَاديّ، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وخلقًا سواهم. وعنه: أحمد بْن عليّ الرّازيّ الحافظ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، ويحيى بْن منصور، وعبد اللَّه بْن عديّ، والطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، وحُسَيْنَك بْن عليّ التَّميميّ، وابنه أبو مُصْعَب محمد بْن يعقوب. وآخر من روى عَنْهُ ابن ابن أخته أبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن الحَسَن الإسفرائينيّ، ودَخَلَ دمشق مرات. قَالَ الحاكم: وأبو عَوَانة من علماء الحديث وأثباتهم. سَمِعْتُ ابنه محمد يقول: إنّه تُوُفّي سنة ستٍّ عشرة. وقال غيره: عَلَى قبر أَبِي عَوَانة مشهد بإسفرائين يُزار، وهو بداخل البلد، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. وكان أول من أدخل مذهب الشّافعيّ وتصانيفه إلى إسفرائين. أخذ ذَلِكَ عَنْ: إبراهيم المُزَنيّ، والربيع. وفيات سنة سبع عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 279- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن حاجب: أبو سَعِيد النَّيْسابوريّ الحاجب، المعروف بحمدان. سمع: محمد بْن يحيى، وأحمد بْن منصور زاج، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر، وأبا الأزهر. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وجماعة. محلّه الصِّدْق. 280- أحمد بْن جعفر بْن محمد بْن سَعِيد الإصبهانيّ1. أبو حامد الأشعريّ. لَهُ إلى العراق بضع عشرة رحلة، كأنه كان تاجرًا.   1 تاريخ بغداد "5/ 65"، "1685". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 381 روى عَنْ: إبراهيم بْن سَلْم، والمنذر بْن الوليد. وعنه: محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، والحسن بن إسحاق، ونسبه أبو الشيخ إلى الضعف. ويقال له: الملحمي. أدرك لوينا. أخذ عنه أيضا: أبو إسحاق بن حمزة. وقال ابن مردويه في تاريخه: كان يدعي ما لم يسمعه. ثم ورخ وفاته. 281- أحمد بن الحسن بن العباس بن شقير البغدادي1: أبو بكر النحوي. روى عَنْ أحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح تصانيف الواقديّ. وعنه: إبراهيم الخِرَقيّ، وأبو بَكْر بْن شاذان. 282- أحمد بْن الحُسين2: أبو سَعِيد البَرْذَعيّ. شيخ الحنفيّة ببغداد. أخذ عَنْ: أَبِي عليّ الدّقّاق، وموسى بْن نَصْر. وكان فقيهًا مناظرًا، بارعًا، إلّا أَنَّهُ كَانَ معتزليًا. تفقه بهِ: أبو الحَسَن الكَرْخيّ، وأبو عَمْرو الطَّبَريّ، وأبو طاهر الدَّبّاس، وغيرهم. ناظر مرّةً دَاوُد الظّاهريّ فقطعَ دَاوُد. قُتِل مَعَ الحاجّ شهيدًا إنّ شاء اللَّه، واللَّه أعلم بِطَوِيَّتهِ، في عشر ذي الحجّة بمكة. وقتلت القرامطة حولَ البيت خلائق، واقتلعوا الحجر الأسود وأخذوه، فبقي عندهم بالبادية سِنين عديدة. 283- أحمد بن عقيل بن الأزهر البلخي3:   1 تاريخ بغداد "4/ 89"، والكامل في التاريخ "8/ 215". 2 تاريخ بغداد 4/ 99"، ومرآة الجنان "2/ 274"، والعبر "2/ 168". 3 مشايخ بلخ في الحنفية "1/ 69، 147". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 382 أبو الفضل، أخو محمد بْن عقيل. فِي شَعْبان. 284- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حفص بْن سَلْم بْن يزيد النَّيْسابوريّ1: أبو عمرو الحِيّريّ. شيخ العدالة بنَيْسابور، وسبط أحمد بْن عَمْرو الحَرَشِيّ. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، وعيسى بْن أحمد البلْخيّ، وموسى بْن نَصْر، وأبا زُرْعة، ومحمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ، والرَّماديّ، وبحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ صادفه في الحجّ وطائفة سواهم. سمع منه: أحمد بْن المبارك المستملي أحد شيوخه، وأبو عليّ الحافظ، ودَعْلَج، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، وآخرون آخرهم موتًا أبو الحُسين الخفّاف، ومحمد بن أحمد بْن عَبْدُوس. وكان من أهل الثّروة والجلالة بالبلد. تُوُفّي فِي ذي القعدة. 285- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن أَبِي خُمِيصَة2: أبو عبد الله الْمَكِّيّ. نزيل بغداد. هُوَ حَرَميّ بْن أَبِي العلاء، كاتب أَبِي عُمَر القاضي. روى عَنْ: الزُّبَيْر بْن بكّار كتاب "النَسَب". وروى عَنْ: محمد بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وغيره. وسيأتي في الحاء. 286- أحمد بْن محمد بْن إسماعيل3: أبو بكر الهيتي.   1 المنتظم "6/ 225"، والعبر "2/ 169"، وتذكرة الحفاظ "3/ 789، 799". 2 تاريخ بغداد "4/ 390، 391". 3 تاريخ بغداد "4/ 388". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 383 حدَّثَ في هذا العام ببغداد، عَنْ: يعيش بن الجهم، وابن عرفة، والزيادي. وعنه: الدارقطني، وأبو بَكْر بْن شاذان. وُثُّق. 287- أحمد بْن محمد بْن يحيى الرّازيّ: أبو العبّاس الشحام. ثقة، سمع: عن بْن عَبْد المؤمن الزَّعْفرانيّ، وسليمان بْن دَاوُد القزّاز. وعنه: جماعة. 288- أحمد بْن محمد بْن شبيب البغداديّ البزّاز: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة. سمع: عَبْد اللَّه بْن هشام الطُّوسيّ، وأبا حفص الفلّاس، ومحمد بن عَمْرو بْن حيان. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْهِ، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، ووثَّقه الدَّارَقُطْنيّ. وولد سنة ثلاثين. 289- أحمد بْن نُصَيْر بْن زياد1: أبو جعفر الهواري المالكيّ. أخذ عَنْ: ابن عبدوس، وابن سحنون، والمغامي. وكان حاذقًا بالمناظرة، عارفًا بالمذهب. عاش ثمانين سنة. 290- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الكُرَيْزيّ القاضي2: أبو محمد، من وُلِد الأمير عَبْد اللَّه بْن عامر بْن كُرَيْز ولي قضاء الديار المصرية   1 الديباج المذهَّب "34". 2 الولاة والقضاة "482، 532-536" للكندي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 384 بعد ابن عُبَيْد بْن حربَوَيْه، فحكم بها من صفر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. ولي سنة وشهرًا وعُزِلَ. وكان قليل العلم. وكان موته سنة سبْعٍ عشرة بحلب. 291- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن عمّار: أبو يعقوب الْأَنْصَارِيّ النَّيْسابوريّ. شيخ رئيس، وجيه، عدل. سمع: محمد بْن رافع، والكَوْسَج، وعُمَر بْن شَبَّة، وأبا زُرْعة الرّازيّ، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن عَبْدُوس، ومحمد بن شريك الإسفرائينيّ. "حرف الباء": 292- بدر بْن الهَيْثَم بْن خَلَف1: أبو القاسم الَّلخْمي الكوفي القاضي المعمَّر، نزيل بغداد. سمع: أبا كُرَيْب، وهارون بْن إِسْحَاق الهَمْدانيّ، وهشام بْن يونس، وعَمْرو بْن عَبْد اللَّه الأَوْديّ، وأبا سَعِيد الأشجّ. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعُمَر بْن شاهين، وعيسى ابن الوزير. وسمع الحديث وقد صار ابن أربعين سنة. قَالَ ابن شاهين: بلغني أَنَّهُ بلغ مائة وستّ عشرة سنة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: إنّه عاش مائةً وسبع عشرة سنة. قَالَ: وكان ثقة، نبيلًا. أدرك أبا نُعَيْم الفضل بْن دُكَيْن. قَالَ: ودخل عَلَى الوزير عليّ بْن عيسى فقال لَهُ: كم سِنّ القاضي؟ قَالَ: ما أدري، لكن ظهر بالكوفة أعجوبة، فركبت مَعَ أبي سنة خمس عشرة ومائتين؛ زاد   1 تاريخ جرجان "180"، والمنتظم "6/ 226"، والعبر"2/ 169". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 385 بعضهم فيها: فركبت مَعَ أَبِي إلى عامل المأمون؛ وركبت الآن إلى حضرة الوزير، وبين الركبتين مائة سنة. وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ: أَخْبَرَكَ الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد الْبَزَّازُ، ثنا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ إِمْلاءً قَالَ: قُرِئَ عَلَى بَدْرِ بْنِ الْهَيْثَمِ وَأَنَا أَسْمَعُ: حَدَّثَكُمْ أَبُو كُرَيْبٍ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إن فِي الْجَنَّةِ سُوقًا مَا فِيهَا بَيْعٌ وَلا شِرَاءٌ إِلا الصُّوَرَ مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ. فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا"1. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ لَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بَدْرٌ: هَذَا الْحَدِيثُ رَفَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ. وَثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا محمد بْنُ فُضَيْلٍ مَوْقُوفًا. تُوُفّي في شوّال. وهو ممّن جزمتُ بأنه جاوز المائة. "حرف الجيم": 293- جعفر بْن أحمد بْن عَمْرو النَّيْسابوريّ: أبو محمد جعفرك الغازي، أستاذ أَبِي بَكْر أحمد بْن إِسْحَاق في الفُرُوسيّة. سمع: أحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن يوسف. وعنه: جماعة. 294- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن مُجَاشع2: أبو محمد الخُتّليّ. حدَّثَ عَنْ: محمد بْن أشْكاب، وعُبَيْد اللَّه بْن جرير بْن جَبَلَة، ومحمد بن الحَجّاج الضّبّيّ، وجماعة. وعنه: أبو الفضل الزهري، وعمر بن شاهين. ووثق.   1 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي في الجامع "2550"، وأحمد في مسنده "1/ 156". 2 تاريخ بغداد "7/ 209"، "3680". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 386 295- جعْفر بْن محمد بْن إبراهيم1: أبو بَكْر بْن أَبِي الصَّعْو البغداديّ الصَّيْدلانيّ. سمع: محمد بْن المُثَنَّى، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بن منصور الطُّوسيّ. وعنه: ابن شاهين، وعليّ الحربيّ. وثّقه الدارقطني. 296- جعفر بن محمد بن أحمد بن بحر2: أبو محمد التَّميميّ النَّيْسابوريّ. سمع: أحمد بْن يوسف، ومحمد بن يزيد السَّلمينيّ، وسهل بْن عمّار. وعنه: أبو عليّ، وأبو أحمد الحاكم الحافظان. "حرف الحاء": 297- حَرَمّي بْن أَبِي العلاء: أبو عبد الله. حدَّثَ ببغداد عَنْ: أَبِي عُبَيْد اللَّه سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزوميّ، ومحمد بن منصور الجوّاز، ويحيى بْن الربيع المكّيَّيْن، ومحمد بن عُزَيْز الأَيْليّ. وحدَّثَ بكتاب "النسب" عَنْ مصنِّفه الزُّبَيْر بْن بكّار. وعنه: أبو عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبو حفص بن شاهين، وعُبَيْد اللَّه بْن حَبَابَة، وغيرهم. مات في جُمَادَى الآخرة. وقد وثّقه الخطيب، وغيره. وقد تقدَّم أنّ اسمه أحمد بْن محمد بْن إِسْحَاق. وكان كاتب القاضي أَبِي عُمَر محمد بن يوسف.   1 تاريخ بغداد "7/ 210"، والمنتظم "6/ 226". 2 تاريخ جرجان "142" للسهمي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 387 298- الحَسَن بْن إسماعيل الغسّاني الْمَصْرِيّ الفارض: سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. 299- الحَسَن بْن عليّ العدويّ1: أحد الكذّابين. قِيلَ: تُوُفّي فيها، وهو في سنة تسع عشرة. 300- الحَسَن بْن محمد بْن الحَسَن بْن زياد الإصبهانيّ2: أبو عليّ الدّارَكيّ. ثقة، صاحب كتاب. سمع: صالح بْن مِسْمار، ومحمد بن عبد العزيز أَبِي رزْمة، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، والحسين بْن حُرَيْث، وسعيد بْن عَنْبَسَةَ، ومحمد بن إسماعيل الْبُخَارِيّ. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو بَكْر محمد بْن جِشْنِس، وأهل إصبهان. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 301- الحَسَن بْن محمد بْن سِنان: أبو عليّ القنطري السّوّاق. سمع: أحمد بْن يوسف، ومحمد بْن يحيى3. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وغيره من النَّيْسابوريِّين. 302- الحَسَن بْن محمد بْن يحيى: أبو أحمد العُقَيْليّ، قاضي شمشاط. سمع: حميد بن الربيع، وغيره.   1 المجروحين "1/ 241"، والميزان "1/ 506-509". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 268"، والعبر"2/ 170". 3 تاريخ بغداد "7/ 416"، "3970". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 388 وعنه: يوسف القوّاس الزّاهد، وأبو بَكْر بْن شاذان حدَّثَ في هذا العام، ولم نعرف وفاته. 303- الحُسين بْن محمد بْن غُوَيْث1: أبو عبد الله التّنُوخيّ الدّمشقيّ. رحل وسمع من: يونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بن عُزَيز الأَيْليّ، والمُزَنيّ، والربيع المُرَاديّ، وخلق. روى عَنْهُ: أبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. "حرف الدال": 304- دَاوُد بْن سليمان بْن خُزَيْمة: أبو محمد الكَرْمِينيّ القطّان. روى التفسير عَنْ: عَبْد بْن حُمَيْد. وروى عَنْ: الدّارميّ، ورجاء بْن مُرَجّا. وعنه: أبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم، وعبد الكريم بْن محمد الطّواويسيّ. "حرف الزاي": 305- الزُّبَيْر بْن أحمد بْن سليمان بْن عَبْد اللَّه بْن عاصم بْن المنذر بْن الزُّبَيْر بْن العوام الأَسَديّ الزُّبَيْريّ الْبَصْرِيّ2: الفقيه الشافعي الضرير. له تصانيف في الفقه كـ"الكافي"، وغيره. وحدث عَنْ: محمد بْن سِنان القزّاز، وغيره. وعنه: أبو بَكْر النّقّاش، وعُمَر بْن بِشْران، وعليّ بن لؤلؤ، ومحمد بن بخيت.   1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 359". 2 تاريخ بغداد "8/ 47، 472"، والوافي بالوفيات "14/ 186"، والأعلام "3/ 84". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 389 وكان ثقة إمامًا مُقرئًا. عرض عَلَى: رَوْح بْن قُرّة، ورُوَيْس، ومحمد بن يحيى القطعيّ، ولم يختم عَلَيْهِ. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر النّقّاش، وغيره. "حرف الطاء": 306- طاهر بْن عليّ بْن عَبْدُوس1: أبو الطَّيِّب الطَّبَرانيّ القطّان القاضي. مولى بُنيّ هاشم. روى عَنْ: نوح بْن حبيب، وعصام بْن رَوَّاد، وحمّاد بْن نَجِيج، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو زُرْعة محمد بْن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. "حرف العين": 307- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم2: أبو العبّاس البغداديّ المارستاني الضّرير. سمع: رزق اللَّه بْن موسى، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، ومُهَنّا الشّاميّ. وعنه: أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعُمَر بْن إبراهيم الكِنَانيّ، وأبو طاهر المخلّص. قَالَ ابن قانع: تُكِلِّم فيه. 308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن نَصْر: أبو محمد النَّيْسابوريّ العابد. سمع: جدَّيه أحمد بْن نَصْر المقرئ، ومحمد بْن عَقِيل الخُزَاعيّ، والذُّهْليّ. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن سعْد، وأبو إسحاق المزكي، وجماعة.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 184". 2 تاريخ بغداد "9/ 371". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 390 309- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن المَرْزُبان بْن سابور1: أبو القاسم البَغَويّ الأصل البغداديّ. مُسْنِد الدّنيا وبقيّة الحُفّاظ ابن بنت أحمد بْن مَنِيع. وُلِد ببغداد في أول رمضان سنة أربع عشرة، ومائتين، وسمع: عليّ بْن الْجَعْد، وخلف بْن هشام، وأبا نَصْر التّمّار، ويحيى الحماني، وعلي بْن المَدِينيّ، وأحمد بْن حنبل، وشَيْبان بْن فَرُّوخ، وسُوَيْد بْن سَعِيد، وداود بْن عَمْرو الضَّبّيّ، وخلّقًا كثيرًا أزيد من ثلاثمائة. وعنه: ابن صاعد، والجِعَابيّ، وأبو بَكْر القَطِيعيّ، وأبو حفص الزّيّات، وابن المظفّر، والدارقطني، وأبو حفص بْن شاهين، وعُمَر الكِنَانيّ، وأبو القاسم بْن حَبَابَة، وأبو طاهر المخلّص، وعَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي شُرَيْح الهَرَوِيّ، وأبو مُسْلِم محمد بْن أحمد الكاتب، وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُ. وروى عَنْهُ خلْق لَا يُحصيهم إلّا اللَّه تعالى؛ لأنّه طال عمره، وتفرد في الدنيا بعلو السند. قَالَ: رأيت أبا عُبَيْد ورأيت جنازته. وأول ما كتبتُ الحديث سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. وحضرت مَعَ عمّي عليٍّ مجلس عاصم بْن عليّ. وقال أحمد بْن عَبْدان الحافظ: سَمِعْتُ البَغَويّ يَقُولُ: كنتُ يومًا ضيّق الصّدْر، فخرجتُ إلى الشّطّ، وقعدتُ وفي يدي جُزْءٌ عَنْ يحيى بْن مَعِين أنظر فيه، فإذا بموسى بْن هارون فقال: أيش معك؟ قلت: جزء عَنْ يحيى. فأخذه من يدي فرماه في دِجْلة وقال: تريد أنّ تجمع بين أحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وعليّ بْن المَدِينيّ؟! وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم: أبو القاسم البَغَويّ يدخل في الصحيح. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ البَغَويّ قَلّ أنّ يتكلّم عَلَى الحديث. فإذا تكلّم كَانَ كلامه كالمسمار في الساج.   1 الفوائد العوالي "84"، للتنوخي، والكامل في ضعفاء الرِّجال "4/ 1578، 1579"، لابن عدي، والمنتظم "6/ 227"، والأعلام "4/ 119"، والبداية والنهاية "11/ 163، 164". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 391 وقال ابن عديّ: كَانَ صاحب حديث، وكان وراقًا، من ابتدأ أمره يورق على جده وعمه، وغيرهما. وكان يبيع أهل نفسه في كل وقت. ووافيت العراق سنة سبعٍ وتسعين ومائتين وأهل العلم والمشايخ منهم مجتمعين على ضعفه، وكانوا زاهدين في حضور مجلسه. وما رأيت في مجلسه قط في ذلك الوقت إلا دون العشرة غرباء، بعد أنّ يسأل بنوه الغرباء مرةً بعد مرّة حضور مجلس أبيهم، فيقرأ عليهم لفظًا. وكان مُجّانهم يقولون: ابن مَنِيع شجرة تحمل داود بن عمر الضَّبّيّ، أي من كثرة ما يروي عَنْهُ. وما علمت أحدًا حدَّثَ عَنْ عليّ بْن الْجَعْد أكثر مما حدَّثَ هُوَ. وسمعه قاسم المطرّز يَقُولُ: ثنا عُبَيْد اللَّه العَيْشيّ. فقال القاسم: في حُرِّمّ من يكذب. وتكلّم قومٌ فيه عند عَبْد الحميد الورّاق، ونسبوه إلى الكذب فقال: هُوَ أنغش من أنّ يكذب، يعني ما يُحْسِن. قَالَ: وكان بذيء اللّسان، يتكلّم في الثّقات. وسمعته يَقُولُ يوم مات المَرْوَزِيّ محمد بْن يحيى: أَنَا قد ذهبَ بي عمّي إلى أَبِي عُبَيْد، وعاصم بْن عليّ، وسمعتُ منهما. ولمّا مات أصحابه احتمله النّاسُ واجتمعوا عَلَيْهِ، ونفق عندهم، ومع نَفاقه وإسناده كَانَ مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه. قلت: قد بالغ ابن عديّ من الحطّ عَلَى البَغَويّ، ولم يقدر يُخرّج لَهُ ممّا غلط فيه سِوَى حديثين. ثمّ قَالَ: والبغوي كَانَ معه طرف من معرفة الحديث ومن معرفة التصانيف. وطال عمره، واحتاجوا إِلَيْهِ، وقَبِله النّاس. ولولا أنّي شرطت أن كلَّ من تَكلَّم فيه متكلمٌ ذكرته، وإلّا كنتُ لَا أذكره. وقال الحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ: سألت أبا بَكْر محمد بْن عليّ النّقّاش: تحفظ شيئًا ممّا أخذ عَلَى ابن بنت مَنِيع؟. قَالَ: غلط في حديث، عَنْ محمد بْن عَبْد الوهّاب، عَنْ أَبِي شهاب، عَنْ أَبِي إِسْحَاق الشَّيْبانيّ، رواه عَنْ محمد، وإنّما سمعه من إبراهيم بْن هانئ، عَنْهُ. فأخذه عَبْد الحميد الورّاق بلسانه ودارَ عَلَى أصحاب الحديث. فبلغ ذَلِكَ ابن بنت مَنِيع، فخرج إلينا، وعرفنا أَنَّهُ غلط، وأنّه أراد أنّ يكتب: ثنا إبراهيم بْن هانئ، فمرّت يده عَلَى العادة، ورجع عَنْهُ. ورأيتُ فيه الانكسار والغَمّ. وكان رحمه اللَّه ثقة. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 392 وقال غير واحد: تُوُفّي ليلة عيد الفِطْر، وعاش مائة وثلاث سنين وشهرًا. قلتُ: آخر من روى حديثه عاليًا أبو المُنجّا بْن اللُّتّيّ. وأعرف لَهُ حديثًا مُنْكرًا في الأوَّل من حديث ابن أخي ميمي، وفي جزء بيْبي. وقد احتجّ بهِ عامّة من خرج الصحيح كالدارقطني، والإسماعيلي، والبرقانيّ. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة ثبتًا فهمًا عارفًا. قلتُ: وله كتاب "مُعْجَم الصحابة" في مجلدين، يدّل عَلَى سعة حفْظه وتبحُّره. وكذلك تأليفه للجعْديّات؛ أحسن ترتيبها وأجاد تأليفها. قال الدارقطني: لم يرو البَغَويّ عَنْ يحيى بْن مَعِين غير حكاية. وقال: أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ، عَنْ أَبِي القاسم البَغَويّ فقال: ثقة، جبل، إمام، أقلّ المشايخ خطأ، وكلامه في الحديث أحسن من كلام ابن صاعد. قَالَ الخليليّ: أبو القاسم البَغَويّ من المعمرين العلماء. سمع: دَاوُد بْن رُشَيْد، والحكم بْن موسى، وطالوت بْن عَبّاد، وابني أَبِي شَيْبة، ونُعَيْم بْن الهَيْصَم، والقواريريّ. ثمّ قَالَ: وعنده مائة شيخ لم يشاركه أحدٌ في آخر عمره فيهم. ثمّ نزل إلى الشيوخ، وهو حافظ عارف. صنف مُسْنِد عمّه عليّ بْن عَبْد العزيز. وقد حسدوه في آخر عمره، فتكلموا فيه بشيء لَا يقدح فيه. وقد سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد: سَمِعْتُ أبا أحمد الحاكم: سَمِعْتُ البَغَويّ يَقُولُ: ورّقت لألف شيخ. 310- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْدُوس البغداديّ1: أبو القاسم العَطَشيّ المقرئ. سمع: عليّ بْن حرب، وحمّاد بْن عَنْبَسَةَ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن الْجُنَيْد. وعنه: ابن شاهين، والآجُرّيّ. 311- عَبْد اللَّه بْن مَعْمَر بْن العمركي2: شيخ بلْخيّ، قدِم بغداد في هذا العام.   1 تاريخ بغداد "10/ 117". 2 تاريخ بغداد "10/ 180". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 393 وحدَّثَ عَنْ: عَبْد الصَّمد بْن الفضل، وإسماعيل بْن بِشْر. روى عنه: الدارقطني، وابن شاهين، وجماعة. قال الخطيب: لَا بأس بهِ. 312- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن: أبو القاسم الدِّمْياطيّ اللّوّاز. ثقة، سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، ويزيد بْن سِنان القزّاز. وكان عَدْلًا مقبولًا. تُوُفّي فِي شوّال. 313- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر: أبو بَكْر الرّهاويّ. سمع: أَبَاهُ، ومحمد بن المُسْتَهِلّ الْبَصْرِيّ. وعنه: ابن عديّ، وابن المقرئ. عُدم بمكّة لما دخلتها القرامطة. 314- عُفَيْر بْن مسعود بْن عُفَيْر بْن بِشْر الغسّانيّ1: أبو الحرم. من أهل مورور، سكن قُرْطُبَة. صحِب محمد بْن عَبْد السّلام الخشنيّ. وعاش 97 سنة. وكان حافظًا للّغة والسِّيَر، إخباريًا. 315- عليّ بْن الحَسَن بْن سعْد بْن المختار2: أبو الحَسَن الهَمْدانيّ البزّاز. سمع: هارون بْن إِسْحَاق الهَمْدانيّ، ومحمد بْن وزير، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتة، ومحمد بْن عُبَيْد، ومحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بن شقيق، وأحمد بن بديل.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 343" لابن الفرضي. 2 تاريخ جرجان "251". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 394 وعنه: صالح بْن أحمد، وأحمد بْن محمد بْن رُوزَبَة، وجبريل العدْل، وآخرون. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ ثقة خيرًا. تُوُفّي في شهر رمضان. 316- عليّ بْن الحسن بْن المغيرة1: أبو أحمد البغداديّ الدّقاق. سمع: إِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، والحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس. وعنه: عُمَر بْن بِشْران ووثقه، وأبو بَكْر بْن شاذان، وجماعة. 317- عليّ بْن أحمد بْن سليمان بْن ربيعة2: أبو الحسن بن الصقيل الْمَصْرِيّ، المعروف بعلّان. سمع: محمد بْن رُمْح، وعَمْرو بْن سواد، ومحمد بْن هشام بْن أَبِي خيْرة، وَسَلَمَةَ بْن شبيب، وخلْقًا. وعنه: أبو سَعِيد بْن يونس، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي غالب البزّاز، ومحمد بْن أحمد الإخميميّ، وطائفة سواهم. وقال ابن يونس: كَانَ ثقة كثير الحديث. وُلِد فيما حَدَّثَنَا سنة عشرين ومائتين، وكتب سنة أربعين. وكان أحد كبراء عُدُول البلد. وفي خُلُقه زعارة. تُوُفّي في شوّال. 318- عليّ بْن محمد بْن يحيى بْن خَالِد المَرْوَزِيّ. أبو الحَسَن الخالديّ. سمع: عليّ بْن خَشْرَم، ومحمد بْن عَبْدة المَرْوَزِيّ. وعنه: أبو علي النيسابوري، وأبو العباس السياري، وجماعة.   1 المنتظم "6/ 230"، "362". 2 العبر "2/ 170، 171"، وحسن المحاضرة "1/ 367". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 395 319- عِمران بْن عثمان بْن يونس الأندلسيّ1: أبو محمد. سمع: عليّ بْن عَبْد العزيز بمكّة، وغيره. 320- عُمَر بْن حفص بْن غالب بْن أبي التمام الأندلسي2. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. "حرف الفاء": 321- الفضل بْن أحمد بْن منصور بْن ذيّال الزُّبَيْديّ3: بغداديّ يكني أبا العبّاس. سمع: أحمد بْن حنبل، وعبد الأعلى بْن حمّاد النَّرْسيّ، وغيرهما. وعنه: أبو الفتح القوّاس، ومحمد بْن جعفر النّجّار، وابن معروف القاضي، وأبو الحسن الدارقطني وقال: ثقة مأمون. وقال القوّاس: ثنا إملاءً سنة سبْع عشرة. قلت: لم يُوَرِّخوا وفاته. وقد روى القواسُ عَنْهُ، عَنْ عَبْد الأعلى حديث أَبِي العُشراء الدّارميّ. "حرف الميم": 322- محمد بْن أحمد بْن زُهَيْر بْن طِهْمان القَيْسيّ4: أبو الحَسَن الطُّوسيّ. محدِّث مصنِّف. سمع: عَبْد اللَّه بْن هاشم، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وعَبْد الرَّحْمَن بن بشر بن الحكم، والذهلي.   1 تاريخ الأندلس "1/ 327"، لابن الفرضي. 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 321، 322". 3 الأنساب "241ب" وتاريخ بغداد "12/ 2377". 4 العبر "2/ 171"، والوافي بالوفيات "2/ 36"، وشذرات الذهب "2/ 276". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 396 وعنه: أبو الوليد حسّان الفقيه، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأحمد بْن منصور الحافظ، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وزاهر بْن أحمد الفقيه. وتُوُفّي بنُوقان. 323- محمد بن إبراهيم بن فوزان النَّيْسابوريّ: سمع: الذهلي، وسهل بن عمار. وحدث. 324- محمد بْن إدريس بْن وهْب الأعور1: بغداديّ. حدَّثَ بمصر عَنْ: سَعْدان بْن نَصْر، وطبقته. مات في جُمَادَى الأولى. 325- محمد بْن جَابِر بْن سِنان الحرّانيّ البِتّانيّ2: أبو عبد الله المنجّم الحاسب. صاحب الزّيج، الصّابئ. لَهُ أعمال عجيبة. وابتدأ بالرَّصْد من سنة أربعٍ وستين ومائتين إلى سنة ست وثلاثمائة. وكان بارعًا في فنّه. وشرح مقالات بطليموس. وبِتّان: مِن أعمال حَرّان. 326- مُحَمَّد بْن أَبِي الحُسين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمّار بْن محمد بن حازم بن المعلّى بْن الجارود3: أبو الفضل الهَرَوِيّ، الحافظ الشهيد.   1 تاريخ بغداد "2/ 78"، "457". 2 طبقات الأمم لصاعد "31"، ومعجم البلدان "1/ 334"، وشذرات الذهب "2/ 276". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 794، 795"، والمنتظم "6/ 230"، والوافي بالوفيات "2/ 37". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 397 إمام كبير، عارف بعلل الحديث. لَهُ جزء فيه بضعة وثلاثون حديثًا من الأحاديث الّتي بيّن عللها، قد أخرجها مُسْلِم في صحيحه. سمع: أحمد بْن نَجْدة، والحسين بْن إدريس، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن إبراهيم الْأَنْصَارِيّ، ومُعَاذ بْن المُثَنَّى، وأحمد بْن إبراهيم بْن مِلْحان، وطبقتهم. ورحل وطوّف، ودخل نَيْسابور فسمع من: السّرّاج. روى عَنْهُ: أبو عليّ الحافظ، وأبو الحُسين الحَجّاجّي، وعَبْد اللَّه بْن سعْد النَّيْسابوريّون، ومحمد بْن أحمد بْن حمّاد الكوفي، ومحمد بْن المظفّر. وقال الحاكم: سَمِعْتُ بَكْر بْن أحمد الحدّاد بمكّة يَقُولُ: كأنّي أنظر إلى الحافظ أبي الفضل بْن أَبِي الحُسين، وقد أخذته السيوف، وهو متعلّق بيديه جميعًا بحلقَتَيِ الباب حتّى سقط رأسه عَلَى عَتَبة الكعبة سنة ثلاثٍ وعشرين. كذا قَالَ؛ وإنمّا كَانَ ذَلِكَ سنة سبْعٍ عشرة. ورّخه غير واحد. قَتَلَتْه القرامطة، لعنهم اللَّه. وهو سِبْط أَبِي سعْد يحيى بْن منصور الزّاهد الهَرَوِيّ. وقتل معه أخوه أبو نَصْر أحمد بْن أَبِي الحُسين. سمع من جَدّه أَبِي سعْد، وابن خُزَيْمة. روى عَنْهُ عليّ بْن الحَسَن السَّرْخَسيّ، وغيره. وقد خرّج صحيحًا عَلَى رسْم مُسْلِم، ولم يتكهّل. 327- محمد بْن خَالِد بْن يزيد البرذعيّ: ممّن قتلته القرامطة بمكّة، رحمه اللَّه. 328- محمد بْن زبّان بْن حبيب1: أبو بَكْر الحضرميّ الْمَصْرِيّ. سمع: أَبَاهُ، ومحمد بْن رُمْح، وأبا الطّاهر بْن السرح، وزكريّا بْن يحيى كاتب العمري، والحارث بن مسكين، وطبقتهم.   1 المنتظم "6/ 230"، والعبر "2/ 171"، وحسن المحاضرة "1/ 368". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 398 وعنه: أبو يونس، وقال: قال لي: ولدت سنة خمسٍ وعشرين؛ وأبو بكر بن المقرئ، وإبراهيم بن أحمد رئيس المؤذنين بمصر، وطاهر بن أحمد الخلّال، وأبو عديّ عَبْد العزيز ابن الْإِمَام القارئ، ومحمد بْن يحيى بْن عمار الدِّمْياطيّ، ومحمد بْن أحمد بْن العبّاس الإخميميّ، وخلْق سواهم. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. قَالَ ابن يونس: كَانَ رجلًا صالحًا، ثقة، ثبتًا، متقلِّلًا فقيرًا، لم يكن يقبل من أحدٍ شيئًا. 329- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد1: أبو بَكْر الإصبهانيّ. حدَّثَ ببغداد عَنْ: أسيد بْن عاصم، وأحمد بْن عصام. وعنه: ابن شاهين الواعظ، وأبو بَكْر بْن شاذان. 330- محمد بْن عَبْد الحميد: أبو جعفر الفَرَغانيّ العسْكريّ الضّرير. نزيل دمشق. سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، والحَسَن بْن عَرَفَة، وعُمَر بْن شَبَّة، وطبقتهم. وعنه: أبو هاشم عَبْد الجبار المؤدِّب، وأبو بَكْر أحمد بْن السُّنّي، وأبو أحمد الحاكم، ومحمد بْن المظفّر. 331- محمد بْن عَبْد السّلام بْن عثمان2: أبو بَكْر الفَزَاريّ الدّمشقيّ. سمع: أبا أمية الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وحنبل بْن إِسْحَاق، وأحمد بْن شَيْبان الرَّمْليّ. وعنه: أبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر الرَّبَعِيّ، وأبو أحمد الحاكم ومحمد بن المظفر.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 272". 2 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "4/ 229"، "1476". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 399 332- محمد بْن عَبْد الصَّمد بْن هشام الصَّدَفيّ: أبو بَكْر الْمَصْرِيّ. عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وياسين بْن عَبْد الأحد. وعنه: ابن يونس. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 333- محمد بْن عُبَيْد بْن أيّوب1: أبو عبد الله القُرْطُبيّ الدّبّاج. رحل وسمع من: إسماعيل القاضي. وكان يعاني عمل الديباج. وسمع من: أحمد بْن زُهَيْر. وحدَّثَ، وكان ثقة. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عثمان، وعُمَر بْن يوسف. 334- محمد بْن الفضل بْن العبّاس2: أبو عبد الله البلْخيّ الزاهد. الحَبْر الواعظ. كَانَ سيدًا عارفًا؛ نزل سمرقنْد وتلك الدّيار ويقال: إنّه وعظ مرةً فمات في ذَلِكَ المجلس أربعة أنفس. صحب أحمد بْن خَضْرُوَيْه البلْخيّ، وغيره. وقال أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: ثنا عليّ بْن القاسم الخطّابيّ الواعظ بِمَرْوَ إملاءً: ثنا محمد بْن الفضل البلْخيّ الزّاهد الصُّوفيّ بسمرقند، ثنا قُتَيْبة بْن سَعِيد، ثنا الَّليْث، فذكر حديثًا. وقال السُّلَميّ: تُوُفّي سنة سبْع عشرة. وسمعتُ محمد بْن عليّ الحِيّريّ: سَمِعْتُ أبا عثمان الحِيّريّ يَقُولُ: لو وجدت من نفسي قوة لرحلتُ إلى أخي محمد بْن الفضل، فاستروح بروايته.   1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 37، 38". 2 حلية الأولياء "10/ 232، 233"، والعبر "2/ 176"، والبداية والنهاية "11/ 167"، وكشف الظنون "2079، 5765". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 400 وسمع منه: أبو بَكْر محمد بن عَبْد اللَّه الرّازيّ، وغيره. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن المقرئ إجازة. ولعله آخر من حدَّثَ عَنْ قُتَيْبة. وروى عَنْ أَبِي بِشْر محمد بن المهدي، عَنْ محمد بْن السّمّاك. ومن الرُّواة عَنْهُ: إسماعيل بْن نُجَيْد، وإبراهيم بْن محمد بْن عَمْروَيْه، ومحمد بْن مكّيّ النَّيْسابوريّ، وعَبْد اللَّه بْن محمد الصَّيْدلانيّ البلْخيّ شيخ لأبي ذرّ الهَرَوِيّ. وقال أبو نُعَيْم: سمع الكثير من قُتَيْبة. وسمعتُ محمد بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ بنَيْسابور: سَمِعْتُ محمد بْن الفضل يَقُولُ: ذهاب الإسلام من أربعة: أوّلها: لَا يعملون بما يعلمون. الثّاني: يعملون بما لَا يعلمون. الثالث: لَا يتعلّمون ما لَا يعلمون. الرابع: يمنعون النّاس من التّعليم1. وقال: الدنيا بطنك، فبقدر زهدك في بطنك زُهدُك في الدنيا. قَالَ السُّلَميّ في "محن الصُّوفيّة": لمّا تكلّم محمد بْن الفضل ببلخ في فهم القرآن وأحوال الأئمّة، أنكر عَلَيْهِ فقهاء بلْخ وعلماؤها، وقالوا: مبتدع. وإنّما ذاك لسبب اعتقاده مذهب أهل الحديث. فقال: لَا أخرجُ حتى يخرجوني ويطوفوا لي في الأسواق، ويقولوا: مبتدع. ففعلوا بهِ ذَلِك: فقال: نزع اللَّه من قلوبكم محبتّه ومعرفته. فقيل: لم يخرج بها صوفيّ من أهلها. فأتى سمرقنْد. فبالغوا في إكرامه. 335- محمد بْن القاسم بْن جعفر2: أبو الطَّيِّب الكوكبي. أخو الحسين. سمع: عمر بن شبة، وقَعْنَب بْن المحرّر، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه بن الجنيد.   1 طبقات الصوفية "214"، وحلية الأولياء "10/ 233". 2 تاريخ بغداد "3/ 181"، والأنساب "10/ 499، 500". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 401 وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، والدارقطني، والمخلّص. وكان ثقة، بغداديًا. 336- محمد بْن يزيد بْن أبي خَالِد الأندلسيّ1: سمع: محمد بْن وضّاح. وحدَّثَ. 337- محمد بْن هارون بْن منصور: أبو سَعِيد النَّيْسابوريّ المسبكيّ. محدِّث محتشم رئيس. سمع: الذُّهْليّ، وأحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن يوسف، والعبّاس الدُّوريّ، والصَّغَانيّ، وابن أَبِي مسرة، وإِسْحَاق الدَّبَريّ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وآخرون. مات في المحرَّم. 338- محمد بْن محمد بْن خَالِد: أبو القاسم القَيْسيّ الطُّوَيْريّ. سمع من: محمد بْن سَحْنُون كثيرًا. وولي مظالم بلد القيروان لعيسى بْن مسكين. ثمّ ولي قضاء قشطيلة. قَالَ ابن حارث الحافظ: صحبناه وقد هرم. وقرأنا عَلَيْهِ بعض كتاب ابن سَحْنُون في خفيةٍ وتوارٍ لما كُنَّا فيه، يعني خوفًا من الدّولة. وَهُم بنو عُبَيْد الرافضة. قَالَ: وكان قليل ذات اليد، مات ولم يكن لَهُ كَفَن. وامتحن -رحمه اللَّه- عَلَى يد محمد بْن عُمَر المَرْوَزِيّ، قاضي الشيّعة. ضَرَبه في الجامع وحبَسه. فعل ذَلِكَ بهِ وبجماعة من الفُقَهاء والغزاة، وكان البلاء عظيمًا ببني عُبَيْد الباطنيّة. 339- محمد بْن أَبِي خَالِد الأندلسي البَجّانيّ2:   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 36"، لابن الفرضي. 2 انظر السابق. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 402 رحل وسمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وسمع بالقيروان من أصحاب سَحْنُون. وسمع من: أَبِي مُصْعَب أحمد بْن سليمان الإِلْبيريّ. وحدَّثَ. تُوُفّي في شَعْبان. 340- مُنْثَيل بْن عفيف: أبو وهْب المُرَاديّ الوّشْقيّ. سمع من: يحيى بْن عَبْد العزيز، وغيره. ورحل فسمع: أبا يحيى بْن أَبِي مَسَرّة، وإِسْحَاق الدَّبَريّ، وإبراهيم بْن بَرّة الصَّنعانيّ. روى عَنْهُ: زكريّا بْن يحيى، وغيره. تُوُفّي في رمضان. "حرف الهاء": 341- هشام بْن الوليد بْن محمد بْن عَبْد الجبّار1: أبو الوليد الغافقيّ القُرْطُبيّ. سمع من: بَقِيّ بْن مَخْلَد، ومحمد بْن وضّاح. وكان نَحْويًّا عَرُوضيًّا، أَدَّب أمير المؤمنين الناصر وولده المستنصر. وتُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. "حرف الياء": 342- يحيى بْن محمود بْن عُبَيْد اللَّه بن أسد النيسابوري: أبو زكريا.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 174"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "365"، للحميدي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 403 سمع: عتيق بْن محمد، وعليّ بْن الحَسَن الأفطس، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة. وفيات سنة ثمان عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 343- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عاصم1: أبو بَكْر اللُّؤلُؤيّ القَيْروانيّ، النَّحْويّ الشاعر اللغوي. إمام بارع في الحديث والفقه والعربية. مات كهلًا؛ وهو القائل هذه الأبيات. أيَا طَلَلَ الحيّ الّذين تحمّلوا ... بوادي الْغَضَا كيف الأَحِبّةُ والحالُ وكيف قضيبُ البانِ والقمرُ الّذي ... بوجْنَتهِ ماءُ المَلَاحةِ مُختالُ ولمّا استقلَّتْ ظَعْنُهم وحُدُوجُهُمْ ... دعوتُ وَدَمْعُ العينِ منّي هطّالُ سُقيتُ نقيعٌ السُّمّ إنّ كَانَ ذا الّذي ... أتاكِ بهِ الواشون عنّي كما قَالُوا 344- أحمد بن إسحاق بن بهلول بن حسان التنوخي2: أبو جعفر الأنباري الحنفيّ الفقيه. ترجمة أبو بَكْر الخطيب فقال: ولى قضاء مدينة المنصور عشرين سنة. وسمع: أبا كُرَيْب، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، ومحمد بْن زُنْبُور، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ووالده. وعنه: محمد الورّاق، وعُمَر بْن شاهين، والدارقطني، وأبو طاهر المخلّص. وكان ثقة، عظيم القدر واسع الأدب، تامّ المروءة، فقيهًا حنفيًا، بارعًا في العربية.   1 طبقات النحويين "265"، ومعجم الأدباء "2/ 218-225". 2 تاريخ بغداد "4/ 30-34"، والمنتظم "6/ 231-234"، والعبر "2/ 171"، والبداية والنهاية "11/ 165". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 404 وُلِد سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وصُرِف عَنِ القضاء قبل موته بعام. وله مصنف في نحو الكوفيين، وكان قيمًا بهِ. وكان شاعرًا بليغًا فصيحًا مفوهًا متقنًا. قَالَ ابن الأنباري: ما رأيت صاحب طيلسان أنحى منه. وكان أبوه من حفاظ الحديث، أدرك ابن عُيَيْنَة. 345- أحمد بْن جعفر: أبو بَكْر الفِهْريّ الْمَصْرِيّ. سَمِعَ: يونس بْن عَبْد الأعلى. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وغيره. ذكر وفاته أبو سَعِيد بْن يونس. تُوُفّي في ذي الحجة. 346- أحمد بْن علي بْن عُبَيْد اللَّه: أبو عليّ الْأَنْصَارِيّ. حدَّثَ بنَيْسابور عَنْ: أحمد بْن حنبل، وأبي الصلت الهروي. وزعم أَنَّهُ سمع سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قَالَ الحاكم: غريب طير طريّ علينا، يضعّفه بذلك، وتُوُفّي عندنا في المحرَّم. وسمعوا منه. 347- أحمد بْن محمد بْن حكيم: أبو بَكْر الصَّدَفيّ الْمَصْرِيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. 348- أحمد بْن محمد بْن سليمان بْن حبش الكاتب: عَنْ: أَبِي هشام الرّفاعيّ. وعنه: ابن شاهين. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 405 349- أحمد بْن محمد بْن المغلِّس البغداديّ1: أبو عبد الله البزّاز. أخو جعفر. سمع: لُوَيْنًا، والوليد بْن شجاع، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل. وعنه: يوسف القواس، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان. وكان ثقة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى قبل ابن صاعد بنحوٍ من شهر. وكان في عشر المائة. أكثر عَنْ لُوَيْن، وكان من بقايا أصحابه. 350- أحمد بْن يعقوب2: أبو عبد الله البغداديّ العطّار الخصيب. سمع: أحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ. وعنه: محمد بْن أحمد بْن المفيد، وأبو حفص بْن شاهين، وهو أخو محمد. 351- إسماعيل بْن إبراهيم بْن عمّار الْأَنْصَارِيّ الخزرجي النَّيْسابوريّ: أخو إِسْحَاق من ولد سعد بْن عُبَادة. وكان من رؤساء نَيْسابور. وحدَّثَ. 352- إسماعيل بْن دَاوُد بْن وردان3: أبو العبّاس الْمَصْرِيّ البزّاز. سمع: زُغْبة، ومحمد بْن رُمْح، وزكريّا كاتب العُمَريّ، وعبيد الله ... سنة ست وعشرين ومائتين.   1 تاريخ بغداد "5/ 104، 105"، والعبر "2/ 172". 2 تاريخ بغداد "5/ 226". 3 العبر "2/ 172"، وحسن المحاضرة "1/ 368". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 406 وعنه: ابن يونس، وأبو بَكْر بْن المقرئ، ومحمد بْن أحمد الإخميميّ. تُوُفّي في ربيع الآخر. 353- إسماعيل بْن سليمان: أبو مَعْمَر البزّاز. بغداديّ، ثقة. سمع: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن المِسْوَر، ومحمد بْن الوليد، ومحمد بْن المُثَنَّى. وعنه: ابن المظفّر، وأبو بَكْر بْن شاذان، وعُمَر بْن شاهين. 354- إِسْحَاق بْن حَمْدان بْن العبّاس: أبو يعقوب البلْخيّ الْمُعَدَّلُ. في جُمَادَى الآخرة. "حرف الثاء": 355- ثابت بْن بدير القُرْطُبيّ المالكيّ المفتي1: مصنف كتاب "الجهاد". سمع: محمد بْن عَبْد السّلام الخُشَنّي، ومحمد بْن وضاح، وجماعة. وكان مائلًا إلى الحديث. "حرف الجيم": 356- جعفر بن محمد بن يعقوب2: أبو الفضل الصَّنْدليّ. ثقة، بغداديّ، زاهد. قَالَ القوّاس: كان يقال: إنه من الأبدال.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 100"، لابن الفرضي، وكشف الظنون "1410". 2 تاريخ بغداد "7/ 211"، والمنتظم "6/ 234". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 407 سمع: إبراهيم بْن مجشر، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن إسماعيل الحسّانيّ، وعليّ بْن حرب. وعنه: عَبْد العزيز بْن جعفر الفقيه، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، ويوسف القوّاس. "حرف الحاء": 357- الحسن بْن حمدون بْن الوليد: أبو عليّ النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق بْن منصور، والذُّهْليّ. وعنه: أبو محمد الشَّيْبانيّ، وإسماعيل بْن نُجَيْد، وغيرهما. 358- حَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن مذحج بْن محمد: أبو القاسم الزبيدي الإشبيليّ. سمع: محمد بْن جُنَادَةَ، وطاهر بْن عَبْد العزيز، وعُبَيْد اللَّه بْن يحيى. وحجّ فسمع جماعةً بعد الثلاثمائة. ولم يكن لَهُ بَصَرٌ بالحديث. 359- الحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن بشّار البغداديّ1: أبو بَكْر بْن العلّاف المقرئ الشاعر. قرأ القرآن عَلَى أَبِي عُمَر الدُّوريّ. وسمع منه، ومن: حُمَيْد بْن مسعده، ونصْر الْجَهْضميّ. قرأ عَلَيْهِ: أبو فرج الشَّنَبوذيّ، والشّذائيّ. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو حفص بْن شاهين، وجماعة. وكان ظريفًا أديبًا، من نُدماء المعتضد. وعاش نيّفًا وتسعين سنة. وكان ضريرًا. وهو صاحب القصيدة المشهورة: يا هرُّ فارَقْتَنَا ولم تَعُدِ ... وكنتَ منا بمنزل الولد   1 تاريخ بغداد "7/ 378"، والعبر "2/ 172"، والبداية والنهاية "11/ 166". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 408 360- الحُسين بْن الحَسَن بْن سُفْيَان بْن زياد: أبو العبّاس الفَسَويّ التّاجر. نزيل بُخَارَى. سمع: محمد بْن رافع، والحسين بْن حُرَيْث الخُزاعيّ، وجماعة. وعنه: خَلَف الخيّام. 361- الحُسين بْن محمد بْن مودود1: أبو عَرُوبَة بْن أَبِي مَعْشَر الحرّانيّ السُّلَميّ الحافظ. أحد أئمّة هذا الشأن. أول سماعه وطلبه سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. سمع: مَخْلَد بْن مالك السَلْمِسينيّ، ومحمد بْن الحارث الرّافقيّ، ومحمد بْن وهْب الحرّانيّ، وإسماعيل بْن موسى السُّديّ، وعبد الوهّاب بْن الضّحّاك، ومحمد بْن المصفي الحمصيّ، والمسيب بْن واضح، وعبد الجبار بْن العلاء، وخلْقًا سواهم. وكان ثقة نبيلًا. روى عَنْهُ: أبو حاتم بْن حِبّان، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، ومحمد بْن المظفّر، وعُمَر بْن عليّ القطّان، والقاضي أبو بَكْر الأَبْهَريّ، وطائفة سواه. رحلوا إِلَيْهِ إلى حرّان. قَالَ ابن عديّ: كَانَ عارفًا بالحديث والرجال، وكان مَعَ ذَلِكَ مفتي أهل حرّان، شفاني حيث سألته عَنْ قوم. وقال أبو أحمد في "الكنَى": أبو عَرُوبَة الحُسين بْن محمد بْن مودود بْن حمّاد السُّلَميّ سمع: أبا عثمان عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو البَجَليّ، وأبا وهْب الوليد بْن عَبْد الملك بْن مسرّح. كَانَ من أثبت من أدركناه وأحسنهم حفظًا. يرجع إلى حسن المعرفة بالحديث والفقه والكلام. وذكره ابن عساكر في ترجمة معاوية، فقال: كَانَ أبو عَرُوبَة غاليًا في التشيُّع، شديد المَيْل على بني أمية.   1 العبر "2/ 172، 173"، وهدية العارفين "1/ 305"، والأعلام "2/ 253". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 409 قلت: كلّ من أحبّ الشيخين فليس بغالٍ في التشيُّع. ومن تكلَّم فيهما فهو غالٍ رافضيّ. ورّخ موته القرَّاب. 362- الحُسين بْن يوسف بْن يعقوب الأسوانيّ الفحّام: سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبحر بْن نَصْر، والربيع المُرَاديّ. وكان ثقة. مات في ذي القعدة. "حرف الزاي": 363- زَنْجَوَيه بْن محمد بْن الحَسَن الزّاهد1: أبو محمد النَّيْسابوريّ اللّبّاد. كَانَ أحد المجتهدين في العبادة. سمع: محمد بْن رافع، ومحمد بْن أسلم، والحسين بْن عيسى البسْطاميّ، وحُمَيْد بْن الربيع، والرَّماديّ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو الفضل بْن إبراهيم الهاشمي، وأبو محمد المُخَلّديّ، وآخرون. "حرف السين": 364- سَعِيد بْن عَبْد العزيز بْن مروان2: أبو عثمان الحلبيّ الزّاهد، نزيل دمشق. سمع: عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه الحلبيّ، وأبا نُعَيْم عُبَيْد بْن هشام، والقاسم الْجُوعيّ، وأحمد بْن أَبِي الحواري، ومحمد بْن مُصَفَّى الحمصيّ، وجماعة. وعنه: أبو الحُسين محمد بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ وورّخه سنة سبع عشرة، وأبو   1 الأنساب "493 ب". 2 طبقات الصوفية "100"، وحلية الأولياء "10/ 366"، والنجوم الزاهرة "3/ 227". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 410 سليمان بْن زَبْر، وورّخه سنة ثمان عشرة، وعليّ بْن الحُسين الأَذَنيّ، وأبو أحمد الحاكم، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وطائفة. وقال أبو أحمد الحاكم: كَانَ من عَبّاد اللَّه الصالحين. وقال السُّلَميّ: صحب سريًّا السَّقَطيّ، وهو من جلة مشايخ الشام وعلمائهم. وقال أبو نُعَيْم: تخرج بهِ إبراهيم بْن المولد، وغيره. وهو ملازم للشّرع، متبع لَهُ. رحمه اللَّه. 365- سليمان بْن أَبِي الشريف القُضاعيّ الْمَصْرِيّ: روى عَنْهُ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. وعنه: ابن يونس وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. "حرف الصاد": 366- صهيب بْن مَنِيع1: أبو القاسم القُرْطُبيّ. سمع كثيرًا من بَقِيّ بْن مَخْلَد، وابن وضّاح، وجماعة. وولي قضاء إشبيلية. وتُوُفّي في رجب. "حرف العين": 367- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عتاب العبْديّ2: عَنْ: الرَّماديّ، ومحمد بن عتاب بْن حِبّان. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وابن شاهين. وثّقه الخطيب، وورخه في المحرَّم.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 202" لابن الفرضي. 2 تاريخ بغداد "9/ 382". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 411 368- عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق بْن سيامُرْد: أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّهَاوَنْديّ. حدَّثَ في هذا العام بهمذان عَنْ: محمد بْن عُزَيز الأَيْليّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وحرب بْن إسماعيل الكَرْمانيّ، وأبي عُتْبة الحمصيّ، وطائفة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن الأنماطي، وصالح بن أحمد الهمذاني. وكان ثقة حافظًا. قاله الحافظ شِيرُوَيْه. 369- عَبْد اللَّه بْن جعفر بْن أحمد بْن خُشَيْش البغداديّ الصَّيْرفيّ1: أبو العبّاس. سمع: يعقوب الدَّوْرقيّ، وأبا شعث العِجْليّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ ووثَّقهُ، وابن شاهين. 370- عَبْد اللَّه بْن حَمُّوَيْه بْن إبراهيم الهَمْذانيّ: أبو بَكْر بْن أبْرك. سمع: يحيى بْن جعفر، والحنينيّ، والحسين بْن محمد بْن أَبِي مَعْشَر. وعنه: صالح بْن أحمد الحافظ. وكان ثقة. 371- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن مُسْلِم2: أبو بَكْر الإسْفَرائينيّ الحافظ. أحد المجوّدين الأثبات الطّوّافين في الأرض. سمع: محمد بْن يَحْيَى الذُّهليّ، وَالحَسَن بْن محمد الزَّعْفَرَانِيّ، وأبا زُرْعة الرّازيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وحاجب بْن سليمان، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد. وعنه: أبو عبد الله بن الأخرم، وأبو علي الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وابن   1 تاريخ بغداد "9/ 428"، والمنتظم "6/ 234". 2 معجم البلدان "2/ 180"، وطبقات الحفاظ "331". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 412 عديّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، ومحمد بْن الفضل بْن خُزَيْمة، وآخرون. وُلِد سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين. ذكره ابن عساكر. 372- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن حَسَن1: أبو محمد الكلاعي، مولاهم القُرْطُبيّ، يُعرف بابن أخي ربيع الصائغ. سمع: عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن يحيى، والأعناقيّ. وكان حافظًا بصيرًا بعلل الحديث ورجاله. اختصر "مُسْنِد بَقِيّ بْن مَخْلَد" وتفسيره. وكان ثقة. 373- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن حنين القُرْطُبيّ2: الحافظ أبو محمد ابْن أخي ربيع. سمع: عُبَيْد اللَّه بْن يحيى اللَّيْثيّ. فمن بعده. وحجَّ متأخرًا فسمع محمد بْن زبّان. أخذ عنه: أبو سَعِيد بْن يونس بمصر، وجماعة من كبار الحفاظ. 374- عَبْد الحَكَم بْن محمد بن سلّام3: أبو عثمان الصَّدَفيّ، مولاهم الْمَصْرِيّ. روى عَنْ: عيسى زُغْبة، وأبي الطاهر بْن السَّرْح، وذي النون الْمَصْرِيّ، وغيرهم. قَالَ ابن يونس: كَانَ صدوقًا إلّا إنّه انقطع من أوائل أصوله شيء، ولم يكن ممّن يميز، فحدث بما لم يسمع، فثبتّناه ورجَع. وكان كثير الحديث. قَالَ لي: وُلِدتُ سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. قلتُ: روى عَنْهُ: ابن يونس، وأبو بكر بن المقري، وجماعة. 375- عَبْد الحميد بْن محمد بْن الحُسين:   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 223، 224"، لابن الفرضي. 2 انظر السابق. 3 سير أعلام النبلاء "11/ 461". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 413 أبو أحمد البغداديّ السِّمْسار. ويُعرف بغلام ابن دَرَسْتُوَيْه. بلْخيّ الأصل. سمع: لُوَيْنًا، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ. وعنه: عُمَر بْن سُنْبُك، ويوسف القّواس. أحاديثه مستقيمة. 376- عَبْد العليم بْن محمد: أبو الحَسَن الدِّمْياطيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، ويزيد بْن سِنان القزّاز، وغيرهما. ومات في ذي الحجّة. وكان مقبولًا عند الحُكّام، ويُعرف باللّوّاز. 377- عَبْد الملك بْن أحمد بْن نَصْر البغداديّ1: أبو الحُسين الحنّاط. سمع: زُهَيْر بْن قُمَيْر، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة في الرحلة. وعنه: أبو القاسم عَبْد اللَّه بْن النّحّاس، ويوسف القوّاس، وابن شاهين. وثّقه الخطيب. 378- عَبْد الواحد بْن محمد المهتديّ باللَّه بْن هارون الواثق بْن المعتصم2: أبو أحمد العباسيّ البغداديّ. سمع: يحيى بْن أَبِي طَالِب، وجعفر بْن شاكر، والحسين بْن محمد بْن أَبِي مَعْشَر. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو طاهر المخلّص. قَالَ أبو بَكْر الورّاق: كَانَ راهب بُنيّ هاشم صلاحًا وورعًا.   1 تاريخ بغداد "10/ 427"، والمنتظم "6/ 234". 2 تاريخ بغداد "11/ 6، 7"، والمنتظم "6/ 235". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 414 قلتُ: وأبوه أفقهُ الخلفاء. حديثه في جزئي. 379- عُرْوَة بْن حسين بْن عِيَاض: أبو الذّكر الْمَصْرِيّ. سمع: أحمد بْن أخي ابن وهْب. 380- عَمْرو بْن يوسف بْن مساور1: أبو بَكْر المعافريّ القُرْطُبيّ. روى عَنْ: محمد بْن وضّاح. وحجّ فلقي: عِمران بْن موسى بْن حُمَيْد. روى عَنْهُ: أحمد بْن بِشْر، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن عثمان، وغيرهما. تُوُفّي في شوّال. 381- عيسى بْن محمد الموسقنديّ الرّازيّ: والد محمد بْن عيسى. ثقة: سمع أبا زُرْعة، وجماعة. "حرف الفاء": 382- فَرج بْن إِسْحَاق القِتْبانيّ الْمَصْرِيّ: قَالَ ابن يونس: حكى لنا عَنِ الحارث بْن مسكين، وغيره. "حرف الميم": 383- محمد بْن إبراهيم بْن نيروز2: أبو بَكْر البغداديّ الأنماطي.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 319". 2 الفوائد العوالي المؤرخة "154"، وتاريخ بغداد "1/ 408"، وتاريخ حلب للعظيمي "285". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 415 سمع: أبا حفص الفلّاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن عوف الحمصيّ، وخلّاد بْن أسلم. وعنه: محمد بْن إبراهيم العاقوليّ، ومحمد بْن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القّواس ووثَّقهُ. أَخْبَرَنَا أبو المعالي المصري، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ الْوَزِيرِ، أَنَا محمد بْن إبراهيم الأنماطيّ، ثنا الحسين بن مهدي، ثنا عبد الرزاق: سَمِعْتُ سُفْيَان الثَّوريّ يَقُولُ: مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي شَيْئًا قَطُّ فَخَانَنِي. 384- محمد بْن أحمد بْن حمّاد زُغْبة بْن مُسْلِم: أبو عبد الله التُّجَيْبيّ الْمَصْرِيّ. يروي عَنْ: عمّه عيسى بْن حمّاد. وعنه: المصريون، وأبو بَكْر بْن المقرئ. توفي في ربيع الأول. 385- محمد بن أحمد بْن سهل بْن أَبِي زيد: أبو بَكْر الإخميميّ. سمع: الربيع، وبحر بْن نَصْر، وإبراهيم بْن مرزوق. تُوُفّي في صَفَر. قَالَ ابن يونس: كتبتُ عَنْهُ. 386- محمد بْن إبراهيم بْن المنذر1: الْإِمَام أبو بَكْر النَّيْسابوريّ الفقيه. صاحب التصانيف، نزل مكّة. صنَّف كُتُبًا لم يُصنَّف مثلها في الفقه، وغيره.   1 طبقات فقهاء الشافعية للعبَّادي "267"، وطبقات الفقهاء للشيرازي "108"، والميزان "3/ 1450، 451"، والأعلام "6/ 184". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 416 لَهُ كتابٌ "المبسوط في الفقه" وهو كتاب جليل، وكتاب "الإشراق في اختلاف العلماء" وهو مشهور، وكتاب "الإجماع" وكان عَلَى نهايةٍ من معرفة الحديث والاختلاف. وكان مجتهدًا لَا يُقَلِّد أحدًا. سمع: محمد بْن ميمون، ومحمد بْن إسماعيل الصائغ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن المقرئ، ومحمد بْن يحيى بْن عمّار الدِّمْياطيّ شيخ الطَّلَمَنْكيّ، والحَسَن بْن عليّ بْن شَعْبان، وأخوه الحُسين، وآخرون. قَالَ أبو إِسْحَاق الشِّيرازيّ: تُوُفّي سنة تسعٍ أو عشر. وهذا لَيْسَ بشيءٍ، فإن ابن عمّار لِقيه سنة عشرة. ووجدت ابن القطّان نقل وفاته في هذه السنة فلْيُعْتَمَد. 387- محمد بْن أحمد بْن مَعْمَر: أبو عيسى الحربيّ. سمع: عليّ بْن أشكاب، وأبا بَكْر الصَّغانيّ، وإبراهيم بْن هانئ. روى عَنْهُ: أبو حفص بْن شاهين أحاديث مستقيمة. 388- محمد بْن إبراهيم بْن مسرور1: أبو عبد الله بْن الحبّاب القُرْطُبيّ. روى عن: بَقيّ بن مَخْلَد ومحمد بن وضاح وكان بصيرًا بمذهب مالك وبالأحكام. لَهُ رئاسة وقدْر. تُوُفّي في رمضان. 389- محمد بْن إسماعيل بْن الفَرَج: المهندس أبو العبّاس. عَنْ: إبراهيم بْن مرزوق، والحَسَن بْن سليمان قُبَيْطة. وعنه: ابنه. وثقه ابن يونس.   1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 38"، "1201". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 417 390- محمد بْن بَكْر بْن بكّار: أبو عبد الله الملائي العابد. في ذي القعدة. 391- محمد بْن الْحُسَيْن بْن حميد بْن الرَّبِيع اللخمي1: أبو الطيب الكوفي. من بيت علم. روى عَنْ: جَدّه، وأبي سَعِيد الأشج، وهارون بْن إِسْحَاق، والخضر بْن أبان الهاشْميّ. وعنه: أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو حفص بن الزيات، وابن المظفر، وأبو حفص الكناني. وكان ثقة يأمر بالمعروف وينهي عَنِ المُنْكَر. وُلِد سنة أربعين. 392- محمد بْن حَمْدان بن سفيان الطرائفي البغدادي2: فيها. حدث بهمذان عَنْ: عليّ بْن مُسْلِم الطُّوسيّ، وابن عَرَفَة، وأبي زُرْعة الرّازيّ. روى عَنْهُ: صالح بْن أحمد، وأبو عليّ بْن بشّار الهمْدانيّانّ، وابن المظفّر. 393- محمد بْن زُهَيْر بْن الفضل3: أبو يعلى الأبلي. سمع: بُنْدارًا محمد بْن بشّار، ونصْر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وأزهر بْن جميل، وأحمد بْن عبدة الضبي.   1 تاريخ بغداد "2/ 236"، والمنتظم "6/ 235". 2 تاريخ بغداد "2/ 286"، "761". 3 تاريخ جرجان "138"، للسهمي، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 28". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 418 وعنه: الطَّبَرانيّ، وزاهر بْن أحمد السَّرْخَسيّ، وجماعة. وبَلَغَنا أَنَّهُ اختلط قبل موته بسنتين. 394- محمد بْن سَعِيد بْن محمد المَرْوَزِيّ1: أبو عبد الله البُورَقيّ. حدَّثَ ببغداد ونيسابور عَنْ: محمد بْن عليّ بْن شقيق، وأحمد بْن عَبْد اللَّه الفرْيانانيّ. وعنه: عيسى الرخجي، وغيره. وهو كذاب. قَالَ الْحَاكِمُ: مِنْ أَفْحَشِ مَا وَضَعَ، رِوَايَتُهُ عَنْ شَيْخٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي، وَيَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: محمد بْنُ إِدْرِيسَ فِتْنَتُهُ أَضَرُّ مِنْ فِتْنَةِ إِبْلِيسَ"2. تُوُفّي المُعَثَّر بمَرْو. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الشّافعيّ. وقال الخطيب في ترجمته: نا علي بن محمد الدينوري: حدثني حمزة السهي، قَالَ: محمد بْن سَعِيد البُورقيّ كذّاب، حدَّث بغير حديث وَضَعه. وقال الحاكم: قد وضع ما لَا يُحْصَى. وقال الخطيب: ما كَانَ أجرأه عَلَى الكذِب. قُلْتُ: وَمِمَّا وَضَعَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مَرْفُوعًا: "مَنْ تَرَكَ دِرْهَمَ مشبهةٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ. وَمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ". 395- محمد بْن الطَّيِّب: أبو نَصْر الكشي الزاهد. أجد الفقهاء العباد الرحالة في الحديث.   1 تاريخ بغداد "5/ 308"، والميزان "3/ 566". 2 موضوع: ذُكر في المجروحين "3/ 46"، وميزان الاعتدال "421"، وفي جامع مسانيد أبي حنيفة "1/ 14"، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 49" بنحوه. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 419 سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن أيوب الرازي، ويوسف القاضي، والموجودين قبل الثلاثمائة. وعنه: أبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وأبو الوليد حسّان بْن محمد، وأبو سَعِيد بْن أَبِي عثمان. قَالَ الحاكم: وكان حُسَيْنَك التَّميميّ سلّمهُ أبو موالي أَبِي نَصْر حتّى حجَّ بهِ وسمعه ببغداد. فسمعت حُسَيْنَك يذكر من اجتهاده وعبادته وورعه وصومه عجائب. 396- محمد بْن محمد بْن الربيع بْن سليمان المُرَاديّ: أبو سليمان. سمع: جَدّه، وبكار بْن قُتَيْبة. مات في ذي الحجّة. وعنه ابن يونس. 397- محمد بْن موسى بْن محمد بْن سُليمان بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله بْن عَبَّاس الهاشمي1: أبو بكر الزينبي المقرئ. قرأ عليّ قُنْبُل، وغيره. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر أحمد بْن محمد الشّارب، وأبو بَكْر أحمد بْن نَصْر الشّذَائيّ، وعليّ بْن محمد بْن خُشْنام المالكيّ، وأبو الفَرَج الشَّنَبوذيّ، وأحمد بْن محمد العِجْليّ شيخ الأهوازي، وآخرون. 398- محمد بْن يوسف بْن حمّاد2: أبو بَكْر الأَسْترَاباذيّ. ذكره حمزة في "تاريخ جُرْجان" فقال: كَانَ عنده كُتْب أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبة عَنْهُ. ومات بجُرْجان في رمضان سنة ثمان عشرة.   1 غاية النهاية "2/ 267، 268"، "3489". 2 تاريخ جرجان "408"، والوافي بالوفيات "5/ 244". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 420 قلت: وروى أيضًا عَنْ: عَبْد الأعلى بْن حمّاد، ومحمد بْن حُمَيْد، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو نُعَيْم بْن عديّ، ومحمد بْن الحَسَن بْن حَمُّوَيْه، وغيرهما. وكذا ورّخه ابن مَنْدَه. 399- مكحول بْن الفضل1: أبو مطيع النَّسَفيّ. عالم مصنف. سمع: أبا عيسى التِّرْمِذيّ، ومحمد بن أيّوب الرّازيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل. روى عَنْهُ: أحمد بْن محمد النَّسَفيّ. وكان من غلاة أصحاب الرأي. لَهُ كتابٌ في الحطَّ عَلَى الشّافعيّ. 400- موسى بْن هارون بْن كامل: أبو القامس الْمَصْرِيّ. في صَفَر. ووُلِد سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. "حرف الهاء": 401- هشام بْن الوليد الغافقيّ الأندلسيّ2: يروي عن: بَقيّ بْن مَخْلَد، ومحمد بْن وضّاح. وأخذ عَنْهُ جماعة. "حرف الواو": 402- الوليد بْن المُطَّلِب السَّهمي. عَنْ: هارون بْن سَعِيد الأَيْليّ. ورّخه ابن يونس.   1 كشف الظنون "1430"، ومعجم المؤلفين "12/ 319". 2 تقدمت ترجمته برقم "341". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 421 "حرف الياء": 403- يحيى بْن زكريّا1: أبو عليّ الرّازيّ حيّكَويْه. سمع: يحيى بْن عَبْدك القَزْوينيّ، ومحمد بْن عَبْد العزيز الدِّيَنَوَريّ. قَالَ الخليلي: أدركت جماعة من أصحابه. 404- يحيى بْن محمد بْن صاعد بْن مكاتب2: مولى أَبِي جعفر المنصور الهاشمي، أبو محمد البغداديّ الحافظ. سمع: محمد بْن سليمان لُوَيْن، والحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس، وسوّار بْن عَبْد اللَّه القاضي، وأحمد بْن مَنِيع، ويحيى بْن سليمان بْن نَضْلَة، والحَسَن بْن حمّاد سجّادة، وهارون بْن عَبْد اللَّه الحمّال، وأبا همام السكوني، وأبا عمار الحسين بن حريث المروزي، وعبد الله بن عِمران العابديّ، ومحمد بْن زُنْبُور الْمَكِّيّ، وخلْقًا سواهم بالحجاز، والعراق، والشام، ومصر. وعنه: أبو القاسم البَغَويّ مَعَ تقدُّمِهِ، ومحمد بْن عُمَر الْجِعَابيّ، وابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو القاسم بْن حَبَابَة، وأبو طاهر المخلّص، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي شُرَيْح، وأبو مُسْلِم الكاتب، وخلق كثير. ورواية البَغَويّ عَنْهُ في ترجمة ابن صاعد من "تاريخ دمشق" قَالَ ابن صاعد: ولدت سنة ثمان وعشرين، وكتبتُ الحديث عَنِ ابن ماسَرْجس سنة تسعٍ وثلاثين. وكان لابن صاعد أَخَوان: يوسف، وأحمد، وعمّ اسمه عَبْد اللَّه بْن صاعد. سُئل الدَّارَقُطْنيّ عَنْ يحيى فقال: ثقة، ثبتٌ، حافظ. وقال أحمد بْن عَبْدان الشِّيرازيّ: هُوَ أكثر حديثًا من ابن الباغَنْديّ، ولا يتقدمه أحدٌ في الدّراية. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: لم يكن بالعراق في أقران ابن صاعد أحدٌ في فهمه،   1 التدوين في أخبار قزوين "4/ 208". 2 تاريخ بغداد "14/ 231"، والمنتظم "6/ 235، 236"، والبداية "11/ 166"، وهدية العارفين "2/ 517". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 422 والفهْم عندنا أجلّ من الحفظ. وهو فوق ابن أَبِي دَاوُد في الفهم والحفظ. وسُئل الْجِعَابيّ: أكان ابن صاعد يحفظ؟ فتبسم وقال: لَا يقال لأبي محمد يحفظ، كَانَ يدري. وقال البَرْقانيّ: قَالَ لي الفقيه أبو بَكْر الأَبْهَريّ: كنتُ عند ابن صاعد، فجاءته امرأة فقالت: ما تَقُولُ في بئر سقطت فيها دجاجة فماتت، هَلِ الماء طاهر أو نجس؟ فقال: ويْحَكِ، وكيف وقعت؟ ألّا غطَّيتيه. فقلتُ: يا هذه إنّ لم يكن الماء تغير فهو طاهر. قَالَ أبو بَكْر الخطيب. قد كان ابن صاعد ذا محل من العِلْم، وله تصانيف في السُّنَن والأحكام. ولعله لم يُجب المرأة ورعًا. فإنّ المسألة فيها خلاف. وتُوُفّي في ذي القعدة. قلتُ: وله كلام متين في الجرح والتّعديل والعِلَل، يدّل عَلَى تبحُّره وسعة عِلْمُه. وحديثه عند ابن اللُّتّيّ في غاية العلو. وقد أَنْبَأَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ محمد، عَنِ الْقَاسِمِ بْن عَلِيٍّ: أَنَا أَبِي، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أنا ابن الأبنوسي، أنا عيسى ابن الوزير: أنبا الْبَغَوِيِّ: ثنا يَحْيَى بْنُ محمد بْنِ صَاعِدٍ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ثِقَةٌ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرَكٍ ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُسَيْرٍ، رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "لا يَأْتِيكَ مِنَ الْحَيَاءِ إِلا خَيْرٌ" 1. وَقَدْ حَدَّثَ ابْنُ صَاعِدٍ بِحَدِيثٍ اسْتَغْرَبُوهُ. قَالَ ابن المظفَّر: ثمّ وجدناه عند حُسين الصّفّار، فجئتُ ابن صاعد أَعْدو أَبَشِّره، فقال: يا صبيّ، أَنَا أحتاج إلى متابعة الصّفّار؟ فخجلتُ وقمتُ. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ الحافظ: سَمِعْتُ ابن صاعد يقول: كنت أسمع مشايخنا   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري بنحوه "6117"، وابن سعد في الطبقات "7/ 67، 68"، وذكره الخطيب في التاريخ "11/ 295"، وابن حجر في الإصابة "1/ 50". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 423 يتجنبون أحاديث الضّعفاء وأصحاب الأهواء، ويقولون: إنّا إذا أجلسنا الأخيار مجالس الصّيادلة، وجلسنا مجالس النُّقّاد، ودَلَلْنا عَلَى موضع الثّقة والاعتماد، وهجرنا المغموز ودللنا عَلَى عُواره، وكشفنا عَنْ قناعِه، كُنَّا في ذَلِكَ كمن قمع المبتدعة وأحيى السنة. وفيات سنة تسع عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 405- أَحْمَد بْن الحُسين بْن أَحْمَد بْن طلاب بْن كثير الدّمشقيّ1: أبو الْجَهْم المَشْغَرانيّ. أصله من بيت لهيا، وكان يؤدب بها. ثمّ انتقل إلى قرية مشغرا فصار خطيبها. وكان يتردد إلى دمشق فمات بها. قَالَ ابن زَبْر: سقط من دابته فمات لوقته. سمع: هشام بن عمّار، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وهشام بن خَالِد الأزرق، وعليّ بْن سهل الرَّمْليّ، وجماعة. وعنه: أبو الحُسين والد تمام الرّازيّ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وآخرون. 406- أحمد بْن عليّ بْن مَعْبَد الشُّعَيْريّ2: سمع: الحَسَن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن منصور زاج. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن أخي ميمي. قَالَ الخطيب: صدوق. 407- أحمد بْن محمد بْن إِسْحَاق: أبو جعفر العنزي.   1 تاريخ بغداد "1/ 375"، العبر "2/ 175"، والتهذيب "6/ 449". 2 تاريخ بغداد "4/ 308". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 424 روى عَنْهُ: عليّ بْن حُجْر، وغيره. وعنه: زاهر بْن أحمد السَّرْخَسيّ، وأبو حامد أحمد بْن عَبْد اللَّه النُّعَيْميّ. تُوُفّي في شهر ذي القعدة. وقع لنا حديثه. 408- إبراهيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ1: أَبُو إِسْحَاقَ الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ الحافظ. ويقال: إنّه أُمَوي. سمع: أحمد بْن إبراهيم بْن ملّاس، ومحمد بْن سَعِيد بْن أَبِي قفيز، وموسى بْن عامر المُرِّيّ، وشُعَيب بْن شُعَيْب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وابن عَبْد الحَكَم، وجماعة. وعنه: ابنهُ محمد، وأبو سليمان بْن زَبْر، وابن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وحُمَيْد بْن الحَسَن الورّاق، وجماعة. وتُوُفّي في رجب. سمع بمصر، والشّام. 409- إبراهيم بْن محمد بْن بُقَيْرة، بموحدة، البغدادي2: أبو إسحاق البزاز. روى عنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وعليّ بْن الحُسين الدرهمي، ولوين، ويحيى بن أكثم. وعنه: أبو بكر بن شاذان، والدارقطني وقال: ضعيف. أرّخه ابن قانع. وأمّا أبو القاسم بْن الثّلّاج فقال: مات سنة 323. 410- إِسْحَاق بْن محمد الكيساني القَزْوينيّ3: الحافظ.   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 225"، ومرآة الجنان "2/ 278". 2 تاريخ بغداد "5/ 158". 3 التدوين في أخبار قزوين "2/ 280، 281". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 425 رَحل وسمع: عليّ بْن حرب، وأبا زُرْعة، ومحمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ. 411- أسلم بْن عَبْد العزيز بْن هشام بْن خَالِد الأمويّ1: من وُلِد أبان مولى عثمان بْن عفان، أبو الْجَعْد الأندلسيّ الفقيه المالكيّ. كَانَ عظيم القدر، كبير الشّأن بعيد الصَّيت، وافر الجلالة، إمامًا فقيهًا، محدِّثًا رئيسًا نبيلًا. صحب بَقِيّ بْن مَخْلَد زمانًا. ورحل سنة ستين ومائتين، فلقي إبراهيم المُزَنيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد الله بن عبد الحكم. وعاد إلى الأندلس، وولي قضاء الجماعة للنّاصر لدين اللَّه أمير الأندلس. وكان محمود السّيرة. وكف بصره في الآخر وعجز عَنِ الحكم. وكان شديدًا عَلَى الشُّهُود. تُوُفّي في رجب. أرّخه ابن يونس. وهو أخو هاشم. 412- أوس بْن الحارث بْن إبراهيم بْن سهيل: أبو شَيْبة الصَّدَفيّ. في ذي الحجّة. روى عَنْ يونس الصَّدَفيّ. "حرف الجيم": 413- جعفر بْن محمد بْن المغلِّس البغداديّ2: أخو أحمد. سمع: حَوْثرة المِنْقَريّ، وأبا سَعِيد الأشجّ، وأحمد بْن سِنان القطّان. وعنه: ابن شاهين، وأبو حفص الكِنَانيّ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 89"، لابن الفرضي، والمنتظم "6/ 237". 2 تاريخ بغداد "7/ 211، 212"، والمنتظم "6/ 237". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 426 "حرف الحاء": 414- الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ صَالِحٍ1: أبو سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمُلَقَّبُ بِالذِّئْبِ. نَزِيلُ بَغْدَادَ. حَدَّثَ بِافْتِرَائِهِ عَنْ: عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، وَمُسَدَّدٍ، وَطَالُوتِ بْنِ عَبَّادٍ، وَكَامِلِ بْنِ طَلْحَةَ، وَخِرَاشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، وَعُمَرُ الْكَتَّانِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ شَاذَانَ، وَآخَرُونَ. وَزَعَمَ أَنَّهُ وُلِدَ سنة عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: جَرِيءٌ عَلَى وَضْعِ الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ. وَمِنْ مَوْضُوعَاتِهِ: "عَلَيْكُمْ بِالْوُجُوهِ الْمِلاحِ وَالْحَدَثِ السُّودِ". تُوُفّي في ربيع الأوَّل. 415- الحُسين بْن الحُسين2: أبو عبد الله الأنطاكي قاضي الثغور. سمع: سعْد بْن محمد البَيْروتيّ، ومحمد بْن أصْبغ بْن الفَرَج الْمَصْرِيّ، وغيرهما. روى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنيّ، ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، ويوسف القّواص، وأبو حفص بْن شاهين، والمعافي بْن زكريّا. وقد وثّقه الدَّارَقُطْنيّ والخطيب. وتُوُفّي ببغداد.   1 المجروحين "1/ 241"، وتاريخ بغداد "7/ 381-384"، وميزان الاعتدال "1/ 506-509". 2 تاريخ بغداد "8/ 39"، والمنتظم "6/ 238"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 291". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 427 "حرف الراء": 416- راغب بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيَاض الْمَصْرِيّ: أبو عَوَانة. سمع: بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ. كُتُب عَنْهُ: أبو سَعِيد بْن يونس. "حرف السين": 417- سُفْيَان بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ: أبو سَعِيد، أخو إِسْحَاق وإبراهيم. سمع: أحمد بْن يونس، وغيره. وعنه: أبو الشَّيْخ. 418- سليمان بْن محمد بْن إسماعيل1: أبو أيّوب الخُزاعيّ الدّمشقيّ. سمع: القاسم الْجُوعيّ، وهشام بْن خَالِد، ومحمد بْن وزير، وموسى بْن عامر المُرِّيّ. وعنه: أبو بَكْر، وأبو زُرْعة ابنا أَبِي دُجَانَة، وأحمد بْن محمد بْن مَعْيُوف، وابن عديّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وآخرون. تُوُفّي في ذي القعدة. 419- سلامة بْن عُمَر بْن حفص: أبو عُمَر الْمَصْرِيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وغيره.   1 مختصر تاريخ دمشق "10/ 186"، "88". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 428 وعنه: ابن يونس، وقال: كتبتُ عَنْهُ، وأمره مستقيم ثمّ خلّط وحدَّثَ بما لم يسمع. قَالَ لي: إنّه وُلِد سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين. ومات في سادس عشر ربيع الأوَّل. "حرف الطاء": 420- طاهر بْن محمد بْن الحَكَم1. أبو العبّاس التَّميميّ الدّمشقيّ المؤدِّب البزّاز. إمام مسجد سوق الأحد. سمع: هشام بن عمّار. وعنه: عليّ بْن عَمْرو الحريريّ، وأبو الحُسين الرّازيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. قَالَ ابن زَبْر: تُوُفّي سنة تسع عشرة. وقال أبو الحُسين الرّازيّ: تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. "حرف العين": 421- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمود2: أبو القاسم الكَعْبيّ البلْخيّ. رأس المعتزلة في زمانة وداعيتهم. قَالَ جعفر المُسْتَغِفريّ: لَا أستجيز الرواية عَنْ أمثاله. وقال غيره: أخذ الكَعْبيّ عَنْ أَبِي الحَسَن بْن أَبِي عَمْرو الخيّاط شيخ المعتزلة. وكان الكَعْبيّ يَقُولُ: إرادة اللَّه تعالي ليستا من صفات ذاته، ولا هِيَ قائمة بهِ، ولا هِيَ حادثة في محل ولا لَا في محلّ.   1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "18/ 269". 2 الفرق بين الفرق للبغدادي "165-167"، وتاريخ بغداد "9/ 284"، والبداية "11/ 174". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 429 ويقول: الله مريد لأفعاله، بمعني أَنَّهُ خالق لها عَلَى وفق عِلْمُه. روى عَنْهُ: محمد بْن زكريّا. ودخل نسف فأكرموا مورده، إلّا الحافظ عَبْد المؤمن بْن خَلَف، فإنه ما سَلْم عَلَيْهِ وكان يكفره. فسأل الكَعْبيّ عَنْهُ، فقالوا: لَا يدخل عليّ أحد. فقال: نَحْنُ نأتيه. فاتاه، فلمّا دخل عَلَيْهِ لم يقم لَهُ، ولم يلتفت إِلَيْهِ من محرابه. فعلم الكَعْبيّ، وحلف من بعيد: باللَّه عليك يا شيخ، أي لَا تَقُم؛ ودعا لَهُ قائمًا وانصرف، ودفع الخجل من نفسه. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة من السنة. 422- عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن هارون: أبو القاسم السَّمَرْقَنْديّ، ثمّ التِّنِّيسيَّ. روى عَنْ: عَبْد الغني بْن أَبِي عَقِيل، وجعفر بْن مسافر، وجماعة. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ تسع عشرة. 423- عُبَيْد اللَّه بْن ثابت بْن أحمد بْن خازم1: أبو الحَسَن الكوفيّ الحريريّ. سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، وعليّ بْن المنذر الطّريقيّ. وعنه: عَبْد العزيز الحرْقيّ، ومحمد بْن المظفّر، وأبو حفص بْن شاهين. وكان ثقة، صاحب حديث. نزل بغداد. 424- عَبْد الوهّاب بْن عيسى بْن أَبِي حيّة2: ورّاق الجاحظ. سمع: محمد بْن معاوية بْن مالج، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص الكتّانيّ.   1 تاريخ بغداد "10/ 349"، "5494"، والمنتظم "6/ 238". 2 تاريخ بغداد "11/ 28، 29"، "5695". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 430 قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ ثقة، يُرمى بالوقف. قلتُ: تُوُفّي في شَعْبان. 425- عليّ بْن الحُسين بْن مَعْدان1: أبو الحَسَن الفارسيّ الفَسَويّ. سمع: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وأبا عمار الحُسين بْن حُرَيْث. روى عَنْهُ: الحَسَن بْن أحمد أبو عليّ الفارسي النَّحْويّ جزءًا عند أَبِي محمد الجوهريّ. وروى عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بْن أحمد الإصبهانيّ السِّمسار شيخ لأبي نُعَيْم، ومحمد بْن القاسم بْن بِشْر الفارسيّ شيخ ابن باكوَيْه. توفي في ربيع الأول. قال أبو القاسم بْن مَنْدَه. 426- عليّ بْن الحُسين بْن حرب بْن عيسى البغداديّ2: القاضي أبو عُبَيْد بْن حربَوَيْه. سمع: أحمد بْن المِقْدام العِجْليّ، ويوسف بْن موسى، والحَسَن بْن عَرَفَة، وزيد بن أخزم، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعُمَر بْن شاهين، وجماعة. قَالَ البَرْقانيّ: ذكرته للدارقطني فذكر من جلالته وفضله وقال: حدث عَنْهُ النَّسائيّ في "الصحيح". لم يحصل لي عَنْهُ حرف. وقد مات بعد أنّ كتبتُ بخمس سنين. قلت: ولى قضاء مصر ثماني عشرة سنة، فسار إليها في سنة ثلاث وتسعين ومائتين.   1 تاريخ جرجان "540"، وسير أعلام النبلاء "11/ 459". 2 الولاة والقضاة "482، 491"، للكندي، وتاريخ بغداد "11/ 395-398"، والبداية والنهاية "11/ 167". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 431 قَالَ ابن زولاق: كَانَ عالمًا بالاختلاف والمعاني والقياس، عارفًا بعلم القرآن والحديث. فصيحًا عاقلًا عفيفًا، قوّالًا بالحقّ سمحًا متعصبًا. ثمّ ذكر ابن زولاق احترام أمير مصر تكين لَهُ. وأنّه كَانَ يأتي مجلسه، ولا يدعه يقوم له. وإذا هُوَ إلى مجلس تكين مشى تكين وتلقّاه. ولم يكن في زِيّه ولا منظره بذاك. وكان بوجهه جُدَرِيّ، ولكنه كَانَ من فُحُول العلماء. قَالَ الفقيه أبو بَكْر بْن الحدّاد: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد القاضي يَقُولُ: ما لي وللقضاء. لو اقتصرتُ عَلَى الوُراقة، ما كَانَ خطّي بالرديء. وكان رزقه في الشهر مائة وعشرين دينارًا. قَالَ ابن زولاق: قَالَ أبو عُبَيْد القاضي: ما تقلّد إلّا عصبي أو غبي. قال: فجمع أحكامه بمصر باختباره. وكان أولًا يذهب إلى قول أَبِي ثور. قَالَ: وكان يورث ذوي الأرحام. وقد ولي قضاء واسط قبل مصر. قَالَ: وأبو عُبَيْد آخر قاضٍ ركب إِلَيْهِ الأمراء بمصر. وقد تَسَرّى بمصر بجارية، فتجنت عَلَيْهِ وطلبت البيع. وكان بهِ فتْق. وذكر ابن زولاق حكايات عدة تدل عَلَى وقاره وكمال عقله وإمامته وعدله وورعه التام وقال: حدث عنه في سنة ثلاثمائة النسائي. وقال أبو زكريا النووي: كان من أصحاب الوجوه. تكرر ذكره في "المهذب" و"الروضة". وقال أبو سَعِيد بْن يونس الصَّدَفيّ: هُوَ قاضي مصر. أقام بها طويلًا. وكان شيئًا عجبًا، ما رأينا مثله لَا قبله ولا بعده. وكان يتفقه عَلَى مذهب أَبِي ثور، وعُزِل عَنِ القضاء سنة إحدى عشرة؛ لأنّه كُتُب يستعفي من القضاء، ووجّه رسولًا إلى بغداد يسأل في عزله، وأغلق بابه وامتنع من الحَكَم فاعفي. فحدَّث حين جاء عزله وأملى مجالس؛ ورجع إلى بغداد. وكان ثقة، ثَبْتًا، حدَّثَ عَنْ: زيد بْن أخزم، وأحمد بْن المِقْدام، وطبقتهما. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 432 وروى الخطيب في تاريخه: أنّ ابن حربَوَيْه تُوُفّي في صَفَر، وصلّى عَلَيْهِ أبو سَعِيد الأصْطَخريّ. فأمّا: - أبو عُبَيْد اللَّه محمد بْن عَبْدة بْن حرب القاضي فقد مر سنة 313. "حرف الفاء": 427- الفضل بْن الخصيب بْن العبّاس بْن نَصْر1: أبو العبّاس الإصبهانيّ الزَّعْفرانيّ. سمع: أحمد بْن عَبْد اللَّه البزّيّ المقرئ، والنضر بْن سَلَمَةَ، وهارون الفَرَوِيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرّميّ. روى عَنْهُ: والد أَبِي نُعَيْم، وأبو أحمد العسّال، وأبو بكر بن المقرئ، والحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد، وغيرهم. وتُوُفّي في رمضان. قَالَ ابن مَرْدَوَيْه في تاريخه: كَانَ يذكر عَنْ أَبِي كُرَيْب حديثين، ثمّ زاد وكان يقرأ عَلَيْهِ من كُتُب أَبِي مسعود كلّ ما يُحمل إِلَيْهِ. "حرف اللام": 428- لُقمان بْن يوسف القَيْروانيّ2: سمع: يحيى بْن عُمَر، وابن مسكين صاحبَيْ سَحْنُون. وحج فأخذ عَنْ: عليّ بْن عَبْد العزيز، وغيره. وكان حافظًا صوّامًا قَوّامًا، عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا باللّغة. ذهب بصرهُ مدّةً ثمّ أبْصر. وتوفي بتونس.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 154"، وسير أعلام النبلاء "11/ 479". 2 مدرسة الحديث في القيروان "2/ 691"، للحسين بن محمد شواط. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 433 "حرف الميم": 429- محمد بْن جعفر بْن حيان الإصبهانيّ1: أبو عبد الله الضّرير. سمع: أحمد بْن عصام، ويونس بْن حبيب، وأحمد بْن يونس. روى عَنْهُ: ابنه أبو الشَّيْخ. 430- محمد بْن زيد بن أبي خَالِد البجّانيّ المالكيّ2: نزيل إلْبيرة بالأندلس. دارت عَلَيْهِ الفُتْيَا والأحكام. وقد أخذ عَنْهُ محمد بْن سَحْنُون. وفي الرحلة من ابن عَبْد الحَكَم. وطال عُمره، وحملوا عَنْهُ. 431- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن حَمْدَوَيْه بْن الحَكَم بْن ورق: أبو بَكْر الشّمّاخي الْبُخَارِيّ. عَنْ: سَعِيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن عيسى الطَّرَسُوسيّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وأبي حاتم الرّازيّ. وعنه: خَلَف الخيام، وأبو نَصْر محمد بْن سَعِيد التّاجر. 432- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن مَسَرّة الأندلسيّ3: رحل وسمع من: عُبَيْد اللَّه بْن يحيى اللَّيْثيّ، ومحمد بْن وضّاح، والخُشَنّي، ووالده عَبْد اللَّه بْن مَسَرّة. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: قَالَ لي خطّاب بْن مَسْلَمَة: اتُّهم بالزندقة فخرج فارًا، وتردد   1 ذكر أخبار أصبهان "271". 2 تقدمت ترجمته برقم "339". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 39" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس للحميدي "63". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 434 في المشرق مدة، فاشتغل بملاحات أهل الجدل وأصحاب الكلام والمعتزلة. ثمّ رجع إلى الأندلس، فأظهر نسكًا وورعًا، واغتر النّاس بظاهره، فاختلفوا إِلَيْهِ وسمعوا منه. ثمّ ظهر النّاس عليّ سوء معتقده وقبح مذهبه فانقبض عنه أولوا الفَهْم. وكان يَقُولُ بالقدر، ويحرف التأويل في كثير من القرآن. وله كلام عذب في التصوف والعرفان. ومات كهلا. 433- محمد بن عبد الصمد البغدادي1: أبو الطيب الدّقاق، ابن خالة البغوي. عن: حماد بن الحسن بن عنبسة، وطبقته. وعنه: أبو حفص بن شاهين، وابن أخي ميمي. 434- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بْن حماد زُغْبَة التُّجَيْبيّ: أَبُو الحسن المصري. يروى عَنْ: بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وغيره. 435- محمد بْن فطيس بْن واصل2: أبو عبد الله الغافقي الأندلسي إلبيري. محدِّث مُسْنِد بتلك الدّيار. روى عَنْ: محمد بْن أحمد العُتْبيّ الفقيه، وأبان بْن عيسى، وابن مزين. ورحل فسمع بمصر: أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وهْب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن أصبغ، وأبا إبراهيم المُزَنيّ. وبإفريقية من: شجرة بْن عيسى، وابن عَون واسمه يحيى. وصنف كتاب "الروع والأهوال"، وكتاب "الدعاء".   1 تاريخ بغداد "2/ 377"، "887". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 40-42"، "1205"، وجذوة المقتبس للحميدي "84". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 435 وكان عارفًا بمذهب مالك، وكانت رحلته إلى الشرق في سنة سبْعٍ وخمسين، فأكثرَ عَنْ أهل مكّة، ومصر، والقيروان. وسمع بأطرابلس من أحمد بْن عبد الله بن صالح الحافظ. وقال: ولقيتُ في رحلتي مائتي شيخ، ما رأيت فيهم مثل مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: كَانَ ابن فُطَيْس ضابطًا نبيلًا صدوقًا. وكانت الرحلة إِلَيْهِ. ثنا عَنْهُ غير واحد. تُوُفّي في شوّال، وهو ابن تسعين سنة. 436- محمد بْن موسى بْن سهل1 أبو بَكْر العطّار البَرْبَهاريّ: سمع: الحَسَن بْن عَرَفَة، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ. وعنه: أبو الحَسَن عليّ الْجِراحيّ، والدَّارَقُطْنيّ. وثَّقوه. 437- محمد بْن المؤمِّل بْن أحمد بْن الحارث2: أبو جعفر الْقُرَشِيّ العَدَويّ. المجاور بمكّة. سمع: محمد بْن إسماعيل بْن عُلَيَّة بدمشق، والزُّبَير بْن بكّار، وجماعة. وعنه: جعفر الخُلْديّ، وأبو هاشم المؤدِّب، وأبو بَكْر بْن المقرئ. وكان ثقة نحويًا متقنًا. 438- المؤمِّل بْن الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس3: أبو الوفا النَّيْسابوريّ الماسَرْجسيّ شيخ نَيْسابور في عصره أُبُوَّةً وثروةً، حتّى كَانَ يضرب بهِ المثل في ذَلِكَ. وكان أَبُوهُ من بيت حشمة في النصاري، فأسلم عَلَى يد ابن المبارك. وهو من شيوخ النُّبْل. ولم يسمع المؤمِّل من أبيه لصغره.   1 تاريخ بغداد "3/ 245"، "1331". 2 العقد الثمين "2/ 377"، وبغية الوعاة "1/ 253"، "469". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 803". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 436 وسمع من: إِسْحَاق بْن منصور، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ. وبالعراق من: الحَسَن بْن محمد بن الصباح، والرمادي، وطبقتهم. روى عنه: ابناه أبو بكر محمد، وأبو القاسم علي، وأبو إسحاق المزكي، وأبو محمد المُخَلّديّ، وأبو الحَسَن محمد بْن عليّ بْن سهل الماسَرْجسيّ الشّافعيّ، وجماعة. قَالَ أبو عليّ النَّيْسابوريّ: نظرت للمؤمل في ألف جزء من أصوله، وخرجت لَهُ عشرة أجزاء، فما رأيت أحسن أصولًا منه. فلمّا فرغتُ بعث إليَّ بأثوابٍ ومائة دينار. وقال الحاكم: سمعتُ محمد بْن المؤمِّل يَقُولُ: حجّ جدّي وهو ابن نيفٍ وسبعين سنة. فدعا اللَّه أن يرزقه ولدًا؛ فلما رزق أبي فسماه المؤمل لتحقيق ما أمله، وكناه أبو الوفا ليفي لله بالنذور، ووفاها. ويروى أنّ ابن طاهر أمير خراسان اقترض من ابن ماسَرْجس ألف ألف درهم. تُوُفّي المؤمِّل سنة تسع عشرة في ربيع الآخر. وقد روى من بيته غير واحد. "حرف الفاء مكرَّر": 439- فاطمة الأندلسية1: أخت يوسف بْن يحيى بْن يوسف المَغَامِيّ الفقيه. كانت فقيهة، عالمة، زاهدة، صالحة لها ذكر. - تُوُفّيت بُقْرطُبة سنة تسع عشرة. "حرف الهاء": 440- هاشم بْن القاسم بن هاشم2: أبو العباس الهاشمي.   1 بغية الملتمس "547" للضبي. 2 تاريخ بغداد "4/ 68". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 437 عَنْ: الزُّبَيْر بْن بكّار، والعبّاس بْن يزيد البَحْرانيّ. وعنه: أبو بَكْر بْن شاذان، ويوسف القوّاس. وثّقه الخطيب. وقال القوّاس: كَانَ يقال: إنّه راهب بُنيّ هاشم. "حرف الياء": 441- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن موسى الفارسيّ1: ثقة، صدوق. روى عَنْ: الربيع المؤذِّن، وطبقته. وكان تاجرًا موسرًا بمصر. مات في جُمَادَى الآخرة. قاله ابن يونس. وفيات سنة عشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 442- أحمد بْن جعفر2: أبو بَكْر النّاقد. سمع: الحَسَن بْن عَرَفَة، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وغيرهما. وعنه: محمد بْن إِسْحَاق القَطِيعيّ، ويوسف القوّاس. بَقِيّ إلى هذا الوقت. 443- أحمد بْن الحَسَن بْن عزون بْن أَبِي الْجَعْد: أبو عَمْرو الطاهريّ. سمع من إبراهيم بن أحمد بن يعيش مسنده.   1 المنتظم "6/ 240"، "389". 2 تاريخ بغداد "4/ 65"، "1686". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 438 وعن: أحمد بْن بُدَيْل الكوفي، وعليّ بْن حرب، وحمدويه بْن عَبّاد. وعنه: صالح بْن أحمد، وعبد الرَّحْمَن بْن أحمد الأنماطي، وأهل همدان. 444- أحمد بن داود بن سليمان بن جوين: أبو بَكْر ابن القربيّ. مصري، ثقة. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع المُرَاديّ. 445- أحمد بن سعيد1: أبو الحارث الدمشقي. عن: الحسن بن أبي ربيع، وسعدان بن نصر، ويونس بن عبد الأعلى، وطائفة. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ، وعبد الوهاب الكلابي. ويعرف بابن أم سَعِيد. 446- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد2: أبو جعفر ابن النِيريّ البزّاز. بغداديّ صدوق. سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين، ويوسف القوّاس. 447- أحمد بْن عُمَيْر بْن يوسف بْن موسى بْن جوصا3: أبو الحَسَن، مولى بُنيّ هاشم. ويقال: مولى محمد بْن صالح، الكِلابيّ الدّمشقيّ حافظ الشام. سمع: موسى بْن عامر، ومحمد بْن وزير، ومحمد بْن هاشم البَعْلَبَكّيّ، وعمرو   1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "19/ 567". 2 تاريخ بغداد "4/ 226"، "1930". 3 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 420"، والمنتظم "6/ 242"، والعبر "2/ 180، 181"، والبداية والنهاية "11/ 171". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 439 ابن عثمان، وكثير بْن عُبَيْد، وأبا التقيّ هشام بْن عَبْد الملك، ومحمد بْن ميمون الإسكندرانيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وخلقًا بمصر والشام. وَصَنَّفَ وَتَكَلَّمَ عَلَى الْعِلَلِ وَالرِّجَالِ. وَأَعْلَى مَا وَقَعَ لَهُ مَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ. قَالَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّحَبِيُّ: سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: $"كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعْرَاتٌ بِيضٌ"1. قُلْتُ: وَحَدَّثَهُ أَيْضًا شَيْخٌ، عَنْ مَعْرُوفٍ الْخَيَّاطِ الَّذِي رَأَى وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ. روى عَنْهُ: حمزة الكِنَانيّ، وابن عديّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، والطَّبَرانيّ، والزُّبَير بْن عَبْد الواحد، وأبو بَكْر بْن السُّنّي، وأبو أحمد الحاكم الحفاظ، وخلق آخرهم عَبْد الوهّاب الكِلابيّ. وثّقه الطَّبَرانيّ. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: سمعتُ ابن جوصا يَقُولُ، وكان ركنًا من أركان الحديث: إسناد خمسين سنة من موت الشَّيْخ إسناد علو. وقال أبو ذرّ الهَرَوِيّ: سَمِعْتُ أبا مسعود الدّمشقيّ يَقُولُ: جاء رَجُل بغداديّ يحفظ إلى ابن جوصا، فقال لَهُ ابن جوصا: كلما أغربت عليَّ حديثًا من حديث الشّام أعطيتك درهمًا. فلم يزل الرجُل يُلقي عَلَيْهِ ما شاء اللَّه ولا يُغرب عَلَيْهِ، فاغتم لذلك الرجل، فقال للرجل: لَا تجزع. وأعطاه بكلّ حديث ذاكره بهِ درهمًا. وكان ابن جوصا ذا مالٍ كثير. وقال الحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ: سَمِعْتُ محمد بْن إبراهيم الكُرْجيّ يَقُولُ: ابن جَوْصا بالشّام كابن عُقْدة بالكوفة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: أجمع أهل الكوفة عَلَى أَنَّهُ لم يُرَ من زمان ابن مسعود رضى الله عنه إلى زمان ابن عُقْدة أحفظ من ابن عُقْدة. قَالَ أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ الصّغير: نزلنا خانًا بدمشق العصر، ونحن عَلَى أنّ نبكر إلى ابن جَوْصا، فإذا الخانيّ يعدو ويقول: أَيْنَ أبو عليّ الحافظ؟ فقلت: ههنا.   1 صحيح: أخرجه البخاري "3546". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 440 قَالَ: قد حضره الشَّيْخ زائرًا. فإذا بابن جَوْصا عَلَى بغلةٍ، فنزل عليها، ثمّ صعد إلى غرفتنا، وسلَّمَ عَلَى أَبِي عليّ ورحَّبَ بهِ، وأخذ في المذاكرة معه إلى قرب العتمة. ثمّ قَالَ: يا أبا عليّ، جمعت حديث عَبْد اللَّه بْن دينار؟. قَالَ: نعم. قَالَ: أَخْرَجَهُ إليَّ. فأخرجه، فأخذه في كمه وقام. فلمّا أصبحنا جاءنا رسوله وحملنا إلى منزله، فذاكره أبو عليّ، وانتخب عَلَيْهِ إلى المساء. ثمّ انصرفنا إلى رحلنا، وجماعة من الرحالة ينتظرون أبا عليّ. فسلموا عَلَيْهِ، ثمّ ذكروا شأن ابن جَوْصا، وما نقموا عَلَيْهِ من الأحاديث الّتي أنكروها، وأبو عليّ يسكتهم ويقول: لَا تفعلوا. هذا إمام من أئمّة المسلمين، وقد جاز القنطرة. وقال حمزة الكِنَانيّ: عندي عَنِ ابن جَوْصا مائتي جزء، واليتها كانت بياضًا. وترك حمزة الرواية عَنْهُ أصلًا. وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدّارَقُطْنيّ عن ابن جَوْصا، فقال تفرَّد بأحاديث، ولم يكن بالقوي. قلت: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وهو ثقة، لَهُ غرائب كغيره من مبادرة الحديث، فما للضعف عَلَيْهِ مدخل. وقد روى عَنْهُ جماعة. قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو التَّقِيِّ: نا بَقِيَّةُ، نا ورقاء وَابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا صَلاةَ إِلا الْمَكْتُوبَةُ" 1. فَأُنْكِرَ عَلَى ابْنِ جَوْصَا ذِكْرُ ابْنِ ثَوْبَانَ فِيهِ. وَالْخَطْبُ يَسِيرٌ. فَلَوْ كَانَ وَهْمًا لَمَا ضَرَّ، وَلَعَلَّهُ حفظه.   1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "710"، وأبو داود "1266"، والترمذي "421"، والنسائي "865"، وابن ماجه "1151"، والطبراني في معجمه الصغير "1/ 16، 192"، وغيره. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 441 قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ جَوْصَا، وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ ابْنُ الْمُقْرِئِ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ بَقِيِّ بْنِ أَبِي التَّقِيِّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ جَدِّهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا قَالَ ابْنُ جَوْصَا. وَرَوَاهُ ثِقَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ محمد بْنِ عَنْبَسَةَ الْحِمْصِيِّ: ثنا أَبُو التَّقِيِّ، فَذَكَرَهُ كَذَلِكَ. فَبَرِئَ عَرْضُ ابْنِ جَوْصَا مِنَ الْحَدِيثِ. وَصَحَّ أَنَّ أَبَا التَّقِيِّ، وهو ثبت رواه عن بقية، عن وَرْقَاءَ، وَابْنِ ثَوْبَانَ. وَقَالَ ابْنُ عَنْبَسَةَ: مَا أَوْضَحَ ذَلِكَ. وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ عِنْدَ أَبِي التَّقِيِّ فِي مَوْضِعَيْنِ. مَوْضِعٍ عَنْ وَرْقَاءَ، وَمَوْضِعٍ عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، فَجَمَعَهُمَا. قُلْتُ: قَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ كَثِيرًا مَا يُحَدِّثُ بالحديث عن بقية، عن ورقاء وحده. فلهذه وَقَعَ الْكَلَامُ فِيهِ. قَالَ حمزة الكِنَانيّ: سَمِعْتُ ابن جَوْصا يَقُولُ: كُنَّا ببغداد، فتذاكروا حديث أيّوب وأشباهه، فقلت: إيش أسند جُنَادَةُ عَنْ عبادة؟ فسكتوا. ثمّ قلت: أي شيء أسند عُمَر بْن عَمْرو الأحموسي؟ فلم يجيبوا بشيء. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ الحافظ: إنّما حدثونا عَنْ أَبِي التقي رواية ابن ثوبان، وهي عَنْ بقية، عَنِ ابن ثوبان، عَنْ عطاء بْن يسار، لَيْسَ فيه عَمْرو بْن دينار. وذكر حكاية طويلة. 448- أحمد بْن القاسم بْن نصر1: أبو بكر، أخو أبي الَّليْث الفرائضيّ. سمع: لُوَيْنًا، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، والحَسَن بْن حمّاد سجادة، وأبا همام السَّكُونيّ. وعنه: أبو حفص بْن شاهين، والكناني.   1 تاريخ بغداد "4/ 352"، والعبر "2/ 181"، وشذرات الذهب "2/ 285". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 442 وثّقه الخطيب وعمِّر ثمانيًا وتسعين سنة، فإنه وُلِد سنة اثنتين وعشرين ومائتين، وتُوُفّي في ذي الحجّة من هذه السّنة. 449- أحمد بْن محمد بْن أُسَيْد المَدِينيّ1: أبو أُسَيْد. رحل، وسمع من بحر بن نَصْر، وابن أَبِي مَسَرّة، ومحمد بْن إسماعيل الأُحْمُسيّ، ومحمد بْن ثُواب الهبّاريّ، وأحمد بْن الفُرات الرّازيّ. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُمَر القاضي، وأبو بَكْر أحمد بْن محمد بْن إبراهيم القطّان، وسليمان بْن أحمد الطَّبَرانيّ، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن الحَجّاج. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 450- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل: أبو بَكْر البلْخيّ القاضي. من جِلّة علماء بلده. 451- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم2: أَبُو إِسْحَاق العُمَريّ الكوفي. عَنْ: أَبِي كُرَيْب، وسَلْم بْن جُنَادَةَ، وابن عَرَفَة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ومحمد بْن المظفّر. حدَّثَ ببغداد، وتكلّموا فيه ولم يُتْرَك. وكان أحد الشُّهُود. 452- إبراهيم بْن محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ الأصبهاني3: الحافظ ابن الحافظ أبو إِسْحَاق. تامّ العناية بالحديث. صنَّف الشيوخ، وروى عَنْ أحمد بْن خُشْنام، وإبراهيم بن   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 66". 2 تاريخ بغداد "6/ 158"، "3203". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 197، 198". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 443 سَعْدان، وعليّ بْن محمد بْن عَبْد الوهّاب المَرْوَزِيّ، وعبد الله بن محمد بن النعمان. وعنه: أبو الشَّيخ، وأبو إسحاق بن حمزة، وعبد الله بن محمد بن الحجاج. توفي في رمضان. 453- إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي1: سكن بغداد. وحدث عَنْ: محمد بْن عَوْف، والعبّاس البَيْروتيّ. وروى عَنْ أَبِي دَاوُد السُّنَن. روى عَنْهُ: المُعَافَى بْن زكريّا الْجَرِيريّ، ويوسف القواس، وعمر بن شاهين. وثقه الدارقطني. 454- إسماعيل بن عباد2: أبو علي القطان. سمع: عباد بن يعقوب الرواجني، وأحمد بن المقدام. وعنه: عمر بن شاهين، وأبو بكر بن شاذان، وأبو الفتح القواس. محله الصدق. 455- أيوب بن سليمان بن نصر المري الأندلسي المالكي3: كان مفتي مدينة البيرة في وقته. وروى عن: بَقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضاح، وابنه سليمان. "حرف الباء": 456- بُرْد بْن عَبْد الله: مولى جعفر الفهري.   1 تاريخ بغداد "6/ 395"، والمنتظم "6/ 242"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 453". 2 تاريخ بغداد "6/ 298"، "3334". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 86" لابن الفرضي، وبغية الملتمس "238" للضبي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 444 يروى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وبحر بْن نَصْر. وكان ثقة. غرق في بحر عَيْذاب. 457- بُكَيْر الشراك: الزّاهد. من مشايخ الطّريق. سكن الشُّونِيزيّة. ورّخهُ السُّلَميّ. "حرف الجيم": 458- جعفر أبو الفضل المقتدر باللَّه1: أمير المؤمنين ابن المعتضد باللَّه أَبِي العبّاس أحمد بْن أَبِي أحمد طلحة بْن المتوكل عَلَى اللَّه العبّاسيّ. بُويع بعد أخيه المكتفي باللَّه عليّ في سنة خمس وتسعين ومائتين، وسِنُّه ثلاث عشرة سنة، ولم يَلِ أمرَ الأَمّة قبله أحدٌ أصغر منه. ولهذا انخرم النظام في أيّامه، وجرت أشياء قد ذكرنا بعضها في الوقائع. وقُتل في شوّال من السنة كما شرحنا. وقد خُلِع في أوائل خلافته لعبد اللَّه بْن المعتزّ، فلم يتم الأمر، وقُتِل ابن المعتّز، وأُعيدَ إلى الخلافة. ثمّ خُلِعَ في سنة سبْعٍ عشرة، وكتب خطّه لهم بخلع نفسه، وبايعوا أخاه القاهر بالله محمدًا. ثمّ بعد ثلاثة أيّام أُعيد المقتدر، وجددت لَهُ البيعة. وكان ربعة جميل الوجه، أبيض، مشربًا حُمْرة. قد عاجَلَه الشَّيْب بعارضيه. وكان لَهُ يوم قُتِل ثمان وثلاثون سنة. قَالَ المحسّن التّنُوخيّ: كَانَ جيّد العقل، صحيح الرّأي، ولكنّه مُؤْثِرًا للشَّهوات. لقد سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بْن عيسى يَقُولُ: ما هو إلّا أن يترك هذا الرجل، يعني   1 تاريخ الطبري "10/ 42، 139-147"، والتنبيه والإشراف "326-336"، والعبر "2/ 181، 182"، والبداية والنهاية "11/ 169"، والوافي بالوفيات "11/ 94، 95". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 445 المقتدر، النبيذ خمسة أيّام، فكان ربّما يكون في أصالة الرأي كالمأمون والمعتضد. وكان قتله في شوّال، رماه بربريُّ بحربةٍ فقتله في موكبه. وقد ولي الخلافة من أولاده ثلاثة: الراضي، والمتقي، والمطيع. وهكذا اتفق للمتوكل؛ قتل وولي الخلافة من أولاده ثلاثة: المنتصر، والمعتّز، والمعتمد. وفي أولاد الرشيد ثلاثة وُلّوا الأمرَ: الأمين، والمأمون، والمعتصم. وأمّا عَبْد الملك فولي الأمر من أولاده أربعة. ولا نظير لذلك إلّا في الملوك. فإن الملك العادل ولي السّلطنَة من أولاده بدمشق أربعة وهم: المعظَّم، والأشرف، والكامل، والصالح إسماعيل. "حرف الحاء": 459- حديد بْن موسى: أبو القاسم الْمَصْرِيّ الخيّاش. سمع: أبا أمية الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. وثّقه ابن يونس، وكتب عَنْهُ. 460- الحُرّ بْن محمد بْن الحُسين بْن أشكاب1: سمع: أَبَاهُ وعمه عليًّا، وإبراهيم بْن مجشر، والزُّبَير بْن بكّار. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين، ومحمد بْن إسماعيل الورّاق. وثّقه الخطيب وورّخه. 461- الحَسَن بْن محمد بْن عُمَر بْن سِنان2: أبو عليّ. نَيْسابوريّ. حجّ وحدَّثَ ببغداد عَنْ: أحمد بْن يوسف السُّلَميّ، ومحمد بْن يحيى. وعنه: أبو الحُسين بْن البّواب، ويوسف القوّاس. وكان ثقة. تُوُفّي ببغداد.   1 تاريخ بغداد "8/ 288"، "4490". 2 تاريخ بغداد "7/ 417"، "3971". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 446 462- الحُسين بْن صالح بْن خَيْران: أبو عليّ. في الكنى. يأتي آخر السنة. "حرف الزاي": 463- الزُّبَيْر بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان1: أَبُو عَبْد اللَّه الزبيري الفقيه الشّافعيّ. تُوُفّي في صَفَر بالبصرة. وصلّى عَلَيْهِ ابنُه أبو عاصم. وقد تقدَّم ذِكره. لَهُ مصنَّفات. "حرف السين": 464- سليمان بْن دَاوُد النَّيْسابوريّ: سمع: محمد بْن يحيى، ويزيد بْن عَبْد الصَّمد الدّمشقيّ، وأبا قِلابة الرقاشي. وعنه: يحيى العَنْبريّ، وغيره. "حرف العين": 465- العبّاس بْن بِشْر بْن عيسى بْن الأشعث2: أبو الفضل الرُّخَّجيّ. بغداديّ نبيل. حدث عن: يعقوب الدَّوْرقيّ، وأبي حذافة السَّهميّ، وطبقتهما. وعنه: ابن شاهين، ويوسف القواس، وزوج الحرة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس به بأس.   1 تاريخ بغداد "8/ 471"، ووفيات الأعيان "2/ 69"، ونكت الهميان "153". 2 المنتظم "6" 246"، "401". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 447 466- العبّاس بْن الوليد بْن شجاع1: أبو الفضل الإصبهانيّ. روى عَنْ: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن منصور زاج. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيْخ، وحسين بْن محمد بْن عليّ، وابن المقرئ. 467- عَبْد اللَّه بْن حمشاد بْن جَنْدَل: أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّيْسابوريّ المطَّوِّعيّ. سمع: محمد بْن يزيد، وسهل بْن عمار النَّيْسابوريَّيْن، وأبا قلابة، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي مَسَرّة. وعنه: ابنه أبو بَكْر، وأبو عليّ الماسَرْجسيّ، وغيرهما. 468- عَبْد اللَّه بْن عتّاب بْن أحمد بْن كثير الْبَصْرِيّ الأصل الدّمشقيّ2: أبو العبّاس بْن الزّفْتيّ. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وعيسى بْن حمّاد، وهارون بْن سَعِيد الأَيْليّ. وعنه: عليّ بْن عَمْرو الحريريّ، وأبو سليمان بْن زَبْر، وشافع بْن محمد الإسْفَرائينيّ، وأبو أحمد الحاكم، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وجماعة. وُلِد سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. قَالَ أبو أحمد الحاكم: رأيناه ثبتًا. قلت: كَانَ أسند من بقي بالشّام. عمّر ستًّا وتسعين سنة. ومات في رجب. وله مزرعة قِبْليّ المُصَلِّي. 469- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْد الكريم بْن يزيد بْن فَرُّوخ بْن دَاوُد3: أبو القاسم الرّازيّ ابن أخي الحافظ أبي زرعة. ولاؤهم لبني مخزوم.   1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 142". 2 تاريخ جرجان "138"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 194، 195". 3 العبر "12/ 183"، والوافي بالوفيات "17/ 480"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 76، 77". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 448 ويروى عَنْ: عمّه، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، ويوسف بن سعيد بن مسلم، ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني، والعراقيين، والرازيين، والمصريين. روى عنه: والد أبي نعيم، والحَسَن بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم، وابن المقرئ، وأبو بكر محمد بن عبيد الله الذكواني، وأحمد بن أبي أحمد العسال، وخلق سواهم. وكان صاحب أصول، ثقة. قاله أبو نُعَيْم، وقال: تُوُفّي عندنا بإصبهان. 470- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق بْن محمد بن معمر بن حبيب الجوهري السامري1: أبو علي القاضي. محدِّث، رحّال مُكْثِر. روى عَنْ: عليّ بْن حرب، والربيع المُرَاديّ، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عبد الحكم. قال ابن يونس: ناب في القضاء بمصر، وكان ثقة. توفّي في ربيع الآخر. قلت: روى عنه: ابن المقرئ، والطبراني، وغيرهما. وكان مولده في سنة إحدى وخمسين ومائتين. قلت: عمل قضاء ديار مصر وحده؛ لأن الذي استنابه كان ببغداد؛ وهو هارون بن إبراهيم بن حماد. قال ابن زولاق: كان عاقلا فقيها حاسبا خبيرا بالدور. له حلقة بالجامع. حدث عَنْ عليّ بْن حرب بنحو خمسين جزءًا، وعن الربيع بأكثر كُتَب الشّافعيّ. وكان يتأدَّب مَعَ الطَّحَاويّ كثيرًا، وكان يقول: هو أسن منّي بإحدى عشرة سنة، ولو أنها إحدى عشرة ساعة. والقضاء أقلّ من أنّ أفخر بهِ عَلَى أَبِي جعفر. وكانت ولايته سنة وشهرين، وعزل. - عبد الرحمن بن الخليل أبو زيد التونسي المقرئ. يروي عن شجرة بن عيسى.   1 الولاة والقضاة "450، 482، 483، 535-537" للكندي، وحسن المحاضرة "2/ 145". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 449 471- عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ1: أبو محمد الإصبهانيّ، أخو محمد. سمع: عَقِيل بْن يحيى، وأحمد بْن الفُرات، ويحيى بْن حاتم. وعنه: أبو الشَّيْخ، وابن المقرئ، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه الحافظ، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن الحَجّاج. 472- عثمان بْن سَعِيد الكِنَانيّ الْجَيَّانيّ: أبو سَعِيد. يُعرف بحُرْقُوص. سمع: بَقِيّ بْن مَخْلَد، وكان من كبار أصحابه وكان بارعًا في الأدب. تُوُفّي قريبًا من سنة عشرين. 473- علوان بْن الحُسين2: أبو اليسير المالكيّ البغداديّ. رحل، وسمع من: إِسْحَاق الدَّبَريّ، وطائفة. وعنه: ابن شاهين، والقوّاس. 474- عليّ بْن محمد بْن عليّ ابن الخُرَاسَانيّ: أبو الحَسَن الْأَزْدِيّ القطّان. دمشقي، سمع: محمد بْن عَوْف، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة. وعنه: أبو هاشم المؤدِّب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 475- عيسى بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو3: أبو حسان البغداديّ العُثْمانيّ. شيخ. حدَّثَ بما وراء النهر بالعجائب.   1 الولاة والقضاة "536". 2 تاريخ بغداد "12/ 318"، "6762". 3 ميزان الاعتدال "3/ 317"، المغني في الضعفاء "2/ 499". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 450 عن: علي بن حُجْر، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب، والفلاس. روى عنه: عبد المؤمن، ومحمد بن زكريا، وأهل نسف. وادعى أنه سمع من آمنة بنت أنس بْن مالك. وهذا يكفيه في الفضيحة. قاله المستغفريّ. "حرف القاف": 476- القاسم بْن بَكْر الطَّيالِسيّ1: بغداديّ، ثقة، نبيل. سمع: الرَّماديّ، وأحمد بْن شَيْبان، وبكّار بْن قُتَيْبة. وعنه: ابن المظفّر، وابن حَيَّوَيْهِ، ويوسف القوّاس. "حرف الميم": 477- محمد بْن إبراهيم بْن حفص بْن شاهين البغداديّ البزاز2: سمع: محمد بْن الوليد البُسْريّ، والحَسَن بْن أَبِي الربيع، ويوسف بْن موسى. وعنه: أبو بَكْر الورّاق، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص الكِنَانيّ. ومات فجأة في رمضان. 478- محمد بْن حَسَن بْن أزهر3: أبو بَكْر القَطَائعيّ الأصمّ الدّعّاء. حدَّثَ عَنْ: عُمَر بْن شَبَّة، وقَعْنَب بْن المحرّر، وجماعة. روى عَنْهُ: محمد بْن بَخِيت، وأبو حفص الكِنَانيّ. روى عَنْهُ ابن السّمّاك كتاب "الحِيدَة". قَالَ الخطيب: كَانَ غير ثقة، يروي الموضوعات.   1 تاريخ بغداد "12/ 445". 2 المنتظم "6/ 246". 3 تاريخ بغداد "2/ 193"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 51"، "2943"، والميزان "3/ 517، 518". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 451 479- محمد بْن حمدون بْن خَالِد النَّيْسابوريّ. أبو بَكْر. أحد الثقات الرّحّالين. سمع: محمد بْن يحيى، وأبا زُرْعة، وابن وارة، والربيع بْن سليمان، وسليمان بْن سيف الحرّانيّ، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ، وعبّاسًا الدُّوريّ. وعنه: محمد بْن صالح بْن هانئ، وأبو عليّ الحافظ، والحَسَن بْن أحمد المُخَلّديّ، وأبو طاهر بْن خُزَيْمة، وأبو بَكْر بْن مِهْران المقرئ، وطائفة. عاش سبْعًا وثمانين سنة. تُوُفّي في ربيع الآخر. قَالَ الحاكم: كَانَ من الثّقات الأثبات الجوّالين في أقطار الأرض، رحمه اللَّه تعالى. 480- محمد بْن زكريّا بْن إبراهيم الدّقاق1: بغداديّ. روى عَنْ: شُعَيْب الصَّرِيفينيّ، وعليّ بْن حرب. وعنه: أبو الفتح الْأَزْدِيّ، ويوسف القواس مما صح. 481- محمد بْن سَعِيد بْن حاتم2: أبو جعفر الْبُخَارِيّ الزَّنْدَنيّ. من قَرْية زَنْدَنَة. سمع: سَعِيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن واصل، وأبا صَفْوان إِسْحَاق بْن أحمد. وعنه: محمد بْن حمّ بْن ثابت، وأهل بُخَارَى. 482- محمد بْن سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو عبد الله التستري الزاهد.   1 تاريخ بغداد "5/ 287". 2 الأنساب "6/ 315"، ومعجم البلدان "3/ 154". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 452 حدَّثَ بمصر عَنْ: أَبِي يوسف القُلُوسيّ، وأحمد بْن أَبِي غَرَزَة، والمسلم بْن محمد بْن المسلم اليَمَانيّ صاحب عَبْد الرّزّاق. قَالَ ابن يونس: كتبنا عنه، وكان من أهل الورع. ثقة. مات بمصر في رمضان. 483- محمد بْن موسى: أبو عليّ الواسطيّ، قاضي الرملة. قَالَ ابن يونس: كَانَ عالمًا باللغة والتفسير، وتفقه عَلَى مذهب أهل الظّاهر. وقد رُمي بالقدر. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 484- محمد بْن هارون بْن محمد بْن إِسْحَاق العبّاسيّ: أبو عبد الله، خطيب مصر. ولد بمكة؛ وروى عَنْ: محمد بْن إسماعيل الصّائغ، وابن أَبِي مَسَرّة. وكان نبيلًا صدوقًا. تُوُفّي بمصر. وقد حدَّثَ عَنْ أَبِيهِ بكتاب "أخبار دولة بُنيّ العبّاس". 485- محمد بْن هارون بْن الحَجّاج1: أبو بَكْر القَزْوينيّ. إمام جامع قزوين. سمع: أَبَاهُ، وإسماعيل بْن توبة، ويحيى بْن عبدك، وأبا زُرْعة الرّازيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، ومحمد بْن عَبْد الملك الدقيقي. وطائفة. وكان ثقة، أكثرَ عَنْ أَبِي زُرْعة. روى عَنْهُ أهلُ بلده.   1 التدوين في أخبار قزوين "2/ 42". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 453 486- محمد بْن يوسف بْن مطر بْن صالح بْن بِشْر1. أبو عبد الله الفِرَبْرِيّ. سمع "الصَّحيح" من أَبِي عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ بفِربْر في ثلاث سنين. وسمع من عليّ بْن خَشْرَم لمّا قدِم فِرَبْر مرابطًا. قَالَ ابن السمعانيّ في أماليه: كَانَ ثقة، ورعًا. وُلِد سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قلت: أخطأ من قَالَ: إنّه سمع من قُتَيْبة. روى عَنْهُ الصحيح: أبو زيد المَرْوَزِيّ الفقيه، ومحمد بْن عُمَر الشّبويّ، وأبو محمد بْن حَمُّوَيْه، وأبو الهَيْثَم الكُشْمَيهنيّ، وأبو إِسْحَاق المُسْتملي، وأبو حامد أحمد بْن عَبْد اللَّه النُّعَيْميّ، وإسماعيل بْن حاجب الكُشَانيّ وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُ. وقد علَّى في "صحيح الْبُخَارِيّ" حديث رحلة موسى إلى الخضر2 فقال: ثناه عليّ بْن خَشْرَم، ثنا سُفْيَان، فذكره. تُوُفّي في شوّال من السنة لعشر بقين منه. وسماعه للصّحيح سنة ثمانٍ وأربعين ومائتين. وأيضًا مرةً أخرى سنة اثنتين وخمسين ومائتين. وكانت رحلة المستملي إليه في سنة أربع عشرة وثلاثمائة وسمع منه الحمويّ في سنة خمس عشرة، وست عشرة. وقال أبو زيد: رحلت إلى الفِرَبْرِيّ سنة ثماني عشرة. وقال أبو الهَيْثَم: سَمِعْتُ منه "الصّحيح" بفِرَبْر في ربيع الأوّل سنة عشرين. وحدَّثَ عَنِ الفِرَبْرِيّ بالصّحيح: أبو عليّ سَعِيد بْن السَّكَن الحافظ بمصر في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة. فهو أوّل من حدَّثَ بالكتاب عَنِ الفِرَبْرِيّ، وأعلمهم بالحديث. وروى عَنِ الفِرَبْرِيّ أَنَّهُ قَالَ: سمع الصحيح من الْبُخَارِيّ تسعون ألف رَجُل، فما بقي أحد يرويه غيري.   1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 84"، والأنساب "9/ 260، 261"، ومعجم البلدان "4/ 246"، والأعلام "7/ 148". 2 أخرجه البخاري في أكثر من موضع فراجعه في: "4725، 4726، 4727". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 454 والفِرَبْرِيّ بكسر الفاء وفتْحها، نسبةً إلى قرية فِرَبْر من قرى بُخَارَى. ذكر الوجهين عِيَاض، وابن قُرْقُول، والحازميّ، وقال: الفتح أشهر. وما ذكر ابن ماكولا غير الفتح. 487- محمد بْن يوسف بْن يعقوب بْن إسماعيل بْن حمّاد بْن زيد الْأَزْدِيّ1: مولاهم أبو عُمَر البغداديّ القاضي. سمع: الحَسَن بْن أَبِي الربيع، وزيد بْن أخزم، ومحمد بْن الوليد البُسْريّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وأبو القاسم بْن حَبَابَة، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. مولده بالبصرة سنة ثلاثٍ وأربعين ومائتين. وولي قضاء مدينة المنصور سنة أربع وثمانين. وكان لَا نظير لَهُ في الحكام عقلًا وحِلْمًا وذكاء، حتّى أنّ الرجل كَانَ إذا بالغ في وصف الشخص قَالَ: كأنه أبو عُمَر القاضي. وقلده المقتدر قضاء الجانب الشرقي وعدة نواح، ثمّ قلده قضاء القضاة سنة سبْعٍ عشرة وثلاثمائة. وحمل النّاس عَنْهُ علمًا واسعًا من الحديث والفقه. ولم يرَ الناسُ ببغداد أحسن من مجلسه. كَانَ يجلس للحديث، والبَغَويّ عَنْ يمينه، وابن صاعد عَنْ يساره، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ بين يديه. وكان يذكر أنّ جَدّه لقنه حديثًا وهو ابن أربع سنين، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الحَسَن. قَالَ: "لَا بأس بالكُحل للصّائم" 2. قَالَ الخطيب: هُوَ ممّن لَا نظير لَهُ في الأحكام عقلًا وذكاءً واستيفاءً للمعاني   1 تاريخ بغداد "3/ 401"، والعبر "2/ 183"، والبداية والنهاية "11/ 171"، وتاريخ الخلفاء "386". 2 أخرجه عبد الرزاق "7516"، في مصنفه. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 455 الكثيرة بالألفاظ اليسيرة. وكان الإنسان إذا امتلأ غيظًا قَالَ: لو أنّي أبو عُمَر القاضي ما صبرتُ. استخلف ولده عَلَى قضاء الجانب الشرقي. قَالَ الخطيب: وحمل النّاس عَنْهُ علمًا واسعًا، وكتب الفقه لإسماعيل القاضي، وقطعةً من التفسير. وعمل مُسْنَدًا كبيرًا قرأ أكثره عَلَى الناس. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي الأَبْرقُوهِيِّ: أَخْبَرَكُمُ الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ الْكَاتِبُ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ النَّقُّورِ، ثنا عِيسَى بْنُ الْجَرَّاحِ: قُرِئَ عَلَى أَبِي عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ الْقَاضِي، وَأَنَا أَسْمَعُ، سنة تِسْعِ عَشْرَةَ: حَدَّثَكُمُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: " فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ خَمْسِينَ صَلاةً: ثُمَّ نَقَصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ بِالْخَمْسِ خَمْسِينَ، الْحَسنة بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا"1. تُوُفّي في رمضان. "حرف النون": 488- نَصْر بْن ببروَيْه. أبو القاسم الشِّيرازيّ: عَنْ: الحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وإسماعيل بْن أَبِي الحارث. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعُمَر الكِنَانيّ، وغيرهم. 489- نَصْر بْن الفتح: أبو القاسم الْمَصْرِيّ، إمام مسجد صَنْدَل. حدَّثَ عَنْ: الربيع، بْن سليمان المُرَاديّ، وطائفة. وثّقه ابن يونس، وقال: مات نحو سنة عشرين وثلاثمائة. "حرف الهاء": 490- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن بندار. أبو القاسم الفارسي. بفارس.   1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3207"، ومسلم "162"، والترمذي "213" وغيرهم. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 456 "الكنى": 491- أبو عليّ بْن خَيْران1: هُوَ الحُسين بْن صالح بْن خَيْران الفقيه الشّافعيّ. من كبار الأئمّة ببغداد. قَالَ أبو الطَّيِّب الطَّبَريّ: كَانَ أبو عليّ بْن خَيْران يعاتب ابن سُرَيْج عَلَى ولاية القضاء، ويقول: هذا الأمر لم يكن في أصحابنا، إنّما كَانَ في أصحاب أَبِي حنيفة. وقال أبو إِسْحَاق الشِّيرازيّ في ترجمة ابن خَيْران: عرض عَلَيْهِ القضاء فلم يتقلد. وكان بعض وزراء المقتدر وُكِّلَ بداره ليتقلَّد القضاء، فلم يتقلَّد. وخوطب الوزير في ذَلِكَ فقال: إنّما قصدنا ليقال في زماننا: مَن وكل بداره ليتقلد القضاء فلم يفعل. قلت: تخرج بأبي عليّ بْن خَيْران جماعةٌ ببغداد. وقيل: إنّ وفاته سنة عشرين وهم، وإنّما تُوُفّي في حدود سنة عشر. والأول أظهر، فأنّ أبا بَكْر محمد بْن أحمد الحدّاد الفقيه سافر من مصر إلى بغداد يسعى لأبي عُبَيْد بْن حربَوَيْه القاضي في أنّ يعُفَى من قضاء مصر. فقال ابن زولاق في "تاريخ قضاة مصر": وشاهد ابن الحدّاد ببغداد في شوّال سنة عشر باب أَبِي عليّ بْن خَيْران الفقيه الشّافعيّ مسمورًا لامتناعه من القضاء، وقد استتر. قَالَ: فكان النّاس يأتون بأولادهم الصِّغار، فيقولون لهم: انظروا حتّى تُحَدِّثوا بهذا. قَالَ أبو عَبْد الله الحُسين بْن محمد العسْكريّ: تُوُفّي لثلاث عشرة ليلةٍ بقيت من ذي الحجّة سنة عشرين. امتنع من القضاء، فوكّل الوزير ابن عيسى ببابه، فشاهدت الموكَّلين عَلَى بابه حتّى كُلِّم فاعفاه. وقال: ختم الباب بضعة عشر يومًا. قلت: لم يبلغنا عَلَى من اشتغل ولا مَن أخذ عَنْهُ. وأظنّه مات كهلًا، ولم يسمع شيئًا فيما أعلم.   1 المنتظم "5/ 244"، ووفيات الأعيان "2/ 133"، والعبر "2/ 184". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 457 492- أبو عَمْرو الدّمشقيّ الصُّوفيّ1: قَالَ السُّلَميّ: كَانَ من كبار مشايخ الشام وعلمائهم، ومن ذوي المقامات المعروفة والكرامات المشهورة. يحكى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بالشواهد والصِّفات. وهذا مذهبٌ لأهلِ الشّام، ربمّا تكلّموا في أشياء تدق في مسائل الأرواح وغيرها، وهذا مكذوب عَلَى أَبِي عمر؛ لأنه أحد مشايخ العلماء. وقد ورد عَلَى الحلولية وأصحاب الشواهد والصّفات مقالاتهم. حكى أبو عَمْرو عَنْ: ابن الجلّاء، وغيره. حكى عَنْهُ: أحمد بْن عليّ الإصْطَخْريّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ، وأبو سَعِيد الدّمشقيّ، وجماعة. قَالَ أبو القاسم الدّمشقيّ: سألت أبا عَمْرو: أيّ الخلق أَعْجَز؟ قَالَ: مَن عجز عَنْ سياسة نفسه! قلت: فأيّ الخلق أقوى؟ قَالَ: مَن قوي عَلَى مخالفة هواه! قَالَ: فقلتُ: أيّ الخلق أعقل؟ قَالَ: مَن ترك المكوَّناتِ وأقبل عليّ مكوِّنها! وقال محمد بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ: سَمِعْتُ أبا عُمَر الدّمشقيّ يَقُولُ: كما فرضَ اللَّه عليّ الأنبياء إظهار المعجزات ليؤمنوا بها، كذلك فرضَ عَلَى الأولياء كتمان الكرامات لئلّا يفتنوا بها. قَالَ السُّلَميّ: تُوُفّي سنة عشرين. وقال ابن زَبْر: في سنة أربع وعشرين. ذكر مَن لم أعرف وفاته: من رجال هذه الطبقة الثانية والثلاثين عَلَى ترتيب المعجم: "حرف الألف": 493- أحمد بْن أيّوب بْن مُطَير الَّلخْمي: أبو سليمان الطَّبَرانيّ. سمع: دحيمًا، وغيره.   1 طبقات الصوفية للسلمي "277-279"، وحلية الأولياء "10/ 346، 347"، والنجوم الزاهرة "3/ 235". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 458 ورحل بابنه إلى اليمن، فسمع من الدَّبَريّ. روى عَنْهُ: ابنه، وابن المقرئ. حدَّثَ في سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وكان قد نيّف عَلَى الثمانين. تُوُفّي بإصبهان. 494- أحمد بْن عَبْد اللَّه: أبو بَكْر البغداديّ. سمع: سُرَيْج بْن يونس. وعنه: أبو الفتح الحافظ. 495- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين: أَبُو بَكْر السُّحَيْميّ، قاضي همدان. كَانَ حافظًا، ثقة، واسع العلم. سمع: إبراهيم بْن الهَيْثَم البَلَديّ، وجعفر بْن محمد بْن شاكر، وإسماعيل القاضي، ويحيى بْن عثمان بْن صالح الْمَصْرِيّ. روى عَنْهُ: المُعَافَى بْن زكريّا، وابن الثّلّاج، وآخرون. 496- إبراهيم بْن خُزَيْم بْن قُمَيْر بْن خاقان1: أبو إسحاق الشاشي. راوية عَبْد بْن حُمَيْد. شيخ مستور، مقبول. روى عَنْ عبدٍ تفسيره ومسنده الكبير. وحدث بخراسان. روى عنه: أبو محمد بن حمويه السرخسي، وغيره. ولم يبلغني وفاته رحمه الله.   1 التقييد لابن النقطة "189"، والإكمال لابن ماكولا "1/ 134". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 459 وقد سمع منه ابن حَمُّوَيْه بالشاش في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة في شَعْبان، وقال: كَانَ أصل أجداده من مَرْو، وأن سَماعَه من عَبْد في سنة تسعٍ وأربعين ومائتين. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو حاتم بْن حِبّان. 497- إبراهيم بْن عَبْد اللَّه1: أبو إِسْحَاق العسْكريّ الزَّبيبيّ. حدَّثَ بعسكر مُكْرَم عَنْ: أَبِي حفص الفلّاس، ومحمد بْن عَبْد الأعلى الصَّغانيّ. ومحمد بن بشار، وغيرهم. وعنه: عمر بن شاهين، وزاهر بن أحمد، وأبو بكر بن المقرئ، وغيرهم. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ عَبْدِ الْمُعِزِّ، أنا زاهر، أنا سعيد البحيري، أنا زاهر السَّرْخَسِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّبِيبِيُّ بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ، ثنا بُنْدَارٌ، ثنا محمد، ثنا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ بُنْدَارٍ. 498- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن محمد بْن غالب الأنباريّ. أبو القاسم المؤدِّب. حدَّثَ ببغداد عَنْ: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه الهَرَوِيّ، وسوار بْن عَبْد اللَّه العَنْبريّ، وعَمْرو بْن عليّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو الحَسَن الْجِراحيّ. وكان ثقة. 499- أحمد بْن جعفر بْن نَصْر. أبو العباس الرازي الجمال.   1 الأنساب "6/ 246"، واللباب "2/ 60". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "13"، ومسلم "45"، والترمذي "2515"، والنسائي "5031، 5032"، وابن ماجه "66". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 460 سمع: أحمد بْن أَبِي سُرَيْج، ومحمد بْن حُمَيْد، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو أحمد الحاكم، وأهلُ بلده. 500- أحمد بْن عليّ البغداديّ1: أبو عليّ السِّمسار. أخذ القراءة عرْضًا وتلقينًا عَنْ: محمد بن يحيى الكسائي الصغير وهو أميز أصحابه. وروى عَنْ: محمد بْن الْجَهْم. روى عَنْهُ القراءة: بكّار بْن أحمد، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وزيد بْن أَبِي بلال، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الوليُّ. 501- أحمد بْن عيسى زُغْبة: روى عَنْ: محمد بْن أحمد بْن إبراهيم بْن أحمد الحدّاد الْمَصْرِيّ. يُنظر من تاريخ ابن يونس. 502- أحمد بن موسى: أبو زُرْعة الْمَكِّيّ التَّميميّ. عَنْ: أحمد بْن أَبِي رَوْح، وغيره. وعنه: أبو محمد بْن السّقّاء، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وغيرهما. مستور. 503- أحمد بْن سَعِيد2: أبو بكر الطّائيّ الْمَصْرِيّ الكاتب. نزل دمشق، وحدَّثَ بآثارٍ عَنْ جماعة. روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى الصُّوليّ، والحسين بْن إبراهيم بْن أَبِي الرَّمْرام، ومحمد بْن عمران المرزباني.   1 معرفة القراء الكبار "1/ 272"، وغاية النهاية "1/ 90"، "405". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 88"، "110". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 461 قال أبو سليمان بْن زَبْر: اجتمعتُ أَنَا وعشرة فيهم أبو بَكْر الطّائيّ يقرأ فضائل عليّ رضى الله عنه في الجامع بدمشق. قلت: هذا كان بعد الثلاثمائة، إذ العوامّ بدمشق نواصب قَالَ: فوثب إلينا نحو المائة من أهل الجامع يريدون ضربنا. وأخذ شخصٌ بلحيتي، فجاء بعض الشيوخ، وكان قاضيًا، في الوقت فخلصني وعلقوا أبا بَكْر فضربوه، وعملوا عليّ سَوْقِهِ إلى الوالي في الخضراء، فقال لهم أبو بَكْر: يا سادة، إنّما في كتابي فضائل عليّ، وأنا أُخرج لكم غدًا فضائل معاوية أمير المؤمنين. واسمعوا هذه الأبيات الّتي قلتها الآن: حُبُّ عليّ كلّه ضَرْبُ ... يرجُف مِن خيفتهِ القلبُ فمذهبي حبُّ إمام الهُدَى ... يزيد والدّينُ هُوَ النَّصْبُ مَن غير هذا قَالَ فهو امرؤٌ ... مخالفٌ لَيْسَ لَهُ لُبُّ والنّاسُ مَن يَنْقَدْ لأهوائهم ... يَسْلَم وإلّا فالقفا نَهبُ بقي الطّائيّ هذا إلى سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. 504- أحمد بْن محمد بْن عَبْد الجبّار. أبو جعفر الرَّيّانيّ. راوي كتاب "الترغيب" عَنْ مؤلفه حُمَيْد بْن زَنْجَوَيه. روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سُرَيْج. وهو مخفف: ذكره ابن نقطة بعد محمد بْن أحمد بْن عَون. 505- أسامة بْن محمد1. أبو بَكْر الكَرْخيّ الدّقاق. عَنْ: حفص الرّباليّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القوّاس، وجماعة. 506- إِسْحَاق بْن حَمْدان2: أبو يعقوب النَّيْسابوريّ، نزيل بلخ.   1 تاريخ بغداد "7/ 52". 2 تاريخ بغداد "6/ 392"، "3436". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 462 يروي عَنْ: حمّ بْن نوح، ومحمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج. عنده عجائب عَنْ حمّ. روى عنه: أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عليّ الرّازيّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ. وحجّ سنة سبع وثلاثمائة. 507- إبراهيم بن كيغلغ1: الأمير أبو إِسْحَاق. ولاه المقتدر ساحل الشام، فقدمها سنة ست عشرة وثلاثمائة. وكان شاعرًا محسنًا جوادًا ممدحًا. فمن شعره: قُمْ يا غلامُ أدِرْ مُدامكْ ... واحثُث عَلَى النُدْمان جَامَكْ تدعي غلامي ظاهرًا ... وأظلُّ في سر علامك اللَّه يعلم أنني ... أهوى عناقك والتزامك 508- إسحاق بن سليمان2: الطبيب المعروف بالإسرائيليّ. أستاذ مصنف، مشهور بالحذق والبراعة في الطّبّ. وهو مصريّ سكن القيروان، ولازم إِسْحَاق بْن عِمران البغداديّ نزيل إفريقية الملقَّب بسمّ ساعة. أخذ عَنْهُ وتتلمذ لَهُ، وخدم أبا محمد المهديّ صاحب إفريقية، وكان طبيبه. وطال عمره وأسنّ، ولم يتزوج قطّ، فقال له بعضهم: أيسرك أن لك ولدًا؟ قال: أما إذا صار لي كتاب "الحُميّات" فلا. وقال: لي أربع كُتُب تحيى ذكري، وهي: كتاب "الحُمّيات"، وكتاب "الأغذية والأدوية"، وكتاب "البول"، وكتاب "الأسطقصات".   1 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 441"، وفوات الوفيات "1/ 42، 43". 2 معجم المؤلفين "2/ 234"، وعيون الأنباء "32، 37"، وكشف الظنون "243"، 1390 وما بعدها". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 463 وللإسرائيلي كُتُب أُخَر في الطّبّ والمنطق. وتُوُفّي قريبًا من سنة عشرين وثلاثمائة. "حرف الجيم": 509- جعفر بْن أحمد بْن مروان. أبو محمد الحلبي الوزّان الكبير. سمع: أيّوب بْن محمد الوزّان، وهشام بْن خَالِد الأزرق. وعن: ابن المقرئ، وعليّ بْن محمد الحلبيّ، وغيرهما. 510- جعفر بْن حَمْدان المَوْصِليّ الشحام1: روى عَنْ: يوسف بْن موسى القطّان، وطبقته. وعنه: محمد بْن المظفّر، وعُمَر بْن شاهين. 511- جعفر بْن حَمْدان بْن مالك القَطِيعيّ2: أبو الفضل. سمع: الهَيْثَم بْن سهل التُّسْتَريّ، وغيره. وعنه: ابنه أبو بَكْر أحمد، وأحمد بْن حفص الكِنَانيّ. 512- جُبَيْر بْن محمد بْن أحمد3: أبو عيسى الواسطيّ. حدَّثَ عَنْ: سَعْدان بْن نَصْر، وشُعَيب بْن أيّوب الصَّرِيفينيّ. وعنه: ابن المظفر، وابن شاهين، وابن المقرئ. وهو ثقة.   1 تاريخ بغداد "7/ 211"، "3687". 2 تاريخ بغداد "7/ 219"، "3694". 3 تاريخ بغداد "7/ 265"، "3748". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 464 "حرف الحاء": 513- الحسن بن إسماعيل بن سليمان: أبو علي الفارسي. حدث بخراسان عَنْ: أحمد بْن المِقْدم، ويعقوب الفَسَويّ. وعنه: محمد بْن الحَسَن بْن منصور، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وغير واحد. وأظنه نزل بُخَارَى. 514- الحَسَن بْن أحمد بْن إبراهيم بْن فيل الأَسَديّ1: أبو طاهر البالِسيّ الْإِمَام بمدينة أنطاكية، وصاحب الجزء المعروف. رحل وطوّف بعد الأربعين ومائتين. وسمع: أبا كُرَيْب، وعبد الجبار بْن العلاء، وعُقْبة بْن مُكْرَم، والحسين بْن الحَسَن المَرْوَزِيّ. ومحمد بْن مُصَفَّى، ويحيى بْن عثمان، وأحمد بْن عَبْد اللَّه البزّيّ، ومؤمل بْن إهاب، وسفيان بْن وكيع، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وكثير بْن عُبَيْد، وإِسْحَاق بْن موسى الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن قُدَامة، وغيرهم. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو بكر بن المقرئ، وعلي بْن الحُسين بْن بُنْدار قاضي أَذَنَه، وشاكر بْن عَبْد اللَّه المصِّيصيّ، وجماعة. وهو صدوق، ما عرفت فيه جرحًا. 515- الحُسين بْن إبراهيم بْن عامر بْن أَبِي عَجْرم2: الْإِمَام أبو عيسى الأنطاكي المقرئ. قرأ عَلَى: أحمد بْن جُبَيْر الأنطاكيّ المقرئ. وطال عمره واشتهر ذِكره. وقرأ عَلَيْهِ: عَبْد اللَّه بْن اليَسَع الأنطاكيّ، وعلي بن الحسين الغضائري.   1 الأنساب "62"، والرسالة المستطرفة "89". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 266"، وغاية النهاية "1/ 237". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 465 "حرف السين": 516- سَعِيد بْن هاشم بْن مرثد1: أبو عثمان الطَّبَرانيّ. سمع: أَبَاهُ، ودُحَيْمًا، وإبراهيم بْن الوليد بْن سَلَمَةَ الطَّبَرانيّ. وعنه: أبو حاتم بْن حِبّان، ومحمد بْن بَكْر بْن مطروح الْمَصْرِيّ، والفضل بْن جعفر المؤذِّن، والطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ. وقال ابن حِبّان: صدوق. روى عَنْهُ: ابن المظفّر، عَنْ مؤمل بْن شهاب. "حرف الصاد": 517- صدقة بْن منصور بْن عديّ: أبو الأزهر الكِنْديّ الحرّانيّ. عَنْ: محمد بْن بكّار بْن الريان، وأبي مَعْمَر إسماعيل بْن إبراهيم الهُذليّ، ويحيى بْن أكثم. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. قَالَ أبو أحمد: كَانَ أبو عَرُوبَة يُسيءُ الرأيَ فيه. "حرف العين": 518- العبّاس بْن الخليل بْن جَابِر2: أبو الخليل الطّائيّ الحمصيّ. عَنْ: كثير بْن عُبَيْد، ويحيى بْن عثمان، وَسَلَمَةَ بْن الخليل. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ. قَالَ أبو أحمد: فيه نظر.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 171، 172". 2 الأسامي والكنى للحاكم "مخطوطة محمد عبده بدار الكتب المصرية" "1/ ورقة 179 أ". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 466 519- العبّاس بْن عليّ بْن العبّاس بْن واضح النَّسائيّ1: بغداديّ، ثقة. روى عَنْ: عيسى بْن أَبِي حرب، والرَّماديّ، وطبقتهما. وعنه: محمد بْن المظفّر، وابن البّواب، وإِسْحَاق النِّعَاليّ، وغيرهم. 520- عَبْد اللَّه بْن جَابِر الطَّرَسُوسيّ2: سمع: زُهَيْر بْن قُمَيْر، وعَبْد اللَّه بْن خَبِيق الأنطاكي، ويمان بن سعيد اليحصبي، وجماعة. وعنه: ابن حيان، وأبو بكر بن المقرئ. 521- عبد الله بن جامع بْن زياد الحَلْوانيّ3: سمع: عليّ بْن حرب، والربيع المُرَاديّ. وعنه: أبو أحمد الغِطْريفيّ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة. 522- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الخليل4: أبو القاسم بْن الأشقر. راوي "تاريخ الْبُخَارِيّ" المختصر عَنْ مصنفه. سمع: لُوَيْنًا، والحسين بْن مهدي، ورجاء بْن مُرَجّا، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ. وعنه: محمد بْن المظفّر، وجبريل بْن محمد الهَمْذاني، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو حفص بْن شاهين، ومحمد بْن جعفر بْن يوسف، وغيرهم. وكان عَلَى قضاء كرخ بغداد. وحدَّثَ بهمذان وإصبهان. روى عَنْهُ أهل تلك الديار.   1 تاريخ بغداد "12/ 162"، "6649". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 322"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 173". 3 ديوان الإمام الشافعي "194"، تهذيب تاريخ دمشق "7/ 333". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 72"، والأنساب "39 ب". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 467 523- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سَلْم بْن حبيب1: أبو محمد المقدسيّ الفِرْيابيّ. سمع: هشام بن عمّار، وعَبْد اللَّه بْن ذَكْوان، ودُحَيْمًا، ومحمد بْن رُمْح، وحَرْمَلَة، وجماعة. وعنه: أبو حاتم بْن حِبّان ووثَّقهُ، والحَسَن بْن رشيق، ويوسف المَيَانِجيّ، وابن عديّ. ووصفه أبو بَكْر بْن المقرئ بالصلاح والدين، وروى عَنْهُ. وله رحلة. 524- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن النَّضْر2: أبو محمد الْبَصْرِيّ الجرار الكواز. سمع حديثًا واحدًا من هُدْبَةَ بْن خَالِد عَنِ الحمادين. روى عَنْهُ: محمد بْن حُمَيْد المُخَرِّميّ، وعُمَر بْن سنبك، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه. حدَّثَ ببغداد سنة اثنتي عشرة. 525- عَبْد الرَّحْمَن بْن دَاوُد بْن منصور الفارسيّ3: رحّال، سمع: هلال بْن عَبْد العلاء، وأحمد بْن عَبْد الوهّاب الحَوْطيّ، وعثمان بْن خرزاذ. وعنه: الإصبهانيّون أبو الشَّيْخ، والعسال، والحَسَن بْن عَبْد اللَّه العسْكريّ. وكان فقيهًا كثير الحديث. 526- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه4 بْن عَبْد العزيز بن الفضل الهاشمي العباسي الحلبي:   1 الأنساب "426 ب"، وسير أعلام النبلاء "11/ 317". 2 تاريخ بغداد "10/ 109"، "5236". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 115". 4 تاريخ دمشق "مخطوطة الظاهرية "10/ 20 ب"، سير أعلام النبلاء "11/ 318". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 468 ابن أخي الْإِمَام. سمع: عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه الأَسَديّ الحلبي ابن أخي الْإِمَام، وهو سميه وأكبر شيخ لَهُ. ولعله هُوَ آخر من روى عَنْهُ. وسمع أيضًا: محمد بْن قُدَامة المصِّيصيّ، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وبركة بْن محمد الحلبي، وجماعة. وعنه: أبو أحمد بْن عديّ، ومحمد بْن سليمان. 527- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد الأَسَديّ1: أبو محمد ابن أخي الْإِمَام الحلبيّ الصّغير المعدل. عنه: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، ومحمد بْن قُدَامة المصِّيصيّ، وأحمد بْن حرب المَوْصِليّ. وعنه: أبو أحمد بْن عديّ الحافظ، ومحمد بْن المظفّر الحافظ، وأبو أحمد الحاكم الحافظ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو طاهر محمد بْن سليمان بْن أحمد بْن ذَكْوان. وهو صدوق أيضًا فقد اشترك في اسمه وكنيته وعرفه هُوَ والذي قبله. وكذلك اشتركا في الرواية عَنْ جماعة من الشيوخ، وهذا من غريب الاتفاق. وأمّا: 528- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه ابن أخي الْإِمَام الحلبيّ الكبير: فقد مر في طبقة أحمد بْن حنبل؛ واللَّه أعلم. 529- عَبْد الرَّحْمَن بْن عيسى الهمذانيّ الكاتب2. كاتب رسائل الأمير بَكْر بْن عَبْد العزيز ابن الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ. وقد ولي هذا إمرة همدان للمعتضد في سنة إحدى وثمانين ومائتين.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 318". 2 معجم المؤلفين "5/ 164"، وإنباه الرواة "2/ 165، 166". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 469 وعاش عبد الرحمن بعد ذَلِكَ مدة، وبقي إلى بعد الثلاثمائة. وله كتاب "الألفاظ"، الكتاب المشهور الّذي قَالَ فيه الصاحب بْن عَبّاد: لو أدركت عَبْد الرَّحْمَن مصنف كتاب "الألفاظ" لأمرتُ بقطع لسانه ويده. فسئل عَنْ سبب ذَلِكَ، فقال: لأنه جمع شذور العربية الجزلة المعروفة في أوراق يسيرة، فأضاعها في أفواه صبيان المكاتب. ورفع عَنِ المتأدِّبين تعب الدروس والحفظ الكثير، والمطالعة الدائمة. وقال ابن فارس اللغوي: أنشدني أَبِي، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن كاتب بَكْر: ما ودني أحد إلّا بذلت لَهُ ... من المودة ما يبقى عَلَى الأبد ولا قلاني وإن كنت المحب لَهُ ... إلّا دعوت لَهُ الرَّحْمَن بالرشد ولا ائتمنت عَلَى سر فبحت له ... ولا مددت إلى غير الجميل يدي ولا أقول نعم يومًا فأتبعها ... بلا ولو ذهبت بالمال والولد1 530- عليّ بْن أحمد بْن محفوظ2 أبو الحَسَن المحفوظيّ النَّيْسابوريّ: سمع: عَبْد اللَّه بْن هاشم، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، وجماعة. وعنه: أبو علي الحافظ، وعَبْد اللَّه بْن سعْد، ومحمد بْن أحمد بْن عَبْدُوس. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْح: أَنَا زَاهِرٌ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبُحَيْرِيُّ، أَنَا محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدُوسٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْفُوظِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، ثنا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، ثنا محمد بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَشْكَرَ النَّاسِ لَهُ أَشْكَرُهُمْ لِلنَّاسِ" 3. عَبْدُ اللَّهِ تَكَلَّمَ فيه لكونه من شيعة المختار الكذاب.   1 إنباه الرواة "2/ 166". 2 الأنساب "11/ 164". 3 أخرجه أحمد في مسنده "5/ 212"، وقال المنذري في الترغيب "2/ 77"، رواه أحمد ورواته ثقات وأفاد الهيثمي قول المنذري كما في المجمع "8/ 180". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 470 531- عَبْد الرَّحْمَن بْن زاذان، أبو عيسى الرّزّاز1: روى عَنْ: أحمد بْن حنبل حديثًا واحدًا. رواه عَنْهُ: أبو محمد بْن السّقّاء، وأبو بكر بن شاذان، وأبو القاسم بن الثّلاج. مولده سنة إحدى وعشرين ومائتين. وبقي إلى سنة خمس عشرة وثلاثمائة. 532- عليّ بْن إسماعيل بْن حمّاد البغداديّ البزّاز2: سمع: يعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن المُثَنَّى، وطبقتهما. روى عَنْهُ: ابن لؤلؤ، وابن المظفّر. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا فهمًا. جمع حديث شُعْبَة واختلط آخر عمره. 533- عليّ بْن سليم بْن إِسْحَاق المقرئ البزّاز الخصيب3: بغداديّ. سمع: أبا عُمَر الدُّوريّ، وقرأ عَلَيْهِ أيضًا. وسمع أيضًا من: الحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن حسان الأزرق. وعنه: أبو القاسم عَبْد اللَّه بْن النّحّاس، ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، وإبراهيم بْن أحمد الخِرَقيّ. وقرأ عَلَيْهِ القرآن: أبو بَكْر أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الوليّ، وأخبر أَنَّهُ قرأ عَلَى الدُّوريّ. 534- عليّ بْن الحُسين4: أبو الحَسَن بْن الرَّقّيّ الوزان المقرئ. شيخ بغداديّ، لَا يُعَرف إلّا من جهة أبي أحمد السامري. ذكره الداني فقال:   1 تاريخ بغداد "10/ 287". 2 تاريخ بغداد "11/ 346". 3 تاريخ بغداد "11/ 433"، وغاية النهاية "1/ 544". 4 معرفة القراء الكبار "1/ 426"، وغاية النهاية "1/ 534، 535". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 471 أخذ القراءة عرضًا عَنْ: أَبِي شبيب السدوسي، وقُنْبل، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْدُوس، وأحمد بْن عليّ الخزاز، وإسحاق الخزاعي. مشهور ثقة. روى عنه القراء عرضا: عبد الله بن الحسين، يعني السامري. نسبه لنا فارس بن أحمد، عنه. 535- علي بن الفتح1: أبو الحسن العسكري الرومي. روى حديثا عَنِ: الحُسين بْن عَرَفَة. رواه: الدَّارَقُطْنيّ، والقاضي أبو بَكْر الأَبْهَريّ، وابن شاهين. 536- عليّ بْن محمد بْن حاتم2: أبو الحُسين القومسيّ، نزيل قزوين. حدَّثَ ببغداد عَنْ: محمد بْن عُزَيز الأَيْليّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الورّاق، والحربيّ. 537- عليّ بْن المبارك3: أبو الحَسَن المسروريّ. سمع: عَبْد الأعلى بْن حمّاد، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وجماعة. وعنه: أبو أحمد الحاكم. 538- عليّ بْن موسى بْن محمد بن النضر: أبو القاسم الأنباري.   1 تاريخ بغداد "12/ 49". 2 تاريخ بغداد "12/ 65"، والتدوين في أخبار قزوين "3/ 400". 3 تاريخ بغداد "12/ 105". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 472 حدَّثَ ببغداد عَنْ: محمد بْن وزير، وزياد بْن أيّوب، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وجماعة. وعنه: أبو القاسم بن النحاس، وأبو عمير بن حَيَّوَيْهِ، وعمر بن شاهين. وثقه ابن النحاس. 539- علي بن الحسن بن الحارث بن غيلان1: أبو القاسم المروذي البغدادي. عن: زياد بن أيوب، ومحمد بن سهل بن عسكر، وابن عرفة، وعدة. وعنه: أبو الفضل الزهري، وعلي بن عمر السكري، وعمر بن نوح. وثقه الخطيب. 540- عمر بن عثمان بن الحارث بن ميسرة الرغيثي الحمصي: روى عَنْ: عطية بْن بقية بْن الوليد، وأبي سَعِيد الأشجّ. وعنه: الحُسين بْن أحمد بْن عتاب، وابن المقرئ. 541- عُمَر بْن محمد بْن شُعَيْب الصابوني2: حدث عَنْ: عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وحنبل، وجماعة. وعنه: عُبَيْد اللَّه الزُّهْرِيّ، وابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. 542- عُمَر بْن محمد بْن عيسى الجوهريّ السذابيّ3: شيخ بغداديّ. سمع: محمود بن خداش، والحسن بن عرفة، والأثرم.   1 تاريخ بغداد "11/ 380". 2 تاريخ بغداد "11/ 226". 3 تاريخ بغداد "11/ 325". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 473 وعنه: الشّافعيّ، وابن بَخِيت، ومحمد بْن الشِّخِّير، وغيرهم. قَالَ الخطيب: في حديثه نكرة. 543- عيسى بْن عُمَر بْن العبّاس بْن حمزة بْن عَمْرو بْن أعين1: أبو عِمران السَّمَرْقَنْديّ، صاحب أَبِي محمد الدّارميّ. شيخ مستور مقبول. روى عَنْهُ: أبو الحُسين محمد بْن عَبْد اللَّه الكاغدي، وعبد الله بن أحمد بن حَمُّوَيْه السَّرْخَسِيّ، وغيرهما. لا أعلم متى توفي، إلا أَنَّهُ كَانَ في هذا العصر حيًا. "حرف الفاء": 544- الفضل بْن إسماعيل البغداديّ الغلفي2: أبو غانم. عَنْ: الحَسَن الزَّعْفرانيّ، والرَّماديّ، وطبقتهما. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس. 545- الفضل بْن محمد بْن حمّاد السُّلَميّ الحرّانيّ: أبو مَعْشَر بْن أَبِي مَعْشَر، أخو أَبِي عَرُوبَة. شيخ مسنّ كأخيه. سمع: عَبْد السّلام بْن عَبْد الحميد الْإِمَام، وجده عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو سعيد بن زاذان، والزبير بن بكار. وعنه: ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 437". 2 تاريخ بغداد "12/ 376". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 474 "حرف القاف": 546- القاسم بْن عيسى1: أبو بَكْر العصّار، دمشقيّ مشهور، ثقة. سمع: مؤمّل بْن إهاب، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعبد السّلام بْن عتيق، وموسى بْن عامر المُرِّيّ، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن حُمَيْد بْن معتوق، وأبو هاشم عَبْد الجبّار، ومحمد بْن المظفّر، وأبو بَكْر الرَّبَعِيّ، وأبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ. 547- القاسم بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو الحَسَن الجدّيّ، ثمّ الْمَكِّيّ البزّار. سمع: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، والحَسَن الحَلْوانيّ، والحسين بْن الحَسَن المَرْوَزِيّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم. "حرف الميم": 548- محمد بْن أحمد بْن حَمْدان2: أبو الطَّيِّب المَرْوَرُّوذِيّ ثمّ الرَّسْعَنّي الورّاق. يروي عَنْ: الربيع بْن سليمان، وأبي عُتْبة الحمصيّ، وإِسْحَاق بْن شاهين، وأبي هشام الرّفاعيّ، وطائفة كثيرة. وعنه: بُكَيْر الطَّرَسُوسيّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ ورماه بوضع الحديث، وأبو أحمد الحاكم. وقال أبو عروبة الحراني: ما رأيت في الكذابين أصفق وجهًا منه.   1 مختصر تاريخ دمشق "21، 33، 34". 2 ميزان الاعتدال "3/ 458"، والكامل في الضعفاء لابن عدي "6/ 2299". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 475 549- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن سَلْم: أبو العبّاس الرَّقّيّ الضراب، نزيل حران. سمع: محمد بْن سليمان لُوَيْن، وسليمان بْن عُمَر الأقطع، وإِسْحَاق بْن موسى الْأَنْصَارِيّ، وجماعة. وعنه: ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم. 550- محمد بْن أحمد بن عمر الرملي الضرير المقرئ1: أبو بكر الدّاجُونيّ الكبير. من شيوخ القراءة. تلا عَلَى: العباس بن الفضل الرازي، ومحمد بن موسى الصوري، وهارون بْن موسى الأخفش الدّمشقيّ، وجماعة بعدّه روايات. وكان كثير التطواف. قرأ عَلَيْهِ: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن فورك القباب، وأبو بكر بن مجاهد، وأحمد العجلي شيخ أبي علي الأهوازي، وزيد بن أبي بلال، وأبو بَكْر الشّذَائيّ، والعبّاس بْن محمد الدّاجُونيّ الصغير، ومحمد بن أحمد الباهلي. 551- محمد بن إبراهيم بْن شُعَيْب الغازي2: أبو الحُسين الحافظ الْجُرْجانيّ. ثقة مشهور. سمع: أبا حفص الفلّاس، وابن أَبِي الشوارب، ومحمد بْن عَبْد الملك بْن زَنْجَوَيه، والذُّهْليّ، وأبا زُرْعة الرّازيّ، والبخاريّ. روى عَنْهُ: ابن عديّ، والإسماعيليّ، وأبو أحمد الحاكم.   1 معرفة القراء الكبار "1/ 268"، والأنساب "5/ 241"، ومختصر تاريخ دمشق "21/ 293". 2 تذكرة الحفاظ "1/ 760، 761"، وشذرات الذهب "2/ 262". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 476 552- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْجُحَيْم1: أبو كثير الشَّيْبانيّ الْبَصْرِيّ. حدَّثَ ببغداد عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع بْن سليمان، ومحمد بْن إسماعيل الصائغ، وطبقتهم. روى عنه: محمد بن المظفر، وابن حَيَّوَيْهِ، وابن شاهين. قال حمزة السهمي: سألت عنه أبا محمد غلام الزهري فوثقه. 553- محمد بن أيوب بن مشكان: أبو عبد الله النيسابوري. حدث عَنْ: المُنْسَجِر بْن الصَّلْت القَزْوينيّ، وأبي عُتْبة الحمصيّ، ومحمد بْن عُمَر بْن أَبِي السَّمْح. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن أَبِي دُجَانَة، وأبو هاشم المؤدِّب، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. 554- محمد بْن حصْن بْن خَالِد2: أبو عبد الله البغداديّ الألُوسيّ. سمع: محمد بْن مَعْمَر البَحْرانيّ، ومحمد بْن زُنْبُور المكي، ومحمد بن زياد الزيادي، وعلي بْن الحُسين الدِّرْهَميّ، وجماعة. وحدَّثَ بدمشق. وعنه: محمد بْن حُمَيْد بْن مَعْيُوف، وأحمد بْن جعفر بْن حَمْدان الطَّرَسُوسيّ، والطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر المقرئ، وجماعة.   1 تاريخ جرجان "492". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 78"، وفيه: "محمد بن حصين بن خالد الأويسي"، وهو تصحيف وتحريف. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 477 555- محمد بْن سَعِيد بْن محمد1: أبو بَكْر التَّرْخُميّ الحمصيّ الحافظ، وقيل: اسمه محمد بْن جعفر بْن سَعِيد. سمع: أَبَاهُ، والحَسَن بْن عليّ بمعان، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ، وسعيد بْن عَمْرو السَّكُونيّ، وطائفة. وعنه: محمد بْن المظفّر، وأبو الفضل محمد بْن عَبْد اللَّه الشَّيْبانيّ، وأبو الخير أحمد بْن عليّ الحمصيّ الحافظ، وأبو الفضل جعفر بْن الفُرات، وآخرون. وترْخُم بطنٌ من يحصب. 556- محمد بْن الحَسَن2: أبو بَكْر العِجْليّ الكاراتيّ. روى عَنْ: سَعْدان بْن نصر، وطبقته. روى عنه: أبو عمر بْن السّمّاك، وأبو بَكْر بْن شاذان. 557- محمد بْن سليمان بْن محبوب: أبو عبد الله الحافظ المعروف بالسخل. روى عَنْ: محمد بْن عَوْف الحمصيّ، وجماعة. وعنه: الْجِعَابيّ، وابن المظفّر، وجماعة. 558- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أعين الطّائيّ3: الحمصيّ، أبو بَكْر. سمع: محمد بْن عَوْف، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد، ويزيد بْن عَبْد الصمد، وجماعة.   1 الإكمال لابن ماكولا "1/ 416"، واللباب "1/ 211". 2 الأنساب "10/ 313". 3 مختصر تاريخ دمشق "22/ 319". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 478 وعنه: أبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، والحَسَن بْن عَبْد اللَّه الكِنْديّ. والطَّبَرانيّ، وغيرهم. 559- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد: أبو الحَسَن المهرانيّ. سمع: محمد بْن الوليد البُسْريّ، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن بشّار. وعنه: محمد بْن أحمد الإخميميّ. 560- محمد بْن سُفْيَان بْن موسى المصِّيصيّ: أبو يوسف الصّفّار. روى عَنْ: محمد بْن آدم المصِّيصيّ، ومحمد بْن قُدَامة، وسعيد بْن رحمة. وعنه: ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم. 561- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن ثابت1: أبو بَكْر الأشْنانيّ. كذاب. روى عَنْ: عليّ بْن الْجَعْد، وأحمد بْن حنبل. وعنه: أبو بَكْر بْن شاذان، وغيره. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: هُوَ دجال. 562- محمد بْن المبارك بْن عَبْد الملك المعافريّ الْمَصْرِيّ: حدَّثَ عَنْهُ: دُحَيْم، وغيره. وعنه: ابن يونس. وتُوُفّي سنة بضع عشرة.   1 ميزان الاعتدال "3/ 604"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 79". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 479 563- محمد بْن عليّ القاضي1: أبو عبد الله المَرْوَزِيّ الزّاهد العابد، الملقب بالخياط؛ لأنّه كَانَ يخيط عَلَى الأيتام والمساكين حسْبةً. ولي قضاء نيسابور سنة ثمانٍ وثلاثمائة، إلى أنّ استعفى سنة إحدى عشرة. وردَّ خريطة الحَكَم ابتداء منه إلى الرئيس أَبِي الفضل البَلْعَميّ، فلم يشرب لأحدٍ ماءً، ولا عُثِر عَلَيْهِ في الدين والدُّنيا عَلَى زلّة. وكان لَا يدع سماع الحديث وهو عليّ القضاء، ولا يتخلف عَنْ مجالس أَبِي العبّاس السّرّاج. وقد كان سمع منه: عليّ بْن خَشْرَم، ومحمود بْن آدم، وأحمد بْن سيّار، والمشايخ. وسُئل أنّ يحدّث فلم يحدِّث إلّا في المذاكرة بالشيء بعد الشيء. قاله الحاكم. وقد سَمِعْتُ أبا الوليد الفقيه يَقُولُ: مررتُ أَنَا وأبو الحَسَن الصباغ عَلَى باب مسجد رجاء، ومحمد بْن عليّ الخياط جالس وكاتبه بحذائه، وليس معهما أحد. فقلت: أنحتسب ونتقدم إِلَيْهِ، ويدعي أحدنا عَلَى الآخر؟. فتقدمنا وجلسنا، فادعيت أَنَا أو هُوَ أنّي سَمِعْتُ في كتابه، وليس يعيرني سماعي. فسكت ساعة ثمّ قَالَ: بإذنك سمَّع في كتابك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأعِرْه سماعه. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ محمد بْن عليّ الحاكم المَرْوَزِيّ طول أيامه يسكن دار ابن حمدون بحذاء دارنا، وكنتُ أعرفه يخيط بالليل، وعند فراغه بالنهار، للأيتام والضعفاء، ويعدها صدقة. سَمِعْتُ محمد بْن عَبْدان خادم الجامع يَقُولُ: كَانَ محمد بْن عليّ الحاكم يجيء في كل أسبوع ليلة إلى الجامع، فيتعبَّد إلى الصّبّاح من حيث لَا يعرف غيري. فصادفته ليلةً وهو يتلو: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون}   1 سير أعلام النبلاء "14/ 564، 565". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 480 [المائدة: 44] و {الْفَاسِقُون} [المائدة: 54] و {الظَّالِمُون} [المائدة: 47] فكلّما تلا آيةً منها ضربَ بيده عَلَى صدره ضربةً، أسمع صوتَ الضّربة من شدته. قلت: ولم يورخ لَهُ موتًا. 564- محمد بْن السَّرِيّ بْن عثمان1: أبو بَكْر البغداديّ التّمّار. عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، والرَّماديّ، وعباس الدُّوريّ، وعدّة. وعنه: ابن نجيب، والدَّارَقُطْنيّ، وابن زُنْبُور الورّاق، وغيرهم. وكذا ذكره الخطيب، ولم يورخه. 565- محمد بْن صالح بْن رغيل الْبَصْرِيّ التّمّار: شيخ معمَّر. روى عَنْ: طالوت بْن عَبَّاد، وعبد الواحد بْن غياث. أدركه أبو حفص بن شاهين بالبصرة وروى عنه. 566- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف2: أبو بكر المهري. سمع: الحسن بن عرفة، وطبقته. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر بن شاذان. وكان ثقة. 567- محمد بن عبد الملك التاريخي البغدادي3: أبو بكر السراج. روى عَنْ: الحَسَن بن محمد الزعفراني، والرمادي، وهذه الطبقة.   1 تاريخ بغداد "5/ 319"، "2841". 2 تاريخ بغداد "5/ 444". 3 تاريخ بغداد "2/ 348". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 481 روى عَنْهُ: القاضي أبو الطاهر الذُّهْليّ فقط. ولقب بالتاريخي لاعتنائه التام بالتّواريخ. قَالَ الخطيب: كَانَ فاضلًا أديبًا حَسَن الأخبار. 568- محمد بْن عُمَر بْن حفص1: أبو بَكْر القبلي الثَّغْريّ. عَنْ: هلال بْن العلاء، وغيره. وعنه: ابن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان، والمعافى الْجُرِيريّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف جدًا. 569- محمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن يزيد: أبو بَكْر الهَمْذانيّ الصَّيْدلانيّ. سمع: أحمد بْن بُدَيْل، وأحمد بْن محمد التبعي، وأحمد بْن عصام الإصبهانيّ. وعنه: ابنه أحمد، وصالح بْن أحمد الحافظ، والحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن سُليمان البغداديّ الإصبهانيّ. وكان سمحًا سهلًا صالحًا صدوقًا. قاله شِيرُوَيْه في الطّبقات. 570- محمد بْن عليّ: أبو سهل الزَّعْفرانيّ. سمع: أحمد بْن سِنان القطّان، وشُعَيب الصَّرِيفينيّ. وعنه: أبو بَكْر بْن شاذان، وأبو حفص بْن شاهين. 571- محمد بْن محمد بْن سليمان الباغَنْديّ2: أخو الحافظ أَبِي بَكْر. أبو عبد الله.   1 تاريخ بغداد "3/ 24"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 87"، والميزان "3/ 669". 2 تاريخ بغداد "3/ 213". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 482 روى عَنْ: شُعَيْب بْن أيّوب الصَّرِيفينيّ بالموصل. وعنه: محمد بْن المظفّر. 572- محمد بْن محمد بن عمرو1: أبو الحسن الجارودي البصري. حدَّثَ ببغداد عَنْ: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، ونصر بْن عليّ. روى عَنْهُ: ابن بَخِيت الدّقّاق، وابن شاهين، وعليّ بْن الحَسَن الْجِراحيّ. وهو من جملة من تجاوز مائة سنة. قَالَ الخطيب: روايته مستقيمة. حدث في سنة عشرين وثلاثمائة، وقد وُلِد سنة ثمان عشرة ومائتين. 573- محمد بْن هارون بْن نافع التَّمَار2. أبو بَكْر بْن المقرئ. بصري نزل بغداد. وقرأ عَلَى محمد بْن المتوكّل رُوَيْس. وهو أجلّ أصحابه وأضبطهم لقراءة يعقوب. قرأ عَلَيْهِ: أحمد بْن محمد اليَقْطِينيّ، وأبو بَكْر النّقّاش، وأبو بَكْر بْن الأنباريّ، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وعُبَيْد اللَّه بْن سليمان النّحّاس، وأحمد بْن محمد الشَّنَبوذيّ، وأبو الحَسَن الغَضَائريّ، ومحمد بْن محمد بْن فيروز الكُرْجيّ، وعَبْد اللَّه بْن الحُسين السّامُرّيّ، وآخرون. قَالَ أبو بَكْر محمد بْن الحَسَن بْن الْجُلُنْديّ: قرأت عَلَى أَبِي بَكْر محمد بْن هارون التّمّار، وأخذ مني ثمانية عشر درهمًا. وأخبرني أَنَّهُ قرأ عَلَى رُوَيْس أربعًا وعشرين ختْمةً. قلت: تُوُفّي سنة بضع عشرة وثلاثمائة. 574- معروف بن محمد بن زياد الجرجاني3:   1 تاريخ بغداد "3/ 214". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 266، 267". 3 تاريخ جرجان "472" للسهمي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 483 حدَّثَ ببغداد عَنْ: الحَسَن بْن عليّ بْن عفان، وإِسْحَاق بْن مِهْران الرّازيّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب. وعنه: أبو بَكْر الأَبْهَريّ، ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، وآخرون. 575- المفجَّع1: هُوَ محمد بْن عَبْد اللَّه الْبَصْرِيّ النَّحْويّ. من كبار النُّحاة. يُكَنَّى أبا عَبْد اللَّه، وهو مشهور بلَقَبِه. أخذ عَنْهُ: ثعلب، وغيره. وكان شاعرًا مفلْقًا وشيعيًا متحرقًا، وبينه وبين ابن دُرَيْد مهاجر. صنف كتاب "الترجمان"، وكتاب "عرائس المجالس"، وكتاب "المتقدمين في الإيمان"، وغير ذَلِكَ. ذكره القفطي في تاريخه. 576- منصور بْن إسماعيل: أبو الحَسَن التَّميميّ الْمَصْرِيّ. الفقيه الشّافعيّ الضّرير. مصنف كتاب "الهداية"، وكتاب "الواجب"، وغير ذَلِكَ. تفقّه عَلَى أصحاب الشّافعيّ. وتُوُفّي قبل العشرين وثلاثمائة، يمكن سنة 306. 577- موسى بن أنس: أبو التهيان الْأَنْصَارِيّ. عَنْ: نَصْر بْن عليّ الْجَهْضميّ. وعنه: ابن شاهين، ومحمد بن المظفر، وغيرهما.   1 معجم الشعراء للمرزباني "464، 465"، وكشف الظنون "104، 397، 1131، 1869"، وهدية العارفين "2/ 31"، ومعجم الأدباء "17/ 90-205". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 484 "حرف الواو": 578- وصيف بْن عَبْد اللَّه1: أبو عليّ الرُّوميّ الأنطاكيّ الأشْرُوسنيّ الحافظ. عُني بالحديث ورحَلَ فيه. وروى عَنْ: أحمد بن حرب الطائي، وعلي بن سراج، وحاجب بن سليمان المنبجي، وسليمان بن سيف الحراني، وطبقتهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو بَكْر، ابنا أَبِي دجانة، وابن عدي الجرجاني، وحمزة الكناني، والطبراني، وأبو جعفر محمد بن اليقطيني. بقى إلى سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.   1 سير أعلام النبلاء "11/ 443"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 125". الجزء: 23 ¦ الصفحة: 485 الفهرس العام للكتاب : رقم الصفحة الموضوع -القرن الرابع- "أحداث سنة إحدى وثلاثمائة". 3 القبض على الوزير الخاقاني. 3 تولية محمد بن يوسف القضاء. 4 ركوب المقتدر إلى الشماسية. 4 محنة الحلاج. 4 تقليد ابن المقتدر أعمال مصر والمغرب. 5 تقليد علي بن المقتدر الري. 5 اعتقال بن ثوابة الكاتب. 5 مقتل أحمد بن إسماعيل الساماني. 5 مقتل أبي سعيد الجنابي. 6 مسير المهدي صاحب إفريقية إلى لبدة. 6 وقعة برقة. 6 حرب حَبَاسة الكُتَاميّ والعباسيين بمصر 7 تقليد ابن بسام حمص وقنسرين والعواصم. 7 وفاة الراسبي. 7 وفاة القاضي ابن أبي الشوارب. "أحداث سنة اثنتين وثلاثمائة" 7 تغلُّب نصر بن أحمد الساماني على عمّه. 8 مقتل حباسة الكتامي. 8 طهور أولاد المقتدر. 8 القبض على ابن الجصاص ومصادرته. 9 خروج الأطروش ودعوته الديلم للإسلام. 9 تقليد أبي الهيجاء الموصل والجزيرة. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 487 9 بناء المارستان بالحربية. 9 قطع طريق وفد الحجاج. 9 حرب العباسيين والفاطميين في مصر. 10 قدوم مؤنس الخادم إلى مصر. 10 صلاة العيد في جامع مصر. "أحداث سنة ثلاث وثلاثمائة" 10 تألف الوزير بن عيسى للقرامطة. 10 ولادة على بن عبد الله بن حمدان. 10 القبض على أبي الهيجاء بن حمدان. 11 ولاية ذكاء الرومي مصر. "أحداث سنة أربع وثلاثمائة" 11 حبس العلوي. 11 غزوة مؤنس الخادم بلاد الروم. 11 وفاة ابن كنداجق. 11 الخوف ببغداد من حيوان الزبزب 12 القبض على علي بن عيسى الوزير. 12 إعادة ابن الفرات إلى الوزارة. 12 إطلاق علي بن عيسى ومصادرة أخويه. 12 عصيان بن أبي الساج وأسره. 12 وفاة زيادة الله بن الأغلب. "أحداث سنة خمس وثلاثمائة" 13 قدوم رُسُل ملك الروم بالهدايا. 13 إظهار المقتدر عظمة الخلافة أمام رُسُل الروم. 13 ورود هدايا صاحب عمان. 14 رضاء المقتدر على أبي الهيجاء وإخوته. 14 وفاة الأمير غريب. 14 الحج هذا الموسم. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 488 "أحداث سنة ست وثلاثمائة" 14 فتح مارستان والدة المقتدر. 14 وفاة القاضي وكيع. 14 قتل الحسين بن حمدان. 14 القبض على الوزير ابن الفرات. 15 ولاية حامد بن العباس الوزارة. 15 ازدياد تدخل النساء في أمور الحكم. 15 وفاة الفقيه ابن سُرَيج. 15 استيلاء القائم المهدي على الإسكندرية. 15 بناء المهدية. "أحداث سنة سبع وثلاثمائة" 16 وفاة الفضل بن عبد الملك. 16 ولاية نازوك دمشق. 16 دخول القرامطة البصرة. 16 دخول عسكر القائم المهديّ الإسكندرية. 16 ولاية تكين شعلى مصر للمرة الثانية. 17 مسير مؤنس الخادم ومحمد بن طغج إلى مصر. 17 اعتلال القائم المهديّ. "أحداث سنة ثمان وثلاثمائة" 17 فتنة الغلاء ببغداد. 17 استيلاء المهدي على بلاد المغرب. 17 وفاة إبراهيم بن كَيْغَلَغ. 18 قتل ابن المديني القاص. 18 وفاة بنت المتوكل. 18 امتلاك القائم المهدي للفسطاط. 18 وفاة إمام جامع المنصور. "أحداث سنة تسع وثلاثمائة" 18 خلاف الطبري المؤرخ والحنابلة. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 489 18 تلقيب مؤنس الخادم بالمظفّر. 19 استرجاع الإسكندرية من المغاربة. 19 عزل تكين عن مصر وإعادته. 19 خروج القادة لقتال عسكر القائم المهدي. 19 مقتل الحلاج. 30 فصل من ألفاظه. "أحداث سنة عشر وثلاثمائة" 31 القبض على أم موسى القهرمانة. 31 عزل ابن البُهْلول عن قضاء بغداد. 32 بغلة يرضعها فلْو. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 490 - الطبقة الحادية والثلاثون- "وفيات سنة إحدى وثلاثمائة" "حرف الألف" 32 1- أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن أحْمَد بْن أسد بن سامان. 32 2- أحمد بن حرب المعدل المقرئ. 33 3- أحمد بن سليمان بن يوسف بن صالح. 33 4- أحمد بن الصقر بن ثوبان. 33 5- أحمد بن قُتَيْبة بن سعيد بن قُتَيْبة. 33 6- أحمد بن قدامة. 33 7- أحمد بن محمد بن سريج. 34 8- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن الجعد الوشاء. 34 9- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مصعب. 34 10- أحمد بن محمد بن يوسف بن شاهين. 35 11- أحمد بن محمود بن صبيح بن مقاتل. 35 12- أحمد بن هارون بن رَوْح. 35 13- أحمد بن يعقوب بن إبراهيم. 36 14- إبراهيم بن أسباط بن السكن البزاز. 36 15- إبراهيم بن عاصم بن موسى. 36 16- إبراهيم بن محمد بن الهيثم. 37 17- إبراهيم بن يوسف بن خالد. 37 18- إبراهيم بن هانئ بن خالد المهلبي. 37 19- إسحاق بن أحمد بن الساماني. "حرف الباء" 38 20- بكر بن أحمد بن مقبل. "حرف الجيم" 38 21- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن المستفاض. 39 22- جعفر بن محمد السوسي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 491 "حرف الحاء" 40 23- الحسن بن إبراهيم بن بشّار. 40 24- الحسن بن الحباب بن مخلد. 40 25- الحسن بن سليمان بن نافع. 41 26- الحسين بن إدريس بن المبارك بن الهيثم. 41 27- الحسين بن زكريا بن يحيى التمار. 41 28- حماد بن مدرك بن حماد. 42 29- حمدان بن عمر. 42 30- حمدان بن الهيثم التيمي الأصبهاني. 42 31- حميد بن يونس. "حرف الخاء" 42 32- خالد بن غسان. "حرف السين" 43 33- سعيد بن خُمَيْر. "حرف الصاد" 43 34- صالح بن الحسين بن الفَرَح. "حرف العين" 43 35- عامر بن أحمد بن محمد الشونيزي. 43 36- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بن أبي الشَّوارب. 44 37- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بدرون الأندلسي 44 38- عبد الله بن محمد بن ناجية بن نخبة. 45 39- عبد الله بن محمد بن حيّان بن فروخ. 45 40- عبد الله بن الوليد العكبري. 45 41- عبد الله بن وهيب الجذامي. 45 42- عبد الله بن يحيى بن موسى بن داود بن شيرازد. 46 43- علي بن روحان الدقاق. 46 44- عُمَران بن موسى بن يحيى بن جِبارة. 46 45- عُمَرو بن عثمان بن كُرَب بن غَصَص. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 492 47 46- عيسى بن إبراهيم بن موسى. "حرف القاف" 47 47- القاسم بن فورك. "حرف الكاف" 47 48- كثير بن نجيح. "حرف الميم" 48 49- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أبي بكر المقدمي. 48 50- محمد بن أحمد بن سعيد. 48 51- محمد بن أحمد بن سيد حمدويه. 49 52- محمد بن بشر بن يوسف القرشي. 50 53- محمد بن حُبَّان بن الأزهر العبدي. 50 54- محمد بن حبان الباهلي. 52 55- محمد بن جعفر الراشدي. 52 56- محمد بن حجاج بن يوسف الموصلي. 52 57- محمد بن سعيد بن ميمون. 52 58- محمد بن العباس بن أيوب. 53 59- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن أبي الشّوارب. 53 60- محمد بن عبد الله بن رستة بن الحسن الضبي. 53 61- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البخاري. 54 62- محمد بن عبد الرحمن السامي الهَرَويّ. 54 63- محمد بن عَبيدة بن يزيد بن عبيدة. 54 64- محمد بن علي بن العباس النسائي. 54 65- محمد بن يحيى بن مَنْده بن الوليد العنبري. 55 66- مسدد بن قطن بن إبراهيم النيسابوري. 55 67- موسى بن حمدون العُكبري. "حرف الهاء" 56 68- هنبل بن محمد الحمصي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 493 "وفيات سنة اثنتين وثلاثمائة" "حرف الألف" 56 69- أحمد بن قُدامة بن محمد بن فرقد. 56 70- أحمد بن محمد بن سلام بن عبدُوَيْه. 57 71- أحمد بن محمد بن موسى البغدادي. 57 72- أحمد بن يحيى بن زكريا الحضرمي. 57 73- إبراهيم بن أحمد بن معاذ الشعباني. 57 74- إبراهيم بن شريك بن الفضل الأسدي. 58 75- إبراهيم بن محمد بن الحسن الأصبهاني "ابن متوية". 58 76- إبراهيم بن محمد بن الحسن الأصبهاني. 59 77- إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسّان الأنماطيّ. 59 78- إسماعيل بن محمد بن إسحاق العذري. 59 79- أيوب بن سليمان بن صالح بن هاشم المعافري. "حرف الباء" 59 80- بدعة المغنية. 60 81- بسّام بن أحمد بن بسام بن عُمَران. 60 82- بشر بن نصر بن منصور الشافعي. "حرف الحاء" 60 83- الحسن بن عليّ بن موسى بن هارون النخاس. 60 84- الحسن بن علي بن يوسف القتاد. 61 85- الحسن بن محمد بن أحمد بن العسّال. 61 86- الحسين بن أحمد بن منصور سجادة. 61 87- حمزة بن محمد بن عيسى الكاتب. "حرف الخاء" 61 88- خلف بن أحمد بن خلف السُّمَّري. 62 89- خلف بن أحمد بن عبد الصمد المصري. "حرف الدال" 62 90- دحمان بن المعافى الإفريقي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 494 "حرف السين" 62 91- سعيد بن محمد بن صبيح الحداد. 62 92- سعيد بن محمد بن سعيد البكراوي. "حرف الصاد" 63 93- صالح بن محمد المرادي الأندلسي. "حرف العين" 63 94- عبد الله بن الأزهر بن سهيل المصري. 63 95- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخليل التميمي. 63 96- عبد الله بن الصقر بن نصر. 63 97- علي بن إسماعيل الشعيري البغدادي. 64 98- علي بن سليمان بن داود الإسكندراني. 64 99- عليّ بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام. 66 100- علي بن سليمان بن داود الإسكندراني. 66 101- عليّ بن موسى بن عيسى بن حمّاد زُغْبة. "حرف القاف" 67 102- قاسم بن ثابت بن حزم. 67 103- القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب. "حرف الميم" 67 104- محمد بن حَرِيث بن عبد الرحمن بن حاشد. 67 105- محمد بن داود بن يزيد الرازي. 67 106- محمد بن دلُّوَيْه النيسابوري. 68 107- محمد بن زكريّا بن يحيى بن عبد الله الديناري. 68 108- محمد بن زنجويه بن الهيثم القشيري. 68 109- محمد بن سعيد بن عزيز البوشنجي. 68 110- محمد بن عبد الله بن سوّار القُرْطُبيّ. 69 111- محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زُرْعة الثقفي. 71 112- موسى بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل المدني. 71 113- مؤمل بن الحسن بن اليسع البهنسي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 495 "حرف الهاء" 71 114- هارون بن نصر الأندلسي. "حرف الياء" 72 115- يُسَيْر بن إبراهيم بن خَلَف الأندلسي. "وفيات سنة ثلاث وثلاثمائة" "حرف الألف": 72 116- أحمد بن الحسين بن إسحاق البغدادي. 72 117- أحمد بن شعيب بن عليّ بن سِنان بن بحر. 75 118- أحمد بن عليّ بن أحمد بن الحسين المادرائي. 76 119- أحمد بن فرح بن جبريل البغدادي العسكري. 76 120- أحمد بن محمد بن أبي خالد الإصبهانيّ. 76 121- أحمد بن عصم الضبي. 77 122- أحمد بن محمد بن عبد الرحمن السّاميّ الهروي. 77 123- إبراهيم بن إسحاق النيسابوري الأنماطي. 77 124- إبراهيم بن عبد العزيز بن منير المصري. 77 125- إبراهيم بن عثمان المصري الأزرق. 77 126- إبراهيم بن عُمَرو بن ثَوْر بن عُمَران المرادي. 78 127- إبراهيم بن موسى الجوزي. 78 128- إسحاق بن إبراهيم بن دليل الموصلي. 78 129- إسحاق بن إبراهيم بن نصر النيسابوري. 78 130- إسحاق بن إبراهيم البشتي. "حرف الجيم" 79 131- جعفر بن أحمد بن نصر النيسابوري. 79 132- جعفر بن أحمد بن سعيد بن صَبِيح. 79 133- جعفر بن محمد بن علي الحِمْيَري. 80 134- جعفر بن محمد بن عيسى القبوري. "حرف الحاء" 80 135- حاتم بن الحسن الشاشي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 496 80 136- الحسن بن حباش الدهقان. 81 137- الحسن بن سفيان بن عامر الشيباني. 82 138- الحُسَين بن عبد الله بن محمد بن بشير. "حرف الخاء" 82 139- خليفة بن المبارك. "حرف الراء" 82 140- رُوَيم بن أحمد بن يزيد ين رويم الصوفي. "حرف الزاي" 83 141- زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل. "حرف العين" 83 142- عاصم بن رازح بن رحُبْ بن العلاء. 84 143- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن يونس السمناني. 84 144- عبد الله بن محمد بن ياسين الدوري. 84 145- عبد الرحمن بن قريش الهروي الجلاب. 85 146- علي بن رستم بن المطيار الظهراني. 85 147- عمر بن أيوب بن إسماعيل السقطي. "حرف الفاء" 85 148- فهد بن أبي هريرة أحمد بن محمد المصري. "حرف الميم" 85 149- محمد بن إسماعيل بن الفَرَج المصري. 86 150- محمد بن حرملة بن سعيد الحرشي. 86 151- محمد بن الحسن بن العلاء الخواتيمي. 86 152- محمد بن الحسن بن نصر الزيات. 86 153- محمد بن خوتك الحرسي. 86 154- محمد بن سليمان بن سندل الأندلسي. 86 155- محمد بن العبّاس بن الوليد بن محمد بن عمر بن الدرفس. 87 156- محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي. 88 157- محمد بن عثمان بن سعيد الدارمي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 497 88 158- محمد بن علي بن عمرو الحفار البغدادي. 88 159- محمد بن عيسى بن إبراهيم بن مثرود. 88 160- محمد بن محمد بن فُورَك بن عطاء القبّاب. 88 161- محمد بن حمدويه بن سنجان المروزي. 89 162- محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان السلمي. 89 163- منصور بن إسماعيل التميمي المصري. "حرف الهاء" 90 164- هارون بن يوسف الشطوي. "حرف الياء" 91 165- يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي. 91 166- يحيى بن عُبَيْد الله بن يحيى بن يحيى القرطبي. 91 167- يعقوب بن إبراهيم بن حسان الأنماطي. "وفيات سنة أربع وثلاثمائة" "حرف الألف" 91 168- أحمد بن إبراهيم بن يزيد بن عبد الله الباهلي. 92 169- أحمد بن الحسن بن عبد الله الإصبهانيّ المعدل. 92 170- أحمد بن زنجويه بن موسى المخرمي. 92 171- أحمد بن عبد الله بن عمران المروزي. 92 172- أحمد بن عُمَر بن موسي بن زَنْجَوَيْه القطان. 93 173- أحمد بن محمد بن الحسن بن السكن. 93 174- أحمد بن محمد بن رستم الطبري النحوي. 93 175- أحمد بن محمد الصيدلاني. 93 176- أحمد بن الممتنع القرشي الأيلي. 94 177- أحمد بن موسى بن الجوهري. 94 178- إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المخرمي. 94 179- إبراهيم بن محمد بن مالك بن ماهويه. 94 180- إبراهيم بن موسى الجوزي. 95 181- إسحاق بن إبراهيم بن يونس المنجنيقي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 498 95 182- إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عرباض. 96 183- أصبغ بن مالك المالكي. "حرف الجيم" 96 184- جعفر بْن أحمد بْن عَلي بن بيان الغافقي. 97 185- جعفر بن حبيش بن عائذ المصري. "حرف الحاء" 97 186- حاتم بن روح السجستاني. 97 187- الحسن بن علي الأعسم السامري. 97 188- الحسين بن عبد المجيب الموصلي. "حرف الخاء" 97 189- خلف بن هاشم الأشعري. "حرف الزاي" 98 190- زيادة الله بن عبد الله الأغلبي. "حرف الطاء" 98 191- طريف بن عبيد الله الموصلي. "حرف العين" 98 192- العباس بن إبراهيم القراطيسي. 99 193- عباس بن الوليد بن حفص الأموي. 99 194- عبد الله بن محمد بن عمران الأصبهاني. 99 195- عبد الله بن محمد الأكفاني. 99 196- عبد الله بن مظاهر الأصبهاني. 100 197- عبد العزيز بن محمد بن دينار الفارسيّ. 100 198- عبيدون بن محمد بن فهد الجهني. 100 199- عمران بن أيوب الخولاني. "حرف الْقَافِ" 100 200- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مهدي الإخميمي. 101 201- القاسم بن الليث بن مسرور. 101 202- القاسم بن محمد بن قاسم الزواوي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 499 "حرف الميم" 101 203- محمد بن أحمد بن شيرزاد. 101 204- محمد بن أحمد بن الهيثم الدوري. 101 205- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن سلام بن الزراد. 102 206- محمد بن أحمد بن المرزبان. 102 207- محمد بن جعفر بن حسين العطار. 102 208- محمد بن الحسين بن خالد القنبيطي. 102 209- محمد بن صالح بن أبي عصمة. 103 210- محمد بن عبد الوهاب بن هشام. 103 211- محمد بن عمرو بن سليمان اللقاباذي. 103 212- محمد بن هرثمة النيسابوري. 103 213- مسلم بن أحمد بن أبي عبيدة. "حرف الياء" 103 214- يحيى بن علي الكِنْدي. 104 215- يَمُوت بن المُزَرِّع بن يموت بن عيسى. 104 216- يوسف بن الحسين الرازي. "وفيات سنة خمس وثلاثمائة" 106 "حرف الألف" 107 217- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله النيسابوري. 107 218- أحمد بن العباس بن موسى العدوي. 107 219- أحمد بن عبد الواحد العقيلي الجوبري. 107 220- أحمد بن محمد بن إبراهيم الكندي. 107 221- أحمد بن محمد بن شبيب الغزال. 107 222- أحمد بن محمد الفهري. 108 223- أحمد بن هارون البخاري. 108 224- آدم بن موسى الخواري. 108 225- إسماعيل بن إسحاق بن الحصين الرقي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 500 "حرف الجيم" 108 226- جبير بن هارون. "حرف الحاء" 108 227- الحسين بن عبد الغفار. "حرف السين" 109 228- سعيد بن عبد الله الجوهري. 109 229- سعيد بن عثمان التجيبي الأعناقي. 109 230- سليمان بن محمد النحوي. "حرف الطاء" 110 231- طاهر بن عبد العزيز الرُعَيْني. "حرف العين" 110 232- العبّاس بن محمد بن أحمد الموصلي. 110 233- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي الحواريّ. 111 234- عبد الله بن صالح بن عبد الله بن الضحاك. 111 235- عبد الله بن صالح بن يونس الفرائضي. 111 236- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن شيرويه. 112 237- عبد الله بن هارون الصواف. 112 238- علي بن أحمد المريقي. 112 239- عليّ بن الحسين بن حبّان بن عمّار. 113 240- عليّ بن سعيد بن عبد الله العسْكريّ. 113 241- علي بن موسى بن يزداد القمي. 113 242- عمر بن محمد بن نصر الكاغدي. 114 243- عمران بن موسى بن مجاشع. "حرف الفاء" 114 244- الفضل بن الحُباب بن محمد بن شعيب الجمحي. "حرف القاف" 116 245- القاسم بن زكريّا بن يحيى البغدادي. 116 246- القاسم بن محمد بن بشار الأنباري. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 501 "حرف الميم" 117 247- محمد بن أبان بن ميمون السراج. 117 248- محمد بن إبراهيم بن حيون. 117 249- محمد بن أحمد بن تميم بن خالد الأصبهاني. 118 250- محمد بن إبراهيم بن نصْر بن شبيب. 118 251- محمد بن الحسين بن شهريار. 118 252- محمد بن سليمان الحامض. 119 253- محمد بن طاهر بن خالد بن أبي الدُمَيْك. 119 254- محمد بن العباس بن أسلم الأزرق. 119 255- محمد بن عبيد الله القرطبي. 119 256- محمد بن عمرو بن مَسْعَدَة. 119 257- محمد بن القاسم بن هاشم السمسار. 120 258- محمد بن المبارك بن عبد الملك الدّبّاغ. 120 259- محمد بن نصر بن القاسم الخواص. 120 260- محمد بن نصير بن أبان المديني. 120 261- مالك بن عيسى القفصي. 120 262- موسى بن هارون التوزي. "حرف الهاء" 121 263- هارون بن عليّ بن الحكم المزوق. "حرف الياء" 121 264- يحيى بن أصبغ بن خليل القرطبي. "وفيات سنة ست وثلاثمائة" "حرف الألف" 121 265- أحمد بن حذيفة البُشْتي. 122 266- أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار بن راشد. 122 267- أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني. 122 268- أحمد بن سعيد بن عبد الله المؤدب. 122 269- أحمد بن عمر بن سريج البغدادي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 502 124 270- أَحْمَد بْن سهل بن المبارك الجيراني. 125 271- أحمد بن محمد بن مسقلة التيمي. 125 272- أحمد بن موسى بن علي الصدفي. 125 273- أحمد بن يحيى بن الجلاء. 126 274- أحمد بن يعقوب بن سراج الموصلي. 126 275- أحمد بن يوسف بن الضحاك. 127 276- إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحارث الكلابي. 127 277- إبراهيم بن علي بن إبراهيم العُمَريّ المَوْصليّ. "حرف الجيم" 127 278- جبريل بن الفضل السمرقندي. 127 279- جعفر بن سهل النيسابوري. "حرف الحاء" 128 280- حاجب بن مالك بن أركين الفرغاني. 128 281- الحَسَن بن بالَوَيْه بن زيد بن سيّار الحيري. 128 282- الحسين بن حمدان بن حمدون الأمير. "حرف العين" 129 283- عامر بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم الأشعري. 129 284- عباس بن محمد الفزاري. 129 285- عبدان بن أحمد بن موسى بن زياد الأهوازي. 131 286- عبد الصمد بن عبد الله القرشي. 131 287- علي بن إبراهيم بن مطر السكري. 132 288- عليّ بن إسحاق بن عيسى بن زَاطِيَا. 132 289- عليّ بن الحَسَن بن سليمان بن سُرَيْج. 132 290- علي بن هارون بن ملول المصري. 132 291- عمر بن الحسن الحلبي. 133 292- عيسى بن إدريس بن عيسى البغدادي. "حرف الميم" 133 293- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله الأصبهاني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 503 133 294- محمد بن أصبغ بن محمد بن يوسف القرطبي. 134 295- محمد بن بابشاذ البصري. 134 296- محمد بن حرملة بن بهلول المصري. 134 297- محمد بن حمدويه بن موسى بن طريف السنجي. 134 298- محمد بن خلف بن حيان بن صدقة الضبي. 135 299- محمد بن خيرون المعافري. 135 300- محمد بن سعيد بن عمرو الخريمي. 136 301- محمد بن عبد الوهاب المروزي. 136 302- محمد بن علي بن إبراهيم المروزي. 136 303- محمد بن علي القنطري. 136 304- محمد بن محمد بن سحنون المغربي. 136 305- محمد بن مسعود بن الحارث الأسدي. 137 306- محمد بن هارون بن عبد الرحمن العتقي. 137 307- موسى بن عبد الرحمن بن حبيب الإفريقي. "وفيات سنة سبع وثلاثمائة" "حرف الألف" 137 308- أحمد بن حمدويه الدقاق. 138 309- أحمد بن سهل بن الفيرُزان. 138 310- أحمد بن علي بن المثنى الموصلي. 140 311- أحمد بن عيسى الهاشمي. 140 312- أحمد بن محمد بن عبد الله الأسدي. 140 313- أحمد بن محمد بن صالح الذارع. 140 314- أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن البراء الجرجاني. 141 315- أحمد بن محمد بن عمر الجرجاني. 141 316- أحمد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني. 141 317- أسامة بن أحمد بن أسامة التجيبي. 142 318- إسحاق بن إبراهيم القاضي البستي. 142 319- إسحاق بن عبد الله بن إبراهيم بن سلمة الكوفي البزاز. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 504 "حرف الجيم" 142 320- جعفر بن أحمد بن سِنان الواسطي. 142 321- جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي. 143 322- جعفر بن محمد بن موسى النيسابوري. "حرف الحاء" 143 323- حبيب بن نصر المهلبي. 143 324- الحسن بن إسحاق بن سلام المصري. 143 325- الحسن بن الطيب بن حمزة الشجاعي. 144 326- الحسين بن سعيد بن كامل المصري. 144 327- الحسين بن محمد بن الضحاك الفارسي. "حرف الزاي" 145 328- زكريّا بن يحيى بن عبد الرحمن الضبي. "حرف السين" 145 329- سليمان بن عيسى البغدادي. "حرف العين" 146 330- عامر بن عُمَران بن الفتح الزولهي. 146 331- عبد الله بن إبراهيم الأسدي. 146 332- عبد الله بن الحسين بن علي البجلي. 146 333- عبد الله بن عَمْرو بن عبد الله بن عَمْرو بن السرح. 146 334- عبد الله بن مالك بن سيف التجيبي. 147 335- عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري. 147 336- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ العباس الأسدي. 148 337- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أبي الحديد. 148 338- عبد الرحمن بن الحسن بن موسى الضراب. 148 339- عبيد الله بن إبراهيم بن مهدي البغدادي. 148 340- علي بن حبيس بن عابد الزوفي. 148 341- علي بن سهل بن محمد الأصبهاني. 149 342- عمران بن موسى بن فضالة الموصلي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 505 149 343- عمر بن الحسن بن نصر الحلبي. "حرف الفاء" 149 344- الفضل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحارث الباهلي. 150 345- الفضل بن أحمد بن يعقوب بن أشرس. "حرف القاف" 150 346- القاسم بن أحمد بن بشير المصري. 150 347- القاسم بن عبيد الله بن سعيد المصري. "حرف الميم" 150 348- محمد بن بكر القرطبي. 151 349- محمد بن جعفر بن محمد بن سعيد الأشعري. 151 350- محمد بن رومي النيسابوري الإخباري. 151 351- محمد بن سليمان بن بابويه. 151 352- محمد بن صالح بن ذريح العكبري. 152 353- محمد بن عبد الله بن يوسف بن خرشيد الدويري. 152 354- محمد بن عليّ بن مَخْلَد بن فرقد الداركي. 152 355- محمد بن علي بن سهيل الصيدلاني. 152 356- محمد بن علي الخطيب المقرئ. 153 357- محمد بن عيسى القزويني الصفار. 153 358- محمد بن موسى بن عبد الرحمن الصوريّ المقرئ. 153 359- محمد بن موسى بن هاشم القرطبي "الأقشين". 154 360- محمد بن هارون الروياني. 154 361- محمد بن يحيى بن حسين العمي البصري. 155 362- محمد بن يونس بن هارون حمُّوَيْه. 155 363- محمود بن محمد بن منُّوَيْه الواسطي. 156 364- مسعود بن عمر الأموي الأندلسي. 156 365- مفضل بن محمد المصري المؤدب. 156 366- موسى بن سهل الجوني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 506 "حرف النون" 156 367- نهد بن نصر بن خلف النهدي الموصلي. "حرف الهاء" 157 368- الهيثم بن خلف بن محمد الدوري. "حرف الياء" 157 369- يحيى بن زكريّا النَّيْسابوريّ الأعرج. 157 370- يحيى بن محمد بن عمروس الفقيه. "وفيات سنة ثمان وثلاثمائة" "حرف الألف" 158 371- أحمد بن الصَّلْت بن المغلس الحماني. 159 372- أحمد بن محمد بن هلال الشطوي. 159 373- إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري. 159 374- إدريس بن طهوي القطيعي. 160 375- إسحاق بن أحمد بن إسحاق الخزاعي. 160 376- إسحاق بن ديمهر التوزي. "حرف الجيم" 161 377- جابر بن فتحون الأندلسي. 161 378- جعفر بن قدامة الكاتب. 161 379- جعفر بن محمد بن جعفر بن الحَسَن الحسني. "حرف الحاء" 161 380- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد الصمد البصري. 162 381- الحَسَن بن عليّ بن يونس بن أبان. 162 382- الحَسَن بن محمد بن عنبر بن شاكر الوشاء. 162 383- حسين بن عياض بن عروة الحّرانيّ. "حرف الخاء" 162 384- خَلَف بن شاهد النسفيّ. "حرف الراء" 163 385- رفاعة بن عمارة بن وثيمة المصري. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 507 "حرف السين" 163 386- سعد بن مُعاذ بن عثمان بن حسان الثقفي. 163 387- سلم بن عصام الثقفي. "حرف الشين" 163 388- شعيب بن محمد الذراع. "حرف العين" 164 389- العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البرتي. 164 390- عبد الله بن ثابت بن يعقوب العبقسيّ. 165 391- عبد الله بن العباس الطيالسي. 165 392- عبد الله بن محمد بن وهْب بن بشر الدينوري. 166 393- عبد الله بن محمد النعيمي. 166 394- عبد الكريم بن إبراهيم بن حبان. 166 395- عبد الوهاب بن أبي عصمة الشيباني. 166 396- عبيد الله بن محمود القيرواني. 167 397- علي بن أحمد بن الحسين العجلي. 167 398- علي بن سراج المصري الحافظ. 168 399- عمر بن عبد الله بن الحسن بن حفص الأصبهاني. 168 400- عمر بن محمد بن بكار القافلائي. "حرف الميم" 168 401- محمد بن أحمد بن أسباط الجرواآني. 168 402- محمد بن إسحاق بن الوليد الثقفي. 169 403- محمد بن إسماعيل بن الفرج البناء. 169 404- محمد بن الحَسَن بن هارون بن دنبا. 169 405- محمد بن الحسن بن موسى الكندي. 169 406- محمد بن سفيان بن النضر النسفي. 170 407- محمد بن صالح بن ذَرِيح العُكْبَري. 170 408- محمد بن عبد الله بن محمد الخَولانيّ الباجي. 170 409- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد القرطبي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 508 171 410- محمد بن المفضَّل بن سَلَمَةَ بن عاصم الضبي. 171 411- محمد بن ياسين بن النضر النيسابوري. 171 412- المفضل بن محمد بن إبراهيم الجَنَدي. "وفيات سنة تسع وثلاثمائة" "حرف الألف" 172 413- أحمد بن الفضل بن سهْل البغدادي. 172 414- أحمد بن محمد بن خالد بن ميسَّر الإسكندراني. 172 415- أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الأدمي. 173 416- أحمد بن محمد بن عبد الخالق البغدادي. 173 417- أحمد بن محمد بن عُمَر الْجُرْجانيّ التّاجر. 174 418- إسحاق بن أحمد بن زيرك الفارسي. 174 419- إسماعيل بن موسى بن المبارك الحاسب. "حرف الجيم" 174 420- جعفر بن أحمد بن محمد بن الصباح الجرجرائي. "حرف الحاء" 175 421- حامد بن محمد بن شعيب بن زهير البلخي. 175 422- الحسن بن علي بن نصر الطوسي. 175 423- الحسين بن عليّ بن يزيد بن نافع المصري. 175 424- الحسين بن محمد بن الضحاك الفارسي. 176 425- الحسين بن منصور الحلاج. 176 426- حمزة بن إبراهيم بن أيوب الهاشمي. "حرف العين" 177 427- عباد بن علي بن مرزوق الثقاب. 177 428- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَمْرو القيراطيّ. 177 429- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن غزوان الخزاعي. 178 430- عبد الله بن يزيد الدقيقي. 178 431- عبد الرحمن بن الحسين بن خالد النيسابوري. 178 432- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خالد المهلبي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 509 179 433- عبد الملك بن محمود بن إبراهيم القرشي. 179 434- عُبَيْد اللَّه بْن جعفر بْن أَعَيُن البزّاز. 180 435- علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني. 180 436- عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان. "حرف الفاء" 180 437- الفضل بْن محمد بن عقيل بن خويلد الخزاعي. "حرف الميم" 180 438- محمد بن أحمد بْن راشد بن معدان الثقفي. 181 439- محمد بن إدريس بن الأسود التجيبي. 181 440- محمد بن الحسين بن مكرم البغدادي. 181 441- محمد بن خَلَف بْن المَرْزُبان بْن بسّام المحولي. 182 442- محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي. 182 443- محمد بن علي بن حسين النيسابوري. 182 444- محمد بن محمد بن عُقْبة بْن الوليد الشيباني. 183 445- محمد بن الوليد بْن محمد بن محمد بن عبيد القرطبي. "حرف الياء" 183 446- يعقوب بن سليمان الإسفرائيني. 183 447- يوسف بن مؤذن بن عيشون المعافري. "وفيات سنة عشر وثلاثمائة" "حرف الألف" 184 448- أحمد بْن أحمد بْن زياد. 184 449- أحمد بن خلف بن المرزبان المحولي. 184 450- أحمد بن العباس بن حمزة النيسابوري. 185 451- أحمد بْن محمد بن زياد بن أيّوب. 185 452- أحمد بن محمد بن عبد الواحد الطائي. 185 453- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هلال الأزدي. 185 454- أحمد بْن محمود بْن صبيح بْن سهل. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 510 186 455- أحمد بن محمد بن يحيى بن جرير الهمداني. 186 456- أحمد بن يحيى بن زهير التستري. 187 457- إبراهيم بن جابر البغدادي. 187 458- إسحاق بن إبراهيم بن محمد الأصبهاني. "حرف الحاء" 187 459- الحَسَن بْن الحسين بْن عليّ الصواف. 188 460- الحسين بْن عليّ بْن عَبْد الواحد المصريّ. "حرف الخاء" 188 461- خَالِد بْن محمد بْن خَالِد بن كولخش. "حرف الدال" 188 462- دَاوُد بْن إبراهيم بْن دَاوُد بن يزيد. "حرف السين" 189 463- سالم بْن عَبْد الله بْن أبّا الأندلسي. "حرف العين" 189 464- عافية بن محمد بن عثمان الأندلسي. 189 465- العباس بن الفضل بن شاذان. 190 466- عبد الله بن أحمد بن أسيد الأصبهاني. 190 467- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أسيد الثقفي. 190 468- عَبْد الله بْن محمد بن أَبِي الوليد القرطبي. 191 469- عَبْد الله بْن أحمد بْن مَسْلمة الفَزَاريّ. 191 470- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن القرشي. 191 471- عبد الرحمن بن محمد بن عمر الهمداني. 192 472- علي بن أحمد بن بسطام الزعفراني. 192 473- علي بن العباس بن الوليد الكوفي. 192 474- عيسى بْن سليمان بْن عَبْد الملك الْقُرَشِيّ. "حرف الفاء" 192 475- فضل بْن سَلَمَةَ بْن جرير الجهني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 511 "حرف الميم" 193 476- محمد بن إبراهيم بْن البّطال اليماني. 193 477- محمد بن إبراهيم بن آدم الصلحي. 193 478- محمد بن أحمد بْن حمّاد بْن سَعِيد الأنصاري. 194 479- محمد بن أحمد بن حماد الكوفي. 194 480- محمد بن أحمد بْن عُبَيْد بْن فَيّاض العثماني. 195 481- محمد بن أحمد بن أبي عون النسوي. 195 482- محمد بن أحمد بن هلال الشطوي. 195 483- محمد بن أحمد بن سهل البركاني. 196 484- محمد بن أحمد القرطبي. 196 485- محمد بن بنان بن معن الخلال. 196 486- محمد بن جرير بْن يزيد بْن كثير الطبري. 202 487- محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي. 202 488- محمد بن حمدان بن مهران النيسابوري. 303 489- محمد بن حنيف بن جعفر البخاري. 203 490- محمد بن العباس بن محمد اليزيدي. 203 491- محمد بن عبد الله بن بشير الهاشمي. 203 492- محمد بن عُمَر بْن يوسف بْن عامر الأندلسي. 204 493- معافى بن عمر بن حفص المصري. 204 494- موسى بن جرير الرقي. "حرف النون" 205 495- نبهان بن إسحاق البشكاسي. "حرف الهاء" 205 496- هاشم بن صالح الأندلسي. "حرف الواو" 205 497- الوليد بْن أبان بْن بونة. "حرف الياء" 206 498- يوسف بْن محمد بن يوسف. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 512 "الكنى" 206 499- أبو علي بن خيران. "ذِكْرُ من لَمْ أَعْرفُ تاريخ موتِهِ من أهْل هذه الطبقة كتبته عَلَى التقريب" "حرف الألف" 206 500- أحمد بن بطة بن إسحاق المديني. 207 501- أحمد بن بندار الحبال الأصبهاني. 207 502- أحمد بن حشمرد الجرجاني. 207 503- أحمد بن الحسن بن الجعد. 207 504- أحمد بن الحسين بن أبي الحسن الأنصاري. 207 505- أحمد بن الحسين بن علي الدمشقي. 208 506- أحمد بْن أَبِي الأخيل خَالِد بْن عَمْرو السلفي. 208 507- أحمد بن شهدل بن المفضل الحنظلي. 208 508- أحمد بن صالح بن محمد الفارسي. 208 509- أحمد بْن عامر بْن عَبْد الواحد البرقعيديّ. 209 510- أحمد بن عامر بن المعمر الأزدي. 209 511- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن شجاع البغداديّ. 209 512- أحمد بن قدامة بن فرقد البلخي. 209 513- أحمد بن محمد بن جعفر الأصبهاني. 210 514- أحمد بن داود الهمداني. 210 515- أحمد بن محمد بن عبيدة بن زياد. 210 516- أحمد بن محمد بن عيسى الحمصي. 210 517- أحمد بن محمد بن الفضل الخزاعي. 211 518- أحمد بن محمد بن المؤمل الصوري. 211 519- أحمد بن محمد بن موسى العراد. 211 520- أحمد بن محمد بن يحيى الواسطي. 211 521- أحمد بن المساور بن سهيل الضبي. 212 522- أحمد بن مكرم البرتي البغدادي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 513 212 523- أحمد بن موسى الحوطي. 212 524- أحمد بن نصر الحذَّاء. 212 525- أحمد بن هاشم بن عمرو البعلبكي. 212 526- إبراهيم بن دحيم عبد الرحمن الدمشقي. 213 527- إبراهيم بن دُرُسْتويه. 213 528- إبراهيم بن محمد بن بزرج. 213 529- إسماعيل بن أحمد البصري. 213 530- إسماعيل بن إبراهيم الصيرفي. 214 531- إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم المصري. 214 532- إسماعيل بن إسحاق بن الحصين المعمري. 214 533- إسحاق بن إبراهيم بن حاتم المديني. 214 534- أيّوب بْن محمد بن محمد بن أيّوب الصوري. "حرف الباء" 214 535- بنان بن أحمد علويه. "حرف التاء" 215 536- تميم بْن يوسف الحمصيّ الصَّيْدلانيّ. "حرف الجيم" 215 537- جعفر بْن أحمد بْن الفَرَج الدوري. 215 538- جعفر بن محمد بن أسد النصيبي. 215 539- جعفر بن محمد بن عتيب السكري. 215 540- جعفر بن محمد بن سعيد البغدادي. 216 541- جعفر بن محمد بن العباس الكرخي. 216 542- جعفر بْن محمد بن أحمد بْن صالح المصري. 216 543- جعفر بن محمد ين يعقوب الأصبهاني. "حرف الحاء" 216 - الحارث بن محمد بن الحارث. 216 544- الحسن بن بطة بن سعيد الزعفراني. 217 545- الحسن بن صالح البهنسي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 514 217 546- الحسن بن عثمان بن زياد التستري. 217 547- الحسن بن علي بن يونس الإفريقي. 217 548- الحسن بن الفرج الغزي. 218 549- الحَسَن بْن عليّ بْن رَوح بْن عَوَانة. 218 550- الحَسَن بْن عليّ بْن مَحْميّ بْن بِهْرام. 218 551- الحسن بن موسى النوبختي. 218 552- الحسن بن يوسف بن أبي طيبة المصري. 219 553- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب البغدادي. 219 554- الحسين بن أحمد بن عصمة البغدادي. 219 55- الحسين بن أحمد بن منصور البغدادي. 219 556- الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان. 219 557- الحسين بن علي بن حماد بن مهران الرازي. 220 558- الحسين بن محمد بن جابر التميمي. 220 559- حماس بن مروان بن سماك الهمداني. 220 560- حميد بن محمد بن نصير البعلبكي. "حرف الخاء" 221 561- الخِضر بْن الهَيْثَم بْن جَابِر الطوسي. "حرف الزاي" 221 562- زيد بن عبد العزيز الموصلي. "حرف السين" 221 563- سعيد بن عبد الرحيم البغدادي. 221 564- سعيد بن يعقوب القرشي الأصبهاني. 222 565- سلمان بن إسرائيل الخُجُنْدي. "حرف الشين" 222 566- شعيب بْن محمد بن أحمد بن شعيب الدبيلي. "حرف الصاد" 222 567- صالح بْن محمد بن صالح البغدادي الجلاب. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 515 "حرف العين" 222 568- عامر بْن عُقْبة بْن خَالِد الأسلمي. 223 569- عبد الله بن أحمد بن خُزَيمة البارودي. 223 570- عبد الله بن عمران بن موسى المقرئ النجار. 223 571- عبد الله بن محمد بن الأشقر. 223 572- عبد الله بن محمد بن سَلْم المقدسي. 223 573- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْد الحميد الواسطي. 224 574- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بْنِ سَيَّارٍ الْفَرْهَادَانِيُّ. 224 575- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ. 225 576- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن طُوَيْط الرملي. 225 577- عبد الله بن يحيى بن موسى السرخسي. 225 578- عبد الله بن هاشم الزعفراني. 226 579- عبد المؤمن بن أحمد بن حوثرة. 226 580- عبد الرحمن بن قريش الهروي. 226 581- عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة التميمي. 226 582- عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن سليم البغداديّ. 227 583- عتيق بن هاشم بن جرير المرادي. 227 584- علي بن إبراهيم بن الهيثم البلدي. 227 585- علي بن الحسين بن ثابت الجهني. 227 586- علي بن داود الحراني. 227 587- علي بن الصباح بن علي الأصبهاني. 227 588- عليّ بْن عَبْد الملك بْن عَبْد ربّه الطائي. 228 589- علي بن موسى بن النضر الأنباري. 228 590- عليّ بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن مولى قريش. 228 591- علي بن الحسن بن الجنيد النيسابوري. 228 592- عمران بن موسى النيسابوري. 229 593- عمر بن إسماعيل السراج. 229 594- عمرو بن الجنيد القاضي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 516 229 595- عمر بن حفص بن هند الهمداني. 229 596- عُمَر بْن سَعِيد بْن أحمد بْن سعد الطائي. 230 597- عمر بن سهل الدينوري. 230 598- عمر بن خالد الشعيري. 231 599- عمر بن بشر النيسابوري. "حرف الفاء" 231 600- الفضل بْن أحمد البغداديّ السّرّاج. "حرف القاف" 231 601- القاسم بْن عُبَيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن كثير بن عُفَير. 231 602- القاسم بن مَنْدَه بن كوشند الأصبهاني. 232 603- القاسم بن يحيى بن نصر الثقفي. 232 604- قدامة بن جعفر بن قدامة الكاتب. 232 605- قسطنطين الرومي. "حرف الكاف" 233 606- كَهْمُس بْن مَعْمَر بْن محمد بن معمر. "حرف الميم" 233 607- محمد بْن إبراهيم بْن يحيى بن الحكم الثقفي. 233 608- محمد بْن أحمد بْن الحُسين الأهوازيّ الْجُرَيْجيّ. 233 609- محمد بن أحمد بن أبان السلمي. 233 610- محمد بن أحمد بن أزهر الدمشقي. 234 611- محمد بْن أحمد بْن الوليد بْن يزيد الثقفي. 234 612- محمد بن أحمد بن عثمان المديني. 234 613- محمد بن أحمد بن يزيد الزُّهْريّ. 235 614- محمد بن أحمد بن يزيد بن وركشين. 235 615- محمد بْن إبراهيم بْن محمد بْن الوليد الأصبهاني. 235 616- محمد بن جبُّوَيه بن بندار الهمذاني. 235 617- محمد بن جعفر بن طرخان الاستراباذي. 236 618- محمد بْن جعفر بْن يحيى بْن رَزِين العقيلي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 517 236 619- محمد بن الحسن بن الخليل النسوي. 236 620- محمد بن حصن بن خالد الألوسي 236 621- محمد بن سليمان بن محبوب "السخل". 237 622- محمد بْن صالح بْن عَبْد اللَّه الطَّبَريّ. 237 623- محمد بن سلمة بن قرباء الربعي. 237 624- محمد بن سهل البغدادي العطار. 237 625- محمد بن صالح بن عبد الرحمن بن حماد التميمي. 238 626- محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأشناني. 238 627- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن المنتجع. 238 628- محمد بن عبد الله الزقاق. 238 629- محمد بن عبد الله بن يوسف المهري. 239 630- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن بلال الجوهريّ. 239 631- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام الرملي. 239 632- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدمشقي. 240 633- محمد بن عبيد الله البغدادي. 240 634- محمد بن عبيد بن وردان الدمشقي. 240 635- محمد بن عبدوس بن مالك الثقفي. 240 636- محمد بْن عليّ بْن سالم بْن علّك الهمداني. 240 637- محمد بْن عُمَيْر بْن عَبْد السّلام الرَّمْليّ. 240 638- محمد بن عون الوحيدي. 241 639- محمد بْن المُعَافَى بْن أحمد بْن أَبِي كريمة الصيداوي. 241 640- محمد بن هارون بن مجمع المصيصي. 241 641- محمد بن هاشم العذري الجسريني. 241 642- محمد بن يحيى بن داود الدمشقي. 242 643- محسن بْن محمد بْن خَالِد بْن عَبْد السلام. 242 644- محمود بْن محمد بْن الفضل بْن الصّبّاح التميمي. 242 645- مسلمة بن الهيصم العبدي. 242 646- موسى بن علي بن عبد الله الختلي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 518 243 647- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن خَالِد بْن شيرزاد. 243 648- ميمون بن عمر بن المغلوب المالكي. "حرف النون" 243 649- النُّعْمان بْن هارون بْن أَبِي الدلهاث. "حرف الهاء" 244 650- هارون بن الحسين النجاد. 244 651- هارون بن إبراهيم بن حماد البغدادي. 244 652- هارون بن عبد الرحمن العكبري. 244 653- هاشم بن إسحاق الأندلسي. "حرف الواو" 244 654- الوليد بْن المطّلب بْن نبيه السهمي. "حرف الياء" 244 655- يحيى بن طالب الأنطاكي. 245 656- يحيى بْن عليّ بْن محمد بْن هاشم بن مرداس الكندي. 245 657- يحيى بن محمد بن عمران الحلبي البالسي. 245 658- يسر بن أنس البغدادي. 245 659- يعقوب بن إسحاق العطار. 246 660- يعقوب بن يوسف بن خازم الطحان. 246 661- يوسف بن يعقوب بن مهران الفقيه. "الكنى" 246 662- أبو عبد الرحمن اللهبي. 246 663- أبو جعفر محمد بْن عَبْد اللَّه اللَّهْبيّ. 246 664- أبو العباس أحمد بن محمد اللهبي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 519 وقائع الطبقة الثانية والثلاثين "أحداث سنة إحدى عشر وثلاثمائة" 247 ذكر عزل حامد بن العباس عن الوزارة. 247 ذكر عزل علي بن عيسى. 248 ذكر نكبة ابن مقلة. 248 ذكر إخراج مؤنس الخادم إلى الرقة. 248 ذكر تفرُّغ ابن الفُرات لنكبة ابن الحاجب وشفيع المقتدري. 249 ذكر رد المواريث. 249 ذكر دخول الجنابي البصرة. 249 ذكر إشخاص الماذرائي إلى بغداد. 249 ذكر ولاية الراشدي دمشق. 250 ذكر صرف ابن حربويه عن قضاء مصر. 250 ذكر ظهور شاكر الزاهد. "أحداث سنة اثنتي عشرة" 250 ذكر وقوع ركب العراق في أسر الجنابي. 251 ذكر ضعف أمر ابن الفرات. 251 ذكر القبض على ابن الفرات. 251 وزارة الخاقاني. 252 ذكر قتل ابن الفرات وابنه. 252 ذكر إطلاق القرمطي لأبي الهيجاء من الأسر. 252 ذكر فتح فرغانة. 252 ذكر إطلاق ولدي ابن الفرات "أحداث سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة" 253 ذكر دخول القرمطي الكوفة ونهبها. 253 ذكر عزل الخاقاني من الوزارة. 253 ذكر كثرة الرطب ببغداد. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 520 253 ذكر كشف مصر. 254 ذكر عزل ابن مكرم عن قضاء مصر. "أحداث سنة أربع عشرة وثلاثمائة" 254 ذكر نزوح أهل مكة. 254 ذكر دخول الروم ملطية. 254 ذكر تجمد دجلة بالموصل. 254 ذكر ثلج بغداد. 254 ذكر امتناع حجاج خراسان والعراق. 255 ذكر القبض على الوزير ابن الخصيب. 255 ذكر وفاة ابن خاقان. 255 ذكر منازلة الروم ملطية. 255 ذكر صرف الجوهري عن قضاء مصر. "أحداث سنة خمس عشرة" 255 ذكر إكرام المقتدر لعيسى بن علي. 256 ذكر انتهاب الروم سميساط. 256 ذكر امتناع مؤنس من وداع المقتدر. 256 ذكر قدوم مؤنس على المقتدر. 256 ذكر ظهور الديلم على الري والجبال. 257 ذكر تغلب ابن شيرويه على قزوين. 257 ذكر حرب ابن أبي الساج والقرامطة. 257 ذكر نزول القرامطة عند الأنبار. 258 ذكر قتل ابن أبي الساج. 258 ذكر فشل القرمطي في دخول هيت. 258 ذكر إنفاق المقتدر المال لحرب القرامطة. 258 ذكر الخلع على بعض القرامطة. 259 ذكر ولاية أبي الهيجاء. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 521 259 ذكر شغب الجند ببغداد. 259 ذكر وفاة الجوهري ابن الجصاص. "أحداث سنة ست عشرة وثلاثمائة" 262 ذكر استباحة القرمطي الرحبة. 263 ذكر أمان أهل قرقيسيا. 263 ذكر ارتداد القرمطي عن الرقة. 263 ذكر انصراف القرمطي عن الكوفة. 263 ذكر وزارة ابن مقلة. 263 ذكر بناء القَرْمَطيّ دار الهجرة والدعوة إلى المهديّ. 263 ذكر الوحشة بين المقتدر ومؤنس. 264 ذكر امتناع الحج. 264 ذكر دخول الروم خلاط. "أحداث سنة سبع عشرة وثلاثمائة" 264 ذكر فتنة خلع المقتدر وخلافة القاهرة. 265 ذكر عودة المقتدر إلى الخلافة. 266 مقتل أبي الهيجاء بن حمدان. 267 ذكر ولاية ابن غريب الجبل. 267 ذكر تقليد ابني رائق شرطة بغداد. 267 ذكر تقليد ابن ياقوت الحجابة. 267 ذكر موت ثمل. 267 ذكر دخول القرمطي مكة واقتلاع الحجر الأسود. 268 ذكر رواية السمناني عن القرمطي. 269 ذكر رواية القليوبي عن الحجر الأسود. 269 ذكر ولاية ابن طغج دمشق. 269 ذكر ولاية ابن يوسف قضاء القضاة. 269 ذكر الفتنة في تفسير آية. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 522 270 ذكر تعظيم ابن محرم للحجر الأسود. 270 ذكر الخلاف بين أمير خراسان وإخوته. 270 ذكر شعر القرمطي. 271 ذكر من قتل بيد القرامطة. 271 ذكر نازوك. 271 ذكر خوف أهل الثغور من الروم. "أحداث سنة ثمان عشرة" 272 ذكر تقليد ابن ياقوت شرطة بغداد. 272 ذكر ريح عظيمة ببغداد. 272 ذكر القبض على ابن مقلة. 272 ذكر وزارة ابن مخلد. 272 ذكر حج ركب العراق. 273 ذكر الوباء المهول. 273 ذكر هزيمة الروم. "أحداث سنة تسع عشرة" 273 ذكر القبض على الوزير سليمان بن الحسن. 273 ذكر وزارة الكلوذاني. 273 ذكر الوقعة بين ابن غريب ومرداويج. 273 ذكر وزارة الحسين بن القاسم. 274 ذكر الوحشة بين مؤنس والمقتدر. 274 ذكر انتصار مؤنس ودخوله الموصل. 274 ذكر هرب أهل الكوفة من القرمطي. 274 ذكر دخولهم الديلم الدينور. 275 ذكر ولاية المعز. 275 ذكر امتناع ركب العراق. 275 ذكر غزوة والي طرسوس في الروم. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 523 275 ذكر نجدة ابن حمدان لأهل ملطية وسميساط. 275 ذكر دخول والي طرسوس عمورية. 275 ذكر الوباء ببغداد. "أحداث سنة عشرين وثلاثمائة" 276 ذكر وزارة ابن الفرات. 276 ذكر ولاية مردوج الديلمي. 276 ذكر انتهاب الجند دور ابن الفرات. 276 ذكر امتناع ركب العراق. 276 ذكر مقتل الخليفة المقتدر. 277 ذكر رواية الصولي عن مقتل المقتدر. 278 ذكر إسراف المقتدر. 279 ذكر خلافة القاهر. 279 ذكر تعذيب أم المقتدر وموتها. 279 ذكر تعذيب القهرمانة. 279 ذكر وزارة ابن مقلة. 279 ذكر إهانة مؤنس لشفيع المقتدري. 280 ذكر الصلاة على المقتدر. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 524 "الطبقة الثانية والثلاثون" المتوفّون في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة "حرف الألف" 280 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي صالح المروزي. 280 2- أحمد بن الحارث بن مسكين. 281 3- أحمد بن حفص بن يزيد. 281 4- أحمد بْن حمدان بْن عليّ بْن سِنان. 282 5- أحمد بْن أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز البغوي. 282 6- أحمد بْن عَبْد الواحد بْن رُفَيْدة بْن وهب البخاري. 283 7- أحمد بن محمد بن بشار البغدادي. 283 8- أحمد بن محمد بن الحسين الجريري الصوفي. 283 9- أحمد بن محمد بن الصلت الكاتب. 284 10- أحمد بْن محمد بْن شَبطون زياد بْن عبد الرحمن. 284 11- أحمد بن محمد بن نصر الضُبَعي الأحول. 284 12- أحمد بن محمد بن هارون الخلال. 285 13- إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج. 286 14- إبراهيم بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه العنسي. 286 15- إبراهيم بن مطروح المصري. 286 16- إسحاق بن إبراهيم المروزي التاجر. 286 17- إسحاق بن محمد بن علي بن سعيد المديني. 287 18- إسماعيل بن علي بن نوبخت المعتزلي. "حرف الباء" 287 19- بدر الحمامي الأمير. "حرف الجيم" 287 20- جعفر بْن محمد بْن بشّار. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 525 "حرف الحاء" 288 21- حامد بن العباس الوزير. 292 22- حماد بن شاكر بن سوية. "حرف السين" 292 23- سليمان بن حامد القرطبي. 292 24- سهل بن يحيى الحداد. "حرف الشين" 293 25- شعيب بن إبراهيم العجلي. "حرف العين" 293 26- العبّاس بْن أحمد بْن أَبِي شحمة القطيعي. 293 27- عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم المدائني. 294 28- عبد الله بن عروة الهروي. 294 29- عبد الله بن عمر بن سليمان الكوكبي. 294 30- عبد الله بن محمود السعدي المروزي. 294 31- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَمْرو النَّصْراباذيّ. 295 32- عَبْدان بْن أحمد بْن أَبِي صالح النهدانيّ. 295 33- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن عِمران الجرجاني. 295 34- عُمَر بْن محمد بْن بُجير بْن حازم بن راشد الهمداني. 296 35- عَمْرو بْن محمد بْن الخليل بْن نُعَيْم العتكي الناقد. "حرف الكاف" 296 36- كامل بْن مكّيّ بْن محمد بن وردان التميمي. "حرف الميم" 297 37- محمد بْن أحمد بن الصَّلْت البغدادي. 297 38- محمد بن إسماعيل بن علي بن النعمان بن راشد. 297 39- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمَة بْن المغيرة السلمي. 301 40- محمد بن زكريا الرازي الطبيب. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 526 301 41- محمد بن شادل بن علي النيسابوري. 302 42- محمد بْن مكّيّ بْن محمد بْن سليمان الخولاني. 302 43- محمد بن يزداد بن أدين. 302 44- مظفر بن عاصم بن أبي الأغر البجلي. "وفيات سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 303 45- أحمد بْن الحَسَن بْن هارون الخراز. 303 46- أحمد بن الحسين بن أحمد الكرجي. 303 47- أحمد بن زكريا النيسابوري. 303 48- أحمد بن عمرو الألبيري. 304 49- أحمد بْن محمد بْن الأزهر بْن حُريث. 304 50- أحمد بْن محمد بْن زياد بْن عَبْد الرحمن. 304 51- أحمد بْن محمد بْن عثمان بْن شبيب الرازي. 305 52- أحمد بن محمد بن الهيثم الدوري. 305 53- إبراهيم بن حمش النيسابوري. 305 54- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن جعفر الكندي. 305 55- إسحاق بن بنان بن معن الأنماطي. 306 56- إِسْحَاق بْن أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله النسفي. 306 57- إِسْحَاق بْن محمد بْن إبراهيم بْن حكيم الأصبهاني. "حرف الحاء" 306 58- حَزْم بْن وهْب بْن عَبْد الكريم. 306 59- الحسن بن علي بن نصر الطوسي. 307 60- الحَسَن بْن محمد بْن حسين بْن هزاريّ. 307 61- الحُسين بْن أحمد بْن حفص بْن عَبْد الله النيسابوري. 307 62- الحسين بن إدريس بن عبد الكبير الغيفي. 307 63- الحُسين بْن علي بْن حَسَن بْن عليّ بْن عمر الحسيني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 527 "حرف السين" 308 64- سفيان بن هارون القاضي. 308 65- سليمان بن عبد السلام القرطبي. "حرف العين" 308 66- عَبَّاس بْن الفضل النَّيْسابوريّ المحمداباذيّ. 308 67- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن الحَسَن بْن الفرات الوزير. 309 68- عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّلام بْن بُنْدار الأصبهاني. 309 69- عبد الرحمن بن أحمد بن عبّاد. 310 70- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البغدادي. 310 71- عُبَيْد اللَّه بْن عليّ بْن إبراهيم العلويّ البغدادي. 310 72- عليّ بْن الحَسَن بْن خَلَف بْن قُديد المصري. 311 73- عُمَر بْن أَبِي حسّان عَبْد اللَّه بْن عمرو الزيادي. "حرف الميم" 311 74- محمد بْن دُبَيْس بْن بكّار المقرئ البندار. 311 75- محمد بن سليمان بن فارس النيسابوري. 312 76- محمد بْن سُفْيَان بْن عَبْد اللَّه بْن بيان النيسابوري. 312 77- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قاسم القرطبي. 312 78- محمد بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان الوزير. 313 79- محمد بْن محمد بْن سليمان بْن الحارث الواسطي. 314 80- محمد بن هارون بن حميد البغدادي. 315 81- موسى بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن بن حماد. "الكنى" 315 82- أبو محمد الجريري. "وفيات سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 316 83- أحمد بْن إسماعيل بْن خَالِد الجرجاني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 528 317 84- أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق. 317 85- أحمد بن عبدان الهمداني المقرئ. 317 86- أحمد بْن محمد بْن بَطّة بْن إِسْحَاق المديني. 317 87- أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي. 318 88- إبراهيم بْن السِّنْديّ بْن عليّ بْن بَهْرام. 318 89- إبراهيم بن محمد بن أيوب البغدادي الصائغ. 318 90- إبراهيم بن نجيح الفقيه. 318 91- إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن جميل. "حرف الثاء" 318 92- ثابت بْن حَزْم بْن عَبْد الرحمن بن مطرف العوفي. "حرف الجيم" 318 93- جُماهر بْن محمد بْن أحمد الدمشقي الأزدي. "حرف الحاء" 320 94- الحَسَن بْن الأزهر بْن الحارث بن سكسك. 320 95- الحسن بن علي بن موسى المصري. 320 96- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شعبة. 320 97- حفص بْن عُمَر بْن نَجِيح الخَوْلانيّ إلْبِيريّ. "حرف الخاء" 321 98- الخليل بن أبي رافع الواسطي الطحان. "حرف الزاي" 321 99- زكريّا بْن محمد بْن بكّار الميداني. 321 100- زكريا بن يحيى بن حوثرة النيسابوري. "حرف السين" 321 101- سعيد بن سعدان الكاتب. 322 102- سليمان بْن محمد بن البَخْتَري بْن عَبْد الوهاب. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 529 "حرف الشين" 322 103- شيخ بن عمير بن صالح. "حرف العين" 322 104- العبّاس بْن يوسف بْن عديّ الكوفي. 322 105- عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم المصري. 323 106- عبد الله بن إسحاق بن إلياس النيسابوري. 323 107- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن حُمَيْد بْن معقل القنطري. 323 108- عَبْد اللَّه بْن زَيْدان بْن بُرَيْد بْن رزين بن الربيع. 323 109- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن مهران. 323 110- عبيد الله بن أحمد بن علية الأصبهاني. 324 111- عبيد الله بن عثمان الأموي. 324 112- عتيق بن عبد الله بن المتوكل. 324 113- عثمان بن سهل البغدادي الأدمي. 324 114- عليّ بن سعيد بن عبد الله العسْكريّ. 325 115- عليّ بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد اللَّه بْن سليمان الغضائري. 325 116- علي بن محمد بن بشار البغدادي. 325 117- عمر بن محمد بن حفص الوراق. "حرف الميم" 326 118- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عون النسوي. 326 119- محمد بْن أحمد بْن المؤمِّل بْن أبان. 326 120- محمد بن أحمد بن هشام الطالقاني. 327 121- محمد بن أحمد القرطبي. 327 122- محمد بن أحمد بن خراش البغدادي. 327 123- محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي الطيالسي. 328 124- محمد بن إبراهيم البرتي الأطروش الكاتب. 328 125- محمد بن إدريس بن إياس السامي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 530 328 126- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مِهْران الثقفي. 330 127- محمد بن تمام بن صالح البهراني. 330 128- محمد بن جمعة بن خلف القهستاني. 331 129- محمد بْن حفص بْن محمد بْن يزيد النيسابوري الشعراني. 331 130- محمد بن حمويه بن عباد النيسابوري السرّاج. 332 131- محمد بن حشنام النيسابوري. 332 132- محمد بن سلم بن يزيد الواسطي. 332 133- محمد بن سهل بن الصباح الأصبهاني. 332 134- محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم النبيل. 333 135- محمد بن عبدة بن حرب البصري العباداني. 334 136- محمد بْن يحيى بْن خَالِد بْن يزيد بن متى. 335 137- محمد بْن يحيى بْن خَالِد بْن مِهْران النيسابوري. "حرف الياء" 335 138- يحيى بْن محمد بْن محمد بن زياد الكلبي. 335 139- يوسف بن يعقوب الواسطي الأصم. 336 140- يوسف بن يعقوب النيسابوري. "وفيات سنة أربع عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 336 141- أحمد بْن جعفر بْن نَصْر الرازي. 337 142- أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي. 337 143- أحمد بن عبدوس بن حمدويه الصفار. 337 144- أحمد بْن محمد بْن حَسَن بْن أَبِي حمزة البلخي. 338 145- أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر بْن عَبْد الرحمن القرشي التيمي. 338 146- محمد بن محمد بن الفضل السجستاني. 339 147- إبراهيم بن محمد بن الضحاك الفارسي الأعور. 339 148- إسحاق بن إبراهيم بن الخليل البغدادي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 531 "حرف الباء" 339 149- بكر بن عمرو الشيرواني. "حرف الثاء" 339 150- ثابت بن حزم السرقسطي. "حرف الحاء" 339 151- حاتم بْن أحمد بْن محمود بن عفان بن خازم. 340 152- الحسن بن صاحب بن حميد. 340 153- الحسن بن محمد بن دكه الأصبهاني. "حرف السين" 341 154- سعيد النوبي. 341 155- سعيد بن الحسن بن شداد المسمعي. 341 156- سعدون بن طالوت الأندلسي. 341 157- سلمة بن النضر بن سواد البستي. 341 158- سليمان بْن دَاوُد بْن كثير بْن وَقْدان. "حرف الطاء" 342 159- طاهر بن يحيى بن الحسين العلوي. "حرف العين" 342 160- عامر بْن خُرَيْم بْن محمد المري الدمشقي. 342 161- العباس بن يوسف الشكلي. 343 162- عَبْد اللَّه بْن محمد الخاقاني ابن الوزير أبي علي. 343 163- عبد الله بن محمد بن داود النيسابوري. 343 164- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن هاشم بْن طرماح الطوسي. 343 165- علي بن إسماعيل بن كعب الدقاق. 344 - علي بن القاسم العسكري. 344 166- علي بن محمد بن العلاء النيسابوري. 344 167- عليّ بْن أَبِي مروان بْن عَبْد الملك المصري. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 532 344 168- عُلَيْم بْن أحمد بْن عَبْد الأحد بْن الليث. "حرف الفاء" 344 169- الفتح بْن إدريس بْن نَصْر الكاتب. 344 170- الفضل بْن إمام الأئمّة أَبِي بَكْر بْن خزيمة. "حرف الميم" 345 171- محمد بْن إبراهيم بْن عامر بن إبراهيم المديني. 345 172- محمد بن جعفر بن بكر. 345 173- محمد بن حبش البغدادي الواعظ. 345 174- محمد بن حبش بن مسعود السراج. 346 175- محمد بن حزْرَة بن عبد الوارث المهري. 346 176- محمد بْن عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد القتباني. 346 177- محمد بْن عليّ بْن حَسَن بْن الخليل النيسابوري. 346 178- محمد بْن علي بْن حَسَن بْن عليّ بْن حرب. 347 179- مُحَمَّد بْن عُمر بْن عَبْد اللَّه بْن حسن بن حفص الذكواني. 347 180- محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي. 347 181- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن النفاح بن بدر الباهلي. 348 182- محمد بن محمد بن يوسف البخاري. 348 183- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة القرطبي. 348 184- محمود بن عنبر بن نعيم الأزدي. "حرف النون" 349 185- نَصْر بْن القاسم بْن نَصْر الفرائضي. "حرف الياء" 349 186- يحيى بْن محمد بْن يحيى التميمي النيسابوري. 349 187- يعقوب بن محمود النيسابوري. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 533 "وفيات سنة خمس عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 350 188- أحمد بْن إبراهيم بْن صالح النيسابوري. 350 189- أحمد بن حمدويه بن موسى. 350 190- أحمد بن الخضر المروزي. 350 191- أحمد بن زكريا البغدادي النحاس. 351 192- أحمد بن سعيد بن مرابة الخراز. 351 193- أحمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن شَهْرَيار. 351 194- أحمد بْن محمد بْن الحَسَن الرَّبَعِيّ الخزّاز. 352 - أحمد بن نصر الواسطي. 352 195- أحمد بن الوليد الأزدي. 352 196- إبراهيم بن السري بن يحيى التميمي. 352 197- إبراهيم بْن نَصْر بْن عنبر بْن شاهويه. 352 198- إسحاق بن أحمد الكاغدي. 352 199- إسماعيل بن إبراهيم بن الحارث النيسابوري. "حرف الحاء" 353 200- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن إبراهيم الجُنَابَذي. 353 201- الحَسَن بْن محمد بْن الحَسَن بْن صالح بن شيخ. 353 202- الحسين بن سعيد بن غندر القرشي. 353 203- الحُسين بْن محمد بْن مُصْعَب بْن زُرَيْق. 354 204- الحُسين بْن محمد بْن محمد بْن عُفَيْر البغدادي. 354 205- الحُسين بْن عَبْد اللَّه الجوهريّ بْن الجصّاص. "حرف السين" 354 206- سَلْم بْن مُعَاذ بْن السلم بن الفضل. 354 207- سهل بن إدريس. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 534 "حرف الطاء" 355 208- طاهر بْن يحيى بْن قُبَيْصة الفلقي. "حرف العين" 355 209- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن سعيد الجصاص. 355 210- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن يوسف بْن حيان. 355 211- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسين الماسرجسي. 356 212- عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني. 356 213- عبد الله بن محمد بن صبحي العمري. 357 214- عبد الله بن محمد بن عبدان العسكري. 357 215- عبد الرحمن بن الحسن بن أيوب الشعيري. 357 216- عبد الواحد بن حمدون المُرّي الأندلسي. 357 217- علي بن سليمان بن الفضل البغدادي النحوي. "حرف الفاء" 358 218- الفتح بْن إدريس الإصبهانيّ الكاتب. "حرف الميم" 358 219- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الأصبهاني. 358 220- محمد بْن أحمد بْن عَمْرو بْن هشام الأبهري. 359 221- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين الماسرجسي. 359 222- محمد بْن إبراهيم بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ السَّهميّ. 359 223- محمد بن إبراهيم بن خالد الأسواني. 359 224- محمد بْن إسماعيل بْن القاسم بْن إبراهيم الحسني. 360 225- محمد بن جعفر بن الصيرفي. 360 226- محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي. 360 227- محمد بن زكريا بن الحسن الشيباني. 360 228- محمد بْن عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد القتباني. 361 229- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن العَنْبريّ بْن عطاء. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 535 361 230- محمد بْن أَبِي عديّ بْن أحمد بْن زحر بن السائب. 361 231- محمد بن عمرو بن سلمة النيسابوري. 361 232- محمد بْن فَضَالَةَ بْن الصَّقْر بْن فَضَالَةَ اللخمي. 361 233- محمد بن الفيض بن محمد بن الفياض. 362 234- محمد بن القاسم بن سعيد التجيبي. 362 235- محمد بن محمد بن خلف بن قديد. 362 236- محمد بن مسور الأندلسي. 362 237- محمد بْن المسيّب بْن إِسْحَاق بْن عَبْد الله. 363 238- محمد بن نصر بن عيشون الأندلسي. 363 239- محمد بن يوسف بن الصديق الكرميني. "حرف النون" 364 240- النُّعْمان بْن أحمد بْن نُعَيْم الواسطي. "حرف الياء" 364 241- يحيى بْن زكريّا بْن سليمان بن فطر القرطبي. 364 242- يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمارة الغُوطيّ. 364 243- يحيى بن يحيى القرطبي. 365 244- يوسف بْن عَبْد الأحد بْن سُفْيَان القِمّنيّ. "وفيات سنة ست عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 365 245- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سيف السجستاني. 365 246- أحمد بن محمد بن سعيد النيسابوري. 365 247- أحمد بن نصر البغدادي القاضي. 366 248- أحمد بْن هشام بن عمّار بْن نُصَيْر. "حرف الباء" 366 249- بُنان بْن محمد بْن حَمْدان بن سعيد الواسطي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 536 "حرف الحاء" 368 250- الحُسين بْن محمد بْن مُصْعَب السنجي. "حرف الدال" 368 251- دَاوُد بْن الهَيْثَم بْن إِسْحَاق بن بهلول. "حرف الزاي" 368 252- الزُّبَيْر بْن محمد بْن أحمد البغدادي. 369 253- زيد بن عبد العزيز بن حيان الموصلي. "حرف الصاد" 369 254- صالح بْن أَبِي مقاتل أحمد بن يونس البغدادي. "حرف العين" 369 255- عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد سليمان بن الأشعث. 374 256- عبد الله بن محمد بن عمر القنطري. 374 257- عبد الله بن محمد بن الفرج الزطني. 375 258- عبد الرحمن بن محمد بن حريث البخاري. 375 259- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن زهير القرشي. 375 260- علي بن محمد البجلي الإفريقي. 375 261- عُمَر بْن حفص بْن غالب الثَّقْفيّ الصّابونيّ. "حرف القاف" 376 262- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن الأنباريّ. 376 263- قتيبة بن أحمد بن شريح البخاري. "حرف الميم" 376 264- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن زياد النيسابوري. 376 265- محمد بْن أحمد بْن سُليمان بْن بُرْدة. 376 266- محمد بْن جعفر بْن محمد بْن ثوابة الكاتب. 377 267- محمد بْن جعفر بْن محمد بْن المهلب الديباجي. 377 268- محمد بْن حامد بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 537 377 269- محمد بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن محمد بن الحسين. 378 270- محمد بن الحسين بن حفص الكاتب. 378 271- محمد بْن خُرَيْم بْن محمد بْن عَبْد الملك العقيلي. 378 272- محمد بن السري البغدادي النحوي. 379 273- محمد بْن عقيل بْن الأزهر بْن عقيل البلخي. 379 274- محمد بْن محمد بْن الربيع بْن سليمان المرادي. 379 275- محمد بن معاذ بن الفرة الماليني. "حرف النون" 380 276- نَصْر بْن الفتح بْن يزيد العتكي السمرقندي. "حرف الياء" 380 277- إلياس بن رجاء النيسابوري الدهان. 380 278- يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد. "وفيات سنة سبع عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 381 279- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بن حاجب النيسابوري. 381 280- أحمد بْن جعفر بْن محمد بْن سَعِيد الأصبهاني. 382 281- أحمد بن الحسن بن العباس بن شقير البغدادي. 382 282- أحمد بن الحسين البرذعي. 382 283- أحمد بن عقيل بن الأزهر البلخي. 383 284- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن حفص بن سلم الحيري. 383 285- أحمد بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن أَبِي خميصة. 383 286- أحمد بن محمد بن إسماعيل الهيتي. 384 287- أحمد بن محمد بن يحيى الرازي الشحام. 384 288- أحمد بْن محمد بْن شبيب البغداديّ البزّاز. 384 289- أحمد بن نصير بن زياد الهواري المالكي. 384 290- إبراهيم بْن محمد بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الكُرَيزي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 538 385 291- إسحاق بن إبراهيم بن عمار الأنصاري. "حرف الباء" 385 292- بدر بْن الهَيْثَم بْن خَلَف اللخمي. 386 293- جعفر بن أحمد بن عمرو النيسابوري. 386 294- جعفر بن عبد الله بن مجاشع الختلي. 387 295- جعفر بن محمد بن إبراهيم البغدادي. 387 296- جعفر بْن محمد بْن أحمد بْن بحر التميمي. "حرف الحاء" 387 297- حَرَميّ بن أبي العلاء. 388 298- الحسن بن إسماعيل الغساني المصري. 388 299- الحسن بن علي العدوي. 388 300- الحَسَن بْن محمد بْن الحَسَن بْن زياد الأصبهاني. 388 301- الحسن بن محمد بن سنان القنطري. 388 302- الحسن بن محمد بن يحيى العقيلي. 389 303- الحسين بن محمد بن غويث التنوخي. "حرف الدال" 389 304- دَاوُد بْن سليمان بْن خُزَيْمة الكرميني. "حرف الزاي" 389 305- الزُّبَيْر بْن أحمد بْن سليمان بن عبد الله بن عاصم الزبيري. "حرف الطاء" 389 306- طاهر بْن عليّ بْن عَبْدُوس الطبراني. "حرف العين" 390 307- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم البغدادي المارستاني. 390 308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن نصر النيسابوري. 391 309- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بن المرزبان بن سابور البغوي. 393 310- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْدُوس البغداديّ العطشي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 539 393 311- عبد الله بن معمر بن العمركي. 394 312- عبد الرحمن بن الحسن الدمياطي. 394 313- عبد الرحمن بن عبد الله بن الزبير الرهاوي. 394 314- عُفَيْر بْن مسعود بْن عُفَيْر بْن بِشْر الغساني. 394 315- عليّ بْن الحَسَن بْن سعْد بْن المختار الهمداني. 395 316- علي بن الحسن بن المغيرة البغدادي الدقاق. 395 317- عليّ بْن أحمد بْن سليمان بْن ربيعة المصري. 395 318- عليّ بْن محمد بْن يحيى بْن خَالِد المروزي. 396 319- عمران بن عثمان بن يونس الأندلسي. 396 320- عُمَر بْن حفص بْن غالب بْن أَبِي التمام الأندلسي. "حرف الفاء" 396 321- الفضل بْن أحمد بْن منصور بن ذيال الزبيدي. "حرف الميم" 396 322- محمد بْن أحمد بْن زُهَيْر بن طهمان القيسي. 397 323- محمد بن إبراهيم بن فوزان النيسابوري. 397 324- محمد بن إدريس بن وهب الأعور. 397 325- محمد بْن جَابِر بْن سِنان الحرّانيّ البِتّانيّ. 397 326- مُحَمَّد بْن أَبِي الحُسين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمار الهروي. 398 327- محمد بن خالد بن يزيد البرذعي. 398 328- محمد بن زبان بن حبيب الحضرمي. 399 329- محمد بن عبد الله بن سعيد الأصبهاني. 399 330- محمد بن عبد الحميد الفرغاني العسكري. 399 331- محمد بن عبد السلام بن عثمان الفزاري. 400 332- محمد بْن عَبْد الصَّمد بْن هشام الصَّدَفيّ. 400 333- محمد بن عبيد بن أيوب القرطبي الدباج. 400 334- محمد بن الفضل بن العباس البلخي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 540 401 335- محمد بن القاسم بن جعفر الكوكبي. 402 336- محمد بْن يزيد بْن أبي خَالِد الأندلسيّ. 402 337- محمد بن هارون بن منصور النيسابوري. 402 338- محمد بن محمد بن خالد القيسي الطويري. 402 339- محمد بن أبي خالد الأندلسي البجاني. 403 340- منثيل بن عفيف المرادي. "حرف الهاء" 403 341- هشام بْن الوليد بْن محمد بن عبد الجبار الغافقي. "حرف الياء" 403 342- يحيى بْن محمود بْن عُبَيْد الله بن أسد النيسابوري. "وفيات سنة ثمان عشر وثلاثمائة" "حرف الألف" 404 343- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عاصم اللؤلؤي. 404 344- أحمد بن إسحاق بن بهلول بن حسان التنوخي. 405 345- أحمد بن جعفر الفهري. 405 346- أحمد بن علي بن عبيد الله الأنصاري. 405 347- أحمد بن محمد بن حكيم الصدفي. 405 348- أحمد بْن محمد بْن سليمان بْن حبش الكاتب. 406 349- أحمد بن محمد بن المغلس البغدادي. 406 350- أحمد بن يعقوب البغدادي العطار. 406 351- إسماعيل بن إبراهيم بن عمار الأنصاري. 406 352- إسماعيل بن داود بن وردان المصري. 407 353- إسماعيل بن سليمان البزاز. 407 354- إسحاق بن حمدان بن العباس البلخي. "حرف الثاء" 407 355- ثابت بْن بدير القُرْطُبيّ المالكيّ المفتي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 541 "حرف الجيم" 407 356- جعفر بن محمد بن يعقوب الصندلي. "حرف الحاء" 408 357- الحسن بن حمدون بن الوليد النيسابوري. 408 358- حَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن مذحج بْن محمد. 408 359- الحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن بشّار البغدادي. 409 360- الحُسين بْن الحَسَن بْن سُفْيَان بْن زياد الفسوي. 409 361- الحسين بن محمد بن مودود الحراني. 410 362- الحسين بن يوسف بن يعقوب الأسواني. "حرف الزاي" 410 363- زَنْجَوَيه بْن محمد بْن الحَسَن الزاهد. "حرف السين" 410 364- سَعِيد بْن عَبْد العزيز بْن مروان الحلبي. 411 365- سليمان بن أبي الشريف القضاعي. "حرف الصاد" 411 366- صهيب بن منيع القرطبي. "حرف العين" 411 367- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عتاب العبدي. 412 368- عبد الله ابن إسحاق بن سيامرد النهاوندي. 412 369- عبد الله بن جعفر بن أحمد بن خشيش البغدادي. 412 370- عَبْد اللَّه بْن حَمُّوَيْه بْن إبراهيم الهَمْذانيّ. 412 371- عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفرائيني. 413 372- عبد الله بن محمد بن حسن الكلاعي. 413 373- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن حنين القُرْطُبيّ. 413 374- عبد الحكم بن محمد بن سلام الصدفي. 413 375- عبد الحميد بن محمد بن الحسين البغدادي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 542 414 376- عبد العليم بن محمد الدمياطي. 414 377- عَبْد الملك بْن أحمد بْن نَصْر البغداديّ. 414 378- عَبْد الواحد بْن محمد المهتديّ باللَّه بْن هارون. 415 379- عروة بن حسين بن عياش المصري. 415 380- عمرو بن يوسف بن مساور المعافري. 415 381- عيسى بن محمد الموسقندي الرازي. "حرف الفاء" 415 382- فرج بن إسحاق القتابي المصري. "حرف الميم" 415 383- محمد بْن إبراهيم بْن نيروز البغدادي. 416 384- محمد بن أحمد بن حماد زغبة بن مسلم التجيبي. 416 385- محمد بْن أحمد بْن سهل بْن أَبِي زيد. 416 386- محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري. 417 387- محمد بن أحمد بن معمر الحربي. 417 388- محمد بن إبراهيم بن مسرور القرطبي. 417 389- محمد بن إسماعيل بن الفرج المهندس. 418 390- محمد بن بكر بن بكار الملائي. 418 391- محمد بْن الْحُسَيْن بْن حميد بْن الرَّبِيع اللخمي. 418 392- محمد بن حمدان بن سفيان الطرائفي. 418 393- محمد بن زهير بن الفضل الأبلي. 419 394- محمد بن سعيد بن محمد المروزي. 419 395- محمد بن الطيب الكشي. 420 396- محمد بْن محمد بْن الربيع بْن سليمان المرادي. 420 397- محمد بن موسى بن محمد بن سليمان الزينبي. 420 398- محمد بن يوسف بن حماد الأستراباذي. 421 399- مكحول بن الفضل النسفي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 543 421 400- موسى بن هارون بن كامل المصري. "حرف الهاء" 421 401- هشام بْن الوليد الغافقيّ الأندلسيّ. "حرف الواو" 421 402- الوليد بن المطلب السهمي. "حرف الياء" 422 403- يحيى بن زكريا الرازي. 422 404- يحيى بْن محمد بْن صاعد بْن مكاتب. "وفيات سنة تسع عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 424 405- أَحْمَد بْن الحُسين بْن أَحْمَد بن طلاب الدمشقي. 424 406- أحمد بن علي بن معبد الشعيري. 424 407- أحمد بن محمد بن إسحاق العنزي. 425 408- إبراهيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الملك القرشي. 425 409- إبراهيم بن محمد بن بقيرة البغدادي. 425 410- إسحاق بن محمد الكيساني القزويني. 426 411- أسلم بْن عَبْد العزيز بْن هشام بْن خالد الأموي. 426 412- أوس بْن الحارث بْن إبراهيم بْن سهيل. "حرف الجيم" 426 413- جعفر بْن محمد بْن المغلِّس البغدادي. "حرف الحاء" 427 414- الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا بن صالح البصري العدوي. 427 415- الحسين بن الحسين الأنطاكي. "حرف الراء" 428 416- راغب بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عياض المصري. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 544 "حرف السين" 428 417- سُفْيَان بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ. 428 418- سليمان بن محمد بن إسماعيل الخزاعي. 428 419- سلامة بن عمر بن حفص المصري. "حرف الطاء" 429 420- طاهر بْن محمد بْن الحَكَم التميمي الدمشقي. "حرف العين" 429 421- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمود الكعبي البلخي. 430 422- عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن هارون السمرقندي. 430 423- عُبَيْد اللَّه بْن ثابت بْن أحمد بْن خازم الكوفي الحريري. 430 424- عَبْد الوهّاب بْن عيسى بْن أَبِي حيّة. 431 425- علي بن الحسين بن معدان الفارسي. 431 426- عليّ بْن الحُسين بْن حرب بْن عيسى البغدادي. 433 - أبو عُبَيْد اللَّه محمد بْن عَبْدة بْن حرب القاضي. "حرف الفاء" 433 427- الفضل بْن الخصيب بْن العبّاس بن نصر الأصبهاني. "حرف اللام" 433 428- لقمان بن يوسف القيرواني. "حرف الميم" 434 429- محمد بْن جعفر بْن حيان الأصبهاني. 434 430- محمد بْن زيد بن أبي خَالِد البجّانيّ المالكي. 434 431- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن حَمْدَوَيْه بْن الحكم بن ورق. 434 432- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن مَسَرّة الأندلسيّ. 435 433- محمد بن عبد الصمد البغدادي الدقاق. 435 434- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بْن حماد التجيبي. 435 435- محمد بن فطيس بن واصل الغافقي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 545 436 436- محمد بن موسى بن سهل العطار البربهاري. 436 437- محمد بْن المؤمِّل بْن أحمد بْن الحارث القرشي العدوي. 436 438- المؤمّل بْن الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجِس. "حرف الفاء" مكرّر 437 439- فاطمة الأندلسية. "حرف الهاء" 437 440- هاشم بْن القاسم بْن هاشم الهاشمي. "حرف الياء" 438 441- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن موسى الفارسي. "وفيات سنة عشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 438 442- أحمد بن جعفر الناقد. 438 443- أحمد بْن الحَسَن بْن عزون بْن أَبِي الجعد الطاهري. 439 444- أحمد بن داود بن سليمان بن جوين. 439 445- أحمد بن سعيد الدمشقي. 439 446- أحمد بن عبد الله بن أحمد النيري البزاز. 439 447- أحمد بْن عُمَيْر بْن يوسف بْن موسى بن جوصا. 442 448- أحمد بن القاسم بن نصر. 443 449- أحمد بن محمد بن أسيد المديني. 443 450- أحمد بن محمد بن سهل البلخي. 443 451- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم العمري. 443 452- إبراهيم بْن محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه العبدي. 444 453- إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي. 444 454- إسماعيل بن عباد القطان. 444 455- أيوب بن سليمان بن نصر المري الأندلسي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 546 "حرف الباء" 444 456- برد بن عبد الله الفهري. 445 457- بكير الشراك. "حرف الجيم" 445 458- جعفر أبو الفضل المقتدر باللَّه. "حرف الحاء" 446 459- حديد بن موسى المصري الخياش. 446 460- الحُرّ بْن محمد بْن الحُسين بْن أشكاب. 446 461- الحَسَن بْن محمد بْن عُمَر بْن سِنان. 447 462- الحسين بن صالح بن خيران. "حرف الزاي" 447 463- الزُّبَيْر بْن أحمد بْن سليمان الزبيري. "حرف السين" 447 464- سليمان بن داود النيسابوري. "حرف العين" 447 465- العبّاس بْن بِشْر بْن عيسى بن الأشعث الرخجي. 448 466- العباس بن الوليد بن شجاع الأصبهاني. 448 467- عبد الله بن حمشاد بن جندل المطوعي. 448 468- عَبْد اللَّه بْن عتّاب بْن أحمد بْن كثير البصري. 448 469- عبد الله بن محمد بْن عَبْد الكريم بْن يزيد بْن فَرُّوخ بن داود. 449 470- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق بْن محمد بْن معمر بن حبيب. 449 - عبد الرحمن بن الخليل أبو زيد التونسي المقرئ. 450 471- عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ. 450 472- عثمان بن سعيد الكناني الجياني. 450 473- علوان بن الحسين المالكي. 450 474- عليّ بْن محمد بْن عليّ ابن الخُرَاسَانيّ. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 547 450 475- عيسى بن عبد الله بن عمرو البغدادي. "حرف القاف" 451 476- القاسم بن بكر الطيالسي. "حرف الجيم" 451 477- محمد بْن إبراهيم بْن حفص بْن شاهين. 451 478- محمد بن حسن بن أزهر القطائعي. 452 479- محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري. 452 480- محمد بن زكريا بن إبراهيم الدقاق. 452 481- محمد بن سعيد بن حاتم البخاري الزَّنْدَني. 452 482- محمد بن سعيد بن عبد الرحمن التُسْتَري. 453 483- محمد بن موسى الواسطي. 453 484- محمد بْن هارون بْن محمد بْن إِسْحَاق العباسي. 453 485- محمد بن هارون بن الحجاج القزويني. 454 486- محمد بْن يوسف بْن مطر بْن صالح بن بشر الفِرَبْري. 455 487- محمد بْن يوسف بْن يعقوب بْن إسماعيل بن حماد. "حرف النون" 456 488- نصر بن ببرويه الشيرازي. 456 489- نصر بن الفتح المصري. "حرف الهاء" 456 490- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن بندار الفارسي. "الكنى" 457 491- أبو علي بن خيران "الحسين بن صالح بن خيران". 458 492- أبو عمرو الدمشقي الصوفي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 548 "ذكر مَن لم أعرف وفاته من رجال هذه الطبقة الثانية والثلاثين عَلَى ترتيب المعجم" "حرف الألف" 458 493- أحمد بْن أيّوب بْن مُطَير اللخمي الطبراني. 459 494- أحمد بن عبد الله البغدادي. 459 495- أحمد بن محمد بن الحسين السحيمي. 459 496- أحمد بن خزيم بن قمير بن خاقان الشاشي. 460 497- إبراهيم بن عبد الله العسكري الزبيبي. 460 498- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن محمد بْن غالب الأنباري. 460 499- أحمد بن جعفر بن نصر الرازي الجمال. 461 500- أحمد بن علي البغدادي السمسار. 461 501- أحمد بن عيسى زغبة. 461 502- أحمد بن موسى المكي التميمي. 461 503- أحمد بن سعيد الطائي المصري الكاتب. 462 504- أحمد بن محمد بن عبد الجبار الرياني. 462 505- أسامة بن محمد الكرخي الدقاق. 462 506- إسحاق بن حمدان النيسابوري. 463 507- إبراهيم بن كيغلغ الأمير. 463 508- إسحاق بن سليمان الطبيب الإسرائيلي. "حرف الجيم" 464 509- جعفر بْن أحمد بْن مروان الحلبي الوزان. 464 510- جعفر بن حمدان الموصلي الشحام. 464 511- جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي. 464 512- جبير بن محمد بن أحمد الواسطي. "حرف الحاء" 465 513- الحسن بن إسماعيل بن سليمان الفارسي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 549 465 514- الحَسَن بْن أحمد بْن إبراهيم بْن فيل الأسدي. 465 515- الحُسين بْن إبراهيم بْن عامر بْن أَبِي عجرم الأنطاكي. "حرف السين" 466 516- سَعِيد بْن هاشم بْن مرثد الطبراني. "حرف الصاد" 466 517- صدقة بْن منصور بْن عديّ. "حرف العين" 466 518- العبّاس بْن الخليل بْن جَابِر الطائي. 467 519- العبّاس بْن عليّ بْن العبّاس بْن واضح النسائي. 467 520- عبد الله بن جابر الطرسوسي. 467 521- عَبْد اللَّه بْن جامع بْن زياد الحَلْوانيّ. 467 522- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الخليل. 468 523- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَلْم بْن حبيب المقدسي. 468 524- عبد الله بن محمد بن النضر البصري الحرار. 468 525- عَبْد الرَّحْمَن بْن دَاوُد بْن منصور الفارسيّ. 468 526- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد العزيز الهاشمي. 469 527- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد الأسدي. 469 528- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه ابن أخي الإمام الحلبي. 469 529- عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني الكاتب. 470 530- علي بن أحمد بن محفوظ المحفوظي. 471 531- عبد الرحمن بن زاذان الرزاز. 471 532- علي بن إسماعيل بن حماد البغدادي. 471 533- عليّ بْن سليم بْن إِسْحَاق المقرئ البزّاز. 471 534- علي بن الحسين الوزان. 472 535- علي بن الفتح العسكري الرومي. 472 536- علي بن محمد بن حاتم القومسي. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 550 472 537- علي بن المبارك المسروري. 472 538- عليّ بْن موسى بْن محمد بْن النَّضْر الأنباري. 473 539- علي بن الحسن بن الحارث بن غيلان المروذي. 473 540- عمر بن عثمان بن الحارث بن ميسرة الرغيثي. 473 541- عمر بن محمد بن شعيب الصابوني. 473 542- عُمَر بْن محمد بْن عيسى الجوهريّ السذابيّ. 474 543- عيسى بْن عُمَر بْن العبّاس بْن حمزة بن عمرو. "حرف الفاء" 474 544- الفضل بْن إسماعيل البغداديّ الغلفي. 474 545- الفضل بْن محمد بْن حمّاد السُّلَميّ الحرّانيّ. "حرف القاف" 475 546- القاسم بن عيسى العصار. 475 547- القاسم بن محمد بن عبد الرحمن الجدي. "حرف الميم" 475 548- محمد بْن أحمد بْن حَمْدان المروروذي. 476 549- محمد بن أحمد بن سلم الرقي الضراب. 476 550- محمد بن أحمد بن عمر الرملي الضرير. 476 551- محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي. 477 552- محمد بن إبراهيم بن أبي الجُحَيْم الشيباني. 477 553- محمدبن أيوب بن مشكان النيسابوري. 477 554- محمد بن حصن بن خالد البغدادي الألوسي. 478 555- محمد بن سعيد بن محمد الترخمي الحمصي. 478 556- محمد بن الحسن العجلي الكاراتي. 478 557- محمد بن سليمان بن محبوب "السخل". 478 558- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أعين الطائي. 479 559- محمد بن عبد الله بن سعيد المهراني. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 551 479 560- محمد بن سفيان بن موسى المصيصي. 479 561- محمد بن عبد الله بن ثابت الأشناني. 479 562- محمد بْن المبارك بْن عَبْد الملك المعافريّ. 480 563- محمد بن علي القاضي المروزي الزاهد. 481 564- محمد بن السري بن عثمان البغدادي. 481 565- محمد بْن صالح بْن رغيل الْبَصْرِيّ التّمّار. 481 566- محمد بن عبد الله بن يوسف المهري. 481 567- محمد بن عبد الملك التاريخي البغدادي. 482 568- محمد بن عمر بن حفص القَبَلي الثغري. 482 569- محمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن يزيد الهمذاني. 482 570- محمد بن علي الزعفراني. 482 571- محمد بن محمد بن سليمان الباغندي. 483 572- محمد بن محمد بن عمرو الجارودي البصري. 483 573- محمد بن هارون بن نافع التمار. 483 574- معروف بن محمد بن زياد الجرجاني. 484 575- المفجع "محمد بن عبد الله البصري النحوي". 484 576- منصور بن إسماعيل التميمي المصري. 484 577- موسى بن أنس الأنصاري. "حرف الواو" 485 578- وصيف بن عبد الله الرومي الأنطاكي. 487 فهرس الموضوعات. الجزء: 23 ¦ الصفحة: 552 المجلد الرابع والعشرون الطبقة الثالثة والثلاثون أحداث سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الثالثة والثلاثون: أحداث سنة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ: شغب الْجُنْد على القاهر: فيها: شغب الجُنْد على القاهر بالله، وهجموا الدّار، فنزل في طيّار إلى دار مُؤنس فشكا إليه. فصبّرهم مُؤنس عشرة أيّام. وكان ابن مُقْلَة منحرفًا عن محمد بن ياقوت، فنقل إلى مُؤنس أنّ ابن ياقوت يدبّر عليهم. فبعث مُؤنس غلمان عليّ بنُ بُلَيْق إلى دار الخلافة يطلبون عيسى الطّبيب لأنّه آتُّهم بالفضول. فهجموا إلى أنّ أخذوه من حضرة القاهر فنفاه موْنس إلى الموصل1. التضييق على القاهر: واتَّفق ابن مُقْلَة وموْنس وبُلَيْق وابنه على الإيقاع بابن ياقوت، فعلم فاستتر وتفرّق رجاله. وجاء عليّ بن بُلَيْق إلى دار الخلافة، فوكلّ بها أحمد بن زَيْرك، وأمره بالتّضييق على القاهر وتفتيش مَن يدخل2. وطالب ابن بُلَيْق القاهرَ بما كان عنده مِن أثاث أمّ المقتدر، فأعطاه إيّاه، فبيع وجُعِل في بيت المّال، وصُرِفَ إلى الجُنْد3. موت أم المقتدر: ونقل ابن بُلَيْق أم المقتدر إلى عند أمّهِ، فبقيت عندها مكرّمة عشرة أيّام، وماتت في سادس جُمَادَى الآخرة4.   1 الكامل في التاريخ "8/ 250"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 2 المنتظم "6/ 249"، الكامل في التاريخ "8/ 251"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 3 المنتظم "6/ 249"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 4 المنتظم "6/ 249"، الكامل في التاريخ "8/ 251"، البداية والنهاية "11/ 175، 176". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 3 الإرجاف بسبّ معاوية: وفيها: وقع الإرجاف بأنّ عليّ بن بُلَيْق وكاتبه الحسن بن هارون عَزَما على سبّ معاوية على المنابر، فارتجّت بغداد. استتار البربهاريّ: ونقدم ابن بُلَيْق بالقبض على رئيس الحنابلة أبي محمد البَرْبهاريّ فاستتر، فَنُفِيَ جماعة من أصحابه إلى البصرة1. القبض على ابن بُليق: وبقي تحيُّل القاهر في الباطن على موْنس وابن مُقْلَة، فبلغهم فعملوا على خلْعهِ وتولية ابن المكتفي. فدبَّر ابن مُقْلَة تدبيرًا انعكس عليه. أشاعَ بأنّ القَرْمَطِيّ قد غلب على الكوفة، وأرسل إلى القاهر: المصلحة خروج ابن بُلَيْق إلى قتاله. ليدخل ابن بُلَيْق يقبّل يده، فيقبض عليه. ففهِمها القاهر، وكرَّر ابن مُقْلَة الطّلب بأن يدخل ابن بُلَيْق ليقبّل يده ويسير. فاسترابَ القاهرُ، وراسل الغلمّان الحجريّة وفرَّقهم على الدّركاه، وراح ابن بُلَيْق إلى القاهر في عددٍ يسير، فقام إليه السّاجيّة وشتموه، فهرب واستتر، واضّطرب النّاسُ، وأصبحوا في مُسْتَهَلّ شعبان قلقين2. القبض على مُؤنس: وجاء بُلَيْق إلى دار الخليفة ليعتذر عن ابنِه، فقُبِضَ عليه وعلى أحمد بن زَيْرك، وعلى يُمْن المؤنسي صاحب شرطة بغداد وحُبِسوا وصار الجيش كله في دار الخليفة، فراسل مؤنسًا وقال: أنتَ عندي كالوالد، فأْتِني تُشير عليّ. فاعتذرَ بثقل الحركة. ثم أشاروا عليه بالإتيَان، فلمّا حصَل في دار الخلافة قُبِض عليه، فاختفى ابن مُقْلة. فاستوزرَ القاهر أبا جعفر محمد بن القاسم بن عُبَيْد الله3.   1 المنتظم "6/ 249". 2 الكامل في التاريخ "8/ 252- 254"، البداية والنهاية "11/ 172"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 3 الكامل في التاريخ "8/ 256"، النجوم الزاهرة "3/ 238". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 4 إحراق دار ابن مقلة: وأُحْرِقت دار ابن مقلة، كما أُحْرِقت قبلَ هذه المرّة1. هرب ابن ياقوت إلى فارس: وهرب محمد بن ياقوت إلى فارس، فكتب إليه بعهده على أصبهان. حجابة الطولوني: وقلَّدَ سلامة الطولوني الحُجّابة. القبض على ابن المكتفي: وقبضَ على أبي أحمد بن المكتفي وطيّن عليه بن حيطتين، ونهبَ القاهر دُور المخالفين2. ذبح بُليق ومؤنس: ثمّ إنّه ظَفَرَ بعليّ بن بُلَيْق بعد جمعة، فحبسه بعد الضَّرْب، فاضطّرب رجال مؤْنس وشغبوا، وقصدوا دار الوزير محمد بن القاسم وأحرقوا بعض داره في ثامن عشر شعبان. فدخل القاهر إلى مؤْنس وبُلَيْق وابنه، فأمر بذبح بُلَيْق وابنه، وذَبَح بعدهما مؤنسًا، وأُخرجت رؤوسهم إلى النّاس وطِيْفَ بها3. وكان على مؤْنس دماغٌ هائل. ذْبح يُمْن وابن زيرك: ثمْ ذُبح يُمن وابن زَيْرك. ثمّ أطلقت أرزاق الجُنْد فسكنوا. تلقيب القاهر بالمنتقم: واستقامت الأمور للقاهر، وعظم في القلوب، وزيد في ألقابه: " المنتقم مِن أعداء دين الله". ونقش ذلك على السّكّة   1 المنتظم "6/ 250"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 2 الكامل في التاريخ "8/ 260"، البداية والنهاية "11/ 173". 3 البداية والنهاية "11/ 173"، النجوم الزاهرة "3/ 238". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 5 ثمَ أحضر عيسى الطبيب مِن الموصل. وأمَرَ أنْ لا يركب في طيار سوى الوزير والحاجب، والقاضي، وعيسى الطّبيب. تقليد ابن كيغلغ مصر: وفيها خلع القاهر على أحمد بن كَيْغَلَغ، وقلَّدَه مصرَ. تحريم الخمر والقِيان: وفيها أمَرَ القاهر بتحريم القِيان والخمر، وقبضَ على المغنّين، ونفى المخانيث، وكسر آلات اللهو. وأمَرَ ببيع المغنّيات من الجواري على أنّهم سواذج. وكان مع ذلك يشرب المطبوخ والسّلاف، ولايكاد يصحو مِن السُّكر، ويختار القَيْنات ويسمعهنّ1. وزارة ابن الخصيب: وفيها: عزل القاهر الوزير محمدًا، واستوزر أبا العبّاس بن الخصيب2. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالنّاس مُؤنس الورقانيّ. وفاة الطَّحاويّ: وفيها: تُوُفّي أبو جعفر الطَّحاويّ شيخ الحنفيّة. وفاة الأمير تكين: وفي ربيع الأوّل تُوُفّي أمير مصر أبو منصور تكين الخاصّة بمصر وحُمِلَ إلى بيت المقدس، وقام بعده بالأمر ابنه محمد يسيرًا. ولاية ابن طُغْج: ثمّ ولي محمد بن طغج.   1 الكامل في التاريخ "8/ 273"، البداية والنهاية "11/ 172"، النجوم الزاهرة "3/ 239". 2 الكامل في التاريخ "8/ 262"، البداية والنهاية "11/ 173"، النجوم الزاهرة "3/ 239". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 6 ولاية ابن كيغلغ: وعُزِل بابن كَيْغَلَغ بعد اثنتين وثلاثين يومًا. القضاء في مصر: وقدِم على قضاء مصر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قُتيبة، ثم، صُرِفَ بعد شهرين ونصف. وفاة أمّ المقتدر: وفيها: تُوُفّيت شغب أمّ المقتدر كما قدَّمنا. وكان دخْل مُغَلِّها في العام ألف ألف دينار، فتتصدّق بها، وتُخرج مِن عندها مثلها. وكانت صالحة. ولمّا قُتِل ابنها كانت مريضه، فعظُم جَزَعُها، وامتنعت من الأكل حتّى كادت تهلك. ثمّ عذّبها القاهرُ، فحلفت أنّه ما عندها مال، فقيل: ماتت في العذاب معلّقة، وقيل: لا. ولم يظهر لها إلّا ما قيمته مائه وثلاثون ألف دينار لا غير. وكان لها الأمر والنَّهْي في دولة ابنها1. ترجمة مُؤنس الخادم: وقد ذكرنا قُتِل مُؤنس الخادم الملقَّب بالمظفّر، وكان شجاعًا فاتكًا مَهِيبًا، عاش تسعين سنة، منها ستّون سنة أميرًا. وكان كلّ ما له في عُلُوٍّ ورِفْعة. كان قد أبعده المعتضد إلى مكّة، ولمّا بُويع المقتدر أحضره وفوَّض إليه الأمور. وقد مَرّ مِن أخباره2. تغلُّب الرّوم على الرساتيق: وفيها: غلبت الرُّوم على رساتيق مَلَطْية وسُمَيْساط، وصار أكثر البلد في أيديهم.   1 النجوم الزاهرة "3/ 237، 238، 239". 2 النجوم الزاهرة "2/ 239". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 7 أحداث سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة : ظهور الدَّيْلم: فيها: ظهرت الدَّيْلم، وذاك لأنّ أصحاب مرداويخ دخلوا أصبهان، وكان من قُوّاده عليّ بن بُوَيْه. فاقتطع مالًا جليلًا وانفرد عن مخدومه. ثمّ التقي هو ومحمد بن ياقوت، فهزم محمدًا واستولى على فارس1. وكان بُوَيْه فقيرًا صُعْلُوكًا يَصِيد السمك، رأى أنّه بالَ، فخرج من ذَكَره عمود نار. ثمّ تشعَّب العمود حتّى ملأ الدّنيا. فقصَّ رؤياه على معبّر، فقال: لا أعبّرها إلا بألف درهم. فقال: والله ما رأيتُ عُشْرها، وإنّما أنا صيّاد. ثمّ مضى وصادَ سمكه فأعطاه إيّاها، فقال له: ألكَ أولاد؟ قال: نعم. قال: أبشِرْ فأنّهم يملكون الدّنيا، ويبلغ سلطانهم على قدر ما احتوت النار الّتي رأيتَها2. وكان معه أولاده عليّ, والحسن، وأحمد. ثمّ مَضَتْ السُّنُون، وخرج بولده إلى خُراسان، فخدموا مرداويخ بن زيار الدَّيْلَمِي، إلى أنّ صار عليّ قائدًا، فأرسله يستخرج له مالًا من الكُرْجِ، فاستخرج خمسمائة ألف درهم، فأخذ المّال وأتى همدان ليملكها، فغلق أهلها في وجهه الأبواب، فقاتلهم وفتحها عَنْوةً وقتل خلقًا. ثم صار إلى أصبهان وبها المظفّر بن ياقوت، فلم يحاربه وسارَ إلى أبيه بشيراز. ثم صار إلى أَرَّجان، فأخذ الأموال، وتنقّل في النواحي، وانضم إليه خلْق، وصارت خزائنه خمسمائة ألف دينار. فجاء إلى شيراز وبها ابن ياقوت، فخرج إليه في بضع عشر ألفًا، وكان علي بن بُوَيْه في ألف رجل، فهابهُ عليّ وسأله أنّ يُفْرِج له عن الطّريق لينَصْرف، فأبى عليه، فالتقوا فانكسر عليّ، ثم أنّهزم ابن ياقوت، ودخل عليّ شيراز.   1 النجوم الزاهرة "3/ 244". 2 المنتظم "6/ 268"، الكامل في التاريخ "8/ 266"، البداية والنهاية "11/ 173، 174"، النجوم الزاهرة "1/ 245". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 8 ثمّ أنّه قلّ ما عنده فنام على ظهره، فخرجت حيّة من سقف المجلس، فأمر بنقْضه، فخرجت صناديق ملأى ذَهَبًا، فأنفقها في جُنْده1. وضاق مرّةً فطلب خيّاطًا يخيط له، وكان أَطْروشًا، فظنّ أنه قد سُعيَ به، فقال: والله ما عندي سوى اثني عشر صندوقًا، لا أعلم ما فيها. فأمرَ عليّ بإحضارها، فوجد فيها مالًا عظيمًا فأخذه. وركب يومًا، فَسَاحَتْ قوائم فرسه، فحفروه فوجد فيه كنزًا. واستولى على البلاد، وخرجت خُراسان وفارس عن حُكْم الخلافة. وسيأتي من أخبار هؤلاء الثلاثة الإخوة، وأنّ المستكفي بالله لقّب عليًّا " عماد الدّولة". أبا شجاع، ولقّب الحسن " رُكْن الدّولة"، ولقّب أحمد " معز الدّولة". وملكوا الدنيا سنين2. قُتِل أبي السرايا والنوبختي: وفيها: قَتَلَ القاهرُ أبا السرايا نَصْر بن حمدان وإسحاق بن إسماعيل النُّوبَخْتيّ الّذي كان قد أشار بخلافة القاهر، ألقاهما على رؤوسهما في بئر وطُمّت وكان ذنْبهما أنّهما فيما قيل زايَدَا القاهرَ قبل الخلافة في جاريتين واشترياهما، فحقد عليهما3. وفاة الورقانيّ: ومات مُؤنس الورقانيّ الّذي حج بالنّاس4. رواية ابن سنان عن القاهر: وقال ثابت بن سنان: كان أبو عليّ بن مُقْلة في اختفائه يُراسل السّاجيّة والحُجَريّة ويُضَرّبهم على القاهر ويُوحشهم منه. وكان الحسن بن هارون كاتب بُلَيْق يخرج بالليل في زيّ المُكدّيّين أو النساء فيسعى إلى أنّ اجتمعت كلمتهم على الفتك بالقاهر. وكان   1 المنتظم "6/ 281"، البداية والنهاية "11/ 177". 2 المنتظم "6/ 270". 3 الكامل في التاريخ "8/ 261"، البداية والنهاية "11/ 177، 178"، النجوم الزاهرة "3/ 245". 4 النجوم الزاهرة "3/ 245". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 9 يقول لهم: قد بنى لكم المطامير ليحبسكم. وألزموا منجم سيما حتّى كان يقول له: أنّ القاهر يقبض عليك. وهاجت الحُجَريّة وقالوا: أتريد أن تحبسنا في المطامير؟ فحلف القاهرُ أنّه لم يفعل، وإنّما هذه حمّامات للحُرَم. وحضر الوزير ابن خصيب وعيسى المتطبّب عند القاهر، فقال لسلامة الحاجب: اخرج فاحلف لهم. ففعل، فسكنوا. القبض على القاهر: ثم بكّروا على الشرّ إلى دار القاهر، وكان نائمًا سكرانًا إلى أنّ طلعت الشمس، ونبهوه فلم ينتبه لشدة سُكْرِه، وهرب الوزير في زيّ امرأة، وكذا سلامة الحاجب. فدخلوا بالسّيوف على القَاهر، فأفاق مِن سُكْرِه، وهربَ إلى سطح حمّام فاستتر، فأتوا مجلسَ القاهر وفيه عيسى الطّبيب، وزَيْرك الخادم، واختيار القَهْرَمانة، فسألوهم، فقالوا: ما نعرف له خبرًا. فرسّموا عليهم. ووقع في أيديهم خادم له فضربوه، فدلّهم عليه، فجاؤوه وهو على السّطْح وبيده سيف مسلول، فقالوا: انزل. فامتنع، فقالوا: نحن عُبَيْدك فلِمَ تستوحش منا؟ فلم ينزل ففوّق واحدٌ منهم سهمًا وقال: انزل وإلَّا قتلتُك. فنزل إليهم، فقبضوا عليه في سادس جُمَادى الآخرة1. خلافة الرّاضي: وأخرجوا أبا العبّاس محمد بن عبد المقتدر وأمّه، وبايعوه بالخلافة ولقّبوه الرّاضي بالله، فأحضر عليّ بن عيسى وأخاه عبد الرحمن واعتمد على رأيهما2، وأدخل عليّ بن عيسى، والقاضي أبو الحُسين عمر بن محمد بن يوسف، والقاضي أبو محمد الحسن بن عبد الله بن أبي الشّوارب، والقاضي أبو طالب بن البُهْلُول على القاهر، فقال له طريف اليَشْكُرِيّ: ما تقول؟ قال: أنا أبو منصور محمد بن المعتضد، لي في أعناقكم بَيعة وفي أعناق النَاس، ولست أُبَرِّئكم ولا أُحَلّكم منها، فقوموا فقاموا، فلمّا بُعدوا قال القاضي لطريف:   1 الكامل في التاريخ "8/ 279- 281"، البداية والنهاية "11/ 178". 2 الكامل في التاريخ "8/ 282". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 10 وأيّ شيء كان مجيئنا إلى رجلٍ هذا اعتقادُه؟ فقطّب عليّ بن عيسى وقال: يُخلع ولا يُفكَّر فيه. أفعاله مشهورة. قال القاضي أبو الحُسين: فدخلتُ على الرّاضي وأعدتُ ما جرى سرًا، وأعلمته بأنّي أرى إمامته فَرْضًا. فقال: انَصْرف ودعني وإيّاه. وأشار سِيما مقدّم الحُجَرّية على الرّاضي بِسَمْلِه. فأرسلَ سيما وطريفًا إلى البيت الّذي فيه القاهر، فَكُحِّل بمِسمار مُحَمَّى1. وزارة ابن مقلة: ثمّ طلب الرّاضي من عليّ بن عيسى أن يلي الوزارة، فامتنع، فقال: يتولّى أخوك عبد الرحمن. فقال: لا. فاستوزر ابن مُقْلَة بعد أنّ كتب له أمانًا2. سبب خلع القاهر: وقال محمود الإصبهانيّ: كان سبب خلع القاهر سوء سيرته وسفْكه الدّماء. فامتنع عليهم من الخلع فَسَمَلوا عينيه حتّى سالتا على خدَّيْه. وكانت خلافته سنة ونصفًا وأسبوعًا. وقال الصُّوليّ: كان أهْوَج، سفّاكًا للدّماء، قبيح السّيرة، كثيرة التَّلوُّن والاستحالة، مُدمن الخمر. ولولا جَوْدة حاجبة "سلامة" لأهلك الحْرث والنَّسْل. وكان قد صنع حربة يحملها فلا يطرحها حتّى يقتل بها إنسانًا. سؤال القاهر عن خلفاء بني العبّاس: وقال محمد بن عليّ الخراساني: أحضرني القاهر يومًا والحَرْبةُ بين يديه، فقال: قد علمتَ حالي إذا وضعت هذه.   1 النجوم الزاهرة "3/ 245". 2 الكامل في التاريخ "8/ 283". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 11 فقلت: الأمان. فقال: على الصِّدْق. قلت: نعم. قال: أسألك عن خلفاء بني العبّاس في أخلاقهم وسيمتهم. قلت: أما السفاح، فكان مسارعًا إلى سفْك الدّماء. سفك ألف دم. واتَّبعه عُمّاله على ذلك، مثل محمد بن الأشعث بالمغرب، وعمّه صالح بن عليّ بمصر، وخازم بن خُزَيْمَة، وحُمَيْد بن قَحْطَبَة. وكان مع ذلك سمْحًا بحرًا، وَصولًا بالمّال. قال: فالمنصور؟ قلت: كان أوّل مَن أوقع الفُرْقة بين ولد العبّاس وولد أبي طالب. وكانوا قبله متفقين. وهو أوّل خليفة قرّب المنجمين وعمل بقَولهم. وكان عنده نُوبَخْت المنجّم، وعليّ بن عيسى الإصْطرلابيّ. وهو أوّل خليفة تُرْجِمت له الكُتُب السُّرْيانيّة والأعجميّة ككتاب " كليلة ودِمْنَة"، وكتاب "أرسطاطاليس في المنطق"، وإقليدس، وكُتُب اليونان. فنظر النّاس فيها وتعلّقوا بها. فلمّا رأى ذلك محمد بن إسحاق جمع المغازي والسّيَر. والمنصور أول من استعمل مواليه وقدّمهم على العرب. قال: فما تقول في المهديّ؟ قلت: كان جوادًا عادلًا منصِفًا. ردَّ ما أخذ أبوه مِن أموال النّاس غصْبًا، وبالغ في إتلاف الزّنادقة وأحرق كُتُبهم لمّا أظهروا المعتقدات الفاسدة كابن دَيْصان، وماني، وابن المقفّع، وحمّاد عَجْرَد. وبنى المسجدَ الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس. قال: فالهادي؟ قلت: كان جبّارًا متكبرًا، فسلك عُمّاله طريقَه على قِصَر أيّامه. قال: فالرّشيد؟ قلت: كان مواظبًا على الجهاد والحجَ، وعَمَّر القصور والبِرَك بطريق مكّه، وبنى الثغور كأَذَنَة، وطَرَسُوس، والمَصِيصة، وعين زَربة، والحَدَث، ومَرْعَش. وعَمّ النّاس إحسانُه. وكان في أيّامه البرامكة وما اشتهر من كرمهم. وهو أوّل خليفة لعب بالصوالجة ورمى النّشّاب في البر جاس، ولعبَ الشَّطَرَنْج من بني العبّاس. وكانت زوجته بنت عمّه أمّ جعفر زُبَيْدة بنت جعفر بن المنصور من أكمل النّساء. وَقَفَت الأوقاف وعملت المصانع والبِرَك، وفعلت وفعلت. قال: فالأمين؟ قلت: كان جوادًا، إلّا أنّه انهمك في لذّاته ففسدت الأمور. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 12 قال: فالمّأمون؟ قلت: غلبَ عليه الفضْل بن سهْل، فاشتغل بالنّجوم، وجالسَ العلمّاء. وكان حليمًا جوادًا. قال: فالمعتصم؟ قلت: سلكَ طريقه، وغلبَ عليه حُب الفُرُوسيّة، والتّشبُّه بملوك الأعاجم، واشتغل بالغزو والفتوح. قال: فالواثق؟ قلت: سلك طريقة أبيه. قال: فالمتوكلّ؟ قلت: خالفَ ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق مِن الاعتقادات، ونهى عن الجَدَل والمناظرات في الأهواء، وعاقب عليها. وأمرَ بقراءة الحديث وسماعه، ونهى عن القول بخلق القرآن، فأحبّهُ النّاسُ. ثمّ سأل عن باقي الخلفاء، وأنا أُجيبه بما فيهم، فقال لي: قد سمعت كلامك وكأني مشاهد القوم. وقام على أثري والحَرْبة بيده، فاستسلمت للقتل، فعطف على دُور الحُرَم. رواية المسعودي عن القاهر: وقال المسعوديّ: أخذ القاهر من مُؤنس وأصحابه أموالًا كثيرة، فلمّا خُلِعَ وسُمِلَ طُولِب بها، فَعُذِّبَ بأنواع العذاب، فلم يُقرّ بشيء. فأخذه الرّاضي بالله فقرّبه وأدناه وقال له: قد ترى مطالبة الجُنْد بالمّال، وليس عندي شيء، والّذي عندك ليس بنافعٍ لك، فاعترف به. فقال: أمّا إذا فعلتَ هذا فالمّال مدفون في البستان، وكان قد أنشا بستانًا فيه أصناف الشّجر حُمِلت إليه من البلاد، وزَخرفه وعمل فيه قصرًا، وكان الرّاضي مُغْرمًا بالبستان والقصر، فقال: وفي أيّ مكان المّال منه؟ فقال: أنا مكفوف لا أهتدي إلى مكان، فاحفر البستان تجدْه. فحفر الرّاضي البستان وأساسات القصر، وقلع الشجر، فلم يجد شيئًا. فقال له: وأين المّال؟ فقال: وهل عندي مال، وإنّما كان حسرتي في جلوسك في البستان وتنعّمك، فأردتُ أنّ أفجعك فيه. فندم الرّاضي وأبعدهُ وحبسه. فأقام إلى سنة ثلاثٍ وثلاثين. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 13 ثم أُخرج إلى دار ابن طاهر، فكان تارةً يُحبس، وتارة يُطلق، فوقف يومًا بجامع المنصور بين الصُّفوف وعليه مُبطنّة بيضاء وقال: تصدَّقوا عليَّ، فأنا مَن قد عرفتم. وكان مقصوده أنّ يشنّع على المستكفي، فقام إليه أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي، فأعطاه خمسمائة درهم. وقيل: ألف درهم، ثم مُنع من الخروج، وعاش إلى سنة تسعٍ وثلاثين خاملًا. وعاش ثلاثًا وخمسين سنة. وكان له من الولد عبد الصّمد، وأبو القاسم، وأبو الفضل، وعبد العزيز1. ووزر له ابن مُقْلَة، ثمّ محمد بن القاسم بن عُبَيد الله، فكان جبّارًا ظالمًا، ثم الخصيبيّ. صفة الرّاضي: وكان الرّاضي بالله أبو العبّاس محمد بن المقتدر مربوعًا، خفيف الجسم، أسمر، وأمّه ظَلُوم الروميّة. بويع يوم خُلع القاهر، وكان هو وأخوه في حبْس القاهر، وقد عزمَ على قتلهما. فأخرجهما الغلمّان ورأسهم سِيما المناخليّ، وعاش سيما بعد البيعة مائة يوم. إمرة ابن رائق الجيش: وولّى الرّاضي أتابكه محمد بن رائق إمارة الجيش ببغداد. مثالب القاهر في كتاب: ثمّ أمر ابن مُقْلة عبد الله بن ثُوابَة أنّ يكتب كتابًا فيه مثالب القاهر ويُقرأ على النّاس. مصادرة عيسى المتطبب: وصودر عيسى المتطبّب على مائتي ألف دينار.   1 تاريخ الخلفاء "390". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 14 قُتِل مرداويخ الدَّيْلَميّ: وفيها: مات مرداويخ، مُقَدَّم الدَّيْلَم بإصبهان. وكان قد عظُم أمرُه، وتحدَّثوا أنّه يريد قصْد بغداد. وأنّه مسالمٌ لصاحب المجوس. وكان يقول: أنا أردّ دولة العجم وأَمْحق دولة العرب. ثم إنّه أساء إلى أصحابه، فتواطأوا على قتْله في حمّام1. مقاطعة ابن بُوَيْه للراضي إلى البلاد: وفيها: بعث عليّ بن بُوَيْه إلى الرّاضي يُقاطعه على البلاد الّتي استولى عليها بثمانٍية آلاف ألف درهم كلّ سنة. فبعث له لواء وخِلَعًا. ثمّ أخذ ابن بُوَيْه يماطل بحمل المّال2. وفاة المهديّ صاحب المغرب: وفيها: في نصف ربيع الأوّل مات المهديّ عُبَيْد الله صاحب المغرب عن اثنتين وستّين سنه. وكانت أيّامه خمسًا وعشرين سنة وأشهُرًا وقام بالأمر بعده ابنه القائم بأمر الله أبو القاسم محمد، فبقى إلى سنة أربعٍ وثلاثين3. نسب المهديّ: وقال القاضي عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن عَبْد الجبّار البصْريّ: اسم جدّ الخلفاء المصريّين سعيد، ويلقب بالمصري. وكان أبوه يهوديًّا حدّادًا بسَلَمّية. زعم سعيد هذا أنّه ابن ابن الحُسين بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن ميمون القدّاح. وأهل الدّعوة أبو القاسم بن الأبيض العلويّ، وغيره يزعمون أنّ سعيدًا إنما هو ابن امرأة الحُسين المذكور. وأنّ الحُسين ربّاه وعلّمه أسرار الدّعوة، وزوّجه ببنت أبي الشَّلَغْلَغ فجاءه ابن سمّاه عبد الرحمن، فلمّا دخل المغرب وأخذ سِجِلْماسة تسمّى بعُبَيد وتكنى بأبي محمد، وسمَّى ابنَه الحسن.   1 الكامل في التاريخ "8/ 298 - 303"، النجوم الزاهرة "3/ 245، 246". 2 النجوم الزاهرة "3/ 246". 3 البداية والنهاية "11/ 179"، 180"، النجوم الزاهرة "3/ 246". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 15 وزعمت المغاربة أنّه يتيم ربّاه، وليس بابنه، وكناه أبا القاسم، وجعله ولي عهده. وقتل عُبَيد خلقًا من العساكر والعُلماء، وبث دُعاته في الأرض. وكانت طائفة تزعم أنّه الخالق الرّازق، وطائفة تزعم أنّه نبيّ، وطائفة تزعم أنّه المهديّ حقيقة. قول الباقلّانيّ في القدّاح: وقال القاضي أبو بكر بن الباقلّانيّ: إنّ القدّاح جدّ عُبَيد الله كان مجوسيًّا. ودخل عُبَيد الله المغرب، وأدّعى أنّه علويّ، ولم يعرفهُ أحد من علمّاء النَّسَب، وكان باطنّيًا خبيثًا، حريصًا على إزالة مِلّة الإسلام. أَعْدَمَ العلمّاء والفقهاء ليتمكّن مِن إِغواء الخلْق. وجاء أولاده على أُسلوبه. أباحوا الخُمور والفُرُوج، وأشاعوا الرَّفْض، وبثُّوا دُعاةً، فأفسدوا عقائد خلقٍ من جبال الشّام كالنُّصَيْريّة والدَّرزيّة. وكان القدّاح كاذبًا مُمَخْرقًا. وهو أصل دُعاة القرامطة. وقال أيضًا في كتاب "كشف أسرار الباطنيّة". أوّل من وضع هذه الدّعوى طائفة من المجوس وأبناء الأكاسرة. فذكر فَصلًا، ثمّ قال: ثمّ اتّفقوا على عبد الله بن عَمْرو بن ميمون القدّاح الأهوازيّ وأمدّوه بالأموال في سنة ثلاثين ومائتين أو قبلها، وكان مُشَعْوِذًا مُمَخْرِقًا يُظْهِر الزُّهْد، ويزعم أنّ الأرض تُطْوَى له. وجدُّ القدّاح هو دَيْصَان أحد الثَّنَوِيّة. وجاء ابن القدّاح على أسلوب أبيه، وكذا ابنه، وابن ابنه سعيد بْن حُسَيْنِ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه. وهو الّذي يقال له عُبَيد الله. يُلقَّب بالمهديّ صاحب القيروان، وجدّ بني عُبَيد الّذين تسمّيهم جَهَلَةُ النّاس الخلفاء الفاطمّيين. قول ابن خلّكان في نسب المهديّ: قال ابن خَلِّكان: اختُلِف في نَسَبه، فقال صاحب "تاريخ القيروان": هو عُبَيْد الله بن الْحَسَن بْن علي بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفرالصّادق. وقال غيره: هو عُبَيْد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصّادق. وقيل: هو عليّ بن الحُسين بن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بن زين العابدين عليّ بن الحُسين. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 16 وإنّما سمّى نفسه عُبَيد الله استتارًا. وهذا على قول مَن يصحِّح نَسَبَه. وأهل العلم بالأنساب والمحقّقين يُنكِرون دعواه في النَّسبِ ويقولون: اسمه سعيد، ولَقَبه عُبَيد الله، وزوج أمّه الحُسين بن أحمد القدّاح. وكان كحالًا يقدح العين. وقيل: إن عُبَيد الله لمّا سار من الشّام وتوصّل إلى سجلماسة أحسن به ملكُها ألْيَسع آخر ملوك بني مِدْرار وأعلم بأنه الذي يدعو إليه أبو عبد الله الشيعي بالقيروان فيسجنه فجمع الشيعي جيشًا من كتامة وقصد سلجماسة، فلمّا قُربوا قتله الْيسع في السّجن، وهرب. فلمّا دخل الشّيعيّ السّجن وجده مقتولًا، وخاف أنّ ينتقض عليه الأمر، وكان عنده رجلٌ من أصحابه يخدمه، فأخرجه إلى الجُنْد، وقال: هذا المهديّ. قلت: وهذا قولٌ منكر. بل أخرج عُبَيدَ الله وبايَع النّاس له، وسلّم إليه الأمر، ثمّ ندم، ووقعت الوحشة بينهما كما قدَّمنا قبل هذا في موضعه من هذا الكتاب. آخر الأمر أنّ المهديّ قَتَلَ أبا عبد الله الشّيعي وأخاه، ودانت له المغرب، وبنى مدينة المهديّة، والله أعلم. ظهور الشلمغاني: وفيها: ظهر محمد بن عليّ الشلْمغانيّ المعروف بابن أبي العَزاقر. وكان مستترًا ببغداد، وقد أشاع أنّه يدّعي الأُلُوهيّة، وأنّه يُحْيي الموتى وله أصحاب. فتعصَّب له أبو عليّ بن مُقْلَة، فأحضره عند الرّاضي، فسمع كلامه وأنكر ما قيل عنه، وقال: إنْ لم تنزل العقوبة على الّذي باهلَنَي بعد ثلاثة أيّام وأكثره تسعة أيام، وإلا فَدَمي حلال. قال: فضُرب ثمانٍين سوطًا، ثمّ قُتِل وصُلب1. قُتِل وزير المقتدر: وقُتل بسببه الحُسين بن القاسم بن عُبَيْد الله بن سليمان بن وهْب وزير المقتدر، وكان زِنديقًا متَّهمًا بالشَّلْمغانيّ، وفي نفس الرّاضي منه لكَونه أذاه عند المقتدر بالله.   1 المنتظم "6/ 271"، الكامل في التاريخ "8/ 290، 292". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 17 قُتِل الأنباري: وقُتل معه أيضًا أبو إسحاق إبراهيم بن أبي عَوْن أحمد بن هلال الأنباريّ الكاتب، صاحب كتاب الأجوبة المسكتة"، وكتاب "التّشبيهات"، وكتاب "بيت المال السّرور". وكان قد مَرَق من الإسلام وصحِب ابن أبي العَزاقِر، وصار مِن المتغالين في حبّه، وصرَّح بإلهِيّته، تعالى الله عما يقول عُلوًّا كبيرًا. قتل ابن أبي عون: فلمّا تتّبعوا أصحاب ابن أبي العزاقِر قالوا لإبراهيم بن أبي عون: سُبّه وابصُقْ عليه. فامتنع وأرعد وأظهر الخوف، فضُربَ بالسّياط، فلم يرجع، فَضُرِبت عُنقه، وأحْرِق في أوّل ذي القعدة1. قُتِل ابن غريب الخال: وفيها: قُتِل هارون بن غريب الخال، كان مقيمًا بالدّينَوَر، فلمّا ولي الرّاضي كاتَب قوّاد بغداد بأنّه أحقّ بالحضرة ورئاسة الجيش، فأجابوه، فسارَ إلى بغداد حتّى بقي بينه وبينها يوم. فعُظم ذلك على ابن مُقْلة الوزير ومحمد بن ياقوت والحُجَريّة، وخاطبوا الرّاضي فعرّفهم كراهيته له، وأمرَ بممانعته، فأرسل ابن مُقْلَة إليه بأنّ يرجع، فقال: قد أنضمّ إليَّ جُنْدٌ لا يكفيهم عملي. فأرسل إليه الرّاضي ابن ياقوت القراريطيّ بأنّ قد قلَّدَوك أعمال طريق خُراسان، فقال للقراريطيّ: أنّ جُنْدي لا يقنعون بهذا، ومَن أحقّ منّي بخدمة الخليفة؟ فقال: لو كنت تراعي أمير المؤمنين ما عصيته. فأغلظ له، فقام مِن عنده وأدّى الرسالة إلى الخليفة. وشَخَص إلى هارون مُعْظم جُنْد بغداد، فبعث إليه محمد بن ياقوت يتلطّف به، فلم يلتفت. ووقعت طلائعه على طلائع ابن ياقوت، فظهر عليها، ثمّ تقدَّم إلى قنطرة نهربين، واشتبكت الحرب، فعبر هارون القنطرة، وأنفردَ عن أصحابة على شاطئ النّهر، وهو يظنّ أنّه يظفر بمحمد بن ياقوت، فتقنطر به فرسه، وبادره مملوك ابن   1 الكامل في التاريخ "8/ 291، 292". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 18 ياقوت فقتله، ومزّق جيشه، ونهبهم عسكر ابن ياقوت، وذلك في جُمادَى الآخرة1. وفاة السِّجْزِيّ: وفيها: تُوُفّي أبو جعفر السَّجْزِيّ أحد الحُجّاب. قيل: بلغ من العمر أربعين ومائة سنة. وكان يركب وحده وحواسُّه جيّده. القبض على الخصِيبيّ وابن مَخْلد: وفيها: قبض ابن مُقْلَة على أبي العبّاس الخصِيبيّ، والحسن بن مَخْلَد ونفاهما إلى عُمان، فرجعا إلى بغداد مختَفِيَيْن. وفاة ابن المقتدر: وفيها: تُوُفّي موسى بن المقتدر. توقّف الحجّ: ولم يحجّ النّاس إلى سنة سبْعٍ وعشرين من بغداد2. والله أعلم   1 الكامل في التاريخ "8/ 288، 289". 2 تاريخ الخلفاء "391". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 19 أحداث سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة : تقليد ولدي الرّاضي المشرق والمغرب: فيها: تمكَّن الرّاضي بالله وقلَّدَ ابنَيْه المشرقَ والمغربَ، وهما أبو جعفر وأبو الفضل. واستكتب لهما أبا الحُسين عليّ بن محمد بن مُقْلَة1. القبض على ابن شَنَبُوذ المقرئ وضرْبه: وفيها: بلغ الوزير أبا عليّ بن مُقْلَة أنْ ابن شَنَبُوذ المقريء يغيّر حروفًا مِن القرآن،   1 الكامل في التاريخ "8/ 311"، النجوم الزاهرة "3/ 248". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 19 ويقرأ بخلاف ما أُنْزِل. فأَحضره، وأحضر عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبا بكر بن مجاهد، وجماعة من القُرّاء، ونُوظِرَ، فأغلظ للوزير في الخطاب وللقاضي ولابن مجاهد، ونَسَبَهم إلى الجهل، وأنّهم ما سافروا في طلب العلم كما سافر. فأمرَ الوزير بضربه، فنُصب بين الهِنبازَيْن وضُرِب سبْع دِرَر، وهو يدعو على الوزير بأن تُقْطَع يده، ويشتّت شمله1. ثمّ أوقف على الحروف الّتي قيل إنّه يقرأ بها، فأهْدِرَ منها ما كان شنيعًا، وتوّبوه غصْبًا. وكتب عنه الوزير محضرًا. ومّما أُخِذَ عليه: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وكان (أمامهم) {مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ} صالحة {غَصْبًا} [الكهف: 9] .. {وَتَكُونُ الْجِبَالُ} كالصّوف {الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5] . {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} َوقد {وَتَبّ} [المسد: 1] . {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ} الإنسُ أنّ {الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ} لَما {لَبِثُوا} حَوْلًا {فِي الْعَذَابِ الْمُهِين} [سبأ: 14] . و {الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3] . فاعترفَ بها2. ولا ريبَ أنّها قد رُويت ولم يخترعْها الرّجلُ من عنده. وقيل: أنّه نُفي إلى البصرة. وقيل: إلى الأهواز. وكان إمامًا في القراءة. شغب الجُنْد على محمد بن ياقوت: وفي ربيع الأوّل شغب الجُنْد، وصاروا إلى دار محمد بن ياقوت، وطلبوا أرزاقهم، فأغلظ لهم، فغضبوا وهمّوا به، فدافع عنه غلمّانّه، وقام إلى دار الحُرَم. فجاء الوزير وسكّنهم. ثمّ عادوا في اليوم الثّاني وخرجوا إلى الصّحراء، وعاونتهم العامّة. فعبَروا إلى   1 المنتظم "6/ 275"، البداية والنهاية "11/ 181"، النجوم الزاهرة "3/ 248، 249". 2 المنتظم "6/ 275"، البداية والنهاية "11/ 181"، النجوم الزاهرة "3/ 248، 249"، تاريخ الخلفاء "391". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 20 الجانب الغربيّ، وفتحوا السّجون والمُطْبق، وأخرجوا مَن بها، وعظُمت الفتنة، وشرع القتال، ونُهِبت الأسواق. وركب بدر الخَرشنيّ ليكُفَّهُم، فرموه بالنشاب. واتَّفقَ الحُجَريّة والسّاجيّة، وقصدوا دار الخليفة فمنعهم الحُجّاب، فكاشفوا محمد بن ياقوت وقالوا: لا نرضى أنّ تكون كبير الجيش. وحاصَروا دار الخليفة أيّامًا، ثمّ أرضاهم، فسكنوا. القبض على ابن ياقوت والقراريطيّ: وفيها: قبض الرّاضي على محمد بن ياقوت، وأخيه المظفّر، وأبي إسحاق القراريطيّ، وأخذ خطّ القراريطيّ بخمسمائة ألف دينار1. ازدياد شأنِ ابن مُقْلة: وعظُم شأن الوزير ابن مُقْلَة، واستقلَ بالدّولة2. ثمّ شَغَبَ الجُنْد عليه ونهبوا داره، فأرضاهم بمال. فتح جنوة: وفيها: أخرجَ المنصور إسماعيل العُبَيْدي يعقوب بن إسحاق في أُسطول من المهديّة عدّته ثلاثون حربيًّا إلى ناحية إفرنجة، ففتح مدينة جَنَوَة، ومرّوا بمدينة سَرْدَانية، فأوقعوا بأهلها وسَبوا وأحرقوا عدّة مراكب، وقتلوا رجالها، وأسرعوا بالخروج إلى جنة، وحرّقوا مراكب قرسقة، ونقبوا أسوار جَنَوة، واستولوا على المدينة، وأسروا ألف امرأة، وقدِموا بالغنائم إلى المهديّة3. فتنة البربهاريّ وأصحابه: وفي جُمَادى الأوّلى جرت فتنة عظيمة من البَرْبهاريّ الحنبليّ وأصحابه، فنوديَ أن لا يجتمع أحدٌ من أصحاب البَرْبهاريّ. وحُبِس منهم جماعة واستتر الشيخ4.   1 الكامل في التاريخ "8/ 305"، النجوم الزاهرة "3/ 249". 2 النجوم الزاهرة "3/ 249". 3 الكامل في التاريخ "8/ 285، 310"، البداية والنهاية "11/ 182"، النجوم الزاهرة "3/ 249". 4 المنتظم "6/ 276"، البداية والنهاية "11/ 181، 182". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 21 فقيل: إنهم صاروا يكبسون دُور الأمراء والكُبراء، فإنّ رأوا نبيذًا أراقوه، وإنّ صادفوا مغنيةً ضربوها، وكسروا آلة الملاهي، وأنكروا في بيع النّاس وشرائهم، وفي مشْي الرجال مع الصّبيان. فَنَهاهُم متولّي الشرطة، فما التفتوا عليه: فكتب الرّاضي توقيعًا يزجُرُهم ويوبّخهم باعتقادهم: وأنّكم تزعمون أنّ الله على صُوَركم الوحشة، وتذكرون أنّه يصعد وينزل. وأُقسم: إنْ لم تنتهوا لأقتلنَّ فيكم ولأُحَرّقنّ دُوركم1. هبوب الريح ببغداد: وفي الشّهر هبّت ريح عظيمة ببغداد، واسودَّت الدنيا وأظلمت من العصر إلى المغرب برعدٍ وبَرْق2. شغب الجنْد بابن مُقْلَة: وفيه: شَغَب الجُنْد بابن مُقْلة وهمّوا بالشّرّ3. قتل سعيد بن حمدان: وكان سعيد بن حمدان قد ضمِن المَوْصل وغيرها سِرًّا من ابن أخيه الحسن بن عبد الله بن حمدان، وخلع عليه ببغداد، فخرج سعيد في صورة أنّه يساعد ابنُ أخيه في الضّمان في خمسين فارسًا، فدخل الموصل، فخرج ابنُ أخيه مظهِرًا لتَلَقِّيه. ومضى العمّ إلى دار ابن أخيه فنزلها، وسأل عنه فقيل: خرج لتَلَقّيك. فجلس ينتظره. فلمّا علم الحسن بأنّ عمّه في داره وجّه غلمّانَه فقبضوا عليه وقيَّدوه، ثمّ قتله بعد أيام4. خروج ابن مقلة لحرب الحسن بن حمدان: وتألَّم له الرّاضي، وأمرَ أبا عليّ بن مُقْلَة بالخروج إلى الموصل، والإيقاع بالحَسَن. فخرج في جميع الجيش واستخلَف ابنَه ابا الحُسين موضعه. فلمّا قرُب من المَوْصل نزح عنها الحسن في شعبان، فتبِعَه ابن مُقْلَة، فصعِد الجبل ودخل بلد   1 الكامل في التاريخ "8/ 307 - 309". 2 المنتظم "6/ 276"، النجوم الزاهرة "3/ 249"، تاريخ الخلفاء "392". 3 المنتظم "6/ 276"، الكامل في التاريخ "8/ 321"، البداية والنهاية "11/ 182". 4 الكامل في التاريخ "8/ 309"، البداية والنهاية "11/ 182". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 22 الزّوزانّ، فاستقرّ ابن مُقْلَة بالموصل يستخرج أموالًا، ويستسلف من التُّجّار على غلّات البلد، فاجتمع له أربعمائة ألف دينار. فاحتال سهل بن هاشم كاتب الحسن، وكان مقيمًا ببغداد، فبذل لولد ابن مُقْلَة عشرة آلاف دينار حتّى يكتب إلى أبيه بأنّ الأمور بالحضرة مضطّربة، فانزعج الوزير وسار إلى بغداد، فدخل في ذي القعدة. القبض على جعفر بن المكتفي: وفيها: وقعوا برجلٍ قد أخذ البيعة لجعفر بن المكتفي، وبذل أموالًا عظيمة، فقُبِض عليه وعلى جعفر، ونُهب منزل جَعْفَر. عَوْد الحسن بن حمدان إلى الموصل: وعاد الحسن بن عبد الله بن حمدان إلى الموصل بعد حرب تمّ له مع جيش الخليفة وهزمهم، وكتب إلى الخليفة يعتذر1. مهاجمة القَرْمَطِيّ لِركْب الحُجّاج: وخرج الرَّكْبُ العراقيّ ومعهم لؤلؤ يَخْفُرُهم، فاعترضهم أبو طاهر القَرْمَطِيّ، فانهزم لؤلؤ وبه ضربات. فقتل القَرْمطيُّ الحاجّ وسبى الحُرَم، والتجأ الباقون إلى القادسيّة، وتسلّلوا إلى الكوفة2. موت الأمير ابن ياقوت: وفي ذي الحِجّة مات الأمير أبو بكر محمد بن ياقوت في الحبْس حتْف أنفه. الغلاء ببغداد: وفيها غلا السِّعْر ببغداد حتّى أبيع كَرّ القمح بمائةٍ وعشرين دينارًا. استمالة ابن رائق للدَّيلم: وفيها: قدِم غلمّان مرداويخ الدَّيْلَميّ إلى بغداد، وفيهم بَجْكم، فخافت الحُجَريّة منهم. ثمّ إنّ محمد بن رائق أمير واسط ونواحيها كاتَبَهم، فأتوا إليه، فأكرمهم وقدَّم عليهم بَجْكَم، وأفرط في الإحسان إليه، وأمره بمكاتبة جُنْد الجبال ليَقْدَمُوا عليه. ففعلوا، فصار عنده عدّة كبيرة، وتمكّن وجبى الخراج.   1 البداية والنهاية "11/ 182، 183". 2 المنتظم "6/ 276"، الكامل في التاريخ "8/ 311"، البداية والنهاية "11/ 182". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 23 أحداث سنة أربع وعشرين : وفاة هارون بن المقتدر: تُوُفّي هارون بن المقتدر، وحزن عليه أخوه الخليفة، واغتمّ له، وأمرَ بِنَفْيِ الطّبيب بُخْتيشوع بن يحيى، وأتَّهمه بتعمُّد الخطأ في علاجه1. تقليد ابن طُغْج عملًا في مصر: وفيها: قلَّدَ ابن مقلة أبا بكر محمد بن طُغْج أعمال المعاون بمصر مُضافًا إلى ما بيده مِن الشّام2. قطْع ابن رائق الحمْل عن بغداد: وفيها: قطع الحمل عن بغداد محمد بن رائق، واحتجَّ بكثرة كلْفة الجيش عنده، وقطع حمْل الأهواز، وطمع غيرهم. إطلاق المظفّر بن ياقوت من الحبْس: وفي ربيع الأوّل أطلق من الحبس المظفَّر بن ياقوت، وحلف للوزير على المُصافاة، وفي نفسه الحقْد عليه لأنّه نكبه، ونكب أخاه محمدًا. ثمّ أخذ يسعى في هلاكه ويشغب عليه الحُجَريّة. فعلم الوزير فاعتضد بالأمير بدر صاحب الشّرطة ليوقع بالمظفَّر، فانحدر بدر وأصحابه بالسّلاح إلى دار الخليفة، ومنعوا الحُجَريّة من دخولها فضعُفت نفس المظفّر، وأشار على الحُجَريّة بالتّذلُّل لابن مقلة، وأظهر له المظفّر أنّه على أيْمانه، فاغتر بذلك وصرف بدرًا والْجُنْد من دار الخلافة. فمشى الغلمّان بعضهم إلى بعض وأوحشوا نفوس الْجُنْد من ابن مقلة ومن بدر، وتحالفوا وصارت   1 النجوم الزاهرة "3/ 257". 2 البداية والنهاية "11/ 185"، النجوم الزاهرة "3/ 257". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 24 كلمتهم واحدة. ثمّ صاروا إلى دار الخلافة فأحْدَقوا بها وصار الرّاضي في أيديهم كالأسير، وطالبوه أنّ يخرج معهم إلى الجامع فيصلّى بالنّاس ليعلموا إنّه من حزبهم. فخرج يوم الجمعة سادس جمادى الأولى، فصلّى بالنّاس، وقال في خطبته: اللهُمّ إنّ هؤلاء الغلمّان بطانتي وظهارتي، فمن أرادهم بخير فأزِدْه، ومن كادَهم فَكِده. إمرة بدر الخَرْشَنيّ على دمشق: وأمر بدرًا الخَرْشَنيّ بالمسير على إمرة دمشق مسرعًا1. تدبير ابن مقلة للإيقاع بابن رائق: ثمّ أخذ ابن مقلة يُشير على الراضي سرًا أن يخرج بنفسه ليدفع محمد بن رائق عن واسط والبصرة. ثمّ بعث ابن مقلة بمقدَّم من الحُجَريّة، وآخر من السّاجيّة برسالة إلى ابن رائق يطلب المحاسبة. فأحسَن ابن رائق إليهما، وحمّلهما رسالة إلى الراضي سرًا بأنه إن استُدعى إلى الحضرة قام بتدبير الخلافة، وكَفَى أمير المؤمنين كلّ مهمّ. فقدِما. فلم يلتفت الرّاضي إلى الرسالة. ولمّا رأى ابن مقلة امتناع ابن رائق عليه عمل على خروج الرّاضي إلى الأهواز، وأنّ يرسل القاضي برسالة إلى ابن رائق لئلّا يستوحش2. إخراج ابن مقلة من الوزارة: فبَيْنا ابن مقلة في الدِّهليز شغب الغلمّان ومعهم المظفّر، وأظهروا المطالبة بالأرزاق، وقبضوا على الوزير، وبعثوا إلى الرّاضي يعرفونه ليستوزر غيره، فبعث إليهم يستصوب رأيهم، ثمّ قال: سمّوا من شئتم حتّى استوزره. فسمّوا عليّ بن عيسى، وقالوا: هو مأمون كافي. فاستحضره وخاطبه بالوزارة فامتنع، فخاطبه ثانية وثالثة فامتنع، فقال: أشر بمن ترى. فأومأ إلى أخيه عبد الرحمن بن عيسى. فبعث الرّاضي إليه المظفّر بن ياقوت، فأحضره وقلَّدَه، وركب   1 النجوم الزاهرة "3/ 279". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 25 الجيش بين يديه1، وأحرقت دار ابن مقلة، وهذه المرّة الثالثة2. وكان قد أحرق دار سليمان بن الحسن. فكتبوا على داره: أحسَنْتَ ظنَّك بالأيّام إذ حَسُنَتْ ... ولم تَخَفْ سوءَ ما يأتي به القدرُ وسالَمَتْك اللّيالي فاغْتَرَرْت بها ... وعند صَفْوِ اللَّيَالِي يحدُث الكَدَر واختفى الوزير وأعوانّه. ظهور الخصيبي وسليمان بن الحسن: وظهر أبو العبّاس الخصيبيّ، وسليمان بن الحسن، وصارا يدخلان مع الوزير عبد الرحمن وأخيه عليّ، ويدخل معهم أبو جعفر محمد بن القاسم والأعيان3. تعذيب ابن مقلة: وأُخِذَ ابن مقلة فتسلّمه عبد الرحمن الوزير، وضُرِب بالمقارع، وأُخذ خطُّه بألف ألف دينار. ثمّ سُلِّمَ إلى أبي العبّاس الخصيبيّ، فجرى عليه من المكاره والتّعليق والضَّرْب عجائب. رواية ثابت بن سنان عن تعذيب ابن مقلة: قال ثابت: كلّفني الخصيبيّ الدُّخول إليه يومًا وقال: إنّ كان يحتاج إلى الفَصْد فليُفْصَد بحضرتك. فدخلتُ فوجدته مطرَوْحًا على حصيرٍ، وتحت رأسهِ مخدّة وسِخَة، وهو عُرْيان في وسطه سراويل، ورأيتُ بدَنَه من رأسِه إلى أطراف رِجْلَيه كالباذنجان، وبهِ ضيق نفسٍ شديد. وكان الّذي تولّى عذابه ودَهَق صَدْره الدَّسْتُوائيّ. فقلت: يريد الفصد. فقال الخصيبي: وكيف نعمل، ولابد من تعذيبه كل يوم؟ فقلت: فيتلف. قال: افصده.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94"، المنتظم "6/ 281"، الكامل في التاريخ "8/ 314". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94"، المنتظم "6/ 281". 3 المنتظم "6/ 281". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 26 ففصدته ورفّهتُه ذلك اليوم. واتَّفق أنّ الخصيبيّ استتر ذلك اليوم، فاطمان ابن مقلة وتصلّح. وحضَر أبو بكر بن قرابة، وضمن ما عليه وتسلَمه1. القبض على المظفّر بن ياقوت وهدم داره: وفي جُمَادَى الأولى قبض الرّاضي على المظفّر بن ياقوت وهدم داره، ثمّ أطلقه بعد جمعه وأصدره إلى أبيه ياقوت. عُزِل الخَرْشَنيّ عن الشرطة: وعزل بدر الخَرْشَنيّ عن الشّرطة، ووليها كاجوا2. تقليد الخَرْشَنيّ أعمال أصبهان وفارس: وقلد الخَرْشَنيّ أعمال أصبهان وفارس. وزارة الكرْخي: وعجز الوزير عبد الرحمن عن النفقات، وضاق المّال. فاستعفى. فقبض عليه الرّاضي في رجب وعلى أخيه، واستوزر أبا جعفر محمد بن القاسم الكرْخي، وسلم ابني عيسى إلى الكرْخي، فصادرهما برفق، فأدى كلّ واحد سبعين ألف دينار، وانَصْرفا إلى منازلهما3. قتل ياقوت الأمير: وفي رمضان قُتِل ياقوت الأميرُ بعسكر مُكْرَم، فأراد الحُجَريّة قُتِل أبي الحُسين البريديّ ببغداد، وكان يخلف أخاه في الكتابة لياقوت، فاختفى. وكان ياقوت قد سار بجموعه لحرب عليّ بن ابن بُوَيْه، فالتقيا بباب أرَّجان، فهزمه ابن بُوَيْه، فعاد إلى الأهواز، وتواترت الأخبار بأن بويه وافى إلى رامهرمز مقتفيًا   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94، 95". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 95"، الكامل في التاريخ "8/ 314". 3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 95"، الكامل في التاريخ "8/ 315"، البداية والنهاية "11/ 184". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 27 آثار ياقوت. فعبر ياقوت إلى عسكر مُكَرم وقطع الجسرَ. وأقام ابن بُوَيْه أيامًا برامَهُرْمُز إلى أنّ وقع الصُّلح بينه وبين الخليفة، وجرت فصول. وضعُف أمرُ ياقوت، وجاع عسكره، وتفرَّقت رجاله، وتمَّت له حروب مع كاتبه أبي عبد الله البريدي، ثم انهزم وأوى إلى قريةٍ، فظفروا به وقتلوه، وكان قد شاخ1. ثمّ طغى البريديّ وأظهر العصيانّ. وزارة سليمان بن الحسن: وفيها: استوزر الرّاضي أبا القاسم سليمان بن الحسن. وسببه أنّ ابن رائق تغلَّب على ناحيته، وابن بويه تغلب على فارس. وضاقت الدنيا على الوزير الكْرخيّ، وكان غير ناهض بالأمور، فعزل في شوّال. وقُلّد سليمان، فكان في العجز بحال الكْرخيّ وزيادةً2. عودة ابن رائق إلى بغداد: فَدَعَتِ الضّرورة إلى أنّ كاتب الرّاضي محمد بن رائق يلاطفه مع كاجوا، فأصغى وأسرع، فأرسل إليه الرّاضي بالخِلَع واللّواء. فانحدر إليه أعيانّ السّاجيّة، فقيّدهم وحبسهم، فاستوحش الحُجَريّة ببغداد، وأحدقوا بباب دار الخليفة. فوصل ابن رائق في جيشه إلى بغداد في ذي الحجّة، ودخل على الرّاضي في قواده3. ثمّ أنّه أمر الحُجَريّة بقلْع خيامهم وذهابهم إلى منازلهم، فلم يفعلوا، وبطُل حينئذٍ أمر الوزارة والدّواوين وبقي الاسم لا غير، وتولّى الجميعَ محمد بن رائق وكُتّابه، وصارت الأموال تُحمل إليه، وبطُلت بيوت المّال. وحكم ابن رائق على البلاد وبقيَ الرّاضي معه صورةً4. الوباء والغلاء بأصبهانّ وبغداد: وفيها: وقع الوباء العظيم بأصبهان وبغداد، وغلت الأسعار.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 97"، الكامل في التاريخ "8/ 315، 321". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 98"، المنتظم "6/ 281"، البداية والنهاية "11/ 184". 3 البداية والنهاية "11/ 184"، الكامل في التاريخ "8/ 322، 323". 4 تكملة تاريخ الطبري "1/ 99"، البداية والنهاية "11/ 184"، النجوم الزاهرة "3/ 258". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 28 الغزوة الأولى لعليّ بن حمدان: وفيها: سار الدّمُسْتُق في جيوش الرّوم إلى أرض آمد وسُمَيْساط فسارَ عليّ بن عبد الله بن حمدان، وهو شابّ، وهذه من أوَّل مَغَازية، إلى آمد، وبعث الأقوات إلى سُمَيْساط، فاختلف عليه بعض أمرائه، ثمّ حاربه فظفر به، ثمّ عفا عنه. تغلُّب الحسن بن حمدان على الموصل: وكان الحسن بن عبد الله بن حمدان أخوه قد غلب على الموصل، فسارَ إليه خلقٌ من السّاجيّة والحُجَريّة، وهم خاصكية الخليفة، هربوا من محمد بن رائق، فأحسنَ الحسن إليهم. محاربة اليشكري للساجي وانهزامه: وسارَ من عنده نظيف السّاجيّ متقلَّدًا آَذْرَبْيجانّ، فحاربه اليشكري، فانهزم نظيف واستُبيح عسكره، وغلب اليَشْكُري على آَذْرَبْيجانّ، فسارَ لحربه دَيْسَم وابن الدَّيْلَميّ وطائفة، فهزموه ونهبوا وسبوا، وفعلوا القبائح. استيلاء الرّوم على سُمَيْساط: وفيها: استولت الرّوم على سُمَيْساط ودَكَوُّها، وأمَّن الدُّمُسْتُق أهلها, ووصّلهم إلى مأمنهم. غارات بني نُمَير وقُشَيْر: وفيها: عاثت العرب من بني نُمَير وقُشَيْر وملكوا ديار ربيعة ومُضَر، وشنّوا الغارات، وسبوا وقطعوا السُّبُل، وخَلَت المدائن من الأقوات، فسار لحربهم علي بن عبد الله بن حمدان، فأوقع بهم وهزمهم بَسُروج وطردهم إلى ناحية سنِجْار وهِيت1. خلعه الملك لصاحب الموصل: ونفد الراضي بالله خلع المُلْكَ إلى صاحب الموصل الحسن بن عبد الله، فبعث على آذَرْبَيْجانّ ابن عمه حسين بن سعيد بن حمدان. وكان على ديار بكر أخوه عليّ.   1 النجوم الزاهرة "3/ 258". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 29 أحداث سنة خمس وعشرين وثلاثمائة : محاربة ابن رائق للحُجَريّة والسّاجيّة: فيها: أشار محمد بن رائق على الرّاضي بأنّ ينحدر معه إلى واسط، فخرج أول السنة منحدرًا، فوصل واسط في عاشر المحرَّم. واستخلف بالحضرة أبا محمد الصّلْحِيّ، فاضطّربت الحُجَريّة وقالوا: هذه حيلة علينا ليعمل بنا مثل ما عمل بالسّاجيّة. فأقام بعضهم ثمّ انحدروا. واستخدم ابن رائق ستين حاجبًا، وأسقط الباقين، وكانوا أربعمائة وثمانٍين. ونقّص أرزاق الحَشَم، فثاروا وحاربوا ابن رائق، وجرى بينهم قتالٌ شديد، وانّهزم من بقى من السّاجيّة إلى بغداد1 ولم يَبْقَ من الحجرية إلاّ قليل، مثل صافي الخازن، والحسن بن هارون، فأطلقا. ولمّا فرغ ابن رائق من الحُجَريّة والسّاجيّة أشار على الرّاضي بالله بالتقدُّم إلى الأهواز، فأخرج المضارب2. رسالة الرّاضي إلى البريديّ: وبعث ابن رائق أبا جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد، والحسن بن إسماعيل الإسكافيّ إلى أبي عبد الله البريديّ برسالة من الرّاضي، مضمونها أنّه قد أخّر الأموال وأفسد الجيوش. وأنّه ليس طالبيًّا فينازع الأمر، ولا جُنْديًا فينازع الإمارة، ولا ممّن يحمل السّلاح، فيؤهّل لفتح البلاد. وأنّه كان كاتبًا صغيرًا، فرُفع فَطَغى وكَفَر النِّعْمَة فإن راجع سومح عن المّاضي. فأجاب إلى أنّه يحمل مالًا عيَّنه، وأنّ الجيش الّذي عنده لا يقوم بهم مال الحضرة، فسيوجّههم إلى فارس لحرب مَن بها. فبعث إليه الرّاضي بالعهد فما حمل المّال ولا جهّز الجيش3.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 99"، الكامل في التاريخ "8/ 329"، البداية والنهاية "11/ 187". 2 الكامل في التاريخ "8/ 329". 3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 99، 100"، الكامل في التاريخ "8/ 329- 331"، البداية والنهاية "11/ 187". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 30 ضمان البريديّ البلاد: وكان أبو الحُسين البريديّ ببغداد، فجهّزه ابن رائق إلى أخيه أبي عبد الله، ثمّ ضمن البريديّ البلاد. تقلّدَ بَجْكَم الشرطة: ورجع الرّاضي إلى بغداد، وتقلَّد الشّرطة بجْكَم. خروج الحُجَريّة من بغداد: وخرج من بَقِي من الحُجَريّة من بغداد إلى الأهواز، فقبلهم البريدي، وأجرى أرزاقهم، وَرَثَى لهم. تفرق البلدان عن الخلافة: وصارت البلدان بين خارجيّ قد تغلب عليها، أو عامل لا يحمل مالًا، وصاروا مثل ملوك الطّوائف، ولم يبقَ بيد الرّاضي غير بغداد والسواد، مع كون يد ابن رائق عليه1. الوحشة بين ابن رائق والبريديّ: وفيها: ظهرت الوحشة بين محمد بن رائق وبين أبي عبد الله البريديّ. دخول القَرْمَطِيّ الكوفة: ووافى أبو طاهر القَرْمَطِيّ إلى الكوفة فدخلها في ربيع الآخر، فخرج ابن رائق في جُمَادَى الأولى، وعسكر بظاهر بغداد. وسيَّر رسالة إلى القَرْمَطِيّ فلم تُغْنِ شيئًا، ثمّ إنّ القَرْمَطِيّ ردّ إلى بلده. وزارة ابن الفُرات: وفيها: استوزر الرّاضي أبا الفتح الفضل بن جعفر بن الفُرات بمشورة ابن رائق. وكان ابن الفُرات بالشّام فأحضروه.   1 تكملة تاريخ الطبري "6/ 288"، الكامل في التاريخ "8/ 323". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 31 انهزام جيش ابن رائق: ومضى ابن رائق إلى واسط وراسل البريديّ، فلم يلتفت وأخذ يماطله. وبعث جيشًا إلى البصرة يحفظها من ابن رائق، وطيّب قلوب أهلها، فقلق ابن رائق، وبعث إلى البصرة جيشًا، فالتقوا فانهزم جيش ابن رائق غير مرّة1. محاربة ابن رائق للبصرة وعصيان أهلها عليه: ثمّ قدِم بدر الخَرْشَنيّ من مصر، فأكرمه ابنُ رائق، ثم نفده وبجكمًا إلى الأهواز، فجهز إليهما البريديّ أبا جعفر الجمّال في ألف نفس، فالتقوا على السوس، فهزمهم الخرشني، وساق وراءهم، فخرج البريديّ وأخوه في طيّار، وحملوا معهم ثلاثمائة ألف دينار، فغرق بهم الطّيار، فأخرجهم الغواصون، واستخرجوا بعض الذَّهَب لبَجْكَم، ووافوا البصرة، ودخل بَجْكَم الأهواز، وكتب إلى ابن رائق بالفتح. ودخل البريدّيون البصرة واطمأنّوا، فساقَ ابن رائق بنفسه إلى البصرة في نصف شوّال. فهرب البريديّ إلى جزيرة أُوال، ووافاه بَجْكَم. وسار ابن رائق وجيشه ليدخلوا البصرة، فقاتلهم أهلُها ومنعوهم لظُلمهم. وذهبَ البريديّ إلى فارس، واستجار بعلي بن بُوَيْه فأجاره، وأنفذ معه أخاه وأبا الحسين أحمد بن بُوَيْه لفتح الأهواز. وبلغ ابن رائق ذلك، فجهَّز بَجْكَم إلى الأهواز، فقال: لست أحارب هؤلاء إلّا بعد أنّ تحصل لي إمارتها وخراجها. فقال ابن رائق: نعم. وأمضى له ذلك على مائة وثلاثين ألف دينار في السنة2. ودام أهلُ البصرة على عصيان ابن رائق لسوء سيرته، فحلف أنْ تمكن من البصرة ليجعلها رمادًا. فازدادا غَيْظُهم منه. ولاية بُدَير لدمشق: وفيها: ولي إمرة دمشق بُدَيْر مولى محمد بن طُغْج، فأقام بها إلى سنة سبع وعشرين.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 102، 103". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 103 - 105"، الكامل في التاريخ "8/ 334 - 337". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 32 قدوم ابن رائق إلى دمشق: وقدِم محمد بن رائق دمشق، فأقام بها، وزعم أنّ المتّقي ولّاه إيّاها، وأخرج بُدَيْرًا. عودة الولاية لبُدَير: ثمّ ولي بُدَيْر دمشق بعد ذلك مِن قِبَل كافور الإخشيدي. اختلاف البريديّين: وأمّا البريديّون فهم ثلاثة من الكتّاب: أبو عبد الله، وأبو الحُسين، وأبو يوسف. كان أبوهم كاتبًا على البريد بالبصرة، فغلبوا على الأهواز وجرت لهم قصص، ثمّ اختلفوا وتمزَّقوا. تغلُّب ابن حمدان على مُضَر: وفيها: سار عليّ بن عبد الله بن حمدان إلى مُضَر، فتغلَّب عليها لمّا خرج عنها بدْر الخَرْشَنيّ إلى العراق. امتناع الحج: ولم يجْسر أحدٌ أن يحجّ هذا العام1. تأسيس مدينة الزهراء بالأندلس: وفيها: أسَّس أمير الأندلس النّاصر لدين الله الأمويّ مدينة الزَّهراء. وكان منتهى الإنفاق في بنائها كلّ يوم ما لا يُحدّ، يدخل فيها كلّ يوم من الصّخر المنحوت ستّة آلاف صخرة، سوى التّبليط. وجُلِب إليها الرخام من أقطار المغرب، ودخل فيها أربعة آلاف وثلاثمائة سارية، منها ثلاث وعشرون سارية ملوَّنة. وأهدى له ملك الإفرنج أربعين سارية رخام. وأما الوردي والأخضر فمن إفريقية والحوض المذهب جلب من القسطنطينية، والحوض الصغير عليه صورة أسد، وصورة غزال، وصورة عقاب، وصورة ثعبان، وغير ذلك.   1 النجوم الزاهرة "3/ 260". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 33 كلّ ذلك ذَهَبٌ مرصَّع بالجوهر. وبَقَوْا في بنائها ستّ عشرة سنة. وكان يُنفق عليها ثُلْث دَخْل الأندلس. وكان دَخْل الأندلس يومئذٍ خمسة آلاف ألف وأربعمائة ألف وثمانٍون ألف درهم. وعمل في الزَّهراء قصر المملكة. غرِم عليه من الأموال ما لا يعلمه إلّا الله. وبين الزَّهراء وبين قُرْطُبة أربعة أميال، وطولها ألف وستّمائة ذراع، وعرضها ألف وسبعون ذراعًا. ولم يُبْن في الإسلام أحسن منها، لكنّها صغيرة بالنّسبة إلى المدائن كما ترى؛ لا بل هي متوسّطة المقدار. وكانت من عجائب الدنيا. وسورها ثلاثمائة برج، وكل شرافة حجر واحد. وعمل ثُلثُها قصور الخلافة، وثلثها للخدم، وكانوا اثنى عشر ألف مملوك، وثُلثها الثالث بساتين. وقيل: إنّه عمل فيها بُحَيْرة ملأها بالزِّئبق. وقيل: كان يعمل فيها ألف صانع، مع كلّ صانع اثنا عشر أجيرًا. وقد أحرقت وهدمت في حدود سنة أربعمائة، وبقيت رسومُها وسورُها1. فسبحان الباقي بلا زوال.   1 النجوم الزاهرة "3/ 260، 261". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 34 أحداث سنة ست وعشرين وثلاثمائة ... أحداث سنة ست وعشرون وثلاثمائة: انتصار البريديّ على بَجْكَم: فيها: سار أبو عبد الله البريديّ لمحاربة بَجْكَم. وأقبل في مددٍ من ابن بُوَيْه، فخرج بَجْكَم لحربه، وعاد منهزما بعد ثلاثٍ، لأنّ الأمطار عطّلت نشّاب أصحابه وقِسِيَّهم، فقبض على وجوه أهل الأهواز، وحملهم معه، وسار إلى واسط1. ازدياد قوّة أحمد بن بُوَيْه: وأقام البريديّ وأحمد بن بُوَيْه بالأهواز أياما. ثمّ هرب البريديّ في المّاء، ثم أخذ   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 105، 106"، النجوم الزاهرة "3/ 262". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 34 يراوغ أحمد بن بُوَيْه، وجَرَت له فصول. وقوي ابن بُوَيْه. وبَجْكَم مقيم بواسط ينازع إلى الملك ببغداد. وقد جمع ابن رائق أطرافه وأقام ببغداد، والبريدي هارب في أسفل الأهواز. المصاهرة بين ابن رائق والوزير أبي الفتح: ولمّا رأى الوزير أبو الفتح الفضل اختلاف الحضرة، واستيلاء المخالفين على البلاد، أطمع ابن رائق في أنّ يحمل إليه الأموال من الشّام ومصر. وأنّ ذلك لا يتم مَعَ بعده. وصاهره فزوج ابنه بابنة محمد بن رائق، وزوج مزاحم بن رائق ببنت محمد بن طُغْج. محاربة البريديّ لبَجْكَم: ثمّ خرج الوزير أبو الفتح إلى الشّام على البرّيّة، وقد استخلف على الحضرة عبد الله بن عليّ النُّقْريّ. وسار ابن شيرزاد بين البريديّ وابن رائق في الصُّلْح، فكتبوا للبريدي بالعهد على البصرة، وأنّ يجتهد في أخذ الأهواز من أحمد بن بُوَيْه، وأنّ يحارب بَجْكَم. فواقعَ عسكر البريديّ عسكر بَجْكَم فهزمه، فسُرَّ بذلك ابن رائق. ثمّ أرسل بَجْكَم إلى البريدي: أنت قد أنفقت مع ابن رائق عليّ وقد عفوتُ عنك، وأنا أعاهدك إن ملكتُ الحضرة أنّ أقلَّدَك واسطًا. فسجد البريديّ شكرًا لله وحلف له واتّفقا1. قطْع يد ابن مقلة: وفيها: قُطِعت يد ابن مقلة. وسببه أنّ محمد بن رائق لمّا صار إليه تدبير المملكة قَبَضَ على ضياع ابن مقلة وابنه، فسأله ابن مقلة إطلاقَها، فوَعده ومَطَلهُ. فأخذ ابن مقلة في السَّعْي عليه من كلّ وجهٍ، وكتب إلى بَجْكَم يُطْمِعه في الحضرة، وكتب إلى الرّاضي يشير عليه بالقبض على ابن رائق، ويضمن له إذا فعلَ ذلك وأعاده إلى   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 108، 109"، الكامل في التاريخ "8/ 343، 344". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 35 الوزارة أنّه يستخلص له منه ثلاثة آلاف ألف دينار. وأشار باستدعاء بَجْكَم ونصبه في بغداد. فأصغى إليه، فكتب ابن مقلة إلى بَجْكَم يخبره ويحثّه على القدوم. واتّفق معهم أنّ ابن مقلة ينحدر سرًّا إلى الرّاضي ويقيم عنده، فركب من داره، وعليه طَيْلَسان، في رمضان في الليل. فلمّا وصل إلى دار الخليفة لم يُمَكَّن، وعُدِلَ به إلى حُجْرة فحُبِس بها. وبعث الرّاضي إلى ابن رائق فأخبره. فتردَّد الرُّسُل بينهما أسبوعين، ثمّ أظهر الخليفة أمره، واستفتى القُضاة في أمرِه، وأفشى ما أشار به ابن مقلة من مجيء بجكم وقبض ابن رائق. فيقال: أنّ القضاة، أفْتوا بقطع يده، ولم يصحّ. ثمّ أخرجه الرّاضي إلى الدِّهْليز، فقطعت يدُه بحضرة الأمراء1. رواية ابن سِنان عن ابن مقلة: قال ثابت بن سِنان: فاستدعاني الرّاضي وأمرني بالدّخول عليه وعلاجه، فدخلت، فإذا به جالس يبكي، ولونه مثل الرصاص، فشكا ضَرَبَان ساعِده. فطلبتُ كافورًا، وطليتُ به ساعدَه فسَكَن. وكنتُ أتردد عليه، فعرضَتْ له عِلّه النُّقْرُس في رِجْلهِ. ثمّ لمّا قرُب بَجْكَم من بغداد قطع ابن رائق لسان ابن مقلة، وبقي في الحبْس مدة، ثمّ لحِقَه ذِرب وشقي إلى أنّ مات بدار الخلافة. وقد وَزَرَ ثلاث مرّات لثلاثة من الخلفاء. ومات سنة ثمانٍ وعشرين، وهو صاحب الخطّ المنسوب. دخول بَجْكَم بغداد وتلقيبه: أمير الأمراء: ثمّ أقبل بَجْكَم في جيوشه وضعُفَ عنه محمد بن رائق، فاستتر ببغداد، ودخلها   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 109" المنتظم "6/ 293"، البداية والنهاية "11/ 188"، الكامل في التاريخ "8/ 345". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 36 بَجْكَم في ذي القعدة، فأكرمه الرّاضي ورفع منزلته، ولقّبه "أمير الأمراء"، وانقضت أيّام محمد بن رائق1. كتاب ملك الرّوم إلى الخليفة بالهدنة: وفيها: ورد كتابٌ من ملك الرّوم. والكتابة بالذَّهب، وترجمتها بالعربيّة بالفضّة؛ وهو: "من رومانس وقسطنطين وإسطانوس عظماء ملوك الرّوم، إلى الشّريف البهيّ ضابط سُلْطان المسلمين. "بسم الأب والابن وروح القُدُس الإله الواحد، الحمد لله ذي الفضل العظيم، الرؤوف بعباده، الّذي جعل الصلحَ أفضل الفضائل، إذ هو محمود العاقبة في السّماء والأرض. ولمّا بَلَغنا ما رُزقته أيّها الأخ الشريف الجليل من وفور العقل وتمام الأدب، واجتماع الفضائل أكثر ممّن تقدَّمكَ من الخلفاء، حَمَدْنا الله.. " وذكر كلامًا يتضَّمن طلب الهُدْنَة والفِداء. وقدَّموا تقدمةً سنّية. فكتب إليهم الرّاضي بإنشاء أحمد بن محمد بن ثُوَابة، بعدَ البَسملة: " مِن عبد الله أبي العبّاس الإمام الرّاضي بالله أمير المؤمنين إلى رومانس وقسطنطين وإسطانوس رؤساء الرّوم. سلامٌ على من اتَّبَعَ الهُدى وتمسَّك بالعُروة الوُثْقى وسلكَ سبيل النّجاة، والزُّلفى". وأجابهم إلى ما طلبوا2. تقلد بَجْكَم إمارة بغداد وخراسان: وفيها قلَّدَ الرّاضي بَجْكَم إمارة بغداد وخُراسان. وابن رائق مستتر. امتناع الحجّ: ولم يحجّ أحد. انتصار ابن حمدان على الدّمُسْتُق: وفيها: كانت ملحمة عظيمة بين الحسن بن عبد الله بن حمدان وبين الدّمُسْتُق، ونَصْر الله الإسلام، وهربَ الدّمُسْتُق. وقُتِل من النَصارى خلائق، وأخذ سرير الدمستق وصليبه3.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 110"، الكامل في التاريخ "8/ 346"، البداية والنهاية "11/ 188". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 111"، الكامل في التاريخ "8/ 352"، البداية والنهاية "11/ 888". 3 النجوم الزاهرة "3/ 263". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 37 أحداث سنة سبع وعشرين وثلاثمائة : الحرب بين بَجْكَم وابن حمدان: فيها: سافَرَ الرّاضي وبَجْكَم لمحاربة الحسن بن عبد الله بن حمدان، وكان قد أخّر الحمل عن ما ضمنه من الموصل والجزيرة. فأقام القاضي بتكريت، ثمّ التقى بَجْكَم وابن حمدان، فانهزم أصحاب بَجْكَم وأُسرَ بعضهم فَحقّق بَجْكَم الحملَة بنفسه، فانهزم أصحاب ابن حمدان. واتبعه بَجْكَم إلى أنّ بلغ نصّيبين فأقام بها، وهرب ابن حمدان إلى آمِد، وسار الرّاضي إلى الموصل1. انضمام القرامطة إلى ابن رائق: وكان في جُنْد بَجْكَم طائفة من القرامطة، وبقوا مع الراضي، فلحقتم الطّائفة بتكريت، فذهبوا مغاضبين إلى بغداد. وظهر محمد بن رائق من استتاره فانضمّوا إليه، وكانوا ألف رجل. وقيل: إنّ الرّاضي إنما سارع إلى الموصل خوفًا منهم، فدخلها في صفر، فاستناب بَجْكَم قوادَة على نصيبين وديار ربيعة، وعاد إلى الموصل وهو قلِق مِن أمر ابن رائق2. الفتنة بين أهل الموصل وجُنْد بَجْكَم: وبعد أيّام وقعت فتنة بين المواصلة وجُنْد الأمير بَجْكَم، فركب بَجْكَم ووضع السّيف في أهلِ الموصل، وأحرق فيها أماكن. مسير ابن حمدان إلى نصيبين: وسار ابن حمدان إلى نصيبين فهربَ عُمّال بَجْكَم عنها، وأخذ أصحابه يتسللون إلى ابن رائق.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 111"، المنتظم "6/ 295، 296"، الكامل في التاريخ "8/ 353، 354". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 112"، المنتظم "6/ 296"، البداية والنهاية "11/ 189". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 38 ثمّ طلب ابنُ حمدان من بَجْكَم الصُّلح، فما صدَّق به، وبعث إليه بعهده. تقلُّد ابن رائق الفُرات وجُنْد قِنَّسرين: وأما ابن رائق فهرَّبَ أصحاب السُّلطان ببغداد وهزمهم، وراسَل والدَه الرّاضي وحُرَمه رسالةً جميلة، وراسل الرّاضي وبَجْكَم يلتمس الصُّلح وأنّ يُقلَّد الفُرات وجُنْد قِنَّسرين ويخرج إليها. فأجِيبَ إلى ذلك، فسارَ ابن رائق إلى الشّام1. إهلاك عبد الصّمد بن المكتفي: وفيها: أُهلِكَ عبد الصّمد بن المكتفيّ لكونه راسَلَ ابن رائق في ظهوره أن يقلد الخلافة. مصاهرة بَجْكَم لابن حمدان: وفيها: صاهر بَجْكَم الحسن بن عبد الله بن حمدان. موت ابن الفُرات: وفيها: مات الوزير أبو الفتح الفضل بن الفُرات بالرملة. مصالحة البريديّ وبَجْكَم: وفيها: وقع الصُّلح على أنّ يضمن البريديّ من بجكم واسطة في السنة بستّمائة ألف دينار. وزارة البريديّ: وفيها: استوزر الرّاضي أبا عبد الله أحمد بن محمد البريديّ. أشارَ عليه بذلك ابن شيرزاد، وقال: نكتفي شرّه. فبعث الرّاضي قاضي القضاة أبا الحسن عمر بن محمد بن يوسف القاضي إليه بالخِلَع والتّقليد2. إطلاق الطريق للحجّاج: وفيها: كتب أبو عليّ عمر بن يحيى العلويّ إلى القَرْمَطِيّ، وكان يحبّه، أن يطّلِق طريق الحاجّ، ويعطيه عن كلّ جمل خمسة دنانير. فأذِن، وحجَّ النّاس؛ وهي أولُ سنة أخذ فيها المكس من الحجاج3.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 112"، الكامل في التاريخ "8/ 354". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 113"، الكامل في التاريخ "8/ 355"، النجوم الزاهرة "3/ 264". 3 المنتظم "6/ 296"، البداية والنهاية "11/ 189"، النجوم الزاهرة "3/ 264". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 39 أحداث سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة : انهزام الدّمُسْتُق: في أوّلها وَرَدَ الخبر بأنّ عليّ بن عبد الله بن حمدان لقي الدّمُسْتُق، فهزمَهُ عليّ. زواج بَجْكَم ببنت البريديّ: وفيها: تزَّوج بَجْكَم بسارة بنت الوزير أبي عبد الله البريديّ. وفاة قاضي القضاة ابن يوسف: وفي شعبان تُوُفّي قاضي القضاة، أبو الحُسَين عمر بن محمد بن يوسف، وقُلَّدَ مكانه ابنه القاضي أبو نَصْر يوسف. وزارة ابن مَخْلَد: وفيها: سارَ بَجْكَم إلى الجبل وعاد، وفسد الحالُ بينه وبين الوزير البريديّ لأمورٍ، فَعَزل بَجْكَم الوزيرَ، واستوزر أبا القاسم سليمان بن مَخْلَد. وخرج بَجْكَم إلى واسط1. انهزام ابن رائق أمام الإخشيد: وفي رمضان ملك محمد بن رائق حمص، ودمشق، والرملة، وإلى العريش، ولقِيه محمد بن طُغْج الإخشيد فانهزم الإخشيد، ووقع جُنْد ابن رائق في النّهب، فخرجَ عليهم كمين ابن طُغْج فهزمهم، ونجا ابن رائق إلى دمشق في سبعين رجلًا.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 116"، البداية والنهاية "11/ 191". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 40 موت ابن مقلة والخصيبي: وفي شوّال مات أبو علي ابن مقلة، وأبو العبّاس أحمد بن عُبَيْد الله الخُصيبيّ اللَّذَين وزرا. مصالحة الإخشيد لابن رائق بعد مقتل ابنه: وفيها: واقع محمد بن رائق أبا نَصْر بن طُغْج في أرض اللَّجُون، فانهزم أصحاب ابن طُغْج، واستؤسر وجوه قُوّاده، وقُتِل في المعركة. فعزَّ ذلك على ابن رائق وكفَّنه، وأنفذ معه ابنه مزاحمًا إلى الإخشيد محمد بن طُغْج يعزّيه في أخيه، ويحلف أنّه ما أراد قتله، وأنّه أنفد إليه ولده مزاحمًا ليقيّده به. فشكره وخلع على مزاحم وردّه، واصطلحا على أنّ يُفرج ابن رائق عن الرّملة للإخشيد، ويحمل إليه الإخشيد في السنة مائة وأربعين ألف دينار1. غَرَق بغداد: وفي شعبان غرقت بغداد غرقا عظيمًا، حتّى بلغت زيادة المّاء تسعة عشر ذراعًا. وغرق النّاس والبهائم، وانْهَدَمت الدُّور، فلِلّهِ الأمر2. غزوة ابن حمدان بلاد الرّوم: وفيها: غزا سيف الدولة عليّ بن حمدان بلاد الرّوم، وجَرَت له مع الدمستق واقعات ينصر الله فيها المؤمنين، وله الحمد. أحداث سنة تسع وعشرين وثلاثمائة: عُزِل بَجْكَم لابنّ شيرزاد ومصادرته: فيها: عزْل بَجْكَم ابن شيرزاد عن كتابته، وصادره على مائة وخمسين ألف دينار،   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 116، 117"، الكامل في التاريخ "8/ 363، 364"، البداية والنهاية "11/ 192". 2 المنتظم "6/ 315، 316"، البداية والنهاية "11/ 191"، النجوم الزاهرة "3/ 266". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 41 وفاة الرّاضي بالله: وفي ربيع الأوّل اشتدّت عِلّة الرّاضي بالله، وقَاءَ في يومين أرطالًا من دم، وماتَ. وبويع المتّقي لله أخوه. وكان الرّاضي سَمحا كريمًا أديبًا شاعرًا فصيحًا، محبًا للعلمّاء. سمع مِن البَغَويّ، وله شِعُر مدوَّن. قال الصُّولِيُّ: سُئِل الرّاضي أنّ يخطب يومَ الجمعة، فصعِدَ المِنْبر بسُرَّ من رأى، فحضرت أنا وإسحاق بن المعتمد. فلمّا خطب شنَّف الإسماعَ وبالَغَ في الموعظة. ثمّ نزل فصلّى بالنّاس. وقيل: إنّ الرّاضي استسقى وأصابَه ذِرب عظيم. وكان من أعظم آفاتِه كثْرة الْجِماع. تُوُفّي في منتصف ربيع الآخر وله إحدى وثلاثون سنة ونصف. ودُفِن بالرَّصافة. وهو آخر خليفة جالس النُّدماء. خِلافَة المتَّقي: وقال الصُّوليّ: لمّا مات الرّاضي، كان بَجْكَم بواسط، وبلغه الخبر، فكتب إلى كاتبه أبي عبد الله أحمد بن عليّ الكوفيّ يأمره أنّ يجمع القُضاة والأعيان بحضرة وزير الرّاضي أبي القاسم سليمان بن الحسن ويشاورهم فيمن يصلُح. وبعث الحُسين بن الفضل بن المّأمون إلى الكوفيّ بعشرة آلاف دينار له، وبأربعين ألف دينار ليفرِّقها في الْجُنْد إنّ ولّاه الخلافة، فلم ينفع. ثمّ إنّهم اتّفقوا على أبي إسحاق إبراهيم بن المقتدر، فأحدروه من داره إلى دار الخلافة لعشرٍ بقين مِن الشهر، فَبَايعوه وهو ابن أربعٍ وثلاثين سنة. وأُمُّهُ أمةٌ اسمها خَلُوب، أَدْرَكَتْ خلافته. وكان حس الوجه، معتدل الخَلْق بحُمْره، أَشْهل العين، كَثّ اللحية. فصلى ركعتين وصعد إلى السّرير، وبايعوه، ولم يغيّر شيئًا قط، ولم يَتَسَرَّ على جاريته الّتي له. وكان كثير الصوم والتعبد، لم يشرب نبيذًا قط. وكان يقول: لا أريد نديمًا غير المصحف1.   1 المنتظم "6/ 316"، البداية والنهاية "11/ 198". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 42 إقرار سليمان بن الحسن في الوزارة: وأقرَّ في الوزارة، على ما قال ثابتٌ، الوزيرَ سليمان بن الحسن1. وإنما كان له الاسم، والتّدبير للكوفيّ، كاتب بَجْكَم. حجابه الطولونيّ: واستحجبَ المتّقي سلامة الطِّولونيّ. ولاية المظالم: وولّى عليَّ بن عيسى المظالم. سقوط القبة الخضراء بمدينة المنصور: وفي سابع جُمَادَى الآخرة سقطت القُبّة الخضراء بمدينة المنصور، وكانت تاج بغداد ومَأْثرة بني العبّاس. فذكر الخطيب في "تاريخه" أنّ المنصور بناها ارتفاع ثمانٍين ذراعًا، وأنّ تحتها إيوانًا طوله عشرون ذراعًا في مثلها. وقيل: كان عليها تمثال فارس في يده رمُحْ. فإذا استقبل جهةً عُلمَ أنّ خارجيًّا يظهر من تلك الجهة. فسقط رأسُ هذه القبّة في لَيْلَةٍ ذات مطر ورعد2. الغلاء والوباء ببغداد: وكان فيها غلاء مُفْرط ووباء عظيم ببغداد، وخرج النّاسُ يستسقون وما في السّماء غَيم، فرجعوا يخوضون الوحل. واستسقى بهم أحمد بن الفضل الهاشمي3.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 119"، الكامل في التاريخ "8/ 369". 2 تاريخ بغداد "1/ 73"، البداية والنهاية "11/ 200"، النجوم الزاهرة "3/ 270"، تاريخ الخلفاء "394". 3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 120"، المنتظم "6/ 318، 319"، النجوم الزاهرة "3/ 270". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 43 وزارة ابن ميمون الكاتب: وفيها: عُزِل المتّقي لله الوزيرَ سليمانَ واستوزَرَ أبا الحُسين أحمد بن محمد بن ميمون الكاتب. وزارة البريديّ: وقدِم أبو عبد الله البريديّ مِن البصرة، فطلب الوزارة، فأجابه المتقي. وصار إليه ابن ميمون فأكرمه. وكانت وزارة ابن ميمون شهرًا، فشَغَب الْجُنْد على أبي عبد الله يطلبون أرزاقهم، فهرب من بغداد بعد أربعة وعشرين يومًا1. وزارة القراريطيّ: فاستوزَر المتّقي أبا إسحاق محمد بن أحمد الإسكافيّ المعروف بالقراريطيّ، وعُزِل بعد ثلاثة وأربعين يومًا2. وزارة الكْرخيّ: وقُلِّدَ ابن القاسم الكْرخيّ، وعُزِل بعد ثلاثة وخمسين يوما. تقليد كورتكين إمرة الأمراء: وفيها: قلَّدَ المتقي إمرة الأمراء كورتكين الديلمي. تقليد بدر الحُجّابة: وقلَّدَ بدرًا الخَرْشَنيّ الحُجّابة. مقتل بَجْكَم التّرْكيّ: وفيها: قُتِل بَجْكَم التّرْكيّ أبو الخير. وكان قد استوطن واسطًا، وقرَّر مع الرّاضي أنه يحمل إليه في العام ثمانمائة ألف دينار. وأظهرَ العدلَ وبنى دار الضّيافة للضعفاء   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 124"، الكامل في التاريخ "8/ 374". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 124، 125"، الكامل في التاريخ "8/ 377"، النجوم الزاهرة "3/ 272". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 44 بواسط. وكان ذا أموالٍ عظيمة. وكان يُخْرجها في الصّناديق، ويخرج الرجال في صناديق أُخَر على الحمال إلى البرّ، ثمّ يفتح عليهم فيحضرون ويدفن المّال، ثمّ يعيدهم إلى الصّناديق، فلا يدرون أين دفنوا، ويقول: إنما أفعل هذا لأنيّ أخاف أنّ يُحال بيني وبين داري. فَضَاعت بموته الدّفائن. قال ثابت بن سِنان: لمّا مات الرّاضي استدعى بَجْكَم والدي إلى واسط، فقال: إني أريد أنّ أعتمد عليك في تدبير بَدَني، وفي أمرٍ آخر أهمّ من بدني، وهم تهذيب أخلاقي. فقد غَلَبَ عليّ الغضب وسوء الخلق، حتى أخرج إلى ما ندم عليه من قتلٍ وضَرْب. فقال: سمعًا وطاعة. فحَّدثه بكلامٍ جيد في مُداراة نفسه بالتأني إذا غضب، وحضّه على العفو. وكان جيش البريدي قد وصل إلى المذار، فأنفد بَجْكَم كورتكين وتوزون للقائم، فالتقوا على المذار في رجب، فانكسر أصحاب بَجْكَم وراسلوه يستمدّونه، فخرج من واسط. فأتاه كتابٌ بنَصْر أصحابه، فتصيدا عند نهر جور، وهناك قو أكراد مياسير، فَشَره إلى أخذ أموالهم، وقَصَدهم في عَدَدٍ يسيرٍ من غلمّانه وهو متخفٍّ. فهرب الأكراد منه، وبقي منهم غلام أسود، فطعنه برمح، وهو لا يعلم أنّه بَجْكَم، قتله لتسعٍ بقين من رجب1. وخامرَ معظم جُنْده إلى البريديّ، وأخذ المتّقي من داره ببغداد حواصله، فحصَل له مِن ماله ما يزيد على ألفي ألف دينار. فصار توزون وكورتكين وغيرها من كبار أصحابه إلى الموصل، ثمّ إلى الشام، إلى محمد بن رائق. واستدعاء المتّقي إلى الحضرة. مسير ابن رائق إلى بغداد: فسارَ ابنُ رائق من دمشق في رمضان، واستخلف على الشّام أحمد بن عليّ بن مقاتل. فلمّا قرُب من المَوْصل كتب كورتكين إلى القائد أصبهان ابن أخيه بأنّ يصعد من واسط، فصعَد ودخل بغداد، فخلع عليه المتقي وطوقه وسوره.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 121، 122"، المنتظم "6/ 320"، الكامل في التاريخ "8/ 371"، البداية والنهاية "11/ 200". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 45 وحَمَل الحسن بن عبد الله بن حمدان إلى ابن رائق مائة ألف دينار من غير أنّ يجتمع به. فانْحَدر ابنُ رائق إلى بغداد1. خطبة البريديّ لابن رائق: وخطب البريديّ بواسط والبصرة لابن رائق وكتب اسمه على أعلامه وترسه. الحرب بين ابن رائق وكورتكين: ثمّ وقع الحرب بين ابن رائق وكورتكين على بغداد أيّامًا، في جميعها الدّبُرة على ابن رائق. وجرت الأمور. ثم قوي ابن رائق، ثمّ دخل بغداد، وأقام كورتكين بعُكْبرا، وذلك في ذي الحجّة، ودخل على المتّقي لله، فلمّا تنصف النهار وثب كورتكين على بغداد بجيشه وهم في غايةِ التهاون بابن رائق، يسمون جيشه القافلة، وكان نازلًا بغربيّ بغداد، فعزم على العَود إلى الشام. ثم تثبت فعبرَ في سفينه إلى الجانب الشرقيّ ومعه بعض الأتراك، فاقتتلوا، فبينما هم كذلك أخذتهم زعقات العامّة من ورائهم، ورموهم بالآجُرّ، فانهزم كورتكين واختفى، وقُتِل أصحابُه في الطُّرُقات. وظهر الكوفيّ، فاستكتبه ابن رائق2. أسر قادة الدَّيْلَم: واستأسرَ ابنُ رائق من قوّاد الدَّيْلَم بضعة عشرة، فضرَب أعناقهم وهربَ الباقون، ولم يبقَ ببغداد من الدَّيْلَم أحد. وكانوا قد أكثروا الأذِيّة. إمرة الأمراء لأبنّ رائق: وقُلَّدَ ابنُ رائق إمرة الأمراء، وعظم شأنه.   1 البداية والنهاية "11/ 199". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 125"، البداية والنهاية "11/ 199". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 46 أحداث سنة ثلاثين وثلاثمائة : حبْس كورتكين في دار ابن رائق: في المحرَّم وُجِدَ كورتكين الدَّيْلَميّ في درب، فأُحضر إلى دار ابن رائق وحُبِس. الغلاء العظيم ببغداد: وفيها: كان الغلاء العظيم ببغداد، وأبيع كرّ القمح بمائتي دينار وعشرة دنانير، وأكلوا الميتة، وكثُر الأموات على الطُرُق، وعمَّ البلاء1. انتشار الجوع: وفي ربيع الآخر خرجَ الحُرَم من قصر الرصّافة يستغيثون في الطُّرُقات: الجوع الجوع. خروج الأتراك إلى البريديّ: وخرج الأتراك وتوزون، فساقوا إلى عند البريديّ إلى واسط. وصول الرّوم إلى حلب: وفيها: وصلت الرّوم إلى بلد حلب إلى صوّص، وهي على ست فراسخ من حلب، فخربوا وأحرقوا، وسبوا عشرة آلاف نسمة2. وزارة البريديّ: وفيها: استوزر المتّقي أبا عبد الله البريديّ، برأي ابن رائق لمّا رأى انضمام الأتراك إليه، فاحتاج إلى مداراته. تقلَّدَ الخِرقيّ القضاء: وفيها: تقلَّدَ قضاء الجانبين ومدينة أبي جعفر أبو الحسن أحمد بن عبد الله ابن إسحاق الخِرقيّ التّاجر، وتعجَّب النّاسُ من تقليد مثله.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 127"، الكامل في التاريخ "8/ 377"، البداية والنهاية "11/ 201". 2 الكامل في التاريخ "8/ 392"، النجوم الزاهرة "3/ 274". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 47 تقليد القراريطيّ الوزارة: وفيها: عُزِل البريديّ، وقُلَّدَ القراريطيّ الوزارة. خروج المتّقي لقتال البريديّ: وفي حادي عشر جُمَادَى الأولى ركب المتّقي ومعه ابنه أبو منصور، ومحمد بن رائق، والوزير القراريطيّ، والجيش، وساروا وبين أيديهم القُرّاء في المصاحف لقتال البريديّ. ثمّ انحدر من الشّمّاسيّة في دجلة إلى داره، واجتمع الخلْق على كرسيّ الجسر، فثقل بهم وانخسف، فغرق خلقٌ. وأمر ابن رائق بلعن البريديّ على المنابر1. دخول البريديّ بغداد وانتهابها: وأقبل أبو الحُسين عليّ بن محمد أخو البريديّ إلى بغداد وقاربَ المتّقي وابن رائق، فهزمهما، وكان معه الترك والد يلم والقرامطة، وكثر النّهْبُ ببغداد. وتحصّن ابن رائق، فزحفَ أبو الحُسين البريديّ على الدّار، واستفحل الشّرّ. ودخل طائفة من الدَّيْلَم دار الخلافة، فقتلوا جماعة، وخرجَ المتّقي وابنه هاربين إلى الموصل ومعهما ابن رائق. واستتر القراريطيّ. ونهبت دار الخلافة، ودُخِل على الحُرم. ووجدوا في السّجن كورتكين الدَّيْلَميّ، وأبا الْحَسَن بن سنجلا، وعليّ بن يعقوب. فجيء بهم إلى أبي الحسين، فقيَّد كورتكين، وبعث به إلى أخيه إلى البصرة، فكان آخر العهد به، وأطلق الآخران2. ثم نزل أبو الحسين بدار ابن رائق، وقلَّدَ توزون الشّرطة، وأبا منصور تورتكين الشرطة بالجانب الغربي.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 126"، الكامل في التاريخ "8/ 379"، النجوم الزاهرة "3/ 274". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 127"، الكامل في التاريخ "8/ 380"، البداية والنهاية "11/ 202"، النجوم الزاهرة "3/ 274". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 48 انتهاب بغداد والغلاء بها: ونُهبت بغداد، وهُجِّجَ أهلُها من دُورهم. واشتدّ القحط حتّى أبيع ببغداد كر الحنطة بثلاثمائة وستة عشر دينارًا، وهلك الخلْق. وكان قحطًا لم يُعْهَد ببغداد مثله أبدا. هذا والبريديّ يصادر النّاس1. وقعة الأتراك والقرامطة: ثمّ وقعت وقعة بين الأتراك والقرامطة، فانهزم القرامطة. ازدياد دجلة: وزادت دجلة حتّى بلغت في نَيْسان عشرين ذراعًا، وغرقت النّاس. محاربة أهل بغداد للدَّيْلَم: ثمّ تناخى أهلُ بغداد لِمَا تمّ عليهم من جُور الد يلم، ووقع بينهم وبينهم الحرب. الحرب بين الأتراك والبريديّ: ثمّ اتّفق توزون وتورتكين والأتراك على كبس البريديّ. ثمّ غدر تورتكين فبلغ البريديّ الخبرُ فاحترز. وقصد توزون الدّار في رمضان، ووقع الحرب، وخَذَله تورتكين، فانَصْرف توزون في خلقٍ من الأتراك إلى الموصل. فبعث البريديّ خلفه جيشًا ففاتهم. فلمّا وصل توزون إلى الموصل قوي قلب ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، وعزم على أنّ ينحدر إلى بغداد بالمتّقي، فتهيأ أبو الحُسين البريديّ2. وكان لمّا وصل المتّقي وابن رائق تكريت وجدا هناك سيف الدّولة أبا الحسن عليّ بن عبد الله بن حمدان، وكان ابن رائق قد كتب إلى الحسن بن عبد الله بن حمدان أنّ يبعث إليه نجدةً لقتال البريديّ، فنفّد أخاه سيف الدّولة هذا، فإذا معَه الإقامات   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 127"، الكامل في التاريخ "8/ 381، 391"، البداية والنهاية "11/ 202". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 128". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 49 والميرة، وسارَ الكُلّ إلى الموصل، فلم يحضر الحسن، وتردّدت الرُّسُل بينه وبين ابن رائق إلى أنّ توثَّق كُلّ منهم بالعهود والأيْمان. فجاء الحِسُن واجتمع بابن رائق وبأبي منصور ابن الخليفة في رجب، وذلك بمخيَّم الحسن. فلمّا أراد الانصراف ركب ابن المتّقي وقُدِّم فرس ابن رائق ليركب، فتعلَّق به الحسن وقال: تقيم اليوم عندي نتحدَّث. فقال: ما يحسُن بي أنّ أتخلَّف عن ابن أمير المؤمنين. فألحَّ عليه حتّى استرابَ محمد بن رائق وجذَب كمَّه من يده فَتَخرَّق. هذا ورِجله في الرّكاب ليركب، فَشَبَّ به الفرس فوقع، فصاح الحسن بغلمانه: لايفوتنكم، اقتلوه. فنزلوا عليه بالسيوف، فاضطرَب أصحابُه خارج المخيَم، وجاء مطرٌ فتفرّقوا، فَدُفِن وعُفى قبره ونُهبت داره الّتي بالموصل1. فنقل ابن المحسِّن التنوخي، عن عبد الواحد بن محمد المَوْصلي قال: حدَّثني رجلٌ أن النّاسَ نهبوا دار ابن رائق، فدخلتُ فأجدُ كيسًا فيه ألف دينار أو أكثر، فقلت: إنّ خرجت به أخذَه مني الْجُنْد. فطفت في الدّار فمررتُ بالمطبخ، فأخذتُ قدْر سكباج ملأى، فرميتُ فيها الكيس وحملتها على رأسي، فكلّ مَن رآني يظنّ أنّي جائع، فذهبتُ بها إلى منزلي. تلقيب ابني حمدان ناصر الدّولة وسيف الدّولة: وبعث الحسن إلى المتّقي: إنّ ابن رائق أراد أن يغتالني. فأمره بالمَصير إليه. فجاء إليه فقلَّدَه مكان ابن رائق ولقبه " ناصر الدّولة "؛ وخلعَ على أخيه ولقّبه "سيف الدّولة". وعاد إلى بغداد وهُم معه. هرب البريديّ إلى واسط: فهرب البريديّ إلى واسط. فكانت مدّة إقامته ببغداد ثلاثة أشهر وعشرين يومًا. ودخل المتّقي بغداد في شوّال، وعُمِلت القباب.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 128"، الكامل في التاريخ "8/ 382"، النجوم الزاهرة "3/ 275". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 50 وفاة الخَرْشَنيّ: وقلَّدَ المتّقي بدرًا الخَرْشَنيّ طريق الفُرات. فسارَ إليها، ثمّ سار إلى مصر، فأكرمه الإخشيد واستعمله على دمشق، فمات بها. انهزام البريديّ أمام ناصر الدّولة الحمداني: وفي ذي القعدة جاء الخبر بأنّ البريديّ يريد بغداد، فاضطّربَ النّاسُ وخرج المتّقي ليكون مع ناصر الدّولة، وهرب وجوه أهل بغداد. ثمّ سار سيف الدّولة أبو الحسن للقاء البريديّ فكانت بينهما وقعة هائلة بقرب المدائن. فكان البريدي أبو الحسين في الد يلم وابن حمدان في الأتراك واقتتلوا يوم الخميس ويوم الجمعة، فكانت أولًا على بني حمدان وانهزم أصحابهم، وكان ناصر الدّولة على المدائن فردَّهم، ثمّ كانت الهزيمة على البريديّ، وقتل جماعة من قوادة، وأسر طائفةٌ، فعاد بالويل إلى واسط. وساق سيف الدّولة إلى واسط، فانهزم البريديّ بين يديه إلى البصرة، فأقام سيف الدولة بواسط ومعه جميع الأتراك والد يلم1. وفاة النهرجوري: وفيها: توفي العارف أبو يعقوب النهرجوري شيخ الصُّوفيّة إسحاق بن محمد بمكّة، وقد صحب سهل بن عبد الله، والْجُنَيْد. وفاة المحاملي: وفيها: تُوُفّي المَحَامِليّ صاحب "الدّعاء" وغيره. وفاة أبي صالح الزاهد: والزّاهد أبو صالح الدّمشقيّ مفلح بن عبد الله، وإليه يُنْسَب مسجد أبي صالح خارج باب شرقيّ. والله أعلم.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 129"، الكامل في التاريخ "8/ 395". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 51 ذكر رجال الطبقة الثالثة والثلاثون : مُرَتَّبَة كل سنة على حروف المعجم: سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ومَن تُوُفّي فيها: "حرف الألف": 1 - أحمد بن إسماعيل بن عامر. أبو بَكْر السَّمَرْقَنْدِيّ. رئيس كبير، حدَّث " بجامع " أبي عيسى التّرمذيّ، عن مصنّفه وتُوُفّي بِبُخارى. قاله جعفر المستغفريّ. 2 - أحمد بن الحُسين بن محمد بن عبد الله بن بكر. أبو حامد الدّقاق. ورّخه ابن مَنْدَه. 3 - أحمد بن حمدون بن أحمد بن رستم1. أبو حامد النَّيسابوريّ، ولقبه أبو تُراب، الأعمشيّ الحافظ. كان قد جمع حديث الأعمش كلّه وحفِظه. سمع: محمد بن رافع، وإسحاق الكَوْسَج، وعلي بن خشرم، وعمار بن رجاء الجرجاني، وأبا زرعه، والحسن بن محمد الزعفراني، وأبا سعيد الأشج، ويحيى بن حكيم المقوم، وطبقتهم. روى عنه: أبو الوليد الفقيه، وأبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، وأبو سهل الصعلوكي، وأبو أحمد الحاكم. قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا عليّ يقول: ثنا أحمد بن حمدون، إنْ حلّت الرواية عنه. فقلت: هذا الّذي تذكره في أبي تُراب من جهة المُجُون والسُّخْف الّذي كان، أو لشيءٍ أنكرته منه في الحديث؟ قال: بل من جهة الحديث.   1 تذكرة الحفاظ "3/ 805 - 807". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 52 قلت: فما أنكرت عليه؟ قال: حديث عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الفضل. قلت: قد حدَّث به غيره. فأخذ يذكر أحاديث حدَّث بها غيره. فقلت: أبو تراب مظلوم في كل ما ذكرته. ثمّ حدثت أبا الحسين الحجاجي بهذا القول، فرضي كلامي فيه، وقال: القول ما قلته. ثمّ تأملت أجزاء كثيرة بخطه، فلم أجد فيها حديثًا يكون الحمل فيه عليه، وأحاديثه كلها مستقيمة. وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرت ابن خزيمة يسأل أبا حامد الأعمشي: كم روى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد؟ فأخذ أبو حامد يسرد الترجمة حتى فرغ منها، وابن خزيمة يتعجب من مذاكرته. سمعت محمد بن حامد البزاز يقول: دخلنا على أبي حامد الأعمشي وهو عليل فقلنا: كيف تجدك؟ قال: بخير، لولا هذا الجار، يعني أبا حامد الجلودي، يدعي أنه محدث عالم، ولا يحفظ إلا ثلاث كتب: كتاب عمى القلب، وكتاب النسيان، وكتاب الجهل. دخل عليّ أمس فقال: يا أبا حامد أعلمت أن زنجويه قد مات؟ قلت: رحمه الله. فقال: دخلت اليوم على المؤمل بن الحسن وهو في النزع ثمّ قال: يا أبا حامد ابن كم أنت؟ قلت: أنا في السادس والثمانٍين. قال: فأنت إذا أكبر من أبيك يوم مات. فقلت: أنا بحمد الله في عافية، وجامعت البارحة مرتين، واليوم فعلت كذا. فقام خجلًا. تُوُفّي الأعمشي في ربيع الأول. 4 - أحمد بن داود بن سليمان بن جوين. أبو بكر بن القِرَبيّ. مصريّ ثقة. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 53 سمع: يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان، وابن مَثْرُود. روى عنه: ابن يونس، وغيره. 5 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن ذكوان1. الدمشقي المقريء. قرأ على أبيه، وسمع منه. قرأ عليه: أبو هاشم عبد الجبّار المؤدّب. وروى عنه: ابن عدي، لكن سماه محمدًا فوهم، وأبو بكر الربعي، وابن المقريء، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وآخرون. قال الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به. وورَّخ وفاته ابن زَبْر. 6 - أحمد بن عبد الوارث بن جرير2. أبو بكر الأسوانيّ العسّال. سمع: عيسى بن حمّاد، ومحمد بن رُمْح، وجماعة. وهو آخر من حدَّثَ عن ابن رُمْح. روى عنه: أبو سعيد بن يونس الحافظ ووثَّقه، والطَّبَرَانيّ، وابن المقرئ، وعبد الكريم بن أبي جدار، وميمون بن حمزة العلويّ، وعليّ بن محمد الحضْرميّ الطحان والد الحافظ يحيى، وخلْق. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وقد جاوز التّسعين، وولاؤه لعثمانٍ بن عفان -رضي الله عنه. 7 - أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ3. أَبُو جَعْفَرٍ الْأَزْدِيُّ الْحَجْرِيُّ الْمَصْرِيُّ الطَّحَاوِيُّ الْفَقِيهُ الحنفي، المحدث الحافظ. أحد الأعلام.   1 غاية النهاية "1/ 71". 2 الإكمال لابن ماكولا "7/ 47"، سير أعلام النبلاء "15/ 24"، شذرات الذهب "2/ 288". 3 المنتظم "6/ 250"، سير أعلام النبلاء "15/ 27 - 33"، الوافي بالوفيات "8، 9، 10"، لسان الميزان "1/ 274 - 282". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 54 سَمِعَ: هَارُونَ بْنَ سَعِيدٍ الأَيْلِيَّ، وَعَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ رِفَاعَةَ، وَيُونُسَ بْن عَبْد الْأَعْلَى، وَمحمد بْن عَبْد الله بن الحكم، وعيسى بن مثرود، وبحر من نَصْرٍ، وَطَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَنِ الإِخْمِيمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ القاسم الخشاب، وأبو بكر بن المقريء، وَالْمَيَانِجيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ الزَّجَّاجُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ محمد الْجَوْهَرِيُّ قَاضِي الصَّعِيدِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَمحمد بْنُ بَكْرِ بْنِ مَطْرُوحٌ. وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ سنة ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، فَلَقِيَ قَاضِيهَا أَبَا خَازِمٍ فَتَفَقَّهَ بِهِ وَبِغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وُلِدَ سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْقِعْدَةِ. قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا، فَقِيهًا عَاقِلًا. لَمْ يَخلّف مِثْله. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: انْتَهَتْ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ رِئَاسَةُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ بِمِصْرَ. أَخَذَ الْعِلْمَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ. وَأَبِي خازم، وَغَيْرِهِمَا. وَكَانَ شَافِعِيًّا يَقْرَأُ عَلَى الْمُزَنِيِّ، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: وَاللَّهِ لَا جَاءَ مِنْكَ شَيْءٌ. فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَانْتَقَلَ إِلَى ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ. فَلَمَّا صَنَّفَ مُخْتَصَرَهُ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ، لَوْ كَانَ حَيًّا لَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ. وَمَنْ نَظَرَ فِي تَصَانِيفَ أَبِي جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلِمَ مَحلَّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَسَعَةِ مَعْرِفَتِهِ. وَقَدْ نَابَ فِي الْقَضَاءِ عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ محمد بْنِ عَبْدَةَ قَاضِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ سنة نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَتَرَقَّت حالهُ فَحَدَّثَ أَنَّهُ حَضَرَ رجلٌ معتبرٌ عِنْدَ الْقَاضِي محمد بْنِ عَبْدَةَ فَقَالَ: أَيْش رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيهِ؟ فَقُلْتُ أَنَا: حَدَّثَنَا بَكَّارُ عن قتيبة: نا أبو أحمد الزبيري، اثنا سفيان، عن عبد الأعلى التغلبي، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إن الله ليغار للمؤمن فليغر" 1.   1 [حديث صحيح لغيره] : أخرجه أبو يعلي والطبراني في الأوسط كما في المجمع "4/ 327"، وقال الهيثمي: فيه عبد الأعلى بن عامر الثعلبي وهو ضعيف. وللحديث شاهد من حديث ابن مسعود أيضا أخرجه البخاري "4634"، ومسلم "2760"، والترمذي "3530"، وأحمد في المسند "1/ 381، 425". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 55 وَثَنَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَاوُدَ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ مَوْقُوفًا. فَقَالَ لِي الرَّجُلُ: تَدْرِي مَا تَقُولُ؟ تَدْرِي مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: مَا الْخَبَرُ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ الْعَشِيَّةَ مَعَ الْفُقَهَاءِ فِي مَيْدَانِهِمْ، وَرَأَيْتُكَ الْآنَ فِي مَيْدَانِ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَقَلَّ مَنْ يَجْمَعُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ: هَذَا مِنْ فَضْلِ الله وإنعامه. صنف رحمه الله "الآثار"، و" معاني الآثار"، و" اختلاف العلماء"، و" الشروط"، "وَأَحْكَامَ الْقُرْآنِ". وَكَانَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَدْ قَدِمَ مِنَ الْعِرَاقِ قَاضِيًا عَلَى مِصْرَ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلَيْهِ تَخَرَّجَ الطَّحَاوِيُّ. وَالْمُزَنِيُّ هُوَ خَالِ الطَّحَاوِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. 8 - أحمد بْن محمد بْن عليّ بْن رَزِين. أبو عليّ الباشانيّ الهَرَويّ. سمع: عليّ بن خَشْرَم، وأحمد بن عبد الله الفاريابيّ، وأبا الحُسين الحنفيّ، وسُفْيان بن وُكِيع، وهذه الطبقة. وعنه: أبو عبد الله بن أبي ذُهل، وأبو بكر بن أبي إسحاق القراب، وزاهر بن محمد السرخسي، ومحمد بن محمد بن جعفر المّالينيّ. وكان ثقة. أحمد بن مُحَمَّد بن عيسى بن مُحَمَّد بن القاسم بن حسن بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. 9 - أَحْمَد بن مُحَمَّد بن موسى البغداديّ1 أبو بكر، ويُعرف بابن أبي حامد. صاحب بيت المال. سمع: حمدون الفرغاني، والعباس الدوري. وعنه: الدارقطني، والقواس.   1 تاريخ بغداد "5/ 91، 93"، البداية والنهاية "11/ 174، 175". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 56 وكان ثقة، جوادًا، كريمًا. قاله الخطيب. 10 - أحمد بن محمد بن يزيد الفقيه أبو العبّاس الكُرْجيّ1. ثقة، سمع: يوسف بن سعيد بن مُسَلّم، وأحمد بن الفُرات. روى عنه: عليّ بن لؤلؤ، وابن المظفّر. حدَّث ببغداد. ومات في جُمَادَى الأولى. 11 - أحمد بن محمود أبو عيسى اللَّخميّ الأنباريّ2. عن: علي بن حرب، وأبي عُتْبَة الحجازيّ، وجماعة. وعنه: ابن شاهين، وإبراهيم بن سعيد الجوهريّ. أرخه الخطيب. 12 - أحمد بن نَصْر بن سَنْدَوَيْه أبو بكر البغداديّ حَبْشُون3. سمع: الحسن بن عَرَفه، ويوسف بن موسى القطّان، ومحمد بن هارون أبا نشيط. وعنه: ابن شاهين، والدارقطني. وقال: ثقة. 13 - إبراهيم بن عمروس بن محمد أبو إسحاق الفساطيطيّ. من فقهاء همدان. سمع: محمد بن عُبَيْد الأسَديّ، وحميد بن زَنْجَوَيْه، وأحمد بن بُدَيْل، وموسى بن نَصْر، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن الحَكَم، ومحمد بن عليّ بن شقيق، وعبد الحميد بن عصام الْجُرجانيّ، وجماعة. وعنه: صالح بْن أحمد، وأحمد بْن محمد بن رُوزَبَة، والحسن بن بشّار وعبد الرحمن بن محمد بن خَيْران الفقيه، وآخرون. وثقه بعضهم ووصفوه بالصدق.   1 تاريخ بغداد "5/ 120". 2 تاريخ بغداد "5/ 156، 157". 3 تاريخ بغداد "5/ 182". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 57 14 - إبراهيم بن الفضل بن حيّان الحَلوانيّ1 قاضي سامرّاء. سمع: العُطَارِديّ، وغيره. وعنه: المُعَافَى الْجَريريّ. 15 - أحْيَد بن محمد بن الحسن بن شجاع. المعروف بدينار. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 16 - إسحاق بن محمد بن أحمد القاضي2. أبو يعقوب الحلبيّ. قدِم بغداد، وروى عن: سليمان بن سيف الحرّانيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القوّاس، وحفيده عليّ بن محمد. حدَّث فيها، وبقي بعدها. "حرف الباء": 17 - بَكر بن المرزبان السَّمَرْقَنديّ. حدَّث في هذه السنة في صَفَر، عن عبد بن حُمَيْد بتفسيره. "حرف التاء": 18 - تِكين الخاصّة3. الأمير أبو منصور المعتَضِديّ. ولي نيابة دمشق غير مرّة، وولي أيضًا مصرَ للمقتدر، وبها تُوُفّي في ربيع الأوّل، وحُمِل في تابوت إلى بيت المقدس.   1 تاريخ بغداد "6/ 140". 2 تاريخ بغداد "6/ 395". 3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 85 - 103".، الكامل في التاريخ "8/ 273"، سير أعلام النبلاء "15/ 95، 96". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 58 روى عنه: يوسف القاضي. روى عنه: عليّ بن محمد بن رستم. قال ابن النجاد: تكين الخزري، ولي نيابة مصر سنة سبعٍ وتسعين، ثمّ عزل سنة اثنتين وثلاثمائة فولي إمرة دمشق. ثمّ بعد خمس سنين أعيد إلى مصر، فبقي عليها إلى أن مات زمن القاهر بالله. وكان من كبار الملوك، سامحه الله. "حرف الجيم": 19 - جامع بن إبراهيم بن محمد بن جامع. أبو القاسم السُّكّريّ. بِمصر 20 - جعفر بن محمد بن بكر بن بكّار بن يوسف البلْخيّ. في شوّال. "حرف الخاء": 21 - حاتم بن محبوب أبو يزيد القُرَشيّ السّاميّ الهَرَوِيّ. سمع: سَلَمَةَ بن شبيب، وأحمد بن سعيد الرِّباطيّ، وابن زنْبُور، وغيرهم. وعنه: الرئيس أبو عبد الله العُصميّ، ومحمد بن أحمد الإسفزاريّ، وأحمد بن محمد المُزَنيّ، وآخرون. وكان ثقة، صالحًا. أخبرنا أَحْمَدَ بْنَ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ: أنا محمد بن إسماعيل، أنا أبو عمر المليحيّ، أنا محمد بن عمر بن حَفْصَويْه السَّرْخَسِيّ سنة خمس وثمانٍين، أنا حاتم بن محبوب، ثنا سَلَمَةُ بن شبيب، اثنا الحسن بن محمد، يعني ابن أعين، اثنا زُهير قال: دخلت البصرة فقلت: لا أكتب الحديث إلا بِنِيّة، فما كتبت فيها إلا حديثًا واحدًا. زُهير هو ابن معاوية، مشهور. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 59 22 - الحسن بن محمد بن النَّضْر بن أبي هريرة1. أبو عليّ الأصبهانيّ. سمع: إسماعيل بن يزيد القطّان، وعبد الله بن عُمَر أخا رُسْتة، وأحمد بن الفُرات، وسعيد بن عيسى البصْريّ. وعنه: أبو الشيخ، والحسين بن أحمد، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وآخرون. أخبرنا محمد بن يوسف: أنبا كرَيْمة، عن مسعود الثقفي، أنا عبد الوهاب بن محمد، أنا أبي الحافظ أبو عبد الله، أنا الحسن بن محمد بن النضر، اثنا إسماعيل بن يزيد، اثنا الوليد بن مسلم، بحديثٍ ذكره. 23 - حمدون بن مجاهد الكلبيّ. الفقيه المالكيّ صاحب عيسى بن مسكين. سمع من: محمد بن سَحْنون. وأكثر عن عيسى. وكان من جلة علمّاء القيروان. "حرف الزاي": 24 - زاهر بن عبد الله. أبو غالب السغديّ. روى عن عبدٍ تفسيره. 25 - زيد بن الحُسن بن محمد الكنديّ الكوفيّ. ابن بطة الصائغ. قَالَ محمد بْن أحمد بْن حمّاد الحافظ: سمعت منه، وكان ثقة قليل الحديث. "حرف السين": 26 - سعيد بن محمد بن أَحْمَد2.   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 270". 2 تاريخ بغداد "9/ 106"، المنتظم "6/ 252"، سير أعلام النبلاء "15/ 23". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 60 أبو عثمانٍ البغداديّ البيّع. أخو زُبَير الحافظ. سمع: إسحاق بن أبي إسرائيل، وعقبة بن مكرم، وعبد الرحمن بن يونس السراج. وعنه: عمر بن شاهين، والدارقطني، وأبو الفضل بن المأمون، ويوسف القواس وقال: ثقة. "حرف العين": 27 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن شبيب الفارسي. تُوُفّي ببلخ في المحرَّم. وهو ابن أخت يعقوب بن سفيان. 28 - عبد الرحمن بن الفيض بن سندة بن ظهر1. أبو الأسود. أحد ثقاة الأصبهانيين. سمع: عقيل بن يحيى، وأبا غسان أحمد بن محمد ختن رجاء، وإبراهيم بن ناصح صاحب النضر بن شُمَيْل. وعنه: أبو الشّيخ، وأخو أبي الشّيخ عبد الرحمن، والحسين بن محمد بن علي، وابن المقريء. وله أُرْجُوزة في السنة. 29 - عبد السلام بن محمد بن عبد الوهّاب2. أبو هاشم بن أبي عليّ البصّريّ الْجُبّائيّ، نسبةً إلى قرية من قرى البصرة. هو وأبوه من رؤوس المعتزلة. وكتبُ الكلام مشحونة بمذاهبهما. تُوُفّي هذا في شعبان ببغداد.   1 أخبار أصبهان "2/ 116". 2 تاريخ بغداد "11/ 55، 56"، المنتظم "6/ 261"، الكامل في التاريخ "8/ 273"، 274"، سير أعلام النبلاء "15/ 63، 64"، ميزان الاعتدال "2/ 131"، لسان الميزان "4/ 16". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 61 قال ابن دَرَسْتَوَيْه النحوي: اجتمعت مع أبي هاشم، فألقى عليَّ ثمانٍين مسألة من غريب النحو ما كنت أحفظ لها جواب. ولأبي هاشم تصانيف وتلامذة. وكان يصرح بخلق القرآن كأبيه، ويقول بخلود النّاس في النار. وأنّ التوبة لا تصح مع الإصرار عليها، وكذا لا تصح مع العجز عن الفعل. فقال: من كذب ثمّ خرس، أو من زنا ثمّ جب ذكره ثمّ تابا لم تصح توبتهما. وأنكر كرامات الأولياء. تُوُفّي في ثامن عشر شعبان هو وابن دريد في يوم واحد، ودفنا بمقبرة الخيزران. 30 - عُبَيْد الله بن جعفر البغداديّ1. أبو عليّ بن الرازي. عن: الحسن بن عليّ العامري، وعباس الدوري، وطبقتهما. وعنه: ابن البواب، ومحمد بن الشخير، وأبو القاسم بن الثّلّاج. وثقه الخطيب. 31 - عليّ بن أحمد بن مروان السامري المقريء2. أبو الحسن. عرف بابن نقيش. سمع: الحُسين بن عبد الرحمن الأقساطيّ، والحسن بن عَرَفَة، وعمر بن شبه، وطائفة. وعنه: ابن عديّ، وشافع بن محمد الإسفرائينيّ، وابن المظفّر. وثقه الخطيب. وأرخه ابن قانع. 32 - عليّ بن أحمد بن كرديّ. أبو الحسن الفسويّ، قاضي شيراز.   1 تاريخ بغداد "10/ 350". 2 تاريخ بغداد "11/ 319". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 62 سمع: يحيى بن أبي طالب، وجماعة. وكان يتقلب في مرضه ويقول: من القضاء إلى القبر. 33 - عمر بن محمد بن المسيب البغداديّ1. عن: الحسن بن عَرَفَة، وإبراهيم بن مجشر. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. وكان ثقة. "حرف الْقَافِ": 34 - الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبراهيم. أبو العبّاس الكلاعيّ الدّمشقيّ. عن: عليّ بن معبد، ويونس بن عبد الأعلى، والربيع. وعنه: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وأحمد بن عبد الله البراميّ، وغيرهما. "حرف الميم": 35 - محمد بن أحمد بن الوليد2 بن أبي هشام أبو بكر القنبيطي الدّمشقيّ. عن: شعيب بن عمرو الضبعيّ ومحمد بن إسماعيل بن علية. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبو سليمان بن زَبْر وهو ورخه في هذه السّنة. 36 - محمد بْن الحَسَن بْن دريد بن عتاهية3. أبو بكر الأزدي البصري.   1 تاريخ بغداد "11/ 226". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 55". 3 تاريخ بغداد "2/ 95 - 197"، المنتظم "6/ 261، 262"، ميزان الاعتدال "4/ 323- 329"، سير أعلام النبلاء "15/ 96، 98". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 63 نزيل البصرة. تنقل في جزائر البحر وفارس، وطلب الأدب واللغة. وكان أبوه من رؤساء زمانه. وكان أبو بكر رأسًا في العربية وأشعار العرب. وله شعر كثير وتصانيف مشهورة. حدث عن: أبي حاتم السَّجِسْتاني، وأبي الفضل العبّاس الرياشي، وابن أخي الأصمعي. روى عنه: أبو سعيد السيرافي، وأبو بكر بن شاذان، وأبو الفرج صاحب " الأغاني"، وأبو عبيد الله المرزباني، وأبو العباس إسماعيل بن ميكال، وغيرهم. وعاش بضعا وتسعين سنة. فإن مولده في سنة ثلاث وعشرين ومائتين. قال أحمد بن يوسف الأزرق: ما رأيت أحفظ من ابن دريد. وما رأيته قرئ عليه ديوان قطّ إلا وهو يسابق إلى روايته لحفظه له. وقال أبو حفص بن شاهين: كنا ندخل على ابن دريد فنستحيّ مما نرى من العيدان المعلقة والشراب. وقد جاوز التسعين. وقال أبو منصور الأزهريّ: دخلت عليه فرأيته سكران، فلم أعد إليه. ولابن دريد كتاب "الجمهرة"، وكتاب "الأمالي"، وكتاب "اشتقاق أسماء القبائل"، وكتاب "المجتبى"، وهو صغير سمعناه بعلو، وكتاب "الخيل"، وكتاب "السلاح"، وكتاب "غريب القرآن"، ولم يتم، وكتاب "أدب الكاتب"، وكتاب " فعلت وفعلت"، وكتاب " المطر"، وغير ذلك. وحكى الخطيب عن أبي بكر الأسديّ قال: كان يُقال ابن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء. وقال ابن يوسف الأزرق: كان ابن دريد واسع الحفظ جدًا، وله قصيده طنانة يمدح بها الشافعيّ رحمه الله ويذكر علومه. دُفِنَ هو وأبو هاشم الْجُبّائيّ في يوم واحد في مقبرة الخيزران لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان، فقيل: مات الكلام واللغة جميعًا. وأول شعر قاله: الجزء: 24 ¦ الصفحة: 64 ثوبُ الشبابِ عليَّ اليوم بهَجُتُه ... فسوف تنزعه عنّي يدُ الكِبَرِ أنا ابنُ عشرين لا زادتْ ولا نقصت ... إن ابن عشرين من شيبٍ على خَطرِ وكان عبد الله بن ميكال على إمرة الأهواز للمقتدر، فأحضر ابن دريد لتأديب ولده إسماعيل، فقال فيهما مقصورته المشهورة الّتي يقول فيها: إنَ ابن ميكال الأمير انتاشني ... من بعد ما قد كنت كالشيء اللقا ومد ضبعي أبو العباس من ... بعد انقباض الذّرع والباع الوَرا نفسي الفِداء لأميريّ ومَن ... تحت السّماءِ لأميريّ الفِدا فَوَصَلَه بجوائز منها ثلاثمائة دينار من خاصّة الصّبيّ وحده. ذكره أبو الحسن الدَّارَقُطْنيّ فقال: تكلّموا فيه. قلت: ووقع لنا مِن عواليه في " أمالي الوزير". 37 - محمد بن الحسن سُلَيْم بن يحيى القلعيّ البلْخيّ الحريريّ. في جُمَادَى الآخرة. 38 - محمد بن حمزة بن عُمارة بن حمزة بن يسار الإصبهانيّ1. الفقيه أبو عبد الله والد الحافظ أبي إسحاق. سمع: أحمد بن الفُرات، ويعقوب الفَسَويّ، ويزيد المبارك الفَسَويّ، وابن عفّان العامريّ، وعبّاس الدُّوريّ. وعنه: ابنه إبراهيم، والحسن بن إسحاق بن إبراهيم، وابن المقري، وابن منده، وغيرهم. تُوُفّي في المحرَّم. 39 - محمد بن رمضان بن شاكر. أبو بكر الجيشانيّ، مولاهم المصريّ الفقيه المالكي أحد الأئمة. أخذ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وغيره.   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 269". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 65 وجلسَ في موضع ابن عبد الحَكَم. وروى كُتُب الربيع بن سليمان المراديّ. وما علِمت إلا خيرًا. قاله ابن يونس. تُوُفّي في المحرَّم. 40 - محمد بن صالح بن خَلَف1. أبو بكر البغداديّ الجواربيّ. حدَّث عن: عمرو بن عليّ الصيرفيّ، وحميد بن زَنْجَوْيه، وأحمد بن المقدام. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ. وكان صدوقًا. 41 - محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد. أبو الحَسَن المهرانيّ البصْريّ الإخباريّ. عن: بُنْدار، وأبي حاتم السِّجسْتانيّ، والرياشيّ. وثقه ابن يونس. 42 - محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّلام بن أبي أيّوب البيروتيّ2. مكحول. الحافظ أبو عبد الرحمن. سمع: أبا عُمَيْر بن النَّحّاس، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكيّ، ومحمد بن إسماعيل بن عُلَيَّة، وأحمد بن حرب المَوْصِليّ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، وأحمد بن سليمان الرّهاويّ، وسليمان بن سيف، وهذه الطبقة الّتي بعد الخمسين ومائتين. وعنه: أبو سليمان بن زَبْر، وأبو محمد بن ذَكْوان البَعْلَبَكيّ، وعلي بن الحُسين قاضي أَذَنَة، وأبو أحمد الحاكم، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وابن المقريء، وخلق سواهم.   1 تاريخ بغداد "5/ 362". 2 حلية الأولياء "7/ 25"، الإكمال لابن ماكولا "1/ 33"، سير أعلام النبلاء "15/ 33، 34". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 66 وكان من الثّقات المشهورين. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 43 - محمد بْن عليّ المكتفي بالله بن أحمد المعتضد بالله1. قال ثابت بن سِنان: قبض المقتدر على أبي أحمد بن المكتفي واعتقله لأّنه بلغه أن جماعةً سعوا في خلافته، وأنه أحضر بعد قُتِل المقتدر مع عمّه محمد بن المعتضد، وخاطبه مُؤنس بولاية الخلافة فامتنع وقال: عمي أحقّ بها. فحينئذٍ بويع محمد ولُقِّبَ بالقاهر بالله. روى محمد بن المكتفي عن جدّه، وعن: عبد الله بن المعتزّ. روى عنه: ولده أحمد شيخ أبي الحسين بن المهتدي بالله. وذكر الصولي أن القاهر قتل أبا أحمد بن المكتفي في ذي الحِجّة. ضَرَبه ضربًا مبرحًا يقِّرره على المّال فما دفع إليه شيئًا. ثمّ أمر به فَلُفَّ في بساطٍ إلى أن مات رحمه الله. 44 - محمد بن عمران بن موسى2. أبو بكر الهْمدانيّ الخرّاز. قدِم بغداد، وروى عن: عليّ بن إبراهيم الواسطيّ، وجعفر الطَّيَالِسيّ. وعنه: ابنُ عُقْدة، وابن المظفّر. 45 - محمد بن الغمر. أبو بكر الطّائيّ الغُوطيّ. من بيت أرانس. سمع: محمد بن إسحاق بن يزيد الصِّينيّ، وهاشم بن بِشْر. وعنه: محمد بن زُهير، وعبد الوهّاب الكِلابيّان. 46 - محمد بن القاسم بن عُبَيْد الله بن سليمان بن وهب3.   1 تكملة تاريخ الطبري "71"، الإنباء في تاريخ الخلفاء "161". 2 تاريخ بغداد "3/ 133". 3 الفرج بعد الشدة "1/ 277، 279"، تجارب الأمم "1/ 212، 261، 261، 264، 272". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 67 الوزير أبو جعفر البغداديّ. صدر نبيل مُعْرِق في الوزارة. وَزَرَ للقاهر بالله في شعبان من هذه السنة، ثمّ عُزِل بعد ثلاثة أشهر. وكان سيئ السيرة ظالمًا، فلم يلبث بعد عزله إلّا عشرة أيام حتّى هلك بالقولَنْج وله ست وثلاثون سنة. 47 - محمد بن موسى بن عيسى. أبو بكر الحضرميّ، مولاهم. مصريّ حافظ. عن: يونس بن عبد الأعلى، وغيره. ذكره ابن يونس فقال: كان حافظ الحديث، وهو أخو أبي عجينة الحسن بن موسى. مات في رمضان. يقال: إنه كان يحفظ نحْوًا من مائة ألف حديث. أخذ ذلك عن إبراهيم بن داود البُرُلُّسيّ، وكان إبراهيم أحد الحُفّاظ. ثمّ دخل العراق وكتب عن عبد الله بن أحمد، ونحوه. وحدَّث عن يونس بكتاب سُفْيان بن عُيَيْنَة، ثمّ أخرج أيضًا كتبًا كثيرة فَتُكُلِّمَ فيه واسْتُصْغر وأُنِكَر أن يكون سمع على صِغرِ سنة هذه الكُتُب الكثيرة. 48 - محمد بن نوح1. أبو الحسن الْجُنْديسابوريّ الفارسيّ. نزيل بغداد. سمع: هارون بن إسحاق، وشعيب الصريفيني، وابن عرفة. وعنه: الدارقطني، وأبو بكر شاذان، وابن شاهين، وآخرون. وثقه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفّي في ذي القعدة.   1 تاريخ بغداد "3/ 324"، سير أعلام النبلاء "15/ 34، 35"، تذكرة الحفاظ "3/ 826، 827". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 68 أخبرنا الأبرقوهيّ، أنا الفتح، أنا ابن أبي شَرِيك، أنا ابن النَّقُّور، أنا ابن الجرّاح، نا محمد بن نوح، فذكر الحديث. وقد حدَّث بدمشق، وبمصر. قال ابن يونس: ثقة حافظ. وقال الدَّارَقُطْنيّ أيضًا مأمون. ما رأيت كُتُبًا أصح من كُتُبه وأحسن. 49 - محمد بن هارون بن عبد الله بن حميد1. أبو حامد الحضرميّ. بغداديّ. وثقه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. سمع: أبا همّام السَّكُونيّ، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ونصر بن علي الجهضمي، وغيرهم. وعنه: أبو بكر الورّاق، والدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القوّاس، وابن شاهين، وخلق كثير. توفي في أول السنة عن نيف وتسعين سنة. 50 - مونس الخادم2. الملقّب بالمظَّفر. قُتِل في هذه السنة. وكان قد بلغ درجة الملوك، وحارب المقتدر فقُتِل المقتدر يوم الوقعة. ولا أعلم أحدًا من الخَدَم بلغ من الرفعة ونفوذ الأمر ما بلغه مونس وكافور الإخشيديّ صاحب مصر. وقد مرَّت أخبار مونس في الحوادث. ذكره ابن عساكر في تاريخه مختصرًا وقال: كان أحد قُوّاد بني العبّاس. ولّاه المقتدر حرب المغاربة. وقدم الشّام سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. قلت: مونس مخفف بسكون الواو.   1 تاريخ بغداد "3/ 358، 359". 2 المنتظم "6/ 131"، الكامل في التاريخ "13/ 366"، وفيات الأعيان "3/ 77". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 69 "حرف اللام": 51 - لؤلؤ الخادم1. مولى أبي الجيش، خُمَارَوَيْه صاحب الشّام ومصر. قدِم لؤلؤ دمشق، وحدَّث عن المُزَنيّ. قال الربيع المراديّ: وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الحُسين الرازيّ. "حرف الياء": 52 - يوسف بن يعقوب2. أبو عمرو النيسابوري، نزيل بغداد. رماه أَبُو علي النَّيْسابوريّ بالكذب. روى عن: محمد بن بكّار بن الرّيَّان، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن عَبْدَة الضبيّ. وعنه: عليّ بن لؤلؤ، والمُعَافى الْجَريريّ، وأبو بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحسن بن الْجَنَديّ. توفي فيها أو في سنة اثنتين. قال الحاكم: حدَّث عن كلّ من شاء من أهل الحجاز والعراق. قال: وسمعتُ أبا عليّ الحافظ يقول: ما رأيتُ في رحلتي في أقطار الأرض نيسابوريًا يكذب غير أبي عَمْرو النَّيْسابوريّ هذا. وفيات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 53 - أحمد بن إبراهيم بن عَجَنَّس بن أسباط.   1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 271". 2 تاريخ بغداد "14/ 320"، ميزان الاعتدال "4/ 275"، لسان الميزان "6/ 329". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 70 أبو الفضل الأندلسيّ الزباديّ، زباد بن كعب بن حجر الكَلاعيّ. وهو أخو عبد الرحمن. حدَّث عن: أبيه. 54 - أحمد بن خالد بن يزيد1. أبو عمر بن الْجَبَّاب الأندلسيّ القُرْطُبيّ الحافظ الكبير. منسوب إلى بيع الجباب. سمع: قاسم بن محمد، ومحمد بن وضّاح، وبَقِيّ بن مَخْلَد. ورحل إلى الحجاز واليمن، فسمع: إسحاق الدَّبَريّ، وعليّ بن عبد العزيز البغوي، وهذه الطبقة. روى عنه: ابنه محمد، ومحمد بن محمد بن أبي دُلَيْم، وعبد الله بْن محمد بْن عليّ الباجيّ، وغيرهم. ووُلِد سنة ستٍّ وأربعين ومائتين. قال القاضي عِياض: كان إمامًا في وقته في الفقه في مذهب مالك، وفي الحديث لا يُنازَع. سمع منه خلْق، وصنَّف " مُسْنَد مالك"، وكتاب " الصلاة"، وكتاب " الإيمان"، وكتاب "قصص الأنبياء". تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 55 - أحمد بن سليمان بن داود2. أبو عبد الله الطُّوسيّ. حدَّث ببغداد بالنَّسَب عن: الزُّبَيْر بن بكّار. وروى عن: ابن المقرئ محمد بن عبد الله. وعنه: أبو بكر بن شاذان، وابن شاهين، والمخلص، وكان صدوقًا.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 31"، جذوة المقتبس للحميدي "121، 122"، تذكرة الحفاظ "3/ 34". 2 تاريخ بغداد "4/ 177". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 71 ولد سنة أربعين، وتوفي في صَفَر. 56 - أحمد بن سعيد بن ميسرة الغِفاريّ الطّرْطُوشيّ. حجَّ وسمع: محمد بن إسماعيل الصّائغ، وعليّ بن عبد العزيز. وروى عنه: يحيى بن مالك. 57 - أحمد بن العبّاس بن أحمد1. أبو الحسن البَغَويّ الصُّوفيّ. سمع: عمر بن شبّة، وعبّاد بن الوليد الغُبْريّ، والحسن بن عَرَفَة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص بن شاهين. وكان ثقة. قال يوسف القوّاس: كان يقال: إنّه من الأبدال. تُوُفّي في ذي القعدة ببغداد. 58 - أحمد بن العبّاس. أبو الطّيّب الشَّيْبانيّ. عن: الربيع المُراديّ، وغيره. ولقبه: طنجير. حمل عنه: ابن يُونُس. وورّخه فيها. 59 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَكَم. أبو جعفر اليوانيّ، بفتح الياء الخفيفة. من محدِّثي أصبهان. سمع: أحمد بن عصام، ويحيى بن أبي يحيى طالب البغداديّ. وعنه: ابن المقريء، وعبد الله بن أحمد بن فادويه.   1 تاريخ بغداد "4/ 328". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 72 مات سنة اثنتين وعشرين. ورّخه ابن نقطة في "الاستدراك". 60 - أحمد بن عَبْد الله بْن مُسْلِم بْن قُتَيْبَةَ1. أبو جعفر الكاتب البغداديّ. روى عن: أبيه كتبَه. روى عنه: عبد الرحمن بن إسحاق الزَّجّاجيّ، وابنه عبد الواحد. وولي قضاء مصر فأدركه بها أجَلُه. وذكر يوسف بن يعقوب بن خرزاذ أن أبا جعفر حدَّث بكتب أبيه كلّها بمصر من حفظه، ولم يكن معه كتاب. وتُوُفّي في ربيع الأوّل. وبقي في القضاء أربعة وسبعين يومًا، وعُزِل لأنّه وَثَبت به الرعية وشتموه. وكان قبله عبد العزيز عبد الله بن زبر، وولي بعده أحمد بن إبراهيم بن حمّاد. قال المسبَّحي في تاريخه: كان أبو جعفر يحفظ كتب أبيه كلّها بالنُّقَط والشَّكْل كما يحفظ القرآن، وهي أحد وعشرون مُصَنفًا، فلمّا سمع بذلك أهل العلم والأدب جاءوه، فجاءه أحمد بن محمد بن ولاد، وأبو جعفر أحمد بن النَّحّاس، وأبو غانم المظفّر بن أحمد، والنحاة والملوك وأولادهم فأخذوا عنه. وذكره ابن زولاق فقال: كان مالكيًا شيخًا جادًا أتيناه لنسمع منه فقال: ما معي حديث، لكن معي كُتُب أبي وأنا أحفظها وأقرأها عليكم، وهي أحد وعشرون كتابًا. فكان يحفظها كلّها. وهي: كتاب "المشكل"، كتاب "معاني القرآن"، كتاب "غريب الحديث"، كتاب "مختلف الحديث"، كتاب "الفقه"، كتاب "المعارف"، كتاب "عيون الأخبار"، كتاب "أعلام النبي -صلى الله عليه وسلم"، كتاب "الرؤية"، كتاب "الأشربة"، كتاب "العرب والمعجم"، كتاب "الأنواء"، كتاب "الميسر"، كتاب "طبقات الشعراء"، كتاب "معاني الشعر",   1 تاريخ بغداد "4/ 229"، المنتظم "6/ 272"، سير أعلام النبلاء "14/ 565، 566"، البداية والنهاية "11/ 180". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 73 "كتاب "إصلاح الغلط"، كتاب "أدب الكاتب" كتاب "الأبنية"، كتاب "النحو"، كتاب "المسائل"، كتاب " القراءات". وكان يردّ النّقطة. ذَكَر أن أباه حفَّظه إيّاها في اللَّوح. 61 - أحمد بن عبد الله بن نَصْر بن بجير الذهلي1. أبو العبّاس، والد أبي الطاهر. ولي قضاء البصرة وواسط؛ وسمع: يعقوب الدَّوْرَقيّ، ومحمود بن خداش. وعنه: المُعَافَى الجريريّ، والدَّارَقُطْنيّ، والمخلّص، وغيرهم. وثقه الخطيب. 62 - أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاهمرد2. الفقيه أبو عَمْرو الصَّيْرَفيّ. حدَّث بدمشق في هذا العام عن: أبي داود السِّجسْتانيّ، ومحمد بن عُبَيْد الله بن المنادي، وأحمد بن الوليد الفحّام، وعبد الله بن محمد بن شاكر. وعنه: أحمد بن عتبة، وأبو هاشم المؤدب، ونصر بن أحمد المرجي، والميانجي، وعبد الوهاب الكلابي. 63 - أحمد بن محمد بن إسماعيل بن السوطي3. بغدادي، ثقة. 64 - أحمد بن محمد بن الجليل، بجيم، بن خالد بن حريث4. أبو الخير العبقسي البخاري البزاز. روى كتاب "الأدب" عن مؤلّفه أبي عبد الله البخاريّ في هذا العام ببخارى، فسمعه منه أبو نصر أحمد بن محمد بن حسن بن النَّيَازِكي البخاريّ شيخ القاضي أبي العلاء الواسطي.   1 تاريخ بغداد "4/ 229". 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 402، 403". 3 تاريخ بغداد "4/ 389". 4 الإكمال لابن ماكولا "3/ 179"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 268". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 74 فأمّا: الجليل، فبالجيم. قيده غير واحد آخرهم عليّ بن المفضل الحافظ. قال ابن ماكولا: روى عن: البخاريّ، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبَّويْه المَرْوزِيّ، وعجيف بن آدم، ومحمد بن الضو الشيباني. روى عنه: النيازكي، ومحمد بن خالد المطوعي. 65 - أحمد بن محمد بن الحارث. أبو الحسن القباب. مصري يفهم هذا الشأن. روى عن: بحر بن نَصْر الخَوْلانيّ، وطبقته. وعنه: ابن المقريء، وابن يونس. أحمد. هو أبو عليّ الروذباريّ. يأتي بكنيته في آخر هذه السنة. 66 - أحمد بن محمد بن عيسى المكي1. أبو بَكْر. إخباريّ، موثق. حدَّث ببغداد عن: أبي العيناء، وإبراهيم بن فهد. وعنه: ابن حَيُّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ. 67 - أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن يزيد2. أبو طلحة الفزاريّ الوساوسيّ. سمع: عبد الله بن خبيق الأنطاكيّ، ونَصْر بن عليّ الجهضميّ، وزيد بن أخزم، ومحمد بن الوليد البسري، والربيع بن سليمان، وسعد بن محمد البيروتي.   1 تاريخ بغداد "5/ 64". 2 تاريخ بغداد "5/ 75"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 64". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 75 وعنه: أبو بكر الأبهريّ، وأبو الفضل الزهريّ، وأبو سليمان بن زَبْر، والدَّارَقُطْنيّ، وعمر بن شاهين. وثقه البرقاني. وتوفي بالمحرَّم في العراق. 68 - أحمد بن معروف بن بِشْر الخشاب1. أبو الحسن. سمع: أبا البَخْتَرِيّ عَبْد الله بْن محمد بْن شاكر، وجماعة. وعنه: أبو عمر بن حَيُّوَيْه، وأبو الحسن بن الْجُنْديّ. وكان ثقة بغداديًا. 69 - أحمد بن موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاريّ2. بغدادي، يكنى أبا عبد الله. عن: أبيه، وسهل بن بحر، وأبي يوسف القلوسيّ. وعنه: ابن شاهين، والمُعافى الجريريّ. قال الخطيب: ثقة. تقلَّدَ قضاء البصرة. ولد سنة 243 ومات في شعبان سنة 322. 70 - إبراهيم بن أحمد هلال3. أبو إسحاق الإنباريّ ابن أبي عون. إخباري علامة، صاحب ابن ربيعة له تصانيف. انسلخ من الدين وصحب الشلمغانيّ الزنديق وادعى فيه الألهية. ضربت عنقه وأحرق في ذي القعدة منها.   1 تاريخ بغداد "5/ 160". 2 تاريخ بغداد " 5/ 144". 3 معجم الأدباء "1/ 34- 253"، كشف الظنون "609"، معجم المؤلفين "1/ 9، 10". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 76 71 - إسحاق بن محمد بن الفضل بن جابر1. أبو العبّاس الزيات. سمع: يعقوب الدورقيّ، وسلم بن جنادة. وعنه: ابن شاهين، والدَّارَقُطْنيّ، والقواس. "حرف الجيم": 72 - جعفر بن أحمد بن شهزيل. أبو محمد الأستراباذيّ الفقيه الزاهد. سمع: عمار بن رجاء، وإسحاق الطلقيّ، ومحمد بن عبد الله بن المقريء، وسعيد بن عبد الرحمن المخزوميّ المكّيّ. وعنه: عبد الله بن عدي، وجماعة من أهل بلده. 73 - جعفر بن أحمد بن يحيى السراج المصريّ. ثقة صالح. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. "حرف الحاء": 74 - حسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن ربيعة2. أبو علي بن الناعس الهمداني الدمشقي المقريء. سمع: هلال بن العلاء، و"يزيد بْن محمد " بْن عبد الصّمد، ومحمد بْن عبد الله السوسيّ، وجماعة. روى عنه: أبو سليمان بن زَبْر، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 75 - الحسن بن أحمد بن غطفان3.   1 تاريخ بغداد "6/ 396". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 149". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 153". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 77 أبو عليّ الفزاري الدّمشقيّ. عن: العبّاس بن الوليد البيروتيّ، وأحمد بن الفرج الحمصيّ، وجماعة. وعنه: ابن زَبْر، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 76 - الحسن بن عليّ بن الحُسين بن الحارث بن مرداس1. أبو عبد الله التميميّ الهمذانيّ المعروف بابن أبي الحناء. سمع: محمد بن عُبَيْد الأسدي، والعبّاس بن يزيد البصريّ، وأحمد بن بديل، وعُبَيْد الله بن سعد الزهريّ، ومحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن شقيق، وأبا زرعة، وطائفة. سواهم. وعنه: صالح بن أحمد، وأبو عليّ بن بشار، وأبو سعيد خيران، وآخرون. قال شيرويه: صدوق. "حرف الخاء": 77 - خير بن عبد الله النساج الزاهد2. أبو الحسن. بغدادي مشهور، اسمه محمد بن إسماعيل. كانت له حلقة يتكلم فيها. صحب أبا حمزة محمد بن إبراهيم الصوفيّ، والجنيد. وعمر أكثر من مائة سنة فيما قيل. حكى عنه: أحمد بن عطاء الروذباريّ، ومحمد بن عبد الله الرازيّ، وغيّرهما. وقيل: إنه أدرك السريّ السقطيّ وصحبه. وكان خير أسود، فقيل إنه حج مرة، فلمّا أتي الكوفة أخذه رجل فقال: أنت عبدي وأسمك خير. فلم يكلمه وانقاد معه، فاستعمله سنين في نسج الخز. ثمّ بعد مدة قال: ما أنت   1 سير أعلام النبلاء "15/ 78". 2 حلية الأولياء "10/ 307"، تاريخ بغداد "1/ 345"، 347"، المنتظم "6/ 274"، سير أعلام النبلاء "15/ 269، 270". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 78 عبدي. وأطلقه وكان اسمه محمد بن إسماعيل، فقيل له: ألا ترجع إلى اسمك؟ فقال: لا أغير اسمًا سماني به رجل مسلم. وقيل: ألقي عليه شبه عبد ذلك الرجل، ثم زال عنه الشبه بعد مدة. وله كرامات وأحوال. وكان ممن يحضر سماع القوم. وقد أخبر أنه يموت غدًا المغرب، فكان كذلك. وقال السلميّ: عاش مائة وعشرين سنة، وتاب في مجلسه إبراهيم الخواص، والشبليّ. "حرف الزاي": 78 - زيدان بن محمد البرتيّ الكاتب1. سمع: زياد بن أيوب، وأحمد زاج. وحدَّث في هذه السنة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن الثلاج، وأبو الحسن بن الْجُنْدي. أحاديثه مستقيمة. "حرف السين": 79 - سعيد بن أحمد بن ذكريا. أبو محمد القضاعيّ المصريّ. سمع: جدّه لأمّه زكريّا كاتب العمريّ، والحارث بن مسكين. وعنه: أبو بكر بن المقرئ. قال ابن يونس عنه: يعرف وينكر. 80 - سليمان بن حسن بن عليّ بن الجعد2. أبو الطيب أخو عمر.   1 تاريخ بغداد "8/ 487". 2 تاريخ بغداد "9/ 63". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 79 سمع: أحمد بن المقدام العجليّ، وسليمان الأقطع. وعنه: عَبْد اللَّه بْن موسى الهاشميّ، وابن شاهين. أحاديثه مستقيمة. قاله الخطيب. "حرف الصاد": 81 - صالح بن أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن صالح بْن مسلم العجليّ1. أبو مسلم الأطرابلسيّ المغربي. روى عن: أبيه كتابه في "الجرح والتعديل". وهو مصنف جليل في بابه. رواه عن صالح: عليّ بن أحمد بن زكريّا الهاشميّ. تُوُفّي في هذا العام. "حرف العين": 82 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج بْن مهاجر. أبو الليث الرعينيّ. سمع من يونس عبد الأعلى، وغيره. وتُوُفّي فِي ربيع الأول. 83 - عبد اللَّه بْن مُحَمَّد بن حنين2. أبو محمد الأندلسيّ مولى بني أمية. 84 - عبد الرحمن بن إسماعيل بن عليّ بن كردم3. أبو محمد الرقيّ. حدَّث عن: عليّ بن سهل الرمليّ، والحسن بن عَرَفَة، وعليّ بن حرب، ويونس بن عبد الأعلى، وجماعة كثيرة.   1 مقدمة تاريخ الثقات للعجلي "33". 2 بغية الملتمس للضبي "330". 3 تاريخ دمشق "22/ 327". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 80 وسكن دمشق. وعنه: أبو محمد بن عدي، وأبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ، وأبو أحمد بن الناصح، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. تُوُفّي في شهر جُمَادَى الآخرة. 85 - عُبَيْد الله المهديّ1. أبو محمد، أول خلفاء الباطنية بني عُبَيْد أصحاب مصر والمغرب وهو دعي كذَّاب أدعى أنه من وَلد الحسن بن عليّ. والمحققون متفقون على أنه ليس بُحسَيْني. وما أحسن ما قال المعز صاحب القاهرة وقد سأله ابن طباطبا العلويّ عن نسبهم، فجذب سيفه من الغمد وقال: هذا نسبي. ونثر على الحاضرين والأمراء الذهب وقال: وهذا حَسَبي. تُوُفّي عُبَيْد الله في ربيع الأوّل بالمغرب. وقد ذكرنا من أخباره في حوادث هذه السنة، فلا رحم الله فيه مغرز إبرة. قال أبو حسن القابسيّ صاحب "المخلص" رحمه الله: إنّ الّذين قتلهم عُبَيْد الله وبنوه أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب، ما بين عابدٍ وعالمٍ ليردهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت. وفي ذلك يقول سهل في قصيدته: وأحَلَّ دار النحر في أغلاله ... مَن كان ذا تقوى وذا صلوات ودفن جميعَهم في المُنَسْتِير وحولها. والمُنَسْتِير بلسان الفرنج: المعبد الكبير، وبها قبور كبارهم. وكانت دولة عُبَيْد الله بضعًا وعشرين سنة. ويا حبذا لو كان رافضيا، ولكنه زنديق. وحكى الوزير القفطيّ في سيرة بني عبيد قال: كان أبو عبيد الشّيعيّ أحد الدواهيّ. وذلك أنه جمع مشايخ كتامة وقال: إنّ الإمام كان بسلمية قد نزل عند يهوديّ عطار يُعرف بعبيد، فقام به وكتم أمره. ثم مات عبد الله عن ولدين فأسلمّا وأُّمُّهُما على يد الإمام وتزوج بها، وبقي مستترًا والأخوان في دكان العطر. فولدت للإمام ابنين فعند اجتماعي به سألت: أي الابنين إمامي بعدك؟ فقال: من أتاك منهما فهو إمامك.   1 الكامل في التاريخ "8/ 24"، سير أعلام النبلاء "15/ 41- 151"، البداية والنهاية "11/ 179، 180". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 81 فسيرت أخي لإحضارهما، فوجدت أباهما قد مات هو وأحد الولدين ووجد هذا فأتي به. وقد خفت أن يكون هذا أحد ابني عُبَيْد. فقالوا: وما أنكرت منه؟ قال: إنّ الإمام يعلم الكاينات قبل وقوعها. وهذا قد دخل معه بولدين ونص الأمر في الصغير بعده، ومات بعد عشرين يومًا. ولو كان إماما لعلم بموته. قالوا: ثمّ ماذا؟ قال: والإمام لا يلبس الحرير ولا الذَّهَب وقد لبِسهما. وليس له أن يطأ إلا ما تحقق أمره، وهذا قد وطئ نساء زيادة الله. فتشككت كُتَامَة في أمره، وقالوا: ما ترى؟ قال: قبضه ونسير من يكشف لنا عن أولاد الإمام على الحقيقة. فأجمعوا أمرهم. وخفَّ هارون بن يوسف كبير كُتامة فواجَه المهديّ. وقال: قد شككْنا فيك فَأْتِ بآية. فأجابه بأجوبةٍ قبلها عقلُه، وقال: إنّكم تيقَّنتم واليقين لا يزول بالشك. وإن الطفل لم يمت وإنه أمامك. وإنما الأئمة ينتقلون. وقد انتقل لإصلاح جهة أخرى. فقال: آمنت. فلبْسك الحرير؟ قال: أنا نائب للمشرع أُحَلِّل لنفسي ما أريد، وكلّ الأموال لي. وزيادة الله كان غاصبًا. وأمّا أبو عبد الله وأخوه فأخذا يخبّبان عليه فرتب من قتلهما. ثمّ خرج عليه جماعة من كُتَامة فظفر بهم وقتلهم. وخالف أهل طرابلس، فوجّه ولده القائم فافتتحها عَنْوةً، ثمّ بَرْقَةَ فافتتحها، ثمّ صِقلِّية فأخذها، واستقر مُلكه. وجهز ولده القائم لأخذ مصر مرتين ويرجع مهزومًا. وبنى المهدية ونزلها سنة ثمانٍ وثلاثمائة. وعاش ثلاثا وستين سنة، وخلف ثلاثة عشر ولدًا، منهم ستة بنين، آخرهم موتًا أبو علي أحمد في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. 86 - عثمان بن حديد بد حميد الكلابي1. أبو سعيد الأندلسي الإلبيري.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 303، 304"، جذوة المقتبس للحميدي "305". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 82 محدَّث رحّال. روى عن: العُتْبِيّ الفقيه، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد الله بن الحَكَم، وأحمد بْن عَبْد الله بْن صالح العِجْلي نزيل أطرابلس المغرب، ومحمد بن سَحْنُون الإفريقيّ، وبَقِيّ بن مَخْلَد. وكان فقيهًا عارفًا لرأي مالك. روى عنه: خالد بن سعْد، وعبد الله بن محمد الباجيّ، وغيّرهما. تُوُفّي سنة تسع عشرة، ففي وفاته ثلاثة أقوال. 87 - عليّ بن عبد الله بن عبد البَرِّ الفَرَغانيّ التّرْكيّ1. عن: أبي حاتم الرازيّ. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين. ثقة. 88 - عليّ بن محمد بن حاتم بن دينار2. أبو الحسن القُرَشيّ الحدّاديّ. وحدّادة: قرية بقرب بسْطام. سمع: محمد بن عزيز الأيلي، والربيع بن سليمان، ومحمد بن حماد الظّهْرانيّ، وزكريّا بن دُوَيْد الكِنْديّ. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ في صحيحه، وابن عديّ، وعلي بن عمر الحربيّ، وجماعة. ومات في رمضان. 89 - عليّ بن محمد بن عيسى. أبو الحَسَن المراديّ المعروف بابن العَسْراء الخيّاط. بَصْريّ، نزل مصر وحدَّث عن: محمد بن هشام بن أبي خيرة، وطبقته. قال ابن يونس: ليس بشيءٍ. لا يجوز لأحد الرواية عنه.   1 تاريخ بغداد "12/ 4". 2 تاريخ جرجان للسهمي "301"، معجم البلدان "2/ 226". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 83 90 - عبد الوهّاب بن سعيد بن عثمان1. أبو الحديد الحمراويّ المصريّ. مولى القُرَشيّين. قال ابن يونس: وُلِد سنة أربع وخمسين ومائتين، وقال لي: كتبتُ الحديث سنة سبعين. وكان أحد المجودين الثقاة. صالحًا متواضعًا حسن الهَدْي. مات في المحرَّم. وقال ابن ماكولا: مشهور بالجمع، كثير الكتابة. روى عن: يحيى بن عثمان بن صالح وغيره. روى عنه ابن يونس. حرف الميم: 91 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الثَّلْج2. أبو بكر الكاتب. بغداديّ، ثقة. سمع: عمر بن شبّة، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس. 92 - محمد بن أحمد بن أبي يوسف3. أبو بكر المصريّ ابن الخلّال الفقيه. دَرَسَ وأقرأ، وصنَّف كتابًا في أربعين جزءًا في نصوص قول مالك. أخذ عن محمد بن أصبع، عن أبيه. 93 - محمد بن أحمد بن إبراهيم4. أبو عبيد الله المادرائي الأطروش.   1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 54". 2 تاريخ بغداد "1/ 279". 3 الديباج المذهب "244"، معجم المؤلفين "9/ 29". 4 تاريخ بغداد "4/ 385". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 84 نزيل مصر. روى عن: الزُّبَيْر بن بكّار، وعُبَيْد الله بن سعد الزُّهْريّ، وعمر بن شبة. روى عنه: ابنه عثمان، وأبو أحمد بن أبي الطيب المادرائي، وأبو الطيب أحمد بن سليمان الحريري، وعبيد الله بن محمد البزاز. وكان له تجارة وأملاك. وكان ثقة. وهم الخطيب فسماه: أحمد بن محمد بن إبراهيم. قاله ابن النجار. 94 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن الفضل1. أبو جعفر الديبلي، نسبه إلى بلدة من الهند، ثم المكي. سمع: محمد بن زُنْبُور، وسعيد بن عبد الرحمن المخزوميّ، والحسين بن الحَسَن المَرْوَزِيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وأحمد بن إبراهيم بن فراس، ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطي، وأبو أحمد الحاكم، وخلق كثير من الحجاج. وكان صدوقا مقبولا. توفي في جمادى الأولى. وقع لنا حديثه بعلو. 95 - محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسيد بن عاصم الثقفي. أبو مسلم الإصبهاني. سمع: أسيد بن عاصم، وأخاه محمد بن عاصم. وعنه: أبو الشيخ، وغيره. 96 - محمد بن الحسن بن المهلب. أبو صالح المديني. أكثر عن أحمد بن الفُرات، وحمل عنه تصنيفه. وعنه: أبو الشيخ، وأبو بكر بن المقرئ.   1 الأنساب لابن السمعاني "5/ 393"، سير أعلام النبلاء "15/ 9، 10"، شذرات الذهب "2/ 295". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 85 97 - محمد بن زكريا بن محمد بن جعفر اللخمي1. أبو عبد الله القرطبي. سمع: محمد بن وضاح. ورحل مع قاسم بن أصبع، وابن أيمن, فسمع: محمد بن إسماعيل الصائغ، وأحمد بن أبي خيثمة، وإسماعيل القاضي، وطبقتهم. وكان ثقة زاهدًا، صاحب ليل وعبادة. سمع النّاس منه "تاريخ ابن أبي خَيْثَمة". روى عنه: أبو محمد الباجيّ، وغيره. 98 - محمد بن سليمان بن محمد2. أبو جعفر الباهليّ النُعمانيّ. من بلد النعمانية، وهي بين بغداد وواسط. سمع: أحمد بن بديل، ومحمد بن عبد الله المخرميّ الحافظ، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ ووثقه. تُوُفّي فِي ذي الحجّة. 99 - مُحَمَّد بن عَبْد الله بن غيلان3. أبو بكر السُّوسيّ الخزّاز؛ من ثقات البغداديّين ومُسنديهم. سمع: سوار بن عبد الله القاضي، وأحمد بن منيع، والحسن بن الصّبّاح البزّاز. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو بكر بن شاذان، وابن شاهين، وعدة. 100 - محمد بن عبد الرحمن بن زياد4. أبو جعفر الأرزناني الحافظ.   1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 43". 2 تاريخ بغداد "5/ 302". 3 تاريخ بغداد "5/ 445". 4 أخبار أصبهان "2/ 629"، الأنساب "1/ 182"، سير أعلام النبلاء "15/ 270، 271". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 86 سمع بالشّام والعراق وإصبهان. سمع: إسماعيل بن عبد الله سمُّوَيْه، ومحمد بن غالب تمتام، وعليّ بن عبد العزيز، وطبقتهم. وعنه: أبو الشيخ، وأبو أحمد الحاكم، وأحمد بن يوسف الخشاب، وأبو بكر أحمد بن مهران المقرئ. قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت محمد بن العبّاس الشهيد يقول: ما قدِم علينا مثل: أبي جعفر الأرزناني زهدًا وورعًا وحفظًا وإتقانًا. وقال أبو نعيم: تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. 101 - محمد بن عليّ1. أبو جعفر بن أبي العزاقر الشَّلمغانيّ الزِّنْديق. أحدَثَ مذهبًا في الرفض ببغداد، ثمّ قال بالَتناسخ وحلول الألُوهيّة، ومخرق على الناس فضل به جماعة، وأظهر أمره أبو القاسم الحسين بن روح الذي تسميه الرافضة: الباب، تعني به أحد الأبواب إلى صاحب الزمان. فطلب الشلمغاني فاختفى وهرب إلى الموصل فأقام سنين، ثمّ رد إلى بغداد. وظهر عنه أنه يدعى الربوبية. وقيل: إنّ الوزير الحُسين بن القاسم بن عُبَيْد الله بن وهب وزير المقتدر، وابني بسطام، وإبراهيم بن أحمد بن أبي عون، وغيرهم اتبعوه، وطلبوا فتغيبوا، وذلك في أيام وزارة ابن مقلة للمقتدر. فلمّا كان في شوّال سنة اثنتين وعشرين ظهر الشَّلْمغانيّ فقَبض عليه ابن مقلة وسجنه وكبس داره فوجد فيها رقعا وكتبًا مما يدعي عليه وفيها يخاطبونه بما لا يُخاطب به البَشَر. وعُرضَت على الشَّلْمغانيّ، فأقر أنها خطوطهم، وأنكر مذهبَه، وتبرَّأ مما يقال فيه. وأصرَّ على الإنكار بعض أتباعه. ومد ابن عبدوس يَدَه فصفَعَه. وأما ابنُ أبي عون فَمَدَّ يده إلى لحيته ورأسه وارتعدت يده وقبّل لحية الشَّلْمغانيّ ورأٍسه وقال: إلهي وسيدي ورازقي.   1 الكامل في التاريخ "8/ 290- 294"، سير أعلام النبلاء "14/ 566- 569"، الوافي بالوفيات "4/ 107، 108". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 87 فقال له الخليفة الرّاضي بالله، وكان ذلك بحضرته: قد زعمت أنك لا تدعي الإلهيّة، فما هذا؟ قال: وما عليّ من قول ابن أبي عون، والله يعلم أنني ما قلت له إنني إله قط. فقال ابن عبدوس: إنه لم يدَّع إلهية قطّ، إنما أدّعى أنّه الباب إلى الإمام المنتظر. ثمّ أُحضروا مرات ومعهم الفُقهاء والقُضاة. وفي الآخر أفتى العلمّاء بإباحة دمه، فأُحرق بالنّار في ذي القعدة من السنة. وضُرِبَ ابن أبي عون بالسّياط، ثمّ ضُرِبت عُنقه، ثمّ أحرق. ولابن أبي عون المعثر تصانيف مليحه منها: " التّشبيهات"، والأجوبة المُسكِتَة، وكان من أعيان الكُتّاب. وشَلْمَغَان: قرية بنواحي واسط. 102 - محمد بن عليّ بن جعفر1. أبو بكر الكتّانيّ الصُّوفيّ. من كبار الشيوخ البغداديين. حكى عن: أبي سعيد الخراز، وإبراهيم الخواص. حكى عنه: الخلدي، ومحمد بن أحمد النجاد، ومحمد بن علي التكريتي، وجماعة. وجاور بمكة وبها توفي في هذا العام. قال محمد بن عبد الله بن شاذان: يقال: إن الكتاني ختم في الطواف اثنى عشر ألف خاتمة. وقال أبو القاسم البصري: سمعت الكتّانيّ يقول: مَن يدخل في هذه المفازة يحتاج إلى أربعة أشياء: حالًا يحميه، وعلمًا يسوسه، وورعًا يحجزه، وذكرًا يؤنسه.   1 حلية الأولياء "10/ 357، 358"، تاريخ بغداد "3/ 74، 76"، سير أعلام النبلاء "14/ 533- 535". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 88 وقال: من حكم المريد أن يكون نومه غَلَبه، وأكله فاقة، وكلامه ضرورة. وقيل: إنه توفي سنة ثمان وعشرين. 103 - محمد بن عمر بن حمّاد1. أبو جعفر العُقَيْليّ الحافظ. له مصنَّف جليل في الضعفاء. وعداده في الحجازيين. قال مسَلَمَة بن القاسم: كان العُقيليّ جليل القدر، عظيم الخطر، ما رأيتُ مثله. وكان كثير التصنيف. فكان من أتاه من المحدثين قال: اقرأ من كتابك. ولا يُخْرج أصله. فتكلّمنا في ذلك وقلنا: إمّا أن يكون من أحفظ النّاس، وأمّا أن يكون من أكذب النّاس. فاجتمعنا واتّفقنا على أن نكتب له أحاديث من أحاديثه ونزيد فيها وننقص لنمتحنه. وأتيناه بها، فقال لي: اقرأ. فقرأتها عليه فلمّا أتيتُ بالزّيادة والنَّقْص فطِن لذلك، فأخذ مني الكتاب وأخذ القلم فأصلحها من حفظه وألحق النقصان وصححها كما كانت. فانصرفنا من عِنده وقد طابت أنفسنا وعلمنا أنه من أحفظ النّاس. قلت: وقال أبو الحسن بن القطان: أبو جعفر مكي الثقة، جليل القدر، عالم بالحديث، مقدم في الحفظ. تُوُفّي سنة 322. سمع: جدّه يزيد بن محمد بن حمّاد العُقيليّ، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وإسحاق بن إبراهيم الدَّبَريّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، ومحمد بن موسى البلْخيّ صاحب عُبَيْد الله بن موسى، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وجماعة. وعنه: يوسف بن أحمد بن الدخيل المصريّ، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو الحسن محمد بن نافع الخزاعي، وآخرون. وكان مقيمًا بالحجاز. تُوُفّي بمكة في شهر ربيع الأول.   1 سير أعلام النبلاء "15/ 236"، 239، تذكرة الحفاظ "3/ 833، 834"، الوافي بالوفيات "4/ 291". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 89 104 - مسرة المتوكلي1. أبو شاكر الخادم. روى عن: الحسن بن عَرَفَة، وأبي زرعة، وغيّرهما. وعنه: عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو بكر بن شاذان، والمُعَافَى النَّهروانيّ. قال الخطيب: كان غير ثقة، وضع على أبي زُرْعة. 105 - موسى بن إبراهيم بن شاهك2. أبو عِمران. بغدادي سكن بلخ. وحدث عن: العطارديّ، والحسن بن عَرَفة. روى عنه: إبراهيم بن أحمد المستملي البلخي وقال: مات في المحرَّم. حرف الهاء: 106 - الهذيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الهذيل3. أبو زفر الضَّبّيّ. تُوُفّي في شعبان. وسكن قرية جيران من أصبهان. سمع: أحمد بن يونس الضَّبّيّ. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الله بن محمد بن الحجاج، وابن المقرئ. حرف الياء: 107 - يعقوب بن إبراهيم4. أبو بكر البغداديّ البزاز. عرف بالجراب، بفتح الجيم وتخفيف الراء. سمع: عليّ بن مسلم الطوسيّ، والحسن بن عَرَفة، ورزق الله بن موسى.   1 تاريخ بغداد "13/ 271"، ميزان الاعتدال "4/ 96"، لسان الميزان "6/ 20". 2 تاريخ بغداد "13/ 38". 3 أخبار أصبهان "2/ 339". 4 تاريخ بغداد "14/ 263". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 90 وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعلي بن محمد الحلبي، وجماعة. وثقه الدَّارَقُطْنيّ. "الكنى": 108 - أبو ذهل بن أبي العبّاس بن محمد بن عصم بن بلال بن عصم الضَّبّيّ العصميّ. واسمه العبّاس بن أحمد بن محمد. وهو والد الحافظ محمد بن أبي ذهل. 109 - أبو عليّ الروذباريّ1. شيخ الصُّوفيّة. قيل: اسمه أحمد بن محمد بن القاسم بن منصور البغداديّ. وقيل: اسمه حسن بن هارون. وهو خال أحمد بن عطاء الروذباري. أخذ عنه: ابن أخته، ومحمد بن عبد الله بن شاذان الرازيّ، وأحمد بن عليّ الوجيهيّ، ومعروف الزنجانيّ، وآخرون. ورّخ وفاته أبو سعيد النّقّاش. وقد سكن مصر، وصار شيخها. صحب أبا القاسم الجنيد، وأبا الحُسين النوريّ، وأبا حمزة، وطبقتهم من البغداديّين. وصحب بالشّام أبا عبد الله بن الجلاء. وكان فقيهًا عالمًا محدثًا. روى عن: مسعود الرمليّ، وغيره.   1 حلية الأولياء "10/ 356، 357"، صفة الصفوة "2/ 454، 455"، سير أعلام النبلاء "14/ 535"، 536"، البداية والنهاية "11/ 180، 181"، النجوم الزاهرة "3/ 246". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 91 وسئل عمن يسمع الملاهي ويقول: هي لي حلال لأني قد وصلت إلى درجة لا يؤثر فيَّ اختلاف الأحوال، فقال: نعم، قد وصل لعمري، ولكن إلى سقر. وقال: أنفع اليقين ما عظم الحق في عينك، وصغر ما دونه عندك، وأثبت الرجاء والخوف في قلبك. وقال أبو عليّ الكاتب: ما رأيتُ أحدًا أجمع لعلم الشريعة والحقيقة من أبي علي الروذباري. وقال أحمد بن عطاء: كان خالي يتفقه بالحديث، ويفتي بالمقاطيع. وعن أبي عليّ قال: أستاذي في التصوف الْجُنَيْد، وأستاذيّ في الحديث إبراهيم الحربيّ، وأستاذيّ في الفقه أبو العبّاس بن سريج، وأستاذيّ في الأدب ثعلب. وعن الجعابيّ قال: رحلت إلى عَبْدان فأتيت مسجده فوجدت شيخًا فكلمته، فذاكرنيّ بأكثر من مائتي حديث في الأبواب. وكنت قد سلبت في الطريق فأعطانيّ الّذي عليه. فلمّا دخل عَبْدان اعتنقه وبش به، فقلت لهم: من هذا؟ قالوا: أبو عليّ الروذباريّ. ثمّ كلمته بعد فرايته حافظًا. رحمه الله ورضي عنه. 110 - أبو نعيم بن عديّ. هو عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجانيّ. تُوُفّي سنة اثنتين في قول عليّ بن محمد بن شعيب الأستراباذيّ. وقال غيره سنة ثلاث كما يأتي. وفيات سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة: حرف الألف: 111 - أحمد بن عيسى بن السكين1. أبو العباس الشيباني البلدي.   1 تاريخ بغداد "4/ 280". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 92 حدث ببغداد عن: سليمان بن سيف، وهاشم بن قاسم الحرانيين. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وعمر بن شاهين، ويوسف بن مسرور القواس، ومحمد بن إبراهيم بن حمدان العاقوليّ. قال الخطيب: خرج إلى واسط في حاجة، فمات بها. وكان ثقة رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 112 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمرو1. أبو بِشْر الكندي المصعبيّ المَرْوَزِيّ. حدَّث ببغداد عن: محمود بن آدم، وغيره. وعنه: أبو الفتح الأزديّ، وابن المظفّر. قال الدَّارَقُطْنيّ: كان حافظًا عذب اللسان مجردًا في السنة والرد على المبتدعة، لكنه كان يضع الأحاديث. وقال ابن حبان: هو أحمد بن محمد بن مصعب بن بِشْر بن فضالة، كان ممن يضع المتون ويقلب الأسانيد، لعله قد قلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث كتبت أنا منها أكثر من ثلاثة آلاف حديث مما لم أشك أنه قلبها. ثمّ في آخر عمره جعل يدعي شيوخًا لم يرهم، لأني سألته قلت: أقدم من كتبت عنه بمرو من؟ قال: أحمد بن سيار. ثمّ لمّا امتحن بتلك المحنة وحمل إلى بخارى حدَّث عن عليّ بن خشرم. فأرسلت أنكر عليه، فكتب يعتذر إليَّ. سرد له ابن حبان عدة أحاديث، وقال: على أنه كان من أصلب أهل زمانه في السنة، وأنصرهم لها، وأذبهم لحريمها، وأقمعهم لمن خالفها. فنسأل الله الستر. تُوُفّي في ذي القعدة. 113 - أحمد بن نصر بن طالب2.   1 المجروحين لابن حبان "1/ 156 - 163"، الكامل لابن عدي "1/ 209، 210"، ميزان الاعتدال "1/ 49"، لسان الميزان "1/ 290". 2 تاريخ بغداد "5/ 182، 183"، سير أعلام النبلاء "15/ 68"، الوافي بالوفيات "8/ 212". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 93 أبو طالب البغداديّ الحافظ. سمع: عباس بن محمد الدوريّ، ويحيى بن عثمانٍ بن صالح المصريّ، وإسحاق الدبريّ، وإبراهيم بن برة، وهذه الطبقة. وعنه: أبو عمر بن حَيَّوَيْهِ، وابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ. وكان الدَّارَقُطْنيّ يقول: أبو طالب الحافظ أستاذيّ. قلت: تُوُفّي في رمضان. وآخر من حدَّث عنه المخلّص. وقال الخطيب: كان ثقة ثبتًا. روى عنه عبد الله بن زيدان البجليّ وهو أكبر منه. قلت: كان حافظ بغداد في زمانه. 114 - إبراهيم بْن حماد بْن إِسْحَاق بْن إسماعيل بن حماد بن يزيد1. أبو إسحاق الأزديّ العابد. سمع: عليّ بن مسلم الطوسيّ، والحسن بن عَرَفَة، وعلي بن حرب. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، والمخلّص، وأبو حفص بن شاهين. قال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة، جبل. وقال أبو حسن الجراحي: ما جئته إلا وجدته يقرأ أو يصلي. وقال أبو بكر النَّيْسابوريّ: ما رأيت أعبد منه. قلت: قد ولي ولده هارون بن إبراهيم قضاء الديار المصرية في حياة أبيه بعد أبي عُبَيْد بن حربويه، واستناب على الإقليم أخاه أبا عثمان. ثمّ عُزِل هارون سنة ست عشرة. تُوُفّي إبراهيم في سادس صفر عن نيّفٍ وثمانٍين سنة. 115 - إبراهيم بن محمد بن عَرَفَة بن سليمان العتكّيّ الواسطي2. أبو عبد الله نفطويه النحوي.   1 تاريخ بغداد "6/ 61، 62"، المنتظم "6/ 278"، سير أعلام النبلاء "15/ 35، 36". 2 تاريخ بغداد "6/ 159، 161"، المنتظم "6/ 277، 278"، سير أعلام النبلاء "15/ 75- 77"، ميزان الاعتدال "1/ 64". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 94 قيل: إنه من ولد المهلَّب بن أبي صُفرة. سكن بغداد، وصنَّف التصانيف. قال الخطيب: إبراهيم بن محمد بن عَرَفَة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي العتكي. روى عن إسحاق بن وهب العلاف، ومحمد بن عبد الملك الدّقيقيّ، وشعيب بن أيوب، وأحمد بن عبد الجبار العطارديّ، وطبقتهم. روى عنه: المُعَافَى الجريريّ، وأبو بكر بن شاذان، وأبن حَيُّوَيْه، وأبو بكر ابن المقرئ، وغيرهم. مولده سنة أربعٍ وأربعين، وكان متفننًا في العلوم. ينكر الاشتقاق ويحيله. وكان يحفظ نقائض جرير والفرزدق، وشعر ذي الرمة. وأخذ العربية عن: ثعلب، والمبرد، ومحمد بن الجهم. وخلط نحو الكوفيّين بنحو البصريين. وتفقه على مذهب، "أهل الظاهر"، ورأس فيه. وكان دينًا، ذا سنةٍ، ومروءة، وفتوة، وكيسٍ، وحسن خلق. صنف: "غريب القرآن"، و "المقنع في النحو"، و "كتاب البارع " وغير ذلك. وله شعر رائق. تُوُفّي قبل الّذي قبله بيوم واحد في صفر، كلاهما ببغداد. وله "تاريخ الخلفاء" في مجلدتين. 116 - إبراهيم بن محمد بن القاسم بن هلال القيسي الأندلسيّ1. بها. تُوُفّي في هذه السنة أو في سنة ثمانٍ وعشرين. من أهل قُرْطُبة. متعبد، فاضل، عالم. سمع من: الخشنيّ، ومحمد بن وضّاح، ومن عمه إبراهيم بن القاسم.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 11"، جذوة المقتبس "150". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 95 117 - أسامة بن عليّ بن سعيد بن بشير. أبو رافع الرازي. ولد بسامراء، سنة خمسين ومائتين. وقدمت به أمّه على والده عليك الرازي فأسمعه الكثير، وعنى به. وكان حسن الحديث ثبتًا. تُوُفّي بمصر في ذي الحجّة. قاله ابن يونس. قلت: سمع مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وطبقته. وعنه: أبو بكر بن المقرئ. 118 - إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مِهْرَانَ1. أَبُو عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ. وُلِدَ سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسَمِعَ: الْحَسَنَ بْنَ عَرَفَةَ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ بَكَّارٍ، وَعَلِيَّ بْنَ حَرْبٍ، وَطَائِفَةً. وَعَنْهُ: ابْنُهُ محمد، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْمخلّصُ، وَعِيسَى بْنُ الْوَزِيرِ. وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ رَاجِعًا مِنَ الْحَجِّ. قَرَأْتُ عَلَى الأَبَرْقُوهِيِّ: أَنَا الْفَتْحُ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى، أَنَا إِسْمَاعِيلُ الْوَرَّاقُ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنِي الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ محمد عن عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أعمار أمتّي ما بين السّتّين إِلَى السّبعين وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ" 2. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عالٍ. 119 - إسماعيل بن يونس البغدادي الشيعي3.   1 تاريخ بغداد "6/ 300"، المنتظم "6/ 378"، سير أعلام النبلاء "15/ 74". 2 [حديث صحيح] : أخرجه الترمذي "2331"، وابن ماجه "4236"، وابن حبان في صحيحه "2980"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "757". 3 تاريخ بغداد "6/ 299". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 96 عَنْ: إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَعَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: ابْنُ الثَّلَّاجِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. "حرف الباء": 120 - بندار بن إبراهيم بن عيسى. أبو محمد الأستراباذيّ، قاضي أستراباذ. ثقة، خيّر. سمع: عمار بن رجاء، وحامد بن سهل الثَّغْريّ، والحارث بن أبي أسامة. وعنه: أحمد بن محمد بن بُنْدار، وعبد الله بن عَدِيّ. "حرف الجيم": 121 - جعفر بن عبد الجبّار. ويقال: ابن عبد الرزاق القراطيسيّ. روى عن: أبي زُرْعة الدّمشقيّ، وجماعة. وعنه: أبو هاشم بن عبد الجبّار، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. "حرف الحاء": 122 - الحسن بن سعيد1. أبو القاسم البغداديّ الورّاق، ابن الهرش. سمع: محمد بن عبد الملك بن زَنْجَوَيْه، وإسحاق بن إبراهيم البَغَويّ لؤلؤ، وإبراهيم بن هانئ. وعنه: عمر بن شاهين، والدَّارَقُطْنيّ، وابن الثّلّاج. وثقه الخطيب.   1 تاريخ بغداد "7/ 326". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 97 123 - الحسن بن صالح البَهْنَسيّ. في رجب. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبحر بن نصر بن سابق، وجماعة. وتُوُفّي بالبَهْنَسا. 124 - الحسن بن عليّ بن سواده الفَهْميّ. مولاهم المصريّ. فِي رمضان. سمع: ابن يونس. 125 - الحسن بن يوسف بن يعقوب1. أبو سعيد الطَّرْميسيّ العلويّ. مولى الحُسين بن عليّ بن أبي طالب. روى عن: هشام بن عَمَّار، وغيره. رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عبد الغفار بن ذكوان، ومحمد بن مسلم ابن السمط، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. وطَرْمِيس: من قرى دمشق. تُوُفّي سنة 323. حرف الدال: 126 - داود بن نَصْر بن سُهيل. أبو سليمان البَزْدَويّ. أحد علمّاء مدينة نَسْف. سمع: عيسى بن أحمد العسقلانيّ، وأحمد بن مَحْمَوَيْه، ومكتوم بن أحمد، والتِّرْمِذيّ. روى عنه للمستغفريّ: أحمد بن عبد العزيز، ومحمد بن الفضل النسفيان.   1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 284". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 98 حرف العين: 127 - العبّاس بن الفضل بن العبّاس1. أبو الفضل الدينوري بن فَضْلَوَيْه. سكن الشّام، وحدَّث عن: أبي زُرْعة الدّمشقيّ، ووريزة بن محمد، والقاسم بن موسى الأشيب. وعنه: أبو سليمان بن زبر، وأبو هاشم المؤدب، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وآخرون. وتُوُفّي في آخر السنة. 128 - عبد الله بن محمد بن سعيد2. أبو محمد المقرئ بن الجمال. بغدادي، سمع: يعقوب الدورقيّ، وعمر بن شَبَّة، وجماعة. وعنه: الجعابي، والدَّارَقُطْنيّ ووثقه، وابن شاهين. 129 - عَبْد الملك بْن سلمان الوراق. روى عَنْ: شعيب الصريفني. وعنه: أَبُو بَكْر الوراق، والدارقطني، وابن شاهين. وثقه الخطيب وأرخه. 130 - عبد الملك بن محمد بن عدي3. أبو نعيم الجرجاني الأستراباذي الْفَقِيهُ الْحَافِظُ الرَّحَّالُ. سَمِعَ: عُمَرَ بْنَ شَبَّةَ، وَعَلِيَّ بْنَ حَرْبٍ، وَالرَّمَادِيَّ، وَيَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ سَيْفٍ, وَالرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، وعمار بن رجاء، ومحمد بن عيسى   1 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 255". 2 تاريخ بغداد "10/ 120". 3 تاريخ بغداد "10/ 428، 429"، المنتظم "6/ 245"، سير أعلام النبلاء "14/ 541، 547". النجوم الزاهرة "3/ 251". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 99 الدَّامَغَانِيَّ، وَمحمد بْنَ عَوْفٍ، وَأَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَأَبَا حَاتِمٍ، وَطَبَقَتَهُمْ بِالْعِرَاقِ، وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالْجَزِيرَةِ، وَالْحِجَازِ، وَخُرَاسَانَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، وَأَبُو محمد الْمَخْلَدِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المزكي، وأبو بكر الجوزقي، وأبو سعد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ محمد الإِدْرِيسِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ الْحَاكِمُ: كَانَ مِنْ أَئِمَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَرَدَ نَيْسَابُورَ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى بُخَارَى فَرَوَى عَنْهُ الحافظ. وسمعت الأستاذ أبا وليد حسان بن محمد يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِنَا مِنَ الْفُقَهَاءِ أَحْفَظُ لِلْفِقْهِيَّاتِ وَأَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ بِخُرَاسَانَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْجُرْجَانِيِّ، وَلَا بِالْعِرَاقِ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيِّ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَافِظَ يَقُولُ: كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ الْجُرْجَانِيُّ أَحَدَ الْأَئِمَةِ، مَا رَأَيْتُ بِخُرَاسَانَ بَعْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِثْلَهُ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ. كَانَ يَحْفَظُ الْمَوْقُوفَاتِ وَالْمَرَاسِيلَ كَمَا نَحْفَظُ نَحْنُ الْمَسَانِيدَ. وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيسِيُّ: مَا أَعْلَمُ نَشَأَ بِأُسْتَرَابَاذَ مِثْلُهُ فِي حِفْظِهِ وَعِلْمِهِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ أَحَدَ الْأَئِمَةِ، وَمِنَ الْحُفَّاظِ لِشَرَائِعِ الدِّينِ مَعَ صدقٍ وَتَيَقُّظٍ وَوَرَعٍ. وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: كَانَ مُقَدَّمًا فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ. وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إليه. وُلِدَ سنة اثْنتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَسَاكِرَ، عَنِ الْمُؤَيَّدِ الطُّوسِيِّ: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ سهل المساجدي، أنا يعقوب بن أحمد الْفَقِيهِ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَخْلَدِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمِ بْنُ عَدِيٍّ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ"1. تُوُفِّيَ في آخر السنة. ورخه الحاكم سنة اثنتين وعشرين.   1 [حديث صحيح] : أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "605"، وَمُسْلِمٌ "378"، وَأَبُو داود "508"، وَالتِّرْمِذِيُّ "193"، وَالنَّسَائِيُّ "627"، وأحمد في المسند "2/ 85، 87"، والدارمي "1194"، وابن خزيمة في صحيحه "374 - 376"، وابن حبان في صحيحه "1675"، والحاكم في المستدرك "1/ 198". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 100 131 - عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد السكريّ1. أبو محمد. بغدادي، ثقة. سمع: زكريا المنقريّ، وعبد الله بن مسلم بن قُتَيْبة. وعنه: ابن حيويه، والدارقطني، وأبو بكر بن شاذان، والمخلص. 132 - عُبَيْد الله بن عبد الصّمد بن المهديّ بالله2. أبو عبد الله العبّاسي، حفيد الخلفاء. حدَّث عن: إسحاق بن سنين الختليّ، وسيار بن نَصْر الحلبيّ، وأحمد بن خُلَيْد الحلبيّ، وبكر بن سهل الدمياطيّ، ونحوهم. وكان ثقة فقيهًا شافعيًا ببغداد. روى عَنْهُ: عبد العزيز الخِرقيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وجماعة. تُوُفّي في رمضان. أخبرنا ابن الظافريّ وطائفة، عن ابن اللتي، عن أبي الوقت، عن أبي عاصم الفضيليّ، عن عبد الرحمن بن أبي شريح، عنه بأحاديث. 133 - عثمانٍ بن أحمد بن الخصيب3. أبو عمرو البغداديّ. عن: حنبل بن إسحاق، وابن أبي العوام، وجماعة. وعنه: أبو الفتح الأزديّ، ومحمد بن جعفر بن النجار، وابن الثّلّاج. 134 - عثمانٍ بن أحمد بن عثمان. أبو عَمْرو المصريّ الدّبّاغ. سمع من: عُبَيْد الله بن سعيد بن عُفيْر، وطبقته. فال ابن يونس: مات في صَفَر. كتبتُ عنه، وكان ثقة ثبتًا.   1 تاريخ بغداد "10/ 351". 2 تاريخ بغداد "10/ 351". 3 تاريخ بغداد "11/ 301". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 101 135 - عليّ بن الحسن بن قَحْطَبة البغداديّ الصَّيْقل1. روى عن: محمود بن خداش، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، ومجاهد بن موسى. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين، ويوسف القواس، وعبد الله بن عثمان الصفار. ثقة. 136 - علي بن الحسن بن سلام الشرغي. وشرغ: قرية ببخارى. سمع من: عبد الصمد بن الفضل البلخي، وسهل بن خلف، وسهل بن المتوكل البخاري، وعلي بن العزيز البغوي. ورحل إلى مصر وغيرها. وعنه: محمد بن نصر بن خلف، وغيره. 137 - علي بن الفضل البلخي الحافظ2. رحال جواد ثبت. روى عن: أحمد بن سيّار المَرْوَزِيّ، وأبي حاتم، وأبي قِلابة الرقّاشيّ، وطبقتهم. روى عنه: ابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين. مات ببغداد. 138 - عليّ بن محمد بن عمر3. أبو القاسم بن الشَّرِيحيّ البزاز. بغداديّ. روى عن: عليّ بن حرب، وحميد بن الربيع، وعمر بن شبة.   1 تاريخ بغداد "11/ 382". 2 تاريخ بغداد "12/ 47، 48"، المنتظم "6/ 280"، سير أعلام النبلاء "15/ 69، 70"، البداية والنهاية "11/ 183". 3 تاريخ بغداد "12/ 68". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 102 وعنه: ابن شاهين، والدارقطني، وجماعة. 139 - علي بن محمد بن هارون1. أبو الحسن الحميري، الكوفي الفقيه. حدث ببغداد عن: أبي كُرَيْب، وأبي سعيد الأشجّ، وهارون بن إسحاق. روى عنه: أبو بكر الوراق وأثنى عليه، ومحمد بن أحمد بن حماد الحافظ وقال: كان يحفظ عامّة حديثه، وكان ثقة. سمعته يقول: ولدت سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وتُوُفّي سنة ثلاث وعشرين. وقيل: هو آخر من روى عن أبي كُرَيِب، وآخر من حدَّث عنه محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ الهَرَوانيّ. وولي قضاء الكوفة. وقع لنا جزء من حديثه. وعنه أيضًا محمد بن محمد الكِنْديّ الطّحّان. 140 - عمر بن الحسن بن عليّ بن الْجَعْد الجوهريّ البغداديّ2. أبو عاصم. روى عن: أبي الأشعث، وزيد بن أخرمَ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن شاذان، وابن شاهين. وثقه الخطيب. حرف القاف: 141 - القاسم بن إسماعيل بن محمد بن أبان3. أبو عُبَيْد المَحَامليّ، أخو القاضي أبي عبد الله المحاملي.   1 تاريخ بغداد "12/ 68". 2 تاريخ بغداد "11/ 226". 3 تاريخ بغداد "12/ 447، 448"، سير أعلام النبلاء "15/ 263"، شذرات الذهب "2/ 300". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 103 سمع: الفلّاس، ومحمد بن المثنى، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وطبقتهم. وعنه: ابن المظفر، والدارقطني، وعيسى بن الجراح، وطائفة. وكان ثقة. 142 - القاسم بن إبراهيم الملطي1. حدث ببغداد عن: لُوَيْن. روى عنه: عليّ بن لؤلؤ، وعلي الحربيّ. قال الخطيب: كان كذابًا أفاكًا. ثمّ ورَّخ وفاته. حرف الميم: 143 - محمد بن أحمد بن أسد2. أبو بكر الحافظ، ويُعرف بابن البُسْتَنْبان، ويُلَقَّب كزاز. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، وعيسى بن أبي حرب، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، والمُعافَى الْجَريريّ. وثّقه الخطيب. وعاش اثنتين وثمانٍين سنة. 144 - محمد بن أحمد بن عُمارة3. أبو الحسن الدّمشقيّ العطّار. وُلد سنة سبعٍ وعشرين ومائتين. وسمع: أبا هاشم الرفاعيّ، والمسيب بن واضح، وعَبْده بن عبد الرحيم المَرْوَزِيّ، وزياد بن أيّوب. وعنه: محمد بن موسى السمسار، وأبو بكر المقرئ، وابن زَبْر وقال: تُوُفّي في رمضان، وأبو عليّ بن مُهَنّا، وعبد الوهّاب الكلابي.   1 تاريخ بغداد "12/ 446"، ميزان الاعتدال "3/ 367، 368"، لسان الميزان "4/ 456، 457". 2 تاريخ بغداد "1/ 279، 280"، البداية والنهاية "11/ 183". 3 تاريخ دمشق "36/ 346". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 104 145 - محمد إبراهيم بن عَبْدَوَيْه بن سَدُوس1. أبو عبد الله الهُذَليّ العَبْديّ النَّيْسابوريّ الحافظ. سمع: أبا عبد الله البُوسَنْجيّ، وأحمد بن نجده الهَرَوِيّ، وأبا خليفة. ورحل إلى الشّام، ومصر. روى عنه: الحُسين المّاسرجسيّ، وأبو إسحاق المزكيّ، وأحمد بن حَسْكَوَيْه. 146 - محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلّام2. أبو بكر الخشنيّ. مولاهم الدمشقي المعدل، المعروف بابن البصّال. أصلهم من خراسان، وكان نائب أبي محمد بن زَبْر القاضي على قضاء دمشق. روى عن: شعيب بن عَمْرو، وصالح بن أحمد بن حنبل، وبكار بن قُتَيْبة، وجماعة. وعنه: محمد وأحمد ابنا موسى السَّمْسار، وأبو هاشم المؤدب، وعبد الوهّاب الكلابي. 147 - محمد بن الحسن بن محمد بن قُديد. أبو منصور السعديّ البخاريّ. روى عن: أبي عبد الله البخاريّ. وعنه: ابنه أبو حرب. تُوُفّي في ربيع الآخر. 148 - محمد بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ موسى السعدي3. أبو التريك الحمصي، نزيل طرابلس. سَمِعَ: محمد بْنَ عَوْفٍ، وَأَبَا عُتْبَةَ أَحْمَدَ بْنَ الْفَرَجِ، وَأَحْمَدَ بْنَ مَيْمُونٍ الصَّنْعَانِيَّ، وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ بَكْرِ بْنِ الشَّرُودِ. فَإِنَّهُ دَخَلَ اليمن.   1 الكامل في التاريخ "8/ 313". 2 تاريخ دمشق "37/ 166". 3 الإكمال لابن ماكولا "1/ 506"، المشتبه في أسماء الرجال "2/ 589"، تذكرة الحفاظ "3/ 805". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 105 وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُطَرِّزِ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ زَبْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، لَقِيَهُ بِمَكَّةَ، وَابْنُ جميع فقال: اثنا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سنة ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْقَوَّاسِ: أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ حُضُورًا: أَنَا جمال الْإِسلَام، أَنَا ابن طلاب، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ جُمَيْعٍ، ثَنَا أَبُو التُّرَيْكِ محمد بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا أَبُو عُتْبَةَ، ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ، كُلُّ خندقٍ كَمَا بَيْنَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ وَسَبْعِ أَرَضِينَ" 1. 149 - محمد بن عُبَيْد الله بن محمد2. أبو سَلَمة الْجُمَحيّ الدّمشقيّ. سمع: موسى بن عامر، وبكار بن قُتَيْبة، وجماعة. وعنه: عمر بن عليّ العَتَكيّ، وعبد الوهّاب الكلابيّ، وابن زَبْر. 150 - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن بلبل الهَمَدانيّ الزَّعفرانيّ3. سمع: الحسن بن أبي ربيع، وعلي بن أشكاب، وأبا زرعة الرازي، وكتب عنه خمسين ألف حديث. وعنه: الدارقطني، وأبو علي بن البغدادي الأصبهاني، وأهل أصبهان. رُوِيَ عنه قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نيفًا وتسعين مرة. وجده هو ابن زياد بن يزيد بن هارون الواسطيّ. وأخوه قاسم سيُذكر قريبًا. 151 - محمد بن عبد الأعلى بن محمد.4 أبو هاشم الأنصاريّ. مولاهم الدّمشقيّ. ويعرف بابن عُليل كان إمام جامع دمشق.   1 [حديث صحيح لغيره] : أخرجه الترمذي "1624"، والطبراني في الكبير "8/ 281"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "563". 2 تاريخ دمشق "38، 270". 3 تاريخ بغداد "5/ 446، 447"، المنتظم "6/ 281"، سير أعلام النبلاء "15/ 234، 235". 4 تاريخ دمشق "38/ 203". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 106 روى عن: هشام بن عمّار، وقاسم بن عثمانٍ الجوَعيّ، وغيرهما. وعنه: ابنه إبراهيم، وأبو محمد بن ذكوان، وأبو هاشم عبد الجبار، وأبو سليمان بن زبر، وعبد الوهاب الكلابي، وعبد الله بن محمد الرازي. وكان يخضب بالحمرة. توفي في ربيع الآخر. وقع لنا من عواليه. 152 - محمد بن علي بن حمزة بن أبي هريرة الأنطاكي1. أبو بكر. سمع: أبا أُميّة الطَّرسوسيّ، ويزيد بن عبد الصّمد، وعنه: ابن شاهين، والمُعَافَى الْجَرِيريّ، والدَّارَقُطْنيّ. وكان ثقة. تُوُفّي في رمضان. 153 - محمد بن يوسف2. أبو عليّ التُّرْبانيّ السَّمَرْقَنديّ. رحل وسمع: محمد بن إسحاق الصَّغَانيّ. وعنه: محمد بن جعفر بن جابر. وتُرْبان: من قرى سمرقند. 154 - مُوسَى بْنُ الْعَبَّاسِ3. أَبُو عِمْرَانَ الْجُوَيْنِيُّ الْحَافِظُ. سَمِعَ: أَحْمَدَ بْنَ الْأَزْهَرِ، وَالذُّهْلِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ هَاشِمٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ يُوسُفَ السَّلَمِيَّ، وَيُونُسَ بْنَ عبد الأعلى، والرمادي، وخلقًا من طبقتهم.   1 تاريخ بغداد "3/ 77"، تهذيب التهذيب "9/ 353". 2 الأنساب لابن السمعاني "3/ 38". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 818، 819"، سير أعلام النبلاء "15/ 235، 236"، شذرات الذهب "2/ 300". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 107 وَعَنْهُ: الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ، وَأَبُو أحمد الحاكم، وأبو محمد المخلدي، وجماعة كثيرة. وَتُوُفِّيَ بِجُوَيْنَ. وَكَانَ حَافِظًا نَبِيلًا. قَالَ أبو عبد الله الْحَاكِمُ: هُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ بِمَرَّةٍ، صنف عَلَى "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" صَحِيحًا، وَصَحِبَ أَبَا زَكَرِيَّا الأَعْرَجَ بِمِصْرَ وَالشَّامِ. وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ الْمزكّيّ يَقُولُ: كَانَ أَبُو عِمْرَانَ الْجُوَيْنِيُّ نَازِلٌ فِي دَارِنَا. وَكَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، وَيُصَلِّي وَيَبْكِي طَوِيلًا. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْح: أَنَا زَاهِرٌ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ، أَنْبَا موسى بن العباس، اثنا عبد الله بن هاشم، اثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَضَ مَوْتِهِ قَالَ: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" 1. أحداث سنة أربع وعشرين وثلاثمائة: حرف الألف: 155 - أحمد بن إبراهيم بن كمّونة. أبو جعفر المَعَافِريّ المصريّ. روى عن: عليّ بن مَعْبَد، ويونس بن عبد الأعلى. وثقه ابن يونس، وحدَّث عنه. 156 - أحمد بن إبراهيم بن حبيب الهَمَدانيّ البغداديّ2. سمع: عليّ بن حرب، وجماعة.   1 [حديث صحيح] : أخرجه البخاري "664، 712، 713"، مسلم "418"، وابن ماجه "1232"، أحمد في المسند "6/ 210"، وابن حبان في صحيحه "2120". 2 تاريخ بغداد "4/ 13". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 108 وعنه ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وعبد الوهّاب الكلابيّ. ووثقه الدَّارَقُطْنيّ. 157 - أحمد بن بقيّ بن مَخْلَد الأندلسي1. أبو عُمَر. سمع كتب أبيه بسّ. وكان حليمًا وقورًا عاقلًا إلى الغاية، كثير التّلاوة قويّ المعرفة بالقضاء. ولي الحُكم عشرة أعوام وكان يثّبت في أحكامه. وكان أمير الأندلس النّاصر لدين الله يحترمه ويجلّه. وسمع النّاسُ منه كثيرًا. مات رحمه الله في جُمَادَى الأولى، وكان من أوعية العلم. 158 - أحمد بن جعفر بن موسى بْن يحيى بْن خَالِد بْن بَرْمَك2. أبو الحسن البرمكيّ جحظة النديم. كان أديبًا بارعًا إخباريًا متصرفًا في فنون العلم. وكان مقدَّمًا في صناعة الغناء. له أخبار ونوادر. وعاش مائة سنة، والأصحّ أنه عاش ستّا وتسعين سنة. جمَع أبو نَصْر بن المَرْزُبان أخباره وأشعاره. له: أصبحتُ بين معاشر هجروا النَّدى ... وتقبّلوا الأخلاقَ مِن أسلافهمْ قوم أحاول بذْلهم فكأنّما ... حاولتُ نَتْفَ الشَّعْر من آنافهم هات اسقنيها بالكبير وغَنِّني ... "ذَهب الّذين يُعاش في أكنافِهمْ"   1 المنتظم "6/ 283"، سير أعلام النبلاء "15/ 83، 84"، الوافي بالوفيات "6/ 266"، وشذرات الذهب "2/ 201". 2 تاريخ بغداد "4/ 65- 69"، الأنساب "2/ 170، 171"، وسير أعلام النبلاء "15/ 221"، ولسان الميزان "1/ 146". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 109 وكان جحظة مشَّوها فعمل فيه ابن الرّوميّ: نُبِئت جَحْظَة يستعيرُ جُحوظهُ ... من فيل شطرنجٍ ومن سَرطان وَارَحْمَتا لمُنادِمِيه تَحَمَّلوا ... أَلَمَ العيونِ للذَّة الآذان وقال الخطيب: أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو فرج الأصبهاني، والمعافي بْن زكريّا، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْهِ، وغيرهم. وما أحسبُه روى شيئًا من المُسْنَد سامحه الله. ومن جيّد شعره: وَلَيْلٍ في كواكبه حِرانٌ ... فليس لطُول مُدّتِه انقضاءُ عدمتُ محاسنَ الإصباح فيه ... كأنّ الصبُّح جُودٌ أو وفاء قال أبو فرج صاحب " الأغاني": كان جحظة متصرّفًا في فنون كثيرة، عارفًا بصناعة النّجوم، كثير الإصابة في أحكامها. مليح الشّعر، حلْو الطبْع. حاضر النادرة، بارعًا في لعب النَّرْد، حاذقًا بالطَّبْخ له فيه مصنَّف. عالمًا بابنيات الملوك وزيّهم في مجالسهم. وكان ليَ وادًّا مخلصًا. ولي آنسًا متحققًا. ولم يكن أحدٌ يتقدمه في صنعة الغناء وأكثرها مِن شِعره، فيقال: ما رأي مثل نفسه. فحدَّثني أنّه دخل على المعتمد على الله فغناه طرب وأمر له بخمسمائة دينار "فكانت أول خمسمائة دينار رأيتها عندي جملة". وأخباره كثيرة. 159 - أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن الجنيد1. أبو عبد الله الدّقاق. بغداديّ، صدوق. سمع: زياد بن أيّوب، وأحمد بن المقدام. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وغيّرهما. 160 - أحمد بن خالد بن الخليل البخاري.   1 تاريخ بغداد "4/ 100، 101". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 110 عن: أحمد بْن زهير، وأبي عَبْد اللَّه بْن أَبِي حفصة. وعنه: خَلَف الخيّام. 161 - أحمد بن السرِيّ بن سهل. أبو حامد النَّيْسابوريّ الجلّاب. سمع: محمد بن يزيد السُّلميّ، وسهل بن عمّار، وطبقتهما. وعنه: محمد بن الفضل المذكَّر، وأبو محمد الشَّيْبانيّ. 162 - أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى بن كثير الليثي القرطبي اللغوي. روى عن: عمّ أبيه عُبَيْد الله. وقُتِل شهيدًا رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 163 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الجرّاح الضّرّاب1. سمع: الزَّعْفرانيّ، وسعْدان بن نَصْر، ومحمد بن سعيد العطّار. بغداديّ، ثقة. روى عنه: الدارقطني، وابن شاهين، والقواس. 164 - أحمد بن موسى بن العبّاس بن مجاهد2. أبو بكر البغداديّ. شيخ القرّاء في عصره، ومصنف السبعة. سمع: الرمادي، وسعدان بن نَصْر، ومحمد بن عبد الله المخرّميّ، وأبا بكر الصَّغانيّ، وجماعة. قرأ القرآن على: قُنْبُل، وأبي الزَّعْراء بن عَبْدُوس، وغيّرهما. وسمع الحروف من جماعة سمّاهم في كتاب " القراءات " له.   1 تاريخ بغداد "4/ 418". 2 تاريخ بغداد "5/ 144- 148"، المنتظم "6/ 282، 283"، سير أعلام النبلاء "15/ 272، 274"، الوافي بالوفيات "8/ 200"، شذرات الذهب "2/ 302"، الأعلام "1/ 261". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 111 وقال الخطيب بإسنادٍ ذكره إلى ثعلب أنّه قال في سنة ست وثمانٍين ومائتين. ما بقي في عَصْرنا أعلم بكتاب الله من ابن مجاهد. وكان من أهل الظُرْف. جاء عنه في ذلك أشياء. قال مرّةً: من قرأ لأبي عَمْرو، وتمذهب للشّافعيّ، وأتَّجرَ في البَزّ، وروى شعر ابن المعتز، فقد كمل ظرفه. وعن عُبَيْد الله الزهري قال: انتبَهَ أبي فقال: رأيتُ يا بُنَيّ كأنّ من يقول: مات مقوم وحي الله. فلمّا أصبحنا إذا بابن مجاهد قد مات. قرأ عليه خلق كثير، منهم: عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو عيسى بكّار بن أحمد، والحسن بن سعيد المطوعي، وأبو فرج الشَّنَبوذيّ، وأبو بكر الشذائيّ، وأبو أحمد السامرّيّ، وأحمد بن محمد العجلي، والحسين بن حبش الدينوري، وأبو الحسن عليّ بن الحُسين الغضائريّ، وأبو الحُسين عُبَيْد الله بن البوّاب، وطلحة بن محمد بن جعفر، وأبو الحسن منصور بن محمد بن عثمان المجاهدي الضرير عاش إلى سنة أربعمائة. وكان يأخذ على الإنسان الخاتمة بدينار، أعني المجاهديّ. وممن حدَّث عن ابن مجاهد: أبو حفص بن شاهين، وعمر الكتّانيّ، وأبو بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو مسلم الكاتب. وكان ثقة مأمونًا. وُلد سنة خمسٍ وأربعين ومائتين، وتُوُفّي في شعبان من هذا العام. قرأت كتابه في السّبعة على أبي حفص بن القّواس: أنبأنا الكِنْديّ، أنا أبو الحسن بن توبة، أنبا أبو محمد الصّرِيفينيّ، أنبا أبو حفص الكتّانيّ، أنا المصنّف رحمه الله. قال أبو عَمْرو الدّانيّ: فاقَ ابن مجاهد في عصرِه سائر نظائره من أهل صناعته مع اتِّساع علمه وبراعة فهمه وصدْق لهجته وظهور نُسُكه. ثمّ سمى الداني خلقًا كثيرًا ممّن قرأ عليه، وأنّه تصدَّر للإقراء في حياة محمد بن يحيى الكِسائيّ. وقال عبد الواحد بن أبي هاشم: سأل رجل ابن مجاهد: لِمَ لا تختار لنفسك الجزء: 24 ¦ الصفحة: 112 حرفًا يُحمل عنك؟ قال: نحنُ إلى أن نعمل أنفسنا في حفظ ما مضى عليه أئمّتنا أحوج منّا إلى اختيار حرفٍ يَقرأ به مَن بعدنا. وسمعت فارس بن أحمد يقول: انفرد ابنُ مجاهد عن قُنْبل بعشرة أحرف لم يُتَابَع عليها. وقال عليّ بن عمر المقرئ: كان لابن مجاهد في حلقته أربعة وثمانٍون خليفة يأخذون على النّاس. وقال عبد الباقي بن الحسن: كان في حلقته خمسة عشر ضريرًا يتلقنون لعاصم. وقيل: كان ابن مجاهد يجيد الغناء والموسيقى، وفيه ظُرف البغاددة مع الدِّين والخير. 165 - أحمد بن محمد بن عَلُّويْه الْجُرْجانيّ الرّزّاز1. عن: محمد بن سليمان الباغَنْديّ، وإسماعيل القاضي، وطبقتهما. وعنه: إسماعيل بن سعيد الْجُرْجانيّ الحافظ، وأحمد بن أبي عمران. تُوُفّي في ربيع الآخر، رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 166 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى2. الفقيه أبو بكر الْجُرْجانيّ. روى عن: أبي حاتم الرّازيّ، وعبد اللَّه بن رَوْح المدائنيّ، وجعفر الصّائغ. "حرف الجيم": جحظة. مرَّ. 167 - جعفر بن عبد الكريم3. أبو الحسين الجرجاني العطار.   1 تاريخ جرجان السهمي "76". 2 تاريخ جرجان "98". 3 تاريخ جرجان "175". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 113 سمع: عمّار بن رجاء، وأبا حاتم. تُوُفّي في جُمَادَى الْأولى. "حرف الحاء": 168 - الحَسَن بن عليّ بن موسى العدّاس. المصري الإخباريّ. ورّخه ابن يُونُس. 169 - الحسن بن محمد بن أحمد بن هشام1. أبو القاسم بن برغوث السُّلميّ الدّمشقيّ. عن: العبّاس بن الوليد، ويزيد بن عبد الصّمد، وجماعة. وعنه: أبو هاشم المؤدَّب، وعبد الوهّاب الكلابي، وآخرون. "حرف الراء": 170 - رضوان بن أحمد بن إسحاق بن عطيّة الصَّيْدلانيّ2. ابن جالينوس. سمع: الحسن بن عَرَفَة، والرمادي، وأحمد بن عبد الجبّار العُطَارِديّ. وروى عنه المغازي. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، والمخلّص، وغيرهم. وكان ثقة. "حرف الصاد": 171 - صاعد بن عبد الرحمن بن صاعد بن عبد السلام3.   1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 240". 2 تاريخ بغداد "8/ 432". 3 تاريخ دمشق "17/ 344"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 361". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 114 أبو القاسم التّميميّ. ويقال: النَّصْريّ النّحّاس، ويُعرف بابن البرّاد الدّمشقيّ. سمع: شعيب بن عَمْرو، وشعيب بن شعيب، ومحمد بن سليمان بن بنت مطر، والربيع المراديّ، وبكّار بن قُتَيْبة. وعنه: عبد الجبّار المؤدّب، وأبو محمد عبد الله بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. وحدَّث بمصر. وثّقه ابن يونس. وتُوُفّي في ربيع الأوّل. 172 - صالح بن محمد بن شاذان. أبو الفضل الكرديّ الإصبهانيّ. سمع بمكّة: عليّ بن عبد العزيز، وأحمد بن مهران بأصبهان. وعنه: أبو الشيخ، وابن المقرئ. "حرف العين": 173 - عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عامر. أبو القاسم الطّائيّ. عن أبيه عن عليّ بن موسى الرّضا بنسخةٍ. وعنه: أبو بكر بن شاذان، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن الجنيدي وأحسبُه واضع تلك النّسخة، والحسن بن عليّ الزُّهْريّ. 174 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المغلس البغدادي1. أبو الحسن الفقيه الداوودي الظّاهريّ أحد أئمّة الظّاهر. له مصنَّفات في مذهبه.   1 تاريخ بغداد "9/ 385"، المنتظم "6/ 286"، سير أعلام النبلاء "15/ 77، 78". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 115 روى عن: جدّه، وجعفر بن محمد بن شاكر، وأبي قلابة الرَّقاشيّ، وإسماعيل القاضي. روى عنه: أبو الفضل الشيباني، وغيره. أخذ عن محمد بن داوود الظاهري. انتشر عنه مذهب أهل الظاهر في البلاد. وكان ثقة إمامًا، واسع العلم، كبير المحلّ. خَلَفه في حلقته تلميذه حيدرة بن عمر. وممن تفقّه به: عبد الله بن محمد بن أخت وليد الّذي ولي قضاء مصر، وعلي بن خالد البصريّ، وغير واحدٍ. وله من التّصانيف: كتاب "أحكام القرآن"، وكتاب "الموضح في الفقه"، وكتاب "المبهج"، وكتاب "الدامغ" في الرد على من خالفه، وغير ذلك. 175 - عبد الله بن محمد بن زياد بْنِ وَاصِلِ بْنِ مَيْمُونٍ1. أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْحَافِظُ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سَمِعَ: محمد بْنَ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بْنَ يُوسُفَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ هَاشِمٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ الْأَزْهَرِ بِبَلَدِهِ، وَيُونُسَ، وَالرَّبِيعَ، وأحمد بن أخي بن وَهْبٍ، وَأَبَا إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيَّ الْمِصْرِيَّيْنِ، وَأَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَالْعَبَّاسَ بْنَ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيَّ، وَالْحَسَنَ بْنَ محمد الزَّعْفَرَانِيَّ، وَالرَّمَادِيَّ، وَعَلِيَّ بْنَ حَرْبٍ، وَمحمد بْنَ عَوْفٍ، وَهَذِهِ الطبقة. وَعَنْهُ: ابْنُ عُقْدَةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ، وَحَمْزَةُ الْكَتَّانِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ الْإِصْبَهَانِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ الْمُظَفَّرِ حُفَّاظُ الدُّنْيَا، وَأَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْه، وَأَبُو حَفْصٍ الْكَتَّانِيُّ، وَابْنُ شَاهِينَ، وَالْمُخَلِّصُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَّشِيدَ قَوْلَهُ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْحَاكِمُ: كَانَ إِمَامَ عَصْرِهِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْعِرَاقِ، وَمِنْ أَحْفَظَ النَّاسِ لِلْفِقْهِيَّاتِ وَاخْتِلافِ الصَّحَابَةِ.   1 تاريخ بغداد "10/ 120 - 122"، المنتظم "6/ 286، 287"، سير أعلام النبلاء "5/ 65 - 68"، تهذيب التهذيب "5/ 132". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 116 وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ. وَكَانَ يَعْرِفُ زِيَادَاتِ الأَلْفَاظِ فِي الْمُتُونِ. وَلَمَّا قَعَدَ لِلتَّحْدِيثِ قَالُوا: حَدِّثْ. قَالَ: بَلْ سَلوا. فَسُئِلَ عَنْ أَحَادِيثَ أَجَابَ فِيهَا وَأَمْلَاهَا. وَكَانَ ثَنَا عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابن جريج، عن أبي زبير، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا" 1. ثُمَّ سَمِعْتُ صَوَابَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ مُرْسَلًا. وَقَالَ يُوسُفُ الْقَوَّاسُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: نعرف مَنْ أَقَامَ أَرْبَعِينَ سنة لَمْ يَنَمِ الليل وَيَتَقَوَّت كُلَّ يَوْمٍ بِخَمْسِ حَبَّاتٍ. يُصَلِّي صَلَاةَ الْغَدَاةِ عَلَى طَهَارَةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ. ثُمَّ قَالَ: أَنَا هُوَ. وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ أُمَّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِمَنْ زَوَّجَنِي. ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَادَ إِلَّا الْخَيْرَ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كُنَّا فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُو طَالِبٍ الْحَافِظُ، وَالْجِعَابِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، فَجَاءَ فَقِيهٌ فَسَأَلَ: مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا" 2؟ فَلَمْ يُجِيبُوهُ. ثُمَّ ذَكَرُوا وَقَامُوا فَسَأَلُوا أَبَا بَكْرِ بْنَ زِيَادٍ فَقَالَ: نَعَمْ، ثَنَا فُلَانٌ. ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ مَنْ حَفِظَهُ. وَالْحَدِيثُ في مسلم. قال ابن نَافِعٍ: تُوُفِّيَ فِي رَابِعِ رَبِيعٍ الْآخَرِ. قُلْتُ: وولد سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا أَبُو الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد، نَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد النَّيْسَابُورِيُّ إِمْلَاءً: ثَنَا محمد بْنُ يَحْيَى، ثَنَا محمد بْنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،   1 "حديث صحيح لغيره" أخرجه البخاري "5109"، ومسلم "1408"، وأبو داود "2066"، الترمذي "1126"، والنسائي "6/ 98"، وابن ماجه "1929"، أحمد في المسند "2/ 432 - 474"، وابن حبان في صحيحه "4068" كلهم من طريق أبي هريرة. 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "522"، أحمد في المسند "5/ 383"، وابن خزيمة في صحيحه "264"، وابن حبان في صحيحه "1697، 6400"، وغيرهم. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 117 عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي نعلٍ وَاحِدَةٍ" 1. 176 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حُسين2. أَبُو محمد بن عرّة الحذّاء. سمع جزءًا من إسحاق الفارسيّ شاذان. روى عنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعمر بن إبراهيم الكتّانيّ. 177 - عبد الله بن محمد نصير. أبو محمد المدينيّ. عن: أحمد بن مهديّ. وعنه: ابنُه أبو مسلم. 178 - عبد الرحمن بن سعيد بن هارون3. أبو صالح الإصبهانيّ. حدَّث ببغداد عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وأحمد بْن الفُرات، وعبّاس الدُّوريّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو العبّاس بن مكرم، وأبو الحسن الجراحيّ. وثقه الخطيب. 179 - عبد الرحمن بن محمد بن الحسين الخراساني. أبو القاسم الواعظ البارع، الأديب. سمع: السريّ بن خُزَيْمَة، والحسين بن الفضل، وموسى بن هارون. وعنه: ابُنه أبو الحُسين، وأبو إسحاق المزكي، وجماعة. وعاش إحدى وستين سنة.   1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "5856"، ومسلم "2097"، أبو داود "4136"، والترمذي "1774"، وابن ماجه "3617"، وابن حبان في صحيحه "5460". 2 تاريخ بغداد "10/ 122". 3 أخبار أصبهان "2/ 113"، تاريخ بغداد "10/ 288". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 118 قال الحاكم: سمعتُ أبي يقول: سمعت ابن خُزَيْمَة وحضر مجلس أبي القاسم، فلمّا فرغ من الوعظ قال ابن خُزَيْمَة: ما رأينا مثل أبي القاسم ولا رأي مثل نفسه. قال أبو سهل الصُّعْلُوكيّ: ما رأيتُ مثل أبي القاسم مذكّرًا، ولا مثل السّرّاج محدِّثًا، ولا مثل أبي سَلمة أديبًا. 180 - عبد الصّمد بن سعيد بن عبد الله بن سعيد1. أبو القاسم الكِنْديّ القاضي الحمصيّ، قاضيها. سمع: محمد بن عَوْف، وسليمان بن عبد الحميد البَهْرانيّ، وعمران بن بكّار، وأحمد بن عبد الوهّاب الحَوْطيّ، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر، وجماعة. وله تاريخ لطيف في ذِكر من نزل حمص من الصّحابة. سمع منه: ابن جَوْصا وهو أكبر منه. وروى عنه: جُمَح بن القاسم، وأبو سليمان بن زَبْر، وأبو بكر الأبْهريّ، والحسن بن عبد الله بن سعيد الكِنْديّ، وعليّ بن محمد بن إسحاق الحلبيّ، وآخرون. 181 - عتيق بن أحمد بن حامد بن سعْدان. أبو منصور البخاريّ الكْرمينيّ. سمع: عُبَيْد الله بن واصل، والفضل بن عُمَيْر. وعنه: النضر بن موسى بن هارون الأديب، وغيره. تقريبًا 182 - عتيق بن عامر بن المنتجع. أبو بكر الأسديّ البخاريّ. عن: صالح بن محمد الرازيّ، والبخاريّ. وعنه: محمد بن نَصْر المَيْدانيّ، وأحمد بن عُرْوة البخاريّان. تُوُفّي فيها.   1 سير أعلام النبلاء "15/ 266، 267"، شذرات الذهب "2/ 302، 303". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 119 183- عليّ بن إسماعيل بن أبي بِشْر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بُرْدَة بْنِ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأشعري1. أبو الحسن البصْريّ المتكلّم صاحب التّصانيف في الكلام والأصول والمِلَل والنِّحَل. وُلِد سنة ستّين ومائتين، وقيل: سنة سبعين. أخذ عن: أبي عليّ الْجُبّائيّ الكلام. وسمع من: زكريّا السّاجيّ، وأبي خليفة الْجُمَحيّ، وسهل بن نوح، ومحمد بن يعقوب المقرئ، وعبد الرحمن بن خَلَف الضّبيّ البصْريّين. وروى عنهم في تفسيره كثيرًا. وكان معتزليًا، ثمّ تابَ مِن الاعتزال. وصعِد يوم الجمعة كُرْسيًّا بجامع البصرة ونادى بأعلى صوته: مَن عرفني فقد عرفني، ومَن لم يعرفني فأنا فلان ابن فلان، كنت أقول بخلْق القرآن، وأنّ الله لا يرى بالأبصار، وأنّ أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائبٌ معتقد الرّدّ على المعتزِلة، مُبيّنٌ لفضائحهم. قال الأهوازيّ: سمعتُ أبا عبد الله الجمرانيّ يقول: لم نشعر يوم الجمعة وإذا بالأشعريّ قد طلع على منبر الجامع بالبصرة بعد الصّلاة ومعه شريط، فشده إلى وسطه ثمّ قطعه وقال: اشهدوا عليّ أنّي كنتُ على غير دين الإسلام وإنّي أسلمتُ السّاعة، وإنيّ تائب من الاعتزال. ثمّ نزل. قال أبو عَمْرو الزّجاجي: سمعت أبا سهل الصُّعْلُوكيّ يقول: حضرنا مع الأشعريّ مجلس علويّ بالبصرة، فناظر أبو الحسن المعتزلة، وكانوا كثيرًا، حتّى أتى على الكُلّ فهزمهم، كلّ ما انقطع واحدٌ أخذ الآخر حتّى انقطعوا، فَعُدْنا في المجلس الثاني، فما عاد أحد فقال بين يدي العلويّ: يا غلام اكتب على الباب: فرّوا. وقال أبو الحسن عليّ بن محمد بن يزيد الحلبي: سمعت أبا بكر الصيرفي يقول: كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم.   1 المنتظم "6/ 332، 333"، سير أعلام النبلاء "15/ 85 - 90"، البداية والنهاية "11/ 187". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 120 ابن الصَّيْرفي هذا من كبار الأئمّة الشّافعيّة. وقال ابن الباقلاني: سمعتُ أبا عبد الله بن خفيف يقول: دخلت البصرة، وكنت أطلب أبا الحسن فإذا هو في مجلس يناظر، وثمَّ جماعة من المعتزلة، فكانوا يتكلّمون، فإذا سكتوا وأنهوا كلامهم قال: كذا قلتَ وكذا وكذا، والجواب كذا وكذا. إلى أن يجيب الكُلّ. فلمّا قام تبِعْتُه فقلت: كم لسانٌ لك، وكم أذن لك، وكم عين لك؟ فضحك وقال: من أين أنت؟ قلت: من شيراز. وكنت أصحبه مع ذلك. وقال ابن باكوَيْه: سمعت ابن خفيف، فذكر حكايةً وفيها: فحملني أبو الحسن إلى دارٍ لهم تُسمّى دار المّاورديّ، فاجتمع به جماعةٌ من مخالفيه، فقلت له: تسألهم مسألة؟ فقال: السؤال بدعة لأنيّ أظهرت بدعةً أنقض بها كُفْرهم، وإنمّا هم يسألوني عن مُنْكَرهم فيلزمني رد بطلهم إلزامًا. فسألوه، فتعجّبت من حسن كلام أبي الحسن لما أجاب. ولم يكن في القوم مَن يوازيه في النَّظَر. قال ابن عساكر: قرأتُ بخط عليّ بن نقا المصريّ المحدّث في رسالة كتب بها أبو محمد بن أبي زيد القيروانيّ المّالكي جوابًا لعليّ بن أحمد بن إسماعيل البغداديّ المعتزليّ حين ذكر الأشعريّ ونسبه إلى ما هو من بريء. فقال ابن أبي يزيد في حقّ الأشعريّ: هو رجل مشهور إنّه يردّ على أهلِ البِدَع وعلى القَدَريّة والْجَهْميّة. متمسِّك بالسّنَن. قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائينيّ: كنت في جِنْب أبي الحسن الباهليّ كقطرةٍ في البحر. وسمعتُ الباهلي يقول: كنت أنا في جَنْب الأشعريّ رحِمَه الله كقطْره فِي جَنْب البحر. وعن ابن الباقلانيّ قال: أفضل أحوالي أنْ أفهم كلام أبي الحسن الأشعريّ. وقال بُنْدار خادم الأشعريّ: كانت غلّة أبي الحسن من ضيعةٍ وقَفَها جدّهم بلال بن أبي بُرْدَه على عقِبِه، فكانت نفقته في السنة سبعة عشر درهمًا. وقال أبو بكر بن الصيرفي: كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله الأشعري فجحرهم في أقماع السِّمْسم. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 121 وذكر الحافظ أبو محمد بن حزم أن لأبي الحسن خمسة وخمسين تصنيفًا، وأنه تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. وكذا قال أبو بكر بن فُورك، والقَرّاب. وقال غيرهم: سنة ثلاثين. وقيل: سنة نيفٍ وثلاثين. أخذ عنه: زاهر بن أحمد السَّرخسيّ، وأبو عبد الله بن مجاهد، وغير واحد. وله كتاب "الإبانة"، عامّتُه في عقود أهل السنة، وهو مشهور؛ وكتاب "جُمل المقلات"، وكتاب "اللمع"، وكتاب " الموجز"، وكتاب "فرَق الإسلاميّين واختلاف المُصَلِّين". ومَن نظر في هذه الكتب عرف محله. ومن أراد أن يتبحّر في معرفة الأشعريّ فلْيطالع كتاب "تبيين كذِب المفتري "تأليف أبي القاسم بن عساكر. اللَّهُمّ توفَّنا على السنة وأدخِلْنا الجنّة، واجعل أنفسنا بك مطمئنة، نحب فيك أولياءك ونبغض فيك أعداءك، ونستغفر للعُصاة من عبادك، ونعمل بمحكم كتابك ونؤمن بمتشابه. ونصفك بما وصفت فيه نفسك، ونصدّق بما جاءَ به رسولك. إنّك سميع الدعاء، آمين. قيل: إنّ الأشعريّ سأل أبا علي الجبائي عن ثلاثة إخوة مؤمن تقيّ, وكافر وصبيّ ماتوا، ما حالهم؟ قال: المؤمن في الجنّة، والكافر في النّار، والصّغير من أهل السّلامة. فقال: إن أراد الصّغير أن يرقى إلى دَرَجة التّقّي هل يأذن له؟ قال: لا. يُقال له إنّ أخاك إنما نال هذه الدرجة بطاعته وليس لك مثلها. قال: فإن قال: التقصير ليس منّي، فلو أحييتني حتّى كنتُ أطعتك. قال: يقول الله له: كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت ولعوقبت فراعيت مصلحتك. فقال أبو الحسن: فلو قال الأخ الكافر: يا ربّ علمتَ حاله كما علمتَ حالي فهلا راعيتَ مصلحتي مثله. فانقطع الْجُبّائيّ، فسبحان من لا يُسأل عمّا يَفعل. قال القُشَيْريّ: سمعتُ أبا عليّ الدّقّاق: سمعت زاهر بن أحمد الفقيه يقول: مات الأشعري ورأسه في حجري، وكان يقول شيئًا في حال نزاعة من داخل حلقه. فأدنيت له رأسي، فكان يقول: لعن الله المعتزلة، موّهوا ومخرقوا. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 122 وقال أبو حازم العَبْدَويّ: سمعتُ زاهر بن أحمد يقول: لمّا قَرُب حضور أَجَل أبي الحسن الأشعريّ في داري ببغداد أتيته فقال: اشهد عليَّ أني لا أُكفِّر أحدًا من أهل القِبْلة، لأنّ الكُلّ يشيرون إلى معبودٍ واحد، وإنّما هذا كلّه اختلاف العبارات. وممّن أخذ عن الأشعريّ: ابن مجاهد، وزاهر، وأبو الحسن الباهليّ، وأبو الحسن عبد العزيز بن محمد بن إسحاق الطّبريّ، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن مهديّ الطّبريّ، وأبو جعفر الأشعريّ النّقّاش، وبُنْدار بن الحُسين الصُّوفي. قال أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب في تاريخه: تُوُفّي أبو الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعري سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. وكذا ورّخه أبو بكر بن فُورك الإصبهانيّ، وغيره. 184 - عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ1. أَبُو الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ. سَمِعَ: عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ بَيَانٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ سِنَانٍ الْقَطَّانَ، وَمحمد بْنَ حرب البشاستجي، وَعَمَّارَ بْنَ خَالِدٍ التَّمَّارَ، وَمحمد بْنَ مُثَنَّى، وَجَمَاعَةً. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ، وَزَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ أَحَدُ الشُّيُوخِ الْكِبَارِ، ثِقَةٌ. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ بْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ: أنا زاهر، أنا سعيد البحيري، أنا زاهر، أنا علي بن عبد الله، اثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، نَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ حُصَاصٌ" 2. 185 - عَلِيُّ بْنُ محمد بن الحسن3.   1 سير أعلام النبلاء "15/ 25، 26"، شذرات الذهب "2/ 305". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1231"، مسلم "389"، أبو داود "516، 1030"، الترمذي "397"، والنسائي "2/ 21، 22"، "3/ 31"، وأحمد في المسند "2/ 522"، وابن حبان في صحيحه "16، 1663". 3 تاريخ بغداد "12/ 70". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 123 أَبُو الْقَاسِمِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ كَاسٍ. وَلِيَ قَضَاءَ الشَّامِ وَغَيْرِهَا. وَكَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْهِ كَبِيرَ الْقَدْرِ مِنْ وَلَدِ الأشتر النخعي. سَمِعَ: الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيَّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَصَّارَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي الْعَنْبَسِ، وَالْحَسَنَ بْنَ مُكرمٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ أَبِي غَرَزَة، وَأَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى الأَوْدِيَّ، وَمحمد بْنَ الْحُسَيْنِ الْحُنَيْنِيَّ. وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيِّ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّبَعيُّ، وَابْنُ زَبْرٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا، وَأَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْكِلَابِيُّ. غَرِقَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَأُخْرِجَ مِنَ الْمَاءِ وَفِيهِ حَيَاةٌ ثُمَّ مَاتَ. وَلَهُ كِتَابٌ يغضُّ فِيهِ مِنَ الشَّافِعِيِّ. وَرَدَّ عَلَيْهِ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ. 186 - عمر بن يوسف بن عَمْروس1. أبو حفص الأندلسيّ الأستجيّ. سمع: محمد بن وضاح، وإبراهيم بن باز. وكان عارفًا بمذهب مالك، شروطيًا. حدَّث عنه: ابنه محمد، وحسّان بن عبد الله، ومحمد بن أصبغ، وغيرهم. تُوُفّي فِي رمضان. "حرف الميم": 187 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن صالح الأزديّ2. أبو بكر السّامريّ. سمع: الزُّبَيْر بْن بكّار، والحسن بْن عرفة، وأحمد بْن بديل. وعنه: ابن شاهين، والدارقطني، ووثقه، والمخلص.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 321". 2 تاريخ بغداد "1/ 308". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 124 188 - محمد بن أحمد بن عمر الرملي الضرير المقرئ1. أبو بَكْر الدّاجُونيّ الكبير. من شيوخ القراءة. تلا على: العباس بن الفضل الرازي، ومحمد بن موسى الضرير، وهارون بْن موسى الأخفش الدّمشقيّ، وجماعة بعدّه رواياتٍ. وكان كثير الطواف. قرأ عليه: عبد الله بن محمد بن فورك القباب، وأبو بَكْر بْن مجاهد، وأحمد العجلي شيخ أبي علي الأهوازي، وزيد بن أبي بلال، وأبو بكر الشذائي، والعباس بن محمد الرملي الداجوني الصغير، ومحمد بْن أَحْمَد الباهلي. 189 - محمد بْن إِسْمَاعِيل بن عِيسَى. أبو عبد الله الجرجاني المستملي على ابن خُزَيْمَة، وعلى ابن الشرقي. سمع: مسدد بْن قطن، وعمران بْن موسى بن مجاشع. روى عَنْهُ: أَبُو الْحُسَيْن الحجاجي، وغيره. 190 - محمد بْن جَعْفَر بْن محمد بْن خازم2. أَبُو جعفر الخازمي الجرجاني الفقية الشافعي صاحب ابن سريج. أحد الأئمة. 191 - محمد بن حلبس بن أحمد بن مزاحم. أبو بكر الْبُخَارِيّ. سمع: سهل بْن المتوكل، وحمدويه بْن الخطاب، ومحمد بْن الضو، وعبيد اللَّه بْن واصل، وهذه الطبقة. وعنه: خلف الخيام، والحسن بْن أَحْمَد الماشي، وجماعة. مات فِي شعبان. 192 - محمد بْن الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان بْن دَاوُد الجيزي المصري. أبو عبيد الله.   1 غاية النهاية "2/ 77". 2 تاريخ جرجان للسهمي "437". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 125 ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين، وسمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وغيره. وقد سمع من: أَبِيهِ، وهارون الأيلي. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن علي التمار، وعلي بْن محمد الحلبي، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وغيرهم. توفي فِي ربيع الأول. 193 - محمد بْن زكريّا. أَبُو بَكْر الكاغدي المزكي. سمع: الْحُسَيْن بْن الفضل، وإبراهيم بن ديزل، وغيرهما. 194 - محمد بْن شُعَيْب بْن إِبْرَاهِيم العجلي. أَبُو الْحَسَن البيهقي، مفتي الشافعية، وأحد المذكورين بالفصاحة والبراعة. تفقَّه على ابن سريج. وسمع: داود بن الحسين البيهقي، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم البوسنجي. أَخَذَ عَنْهُ الأستاذ أَبُو الْوَلِيد حسّان. 195 - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أيوب الكندي1. أبو عبد الله الرهاوي المعروف بالمنجم. حدَّث بدمشق عن: الربيع بن سليمان، ومحمد بن عليّ الصائغ، وصالح بن بشْر، وجماعة. وعنه: محمد وأحمد ابنا موسى السَّمْسار، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 196 - محمد بْن عَبْد اللَّه بْن إبراهيم. أبو عبد الله الْجُرْجانيّ الشّافعيّ. قال جعفر المستغفريّ: كان كَبْش الشّافعيّة في وقته، فقيه، مناظر.   1 تاريخ دمشق "38/ 251". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 126 197 - محمد بن عبدوس بن العلاء. أبو بكر النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن يحيى، ومحمد بن يزيد، وإسحاق بن رزين. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وعَبْد اللَّه بْن سعد. 198 - محمد بن عَمْرو بن هشام. أبو أحمد النَّيْسابوريّ البزّاز. سمع: عبد الرحمن بن بِشْر، والذُّهليّ، وسعدان بن نَصْر، وجماعة. وعنه: أبو الوليد، وأبو عليّ الحافظ، والشيوخ. 199 - محمد بن الفضل بن عبد الله بن مَخْلَد1. أبو ذَرّ التّميميّ الْجُرْجانيّ الفقيه، رئيس جُرْجان في زمانه كانت داره مجمع الفضلاء. رحل وسمع: أبا إسماعيل التِّرْمِذيّ، وحفص بن عَمْر سنْجه، والحسن بن جرير الصُّوريّ، وبكر بن سهل الدِّمياطيّ، وأحمد بن عبد الرحمن الحَوْطيّ، وآخرين. روى عنه: أحمد بن أبي عمران الوكيل، وإبراهيم بن محمد بن سهل، وأسهم بن عمّ حمزة السَّهْميّ، وغيرهم. 200 - محمد بن محمد بن سعيد بن بالَوَيْه. أبو العبّاس النَّيْسابوريّ البَحيريّ. سمع: محمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وعثمانٍ الدّارِميّ. وعنه: أبو سعيد بن أبي بكر، وغيره. 201 - محمد بن محمد بن يحيى. أبو عليّ الهَرَويّ القّراب. سمع: عثمانٍ بن سعيد الدّارِميّ، وغيره, وعنه: أبو عبد الله بن أبي ذهل.   1 تاريخ جرجان "418"، البداية والنهاية "11/ 187". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 127 202 - محمد بن هارون. أبو جعفر الإصبهانيّ. سمع بمصر من: الربيع بن سليمان المراديّ. وعنه: أبو الشّيخ، وغيره. لقبه: مَمَّا. 203 - محمد بن همّام. أبو العبّاس النَّيْسابوريّ الزّاهد، المجاب الدّعوة. سمع: أحمد بن الأزهر، وقَطَن بن إبراهيم. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، وأبو الحسن بن منصور. وكان كبير القدّر ببلده، كثير الحجّ، رحمه الله. 204 - مطرِّف بن عبد الرحمن بن هاشم القُرْطُبيّ المشاط1. سمع: محمد بن وضّاح، ومطرِّف بن قيس، ومحمد بن يوسف بن مطرَوْح. وكان رجلًا صالحًا عالمًا، رحمه الله تعالى. 205 - معاوية بن سعيد الأندلسيّ2. يروي عَنْ: محمد بْن وضّاح، وغيره. 206 - موسى بن العبّاس الآزاذياريّ3. عن إبراهيم بن عتيق عن مروان الطّاطَريّ. روى عنه: عبد الله بن عديّ، والإسماعيليّ، وأبو زُرْعة الكشّيّ، ويوسف والد حمزة الحافظ، وجماعة غير من ذكرنا. وتوفي في صفر بجرجان.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 136". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 141". 3 تاريخ جرجان "470". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 128 "الكنى": 207 - أبو عَمْر الدّمشقيّ. الزّاهد. تُوُفّي فيها. قاله ابنُ زَبْر. مر سنة عشرين. 208 - أبو عِمران الطّبَريّ. من كبار الصُّوفيّة والزُّهّاد. وصحِب ابن الجلّاء، وأبا عبد الله العرْجيّ، وسكن القدس. حكى عنه: أحمد بن محمد الآمُليّ، وعلي بن عبدك القزويني. وفيات سنة خمس وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 209 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي أيّوب المصريّ. سمع: بحر بن نَصْر، والربيع بن سليمان المؤذن، وبكار بن قتيبة. كتبت عنه وتُوُفّي في المحرَّم، قاله ابن يُونُس. 210 - أحمد بن عبد الله. أبو بكر النّحّاس. وكيل أبي صخرة، بغداديّ ثقة. سمع: أبا حفص الفلّاس، وزيد بن أخزم، وأحمد بن بُديل. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعمر بن إبراهيم الكتّانيّ، وآخرون. 211 - أحمد بن محمد بن حسن1.   1 تاريخ بغداد "4/ 426، 427"، المنتظم "6/ 289"، سير أعلام النبلاء "15/ 37"، الميزان "1/ 156". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 129 أبو حامد بن الشَّرْقيّ النَّيْسابوريّ الحجّة الحافظ، تلميذ مسلم. سمع: محمد بن يحيى، وأحمد بن يوسف، وأحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن حفص بْن عبد الله، وعبد الله بن بِشر، وأبا حاتم، ومحمد بن إسحاق الصَّاغانيّ، وعبد الله بن محمد بن شاكر، وأحمد بن أبي عُرْوة، وعبد الله بن أبي مَسَرّة، وخلقًا. وصنف "الصّحيح". وكان واحد عصره حفظًا وثقه ومعرفة. حجّ مرّات. قال السلمي: سألت الدارالقطني عن أبي حامد فقال: ثقة مأمون إمام. قلت: ممّ تكلّم فيه ابن عقدة؟ فقال: سبُحان الله، تُرى يؤثّر فيه مثلُ كلامه؟ ولو كان بدل ابن عقدة يحيى بن مَعِين. قلت: وأبو عليّ؟ قال: ومَن أبو عليّ حتّى يُسمع كلامُه فيِه. وقال الخطيب: أبو حامد ثبت حافظ متقن. وقال حمزة السَّهْميّ: سألت أبا بكر بن عَبْدان عن أبي عُقْدة إذا نقل حديثًا في الجرْح والتّعديل هل يقبل قوله؟ قال: لا يُقبل. نظر إليه ابنُ خُزَيْمَة فقال: حياة أبي حامد تحجز بين النّاس وبين الكذب عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عنه: أبو بكر محمد بن محمد الباغَنْديّ، وأبو العبّاس بن عُقْدة، وأبو أحمد العسّال، وأبو أحمد بن عدي، وأبو علي الحافظ، وزاهر بن أحمد، والحسن بن أحمد المخلّديّ، وأبو بكر محمد بن عبد الله الْجَوْزقيّ، وغيرهم. وُلِد سنة أربعين ومائتين، وتُوُفّي في رمضان. وصلًى عليه أخوه عبد الله. 212 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه1. أَبُو الحسن التّمّار المقرئ. حدَّث عن: يحيى بن مَعِين، وعثمان بن أبي شَيْبَة.   1 تاريخ بغداد "5/ 52، 53"، ميزان الاعتدال "1/ 142"، لسان الميزان "1/ 274". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 130 وعنه: ابن شاذان، وعمر الكتاني. وكان غير ثقة. قال الخطيب: بقي إلى هذا العام، وزعم أنه وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 213 - أحمد بن محمد بن موسى بن أبي عطاء1. أبو بَكْر القرشي، مولاهم الدّمشقيّ المفسر. روى عن: بكار بْن قتيبة، وعبد الله بن الحُسين المَصّيصيّ، ووريزة بن محمد. وعنه: أبو هاشم المؤدّب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وغيّرهما. 214 - أحمد بن محمد بن يزيد2. أبو الحسن الزعفراني. بغدادي ثقة. روى عن: أحمد بن محمد بن سعيد التّبعيّ، ومحمود بن علْقمة المَرْوَزِيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين. 215 - إبراهيم، يُعرف بنهشل، بن دارم3. أبو إسحاق. بغداديّ، ثقة. سمع: عَمْر بن شَبّة، وعليّ بن حرب. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وغيرهم. 216 - إبراهيم بن محمد بن يعقوب4. أبو إسحاق الهمداني البزار الأنماطي الحافظ بن ممّوس. سمع: أزهر بن ديزيل، ويحيى بن أبي طالب، وأبا قلابة، وخلقًا كثيرًا.   1 طبقات المفسرين للسيوطي "6". 2 تاريخ بغداد "5/ 121". 3 تاريخ بغداد "6/ 71". 4 تذكرة الحفاظ "3/ 838". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 131 روى عنه: صالح بن أحمد الحافظ، وأبو حاتم بن حبّان، وأحمد بن إبراهيم العَبْقسيّ، وآخرون. وكان ثقة واسع الرحلة. رحل إلى الحجاز، والشّام، والعراق، ومصر، واليمن. وله أفراد وغرائب. تُوُفّي في هذا العام. 217 - إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله بْن عَبَّاس الهاشمي1. أبو إسحاق البغداديّ راوي "الموطأ" عن أبي مُصْعَب. سمع: أبا مُصْعَب الزُّهْريّ بالمدينة، وأبا سعيد الأشجّ، والحسين بن الحسن المَرْوَزِيّ، ومحمد بن الوليد البُسْريّ، وعُبَيْد بن أبي أسباط، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وابن المقرئ، وطائفة آخرهم ابن الصَّلْت المجبّر شيخ البانياسيّ. وكان أبوه أمير الحاجّ في زمان المتوكّل غير مرّة، فأخذ معه إبراهيم وأسمعه من أبي مُصْعَب. قال الدَّارَقُطْنيّ: سمعتُ القاضي محمد بن عليّ ابن أم شيبان يقول: رأيت على ظهر "الموطأ" المسموع من أبي مُصْعَب فرأيت السَّماعَ على ظهره سماعًا صحيحًا قديمًا: سمع الأمير عبد الصّمد بن موسى الهاشميّ وابنه إبراهيم. وقال حمزة السهمي: سمعتُ أبا الحسن بن لؤلؤ يقول: رحلت إلى سامرّاء، إلى إبراهيم عن عبد الصّمد لأسمع "الموطأ" فلم أرَ له أصلًا صحيحًا، فتركت ولم أسمع. تُوُفّي بسامرّاء في أوّل المحرَّم هذه السنة. 218 - إسماعيل بن عبد الواحد2.   1 تاريخ بغداد "6/ 137، 138"، سير أعلام النبلاء "15/ 71 - 73"، ميزان الاعتدال "1/ 46". 2 الولاة والقضاة للكندي "484، 485". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 132 أبو هاشم الرَّبعيّ المقدسيّ الشّافعيّ القاضي. ولي قضاء مصر نحوًا من شهرين في سنة إحدى وعشرين، ثمّ أصابه فالج وتحوَّل إلى الرملة فمات بها في هذا العام. وكان من كبار الشّافعيّة، وكان جبّارًا ظلومًا، ولم تَطُل ولايته. "حرف الجيم": 219 - جعفر بن محمد1. أبو الفضل القافلائيّ. عن: أحمد بن الوليد الفحّام، ومحمد بن إسحاق الصَّغانيّ. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين، والقّواس. ثقة. 220 - جعفر بن محمد بن عبدويه البرائي2. عن: محمد بن الوليد البُسْريّ، وحفص الرّباليّ، وجماعة. وعنه: ابن شاهين، والمُعَافَى بن زكريّا، وعبد الله بن عثمانٍ الصّفّار. وكان ثقة. "حرف الحاء": 221 - الحسن بن آدم. أبو القاسم العسقلانيّ نزيل مصر. روى عن: أحمد بن أبي الخناجر. قال ابن يونس: كان ثقة، يتولّى عملات مصر. وتُوُفّي بالفيوم في شوّال منها.   1 تاريخ بغداد "7/ 219". 2 تاريخ بغداد "7/ 220". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 133 222- الحسن بن عليّ بن زيد بن حُمَيْد العبّاسيّ1. مولاهم. عن: الفلّاس، وحَجّاج الشّاعر. من أهل سامراء. وروى عن: أبي هاشم الرفاعي، وطبقتهم. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن بَطّة، وأبو القاسم بن الثّلّاج. محله الصِّدق. مات في المحرَّم؛ وقيل: مات سنة ستٍّ. 223 - الحُسين بن محمد بن زنجيّ2. أبو عبد الله البغداديّ الدّباغ. حدَّث عن: سَلْم بن جُنَادة، وأبي عتبة الحمصيّ، والحسين بن أبي زيد الدباغ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين. تُوُفّي في رجب. قال أبو القاسم الأبندوني: لا بأس به. "حرف الخاء": 224 - الخضر بن محمد بن غَوْث3. المدعو بغُويث. أبو بكر التنوخي الدمشقي، نزيل عكا. روى عن: الربيع المراديّ، وبحر بن نَصْر، وإبراهيم بن مرزوق. وعنه: أبو سليمان بن زَبْر، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وابن جُمَيْع، وآخرون. توفي في ذي القعدة.   1 تاريخ بغداد "7/ 384". 2 تاريخ بغداد "8/ 97". 3 الأنساب "1396"، تاريخ دمشق "5/ 168". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 134 "حرف السين": 225 - سعيد بن جابر بن موسى1. أبو عثمانٍ الكَلاعيّ الإشبيليّ. سمع: محمد بن جُنَادة بإشبيلية، وعُبَيْد الله بن يحيى بقُرْطُبة، وأحمد بن شعيب النَّسائي بمصر فأكثر عنه، وأبي يعقوب إسحاق المنجنيقيّ، وعبد الله بْن محمد بْن عليّ الباجيّ، وأحمد بن عُبادة. وكان يُنسب إلى الكذب. قال ابن الفَرَضيّ: ولم يكن إن شاء الله كذّابًا. رأيت كثيرًا من أصوله تدلّ على صِدْقه وورعه في السَّماع. وكان محمد بن قاسم بن محمد يُثْني عليه. 226 - سعدون بن أحمد2. أبو عثمانٍ الخَولانيّ المغربيّ الرّجل الصّالح. أدرك الفقيه سُحْنُون. ثمّ سمع من الفقيه محمد بن سُحْنُون، وصحِب الصُّلحاء ورابطَ مدّة بقصر المنسْتِير. قال القاضي عِياض: عاش مائة سنة. 227 - سيّد أبيه بن العاص3. أبو عَمْر المراديّ الإشبيليّ الزاهد. سمع من: عبيد الله بن يحيى، وسعيد بن حِميَر، ومحمد بن جُنَاده. وكان الأغلب عليه علم القرآن وعبارة الرؤيا. وكان أحد العُبّاد المتبتّلين، منقطع القرين في وقته. عالي الصيت.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 166". 2 ترتيب المدارك "100، 102". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 193". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 135 يقال: كان مُجاب الدَّعوة. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ، وغيره. قاله الفَرَضيّ. "حرف العين": 228 - عبد الله بن السَّريّ. أبو عبد الرحمن الأسْتراباذيّ. ثقة نبيل. يروي عن: عمّار بن رجاء، والكَدِيميّ، وغيّرهما. روى عنه: أبو جعفر المستغفريّ، وعبد الله بن عديّ. وروى عنه أنّه حدَّث مرّةً بقول شُعبة: مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيثًا فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ. فقال أبو عبد الرحمن: وأنا أقول مَن كَتب عني حديثًا فأنا له عبْدٌ. 229 - عبد الله بن محمد بن سفيان1. أبو الحسن النَّحويّ الخزّاز. له مصنَّفات في علوم القرآن. وصحِب إسماعيل القاضي. وأخذ عن: المبرّد، وثعلب. روى عنه: عيسى بن الجرّاح. وورّخه الخطيب ووثقه. 230 - عبد الله بن محمود بن الفَرَج. أبو عبد الرحمن الأصبهاني، خال أبي الشيخ. حدث عن: أبي حاتم، وهلال بن العلاء، ومحمد بن النَّضْر بن حبيب الإصبهانيّ. وعنه: أبو الشيخ، والحسين بن إسحاق بن إبراهيم، وابن المقرئ.   1 تاريخ بغداد "10/ 123"، الكامل في التاريخ "8/ 339"، البداية والنهاية "11/ 188". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 136 231 - عَبْد الرَّحْمَن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هاشم. أبو عمرو البخاري. سمع: جده محمد بن أبي هاشم، وسعيد بن مسعود المروزي. وعنه: محمد بن سعيد. 232 - عبد الرحمن بن القاسم بن حبيش التجيبي. أبو القاسم المصري المالكي. عارف باختلاف أشهب. توفي في صفر. وروى عن: مالك بن يحيى السُّوسيّ. 233 - عبد الرحمن بن محمد بن العبّاس1. أبو بكر بن الدَّرَفْس الغسّانيّ الدّمشقيّ. سمع: أباه، والعبّاس بن الوليد البيروتيّ، وأحمد بن مسعود المقدسيّ، وأبا زُرْعة النَّضْريّ. وعنه: عليّ بن الحُسين الأَذَنيّ، وأبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبو عليّ بن مُهَنّا الدّارانيّ، وآخرون. 234 - عبد الرحمن بن معْمر بن محمد. أبو عَمْر الجوهريّ المصريّ، أخو كَهْمَس. ثقة، سمع: يونس بن عبد الأعلى، وطبقته. وتُوُفّي في المحرَّم. 235 - عُبيدون بن محمد بن فهد بن الحسن بن عليّ بن أٍسد الْجُهَنيّ2. أبو الغمر الأندلسي.   1 تاريخ دمشق "3/ 132". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 340". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 137 ولي قضاء الأندلس بقُرْطُبة يومًا واحدًا. وكان عالي الإسناد بناحيته. يروي عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. 236 - عثمانٍ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحميد بْن يزيد1. أبو عَمْرو القُرْطُبيّ، مولي بني أُمّية. أكثر أيضًا عن: بقيّ بن مَخْلَد، وعن: إبراهيم بن قاسم، وكان فقيهًا مشاورًا متحريًا فاضلًا وقورًا. وروى عنه: محمد بن محمد بن أبي دُلَيْم، وعبد الله بن محمد بن عليّ ووثَّقاه، وخالد بن سعْد. ويُعرف بابن أبي زيد، وبابن بُرَيْر أيضًا، فإنّ جدَّه يزيد بن بُرَيْر. 237 - عدنان ابن الأمير أحمد بن طولون. أبو معد. روى عن: الربيع بن سليمان، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ. وعنه: أبو هاشم المؤدب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، ومحمد بن أحمد المفيد. 238 - عليّ بْن عَبْد الله بْن مبِشْر الواسطيّ. في جُمَادَى الأولى. ورّخه ابن قانع. وهذا أصح. 239 - عليّ بن عبد القادر بن أبي شيبة الكلاعيّ. الأندلسيّ. سمع: بقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضاح. وكان فقيهًا بصيرًا بالفتيا، مالكيًا. ورخه عِياض. 240 - عَمْر بن أحمد بن عليّ بن علك الجوهري2.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 304، 305". 2 تاريخ بغداد "11/ 227"، سير أعلام النبلاء "15/ 243، 245"، شذرات الذهب "2/ 307". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 138 أبو حفص. سمع: سعيد بن مسعود المَرْوَزِيّ، وأحمد بن سيّار، وعبّاس الدُّوريّ، وخلقًا بَمْرو. وحدَّث ببغداد. وعنه: ابن المظفّر، وعيسى، وابن شاهين، والدَّارَقُطْنيّ. وكان فقيهًا متقنًا. "حرف الميم": 241 - محمد بن أحمد بن هارون العسكريّ1. أبو بكر الفقيه. كان يتفقّه لأبي ثور. روى عن: الحُسين بن عَرَفَة، وإبراهيم بن الْجُنَيْد. وعنه: أبو بكر الآجُرّيّ، والدَّارَقُطْنيّ، ووثقه، والمَرْزُبانيّ. مات في شوال. 242 - محمد بن أحمد بن قَطَن بن خالد البغداديّ2. أبو عيسى السَّمْسار. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وحميد بن الربيع، وعلي بن حرب. وعنه: أبو الحسن الجراحيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص الكتّانيّ، وأبو مسلم الكاتب. وتوفي في ربيع الآخر. وقد سمع منه ابن مجاهد مع تقدُّمه قراءة أبي عَمْرو -رضي الله عنه. وقد روى عنه ابن جميع، لقيه بحلب.   1 تاريخ بغداد "1/ 369". 2 تاريخ بغداد "1/ 334". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 139 243 - محمد بن أحمد بن يوسف1. أبو يوسف الْجَريريّ. روى كتب المدائنيّ، عن أحمد بن الحارث، عنه. روى عنه: ابن حَيُّوَيْه، وأبو بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وتُوُفّي في المحرَّم. وهو شيخ من ولد جرير بْن عَبْد اللَّه -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. 244 - محمد بن أحمد بن محمد بن نافع. أبو الحسن المصريّ الطّحّان. يروي عن: يونس الصَّدَفيّ، ويزيد بن سنان القزاز. وكان أعرج. تُوُفّي في ربيع الآخر. 245 - محمد بن أَحْمَد بن يحيى2. أبو عبد الله القرطبي المعرف بالإشبيليّ، الزّاهد الزُّهري المؤدِّب. روى عن: محمد بن وضّاح، وإبراهيم بن باز، وقاسم بن محمد. وكان وقورًا دينا، حسن السَّمْت. 246 - محمد بن الحُسين بن مُعاذ الأستراباذيّ3. كان ثقة بارعًا في الأدب، سمع من ابن قُتَيْبة أكثر تصانيفه. ومن: عمّار بن رجاء، وأحمد بن مُلاعب البغداديّ، وابن عَوْف البُزُوريّ. 247 - محمد بن سهيل بن الفُضَيل الكاتب4. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، وعمر بن شبة.   1 تاريخ بغداد "1/ 376". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 44، 45". 3 تاريخ جرجان "437". 4 تاريخ بغداد "5/ 316". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 140 وعنه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. وثقه الخطيب. 248- محمد بن عبد الرحمن بن محمد1. أبو العبّاس الدّغُوليّ السَّرْخَسيّ الفقيه الحافظ. إمام وقته بخُراسان. سمع: الذُّهْليّ، وعبد الرحمن بن بِشْر، ومحمد بن إسماعيل الأحمسيّ، وطبقتهم بنيسابور، والعراق. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو بكر الجوزقيّ، وجماعة. قال أبو الوليد الفقيه: قيل لأبي العبّاس الدَّغُوليّ: لم لا تقنت في صلاة الفجر؟ فقال: لراحة الجسد، ومداراة الأهل والولد، وسنة أَهْل البلد. وعن أبي أَحْمَد بْن عدي قَالَ: ما رَأَيْت مثل أبي الْعَبَّاس الدغولي. وقال أبو بكر أحمد بن عليّ بن الحُسين الحافظ: خرجنا مع ابن خُزَيْمَة إلى سمرقند لتهنئة الأمير الشّهيد والتّعزية عن الأمير المّاضي أبي إبراهيم. فلمّا انَصْرفنا قلت لمحمد بن إسحاق: ما رأينا في سفرنا مثل أبي العبّاس الدَّغُوليّ. فقال أبو بكر: ما رأيت أنا مثل أبي العبّاس. وقال محمد بن العبّاس: قال الدَّغُوليّ: أربع مجلّدات لا تفارقني في السفر والحضر "كتاب المزني" و "كتاب العين" و "التاريخ" للبخاري و "كليلة ودِمْنَة". 249 - محمد بن الزّاهد أبي عثمانٍ سعيد بن إسماعيل الحِيريّ2. أبو بكر النَّيْسابوريّ الحافظ الأديب الزّاهد الفقيه. سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلالي، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن غالب تمتام، وبكر بن سهل الدمياطي، وأبو بكر أحمد الحاكم، وابنه أبو سعيد.   1 سير أعلام النبلاء "14/ 557، 562"، تذكرة الحفاظ "3/ 823"، الوافي بالوفيات "3/ 226". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 258". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 141 وكان من المجاهدين في سبيل الله بالثَّغْر وبطَرَسوس. تُوُفّي في المحرَّم. 250 - محمد بن عليّ بن الجارود1. أبو بكر الإصبهانيّ. محدَّث، ثقة، مكِثر. سمع: يونس بن حبيب، وأحمد بن معاوية. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو بكر بن المقرئ، ومحمد بن عبد الرحمن بن مَخْلَد. وروى عن: يحيى بن النَّضْر، عن أبي داود الطَّيالسيّ. 251 - محمد بن عِمران بن مهيار2. أبو أحمد الصَّيْرفيّ. سمع: حُميد بن الربيع، وعبد الله بن علي بن المديني. وعنه: ابن حيويه، وعبد الله بن عثمان الصفار. وثقه الدَّارَقُطْنيّ. 252 - محمد بن محمد بن إسحاق بن يحيى3. العلامة أبو الطيب ابن الوشاء، البغدادي النحوي الإخباري. أخذ عن: ثعلب، والمبرّد. وبرع في فنون الأدب. وألف كُتُبًا كثيرة منها: "الجامع في النحو"، وكتاب "المذكر والمؤنث"، وكتاب "خلق الإنسان"، وكتاب "السلوان"، وكتاب "سلسلة الذَّهَب"، وكتاب "حدود الظرف"، وغير ذلك. توفي هذا العام.   1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 249". 2 تاريخ بغداد "3/ 134". 3 تاريخ بغداد "1/ 253، 254"، المنتظم "6/ 290، 291"، البداية والنهاية "11/ 188". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 142 253 - محمد بن المسور بن عَمْر بن محمد الأندلسي1. مولى بني هاشم. يروي عن: محمد بن وضاح، ومحمد الخشني. وكان ثقة حافظا للفقه، مشاورا في الأحكام، زاهدا. 254- محمد بن المعلى الشونيزي2. أبو عبد الله. سمع: يعقوب الدورقي، وجماعة. وعنه: أبو حفص الزيات، وأبو بكر بن شاذان. وقد قرأ على محمد بن غالب صاحب شجاع البلخي. قرأ عليه: أحمد بن محمد العجلي، وعبد الغفار الحُصَينيّ، وأبو بكر الشذائي، وغيرهم. 255- محمد بن هاشم بن محمد بن عَمْر. العلّامة أبو الفضل القُرْطُبيّ، مولى آل العبّاس. ثقة ضابط. يروي عن: ابن وضّاح، وابن باز. وكان فقيهًا بصيرًا بالأقضية. 256 - مسرور بن يعقوب القلوسيّ. عن: عليّ بن حرب، وغيره. وعن محمد بْن جعفر زَوْج الحُرَّةِ، وابن شاهين. وكان صدوقًا.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 44". 2 تاريخ بغداد "3/ 309". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 143 257 - محمد بن أبي الأزهر مزيد بن محمود1. أبو بكر الخُزَاعيّ البغداديّ. حدَّث عن: لُوَيْن، وأبي كُرَيِب، وإسحاق بن أبي إسرائيل، والزّبير بن بكّار. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو بكر بن شاذان، والمُعَافَى الجريريّ، وغيرهم. قال محمد بن عِمران المَرْزُبانيّ: كان كذابًا. كذّبه أصحاب الحديث. 258 - مكّيّ بن عَبْدان بن محمد بن بكر بن مسلم2. أبو حاتم التّميميّ النَّيْسابوريّ. سمع: عبد الله بن هاشم، ومحمد بن يحيى، وأحمد بْن حفص بْن عَبْد اللَّه، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وعمار بن رجاء، ومسلم بن الحَجّاج. وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، وعليّ بن عَمْر الحربِيّ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بكر محمد بن عبد الله الْجَوْزقيّ، وآخرون مِن أهل نيْسابور وبغداد. قال أبو عليّ الحافظ: هو ثقة مأمون مقَدَّم على أقرانه المشايخ. وقال الحاكم: مولده سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة خمسٍ. وصلّى عليه أبو حامد بن الشّرقيّ. وقد حدَّث عنه ابن عُقْده الحافظ إجازة. أخبرنا ابن أبي عصرون، أنا أبو رَوْح، أنا زاهر، أنبا عبد الرحمن بن عليّ التّاجر، أنبا أبو زكريّا يحيى بن إسماعيل سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، أنبا مكي بن عَبدان، ثنا أحمد بن الأزهر، ثنا أبو أُسامه، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كنّا نصليّ مع عبد الله الجمعة ثمّ نرجع نقيل. 259 - موسى بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان3. أبو مزاحم المقرئ المحدث ابن وزير المتوكل.   1 تاريخ بغداد "3/ 288"، ميزان الاعتدال "4/ 35"، لسان الميزان "5/ 377، 378". 2 تاريخ بغداد "13/ 119، 120"، سير أعلام النبلاء "15/ 70، 71"، شذرات الذهب "2/ 307". 3 تاريخ بغداد "13/ 59"، سير أعلام النبلاء "15/ 94، 95"، النجوم الزاهرة "3/ 261". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 144 سمع: عباس بن محمد الدوري، وأبو بكر المَرُّوذيّ، وأبا قِلابة الرَّقاشيّ، وغيرهم. وعنه: أبو بكر الآجُرِّيّ، وعبد الواحد بن أبي هاشم المقرئ، والمُعَافَى الْجَريريّ، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو حفص بْن شاهين. وكان متبحّرًا في حرف الكِسائيّ، تلا به على: الحسن بن عبد الوهّاب صاحب الدُّوريّ. قرأ عليه الكبار: أَحْمَد بْن نصر الشّذَائيّ، ومحمد بْن أَحْمَد الشَّنَبُوذيّ، وغيّرهما. وكان من جلّة العلمّاء. قال الخطيب: كان ثقة من أهل السنة. مات رحمه الله في ذي الحجّة. قلت: سمعتُ قصيدته في التّجويد بعُلُوّ. "حرف النون": 260- نهشل بن دارم1. عن: علي بن حرب. وعنه: ابن شاهين، وعمر الكتّانيّ. وثقه الخطيب. "حرف الياء": 261 - يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى بن إبراهيم البغداديّ2. أبو القاسم العطّار. سمع: محمد بن أبي مذْعُور، والحسن بن عَرَفَة، والزعفراني.   1 تاريخ بغداد "13/ 455". 2 تاريخ بغداد "14/ 234". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 145 وعنه: يوسف القوّاس، وعمر بن شاهين، وغيّرهما. وثقه الخطيب. "الكنى": 262 - أبو حامد بن الشرقيّ1. هو أحمد بن محمد بن الحسن. تقدَّم. وفيات سنة ست وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 263 - أحمد بن حَمّ2. أبو القاسم البلْخيّ الصّفّار. في شوّال. كان مِن أئمة الحنفيّة. عاش سبْعًا وثمانٍين سنة. 264- أحمد بن زياد بن محمد بن زياد3. اللَّخْميّ القُرْطُبيّ أبو القاسم. سمع: ابن الوضاح، وكان مختصًّا به، وإبراهيم بن باز. وكان فاضلًا زاهدًا، تضعّف لقلّته رحمه الله. 265 - أحمد بن صالح. أبو جعفر الخَولانيّ المصريّ. نزيل دمياط.   1 تقدم برقم "211". 2 تاريخ بغداد "2/ 55"، الطبقات السنية "1/ 454". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 32، 33". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 146 يروي عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. تُوُفّي في صفر. 266 - أحمد بن عامر بن محمد بن يعقوب1. أبو الحسن الطّائيّ الدّمشقيّ. روى عن: أبيه، والربيع بن سليمان، والنَّضْر بن عبد الله الحلوائي، وجماعة. وعنه: أبو الحسن الرازي، وعبد الوهاب الكلابي. 267 - أحمد بن علي بن بيغجور2. أبو بكر بن الإخشيد المتكلم المعتزلي. روى في مصنفاته عن: أبي مسلم الكَجّيّ، وموسى بن إسحاق الْأَنْصَارِيّ، ومات كهلا في هذا العام. قال الوزير أبو محمد بن حزم: رأيت لأبي بكر أحمد بن علي بن بيغجور المعروف بابن الإخشيد، أحد أركان المعتزلة، وكان أبوه من أبناء الملوك فرغانة الأتراك. وقد ولي أبوه الثغور، وكان أبو بكر يتفقه للشافعي، فرأيت له في بعض كتبه يقول: التّوبة هي الندم فقط وإن لم يَنْوِ مع ذلك ترك المراجعة لتلك الكبيرة. وهذا أشنع ما يكون من قول المرجئة. لأن كلّ مسلم نادم على ما يفعله من الكبائر. قلت: ومن تلامذة أبي بكر هذا القاضي أبو الحسن محمد بن محمد بن عَمْرو النَّيْسابوريّ المعتزليّ الملقّب بالبِيض. ورأيتُ له كتابًا حافلًا في نقل القرآن. وقد روى فيه عن جماعة وبحثَ فيه بحوثًا جيّدة. عاش ستًا وخمسين سنة، أرّخه الخطيب. وقد ارتحل إلى أبي خليفة الْجُمَحيّ. 268 - أحمد بن محمد بن حسن بن قريش.   1 الوافي بالوفيات "5/ 182". 2 تاريخ بغداد "4/ 309"، سير أعلام النبلاء "15/ 217، 218"، لسان الميزان "1/ 231". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 147 أبو نَصْر المّاهينانيّ المَرْوَزِيّ. في ربيع الأوَّل. 269 - أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الفضل1. أبو الفتح الهاشميّ العبّاسي. حدَّث في هذا العام عن: ابن عَرَفَة، وعَبّاد بن الوليد العَنَزِيّ. وعنه: ابن الثلاج، وأبو القاسم بن الصيدلاني. 270 - أحمد بن محمد بن عبد الواحد2. أبو الحسن المصري الكتاني، بتاء مثقلة. روى عن: يونس بن عبد الأعلى، وعليّ بن زيد الفرائضي. ورخه ابن يونس: وقال: لم يكن بذاك. 271 - أحمد بْن محمد بْن محمد بْن سليمان بْن الحارث3. أبو ذَرّ الباغَنْديّ، واسطيّ الأصل بغداديّ الدّار. سمع: عَمْر بن شَبَّة، وعُبَيْد الله بن سعْد الزُّهْريّ، وعليّ بن إشكاب، وسعْدان بن نَصْر. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، والمُعَافَى، وأبو حَفْص بن شاهين. قال فيه الدَّارَقُطْنيّ: ما علمتُ إلا خيرًا وأصحابنا يُؤْثرونه على أبيه. 272 - أحمد بن موسى بن حمّاد. أبو حامد النَّيْسابوريّ. تُوُفّي في شعبان، وله مائة وسبع سنين أو نحو ذلك. وهو آخر من سمع من محمد بن رافع، لكنه حلف أن لا يحدث.   1 تاريخ بغداد "5، 43، 44". 2 المغني في الضعفاء "1/ 56، ميزان الاعتدال "1/ 151". 3 تاريخ بغداد "5/ 86"، سير أعلام النبلاء "15/ 268"، الوافي بالوفيات "8/ 125". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 148 273 - أحمد بن موسى. أبو جعفر التُّونسيّ التّمّار. فقيهٌ مناظر. سمع: يحيى بن عَمْرو الفَرّان. 274 - إبراهيم بن داود القصّار1. أبو إسحاق الرِّقّيّ الزّاهد. من مشايخ الشّام. عُمّر زمانًا، وصحب الكبار. حكى عنه: إبراهيم بن المولّد، وغيره. ومن كلامه: ما دام لأعراض الكَوْن في قلبك خطر فاعلم أنّه لا خطر لك عند الله. وقال: التوكُّل السُّكُون إلى مضمون الحق. 275 - إبراهيم بن عبدوس. وهو ابن عبد الله بن أحمد بن حفص الحرسيّ النَّيْسابوريّ الحِيريّ. أبو إسحاق العدل. سمع: محمد بْن يحيى، وأحمد بْن الأزهر، وعثمانٍ الدّارِميّ، وطائفة. وعنه: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو الطيب ربيع بن محمد الحاتميّ، وجماعة. وهو من بيت العلم والجلالة. ملت في جُمَادَى الأولى. 276 - أيّوب بن سليمان بن حَكَم بن عبد الله بن بلكايش بن آليان القوطي القرطبي2.   1 حلية الأولياء "10/ 354". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 86، 87". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 149 أبو سليمان. صحِب بقيّ بنَ مَخْلَد وأكثر عنه. ورحل إلى العراق، فسمع من: إسماعيل بن إسحاق القاضي. وكان مجتهدًا لا يرى التقليد. وكان مع علمه شريفًا. وعلى يد جدّه أليان دخل الإسلام الأندلس. روى عنه: ابنه سليمان. "حرف الباء": 277 - بكر بن محمد بن إبراهيم بن زياد بن المواز. الإسكندرانيّ، المالكي. سمع أباه. "حرف الجيم": 278 - جبلة بن محمد بن كُرَيْز بن سعيد بن قَتَادة الصَدَفيّ. أبو قُمَامة. رأى أبا شريك المَعَافِريّ. وحدَّث عن: يونس، وعيسى بن مَثْرُود، وبحر بن نَصْر. قال ابن يونس: سمعنا منه، وكان صدوقًا. مات في شوّال. 279 - جعفر بن أحمد بن عبد السّلام. أبو الفضل البزّاز. يروي عن: يونس بْن عَبْد الأعلى، ويزيد بْن سِنان. قال ابن يونس: ما علمت عليه إلا خيرًا. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 150 "حرف الحاء": 280 - الحسين بن روح بن بحر1. أبو القاسم القيني أو القسي. وكذا صورته في "تاريخ يحيى بن أبي طي الغساني"، وخطه معلق سقيم. ثم قال: هو الشّيخ الصالح أحد الأبواب لصاحب الأمر. نصّ عليه بالنيابة أبو جعفر محمد بن عثمانٍ بن سعيد العمري عنه، وجعله من أول من يدخل عليه حين جعل الشيعة طبقات. وقد خرج على يديه تواقيع كثيرة. فلمّا مات أبو جَعْفَر صارت النيابة إلى أبي القاسم. وجلس في الدّار ببغداد، وجلس حوله الشيعة، وخرج ذكاء الخادم ومعه عكّازه ومَدْرح وحُقّه، وقال: إنّ مولانا قال: إذا دفنني أبو القاسم وجلس، فسلَّمْ هذا إليه. وإذا في الحُقّ خواتيمُ الأئمة. ثمّ قام في آخر اليوم ومعه طائفة. فدخل دار أبي جعفر محمد بن عليّ الشَّلْمَغَانيّ، وكثرت غاشيته، حتّى كان الأمراء يركبون إليه والوزراء والمعزولون عن الوزارة والأعيان. وتوصف النّاس عقله وفهمه، فقال عليّ بن محمد الإياديّ، عن أبيه قَالَ: شاهدته يومًا وقد دخل عليه أبو عَمْر القاضي، فقال له أبو القاسم: صوابُ الرأي عند المشغف عبْرة عند المتورط، فلا يفعل القاضي ما عزم عليه. فرأيتُ أبا عَمْر قد نظر إليه ثم قال: من أين لك هذا؟ قال له: إن كنت قلت لك ما عرفته، فمسألتي من أين لي؟ فضولٌ، وإن كنت لم تعرفه، فقد ظَفِرت بي. فقبض أبو عَمْر على يديه وقال: لا، بل والله أؤخّرك ليومي ولِغَدي. فلمّا خرج أبو عَمْر قال أبو القاسم: ما رأيت محجوجًا قطّ يلقى البرهان بنفاقٍ مثل هذا، لقد كاشفته بما لم أكاشفْ به أمثاله أبدًا. ولم يزل أبو القاسم على مثل هذه الحال مدَّةً وافر الحُرْمة إلى أن ولي الوزارة حامد بن العبّاس، فَجَرت له معه خطوب يطول شرحها.   1 سير أعلام النبلاء "15/ 222- 224"، الوافي بالوفيات "12/ 366، 367"، لسان الميزان "2/ 283، 284". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 151 قيل: ثمّ ذكر ترجمته في ستّ ورقات، وكيف قُبِض عليه وسُجن خمسة أعوام، وكيف أُطْلِق لمّا خلعوا المقتدر من الحبس، فلمّا أُعيد إلى الخلافة شاوروه فيه فقال: دعوه، فبخطيّته جرى علينا ما جرى. وبقيتْ حُرْمُته على ما كانت إلى أن توفيت في هذه السنة. وقد كاد أمره أن يظهر ويستفحل، ولكنْ وَقَى الله شره. ومما رموه به أنّه يكاتب القرامطة ليَقْدَمُوا ويحاصروا بغداد، وأنّ الأموال تُجْبَى إليه، وقد تلطّف في الذّبّ عن نفسه بعباراتٍ تدلُّ على رَزَانته ووفور عقله ودهائه وعلمه. وكان يُفتي الشّيعة ويفيدهم. وله رتبة عظيمة بينهم. 281 - الحسن بن الضّحّاك بن مطر1. سمع: عُجَيْف بن آدم، وعليّ بن النَّضْر الطَّواويسيّ. وعنه: أبو بكر سليمان بن عثمانٍ، وغيره من أهل بُخَارى. 282 - الحسن بن عبد الله بن محمد. أبو عبد الملك الأندلسيّ زونان. سمع: عُبَيْد الله، وابن وضّاح. وأمَّ بجامع قُرْطُبة رحمه اللَّه تعالى. 283 - الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زيد2. أبو محمد السّامريّ. سمع: حَجّاج بن الشّاعر، ومحمد بن المُثَّني، وأبا حفص الفلّاس. وعنه: أبو عبد الله بن بطّة، وأبو القاسم بن الثّلّاج، والدَّارَقُطْنيّ. مستقيم الحديث. مات سنة خمسٍ، وقيل: سنة ست وعشرين.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 11". 2 تاريخ بغداد "7/ 384". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 152 284 - حُميد بن محمد الشَّيْبانيّ. أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ. رئيس نبيل. سمع: السَّريّ بن خُزَيْمَة، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، وإسماعيل القاضي. وعنه: أبو سعيد بن أبي بكر، وعمر بن أحمد الزّاهد، وغيّرهما. "حرف الشين": 285 - شعيب بن محمد بن عُبَيْد الله1. أبو الفضل البغداديّ الكاتب. سمع: عمر بن شبة، وعلي بن حرب. وعنه: الدارقطني، وأبو الطاهر الذَّهَبيّ، وغيّرهما. وكان ثقة. "حرف العين": 286 - عبّاس بن أحمد بن محمد بن ربيعة2. أبو الفضل بن الصّبّاغ السُّلَميّ الدّمشقيّ. سمع: عِمران بن موسى الطرسوسي، والعباس البيروتي، وأحمد بن أصرم المعقلي. وعنه: أبو هاشم عبد الجبار المؤدب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 287 - عبّاس بن منصور بن العبّاس بن شداد3. أبو الفضل الفرنداباذي. وفرنداباذ: قرية على باب نَيْسابور. كان فقيهًا حنفيًا.   1 تاريخ بغداد "9/ 246". 2 تاريخ دمشق "19/ 357، 358". 3 الأنساب لابن السمعاني "9/ 283". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 153 سمع: عتيق بن محمد، وأيّوب بن الحسن بن زاهد، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، والذُّهْليّ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو إسحاق المُزَكّيّ، والشيوخ. 288 - عبد الله بن العبّاس الشَّمْعيّ1. أبو محمد الورّاق. بغداديّ، يروي عن: عليّ بن حرب، وأحمد بن ملاعب. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القّواس، وابن شاهين. 289 - عبد الله بن محمد بن الحسن الكاتب. عن: عليّ بن المَدِينيّ. وعنه: أبو القاسم عبد الله بن الثّلّاج وحده، ولكنّ أبا القاسم متَّهم. 290 - عبد الله بن الهيثم بن خالد2. أبو محمد الطّينيّ الخيّاط. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وأبا عُتْبَة أحمد بن الفَرَج الحمصيّ. وعنه: يوسف القّواس، والدَّارَقُطْنيّ ووثقه. 291 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين المِهْريّ3. أبو محمد مصريّ ثقة. كان ينسخ للنّاس. روى عن: سَلَمَةَ بن شبيب، والحارث بن مسكين، وأبي الطّاهر بن السَّرْح، والقدماء. روى عنه: ابن يونس، والطَّبَرانيّ، وأبو بكر بن المقرئ، وأهل مصر والغرباء. وكان أسند من بقي. تُوُفّي في الحرم من السنة عن سن عالية.   1 تاريخ بغداد "10/ 37". 2 تاريخ بغداد "10/ 195". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 239، 240"، شذرات الذهب "2/ 308". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 154 292 - عبد العزيز بن جعفر1. أبو شَيبة الخوارزميّ ثمّ البغداديّ. عن: الحسن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وحُمَيْد بن الربيع. وعنه: القاضي الجراحيّ، وأبو الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. ورّخه الخطيب ووثَّقه. 293 - عَبْد بن محمد بن محمود بن مجاهد. أبو بكر النَّسَفيّ المؤذّن الزّاهد. سمع: عيسى بن أحمد العسقلانيّ، وأبا عيسى التِّرْمِذيّ، وطُفَيْل بن زيد. وعنه: عبد المؤمن بن خَلَف، ومحمد بن زكريّا، وأهل نَسَف. 294 - عثمانٍ بن أبي الزِّنْباع رَوْح بن الفَرَج. أبو عَمْرو. يروي عن: والده، وجماعة. تُوُفّي بدِمْياط في أول السنة. قال ابن يونس: كتبتُ عنه، وكان ثقة صالحًا. 295 - عليّ بن جعفر بن مسافر التِّنيسيّ. عن: أبيه. وكان صحيح السَّماع. 296 - عليّ بن محمد بن أحمد بن الْجَهْم2. أبو طالب الكاتب. بغداديّ، ثقة، مشهور، أَضَرّ في آخر عمره، وكان أحد العلمّاء. سمع: الحسن بن عَرَفَة، ومحمد بن المُثَنَّى، وعلي بن حرب.   1 تاريخ بغداد "10/ 454". 2 تاريخ بغداد "12/ 71". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 155 وعنه: محمد بن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص بن شاهين. تُوُفّي في آخر السنة، وله تسعون عامًا. "حرف الميم": 297 - مَبْرمان النَّحْويّ1. هو محمد بن عليّ بن إسماعيل، أبو بكر العسكريّ مصنِّف "شرح سِيبَوَيْه" ولم يُتمّه. لقَّبة المبرّد: مبَرْمان، لكثرة سؤاله وملازمته له. أفاد النّاس بالأهواز مدّة، وكان دنيّ النفس مَهِينًا، يلحّ في الطَّلب من تلامذته. وكان إذا أراد أن يذهب إلى منزله أحضر حمال طبليّة وقعد فيها وحمله، من غير عجزٍ به. وربّما بال على الحمّال، فيصيح ذاك الحمّال، فيقول: احسب أنّك حملت رأس غنم. وربّما كان يتنقل بالتّمر، ويحدف النّاس من الطَّبليّة بالنوى. أخذ عنه الكبار: كأبي سعيد السيرافيّ، وأبي عليّ الفارسيّ. وله كتاب "العيون"، وكتاب "علل النحو". 298 - محمد بن جعفر بن رُمَيْس القصْريّ2. بغداديّ، وثقه الدَّارَقُطْنيّ وروى عنه. يروي عن: الحسن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وجماعة. 299 - محمد بن جعفر بن بشير. أبو عبد الله البلخي. توفي في رجب ببلخ.   1 معجم الأدباء "18/ 254 - 257"، الوافي بالوفيات "4/ 108، 109"، بغية الوعاة "2/ 74، 75". 2 تاريخ بغداد "2/ 139". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 156 300 - محمد بن شريك بن محمد1. أبو بكر الإسفرائينيّ. سمع: الحارث بن أبي أُسامة. 301 - محمد بن عبد الله بن الحسين2. أبو بكر البغداديّ العلّاف، المعروف بالمستعينيّ. حدَّث عن: الحُسين بن عرفة، وعلي بن حرب. وعنه: الدارقطني، والقواس، وعبد الله بن عثمان الصفار. وقال الخطيب: ثقة. توفي سنة خمسٍ، وقيل: سنة ستٍّ وعشرين. 302 - محمد بن القاسم بن زكريا3. أبو عبد الله المحاربي الكوفي السوداني. يروي عن: أبي كُرَيِب محمد بن العلاء، وهشام بن يونس، وحسين بن نَصْر بن مزاحم، وسُفْيان بن وكيع. قال أبو الحسن بن حماد الحافظ: توفي في صفر. ما رؤي له أصل قط. وحضرت مجلسه، وكان ابن سعيد يقرأ عليه كتاب النهي، عن حسين بن نصر بن مزاحم. قال: وكان يؤمن بالرَّجعَة. قلت: روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْجُعْفيّ، وأبو الحسن الدَّارَقُطْنيّ. 303 - محمد بن محمد بن إسحاق بن راهَوَيْهِ الحنظليّ4. سكن بغداد، وتولّى بها القضاء نيابة في هذه السنة.   1 تاريخ بغداد "5/ 355". 2 تاريخ بغداد "5/ 447". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 73"، ميزان الاعتدال "4/ 14"، لسان الميزان "5/ 347". 4 تاريخ بغداد "3/ 215". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 157 وكان إمامًا عارفًا بمذهب مالك. روى عن: محمد بن المغيرة الهَمَدانيّ. وعنه: أبو الفضل الشَّيْبانيّ. "حرف الهاء": 304 - هاني بن المنذر. أبو ثُمامة الصَّدَفيّ الْمَصْرِيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وعيسى بن إبراهيم بن مَثْرُود. وعنه: المصريّون. وقد رأى أبا شريك يحيى بن يزيد. "حرف الواو": 305 - الوليد بن محمد بن العبّاس بن الوليد بن الدَّرَفْس1. سمع: أباه، وأبا أُميّة، الطَّرَسُوسيّ، والربيع بن سليمان. وعنه: أبو سليمان بن زبر، وأبو هاشم المؤدب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وهو من بيت علم. كنيته أبو العباس الدمشقي. وفيات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 306 - أحمد بن إبراهيم بن الخليل القزويني2. جد أبي يعلى الخليلي.   1 تاريخ دمشق "3/ 134". 2 التدوين في أخبار قزوين "2/ 134". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 158 سمع: محمد بن ماجة، وإبراهيم بن ديزيل. وكتب "السُّنَن" عن ابن ماجة بيده. 307 - أحمد بن بِشْر بن محمد بن إسماعيل بن بِشْر التُّجَيْبيّ1. أبو عَمْر الأندلسي ابن الأغبس القُرْطُبيّ اللُّغَويّ. روى عن: محمد بن وضّاح، ومطرِّف بن قيس، والخشنيّ. وكان شافعيّ المذهب، يميل إلى النّظَر والحُجّة رحمه الله. روى عنه جماعة. وكان بارعًا في اللُّغة، ثقة. 308 - أحمد بن سعيد بن مسعدة لأندلسي2. من أهل مدينة وادي الحجارة. تُوُفّي في ذي الحجّة كهلًا. يروي عن: أحمد بن خالد الحبّاب، والمتأخّرين. 309 - أحمد بن عَبْد اللَّه بن أَبِي طَالِب3. أَبُو عَمْر الأصبحيّ الأندلسي الفقيه، القاضي بالأندلس. ولي قضاء قُرْطُبة بعد أحمد بن بَقِي. قاله ابن الفرَضيّ مختصرًا. 310 - أحمد بن عثمانٍ بن أحمد4. أبو الطَّيّب السَّمْسار. هو والد أبي حفص بن شاهين. سمع: الرمادي، وعباسًا الدوري، وجماعة.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 33". 2 جذوة النفس للحميدي "125". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 34"، جذوة المقتبس "128". 4 تاريخ بغداد "4/ 298". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 159 وعنه: ولده، وابن سمعون. وثقه الخطيب. مات في رجب. 311 - أحمد بن عليّ بن عيسى بن مالك1. أبو عبد الله الرّازيّ. عن: موسى بن نَصْر، وأبي حاتم، ويحيى بن عَبْدك. وعنه: أبو حفص الزيات، ويوسف القوّاس، وأبو القاسم بن الصيدلانيّ، وجماعة. لا أعلم موته، لكنه حدَّث ببغداد في السّنة. 312 - أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن سَلْم2. أبو الحسن المخرّميّ الكاتب. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، والحسن بن محمد بن الصّبّاح، وعليّ بن حرب. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحُسين بن سمعون الواعظ. وكان ثقة. 313 - أحمد بن محمد بن سعيد بن موسى بن حُدير. أبو عَمْر القُرْطُبيّ. سمع: محمد بن وضّاح، وعبد الله بن مسرة. وحجَّ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين؛ وولي الوزارة والمظالم فَحُمِد. 314 - أحمد بن عثمانٍ بن أحمد بن شاهين البغداديّ3. أبو عَمْر.   1 تاريخ بغداد "4/ 309". 2 تاريخ بغداد "4/ 362". 3 تقدم برقم "310". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 160 روى عن: عباس الدوريّ، وأحمد بن منصور الرماديّ. وعنه: ولده الحافظ أبو حفص بن شاهين، وأبو الحُسين بن سمعون. وثقه الخطيب. 315- أحمد بْن محمد بْن إسماعيل1. أبو بَكْر الآدمي المقرئ. المعمر المعروف بالحمزي، لأنه أقرأ النّاس دهرًا بحرف حمزة في جامع المدينة. وحمل النّاس عنه لضبطه وزُهده وخيره، وهو أجلّ أصحاب أبي أيّوب سليمان بن يحيى الضَّبّيّ. روى القراءة عنه عرضًا: محمد بن أشتة، وعبد الله بن الصَّقْر، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، وعبد الله بن الحسين. وقد سمع: الحسن بن عَرَفَة، والفضل بن سهْل الأعرج. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين. وكان صالحًا ثقة عالمًا. مات في ربيع الآخر وله تسعون سنة رحمه اللَّه. 316 - أحمد بْن محمد بْن الحُسين. أبو الحُسين الخداشيّ النَّيْسابوريّ. سمع: أحمد بن يوسف السُّلَميّ، والرّماديّ، وسعدان بن نَصْر، وأبا زُرْعة الحافظ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو الحُسين بن يعقوب الحَجّاجيّ. 317 - أَحْمَد بن أبي إدريس. أبو بكر الإمام بحلب. "تُوُفّي" في شهر صفر.   1 تاريخ بغداد "4/ 389، 390"، تذكرة الحفاظ "3/ 831"، غاية النهاية "1/ 106". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 161 318 - أحمد بن يحيى بن عليّ بن يحيى بن المنجّم1. أبو الحسن. من كبار المعتزلة، ببغداد رأسًا فيهم. عمِّرَ؛ يقال: جاوز التّسعين. حدث عن: أبيه، وعمَّيه أحمد وهارون. 319 - إبراهيم بن داود القُرْطُبيّ2. سمع: محمد بن وضّاح، والخشنيّ. تُوُفّي في غَزاة الخندق سنة سبعٍ وعشرين. 320 - إسحاق بن إبراهيم بن بيان، وقيل: بنان، النَّضْريّ الجوهريّ3. سكن دمشق، وحدَّث عن: أبي أُميَّة، وسليمان بن سيف الحرّانيّ، والربيع بن سليمان المُراديّ. وعنه: عليّ بن أَحْمَد بن ثابت، وأبو محمد بن ذَكْوان، وعبد الوهاب الكلابي، وآخرون. 321 - إسماعيل بن محمد الحَكَميّ. عن: حنبل بن إسحاق. وعنه: أبو أحمد بن عدي. مات بأستراباذ في ربيع الأوّل. "حرف الجيم": 322 - جحاف بن يُمْن الأندلسي الفقيه4. قاضي بلنسية. قُتِل في غزاة.   1 تاريخ بغداد "5/ 215". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 16". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 409". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 103، 104". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 162 "حرف الحاء": 323 - حَجّاج بن أحمد بن حَجّاج. أبو يزيد المَعَافِريّ الإسكندريّ. سمع: محمد بن حمّاد الظّهرانيّ، وغيره. تُوُفّي في شوّال. 324 - الحسن بن القاسم بن دُحَيْم عبد الرحمن بن إبراهيم الدّمشقيّ1. القاضي أبو عليّ. حدث عن: أبي أُميّة الطَّرَسُوسيّ، والعبّاس بن الوليد البيروتيّ، وجماعة. وعنه: ابن المظفر، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون. وكان إخباريًا علامة. توفي بمصر في المحرم. 325 - الحُسين بن القاسم بن جعفر2. أبو عليّ الكوكبي الكاتب، الإخباري، الأديب. سمع: أبا بكر بن أبي الدُّنيا، وأحمد بن أبي خَيثْمة، وأبا العيناء. وعنه: المُعَافَى الجريريّ، والدَّارَقُطْنيّ، وإسماعيل بن سُوَيْد. قال الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرًا. 326 - الحسين ابن القاضي أبي زُرْعة محمد بن عثمانٍ الدّمشقيّ3. أبو عبد الله قاضي دمشق وابن قاضيها. ولي قضاء ديار مصر سنة أربعٍ وعشرين، وتُوُفّي يوم عيد الأضحى سنة سبعٍ بمصر. هذا ما قال فيه ابن عساكر.   1تهذيب تاريخ دمشق "4/ 239"، سير أعلام النبلاء "11/ 190"، الوافي بالوفيات "12/ 203". 2 تاريخ بغداد "8/ 86". 3 الولاة والقضاة للكندي "487، 488". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 163 ولمّا غلب الإخشيد على ديار مصر أقامَ الحُسين في القضاء. وكان قضاء مصر إلى ابن أبي الشّوارب، وهو مقيم ببغداد فيستخلف من شاء. فكتبَ بالعهد إلى الحُسين، وركب بالسواد وقرء عهده. واستناب الإمام أبا بكر بن الحداد شيخ ديار مصر. وكان الحُسين كبير القدْر معظمًا، نقيبته بسيف ومِنطقة. وكان ينفق على مائدته في الشهر أربعمائة دينار. واتسعت ولايته، وجُمع له القضاء بمصر والشّام، فحكم على مصر، ودمشق، وحمص، والرملة، وكثرت نوابه. ولكن لم تمتد أيامه، وعاش ثلاثًا وأربعين سنة. وكان كريمًا جوادًا عارفًا بالقضاء، منفذًا للأحكام. "حرف الزاي": 327 - زريق بن عبد الله بن نصر1. أبو أحمد المخرّميّ الدّلال. سمع: عباسًا الدّوريّ، ومحمد بن عبد النور المقرئ، وأحمد بن عبد الجبّار العُطارِديّ. وعنه: أبو القاسم بن الثّلّاج، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحسن بن الجندي. قال الدَّارَقُطْنيّ: لم يكن به بأس. قيل: مات في رمضان. "حرف السين": 328 - سُفيان بن محمد بن حاجب. أبو الفضل النَّيْسابوريّ الجوهريّ. سمع: أحمد بْن يوسف، ومحمد بن يزيد، وقَطَن بن إبراهيم النيسابوريّين، وأبا حاتم الرّازيّ، وأبا قلابة الرقاشي.   1 تاريخ بغداد "8/ 496". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 164 وعنه: أبو عليّ الحافظ وانتقى له فوائد، وأبو بكر الْجَوْزقيّ، وأبو يَعْلَى حمزة بن عبد العزيز المهلبي، وآخرون. "حرف العين": 329 - عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمود1. رأس المعتزلة أبو القاسم الكعبيّ. 330 - عبد الله بن محمد الفارسي التّاجر. حدَّث بأستراباذ عن: يعقوب بن سفيان الحافظ، وغيره. وعنه: أبو جعغر المستغفريّ، وغيره. 331 - عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن بن أبي صالح عبد الغفّار بن داود. أبو مسلم الحرانيّ ثمّ المصريّ. سمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وبحر بن نَصْر بن سابق، وإبراهيم بن مرزوق، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ بمكّة. وعُنِي بالحديث. تُوُفّي في شوّال. وقلّ ما روى لأنه كان يمتنع. 332 - عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بْن إدريس بْن المُنْذِر بْن دَاوُد بن مهران2. أبو محمد التّميميّ الحنّظليّ، وقيل: بل الحنظليّ فقط. وهي نسبة إلى درب حنظلة بالري، كان يسكنه والده. هو الإمام ابن الإمام حافظ الرّيّ وابن حافظها. رحَلَ مع أبيه صغيرًا وبنفسه كبيرًا.   1 تاريخ بغداد "9/ 384". 2 الكامل في التاريخ "8/ 358"، سير أعلام النبلاء "13/ 263- 269"، ميزان الاعتدال "2/ 587"، لسان الميزان "3/ 432". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 165 وسمع: أباه، وابن وَارة، وأبا زُرْعة، والحسين بن عَرَفَة، وأحمد بن سنان القطّان، وأبا سعيد الأشجّ، وعليّ بن المنذر الطّريقيّ، ويونس بن عبد الأعلى، وخلقًا كثيرًا بالحجاز، والشّام، ومصر، والعراق، والجبال، والجزيرة. روى عنه: الحُسين بن عليّ حُسَينْك التّميميّ، ويوسف المَيَانجيّ، وأبو الشّيخ، وعليّ بن عبد العزيز بن مَرْدَك، وأحمد بن محمد بن الحُسين البصير، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن أسد الفقيه، وأبو علي حمد بن عبد الله الإصبهانيّ، وإبراهيم وأحمد ابنا محمد بن عبد الله بن يزداد، وإبراهيم بن محمد النّصراباذيّ، وأبو سعيد عبد الله بن محمد الرازي، وعليّ بن محمد القصّار، وآخرون. قال أبو يَعْلَى الخليليّ: أخذ علم أبيه وأبي زُرْعة، وكان بحرًا في العلوم ومعرفة الرّجال. صنف في الفقه واختلاف الصّحابة والتّابعين وعُلمّاء الأمصار. قال: وكان زاهدًا يُعدّ من الأبدال. وقال يحيى بن منده: صنّف ابن أبي حاتم "المسند" في ألف جزء، وكتاب "الزهد"، وكتاب " الكنى"، و "الفوائد الكثيرة"، و "فوائد الرازيين"، وكتاب "مقدمة الجرح والتعديل"، وأشياء. قلت: وله كتاب في "الجرح والتعديل" في عدة مجلدات تدل على سعة حفظ الرجل وإمامته. وله كتاب في "الرد على الجهمية" في مجلد كبير يدلّ على تبحره في السنة. وله تفسير كبير سائره آثار مسنده في أربع مجلدات كبار، قل أن يوجد مثله. وقد صنف أبو الحُسين عليّ بن إبراهيم الرازي الخطيب المجاور بمكّة لأبي محمد ترجمة قال فيها: سمعتُ عليّ بن الحسن المصريّ ونحن في جنازة ابن أبي حاتم يقول: قلنسوة عبد الرحمن من السّماء. وما هو بعجبٍ، رجل منذ ثمانٍين سنة على وتيرةٍ واحدة، لم ينحرف عن الطّريق. وسمعت عليّ بن أحمد الفرضي يقول: ما رأيت أحدًا ممن عرف عبد الرحمن بن أبي حاتم ذكر عنه جهالةً قط. وسمعت عبّاس بن أحمد يقول: بلغني أن أبا حاتم قال: ومَن يَقّوَى على عبادة عبد الرحمن. لا أعرف لعبد الرحمن ذنبًا. سمعتُ ابن أبي حاتم يقول: لم يدعني الجزء: 24 ¦ الصفحة: 166 أبي أشتغل في الحديث حتّى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان الرازيّ ثمّ كتبت الحديث. قال أبو الحسن: وكان عبد الرحمن قد كساه الله بهاء ونورًا يسر به من نظر إليه. سمعته يقول: أخرجني أبي، يعني رحلَ بي، سنة خمس وخمسين ومائتين وما احتلمت بعد، فلمّا أن بلغنا الليلة الّتي خرجنا فيها من المدينة نريد ذا الحلَيْفة احتلمتُ فحكيتُ لأبي، فَسُرّ بذلك رحمه الله، وحمدَ الله حيث أدركت حُجّة الإسلام. وسمع عبد الرحمن في هذه السنة من محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ صاحب ابن عُيَيْنَة. قال: وسمعت عليّ بن أحمد الخوارزميّ يقول: سمعتُ عبد الرحمن يقول: كنّا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مَرَقَةً، كلّ نهارنا مقسَّم لمجالس الشيوخ، وبالليل للنسخ والمقابلة. فأتينا يومًا أنا ورفيق لي شيخًا فقالوا: هو عليل. فرأينا في طريقنا سمكةً أعجبتنا. قال: فاشتريناه، فلمّا صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشّيوخ ولم يُمكننا إصلاحه ومضينا إلى المجلس. فلم نزل حتّى أتى عليه ثلاثة أيام وكاد أن يتغير، فأكلناه نيًا، ولم يكن لنا فراغ أن نعطيه لمن يشويه. ثمّ قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد. قال أبو الحسن: كان له ثلاث رحلات: رحلة مع أبيه سنة خمسٍ والسنة التي بعدها. ثمّ إنه حج مع محمد بن حماد الظهراني في الستين ومائتين. ثمّ رحل بنفسه إلى السواحل، والشّام، ومصر، في سنة اثنتين وستين ومائتين. ثمّ إنه رحل إلى أصبهان، فأدرك يونس بن حبيب ونحوه في سنة أربعٍ وستّين. سمعتُ أبا عبد الله القَزْوينيّ الواعظ يقول: إذا صليت مع عبد الرحمن فسلّم نفسك إليه يعمل بها ما يشاء. ودخلنا يومًا على أبي محمد يغلّس في مرض موته، فكان على الفراش قائمًا يُصلّى، وركع فأطال الركوع. وقال عَمْر بن إبراهيم الهَرَوِيّ الزّاهد: ثنا الحُسين بن أحمد الصّفّار: سمعتُ عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: وقع عندنا الغلاء، فأنفذ بعض أصدقائي حبوبًا من الجزء: 24 ¦ الصفحة: 167 أصبهان، فبعته بعشرين ألف درهم، وسألني أن أشتري له دارًا عندنا، فإذا نزل عندنا نزل فيها. فأنفقتها على الفقراء. فكتب إليّ: ما فعلت؟ قلت: اشتريت لك بها قصرًا في الجنّة. قال: رضيتُ إن ضمِنْتَ ذلك لي، فتكتب على نفسك صَكًّا. قال: ففعلتُ، فأريت في المنام، قد وَفَينا بما ضمْنَت، ولا تَعُد لمثل هذا. وقال أبو الوليد سليمان بن خَلَف الباجي: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثقة حافظ. وقال أبو الربيع: محمد بن الفضل البلْخيّ: سمعتُ أبا بكر محمد بن مَهْرَوَيْه الرّازيّ: سمعتُ عليّ بْن الحُسين بْن الْجُنَيْد: سمعتُ يَحْيَى بن معين يقول: إن لَنَطْعن على أقوامٍ لعلهم حطوا رحالهم في الجنّة منذ أكثر من مائتي سنة. قال ابن مهرويه: فدخلت على ابن أبي حاتم وهو يقرأ على النّاس كتاب "الجرح والتعديل" فحدثته بهذا، فبكى وارتعدت يداه حتّى سقط الكتاب. وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية. تُوُفّي رحمه الله في المحرَّم في عَشْر التسعين. 333 - عبد الرحمن محمد بن عصام أو عُصَيْم1. أبو القاسم الْقُرَشِيّ، مولاهم الدّمشقيّ. سمع: هشام بن عمّار. وكان يسكن بباب الجابية. روى عنه: أبو الحسين الرازيّ، ومحمد بن موسى السَّمْسار، وعبد المحسن بن عَمْر الصّفّار. 334 - عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله بن مَخْلَد. أَبُو القاسم المخلّديّ. في ذي القعدة. 335 - عبد المؤمن بن حسن بن كردوس.   1 تاريخ دمشق "23/ 352". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 168 أبو بكر المصريّ. رجل صالح. روى عن: الربيع المُراديّ، وغيره. قاله ابن يونس. 336 - عبد الواحد بن محمد بن سعيد. أبو أحمد الأرغِيانيّ. سمع: عبد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم، وأحمد بن سعيد الدّارميّ. وبالعراق: محمد بن إسماعيل الأحْمُسيّ، والرَّماديّ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو إسحاق المُزَكّيّ، وشيوخ نَيْسابور. وقَعَ لي حديثه من رواية أبي بكر بن مِهران المقرئ، ومن رواية أبي بكر الْجَوْزَقيّ، عنه. 337 - عثمانٍ بن خطّاب بن عبد الله بن عوّام1. أبو عَمْرو البَلَويّ المغربيّ الأشجّ المعروف بأبي الدّنيا الّذي ادعى أنّه سمع من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وأنّه، مُعَمَّر، وحدَّث عنه ببغداد. فكتب عنه: محمد بن أحمد المفيد أحد الضُّعفاء، والحسن ابن أخي طاهر، وغيّرهما. ليس بثقة والله ولا صادق. وعلى قوله يكون قد عاش ثلاثمائة سنة أو أكثر. 338 - عليّ بن العبّاس النُّوبَخْتيّ الأديب2. أحد مشايخ الكُتّاب الأعيان بمدينة السلام. أخذ عن: البحتري، وابن الرومي. وله شعر رائق. تُوُفّي سنة سبعٍ عن سن عالية.   1 تاريخ بغداد "11/ 297"، ميزان الاعتدال "3/ 33"، لسان الميزان "4/ 134 - 140". 2 معجم الأدباء "13/ 267، 268". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 169 339 - عليّ بن العبّاس الهَرَويّ ثمّ البغداديّ1. سمع: الحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد بن منصور الرماديّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القّواس. 340 - عَمْر بن أحمد الدُّرِّيّ2. بغداديّ. سمع: الحسن بن عَرَفَة، ومحمد بن الوليد البسريّ، ومحمد بْن عثمانٍ بن كرامة، ومحمد بن إسماعيل الحساني. وعنه: ابن زنبور، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين. وكان ثقة. تُوُفّي في ذي الحجّة. 341 - عَمْر بن حفص بن أحلُم بن مينا3. أبو حفص البخاريَ. روى عن: سهل بن المتوكّل، وحَمْدَوَيْه بن الخطّاب، ومحمد بن الضوء. وعبد الله بن عافية، وغيرهم. وعنه: محمد بن بكر بن خَلَف، وسهل بن عثمانٍ بن سعيد. ورّخه الأمير. وأحلُم: بضم اللام. "حرف الفاء": 342 - الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الفُرات4. أبو الفتح بن حِنْزابة الكاتب. وحِنْزابة جارية رومية، وهي أُمّه، كان كاتبًا مجوّدًا ديِّنًا متألهًا.   1 تاريخ بغداد "12/ 260". 2 تاريخ بغداد "11/ 229". 3 الإكمال لابن ماكولا "1/ 32، 33"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 13". 4 تكملة تاريخ الطبري "1/ 113"، الكامل في التاريخ "8/ 354"، سير أعلام النبلاء "14/ 479". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 170 وزر سنة عشرين وثلاثمائة للمقتدر، ثمّ ولاه الرّاضي جميع الشّام فسارَ إليها. ثمّ قلّده الرّاضي الوزارة، فقدم بغداد فرأى اضطراب الأمور واستيلاء محمد بن رائق على الدست. فأطمع ابن رائق في أن يحمل إليه أموالًا من مصر والشّام. وشخص إلى هناك، فمات بغزة كهلًا. وتُوُفّي ابنه الوزير جعفر سنة إحدى وتسعين. 343- الفضل بْن الحسين. أبو العبّاس الهَمَدانيّ الحافظ، ويُعرف بابن تازي. ثقة. أملى عن: إبراهيم بن ديزيل، ويحيى بن عبد الله الكرابيسيّ. وعنه: صالح بن أحمد، والحسن بن علي بن بشار، والهمدانيون. "حرف الميم": 344 - مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بن عاصم. أبو جعفر البوسنجي العاصمي. في شهر ذي القعدة. 345 - محمد بن إبراهيم بن حمك القزويني الرزاز1. سمع: أبا حاتم، ويحيى بن عبدك. وكان ثقة. روى عنه: جماعة ببلده. 346 - محمد بن بركة بن إبراهيم بن مرداج2. أبو بكر اليحصبي القنسريني الحافظ، المعروف ببرداعس. سكن حلب، وروى بها عن: أحمد بن شيبان الرمليّ، ومحمد بن عوف، ويوسف بن سعيد ابن مسلم، وأبي أُميّة، وهلال بن العلاء، وجماعة كثيرة.   1 التدوين في أخبار قزوين "1/ 141". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 81 - 83"، ميزان الاعتدال "3/ 489"، لسان الميزان "5/ 96". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 171 ورحل وأكثر. روى عنه: عثمانٍ بن خُرَّزاذ وهو من شيوخه، وأبو بكر الرَّبَعيّ، وأبو سليمان بن زَبْر، وعبد الله بن عديّ، ويوسف المَيَانِجِيّ، وأبو بكر بن المقرئ، وعليّ بن محمد بن إسحاق الحلبي، وطائفة آخرها موتًا أبو بكر محمد بن أبي الحديد. قال أبو أحمد الحاكم: رأيته حسن الحِفْظ. وقال ابن ماكولا: كان حافظًا. وأمّا حمزة السهمي فروى عن الدَّارَقُطْنيّ أنه ضعيف. 347- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ بن البَتْلَهِيّ1. الدّمشقيّ. سمع من: جدّه. روى عنه: أبو الحسين الرازي، وعبد الوهاب الكلابي. 348 - محمد بن جعفر بن محمد بن سهْل بن شاكر2. أبو بكر السامرّيّ الخرائطيّ. مصنِّف "مكارم الأخلاق"، وغيرها. سمع: عَمْر بن شَبَّة، والحسن بن عَرَفَة، وسعدان بن نَصْر، وسعدان بن يزيد، وحُمَيْد بن الربيع، وعليّ بن حرب، والرمادي، وأحمد بن بُدَيْل، وشعيب بن أيوب، وطبقتهم. وعنه: أبو سليمان بن زَبرْ، وأبو عليّ بن مُهَنّا الدّارانيّ، ومحمد وأحمد ابنا موسى السَّمْسار، ويوسف المَيَانِجيّ، والكِلابيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن عثمانٍ بْن أَبِي الحديد، وآخرون. قدِم دمشق سنة خمسٍ وعشرين، وتُوُفّي بعسقلان. قال ابن ماكولا: صنف الكثير، وكان من الأعيان الثقات.   1 تاريخ دمشق "37/ 243". 2 تاريخ بغداد "2/ 139، 140"، سير أعلام النبلاء "15/ 267، 268"، البداية والنهاية "11/ 190". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 172 قيل: تُوُفّي بيافا في ربيع الأوّل. قال الخطيب: كان حسان الأخبار، مليح التصانيف. 349 - محمد بن جعفر بن نوح1. أبو نعيم البغداديّ الحافظ. نزل الرملة، وحدَّث بها عن: محمد بن شداد المسمعي، ومحمد بن يوسف الطّبّاع، وتَمْتام، وخلْق. وعنه: محمد بن المظفّر، وابن المقرئ، وغيّرهما من الرّحّالة. 350 - محمد بن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِيّ2. قال الخطيب: قال الحاكم: تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. قال الخطيب: والصحيح سنة تسعٍ وعشرين. 351 - محمد بن صالح بن محمد الخَولانيّ المصريّ. عن: الربيع، ويحيى بن نَصْر، وجماعة. وكان ثقة من الصالحين. 352 - محمد بن عبد الله بن خليفة بن الجارود3. أبو أحمد النَّيْسابوريّ الأحنف. كان كثير الحديث والتصنيف، إلّا أنّ حُفّاظ نيسابور ليَّنة بعضهم. سمع: محمد بن أشرس، والسريّ بن خُزَيْمَة. وعنه: أبو أحمد الحاكم وكان يوثقه. وله حديث منكر تفرد به كأنه موضوع. 353 - محمد بن عليّ. أبو بكر المصري العسكري الفقيه الشّافعيّ، مفتي عسكر مصر وعينهم.   1 تاريخ بغداد "2/ 140". 2 تاريخ بغداد "5/ 232". 3 المغني في الضعفاء "2/ 602"، لسان الميزان "5/ 239". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 173 تفقه للشافعي وروى كُتُبه عن الربيع. وحدَّث أيضًا عن: يونس بن عبد الأعلى، وطبقته. مات في ربيع الأوّل. قاله أبو سعيد بن يونس. 354 - محمد بن عيسى بن موسى ين بلبل1. أبو بكر السَّمْسار. بغداديّ ثقة. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وزيد بن أخرم، ومحمد بن المثنى العَنَزِيّ. وعنه: أبو حفص بن شاهين، وأبو الفضل الجوهريّ. 355 - محمد بن قاسم بْن محمد بن قاسم بْن محمد بْن سيار الأمويّ2. مولاهم القُرْطُبيّ البيانيّ أبو عبد الله الحافظ. سمع من: أبيه، وبقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح، وجماعة. ورحل سنة أربعٍ وتسعين ومائتين، فسمع بالكوفة من: محمد بن عبد الله مُطَيَّن، ومحمد بن عثمانٍ بن أبي شَيْبَة. وببغداد من: يوسف بن يعقوب القاضي. وبالبصرة من: أبي الخليفة، وزكريا الساجي. وبمصر من: النسائي، وطائفة. قال أبو محمد الباجيّ: لم أدرك بقُرْطُبة من الشيوخ أكره حديثًا منه، وكان عالمًا ثقة، بارعًا في علم الوثائق. تُوُفّي في ذي الحجّة من السنة. وقد روى عنه خلق. وسيعاد في سنة ثمانٍ.   1 تاريخ بغداد "2/ 402". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 46، 47". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 174 356 - محمد بن محمد بن مهديّ. أبو الحُسين النَّيْسابوريّ، الصيدلاني المعدل. سمع: قَطَن بن إبراهيم، ومحمد بن الْجَهْم السّمرّيّ، وعبد الله بن أبي مسرة، وإسحاق الدَّبَرِيّ، وطائفة. وعنه: أبو عَمْرو بن حمدان، وأبو أحمد الحاكم. تُوُفّي في رمضان. 357 - معاوية بن محمد بن قنينية الأزْديّ1. أبو عبد الرحمن. سكن الشّام، وسمع: أبا زُرْعة الدّمشقيّ، والحسن بن جرير الصُّوريّ، وجماعة. وعنه: أبو هاشم المؤدب، وجماعة. "حرف الياء": 358 - يزداد بن عبد الرحمن بن محمد المَرْوَزِيّ2. ثمّ البغداديّ. الكاتب أبو محمد. سمع: أبا سعيد الأشج، ومحمد بن المُثَنَّى. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس. وكان ثقة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 359 - يحيى بن زكريّا بن الشامة الأمويّ الأندلسيّ3. المحدّث. روى عن: خاله إبراهيم بن قاسم، ويحيى بن مزين.   1 تاريخ دمشق "52/ 540، 541". 2 تاريخ بغداد "14/ 355". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 189"، جذوة المقتبس "376". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 175 وعنه: أحمد بن مطرِّف، وغيره. ولهم آخر اسمه: 360 - يحيى بن زكريّا بن عبد الملك الثَّقفيّ1. ويُعرف بابن الشّامة. مات قبل هذا. توفي سنة 274. وفيات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 361 - أحمد بن إسحاق بن إبراهيم2. أبو بكر الخزاعي الملْحميّ البغداديّ القاضي. سمع بدمشق من: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ. وبالعراق من: الكُدَيْميّ، وطبقته. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وجماعة من البغداديّين. 362 - أحمد بن بِشْر بن محمد بن إسماعيل3. الإمام أبو الأعمش التُّجَيْبيّ القُرْطُبيّ. سمع: ابن وضّاح، وطبقته. وكان فقيهًا مجتهدًا علّامة رأسًا في اللُّغة والنَّحْو. أرّخه عِياض. 363 - أحمد بن عُبَيْد الله4. أبو العباس الخصيبي الوزير.   1 جذوة المقتبس للحميدي "376". 2 تاريخ بغداد "4/ 34". 3 تقدم برقم "307". 4 تكملة تاريخ الطيري "1/ 47، 49، 50"، سير أعلام النبلاء "15/ 292، 293". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 176 تُوُفّي هو والوزير أبو عليّ بن مقلة في شوّال. وقد ذكرنا من أخبارهما في حوادث السنين، سامحهما الله. وقد وزر جدّه أحمد بن الخصيب للمنتصر. وكان هو أديبًا رئيسًا عاقلًا مليح الخطّ. 364 - أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَلَاءِ1. أبو عبد الله الْجُوزْجَانِيُّ. وُلِدَ سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَسَمِعَ: أَحْمَدَ بْنَ الْمِقْدَامِ، وَزِيَادَ بْنَ أَيُّوبَ، وَغَيْرَهُمَا. وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ شَاهِينَ، وَعُمَرُ الْكَتَّانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا، بَكَّاءً، ثِقَةً. تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ الْقَوَّاسُ، أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ، أَنَا جَمَالُ الْإِسْلَامِ، وَأَنَا ابْنُ طَلَّابٍ، أَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ، بْنُ أَبِي السَّفَرِ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْرَدَ الْحَجَّ"2. 365- أحمد بن محمد بن بِشْر بن يوسف بن مامَوَيْه3. أبو الميمون القرشي الدّمشقيّ. سمع: محمد بن إسماعيل بن عُلَيَّه بدمشق، والربيع المرادي بمصر. وعنه: جماعة آخرها أبو بكر بن أبي الحديد. مات في رجب رحمه الله.   1 تاريخ بغداد "4/ 309، 310"، سير أعلام النبلاء "15/ 248، 249". 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1211"، وأبو داود "1777"، والترمذي "820"، والنسائي "2714"، وابن ماجه "2964"، والدارمي "1812"، وابن حبان في صحيحه "3934، 3935". 3 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 454". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 177 366 - أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يحيى بن يزيد1. أبو الدّحْداح التّميميّ الدّمشقيّ. سمع: أباه، وموسى بن عامر، ومحمود بن خالد، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكّيّ، وعبد الوهّاب بن عبد الرحيم الأشجعيّ، وجماعة كبيرة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر الرَّبعيّ وأبو بكر الأبْهريّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهاب الكِلابيّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وجماعة. وكان يسكن بطرف العقيبة. قال الخطيب: كان مليئًا بحديث الوليد بن مسلم، روى عن جماعة من أصحابه. قلت: وقع لنا أجزاء من حديثه. تُوُفّي في المحرَّم، وقيل: فِي ذي القعدة. 367 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد ربّه بن حبيب بن حُدير2. أبو عمر الأُمويّ، مولى هشام ابن الدّاخل عبد الرحمن بن معاوية الأندلسي القُرْطُبيّ. صاحب كتاب "العِقْد" في الأخبار والآداب. سمع: بَقِيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح. روى عنه: العائذيّ، وغيره. وُلِد سنة ستٍّ وأربعين ومائتين. وكان أديب الأندلس وفصيحها. مدح ملوكَ الأندلس. وكان صدوقًا ثقة، متصونًا، ديِّنًا، رئيسًا. وهو القائل: الجسمُ في بلدٍ، والروحُ في بلدٍ ... يا وحشة الرَوْح، بل يا غربة الجسد إن تبك عيناك لي يا من كلفت به ... من رحمةٍ فهما سهمان في كبدي   1 الإكمال لابن ماكولا "3/ 217"، سير أعلام النبلاء "15/ 268، 269"، تهذيب التهذيب "5/ 132". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 38"، سير أعلام النبلاء "15/ 283"، البداية والنهاية "11/ 193، 194". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 178 وله قصائد زهديات نظمها في آخر أيامه، ومنها: ألا إنما الدنيا غضارة أيكةٍ ... إذا أخضر منها جانب جف جانب هي الدار ما الآمال إلا فجائع ... عليها، ولا اللذات إلا مصائبُ فكم سخنت بالأمس عين قريرة ... وقرت عيون دمعها اليوم ساكب فلا تكتحل عيناك فيها بعبرةٍ ... على ذاهب منها فإنك ذاهب وله: وحاملة راحا على راحة اليد ... موردةٍ تسعى بلونٍ مورد متى ما ترى الإبريق للكاس راكعا ... تصلى له من غير طهرٍ وتسجد على ياسمين كاللجين ونرجسٍ ... كإفراط در في قضيب زبرجد بتلك وهذه فاله يومك كله ... وعنها فسل لا تسأل النّاس عن غد ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... وياتيك بالأخبار من لم تزود وله: يا ليلة ليس في ظلمّاتها نورٌ ... إلا وجوهٌ تضاهيها الدنانير حور سقتني كأس الموت أعينها ... ماذا سقتني تلك الأعين الحور إذا ابتسمن فدر الثغر منتظمٌ ... وإن نطقن فدر اللفظ منثور خل الصبي عنك واختم بالتقى عملًا ... فإن خاتمة الأعمال تكفير وله: بيضاء مضمومة مقرطقة ... ينقد عن نهدها قراطقها كأنما بات ناعما جذلا ... في جنة الخلد من يعانقها أي شيء ألذ من أملٍ ... نالته معشوقةٌ وعاشقها دعني أمت من هوى مخدرةٍ ... تعلق نفسي بها علائقها من لم يمت غبطة يمت هرمًا ... للموت كاسٌ المرء ذائقها تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 179 368 - أحمد بن محمد بن الحسن1. أبو بكر الدَّيَنَوِريّ الضّرّاب. حدَّث ببغداد عن: عَبْد الله بْن محمد بْن سِنان الرَّوْحيّ، ومحمد بن عبد العزيز الدَّيَنَوِريّ. وعنه: عَمْر بن الزّيّات، وابن شاهين، ويوسف القّواس. وثقه الخطيب. 369 - أحمد بن محمد بن عمار2. أبو بكر البغداديّ القطّان سَبَنْك. هو جدّ عُمَر بن محمد بن سنبك لأُمّهِ. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وشعيب بن أيّوب. وعنه: سِبْطُه عُمر، والدَّارَقُطْنيّ ووثقه. 370 - أحمد بن معاوية. أبو الحسين الكاغدي الرازيّ. سمع: أبا زُرْعة، وسليمان بن داود القزّاز. روى عنه: جماعة. 371 - أحمد بن محمد بن موسى. أبو حامد النَّيْسابوريّ القلانِسيّ. سمع: محمد بن يزيد، وإسحاق بن عبد الله بن رزين. وعنه: عليّ بن عُمر النَّيْسابوريّ، وغيره. 372 - إبراهيم بْن محمد بْن إبراهيم بْن خلاد3.   1 تاريخ بغداد "4/ 427". 2 تاريخ بغداد "5/ 75". 3 تاريخ بغداد "6/ 163". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 180 أبو إسحاق الأنماطي الهمداني. عن: ابن ديزل. وعنه: أبو القاسم بن الثّلّاج، وابن جُمَيْع، وغيّرهما. حدَّث فِي هذه السنة، وانقطع خبره. 373 - إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن قاسم بن هلال القُرْطُبيّ1. سمع: عمه: إبراهيم بن قاسم، ومحمد بن وضّاح. وكان متعبدًا، رحمه الله تعالى. 374 - إبراهيم بن ميمون بن إبراهيم. أبو إسحاق الصّوّاف. سمع: عليّ بن معْبد بن نوح الّذي روى النسائيّ، عن رجلٍ، عنه، ومحمد بن عَمْرو السُّوسيّ، وغير واحد. 375 - إسحاق بن محمد بن إسحاق2. أبو عيسى النّاقد. من أهل بغداد. سمع من: الحسن بن عَرَفَة. روى عنه: أبو الحسن الجراحي، ويوسف الثّلّاج. "حرف الحاء": 376 - حامد بن أحمد3. أحمد المَرْوَزِيّ الحافظ، ويعرف بالزّيْديّ لجَمْعِه حديث زيد بن أبي أنيسة. سكن طَرَسُوس، وانتقى على خَيْثَمَة. وحدَّث عن: محمد بن حمدون المَرْوَزِيّ المتوفّي بعده بسنة.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 16". 2 تاريخ بغداد "6/ 397". 3 تاريخ بغداد "8/ 171، 172"، تذكرة الحفاظ "273، 274". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 181 روى عنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع، وجماعة. مات وله نيّفٍ وأربعون سنة. 377- حامد بْن أَحْمَد1. أبو الحسين البزّاز. عن: الرمادي. مات سنة ثمانٍ أيضًا. 378 - حامد بن بلال بن حسن2. أبو أحمد البخاريّ. راوي نسخة عيسى بن غُنْجار. سمع: عيسى بن أحمد العسقلانيّ، وأسباط بن اليَسَع. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعليّ بن عَمْر الحربيّ، وأبو حفص بن شاهين. تُوُفّي في رجب. فالحوامد الثلاثة في سنة. 379 - الحسن بن أحمد بن يزيد3. أبو سعيد الإصْطَخْريّ شيخ الشّافعيّة. سمع ببغداد: سعْدان بن نَصْر، وحفص بن عَمْرو الرباليّ، والرماديّ، وحنبل بن إسحاق. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو الحسن بن الْجُنْديّ، وغيرهم. قال أبو إسحاق المَرْوَزِيّ: لمّا دخلت بغداد لم يكن بها من يستحق أن نَدْرُس عليه إلا ابن سُرَيْج وأبو سعيد الإصطَخريّ. وقال الخطيب: ولي قضاء قُمّ. وقد ولي حسبه بغداد، فأحرق مكان الملاهي،   1 تاريخ بغداد "8/ 170". 2 تاريخ بغداد "8/ 170". 3 المنتظم "6/ 312"، سير أعلام النبلاء "15/ 250- 252"، البداية والنهاية "11/ 193". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 182 وكان ورِعًا زاهدًا متقلّلًا من الدّنيَا. وله تصانيف مفيده منها: كتاب "أدب القضاء" ليس لأحد مثله. قلت: وكان من أصحاب الوجوه في المذهب. وقيل: إنّ قميصه وعمامته وطيلسانه وسراويله كان من شقَّةٍ واحدة. وعاش نيفًا وثمانٍين سنة. وقد استقضاه المقتدر على سِجِسْتان. وقد استفتاه المقتدر في الصابئين، فأفتاه بقتلهم لأنّهم يعبدون الكواكب. فعزمَ الخليفة على ذلك، حتّى جمعوا له مالًا كثيرًا. مات الإصْطَخْريّ في جُمَادَى الآخرة، رحمه الله. 380 - الحسن بن إبراهيم1. أبو محمد البغداديّ المقرئ ابن أخت أَبِي الآذان. سمع: محمد بن أحمد بن أبي المثنى، وإبراهيم بن جبلة. وروى عنه: الدَّارَقُطْنيّ ووثقه. 381 - الحسن بن يزيد بن يعقوب بن راشد. أبو عليّ الهمْذانيّ الدّقاق. سمع: إبراهيم بن ديزيل، ويحيى بن عبدك، وعليّ بن عبد العزيز البغويّ، وجماعة. ويعرف في بلده بعبدان. روى عنه: صالح بن أحمد الحافظ، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن لال، وجماعة. وكان صدوقًا. له ترجمة في "طبقات شِيرِوَيْه" هذا منها. 382 - الحسين بن محمد بن سعيد2.   1 تاريخ بغداد "7/ 282". 2 معجم الشيوخ "254، 255"، تاريخ بغداد "8/ 97، 98". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 183 أبو عبد الله بن المُطبقيّ. بغداديّ مُوثَّق. سمع: خلاد بن أسلم، ومحمد بن منصور الطوسي، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، والربيع بن سليمان المرادي. ويقال: إنه كان علويا لم يظهر نسبه. قرأت على أبي حفص الطائي: أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيُّ حُضُورًا، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُسْلِمِ، أنا أَبُو نَصْرِ بْنُ طَلابٍ، أنا محمد بن أحمد قال: تُوُفّي الحُسين بن سعيد، يعني المطبقي، ليومين بقيا من شوّال سنة 328. 383 - الحسين بن يزيد بن أسد بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر. أبو علي المصري. تُوُفّي في شوّال. 384 - حمزة بن الحُسين بن عَمْر1. أبو عيسى السَّمْسار. بغداديّ، ثقة. سمع: محمد بن أشكاب، والدقيقي، وابن وارة، وأحمد بن منصور الرمادي. وعنه: أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق، وابن شاهين، وأبو الحُسين بن جميع. وثقه الخطيب. وقيل: إنما اسمه عَمْرو، ولقبه حمزة. وقع لي حديثه بعُلُوّ. "حرف الخاء": 385 - خير. أبو صالح. مولى عبد الله بن يحيى التغلبي.   1 تاريخ بغداد "8/ 181". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 184 سمع من: بكّار بن قُتَيْبة، وجماعة. وكان أسود مَخْصِيًّا، ثقة، تقبله القضاة. كتب عنه: ابن يونس ووثقه، وقال: تُوُفّي في رمضان. "حرف الطاء": 386- الطيب بن العبّاس بن محمد بن المغيرة. أبو الحُسين البغداديّ الجوهريّ. سمع: الحسن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وصالح بن أحمد بن حنبل، وعُبَيْد الله بن سعد بن إبراهيم. وعنه: أبو عَمْر بن حَيُّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، والمَرْزبانيّ. وكان ثقة. تُوُفّي في رجب. روى عنه ابن جميع. "حرف العين": 387 - عَبْد اللَّه بن سُلَيْمَان بن عيسى1. أبو محمد الوراق الفامي. بغداديّ، ثقة. سمع: محمد بن مسلم بن وَارَةَ، وإبراهيم بن هانئ، وأحمد بن مُلاعِب، والعُطَارِديّ، وجماعة. وعنه: يوسف القوّاس، وابن شاهين، وعبد الله بن عثمانٍ، وأبو الحسن بن جُمَيْع. تُوُفّي فِي شوال. 388- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن. أَبُو مُحَمَّد بْن الشرقي، أخو أبي حامد.   1 معجم الشيوخ لابن جميع "302". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 185 كان أسن من أبي حامد. سمع: الذُّهْليّ، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، وعَبْد الرَّحْمَن بن بِشْر، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن يوسف، وأحمد بن منصور زاج. وعنه: أحمد بن إسحاق الضُّبَعيّ، وأبو عليّ الحافظ، ويحيى بن إسماعيل الحربيّ، وعبد الله بن حامد الواعظ، وأبو الحسن المّاسرجسيّ، ومحمد بن أحمد بن عبدوس، ومحمد بن الحُسين الحسني. قال الحاكم: تُوُفّي في ربيع الآخر، وله اثنتان وتسعون سنة. وقد رأيته: شيخ طُوال، أسمر، وله أُذُنان كأنهما مرَوْحتان، وأصحاب المحابر بين يديه، ولم أرزق السماع منه. وكان أوحد وقته في معرفة الطّبّ. ولم يدع الشرب إلى أن مات. فذلك الّذي نقموا عليه. وكان أخوه لا يرى لهم السماع منه بذلك. 389 - عبد الله بن وهبان1. أبو محمد البغداديّ. حدَّث بمصر عن: عبد الله المخرّميّ، وأحمد بن الخليل البرجلاني، وعنه: الحسن بن زولاق، ومحمد بن الحُسين اليمني، وكان ثقة. 390 - عبد الرحمن بن إبراهيم. أبو طاهر الحراني. سمع: يزيد بن عبد الصّمد. وعنه: أبو هاشم المؤدب. 391 - عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب بن العبّاس بن ناصح الأندلسي2. كان حافظًا لمذهب مالك، متصرفًا في اللغات والعربية، شاعرًا ماهرًا.   1 تاريخ بغداد "10/ 182". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 284". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 186 392- عثمانٍ بن عَبْدَوَيْه بن عَمْرو1. أبو عَمْرو البغداديّ البزاز الكيشي. سمع: عليّ بن شعيب السَّمْسار، وابن المنادي، والحسن بن عليّ بن عفّان. وعنه: عليّ بن أحمد بن عون، وغيره. وثقه الخطيب. 393- عليّ بن أحمد بن الهيثم2. أبو الحسن البغداديّ البزاز. عن: عليّ بن حرب، وعباس الترقفيّ وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القوّاس، وابن الثّلّاج. ووثقه القوّاس. 394 - عليّ بن الحسن بن العبدة3. أبو الحسن الوراق، صاحب أبي داود السِّجسْتانيّ، وراوي كتابه. روى عنه: الدَّارَقُطْنيّ، والحسين بن محمد الكاتب، وابن الثّلّاج. ورّخه ابن شاهين. 395 - عليّ بن شيبان بن بنان الجوهري. نزيل دمشق. روى عن: محمد بن عُبَيْد الله بن المنادي. وعنه: أبو سليمان بن زبر، وأحمد بن عُتْبَة الْجَوْبَريّ. 396 - عليّ بن محمد بن عَمْر بن أبان. أبو الحسن الطّبريّ. قاضي أصبهان.   1 تاريخ بغداد "11/ 299". 2 تاريخ بغداد "11/ 320". 3 تاريخ بغداد "11/ 382". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 187 كان رأسا في الفقه والحديث والتصوف. خرج في آخر عمره فمات ببلاد الجبل. يروي عن: محمد بن أيوب الرازيّ، وأبي خليفة، والقاسم بن الليث الرَّسْعَنيّ، وابن سلم المقدسي. روى عنه: والد أبي نعيم، ومحمد بن أحمد بن حشنس، وأبو بكر بن المقرئ. 397 - عمر بن عصام الجراح البغداديّ1. أبو حفص الحافظ. روى يسيرًا عن: أحمد بن محمد القابوسيّ. روى عنه ابن الثّلّاج. 398 - عُمَر ابن القاضي أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الأزديّ2. القاضي أبو الحُسين. نابَ في القضاء عن أبيه، فلمّا تُوُفّي أبوه أقرَّ على القضاء. وكان إمامًا بارعًا في العلوم الإسلامية، كبير القدر عارفًا بمذهب مالك. صنَّف مسندًا متقنًا. وسمع من جدّه أحاديث. وقال إسماعيل بن سعيد المعدل: كان أبو عمر القاضي يقول: مازلت مُرَوَّعًا من مسألة تجيئني من السلطان، حتّى نشأ أبو الحسين. تُوُفّي في شعبان. "حرف الغين": 399 - غَيْلان بن زُفَر. الفقيه أبو الهيذام المّازنيّ الشّافعيّ. كانت له حلقة إشغال بدمشق. كتب عنه والد تمام الرازي.   1 تاريخ بغداد "11/ 229". 2 الكامل في التاريخ "8/ 364"، البداية والنهاية "11/ 194". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 188 "حرف القاف": 400 - القاسم بن أحمد بن الحارث بن شهاب. أبو محمد المرادي المصريّ. فِي صفر. "حرف الميم": 401 - مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بن أيّوب بن الصَّلَت بن شَنَبُوذ1. أبو الحسن المقرئ المشهور. قرأ على: أبي حسان محمد بن أحمد العنزيّ، وإسماعيل بن عبد الله النَّحّاس، والُّزَبْير بن محمد بن عبد الله العمري المدني. صاحب: قالون، وأحمد بن إسحاق الخزاعي، وقُنْبُل، وموسى بن جمهور، وهارون بن موسى الأخفش، وإدريس بن عبد الكريم، وأحمد بن محمد بن رشدين، وبكر بن سهل الدّمياطيّ، ومحمد بن شاذان الجوهريّ، ومحمد بن يحيى الكسائيّ الصّغير، وغيرهم. وكان أسند من ابن مجاهد. وقد سمع الحديث من: عبد الرحمن بن منصور الحارثي، وإسحاق الدبري، وبِشْر بن موسى، ومحمد بن الحُسين الحُنَيْنيّ، وجماعة. وطوّف الأقاليم في طلب الكتاب والسنة، وحدَّث وأقرأ النّاس ببغداد واستقرّ بها. فقرأ عليه: المُعَافَى بن زكريّا الْجَريريّ، وأبو بكر أحمد بن نَصْر الشّذائيّ، وأبو الفرج محمد بن أحمد الشنبوذيّ، وعليّ بن الحُسين الغضائريّ، وأبو الحُسين أحمد بن عبد الله. وروى عنه: أبو الشّيخ، وأحمد بن الخضر الشّافعيّ، وأبو بكر بن الشاذان، وأبو حفص بن شاهين، وأبو سعد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري.   1 أخبار أصبهان "1536"، تاريخ بغداد "1/ 280، 281"، سير أعلام النبلاء "15/ 264 - 266". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 189 وكان قد تخيَّر لنفسه شواذّ قراءات كان يقرأ بها في المحراب. ممّا يُروَى عن ابن مسعود وأُبَيّ بن كعب حتى فحش أمره. قال إسماعيل الخطبي: فأنكر ذلك الناس فقبض عليه السلطان في سنة ثلاثٍ وعشرين، وحمل إلى دار الوزير ابن مقلة، وأحضر القضاة والفقهاء، فناظروه، فنصر فعله، فاستتر له الوزير عن ذلك، فأبى. فأنكر عليه جميعُ من حضَر، وأشاروا بعقوبته إلى أن يرجع. فأمر الوزير بتجريده وإقامته بين الهنبازَيْن، وضُرِب بالدِّرَّة نحو العشر ضربًا شديدًا، فاستغاث وأذَعَنَ بالرُّجوع والتَّوبة. فكُتِب عليه محضر بتوبته. تُوُفّي رحمه الله في صفر. قلت: وهو موثق النَّقْل. وقد احتج به أبو عُمَرو الدّانيّ، وأبو عليّ الأهوازيّ، وسائر المصنفين في القراءات. وإنما نُقم عليه رأيُه لا روايته. وهو مجتهدٌ فِي ذلك مخطئ، والله يعفو عنه ويسامحه. وقد فعل ما يسوغ فيه الاجتهاد. وذلك رواية عن مالك، وعن أحمد بن حنبل. وكان رحمه الله يحطّ على ابن مجاهد ويقول: هذا العطشي لم تغبر قدماه في هذا العِلْم. وقال محمد بن يوسف الحافظ: كان ابن شَنَبوذ إذا أتاه رجل يقرأ عليه قال: هل قرأت على ابن مجاهد؟ فإن قال: نعم. لم يُقْرِئْه. قلت: هذا خلق مذموم يرتكبه بعض العلمّاء الْجُفاة. ذكره ابن شنبوذ الحاكم في تاريخه، وأنه سمع من: الحسن بن عَرَفَة، وعليّ بن حرب، ومحمد بن عَوْف الطائيّ. كذا قال الحاكم. وما أحسبه أدرك هؤلاء. فلعلّ الحاكم وهِم في قوله إنّه سمع منهم. 402 - محمد بن إبراهيم بن عيسى1. أبو بكر الكنانيّ القُرْطُبيّ، المعروف بابن حيونه. سمع: محمد بن وضّاح، وإبراهيم بن باز، وقاسم بن محمد. وكان حافظًا للفقه، مشاورًا، عظيم الوجاهة.   1 تاريخ علماء الأندلس "47، 48". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 190 403 - محمد بن جعفر بن أحمد بن سليمّان بن إسحاق بن بكر بن مُضَر المصريّ. مؤذن جامع مصر. يروي عن: الربيع، وبكّار بن قُتَيْبة. 404 - محمد بن جعفر بن محمد بن هشام بن قسيم بن ملاس النُمَيْريّ1. مولاهم، أبو العبّاس الدّمشقيّ المحدِّث. روى عن: جدّه، وموسى بن عامر المُرِّيّ، ومحمد بن إسماعيل بن عليه، وشعيب بن شعيب بن إسحاق، وأبي إسحاق الجوزجاني، وخلق كثير من الشاميين. روى عنه: أبو القاسم الطبراني، والحسن بن منير، وأبو علي بن مهنا، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وآخرون. وكان أبو هـ وجده وأخو جده وابن عمّ أبيه وجماعة من أهل بيتهم محدثين. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 405 - محمد بن حامد بن إدريس. أبو حفص الكرابيسيّ البخاريّ. سمع من: عبد الصّمد بن الفضل البلْخيّ، وحمدان بن ذي النُّون. وعنه: أحمد بن إبراهيم البلخي الحافظ. 406 - محمد بن الحسين بن محمد بن حاتم2. أبو الحسين البغدادي، عرف أبوه بعبيد العجل. روى عن: زكريّا بن يحيى المَرْوَزِيّ، وموسى بن هارون الطُّوسيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو بكر بن شاذان. فيه لين.   1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 70"، تهذيب التهذيب "5/ 131". 2 تاريخ بغداد "2/ 240". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 191 407 - محمد بن سهْل بن هارون1. أبو بكر العسكري. سمع: حُمَيْد بن الربيع، والحسن بن عَرَفَة. وعنه: أبو الحسن الجراحيّ، وطالب الأزدي، وأبو الحُسين بن جُمَيْع. وكان ثقة. عاش تسعين سنة. وقع لي من عواليه من طريق ابن جُمَيْع. تُوُفّي في رجب. 408 - محمد بن صابر بن كاتب. أبو بكر البخاري المؤذن. سمع: محمد بن الحُسين، ومُعاذ بن عبد الله الصرام، وجماعة. وعنه: ابنه محمد، وإسحاق بن محمد بن حمدان الخطيب. 409 - محمد بن عبد الله2. أبو جعفر البقلي. بغداديّ، ثقة. سمع: عليّ بن أشكاب، وأخاه محمدًا. وعنه: ابن المظفّر، وأبو بكر الأبهريّ، والمُعَافَى الجريريّ، وغيرهم. 410 - محمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خالد3. أبو عَمْرو الأزديّ المهلبي الجرجاني. محدث ابن محمد.   1 تاريخ بغداد "5/ 316"، تاريخ دمشق "22/ 302". 2 تاريخ بغداد "5/ 449". 3 تاريخ جرجان للسهمي "398". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 192 رحل إلى مصر وسمع من: يحيى بن عثمانٍ بن صالح، ويحيى بن أيوب، وجماعة من مشايخ مصر والشّام والعراق. روى عنه: أبو بكر الإسماعيليّ، وغيره. 411 - محمد بن عبد الوهّاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهّاب1. أبو عليّ الثقفيّ النَّيْسابوريّ الزّاهد، الواعظ، الفقيه، من ولد الحَجّاج بن يوسف. وُلد بقهستان سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. وسمع في كِبَره: محمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وموسى بن نَصْر الرّازيّ، وأحمد بن ملاعب البغداديّ، ومحمد بن الجهْم، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن إسحاق الصّبْغيّ، وأبو الوليد حسان بن محمد، وهما من طبقته، وأبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. قال الحاكم: شهدت جنازته فلا أذكر أنّي رأيت بنيسابور مثل ذلك الجمع. وحضرتُ مجلس وعْظه وسمعته يقول: إنك أنت الوهّاب. وقال شيخنا أبو بكر أحمد بن إسحاق: شمائل الصّحابة والتّابعين أخذها الإمام مالك عنهم، يعني، وأخذها عن مالك يحيى بن يحيى، وأخذها عنه محمد بن نصر المروزي، وأخذها عنه أبو عليّ الثقفيّ. سمعتُ أبا الوليد الفقيه يقول: دخلت على ابن سُرَيْج ببغداد فسألني على مَن درست فقه الشّافعيّ؟ قلت: على أبي عليّ الثّقفيّ. قال: لعلّك تعنى الحجّاجيّ الأزرق؟ قلت: بلى. قال: ما جاءنا من خراسان أفقه منه. سمعتُ أبا العبّاس الزاهد يقول: كان أبو عليّ الثقفيّ في عصره حُجّة الله على خلقه.   1 الأنساب "3/ 135 - 137"، سير أعلام النبلاء "15/ 280 - 283"، شذرات الذهب "2/ 315". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 193 سمعتُ أبا بكر الصِّبْغيّ يقول: ما عرفنا الجدلّ والنَّظَر حتّى وَرَدَ أبو عليّ الثقفي من العراق. وقال السلمي، لقي أبو عليّ أبا حفص النَّيْسابوريّ حمدون القصّار. قال: وكان إمامًا في أكثر علوم الشَّرْع، مقدمًا في كل فنّ منه. عطل أكثر علومه واشتغل بعلم الصوفية، وقعد وتكلم عليهم أحسن الكلام في عيوب النفس وآفات الأفعال. ومع علمه وكماله خالف الإمام ابن خُزَيْمَة في مسائل منها: مسألة التّوفيق والخذلان، ومسألة الإيمان، ومسألة اللفظ بالقرآن. فأُلزم البيت. ولم يخرج منه إلى أن مات، وأصابه في ذلك الجلوس محن. قال السلمي: وكان يقول: يا مَن باع كلّ شيء بلا شيء، واشترى لا شيء بكلّ شيء. وقال: أفٍّ مِن أشغال الدّنيا إذا أقبلت، وأفٍّ من حَسَراتها إذا أَدْبرت. العاقل لا يركن إلى شيء، إن أقبل كان شغلًا، وإن أَدْبَر كان حسرةً. وقال أبو بكر الرّازيّ: سمعت أبا علي يقول: هو ذا أنظر إلى طريق نجاتي مثل ما أنظر إلى الشّمس، وليس أخطو خطوة. وكان أبو علي كثيرًا ما يتكلم في رؤية عيب الأفعال. 412 - محمد بن عليّ بن الحسن بن مقلة1. أبو عليّ الوزير، صاحب الخطّ المنسوب. ولي بعض أعمال فارس، وتنقلت به الأحوال حتّى وَزَرَ للمقتدر سنة ستّ عشرة، ثمّ قبض عليه بعد عامين وصادره وعاقبه ونفاه إلى فارس. قال ابن النّجار: فأول تصرفٍ كان له وسنه إذ ذاك ستّ عشرة سنة، وذلك في سنة 288. وقرَّر له كل شهر محمد بن داود بن الجرّاح ستة دنانير، ولمّا استعفى عليّ بن عيسى من الوزارة أشارَ على المقتدر بأبي عليّ، فوزر له، ثمّ نُفِي وسُجِن بشيراز.   1 وفيات الأعيان "5/ 113"، سير أعلام النبلاء "15/ 224 - 230"، شذرات الذهب "2/ 310، 312". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 194 وقد حدَّث عن: أبي العبّاس ثعلب، وعن: ابن دُرَيْد. روى عنه: ولده أحمد، وعمر بن محمد بن سيف، وأبو الفضل محمد بن الحسن بن المأمون، وعبد الله بن علي بن عيسى بن الجراح، ومحمد بن ثابت. قال الصولي: ما رأيت وزيرًا منذ تُوُفّي القاسم بن عُبَيْد الله أحسن حركةً، ولا أظرف إشارةً، ولا أملح خطًا، ولا أكثر حِفظًا، ولا أسلط قلمًا، ولا أقصد بلاغة، ولا أأخذ بقلوب الخلفاء من محمد بن عليّ. وله بعد هذا كلَه عِلمٌ بالإعراب وحِفْظ للُّغة. قلت: روى ابن مقلة عن ثعلب: إذا ما تعيب النّاسَ عابوا فأكثروا ... عليك وأبدوا منك ما كنت تسترُ فلا تَعْبنَ خلْقًا بما فيك مثله ... وكيف يعيب العُورَ مَن هو أعور وقال أبو الفضل بن المأمون: أنشدنا أبو عليّ بن مقلة لنفسه: إذا أتى الموتُ لميقاتِهِ ... فخلّ عن قول الأطبّاءِ وإن مضى من أنت صبّ به ... فالصبر من فعْل الألِبّاء ما مر شيءٌ ببني آدَمَ ... أمرُّ من فقد الأحِباءِ وقال محمد بن إسماعيل الكاتب المعروف بزنجيّ قال: لمّا نكبَ أبو الحسن بن الفُرات أبا عليّ بن مقلة لم أدخل إليه إلى الحبْس ولا كاتبته خوفًا من ابن الفُرات، فلمّا طال أمره كتب إليَّ: تُرى حُرّمتَ كُتُبُ الأخلّاء بينهم ... ابن لي، أمِ القِرْطاس أصبح غاليا؟ فما كان لو ساءلتنا كيفَ حالُنا ... وقد دَهَمَتْنا نكبةٌ هيَ ماهيا صديقُك من راعاك عند مصيبةٍ ... وكُلٌّ تراهُ في الرّخاء مراعيا فَهَبْكَ عدوّي لا صديقي، فربّما ... تكاد الأعادي يرحمون الأعاديا وأنفذ في طيّ الورقة ورقةً إلى الوزير، فكانت: أمسكتُ أطال الله بقاء الوزير، عن الشَّكْوى حتّى تناهت البَلْوى، في النّفس والمّالْ، والجسم والحالْ، إلى ما فيه شفاء الجزء: 24 ¦ الصفحة: 195 للمنتقمْ، وتقويم للمجترمْ، وحتّى أفضيت إلى الحيرة والتَّبَلَّدْ، وعيالي إلى الهتكَة والتَّلَدُّدْ1. ولا أقول إنّ حالًا أتاها الوزير، أيده الله، في أمري، إلا بحق واجب، وظنٍّ غير كاذب، وعلى كل حال، فلي ذِمام وحُرْمة، وصُحْبة وخدْمة. إن كانت الإساءة أضاعتها، فرعاية الوزير، أيدّه الله، تحفظها ولا مَفْزَعٌ إلّا إلى الله ولُطْفهْ، ثمّ كَنَف الوزير وعَطْفه. فإن رأى أطال الله بقاءه أن يَلْحَظَ عبده بعين رأفته، وينعم بإحياء مُهْجته، وتخليصها من العذاب الشّديد، والْجَهْد الجهيد ويجعل له من معروفه نصيبًا، ومن البَلْوَى فرجًا قريبًا، فَعَلَ إن شاءَ الله. ومن شعره: لستُ ذا ذلةٍ إذا عضّني الده ... ر ولا شامخًا إذا واتاني أنا نارٌ في مرتقى نفس الحا ... سد ماءٌ جارٍ مع الأخوانٍ وروى الحُسين بن الحسن الواثقيّ، وكان يخدم في دار ابن مقلة مع حاجبه، أنّ فاكهة ابن مقلة لما ولي الوزارة الأولى كانت تُشْتَرى له في كلّ يوم جُمعة بخمسمائة دينار. وكان لابد له أن يشرب بعد الصّلاة من يوم الجمعة، ويصطبح يوم السبت. وحكى أنّه رأى الشبكة التي كان أخرج فيها ابن مقلة الطيور الغريبة، قال: فعمد إلى مربع عظيم، فيه بستان عظيم عدّة جرْبان شجر بلا نخل، فقطع منه قطعة من زاوية كالشابورة، فكان مقدار ذلك جربين بشِباك إبْريسَم2 وعمل في الحائط بيوتًا تأوي إليها الطيور وتفرخ فيها، ثمّ أطلق فيها القماريّ، والدّباسيّ، والنقارط، والنوبيات، والشُّحْرور، والزِّرْياب، والهزار الببَّغ، والفواخت، والطيور التي من أقاصي البلاد من المصوتة، ومن المليحة الرّيش ممّا لا يَكسر بعضه بعضًا. فتوالدت ووقعَ بعضها على بعض. وتولدت بينها أجناس. ثمّ عمد إلى باقي الصحن فطرحَ فيه الطيور التي لا تطير، كالطواويس، والحجل، والبط، وعمل منطقة أقفاص فيها فاخر الطيور. وجعل من خلف البستان الغزلان، والنَّعام، والأَيْل، وحُمْر الوحش. ولكلّ صحن أبواب تنفتح إلى الصحن الآخر، فيرى من مجلسه سائر ذلك.   1 التلدد: التلفت يمينا وشمالا من الحيرة. 2 الإبريسم: الحرير. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 196 وقال محمد بْن عَبْد المُلْك الهمْدانيّ في تاريخه إن أبا عليّ بن مقلة حين شرع في بناء داره، التي من جملتها البستان المعروف بالزاهر، على دجلة، جمع ستين منجمًا حتّى اختاروا له وقتًا لبنائه. فكتب إليه شاعرٌ: قل لابن مقلة مهلًا لا تكن عجلًا ... واصبر فإنك في أضغاث أحلام تبني بأنقاض دور النّاس مجتهدًا ... دارا ستهدم أيضًا بعد أيام ما زلت تختار سعد المشتري لها ... فلم توق به من نحس بهرام إن القرآن وبطليموس ما اجتمعا ... في حال نقضٍ ولا في حال إبرام قال: فأحرقت هذه الدار بعد ستة أشهر، فلم يبق فيها جدار. وعن الحسن بن عليّ بن مقلة قال: كان أمر أخي قد استقام مع الراضي وابن رائق، وأمرا برد ضياعه. وكان الكوفيّ يكتب لابن رائق، وكان خادمَ أبي عليّ قديمًا. وكان ابن مقاتل مستوليًا على أمر ابن رائق، وأبو عليّ يراه بصورته الأولى، وكانا يكرهان أن ترد ضياع أبي عليّ ويدافعان. وكان الكوفيّ يريد من أبي عليّ أن يخضع له، وأبو علي يتحامق. فكنا نشير إليه بالمُداراة وهو يقول: والله لا فعلت، ومَن هذا الكلب أوَضَعَنيُ الزمان هكذا بمرّة؟! فاتّفق أنّهما أتياه يومًا، فما قامَ لهما ولا احترمهما، وشرعَ يخاطبهما بإدلالٍ زائد. ثمّ أخذ يتهدَّد ويتوعدَّ كأنه في وزارته. فكان ذلك سببًا في قطْع يده وسجنه. وقال محمد بن جنّي صاحب أبي عليّ قال: كنتُ معه في الليلة التي عزم فيها على الاجتماع بالراضي بالله وعنده أنه يريد أن يستوزره. قال: فلبس ثيابه وجاءوه بعمامة، وقد كانوا اختاروا له طالعًا ليمضي فيه إلى الدّار، فلمّا تعَّمم اسْتَطْولها خوفًا من فوات وقت اختيار المنجّمين له فقطعها بيده وغرزها، فتطيرت من ذلك عليه. ثمّ انحدرنا إلى ذلك الحاجب ليلًا، فصعدتُ إليه، واستأذنتُ له، فقال: قل له: أنت تعلم أنيّ صنيعتك، وأنّك استحجبتني لمولاي، ومن حقوقك أن أنصحك. قل له: انَصْرف ولا تدخل. فعدتُ فأخبرته، فاضطّربَ وقال لابن غيث النَّصْرانيّ، وكان معه في السُّميريّة: ما ترى؟ فقال له: يا سيّدي ذكيُّ عاقل، وهو لك صنيعة، وما قال هذا إلّا وقد أحس بشيء، فارجع. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 197 فسكت ثمّ قال: هذا مُحالٌ، وهذه عصبية منه لابن رائق. وهذه رقاع الخليفة عندي بخطه، يحلف لي فيها بالأَيمان الغليظة كيف يخفرني. ارجع وقل له يستأذن. فرجعتُ فأعلمته، فحرّك رأسَه وقال: ويحك يتّهمني؟ قل له: والله لا استأذنتُ لك أبدًا، ولا كان هذا الأمرُ بمعاونتي عليك. فجئتُ فحدّثته، فقام في نفسه أنّ هذا عصبية من ذكيّ لابن رائق وقال: لو عَدَلْنا إلى باب المطبخ. فَعَدَلنا له وقال: اصعَد واستدْع لي فُلانًا الخادم. فأتيته، فَعَدا مسرعًا يستأذن له، فجئته فأخبرته فقال: ارجع وقِفْ في موضعك لئلا يخرج فلا يجدك. فرجعتُ فخرج إليَّ وجاء معي إلى السُّميريّة، وسلم عليه، ولم يقبل يده وقال: قم يا سيّدي. فأنكر ذلك ابن مقلة وقال لي سرًا: ويحك ما هذا؟ قلت: ما قال لك ذكيّ. قال: فما نعمل؟ قلت: فات الرأي. فأخذ يكرر الدّعاء والاستخارة، وقال: إن طلعت الشمّس ولم تَرَوْا لي خبرًا فانجُوا بأنفُسِكم. قال: ومضى، وغلق الخادم البابَ غلقًا استربتُ منه. ووقفنا إلى أن كادت الشمسُ أن تطلع فقلنا: في أي شيء وقوفنا، والله لا خرج الله بنا أبدًا. فانَصْرفنا وكان آخر العهد به. فلمّا بلغنا منازلنا قيل: قد قُبِضَ على ابن مقلة، وقطعت يده من يومه بحضرة الملأ من النّاس. وقال إبراهيم بن الحسن الديناريّ: سمعتُ الحسن ابن الوزير ابن مقلة يحدث أنّ الرّاضي بالله قطع لسان أبيه قبل موته وقتله بالجوع. قال: وكان سبب ذلك أنّ الرّاضي تندَّم على قطع يده، واستدعاه من الحبس واعتذر إليه. وكان بعد ذلك يشاوره في الأمر بعد الأمر، ويعمل برأيه ويخلو به، ورفهه في محبسه، ونادمه سرًا على النبيذ، وأنس به ونبُل في نفسه، وزاد ندمه على قطع يده. فبلغ ابن رائق، فقامت قيامته، فدس إلى الخليفة من أشار عليه بأن لا يدنيه، الجزء: 24 ¦ الصفحة: 198 وقال له: إن الخلفاء كانت إذا غضبت لم ترض، وهذا قد أوحشته فلا تأمنه على نفسك. فقال: هذا مُحال، فهو قد بطل عن أن يصلُح لشيء، وإنّما تريدون أن تحرموني الأنس به. فقيل له: ليس الأمر كما يقع لك، وهو لو طمع في أنك تستوزره لكلمك، فإن شئت فاطمعه في الأمر حتّى ترى فقد كان أبي يتعاطى أن يكتب باليسُرى، فجاء خطّه أحسن من كل خطّ، لا يكاد أن يفرق بينه وبين خطه باليمين، وجاءتني رقعه مرات من الحبس باليسرى، فما أنكرته. قال: وتوصّل ابن رائق إلى قومٍ من الخَدَم بأن يقولوا لابن مقلة إنّ الخليفة قد صحّ رأيه على استيزارك، وسيخاطبك على هذا، وبشرناك بهذا لنستحق البشارة عليك. فلم يشكّ في الأمر وقالوا هم للراضي: جرِّبه وخاطبْه بالوزارة لترى ما يجيبك به. فخاطبه بذلك، فأراه أبي نفورًا شديدًا وقصورًا عنه. فأخذ الرّاضي يحلف له على صحة ما في نفسه من تقليده ولو عِلم أنّ فيه بقية لذلك وقيامًا به. فقال: يا أمير المؤمنين إذا كان الأمرُ هكذا فلا يغمّك الله بأمر يدي، فإنّ مثلي لا يُراد منه إلا لسانه ورأيه وهما باقيان. وأمّا الكتابة فلو كنتُ باطلًا منها لمّا ضرني ذلكَ، وكان كاتب ينوب عني. ولست أخلو من القدرة على تعليم العلامات باليُسْرَى. ولو أنها ذهبت اليسرى أيضًا حتّى أحتاج أن أشد قلمًا على اليمنى لكنت أحسن خطًا. فلمّا سمع ذلك تعجب واستدعى دواةً فكتب باليسرى خطًا لا يشك أنه خطه القديم، ثم شد على يمينه بالقلم. فكتب به في غاية الحُسْن. فقامت قيامة الرّاضي واشتد خوفه منه. فلمّا قام إلى محبسه أمرَ أن تنزع ثيابه عنه، وأن يُقْطع لسانه ويلبس جبة صوف، ولا يترك معه في الحبس إلا دورق يشرب منه، ووكل به خادمًا صبيًا أعجميًا، فكان لا يفهم عنه ولا يخدمه. ثمّ فرق بينه وبين الخادم، وبقي وحده. فكان الخدم يقولون لي بعد ذلك إنهم كانوا يرونه من شقوق الباب يستقي بفيه ويده الصحيحة من البئر للوضوء والشرب. ثمّ أمر الرّاضي أن يقطع عنه الخبز، فقطع عنه أيامًا ومات. وكان مولده في سنة 272. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 199 وقال غيره: استوزره القاهر بالله ثمّ نكبوه. ثمّ وزر للراضي بالله قليلًا، ثمّ مسك سنة أربعٍ وعشرين وضُرَب وعُلِق وصودر، وأُخِذ خطه بألف ألف دينار، ثمّ تخلص. ثمّ إنّ أبا بكر محمد بن رائق لمّا استولى على الأمور وعظُم عند الرّاضي احتاط على ضياع ابن مقلة وأملاكه. فأخذ في السعي بابن رائق وألَّب عليه، وكتب إلى الرّاضي يشير عليه بإمساكه، وضمن له إنْ فعل ذلك وقلده الوزارة استخرج له ثلاثة آلاف ألف دينار. وسعى بالرسالة عليّ بن هارون المنجم، فأطمعه الرّاضي بالإجابة. فلمّا حضر حبسه، وعرَّف ابن رائق بما جرى، وذلك في سنة ستٍّ وعشرين. فطلب ابن رائق من الرّاضي قطْع يد ابن مقلة. فقطعت وحُبِس. ثمّ ندم الرّاضي وداواه حتّى برئ. فكان ذلك لعلّ بدعاء ابن شَنَبُوذ المقرئ عليه بقطع اليد. فكان ينوح ويبكي على يده ويقول: كتبتُ بها القرآن وخدمتُ بها الخلفاء. ثمّ أخذ يراسل الرّاضي ويُطْمعه في الأموال. وكان يشدّ القلم على زنْده ويكتب. فلمّا قرب بَجْكَم التّرْكيّ، أحد خواص ابن رائق، من بغداد، أمر ابن رائق بقطع لسان ابن مقلة فقطع. ولحقه ذَرَب، وقاسى الذل، ومات في السجن وله ستون سنة. ومن شعره قوله: قد سئمت الحياة لمّا توثّقت ... بأَيْمانهم فبانت يميني بعت ديني لهم بدنياي حتّى ... حرموني دنياهم بعد ديني ولقد حطتُ ما استطعتُ بجهدي ... حفظَ أرواحهم فما حفظوني ليس بعدَ اليمينِ لذّةُ عيشٍ ... يا حياتي! بانت يميني فبيني 413- محمد بن القاسم بن محمد بن بشّار1. أبو بكر بن الأنباري النحوي اللغوي العلامة.   1 تاريخ بغداد "3/ 181- 186"، الأنساب "1/ 355"، وفيات الأعيان "4/ 341، 343"، النجوم الزهرة "3/ 269". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 200 وُلِد سنة إحدى وسبعين ومائتين. وسمع بإفادة أبيه من: محمد بن يونس الكُدَيْميّ، وثعلب، وإسماعيل القاضي، وأحمد بن الهيثم البزاز، وأبيه. قال الخطيب: كان صدوقًا ديِّنًا من أهل السنة. صنف في القراءات، والغريب والمُشْكل، والوقف، والابتداء. روى عنه: أبو عَمْر بن حَيُّوَيْه، وأحمد بن نَصْر الشذائيّ، وأبو الفتح بْن بَدْهَن، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، والدَّارَقُطْنيّ، ومحمد بن أخي ميمي، وأحمد بن محمد بن الجراح. وقال أبو عليّ القالي تلميذه: كان أبو بكر يحفظ فيما قيل ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن. وقال أبو عليّ التنوخيّ: كان ابن الأنباري يُمْلي من حفظه، وما أملى قط من دفتر. وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان ابن الأنباريّ زاهدًا متواضعًا. حكى الدَّارَقُطْنيّ أنه حضره في مجلسٍ يوم جمعة فصحف اسمًا فعظمت له وهْمَهُ وهِبْته. فلما انقضى المجلس عَرَّف مستمليه، فلمّا حضرتُ الجمعة الثانية قال ابن الأنباري للمستملي: عرِّف الجماعة أنّا صحَّفنا الاسم الفلاني ونبّهنا ذلك الشاب على الصواب. وقال محمد بن جعفر التّميميّ: ما رأيت أحفظ من الأنباريّ ولا أغزر بحرًا من علمه. وحدَّثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقًا. وحدَّثني أبو الحسن العَرَوضيّ أنه اجتمع هو وابن الأنباري عند الرّاضي بالله، وكان قد عرف الطباخ ما يأكل ابن الأنباري، فسّوى له قلية يابسة فأكلنا من ألوان الطعام وهو يعالج تلك القلية فلمته، فضحك الرّاضي وقال: لِم تفعل هذا؟ قال: أبقي على حفظي. قلت: كم تحفظ؟ قال: ثلاثة عشر صندوقًا. قال التّميميّ: وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. فِحُدِّثتُ أنه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير بأسانيدها. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 201 وقال لي أبو الحسن العروضيّ، قال: كان ابن الأنباري يتردد إلى أولاد الرّاضي بالله فَسَألَتْهُ جارية عن تفسير رؤيا فقال: أنا حاقن، ومضى. فلمّا عاد مِن الغد عاد وقد صار عابرًا. مضى من يومه فدرس كتاب الكرمانيّ، وقيل: إنّه أملى كتاب "غريب الحديث" في خمسة وأربعين ألف ورقه. وله كتاب "شرح الكافي" في ألف ورقه، وكتاب "الأضداد" وما رأيتُ أكبر منه، وكتاب "الجاهليات" في سبعمائة ورقة. وله تصانيف سوى هذا معروفة. وكان إمامًا في نحو الكوفيّين. وكان أبوه أديبًا لغويا له مصنفات. ولأبي بكر كتاب "المذكر والمؤنث" ما عمل أحد أتم منه. تُوُفّي ليلة النحر ببغداد. 414 - محمد بن القاسم بن محمد البياني1. أبو عبد الله. بالأندلس في المحرَّم. وقد مر والده في سنة 276. يكنى أبا عبد الله البياني. روى عن: أبيه، وبقي، ومحمد بن وضاح، والعبّاس بن الفضل البصْريّ، ومالك بن عيسى القتبي، ومحمد بن عبد السلام الخشنيّ. روى عنه: ابنه محمد بن أحمد، وخالد بن سعد، وسليمان بن أيوب، وآخرون. مات بالأندلس، وكان صدوقًا. وقد مر في العام المّاضي، فإنّه مات في آخره فيُضم أحدهما إلى الآخر. 415 - محمد بن مهلهل2. أبو عبد الله القرطبي الزاهد.   1 سير أعلام النبلاء "15/ 254، 255"، تذكرة الحفاظ "349، 350". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 48". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 202 سمع من: عبيد الله بن يحيى الليثي، وغيره. وكان منقطعًا إلى الله، مقبلًا على شأنِه مجتهدًا في العبادة حسن الاستنباط. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 416 - محمد بن يعقوب1. أبو جعفر الكُلِينيّ الرازيّ. شيخ فاضل شهير، من رؤوس الشيعة وفقهائهم المصنفين في مذاهبهم الرذلة. روى عنه: أحمد بن إبراهيم الصَّيْمَريّ، وغيره. وكان ببغداد وبها مات. وقبره ظاهر عليه لوح. والكُلِينيّ: بضم الكاف وإمالة اللام والياء ثمّ بنون. قيده الأمير. 417 - موسى بن جعفر بن قرين2. أبو الحسن العثماني الكوفيّ. عن: محمد بن عبد الملك الدّقيقيّ، والربيع بن سليمان، وابن حِبّان المدائنيّ، وطبقتهم بالعراق، والشّام، والجزيرة، ومصر. وعنه: أبو بكر الأبهريّ، والدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. وثقه الخطيب وقال: جاوز ثمانٍين سنة. "الكنى": 418- أبو الحسن المزين3. من مشايخ الصُّوفيّة. بغداديّ، اسمه فيما قيل عليّ بن محمد. قال السلمي: صَحِب الْجُنَيْد، وسهل بن عبد الله.   1 سير أعلام النبلاء "15/ 280"، لسان الميزان "5/ 433"، الوافي بالوفيات "5/ 226". 2 تاريخ بغداد "13/ 60". 3 الأنساب "527، 528"، سير أعلام النبلاء "15/ 232"، النجوم الزاهرة "3/ 269". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 203 وأقام بمكة مجاورًا حتّى مات. وكان من أورع المشايخ وأحسنهم حالًا. سمعتُ أبا بكر الرازي يقول: سمعتُ أبا الحسن المزيّن يقول: الذّنب بعد الذّنب عقوبة الذّنب. والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة. وحكى أيضًا عنه محمد بن أحمد النجار، وغيره. ومن كلامه: أحسن العبيد حالًا من كان محمولًا في أفعاله وأحواله، لا يشاهد غير واحد، ولا يأنس إلا به، ولا يشتاق إلا إليه. وهذا هو أبو الحسن المزيّن الصغير. فأما: أبو الحسن المزين الكبير. فبغدادي أيضًا، له ترجمة في "تاريخ السلمي"، مختصرة، وأنه جاور بمكة سنين ومات بها. واسمه عليّ بن محمد. * أبو سعيد الإصْطَخْريّ1. هو حسن بن أحمد. نقدم. 419- أبو محمد المرتعش الزّاهد2 هو عبد الله بن محمد. نيسابوريّ، من محلة الحيرة. صحب أبا حفص، وأبا عثمانٍ ببلده، والجنيد. وأقام ببغداد وصار أحد مشايخ العراق. قال أبو الله عبد الرازي: كان مشايخ العراق يقولون: عجائب بغداد في التصوف ثلاثة: إشارات الشبليّ، ونكت أبي محمد المرتعش، وحكايات جعفر الخلدي.   1 وفيات الأعيان "2/ 74 - 85"، سير أعلام النبلاء "15/ 250 - 252". 2 حلية الأولياء "10/ 355"، سير أعلام النبلاء "15/ 230، 231"، البداية والنهاية "11/ 192". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 204 وكان المرتعش بمسجد الشُّونَيْزِيّه. قلت: وحكى عنه محمد بن عبد الله الرازي، وأحمد بن عطاء الروذباريّ، وأحمد بن عليّ بن جعفر. وسئل بماذا ينال العبد المحبة؟ قال: بموالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه. وقيل له: إنّ فلانًا يمشي على المّاء. فقال: عندي إنّ من مكنه الله من مخالفة هواه، أعظم من المشي على المّاء. وسُئِل: أي الأعمال أفضل؟ قال: رؤية فضل الله. وسمّاه الخطيب جعفرًا، وقال: كان من ذوي الأموال فتخلّى عنها، وسافر الكثير. ثمّ سكن بغداد. وحُكي عنه أنّه قال: جعلتُ سياحتي أن أمشي كلّ سنة ألف فرسخ حافيًا حاسرًا. 420- أمّ عيسى1. بنت الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربيّ. كانت عالمة تفتي، فيما قيل. تُوُفّيت في هذه السنة ببغداد. وفيات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 421 - أحمد بْن إبراهيم بْن حمّاد بْن إِسْحَاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد2. أبو عثمانٍ الأزديّ القاضي. ولي قضاء مصر، وتُوُفّي بها فِي رمضان. روى عن: إِسْمَاعِيل القاضي وطبقته.   1 البداية والنهاية "11/ 196". 2 الولاة والقضاة للكندي "483 - 485 - 535 - 540". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 205 وكان ثقة، كريمًا، جوادًا. ولي قضاء ديار مصر ثلاث مرّات. المرّتين الأولتين مِن قِبَل أخيه هارون بن إبراهيم، والثالثة مِن قِبَل الخليفة القاهر. وذلك في رمضان سنة إحدى وعشرين. وكان يتردّد إلى الطّحاويّ، ويسمع منه. وكان ذا حياءٍ مُفْرِط، لا يكاد يُسمع حديثه بحيث يُضرب بِهِ المثل. قيل: إنّه حجّ، فلبى بأخفض صوت يكون، حتّى كان النساء يرفعن أصواتهن أكثر منه. ثمّ عُزِل بعد خمسة أشهر. ومات فقيرًا. إنّما كفنه محمد بن عليّ المّادرائي. 422 - أحمد بن إبراهيم بن مُعاذ. أبو عليّ السيروانيّ. نزيل نَسَف. سمع: إسحاق الدبري، وعبيدًا الكَشْوَرِيّ، وعليّ بن عبد العزيز البغويّ. وحدَّث بنسف. 423- أحمد بن محمد بن حمدان1. أبو عليّ. عُرف بالبربهاري. روى عن: أحمد بن الوليد الفحام، وابن أبي العوام. وعنه: عبد الله بن عدي، وأبو القاسم بن الثّلّاج. 424 - أحمد بن محمد بن يونس2. أبو إسحاق الهَرَوِيّ البزّاز الحافظ. صنَّف تاريخًا لهراة. وكان ثقة مأمونًا. يروي عن: عثمانٍ بن سعيد الدارمي، ومن بعده. وعنه: الرئيس أبو عبد الله بن أبي ذهل، ومنصور بن عبد الله الخالدي، وجماعة. تُوُفّي في شعبان.   1 تاريخ بغداد "4/ 438". 2 تاريخ بغداد "5/ 126". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 206 425 - إسحاق بن إبراهيم بن موسى الفقيه1. أبو القاسم الغزال. عن: ابن عَرَفَة، وعليّ بن إشكاب. وعنه: يوسف القوّاس، وعبد الله بن عثمانٍ الصّفّار، وجماعة. "حرف الباء": 426 - بُجْكم الأمير. ذكر في الحوادث. 427 - بختيشوع بن يحيى الطبيب2. ببغداد. كان بارعًا في الطب، له ذكرٌ. "حرف الجيم": 428 - جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن عبد العزيز بن وزير. أبو القاسم الْجَرَوي المصريّ. ثمّ البغداديّ. روى عن: أحمد بن المقدام العجليّ، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وغيّرهما ببغداد. فيما أرى، وبمصر. وعنه: محمد بن الحسن الفارسي شيخ اللالكائي، وأبو الحسن أحمد بن عبد الله بن حميد بن زريق المخزومي، وغيّرهما. تُوُفّي بتنيس في شعبان. وهو آخر من حدَّث بديار مصر عن المذكورين. وكان قد سكن تنيس. وكان من كبراء الناس.   1 تاريخ بغداد "6/ 398". 2 الكامل في التاريخ "8/ 378". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 207 سمع أيضًا: أبا هاشم الرفاعيّ، وعمر بن محمد بن التل. وعاش أزيد من تسعين سنة. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن علي التنيسي الحذاء، وأحمد بن محمد الأزهر. ومحله الصدق. 429 - جعفر بن محمد بن سعيد الدّمشقيّ. عن: أبي زُرْعة النَصْري، وغير واحدٍ. روى عَنْهُ: أبو هاشم عَبْد الجبار المؤدِّب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 430 - جعفر بن أحمد1. أبو محمد القارئ، بغداديّ يُعرف بالبارد. سمع: السريّ بن يحيى، وموسى بن هارون. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وغيّرهما. "حرف الحاء": 431 - الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوي2. سمع من: جدّه، وجماعة. مقبول. روى عنه: ابن المظفّر، والدارقطني، وابن شاهين. وتُوُفّي بالرها. 432- الحسن بن أحمد بن الربيع3. أبو محمد الأنماطيّ. سمع: عَمْر بن شَبَّة، والحسن بن عَرَفَة، وعليّ بن إشكاب، وحميد بن الربيع.   1 تاريخ بغداد "7/ 222". 2 تاريخ بغداد "7/ 270". 3 تاريخ بغداد "7/ 272". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 208 وعنه: أبو بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس، وابن جُمَيْع. مات في ذي القعدة. 433 - الحسن بن إدريس1. أبو القاسم القافلانيّ. عن: عبد الله بن أيوب مولى بني هاشم، وعيسى بن أبي حرب. وعنه: ابن حَيُّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو القاسم بن الثّلّاج، وابن جُمَيْع في مُعْجَمه. وهو الحسن بن إدريس بن محمد بن شاذان. أرخه ابن قانع. 434 - الحسن بن عليّ بن خَلَف2. أبو محمد البَرْبَهاريّ الفقيه العابد. شيخ الحنابلة بالعراق. وكان شديدًا على المبتدعة، له صيت عند السلطان وجلالة، وكان عارفًا بالمذهب أصولًا وفروعًا. أخذ عن المرُّوذِيّ، وصَحِب سهل بن عبد الله التستري. وحكى أبو عليّ الأهوازيّ أنّه سمع أبا عبد الله الحمرائي يقول: لمّا دخل الأشعريّ بغداد جاء إلى البَرْبَهاريّ فجعل يقول: رددت على الجبائي وعلى النصارى والمجوس، وقلتُ وقالوا. فقال البَرْبَهاريّ: ما أدري مما قلت قليلًا ولا كثيرًا، ولا نعرف إلّا ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل. قال: فخرج من عنده وصنف كتاب "الإبانة"، فلم يقبله منه. وقد صنف أبو محمد البربهاري مصنفات، منها: "شرح السنة"، يقول فيه: واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإنّ صِغار البِدَع تعود كبارًا. والكلام في الرب   1 تاريخ بغداد "7/ 288"، المنتظم "6/ 323". 2 طبقات الحنابلة "2/ 18 - 45"، سير أعلام النبلاء "15/ 90 - 93" الأعلام "2/ 210"، شذرات الذهب "2/ 319". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 209 تعالى مُحْدَث وبدْعة وضلالة، فلا تتكلم في الرب إلا بما وصف به نفسه. ولا تقول في صفاته: لم، ولا كيف. والقرآن كلام الله وتنزيله ونوره، ليس مخلوقًا، لأن القرآن من الله وما كان فيه فليس بمخلوق والمراء فيه كفرٌ. وقال أبو عبد الله بن بطه: سمعتُ أبا محمد البربهاريّ يقول: المجالسة للمناصحة فتحُ باب الفائدة، والمجالسة للمناظرة، غلْق باب الفائدة. وسمعته لمّا أخذ الحاج يقول: يا قوم، إن كان من يحتاج إلى معونة بمائة ألف دينار ومائة ألف دينار خمس مرات عاونته. قال ابن بطة: لو أرادها حصّلها من النّاس. وقال أبو الحُسين بن الفراء: كان للبربهاري مجالدات ومقامات في الدين كبيرة، وكان المخالفون يغيظون قلب السّلطان عليه. ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة أرادوا حبْسه، فاستتر وقُبض على جماعة من كبار أصحابه، وحُملوا إلى البصرة، فعاقبَ الله الوزير ابن مقلة وسخط عليه الخليفة وأحرق داره، ثمّ سُمِلت عينا الخليفة في جُمَادَى الآخرة سنة اثنتين وعشرين. وأعاد الله البربهاري إلى حشمته وزادت، حتّى أنه لمّا حضر جنازة نِفْطَويْه النَّحْويّ تقدّم في الصلاة عليه، وعظُم جاهه، وكثر أصحابه، فبلغنا أنه اجتاز بالجانب الغربي، فعطس، فشمَّته أصحابه، فارتفعت صيحتهم حتّى سمعها الخليفة وهو في رَوْشن فسأل: ماذا؟ فأخبر بالحال، فاستهولها. ثم لم تزل المبتدعة يوحشوا قلب الرّاضي بالله عليه إلى أن نودي في بغداد أن لا يجتمع من أصحاب البَرْبهاريّ نَفَسان. فاختفى البَرْبهاريّ إلى أن توفي مستترًا في رجب من هذه السنة، وُدفِن بدار أخت توزون مختفيًا. فقيل إنه لمّا كُفِّن وعنده الخادم صلى عليه وحده، فنظرت من الروشن ست الخادم، فرأت البيتَ ملآن رجالًا بثياب بيضٍ، يُصلُّون عليه. فخافت وطلبت الخادم تهدده، كيف أذن للناس. فحلف أنً الباب لم يُفْتح. ويقال: إنّه تنزه عن ميراث أبيه لم يأخذه، وكان سبعين ألفًا. قال ابن النّجّار: روى عنه: أبو بكر محمد بن محمد بن عثمانٍ المغربيّ، وأبو الحُسين بن سمعون، وابن بطة. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 210 فعنٍ ابن سمعون أنه سمع البَرْبهاريّ يقول: رأيتُ بالشّام صومعةً بها راهب منقطع، وحولها رُهْبان يستلمونها ويتمسحون بها لأجل الرّاهب، فقلت لحدثٍ منهم: بأي شيء أعطي هذا فقال: سبحان الله، رأيتَ الله تعالى يعطي شيئًا على شيء!؟ ومن شعر البَرْبهاريّ: من قنعت نفسه ببلغتها ... أضحى غنيًا وظل متبعا لله در القنوع من خلقٍ ... كم من وضيعٍ به ارتفعا تضيق نفس الفتى إذا افتقرت ... ولو تعزى بربه اتسعا في تاريخ محمد بن أحمد بن مهديّ أن في سنة ثلاثٍ وعشرين أُوقِع بأصحاب البَرْبهاريّ، فاستتر وتُتبِّع أصحابه، ونُهبت منازلهم. ولم يظهر إلى أن مات. وعاش سبعًا وسبعين سنة. وكان في آخر عمره قد تزوج بجاريةٍ بكْر، رحمه اللَّه تعالى. 435 - الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن سوار. أبو عليّ المصريّ الحريريّ. قال ابن يونس: حدث عن محمد بن هلال، ويونس بن عبد الأعلى، وعيسى بن مَثْرُود. كتبتُ عنه وما علمتُ عليه إلا خيرًا. توفي رحمه الله في جُمَادَى الآخرة. 436- الحَسَن بْن محمد بْن أبي الشوك الزيات1. بغداديّ، ثقة. سمع: العطاردي، وأبا فروة الرّهاويّ، وهلال بن العلاء. وعنه: أبو بكر الوراق، والدَّارَقُطْنيّ، وعمر بن شاهين، وأبو أحمد الفرضي. وكان ثقة.   1 تاريخ بغداد "7/ 419". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 211 "حرف السين": 437- سعيد بن سفيان الأندلسيّ البَجَّانيّ1. رحل إلى المشرق، وسمع من: يونس بن عبد الأعلى، وعليّ بن عبد العزيز البَغَوِيّ، وإسحاق الدَّبَريّ. 438- سلمّان بن قُرَيْش الأندلسي. يروى عن: عليّ بن عبد العزيز، ومحمد بن وضّاح. وولي قضاء مدينة ماردة. وسمع النّاسُ منه بقُرْطُبة في هذا العام في أوله. وتُوُفّي في المحرَّم منه. وكان فصيحًا بليغًا، ثقة. وولي قضاء بَطَلْيُوس. "حرف العين": 439- العبّاس بن عليّ بن الفضل الهاشميّ. أبو الفضل الخاطب. دمشقيّ. سمع: عليّ بن حرب، وأبا أُميّة الطَّرَسُوسيّ. وعنه: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وموسى بن محمد، وغيّرهما. 440 - عباس بن محمد بن عبد العظيم2. أبو القاسم السُّلَيحيّ الإشبِيليّ. سمع: محمد بن جُنادة، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وجماعة. وكان ذا ديانة وفضل. روى عنه: عبّاس بن أصبغ، وغيره. 441 - العباس أخو محمد وعُبَيْد الله بنو القاضي موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري الخطمي3.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 167". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 297، 298". 3 تاريخ بغداد "12/ 158". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 212 روى عن: الكُدَيْميّ، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن الثّلّاج. 442- عبد الله بن أحمد بن ثابت بن سلام1. أبو القاسم البغداديّ البزّاز. سمع: حفصًا الرّباليّ، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وابن أبي مذعور، وسعدان بن نَصْر. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس، وابن جُمَيْع. وكان ثقة مسنا. 443- عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن سليمان بن زَبْر الرَّبَعَيّ القاضي2. أبو محمد. بغداديّ مشهور. وُلِد سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. وسمع: عبّاسًا الدوريّ، وأبا بكر الصَّغَانّي، وأبا داود السّخْتيانيّ، وحنبل بن إسحاق، ويوسف بن مسلّم، وعبد الله بن محمد بن شاكر، وهذه الطبقة التي على رأس السبعين ومائتين. روى عنه: ابنه أبو سليمان محمد، والدَّارَقُطْنيّ، وأحمد بن القاضي المَيَانِجيّ، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن أبي حديد. ولي قضاء مصر سنة ست عشرة وثلاثمائة، وعُزل سنة سبع عشرة وأعيد هارون بن حمّاد، واستخلف أخاه أحمد. ثمّ وليَها سنة عشرين، وعُزل سنة إحدى وعشرين، ثمّ وليها سنة تسع وعشرين، وتُوُفّي بعد شهر. قلت: توفي في ربيع الأول. وقال الخطيب: وكان غير ثقة.   1 تاريخ بغداد "9/ 387، 388". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 315، 316"، ميزان الاعتدال "2/ 391"، لسان الميزان "3/ 253، 254"، النجوم الزاهرة "2/ 296"، شذرات الذهب "2/ 323". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 213 وقال محمد بن عُبَيْد الله المسبّحيّ: تقلد ابن زَبْر، وكان من سكان دمشق، القضاء على مصر. وكان شيخًا ضابطًا من الدهاة، ممشيًا لأموره. وكان عارفًا بالأخبار والكتب والسير. صنف في الحديث كُتُبًا، وعمل كتاب "تشريف الفقر على الغنى". وعن يحيى بن مكّي العدل قال: لو كان أبو محمد بن زَبْر عادلًا ما عدلتُ به قاضيًا. قال أبو عَمْر محمد بن يوسف الكنديّ: أخبرني علي بن محمد المصري أنّه رأى القاضي ابن زَبْر بدمشق اجتاز بسوق الأساكفة فشغبوا عليه ودقّوا بشفارهم على تُخُوتهم قائلين كلامًا قبيحا وهو يسلّم عليهم ويتطارش، ويُظهر أنّهم يدعون له. وقال عبد الغني بن سعيد: سمعت الدَّارَقُطْنيّ يقول: دخلتُ على أبي محمد بن زَبْر وأنا حَدَث، وهو يملي الحديث من جزء والمتن من جزء، فظن أني لا أتنبه على هذا. قال ابن زولاق: استناب على الحكم أبا بكر بن الحدّاد الفقيه وولاه وقف المرستان، وقرر له في الشهر ثلاثين دينارًا. وكان يصول على الشُهود بأقبح قَوْل. وبَسَط يده في الأموال. واعترض في التركات والوصايا. وألف سيرة في الدولتين، وألف في الحديث كُتُبًا. قال لنا أبو عَمْر محمد بن يوسف الكندي: أخذ من محمد بن بدر على قبوله وتزكيته ألف دينار. وكان قوي النفس واسع الحيلة. جاءه أبو جعفر الطَّحاويّ فأدى عنده شهادة، فقام وأجلسه معه وانحرف إليه وقال: حديث كتبته عن رجلٍ عنك منذ ثلاثين سنة. قال: فأملاه عليه. وقيل إنه بذل على القضاء ألف دينار لمحمد بن طُغْج. 444 - عَبْد الله بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن يزيد1.   1 تاريخ بغداد "10/ 124"، سير أعلام النبلاء "15/ 287، 288"، النجوم الزاهرة "3/ 273". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 214 أبو القاسم المَرْوَزِيّ الأصل، والبغداديّ المعروف بحامض رأسه، وبالحامض. سمع: الحسن بن أبي الربيع، وسعدان بن نَصْر، وأبا يحيى العطّار، وأبا أُميّة الطَّرَسُوسيّ وغيرهم. وعنه: أبو عَمْر بن حَيُّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو بكر الأبهري، والمعافى الجريري، وعمر بن أحمد الواعظ، وأبو الحُسين بن جُمَيْع. وكان ثقة، تُوُفّي في رمضان. 445 - عبد الملك بن يحيى الزَّعْفرانيّ العطّار. بغداديّ. سمع: عبد الرحمن بن محمد بن مَنْصُور. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو القاسم بن الثّلّاج. وكان ثقة. 446 - عُبَيْد الله بن إبراهيم بن بالويه. أبو القاسم النَّيْسابوريّ المُزَكّيّ. سمع: أحمد بْن يوسف، ومحمد بن يزيد، وإسحاق بن عبد الله السُّلمِيّين. وعنه: أبو بكر بن إسحاق الصّبغيّ، وأبو عليّ الحافظ، فمن بعدهما. وعاش أربعًا وثمانٍين سنة. 447 - عُبَيْد الله بن موسى بن إسحاق الأنصاريّ الخطميّ1. أبو الأسود. أخو أحمد والعبّاس. سمع: إبراهيم بن عبد الله العبسيّ، ومحمد بن سعّد العوفيّ. وعنه: ابن المظفر، والدارقطني، وأبو حفص بن شاهين. وكان ثقة. تُوُفّي في رجب.   1 تاريخ بغداد "10/ 352". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 215 448 - علي بْن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن موسى. أبو الحسن الخولانيّ المصريّ. ثقة، صالح. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بن عبد الحَكَم. تُوُفّي في رجب. 449 - عمّار بن خُرَز بن عَمْرو العُذْريّ1. أبو القاسم الجسريني قاضي الغُوطة. حدَّث عن: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد البَعْلَبَكيّ، وعطية بن أحمد الْجُهَنيّ، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة. وعنه: أبو الحُسين الرازيّ، وأحمد بن عُتْبَة، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 450- عَمْر بن محمد بن رجاء2. أبو حفص العكبري. روى عن: عبد الله بن الإمام أحمد، وموسى بن حمدون العُكْبريّ. وعنه: أبو عبد الله بن بطة. وكان عبدًا صالحًا ديِّنًا، ثقة، كبير القدر، من أئمة الحنابلة. قال ابن بطّة: إذا رأيت الرجل العُكْبريّ يحب أبا حفص بن رجاء، فأعلم أنه صاحب سنة. ولنا رجلان من أئمة الحنابلة بعد الثمانين وثلاثمائة كل منهما يكنى أبا حفصٍ العُكْبريّ. "حرف الميم": 451 - متى بن يونس3. رأس الفلسفة.   1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 456، 457". 2 تاريخ بغداد "11/ 239"، طبقات الحنابلة "2/ 56، 57". 3 الكامل في التاريخ "8/ 338". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 216 أخذ عنه الفارابيّ. أرّخه المؤيد. 452 - محمد بْن أحمد بْن عبد الواحد بْن صالح. أبو المغيث الأمويّ، مولاهم الدّمشقيّ الصّفّار. سمع: بكّار بن قُتَيْبة، وجماعة. وعنه: أبو الحُسين الرازي، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 453 - محمد بن أحمد بن دلُّوَيْه. أبو بكر الدّقاق. نَيسابوريّ صدوق. سمع: أحمد بن حفص، ومحمد بن يزيد السُّلميّين، ومحمد بن إسماعيل البخاري. وعنه: عبد الله بن سعد، وأبو عليّ الحافظ، ومحمد بن الحُسين العَلَويّ، وحمزة المهلبيّ، وآخرون. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 454 - محمد بن أيّوب بن المُعَافَى1. أبو بكر العُكْبريّ. سمع: الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم الحربيّ، وجماعة. وعنه: ابن بطة. وكان صالحًا زاهدًا ثقة. قال ابن بَطّة: ما رأيت أفضل منه. مات في رمضان. قلتُ: آخر مَن روى عَنْهُ أبو الطّيّب محمد بن أحمد بن خاقان العكبري.   1 تاريخ بغداد "2/ 84". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 217 455- محمد، وقيل أحمد، أبو إسحاق أمير المؤمنين الرّاضي بالله1 بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد بالله أحمد بن أبي أحمد الموفّق وليّ العهد بن المتوكّل. وُلِد سنة 297. وأُمُّهُ أمةٌ روميّة. وكان قصيرًا أسمر نحيفًا، في وجهه طول. بويع بالأمر بعد عمه القاهر لما سملوا القاهر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. قال الخطيب أبو بكر: وللراضي فضائل منها أنه آخر خليفة له شعرٌ مدون، وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش، وآخر خليفة خطب يوم الجمعة، وآخر خليفة جالس الندماء، وكانت جوائزه وأموره على ترتيب المتقدمين منهم. ومن شعره: كل صفوٍ إلى كدر ... كل أمرٍ إلى حذر ومصير الشباب للمو ... ت فيها أو الكبر در در المشيب من ... واعظٍ ينذر البشر أيها الآمل الذي ... تاه في لجة الغرر أين من كان قبلنا ... ذهب الشخص والأثر رب فاغفر لي الخطي ... ئة يا خير من غفر توفي في ربيع الأول، وله 32 سنة. 456 - محمد بن أبي جعفر2. الأستاذ أبو الفضل المنذري الهروي اللغوي الأديب. روى عن: عثمان بن سعيد الدارمي، وغيره. ورحل فأخذ العربية، عن: ثعلب، والمبرد.   1 تكملة تاريخ الطبري للهمذاني "89 - 95"، سير أعلام النبلاء "15/ 103، 104"، شذرات الذهب "2/ 324". 2 الوافي بالوفيات "2/ 297"، بغية الوعاة "1/ 29". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 218 وله عدة مصنفات منها: كتاب "نظم الجمان"، وكتاب "الملتقط"، وكتاب "الفاخر"، وكتاب "الشامل". روى عنه: أبو منصور الأزهري فأكثر، وحامد بن محمد الماليني، والعباس القرشي. وقد ملأ الأزهري "التهذيب" بالرواية عنه. توفي في هذه السنة في رجب. 457- محمد بن حسين بن زيد. أبو جعفر التنيسي. حدث عن: يونس بن عبد الأعلى، وغيره. وطال عمره. قال ابن يونس: ثقة، عاقل. كان له بتنيس منزلة جليلة ومحل ويسار. توفي بتنيس في شعبان. 458- محمد بْنُ حَمْدَوَيْهِ بْنِ سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ1. أَبُو نَصْرٍ الْغَازِيُّ الْمُطَّوِّعِيُّ. قَدِمَ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ عَنْ: سُلَيْمَانَ بْنِ مَعْبَدٍ السِّنْجِيِّ، وَمَحْمُودِ بْنِ آدَمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْخُوَارَزْمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْه، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَيُوسُفُ الْقَوَّاسُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ، وَمحمد بْنُ أَحْمَدَ السّليطيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ حَافِظٌ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، أَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ كِتَابَةً، أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ، أَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَا محمد بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ محمد بْنُ حَمْدَوَيْهِ الْغَزِّيُّ: ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ لعبد الله: عكوفًا بين دارك ودار   1 تاريخ بغداد "5/ 232"، سير أعلام النبلاء "15/ 80، 81"، تذكرة الحفاظ "872". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 219 أَبِي مُوسَى، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ" 1. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا، وَأَخْطَأْتَ فَأَصَابُوا. 459- محمد بن خالد بن وهب2. أبو بكر التيمي القُرْطُبيّ الفقيه. قاضي أكشونية. سمع من أبيه، ومن: ابن وضّاح، وسعيد بن حمْيرَ. 460 - محمد بن سعيد بن حمّاد البغداديّ3. أبو سالم الْجُلُوديّ. سمع: الحسن بن عَرَفَة، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبا جعفر بن المنادي، وروى "السنن" لأبي داود، عنه. روى عنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو الفتح القوّاس ووثقه. 461 - محمد بن سليمان بن أحمد بن حبيب بن الوليد بن عَمْر الأمويّ. المروانيّ الأندلسيّ. بالأندلس. لم يذكره ابن الفَرَضيّ. قال ابن يونس: يُعرف بالحَبيبيّ، روى عن أهل بلده. 462 - محمد بن العبّاس بن شجاع4. أبو مقاتل المروزي، ثم البغدادي.   1 "حديث صحيح": أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "4/ 316"، والطحاوي في مشكل الآثار "4/ 20"، وعبد الرزاق في المصنف "8016" موقوفا، والطبراني في الكبير "9511/ 9" موقوفا أيضا، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة "2786". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 49". 3 تاريخ بغداد "5/ 311". 4 تاريخ بغداد "3/ 115". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 220 حدث عن: أحمد العُطارِديّ، وابن أبي الدّنيا. وعنه: يوسف القواس، وغيره. 463- محمد بن العباس بن مهران المستملي1. عن: محمد بن عيسى المدائني، وابن أبي العوام. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين. توفي في شعبان ببغداد. 464 - محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن العلاء البغدادي2. أبو جعفر الكاتب. سمع: أحمد بن بديل اليامي، وعلي بن حرب. وعنه: الدارقطني، وأبو الحسن الجراحي، وإسماعيل بن الحسن الصرصري، وابن جميع. وقع لي حديثًا عاليا. توفي في جمادى الأولى. قال الدارقطني: ثقة، مأمون. 465 - محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن رجاء3. الوزير أبو الفضل البلعمي التميمي البخاري. واحد عصره في العقل والرأي. سمع: أبا الموجه محمد بن عمرو، والإمام محمد بن نصر المروزيين. وله كتاب "تلقيح البلاغة"، وكتاب "المقالات"، وغير ذلك. ثم إن الحاكم بعد أن قال أكثر من هذا روى أحاديث، عن جماعة، عنه. وهو وزير صاحب ما وراء النهر وخراسان إسماعيل بن أحمد.   1 تاريخ بغداد "3/ 116". 2 تاريخ بغداد "2/ 331". 3 الكامل في التاريخ 8/ 378"، سير أعلام النبلاء "15/ 292"، الوافي بالوفيات "4/ 5". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 221 وكان جده الأعلى قد استوى على بلعم، وهي من بلاد الروم، حين دخلها مسلمة بن عبد الملك. فأقام بها وكثر نسله بها، فنسبوا إليها. سمع أكثر الكتب من محمد بن نصر. وكان يتنحل مذهبه، وله يد طولى في الإنشاء والبلاغة. مات في صفر. 466- محمد بن علي بن إسماعيل1. أبو عبد الله الأيلي. سمع: إسحاق الدبري، ومقدام بن داود الرعيني، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة بالشام، ومصر، واليمن. وعنه: الدارقطني، وابن أخي ميمي، ومحمد بن الحسن بْن المأمون، وآخرون. وثقه الخطيب. وتُوُفيّ فِي شوال. 467 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن الفياض البغدادي الكاتب. أملى بدمشق عن: الكديمي. وعنه: أبو بكر بن أبي الحديد. 468- محمد بن القاسم بن محمد2. أبو عبد الله الأزدي ابن بنت كعب. بغدادي، ثقة صالح. سمع: الحسن بن عرفة، والهيثم بن سهل، وعلي بن حرب. وعنه: الدارقطني، ويوسف القواس، وأبو القاسم بن الثلاج. وتوفي في ربيع الآخر عن سنٍّ عالية.   1 تاريخ بغداد "3/ 77". 2 تاريخ بغداد "3/ 186". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 222 469 - محمد بن منير بن محمد بن عنبسة. أبو جعفر المصري. عن: يونس بن عبد الأعلى. وعنه: أبو الحسين الرازي، وأبو بكر بن أبي الحديد. 470 - منصور بن محمد بن عليّ بن قَرِينة بن سوِيّة1. وضبطه ابن ماكولا "قرينة"، وقال غيره، "مزينة". كذا فِي نسخة صحيحة "بتاريخ نسف" للمستغفري، وكذا فِي نسخة "بصحيح البخاري". أبو طلحة البزدوي النسفي الدِّهْقان. ويقال فيه: البزديّ. دِهْقان قرية بَزْدَة. وثقه ابن ماكولا وقال: كان آخر من حدَّث "بالجامع الصحيح" عن البخاريّ. قال جعفر المستغفريّ: يضعفون روايته من جهة صِغَره حين سمع. ويقولون: وُجد سماعه بخطّ جعفر بن محمد مولى أمير المؤمنين دِهْقان توين. وقرأوا كلّ الكبار من أصل حماد بن شاكر. وسمع منه أهل بلده، وصارت إليه الرحلة في أيّامه. ثمّ قال المستغفريّ: ثنا عنه أَحْمَد بن عبد العزيز المقرئ، ومحمد بن عليّ بن الحُسين. ومات سنة تسعٍ وعشرين. 471 - موسى بن عيسى بن مهديّ. أبو القاسم الدّبّاغ. سمع: أبا أُميّه الطَّرَسُوسيّ. مات في شوّال بمصر. "حرف الياء": 472 - يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البُهْلُول التَّنُوخيّ الأزرق2.   1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 243"، سير أعلام النبلاء "15/ 279، 280"، لسان الميزان "6/ 100". 2 تاريخ بغداد "14/ 321، 322"، المنتظم "6/ 325"، سير أعلام النبلاء "15/ 289"، البداية والنهاية "11/ 201". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 223 الكاتب. بغدادي الدّار، أنباريّ المولد. وُلِد سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. وسمع: جدّه، والزبير بن بكّار، وبِشْر بن مطر، ويعقوب بن شيبة السَّدُوسيّ، والحسن بن عَرَفَة، وجماعة. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع، وأبو الحُسين بن المتيمّ، وإبراهيم بن عبد الله بن خُرْشِيد قوله، وآخرون. قال أحمد بن يوسف الأزرق: سمعتُ أبي يقول: خرج عن يدي إلى سنة خمس عشرة وثلاثمائة نيفٌ وخمسون ألف دينار في أبواب البِر. قال أبو القاسم التَّنُوخيّ: كان كاتبًا جليلًا، متصرفًا. وكان متخشّنًا في دِينه، أمارًا بالمعروف. تُوُفّي في آخر السنة. قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكُمْ أبو محمد المقدسيّ سنة خَمْسِ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنَا عَلِيُّ بن محمد، ثنا عُبَيْد الله بن أبي مسلم، ثنا يوسف بن يعقوب الأزرق، ثنا بِشْر بن مطر، ثنا سفيان، عن أبي نجيح، عن إبراهيم بن أبي بكر، عن مجاهد، في قوله عز وجل: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] . قال: ذلك في الضيافة. إذا أتيت رجلًا فلم يُضِفْك، فقد رُخص لك أن تقول. وفيات سنة ثلاثين وثلاثمائة: "حرف الألف": 473 - أحمد بن إبراهيم بن سعد الخير الأزدي. عن: أبيه، وعمّه خطّاب. وعنه: أبو هاشم المؤدب، وغيره بدمشق. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 224 474 - أحمد بن أَحَيْد بن فَرِينام. أبو محمد الورّاق. سمع: أبا عيسى التِّرْمِذيّ، وعُبَيْد الله بن واصل البخاريّ. وعنه: أهل ما وراء النهر. 475- أحمد بن سليمان بن فَرِينام البخاريّ. عن: أبي صفوان إسحاق بن أحمد السلميّ، وعُبَيْد الله بن واصل، وجماعة. وعنه: حفيده عبد الرحمن بن محمد، وسهل بن عثمانٍ السُّلَميّ. 476- أحمد بن عُبادة بن عَلْكَدَة1. أبو عَمْر الرُّعَيْنيّ القُرْطُبيّ. سمع: محمد بن وضّاح، والخشنيّ. وحج فسمع من ابن المنذر كتابة في الاختلاف. تُوُفّي في رجب. 477 - أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل النَّيْسابوريّ. أبو حامد الْجُلُوديّ. سمع: أيّوب بن الحسن، ونحوه. وعنه: أبو سَعِيد بْن أَبِي بَكْر، وأبو عبد الله العلويّ. 478 - أحمد بن ماجد بن عَمْرَوَيْه. أبو حامد البخاري المتكلّم. روى عن: سُفْيان بن عبد الحكيم، وغيره. وعنه: سهل بن عثمانٍ السُّلَميّ البخاريّ. 479 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الرجال الصلحي2.   1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 34"، جذوة المقتبس "140". 2 تاريخ بغداد "4/ 385، 386". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 225 أبو عبد الله. عن: أبي أُميّة، ويزيد بن محمد الرُّهاويّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وجماعة. عاش إحدى وثمانٍين سنة. 480 - أحمد بن محمد بن ميمون بن هارون بن مَخْلَد1. أبو الحُسين البغداديّ الكاتب. ولي الوزارة للمتقي لله ابن المقتدر سنة تسعٍ وعشرين وثلاثمائة، فبقي شهرًا وعُزِل، فنُصب أبو عبد الله البريديّ. ومات بعد أشهر في المحرَّم مسجونًا، وله خمسون سنة. 481 - أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال2. أبو حامد النَّيْسابوريّ، ويُعرف بالخشاب لسكناه بالخشابين. سمع: الذُهْليّ، وعبد الرحمن بن بِشْر، وأحمد بن يوسف. وبالحجاز: الحسن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وبحر بن نَصْر الخَوْلانيّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وعاصم بن يحيى الزّاهد، والحسين بن محمد الستوري، وطائفة سواهم. تُوُفّي يوم عيد الأضحى. وقد رآه أبو عبد الله الحاكم ولم يسمع منه. 482- أحمد بن محمود بن طالب بن حيت3، بحاء مهملة وياء ساكنة ثمّ تاء مثناة، ابن موسى. أبو حامد البخاري الصّرّام. حدَّث عن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي حفص، ويعقوب بن عرمل.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 122"، الكامل في التاريخ "8/ 372، 373". 2 الأنساب "5/ 120"، سير أعلام النبلاء "15/ 284، 285"، البداية والنهاية "11/ 204". 3 المشتبه في أسماء الرجال "1/ 180، 273". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 226 توفي بعد الثلاثين وثلاثمائة وكتب هنا سهوا. روى عنه: سهل بن عثمان السلمي. عاش مائة وخمسين سنة. 483- إسحاق بن محمد1. أبو يعقوب النهرجوري الصوفي، أحد المشايخ. صحب الجنيد، وعمرو بن عثمان المكي، وجاور بمكة مدة، وبها مات. قال أبو عثمان المغربي: ما رأيت في مشايخنا أنور من النهرجوري. قَالَ السُّلَميّ: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله الرازي: سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول في الفناء والبقاء: هو فناء رؤية قيام العبد لله، وبقاء رؤية قيام الله في الأحكام. وعنه قال: الصدق موافقة الحقّ في السّرّ والعلانيّة، وحقيقة الصدق القول بالحقّ في مواطن الهلكة. وقال إبراهيم بن فاتك: سمعتُ أبا يعقوب يقول: الدنيا بحرٌ، والأخرة ساحل، والمركب التقوى، والناس سَفّرٌ. وعنه قال: اليقين مشاهدة الإيمان بالغيب. أرّخ موته أبو عثمانٍ المغربيّ. "حرف الباء": 484 - بدر الخَرْشَنيّ. الأمير، حاجب المتّقي لله2. هرب إلى الشّام لمّا غلب محمد بن رائق على بغداد فأكرمه الإخشيد وولاه إمرة دمشق فَوَلِيَهَا في هذه السنة شهرين، ومات، فولي بعده الحسين بن لؤلؤ.   1 حلية الأولياء "10/ 356"، سير أعلام النبلاء "15/ 232، 233"، الوافي بالوفيات "8/ 423، 424". 2 تجارب الأمم "1/ 322، 333، 335"، الكامل في التاريخ "8/ 283، 307، 314". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 227 "حرف التاء": 485 - تَبُوك بن أحمد بن تَبُوك بن خالد1. أبو محمد السُّلميّ، مولاهم الدّمشقيّ. سمع: أباه، وهشام بن عمّار. وعنه: أبو الحُسين محمد بن عبد الله الرازي، والحسن بن محمد بن دَرَسْتَوَيْه. وورّخ موته الرازيّ. وروى الأهوازيّ عن ابن دَرَسْتَوَيْه عَنْهُ. "حرف الجيم": 486- جعفر بن عليّ بن سهل2. أبو محمد الدّقاق الحافظ. بغداديّ. روى عن: محمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، ومحمد بن زكريّا الغلابيّ، وإبراهيم الحربيّ. وعنه: أبو محمد بن ماسي، وأبو أحمد الغِطْريفيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع الصَّيداويّ. وقع لنا حديثه بعُلُوّ. قال أبو زُرْعة: محمد بن يوسف الْجُرْجانيّ كان فاسقًا كذابًا. "حرف الحاء": 487- الحسن بن الحُسين بن منصور. أبو محمد النيسابوري النصراباذي السمسار.   1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 338"، سير أعلام النبلاء "15/ 60"، شذرات الذهب "2/ 326". 2 معجم الشيوخ لابن جميع "240". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 228 أحد العُباد المشهورين بطلب العلم، المنفقين مالهم على الحديث. سمع: محمد بن عبد الوهّاب الفراء، وأحمد بن يوسف السُّلميّ. وعنه: ابنه أبو الحسن، وأبو عليّ الحافظ. 488- الحُسين بن أحمد بن صدقة1. أبو القاسم الفارسيّ، ثمّ البغداديّ الفرائضيّ الأزرق. سمع: محمد بن حمزة الطوسي، وزكريا المروزي، وعباس بن محمد الدوري، وأحمد بن الوليد الفحام، ومحمد بن المنادى؛ وكان عنده "تاريخ أحمد بن أبي خيثمة" عَنْهُ. روى عنه: أبو حفص بن شاهين، وأبو الحُسين بن جُمَيْع، وابن الصّلْت الأهوازيّ. قال الخطيب: كان ثقة. 489- الحُسين بْن إسماعيل بْن محمد بْن إسماعيل بْن سعيد بن أبان2. أبو عبد الله الضّبّيّ البغداديّ المَحَامليّ القاضي. وُلِد في أول سنة خمسٍ وثلاثين. وأول سماعة سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. سمع: أبا هشام الرفاعيّ، وعمرو بن عليّ الفلاس، وعبد الرحمن بن يونس السّرّاج، وزياد بن أيوب، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وأحمد بن المقدام، وأحمد بن إسماعيل السهمي، وخلقًا كثيرًا. وروى عنه: دَعْلَج، والدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع، وإبراهيم بن خرشيد قولة، وابن الصلت الأهوازيّ، وأبو عمر بن مهديّ، وأبو محمد بن البَيِّع. قال الخطيب: كان فاضلًا ديِّنًا صادقًا، شهد عند القضاة، وله عشرون سنة. وولي قضاء الكوفة ستين سنة. وقال ابن جُمَيْع: عند المَحَامليّ سبعون رجلًا من أصحاب ابن عيينة.   1 معجم الشيوخ لابن جميع "257"، تاريخ بغداد "8/ 6، 7". 2 تاريخ بغداد "8/ 19 - 23"، سير أعلام النبلاء "15/ 258، 263"، الوافي بالوفيات "12/ 341". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 229 وقال أبو بكر الداوودي: كان يحضر مجلس المحاملي عشرة الآلف رجل. استعفى من القضاء قبل سنة عشرين وثلاثمائة، وكان محمودًا في ولايته. عقد سنة سبعين ومائتين في داره مجلسًا للفقه، فلم يزل أهل العلم والنظر يختلفون إليه. وقال محمد بن الحُسين الإسكاف: رأيتُ في النوم كأنَ قائلًا يقول: إنّ الله ليدفع عن أهل بغداد البلاء بالمَحَامليّ. آخر من روى عن المحاملي عاليًا سبط السفلي، وبالإجازة ابن عبد الدائم. ولعله قد تفرد بالرواية عن مائة شيخ. ومن شيوخه: البخاريّ، وأبو حاتم، والحسن بن الصباح البزار، والحسن الزعفراني، ومحمد بن المُثنى الزَّمِن، ومحمد بن الوليد البُسريّ، ومحمد بن عبد الله المخرَّميّ، وطبقتهم. وأوّل سماعه في سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. قال حمزة بن محمد بن طاهر: سمعتُ ابن شاهين يقول: حضَر معنا ابن المظفّر مجلس المَحَامليّ، فقال لي: يا أبا حفص، ما عدمنا من أبي محمد بن صاعد إلا عينيه. يريد أن المَحَامليّ في طبقة ابن صاعد. أملى المَحَامليّ مجلسًا في ثاني عشر ربيع الآخر من السنة، ثمّ مات بعد ذلك المجلس بأحد عشر يومًا رحمه الله. حديثه بعُلُوٍّ عن سِبْط السَّلَفيّ. 490- الحُسين بْن محمد بْن إبراهيم1. أبو عَبْد الله التّميميّ البقال الدّمشقيّ. روى عن: أبي زُرْعة الدّمشقيّ، وزكريا خياط السنة. روى عنه: أبو الحسين الرازي، وأبو سليمان بن زبر. "حرف الخاء": 491- خليل بن إبراهيم الأندلسي2.   1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 358". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 140". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 230 يروي عن: عبيد الله بن يحيى ين يحيى، وغيره. وكان عبدًا صالحًا. "حرف الزاي": 492- زكريا بن أحمد ابن المحدث يحيى بن موسى ختّ1. أبو يحيى البلْخيّ. ولي قضاء دمشق أيّام المقتدر. وحدَّث عن: يحيى بن أبي طالب، وأبي حاتم الرازيّ، وعبد الرحمن بن مرزوق البزوري، وعبد الصّمد بن الفضل البلْخيّ، ومحمد بن الفضل البخاري، ومحمد بن سعد العوفيّ، وجماعة. وعنه: أبو الحسين الرازي، وأبو بكر وأبو زرعة ابنا أبي دجانة، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهاب الكِلابيّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وخلق كثير. وكان من كبار الشّافعيّة وأصحاب الوجوه. تكرر ذكره في "المهذب" و "الوسيط". فمن غرائبه: أنّ القاضي إذا أراد نكاح مَن لا وليّ لها لهُ أن يتولّى طرَفيّ العقد. قال الرّافعيّ: يقال إنّه لمّا كان قاضيًا بدمشق تزوَّج امرأة ولّي أمرها لنفسه. ومن غرائبه قال: لو شرط في القراض أن يعمل ربُّ المّال مع العامل جاز. حكاه عنه العّباديّ في الرقم له. "حرف العين": 493- عبد الله بن باذان2. أبو محمد الإصبهاني المقرئ.   1 سير أعلام النبلاء "15/ 293، 294"، البداية والنهاية "11/ 131، 204"، شذرات الذهب "2/ 326، 327". 2 غاية النهاية "1/ 410، 411". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 231 قرأ على: محمد بن عبد الرّحيم. وحدَّث عن: جعفر بن الصّبّاح، وغيره. وعنه: أبو سنم بن شهدل. تُوُفّي في شعبان. 494- عبد الله بن يونس بن محمد بن عُبَيْد الله1. أبو محمد القبْريّ الأندلسيّ المُراكشيّ. أصله من قَبْره. سمع الكثير من: بَقِيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن عبد السّلام الخشنيّ، وجماعة. وسمع الناس عنه كثيرًا. قال ابن الفرضي: ثنا عنه جماعة، وتُوُفّي في رمضان عن 77 سَنَة. 495- عبد الرحمن بْن عبد الله بْن هاشم2. أبو عيسى الأنباريّ. عن: إسحاق بن سيّار النَّصِيُبيّ، وإسحاق بن خالد البالسيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، والجراحيّ، وابن الثّلّاج. 496- عبد الغافر بن سلامة بن أحمد بن عبد الغافر3. أبو هاشم الحضْرميّ الحمصيّ. حدَّث في عدّة مدن عن: كثير بن عبيد، ويحيى بن عثمان، ومحمد بن عَوْف الحمصيَّينْ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص بن شاهين، وابن جامع الدّهّان، وابن الصلت الأهوازيّ، وأبو عَمْر الهاشمي، وابن جُمَيْع الغسانيّ. قال الخطيب: كان ثقة، مات بالبصرة فيما بلغني، وله بضعٌ وتسعون سنة.   1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 226"، جذوة المقتبس للحميدي "266، 267". 2 تاريخ بغداد "10/ 289". 3 تاريخ بغداد "11/ 136 - 138"، سير أعلام النبلاء "15/ 294"، البداية والنهاية "11/ 402". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 232 497- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيُّ1. أَبُو الْعَبَّاسِ الزَّيَّاتُ. سَمِعَ: الْحَسَنَ بْنَ عَرَفَةَ، وَالْحَسَنَ بْنَ أَبِي الرَّبِيعِ، وَحَفْصَ بْنَ عَمْرٍو الرَّبَالِيَّ، وَغَيْرَهُمْ. وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ، وَأَبُو الْفَضْلِ محمد بْنُ الْمَأْمُونِ، وَمحمد بْنُ نَجَاحٍ، وَمحمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جُمَيْعٍ. وَثَّقَهُ الْخَطِيبُ. وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى. أخبرنا ابن الْقَوَّاسِ: أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ حُضُورًا، أَنَا جَمَالُ الْإِسْلَامِ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ الْخَطِيبُ، أَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ: ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو الرَّبَالِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عن عكرمة، عَنِ ابْنِ الْعَبَّاسِ: " أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ"2. 498 - عبد الملك بن محمد بن بكر السعدي الأندلسي3. سمع الكثير من: ابن لُبانة الأندلسي، وغيره. وارتحل إلى المشرق، فسمع من: يحيى بن صاعد، وطبقته. وصنَّف في نصرة مالك. ومات كهلًا. 499- عليّ بن الحسن بن سليمّان بن شعيب الكيسانيّ. روى عن: جدّه، وغيره.   1 تاريخ بغداد "10/ 429، 430"، شذرات الذهب "2/ 327". 2 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3728"، والترمذي "1888"، وابن ماجه "3288"، وأحمد في المسند "1/ 220"، والدارمي في سننه "2134"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود "3728". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 273". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 233 وكان ثقة، فقيرًا مؤدبًا. مات في شعبان. قاله ابن يونس. 500 - عليّ بن محمد بن عُبَيْد بن عبد الله بن حساب1. أبو الحسن البغداديّ البزاز الحافظ. سمع: عبّاسًا الدوريّ، والحنينيّ، وأحمد بن أبي غَرْزَةَ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع. وأبو الحُسين بن المتيم، وغيرهم. قال الخطيب: كان ثقة عارفًا. تُوُفّي في شوال. وقد ولد سنة اثنتين وخمسين ومائتين. وروى عن خلقٍ سوى مَن ذكرنا. 501 - عَمْر بن سهل بن إسماعيل2. أبو بكر القرمِيسينيّ الدّيَنَوريّ الحافظ. سمع: الحسن بن سلّام السّوّاق، وإبراهيم بن أبي العنبس، وأبا قلابة الرَّقاشي. وعنه: صالح بن أحمد الهمذانيّ، وابن تركان، والهمدانيّون. وكان ثقة عارفًا بالفن. "حرف الميم": 502- محمد بن أحمد بن صالح بْن أَحْمَد بْن محمد بْن حنبل3. أبو جعفر الذهلي الشيبانيّ. سمع: أباه، وعمه زهيرًا، وإبراهيم بن خالد الهسنجانيّ. وعنه: أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم الأبندونيّ، وأبو بكر الورّاق، والدَّارَقُطْنيّ.   1 تاريخ بغداد "12/ 73، 74"، سير أعلام النبلاء "15/ 386"، شذرات الذهب "2/ 327". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 879". 3 تاريخ بغداد "1/ 309". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 234 503- محمد بن أحمد بن عَمْرَوَيْه1. أبو عبد الله النَّيْسابوريّ البيليّ، بباءٍ موحدَّة، المعدّل. سمع: عليّ بن الحسن الدرابجردي، ومحمد بن عَبْد الوهّاب الفرّاء. وعنه: أبو أحمد محمد بن الفضل، وغيره. 504 - محمد بن إبراهيم بن عليّ العلويّ الحسينيّ أبو جعفر. حدث عن النسائي وغيره بمصر. 505 - محمد بن بدر بن عبد العزيز المصري2. قاضيها. روى عن: عليّ بن عبد العزيز البغويّ. وولي قضاء مصر. كتب عنه: أبو الحُسين الرازي، وأبو سعيد بن يونس. وكان أبوه روميًّا صَيْرفيًّا. وتفقّه على مذهب أبي حنيفة. وأخذ عن: الطَّحاويّ. وكان ثقة. روى "غريب الحديث" لأبي عُبَيْد، عن عليّ، عنه. وحَّدث بدمشق، وولي قضاء مصر ثلاث مرات. أخباره في آخر الطبقة. 506- محمد بن خالد بن وهْب بن الصغير3. أبو بكر السهميّ القُرْطُبيّ. سمع: أباه، ومحمد بن وضّاح. وكان حافظا للفقه، يعتمد على قول ابن الماجشون.   1 تاريخ بغداد "1/ 326"، الإكمال لابن ماكولا "1/ 402"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 108". 2 الولاة والقضاة الكبرى "486، 488 - 490"، حسن المحاضرة "2/ 90". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 49". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 235 507- محمد بن رائق1. أبو بكر الأمير ابن الأمير أبي مسلم المعتضديّ. كان بطلًا شجاعًا مقدامًا، وافر الحُرْمة، عظيم السَطْوة، عالي الهمّة. قدِم دمشق، وأخرج عنها بدرًا الإخشيديّ، فأقام أشهرًا، ثمّ توجّه إلى مصر، فالتقى هو ومحمد بن طُغْج الإخشيد صاحب مصر، فهزمه الإخشيد، ورجع ابن رائق فأقم بدمشق أشهُرًا، ثمّ سار إلى الموْصِل قاصدًا بغداد، فدخلها وخلع عليه المتّقي لله خلعة الإمارة وألبسه الطَّوْق والسوار، وقلده الأمور. ثمّ خرج مع المتّقي لله إلى المَوْصل لحرب ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان. وجَرَت له أمور طويله. وقُتِل بالموصل كما ذكرنا في الحوادث. قال الصوليّ: أنشدنا الأمير محمد بن رائق في فتاه مشرِق: يَصْفَرُّ لوْني إذا بصُرْتُ به ... خوفًا ويحمرّ وجهه خجلًا حتّى كأنّ الّذي بوجنته ... من دم قلبي إليه قد نقلا 508- محمد بن عبد الله بن قرن2. أبو عبد الله الفَرَغانيّ الورّاق. المعروف بأخي أرغل. سكن دمشق، وحدَّث عن: عليّ بن حرب، وعبّاس الترقفيّ، وعباس الدوري، وأبي قلابة. وعنه: أبو هاشم المؤدب، وعبد الله بن محمد بن أيوب الحافظ، وشافع بن محمد الإسفرائينيّ، وعبد المحسن بن عَمْر الصّفّار، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، تُوُفّي في ذي القعدة بدمشق. 509- محمد بن عبد الله3. أبو بكر الصيرفي البغدادي.   1 الكامل في التاريخ "8/ 382، 383"، سير أعلام النبلاء "15/ 325، 326"، الوافي بالوفيات "3/ 285". 2 تاريخ دمشق "37/ 242". 3 تاريخ بغداد "5/ 449، 450"، الكامل في التاريخ "8/ 392"، شذرات الذهب "2/ 325". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 236 تفقه على ابن سُرَيْج. قيل: كان أعلم النّاس بالأصول بعد الشّافعيّ. وله كتاب في الشروط في غاية الحُسن. وله مصنَّفات في أصول المذهب وفروعه. وكان صاحب وجه. سمع: أحمد بن منصور الرّماديّ. روى عنه: عليّ بن محمد الحلبيّ، وسمع منه بمصر. وتُوُفّي في رجب. ومن غرائب وجوهه إيجاب الحدّ على مَن وطئ في النكاح بلا وليّ إذا كان يعتقد تحريم ذلك. 510- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْم1. أبو بكر الحِمْيرَيّ. مولاهم المصريّ النَّحويّ المعروف بالمَلَطيّ. إمام جامع عمرو بن العاص. روى عن: بكّار بن قُتَيْبة، وإبراهيم بن مرزوق، وجماعة. وكان ربّما تمنّع من الرواية. وكان يُعلم أولاد الملوك النَّحْو. تُوُفّي في ربيع الآخر. قاله ابن يونس. 511- محمد بن المحدَّث عبد الصّمد بن الفضل البلْخيّ. أبو ذَرّ. وُجِد مقتولًا بنهر بلْخ في شوّال. 512- محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج2. أبو عبد الله القُرْطُبيّ.   1 بغية الوعاة "1/ 143، 144". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 50"، سير أعلام النبلاء "15/ 241، 343"، الوافي بالوفيات "4/ 37". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 237 سمع: محمد بن وضاح، وعبد الله بن خالد، ويحيى بن هلال. ورحل سنة أربعٍ وسبعين مع قاسم بن أصْبغ فسمع: أحمد بن أبي خَيْثَمة، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن الْجَهْم السّمري، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وجعفر بن محمد بن شاكر، وعليّ بن عبد العزيز البغوي، والمطلب بن شعيب المصريّ، وجماعة. وكان مفتيًا، فقيهًا، مشاورًا، مالكيًا، حافظًا، ثقة. صنف كتابًا على "سُنَن أبي داود" كما فعل ابن اصبغ. وذهب بصره في أواخر أيامه. مولده سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وتُوُفّي في منتصف شوّال. روى عنه: عباس بن أصبغ الحجازيّ، وابنه أحمد بن محمد، وطائفة بالأندلس. اشتهر ذكره، وولي الصلاة بقُرْطُبة بعد أحمد بن بَقِيّ. 513 - محمد بن عُبَيْد الله بن زياد البغداديّ1. أبو أحمد، يُعرف بابن زبورا. سمع: أبا بكر بن أبي الدنيا، وتمتام، وجعفر بن محمد بن كزال. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. 514- محمد بن عَمْر بن حفص2. أبو جعفر الْجُورجيري الإصبهانيّ. سمع: إسحاق بن إبراهيم بن شاذان، وإسحاق بن الفيض، ومسعود بن يزيد القطّان، ومحمد بن عاصم الثقفي، وحجاج بن يوسف بن قُتَيْبة، وإبراهيم بن عبد الله الجمحي. وعنه: الحافظ ابن إِسْحَاق بْن حمزة، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو عبد الله بن منده، وعثمان البرجمي، وآخرون.   1 تاريخ بغداد "2/ 332". 2 أخبار أصبهان "2/ 272"، سير أعلام النبلاء "15/ 271، 272"، شذرات الذهب "2/ 328". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 238 تُوُفّي في ربيع الأوّل. يقع حديثة عاليًا في "الثقفيّات". 515- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة1. أبو عبد الله القُرْطُبيّ. سمع من: عمّه محمد بن عَمْر الحافظ. ورحل، فسمع من: حماس بن مروان بالقيروان. وكان عارفًا بمذهب مالك، حافظًا له. ولي قضاء البيرة، وله مصنَّف في الفقه. وكان جاهلًا بالآثار عايبًا لأهلها. لم يكن بالمرضيّ. 516- محمد بن يوسف بن بِشْر بن النَّضْر بن مِرداس2. أبو عبد الله الهَرَوِيّ الحافظ، الفقيه الشّافعيّ. أحد الرحّالين في العلم. سمع: محمد بن حمّاد الطِّهْرانيّ، والربيع المُراديّ، وأحمد بن البَرْقيّ، ومحمد بن عَوف الحمصي، والحسن بن مُكْرم، والعبّاس بن الوليد البيروتيّ، وخلقًا سواهم. وعنه: الطَّبَرانيّ، والزبير بن عبد الواحد الأسداباذيّ، وعبد الواحد بن أبي هاشم المقرئ، وأبو بكر الأبْهَريّ، وآخرون. تُوُفي في رمضان، وقد كمّل المّائة وتجاوزها بأشهر. وآخر من حدَّث عنه: أبو بكر بن أبي الحديد. وثقه الخطيب.   1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 51، 52". 2 تاريخ بغداد "3/ 405، 406"، سير أعلام النبلاء "15/ 252، 254"، البداية والنهاية "11/ 204". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 239 "حرف الهاء": 517- هارون بن عبد الملك بن عبد الله القَيْسي الأندلسي. يروي عن: بَقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح، وجماعة. وكان رجلًا صالحًا. مذكورٌ في "تاريخ ابن الفَرَضّي". وهو قُرْطُبيّ. أرّخه ابن يونس أيضًا. "الكنى": 518 - أبو صالح العابد1. وإليه يُنْسَب مسجد أبي صالح الّذي بين الجسر الغيديّ والفواخير. صحِبَ: أبا بكر بن سيّد حَمْدَوَيْه. حكى عنه: الموحّد بن إسحاق، وعليّ بن القجّة، وأبو بكر محمد بن داود الدُقّيّ، وغيرهم. واسمه مفلح بن عبد الله. ساح في جبل لبنان في طلب العباد. قال: رأيتُ في جبل اللُّكّام رجلًا عليه مُرَقَّعة جالسًا على حجر، فقلتُ: يا شيخ ما تصنع ههنا؟ قال: أنظُر وأرعى. قلت: ما أرى بين يديك إلا الحجارة، فما تنظر وترعى؟! فتغير وقال: أنظر خواطر قلبي، وأرعى أوامر ربيّ. فبحقّ الّذي أظهركَ عليَّ إلا جُزت عنّي. فقلت له: كلمني بشيء أنتفع به حتّى أمضي. قال: مَن لزم الباب أثبت في الخدم، ومن أكثر الذنوب أكثر النَّدم، ومَن استغنى بالله أمِن العدم. وروى عنه الدُّقيّ قال: الجسم لباس القلب، والقلب لباس الفؤاد، والفؤاد لباس الضمير، والضمير لباس السّرّ، والسّرّ لباس المعرفة. ورخ موته ابن زبر.   1 سير أعلام النبلاء "15/ 84، 85"، البداية والنهاية "11/ 204، 205"، النجوم الزاهرة "3/ 275". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 240 أبو يعقوب النَّهْرجُوريّ. اسمه إسحاق. مرَّ. من كان حيًا في هذا الوقت ولم أعرف تاريخ وفاتِه فكتبتهم تخمينًا لا يقينًا: "حرف الألف": 519 - أحمد بن جعفر بن عبد ربه الكاتب1. حدَّث في سنة ثلاثين عن: عَمْر بن شَبَّة. روى عنه: أبو القاسم بن الثّلّاج، وأبو الفتح بن مسرور. 520 - أحمد بن خالد بن مُصْعَب الحزَوَّريّ. آخر من حدَّث بالرّيّ عن محمد بن حُمَيْد الرازيّ. وسمع بنيسابور محمد بن يحيى الذهليّ. آخر من حدَّث عنه علي بن عَمْر الفقيه بالرّيّ. 521 - أحمد بن كَيْغَلَغ الأمير2. وليَ نيابة دمشق. ثمّ وليَ سنة إحدى وعشرين نيابة. وجَرَت بينه وبين محمد بن تكين حروب. وله شعرٌ جيّد. 522- أحمد بْن مطرف البُسْتيّ القاضي3. روى عن: أحمد بن عُبَيْد الله النَرْسيّ، وعبد الله بن أبي مسرة.   1 تاريخ بغداد "4/ 69". 2 الوافي بالوفيات "7/ 301، 302"، وفيات الأعيان "5/ 62، 63"، الكامل في التاريخ "7/ 540، 541". 3 تاريخ بغداد "5/ 171". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 241 وعنه: عليّ بن أحمد الرفاء السّامريّ. 523- أحمد بن يعقوب1. التّائب المقرئ، المحقّق أبو الطّيّب الأنطاكيّ. رأى أحمد بن جُبَيْر، وقرأ على أصحابه. واعتمد على أبي المغيرة عُبَيْد الله بن صدقة، فقرأ عليه بخمس روايات. ثمّ قرأ على محمد بن حفص الخشّاب صاحب السُوسي. وسمع من: أبي أُميّة الطرسوسي، وعثمان بن خرزاذ، وعدة. قال الدّانيّ: له كتاب حسنٌ في القراءات السَّبْع، وهو إمام في هذه الصناعة. ضابط بصير بالعربية. روى عنه القراءة: عليّ بن محمد بن بِشْر، وعُبَيْد الله بن عَمْر البغداديّ، ومبارك بن عليّ. نا أحمد بن أبي عبد الملك، نا عليّ بن محمد، نا أحمد بن يعقوب التّائب برواية وَرْش. وقال بعض أصحابه: لم يكن بعد ابن مجاهد أحفظ منه لحروف القرآن وعلمه. كان إمام أهل الشّام في زمانه في القراءة. وقد ذكر التائب في كتابه أنه أدرك أحمد بن جُبَيْر وسِنُّه نحو العشرين، ولم أقرأ عليه. 524- أحمد بن يونس الضبي الإصبهانيّ2. عن: سميّة أحمد بن يُونُس. وعنه: ابن المظفر، والدارقطني. شيخ، محله الصدق.   1 غاية النهاية "1/ 151". 2 تاريخ بغداد "5/ 224". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 242 525- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله1. أبو عيسى الصَّيْرفيّ. عن: أحمد بن مُلاعِب، وعبد الله بن رَوْح المدائنيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع. 526 - أحمد بن عليّ بن عيسى2. أبو عبد الله الرّازيّ. قدِم بغداد، وحدَّث عن: موسى بن نَصْر، وأبي حاتم محمد بن إدريس الرّازيَّيْن. وعنه: عَمْر الزيات، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، وأبو القاسم عُبَيْد الله الصيدلانيّ. بَقِي إلى سنة سبعٍ وعشرين. 527 - إبراهيم بن محمد بن عُبَيْد بن جُهَيْنَة3. أبو إسحاق الشَّهْرَزُوريّ الحافظ. سمع: أبا زُرْعة بالرّيّ، والحسن بن محمد الزعفراني ببغداد، وعمرو بن عبد الله الأوْديّ بالكوفة. ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ بمكّة، ومحمد بن عَوْف بحمص، والعبّاس بن الوليد ببيروت، والربيع بن سليمان بمصر، وخلقًا كبيرًا. وكان من العالمين المكثرين. روى عنه: أهل الرّيّ، وقزوين أحمد بن عليّ بن حُبَيْش الرازيّ، وأبو بكر بن يحيى الفقيه، وعليّ بن أحمد، وأحمد بن الحسن القزوينيان، وعمر بن أحمد بن شجاع وغيرهم.   1 تاريخ بغداد "5/ 44". 2 تاريخ بغداد "4/ 309". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 287"، سير أعلام النبلاء "15/ 249، 250"، تذكرة الحفاظ "3/ 846". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 243 528 - إبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن أبي الدرداء1. أبو إسحاق الأنصاري الصَّرَفْنديّ. سمع: بكّار بن قُتَيْبة، وأبا أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وجماعة. وعنه: شهاب الصُّوريّ، وابن جُمَيْع، وعبد الله بن علي بن أبي العجائز. وصرفنده: حصنٌ بالساحل. 529 - إبراهيم بن نَصْر بن عنبر الضّبي السَّمَرْقَنديّ. سمع: عليّ بن خَشْرم، ومحمد بن علي بن حسن بن شقيق. وعنه: أبو سعيد بن رُمْح النسويّ، ومحمد بن أحمد بن مُتّ الأشتيخنيّ، وإسماعيل بن حاجب الكشّانيّ. تُوُفّي في حدود العشرين أو بعدها. 530 - إسماعيل بن محمد بن أحمد بن صالح2. أبو إسحاق بن الحَكَميّ الأسْتِرَابَاذيّ. عن: أحمد بن منصور الرماديّ، وسعدان بن نَصْر. وعنه: محمد بن جعفر المستغفريّ، وأبو أحمد بن عديّ. قال جعفر المستغفريّ: متهم بالكذب، لا يُحْتَجّ بحديثه. 531 - إسماعيل بن هارون البزاز3. عن: الحسن بن أبي الربيع، وجماعة. وعنه: الدارقطني، ومحمد بن أحمد بن عبدان. "حرف الثاء": 532 - ثواب بن يزيد ين ثواب4.   1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 198"، معجم البلدان "3/ 402"، سير أعلام النبلاء "15/ 560، 561". 2 الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 119"، ميزان الاعتدال "1/ 247"، لسان الميزان "1/ 434". 3 تاريخ بغداد "6/ 301". 4 تاريخ بغداد "7/ 148". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 244 أبو بكر الموصليّ. عن: محمد بن أحمد بن المُثَنّى، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وأبي يَعْلَى. وعنه: ابن عديّ، وابن المقرئ، وأبو بكر بن شاذان. وحدَّث بمصر، ومكّة. "حرف الجيم": 533 - جعفر بن سليمان. أبو أحمد المشحلائيّ الحلبيّ. سمع الحروف من أبي شعيب السُّوسيّ. وهو آخر أصحابه وفاةً. روى عنه القراءة: أبو الطّيّب عبد المنعم بن غلْبُون، وعبد الله بن مبارك. وهو من قرية مشحلايا. 534- جعفر بن محمد بن عليّ الهمدانيّ1. المعروف بالمليح. روى عن: أبي حاتم الرازيّ، وهلال بن العلاء، وابن ديزيل، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وخلق كثير. روى عنه: أبو يعلى عبد الله بن محمد الصَّيْداويّ، وأحمد بن عُتْبَة الْجَوْبريّ، وابن جُمَيْع الصَّيْداويّ. "حرف الحاء": 535- الحسن بن محمد بن سعدان2. أبو عليّ العرزميّ. كوفيّ. سمع: الحسن بن علي بن عفان.   1 معجم الشيوخ لابن جميع "239، 240". 2 تاريخ بغداد "7/ 418". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 245 وعنه: عَمْر الكتانيّ، وابن الْجُنْديّ، والدَّارَقُطْنيّ في سُننِه، وجماعة. 536- الحسن بن عليّ بن يحيى1. أبو عليّ البَجَليّ الشعرانيّ الطَّبَرانيّ المقرئ. عن: أحمد بن شيبان الرّمليّ، ومحمد بن خَلَف العسقلانيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر المقرئ، وأبو بكر بن أبي الحديد السُّلميّ، وآخرون. 537- الحسن بن الوليد بن موسى الكِلابيّ2. الدّمشقيّ المعدّل المعروف بابن الأبرش. روى عن: بكّار بن قُتَيْبة القاضي، وأبي زُرْعة الدّمشقيّ، وجماعة. روى عنه: ابنه عبد الوهّاب الكِلابيّ، وصالح بن عبد الله المستملي. 538 - الحُسين بن عيسى العرقيّ3. أبو الرّضا. روى عن: يوسف بن بحر، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ، وجماعة. روى عنه: أبو الحسين بن جميع، وأبو بكر بن شاذان، وعلي بن محمد بن إسحاق الحلبي. 539- الحسين بن محمد بن إبراهيم الدمشقي4. ابن البقال، أبو عبد الله. روى عن: أبي زرعة البصري. وعنه: أبو سليمان بن زبر، وغيره. 540- الحسين بن محمد بن أحمد5.   1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 236". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 255". 3 الإكمال لابن ماكولا "6/ 317"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 349". 4 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 358". 5 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 351". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 246 أبو عبد الله قاضي طرابلس. روى عن: أنس بن السَلْم، وغيره. روى عنه: أبو بكر بن شاذان، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. وقد روى عن عبد الرحمن بن جبير، عن سفيان بن عُيَيْنَة. وحدَّث في سنة ثمانٍ وعشرين. 541 - الحُسين بن محمد بن عبد الله بن عبادة. أبو القاسم العِجْلي الواسطي. حدَّث ببغداد عن: هلال بن العلاء، وأحمد بن عبد الوهّاب الحَوْطيّ، وأبي أسامة الحلبي، وغيرهم. وعنه: أبو حفص الكتاني، ويوسف القواس. ثقة. "حرف الدال": 542 - دينار بن بنان بن دينار الرملي الجوهري1. الشاهد. حدث عن: جعفر بن سليمان النَّوفليّ، والحسن بن جرير الصُّوريّ، وغيّرهما. وعنه: عَمْر بن عبد الله الرّمليّ، وأبو الحُسين الكَرْخيّ. وبنان: بنون ثقيلة، من "الإكمال"، وغيره. "حرف السين": 543- سعيد بن الحُسين الدّرّاج الزّاهد2. كان كبير القدر.   1 الإكمال لابن ماكولا "1/ 366"، تاريخ دمشق "13/ 184". 2 تاريخ بغداد "9/ 105". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 247 صحِب إبراهيم الخوّاص. وبَقِيّ إلي بعد العشرين وثلاثمائة. "حرف العين": 544- العبّاس بن الفضل بن حبيب1. أبو الفضل السّامرّيّ الحافظ، ويعرف بالدّبّاج. أكثر التطواف، وحدَّث عن: محمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، والكُدَيْميّ، وطبقتهما. روى عنه: محمد بن عبد الله الشَّيْبانيّ، ومحمد بن موسى السَّمْسار، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وابن جُمَيْع الصَّيْداويّ، وآخرون. قال أبو الحُسين الرازيّ: هو شيخ حافظ، كتبت عنه بدمشق. 545 - العبّاس بن عبد الله بن محمد بن عصام2. أبو الفضل المُزَنيّ البغداديّ الفقيه الشّافعيّ. عن: هلال بن العلاء، وعبّاس الدّوريّ، وعبد الكريم الدَّيْرَعاقوليّ، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وخلق. وعنه: عبد الله بن إبراهيم الأبَنْدُونيّ، وأبو زُرْعة أحمد بن الحُسين، وجماعة. قال عبد الرحمن بن أحمد الأنماطيّ: كان كذابًا أفّاكًا. اسْتُعْدِيَ عليه بقزوين، وقدِم علينا همدان سنة خمسٍ وعشرين وثلاثمائة. وقال الخطيب: لم يكن ثقة. 546- عبد الله بن أحمد بن وُهَيْب الدّمشقيّ3. أبو العبّاس بن عدبس.   1 تاريخ بغداد "12/ 153"، تهذيب تاريخ دمشق "7/ 254، 255"، سير أعلام النبلاء "15/ 295". 2 تاريخ بغداد "12/ 155". 3 تاريخ بغداد "9/ 384، 385"، الإكمال لابن ماكولا "6/ 151" تهذيب تاريخ دمشق "7/ 291". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 248 عن: أبي أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وابن إِسْحَاق الجوزجانيّ، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد. 547 - عبد الله بن عليّ1. أبو بكر الخلال. حدَّث ببغداد عن: عبّاس التَّرْقُفيّ، ومحمد بن عبد الملك الدقيقيّ، وأحمد بن مُلاعب. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وجماعه. 548- عبد الله بن الفضل بن جعفر2. أبو محمد الوراق، ورّاق الدَّيْرعاقوليّ. عن: الحُسين بن محمد بن أبي معشر، ويحيى بن أبي طالب، وعبد الله بن محمد بن شاكر. وعنه: موسى السّرّاج، وأحمد بن الفَرَج، وأبو القاسم بن الثّلاج. مستقيم الحديث. 549- عبد الله بن المغلِّس الأندلسيّ الدّمشقيّ الزّاهد. كان عالمًا عابدًا مُجاب الدّعوة. بِهِ يضرب المثل في الفضل والعبادة ببلده. وله ذُرّيّة بوَشّقة. 550- عبد العزيز بن موسى3. أبو القاسم البغداديّ بدُهْن. سمع: عليّ بن حرب، وأبا عُتْبَة الحمصي، وقعنب بن المحرر. وعنه: ابنه أحمد، وابن الشخير، والدَّارَقُطْنيّ، والقوّاس. وثقه الخطيب.   1 تاريخ بغداد "10/ 11، 12". 2 تاريخ بغداد "10/ 43". 3 تاريخ بغداد "10/ 455". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 249 551- عُبَيْد الله بن أحمد بن يعقوب بن نَصْر1. أبو طالب الأنباريّ. أحد شيوخ الشيعة. ويعرف بابن أبي زيد. كان إخباريًّا علامة. صنف كتاب "الخط والقلم". وروى عن: إسحاق بن موسى الرملي، ومحمد بن حنيفة بن ماهان، وثعلب، ويوسف القاضي. وعنه: محمد بن زُهير بن أخطل، وعليّ بن عبد الرحيم بن دينار الواسطيّ، وأبو الحسن أحمد بن الْجُنْديّ. 552- عثمانٍ بن جعفر بن محمد بن حاتم2. أبو عمرو بن اللبان الأحوال. بغداديّ، ثقة. سمع: محمد بن الوليد البُسْريّ، وحفص بن عَمْرو الرّباليّ، وعباد بن الوليد العنْبريّ، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وعمر بن شَبّة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو حفص الكتّانيّ، وأبو الحسن بن الْجُنْديّ، ومحمد بن جُمَيْع الغسانيّ. وقع لي حديثه بعُلُوّ. وقد أرّخ ابن قانع موته سنة 324. 553- عثمانٍ بن مروان3. أبو القاسم النهاونديّ شيخ الصُّوفيّة. أكثر السياحة، وصحب أبا سعيد الخراز أربع عشرة سنة. والْجُنَيْد وسمنون. أخذ عنه: أبو بكر النّقّاش، وابن مِقْسَم، وأبو عبد الله البروجردي، وعمر بن زمبل. ودخل الشام.   1 لسان الميزان "4/ 95، 96"، معجم المؤلفين "6/ 237". 2 تاريخ بغداد "11/ 297"، المنتظم "6/ 287". 3 تاريخ دمشق "27، 238". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 250 روى المّاليني، عن الحارث بن عديّ، عنه. وقال قيس بن عبد العزيز: ورد عليّ بن مردان، فاجتمع عليه جماعة من الصُّوفيّة ومعهم قوّال، فاستأذنوه، فأذن لهم. فأنشد القوّال قصيدة فتواجدوا، ولم يتحرّك ابن مردان رحمه الله تعالى. 554- عُرْس بن فهْد1. أبو جابر الأزدي الموصلي. عن: علي بن حرب، والحسن بن عرفة، ومحمد بن أحمد بن أبي المثنى. وعنه: أبو الفضل الشيبانيّ، وأبو بكر بن أبي موسى الهاشميّ، وعيسى بن الوزير، وابن جُمَيْع الصَّيْداويّ. وثقه الخطيب. 555 - عليّ بن الحسن بن هارون السقطي2. بغداديّ. سمع: ابن عَرَفَة، والحسن الزَّعْفرانيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وجماعة. حدَّث سنة إحدى وعشرين. وكان ثقة. 556 - عليّ بن محمد بن سختويه بن نَصْر. الحافظ أبو الحسن النَّيْسابوريّ. سمع: تَمْتَام، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن أيوب بن الضُّريْس، وطبقتهم. أكثر عنه أبو أحمد الحاكم. 557- عليّ بن محمد بن أبي سليمان أيّوب بن حجْر3. أبو الطّيّب الرّقّيّ ثم الصوري.   1 الإكمال لابن ماكولا "6/ 83"، المشتبه في أسماء الرجال "2/ 254". 2 تاريخ بغداد "11/ 381". 3 تاريخ بغداد "3/ 331"، الإكمال لابن ماكولا "7/ 250"، تهذيب التهذيب "9/ 432". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 251 سمع: أباه، ومؤمّل بْن إهاب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والرّبيع المؤذّن، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وطبقتهم. وعنه: محمد بن أحمد المَلَطيّ، وأحمد بن محمد بن هارون البَرْدَعيّ، وعبد الله بن محمد بن أيوب القطّان، وأحمد بن محمد بن مزاحم الصُّوريّ، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن بن جُمَيْع، وجماعة. وثقه ابن عساكر. 558- عليّ بن محمد بن أحمد بن فور. أبو الحسن النَّيْسابوريّ الورّاق. سمع: أحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر، وطبقتهما. وعنه: بِشْر بن محمد القاضي، ومحمد بن حامد البزاز. قيل: تُوُفّي سنة عشرين، وقيل: سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة. 559 - عَمْر بن يوسف الزَّعْفرانيّ1. حدَّثَ عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، والحَسَن بْن محمد بن الصّبّاح، وسعدان بن نَصْر. وعنه: يوسف القوّاس، وأبو حفص بن الزيات. وكان ثقة. تأخر موته. 560- عَمْرو بن عُصَيْم بن يحيى الصُّوريّ2. سمع: مؤمّل بن إهاب، ومحمد بن إبراهيم الصُّوريّ، والحسن بن اللَّيث. وعنه: أحمد بن عُتْبَة الْجَوْبريّ، وأبو يعلى بن أبي كريمة، وأبو المفضّل محمد الشَّيْبانيّ، وأبو الحُسين بن جُمَيْع. مولده سنة 239.   1 تاريخ بغداد "11/ 228". 2 معجم الشيوخ "356"، تاريخ دمشق "33/ 40". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 252 "حرف الْقَافِ": 561 - الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُلْبُل الزَّعْفرانيّ1. عن: أبي زُرْعة، وعبّاس الدُّوريّ، وطبقتهما. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، والقوّاس، وصالح بن أحمد الحافظ، وقال: صدوق. "حرف الميم": 562 - محمد بْن إبراهيم بْن الفضل. أبو بكر النَّيْسابوريّ المعمّريّ الفحّام. سمع: محمد بن يحيى الذُّهْليّ. وعنه: محمد بن محمد بن محمش. 563 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي خنْبَش2. أبو بكر البَعْلَبَكّيّ القاضي. سمع: عبد الله بن الحُسين المصّيصيّ، ويحيى بن أيوب العلّاف المصريّ. وعنه: أبو محمد بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وأبو بكر أَحْمَد بن الحسين بن مِهران المقرئ، وغيّرهما. 564- محمد بن أحمد بن أبي مهزول3. أبو الحسن المصّيصيّ المعدّل. سمع: يوسف بن مسلّم. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وابن جُمَيْع. 565 - محمد بن أحمد بن محمد بن شيبان4.   1 تاريخ بغداد "12/ 446". 2 الإكمال لابن ماكولا "2/ 342". 3 معجم الشيوخ لابن جميع "61". 4 تاريخ دمشق "36/ 385". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 253 أبو جعفر الرمليّ الخلّال. سمع: أحمد بن عبد الله بن البَرْقيّ، وأبا أُميّة، ومحمد بن حماد الظهرانيّ. وعنه: أبو حفص بن شاهين، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وأبو الحُسين بن جُمَيْع، وآخرون. 566- محمد بن أحمد بن محمد بن الصلت البغداديّ1. أبو الحسن الصّفّار. حدَّث بدمشق عن: أبي قِلابة الرَّقاشيّ، والكُدَيْميّ. وعنه: أبو بكر الرَّبَعَيّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وغيّرهما. ولم يذكره الخطيب في تاريخه. 567 - محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن فروخ2. أبو بكر المُزَنيّ البغداديّ، نزيل الرَّقَّةِ. حدث عن: أبي حفص الفلّاس، وأحمد بن المقدام، وطبقتهما. وعنه: الطَّبرانيّ، ومحمد بن المظفّر، وعليّ بن لؤلؤ الورّاق، قال الخطيب: تُوُفّي بعد العشرين وثلاثمائة. 568 - محمد بن إسماعيل بن إبراهيم. أبو الحسن المَرْوَزِيّ. سمع: عليّ بن حُجْر. روى عنه: أبو أحمد محمد بن محمد بن مكي الْجُرْجانيّ، وطاهر بن محمد بن سَهْلَوَيْه النَّيْسابوريّ، والحسن بن أحمد المخلّديّ، ومحمد بن الحُسين العلويّ، وهذا أعلى سندٍ عند البَيْهقيّ. 569 - محمد بن إسماعيل بن سلمة الأصبهاني3.   1 تاريخ دمشق "36/ 385". 2 تاريخ بغداد "1/ 254". 3 أخبار أصبهان "2/ 262". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 254 سمع: عَمْرو بن عليّ الفلّاس، وغيره. وهو من كبار شيوخ أبي عبد الله بن مَنْدَه. 570- محمد بن بَدْر1. القاضي أبو بكر، مولى يحيى بن حكيم، الكتّانيّ، المصريّ، والفقيه الحنفيّ، كان أبوه روميًا صَيرفيًا مُوسرًا، خلف لمحمد مائة ألف دينار سوى الأملاك، ولمحمد يومئذٍ عشرون سنة. فكتب الحديث والفقه، ولازم الطَّحاويّ، وتعلم الفروسية ولزِم الرباط. وسمع من: عليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وأبي الزِّنْباع روْح بن الفَرَج، وأبي يزيد القراطيسيّ. وكان من محبته للقضاء قد جلس قاضيًا في بستان وعدَّل جماعة، ووقف عن قوم على سبيل النُّزْهة، وخدم القضاه مدّةً. ثمّ رامَ الشهادة أيام الكُرَيْزيّ إبراهيم بن محمد، وأيّام أبي عثمانٍ، فتعذرت عليه. وكانت له تجارة ببغداد، فكتب إلى من يثق به يسعى له في القضاء في سنة ستّ عشرة وثلاثمائة. فعلم بذلك أبو عثمانٍ، فكتب إلى أخيه يستنجد به، وكتب محضرًا يتضمَّن القدْح في محمد بن بدْر، فكتب فيه كبارًا وأئمّة، وفيه أنهم لا يعلمون أباه خرج من الرِّقّ إلى أن مات. وأطلق في محمد بن بدْر كلّ قول، وأسجله أبو عثمانٍ أحمد بن إبراهيم عليه وحكم بفسقه. واستتر حينئذٍ محمد بن بدر. فقام معه القاضي أبو هاشم المقدسي، وأخذه ليلًا إلى تكين أمير مصر، وحدثه بأمره، فطلب المحاضر والسجلات، فستر بعضها. وكان تكين سيئ الرأي في أبي عثمانٍ. ثمّ تمشَّت حال ابن بدر، وولي قضاء ابن زَبْر، فداخَلَه وعدّله عنده الفقيه أبو بكر بن الحدّاد. وبذل جملةً من الذَّهَب. وكان ذا هيبة جميلة وتجمل وافر وغلمان.   1 الولاة والقضاة للكندي "486، 488، 490"، حسن المحاضرة "2/ 90". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 255 ولمّا قدِم ابن قُتَيْبة على القضاء قام ابن بدر بأمره، وفرش له الدّار الّتي يسكنها، فكتب قُتَيْبة إلى محمد بن الحسن بن أبي الشوارب يشكره. وكان قُتَيْبة حاكمًا من قِبل محمد ومحمد مقلّد من جهة الخليفة الرّاضي بالله. ثمّ إن ابن أبي الشوارب هذا كتب بالعهد عل قضاء مصر إلى محمد بن بدر، فجاء العهد وأمر مصر إلى وزيرها محمد بن عليّ المادرائيّ، وأميرها أحمد بن كَيَغْلَغ. وأحمد من تحت أمر المادرائيّ ونهيه. فامتنع المادرائيّ من قبول الكتاب، فذهب إليه أبو عبد الله بن الطَّحاويّ وقال: لو كان أبي حيًا لجاءَك في أمره. فأذن له، فتأخر عنه طائفة من كبار العدُول، فعدل خلقًا في عدتهم، واستقامت أحواله. وكان مبالغًا في إكرام الأيتام والنّظر لهم. وكان لا يتأخر عن قضاء حقوق الشُهود الّذين تأخروا عنه. يعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم. فلمّا استولى الإخشيد على مصر تلقاه محمد بن بدر، ثمّ عُزِل، ثمّ ولي، ثمّ عُزل ثمّ ولي ثالثًا. وكان مليح الخطّ، عارفًا بالقضاء، كثير السّلام على النّاس في الطُرُق. مات سنة ثلاثين وله 66 سنة. وقد مرَّ من أخباره. 571 - محمد بن بِشْر بن موسى بن مروان1. أبو بكر القراطيسيّ الأنطاكيّ. حدَّث بدمشق، وبغداد عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، والربيع المرادي، وبحر بن نصر الخولاني، وعنه: الدارقطني، وأبو الفتح القواس، والكلابي. مات بعد العشرين بيسير. 572 - محمد بن ثابت بن أحمد2. أبو بكر الواسطي.   1 تاريخ بغداد "2/ 90". 2 تاريخ بغداد "1/ 284"، "7/ 80". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 256 حدث ببغداد عن: شعيب الصريفينيّ، ومحمد بن عبد الملك الدّقيقيّ. وعنه: ابن شاهين، وابن جميع، والكتاني. وكان ثقة. 573- محمد بن جعفر بن رباح الأشجعيّ الكوفيّ. سمع: عليّ بن المنذر الطريقيّ. وعنه: محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ. 574- محمد بن الحسن بن أحمد بن الصّبّاح1. أبو بكر بن أبي الذَّيّال الثّقفيّ الإصبهاني الزّاهد. إمام مسجد سوق الصاغة بدمشق. ثمّ سكن بيت المقدس. سمع: إبراهيم بن فهد، وعثمانٍ بن خُرَّزَاذ، والحسن بن جرير الصُّوريّ. وعنه: محمد بن أحمد بن يوسف الْجُندريّ، وعَمْر بن داود بن سَلَمُون، وأبو بكر بن أبي الحديد. صحِب سهل بن عبد الله الإصبهانيّ ببلده. 575- محمد بن الحُسين2. أبو جعفر الْجُهَنيّ الهَمَدانيّ الطّيان. رحل وسمع: محمد بن الْجَهْم، ويحيى بن أبي طالب. وكتب الكثير. وعنه: ابن المظفّر، وأحمد بن إبراهيم بن فراس المكّيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحُسين بن البوّاب، وغيرهم. وثقه الدَّارَقُطْنيّ. وأما حمزة السَّهْميّ فقال: سألت أبا محمد بن غلام الزُّهْريّ، وأبا بكر بن عدي   1 تاريخ دمشق "37/ 347 - 350". 2 المغني في الضعفاء "2/ 571"، ميزان الاعتدال "3/ 522"، لسان الميزان "5/ 138، 139". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 257 المنقري عنه فقالا: ليس بالمرضي. وحكيا عنه أنه قال: كان عندنا بهمدان بَرْد شديد، وكان على سطحنا مُري في آنية فانكسرت الآنية وانصب المرق، فجمد حتّى صار مثل الجلْد، فقطعت منه خفين ولبستهما وركبت إلى السلطان. قال حمزة: ورأت له أحاديث مُنَكرة الإسناد والمتن لا أصل لها. 576- محمد بن خالد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن حمزة. أبو عليّ قاضي بيت لَهْيا. سمع: جدّه لأمّه أحمد بن محمد بن يحيى، ونوح بن عَمْرو بن جويّ. وعنه: عليّ بن عَمْرو الحريريّ، وشافع بن محمد الإسفرائينيّ، وأبو محمد بن ذَكْوان، وأبو بكر بن المقرئ مات بعد العشرين. 577- محمد بن داود بن بنّوس1. أبو السّريّ الفارسيّ ثمّ البَعْلَبَكّيّ. حدَّث عن: أبي المضاء محمد بن الحسن بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وجماعة. وعنه: أبو محمد بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وأحمد بن جَحّاف الأزديّ. وبَقِي إلى بعد سنة عشرين وثلاثمائة. 578- محمد بن سليمان بن أيّوب. أبو عليّ البصْريّ المّالكيّ، شيخ الدَّارَقُطْنيّ. سمع: أحمد بن عبده، وأبا الأشعث العجلي، وطبقتهما. ورحل النّاس إليه. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وزاهر السَّرخسيّ، وعبد الواحد بن شاه، وجماعة. وكان صدوقًا. 579- محمد بن العبّاس بن سُهيل الخصيب الضرير2.   1 تاريخ دمشق "11/ 599"، معجم البلدان "5/ 287". 2 تاريخ بغداد "3/ 113"، ميزان الاعتدال "3/ 590"، المغني في الضعفاء "2/ 596"، لسان الميزان "5/ 214". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 258 روى عن: لُوَيْن، وأبي هشام الرفاعيّ، وجماعة. وعنه: أبو القاسم بن الثّلّاج. وكان غير ثقة، يضع الحديث. بَقِي إلى بعد العشرين وثلاثمائة ببغداد. 580 - محمد بن العبّاس بن عَبْدة1. أبو بكر الأصبهاني. نزل بغداد، وحدَّث عن: يونس بن حبيب. وعنه: محمد بن المظفّر، وعمر بن بِشران. وثقه بعض الحُفّاظ. 581 - محمد بن العبّاس بن مهدي2. أبو بكر الصائغ. سمع: عبّاسًا الدُّوريّ، وطبقته. روى عنه: عبد الله بن عثمان الصفار، وابن جُمَيْع. وثقه الخطيب. وتُوُفّي قبل الثلاثين. 582 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس بْن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب3. الأمويّ. مولاهم أبو الفضل الفقيه. ولي القضاء ببغداد في خلافة المتّقي لله. 583 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم4.   1 تاريخ بغداد "3/ 114". 2 تاريخ بغداد "3/ 115". 3 تاريخ بغداد "5/ 449". 4 تاريخ بغداد "5/ 450". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 259 أبو بكر الأسَديّ الأكفانيّ. بغداديّ نبيل، ثقة. سمع: أحمد بن عبد الجبّار العُطَارِديّ. وعنه: ابنه القاضي أبو محمد عبد الله، وغيره. وقد روى أيضًا عن فُوران صاحب الإمام أحمد. محمد بن عبد الملك التّاريخيّ. في الطبقة المّاضية. 584- محمد بن عثمانٍ بن سمعان. أبو بكر الواسطي المعدّل. كان محدثًا حافظًا. سمع من بحشل "تاريخ واسط". روى عنه: أحمد بن بيريّ، وعليّ بن الحسن الصِّلْحيّ. 585 - محمد بن عُزَيْر1. أبو بكر السِّجِسْتانيّ. مصنّف "غريب القرآن". وهو كتابٌ نفيس قد أجاد فيه. قيل: إنه كان يقرأه على أبي بكر بن الأنباريّ ويُصلح له فيه. ويقال: إنه صنفه في خمس عشرة سنة. وكان رجلًا صالحًا فاضلًا. روى عنه هذا الكتاب: أبو عُبَيْد الله بن بُطَّة. وعثمانٍ بن أحمد بن سمعان الرّزّاز، وأبو أحمد عبد الله بن الحُسين السّامّريّ المقرئ، وغيرهم. وكان ببغداد.   1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 5"، سير أعلام النبلاء "15/ 216، 217"، الوافي بالوفيات "4/ 95". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 260 ذكره ابن النّجّار وما ذكر له وفاةً، وقال: لا أدري قدِم إلى سِجِسْتان أو أصله منها. والصحيح في اسم أبيه عُزيْر. هكذا رأيته براء بخطّ ابن ناصر الحافظ، وذكَرَ أنّه شاهده بخط يده، وبخطّ غير واحدٍ من الّذين كتبوا كتابه عنه، وكانوا متقنين. قال: وذكر لي شيخنا أبو محمد بن الأخضر أنّه رأى نسخةً بغريب القرآن بخطّ مصنفه وفي آخرها: وكتب محمد بن عُزيْر، بالرّاء المهملة. وحكى أبو منصور بن الجواليقيّ، عن أبي زكريا التّبريزيّ قال: رأيتُ بخط ابن عُزيْر، وعليه علامة الرّاء غير المعجمة. وقال الحافظ عبد الغنيّ في "المختلف": محمد بن عُزيْز بمعجمتين. قلت: والأول أصحّ، والثاني تصحيف لا يكاد يعرف النّاسُ سواه. وقيل: كان أبوه يُسمَّى عُزَيْرًا وعزيزًا، فالله أعلم. وقال ابن ناصر. ملكت نسخة "بكتاب الملاحن"، وقد كتبها عن ابن دُرَيْد في سنة عشرٍ وثلاثمائة، وكتب في آخرها: وكتب محمد بن عُزيْر، بالراء، السّجِسْتانيّ. قال ابن ناصر: وقد كتب نسخة عن المصنف، وفيه الترجمة تأليف محمد بن عُزيْر بالراء غير مُعْجَمَةٍ. وكذلك رأيت نسخة بخطّ محمد بن نَجْدَة، وكان في غاية الإتقان، خطّه حُجَّة، محمد بن عُزير السِّجستانيّ، الأخيرة راء غير معجمة. قلت: إنّما جسر الدَّهْماء على النُّطق بالزاي تقييده الدَّارَقُطْنيّ، وعبد الغنيّ، والخطيب، والأمير، له بزاي مكرَّرة. 586- محمد بن عليّ بن الحُسين1. أبو جعفر، وأبو عيسى التُّخَاريّ بنقطتين. سمع: أحمد بن ملاعب، وغيره. وكتب عنه: الدَّارَقُطْنيّ. 587- محمد بن عيسى بن محمد2. أبو حاتم الوسقندي الرازي.   1 تاريخ بغداد "3/ 78"، الإكمال لابن ماكولا "1/ 449"، الأنساب "3/ 27". 2 معجم البلدان "5/ 376". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 261 وثقه الخليليّ في "الإرشاد" وقال: سمع: أبا حاتم الرّازيّ، ومحمد بن أيّوب، والحارث بن أبي أسامه، ومحمد بن غالب، وعليّ بن عبد العزيز البغويّ. وعنه: عليّ بن عَمْر الفقيه، ومحمد بن إسحاق الكَيْسانيّ، وغيّرهما. 588 - محمد بن قارن بن العبّاس. أبو بكر الرّازيّ. سمع: أبا زُرْعة، والمنذر بن شاذان، وأحمد بن منصور الرّماديّ. وله تصانيف. 589 - محمد بن القاسم بن كوفيّ الكرّانيّ الإصبهانيّ. من كبار شيوخ ابن مَنْدَه. سمع من: يحيى بن واقد الطائيّ النَّحْويّ، ومحمد بن عاصم الثقفيّ. 590- محمد بن موسى1. الأستاذ أبو بكر الفَرَغانيّ الزّاهد، شيخ الصُّوفيّة. نشأ بواسط، واستوطن مرْو. وكان من أكابر تلامذة الْجُنَيْد والنُّوريّ. قيل: لم يتكلم أحد في أول التّصوّف قبله. وكان عالمًا لشريعة الإسلام، وله كلام نافع. ومن كلامه: قد ابتُلينا بزمان ليس فيه آداب الإسلام، ولا أخلاق الجاهلية، ولا أحلام ذوي المروءات. 591- محمد بن موسى بن إسحاق2. الفقيه أبو عبد الله السَّرْخسيّ الحنفيّ. ولاه القاهر بالله قضاء الديار المصرية فسارَ إليها وأقام بها. قدِم في سنة اثنتين وعشرين، وعُزِل أبو عثمانٍ أحمد بْن إبراهيم بْن حماد. قال ابن زولاق: كان حافظًا لقول ابن حنيفة، عفيفًا عن الأموال ستيرًا. وقف   1 تاريخ بغداد "3/ 244". 2 الولاة والقضاة الكندي "486، 548، 550"، حسن المحاضرة "2/ 90". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 262 عن قبول الجماعة، وعن كثير من الأحكام. حُدِّثت أنه قال للشهود: كم هذا المجيء في كل يوم، أما لكم معايش؟ سبيلكم أن لا تجيئوا إلا لحاجةٍ أو شهادة. وكان يحب المذاكرة بالعلم؛ وكان ذا صلاح وورع. وحُفظ عنه أنه قال: ما وصلتُ إلى مصر حتّى علمت أنّي مصروف لأنيّ لا أصلح للذي وُلِّيُته. وكانت ولايته سبعة أشهر وأيّام. ورجع إلى بغداد، وولي بعده ابن بدر. 592- محمد بن يعقوب بن الحَجّاج التَّيْميّ1. أبو العبّاس البصريّ المعدّل المقرئ. قرأ على: محمد بن وهْب الثّقفيّ، وأبي الزَّعْراء عبد الرحمن بن عَبْدوس، وغيّرهما. وحدَّث عن: أبي داود السِّجسْتانيّ. قرأ عليه: محمد بن عبد الله بن أشته، وعليّ بْن محمد بْن خُشْنام المالكيّ، وأبو أحمد السّامريّ، وآخرون. وانفرد بالإقامة في بلده. وكان بصيرًا بقراءة يعقوب، عدلًا حُجّةً مشهورًا. 593 - محمود بن محمد. أبو العبّاس الرافقيّ. كان يسكن مدينة بُغراص من الثّغر. سمع: أحمد بن عبد الرحمن الكُزْبُرانيّ، وعبد الله بن الهيثم العبديّ. "حرف النون": 594- نَصْر بن أحمد2. أبو القاسم البصري، الشاعر المعروف بالخبزرزي.   1 غاية النهاية "2/ 282". 2 تاريخ بغداد "13/ 296"، الأنساب "5/ 40- 42"، أمالي المرتضى "1/ 575". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 263 قرء عليه ديوانه ببغداد. روى عنه: المُعَافَى الجريريّ، وأبو الحسين بن الْجُنْديّ، وجماعة. "حرف الهاء": 595 - هارون بْن إبراهيم بْن حماد بْن إِسْحَاق بْن إسماعيل الأزْديّ القاضي1. من بيت العلم والقضاء ببغداد. ولي ببغداد قضاء الديار المصرية، فبعث إلى مصر كتابه باستنابه أبي عليّ عبد الرحمن بن إسحاق الجوهريّ، فحكم على الدّيار المصرية من جهته نحوًا من سنة، ثمّ صرفه وبعث من جهته أخاه أبا عثمانٍ أحمد بن إبراهيم بن حمّاد، وذلك في حياة والدهما. فدخل أبو عثمانٍ مصر في ربيع الآخر سنة 314، وقريء عهده بالجامع، وقريء عهد أخيه من قِبَل المقتدر. وأكرمه متوليّ مصر تكين لأُبُوَّته، فنظر في القضاء والأوقاف والمواريث. وكان كثير الحياء. والخجل، قليل الكلام جميل الصُّورة. وقد حدَّث بمصر عن: إبراهيم الحربيّ، وإسماعيل القاضي، وطبقتهما. ولم يزل يتولّى القضاء إلى آخر سنة ست عشرة وثلاثمائة فعُزِل أخوه بابن زَبْر. وقد حدَّث أخوه هارون، صاحب التّرجمة، عن: عباس الدّوريّ، وطبقته. روى عنه: الطّبرانيّ. ومات أبوهما سنة 23. كما ذكرنا. "الكنى": 596 - أبو بكر بن أبي سَعْدان الزّاهد2. شيخ الصُّوفيّة محمد بن أحمد. ويقال: أحمد بن محمد بن أبي سعْدان البغداديّ، العارف. ذكره السُّلميّ في تاريخه مختصرًا وقال: لم يكن في زمانه أعلم بعلوم هذه الطائفة منه.   1 تاريخ بغداد "14/ 20"، حسن المحاضرة "2/ 90". 2 حلية الأولياء "10/ 377"، تاريخ بغداد "4/ 361"، طبقات الصوفية للسلمي "420 - 423". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 264 وكان أستاذ شيخنا أبي القاسم الرّازيّ. سمعتُ أبا القاسم يقول: سمعتُ ابن صُديق وأبا العبّاس الفَرَغانيّ يقولان: لم يبقَ في هذا الزمان لهذه الطائفة إلّا رجلان: أبو عليّ الرُّوذَبَاريّ، وأبو بكر بن أبي سعْدان. وأبو بكر أفهمهما. 597- أبو بكر بن طاهر الأبْهريّ1. هو محمد، وقيل: عبد الله بن طاهر الطّائيّ، أوحد مشايخ أبهر. كان في أيّام الشّبْليّ، ويتكلّم على علم الظّاهر وعلم الحقيقة، وكان مقبولًا على جميع الألسنة. كتب الحديث الكثير ورواه. قال ذلك فيه السُّلميّ. ثم قال: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله بْن شاذان يقول: سمعتُ أبا بكر بن طاهر يقول، وسُئِل عن السّماع، فقال: لذةٌ كسائر الّلّذات. قال مهديّ بن أحمد: ما نفعني صُحبة شيخٍ كما نفعني صحبة أبي بكر عبد الله بن طاهر الأبْهريّ. سمعتُ منصور بن عبد الله: سمعتُ ابن طاهر يقول: عطاياه لا تحمل إلّا مطاياه. وقيل: سُئِل ابن طاهر عن الحقيقة، فقال: كلّها عِلم. فسُئِل عن العلم، فقال: كله حقيقة. وقال إبراهيم بن شيبان: ما رأى ابن طاهر مثل نفسه.   1 حلية الأولياء "10/ 351، 352"، المنتظم "7/ 324". الجزء: 24 ¦ الصفحة: 265 الفهرس العام للكتاب : رقم الصفحة الموضوع الطبقة الثالثة والثلاثين: "321-330هـ" "أحداث سنة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ": 3 شغب الْجُنْد على القاهر 3 التضييق على القاهر 3 موت أم المقتدر 4 الإرجاف بسب معاوية 4 استتار البربهاري 4 القبض على ابن بليق 4 القبض على مؤنس 5 إحراق دار ابن مقلة 5 هرب ابن ياقوت إلى فارس 5 حجابة الطولوني 5 القبض على ابن المكتفي 5 ذبح بليق ومؤنس 5 ذبح يمن وابن زيرك 5 تلقيب القاهر بالمنتقم 6 تقليد ابن كيغلغ مصر 6 تحريم الخمر والقيان 6 وزارة ابن الخصيب 6 الحج هذا الموسم 6 وفاة الطحاوي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 267 6 وفاة الأمير تكين 6 ولاية ابن طغج 7 ولاية ابن كيغلغ 7 القضاء في مصر 7 وفاة أم المقتدر 7 ترجمة مؤنس الخادم 7 تغلب الروم على الرساتيق "أحداث سنة اثنتين وعشرين" 8 ظهور الديلم 9 قتل أبي السرايا والنوبختي 9 وفاة الورقاني 9 رواية ابن سنان عن القاهر 10 القبض على القاهر 10 خلافة الراضي 11 وزارة ابن مقلة 11 سبب خلف القاهر 11 سؤال القاهر عن خلفاء بني العباس 13 رواية المسعودي عن القاهر 14 صفة الراضي 14 إمرة ابن رائق الجيش 14 مثالب القاهر في كتاب 14 مصادرة عيسى المتطبب 15 قتل مرداويخ الديلمي 15 مقاطعة ابن بويه للراضي على البلاد 15 وفاة المهدي صاحب المغرب 15 نسب المهدي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 268 16 قول الباقلاني في القداح 16 قول ابن خلكان في نسب المهدي 17 ظهور الشلمغاني 17 قتل وزير المقتدر 18 قتل الأنباري 18 قتل ابن أبي عون 18 قتل ابن غريب الخال 19 وفاة السجزي 19 القبض على الخصيبي وابن مخلد 19 وفاة ابن المقتدر 19 توقف الحج "أحداث سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة" 19 تقليد ولدي الراضي المشرق والمغرب 19 القبض على ابن شنبوذ المقريء وضربه 20 شغب الجند على محمد بن ياقوت 21 القبض على ابن ياقوت والقراريطي 21 ازدياد شأن ابن مقلة 21 فتح جنوة 21 فتنة البربهاري وأصحابه 22 هبوب الريح ببغداد 22 شغب الجند بابن مقلة 22 قتل سعيد بن حمدان 22 خروج ابن مقلة لحرب الحسن بن حمدان 23 القبض على جعفر بن المكتفي 23 عود الحسن بن حمدان إلى الموصل 23 مهاجمة القرمطي لركب الحجاج الجزء: 24 ¦ الصفحة: 269 23 موت الأمير ابن ياقوت 23 الغلاء ببغداد 23 استمالة ابن رائق الديلم "أحداث سنة أربع وعشرين وثلاثمائة" 24 وفاة هارون بن المقتدر 24 تقليد ابن طغج عملا في مصر 24 قطع ابن رائق الحمل عن بغداد 24 إطلاق المظفر بن ياقوت من الحبس 25 إمرة بدر الخرشني على دمشق 25 تدبير ابن مقلة للإيقاع بابن رائق 25 إخراج ابن مقلة من الوزارة 26 ظهور الخصيبي وسليمان بن الحسن 26 تعذيب ابن مقلة 26 رواية ثابت بن سنان عن تعذيب ابن مقلة 27 القبض على المظفّر بن ياقوت وهدم داره 27 عزل الخرشني عن الشرطة 27 تقليد الخرشني أعمال أصبهان وفارس 27 وزارة الكرخي 27 قتل ياقوت الأمير 28 وزارة سليمان بن الحسن 28 عودة ابن رائق إلى بغداد 28 الوباء والغلاء بأصبهان وبغداد 29 الغزوة الأولى لعلي بن حمدان 29 تغلب الحسن بن حمدان على الموصل 29 محاربة اليشكري 29 استيلاء الروم على سميساط الجزء: 24 ¦ الصفحة: 270 29 غارات بني نمير وقشير 29 خلعة الملك لصاحب الموصل "أحداث سنة خمس وعشرين وثلاثمائة" 30 محاربة ابن رائق للحجرية والساجية 30 رسالة الراضي إلى البريدي 31 ضمان البريدي البلاد 31 تقلد بجكم الشرطة 31 خروج الحجرية من بغداد 31 تفرق البلدان عن الخلافة 31 الوحشة بين ابن رائق والبريدي 31 دخول القرمطي الكوفة 31 وزارة ابن الفرات 32 انهزام جيش ابن رائق 32 محاربة ابن رائق للبصرة وعصيان أهلها عليه 32 ولاية بدير لدمشق 32 قدوم ابن رائق إلى دمشق 33 عودة الولاية لبدير 33 اختلاف البريديين 33 تغلب ابن حمدان على مضر 33 امتناع الحج 33 تأسيس مدينة الزهراء بالأندلس "أحداث سنة ست وعشرين وثلاثمائة": 34 انتصار البريدي على بجكم 34 ازدياد قوة أحمد بن بويه 35 المصاهرة بين ابن رائق والوزير أبي الفتح 35 محاربة البريدي لبجكم الجزء: 24 ¦ الصفحة: 271 35 قطع يد ابن مقلة 36 رواية ابن سنان عن ابن مقلة 36 دخول بجكم بغداد وتلقيبه: أمير الأمراء 37 كتاب ملك الروم إلى الخليفة بالهدنة 37 تقلد بجكم إمارة بغداد بخراسان 37 امتناع الحج 37 انتصار ابن حمدان على الدمستق "أحداث سنة سبع وعشرين وثلاثمائة" 38 الحرب بين بجكم وابن حمدان 38 انضمام القرامطة إلى ابن رائق 38 الفتنة بين أهل الموصل وجُنْد بجكم 38 مسير ابن حمدان إلى نصيبين 39 تقلد ابن رائق الفرات وجند قنسرين 39 إهلاك عبد الصمد بن المكتفي 39 مصاهرة بجكم لابن حمدان 39 موت ابن الفرات 39 مصالحة البريدي وبجكم 39 وزارة البريدي 40 إطلاق الطريق للحجاج "أحداث سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة" 40 انهزام الدمستق 40 زواج بجكم بنت البريدي 40 وفاة قاضي القضاة ابن يوسف 40 وزارة ابن مخلد 40 انهزام ابن رائق أمام الإخشيد 41 موت ابن مقلة والخصيبي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 272 41 مصالحة الإخشيد لابن رائق بعد مقتل ابنه 41 غرق بغداد 41 غزوة ابن حمدان بلاد الروم "أحداث سنة تسع وعشرين وثلاثمائة" 41 عزل بجكم لابن شيرزاد ومصادرته 42 وفاة الراضي بالله 42 خلافة المتقي 43 إقرار سليمان بن الحسن في الوزارة 43 حجابة الطولوني 43 ولاية المظالم 43 سقوط القبة الخضراء بمدينة المنصور 43 الغلاء والوباء ببغداد 44 وزارة ابن ميمون الكاتب 44 وزارة البريدي 44 وزارة القراريطي 44 وزارة الكرخي 44 تقليد كورتكين إمرة الأمراء 44 تقليد بدر الحجابة 44 مقتل بجكم التركي 45 مسير ابنُ رائق إلى بغداد 46 خطبة البريديّ لابن رائق 46 الحرب بين ابن رائق وكورتكين 46 أسر قادة الديلم 46 إمرة الأمراء لابن رائق "أحداث سنة ثلاثين وثلاثمائة" 47 حبس كورتكين في دار ابن رائق الجزء: 24 ¦ الصفحة: 273 47 الغلاء العظيم ببغداد 47 انتشار الجوع 47 خروج الأتراك إلى البريدي 47 وصول الروم إلى حلب 47 وزارة البريدي 47 تقلد الخرقي القضاء 48 تقليد القراريطي الوزارة 48 خروج المتقي لقتال البريدي 48 دخول البريدي بغداد وانتهابها 49 انتهاب بغداد والغلاء بها 49 وقعة الأتراك والقرامطة 49 ازدياد دجلة 49 محاربة أهل بغداد للديلم 49 الحرب بين الأتراك والبريدي 50 تلقيب ابني حمدان: ناصر الدّولة وسيف الدّولة 50 هرب البريدي إلى واسط 51 وفاة الخرشني 51 انهزام البريدي أمام ناصر الدولة الحمداني 51 وفاة النهرجوري 51 وفاة المحاملي 51 وفاة أبي صالح الزاهد الجزء: 24 ¦ الصفحة: 274 ذكر رجال الطبقة الثالثة والثلاثون مرتبة كل سنة على حروب المعجم سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ومن توفي بها: "حرف الألف" 52 1- أحمد بن إسماعيل بن عامر السمرقندي 52 2- أحمد بن الحُسين بن محمد بن عبد الله بن بكر الدقاق 52 3- أحمد بن حمدون بن أحمد بن رستم النيسابوري 53 4- أحمد بن داود بن سليمان بن جوين القربي 54 5- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن ذكوان الدمشقي 54 6- أحمد بن عبد الوارث بن جرير الأسواني 54 7- أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ بن عبد الملك 56 8- أحمد بْن محمد بْن عليّ بْن رَزِين 56 أحمد بن مُحَمَّد بن عيسى بن مُحَمَّد بن القاسم بن حسن 56 9- أحمد بن محمد بن موسى البغدادي 57 10- أحمد بن محمد بن يزيد الكرجي 57 11- أحمد بن محمود اللخمي الأنباري 57 12- أحمد بن نصر بن سندويه البغدادي 57 13- إبراهيم بن عمروس بن محمد الفساطيطي 58 14- إبراهيم بن الفضل بن حيان الحلواني 58 15- أحْيَد بن محمد بن الحسن بن شجاع 58 16- إسحاق بن محمد بن أحمد القاضي الحلبي "حرف الباء" 58 17- بكر بن المرزبان السمرقندي "حرف التاء" 58 18- تكين الخاصة الجزء: 24 ¦ الصفحة: 275 "حرف الجيم" 59 19- جامع بن إبراهيم بن محمد بن جامع السكري 59 20- جعفر بن محمد بن بكر بن بكّار بن يوسف البلخي "حرف الحاء" 59 21- حاتم بن محبوب القرشي السامي الهروي 60 22- الحسن بن محمد بن النَّضْر بن أبي هريرة 60 23- حمدون بن مجاهد الكلبي "حرف الزاي" 60 24- زاهر بن عبد الله السغدي 60 25- زيد بن الحُسن بن محمد الكنديّ الكوفيّ "حرف السين" 60 26- سعيد بن محمد بن أَحْمَد البغدادي البيع "حرف العين" 61 27- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن شبيب الفارسي 61 28- عبد الرحمن بن الفيض بن سندة بن ظهر 61 29- عبد السلام بن محمد بن عبد الوهّاب البصري 62 30- عبيد الله بن جعفر البغدادي 62 31- علي بن أحمد بن مروان السامري المقريء 63 32- علي بن أحمد بن كردي 63 33- عمر بن محمد بن المسيب البغدادي "حرف الْقَافِ" 63 34- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبراهيم الكلاعي "حرف الميم" 63 35- محمد بن أحمد بن الوليد بن أبي هشام 63 36- محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية 65 37- محمد بن الحسن بن سليم بن يحيى القلعي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 276 65 38- محمد بن حمزة بن عمارة الأصبهاني 65 39- محمد بن رمضان بن شاكر 66 40- محمد بن صالح بن خلف البغدادي الجواربي 66 41- محمد بن عبد الله بن سعيد المهراني 66 42- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام بن أبي أيوب البيروتي 67 43- محمد بن علي بن المكتفي بالله بن أحمد المعتضد بالله 67 44- محمد بن عمران بن موسى الهمداني الخراز 67 45- محمد الغمر الطائي الغوطي 67 46- محمد بن القاسم بن عُبَيْد الله بن سليمان بن وهب 68 47- محمد بن موسى بن عيسى الحضرمي 68 48- محمد بن نوح الجنديسابوري الفارسي 69 49- محمد بن هارون بن عبد الله بن حميد 69 50- مؤنس الخادم "حرف اللام" 70 51- لؤلؤ الخادم "حرف الياء" 70 52- يوسف بن يعقوب النيسابوري "وفيات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 70 53- أحمد بن إبراهيم بن عَجَنَّس بن أسباط 71 54- أحمد بن خالد بن يزيد الأندلسي القرطبي 71 55- أحمد بن سليمان بن داود الطوسي 72 56- أحمد بن سعيد بن ميسرة الغِفاريّ الطّرْطُوشيّ 72 57- أحمد بن العباس بن أحمد البغوي الصوفي 72 58- أحمد بن العباس الشيباني 72 59- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحكم اليواني الجزء: 24 ¦ الصفحة: 277 73 60- أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكاتب 74 61- أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير الذهلي 74 62- أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاهمرد الفقيه 74 63- أحمد بن محمد بن إسماعيل بن السوطي 74 64- أحمد بن محمد بن الجليل بن خالد بن حريث العبقسي 75 65- أحمد بن محمد بن الحارث القباب 75 أحمد، أبو علي الروذباري 75 66- أحمد بن محمد بن عيسى المكي 75 67- أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن يزيد الفزاري 76 68- أحمد بن معروف بن بشر الخشاب 76 69- أحمد بن موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري 76 70- إبراهيم بن أحمد بن هلال 77 71- إسحاق بن محمد بن الفضل بن جابر الزيات "حرف الجيم" 77 72- جعفر بن أحمد بن شهزيل الإستراباذي 77 73- جعفر بن أحمد بن يحيى السراج المصريّ "حرف الحاء" 77 74- حسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن ربيعة 77 75- الحسن بن أحمد بن غطفان الفزاري 78 76- الحسن بن عليّ بن الحُسين بن الحارث بن مرداس "حرف الخاء" 78 77- خير بن عبد الله النساج الزاهد "حرف الزاي" 79 78- زيدان بن محمد البهرتي الكاتب "حرف السين" 79 79- سعيد بن أحمد بن زكريّا القضاعي المصري الجزء: 24 ¦ الصفحة: 278 79 80- سليمان بن حسن بن عليّ بن الجعد "حرف الصاد" 80 81- صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي "حرف العين" 80 82- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج بْن مهاجر الرعيني 80 83- عبد الله بن محمد بن حنين الأندلسي 80 84- عبد الرحمن بن إسماعيل بن عليّ بن كردم الرقي 81 85- عبيد الله المهدي 82 86- عثمان بن حديد بن حميد الكلابي الإلبيري 83 87- عليّ بن عبد الله بن عبد البَرِّ الفرغاني التركي 83 88- عليّ بن محمد بن حاتم بن دينار القرشي 83 89- علي بن محمد بن عيسى المرادي 84 90- عبد الوهاب بن سعيد بن عثمان الحمراوي "حرف الميم" 84 91- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الثلج الكاتب 84 92- محمد بن أحمد بن أبي يوسف المصري 84 93- محمد بن أحمد بن إبراهيم المادرائي الأطروش 85 94- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن الفضل 85 95- محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسيد بن عاصم الثقفي 85 96- محمد بن الحسن بن المهلب المديني 86 97- محمد بن زكريا بن محمد بن جعفر اللخمي القرطبي 86 98- محمد بن سليمان بن محمد الباهلي النعماني 86 99- محمد بن عبد الله بن غيلان السوسي الخزاز 86 100- محمد بن عبد الرحمن بن زياد الأرزناني 87 101- محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني 88 102- محمد بن علي بن جعفر الكتاني الصوفي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 279 89 103- محمد بن عمرو بن حماد العقيلي 90 104- مسرة المتوكلي 90 105- موسى بن إبراهيم بن شاهك "حرف الهاء" 90 106- الهذيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الهذيل الضبي "حرف الياء" 90 107- يعقوب بن إبراهيم البغدادي البزاز الجراب "الكنى" 91 108- أبو ذهل بن أبي العباس محمد بن عصم الضبي العصمي 91 109- أبو علي الروذباري 92 110- أبو نعيم بن عدي "عبد الملك بن محمد بن عدي" "وفيات سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 92 111- أحمد بن عيسى بن السكين الشيباني البلدي 93 112- أحمد بن محمد بن عمرو الكندي المصعبي المروزي 93 113- أحمد بن نصر بن طالب البغدادي 94 114- إبراهيم بْن حماد بْن إِسْحَاق بْن إسماعيل الأزدي 94 115- إبراهيم بن محمد بن عَرَفَة بن سليمان العتكي 95 116- إبراهيم بن محمد بن القاسم بن هلال القيسي 96 117- أسامة بن عليّ بن سعيد بن بشير الرازي 96 118- إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مِهْرَانَ الوراق 96 119- إسماعيل بن يونس البغدادي الشيعي "حرف الباء" 97 120- بندار بن إبراهيم بن عيسى الأستراباذي "حرف الجيم" 97 121- جعفر بن عبد الجبار القراطيسي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 280 "حرف الحاء" 97 122- الحسن بن سعيد البغدادي الوراق 98 123- الحسن بن صالح البهنسي 98 124- الحسن بن علي بن سوادة الفهمي 98 125- الحسن بن يوسف بن يعقوب الطرميسي "حرف الدال" 98 126- داود بن نَصْر بن سُهيل البزدوي "حرف العين" 99 127- العبّاس بن الفضل بن العبّاس الدينوري 99 128- عبد الله بن محمد بن سعيد المقريء بن الجمال 99 129- عبد الملك بن سلمان الوراق 101 130- عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجانيّ الأستراباذي 101 131- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد السكري 101 132- عُبَيْد الله بن عبد الصّمد بن المهديّ بالله العباسي 101 133- عثمان بن أحمد بن الخصيب البغدادي 101 134- عثمان بن أحمد بن عثمان المصري الدباغ 102 135- عليّ بن الحسن بن قَحْطَبة البغداديّ الصَّيْقل 102 136- علي بن الحسن بن سلام الشرغي 102 137- علي بن الفضل البلخي الحافظ 102 138- علي بن محمد بن عمر البزاز 103 139- علي بن محمد بن هارون الحميري 103 140- عمر بن الحسن بن عليّ بن الْجَعْد الجوهري البغدادي "حرف القاف" 103 141- القاسم بن إسماعيل بن محمد بن أبان المحاملي 104 142- القاسم بن إبراهيم الملطي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 281 "حرف الميم" 104 143- محمد بن أحمد بن أسد الحافظ "كزاز" 104 144- محمد بن أحمد بن عمارة الدمشقي العطاء 105 145- محمد بن إبراهيم بن عبدويه بن سدوس الهذلي 105 146- محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلّام الخشني 105 147- محمد بن الحسن بن محمد بن قُديد السعدي 105 148- محمد بن الحسين بن موسى السعدي الحمصي 106 149- محمد بن عبيد الله بن محمد الجمحي الدمشقي 106 150- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن بلبل الهمداني 106 151- محمد بن عبد الأعلى بن محمد الأنصاري الدمشقي 107 152- محمد بن علي بن حمزة بن أبي هريرة الأنطاكي 107 153- محمد بن يوسف الترباني السمرقندي 107 154- موسى بن العباس الجويني الحافظ "وفيات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 108 155- أحمد بن إبراهيم بن كمّونة المعافري 108 156- أحمد بن إبراهيم بن حبيب الهَمَدانيّ البغداديّ 109 157- أحمد بن بقي بن مخلد الأندلسي 109 158- أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي 110 159- أحمد بن الحسين بن الجنيد الدقاق 110 160- أحمد بن خالد بن الخليل البخاري 111 161- أحمد بن السري بن سهل النيسابوري 111 162- أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى بن كثير الليثي 111 163- أحمد بن محمد بن الجراح الضراب 111 164- أحمد بن موسى بن العبّاس بن مجاهد البغدادي 113 165- أحمد بن محمد بن عَلُّويْه الْجُرْجانيّ الرّزّاز الجزء: 24 ¦ الصفحة: 282 113 166- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن موسى الجرجاني "حرف الجيم" 113 جحظة 113 167- جعفر بن عبد الكريم الجرجاني العطار "حرف الحاء" 114 168- الحسن بن عليّ بن موسى العداس 114 169- الحسن بن محمد بن أحمد بن هشام السلمي "حرف الراء" 114 170- رضوان بن أحمد بن إسحاق بن عطية "حرف الصاد" 114 171- صاعد بن عبد الرحمن بن صاعد بن عبد السلام التميمي 115 172- صالح بن محمد بن شاذان الكردي الأصبهاني "حرف العين" 115 173- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عامر الطائي 115 174- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المغلس البغدادي 116 175- عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون النيسابوري 118 176- عبد الله بن محمد بن حسين الحذاء 118 177- عبد الله بن محمد بن نصير المديني 118 178- عبد الرحمن بن سعيد بن هارون الأصبهاني 118 179- عبد الرحمن بن محمد بن الحسين الخراساني 119 180- عبد الصّمد بن سعيد بن عبد الله بن سعيد الكندي القاضي 119 181- عتيق بن أحمد بن حامد بن سعْدان البخاري الكرميني 119 182- عتيق بن عامر بن المنتجع الأسدي البخاري 120 183- عليّ بن إسماعيل بن أبي بِشْر إسحاق بن سالم الأشعري 123 184- عليّ بْن عَبْد الله بْن مبشّر الواسطيّ 123 185- علي بن محمد بن الحسن النخعي الكوفي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 283 124 186- عُمَر بْن يوسف بْن عمروس الأندلس الأستجي "حرف الميم" 124 187- محمد بن أحمد بن صالح الأزدي 125 188- محمد بن أحمد بن عمر الرملي الضرير المقريء 125 189- محمد بن إسماعيل بن عيسى الجرجاني المستملي 125 190- محمد بْن جعفر بْن محمد بْن خازم الخازمي الجرجاني 125 191- محمد بن حلبس بن أحمد بن مزاحم 125 192- محمد بْن الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان بْن دَاوُد الجيزي 126 193- محمد بن زكريا الكاغدي المزكي 126 194- محمد بن شعيب بن إبراهيم العجلي 126 195- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أيوب الكندي 126 196- محمد بن عبد الله بن إبراهيم الجرجاني الشافعي 127 197- محمد بن عبدوس بن العلاء النيسابوري 127 198- محمد بن عمرو بن هشام النيسابوري البزاز 127 199- محمد بن الفضل بن عبد الله بن مخلد التميمي الجرجاني 127 200- محمد بن محمد بن سعيد بن بالَوَيْه النيسابوري البحيري 127 201- محمد بن محمد بن يحيى الهروي القراب 128 202- محمد بن هارون الأصبهاني 128 203- محمد بن همام النيسابوري 128 204- مطرِّف بن عبد الرحمن بن هاشم القُرْطُبيّ المشاط 128 205- معاوية بن سعيد الأندلسي 128 206- موسى بن العباس الأزاذياري "الكنى" 129 207- أبو عمر الدمشقي الزاهد 129 208- أبو عمران الطبري الجزء: 24 ¦ الصفحة: 284 "وفيات خمس وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 129 209- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي أيوب المصري 129 210- أحمد بن عبد الله بن النحاس 129 211- أحمد بن محمد بن حسن الشرقي النيسابوري 130 212- أحمد بن محمد بن عبيد الله التمار المقريء 131 213- أحمد بن محمد بن موسى بن أبي عطاء القرشي 131 214- أحمد بن محمد بن يزيد الزعفراني 131 215- إبراهيم بن دارم "نهشل" 131 216- إبراهيم بن محمد بن يعقوب الهمداني البزار الأنماطي 132 217- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى بْنِ محمد الهاشميّ 132 218- إسماعيل بن عبد الواحد الربعي المقدسي "حرف الجيم" 133 219- جعفر بن محمد بن القافلائي 133 220- جعفر بن محمد بن عبدويه البراثي "حرف الحاء" 133 221- الحسن بن آدم العسقلاني 134 222- الحسن بن عليّ بن زيد بن حُمَيْد العباسي 134 223- الحسين بن محمد بن زنجي البغدادي الدباغ "حرف الخاء" 134 224- الخضر بن محمد بن غَوْث التنوخي الدمشقي "غويث" "حرف السين" 135 225- سعيد بن جابر بن موسى الكلاعي الإشبيلي 135 226- سعدون بن أحمد الخولاني المغربي 135 227- سيد أبيه بن العاص المرادي الإشبيلي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 285 "حرف العين" 136 228- عبد الله بن السري الأستراباذي 136 229- عبد الله بن محمد بن سفيان النحوي الخزاز 136 230- عبد الله بن محمود بن الفرج الأصبهاني 137 231- عَبْد الرَّحْمَن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هاشم البخاري 137 232- عبد الرحمن بن القاسم بن حبيش التجيبي 137 233- عبد الرحمن بن محمد بن العباس الغساني الدمشقي 137 234- عبد الرحمن بن معمر بن محمد الجوهري المصري 137 235- عُبيدون بن محمد بن فهد بن الحسن بن علي الجهني 138 236- عثمانٍ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحميد بْن يزيد القرطبي 138 237- عدنان بن أحمد بن طولون 138 238- عليّ بْن عَبْد الله بْن مبشّر الواسطيّ 138 239- علي بن عبد القادر بن شيبة الكلاعي 138 240- عَمْر بن أحمد بن عليّ بن عَلكَّ الجوهري "حرف الميم" 139 241- محمد بن أحمد بن هارون العسكري 139 242- محمد بن أحمد بن قَطَن بن خالد البغدادي السمسار 140 243- محمد بن أحمد بن يوسف الجريري 140 244- محمد بن أحمد بن محمد بن نافع 140 245- محمد بن أحمد بن يحيى القرطبي المعروف بالإشبيلي 140 246- محمد بن الحسين بن معاذ الأستراباذي 140 247- محمد بن سهل بن الفضيل الكاتب 141 248- محمد بن عبد الرحمن بن محمد الدغولي السرخسي 141 249- محمد بن سعيد بن إسماعيل الحيري النيسابوري 142 250- محمد بن علي بن الجارود الأصبهاني 142 251- محمد بن عمران بن مهيار الصيرفي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 286 142 252- محمد بن محمد بن إسحاق بن يحيى البغدادي النحوي 143 253- محمد بن المسور بن عَمْر بن محمد الأندلسي 143 254- محمد بن المعلي الشونيزي 143 255- محمد بن هاشم بن محمد بن عَمْر القرطبي 143 256- مسرور بن يعقوب القلوسي 144 257- محمد بن مزيد بن محمود الخزاعي البغدادي 144 258- مكّيّ بن عَبْدان بن محمد بن بكر بن مسلم التميمي 144 259- موسى بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان المقريء "حرف النون" 145 260- نهشل بن دارم "حرف الياء" 145 261- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى بن إبراهيم البغدادي "الكنى" 146 262- أبو حامد بن الشرقي "وفيات سنة ست وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 146 263- أحمد بن حم البلخي الصفار 146 264- أحمد بن زياد بن محمد بن زياد اللخمي القرطبي 146 265- أحمد بن صالح الخولاني المصري 147 266- أحمد بن عامر بن محمد بن يعقوب الطائي الدمشقي 147 267- أحمد بن علي بن بيغجور المتكلم المعتزلي 147 268- أحمد بن محمد بن حسن بن قريش الماهيناني 148 269- أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الفضل الهاشمي 148 270- أحمد بن محمد بن عبد الواحد المصري الكتاني 148 271- أحمد بْن محمد بْن محمد بْن سليمان بْن الحارث الباغندي 148 272- أحمد بن موسى بن حماد النيسابوري الجزء: 24 ¦ الصفحة: 287 149 273- أحمد بن موسى التونسي التمار 149 274- إبراهيم بن داود القصار الرقي الزاهد 149 275- إبراهيم بن عبدوس الحرسي النيسابوري 149 276- أيّوب بن سليمان بن حَكَم بن عبد الله القوطي "حرف الباء" 150 277- بكر بن محمد بن إبراهيم بن زياد بن المواز "حرف الجيم" 150 278- جبلة بن محمد بن كُرَيْز بن سعيد بن قتادة الصدفي 150 279- جعفر بن أحمد بن عبد السلام البزاز "حرف الحاء" 151 280- الحسين بن روح بن بحر القيني أو القسي 152 281- الحسن بن الضحاك بن مطر 152 282- الحسن بن عبد الله بن محمد الأندلسي 152 283- الحسن بن علي بن زيد السامري 153 284- حميد بن محمد الشيباني "حرف الشين" 153 285- شعيب بن محمد بن عُبَيْد الله البغدادي الكاتب "حرف العين" 153 286- عبّاس بن أحمد بن محمد بن ربيعة السلمي الدمشقي 153 287- عبّاس بن منصور بن العبّاس بن شداد الفرنداباذي 154 288- عبد الله بن العباس الشمعي الوراق 154 289- عبد الله بن محمد بن الحسن الكاتب 154 290- عبد الله بن الهيثم بن خالد الطيني الخياط 154 291- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين المهري 155 292- عبد العزيز بن جعفر الخوارزمي البغدادي 155 293- عَبْد بن محمد بن محمود بن مجاهد النسفي المؤذن الجزء: 24 ¦ الصفحة: 288 155 294- عثمان بن روح بن الفرج 155 295- علي بن جعفر بن مسافر التنيسي 155 296- عليّ بن محمد بن أحمد بن الْجَهْم الكاتب "حرف الميم" 156 297- مبرمان النحوي "محمد بن علي بن إسماعيل" 156 298- محمد بن جعفر بن رميس القصري 156 299- محمد بن جعفر بن بشر البلخي 157 300- محمد بن شريك بن محمد الإسفرائيني 157 301- محمد بن عبد الله بن الحسين البغدادي العلاف 157 302- محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي السوداني 157 303- محمد بن محمد بن إسحاق بن راهَوَيْهِ الحنظلي "حرف الهاء" 158 304- هاني بن المنذر "حرف الواو" 158 305- الوليد بن محمد بن العبّاس بن الوليد بن الدرفس "وفيات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 158 306- أحمد بن إبراهيم بن الخليل القزويني 159 307- أحمد بن بِشْر بن محمد بن إسماعيل بن بشر التجيبي 159 308- أحمد بن سعيد بن مسعدة الأندلسي 159 309- أحمد بن عبد الله بن أبي طالب الأصبحي الأندلسي 159 310- أحمد بن عثمان بن أحمد السمسار 160 311- أحمد بن عليّ بن عيسى بن مالك الرازي 160 312- أحمد بن محمد بن أحمد بن سَلْم المخرمي الكاتب 160 313- أحمد بن محمد بن سعيد بن موسى بن حدير 160 314- أحمد بن عثمانٍ بن أحمد بن شاهين البغدادي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 289 161 315- أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي المقريء 161 316- أحمد بن محمد بن الحسين الخداشي النيسابوري 161 317- أحمد بن أبي إدريس 162 318- أحمد بن يحيى بن عليّ بن يحيى بن المنجم 162 319- إبراهيم بن داود القرطبي 162 320- إسحاق بن إبراهيم بن بيان النضري الجوهري 162 321- إسماعيل بن محمد الحكمي "حرف الجيم" 162 322- جحاف بن يُمْن الأندلسي الفقيه "حرف الحاء" 163 323- حَجّاج بن أحمد بن حَجّاج المعافري الإسكندري 163 324- الحسن بن القاسم بن دُحَيْم عبد الرحمن الدمشقي 163 325- الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي الكاتب 163 326- الحسن بن محمد بن عثمان الدمشقي بن أبي زرعة "حرف الزاي" 164 327- زريق بن عبد الله بن نصر المخرمي الدلال "حرف السين" 164 328- سُفيان بن محمد بن حاجب النيسابوري الجوهري "حرف العين" 165 329- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمود الكعبيّ 165 330- عبد الله بن محمد الفارسي التّاجر 165 331- عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن الحراني المصري 165 332- عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي 168 333- عبد الرحمن بن محمد بن عصام القرشي 168 334- عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله بن مخلد 168 335- عبد المؤمن بن الحسن بن كردوس المصري الجزء: 24 ¦ الصفحة: 290 169 336- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن سعيد الأرغياني 169 337- عثمانٍ بن خطّاب بن عبد الله بن عوام البلوي المغربي 169 338- علي بن العباس النوبختي الأديب 170 339- علي بن العباس الهروي 170 340- عمر بن أحمد الدري 170 341- عَمْر بن حفص بن أحلُم بن مينا "حرف الفاء" 170 342- الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الفرات الكاتب 171 343- الفضل بن الحسين الهمداني الحافظ "حرف الميم" 171 344- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بن عاصم البوسنجي 171 345- محمد بن إبراهيم بن حمك القزويني الرزاز 171 346- محمد بن بن بركة بن إبراهيم بن مرداج اليحصبي 172 347- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ البتهلي 172 348- محمد بن جعفر بن محمد بن سهْل بن شاكر السامري 173 349- محمد بن جعفر بن نوح البغدادي الحافظ 173 350- محمد بن حمدويه المروزي 173 351- محمد بن صالح بن محمد الخَولانيّ المصريّ 173 352- محمد بن عبد الله بن خليفة بن الجارود النيسابوري 173 353- محمد بن علي المصري العسكري الفقيه 174 354- محمد بن عيسى بن موسى بن بليل السمسار 174 355- محمد بن قاسم بْن محمد بن قاسم بْن محمد بْن سيار الأموي 175 356- محمد بن محمد بن مهدي النيسابوري الصيدلاني 175 357- معاوية بن محمد بن قنينية الأزدي "حرف الياء" 175 358- يزداد بن عبد الرحمن بن محمد المروزي البغدادي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 291 175 359- يحيى بن زكريا بن الشامة الأموي الأندلسي 176 360- يحيى بن زكريّا بن عبد الملك الثَّقفيّ "وفيات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة": "حرف الألف": 176 361- أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن الخزاعي اللحمي 176 362- أحمد بن بِشْر بن محمد بن إسماعيل التجيبي 176 363- أحمد بن عبيد الله الخصيبي الوزير 177 364- أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني 177 365- أحمد بن محمد بن بِشْر بن يوسف بن مامويه القرشي 178 366- أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يحيى بن يزيد التميمي 178 367- أحمد بن محمد بن عبد ربّه بن حبيب بن حدير الأموي 180 368- أحمد بن محمد بن الحسن الدينوري الضراب 180 369- أحمد بن محمد بن عمار البغدادي القطان سبنك 180 370- أحمد بن معاوية الكاغدي الرازي 180 371- أحمد بن محمد بن موسى النيسابوري القلانسي 180 372- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن خلاد الأنماطي 181 373- إبراهيم بْن محمد بْن قاسم بن هلال القُرْطُبيّ 181 374- إبراهيم بن ميمون بن إبراهيم الصواف 181 375- إسحاق بن محمد بن إسحاق الناقد "حرف الحاء": 181 376- حامد بن أحمد المَرْوَزِيّ الحافظ الزيدي 182 377- حامد بن أحمد البزاز 182 378- حامد بن بلال بن حسن البخاري 182 379- الحسن بن أحمد بن يزيد الإصطخري 183 380- الحسن بن إبراهيم البغدادي المقريء 183 381- الحسن بن يزيد بن يعقوب الجزء: 24 ¦ الصفحة: 292 183 382- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن المطبقي 184 383- الحسين بن يزيد بن أسد بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر 184 384- حمزة بن الحسين بن عمر السمسار "حرف الخاء": 184 385- خير مولى عبد الله بن يحيى التغلبي "حرف الطاء" 185 386- الطيب بن العباس بن محمد بن المغيرة البغدادي الجوهري "حرف العين": 185 387- عَبْد اللَّه بن سُلَيْمَان بن عيسى الوراق الفامي 185 388- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن الشرقي 186 389- عبد الله بن وهبان البغدادي 186 390- عبد الرحمن بن إبراهيم الجراني 186 391- عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب بن العباس الأندلسي 187 392- عثمان بن عبدويه بن عمرو البغدادي البزاز 187 393- علي بن أحمد بن الهيثم 187 394- علي بن الحسن بن العبدة الوراق 187 395- علي بن شيبان بن بنان الجوهري 187 396- عليّ بن محمد بن عَمْر بن أبان الطبري 188 397- عمر بن عصام بن الجراح البغدادي 188 398- عمر بن محمد بن يوسف بن يعقوب الأزدي "حرف الغين": 188 399- غيلان بن زفر المازني "حرف القاف": 189 400- القاسم بن أحمد بن الحارث بن شهاب المرادي "حرف الميم" 189 401- محمد بن أحمد بن أيّوب بن الصلت بن شنبوذ المقريء الجزء: 24 ¦ الصفحة: 293 190 402- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عيسى الكناني القرطبي 191 403- محمد بن جعفر بن أحمد بن سليمّان بن إسحاق المصري 191 404- محمد بن جعفر بن محمد بن هشام بن قسيم بن ملاس النميري 191 405- محمد بن حامد بن إدريس الكرابيسي 191 406- محمد بن الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي 192 407- محمد بن سهل بن هارون العسكري 192 408- محمد بن صابر بن كاتب البخاري المؤذن 192 409- محمد بن عبد الله البقلي 192 410- محمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خالد الأزدي 193 411- محمد بن عبد الوهّاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب 194 412- محمد بن عليّ بن الحسن بن مقلة الوزير 200 413- محمد بن القاسم بن محمد بن بشّار الأنباري 202 414- محمد بن القاسم بن محمد البياني 202 415- محمد بن مهلهل القرطبي الزاهد 203 416- محمد بن يعقوب الكليني الرازي 203 417- موسى بن جعفر بن قرين العثماني الكوفي "الكنى": 203 418- أبو الحسن المزين 204 أبو الحسن المزين الكبير 204 أبو سعيد الإصطخري 204 419- أبو محمد المرتعش الزاهد 205 420- أم عيسى "وفيات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف": 205 421- أحمد بْن إبراهيم بْن حمّاد بْن إِسْحَاق بن إسماعيل الأزدي 206 422- أحمد بن إبراهيم بن معاذ السيرواني الجزء: 24 ¦ الصفحة: 294 206 423- أحمد بن محمد بن حمدان البربهاري 206 424- أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ يُونُسَ الْهَرَوِيُّ الْبَزَّازُ الحافظ 207 425- إسحاق بن إبراهيم بن موسى الفقيه الغزال "حرف الباء": 207 426- بجكم الأمير 207 427- بختيشوع بن يحيى الطبيب "حرف الجيم": 207 428- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن عبد العزيز بن وزير الجروي 208 429- جعفر بن محمد بن سعيد الدمشقي 208 430- جعفر بن أحمد القاريء البغدادي البارد "حرف الحاء": 208 431- الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوي 208 432- الحسن بن أحمد بن الربيع الأنماطي 209 433- الحسن بن إدريس القافلاني 209 434- الحسن بن علي بن خلف البربهاري الفقيه 211 435- الحسن بن علي بن سوار المصري الحريري 211 436- الحسن بن محمد بن أبي الشوك الزيات "حرف السين": 212 437- سعيد بن سفيان الأندلسيّ البَجَّانيّ 212 438- سلمان بن قريش الأندلسي "حرف العين": 212 439- العبّاس بن عليّ بن الفضل الهاشمي 212 440- عباس بن محمد بن عبد العظيم السليحي 212 441- العباس بن موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاريّ 213 442- عبد الله بن أحمد بن ثابت بن سلام 213 443- عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن سليمان بن زبر الربعي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 295 214 444- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق بن يزيد المروزي 215 445- عبد الملك بن يحيى الزعفراني العطار 215 446- عبيد الله بن إبراهيم بن بالويه النيسابوري 215 447- عُبَيْد الله بن موسى بن إسحاق الأنصاريّ الخطمي 216 448- علي بْن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن موسى الخولاني 216 449- عمار بن خرز بن عمرو العذري 216 450- عمر بن محمد بن رجاء العكبري "حرف الميم": 216 451- متى بن يونس 217 452- محمد بْن أحمد بْن عبد الواحد بْن صالح الأموي 217 453- محمد بن أحمد بن دلويه 217 454- محمد بن أيوب بن المعافى العكبري 218 455- محمد "وقيل أحمد" الراضي بالله بن المقتدر بالله 218 456- محمد بن أبي جعفر المنذري الهروي 219 457- محمد بن حسين بن زيد التنيسي 219 458- محمد بن حمدويه بن سهل المروزي 220 459- محمد بن خالد بن وهب التيمي القرطبي 220 460- محمد بن سعيد بن حماد البغدادي 220 461- محمد بن سليمان بن أحمد بن حبيب بن الوليد الأموي 220 462- محمد بن العباس بن شجاع المروزي 221 463- محمد بن العباس بن مهران المستملي 221 464- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن العلاء البغدادي 221 465- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن رجاء البلعمي التميمي البخاري 222 466- محمد بن علي بن إسماعيل الأيلي 222 467- محمد بن علي بن الفياض البغدادي الكاتب 222 468- محمد بن القاسم بن محمد الأزدي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 296 223 469- محمد بن منير بن محمد بن عنبسة 223 470- منصور بن محمد بن عليّ بن قَرِينة بن سوية 223 471- موسى بن عيسى بن مهدي الدباغ "حرف الياء": 223 472- يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي "وفيات سنة ثلاثين وثلاثمائة": "حرف الألف": 224 473- أحمد بن إبراهيم بن سعد الخير الأزدي 225 474- أحمد بن أحيد بن فرينام الوراق 225 475- أحمد بن سليمان بن فرينام البخاري 225 476- أحمد بن عبادة بن علكدة الرخيني القرطبي 225 477- أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل النَّيْسابوريّ 225 478- أحمد بن ماجد بن عمرويه البخاري المتكلم 225 479- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الرجال الصلحي 226 480- أحمد بن محمد بن ميمون بن هارون بن مخلد البغدادي 226 481- أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال النيسابوري 226 482- أحمد بن محمود بن طالب بن حيت بن موسى البخاري 227 483- إسحاق بن محمد النهرجوري الصوفي "حرف الباء": 227 484- بدر الخرشني الأمير "حرف التاء": 228 485- تبوك بن أحمد تبوك بن خالد "حرف الجيم": 228 486- جعفر بن عليّ بن سهل الدقاق "حرف الحاء": 228 487- الحسن بن الحُسين بن منصور النيسابوري الجزء: 24 ¦ الصفحة: 297 229 488- الحسين بن أحمد بن صدفة الفارسي الفرائضي 229 489- الحُسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الضبي المحاملي 230 490- الحسين بن محمد بن إبراهيم التميمي البقال "حرف الخاء": 230 491- خليل بن إبراهيم الأندلسي "حرف الزاي": 231 492- زكريا بن أحمد بن يحيى بن موسى خت البخلي "حرف العين": 231 493- عبد الله بن باذان الأصبهاني المقريء 232 494- عبد الله بن يونس بن محمد بن عبيد الله القبري 232 495- عبد الرحمن بن عبد الله بن هاشم الأنباري 232 496- عبد الغافر بن سلامة بن أحمد بن عبد الغافر الحضرمي 233 497- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ البغدادي 233 498- عبد الملك بن محمد بن بكر السعدي الأندلسي 233 499- عليّ بن الحسن بن سليمّان بن شعيب الكيساني 234 500- عليّ بْن مُحَمَّد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حساب البغدادي 234 501- عمر بن سهل بن إسماعيل القرميسيني الدينوري "حرف الميم": 234 502- محمد بن أحمد بن صالح بْن أَحْمَد بْن محمد بْن حنبل 235 503- محمد بن أحمد بن عمرويه النيسابوري البيلي 235 504- محمد بن إبراهيم بن عليّ العلويّ الحسينيّ 235 505- محمد بن بدر بن عبد العزيز المصري 235 506- محمد بن خالد بن وهب الصغير السهمي القرطبي 236 507- محمد بن رائق الأمير 236 508- محمد بن عبد الله بن قرن الفرغاني الوراق 236 509- محمد بن عبد الله الصيرفي البغدادي الجزء: 24 ¦ الصفحة: 298 237 510- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سلم الحميري 237 511- محمد بن عبد الصمد بن الفضل البلخي 237 512- محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج القرطبي 238 513- محمد بن عُبَيْد الله بن زياد البغداديّ 238 514- محمد بن عمر بن حفص الجورجيري 239 515- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة القرطبي 239 516- محمد بن يوسف بن بشر بن النضر بن مرداس الهروي "حرف الهاء": 240 517- هارون بن عبد الملك بن عبد الله القيسي الأندلسي "الكنى": 240 518- أبو صالح العابد 241 أبو يعقوب النهرجوري "من كان حيًا في هذا الوقت ولم أعرف تاريخ وفاتِه فكتبتهم تخمينًا لا يقينًا "حرف الألف": 241 519- أحمد بن جعفر بن عبد ربه الكاتب 241 520- أحمد بن خالد بن مصعب الحزوري 241 521- أحمد بن كيغلغ الأمير 241 522- أحمد بن مطرف البستي القاضي 242 523- أحمد بن يعقوب التائب المقريء 242 524- أحمد بن يونس الضبي الأصبهاني 243 525- أحمد بن محمد بن عبد الله الصيرفي 243 526- أحمد بن علي بن عيسى الرازي 243 527- إبراهيم بن محمد بن عُبَيْد بن جُهَيْنَة الشهرزوري 244 528- إبراهيم بن إسحاق بن أبي الدرداء الصرفندي 244 529- إبراهيم بن نَصْر بن عنبر الضّبي السَّمَرْقَنديّ الجزء: 24 ¦ الصفحة: 299 244 530- إسماعيل بن محمد بن أحمد بن صالح الحكمي الأستراباذي. 244 531- إسماعيل بن هارون البزاز. "حرف الثاء": 244 532- ثواب بن يزيد بن ثواب الموصلي. "حرف الجيم": 245 533- جعفر بن سليمان المشحلائي الحلبي. 245 534- جعفر بن محمد بن علي الهمداني. "حرف الحاء": 245 535- الحسن بن محمد بن سعدان العرزمي. 246 536- الحسن بن علي بن يحيى البجلي الشعراني الطبراني. 246 537- الحسن بن الوليد بن موسى الكِلابيّ الدّمشقيّ. 246 538- الحسين بن عيسى العرقي. 246 539- الحسين بن محمد بن إبراهيم الدمشقي. 246 540- الحسين بن محمد بن أحمد قاضي طرابلس. 247 541- الحُسين بن محمد بن عبد الله بن عبادة العجلي الواسطي. "حرف الدال": 247 542- دينار بن بنان بن دينار الرملي الجوهري. "حرف السين": 247 543- سعيد بن الحُسين الدّرّاج الزّاهد. "حرف العين": 248 544- العبّاس بن الفضل بن حبيب السامري الدباج. 248 545- العبّاس بن عبد الله بن محمد بن عصام المزني. 248 546- عبد الله بن أحمد بن وُهَيْب الدّمشقيّ. 249 547- عبد الله بن علي الخلال. 249 548- عبد الله بن الفضل بن جعفر الوراق. 249 549- عبد الله بن المغلِّس الأندلسيّ الدّمشقيّ الزّاهد. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 300 249 550- عبد العزيز بن موسى البغدادي "بدهن". 250 551- عُبَيْد الله بن أحمد بن يعقوب بن نصر الأنباري. 250 552- عثمانٍ بن جعفر بن محمد بن حاتم اللبان الأحول. 250 553- عثمان بن مروان النهاوندي شيخ الصوفية. 251 554- عرس بن فهد الأزدي الموصلي. 251 555- علي بن الحسن بن هارون السقطي. 251 556- عليّ بن محمد بن سختويه بن نَصْر النيسابوري. 251 557- علي بن محمد بن حجر الرقي الصوري. 252 558- عليّ بن محمد بن أحمد بن فور النيسابوري الوراق. 252 559- عمر بن يوسف الزعفراني. 252 560- عمرو بن عصيم بن يحيى الصوري. "حرف الْقَافِ": 253 561- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بلبل الزعفراني. "حرف الميم": 253 562- محمد بن إبراهيم بن الفضل النيسابوري المعمري الفحام. 253 563- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي خنبش البعلبكي. 253 564- محمد بن أحمد بن أبي مهزول. 253 565- محمد بن أحمد بن محمد بن شيبان الرملي الخلال. 254 566- محمد بن أحمد بن محمد بن الصلت البغدادي. 254 567- محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن فروخ المزني. 254 568- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم المروزي. 254 569- محمد بن إسماعيل بن سلمة الأصبهاني. 255 570- محمد بن بدر الكتاني المصري. 256 571- محمد بن بِشْر بن موسى بن مروان القراطيسي. 256 572- محمد بن ثابت بن أحمد الواسطي. 257 573- محمد بن جعفر بن رباح الأشجعيّ الكوفيّ. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 301 257 574- محمد بن الحسن بن أحمد بن الصّبّاح الثقفي الزاهد. 575- محمد بن الحسين الجهني الهمداني الطيان. 257 576- محمد بن خالد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن حمزة. 258 577- محمد بن داود بن بنوس الفارسي البعلبكي. 258 578- محمد بن سليمان بن أيوب البصري المالكي. 258 579- محمد بن العبّاس بن سُهيل الخصيب الضّرير. 259 580- محمد بن العباس بن عبدة الأصبهاني. 259 581- محمد بن العباس بن مهدي الصائغ. 259 582- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس بْن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب الأموي. 259 583- محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي الأكفاني. 260 - محمد بن عبد الملك التاريخي. 260 584- محمد بن عثمان بن سمعان الواسطي المعدل. 260 585- محمد بن عزير السجستاني. 261 586- محمد بن علي بن الحسين التخاري. 261 587- محمد بن عيسى بن محمد الوسقندي الرازي. 262 588- محمد بن قارن بن العباس الرازي. 262 589- محمد بن القاسم بن كوفيّ الكرّانيّ الإصبهانيّ. 262 590- محمد بن موسى الفرغاني الزاهد. 262 591- محمد بن موسى بن إسحاق السرخسي الحنفي. 263 592- محمد بن يعقوب بن الحجاج التيمي. 263 593- محمود بن محمد الرافقي. "حرف النون": 263 594- نصر بن أحمد البصري الشاعر الخبزرزي. "حرف الهاء": 264 595- هارون بن إبراهيم بن حماد بن إسحاق الأزدي. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 302 "الكنى": 264 596- أبو بكر بن أبي سَعْدان الزّاهد. 265 597- أبو بكر بن طاهر الأبهري. 267 فهرس الموضوعات. الجزء: 24 ¦ الصفحة: 303 المجلد الخامس والعشرون الطبقة الرابعة والثلاثون أحداث سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الرابعة والثلاثون: أحداث سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة: زواج ابن المتّقي ببنت ناصر الدّولة الحمدانيّ: في المحرّم كُتب كتاب أبي منصور إسحاق بن المتّقي على بنت الأمير ناصر الدّولة بن حمدان، والصَّداق مائتا ألف دينار، وقيل: مائة ألف دينار وخمسمائة ألف درهم. وولي العقد عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي، ولم يحضر أبوها1. غزو الروم إلى أَرْزن وغيرها: وفي صفر وصلت الروم إلى أرزان، وميافارقين، ونصيبين، فقتلوا وسبوا، وثم طلبوا منديلًا في كنيسة الرُّها يزعمون أنّ المسيح مسح به وجهه فارتسمت صورته فيه، علي أنّهم يُطلقون جميعَ مَن سَبوا، فأُرسِل إليهم وأطلقوا الأسرى2. تضيق ناصر الدّولة على المتّقي: وفيها ضيّق الأمير ناصر الدّولة على المتّقي في نفقاته، وأخذ ضياعه، وصادر الدّواوين، وأخذ الأموال، وكرِهَهُ النّاسُ3. استئمان الديْلَم لأبن بُوَيْه: وفيها وافى الأمير أحمد بن بُوَيْه يقصد قتال البريديّ، فاستأمنَ إليه جماعةٌ مِن الدَّيْلم. هروب سيف الدّولة وأخيه: وفيها هاج الأمراء على سيف الّدولة بواسط، فهرب في البرية يريد بغداد. ثم   1 الكامل في التاريخ "8/ 404"، البداية والنهاية "11/ 205"، النجوم الزاهرة "3/ 278". 2 المنتظم "6/ 331"، البداية والنهاية "11/ 205، 206"، النجوم الزاهرة "3/ 278". 3 النجوم الزاهرة "3/ 278". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 3 سار إلى المَوْصِل ناصرُ الدّولة خائفًا، لهروب أخيه، ونُهبت داره1. نزوح البغدادّيين إلى الشام ومصر: وفيها نزحَ خلق كثير مِن بغداد مع الحُجّاج إلى الشّام، ومصر، خوفًا من اتّصال الفِتَن ببغداد2. خِلْعة المتّقي لابن بُوَيْه: وفيها بعث المتقّي إلى أحمد بْن بُوَيْه بخلعٍ، فَسُرَّ بها ولبسَها3. ولادة مولود للقرمطيّ: وفيها وُلَد لأبي طاهر القَرَمِطّي ولدٌ، فأهدي إليه أبو عبد الله البَريِديّ هدايا عظيمة، فيها مَهْد ذهب مجوهر4. الحجّ هذا الموسم: وحجَّ بالنّاس القَرْمِطيّ على مالٍ أخذه منهم. وزارة علي بن مُقْلَة: واستوزر المتقّي أبا الحسين علي بن أبي مُقْلَة. دخول توزون بغداد وإمرته: وسار من واسط توزون، فقصد بغداد، وقد هربَ منه سيف الدّولة، فدخلَ توزون بغداد في رمضان، فانهزم سيف الدّولة إلي الموصل أيضًا، فخلعَ المتقي على توزون ولقبه أمير الأمراء.   1 تكملة تاريخ الطبري للهمداني "1/ 132، 134"، النجوم الزاهرة "3/ 278". 2 النجوم الزاهرة "3/ 278". 3 البداية والنهاية "11/ 206". 4 البداية والنهاية "11/ 206"، النجوم الزاهرة "3/ 279". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 4 الوحشي بين المتقي وتوزون: وفيها وقعت الوحشية بين المتقّي وتوزون، فَعَاد إلى واسط. عزل ابن مُقْلَة: وفيها عَزَلَ المتقّي ولد ابن مُقْلَة وأخذ منه مائة ألف دينار، ثمّ استوزره. وفاة بدر الخَرْشَنيّ: وفيها هلك بدمشق بدْر الخَرْشنيّ. وكان قد جرت له أمور ببغداد، ثمّ صار إلى الإخشيد محمد بن طُغْج، فولّاه إمرة دمشق، فوليها شهرين ومات. وفاة سنان بن ثابت: وفي ذي القعدة مات أبو سعيد سِنان بن ثابت المتطبِّب والد مصنِّف التاريخ ثابت1. وقد أسلم سِنان على يد القاهر بالله. وقد طبَّب جماعةً مِن الخلفاء وكان متفنّنًا. وفاة ابن عبدوس الجهشياريّ: وفيها مات محمد بن عُبْدُوس مصنّف كتاب "الوزراء" ببغداد. وكان من الرّؤساء2. وزارة الأصبهانيّ: وفي حدودها استوزر المتّقي غير وزيرٍ من هؤلاء الخاملين، ويعزله، فاستوزر أبا العبّاس الكاتب الأصبهاني وكان ساقط الهِمّة بحيث أنّه كان يركب وبين يديه اثنان؛ وما ذاك إلا لضَعْفِ دَسْت الخلافة ووهن دولة بني العباس.   1 الكامل في التاريخ "8/ 405"، البداية والنهاية "11/ 206". 2 الكامل في التاريخ "8/ 405"، النجوم الزاهرة "3/ 279". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 5 أحداث سنة اثنتين وثلاثين : الحرب بين توزون والمتّقي: فيها قدّم أبو جعفر بن شيرزاد من واسط من قبل توزون إلى بغداد، فحكم على بغداد وأمّر ونهي. فكاتب المتّقي بني حمدان بالقدوم عليه، فقدِم أبو عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان في جيشٍ كثيف في صَفَر، ونزل بباب حرب، فخرجَ إليه المتقّي وأولاده والوزير. واستتر ابن شيرزاد. وسار المتقي بآله إلى تكريت ظنًا منه أن ناصر الدولة في الطّريق ويعودون معًا إلى بغداد. فظهرَ ابن شيرزاد فأمرَ ونهي، فقدِم سيف الدّولة على المتقّي بتكريت، فأشار عليه بأن يصعد إلى المَوْصل ليتّفقوا على رأي، فقال: ما على هذا عاهدتموني. فتفلّل أصحاب المتقّي إلى الموصل، وبقي في عددٍ يسير مع ابن حمدان. فقِدم توزون بغداد واستعدّ للحرب. فجمع ناصر عددًا كثيرًا من الأعراب والأكراد، وسارَ بهم إلى تكريت. وكان الملتَقَى بينه وبين توزون بُعكبرا، واقتتلوا أيّامًا، ثمّ انهزم بنو حمدان والمتقّي إلى الموصل. وراسل ناصر الدّولة توزون في الصّلح على يد أبي عبد الله بن أبي موسى الهاشميّ، وكان توزون على تِكْريت، فتسلل بعض أصحابه إلي ابن حمدان، وردّ توزون إلي بغداد. وجاء سيف الدّولة إلى تكريت فردّ إليه توزون، فالتقوا في شعبان على حرْبَى1، فانهزم سيف الدّولة إلى الموصل، وتبِعه توزون، ففرّ بنو حمدان والخليفة إلى نصّيبين، فدخل توزون الموصل ومعه ابن شيرزاد، فاستخلص من أهلها مائة ألف دينار. مصالحة المتّقي وتوزون: وراسل المتّقي توزون في الصُّلح وقال: ما خرجت من بغداد بأهلي إلا بلغني أنّك اتفقت مع البَريديّ عليَّ. والآن آثَرْت رضاي فصالح ابني حمدان، وأنا أرجع إلى دارى. وأشار ابن شيرزاد على توزون بالصّلح. وتواترت الأخبار أنَّ أحمد بن   1 البداية والنهاية "11/ 207". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 6 بُوَيْه نزل واسطًا وهو يريد بغداد. فأجاب توزون إلى الصّلح، ورجع إلى بغداد1. وكان السّفير بينهم يحيى بن سعيد السُّوسيّ، فحصل له مائة ألف دينار. عقد البلد لناصر الدولة: وعقد توزون للبلد على ناصر الدّولة ثلاث سنين بثلاثة آلاف ألف درهم. موت البريديّ: وفيها قَتَلَ أبو عبد الله البَريديّ أخاه أبا يوسف، ثمّ مات بعده بيسير2. ولاية ابن لؤلؤ إمرة دمشق: وفيها ولّى الإخشيد الحسين بن لؤلؤ إمرة دمشق، فبقي عليها سنة وأشهرًا. إمرة المؤنسيّ على دمشق: ثمّ نقله إلى حمص، وأمَّرَ عليها يانس المؤنسيّ. ولاية الحسين بن حمدان قنّسرين والعواصم: وفيها ولّى ناصر الدّولة ابن عمه الحسين بن سعيد بن حمدان قنّسرين والعواصم، فسارَ إلى حلب3. وصول الإخشيد إلى المتقّي: وفيها كتبّ المتقّي إلى صاحب مصر الإخشيد أن يحضر إليه، فخرج من مصر وسار إلى الرَّقَّةِ، وبها الخليفة، فلم يُمكن من دخولها لأجل سيف الدّولة، فإنهّ كان مُبَاينًا له. فمضى إلى حرّان، وأصطلح مع سيف الدّولة، وبانَ للمتقّي من بني حمدان الملل والضّجر منه، فراسلَ توزون واستوثق منه. واجتمع الإخشيد بالمتقّي على الرَّقّة، وأهدي إليه تُحَفًا وأموالًا. وبلغه مراسلته لتوزون فقال: يا أمير المؤمنين أنا عبدك وابن عبدك، وقد عرفت الأتراك وغّدْرهم وفجورهم، فالله الله في نفسكَ. سِرْ   1 البداية والنهاية "11/ 207"، النجوم الزاهرة "3/ 287". 2 الكامل في التاريخ "8/ 410". 3 النجوم الزاهرة "3/ 280". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 7 معي إلى الشّام ومصر، فهي لك وتأمنَ على نفسك. فلم يقبل. فقال: أقم ههنا وأمدّك بالأموال والرجال. فلم يقبل1. فعدل الإخشيد إلى الوزير ابن مُقْلَة وقال: سِرْ معي. فلم يفعل مراعَاة للمتقّي. فكان ابن مُقْلَة يقول: يا ليتني قِبلت نُصْح الإخشيد. ورجع الإخشيد إلى بلاده. مقتل حمْدي اللّصّ: وفيها قُتل حَمْدي اللّصّ، وكان فاتكًا. ضمنّه ابن شيرزاد اللُّصوصيّة ببغداد في الشهر بخمسة وعشرين ألف دينار. فكان يكبس بيوت النّاس بالمِشعَل والشّمع، ويأخذ الأموال. وكان أسكورَج الدَّيْلمّي قد ولي شرطة بغداد، فأخذه ووسّطه2. دخول ابن بُوَيْه واسط: وفيها دخل أحمد بن بُوَيْه واسطًا، وهرب أصحاب البَريديّ إلى البصرة3. إصابة توزون بالصرع: وفي شوّال كان توزون ببغداد على سرير المُلك، فعرضَ له صرعٌ، فوثب ابن شيرزاد فأرخى بينه وبين القوّاد ستْرًا وقال: قد حدثت للأمير حُمّى. امتناع الحجّ: ولم يحجّ في هذه السنة أحدٌ لموت القَرمَطيّ. ترجمة أبي طاهر القرمطيّ: وهو أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجّنابيّ بهجَر في رمضان بالْجُدَريّ. وهو الّذي قتل الحجيج وأشياخهم مرّات، واقتلع الحجر الأسود، وبقي بعده أبو القاسم سعيد4.   1 الولاة والقضاة "292"، البداية والنهاية "11/ 210"، النجوم الزاهرة "3/ 254، 255". 2 النجوم الزاهرة "3/ 281". 3 الكامل في التاريخ "8/ 417"، النجوم الزاهرة "3/ 281". 4 المنتظم "6/ 336". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 8 تتمة أخبار القرمطي كما أثبتها الناسخ استجابة لأمر المؤلف الذهبي: هذه تتمة أخبار أبي طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي القرمطي ذكرها المصنف في غير موضعها وأمر أن تُلحق هنا، فألحقتها حسب مرسومه. الناسخ. قال: وكان أبوه يحّبه ويرجّحه للأمر من بعده، وأوصى: إن حَدَث بي موتٌ، فالأمرُ إلي ابني سعيد إلى أن يكُبر أبو طاهر، فيُعيد سعيد إليه الأمر. وكان أبو سعيد قد عَتا وتمرّد، وأخاف العباد، وهزم الجيوش، وكان قد أسرَ فيمن أسرَ خادمًا، فحُسنت منزلته عنده حتّى صار على طعامه وشرابه. وكان الخادم ينطوي على إسلام، قلم يَرَ أبا سعيد يصلّي صلاةً، ولا صام شهر رمضان. فأبغَضه وأضمر قتله، فخلاه وقد دخل حمّامًا في الدّار ووثب عليه بخنجر فذبحه، ثمّ خرج ودعا بعضَ قُوّاد أبي سعيد فقال له: كلّم أبا سعيد. فلّما حصل ذبحه. ثمّ استدعى آخر، ففعل به كذلك حتى فعل بجماعة من الكبار، وكان شجاعًا قوّيًا جلْدًا. ثمّ استدعي في الآخِر رجلا، فدخل في أوّل الحّمام، فإذا الدّماء تجري، فأدبر مسرعًا وصاح، فتجمّع النّاس. وقد مرّ ذلك في سنة إحدى وثلاثمائة. وأخذ سعيد ذلك الخادم، فقرض لحمه بالمقاريض إلى أن مات. فلما كان سنة خمس وثلاثمائة سلّم سعيد الأمرَ إلى أخيه أبي طاهر، فاستجاب لأبي طاهر خلق وافتتنوا به، بسبب أنّه دلّهم على كنوز كان والده أطلعه عليها وحده، فوقع لهم أنّه عِلْم غَيْب، وتخيَّر موضعًا من الصّحراء وقال: أريد أن أحفر ههنا عَيْنًا. فقيل له: هنا لا ينبع ماء. فخالفهم وحفر فنبع الماء فازدادت فتنتهم به. ثمّ استباح البصرة، وأخذ الحجيج، وفعل العظائم، وأرعَبَ الخلائق وكُثرت جموعه، وتزلزل له الخليفة. وزعم بعض أصحابه به أنّه إله المسيح، ومنهم مَن قالَ هو نبيّ. وقيل: هو المهديّ، وقيل: هو الممهّد للمهديّ. وقد هزم جيش الخليفة المقتدي غير مرّة، ثمّ إنّه قصد بغداد ليأخذها فدفع الله شرّه. وقد قَتَلَ بحَرَم الله تعالى مقتلة عظيمة لم يتمّ مثلها قطّ في الحَرَم. وأخذ الحجر الجزء: 25 ¦ الصفحة: 9 الأسود. ثمّ لم يُمهله الله بعد ذلك. فلما أشفى على التلف سلم مكة إلى أبي الفضل بن زكريا المجوسيّ العجميّ. قال محمد بن عليّ بن رِزام الكوفيّ: قال لي ابن حمدان الطّبيب: أقمتُ بالَقطِيف أعالج مريضًا فقال لي الرجل: أنظر ما يقول النّاس. يقولون إنّ ربّهم قد ظهر. فخرجتُ، فإذا النّاس يُهرعون، إلى أن أتينا دارَ أبي طاهر سليمان القَرْمِطيًّ، فإذا بغلامٍ حسن الوجه، دُرّيّ اللّون، خفيف العارضين، له نحو عشرين سنة، وعليه عمامة صفراء تعميم العَجَم، وعليه ثوب أصفر، وفي وسطه منديل وهو راكب فرسًا شهبًا، والناس قيام، وأبو طاهر القّرْمطيّ وإخوته حوله. فصاح أبو طاهر بأعلى صوته: يا معشر النّاس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو طاهر سُلَيْمَان بْن الْحَسَن. اعلموا أَنَا كُنَّا وإياكم حمير، وقد من اللَّه علينا بهذا، وأشار إِلَى الغلام؛ هَذَا ربي وربكم، وإلهي وإلهكم، وكلنا عباده والأمر إليه، وهو يملكنا كلنا. ثُمَّ أَخَذَ هُوَ والجماعة التراب، ووضعوه عَلَى رءوسهم؛ ثُمَّ قالَ أبو طاهر: اعلموا يا معشر الناس، إنّ الدّين قد ظهر، وهو دين أبينا آدم، وكلًّ دين كنّا عليه فهو باطل. وجميع ما توصَّلتْ به الدُّعاة إليكم فهو باطل وزُور من ذكْر موسى، وعيسى، ومحمد. إنّما الدّين دين آدم الأوّل، وهؤلاء كلّهم دجالون محتالون فالعنوهم. فلعنهم الناس. وكان أبو الفضل المجوسيّ، يعني: الغلام الأمرد، قد سَنَّ لهم الّلواط ونكاح الأخوات، وأمرّ بقتل الأمرد الممتنع. وكان أبو طاهر يطوف هو والناس عُراةً به ويقولون: إلهنا عزًّ وجلّ. قال ابن حمدان الطّبيب: أُدخلت على أبي الفضل فوجدتُ بين يديه أطباقًا عليها رءوس جماعة، فسجدتُ له كعادتهم والنّاسُ حوله قيام وفيهم أبو طاهر، فقال لأبي طاهر: إنّ الملوك لم تزل تُعدّ الرءوس في خَزائنها فسَلُوه، وأشارَ إليَّ، كيف الحيلة في بقائها بغير تغيير؟ فسألني أبو طاهر فقلت: إلهُنا أعلم، ويعلم أنّ هذا الأمر ما علمته. ولكن أقول على التقدير إنّ جملة الإنسان إذا مات يحتاج إلى كذا وكذا صبَر وكافور. والرّأس جزءٌ من الإنسان، فيؤخذ بحسابه. فقال أبو الفضل: ما أحسن ما قال. قال ابن حمدان: وما زلت أسمع النّاسُ تلك الأيام يلعنون إبراهيم، وموسى، ومحمدًا -صلى الله عليه وسلم، وعليًا، وأولاده، ورأيت المصحف يُمسح به الغائط. وقال أبو الفضل الجزء: 25 ¦ الصفحة: 10 لكاتبه ابن سَنْبر: اكتب كتابًا إلى الخليفة فصلِّ لهم على محمد، وكِل لهم من جراب النِّوْرة. قال ابن سَنْبر: والله ما تنبسط يدي لذلك. وكان لأبي طاهر أخت فاقتنصها أبو الفضل، وذبح أبنًا لها في حجْرها، وقتل زوجها، ثمّ عزم علي قتل أبي طاهر، فبلغ ذلك أبا طاهر، فأجمع رأيه ورأي ابن سَنْبر ووالدة أبي طاهر على أن يمتحنوه ويقتلوه. فأتياه فقالا: يا إلهنا، إنّ مُرْجة أمّ أبي طاهر قد ماتت، ونشتهي أن تحضر لنشقّ جوفها ونحشوه جمْرًا، وكان قد شرع لهم ذلك. فمضى معهما، فوجد مرجة مُسَجاة، فأمر بشقّ بطنها. فقال أبو طاهر: يا إلهي أنا أشتهي أن تُحييها لي. قال: ما تستحق فإنها كافرة. فعاوده مرارًا، فاسترابَ وأحسَّ بتغّيرهما عليه، فقال: لا تعجلا علي ودعاني أخدم دوابّكما إلى أن يأتي أبي، فإني سرقت منه العلامة، فيري فيَّ رأيَه. فقال له ابنُ سنبر: ويْلَك هتكتَ أستارنا وحريمنا، وكشفتَ أمرنا، ونحن نُرتّب هذه الدّعوة من ستين سنة، لا يُعلم ما نحن فيه. فأنت لو رآك أبوك علي هذه الحالة لقتلك، قُم يا أبا طاهر فاقتله. قال: أخشى أن يمسخني. فقام إليه سعيد أخو أبي طاهر فقتله وأخرج كبده، فأكلتها أخت أبي طاهر. ثمّ جمع ابن سنبر النّاس وذكر حَقه فيهم، لأنه كان شيخُهم، وقال لهم: إن الغلام وَرَدَ بكذبٍ سرَقه مِن معدن حقّ، وعلامةٍ موّه بها، فأطعناه لذلك. وإنا وجَدَنا فوقه غلامًا ينكحه فقتلناه. وقد كنا نسمع أنه لا بُدّ للمؤمنين من فتنةٍ عظيمة يظهر بعدها الحقّ، وهذه هِيَ. فارجعوا عن نكاح المُحَرمات، وأطفئوا بيوت النيران، واتركوا اتّخاذ الغلمان، وعظموا الأنبياء عليهم السّلام. فضج النّاس بالصّياح وقالوا: كل يومٍ تقولون لنا قولًا. فأنفق أبو طاهر أموالًا، كان جمعها أبو الفضل، في أعيان الناس فسكتوا. قال ابن حمدان الطّبيب: وبعد قتل أبي الفضل اتصلتً بخدمة أبي طاهر، فأخرج إلي يومًا الحجر الأسود وقال: هذا الذي كان المسلمون يعبدونهَ. قلتُ: ما كانوا يعبدونه. قال: بلي. فقلت: أنت أعلم. وأخرجه إلي يومًا وهو ملفوف بثياب ديبقيّ، وقد طيّبه بالمسك، فعرفنا أنه معظم له. ثمّ إنّه جرت بين أبي طاهر وبين المسلمين حروب وأمور، وضعف جانبه، وقُتل من أصحابه في تلك الوقعات خلْق وقَلُوا، فطلب من المسلمين الأمان على أن يردّ الجزء: 25 ¦ الصفحة: 11 الحجر الأسود وأن لا يتعرض للحجاج أبدًا. وأن يأخذ على كلّ حاجّ دينارًا ويخفرهم. فطابت قلوب الناس وحجوا آمنين. حصل له أضعاف ما كان ينتهبه من الحاجّ. وقد كان هذا الملعون بلاءً عظيمًا على الإسلام وأهله، وطالت أيّامُه. ومنهم مَن يقول إنّه هلك عقيب أخْذه الحجر الأسود. والّظاهر خلاف ذلك. تسمية أمير الأندلس بأمير المؤمنين: فلمّا ضعُف أمرُ الأمّة، ووَهَت أركان الدّولة العبّاسية، وتغلبت القرامطة والمبتدَعة على الأقاليم، قويت همة صاحب الأندلس الأمير عبد الرحمن بن محمد الأمويّ المَروانيّ، وقال: أنا أوْلى النّاس بالخلافة. وتسمّى بأمير المؤمنين. وكان خليقًا بذلك. فإنه صاحب غزوٍ وجهاد وهَيبة زائدة استولى على أكثر الأندلس، ودانت له أقطار الجزيرة. "انتهى ما ألحقه المؤلف بخطه من أخبار أبي طاهر القرمطي في غير موضعه فألحقته هنا. ولا قوة إلا بالله، ففي كتابة مثل هذا مضض. ونسأل الله العفو والسلامة". الناسخ. سبب قتل البريديّ لأخيه: فأمّا أبو يوسف البَريديّ فكان يتكبرّ على أخيه أبي عبد الله، ويُطلق لسانه فيه، ويُعامل عليه أحمد بن بُوَيْه وتوزون، وينسبه إلى الغدْر والظُلم والجبن والبخل، فاستدعاه أخوه عبد الله إلى الدّار بالبصرة، وأقعد له جماعة في الدَّهْليز ليقتلوه. فلّما دخل ضربوه بالسّكاكين، فلامه بعض إخوته فقال: اسكت وإلا ألحقتك به1. ثمّ مات بعده بثمانية أشهر؛ ووُجد له ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار، وعشرة الألف ألف درهم. ومِن الفرش وغيرها ما قيمته ألف ألف دينار وألف. وألف رطْل نَدّ، وألفا رِطْل هنديّ، وعشرون ألف رطل عو. وقد تقدَّم مِن أخباره. وسيُذكر في العام الآتي.   1 البداية والنهاية "11/ 208". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 12 أحداث سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة : قتل المتّقي: قد ذُكر أنّ توزون حَلفَ وبالغ في الأيمان للمتقّي، فلمّا كان رابع محرَّم توجّه المتقّي من الرقَّة إلى بغداد، فأقام بهيت، وبعث القاضي أبا الحسين الخِرَقيّ إلى توزون وابن شيرزاد، فأعاد الأْيمان عليهما. وخرج توزون وتقدمه ابن شيرزاد، فالتقى المتقّي بين الأنبار وهِيت1. رواية المسعودي عن مقتل المتقّي: وقال المسعودي: لمّا التقى توزون بالمتقّي ترجّل وقبّل الأرض، فأمره بالركوب، فلم يفعل، ومشى بين يديه إلى المخيّم الذي ضربه له. فلمّا نزل قبض عليه ابن مقلة ومن معه. ثمّ كحّله، فصاح المتقّي، وصاح النساء، فأمر توزون بضرب الدَّبادب2 حول المخيم. وأُدخل بغداد مسمول العينين، وقد أخذ منه الخاتم والبُرْدة والقضيب. وبلغ القاهر فقال: صِرنا اثنين، ونحتاج إلى ثالث، يُعرض بالمستكفي، فكان كما قال، سُمل بعد قليل. خلافة المستكفي: وقال ثابت: أحضر توزون عبد الله بن المكتفي وبايعه بالخلافة، ولقّبه بالمستكفي بالله، ثمّ بايعه المتقي لله المسمول، وأشهد على نفسه بالخلْع لعشرٍ بقين من المحرَّم سنة ثلاثٍ وثلاثين. ثمّ أُخرج المتقّي إلي جزيرة مقابل السِّنْديّة، وسُمل حتّى سالت عيناه. وقيل: إنما خُلع لعشرٍ بقين من صفر. ولم يحل الحَوْل على توزون حتّى مات3. صفة المستكفي بالله: وكنيةُ المستكفي: أبو القاسم، من أمّ ولد. بويع وعمره إحدى وأربعون سنة. وكان مليحًا، رَبْعةً، معتدل الجسم، أبيض بحُمْرة، خفيف العارضين. وعاش المتقّي لله بعد خلعه خمسًا وعشرين سنة.   1 المنتظم "6/ 338، 339"، الكامل في التاريخ "8/ 411، 412". 2 الدبادب: الطبول. البداية والنهاية "11/ 210"، النجوم الزاهرة "3/ 282". 3 المنتظم "6/ 339"، النجوم الزاهرة "3/ 282". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 13 الحرب بين ابن بُوَيْه وتوْزُون: وفيها استولى أحمد بن بُوَيْه على الأهواز، والبصرة، وواسط، فخرج إليه توزون فالتقيا، ودام الحربُ بينهما أشهرًا، وهي كلّها على توزون، والصَّرْع يعتريه. فقطع الجسر الذي بينه وبين أحمد بن بُوَيْه عند ديالى، وضاق بابن بُوَيْه الحال وقلت الأقوات، فرجع إلى الأهواز. وصُرع توزون يومئذٍ، وعاد إلى بغداد مشغولًا بنفسه1. وزارة أبي الفرج السامرّيّ ومصادرته: وفي صفر استوزر المستكفي أبا الفَرَج محمد بن عليّ السّامرّيّ، ثمّ عزله توزون بعد أربعين يومًا، وصادره وأخذ منه ثلاثمائة ألف دينار2. وزارة ابن شيرزاد: ثم استوزر أبا جعفر بن شيرزاد بإشارة توزون. الحرب بين سيف الدّولة والإخشيد: وفيها سار سيفُ الدّولة بن حمدان إلى حلب فملكها، وهربَ أميرها يانس المؤنسي إلي مصر، فجهّز الإخشيد جيشًا إلي سيف الدّولة، فالتقوا على الرَّسْتن، فهزمهم سيف الدّولة وأسر منهم ألف رجل، وفتح الرَّستْن. ثمّ سار إلى دمشق فملكها. فجاء الإخشيد ونزل طبريّة، فتسلّل أكثر أصحاب سيف الدّولة إلي الإخشيد، فخرج سيف الدّولة إلى حلب وجمع القبائل وحشد. وسار إليه الإخشيد، فالتقوا على قنَّسرين، فهزمه الإخشيد، فهربَ إلي الرقَّة، ودخل الإخشيد حلب3. الغلاء والجوع ببغداد: وفيها عظم الغلاء ببغداد حتّى هرب الناس وبقي النساء.   1 البداية والنهاية "11/ 208"، النجوم الزاهرة "3/ 283". 2 الكامل في التاريخ "8/ 447". 3 الكامل في التاريخ "8/ 445، 446". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 14 فكُنَّ المخدرات يخرجن عشرين عشرين من بيوتهنّ، مُمْسكات بعضهنّ بعضًا، يَصحْن: الجوع الجوع. وتسقط الواحدة منهنّ بعد الأخرى ميتَة من الجوع. فإنا لله وإنا إليه راجعون. قيام أبي الحسين البريديّ مكان أخيه: وكان أبو عبد الله البَريديّ قد استولى على الأهواز والبصرة. ووزر للمتقّي كما ذكرنا. وكان قد قتل أخاه لكونه يذكر عيوبَه، فلم يُمتَّع بعده، وأخذته الحُمّى أسبوعًا، فهلك في اليوم الثّامن من شوّال. وقام أخوه أبو الحسين البَريديّ مقامه. وكان يانس مقدّم جيوشه يبغض أبا الحسين. النزاع بين البريديّ وأخيه: ثم إنّ أبا الحسين أساء العشرة على التُّرْك والدّيْلم، وحطّ من أقدارهم، فشَكَوْه إلى يانس، فقال لأبي القاسم ولد أبي عبد الله: إن كان عندك مال عقدتُ لك الرئاسة على عمك. فقال: هذه ثلاثمائة ألف دينار. فأخذها يانس، فأصلح بها قلوب الْجُنْد، وعقد لأبي القاسم. فهرب أبو الحسين ليلًا ماشيًا متنكرًا إلي هجر، فاستجار بالقرامطة، فأجاروه، وبعثوا معه جيشاَ إلي البصرة فنازلوها حتّى ضجروا. ثمّ أصلحوا بينه وبين ابن أخيه، ثمّ مضى إلى بغداد. قتل يانس: ثم إن يانس طمع في الملك، فوطأ الديْلَم على قتل أبي القاسم. وعلم أبو القاسم فاحتال حتى قبض على يانس، وأخذ منه مائة ألف دينار وقتله، واستقام له الدَّسْت. غزوة سيف الدّولة في الروم: وفيها غزا سيف الدّولة بلاد الروم، وردّ سالمًا بعد أن بدَّع في العدّو. وسبب هذه الغزاة أنّه بلغ الدُّمُستُق ما فيه سيف الدّولة من الشُّغْل بحرب أضداده، فسار في جيشٍ عظيم، وأوقع بأهلِ بغراس ومَرْعش، وقتل وأسر. فأسرع سيف الدّولة إلى مضيق وشِعاب، فأوقع بجيش الدُّمسْتُق وبيّتهم، واستنقذ الأسارى والغنيمة، وانهزم الروم الجزء: 25 ¦ الصفحة: 15 أقبح هزيمة1. ثمّ بلغ سيف الدّولة أنّ مدينةً للروم قد تهدَّم بعض سورها، وذلك في الشتاء، فاغتنم سيف الدّولة الفرصة، وبادرَ فأناخ عليهم، وقتل وسبى، لكن أُصيب بعض جيشه2.   1 البداية والنهاية "11/ 211"، النجوم الزاهرة "3/ 283، 284". 2 النجوم الزاهرة "3/ 284". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 16 أحداث سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة : وفاة توزون وطمع ابن شيرزاد بالإمارة: في المحرم توفي التُرْكيّ بهيت، وكان معه كاتبه أبو جعفر بن شيرزاد، فطمع في المملكة وحلّف العساكر لنفسه، وجاء فنزل بباب حرب، فخرج إليه الدَّيْلم وباقي الْجُنْد، وبعث إليه المستكفي بالإقامات وبخلع بيض. ولم يكن معه مال، وضاق ما بيده، فشرَع في مصادرات التّجّار والكُتاب، وانقطع الجلب عنها فخربت1. زواج سيف الدّولة ببنت الإخشيد: وفيها تزوج سيف الدّولة بن حمدان ببنت أخي الإخشيد، واصطلح مع الإخشيد على أن يكون لسيف الدّولة حلب، وأنطاكّية، وحمص. تلقُّب المستكفي بإمام الحقّ: وفيها لُقب المستكفي نفسَه "إمام الحقّ" وضرب ذلك على السّكّة2. دخول ابن بُوَيْه بغداد ومبايعته الخليفة: وفيها قصد مُعزّ الدّوله أَحْمَد بن بُوَيْه بغداد، فلمّا نزل باجِسْرى استتر المستكفي وابن شيرزاد، وتسلّل الأتراك إلى الموصل، وبقي الدَّيْلم ببغداد، وظهر الخليفة. فنزل معز الدّولة بباب الشماسيّة، وبعث إليه الحليفة الإقامات والتُحف. فبعث مُعز الدّولة يسأله في ابن شيرزاد، وأن يأذن له في استكتابه. ودخل في جمادى الأولى دار   1 الوافي بالوفيات "10/ 448"، البداية والنهاية "11/ 211"، النجوم الزاهرة "3/ 284". 2 البداية والنهاية "11/ 211"، النجوم الزاهرة "3/ 284". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 16 الخلافة، فوقف بين يدي الخليفة، وأُخذت عليه البَيْعة بمحضر الأعيان. ثمّ خلع الخليفة عليه، ولقبة "مُعِزّ الدّولة"، ولقّب أخاه علّيًا "عماد الدّولة" وأخاهما الحسن "رُكْن الدّولة". وضُربت ألقابهم على السّكّة1. ثمّ ظهر ابن شيرزاد واجتمع بمُعزّ الدّولة، وقرر معه أشياء منها: كلّ يوم برسم النَّفقة للخليفة خمسة آلاف درهم فقط. عناية ابن بُوَيْه بالشباب: وهو أوّل مَن ملك العراق من الدَّيْلم. وهو أوّل من أظهر السُعاة ببغداد ليجعلهم فُيوجًا بينه وبين أخيه رُكنِ الدّولة إلى الرِّي. وكان له ركائبيان: فضل، وموعوش، فكان كل واحد يمشي في اليوم ستة وثلاثين فرسخًا، فغزى بذلك شبابُ بغداد وانهمكوا فيه. وكان يُحضر المصارعين بين يديه في الميدان ويأذن للعوّام، فمن غلب خَلعَ عليه. وشرع في تعليم السّباحة، حتى صار السّبّاح يسبح وعلى يده كانون فوق قِدْره، فيسبح حتّى ينضج اللحم2. ولاية عُتبة قضاء الجانب الشرقيّ: وفيها ولي قضاء الجانب الشرقي أبو السائب عُتْبة بن عُبيَد الله. خلْع المستكفي بالله: وفيها خُلع المستكفي وسُمِل. وسبب ذلك أنّ عَلَمَ القهرمانة كانت واصلةً عند الخليفة وتأمر وتنهى، فعملت دعوةً عظيمة حضرها خُرشيد الديلم مقدَّم الدَّيْلَم، وجماعة من القُواد. فاتهمها مُعزّ الدّولة، وخاف أن تفعل كما فعلت مع توزون وتُحلِّف الدّيلم للمستكفي، فتزول رئاسة مُعِزّ الدّولة. وكان إصْفَهد الديْلم قد شفع إلي الخليفة في رجل شيعي يثير الفتَن، فلم يقبل الخليفة شفاعته، فحقد على الخليفة وقال لِمُعزّ الدّولة: إنّ الخليفة يراسلني في أمرك لألقاك في الليل. فقوي سوء ظن معُزّ الدّولة. فلمّا كان في جُمَادى الآخرة دخل على الخليفة، فوقف والناس وقوف على مراتبهم، فتقدم اثنان من الديلم فطلبا من الخليفة   1 المنتظم "6/ 340"، البداية والنهاية "11/ 212"، النجوم الزاهرة "2/ 284، 285". 2 المنتظم "6/ 341"، البداية والنهاية "11/ 213"، النجوم الزاهرة "3/ 285". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 17 الرزق، فمد يده إليهما ظنًا منه أنهما يريدان تقبيلها، فجذباه من السرّير طرحاه على الأرض، وجرّاة بعمامته. وهجم الديلم دار الخلافة إلى الحُرم. ونهبوا وقبضوا على القهرمانة وخواص الخليفة. ومضى معز الدّولة إلى منزله، وساقوا المستكفي ماشيًا أليه، ولم يبق في دار الخلافة شيء1. خلع المستكفي، وسُملت يومئذٍ عيناه2. وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر ويومين. وتوفي بعد ذلك في سنة ثمانٍ وثلاثين وعمره ست وأربعين سنة. خلافة المطيع لله: ثمّ إنهم أحضروا أبا القاسم الفضل بن المقتدر جعفر وبايعوه بالخلافة، ولقبّوه المطيع لله، وسنُّه يومئذٍ في أربع وثلاثين سنة. ثمّ قدموا ابن عمّه المستكفي، فسَّلم عليه بالخلافة، وأشهد على نفسه بالخلع قبل أن يُسمل3. ثم صارد المطيع خواصّ المستكفي، وأخذ منهم أموالًا كثيرة، ووصَلَ العباسّيين والعلويّين في يوم، مع إضاقته، بنيفٍ وثلاثين ألف دينار4. وقَّرر له معُزِ الدّولة كل يوم مائة دينار ليس إلًا نفقة. الغلاء ببغداد: وعظمُ الغلاء ببغداد في شعبان، وأكلوا الِجيَف والرَّوْث، وماتوا على الطُرقُ، وأكلت الكلاب لحومهم، وبيعَ العقار بالرُّغفان، وُوجدت الصّغار مشوية مع المساكين، وهربَ الناس إلي البصرة وواسط، فمات خلق في الّطِرقَات5. وذكر ابن الْجَوْزيّ أنه أشُتري لمُعزّ الدّولة كُرّ دقيق بعشرين ألف درهم. قلتُ: الكُرّ سبعة عشر قنطارًا بالدمشقي لأنًّ الكُرّ أربعٌ وثلاثون كارة. والكارة خمسون رطلًا بالدمشقي6.   1 الكامل في التاريخ "8/ 450، 451"، البداية والنهاية "11/ 212"، النجوم الزاهرة "3/ 285، 286". 2 البداية النهاية "11/ 212". 3 المنتظم "6/ 344". 4 المنتظم "6/ 344"، البداية والنهاية "11/ 213"، النجوم الزاهرة "3/ 289"، وشذرات الذهب "2/ 335". 5 الكامل في التاريخ "8/ 465"، شذرات الذهب "2/ 335"، البداية والنهاية "11/ 213". 6 النجوم الزاهرة "3/ 286"، المنتظم لابن الجوزي "8/ 345". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 18 الحرب بين ناصر الدّولة ومعز الدّولة بن بُوَيْه: ووقعَ ما بين مُعّز الدّولة وبين ناصر الدّولة بْن حمدان، فجمع ناصر الدولة وجاء فنزل سامراء، فخرج إليه معز الدولة ومعه المطيع في شعبان، وابتدأت الحرب بينهم بُعكبرا. وكان معُزّ الدّولة قد تغيّر علي ابن شيرزاد واستخانه في الأموال، فأحفظه ذلك، ووقع القتال، فاندفع معُز الدّولة والمطيع بين يديه، فجاء ناصر الدولة فنزل بغداد، من الجانب الشرقي فملكها، وجاء مُعزّ الدّولة ومعه المطيع كالأسير، فنزل في الجانب الغربي، وبقي في شدّة غلاء حتّى اشتُري له كر حنطة بعشرة آلاف درهم أو بأكثر. وعزم على المسير إلى الأهواز فقال: روِّزوا لنا الشّطّ، فإنْ قدرنا على العبور كان أهوَن علينا. فلمّا عبرت الدّيالمة اضطّرب عسكر ناصر الدّولة وانهزموا، وهرب ناصر الدّولة فعبر مُعّز الدّولة إلي الجانب الشرقيّ، وأحرق الدّيْلم سوق يحيى، ووضعوا السيَّف في النّاس وسَبَوا الحريم، وهربَ النساء إلى عُكبرا، ومات منهنّ جماعة مِن العطش1. امتناع الحجّ: ولم يحجّ أحدُ من أهل العراق. وفاة القاضي الخِرَقيّ: وفيها تُوُفيّ القاضي أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق الخرقي قاضي قضاة المتقّي لله بدمشق. وفاة الخِرَقيّ الحنبليّ: وأبو القاسم عمر بن الحسين الخرقيّ الحنبليّ مصنفّ "مختصر دمشق". وفاة توزون: وتوزون الّذي غلب على العراق وسَمَلَ المتقي لله.   1 المنتظم "6/ 349"، النجوم الزاهرة "3/ 286، 287". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 19 وفاة الإخشيد: وصاحب مصر والشام الإخشيد محمد بن طُغج الفَرَغانيّ أبو بكر. ويقال: إنّ جدّه جُف ابن ملك فَرغانة. وكل من ملك فرَغَانة سُمّي الإخشيد، أي ملك الملوك وهي من كبار مُدن التُّرْك. كما أنّ الإصبَهبَذ لَقَب ملك طَبَرسْتان، وصول ملك جُرجان، وخاقان ملك التُّرْك، والأفشين ملك أشرُسونة، وسامان ملك سَمَرْقنْد. وكان مولد محمد الإخشيد ببغداد، وكان شجاعًا مَهيبًا فارسًا، ولي دمشق، ثمّ ولي مصر مِن قِبل القاهر سنة إحدى وعشرين. وبدمشق تُوُفي في آخر السنة بحُمّى حادّة وله ستون سنة، ودُفِنَ في القدس. وكان له ثمانية آلاف مملوك. وقيل: إنّ عدة جيشه بلغت أربعمائة ألف رجل. وقام بعده ابنه أبو القاسم أنوجور مع غَلَبَة كافور على الأمور1. وفاة أبي القاسم صاحب المغرب: وفيها مات أبو القاسم محمد بن عُبَيد الله صاحب المغرب. وكان مولده بسَلَمية سنة ثمانٍ وسبعين. ودخلَ مع أبيه في زيّ التجار، فآل بهم الأمر إلى ما آل. وبويع هذا سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة عند موت أبيه. وقد خرج عليه سنة اثنين وثلاثين مَخلَد بن كيداد. وكانت بينهما وقائع مشهورة. وحصَره مَخْلَد بالمَهديّة وضيقَّ عليه واستولى على بلاده، فعرض للقائم وسواس فاختلط عقله، ومات في تلك الحال في شوّال، وله خمسٌُ وخمسون سنة. وستُرت وفاته سنة ونصفًا. وقام بعده وليّ عهده المنصور بالله أبو الطاهر إسماعيل ولده. وكان القائم شرًّا من أبيه المهديّ، زنْديقًا ملعونًا. مقاتلة ابن كَيْداد لأبي القاسم: ذكر القاضي عبد الجّبار أنّه أظهر سبّ الأنبياء عليهم السلام، وكان مناديه ينادي: العنوا الغار وما حوى، وقتلَ خلقًا من العلماء. وكان يراسل أبا طاهر القَرْمَطيّ إلى البحرين وهَجَر، ويأمره بإحراق المساجد والمصاحف. ولما كثر فجوره اجتمع أهل   1 الولاة والقضاة للكندي "293"، سير أعلام النبلاء "15/ 365، 366"، البداية والنهاية "11/ 213، 215". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 20 الجبال على رجل من الإباضيّة يقال له مَخُلْد بن كيدْاد، وكان شيخًا لا يقدر على ركُوُب الخيل، فركب حمارًا. وكان وزيره أعمى، فاجتمع معه خلائق، فسار فحصرَ القائم بالمَهْديّة. وكان مَخْلَد أعرج يُكنى أبا يزيد، وهو من زَنَاتة، قبيلة كبيرة من البربر، وكان يتنسَّك ويقصر دلقة الصُّوف، ويركب حمارًا، ولا يثبت على الخيل. وكان نافذ الأمر في البربر، زاهدًا، دَيِّنًا، خارجيًا. قام على بني عُبَيْد، والنّاس على فاقة وحاجةٍ لذلك. فقاموا معه وأَتوه أفواجًا، ففتح البلاد، ودخل القيروان. وتحيز منه المنصور وتحصّن بالمهديّة التي بناها جدّه. ونَفَر مع مَخْلَد الخلْق والعلماء والصُلحاء، منهم الإمام أبو الفضل التنيسي العبّاس بن عيسى الفقيه، وأبو سليمان ربيع القّطان، وأبو العرب، وإبراهيم بن محمد. قال القاضي عياض في ترجمة العّباس بن عيسى هذا: وركب أبو العرب وتقلَّد مُصحَفًا، وركب الفقُهاء في السّلاح، وشقوا القيروان وهم يُعلنون التّكبير والصّلاة على النبّي -صلى الله عليه وسلم- والترضي على الصّحابة. وركّزوا بُنُودهم عند باب الجامع. وهي سبعة بُنُود حُمْر فيها: لا إله إلا اللَّه، ولا حُكْم إلّا لله وهو خير الحاكمين؛ وبندان أصفر لربيع القّطان فيهما: نصرٌ من الله وفتح قريب؛ وبنَد مَخْلَد فيه: الّلهم أنصر وليَّك على من سبّ نبيّك؛ وبَندْ أبي العرب فيه: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله، وبَنْد أصفر لابن نصرون الزّاهد فيه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} [التوبة: 14] ؛ وبند أبيض فِيهِ: مُحَمَّد رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، أَبُو بكر الصّدّيق، عمر الفاروق، وبَنْد أبيض لإبراهيم بن محمد المعروف بالعَشّاء فيه {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 40] الآية. وحضرت الجمعة فخطبهم أحمد بن أبي الوليد، وحضّ على الجهاد. ثمّ ساروا ونازلوا المهديّة. فلمّا التقوا وأيقن مخلد بالنصر غلب عليه ما عنده من الخارجية، فقال لأصحابه: انكشفوا عن أهل القيروان حتى ينال منهم عدوّهم. ففعلوا ذلك، فاستشهد خمسةٌ وثمانون رجلًا من العلماء والزهاد، منهم ربيع القطان، والتنيسي، والعشّاء. الإباضيّة: والإباضية فرقة من الخوارج، رأسهم عبد الله بن يحيى بن إباض، خرج في أيّام مروان الحمار. وانتشر مذهبه بالمغرب، ومذهبه أنّ أفعالنا مخلوقة لنا. ويكفٍّر الجزء: 25 ¦ الصفحة: 21 بالكبائر، وأنهّ ليس في القرآن خصوص. ومّن خالفه كفر وحلّ له دمه وماله. وفاة الشبّليّ: وفيها توُفّي الزّاهد أبو بكر الشبَّليّ بالعراق. وفاة الوزير عليّ بن عيسى: وفي آخرها توفي الوزير علي بن عيسى1.   1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 153"، تجارب الأمم "2/ 104"، الكامل في التاريخ "8/ 465". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 22 أحداث سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة : عودة المطيع إلي دار الخلافة: ولمّا انهزم سيف الدّولة بن حمدان إلى الموصل جدَّد مُعزّ الدّولة أحمد بن بويه الأيمان بينه وبين المطيع، وأزال عَنْهُ التوكيل، وأعاده إلى دار الخلافة. صرْف ابن أبي الشوارب عن القضاء: وصرف القاضي محمد بن الحسن بن أبي الشوارب عن القضاء بالجانب الغربيّ وقُلد قضاء الجانبين أبو الحسن محمد بن صالح، ويُعرف بابن أمّ شيبان1. امتلاك سيف الدّولة دمشق: ولمّا مات الإخشيد بدمشق، سار سيف الدّولة من حلب فملك دمشق، واستأمن إليه يانس المؤنسيّ. ثم سار سيف الدّولة فنزل الرملة. وجاء من مصر أنوجور بن الإخشيد بالجيوش، والقائم على أمره كافور الخادم. فرد سيف الدولة إِلَى دمشق، وسار وراءه المصريون، فانهزم إِلَى حلب، فساروا خلفه، فانهزم إلى الرقَّة. ثمّ تصالحوا على أن يعود سيف الدّولة إلى ما كان بيده2. قال المسبّحي: وكان بين سيف الدّولة وبين أبي المظفّر حسن بن طُغج، وهو أخو الإخشيد، وقعة عظيمة بالّلجون، فانكسر ابن حمدان ووصل إلى دمشق بعد شدةٍ   1 المنتظم لابن الجوزي "6/ 350". 2 الكامل في التاريخ "8/ 164"، النجوم الزاهرة "3/ 291، 292". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 22 وتشتُت. وكانت أمّه بدمشق. فنزل المرج خائفًا، وأخرج حواصله، وسار نحو حمص على طريق قارا. وسار أخو الإخشيد وكافور الإخشيديّ إلى دمشق. ثمّ سار إلى حلب في آخر السنة واستقرّ أمرهم1. مصالحة معزّ الدّولة وناصر الدولة: وفيها اصطلح معز الدولة وناصر الدولة على أن يكون لناصر الدّولة من تكريت إلى الشّام. وكان ناصر الدّولة قد عاد فنزل عُكبرًا. قيادة تكين الشيرازي للُترك: فلمّا علم التُّرك الّذين مع ناصر الدّولة بالمصالحة جاءوا إليه ليقتلوه، فانهزم إلى الموصل، فقدموا عليهم تكين الشيرازيّ. وكانوا خمسة آلاف. وساقوا وراء ناصر الدّولة2. حبْس ابن شيرزاد: وكان أبو جعفر بن شيرزاد قد هرب من معزّ الدّولة إلى ناصر الدّولة، فلّما قُرب من الموصل سَمَلَه وحبسه. هزيمة التُرْك: وبعث ناصر الدّولة إلي أخيه سيف الدّولة يستنجده، وتقهقر إلى سنجار ونزل الحُديثة والتُرك وراءه. ثمّ إنّ مُعزّ الدّولة جهَّز له نجدة، وجاءه عسكر حلب، فالتقوا على الحُديثة، فانهزم التُرْك وقُتلوا وأُسروا، ورجع ناصر الدّولة إلى الموصل3. استيلاء ابن بويه على الرِّيّ والجبال: وفيها استولى ركن الدولة بن بويه عَلَى الري والجبال. امتناع الحجّ: ولم يحج أحد.   1 النجوم الزاهرة "3/ 292". 2 المنتظم "6/ 349"، البداية والنهاية "11/ 213". 3 الكامل في التاريخ "8/ 466، 467". الجزء: 25 ¦ الصفحة: 23